تراثنا

صاحب الامتیاز

مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث

المدير المسؤول :

السيّد جواد الشهرستاني

العددان الأوّل والثاني [١٢٥ ـ ١٢٦]

السنة الثانية والثلاثون

محتـويات العـدد

* كلمة العـدد :

* أنصار الله وعباده.

...................................................................  هيئة التحرير ٧

* النعماني ومصادر الغيبة (١)

..............................................  السيّد محمّد جواد الشبيري الزنجاني ١٠

* مسائل محمّد بن مسلم

..................................................  السيّد محمّد العمادي الحائري ٦٦

* الأستاذ الشيخ محمود أبو ريّة دراسة في منهجه

............................................................  أحمد رضا مرادي ١٠٨

* السيّد جعفر بحر العلوم (صاحب كتاب تحفة العالم)

........................................................  أحمد علي مجيد الحلّي ١٨٥


محرّم ـ جمادى الآخرة

١٤٣٧ هـ

* الشيخ عليّ كاشف الغطاء (صاحب الحصون المنيعة في طبقات الشيعة)

........................................................  د. عباس هاني الجرَّاخ ٢٥١

* دراسة في تراث الشهيدين العامليّين (٢)

.....................................................  السيّد عليّ محمود البعّاج ٣١٥

* المرويّات التاريخية في واقعة الطفّ

...........................................  د. محمّد جواد نور الدين فخر الدين ٣٩٢

* فهرس النصوص المحقّقة في مجلّة تراثنا

.........................................................  حيدر كاظم الجبوري ٤٢٠

* من ذخائر التراث :

* رسالة في ترجمة المولى أبي الحسن الشريف الفتونيّ

.....................................................  تحقيق : وحيد الشوندي ٤٦١

* من أنباء التراث.

...............................................................  هيئة التحرير ٥٠٣

* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة (رسالة في ترجمة المولى أبي الحسن الشريف الفتونيّ) للمحدّث النوري والمنشورة في هذا العدد.





كلمة العـدد :

أنصار الله وعباده

هيئة التحرير

بسم الله الرحمن الرحيم

قومٌ قطنوا أعالي الجبلْ ، لم يخنعوا لذلٍّ ولم يعروهم الفَشَلْ ، حلماء أبرار أشاوس أحرار ، نزهت فطرتهم وسلمت عشرتهم ، عشقوا السفح والوهاد فألفتهم القفار والبواد وأمنت بهم البلاد واطمأنّ لهم العباد ، لم يسكنوا القصور ولم ترخ دونهم الستور ، سادوا من غير ظلم للعشائر والمعاشر ، ركبوا الصعاب دون ارتكاب الكبائر ، وطئوا الرمال وساقوا الجمال وكانت الزهادة والبساطة لهم خير عيش وحال ، أبناء مقداد وعمّار وأويس ومالك وكميل وحجر أُرومةً ومجداً وإيماناً ورشداً ، ومن سلالة همدان وبني نخع وحمير ومذحَج والأشعرية نجاراً ومحتداً وعهداً ، أمّةٌ اعتنقت الإسلام طوعاً فلم


يدخل ديارها عنوة وصدّاً ، حيث سجد النبيّ لإسلامهم قائلا : «السلام على همدان السلام على همدان» فكان قوله(صلى الله عليه وآله) لهم شعاراً وفخاراً وزلفةً وانتصاراً ، وتلألأ جبين تاريخهم عزّةً واعتباراً وزهواً وبهواً وازدهاراً ، امتزجت فطرتهم بفطرة الإسلام ، حيث أتت إليهم أوّل راية رفعها أخو الرسول وابن عمّ خير الأنام ، سيّد الموحّدين وإمام المتّقين أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام ، حيث حاورهم وعرض عليهم ما جاء به محمّد نبيّ الرّحمة من رحمانية وعطاء وإنسانية وإباء وحنيفية بيضاء ، فقبلوا ذلك بعقلانية ورشاد وحبٍّ ووداد ، فأسلموا دون استسلام وسلّموا لعليٍّ القياد والزمام ، فهم أهل عقل ونبل وكرامة وكياسة ، لا أهل خدع ومكر وفلتة وسياسة ، مرّت عليهم السنون وتوالت القرون وهم على فطرتهم وإسلامهم ثبات ، دهمتهم الدواهي وزجرتهم الأوامر والنواهي وهم في عشرتهم وملّتهم بواسل أُباة ، وأقران كماة ، لم تأخذهم في الله لومة لائم ، ولم تثنهم طخية متجبِّر هائم ، آمنوا بدين ربّ المنّة ، فكان لهم الإسلام خير وقاء وجنّة ، ولم تمزّق أُلفتهم كلمة شيعة وسنّة.

فلمّا احتمدت الأَرب ، وتفاقمت الكُرَب ، ونَعق ناعق ربيع العرب ، قامت لتعرب عن كلمتها ، موحّدة صفوف أمّتها ، ماضيةً لله في دربها وسمتها ، أنّها على نهج الحسين وأبيه وأمّه وأخيه وجدّه وبنيه المعصومين الأطهار الأبرار الأخيار الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فعصفت بهم العواصف ، واشتدّت بهم الريح السفاسف ، فكانت (العاصفة) جريمةً شنعاءَ


نكراءَ زفّتها إليهم أيادي الفتك والغدر التي هامت فلم ترعوي في سقوط حجاج بيت الله الحرام ومنى ضحاياً وقتلى ، أتُرى جدِّلوا على رمضائها شهداء ختلا؟! أم إنّها أكفّ سوء دبّرت أمرا ، فملأت القلوب كمداً وذعراً ، من حيث أُزهقت أرواح حجيج البيت الحرام صبراً.

فماذا عدا ممّا بدا؟!! وأيّ رشاد اتّبعوه وأيّ هدى ، وبأيّ حجّة سيلاقون ربّهم (يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوْبُ لَدَى الحَنَاجِرِ كَاظِمِيْنَ مَا لِلظّالِمِيْنَ مِنْ حَمِيْم وَلاَ شَفِيْع يُطَاعُ) وأيّ منطق علّقوه على أستار الكعبة المشرّفة ، وأيّ رسالة شيّدوها لنبيّ الرحمة في قتل الأبرياء من شباب وشيوخ وأطفال رضّع ونساء ، إنّه لشرّ صنيع وبلاء ، وأبشع مكر ودهاء ، وأتعس غدر وجفاء.

فصبراً يا أنصار الله وعباده فإنّ العاقبة للمتّقين (وَسَيَعْلَمُ الَّذِيْنَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَب يَنْقَلِبُوْنَ) وحسبنا وحسبكم ما وعده ربّ العزّة في كتابه الكريم (إنّا مِنَ المُجْرِمِيْنَ مُنْتَقِمُوْنَ) لقد عجز القلم عن البيان كما عجز اللسان ، وإنّما طأطأ إجلالا لكم علّه أن يؤازركم ببعض الكلمات قائلا : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرِبِّهِمْ).


النعماني ومصادر الغيبة (١)

(١)

السيّد محمّد جواد الشبيري الزنجاني

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة :

إنّ مفهوم غيبة صاحب العصر والزمان (عج) وبيان أسبابها وأبعادها ومسح الغبار عن وجهها الناصع قد أفضى إلى تأليف الكثير من الكتب عبر القرون الأولى ومن قبل المنتسبين إلى مختلف الفرق والمذاهب الإسلامية ، وللأسف الشديد لم يصل إلينا من هذه الكتب الكثيرة عبر عوادي الزمن غير النزر القليل ، حتّى أنّ بعض هذه المصادر لا نرى سوى أسماء لها في كتب الفهارس من قبيل : فهرست النجاشي ، المعروف بـ : رجال النجاشي ، وفهرست الشيخ الطوسي وغيرها ، وعلى الرغم من ذلك يمكن لنا من خلال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تعريب : السيّد حسن علي مطر الهاشمي.


البحث والتنقيب أن نحفر كوّة في جدار التراث للوصول إلى الكتب المفقودة ، وإنّ هذه المهمّة رهن بتنقيح مباني منهج جديد في المباحث الرجالية والتعريف بالكتب ، وهي عملية يمكن تسميتها بـ : (تحديد المصادر).

وقد وقف كاتب هذه السطور منذ سنوات على أهمّية هذا النوع من البحوث ، وقام بجهود حثيثة في بيان الأبعاد النظرية والعملية لهذا النوع من الأبحاث ، على أمل أن تجد هذه الأعمال طريقها إلى النشر.

هناك ثلاثة مصادر هامّة لبحث (الغيبة) وهي : كتاب الغيبة لأبي عبد الله النعماني (في النصف الأوّل من القرن الرابع) ، وكتاب كمال الدين وتمام النعمة(١) للشيخ أبي جعفر الصدوق (٣٠٦ ـ ٣٨١هـ) ، وكتاب الغيبة للشيخ أبي جعفر الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠هـ).

تمّ تأليف كلّ واحد من هذه الكتب الثلاثة بأسلوب خاصّ ، بيد أنّها بأجمعها تشترك في العديد من المسائل ، ومن بين الأمور التي تشترك فيها هذه الكتب الثلاثة هو افتقادنا لأكثر مصادرها ، ومن هنا أضحت تعرف بوصفها من المصادر الأولى ، وإنّ الأثر الروائي الأوّل من بين هذه الكتب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) هناك من ذهب إلى القول بأنّ عنوان هذا الكتاب هو : إكمال الدين وإتمام النعمة ، وهو خطأ بدليل أنّ الصدوق نفسه ـ وهو مؤلّف الكتاب ـ يشير إلى هذا الكتاب في جميع أعماله الأخرى بعنوان (كمال الدين وتمام النعمة) ، كما أنّ القول باقتباس هذا العنوان من الآية الثالثة من سورة المائدة لا ينهض دليلاً على تسمية الكتاب بـ : (إكمال الدين وإتمام النعمة) ، ونترك تفصيل البحث في هذه النقطة إلى فرصة أخرى.


الثلاثة هو كتاب غيبة النعماني ، وقد اختصّ هذا الكتاب بذكر الأحاديث المأثورة عن الأئمّة المعصومين عليهم‌السلام(١) ، وأحياناً الأحاديث المأثورة عن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) بشأن الغيبة ومبانيها الاعتقادية ، ولا تجد في هذا الكتاب شيئاً من الحديث عن غيبة الأنبياء السابقين ، وأخبار المعمّرين وما إلى ذلك ـ ممّا استحوذ على جزء كبير من كتاب كمال الدين وتمام النعمة ـ كما لم يبحث في تاريخ الغيبة ، من جهة : ولادة الإمام المهدي ، ووقائع الغيبة الصغرى ، وسيرة النوّاب الأربعة ، والتوقيعات الصادرة عن الناحية المقدّسة ، وما إلى ذلك من الأبحاث التي نشاهدها في كتاب كمال الدين وتمام النعمة ، وكذلك في غيبة الشيخ الطوسي ، كما لا نشاهد في هذا الكتاب شيئاً من البحوث والمسائل (الكلامية ـ العقلية) التي شكّلت مدخلاً لكتاب غيبة الشيخ الطوسي ، فقد بحث النعماني في كتابه موضوع الغيبة ومبانيها الاعتقادية من زاوية روائية بحتة ، وقد شكّلت مسائل من قبيل : ضرورة وجود الإمام ، والأئمّة الإثنا عشر ، وكونهم أوصياء ، وأنّهم منصوص عليهم من قبل الله ، وضرورة الاعتقاد بالإمام والحجّة على الأرض ، وضرورة الصبر وانتظار الفرج في عصر الغيبة ، واختبار الشيعة وامتحانهم في هذه الحادثة ، وكذلك أوصاف الإمام المنتظر (عج) ، وعلامات الظهور ، وجانب من أحوال الإمام وخصائص أنصاره وأصحابه وشيعته في عصر الظهور ، وهذه نماذج من المسائل المبحوثة في كتاب الغيبة للنعماني.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) غيبة النعماني : ٢٣ ـ ٢٩.


ومن بين ما يميّز هذا الكتاب اعتماده على الكثير من المصادر التي لا نجدها إلاّ في هذا الكتاب حصريّاً ، ولذلك فقد اشتمل هذا الكتاب على الكثير من الأحاديث التي لم يرد ذكر لها في غيره من مصادر الغيبة الموجودة بين أيدينا ، وهذا ما سيتّضح من خلال الجولة التي سنقوم بها على مصادر هذا الكتاب في هذا المقال.

تتبّع المصادر :

إنّ البحث في تتبّع مصادر الكتب الحديثية يعدّ من الأبحاث الهامّة التي لم تحظ بالاهتمام الكافي ، وإنّ السبب الرئيسي لعدم الخوض في هذا البحث يكمن في استحالة الوصول إلى مثل هذه المصادر ، ولكن بعد توفّر برامج الحاسوب فيما يتعلّق بالكتب الحديثية أصبح الخوض في هذا النوع من الأبحاث متاحاً ، وفيما يلي نستعرض فهرسة لبعض الفوائد المترتّبة على بحث تتبّع المصادر :

١ ـ إنّ معرفة مصادر الكتاب تؤثّر على تقييم مدى ما لذلك الكتاب من قيمة واعتبار ؛ فكلّما ارتفعت قيمة مصادر الكتاب انعكس ذلك على رفع رصيد ذلك الكتاب نفسه.

٢ ـ كما يؤثّر بحث معرفة المصادر على تقييم اعتبار تلك المصادر ؛ إذ أنّ اعتماد العلماء الكبار على كتاب يلعب دوراً كبيراً في إثبات الاعتبار والقيّمة العلمية له.


٣ ـ من خلال تتبّع المصادر يمكن ترميم أجزاء من التراث المفقود ، وبذلك نحصل على رؤية أفضل بشأن مضمون هذه الكتب.

٤ ـ إنّ معرفة مصادر الروايات المسندة تحظى في المباحث الحديثية بأهمّية قصوى ، إذ من خلال ذلك يمكن لنا أن نخطو خطوات واسعة في التعرّف إلى التحريفات والتصحيفات الواقعة في الأسانيد ، وتمييز المشتركات الواقعة فيها ، ورفع الإبهامات الموجودة في الأسانيد وما إلى ذلك ، إلاّ أنّ هذا المقال لا يستوعب التفصيل في هذا البحث.

٥ ـ هناك مباني رجالية هامّة لا تحتاج إلى بحث في طرقها إلى الكتب ، ومن هنا يغدو العثور على الطرق في الأسانيد هامّاً للغاية.

٦ ـ هناك توجّه عند المستشرقين عموماً ، وهو أنّهم يرجعون تاريخ أيّ مقولة أو نظرية تصلهم إلى تاريخ الحقبة الزمنية التي دوّنت بها تلك المقولة ، وبغضّ النظر عن الإشكالات المبنائية الهامّة الواردة على هذا التوجّه الناشئ عن عدم معرفة ماهية السند ودوره في المستندات التاريخية ، إلاّ أنّ هذا التوجّه على كلّ حال ألقى بظلاله على الطبقة المثقّفة وعلى الجامعيّين من ذوي الاختصاص في العلوم الإنسانية ، وطبقاً لهذا التوجّه فإنّ العثور على المصادر المدوّنة لكتاب ما يمكنه أن يدفع بتاريخ تلك المقولة إلى أعوام وربّما قرون من تاريخها الواقعي ، ممّا يضفي تأكيداً على أصالة تلك المقولة.

وبناءً على هذا تمّ ترتيب هذا المقال على ثلاثة أقسام ، على النحو الآتي :


الفصل الأوّل : تاريخ حياة المؤلّف : وقد سعينا في هذا الفصل من خلال البحث في المصادر الحديثية والرجالية المتوفّرة إلى عرض المزيد عن سيرة النعماني وشيوخه وتلاميذه وغايته من تأليف كتاب الغيبة ، والتاريخ التقريبي لتأليفه.

الفصل الثاني : مصادر كتاب الغيبة : في هذا الفصل يتمّ التعريف بالمصادر المدوّنة التي استند إليها النعماني في كتابه ، وكذلك الروايات التي سمعها مشافهة من شيوخه ، كما أوردنا في هذا الفصل بحثاً مسهباً بشأن أسلوب العثور على مصادر الكتب الحديثة المسندة أيضاً.

الفصل الثالث : علاقة النعماني بأستاذه الكليني : وقد تمّ تدوين هذا الفصل لرفع بعض الإبهامات بشأن أحاديث باب الإمام الثاني عشر في كتاب الكافي.

جدير بالذكر أنّ جميع الإحالات الموجودة في غيبة النعماني كانت طبقاً لطبعة هذا الكتاب والتي حقّقها الأستاذ علي أكبر الغفّاري (مكتبة الصدوق ، طهران ، ١٣٩٧هـ. ش) ، وقد طبع هذا الكتاب مؤخّراً بالمواصفات الآتية : (أنوار الهدى ، تحقيق : فارس حسّون كريم ، قمّ ، ١٤٢٢هـ. ق) ، وقد كنت أرجو أن تشتمل هذه الطبعة على تصحيح الأخطاء السندية من خلال مقابلتها بالمخطوطة أو الرجوع إلى نسخة بحار الأنوار إلاّ أنّني لم أجد أثراً لهذه التصحيحات ، وبعد مراجعتي لمقدّمة التحقيق أدركت أنّه لم يتمّ الرجوع


إلى أيّ نسخة خطّية ، وهو أمر يدعو إلى العجب ، والذي يبدو أنّ الميزة الوحيدة لهذه الطبعة تكمن في تخريجات الأحاديث فقط ، على أمل أن يؤخذ تحقيق هذا النوع من التراث بجدّية أكبر.

على أمل أن يحظى هذا المقال برضى صاحب أمرنا ومحبوبنا الغائب عن أنظارنا ، فهو سرّ الخلق والوجود ، وبيمنه رزق الورى وثبتت الأرض.


الفصل الأوّل

تاريخ حياة النعماني رحمه‌الله

إنّ مؤلّف كتاب الغيبة هو أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني الكاتب ، من كبار علماء القرن الهجري الرابع ، وقد وصفه النجاشي ، فقال :

«أبو عبد الله الكاتب ، النعماني ، المعروف بابن زينب(١) ، شيخ من أصحابنا ، عظيم القدر ، شريف المنزلة ، صحيح العقيدة ، كثير الحديث ، قدم بغداد وخرج إلى الشام ومات بها»(٢).

ليس هناك من معلومات دقيقة حول تاريخ ومكان ولادته أو أسرته أو مراحل حياته الأولى ، وما أمكن لنا الحصول عليه من طيّات أسانيد كتاب الغيبة بشأن سيرته وحياته كالآتي :

١ ـ روى له أبو القاسم موسى بن محمّد القمّي عام (٣١٣هـ في شيراز حديث اللوح ـ الحديث المعروف الذي رواه جابر بن عبد الله الأنصاري ـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وفي غيبة الطوسي (٩٠ / ١٢٧) تمّ التعبير عنه بـ : «المعروف بابن أبي زينب النعماني الكاتب».

(٢) رجال النجاشي ١٠٤٣ / ٣٨٣.


عن سعد بن عبد الله الأشعري(١).

٢ ـ في عام (٣٢٧هـ) كان النعماني متواجداً في بغداد ؛ لأنّه أخذ الحديث عن أبي علي محمّد بن همّام في شهر رمضان من تلك السنة في داره الواقعة في بغداد(٢).

٣ ـ وفي عام (٣٣٣هـ) أخذ الحديث عن محمّد بن عبد الله بن معمر الطبراني في طبرية من نواحي الأردن(٣)(٤).

٤ ـ في بداية أسناد عدد من الأحاديث في باب (ما روي من أنّ الأئمّة إثنا عشر من طريق العامّة) نشاهد اسم محمّد بن عثمان ، وقد روى في أكثر هذه الأسانيد عن ابن أبي خيثمة (أبو بكر بن أبي خيثمة = أحمد بن أبي خيثمة = أحمد) ، وفي بداية هذه المجموعة من الأسانيد ذكر الاسم الكامل لهذا الراوي على النحو الآتي : (محمّد بن عثمان بن علاّن الدهني البغدادي) وأشير إلى أنّ أخذ الرواية عنه كان في دمشق(٥) دون أن يعيّن تأريخ الأخذ بالتحديد ، فمن هو هذا الراوي؟ من خلال التتبّع في كتب الرجال والتاريخ لم نعثر على شخص بهذا الاسم ، في حين رأينا في كتب التراجم والرجال عند

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) غيبة النعماني ٥ / ٦٢.

(٢) المصدر نفسه ٦ / ٢٤٩.

(٣) معجم البلدان ، ١٧ ، (أطلس تاريخ الإسلام ، العديد من الموارد) ، معجم ما استعجم ١ / ٩٣.

(٤) غيبة النعماني ١ / ٣٩.

(٥) المصدر نفسه ٣٧ / ١٠٢.


العامّة شخصاً آخر ويبدو أنّه نفس هذا الراوي.

وقد ترجم مؤلّف تاريخ بغداد لـ : (عثمان بن محمّد بن علي بن أحمد ابن جعفر بن دينار بن عبد الله أبو الحسين المعروف بابن علاّن الذهبي) قائلاً : «عثمان بن محمّد بن علي بن أحمد بن جعفر بن دينار بن عبد الله ، أبو الحسين المعروف بابن علاّن الذهبي ، حدّث بالشام وبمصر» ، ثمّ نقل كلاماً عن المحدّث الذي روى الحديث في دمشق قائلاً : «حدّثنا أبو الحسين عثمان بن محمّد بن علاّن الذهبي البغدادي ، قدم علينا في سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمئة» ، وفي نهاية الترجمة نقل عن بعض المحدّثين أنّه بغدادي ، حيث قال : «أبا الحسين ، بغدادي قدم مصر ... وخرج فتوفّي بدمشق ، قال ابن مسرور : توفّي بحلب. قال لي الصوري : توفّي سنة أربع وثلاثين وثلاثمئة بحلب»(١).

كما ترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق قائلاً : «عثمان بن محمّد بن علي بن علاّن بن أحمد بن جعفر أبو الحسين الذهبي البغدادي» ، ثمّ قال : «عثمان بن محمّد بن علي بن علاّن بن أحمد بن جعفر أبو الحسين الذهبي البغدادي». وقال : «سكن مصر ، وحدّث بها وبدمشق». ثمّ ذكر مشايخه ويظهر من بينهم اسم (أبي بكر بن أبي خيثمة)(٢).

وبعد المقارنة بين ما ذكره ابن عساكر وما ذكره الخطيب البغدادي ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ بغداد ١١ / ٣٠١ ـ ٣٠٢ / ٦٠٩١.

(٢) تاريخ مدينة دمشق ٤٠ / ٢٦ / ٤٦٣٥.


يبدو أنّ (عليّاً) و (علاّن) شخصية واحدة ، وأنّ (علاّن) هو الطريقة العامّية لتلفّظ اسم (عليّ)(١) ، وعليه فإنّ تكرار هذين الاسمين في سلسلة النسب قد يكون من السهو والغلط.

وعلى كلّ حال يبدو أنّ هذا الشخص هو أستاذ الشيخ النعماني ، وأنّه ألقى الحديث على النعماني في حدود تلك السنة (٣٣٢هـ) في دمشق عندما كان فيها ، وربّما وقع خطأ أو تصحيف في ضبط اسمه في غيبة النعماني ، حيث حصل خلط بين اسمه واسم والده ، وإنّ لقبه (الذهبي) مثبت بالذال ـ المعجمة ـ والباء ـ الموحّدة ـ كما تمّ التصريح بذلك في كتب ضبط الأسماء والألقاب(٢) ، وقد تمّ تصحيفه في غيبة النعماني بـ : (الدهني).

٥ ـ جاء في بداية الغيبة أنّ أبا عبد الله محمّد بن إبراهيم النعماني قد قرأ هذا الكتاب في حلب على أبي الحسين محمّد بن علي البجلي الكاتب(٣) ، وربّما كان هذا الراوي هو نفسه راوي النعماني المعروف محمّد ابن علي أبو الحسين الشجاعي الكاتب ، والذي جاء اسمه في هذا الموضع من بعض نسخ الكتاب الأخرى ، وقد ذكر أنّ رواية أبي عبد الله النعماني له

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مقدّمة ابن صلاح : ٣٠٩ ، تدريب الراوي ٢ / ٧٨٩ ، تجريد أسانيد الكافي ١١ ، وقارن ذلك مع أنساب السمعاني ٤ / ٢٦٤.

(٢) توضيح المشتبه ٤ / ٤٩ ، الإكمال لابن ماكولا ٣ / ٣٩٦ ، تاريخ دمشق ٤٠ / ٢٧ نقلاً عن عبد الغني بن سعيد.

(٣) غيبة النعماني : ١٨.


قد حصلت في ذي الحجّة من عام ٣٤٢ للهجرة(١) ، وبذلك يبدو أنّ لقب (البجلي) تصحيف من (الشجاعي) ، وإنّ الشبه القريب بين هذين اللقبين في شكل كتابتهما أدّى إلى هذا التصحيف.

هذه بعض موارد روايات النعماني التي تمّ التصريح فيها بمكان أو زمان أخذ الحديث أو روايته. والجدير بالذكر هنا أنّ الكثير من مشايخ النعماني هم من مشايخ هارون بن موسى التلعكبري ـ كبير المحدّثين في بغداد ـ أيضاً ، وأنّ التلعكبري قد أخذ الرواية عنهم حوالي تلك السنة (٣٢٧ للهجرة) وهي الفترة ذاتها التي أخذ فيها النعماني الحديث في بغداد عن أبي علي محمّد بن همّام ، وربّما يشير عدم التنويه إلى مكان أخذ التلعكبري الرواية عن هؤلاء الرواة أنّه قد حصل ذلك في بغداد ، ويظهر من بعض مشايخ النعماني أنّه حضر في بغداد أيضاً ، من هنا يبدو أنّ أكثر أخذ النعماني للحديث كان في بغداد ، وفيما يلي نستعرض بعض المعلومات بشأن مشايخ النعماني والتي يمكن أن تساعدنا في إثبات هذا الاحتمال.

فمن المشايخ الذين أخذ النعماني عنهم الرواية في بغداد ـ غير أبي علي محمّد بن همّام ـ فهم :

١ ـ أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي المعروف بـ : (ابن عقدة) (٣٣٢ للهجرة)(٢) ، فقد روى عنه النعماني الكثير من الأحاديث ، وقد سافر ابن عقدة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ، الهامش رقم : ٢.

(٢) تاريخ بغداد ، ٥ / ٢٢ ، رجال الطوسي ، ٤٠٩ / ٥٩٤٩ = ٣٠ ، قارن ذلك مع


إلى بغداد ثلاث مرّات(١) ، وفي سفرته الثالثة إلى بغداد والتي كانت في عام (٣٣٠ للهجرة) حصل على كرسي إملاء الحديث في مسجد الرصافة ومسجد براثا(٢) ، ويبدو أنّ النعماني قد أخذ عنه الحديث في هذه الفترة أي في عام (٣٣٠ للهجرة) بالتحديد.

٢ ـ أحمد بن نصر بن هوذة أبو سلمان الباهلي (المتوفّى في شهر ذي الحجّة من سنة ٣٣٣ في جسر النهروان) ، أخذ التلعكبري عنه الحديث عام (٣٣١ للهجرة) وحصل منه على إجازة في الرواية(٣).

٣ ـ سلامة بن محمّد ، وأكثر أحاديثه في غيبة النعماني عن أحمد بن علي بن داود القمّي(٤).

ذكر الشيخ الطوسي بشأن سلامة بن محمّد بن إسماعيل الأرزني أنّه : «نزيل بغداد ، أخذ التلعكبري عنه الحديث سنة (٣٢٨ للهجرة) ، وحصل منه على إجازة في الرواية»(٥) ، وهو خال أبي الحسن محمّد بن أحمد بن داود.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فهرست الطوسي (تحقيق : السيّد عبد العزيز الطباطبائي) : ٧٠ / ٨٦ ، رجال النجاشي ، ٩٥ / ٢٣٣ حيث أرجع تاريخ وفاته لعام (٣٣٣ للهجرة) ، ويبدو أنّه غير صحيح.

(١) تاريخ بغداد ٥ / ١٨ ، نقلاً عن ابن الجعابي تلميذ ابن عقدة.

(٢) تاريخ بغداد ٥ / ١٥ ، (وكذلك : ص ٢٢ ، السطر ١٦) ، أمالي الطوسي ٢٦٩ / ٥٠١ المجلس ١٠ ، ج ٣٩.

(٣) رجال الطوسي ٤٠٩ / ٥٩٥٠ = ٢١.

(٤) غيبة النعماني ١٨ / ١٣٤ ، ٦ / ١٤٩ ، ٦ / ٢٨٦ ، وكذا راجع ما سيأتي في هذه المقالة.

(٥) رجال الطوسي ٤٢٧ / ٦١٣٩ = ٤.


طبقاً لرواية النجاشي فإنّ (أحمد بن داود) قد تزوّج من أخت (سلامة ابن محمّد) ، وقد رزق منها (بأبي الحسن محمّد بن أحمد) ، وإنّ (سلامة بن محمّد) عمد بعد وفاة (أحمد بن داود) إلى اصطحاب ولده (أبو الحسن محمّد) إلى بغداد ، وأقام فيها ردحاً من الزمن ، ثمّ سافر إلى الشام ليعود بعدها أدراجه إلى بغداد ثانية ، ليفارق الدنيا هناك عام (٣٣٩ للهجرة)(١).

نحتمل قويّاً أنّ النعماني قد أخذ الحديث والرواية عن سلامة بن محمّد في بغداد ـ وليس في الشام ـ وكان ذلك في حوالي تلك السنة ـ عام (٣٢٧ للهجرة) ـ التي أخذ فيها التلعكبري الرواية عن سلامة أيضاً.

٤ و ٥ ـ أبو الحسن عبد العزيز بن عبد الله بن يونس الموصلي الأكبر ، وأخوه أبو القاسم عبد الواحد ، فقد سمع التلعكبري الحديث من كلا هذين الأخوين عام (٣٢٦ للهجرة) ، وحصل على إجازة في الرواية من أبي الحسن عبد العزيز بن عبد الله (٢).

٦ ـ محمّد بن يعقوب الكليني ، فقد روى عنه النعماني الكثير من الأحاديث ، وفي عام (٣٢٧ للهجرة) سمع عدد من رواة الكافي الحديث عن الكليني في بغداد (باب الكوفة)(٣) ، وقد توفّي الكليني في هذه المدينة عام (٣٢٨ أو ٣٢٩ للهجرة) ، ودفن في مقبرة (باب الكوفة)(٤).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) رجال النجاشي ، ١٩٢ / ٥١٤.

(٢) رجال الطوسي ، ٤٣١ / ٦١٨٣ و٦١٨٤ = ٢٦ و ٢٧.

(٣) مشيخة التهذيب ١٠ / ٢٩ ، ومشيخة الاستبصار ٤ / ٣١٠.

(٤) فهرست الطوسي ٣٩٥ / ٦٠٣ ، رجال الطوسي ٤٣٩ / ٦٢٧٧ ، رجال النجاشي ٣٧٧ / ١٠٢٦ ، الإكمال لابن ماكولا ٧ / ١٤٤.


يجب أن تعود رواية النعماني عن الكليني إلى حوالي عام (٣٢٧ للهجرة) في بغداد ، وطبقاً لرواية ابن عساكر فإنّ الكليني قد سافر إلى دمشق ، وأنّه روى الحديث عن بعض مشايخه في بعلبك(١) ، ولكن يبدو أنّ سفر النعماني إلى الشام قد جاء بعد وفاة الكليني ، لذلك لا يمكن اعتبار رواية النعماني عن الكليني ذات صلة بهذه الرحلة.

ومن بين مشايخ النعماني ـ الذي تشير بعض الشواهد إلى حضورهم وتواجدهم في بغداد ـ أحمد بن محمّد بن عمّار الكوفي الذي روى عنه التلعكبري(٢).

ومحمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري حيث ذكر النجاشي في ترجمته في رجاله أنّه قال : «كان السبب في تصنيفي هذه الكتب أنّي تفقّدت فهرست كتب المساحة التي صنّفها أحمد بن أبي عبدالله البرقي ونسختها ورويتها عمّن رواها عنه وسقطت هذه السنة الكتب عنّي فلم أجد لها نسخة فسألت أخواننا بقم وبغداد والريّ فلم أجدها عند أحد منهم»(٣).

ومن بين مشايخ النعماني : علي بن أحمد البندنيجي ، وبندنيج مدينة قريبة من بغداد(٤) ، وربما كان هو علي بن أحمد بن نصر البندنيجي ، الذي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ دمشق ٥٦ / ٢٩٧.

(٢) فهرست الطوسي ٧١ / ٨٨ ، وكذلك ما سوف يأتي في بقية المقال.

(٣) رجال النجاشي ٣٥٥ / ٩٤٩.

(٤) أنساب السمعاني ١ / ٤٠٢.


قال ابن الغضائري : «إنّه يسكن في الرملة من فلسطين»(١). ولذلك يبدو أنّ النعماني قد أخذ عنه الحديث في بغداد أو بلاد الشام.

ومن بين مشايخ النعماني : محمّد بن الحسن بن محمّد بن جمهور العمّي ـ ولم يذكر اسمه إلا مقروناً باسم محمّد بن همّام ـ وكما يقول القاضي محسن بن علي التنوخي ـ صاحب كتاب نشوار المحاضرة ـ : «فإنّه كان من شيوخ أهل الأدب في البصرة ، وإنّه لازم والد القاضي التنوخي طويلاً»(٢) ، وإنّ القاضي محسن التنوخي ـ الذي ترعرع في البصرة(٣) ـ قد درس عنده الخطّ والإنشاء ، ولازمه مدّة طويلة»(٤). ولا نعرف بدقّة ما إذا كان النعماني قد روى الحديث عن محمّد بن الحسن بن محمّد بن جمهور في البصرة ، أم أنّه روى عنه الحديث في بغداد كما هو الشأن في محمّد بن همّام.

وعليه فمن خلال التدقيق فيما تقدّم يمكن لنا أن نحصل على صورة قريبة من الواقع عن حياة النعماني ، فهو وإن لم يكن من أهل بغداد ولكنّه أقام فيها منذ حوالي عام (٣٢٧ للهجرة) ، وأنّه أخذ الرواية عن مشايخ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٣ / ٩١ ، وأيضاً : مجمع الرجال ٤ / ١٦٥ ، خلاصة العلاّمة الحلّي ٢٣٥ / ٢٧ ، رجال ابن داود ٤٨١ / ٣٢٠ ، رجال ابن الغضائري (إعداد السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي) ٣ / ٨٢. جدير بالذكر أنّنا نجد تصحيفاً في لقبه في بعض الموارد المتقدّمة.

(٢) نشوار المحاضرة ٤ / ١٠٩ نقلاً عن معجم الأدباء ٦ / ٤٩٨ ، وراجع أيضاً : كتاب نشوار المحاضرة ٣ / ١٦٥ و ٢٥٨.

(٣) نشوار المحاضرة ، مقدّمة المصحّح ، ص ١٩ و ٢٠.

(٤) المصدر السابق ٤ / ١٠٩.


الحديث في بغداد ، وفي حوالي العام (٣٣٤ و ٣٣٣ للهجرة) سافر إلى الشام ، وكان في حلب عام (٣٤٢هـ) ، وروى هناك كتابه لتلاميذه ، ويحتمل أنّه قد ألّفه هناك ، وكانت وفاته في بلاد الشام أيضاً.

جدير بالذكر أنّ عدداً من كبار علماء الشيعة قد هاجروا إلى بغداد قبيل عام (٣٣٠ للهجرة) ، فكانت هجرة محمّد بن يعقوب الكليني وأبو عبد الله النعماني في عام (٣٢٧ للهجرة) ، ويحتمل قويّاً أن تكون هجرة سلامة بن محمّد الأرزني برفقة ابن أخته أبي الحسن محمّد بن أحمد بن داود القمّي إلى بغداد قد حدثت في تلك السنوات ، وقد سافر كلّ من سلامة بن محمّد ومحمّد بن يعقوب الكليني وأبي عبد الله النعماني إلى بلاد الشام ، ويغلب على الظنّ أنّ سفر سلامة بن محمّد إلى الشام قد تزامن مع سفر أبي عبد الله النعماني في سنة (٣٣٣ للهجرة) تقريباً ، فهل كان سبب هذه الأسفار المتشابهة والمتزامنة يعود إلى دافع واحد؟ وهل يمكن لنا أن نعزو ذلك إلى حضور الأسرة الشيعية الحاكمة من آل حمدان ـ وخاصّة سيف الدولة الأمير المحبّ للعلم والأدب ، والذي كان يجلّ العلماء كثيراً ويدنيهم منه ـ واعتباره مؤثّراً في هذه الأسفار(١) ، هذا وقد ذهب ابن الجعابي ـ المحدّث الشيعي الشهير في بغداد ـ إلى سيف الدولة الحمداني فقرّبه منه وأدناه وجعله من خاصّته (٢) ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) دائرة المعارف الإسلامية الكبرى ، هامش مدخل آل حمدان ١ / ٦٩٢ ، نقلاً عن الثعالبي ، يتيمة الدهر ١ / ١١ ، وغيرهما.

(٢) فهرست الطوسي ٣٢٥ / ٥٠٦.


وفي تلك السنة ـ بالتحديد (٣٣٣ للهجرة) ـ استولى سيف الدولة على حلب ، وكانت سيطرته الكاملة عليها في بداية سنة (٣٣٤ للهجرة)(١).

علماً بأنّ لقب (الكاتب) الذي يحمله النعماني يمكن أن يكون ناظراً إلى نوع من الصلة بينه وبين أصحاب المناصب ، ولكنّنا لا نعرف شخصاً بعينه كان النعماني كاتباً له.

تاريخ تأليف كتاب الغيبة :

ليس بأيدينا تاريخ دقيق لتأليف كتاب الغيبة للنعماني ، وقد ذكر مصحّح هذا الكتاب أنّ تاريخ تأليفه يعود إلى شهر ذي الحجّة من عام (٣٤٢ للهجرة) معتمداً في ذلك على عبارة مدوّنة على غلاف إحدى المخطوطات لهذا الكتاب(٢) ، بيد أنّ هذا الرأي لا يستند إلى دليل صحيح ؛ لأنّ هذا التاريخ إنّما يعبّر عن تاريخ رواية الكتاب من قبل المؤلّف إلى تلميذه أبي الحسين الشجاعي ، وبناءً على القاعدة(٣) فإنّ تأليف الكتاب يعود إلى ما قبل هذا التاريخ ، ولتحديد تاريخ تأليف هذا الكتاب يمكن الاستناد إلى تاريخ أخذ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) دائرة المعارف الإسلامية الكبرى ، مدخل آل حمدان ١ / ٦٩٠.

(٢) غيبة النعماني ، مقدّمة المصحّح ، ص ٢.

(٣) إنّما تمّ التعبير بـ : (بناءً على القاعدة) ؛ لأنّ الغالب هو رواية الأستاذ لكتابه إلى تلاميذه بعد تأليفه ، ولكن يحدث أحياناً أن يبادر المؤلّف إلى تدوين كتابه من خلال إملاء مضامينه على تلاميذه ، كما حدث ذلك بالنسبة إلى الكثير من مؤلّفات الشيخ الطوسي والسيّد المرتضى ، من قبيل : عدّة الأصول ، والخلاف ، واختيار الرجال ، والذريعة.


المؤلّف للرواية عن محمّد بن عبد الله الطبراني سنة (٣٣٣ للهجرة) ، ولذلك لا يمكن الرجوع بتاريخ تأليف هذا الكتاب إلى ما قبل عام (٣٣٥ للهجرة)(١).

أمّا الطريق الأكثر دقّةً والأفضل لتحديد تاريخ تأليف الكتاب فهو من خلال العبارات الواردة فيه بشأن عمر الإمام المنتظر (عج) أثناء تأليف الكتاب ، حيث قال : «وله الآن نيّف وثمانون سنة»(٢) ، وحيث إنّ كلمة النيّف غير محدّدة فلا يمكن تحديد عمر الإمام فوق الثمانين بدقّة ، ولكن يمكن لنا أن نستفيد من هذه العبارة أنّ الإمام (عج) كان له من العمر أثناء تأليف الكتاب واحد وثمانون سنة كحدٍّ أدنى(٣) ، وبالإلتفات إلى القول الصحيح(٤) الذي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) لو كان الكتاب قد ألّف في سنة (٣٣٣ للهجرة) لكان من الأنسب أن يقول : في هذه السنة ، بدلاً من الاكتفاء بذكر التاريخ ، وإذا كان قد ألّفه عام (٣٣٤ للهجرة) لكانت عبارة (في السنة المنصرمة) أنسب.

(٢) غيبة النعماني : ١٥٢.

(٣) قال ابن منظور الأفريقي في لسان العرب : (ناف الشي نوفاً : ارتفع وأشرف). وهناك رأيان في تفسير معنى النيّف ، الأوّل : ما نقله ابن منظور عن أبي العبّاس قوله : الذي حصّلناه من أقاويل حُذّاق البصريّين والكوفيّين أنّ النيّف من واحدة إلى ثلاث. وأمّا الرأي الآخر ، فيصل بالنيّف إلى تسعة. وعليه فإن كان النعماني يذهب في تعبيره مذهب الحذّاق من البصريّين والكوفيّين ـ على ما نقله أبو العبّاس عنهم ـ تردّد تاريخ تأليف الكتاب بين عامي (٣٣٦ و ٣٣٩ للهجرة) ، ولكن حيث لا يمكن لنا التأكّد من مذهب النعماني بهذا الشأن لا يمكن لنا الجزم بذلك بضرس قاطع. جدير بالذكر أنّ كلمة (نيّف) قد تكرّرت من النعماني في موضع آخر بيّن فيه عدد الخاصّة من أصحاب الإمام المهدي (عج) بعدد أصحاب بدر (الثلاثمئة ونيّف) ، ولكن حيث ورد النيّف هنا بعد الثلاثمئة ، فلا يمكن لنا أن نستند إليه في بحثنا هذا.

(٤) وهناك أقوال أخرى في بيان تاريخ ولادة الإمام المهديّ المنتظر (عج) ، ولكنّها


يحدّد سنة ولادة الإمام بـ : (٢٥٥ للهجرة)(١) أو (٢٥٦ للهجرة)(٢) فإنّ تاريخ تأليف الكتاب لا يمكن أن يتقدّم على سنة (٣٣٦ للهجرة)(٣) ؛ وبذلك يتراوح تاريخ تأليف هذا الكتاب يتردّد بين عام (٣٣٦ و ٣٤٢ للهجرة) ، وبذلك يكون تأليف الكتاب بعد سفر النعماني إلى الشام ، ويحتمل أن يكون قد كتبه في حلب ، حيث قرأه النعماني على تلميذه أبي الحسن الشجاعي ، كما يتّضح من مقدّمة الكتاب أنّه قد ألّفه عندما كان بعيداً عن وطنه ، وذلك حيث يصرّح في بيان جمع مادّة الكتاب قائلاً : «بحسب ما حضر في الوقت ؛ إذ لم يحضرني جمع ما رويته في ذلك لبعده عنّي ، وإنّ حفظي(٤) لم يشتمل عليه ، والذي رواه الناس من ذلك أكثر وأعظم ممّا رويته ، ويصغر ويقلّ عنه ما عندي» ، فلربّما أنّ النعماني لم يستطع أن يأخذ جميع كتبه ومدوّناته الحديثيّة في سفره إلى الشام ، وبالرغم من ذلك نرى في كتابه هذا الحجم من الروايات والمصادر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ساقطة عن الاعتبار ، الفصول المختارة : ٣١٨ ، الصراط المستقيم ٢ / ٢٣٣ ، دلائل الإمامة : ٥٠١ ، غيبة الطوسي : ٢٤٢ / ٢٠٨ ، كشف الغمّة :٣ / ٢٣٤ ، وغيرها.

(١) الكافي ١ / ٥١٤ ، الفصل الأوّل من كمال الدين ٤٣٠ / ٤ ، ٤٣٢ / ٩ و ١٢ ، الإرشاد ٢ / ٣٣٩ ، غيبة الطوسي ٢٣٤ / ٢٠٤ ، ٢٣٨ / ٢٠٦.

(٢) الكافي ، ١ / ٣٢٩ / ٥ ، ٥١٤ / ١ ، فرق الشيعة ، غيبة الطوسي ، ٢٣١ / ١٩٨ ، ٢٤٥ / ٢١٢ ، ٢٥٩ / ٢٢٦ ، ٢٧٢ / ٢٣٧ ، ٣٩٣ / ٣٦٢.

(٣) من المفيد أن نعلم أنّ الكليني ـ وهو من أهمّ أساتذة النعماني ـ لم يذكر إلاّ عامين لولادة الإمام المهدي (عج) ، وهما (٢٥٥ و ٢٥٦ للهجرة) ، وعليه يجب أن لا يعدو رأي النعماني رأيه.

(٤) هل تعني كلمة (حفظي) هنا هو الحفظ بمعنى الجمع أو الحفظ عن ظهر قلب؟ كلا الأمرين محتمل.


مشايخ النعماني :

قبل الدخول في صلب الموضوع تجدر بنا الإشارة إلى أنّ المراد من المشايخ في هذا البحث أو غيره ـ من البحوث الروائية والرجالية ـ هو المعنى الواسع الذي يشمل حتّى الأشخاص الذين روى عنهم النعماني ولو رواية واحدة ، كما يشمل المشايخ الذين روى عنهم الراوي من أحد الطرق المعتبرة أيضاً وإن لم يحصل لقاء مباشر بينه وبينهم ، وإنّما روى عنهم بإذنهم وإجازتهم.

لقد ذكروا لمشايخ النعماني فهرسين ، الفهرس الأوّل : ذكره المحدّث النوري في خاتمة مستدرك الوسائل(١) ، والفهرس الثاني : ذكره المصحّح الدؤوب الذابّ عن أهل البيت عليهم‌السلام الأستاذ الغفّاري في مقدّمة النسخة المطبوعة لكتاب الغيبة(٢).

ففي الفهرس الثاني أضيف اسم محمّد بن عثمان بن علاّن الدهني البغدادي(٣) ، وإنّ إضافة هذا الاسم لابدّ منها ، ولكن سبق أن ذكرنا أنّ هناك تحريفين في هذا الاسم الأوّل : في قلب الاسم والتقديم والتأخير فيه ، والثاني : في تصحيف الاسم ، فإنّ اسمه الصحيح هو : عثمان بن محمّد بن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) خاتمة مستدرك الوسائل ، ج ٢١ ( = ج ٣ الخاتمة) ، ص ٢٦٧ ـ ٢٧٠ ]وكذلك ٤٤٨ و ٤٤٩ [نقلاً عن رياض العلماء. وبطبيعة الحال هناك تأمّل من قبل المؤلّف في اعتبار كون بعض هؤلاء الأفراد من المشايخ ، من قبيل (التلعكبري).

(٢) غيبة النعماني (المقدّمة) ص ١٤ و ١٥.

(٣) المصدر أعلاه ، ص ١٤ و ١٥.


علاّن الذهبي ـ بالذال والباء ـ البغدادي(١).

وفي خاتمة المستدرك نطالع عدداً من الأسماء الجديدة في فهرس مشايخ النعماني إلاّ أنّنا لم نجد رواية للنعماني عنهم في موضع آخر ، حيث يبدو أنّ ذلك قد نشأ عن الخطأ في النسخة التي وصلت بيد المحدّث النوري.

فهرس مشايخ النعماني في خاتمة المستدرك :

هناك أسماء جديدة في هذا الفهرس في عداد مشايخ النعماني ممن لم نرَ لهم أثراً في غير هذا الفهرس وهم عبارة عن :

١ ـ عليّ بن عبد الله «عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم»(٢).

ولم يُرَ مثل هذا الاسم في أسانيد النعماني ، ويبدو أنّ ذلك قد نشأ عن التحريف الشائع في سند الغيبة : عليّ بن أحمد عن عبيد الله بن موسى عن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) جاء في أحد أسانيد غيبة الطوسي ـ ص ٩٠/١٢٧ ـ لقب هذا الراوي نقلاً عن النعماني بشكله الصحيح (الذهبي). جدير بالذكر أنّ سماحة الأستاذ عليّ أكبر مهدي بور قد قابل نسخته من غيبة النعماني بعدد من النسخ المخطوطة ، ومن بينها النسخة المحفوظة في (آستان قدس رضوي) مكتبة العتبة الرضوية المقدّسة (بتاريخ : ٥٧٧ ، رقم : ١٧٥٤) ، والنسخة المحفوظة في مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، وهي لا تختلف في الغالب عن النسخة المتقدّمة ، وقد تكرّم علينا بنسخته ، ونحن في هذا المقال نشير إلى هاتين النسختين بعلامة النسخة الرضوية والمرعشية ، وقد ذكرت هاتان النسختان لقب الراوي في سند غيبة النعماني ـ ص ٣١/١٠٢ ـ بشكله الصحيح أي (الذهبي).

(٢) خاتمة المستدرك ، ج ٢١ ، ص ٢٦٨ ، رقم : ٩ ، (ط).


عليّ بن إبراهيم بن هاشم(١) ، حيث سقط (أحمد عن) و (بن موسى) من هذا السند فبقي الاسم كما هو مدوّن أعلاه.

٢ ـ الشيخ الجليل هارون بن موسى التلعكبري(٢).

لم نعثر على رواية للنعماني عنه في أيّ مصدر ؛ ولذلك لم نعرف السبب في وضع هذا الاسم في فهرس مشايخ النعماني ، ولكن يمكن لنا أن نذكر احتمالين في هذا المجال :

الاحتمال الأوّل : هو ما جاء في غيبة النعماني في ذكر طرق المؤلّف إلى كتاب سليم بن قيس ـ بعد ذكر الطرق إليه ـ حيث أضاف هذا الطريق عند ما قال : «وأخبرنا من غير هذه الطرق هارون بن محمّد قال : حدّثني أحمد بن عبد الله (عبد الله خ. ل) بن جعفر بن المعلّى الهمداني ...»(٣).

إنّ هارون بن محمّد ـ الواقع في هذا السند ـ شيخ جديد للنعماني لم يرد ذكره في فهرس مقدّمة طبعة الغيبة ـ والذي سوف نلقي الضوء عليه فيما بعد ـ ، وربّما قرأوا هذا الاسم باسم هارون بن موسى ، أو أنّه قد تمّ تحريفه في بعض النسخ على هذه الصيغة وقد وقعت هذه النسخة المحرّفة بيد المحدّث النوري ، أو أنّهم قرأوا الاسم بصيغة (هارون أبو محمّد) أو تمّ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) غيبة النعماني ، ص ٥/٥٤ ؛ وكذلك رقم : ٧ ، ص ١٢/١١٥ ، ص ٤/١٦٣ ، ص ١٢/١٩٩ ، ص ٧/٢٥١ ، وفي هذه الموارد قد أضيف (البندنيجي) و (عن موسى العلوي) بعد أحمد ، أو أضيف أحدهما دون الآخر.

(٢) خاتمة المستدرك ، ج ٢١ ، ص ٢٦٨ ، رقم : ١٢ ، (يب).

(٣) غيبة النعماني ص ٦٨.


تحريفه إلى هذه الصيغة ، فاعتبر شيخ التلعكبري.

الاحتمال الثاني : نطالع في النسخة المطبوعة لـكفاية الأثر سنداً بهذه الصيغة : «هارون بن موسى قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم النحوي ...» ، فربّما تمّ تحريف (النحوي)(١) في بعض نسخ الكتاب بـ : (النعماني) ، ثمّ وقع الخلط بين الراوي عن النعماني وشيخه فأصبح هارون بن موسى التلعكبري في عداد مشايخ النعماني.

والاحتمال الأوّل يبدو هو الأقوى.

٣ ـ محمّد بن أحمد بن يعقوب (عن أبي عبد الله الحسين بن محمّد)(٢).

إنّ من بين من ذكرهم المحدّث النوري بوصفهم من مشايخ النعماني : أبو عليّ أحمد بن محمّد بن أحمد بن يعقوب بن عمّار الكوفي(٣) ، ثمّ عمد إلى ذكر العنوان المقصود في البحث فقال : «والظاهر أنّه والد الشيخ المتقدّم ، وأنّهم من أحفاد إسحاق بن عمّار الصيرفي الكوفي ، وقد تقدّم أنّه [محمّد بن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كفاية الأثر ، ص ١٧٧ ، علماً بأنّه قد ورد هذا الاسم في النسخة المخطوطة لكفاية الأثر وكذلك في رواية بحار الأنوار ـ ج ٣٦ ، ص ٢١١/٣٤٥ ـ عن هذا الكتاب على الشكل الآتي : محمّد بن إسماعيل النحوي ، ومن هنا رأينا ترجيح الاحتمال الأوّل على الاحتمال الثاني.

(٢) خاتمة المستدرك ، ج ٢١ ، ص ٢٧٠ ، الرقم : ١٧ ، (يز).

(٣) المصدر أعلاه ، ح ٢١ ، ص ٢٦٩ ، الرقم : ١٦ ، (يو).


أحمد بن يعقوب] من مشايخ جعفر بن قولويه»(١).

غير أنّنا لم نعثر في أسانيد النعماني على اسم محمّد بن أحمد بن يعقوب ، بل الذي هو من مشايخ النعماني : أحمد بن محمّد بن أحمد بن يعقوب ، وهناك روايتان متتاليتان في كتاب غيبة النعماني بهذا الإسناد :

١ ـ «حدّثنا أبو عليّ أحمد بن محمّد [بن أحمد](٢) بن يعقوب بن عمّار الكوفي ، قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثنا القاسم بن هشام اللؤلؤي ...».

٢ ـ «أخبرنا أحمد بن محمّد بن يعقوب ، قال : حدّثنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد قراءة عليه ...»(٣).

يبدو من بعض نسخ الكتاب وقوع تحريف في السند الثاني ، فحصل خلط بين اسم الأب وابنه الذي هو شيخ النعماني ، ومع حدوث هذا الخلط أصبح محمّد بن أحمد بن يعقوب من مشايخ النعماني ، وعليه يكون أحمد ابن محمّد بن أحمد بن يعقوب هو وحده من مشايخ النعماني ، والعجيب أنّ مصحّحي الطبعة الجديدة لخاتمة المستدرك لم يشيروا إلى هذه النقطة ، في حين أنّهم أشاروا في الهامش إلى الإحالة إلى كتاب غيبة النعماني.

ومن المفيد أن نذكر أنّ المحدّث النوري رحمه‌الله ، يذكر ثلاث رواة في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) خاتمة مستدرك الوسائل ، ج ٢١ ، ص ٢٧٠ ، رقم (١٦) يز.

(٢) الإضافة من النسخة الرضوية والمرعشية ، ويبدو أنّ المحدّث النوري قد اعتمد على مثل هذه النسخة.

(٣) غيبة النعماني ، ص ٢١/٩٠ ، ص ٢٢/٩١.


مشيخة جعفر بن قولويه ، وهم : (محمّد بن أحمد بن عليّ بن يعقوب)(١) ، و (أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن يعقوب بن إسحاق بن عمّار)(٢) ، و (أبو عبد الله محمّد بن أحمد بن يعقوب)(٣) ، واحتمل أن تكون هذه الأسماء الثلاثة لشخص واحد(٤). وبالرجوع إلى كامل الزيارات يتّضح أنّ الروايات التي رواها ابن قولويه عن العناوين الثلاثة المتقدّمة بأجمعها عن عليّ بن الحسن [بن عليّ] بن فضّال.

وفي رجال النجاشي نشاهد أيضاً رواية العنوان الثاني ـ من دون ذكر كنية أبي عبد الله ـ عن عليّ بن الحسن بن فضّال(٥) ، من هنا يمكن اعتبار هذه الأسماء الثلاثة لشخص واحد.

وقيل في هامش إحدى طبعات كامل الزيارات : يبدو أنّ الاسم الصحيح في هذا السند ، (عليّ بن محمّد بن يعقوب [الكسائي الكوفي]) الذي هو من مشايخ ابن قولويه (٦).

وكأنّ سبب هذا الاستظهار يعود إلى رواية عليّ بن محمّد بن يعقوب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كامل الزيارات ، ب ٨/٩.

(٢) المصدر أعلاه ، ب ١٠/٧٢.

(٣) المصدر أعلاه ، ب ٣/٩٥ بدون كنية أبي عبد الله ، في باب ٥/٧٦.

(٤) خاتمة المستدرك ، ج ٢١ ، ص ٢٥٦.

(٥) رجال النجاشي ص ٣٧٨/١٤٦.

(٦) كامل الزيارات ، ب ٥/٧٦ (هامش طبعة نشر صدوق ، تحقيق : بهراد جعفري ، تحت إشراف : الأستاذ الغفّاري) ، وكذلك ب ٣/٩٥ وقارن الهامش ، ح ٨ ، من الباب ٩.


ومحمّد بن أحمد بن يعقوب عن عليّ بن الحسن بن فضّال(١) ، إلاّ أنّ هذا الدليل غير كاف ، فليس هناك ما يبرّر اعتبار اسم هذا الراوي ـ الذي ورد في أربعة مواضع من كامل الزيارات على صيغة محمّد بن أحمد ـ أنّه قد تمّ تحريفه إلى عليّ بن محمّد.

ويبدو أيضاً أنّ هذين الراويين كانا من أسرة واحدة ؛ إذ أنّ النسب الكامل لعليّ بن محمّد بن يعقوب ـ على ما ذكره الشيخ الطوسي في رجاله ـ هو : عليّ بن محمّد بن يعقوب بن إسحاق بن عمّار الصيرفي الكوفي العجلي(٢) ، وبذلك تلتقي سلسلة نسب هذين الراويين عند يعقوب ممّا يثبت أنّهما كانا أولاد عمّ(٣).

يبدو أنّ أبا عليّ أحمد بن محمّد ـ الراوي الذي نحن بصدد الحديث عنه ، والذي يروي عنه النعماني في السندين السابقين ـ هو نجل أبي عبد الله محمّد بن أحمد بن يعقوب.

والجدير بالذكر أنّ هناك قرائن عدّة تثبت أنّ شيخ النعماني هو : أحمد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كامل الزيارات ، ب ٣/٨١ ، وكذلك التهذيب ج ٤ ، ص ٤٥٦/١٦٢ ، ص ٤٥٩/١٦٣ و ٣٦١ ؛ الاختصاص ، ص ٥١ و٨٤ ؛ رجال النجاشي ، ص ٢٤٣/٩٨ ؛ فلاح السائل ، ص١٦٨ و ٢٨٩ ، وكذلك كتاب العلل ، ج ٢ ، ص ٧/٥٢٢. ويبدو أنّ عليّ بن الحسين قد صحّف فيه بـ : (عليّ بن الحسن).

(٢) رجال الشيخ الطوسي ، ص ٦١٨٢/٤٣١ = ٢٥.

(٣) وفي مورد من الموارد جاء في نسب أبي عبد الله محمّد اسم عليّ قبل يعقوب (كامل الزيارات ، ب ٨/٩) ، وبما أنّه قد جاء فقط في هذا المورد فلا يمكن إدخال هذا الاسم في سلسلة نسبه.


ابن محمّد بن عمّار الكوفي الذي ترجمت له الكتب الرجالية(١) ، وإنّ تشابه بعض أسانيد هذا الراوي بسندين لأستاذ النعماني(٢) ، وكذلك روايتهما عن أبيهما(٣) ، ووصف (العجلي) في بعض الأسانيد بعد اسم أحمد بن محمّد بن عمّار(٤) مع الالتفات إلى وصف عليّ بن محمّد بن يعقوب بهذا الوصف أيضاً من القرائن الدالّة على اتّحاد هذين الاسمين في شخص واحد ، ونتيجة بحثنا الطويل هذا هو أنّ النعماني قد أخذ الحديث عن أبي عليّ أحمد بن محمّد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) رجال النجاشي ، ص ٢٣٦/٩٥ ؛ فهرس الشيخ الطوسي ، ص ٨٨/٧٠ ؛ رجال الشيخ الطوسي ، ص ٦٠١٧/٤١٦ = ٩٧.

(٢) في رجال النجاشي ـ ص ٨٦٨/٣١٦ ـ يروي أحمد بن محمّد بن عمّار عن أبيه (نوادر القاسم بن هشام اللؤلؤي) ، وهذا الطريق شبيه بالطريق الموجود في غيبة النعماني ـ ص ٢١/٩٠ ـ لذلك رأى مصحّح طبعة كتاب النعماني هذين الاسمين لشخص واحد. والطريق الآتي في رجال النجاشي ـ ص ٩٥٧/٣٥٧ ـ شبيه بهذا الطريق : «أحمد بن محمّد بن عمّار قال : حدّثنا القاسم بن هشام اللؤلؤي وعليّ بن الحسن بن فضّال». وفي سند غيبة النعماني ـ ص ٢٢/٩١ ـ يبدو أنّ المراد من أبي عبد الله الحسين بن محمّد هو الحسين بن محمّد بن الفرزدق المعروف بالقطعي (وتوجد ترجمته في رجال النجاشي ـ ص ١٦٠/٦٧ ـ وفي رجال الشيخ الطوسي ـ ص ٦٠٩١/٤٢٢ = ٢٦ ـ. كما يروي أحمد بن محمّد بن عمّار ـ كما في كتاب كمال الدين وتمام النعمة ، ج ١ ، ص ٣٧ ـ عن الحسن بن محمّد القطعي أيضاً ، ويبدو أنّ الحسن قد جاء تصحيفاً للحسين. وراجع أيضاً : العيون ، ج ١ ، ص ٣/٩٧ ؛ وبحار الأنوار ، ج ٤٨ ، ص ٢٧/٢٢٥.

(٣) رواية أبي عليّ أحمد بن محمّد بن عمّار الكوفي عن أبيه عن عليّ بن الحسن بن فضّال في التهذيب ـ ج ٦ ، ص ٥٢/٢٤ ـ وشبيه به ما في الإقبال ـ ص ٤٦٨ ـ وكذلك في قصص الأنبياء للراوندي ـ ص ٦٣/٨٠ ـ جاءت رواية أحمد بن محمّد بن عمّار عن أبيه.

(٤) خصائص الأئمّة ، ص ٧٢.


ابن أحمد بن يعقوب بن إسحاق بن عمّار (م. ٣٤٦ هـ) ، ويبدو أنّ رواية النعماني عنه هي من نوع رواية المعاصر عن المعاصر.

مشايخ النعماني الآخرون :

كما عثرنا على مشايخ للنعماني غير أولئك الذين ذكروا في مقدّمة كتاب غيبة النعماني ، فهناك شيخان منهم ذكرا في كتاب الغيبة ، ولكن جاء ذكرهما في طيّات توضيحات المؤلّف أو بعد ذكر طريق آخر من طرق الاسناد ، فسقط اسماهما ، وهما :

١ ـ هارون بن محمّد(١) ، «عن أحمد بن عبيد الله ـ عبد الله خ. ل ـ بن جعفر بن المعلّى الهمداني»(٢) ، في الطريق إلى كتاب سُليم بن قيس.

ويبدو أنّ المراد من هارون بن محمّد هو هارون بن محمّد الضبّي أبو جعفر ، وقد أضاف الخطيب البغدادي في كتابه بعد ذكر هذا الاسم : «والد القاضي أبي عبد الله الحسين بن هارون(٣) ، وهو من أهل عمان ، سكن بغداد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) غيبة النعماني ، ص ٦٨.

(٢) في الاستبصار ـ ص ١٠ ـ نقلاً عن النعماني روى عن هذا الراوي ـ أحمد ـ رواية عن كتاب سليم بن قيس سقط من سندها هارون بن محمّد. ولذلك لم يعتبر شيخاً للنعماني.

(٣) وردت ترجمته في تاريخ بغداد ـ ج ٨ ، ص ١٤٦ ـ باسم الحسين بن هارون بن محمّد أبو عبد الله الضبّي (٣٢٠ ـ ٣٩٨) وقد عدّد سلسلة نسبه إلى ضبّة بن أدّ. وعليه يكون ما جاء في سند اليقين ـ ص ١٦٨ ـ من التعبير بالصيني في قوله (القاضي أبو عبد الله الحسين بن هارون بن محمّد الصيني) تصحيفاً عن الضبّي.


وحدّث بها ... ورحل إلى مدينة السلام [بغداد] سنة خمس وثلاثمئة ... إلى أن توفّي في سنة خمس وثلاثين وثلاثمئة»(١).

ويحتمل قويّاً أن يكون النعماني قد أخذ عنه الحديث في بغداد ، فيجب إضافة اسمه إلى مشايخ النعماني الذين أخذ عنهم الحديث في بغداد وسبق أن تمّ ذكرهم.

٢ ـ عبد الحليم بن الحسين السمري :

أشار النعماني إلى أنّ السفر الأوّل من التوراة قد اشتمل على ذكر اثني عشر عظيماً من ولد إسماعيل اختارهم الله للإمامة وأضاف قائلاً : «أقرأني عبد الحليم بن الحسين السمري رحمه‌الله ما أملاه عليه رجل من اليهود بأرجان يقال له : الحسين (حسن. خ. ل) بن سليمان من علماء اليهود بها من أسماء الأئمّة عليهم‌السلام بالعبرانية وعدّتهم»(٢) ، ثمّ أضاف قائلاً : «وقرء هذا الكلام والتفسير على موسى بن عمران ابن زكريّا اليهودي ، فصحّحه ، وقال فيه إسحاق بن إبراهيم ابن بختويه اليهودي الفسوي مثل ذلك ، وقال سليمان بن داود النوبنجاني مثل ذلك»(٣).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ بغداد ، ج ١٤ ، ص ٣٣.

(٢) جاء في تعبير النعماني لفظ (أقرأني) ، بمعنى أنّ عبد الحليم بن الحسين السمري قد أعطى النعماني نصّاً ، وأنّ النعماني قام بقراءة ذلك النصّ عليه ، فيكون أخذه عنه قراءة.

(٣) غيبة النعماني ، ص ١٠٨ ـ ١٠٩ ، وهناك اختلاف في نسخ الكتاب بشأن بعض هذه الأسماء ، ولكنّنا أحجمنا عن ذكرها.


ويبدو أنّ أسماء هؤلاء اليهود كان نقلاً عن عبد الحليم بن حسين السمري ، ويحتمل أنّ جميع هذه المسائل قد تمّ نقلها عن الحسين (الحسن) ابن سليمان اليهودي في أرَجان.

ومن الجدير بالذِّكر هو أنّ اسم النبيّ(صلى الله عليه وآله) في هذا الموضع من كتاب غيبة النعماني جاء على صورته العبرية (مامد) ، وكذلك الشأن بالنسبة إلى أسماء الأئمّة الاثني عشر ؛ ولجهل الناسخين بها فقد تمّ ضبطها في كلّ نسخة بشكل مغاير عن سائر النسخ الأخرى ، وإنّ العثور على العبارة الصحيحة رهن باستيعاب اللغة العبرية وعبارة التوراة في هذا الخصوص ، وكذلك هناك عبارة أخرى نقلت في وصف الأئمّة الاثني عشر وجميعها بحاجة إلى مزيد من دقّة النظر.

٣ ـ يوسف بن أحمد (محمّد خ. ل) الجعفري :

جاء في غيبة الطوسي نقلاً عن النعماني عن هذا الراوي قوله : «حججت سنة ستّ وثلاثمئة ، وجاورت بمكّة تلك السنة وما بعدها إلى سنة تسع وثلاثمئة ، ثمّ خرجت عنها منصرفاً إلى الشام»(١).

هل روى النعماني الحديث عن هذا الراوي عندما كان في الشام؟

وقد تحدّثت هذه الرواية عن دلائل إمام العصر (عجّل الله فرجه)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) غيبة الطوسي ، ص ٢٢٥/٢٥٧ ؛ ونقلاً عنه في بحار الأنوار ، ج ٥٢ ، ص ٣/٥ ؛ وكذلك خرائج الراوندي ، ج ١ ، ص ٤٦٦ ؛ الصراط المستقيم ، ج ٢ ، ص ٢١١ دون الإشارة إلى اسم النعماني.


ومعجزاته ، فهل كان هذا الحديث موجوداً في كتاب دلائل النعماني أم أنّ الراوي نقله عنه مشافهة؟

٤ ـ يمكن إضافة (بعض إخواننا) كإسم راو مجهول في سلسلة مشايخ النعماني أيضاً :

قال النعماني بعد ذكر رواية : «وجدت هذا الحديث عند بعض إخواننا ، فذكر أنّه نسخه من أبي المرجّي ابن محمّد الغمر التغلبي»(١).

بعد إضافة هذا الاسم إلى سلسلة مشايخ النعماني ، فإنّ هذه السلسلة ستحتوي على عشرين شيخاً بأسمائهم باستثناء شيخ واحد فقط بقي مجهول الاسم.

مزيد من التعريف بمشايخ النعماني :

ذكرنا في طيّات المسائل المتقدّمة جملة من التوضيحات في التعريف بمشايخ النعماني ، وفيما يلي نضيف بعض الأمور الأخرى أيضاً :

أ ـ إنّ أغلب مشايخ النعماني هم من مشايخ الإمامية المعروفين ، كما يمكن العثور ضمن مشايخه على بعض أتباع المذاهب الأخرى أيضاً ، فقد كان أبو العبّاس ابن عقدة الكوفي(٢) المحدّث الزيدي الجارودي والحافظ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) غيبة النعماني ، ص ٣٢٨ ؛ ونقلاً عنه في بحار الأنوار ، ج ٤٨ ، ص ٢٢ ، وقد ذكر اسم الراوي في هذا الكتاب : (أبي المرجي بن محمّد بن المعمّر الثعلبي) ، والنسخة الرضوية والمرعشية شبيهة بالنصّ المطبوع ، مع إضافة : (بن) قبل الغمر.

(٢) راجع : تاريخ بغداد ، ج ٥ ، ص ١٤ ؛ رجال النجاشي ، ص ٢٣٣/٩٤ ؛ رجال


القدير صاحب المحفوظات الكثيرة (٢٤٩ ـ ٣٣٢) من بين مشايخ النعماني.

وقد روى النعماني عنه الكثير تحت اسم أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة الكوفي ، وعبّر عنه في المورد الأوّل قائلاً : «لم يطعن أحد في وثاقته وعلمه بالحديث ورجال الحديث».

وكما نلاحظ في اسمه فقد كتبت كلمة (ابن) ـ بإثبات الألف ـ قبل (عقدة)(١) ، والسبب في ذلك أنّ عقدة ليس والد (سعيد) بل هو لقب (محمّد)(٢). وعليه فإنّ عقدة ليس صفة لـ (سعيد) كي يجب إسقاط الألف عن (ابن) ، بل هي إمّا وصف أو بدل أو عطف بيان عن (أحمد) ، وعليه يجب إثبات هذه الألف.

ب ـ كما روى النعماني عن غير الشيعة من أمثال : محمّد بن عثمان [عثمان بن محمّد. ظ.] الذهبي ، الواردة روايته في باب (ما روي أنّ الأئمّة إثنا عشر من طريق العامّة)(٣).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطوسي ، ص ٥٩٤٩/٤٠٩ ؛ فهرس الطوسي ، ص ٨٦/٦٨ ؛ سير أعلام النبلاء ، ج ١٥ ، ص ٣٤٥ ـ ٣٥٢ ؛ لسان الميزان ، ج ١ ، ص ٣٩٩ ـ ٤٠٢.

(١) وقد ذكّر بعض الأفاضل مصحّح كتاب غيبة النعماني بهذه المسألة ، وقد استدركها المصحّح في كتاب الغيبة ، ولكن تمّ إغفالها في طبعة التهذيب الذي نشر من قبل المصحّح بعد كتاب الغيبة. (ج ١ ، ص ٥٤/١٦٨ ، ص ١٦٤/٤٦٤ ، ج ٢ ، ص ٧٠/٢١٩ ، ج ٣ ، ص ٣٢/٣٣ ، ص ١٩/١٩٥ ، ج ٤ ، ص ٣٩/١٤٩ ، ج ٥ ، ص ٢١/٨).

(٢) راجع : مصادر العامّة ، ترجمة ابن عقدة ، وخاصّة : تاريخ بغداد ، ج ٥ ، ص ١٤.

(٣) غيبة النعماني ، ص ١٠٢ ـ ١٠٧.


وقد فتح النعماني بذلك باباً في هذا المجال وافتتحه بحديث رواه هذا الراوي(١) ، وأنّ الأسانيد في هذا الباب ـ والتي هي أسانيد عامّية ـ تبدو بأجمعها من رواية هذا الراوي ، حيث تمّ إسقاط بداية أسانيدها ، فهي بحسب المصطلح (معلّقة) ، وبحسب الظاهر فإنّ هذا الراوي عامّي.

جـ ـ كما روى النعماني عن محمّد بن عبد الله بن المعمّر الطبراني ، وقال عنه : «وكان هذا الرجل من موالي يزيد بن معاوية ومن النصّاب»(٢). وفي النسخة (الرضوية) لم ترد كلمة (من) في هذه العبارة ، وعليه فإنّ كلمة (الموالي) (بضمّ الميم) تعني المحبّ ، وفي نسخة (المرعشية) ، جاء التعبير بـ : (يوالي) بدلاً (من موالي) ، ولكن المعنى يبقى واحداً ، وهكذا الأمر بالنسبة إلى النسخة المطبوعة ، ولكن الغالب في (المولى) (ج الموالي) تعني المحرّر من العبودية ، ويمكن للكلمة هنا أن تشير إلى أنّ أحد أجداده معتق من قبل يزيد بن معاوية(٣).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر أعلاه ، ص ١/١١٦ ؛ وأيضاً : ص ٢٣/١٢٦.

(٢) المصدر أعلاه ، ص ٣٩ ، وجاء في بعض النسخ (الثقات) بدل (النصّاب) تصحيفاً ، خاصّة إذا فسّرنا كلمة (موالي) بمعنى المحبّين. أو دقّقنا النظر في النسخة (الرضوية) والنسخة (المرعشية).

(٣) إنّ لكلمة (المولى) الكثير من المعاني ، وقد فسّرت في أغلب الكتب الرجالية وفي أسانيد الحديث بالمعتق والمحرّر. وإنّ ذكر هذا الوصف في الكتب الرجالية للإشارة إلى أنّ إعتاق الرقبة يؤدّي إلى نوع من انتساب المعتق (بالفتح) أو نسله ـ المولود بعد الانعتاق ـ إلى الشخص المعتق (بالكسر) أو قبيلته. ولذلك تتقيّد الكتب الرجالية ـ


كما أنّ مذهب بعض المجاهيل من مشايخ النعماني من أمثال : أبو القاسم الحسين بن محمّد البارزي(١) مجهول أيضاً.

د ـ ومن بين مشايخ النعماني : أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهلي ، الذي يروي عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي ، وقد روى عنه النعماني بعبارات متنوّعة ، من قبيل :

«أبو سليمان أحمد بن هوذة بن أبي هراسة الباهلي»(٢).

«[أبو سليمان] أحمد بن نصر بن هوذة الباهلي»(٣).

وقد ورد ما يشبه هذا العنوان في مقدّمة غيبة النعماني في عداد مشايخ النعماني(٤) ، وهو خطأ. وقد ذكره الشيخ الطوسي في رجاله وقال : «أحمد بن نصر بن سعيد الباهلي ، المعروف بابن أبي هراسة ... يلقّب أبوه هوذة ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التي تعنى بذكر أنساب الرواة ـ بذكر هذا الوصف. وإنّ العبارة الحديثية القائلة : «مولى القوم منهم ـ أو من أنفسهم ـ» تشير إلى رابطة (الولاء). (راجع : المصادر الحديثية ، من قبيل : غيبة النعماني ، ص ٢٣٥ ؛ غيبة الطوسي ، ص ١٩٠ ؛ بحار الأنوار ، ج ١٠٣ ، ص ٢٠٣ ـ ٢٠٤).

(١) في النسخة المطبوعة لكتاب (غيبة النعماني) ، ص ٣٤ ، جاءت كلمة (الباوري) بدلاً من (البارزي) في النسخة الرضوية والمرعشية.

(٢) غيبة النعماني ، ص ١٧/٢٠٩. ونظير ذلك في أمالي الطوسي ، ص ١٠٤٨/٤٧٩ ، ص ١٠١٥/٤٨١ ، ص ١٠٨٥/٤٩١ ، المجلس ، ص ٧/١٧ ، وص ٢٠ و ٥٤.

(٣) غيبة النعماني ، ص ١/١٢٧ ، للأستاذ مهدي بور ، وضع في نسخته اسم (بن نصر) بين معقوفتين ([ ]) ، ولا ندري ما إذا كان ذلك اعتماداً على نسخة ، أم أنّ ذلك تصحيحاً من قبله.

(٤) غيبة النعماني ، (المقدّمة) ، ص ٢/١٤.


مات في ذي الحجّة سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمئة»(١).

إنّ كلمة (بن) في هذا العنوان زائدة ، كما أنّها لم ترد في النسخة (الرضوية) ، ويحتمل أن يكون (أحمد بن هوذة ابن أبي هراسة الباهلي) هو الصحيح(٢).

وقد ذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد قائلاً : «أحمد بن نصر بن سعيد ، أبو سليمان النهرواني ـ ويُعرف بابن أبي هراسة ـ حدّث عن إبراهيم ابن إسحاق الأحمدي(٣) ـ شيخ من شيوخ الشيعة ـ روى عنه أبو بكر أحمد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) رجال الشيخ الطوسي ، ص ٥٩٥٠/٤٠٩ = ٣١.

(٢) يقوم هذا الاحتمال على أساس أنّ (ابن أبي هراسة) تابعاً لأحمد ، وليس صفة لهوذة ، كما هو الحال بالنسبة إلى أحمد بن محمّد ين سعيد بن عقدة الذي تقدّم ذكره. ومثال لهذا البحث : محمّد بن عليّ ابن الحنفية ، وقد حذفت الألف عن كلمة (ابن) التي تسبق (الحنفية) في أغلب النسخ ، وبالنظر إلى أنّ الحنفية صفة لوالدة محمّد ـ فليس هو اسم لوالد عليّ بن أبي طالب ـ يجب إثبات الألف (راجع : كمال الدين وتمام النعمة ، ج ١ ، ص ٣٣ و ٣٥ ، وقارن ذلك بصفحة ٤٤).

جدير ذكره أنّه في التهذيب ـ ج ٩ ، ص ٢٧/٢٤١ ـ سواء في طبعة النجف الأشرف وطبعة الأستاذ الغفّاري وردت كلمة ابن الحنفية في اسم محمّد بن عليّ ابن الحنفية في بداية السطر ، وبطبيعة الحال طبقاً لرسم الكتابة الراهنة تكتب الألف في (ابن) تلقائيّاً إذا أتت في بداية السطر ، وبالتالي فإنّ الفائدة المعنوية لإثبات (الألف) قد زالت. ولذلك عمد آية الله الوالد ـ مدّ ظله ـ في تصحيح رجال النجاشي إلى حذف الألف من (ابن) حتّى في بداية السطر ـ خلافاً للرسم الراهن ـ فإذا كتبت الألف من ابن في أوّل السطر يكون لذلك فائدة معنوية.

(٣) الأحمدي تصحيف الأحمري ، وما ورد في تاريخ بغداد من التعبير بـ : (شيخ من شيوخ الشيعة) اعتبر المصحّح أنّ مراد الخطيب البغدادي هو إبراهيم بن إسحاق ،


ابن عبد الله الدوري الورّاق(١) ، وقال : قدم علينا من النهروان»(٢).

وأمّا في عنوان أحمد بن نصر بن هوذة إمّا أن تكون عبارة (بن نصر) زائدة ويكون إثباتها قد حصل بسبب إدراج الهامش في النصّ ، وإمّا يجب حذف كلمة (بن) بعد (نصر) ، وإمّا أن يكون كتابة اسم الراوي بالشكل الآتي : أحمد بن نصر ابن هوذة ، بإثبات الألف في كلمة (ابن) الثانية.

وفي فهرس مشايخ النعماني في خاتمة المستدرك(٣) ذكر هذا الرواي على الشكل الآتي : (أحمد بن محمّد بن هوذة بن هراسة) ، وقد ورد فيه (هراسة) بدلاً من (أبي هراسة) خطأً ، وإنّ (محمّد) تصحيف عن (أحمد) ، وإنّ إضافة هذا الاسم في سلسلة نسبه من باب الجمع بين النسخة الصحيحة والنسخة المصحّفة ، وعليه تكون عبارة (بن محمّد) في هذا العنوان زائدة.

ونُلفت النظر هنا بأنّنا استنبطنا حضور أحمد بن هوذة في بغداد من رواية التلعكبري ـ شيخ المحدّثين البغداديّين ـ إلاّ أنّ ترجمته في تاريخ بغداد في الجزء المتعلّق بأهالي بغداد أو الوافدين إليها ـ خصوصاً مع الالتفات إلى عبارة أبي بكر الدوري الذي كان في بغداد وشهد قدوم أحمد بن نصر إليها ـ يشكّل دليلاً أوضح على حضوره في بغداد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولذلك وضعه بين معترضتين ، ولكن يبدو أنّه الشخص المترجم له نفسه ، أعني : أحمد ابن نصر.

(١) من مشايخ البغداديّين ، وقد ولد ـ على ما ذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ، ج ٤ ، ص ٢٣٤ و ٢٣٥ ـ سنة (٢٩٩ للهجرة) ، وتوفّي سنة (٣٧٩ للهجرة).

(٢) الخطيب البغدادي ، تاريخ بغداد ، ج ٥ ، ص ٢٦٤٠/١٨٣.

(٣) خاتمة المستدرك ، ج ٢١ ، ص ٢٦٨ ، رقم : ١٠ ، (ي).


هـ ـ إنّ من بين مشايخ النعماني عليّ بن أحمد البندنيجي الذي يروي دائماً عن عبيد الله بن موسى (العلوي العبّاسي)(١).

سبق وأن ذكرنا أنّ هذا الراوي ربّما يكون هو نفسه عليّ بن أحمد بن نصر البندنيجي الذي قال ابن الغضائري عنه : «إنّه يسكن في الرملة من فلسطين»(٢).

هناك سند في أمالي الطوسي نقلاً عن أبي المفضّل (محمّد بن عبد الله الشيباني) ، يقوّي هذا الاحتمال : «حدّثنا عليّ بن أحمد بن نصر البندنيجي بالرقّة ، قال : حدّثنا أبو تراب عبيد الله بن موسى الروياني(٣) ، قال : حدّثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن عليّ عن أبيه عن جدّه عن جعفر بن محمّد ...»(٤).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) بقيد العلوي العبّاسي في غيبة النعماني ، ص ٣/٥٢ ، ص ١٥/١٥٥ ، ص ١٨/١٧٦ ، ص ٨/٢٠٥ ، ص ٣/٢٨٤ ، وبقيد العبّاسي في غيبة النعماني ، ص ٣/٢٨٩ ، وسنبحث بشأن روايته فيما بعد.

(٢) وهناك احتمال أن يكون هو عبيد الله بن موسى العلوي العبّاسي الذي نجده في أسانيد غيبة النعماني ، إلاّ أنّ اختلاف مشايخهما ، وعدم وجود دليل على كون عبيد الله بن موسى الروياني علويّاً لا نستطيع الجزم بذلك.

(٣) أمالي الطوسي ، ص ١٢٢٢/٥٨٩ ؛ مج ١١/٢٥ ، ونقلاً عنه ما في بحار الأنوار ، ج ٢ ، ص ٢٦٤ ، هامش ١٣.

(٤) طبقاً لتقرير الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (ج ٥ : ص ٤٦٨) فإنّ أوّل سماع صحيح لحديث أبي الفضل الشيباني (٢٩٧ ـ ٣٨٧هـ) كان في سنة (٣٠٦هـ) (وانظر أيضاً : أمالي الطوسي ، ص ١١١٦/٥١٠ = مج ٢٣/١٨ ، ص ١١١٧/٥١١ = مج ٢٣/١٨) ، كما هناك رواية في أمالي الطوسي ـ ص ١٢٥٧/٦٠٩ = مج ٥/٢٨ ـ عن أبي الفضل عن


إنّ أبا الفضل الشيباني المحدّث المجدّ والمثابر على أخذ الحديث عن المشايخ ، قد أخذ الحديث طوال سنوات عن الكثير من المشايخ(١) ، وهو من نفس طبقة أبي عبد الله النعماني تقريباً.

وعلى كلّ حال فإنّ (الرقّة) في السند المتقدّم و (الرملة) في رجال ابن الغضائري كانتا متشابهتين في الكتابة ، ولذلك يحتمل أن يكون إحداهما مُصحّفاً عن الآخر ، وإن كان يحتمل كذلك أنّ شخصاً عاش في إحداهما وروى الحديث في الأخرى(٢).

وهناك سند آخر شبيه بهذا السند في الإقبال نقلاً عن أبي الفضل محمّد ابن عبيد الله الشيباني نفسه : «حدّثني (حدّثنا خ. ل) عليّ بن نصر السبندينحي ، قال : حدّثني عبد الله (عبيد الله خ. ل) بن موسى ، عن عبد العظيم الحسني ، عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام ـ في حديث ـ قال : من زار

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعض الرواة في سنة (٣٠٤ هـ) أيضاً. وأيّاً كان فقد روي أخذ أبي الفضل الشيباني للحديث في الأعوام (٣٠٧ و ٣٠٨ و ٣١٠ و ٣١٤ و ٣١٦ و ٣١٨ و ٣٢١ و ٣٤٢ و ٣٢٨هـ) (المورد الأخير موضع تأمّل : أمالي الطوسي ، ص ١٣٣٥/٦٤١ = مج ٢١/٣٢ ، قارن بصفحة ١١١٩١/٥٧٧ = مج ٥/٢٣ ، ص ١٢٢٥/٥٩٠ = مج ١٤/٢٥ حيث ذكر بدلاً من ٣٢٨ ، ٣١٨) في مختلف مجالس أمالي الشيخ (المجالس ، ص ١٦ ـ ١٩ ، ص ٢٢ ـ ٢٥ ، ص ٣٢) ، وعليه فإنّه يكون من طبقة النعماني تقريباً.

(١) وراجع على الخصوص : الاحتجاج ، ج ٢ ، ص ٦٠٧ (حدّث الشيخ أبو عليّ الحسن بن معمّر ـ محمّد خ. ل ـ الرقّي بالرملة ...).

(٢) الإقبال ، ص ٢١٢ ، ونقلاً عنه في الوسائل ، ج ١٤ ، ص ١٩٦٣٣/٤٧٤ ، وبحار الأنوار ، ج ١٠١ ، ص ٣١/١٠١ (كلاهما بلفظ : عليّ بن نصر عن عبيد الله بن موسى) ، وكذلك : بحار الأنوار ، ج ٩٨ ، ص ١٦٦ (بعبارة : عليّ بن نصر البرسجي ، قال : حدّثنا عبيد الله بن موسى).


الحسين...»(١).

يبدو أنّ عليّ بن نصر هو عليّ بن أحمد بن نصر نفسه ، وقد سقط اسم أبيه أو حصل اختصار في نسبه ، وعلى كلّ حال فإنّ لقبه تصحيف عن (البندنيجي).

و ـ من بين مشايخ النعماني ـ الواقع في الكثير من أسانيد الغيبة ـ عليّ ابن الحسين المسعودي ، والذي روى عنه في الغالب دون ذكر لقبه ، وفي بعض الموارد مع ذكر لقب المسعودي(٢).

وفي فهرس مشايخ النعماني في خاتمة المستدرك أضاف بعد ذكر اسمه قائلاً : «صاحب إثبات الوصية ومروج الذهب ، عن محمّد بن يحيى العطّار بقم»(٣).

وجاء اسمه في مقدّمة كتاب غيبة النعماني في عداد مشايخه : «١ ـ عليّ ابن الحسين [المسعودي] حدّثه بقم ظاهراً»(٤). وقد استظهر في الهامش : (أنّه هو عليّ بن بابويه القمّي) ، وقد جاء توضيح هذا الأمر فيما بعد وبشكل أوضح في حاشية سند من أسانيد الغيبة ، فقد ذكر المصحّح في هامش السند بهذا اللفظ : «أخبرنا عليّ بن الحسين ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) غيبة النعماني ، ص ٤٣/١٨٨ ، ص ٣٨/٢٤١ ، ص ٢/٣١٢ ، ونشاهد وصف المسعودي في بعض النسخ المخطوطة لهذا الكتاب أيضاً.

(٢) خاتمة المستدرك ، ج ١٩ ، ص ١٢٧.

(٣) غيبة النعماني (المقدّمة) ، ص ١٤.

(٤) المصدر أعلاه ، ص ١/٢٨٥.


بقم» : أنّ المراد من عليّ بن الحسين ـ بقرينة (قم) ـ هو عليّ بن بابويه المعروف ، ولكن أضيف له في بعض مواضع الكتاب الأخرى لقب (المسعودي) ، وأنا أتصوّر أنّ هذا اللقب من إضافات النسّاخ الذين تصوّروا أنّه هو المراد ، فإنّ عليّ بن الحسين المسعودي لم يذهب إلى مدينة قم أبداً ، ولم يقل بذلك أحد. مضافاً إلى ذلك إنّ محمّد بن يحيى كان من مشايخ عليّ ابن بابويه وليس من مشايخ المسعودي(١).

وفيما يلي ينبغي التنبيه إلى بعض الأمور :

أوّلاً : يذهب بعض المحقّقين إلى القول بوجود شخصين اسمهما عليّ ابن الحسين المسعودي في القرن الرابع ، أحدهما : المؤرّخ الشهير ، صاحب مروج الذهب والتنبيه والإشراف ، وهو من أبناء العامّة بلا ترديد ولكنّه ذو ميول شيعية. والآخر : صاحب كتاب إثبات الوصية ، وهو شيعيّ إماميّ المذهب ، وهو شيخ النعماني دون الأوّل.

وبناءً على ذلك لا يكون هناك ما يدعو إلى إنكار وصف (المسعودي) واعتباره زائداً ، كما أنّ كلام المحدّث النوري وما جاء به كاتب مقدّمة كتاب الغيبة ـ من اعتبارهما عليّ بن الحسين المسعودي الوارد في أسانيد الغيبة ، هو نفسه صاحب كتاب مروج الذهب ـ لن يكون صائباً.

جدير ذكره أنّه لا شكّ في أنّ مؤلّف إثبات الوصية ليس هو المسعودي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مروج الذهب (طبعة شارل بلا) ، ج ٢ ، ص ١٢٤ ، الفقرة ٨٦٩ بالاستفادة من تنويه

الأستاذ الجلالي في مقدّمة الإمامة والتبصرة من الحيرة ، ص ٥٢.


المؤرّخ الشهير ، ولكن هناك احتمال أيضاً في أن لا يكون اسم مؤلّف هذا الكتاب عليّ بن الحسين المسعودي ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى لم يثبت أنّ مؤلّف كتاب إثبات الوصية هو شيخ النعماني ، وسوف نفصّل الكلام في هذا الشأن في مقال (إثبات الوصية وصاحب مروج الذهب).

ثانياً : سواء أكان المسعودي شخصاً واحداً أو أكثر ، فهل هناك من دليل يثبت أنّ النعماني قد روى عن عليّ بن الحسين المسعودي المؤرّخ؟

يمكن لنا أن نذكر (أو ذكروا) هنا ثلاثة أدلّة في هذا الشأن ، وهي :

١ ـ لم يقل أحد بقدوم المسعودي المؤرّخ إلى قم ، في حين أنّ شيخ النعماني قد أخذ الحديث في قم عن محمّد بن يحيى العطّار.

ـ بيد أنّ هذا الدليل غير تامٍّ ؛ لأنّ المسعودي قد صرّح في بعض مواضع مروج الذهب أنّه قد ذهب إلى قم(١).

٢ ـ إنّ شيخ النعماني يروي دائماً عن محمّد بن يحيى العطّار ، في حين لم نجد لصاحب مروج الذهب رواية عنه في أيّ موضع.

ـ وهذا الدليل لا يصحّ أيضاً ؛ إذ أنّ ترجمة المسعودي المؤرّخ لم ترد في كتب التراجم والرجال إلاّ مقتضبة وغير واضحة ، ولم يذكر فيها مشايخه بوضوح أبداً ، وعليه ربّما كان قد روى عن محمّد بن يحيى العطّار أيضاً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) هناك في الصفحة الخامسة والثمانين من غيبة النعماني رواية تشير إلى أنّ طينة وفطرة جميع الأئمّة واحدة ، وأنّهم كانوا منذ بدء الخليقة حافّين بعرش الرحمن في وجود واحد ، وجاء في أخرها : (أوّلنا محمّد ، وأوسطنا محمّد ، وآخرنا محمّد). انظر : خاتمة المستدرك ، ج ١٩ ، ص ١٢٥ ـ ١٢٦.


٣ ـ لا شكّ في كون شيخ النعماني كان شيعيّاً ، ورواياته روايات شيعية خالصة ، حيث يروي في جملة ما يروي الحديث الوارد بشأن (حضور الأئمّة الإثنا عشر عليهم‌السلام حول العرش في بدء الخليقة)(١) ، أو (وصف الأئمّة وشيعتهم في عالم الذّر)(٢) ، ومن البعيد أن يروي المسعودي المؤرّخ وصاحب مروج الذهب مثل هذه الروايات.

إنّ هذا الدليل ـ الذي هو من أقوى الأدلّة ـ وإن كان يجعل احتمال رواية النعماني عن المسعودي المؤرّخ احتمالاً مستبعداً ، ولكنّه لا يكفي في نفيه نفياً قاطعاً ؛ لأنّ نقل رواية واحدة بالمضامين أعلاه لا ينهض دليلاً على الإيمان بمضمونها والاعتقاد بصحّتها ، خاصّة وأنّ المسعودي صاحب مروج الذهب قد نقل روايات وصنّف كتباً تنسجم كلّ الانسجام مع مضامين هذه الروايات ، وقد فصّلنا الكلام حول هذا الأمر في مقال : (إثبات الوصية وصاحب مروج الذهب).

ومن ناحية أخرى ، سوف نذكر في الفصل الثاني من هذا المقال أنّ روايات عليّ بن الحسين المسعودي في غيبة النعماني تنتهي بأجمعها إلى محمّد بن عليّ الكوفي ، ويبدو أنّها بأجمعها مأخوذة من كتابه ، وإنّ عليّ بن الحسين المسعودي يقع في الطريق إلى كتاب محمّد بن عليّ الكوفي.

ووقوعه في الطريق إلى بقية الكتب ـ فضلاً عن سلسلة الأسانيد ـ إنّما جاء من الإجازة بالرواية من طريق العامّة فقط.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) غيبة النعماني ، ص ٩٠.

(٢) راجع : نهاية هذا القسم من المقال.


وبالتالي فإنّ هذا لا ينهض دليلاً على أنّ عليّ بن الحسين المسعودي ـ شيخ النعماني ـ كان مطّلعاً بدقّة على محتوى الروايات التي أجاز للنعماني روايتها ، وعليه لا يمكن من هذه الناحية إنكار رواية النعماني عن عليّ بن الحسين المسعودي العامّي المؤرّخ وصاحب كتاب مروج الذهب.

وبطبيعة الحال فقد أشرنا إلى قوّة احتمال أن يكون عليّ بن الحسين المسعودي أكثر من شخصية واحدة ، ويذهب الظنّ إلى أنّ شيخ النعماني هو غير صاحب مروج الذهب.

ثالثاً : سبق وأن ذكرنا أنّ مصحّح كتاب غيبة النعماني قد استنبط من عبارة (بقم) الواردة في رواية عليّ بن الحسين عن محمّد بن يحيى العطّار ، أنّ المراد من عليّ بن الحسين هو عليّ بن بابويه المعروف.

بينما ذهب المحدّث النوري إلى العكس من ذلك تماماً ، فقد استفاد من هذه العبارة أنّ المراد ليس هو ابن بابويه المعروف ؛ إذ أنّ صدور هذه العبارة لا يتناسب وعليّ بن الحسين بن بابويه الساكن في قم بعدّة أدلّة سوف نبحثها مفصّلاً.

إنّ كلام مصحّح كتاب غيبة النعماني يثير الكثير من العجب! فلم نعثر على أيّ توضيح منه فيما يتعلّق بكيفية دلالة عبارة (بقم) على أنّ المراد من عليّ بن الحسين هو عليّ بن بابويه القمّي المعروف.

وبطبيعة الحال فإنّ كلام المحدّث النوري رحمه‌الله في محلّه وملفت للانتباه.

وفيما يلي سنعمد أوّلاً إلى توضيح هذا الكلام ثمّ نقوم بدراسته وتحليله


فيما بعد :

ـ إنّ عليّ بن الحسين بن بابويه هو ـ على حدّ تعبير النجاشي ـ شيخ القمّيّين وكبيرهم ، وهو فقيههم وثقتهم في عصره ، وليس هناك من دليل على أنّه قد أقام في غير قم ، نعم يبدو أنّه تواجد في بغداد في أواخر حياته (في سنة تناثر النجوم ، في عام ٣٢٣ هـ) ، ويبدو أنّ ذلك حدث أثناء سفره إلى الحجّ(١) ، فمن المستبعد لمن يسكن في قم عندما يروي عن محمّد بن يحيى العطّار ـ الذي هو من مشايخ القمّيّين كذلك ـ أن يشير إلى أنّ روايته عنه كانت في قم ؛ لأنّ هذا النوع من الإيضاحات إنّما يضاف إذا كانت هناك خصوصية لذكرها في الرواية ، وعندما يكون كلّ من المتلقّي والشيخ من أهل قم(٢) لا تكون هناك ـ بناءً على القاعدة ـ من حاجة إلى ذكر أنّه أخذ الحديث عنه في قم ؛ لأنّه سيكون من قبيل توضيح الواضحات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مع الالتفات إلى هذا التوضيح ندرك استحالة التمسّك بعبارة الشيخ الصدوق القمّي ـ حدّثني حمزة بن محمّد العلوي في قم (معاني الأخبار ، ص ١/٣٠١ ؛ عيون أخبار الرضا (ع) ، ج ١ ، ص ٥/٢٢٧ ؛ ص ٤٣/٢٩٢ ، ج ٢ ، ص ١٣/٦ ، ص ٢٤/١٥٩ ، ص ١٣/٢٠٩) ـ في الإجابة على استدلال المحدّث النوري ، لأنّ الصدوق كان نزيل الريّ ، وكان أيضاً شيخ الطائفة في خراسان (رجال النجاشي ، ص ١٠٤٩/٣٨٩) وقد سافر إلى الكثير من المدن ، ولم يكن ساكناً في مدينة قم. ومن ناحية أخرى لم يتّضح ما إذا كان شيخه ساكناً في قم. وعليه لا تكون المقارنة بين رواية الصدوق عن حمزة بن محمّد برواية عليّ بن الحسين عن محمّد بن يحيى العطّار مقارنة موفّقة.

(٢) ذكر في غيبة النعماني ، ص ٩٧ ، عن راوي الكتاب وناسخه باسم أبي الحسن الشجاعي ، ويبدو أنّه مصحّف عن أبي الحسين ، راجع : غيبة النعماني ، ص ١٨ ، النصّ والهامش ٢ ؛ غيبة الطوسي ، ص ٩٠/١٢٧ ، ص ٢٥٧/٢٢٥ ؛ رجال النجاشي ، ص ١٠٤٣/٣٨٣.


وعندما نقوم بدراسة هذا الكلام نجد بأنّنا من خلال هذا الاستدلال لا يسعنا القول بضرس قاطع : إنّ المراد من عليّ بن الحسين الوارد في أسانيد غيبة النعماني ليس هو عليّ بن الحسين بن بابويه ؛ لأنّ عليّ بن الحسين إذا حدّث النعماني في مدينة غير قم ـ كما لو حدّثه في بغداد مثلاً ـ لم يكن في تحديد مكان تحديث محمّد بن يحيى بمدينة قم غضاضة.

إلاّ أنّه وبطبيعة الحال فإنّ الإنصاف يقتضي أن نعتبر هذا الدليل نافعاً في تضعيف احتمال أن يكون المراد من عليّ بن الحسين هو ابن بابويه.

كما أنّنا طبقاً لهذا الدليل وإن لم ننكر أن يكون المراد من هذا الإسنادهو ابن بابويه ، إلاّ أنّه لا دليل لدينا يثبت أنّ المراد من عليّ بن الحسين في هذا الإسناد هو ابن بابويه ، وإنّ مجرّد رواية ابن بابويه عن محمّد بن يحيى العطّار لا يكفي لإثبات هذا الأمر ؛ إذ ليس هناك من شاهد يثبت أنّ الذي يروي عن محمّد بن يحيى ـ بإسم (عليّ بن الحسين) ـ هو ابن بابويه فقط.

رابعاً : ذكر مصحّح كتاب غيبة النعماني في مقدّمة الكتاب كلاماً يثير التعجّب أكثر من جميع كلماته المتقدّمة ، وذلك إذ يقول : «يبدو أنّ النعماني قد أخذ الحديث عن عليّ بن الحسين في قم» في حين أنّ أسانيد الغيبة تشهد على العكس من ذلك تماماً ؛ إذ لو كان النعماني قد سمع الحديث من عليّ بن الحسين في قم ، لا يبقى هناك من معنى لقول عليّ بن الحسين إنّه أخذ الحديث عن محمّد بن يحيى العطّار في قم.

ومن ناحية أخرى فإنّنا لم نعثر على دليل يثبت حضور النعماني في


مدينة قم.

وعليه تكون نتيجة البحث أنّ شيخ النعماني هو عليّ بن الحسين المسعودي ـ وليس عليّ بن بابويه ـ الذي أخذ الحديث عن محمّد بن يحيى العطّار في قم ، وأمّا موضع رواية النعماني عن المسعودي فغير معلوم ، والذي يغلب على الظنّ أنّه غير المسعودي مؤلّف مروج الذهب ، وعليه يحتمل أن يكون هو مؤلّف كتاب إثبات الوصية.

تلامذة النعماني :

١ ـ أبو الحسين(١) محمّد بن عليّ الشجاعي الكاتب والراوي والناسخ لكتاب غيبة النعماني ، وقد قرأ هذا الكتاب على المصنّف. ولذلك كان الآخرون(٢) يقرأون هذا الكتاب عليه ، وقد شهد النجاشي هذا الأمر في المشهد العتيق ، وقد أوصى نجله أبا عبد الله الحسين بن محمّد الشجاعي بأن يتمّ الاحتفاظ بهذا الكتاب وسائر كتبه الأخرى عند النجاشي ، وقد كانت النسخة المقروءة من غيبة النعماني موجودة عند النجاشي(٣).

نستفيد من هذه العبارة أنّ النجاشي كان على علاقة وثيقة بنجل هذا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مثل أحمد بن عبدون ، المعروف بـ : (ابن الحاشر) (غيبة الطوسي ، الموضع نفسه) ، أبو الفرج محمّد بن عليّ القنائي (غيبة النعماني ، ص ١٨).

(٢) رجال النجاشي ، ص ١٠٤٣/٣٨٣.

(٣) راجع : مجلّة نور علم ، السنة الأولى ، العدد : ١١ و ١٢ ، مقال (أبو العبّاس النجاشي وعصره).


الراوي ، علماً بأنّ النجاشي كان قد ولد عام (٣٧٢ للهجرة)(١) ، وعليه فإنّ طبيعة الأمور تقتضي أنّه التقى بمحمّد بن عليّ الشجاعي عندما كان صغيراً ، حيث لم يسمح له صغر سنّه بالاشتراك في مجالس الدرس والحديث(٢) ، وبناءً على ذلك يمكن اعتبار الشجاعي الأب كان حيّاً في حوالي عام (٣٨٠ للهجرة) كحدّ أدنى ، وأنّ وفاته كانت في هذه الفترة أو بعدها بقليل.

وقد جاء في بداية غيبة النعماني أنّ هذا الكتاب نقل برواية أبي الحسين محمّد بن عليّ البجلي الكاتب ، ثمّ جاء فيه : أنّ أبا عبد الله محمّد بن إبراهيم النعماني قد رواه له في حلب(٣).

ويبدو أنّ هذا الراوي هو نفسه راوية النعماني المعروف ، ويبدو أنّ (البجلي) هنا مصحّف عن (الشجاعي).

وقد جاء في مقدّمة غيبة النعماني قوله : «لم أعثر للنعماني على راوية آخر غير أبي الحسين محمّد بن عليّ الشجاعي الكاتب»(٤) ، ولكن كاتب هذه السطور بعد البحث الواسع في مختلف الكتب الرجالية والحديثية عثر على رواة آخرين للنعماني :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وقد ورد ما يشبه هذا الأمر في ترجمة هارون بن موسى التلعكبري (م : ٣٨٥) في رجال النجاشي ، ص ١١٨٤/٤٣٩. وانظر أيضاً : ص ١٠٢٨/٣٧٧.

(٢) غيبة النعماني ، ص ١٨ ، جدير ذكره أنّ هذا النصّ لم يرد في النسخة الرضوية.

(٣) غيبة النعماني (المقدّمة) ، ص ١٥.

(٤) فيما يتعلّق بدعاء السرّ ، انظر : مصباح المجتهد ، ص ٩٥ ، ٢٣٥ ، ٢٤٤ ، وكذلك : البلد الأمين ، ص ٢٨ و٦٤.


٢ ـ أبو غالب أحمد بن محمّد الزراري :

لقد ذكر في رسالته الشهيرة ـ رسالة أبي غالب الزراري ـ مقاطع كتبها بخطّ يده ، وكانت تشتمل على دعاء السرّ(١) ، ويضيف أبو غالب قائلاً : «حدّثني بها أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم النعماني عن الرجال المذكورين في الكتاب»(٢).

ويُفهم من هذه العبارة أنّ هذه المقاطع هي أجزاء كتاب ـ يبدو أنّه في موضوع الدعاء ـ من تأليف النعماني.

٣ ـ عليّ بن محمّد بن يوسف الحرّاني :

روى دعـاء (الاعتقاد) نقلاً عن النعمانـي بأسناده عن الإمـام الكاظم عليه‌السلام(٣).

وقد روى السيّد ابن طاووس روايات عن هذا الراوي في عدّة مواضع ـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) رسالة أبي غالب الزراري ، ص ٩٦/١٧٩ ؛ وطبقات أعلام الشيعة ، القرن الخامس = نابس ، ص ٢٣٠.

(٢) مجمع الدعوات ، ص ٢٣٣ ، ونقلاً عنه في بحار الأنوار ، ج ٩٤ ، ص ١١/١٨٢ ، ونقلاً عن كتاب العتيق الغروي (= مجموع أدعية أبي الحسين محمّد بن هارون التلعكبري ، انظر : الذريعة إلى تصانيف الشيعة ، ج ٢٠ ، ص ٥٤). وقد ورد اسم النعماني في بحار الأنوار على النحو الآتي : محمّد بن عبد الله بن إبراهيم النعماني. وفي طبعة مجمع الدعوات أضيفت كنية أبي عبد الله إلى بدايته ، ويبدو أنّه تصحيف عن (بن عبد الله) ، وإنّ الجمع بينهما من الجمع بين النسخة الصحيحة والنسخة المحرّفة ، وقد وقع ذلك في النسخ المخطوطة كثيراً. وعلى كلّ حال فإنّ عبارة (بن عبد الله) زائدة.

(٣) فلاح السائل ، ص ٤٩ ، ٢٤٥ ، ٢٨٨.


دون لقب الحرّاني ـ(١) ، ويحتمل أنّه هو (ابن خالويه) المترجم له في رجال النجاشي(٢).

٤ ـ عليّ بن الحسن بن صالح بن وضّاح النعماني :

وقد نقل العلاّمة المجلسي عن مجموع (الدعوات) لمحمّد بن هارون التلعكبري بأنّ (أبا الفتح) غازي بن محمّد الطرائقي قد روى عن هذا الراوي ـ بحسب الظاهر في دمشق وفي نهاية شعبان عام ٣٩٩ للهجرة ـ عن خطّ النعماني أدعية أيّام الأسبوع.

وربّما كان هذا الراوي والراوي السابق قد نقلا هذه الروايات عن كتاب دعاء النعماني الذي استنسخه أبو غالب الزراري بخطّ يده.

٥ ـ أبو المرجّا محمّد بن عليّ بن طالب البلدي(٣) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) رجال النجاشي ، ص ٦٦٩/٢٦٨ ؛ وأيضاً : ص ٩٥١/٣٥٥.

(٢) بحار الأنوار ، ج ٩٠ ، ص ١٤٣ ؛ وأيضاً في ج ٨٦ ، ص ٢٠٢ ، ج ٩٤ ، ص ١٩٠ حيث نقلت روايات عن النعماني من كتاب العتيق الغروي.

(٣) جاءت روايته عن النعماني في كنز الفوائد ، ج ١ ، ص ٣٥٢ ، ونقلاً عنه في المستدرك ، ج ١٢ ، ص ١٣٩٢٤/٢١٧ ، وفي هذين الكتابين تحوّل طالب إلى أبي طالب ، وهو خطأ. انظر : كنز الفوائد ، ج ١ ، ص ٨٧ ، ٣٢٨ ، ج ٢ ، ص ٦٧ ؛ بحار الأنوار ، ج ٢ ، ص ١٧/٢٦٠ ، ج ٧٤ ، ص ٧/٢٨٠ ؛ نابس ، ص ٢٣٠. وفي وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ٣٣٥١٥/١٦٩ ، حيث ورد اسم الراوي مورد البحث بشكل صحيح ، ويبدو أنّ اشتهار اسم الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ عليّ بن أبي طالب ـ قد أدّى إلى حدوث هذا الخطأ المتقدّم ؛ (يبدو أنّ هذا الهامش يعود لأبي المرجّا محمّد بن عليّ بن طالب البلدي ، الآتي! فليراجع) المعرّب.


أخذ الكراجكي الحديث عنه في القاهرة ، وقد عبّر عن النعماني بقوله : «أستاذي أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم بن جعفر النعماني رحمه‌الله»(١).

٦ ـ الشريف أبو عبد الله محمّد بن عبيد الله بن الحسين بن طاهر بن يحيى الحسيني :

لم نعثر على اسمه في كتب الأنساب والتراجم ، ولكن بالالتفات إلى وجود اسم أبيه وجدّه في كتب الأنساب ، يكون نسبه على النحو الآتي : (أبو عبد الله محمّد بن أبي القاسم عبيد الله بن أبي عبد الله الحسين بن أبي الحسين طاهر بن يحيى ، النسّابة المعروف بالعبيدلي بن الحسن بن جعفر الحجّة بن عبيد الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن الإمام زين العابدين).

وفي كتاب الفخري يذكر بشأن أبيه أبي القاسم عبيد الله : «كان في الحجاز وأعقابه في مصر»(٢).

وقال علماء الأنساب بشأن جدّه أبي عبد الله الحسين : «أعقابه في الرملة وفي مصر»(٣) ، وقد كانت مصر قريبة من الشام وحلب ـ التي اتّخذها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كنز الفوائد ، ج ١ ، ص ٣٥٢.

(٢) الفخري ، ص ٦١ ؛ وقد جاء اسمه أيضاً في الشجرة المباركة ، ص ١٥١.

(٣) تهذيب الأنساب ، ص ٢٣٣ ؛ الشجرة المباركة ، ص ١٤٩ ؛ المنتقلة الطالبية ، ص ١٤٦ و ٣٠٠ ، كما ورد اسمه في الفخري ، ص ٥٨ و٦١ ؛ عمدة الطالب ، ص ٣٢٧ ؛ تحفة الأزهار ، ص ١٩٨ ؛ لباب الأنساب ، ص ٦١٦ ؛ أنساب الشريف أبي الحسن الفتوني ، (ص ١٤٥ ، نسخة مخطوطة بخطّ وتنظيم الراحل آية الله الزنجاني ـ جدّ كاتب السطور) أيضاً.


أبو عبد الله النعماني سكناً له في أواخر حياته ومات فيها ـ وكانت تعدّ الرملة من مدن الشام آنذاك.

وقد ذكر صاحب لباب الأنساب أنّ عمّ أبيه ـ عبيد الله بن طاهر بن يحيى ـ قد توفّي في عام (٣٢٩ للهجرة)(١) ، وهذا يتناسب مع كون حفيد أخيه ـ محمّد بن عبيد الله بن الحسين بن طاهر ـ راوية عن أبي عبد الله النعماني.

وقد وجدنا روايته عن النعماني في تضاعيف جزء من أجزاء تاريخ دمشق لابن عساكر والذي خصّصه لترجمة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام. وسوف نجعل مسك الختام في هذا القسم من هذا المقال هذه الرواية الشريفة :

«أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبّال ، ثنا الشريف أبو عبد الله محمّد بن عبيد الله بن الحسين بن طاهر بن يحيى الحسيني ، ثنا أبو عبد الله الكاتب النعماني ، ثنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، ثنا عليّ بن الحسن التيمي ، ثنا جعفر بن محمّد بن حكيم وجعفر بن أبي الصبّاح ، قالا : ثنا إبراهيم بن عبد الحميد عن رقبة بن مصقلة العبدي(٢) ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : أتى رجلان عمر بن الخطّاب في ولايته يسألانه عن طلاق الأمة ، فقام معتمداً بشيء بينهما حتّى أتى حلقة في المسجد ، وفيها رجل أصلع ، فوقف عليه ، فقال : يا أصلع ما قولك في طلاق الأمة؟ فرفع رأسه إليه ثمّ أومأ إليه بإصبعيه ، فقال عمر للرجلين : تطليقتان ؛ فقال أحدهما :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) لباب الأنساب ، ص ٦١٦.

(٢) أشار ابن عساكر بعد ذكر الحديث إلى أنّ اسم عبد الله بن الحويعة بن صبرة العبدريـ الذي ورد في بعض الأسانيد محرّفاً على صيغة عبد الله بن ضبيعة العبدي ـ قد سقط من هذا الجزء من سلسلة الأسناد.


سبحان الله ، جئنا لنسألك وأنت أمير المؤمنين ، فمشيت معنا حتّى وقفت على هذا الرجل [فسألته] فرضيت منه بأن أومأ إليك! فقال : أوَتدريان من هذا؟ قالا : لا. قال : هذا عليّ بن أبي طالب ، أشهد على رسول الله (صلى الله عليه وآله)سمعته وهو يقول : لو أنّ السماوات السبع وضعن في كفّة ميزان ، ووضع إيمان عليّ في كفّة ميزان ، لرجح بها إيمان عليّ»(١).

استطراد على سنة تناثر النجوم :

ورد في رجال النجاشي تأريخ وفاة الشيخ الكليني وكذلك الشيخ عليّ ابن الحسين بن بابويه في عام (٣٢٩ للهجرة) ، وسُمّيت هذه السنة بـ : (سنة تناثر النجوم)(٢). وهناك من كبار العلماء من عزا سبب هذه التسمية إلى وفاة الكثير من العلماء الكبار فيها من أمثال : (الشيخ الكليني ، وابن بابويه القمّي ، وعليّ بن محمّد السمري)(٣) ، بيد أنّ هذه التسمية ـ كما قال المحقّق التستري(٤) ـ تشير إلى ظاهرة طبيعية حدثت في عام (٣٢٣ للهجرة) ليلة هجوم القرامطة على الحجيج فكانت الشهب قد ظهرت بكثرة في السماء في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ مدينة دمشق ، ج ٤٢ ، ص ٣٤٠ ـ ٣٤١.

(٢) قاموس الرجال ، ج ٧ ، ص ٤٣٧.

(٣) ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ج ٨ ، ص ٣١١ ؛ التنبيه والأشراف ، ص ٣٣٨ [تاريخ تأليفه عام ٣٤٥] ؛ مروج الذهب ، ج ٥ ، ص ٢١ ، ٢٩١٥ ، ضمن تاريخ خلافة المتوكّل [بداية التأليف في عام (٣٣٢ للهجرة) ، وتاريخ الفراغ من تأليفه عام (٣٣٦هـ)].

(٤) رجال الشيخ الطوسي ، ص ٦١٩١/٤٣٢ = ٣٤.


تلك الليلة بطولها(١) ، وكانت هذه الظاهرة من الغرابة حتّى اقترنت تسمية تلك السنة بها.

وقد حدثت هذه الظاهرة في (عام ٣٢٣ للهجرة) ، وليس في (عام ٣٢٩ للهجرة) كما ذكر النجاشي ، فما هو السبب الذي أوقع النجاشي في هذا الخطأ؟

وللإجابة عن هذا السؤال لا بدّ من تسليط الضوء على السنة التي جاء فيها عليّ بن بابويه إلى بغداد.

جاء في رجال الشيخ الطوسي في ترجمة عليّ بن بابويه : «روى عنه التلعكبري ، قال : سمعت منه [الحديث] في السنة التي تهافتت فيها الكواكب ، دخل بغداد فيها»(٢).

وفي غيبة الطوسي نقل عن نجل عليّ بن بابويه (أبي عبد الله الحسين ابن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه) أنّه قال : «حدّثني جماعة من أهل بلدنا المقيمين كانوا ببغداد في السنة التي خرجت القرامطة على الحاجّ ـ وهي سنة تناثر الكواكب ـ أنّ والدي رضی‌الله‌عنه كتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضی‌الله‌عنه يستأذن في الخروج إلى الحجّ .. فخرج في الجواب : لا تخرج في هذه السنة. فأعاد فقال : هو نذر واجب ، أفيجوز لي القعود عنه؟ فخرج الجواب : إن كان لا بدّ فكن في القافلة الأخيرة ، فكان في القافلة الأخيرة ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) غيبة الطوسي ، ص ٢٧٠/٣٢٢.

(٢) رجال الشيخ الطوسي ، ص ٦١٩١/٤٣٢ = ٣٤.


فسلم بنفسه وقُتل من تقدّمه في القوافل الأخر»(١).

إنّ هذه العبارة تثبت بوضوح أنّهم كانوا يتّخذون من هذه الظاهرة السماوية العجيبة وسيلة إلى تحديد سنة وقوع الأحداث ، وعليه لا يمكن القول إنّ هذه الظاهرة قد تكرّرت في سنتين متقاربتين ، أي سنة (٣٢٣ للهجرة) ، وسنة (٣٢٩ للهجرة) ، وعلاوة على ما في الكتب التأريخية القريبة من عصر هذه الظاهرة تمثّل رواية غيبة الطوسي ـ بالالتفات إلى وفاة الحسين ابن روح (عام ٣٢٦ للهجرة) ـ شاهداً آخر على أنّ ظاهرة تناثر النجوم لم تحدث في عام (٣٢٩ للهجرة).

يبدو أنّه قد وقع خلط في رجال النجاشي بين تاريخ وصول عليّ بن بابويه إلى بغداد (سنة ٣٢٣ للهجرة) وتاريخ وفاته (سنة ٣٢٩ للهجرة) ، وقد سرى هذا الخلط إلى ترجمة الكليني أيضاً. ومن المحتمل أن يكون سبب هذا الخلط سهوٌ آخر نراه في موضع آخر من رجال النجاشي.

ولكن قبل أن ننقل عبارة النجاشي يجدر بنا الإشارة إلى أنّ هناك روايتان في تاريخ وفاة عليّ بن بابويه : فهناك رواية تؤرّخ وفاته بـ : (٣٢٨ للهجرة) ، بينما تذهب الرواية الأخرى إلى أنّ وفاته كانت في عام (٣٢٩ للهجرة) ، وعليه يحتمل أن يكون الخلط بين هاتين الروايتين ـ مضافاً إلى الخطأ الذي نشير إليه لاحقاً ـ قد أدّى إلى اعتبار (سنة ٣٢٩) هي (سنة تناثر النجوم).

فعبارة النجاشي التي أشرنا إليها والتي جاءت في رجاله (٢٦٢/٦٨٤)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) غيبة الطوسي ، ص ٢٧٠/٣٢٢.


نقلاً عن (الكلوذاني) فقد قال فيها : «أخذت إجازة عليّ بن الحسين بن بابويه لمّا قدم بغداد سنة ثمان وعشرين وثلاثمئة بجميع كتبه».

ربّما نستفيد من لحن الكلام في هذه الرواية أنّ ابن بابويه لم يأتِ إلى بغداد إلاّ مرّة واحدة. وعليه يبدو أنّ كلمة (ثلاث) في هذه العبارة قد تمّ تصحيفها إلى (ثمان) ، وعليه تكون سنة (٣٢٣ للهجرة) هي سنة تناثر النجوم وليست سنة (٣٢٩ للهجرة) ، وأنّ عليّ بن بابويه إنّما دخل بغداد في هذه السنة ، وليس في سنة (٣٢٨ للهجرة) ، وربما أنّه عندما وصل إلى بغداد لم يكن النعماني قد جاء إليها بعد ، ولذلك لم يرو عنه.


مسائل محمّد بن مسلم

كتابٌ من تصنيفه أو ممّا جمعه الآخرون من مرويّاته؟

(مرويّاته في الكافي أنموذجاً)(١)

السيّد محمّد العمادي الحائري

بسم الله الرحمن الرحيم

تنويه :

محمّد بن مسلم الثقفي (ت ١٥٠هـ) فقيهٌ معروف وهو واحدٌ من أبرز

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) إنّ هذه المقالة هي في الأصل باللغة الفارسية وكانت تحت عنوان (مسائل محمّد بن مسلم در كافي كليني) ، وقد طبعت لأوّل مرّة ضمن مجموعة المقالات الفارسية للمؤتمر الدولي لثقة الإسلام الكليني (قم ، دار الحديث ، ١٣٨٧ش ؛ ج٣ ، ص ٤٧ ـ ٧٦) وللمرّة الثانية في (بازسازي متون كهن حديث شيعة : روش ، تحليل ، نمونه ، من تأليف وإعداد السيّد محمّد العمادي الحائري ، طهران ، مكتبة متحف ومركز أسناد مجلس الشورى الإسلامي ـ دار الحديث ١٣٨٨ش ؛ ص ٣١٥ ـ ٣٤١) ، وقد قامت هيئة التحرير في مجلّة تراثنا بترجمتها إلى العربية مع إضافات تمّت عليها من قبل المؤلّف إتماماً للفائدة ، وقد تمّت الترجمة ابتناءً على متن النسخة المطبوعة في (بازسازي متون كهن حديث شيعة) وقد طبعت هنا تحت هذا العنوان الذي اختاره المؤلّف بعد التغييرات التي أجراها عليها.


الرواة الثقاة الشيعة.

فمن الروايات المنقولة عنه والمثبتة في مصادر الحديث الشيعي هي أسئلته الفقهية من الإمام محمّد الباقر عليه‌السلام والإمام جعفر الصادق عليه‌السلام وأجوبتهم عليهم‌السلام عليها ، وهي التي جاء ذكرها في هذه المقالة تحت عنوان (روايات مسائل محمّد بن مسلم) وذلك خلافاً للشيخ الطوسي الذي لم ينسب إليه أيّ كتاب ولم يذكره في زمرة مصنّفي الشيعة ، هذا وقد ذكر النجاشي كتاباً تحت عنوان الأربعمائة مسألة في أبواب الحلال والحرام) نسبة إلى محمّد بن مسلم ، حيث يبدو من عنوانه أنّه يماثل روايات (المسائل) موضوعاً.

بعد دراسة وتحليل لمجموعة روايات (مسائل محمّد بن مسلم) التي رواها الكليني في الكافي جاءت هذه المقالة لتثير تساؤلا وهو : هل أنّ الكليني كان بحوزته كتابٌ لمحمّد بن مسلم أم أنّه أخذ رواياته (المسائل) من مصادر أخرى كانت واسطة في النقل؟ وبعد الإجابة على هذه الأسئلة فإنّ راقم هذه السطور يأتي بفرضية وهي أنّ محمّد بن مسلم لم يكن له مصنّف كتبه بقلمه أبداً ، ولكن نُسبت إليه في تلك الحقبة مصنّفات هي في حقيقة الأمر ما جمعه الآخرون من مرويّاته.

الكتاب المنسوب إلى محمّد بن مسلم :

محمّد بن مسلم الثقفي (ت : ١٥٠هـ) هو من تلامذة الإمامين محمّد


الباقر وجعفر الصادق عليهما‌السلام المبرَّزين ، فقيه معروف وراوية عَلَمٌ(١) ، وبالرغم من أنّ الروايات المنقولة عنه جمّةٌ(٢) إلاّ إنّه نُسب إليه كتاب واحد فقط تحت عنوان الأربعمائة مسألة في أبواب الحلال والحرام(٣).

وأنّ الذي أثار انتباهي إلى هذا الكتاب ـ وهو الكتاب الوحيد المنسوب إلى محمّد بن مسلم ـ هو أنّني عندما كنت منشغلا بتأليف مقالة حول المصادر المدوّنة لكتاب الإيضاح(٤) للقاضي النعمان المغربي (٣٦٣هـ) ـ وهو كتاب فقهيٌّ روائيٌّ للقاضي النعمان والذي لم يصل إلينا منه إلاّ النزر القليل ـ وفي أثناء ذلك تكرّر عنوان كتاب المسائل الذي ذكره القاضي النعمان سبع مرّات وكان قد نقل عنه روايات بالسند التالي : كتاب المسائل برواية الحسين بن علي بن الحسن > إبراهيم بن سليمان > إسماعيل > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم ؛ حيث إنّ هذه الروايات السبع بأسرها كانت تشكّل المسائل الفقهية لمحمّد بن مسلم من الإمام محمّد الباقر عليه‌السلام وجواب الإمام عليه‌السلام على

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أنظر : ميراث مكتوب شيعة از سه قرن نخست هجري ، ص ٤٠٩ ـ ٤١٠.

(٢) لقد سعى بعض المعاصرين أن يجمع جميع رواياته ، وإن كان ما تبقى منها في المجاميع الحديثية ما هو إلاّ القليل من رواياته وذلك اعتماداً على ما نقله الكشّي من أنّه سمع من الإمام الباقر عليه‌السلام ثلاثين ألف حديث ، ومن الإمام الصادق عليه‌السلام ستّة عشر ألف حديث (أنظر : نفس المصدر).

(٣) فهرست أسماء مصنّفي الشيعة ، ص ٣٢٤.

(٤) لقد نشرت هذه المقالة تحت عنوان : (درنگي در منابع مكتوب الإيضاح) ، أنظر : بازسازي متون كهن حديث شيعه ، ص ٤٣١ ـ ٤٤٦.


تلك المسائل(١).

ومن خلال التنقيب في الفهارس ـ وبالتعيين فهرسي النجاشي والطوسي ـ تبيّن لنا أنّه لم يكن لأحد من رواة هذا الكتاب وهذه الروايات ـ بالسند المذكور آنفاً ـ كتابٌ تحت عنوان المسائل سوى محمّد بن مسلم الذي نسب إليه النجاشي كتاباً تحت عنوان الأربعمائة مسألة.

وإنّ ما يقوّي الظنّ في كون كتاب المسائل هو نفس الأربعمائة مسألة هو التشابه بينهما في الموضوع ـ الحلال والحرام ـ والتشابه في العنوان ـ مسائل / مسألة ـ في الكتابين هذا أوّلا ، وثانياً هو أنّ النجاشي عندما ذكر طريقه إلى الأربعمائة مسألة ذكر العلاء بن رزين كأوّل راو لكتاب محمّد بن مسلم ، وهذا موافق للسند الذي أتى به القاضي النعمان لكتاب المسائل(٢).

طريقنا للعثور على كتاب المسائل : الخطوة الأولى من الكافي للكليني :

نظراً لمكانة محمّد بن مسلم وشخصيّته ـ القليلة النظير ، وما امتازت به روايات (مسائله) من خصوصيّات فقد عزمت على جمع روايات كتابه المسائل ولملمته وصياغته من خلال استقراء النصوص(٣) الواردة في متون

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أنظر : درنگي در منابع مكتوب الإيضاح ، ص٤٣٨ ـ ٤٣٩.

(٢) أنظر : نفس المصدر.

(٣) وبعد جمع الكتاب لابدّ لنا من تقييم مدى استناد فتاوى فقهاء الشيعة على رواياته ليمكننا معرفة مدى اعتمادهم قديماً عليها.


المصادر الحديثية ، والذي جعلني أرغب في إنجاز هذا العمل هو وجود الكتاب في حوزة القاضي النعمان (في القرن الرابع الهجري) ووجوده في حوزة النجاشي (في القرن الخامس الهجري) ، بناءً على هذا فإنّ سائر مصنّفي الشيعة ومحدّثيهم أيضاً في تلك الحقبة لابدّ وإن كان لهم من رواياته في كتبهم الروائية والفقهية.

ومن أجل جمع روايات هذا الكتاب بدأت البحث(١) عن الروايات التي عبّر فيها محمّد بن مسلم بكلمة (سألت) والتي امتازت بها روايات المسائل في أدبيات الحديث الشيعي(٢) ـ والتي بادر فيها بطرح أسئلته على الإمام محمّد الباقر عليه‌السلام أو الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام وقد أجاب عنها آنذاك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وقد استعنت في ذلك على البرامج الكمبيوترية من إعداد مركز تحقيقات العلوم الإسلامية.

(٢) للاطّلاع على متون المسائل في أدبيّات الحديث الشيعي القديم. (أنظر : كتاب مسائل در نگارش هاى حديثي ص٣٢ ـ ٤٧).

علماً أنّ تأليف ما يسمّى بكتب المسائل عند أهل السنّة أيضاً له تأريخه ، وإنّ أقدم نموذج نعرفه عند أهل السنّة في هذا المجال هو كتاب مسائل الإمام أحمد تأليف أبو داود سليمان بن أشعث السجستاني (ت ٢٧٥هـ) الذي جمع فيه أسئلته عن أحمد بن حنبل (ت ٢٤١هـ) والتي أكثرها من المسائل الفقهية (ما عدا الأبواب الأخيرة للكتاب التي هي من المسائل الكلامية) ، وقد أشار رشيد رضا في مقدّمته ص : ٤ إلى هذا الأثر على أنّه كتب (بلسان المشافهة) لا (بلسان التصنيف) وإنّ هذا الأمر يجعل درك القارىء للسان المشافهة في بغداد أيّام أحمد بن حنبل أمراً ضروريّاً في فهم الكتاب ، وإنّ الأمر المهمّ الذي أشار إليه رشيد رضا هو الجانب الشفهي والأسئلة والأجوبة على الخصوص.


الإمامان عليهما‌السلام(١).

وقد افتتحت عملي هذا بكتاب الكافي لأنّ الكليني (ت ٣٢٩هـ) كان معاصراً للقاضي النعمان (وذلك قبله بقليل) وإنّ كتابه هذا يُعدّ أهمّ موسوعة للحديث الشيعي(٢) ، علماً أنّ هذا البحث لم يقتصر على كتاب الكافي فحسب ، ولكن هذه المقالة اعتمدت بشكل خاصّ على معطيات كتاب الكافي.

مسائل محمّد بن مسلم في الكافي :

لقد تبيّن من خلال بحثنا أنّه توجد في الكافي (٩٣) رواية جاء فيها أنّ محمّد بن مسلم بادر بالأسئلة من الإمامين الباقر والصادق عليهما‌السلام وقد تلقّى منهم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) توجد أيضاً مجموعة أخرى من الروايات في الكافي وفي سائر المصادر الحديثية القديمة جاء فيها أنّ محمّد بن مسلم يعبّر عن كلامه مع الإمام بـ : (قلت) وينقل لنا كلام الإمام بقوله قال ؛ (أنظر نموذجاً من ذلك في الكافي ج١ ، ص٥١ ، ٦٤ ، ج٣ ، ص ٢٨٩ ، ٣١٣) ، بغضّ النظر عن الاختلاف الموجود بين معنى (قلت) و (سألت) فإنّ التأمّل في الروايات التي جاءت بتعبير (قلت) تبيّن أنّ مضمونها ليس هو السؤال والجواب ـ في معناه الأخصّ ـ وإن كانت هناك بعض الروايات يمكن أن تكون ذات منشأ واحد ، ولكن جاء في أحدها (قلت) بمعنى (سألت) أو بالعكس من ذلك أنظر : (الكافي ج٣ ، ص٣٩١ ـ ٣٩٢ ، وتهذيب الأحكام ج٢ ، ص٢٢٦ ، ٣٧٠).

(٢) أنظر : الجوامع الحديثية الشيعية وبحار الأنوار ص٢٢٢ ـ ٢٢٧. لتطّلع إجمالا على الكافي وخصوصيّاته.


الأجوبة عليها وذلك بالتعبير التالي : «سألت أبا جعفر»(١) أي الإمام الباقر عليه‌السلام ، و : «سألت أبا عبدالله»(٢) أي الإمام الصادق عليه‌السلام ، أو من أحدهما بتعبير «سألت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) اشتمل على ٤٨ رواية ، بالترتيب التالي : [٢] ج١ ، ١٢٤ ؛ [٥] ج٢ ، ص ٤٧٩ ؛ [٦] ج٢ ، ص ٤٨١ ؛ [٧] ج٢ ، ص ٥٥٣ ؛ [٩] ج٣ ، ص ٤٠ ؛ [١٢] ج٣ ، ص٦٨ ؛ [١٨] ج٣ ، ص٣٣٩ ؛ [١٩] ج٣ ،ص٣٤٥ ؛ [٢١] ج٣ ، ص٣٦٥ ؛ [٢٧] ج٣ ، ص٤١١ ؛ [٣٠] ج٣ ، ص٤٥٠ ؛ [٣٢] ج٣ ، ص٥٠٤ ؛ [٣٧] ج٤ ، ص١٣٢ ؛ [٣٨] ج٤ ، ص٢٠٩ ؛ [٤١] ج٤ ، ص٤٢٣ ؛ [٤٢] ج٤ ، ص٤٨٢ ؛ [٤٤] ج٥ ، ص٢٢٥ ؛ [٤٦] ج٥ ، ص٣٥٣ ؛ [٤٧] ج٥ ، ص٣٥٧ ؛ [٤٨] ج٥ ، ص٣٦٥ ؛ [٥٠] ج٥ ، ص٤١٠ ؛ [٥٤] ج٥ ، ص٤٨١ ؛ [٥٨] ج٦ ، ص١٣٥ ؛ [٥٩] ج٦ ، ص١٣٦ ؛ [٦١] ج٦ ، ص١٦١ ؛ [٦٢] ج٦ ، ص١٦٢ ؛ [٦٣] ج٦ ، ص١٧٤ ؛ [٦٤] ج٦ ، ص١٨٥ ؛ [٦٥] ج٦ ، ص٢٢٧ ؛ [٦٦] ج٦ ، ص٢٣٠ ؛ [٦٧]ج٦ ، ص٢٣٣ ؛ [٦٨] ج٦ ، ص٢٣٣ ؛ [٧٢] ج٦ ، ص٢٦٤ ؛ [٧٣] ج٦ ، ص٤٥٨ ؛ [٧٥] ج٦ ، ص٥٠٢ ؛ [٨٠] ج٧ ، ص١٥٠ ؛ [٨١] ج٧ ، ص١٥٣ ؛ [٨٣] ج٧ ، ص٢١٢ ؛ [٨٤] ج٧ ، ص٢٣٣ ؛ [٨٥] ج٧ ، ص٢٤٣ ؛ [٨٦] ج٧ ، ص٢٥٦ ؛ [٨٧] ج٧ ، ص٢٧٢ ؛ [٨٨] ج٧ ، ص٣٠٨ ؛ [٨٩] ج٧ ، ص٣٤٥ ؛[٩٠] ج٧ ، ص٣٨٢ ؛ [٩١] ج٧ ، ص٤١٧ ؛ [٩٢] ج٧ ، ص٤٤٦ ؛ [٩٣] ج٧ ، ص٤٥٨.

(٢) اشتمل على ٤١ رواية بالترتيب التالي : [١] ج١ ، ١٣٣ ؛ [٣] ج١ ، ص٢٢٠ ؛ [٤] ج١ ، ص٤٢٠ ؛ [٨] ج٣ ، ص٢ ؛ [١٠] ج٣ ، ص٥٧ ؛ [١١] ج٣ ، ص٦٠ ؛ [١٣] ج٣ ، ص٧٨ ؛ [١٤] ج٣ ، ص١٠٠ ؛ [١٥] ج٣ ، ص١٧٩ ؛ [١٦] ج٣ ، ص١٨٠ ؛ [٢٠] ج٣ ، ص٣٥١ ؛ [٢٢] ج٣ ، ص٣٦٧ ؛ [٢٣] ج٣ ، ص٣٧٨ ؛ [٢٤] ج٣ ، ص٣٨٧ ؛ [٢٦] ج٣ ، ص٤١٠ ؛ [٢٨] ج٣ ، ص٤١٩ ؛ [٢٩] ج٣ ، ص٤٣٤ ؛ [٣١] ج٣ ، ص٥٠٢ ؛ [٣٣] ج٣ ، ص٥١٤ ؛ [٣٤] ج٣ ، ص٥١٦ ؛ [٣٥] ج٣ ، ص٥٢٨ ؛ [٣٦] ج٣ ، ص٥٦٨ ؛ [٣٩] ج٤ ، ص٣٨٢ ؛ [٤٣] ج٤ ، ص٥١٦ ؛ [٤٥[ ج٥ ، ص٢٥٥ ؛ [٤٩] ج٥ ، ص٤٠٦ ؛ [٥١] ج٥ ، ص٤٣٣ ؛ [٥٢] ج٥ ، ص٤٥٦ ؛ [٥٣] ج٥ ، ص٤٥٧ ؛ [٥٥] ج٥ ، ص٥٠٤ ؛ [٥٦] ج٥ ، ص٥٦٧ ؛ [٥٧] ج٦ ، ص١٠٧ ؛ [٦٠] ج٦ ، ص١٤٢ ؛ [٦٩] ج٦ ، ص٢٣٣ ؛ [٧١] ج٦ ، ص٢٣٧ ؛ [٧٤] ج٦ ،ص٤٧٥ ؛ [٧٦] ج٦ ، ص٥٥٣ ؛ [٧٧] ج٧ ، ص١٠ ؛ [٧٨] ج٧ ، ص١٤ ؛ [٧٩] ج٧ ، ص١٢٠ ؛ [٨٢] ج٧ ، ص١٦٠.


أحدَهما»(١)(٢).

فمن مجموع (٩٣) رواية هناك سبع روايات ليست لها مدخلية في باب الأحكام الفقهية(٣) ، أمّا بقية الروايات وهي (٨٦) رواية فإنّها مرتبطة بسائر أبواب الفقه (من الطهارة والصلاة إلى الديات والشهادات) ؛ فمن هنا تتبيّن مصداقية عنوان «في أبواب الحلال والحرام» الذي ذكره النجاشي بعد ذكر اسم كتاب محمّد بن مسلم(٤).

رواة (المسائل) عن محمّد بن مسلم :

إنّ الروايات المذكورة آنفاً (٩٣) رواية قد ذكرها الرواة الآتي ذكرهم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) اشتمل على أربع روايات بالترتيب التالي : [١٧] ٣ / ١٩٥ ؛ [٢٥] ٣ / ٣٩١ ؛ [١٧] ٤ / ٤٢٠ ؛ [٧٠] ٦ / ٢٣٤. يبدو أنّ تعبير «عن أحدهما» من زيادات الرواة الذين جاؤوا فيما بعد وذلك عندما لم يتبيّن لهم مراد محمّد بن مسلم من قوله «سألته» ، هل هو الإمام محمّد الباقر عليه‌السلام أم الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام. (أنظر النوادر ، ص ٧٦ ، ١١٦ ، ١٣١ ، ١٣٦ ، حيث جاء في أسانيدها «عن أحدهما» ولكن في متنها «سألته» ).

(٢) من هنا وإلى نهاية المقالة إنّ الأرقام التي جاءت بين المعقوفتين للروايات التي ذكرتها في الهوامش الثلاثة السابقة سأرجعها إلى مصادرها ، كذلك أنظر ملحق هذه المقالة حيث ذكرت فيه سلسلة أسانيد هذه الروايات وهي (٩٣) رواية على ترتيب الأرقام.

(٣) إنّ الرواية السابعة فقط من بين الروايات السبع هي من نقل العلاء بن رزين ، وإنّ اهتمامنا بعدد الروايات غير الفقهية التي يرويها علاء بن رزين عن محمّد بن مسلم ـ من نوع المسائل ـ إنّما جاء نتيجة لما ذُكر من أنّه هو الراوي الأصلي للكتاب الذي جُمعت فيه المسائل الفقهية لمحمد بن مسلم. (أنظر : بقيّة المقالة).

(٤) علماً أنّ بعض هذه الروايات (مثل الرواية ٥٦) ليس لها صلة مباشرة بمسائل الحلال والحرام وإنّما هي في باب فلسفة الأحكام أو استنتاج الحكم الفقهي من القرآن.


فيما يلي :

١ ـ حريز بن عبدالله (٢٩ رواية)(١).

٢ ـ علاء بن رزين (٢٦ رواية)(٢).

٣ ـ أبو أيّوب الخزّاز (١٤ رواية)(٣).

٤ ـ عمر بن أُذينة (أربع روايات)(٤).

٥ ـ عبد الله بن بُكير (ثلاث روايات)(٥).

٦ ـ عاصم بن حُميد (ثلاث روايات)(٦).

٧ ـ عبد الله بن مسكان (روايتين)(٧).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) بالترتيب التالي : ٩ ، ١٠ ، ١١ ، ١٣ ، ١٤ ، لقد جاء في سند هذه الروايات (حريز عن زرارة عن محمّد بن مسلم) وإذا أخذنا بسند روايات أخرى (مثل : ٣٩ ، ٤١) لابدّ لنا أن نصحّحها إلى (حريز بن عبدالله عن محمّد بن مسلم) ، ١٥ ، ٢٠ ، ٢٢ ، ٢٣ ، ٢٤ ، ٢٦ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٩ ، ٤١ ، ٤٣ ، ٤٤ ، ٤٩ ، ٦٠ ، ٦٦ ، ٦٩ ، ٧١ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٩٣.

(٢) بالترتيب التالي :

٧ ،١٧ ،١٩ ،٢١ ،٢٥ ،٣٨ ،٤٠ ،٤٢ ،٤٦ ،٤٧ ،٥٠ ،٥١ ،٥٥ ،٦١ ،٦٣ ،٦٨ ،٧٢ ، ٧٣ ، ٧٤ ،٧٦ ،٨٠ ،٨١ ،٨٣ ،٨٤ ،٨٦ ،٩٠.

(٣) بالترتيب التالي : ٢ ،٣ ،٤ ،٥ ،٦ ،٨ ،١٢ ،٤٥ ،٤٨ ،٥٤ ،٥٩ ،٦٤ ،٨٨ ،٨٩.

(٤) بالترتيب التالي : ٥٧ ،٦٥ ،٦٧ ،٧٠.

(٥) بالترتيب التالي : ١٨ ،٢٧ ،٧٧.

(٦) بالترتيب التالي : ٣٧ ،٥٣ ،٩١.

(٧) بالترتيب التالي : ٣١ ،٣٢.


٨ ـ جميل بن درّاج (روايتين)(١).

٩ ـ رِبعي بن عبد الله (روايتين)(٢).

١٠ ـ عبد الحميد الطائي (رواية واحدة)(٣).

١١ ـ أبان [بن عثمان] (رواية واحدة)(٤).

١٢ ـ بُريد بن معاوية (رواية واحدة)(٥).

١٣ ـ [علي] بن رئاب (رواية واحدة)(٦).

١٤ ـ إبراهيم بن ميمون (رواية واحدة)(٧).

١٥ ـ مثنّى الحنّاط (رواية واحدة)(٨).

١٦ ـ قاسم بن بُريد (رواية واحدة)(٩).

١٧ ـ [موسى] ابن أبي حبيب (رواية واحدة)(١٠).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) بالترتيب التالي : ٥٨ ،٦٢.

(٢) بالترتب التالي : ٧٥ ،٨٧.

(٣) الرواية ١.

(٤) الرواية ١٦.

(٥) الرواية ٣٠ والتي صحّف في سند روايتها (بريد بن معاوية العجلي) إلى (بريد بن ضمرة الليثي) ، وقد جاء نفس هذا التصحيف في تهذيب الأحكام ٢ / ٢٦٨ (وقد تكرّر في المتن المطبوع : (يزيد) بدلا عن (بريد).

(٦) الرواية ٥٢.

(٧) الرواية ٥٦.

(٨) الرواية ٨٢.

(٩) الرواية ٩٢.

(١٠) الرواية ٨٥.


إنّ وجود هذا العدد الغفير من الرواة يدفع الاحتمال القائل : أنّ الكليني كانت بحوزته نسخة أو نسخٌ من كتاب المسائل لمحمّد بن مسلم قد نقلها بسند واحد ـ أو على أكثر التقادير بسندين أو ثلاثة أسانيد ـ وذلك أنّه على فرض وجود اختلاف بين نسخ الكتاب ـ الذي يمكن أن يكون اختلاف الطرق دليلا وأمارة عليه ـ إلاّ أنّه لا يعقل أن يكون الكليني قد استفاد من سبعة عشر كتاباً (على عدد الرواة من محمّد بن مسلم)(١) ؛ ولأجل ذلك فقد قمت بتغيير طريقتي في العمل ، فلم أعتمد في التنقيب والتفحّص عن المصدر الذي اعتمده الكليني في نقل روايات (مسائل) محمّد بن مسلم ، بل عمدت إلى دراسة الأسناد من نفس الكليني (أيّ أنّني ابتدأت من الراوي المتأخّر إلى الراوي المتقدّم)(٢).

مشايخ الكليني في روايات المسائل :

إنّ أكثر روايات (مسائل) محمّد بن مسلم قد رواها الكليني عن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وكلّ هؤلاء الرواة السبعة عشر (أي غير الرواة ١٠ و ١٤) كانوا أصحاب مدوّنات ربّما لأكثر من تأليف واحد وكانوا يعدّون من ضمن مؤلّفي الشيعة. للاطّلاع على هؤلاء الرواة الخمسة عشر وعلى مصنّفاتهم ، انظر الترتيب التالي من ميراث مكتوب شيعة از سه قرن نخستين هجري ، ص٣٠٠ ، ٣٠٤ ، ٢٢٩ ـ ٢٣٠ ، ٣٤٥ ، ٤٥٤ ، ١٨٤ ـ ١٨٥ ، ٢٦٢ ، ٢٦٣ ، ١٩٦ ـ ٢٠١ ، ٣٦٨ ، ٣٧٠ ، ٤٢٧ ، ٤٢٨ ، ١٧١ ، ١٧٣ ، ٢٦٥ ، ٢٦٦ ، ٢٣٩ ، ٢٤١ ، ٤٢٣ ، ٤٢٥ ، فهرست أسماء مصنّفي الشيعة ص٤٠٨.

(٢) إنّ تدقيق وتطبيق سلسلة الأسانيد إذا تمّ من الراوي المتأخّر إلى الراوي المتقدّم فسيكون أكثر دقّة وأكثر نفعاً ، فإنّ تعيين سقطات الأسانيد والتصحيفات والاطّلاع الصحيح على التلميذ والأستاذ (المجاز والمجيز) في هذه الطريقة تكون أقوم وأضبط.


شخصين :

ـ روى عن علي بن إبراهيم القمّي(١) (٤٣ رواية)(٢).

ـ وروى عن محمّد بن يحيى العطّار القمّي(٣) (٢٨ رواية)(٤).

وفي البين هناك رواية واحدة وهي رقم (٨٠) عند الكليني جاءت مشتركة بينهما وإنّ الكليني نقلها عنهما.

إضافة إلى ذلك فإنّ الكليني افتتح السلسة الروائية من روايات (المسائل) بهذا التعبير : «عدَّةٌ من أصحابنا عن أحمد بن محمّد بن عيسى»(٥) وبناءً على ما قاله هو فإنّ محمّد بن يحيى وعلي بن إبراهيم ذكرا أيضاً من زمرة هذه الـ (عدّة)(٦).

علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي(٧) : الراوي لكتاب أبيه.

لقد روى علي بن إبراهيم جميع هذه الروايات عن أبيه إبراهيم بن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) انظر : فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٢٦٠ ، الفهرست : ١٥٢ ـ ١٥٣.

(٢) بالترتيب التالي : ٥ ، ٩ ، ١٣ ، ١٤ ، ١٥ ، ١٩ ، ٢٠ ، ٢٣ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣١ ، ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٨ ، ٣٩ ، ٤١ ، ٤٣ ، ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٨ ، ٤٩ ، ٥٨ ، ٦٠ ، ٦٢ ، ٦٥ ، ٦٦ ، ٦٧ ، ٦٩ ، ٧٠ ، ٧١ ، ٧٥ ، ٧٦ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٨٠ ، ٨٣ ، ٨٥ ، ٨٦ ، ٨٧ ، ٩١ ، ٩٣.

(٣) انظر : فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٣٥٣.

(٤) بالترتيب التالي : ١ ، ٦ ، ١٢ ، ١٨ ، ٢٢ ، ٢٤ ، ٢٦ ، ٣٢ ، ٤٠ ، ٤٢ ، ٤٦ ، ٥٠ ، ٥١ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ٥٦ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ٦٨ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٧٤ ، ٧٧ ، ٨٠ ، ٨٤ ، ٨٩ ، ٩٠ ، ٩٢.

(٥) الرواية : ٨.

(٦) انظر : فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٣٧٨ ،

(٧) انظر فهرست أسماء مصنّفي الشيعة ، ص٦ ، الفهرست ، ص٣٥ ، ٣٦.


هاشم.

إذن يتبيّن لنا أنّ أباه ـ إبراهيم بن هاشم ـ كان أهمّ مصدر لعلي بن إبراهيم(١) في نقل روايات (المسائل) ، فإنّ إبراهيم بن هاشم هو الذي روى (٤٣) رواية وذلك من ستّة من الرواة على الأقل(٢) ؛ وإنّ رواية علي بن إبراهيم هذه تكشف لنا أنّه لم يكن راوياً لكتاب خاصّ ، بل أنّه إمّا كان راوياً لعدّة كتب كانت قد احتوت على روايات (مسائل) محمّد بن مسلم ، أو أنّه هو الذي كان قد جمع هذه الأحاديث بحيث أخذ هذه الروايات من الرواة أو من المؤلّفين وأدرجها في كتابه ، وأنّ أكثر هذه الروايات يرويها عن حمّاد بن عيسى(٣).

محمّد بن يحيى القمّي : الراوي لكتاب أحمد بن محمّد البرقي.

من مجموع (٢٨) رواية روى محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد [بن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) فمن أجل ذلك رأينا أنّ إبراهيم بن هاشم أفضل مصدر لابنه في نقل روايات (المسائل) ، وذلك لأنّ ابنه ليس هو فقط المصدر الوحيد ، إذ يبدو أنّ ابنه روى عدداً من روايات (المسائل) مع جماعة من الرواة عن أحمد بن محمّد بن عيسى. (أنظر هناك).

(٢) بالترتيب التالي : حمّاد بن عيسى (٩ ، ١٣ ، ١٤ ، ١٥ ، ٢٠ ، ٢٣ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٣٩ ، ٤١ ، ٤٣ ، ٤٤ ، ٤٩ ، ٦٠ ، ٦٦ ، ٦٩ ، ٧١ ، ٧٥ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٨٧ ، ٩٣) ، ابن أبي عمير (٥ ، ٣١ ، ٤٥ ، ٥٨ ، ٦٢) ، [وقد صحّف في سنده (ابن أبي عمير) إلى (ابن أبي نصر) ، قس : رواية ٥٨] ، ٦٥ ، ٦٧ ، و٧٠) ، الحسن بن محبوب (٧٦ ، ٨٠ ، ٨٣ ، ٨٦) ، الحسين بن سعيد (١٩) أحمد بن محمّد بن أبي نصر [البنزنطي ](٣٨ [وقد صحّف في سنده (عن) إلى (و)] ، ٥٣) محمّد بن جعفر (٨٥) ، بعض الأصحاب (٩١).

(٣) انظر لاحقاً.


خالد البرقي](١) (٢١) رواية ، وعن أحمد بن محمّد بن عيسى [الأشعري](٢)أربع روايات(٣) ، وعن أحمد بن محمّد بن حسين [بن أبي الخطّاب؟](٤) ثلاث روايات(٥) ، وهؤلاء الثلاثة جاؤوا في عداد مؤلّفي الشيعة.

هذا وإنّ البرقي كان قد نقل هذه الروايات ـ ٢١ رواية ـ من ستّة أشخاص(٦) ، حيث يتبيّن من هذا أنّه لم يكن راو لكتاب خاصّ ؛ بل إنّه إمّا أن يكون راو لعدّة كتب كانت قد حوت روايات (مسائل) محمّد بن مسلم ، أو أنّه هو كذلك كان جامعاً لهذه الروايات وكان قد أخذها من رواة أو مؤلّفين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) انظر : فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٧٦ ـ ٧٧ ؛ الفهرست : ٦٢ ـ ٦٤ ؛ البرقي أبو جعفر : ١٥٨ ـ ١٦٠ ؛ وفي شأن أبيه وبيته أنظر : البرقي أبو عبد الله : ١٦٠ ـ ١٦٢ ، ميراث فرهنگي شيعة در تاريخ محلّي وجغرافيا : ٣ ـ ٧.

(٢) انظر : فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٨١ ـ ٨٣ ؛ الفهرست : ٦٨ ـ ٦٩. وقد تمّ نشر كتاب بإسم النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسي وهو ليس له ، وإنّما في الأصل هو مجموعة من الأحاديث التي يبدو أنّ أكثرها كانت فصول متفرّقة في الكتب الثلاثين للحسين بن سعيد (لمزيد من الاطّلاع ، انظر : نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى أو كتاب الحيسن بن سعيد : ٢٣ ـ ٢٦ ، كذلك انظر : گفتگو با آيت الله سيد أحمد مددي ص٢٥٠ ـ ٢٥١. لم نعثر في هذا المتن المطبوع على أيّ رواية من الروايات الأربعة من (المسائل) التي جاءت في الكافي نقلا عن أحمد بن محمّد بن عيسى.

(٣) بالترتيب التالي : ١٨ ، ٣٢ ، ٨٠ ، ٨٩.

(٤) انظر : فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٣٣٤ ، الفهرست : ٢١٥.

(٥) بالترتيب التالي : ٤٠ ، ٨٤ ، ٩٠.

(٦) بالترتيب التالي : الحسن بن محبوب (٦ ، ١٢ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ٦٨ ، ٧٢ ، ٧٣) ، علي بن الحكم (٤٢ ، ٤٦ ، ٥٠ ، ٥١ ، ٥٦ ، ٧٤) ، حمّاد بن عيسى (٢٢ ، ٢٤ ، ٢٦) ، محمّد بن خالد البرقي ، أبوه (١) الحسن بن علي (٧٧) الحسين بن سعيد (٩٢) : كذلك انظر : (٧) الحسن بن محبوب.


آخرين وأدرجها في كتابه ؛ وإنّ الرواية رقم (٧٢) بنفس السند والموجودة في محاسن البرقي(١) لهي خير شاهد على هذا الادّعاء.

إنّ هذه الروايات ـ ٢١ رواية ـ هي غير الروايتين اللتين يرويهما الكليني بواسطة جمع من مشايخه عن البرقي(٢) ؛ حيث يبدو أنّ علي بن إبراهيم ومحمّد بن يحيى أيضاً كانا بين هذا الجمع من مشايخه (٣).

عِدّة من الأصحاب : رواة كتاب سهل بن زياد الرازي.

لابدّ لنا من ضمّ راو أو مؤلّف آخر إلى إبراهيم بن هاشم وأحمد بن محمّد ، وهو سهل بن زياد الرازي(٤) الذي أبعده أحمد بن محمّد بن عيسى من قم إلى الريّ بتهمة الغلوّ والكذب(٥) ، فإنّ الكليني يروي عنه بواسطة (عدّة) من مشايخه (٦) ثمان روايات من روايات (المسائل)(٧) ، وقد روى منها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المحاسن ٢ / ٤٥٤. كذلك لم نعثر على ثلاث روايات أخر من مسائل محمّد بن مسلم جاءت في المحاسن ١ / ٢٨٥ ، ٢ / ٤٥٤ ، ولم تكن موجودة في الكافي.

(٢) انظر : روايات ٢ و ٢٥.

(٣) انظر : خاتمة مستدرك الوسائل ٣ / ٥٩.

(٤) انظر : فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ١٨٥ ؛ الفهرست : ١٤٢.

(٥) فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ١٨٥.

(٦) ما عدا الرواية ٢٧ التي رواها الكليني عن طريق علي بن محمّد فقط ، وكان سهل بن زياد في طريق الشيخ الكليني في رواية كتاب النوادر (انظر : نفس المصدر).

(٧) بالترتيب التالي : ١٧ ، ٢٧ ، ٤٧ ، ٥٢ ، ٥٣ ، ٨٠ ، ٨٢ ، ٨٦. كذلك روى إبراهيم بن هاشم عن الحسن بن محبوب الروايات ٨٠ و٨٦ .


سهل ثلاث روايات عن أبي نصر البزنطي وعبد الرحمن بن أبي نجران(١) ، وبقيّة الروايات الأخر رواها عن الحسن بن محبوب.

حمّاد بن عيسى والحسن بن محبوب : راويان متقدّمان.

يبدو من سلسلة أسانيد روايات (المسائل) في كتاب الكافي أنّ هناك راويين أو مؤلّفين آخرين لروايات (المسائل) كانا قد تقدّما على عليّ بن إبراهيم القمّي وأحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري وهما :

١ ـ حمّاد بن عيسى(٢) :

لقد روى الكليني (٢٧) رواية من روايات (المسائل)(٣) عن طريق علي ابن إبراهيم ، وثلاث روايات منها(٤) عن طريق محمّد بن يحيى وذلك نقلا عن حماد بن عيسى ، كما أنّ الكليني حذف أوائل أسانيد بعض روايات (المسائل) وابتدأ بسلسلة السند من حمّاد بن عيسى(٥) ، وتارة ينقل عن حمّاد ابن عيسى بعدّة طرق(٦). كلّ ذلك يمكن أن يكون دليلا وشاهداً على أنّ هذه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ٢٧ (عن البزنطي) ، ٨٢ (عن عبد الرحمن) ، ٥٣ (عنهما).

(٢) انظر : فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ١٤٢ ـ ١٤٣ ؛ الفهرست : ١١٥ ـ ١١٦.

(٣) بالترتيب التالي : ٩ ، ١٣ ، ١٤ ، ١٥ ، ٢٠ ، ٢٣ ، ٢٨ ، ٢٩ ، ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٩ ، ٤١ ، ٤٣ ، ٤٤ ، ٤٩ ، ٥٠ ، ٦٠ ، ٦٦ ، ٦٩ ، ٧١ ، ٧٥ ، ٧٨ ، ٧٩ ، ٨٧ ، و٩٣.

(٤) بالترتيب التالي : ٢٢ ، ٢٤ ، ٢٦.

(٥) الروايات ١٠ و ١١.

(٦) بالترتيب التالي : ١٣ ، ٢٣ ، ٨٧.


الروايات لها أصلٌ في مصدر مدوّن من قبل حمّاد وأنّها مأخوذة من كتاب له.

إذا استثنينا الروايات الثلاثة(١) فإنّ سائر هذه الروايات يرويها حمّاد عن حريز بن عبد الله ، ويأتي هذا مطابقاً لمقولة النجاشي في شأن كتاب الزكاة لحمّاد حيث قال : «له كتاب الزكاة أكثره من حريز ويسير عن الرجال»(٢) ؛ وبناءً على ذلك فإنّ الروايات التي نقلها حمّاد عن حريز يمكن أيضاً عدّها في الأصل من كتاب حريز ، وخاصّة الروايات رقم (٢٢ ، ٢٤ ، ٢٦) وهي الروايات الوحيدة التي رواها أحمد بن محمّد بن عيسى عن حمّاد ورواها حمّاد عن حريز وذلك في باب مسائل الصلاة ، ومن المعلوم أنّ حمّاداً وحريزاً كلاهما كان لهما كتاب في هذا الشأن وأنّ أكثر روايات كتاب حمّاد كانت منقولة عن حريز(٣).

٢ ـ الحسن بن محبوب(٤) :

كذلك روى الكليني خمس روايات عن طريق علي بن إبراهيم وهي من روايات (المسائل)(٥) ، وتسع روايات أخرى من (المسائل)(٦) عن طريق

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) بالترتيب التالي : ٥٠ ، ٧٥ ، ٨٧. علماً أنّه جاء في سند الرواية ٧١ : «عن حمّاد عن الحلبي عن حريز» الذي لابدّ أن يصحّح إلى «عن حمّاد بن عيسى عن حريز».

(٢) فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ١٤٢.

(٣) انظر : درنگي در منابع مكتوب الإيضاح : ٤٤٢ ـ ٤٤٣.

(٤) انظر : الفهرست : ٩٦ ـ ٩٧.

(٥) بالترتيب التالي : ٣٨ ، ٧٦ ، ٨٠ ، ٨٣ ، ٨٦.

(٦) بالترتيب التالي : ١٢ ، ٥٤ ، ٥٥ ، ٦٤ ، ٦٨ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٨٠ ، ٨٩.


محمّد بن يحيى نقلا عن الحسن بن محبوب ، وفي البين نرى الرواية رقم (٨٠) رويت بكلا الطريقين نقلا عن الحسن بن محبوب كما حذف الكليني كذلك أوائل أسانيد بعض روايات (المسائل) وشرع بسلسلة السند من الحسن ابن محبوب(١) ، وينقل تارة عن الحسن بن محبوب بطريق آخر غير الطريقين المذكورين(٢) ، وإنّ جميع هذا يمكن أن يكون حاكياً عن أخذ هذه الروايات من كتاب أو كتب ابن محبوب ، وكما نعلم أنّه كان صاحب مصنّفات كثيرة(٣).

وقد روى ابن محبوب روايات (المسائل) بواسطة ثلاثة رواة عن محمّد ابن مسلم ، وهم : علاء بن رزين(٤) ، أبي أيّوب الخزّاز(٥) ، وابن رئاب(٦).

مصدر الكليني في روايات (المسائل) :

مع الأخذ بنظر الاعتبار ما ذكرناه سابقاً نستطيع أن نقول بالضرس القاطع ومن خلال مصادر الكليني في نقل روايات (مسائل) محمّد بن مسلم أنّ الكليني لم يكن في حوزته كتاب المسائل المنسوب لمحمّد بن مسلم ؛ إذن ما الذي جعل كتاب المسائل بحوزة القاضي النعمان (ت ٣٦٣هـ)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) بالتريب التالي : ٦١ ، ٦٣ ، ٨١ ، ٨٨.

(٢) بالترتيب التالي : ١٧ ، ٨٠ ، ٨٦.

(٣) أنظر : الفهرست : ٩٦.

(٤) بالترتيب التالي : ٧ ، ١٧ ، ٣٨ ، ٥٥ ، ٦٣ ، ٦٨ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٧٦ ، ٨٠ ، ٨١ ، ٨٣ ، ٨٦.

(٥) بالترتيب التالي : ١٢ ، ٥٤ ، ٦٤ ، ٨٨ ، ٨٩.

(٦) الرواية : ٥٢.


والنجاشي (ت٤٥٠) ولكنّه لم يكن في حوزة الكليني (ت ٣٢٩هـ)؟

كتاب المسائل ، والقاضي النعمان والنجاشي :

لابدّ لنا أن نأخذ سلسلة أسانيد النجاشي والقاضي النعمان لهذا الكتاب بنظر الاعتبار لكي نصل إلى تعيين هوية كتاب المسائل (أو الأربعمائة مسألة) وهوية مؤلّفه.

القاضي النعمان وسلسلة سند كتاب المسائل :

بناءً على ما نقله القاضي النعمان فإنّ سلسلة سند كتاب المسائل جاءت كالتالي :

الحسين بن علي بن الحسن(١) > إبراهيم بن سليمان > إسماعيل > العلاء ابن رزين > محمّد بن مسلم(٢).

فإنّ هذا السند على ما حقّقناه وتوصّلنا إليه فإنّه لم يتكرّر في المجاميع الحديثيّة الأخرى ؛ وإن كانت بعض الروايات التي نقلها القاضي النعمان بهذا السند قد جاءت في المجاميع الحديثية الأخرى بسند متباين مع هذا السند

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) لم يذكر القاضي النعمان سنده إلى الحسين بن علي بن الحسن المعروف بأبي عبد الله المصري (ت ٣١٢ ساكن مصر) ، ولكن نظراً لمعاصرته للقاضي النعمان زماناً ومكاناً فعلى الأكثر أنّه كانت بينهما واسطة واحدة ، كذلك انظر : درنگي در منابع مكتوب الإيضاح : ٤٤١ ـ ٤٤٢.

(٢) انظر : الإيضاح : ٨٨ ، ١١٨ (روايتين) ، ١٢٥ ، ١٢٨ ، ١٤٤ ، ١٥٥.


وبألفاظ مختلفة(١).

بناءً على هذا فإنّ الكتاب الذي نقل منه القاضي النعمان ـ على أقلّ التقديرات ـ لم يكن في حوزة الكليني والطوسي أو أنّهما لم يلتفتا إليه.

سلسلة سند الأربعمائة مسألة في أبواب الحلال والحرام ، عند النجاشي في فهرسته وعند الطوسي في روايات تهذيب الأحكام.

لقد ذكر النجاشي طريقه إلى هذا الكتاب بالنحو التالي :

النجاشي > أحمد بن علي [ابن نوح] > ابن سفيان > حُميد > [محمّد بن أحمد بن خاقان المعروف بـ :] حمدان القلانسي > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم ؛ [كتاب الأربعمائة مسألة في أبواب الحلال والحرام](٢).

من المحتمل أنّ النجاشي بنفسه لم ير هذا الكتاب ولم يكن بحوزته قط ، بل إنّه رأى عنوان هذا الكتاب في فهرست حُميد بن زياد وقد أورد النجاشي اسم محمّد بن مسلم وكتابه المنسوب إليه في فهرست رجاله وذلك عن طريق إجازته التي حاز عليها لفهرست حُميد.

في حين نرى أنّ الشيخ الطوسي الذي كان معاصراً للنجاشي وكان صنوه في مدرسة الحديث لم يذكر محمّد بن مسلم في فهرسته في عداد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) قارن بين الإيضاح : ٨٨ ؛ والكافي : ٣ / ٢٨٩ ؛ الإيضاح : ١١٨ ، الرواية الثانية والكافي : ٣ / ٣٠٥ ؛ الإيضاح ١٢٥ ـ ١٢٦ وكتاب من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٨٥ ، الإيضاح : ١٥٥ ، والكافي : ٣ / ٣٩١.

(٢) فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٣٢٤.


المؤلّفين ولم ينسب إليه أيّ كتاب بالرغم من أنّه كان قد استفاد هو الآخر من فهرست حُميد ، لكنّه من جانب آخر نرى أنّه ينقل روايات من (المسائل) لمحمّد بن مسلم في تهذيب الأحكام بالأسانيد التالية :

ـ محمّد بن أحمد بن يحيى [الأشعري] > السندي بن محمّد [البزاز ] >علاء > محمّد بن مسلم(١).

ـ سعد بن عبد الله [الأشعري] > موسى بن الحسين > السندي بن محمّد [البزّاز] > علاء > محمّد بن مسلم(٢).

ـ علي بن الحسن بن فضّال ، علاء ، محمّد بن مسلم(٣).

فإنّ الروايات المرتبطة بهذه الأسانيد لابدّ وأن تكون مأخوذة ـ وبالترتيب التالي ـ من كتب : محمّد بن أحمد الأشعري ، سعد بن عبد الله الأشعري وعلي بن الحسن بن فضّال(٤) ؛ وإن كان آخر سلسلة السند (علاء > محمّد بن مسلم) مطابقاً لسلسلة السند الذي ذكرها النجاشي للكتاب الأربعمائة مسألة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٥٠.

(٢) نفس المصدر ص ٣١٨ ، كذلك الاستبصار : ١ / ٤٠٣.

(٣) نفس المصدر : ٩ / ٣٢٢.

(٤) انظر : مشيخة تهذيب الأحكام بالترتيب التالي ص : ٧١ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٥٥ ، ٥٦ ، وقد نقل الطوسي من (مسائل) محمّد بن مسلم روايات أُخر أيضاً عن محمّد بن علي بن محبوب [الأشعري] وهو بدوره ينقل بالسند التالي : علي بن سندي [قمّي] > حمّاد > حريز > محمّد بن مسلم ، انظر : تهذيب الأحكام : ١ / ٣٥٥ ؛ ٢ / ٢٨٨ ؛ ٣ / ٢٢٠ ؛ ٥ / ٤٧٥ ، ٤٨٥ ؛ ٨ / ٢٤٦.


روايات محمّد بن مسلم التي دوّنها الآخرون :

فمع الأخذ بنظر الاعتبار ما ذكرناه سابقاً نستطيع أن نقول أنّ محمّد بن مسلم لم يكن هو بنفسه مؤلّف كتاب المسائل(١) ، وحتّى فيما إذا كان قد ألّف كتاباً في (المسائل) فإنّ تأليفه هذا لم يكن شائعاً ومعروفاً في الأوساط ولم يصل إلى سائر المؤلّفين والمحدّثين الشيعة ؛ وكلّ ما نقل عنه في المجاميع الحديثية من روايات (المسائل) فيما بعد فهي من كتب الآخرين ، ومن النادر أن تكون من رواياته التي رواها شفاهاً.

والآن علينا أن نتحقّق عن هوية مؤلّف هذا الكتاب الذي احتوى على أسئلة محمّد بن مسلم الفقهية من الإمام عليه‌السلام؟

إنّ أقوى احتمال نستطيع أن نشير إليه للجواب عن هذا السؤال هو أنّ هذا الكتاب من جمع الآخرين لروايات (مسائل) محمّد بن مسلم ، حيث اهتمّ المؤلّفون فيما بعد بهذا الأمر وذلك لأهمّية شخصية محمّد بن مسلم الفقهية والحديثية ومقامه العلمي ، فمن المحتمل أنّهم قاموا بتدوينه وتبويبه ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وقد شاءت يد القدر أن ينسب لمحمّد بن مسلم الكتاب الوحيد له وهو كتابه المسائل فبنقض هذا الانتساب وردّه فإنّ محمّد بن مسلم سيخرج من زمرة مؤلّفي الشيعة ؛ كما أنّ الطوسي كذلك خلافاً للنجاشي فإنّه لم يذكر في الفهرست محمّد بن مسلم في زمرة المؤلّفين الشيعة ، في حين المدرسي الطباطبائي (ميراث مكتوب شيعة از سه قرن نخستين هجري : ٤٠٩ ـ ٤٠١) نسب لمحمّد بن مسلم كتابين أحدهما من نتاج استنباطه الشخصي والآخر هو الأربعمائة مسألة هذا الذي ذكره نقلا عن النجاشي ، ويبدو أنّه اشتبه في تعيين مصداق الكتاب انظر : درنگي در منابع مكتوب الإيضاح : ٤٣٨ ـ ٤٣٩.


فإنّ النماذج القديمة من هذا القبيل(١) ـ التي تمّ فيها تدوين روايات الرواة المعروفين على يد الآخرين ـ يعدّ قرينة تقوّي هذا الاحتمال.

وهنا يعترينا الترديد في وحدة كتاب المسائل الذي أخذ عنه القاضي النعمان وكتاب الأربعمائة مسألة في أبواب الحلال والحرام الذي كان في حوزة النجاشي ؛ فربّما يكون هذين المصنّفين عبارة عن كتابين متباينين لكنّهما يحملان خصوصيّات متماثلة في كونهما يتناولان روايات مسائل محمّد بن مسلم في المواضيع الفقهية ، أمّا إذا أردنا أن نعدّ هذين الكتابين كتاباً واحداً فعلينا أن نعدّ علاء بن رزين هو المدوّن لهذا الكتاب لأنّه الراوي الوحيد لكلا السندين اللّذين أورداهما القاضي النعمان والنجاشي.

ولكن هنا في مثل كتاب محمّد بن مسلم فإنّ انتساب مثل هذه الكتب المدوّنة متأخّراً عن زمان راويها الأصلي لابدّ لها أن تكون قد دوّنت على يد متأخّرين عنه مثل النجاشي أو أستاذه ابن نوح وقد نُسبت إليه تسامحاً وتوسّعاً ، كما وقد شوهدت أيضاً مثل هذه التسامحات في تأليفات تحقيقيّة معاصرة(٢).

ولابدّ من الإشارة هنا إلى أنّ أهميّة بعض الشخصيّات بحدّ ذاته يمكن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ومثال ذلك ، انظر : ميراث مكتوب شيعة از سه قرن نخستين هجري : ٤٧ (أخبار أبي رافع) ، ١٨٥ (مسند عبد الله بن بكير) ، ٣٥٨ (مسند عمر بن علي).

(٢) أشار راقم هذه السطور إلى بعض هذه التسامحات في (ميراث مكتوب شيعه از سه قرن نخستين هجري) وقد تطرّق لنقدها. انظر : فهرستى تازه از ميراث مكتوب شيعه : ٣٩ ـ ٤٠.


له أن يكون سبباً لانتساب بعض المتون إليها ، حيث يمكننا عدّ الكثير من النماذج من هذا القبيل ؛ فإنّ العبارة التي جاءت في سلسلة سند روايات محمّد بن مسلم في تهذيب الأحكام بهذا الشأن لا تخلو من التأمّل ؛ حيث نرى اسم الراوي المتأخّر ملحقاً بعد اسم الراوي المتقدّم عليه ، وتبيّن أنّ في تلك الحقبة كان ينسب كتاباً أو كتباً لمحمّد بن مسلم وهي في واقع الأمر لم تكن له ، أو ـ على الأقل ـ أنّ بعض هذه الانتسابات لم يصدّقها البعض في حينها : حيث نقرأ في أحد الأسانيد أنّ صفوان بن يحيى أخذ كتاباً عن مخلّد ابن حمزة وأنّ مخلداً هذا على حدّ قول صفوان : (زعم أنّه كتاب محمّد بن مسلم)[!] وهو كتاب جاء فيه رواية واحدة منه تذكر أنّ محمّد بن مسلم كان يسأل من الإمام عليه‌السلام سؤالا فقهيّاً وأنّ الإمام عليه‌السلام كان يجيب عليه (١).

ـ ملحق ـ

سلسلة أسانيد روايات مسائل محمّد بن مسلم في الكافي(٢) :

١ ـ ج١ ، ص١٣٣ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > محمّد بن خالد > قاسم بن عروة > عبد الحميد الطائي > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) انظر : تهذيب الأحكام ٩ / ٣٤٠ ؛ الاستبصار ٤ / ١٧٩.

(٢) لقد اتّبعت نفس النصّ المطبوع من الكافي في نقل سلسلة الأسانيد ولم أدرج هنا التصحيحات التي أشرت إليها في هوامش المقالة.


٢ ـ ج١ ، ص١٣٤ :

عدّة من أصحابنا > أحمد بن محمّد بن خالد > أبيه > عبد الله بن بحر > أبي أيوب الخزّاز > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٣ ـ ج١ ، ص٢٢٠ :

حسين بن محمّد > معلّى بن محمّد > محمّد بن جمهور > فضالة بن أيّوب > حسين بن عثمان > أبي أيّوب > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٤ ـ ج١ ، ص٤٢٠ :

حسين بن محمّد > معلّى بن محمّد > محمّد بن جمهور > فضالة بن أيّوب > حسين بن عثمان > أبي أيّوب > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٥ ـ ج٢ ، ص٤٧٩ :

علي بن إبراهيم > أبيه > ابن أبي عمير > أبي أيّوب > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٦ ـ ج٢ ، ص٤٨١ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > ابن محبوب > أبي أيّوب > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٧ ـ ج٢ ، ص٥٥٣ :

عنه ( = أحمد بن محمّد بن خالد) > ابن محبوب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.


٨ ـ ج٣ ، ص٢ :

عدّة من أصحابنا > أحمد بن محمّد بن عيسى > علي بن الحكم > أبي أيّوب الخزّاز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٩ ـ ج٣ ، ص٤٠ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد > حريز > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

١٠ ـ ج٣ ، ص٥٧ :

حمّاد > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

١١ ـ ج٣ ، ص٦٠ :

حمّاد بن عيسى > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

١٢ ـ ج٣ ، ص٦٨ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > ابن محبوب > أبي أيّوب الخزّاز > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

١٣ ـ ج٣ ، ص٧٨ :

علي بن إبراهيم > أبيه ومحمّد بن إسماعيل > فضل بن شاذان > حمّاد بن عيسى > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

١٤ ـ ج٣ ، ص١٠٠ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد بن عيسى > حريز > زرارة > محمّد ابن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.


١٥ ـ ج٣ ، ص١٧٩ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد بن عيسى > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

١٦ ـ ج٣ ، ص١٨٠ :

حميد بن زياد > حسن بن محمّد بن سماعة > غير واحد > أبان > محمّد بن مسلم > أبا عبدالله عليه‌السلام.

١٧ ـ ج٣ ، ص١٩٥ :

عدّة من أصحابنا > سهل بن زياد > حسن بن محبوب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أحدهما عليهما‌السلام.

١٨ ـ ج٣ ، ص٣٣٩ :

محمّد بن يحيى وغيره > أحمد بن محمّد بن عيسى > حسين بن سعيد > ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى > ابن بكير > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

١٩ ـ ج٣ ، ص٣٤٥ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حسين بن سعيد > فضالة > علاء > محمّد ابن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٢٠ ـ ج٣ ، ص٣٥١ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.


٢١ ـ ج٣ ، ص٣٦٥ :

حسين بن محمّد > عبد الله بن عامر > علي بن مهزيار > فضالة > علاء > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٢٢ ـ ج٣ ، ص٣٦٧ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > حمّاد > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٢٣ ـ ج٣ ، ص٣٧٨ :

علي بن إبراهيم بن هاشم > أبيه (أيضاً : محمّد بن إسماعيل > فضل ابن شاذان) > حمّاد بن عيسى > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٢٤ ـ ج٣ ، ص٣٨٧ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > حمّاد بن عيسى > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٢٥ ـ ج٣ ، ص٣٩١ :

جماعة > أحمد بن محمّد > حسين بن سعيد > صفوان بن يحيى > علاء > محمّد بن مسلم > أحدهما عليهما‌السلام.

٢٦ ـ ج٣ ، ص٤١٠ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > حمّاد بن عيسى > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.


٢٧ ـ ج٣ ، ص٤١١ :

علي بن محمّد > سهل بن زياد > ابن أبي نصر > ابن بكير > محمّد ابن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٢٨ ـ ج٣ ، ص٤١٩ :

علي > أبيه > حمّاد > حريز > ابن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٢٩ ـ ج٣ ، ص٤٣٤ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٣٠ ـ ج٣ ، ص٤٥٠ :

حسين بن محمّد > عبد الله بن عامر > علي بن مهزيار > حسين بن سعيد > حمّاد بن عيسى > بريد بن ضمرة الليثي > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٣١ ـ ج٣ ، ص٥٠٢ :

علي بن إبراهيم > أبيه > ابن أبي عمير > عبدالله بن مسكان > محمّد ابن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٣٢ ـ ج٣ ، ص٥٠٤ :

محمّد بن يحيي > أحمد بن محمّد بن عيسى > ابن مهران > ابن مسكان > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.


٣٣ ـ ج٣ ، ص٥١٤ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد بن عيسى > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٣٤ ـ ج٣ ، ص٥١٦ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٣٥ ـ ج٣ ، ص٥٢٨ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد بن عيسى > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٣٦ ـ ج٣ ، ص٥٦٨ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد بن عيسى > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٣٧ ـ ج٤ ، ص١٣٢ :

عدّة من أصحابنا > أحمد بن محمّد > حسين بن سعيد > نصر بن سعيد > عاصم بن حميد > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٣٨ ـ ج٤ ، ص٢٠٩ :

علي بن إبراهيم > أبيه > أحمد بن محمّد > حسن بن محبوب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.


٣٩ ـ ج٤ ، ص٣٨٢ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد بن عيسى > حريز بن عبد الله > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٤٠ ـ ج٤ ، ص٤٢٠ :

محمّد بن يحيى > محمّد بن الحسين > صفوان بن يحيي > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أحدهما عليهما‌السلام.

٤١ ـ ج٤ ، ص٤٢٣ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد بن عيسى > حريز بن عبد الله > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٤٢ ـ ج٤ ، ص٤٨٢ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > علي بن الحكم > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٤٣ ـ ج٤ ، ص٥١٦ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد بن عيسى > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٤٤ ـ ج٥ ، ص٢٢٥ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد > حريز > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.


٤٥ ـ ج٥ ، ص٢٥٥ :

علي بن إبراهيم > أبيه > ابن أبي عمير > أبي أيّوب > محمّد بن مسلم وغيره > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٤٦ ـ ج٥ ، ص٣٥٣ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > علي بن الحكم > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٤٧ ـ ج٥ ، ص٣٥٧ :

عدّة من أصحابنا > سهل بن زياد > حسن بن محبوب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٤٨ ـ ج٥ ، ص٣٦٥ :

علي بن إبراهيم > أبيه > ابن أبي عمير > أبي أيّوب الخزاز > محمّد ابن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٤٩ ـ ج٥ ، ص٤٠٦ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد بن عيسى > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٥٠ ـ ج٥ ، ص٤١٠ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > علي بن الحكم > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.


٥١ ـ ج٥ ، ص٤٣٣ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > علي بن الحكم > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٥٢ ـ ج٥ ، ص٤٥٦ :

عدّة من أصحابنا > سهل بن زياد > ابن محبوب > ابن رئاب > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٥٣ ـ ج٥ ، ص٤٥٧ :

عدّة من أصحابنا > سهل بن زياد > أحمد بن محمّد بن أبي نصر وعبد الرحمن بن أبي نجران > عاصم بن حميد > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٥٤ ـ ج٥ ، ص٤٨١ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > ابن محبوب > أبي أيّوب > محمّد ابن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٥٥ ـ ٥٥ ، ج٥ ، ص٥٠٤ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > ابن محبوب > علاء > محمّد ابن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٥٦ ـ ج٥ ، ص٥٦٧ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > علي بن الحكم > سيف بن عميرة > إبراهيم بن ميمون > محمّد بن مسلم > أبا عبدالله عليه‌السلام.


٥٧ ـ ج٦ ، ص١٠٧ :

محمّد > أحمد > محمّد بن إسماعيل > منصور بن يونس > ابن أذينة > محمّد بن مسلم > أبا عبدالله عليه‌السلام.

٥٨ ـ ج٦ ، ص١٣٥ :

علي بن إبراهيم > أبيه > ابن أبي عمير > جميل بن درّاج > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٥٩ ـ ج٦ ، ص١٣٦ :

محمّد بن أبي عبد الله > معاوية بن حكيم > صفوان وعلي بن حسن ابن رباط > أبي أيّوب الخزّاز > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٦٠ ـ ج٦ ، ص١٤٢ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٦١ ـ ج٦ ، ص١٦١ :

ابن محبوب > علاء > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٦٢ ـ ج٦ ، ص١٦٥ :

علي > أبيه > ابن أبي نصر > جميل > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٦٣ ـ ج٦ ، ص١٧٤ :

عنه ( = ابن محبوب) > علاء > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.


٦٤ ـ ج٦ ، ص١٨٥ :

بإسناده ( = محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد) > ابن محبوب > أبي أيّوب الخزاز > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٦٥ ـ ج٦ ، ص٢٢٧ :

علي بن إبراهيم > أبيه > ابن أبي عمير > عمر بن أذينة > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٦٦ ـ ج٦ ، ص٢٣٠ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد بن عيسي > حريز > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٦٧ ـ ج٦ ، ص٢٣٣ :

علي بن إبراهيم > أبيه > ابن أبي عمير > عمر بن أذينة > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٦٨ ـ نفس المصدر :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > حسن بن محبوب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٦٩ ـ نفس المصدر :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد بن عيسى > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.


٧٠ ـ ج٦ ، ص٢٣٤ :

علي بن إبراهيم > أبيه > ابن أبي عمير > عمر بن أذينة > محمّد بن مسلم > أحدهما عليهما‌السلام.

٧١ ـ ج٦ ، ص٢٣٧ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد > الحلبي > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٧٢ ـ ج٦ ، ص٢٦٤ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > ابن محبوب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٧٣ ـ ج٦ ، ص٤٥٨ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > ابن محبوب > علاء بن رزين >محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٧٤ ـ ج٦ ، ص٤٧٥ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > علي بن الحكم > علاء > محمّد بن مسلم > أبا عبدالله عليه‌السلام.

٧٥ ـ ج٦ ، ص٥٠٢ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد بن عيسى > رِبعي بن عبدالله > محمّد ابن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.


٧٦ ـ ج٦ ، ص٥٥٣ :

عنه ( = علي بن إبراهيم) > أبيه > ابن محبوب > علاء بن رزين > محمّد ابن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٧٧ ـ ج٧ ، ص١٠ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > حسن بن علي > عبد الله بن بكير > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٧٨ ـ ج٧ ، ص١٤ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد بن عيسى > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٧٩ ـ ج٧ ، ص١٢٠ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد > حريز > محمّد بن مسلم > أبا عبد الله عليه‌السلام.

٨٠ ـ ج٧ ، ص١٥٠ :

أحمد بن محمّد بن عيسى ، (أيضاً : علي بن إبراهيم > أبيه) > ابن محبوب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٨١ ـ ج٧ ، ص١٥٣ :

ابن محبوب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٨٢ ـ ج٧ ، ص١٦٠ :

عدّة من أصحابنا > سهل بن زياد > عبدالرحمن بن أبي نجران > مثنّى الحنّاط > محمّد بن مسلم > أبا عبدالله عليه‌السلام


٨٣ ـ ج٧ ، ص٢١٢ :

علي بن إبراهيم > أبيه > ابن محبوب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٨٤ ـ ج٧ ، ص٢٣٣ :

محمّد بن يحيى > محمّد بن الحسين > بعض الأصحاب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٨٥ ـ ج٧ ، ص٢٤٣ :

علي بن إبراهيم > أبيه > محمّد بن جعفر > أبي حبيب > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٨٦ ـ ج٧ ، ص٢٥٦ :

علي بن إبراهيم > أبيه ، (أيضاً : عدّة من أصحابنا > سهل بن زياد) >ابن محبوب > علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٨٧ ـ ج٧ ، ص٢٧٢ :

علي بن إبراهيم > أبيه ، (أيضاً : محمّد بن إسماعيل > فضل بن شاذان) >حمّاد بن عيسى > ربعي بن عبدالله > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٨٨ ـ ج٧ ، ص٣٠٨ :

ابن محبوب > أبي أيّوب > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.


٨٩ ـ ج٧ ، ص٣٤٥ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد بن عيسى > ابن محبوب > أبي أيّوب الخزاز > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٩٠ ـ ج٧ ، ص٣٨٢ :

محمّد بن يحيى > محمّد بن حسين > محمّد بن عبدالله بن هلال >علاء بن رزين > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٩١ ـ ج٧ ، ص٤١٧ :

علي بن إبراهيم > أبيه > بعض الأصحاب > عاصم بن حميد >محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٩٢ ـ ج٧ ، ص٤٤٦ :

محمّد بن يحيى > أحمد بن محمّد > حسين بن سعيد > فضالة بن أيّوب > قاسم بن بريد > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.

٩٣ ـ ج٧ ، ص٤٥٨ :

علي بن إبراهيم > أبيه > حمّاد > حريز > محمّد بن مسلم > أبا جعفر عليه‌السلام.


المصادر

١ ـ الاستبصار : لمحمّد بن حسن الطوسي ، تحقيق : السيّد حسن الموسوي الخرسان ، طهران ١٣٦٣ هـ. ش.

٢ ـ الإيضاح : للقاضي النعمان محمّد بن حيّون المغربي ، تحقيق : محمّد كاظم رحمتي ، ميراث حديث شيعة ، إعداد : مهدي مهريزي ـ علي صدرائي خويى ، دفتر دهم ، قم ، ١٣٨٢هـ. ش.

٣ ـ باز شناسي منابع أصلي رجال شيعة : لمحمّد كاظم رحمان ستايش ـ محمّد رضا جديدى نژاد ، قم ١٣٨٤هـ. ش.

٤ ـ البرقي أبو جعفر : للسيّد محمّد جواد الشبيري (دانش نامة جهان اسلام جلد سوم) (دائرة المعارف الإسلامية ، المجلّد الثالث) ، بإشراف : غلام علي حدّاد عادل ، طهران ١٣٧٨هـ. ش.

٥ ـ البرقي أبو عبد الله : للحسن الطارمي ، المصدر السابق.

٦ ـ تهذيب الأحكام : لمحمّد بن حسن الطوسي ، تحقيق : السيّد حسن الموسوي الخرسان ، طهران ، ١٣٦٥هـ. ش.

٧ ـ جوامع حديث شيعة وبحار الأنوار : لمحمّد كاظم رحمان شتايش (في المجلّد الأوّل من ذكرى العلاّمة المجلسي) ، تحقيق : مهدي مهريزي ـ هادي ربّاني ، تهران ١٣٧٩هـ. ش.


٨ ـ خاتمة مستدرك الوسائل : للميرزا حسين النوري الطبرسي ، تحقيق : مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، قم ، ١٤١٥ق.

٩ ـ درنگي در منابع مكتوب الإيضاح : للسيّد محمّد العمادي الحائري (بازسازي متون كهن حديث شيعة : روش تحليل ، نمونه) ، تأليف : السيّد محمّد العمادي الحائري ، طهران ، مكتبة متحف مجلس الشورى الإسلامي.

١٠ ـ فهرستي تازه از ميراث مكتوب شيعة : للسيّد محمّد العمادي الحائري (آينة پژوهش ، س١٦ ، العدد ٢ ، متوالياً ٩٢ ، خرداد ـ تير ، ١٣٨٤هـ. ش).

١١ ـ الفهرست : لمحمّد بن حسن الطوسي ، تحقيق : جواد قيّومي ، قم ، ١٤٢٢هـ.

١٢ ـ فهرست أسماء مصنّفي الشيعة (رجال النجاشي) : لأحمد بن علي النجاشي ، تحقيق : السيّد موسى الشبيري الزنجاني ، قم ، ١٤٢٤هـ.

١٣ ـ الكافي : لمحمّد بن يعقوب الكليني ، تحقيق : علي أكبر الغفّاري ، طهران ، ١٣٨٨هـ ـ ١٣٨٩هـ.

١٤ ـ كتاب مسائل الإمام أحمد : أبو داود سليمان بن أشعث السجستاني ، تحقيق : محمّد بهجة البيطار ، مع مقدّمة للسيّد محمّد رشيد رضا ، ١٣٥٣هـ.

١٥ ـ كتب مسائل در نگارش حديثي : لإحسان سرخه اى (علوم حديث ، س ١٠ ، العدد ٣ ـ ٤ ، متوالياً ٣٧ ـ ٣٨ ، پاييز ـ زمستان ، ١٣٨٤هـ. ش).

١٦ ـ گفتگو با آية الله سيّد أحمد مددي (ذكرى العلاّمة المجلسي) : تحقيق : مهدي مهريزي ـ هادي ربّاني ، المجلّد الثالث ، طهران ، ١٣٨٤هـ ش.

١٧ ـ المحاسن : لأحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، تحقيق : سيّد جلال الدين المحدّث ، طهران ، ١٣٧١هـ.


١٨ ـ مشيخة تهذيب الأحكام : لمحمّد بن الحسن الطوسي ، في نهاية المجلّد العاشر من تهذيب الأحكام.

١٩ ـ من لا يحضره الفقيه : لمحمّد بن علي بن بابويه القمّي (الصدوق) ، تحقيق : علي أكبر الغفّاري ، قم ، ١٤٠٤هـ.

٢٠ ـ ميراث فرهنگي شيعة در تاريخ محلّي وجغرافيا : رسول جعفريان ، (آينة پژوهش ، س ٨ ، العدد١ ، متوالياً ٤٣ ، فروردين ـ ارديبهشت) ١٣٧٦هـ. ش.

٢١ ـ ميراث مكتوب شيعة از سه قرن نخستين هجري : للسيّد حسين المدرّسي الطباطبائي ، ترجمة : سيّد علي قرائي ـ رسول جعفريان ، ١٣٨٣هـ. ش.

٢٢ ـ النوادر : [المنسوب لـ] أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري ، تحقيق : سيّد محمّد باقر الموحّد الأبطحي ، قم ، ١٤٠٨هـ.

٢٣ ـ نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى (أو كتاب الحسين بن سعيد) : للسيّد محمّد جواد الشبيري ، (آينه پژوهش ، س ٨ ، العدد ٤ ، متوالياً ٤٦ ، مهر ـ آبان ، ١٣٧٦هـ. ش).


الأستاذ الشيخ محمود أبو ريّة

دراسة في منهجه ودفاعه عن السنّة المحمديّة والعترة النبوية

أحمد رضا مرادي

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدّمة :

الحَمد لله على ما عرّفنا من نفسه ، وألهمنا من شكره ، وفتح لنا من أبواب العلم بربوبيّته ، ودلّنا عليه من الإخلاص له في توحيده ، وجنّبنا من الإلحاد والشكّ في أمره (١).

والصلاة على خاتم الأنبياء وسيّد الأصفياء محمّد وآله (٢) الفائزين بخلوص الانتماء ووجوب الاقتداء ما أظلّت الزرقاء وأقلّت الغبراء صلاة باقية إلى يوم البعث والجزاء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الصحيفة السجّادية : الدعاء الأوّل.

(٢) عَنِ النَّبِيِّ(صلى الله عليه وآله) أَنَّهُ قَالَ : لا تُفَرِّقُوا بَيْنِي وَبَيْنَ آلِي بـ : (على). مستدرك الوسائل ج٥ :ص٣٥٦.


ممّا لا يكاد يختلف فيه إثنان ولا يحتاج إلى إثباته بالبرهان هو أنّ السنّة المحمّدية ـ منذ بداية الدعوة الإسلامية ومنذ نزول الوحي وحتّى يومنا هذا ـ تعتبر في الدرجة الثانية بعد القرآن الكريم ؛ وذلك لأنّه لا ريب في حجّيتها لقوله تعالى : (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأمْرِ مِنكُمْ فَإِنْ تَنزَعْتُمْ فِي شَيء فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ)(١) ؛ فالردّ إلى الله هو الأخذ بمحكم كتابه والردّ إلى الرسول هو الأخذ بسنّته الجامعة غير المفرّقة(٢).

وأمّا الفرق في حجّيّة القرآن والسنّة هو أنّ القرآن قد جاء من طريق التواتر بحيث لا يعتريه ريب فهو من أجل ذلك مقطوع به جملةً وتفصيلا أمّا السنّة فقد جاءت من طريق الآحاد فهي مظنونة في تفصيلها وإن كانت مقطوعةً بجملتها ، فالقرآن مثلا لم يذكر تفاصيل الصلاة والزكاة وهما من أهمّ أركان الإسلام بل اكتفى بمثل قوله (أَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاة)(٣) لكنّ الحديث فصّل أوقات الصلاة وكيفيّاتها ، وهذان أمران من بين مئات الأوامر التي تناولتها أفعال الرسول وأقواله ، ولذلك كان الفرض على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبيّن للناس أحكام الشريعة وما اختلف منها وتشابه عليهم لأن يتفكّروا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة النساء : ٥٩

(٢) من كتاب كتَبَه الإمام عليٌّ عليه السلام للأشْتَر النَّخَعىّ لمَّا ولاّه على مصر وأعمالها ، حين اضطرب أمر أميرها محمَّد بن أبي بكر ؛ وهو أطوَلُ عهْد كتَبَه وأجمعه للمحاسن. نهج البلاغة كتاب٥٣ ، قال العلاّمة المجلسي : لعلّ المراد بالجامعة غير المفرّقة المتواترة ؛ وقيل : أي يصير نيّاتهم بالأخذ بالسنة واحدة. بحار الأنوار ج٢ ص٢٤.

(٣) البقرة :٢ : ٤٣


ويتّخذوا سبيلا إلى فهم مقاصدها وسمّى ذلك السنّة وجعل الله ذلك غاية إنزال القرآن عليه(١).

وللسنّة المحمدية ـ وهي ما حكي عن النبيّ من قول أو فعل أو تقرير ـ من جلال القدر وعلوّ الشأن ورفيع الذكر ما يدعو المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلى العناية البالغة بها والبحث الدقيق عنها حتّى يؤخذ بما فيها من دين وأخلاق وحكم وآداب وغير ذلك ممّا ينفعهم في دنياهم وآخرتهم ؛ ولمّا توفّي النبيّ(صلى الله عليه وآله) وقصد الناس سماع حديثه هنا تشتّت الأمر بين الصحابة ، ولم يمتثل أمر رسول الله في تبليغ رسالاته(٢) ؛ وذلك أنّ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) يدلّنا على ذلك آيتان من كتاب الله :

(وَأَنْزَلْنا اِلَيْك الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكرُون). النحل : ١٦ : ٤٤.

(وَما أَنْزَلْنا عَلَيْك الْكتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْم يُؤْمِنُون). النحل : ١٦ : ٦٤.

(٢) قال عمر لابن عبّاس : إنّ رسول الله أراد أمراً وأراد الله غيره ، فنفذ مرادُ الله تعالى ولم ينفذ مرادُ رسوله ، أوَكلّما أراد رسولُ الله كان؟! (شرح الحديدي ، ج١٢ ص ٧٩ ، نكت من كلام عمر وسيرته).

وكان ذلك حتّى أمر عمر بن عبد العزيز بتدوين الحديث ، قال يونس بن عبيد سألت الحسن [البصري] قلت : يا أبا سعيد إنّك تقول قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وإنّك لم تدركه؟ فقال يا ابن أخي : لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ولولا منزلتك منّي ما أخبرتك ، إنّي في زمان كما ترى ـ وكان في زمن الحجّاج ـ كلّ شيء سمعتني أقوله قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فهو عن عليّ بن أبي طالب ، غير أنّي في زمان لا أستطيع أن أذكر عليّاً (تهذيب الكمال ، ج٦ ص١٢٤) ؛ والحسن البصري هذا هو الذي شبّهوه بعمر بن الخطّاب في المهابة ومع ذلك يخاف أن يذكر عليّاً. (محو السنة ، ص٩٢).


أصحابه ـ وهم الرعيل الأوّل من حملة الحديث ـ نَهوا عن كتابة حديثه واختلقوا أحاديث بأنّ النبيّ نهى أن تصبح كتابة حديثه عامّةً(١) ، وقد بذلوا في هذا السبيل أقصى جهدهم وغاية سعيهم وإن لم يكن لأصحابه إجماع على هذا الأمر(٢) ، ولمّا رأى بعض الصحابة أنّهم لا يستطيعون أن يرووا ما سمعوه من النبي على حقيقة لفظه ـ وقد دعت الضرورة الدينية أن يفضوا بما سمعوا ـ فقد جوّزوا أن يرووا ما سمعوه من النبيّ بالمعنى ، فزادوا ونقصوا في عبارته وقدّموا في كلماته وأخّروا وأبدلوا ألفاظاً بألفاظ(٣) فتغيّر كلام النبيّ عن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) «دخل زيد بن ثابت ـ وكان عثمانيّاً ومنحرفاً عن أمير الؤمنين ـ على معاوية فسأله عن حديث ، وأمر إنساناً أن يكتبه فقال له زيد : إنّ رسول الله أمَرَنا ألاّ نكتب شيئاً من حديثه ، فمحاه» ، جامع بيان العلم وفضله ١ / ٦٣ ، وقال عمر : «لا أشوب كتاب الله بشيء أبداً» ، نفس المصدر ١ / ٦٤.

(٢) قال شوقي ضيف : «عناية الشيعة بكتابة الفقه كانت قوية ، لاعتقادهم في أئمّتهم أنّهم الهادون المهديّون الذين ينبغي أن يلتزموا بفتاويهم ومن ثمّ عنوا بفتاوى عليّ وأقضيته». (تاريخ الأدب العربي ج١ ص ٤٥٣) ؛ إنّ ما قاله شوقي كان موجزاً ممّا ذكره السيوطي من أمر تدوين الحديث عند الشيعة منذ صدوره في زمن الرسول وذلك أنّ أئمّتهم ـ هؤلاء الهادون المهديّون ـ لم ينهوا عن كتابة الحديث أبداً ، لكن الدكتور شوقي ضيف ذكر ذلك بتحفّظ منه حتّى لا يخطر ببال أحد أنّه يقصد من كلامه هذا ما لا يستسيغه الآخرون ؛ قال السيوطي : «اختلف السلف من الصحابة والتابعين في كتابة الحديث فكرهها طائفة منهم... وأباحها طائفة وفعلوها ، منهم : عمر [في حين أنّ أخبار نهيه عن رواية الحديث مستفيضة بل متواترة بين المسلمين] وعليٌّ وابنه الحسن... (تدريب الراوي ج٢ ص٦١).

(٣) ولذلك رأى أئمّة اللغة والنحو كالخليل وسيبويه والفرّاء أن لا يحتجّوا بشيء من الحديث في إثبات القواعد الكلّية في لسان العرب والاستدلال عليها ، لأنّ الأحاديث لم


أصله(١) واختلفت العبارات حتّى تغيّر المعنى بحيث لم يبق وجه شبه بين كلامه(صلى الله عليه وآله) وبين ما ذكروه ولا حتّى نوع مناسبة ، ومن أجل ذلك فقد تعدّدت رواية الكثير من الأحاديث ، ولمّا رأى أعداء الدين(٢) وأهل الهوى من المسلمين هذه الفوضى(٣) استغلّوا الظروف ووضعوا على النبيّ أحاديث لا تعدّ ولا تحصى لأسباب لا محلّ لذكرها هنا(٤) ، وخاصّة بعد موت الخليفة الثاني عمر ، لأنّه كان شديداً على الأصحاب في ذلك وكان يأمرهم بأن يقلّوا من الرواية عن النبيّ حتّى ضرب أبا هريرة على رواية الحديث وأنذره بالنفي إلى بلاده.

ولمّا استفاضت رواية الحديث وشاعت ـ حتّى بلغت مئات الآلاف ـ واشتبه الصحيح منه بالسقيم هنا نهض علماء أجلاّء ليمحّصوا هذه الروايات بالبحث في تاريخ من رووها حتّى يتبيّن لهم من اتّصف بالعدالة والضبط من رواة الحديث ممّن تعرّى منهم من هاتين الصفتين ، بعد أن كانوا ـ أحيانا ـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تكن تروى بألفاظها كما جاءت عن الرسول ، إنّما كانت تروى غالباً بمعانيها ، فلذلك اعتمدوا في ذلك على القرآن وصحيح النقل عن العرب.

(١) ولو كان التدوين شائعاً في الصدر الأوّل ، وتيسّر لهم أن يدوّنوا كلّ ما سمعوه من النبيّ (صلّى الله عليه وسلّم) بألفاظه وصوغه وبيانه ، لكان لهذه اللغة شأن غير شأنها (إعجاز القرآن ص٣٦٤).

(٢) كعبدالله بن سلام وكعب الأحبار.

(٣) كصاحب الزاملتين وصاحب الكيس والمزوّد من الصحابة المشهورين بالنقل عن الإسرائيليّات.

(٤) لو ذهبنا لنستقصيها لطال بنا سبيل القول ، ولاحتاج ذلك إلى مقالات مستفيضة ، منها ترحيب معاوية بوضع الحديث لأسباب معروفة عند القاصي والداني.


يذكرون الحديث وفيه ما يخالف العقل والمنطق ، فيقولون : «إسناده جيّد أو حَسَن» أو «رَواهُ البُخاري» ولا يعنيهم من أمر الدلالة في الحديث شيء(١).

ولكنّ اليوم وفي عصرنا هذا فإنّ كتب الحديث والتفسير وغيرها صارت في متناول أيدي المسلمين وتراها في كلِّ بيت ومعهد ومسجد ، فإذا قرأنا البعض من كتب شيوخهم بدا لنا العجب العجاب لما نراه من الأحاديث في التفسير والتاريخ والأخلاق والطبّ وغيرها ممّا لا يوافقه القرآن ولا يثبته علم صحيح ولا يقبله عقل صريح ولا يؤيّده حسّ ظاهر ، وهم لا يعتنون بذلك ولا يفهمون من الصحّة والسقم إلاّ عبارة (رَواهُ البخاري)(٢) الذي روى من الأحاديث ما يضحك الثكلى فحينئذ تستحوذ علينا الدهشة وتتملّكنا الحيرة أنّه كيف صدر عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) مثل هذا الكلام السقيم والعاري عن الفصاحة والبلاغة وهو أبلغ من نطق بالضاد وأحكم من دعا إلى الرشاد؟

والأنكى من هذا كلّه هو احتجاج المستشرقين في كتبهم بهذه الأحاديث وهم الذين نتّهمهم ونرميهم دائماً بأنّهم يطعنون في سيرتنا ويشوّهون وجه ملّتنا لئلاّ يهتدي أحد بهُداه أو يستمع صَداه ، وإذا أمعنت يتّضح لك عياناً أنّه لا تثريب على الاستشراق وأهله بل على أهل الحديث

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) قال الزمخشري في قصيدته المشهورة :

وإن قلت من أهل الحديث وحزبه.......يقولون تيس ليس يدري ويفهم.

(٢) قال السيّد محمّد رشيد رضا «ما كلّف الله مسلماً أن يقرأ صحيح البخاري ويؤمن بكلّ ما فيه وإن لم يصحّ عنده ، أو اعتقد أنّه ينافي أصول الإسلام». مجلّة المنار ج٢٩ ص ٥١.


ورواته قرناً بعد قرن ، فإنّ المستشرقين لم يفتروا شيئاً من عند أنفسهم إنّما وجدوا مادّة خَصِبة من الخرافات والأوهام قد بُثّت في ديننا وقد نسب بعضها إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله) كذباً وزوراً فتشبّثوا بها واستفادوا منها(١) ، فلا تلوموهم ولوموا أنفسكم على ما اقترفتموه من وضع الأحاديث.

ولكي يطمئنّ قلب القارئ بما قلناه وتسكن نفسه إلى ما بيّناه نتسائل : فإذا كان الأمر كذلك ؛ فماذا نفعل بهذه الأحاديث؟ ، أليس من الصواب التمحيص فيها ـ وإن كانت صحيحة الإسناد ـ ونميّز بين الصحيح منها وبين السقيم ممّا وضعه الوضّاعون ، ونكذّب الأحاديث التي لا نجد لها صبغة البلاغة وفيها اهتزاز الجزالة؟ إذاً ما القاعدة في التمييز بينها؟

لقد فطن المحدّثون القدماء إلى هذا كلّه وقد بذلوا جهدهم ما استطاعوا في الأخذ بالصحيح من غيره وتنقيته من كذب الكذّابين ووضع الوضّاعين(٢) ، ولكن هذا الجهد على عظمته لم يكن كافياً ، فمن أعسر الأشياء وأشدّها تعقيداً هو دراسة النصّ نفسه في كتاب مستوف حتّى يتبيّن للناس أين هم من دينهم ؛ فلا بدّ إذن من أن نتعمّق في دراسة نصّ الحديث الذي حمل الطِّمّ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وذلك لأنّ الجيل الجديد قد بلغ درجة من السحر العلمي والنضج الفكري والعقلي فهو ينفر من الأوهام ولا يهتمّ إلاّ بالحقائق ولا يسعى إلاّ إلى المعرفة والعلم النافع ينبذ كلّ ما عدا ذلك مهما كان ومهما كان قائله.

(٢) غاية جهدهم تأليف كتب في انتقاء الحديث والأخذ بالصحيح من غيره فميّزوا الموضوعات من غيرها كابن الجوزي في (موضوعاته) والسيوطي في (اللئالي الموضوعة) وسائر من سلك مسالكهم ، ولكن لم يتعرّضوا إلى الموضوعات في الصحيحين وفي غيرها من الصحاح المعتبرة عندهم.


والرِّمّ ، والغثّ والسمين ، لنرى مقدار موافقته للقرآن الذي لا يتطرّق إليه الشكّ ولا يبلغه الريب.

أضواء على السنّة المحمّدية :

لقد لمع كتاب أضواء على السنّة المحمّدية ورجح على سائر الكتب المدوّنة في هذا المضمار في زماننا ؛ بحيث استفاض أمره وأحدث ضجّةً في أرجاء العالم الإسلامي ، ممّا لم يحدث مثله لكتاب آخر في عصرنا الحاضر(١).

ومن الطبيعي إذا أراد المرء أن يصلح دينه ويعصمه في العقديّات لابدّ له أن يواجه الكثير ممّن يكرهون التحقيق والبحث والاجتهاد والحُرية في التفكير ، ولا يرون العلم إلاّ فيما أخذوه عن شيوخهم تلقيناً ، فهولاء جميعاً قد قابلوا المؤلّف بالشتم القاذع والسبّ الوضيع(٢) حتّى ظهر ذلك في عناوين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أضف إلى ذلك الطبعات الكثيرة للكتاب من أوّل يوم ظهوره في بلاد المسلمين وغيرهم.

(٢) والأقبح من ذلك كلّه أنّهم افتروا على المؤلّف ـ كما افتروا على غيره من العلماء من قبل ـ أنّه مات على عاقبة وخاتمة أمر أهل البدع والهوى ، ونقلوا عن شيخهم محمّد ابن محمّد المُختار الشنقيطيِّ : «أنَّ أبا ريّة عندما كان في وقت النزع الأخير وساعة الاحتضار حضره نفر من النّاسِ ، ورأوه وقد اسودّ وجههُ! وكان يصرخ مرعوباً فزِعاً بصوت عال ، وهو يقولُ : آه! ، آه! ، أبا هريرة أبا هريرة ، حتّى ماتَ على تلك الحالِ».

وهم يحاولون بهذا الكذب والبهتان أن لا يطمع أحد بقراءة كتب أبي ريّة وسائر من سلك العقلنة وغيره من أصحاب العقول الراجحة.... .


كتبهم(١) ، كتب قد أظهرت أخلاق مؤلّفيها ومبلغ علمهم.

وأمّا الذين كانت لديهم الحميّة والشجاعة في الدفاع عن الفكر والتفكير والتحقيق(٢) فقد قرّظوا الكتاب(٣) بعبارات رائعة تنمّ عن تتبّع المؤلّف وجهده وعَنائه في تدوين الكتاب.

وهناك من أخفى استحسانه لئلاّ يثير غضب الحشويّين(٤) ـ الذين تغمرهم الدهشة عندما يرون أحداً يتفكّر في كنه شيء من العلم ـ حتّى لا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مثل كتاب (ظلمات أبي ريّة) لعبدالرزّاق حمزة وهو قاموس الشتائم والسباب ، وتشهد كلّ صفحة من هذا الكتاب أنّ مؤلّفه كان متخرّجاً من جامعة الهجاء والسبّ ، وذاكرته مشحونة بأنواع النبز والشتم في حقّ علماء المسلمين حتّى وصف بعضهم ـ العياذ بالله ـ بالحمار والبقر و....!! ولنعم ما قال محمّد بن علي الباقر صلوات الله عليه : «إيَّاكمْ وَالطَّعْنَ عَلَى الْمُؤْمِنِين....اِنَّ اللَّعْنَةَ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ صَاحِبِهَا تَرَدَّدَتْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّذِي يُلْعَنُ ، فَإِنْ وَجَدَتْ مَسَاغاً وَإلاّ عَادَتْ إِلَى صَاحِبِهَا وَكانَ أَحَقَّ بِهَا ، فَاحْذَرُوا أَنْ تَلْعَنُوا مُؤْمِناً فَيَحِلَّ بِكم» ، بحار الأنوار ٦٩ / ٢٠٨.

(٢) «ما كنت أظنّ ـ عندما ظهرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب ـ أنّه سينال من إقبال القرّاء عليه ، ورضاهم عنه ، وتقديرهم إيّاه ، مثل ما نال ، والحمد لله. ذلك أنّه لم يكد ينقضي على ظهوره زمن قليل حتّى انتشر بين الأرجاء ونفدت نسخه كلّها ، ممّا دعا إلى إعادة طبعه». شيخ المضيرة ص١١ ، «طبع مرّتين في مدى سنتين ، ممّا لا يتّفق

وقوعه لأيّ كتاب إلاّ في الندرة». نفس المصدر ، ص٣٣.

(٣) كالأستاذ طناحي محرّر مجلّة (الهلال) ، الدكتور طه حسين ، العلاّمة السيّد مرتضى العسكري وغيرهم من العلماء.

(٤) وقال الوزير اليماني في (الروض الباسم) : «إنّما سمّوا بالحشوية لأنّهم يحشّون الأحاديث التي لا أصل لها في الأحاديث المروية عن رسول الله ، أي يدخلونها فيها وليست منها» ، أضواء : ٣٨٢. وقال محمّد بن نشوان : «إنّ الحشوية سمّوا بذلك لكثرة قبولهم الأخبار من غير إنكار».


يكون ذلك من أسباب إقصائهم له(١).

وإن كان من بين هذه الجماعة بعض الأزهريّين وغيرهم ممّن انتقدوا المؤلّف وكتابه ـ في بادئ الأمر ـ بأسلوب علميٍّ صحيح يستحقّ أن ينظر فيه ويستأهل أن يردّ عليه ، وقد استجاب المؤلّف لانتقاداتهم وردّ عليهم بأبلغ البيان وأفحمهم في الردّ حتّى تستبين لهم الحقيقة ، ولكن لم يمضِ زمن حتّى طغى قلمهم وغلب عليهم الطيش فعادوا وهجموا عليه بعبارات قاسية ظهرت على صفحات مجلاّتهم كمجلّة الأزهر وغيرها في مصر والشام والحجاز.

والأمر الذي يثير العجب حقّاً أنّهم منعوا من نشر أيّ ردّ ونقد يرد على كلماتهم من قبل المؤلّف وغيره في نفس المجلّة لئلاّ يفضح علمهم ويظهر للناس جهلهم ، واستمرّ الأمر كذلك حتّى طبع المؤلّف نقده وأدرجه على صفحات إحدى المجلاّت اللبنانية... فوقع ما وقع.

حياة الأستاذ أبي ريّة :

ولد الأستاذ محمود أبو ريّة في كفر المندرة (مركز أجا) محافظة الدقهلية في (١٥ ديسمبر عام ١٨٨٩م)(٢). جمع بين الدراسة الأكاديمية والدينية بالمدارس الابتدائية والثانوية والمعاهد الدينية. قضى أكثر أيّام عمره

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كما نقل عن معاوية : إنّه لا يستقيم لنا الأمر إلاّ بسبّ عليٍّ على المنابر. (الغدير : ج٧ : ص١٩٩).

(٢) الموافق ٢١ ربيع الثاني ١٣٠٧ هجري.


في مدينة المنصورة حتّى وفد إلى الجيزة عام (١٩٥٧م) وبقي فيها إلى حين وفاته.

ومن المؤسف جدّاً أنّنا لم نقف على ترجمة له إلاّ ما ذكره الأستاذ السيّد مرتضى الرضوي في كتابه مع رجال الفكر في القاهرة ، حتّى أنّ الزِرِكلي قد فاته ذكر أبي ريّة في الأعلام وفي مستدركاته(١) ؛ فلذلك اكتفينا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) قال بعض الوهّابيّين في بعض مواقعهم على الانترنت : «إنّ هذا يكفي في تضليل أبي ريّة حيث لم يكن في كتب التراجم اسم منه». وقد أخذوا هذا المقال من قول السباعي حيث قال : «أبي ريّة فاجر يبتغي الشهرة...إلخ» ، أنظر : السنّة ومكانتها. وقد نسي أنّ التاريخ ذكر أشخاصاً كانت أحوالهم ـ على حدّ زعمهم ـ أسوأ من أبي ريّة ، فقد ذكر التاريخ قصّة الحجّاج بن يوسف وما فعله في شأن المسجد الحرام ، ويزيد بن معاوية وقتلة الحسين الشهيد الذي بكت عليه السماء والأرض دماً ، ولعلّهم يتصوّرون أنّ سنّة الله قائمة على محو تراجم من انتقد أبي هريرة والصحابة الذين انقلبوا على أعقابهم وبدّلوا بعد الرسول تبديلا ، ونسوا أنّ التاريخ المليء بالأراجيف والأوهام بحاجة إلى قراءة جديدة لتبقى الحقائق لائحةً لامعةً في جبينه حتّى تصل إليها يد الباحثين والمحقّقين ذوي الضمائر الحيّة وتعرّيها من الأوهام والشبهات فتتقبّلها الفطرة السليمة والعقول النيّرة على مرّ العصور لا سيّما في عصرنا الحاضر عصر العلم. وهذا هو التاريخ لا زال يذكر أمثال النظام والجاحظ والأسكافي وابن أبي الحديد والرافعي والدكتور طه حسين والسيّد شرف الدين بالرغم من انتقاداتهم الشديدة على أبي هريرة ومن شاكله من الصحابة.

وأمّا عدم ذكر ترجمة لِعَلَم عَيْلَم ورائد من روّاد الحركة الإصلاحية للحديث السنّي ـ الأستاذ أبو رّية ـ فلأنّه لم يكن من أساتذة جامعة الأزهر أو الجامعات الأكاديمية ذات الدراسات الدينية التقليدية وإلاّ فليس من المعقول أن لا تذكر له ترجمة وقد طبعت كتبه وشاع صيته واستفحل أمره واستشرى فكره ومنطقه بين حملة العلم وروّاد الفكر ، وكيف يُنسى وقد ناهز الثمانين من عمره وقد رحل عنه أصدقاؤه كأمثال الرافعي


بمعلومات قليلة وجدناها في سائر كتب أبي ريّة ومقالاته ، وبما ذكره بعض العلماء أحياناً في كتبهم.

وقد ذكر السباعي أنّ أبا ريّة كان يعمل في البلدية في ريعان شبابه ، ثمّ تولّى تحرير جريدة التوفيق وشارك في تحرير جريدة المنصورة والسياسة. كان ـ رحِمه الله ـ مولعاً بشراء الكتب بالرغم من الفاقة التي كان يعاني منها(١)شغفاً منه بالأدب والعلم ومكانتهما عنده.

مشايخه :

لم يدرس الأستاذ أبو ريّة دراسة رسمية في الجامعات الأكاديمية والدينية ؛ فلذلك لم يكن له شيخ ولا أستاذ غير عباراته التي تشير إلى الشيخ محمّد عبده(٢) بـ : (أستاذنا) والأستاذ مصطفى صادق الرافعي بـ : (شيخنا) ، إلاّ أنّ أبا ريّة لم يعدّ الرافعي من أساتذته وإنّما وصفه بمثابة صديق كريم يجيب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والزيّات وسعيد العريان وغيرهم إذ خلّفوه وهم في العقد السادس من عمرهم ولكن شاء الله أن يبقى ذكره لامعاً على صحائف من نور حيث يذكره القلم.

(١) قال في هامش أحد رسائل الرافعي : «نزلت بنا نكبة مالية بكلِّ ما يملك من أبي ، وخرج حكم قريتنا من بيتنا بعد أن ظلّ فيه قروناً طويلةً يتولاّه الخلف منهم عن السلف»؟؟؟؟؟.

(٢) وصفه أبوريّة بأنّه «لا يختلف اثنان في أنّه من كبار أئمّة الدين المجتهدين» (أضواء ص٣٥) و «إمام كبير من أئمّة الدين» (حياة الرافعي:١٤٣٠) ثمّ وصفه الشيخ مصطفى السباعي بأنّه «كان قليل البضاعة من الحديث ، وكان يرى في الاعتماد على المنطق والبرهان العقليّين خير سلاح للدفاع عن الإسلام». (السنّة ومكانتها للسباعي : ص٣٠). انظر إلى البون الشاسع بين هذا وذاك.


أسئلة صديقه ، حتّى أنّ أبا ريّة لم يعدّ السيّد محمّد رشيد رضا من أساتذته مع كثرة الثناء والنقل عنه في كتاباته.

كلمات بعض الأعلام حول أبي ريّة وعلاقاته :

١ ـ العلاّمة السيّد محمّد رشيد رضا الحسيني :

نشر أبو ريّة مقالة حول تفسير المنار ـ تفسير القرآن الحكيم ـ للأستاذ السيّد محمّد رشيد رضا في جريدة المقطَّم وأثنى على الأستاذ وتفسيره ، ثمّ طبع رشيد رضا ذلك المقال في مجلّة المنار(١) ، قال فيها :

كلمة خالصة لوجه الله نشرها في المقطم الأستاذ العالم الإصلاحي المستقلّ ، والكاتب العصري المستدلّ ، السيّد الشيخ محمود أبو ريّة :

(كنت أتمنّى من زمان بعيد أن أظفر بتفسير المنار ، ظلّت هذه الأمنية تعتلج في نفسي حتّى قيّض الله لي في هذه الأيّام أن أحصل على أجزائه التي صدرت منه ، وما إن قرأت بعض هذه الأجزاء حتّى ألفيتني تلقاء شيء لا عهد لي به من قبل في كلّ ما قرأته من التفاسير ، واستبان لي أنّ هذا التفسير نسيج وحده فريد في موضوعه.

لقد قرأت كثيراً من التفاسير التي وُضعت لكتاب الله ووقفت على طريقة كلّ مفسر ممّن قرأت ، وعلى أنّهم ـ رضي الله عنهم ـ قد أتوا بما استطاعوا أن يأتوا به ممّا تَأَتَّوْا إليه بعلومهم وأزمانهم وأمكنتهم ؛ فإنّهم لم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مجلّة المنار ج٣٤ ص٢١٢ ، ربيع الأوّل ١٣٥٣هـ.


يصلوا في كثير ممّا فسّروا إلى حقيقة دين الله ؛ ولكنّهم يشحنون تفاسيرهم بقبائل مختلفة من آراء من سبقهم من غير أن يمحّصوا هذه الآراء ليعرفوا صحيحها من باطلها ، أو يحملوا أنفسهم على نصب البحث ليزنوا مقدار من قالها ، وظلّ كتاب الله ـ كما قال حكيم الإسلام السيّد جمال الدين ـ بكراً لم يُفسَّر.

أمّا تفسير المنار الذي أخرجه في هذا العصر حجّة الإسلام الإمام الثقة الحافظ السيّد محمّد رشيد رضا ليكون هداية المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فإنّه يمتاز عن كلّ التفاسير التي سبقته بمزايا جليلة لو ذهبنا لنستقصيها لطال بنا سبيل القول ، ولاحتاج ذلك إلى مقالات مستفاضة ، ذلك بأنّ هذه المزايا متعدّدة المناحي ، كثيرة النواحي ، وبحسبنا اليوم أن نقول في صراحة وإخلاص بغير أن يتوهّم أحد أن نجنح إلى المغالاة : إنّ هذا التفسير خير ما وضع لبيان مقاصد كتاب الله ، وشرح أحكام دينه في عقائده وعباداته وفضائله وآدابه وحلاله وحرامه كما أراد الله أن تكون ، لا كما أراد الناس بآرائهم وأهوائهم ، وإنّه فيض إلهيّ أفاضه الله على قلب وارث النبوّة السيّد محمّد رشيد ، فخرَّج آيات تكشف عن نور القرآن الكريم ؛ ليبدو في هذا العصر كما بدا في زمن البعثة النبويّة والصدر الأوّل زاهراً باهراً.

وممّا راعني في هذا التفسير ما آنسته متجلّياً في كلّ مسألة من العلم الغَزِيرِ بالمعقول والمنقول ، والإحاطة الشاملة بالسنّة المحمّدية ، والتمييز بين صحيحها وضعيفها ، وما ثبت منها وما لم يثبت ، وسعة الإدراك للعلوم


الشرعية ، والاطّلاع على العلوم الاجتماعية والنفسية ، ومناقشة الرواة والعلماء ورجال الجرح والتعديل في بعض رواياتهم وآرائهم وأحكامهم ، حتّى يتبيّن الصالح منها والصحيح ، دع ما أوتيه إمامنا من بلاغة العبارة ، ودقّة الذوق البياني الذي ينفذ إلى أسرار الإعجاز ، فيجلّيها في أحسن معرض. وتراه لقوّة حجّته ، ومتانة أدلّته ، ومبالغته في التحقيق والتمحيص لا يدع لأحد مهما رسخت قدمه في العلم أن يتصفّح عليه ، أو ينقض ممّا قاله كلمة ، أو رأياً.

لقد كنّا نرجو أن ينهض علماء عصرنا إلى كتاب الله العزيز ، فيدرسوه ويتدبّروا آياته ، لكي يثبتوا لأهل هذا العصر أنّ كتابهم صالح لكلّ زمان ومكان ، هاد لكلّ رقيّ وعمران ، على أن يكون عملهم هذا بعيداً عن (مباحث الإعراب وقواعد النحو ، ونكات المعاني ومصطلحات البيان ، وجدل المتكلّمين ، وتخريجات الأصوليّين ، واستنباطات الفقهاء المقلّدين ، وتأويلات المتصوّفين ، وتعصّب الفرق والمذاهب ، وكثرة الروايات ، مجانباً ما سرى إلى أكثر التفاسير من زنادقة اليهود والفرس ، ومسلمة أهل الكتاب).

كما نرجو منهم ذلك ؛ ولكنّنا رأيناهم قد أخلدوا إلى مهاد الدعة ، واكتفوا بأن يقلّدوا في دينهم مَن سبقهم من شيوخهم ، أمّا هذا الكتاب الذي جاء به محمّد صلّى الله عليه وسلّم ليكون هدىً للناس ورحمةً ، فلا بأس من أن يحبس للتبرّك به ، وأن يتلى في الطرق وعلى الموتى وفي الراديو ، ثمّ لا ضير من أن نعيش مع الناس بأجسامنا في هذا العصر ، وندع عقولنا تحيا مع أهل القرون المظلمة.


وكان في النفس حسرة ، وفي القلب لوعة من هذه الحال التي وصل إليها المسلمون في هذا العصر المتحرّك العامل ، ولكنّ الله سبحانه الذي وعد بحفظ (الذكر) الذي أنزله ـ وحفظه بالعمل به ، ولا يأتي العمل به إلاّ بتبيينه ، ولا يبيّنه إلاّ وارث للنبوة ـ قيّض له في هذا العصر الإمام الكبير الحافظ السيّد محمّد رشيد رضا ، ذلك الذي ورث علم الأستاذ الإمام الشيخ محمّد عبده ، فأنشأ يفسّره على طريقته القويمة التي لا يفسّر الكتاب العزيز بغيرها ، والتي ما جاء الدين الإسلامي إلاّ بها ، ولا عمل الرسول صلّى الله عليه وسلّم إلاّ عليها ، تلك هي فهم الكتاب العزيز من حيث هو (دين يرشد الناس إلى ما فيه سعادتهم في حياتهم الدنيا والآخرة).

وإذا كانت الأصول الدينية قد جاء بها الكتاب وبيّنتها السنّة الصحيحة ؛ فإنّ تفسير المنار الذي هو منار التفاسير قد أوفى على الغاية من بيان ذلك ، ولا غرو فهو التفسير الوحيد الجامع بين صحيح المأثور وصريح المعقول ، الذي بيّن حكمة التشريع ، وسنن الله في الاجتماع البشري ، وكون القرآن هداية عامّة للبشر في كلّ زمان ومكان ، وحجّة الله وآيته المعجزة.

فتفسيرٌ هذه صفته وذلك أمره يجب على كلّ مسلم يريد أن يعرف دين الله ، دين السلف الصالح ، دين الفرقة الناجية أن يعكف عليه ويتدبّره ؛ ليصبح من الناجين.

هذه كلمة خالصة أملاها عَلَيّ وجداني ، وأنا أستمتع بكنوز هذا التفسير ، أرسلها صادقةً إلى جميع إخواني المسلمين في مشارق الأرض


ومغاربها ، وآمل منهم أن يضّرعوا إلى الله معي أن يطيل في حياة هذا الإمام حتّى يتمّ رسالته بإتمام تفسير كتاب الله ، وأن يزيده من فضله ، ويبقيه ذخراً للإسلام والمسلمين).

ثمّ بعده علّق السيّد رشيد رضا في الهامش وقال :

نشكر للأستاذ كاتب هذا التقريظ إخلاصه في ثنائه وإطرائه ، وحسن بيانه لما اعتقده وفاض من وجدانه ، فقد صدر المقطم الذي نشر له في مساء الحادي عشر من ربيع الأوّل ، فقرأه في الليل جماعة من العلماء والأدباء الأزهريّين وغيرهم كانوا يسمرون عندنا بدار المنار في ليلة ذكرى المولد النبوي الشريف ، فاتّفقوا على أنّه كلام عالم معتقد مخلص كتبه لوجه الله تعالى كما قال ، فأمّا ما قاله في غرضي وقصدي من هذا التفسير وطريقتي فيه فهو كما قال ، ولله الفضل والشكر ، وأمّا ما أطراني به من سعة العلم والحفظ فهو مبالغة منحني بها ما هو أكثر ممّا عندي ، فإن حفظي قليل ولا أقبل من كلام العلماء إلاّ ما أعتقد ، وإنّما بضاعتي التي أرجو نفعها للناس وقبولها عند الله عزّ وجلّ فهي الإخلاص في تحرّي الحقّ الذي أنزل الله به وله القرآن ، وبيانه بما يفهمه أصناف القرّاء ، ويرجى أنّه يؤثّر في قلوبهم بقدر استعدادهم وحسن الإمكان وحال الزمان ، ولا أزال طالباً للعلم ، آسفاً لضيق الوقت عن تحصيل كلّ ما أحبّ من الاستزادة منه».

٢ ـ السيّد عبد الحسين شرف الدين :

استقصيت في كلمات وآثار السيّد شرف الدين فعثرت على ما يلي :


أ ـ قال السيّد شرف الدين ـ رَحِمه الله ـ في كتاب النصِّ والاجتهاد في المورد الثامن من اجتهادات أبي بكر خلافاً للنصّ حول نحلة الزهراء :

«وإليك كلمة في هذا الموضوع لعَيلَم(١) المنصورة الأستاذ محمود أبو ريّة المصريّ المعاصر ، قال : بقي أمرٌ لابدّ أن نقول فيه كلمةً صريحةً : ذلك هو موقف أبي بكر من فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وما فعل معها في ميراث أبيها ، لأنّا إذا سلّمنا بأنّ خبر الآحاد الظنّي يخصّص الكتاب القطعي ، وأنّه قد ثبت أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قد قال : (إنّه لا يورّث) وأنّه لا تخصيص في عموم هذا الخبر ، فإنّ أبا بكر كان يسعه أن يعطي فاطمة رضي الله عنها بعض تركة أبيها صلّى الله عليه وآله كأن يخصّها بفدك ، وهذا من حقّه الذي لا يعارضه فيه أحد ، إذ يجوز للخليفة أن يخصّ من يشاء بما شاء.

قال : وقد خصّ هو نفسه الزبير بن العوّام [وكان صهره على أسماء] ، ومحمّد بن مسلمة وغيرهما ببعض متروكات النبيّ(٢) ، على أنّ فدكاً هذه التي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) عَيلَم : البئر الكثيرة الماء (تاج العروس).

(٢) قال السيّد شرف الدين في الهامش تعليقاً على كلام أبي ريّة : «وخصّ بنته أمّ المؤمنين بالحجرة فدفنته حين مات فيها إلى جنب رسول الله ، ثمّ دفن فيها خليفته عمر برخصة منها ، فلمّا توفّي الحسن ريحانة رسول الله أراد بنو هاشم تجديد العهد فيه بجدّه.

فكان ما كان ممّا لست أذكره

فظنّ خيراً ولا تسأل عن الخبر

فإنّا لله وإنّا إليه راجعون». (النصّ والاجتهاد : ص٧٠).


منعها أبو بكر لم تلبث أن أقطعها الخليفة عثمان لمروان»(١).

ب ـ ما قاله السيّد مرتضى الرضوي في التعريف بالأستاذ أبو ريّة بعد أوّل لقاء له به فسأله عن أبي هريرة ، فوصفه الأستاذ أبو ريّة بـ : (رجل وضّاع) ، فقال له السيّد الرضوي : قد ألّف الإمام شرف الدين العاملي كتاباً في حياة هذا الراوية المكثر وأسماه : أبو هريرة ، فمدّ فضيلته يده إلى حقيبة كانت معه وأخرج منها كتاب : أبو هريرة الذي ألّفه الإمام شرف الدين العاملي وكانت الطبعة الأولى طبعة صيدا ـ لبنان : وقال : هذا ما أهداه لي الإمام شرف الدين ، فناولني النسخة فأخذتها بيدي فرأيت الإهداء بخطّ الإمام شرف الدين على الكتاب وفيه : ما يشعر بجهاده وعلمه وإكباره [للأستاذ أبي ريّة].

ثمّ أخبرته بوفاة هذا المصلح ـ شرف الدين ـ قبل أسبوع في يوم الإثنين الماضي الموافق (٨ / ٦ / ١٣٧٧ هجري) فتأثّر كثيراً وقال : كان في نيّتي إهداء كتاب الأضواء له عند إتمامه من الطبع(٢).

ج ـ رسالة الأستاذ أبي ريّة إلى السيّد شرف الدين :

سيدّي العالم الجليل السيّد عبدالحسين شرف الدين العاملي حفظه الله.

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته :

وبعد ، فقد قرأت في العدد (٤٢٧) من مجلّة الثقافة تقريظاً لكتابكم(٣)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) هذا كلامه بنصّه قد نشرته مجلّة (الرسالة) المصرية في عددها ٥١٨ من السنة ١١ فراجعه في ص ٤٥٧.

(٢) مع رجال الفكر : ١٣٦.

(٣) طبع هذا المقال ـ وهو للأستاذ أحمد أمين ـ في مقالتنا في مجلّة تراثنا الغرّاء العدد ١١٧ ـ ١١٨ إستدراكاً على موسوعة السيّد شرف الدين رحمة الله عليه.


عن أبي هريرة ، فسرّني أن يظهر كتاب في هذا الرجل الذي كان أوّل راوية اشتهر في الإسلام ، ولأنّي ألّفت كتاباً في حياة الحديث المحمدي وتاريخه وجعلت فيه ترجمة طويلة لهذا الرجل الذي أضرّ الدين بكثرة رواياته ، فإنّي أرجو من سيّدي الجليل أن يتفضّل بإرسال نسخة من كتابه حتّى إذا وجدت فيه شيئاً قد فاتني من تاريخ هذا الرجل زدته على ما كتبته ، وجعلت كتابكم من مصادر كتابي التي بلغت مئات الكتب.

وإنّي سأقدّم كتابي قريباً للمطبعة وعند ظهوره إن شاء الله أرسل لحضرتكم نسخة منه وقد كتبت عن هذا الكتاب في أعداد مجلّة الرسالة الغرّاء رقم (٦٣٣ و٦٥٤ و٦٥٤)(١) عندما يتفضّل سيّدي بإرسال هذالكتاب...

العنوان : الشيخ محمود أبو ريّة. المنصورة. مصر.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

من المخلص ـ محمود أبو ريّة.

٣ ـ السيّد صدر الدين شرف الدين :

تعرّف على الأستاذ وربطت حبل المودّة والمكاتبة بينهما عن طريق الأستاذ الرضوي ، قال الرضوي :

«وقد تبودلت الرسائل بينه [أبو ريّة] وبين السيّد صدر الدين شرف الدين وطلب من الشيخ أن يراسله وأرسل له فصولا من كتابه شيخ المضيرة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) هكذا في أصل الموسوعة ، ج٩ ص ٤٤٣٧.


فنشر منه في عدّة أعداد من مجلّته مجلّة النهج وتوثّقت بينه وبين الشيخ الاتّصالات ، وتبادلت بينهما الرسائل حتّى استطاع الأستاذ صدر الدين أن يقوم بطبع كتابه شيخ المضيرة الطبعة الأولى في صور ـ لبنان(١) ـ وكما تبادلت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وفي تلك الفترة كتب الأستاذ صدر الدين مقدّمة على كتاب شيخ المضيرة قال فيها :

«أقدّم كتاباً ما عرفت صاحبه من قبل ، وإذا كان جهل مثله خمولا في الاطّلاع وقصوراً في النشاط ، فإنّي أحمد لعدوّه أن زكّاه عندي وهو يبالغ بتجريحه والعدوان عليه.

ولقد عرفته أوّل مرّة في كتاب (السنّة) للدكتور السباعي ، إذ استهدفه هذا بنقد عاطفي دلّني على القيمة في (أبو ريّة) وفي (أضوائه) الصافية ، الأمر الذي أتاح لي شرف الدفاع عن الحقيقة فيه وفي كتابه المذكور دون معرفة به ، ولا إلمام بكتابه.

وعرفته بعد ذلك من خلال (أضوائه) فعرفت عالماً متبحّراً يلين بيده الموضوع الصعب ، ويرتفع بناؤه منهجيّاً ، يوازن شكله محتواه وينهض به ، وفي الحقّ أنّه من أنفس ما أنتجته الدراسات الإسلامية الحديثة ، وأهداها في فنّ الوصول إلى الحقيقة.

ولا يقلّ (شيخ المضيرة) الكتاب الذي نقدّمه عن كتاب (الأضواء) بل هو فلذة منه تناولها المؤلّف بالتحسين ، وخصّها برعاية أبرزتها عملاً مستقلاًّ ذا عطاء يغني محصول (الأحياء) المعتبر اليوم أحد مصادر تقدّمنا الأساسية.

وقد أوضحنا غير مرّة أن تجديد الأبحاث القديمة شيء ، ونبش الضغائن شيء آخر ، وأنّ التناول الموضوعي هو القياس في التمييز بينهما ، ولا حاجة للتأكيد أنّ أوّلهما نافع ، وثانيهما ضارّ ، ولكن ما يجب التحذير منه هو الخلط بينهما ، فالخلط خبط يثير الحفائظ وينتج الفتن ، ولا ينفع إلاّ الأعداء.

أقول هذا وأشير إلى العلاّمة مؤلّف هذا الكتاب الناهض شاهداً من عشرات الشواهد على نتائج الخلط المشار إليه ، أفليس من أغرب ما يسمعه المرء المعاصر أن يحاصر كاتب حرّ وتضرب حوله السدود والأقفال لرأي قاده إليه الدليل ، وحرّكه نحوه الجهر بالحقّ؟

تلك هي محنة العلاّمة (أبو ريّة) ، وهي محنة إذا وجدت في القرون الوسطى


الرسائل بينه وبين الشيخ محمّد جواد مغنية حول طبع شيخ المضيرة أبو هريرة وذلك قبل أن يتمّ الاتّفاق مع السيّد صدر الدين شرف الدين ، كما تبادلت الرسائل بينه وبين آية الله الخوئي ، والأستاذ رشيد الصفّار(١) ، وكان آية الله الخوئي عندما تصل إليه رسائل الشيخ محمود أبو ريّة كان يرسل عليّ ويطلعني عليها أو يرسلها لي لأطّلع عليها....قال ـ تغمّده الله برحمته ـ في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسوّغاً من عشوائية المرحلة فليس لها في عصرنا أدنى مسوّغ ، وأغرب ما في هذه المحنة أن طوقها من صنع غير الحكّام خلافاً للمعهود في الأزمنة الغابرة.

الطوق اشترك في حبكه حول (أبو ريّة) كتّاب كالسباعي أحاطوه بأراجيف وافتراءات منفردة ، وناشرون استغلّوا ظرفه هذا فاشترطوا لنشر كتابه تجريده من حقوق المؤلّف ، ولك أن تجد بين هؤلاء وأولئك سبب تطوّعنا لنشر هذا الكتاب الجليل.

بقى أنّ السباعي وأمثاله سيؤكّدون للبسطاء من قرّائهم تهمة تشيّع (أبو ريّة) ويسوقون التهمة ـ كما جاءت في كتاب السنّة ـ بأسلوب المرجفين ، وليت السباعي يحيى عصره ليخفّف على نفسه ثقل هذا الأسلوب الغليظ ، فالتشيّع لم يعدّ كفراً ، ولا إلحاداً في الدين ، ولم يعد التسنّن ضلالة ، ولا خروجاً على الإسلام كذلك ، وإنّما هما في مفهوم الوعي الحديث جدولان يتألّف منهما نهر الإسلام الكبير ، فلا يخطّئ الإسلام متديّن تشيّع أو تسنّن ، أمّا الذين يخطّئونه حقّاً فإنّما هم المرجفون المفرّقون المتعصّبون من الفريقين.

والبحث في الحديث والمحدّثين بحثاً علميّاً ينفض عنهما غبار القِدَم رسالة لا يقدّرها حقّ قدرها إلاّ مسلم يعيش الإسلام بعلم وإخلاص. هدانا الله لما فيه صلاح أنفسنا ومصلحة أمّتنا ، ولا يشذّ عن هذين تأليف هذا الكتاب ولا نشره ، ولا الانتفاع بقراءته واقتنائه. صدر الدين شرف الدين».

(١) رئيس ملاحظي الحقوق في المصرف الزراعي المركزي في بغداد ، ومحقّق (ديوان الشريف المرتضى) المطبوع في ثلاثة أجزاء بمصر ، وكتاب (جمل العلم والعمل) للشريف المرتضى أيضاً وطبع في النجف وإيران.


أحد رسائله خطاباً إلى المرجع الديني السيّد الخوئي :

(عزمتُ على وضع كتاب باسم : أمير المؤمنين عليٍّ وما لقي هو وبنوه من أصحاب رسول الله(١).

أوّلا : من الثالوث الأوّل أبو بكر وعمر وعثمان.

ثانياً : من الثالوث الثاني عائشة وطلحة والزبير.

وثالثة : الأثافي(٢) ما صنعه عثمان من تأسيس الدولة الأموية ثمّ انتهاء أمر الخلافة إلى سكّير خمر عربيد(٣) ملعون هو وأبوه وجدّه.

وإنّي الآن أعكف على قراءة المصادر التي تعينني على ذلك وكلّ ما أرجوه أن يوفّقني الله إلى أداء هذا العمل على أكمل وجه.

محمود أبو ريّة

القاهرة

١٢ / ١ / ١٣٨٨ هـ)».

* وممّا يقتضي العجب أنّ الأستاذ صدر الدين وأبا ريّة قد رحلا في نفس السنة (١٣٨٩ هجري) ، أحدهم في القاهرة والآخر في بيروت. رحمة الله عليهما.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كتب هذا الكتاب وبقي مخطوطاً ، ووعد السيّد الرضوي بطبعه ولكن....ليس كلّ ما يتمنّى المرء يدركه.

(٢) الأُثْفِيَّةُ ، والإثْفِيَّةُ : الحَجَرُ الَّذِي تُوضَعُ عليه القِدْرُ ، وجَمْعُها : أَثافِي.

(٣) العِرْبيدُ والمُعَربِدُ : السَّوَّار في السُّكر.(لسان العرب : مادّة عربد).


٤ ـ العلاّمة السيّد مرتضى العسكري :

كان العلاّمة العسكري من الأوّائل الذين عرّفوا الأستاذ على الشيعة وأعلامها ؛ يقول العلاّمة في مقدّمة كتاب عبدالله بن سبأ بعد مرور سنة واحدة على وفاة الأستاذ :

وفاء وذكرى :

تبودلت خلال عشر سنوات كتب كثيرة بيني وبين عالم مصر الباحث وفقيدها الراحل الشيخ محمود أبو ريّة ، نشر هو رحمه الله اثنين من رسائلي إليه في كتابه : أضواء على السنّة المحمّدية ، وأسجّل هنا أمام هذا الكتاب اثنين من رسائله إليّ وفاءً له ، وذكرى لمرور عام على وفاته ، تغمّده الله برحمته وأسكنه فسيح جنّته(١).

بسم الله الرحمن الرحيم

حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الجليل الشيخ مرتضى العسكري

من كبار علماء النجف الأشرف ـ بالعراق

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد :

فقد جرى حديث بين جمع من العلماء الأحرار وجاء ذكر العلماء المتحرّرين وتآليفهم التي تنفع المسلمين ، فذكر بعضهم أنّ سيادتكم ألّفتم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أثبتناها هنا بسببين : أوّلا لنفاستها وثانياً قد لا يكون هذا الكتاب ـ عبدالله بن سبأ ـ في متناول أيدي القراء.


كتاباً قيّماً عن عبد الله بن سبأ ذكرتم فيه حقائق لم يهتد أحد قبلكم إليها ، وصرّحتم بآراء لا يستطيع مقلّد جامد أن يجهر بها ، فحبّب لي ذلك أن أطّلع على هذا المؤلّف النفيس واستخرت الله أن أطلبه من سيادتكم ويقيني أنّكم ستتفضّلون بإرسال نسخة منه ، ولسيادتكم أخلص الشكر سلفاً. والسّلام عليكم ورحمة الله.

المخلص محمود أبو ريّة

مصر الجيزة في ١٧ من المحرّم سنة ١٣٨٠ هـ.

الموافق ١١ / يوليه / سنة ١٩٦٠ م.

كان هذا أوّل كتاب تلقّيته من المغفور له الشيخ أبو ريّة ، وتلقّيت منه الكتاب الآتي بعد تلبية طلبه وإرسال الجزء الأوّل من عبد الله بن سبأ إليه.

بسم الله الرحمن الرحيم

سيّدي الكريم العالم الجليل الأستاذ مرتضى العسكري حفظه الله.

سلام عليكم ورحمته وبركاته.. وأدعوه تعالى أن تكونوا على خير ما أرجو لكم صحّة وعافية ـ وبعد.

فإنّي انتهز اليوم هذه الفرصة فأذكر لكم كلمة وجيزة عن مؤلّفكم النفيس عبد الله بن سبأ بعد القراءة الأولى لأنّي سأعود إلى قراءته مرّة أخرى فأقول لكم : إنّ بحثكم في هذا الكتاب كان بحثاً أكاديميّاً لم يطرقه أحد قبلكم ، وإنّي أهنّئكم تهنئةً صادقةً على أنّ الله قد وفّقكم للقيام بهذا البحث وهداكم إلى الوصول إلى هذه الحقائق التي لم يهتد إليها أحد في الأربعة عشر


قرناً الماضية ، وقد صدّق بحثكم هذا ما قاله بعض علماء أوربّا ـ وأظنّه (ويلز) ـ من أنّ التاريخ كلّه أكاذيب!! وأنّ هذا لينطبق ـ وا أسفاه ـ على التاريخ الإسلامي الذي أملته الأهواء والعصبيّات في كلّ عصر... حتّى أصبح في حاجة إلى أن يدرس من جديد دراسة عميقة صحيحة ، وإنّ كتابكم ـ عبد الله ابن سبأ ـ (ليعُدّ بحقّ) المدخل لهذه الدراسة فاحمدوا الله على أن ادّخر ذلك إليكم ، واستعينوا بالله وسيروا في طريقكم ملتزمين هذه السنن ، ولا تبالوا أحداً أبداً.

وكلّ ما أرجوه أن تظهروا الحقائق كما تبدوا لكم بعد التمحيص ، وأن تتلطّفوا في استخراج النتائج من مقدّماتها وتدعوا للقارئ أن يستزيد من فهمها وبخاصّة فيما يتّصل بأبي بكر وعمر ، لأنّ العقول ما زالت لا تحتمل الحقائق ظاهرة مكشوفة.

أختم بأطيب التحية ، والسّلام عليكم ورحمة الله.

المخلص محمود أبو ريّة

الجيزة ٩ شارع قرّة بن شريك.

٢٠ رجب سنة ١٣٨٠ هـ ، في ٧ يناير ١٩٦١ م.

٥ ـ السيّد مرتضى الرضوي :

إنّه أوّل من ترجم أبا ريّة وكتب عنه ترجمةً مفصّلةً وذكر ملاحظات من أبي ريّة لم يكن يعرفها أحد من قبل كاتّصال أبي ريّة بالسيّد الخوئي والشيخ


مغنية وسائر علماء الإمامية.

إنّه كان يرسل لأبي ريّة جميع ما يحتاج إليه من مصادر الشيعة.

قال الرضوي : قال لي بالحرف الواحد :

ألّفت هذا الكتاب ـ أضواء ـ لأقدّمه إلى سدّة الرسول الأعظم صلوات الله عليه وقد نزّهت أحاديثه ممّا شأنها ، تقرّباً إليه ، وزلفاً إلى ربّه ، يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلاّ من أتى الله بقلب سليم ، (وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَواباً)(١).

وقال في أحد رسائله إلى السيّد الرضوي :

أسرّك بخبرين ، ذلك أنّني تلقّيت أخيراً تفسير التبيان لشيخ الطائفة وهو في عشرة أجزاء كبار وكانت هديّة من المفضال الحاجّ عبد الرزّاق العويناتي ، وكتاب الغدير من تأليف العالم الشيخ عبد الحسين الأميني النجفي ، وهو ١١ مجلّداً وهو دائرة معارف ، وقد عكفت على قراءته لأنّه يعينني كثيراً على الكتاب الذي أنا بصدده عن عليٍّ عليه‌السلام وأدعو الله أن يعينني على قراءته واستخراج ما فيه ممّا ينفع كتابي ، والذي تفضّل بإرساله إليّ هو العلاّمة : أحمد الوائلي.

وقال أيضاً :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة مريم : ٧٦.


في ٥ / ١١ / ١٩٦٩م وصلتني رسالة من الأستاذ أبو ريّة تاريخها٢٦ / ١٠ / ١٩٦٩م من القاهرة يقول فيها :

كتاب قصّة الحديث المحمّدي الذي كانت وزارة الثقافة قد طلبته منّي منذ عشر سنين ووقف الأزهر في سبيله حتّى لا يظهر قد أراد الله أن يظهر رغم أنف الأزهر بعد ما قرأه الدكتور طه حسين وشهد بقيمته شهادةً فائقةً وسأرسل لك نسخةً منه هديّة ومعها بعض نسخ لأصدقائنا الأعزّاء ومع كلّ نسخة بيان مطبوع منّا...

وفي ٢٠ / ١١ / ١٩٦٩م جاءني البريد ويحمل ملفّاً فيه ثلاث نسخ من الكتاب ـ قصّة الحديث المحمّدي ـ أحدهما كانت باسمي ، والثانية باسم السيّد العسكري ، والثالثة للأستاذ رشيد الصفّار ، وفي كلّ نسخة بيان مطبوع وإليك نصّه :

للحقيقة والتاريخ :

كان من حقّ هذا الكتاب ـ قصّة الحديث المحمّدي ـ أن يخرج إلى الناس مطبوعاً منذ أكثر من عشر سنين ، ذلك بأنّ وزارة الثقافة المصرية كانت قد طلبت منّا مختصراً لكتابنا : أضواء على السنّة المحمّدية عندما ظهرت طبعته الأولى في سنة ١٩٥٨م لتجعله حلقةً في سلسلة مكتبتها الثقافية ، وقبل نشره عرضته على الأزهر ليبدي رأيه فيه وما كاد يقف عليه حتّى أرصد له من كيده فرماه بأنّ فيه ما يخالف الدين ، وطلب عدم نشره وتداوله بين


المسلمين ، ولم تستطع هذه الوزارة أن تخالف عن أمره لأنّه ما يربطه على الأرض يكون مربوطاً في السماء ، وظلّ هذا الكيد يلاحق الكتاب هذه السنين الطويلة لكي يحول دون نشره بين الناس(١) إلى أن علم أخيراً بالأمر نصير الدين والفكر الدكتور طه حسين طلب أصول الكتاب من وزارة الثقافة ولما اطّلع عليه أعاده علينا مع خطاب ، دحض فيه ما رماه الأزهر به. وصرّح في جلاء أنّه موافق للدين كلّ الموافقة لا يخالفه ولا ينبو عنه في شيء مطلقاً.

وأنّه مفيد فائدة كبيرة جدّاً في علم الحديث... وأنّ في نشره الخير كلّ الخير ، والنفع كلّ النفع وبذلك انحسم الأمر ، وحصحص الحقّ ، واتّخذ الكتاب سبيله إلى الناس مطبوعاً لينتفعوا به.

ولأهمّية خطاب الدكتور طه حسين نشرنا صورته على غلاف الكتاب ، تبصرة لأولي الألباب.

محمود أبو ريّة ١٣ / ١٠ / ١٩٦٩م(٢)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) «وقف الأزهر في سبيل هذا الكتاب كما وقف في سبيل كتابين لنا آخرين وهما كتاب : (دين الله الواحد) وكتاب (صيحة جمال الدين) وقامت في سبيل ذلك معارك حامية على مجلّة الأزهر وغيرها واهتمّ الناس بهذه المعارك وتوقّعوا ما قد يترتّب عليها من عواقب قد تضرّنا لأنّ الأزهر بقوّته وجحافله كان يحاربنا ونحن وحدنا ولم يكن وراءنا في هذا المعمعان أحد يؤيّدنا ، ولكن الله سبحانه هو العون والوزر وقد كتب لنا بفضله النصر والظفر ، وبتأييده تعالى باءت كلّ الحملات التي وجّهت إلينا. من كلّ جانب بالخيبة والهزيمة والحمد لله حمداً كثيراً». أنظر : مع رجال الفكر في القاهرة ١ / ١٥٤ هامش ٢.

(٢) مع رجال الفكر ١ / ١٣١ ـ ١٥.


٦ ـ العلاّمة السيّد محمّد حسين الحسيني الطهراني :

ينقل عن كتابه كثيراً كما في كتاب معرفة الإمام(١) وكتاب نور ملكوت القرآن ويصفه بـ :

العالم والفقيه المستبصر السنّيّ المصرىّ ، المتحرّر من التعصّب المرحوم الشيخ محمود أبو ريّة ـ حشره الله مع أميرالمؤمنين وأبنائه المعصومين ، وأبعده ممّن يتبرّأ منه ويُبغضه ـ في كتابه القيِّم الكريم أضواء على السنّة المحمّديّة الذي أرى من الضروريّ لكلّ طالب علم يخطو في طريق الحديث والفقه والأصول أن يطالعه بدقّة ويمعن النظر فيه من أوّله إلى آخره(٢).

وقال أيضاً في أدلّة ولاية الفقهاء في الحديث المرويِّ عن الإمام العسكريِّ ـ سلام الله عليه ـ بعد أن بحث حول التفسير المنسوب إليه وبيان الضعف والتدليس لدى الوضّاعين وانتشار الموضوعات من الأحاديث يقول :

«وكَتَبَ علماء الشيعة قصصاً كثيرة حول الوضع والكذب في الروايات ، وأوردوا مطالباً نافعة ، كما أنَّ بعض محقّقي العامّة أيضاً قد أوردوا أبحاثاً مفيدة في ذلك ، ومن أجودها وأحسنها كتاب أضواء على السُّنَّة المحمّديّة للشيخ أبو ريّة ، العالم الخبير والمتضلّع والبصير والمنصف الشهم ، حيث

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) في بحوث كثيرة وخاصّة في بحث : تَقَدُّمُ الشِّيعَةِ وَتَأسِيسُهُمْ جَمِيعِ العُلُومِ ، وبحث : إرْجَاعُ مُعَاوِيَةَ مَسَارَ النُّبُوَّةِ العَادِلَةِ إلى الطَّاغُوتِيَّةِ المُتَجَبِّرَة.

(٢) معرفة الإمام ١٤ / ٢٨٨.


أزاح في كتابه الستار عن كثير من جرائم الحديث ، وضعّف أسس وبناء أصول العامّة وأهل السنّة وكتبهم. ومن اللازم لطلاّب العلوم الدينيّة مطالعة الكتاب والتدقيق في جميع محتوياته ، لزيادة الخبرة والبصيرة في تحوّل الرواية ، وعدم الاعتماد على حديث وفقه العامّة».

٧ ـ السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي :

كثيراً ما يعبّر عنه في حواشيه على إحقاق الحقّ للقاضي نور الله الشهيد بـ : «العلاّمة المعاصر المنصف».

الصفات البارزة لأبي ريّة :

١ ـ لا يخشون أحداً إلاّ الله :

كان الأستاذ يحرّض الناس ويحضّهم على التحقيق في نصوص دينهم وعدم المبالاة بتكفير الأزهر والأزهريّين ـ كما هو من دأبهم(١) ـ. حيث كان يرفض عدالة بعض الصحابة ويصف بعضهم بـ : (الوضّاع) و (الكذّاب) وغيرها من الصفات ولا يخشى أحداً إلاّ الله في ذلك ، حيث اختتم الأستاذ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) يقول الأستاذ أبو ريّة : «كنت ذات يوم مع الشيخ محمّد أبو زهرة في كلّية الحقوق وجاء ذكر طريقة الأزهر في المناقشة [الذي يقوم على السبّ والشتم والطعن في دين الغير ممّا يحسبونه من أسباب التفوّق والغلب] وكان قد أفاض علينا ذنوباً من هجائه المعروف فسألته : لم يتّخذ الأزهر هذه الطريقة؟ فقال : إنّ هذه هي طريقتنا ولا يمكن أن نتحوّل عنها ، فهنّأتُه عليها وسكت!» (شيخ المضيرة :٢٨).


أحد كلماته القيّمة حول أبي هريرة بقوله :

«لو أنّ أبا هريرة هذا الذي كشفت عن حقيقة تاريخه هنا كان كما يزعمون ـ راوية الإسلام ـ في عقائده وعباداته وأحكامه وآدابه بحيث لا يؤخذ في ذلك كلّه إلاّ بما يرويه ، ولا يتّبع إلاّ ما يحكيه ، وأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قد عهد إليه وحده أن يكون راوية الإسلام للناس كافّة لكنت أوّل كافر به ، ولا أبالي! والحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين ، وعلى آله الأطهار الأكرمين ، ورضى الله عن أصحابه الصادقين المخلصين ، الذين اتّبعوه بإحسان وظلّوا على هديه سائرين غير المنافقين الكاذبين ، الذين ركبوا أهواءهم وغيّرتهم الدنيا وزينتها فباءوا بالخسران المبين»(١).

٢ ـ المودّة في القربي :

أوذي في سبيل العقيدة الإسلامية إيذاءً شديداً واستمرّ إلى آخر يوم في حياته وهو يسعى جاهداً في طريق الحقّ بصدق وإيمان ، وكان يدافع عن أهل بيت العصمة وينتصر لهم في مقالاته وكتبه ، واقتطفنا هنا بعض أقواله في الذبّ عن آل البيت عليهم‌السلام في كتابيه أضواء وشيخ المضيرة :

أ ـ إنّه ينقل أنّ البخاري لم يرو حديثاً عن جعفر بن محمّد الصادق سلام الله عليه ، ثمّ يقول معلّقاً :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) شيخ المضيرة : ٢٧٦.


«وإذا كان البخاري لا يحتجّ بمثل هذا العَلَم الشامخ فبمَن يحتجّ؟»(١).

ب ـ قال الأستاذ بعد البحث عن عدالة الصحابة بالصراحة :

«يقول الفقهاء : إنّ الباغي على الإمام الحقّ ، والخارج عليه بشبهة أو بغير شبهة هو فاسق ، ولا ندري ماذا يقولون فيمن خرج على عليٍّ من كبار الصحابة؟ هل يدخلون تحت هذا الحكم؟ أم أنّ الصحبة تخرجهم منه؟!»(٢).

ج ـ ويقول أيضاً :

«كانت عائشة كما قلنا تسوّغ خروجها على عليٍّ بأنّها تطالب بثأر عثمان على حين أنّ القرآن يقول في سورة الأحزاب (وَقَرْنَ فِي بُيُوْتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ...)(٣) الآية ، وانظر الفرق الهائل بينها وبين الحصان العاقلة الرزان(٤) أمّ سلمة التي كانت تقول كما روى البخاري عنها : لا يحرّكني ظهر بعير حتّى ألق النبيّ»(٥).

د ـ يذكر مترجم الفارسية لكتاب شيخ المضيرة أنّ الأستاذ أبا ريّة يدافع عن أهل البيت مع احترام مؤكّد في حقّهم ، يقول الأستاذ في الهامش :

«أنّ حبَّ آل البيت والتشيّع لهم لفرض على كلّ مسلم مؤمن برسالة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أضواء : ٣٤٣.

(٢) شيخ المضيرة : ١٧٦.

(٣) الأحزاب : ٣٣.

(٤) امرأة رزان : ذات وقار وعفاف (العين : رزن) ؛ رزن الرجل بالضمّ فهو رزين أي وقور ، وامرأة رزان إذا كانت رزينة في مجلسها (مجمع البحرين : رزن).

(٥) نفس المصدر : ١٧١.


محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم»(١).

٣ ـ وجادلهم بالتي هي أحسن :

إنّ علماء العامّة تعتمد في دراساتها للحديث على مصادرها فقط ولا تراجع مصادر أخرى غيرها ، وقليلا ما تجد أحداً من علماء السنّة ينقل عن كتب الشيعة ، ولذلك فإنّك نادراً ما ترى كتاباً من كتب الشيعة في مكتباتهم لا في الحجاز ولا في مصر ولا في الشام ولا في غيرها من البلاد الإسلامية ، وإذا أراد أحدٌ منهم أن ينقل كلمة من أعلام الشيعة يرمونه بالتشيّع ويقولون : إنّه يأتينا بكلام لا نعرفه ، ولا نثق به! فنرى من بين القوم أناساً كانوا يستمعون صولة الحقّ فيحقّقون وينقّبون ولا يبالون حتّى تنكشف لهم حقيقة الأمر فأولائك هم (الّذِيْنَ يَسْتَمِعُوْنَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُوْنَ أَحْسَنَهُ)(٢) وكان الأستاذ أبي ريّة منهم وهو من أقدم السائرين في ذلك النهج ، إذ تراه يتعامل مع كتب الشيعة تعاملا علميّاً بكلّ أدب وإجلال ، وفوق ذلك كلّه كان يحرّض الناس على قراءة كتب الشيعة والاستفادة منها ، كما أنّه كتَب على بعضها مقدّمة نفيسة تحكي عن تبحّره وسيطرته على التاريخ والحديث.

هذا وهنا قائمة بأسماء كتب الشيعة التي نقل الشيخ أبو ريّة عنها في كتبه أو كان يثني عليها في مقالاته في المجلاّت المصرية :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) شيخ المضيرة : ٣٠٩.

(٢) الزمر : ١٨.


ـ نهج البلاغة وفي ذيله شرح الحديدي :

أوصى الرافعي أبا ريّة أن يحفظ نهج البلاغة لتقوية إنشائه في الكتابة لمّا سأله أبو ريّة عنه في ذلك.

ـ البيان في تفسير القرآن للسيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي :

«وهذا الكتاب وحده كاف في بيان هذا الأمر لأنّ مؤلّفه الجليل قد درسه درساً وافياً ، وفصّل فيه القول تفصيلا بحيث لا تجد مثله في كتاب آخر حتّى ليجب على كلّ مسلم أن يقرأه ليستفيد منه علماً ومعرفة»(١).

ـ عبد الله بن سبأ للسيّد مرتضى العسكري :

«قد ظهر كتاب نفيس اسمه عبد الله بن سبأ من تأليف العالم العراقي الكبير الأستاذ مرتضى العسكري أثبت فيه بأدلّة قويّة مقنعة أنّ هذا الإسم لا حقيقة له....»(٢).

ـ أحاديث أمّ المؤمنين عائشة للسيّد العسكري أيضاً :

كتب الأستاذ مقدّمة طويلة(٣) على هذا الكتاب وجعلها العلاّمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أضواء : ٢٤٨.

(٢) نفس المصدر : ١٧٨.

(٣)       

بسم الله الرحمن الرحيم

يحسب العامّة وأشباه العامّة من الذين يزعمون أنّهم على شيء من العلم أنّ التاريخ الإسلامي ـ وبخاصّة في دوره الأوّل ـ قد جاء صحيحاً لا ريب فيه ، وأنّ رجاله جميعاً ثقات لا يكذبون ، وهم ـ من أجل ذلك ـ يصدّقون كلّ خبر جاء عن هذه الفترة ، ويشدّون أيديهم على تلك الأحاديث التي شحنت بها الكتب المشهورة في الحديث ،


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 تلك التي حملت الطمَّ والرمَّ ، والغثَّ والسمين ، والصحيح القليل ، والموضوع الكثير.

وقد بلغ من ثقتهم بأحاديث هذه الكتب ، أنّ من يشكّ في حديث منها يُعَدُّ في رأيهم فاسقاً!!

وإذا كان الله قد آتاهم عقولاً ليفهموا بها ، وأفهاماً يَزِنونَ بها ، فإنّهم يعطّلون هذه المواهب استمساكاً بالتقليد الأعمى ، والتعبّد لمن سلف!

وإذا أنت بصَّرتهم بالحقّ ، وبيَّنت لهم المحجَّة الواضحة ؛ لوَّوا رؤوسهم ، وأصرُّوا على معتقداتهم واستكبروا استكباراً.

ولَيتك تسلم من ألسنتهم ، بل يرمونك بشتائمهم وسبابهم ، ويسلقونك بألسنتهم ، وقد بلوت ذلك منهم عندما أخرجت كتابي أضواء على السنَّة المحمّدية الذي أرَّخت فيه الحديث ، وكشفت كيف روي ، وما شاب رواياته من الموضوعات ، ومتى دوِّن ، وما إلى ذلك ممّا يجب بيانه. فإنّهم ما كادوا يقرأونه حتّى هَبَّت عليّ أعاصير الشتائم والسباب من كلّ ناحية ، من مصر والحجاز والشام! فلم أبال كلّ ذلك بل استعذبته لأنِّي على سبيل الحقّ أسير ؛ فلا يهمّني شيء يلاقيني في هذا السبيل مهما كان.

ومن عجيب أمر هؤلاء الذين يقفون في سبيل الحقّ حتّى لايظهر ، ويمنعون ضوء العلم الصحيح أن يبدو ، أنّهم لا يعلمون مقدار ما يجنون من وراء جمودهم ، وأنّ ضرر هذا الجمود لا يقف عند الجناية على العلم والدين فحسب ؛ بل يمتدّ إلى ما وراء ذلك.

فإنّ الناشئين من المسلمين وغير المسلمين الذين بلغوا بدراستهم الجامعية العلمية إلى أنّهم لا يفهمون إلاّ بعقولهم ، وما وصلوا إليه بعلمهم ، قد انصرفوا عن الإسلام لمّا بدا لهم على هذه الصورة المشوَّهة التي عرضها هؤلاء الشيوخ عليهم.

من أجل ذلك كلّه كان من الواجب الحتم على العلماء المحقّقين الذين حرَّروا أعناقهم من أغلال التقليد ، وعقولهم من رِقّ التعبُّد للسلف ، أن يشمِّروا عن سواعد الجدِّ ، ويتناولوا تاريخنا بالتمحيص ، وأن يخلّصوه من شوائب الباطل والعصبيّات ، ولا يخشون في ذلك لومة لائم.

وإنّي ليسرُّني كلَّ السرور أن أشيد بفضل عالم محقّق كبير من علماء العراق قد


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نهض ليؤدّي ما عليه نحو الدين والعلم فأخرج للناس كتباً نفيسة كانت كالمرآة الصافية التي يرى فيها المسلمون وغير المسلمين تاريخ الإسلام على أجمل صوره في أوّل أدواره ، ذلكم هو الأستاذ (مرتضى العسكري) فقد أخرج لنا ـ مِن قَبْلُ ـ كتاب (عبدالله بن سبأ) أثبت فيه بالأدلّة القاطعة ، والبراهين الساطعة ، أنّ هذا الإسم لم يكن له وجود ، وأنّ السياسة (لعنها الله) هي التي ابتدعت هذا الإسم لتجعله من أسباب تشويه وجه التاريخ ، وبيَّن أنّ شيخ المؤرّخين في نظر العلماء وهو الطبري قد جعل جلّ اعتماده في تاريخه ورواياته على رجل أجمع الناس على تكذيبه. ومن الغريب أنّ جميع المؤرِّخين الذين جاؤوا بعد الطبري قد نقلوا عن ابن جرير كلّ رواياته بغير تمحيص ولا نقد ، وهذا الرجل الكذّاب هو : سيف ابن عمر التيمي.

وأردف العلاّمة مؤلّف هذا الكتاب النفيس بكتاب آخر أكثر منه نفاسة هو كتاب (أحاديث عائشة) وقد تناول في هذا الكتاب تاريخ هذه السيّدة لا كما جاء من ناحية السياسة والهوى والعصبية ، ولكنّ من أفق الحقيقة التي لا ريب فيها ، وكتبه بقلم نزيه يرعى حرمة العلم وحقّ الدين. لا يخشى في الله لومة لائم.

أشار الأستاذ في تمهيده لكتابه إلى ما في الأحاديث التي نسبت إلى النبيّ(ص) من اختلاف بين حديث وآخر ، وبين بعض تلك الأحاديث ، وآي من القرآن الكريم ممّا كان مثار الطعن والنقد إلى النبيّ من أعداء الإسلام.

ثمّ بيَّن أنّ هذه الأحاديث إن هي إلاّ مجموعات مختلفة رويت عن رواة مختلفين ، وعلى الباحث العالم النزيه أن يقوم بتصنيفها نسبة إلى رواتها... ثمَّ يدرّس أحاديث كلّ منهم على حدة ، وبخاصّة أحاديث الرواة المكثرين أمثال : عائشة ، وأبي هريرة ، وأنس ، وابن عمر ، مع دراسة حياة راويها ، وبيئته وظروفه ، ثمَّ مضى يقول :

إنّ التاريخ الإسلامي منذ بعثة الرسول حتّى بيعة يزيد بن معاوية لا يفهم [فهماً] صحيحاً إلاّ بعد دراسة أحاديث أُمّ المؤمنين دراسةً موضوعيةً.

ولأنّ الأستاذ المؤلّف بصدد البحث عن التاريخ الإسلامي في دوره الأوّل فقد قدّم هذه الدراسة على غيرها من الدراسات.

وبعد أن بيَّن صعوبة هذه الدراسة لما يجد في سبيلها من عقبات متعدّدة أخذ في


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ؤ موضوع دراسته فبيَّن نسب عائشة ، ومولدها ، وتزوّجها من النبىّ(ص) وما صنعته معه (كامرأة) ـ كما قال شوقي ـ من مكر وكيد (إنّ كَيْدَهُنّ عَظِيْمٌ).

وإنّها قد أقامت مع النبيّ نيّفاً وثمانية أعوام ، ثمَّ أخذ يذكر أنّها كانت تؤيّد خلفاء النبيّ : أبا بكر وعمر وعثمان في أوّل خلافته ، ثمَّ انحرافها عنه وترأسها للمعارضة له حتّى بلغ من أمرها أنّها كانت تحرّض على قتله ، وما أن قتل هذا الخليفة بسبب خروجه عن نهج سابقيه ، وتركه الأمر لقومه يتصرّفون فيه بأهوائهم ؛ حتّى (برزت) تُعارِضُ عليّاً معارضةً شديدةً لم يلق مثلها من غيرها ، وكان أوّل شيء بدا منها لهذا الإمام العظيم أنّها ما كادت تعلم بنبأ بيعته حتّى ثارت ثائرتها وصاحت : لا يمكن أن يتمّ ذلك! ولو انطبقت هذه على هذه ـ أي السماء على الأرض ـ وما لبثت أن ألَّبت عليه طلحة والزبير وقادوا جميعاً الجيوش الجرّارة لمحاربة عليّ رضی‌الله‌عنه في وقعة الجمل وكانت تركب جملاً من المدينة إلى البصرة ، وبعد أن انتهت هذه المعركة بسفك الدماء المحترمة ، وبقتل طلحة ؛ أعادها عليّ رضی‌الله‌عنه إلى المدينة مكرّمةً لم ينلها سوء ، ولكنّها لم تحفظ له هذا الجميل ، ولم ترجع عن غيّها ، وظلّت ضدّه بكلّ وسيلة وكان من ذلك أن كانت تؤيّد معاوية في حروبه ضدَّ عليّ رضی‌الله‌عنه ولم تهدأ ثائرتها حتّى قُتِلَ علىُّ ، فقرّت عينها ، وهدأت نفسها ، وتمثّلت عند قتله بقول الشاعر :

فألقت عصاها واستقرَّ بها النّوى

كما قرَّ عيناً بالإياب المسافر

وقد كان ذلك بسبب ضغنها لعليّ رضی‌الله‌عنه ، وما يكنّه صدرها له لأنّه زوج فاطمة بنت خديجة ، وما كان لموقفه من حديث الإفك ممّا بيّنه شاعر الإسلام الكبير أحمد شوقي بأحسن بيان فقال يخاطب عليّاً رضی‌الله‌عنه بقوله :

ياجبلاً تأبى الجبال ما حمل

ماذا رمت عليك ربّة الجمل

أثأر عثمان الذي شجاها

أم غصّة لم ينتزع شجاها

ذلك فتق لم يكن بالبال

كيد النساء موهن الجبال

وإنّ أمّ المؤمنين لامرأة

وإنْ تَك الطَّاهرةَ المبرَّأة

أخرجها من كنّها وسنّها

مالم يزل طول المدى من ضغنها... الخ


العسكري في مفتتح كتابه يقول فيها :

«إنّه يجب على كلّ من يريد أن يقف على حقيقة الإسلام في مستهلِّ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا بعض ما قاله شاعر الإسلام في عليّ رضی‌الله‌عنه ، وما رمته به عائشة ، وقد خاطبها عليّ رضی‌الله‌عنه في كتاب أرسله إليها وإلى طلحة والزبير أثناء وقعة الجمل ، لو أنّها عقلته وتدبّرته لاشتدّ ندمها ولاستغفرت الله ممّا أجترحت وإن كان الظنّ أنّ الله لا يغفر لها.

قال رضی‌الله‌عنه :

وَأمّا أنت يا عائشة فإنّك خرجت من بيتك عاصيةً للّه ولرسوله تطلبين أمراً كان عنك موضوعاً ، ثمَّ تزعمين أنّك تريدين الإصلاح بين المسلمين فخبّريني ما للنساء وَقَوْد الجيوش؟ والبروز للرجال؟ والوقوع بين أهل القبلة ، وسفك الدماء المحترمة؟ ثمَّ إنّك على زعمك طلبت دم عثمان ، وما أنت وذاك؟ وعثمان رجل من بني أميّة وأنت من تيم؟ ثمَّ إنّك بالأمس تقولين في ملاء من أصحاب رسول الله : اقتلوا نعثلاً فقد كفر!

ثمَّ تطلبين اليوم بدمه! فاتّقي الله وارجعي إلى بيتك وأسبلي عليك سترك والسلام.

هذه لمعة خاطفة ممّا حواه كتاب (أحاديث عائشة) ولو نحن ذهبنا نبيّن ما فصّله هذا العالم المحقّق في كتابه هذا ممّا أوفى به على الغاية ، ولم نر مثله من قبل لغيره ؛ لاحتجنا إلى كتاب برأسه...

وإذا كان لابدَّ من كلمة نختم بها قولنا هذا الموجز فإنّا نقول مخلصين : إنّه يجب على كلّ من يريد أن يقف على حقيقة الإسلام في مستهلّ تاريخه إلى بيعة يزيد فليقرأ كتابَيْ هذا العلاّمة : (عبدالله بن سبأ ، وأحاديث عائشة) وليتدبَّر ما جاء فيهما ، فإنّ فيهما القول الفصل.

أمّا ما نرجوه من العلاّمة مؤلّفهما فهو أن يغذّ السير في هذا الطريق الذي اختطّه حتّى يتمّ ما أخذ نفسه به. والله ندعو أن يكتب له التوفيق ، والسداد في عمله ، إنّه سميع الدعاء.

محمود أبو ريّة

القاهرة : عن جيزة الفسطاط ليلة الجمعة

١٨ رمضان المبارك ١٣٨١ هـ ـ.الموافق ٢٣ فبراير ١٩٦٢ م


تاريخه إلى بيعة يزيد فليقرأ كتابَيْ هذا العلاّمة : عبدالله بن سبأ ، وأحاديث عائشة وليتدبّر ما جاء فيهما ، فإنّ فيهما القول الفصل».

ـ أورد الأستاذ أبو ريّة رسالة من جواب طويل بعثه الأستاذ العسكري إليه بعد أن قرأ كتاب الأضواء في طبعته الأولى لتبيين عقيدة الشيعة الإمامية حول أحاديث المهدي ، ثمّ طبع تقريظ العلاّمة العسكري في ختام كتابه الأضواء في طبعته الثانية وما بعدها(١).

ـ أبو هريرة للسيّد شرف الدين العاملي :

وصفه بأنّه «من الكتب القيّمة للعلاّمة الكبير السيّد شرف الدين»(٢).

ـ النصّ والاجتهاد للسيّد شرف الدين أيضاً :

وقد مرّ ذلك آنفاً.

ـ الفصوص المهمّة للسيّد شرف الدين :

ذكر كلام عن سبب عدم رواية البخاري عن آل البيت عليهم‌السلام ووصفه بـ : «كلمة قيّمة».

ـ المراجعات للسيّد شرف الدين :

يشير الأستاذ إلى روايات مختلفة في حديث الثقلين بين «عترتي» و «سنتي» ثمّ يقول :

«وإذا أردت الوقوف على هذه الروايات فارجع إلى كتاب المراجعات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أضواء الطبعة الثانية.

(٢) شيخ المضيرة : ٢١٢.


التي جرت بين العلاّمة شرف الدين الموسوي رحمه الله وبين الأستاذ الكبير الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر (سابقاً) في الصفحات من ٢٠ وما بعدها من الطبعة الرابعة»(١)(٢).

ـ الشيعة وفنون الإسلام للسيّد حسن الصدر :

ينقل عنه كلمة في تاريخ تدوين الحديث عند الشيعة.

ـ المطالعات والمراجعات والردود للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء.

ـ أصل الشيعة وأصولها للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء أيضاً :

في مرويّات أبي هريرة وأمثالهم عند الشيعة «فليس له عند الإمامية من الاعتبار مقدار بعوضة»(٣).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) قال السيّد شرف الدين في ذلك :

«...[الأحاديث] الصحاح الحاكمة بوجوب التمسّك بالثقلين متواترة ، وطرقها عن بضع وعشرين صحابيّاً متضافرة وقد صدع بها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في مواقف له شتّى ، تارة يوم غدير خم كما سمعت ، وتارة يوم عرفة في حجّة الوداع ، وتارة بعد انصرافه من الطائف ، ومرّة على منبره في المدينة ، وأخرى في حجرته المباركة في مرضه ، والحجرة غاصّة بأصحابه...وقد اعترف بذلك جماعة من أعلام الجمهور ، حتّى قال ابن حجر ـ إذ أورد حديث الثقلين ـ : «ثمّ اعلم لحديث التمسّك بهما طرقاً كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابيّاً»... ما أظنّ في لغات البشر كلّها أدلّ من هذا الحديث على ذلك. إلى آخر كلامه فإنّه كلام قيّم في بابه». راجع (المراجعات : مراجعة ٨).

(٢) أضواء : ٤٠٥.

(٣) أضواء : ٣٧٧.


ـ أمالي الشريف المرتضى :

ينقل عنه حول مرويّات معاوية : سمع الأحنف رجلا يقول : ما أحلمَ معاوية! فقال : لو كان حليماً ما سَفَّهَ الحَقَّ(١).

ـ تاريخ القرآن للسيّد عبد الله الزنجاني.

ـ الصراط المستقيم للبياضي العاملي.

ـ النصائح الكافية لابن عقيل الحضرمي العلوي.

ـ الغدير للعلاّمة الأميني... وقد مرّ ذكره في رسالة إلى السيّد الرضوي.

ـ البيان للشيخ الطوسي... وقد مرّ ذكره آنفاً.

تأليفاته :

١ ـ رسائل الرافعي (أو من رسائل الرافعي) :

التي بعث بها نابغة الأدب وحجّة العرب مصطفى صادق الرافعي إلى صديقه محمود أبو ريّة.

قال أبو ريّة في ذلك : «لقد كنت أرجع إليه في كلّ أمر يتّصل بالأدب وأستفتيه في أموره صغيرها وكبيرها ، وقد أسأله عن الشيء وأنا أعرفه وذلك لأستحثّ من همّته وابتعث من عزيمته وكنت أتّخذ في ذلك وسائل كثيرة لكي ينهمر ودق قريحته ويجود سحاب طبعه ، وكنت ألحّ في ذلك إلحاحا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وفي البيان والتبيين للجاحظ : ولا قاتَلَ عَلِيّاً.


شديداً حتّى لقد كان يدركه أحياناً ما يشبه الغضب ينضح به قلمه.... طالما وددت تحقيقها من قبل لو لا ما رمتني به الأقدار من مصائب فادحة في أولادي ومصاعب متلاحقة في حياتي(١) حتّى أصبحت ممزّق القلب مشرّد اللبِّ لا أكاد أحسن عملا أتولاّه ولا أجيد أمراً أقوم به»(٢).

هذه الرسائل تفصح عن دخائل نفس الرافعي وتميط اللثام عن حقيقة تاريخ منازعاته مع بعض العلماء المعاصرين كالعقّاد والدكتور طه حسين وغيرهم حول القرآن والبلاغة والشعر والأدب ، وهي تحمل في طيّاتها آراء قيّمة للرافعي وفي بعضها يظهر السبب الباعث على تأليف كلّ كتاب من كتبه كتاريخ أدب العرب أو كتاب في حياة محمّد(صلى الله عليه وآله) وكشف الغطاء عن بعض أسرار الإعجاز في كثير من آيات القرآن ، ولا نستطيع أن نستوفي هنا كلّ ما حملت من فوائد وما اشتملت عليه من أغراض ، هذا غير ما يتجلّى فيها من أسلوبه في كتابة رسائله الخاصّة التي لا ينالها تهذيب أو يصيبها تنقيح.

٢ ـ دين الله الواحد على ألسنة جميع الرسل ؛ محمّد والمسيح أخوان.

اتّخذ أبو ريّة هذا العنوان من كلام الشيخ محمّد عبده في رسالة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) هذه الحادثة التي أشار إليها أبو ريّة تجدها في مقدّمة كتابه (أضواء) هي وفاة ولده مصطفى صادق في رمضان سنة ١٣٥٤هـ ووفاة زوجته في السنة اللاحقة حزناً على ولدها.

(٢) رسائل الرافعي : المتقدّمة.


التوحيد حيث قال : «صرّح الإسلام تصريحاً لا يحتمل الريبة بأنّ دين الله في جميع الأزمان وعلى ألسن جميع الأنبياء واحد قال الله تعالى : (إنّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إلَى نُوْح وَالنَّبِيِّيْنَ مِنْ بَعْدِهِ)(١)... أي مثاله في جنسه وموضوعه والغرض منه أنّهم يصدرون عن نبع واحد»(٢).

قال في بواعث تأليف الكتاب :

«وقد استخرت الله في أن أنشر هذه الرسالة الموجزة لأبيّن لأخوتي المخلصين من أهل الأديان أجمعين ، أنّ دين الله على ألسنة رسله ـ كما قرأناه في كتبهم ـ واحد وصادر من إله واحد ، أراد به سبحانه وتعالى هداية خلقه على اختلاف أجناسهم وألوانهم في كلّ زمان ومكان ، معتمداً في ذلك على أقوى الأدلّة التي يرضى عنها العلماء المخلصون من صحيح النقل وصريح العقل».

افتتح الأستاذ كتابه بحديث الرسول(صلى الله عليه وآله) (الأنبياء إخوةٌ لعلاّت(٣) ؛ أمهاتهم شتّى ودينهم واحد) ، ثمّ يأتي بأدلّة ويقول : «إنّما كان دين جميع الأنبياء واحداً في التوحيد وروح العبادة وتزكية النفس بالأعمال التي تقوّم الملكات وتهذيب الأخلاق ، قال تعالى :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة النساء : ١٦٣.

(٢) دين الله الواحد : المقدّمة.

(٣) وفي رواية أولاد علاّت : قد فسّروا العلاّت بالضرائر وأصله أنّ من تزوّج امرأة ثمّ تزوّج عليها أخرى كأنّه علعل منها فالعلل الشرب بعد الشرب. وبنو العلاّت هم أولاد الرجل من نسوة شتّى.


(لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُون * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحين * وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْر فَلَنْ يُكْفَرُوهُ(١) وَاللهُ عَلِيْمٌ بِالْمُتَّقينَِ)(٢).

هذه الآية من العدل الإلهي في بيان حقيقة الواقع وإزالة الإبهام ، وهي دليل على أنّ دين الله واحد على ألسنة جميع الأنبياء ، وأنّ كلّ من أخذه بإذعان وعمل فيه بإخلاص فأمر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو من الصالحين.

يقول الأستاذ الشيخ محمّد عبده في تفسير هذه الآية :

* وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْر فَلَنْ يُكْفَرُوهُ * أي فلن يضيع ثوابه كما يكفر الشيء أن يستر حتّى كأنّه غير موجود وقال الزمخشري إنّ (كفر) عُدِّيَ هنا إلى مفعولين لتضمينه معنى الحرمان فالمعنى لن يُحرموا جزاءه. * وَاللَّهُ عَليمٌ بِالْمُتَّقينَ * وإنّما يجزي العاملين بحسب ما يعلم من أمرهم وما تنطوي عليه نفوسهم من نيّاتهم وسرائرهم فمن آمن إيماناً صحيحاً واتّقى ما يفسد عليه ثمرات إيمانه فأولئك هم الفائزون فلا عبرة بجنسيّات الأديان وإنّما العبرة بالتقوى مع الإيمان»(٣).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) فلن يضيع ولا ينقص ثوابه. (تفسير الصافي)

(٢) آل عمران : ١١٣ ـ ١١٥.

(٣) دين الله الواحد : المقدّمة.



٣ ـ تحقيق الرد على الدهريّين للسيّد جمال الدين الأفغاني :

طبع في القاهرة ، دار الكرنك ، بدون تاريخ ، مع تقديم صلاح الدين السلجوقي ، في ١٠٦ صفحة.

٤ ـ تحقيق رسالة التوحيد للأستاذ الشيخ محمّد عبده :

طبع في القاهرة ، دار المعارف ، سنة (١٩٧١ ميلادي) في ٢٠٠ صفحة.

٥ ـ المختار من كتاب الصناعتين ، في الكتابة والشعر لأبي هلال العسكري (متوفّى ٣٩٥ قمري) باختيار محمود أبو ريّة :

طبع هذا الكتاب بمراجعة عبّاس حسّان الخضر في القاهرة ، وزارة الثقافة والإرشاد القومي ، في ٢٣٢ صفحة.

٦ ـ شيخ المضيرة(١) أبو هريرة :

يقول في ذلك : «وإنّا بعد ذلك نمضي فيما أخذنا على أنفسنا أن نقوم به من ترجمة أبي هريرة الذي أفردناه دون الصحابة جميعاً بالتأريخ لأنّه كان أكثرهم تحديثاً عن النبيّ ، على حين أنّه لم يصاحبه صلوات الله عليه إلاّ عاماً وبعض عام ، ونفذت رواياته إلى عقائد المسلمين وأحكامهم وغير ذلك على ما فيها من خرافات وشبهات ومشكلات كانت مبعث ضيق لصدر المسلمين ، وانتقاداً على الدين الإسلامي من غير المسلمين!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ثبت عنوان (شيخ المغيرة) على غلاف بعض الطبعات وهو غلط : أنظر مقدّمة الأستاذ على الكتاب في توضيح كلمة المضيرة وهو من أفخر أطعمة معاوية وأطايب الأطعمة عند أبي هريرة.


ترجمه محمّد وحيد الگلپايگاني بالفارسية في حياة المؤلّف بعنوان (بازرگان حديث)(١) بإشراف السيّد رضا الصدر رحمة الله عليه وتمّ طبعه في طهران ـ مكتبة محمّدي ١٣٨٣ هجري.

وكانت هناك ردود على الكتاب ومنها :

* أبو هريرة وأقلام الحاقدين ، عبدالرحمن عبدالله الزرعي ، الكويت ، دار الأرقم ، ١٤٠٥هـ ، ١٠٨ صفحة.

* أبو هريرة راوية الإسلام ، عبد العجاج الخطيب ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامّة للكتاب ، ٣٥١ صفحة ؛ وقد كتب الشيخ عبد الله السبيتي أبو هريرة في التيّار ردّاً على العجاج الذي ألّف كتابه في الردّ على أبي ريّة والسيّد شرف الدين رحمة الله عليهما.

* البرهان في تبرئة أبي هريرة من البهتان ، عبد الله عبد العزيز بن علي ناصر ، مصر ، دار النصر ، ١٤١٩هـ ، في ٣٥٦ صفحة واختصره في ٢٠٠ صفحة تحت عنوان مختصر البرهان بيروت ، المكتب الإسلامي ، ١٤١٣هـ.

* السنّة ومكانتها في التشريع لمصطفى السباعي فصل أبي هريرة ، بيروت ، المكتب الإسلامي ، ١٣٩٦هـ ، ٤٨٨ صفحة.

* أبو هريرة راوية الإسلام وسيّد الحفّاظ الثبات ، عبد الستّار الشيخ ، دمشق ، دار القلم ، ١٤٢٤ هـ ، ٧٠٠ صفحة.

* دفاع عن أبي هريرة ، عبد المنعم صالح العلي العزّي ، دار القلم ، ١٩٨١ ميلادي ، ٥١٥ صفحة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أي (تاجر الحديث).



٧ ـ صيحة جمال الدين الأفغاني التي بَعثت الشرق من سباتهِ وبصّرته بحقوقه وواجباته ليحيا حياة كريمة : دار الهنا للطباعة ، ٢٤٤ صفحة.

وقد تُرجم إلى الفارسية تحت عنوان (نداي سيّد جمال الدين أفغاني) ، كابل ، بيهقي ، ١٣٥٥هـ ، ترجمة : محمّد گلاب بشّار ، وتُرجم إلى الپشتو تحت عنوان (د افغان سيّد جمال الدين د ژوند لند تاريخ اوسياسي هانداوهخي ، زندگي مختصر سيّد جمال الدين افغان وتلاش هاي سياسي او) ، ترجمة : ثمنا رضوان قل ، مؤسّسة كتاب چاپولو ، ٢٤١ صفحة.

٨ ـ جمال الدين الأفغاني تاريخه ورسالته : القاهرة ؛ دار المعارف (نوابغ الفكر العربي) ، الطبعة الثانية ، منقّحة ومعدّلة ؛ ١٩٧١م ، ١٢٣ صفحة.

وقد تُرجم إلى الفارسية تحت عنوان (مبارزه سيّد جمال الدين افغان) ، ترجمة : غلام صفدر پنجشيري ومحمّد حسين راضي ، كابل ، وزارت دار التآليف رياست ، ١٣٤١ هـ ـ ١٦٥صفحة.

٩ ـ أضواء على السنّة المحمدية أو دفاع عن الحديث :

في رمضان من عام (١٣٦٤هـ) أغسطس (١٩٤٥م) ، نشر الأستاذ محمود أبو ريّة مقالا في مجلّة الرسالة العدد (٦٣٣) تحت عنوان (الحديث المحمدي) ضمّنه آراءه في بعض مباحث الحديث وذكر أنّها خلاصة كتاب سينشر ، ثمّ في عام (١٣٧٧هـ ـ ١٩٥٨م) طبع الكتاب تحت عنوان (أضواء على السنّة المحمدية) وقد أحدث ضجّة في المجامع الدينية وخاصّة


في المعاهد الأزهرية ، وقد استغرقت مدّة تأليفه خمسة عشرة سنة حتّى ظهر الكتاب في حلّته القشيبة ، وقد توالت عليه الانتقادات والردود بعد أن مضى على ظهور الأضواء حوالي عشرة أعوام! إذ إنّ تاريخ صدوره كان في سنة (١٩٥٨م) وقد طبع كتيّب الأزهريّين في الردّ عليه في سنة (١٩٦٧م) أي بعد تسع سنين من طباعة الكتاب! فأين كان شيوخ الأزهر بعد كلّ هذه المدّة من نقد الكتاب؟ وما سبب قيامهم بالنقد بعد انقضاء هذا الزمن الطويل(١)؟

هذا وبعد مرور هذه الفترة الزمنية فقد ردّ عليه من الأزهريّين وغيرهم من الشام والحجاز ومصر من الذين يزعمون أنّهم على شيء من الحديث والتاريخ ، حتّى وصلت الردود عليه ما يقارب العشرين كتاباً ومائة مقالة في نقد المؤلّف وكتابه.

ومن المؤسف والمدهش أنّك لم تجد في أيٍّ من هذه الكتب والمقالات ـ على كثرتها ـ دراسة قيّمة ولا نقداً موضوعيّاً يقوم على المنهج العلمي الحديث ، الذي يظهر حقّاً ، أو يصحّح خطأً ، أو يعدّل رأياً ، وكلّ ما فيها أنّها واجهت المؤلّف بكلِّ جارحة وعوراء من القول الرديء وقد بلغت من الرداءة والدناءة حدّاً حتّى قال فيها البعض من الأفضل أن تسمّى بقاموس الشتائم كما مرّ آنفاً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وممّا يقتضي العجب أنّه لم يصادر كتابه ولم يفت أحد بتكفير المؤلّف كما هو دأب الأزهر وشيوخه. هذه شنشنة أعرفها من أخزم ولا ينبئك مثل خبير.


ومن الممكن أن تكون هذه الكتب سائغة عند البعض ولكن مع مرور الزمن نراها قد أصبحت اليوم منسيّةً ومتروكةً لا يركن إليها إلاّ جاهل لا يعرف من أصول العلم والنقد شيئاً(١) ؛ لأنّ النقد قبل كلّ شيء إنّما يقوم على عفّة اللسان وأدب الكلام ثمّ على أصول ثابتة من العلم والعقل والمنطق حتّى يقع النقد موقع القبول ويؤثر في القلوب والعقول ، ومن الطبيعي إذا كتب المنتقد نقداً هزيلا فإنّه حينئذ يزيد من قيمة الكتاب الذي ينتقده ويعلو من شأنه ويرغّب الناس إلى قرائته.

قالت الدكتورة بنت الشاطي في مقالتها ردّاً على الشيخ السباعي في نقده اللاذع على الأضواء :

«إنّ الذي أومن به أنّ أسلوب القذف والسباب تأباه الخصومة الفكرية التي لا تجيز غير سلاح الفكرة والمنطق والدليل ، ثمّ هو لا يغني عن الحقّ شيئاً ، بل لعلّه أجدر بأن يضعّف مركزنا بما يثير من نفور القارئ الواعي وما يُلقى في روعه من وهن مركزنا ، بحيث لا نملك إلاّ أن نستعين على خصومنا بالشتائم واللعنات...».

قبل أن نختم الكلام وقفنا على كلمة للأستاذ محمّد عبدالله عنان في تعريفه لكتاب السنّة ومكانتها في التشريع للسباعي ، قال رَحِمَهُ الله بعد ذكر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كما تحقّق ذلك في ردود الكتاب ، على أنّ الأضواء قد بلغت طبعاته المئات ومن دور نشر مختلفة في العراق والحجاز وإيران ولم تطبع كتب الردود عليه غير الطبعة الأولى. وصدق أبو ريّة في ذلك حيث قال : سيبقى هذا الكتاب ـ إن شاء الله ـ منارة عالية تهدي إلى معالم تاريخ الحديث المحمّدي على مدّ التاريخ كلّه ما دام هذا الحديث يقرأ أويدرس بين الناس في الأرض.


أبواب الكتاب :

«لنا ملاحظتان :

إحداهما : إنّ المؤلّف حين ترجم لأصحاب كتب الحديث ، كانت ترجمته غاية في الإيجاز ، وما كنّا نطلب إسهاباً في دراسة شخصياتهم بقدر ما كنّا بحاجة إلى توسّع في دراسة كتبهم.

وأمّا الملاحظة الأخرى ، فهي تتعلق بردّه على الشيخ [أبو ريّة] إساءة الظنّ به ، وهذا ما لم نكن نتوقّعه من عالم يملك علماً وحجّة ومنطقاً ، فالشيخ أبو ريّة قال في إهدائه الكتاب لابنه : (ما قصدت بتأليفه إلاّ وجه الحقّ). وابنه في جوار الحقّ ، كما ختم [أبو ريّة] بحثه بقوله : (وما دام عملنا قد جعلناه خالصاً لوجه الله تعالى فإنّا لا نطلب عليه من غيره أجراً..)(١) وهذا يكفيك لحسن نيّة الشيخ أبي ريّة(٢) ، والله وحده يتولّى السرائر...»(٣).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) قال في مفتتح الكتاب مخاطباً ولده مصطفى صادق ـ الذي سمّاه بهذا الاسم تيمّنا وتبرّكاً باسم حجّة العرب مصطفى صادق الرافعي ـ : فإليك يا ولدي العزيز أهدي هذا الكتاب الذي ما قصدت بتأليفه إلاّ وجه الحقّ الذي فطرك الله عليه ، وكنت دائماً تؤثره وتسكن إليه ، وخدمة العلم الذي أخلصت له نفسك ، وأفنيت فيه عمرك ، وجاهدت حقّ الجهاد في تحصيله ، وقضيت نحبك في سبيله.

(٢) إنّ كتابي هذا إنّما وضعته في الحقيقة ليكون دفاعاً عن الحديث المحمّدي ممّا ناله بفعل أعدائه وأوليائه على السواء ، وما بذلت ما بذلت من جهد ونصب سنين طويلة في سبيل تأليفه إلاّ من أجل هذه الغاية البعيدة وعلى ذلك أصبح الأمر بيني وبين الأزهر قضية تحتاج إلى تحكيم قضاة عادلين ، ليقضوا فيها بحكمهم النزيه. (شيخ المضيرة : ٣١).

(٣) مجلّة الأزهر العدد ٢٠٤ محرّم ١٣٨١هـ.


وقد بلغ ما صدر في نقد كتاب أضواء على السنّة المحمّدية ما يقارب من العشرين كتاباً ، في مصر والحجاز والشام وغيرها ، هذا عدا المقالات في المجلاّت التي تتّجر بالدين في بلاد المسلمين ؛ وإليك قائمة بأسماء بعضها :

ـ السنّة ومكانتها في التشريع الإسلامي ، للشيخ مصطفى السباعي من أعضاء إخوان المسلمين.

ـ السنّة ومكانتها في التشريع الإسلامي ، للشيخ عبد الحكيم محمود رئيس جامع الأزهر سابقاً.

ـ أخطاء وأوهام في أضخم مشروع تعسّفي لهدم السنّة النبوية ، لعبد العظيم إبراهيم محمّد المطعني.

ـ دفاع عن السنّة وردّ شبه المستشرقين والكتّاب المعاصرين : للشيخ محمّد أبو شهبة.

ـ ظلمات أبي ريّة أمام أضواء السنّة المحمدية ، للشيخ عبدالرزاق حمزة.

ـ الأنوار الكاشفة لما في كتاب أضواء على السنّة من الزلل والتضليل والمجازفة ، للشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني.

ـ نقد كتاب أضواء على السنّة المحمدية ، للشيخ أبي شهبة ، مجلّة الأزهر ، محرّم سنة (١٣٧٨هـ) شعبان (١٣٧٨هـ) في سبعة أعداد من المجلّة.

وقد ترجم الكتاب بالفارسية وبالانجليزي والأُردية :

the hadith ،Lights on the Muhammadan Sunnah or defence of

Translated by Hassan M. Najafi. ١٩٩٩ A.D


ـ حديث سي دفاع (الأردية) ؛ ترجمة : نثار أحمد زين پوري ،١٤١٩ قمري.

ـ رويكردي نو به سنّت پيامبر (الفارسية) ؛ ترجمة : ولي الله حسومي ، ١٤٢٩ قمري.

ـ سنّت محمّدي(ص) در گذر تاريخ (الفارسية) ترجمة محمّد سيّد موسوي ، ١٤٢٩ قمري.

وقد طبع الأستاذ أبو ريّة تقاريظ العلماء في الطبعة الثانية من كتابه ثمّ حذفها في طبعات أخرى من الكتاب ، ومنها :

ـ ما كتبه الأستاذ صدر الدين نجل العلاّمة عبدالحسين شرف الدين في وصفه وعدّه «من أنفس ما أنتجته الدراسات الإسلامية الحديثة وأهداها في فنّ الوصول إلى الحقيقة».

ـ والأستاذ إسماعيل مظهر(١) كتب أنّه «ينبغي لكلّ مسلم أن يقرأ هذا الكتاب ، ويطيل التأمّل في حقائقه ليعرف أين هو من دينه ، دين العقل والمنطق وحرّية التفكير».

ـ والأستاذ نعمة الله السلجوقي ـ رئيس فخر المدارس بهرات (أفغانستان) ـ يقول : «كدت أجنّ طرباً لظهور مثل هذا الكتاب الذي يجب على كلّ مسلم شفيق على دينه أن يقتني نسخة منه».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) قال أبو ريّة : فقد قابلني ذات يوم في الطريق وقال لي هذه العبارة بنصّها (كتابك مجنّني).



١٠ ـ السيّد البدوي :

جاء ذكر السيّد البدوي في كتاب رسائل الرافعي وفيه توسّل الرافعي إليه لشفاء آذانه.

ويبدو أنّ هذا الكتاب كتب في ترجمة السيّد أحمد البدوي (٥٩٦ ـ ٦٧٥ق) ـ وقد لُقّب بالبدوي لأنّه كان دائماً يغطّي وجهه باللّثام مثل أهل البادية ـ وكان أبو ريّة ينزعج كثيراً حين يشاهد المصريّين يحتفلون بمولده وينذرون له نذورات ويتوسّلون إليه.

قال أحمد صبحي منصور في كتاب السيّد البدوي بين الحقيقة والخرافة : كتب الشيخ أحمد حجاب (العظة والاعتبار ـ آراء فى حياة السيّد البدوي الدنيوية وحياتة البرزخية) وقد بيّن أنّ السبب في تأليفه هو الردّ على كتاب (السيّد البدوي) للأستاذ محمود أبو ريّة لأنّه أنكر فيه على البدوي تلقيبه بالسيّد.

١١ ـ حياة القرى :

لم نعثر عليه ، عدّه الأستاذ الرضوي من مؤلّفات أبي ريّة.

وفاته :

توفّي ـ رحمه الله ـ في ١١ ديسمبر ١٩٧٠م(١) بالجيزة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الموافق ١٢ شوّال ١٣٩٠ هجري.


(رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا)(١).

ما كلام الأنام في الشمس إلاّ......أنّها الشمس ليس فيها كلامماذا يقول القائل عن العظيم إذا غاب وفارق الناس شخصه؟ إنّ غاية ما يبلغ إليه القائل وأقصى ما يصل إليه الراثي هو أن يتحدّث عن أعماله وما أصاب الناس بفقده ويبيّن أن كان له خلف يعزّى بعض العزاء على موته ، لقد مات عالم من علماء الإسلام.

كم مات قوم وما ماتت مكارمهم

وكم عاش أقوام وهم في الناس أموات

استبصار أبي ريّة :

لم يكن ـ رَحِمه الله ـ ملتزماً بمذهب من المذاهب الأربعة وميزانه في ذلك العمل الصادق بكتاب الله وسنّة نبيّه ويقول فيه بالصراحة : «أنا أعلم من الشافعي وأبي حنيفة»(٢) ، حتّى أنّه لمّا رأى أنّ مترجم كتابه شيخ المضيرة إلى الفارسية يذكر أنّه علاّمة مبجّل من أهل السنّة كتب تعليقة وقال فيها :

«نشكر للسيّد المترجم المفضال ما أضفاه علينا بأدبه الكامل من ثناء طيّب وأوصاف لا نستحقّها ، ونذكر له وللناس جميعاً أنّنا لا نعرف شيئاً اسمه (أهل السنّة) ولا شيئاً آخر يقابلها من سائر الفرق أو المذاهب التي استحدثت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الأحزاب : ٢٣.

(٢) مع رجال الفكر ج١ ص ١٣٥.


بين المسلمين لتعريفهم ، وبخاصّة فإنّ وصف (أهل السنّة) هذا لم يكن معروفاً قبل معاوية بن أبي سفيان ، وقد استحدثوه في عهده في العام الذي وصفوه بأنّه (عام الجماعة) نفاقاً للسياسة لعنها الله ، وما كان إلاّ عام الفرقة ، وأصرّح كذلك بأنّي وقد قضيت ما قضيت من عمري في الدرس والتحصيل ما زلت أطلب العلم ولا أعدّ نفسي من الذين يسمّيهم الناس علماء أولئك الذين يستغلّون لمآربهم الشخصية هذا اللقب عند الدهماء»(١).

قذف أبي ريّة بالتشيع والرفض :

لقد رمى السباعي وغيره من الأزهريّين الشيخ الأستاذ بالتشيّع ، وذلك لأنّ الشيخ الأستاذ تعامل مع التشيّع على وجه الإنصاف والاحترام ، مضافاً إلى احترامه الشديد لآل البيت عليهم‌السلام وإظهاره البغض لأعدائهم(٢) ، وقد استمرّ بالنقل من كتب الشيعة والمكاتبة مع أعلامهم حتّى قال بعض المصريّين : «أنّ أبا ريّة هو أوّل رافضيٍّ مصريٍّ في التاريخ ، وهو من ورثة المعتزلة ، وكذلك الشيخ محمّد عبده والأستاذ أحمد أمين».

وكان أبو ريّة يبغض أعداء آل البيت عليهم‌السلام وينعتهم بالنواصب ، حيث نعت الشيخ محمّد عزّت دروزة والشيخ محبّ الدين(٣) الخطيب ومعروف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) شيخ المضيرة : هامش ١ ص٣٠٩.

(٢) مرّ آنفاً أمثلة على ذلك.

(٣) وصفه الأستاذ بأنّ هذا الاسم من أسماء الأضداد!


الدواليبي(١) بذلك مع أنّه كانت تربطه مع الخطيب صلة مودّة حميمة ، حيثيظهر ذلك من خلال مقالاته في مجلّة الزهراء والفتح والتي كان رئيس تحريرها محبّ الدين الخطيب ؛ ولكن وجود بعض الأسباب والتداعيات أدّت إلى تكدّر العلاقات بينهما وانصرام حبل المودّة مدّة عشر سنين ومن تلك الأسباب والتداعيات هو التعصّب والجمود الديني في كتاب الخطيب الخطوط العريضة التي قام عليها دين الشيعة الإمامية ، وتأسيس (المكتبة السلفية) ، ونشر كتب أعداء الدين وأهل الهوى من المسلمين كتحقيقه على كتاب العواصم والقواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبيّ(صلى الله عليه وآله) لابن العربي(٢) المالكي الناصبي ، وطبع تعليقات الشيخ بن باز وتأجيج نار التفرقة بين المسلمين(٣) ، وقد استمرّت الخصومة بينهما حتّى وافاه الأجل قبل وفاة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وسمّاهم أيضاً في موضع آخر (حفدة الأمويّين)، وقال بعد التكلّم عن يزيد وابن زياد: في كلّ عصر نابتة سوء مبغضة عرفت بالنصب، وفي عصرنا هذا من هذه السلسلة قوم فضحوا أنفسهم بنصبهم.

(٢) هو غير (ابن عربي) العارف الشهير وصاحب الكتب المشهورة : (الفتوحات المكّية) و (فصوص الحكمة) و (ترجمان الأشواق).

(٣) كان الشيخ محبّ الدين الخطيب من المتعصّبين ضدّ فكرة التقريب بين المذاهب حيث قال : «انفضّ المسلمون جميعاً من حول دار التخريب التي كانت تسمّى دار التقريب ومضى عليها زمن طويل والرياح تصفر في غرفها الخالية تنعى من استأجرها» ، ثمّ يذكر أنّه لم يبق متعلّقاً بعضويتها إلاّ بعض المنتفعين مادّيّاً في ولاء انتمائهم إلى هذه الدار ، وأنّ العلماء المخلصين من أهل السنّة انكشف لهم المستور من حقيقة دين الرافضة ، ودعوة التقريب التي يريدها الرافضة ، فانفضّوا عن الدار وعن


الأستاذ أبي ريّة بسنة.

وهناك بعض الأدلّة على تشيّع أبي ريّة ورجوعه عن عقيدته لأهل العامّة وذلك من خلال بعض ما اتّخذ من مواقف وآراء علمية في كتبه ، ونقول للمنصفين : هل هذه المواقف والآراء تدلّ على سوء نيّة وحقد وبغضاء ونفاق ، أم تدلّ على صفاء السريرة وحسن النيّة والإخلاص والمحبّة للنبيّ صلّى الله عليه وآله والحرص على رسالته.

ومن الأدلّة على تشيّعه :

ما كتبه في كتبه من مقولات نستفيد منها ذلك :

١ ـ «الفاسق ملعون ، ومن نهى عن لعن الملعون ملعون ، وزعمت نابتة عصرنا ، ومبتدعة دهرنا أنّ سبّ ولاة السوء فتنة ولعن الجورة بدعة... والنابتة في هذا الوجه أكفر من يزيد وأبيه ، وابن زياد وأبيه»(١).

٢ ـ الطعن على السقيفة :

* «وإذا كانوا [أي العلماء] قد انتحلوا معاذير ليسوّغوا بها تخطّيهم [أي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الألاعيب التي يراد إشراكهم في تمثيلها» ، ثمّ يقول : «فلم يبق موضع عجب إلاّ استمرار النشر الخادع في تلك المجلّة ولعلّ القائمين يضعون لها حدّاً».

(١) شيخ المضيرة : ١٦٣.


الصحابة] إيّاه في أمر خلافة أبي بكر فلم يسألوه عنها ولم يستشيروه فيها ، فبأيّ شيء يعتذرون من عدم دعوته لأمر كتابة القرآن؟»(١).

* قال عبدالرحمن أحمد البكري نقلا عن الأستاذ أبي ريّة من كتابه عليّ وما لقيه من صحابة رسول الله. (مخطوط) :

«ذهب المستشرق لا منس إلى أنّه كانت بين أبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجرّاح مؤامرة في صرف الخلافة عن أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ فيقول :

(إنّ الحزب القرشي الذي يرأسه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة لم يكن وضعاً حاضراً ولا وليد مفاجأة أو ارتجال ، وإنّما كان وليد مؤامرات سرّية مبرمة ، حيكت أُصولها وربت أطرافها بكلّ عناية وإحكام ، وأنّ أبطال هذه المؤامرة : أبو بكر ، عمر بن الخطّاب ، أبو عبيدة بن الجرّاح ، ومن أنصار هذا الحزب : عائشة ، وحفصة)»(٢).

٣ ـ الطعن على أبي بكر حول فدك :

* «أمّا مروان بن الحكم فقد اختصّ به واتّخذه لنفسه وزيراً ومشيراً وأمر له بمئة ألف ، وكان قد زوّجه ابنته أمّ أبان ثمّ أقطعه فدك التي كانت ملكاً للنبيّ وكانت فاطمة رضي الله عنها طلبتها من أبي بكر فدفعت عنها بحديث

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أضواء : ٢٤٩.

(٢) من حياة الخليفة عمر : ١٨١.


أوردوه ونصّه كما قالوه : (لا نورث ما تركناه صدقة)»(١).

* وله كلمة قيّمة حول فدك أوردناها آنفاً في ثناء السيّد شرف الدين عليه معلّقاً على كلمته حول فدك في الهامش (ص١٦٩) من شيخ المضيرة.

٤ ـ الطعن على عمر :

* «وقفة قصيرة مع عمر :

ممّا يدعو إلى الملاحظة هنا أنّنا لم نجد عمر رضي الله عنه قد اتّبع هذه السنّة مع معاوية بن أبي سفيان ، فقد أبقاه عاملا على دمشق سنين طويلة ولم يزعجه بالعزل كغيره ، وكان ذلك ممّا أعان معاوية على طغيانه ، وأن يحكم حكماً قيصريّاً طوال أيّامه ، وبخاصّة بعد أن استولى على الشام كلّه في عهد عثمان ، ثمّ امتدّ هذا الطغيان الأموي إلى ما بعد معاوية حتّى تسلّم العباسيّون الحكم.

وأمر آخر يستوجب الملاحظة ، ذلك أنّ عمر لم يكن هو الذي ولّى معاوية على دمشق وإنّما الذي ولاّه هو أخوه يزيد بن أبي سفيان.

ذلك أنّه لمّا فتحت دمشق في عهد عمر أمّر عليها يزيد بن أبي سفيان ، ولمّا احتضر يزيد ـ مات بالطاعون سنة ١٨ هـ ـ استعمل أخاه معاوية مكانه من غير أن يستشير عمر ، وأقرّه عمر على ذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) شيخ المضيرة : ١٦٩.


هذان أمران قد يستوجبان الملاحظة على موقف عمر من معاوية وبني أمية ، ولم يأت لنا من أحد من المؤرّخين في ذلك بيان نسكن إليه.

فهل جعل عمر (دمشق) من نصيب بني أمية فأمّر عليها في أوّل الأمر يزيد بن أبي سفيان ثمّ رضي بأن يعهد يزيد هذا بالإمارة إلى أخيه معاوية بغير أن يرجع في ذلك إليه؟

وهل فعل عمر ذلك ليتألّف بني أمية وليتّقي كيدهم ومكرهم ، وهم قوم أهل شرّ ومكر وكيد؟ أم أنّ هناك أسباباً أخرى دعت إلى ذلك؟!

هذا ما لا علم لنا به! وإنّما الذي يعلمه هو علاّم الغيوب!»(١).

٥ ـ الطعن على عثمان :

* «كان أوّل ما صنع بعد أن استخلف واستقرّ له الأمر أن زاد في أعطية الناس الضعف ، ثمّ أخذ يصل كبار الصحابة بالمنح فوق ما كان لهم من العطاء المفروض لهم زمن عمر ، ومن ذلك أنّه وصل الزبير بن العوّام بستمائة ألف! وطلحة بمئتي ألف ، ونزل له عن دين كان عليه ، وقد فعل ذلك ابتغاء كسب القلوب واستمالتها»(٢).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) شيخ المضيرة : ٨٧.

قال لي يوماً أحد الأصدقاء قبل أن أتعرّف على أبي ريّة وعقائده : هذا يكفي في إنصاف الرجل.

(٢) نفس المصدر : ١٦٦.


* «ومن أخطر أعماله التي كان لها أثر بعيد وأليم على المسلمين جميعاً وسيبقى هذا الأثر على وجه الدهر مسجّلا ، أن حابى قومه بني أمية وآل أبي معيط وآثرهم بالولايات الكبيرة ـ عندما استعجلوه الولاية ـ وهي الشام ومصر والكوفة والبصرة ، وذلك لأهمّية هذه الولايات وغناها ووفرة خيراتها وكثرة خراجها ، وكانت في ذلك العصر مصدر قوّة الدولة المالية ، ومن العجيب أنّه لم ينقض عام واحد على ولايته حتّى أخذ يعزل الولاة الذين ولاّهم عمر ، ليستبدل بهم ولاة من بني أمية»(١).

والشيء بالشيء يذكر فقد نقل عن الدكتور طه حسين قوله : «وليس من شكٍّ في أنّ عثمان هو الذي مهّد لمعاوية ما أتيح له من نقل الخلافة ذات يوم إلى آل أبي سفيان وتثبيتها في بني أمية»(٢).

* «ومن أعمال عثمان التي استنكرها المسلمون أشدّ استنكار ولا يستطيع أحد أن يدفع عنه فيها ، أنهّ ردّ الحكم بن العاص وأهله إلى المدينة ، وكان النبيّ قد أخرجهم منها للأسباب التي بيّنّاها آنفا وظلّ الحكم منفيّاً عن المدينة حياة أبي بكر وعمر ، وكان عثمان قد سألهما أن يعيداه فأبيا ، ولم يكتف بإعادته مع أهله بل أعطاه مالا كثيراً قدّر بمئة ألف درهم»(٣).

* «ولا نستوفي كلّ أعمال عثمان التي أخذت عليه هنا لأنّ كتابنا هذا لا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) نفس المصدر : ١٦٧.

(٢) نفس المصدر : ١٦٨.

(٣) نفس المصدر : ١٦٩.


يحتملها فتطلب من مظانّها»(١).

* وقال أيضاً : «كتب هشام بن عبد الملك إلى الأعمش ـ أستاذ الثوري ـ أن اكتب مناقب عثمان ومساوئ علي! فأخذ الأعمش القرطاس وأدخلها في فم شاة فلاكتها ، وقال لرسوله : قل له : هذا جوابك»(٢).

٦ ـ الطعن على عائشة عدّة مرّات :

* «أنّها كانت غاضبة من بيعة الناس لعليٍّ ـ رضي الله عنه ـ حتّى لقد قالت حينما بلغها أمر هذه البيعة كلمتها المشهورة وهي : (لا يمكن أن تتمّ هذه البيعة ولو انطبقت السماء على الأرض)»(٣).

* «كانت عائشة كما قلنا تسوّغ خروجها على عليٍّ بأنّها تطالب بثأر عثمان على حين أنّ القرآن يقول في سورة الأحزاب (وَقَرْنَ فِي بُيُوْتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ...)(٤) الآية ، وانظر الفرق الهائل بينها وبين الحصان العاقلة الرزان أمّ سلمة التي كانت تقول كما روى البخاري عنها (ص ٨٦ ج ٧) : (لا يحرّكني

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) نفس المصدر : ١٦٩.

وقال في الهامش : يرجع إلى هذا الكتاب النفيس ـ الفتنة الكبرى للدكتور طه حسين ـ الذي بيّن تاريخ هذه الفترة أصدق بيان وأصرحه لا يبتغي في ذلك غير الحقّ.

(٢) نفس المصدر : ١٦٦.

(٣) نفس المصدر : ١٧٠.

(٤) سورة الأحزاب : ٣٣.


ظهر بعير حتّى ألق النبيَّ)»(١).

* «قال أمير المؤمنين حول إمساك زمام الفتنة بيدها على ما نقله ابن كثير الدمشقي ـ تلميذ ابن تيمية ـ في تاريخه : والله إنّ راكبة الجمل الأحمر ما تقطع عقبة ولا تحلّ عقدة إلاّ في معصية الله وسخطه».

* «قال الفيلسوف الإنجليزي المشهور ولز الذي يعدّ في طليعة مفكّري هذا العصر في كتابه (تجربة في التاريخ العام ـ في مبحث الإسلام) عن موقف عائشة من الحرب الداخلية ، ما ترجمته :

(إنّ الإسلام كاد يفتح العالم أجمع لو بقى سائراً سيرته الأولى ، ولو لم تنشب في وسطه من أوّل الأمر الحرب الداخلية ، فقد كان همّ عائشة أن تقهر عليّاً قبل كلّ شيء)»(٢).

ونال منها عدّة مرّات حتّى وهو على سرير المستشفى في آخر أيّامه ، كما ستقرأ إن شاء الله نبأ هذه القصّة(٣).

٧ ـ الطعن على كبار الصحابة :

كعبد الله بن عمر ، ومحمّد بن مسلمة ، وعبد الله بن سلام ، وأبو

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) شيخ المضيرة : ١٧١.

(٢) شيخ المضيرة : ١٧٢.

(٣) أنظر إلى تقريظ الأستاذ على كتاب (عائشة) و (عبدالله بن سبأ) الذي ذكرناه آنفاً.


هريرة(١) ، وعمرو بن العاص وابنه عبد الله بن عمرو ، والمغيرة بن شعبة ، وأبو موسى الأشعري ، ويعلى بن أمية.

٨ ـ الطعن على معاوية وأمّه وأبيه وابنه :

* تكلّم الأستاذ كثيراً عن معاوية في مطويّات كتبه ووفّاه حسابه وقال في أحد منها وهو خير طعونه : «إذا نهض منصف ليبيّن شيئاً من صحيح تاريخه ـ أي معاوية ـ تصدّوا له بالشتم والسبّ ووصفوه بأنّه (شيعيّ) والتشيّع في رأي هذه الفئة الحمقاء نبزٌ لقوم ليسوا بمسلمين»(٢).

* «من العجيب أن يتورّط بعض المؤرّخين فيحكمون بصدق إيمان معاوية ، ويستدلّون على ذلك بأنّه كان يؤدّي الفرائض ، ويتبرّك بآثار النبي حتّى بأظافره ، ونسي هؤلاء أنّه هو وأبوه وأمّه قد أسلموا كرهاً وأنّ قلوبهم قد ظلّت على جاهليّتها ، وفاتهم أنّه كان يخاصم رجلا لا يمكن أن يساويه في العلم ولا في الفضل ولا في القدر ، وإذن كان لابدّ له ـ وهو الداهية الخدعة ـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) والذي نستطيع أن نقطع به ونحن مطمئنّون إليه بما تبيّن لنا من القرائن والأدلّة الصحيحة وما بدا من اعترافاته الصريحة أنّ أبا هريرة إنّما كان يبتغي من قدومه على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يحقّق مطامعه الشخصية ومآربه الذاتية لا ليلتمس أن يتفقّه في الدين كما يفعل غيره من الذين أسلموا مخلصين ، ولعلّك ترى الفرق الهائل بينه وبين غيره من الذين كانوا يقدمون على النبيّ عن طواعية ، مخلصة قلوبهم ، راضية نفوسهم بالدين الحنيف.

(٢) نفس المصدر : ١٩٠.


لكي يستقيم أمره ويستقرّ ملكه أن يتذرّع بكلّ وسيلة يستطيعها ، خفيّة كانت أو مفضوحة ليختدع بها العامّة ويحوّل أنظارهم إليه ، ومن أوّل هذه الوسائل أن يتظاهر بموالاة النبيّ ويبالغ في محبته لعلّه يبلغ بذلك مكانة يزاحم بها عليّاً رضي الله عنه! ولكن أنّى له ذلك وعليٌّ في السماك منه وإنّه كان أقرب الناس وأحبّهم إلى قلب النبيّ حتّى جعله منه كهارون من موسى! ومن كان موالياً للنبيّ حقّاً فعليه أن يوالي عليّاً لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : (من كنت مولاه فعليٌّ مولاه!) على أنّ الإيمان ومقرّه القلب ولا يعلمه إلاّ الله ليس أمره سهلاً ، وأنّ مظاهره ليست في أداء الفرائض ولا في التظاهر بحبّ النبيّ والتبرّك بآثاره وإنّما آيته أن يتّبع الرسول فيما جاء به أمراً ونهياً اتّباعاً ليس فيه ترخّص ولا انحراف ، ومثل معاوية بما اقترف في حكمه من الموبقات لا يصحّ في عقل عاقل أن يعدّ من المؤمنين الصادقين»(١).

* «كان يزيد هذا صاحب لهو وعبث مسرفاً في اللذّات مستهتراً ، وكانت أمّه ميسون نصرانية كنائلة زوج عثمان وكانت كثيراً ما تصطحبه إلى البادية حول تدمر حيث تقيم قبيلتها وهناك شرب الخمر وانغمس في اللّذات وأخذ منها ما شاء له هواه وفسقه وقد كانوا يسمّونه يزيد القرود ويزيد الخمور»(٢).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) نفس المصدر : ١٦٦.

(٢) نفس المصدر : ١٧٧.


٩ ـ مدح أمير المؤمنين مدحاً قلّ أن يرى مثله في علماء العامّة :

قال في ما روي عن أمير المؤمنين طعناً على مرويّات كثيرة لأبي هريرة :

* «أوّل من أسلم وتربّى في حجر النبيّ ، وعاش تحت كنفه قبل البعثة ، واشتدّ ساعده في حضنه ، وظلّ معه إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى ، لم يفارقه لا في سفر ولا في حضر ، وهو ابن عمّه وزوج ابنته فاطمة الزهراء ، شهد المشاهد كلّها سوى تبوك فقد استخلفه النبيّ فيها على المدينة فقال : (يا رسول الله أتخلفني في النساء والصبيان؟) فقال له رسول الله : (أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى؟ إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي). رواه الشيخان وابن سعد.

ولو كان عليٌّ رضی‌الله‌عنه قد حفظ كلّ يوم عن النبيّ ـ وهو الفطن اللبيب ، الذّكي الحافظ ، ربيب النبيّ ـ حديثاً واحداً وقد قضى معه رشيداً أكثر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كيْفَ يُرْتَجَى مُرَاقَبَةُ مَنْ لَفَظَ فُوهُ أَكبَادَ الأَزْكيَاءِ ، وَنَبَتَ لَحْمُهُ بِدِمَاءِ الشُّهَدَاءِ ، وَكيْفَ يَسْتَبْطِئُ فِي بُغْضِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ مَنْ نَظَرَ إِلَيْنَا بِالشَّنَفِ وَالشَّنَآنِ وَالإِحَنِ وَالأَضْغَانِ ثُمَّ تَقُولُ غَيْرَ مُتَأَثِّم وَلاَ مُسْتَعْظِم :

وَأَهَلُّوا وَاسْتَهَلُّوا فَرَحاً

ثُمَّ قَالُوا يَا يَزِيدُ لاَ تُشَل

مُنْتَحِياً عَلَى ثَنَايَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَنْكتُهَا بِمِخْصَرَتِك وَكيْفَ لاَ تَقُولُ ذَلِك وَقَدْ نَكأْتَ الْقَرْحَةَ وَاسْتَأْصَلْتَ الشَّأفَةَ بِإِرَاقَتِك دِمَاءَ ذُرِّيَّةِ مُحَمَّد(صلى الله عليه وآله) وَنُجُومِ الأَرْضِ مِنْ آلِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَتَهْتِفُ بِأَشْيَاخِك زَعَمْتَ أَنَّك تُنَادِيهِمْ ، فَلَتَرِدَنَّ وَشِيكاً مَوْرِدَهُمْ وَلَتَوَدَّنَّ أَنَّك شَلَلْتَ وَبَكمْتَ وَلَمْ يَكنْ قُلْتَ مَا قُلْتَ وَفَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ. (من خطبة السيدة زينب بنت عليِّ بن أبي طالب في الشام).


من ثلث قرن لبلغ ما كان يجب أن يرويه أكثر من (١٢ ألف) حديث ، هذا إذا روى حديثاً واحداً في كلّ يوم ، فما بالك لو كان قد روى كلّ ما سمعه ـ وكان له الحقّ في روايته ، ولا يستطيع أحدٌ أن يماري فيه ـ ولا تنسَ أنّه مع ذلك كلّه كان يقرأ ويكتب ، وكان يحفظ القرآن ، هذا الإمام الذي لا يكاد يضارعه أحد من الصحابة جميعاً في العلم والفضل ـ قد أسندوا له كما روى السيوطي (٥٨٦) حديثاً(١)...».

* وقال ذلك أيضاً في جمع القرآن :

«غريبة توجب الحيرة :

من أغرب الأمور ، وممّا يدعو إلى الحيرة أنّهم لم يذكروا اسم عليّ رضي الله عنه فيمن عهد إليهم بجمع القرآن وكتابته ، لا في عهد أبي بكر ولا في عهد عثمان! ويذكرون غيره ممّن هم أقلّ منه درجة في العلم والفقه! فهل كان عليٌّ لا يحسن شيئاً من هذا الأمر؟ أو كان من غير الموثوق بهم؟ أو ممّن لا يصحّ استشارتهم أو إشراكهم في هذا الأمر؟

اللّهم إنّ العقل والمنطق ليقضيان بأن يكون عليٌّ أوّل من يعهد إليه بهذا الأمر ، وأعظم من يشارك فيه ، وذلك بما أتيح له من صفات ومزايا لم تهيّأ لغيره من بين الصحابة جميعاً ، فقد ربّاه النبيّ صلّى الله عليه وآله على عينه ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أضواء : ٢٢٥ ، شيخ المضيرة : ١٢٨.

قال الأستاذ في الهامش : «هذا ما في البخاري ومسلم ولا نعلم شيئاً عن مقدار أحاديثه التي روتها الشيعة عنه (ولكلّ قوم سنّة وإمامها)» ـ مصراع بيت من لبيد ـ.


وعاش زمناً طويلا تحت كنفه ، وشهد الوحي من أوّل نزوله إلى يوم انقطاعه ، بحيث لم يند عنه آية من آياته!!

فإذا لم يدع إلى هذا الأمر الخطير فإلى أيّ شيء يدعى؟! وإذا كانوا قد انتحلوا معاذير ليسوّغوا بها تخطّيهم إيّاه في أمر خلافة أبي بكر فلم يسألوه عنها ولم يستشيروه فيها ، فبأيِّ شيء يعتذرون من عدم دعوته لأمر كتابة القرآن؟ فبماذا نعلّل ذلك؟ وبماذا يحكم القاضي العادل فيه؟ حقّاً إنّ الأمر لعجيب وما علينا إلاّ أن نقول كلمة لا نملك غيرها وهي :

لك الله يا عليُّ! ما أنصفوك في شيء(١)!».

* وقال أيضاً بعد أن تكلّم حول حرب عائشة عليه وعفوه عنها في حرب الجمل :

«لك الله يا علي! تألّبت كلُّ القوى عليك ، وكم نلت من البعيد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٥٣) نفس المصدر : ١٦٨.

سمعت باسم أبي ريّة لأوّل مرّة في كتب بعض الأساتذة وقرأت جزءاً ممّا اقتطفه في كتابه ثمّ مضت سنتان وشدوتُ من العلم ما شدوتُ وإذا صديقٌ يعرّفني على كتاب (أضواء على السنّة المحمّدية) ، وكنت يومئذ في بكرة الشباب ، استهواني عنوان الكتاب فتناولته أقلّب صفحاته لا أكاد أفهم جُمَلهُ حتّى انتهيت إلى جملته (لك الله يا عليّ) فإذا هي جملة عذبة تخالط النفس وتنفذ برفق إلى القلب حتّى أدّت إلى ذرف دموعي ، وإذا بي أعيدها مرّة تلو الأخرى حتّى أصبحت أفتح الكتاب لكي أقرأها ، وقد حببت إليّ هذه الجملة أن أعود إلى الكتاب فأقرأه في رويّة وتمهّل لعلّني أفهمه ، وأحببت أبا ريّة من يومها ، فرحتُ أتتبّع آثاره في الصحف والكتب ، لا يفوتني منها شيء ، وكنت أبذل قصارى جهدي في فهم كلمات أبي ريّة ، لأنّي لم أعهد بمثلها قبل ذلك.


والقريب ، وكم حملت ممّا تأبى الجبال أن تحمله»(١).

١٠ ـ وقال في الشيعة :

«وهؤلاء الطوائف جميعاً لا يمكن لأحد أن يطعن في دينهم ، أو يستريب في إيمانهم ؛ لأنّهم مستمسكون بأصول الإسلام ويؤمنون بمحمّد(ص) والكتاب الذي جاء به (ولكلّ قوم سنّة وإمامها)(٢)».

* «الشيعة الإمامية هم جمهور أهل العراق وإيران وملايين المسلمين في الهند ومئات الألوف في سوريا والأفغان».

* نختم هذه المقدّمة بكلمة نحبّ أن نذكرها حفظاً لحقّ العلم ووفاءً للتاريخ حيث لم يذكرها أحد في كتاب ولا مقالة ، وهو كلام للعلاّمة السيّد محمّد حسين الحسيني الطهراني بعد أن أورد عبارات من كتاب شيخ المضيرة :

قال رضوان الله عليه : «وقد أدرك الشيخ أبو ريّة السنّيّ ـ بما كان عليه من فكر وقّاد وتقويم منصف ، وما امتاز به من دراسات عميقة ـ أنّ في فقه العامّة خللاً وفي صحاحهم بخاصّة صحيح البخاريّ روايات باطلة كثيرة تخالف العقل والتاريخ. ولذا ألّف كتابيه الثمينين : الأضواء... ، وشيخ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) نفس المصدر : ١٧١.

(٢) نفس المصدر : ٢٧١.

ومن طريف القول أنّ الأستاذ يذكر هذا المثل لئلاّ يظنّ الناس أنّه يضمر التشيّع.


المضيرة للردّ على فقه العامّة المتوكّئ على أحاديث رواها رجال كذّابون متّهمون كأبي هريرة. وكان سماحة العلاّمة السيّد مرتضى العسكريّ يقول (لي) : أرسلتُ كتابين من كتبي وهما : عبد الله بن سبأ والجزء الأوّل من كتاب أحاديث أمّ المؤمنين عائشة إلى الشيخ أبو ريّة في مصر فاستحسنهما كثيراً ، وعندما ذهبت إلى مصر عدته في المستشفى إذ كان راقداً(١) فيها لمرض ألمّ به وأدّى إلى وفاته ، وقد سررنا أنا وإيّاه باللقاء كثيراً ، وكان يرى أنّ عائشة إمرأةً فظّةً محرّفةً للتاريخ وعدوّةً لأمير المؤمنين وفاطمة الزهراء عليهما السلام ، وكان يبغضها كثيراً ، ولعنها عدّة مرّات وهو على سريره ، كما كان يتبرّأ من عثمان ، وسألته عن رأيه بالشيخين ، فقال : إنّه توصّل إلى موضوعات كثيرة بشأنهما ، وكان يذمّهما(٢) لكنّه لم يبلغ مرحلة لعنهما والبراءة منهما حتّى وافاه الأجل... اللهُمَّ احْشُرْهُ مَعَ مَنْ يَتَولاّهُ وَيُحِبُّهُ وَأبْعِدْهُ مِمَّنْ يَتَبَرَّأ مِنْهُ وَيُبْغِضُهُ!»(٣).

أراني قد أطلت وما استوفيت ، وما قصدته من دراستي هذه لشخصيّة أبي ريّة وجهوده إنّما هو نظرة سريعة ببعض جوانب حياته وآرائه على مقدار ما تهيّأ في الذاكرة وما عثرت عليه من خلال تتبّعي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كتب رحمه الله خطابه إلى مؤتمر الشيخ الطوسي في مرضه هذا.

(٢) ومنها ما ذكرت آنفا في الطعن على أبي بكر حول غصب نحلة الزهراء عليها‌السلام.

(٣) معرفة الإمام ١٧ : ٢٤٢.


خُتمت هذه الرسالة بحمد الله ومنّه في شهر محرّم الحرام

شهر مولانا وإمامنا محيي مذهب الإمامية سيّد الشهداء أبي

عبد الله الحسين عليه‌السلام

على هاجرها ألف الصلاة والسلام وعلى آله

وأنا الراجي عفو ربّه أحمد رضا مرادي ببلدة شيراز.


المصادر

١ ـ أحاديث أمّ المؤمنين عائشة : مرتضى العسكري ، التوحيد للنشر ، الطبعة الخامسة ، ١٤١٤هـ.

٢ ـ أضواء على السنّة المحمديّة : محمود أبو ريّة ، دار المعارف ، الطبعة السادسة ، بدون تاريخ.

٣ ـ بحـار الأنـوار : محمّد باقـر المجلسـي ، دار إحيـاء التـراث العربـي ، ١٤٠٣هـ.

٤ ـ تاج العروس : مرتضى الزبيدي الحنفي ، دار الفكر ، تحقيق : علي شيري ، ١٤١٤هـ.

٥ ـ تاريخ الأدب العربي : العصر الإسلامي ، شوقي ضيف ، دار المعارف ، ٢٠٠٢م.

٦ ـ جامع بين العلم وفضله : ابن عبد البرّ الأندلسي ، دار الكتب العلمية ، ١٣٩٨هـ.

٧ ـ حياة الرافعي : محمّد سعيد العريان ، المكتبة التجارية الكبرى ، الطبعة الثالثة.

٨ ـ دين الله واحد : محمود أبو ريّة ، دار النشر للطبع والنشر والتوزيع ، بدون تاريخ.

٩ ـ رسائل الرافعي : محمود أبو ريّة ، الدار العمريّة ، بدون تاريخ.

١٠ ـ السنّة ومكانتها في التشريع : مصطفى السباعي ، مكتبة دار العروبة ، ١٣٨٠.

١١ ـ شيخ المضيرة : محمود أبو ريّة دار المعارف ، الطبعة الثالثة.


١٢ ـ الغدير : عبد الحسين الأميني ، دار الكتاب العربي ، ١٣٩٧هـ.

١٣ ـ فتح الباري : ابن حجر العسقلاني ، دار المعرفة ، الطبعة الثانية.

١٤ ـ كتاب العين : خليل الفراهيدي ، دار الهجرة ، قم ، ١٤٠٩هـ.

١٥ ـ لسان العرب : ابن منظور ، دار صادر ، ١٤١٤هـ.

١٦ ـ مجلّة الأزهر : لأحمد حسن الزيّات.

١٧ ـ مجلّة الرسالة : لأحمد حسن الزيّات.

١٨ ـ مجلّة المنار : لمحمّد رشيد رضا.

١٩ ـ مجمع البحرين : فخر الدين الطريحي ، مرتضوي ، ١٤١٥هـ.

٢٠ ـ مستدرك الوسائل : الميرزا حسين النوري ، مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ١٤٠٨هـ.

٢١ ـ مع رجال الفكر : السيّـد مرتضى الرضـوي ، مؤسّسة الإرشـاد بيروت ، ١٩٩٨م.

٢٢ ـ معرفة الإمام : السيّد محمّد الحسين الحسيني الطهراني ، دار المحجّة البيضاء ، بيروت.

٢٣ ـ موسوعة السيّد شرف الدين : مجلّد الوثائق والرسائل. تحقيق : مركز العلوم والثقافة الإسلامية.

٢٤ ـ النصّ والاجتهاد : السيّد عبد الحسين شرف الدين ، ١٤٠٤هـ.

٢٥ ـ ولاية الفقيه : السيّد محمّد الحسين الحسيني الطهراني ، دار المحجّة البيضاء ، بيروت.


السيّد جعفر السيّد باقر آل بحر العلوم قدس‌سره

(صاحب كتاب تحفة العالم)

(١٢٨٩ ـ ١٣٧٧هـ)

حياته وآثاره

أحمد علي مجيد الحلّي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أتحف العالم بالعلم وزيّن به العلماء ، والصلاة والسلام على أشرف خلقه محمّد خاتم الأنبياء ، وعلى آله الطيّبين الطاهرين الأتقياء ، وبعد :

آل بحر العلوم :

إنّ الحديث عن هذا البيت الكريم طويل لا يسعه هذا المجال الضيّق ، فضلاً عن الحديث عن عيلم منهم ، فالنوابغ من هذه الأسرة العريقة في السيادة والآثار الدينية والعلمية كثيرون ليس هنا سعة لتعدادهم والتحدّث عنهم ، فقد ملؤوا تاريخ النجف بآثارهم ومآثرهم وشخصيّاتهم البارزة بحيث عرفهم كلّ باحث اشتغل بالتاريخ والسير ، ومنهم صاحب الترجمة هذه ،


والذي ترجمتُ له في أوّل كتابه تحفة العالم في شرح خطبة المعالم. وإيماناً بالحديث المأثور عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : (من وقّر عالماً فقد وقّر ربّه)(١) ، رأيت أن أذكر لهذا السيّد رحمه‌الله ترجمة منفصلة ومفصّلة ، أُضيف إليه زيادة على ما جمعته عنه من الشتات من بطون الكتب المخطوطة والمطبوعة مع تبويب جديد ، خشيت أن لا يوفّق غيري لجمعها ، فباشرت بحمد الله تعالى إلى كتابتها ونشرها في هذه المجلّة الغرّاء التي نشرت لي سابقاً أربع مقالات وكلّ هذا الفضل والمتابعة والحثّ حصل من جناب الأخ فضيلة الشيخ نصير الدين آل كاشف الغطاء ـ دام توفيقه ـ فجزاه الله عنّا وعن كلّ ما ينشره ألف خير ، فدونكها.

* نسبه :

جاء نسبه المبارك في كتابه تحفة العالم عند ترجمة جدّه الحسن المثنّى رضی‌الله‌عنه فلذلك آثرنا ذكره عن قلمه ، فهو : جعفر بن محمّد باقر بن عليّ ابن رضا بن مهدي بن مرتضى(٢) بن محمّد(٣) بن عبد الكريم ابن السيّد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) عيون الحكم والمواعظ : ٤٤٠.

(٢) يلتقي نسب أُسرة آل البروجردي وآل بحر العلوم في السيّد مرتضى هذا حيث إنّ جدّ آل البروجردي هو السيّد جواد ـ أخو السيّد بحر العلوم ـ ابن السيّد مرتضى الطباطبائي.

(٣) لهذا السيّد الجليل عدّة مؤلّفات ذُكرت في كتاب الذريعة وغيره ؛ طُبع منها في مركز تراث السيّد بحر العلوم : الأعلام اللامعة في شرح الزيارة الجامعة ، وتحفة الغريّ ،


مراد(١) بن شاه أسد الله ابن السيّد جلال الدين أمير بن الحسن بن مجد الدين ابن قوام الدين بن إسماعيل بن عبّاد بن أبي المكارم بن عبّاد بن أبي المجد ابن عبّاد ابن عليّ بن حمزة بن طاهر بن عليّ بن محمّد بن أحمد بن محمّد ابن أحمد ابن إبراهيم الملقّب بـ : (طباطبا) ابن إسماعيل الديباج ابن إبراهيم الغمر ابن الحسن المثنّى ابن الحسن المجتبى(٢) عليه‌السلام.

* والده :

قال العلاّمة السيّد مجيد السيّد محمود الحكيم(ت ١٤٠٥هـ) عند ترجمته ، ما نصّه : (السيّد محمّد باقر ابن آية الله العلاّمة السيّد عليّ صاحب البرهان القاطع ابن السيّد رضا ابن السيّد محمّد مهدي الملقّب بـ : (بحر العلوم) الطباطبائي البروجردي الحسني الحسيني ، والد سيّدنا السيّد جعفر دام علاه كاملاً نشأ على طلب العلم ، حضر على علماء عصره ، وعمدة حضوره على أبيه ، توفّي في حياة والده سنة إحدى وتسعين ومائتين بعد الألف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ورسالة في فضل المسجد الأعظم بالكوفة ، وقد كتب عن أحواله السيّد حسين البروجردي (ت١٣٨٠ هـ) رسالة طُبعت في مقدّمة الأعلام اللامعة.

(١) وفي السيّد مراد هذا يجتمع نسب السادة آل الحكيم وآل بحر العلوم في النجف وآل صاحب الرياض المعروفين بآل الحجّة في كربلاء.

(٢) ينظر : تحفة العالم ١ : ٥٨٢ ، كما تجد سلسلة هذا النسب الطاهر مع تفصيل لترجمة الآباء والأجداد في مقدّمة كتاب الفوائد الرجالية ١ : ١٢ ـ ٢٥ ، خاتمة المستدرك ٢ : ٤٤.


(١٢٩١هـ) شابّاً في طهران(١) ، وحمل نعشه إلى الغريّ ، ودفن مع أسلافه(٢) ، ورثَته الأدباء بمراث منهم : الأديب المرحوم الشيخ أحمد قفطان النجفي (ت١٢٩٣هـ) [بقصيدة منها قوله :]

ما كنتُ أحسَبُ أنَّ نعشَكَ يُنقلُ

مِن أرضِ فارسَ للغرىِّ ويحملُ(٣)

إلى أن قال :

إن عِشتَ عينُ الحور فيكَ قريرةٌ

وبِجنْبِ بحرِ علومِهَا لك منزِلُ

فَلَقَدْ بَكَتْ عينُ الهدى إذْ أرّخوا

(لك باقرٌ عينُ المكارمِ تَهمِلُ)(٤)

ومنهم الشاعر الأديب المرحوم الشيخ محمّد سعيد بن محمود الإسكافي (ت١٣١٩ هـ) ، قال من جملة قصيدة مطلعها :

هيَ المنيّةُ تَسْطُو في بواتِرِهَا

وليسَ مَن وتَرَتْ يوماً بواترِهَا

إلى أن قال :

ويا فتى العلمِ قُمْ أرّخْ (بدمع دم

أبكى العلومَ كتاباً فَقْدُ باقرها)(٥)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) في مقدّمة الفوائد الرجالية ١ : ١٥٠ ، ما نصّه : (فتوفّي في طهران في طريقه إلى زيارة الإمام الرضا عليه‌السلام).

(٢) أي في مقبرة الأسرة الواقعة في باحة مسجد الشيخ الطوسي رحمه‌الله.

(٣) شعراء الغريّ ١ : ١٩٥ ، والقصيدة فيه تقع في (٥١) بيتاً ، والتاريخ فيها : من بعدِ عام ما حسبتُ مؤرّخاً * (قصداً بنعشِكَ من بُعَيدِ تحمّلِ) ، والتاريخ الثاني الوارد أعلاه هو لقصيدة أخرى للناظم وبنفس القافية ، فلاحظ.

(٤) شعراء الغريّ ١ : ١٩٧ ، في ثلاثة أبيات.

(٥) النفحات القدسية (خ) : ترجمة رقم (٣٦) ، شعراء الغريّ ٩ : ١٢٦ ، والقصيدة فيه تقع في (٤٠) بيتاً.


وقال عنه أيضاً عند ترجمة السيّد إبراهيم ابن السيّد حسين آل بحر العلوم (ت١٣١٩ هـ) ، ما نصّه : «وقوله من قصيدة يهنّي بها عمّه السيّد عليّاً صاحب البرهان بتزويج ولده السيّد محمّد باقر والد العلاّمة السيّد جعفر :

بدرٌ تجلّى أمْ ضياءُ ذكاءِ

بَزَغَتْ بحالِكِ ليلة ليلاءِ»(١)

* والدته :

هي بنت السيّد حسين ابن السيّد رضا آل بحر العلوم عمّ والده ، وولدت له السيّد جعفراً وبنتاً تزوّجها الشيخ حسن حفيد صاحب الجواهر(٢).

* ولادته ونشأته :

ولد في النجف الأشرف في ٢٩ من شهر محرّم الحرام سنة (١٢٨٩هـ) كما وجد بخطّ جدّه السيّد عليّ مؤلِّف كتاب البرهان القاطع(٣).

وقال السيّد محمّد صادق بحر العلوم رحمه‌الله عند ترجمة والده : (وخلّف من

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كما ترجم له في الكرام البررة : ١٨٦ رقم ٣٨٤ ، وقال عنه : (عالم فاضل..) ، وفي مقدّمة الفوائد الرجالية ١ : ١٥٠. (١) النفحات القدسية (خ) : ترجمة رقم (٤) ، ديوان الطباطبائي : ١١ ، والقصيدة فيه تقع في (٣٦) بيتاً.

(٢) مقدّمة الفوائد الرجالية ١ : ١٥٠.

(٣) ينظر : نقباء البشر : ٢٨١ ، مقدّمة الفوائد الرجالية ١/ ١٥٣ ، وفي النفحات القدسية (خ) ترجمة رقم (٤٦) ما نصّه : (من الفضلاء الأجلاء المؤرّخين المولود في الواحد والعشرين من شهر محرّم الحرام سنة ١٢٨٩هـ).


العلوية بنت عمّه السيّد حسين ولده العالم الفاضل السيّد جعفر سلّمه الله تعالى ، ولد في ٢٩ محرّم (سنة ١٢٨٩) ، كما رأيت بخطّ جدّه السيّد عليّ على ظهر مجموعة مخطوطة من الأدعية)(١).

ومات أبوه وهو طفل صغير وقد كان عمره حين وفاة أبيه عشر سنوات تقريباً ، فكفله وربّاه جدّه السيّد عليّ صاحب البرهان القاطع ، حيث أضفى عليه من العلم والأدب والأخلاق الكريمة والشرف والسؤدد والإيمان والتقوى التي عُرف بها ، وما لبث أن توفّي جدّه ليلة السبت ثاني جمادى الآخرة سنة ١٢٩٨ هـ وعمر سيّدنا المترجَم له لم يتجاوز السابعة عشرة ، ولقد رأيت وصيّة جدّه عند العلاّمة السيّد محمّد عليّ بحر العلوم حفظه الله وفي ضمنها يوصي ببعض كتبه لحفيده السيّد جعفر رحمه‌الله ، ومنها نسخة من الصحيفة السجّادية للإمام عليّ بن الحسين عليه‌السلام ، وقفها حسن خان الفيلي.

* أساتذته :

نشأ على فضلاء أسرته ، وحضر في الفقه والأصول على علماء عصره الفطاحل ، ومراجع التقليد يومئذ ، ومنهم :

١ ـ الشيخ حسين بن خليل بن عليّ الخليلي الطهراني (ت١٣٢٦هـ)(٢).

٢ ـ الشيخ محمّد طه ابن الشيخ مهدي ابن الشيخ محمّد رضا نجف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الدرر البهية (خ).

(٢) المسلسلات : ٢/ ١٤٣.


التبريزي (ت١٣٢٣هـ)(١).

٣ ـ الشيخ علي ابن الشيخ باقر ابن الشيخ محمّد حسن صاحب الجواهر (ت١٣٤٠ هـ) ، قرأ عليه الشمسية في المنطق ، والمطوّل في المعاني والبيان ، والروضة البهية(٢).

٤ ـ الشيخ فتح الله بن محمّد جواد النمازي الشيرازي الإصفهاني النجفي الشهير بـ : (شيخ الشريعة الإصفهاني) (ت١٣٣٩هـ)(٣).

٥ ـ السيّد محمّد بن محمّد تقي آل بحر العلوم (ت١٣٢٦هـ) ، صاحب كتاب البلغة(٤).

٦ ـ الشيخ محمّد كاظم الخراساني المعروف بـ : (الآخوند) (ت١٣٢٨هـ) ، صاحب كتاب كفاية الأصول(٥).

٧ ـ السيّد محمّد كاظم اليزدي (ت١٣٣٧هـ) ، صاحب كتاب العروة الوثقى ، وكثيراً ما ذكره في كتابه تحفة العالم عند نقل بعض العبارات من عروته بـ : (الأستاذ) ، وكان عمدة حضوره عليه ، وله من دروس كلٍّ من هؤلاء الأساتذة كتابات وتقريرات ، كانت محفوظة في مجاميعه الخطّية ، وقد اختصّ بصاحب العروة وأنس بدرسه ولازم بحوثه في الآونة الأخيرة ، وكانت تربطه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المسلسلات : ٢/ ١٤٣.

(٢) النفحات القدسية (خ) : ترجمة رقم (٤٦).

(٣) ينظر : مصفّى المقال : ١٠٩ ، النفحات القدسية (خ) : ترجمة رقم (٤٦).

(٤) ينظر : مقدّمة الفوائد الرجالية : ١/١٥٤ ، النفحات القدسية (خ) : ترجمة رقم (٤٦).

(٥) ينظر : نقباء البشر : ٢٨١.


به علاقة وطيدة أدّت فيما بعد إلى المصاهرة التي حصلت بينهما ، حيث إنّ السيّد علىّ ابن السيّد اليزدي هو صهر سيّدنا المترجم(١).

* مشايخه في الرواية :

١ ـ الميرزا حسين بن محمّد تقي النوري (ت١٣٢٠هـ) ، صاحب مستدرك الوسائل(٢).

٢ ـ الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمّد نصير الجيلاني المازندراني النجفي (ت١٣٣٠هـ)(٣).

٣ ـ الشيخ فتح الله بن محمّد جواد النمازي الشيرازي الإصفهاني النجفي الشهير بـ : (شيخ الشريعة الإصفهاني) (ت١٣٣٩هـ)(٤).

٤ ـ السيّد محمّد بن محمّد تقي آل بحر العلوم (ت١٣٢٦هـ) ، صاحب كتاب البلغة(٥).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : مقدّمة الفوائد الرجالية : ١/ ١٥٤ ، نقباء البشر : ٢٨١ ، مقدّمة أسرار العارفين : ١٣ ، الدرر البهية (خ) ، النفحات القدسية (خ) : ترجمة رقم (٤٦) وفيه أنّه : (من أجلاّء تلاميذ شيخ الشريعة الإصفهاني ، والآخوند المولى محمّد كاظم الخراساني ـ صاحب الكفاية ـ والآية العظمى السيّد محمّد كاظم بن عبد العظيم اليزدي

الطباطبائي).

(٢) ينظر : الإجازة الكبيرة للمرعشي : ١٥٩.

(٣) النفحات القدسية (خ) : ترجمة رقم (٤٦).

(٤) ينظر : النفحات القدسية (خ) : ترجمة رقم (٤٦) ، الإجازة الكبيرة للمرعشي : ١٥٩.

(٥) ينظر : مقدّمة الفوائد الرجالية : ١/١٥٤ ، معارف الرجال : ١/٨ ، و ١٨٣ ، ٢/٣٨٣.


٥ ـ السيّد محمّد كاظم اليزدي (١٣٣٧هـ) ، صاحب كتاب العروة الوثقى(١).

والأخيران من مشايخه أجازاه بالرواية والاجتهاد ، وصرّح السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم رحمه‌الله أن صورتها في مجاميع آله الخطّية(٢).

* المجازون منه :

١ ـ السيّد شهاب الدين المرعشي النجفي (ت١٤١١هـ) ، أجازه بتاريخ ٢٠ صفر الخير سنة (١٣٥٠هـ)(٣).

٢ ـ الشيخ محمّد ابن الشيخ علي حرز الدين (ت١٣٦٥هـ) ، صاحب كتاب معارف الرجال ، أجازه بتاريخ ٤ محرّم الحرام سنة (١٣٥٣هـ)(٤).

٣ ـ العلاّمة السيّد محمّد صادق ابن السيّد حسن آل بحر العلوم (ت١٣٩٩هـ) ، فقد أجازه بتاريخ جمادى الأولى من سنة (١٣٦٥هـ) ، وصورة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : النفحات القدسية (خ) : ترجمة رقم (٤٦) ، الدرر البهية (خ) ، مقدّمة الفوائد الرجالية : ١/١٥٤ ، إجازته للسيّد محمّد صادق آل بحر العلوم ضمن كتاب (إجازاتي) للمجاز (خ).

(٢) ينظر : مقدّمة الفوائد الرجالية : ١/١٥٤.

(٣) ينظر : المسلسلات في الإجازات : ٢/١٤٤ ، الإجازة الكبيرة للمرعشي : ١٥٨ رقم ١٩٦.

(٤) ينظر : نقباء البشر : ٢٨١ ، المسلسلات : ٢/ ٤٢ ، مقدّمة معارف الرجال ١ : ٨ ، ونقل الشيخ حرز الدين عنه بعض الحوادث التاريخية في كتابه معارف الرجال ١ : ١٨٣ ، و ١ : ٣٥٥.


إجازته عثرت عليها في كتاب المجاز المخطوط المسمّى بـ : إجازاتي وتسلسلها فيه هو رقم (٧) ، وتقع في صفحة واحدة ، وقد كتبها المجيز بخطّه ، وإليك نصّها :

إجازة ابن عمّنا العلامة الكبير الحجّة السيّد جعفر آل بحر العلوم رحمه‌الله :

بسمه تعالى

أمّا بعد حمد الله الذي جعل ضياء العلم ناسخاً لظلام الجهالة ، والصلاة والسلام على نبيّه محمّد مُخمِد نار الضلالة ، وعلى آله الأئمّة الميامين وأمناء الدين ، ثمّ إنّه لمّا جرت عادة العلماء الأوائل والأواخر بأخذ العلم من الأكابر ، وتلقّيه سلفاً عن سلف وكابراً عن كابر ، وكان ممّن رغب الدخول في تلك المسالك ابن الخال السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم الطباطبائي وفّقه الله لمراضيه ، وجعل مستقبل أمره خير من ماضيه ، فاستجازني دام توفيقه ، وكان ممّن أحسن وأجاد في تحصيل هذا الغرض ، بل زاد الندب على المفترض ، فلا جرم أنّي أجزت له أن يروي عنّي جميع ما جاز لي روايته عن شيخي وأستاذي خاتمة الفقهاء والمجتهدين البحر المتلاطم السيّد محمّد كاظم اليزدي طاب ثراه وجعل الجنّة مثواه ، عن مشايخه الكرام وأساتيذه العظام ، وله أن يروي عنّي جميع ما برز منّي في قالب التأليف من الكتب والرسائل منها كتاب تحفة العالم في شرح مقدمة المعالم ، ومنها كتاب أسرار العارفين في شرح دعاء كميل الذي علّمه أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ومنها رسالة تحفة الطالب


في حكم اللحية والشارب ، ومنها شرح نجاة العباد فيما يتعلّق ببحث القبلة مفصّلاً ، وشرح المواريث أيضاً ، وإنّي ملتمس منه دام فضله أن يذكرني في الخلوات بصالح الدعاء ، وأشترط عليه أيضاً ما يشترطه المشايخ في جميع الطبقات ، والحمد لله أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً.

وقد حرّر بيده الجاني جعفر نجل المرحوم

السيّد محمّد باقر آل بحر العلوم الطباطبائي

جمادى لـ : سنة (١٣٦٥هـ)

ختمه الشريف : (جعفر الطباطبائي)(١).

٤ ـ العلامة الشيخ محمّد علي بن أبي القاسم الأوردبادي (ت ١٣٨٠هـ)(٢).

* قالوا فيه :

١ ـ الشيخ أقا بزرك الطهراني (ت١٣٨٩هـ) : «.. وهو اليوم شيخ هذا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) فهرس مكتبة السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم : ٢١٢ ، والنسخة بمكتبته رقمها ١٠٩.

(٢) أثبت روايته عنه المرعشي في كتابه المسلسلات : ج٢ ص٣٩ ، ولكن لم نجد تصريحاً منه رحمه الله بروايته عنه في شيء من إجازاته التي وقفنا عليها ، فلاحظ.( وينظر : السبيل الجدد إلى حلقات السند : ٢٦٥ رقم ٦٢ مطبوع ضمن مجلّة علوم الحديث ، ع٢ ، س١) ، وأنا أروي عنه ما أجازني به سماحة المحقّق العلاّمة السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي دامت تأييداته بتاريخ ١٠ شوّال من سنة (١٤٢٨هـ) عن المحقّق السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم رحمه الله.


البيت»(١).

٢ ـ الشيخ محمّد حرز الدين (ت١٣٦٥ هـ) : «عالم فاضل أديب راوية لسير العلماء الأعلام ، معاصر ، حضر على علماء عصره وكتب ما أملته عليه أساتيذه ، وكان فطناً مستحضراً لمتون الأخبار»(٢).

٣ ـ الشيخ جعفر محبوبة (ت١٣٧٧هـ) : «... وهو اليوم الزعيم الديني في بيته والمبرّز من رجاله ، تخرّج على علماء عصره..»(٣).

٤ ـ السيّد محمّد مهدي الموسوي الكاظمي الإصفهاني (ت١٣٩١ هـ) : «.. العالم المعاصر السيّد جعفر سلّمه الله تعالى ، له مؤلّفات جيّدة تشهد بسعة اطّلاعه»(٤).

٥ ـ الحاجّ الملاّ علي الواعظ الخياباني التبريزي (ت١٣٦٧هـ) : «هو العلاّمة الناقد البصير ، والمحقّق الفاقد النظير ، حجّة الإسلام ، علم الأعلام ، سناد العلم الشامخ ، وعماد الفضل الراسخ ، أسوة العلماء الماضين ، وقدوة الفضلاء الباقين ، بقية نواميس السلف ، ومرجع مشايخ الخلف ، أمره في علو قدره ، وعظم شأنه ، وسموّ رتبته ، ودقّة نظره ، وإصابة رأيه أشهر من أن يُذكر ، وأبين من أن يُسطر ، لا زال موفّقاً ومحروساً بحراسة الربّ العليّ»(٥).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الذريعة : ٢٣/٢٠٤.

(٢) معارف الرجال : ١/١٨٢ رقم ٨١.

(٣) ماضي النجف وحاضرها : ١/١٦٧.

(٤) أحسن الوديعة : ٢/٢٢٦.

(٥) علماى معاصر :٤١٧ ، وأثنى عليه كثيراً وذكر زيارته له في سنة ١٣٥٨هـ وأهداه فيها كتابه «تحفة العالم» ونقل بعض النوادر عنه.


٦ ـ العلاّمة السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم : «كان قدس‌سره دمث الأخلاق ، جامعاً ، حاوياً لعامّة العلوم الإسلامية ، مطّلعاً على التاريخ وتراجم الرجال ، وله اطّلاع واسع في علم الدراية والحديث»(١).

٧ ـ الشهيد العلاّمة السيّد مجيد السيّد محمود الحكيم (ت ١٤٠٥هـ)(٢) : «من الفضلاء الأجلاّء المؤرّخين»(٣).

٨ ـ الدكتور محمّد هادي الأميني (ت١٤٢١ هـ) : «من أعلم العلماء والأعيان ورجالات التحقيق والفضيلة ، عالم متتبّع ، ثبت ورع ، مدقّق أصوليٌّ ، متبحّر في التاريخ والقضايا الأدبية والتراجم ، ورع عابد ، كريم دمث الأخلاق ، له اليد الطولى في علم الحديث والدراية..»(٤).

٩ ـ السيّد محمّد رضا الحسيني الأعرجي (ت١٤٢١هـ) : «كان رحمه الله من العلماء الفضلاء والمجتهدين الأجلاّء»(٥).

١٠ ـ المرحوم محمّد علي التميمي : «من العلماء الأعلام المعروفين والشخصيّات الفذّة ، وهو شيخ هذه الأسرة وعميدها وكبيرها.. وهو الآن في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مقدّمة الفوائد الرجالية : ١/١٥٤.

(٢) اعتقل في أوائل القرن الخامس الهجري هو وثلة من آله الكرام ، ولايُعلم شيىٌ عن مقتله ودفنه حتّى يومنا هذا سوى تاريخ إعدامه في حكم طاغية العصر وأزلامه الحاصل في ١٤ شهر رجب سنة ١٤٠٥هـ والموافق ٥/٤/١٩٨٥م ، فقدّس الله نفسه الزكية وحشره مع أجداده الكرام.

(٣) النفحات القدسية (خ) : ترجمة رقم (٤٦).

(٤) معجم رجال الفكر والأدب في النجف : ١/٢١٤.

(٥) حدائق الشريعة في تراجم علماء الشيعة (خ) : ٥٦.


منتصف العقد التاسع ، محترم الجانب ، وشخصية مهمّة لها أثرها في المجتمع النجفي العلمي ، له مكانة سامية عند رجال العلم والأدب»(١).

١١ ـ آية الله العظمى السيّد علي الحسيني السيستاني (ده) : «أدركناه وفي وفاته كنّا في النجف ، وكان شيخاً كبيراً ، عالماً جليلاً ، مطّلعاً على الأخبار ، وكان منعزلاً عن الناس» ، قال ذلك لي مباشرةً بتاريخ ٢٩/٤/٢٠١٢م ، عندما قدّمتُ له كتاب تحفة العالم بتحقيقي ، علماً أنّ نزوله في النجف الأشرف كان سنة (١٣٧١هـ) أي قبل وفاة المترجم بسنتين.

١٢ ـ العلاّمة السيّد أحمد الحسيني الأشكوري : «كان عالماً جليلاً أديباً راوية لسير العلماء الأعلام ، ذا اطّلاع واسع بالأحداث التاريخية والوقائع الإسلامية ، فطناً مستحضراً لمتون الأخبار والروايات ، دمث الأخلاق فاضل الروية ، تعلو أساريره آثار الوقار والطمأنينة. وكان ذا شخصية مهمّة لها أثرها في المجتمع العلمي النجفي ، له مكانة سامية عند رجال العلم والأدب ، انتهت إليه رئاسة بيت (بحر العلوم) في حينه ، وبذلك أصبحت له الكلمة المسموعة بين سائر الناس»(٢).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مشهد الإمام : ٣/ ٥٨ ، كما مدحه الكثير من الفضلاء أمثال السيّد المرعشي في المسلسلات : ٢/ ١٤٤ ، وذكر أقوالهم جميعاً يخرجنا عن أصل الموضوع.

(٢) المفصّل في تراجم الأعلام ، له (خ).


* مؤلّفاته :

١ ـ أنوار الرشاد في شرح نجاة العباد(١) ، شرح بـ : (قال ـ أقول) ، خرج منه مجلّد الصلاة ، ومجلّد في الإرث ، وهو شرح مزجيٌّ ، مجلّده الأوّل بخطِّ المؤلِّف رحمه‌الله من أوّل كتاب الصلاة إلى آخر لباس المصلّي ، آخره : (ويتلوه في الجزء الثاني مكان المصلّي) ، فرغ منه ثامن جمادى الآخرة سنة (١٣٢٦هـ) ، وعلى ظهره تقريظ أستاذه السيّد محمّد كاظم اليزدي ، وأوّل التقريظ : (نحمدك اللهمّ على ما منحت به العلماء من حفظ شرائع الإسلام ورفعت قدرهم من بين الأنام ؛ لشرحهم ما فيه نجاة العباد ، وبيانهم قواعد الأحكام ، ونصلّي ونسلِّم على محمّد وآله الكرام..) ، وذكر المؤلِّف أنّه لم يتمّ له مكان المصلّي ، وفرغ من المجلّد الثاني في ٢٤ شهر ربيع الأوّل سنة (١٣٢٩هـ) ، غير مطبوع(٢).

٢ ـ أسرار العارفين في شرح كلام مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام : وهو الدعاء المروي عنه المشهور بدعاء كميل بن زياد رضی‌الله‌عنه ، فرغ من تأليفه سنة (١٣٣٠هـ)(٣).

طبع (خمس مرّات) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كتاب نجاة العباد رسالة عملية استخرجها شيخ الفقهاء المتأخّرين صاحب الجواهر قدس‌سره(ت ١٢٦٦ هـ) من موسوعته الفقهية الشهيرة جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام لعمل المقلّدين.

(٢) الذريعة : ٤/١٠١ رقم ١٩٠٢ ، ٢٦/٥٩ رقم ٢٧٧ ، نقباء البشر : ٢٨١ ، الدرر البهية (خ) ، وفي مقدّمة الفوائد الرجالية : ١٥٤ : أنّه كتاب نفيس.

(٣) وذُكر في بعض المصادر بعنوان (شرح دعاء كميل). (ينظر : الدرر البهية (خ) ، النفحات القدسية (خ).


* الأولى : النجف الأشرف ، المكتبة المرتضوية ، سنة (١٣٤٢ هـ) ، طبعة حجرية ، الحجم وزيري ، ١٥٤ صفحة(١).

* الثانية : قم المقدّسة ، فدك لإحياء التراث ، تحقيق : فارس حسّون كريم ، سنة (١٤٢٨ هـ) ، الحجم وزيري ، ٤٩٨ صفحة.

* الثالثة : بيروت ، دار جواد الأئمّة عليهم‌السلام ، تحقيق : فارس حسّون كريم ، سنة (١٤٢٩ هـ) ، الحجم وزيري ، ٤٩٨ صفحة ، أوفسيت.

* الرابعة : قم المقدّسة ، منشورات مركز تراث السيّد بحر العلوم ، تحقيق : الشيخ عبد الرحمن الربيعي ، سنة (١٤٣٠ هـ) ، حجم وزيري ، ٤٦٢ صفحة.

* الخامسة : قم المقدّسة ، المكتبة الحيدرية ، تحقيق : السيّد علي الخراساني ، سنة (١٤٣٠هـ) ، الحجم وزيري ، ٨٩٦ صفحة ، دون التعريف بالمؤلِّف.

* السادسة : بيروت ، دار جواد الأئمّة عليهم‌السلام ، تحقيق السيّد علي الخراساني ، (١٤٣٣هـ) ، أوفسيت على الطبعة الخامسة ، حجم الكفّ ، ٨٩٦ صفحة.

والطبعات الأربعة الأخيرة حقّقت على الطبعة الأولى من الكتاب من دون النسخة الخطّية التي كُتبت على نسخة المصنِّف والموجودة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام في النجف الأشرف وهي برقم (١٠١/٢) ، الحديث

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الذريعة : ٢/٥١ رقم ٢٠٤ ، معجم المطبوعات النجفية : ٧٦ رقم ٨٣.


والدعاء تسلسل ٢٩٠٩ ، وهي مختومة بختم المكتبة برقم ٢٩٠٩ وتاريخه ١/٣/١٣٨٨هـ ، كتبها السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم رحمه‌الله على نسخة المصنِّف بتاريخ شهر جمادى الأولى سنة (١٣٤١هـ) ، ومن ثمّ قوبلت بتمام بذل الجهد والطاقة ، وكتب الناسخ في أوّلها ما نصّه : بسم الله الرحمن الرحيم ، هديّتي لمكتبة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام رمزاً للولاء والإخلاص له عليه السلام ، ٢٤ صفر سنة (١٣٨٧هـ) كتبه محمّد صادق آل بحر العلوم :

إنّ ما أهديتُهُ رمزُ الوِلا

لعلىّ مَن فداهُ العالمونْ

راجياً يشفعُ لي من فضِلهِ

يومَ لا ينفعُ مالٌ وبنونْ

محمّد صادق آل بحر العلوم [توقيعه مع صورة شخصية له](١).

٣ ـ تحفة الطالب في حكم اللحية والشارب ، رتّبه على مقدّمة وأبواب وخاتمة(٢) ، فرغ منه سنة (١٣٤٤ هـ) ، وكان اسمه قبل الطبع منية الطالب في حكم حلق اللحية والشارب ، وورد في مقدّمة كتاب الفوائد الرجالية وكتاب معجم رجال الفكر والأدب في النجف باسم بغية الطالب(٣) ، وذكر الشيخ الطهراني أنه ترجمه للفارسية(٤).

طبع (مرّتان) :

* الأولى : النجف الأشرف ، المطبعة المرتضوية ، سنة (١٣٤٧هـ) ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) فهرس مكتبة السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم : ٣٢١.

(٢) الذريعة ٢٣ : ٢٠٤ رقم ٨٦٤٠.

(٣) مقدّمة الفوائد الرجالية : ١/١٥٤ ، معجم رجال الفكر والأدب : ١/٢١٤.

(٤) الذريعة : ٧/٦٣ رقم ٣٣٨ ، نقباء البشر : ٢٨١ رقم ٥٩٣ ، الدرر البهية (خ).


حجم الثمن ، ١٠٠ صفحة ، والنسخة طُبعت على نسخة كتبها محمّد علي ابن الميرزا محمود التبريزي النجفي كما جاء في آخرها(١).

* الثانية : قم المقدّسة ، منشورات مركز تراث السيّد بحر العلوم ، تحقيق : الشيخ محمّد الباقري ، سنة (١٤٣٠هـ) ، حجم وزيري ، ١٧١ صفحة.

٤ ـ تحفة العالم في شرح خطبة المعالم(٢) ، وبالنظر إلى أن هذا الكتاب هو أشهر كتبه ؛ فلذا سأفصل الكلام عنه.

موضوعه :

قال الشيخ أقا بزرك الطهراني رحمه‌الله في كتابه الذريعة : «هو في جزءين أوّلهما في شرح نفس الخطبة وفيه ذكر تواريخ المعصومين عليهم‌السلام من الولادة إلى الوفاة ، وذكر مشاهدهم وقبورهم ، وتواريخ المشاهد وما طرأ عليها من العمارة والخراب وساكنيها وغير ذلك ، وذكر أولادهم وتواريخ أحوالهم ، والجزء الثاني في شرح الأحاديث المصدّر بها كتاب المعالم بعد الخطبة وهي تسعة وثلاثون حديثاً في فضل العلم والعلماء(٣) ، تكلّم أوّلاً في أحوال كلّ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الذريعة : ٣/٤٤٨ رقم ١٦٢٨ ، معجم المطبوعات النجفية : ١١٩ رقم٣٢٤.

(٢) المعالم مقدّمة في أصول الفقه ، لكتاب (معالم الدين وملاذ المجتهدين) الفقهي ، وهو من تآليف الشيخ الجليل جمال الدين أبي منصور الحسن بن زين الدين المعروف بالشهيد الثاني ( ١١٠١ هـ) وهو أشهر تصانيفه ، حتّى أنّه يعرف بصاحب المعالم ، دوّنت تلك المقدّمة مستقلّة ، وتداولت المدارسة فيها فيما يزيد على مائتي سنة ، وقد علّقت عليها في هذه المدّة حواش كثيرة مبسوطة ومختصرة. (ينظر : الذريعة : ٦/٢٠٤).

(٣) كذا والصحيح أربعون حديثاً ، والجزء الأوّل منه ينتهي بترجمة الإمام الحسين عليه‌السلام ، والثاني يبدأ بترجمة الإمام عليّ بن الحسين عليه‌السلام ثمّ شرح الأربعين حديثاً.


واحد من رجال السند جرحاً وتعديلاً ، ثمّ بحث في دلالة متنه وما يستفاد منه ، فهو كتاب علميٌّ تاريخيٌّ رجاليٌّ ، فرغ منه (٢٥ شوال ١٣٤٣هـ)(١) ، رأيت النسخة بخطّه الجيّد ، ثمّ طُبع في النجف سنة (١٣٥٥هـ) في مطبعة الغريّ»(٢).

وقال مؤلِّفه رحمه‌الله في المقدّمة ما نصّه : «وقد أحببت أن أضع على مقدَّمَتهِ التي تُضرب بها الأمثال ، وتلقّتها بيد القبول حملة الفضل والكمال ، شرحاً ممّا سمعت فوعيت ، وجمعت فأوعيت من فوائد جمّة ، وقواعد مهمّة ، هي لشاردات المعاني أزمّة ؛ فلذا تجدني أتعمّد إلى ما يستطرد إليه الكلام من نكتة ، وأتعرّض لجملة أذكرها بغتة ، ولم آل جهداً في إحكام أصول هذا الشرح حسب ما يليق بزماني هذا وتسعه سنوّ عمري على قلّة أعدادها ، فقد وفّقني الله تعالى وله الحمد حتّى اقتبست كلّ ما احتجت إليه في هذا الباب من مظانّه وأخذت من معادنه ، وقد اشتهر في عرف المتأخّرين أنَّ علم الأدب عبارة عن النكت والنوادر من الشعر والتواريخ ، وذكر الشيء بالشيء بالاستطراد وبالمناسبة مع مراعاة مقتضى الحال..».

والكتاب يمثّل دائرة معارف مختصرة جامعة للكثير من المعلومات والمواضيع القيّمة ، ويحتوي على مهمّات المطالب العلمية والأدبية ، التي لا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وكذا جاء في مصفى المقال ، وفي نهاية المطبوع منه : فرغ منه سنة (١٣٤٢هـ) ، فلاحظ.

(٢) الذريعة : ٣/٤٥١ رقم ١٦٤٢.


غنى للباحث والعالم عنها ، كما أنّ فيه تواريخ مهمّة خلت منها المصنَّفات خصوصاً ما يتعلّق بتاريخ مدينته النجف الأشرف ، وقد انتخبت وطبعت من هذا الكتاب ما يتعلّق بتاريخ النجف ، وطُبع باسم تاريخ النجف المنتخب من كتاب تحفة العالم في جمعية منتدى النشر في النجف الأشرف ، سنة (١٤٣٢هـ) ، حجم رقعي ، ١٢٨ صفحة.

قالوا في الثناء على كتاب تحفة العالم :

* الشيخ أقا بزرك الطهراني : «.. وهو كتاب نفيس»(١) ، «..كتاب علميٌّ تاريخيٌّ رجاليٌّ»(٢).

* الشيخ جعفر محبوبة : «.. وهو كتاب نفيس استعنّا به كثيراً في كتابنا هذا»(٣).

* العلاّمة السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم : «.. جزءان ضخمان جامعان لكثير من المعلومات والمواضيع القيّمة بحيث لا غناء للباحث والعالم عنها»(٤).

* السيّد محمّد رضا الحسيني الأعرجي (ت١٤٢١هـ) : «له تحفة العالم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) نقباء البشر : ٢٨١.

(٢) الذريعة : ٣/٤٥١ رقم ١٦٤٢.

(٣) ماضي النجف وحاضرها :١/١٦٧.

(٤) مقدّمة الفوائد الرجالية : ١/١٥٤.


في شرح خطبة المعالم ، وهو كتاب لطيف وتصنيف شريف»(١).

* الشيخ محمّد صادق الجعفري (ت١٤٣٣هـ) : «يقع هذا الشرح في جزءين ، وهو بجزأيه غنيٌّ عن التعريف ، وعُرْفُ المسك يُغني عن تعريفه»(٢).

* العلاّمة السيّد مجيد السيّد محمود الحكيم(ت ١٤٠٥هـ) : «تحفة العالم في شرح خطبة المعالم جزآن ثانيهما في شرح الأحاديث المُصدّر بها كتاب المعالم بعد الخطبة ، وهي تسعة وثلاثون حديثاً في فضل العلم والعلماء وتكلّم في كلّ واحد من أشخاص الرجال الواقعين في تلك الأسانيد جُرحاً وتعديلاً وتميزاً وتشخيصاً ، وهو مشحون من الفوائد الرجالية ، والحقّ أن يُعدّ من كتب الرجال ، فرغ منه سنة (١٣٤٣هـ)(٣).

ويكفي في مدح الكتاب وأهمّيته اعتماد جملة من أهل التحقيق عليه ليس هنا محلّ سردهم(٤) ، كما يكفينا أن سماحة المحقّق السيّد محمّد مهدي السيّد حسن الموسوي الخرسان (دام ظلّه) اقتبس شذرات منه فيما يتعلّق بأحوال إخوة الإمام موسى بن جعفر وأولاده عليه‌السلام استدرك فيها على كتاب بحار

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) حدائق الشريعة في تراجم علماء الشيعة (خ) : ٥٦.

(٢) مقدّمة الطبعة الثانية من الكتاب.

(٣) النفحات القدسية (خ) : ترجمة رقم (٤٦) ، وقد صحّحنا بعض المعلومات سابقاً.

(٤) أخبرني الشيخ عبد الله درويش الحسن ـ حفظه الله ـ أنّه سأل الخطيب الشيخ أحمد الوائلي رحمه‌الله عن الكتب التي يقرأها ويحتاج إليها الخطيب في رسالته المنبرية فكتب له إجابة بقائمة من الكتب كان أوّلها كتاب »تحفة العالم «ممّا يدلّ على أهمّية الكتاب وتعاطيه في أيدي العلماء والخطباء وغيرهم.


الأنوار(١).

طبع (ثلاث مرّات) :

* الأولى : النجف الأشرف ، مطبعة الغريّ ، سنة (١٣٥٤هـ) ، الحجم وزيري ، جزآن في مجلّد واحد ، الجزء الأوّل في (٣٢٣) صفحة ، والثاني في (٢٥٢) صفحة(٢) ، طبع على نفقة عمدة التجّار حضرة الحاجّ عبد الرسول الحاجّ آخوند علي التاجر(٣).

* الثانية : طهران ، مكتبة الصادق ، تقديم : الشيخ المرحوم محمّد صادق الجعفري ، سنة (١٤٠١ هـ) ، وقد طبعت أوفسيت على الطبعة الأولى ، الحجم رقعي ، جزآن في مجلّد واحد ، أدخلت عليها تصحيحات الطبعة الأولى.

* الثالثة : النجف الأشرف ، منشورات مركز تراث السيّد بحر العلوم ، تحقيق : أحمد علي مجيد الحلّي ، طبع مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ، مجلّدان ، الأوّل في (٦٧٥) صفحة ، والثاني في (٥٠٢) صفحة ، ط١ ، سنة (١٤٣٣ هـ).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : بحار الأنوار : ٤٨/ ٢٩١ ـ ٣٢١ ، وكان تحقيقه لهذا الجزء من البحار في ٢٥ شهر شعبان سنة (١٣٨٥ هـ) في النجف الأشرف ، وقد حقّق دام ظلّه جملة من أجزاء بحار الأنوار ، فلاحظ.

(٢) معجم المطبوعات النجفية : ١١٩ رقم ٣٢٥.

(٣) وقد رأيت نسخة مطبوعة منه عليها إهداء المؤلِّف رحمه‌الله بخطّه إلى مكتبة الإمام كاشف الغطاء العامّة وهي بتسلسل (٩/١) ، ونصّ ما كتبه : (بسمه تعالى هدية إلى المكتبة الغروية الجعفرية الكاشفية شادها ربّ البرية بمحمّد وآله أهل الجود والعطية. حرّره الأقلّ جعفر آل بحر العلوم الطباطبائي سنة ١٣٥٦هـ).


٥ ـ تعليقة على كتاب العروة الوثقى لأستاذه السيّد محمّد كاظم اليزدي رحمه‌الله المطبوع بمطبعة العرفان ـ صيدا ، سنة (١٣٤٨ هـ) ، التي ضمّت تعليقة الميرزا محمّد حسين النائيني (ت١٣٥٥ هـ) ، وهي تعليقة وافرة على جميع أبواب الكتاب أتمّها سنة (١٣٥٩ هـ) ، نسختها موجودة في مركز تراث السيّد بحر العلوم ، العراق ـ النجف الأشرف ، قيد الطبع.

٦ ـ تعليقة على كتاب (وسيلة النجاة) للسيّد أبي الحسن الإصفهاني (ت١٣٦٥ هـ) ، المطبوع في النجف الأشرف ، المطبعة العلمية ، سنة (١٣٤٦ هـ).

٧ ـ كشكول حاو لعامّة المعارف ، وهو من التحف النادرة ، غير مطبوع(١).

وغيرها من المؤلَّفات الجليلة والرسائل النفيسة ، ما تزال مخطوطة(٢).

* مستنسخاته :

استنسخ كتاب الفوائد الغروية والدرر النجفية للمولى الشريف أبي الحسن الفتوني العاملي (ت ١١٣٨هـ) عن نسخة الأصل التي بخطّ مؤلِّفه رحمه‌الله ، والموجودة في بيت آل الجواهر في النجف الأشرف(٣).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الدرر البهية (خ) ، مقدّمة الفوائد الرجالية :١/١٥٤ ، وقد عثرنا عليه أخيراً في مكتبة ولده السيّد هاشم رحمه‌الله.

(٢) مقدّمة الفوائد الرجالية : ١/١٥٤.

(٣) الذريعة : ١٦/ ٣٥٣ رقم ١٦٣٩.


* خُلُقه وصفاته :

كان رحمه‌الله على مرتبة عالية من الخلق الإسلامي ، بحيث إنّه لا يرى لنفسه أمام غيره أيّ منزلة ، على الرغم ممّا كان عليه من مقام علميٍّ شامخ ، واطّلاع واسع على عموم المعارف الإسلامية ، وعامّة الفنون التاريخية ، والأدبية الشاملة ، وقد كان حَبراً في المعارف العامّة ، خبيراً في العلوم الدينية ، طويل الباع في كثير من الفنون الإسلامية أيضاً ، وعلى الرغم من ذلك الاطّلاع الواسع ، كان متواضعاً ، بسيطاً في تعامله مع الآخرين ، وقد كان الخاصّة من أهل العلم والمعرفة ، يكنّون له احتراماً خاصّاً لمقامه العلمي الشامخ ، إضافة إلى ذلك فإنّه رحمه‌الله كان ميسور الحال بحكم تولّيه لبعض الأوقاف ـ (أودة)(١) ـ بعد حياة جدّه المرحوم صاحب البرهان(٢).

* نوادر من حياته :

حاولت أن أجمع النوادر من حياة المترجم في هذه الأسطر مما عثرت عليه من بطون الكتب ، وممّا سمعته من أعيان الناس ، فدونكها :

١ ـ حجّه وما قيل فيه :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) في حدائق الشريعة (خ) : ٥٦ ، مانصّه : (وكان رحمه‌الله أحد مقسمي الدراهم الهندية في النجف).

(٢) مقدّمة أسرار العارفين : ١٤.


حجّ المترجم رحمه‌الله سنة (١٣٥٦ هـ) ، وقال الشيخ عبد الغني الخضري (ت١٣٩٦ هـ) في ذلك قصيدة وفيها مدح ولديه السيّد هاشماً والسيّد مهديّاً :

كلّنا صبٌّ فحرّك تجدِ

واشرح الشّوق بهذا المعهدِ

يا أحبّايَ لقد أمرضني

وأبادَ الصّبرُ خُلفُ الموعدِ

كمدٌ أودى فؤادي حرُّهُ

حين شبّتْ نارُهُ في كَبِدِي

كلُّ جرح في فؤادي والحشا

يشتفي إنْ كنتمُ من عوّدي

أقطع البيد اشتياقاً لكمُ

بحشاً من وجده متّقد

قاصداً للوصلِ لكنَّ القَضَا

دامَ أن يمنعني عن مَقْصِدي

كيفَ أسلو عن ليال بِتُّها

بينَ غيداء وريم أغيدِ

حيثُ كم من معهد دارتْ بِهِ

أكؤسُ الرّاحِ برغمِ الحُسَّدِ

يا أحبّايَ وما أعذبها

ندبةً تذهبُ عنّي كمدِي

أنا مذْ غِبتم بقلب موجع

ومن الوجدِ بطرف أرمدِ(١)

ولكَم أذكرُكمْ مهما بدا

قمرٌ في جَنْحِ ليل أسودِ

ولكَم أشتاقكم في كبد

هي من نار الهوى لم تبرد

أنا والنّجمُ أسيرانِ معاً

وكِلانا في غرام سرمدِي

غير أنّي رَقّ قلبي في الهوى

وهو ما انفكّ شديدُ الجلَد

أيّها النّجمُ لَظلمٌ أن أرى

تقطعُ الدّهرَ بعيش رَغَدِ

وأنا ما طابَ لي عيشٌ ولا

راقَ يانجمُ بعيني موردِي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) في الرحيق المختوم : (أنا إن غبتم).


هل تضمُّ الصبَّ أبرادُ الإخا

معكم قبل الفراقِ الأبدي

فَصِلُونا فالهوى طابَ لنا

بإيابِ السيّدِ المعتمدِ

(جعفر) من كانَ في كلّ علاً

سيّداً أكرمْ بِهِ من سيّد

مارأوا أسرعَ منه في الندى

لا ولا أخطبَ منه في النّدِي

بسناهُ يُهتدى إذ إنّهُ

علمٌ في شرعِ (طه) (أحمدِ)

عقمتْ أمُّ العلا عن مثلِهِ

ولقد همّتْ ولمّا تلدِ

فتزوّدْ منه علِماً نافعاً

وعلى أنوارِهِ فاسترشِدِ

كَبَّرَ الحجّاجُ لمّا شاهدُوا

(جعفراً) يسعى بذاكَ المشهدِ

نظروا في وجهِهِ (بدراً) ومِنْ

حلمِهِ لاذوا بِجنبىْ (أُحُدِ)

فإلى نجليكَ ينقادُ الهنا

فهما رمزُ النُّهى والسؤدَدِ

وهما بدرانِ في أفقِ العُلا

أشرقا نوراً بهذا البلدِ

لستُ أدري ما تقولُ الشعرا

وإلى وصفيهما لم تهتدِ

إنّ بيتاً شادَهُ (مهديُّكم)

حقَّ لو نالَ منالَ الفرقدِ

فاسلموا ما لاطفتْ ريحُ الصَّبا

زهرةَ الرّيحانِ في الروضِ الندِيّ(١)

٢ ـ حادثة وتاريخ :

في شهر شوال سنة (١٣١٥ هـ) قلعت أحجار أرض الصحن المقدّس بأمر السلطان عبد الحميد الثاني ، وأصلحت السراديب وأعيدت على ما هي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ديوان الخضري : ١٦٤ ـ ١٦٥ ، الرحيق المختوم في ما قيل في آل بحر العلوم (خ) : ٦٧٦ ـ ٦٧٨ ،


عليه اليوم فظهرت هناك قبور بعض السلاطين وشاهدها كثير من النجفيّين ومكانها تحت القبور التي يُدفن بها الآن ، وكان تمام العمل سنة (١٣١٦هـ) يوم الخميس عاشر جمادى الآخرة ، وأرّخ تلك الحادثة السيّد المترجم ببيت من الشعر ، هو :

ومُذْ فَرَشَ السلطانُ ساحةَ حيدر

فراشَ علاً أرِّخْ (لَقَدْ فَرَشَ العرشا)(١)

٣ ـ قبر تيمورلنك(٢) :

أخبرني آية الله السيّد محمّد رضا السيّد حسن الخرسان (ده) : أنه كان بصحبته في السفر إلى سامراء للزيارة ، وتحدَّث عن خُلقه وسعة معلوماته ، وأنه يوماً ما نقل له الوجيه صالح شمسة أنّ السيّد جعفر أشار له إلى مكان قبر تيمورلنك في النجف الأشرف ، وهو في مقبرة كان محلها قبل الدخول إلى فرع براني السيّد الخوئي قدس‌سره وقد أزيلت في أواخر القرن الرابع عشر الهجري.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : تحفة العالم : ١/ ٥٥٧.

(٢) ولد تيمورلنك بالقرب من كشّ من أعمال ما وراء النهر في ٢٥ شعبان سنة (٧٣٦ هـ) ، وأبوه الأمير تاراغاي أو تورغاي والي كشّ ونواحيها قبل حاجي برلاس وتكنّيه خاتون. وتزعم أسرته أنّها انحدرت من صلب جنكيزخان. وعرف تيمورلنك بأسماء متعددة منها : كوركان أي زوج ابنة الخاقان ، والأمير الكبير ، وصاحب قران. ولقّب أخيراً بالسلطان عام (٧٩٠ هـ) ؛ كما لقّب بعد وفاته بـ : » جنّت مكان أي ساكن الجنّة ؛ وتوفّي في ١٧ يناير من سنة (٨٠٧ هـ) بالغاً من العمر إحدى وسبعين سنة ( دائرة المعارف الإسلامية ١٠ : ٣٠٠) ، وذكر حسين الشاكري في كتابه (الكشكول المبوّب : ٦٩) أنّ مقبرته في النجف الأشرف.


كما نقل لي الخطيب الشيخ شاكر القرشي حفظه الله : (أنّ المترجم كتب بخطّه على نسخته من تحفة العالم أنّ قبر تيمورلنك يقع قبالة مسجد الطوسي في سرداب آل فلان). ونسيت ما ذكره رحمه‌الله كتابة ؛ لكون تلك النسخة فقدت من مكتبتي العامّة.

٤ ـ إقامته الفاتحة للشيخ جواد ابن الشيخ علي ابن الشيخ محمّد ابن الشيخ محمّد حسن صاحب الجواهر ، وقد توفّي سنة (١٣٥٥هـ) ، وألقيت فيها قصيدة للشيخ محمّد رضا المظفّر (ت ١٣٨٣هـ) ، والقصيدة موجودة في مخطوطات مكتبة صاحب الجواهر بتسلسل(١٤٨) ص (٢٢٨).

٥ ـ مقابلته لكتاب تحفة العالم :

وجدت نسخة مصحّحة من كتابه تحفة العالم «الطبعة الأولى في ممتلكات السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم رحمه‌الله ، صُحّحت بمباشرته ، وكتبَ في آخرها ما نصّه : (بلغ مقابلته بحسب الجهد والطاقة من أوّله إلى آخره بمباشرة الأقلّ مؤلّفه جعفر آل بحر العلوم عفي عنه سنة ١٣٦٣ هـ)(١) ، فاستفدت منها في تحقيقي للكتاب.

٦ ـ صلاته على جثمان العلاّمة الشيخ محمّد كاظم الشيرازي :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) فهرس مكتبة السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم : ٣١٢ رقم ٣٤٩.


قال العلاّمة السيّد مجيد السيّد محمود الحكيم (ت ١٤٠٥هـ) في مجموعته الخطّية : (وفي اليوم الثاني والعشرين من شهر جمادى الأولى ليلة السبت سنة (١٣٦٧هـ) توفّي فقيه أهل البيت العلاّمة الشيخ محمّد كاظم الشيرازي ، وخرجت النجف ببعض المواكب العزائية وصلّى عليه العلاّمة السيّد جعفر ابن السيّد محمّد باقر بحر العلوم ودفن في المقبرة الملاصقة لمقبرة شيخ الشريعة الإصفهاني).

٧ ـ فتواه ضدّ الشيوعية :

نشرت مجلّة العدل الإسلامي النجفية كلمة له رحمه‌الله حول الشيوعية بعنوان : (فتاوى أقطاب الدين في المذهب الشيوعي) ، إليك نصّها مع سؤال المجلّة :

«حجّة الإسلام السيّد جعفر آل بحر العلوم دام ظلّه : ذهب التطرّف ببعض شبابنا مذهباً بعيداً إلى درجة أنّهم أصبحوا لا يميّزون بين الرديّ والصالح فتمسّكوا بما يضرّهم ظانّين أنّه سوف ينفعهم ، ومن جملة ما تمسّكوا به المبدأ الشيوعي فراحوا يدّعون أنّه يتّفق ومبادئ الإسلام فأغروا بذلك عدداً كبيراً من الشباب الآخرين أصحاب العقليّات الضعيفة ؛ لذا نرى خدمة للدين أن تزوّدونا بكلمة حول هذا الشأن تضمنّوها رأيكم فيه».

«بسم الله الرحمن الرحيم ، إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، غير خفيٍّ على كلِّ أحد أنّ الشيوعية من المذاهب السياسية الخطرة التي تتنافى مع دين الإسلام بل وسائر الأديان وهي مذهب اقتصادي كما أنّها مذهب اجتماعيّ في نفس


الوقت وهي لا تجتمع مع أظهر حكم من أحكام الإسلام كيف وقد قال الله تعالى : (لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلاّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاض مِنْكُمْ)(١) ، وقال النبيّ صلّى الله عليه وآله : (الناس مسلّطون على أموالهم وأنفسهم)(٢) ، وقال أيضاً : (لا يحلّ مال إمرء إلاّ بطيب نفسه)(٣) ، وعليه فهي من الكبائر المتوعّد عليها النار ، وأيّ كبيرة أعظم من الخروج عن الدين واتّخاذه لعباً ولهواً وقد قال الله عزّ وجلّ : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)(٤) ، وأمر نبيَّه(صلى الله عليه وآله) بالإعراض عن مثل هذا الدين في قوله تعالى في سورة الأنعام : (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة النساء : ٢٩.

(٢) اعلم أنّ قوله : (الناس مسلَّطون على أموالهم وأنفسهم) ـ كما اشتهر في ألسنة الفقهاء وعنون في كتبهم ـ لم نجده في الكتب الحديثيّة ، لا من طريق الخاصّة ولا من طريق العامّة ، نعم نقل مرسلاً عن النبيّ صلَّى الله عليه وآله في عوالي اللآلي من دون لفظة : (وأنفسهم) فراجع العوالي ج ١ ص ٢٢٢ وص ٤٥٧ وج ٢ ص ١٣٨ وج ٣ ص ٢٠٨ ، وقد ذكر الشيخ الأنصاري أنّه لم يثبت لفظة : (وأنفسهم) ويفهم منه أنّ أصله في الجملة قد صدر عنه صلّى الله عليه وآله (والله العالم). ويمكن أن يقال : إنّ صاحب العوالي رحمه‌الله قد ذكر في مقدّمة كتابه كيفيّة إسناده وروايته لجميع ما هو ذاكره في ذلك الكتاب ثمّ ذكر طرق نسبته إلى العلاّمة رحمه‌الله ثمّ ذكر إسناد العلاّمة إلى الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه‌الله ثمّ ذكر إسناد الشيخ إلى المعصومين بل إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فيصير جميع روايات العوالي مسندة ، فتأمّل. (ينظر : تقريرات بحث البروجردي للاشتهاردي : ١٨١ هامش)

(٣) سنن الدارقطني ٣ : ٢٢ ح ٢٨٦٢.

(٤) سورة آل عمران : ٨٥.


لَعِباً وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا)(١) ، بل هو من الظلم القبيح بمكان يضيق عنه نطاق البيان ولا يقبله العقل السليم فضلاً عن السقيم وترفضه سائر الأديان فالواجب على كافّة المسلمين في سائر الأقطار والأمصار أن يكافحوا هذا المذهب الهدّام جهد طاقتهم ، والله هو المستعان. جعفر بحر العلوم»(٢).

* أولاده :

خلّف رحمه‌الله ثلاثة بنين وبنتاً ، أمّا ابنه الأكبر فهو العلاّمة السيّد هاشم بحر العلوم (ت١٣٧٩ هـ) ، وكان ذا فضل ومعرفة ودين ، وكانت له عناية خاصّة بجمع المخطوطات والمطبوعات النادرة ، إلاّ أنّ القدر لم يمهله طويلاً ، وأمّا ابنه الثاني فهو السيّد مهدي بحر العلوم (ت١٣٩٤هـ) ، وكان إلى التجارة والوجاهة أقرب منه إلى تحصيل العلوم الدينية ، والثالث درج حال حياة أبيه ، وأمّا ابنته فهي زوجة السيّد علىّ ابن المرجع الديني السيّد محمّد كاظم اليزدي رحمه‌الله.

* وفاته :

توفّي قدس‌سره يوم الإثنين ٥ شهر ربيع الأوّل سنة (١٣٧٧هـ) فأثّر فقده في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سورة الأنعام : ٧٠.

(٢) العدل الإسلامي : السنة الثانية/ ع ٨ ، ١٤/١١/١٩٤٧ م ـ ٣٠/ ذي الحجّة/١٣٦٦ هـ ، ص ١٥٥.


الأفق العلمي تأثيراً بالغاً بحيث عطّلت لفقده الدروس والأبحاث الخارجية ثلاثة أيّام وشيّع بأفخم تشييع ، ودفن في مقبرة الأسرة الملاصقة لمسجد الطوسي (قده) ، وأقيمت له الفواتح العديدة من عامّة طبقات النجفيّين(١).

وقال العلاّمة السيّد مجيد السيّد محمود الحكيم (ت ١٤٠٥هـ) في مجموعته الخطّية : (وفي يوم الإثنين الخامس من شهر ربيع الأوّل سنة (١٣٧٧هـ). توفّي العالم العلاّمة المرحوم السيّد جعفر ابن السيّد محمّد باقر بحر العلوم ودفن في مقبرتهم ، وأُقيمت الفاتحة على روحه من قبل الحجّة السيّد محسن الحكيم الطباطبائي في مسجد الشيخ الطوسي بعد أن أقام الفاتحة على روحه ولده السيّد هاشم تغمّده الله برحمته ورضوانه).

وأخبرني آية الله السيّد حسين ابن السيّد محمّد تقي بحر العلوم (ت١٤٢٢ هـ) أنّه كان من عادة أهل النجف الأشرف أنّ جنازة العلماء فيهم تمرّر في السوق الكبير ، وتعطّل لذلك دكاكين السوق ، فأوصى رحمه‌الله أن لا تمرّر جنازته بالسوق ؛ لئلاّ تتأذّى الكسبة من جرّاء ذلك الفعل ، وما ذلك إلاّ من شدّة تواضعه.

كما أشار لي إلى محلّ جلوسه في مقبرة آل بحر العلوم ، فهو ممّن عاصره.

* رثاؤه :

وجدت في كتاب الرحيق المختوم المخطوط رثاءً له نظمه السيّد محمّد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مقدّمة الفوائد الرجالية ١ : ١٥٤.


الحلّي النجفي (ت ١٤٠٠هـ) مؤرّخاً عام وفاته ، وهو :

عَزّ عَلى الإِسلامِ مُذْ

أَوْدَى الهُمَامُ الأَطهَرُ

لِذَاكَ أرّخْتُ كَمَا

مَضَى الإِمَامُ جَعْفَرُ (١٣٧٧هـ)(١)

* مكتبته :

امتازت أسرة المؤلِّف رحمه‌الله باهتمامها بالكتب والمكتبات إلى يومنا هذا ولنا شواهد كثيرة على ذلك يطول سردها ، ونكتفي بما قاله عنهم وعن مكتباتهم فيليب دي طرازي عند تعداده لمكتبات النجف الأشرف ، إذ قال ما نصّه : (لأصحاب هذه المكتبات مكانة أدبية تدلّ عليها كنيتهم (آل بحر العلوم) ،فقد قام منهم فقهاء ومحدّثون وشعراء ولغويّون عزّزوا المعارف ما بين أبناء الشيعة في تلك الأرجاء ، وتفرّدوا خصوصاً بجمعهم مخطوطات قديمة ذات فوائد أدبية أو قيمة أثرية)(٢)(٣).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مجموعة التواريخ الشعرية ١ : ١٢١ ،الرحيق المختوم في ما قيل في آل بحر العلوم (خ) : ٦٧٨.

(٢) خزائن الكتب العربية في الخافقين ١ : ٣٠٣.

(٣) وينظر عن مكتبات أسرة آل بحر العلوم بالتفصيل : خزائن الكتب العربية في الخافقين ١ : ٣٠٣ ـ ٣٠٤ ، موسوعة العتبات المقدّسة ٧ : ٢٧٠ ـ ٢٧١ ، و ٢٧٦ ـ ٢٧٧ ، و ٢٨٣ ـ ٢٨٤ ، و ٢٩٧ ـ ٢٩٩ ، و ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ، و ٣١٤ ، تاريخ آداب اللغة العربية ٤ : ١٢٨ ، ماضي النجف وحاضرها ١ : ١٥٢ ، و ١٥٧ ، و ١٥٨ ـ ١٥٩ ، و ١٦٧ ـ ١٦٨ ، مجلّة بهارستان : ٨ : ٩٢٨ ، و٩٢٩ ، و٩٣٠ ، ٩٣٢ ، و٩٣٣ ، و٩٤٠ ، المفصّل في تاريخ النجف الأشرف ١٩ : ١٣٩ ، و ١٤٠ ـ ١٤٤ ، و ٣٢٥ ـ ٣٢٩ ، أفاق نجفية ٢٠ :


ولقد قمت بجمع معلومات من هنا وهناك عن هذه المكتبة فصارت موضوعاً يستغني به الباحث عنها ، وفصّلتها بين يديك مع جمع لأقوال بعض المعاصرين لمؤسّسها وغيرهم في حقّها وعن تاريخها وعن بعض ما تحتويه من نسخ ، فدونكها.

قالوا عنها :

* الشيخ أقا بزرك الطهراني (ت١٣٨٩هـ) : «وله مكتبة جليلة فيها جملة من المخطوطات والنفائس من آثار العلماء وخطوطهم»(١).

* الشيخ جعفر محبوبة (ت١٣٧٧هـ) : «مكتبة جامعة لكثير من الكتب المطبوعة وفيها بعض المخطوطات ومن نفائس الأسفار ما لا يستهان به وهي أقلّ عدداً مما تقدّم(٢) ، وقد جمع فيها من كتب العلامة السيّد محمّد آل بحر العلوم(٣) أنفسها ومن سائر مكتبات النجف وغيرها ولا يزال يجهد بماله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

٣٢٢ ،٣٢٥ ،٣٣١ ، ٣٣٠ ، ٣٣٢ ، ٣٣٩ ، كتابنا فهرس مكتبة العلاّمة السيّد محمّد صادق بحر العلوم ويقع في (٤١٨) صفحة ، ومقدّمة الفوائد الرجالية ، وآخر الجزء الثاني من كتاب نهج الصواب (خ) لصاحب الحصون المنيعة الشيخ علي آل كاشف الغطاء ، وكتاب مشهد الإمام للتميمي وغيرها ممّا يطول سرده.

(١) نقباء البشر ٢٨١ رقم ٥٩٣.

(٢) فقد ذكر قبلها تحت عنوان المخازن الحاضرة ثلاث مكتبات وهي : مكتبة صاحب الحصون الشيخ علي آل كاشف الغطاء ، ومكتبة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء ، ومكتبة الشيخ السماوي.

(٣) ذكر الشيخ جعفر محبوبه رحمه‌الله في كتابه مكتبتين ، الأولى مكتبة العلامة السيّد بحر


وبدنه في اقتنائها ... ، وهذه المكتبة أخذت بازدياد متوال ، فإنّ ولده السيّد هاشم مجد في شراء الكتب بأنواعها وتحصيلها»(١).

* العلاّمة السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم (ت١٣٩٩هـ) : «وكانت عنده مكتبة ضخمة من أجمع وأنفس مكتبات العراق ـ يومئذ ـ من حيث اشتمالها على نفائس المخطوطات ، وأضاف عليها ولده المرحوم فضيلة السيّد هاشم بحر العلوم ، فجاءت كأعظم وأفخم مكتبة يمكن الاستفادة منها. وهي موجودة حتّى اليوم»(٢).

* العلاّمة السيّد مجيد السيّد محمود الحكيم (ت ١٤٠٥هـ) : «مكتبة العلاّمة السيّد جعفر ابن السيّد محمّد باقر آل بحر العلوم الطباطبائي الحسني ، مكتبة جامعة لكثير من الكتب المطبوعة ، وفيها كثير من الكتب المخطوطة ، وقد جمع فيها من كتب المرحوم السيّد محمّد ابن السيّد محمّد تقي بحر العلوم أنفسها ومن سائر مكتبات النجف وغيرها ، ولا زال هو ونجله الفاضل السيّد هاشم يجدّان في جمعها واقتنائها..»(٣).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العلوم في ج١ ص ١٥٢ وهو كبير الأسرة المسمّى بمحمّد ، والثانية مكتبة السيّد محمّد آل بحر العلوم في ج١ ص ١٥٨ وهو السيّد محمّد بن محمّد تقي ابن السيّد رضا ابن السيّد محمّد مهدي بحر العلوم ، وتحدّث عن نفاستهما ، والظاهر أنّ مراده هنا هو الأولى.

(١) ماضي النجف وحاضرها : ١/ ١٦٧.

(٢) مقدّمة الفوائد الرجالية : ١/ ١٥٤.

(٣) ثمّ ذكر خمسة كتب من كتبها يأتي ذكرها عنه ولم نوردها هنا خوف التكرار ،

فلاحظ.(النفحات القدسية (خ) : مكتبة رقم (٧)).


* الأستاذ جعفر الخليلي (ت١٤٠٥ هـ) : «وهذه مكتبة أخرى من مكتبات النجف الخاصّة المنسوبة لآل بحر العلوم ، وقد جمعها السيّد جعفر ممّا استطاع أن يحصل عليه من كتب المتقدّمين ، وممّا اشتراه من المزاد ، وقد ساعده على اتّساع مكتبته ما هو فيه من سعة العيش والرفاه ، حتّى استطاع أن يضمّ إلى مكتبته عيون الكتب القديمة والحديثة ، وقد أصبحت له خبرة بالكتب النفيسة ، فكان يحرص على الاحتفاظ بها..(١) ، وكانت مكتبة السيّد جعفر تعتبر رابع مكتبة مهمّة في وقتها بعد مكتبتي آل كاشف الغطاء والشيخ محمّد السماوي(٢) ، وقد تأسّست في الثلث الأوّل من القرن الرابع عشر ، ثمّ صارت في حوزة ابنه السيّد هاشم بحر العلوم بعد أبيه»(٣).

* الدكتور محمّد هادي الأميني (ت١٤٢١هـ) : «... وكانت لديه مكتبة ضخمة فخمة فيها نفائس المخطوطات»(٤).

* الأستاذ الشهيد عبد الرحيم محمّد علي : «مكتبة احتوت على المطبوع والمخطوط لكثير من الكتب النادرة ، كانت من محتوياتها أجلّ كتب مكتبة السيّد محمّد بحر العلوم ، ومن سائر مكتبات النجف الأشرف ممّا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ثم ذكر أربعة كتب من كتبها عن كتاب ماضي النجف وحاضرها يأتي ذكرها عنه ولم نوردها هنا خوف التكرار ، فلاحظ.

(٢) من الملاحظ أن الخليلي رحمه‌الله اعتمد في ترتيب تسلسل المكتبة على كتاب ماضي النجف وحاضرها.

(٣) موسوعة العتبات المقدّسة ٧ : ٢٩٧.

(٤) معجم رجال الفكر والأدب ١ : ٢١٤.


حصل عليه بالمزاد العلني ، كما كانت ـ في حينه ـ تعتبر رابع مكتبة في النجف بعد مكتبتي آل كاشف الغطاء والشيخ محمّد السماوي ، وهذه السعة في المكتبة مع الجودة راجعة إلى خبرة السيّد المذكور بالكتب المخطوطة مع سعة ذات يده ، وانتقلت بعد وفاته إلى ولده السيّد هاشم»(١).

* المرحوم محمّد علي التميمي : «وله مكتبة شهيرة فيها من نفائس الكتب الخطّية والمطبوعة واشتغل في تأسيسها منذ أيّام تحصيله ودراسته أطال الله بقاه وحفظه ذخراً»(٢).

* السيّد فاضل ابن السيّد محمّد باقر آل بحر العلوم(٣) ، قال ما نصّه : «كان رحمه‌الله إضافةً إلى مقاميه العلمي والأخلاقي الشامخين ، ذا هواية ورغبة باقتناء الكتب المخطوطة والمطبوعة النادرة ، لهذا فقد كانت له مكتبة ضخمة قيّمة من أنفس مكتبات العراق يومئذ ، وهي بالواقع في بدايتها كانت من متبقّيات كتب جدّه صاحب البرهان رحمه‌الله التي انتقلت إليه ، إضافة لبعض الكتب التي اشتراها من السيّد محمّد صاحب البلغة ، ثمّ أضاف إليها رحمه‌الله ما أضاف وجعلها نموذجاً رائعاً للمكتبات ، وقد ذكرت في العديد من الكتب والمجلاّت ، أذكر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) آفاق نجفية ٢٠ : ٣٢٠ رقم ٢.

(٢) مشهد الإمام ٣ : ٥٨ ، كما ذكرها السيّد محمّد حسين الجلالي في فهرس التراث ٢ : ٤٢٢ ، والمرعشي في المسلسلات ٢ : ١٤٤ ، والحكيم في المفصّل : ١٩ : ٣٢٥ ـ ٣٢٩ ، ومجلّة بهارستان ٨ : ٩٣٣.

(٣) هو السيّد فاضل ابن السيّد محمّد باقر ابن السيّد مهدي ابن السيّد جعفر آل بحر العلوم حفظه الله ، ولد سنة (١٩٦٥م).


منها كتاب (ماضي النجف وحاضرها) للشيخ جعفر محبوبة الذي وصفها في الجزء الأوّل من كتابه المذكور ، بأنّها جامعة لكثير من الكتب المطبوعة وفيها بعض المخطوطات ومن نفائس الأسفار ما لا يستهان به» (١).

تاريخ المكتبة :

وتاريخها على ما عثرت عليه من معلومات ينقسم إلى خمس مراحل ، هي :

المرحلة الأولى :

وهي مرحلة التأسيس من قبل صاحبها المولود سنة (١٢٨٩هـ) ، وحدّد هذه الفترة الأستاذ جعفر الخليلي(ت١٤٠٥ هـ) في الثلث الأوّل من القرن الرابع عشر الهجري (٢).

المرحلة الثانية :

هي انتقالها بالإرث بعد وفاة صاحبها الذي توفّي يوم الإثنين خامس ربيع الأوّل سنة (١٣٧٧هـ) إلى مكتبة ولده الأكبر السيّد هاشم (ت١٣٧٩هـ) التي أسّسها في حياة والده السيّد جعفر بحسب ما ذكره المرحوم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مقدّمة كتاب أسرار العارفين : ٢٠ المطبوع بتحقيق الربيعي.

(٢) موسوعة العتبات المقدسة ٧ : ٢٩٧.


الخليلي(ت١٤٠٥ هـ) ، إذ قال بعد ما أفرد لها عنواناً خاصّاً باسم مكتبة السيّد هاشم بحر العلوم ، ما نصّه : «تأسّست مكتبة السيّد هاشم بحر العلوم في حياة أبيه السيّد جعفر ، وبدأت هواية جمع الكتب تظهر فيه قبل منتصف القرن الرابع عشر ، وقد أضاف إلى كتب أبيه طائفة من المخطوطات النادرة ، وقد عرف في الأوساط بهذه النزعة فراح يعرض عليه الوارثون ما يرثونه من المخطوطات ، وقد صار حضور السيّد هاشم (المزاد العلني) من كلّ أسبوع من قبيل الفروض الواجبة ، والذي مكّنه من الحصول على النفائس هو ما كان يسخو به من المال ، فقد كان في يسر وسعة أكثر من غيره من الهواة...»(١).

وقال السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم رحمه‌الله عند ترجمة السيّد هاشم ما نصّه : «وانشغل عن مواصلة تحصيله لعدّة أمور ، لعلّ أهمّها أنّه صار ذا هواية وولع في جمع الكتب وانتقاء المخطوطات ، حتّى كانت مكتبته في الأواخر ـ من أهمّ المكتبات في النجف الأشرف من حيث احتوائها على مختلف الكتب المطبوعة ونفائس المخطوطات ، لأنّه ورث مكتبة أبيه الحجّة السيّد جعفر ـ وهي من عيون مكتبات النجف يومئذ ـ وأخذ يضيف عليها من حيث العدد والكيف ، حتّى أصبحت تقصد من عامّة أنحاء العراق ، وكتب عنها في مختلف الصحف والمجلاّت العراقية»(٢).

وقال الأستاذ الشهيد عبد الرحيم محمّد علي ، ما نصّه : «مكتبة قيّمة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) موسوعة العتبات المقدسة ٧ : ٢٩٨.

(٢) مقدّمة الفوائد الرجالية : ١/ ١٩٢.


جدّاً فهي قد احتوت بالإضافة إلى مكتبة السيّد جعفر على الكثير ممّا أضافه عليها السيّد هاشم ، وكان ذوّاقاً خبيراً بالمخطوطات ، وكان لا يترك الحضور بالمزاد العلني لشراء أنفس ما يعرض عليه الوارثون ما يرثونه من الكتب ، وقد وقف السيّد المذكور مكتبته ، إلاّ أنّنا لا نعرف ما آلت إليه هذه الثروة القيّمة بعد أن حفظت في علب التنك ، ولا ندري ما هي حصّة الأرضة من هذه الأعلاق النفيسة»(١).

وقال المرحوم محمّد علي التميمي رحمه‌الله ، ما نصّه : «وللمومأ إليه [السيّد هاشم] مكتبة عامرة من المخطوطات النفيسة والمطبوعات النادرة الوجود ، وقد تعب عليها كثيراً ولاقى المصاعب في جمعها»(٢).

وقال الأستاذ الدكتور حسن الحكيم : «كان السيّد هاشم ابن السيّد جعفر بحر العلوم جمّاعاً للكتب في حياة أبيه ، وأضاف لمكتبته مجموعة من المخطوطات النادرة بعد وفاة أبيه ، وقدّرت كتبه بنحو أربعة آلاف كتاب ، جمع قسماً منها من المزاد العلني لبيع الكتب وضمّت المكتبة مخطوطات قديمة ونفيسة)(٣).

وقال السيّد فاضل آل بحر العلوم : «وقد انتقلت بعد وفاته إلى ولده

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) آفاق نجفية : ٢٠/ ٣٢٠ رقم ٣.

(٢) مشهد الإمام ٣ : ٥٩.

(٣) المفصّل في تاريخ النجف : ١٩/ ١٤٣ ، وذكر منها ثلاث نسخ وهي : الأنساب لمجهول تأريخه (٦٠٧هـ) ، وحاوي الأقوال للجزائري ، ورجال الشيخ عبد اللطيف الجامعي.


الأكبر سماحة العلاّمة المغفور له السيّد هاشم بحر العلوم ، وكان هو الآخر من هواة العلم وطلاّب المعرفة ومن المولعين باقتناء الكتب لا سيّما المطبوعات النادرة والتاريخية التي قلّ نظيرها ، فأضاف إلى مكتبة أبيه ما صيّر المجموع من أعظم مكتبات العراق في ذلك الوقت ، وبعد وفاة السيّد هاشم المذكور تبعثر تاريخ المكتبة أدراج الظروف والملابسات والإهمال»(١).

فصارت المكتبة تحمل اسماً آخر باسم ولده السيّد هاشم ، وسمعت من السيّد فاضل آل بحر العلوم ـ حفظه الله ـ أنّ للأخ الدكتور محمّد جواد الطريحي فهرساً جامعاً لها نأمل منه أن يقدّمه للنشر ، ويقع مكان المكتبة ـ مكتبة السيّد هاشم ـ في شارع الطوسي في أصل داره التي وقفها أيضاً والواقعة في محلّة العمارة ، وقد حدّثني السيّد إسماعيل السيّد حبيب الخرسان الذي توفّي عن عمر يناهز التسعين سنة (١٤٣٠هـ) أنّ هذه الدار هي دار الفقيه الشيخ جعفر الشوشتري (ت ١٣٠٣هـ) صاحب كتاب الخصائص الحسينية ، وهي اليوم للأسف خربة ، هيّأ الله لها من يحييها وأهلها من السادات الأنجاب ، كما حدّثني الشيخ شريف نجل الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء عن اهتمام السيّد هاشم رحمه‌الله بالمكتبة والسعي في جمع كتبها أكثر من مرّة.

ثمّ وقفها في حياته بوقفية خاصّة رأيت مصوّرتها عند سماحة السيّد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مقدّمة كتاب أسرار العارفين : ٢١ المطبوع بتحقيق الربيعي ، كما ذكرت المكتبة في مجلّة بهارستان : ٨/ ٩٣٩.


فاضل آل بحر العلوم ـ حفظه الله ـ والذي يجدُّ في إحيائها ولملمتها ، وختم رحمه‌اللهعلى كتبها على ما وجدته في بعض نسخها بختم مثلّث سجعه : «قد وقفت هذا الكتاب ، هاشم جعفر آل بحر العلوم في مقبرتي على الطالبين للعلم على أن لا يخرج منها ومن أخرجه منها عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».

المرحلة الثالثة :

وهي بعد وفاة السيّد هاشم رحمه‌الله ، تمثّلت بجردها من قبل لجنة منتدبة ، وحبسها بسبب الظروف العصيبة التي مرّ بها العراق ، قال الأستاذ جعفر الخليلي(ت١٤٠٥ هـ) ، ما نصّه : «.. وعلى أنّ مجموع كتب مكتبته ليس كبيراً ، ولكنّها تضمّ نسخاً نادرة ذات قيمة وهي تبلغ نحو (٤٠٠٠) كتاب حسب الجرد الذي قامت به لجنة منتدبة بعد وفاته ، وقد أخرج السيّد هاشم هذه المكتبة من حوزة الملكية الخاصّة ، ووقفها للجميع ، ولكنّها لم تزل إلى اليوم وهي في بيته محبوسة لم ير وجهها النور على الرغم من كونها وقفاً للجميع ، إذ لم يتيسّر لزوجته أن تخرجها للناس بعد»(١).

المرحلة الرابعة :

والتي تمثّلت بتفرّق المكتبة أيدي سبأ بين موضع وآخر بخلاف وقفّيتها التي تظهر في ختم الكتب ، وذلك بسبب الظروف العصيبة التي مرّت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) موسوعة العتبات المقدّسة : ٧/٢٩٩.


على أرض العراق من جرّاء تحكّم الجبابرة الطغاة علينا ، وإهمال المكتبة من الورثة والآل وغيرها من الأسباب التي يطول سردها هنا.

قال العلاّمة السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم رحمه‌الله ، ما نصّه : «... ولكنّه ـ ويا للأسف ـ أصبحت بعد وفاته ضحية العواطف والأهواء لا ينتفع بها ، ولا يمكن أن يطّلع عليها أي إنسان ، مبعثرة غير منظّمة»(١).

فقسم منها ـ من المخطوطات ـ انضمّ إلى حرم أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ومن المحتمل أنّ السبب في ذلك هو السيّد حسين الرفيعي كليدّار حرم أمير المؤمنين عليه‌السلام حينئذ إذ تنتسب إليه زوجة صاحب المكتبة فهي ابنة السيّد حبيب الرفيعي ، وهو الأكبر منها ، ومن ثمّ انتقل إلى دار صدّام للمخطوطات في بغداد لأسباب غامضة ولسنوات عديدة تجاوزت الثلاثين عاماً (حدود ١٤٠٠ ـ ١٤٣٠هـ) وقد انتقل الكثير من مكتبات النجف الأشرف إلى ذلك المحلّ حينها بالغصب والشراء ، وقسم آخر منها ذهب إلى مكتبة مرجع الطائفة في حينها السيّد أبي القاسم الخوئي ـ قدس‌سره ـ ، وبعد أن أوكل الأمر إلىّ في جمع النسخ المتبقّية من المكتبة والموجودة في مكتبة الإمام كاشف الغطاء العامّة كلّ من السيّد فاضل آل بحر العلوم والسيّد جواد الخوئي ـ حفظهما الله ـ وجدت فيها ستّ نسخ فقط لا غيرها ؛ وذلك لكون المكتبة الأخيرة تعرّضت في سنة (١٩٩١م) إلى اعتداء آثم لا يغتفر في حقّ التراث الإسلامي ، وكما سمعت أن قسماً آخر منها صار في مكتبة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقسماً آخر منها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مقدّمة الفوائد الرجالية : ١/ ١٩٣.


أيضاً صار في مكتبة جامعة النجف الدينية ، ونأمل بعد هذا التفرّق السعي في جمعها وإعادتها لمكانتها في مكانها الأصلي بعد إصلاحه ، وذلك بهمة الغيارى من المؤمنين.

المرحلة الخامسة :

في أواخر سنة (١٤٣١هـ) أُعيد الموجود منها في دار صدّام للمخطوطات في بغداد سابقاً إلى إدارة الحرم العلوي الجديدة بعد المطالبة بها ؛ وذلك لكون الأخيرة تملك بعض الوثائق التي تعطيها حقّ المطالبة بها بعد أخذها من الحرم العلوي ، وعدد الموجود منها في خزائن مخطوطات الحرم هو (٥٥٦) نسخة بحسب ماحدّثني به بعض القائمين عليها ، وزوّدني السيّد فاضل بحر العلوم بفهرس جديد مختصر لبعض مخطوطاتها حصل عليه من إدارة الحرم بعد أن رآها في زيارته الأخيرة للعراق بتاريخ صفر سنة (١٤٣٤ هـ) ، وهو غير ما جمعته عنها من بطون الكتب(١).

فهرس لبعض مخطوطاتها :

فالمكتبة تحتوي على مخطوطات نفيسة ، حاولت أن أجمع ذكر بعضها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وقد انتقلت مخطوطات المكتبة من الروضة العلوية إلى الروضة العبّاسية بتاريخ ١ شعبان سنة ١٤٣٤هـ لغرض تصويرها ومعالجتها ، وبقت هنالك بنحو الأمانة إلى أن تمّ تسليمها إلى المتولّي الشرعي لها السيّد فاضل محمّد باقر بحر العلوم بتاريخ ٤ شهر ربيع الأوّل سنة (١٤٣٥هـ) الموافق ٦/١/٢٠١٤م بحضور لجنة من الأفاضل.


بمسرد جمعته من خلال ما حصلت عليه من بطون الكتب كأمثال : الذريعة ، وذيل كشف الظنون ، وماضي النجف وحاضرها ، ورتّبته بحسب الحروف الألفبائية مع ذكر المصدر ، وبلغ ما عثرت عليه (٥٥) نسخة ، علماً أنّ هنالك قسماً صرّحت المصادر بأنّه من نسخ مكتبة والده السيّد جعفر آل بحر العلوم رحمه‌الله لم أذكره خوف الإطالة :

١ ـ أصحاب الإجماع : للسيّد الحسن بن أبي طالب الطباطبائي المتوفّى بكازرون سنة (١١٦٨هـ أو سنة ١١٦٧) ، ذكره الشيخ عبد النبي القزويني في تتميم الأمل بعنوان (مقالة في أصحاب الإجماع)(١).

٢ ـ أصول الفقه : للسيّد رضا ابن آية الله بحر العلوم (ت ١٢٥٣هـ) ، مجلّد بخطّه فيه مباحث متفرّقة(٢).

٣ ـ الإفادة السنية في مهمّ الصلوات اليومية : للشيخ علي بن أبي جامع العاملي فرغ منه في ١٨ شعبان عام (١١٠٦هـ) ، قال فيه : «لخّصتها تسهيلاً على الطلاّب ورتّبتها على ثلاثة أبواب ، وعلى ظهره إجازة المصنّف بخطّه لكاتبه الشيخ جعفر بن عبد الله الذي كتبه في سنة التأليف ، وقرأه على المصنّف قراءة بحث وتحقيق وتدقيق في مجالس آخرها ضحوة نهار الأحد الثالث والعشرين من المحرّم سنة (١١٠٧هـ) ، وعليه حواش كثيرة من

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : الذريعة ٢ : ١١٩ رقم ٤٧٧ ، و ١٠ : ١٠٩ ، و ١١ : ٨١ رقم ٥٠٥.

(٢) ينظر : الذريعة : ٤٢/ ٢٠٤ رقم ٧٨٨.


المؤلّف»(١).

٤ ـ الأعلام اللامعة في شرح الجامعة : أي الزيارة الجامعة الكبيرة لجدّ سيّدنا بحر العلوم ، وهو السيّد محمّد بن عبد الكريم الطباطبائي البروجردي المتوفّى حدود سنة (١١٦٠هـ)(٢).

٥ ـ تاريخ الأئمّة عليهم‌السلام = رسالة في مواليد النبيّ(صلى الله عليه وآله) والأئمّة عليهم‌السلام وأولادهم وزوجاتهم وتواريخ مواليدهم ووفياتهم ومحلّ دفنهم وغير ذلك. للسيّد محمّد الطباطبائي(ت حدود ١١٦٠هـ) ، فرغ منها سنة (١١٢٦ هـ)(٣).

٦ ـ تتميم أمل الآمل : للشيخ عبد النبي القزويني (ت ١٢٠٠هـ) ، بخطّه ، وعلى ظهرها تقريظ آية الله بحر العلوم ، ويظهر أنّها المسوّدة(٤).

٧ ـ تحفة الأحباب : للحاج عيسى بن حسين علي كبّة البغدادي ، ألّفه تكملة لكتابه (تحفة الطلاّب) في المواعظ والنصائح من الأحاديث الشريفة وكلمات الحكماء والعرفاء والعلماء ، مرتّب على مقدِّمة وأبواب وخاتمة ، قرّظه الشيخ محمّد خضر النجفي تقريضاً لطيفاً ، قال في تأريخه : (نلنا الهنا في تحفة الأحباب) ، وهو يوافق سنة (١٢٤١هـ)(٥).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : الذريعة : ٢/٢٥٤ رقم١٠٢٦ ، المفصّل في تاريخ النجف : ١٩/٣٢٦.

(٢) ينظر : الذريعة : ٢/٢٤٠ رقم ٩٥٢.

(٣) ينظر : الذريعة : ٣/٢١٨ رقم ٨٠٧ ، و ٢٣ : ٢٣٧ ، المفصّل في تاريخ النجف : ١٩/٣٢٦.

(٤) ينظر : ماضي النجف وحاضرها : ١/١٦٨.

(٥) ينظر : الذريعة : ٣/٤١ رقم ١٤٧٥.


٨ ـ تحفة الغريّ : في تحقيق معنى الإيمان والإسلام للسيّد محمّد بن عبد الكريم الطباطبائي البروجردي جدّ آية الله بحر العلوم ، مرتّب على مقدّمة ومقالات وخاتمة ، فرغ منه يوم الأربعاء سابع شهر رمضان المبارك سنة (١١٢٦هـ)(١).

٩ ـ التقية : للشيخ المحقّق علي بن الحسين بن عبد العالي الكركي (ت ٩٤٠ هـ) مختصر ، تأريخ نسخ بعضها (١١٠٠ هـ)(٢).

١٠ ـ الحاشية على أربعين الشيخ البهائي : للسيّد عبد الله بن نور الدين ابن المحدّث الجزائري (ت ١١٧٣ هـ) ، أكبر من الأربعين بثلاث مرّات(٣).

١١ ـ الحاشية على حاشية تهذيب المنطق : للمولى عبد الرزّاق اللاهجي (ت ١٠٥١هـ ) مختصرة تقرب من أربعة آلاف وخمس مائة بيت مع أنّها بلغت إلى قوله : ( ولا عكس للممكنتين ) ، تأريخ كتابة النسخة ( ١٢٤٦ هـ) وهي مغلوطة(٤).

١٢ ـ الحاشية على شرائع الإسلام : للسيّد محمّد مهدي بحر العلوم البروجردي (ت ١٢١٢ هـ) ، من أوّل الطهارة إلى آخر مشكوك الصلاة ، تقرب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : الذريعة : ٣/٤٥٩ رقم ١٦٧٦ ، المفصّل في تاريخ النجف : ١٩/ ٣٢٦.

(٢) ينظر : الذريعة : ٤/ ٤٠٤ رقم ١٧٧٧ ، المفصّل في تاريخ النجف : ١٩/ ٣٢٦.

(٣) ينظر : ماضي النجف وحاضرها : ١/ ١٦٨ ، النفحات القدسية (خ) ، موسوعة العتبات المقدّسة : ٧/ ٢٩٨.

(٤) ينظر : الذريعة : ٦/٦١ رقم ٣١٣.


من ثلاثة آلاف بيت(١).

١٣ ـ دفع إشكال ضلال أحد الشاهدين : في الآية : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيْدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ... إلى قوله : أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا) الآية (٢٨٢) من سورة البقرة ، وبيان المراد من ضلال إحداهما. للسيّد محمّد بن عبد الكريم الطباطبائي البروجردي (ت قبل ١١٦٨هـ ) ، اشتراها من كتب الخوانساري(٢).

١٤ ـ دفع المناواة عن التفضيل والمساواة : في بيان شأن علي أمير المؤمنين عليه‌السلام بالنسبة إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وبالنسبة إلى سائر أهل البيت عليهم‌السلام ، ونسبة بعضهم مع بعض ونسبتهم إلى الأنبياء عليهم‌السلام ، للسيّد حسين المجتهد المفتي ابن حسن بن أبي جعفر محمّد الموسوي العاملي الكركي نزيل أردبيل والمتوفّى بالطاعون سنة ( ١٠٠١ هـ) ، وقد كتبه باسم السلطان أبي المظفّر الشاه طهماسب الصفوي. وفرغ منه في ( ٤ ـ ع ١ ـ ٩٥٩هـ ) كما في نسخة عصر المؤلّف ، وهي بخطّ المولى محمّد بن عليّ البيوني ، فرغ من الكتابة في أواخر ربيع الثاني ( ٩٦٢ هـ) يعني بعد التأليف بثلاث سنوات ، ولعلّ الكاتب كان من تلاميذ المؤلّف(٣).

١٥ ـ ديوان السيّد حسين ابن السيّد رضا ابن السيّد مهدي بحر العلوم الطباطبائي (ت ١٣٠٦هـ) : مرتّب على فصلين أوّلهما في المدائح والمراثي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : الذريعة : ٦/١٠٨ رقم ٥٨٣.

(٢) ينظر : الذريعة : ٨/ ٢٢٧ رقم ٩٣٧.

(٣) ينظر : الذريعة : ٨/٢٣٢ رقم ٩٦٨.


للمعصومين عليهم‌السلام وفيه تخميس الإثني عشريّات لجدّه بحر العلوم. وثانيهما في مراثي بعض العلماء مثل شيخه صاحب الجواهر والشيخ عبّاس ابن المولى علي البغدادي تلميذ صاحب الجواهر وغيرهما(١).

١٦ ـ رجال الشيخ عبد اللطيف : ابن الشيخ نور الدين علي ابن الشيخ الفقيه شهاب الدين أحمد بن أبي جامع الحارثي الهمداني الشامي العاملي تلميذ البهائي وصاحب المعالم والمدارك وغيرهم ، اقتصر في كتابه على رجال الكتب الأربعة... ، نسخة في آخرها رسالة الشيخ عبد اللطيف في تقليد الميّت ، وتعرّض فيها للردّ على أستاذه صاحب المعالم(٢).

١٧ ـ الردّ على الأشعري : الذي اعترض على بعض تصانيف الأصحاب ، فكتب بعض الفضلاء المتأخّرين ردّاً على الأشعريّ المعترض ، وانتصر فيه لصاحب التصنيف ورتّب كتابه على ثلاثة عناوين(٣).

١٨ ـ رسالة في تخليل الأسنان في ليالي شهر رمضان : للشيخ البهائي (ت١٠٣١هـ). مختصرة تقرب من سبعين بيتاً(٤).

١٩ ـ رسالة في صلاة الجمعة ووجوبها التخييري وأنّها أفضل من الإفراد ويتعيّن الوجوب مع الفقيه الجامع للشرائط : للشيخ نور الدين عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي(ت٩٤٠هـ) ، رتّبها على ثلاث أبواب : الأوّل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : الذريعة : ٩/ ٢٤٨ رقم ١٥٠٢.

(٢) ينظر : الذريعة : ١٠/ ١٢٩ رقم ٢٥٣.

(٣) ينظر : الذريعة : ١٠/١٨٤ رقم ٤١٣.

(٤) ينظر : الذريعة : ١١/١٤١ رقم ٨٨٢.


في المقدّمات وهي ثلاثة ، والثاني في نقل الأقوال ، والثالث في اشتراط الفقيه(١).

٢٠ ـ رسالة في عدم صعود جثّة الإمام إلى السماء من بعد ثلاثة أيّام : للسيّد الأمير محمود بن فتح الله الحسيني ، كان معاصراً للشيخ الحرّ ، أثبت فيها وجود جثّة الأنبياء والأوصياء في قبورهم ، وأجاب عن الخبرين الدالّين على الصعود بعد ثلاثة أيّام(٢).

٢١ ـ رسالة في فضل مسجد الكوفة والصلاة فيه وفوائد أخرى : للسيّد محمّد بن عبد الكريم البروجردي الطباطبائي (ت قبل ١١٦٨هـ)(٣).

٢٢ ـ رسالة في معنى (ويكفي الغسل للجمعة كما يكون للزواج الطراد) في من لا يحضره الفقيه : الظاهر فيه أنّه من كلام الإمام عليه‌السلام ، للشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي ، المتوفّى (١١٢١ هـ)(٤).

٢٣ ـ رسالة في منجزات المريض : للسيّد علي الطباطبائي الحائري صاحب رياض المسائل (ت١٢٣١هـ) ، ذكرها تلميذه الشيخ أبو علي في رجاله(٥).

٢٤ ـ الرياض الأزهرية في شرح النكت الفخرية : للشيخ صفيّ الدين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : الذريعة : ١٥/٧٦ رقم ٥٠٠ ، المفصّل في تاريخ النجف : ١٩/٣٢٥.

(٢) ينظر : الذريعة : ١٥/ ٢٣٨رقم ١٥٤٧.

(٣) ينظر : الذريعة : ١٦/ ٢٧٣ رقم ١١٥٧.

(٤) ينظر : الذريعة : ٢١/٢٧٦ رقم ٥٠٣٩.

(٥) ينظر : الذريعة : ٢٣/١٨ رقم ٧٨٦٨.


ابن فخر الدين الطريحي ، وأصله لوالده في شرح الإثني عشرية لصاحب المعالم(١).

٢٥ ـ زبدة الأسرار : في الحكمة ، للسيّد عبد الله الحسيني في ثلاثة آلاف بيت(٢).

٢٦ ـ زواهر الحكم الزاهر نجومها في غياهب الظلم : في الحكمة ، للميرزا حسن ابن المولى عبد الرزّاق اللاهجي (ت١١٢١هـ) ، مرتّب على مقدّمة فيها ثلاثة مقاصد في تعريف الحكمة وموضوعها وأقسامها ، تأريخ كتابتها (١١٢٤ هـ) ، وعليها حواش بإمضاء السيّد محمّد(٣).

٢٧ ـ سلاسل الحديد في تقييد ابن أبي الحديد : للشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق (ت ١١٨٦هـ )(٤).

٢٨ ـ شرح ألفية الشهيد : للمحقّق الكركي الشيخ نور الدين أبي الحسن عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي (ت٩٤٠ هـ) ، وهو موجود في مجموعة من رسائله عند السيّد جعفر ابن السيّد باقر بحر العلوم في النجف الأشرف لكنّه ناقص(٥).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : الذريعة : ١١/٣١٩ رقم ١٩٢٦ ، و ١١ : ٣٢٥ رقم ١٩٦٦.

(٢) ينظر : الذريعة : ١٢/١٨ رقم ١١٢.

(٣) ينظر : الذريعة : ١٢/٦٢ رقم ٤٥٧.

(٤) ينظر : ماضي النجف وحاضرها : ١/١٦٨ ، النفحات القدسية (خ) ، موسوعة العتبات المقدسة : ٧/٢٩٨.

(٥) ينظر : الذريعة : ١٣/١١٣ رقم ٣٥٧.


٢٩ ـ الصحيفة السجادية : للإمام عليّ بن الحسين عليه‌السلام ، وقفها حسن خان الفيلي ، قطع وزيري ، أهداها له جدّه السيّد علي آل بحر العلوم صاحب البرهان القاطع ، ذكرها الأخير في وصية له ، رأيتها مخطوطة.

٣٠ ـ العجالة الموجزة في فروض الناسك التي لا يعذر في الجهل بجهالتها ناسك : للسيّد محمّد مهدي بحر العلوم الطباطبائي (ت ١٢١٢هـ) أوّله : (الحمد لله ما طاف طائف بالمسجد الحرام.. إلى قوله هذه عجالة موجزة..) ، وهو مرتّب على مقدّمة وثلاثة أبواب وخاتمة. تأريخ كتابتها ١٢٣٩ هـ ، ومعها جواب سؤالات عن بعض مسائل الحجّ ، أيضاً لسيّدنا بحر العلوم(١).

٣١ ـ العزّية : للمحقّق الحلّي نجم الدين جعفر بن الحسن بن سعيد الهذلي (ت ٦٧٦ هـ) وهي عشر مسائل كتبها لعزّ الدين عبد العزيز ، والنسخة مخرومة الآخر عند السيّد جعفر بن باقر بن علي بحر العلوم صاحب البرهان ، والموجود منها إلى المسألة التاسعة في وطء دبر المرأة(٢).

٣٢ ـ الغرّاء : رسالة في أسرار الصلاة ، للشيخ أبي الحسن سليمان بن عبد الله بن عليّ بن الحسن بن أحمد السراوي الماحوزي (ت ١١٢١ هـ) ، رتّبها على عشرة فصول ، أوّلها في الوضوء وعاشرها في التسليم(٣).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : الذريعة : ١٥/٢٢٣ رقم١٤٦١ ، المفصّل في تاريخ النجف : ١٩/٣٢٦.

(٢) ينظر : الذريعة : ١٥/٢٦٢ رقم ١٧٠٢.

(٣) ينظر : الذريعة : ١٦/ ٢٩ رقم ١١٧.


٣٣ ـ الفوائد الرجالية : للسيّد محمّد رضا ابن السيّد محمّد مهدي بحر العلوم الطباطبائي ، ابتدأ البحث في أصحاب الإجماع ، ثمّ في حال أبي بصير ، ثمّ في بيان أنّ توكيل الأئمّة عليهم‌السلام يفيد المدح ، ثمّ وجوه الحاجة إلى علم الرجال وعدمه ، وذكر الخلاف والأقوال البالغة إلى ثمانية في المسألة من النفي المطلق والإثبات كذلك والتفاصيل(١).

٣٤ ـ الفوائد الغروية والدرر النجفية : للمولى الشريف أبي الحسن الفتوني العاملي (ت ١١٣٨هـ) ، موجود في النجف في خزانة الشيخ عليّ ابن الشيخ محمّد رضا آل كاشف الغطاء واستنسخه السيّد جعفر بن باقر بن علي آل بحر العلوم بخطّه ، عن نسخة الأصل بخطّ مؤلّفه ، الموجودة في بيت آل الجواهر في النجف(٢).

٣٥ ـ قانون السياسة ودستور الرئاسة : مرتّب على ثلاثة قوانين : ١ ـ في تهذيب الأخلاق ، ٢ ـ تدبير الأموال ، ٣ ـ تقويم الرعايا وسياستهم ، وبنى كلَّ واحد منها على قاعدتين ، وبيّن فروع كلِّ قاعدة مختصراً على نحو التشجير ، حتّى يسهّل ضبطها. ألّفه باسم سيّد أركان الخلافة المعتضدية ، جلال الدين شاه شجاع ، كما يظهر من روضة الصفا ، كان حيّاً في (٧٨٥ هـ)(٣).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : الذريعة : ٢/١٢٠ رقم ٤٨١ ، و ١٠ : ١١٦و ١٦ : ٣٣٨ رقم ١٥٦٨.

(٢) ينظر : الذريعة : ١٦/٣٥٣ رقم ١٦٣٩.

(٣) ينظر : الذريعة : ١٧/ ٢٢ رقم ١٣٦.


٣٦ ـ قواعد الشكوك : في شكوك الصلاة ، عناوينه : قاعدة ـ قاعدة ، للسيّد مهدي بحر العلوم الطباطبائي (ت ١٢١٢هـ) في ثلاث مائة بيت(١).

٣٧ ـ لبّ التواريخ : فارسي للسيّد الأمير يحيى بن عبد اللطيف الحسيني القزويني الشيعي بتصريح كشف الظنون (ت٩٦٠ هـ) ، رتّبه على أقسام أربعة وفيها فصول : أوّلها في سير النبيّ((صلى الله عليه وآله)) والأئمّة الإثني عشر(٢).

٣٨ ـ اللمعة المحمدية في مدح خير البرية : بديعية ميمية نظير بديعية الصفيّ الحلّي ، لمحمّد بن عبد الحميد بن عبد القادر حكيم زاده ، بالحروف المهملة(٣).

٣٩ ـ مآثر الملوك : لغياث الدين محمّد بن محمّد خواند مير البلخي ( ت ٩٤٢ هـ) ، فارسي في تاريخ ومآثر الملوك والسلاطين والخلفاء الراشدين والأئمّة الطاهرين والوزراء وبعض العلماء والحكماء وذكر مخترعاتهم وآثارهم ، بدأ بملوك العجم(٤).

٤٠ ـ محبوب القلوب : الملمّع بالفارسي نثراً ونظماً للمولى الفاضل العارف قطب الدين محمّد ابن الشيخ علي الشريف ابن المولى عبد الوهّاب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : الذريعة : ١٧/١٨٤رقم ٩٧٣.

(٢) ينظر : الذريعة : ١٨/٢٨٥ رقم ١٢٧.

(٣) ينظر : الذريعة : ١٨/٣٥٤ رقم ٤٥٠.

(٤) ينظر : الذريعة : ١٩/ ٧ رقم ٢٤ ، ذيل كشف الظنون : ٨٥ ، ماضي النجف وحاضرها : ١/ ١٦٨ ، النفحات القدسية (خ) ،موسوعة العتبات المقدّسة : ٧/٢٩٨ ، المفصّل في تاريخ النجف : ١٩/٣٢٥.


ابن پيله فقيه بالبا الفارسي اللاهجي الأشكوري تلميذ المحقّق الداماد ، مرتّب على مقدّمة في حقيقة الفلسفية ومبدئها الخ ، علّق على الكتاب حواش نفيسة وتأريخها سنة (١٠٧٨هـ) قريباً من عصر المؤلّف(١).

٤١ ـ مجمل الحكمة : ترجمة رسائل إخوان الصفاء بالاختصار ، لم يعرف المترجم. عليها تملّك الشاهزاده فرهاد ميرزا ابن نائب السلطنة عبّاس ميرزا ابن فتح علي شاه في (١٢٨٢هـ)(٢).

٤٢ ـ المطالب المظفّرية في شرح الرسالة الجعفرية : في فقه الصلاة ، للسيّد الأمير محمّد بن أبي طالب الموسوي الحسيني الأسترآبادي الغروي ، تلميذ المحقّق الكركي المصنّف للمتن ، بخطّ عاشور بن حسن كتبه (١٠٨٣ هـ)(٣).

٤٣ ـ مطلع السعدين ومجمع البحرين : لكمال الدين عبد الرزّاق بن جلال الدين إسحاق السمرقندي (٨١٦ ـ ٨٨٧ هـ) ، وهو تاريخ التيمورية إلى سنة (٨٧٥ هـ) في دفترين. أوّلهما من ولادة السلطان أبي سعيد أولجايتو في (٧٠٤ هـ) إلى وفاة الأمير تيمور الگوركاني في (٨٠٧ هـ). والثاني في حكومة شاه رخ في هرات في (٨٠٧ هـ) إلى حكومة السلطان حسين في (٨٧٥ هـ)(٤).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : ماضي النجف وحاضرها : ١/١٦٧ ، النفحات القدسية (خ) ، موسوعة العتبات المقدّسة : ٧/٢٩٨ ، المفصّل في تاريخ النجف : ١٩/٣٢٦.

(٢) ينظر : الذريعة :٢٠/٥١ رقم ١٨٧٢.

(٣) ينظر : الذريعة :٢١/١٤٠ رقم ٤٣٢٦.

(٤) ينظر : مجلّة بهارستان : ٨/ ٩٣٣.


٤٤ ـ مفتاح أبواب الشريعة في شرح مفاتيح أحكام الشيعة : للسيّد محمّد بن عبد الكريم جدّ بحر العلوم الطباطبائي البروجردي ، شرح مزجيّ لم يتمّ ، والنسخة بخطّ المصنِّف وأختام سبطه وحفيده آية الله بحر العلوم وأولاده(١).

٤٥ ـ مقالة في سجدات القرآن وأحكامها وآدابها : للشيخ البهائي (ت ١٠٣١ هـ) ، مختصرة تقرب من٤٠ بيتاً ، مع بعض مقالات أُخر(٢).

٤٦ ـ مقالة فيما لا تتمّ به الصلاة من الحرير : للشيخ البهائي (ت ١٠٣١ هـ)(٣).

٤٧ ـ مقالة في وجه التغليب في قوله تعالى : (مَا كُنّا أَصْحَابِ السَّعِيْرِ) : في سورة الملك ، للشيخ البهائي (ت ١٠٣١ هـ) ، تعرّض فيه لكلام البيضاوي ، ولعلّه جزء حاشيته على البيضاوي(٤).

٤٨ ـ مناظرة السيّد مهدي بحر العلوم مع يهوديٍّ في ذي الكفل : من إملاء تلميذه السيّد محمّد جواد العاملي ، صاحب مفتاح الكرامة كما يظهر من آخر كتاب متاجره(٥).

٤٩ ـ منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان : للشيخ جمال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : الذريعة : ٢١/ ٣١٤ رقم ٥٢٤٦.

(٢) ينظر : الذريعة : ٢١/٤٠١ رقم ٥٦٧٩.

(٣) ينظر : الذريعة : ٢١/٤٠٤ رقم ٥٦٩٨.

(٤) ينظر : الذريعة : ٢١/٤٠٧ رقم ٥٧١٤.

(٥) ينظر : الذريعة : ٢٢/٣٠٣ رقم ٧١٩٨.


الدين أبي منصور الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني (ت ١٠١١هـ) ، خرّجت منه أبواب العبادات إلى آخر الحجّ ، بخطّ السيّد حبيب زوين النجفي ، تلميذ الشيخ جعفر كاشف الغطاء(١).

٥٠ ـ النية : لنور الدين علي بن الحسين بن عبد العالي الكركي (ت٩٤٠ هـ) ، مختصرة في خمسين بيتاً في ضمن مجموعة من رسائله(٢).

٥١ ـ وجوب الاجتهاد على جميع العباد عند عدم المجتهدين : لنور الدين عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي (ت٩٤٠هـ) ، والنسخة في مجموعة من رسائله(٣).

٥٢ ـ وجوب الجهر بالتسبيحات في الأخيرتين : أو رجحانه ردّاً على من حرّمه من الأصوليّين. لمحمّد بن أحمد بن إبراهيم الدرازي البحراني(٤).

٥٣ ـ وجوب الذكر في سجدتي السهو وتعيين الذكر الواجب : لسليمان بن عبد الله الماحوزي (ت ١١٢١هـ)(٥).

٥٤ ـ الوسائل إلى النجاة : أو الوسائل الحائرية لأنّه ألّفه بالحائر ، أو وسائل الأصول ، أو الوسائل إلى معرفة أصول المسائل للسيّد المجاهد محمّد ابن عليّ الطباطبائي الإصفهاني الحائري (ت ١٢٤٢ هـ) ، وهذا أوّل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : الذريعة : ٢٣/٥ رقم ٧٨٢١.

(٢) ينظر : الذريعة : ٢٤/٤٤٠ رقم ٢٣٠٥.

(٣) ينظر : الذريعة : ٢٥/٢٩ رقم ١٣٦.

(٤) ينظر : الذريعة : ٢٥/٣٢ رقم ١٥٠.

(٥) ينظر : الذريعة ٢٥ : ٣٣ رقم ١٥٧.


تصانيفه... مجلّد واحد منه إلى مبحث ترك الاستفصال(١).

٥٥ ـ الهداية : فقه عملي مقتصرٌ على لبِّ الفتوى. خرج منه قسم من الطهارة لسيّدنا بحر العلوم مهدي بن مرتضى بن محمّد الطباطبائي البروجردي النجفي (ت ـ ١٢١٢ هـ). ذكره ميرزا محمود في المواهب السنية في شرح الدرّة. قال الشيخ الطهراني رحمه‌الله : رأيت النسخة عند حفيده السيّد جعفر بن باقر ابن عليّ إلى غسل الجنابة وعناوينه : (هداية... هداية) ، وهو غير المشكاة والمصابيح اللذين له ، ذكر فيه أنّه كتبه بالتماس جمع ، وهو في العبادات إلى آخر الحجّ. قال السيّد جعفر بحر العلوم : وقد شرح الهداية الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، ونسخة الشرح موجودة في مكتبة عليّ بن محمّد رضا آل كاشف الغطاء(٢)(٣).

مصادر ترجمته :

٢ ـ الإجازة الكبيرة للمرعشي : ١٥٨ رقم ١٩٦ ، أسرار العارفين (تحقيق فارس حسّون كريم) : ١٧ ـ ١٩ ، أسرار العارفين (تحقيق الربيعي) : ٧ ـ ٢٢ ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : الذريعة : ٢٥/٧٠ رقم ٣٧٩.

(٢) ذكر الشيخ حسين الحلّي رحمه‌الله في مجموعة فقهية له رأيتها في ضمن مخطوطات تلميذه الشهيد السيّد علاء الدين آل بحر العلوم أنّه رآها عند السيّد جعفر آل بحر العلوم وقال : إنّها رسالة مختصرة في أحكام الحجّ للمرحوم السيّد بحر العلوم قدس‌سره مذيّلة ببعض الأسئلة المتعلّقة بأحكام الحجّ ، ومصحّحة على يد السيّد حسين آل بحر العلوم.

(٣) ينظر : الذريعة : ٢٥/١٦٧ رقم ٨٣.


الأعلام ٢ : ١٢٩ ، تحفة الطالب (تحقيق الباقري) :١٤ ـ ٢٨ ، تحفة العالم (ط٢) : أ ـ د المقدّمة ، و (ط٣) ، حدائق الشريعة في تراجم علماء الشيعة(خ) ، الدرر البهية(خ) ، علماى معاصر : ٤١٧ ـ ٤١٩ رقم ١٦٧ ، فهرس التراث ٢ : ٤٢٢ الفوائد الرجالية ١ : ١٥٣ ـ ١٥٥ ، المسلسلات في الإجازات ٢ : ١٤٣ ، مشهد الإمام ٣ : ٥٨ ، مصفى المقال : ١٠٩ ، ماضي النجف وحاضرها ١ : ١٦٧ ، معارف الرجال ١ : ١٨٢ رقم ٨١ ، معجم رجال الفكر والأدب في النجف١ : ٢١٤ ، معجم المؤلّفين ٣ : ١٤٥ ، معجم المؤلّفين العراقيّين ١ : ٢٥٣ ، المفصّل في تاريخ النجف ١٩ : ٣٢٥ ـ ٣٢٩ ، منار الهدى : ٥٤ رقم ١٠٨ ، موسوعة طبقات الفقهاء ١٤ : ١٥١ رقم ٤٥٠٢ ، النفحات القدسية(خ) ، نقباء البشر : ٢٨١ رقم ٥٩٣ ، وغيرها من المصادر الكثيرة.

شكر وعرفان :

عرفاناً بالجميل المسدى إليَّ وإيماناً بالحديث الوارد عن الإمام الرضا عليه‌السلام : (من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر الله عزّ وجلّ)(١).

رأيت أن أشكر كلّ من آزرني وشجّعني لكتابة هذه الترجمة ، وبالخصوص جناب الأخ السيّد فاضل آل بحر العلوم دام توفيقه ، فجزاهم الله جميعاً أفضل جزاء المحسنين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ١/ ٢٧ ح٢.


وختاماً :

أرجو أن أكون قد وفّقت فيما كتبت من هذه الترجمة ، كما ألتمس من إخواني المؤمنين ، ولا سيّما أهل البحث والتحقيق ، أن ينبّهوني على ما قد يجدونه من الخطأ غير المقصود ممّا جرى به القلم وزاغ عنه البصر ، فإنّ الإنسان موضع الغلط والنسيان والكمال لله والعصمة لأهلها والحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات.

وكَتَبَ أحمد علي مجيد الحلّي مولداً

النجفي منشأً ومسكناً ومدفناً إن شاء الله تعالى

في النجف الأشرف في جوار الروضة العلوية المقدّسة

يوم ٥ من شهر جمادى الأولى سنة (١٤٣٤هـ)

المصادف ذكرى ولادة السيّدة زينب ـ عليها السلام ـ


المصادر

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ الإجازة الكبيرة : السيّد شهاب الدين المرعشي (ت ١٤١١ هـ) ، إعداد : محمّد السمامي الحائري ، مكتبة السيّد المرعشي ، ط١ ، سنة ١٤١٤ هـ.

٣ ـ الأعلام : خير الدين الزركلي (ت١٤١٠هـ) ، دار العلم للملايين ، بيروت ، ط٥ ، سنة ١٩٨٠م.

٤ ـ أحسن الوديعة في تراجم مشاهير مجتهدي الشيعة : السيّد محمّد مهدي الإصفهاني الكاظمي (ت١٣٩١هـ) ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف ، ط٢ ، سنة ١٣٨٨ هـ.

٥ ـ أسرار العارفين في شرح كلام أمير المؤمنين عليه السلام : السيّد جعفر بن محمّد باقر بحر العلوم (ت١٣٧٧هـ) ، تحقيق : الشيخ عبد الرحمن الربيعي ، مركز تراث السيّد بحر العلوم ، ط١ ، سنة ١٤٣٠هـ.

٦ ـ أعيان الشيعة : السيّد محسن الأمين العاملي (ت١٣٧١هـ) ، حقّقه وأخرجه : حسن الأمين ، دار التعارف ، بيروت.

٧ ـ بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار عليهم السلام : العلاّمة محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي (ت١١١٠هـ) ، مؤسّسة الوفاء ، بيروت ، ط٣ ، سنة ١٤٠٣هـ.

٨ ـ تاريخ آداب اللغة العربية : جرجي زيدان (ت١٣٣٢ هـ) ، دار مكتبة الحياة ، بيروت ، ط٢ ، ١٩٧٩ م.


٩ ـ تاريخ النجف الأشرف : الشيخ محمّد حسين حرز الدين (ت١٤١٨ هـ) ، هذّبه وزاد عليه : عبد الرزّاق حرز الدين ، منشورات دليل ما ، قم المقدّسة ، سنة ١٤٢٧هـ.

١٠ ـ تحفة الطالب في حكم اللحية والشارب : السيّد جعفر بن محمّد باقر بحر العلوم (ت١٣٧٧هـ) ، تحقيق : الشيخ محمّد الباقري ، نشر مركز تراث السيّد بحر العلوم ، ط١ ، ١٤٣٠هـ.

١١ ـ تحفة العالم في شرح خطبة المعالم : السيّد جعفر بن محمّد باقر بحر العلوم (ت١٣٧٧هـ) ، تحقيق : أحمد علي مجيد الحلّي ، نشر مركز تراث السيّد بحر العلوم ، ط١ ، ١٤٣٣هـ.

١٢ ـ تقريرات ثلاثة (الوصية ومنجزات المريض ـ ميراث الأزواج ـ الغصب) بحث السيّد حسين البروجردي : تقرير الشيخ علي پناه الاشتهاردي ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم المقدّسة ، ط١ ، سنة ١٤١٣ هـ.

١٣ ـ خزائن الكتب العربية في الخافقين : الفيكنت فيليب دي طرازي ، نشر دار الكتب ، مطبعة جوزيف صيقلي ، بيروت.

١٤ ـ ديوان الشيخ عبد الغني الخضري : عبد الغني الخضري (ت١٣٩٦ هـ) ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف ، سنة ١٣٧١ هـ.

١٥ ـ ديوان الطباطبائي : السيّد إبراهيم الطباطبائي (ت١٣١٩ هـ) ، تقديم : علي الشرقي ، مطبعة العرفان ، صيدا ، سنة ١٣٣٢ هـ.

١٦ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : الشيخ آغا بزرك الطهراني (ت١٣٨٩ هـ) ، دار الأضواء ، بيروت ، ط٣ ، سنة ١٤٠٣هـ.

١٧ ـ سنن الدارقطني : علي بن عمر الدارقطني (ت٣٨٥ هـ) ، علّق عليه وخرّج أحاديثه : مجدي بن منصور بن سيّد الشورى ؛ دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط١ ، سنة ١٤٠٧ هـ.


١٨ ـ شعراء الغريّ (النجفيات) : علي الخاقاني (ت١٣٩٩ هـ) ، مكتبة آية الله المرعشي ، سنة ١٤٠٨ هـ ، أوفسيت على طبعة المطبعة الحيدرية ، النجف ، سنة ١٣٧٣هـ.

١٩ ـ علماى معاصر : الحاجّ الملاّ عليّ الواعظ الخياباني التبريزي (ت١٣٦٧هـ) ، تصحيح : عبد الرحيم عقيقي ، نور إسلام ، ط١ ، سنة ١٣٨٢ ش.

٢٠ ـ عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : الشيخ الصدوق (ت٣٨١هـ) ، تقديم وتعليق : الشيخ حسين الأعلمي ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ، سنة ١٤٠٤ هـ.

٢١ ـ فهرس التراث : السيّد محمّد حسين الحسيني الجلالي ، تحقيق : محمّد جواد الحسيني الجلالي ، منشورات دليل ما ، قم المقدّسة ، سنة ١٤٢٢ هـ.

٢٢ ـ فهرس مكتبة العلامة السيّد محمّد صادق بحر العلوم : أحمد علي مجيد الحلّي ، نشر : مؤسّسة تراث الشيعة ، قم المقدّسة ، سنة ١٤٣١هـ.

٢٣ ـ الفوائد الرجالية : السيّد محمّد مهدي بحر العلوم (ت ١٢١٢هـ) ، تحقيق وتعليق : السيّد محمّد صادق بحر العلوم ، السيّد حسين بحر العلوم ، نشر : مكتبة الصادق ، طهران ، ط١ ، سنة ١٣٦٣ ش.

٢٤ ـ الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة : الشيخ آقا بزرك الطهراني (ت١٣٨٩ هـ) ، دار المرتضى ، مشهد المقدّسة ، ط٢ ، سنة ١٤٠٤ هـ.

٢٥ ـ كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون : مصطفى بن عبد الله الشهير بحاجي خليفة وبكاتب چلبي(ت١٠٦٧هـ) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٢٦ ـ الكشكول المبوّب : الحاج حسين الشاكري ، نشر : المؤلِّف ، مط : ستارة ، ط٥ ، سنة ١٤٠٧ هـ.

٢٧ ـ الكنى والألقاب : الشيخ عبّاس بن محمّد رضا القمّي (ت١٣٥٩هـ) ، تقديم : محمّد هادي الأميني ، مكتبة الصدر ، طهران ، سنة ١٣٦٨ هـ.


٢٨ ـ ماضي النجف وحاضرها : الشيخ جعفر بن محمّد باقر محبوبة (ت١٣٧٧هـ) ، دار الأضواء ، بيروت ، سنة ١٤٣٠ هـ.

٢٩ ـ مجموعة التواريخ الشعرية : السيّد محمّد بن حسين الحلّي النجفي ، مطبعة الآداب ، النجف الأشرف ، سنة ١٣٨٨ هـ.

٣٠ ـ مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل : الشيخ حسين بن محمّد تقي النوري (ت١٣٢٠هـ) ، تحقيق ونشر : مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، قم المقدّسة ، ط١ ، سنة ١٤٠٨هـ.

٣١ ـ المسلسلات في الإجازات : السيّد محمود المرعشي(معاصر) ، نشر : مكتبة المرعشي ، قم المقدّسة ، سنة ١٤١٦هـ.

٣٢ ـ مشهد الإمام أو مدينة النجف : محمّد علي جعفر التميمي ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف ، سنة ١٣٧٤ هـ.

٣٣ ـ مصفى المقال في علم الرجال : الشيخ آقا بزرك الطهراني (ت١٣٨٩ هـ) ، دار العلوم ، بيروت ، ط٢ ، سنة ١٤٠٨ هـ.

٣٤ ـ معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء : الشيخ محمّد حرز الدين (ت١٣٦٥ هـ) ، تحقيق : محمّد حسين حرز الدين ، مكتبة السيّد المرعشي ، قم المقدّسة ، سنة ١٤٠٥ هـ.

٣٥ ـ معالم الدين وملاذ المجتهذين : الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني (ت١١٠١هـ) ، جماعة المدرّسين ، قم المقدّسة.

٣٦ ـ معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام : الشيخ محمّد هادي الأميني (ت١٤٢١ هـ) ، ط٢ ، سنة ١٤١٣ هـ.

٣٧ ـ معجم المطبوعات النجفية : محمّد هادي الأميني (ت١٤٢١ هـ) ، مط الآداب ، النجف الأشرف ، ط١ ، ١٣٨٥ هـ.


٣٨ ـ المفصّل في تاريخ النجف الأشرف : الدكتور حسن عيسى الحكيم ، المكتبة الحيدرية ، ج ١٩ ، سنة ١٤٣٠ هـ.

٣٩ ـ منار الهدى في الأنساب : الشيخ محمّد حسين الأعلمي (ت١٣٩٣ هـ) ، نشر مكتبة المرعشي ، قم المقدّسة ، سنة ١٤٢٣هـ.

٤٠ ـ موسوعة العتبات المقدّسة : جعفر الخليلي(ت١٤٠٥ هـ) ، مؤسّسة الأعلمي ، بيروت ، ط٢ ، سنة ١٤٠٧هـ.

٤١ ـ نقباء البشر في القرن الرابع عشر : الشيخ آغا بزرك الطهراني (ت١٣٨٩هـ) ، دار المرتضى ، مشهد المقدّسة ، ط٣ ، سنة ١٤٠٤هـ.

٤٢ ـ هدية العارفين أسماء المؤلّفين وآثار المصنّفين : إسماعيل باشا البغدادي ، طبع بعناية وكالة المعارف الجليلة في مطبعتها البهية استانبول سنة ١٩٥١ م ، أعادت طبعه بالأوفست دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

المخطوطات :

٤٣ ـ إجازاتي : السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم (ت١٣٩٩هـ).

٤٤ ـ حدائق الشريعة في تراجم علماء الشيعة : السيّد محمّد رضا الحسيني الأعرجي(ت١٤٢١هـ) ، تأليفه سنة ١٣٨٦ هـ.

٤٥ ـ الدرر البهية في تراجم علماء الإمامية : السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم (ت١٣٩٩هـ).

٤٦ ـ الرحيق المختوم في ما قيل في آل بحر العلوم : السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم (ت١٣٩٩هـ).

٤٧ ـ مجموعة السيّد مجيد ابن السيّد محمود الحكيم (ت ١٤٠٥هـ).

٤٨ ـ المفصّل في تاريخ الأعلام : السيّد أحمد الحسيني الأشكوري (معاصر).

٤٩ ـ النفحات القدسية في معجم السادة الطباطبائية : السيّد مجيد ابن السيّد محمود الحكيم(ت ١٤٠٥هـ).


الدوريّات :

٥٠ ـ آفاق نجفية : مجلّة فصلية تعنى بالدراسات والبحوث التراثية والمعاصرة المختصّة بشؤون النجف الأشرف ، رئيس تحريرها : كامل سلمان الجبوري ، ع ٢٠ س ٢٠١١هـ.

٥١ ـ بهارستان : مجلّة ، تصدر عن مكتبة مجلس الشورى ، طهران ، السنة الثامنة ، العدد الثامن ، سنة ١٣٨٩ ش.

٥٢ ـ العدل الإسلامي : النجف الأشرف ، السنة الثانية ، العدد ٨ ، ١٤/١١/١٩٤٧ م ـ ٣٠/ ذي الحجّة/١٣٦٦ هـ.

٥٣ ـ علوم الحديث : مجلّة ، تصدر عن دار الحديث ، طهران ، السنة الأولى ، العدد الثاني ، شهر رجب ـ ذو الحجّة الحرام ، سنة ١٤١٨هـ.


الشيخ عليّ كاشف الغطاء

(صاحب الحصون المنيعة في طبقات الشيعة)

سيرتُهُ وآثارهُ

د. عباس هاني الجرَّاخ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحَمدُ لله على ما أَنعَمَ وسدَّد ، وصَلوَاتُهُ على رَسُولِهِ المُصطَفَى مُحَمَّد ، وآل بيته الكرامِ البَرَرَةِ.

وبعدُ ، فإنَّ الشَّيخ عليّ ابن الشيخ محمَّد رضا ابن الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء المُتَوَفَّى سَنَة (١٣٥٠هـ ـ ١٩٣١م) علمٌ بارزٌ في ميدان البحث والتَّراجم ، واشتهر بكتابهِ الذَّائع (الحصون المنيعة في طبقات الشِّيعَةِ) ، وهذا المقال في التعريفِ بهِ وشيوخه وتلامذته ، وآثارهِ ، ومكتبته الكبيرة ، وما قيلَ فيهِ شعراً ونثراً ، واستطعنا الظَّفر بشعر كثير له بعد سياحة وتنقير في مؤلّفاته وغيرها ، ونحسبُ أنَّنا أتينا بالجديد عنه.

والحَمدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ ، وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد وآله الطَّيِّبين الطاهرين المنتجبين.


نسبه :

هو (١) : الشيخ علىُّ ابن الشيخ مُحَمَّد رضا ابن الشيخ مُوسَى (المصلح بين الدولتين) ابن الشيخ الأكبر الشيخ جعفر الملقّب بـ : (كاشف الغطاء) ابن الشيخ خضر بنِ يَحيَى بنِ مَطَر بنِ سَيف الدين المالكىّ النَّجَفِيّ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تَرجمتُهُ فِي : الذريعة ٧/٢٤ ـ ٢٥ ، ماضي النجف وحاضرها ٣/ ١٧٣ ـ ١٧٤ ، أعيان الشيعة ٨/٣١٦ ، مُصفّى المقال ٣٣٠ ـ ٣٣١ ، أحسن الوديعة ٢٦٠ ، المشيخة أو الإِسناد المصفّى إلى آل المصطفى ٣٦ ـ ٣٧ ، معارف الرجال ٢/١٣٦ ـ ١٣٨ ، العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ٢/١١٥ ـ ٢٤٤ ، الأعلام ٥/١٩ ـ ٢٠ ، معجم المؤلّفين ٧/١٩٨ ، المستدرك على معجم المؤلّفين ٥٠٣ ، مخزن المعاني ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ، معجم رجال الفكر والأدب ٣/١٠٤٦ ، طبقات أعلام الشيعة (نقباء البشر) ٤/١٤٣٦ ، مكارم الآثار ٦/٩١٠ ، المسلسلات في الإجازات ١١٦ ـ ١١٩ ، معجم مؤرّخي الشيعة ١/٦٢٢ ـ٦٢٣ ، مرآة الشرق ٩٥٥ ـ ٩٥٦ ، ديوان السيِّد جعفر الحلِّي ٢٦٤ ـ ٢٦٧ ، ديوان السيّد موسى الطالقاني ٣٥٣ ـ ٣٥٤ ، علماء معاصرون ١٤٨ ، عقود حياتي ٢٨ ، ١٣١ ، هكذا عرفتهم ٢٢٧ ، كنجينه دانشمندان ٧/٢٦٩ ، السيف الصنيع ٢١٧ ، أعلام الأدب في العراق الحديث ٢/٣٢٢ ، معجم الأدباء للجبوري ٤/٣١٩ ـ ٣٢٠ ، أعلام الشيعة ٢/١٠٠٣ ـ ١٠٠٤ ، فهرس التراث ٦٦١ ـ ٦٦٢ ، مجلّة (رسالة التقريب) ، ع ٨٢ ، ص ١٥٦ ـ ١٦٠ ، المفصَّل في تَرَاجِم الأعلام ١/٤٣٤ ـ ٤٤٢.

وأَلَّفَ د. أحمد ناجي الغريرىُّ كتاباً بعنوان (الشيخ علىّ كاشف الغطاء صاحب الحصون وجهوده العلميَّة) ، صدر في النجف الأشرف (١٤٣٦هـ/٢٠١٥م) ، ولكنَّهُ مُثخَنٌ بالأَوهام والأَخطاء العلميَّة ، ومعظمُ صَفَحَاتِهِ لا علاقة لها بموضوعِ كِتَابِهِ!.

وترجمَ لهُ د. جودت القَزوينىُّ ترجمةً مُفصَّلةً في كتابه الضَّخم (تاريخ القَزوينىِّ) ، ولكنَّ تَرجمتَهُ ذَهَبَتْ معَ كثير من التَّراجِم في القصفِ الصّهيُونىِّ على منزلِهِ في بيروت.

ولم يُترجم لهُ حميد المطبعي في كتابه : موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين!.


وينحدرُ مِن (بني مالك) نِسبَةً إِلى مالك بن الحارث الأشتر النَّخَعِيِّ ، القبيلة العربية الكبيرة القاطنة في ضواحي الفرات حَوَالَي الكُوفَة مِن أَقدَمِ العُصُور ، وكانَ لها شأنٌ في القَرنَين الحادي عشر والثاني عشر الهِجرِيَّين ، وهي قبيلةٌ مشهورةٌ ذاتُ فروع وأغصان كثيرة منتشرة في قضاء الشاميَّة بمحافظة القادسية ، والحلّة(١).

وأوّلُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى النَّجَفِ الأشرف مِن هذه الأسرةِ هُوَ الشيخ خضر ابن يحيَى المنتهي اِليه نسب (آل خضري) ، و (آل كاشف الغطاء) ، و (آل راضي) ، و (آل عليوي) ، هاجر من إحدَى قرى الحلّة الجنوبيَّة ، وهي قرية (جناجة) إلى النجف الأشرف في أوائل القرن الثاني عشر ، وكان عالماً مشارًا إليه في الفقه والزهد والتقوى ، وأنجب أولادًا أربعة ، كلُّ واحد منهم أَبو أُسرَة عِلمِيَّة معروفَة في العراق ، وهم : الشيخ حسين ، والشيخ محسن ، والشيخ محمّد ، والشيخ جعفر.

أما لقبُ الأُسرَةِ الأَشهَرُ فَهُوَ (كاشف الغطاء) ، نسبةً إلى الكتاب الفقهيّ الذائع الصِّيت للشيخ جعفر (ت ١٢٢٧هـ/١٨١٢م) المُسَمَّى كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء ، إذْ صارَ هذا الكتابُ منذُ تأليفِهِ مِن عُيُونِ كُتُبِ الفِقهِ التي لمْ يَسْتَغْنِ عَنهَا كُلُّ فَقِيه يُمَارِسُ عَمَلِيَّةَ الاستنبَاطِ(٢).

وعُرِفَتْ أُسرةُ كاشف الغطاء بالشَّرفِ والكرمِ والنُّبلِ ، «وسَبَقَتْ في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ينظر : أنساب القبائل العراقية وغيرها ١٢٨.

(٢) مستدركات أعيان الشيعة ٧/١٨٠.


الوَرَعِ والزُّهدِ والعِبَادَةِ ، خَدَمَتِ العِلمَ والدِّينَ خدمات جليلة سُجِّلَتْ لهم في التأريخ بأقلام الإِكبار والافتخار على صَحَائِف ذَهَبِيَّة ناصعة ساطعة ، وهي ما زالت مشرقة لامعة ، ولم تزل منشورة مَشهُورَة»(١) ، بَرَزَ فيها عُلماءٌ كِبار ، علا صَدَاهُم ، وذَاعَ صِيتُهُم في القَرنَين الثالث عشر والرَّابع عشر الهِجرِيَّين ، وكَانُوا مِمَّنْ يُشَارُ إِليهِم بالبنان ، فَهُمْ حديثُ النَّاسِ في المَجَالِسِ والمُنتَدَيَاتِ وَالكُتُبِ.

مَولدُهُ ونَشأَتُهُ :

وُلِدَ في النَّجَفِ الأَشرَف سَنَة (١٢٦٧هـ/١٨٥١م)(٢) على الأرجح.

أَمَّا سنة (١٢٦٨هـ) التي ذكرها الشيخُ آقا بزرك الطَّهرانىُّ فقد وَرَدَتْ في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(٤) ماضي النجف وحاضرها ٣/١٢٦.

(٥) معارف الرجال ٢/١٣٦ ، وقد ذكر أنَّها كانت سنة بعد وفاة صاحب (الجواهر).

قلتُ : وصاحب الموسوعة الفقهية (جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام) هو الشيخ محمّد حسن ابن الشيخ باقر ابن الشيخ عبد الرحيم ابن الآغا محمّد الصغير ابن الآغا عبد الرحيم النجفيّ ، وكانت وفاته في شعبان سنة (١٢٦٦هـ).

وقد أخذ بها السيّد المرعشي في : الإجازة الكبرى ١٠١ ، والزِّركليّ في : الأعلام ٥/١٩ ، والسيّد حسن الأمين في : مستدرك أعيان الشيعة ٧/١٨٠ ، والأميني في : معجم رجال الفكر والأدب ٣/١٠٤٦ ، وفي تعليقات محمَّد هادي زاده على السيف الصنيع ٢١٧ ، والسيّد أحمد الحسيني الأشكوري في : المفصَّل في تراجم الأعلام ١/٤٣٤.

وذَكَرَ الشَّيخُ علىٌّ الخاقانىُّ : أنَّ ولادته كانت سنة (١٢٦٦هـ). مجلة (الغريّ) ، ع ٨٦ ، (١٣٦١هـ/١٩٤٢م) ، ص ١٢٨ ، وهو تاريخٌ غيرُ صحيح.


العبارة الآتية : «وُلِدَ في النَّجَف في حُدُودِ سَنَة (١٢٦٨هـ) ، كَمَا حَدَّثَني بهِ»(١) ، وتبدو واضحاً كلمةُ التمريض (حدود) في سياقها ، لعدم وجود الإحصاء الرَّسمىِّ الدَّقيقِ لِسِجِلِّ النُّفوسِ وَقتَذَاكَ ، وقد أخذ بهذهِ السَّنةِ الشَّيخُ مَحبوبة(٢) ، ونحنُ نأخذُ بها.

ونَشَأَ بِرِعَايَةِ وَالدِهِ ، وحضر في علوم العربيَّة وسطوح الفقه والأصول عند ابن عمِّ أبيه الشيخ جعفر الأصغر ، وأدركَ أيَّاماً قليلةً العلاّمة الشيخ مُرتَضَى الأَنصَارِيِّ.

وفي بيت الرِّياسة والفقه والشرف والدين (تَعَلَّمَ الأَوَّليَّات ، ودرسَ على فُضَلاءِ بَيتِهِ وغَيرهم من أَعلام النَّجف الأشرفِ وشَافَهَهُمْ واختَلَفَ إِليهِم ، فَنَمَتْ مَوَاهبُهُ واتَّسَعَتْ ، غَيرَ أَنَّهُ لمْ يكتفِ بدراستهِ الحوزويَّة ، إذْ وَلعَ ـ منذُ طُفولته ـ بالأدبِ فَانقَطَعَ إليهِ ، حيث المساجد والجوامع وحلقات الدرس والمكتبات والمطابع والشيوخ الأعلام ، ونَظَمَ الشِّعرَ مُبَكِّرًا ، وسَمِعَ مَنْ ينشدُهُ ، وقرأَ ما وَقَعَتْ عينُهُ عليهِ منهُ ، وطَارَحَ شُعَرَاءَ عَصرِهِ فِي العِرَاقِ وَغَيرِهِ.

صِفَاتُهُ :

عُرِفَ عَنِ الشَّيخِ علىّ السُّلوكُ الدَّمث ، والخُلق الرَّضىّ ، والهدوء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) طبقات أعلام الشيعة (نقباء البشر) ٤/١٤٣٧ ، وأَعادَ ذِكْرَ هذه السَّنة في : الذريعة ٧/٢٤ ، وتردُ أيضاً في : مكارم الآثار ٦/١٩١٠.

(٢) ماضي النجف وحاضرها ٣/١٧٣ ، ويُنظر : فهرس التراث ٢/٢١٢.


الواضح ، والتواضع ، والمهابة والجلال ، والبرُّ لإخوانه ، والصَّبرُ على المُداراةِ.

وكان «رحب الصدر ، يحترم الصغير والكبير ، ويقضي حوائج الناس دون تفريق بين شريف ووضيع وقريب وبعيد ، لا يبخل بجاهِهِ على أَحَد ، ولا بِمَالِهِ على مُحتَاج»(١).

ولهُ مَكانَةٌ عظيمَّةٌ في الأَوساط العلمية ، والزعامة والرئاسة الاجتماعية في العراق ، يُعاشِرُ العُلَمَاءَ وَيَأنَسُ بِمجالسهم.

حدَّثَ حَفِيدُهُ الشَّيخُ شَرِيفُ(٢) قائلا(٣) : «كان يذهب إلى كربلاء ، ويذهب أيضاً إلى (البصيرة)(٤) حيثُ هواؤها العليل ، وله أراض في المشخاب والحلَّة.. كان إنساناً سهلا ، فريداً في ذكائه وأخلاقهِ وتواضعه ، متميِّزًا ، محترماً».

ولهُ صِلاتٌ ودِّيَّةٌ بالأُمَرَاء ، وخاصّة سري باشا (ت ١٣١٣هـ / ١٨٩٥م) والي العراق من قبل العثمانيّين ، الذي كان يقدِّرُ العلمَ ويعرفُ خطرهُ وتأثَّر بالشَّيخ علىّ كثيراً وزارَ الأماكن المقدَّسة في الكاظمية وكربلاء ، فتغيَّرتْ قلوبُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) طبقات أعلام الشيعة (نقباء البشر) ٤/١٤٣٦.

(٢) الشيخ شريف زعيم أسرة آل كاشف الغطاء ، وأمين مسجد ومقبرة ومدرسة ومكتبة كاشف الغطاء ، له دورٌ بارزٌ في أحداث العراق من سنة (١٩٥٤م) إلى سنة (٢٠٠٣م) ، منها حفظ المكتبات المهمَّة من التَّلف في العهد الصَّدَّامِيِّ.

(٣) مقابلةٌ شخصيةٌ معهُ في (٢٦/٥/٢٠١٥م).

(٤) البصيرة : قريةٌ مِن قُرَى الحِلَّة الجنوبيَّةِ ، لا تَبعدُ كثيراً عن قرية جناجة ، تقع على نهر يُسَمَّى (علاج) يسقي أراضيها ويتفرّع من شطّ الحلّة قرب قرية تُعرَفُ بـ : (الإبراهيمية).


قومهِ ، وكتبَوا وشاية عند السلطان العثماني بزعمِ تحوُّلهِ إِلى المذهبِ الشِّيعىِّ! ، ونتيجة لذلكَ صار «بعد ذلك يزور المشاهد ولكنْ على قلَّة ، ولا يشدُّ الرّحالَ إِليها إلاّ بإظهار حاجة أو علَّة»(١) ـ ثُمَّ نُقِلَ هذا الوالي من بغداد إلى مَحَلِّ ولايتهِ الأَوَّلِ وَهي ديار بكر ، وجاء بَعدَهُ الوالي حسن رفيق باشا ، وكان من المقرَّبين إلى السُّلطانِ عبد الحميد ، وحَدَثَتْ بينَهُ وبينَ الشَّيخِ علىّ منافرةٌ ، فاقتضت الأحوالُ وساعدتِ الظروفُ على سفر الشيخ إلى إسلامبول لمقابلة السلطان سنة (١٣٠٩هـ) ، واجتمع بهِ أكثر من مرَّة ، ثمَّ ذَهَبَ إِلى الحَجِّ ، وسَافرَ إِلى القُدس ، ثُمَّ كانتْ رحلتهُ الثانية إلى الآستانة التي امتدَّتْ أربعَةَ أَعوَام ، وحينما(٢) كانَ هناكَ عَثَرَ على مَخطُوطِ (شرح أبي تمّام على هِجَاءِ جرير والأخطل) ، وقد كان بخطِّ مغربىّ قَدِيم ومُعَمَّى ، فَعكفَ على قِرَاءَتِهِ وتَفَهُّمِهِ حتَّى أَتقَنَهُ ، وبَدَأَ بِنَسخِهِ ، وعندَمَا بَلَغَ الصَّفحَةَ الأَخيرة وإذا بجلواز السُّلطانِ عبد الحميد الثاني يبلغهُ بِكلِّ عُنف لزوم حضورهِ حالا إلى البابِ العالي ـ متَّهماً إِيَّاهُ بالتَّواطؤ مع أبي الهُدَى الصيّادىّ(٣) في تدبير مؤامرة سياسيَّة ـ لكنَّ الشَّيخَ عليّاً رَفَضَ ذلك ، وقال بإصرار : (هيهاتَ! لا أُلبِّي الطلبَ قَبلَ أنْ أُتِمَّ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ١٤٠.

(٢) الأحلام ٦٠ ، هكذا عرفتهم ١/٢٢٨ ـ ٢٢٩ ، موسوعة العتبات المقدّسة (قسم النجف) ٢/٢٤٥ ، المفصّل في تاريخ النجف الأشرف ١٩/٥.

(٣) محمّد بن حسن وادي بن علىّ بن خزام الرفاعىّ. وُلِدَ سنة (١٢٦٦هـ). تَوَلَّى منصب (شيخ مشايخ الدولة العثمانية) في زمن السُّلطان عبد الحميد ، ثمَّ تولَّى نقابة الأشراف. من مؤلَّفاته (الجوهر الشفّاف في طبقات السادة الأشراف). تُوُفِّيَ في سجن الاتّحاديّين سنة (١٣٢٨هـ/١٩٠٩م). ترجمتهُ في الأعلام ٦/٩٤.


هذهِ الصَّفحَةَ ولو قَامَتِ القيامَةُ) ، وأشفقَ الحاضرون عليهِ من بطش الجلوازِ ، إلاّ أنَّه مضَى في النَّسْخِ ، وحالمَا انتَهَى منهُ قالَ لهُ : «هيا..» ، ولمَّا شَخَصَ إِلى البَابِ العَالي أُبلغَ بِلزُومِ مُغَادَرَةِ الآستانة إلى العراق ، ثُمَّ انكشفَ بُطلان تلك التُّهمَة ، وأُطلقَ سراح الشَّيخ علىّ وأبي الهدَى ، وأُجزل لهُ العطاء من السلطان ، ومِن صَديقِهِ أَبي الهُدَى.

ورجع بعدها إلى العراق سنة (١٣١٣هـ).

وكانَ هو الذي وَجَّهَ بأنْ يكونَ الملك فيصل حاكماً على العراق ، واتَّفقَ الجميعُ على طلبهِ من الحجاز وتتويجهِ(١).

يقول جعفرُ الخليلىُّ فيه إنّ للشيخ علىّ «شهرة كبيرة ، كسبها من سفره إلى إسطنبول ، ومقابلة السلطان وكبار الوزراء والقادة والعلماء ، وإقامته في إسطنبول زمناً طويلا ، وإنَّ رؤية إسطنبول ومقابلة السلطان والوزراء والقوّاد والقضاة ورجال العلم في ذلك اليوم لا يَعدِلهُ في هذا اليوم شيء حتّى الطواف بالدنيا كلّها والتعرّف بجميع شخصيّات العالم من الميكادو إلى البانديت نهرو وكلّ رجال الدنيا وشخصيّاتها ؛ فلم يكنْ يَجيئ ذكر الشيخ علىّ كاشف الغطاء إلاّ وتفغر الأفواه اِعجاباً بهذا الرجل الذي رأى كلَّ هذا ، واجتمعَ بِكُلِّ هؤلاءِ القادَةِ والرِّجَالِ... ! !»(٢).

وكانَتْ لهُ مُراسلاتٌ كثيرةٌ مع أدباء بيروت والشام وبغداد والحلّة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) محاورة الإمام المصلح ٤٠.

(٢) هكذا عرفتهم ١/٢٢٧ ـ ٢٢٨.


والنجف الأشرف وغيرها من البلاد الإسلاميَّة ، ومنهم : السَّيِّد جَمَال الدين الأفغانىّ (ت ١٣١٥هـ) ، وحَصَلَتْ بينهما علاقة وثيقة ، فضلا عن السيّد عبد الحسين العاملىّ (ت ١٣٦١هـ) ، والشيخ سليمان ظاهر العاملي النبطىّ (ت ١٣٨٠هـ) ، والشيخُ مُحسن الخِضْريّ (ت ١٣٠٢هـ) ، والسَّيِّد جَعفر الحلّي (ت ١٣١٥هـ) ، والسَّيِّد نُعمان الآلوسىّ (ت ١٣١٧هـ) ، والسيِّد إبراهيم حفيد العلاّمة بحر العلوم الطباطبائي (ت ١٣١٩هـ) ، والسَّيِّد محمود شكري الآلوسىّ (ت ١٣٤٢هـ) ، والشَّيخ عبد الحُسَين الجَوَاهِرِيّ (ت ١٣٣٥هـ) ، وعَلىّ عوض الحلِّيِّ (ت ١٣٢٥هـ)(١) ، والسيّد محمّد سعيد الحبّوبي (ت ١٣٣٣هـ) ، ومحمّد زاهد (ت ١٣٢٩هـ) ، وإبراهيم أطيمش (ت ١٣٦٠هـ) ، والسيِّد رضا الهندىّ (ت ١٣٦٢هـ) وسواهُم(٢).

وَمِنْ نَوَادِرِه أَنَّهُ خَرَجَ يوماً مُتَّجِهاً إلى المَسجِدِ ، فَصَادَفَ أَحَدَ الفُضلاءِ ، وأَعلَمَهُ بِوَفَاةِ أَحَدِ المَشَاهِيرِ مِن أقربَائِهِ ، وعَزَّاهُ بهِ ، فَمَا أَجفلَ للنَّبَإِ ، بل قالَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أبو الأمين علىّ بن حسين بن علىّ بن حسين بن عبد الله المزيدىّ الأَسَدِيّ ، وُلِدَ في الحلّة سنة (١٢٥٣هـ). درسَ على السيّد مهدي السيّد داود ، والشيخ جواد بدقت الحائري ، وغيرهما . تَرجمتُهُ في : الروض الأزهر ٢٩٦ ، الطليعة ٢/٣٠ ، الذريعة ٤/٦٢ ، مُصفّى المقال ٣١٦ ، أعيان الشيعة ٤١/٨٧ ، البابليّات ٣ ـ ١/١٠٩ ، شعراء الحلّة ٤/٣ ، تاريخ الحلّة ٢/ ١٩٨ ، معجم المؤلّفين ٧/ ٧٦ ، معجم المؤلّفين العراقيّين ٢ / ٤٢٨.

(٢) يعجُّ كتابه الضَّخم (سمير الحاضر) ـ بأجزائه الخمسة ـ بكثير منَ الأعلام الذين بعثوا إليه برسائل أدبية أبانت عن منجزهم الأدبىّ ، وكذلكَ في كتابِ (العبقات العنبريَّة) لولده الشيخ محمّد الحسين.


لهُ : «لقد تَزَيَّن كتابُ الطبقات بِخَيرِ تَرجَمَة) ، وتَركَ اتجاهَه إِلى المَسجِدِ ، وَعَادَ إِلى بَيتِهِ ، وكَتَبَ تَاريخَ الوَفَاةِ»(١).

أَقوَالُ المُعَاصرِين فيهِ :

قالَ أبو طالب القاسم بن الحسين الحسنىّ اليمنىّ (ت ١٣٨٠هـ/١٩٦٠م) : «وَقَعَ لي بهِ اتِّصال ومذاكرة كثيرة ، وعزمنا ليلةً للضِّيَافَةِ إلى بَيتِهِ ،... ، وعنده خزانة من الكتب كثيرة»(٢).

وقَالَ الشيخُ محمَّد محسن الشَّهير بآقا بزرك الطهرانىّ : «عَرَفتُهُ في السنين الأولى من هجرتي إلى النَّجَف بِوَاسِطَةِ وَلَدِهِ الحجَّة المَرحُوم الشَّيخ مُحَمَّد الحُسَين كاشف الغطاء الذي كانَ يُزَامِلُنا في الحُضُورِ على شيخنا الحجَّة الحُسَين النُّورِيّ في درسِهِ ومجلسِهِ الخَاصّ في بيتهِ ، وتَوَطَّدَتِ العِلاقةُ بِمَرِّ الزَّمَانِ ، ولا سيَّما بعد أَنْ اتَّجهتُ هذا الاتّجاه وشرعتُ بتأليف (الذريعة) في سنة (١٣٢٩هـ) فقد كنتُ أزورهُ في مَكتَبَتِهِ ، ويُطلِعُني على ما تَضُمُّهُ من مخطوطات ، ممَّا هو بِخَطِّهِ وخَطِّ غَيرِهِ ، ويرشدني اِلى مَظانِّ وجودِها ، وقد أَعَانَنِي بِطَلَبِ فَهَارس المكتبات التي كان يعرفُ أصحابَها أو يعرف عَنَاوِينهم».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الأحلام ٦٠.

(٢) بلوغ الأشواق في ذكر السفر إلى أرض العراق ، مجلَّة (مخطوطاتنا) ، العدد ٢ ، ١٤٣٦هـ/٢٠١٤م ، ص ٢٠٧ ـ ٢٠٨.


وقالَ فيهِ السَّيِّدُ أبو المُعزّ محمَّد القَزوينىّ (ت ١٣٣٥هـ / ١٩١٦م) : «مَنْ حلَّ في العينِ محلَّ السَّوادِ في السَّواد ، وكانَ مكان السُّويداء مِن الفؤاد ، المُتفرِّع من دوحةِ العُلماء ، والنَّاتج من شجرة الفضلاء ، الكامل الوفىّ ، والمهذَّب الصَّفىّ ، والنَّدب الزَّكىّ ، الشيخ علىّ»(١).

وقال فيه الشيخ محمّد رضا الشبيبىّ (ت ١٣٨٥هـ/١٩٦٥م) : «هو الرجلُ الذي لا يُرَى إلاّ مُجِدًّا في النَّسخ والتَأليفِ ، أو عاكفاً على المطالعةِ ، أو لَهِجاً بجمعِ الكُتُبِ وذكرها ، يقصُّ عليكَ أحاديثها ، ويصفُ لكَ مظانَّ وجودها ، ويُترجمُ لكَ أحوال صرعاها وجماعتها ، وقد كانت نفسه الكبيرة حملتْهُ على الرِّحلةِ ، ولم تكنْ رحلتهُ هذه رحلةَ تسلية وتفكُّه ، لا بل كانتْ أشبه برحلات منتجعي العلم والروايةِ من السَّلفِ الصَّالحِ ، فإنَّهُ كانَ إذا حطَّ رحلَهُ في بلد وجَّهَ همَّهُ إلى زيارةِ معاهده العلميَّةِ والوقوف على دُورِ كتبه المهمَّةِ»(٢).

ووصفَهُ السَّيِّدُ المَرعَشِيُّ(٣) الذي رَوَى عَنهُ بقولِهِ : «العلاّمة المؤرِّخ المتتبِّع ، الرَّاوية الأديب ، آية الله»(٤).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) طروس الإنشاء ١٩٩.

(٢) مجلّة (لغة العرب) ج ٩ ، (١٩١٣م) ، ص ٣٧٣.

(٣) السيِّد أبو المعالي محمَّد حسين بن السيِّد محمود بن شرف الدِّين علىّ ، وُلِدَ في النجف الأشرف سنة (١٣١٥هـ). درس في طهران وقُم. فقيهُ ، مُشارِكٌ في كثير من العُلُومِ كَعِلمِ الأنساب. من مؤلّفاته (المسلسلات في الإجازات) و (القصاص) ، تُوُفِّيَ سنة (١٤١١هـ). ترجمته في : طبقات أعلام الشيعة (نقباء البشر) ٢/٨٤٧ ـ ٨٤٨ ، فهرس التراث ٨٢٨ ـ ٨٢٩.

(٤) الإِجازة الكُبرَى ١٠١ ـ ١٠٢.


ومن الرَّسائل التي وَرَدَتْ لهُ ، ما كتبَهُ إليه سري باشا : «أيُّها الحبيب الذي رفعت فوق السِّماك معاني مناقبه ، والخليل الذي نصبت على كاهل الثُّريَّا مناصب مراتبه ، والفاضل الذي تبوَّأ قنَّة الجوزاء فضلا وكمالا ، ورقَى إلى عنان السَّماء مجدًا وأفضالا ، لقد وردني من تلك الحضرةِ كتابٌ أتحفني بأنواعِ المسرَّة ، حيثُ كانت دُرر عباراته زينة لنحورِ الأُدباء ، وغُرر لطائِفهِ بهجة لعُيونِ بصائرِ الأَلِبَّاء ، وكان أهنأ ما لدىَّ وآمن ما علىَّ ، بشارتي بوصولكم بالصحَّةِ لمشهد قرَّة كلّ عين حضرة سيِّدنا ومولانا الإمام الحسين صلَّى الله تعالى على جدِّهِ وعلى أبيهِ وعليهِ ، ما حنَّ مُشتاقٌ في البسيطةِ إليهِ ، وشكرتُ فضلكُمْ في أدعيتكم الخيريَّةِ في هاتيك الحضرة المقدّسة العليَّة ، وقد أحطتُ خبرًا بما ذكرتُم من القيل والقال ، وستكون العاقبةُ بحولهِ تعالَى على أحسن منوال ، ولا زلتَ بخير مدَى الأيَّام ، وعليكَ مِنِّي أيُّها الشيخ أتمّ السَّلام»(١).

ومِمَّنْ كَاتَبَهُ ورَاسَلَهُ الأديب السَّيِّد محمود شكري الآلوسىُّ (ت ١٣٤٢هـ) ، وقَالَ في حَقِّهِ : «يا عُمدَةَ الفُضَلاءِ ، وعهدة مطارح الأدباء ، منُّوا بإنجاز الوعد ، ومثلكم مَنْ يسبِّح من غير رعد ، وإذا تفضّلتم بجمع الكراريس فتلك نِعمةٌ لا يقوم لها لسان القلم ، ولا تسعها بطون القراطيس ، حيث إنَّ ابنَ الجميل في هذا اليوم مترقب الورود ؛ فلعلّنا نفوزُ بِحَولِهِ تَعَالى بِحُصُولِ المَقصُودِ ، وعلى كُلِّ حال أنتُم أهل الفضل والأفضال...».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ٢/١٧٣ ـ ١٧٤.


وممَّن كاتَبَهُ وراسَلَهُ أيضاً السَّيِّدُ مُحمَّد علىّ ظبيان الكيلانىّ مِنَ الشَّام ، وقال في حَقِّهِ : «حمدًا لِمَنْ جَعَلَ الوسائل ، لِودِّ إخوان الصَّفَا وَسَائل ، وأقامها بين الأحبة شواهد على المحبّة ، والصَّلاة والسلام على النبىِّ وآلِهِ ، ومَنْ يُحِبُّهُم ووَاله.

أَمَّا بعد إهداءِ تَحِيَّات تَفوقُ المِسْك ذكاء ، وتسليمات من البدر سناء ، إلى حضرة العالم الفاضل ، والبحر الذي ليس له ساحل ، ساحب ذيل البلاغة على سحبان ، وحسن البراعة فهو أخو حسَّان ، مَنْ أَقَرَّ لهُ الفضلُ بأَنَّهُ خَيرُ أَربَابِهِ ، واعتَرَفَ البلغاءُ بِقُصُورِهِم عَن دَرَجاتِ عِلمِهِ وآدَابِهِ ، سيِّدي وسَنَدِي ، ومَلاذِي ومُعتَمَدِي ، صَاحب الفضيلة الشيخ علىّ أَفندي الجعفرىّ...»(١).

ومِنَ النُّصُوصِ الشِّعريَّة ، ما قالَهُ فِيهِ ابنُ عَمِّهِ الشَّيخ جَعفَر ابن الشَّيخ عَلِيّ(٢) : من [الخفيف]

يا عليّاً بِكَ استطالَ العلاءُ

أنتَ في المَجدِ رَوضَةٌ غَنَّاءُ

أنتَ مِنْ مَعشَر كِرَام تَسَامَتْ

بِهِمُ للعُلا يَدٌ بَيضَاءُ

وحَدَثَ أَنْ زَارَهُ السَّيِّدُ رضا الموسوىُّ الهندىُّ(٣) ، وحَلَّ ضَيفاً عِندَهُ في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مجموعة أدبيَّة ، غير مرقَّمة الصفحات.

(٢) سمير الحاضر ٤/٣٢٧.

(٣) رضا بن محمَّد بن هاشم الهندىّ ، وُلِدَ سنة (١٢٩٠هـ). فقيه وشاعر ومؤلِّف. كان وكيلَ السَّيِّد أبي الحسن الأصفهانىِّ في (المشخاب). له (بلغة الراحل في أصول الدين) ، تُوُفِّيَ سنة (١٣٦٢هـ). ترجمتهُ في : الحصون المنيعة ٩/٢٠٧ ، معارف الرجال ١/ ٣٢٤ ، شعراء الغريّ ٤/٨١ ـ ١١١ ، الأعلام ٣/٢٦ ـ ٢٧ ، معجم المؤلّفين ٤/١٦٤ ، معجم المؤلّفين العراقيّين ١/٤٧٣ ، معجم رجال الفكر والأدب ٣/١٣٤٨.


(البصيرة) ، وقَالَ فِيهِ(١) : من [الوافر]

نَزَلنَا في البصيرةِ عِندَ مولىً

سَمَا الجَوزاء بالفَخرِ الجَلِيّ

فقُلْ للدَّهرِ كُفَّ أَذَاكَ عَنِّي

فَإِنِّي قَد نَزَلتُ حِمَى عَلِيّ

وقال فيهِ الشيخُ مُحسِن الخِضْريّ(٢) :(٣) من [الوافر]

أَلا مَنْ مُبلغَنَّ أَخَا المَعَالي

علىَّ بنَ الرِّضَا مَولَى المَوالِي

خَلِيقُ الطَّبعِ ، تَحسبهُ خَلُوقاً

وكمْ فَاحَ الخَلُوقُ مِنَ الغَوالِي

فتىً فَاتَ الوَرَى بِأَب وأُمّ

وخَال مِن خِلالِ الجُودِ خَالِي

وكتبَ إليهِ خيرُ الدِّين نُعمان أفندي الآلوسىّ زَادَه مُدرِّسُ جَامِعِ مرجان(٤) : من [الطويل]

سَلامٌ على الخِلِّ البعيدِ مَزَارُه

سُلامُ أَخ قَد قَرَّ منهُ قَرَارُهُ

سَلامٌ على النائي عن العين بدره

وفي هالةِ القلبِ الشَّجِىِّ دِيَارُهُ

سَلامٌ حَكَى حُسناً شَمائلَ شَادِن

قد اخضرَّ مَن دِيباجِ خَدّ عِذَارُهُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سمير الحاضر ٣/٢٤٢ ، ولم يرد البيتان في ديوانه.

(٢) محسن ابن الشيخ محمَّد ابن الشيخ موسى الخِضرىّ المالكي الجَنَاجِيّ ، وُلِدَ في النجف الأشرف سنة (١٢٥٤هـ) ، فقيه أصوليّ مجتهد ، وشاعر. تتلمذ على الشيخين مرتضى الأنصاري ومهدي كاشف الغطاء ، تُوُفِّيَ سنة (١٣٠٢هـ). ترجمته في : ماضي النجف وحاضرها ٢/٢١٥ ـ ٢١٧ ، معارف الرجال ٣/٣٠ ، معجم المؤلّفين ٨/١٨٨ ، معجم رجال الفكر والأدب ٢/٤٩٩.

(٣) ديوان الشيخ محسن الخِضرىّ ١٨٠.

(٤) العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ٢/١٨٤ ـ ١٨٥.


وبَارَى ثَنَايَا مِن رَشِيق تَمَايَلَتْ

به خَمرَةٌ منها تَبَدَّى خُمَارُهُ

وَضَاهَى غَزَالا بابليّاً مُهَفهَفاً

وأغيد أضنى العاشقين احورارُهُ

سَلامٌ على الحِبِّ الوَفِيِّ بَعَهدِهِ

وإنْ حالَ دُونَ اللقاءِ مَزارُهُ

سلامٌ على الحَبرِ العلىِّ مقامُهُ

ومَنْ هُوَ للقطبِ الرَّفيعِ مدَارُهُ

سلامٌ على ذاك الحبيبِ وصِنوِهِ

إِذَا فَاحَ مِن وَادِي السَّلامِ عَرَارُهُ

أديبٌ لبيبٌ كاملُ الفَضلِ والحِجَى

لهُ المَجدُ بُردٌ ، والمَعَالي شعارُهُ

وزارَ الشيخُ علىّ مَدِينَةَ النَّبَطِيَّة مِن جَبلِ عامل ، فَمَدَحَهُ سليمان ظاهر العاملىُّ النَّبَطِيُّ(١) بِقَصِيدَة مَطلَعهَا(٢) : من [الكامل]

يَا بنَ الأُلَى جَلَّتْ فَضَائِلُهُمْ

مِنْ أَنْ يُحِيطَ بِوَصفِهَا القَلَمُ

سَفراتُهُ :

أَحَبَّ الشيخُ علىّ القِرَاءَةَ مُنذُ نُعومَةِ أَظافرِهِ ، واتَّخذَ الكتابَ صديقاً وسميرًا ، وَبَلَغَ حُبُّهُ للكتبِ مَبلَغاً عَظِيماً ، مُعرضاً عن الحِيَاةِ وبَهجَتِها ، ولمْ يَقنَعْ بِمَا وَجَدَهُ مِن كُتُب ورَسَائل في المَسَاجِد وزَوَايَا المكتباتِ في النَّجف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الشَّيخُ زين الدين سليمان بن محمّد بن علىّ بن حمُّود ظاهر العاملي ، وُلِدَ سنة (١٢٩٠هـ). رجلُ دين ومؤلِّفٌ وأديبٌ وشاعرٌ ومؤرِّخٌ ، وعضو المجمع العلمي العربي بدمشق. له مصنَّفات منها (الذخيرة إلى المعاد) و (الشيعة والإسماعيليَّة) ، تُوُفِّيَ سنة (١٣٨٠هـ). ترجمتُهُ في : طبقات أعلام الشيعة (نقباء البشر) ١٤/٨٢٧ ـ ٧٣٣ ، الأعلام ٣/١٣٤ ـ ١٣٥ ، شهداء الفضيلة ١٦٢.

(٢) سمير الحاضر ١/٢٣.


الأشرف ، فَتَنَقَّلَ في مُحَافَظات العراق بينَ قَصَبَاتها ومَعَاهِدِهَا العِلمِيَّةِ ، ومَكتَبَاتِهَا العَرِيقَةِ كمكتبة (آل الآلوسِيّ) ، و (الكرمليّين) ، وغيرهما من دورِ الكُتُبِ العَامَّةِ والخَاصَّةِ ، ولكنَّ طموحَهُ أكبر من هذا ؛ لأنَّهُ لا يعرفُ للرَّاحةِ طَعماً ولا إخلادًا ؛ لذا شَدَّ رِحَالَهُ إلى الخارج ، واقتَحَمَ مَشَاقَّ الأَسفَارِ ، وكانت رحلتهُ ـ أَوَّلا ـ إلى إيران في سنة (١٢٩٥هـ/١٨٧٨م) ، فذهب إلى خراسان لزيارة الإمام الرضا عليه‌السلام ، وأقام بأصبهان مُدَّةً ، وقَضَى بينها وبينَ طهران وشيراز وخراسان سبعَ سنين ، وعاد إلى العراق سنة (١٣٠٢هـ/١٨٨٥م) ، وفي هذه الرحلة عَكَفَ على الدَّرس والدراسة والمطالعة ، ونَسَخَ أُمَّاتِ الكتب ، ومنها مجمع الإِجازات ومنبع الإِفادَاتِ بجزأين ، ثُمَّ سَافَرَ إِلى الآستانة ، وقد لمع اسمه ، فكتبَ وزراءُ السلطان التُّركىّ من بغداد والبصرة وغيرها تحريرات عن الشيخ علىّ تُعَظِّمُهُ ، فَأَقَامَ هناكَ مُدَّةً ، ثُمَّ سافَرَ إلى الحِجَاز ، فبيتِ المقدس ، ومصر ، وبعضِ بلاد الهند ، وحلب ، والشام ، ومصر ، وبيروت ، والإسكندرية ، ومكّة المشرّفة ، ثمَّ دار السَّلطَنَةِ في إسلامبول ، بعدها رَجَعَ إِلى وَطَنِهِ ، وقَد أَمضَى فِي تَجوالهِ هذا أربع سنين ، وتَعَرَّفَ عن كثب على البلاد التي زارها ، ومَا تَضمُّهُ من آثار ، والتقى بكثير من الأعلام والأعيان.

عادَ الشيخُ علىّ وقد جمعَ من ذلكَ زادًا من العُلومِ والمعارفِ ، وثروة طائلة من المآثر ، وعُيون التراث ، ولا نَعجَبُ أَنْ يَكُونَ مِن أَزيدِ النَّاسِ «تَطَلُّعاً إِلى جَمْعِ الكُتُبِ وَاقتِنَائِهَا ، وَحِيَازَةِ المَصَاحِفِ مِنْ مُتَشَعِّبِ أَرجَائِهَا ، وَمُتَفَرِّقِ أَنبَائِهَا مِنْ أَبنَائِهَا» ، على ما صرَّح بذلكَ.


وأَقبَلَ على المَخطُوطَات في شَغَف وشَوق ، وقَلَّبَ آلافَ الصَّفحَات ، يجذبهُ سحرها وعبقها ، وعكفَ على مطالعةِ ونَسخِ ما يعجبُهُ منها ، إذ كان يقضي السَّاعاتِ الطوال يَنسَخُ بِخَطِّهِ مَا يَقَعُ تَحتَ يَدَيهِ مِن كُتُب يَرَاهَا جديرةً بذلكَ ، من حيث جودةِ الخَطِّ وقيمتها ، بِصَبر وجَلَد ، ومن دون كلل أَو ملل أو استرخاء ، وبعضها مخطوطات نادرة يصعبُ على غيرهِ الوصُول إليها ، ولا يسهل العلم بمطويّاتها ، ولكنَّها ليستْ صعبةً على همَّتِهِ القَعسَاء ، وصَبرهِ على الَّلأوَاءِ.

شُيُوخُهُ :

تتلمذَ ودَرَسَ عندَ أكابر العلماء والمجتهدين ، ومنهم :

١ ـ محمّد صبيح بن إسماعيل المعروف بملاّ سبحا الفسائي الأصل والمولد ، الشيرازي المسكن ؛ قرأ عليه إلهيّات الشفاء وشرح الإشارات ، وغيرها(١).

٢ ـ الميرزا محمّد حسن الشيرازي (ت ١٣١٢هـ/١٨٩٤م)(٢).

٣ ـ الشيخ محمَّد باقر الشيخ محمَّد تَقِي صَاحِبِ هداية المسترشدين (ت ١٣٠١هـ / ١٨٨٣م). درس عنده في أَصفهان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الحصون المنيعة ٦/٣٦٣.

(٢) معارف الرجال ٢/٢٣٧.


٤ ـ الشيخ هادي الطهرانىّ (ت ١٣٢١هـ/١٩٠٣م)(١).

٥ ـ السَّيِّد هاشم القَزوينىّ (ت ١٣٢٧هـ/١٩٠٩م)(٢).

٦ ـ فتح الله بن الحاجّ محمّد جواد النمازي الشيرازىّ الأصفهانىّ النجفِيّ الشَّهير بِشَيخِ الشَّرِيعَةِ (ت ١٣٣٩هـ/١٩٢٠م).

٧ ـ الشيخ جعفر التسترىّ (ت ١٣٠٣هـ / ١٨٨٥م).

٨ ـ الشيخ جعفر بن علىّ كاشف الغطاء (ت ١٢٩٠هـ/١٨٧٤م).

ولهُ إِجازَةُ الروايةِ عَن :

١ ـ الشيخ محمَّد باقر الشيخ محمَّد تَقِي صَاحِبِ هداية المسترشدين (ت ١٣٠١هـ / ١٨٨٣م).

٢ ـ الشيخ مهدي كاشف الغطاء (ت ١٢٨٩هـ / ١٨٧٢م).

٣ ـ الشيخ راضي الشيخ محمَّد النَّجفي (ت ١٢٩٠هـ / ١٨٧٣م).

٤ ـ الشَّيخ محمّد حسن بن عبد الله المامقانىّ (ت ١٣٢٣هـ/١٩٠٥م).

٥ ـ الشيخ محمّد الجواد ابن الشيخ علىّ ابن الشيخ قاسم محيي الدين الجامعىّ العاملىّ النَّجفىّ (ت ١٣٢٢هـ/١٩٠٤م)(٣).

المجازونَ منهُ :

١ ـ السيّد شهاب الدين المرعشىُّ (ت ١٤١١هـ/١٩٩٠م) ، أَجَازَهُ في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) معارف الرجال ٣/٢٢٧.

(٢) معارف الرجال ٣/٢٦٩.

(٣) المشيخة ٣٦ ـ ٣٧.


سنة (١٣٤٠هـ)(١).

٢ ـ الشيخ آقا بزرك الطَّهرَانِيّ المنزوىّ (ت ١٣٨٩هـ/١٩٦٩م) ، أَنْ يَروِيَ بِواسَطَتِهِ عَن مَشَايِخِهِ(٢).

٣ ـ الشيخَ مُحمَّد مهدي الموسوىُّ الأَصفَهَانِيُّ الكَاظِمِيُّ (ت ١٣٩١هـ/١٩٧١م)(٣).

٤ ـ السَّيِّد علىّ نَقي النقوىّ اللكهنوىُّ (ت ١٤٠٨هـ/١٩٨٤م)(٤).

ولقِيمَةِ إجَازَاتهِ رأينا أنْ نثبتَ الإجازةَ الأخيرةَ التي كتبَهَا للسَّيِّد علىّ النَّقوي قبلَ وَفَاتِهِ بِأَقلِّ مِن ثَلاثِ سَنَوَات ، وَهذَا نَصُّهَا(٦) :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحَمْدُ للهِ الذي جَعَلَ الحَمدَ مَجَازًا إِلى حَقِيقَةِ رضوَانِهِ ، وَإِجَازَةً

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الإِجازة الكُبرَى ١٠١ ـ ١٠٢.

(٢) مصفَّى المقال ٣٣١.

(٣) أحسن الوديعة ٢/١٠٧.

(٤) السيِّد علىّ بن أبو الحسن بن محمّد إبراهيم بن محمَّد بن حسين بن دلدار ، وُلِدَ في لكهنو سنة (١٣٢٣هـ). درس في النجف الأشرف ، من أساتذة الفقه والأُصول ، وشاعر ، من مؤلّفاته (تراجم مشاهير علماء الهند) ، و (كشف النقاب عن عقائد ابن عبد الوهّاب). ترجمته في : طبقات أعلام الشيعة (نقباء البشر) ١/٣٤ ، شعراء الغريّ ٦/٤٣٥ ، معجم رجال الفكر والأدب ٣/١٣٠٠ ـ ١٣٠١ ، فهرس التراث ٨١٧ ـ ٨١٨.

(٥) موجودةٌ في كتاب السيِّد النقوىِّ المخطوط (إجازات الرواية والاجتهاد). ينظر : تراجم مشاهير علماء الهند ٩٩.


إِلى سُبلِ إِحسَانِهِ ، والصَّلاةُ على سَيِّدِ أَنبيَائِهِ وَخِيرتِهِ مِنْ خَلقِهِ مُحَمَّد وآلِهِ.

وبعدُ ، فَإنَّ السَّيِّدَ الصَّفِيَّ ، والعالِمَ البارِعَ اللَّوذَعِيَّ ، السَّيِّدَ علىَّ نقي ابن العلاّمة السيِّد أَبو الحسن النقوىّ اللكنهورىَّ ،أَدَامَ الله حِرَاسَتَهُ ، قَد رَغِبَ إِلينَا في أَنْ نُجِيزَهُ بِرواية الأحاديث التي صَحَّت لنا روايتها بطرقِ الإِجَازَةِ عَن أَهلِ بَيتِ العِصمَةِ ، ومَعَادِن الوَحي والحِكمَةِ ، صَلَوَاتُ الله عليهم ، فوجدتهُ من أهلها ، وفي مَحَلِّهَا ؛ لذلك قد أجزتُهُ أَنْ يَروِيَ عنِّي ، عَن مشايخي من العلماء الأعلام من أعمامي وأجدادي ، كشيخنا العلاّمَةِ الفقيهِ الشَّيخ مَهدي ، عن أبيهِ المُحَقِّقِ الوَحيدِ علىّ بن جعفر ، عن أبيه ينبوع العلم والفقاهة جدِّنا الشيخ جعفر كاشف الغطاء رضوان الله عليه ، عن أُستاذِه الوحيد البهبهانىِّ أَعلَى الله مَقَامَهُ ، والشيخ مهدي الفتوني رحمه الله بطرقهم المشهورة إلى المُحَمَّدِين الثَّلاثَة ، أَعلَى الله دَرَجَاتهم.

وعن شيخنِا العلم العالم الربَّانىِّ الشيخ جعفر الشوشترىِّ قدَّسَ الله سِرَّهُ ، عن أُستاذِهِ الشيخ الفقيه صاحبِ أنوار الفقاهة الشيخ حسن ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، عن أخيهِ خِرِّيتِ الفُقَهَاءِ مُوسَى بنِ جعفر ، عن أَبيهِ كَاشِف الغطاء قدّس سرّه ، عن مَشَايِخِهِ الأَعَاظِم رضوان الله عليهم.

وعن أُستاذي العَالِمِ الوَرِعِ البَرِّ المُحقِّقِ الشيخ محمَّد باقر ، عنْ أَبِيهِ العلاّمة الشَّيخِ مُحَمَّد تَقِي صَاحِبِ هداية المسترشدين.

قَد أَجزتُهُ أَنْ يَروِيَ عَنِّي بروايتي ، ومَا صَحَّ لي اِجَازَته عَنهُم إِلى أَئمَّةِ الهُدَى ومَعدِن الحَقِّ ، سلامُ الله عليهِم ، وَأُوصِيْهِ أَنْ لا يَنسَاني مِن صالِحِ


دَعواته ، وأنْ لا يحيدَ عَن سبيلِ الوَرَعِ والاحتياط.

وَمِنَ الله سُبحانَهُ نَستَمِدُّ لنا ولهُ المَعُونَةَ والتَّوفِيقَ.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حُرِّرَ في ٩ شعبان المعظَّم سنة ١٣٤٧هـ.

عليّ آل الشيخ جعفر كاشف الغطاء

الختم

مُؤَلَّفَاتُهُ :

أَلَّفَ الشَّيخُ علىّ عدَّةَ مَجاميع في مختلف الفنون والآداب ، وقد نَجَحَ في خَوضِ عُبابِ هذهِ الموضوعات البعيدة عن اهتمامات الفقهاء من أسرتهِ ، لكنَّها قريبة إلى نفسِهِ ، فقد تَسَلَّحَ بالدُّربَةِ والموهبة ، وأخلَصَ النيَّةَ ، وراضَ نفسَهُ على المثابرةِ ، والصَّبر على التَّحصيل ، فكانَ لهُ ـ من جرّاءِ ذلكَ ـ هذا الحظُّ الوفير من سعةِ الاطِّلاع والاستقصاء ، والتمكُّن في الفنِّ ، وتمحيص المعلومات وملاحقتها وتحديثها. لقد أَكبَّ على قراءة ما بين يديه من أعلاق الكتب والأسفار ونفائسها ، أو نَسْخِهَا ، وجاسَ خِلالَهَا ، وعَرَفَ غَثَّهَا مِن سَمِينِهَا ، وتَذَوَّق الأشعار التي اختارها بتؤدَة ، وأدرَكَ تَشَعُّبَ مُتَطَلَّباتها ، ونَظَرَ إِلى امتدَادِ الأَعلام والفُنُون والعُلُوم التي أحاطَ بها ، وحبَّرَ كُتُبه تلك بِمِدَاد لمْ يَنفَدْ ، وإِرَادَة واعية ، واعترك مُعتَركها بِثَبَات.


ومصنَّفاته هي :

١ ـ الحُصُونُ المنيعةُ في طَبَقَاتِ الشِّيعَةِ(١).

في تسعة أجزاء(٢) كبار ، وضمَّ ثلاثين طبقةً ، استدركَ بهِ على العلاّمة السيّد علىّ خان المَدَنِيّ الشِّيرَازِيِّ (ت ١١٢٠هـ) في كتابه الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة.

وهو الآن قيد التحقيق في مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث في النجف الأشرف.

٢ ـ سَميرُ الحَاضِرِ وأَنيس المُسَافر(٣).

ويقع في خمسةِ أجزاء كبار ، يضمُّ كثيراً مِنَ الرَّسَائِل وَالأَشعَار

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تُنظر الدراسة التي كتبهَا د. عليّ خضيّر حجِّي عن هذا الكتاب في العدد (٢) من مجلَّة (مخطوطاتنا) ، (١٤٣٦هـ) ، ص ٢٩٣ ـ ٣١١ ، وأثبتَ بعدها الفهارس التي صنعها الشيخ محمّد الحسين لمحتوياته ، وأُكملتْ في العددين التاليين من المجلَّة.

وقد سمَّاهُ ولدهُ الشيخ محمّد الحسين : (مستدرك الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة). يُنظر : ديوان السيّد جعفر الحلّي ٢٦٧ ، الهامش.

(٢) ذَكَرَ بَعضُهُم أنَّه في خمسة أَجزاء (مجلَّدات) أو أكثر ، وهذا واردٌ في : الذريعة ٧/٢٤ ـ ٢٥ ، أصل الشيعة وأصولها ١٠٧ ، ماضي النجف وحاضرها ٣/١٧٥ ، معارف الرجال ٢/١٣٧ ، مستدركات أعيان الشيعة ٧/١٨٠ ، الأعلام ٥/١٩ ، أعلام الأدب في العراق الحديث ٢/٣٢٢ ، المسلسلات في الإجازات ١١٨.

قلتُ : وهذا خلافُ الأصلِ المخطُوط ، وعاد الشَّيخُ آقا بُزرك فَقَالَ فِي : الذَّرِيعَة ١٠/١٣٥ : «رأيتُ منهُ تسعَ مُجَلَّدَات ضِخَام».

(٣) جاء اسمهُ في : الذريعة ١٢/٢٣٢ : (سمير الحاضر ومتاع المسافر) ، وقال : «فيه نوادر الحكم وشوارد الكلم المحتوية على المواعظ والحكايات والنكات والأمثال والأَشعار ، واقتصر في أَكثرها على ما كان من ينبوع النبوّة والإِمامة».


والقصص والأقوال لعدد كبير من الأدباء في القديم والحديث ، وكثير منها كانت رسائل أدبيَّة وَصَلَتْ إليه مِن أَصدقائِهِ الأُدباء ، خاصّةً من النجف الأشرف ، عندما كان في إستانبول ، فهي كالأنيسِ لهُ في سفرهِ هناك ، وحينما عاد أودعها في هذا الكتاب ، لتكون مادَّةً أدبيَّةً ثرَّةً لمن يريد دراسة الأدب العراقي ، أو ما يَتَعَلَّق بِسيرَةِ الذين كتبوا تلك الرَّسائل. وقد فَرَغَ مِنهُ سَنَة (١٣٤٣هـ).

وهو الآن قيد التحقيق في مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث في النَّجف الأشرف.

٣ ـ نهج الصَّواب في الكاتب والكتابة والكتاب.

بَيَّنَ أنَّهُ عزمَ على الأمرِ بَعدَمَا رَأَى تَصَدِّي الحَاجّ مِرزا حُسَين النُّوريّ (ت ١٣٢٠هـ) لِذَلكَ قبلهُ ، عندما كَتَبَ مُختَصَرًا غَيرَ وَاف(١) ، فَأَرَاد هُوَ أَنْ يكُونَ كِتَابُهُ وَافِياً «بِفَضِيلَةِ التَّمَامِ فِي هذَا المقَام»(٢) ، فكان الشروع في تأليفهِ وتدبيج فصوله ومباحثهِ وفِقَرِهِ ومَطَالِبِهِ المُتَنَوِّعَة ، في بحث وتأنّ ، من غَيرِ جَلَبَة ولا لَهْوَجَة.

وقد كَسَرَهُ على ثلاثَةِ أَبوَاب ، وخَاتِمَة(٣).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) (فهرس مخطوطات الشيخ النوري) بِخَطِّ يَدهِ مُودعٌ في مكتبة الإمام الرضا عليه‌السلام ، وقد طُبِعَ بتحقيق السيّد حسين المدرّسي الطباطبائي في كتاب (آشناي با نسخه هاي خطّي) ، إعداد رضا أستاذي ، ص ١٢٨ ـ ١٥٩.

(٢) نهج الصواب / المقدِّمة.

(٣) قال الشيخُ آقا بزرك : «مُرَتَّبٌ على مقدّمة وخمسة أبواب وخاتمة. رأيتُهُ في خِزَانَةِ المؤلّف في مجلّدين». الذريعة ٢٤/٤٢ ، وهو كلامٌ غيرُ دقيق.


الباب الأوَّل : في الكاتِبِ.

الباب الثاني : فِي الخَطِّ وَالكِتَابَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنَ الآلاتِ وَالأَدَوَاتِ وَغَيرِهِمَا.

الباب الثالث : فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِنَفسِ الكِتَابِ.

الخاتمة : في ذكر مخازن الكتب في الأعصار السَّالِفَةِ ، وفي عَصرِنَا اليَوم.

وذكرَ الشَّيخُ آقا بزرك أَنَّ المُؤِلِّفَ «بَعَثَ الجُزءَ الأَوَّلَ مِنهُ إِلى صَيدَا للطَّبع في مطبعة العرفان ، لكنَّ الحَربَ العالميَّة الأُولَى مَنَعَتْ دون الطبع إلاّ كرَّاسة»(١) ، وقد اطَّلعتُ على هذه الكرَّاسةِ مَطبُوعَةً من غيرِ اهتمام بعلامات الترقيم ، أو بدايات الفِقَرِ وتَنسِيقها ، مع انعدامِ الضَّبط بالحركاتِ تَمَاماً ، وهكذا وُئِدَ الكتابُ في مهدهِ ، ولكنْ بَقيتْ فِكرَةُ طَبعِهِ تُرَاوِدُ المُؤلِّفَ باستمرار ، إلاّ أَنَّ هذا لمْ يَحدُثْ وقتَذاكَ.

وقد انتهينا مِن تَحقيقهِ ، وخِدمَتهِ ، ووَقَعَ في عشرة أجزاء.

٤ ـ النَّوافحُ العنبريَّة في مَآثِرِ الحَضرَةِ السَّرِيِّةِ(٢).

وهو ما قِيلَ في وَالِي بَغداد سري باشا التُّركىِّ العُثمانِيِّ من المَدِيح والتَّهانِي ، وما قالهُ هُوَ فِيهِ ، وذلك سنة (١٣٠٥هـ) ، ولم يصلْ إلينا.

وقد قرَّظهُ سبعة شعراء ، منهم ابن عمِّهِ الشيخ عبَّاس ، والسيِّد جعفر الحلِّي ، وقد أعدَّ التقاريظ للنشر د. عادل عبّاس هويدي النَّصراوىّ ، في

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الذريعة ٢٤/٤٢١.

(٢) المسلسلات في الإجازات ١١٨.


مجلّة (ديوان التراث) ، العدد الأوَّل.

٥ ـ شَوقِي إلى بغداد.

صَنَّفهُ في النجف الأشرف ، فيه حنينٌ جارفٌ إلى بغداد. انتَهَى منهُ ليلة الإثنين سابع جُمادَى الأُولَى سنة (١٢٩٩هـ) ، وهو مخطوطٌ في المكتبة برقم تسلسل ١٠٣٥ ، في عشرين صحيفةً.

٦ ـ تعاليق على كتاب روضات الجنّات للخوانسارىِّ (ت ١٣١٣هـ).تصحيح وتحقيق السيّد حسين الموسوىّ البروجردىّ ، مجلّة (ديوان التراث) ، العدد الأوَّل.

٧ ـ تعاليق على كشف الظنون.

وهي ممَّا علَّق عليه بقلمه ، وقد أعدَّها للنشر حُسين هادي ونَّاس السيلاوي ، مجلّة (ديوان التراث) ، العدد الأوَّل.

٨ ـ مجموعةٌ أَدَبِيَّةٌ.

مخطوطٌ على غرار سمير الحاضر ، وكثيرٌ منه مكتوبٌ على الحواشي ، وبعضهُ غير مرقَّمِ الصَّفَحَاتِ ، في خمسة أجزاء ، يحمل الأرقام ٩١٤ ، ٩١٥ ، ١٩٨ ، ٨٧٠.

مَا نُسِبَ لهُ ضِلَّةً :

١ ـ ديوانُ شعر ، أكثرهُ في المدائح والمراثي(١) ، وهذا غير موجود.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الذريعة ٢٤/٣٥٠ ، المفصَّل في تراجم الأعلام ١/٤٤١ ، وعلَّق بعدهُ : «ولم أره».


٢ ـ نهج الصواب إلى حَلِّ مُشكِلاتِ الإِعراب(١).

شِعرُهُ :

كانَ الشَّيخُ علىّ ذوَّاقاً للشِّعرِ ، يستشهدُ به في كُتُبِهِ ورَسَائِلهِ ، لكنَّهُ لمْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وهذا الوهمُ واردٌ في : معجم الأدباء للجبوري ٤/٣٢٠ ، أعلام الشيعة ٢/١٠٠٤ ، المسلسلات في الإجازات ١١٨ ، الشيخ علىّ كاشف الغطاء صاحب الحصون وجهوده العلميَّة ٣٨ ، المفصَّل في تراجم الأعلام ١/٤٤١ ، مجلَّة (مخطوطاتنا) ، العدد ٢ ، (١٤٣٦هـ) ، ص ٢٩٦ (مقال د. عليّ خضير حجي).

والواقع أنَّ هذا الكتاب ليسَ لهُ على الإطلاق ، ولا من دائرة اهتمَامِهِ ، بلْ لِسَمِيِّهِ الشيخ علىّ بن محمَّد رضا بن هادي كاشف الغطاء الذي تُوُفِّيَ بَعدَهُ بأكثر من ستّة عقود ، وهذا التشابه في الاسم ، واسم الأب المركَّب ، والأسرة ، وبداية عنوان الكتاب ، هو الذي سَبَّبَ هذا الخطأ في النسبة ، وقد اطَّلعتُ على الكتابِ مَطبوعاً في النجف الأشرف ، (١٣٤٩هـ) ، وطبعة أخرى بحجم صغير ، من دونِ بيان البيانات الببلوغرافية فيه.

وخلطَ بينهما محمّد جاسم الساعدي ، اِذ تكلَّم خمس صفحات على الشيخ علىّ المُتُوَفَّى سنة (١٤١٠هـ/١٩٩١م) ، ولكنَّهُ ترجم في الهامش للشيخ علىّ صاحب (الحصون) !. يُنظر : كاشف الغطاء إمام الوحدة والإصلاح ، ص ١٥ ـ ١٨.

وزاد د. أحمد ناجي الأمر اضطراباً في كتابه السابقِ ص ٣٣ ـ ٣٥ ، فَجَعَلَ شيوخَ الأخير وتلامذته شيوخاً للأَوَّل ، مِن غَيرِ تدقيق ولا تمحيص ولا تَبَيُّن!. وتُنظر تَرجمتُهُ في : معجم رجال الفكر والأدب ٣/١٠٤٧ ، فهرس التراث ٨٢٨ ـ ٨٢٨ ، موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين ٥٦٢.

وخلطَ واثق زبيبة ـ أيضاً ـ بينَ الرَّجُلين ، في مقال لهُ نشرهُ في موقع (المثقَّف) ، على الرابط :

http://almothaqaf.com/index.php/qadaya٢٠٠٩/٥٢٢٦٢.html


يَشتَهِرِ بِنَظْمِهِ لهُ(١) ، قَدرَ اشتهاره بالبحث والتَّراجم ، وهذا الذي نَظَمَهُ كانَ في وقتِ الشَّبابِ ، وفي بَعضِ المُنَاسَبَاتِ والظُّروفِ التي استَدعَتْ ذلكَ ، وقد استطعنا العثور على ما ورد منهُ في بطون بعض المصادر المخطوطة ، وجمعناهُ هنا ، ورتَّبناهُ على وَفق حُرُوفِ المُعجَمِ.

[١]

كتبَ إِلى بَعضِ أَحِبَّتِهِ(٢) : من [الطويل]

أَبثُّكَ يَا رَبَّ الكَمَالِ على البُعدِ

تَحِيَّةَ صَبّ شَفَّهُ لاعِجُ الوَجدِ

وشَوقاً يزيلُ العَتبَ عَنْ مُستقرِّهِ

تكادُ تبينُ الكفُّ مِنهُ عَنِ الزندِ

وخالصَ وُدّ قد حَكَى طِيبَ نَشرِهِ

تَضَوُّعُ أَنفَاسِ الخُزَامَى مَعَ الرَّندِ

يؤرِّقُهُ تذكارُ سَالف أُنسِهِ

وعَهْدٌ تَقَضَّى لَيتهُ عَادَ مِن عَهْدِ

فتسكبُ جفناهُ مِنَ الدَّمعِ عَندَماً(٣)

وتزدادُ نارُ الشَّوقِ وَقْدًا على وَقْدِ

فَيَا أيُّها الخِلُّ الذي لمْ يَزَلْ لنَا

طَلِيقَ مُحيَّا صَادِقَ القَولِ والوَعدِ

لَئِنْ كانَ مِنِّي الجِسْمُ أصبحَ راحلا

فقلبىَ يَرعَاكُمْ على القُربِ والبُعدِ

مُقيمٌ على صَفوِ الإِخَاءِ مَعَ الوَفَا

كَمَا لَمْ يَزَلْ مُستحكِمَ العَهْدِ وَالودِّ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ومن ثمَّ لم يرد أصلا في (معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين) ، وقد جردَ شعراءَ العراق اثنانِ مِن الباحثين المختصِّين من الحلَّة وبغداد!.

(٢) سمير الحاضر ٣/٢٣١.

(٣) العندمُ : صبغٌ أحمر ، تختضب به الجواري . تاج العروس ٣٣/١٥٣(ع ن د م).


[٢]

كتبَ إلى عبدِ الله سالم أفندي حيدري زاده في صَدرِ مَكتُوب(١) : من [الخفيف]

يا بنَ ودِّي ، بل يا مُنَى القَلبِ مِنِّي

وقليل قولي لهُ : يا بنَ وُدِّي

قد برانِي الضَّنَى وأنحلَ جِسمِي

لاشتياق في حَالِ قُرب وبُعدِ

صِلْ رَعَاكَ اللهُ وَجدَكَ وَجدِي

أمْ تَنَاسَيتَ بَعدَ ذَا البُعدِ عَهْدِي

كُنْ على مَا تُحِبُّ مِنْ نَيلِ وَصْل

أو صُدود ، فَلَيسَ ذَاكَ بِمُجدِي

لَكَ في أضلُعِي رسوخُ ودَاد

دُونهُ في الرُّسوخِ هَضبَةُ نَجْدِ

 [٣]

كَتَبَ إلى السيِّد محمود(٢) بن نقيب الأشراف عبد الرحمن النقيب(٣) : من [الوافر]

أَ مَحمُودَ الفعالِ شَكَوتُ شَوقِي

إِلى لُقيَاكَ مِنْ بلد بَعِيدِ

تَخَذتُكَ لي عَدِيدًا للدَّواهِي

فَيَا للّهِ دَرُّكَ مِنْ عَدِيدِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سمير الحاضر ٤/٣٢٠ ، (ولم يرد فيه اسم الممدوحِ) ، العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ٢/١٧٢.

(٢) محمود حسام الدين بن عبد الرحمن بن السيّد عليّ النقيب الكيلاني ، أديبٌ ، كان له مجلس في الحضرة الكيلانية يختلف إليه الناس ، تُوُفِّيَ سنة (١٣٥٥هـ/١٩٣٦م). البغداديّون أخبارهم ومجالسهم ٢١ ـ ٢٣.

(٣) سمير الحاضر ٣/٢٣١ ، مجموعة أدبية ، غير مرقّمة الصفحات.


ومَنْ يَأوِي بِشِدَّتِهِ إِليكُمْ

فَقَدْ آوَى إِلى رُكن شَدِيدِ(١)

[٤]

كَتَبَ تلِّغرَافاً إِلى السَّيِّد نُعمَان أفندي الآلُوسِيّ زادَه (ت ١٣١٧هـ) مُهنِّئاً لهُ بالعِيدِ(٢) : من [مجزوء الكامل]

هُنِّئتَ بِالعِيدِ السَّعيدِ

يا حَائِزَ الشَّرَفِ التَّلِيدِ

وَبَقِيتَ مَحفُوظاً مَدَى الـ

أَيَّامِ في عَيش رَغِيدِ

 [٥]

قالَ(٣) : من [الرجز]

آلُ المَعَالِي الغُرِّ آلُ جَعفَرِ

قَد طَوَّقُوا بِالجُودِ كُلَّ مُجتَدِي(٤)

هُمْ أَهلُ بَيت لا يُضامُ جَارُهُمْ

وآلُ كُلِّ سُؤدَد مُؤَبَّدِ

لَئِنْ قَضَوا قَبلَ أَوَانِ مَوتِهِمْ

فَالنَّارُ قَد تَخفَى ولمَّا تَخْمُدِ

فلا تقُلْ رَبْعُ عُلاهُمْ قَد عفَى

فَمَجدُهُمْ جَاوَزَ عُمْرَ الأَبَدِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أفادَ من قولهِ تعالَى : (قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْن شَدِيد). سورة هود ، الآية ٨٠.

(٢) سمير الحاضر ٤/٤٤٦ ، العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ٢/١٧٣.

(٣) مجموعة أدبية رقم ٩١٤ ، ص ٤٧.

(٤) في الحاشية : نسخة : «كم في سماها لهمْ من فرقدِ».


[٦]

قالَ مُقرِّظاً (بديع النظام تخميس سجع الحمام) لملاّ عُثمان العمرِيّ الفاروقيّ(١) :(٢) من [البسيط]

للّهِ دَرُّكَ يَا عُثمَانُ جِئتَ بِمَا

أَضَاءَ فِي الطِّرسِ مثل الأنجُمِ الزُّهرِ

مِنْ كُلِّ لفظ فَصِيح صُغتَهُ حِكَماً

وَكُلِّ مَعنًى بَلِيغِ الفِكْرِ مُبتَكرِ

بدع النِّظامِ على سجعِ الحَمَامِ سَمَا

على الدَّرَارِيِّ في الآفَاقِ لا الدُّرَرِ

بديعُ نَظْم ، لَوِ النَّظَّامُ طالَعَهُ

رَنَا لِطَفرَتِهِ في عَينِ مُحتقرِ

أَو البَدِيعُ رَآهُ لازدَرَى كملا

مَا في المَقَامَاتِ مِن أَلفَاظِهِ الغُرَرِ

حَكَى بِسبكِ المَعَانِي رَوضَةً أُنُفاً

مَشْحُونَةً بِصُنُوفِ الوَردِ والزَّهرِ

لاحتْ لَنَا فِي سَمَا القِرطَاسِ مُشرِقَةً

وَلا كَإِشرَاقِ ضَوءِ الشَّمْسِ والقَمَرِ

يكادُ مِنْ طرَب مَنْ ظلَّ يَسمَعُهَا

يَمِيسُ نَشْوَانَ لا يَصحُو مَدَى العُمُرِ

كَمْ جَادَ طَبعُكَ يا ذا المَجدِ في مِدَح

للمُصطَفَى وبَنِيهِ صَفوَةِ البَشَرِ

وكمْ نَظَمتَ لهُمْ عَذرَا(٣) مُحَبَّرَةً

تَختَالُ كالخَوْدِ بَينَ الحِبرِ وَالحَبَرِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) عثمان بن عبد الله بن فتحي بن عليوىّ الموصلي ، وُلِدَ في الموصل سنة (١٢٧٠هـ) ، وكُفَّ بَصَرُهُ صَغيرًا ، وانتقل إلى بغداد ، زار دمشق والقسطنطينية ومصر ، كان عالماً بفنون الموسيقى ، وعليهِ دَرَسَ سَيِّد درويش ، وكانت له مواقف وطنية محمودة في الثورة العراقية ، تُوُفِّيَ في بغداد سنة (١٣٤١هـ). ترجمتهُ في : الأعلام ٤/٢٠٩.

و (سجع النظام) منظومة . إيضاح المكنون ٣/١٧٢.

(٢) مجموعة أدبية رقم ١٩٨ ، غير مرقَّمة الصَّفَحَات.

(٣) عذرا : عذراء ، ولم ترد الهمزة لضرورة الوزن ، وعنَى بها : القصيدة.


لَمَّا استَجَرتَ بِهِمْ مِنْ حَرِّ نَارِ لظى

وهُمْ أَمانٌ غَدًا لِلخَائِفِ الحَذِرِ

فِي كُلِّ بَيت تَرَى في الخُلدِ أَحسَنَهُ

بيتاً مَشِيدًا كَمَا قَد جَاءَ في الخَبَرِ

لا زِلتَ رُكْنَ ذَوِي الآدابِ فَاخِرَةً

أَربَابُهَا فِيكَ بَينَ البَدوِ والحَضَرِ

 [٧]

قالَ(١) : من [السريع]

إنْ فَاخرَتْ دجلةُ في فيضِهَا

عِلْمَ عُبيد الله قُلْ : أقصرِي

فَعِلمُهُ ليسَ لهُ معبرٌ

وكمْ رأينا لكِ من معبرِ

 [٨]

نَظَمَ بَعضُ بَنِي عَمِّهِ أَبياتاً على سَبيلِ المُشَجَّرِ باسمِ (مُحمَّد) ، وطُلِبَ مِنهُ تَشطِيرُها ، وكانَ ذلكَ في عصر الشَّبيبةِ ، فَشَطَّرهَا على مُقتَضَى الوقتِ والحَالِ(٢) : من [المجتثّ]

مَتَى يفيقُ مُعنّىً

سكران ريقةِ ثَغرِكْ

حللتُ مِنهُ بِقَلب

مَا شَاقَهُ غَيرُ ذِكْرِكْ

حَلِيف وَجد يُقاسِي

سَوادَ طُرَّةِ شَعرِكْ

دَعْهُ وما قد يُعاني

مَعَ النَّوَى طولَ هَجْرِكْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) شوقي إلى بغداد ١٥.

(٢) سمير الحاضر ١/١٠٦ ، مجموعة أدبية ، غير مرقّمة الصفحات.


ماذا تقولُ إذا ما

عُرِضْتَ في يوم نَشرِكْ ؟

حُوسِبتَ مِن بَعدِ مَا قَد

سألتَ سَاعَةَ حَشرِكْ

دَمٌ بِجَفنَيكَ هذا

أُريقَ لا جفن غَيرِكْ

تَرَى دماً مُستباحاً

أطلَّ ، فَأْتِ بِعُذركْ

[٩]

كتبَ إلى عبد الله أفندي حيدري زاده(١) : من [الوافر]

نشرتُ ثناكَ ما بين البرايا

فأمستْ فيكَ مولعةً جميعَا

قصرت عليكَ دونَ النَّاسِ ودًّا

لهُ أبدًا غدَا قلبي مُطيعَا

فما لك لا عَدَاكَ الفَخرُ يومٌ(٢)

إلىَّ أسَأتَ حاشاك الصَّنيعَا

[١٠]

قالَ يَمدَحُ عَاكِف أَفَندِي ، أَحَدَ فُضَلاءِ بَغدَادَ(٣) : من [مجزوء الكامل]

يا عاكفاً والمجد حالفْ

أبدًا عليك الدَّهرُ عَاكِفْ

ما للسُّلُوِّ لكَ البقا

آلى لِبُعدِكَ لا يواكفْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مجموعة أدبية رقم ٩١٤ ، ص ١٩.

(٢) في الأصل : (يوماً) ، بالنَّصب على الظرفيَّة ، والشَّاعرُ هنا لا يريدُ الظَّرفَ ، وإنَّما أوردناها بالرَّفع (يومٌ) لأنَّها في محلِّ اسم مؤخَّر لـ : (ما) العاملة عمل (ليسَ) ، والقطعة ليستْ بخطِّ الشَّاعر.

(٣) العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ٢/٢٣٨.


وأقام في القلب الأَسَى

والطرفُ بالعقيانِ وَاكِفْ

والصَّبرُ حلَّقَ رَاحِلا

عَن مُهجَتي ، وَالجِسْمُ نَاحِفْ

أصبو إليكَ ، وحُقَّ أَنْ

أَصبُو إلى تلكَ المواقِفْ

أَيَّام أُنس جُدتَ لي

فيها بِمُنهَلِّ العَوَاطِفْ

عَطفاً فقد عَصَفَتْ بِنَا

مِن بَعدِ بُعدِكُمُ العَوَاصِفْ

بِرِسَالة تُحيِي بها

صَبّاً لِفَرطِ النَّأْيِ تَالِفْ

فَيَعُود للقلبِ السُّرُورُ بِعَودِ

عَهْد مِنكَ سَالِفْ

[١١]

قالَ في صِبَاهُ(١) : من [السريع]

لو رُمتُ وَصفَ الشَّوقِ مِنِّي لَكُمْ

لمْ يُطِقِ النُّطقُ لهُ وَصْفَا

ولا البَنَانُ الخَمْسُ لِي قَد وَفَتْ

بِرَسْمِ مَرْقىً لا ولا حَرفَا(٢)

كَيفَ وَقَد غَادَرتُمُونِي لَقاً

أجرعُ كَاسَاتِ الأَسَى صِرفَا

القَلبُ فِي نَارِ الجَوَى مُضرمٌ

وَلَو بِفَيضِ الدَّمعِ لا يُطفَى

أَمسَيتُ بِالزَّورَاءِ مِنْ بَعدِكُمْ

صَبّاً كَئِيباً للضَّنَى حلفَا

أُجيلُ طَرفِي بَينَها وَالهاً

فَلا أَرَى خلاًّ وَلا إِلفَا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ٢/٢٤٤.

(٢) الحَرْفُ : أعلى الجَبَل.


كَأَنَّني أَحكِي مَهاً رُوِّعَتْ

مُذْ فَقَدَتْ فِي مَهمَه خِشْفَا(١)

[١٢]

قالَ مُشَطِّراً أَبيات سِرِّي بَاشَا وَالِي بغداد ، في مَدْحِ الإمام مُوسَى الكَاظِم عليه‌السلام(٢) : من [الكامل]

(يا مَنْ بِغُرَّةِ وَجهِكَ الإِشرَاقُ)

وَقَدِ استَنَارَ بِضَوئِكَ الآفاقُ

هَيهَاتَ تَخلُو مِن هَوَاكَ سَرِيرَتي

(وَلِنَارِ حُبِّكَ في الحَشَا إِحرَاقُ)

(فَاقَ الأَمَاكِنَ كُلَّها عتَبَاتُهُ)

مُذ قَد تَجَلَّى فَوقَها الخَلاّقُ

أَنَّى تُطَاوِلُكَ البِلادُ جَلالَةً

(وَلَكَ الفَخارُ على البِلادِ عِرَاقُ)

[١٣]

كتبَ إلى والي فارس فرهاد ميرزا(٣) :(٤) من [الخفيف]

يا حَقِيقاً بِأَنْ يُخاطبهُ المَجْدُ

بِرَبِّ العُلا على التَّحقِيقِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المهمهُ : المفازةُ البعيدةُ . الخِشفُ : وَلَدُ الظَّبْيِ .

(٢) سمير الحاضر ٤/٣٨٣ ، العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ٢/٢٤٤.

وورد بيتا سرِّي باشا في : سمير الحاضر ٥/٢٦.

(٣) فرهاد ميرزا بن عبَّاس ميرزا ابن السلطان الأَعظَم السُّلطان فتح علىّ شاه ، يُلقَّبُ (معتمد الدَّولة) ، وُلِدَ سنة (١٢٣٠هـ) ، ولىَ شيراز مرَّتين ، لهُ آثار أدبيَّة ، منها (القمقام الزخّار والصمصام البتّار) ، وعمرانيَّة كتشييده للصحن الكاظمىِّ ، تُوُفِّيَ سنة (١٣٠٥هـ) في إيران ، وحُمِلَ إلى الكاظميَّة ، ودُفنَ فيها بعد سنة. ترجمته في : أعيان الشيعة ٨/٣٩٧ ، أدب الطفّ ٨/٥٨ ـ ٦٠.

(٤) مجموعة أدبية ، رقم ٩١٤ ، ص ٧٦ ـ ٧٧. ـ العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ٢/١٦٩ ـ ١٧٠ (ما عدا : ١٦ ، والأخير).


لكَ فَخْرٌ حطَّتْ لهُ الشَّمسُ في

الأُفْقِ ، ومَجدٌ سَمَا على العَيُّوقِ

وعُلُومٌ نَشَرتَها مِن رِيَاض

أَزهَرَتْ لا كَنَرجِس وشَقِيقِ

مكَّنتكَ الأَفلاكُ منها زِمَاماً

فَتَصَفَّحتَهَا بِفِكر دَقِيقِ

وَغَدَا (جام جمّ)(١) رَوضَةَ أُنف

قد أَنَافَتْ بِكُلِّ رَوض أَنِيقِ

وإذا عاصَتِ المَسَائِلُ يَوماً

كنتَ كَشَّافَهَا بِلحن طَلِيقِ

أنتَ مَأوَى الأَنَامِ في فَارِس اليومَ ،

وكلاًّ ، بل جُملةُ المَخلُوقِ

فكأَنَّ الحفاظَ مِنكَ مُحِيطٌ

بِهِمُ ، رَاصِدٌ بِكُلِّ طَرِيقِ

شَاهَدَتْ بَطشَكَ العُتَاةُ فَأَودَى الـ

ـخَوفُ في جُبنِهِمْ كَنَارِ الحَرِيقِ

رُضْتَ بِالرِّفقِ نَخوَةَ الغِرِّ مِنهَا

بِحُسَام عَضب وقَلب شَفِيقِ

بِصِلات طَوَّقنَ أَعنَاقَ قَوم

لامعات فيها كَوَمْضِ بروقِ

وَحَبَاكَ الإلهُ سَطوَةَ بَأْس

أرهبتْ كُلَّ ذِي شَقاً وفُسُوقِ

فَحَقِيقٌ دُعَاؤُهُم لكَ طُرًّا

إذْ غَدَوا في أَعزِّ حِصْن وَثِيقِ

فَخُذَنْهَا قَوَافِياً بك راقتْ

نَظَّمَتْهَا قَريحَتِي في الطَّريقِ

هي في المدحِ دونَ قَدركَ لكنْ

فَوقَ قَدرِ التَّحقِيقِ والتَّدقِيقِ

قد تحلَّتْ بِمَدحِ علياكَ ما لمْ

تتحلَّى مِنْ عَسْجَد وعَقِيقِ

واقبلَنهَا يا خيرَ وال وراع(٢)

من فتىً قَاطِع لفجّ عَمِيقِ

صَادق الودِّ في الضَّميرِ ، وَمَا

كُلّ مُحِبّ في ودِّهِ بِصَدُوقِ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كتابٌ في الجغرافيا لتمام الكرة الأرضيَّة وتواريخها ، للممدوحِ . هديّة العارفين ١/٨١٧ ، الذريعة ١٦/١٩٧.

(٢) العبقات العنبرية : «فَـــأَولِهـــا بالقَبُـــولِ يـــا خَيـــرَ وَال».


دُمتَ للخلقِ ملجأً ومَلاذًا

مَا تَغَنَّتْ وَرقَا(١) بِغُصن وريقِ

[١٤]

حينَ ورد فارسَ كَتبَ إِلى بيانِ الملك مرزا رضا خان وزيرِ صَاحِبِ الدِيوَانِ ، وقد اتَّفَقَتْ لهُ مَعهُ صُحبَةٌ أَكِيدَةٌ في أَصفَهَان(٢) : من [الوافر]

حَثَثتُ السَّيرَ في جَبَل وسَهْلِ

لأَحظَى في لِقَاءِ بَيَانِ مُلكِ

إلى النَّدبِ الرضا مَنْ يختَبرْهُ

يَجِدْ أخلاقَهُ فَاحَتْ كَمِسْكِ

إذا صوَّبتَ أَو صَعَّدتَ طرفاً

تَراهُ صِيغَ مِن فَضل ونُسْكِ

إذا هزَّ اليَراعَ حَسِبتَ شَهْماً

يهزُّ سِنَانَهُ في يَومِ فَتكِ

فينثر في سَمَا القِرطَاسِ دُرّاً

يَفُوقُ لآلِئاً سُمِطتْ لسلكِ

بألفاظ رفيعاتِ المَبَانِي

سُبكنَ مَع المَعَانِي أَيّ سبكِ

فإنْ يَمْنُنْ بِزَورَتِهِ عَلينا

يزولُ عناؤُنا من دونِ شَكِّ

[١٥]

كتبَ إلى نائب الباب في بغداد عبد الوهّاب أفندي(٣) :(٤)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وَرقَا : وَرقَاء ، ولم ترد الهمزةُ لضرورة الوزن.

(٢) العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ٢/١٧٢.

(٣) عبد الوهّاب بن عبد القادر ، نائب القضاء الشرعي ، وأمين الفتوى ، ورئيس مجلس التمييز الشرعي ، أديب ، كان له مجلسان حافلان ، توفّي سنة (١٣٥٤هـ/١٩٢٦م). ترجمته في : الدرّ المنتثر ٢٠٣ ، البغداديّون أخبارهم ومجالسهم ٥٥ ـ ٥٦.

(٤) العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ٢/٢٢٣ ـ ٢٢٤.


من [مجزوء الكامل]

حَمدًا أياديك الّتي

عنها لسانُ الحَمدِ كَلْ

فَعليكَ دَلَّ صَنِيعُها

وعلى العُلا كنتَ الأَدَّلْ

يا عَادلا في الحكمِ ، عن

سننِ العَدَالَةِ مَا عَدَلْ

قَد خَصَّكَ الرَّحمنُ في

لطف بهِ الدُّنيَا شَمَلْ

دَست القَضَا لمْ يَرضَ عن

تمييزِ حَالِكَ مِنْ بَدلْ

بِكَ عَادَ غَضّاً عُودُهُ

يا دامَ غضّاً لا ذبلْ

ولقد كفلتَ بني العُلا

فَغَدَوتَ أَكرَمَ مَنْ كَفَلْ

ونهضتَ مُضطلعاً بأَسْبَابِ

العُلا عقدًا وحَلْ

إنْ جَلَّ خَطبٌ فَادِحٌ

أو غَاصَ حُكْمٌ فَاشتَكَلْ

فالخطبُ بابنِ جَلا انجَلى

والحكمُ بَالفَصلِ انفَصَلْ

يا قِبلَةَ الرَّاجي النَّدَى

ما لي بحبِّكَ مِنْ قبلْ

لا زلتَ في دستِ العُلا

وبظلِّ عِزِّكَ لمْ أَزَلْ

[١٦]

قَالَ :(١) من [الكامل]

العَقلُ في أيَّام سُلطَانِ الَهَوى

يَغدُو كَأَمرِ الحَاكمِ المَعزُولِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سمير الحاضر ٢/٢٢٤.


[١٧]

كتبَ إلى السَّيِّد مُحمَّد القَزوينىّ (ت ١٣٣٥هـ) جَوَاباً عن بيتين لهُ(١) ؛ ليبعثَ لهُ (منَّ السَّمَا)(٢) : من [الرجز]

مَنَنتَ يَا قُرَّةَ عَينِيّ بِمَا

طَلبتَهُ ، وذَاكَ (مَنٌّ) وكَرَمْ

لكنَّما (خالُكَ) خَال مِنهُ ، إِيْ

وَحَقِّ آبَائِكَ لو كانَتْ لعمْ

نعَمْ عَسَى أحظَى بهِ بعدُ لِكَيْ

أَعُدَّ تَقدِيمِي لَهُ مِنَ النِّعَمْ

[١٨]

كَتبَ إِلى السَّيِّد مُحيِي الدِّين(٣) : من [الوافر]

اِذَا اندَرَسَتْ رُسُومُ الدِّين يَوماً

ولمْ نَعرِفْ لَهَا كَيفاً وكَمَّا

فَمُحيِي الدِّين أنتَ بِغَيرِ شَكّ

وهذا الاسمُ وَفقاً للمُسَمَّى

[١٩]

كتبَ إلى السَّيِّد عبد الله سالم أفندي حيدري زاده مُهَنِّئاً لهُ برتبةِ التَّدرِيسِ الواردة إليه من دارِ السعادة(٤) : من [الطويل]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) بيتا السيّد هما :

خُصَّ (علىّ) بن (محمَّد الرِّضَا)

(بمنِّهِ) المُبرَءِ مِنْ كُلِّ سَقمْ

ورحتُ صِفرَ الكَفِّ مِن نَوَالِهِ

وهو أبو المَعرُوفِ لي (خَالٌ) و (عَمْ)

(٢) سمير الحاضر ٤/٨١ ، طروس الإنشاء ٩٩.

(٣) سمير الحاضر ٣/٢٣١ ، مجموعة أدبية ، رقم ٨٧٠ ، غير مرقّمة الصفحات.

(٤) مجموعة أدبية رقم ٩١٤ ، ص ٥٠ ، العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ٢/١٧٠.


خَلِيلىَّ والزَّوراء دار عَهَدتُهَا

مقيل أُباة الضيمِ مِنْ آلِ هَاشِمِ

هُمُ القَومُ أكفاءُ العُلا غَيرَ أَنَّهُمْ

سَعَوا في طِلابِ العِزِّ ميلَ العَمَائِمِ

مَيامِينُ مِنهُم لا تُعَابُ خَلِيقَةٌ

ولا سُحِبَتْ أَذيَالُهُم في المَآثمِ

وناغَتْهُمُ في المُهْدِ كلُّ كريمَة

فَهَامُوا بها مِن قَبلِ شَدِّ القمائمِ

أَبُوهُم أَبُ العِزِّ المَيَامِين حَيدرٌ

وناهيكَ أمٌّ كالبَتُولَةِ فَاطِمِ

قَد ارتَضَعُوا قِدماً أَفَاويقَ دُرِّهَا

فَشَبُّوا كِرَاماً في حُجُورِ المَكارمِ

ونَاهِيكَ عبد الله سالم أنّهُ

لَطَودُ عُلاً لا يُرتُقُى بالسَّلالمِ

مَفَاخِرُهُ في الدَّهرِ غُرُّ مَنَاقِب

إذا افتخرتْ قَومٌ بِبِيضِ الدَّرَاهِمِ

لهُ رَاحَةٌ عمَّتْ نَوَالاً ، كأنَّمَا

أَنَامِلُهُ تَهمـِي بِـعَشْرِ غَمَائمِ

أعادَ لنَا ذِكْرَ ابنِ جُدعَانِ ، وانثَنَى

يُهيل الثَّرى عن قَبرِ مَعن وحَاتمِ

فنالوا بهِ عِزَّ الحَيَاةِ ، وخُلِّدُوا ،

وكيفَ يبيدُ الدَّهر غُرَّ الأَكَارِمِ ؟

لتهنك يا سامي المراتب رتبةٌ

وَطأْتَ بها أَنفَ العَدُوِّ المراغمِ

فقد نلتَ بالتَّدريسِ أَعظَمَ رُتبَةً

بها لمْ يَزَلْ إِدريسُ سَامي الدَّعَائمِ

فلا زِلتَ في أعلَى المراتبِ تَرتَقِي

وتُوطِئ آنَافَ العِدَا بِالمَنَاسِمِ

 [٢٠]

قالَ مُلتَزِماً مَا لا يلزم(١) : من [الطويل]

وكمْ مِن قليب خَضْخَضَتْهُ ولاؤنا

فَعَادَ نَمِيرًا بَعدَمَا كانَ آجِنَا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) شوقي إلى بغداد ٥ ـ ٦.


وليل قدحنا فيهِ زَندَ نَارِنَا

فَصَارَ مُنِيرًا بَعدَما كانَ داجنَا

ولمَّا رأيتُ الجدَّ لمْ يُجدِ طائِلاً

برزتُ ولمْ أحفلْ بِمَا قِيلَ ماجنَا

تَراني أبيعُ اللؤلؤَ الرَّطبَ ساعةً

وسودَ برام سَاعَةً ومَعَاجِنَا

لحَى اللهُ دَهرًا لمْ يَزَلْ فِيَّ مُنشِباً

لياليهِ منْ كُلِّ الجهاتِ مَحَاجِنَا

[٢١]

قالَ(١) : من [السريع]

حتَّى مَتَى أَرقَى المَعَالِي ولا

أَبرَحُ مِن دَهرِيَ في الهونِ

أَعلُو وَرَأْسِي في انتِكَاس إِلى

سفل ، كأنِّي بَيْدِ مَجنُونِ

[٢٢]

كَتَبَ إِلى نَقِيبِ الأَشرَافِ(٢) ببغدَاد(٣) : من [الوافر]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) شوقي إلى بغداد ٦ ـ ٧.

(٢) السيِّد عبد الرحمن المحض الكيلاني ابن السيّد عليّ النقيب ، وُلِدَ سنة (١٢٦١هـ/١٨٤٥هـ) ، تَوَلَّى النقابة سنة (١٣١٥هـ) ، ورئاسة الوزراء ثلاث مرَّات ، آخرها سنة (١٣٤١هـ/١٩٢٢م) ، وهو الذي أمضى المعاهدة الأُولَى مع البريطانيّين في عهد الملك فيصل ، له تآليف ، منها كتاب (الفتح المبين في الردّ على ترياق المحبّين) ، لهُ مجلس عامر اختلف إليه الأدباء والتجّار ، تُوُفِّيَ سنة (١٣٤٥هـ/١٩٢٦)م. ترجمتهُ في : البغداديّون أخبارهم ومجالسهم ٢٠ ـ ٢١ ، الأعلام ٣/٣١٩ ، معجم المؤلّفين ٥/١٥٦.

(٣) سمير الحاضر ٤/٢٤٢.


أَخِي إِنَّ الزَّمَانَ لهُ صُرُوفُ

وأَفظَعُهَا مُفَارَقَةُ الأَحِبَّهْ

فَهَا أنَا بالغَريَّيْنِ ، ولكن

إلى بَغدَادَ نَفسِي مُشْرَئِبَّهْ

حَلَفتُ بِزَائِرِيكَ وهُمْ حَجِيجٌ

وَفِي عَتَبَاتِ دَارِكَ وَهىَ كَعبَهْ

كأنِّي بينَ إِخوَانِي غَرِيبٌ

ودار لستُ فِيهَا دار غربَهْ

ذَكَرتُ ليالياً قد كنتُ فيهَا

بِقُربِكَ أجتلِي كأسَ المحبَّهْ

لَقَد شَبَّهتُ وَجهَكَ بَدرَ تمّ

ولكنَّ الفَضِيلَةَ لِلمُشبَّهْ

[٢٣]

كتبَ إِلى السيِّد مُحَمَّد القَزوينىِّ ، وقَد أَرسَلَ لهُ (حلوى مَن) من أصبهان(١) : من [السريع]

لَمَّا حَلا ذِكرُكَ حتَّى اغتدَى

على فَمِي أحلَى مِنَ الحَلْوَى

وطَوقُ جِيدِي مَعكُمْ لَمْ يَدَعْ

لي أَبَدًا عَن وَصلِكُمْ سلوَى

أهديتُ مِنْ ذِكرى ومِنْ مَنِّكُم

إليكَ حَلوى المَنِّ لا السَّلوَى

مَكتَبَتُهُ :

كانَ الشيخ جعفر الكبير (ت ١٢٢٨هـ) ، الذي أسَّسَ مكتبةً اشتملتْ على كُتُب نَفِيسَة جَلَبَهَا مِنَ الحِجَازِ وإِيرَان في بَعضِ أسفارهِ ، وآلتْ بَعدَ وَفَاتهِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مجموعة أدبية ، رقم ٨٧٠ ، غير مرقّمة الصفحات.


إلى وَلَدِهِ الشَّيخ مُوسَى(١) ، وبعد وفاةِ الأخيرِ ابتَاعَهَا الشَّيخُ علىّ من وَرَثَتهِ ، ونتيجة جهده المُتَوَاصِل ، وسَعيه الحثيث لنمائِها ، زَادَ عليها كُتُباً كَثِيرَةً حتَّى بلغتْ أواخر حياته خمسة آلاف مجلَّد بين مخطوط ومطبوع(٢) ، وخَاصَّةً ما حصلَ عليه في سفراتهِ خارج العراق واحتجنتهَا مكتبتُهُ العامرةُ ، وكانَ يَقضِي مُعظمَ وَقتِهِ ليلا ونَهَارًا مَعها ، وأصبحَتْ ـ فِيمَا بَعد ـ فِي مُقَدِّمَةِ المَكتَبَاتِ النَّجَفِيَّةِ ، وجعلها وقفاً للباحثينِ والقرَّاءِ.

وصفها جرجي زيدان بأَنَّها : «مكتبة قديمة حوتْ أمَّهات الكتب ، ويتيمات المصنَّفات ، في نفائس العلوم والفنون ، وأكثرها مكتوب في العصور الخالية ،... ، وهي أكبر مكتبة في النجف»(٣).

وهو صاحبُ المقولةِ السَّائِرَةِ : «إِنَّ الكُتُبَ لا تُجمَع إلاّ بثلاث : بِصَبرِ أَيُّوب ، وعُمر نُوح ، ومُلك قَارُون».

وقد سُرِقَتْ مِنهُ مجاميع في الطَّريقِ لِحُسْنِ تجليدها أو خَطِّها ، ورَاجَعَ عَشَرَاتِ المصادر والمراجع هنا وهناك ، وكلَّمَا سَمِعَ أو رَأَى كِتَاباً بَادَرَ إِلى شِرَائِهِ ، وإنْ لم يقدرْ أَعطَى الأُجرَةَ على نَسخِهِ ، أمَّا الذي تَعسَّرتْ عليه كِتَابَتُهُ بالأُجرَةِ لِقلَّةِ ما في اليد فيهرع إلى نَسْخِهِ بِيَدِهِ.

ورَوَى حَادِثَةً طَرِيفَةً تُبيِّنُ مدَى وَلَعِهِ بها ، وتَفضِيله لها حتَّى على أهلهِ ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المفصَّل في تاريخ النجف الأشرف ١٩/٥٩.

(٢) مجلّة (الغري) ، ع ٨٦ ، (١٣٦١هـ/١٩٤٢م) ، ص ١٢٨.

(٣) تاريخ آداب اللغة العربيَّة ٤/١٢٨.


فيقولُ : «وممَّا اتَّفَقَ لي فيها أَنِّي خَرَجتُ مِنَ الدَّار وَمَعِي بعضُ الدَّرَاهِم قَاصِدًا للسُّوقِ ، كي أَشتَرِيَ بَعضَ اللَّوازِمِ إِلى البَيتِ لِتَهيِئَةِ الغداءِ والعشاءِ ، فَرَأيتُ رَجلا بِيَدِهِ كِتَابٌ يُريدُ بَيعَهُ فَاشتريتُهُ مِنهُ ، ودَفَعتُ لهُ تلكَ الدَّرَاهِمَ التي مَعِي وَرَجعتُ إِلى الدَّارِ ، ولمْ يَتَيَسَّرْ لي في ذلكَ اليوم غيرها»(١).

وهو بهذا يذكِّرنا بقصّة حدثت للجاحظ (ت ٢٥٥هـ) مذكورة في كتب الأدب والتَّراجِم.

وقالَ عنهُ وَلَدُهُ الشَّيخُ مُحَمَّد الحُسَين : «وَلَهُ وَلَعٌ غَرِيبٌ بِجَمْعِ الكُتُبِ وَاقتنائها ، واستنساخِهَا بِيَدِهِ ، وفي أَغلب أَسفارِهِ يَأتِي مَعَهُ بِعُدَّة حَسَنَة ، ولكن قد تلفَ كثيرٌ منها بتطلُّب الأُمَرَاءِ والحُكَّامِ ، ومَن لا يعقل مِن الكتب إلاّ أَسمَاءَهَا على كلام»(٢).

أمّا المخطوطات فَقد خَبَرَهَا ، وانفَتَحَ على مَظَانِّ وجودِها في المَكتَبَاتِ ، وعَرَفَ مَنَازِلَهَا وأَقيَامَهَا ، ونَوعَ الوَرَقِ والمِدَادِ والتَّجليدَ ، والخطَّ ، وتَجَاوَزَ مجموع ما نَسَخَهُ بِخَطِّهِ المئة كتاب ، ولم ينقطعْ عَنِ الكِتَابَةِ والتأليف حتَّى بعد أَنْ كَبرتْ سِنُّهُ ، وأَصَابَتِ الرَّعشَة يَده ، بِسَبَبِ ضعفِهِ وعَدَمِ قُدرتهِ على الإمسَاكِ بالقَلَمِ ، ورأيتُ هذا في صفحات متفرِّقة من الحصون المنيعة ، وبعضها في نهج الصواب ، نتيجة الإضافات واللَّحَق التي قام بها في أُخريات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) نهج الصواب ، ونقل عنهُ الخبرَ الشيخُ محبوبة في : ماضي النجف وحاضرها ٣/١٧٤.

(٢) الإِجازة الكُبرَى ١٠١ ـ ١٠٢.


حياتهِ.

وقَد أَجمَعَ مُترجمُوهُ على سَخَائِهِ في اِعَارَةِ الكتُبِ للنَّسخ والإفادة منها مهمَا كانَتْ ثمينةً ونادرَةً ، بِكُلِّ سُهُولَة ، وهذه خَصلةٌ قَلَّمَا نَجِدُهَا عندَ هواةِ الكُتُبِ وأصحاب المكتبات الكبيرة.

ومن الأمثلة على ذلك أنَّ الشَّيخَ محمَّد علىّ اليعقوبىّ(١) استعارَ مِنهُ مَجمُوعاً ، وأَرجَعَهُ إليهِ ، ومَعَهُ أبيَات ، أوَّلها(٢) : من [الطويل]

أبا أحمد يا مَنْ بهِ ولعَ الثَّنا

كما هو في جمعِ المعالي تولَّعَا

ويا مفزع الداعي بِكُلِّ مُلِمَّة

وغيرُ عَلِيّ لمْ تَرَ النَّاسُ مَفزَعَا

ويا بن الأُلَى أَضحَى بِسَيفِ أَكُفِّهِمْ

ومَعرُوفِهِمْ رَوضُ المَكَارِمِ مُمرعَا

بِهِمْ رُفِعَتْ أَعلامُ دِينِ مُحَمَّد

وأصبحَ نَهْجُ الحَقِّ أَبيضَ مهيَعا

سَمَحتَ لنَا في أَخذِ سِفر بِطيِّهِ

لَعَمرُكَ سِرُّ الفَضلِ قَد كانَ مُودَعَا

واستعارَ منهُ الشيخ محمّد السماوىُّ كتابَ شَرح التذكرة في علم الهيأة للخواجة نصير الدين الطُّوسىِّ (ت ٦٧٢هـ) ليأخذه معه إلى السماوة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وُلِدَ في النَّجَفِ الأشرف سنة (١٣١٣هـ) ، تتلمذ على السيِّدِ محمَّد القَزويني ، شيخ الخطباء ، وأحد أعضاء (الرابطة الأدبية) وعميدها ، أخرجَ دواوين بعض الشعراء من معاصريه ، مِن أشهر مؤلّفاته (البابليّات) ، تُوُفِّيَ سنة (١٣٨٥هـ). ترجمتُهُ في : البابليّات ٣/١٧٢ ، معارف الرجال ٢/٣٢٠ ـ ٣٢٣ ، طبقات أعلام الشيعة (نقباء البشر) ٤/١٥٦٠ ، مصفّى المقال ٣١٨ ، شعراء الغريّ ٩/٥٠٥ ، معجم المؤلّفين العراقيّين ٣/٢٢٠ ، معجم رجال الفكر والأدب ٣/١٣٦٧ ـ ١٣٦٨ ، فهرس التراث ٧٣٨ ـ ٧٣٩.

(٢) سمير الحاضر ٤/٢٤٦ ، ولم ترد في ديوانه المطبوع في جزأين ، فهي ممَّا يُستدركُ عليهِ.


لينسَخَهُ(١).

وزَارَهُ المرحُومُ علىٌّ الشَّرقىُّ (ت ١٣٨٤هـ) في مَكتبتِهِ ، ووَصَفَ ذلكَ بقولِهِ(٢) : «وَجَدتُهُ جَالِساً على الأرضِ ، وأمامه طاولة صغيرة عليها كتاب مفتوحٌ ومحبرة ، وقد شدَّ على عضدهِ مساطر خفيفة من الخشب شدًّا مُحكَماً يمنعُ الرَّعشَةَ التي في يدهِ... ، وكان لابساً ثوباً سميكاً خُصِّصَ للكتابةِ ، تراهُ مُخَطَّطاً بألوان ، ألوان من مسْحِ القَلَم ورَذَاذِهِ ، وكان في يدهِ قلمٌ من الخيزران القوىّ ، وكان مَشغُولا بالنَّسْخِ ، فَسَأَلتُهُ عن عُمرِ ذلك الثوب ، فقَالَ إِنَّ عُمرَهُ يُناهِزُ السبعين عاماً ، وهو عِندِي أَطيبُ مِنَ الغلالة التي يصفُها الشَّاعرُ بِقَولِهِ(٣) : من [الطويل]

كَأذيالِ خَوْد أَقبَلَتْ في غَلائِل

مُصبَّغة ، والبعضُ أقصرُ من بَعضِ

وصَنعَ للمكتبةِ فهرساً مفصَّلا لِمَا حَوَتهُ مِن كُتُب ورَسَائل ، وقد اطَّلعتُ عليهِ.

وَمِن المَخطُوطات النادرة فيها مشارق الأنوار النبويَّة في صحاح الأخبار المصطفويَّة لرضىِّ الدِّين الصغاني (ت ٦٥٠هـ) ، نُسِختْ سنة (٦٩٢هـ) ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) سمير الحاضر ٤/٤٩٤.

(٢) الأحلام ٥٩ ، ونقل الخبرَ عنهُ د. محمَّد باقر أحمد البهادلىّ في كتابهِ : الحياة الفكريَّة في النجف الأشرف ١٢٥.

(٣) البيت لِسيف الدولة الحمداني ، في : يتيمة الدهر ١/٤٣ ، غرائب التنبيهات ٤٧ ، نزهة الأبصار ٣٤٧. ولابن الرومي ، ديوانه ٤/١٤١٩.


والنهاية في غريب الحديث لمجد الدين المبارك بن محمّد بن محمَّد المعروف بابن الأثير (ت ٦٠٦هـ) ، نُسِخَتْ قبل وَفَاتِهِ بِسَنَة وَاحِدَة ، وغير ذلك.

وبعد وَفَاةِ الشَّيخ علىّ جَعَلَهَا وَلَدُهُ الشيخ مُحمَّد الحُسين مكتبةً عامَّةً لمرتاديها ، وقد تَعَرَّضَتِ في أزمان مختلفة إِلى سَرِقَات كثيرة ، فانتقل بعضُ مخطوطاتها النفيسة اِلى خَارِجِ العِرَاق ، ففُقدَ منها الكثير ، وعُثِرَ على بعضها الآخر ، في حين بَقِيَ القسمُ الآخرُ مَحفُوظاً في المكتبات العالمية ، وأَشهَرُ مثال على هذا أنَّ الكُتُبىَّ الشَّهيرَ محمّد أمين الخانجي(١) صاحب المكتبة الشهيرة في القاهرة ، أخذَ من الشيخ محمّد الحسين مخطوطات : مجموعة رسائل الحكماء لأرسطو وأفلاطون وابن سينا ، ومُعجم المُجمل لابن فارس (ت ٣٩٥هـ) ، والخصائص لابن جني (ت ٣٩١هـ) ، والتزم له بطبعها في القاهرة ، فلم يفعل ذلكَ ، ولا ردَّها إليه!.

وهناك مخطوط مُجلي مرآة المُنجي لابن أبي جُمهُور الأَحسَائِيِّ ، تحتفظُ به جستربتي برقم (٣٨١٠) ، ويظهر ختم الشيخ علىّ واضحاً عليه ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وُلِدَ في حلب سنة (١٢٨٢هـ) ، وعمل كاتباً في ديوان ولايتها ، وانتقلَ إلى القاهرة ، وأسّس (مكتبة الخانجي). اشتهر بشراء المخطوطات والمتاجرة بها ، خاصَّة من العراق والآستانة ، وهو من أسبق الناشرين إلى إذاعة كتب ابن تيميَّة. تُوُفِّيَ سنة ١٣٥٨هـ. ترجمته في : الأعلام ٦/٤٤ ، معجم المؤلّفين ٩/٧٤ ـ ٧٥ ، مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربىّ ٥٩ ـ ٦٢.


ولكنَّ المُفَهرِسَ لم يُشِر إلى هذا عندَ وَصْفِهِ(١).

ونكتفي بهذِهِ الأمثلة على تلك الذخائر المخطوطة المُودعةِ فيها(٢).

والمكتبةُ اليَوم في خمسة أقسام ، تحتلُّ خمسة طوابق ، باللغات العربيَّة والفارسيَّة والتركيَّة والإنجليزيَّة ، وأُضيفَ إليها ـ في السنوات الأخيرةِ ـ الكثير من المخطوطات والمطبوعات والوثائق عن طريقِ الإهداء والشِّراء.

وقد جُدِّدَ بناء المكتبة في عهد آية الله العظمى السيّد عليّ السيستاني (دام ظلُّهُ)(٣).

وَفَاتُهُ :

تتابعت الأوصاب على الشيخ علىّ ، وبقي لا يبرح بيته نحو خَمْس سنوات لوجع في رجليه ، ثمَّ جاءهُ الأجل المحتوم ، فتُوُفِّيَ على إثر سكتة قلبيَّة أو دماغيَّة ، صبيحة يوم الثلاثاء غرّة شهر المحرَّم الحَرَام سنة (١٣٥٠هـ) ، المُوافق التاسع عشر من آيار (مارس) سنة (١٩٣١م) ، وقد أُقفِلَتِ الأَسوَاقُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) فهرس مصنّفات الشيخ محمّد بن علىّ بن أبي جمهور الأحسائي ١٨١ ـ ١٨٣.

(٢) للسَّيِّد حسن الموسوىّ البروجردي (فهرس مخطوطات مكتبة كاشف الغطاء العامّة) ، وصدر الجزءُ الأوَّل عن دار التراث ، في النجف الأشرف ، وضمَّ المصاحف الشريفة ، وتفسير القرآن الكريم وعلومه ، وكتب الأدعية والزيارات.

(٣) يُنظر ما كتبه عنها جعفر الخليلىُّ في : موسوعة العتبات المقدّسة ٢/٢٤٣ ـ ٢٥٠ ، ومحمّد مهدي الجواهري في : مذكّراتي ٨٩ ـ ٩٠ ، وحيدر الجدّ في مجلّة (ينابيع) ، (٢٠٠٩م) ، ص ٣٨ ـ ٥٥ ، و د. عبد الهادي عبّاس الإِبراهيمي في مجلّة (مداد) ، ع ٣ ، (١٤٣٥هـ) ، ص ٤ ـ ٩ ، ود. أحمد ناجي في : الشيخ عليّ كاشف الغطاء صاحب الحصون وجهوده العلمية ٨٣ وما بعدها ، وغير ذلكَ كثير.


لهذا الموقف الفاجع والرَّزِيَّة المُؤلِمَة ، وَشَيَّعَ النَّعشَ جَمْعٌ غفيرٌ مِنَ العلماء والأهالي ، ودُفِنَ ـ رضوان الله عليه ـ مِن يَومِهِ فِي مَقبَرَتِهِم المَعروفة بِمَحَلَّةِ (العمَارَة).

وأُقيمَتْ لهُ المآتمُ والفواتحُ ، ورَثَتهُ الشُّعَرَاءُ ، وأَبَّنَتهُ الخُطَبَاءُ بمَرَاث وكلمات طوال ، واستَمَرَّتْ مَجالسُ الفَاتِحَةِ والعَزَاءِ وقَصَائدُ الرِّثَاء ، ورسائل التعزية إلى أُخرَيَاتِ الشَّهْرِ(١).

ومِمَّنْ رَثَاهُ وأَرَّخَ وَفَاتَهُ السَّيِّدُ مشكورُ الطالقانىُّ(٢) بِقَولِهِ :

من [مجزوء الرمل]

يوم شَجو وَأَسىً

قد دَهَى مِنْ خَطبه

وقضى الشرع شَجىً

نحبَه من نَحبِه

فَعَلِيٌّ أَرّخوهُ

(قمرٌ غابَ بِه)

[١٣٥٠هـ]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) عقود حياتي ١٣١ ، وفي مكتبة العلاّمة كاشف الغطاء / قسم الوثائق مجموعة من هذه الرسائل مرسلة إلى ولدهِ الشيخ محمّد الحسين.

(٢) مشكور بن محمود بن عبد الله بن أحمد الحسيني الطالقاني ، وُلِدَ في النجف الأشرف سنة (١٢٨٢هـ/١٨٦٥م) ، وتَعَلَّم على وَالدِهِ ، ثُمَّ حَضَرَ الأبحاثَ العاليةَ على عَمِّهِ وَآخَرِين ، كانَ راويةً للسِّيَرِ والتَّوارِيخ والأَنسَاب والتَّراجِم ، وكانَتْ دَارُهُ ملتقى العلماء والأدباء ، تُوُفِّيَ سنة (١٣٥٤هـ/١٩٣٥م). ترجمتهُ في : مستدرك شعراء الغري ٣/٢٨٠ ـ ٢٨٤.


وقال السَّيِّدُ عبدُ السَّتَّار الحَسَنِيّ(١) يَرثِيهِ(٢) : من [الكامل]

سِفرُ المعارفِ قد طَوَتهُ يدُ الرَّدَى

فبَكَتْ عَلَيهِ أَسىً بِدَمع مُسبَلِ

أعنِي علىَّ بنَ الرِّضَا عَلَمَ الهُدَى

مَنْ بَزَّ في التَّحصِيلِ كُلَّ مُحَصِّلِ

عُنوانُ دَائرةِ العُلُومِ ، وقُطبُهَا

ودَلِيلُهَا الهَادِي ، وحَافِظُهَا الملِي

وَلَكَمْ أَقامَ من الحُصونِ لِحفظِ مَا

تَرَكَ الأوائِلُ مِنْ تُراث مُهْمَلِ

فَأَعادَهُ للظَّامِئينَ مُسَبَّلا

حتَّى حَظَوا منهُ بِأَعذَبِ مَنهَلِ

فَبِقَولِ حقّ يَا مُؤرِّخَهُ : اقفُهُ

بِحِمَى أميرِ المؤمنينَ ثَوَى علِي

[١٣٥٠هـ]

ورَثَاهُ الشَّيخُ محمَّد علىّ اليعقوبىّ بقصيدة طويلةِ مطلعها(٣) : من [الخفيف]

جِئتَ يا دَهرُ بِالنَّوائبِ تترَى

أَفَترجو من بعدها لكَ عُذرَا؟

ومن الرَّسَائل النثريَّة ما كتبهُ الشيخ محمّد رضا آل ياسين ، وبعثها إلى الشيخ محمّد الحسين كاشف الغطاء :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) عبد الستّار بن درويش البغدادي المعروف بالنسّابة ، ولد في بغداد سنة (١٣٧١هـ). درس على السَّيِّد مُحمَّد مهدي الأصفهانىّ والسَّيِّد جَعفر شبّر ، وانتقلَ إِلى النَّجَف الأشرف ، من مؤلّفاته (المسك الأذفر في أحوال السيّد جعفر) و (الروضة الغنَّاء في مدح آل كاشف الغطاء). ترجمتُهُ في : المنتخب ٢٥٠ ـ ٢٥١ ، تاريخ القَزوينيّ ٨٦ ـ ١٦٠.

(٢) توجد القصيدة في أسفل الصورة الجدارية للشيخ علىّ في مدخلِ مَكتَبَتِهِ.

(٣) ديوان اليعقوبي ٢/٢٨٤.


بسم الله الرحمن الرحيم

مولانا الإمام الحجَّة دام ظلُّهُ الشَّريف

عزَّ والله علينا ما بلغنا هذه الليلة من الخبر الفظيعِ الذي حقَّ أنْ يلبس الإسلام لهُ ثوبَ الحِداد ، وتنعَى لِمُصابهِ البلاد والعباد ، ولقد خبا بهِ مع عظيمِ الأسفِ أيّ نور زاهر من أنوار الهُدَى ، وغِيضَ فيهِ أيّ بحر زاخر من بحور العلم والنَّدى ، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلاّ باللهِ العظيمِ ، ولا صبرَ ولا سلوةَ إلاّ بِوُجودكم الشَّريف الكريم ، واِنِّي أُقدِّمُ لكم ولجميعِ الأُسرةِ الطاهرةِ الجعفريَّةِ عنِّي وعن جميع الأُسرة الياسينيَّة مراسمَ التَّعزيةِ بِقُلوب تُشاطركُم الأسَى والأسف ، وألسنة تبتهلُ إلى الله تعالى بدوامِ وُجودكم ذخرًا وفخرًا ، آمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حرَّرهُ الرَّاجي محمّد رضا آل يس

٩ محرَّم الحرام سنة (١٣٥٠هـ)

وكتب السَّيِّدُ عبد الرزّاق الحَسَنِيّ إِلى الشَّيخ محمَّد الحُسَين :

بغداد ٦ محرَّم الحرام سنة (١٣٥٠هـ)

سيِّدي الحجَّة العلاّمة

في الساعة التي أكتبُ إلى سماحتكم هذه التعزية بالفجيعةِ العظمَى التي حلَّتْ بالبيتِ الرَّفيعِ ، قرأتُ في صُحفِ بغداد نَبَأَ ارتِحَالِ العَميد الجليلِ إِلى


دَارِ البَقاء ، فَهَالَني هذا النَّبأُ المُفزعُ ، وأَذنتُ للعَينِ أنْ تَسكبَ الدَّمعَ الغزيرَ بِسَخَاء غيرِ مُتناه لهذهِ النَّازلةِ الكُبرَى والخَطبِ الجَللِ ، وإذا أذنتُ لي أنْ أتقدَّم بتسلية ما ، قلتُ : إنَّ الذي يخلفُ علماً من الأعلام البشريَّة ، وبطلا من أبطالِ العِلمِ والفَضلِ والوَرَعِ والتُّقَى ، لا يُقالُ لهُ : قد ماتَ ، ولا يُمكنُ أنْ يُعدَّ في عدادِ المُتَوَفِّين ، لهذا فإنِّي أَدعُو وأَتَضَرَّعُ إلى الحقَّ جلَّ وعَلا أَنْ يُعوِّضَ الإسلامَ بكمْ عمَّا فقدوهُ ، ويُلهِمَنَا وإيَّاكُمْ الصَّبرَ الجزيلَ ، ويُدخل الفقيد فَسيحَ جِنانهِ ، وميادين رحمتِه الوَاسعةِ ، إنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ ، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلاّ باللهِ العظيم ، واِنَّا للهِ وإنَّا إليهِ راجعونَ.

(توقيع)

بغداد ٦/١/١٣٥٠

عقبهُ :

أَعقَبَ عَلَمَينِ جَليلَينِ ، هُمَا : الشَّيخ أَحمد (ت ١٣٤٤هـ/١٩٢٦م)(١) ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وُلِدَ في النجف الأشرف سنة (١٢٩٢هـ) ، عالمٌ ومجتهد ، حَضَرَ على الحجَّتَين السيّد محمّد كاظم اليزدىّ ، والشيخ محمّد كاظم الخراسانىّ ، يُعَدُّ في طَليعَةِ الفُقَهَاءِ المُحَقِّقين ، تَصَدَّى للتَّدريس والبَحثِ ، ولهُ مُصنَّفَاتٌ ، منها (أحسن الحديث في أحكام الوصايا والمواريث) ، و (سفينة النجاة). ترجمتُهُ في : مَعَارف الرجال ١/٨٨ ـ ٩٠ ، مرآة الشرق ٢/٩٥٧ ، ماضي النجف وحاضرها ٣/١٢٧ ـ ١٣٠ ، طبقات أعلام الشيعة (نقباء البشر) ١/١١٢ ، نجوم السماء ٢/٢٨٢ ، معجم المؤلّفين ٢/١٩ ، معجم رجال الفكر والأدب ٣/١٠٣٦ ـ ١٠٣٧ ، فهرس التراث ٦٥٦.


وَالشَّيخ محمّد الحُسَين (ت ١٣٧٣هـ/١٩٥٤م)(١).

والحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ ، وَصَلَوَاتُهُ على نَبىِّ الأُمَّةِ ، وآل بَيتِهِ المُنتَجَبِينَ الأَخيَارِ الأَبرَارِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وُلِدَ فِي النجف الأشرف سنة (١٢٩٤هـ) ، فقيه ، وعالم كبير ، وشاعر ، ومن أئمّة الفصاحة والبيان والفكر ، حَضَرَ على السيّد محمّد كاظم اليزدي ، والشيخ محمّد كاظم الخراساني ، والشيخ أحمد الشيرازي وغيرهم ، شرعَ بالتدريس ، وكانت لهُ حوزةٌ بها جَمَاعَةٌ من الفضلاء ، شارك في المؤتمرات الإسلاميَّة داخل العراق وخارجه ، وأسهم في محاربة الإنجليز ، من مؤلّفاته الكثيرة (الآيات البيّنات) و (الدين والإسلام) و (تحرير المجلّة). ترجمته في : معارف الرجال ٢/٢٧٢ ـ ٢٧٦ ، أحسن الوديعة ٢/١٠٧ ـ ١٠٨ ، ماضي النجف وحاضرها ٣/١٨٢ ـ ١٨٩ ، طبقات أعلام الشيعة (نقباء البشر) ١/٦١٢ ، مصفَّى المقال ١٥٧ ، الأعلام ٦/١٩٦ ـ ١٠٧ ، معجم المؤلفين ٩/٢٥٠ ـ ٢٥١ ، شعراء الغري ٨/٩٩ ـ ١٨٣ ، المسلسلات في الإجازات ١٢٠ ـ ١٣٠ ، معجم رجال الفكر والأدب ٣/١٠٤٨ ـ ١٠٤٩.





المصادر

المخطوطة :

١ ـ سميرُ الحاضر وأنيس المسافر : علىُّ بنُ مُحمَّد رضا كاشف الغطاء (ت ١٣٥٠هـ) ، مكتبة العلاّمة الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء العامَّة ، الرقم ١٨٣.

٢ ـ شَوقِي إلى بغداد : علىُّ بنُ مُحمَّد رضا كاشف الغطاء (ت ١٣٥٠هـ) ، مكتبة العلاّمة الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء العامَّة ، الرقم ١٠٣٥.

٣ ـ العبقات العنبريَّة في الطبقات الجعفرية : الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء (ت ١٣٧٣هـ) ، ج ٢ ، مكتبة العلاّمة الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء العامّة ، رقم ١١٤٨.

٤ ـ مجموعةُ أَدَبِيَّة : علىُّ بنُ مُحمَّد رضا كاشف الغطاء (ت ١٣٥٠هـ) ، مكتبة العلاّمة الشَّيخ مُحمَّد حسين كاشف الغطاء العامَّة ، الرقم ١٩٤ ، ١٩٥ ، ١٩٨ ، ٨٧٠.المطبوعة :

٥ ـ الإجازة الكبرَى أو الطريق والمحجَّة لثمرة المهجة : آية الله العظمى السيِّد شهاب الدين المرعشىّ النجفىّ ، إعداد وتنظيم محمَّد السمامي الحائرىّ ، قم المقدَّسة ، ١٤١٤هـ.

٦ ـ أدب الطفِّ : أو شعراء الحسين عليه‌السلام : السيّد جواد شبّر (ت ١٤٠٣هـ) ، مؤسّسة التاريخ ، بيروت ، ١٤٢٢هـ/٢٠٠١م.

٧ ـ أحسنُ الوديعة في تراجم مشاهير مجتهدي الشيعة : محمّد مهدي الأصفهاني الكاظمىّ (ت ١٣٩١هـ) ، مطبعة النَّجاح ، بغداد ، ١٣٤٨هـ.


٨ ـ الأحلام : علىّ الشَّرقىّ ، شركة الطبع والنشر الأهلية ، بغداد ، ١٩٦٣م.

٩ ـ أصل الشيعة وأصولها : الشيخ محمّد حسين آل كاشف الغطاء (ت ١٣٧٣هـ) ، دار الأضواء ، بيروت ، ١٤١٠هـ/١٩٩٠م.

١٠ ـ الأعلامُ : خير الدين الزركلي (ت ١٣٩٤هـ) ، دار العلم للملايين ، ط٤ ، مطبعة كوستوتسوماس ، بيروت ، ١٩٧٩م.

١١ ـ أعلامُ الأدب في العراق الحديث : مير بصري ، تقديم د. جليل العطية ، دار الحكمة ، لندن ، ١٤١٥هـ/١٩٩٤م.

١٢ ـ أعلامُ الشِّيعَة : الشيخ الدكتور جعفر المهاجر ، دار المؤرّخ العربي ، بيروت ، ١٤٣١هـ/٢٠١٠م.

١٣ ـ أعيانُ الشيعة : السَّيِّد مُحسن الأمين العاملي (ت ١٣٧١هـ) ، حقّقهُ وأخرجَهُ وعَلَّقَ عليهِ حسنُ الأمين ، دار الثقافة للمطبوعات ، ط ٥ ، بيروت ، ١٤٢٠هـ/٢٠٠٠م.

١٤ ـ أنساب القبائل العراقية وغيرها : السيّد مهدي القَزوينىّ (ت ١٣٠٠هـ) ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف ، ١٣٧٦هـ/١٩٦٥م.

١٥ ـ إيضاحُ المكنون في الذيل على كشف الظنون : إسماعيل باشا البابانىّ البغدادي (ت ١٣٣٩هـ) ، دار الفكر ، بيروت ، ١٤٠٢هـ/ ١٩٨٢م.

١٦ ـ البابليَّاتُ : الشيخ محمَّد علىّ اليعقوبىّ (ت ١٣٨٥هـ) ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف ، ١٩٥٤م.

١٧ ـ البغداديّون أخبارهم ومجالسهم : إبراهيم عبد الغني الدروبي ، دار الشؤون الثقافية العامّة ، بغداد ، ٢٠١٣م.

١٨ ـ تاج العروس : محمّد مرتضى الزبيدىّ (ت ١٢٠٥هـ) ، تحقيق مصطفى حجازي ، مطبعة حكومة الكويت ، ١٤٠٩هـ/١٩٨٩م.


١٩ ـ تاريخ آداب اللغة العربية : جرجي زيدان ، طبعة جديدة راجعها وعلَّق عليها د. شوقي ضيف ، دار الهلال ، القاهرة ، د. ت.

٢٠ ـ تاريخ الحلّة : الشيخ يوسف كركوش (ت ١٤١٠هـ) ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأَشْرَف ، ١٩٦٥م.

٢١ ـ تاريخ القَزوينىّ في تراجم المنسيّين والمعروفين من أعلام العراق وغيرهم (١٩٠٠ ـ ٢٠٠٠) : د. جودت القَزوينىّ ، الخزائن لإحياء التراث ، بيروت ، ٢٠١٢م.

٢٢ ـ تراجم مشاهير علماء الهند : السيِّد عليّ نقي النَّقوىّ (ت ١٤٠٨هـ) ، تحقيق مركز إحياء التراث التَّابع لدار مخطوطات العتبة العبَّاسيَّة المقدَّسة ، ١٤٣٥هـ/٢٠١٤م.

٢٣ ـ الحياة الفكريَّة في النجف الأشرف : د. محمَّد باقر أحمد البهادلىّ ، مطبعة ستارة ، ١٤٢٥هـ/٢٠٠٤م.

٢٤ ـ الدرُّ المنتثر في رجال القرن الثاني عشر والثالث عشر : عليّ علاء الدين الآلوسىّ (ت ١٣٤٠هـ) ، وزارة الثقافة والإرشاد ، دار الجمهوريَّة ، بغداد ، ١٩٦٧م.

٢٥ ـ ديوانُ ابن الرومي : تَحقِيق د. حسين نصَّار ، الهيئة المصريَّة العامّة للكتاب ، القَاهِرَة ، ١٤١٩هـ / ١٩٩٣م.

٢٦ ـ ديوانُ السيّد جعفر الحلّي المسمَّى سحر بابل وسجع البلابل : حقَّقه الشيخ محمّد الحسين كاشف الغطاء ، دار الأضواء ، بيروت ، ١٤٢٣هـ/٢٠٠٣م.

٢٧ ـ ديوان السيّد رضا الهندي وأبنائه : إعداد السيّد هادي حسين الموسوي ، انتشارات المكتبة الحيدرية ، قم ، ١٤٣٠هـ.

٢٨ ـ ديوانُ السيّد موسى الطالقاني (ت ١٢٩٨هـ) : جمعهُ وحقَّقهُ وقدَّم لهُ ونَشَرَهُ محمّد حسن آل الطالقاني ، مطبعة الغرىّ الحديثة ، النجف الأشرف ، ١٣٧٦هـ/١٩٥٧م.


٢٩ ـ ديوانُ الشيخ محسن الخضري (ت ١٣٠٢هـ) : جمعَهُ وعلَّقَ عليهِ عبد الغني الخضري ، جمعيّة التحرير الثقافىّ ، المطبعة العلمية ، النجف الأشرف ، ١٣٦٦هـ/ ١٩٤٧م.

٣٠ ـ ديوان اليعقوبىّ : حقَّقهُ وقدَّمَ لهُ صادق محمَّد عليّ اليعقوبىّ ، دار الصادقين ، النجف الأشرف ، ١٤٣٣هـ/٢٠١٢م.

٣١ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : الشيخ محمّد محسن الشهير بآقا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩هـ) ، دار الأضواء ، بيروت ، ١٤٠٣هـ/١٩٨٣م.

٣٢ ـ الروض الأزهر في تراجم آل السيِّد جعفر : مصطفى الواعظ (ت ١٣٣١هـ) ، مطبعة الاتّحاد ، الموصل ، ١٩٤٨م.

٣٣ ـ السيف الصنيع لرقاب منكري علم البديع : آية الله العظمى الشيخ محمّد رضا النجفي الأصفهانىّ ، تحقيق محمَّد هادي زاده ، المكتبة الأدبيَّة المختصَّة ، مطبعة ستارة ، قُم ، ١٤٢٧هـ.

٣٤ ـ شعراءُ الحلّة أو البابليّات : علىّ الخاقاني (ت ١٣٩٩هـ) ، دار البيان ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف ، ١٣٧٠هـ/١٩٥٢م.

٣٥ ـ شعراءُ الغري أو النجفيَّات : علىّ الخاقاني (ت ١٣٩٩هـ) ، المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف ، ١٣٧٣هـ/١٩٥٤م.

٣٦ ـ شهداء الفضيلة : الشيخ عبد الحسين الأميني (ت ١٣٩٠هـ) ، دار إحياء التراث ، مؤسّسة التاريخ العربي ، بيروت ، ١٤٣١هـ.

٣٧ ـ الشيخ علىّ كاشف الغطاء صاحب الحصون وجهوده العلميَّة : د. أحمد ناجي ، الميزان للطباعة ، النجف الأشرف ١٤٣٦هـ/٢٠١٥م.

٣٨ ـ ضياءُ المفازات إلى طرق الإجازات : العلاّمة الشيخ أقا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩هـ) ، تسطير السيّد محمّد حسين الجلالي ، تحقيق الشيخ أحمد الحائري الأسدىّ ، جمعية الهداية الثقافية ، دار التوحيد للنشر والتوزيع ، كربلاء ، ١٤٣٦هـ/٢٠١٥م.


٣٩ ـ طبقاتُ أعلام الشيعة (نقباء البشر) : الشيخ محمّد محسن الشهير بآقا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩هـ) ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ١٤٣٠هـ.

٤٠ ـ طروسُ الإنشاء وسطور الإملاء : أبو المعزّ السيِّد محمَّد القَزوينىّ (ت ١٣٣٥هـ) ، تحقيق د. جودة القَزوينىّ ، بيسان للنشر والتوزيع ، بيروت ، ١٤١٨هـ/١٩٩٨م.

٤١ ـ الطليعةُ من شعراء الشيعة : الشيخ محمّد طاهر السماوي (ت ١٣٧٠هـ) ، تحقيق كامل سلمان الجبوري ، دار المؤرّخ العربىّ ، بيروت ، ١٤٢٢هـ / ٢٠٠١م.

٤٢ ـ العبقاتُ العنبريَّة في الطبقات الجعفرية : الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء

(ت ١٣٧٣هـ) ، ج ١ ، تحقيق د. جودة القَزوينىّ ، بيسان للطباعة والنشر ، بيروت ، ١٤١٨هـ/١٩٩٨م.

٤٣ ـ عقودُ حياتي : الإمام الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء (ت ١٣٧٣هـ) ، تحقيق الشيخ أمير الشيخ شريف الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء ، مدرسة ومكتبة الإمام كاشف الغطاء العامّة ، النجف الأشرف ، ١٤٣٣هـ/٢٠١٢م.

٤٤ ـ عُلماءٌ مُعَاصِرُون : محمَّد عليّ بن محمَّد طاهر التبريزىّ الخياباني (ت ١٣٧٣هـ) ، تبريز ، ١٣٦٦هـ.

٤٥ ـ غرائبُ التنبيهات على عجائب التشبيهات : علىّ بن ظافر الأَزدي المصرىّ (ت ٦١٣هـ) ، تحقيق د. محمّد زغلول سلام ومصطفى الصاوي الجويني ، دار المعارف ، القاهرة ، ١٩٧١م.

٤٦ ـ فهرسُ التراثِ : السيِّد محمَّد حسين الحُسيني الجلالي ، تدقيق ومراجعة الشيخ عبد الله دشتي الكويتي ، دار الولاء لصناعة النشر ، ط ٤ ، ١٤٣٦هـ/٢٠١٥م.

٤٧ ـ فهرسُ مصنّفات الشيخ محمّد بن عليّ بن أبي جمهور الأحسائي : عبد الله غفراني ، جمعية ابن أبي جمهور الأحسائي لإحياء التراث ، بيروت ، ١٤٣٤هـ/٢٠١٣م.


٤٨ ـ كاشف الغطاء إمام الوحدة والإصلاح : محمّد جاسم الساعدي ، المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ، طهران ، ١٤٢٨هـ/٢٠٠٧م.

٤٩ ـ ماضي النَّجفِ وحَاضِرُهَا : الشيخ جعفر بن الشيخ باقر آل محبوبة النَّجفىّ (ت ١٣٧٨هـ) ، ج ١ ـ ٣ : مطبعة العرفان ، صيدا ، المطبعة العلميَّة ، النجف الأشرف ، ١٩٥٥م ، دار الأضواء ، بيروت ، ١٤٠٦هـ/١٩٨٦م.

٥٠ ـ مُحاورةُ الإمام المصلح الشيخ محمَّد الحسين كاشف الغطاء مع السفيرين البريطاني والأمريكي في بغداد : بوينس آيرس ، الأرجنتين ، ١٣٧٣هـ.

٥١ ـ مخزنُ المعاني في ترجمة المحقّق المامقاني : الشيخ عبد الله المامقاني (ت ١٣٥١هـ) ، تحقيق واستدراك الشيخ محمّد رضا المامقاني ، مؤسّسة آل البيت لإحياء التراث ، مطبعة ستارة ، قم ، ١٤٢٣هـ.

٥٢ ـ مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربىّ مع محاضرة عن التصحيف التحريف : د. محمود محمّد الطناحي ، مكتبة الخانجي ، القاهرة ، ١٤٠٥هـ/١٩٨٥م.

٥٣ ـ مرآةُ الشَّرقِ : الشيخ صدر الإسلام محمّد أمين الإمامي الخوئي (ت ١٣٦٧هـ) ، تصحيح وتقديم عليّ الصدرائي ، مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، مطبعة ستارة ، قم ، ١٤٢٧هـ.

٥٤ ـ مستدركاتُ أعيان الشيعة : السيّد حسن الأمين العاملىّ (ت ١٣٩٩هـ) ، دار التعارف ، بيروت ، ١٤١٨هـ.

٥٥ ـ مستدركُ شعراء الغريّ : كاظم عبّود الفتلاوىّ (ت ١٤٣١هـ) ، دار الأضواء ، بيروت ، ١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م.

٥٦ ـ المستدرك على معجم المؤلّفين : عمر رضا كحالة ، مؤسّسة الرسالة ، بيروت ، ١٩٨٥م.

٥٧ ـ المسلسلات في الإجازات : آية الله العظمَى السيّد أبو المعالي شهاب الدين الحُسيني المرعشي النجفىّ ، جمعها نجلهُ السيّد محمود المرعشىّ ، مطبعة حافظ ، قُم ، ١٤٠٦هـ.


٥٨ ـ المشيخة ، أو الإسناد المصفَّى إلى آل المصطفى : الشيخ محمّد محسن الشهير بآقا بزرك الطهرانىّ (ت ١٣٨٩هـ) ، مطبعة الغري ، النجف الأشرف ، ١٣٥٦هـ.

٥٩ ـ مُصفَّى المقال في مصنِّفي علم الرجال : الشيخ محمّد محسن الشهير بآقا بزرك الطهراني (ت ١٣٨٩هـ) ، عُنىَ بتصحِيحهِ ونَشرهِ ابنُ المؤلّف أحمدُ مُنزوي ، جابخانة دولتي إيران ، ١٣٧٨هـ/١٩٥٩م.

٦٠ ـ معارفُ الرجال في تراجم العلماء والأدباء : محمّد حرز الدين (ت ١٣٦٥هـ) ، علَّق عليه حفيدُهُ محمّد حسين حرز الدين ، مطبعة الآداب ، النجف الأشرف ، ١٣٨٤هـ/١٩٦٥م.

٦١ ـ معجم الأدباء من العصر الجاهلي حتَّى سنة ٢٠٠٢م : كامل سلمان الجبورىّ ، دار الكتب العلميَّة ، بيروت ، ١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م.

٦٢ ـ معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام : الشيخ الدكتور محمّد هادي الأميني ، بيروت ١٤١٣هـ/١٩٩٢م.

٦٣ ـ معجم المؤلّفين : عمر رضا كحَّالة ، مطبعة الترقِّي ، دمشق ، ١٣٧٨هـ/١٩٥٩م.

٦٤ ـ معجم المؤلّفين العراقيّين : گورگيس عوَّاد (ت ١٩٩٢م) ، مطبعة الإرشاد ، بغداد ، ١٩٦٩م.

٦٥ ـ المفصَّلُ في تاريخ النجف الأشرف : د. حسن عيسى الحكيم ، ، مكتبة الحيدرية ، قُم المقدَّسة ، ١٤٢٨هـ.

٦٦ ـ المفصَّلُ في تراجم الأعلام : السيِّد الأحمد الحسيني الأشكورىّ ، مجمع الذخائر الإسلاميَّة ، قُم ، ١٤٣٦هـ/٢٠١٥م.


٦٧ ـ مَكارمُ الآثارِ : مُحَمَّد علىّ المعلِّم الحبيب آبادي (ت ١٣٩٦هـ) ، نفائس مخطوطات أصفهان ، ١٣٩٧هـ.

٦٨ ـ المنتخبُ من أعلام الفكر والأدب : كاظم عبّود الفتلاوي (ت ١٤٣١هـ) ، دار

المواهب ، بيروت ، ١٤١٩هـ/١٩٩٩م.

٦٩ ـ موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين : حميد المطبعي ، دار الشؤون الثقافية العامَّة ، بغداد ، ١٩٩٦م.

٧٠ ـ موسوعة طبقات الفقهاء : اللجنة العلميَّة في مؤسّسة الإمام الصادق عليه‌السلام ، إشراف الشيخ جعفر سبحاني ، دار الأضواء ، بيروت ، ١٤٢٠هـ.

٧١ ـ موسوعة العتبات المقدّسة : جعفر الخليلي (ت ١٤٠٥هـ) ، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت ، ١٤٠٨هـ/١٩٨٧م.

٧٢ ـ نُجومُ السَّماء في تراجم العلماء : محمّد عليّ بن صادق بن مهدي اللكنوىّ الكشميرىّ (ت ١٣٠٩هـ) ، تصحيح مير هاشم المحدِّث ، شركة جاب ونشر بين الملل ، طهران ، ١٣٨٧هـ.

٧٣ ـ نُزهةُ الأبصار في محاسن الأشعار : شهاب الدين أحمد بن محمّد بن محمّد ابن علىّ العنَّابي (ت ٧٧٦هـ) ، تحقيق السيّد مصطفى السنوسي وعبد اللطيف أحمد لطف الله ، دار القلم ، الكويت ، ط١ ، ١٤٠٧هـ/١٩٨٦م.

٧٤ ـ هديّة العارفين ؛ أسماء المؤلّفين وآثار المصنّفين : إسماعيل باشا البغدادي (ت ١٣٣٩هـ) ، دار الفكر ، بيروت ،١٤٠٢هـ/١٩٨٢م.

٧٥ ـ هكذا عرفتُهُم : جعفر الخليلي (ت ١٤٠٥هـ) ، مطبعة الزهراء ، بغداد ، ١٩٦٣م.


٧٦ ـ يتيمة الدهر : أبو منصور عبد الملك بن محمّد بن إسماعيل الثعالبىّ (ت ٤٢٩هـ) ، تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد ، مطبعة السعادة ، مصر ، ١٩٥٦م.

المقالات :

٧٧ ـ بلوغ الأشواق في ذكر السفر إلى أرض العراق : أبو طالب القاسم بن الحسين الحسني اليمنىّ (ت ١٣٨٠هـ) ، تحقيق د. كامل سلمان الجبوري ، مجلَّة (مخطوطاتنا) ، العدد ٢ ، ١٤٣٦هـ/٢٠١٤م.

٧٨ ـ السيّد جمال الدين رائد الإصلاح والتقريب : السيّد هادي خسروشاهي ، مجلَّة (رسالة التقريب) ، العدد ٨٢ ، ١٤٣١هـ/٢٠١٠م

٧٩ ـ صرعَى الكتب والمكتبات : محمّد رضا الشبيبي ، مجلّة (لغة العرب) ، السنة الثانية ، الجزء ٩ ، ١٣٣١هـ/١٩١٣م.

٨٠ ـ فهرسُ الحصون المنيعة في طبقات الشيعة : د. عليّ خضيّر حجِّي ، مجلَّة (مخطوطاتنا) ، العدد ٢ ، ١٤٣٦هـ/٢٠١٤م.

٨١ ـ مكتبة الإمام كاشف الغطاء العامَّة : د. عبد الهادي عبّاس الإِبراهيمي ، مجلَّة (مداد) ، العدد ٣ ، ١٤٣٥هـ/٢٠١٤م.

٨٢ ـ مكتبةُ كاشف الغطاء العامَّة صرحٌ من صروح الثقافة الإسلاميَّة الأصيلة : حيدر الجدّ ، مجلّة (ينابيع) ، السنة ٦ ، العدد ٣٢ ، ١٤٣٠هـ/٢٠٠٩م.

٨٣ ـ النوادرُ المخطوطة في النَّجف : علىّ الخاقانىّ ، مجلّة (الغري) ، العدد ٨٦ ، السنة الثالثة ، ١٣٦١هـ/١٩٤٢م.


دراسة في تراث الشهيدين العامليّين

نظرية التأثّر والتأثير

(٢)

السيّد عليّ محمود البعّاج

لقد تناولنا في الحلقة السابقة (العدد ١٢١ ـ ١٢٢) بحوثاً تمهيدية حول جبل عامل وتاريخ التشيّع في لبنان ثمّ الفصل الأوّل تناول الشهيد الأوّل في مباحث ثلاثة ونستأنف البحث هنا في بقيّة المباحث.

المبحث الرابع

الحركة الفكرية في جبل عامل

حرىٌّ بالباحثين وبمن أرّخوا للفقه الإسلامي وعصوره وتناولوا المراكز العقلية في العالم الإسلامي أو بمن يصنّفون في طبقات الفقهاء أن يدوّنوا (المدرسة العاملية) ضمن المراكز الفقهية الإمامية والحواضر الإسلامية العتيدة ، فهي من المكوّنات الأساسية التي شكّلت بمجموعها مفهوم (جبل عامل) الذي خرج عن كونه بقعة يقطنها مسلمون من الشيعة الذين تعرّضوا لأبشع أنواع القهر والتهجير لفترات طويلة إلى حقيقة تجلّت في أبهى صورها لخدمة المشروع الإسلامي العالمي وإلى ركيزة أساسيّة لإثراء ثقافة أهل البيت عليهم‌السلام ، لقد تجاوز جبل عامل حدوده الجغرافية وبات ينسب نفسه إليه كلّ من تخرّج


من مدرسته وشرب من نمير فقهه كالمحقّق الكركي فهو من بلدة (كرك نوح) البقاعية ولا تمتّ إلى جبل عامل بصلة ، ومن المعروف بأنّ جبل عامل لم يكن ركيزة علمية تشدّ إليه الرحال قبل عهد الشهيد الأوّل ، والسبب هو فقدان الأمن والاستقرار وعدم توافر رجال أفذاذ قادرين على القيام بهذه الثورة المعرفية ، فجبل عامل كان يرزح تحت نير الاحتلال الصليبي الذي دام زهاء قرنين من الزمن وعمد إلى تدمير الكيان الشيعيّ خصوصاً في المدن وأبقى على سكّان القرى كي ينتفع من اليد العاملة بعد ما كان يأخذ الجزية منهم كما ينقل الرحّالة الشهير ابن جبير في رحلاته أيّام الحروب الصليبية(١) ، هذا الواقع المرير الذي استمرّ حتّى عام (٦٩٠ هـ) لم يمنع من وجود علماء دين ومبلّغين ومرشدين كما ينقل المؤرّخون :

ـ مفيد الله بن أيّوب : شاعر كبير عاش في عهد الإمام الرضا عليه‌السلام وكان من أصحابه وأنصاره(٢).

ـ الشيخ جمال الدين إبراهيم بن الحسام أبي الغيث العاملي ، كان حيّاً حدود (٦٦٩هـ).

ـ الشيخ نجم الدين طوقان ابن أحمد المناري (ت ٧٢٨ هـ) : وهو من أساتذة الشيخ مكّي والد الشهيد الأوّل.

ـ الشيخ أسد الدين الصائغ الجزّيني.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المؤتمر العالمي لتكريم الإمام شرف الدين : مجموعة مقالات ١/ ٨٠.

(٢) الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٧٢.


ـ الشيخ أحمد بن طيّ الجزّيني : الجدّ الأكبر للشهيد الأوّل.

وغير هؤلاء كثيرون(١).

المبحث الخامس

الشهيد الأوّل (سيرته وترجمته)

المطلب الأوّل ـ اسمه ونسبه :

شمس الدين أبو عبد الله محمّد ابن جمال الدين مكّي ابن شمس الدين محمّد بن حامد بن أحمد النبطي الجزّيني العاملي الدمشقي العراقي(٢) ، والنسبة الغالبة عليه هي الجزّيني العاملي نسبةً إلى جزّين قرية من قرى جبل عامل جنوب لبنان ، ومن أحفاده اليوم المعروفين آل شمس الدين في لبنان(٣) ، يمتدّ نسبه الشريف لأربع قبائل عربية عريقة هي : همدان والأوس والخزرج وبني المطّلب فقد ورد :

١ ـ بخطّ الشيخ مكّي بن محمّد وهو من أحفاد الشهيد الأوّل ما يشير إلى انتسابه إلى قبيلة همدان عن طريق جدّته الكبرى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المؤتمر العالمي لتكريم الإمام شرف الدين : ٢٢٠ ، الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٧١.

(٢) مقدّمة الروضة البهية ١/ ن تحقيق (القواعد والفوائد) القسم الأوّل : ١٣ مطبعة الآداب النجف الأشرف ١٩٨٠ ميلادي

(٣) الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٢٤.


٢ ـ وعن طريق والدة أبيه يعود الجذر إلى قبيلة الخزرج وذلك ما رواه الشيخ سليم أحد أحفاد الشهيد الأوّل.

٣ ـ نسبه عن طريق أمّه إلى الشهيد الصحابي سعد بن معاذ رضی‌الله‌عنه زعيم قبيلة الأوس وذلك ما دوّنته كريمة الشهيد الأوّل(ست المشائخ) في وصيّتها المشهورة(١).

٤ ـ وجذوره تلتقي بالشجرة المباركة بني عبد المطّلب إذ كان يلقّب بالشريف(٢).

المطلب الثاني ـ تولّده ونشأته :

ولد في جزّين سنة (٧٣٤ هـ) وقد كان والده الشيخ جمال الدين مكّي عالماً جليلاً وعلى يده تلقّى مبادي العلوم العربية والفقه ، أمّا أمّهُ فهي العلويّة الجليلة من آل معيّة بالعراق.

وكان يجد من والده دافعاً قويّاً على الدراسة والتفكير فيما يعرض من مسائل وما يطرح من أفكار ، كما كان يجد في المجالس والندوات العلمية التي كانت تعقد هناك بكثرة مجالاً خصباً للمناقشة وإبداء الرأي ، فأصبح وهو لم يتجاوز بعد المراحل الأولى من دراسته يشار إليه بالفضل والعلم ، فمجتمع

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مقدّمة الروضة البهية ١ / ل.

(٢) تقديم الروضة البهية ١ / ٨٠.


(عاملة) على الأعمّ الأغلب مجتمع فكريٌّ(١) ، ولاحت على الفتى الناشي مخائل الذكاء ، وأراد له ذكاؤه أن ينصرف إلى ما هو أنفع له وأجدى عليه بعد أن راض نفسه على التقوى والصلاح والخير(٢).

المطلب الثالث ـ شيوخه وأساتيذه :

لقد أحصى قسماً كبيراً منهم الشهيد الأوّل نفسه في إجازاته لابن الخازن وابن نجدة ومنهم :

أوّلاً ـ أساتذته وشيوخه من الإمامية :

١ ـ والدهُ الشيخ جمال الدين مكّي ابن الشيخ محمّد شمس الدين.

٢ ـ الشيخ أسد الدين الصائغ (أبو زوجته وعمّ أبيه).

٣ ـ فخر الدين أبو طالب محمّد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي المعروف بـ : (فخر المحقّقين) (ت ٧٧١ هـ) يقول في إجازته له : «هكذا قرأ عليّ الإمام العلاّمة الأعظم سيّد فضلاء بني آدم مولانا شمس الحقّ والدين محمّد بن مكّي بن محمّد بن أحمد من هذا الكتاب مشكلات وأجزتُ له جميع كتب والدي رحمه‌الله(٣)».

٤ ـ عميد الدين أبو عبد الله عبد المطّلب بن مجد الدين أبي الفوارس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مقدّمة الروضة البهية ١ / ل ، تقديم الروضة البهية ١ / ٨٠.

(٢) تحقيق (القواعد والفوائد) القسم الأوّل : ١٠.

(٣) تقديم الروضة البهية ١ / ٩٠ ، القواعد والفوائد القسم الأوّل : ١٥.


محمّد بن عليّ بن الأعرج الحلّي الحسيني المعروف بـ : العميدي (ت٧٥٤هـ)(١).

٥ ـ ضياء الدين عبد الله بن السيّد مجد الدين أبي الفوارس أخو السيّد عميد الدين.

٦ ـ زين الدين أبو الحسن عليّ ابن أحمد بن طرّاد المطارآبادي (ت٧٦٢هـ)(٢).

٧ ـ جلال الدين أبو محمّد الحسن ابن الشيخ نظام الدين أحمد بن نماء الحلّي ، من أكابر علماء الحلّة وفقهائها(٣).

٨ ـ جلال الدين عبد الحميد بن فخار الموسوي(٤).

٩ ـ تاج الدين أبو عبد الله محمّد بن السيّد جلال الدين بن القاسم الحسيني الديباجي المعروف بـ : ابن معيه (ت ٧٧٦ هـ)(٥).

١٠ ـ السيّد علاء الدين عليّ بن زهرة الحلّي (ت ٧٧٥ هـ)(٦).

١١ ـ نجم الدين مهنان بن سنان ، أحد تلامذة العلاّمة الحلّي(٧).

١٢ ـ رضيّ الدين أبو الحسن علي بن أحمد المزيدي (ت ٧٥٧ هـ)(٨).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تقديم الروضة البهية ١ / ٩٠ ، القواعد والفوائد ، القسم الأوّل : ١٥.

(٢) القواعد والفوائد القسم الأوّل : ١٥.

(٣) نفس المصدر : ١٥.

(٤) تقديم الروضة البهية ١ / ٩٠.

(٥) تقديم الروضة البهية ١ / ٩٠ ، القواعد والفوائد القسم الأوّل : ١٥.

(٦) تقديم الروضة البهية ١ / ٩٠.

(٧) الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٣٧.

(٨) نفس المصدر : ٣٨.


١٣ ـ جلال الدين محمّد بن محمّد هاشم الكوفي ، من تلامذة المحقّق الحلّي(١).

١٤ ـ جمال الدين أحمد بن حسين الكوفي(٢).

١٥ ـ السيّد جمال الدين عبد الله محمّد الحسني العريضي الخراساني(٣).

١٦ ـ الشيخ قطب الدين أبو جعفر محمّد بن محمّد الرّازي البويهي الحكيم المتألّه الفقيه (ت٧٧٦هـ)(٤).

ثانياً ـ أساتذته وشيوخه من المذاهب الإسلامية الأخرى :

١ ـ قاضي قضاة مصر برهان الدين إبراهيم بن عبد الرحيم بن محمّد ابن سعد بن جماعة أو سعد الله كما في إجازته لابن الخازن(٥).

٢ ـ شمس الدين محمّد بن عبد الله البغدادي الحنبلي ، قرأ عنه الشاطبية وروى عن كتاب الجامع الصحيح للبخاري(٦).

٣ ـ شمس الأئمّة محمّد بن يوسف القرشي الكرماني الشافعي ، وقد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) نفس المصدر : ٣٨.

(٢) نفس المصدر : ٣٨.

(٣) القواعد والفوائد القسم الأوّل : ١٦.

(٤) الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٣٧. تقديم الروضة البهية ١ / ٩٠ ، القواعد والفوائد القسم الأوّل : ١٥.

(٥) تقديم الروضة البهية ١ / ٩٠ ، القواعد والفوائد القسم الأوّل : ١٥.

(٦) القواعد والفوائد القسم الأوّل : ١٥.


أجازه إجازة عامّة(١).

٤ ـ الشيخ شهاب الدين أبو العبّاس أحمد بن الحسن الحنفي فقيه بيت المقدس ، قرأ عليه الخلاصة المالكية(٢).

٥ ـ الشيخ برهان الدين إبراهيم بن عمر الجعبري الفقيه بمقام الخليل إبراهيم عليه‌السلام ، قرأ عليه الخلاصة المالكية أيضاً(٣).

٦ ـ الشيخ شرف الدين محمّد بن بكتاش التستري أستاذ في المدرسة النظامية ببغداد وأجاز الشهيد روايتين في صحيح البخاري.

٧ ـ الشيخ شمس الدين أبو عبد الرحمن محمّد أستاذٌ في المدرسة المستنصرية ببغداد ، يروي عنه صحيح البخاري.

المطلب الرابع ـ آثاره :

وتتضمّن تلامذته فهم آثاره الناطقة وتعتبر المدرسة السيّارة للشهيد الأوّل ، وكذلك كتبه ومؤلّفاته مضافاً إلى أدبه المتمثّل بشعره.

أوّلاً ـ تلامذته :

١ ـ الشيخ شمس الدين أبو جعفر محمّد بن تاج الدين أبي محمّد عبد عليّ المعروف بـ : ابن نجدة (ت ٨٠٨ هـ) ، جاء في إجازة الشهيد الأوّل له

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) القواعد والفوائد القسم الأوّل : ١٧.

(٢) نفس المصدر : ١٧.

(٣) تقديم الروضة البهية ١ / ٩٠ ، تحقيق (القواعد والفوائد) القسم الأوّل : ١٧.


المؤرّخة في ١٠ رمضان (٧٧٠ هـ) : أنّه قرأ عليه كتاب قواعد الأحكام للعلاّمة وكتاب اللّمعة في النحو لابن جنّي وخلاصة المنظوم لابن مالك وسمع كتباً كثيرة بقراءة غيره في فنون مختلفة مثل كتاب تحرير الأحكام وإرشاد الأذهان في الفقه والمناهج وشرح النظم وشرح الياقوت في علم الكلام وكتاب نهج المسترشدين وكلّها من مصنّفات العلاّمة وعيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق وغيرها.

٢ ـ السيّد أبو طالب أحمد بن القاسم بن زهرة الحسيني.

٣ ـ الشيخ جمال الدين أحمد بن النجّار صاحب الحاشية على قواعد العلاّمة الحلّي جمع فيه تحقيقات شيخه الشهيد ونظريّاته في الفقه.

٤ ـ الشيخ أبو عبد الله المقداد بن عبد الله السيوري الحلّي الشهير بـ : الفاضل السيوري (ت ٨٢٦ هـ) صاحب كنز العرفان في فقه القرآن(١).

٥ ـ الشيخ زين الدين أبو الحسن علي بن عزّ الدين بن الخازن بالحضرة الحائرية ، كان من كبار تلاميذه ، كتب له الإجازة المعروفة والمؤرّخة في ١٢ رمضان (٧٨٤ هـ)(٢).

٦ ـ شمس الدين محمّد بن علي بن موسى بن الضحّاك الشامي (ت ٧٩١ هـ) ، كان رفيق شيخه الشهيد في أوّل عهده في الحلّة حين تتلمذه على

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) نفس المصدرين.

(٢) القواعد والفوائد القسم الأوّل : ١٧.


فخر المحقّقين ثمّ تتلمذ على يديه ولازمه لحين استشهاده(١).

٧ ـ الشيخ عبد الرحمن العتائقي صاحب المؤلّفات الكثيرة تلقّى عن الشهيد كثيراً من العلوم.

٨ ـ السيّد بدر الدين الحسن بن أيّوب الشهير بـ : ابن نجم الدين الأعرج الحسيني الأطراوي العاملي.

٩ ـ الشيخ شمس الدين محمّد بن عبد العالي الكركي ، شيخ راوية الحسن بن العشرة.

١٠ ـ كريمته أمّ الحسن فاطمة المدعوّة بـ : ستّ المشايخ ، كان أبوها يثني عليها ويأمر النساء بالاقتداء بها والرجوع إليها أي كانت أشبه بالمرجع النسائي ، ولعلّ الوثيقة التي عثر عليها الشيخ عبّاس القمّي وتهدي بها ما يخصّها وتهب إلى أخويها ابتغاء لوجه الله وفي قبال ذلك يعوّضها أخواها بكتاب التهذيب والمصباح للشيخ والذكرى لأبيها والقرآن المعروف بهديّة عليّ بن مؤيّد(٢).

١١ ـ ابنه الأكبر الشيخ رضيّ الدين أبو طالب محمّد ، أجازه والده مرّتين(٣).

١٢ ـ ابنه الأوسط الشيخ ضياء الدين أبو القاسم عليّ بن الشهيد الأوّل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) نفس المصدر : ١٧.

(٢) مقدّمة الروضة البهية ١ / ل ، تقديم الروضة البهية ١ / ٩٠ ، الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٣٧.

(٣) تقديم الروضة البهية ١ / ٩٠ ، القواعد والفوائد القسم الأوّل : ١٧.


وله عن أبيه إجازة(١).

١٣ ـ ابنه الشيخ جمال الدين أبو منصور حسن بن الشهيد الأوّل ، أجازه والده الشهيد مع أخويه وصورة الإجازة مثبّتة في بحار المجلسي(٢).

١٤ ـ الشيخ حسن بن سليمان بن خالد الحلّي كان فقيهاً فاضلاً له كتاب منتخب بصائر الدرجات(٣).

هؤلاء هم ألمع طلاّبه وأبرز تلامذته على أنّ بعض الباحثين قد أحصاهم فكانوا اثنين وثلاثين عالماً كبيراً(٤).

ثانيا ـ كتبه ومؤلّفاته :

تنوّعت أطياف مؤلّفاته فهي ما بين كتاب أو رسالة أو أجوبة لمسائل ،

ومن الأجدر تصنيفها حسب الآتي :

القسم الأوّل ـ نتاجاته الفقهية :

١ ـ اللّمعة الدمشقية.

٢ ـ الذكرى أو ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة(٥).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تقديم الروضة البهية ١ / ٩٠.

(٢) تقديم الروضة البهية ١ / ٩٠ ، موسوعة محمّد باقر الصدر السيرة والمسيرة ١ / ١٠٢.

(٣) القواعد والفوائد القسم الأوّل : ١٧.

(٤) تقديم الروضة البهية ١ / ٩٠.

(٥) تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ـ ١١١ ، مقدّمة الروضة البهية ١ / ل ، القواعد والفوائد القسم الأوّل : ١٧.


٣ ـ الدروس الشرعية في فقه الإمامية(١).

٤ ـ غاية المراد في شرح نكت الإرشاد(٢).

٥ ـ البيان(٣).

٦ ـ الألفية(٤).

٧ ـ النفلية(٥).

٨ ـ القواعد والفوائد ـ مجلّدان(٦).

٩ ـ مسائل ابن مكّي ، ولعلّ هذا آخر ما كتبه(٧).

١٠ ـ خلاصة الاعتبار في الحجّ والاعتمار(٨).

١١ ـ رسالة في قصر من قصد الإفطار والتقصير(٩).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ـ ١١١ ، مقدّمة الروضة البهية ١ / ل.

(٢) نفس المصدر.

(٣) نفس المصدر.

(٤) وقد أوردها السبيتي بعنوان (الألفية في فقه الصلاة اليومية) انظر : نفس المصدر.

(٥) نفس المصدر.

(٦) وقد أوردها السبيتي بعنوان : (القواعد) وأمّا محمّد حسين الأماني فقد أوردها بعنوان : القواعد الكلية الأصولية والفرعية لاحظ في ذلك : مقدمة الروضة البهية ١ / ك ، تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ـ ١١١ ، القواعد والفوائد القسم الأوّل : ٢٠ ، الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٥٢ ـ ٦٧.

(٧) تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ـ ١١١.

(٨) مقدّمة الروضة البهية ١ / ك ، تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ـ ١١١ ، القواعد والفوائد القسم الأوّل : ٢٠.

(٩) وذكرها الآصفي بعنوان : (جواز إبداع السفر في شهر رمضان) ، تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ـ ١١١ ، وانظر كذلك : مقدمة الروضة البهيّة ١ / ص ك ،


١٢ ـ أحكام الأموات(١).

١٣ ـ رسالة في التكليف وفروعه(٢).

١٤ ـ حاشية على (الذكرى)(٣).

القسم الثاني ـ أصول الفقه :

١ ـ جامع البين من فوائد الشرحين ، وهو جمع لشرحي أستاذيه : السيّد عماد الدين والسيّد ضياء الدين العميديّان لكتاب خالهما العلاّمة الحلّي (تهذيب الوصول إلى علم الأصول)(٤).

٢ ـ شرح التهذيب الجمالي في أصول الفقه.

القسم الثالث ـ آثاره في علم الحديث :

١ ـ الأربعون حديثاً : وقد ضمّ أربعين حديثاً عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أغلبها في العبادات ، وقد فرغ الشهيد من تأليفه في ١٨ ذي الحجّة سنة (٧٨٢ هـ) ، وقد صدر مع غيبة النعماني(٥) ، وقد صنّفه الآصفي ضمن آثاره

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ـ ١١١.

(٢) القواعد والفوائد القسم الأوّل : ١٧.

(٣) تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ـ ١١١.

(٤) وقد ورد عند السبيتي هكذا : (جامع العين من فوائد الشرحين) ، مقدّمة الروضة البهية ١ / ك ، تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ـ ١١١.

(٥) القواعد والفوائد القسم الأوّل : ٢٠.


الفقهية(١).

٢ ـ اختصار الجعفريّات : الجعفريّات أو الأشعثيّات تنسب إلى الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام أو إلى محمّد بن الأشعث ، فتدعى باسمه ، وقد ضمّت ألف حديث اختصرها الشهيد الأوّل إلى ثلاثمائة حديث فقط(٢).

٣ ـ مزار الشهيد : وقد ترجم إلى الفارسية تحت عنوان (مراد المريد لمزار الشهيد)(٣).

٤ ـ الدرر الباهرة من الأصداف الطاهرة : يضمّ قصار كلمات النبيّ(صلى الله عليه وآله) وآل بيته الكرام(٤).

٥ ـ مجموعة الشهيد : بثلاثة أجزاء(٥).

٦ ـ إجازة مبسوطة أو عدّة إجازات : كتاب جمع فيه الشهيد الأوّل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) يذكر محمّد حسين الأماني في إحصائية مؤلّفات الشهيد الأوّل أنّ أربعون حديثاً كتاب ثان للشهيد أيضاً بنفس المسمّى والظاهر أنّه وقع في التباس إذ أنّ الكتاب هو (المسائل الأربعينية) بعينه وهو في العقائد. لاحظ في هذا المعنى : مقدّمة الروضة البهية ١ / ك ، تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ـ ١١١ ، القواعد والفوائد القسم الأوّل : ٢٠ ، الشهيد الأوّل : فقيه السربداران : ٥٢ ـ ٦٧.

(٢) لاحظ في ذلك : تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ـ ١١١ ، الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٥٢ ـ ٦٧.

(٣) أطلق عليه الآصفي : منتخب الزيارات وأورده السبيتي بعنوان : (المزار ، مقدّمة الروضة البهية ١ / ك ، القواعد والفوائد القسم الأوّل : ٢٠ ، تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ـ ١١١ ، الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٥٢ ـ ٦٧.

(٤) الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٥٢ ـ ٦٧.

(٥) تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ـ ١١١.


إجازات العلماء(١).

القسم الرابع ـ مؤلّفاته العقائدية :

١ ـ المسائل الأربعينية : يحوي هذا المؤلّف أربعين تحقيقاً في مسائل عقائدية وكلامية وقد طبعت ضمن تاريخ الشيعة في لبنان للشيخ أحمد عارف الزين ، وهناك مخطوطة منه بخطّ المرحوم الشيخ محمّد السماوي موسومة بعنوان (جذوة السلام في مسائل الكلام)(٢).

٢ ـ العقيدة : مختصر رسالة في علم العقائد(٣).

٣ ـ المقالة التكليفية : رسالة كلامية عقائدية انتهى منها الشيخ في ليلة السبت الحادي عشر من جمادى الأولى سنة (٧٦٩ هـ) وقد شرحها الشيخ زين الدين يونس البياضي برسالة أسماها : (الرسالة اليونسية في شرح التكليفية الشهيدية)(٤).

٤ ـ رسالة الباقيات الصالحات(٥).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مجموعة الإجازات ، تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ـ ١١١ ، مقدّمة الروضة البهية ١ / ك ، الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٥٢ ـ ٦٧.

(٢) الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٥٢ ـ ٦٧

(٣) تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ـ ١١١ ، الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٥٢ ـ ٦٧

(٤) تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ، القواعد والفوائد ، القسم الأوّل : ٢٠.

(٥) مقدّمة الروضة البهية ١ / ك.


القسم الخامس ـ مؤلّفاته في موضوعات عامّة ـ ما كان أجوبة لمسائل :

١ ـ جوابات الفاضل المقداد : وتشتمل على سبع وعشرين مسألة مطروحة من قبل تلميذه المبرّز(١).

٢ ـ جوابات الأطراوي : تحوي أجوبة على مسائل مطروحة من قبل تلميذه السيّد بدر الدين العاملي الأطراوي(٢).

القسم السادس ـ أدبيّاته :

١ ـ شرح قصيدة الشهفيني(٣).

٢ ـ ديوانه الشعري : يضمّ عشرين قصيدة ومقطوعة بعنوان (شعر الشهيد الأوّل)(٤).

القسم السابع ـ إجازاته من علماء الإمامية والمذاهب الأخرى :

لا ريب أنّ الإجازة على مستويين :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) توجد في المكتبة الرضوية بالحرم الرضوي المطهّر في مشهد المقدّسة نسخة منها. وقد أوردها الآصفي ضمن مصنفاته الفقهية ، تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ، الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٥٢ ـ ٦٧ ،

(٢) نفس المصدر.

(٣) تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ، القواعد والفوائد ، القسم الأوّل : ٢٠.

(٤) الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٥٢ ـ ٦٧.


المستوى الأوّل ـ إجازة اجتهادية :

يمنحها المرجع الديني أو الفقيه أو المجتهد عندما يشخّص بنفسه ملكة الاجتهاد عند بعض الدارسين وأنّه قادرٌ على استنباط الحكم الشرعي من مصادره الأربعة : الكتاب الكريم ـ السنّة المطهّرة ـ الإجماع ـ العقل.

المستوى الثاني ـ إجازة نقل الرواية :

وهي تعدّ مقاماً علميّاً أدنى من إجازة الاجتهاد ، إذ تنحصر بنقل الروايات عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) وعن الأئمّة المعصومين عليهم‌السلام ، وهو أمر تعارف عليه الفقهاء والعلماء في الماضي والحاضر كشهادة تقدير لبعض تلامذتهم المبرّزين الذين أتقنوا حقولاً معيّنة من العلوم الإسلامية ، وبلغ اهتمام الإمامية بها على وجه الخصوص حتّى دوّنوا في ذلك المجلّدات وألّفوا المصنّفات ومنها :

ـ بعض مجلّدات بحار الأنوار للمجلسي.

ـ مجموعة الإجازات للشهيد الأوّل نفسه.

ـ إجازات السماهيجي.

وفيما يخصّ شهيدنا الأوّل فقد أجازه جمعٌ من علماء الإمامية وفقهائها وكذا من المذاهب الإسلامية الأخرى التي تؤكّد عمق الوحدة الإسلامية ومبدأ (التقريب) والجامعة الإسلامية الذي تبنّاه شهيدنا الأوّل ومن تلك الإجازات :

أ ـ من الإمامية :

١ ـ فخر المحقّقين نجل العلاّمة الحلّي وهو من أعظم أساتذته على


الإطلاق ، ينصّ في إجازته له : (قرأ عليه مولانا الإمام العلاّمة الأعظم أفضل علماء العالم سيّد فضلاء بني آدم مولانا شمس الحقّ والدين محمّد بن مكّي ابن محمّد بن حامد أدام الله أيّامه من هذا الكتاب مشكلاته ، وأجزت له رواية جميع كتب والدي قدس‌سره وجميع ما صنّفه أصحابنا رضی‌الله‌عنه عن والدي بالطرق المذكورة).

وكانت هذه الإجازة الأولى بداره في الحلّة عام (٧٥١ هـ) وكان عمر الشهيد يومها لا يتجاوز ١٧ سنة ، وهناك إجازتين أخريين عام (٧٥٦ هـ).

٢ ـ إجازة ابن معيّة : الأولى بتاريخ ١٥ شوال (٧٥٣ هـ) والثانية ١٥ شوّال (٧٥٤ هـ) كما أجاز ولديه : أبا طالب محمّد وأبا القاسم عليّ سنة (٧٧٦ هـ).

٣ ـ إجازة من الشيخ جلال الدين أبو محمّد الحسن بن أحمد الحلّي بتاريخ ربيع الأوّل سنة (٧٥٢ هـ).

٤ ـ إجازتان من الأخوين السيّدين : ضياء الدين وعميد الدين اجتهاداً وروايةً.

٥ ـ أجازهُ الشيخ قطب الدين الرّازي مرّتين : الأولى (٧٦٨ هـ) والثانية (٧٧٦ هـ) ، يقول الشهيد الأوّل عنه في إجازته لابن الخازن : (فإنّي حضرت في خدمته قدّس الله لطيفه بدمشق عام ثمانية وستّين وسبعمائة ، واستفدت من أنفاسه وأجاز لي جميع مصنّفاته ومؤلّفاته في المعقول والمنقول أن أرويها عنه ، وجميع مرويّاته) واجتمع الشهيد الأوّل بالشيخ قطب الدين مرةً


أخرى بدمشق في أواخر شعبان سنة (٧٧٦ هـ) وأجازه ثانيةً(١).

٦ ـ استجاز الشيخ زين الدين المطار آبادي (ت ٧٦٢ هـ) فأجازه عام (٧٥٤ هـ).

٧ ـ استجاز جلال الدين بن نماء الحلّي فأجازه بالحلّة سنة (٧٥٢ هـ).

ب ـ من المذاهب الإسلامية الأخرى :

١ ـ الشيخ جمال الدين أبو أحمد عبد الصمد الحنبلي وكان أستاذاً في مدرسة (دار الحديث).

٢ ـ إجازة من الشيخ عزّ الدين عبد العزيز قاضي القضاة في مصر وكان يوم أجازه في المدينة المنوّرة.

٣ ـ أجازه إجازة عامّة شمس الأئمّة محمّد بن يوسف الشافعي بتاريخ جمادى الأُولى سنة (٧٥٨ هـ) ببغداد وجاء فيها : (وبعد فقد استجاز المولى الأعظم إمام الأئمّة صاحب الفضلين ، مجمع المناقب والكمالات الفاخرة ، جامع علوم الدنيا والآخرة شمس الملّة والدين محمّد بن الشيخ العالم جمال الدين بن مكّي بن شمس الدين محمّد الدمشقي رزقه الله أولاه وأخراه ما هو أولاه وأخراه رواية مالي فيه حقّ الرواية لاسيّما كتب الثلاثة التي صنّفها أستاذ الكلّ في الكلّ عضد الملّة والدين عبد الرحمن المولى السعيد زين الدين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تقديم الروضة البهية ١ / ١٠١ ، القواعد والفوائد ، القسم الأوّل : ٢١ ، الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٥٢ ـ ٦٧.


أحمد بن عماد الدين عبد الغفّار اللائجي).

٤ ـ أجازه الشيخ شهاب الدين الحنفي فقيه بيت المقدس.

٥ ـ الشيخ شرف الدين محمّد بن بكتاش التستري ، وكان أستاذاً في المدرسة النظامية ، وأجاز الشهيد روايتيه الصحيحين : البخاري ومسلم.

٦ ـ الشيخ شمس الدين أبو عبد الرحمن محمّد وكان أستاذاً في المدرسة المستنصرية ، وقد روى الشهيد عنه صحيح البخاري(١).

ومن معاينة الإجازات التي قلّد الفقهاء والمحدّثون والمشائخ شهيدنا الأوّل بها يتجلّى الدور الوفاقي والهدف التقريبي الذي ناء بحمله الشهيد في الوحدة الإسلامية ودرء النعرات المذهبية.

المطلب الخامس ـ اعتقاله وشهادته :

من (جزّين) ارتحل إلى (دمشق) ليصبح في مركز الحدث وقريباً من مصادر القرار ، ودمشق يوم ذاك حاضرة إسلامية ومدينة عريقة أقام فيها بقية أيّامه ، فكان قطب الرحى منه يصدرون وعليه يردون من أقطاب المذاهب وأرباب الحكم ووجوه المجتمع ، فقام فقهاء البلاط ووعّاظ السلاطين وكبيرهم في السحر (برهان الدين بن جماعة) قاضي دمشق فوشوا به إلى (بيدمر) وهو تبع لـ (برقوق) سلطان مصر ـ والشام إسميّاً ملتحقة بمصر آنذاك ـ فاعتقل شهيدنا الأوّل في القلعة من دمشق إثر تداعيات عدّة وعوامل مجتمعة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الشهيد الأوّل فقيه السربداران : ٥٢ ـ ٦٧.


لعلّ أبرزها مركزيّته السياسية وتأثيره في الحكم وفتنة (اليالوش) ومنهجيّته في التقريب بين المذاهب الإسلامية ، فاعتقل سنة كاملة خلالها كان منشغلاً بالتأليف والتصنيف علميّاً ، وروحانيّاً منشغلاً بالذكر والعبادة ، وفي محنته هذه زاره محبّوه ومريدوه ومقلّدوه في معتقله فخشي النواصب على مقاماتهم وضمروا له الضغينة والدسيسة ممّا حدا بشهيدنا الأوّل أن يبعث إلى (بيدمر) بقصيدة مؤثّرة تنبئك أبياتها عن واقع الحال وشدّة المآل :

لا تسمعنَّ فيّ أقوال الوشاة فقد

باؤوا بزور وإفك ليس ينحصرُ

والله والله أيماناً مؤكّدةً

أنّي بريءٌ من الإفك الذي ذكروا

الفقه والنحو والتفسير يعرفني

ثمّ الأصولان والقرآن والأثرُ(١)

ولكن أنّى لهم بالجواب فالحقد يعمي ويصمّ ، وحيث هنا وما أدراك ما هنا؟ إنّها ساحة من محضر القدس الإلهي حيث قتل بالسيف صابراً محتسباً وأمر بصلبه وهو مقتول بمرأى من الناس ، ورضّوا جسده الطاهر بالحجارة وإلى ذاك لم يشف غليلهم ولم يهدأ مرضهم فقد أحرقوه بعد أن تركوا جثّته المباركة تذروها الرياح ، المقام هنا لاتشرحه العبارة وتقصر دونه البلاغة ، بيد أنّه لما رأينا ما جرى بنا وبأهلنا المضطهدين في العراق بعدما ألفنا وعايشنا ثالوث : التكفير والتهجير والتفجير فلا نندهش لهول ما أصاب شهيدنا الأوّل فالقوم أبناء القوم وتلك لعمري فترة مظلمة بالارتداد العقائدي والفراغ الفكري والهزال الروحي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تقديم الروضة البهية ١ / ١٤٥.


ولنا أن نجمل إثارات الشهادة في أسبابها فتلك عبرة من سنن الكون وظواهر الحياة :

١ ـ المتّجه الوحدويّ في متبنيات الشهيد الأوّل بالتقريب بين المذاهب ودرء الطائفية ، وبرأيي القاصر أنّ هذا العامل هو أخطر الأسباب وأعمقها.

٢ ـ الفقه السياسي عند الشهيد الأوّل تنظيراً وتطبيقاً ، دراسة وممارسة ، فكراً وعملا منجز إنجازاً استثنائيّاً ، فهو قد شغل حيّزاً متميّزاً لإدارة الملف السياسي في عهده ، ولم يكن فقيهاً أصوليّاً مؤلّفاً فحسب وإنّما كان قائداً مرجعيّاً وزعيماً ميدانيّاً.

٣ ـ محاربته للضلالات المستجدّة والبدع المستحدثة كفتنة (اليالوش) تلك الهوجاء التي ظهرت في جبل عامل لتربك الوضع العقائدي ولتوسّع الفجوة وتعمّق الهوّة في الخلاف المذهبي ، ومن اللاّفت للنظر أنّ الشهيد استعان بالبلاط في دمشق لضرب هذه البدعة(١).

٤ ـ علاقاته المتميّزة مع الحكومات الأخرى في البلدان الإسلامية كحكومة (السربداران) في خراسان ، وما الرسالة التي بعثها (عليّ بن مؤيّد) إلاّ شاهداً توثيقيّاً مؤكّد.

٥ ـ القيمة العلمية والمكانة الفكرية التي ارتقاها الشهيد الأوّل ولاسيّما بين رجالات المذاهب الإسلامية الأخرى وفقهائها ، وانفتاحه هو رضی‌الله‌عنه على المدارس الإسلامية في فقهه المقارن دراسة وتدريساً ، مباحثةً وإجازةً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) نفس المصدر : ١٣٥ ـ ١٣٧


وهكذا قضى الأوّل من شهداء الفقه وفقهاء الشهادة وتبعته في إثره زرافات ووحداناً من فقهائنا ومفكّرينا وعلمائنا ليومك هذا.

لا رمس لا قبر لا ضريح ، إنّ الرّمس في الدرس ، والقبر في الصدر ، والضريح في القول الصريح.


الفصل الثاني

الشهيد الثاني

(زين الدين الجبعي العاملي)

(٩١١ ـ ٩٦٥ هـ)

عصره وسيرته

وينتظم هذا الفصل على عدّة مباحث وكما يلي :

المبحث الأوّل :

عصر الشهيد الثاني

المطلب الأوّل ـ الوضع السياسي :

ارتقى سلّم العلم شهيدنا الثاني معاصراً للدولة العثمانية ، والعثمانيّون آنذاك في أوج عظمتهم وعنفوان غطرستهم ، وقد تأسّست الدولة العثمانية عام (١٢٩٩م) وسقطت عام (١٩٢٣م) بعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها ، وإذا كان من توصيف تاريخي للدولة العثمانية فإنّها كانت على الدوام تتجه نحو التجنيد الإجباري للرعية عموماً وللشعوب الإسلامية على


وجه الخصوص ، وتتّسم بنظام السخرة اقتصادياً ، وتتّبع سياسة (التتريك) أي فرض اللغة التركية على رعاياها بالإكراه ، ومن المفارقات المضحكة المبكية في آن واحد أنّ العثمانيين كانوا يرفعون شعار (الخلافة الإسلامية) بغية السيطرة على الدول الإسلامية ، وهم بطبيعتهم أنأى ما يكون عن الإسلام ، فقد شهدت فترات حكمهم الواناً من التعصّب المذهبي والتمييز الطائفي كان على رأس ضحاياهم شهيدنا الثاني قدس‌سره.

المطلب الثاني ـ الحركة الفكرية في عهد الشهيد الثاني :

لقد توافرت عدّة عوامل موضوعية وجغرافية في بروز جبل عامل كحاضرة فكرية على عصر الشهيد الأوّل محمّد بن مكّي العاملي وجعلها حوزة علمية تستقلّ عن الحوزات المركزية ومن هذه العوامل :

١ ـ المرحلة الانتقالية ما بين الاحتلال الصليبي وقيام دولة المماليك ، صحيح أنّ المماليك أكملوا ما بدأه الصليبيّون وارتكبوا أبشع المجازر حتّى ما هو محرّم في حالة الحرب ، وعمدوا إلى اغتيال الشهيد الأوّل بعد ما سجنوه عاماً واحداً بدمشق ، لكن في بداية الأمر استطاع الشهيد الأوّل أن ينفّذ مشروعه الذي خطّط له وهو في طريق العودة من الحلّة إلى عواصم البلدان الإسلامية ، والذي ساعد على ذلك أنّ المماليك كانوا أمّيّين ولم يحملوا مشروعاً عقائديّاً ليواجهوا المشروع الآخر(١).

٢ ـ بلدة جزّين ـ البلدة التي خرج منها الشهيد الأوّل ـ كانت خارج

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تقديم الروضة البهية ١ / ١٧٨.


الاحتلال الصليبي مما جعلها ملجأ لكثير من الثوّار ، وأعطاها حالة ممانعة وجعلها بلدة متنوّرة لم تتأثّر بالعقلية الإرهابية المنظّمة التي مارسها الاحتلال الصليبي بالمنطقة.

٣ ـ وجود عدد من علماء الدين والمبلّغين في جزّين حتّى زمن الاحتلال ـ كما ذكرنا في عدّة مواضع من هذا البحث ـ فالشهيد الأوّل نفسه تخرّج من بيت علم وعلماء.

إنّ هذه الأسباب بمجموعها شكّلت فرصة تاريخية لذلك الرجل الفذّ للبدء بتنفيذ مشروعه ، وبالفعل برز الشهيد الأوّل زعيماً لتلك المرحلة ومؤسّسها وبطل نهضتها ، حتّى وصفه كلّ من رآه أو تباحث معه بأنّه (أفقه فقهاء جميع الآفاق)(١).

ولم تخل جبال عاملة بعد استشهاد الشهيد الأوّل رضی‌الله‌عنه بل انتشرت الحركة العلمية التي أسّسها وتمّ تصعيدها والحيلولة دون انقراضها على يد العشرات بل المئات من العلماء الأبرار ، فظهرت المدارس العلمية في ميس وجبع وعيناتا والنبطية والكوثرية وحنويه والخيام وعيتا وبنت جبيل وشقراء وشحور ، وامتلأت جبال عاملة بالفقهاء والفضلاء حتّى قيل أنّه حضر سبعون مجتهداً في تشييع جنازة فاطمة (ستّ المشايخ) كريمة الشهيد الأوّل وأنّها لواقعة مثيرة ومؤثّرة حقّاً نلفت لها نظر الباحثين والكتّاب والمحقّقين(٢).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المؤتمر العالمي لتكريم شرف الدين : مقال بعنوان جبل عامل وإثراء ثقافة أهل البيت ونشر علومهم ١ / ٨٢.

(٢) مقدّمة الروضة البهية ١ / ك ، المؤتمر العالمي ١ / ٨٢.


ولهذا يلفت النظر الشيخ الحرّ العاملي في كتابه أمل الآمل إلى القيمة العلمية التي حقّقها علماء جبل عامل في العالم الإسلامي فقال : «إنّ عدد علماء جبل عامل يقارب خمس عدد علماء المتأخّرين وكذا مؤلّفاتهم بالنسبة إلى مؤلّفات الباقين ، مع أنّ بلادهم بالنسبة إلى باقي البلدان أقلّ من عشر العشر أعني جزء من مائة جزء».

وقد تعاقبت جموع من الفقهاء والعلماء على الهجرة إلى البلدان الإسلامية الأخرى ومنها بلاد فارس (إيران) على عهد الدولة الصفوية وذلك بعد طلب الصفويّين منهم والاستعانه بهم على توطيد الحركة العلمية واستقرار النشاط الفكري في الدولة الصفوية ، وعرفت هذه الهجرة عند المؤرّخين والباحثين والكتّاب بـ : (الهجرة العاملية إلى إيران) وكان من أبرز أولئك :

١ ـ المحقّق الثاني الكركي ، صاحب كتاب تحقيق الخراج.

٢ ـ الشيخ حسين عبد الصمد الحارثي الهمداني تلميذ الشيخ الشهيد الثاني.

٣ ـ شيخنا المحقّق البهائي نجل الشيخ عبد الصمد ، انتقل إلى أصفهان وهي يوم ذاك عاصمة الدولة الصفوية ودفن في الحرم الرضوي المقدّس.

٤ ـ الشيخ لطف الله الميسي ، وإلى الآن هناك جامع باسمه في أصفهان.

٥ ـ الشيخ الحرّ العاملي ، صاحب الوسائل ، هاجر إلى المشهد الرضوي المقدّس ودفن فيه.

٦ ـ السيّد علي بن الحسين ، تلميذ الشهيد الثاني ، وهو الجدّ الأعلى


لأسرة آل الصدر ـ شرف الدين ـ الذي كان أوّل من هاجر من آل الصدر إلى خراسان.

المبحث الثاني

سيرته

المطلب الأوّل ـ اسمه ونسبه وألقابه :

زين الدين بن نور الدين ـ المعروف بـ : (ابن الحجّة)(١) ـ عليّ بن أحمد بن محمّد بن جمال الدين بن تقيّ الدين بن صالح بن مشرف ـ أو أشرف ـ الجبعي العاملي النحاريري(٢) المعروف والمشهور بـ : (الشهيد الثاني).

ونسبه الوضّاء وحسبه الكريم أطلق عليه الباحثون والعلماء (السلسلة الذهبية).

المطلب الثاني ـ تولّده ونشأته :

ولد في جبع ثالث عشر شوّال سنة (٩١١ هـ) ويبدو أنّ هذا التاريخ هناك إجماع عليه إذ يذكره تلميذه ابن العودي.

كان أبوه من أكابر فضلاء عصره وكذلك جدّه صالح بن مشرف من

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) موسوعة محمّد باقر الصدر ١ / ١٠٣.

(٢) مقدّمة الروضة البهية ١ / ق ، تقديم الروضة البهية ١ / ١٥٣.


أقطاب أهل العلم وأوتاد أهل الفضل وما بينهما أعلام هدى ومصابيح دجى علماً وفضلاً وورعاً ، وهكذا امتدّت السلسلة بحلقاتها حتّى قيل عنها : (السلسلة الذهبية)(١).

ختم قراءة الكتاب العزيز وهو في التاسعة أو لم يتجاوزها بعد ، واشتغل بعد ذلك بقراءة فنون الأدب العربي والفقه على والده إلى أن توفّي عام (٩٢٥ هـ) وكان من جملة ما قرأه عليه : المختصر النافع واللّمعة الدمشقية إضافة إلى كتب الأدب ، ولم يشأ الشهيد ان يبقى ثابتاً على هذا المستوى الفقهي الذي بلغه حتّى هذا الوقت ويحتل مكان والده فقد كان يرنو إلى مستوى اسمى من ذلك.

المطلب الثالث ـ الحياة الاجتماعية للشهيد الثاني (زواجه ومصاهراته) :

ـ تزوّج الشهيد الثاني ابنة الشيخ عليّ الميسي أثناء إقامته في كرك وكانت هي كبرى أزواجه.

ـ تزوّج كريمة السيّد عزّ الدين الحسين بن أبي الحسن الموسوي العاملي (من أجداد آل شرف الدين / الصدر) وكان هذا السيّد شريكاً للشهيدفي درسه لدى كثير من مشايخه وكانت كريمته تلك احظى زوجاته به ، وقد استشهد السيّد عزّ الدين مسموماً فصلّى عليه الشهيد الثاني في جبع وكان يوماً مشهوداً سنة (٦٩٣ هـ).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) نفس المصدر.


 ـ بعد شهادة الشهيد الثاني تزوّج السيّد نور الدين نجل السيّد عزّ الدين زوجة الشهيد الثاني الثالثة وهي أمّ صاحب المعالم فولد منها (نور الدين عليّ).

واستمرّت أواصر المصاهرة بين ذرية الشهيد الثاني وآل الموسويّ فأمّ السيّد صدر الدين على سبيل المثال هي ابنة الشيخ علي ابن الشيخ محي الدين ابن الشيخ عليّ ابن الشيخ محمّد ابن الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني(١).

المبحث الثالث

رحلاته وأساتيذه ودراسته

مصادر المعرفة جمّة غفيرة ومنها الأساتذة والشيوخ ، ففي نشأة الشهيد الثاني الفكرية وحياته العلمية نرى العديد منهم سواءً في موطنه (جبع) أم في مقرّات إقامته حيث رحلاته المتكرّرة وهجراته المتناوبة وكان منها :

أوّلاً ـ في جبع :

والده الشيخ نور الدين قرأ عليه العلوم العربية واللّمعة والمختصر النافع حتّى توفّي والده عام (٩٢٥ هـ).

ثانياً ـ في ميس (من قرى جبل عامل وهي يومذاك مدرسة علم ودار فقه) : درس على الفقيه الشيخ عليّ بن عبد العال الميسي الشرائع والإرشاد ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) موسوعة محمّد باقر الصدر السيرة والمسيرة ١/ ١٠٥.


وأكثر القواعد(١) وبقي فيها ثمان سنوات.

ثالثاً ـ في كرك :

تتلمذ فيها على السيّد حسن بن السيّد جعفر ـ مؤلّف كتاب المحجّة البيضاء ـ فحضر لديه قواعد الكلام للشيخ ميثم البحراني والعمدة والتهذيب في الأصول للسيّد حسن نفسه والكافية في النحو.

رابعاً ـ في الشام سنة (٩٣٧ هـ) :

حضر عند الفيلسوف المحقّق شمس الدين محمّد بن مكّي فدرس الموجز النفيسي وغاية القصد في معرفة الفصد من علم الطب ، ومن علم الهيئة : فصول الفرغاني والهيئة ، ومن الفلسفة : حكمة الإشراق للسهروردي ـ بعضاً منها ـ كما أقرأه الشاطبية من علم القراءات الشيخ أحمد بن جابر ، وكانت إقامته بدمشق سنة واحدة.

خامساً ـ في الشام مرّةً أخرى عام (٩٤٢ هـ) ، وكان شيوخه فيها :

ـ شمس الدين بن طولون الحنفي الدمشقي صاحب كتاب قضاة دمشق قرأ عليه جملة من الصحيحين وإجازة روايتهما.

سادساً ـ في مصر عام (٩٤٢ هـ) : حضر حلقات الدرس الكثيرة وبحوث المناظرة الوفيرة عند جملة من علمائها وفقهائها ومن أؤلئك :

١ ـ الشيخ أبو الحسن البكري ، سمع عليه جملة من الكتب في الفقه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) ذكرها السبيتي بهذا العنوان وقد أوردها الآصفي بعنوان : (تمهيد القواعد الأصولية والعربية لاحظ : مقدّمة الروضة البهية ١ / ق ، تقديم الروضة البهية ١ / ١٧٧.


والتفسير.

٢ ـ الشيخ شهاب الدين أحمد الرملي ، قرأ عليه عدّة كتب :

ـ منهاج النووي في الفقه.

ـ أكثر (مختصر الأصول) لابن الحاجب.

ـ شرح العضدي مع حواشيه السعدية والشريفية.

ـ شرح التصريف الغربي.

ـ شرح الشيخ المذكور إمام الحرمين الجويني في أصول الفقه.

ـ شرح جمع الجوامع و (المحلّى) في أصول الفقه.

ـ توضيح ابن هشام في النحو.

وأجازه إجازة عامّة.

٣ ـ الملاّ حسين الجرجاني ، درس لديه :

ـ شرح التجريد لملاّ علي القوشجي.

ـ حاشية ملاّ جلال الدين الدواني.

ـ شرح إشكال التأسيس في علم الهندسة للرومي قاضي زاده.

ـ شرح الجغميني في الهيئة.

٤ ـ الملا محمّد الأسترابادي ، حضر عنده :

ـ المطوّل.

ـ حاشية السيّد شريف.

ـ شرح الكافية.


٥ ـ الملاّ محمّد علي الكيلاني ، درس لديه :

جملة من المعاني والمنطق.

٦ ـ الشيخ شهاب الدين بن النجّار الحنبلي ، قرأ عليه :

ـ شرح الشافية للجاربردي.

ـ شرح الخزرجية في العروض.

ـ القافية للشيخ زكريّا الأنصاري.

ـ الصحيحان.

وأجازه إجازة عامّة.

٧ ـ الشيخ زين الدين الجرمي المالكي ، قرأ عليه :

ـ ألفية ابن مالك.

٨ ـ المحقّق اللقاني (الملقاني) الشيخ ناصر الدين ، درس عنده :

ـ تفسير البيضاوي.

٩ ـ الشيخ ناصر الدين الطبلاوي ، حضر لديه :

ـ علم القراءات (قراءة ابن عمرو).

ـ رسالة الطبلاوي (الشيخ نفسه) في القراءات.

١٠ ـ الشيخ شمس الدين بن أبي النحّاس ، أقرأه :

ـ الشاطبية في القراءات.

١١ ـ الشيخ الفاضل الكامل عبد الحميد السنهوري ، درس عنده :

ـ جملة صالحة من الفنون وأجازه إجازة عامّة.


١٢ ـ الشيخ شمس الدين محمّد بن عبد القادر الفرض الشافعي ، حضر لديه :

ـ الحساب الهوائي (كتباً كثيرة عنه).

ـ المرشد في حساب الهند الغباري.

ـ الياسمينية في الجبر والمقابلة.

ـ شرح الوسيلة.

وأجازه إجازة عامّة.

١٣ ـ الشيخ شهاب الدين بن عبد الحقّ.

١٤ ـ الشيخ شهاب الدين البلقيني.

١٥ ـ الشيخ شمس الدين الديروطي.

١٦ ـ الشيخ عميرة.

وهؤلاء الأربعة المتأخّرين ذكرهم شيخنا الشهيد الثاني استطراداً بحسب

ما ذكره تلميذه ابن العودي ولعلّ الشيخ درس عندهم مواضيع جزئية متفرّقة.

سابعاً ـ في بيت المقدّس :

قرأ على الشيخ شمس الدين أبي اللطف :

ـ بعض الصحيحين (مسلم والبخاري) وأجازه إجازة عامّة.

ثامناً ـ في العراق عام (٩٤٦هـ) :

وفي هذه الرحلة كانت هناك دواع إيمانية وروحانية ، حيث تشرّف بزيارة المراقد المقدّسة في سامرّاء المشرّفة وكربلاء المقدّسة والنجف


الأشرف والكاظمية المقدّسة.

وكانت فيها بواعث علمية ، حيث أنجز رضی‌الله‌عنه تحقيق قبلة العراق عموماً وقبلة مسجد الكوفة والحرم المطهّر للإمام عليٍّ عليه‌السلام خصوصاً.

تاسعاً ـ في القسطنطينية في ١٧ ربيع الأوّل (٩٥٢ هـ) :

ألّف فيها رسالة جليلة في عشر مباحث من الفقه والتفسير والفلسفة سوف ندرجها ضمن آثاره ونتاجاته إن شاء الله.

عاشراً ـ العودة إلى بعلبك :

حيث أقام فيها ما بقي من عمره الطاهر يدرّس على (المذاهب الخمسة) وهو أمرٌ نادر الوجود وغاية في الإبداع ومنتهى التميّز.

تعقيب ومناقشة

بعد هذا التطواف حول رحلاته العلمية وجولاته الفكرية نسجّل :

ـ تلقّيه للعلوم ومقدّماتها في الشام ومصر وهو جُدّ خبير وأكثر من متضلّع في فنونها ولكن هجرته إلى هذين القطرين كان أساساً لعدّة أسباب :

١ ـ الانفتاح الثقافي على بيئات ثقافية أُخرى.

٢ ـ التعرّف عن كثب على آليّات الدراسة ومنهجيات البحث.

٣ ـ التعدّدية في انتقاء الأساتذة والشمولية في اختيار الشيوخ وهو أمر غاية في الأهمّية وقد رأينا الكمّ الواسع منهم والكيف المركّز في اختيارهم من قبل شيخنا الشهيد الثاني.


٤ ـ مخالطة المدارس الفكرية بلحاظ مذاهبها الإسلامية المتنوّعة.

٥ ـ التنوّع في مصادر التلقّي المعرّفي كالطّبّ والرياضيّات والهيئة وبعض العلوم الأخرى.

٦ ـ إعادة تشكيل الصياغه العلمية لنظريّاته وأطروحاته وفق التلاقح الفكري والتبادل الثقافي الحاصل بهذه الهجرات والرحلات.

٧ ـ اكتسابه المعارف الموسوعية ونبوغه وتفوّقه فيها مثل :

أ ـ العلوم الإسلامية : العقلية والنقلية.

ب ـ العلوم الأدبية : مثل البلاغة والبيان.

ج ـ العلوم الصرفة : مثل الطبّ والجبر والهيئة.

المبحث الرابع

أثاره الفكرية

المطلب الأوّل ـ مؤلّفاته ونتاجاته :

١ ـ المسالك.

٢ ـ الروضه البهية في شرح اللّمعة الدمشقية.

٣ ـ شرح الألفية : والألفية كتاب صغير فيه ألف واجب في الصلاة من مؤلّفات الشهيد الأوّل محمّد بن مكّي وقد شرح الشهيد الثاني الألفية ثلاث مرّات :


أ ـ المقاصد العلية في شرح الألفية : وهو شرح كبير استدلاليٌّ.

ب ـ الشرح الوسيط.

ج ـ الشرح الصغير : وهو تعليقات وشروح وحواش فتوائية كتبه لعمل مقلّديه الذين يرجعون إليه في المسائل الشرعية.

٤ ـ تمهيد القواعد.

٥ ـ غاية المراد في شرح الإرشاد.

٦ ـ حاشية على الشرائع.

٧ ـ رسالة في عشر مسائل مشكلة : وهي رسالة في عشر علوم كتبها في القسطنطينية لبعض الأفاضل فنالت استحسانهم واستحصل بعدها على تصريح للتدريس.

٨ ـ منار القاصدين في أسرار معالم الدين.

٩ ـ رسالة في الولاية.

١٠ ـ روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان.

١١ ـ رسالة الإستنبولية في الواجبات العينية (العينة).

١٢ ـ التنبيهات العلية في وظائف الصلاة اليومية(١).

١٣ ـ جواهر الكلمات في صيغ العقود والإيقاعات.

١٤ ـ رسالة في نجاسة البئر بالملاقاة وعدمه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أدرجها الآصفي بعنوان (التنبيهات العلية على وظائف الصلاة القلبية) تقديم الروضة البهية ١ / ١٧٨ ، لاحظ وكذا : مقدّمة الروضة البهية ١ / ق ، .


١٥ ـ رسالة أعمال يوم الجمعة.

١٦ ـ مختصر منية المريد.

١٧ ـ حاشية الإرشاد.

١٨ ـ البداية في سبيل الهداية(١).

١٩ ـ كشف الريبة عن أحكام الغيبة(٢).

٢٠ ـ رسالة في طلاق الغائب.

٢١ ـ رسالة في آداب الجمعة.

٢٢ ـ مناسك الحجّ الكبير.

٢٣ ـ منسك الحج الصغير.

٢٤ ـ رسالة في الاجتهاد : والمشهور (الاقتصاد والإرشاد) ولعلّه نفسه الاقتصاد في معرفة المبدء والمعاد وأحكام أفعال العباد والإرشاد إلى طريق الاجتهاد ، وهو مرتّب على قسمين الأصول والفروع(٣).

٢٥ ـ الرجال والنسب.

٢٦ ـ رسالة في النية.

٢٧ ـ الدراية وشرحها : بداية الدراية تمّ شرحها باسم الدراية شرحاً مزجيّاً ويقال عن الشهيد الأوّل أنّه أوّل من صنّف من الإمامية في علم الدراية(٤).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تقديم الروضة البهيّة : ١٧٨.

(٢) كتاب عقائدي ، انظر : تقديم الروضة البهية ١ / ١٧٨.

(٣) مقدّمة الروضة البهية ١ / ق ، تقديم الروضة البهية ١ / ١٧٨.

(٤) نفس المصدرين.


٢٨ ـ رسالة في الإجماع : والظاهر أنّها نفس (تفصيل ما خالف الشيخ الطوسي إجماعات نفسه) ردٌّ على مطلق الإجماعات.

٢٩ ـ شرح النفلية(١) : والنفلية من مؤلّفات الشهيد الأوّل وقد شرحها الشهيد الثاني شرحاً مزجيّاً مختصراً.

٣٠ ـ رسالة في البسملة.

٣١ ـ رسالة في العدالة.

٣٢ ـ حاشية قواعد الأحكام(٢).

٣٣ ـ أسرار الصلاة.

٣٤ ـ جواب المسائل الشامية.

٣٥ ـ جواب المسائل الخرسانية(٣).

٣٦ ـ رسالة في تيقّن الطهارة والحدث.

٣٧ ـ رسالة في حواشي المختصر النافع.

٣٨ ـ جواب المسائل النجفية ، وهي رسالة (عدم جواز تقليد الأموات).

٣٩ ـ جواب المسائل الهندية.

٤٠ ـ إجازة الشيخ حسين.

٤١ ـ رسالة في وجوب صلاة الجمعة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) نفس المصدر.

(٢) نفس المصدر.

(٣) تقديم الروضة البهية ١ / ١٧٨. وقد ورد فيه بعنوان (جوابات المسائل).


٤٢ ـ حاشية على خلافيّات الشرائع.

٤٣ ـ حاشية القواعد وتمهيد القواعد : والمظنون أنّها حاشية قواعد الأحكام ، برز فيها مجلّد لطيف إلى كتاب التجارة.

٤٤ ـ رسالة في الحجّ والعمرة (وهما رسالتان منسك الحجّ والعمرة).

٤٥ ـ رسالة في أحكام الحبوة.

٤٦ ـ رسالة في ميراث الزوجة.

٤٧ ـ العقود في أسرار معالم الدين.

٤٨ ـ تحقيق الإسلام والإيمان(١).

٤٩ ـ حاشية على عقود الإرشاد.

٥٠ ـ منظومة في النحو وشرحها.

٥١ ـ فتاوى الشرائع والإرشاد.

٥٢ ـ فوائد خلاصة الرجال.

٥٣ ـ تفسير آية : (السابقون الأوّلون).

٥٤ ـ مسكّن الفؤاد (عند فقد الأحبّة والأولاد).

٥٥ ـ مختصر العلاّمة.

٥٦ ـ فتاوى المختصر.

٥٧ ـ منية المريد (في آداب المفيد والمستفيد)(٢).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وقد يذكر بعنوان (حقائق الإيمان) أو (حقيقة الإيمان والإسلام). مقدّمة الروضة البهية ١ / ق ، الروضة البهية ١ / ١٧٨.

(٢) ويذكرها السبيتي (منية المريد) مقدّمة الروضة البهية ١ / ق ، تقديم الروضة البهية ١ / ١٧٨.


٥٨ ـ الإجازات.

٥٩ ـ رسالة في من أحدث أثناء الغسل.

٦٠ ـ رسالة في فتوى الخلاف مع اللّمعة.

٦١ ـ رسالة في جواز تقليد الميّت.

٦٢ ـ عيبة القاصدين في اصطلاحات المحدّثين أو (غنية القاصدين في معرفة اصطلاحات المحدّثين)(١).

٦٣ ـ شرح (الدنيا مزرعة الآخرة).

٦٤ ـ رسالة في حكم المقيمين في الأسفار.

٦٥ ـ سؤالات الشيخ أحمد وأجوبتها.

٦٦ ـ رسالة في تحريم طلاق الحائض الحاضر زوجها.

وواقع الحال أنّ مصنّفاته ومؤلّفاته تقرب من ثمانين كتاباً ورسالة(٢).

المطلب الثاني ـ تلامذته والراوون عنه :

وهم الأثر الأعمق من نتاجاته الفكرية ؛ لأنّهم المدرسة الناطقة لأفكاره وأطروحاته.

١ ـ ابن العودي : وهو من مبرّزي تلامذته كما تبيّن من خلال رسائل الشهيد الثاني.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مقدّمة الروضة البهية ١ / ق ، تقديم الروضة البهية ١ / ١٧٨.

(٢) مقدّمة الروضة البهية ١ / ق.


٢ ـ السيّد علي نور الدين بن أبي الحسن الموسوي العاملي.

٣ ـ السيّد جمال الدين حسن بن أبي الحسن الموسوي العاملي (آل شرف الدين) ، قرأ عليه كتاب الروضة البهية كما يستشفّ من إجازته له.

٤ ـ السيّد علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي الجبعي ـ غير المذكور سلفاً أعلاه.

٥ ـ عزّ الدين الشيخ حسين بن عبد الصمد بن شمس الدين الحارثي الهمداني الجبعي العاملي له شرح على ألفية الشهيد.

٦ ـ الشيخ نور الدين أبو القاسم عليّ بن عبد الصمد المولود سنة (٨٩٨هـ) ، قال صاحب رياض العلماء : فاضل عالم جليل فقيه شاعر له منظومة في ألفية الشهيد تسمّى بـ : الدرّة الصفية في نظم الألفية كما نصّ على ذلك الشيخ عبد الحسين الأميني في كتابه الغدير(١).

وذكر الشيخ آقا بزرك الطهراني في كتابه (الذريعة ج١ ص ١٩٤) ثلّة طيّبة من العلماء العامليّين تلامذة للشهيد الثاني وهم :

١ ـ الشيخ ظهير الدين الميسي.

٢ ـ الشيخ محي الدين الميسي.

٣ ـ الشيخ تاج الدين الجزائري.

٤ ـ عزّ الدين بن زمعة المدني.

٥ ـ سلمان الجبعي العاملي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الغدير ١١/ ٢٢٤.


٦ ـ عطاء الله الحسيني الموسوي.

٧ ـ ابن الصائغ الحسيني الموسوي.

٨ ـ محمود بن محمّد اللاهيجي.

المبحث الخامس

اعتقاله وشهادته

المطلب الأوّل ـ اعتقاله :

أرسل قاضي صيدا (معروف الشامي) في طلبه وكان مقيماً في كرم له منفرداً عن البلد متفرّغاً للتأليف فقال له بعض أهل البلد قد سافر عنّا مدّة فخطر ببال الشيخ أن يسافر إلى الحجّ وكان قد حج مراراً لكنّه قصد الاختباء فسافر في محفل وكتب قاضي صيدا إلى سلطان الروم أنّه قد وجد ببلاد الشام رجل مبدع عن المذاهب الأربعة فأرسل السلطان رجلا في طلب الشيخ فقال له آتني به حيّاً حتّى أجمع بينه وبين علماء بلادي فيبحث معه ويطّلعوا على مذهبه فيخبّروني فأحكم عليه بما يقتضيه مذهبي فأُخبرَ أنّ الشيخ توجّه إلى مكّة فطلب واجتمع به في طريق مكّة وقال له تكون معي حتّى نحجّ بيت الله ثمّ افعل بي ما تريد فرضي بذلك فلمّا فرغ من الحجّ سافر معه إلى بلاد الروم ولمّا وصل إليها رآه رجل فسأله عن الشيخ فقال : رجل من علماء الشيعة الإمامية أريد أن أرسله إلى السلطان فقال أوما تخاف أن يخبّر السلطان بأنّك قد قصّرت في خدمته وآذيته وله هناك أصحاب يساعدونه فيكون سبباً


لهلاكك بل الرأي أن تقتله وتأخذ برأسه للسلطان فقتله في مكانه في ساحل البحر وكان هناك جماعة من التركمان فرأوا في تلك الليلة أنواراً تنزل من السماء وتصعد فدفونه هناك وبنوا عليه قبّة وأخذ الرجل رأسه إلى السلطان فأنكر عليه فقال له : أمرتك أن تأتيني به حيّاً فقتلته وسعى السيّد عبد الرحيم العبّاسي في قتل ذلك الرجل فقتله السلطان. وقيل إنّ جثّته قد رميت في البحر ولا يعرف لها أثر.

المطلب الثاني ـ شهادته ودوافعها :

يقول صاحب كتاب أحسن التواريخ وهو تاريخ فارسي : «كان السبب في شهادته أنّ جماعة من السنّيّين قالوا لرستم باشا الوزير الأعظم للسلطان سليمان ملك الروم : أنّ الشيخ زين الدين يدّعي الاجتهاد ويتردّد عليه كثير من علماء الشيعة ويقرأون عليه كتب الإمامية وغرضهم بذلك إشاعة التشيّع ، فأرسل رستم باشا الوزير في طلب الشيخ زين الدين وكان وقتئذ بمكّة المعظّمة فأخذوه من مكّة وذهبوا به إلى اسطنبول فقتلوه فيها من غير أن يعرضوه على السلطان سليمان)(١). والذي نميل إليه في العوامل الباعثة لقتله هي المكانة العلمية والأثر الفكري الذي تركه ، وهذا المنصب الذي تبوّأه في موطنه أو في هجراته ورحلاته ، كلّ ذلك كان السبب الحقيقي وراء استشهاده.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مقدّمة الروضة البهية ١ / ق.


الفصل الثالث

مدرسة الحلّة

تمهيد ـ الحلّة الفيحاء والدولة المزيدية فيها :

إبّان الدولة العبّاسية في شيخوختها قامت دول عدّة منها : الدولة الفاطمية بمصر والأدارسة في المغرب والحمدانية في بلاد الشام والموصل والدولة البويهية في العراق وإيران.

ومن بين تلك الدول نشأت الدولة المزيدية في الحلّة (٤٠٣ هـ ـ ٥٤٥ هـ) وهي دولة صغيرة كان التوصيف الإمامي لها أكثر وضوحاً ممّا في الدولة الحمدانية وقد ساعدت هذه الدولة على تركيز التشيّع في الحلّة وبذلك بزغت الحوزة العلمية فيها نتيجةً لقيامها بما يؤدّي إلى جعل الحلّة أرضاً مناسبة لذلك.

لقد اتّخذ الأمير (سيف الدولة مدقّه) من الحلّة عاصمة لإمارته وقد انفصل عن الدولة السلجوقية لضعفها وكثرة الانشقاقات فيها وامتدّ نفوذ هذه الإمارة الشيعية إلى البصرة وواسط والبطيحة والكوفة وهيت وعانة وحديثة


وخضعت لها قوى القبائل العراقية في ذلك العهد ومن الشواهد التاريخية على قوّتها أنّه قد نفي الشيخ الأكبر الشيخ المفيد إليها في فترة من الفترات الملتهبة ببغداد.(١)

لقد اهتمّت هذه الدولة بالشؤون الإدارية والعمرانية والثقافية فنشرت العدل في البلاد وكانت تحترم العلماء والأدباء وتجزل لهم في العطاء لذلك انتعشت الحركة العلمية في ظلّها ولقد أعادت إلى العراق هذه الدولة عزّته واستقلاله ووحدته بعد ما كان مقسّماً مشتّتاً مستعبداً بفعل السلاجقة وأذنابهم وكانت الحلّة في هذه الفترة مركزاً مهمّاً للأُسر العلمية الشيعية : آل البطريق ـ آل أبي نما ـ آل طاووس ـ آل المطهّر ـ آل معية.

لقد أنجبت كلّ أسرة العديد من القادة العلماء الميامين الذين كانوا لهم الأثر الكبير في خدمة مسيرة أهل البيت عليهم‌السلام.

ومن ملوك هذه الدولة :

ـ سيف الدولة عليّ الأوّل.

ـ نور الدولة دبيس الثاني.

ـ عليّ الثاني.

وقد انقرضت هذه السلسلة على يد الأتابكة الزنكية ونتيجة لعمل الدولة المزيدية في الحلّة في خلق القاعدة الشعبية وتحرّك العلماء المحلّيّين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) جهود الشيخ المفيد الفقهية ومصادر استنباطه : ٢٤ التطوّر السياسي في القيادة الشرعية في عصر الغيبة الكبرى / مقال في مجلة دراسات وبحوث : ٤٥ العدد ٢.


في هذه الفترة سياسيّاً أصبحت الحلّة مركزاً علميّاً رئيسيّاً للتشيّع وصارت حوزة علمية كبرى(١).

أولاً ـ الحوزة العلمية الانتقالية في الحلّة :

في أواخر القرن السادس الهجري ، ضعفت الحركة العلمية في مدرسة النجف الأشرف بعوامل عديدة لعلّ من أهمّها :

١ ـ العامل المادّي وتمثّل بالعسر والضيق الذي أصاب سكّان النجف بمن فيهم علماء وطلاّب مدرستها وذلك لشحّة المياه وصعوبة التزوّد منها(٢).

٢ ـ العامل الاقتصادي ـ وتمثّل بغلاء الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة خلال هذه الفترة الزمنية.

٣ ـ العامل الأمني ـ وتمثّل ذلك بتكرّر هجمات البدو الحجازيين على مدينة النجف في تلك الفترة ممّا أشاع الخوف والذعر بين سكّانها.

٤ ـ بروز الفقيه محمّد بن إدريس الحلّي (٥٤٣ ـ ٥٩٨ هـ) وهو من أهمّ العوامل وأنهضها حيث إنّ هذا الفقيه قد تخرّج من مدرسة النجف أدّى إلى أن يستقطب طلاّب العلم إليها فازدهرت مدرسة الحلّة ونبغ فيها جهابذة العلماء في الفترة الزمنية الممتدّة من أواخر القرن السادس الهجري وحتّى نهاية القرن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) التطوّر السياسي في قيادة الشرعية : ٤٦.

(٢) دائرة المعارف الأسلامية الشيعية ٣ / ٤٥١ ، مدرسة النجف وأبعادها العلمية والفكرية في العهد العثماني.


العاشر الهجري وكان من أولئك.

أ ـ سديد الدين يوسف بن المطهّر الحلّي الأسدي (ق ٧ هـ) والد العلاّمة الحلّي

ب ـ الشيخ مفيد الدين محمّد بن جهم الحلّي الأسدي (ق ٧ هـ).

ج ـ السيّد جمال الدين أحمد بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاووس الحسني الحلّي (ت ٦٧٢ هـ / ١٢٧٣ م).

د ـ المحقّق الحلّي الشيخ جعفر بن الحسن(٦٠٢ ـ ٦٧٦ هـ)(١٢٠٥ ـ ١٢٧٧م).

هـ ـ الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد الحلّي المعروف بابن نما (ت ٦٨٩ هـ ـ ١٢٩٠ م).

و ـ كمال الدين عبد الرحمن بن محمّد العتائقي الحلّي (٦٩٩ ـ ٧٩٠ هـ) (١٢٩٩ ـ ١٣٨٨ م).

ي ـ المقداد بن عبد الله السيوري الأسدي الحلّي (ت ٨٢٦ هـ ـ ١٤٢٢ م).(١)

ثانياً ـ الحلّة وسلاطين المغول :

في سنة ٦٩٨ هـ جاء السلطان غازان(٢) إلى العراق وتوجّه إلى الحلّة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) نفس المصدر.

(٢) التطوّر السياسي : ٤٦.


لزيارة المشاهد الشريفة وأمر للعلويّين فيها بمال كثير ثمّ أمر بحفر النهر بأعالي الحلّة فحفر وسمّي النهر الغازاني وتولّى ذلك شمس الدين صواب الخادم السكورجي ثمّ سار إلى بغداد وعقد ضمان العراق على الملك إمام الدين يحيى القزويني البكري واستقلّ بالحكم.

أنشأ السلطان غازان للحلّة مكاناً دعاه دار السيادة وجعل وقفه يصل إلى الفقراء والمساكين من العلويّين وتصرّف غلّته في وظائفهم ومثل هذه الدار أنشئت في كلّ مدينة كبيرة.

في سنة ٧٠٣ هـ توفّي السلطان غازان فتولّى الملك بعده ولده محمّد خدا بنده (٧٠٣ ٧١٣ هـ) كان هذا السلطان أوّلاً على مذهب أهل السنّة ثمّ اعتنق مذهب الإمامية الإثني عشرية بمساعي العلاّمة الحلّي الحسن بن يوسف ابن المطهّر وذلك ما سنعرفه من المباحث الآتية.

ولغرض تبيان نظرية التأثر والتأثير الفقهي وبيان مفاصلها ينتظم الفصل مباحث وكما يأتي.

المبحث الأوّل

المسار التاريخي للمدرسة الفقهية في الحلّة

الحلّة وريثة بغداد كامتداد معرفي ، والحلّة وريثة النجف كامتداد تاريخي ، فكانت ما بين ذي وذي واسطة العقد ، حين أضحت مدرسة الحلّة ذات مرتكزات رصينة ومعالم واضحة.


المدرسة الحلّية سجّلت حضوراً فاعلاً وانعطافاً استثنائياً لأربع قرون هجرية من تاريخ الفقه الإمامي الإسلامي : القرن السادس ، السابع ، الثامن ثمّ التاسع.

لقد اجتمع في الحلّة عدد كبير من الطلاّب والعلماء والفقهاء وبانتقالهم إليها انتقل معهم النشاط العلمي من مدرسة النجف وبغداد حيث مجالس النظر والجدل وحلقات الدراسات في البيوت والمساجد والمكتبات العامرة.

إنّ أوّل من وطأها دار علم ومعرفة هو الشيخ ابن إدريس الحلّي صاحب السرائر من الفقهاء المبرّزين الذي نقل الدرس الفقهي من النجف وهو تلميذها إلى الحلّة ليصبح زعيمها ويعدّ هذا الشيخ أوّل من ناقش آراء الشيخ الطوسي التي هيمنت على الساحة الفقهية ردحاً من الزمن وأوّل من فنّد بعضاً من تلك الآراء(١) ، واستقرّت في ما بعد المدرسة الحلّية على هذه الحالة ونبغ منها علماء مجدّدون وفقهاء إصلاحيّون لهم الأثر الكبير في تطوير الممارسة الاجتهادية وصياغة جديدة لمنظومة (الاجتهاد) ولهم قصب السبق في إحداث منهجية متقدّمة سواء على صعيد المباحثة والدراسة أو على صعيد التدوين الفقهي وكان في مقدّمهم ابن إدريس والمحقّق والعلاّمة وفخر المحقّقين والشهيد الأوّل وابن أبي الفوارس.

إنّ المعالجة التاريخية لتطوّر الدرس الفقهي هي من الأهمّية بمكان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أمل الأمل : تقديم الروضة البهية ١ / ١١٢ ، موسوعة محمّد باقر الصدر السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق : ٥٣.


فتاريخ العلم ـ أيّ علم ـ باتت تؤكّد عليه البحوث الأكاديمية والدراسات الحداثوية والأساليب المنهجية.

إنّ الحلّة كمدرسة فقهية تعدّ من شواهد القرن السادس الهجري في بداياتها ، وهي الامتداد المعرفي لمدرسة بغداد ، هذه المدرسة التي أرسى دعائمها الشيخ المفيد والسيّدان : الشريف المرتضى والشريف الرضي ، ومن المعالم الأساسية لمدرسة بغداد التي أثّرت في مدرسة الحلة هي :

١ ـ نشأة الفقه في أحضان الحديث ، فكانت فتاواهم نصوص أحاديث ، وألّف الإمامية كُتباً فقهية لم تخرج في واقعها أن تكون أحاديث مبوّبة بحسب أبواب الفقه(١) ، فقد انتهج الفقهاء خطى المحدّثين في تقسيمهم من الطهارة إلى الديات ، والمهمّ هنا هو تصديرهم للرسائل الفقهية بالمقدّمات الاعتقادية كما في المقنعة في الفقه(٢).

٢ ـ التخصّص في العلوم واستقلاليّتها والتمايز بينها ، فقد بحثت الدروس الأصولية بمعزل عن الفقهية.

ومن شواهدها : التذكرة بأصول الفقه للشيخ المفيد والذريعة للسيّد المرتضى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) جهود الشيخ المفيد الفقهية : ١٢٢.

تراثنا : مجلّة فصلية تصدرها مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث في قم المقدّسة العدد الأوّل والثاني ٨٥ و٨٦ السنة الثانية والعشرون ١٤٢٧ هجري محرّم / جمادى الآخرة. مقال للباحث زهير الأعرجي.

(٢) المقنعة في الفقه / مخطوطة مصوّرة في مكتبتي الخاصّة بالنجف الأشرف.


٣ ـ طابع (المقارنة) بين المذاهب الإسلامية المتعدّدة أو حتّى في المذهب الإمامي نفسه ، فظهرت النتاجات العلمية المقارنة : أوائل المقالات كتاب كلامي مقارن بين المذاهب الإسلامية وكذا الأعلام في ما اتّفقت عليه الإمامية من الأحكام ممّا أجمعت العامّة على خلافه على صعيد الفقه(١).

٤ ـ استحداث التفريعات في المسائل الفقهية وظهور مصطلح (الاجماعيّات) عند الإمامية وذلك ما سجّله السيّد المرتضى في الانتصار.

المبحث الثاني

تأثّر الشهيد الأوّل بالمدرسة الحلّية

توطئة :

يرى البحث في تصوّراته العلمية وحسب الاستقراء التاريخي إنّ المدرسة العاملية يمكن أن تصبح عنواناً مستقلاًّ في مراكز الحركة الفقهية الإسلامية بعد أن شهدنا من عيون الطائفة الكثير من تلك البقعة ونشأوا النشأة العلمية فيها ، بيد أنّ الباحثين اعتبروا الشهيد الأوّل مصداقاً من مصاديق مدرسة الحلّة وهو رضی‌الله‌عنه تأثّر بها وأثّر فيها ، وتأثّره بها يتجسّد في اقتفاء مسلك أساتذته وشيوخه من أقطاب هذه المدرسة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) جهود الشيخ المفيد الفقهية ومصادر استنباطه : ١٤١.


المطلب الأوّل ـ تأثّره بالمحقّق الحلّي (٦٠٢ ـ ٦٧٦ هـ) :

يعدّ المحقّق الحلّي من أعلام الفقه الإمامي في القرن السابع الهجري على الإطلاق ، وكلّ فقهاء المدرسة الحلّية اللاحقون هم عيال عليه ، ومن آثار هذا المحقّق الجليل :

ـ شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام أشهر آثاره.

ـ المختصر النافع.

ـ المعتبر.

ـ نكت النهاية.

ـ المعارج.

أمّا الشرائع فهو من أحسن المتون الفقهية ترتيباً وأجمعها للفروع ، فلذا اعتمد عليه الفقهاء منذ عصر مؤلّفه فجعلوه محوراً لأبحاثهم ودروسهم ولهم عليه شروح كثيرة وحواش عديدة بل إنّ معظم الموسوعات الفقهية التي ألّفت بعد عصر مؤلّفه هي شروح عليه ، وقد قسّم المحقّق كتابه إلى أربعة أقسام ، ونظّم الأبواب الفقهيه تنظيماً جديداً أخذ به فقهاء الإمامية إلى اليوم :

١ ـ العبادات.

٢ ـ العقود.

٣ ـ الإيقاعات.

٤ ـ الأحكام.


المطلب الثاني ـ بصمات المحقّق في اللّمعة الدمشقية :

كتب الشهيد الأوّل (اللّمعة) من الطهارات إلى الديات والقصاص وأخذ يصوّب آراء المتقدّمين وينظر في أدلّتهم وأحياناً يضعّف أقوالهم ثمّ يجمع الأحكام في مسائل ويستطرد مسائل انفرد بها ولم يتعرّض لها أحد ممّن تقدّمه وعاصره(١) ، ويعدّ بيان اللّمعة روعة في التعبير وجودة في سبك العبارات وتنويعها وتنسيق رائع لأبواب الفقه وأحكامه ومسائله ، فهو يبحث في ملحقاتها ومتعلّقاتها وحسب التصنيف الذي اتّبعه المحقّق : العبادات ، العقود ، الإيقاعات ، الأحكام.

وقد اتّبع الشهيد الأوّل في منهجية اللّمعة أسلوب المحقّق الحلّي في تنظيم الأبواب الفقهيه الذي استخدمه في المختصر النافع أيضاً وهو مختصر لكتابه شرائع الإسلام ، وكان منهج المصنّف مرتّباً بصورة موضوعية فهو يعرض الأحكام العامّة في الباب الفقهي ثمّ يعرض ما يتبعه من ملحقات ثم يتبعها بعرض المسائل المرتبطة بتلك الأحكام ثمّ يعرض المستحبّات والمكروهات الخاصّة بالباب(٢).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام. تقديم : السيّد محمّد تقي الحكيم ، مقدّمة الروضة البهية ١ / ق ، تقديم الروضة البهية ١ / ٢٠٠.

تراثنا : مجلّة فصلية تصدرها مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث في قم المقدّسة العدد الأوّل والثاني ٨٥ و٨٦ السنة الثانية والعشرون ١٤٢٧ هجري محرّم / جمادى الآخرة. مقال للباحث زهير الأعرجي.

(٢) مقدّمة الروضة البهية ١ / ق ، مدرسة النجف وأبعادها العلمية والفكرية في العهد


ويعدّ كتاب (اللّمعة) من أرقى مصادر (فقه الوفاق) بين المذاهب الإسلامية لكن ذلك لا يمنع من التركيز على أصالة التشيّع والدفاع عن المبدأ الحقّ حيثما تحتّم ذلك ، كما في عبارته : «ومن نسب إلى الشيعة تحريم لحم الجمل فقد بهت»(١) إشارة إلى مفتريات مفادها أنّ الشيعة يحرّمون لحم الجمل لأنّ عائشة ركبته إلى حرب عليٍّ في موقعة البصرة.

لقد جمع كتاب اللّمعة إلى روعة التنسيق استيعاباً لأطراف المسائل الفقهية بإيجاز في التعبير.

ويعدّ كتاب اللّمعة شاهداً ونتاجاً حيّاً لمدرسة القرن الثامن الهجري ، وقد تميّزت هذه المدرسة بميزة مهمّة هي التنظيم العلمي للأفكار الفقهية على شكل قواعد ، ومن سماتها المميّزة هي تلك المنهجية المختصرة ، فكانت اللّمعة رسالة فقهية ملخّصة جمع فيها المصنّف أبواب الفقه ولخّص فيها مسائله وأحكامه ، وقد جمعت اللّمعة بين الوجازة والاختصار وحسن التعبير وروعة التنسيق بين الأبواب والأحكام والمسائل ، وقد استقصينا أبوابها فوجدنا فيها : الصياغة الرائعة للتعبيرات الفقهية والتنظيم الفنّي للمسائل الفقهية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العثماني ، رسالة دكتوراه من معهد التاريخ العربي والتراث العلمي : ١٠٤.

تراثنا : مجلّة فصلية تصدرها مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث في قم المقدّسة العدد الأوّل والثاني ٨٥ و٨٦ السنة الثانية والعشرون ١٤٢٧ هجري محرّم / جمادى الآخرة. مقال للباحث زهير الأعرجي.

(١) الروضة البهية : ح وكتاب الصيد والذباحة.


ومن هذه الخصائص والميزات تكمن القيمة العلمية لكتاب اللّمعة ، ولهذا فقد اتّخذت كمقرّر دراسي في الحوزات العلمية والمعاهد الإسلامية ، كما أنّها اعتبرت مثالاً حيّاً للفقه الإمامي ، وقد وقع عليها الاختيار من قبل (دار التقريب بين المذاهب الإسلامية في القاهرة)(١) ، وتعاهدها الفقهاء بالشرح ، ومن تلك الشروح :

ـ كتاب التحفة الغروية في شرح اللّمعة الدمشقية للشيخ خضر بن شلاّل النجفي (ت ١٢٥٥ هـ / ١٨٣٩ م).

ـ الأنوار الغروية في شرح اللّمعة الدمشقية للشيخ محمّد جواد بن تقي ابن محمّد الأحمدي النجفي المشهور بـ : (ملاّ كتاب ) (ت بعد ١٢٦٧ هجري/ ١٨٥١م).

ـ الروضة البهية في شرح اللّمعة الدمشقية للشهيد الثاني : وهو أكثر هذه الشروح شهرةً وأفضلها عمقاً.

ـ شرح والد صاحب الحدائق.

ـ شرح العالمة الإصفهانية بنت المولى الإصفهاني.

المطلب الثالث ـ تأثّره بالعلاّمة الحلّي :

يعدّ العلاّمة الحلّي من أعلام الفقه الإسلامي الإمامي في القرن الثامن الهجري ليس على صعيد المدرسة الحلّية فحسب بل إنّه أستاذ الفقهاء ،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) لاحظ اجمالاً : الروضة البهيّة... مقدمة عبد الله السبيتي : ص ب.


ويكفي في فضله أنّه أنجب فقيهاً قديراً بقامة (فخر المحقّقين) نجله ونشّأ جيلاً اجتهاديّاً نظراء الشهيد الأوّل ، وقد خلّف آثاراً قيّمة منها :

ـ تذكرة الفقهاء.

ـ القواعد.

ـ منتهى المطلب في تحقيق المذهب.

ـ المختلف.

والذي يهمّنا هنا في مبحثنا هذا هما : التذكرة والمختلف ، فالتذكرة من أضخم كتب الإمامية في الفقه الاستدلالي المقارن يبدء من الطهارة وحتّى كتاب النكاح ، أمّا كتاب المختلف فقد بحث فيه المسائل الخلافية بين فقهاء الشيعة بصورة مستقلّة ، أي أنّه (فقه مقارن) ضمن المذهب الإمامي ، فقد كثر الاختلاف العلمي بين فقهاء الإمامية نتيجة ابتعادهم عن عصر النصّ أو اختلافهم في فهم النصّ وتفاوتهم في الإيمان بسلامة بعض الروايات سنداً أو دلالة ، فكان لابدّ للفقيه من الإحاطة والاستيعاب بمختلف وجوه الرأي في المسألة الواحدة من أجل استنباط الحكم ، وكان كتاب المختلف من المحاولات الرائدة في جمع المسائل المختلف فيها بين علماء الإمامية(١).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تقديم الروضة البهية ١ / ٧٨ ، وليد عبد الحميد الأسدي : مدرسة النجف وأبعادها العلمية والفكرية في العهد العثماني ، رسالة دكتوراه من معهد التاريخ العربي والتراث العلمي : ١٠٥.


وتأثير العلاّمة الحلّي جليّ غنيّ عن البيان مؤكّد من خلال منهج (المقارنة) الذي طبع نتاجات الشهيد الأوّل ونظريّاته ولا سيّما مع المذاهب الإسلامية الأخرى ، فلو أخذنا كتاب القواعد والفوائد(١) للشهيد الأوّل نموذجاً تطبيقيّاً نرى أنّه قد اتّخذ طابع (المقارنة) أي موازنته للقواعد الفقهية لدى المذاهب الإسلامية الأخرى مع مذهبه فلم يقتصر على رأي الأصحاب فقط ، وفيه من الحداثة شيء متميّز ، ومن البحث المنهجيّ أصالته ، وما أريد التركيز عليه أنّ منهج (المقارنة عند الشهيد الأوّل وغيره من علمائنا) أحد أهمّ دعائم الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب فلذلك نراه يروي عن نحو أربعين من علمائهم كما يذكر رضی‌الله‌عنه في إجازته لابن الخازن :

«وأمّا مصنّفات العامّة ومرويّاتهم فإنّي أروي عن نحو أربعين شيخاً من

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تراثنا : مجلّة فصلية تصدرها مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث في قم المقدّسة العدد الأوّل والثاني ٨٥ و٨٦ السنة الثانية والعشرون ١٤٢٧ هجري محرّم / جمادى الآخرة. مقال للباحث زهير الأعرجي.

(١) لا ريب إنّ القواعد تكمن في بعدين : القواعد الأصولية ، القواعد الفقهية : وتعدّ تلك من مقدّمات المجتهد وآليّات الاجتهاد في هذا النطاق كان الشهيد الأوّل مبادراً حيث كتب (القواعد والفوائد) ولم يقتصر في كتابه هذا على القواعد بل استشفّ منها واستخرج مئة فائدة وقد ضمّت هذه الفوائد : اللغوية والأصولية والنحوية ، والمهمّ أنّه كتبها بأسلوب منهجيٍّ ، غير أنّ الأهمّ بدراسته هذه هو اتّخاذ طابع المقارنة.

وكان رائداً في الأسلوب المنهجي في كتابته والتنظير لهذا الاختصاص فهو يصف كتابه لتلاميذه من خلال بعض إجازاته «إنّه لم يعمل الأصحاب مثله» ولهذا فإنّ كثيراً من التالين له من الفقهاء والمجتهدين تعاقبوا عليه بالشرح والتعليق ، انظر القواعد والفوائد : ١٧.


علمائهم بمكّة والمدينة ودار السلام بغداد ومصر ودمشق وبيت المقدس ومقام الخليل إبراهيم عليه‌السلام)(١).

ونحن نختلف مع بعض الباحثين(٢) الذين ذهبوا إلى أسبقية الشهيد الأوّل في هذا المضمار ، فقد كانت جهوداً متقدّمة عليه كقواعد العلاّمة الحلّي ونجله فخر المحقّقين في كتابه الفقهي : إيضاح الفوائد في شرح إشكالات القواعد فقد كانت لهما الريادة في التأسيس ولكن بصورة غير منهجية.

وأذا توخّينا المعنى الدقّي من تأثير العلاّمة الحلّي في الشهيد الأوّل فإنّه يتجسّد في تأثير فخر المحقّقين من خلال تلمذة الشهيد الأوّل عليه وتلمذة فخر المحقّقين على والده العلاّمة الحلّي.

المطلب الرابع ـ تأثير السيّدين العميديّين في الشهيد الأوّل :

السيّدان العميديّان : أبو عبد الله عميد الدين عبد المطّلب بن محمّد بن عليّ بن الأعرج العميدي الحسيني الحلّي (٦٨١ ـ ٧٥٤ هـ / ١٢٨٢ ـ ١٣٥٢ م) وضياء الدين عبد الله أخو السيّد عميد الدين وهما ابنا أخت العلاّمة الحلّي ومن أبرز تلامذته ، وقد شرح السيّد عميد الدين كتاب خاله العلاّمة الحلّي في علم الأصول : تهذيب طريق الوصول إلى علم الأصول ، والمعروف بـ : تهذيب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) القواعد والفوائد ، القسم الأوّل : ١٧ ، تقديم الروضة البهية ١ / ٧٨.

(٢) القواعد والفوائد ، القسم الأوّل : ١٧.


الأصول وبـ : تهذيب الوصول ، ويصطلح على شرح السيّد هذا بـ : شرح العميدي ، وكان من الكتب المنهجية المقرّرة دراسيّاً في مدرسة النجف لدراسة علم أصول الفقه(١) ، وللسيّد ضياء الدين ـ أخيه ـ شرح أيضاً على كتاب خاله العلاّمة السالف الذكر. ومن تأثّر الشهيد الأوّل بأستاذيه السيّدين فقد جمع بين شرحيهما وأسماه جامع العين من فوائد الشرحين.

تعقيب ومناقشة :

وعلى وجه العموم فإنّ لمحات تأثّر الشهيد الأوّل بالمدرسة الحلّية وعلى الخصوص بأساتذته المبرّزين يمكن تلخيصها بما يلي :

١ ـ التجديد في مناهج الفقه وأصوله ، من حيث الصياغة الفنّية للمسائل الفقهية والتبويب المنهجي للأبواب الفقهية والتنظيم الفنّي لتلك المسائل.

٢ ـ التركيز على منهجية (المقارنة) سواء على صعيد الفقه الإمامي أو على صعيد المدارس الفقهية للمذاهب الإسلامية الأخرى ، وهي من معالم التقريب ودعائم الوحدة.

٣ ـ التقسيمات الجديدة للأبواب الفقهية.

٤ ـ بروز المدوّنات الفقهية الكبيرة (الموسوعات) ومن ثَمّ المختصرات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) مدرسة النجف وأبعادها العلمية والفكرية في العهد العثماني ، رسالة دكتوراه من معهد التاريخ العربي والتراث العلمي : ١٠٨.


الوافية الاستيعابية مثل اللّمعة الدمشقية.

المبحث الثالث

تأثير الشهيد الأوّل في تلامذته

توطئة :

تلامذة الشهيد الأوّل حينما يستعرضهم البحث ليس على سبيل التعداد ولكن من قبيل الاستشهاد وقد أحصاهم بعض الباحثين فكانوا ٣٢ عالماً ومجتهداً ، وقد ذكرنا في ما سبق أنّ شهيدنا الأوّل لم يكن أستاذاً وإنّما رائد مدرسة فقهية تأصيلية وصاحب مشروع ناهض وذو خطٍّ فكريٍّ موسوعيٍّ ، وكان ثمّة تلامذة وطلبة أينما حلّ الشهيد في رحلاته وهجراته ، وقد بان تأثّرهم الواضح بأستاذهم من خلال إجازاته وتراثه الفكريّ وتراثهم حيث يشيد بـ : (ابن نجده) و (ابن الخازن) وغيرهما ، على أنّنا نلمس تأثيره الفاعل في إثنين منهما من خلال نتاجاتهما :

المطلب الأوّل ـ المقداد السيوري (ت ٨٢٦ هـ) :

من أبرز فقهاء القرن التاسع الهجري ، بلغ من تأثير أستاذه به أن هذّب


قواعده بكتاب ـ نضد القواعد الفقهية لدى مذهب الإمامية(١) يشتمل على ترتيب كتاب القواعد والفوائد لأستاذه ، فهو يرتّب أبواب الفقه والأصول ضمن ضوابط أصولية كلّية أو فرعية تستنبط منها الأحكام الشرعية ، يقول في سبب تأليفه :

«كان شيخنا الشهيد الأوّل قد جمع كتاباً يشتمل على قواعد وفوائد في الفقه تأنيساً للطلبة بكيفية استخراج المعقول من المنقول وتدريباً لهم في اقتناص الفروع من الأصول ، لكنّه غير مرتّب ترتيباً يحصله كلّ طالب وينتهز فرصته كلّ راغب ، فصرفت عنان العزم إلى ترتيبه وتهذيبه وتقريبه»(٢).

المطلب الثاني ـ ابن النجّار :

هو جمال الدين أحمد ، لقد تأثّر هذاالتلميذ بأستاذه فعمد إلى جمع تحقيقات شيخه الشهيد الأوّل ونظرياته في الفقه بكتاب (حاشية على قواعد العلاّمة).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) محمّد بن مكّي العاملي (الشهيد الأوّل) : القواعد والفوائد ـ تحقيق الدكتور عبد الهادي الحكيم : ٢٢.

(٢) زهير الأعرجي : تاريخ النظرية الفقهية في المدرسة الإمامية/ مقال في دورية تراثنا ص ١٤٧ ، نقلا عن كتاب (نضد القواعد الفقهية).


المبحث الرابع

ثأثّر الشهيد الثاني بالشهيد الأوّل

المطلب الأوّل ـ دراسة في كتابه الروضة البهية في شرح اللّمعة الدمشقية :

يعدّ الشهيد الثاني من أبرز فقهاء المدرسة الإمامية في القرن العاشر الهجري والتي كان من أعلامها أيضاً المحقّق الكركي والمقدّس الأردبيلي ، وأمّا كتابه الروضة فهو شرح مزجي استدلالي مختصر خَطا فيه الشهيد الثاني خُطى الشهيد الأوّل في الاختصار والشمول ، حيث التزم باختصار العبارة وقوّتها وسلاستها مع حسن التعبير والإشارة في أكثر الأحيان إلى الدليل وبعض الآراء الفقهية التي لها أهمّيتها ، ومناقشة اجتهادات الشهيد الأوّل وإبداء ما توصّل إليه اجتهاده في المسائل الفقهية ، ولذا أصبحت له مكانة مرموقة بين الكتب الفقهية فأقبل على دراسته والاعتناء بشأنه العلماء منذ تأليفه فشرحوه وعلّقوا عليه ، وأمّا منهجيّتها فقد وصفها الشهيد الثاني بنفسه قائلا :

«هذه تعليقة لطيفة وفوائد خفيفة ، أضفتها إلى المختصر الشريف والمؤلّف المنيف المشتمل على أمّهات المطالب الشرعية الموسوم باللّمعة ، جعلتها جارية لها مجرى الشرح الفاتح لمغلقه والمقيّد لمطلقه والمتمّم


لفوائده والمهذّب لقواعده»(١).

ارتفعت الروضة عن الفتوى إلى شيء من الاستدلال على الأحكام ، فهي فوق سرد الفتوى ودون التبسّط في الدليل والاستدلال ، وهو بالنسبة إلى كتب الشيعة المبسّطة في الاستدلال والتشقيق العلمي والتفريع أقلّ من مختصر ، وفي هذا الكتاب تخطيط إجمالي من مخطّط عام من فقه الشيعة الإمامية ، وفيه من التعابير العلمية ممّا يضيق به أفهام الكثيرين الذين لم يألفوا الكتب الاستدلالية ، وكشاهد على ذلك باب (المواريث).

وشارح اللّمعة رضی‌الله‌عنه أدرج أسماء من أعلام الشيعة في مواضع من الكتاب في المسائل الخلافية أمثال : الصدوق والمفيد والمرتضى والشيخ وابن إدريس والطبرسي وابن جنيد وسالار والمحقّق والعلاّمة وابنه وابن طاووس وغيرهم كثير ممّن ذكر أسماءهم كموافقين له أو مخالفين في المسائل الخلافية ، وقد اعترض بعبارات حادّة على ابن الجنيد وكذلك على ابن إدريس(٢).

والروضة تسير على طريق استخدام قوّة التعبير والإشارة إلى الدليل وعرض الآراء الفقهية ثمّ نقد آراء الشهيد الأوّل وإظهار رأي الشارح.

ومن المفيد أن نعرض نموذجاً بقلمه حيث يذكر وجوب التيمّم بالتراب الطاهر والحجر :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الروضة البهية ١ / ٥.

(٢) الروضة البهية ١ / ح ، نفس المصدر : كتاب الدين : ٣٤٣ ، وكذلك كتاب الحجر : ٣٩١.


«يجب التيمّم بالتراب الطاهر والحجر لأنّه من جملة الأرض إجماعاً والصعيد المأمور به وجهها ولأنّه تراب اكتسب رطوبة لزجة وعملت فيه الحرارة فأفادته استمساكاً ولا فرق بين أنواعه من رخام وبرام وغيرهما خلافاً للشيخ الطوسي حيث اشترط في جواز استعماله فقد التراب أمّا المنع منه مطلقاً فلا قائل به ومن جوازه بالحجر يستفاد جوازه بالخزف بطريق أولى لعدم خروجه بالطبخ عن اسم الأرض وإن خرج عن اسم التراب كما لم يخرج الحجر مع أنّه أقوى استمساكاً منه خلافاً للمحقّق في المعتبر محتجّاً بخروجه مع اعترافه بجواز السجود عليه وما يخرج عنها بالاستحالة يمنع من السجود عليه وإن كان دائرة السجود أوسع بالنسبة إلى غيره»(١).

ونستلهم من هذا النصّ طبيعة المنهج الذي سلكه الشهيد الثاني في الروضة ومنها :

أوّلاً ـ الاستدلال بالنصّ على جواز التيمّم بالحجر حيث ذكر النصّ القرآني (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً)(٢) مستدلاًّ على أنّ الصعيد وجه الأرض.

ثانياً ـ الاستدلال بالعقل : مشيراً إلى أنّه تراب اكتسب رطوبة لزجة وعملت فيه الحرارة فأفادته استمساكاً.

ثالثاً ـ الاستدلال بالإجماع : فقد استدلّ بالإجماع على أنّه من جملة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الروضة البهية ١ / ح ، تراثنا : مجلّة فصلية تصدرها مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث في قم المقدّسة العدد الأوّل والثاني ٨٥ و٨٦ السنة الثانية والعشرون ١٤٢٧ هجري محرّم / جمادى الآخرة. مقال للباحث زهير الأعرجي.

(٢) النساء : ٤٣.


الأرض.

رابعاً ـ التعدّي عن مورد النصّ من جواز التيمّم بالحجر إلى جواز التيمّم بالخزف لعدم خروج الخزف بالطبخ عن اسم الأرض وإن خرج عن اسم التراب.

خامساً : ناقش رأي المحقّق الحلّي الذي يقول بخروج الخزف من الأرض وعدم صدقها عليه بسبب الطبخ فتساءل الشهيد الثاني كيف يخرج المحقّق الخزف من عنوان الأرض في الوقت الذي يجوّز فيه السجود على الأرض فإنّ ما يخرج عن الأرض في الاستحالة يمنع من السجود عليه.

المطلب الثاني ـ تصنيفه في القواعد الفقهية(١) :

تطرّقنا في بحثنا هذا في ما سلف إلى القواعد الفقهية ومنهجيّة الشهيد الأوّل في هذا المجال وقد اقتفى أثره الشهيد الثاني حيث صنّف (تمهيد القواعد الأصولية والعربية لتفريع فوائد الأحكام الشرعية) وهو مطبوع.

ينقسم هذا الكتاب إلى قسمين :

ـ القسم الأوّل ـ القواعد الأصولية : ويتضمّن مئة قاعدة وما يتفرّع عنها من أحكام.

ـ القسم الثاني ـ القواعد العربية : ويتضمّن مئة قاعدة من القواعد العربية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) القواعد والفوائد ، القسم الأوّل : ١٧ ، تقديم الروضة البهية ١ / ٢٧٨.


المطلب الثالث ـ شروحاته لتصانيف الشهيد الأوّل :

أوّلاً ـ شرح الألفية : وقد شرحها ثلاثاً الشرح الكبير والوسيط والصغير.

ثانياً ـ شرح النفلية : شرح مزجيٌّ مختصر يذكر إسمه (الفوائد الملية في شرح النفلية) وتشتمل النفلية على ثلاثة آلاف نافلة من مستحبّات الصلاة أحصاها الشهيد الأوّل كما ذكرها ـ أي النفلية ـ في إجازته لابن الخازن(١).

المطلب الرابع : شرحه لـ : (شرائع الإسلام) :

القاسم المشترك الأعظم بين الشهيدين هو المحقّق الحلّي وقد لاحظنا مدى تأثير المحقّق في كلٍّ منهما من خلال خطّهما الفكري ونظريّتهما الفقهية.

يعدّ الشهيد الثاني آخر دور (الاستقلال والتكامل) في الفقه الإمامي الإسلامي الذي يبدأه المحقّق الحلّي في منتصف القرن السابع الهجري ويستمرّ هذا الدور حتّى نهاية القرن العاشر الهجري (زمن الشهيد الثاني) وهذا التقسيم والتصنيف بحسب بعض مؤرّخي الفقه الإسلامي(٢).

الشهيد الثاني قام بشرح كتاب شرائع الإسلام للمحقّق شرحاً مزجيّاً أسماه مسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام وقد أراد الشهيد الثاني أن يكون مختصراً وهذا ما نهجه في بدايات الكتاب غير أنّه أخذ يطيل فيه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) نفس المصدر.

(٢) موسوعة الفقه الإسلامي طبقاً لمذهب أهل البيت : ٨٣.


ويتوسّع حتّى غدا مجلّدين بالطبعة الحجرية(١).

المطلب الخامس ـ فقه الوفاقيات :

على مائدة اللّمعة الدمشقية اجتمع الشهيدان (المصنّف والشارح) رضي الله عنهما ، وفي اللّمعة من فقه الوفاق شيء كثير ، ومن مفارقات الدهر إنّ الشهيدين كانا برغم ذلك ضحية التعصّب الطائفي المقيت والسياسة الإقصائية البلهاء.

لم يكن الوفاق عندهما مرتجلا أو عاطفة أو حديثاً عابراً وإنّما هو نظرية لها مرتكزاتها ومواضعاتها وقد سلك الشهيدان في ذلك طريق ذات الشوكة حيث :

١ ـ هجراتهما ورحلاتهما المتكرّرة إلى الحواضر الإسلامية كافّة.

٢ ـ تتلمذهما على شيوخ المذاهب وأقطاب المدارس الفقهية الإسلامية.

٣ ـ إجازاتهما ـ نتيجة لجهودهما وجهادهما ـ من قبل الفقهاء والمحدّثين المسلمين.

٤ ـ منهجية (المقارنة) وهي أرقى وأروع ما بلغه الفقه الإمامي من تنظير وتطبيق ومن دراسة وممارسة.

٥ ـ تدريسهما وافتائهما وفق المذاهب الخمسة وهذا منتهى التجدّد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) في مكتبتي الخاصّة في النجف الأشرف.


والتغيير ، لأنّ رواية إغلاق باب الاجتهاد المشهورة عن السنّة إنّما هي قضية الاقتصار على المذاهب الأربعة(١).

فمن الإرهاصات الحداثوية والرؤى العصرية لمنظومة (الاجتهاد) ، الدعوة إلى الاجتهاد الإسلامي المطلق وليس الاجتهاد المذهبي المقيّد وهذه الأطروحة جسّدها واقعاً الشهيد الثاني بموضوعية في بعلبك حينما كان يدرّس الفقه على المذاهب الخمسة.

إنّ مشروع (الفقه المقارن) يعدّ اليوم من أولويّات مشاريع التوحّد والتقارب المذهبي. ونحن اليوم في مسيس الاحتياج إلى الاجتهاد الإسلامي المطلق وذلك ماشخّصه الشهيدان.

لقد أورث العامليّان الشهيدان نزعتهما الإيجابية التقريبية ورؤاهما الوحدوية إلى مَن خلفهم من رموز المدرسة العاملية وإلى زماننا المعاصر نظراء : السيّد الأمين ، السيّد عبد الحسين شرف الدين ، السيّد موسى الصدر والشيخ عبد الله السبيتي وغيرهم(٢).

الخلاصة والنتائج

في مختتم هذه الجولة المباركة في رحاب الشهيدين أثراً والفقه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) محمّد مهدي شمس الدين وآخرون : الاجتهاد والحياة ص ١٤ مركز الغدير للدراسات الإسلامية ، مطبعة فروردين ط ٢ / ١٩٩٧.

(٢) إنّ ذلك يكمن في مواكبتنا ومعايشتنا للأحداث المعاصرة.


الإسلامي درساً والتأثير علاقة ، ينبغي أن ندوّن للبحث خاتمة وللمواضيع نتيجة :

١ ـ (جبل العلماء) جبل عاملة موئل الشهيدين ومنطلق رسالتهما ، كان حاضرة فقهية حتّى أنّه صلّى على جنازة (ستّ المشائخ) كريمة الشهيد الأوّل سبعون مجتهداً.

٢ ـ الشهيدان : انعطافة استثنائية في تاريخ الفقه الإسلامي وهما آخر دور عصر (الإستقلال والتكامل) فقهيّاً.

٣ ـ عصرهما عصر احتلال ومقاومة احتلال فمن حملات التتر إلى الحروب الصليبية إلى المماليك حتّى الاحتلال العثماني وأمّا الحياة الاجتماعية والاقتصادية فهي مجرّد كوارث.

٤ ـ رصد البحث قواسم مشتركة عديدة بين الشهيدين.

٥ ـ استدرك البحث على هنات المؤرّخين وفوات المترجمين لسيرتهما.

٦ ـ الهجرات العلمية والرحلات الفكرية كانتا سمة أساسية من سمات النشأة الفقهية لهذين الفقيهين الخالدين.

٧ ـ المدرسة الحلّية الفقهية تبلورت في مرحلة انتقالية نتيجة لعوامل معينة انتقلت خلالها المؤسّسة الدينية والمرجعية من النجف الأشرف إلى الحلّة التي أضحت بعد ذلك موطناً علميّاً للشهيد الأوّل.

٨ ـ تنوّعت مصادر دراستهما في الحواضر الإسلامية كافّة فمن


مواطنهم : جزين وجبع إلى الحلّة وبغداد وبيت المقدس ومقام إبراهيم عليه‌السلام إلى مصر ومكّة المكرّمة والمدينة المنوّرة وحتّى القسطنطينية.

٩ ـ تشكيل البعد الموسوعي في الشخصية المعرفية لهما مع غزارة النتاجات العلمية فلم تقتصر تلك على العلوم الإسلامية والأدبية حسب وإنّما تخطّت إلى العلوم الصرفة : الطبّ ، الجبر ، الهندسة ، الفلك.

١٠ ـ الشهيدان : من السبّاقين القلائل والمبادرين الأوائل في التلقّي عن مشيخة المذاهب الإسلامية وأقطاب مدارسها العلمية والفقهية بحيث نصّ الشهيد الأوّل : (أروي عن نحو أربعين شيخاً منهم).

١١ ـ ارتأى البحث إنّ آثار الشهيد الأوّل تتجلّى في :

أ ـ تلامذته : وهم كثيرون بلغوا اثنين وثلاثين عالماً كبيراً يشكّلون مدرسته الفقهية السيّارة.

ب ـ نتاجاته ومصنّفاته : لقد أحصاها البحث فكانت ثلاثين مابين كتاب أو رسالة أو أجوبة لمسائل وتتباين مابين تخصّصية فقهية وإسلامية عامّة.

ج ـ إجازاته : وهي متميّزة كمّاً وكيفاً ولا سيّما من أقطاب المذاهب الأخرى استجازهم فأجازوه وأثنوا عليه ثناءً عاطراً.

١٢ ـ آثار الشهيد الثاني متعدّدة الجوانب وواسعة الأطياف منها :

أ ـ طلبته والراوون عنه وهم أكثر من أن يحصون غير أنّا ذكرنا منهم بحكم اطّلاعنا المتواضع.

ب ـ مؤلّفاته ومصنّفاته وقد عدّها البحث فكانت ستّاً وستّين كتاباً.


ج ـ إجازاته : سواء المتحصّلة من شيوخه وأساتيذه ولا سيّما في مصر أو إجازاته الممنوحة من قبله إلى طلاّبه.

١٣ ـ المرجعية (الجهاز) تبلورت على يد الشهيد الأوّل في واحدة من انفراداته الجريئة محدثة نقلة نوعية في كيان المؤسّسة الدينية الشيعية.

١٤ ـ تصدّي الشهيد الأوّل للأفكار المبتدعة والحركات الداخلية الهدّامة والضلالات الشاذّة مثل فتنة (اليالوش).

١٥ ـ الفقه السياسي : تنظيراً وتطبيقاً ، دراسة وممارسة منجز عندهما وهو من البواعث المؤكّدة على اغتيالهما الاغتيال السياسي ، المذهبي ، الفكري.

١٦ ـ تجسيداً للخطاب الإسلامي مع الآخر نحو (الكلمة السواء) فقد انفتح الشهيدان على كلّ الوجودات الدينية ، السياسية ، الاجتماعية والعلمية وفي مختلف البلدان الإسلامية مؤكّدين بذلك مرتكزات (التقريب) ودعائم (التوحيد).

١٧ ـ (المقارنة) كمنهجية علمية تألّقت كإرهاصات حداثة وتجديد لآثارهما حتّى أنّ الشهيد الأوّل في توصيف القواعد والفوائد يذكر : (أنّه لم يعمل الأصحاب مثله).

١٨ ـ الأثر والتأثير : مادّة البحث وصلب الدراسة ، كان ثنائية تفاعلية تجلّت في :

أ ـ تأثّر الشهيد الأوّل بأساتذته الحلّيّين من فقهاء المدرسة العتيدة


نظراء : فخر المحقّقين والسيّدين العميديّين وقطب الدين الرازي وابن معية وبالتالي تأثّره بأساتذة هؤلاء أمثال : المحقّق والعلاّمة.

ب ـ تأثير الشهيد الأوّل في تلامذته : المجتهدة كريمته (ستّ المشائخ) ، ابن الخازن ، ابن نجدة ، المقداد السيوري ، ابن النجّار وذلك على سبيل الاستشهاد لا التعداد.

ج ـ تأثّر الشهيد الثاني بالشهيد الأوّل : اتّضح من خلال رحلاته المتكرّرة ودعوته إلى التقريب والتوحيد وسلوكه منهجية (المقارنة) إضافة إلى شروحاته وتعليقاته على مصنّفات الشهيد الأوّل كما ويتّضح هذا الاعتبار من تأثير المدرسة الحلّية والشواهد عديدة : الروضة البهية ، تمهيد القواعد ، مسالك الأفهام.

د ـ تأثير الشهيد الثاني في طلبته : وهم بذلك قد أَثْرَوا المكتبة العربية والإسلامية ومنهم على سبيل الاستطلاع : الشيخ حسين عبد الصمد (والد شيخنا البهائي) ، ابن العودي ، السيّد جمال الدين الموسوي (من أجداد آل الصدر).

١٩ ـ على مائدة اللمعة التقى الشهيدان (المصنّف والشارح) فكانت أروع نتاج فقهيٍّ منهجية وأُسلوباً وتبويباً خلّدت مع تعاقب الأيّام كمقرّر دراسي في الحوزات والمعاهد الإسلامية الإمامية.

٢٠ ـ (فقه الوفاق) فقه الشهيدين ، جعل من الشهيدين العامليّين من أبرز دعاة التوحيد وروّاد التقريب.


٢١ ـ (الاجتهاد الإسلامي المطلق) من شواخصه المثلى : الشهيدان العامليّان وليس (الاجتهاد المذهبي المقيّد) كما نراه اليوم عند المذاهب الإسلامية.

٢٢ ـ مأساة الشهيدين في كيفية اعتقالهما وآلية اغتيالهما من المفارقات المؤلمة والشجيّة فقد راحا ضحية التعصّب الطائفي المقيت والسياسة المذهبية العمياء والحكم التسلّطي الأُحادي.

آملين السير على طريقهما المبارك (طريق ذات الشوكة) ومنه

سبحانه وتعالى نستمدّ الاعتصام والحمد لله في المطلع والختام

والله خير موفّق ومعين


المصادر

١ ـ القرآن الكريم.

٢ ـ الاجتهاد والحياة : مجموعة مؤلّفين / مركز الغدير للدراسات الإسلامية / مطبعة فروردين ١٩٩٧م.

٣ ـ أمل الآمل : الشيخ محمّد بن الحسن بن عليّ (الحر العاملي) تح : أحمد الحسيني / مطبعة الآداب النجف الأشرف / ط١.

٤ ـ بيروت ودورها الجهادي من الفتح الإسلامي حتّى نهاية العهد العثماني : د. حنان قرقوتي / دار الكتب العلمية / بيروت ٢٠٠٣ م.

٥ ـ تاريخ جبل عامل : محمّد جابر آل صفا ـ دار النهار للنشر ـ بيروت ـ ط ٢.

٦ ـ تراثنا : دورية تصدرها مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث / قم المقدّسة / العدد الأوّل والثاني السنة الثانية والعشرين ١٤٢٧ محرّم ـ جمادى الآخرة.

٧ ـ جهود الشيخ المفيد الفقهية ومصادر استنباطه : صاحب محمّد حسين نصّار / إصدارات مركز انتشارات دفتر تبليغات إسلامي حوزة علمية قم / قسم الفقه والحقوق.

٨ ـ خطط جبل عامل : السيّد محسن الأمين/ الدار العالمية بيروت ١٩٨٣.

٩ ـ دائرة المعارف الإسلامية الشيعية : حسن الأمين / دار التعارف بيروت.

١٠ ـ روضات الجنّات (ج٧) : الميرزا محمّد باقر الخوانساري /طبعة قم ١٣٩٢ هـ.


١١ ـ الروضة البهية في شرح اللّمعة الدمشقية : زين الدين الجبعي العاملي (الشهيد الثاني) ، إصدارات دار التقريب بين المذاهب الإسلامية في القاهرة / نشر : مركز انتشارات دفتر تبليغات إسلامي حوزة علمية قم.

١٢ ـ الروضة البهية في شرح اللّمعة الدمشقية : زين الدين الجبعي العاملي (الشهيد الثاني) ، منشورات جامعة النجف الدينية / ط١/١٣٨٦.

١٣ ـ سمط النجوم العوالي : عبد الملك بن حسين العصامي المكّي / ج٣.

١٤ ـ شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام : المحقّق الحلّي / تقديم السيّد محمّد تقي الحكيم / طبعة محقّقة أولى مطبعة الآداب النجف الأشرف ١٩٦٩ م.

١٥ ـ الشهيد الأوّل فقيه السربداران : محمّد حسين الأماني/ ترجمة : كمال السيّد / مطبعة صدر ـ قم / الناشر مؤسّسة أنصاريان ١٤١٥ هـ ـ ١٩٩٥ م.

١٦ ـ القواعد والفوائد (مجلّدان) : محمّد بن مكّي العاملي (الشهيد الأوّل) /تح : د. السيّد عبد الهادي الحكيم / مطبعة الآداب النجف الأشرف ١٩٨٠ م.

١٧ ـ مجلّة دراسات وبحوث : جماعة العلماء المجاهدين في العراق /العدد ٢ السنة الأولى صفر ١٤٠٢ هـ ـ كانون الأوّل ١٩٨١م.

١٨ ـ المحنة : الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر / تسجيلات بصوته الشريف ١٩٧٩م.

١٩ ـ محنتنا على لسان الشهيد الصدر : الشيخ هادي الخزرجي/ مطبعة قم ط١ / رجب ١٤١٨ هـ.

٢٠ ـ (المرجعية والأمّة ، العلاقات المتبادلة) : د. نوري الساعدي / نشر جامعة الأمام الصادق عليه‌السلام بغداد ٢٠٠٠٦ م.

٢١ ـ مدرسة النجف وأبعادها العلمية والفكرية : وليد عبد الحميد الأسدي / رسالة دكتوراه من معهد التاريخ العربي والتراث العلمي بغداد ٢٠٠٢ م.


٢٢ ـ مقالات المؤتمر العالمي لتكريم الإمام عبد الحسين شرف الدين (ج١ ، ج٢) : منشورات الأمانة العامّة لمؤتمر تكريم الإمام شرف الدين / قم ٢٠٠٥.

٢٣ ـ المقنعة في الفقه : الشيخ محمّد بن محمّد النعمان (الشيخ المفيد) / مخطوطة مصوّرة في مكتبتي الخاصّة بالنجف الأشرف.

٢٤ ـ موسوعة الإمام المغيّب السيّد موسى الصدر : مركز الإمام موسى الصدر للدراسات / بيروت.

٢٥ ـ موسوعة (محمّد باقر الصدر : السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق) : أحمد عبد الله أبو زيد العاملي / دار العارف للمطبوعات ٢٠٠٧/ بيروت.

٢٦ ـ موسوعة الفقه الإسلامي طبقاً لمذهب أهل البيت : عليهم‌السلام مؤسّسة معارف الفقه الإسلامي / الناشر مؤسّسة دار المعارف ٢٠٠٢ م.

٢٧ ـ نهج البلاغة : جمع الشريف الرضي / شرح أبن أبي الحديد المعتزلي / دار إحياء التراث العربي.

٢٨ ـ نهج البلاغة : اعداد مكتبة الروضة الحيدرية الناشر : العتبة العلوية ٢٠١٠ م.

٢٩ ـ الكافي (الأُصول) : محمّد بن يعقوب الكليني (ت ٣٢٨) ط٦/ ١٣٧٥ش دار الكتب الإسلامية.

٣٠ ـ مسالك الافهام في شرح شرائع الإسلام : زين الدين الجبعي العاملي (الشهيد الثاني) ، طبعة حجريّة في مكتبتي الخاصة بالنجف الأشرف.


المرويّات التاريخية في واقعة الطفّ

 حميد بن مسلم الأزدي أُنموذجاً

(قراءة نقدية)

د. محمّد جواد نور الدين فخر الدين

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة :

ارتبطت كثير من الأحداث التاريخية بأسماء مدوّنيها وما أسهموا فيه من دور في نقل الصورة الحقيقية لذلك الحدث أو الواقعة التي جرت في زمان ومكان معيّنين ، وتأتي الأهمّية في تدوين هذه الروايات وفق السياق الزمني والتاريخي المرتبط بها والظروف التي كان لها إسهام مهمّ في نقل الرواية بصورتها الحقيقية ، أو بصورة متجزّئة ، أو تكون بعيدة عن الواقع الذي جرت فيه هذه الحوادث ، وتتمّ هذه العملية أمّا عن طريق المشافهة ، أو عن طريق المعاينة والتي تعتبر أدقّ من سابقتها لأن يكون الراوي شاهد عيان لتلك الحادثة التي سجّلها ونقلتها عنه فيما بعد المصادر.


على أنّه لا يمكن التسليم بكلّ ما سجّل في صفحات التاريخ من هذه الأخبار ولا يمكن النظر لها كحقائق مسلّمة بها ؛ لأنّها لا شكّ تنطوي وراءها كثير من الشبهات والإرهاصات التي لا تغيب عن المؤرّخ المدقّق بكثير من مفاصلها ، ولست هنا أحاول تقصّي أحوال رواة الأحداث والوقائع التاريخية بقدر ما أقصده من إعطاء صورة مقرّبة لمن يبحث عن الحقيقة ويسعى وراءها ، لذا نختلف كثيراً مع رواة الأحداث والوقائع التاريخية في بعض ما دوّن من هذه الأخبار ؛ لأنّها انطوت في مضانّها على الكثير من التشويه والتزويق والتلفيق وتجريد الحقائق عن أصولها ، لذا لابدّ من البحث والنظر في أسانيدها والظروف التي دوّنت فيها عند الاختلاف والتعارض ، وإعمال النقد التاريخي لنصوصها عند التعارض في مداليلها ، وعدم النظر إلى الأحداث التاريخية نظرة مقدّسة لا تقبل التغيير والتبديل.

كيف لا وإنّ أكثر مراحل التاريخ الإسلامي خطورة تحتاج إلى توقّف كثير من قبل المؤرّخين كما هو الحال في المرحلة التي تبتدئ بمرض رسول الله(صلى الله عليه وآله) ووفاته وابتداء عهد الخلافة وما نجم فيها من خلافات وفتن ابتداء بأحداث سقيفة بني ساعدة وانتهاء بمعركة الجمل التي تمخّض عنها أحداث جسام كانت بمثابة البذرة الأولى لأوّل خلاف وقع بين المسلمين ، ليس الخلاف السياسي فحسب ، بل وخلاف عقائدي بمختلف أشكاله وألوانه أنتج فيما بعد فرقاً ومذاهب ذات اتجاهات متعدّدة في فهم الإسلام ، إن لم نقل كان عاملاً في تشتيت المسلمين فهو بحدّ ذاته كان عاملاً رئيسيّاً في تمزيقهم ،


وأصبحوا فيما بعد لقمة سائغة لجميع التيّارات المعادية للإسلام.

لذا من الأهمّية أن يكون المؤرّخ حذراً كلّ الحذر في رصد الروايات التي تأخذ انطباعات متعدّدة في نقلها ، وتاريخنا الإسلامي مليء بهذه التشوّهات التي أخذت مساحة واسعة منه.

وتعدّ البدايات المبكّرة لتدوين تاريخنا الإسلامي على أيدي هؤلاء الإخباريّين الذين جمعوا روايات عن تاريخ العرب في الجاهلية وتاريخ سيرة الرسول(صلى الله عليه وآله) ومغازيه وحوادث الدولة الإسلامية.

وكان حميد بن مسلم الأزدي أحد هؤلاء الرواة الذين تناقلت كتب التاريخ رواياتهم ، على أنّ هناك جملة من المفارقات في هذه الشخصية عند قراءة سيرة حياتها ، إذ أنّه لم يكن ناقلاً للخبر التاريخي فحسب ، بل نجد اسمه في كثير من الأحداث السياسية التي جرت خلال عصره ، إن لم يكن طرفاً مؤثّراً في أحداثها ، كما نجده طرفاً معنيّاً يشار له في الوقائع التاريخية ، كواقعة كربلاء ، وما جرى فيما بعد في الكوفة وخاصّة بعد استشهاد الإمام الحسين عليه‌السلام.

ومن هنا كان لابدّ من الاهتمام الجدّي والحثيث في دراسة مثل هذه الشخصيّات التي كان لها دور محوريّ في تدوين التاريخ وتسجيل أحداثه من جهة ، ومن جهة أخرى فإن هناك شطراً مؤثّراً من مجريات الأحداث التي نقلها كان لابدّ لنا من التوقّف عليها في مراجعة المصنّفات التاريخية التي دوّنت رواياته ، والنظر لها بحذر شديد ؛ لأنّها لا شكّ كان ينطوي وراءها


كثير من النصوص التي تحتاج إلى تتبّع وتأمّل لنضع من خلالها الحروف في مواضعها الحقيقية ، وذلك للتمييز بين السرد الشخصي للمؤرّخ الناقل للحدث لكونه أحد الأشخاص المؤثّرين ، وبين النصّ التاريخي المدوّن الذي لم تتداخل فيه رؤاه الخاصّة.

تمهيد :

ممّا لا شكّ فيه أنّ أغلب من طرق مسامعه هذا الاسم إنّما يلوح في باله وللوهلة الأولى فاجعة كربلاء وما جرى لأهل بيت الرسول محمّد (صلى الله عليه وآله) من المصائب والآلام ، وذلك من خلال ما سمعه من مرويّات هذه الشخصية من خطباء المنبر الحسيني أو عن طريق قراءاته باعتباره ـ حميد بن مسلم ـ أحد الرواة لهذه الواقعة.

ومن خلال تتبّعي الدقيق عن هذه الشخصية في كتب الرجال لم أجد من يترجم له ترجمة وافية تمكّن الباحث والقارئ ـ في آن واحد ـ الوصول لجوانب مهمّة من حياته ، لكن ومن خلال ما توفّر لدينا من مصادر استطعنا رسم صورة أقرب لواقع هذه الشخصية وذلك من خلال التركيز على جوانب مهمّة من حياته وصولاً إلى أغلب حيثيّات الموضوع ، على الرغم من قلّة النصوص التاريخية الواردة عنه.

اسمه ونسبه :

لقد وقع هذا الاسم حسب النقولات التاريخية للأحداث والوقائع


بعناوين مختلفة سواء كان في كتب المقاتل أو المصادر الرجالية أو كتب الأخبار أو المصادر التاريخية المتقدّمة منها والمتأخّرة ، وهي كالآتي :

أوّلا : ذكره الشيخ الطوسي بعنوان حميد بن مسلم الكوفي من أصحاب الإمام علي بن الحسين عليه‌السلام(١) ، وهذه الصحبة التي أشار إليها الشيخ الطوسي لا يعني بالضروري أنّه من أصحابه المخلصين ، بقدر ما يكون قد التقى به وسمع عنه.

ثانياً : ذكرته المصادر الرجالية الأخرى بعنوان حميد بن مسلم ، رأى وائلة بن الأسقع ، تفرّد بالرواية عنه سعيد بن أبي أيّوب(٢).

وورد كذلك بعنوان حميد بن مسلم الدمشقي ، أبو عبيد الله ، رأى مكحولاً وبلال ، سمع منه سعيد بن أبي أيّوب(٣). ومن المحتمل أنّه غير حميد بن مسلم المقصود.

ثالثاً : ذكرته كتب المقاتل والأخبار بعنوان حميد بن مسلم(٤) ، أو حميد ابن مسلم الأزدي(٥).

رابعاً : ذكرته المصادر التاريخية بعنوان حميد بن مسلم(٦) ، أو حميد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) رجال الطوسي : ١١٢.

(٢) ميزان الاعتدال في نقد الرجال ٢/٣٩١ ، لسان الميزان ٢/٣٩١.

(٣) التاريخ الكبير ٢/٣٥٨ ، الجرح والتعديل ٣/٢٢٩.

(٤) اللهوف : ١٣٢ ، مثير الأحزان ٢/٧١.

(٥) اللهوف : ١٤٢ ، مثير الأحزان : ٨٤.

(٦) تاريخ الرسل والملوك ٤/٤٠ ، البداية والنهاية ٨/١٩٠.


ابن مسلم الأزدي(١).

ونلحظ من خلال ما تقدّم أنّه قد ورد هذا الاسم بعناوين مختلفة ، لكن يمكن التمييز بينه وبين غيره من خلال رواياته التاريخية التي أخذت حيّزاً غير قليل من المصادر ، وبالأخصّ فيما يتعلّق بالأحداث السياسية المرتبطة منذ نزول الإمام الحسين عليه‌السلام إلى أرض كربلاء وحتّى مقتل المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، إذ ورد ذكره في بعض النصوص ، ويمكن من خلال تتبّعنا لمرويّاته التاريخية أن نسير معها تزامناً مع التاريخ والأحداث وهي :

أوّلاً : روايته لبعض الأحداث التاريخية قبل نهضة الإمام الحسين عليه‌السلام :

مثل الأحداث المرتبطة بواقعة صفّين ، وذلك ما نقله أبو مخنف عن إسماعيل بن يزيد عن حميد بن مسلم عن جندب بن عبد الله أنّ عليّاً قال للناس يوم صفّين : «لقد فعلتم فعلة ضعضعت قوّة وأسقطت منّة وأوهنت وأورثت وهناً وذلّة ولمّا كنتم الأعلين»(٢).

نصّ هذه الرواية لا يعنينا كثيراً بقدر ما يتبع هذه الشخصية من تواجدها وتأثيرها في مجتمع الكوفة ، لكن الذي نلحظه من نصّ هذه الرواية هو أنّه لم يكن حاضراً في موقعة صفّين ؛ لأنّ الرواية أصلاً منقولة بواسطة جندب بن عبد الله ، لكن يمكن القول أنّ الجذور الأولى لورود اسم حميد بن مسلم في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣١١.

(٢) المصدر نفسه ٤/٤٠.


كتب التاريخ كراوي ارتبط أصلاً بواقعة صفّين ، على الرغم من أنّ كتب الرجال لم تحدّد لنا سنة ولادته فلذلك لا يمكن الجزم بعمره خلال هذه المرحلة.

ثانياً : راوية لواقعة كربلاء :

عدد روايات حميد بن مسلم بالنسبة لمجموع روايات واقعة كربلاء ، وما يرتبط بها ، يعتبر قليلاً نسبيّاً سواء من الناحية العددية أو الزمنية ، ويعدّ الطبري المصدر الأساس في نقل أغلب رواياته ، لكنها لا تتناسب مع حضوره الشخصي واطّلاعه على كثير من مجرياتها السابقة للمعركة ، أو خلال المعركة وما جرى بعدها.

من جانب آخر فقد حاول حميد بن مسلم من خلال بعض مرويّاته التي ذكرتها المصادر وبالأخصّ الطبري أن يسجّل لنفسه مواقف إيجابيه اتّجاه ما جرى في هذه الواقعة ، إذ نراه يقف موقفاً حياديّاً ، أو يبعد نفسه عن كلّ شبهة قد تلصق له من قبل المؤرّخين ، بل نجده يبرّر أو يرفض بعض الأعمال التي انتهجها البعض خلال مسيرة المعركة.

بحيث صار ينقل لنا حواراً دار بينه وبين شمر بن ذي الجوشن في اللحظات الأولى من نشوب القتال : «قال : قلت لشمر بن ذي الجوشن : سبحان الله : إنّ هذا لا يصلح لك ، أتريد أن تجمع على نفسك خصلتين تعذّب بعذاب الله ، وتقتل الولدان والنساء ، والله إنّ في قتلك الرجال لما تُرضي به أميرك ، قال : فقال : من أنت؟! قال : قلت : لا أخبرك من أنا ، قال :


وخشيت والله أن لو عرفني أن يضرّني عند السلطان!...»(١).

لكن من خلال قراءتنا لهذه المحاورة لا يمكن الاستناد بكلّ ما جاء فيها وبالأخصّ فيما يتعلّق بمجهولية شخصيّته ، وكأنّه أراد أن يبيّن أنّه كان غير معروف للآخرين ، مع العلم ما سنذكره لاحقاً يبيّن لنا قربه من جميع قيادات الجيش ، بدليل نقله المباشر لكثير من الرسائل المتبادلة بين عبيد الله ابن زياد وعمر بن سعد وبالعكس ، سواء كان بالكوفة ، أو عند تواجده في كربلاء ، وهذا ما رواه هو عن لسانه ، إذ أرسله عمر بن سعد بعد انتهاء الواقعة ليبشّر أهله بالانتصار الذي حقّقه وبسلامته(٢).

فلذلك لا يمكن التسليم مطلقاً بكلّ ما نقله ، وهناك جملة من التوقّفات على أغلب محاور روايته ، وخاصّة أنّه عاش المرحلتين ، الكوفة خلال عهد الأمويّين ، والكوفة خلال عهد التوّابين ، أو عهد المختار ، الناقمين على قتلة الحسين عليه‌السلام ، فلذا لابدّ أن تكون محاور روايته تأخذ هذا الطابع الإيجابي لأجل أن لا يطاله القصاص كما حصل للآخرين ، بل نراه يتزلّف سواء كان للتوّابين أو المختار وينقل الوقائع التي حصلت في الكوفة ويكون من المقرّبين لهم.

ويمكن أن نقف على موقف آخر ـ وهي بالتالي خاضعة لما تقدّم ذكره ـ وهو دوره كما نقل في التأثير على شمر بن ذي الجوشن لإقناعه بترك قتل الإمام عليّ بن الحسين عليه‌السلام بعد مصرع الحسين عليه‌السلام : «قال : انتهيت إلى عليّ بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٤/٣٣٤.

(٢) المصدر نفسه ٤/٣٤٩.


الحسين بن عليّ الأصغر وهو منبسط على فراش له وهو مريض ، وإذا شمر ابن ذي الجوشن في رجالة معه يقولون : ألا نقتل هذا. قال : فقلت : سبحان الله أنقتل الصبيان إنّما هذا صبيّ؟ قال : فما زال ذلك دأبي أدفع عنه كلّ من جاء حتّى جاء عمر بن سعد فقال : ألا لا يدخلنّ بيت هؤلاء النسوة أحد ، ولا يعرضنّ لهذا الغلام المريض ، ومن أخذ من متاعهم شيئاً فليردّه عليهم ، قال : فوالله ما ردّ أحد شيئاً ، قال : فقال عليّ بن الحسين : جزيت من رجل خيراً فوالله لقد دفع الله عنّي بمقالتك شرّاً...»(١).

ومن هنا لابدّ النظر بدقّة وتمحيص لهذه الروايات لأجل الوصول إلى الملامح الرئيسية والأدوار المتتابعة له خلال هذه المرحلة ، من خلال ما يأتي :

١ ـ روايته للمراسلات التي جرت بين عبيد الله بن زياد أمير الكوفة وعمر بن سعد قائد جيش الأمويّين في المعركة ، وروايته لخبر إرسال عبيد الله رسالة بيد الشمر بن ذي الجوشن لعمر بن سعد ، ووصول هذا يوم التاسع ، وكانت الرسالة تحمل في مضمونها أمر القتال(٢) ، عن حميد بن مسلم قال : «ثمّ إنّ عبيد الله بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن فقال له : اخرج بهذا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٤/٣٤٧.

(٢) ومحتوى الرسالة هي : «أمّا بعد ، فإنّي لم أبعثك إلى الحسين لتطاوله الأيام ، ولا لتمنّيه السلامة والبقاء ، ولا لتكون شفيعه إليّ ، فأعرض عليه ، وعلى أصحابه النزول على حكمي ، فإن أجابوك فابعث به وبأصحابه إليّ ، وإن أبوا فازحف إليه ، فإنّه عاقّ شاقّ ، فإن لم تفعل فاعتزل جندنا ، وخلّ بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر ، فإنّا قد أمرناك بأمرنا. فنادى عمر بن سعد في أصحابه أن انهدّوا إلى القوم».

ينظر : الأخبار الطوال : ٢٥٥ ، الإرشاد ٢/٨٨ ، روضة الواعظين : ١٨٢ ـ ١٨٣.


الكتاب إلى عمر بن سعد فليعرض على الحسين عليه‌السلام وأصحابه النزول على حكمي ، فإن فعلوا فليبعث بهم إليّ سلماً ، وإن هم أبوا فليقاتلهم ، فإن فعل فاسمع له وأطع ، وإن هو أبى فقاتلهم فأنت أمير الناس وثب عليه فاضرب عنقه وابعث إليّ برأسه»(١).

٢ ـ روايته موقف عمر بن سعد على أثر الرسالة المذكورة ، ومحاولة عمر توصيل رسالة لأمير الكوفة بموقفه المتشدّد اتجاه الحسين عليه‌السلام وأصحابه ، وتبديد مطامح الشمر الذي كان توّاقاً لاستلام قيادة الجيش ، قال : «وزحف عمر بن سعد نحوهم ثمّ نادى : يا زويد أدن رايتك ، قال : فأدناها ثمّ وضع سهمه في كبد قوسه ثمّ رمى فقال : اشهدوا أنّي أوّل من رمى»(٢).

٣ ـ روايته لمخطّط عبيد الله بن زياد في تشديد الحصار على الحسين عليه‌السلام بناءً على الرسالة التي بعثها إلى عمر بن سعد ، قال : «جاء من عبيد الله بن زياد كتاب إلى عمر بن سعد أمّا بعد فحل بين الحسين عليه‌السلام وأصحابه وبين الماء ولا يذوقوا منه قطرة(٣) ، ونلحظ من مضمون هذه الرسالة أنّ حميد كان حاضراً خلال هذا الوقت في كربلاء ، ومن المحتمل نزل مع شمر بن ذي الجوشن ، أو التحق به فيما بعد ، لكن مدلول الرواية توضّح تواجده مع اللحظات الحاسمة بعد وصول شمر بن ذي الجوشن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣١٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٥/٥١ ـ ٥٢.

(٢) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣٢٦ ، الإرشاد ٢/٢٨٨.

(٣) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣١١ ، الإرشاد ٢/٨٦ ، مناقب آل أبي طالب ٣/٢٤٧.


وفي نصّ آخر ينفرد به حميد يذكر الإجراءات السريعة التي اتّخذها عمر بن سعد بعد وصول هذه الرسالة بإرسال عبد الله بن حصين الأزدي إلى معسكر الحسين عليه‌السلام ونادى بأعلى صوته : «يا حسين ألا تنظر إلى الماء كأنّه كبد السماء والله لا تذوق منه قطرة حتّى تموت عطشا. فقال الحسين : اللّهم اقتله عطشا ولا تغفر له أبداً. قال حميد بن مسلم : والله لعدته بعد ذلك في مرضه ، فوالله الذي لا إله إلاّ هو لقد رأيته يشرب حتّى بغر ، ثمّ يقيء ثمّ يعود فيشرب حتّى يبغر فما يروى ، فما زال ذلك دأبه حتّى لفظ غصّته يعني نفسه»(١).

٤ ـ روايته لمصارع بني هاشم في ساحة المعركة ، من خلال معاينته لمسيرة المعركة ، فقد نقل مشاهد حيّة انفرد بها عن غيره ، لكونه كان حاضراً لكلّ مشاهدها ، ونقل بعض التفاصيل التي كانت محلّ اعتماد من قبل مؤرّخي المقاتل ، فهو يحدّثنا مرّة عن مصرع عليّ بن الحسين الأكبر عليهما‌السلام : «قال : سماع أذني يومئذ من الحسين يقول : قتل الله قوماً قتلوك يا بني ما أجرأهم على الرحمان وعلى انتهاك حرمة الرسول ، على الدنيا بعدك العفاء. قال : وكأنّي أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنّها الشمس الطالعة تنادي يا أخيّاه ويا بن أخاه قال فسألت عنها فقيل : هذه زينب ابنة فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فجاءت حتّى أكبّت عليه فجاءها الحسين ، فأخذ بيدها ، فردّها إلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣١٢ ، الإرشاد ٢/٨٧ ، إعلام الورى بأعلام الهدى ١/٤٥ ، بحار الأنوار ٤٤/٣٨٩.


الفسطاط ، وأقبل الحسين إلى ابنه وأقبل فتيانه إليه فقال : احملوا أخاكم فحملوه من مصرعه حتّى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه»(١).

وروى كذلك مقتل القاسم ابن الإمام الحسن وعبد الله بن مسلم بن عقيل وعون وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب ومحمّد بن عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب وعبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب وجعفر بن عقيل بن أبي طالب(٢).

٥ ـ روايته اللّحظات الأخيرة من حياة الإمام الحسين عليه‌السلام ، وفي نصّ مباشر ينقل لنا حميد بن مسلم الأحداث الجمّة التي مرّت بالإمام الحسين وقوّة العزيمة والإرادة والثبات على المبدأ فقال : «فو الله ما رأيت مكثوراً قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشاً ولا أمضى جناناً منه إن كانت الرجّالة لتشدّ عليه فيشدّ عليها بسيفه فتنكشف عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب»(٣).

وروى كذلك مصرع الحسين عليه‌السلام بتفاصيل دقيقة ، وخاصّة اللّحظات الأخيرة من حياته بعد سقوطه من ظهر فرسه ، ومن المحتمل وقوفه بجنب المقاتلة الذين شدّوا على الحسين ؛ بل وحتّى ينقل تفاصيل الكلام الذي جرى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣٤١.

(٢) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣٤١ ـ ٣٤٣.

(٣) المصدر نفسه ٤/٣٤٥ ، الإرشاد ٢/١١١ ، روضة الواعظين ١/١٨٩.


بين الحسين وهؤلاء ، ومن الأهمّية لذلك ذكر الأسماء التي اشتركت بمقتل الحسين كشمر بن ذي الجوشن ، وزرعة بن شريك ، وسنان بن أنس ، وغيرهم(١).

٦ ـ روايته للحوادث المتعلّقة ما بعد العاشر من المحرّم ، إذ نقل الحوار الذي جرى بين زيد بن أرقم وبين عبيد الله بن زياد ، عندما جيء برأس الحسين إلى مجلس عبيد الله بن زياد : «قال : دعاني عمر بن سعد فسرّحني إلى أهله لأبشّرهم بفتح الله عليه وبعافيته فأقبلت حتّى أتيت أهله فأعلمتهم ذلك ، ثمّ أقبلت حتّى أدخل ، فأجد ابن زياد قد جلس للناس وأجد الوفد قد قدموا عليه فأدخلهم وأذّن للنّاس فدخلت فيمن دخل ، فإذا رأس الحسين موضوع بين يديه ، وإذا هو ينكت بقضيب بين ثنيّتيه ساعة. فلمّا رآه زيد بن أرقم لا ينجم عن نكته بالقضيب قال له : أعل بهذا القضيب عن هاتين الثنيّتين ، فو الذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله(صلى الله عليه وآله) على هاتين الشفتين يقبّلهما ، ثمّ انفضح الشيخ يبكي ، فقال له ابن زياد : أبكى الله عينيك فوالله لولا أنّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك»(٢).

وسجّل لنا كذلك خبر دخول السبايا أهل البيت عليهم‌السلام على مجلس عبيد الله ابن زياد وحواره مع الإمام عليّ بن الحسين قال : «إنّي لقائم عند ابن زياد حين عرض عليه عليّ بن الحسين فقال له : ما اسمك؟ قال : أنا عليّ بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الرسل والملوك ٤/٣٤٦ ـ ٣٤٧.

(٢) المصدر نفسه ٤/٣٤٩.


الحسين ، قال : أولم يقتل الله عليّ بن الحسين ؟...»(١).

٧ ـ ومن الروايات المهمّة التي نقلها حميد بن مسلم خطبة ابن زياد في جامع الكوفة بعد وفود السبايا ، والتي أعطت طابعاً مهمّاً جدّاً عن محاولة تغييب السلطة وتعتيمها الإعلامي حول ما جرى في واقعة كربلاء وإظهار دور المنتصر الذي لم يقف أمامه أيّاً كان ، حتّى وإن كان الحسين بن عليّ فهو يراه متمرّداً على السلطة الأموية ، قال : «لما دخل عبيد الله القصر ودخل الناس نودي الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس في المسجد الأعظم ، فصعد المنبر ابن زياد فقال : الحمد الله الذي أظهر الحقّ وأهله ، ونصر أمير المؤمنين يزيد بن معاوية وحزبه ، وقتل الكذّاب بن الكذّاب الحسين بن علي وشيعته»(٢).

ودوّن لنا مواقف لبعض الشخصيّات الكوفية التي كانت في منتهى الشجاعة والبطولة ، لم تخش في الله لومة لائم ، في الوقت كانت السلطة الأموية في أشدّ قساوتها وما حدث للحسين اعتبرته درساً للآخرين ، لكنّ هذا لم يثنِ عبد الله بن عفيف الأزدي عن قول كلمة حقّ أمام سلطان جائر ، وكان من خيار الشيعة وزهّادها ، وكانت عينه اليسرى ذهبت في يوم الجمل والأخرى في يوم صفّين ، وكان يلازم المسجد الأعظم يصلّي فيه إلى اللّيل ثمّ ينصرف(٣) ، ويصوّر لنا حميد بن مسلم هذه اللحظات بأدقّ التفاصيل ، فلمّا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٤/٣٥٠.

(٢) المصدر نفسه ٤/٣٥٠.

(٣) المصدر نفسه ٤/٣٥٠.


سمع مقالة ابن زياد وثب قائماً ثمّ قال : «يا بن مرجانة إنّ الكذّاب أنت وأبوك ، والذي ولاّك وأبوه ، يا بن مرجانة : أتقتلون أبناء النبيّين وتكلّمون بكلام الصدّيقين»(١) ، وكانت نهاية لهذا الموقف الكبير أن يأمر بقتله وصلبه(٢).

ثالثاً : من الرواة لثورة التوّابين :

يتكرّر ذكر حميد بن مسلم في نقل وقائع حركة التوّابين في سنة (٦٥هـ) التي قادها سليمان بن صرد الخزاعي ضدّ الحكم الأموي ثأراً لواقعة كربلاء ، وهذا ما نقله سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال : «والله إنّي لشاهد بهذا اليوم يوم ولّوا سليمان بن صرد وإنّا يومئذ لأكثر من مائة رجل من فرسان الشيعة ووجوههم في داره(٣) ، ونقل أبو مخنف كذلك عن حميد بن مسلم قوله : قلت لسليمان بن صرد إنّ المختار والله يثبّط الناس عنك إنّي كنت عنده أوّل ثلاث»(٤).

نقف على جملة أمور في هذا النصّ ، إذ لا يختلف كثيراً موقفه عن سابقه ، فعملية انضمامه إلى التوّابين لا يعني أصبح منهم ، ولا يمكن عداده من التوّابين المناهضين ، أو جزء من تحرّكاتهم ضدّ الأمويّين ، بل نراه يقف موقف المتفرّج الناقل للأحداث ليس إلاّ ، بل نرى من خلال كلامه مع سليمان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٤/٣٥٠.

(٢) المصدر نفسه ٤/٣٥٠.

(٣) المصدر نفسه ٤/٤٢٨.

(٤) المصدر نفسه ٤/٤٥٢.


ابن صرد كان موقفه سلبيّاً اتّجاه دور المختار بن أبي عبيدة الثقفي الذي حاول جاهداً العمل على تنظيم المعارضة ضدّ الأمويّين ، تنظيم وإعداد عناصره إعداداً جيّداً بحيث يصبحون على قدر من النضج والوعي قبل القيام بأيّ نشاط علني ، ولا يكون عملية ردّ الفعل من قبل التوّابين دون دراسة مسبقة للظروف المحيطة بالثورة متّهماً إيّاهم بقصر النظر وعدم الكفاءة لقيادة الثورة الشيعية الهادفة إلى الانتقام من قتلة الحسين عليه‌السلام(١) ، لكنّ هذا لا يعني السعي بالشحناء وإيغال القلوب ، وهذا أمر كان في ذلك الوقت له نتائج مدمّرة سواء كان يشعر به فاعله أو لم يكن.

فهو مثلاً يشهد كربلاء ولا يقاتل في أيّ من الصفّين ولا يؤثر عنه فعل ، لا في هذا الجانب ولا في ذاك ، ثمّ يكون مع التوّابين الذين ثاروا ضدّ بني أميّة في إطار التكفير عن الذنب وقد اتّخذوا من الثأر للحسين عليه‌السلام شعاراً رئيسيّاً لها(٢) ، لكنّ هؤلاء لم تتح لهم فرصة القتال مع الحسين لأسباب كثيرة ، الاعتقال ، أو الإقامة الجبرية ، أو تطويق الكوفة من قبل شرطة ابن زياد ومنع الخروج منها ، بينما كان هذا الرجل موجوداً في ساحة المعركة ، وشهد تحوّل عدد من أنصار بني أميّة إلى المعسكر الحسيني فلم يكن هناك شيء ليمنعه لو كان صاحب موقف.

مع العلم من خلال نصوص الروايات التي وردت عنه تشير إلى تواجده

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٤/٤٤٩ ، التوّابون : ١١٩ ـ ١٢٠.

(٢) تاريخ الرسل والملوك ٤/٤٥٢.


في المعركة الفاصلة بين التوّابين وجيش عبيد الله بن زياد في موقعة عين وردة سنة (٦٥هـ) ، لكن لم يشترك في المعركة ، بل لم يكن إلاّ مراسلاً حربيّاً لهذه المعركة ، ونلحظ هذا في أكثر من حادثة وحادثة ، فيقول : «لمّا قتل المسيّب بن نجبة(١) أخذ الراية عبدالله بن سعد بن نفيل»(٢)(٣) ، ونضيف إلى لائحة الروايات التي رواها الرجل على لسانه ربّما كانت تحتلّ مكاناً أبرز من النصّ السابق ويبيّن من خلاله موقفه من سير المعركة بعد أن وضعت أوزارها ، قال : «لمّا تهيّأنا للانصراف ـ بعد الواقعة ـ قام عبدالله بن غزية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المسيّب بن نجبة بن ربيعة بن رباح بن عوف الفزاري الكوفي ، قال ابن سعد : في الطبقة الأولى من أهل الكوفة شهد القادسية وفتوح العراق وشهد مع الإمام عليّ مشاهده ، خرج مع سليمان بن صرد في طلب دم الحسين بن عليّ فقتلا سنة خمس وستّين في وقعة عين الوردة وبعث الحصين بن نمير برأس المسيّب بن نخبة مع أدهم بن محرز الباهلي إلى عبيد الله بن زياد وبعث به عبيد الله بن زياد إلى مروان بن الحكم فنصبه بدمشق.

ينظر : الطبقات الكبرى ٦/٢١٦ ، ١/١٣٩ ، رجال الطوسي : ٩٨ ، الثقات ٥/٤٣٧ ، تهذيب التهذيب ٨/١٨٥.

(٢) عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي ، من جملة الذين تخلّفوا عن نصرة الإمام الحسين عليه‌السلام ، وبدءوا تحرّكهم ضدّ الأمويّين سنة إحدى وستّين وهي السنة التي قتل فيها الحسين عليه‌السلام فلم يزل القوم في جمع آلة الحرب والاستعداد للقتال ودعاء الناس في السرّ من الشيعة وغيرها إلى الطلب بدم الحسين فكان يجيبهم القوم بعد القوم والنفر بعد النفر فلم يزالوا كذلك حتّى ثاروا ضدّ الأمويّين واستشهد في وقعة عين الوردة في ربيع الآخر سنة خمس وستّين للهجرة.

ينظر : تاريخ الطبري ٣/٣٩٤ ، ٤١٨ ، الكامل في التاريخ ٤/١٢ ، البداية والنهاية ٨/٢٥٤.

(٣) تاريخ الرسل والملوك ٤/٤٦٦.


ووقف على القتلى فقال : يرحمكم الله فقد صدقتم وصبرتم وكذّبنا وفررنا»(١).

يتكرّر الموقف السابق لحميد في هذه المعركة أيضاً ، إذ وقف موقف المتفرّج الناقل للحدث ليس إلاّ ، وهو يختلف بالتأكيد عن التضحية العظمى التي جعلت هؤلاء يتجاوزون حياتهم نحو الآخرين ومن أجل الآخرين.

رابعاً : من الرواة لثورة المختار بن أبي عبيدة الثقفي :

يتكرّر ذكره في نقل أخبار حركة المختار بن أبي عبيدة الثقفي في سنة (٦٦ هـ) بالضدّ من الحكم الأموي ، في الكوفة حتّى سنة (٦٧ هـ) ، كانت النهاية المأساوية للتوّابيين في هذه الحركة التي يمكن اعتبارها أوّل ثورة مناهضة للحكم الأموي في الكوفة بعد استشهاد الإمام الحسين ، ولا شكّ كانت هذه الثورة ردّة فعل على فاجعة كربلاء ، ومع كلّ ما كتب عن هذه الثورة ومصيرها ، لكن يبقى أن نقول إنّها سجّلت للتاريخ مواقف لا يمكن أن تمحى من البال ، ومع نهايتها المتوقّعة من قبل المختار والتي أعلن عنها في وقت سابق للمنضمّين لصفوف سليمان بن صرد الخزاعي ، ولم يكن كلامه عن هذا المصير لتثبيط المعنويات كما يتصوّر البعض(٢) ؛ لأنّ جميع محاولاته بالاتّصال بسليمان قد باءت بالفشل ، وكلّ من الطرفين كان له وجهة نظره الخاصّة من ناحية التنظيم والأداء واختيار الوقت المناسب ، حيث كان يرى سليمان بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٤/٤٧١.

(٢) التوّابون : ١١٩ ـ ١٢٠.


صرد الخزاعي أنّ أوج الثورة والعمل المسلّح والإطاحة بقواعد الدولة الأموية في العراق قد وصل أعلى مراحله وخاصّة بعد السيطرة على الكوفة ، ولم يبق سوى عبيدالله بن زياد في الموصل حيث كانوا على استعداد للّقاء به ، أمّا بالنسبة للمختار كان يرى أنّ قواعد التنظيم بالنسبة للعمل العسكري لم تنتظم بعد وخاصّة أنّ عبيدالله بن زياد لم يزل يمتلك قوّة لا يستهان بها لذا آثر أن يغتنم وقتاً أكبر لأجل الوصول إلى نتائج مرضية والاستفادة من جميع القوى والفئات في الكوفة أو خارجها على أمل أن يحقّق نصراً يشلّ فيه أذناب الدولة الأموية في العراق ، وهذا ما شاهدناه فيما بعد من القضاء السريع على ثورة التوّابين ، لذا عمل المختار بخطّ آخر وأخذ يجمع حوله ما تمكّن من الأشخاص وكان انهيار ثورة التوّابين بالنسبة له أن ينفرد بالساحة الكوفية تحت لواء واحد ، ويصبح الزعيم المنتظر لشيعتها(١).

يكمن دور حميد بن مسلم خلال هذه المرحلة المهمّة بجوانب عدّة وخاصّة ، بعد إعلان المختار عن برنامجه الذي سيقوم به بعد سيطرته على مقاليد الأمور من خلال لقائه بشخصيّات الكوفة في سجنه ، فكان لا ينفكّ يردّد على مسامع زائريه أنّه لن يتخلّى مطلقاً عمّا سعى إليه وجاء من أجله ، أو يتوقّف لحظة عن السير في الاقتصاص ومعاقبة المسؤولين عن دم الحسين ، والمضيّ في ملاحقتهم أيّاً كانوا وفي أيّ أرض ذهبوا إليها ، وكانت هذه عصب دعوته الرئيسية ، وتردّدت على مسامع حميد بن مسلم توجّه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه : ١٢١.


المختار بعد لقائه فيه وجهاً لوجه فسمعه يقول : «أما وربّ البحار ، والنخيل والأشجار ، والمهامّة والقفار ، والملائكة الأبرار ، والمصطفين الأخيار ، لأقتلنّ كلّ جبّار بكلّ لدن خطّار ومهنّد بتّار في جموع من الأنصار ليسوا بميل أغمار ولا بعزل أشرار. حتّى إذا أقمت عمود الدين وزايلت شعب صدع المسلمين وشفيت غليل صدور المؤمنين وأدركت بثأر أولاد النبيّين ، لم يكبر عليّ زوال الدنيا ولم أحفل بالموت إذا أتى»(١) ، وهذه الكلمة أخذ يردّدها المختار مراراً وتكراراً ، وأشار إلى ذلك حميد بن مسلم فقال : «فكان إذا أتيناه وهو في السجن ردّد علينا هذا القول حتّى خرج منه قال وكان يتشجّع لأصحابه بعد ما خرج ابن صرد»(٢).

كانت زيارات حميد بن مسلم المتكرّرة للمختار في السجن قد لا تعطي موقفاً إيجابيّاً للرجل ؛ لأنّ المختار كان على علم بازدواجية شخصية حميد ودوره في واقعة كربلاء ، لكنّه لم يفصح عن ذلك لأنّه كان أحد المطلوبين له ، وإن لم يفصح له عن ذلك ؛ لأنّ موقفه بين أسوار السجن لم تسمح له بمحاولة استعداء الآخرين أو إثارتهم ضدّه ، وهو في هذا الموقف الذي لا يحسد عليه ، وقد علمنا موقف حميد السابق من إيغال قلوب التوّابين ضدّه.

الخطّ العام لمنهج ثورة المختار كان أمام أنظار حميد بن مسلم ولم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) تاريخ الرسل والملوك ٤/٤٥٠.

(٢) المصدر نفسه ٤/٤٥١.


يغب عنه للحظة ، لذلك حاول أن يجد سبيلاً بخروجه من هذا الشرك وإبعاد كلّ التهم عنه من خلال الانضمام ولو الشكلي لهذه الثورة وتأييدها المعلن والاشتراك بكافّة المخطّطات التي هيّأت لها.

فمع اللحظات الأولى لها ، نجده ينضمّ إلى صفوفها مع إبراهيم بن مالك الأشتر ، الذي تربطه علاقة الصداقة ، إذ يروي أبو مخنف عن يحيى بن أبي عيسى الأزدي هذه التحوّل في الموقف ويصف برواية مهمّة جدّاً الاندماج الفعلي لحميد مع هذه الثورة من خلال اللقاءات المستمرّة التي كان يعقدها المختار مع إبراهيم بن مالك الأشتر الذي كان يصطحبه معه في هذه الاجتماعات السرّية ، قال : «كان حميد بن مسلم الأسدي صديقاً لإبراهيم بن الأشتر وكان يختلف إليه ويذهب به معه وكان إبراهيم يروح في كلّ عشية عند المساء فيأتي المختار فيمكث عنده حتّى تصوب النجوم ثمّ ينصرف فمكثوا بذلك يدبّرون أمورهم حتّى اجتمع رأيهم على أن يخرجوا ليلة الخميس لأربع عشرة من ربيع الأوّل سنة (٦٦هـ) ووطّن على ذلك شيعتهم ومن أجابهم»(١).

يأتي الدور الذي أسهم فيه حميد بن مسلم خلال هذه الثورة راوياً لبعض أحداثها ومساهماً فعليّاً مع قادتها في القتال ، ونقف على ذلك في أكثر من نصّ ونصّ ويمكن الاستشهاد بجملة من هذه الروايات التي توقفنا على حال هذا الرجل ضمن هذه المرحلة وهي :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٤/٤٩٦.


١ ـ كان مع التحرّك الأوّل لتنفيذ المهمّات التي اتّفق عليها لهذه الثورة في ليلة الخميس لأربع عشرة من ربيع الأوّل سنة (٦٦هـ)(١) ، بقيادة إبراهيم ابن مالك الأشتر ، والتي كانت مهمّتها الأولى بتصفية وملاحقة كلّ من توجّه أصابع الاتّهام ضدّه ، أو يكون موقفه سلبيّاً اتّجاه ما يحدث من تغيير أوضاع داخل الكوفة.

٢ ـ روايته لتحرّكات إبراهيم بن مالك الأشتر ، ويروي كذلك في نفس الوقت دوره في الكتائب العسكرية التي قادها إبراهيم(٢) ، وقد صوّر ذلك من خلال نصّ أورده أوضح فيه قال : «خرجت مع إبراهيم من منزله بعد المغرب ليلة الثلاثاء حتّى مررنا بدار عمر بن حريث ونحن مع ابن الأشتر كتيبة نحو من مائة علينا الدروع قد كفرنا عليها بالأقبية ونحن متقلّدو السيوف ليس معنا سلاح إلاّ السيوف في عواتقنا والدروع قد سترناها بأقبيتنا...»(٣).

٣ ـ يروي دور المختار العسكري في مواجهة وقتال الكثير من القيادات الكوفية التي شاركت في قتال الحسين ، في مواقع عدّة داخل الكوفة وخارجها(٤) ، ونلمح من خلالها أنّه كان حاضر في بعضها ، بل كان له دور يذكر له خلال هذه المداهمات والمواجهات ، سجّلها ببيت من الشعر قال فيه دفاعاً عن عبد الرحمن بن عفيف الأزدي الذي سقط جريحاً في هذه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٤/٤٩٦.

(٢) المصدر نفسه ٤/٤٩٧ ـ ٤٩٩.

(٣) المصدر نفسه ٤/٤٩٧.

(٤) المصدر نفسه ٤/٤٩٩ ـ ٥٠٠.


المواجهات بقوله :

لأضربنَّ عن أبي حكيم

مفارق الأعبد والصميم(١)

وبعد أن استتبّت الأمور إلى المختار أخذ يتقصّى ويبحث ويطلب كلّ من له يد من قريب أو بعيد ، في الخروج لقتال الحسين ، وعلى الرغم من انحياز حميد إلى المختار لكن هذا الأمر لم ينفع في تبرئته من إثم المشاركة في كربلاء ، ولذا طلبه المختار فيمن طلب ، ونقل أبو مخنف عن سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال : «جاءنا السائب بن مالك الأشعري في خيل المختار فخرجت نحو عبد القيس وخرج عبد الله وعبد الرحمن ابنا صلخب في أثري وشغلوا بالاحتباس عليهما عنّي فنجوت وأخذوهما ثمّ مضوا بهما حتّى مرّوا على منزل رجل يقال له عبد الله بن وهب ابن عمرو ابن عمّ أعشى همدان من بني عبد فأخذوه فانتهوا بهم إلى المختار فأمر بهم فقتلوا في السوق فهؤلاء ثلاثة فقال حميد بن مسلم في ذلك حيث نجا منهم :

ألم ترني على دهش

نجوت ولم أكد أنجو

رجـاء الله أنقذنـي

ولم أك غيره أرجو (٢)

لم نقف بعد ذلك على أيّ شيء من تفاصيل حياته بعد هروبه من المختار ، ومن المحتمل أنّه آثر التخفّي خشية تعرّضه للقتل ، لكن من خلال تتبّعنا نقف على رواية يذكرها الطبري تشير إلى بقائه إلى أيّام سيطرة عبد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه ٤/٥٢٤.

(٢) المصدر نفسه ٤/٥٣٠.


الملك بن مروان على الحكم بعد ما قتل المختار على يد أتباع مصعب بن الزبير ، وهُزم آل الزبير بيد أتباع الأمويّين. حيث نلاحظ له قصيدة رثاء في حقّ عبد الرحمن بن مخنف (الأزدي) الذي قتل ـ وهو من قادة الحجّاج الثقفي ـ في معركة مع الخوارج في حوالي سنة ٧٥ هـ قال فيها :

إن يقتلوك أبا حكيم غدرة

فلقد تشدّ وتقتل الأبطالا

أو يثكلونا سيّداً لمسوّد

سمح الخليقة ماجداً مفضالا

فلمثل قتلك هدّ قومك كلّهم

من كان يحمل عنهم الأثقالا

من كان يكشف غرمهم وقتالهم

يوماً إذا كان القتال نزالا

أقسمت ما نيلت مقاتل نفسه

حتّى تدرّع من دم سربالا

وتناجز الأبطال تحت لوائه

بالمشرفية في الأكفِّ نصالا

يوماً طويلاً ثمّ آخر ليلهم

حين استبانوا في السماء هلالا

وتكشّفت عنه الصفوف وخيله

فهناك نالته الرماح فمالا

وبعد هذه الأحداث لم يعرف خبره.

نتيجة البحث :

من خلال ما تقدّم يمكن أن نلحظ أنّ محور هذه الشخصية قد لا تخرج عن نطاق نقل الأحداث وهو ما نطلق عليه اليوم المراسل الحربي أو الصحفي سواء كان في واقعة كربلاء أو بعدها في ثورة التوّابين ، أو ثورة المختار ، في حين نجد أنّ هناك عدّة نصوص تاريخية قد تخرج هذه


الشخصية من هذا النطاق المبني عليه ، إذ نجد اسمه في كثير من الأحداث السياسية التي جرت خلال عصره ، إن لم يكن طرفاً مؤثّراً في أحداثها ، نجده طرفاً معنيّاً يشار له ، من جانب آخر حاول حميد بن مسلم من خلال بعض مرويّاته التي ذكرتها المصادر وبالأخصّ الطبري ، نراه يقف موقفاً حياديّاً ، أو يبعد نفسه عن كلّ شبهة قد تلصق له من قبل المؤرّخين ، بل نجده يبرّر ، أو يرفض بعض الأعمال التي انتهجها البعض خلال مسيرة المعركة ، محاولاً تسجيل لنفسه مواقف إيجابيه اتّجاه ما جرى في هذه الواقعة ، لكن هذا لا يعفيه عن دوره التاريخي السلبي اتّجاه هذه الأحداث ، وحتّى عملية انضمامه إلى التوّابين لا يمكن عداده من التوّابين المناهضين ، أو جزء من تحرّكاتهم ضدّ الأمويّين ، بل نراه يقف موقف المتفرّج الناقل للأحداث ليس إلاّ ، وعلى الرغم من انحياز حميد إلى المختار لكنّ هذا الأمر لم ينفع في تبرئته من إثم المشاركة في كربلاء ، أن تغاضى عنه لبرهة من الوقت ، لكن أصبح فيما بعد من المطلوبين الأمر الذي دعاه إلى الهروب من الكوفة والتخفّي خشية الملاحقة والقتل.

وختاماً مقولة الإمام الحسين عليه‌السلام شخّصت مصير الرجل بقوله : «فو الذي نفس الحسين بيده لا يسمع اليوم واعيتنا أحد فلا يعيننا إلاّ كبّه الله لوجهه في جهنّم»(١).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أمالي الصدوق : ١٣٧ ، تاريخ الطبري ٤/٣٠٨ ، ينابيع المودّة لذوي القربى ٣/٦٣.


المصادر

١ ـ الإرشاد : المفيد ، محمّد بن النعمان (ت ٤١٣ هـ) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، ط٢.

٢ ـ إعلام الورى بأعلام الهدى : الطبرسي ، الفضل بن الحسن بن الفضل (ت٥٤٨ هـ) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، (قم : مطبعة ستارة ، ١٤١٧ هـ).

٣ ـ الأخبار الطوال : الدنيوري ، أحمد بن داود (ت ٢٨٢هـ) ، تحقيق : عبد المنعم عامر ، (القاهرة : دار إحياء الكتب العربي ،١٩٦٠م).

٤ ـ الأمالي : الصدوق ، أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي (ت ٣٨١هـ) ، (قم ، المكتبة الإسلامية ، ١٤٠٤هـ).

٥ ـ بحار الأنوار : المجلسي ، محمّد باقر (١١١١ هـ) ، (بيروت : مؤسّسة الوفاء ، ١٤٠٤هـ).

٦ ـ البداية والنهاية : ابن كثير ، أبو الفداء إسماعيل بن عمر (ت٧٧٤هـ) ، (بيروت : مكتبة المعارف ، د.ت).

٧ ـ تاريخ الرسل والملوك : الطبري ، أبو جعفر محمّد بن جرير (ت٣١٠هـ) ، (بيروت : دار الكتب العلمية ، د. ت).

٨ ـ التاريخ الكبير : البخاري ، أبو عبدالله محمّد بن إسماعيل (ت٢٥٦هـ) ، تحقيق السيد هاشم الندوي ، (بيروت : دار الفكر.د. ت).


٩ ـ تاريخ مدينة دمشق : ابن عساكر ، علي بن الحسن (ت٥٧١ هـ) ، تحقيق علي شيري ، ط١ ، (بيروت : ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ،١٤١٥هـ).

١٠ ـ التوّابون : بيضون ، إبراهيم ، (بيروت : بلا. د.ت).

١١ ـ تهذيب التهذيب : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني (ت٨٥٢هـ) ، (بيروت : دار الفكر ، ١٤٠٥هـ).

١٢ ـ الثقات : ابن حبّان ، محمّد بن حبّان بن أحمد التميمي (ت٣٥٤ هـ) ، تحقيق شرف الدين أحمد ، (بيروت : دار الفكر ،١٩٧٥م).

١٣ ـ الجرح والتعديل : ابن أبي حاتم ، عبد الرحمن التميمي (ت ٣٢٧ هـ) ، ط١ ، (بيروت : دار إحياء التراث العربي ،١٢٧١هـ).

١٤ ـ الرجال : أبو جعفر محمّد بن الحسن (ت٤٦٠هـ) ، تحقيق جواد القيّومي ومؤسّسة النشر الإسلامي ، (قم : مؤسّسة النشر الإسلامي ، ١٤١٥هـ).

١٥ ـ روضة الواعظين : ابن الفتّال النيسابوري ، محمّد (ت٥٠٨هـ) ، تحقيق محمّد مهدي الخرسان ، (قم : منشورات الرضي ، د. ت).

١٦ ـ الطبقات الكبرى : ابن سعد ، محمّد بن منيع البصري (ت٢٣٠هـ) ، (بيروت : دار صادر ، د. ت).

١٧ ـ الكامل في التاريخ : ابن الأثير ، أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمّد (ت ٦٣٠هـ) ، تحقيق عبد الله القاضي ، ط٢ ، (بيروت : دار الكتب العلمية ، ١٤١٥هـ).

١٨ ـ لسان الميزان : ابن حجر ، أحمد بن علي العسقلاني (ت٨٥٢هـ) ، (بيروت : مؤسّسة الأعلمي ، ١٤٠٦هـ).

١٩ ـ اللهوف : ابن طاووس ، عليّ بن موسى (ت٦٦٤ هـ) ، (طهران : دار العالم ، ١١٣٤٨هـ).


٢٠ ـ مثير الأحزان : ابن نما الحلّي ، جعفر بن محمّد (ت٦٤٥هـ) ، (قم : مدرسة الإمام المهدي ، ١٤٠٩هـ).

٢١ ـ مناقب آل أبي طالب : ابن شهرآشوب ، رشيد الدين محمّد بن علي (ت٥٨٨هـ) ، تحقيق لجنة أساتذة النجف الأشرف ، (النجف الأشرف : المطبعة الحيدرية ، ١٣٧٦ هـ).

٢٢ ـ ميزان الاعتدال في نقد الرجال : الذهبي ، شمس الدين محمّد بن أحمد (ت ٧٤٨هـ) ، تحقيق الشيخ علي محمّد معوض ، والشيخ عادل أحمد ، (بيروت : دار الكتب العلمية ، ١٩٩٥م).

٢٣ ـ ينابيع المودّة لذوي القربى : القندوزي ، سليمان بن إبراهيم (ت١٢٩٤هـ) ، تحقيق علي جمال أشرف الحسيني ، (قم : دار الأسوة ،١٤١٣هـ).


فهرس النصوص المحقّقة في مجلّة تراثنا

(من العدد ١ ـ إلى العدد ١١٠)

حيدر كاظم الجبوري

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على خيرة خلق الله محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

وبعد :

لمّا تطوّر علم التحقيق ، ومرّ بمراحل مختلفة ، حيث تعدّدت مناهجه ، وتشعّبت مدارسه ، وتأسّست له المراكز والمؤسّسات المختصّة ، وعقدت الندوات والمؤتمرات المحلّية والعالمية ، وكتبت البحوث والدراسات العلمية في شأنه ، حتّى صار محطّ أنظار العلماء والمحقّقين والباحثين ، وكتبت الفهارس والمعاجم التي تحصي وتأرشف لما حقّق ونشر من التراث المخطوط ، وكان من بين هذه المؤسّسات والمراكز مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، التي كان لها الدور الكبير في نشر التراث الإسلامي العظيم ، وخرّجت الكثير من الأساتذة من خلال الدورات التعليمية التي تخصّ تحقيق


التراث الإسلامي ، وكان لنشرة (تراثنا) الغرّاء دوراً فعّالاً في نفض الغبار عن تراثنا العريق ، مبنيةً على القواعد الصحيحة والمناهج العلمية في تحقيق النصوص منذ أن تأسّست حتّى الآن ، ولمّا نشر فيها من تراث علميٍّ رصين ، وبعد التوكّل على الله تعالى ارتأيت أن أضع فهرساً للنصوص المحقّقة والمحقّقين في نشرة (تراثنا) الغرّاء من (العدد الأوّل ، ١٤٠٥هـ/ إلى العدد المزدوج ١٠٩ ـ ١١٠ ، ١٤٣٣هـ) خدمة للمحقّقين وللباحثين ، وهذا الفهرس هو باكورة سلسلة عزمت القيام بها تتضمّن النصوص المحقّقة في المجلاّت العربية ، وقد ارتأيت أن أبيّن عملي في هذا الفهرس على النقاط الآتية :

١ ـ رتّبتُ عناوين النصوص المحقّقة على حروف المعجم.

٢ ـ وضعتُ فهرساً للمحقّقين مرتّباً على حروف المعجم.

٣ ـ ذكرتُ اسم المصنّف مع لقبه وسنة الولادة والوفاة إن وجد ذلك.

٤ ـ ذكرت الألقاب العلمية للمحقّقين وكما هو مثبت في النشرة ، مثل : (السيّد ، الشيخ ، الدكتور).

٥ ـ ذكرت عدد المجلّة وتاريخ نشر النصّ المحقّق.

وَآَخِرُ دَعْوَانا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

حيدر ابن الحاج كاظم الجبوري

الحوزة العلمية ـ النجف الأشرف

٢٨ شهر رمضان المبارك/ ١٤٣٤هـ


(فهرس عناوين النصوص المحقّقة)

(حرف الألف)

١ ـ الإبانة عن المماثلة في الاستدلال بين طريقي النبوّة والإمامة :

للشيخ أبي الفتح محمّد بن علي الكراجكي (ت ٤٤٩هـ) ؛ تحقيق : علي جلال باقر الداقوقي ، ع٨٥ ـ ٨٦ ، س٢٢ ، محرّم الحرام ١٤٢٧هـ ، ص ٢٧٦ ـ ٣٩٤.

٢ ـ الإثنا عشرية الصومية :

للشيخ بهاء الدين محمّد بن بن الحسين بن عبد الصمد العاملي البهائي ؛ تحقيق : الشيخ علي المرواريد ، ع١١ ، س٣ ، ربيع الثاني ١٤٠٨هـ ، ص١٩١ ـ ٢٢٦.

٣ ـ الإثنا عشرية في الصلاة اليومية :

للشيخ بهاء الدين محمّد بن بن الحسين بن عبد الصمد العاملي البهائي ؛ تحقيق : الشيخ محمّد الحسّون ، ع١٢ ، س٣ ، رجب ١٤٠٨هـ ، ص ١٣٤ ـ ١٩٩.

٤ ـ أحلام اليقظة مع صدر المتألّهين :

للشيخ محمّد رضا المظفّر (١٣٢٢ ـ ١٣٨٣هـ) ؛ تحقيق : الشيخ هادي القبيسي ، ع٨١ ـ ٨٢ ، س٢١ ، محرّم الحرام ١٤٢٦هـ ، ص ٢٧٥ ـ ٣٠٢.


٥ ـ آداب المؤمنين وأخلاقهم :

للشيخ سليمان بن محمّد الجيلاني التنكابني (توفّي بعد سنة ١١٢٥هـ) ؛ تحقيق : الشيخ محمّد مشكور ، ع٧٥ ـ ٧٦ ، س١٩ ، رجب ١٤٢٤هـ ، ص ٢٦٨ ـ ٣٥٠.

٦ ـ الأربعون حديثاً في المهدي (عج) :

للحافظ أبي نعيم الأصبهاني (ت ٤٣٠هـ) ؛ تحقيق : علي جلال باقر ، ع٧٧ ـ ٧٨ ، ص ٣٥٧ ـ ٤٥٣.

٧ ـ الأربعون حديثا :

للشيخ ظهير الدين أبي الفضل محمّد بن سعيد هبة الله الراوندي (من أعلام القرن السابع الهجري) ؛ تحقيق : هيثم السمّاك ، ع٤٥ ـ ٤٦ ، س١٢ ، محرّم الحرام ١٤١٧هـ ، ص ٢٨٣ ـ ٣١٩.

٨ ـ الأرجوزة اللطيفة في علوم البلاغة :

للشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي ؛ تحقيق : السيّد أحمد الحسيني الأشكوري ، ع٤ ، س١ ، ربيع ١٤٠٦هـ ، ص ٢٠٩ ـ ٢١٧.

٩ ـ الأرض والتربة الحسينية :

للشيخ محمّد الحسين كاشف الغطاء (١٢٩٤ ـ ١٣٧٣هـ) ؛ تحقيق : رباح كاظم الفتلي ، ع٧١ ـ ٧٢ ، س١٨ ، رجب ١٤٢٣هـ ، ص ٢٩٧ ـ ٤١٨.

١٠ ـ الاسطنبولية في الواجبات العينيّة أو ما لا يسع المكلّف جهله :

للشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد العاملي (٩١١ ـ


٩٦٥هـ) ؛ تحقيق : الشيخ أحمد العبادي ، والشيخ رضا المختاري ، ع٢٢ ، س٦ ، محرّم الحرام ١٤١١هـ ، ص ١٦٩ ـ ٢٠٤.

١١ ـ أصدق الأخبار في قصّة الأخذ بالثّار :

للسيّد محسن الأمين العاملي (١٢٨٤ ـ ١٣٧١هـ) ؛ تحقيق : فارس حسّون كريم ، ع٦٦ ـ ٦٧ ، س١٧ ، ١٤٢٢هـ ، ص ٣٠٧ ـ ٤٣٠.

١٢ ـ أضواء الدرر الغوالي لإيضاح غصب فدك والعوالي :

للشيخ حسن بن محمّد بن علي المهلّبي (الصوفي) (ت ٨٤٠هـ) ؛ تحقيق : الشيخ أحمد المحمودي ، ع٧٥ ـ ٧٦ ، س١٩ ، ١٤٢٤هـ ، ص ٣٥١ ـ ٤٢٦.

١٣ ـ الإعلام بحقيقة إسلام أمير المؤمنين عليه‌السلام :

للعلاّمة الكراجكي (ت ٤٤٩هـ) ؛ تحقيق : علي موسى الكعبي ، ع٢١ ، س٥ ، شوّال ١٤١٠هـ ، ص ٣٨٩ ـ ٤٢٠.

١٤ ـ إنجاحُ المطالب (شرح المنظومة المحبّية في علوم البلاغة : المعاني ، والبيان ، والبديع) :

للشيخ محمّد رضا القمّي المشهدي (ق ١٢) ؛ تحقيق : السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، ع٢٥ ، س٦ ، شوّال ١٤١١هـ ، ص ١١٥ ـ ٢٤٢.

(حرف الباء)

١٥ ـ البشارة لطلاّب الاستخارة :

للشيخ أحمد بن صالح البحراني (ت ١١٢٤هـ) ؛ تحقيق : مشتاق صالح


المظفّر ، ع١٠٥ ـ ١٠٦ ، س٢٧ ، محرّم الحرام ١٤٣٢هـ ، ص ٣٠٣ ـ ٤١٢.

١٦ ـ بغية الطالب في حال أبي طالب :

للسيّد محمّد بن حيدر بن نور الدين بن علي الموسوي العاملي (ت ١١٣٩هـ) ؛ تحقيق : د. محمّد جواد نور الدين فخر الدين ، ع٩٩ ـ ١٠٠ ، س٢٥ ، رجب ١٤٣٠هـ ، ص ٤١٣ ـ ٥٠٦.

(حرف التاء)

١٧ ـ تحفة الإخوان في حكم شرب الدخان :

للسيّد هبة الدين الحسيني الشهرستاني (ت ١٣٨٦هـ) ؛ تحقيق : السيّد محمود المقدّس الغريفي ، ع ١٠٩ ـ ١١٠ ، س٢٨ ، محرّم الحرام ١٤٣٣هـ ، ص ٣٥٣ ـ ٤١٣.

١٨ ـ تحفة الطالب بمعرفة من ينتسب إلى عبد الله وأبي طالب :

للسيّد الحسين بن عبد الله الحسيني السمرقندي (ت حدود سنة ١٠٤٣هـ) ؛ تحقيق : الشيخ محمّد كاظم المحمودي ، ع٦٣ ـ ٦٤ ، س١٦ ، رجب ١٤٢١هـ ، ص ٢٨٧ ـ ٤٣٤.

١٩ ـ تخميس قصيدة البردة للبوصيري :

للسيّد حسن الأعرجي ؛ تحقيق : أسد مولوي ع٢٣ ، س٦ ، ربيع الثاني ١٤١١هـ ، ص ١٥١ ـ ٢٢٠.


٢٠ ـ تخميس قصيدة البردة للبوصيري :

للشاعر محمّد رضا النحوي (ت ١٢٢٦هـ) ؛ تحقيق : أسعد الطيّب ، ع٥٩ ـ ٦٠ ، س١٥ ، رجب ١٤٢٠هـ ، ٣٠٣ ـ ٣٩١.

٢١ ـ تخميس لاميّة العجم في رثاء الحسين :

لعماد أبو جعفر أو أبو الفضل محمّد بن علي الشيباني السورائي ؛ تحقيق : أسد مولوي ، ع١ ، س٢ ، محرّم الحرام ١٤٠٧هـ ، ص ٢٠١ ـ ٢١٦.

٢٢ ـ تخميس لاميّة العجم :

للشيخ الحرّ العاملي (١٠٣٣ ـ ١١٠٤هـ) ؛ تحقيق : أسعد الطيّب ، ع٢٨ ، س٧ ، رجب ١٤١٢هـ ، ص ١٦٣ ـ ١٩٢.

٢٣ ـ تذكرة المجتهدين (رسالة في معرفة مشايخ الشيعة تشتمل على أسامي بعض الرواة وعلماء الشيعة ومصنّفاتهم إلى سنة ٩٦٥هـ) :

للشيخ يحيى بن حسين بن عشيرة السمابادي البحراني اليزدي المفتي (كان حيّاً في سنة ٩٧٠هـ) ؛ تحقيق : حسين جودي كاظم الجبوري ، ع١٠٢ ـ ١٠٣ ، س٢٦ ، ربيع الآخرة ١٤٣١هـ ، ٢٠٥ ـ ٢٩٠.

٢٤ ـ ترجمة الإمام الحسن عليه‌السلام من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد :

تهذيب وتحقيق : السيّد عبد العزيز الطباطبائي ، ع١١ ، س٣ ، ربيع الثاني ١٤٠٨هـ ، ص ١١٧ ـ ١٩٠.


٢٥ ـ ترجمة الحسين ومقتله عليه‌السلام من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد :

تحقيق : السيّد عبد العزيز الطباطبائي ، ع١٠ ، س٣ ، محرّم الحرام ١٤٠٨هـ ، ص ١١٩ ـ ٢٠٥.

٢٦ ـ تسمية من قتل مع الحسين عليه‌السلام من ولده وإخوته وأهل بيته وشيعته :

للمحدّث الفضيل بن الزبير بن عمر بن درهم الكوفي الأسدي (من أصحاب الإمامين الباقر والصادق (ع) ؛ تحقيق : السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، ع٢ ، س١ ، خريف ١٤٠٦هـ ، ص ١٢٧ ـ ١٦٠.

٢٧ ـ التعريف بوجوب حقّ الوالدين :

للشيخ أبي محمّد بن علي الكراجكي (ت ٤٤٩هـ) ؛ تحقيق : حامد الطائي ، ع٤٩ ، س١٣ ، محرّم الحرام ١٤١٨هـ ، ص ١٨٧ ـ ٢٣٠.

٢٨ ـ تفسير سورة الإخلاص :

للشيخ محمّد علي الاُردوبادي (١٣١٢ ـ ١٣٨٠هـ) ؛ تحقيق : الشيخ جعفر عباس الحائري ، ع٤ ، س١ ، ربيع ١٤٠٦هـ ، ص ٢٩٩ ـ ٢٠٨.

٢٩ ـ تفسير سورة الدهر :

للسيّد صدر الدين محمّد بن نصير الدين الحسني (ت ١١٥٤هـ) ؛ تحقيق : السيّد حسين الوردي ، ع٩٧ ـ ٩٨ ، س٢٥ ، محرّم الحرام ١٤٣٠هـ ، ص ٣٠٧ ـ ٤١٨.


٣٠ ـ تنزيه القمّيّين :

لأبي الحسن الفتوني العاملي (ت ١١٣٨هـ) ؛ تحقيق : الشيخ كاظم الشيخ محمّد تقي الجواهري ، ع٥٢ ، س١٣ ، شوّال ١٤١٨هـ ، ص ١٦٣ ـ ٢٤٢.

(حرف الجيم)

٣١ ـ جمل الآداب في نظم كتاب عيسى بن دأب :

للشيخ محمّد طاهر السماوي النجفي ؛ تحقيق : الشيخ محمّد مشكور ، ع٩٧ ـ ٩٨ ، س٢٥ ، محرّم الحرام ١٤٣٠هـ ، ص ٤٥٤ ـ ٤٠٧.

٣٢ ـ جهة القبلة :

للشيخ بهاء الدين محمّد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي (الشيخ البهائي) (٩٥٣ ـ ١٠٣٠هـ) ؛ تحقيق : الشيخ هادي حسن القبيسي العاملي ، ع٤٣ ـ ٤٤ ، س١١ ، ذو الحجّة ١٤١٦هـ ، ص ٤٠٥ ـ ٤٣٩.

(حرف الحاء)

٣٣ ـ الحكايات : (من إملاء الشيخ المفيد أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي (٣٣٦ ـ ٤١٣هـ) ، ورواية السيّد الشريف المرتضى أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي (٣٥٥ ـ ٤٣٦هـ) ؛ تحقيق : السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، ع١٦ ، س٤ ، رجب ١٤٠٩هـ ، ص ٩١ ـ ١٦٤.


(حرف الخاء)

٣٤ ـ الخلاصة في علم الكلام :

لقطب الدين السبزواري (من أعلام أوائل القرن السادس) ؛ تحقيق : السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، ع٣٤ ، س٩ ، محرّم الحرام ١٤١٤هـ ، ، ص ١٢٣ ـ ٢٢٦.

(حرف الدال)

٣٥ ـ الدرّة البهية في بيان وفاة وولادة أصحاب الإجازة من علمائنا بعد الثلثمائة إلى الآن :

للشيخ مرزوق بن محمّد بن عبد الله الشويكي (كان حيّاً عام ١٢١٤هـ) ؛ تحقيق : د. عمّار عبّودي نصّار ، ع٩٣ ـ ٩٤ ، س٢٤ ، محرّم الحرام ١٤٢٩هـ ، ص ٣١٣ ـ ٤٣٨.

٣٦ ـ الدرّة البيضاء في شرح خطبة الزهراء :

للسيّد هادي الحسيني الصائغ (ت ١٣٧٧هـ) ؛ تحقيق : د. محمّد جواد نور الدين فخر الدين ،ع١٠٧ ـ ١٠٨ ، س٢٧ ، رجب ١٤٣٢هـ ، ص ٢٩٣ ـ ٤٥٣.

٣٧ ـ دليل النصّ بخبر الغدير على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام :

للعلاّمة الكراجكي (ت ٤٤٩هـ) ؛ تحقيق : أسامة آل جعفر ، ع٢١ ، س٥ ، شوّال ١٤١٠هـ ، ص ٤٢١ ـ ٤٥٤.


(حرف الراء)

٣٨ ـ الردّ على الوهّابية :

للشيخ محمّد جواد البلاغي (١٢٨٢ ـ ١٣٥٢هـ) ؛ تحقيق : السيّد محمّد علي الحكيم ، ع٣٥ ـ ٣٦ ، ربيع الآخر ١٤١٤هـ ، ص ٣٧٥ ـ ٤٥٧.

٣٩ ـ رسالة عدم مضايقة الفوائت :

لابن طاووس ، رضيّ الدين علي بن موسى بن جعفر العلوي الحسني ؛ تحقيق : السيّد محمّد علي الطباطبائي المراغي ، ع٢ ـ ٣ ، س٢ ، رمضان ١٤٠٧هـ ، ص ٣٣١ ـ ٣٥٩.

٤٠ ـ رسالة في إعجاز سورة الكوثر :

لجار الله أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري ؛ تحقيق : حامد الخفّاف ، ع١٣ ، س٣ ، شوّال ١٤٠٨هـ ، ص ١٩٥ ـ ٢٤٦.

٤١ ـ رسالة في افتتاح الكلام ببسم الله تيمّناً وتبرّكاً :

للشيخ زين الدين بن نور الدين العاملي (الشهيد الثاني) ؛ تحقيق : هيئة التحرير ، ع١٢ ، س٣ ، رجب ١٤٠٨هـ ، ص ٢٠٠ ـ ٢٠٩م.

٤٢ ـ رسالة في تحقيق حال أبان بن عثمان :

للسيّد محمّد باقر الشفتي الجيلاني (١١٧٥ ـ ١٢٦٠هـ) ؛ تحقيق : السيّد عبد الكريم محمّد الموسوي ، ع٥٣ ـ ٥٤ ، س١٤ ، جمادى الآخرة ١٤١٩هـ ، ص ٣٥٥ ـ ٤٤٢.


٤٣ ـ رسالة في جواز العدول عن العمرة إلى الإفراد عند ضيق الوقت :

للسيّد محمّد جواد بن محمّد بن محمّد الحسيني العاملي (١١٦٤ ـ ١٢٢٦هـ) ؛ تحقيق : السيّد محمّد علي الطباطبائي المراغي ، ع١ ، س٢ ، محرّم الحرام ١٤٠٧هـ ، ص ١٨٦ ـ ٢٠٠.

٤٤ ـ رسالة في حال صاحب كتاب قرب الإسناد :

للشيخ كمال الدين أبو الهدى الكلباسي (١٢٧٨ ـ ١٣٥٦هـ) ؛ تحقيق : الشيخ محمّد الكلباسي ، ع١٠٥ ـ ١٠٦ ، س٢٧ ، محرّم الحرام ١٤٣٢هـ ، ص ٤١٥ ـ ٤٥٦.

٤٥ ـ رسالة في شرح (الدنيا مزرعة الآخرة) :

للشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين العاملي (٩١١ ـ ٩٦٥هـ) ؛ تحقيق : أسامة آل جعفر ، ع١٧ ، س٤ ، شوّال ١٤٠٩هـ ، ص ٢١١ ـ ٢٣٠.

٤٦ ـ رسالة في شرح حديث حبّنا أهل البيت عليهم‌السلام يكفّر الذنوب :

لعلي بن عبد الله البحراني (ت ١٣١٩هـ) ؛ تحقيق : مشتاق المظفّر ، ع٥٧ ، س١٤ ، محرّم الحرام ١٤٢٠هـ ، ص ١٤٢٠هـ ، ص ٢٠٧ ـ ٢٦٠.

٤٧ ـ رسالة نزهة الألباب :

للسيّد مهدي ابن السيّد أحمد القزويني النجفي الحلّي ؛ تحقيق : الشيخ جواد الروحاني ، ع٢ ، س١ ، خريف ١٤٠٦هـ ، ص ١٦٥ ـ ١٧٥.


٤٨ ـ رسالة نقض الوهّابية :

للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء (١٢٩٤ ـ ١٣٧٣هـ) ؛ تحقيق : السيّد غياث طعمة ، ع١٣ ، س٣ ، شوّال ١٤٠٨هـ ، ص ١٦٥ ـ ١٩٤.

(حرف الزاي)

٤٩ ـ زهرة الرياض :

لابن طاووس ، السيّد أحمد بن موسى بن جعفر العلوي الحسني (ت ٦٧٣هـ) ؛ تحقيق : أسد مولوي ، ع١٨ ، س٥ ، محرّم الحرام ١٤١٠هـ ، ص ١٣٩ ـ ٢٣٨.

(حرف السين)

٥٠ ـ السحاب المطير في تفسير آية التطهير :

للشهيد القاضي السيّد نور الله التستري ؛ تحقيق : هدى جاسم محمّد أبو طبر ـ ع٣٨ ـ ٣٩ ، س١٠ ، محرّم الحرام ١٤١٥هـ ، ص ٤٠١ ـ ٤٥٩.

(حرف الشين)

٥١ ـ شرح (هيهات ما ذلك الظن بك) :

للشيخ محمّد بن سليمان التنكابني (ت ١٢٠٢ أو ١٣١٠هـ) ؛ تحقيق :


سعاد بديع مطير ، ود. مشتاق كاظم جمعة ، ع١٠٣ ـ ١٠٤ ، س٢٦ ، رجب ١٤٣١هـ ، ص٢٦٥ ـ ٢٩٨.

٥٢ ـ شرح لفظ الجلالة (معارضة ومناظرة ، للشيخ علي بن عبد الله البحراني مع المحقّق سعد الدين التفتازني في توجيه علمية الاسم الجليل (الله) :

للشيخ علي بن عبد الله البحراني (ت ١٣١٩هـ) ؛ دراسة وتحقيق : د. عماد جبّار كاظم ، ع٩٣ ـ ٩٤ ، س٢٤ ، محرّم الحرام ١٤٢٩هـ ، ص ٤٤٠ ـ ٥٠٥.

٥٣ ـ الشهاب الثاقب (منظومة في الإمامة) :

للسيّد محمّد باقر الحجّة الطباطبائي الحائري ؛ مع شرحه للشيخ محسن شريف آل صاحب الجواهر ؛ تحقيق : الشيخ إحسان الجواهري ، ع٤١ ـ ٤٢ ، س١١ ، محرّم الحرام ١٤١٦هـ ، ص ٢٧٩ ـ ٤٠٣.

(حرف الصاد)

٥٤ ـ صحائف الأبرار في وظائف الأسحار :

للشيخ محمّد الحسين كاشف الغطاء (ت ١٣٧٣هـ) ؛ تحقيق : السيّد عبد الهادي الشريفي ، ع١٠١ ـ ١٠٢ ، س٢٦ ، محرّم الحرام ١٤٣١هـ ، ص ١٧٧ ـ ٢٩٨.


(حرف العين)

٥٥ ـ عجالة المعرفة في أصول الدين :

للشيخ ظهير الدين أبي الفضل محمّد بن سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي (من أعلام القرن السادس الهجري) ؛ تحقيق : السيّد محمّد الحسيني الجلالي ، ع٢٩ ، س٧ ، شوّال ١٤١٢هـ ، ص ١٩٩ ـ ٢٤٠.

٥٦ ـ عقدٌ في إلزام الإمامي بأحكام نحلته :

للشيخ محمّد جواد البلاغي (١٢٨٢ ـ ١٣٥٢هـ) ؛ إعداد : السيّد محمّد علي الحكيم ، ع٨١ ـ ٨٢ ، س٢١ ، محرّم الحرام ١٤٢٦هـ ، ص ٣٠٣ ـ ٣٩٣.

٥٧ ـ العقود الإثنى عشر في رثاء سادات البشر :

للسيّد مهدي بن مرتضى الطباطبائي بحر العلوم ؛ تحقيق : السيّد عبد العزيز الطباطبائي ، ع١٠ ، س٣ ، محرّم الحرام ١٤٠٨هـ ، ص ٢٠٧ ـ ٢١٦.

(حرف الغين)

٥٨ ـ غديرية ابن علوان :

تحقيق : أسد مولوي ، ع٩ ، س٢ ، ذو الحجة ١٤٠٧هـ ، ص ١٥٥ ـ ١٦٩.

٥٩ ـ غديرية :

للشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت ١١٠٤) ؛ تحقيق : أسد مولوي ، ع٢١ ، س٥ ، شوّال ١٤١٠هـ ، ص ٣٦٧ ـ ٣٨٨.


(حرف الفاء)

٦٠ ـ فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام :

لعيسى بن يزيد بن بكر بن دأب (من أعلام القرن الثاني) ؛ تحقيق : الشيخ محمّد مشكور ، ع٩٧ ـ ٩٨ ، س٢٥ ، محرّم الحرام ١٤٣٠هـ ، ص ٤٢٢ ـ ٤٥٣.

٦١ ـ فكرةٌ عن جمع القرآن :

للسيّد أبو القاسم الخوئي (ت ١٣١٣هـ) ؛ تحقيق : علي جلال باقر الداقوقي ، ع٨٣ ـ ٨٤ ، س٢١ ، رجب ١٤٢٦هـ ، ص ٣٧٩ ـ ٤٤١.

٦٢ ـ فلسفة الميثاق والولاية :

للسيّد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي (١٢٩٠ ـ ١٣٧٧هـ) ؛ تحقيق : علي جلال باقر ، ع٦٢ ، س١٦ ، ربيع الآخر ١٤٢١هـ ، ص ٢٢٥ ـ ٢٨٤.

(حرف القاف)

٦٣ ـ القصيدة المسيحية في مدح أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب :

للمولى مسيح الدين محمّد بن إسماعيل الشيرازي الفسوي المعروف بـ (ملاّ مسيحا) (ت ١٠٣٧ ـ ١١٢٧هـ) ؛ تحقيق : سعد ناصر النجّار ، ع١٠٣ ـ ١٠٤ ، س٢٦ ، رجب ١٤٣١هـ ، ص ٢٩٩ ـ ٣٢٨.


(حرف الكاف)

٦٤ ـ كتاب الأربعين المنتقى :

لأبي الخير أحمد إسماعيل بن يوسف بن محمّد القزويني (٥١٢ ـ ٥٩٠هـ) ؛ تحقيق : السيّد عبد العزيز الطباطبائي ، ع١ ، س١ ، صيف ١٤٠٥هـ ، ص ٩٥ ـ ١٢٨.

٦٥ ـ كتاب الليل والنهار :

لابن فارس ، أبو الحسين أحمد بن فارس القزويني الرازي (من أعلام القرن الرابع الهجري) ؛ تحقيق : حامد الخفّاف ، ع١٤ ، س٤ ، محرّم الحرام ، ١٤٠٩هـ ، ص ١٦٣ ـ ١٩٩.

٦٦ ـ كتاب قضاء حقوق المؤمنين :

للشيخ أبو علي الحسن بن طاهر الصوري ؛ تحقيق : حامد الخفّاف ، ع٣ ، س١ ، شتاء ١٤٠٦هـ ، ص ١٧٣ ـ ٢٠٥.

٦٧ ـ الكواكب الدريّة في النصوص على إمامة خير البرية :

للسيّد صلاح بن إبراهيم بن أحمد الحسني الزيدي (المتوفّى أوائل القرن الثامن الهجري) ؛ تحقيق : السيّد شهيد الخطيب ، ع٧٣ ـ ٧٤ ، س١٩ ، محرّم الحرام ١٤٢٤هـ ، ص ٣١١ ـ ٤٠٦.

(حرف الّلام)

٦٨ ـ اللمعة الجلية في معرفة النية :

للشيخ أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي (٧٥٧ أو ٧٥٨ ـ ٨٤١هـ) ؛ تحقيق :


عبد الحسين الحسّون ، ع٩ ، س٢ ، ذو الحج١ّة ١٤٠٧هـ ، ص ١٧١ ـ ٢٢٢.

(حرف الميم)

٦٩ ـ المبين عن وجوب مسح الرجلين :

للعلاّمة الكراجكي ، القاضي أبو الفتح محمّد بن علي الكراجكي (ت ٤٤٩هـ) ؛ تحقيق : علي موسى الكعبي ، ع١٩ ، س٥ ، ربيع الثاني ، ١٤١٠هـ ، ص ١٨٥ ـ ٢٢٠.

٧٠ ـ محاسبة الملائكة الكرام آخر كلّ يوم من الذنوب الآثام أو محاسبة النفس :

للسيّد أبو القاسم علي بن موسى بن طاووس (٥٨٩ ـ ٦٦٤هـ) ؛ تحقيق : الشيخ هادي القبيسي العاملي ، ع٤٥ ـ ٤٦ ، س١٢ ، محرّم الحرام ١٤١٧هـ ، ٣٢١ ـ ٣٨٦.

٧١ ـ مختصر إثبات الرجعة :

لأبي محمّد الفضل بن شاذان بن الخليل الأزدي النيشابوري (٢٦٠هـ) ؛ تحقيق : السيّد باسم الموسوي ، ع١٥ ، س٤ ، ربيع الثاني ١٤٠٩هـ ، ص ١٩٣ ـ ٢٢٢.

٧٢ ـ مرثية الإمام الحسين عليه‌السلام :

للملاّ حبيب الله بن الشريف الكاشاني (١٢٦٢ ـ ١٣٤٠هـ) ؛ تحقيق : فارس حسّون كريم ، ع٦١ ، س١٦ ، محرّم الحرام ١٤٢١هـ ، ص ١٨٧ ـ ٢١٨.


٧٣ ـ مسائل الفاضل المقداد وأجوبة الشهيد :

السائل هو : جمال الدين أبو عبد الله المقداد السيوري (ت ٨٢٦هـ) ، والمسؤول هو : الشهيد شمس الدين أبو عبد الله الدمشقي الجزيني (٧٧٤ ـ ٧٨٦هـ) :

تحقيق : الشيخ عبّاس الحسّون ، ع٢ ـ ٣ ، س٢ ، رمضان ١٤٠٧هـ ، ص٣٦٠ ـ ٣٨٥.

٧٤ ـ مسند الحبري (مجموع ما أسنده من الحديث الشريف) :

للحسين بن الحكم بن مسلم أبو عبد الله الحبري الوشّاء الكوفي (ت ٢٨٦هـ) نسخة مستخرجة ؛ استخراج وتقديم وتوثيق : السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي ، ع٣٢ ـ ٣٣ ، س٨ ، رجب ١٤١٣هـ ، ص ٢٧٥ ـ ٣٨٥.

٧٥ ـ مصباح المبتدي وهداية المقتدي :

لابن فهد الحلّي ، الشيخ جمال الدين أبو العبّاس (ت ٧٥٧هـ) ؛ تحقيق : السيّد محمّد عبد الرزّاق ، ع١٦ ، س٤ ، رجب ١٤٠٩هـ ، ص ١٦٥ ـ ٢٢٢.

٧٦ ـ المعقّبون من ولد الإمام أمير المؤمنين أبي الحسن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام :

للسيّد يحيى بن الحسن بن جعفر الحجّة الحسيني المدني العبيدلي (٢١٤ ـ ٢٧٧هـ) ؛ تحقيق : فارس حسّون كريم ، ع٦٩ ـ ٧٠ ، محرّم الحرام ١٤٢٣هـ ، ٢٩٩ ـ ٤٠٢.

٧٧ ـ المفاضلة بين الرضي والهروي :

تحقيق : السيّد أحمد الحسيني الأشكوري ، ع٥ ، س١ ، ربيع ١٤٠٦هـ ، ص ١٧٦ ـ ١٩٥.


٧٨ ـ المقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى :

للشيخ تقي الدين إبراهيم الكفعمي ؛ تحقيق : الشيخ فارس الحسّون ، ع٢٠ ، س٥ ، رجب ١٤١٠هـ ، ص ١٢٧ ـ ٢٢٥.

٧٩ ـ مقتل الإمام الحسين عليه‌السلام من كتاب (تاريخ الخلفاء) :

تحقيق : الشيخ رسول جعفريان ، ع٦٨ ، س١٧ ، شوّال ١٤٢٢هـ ، ص ٢٠١ ـ ٢٥٠.

٨٠ ـ مقتل أمير المؤمنين :

لابن أبي الدنيا (٢٠٨ ـ ٢٨١هـ) ؛ تحقيق : السيّد عبد العزيز الطباطبائي ، ع١٢ ، س٣ ، رجب ١٤٠٨هـ ، ص ٧٩ ـ ١٣٣.

٨١ ـ المقنع في الغَيبة والزيادة المكمّلة له :

للشريف الرضي (٣٥٥ ـ ٤٣٦هـ) ؛ تحقيق : السيّد محمّد علي الحكيم ، ع٢٧ ، س٧ ، ربيع الآخر ١٤١٢هـ ، ص ١٥٥ ـ ٢٣٨.

٨٢ ـ مكتبة العلاّمة الكراجكي :

لأحد معاصريه ؛ تحقيق واستدراك : السيّد عبد العزيز الطباطبائي ، ع٤٣ ـ ٤٤ ، س١١ ، ذو الحجّة ١٤١٦هـ ، ص ٣٦٥ ـ ٤٠٤.

٨٣ ـ مناظرة الملك ركن الدولة للصدوق ابن بابويه :

للشيخ أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بن بابويه (ت٣٨١هـ) ؛ تحقيق : جواد الورد ، ع٨٩ ـ ٩٠ ، س٢٣ ، محرّم الحرام ، ١٤٢٨هـ ، ص ٣٠٣ ـ ٤٤٣.


٨٤ ـ مناظرة هشام بن الحكم في مجلس هارون الرشيد :

تحقيق : د. خضر محمّد نبها ، ع٨٧ ـ ٨٨ ، س٢٢ ، رجب ١٤٢٧هـ ، ص ٢٧٩ ـ ٣٧٩.

٨٥ ـ منظومة غاية التقريب :

للسيّد ضياء الدين محمّد حسين الشهرستاني المرعشي الحائري (١٢٥٥ ـ ١٣١٥هـ) ؛ تحقيق : هيئة التحرير ، ع٣ ، س١ ، شتاء ١٤٠٦هـ ، ص ١٥٨ ـ ١٧٠.

٨٦ ـ منهاج الحقّ واليقين في تفضيل عليٍّ أمير المؤمنين عليه‌السلام على سائر الأنبياء والمرسلين ما خلا محمّد خاتم النبيّين(صلى الله عليه وآله) :

لولي بن نعمة الله الحسيني الرضوي الحائري (من أعلام القرن العاشر الهجري) ؛ تحقيق : مشتاق صالح المظفّر ، ع٩١ ـ ٩٢ ، س٢٣ ، رجب ١٤٢٨هـ ، ص ٢٦٢ ـ ٤١٤.

(حرف النون)

٨٧ ـ نبذة الباغي فيما لابدّ منه من آداب الداعي :

للشيخ جمال الدين أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي (٧٥٧ ـ ٨٤١هـ) ؛ تحقيق : فارس حسّون كريم ، ع٥٥ ـ ٥٦ ، س١٤ ، رجب ١٤١٩هـ ، ٣٥٣ ـ ٤٠٣.

٨٨ ـ نبذة من السياسة الحسينية :

للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء (ت ١٣١٣هـ) ؛ تحقيق : علي جلال


باقر ، ع٧٩ ـ ٨٠ ، س٢٠ ، رجب ١٤٢٥هـ ، ص ٣٠١ ـ ٤٠٩.

٨٩ ـ نبذة من كتاب جواهر الكلام في الحكم والأحكام ، من قصر أخبار سيّد الأنام محمّد المصطفى(صلى الله عليه وآله) :

لأبي الفتح عبد الواحد بن محمّد التميمي الآمدي (ت ٥٥٠هـ) ؛ تحقيق : السيّد حسن الموسوي البروجردي ، ع٩١ ـ ٩٢ ، س٢٣ ، رجب ١٤٢٨هـ ، ص ٤١٧ ـ ٤٧٤.

٩٠ ـ الندبة الأولى للإمام علي بن الحسين عليه‌السلام :

تحقيق : فارس حسّون كريم ، ع٥٨ ، س١٤ ، ربيع الآخر ١٤٢٠هـ ، ص ٢٠٥ ـ ٢٣٧.

٩١ ـ نسمات الهدى ونفحات المهدي :

للشيخ محمّد جواد البلاغي (١٢٨٢ ـ ١٣٥٢هـ) ؛ إعداد : السيّد محمّد علي الحكيم ، ع٦٥ ، س١٧ ، محرّم الحرام ، ١٤٢٢هـ ، ص ٢١٧ ـ ٢٧٤.

٩٢ ـ النكت البديعية في تحقيق الشيعة :

للشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي البحراني (ت ١١٢١هـ) ؛ تحقيق : مشتاق صالح المظفّر ، ع٩٩ ـ ١٠٠ ، س٢٥ ، رجب ١٤٣٠هـ ، ص ٢٧٥ ـ ٤١٠.

٩٣ ـ النكت في مقدّمات الأصول في (علم الكلام) :

من أمالي الشيخ المفيد (٣٣٦ ـ ٤١٣هـ) ؛ تحقيق : السيّد محمّد الحسيني الجلالي ، ٣٠ ـ ٣١ ، محرّم الحرام ، ١٤١٣هـ ، ص ٤٤٥ ـ ٥٠٩.


٩٤ ـ نهاية الإقدام في وجوب المسح على الأقدام :

للشهيد القاضي نور الله التستري (٩٥٦ ـ ١٠١٩هـ) ؛ تحقيق : هدى جاسم محمّد أبو طبرة ، ع٤٧ ـ ٤٨ ، س١٢ ، رجب ١٤١٧هـ ، ص ٣٣٩ ـ ٤٨٠.

(حرف الواو)

٩٥ ـ الوجيزة في الدراية :

للشيخ بهاء الدين محمّد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي (الشيخ البهائي) (٩٥٣ ـ ١٠٣٠هـ) ؛ تحقيق : ماجد الغرباوي ، ع٣٢ ـ ٣٣ ، س٨ ، رجب ١٤١٣هـ ، ص ٣٨٧ ـ ٤٣٩.

٩٦ ـ وصية الإمام الكاظم عليه‌السلام لهشام بن الحكم :

تحقيق : الشيخ فارس حسّون كريم ، ع٥٠ ـ ٥١ ، س١٣ ، ربيع الآخر ١٤١٨هـ ، ص ٣٩٥ ـ ٤٥٦.

٩٧ ـ وصيّة العلاّمة الحلّي إلى ولده فخر المحقّقين :

تحقيق : حامد الطائي ، ٤١ ـ ٤٢ ، س ١١ ، محرّم الحرام ، ١٤١٦هـ ، ص ٤٠٥ ـ ٤٢٩.

٩٨ ـ وصية نافعة :

للشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين العاملي (٩١١ ـ ٩٦٥هـ) ؛ تحقيق : الشيخ رضا المختاري ، ع١٤ ، س٤ ، محرّم الحرام ١٤٠٩هـ ، ص ٢٠٠ ـ ٢٢٤.


(فِهرسُ المحقّقين)

* الشيخ أحسان الجواهري :

ـ الشهاب الثاقب (منظومة في الإمامة) : للسيّد محمّد باقر الحجّة الطباطبائي الحائري ؛ مع شرحه للشيخ محسن شريف آل صاحب الجواهر ، ع٤١ ـ ٤٢ ، س١١ ، محرّم الحرام ١٤١٦هـ ، ص ٢٧٩ ـ ٤٠٣.

* السيّد أحمد الحسيني الأشكوري :

ـ المفاضلة بين الرضي والهروي : ع٥ ، س١ ، ربيع ١٤٠٦هـ ، ص ١٧٦ ـ ١٩٥.

ـ الأُرجوزة اللطيفة في علوم البلاغة : للشيخ محمّد بن محمّد رضا القمّي ، ع٤ ، س١ ، ربيع ١٤٠٦هـ ، ص ٢٠٩ ـ ٢١٧.

* الشيخ أحمد العبادي :

ـ الاسطنبولية في الواجبات العينيّة أو ما لا يسع المكلّف جهله : للشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد العاملي (٩١١ ـ ٩٦٥هـ) ، والشيخ رضا المختاري ، ع٢٢ ، س٦ ، محرّم الحرام ١٤١١هـ ، ص ١٦٩ ـ ٢٠٤.


* الشيخ أحمد المحمودي :

ـ أضواء الدرر الغوالي لإيضاح غصب فدك والعوالي : للشيخ حسن بن محمّد بن علي المهلبي (الصوفي) (ت ٨٤٠هـ) ، ع٧٥ ـ ٧٦ ، س١٩ ، ١٤٢٤هـ ، ص ٣٥١ ـ ٤٢٦.

* أسامة آل جعفر :

ـ دليل النصّ بخبر الغدير على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام : للعلاّمة الكراجكي (ت ٤٤٩هـ) ، ع٢١ ، س٥ ، شوّال ١٤١٠هـ ، ص ٤٢١ ـ ٤٥٤.

ـ رسالة في شرح (الدنيا مزرعة الآخرة) : للشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين العاملي (٩١١ ـ ٩٦٥هـ) ، ع١٧ ، س٤ ، شوّال ١٤٠٩هـ ، ص ٢١١ ـ ٢٣٠.

* أسد مولوي :

ـ تخميس قصيدة البردة للبوصيري : للسيّد حسن الأعرجي ، ع٢٣ ، س٦ ، ربيع الثاني ١٤١١هـ ، ص ١٥١ ـ ٢٢٠.

ـ تخميس لاميّة العجم في رثاء الحسين : لعماد أبو جعفر أو أبو الفضل محمّد بن علي الشيباني السورائي ، ع١ ، س٢ ، محرّم الحرام ١٤٠٧هـ ، ص ٢٠١ ـ ٢١٦.

ـ زهرة الرياض : لابن طاووس ، السيّد أحمد بن موسى بن جعفر العلوي الحسني (ت ٦٧٣هـ) ، ع١٨ ، س٥ ، محرّم الحرام ١٤١٠هـ ، ص ١٣٩ ـ ٢٣٨.


ـ غديرية ابن علوان ، ع٩ ، س٢ ، ذو الحجّة ١٤٠٧هـ ، ص ١٥٥ ـ ١٦٩.

ـ غديرية : للشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (ت ١١٠٤) ، ع٢١ ، س٥ ، شوّال ١٤١٠هـ ، ص ٣٦٧ ـ ٣٨٨.

* أسعد الطيب :

ـ تخميس قصيدة البردة للبوصيري : للشاعر محمّد رضا النحوي (ت ١٢٢٦هـ) ، ع٥٩ ـ ٦٠ ، س١٥ ، رجب ١٤٢٠هـ ، ٣٠٣ ـ ٣٩١.

ـ تخميس لاميّة العجم : للشيخ الحرّ العاملي (١٠٣٣ ـ ١١٠٤هـ) ، ع٢٨ ، س٧ ، رجب ١٤١٢هـ ، ص ١٦٣ ـ ١٩٢.

* السيّد باسم الموسوي :

ـ مختصر إثبات الرجعة : لأبي محمّد الفضل بن شاذان بن الخليل الأزدي النيشابوري (٢٦٠هـ) ، ع١٥ ، س٤ ، ربيع الثاني ١٤٠٩هـ ، ص ١٩٣ ـ ٢٢٢.

* الشيخ جعفر عباس الحائري :

ـ تفسير سورة الإخلاص : للشيخ محمّد علي الاُردوبادي (١٣١٢ ـ ١٣٨٠هـ) ، ع٤ ، س١ ، ربيع ١٤٠٦هـ ، ص ٢٩٩ ـ ٢٠٨.

* الشيخ جواد الروحاني :

ـ رسالة نزهة الألباب : للسيّد مهدي ابن السيّد أحمد القزويني النجفي الحلّي ، ع٢ ، س١ ، خريف ١٤٠٦هـ ، ص ١٦٥ ـ ١٧٥.


* جواد الورد :

ـ مناظرة الملك ركن الدولة للصدوق ابن بابويه : للشيخ أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بن بابويه (ت٣٨١هـ) ، ع٨٩ ـ ٩٠ ، س٢٣ ، محرّم الحرام ، ١٤٢٨هـ ، ص ٣٠٣ ـ ٤٤٣.

* حامد الخفّاف :

ـ رسالة في إعجاز سورة الكوثر : لجار الله أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري ، ع١٣ ، س٣ ، شوّال ١٤٠٨هـ ، ص ١٩٥ ـ ٢٤٦.

ـ كتاب الليل والنهار : لابن فارس ، أبو الحسين أحمد بن فارس القزويني الرازي (من أعلام القرن الرابع الهجري) ، ع١٤ ، س٤ ، محرّم الحرام ، ١٤٠٩هـ ، ص ١٦٣ ـ ١٩٩.

ـ كتاب قضاء حقوق المؤمنين : للشيخ أبو علي الحسن بن طاهر الصوري ، ع٣ ، س١ ، شتاء ١٤٠٦هـ ، ص ١٧٣ ـ ٢٠٥.

* حامد الطائي :

ـ التعريف بوجوب حقّ الوالدين : للشيخ أبي محمّد بن علي الكراجكي (ت ٤٤٩هـ) ، ع٤٩ ، س١٣ ، محرّم الحرام ١٤١٨هـ ، ص ١٨٧ ـ ٢٣٠.

ـ وصية العلاّمة الحلّي إلى ولده فخر المحقّقين : ٤١ ـ ٤٢ ، س ١١ ، محرّم الحرام ، ١٤١٦هـ ، ص ٤٠٥ ـ ٤٢٩.


* السيّد حسن الموسوي البروجردي :

ـ نبذة من كتاب جواهر الكلام في الحكم والأحكام من قصر أخبار ـ سيّد الأنام محمّد المصطفى(صلى الله عليه وآله) : لأبي الفتح عبد الواحد بن محمّد التميمي الآمدي (ت٥٥٠هـ) ، ع٩١ ـ ٩٢ ، س٢٣ ، رجب١٤٢٨هـ ، ص٤١٧ ـ ٤٧٤.

* السيّد حسين الوردي :

ـ تفسير سورة الدهر : للسيّد صدر الدين محمّد بن نصير الدين الحسني (ت١١٥٤هـ) ، ع٩٧ ـ ٩٨ ، س٢٥ ، محرّم الحرام ١٤٣٠هـ ، ص٣٠٧ ـ ٤١٨.

* حسين جودي كاظم الجبوري :

ـ تذكرة المجتهدين : (رسالة في معرفة مشايخ الشيعة تشتمل على أسامي بعض الرواة وعلماء الشيعة ومصنّفاتهم إلى سنة ٩٦٥هـ) : للشيخ يحيى ابن حسين بن عشيرة السمابادي البحراني اليزدي المفتي (كان حيّاً في سنة ٩٧٠هـ) ، ع١٠٢ ـ ١٠٣ ، س٢٦ ، ربيع الآخرة ١٤٣١هـ ، ٢٠٥ ـ ٢٩٠.

* الدكتور خضر محمّد نبها :

ـ مناظرة هشام بن الحكم في مجلس هارون الرشيد : ع٨٧ ـ ٨٨ ، س٢٢ ، رجب ١٤٢٧هـ ، ص ٢٧٩ ـ ٣٧٩.

* رباح كاظم الفتلي :

ـ الأرض والتربة الحسينية : للشيخ محمّد الحسين كاشف الغطاء (١٢٩٤ ـ ١٣٧٣هـ) ، ع٧١ ـ ٧٢ ، س١٨ ، رجب ١٤٢٣هـ ، ص ٢٩٧ ـ ٤١٨.


* الشيخ رسول جعفريان :

ـ مقتل الإمام الحسين عليه‌السلام من كتاب (تاريخ الخلفاء) : ع٦٨ ، س١٧ ،

شوّال ١٤٢٢هـ ، ص ٢٠١ ـ ٢٥٠.

* الشيخ رضا المختاري :

ـ الاسطنبولية في الواجبات العينيّة أو ما لا يسع المكلّف جهله : للشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين بن علي بن أحمد العاملي (٩١١ ـ ٩٦٥هـ) ، والشيخ أحمد العبادي ، ع٢٢ ، س٦ ، محرّم الحرام ١٤١١هـ ، ص ١٦٩ ـ ٢٠٤.

ـ وصية نافعة : للشهيد الثاني ، الشيخ زين الدين العاملي (٩١١ ـ ٩٦٥هـ) ، ع١٤ ، س٤ ، محرّم الحرام ١٤٠٩هـ ، ص ٢٠٠ ـ ٢٢٤.

* سعاد بديع مطير :

ـ شرح (هيهات ما ذلك الظن بك) : للشيخ محمّد بن سليمان التنكابني (ت ١٢٠٢ أو ١٣١٠هـ) ، ود. مشتاق كاظم جمعة ، ع١٠٣ ـ ١٠٤ ، س٢٦ ، رجب ١٤٣١هـ ، ص ٢٦٥ ـ ٢٩٨.

* سعد ناصر النجّار :

ـ القصيدة المسيحية في مدح أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب : للمولى مسيح الدين محمّد بن إسماعيل الشيرازي الفسوي المعروف بـ (ملاّ مسيحا) (ت ١٠٣٧ ـ ١١٢٧هـ) ، ع١٠٣ ـ ١٠٤ ، س٢٦ ، رجب ١٤٣١هـ ، ص ٢٩٩ ـ ٣٢٨.


* السيّد شهيد الخطيب :

ـ الكواكب الدرية في النصوص على إمامة خير البرية : للسيّد صلاح بن إبراهيم بن احمد الحسني الزيدي (المتوفّى أوائل القرن الثامن الهجري) ، ع٧٣ ـ ٧٤ ، س١٩ ، محرّم الحرام ١٤٢٤هـ ، ص ٣١١ ـ ٤٠٦.

* الشيخ عباس الحسّون :

ـ مسائل الفاضل المقداد وأجوبة الشهيد : (السائل هو : جمال الدين أبو عبد الله المقداد السيوري (ت ٨٢٦هـ) والمسؤول هو : الشهيد شمس الدين أبو عبد الله الدمشقي الجزيني (٧٧٤ ـ ٧٨٦هـ) ) : ع٢ ـ ٣ ، س٢ ، رمضان ١٤٠٧هـ ، ص ٣٦٠ ـ ٣٨٥.

* عبد الحسين الحسّون :

ـ اللمعة الجلية في معرفة النية : للشيخ أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي (٧٥٧ أو ٧٥٨ ـ ٨٤١هـ) ،ع٩ ، س٢ ، ذو الحجّة ١٤٠٧هـ ، ص١٧١ ـ ٢٢٢.

* السيّد عبد العزيز الطباطبائي :

ـ ترجمة الإمام الحسن عليه‌السلام من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد : ع١١ ، س٣ ، ربيع الثاني ١٤٠٨هـ ، ص١١٧ ـ ١٩٠.

ـ ترجمة الحسين ومقتله عليه‌السلام من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد : ع١٠ ، س٣ ، محرّم الحرام ١٤٠٨هـ ، ص ١١٩ ـ ٢٠٥.


ـ العقود الإثنى عشر في رثاء سادات البشر : للسيّد مهدي بن مرتضى الطباطبائي بحر العلوم ، ع١٠ ، س٣ ، محرّم الحرام ١٤٠٨هـ ، ص ٢٠٧ ـ ٢١٦.

ـ كتاب الأربعين المنتقى : لأبي الخير أحمد إسماعيل بن يوسف بن محمّد القزويني (٥١٢ ـ ٥٩٠هـ) ، ع١ ، س١ ، صيف ١٤٠٥هـ ، ص ٩٥ ـ ١٢٨.

ـ مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا (٢٠٨ ـ ٢٨١هـ) : ع١٢ ، س٣ ، رجب ١٤٠٨هـ ، ص ٧٩ ـ ١٣٣.

ـ مكتبة العلاّمة الكراجكي : لأحد معاصريه ، ع٤٣ ـ ٤٤ ، س١١ ، ذو الحجّة ١٤١٦هـ ، ص ٣٦٥ ـ ٤٠٤.

* السيّد عبد الكريم محمّد الموسوي :

ـ رسالة في تحقيق حال أبان بن عثمان : للسيّد محمّد باقر الشفتي الجيلاني (١١٧٥ ـ ١٢٦٠هـ) ، ع٥٣ ـ ٥٤ ، س١٤ ، جمادى الآخرة ١٤١٩هـ ، ص ٣٥٥ ـ ٤٤٢.

* السيّد عبد الهادي الشريفي :

ـ صحائف الإبرار في وظائف الأسحار : للشيخ محمّد الحسين كاشف الغطاء (ت ١٣٧٣هـ) ، ع١٠١ ـ ١٠٢ ، س٢٦ ، محرّم الحرام ١٤٣١هـ ، ص ١٧٧ ـ ٢٩٨.

* الشيخ علي المرواريد :

ـ الإثنا عشرية الصومية : للشيخ بهاء الدين محمّد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي البهائي ، ع١١ ، س٣ ، ربيع الثاني ١٤٠٨هـ ، ص ١٩١ ـ ٢٢٦.


* علي جلال باقر الداقوقي :

ـ الإبانة عن المماثلة في الاستدلال بين طريقي النبوّة والإمامة :

للشيخ أبي الفتح محمّد بن علي الكراجكي (ت ٤٤٩هـ) ، ع٨٥ ـ ٨٦ ، س٢٢ ، محرّم الحرام ١٤٢٧هـ ، ص ٢٧٦ ـ ٣٩٤.

ـ الأربعون حديثاً في المهدي (عج) : للحافظ أبي نعيم الأصبهاني (ت٤٣٠هـ) ، ع٧٧ ـ ٧٨ ، س٢٠ ، محرّم الحرام ١٤٢٥هـ ، ص ٣٥٧ ـ ٤٥٣.

ـ فكرةٌ عن جمع القرآن : للسيّد أبو القاسم الخوئي (ت ١٣١٣هـ) ، ع٨٣ ـ ٨٤ ، س٢١ ، رجب ١٤٢٦هـ ، ص ٣٧٩ ـ ٤٤١.

ـ فلسفة الميثاق والولاية : للسيّد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي (١٢٩٠ ـ ١٣٧٧هـ) ، ع٦٢ ، س١٦ ، ربيع الآخر ١٤٢١هـ ، ص ٢٢٥ ـ ٢٨٤.

ـ نبذة من السياسة الحسينية : للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء (ت ١٣١٣هـ) ، ع٧٩ ـ ٨٠ ، س٢٠ ، رجب ١٤٢٥هـ ، ص ٣٠١ ـ ٤٠٩.

* علي موسى الكعبي :

ـ الإعلام بحقيقة إسلام أمير المؤمنين عليه‌السلام : للعلاّمة الكراجكي (ت ٤٤٩هـ) ، ع٢١ ، س٥ ، شوّال ١٤١٠هـ ، ص ٣٨٩ ـ ٤٢٠.

ـ المبين عن وجوب مسح الرجلين : للعلاّمة الكراجكي ، القاضي أبو الفتح محمّد بن علي الكراجكي (ت ٤٤٩هـ) ، ع١٩ ، س٥ ، ربيع الثاني ، ١٤١٠هـ ، ص ١٨٥ ـ ٢٢٠.


* الدكتور عماد جبّار كاظم :

ـ شرح لفظ الجلالة : (معارضة ومناظرة ، للشيخ علي بن عبد الله البحراني مع المحقّق سعد الدين التفتازني في توجيه علمية الاسم الجليل الله) : للشيخ علي بن عبد الله البحراني (ت ١٣١٩هـ) ، ع٩٣ ـ ٩٤ ، س٢٤ ، محرّم الحرام ١٤٢٩هـ ، ص ٤٤٠ ـ ٥٠٥.

* الدكتور عمّار عبّودي نصّار :

ـ الدرّة البهية في بيان وفاة وولادة أصحاب الإجازة من علمائنا بعد الثلثمائة إلى الآن : للشيخ مرزوق بن محمّد بن عبد الله الشويكي (كان حيّاً عام ١٢١٤هـ) ، ع٩٣ ـ ٩٤ ، س٢٤ ، محرّم الحرام ١٤٢٩هـ ، ص٣١٣ ـ ٤٣٨.

* السيّد غياث طعمة :

ـ رسالة نقض الوهّابية : للشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء (١٢٩٤ ـ ١٣٧٣هـ) ، ع١٣ ، س٣ ، شوّال ١٤٠٨هـ ، ص ١٦٥ ـ ١٩٤.

* الشيخ فارس الحسّون :

ـ المقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى : للشيخ تقي الدين إبراهيم الكفعمي ، ع٢٠ ، س٥ ، رجب ١٤١٠هـ ، ص ١٢٧ ـ ٢٢٥.

* فارس حسّون كريم :

ـ أصدق الأخبار في قصّة الأخذ بالثار : للسيّد محسن الأمين العاملي (١٢٨٤ ـ ١٣٧١هـ) ، ع٦٦ ـ ٦٧ ، س١٧ ، ص ٣٠٧ ـ ٤٣٠.

ـ مرثية الإمام الحسين عليه‌السلام : للملاّ حبيب الله بن الشريف الكاشاني (١٢٦٢ ـ ١٣٤٠هـ) ، ع٦١ ، س١٦ ، محرّم الحرام ١٤٢١هـ ، ص ١٨٧ ـ ٢١٨.


ـ المعقّبون من ولد الإمام أمير المؤمنين أبي الحسن عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام : للسيّد يحيى بن الحسن بن جعفر الحجّة الحسيني المدني العبيدلي (٢١٤ ـ ٢٧٧هـ) ، ع٦٩ ـ ٧٠ ، محرّم الحرام ١٤٢٣هـ ، ٢٩٩ ـ ٤٠٢.

ـ نبذة الباغي فيما لابدّ منه من آداب الداعي : للشيخ جمال الدين أحمد بن محمّد بن فهد الحلّي (٧٥٧ ـ ٨٤١هـ) ، ع٥٥ ـ ٥٦ ، س١٤ ، رجب ١٤١٩هـ ، ٣٥٣ ـ ٤٠٣.

ـ الندبة الأولى للإمام عليّ بن الحسين عليه‌السلام : ع٥٨ ، س١٤ ، ربيع الآخر ١٤٢٠هـ ، ص ٢٠٥ ـ ٢٣٧.

ـ وصية الإمام الكاظم عليه‌السلام لهشام بن الحكم : ع٥٠ ـ ٥١ ، س١٣ ، ربيع الآخر ١٤١٨هـ ، ص ٣٩٥ ـ ٤٥٦.

* الشيخ كاظم الشيخ محمّد تقي الجواهري :

ـ تنزيه القمّيّين : لأبي الحسن الفتوني العاملي (ت ١١٣٨هـ) ، ع٥٢ ، س١٣ ، شوّال ١٤١٨هـ ، ص ١٦٣ ـ ٢٤٢.

* ماجد الغرباوي :

ـ الوجيزة في الدراية : للشيخ بهاء الدين محمّد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي (الشيخ البهائي) (٩٥٣ ـ ١٠٣٠هـ) ، ع٣٢ ـ ٣٣ ، س٨ ، رجب ١٤١٣هـ ، ص ٣٨٧ ـ ٤٣٩.

* الشيخ محمّد الحسّون :

ـ الإثنا عشرية في الصلاة اليومية : للشيخ بهاء الدين محمّد بن


الحسين ابن عبد الصمد العاملي البهائي ، ع١٢ ، س٣ ، رجب ١٤٠٨هـ ، ص ١٣٤ ـ ١٩٩.

* الشيخ محمّد الكلباسي :

ـ رسالة في حال صاحب كتاب قرب الإسناد : للشيخ كمال الدين أبو الهدى الكلباسي (١٢٧٨ ـ ١٣٥٦هـ) ، ع١٠٥ ـ ١٠٦ ، س٢٧ ، محرّم الحرام ١٤٣٢هـ ، ص ٤١٥ ـ ٤٥٦.

* الدكتور محمّد جواد نور الدين فخر الدين :

ـ بغية الطالب في حال أبي طالب : للسيّد محمّد بن حيدر بن نور الدين بن علي الموسوي العاملي (ت ١١٣٩هـ) ، ع٩٩ ـ ١٠٠ ، س٢٥ ، رجب ١٤٣٠هـ ، ص ٤١٣ ـ ٥٠٦.

ـ الدرّة البيضاء في شرح خطبة الزهراء : للسيّد هادي الحسيني الصائغ (ت١٣٧٧هـ) ،ع١٠٧ ـ ١٠٨ ، س٢٧ ، رجب ١٤٣٢هـ ، ص ٢٩٣ ـ ٤٥٣.

* السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي :

ـ إنجاحُ المطالب : (شرح المنظومة المحبّية في علوم البلاغة : المعاني ، والبيان ، والبديع) : للشيخ محمّد رضا القمّي المشهدي (ق ١٢) ، ع٢٥ ، س٦ ، شوّال ١٤١١هـ ، ص ١١٥ ـ ٢٤٢.

ـ تسمية من قتل مع الحسين عليه‌السلام من ولده وإخوته وأهل بيته وشيعته : للمحدّث الفضيل بن الزبير بن عمر بن درهم الكوفي الأسدي (من أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما‌السلام ، ع٢ ، س١ ، خريف ١٤٠٦هـ ، ص ١٢٧ ـ ١٦٠.


ـ الحكايات : (من إملاء الشيخ المفيد أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي (٣٣٦ ـ ٤١٣هـ) ، ورواية السيّد الشريف المرتضى أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي (٣٥٥ ـ ٤٣٦هـ) ، ع١٦ ، س٤ ، رجب ١٤٠٩هـ ، ص ٩١ ـ ١٦٤.

ـ الخلاصة في علم الكلام : لقطب الدين السبزواري (من أعلام أوائل القرن السادس) ، ع٣٤ ، س٩ ، محرّم الحرام ١٤١٤هـ ، ص ١٢٣ ـ ٢٢٦.

ـ عجالة المعرفة في أصول الدين : للشيخ ظهير الدين أبي الفضل محمّد بن سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي (من أعلام القرن السادس الهجري) ، ع٢٩ ، س٧ ، شوّال ١٤١٢هـ ، ص ١٩٩ ـ ٢٤٠.

ـ مسند الحبري : (مجموع ما أسنده من الحديث الشريف) : للحسين بن الحكم بن مسلم أبو عبد الله الحبري الوشاء الكوفي (ت ٢٨٦هـ) نسخة مستخرجة ، ع٣٢ ـ ٣٣ ، س٨ ، رجب ١٤١٣هـ ، ص ٢٧٥ ـ ٣٨٥.

ـ النكت في مقدّمات الأصول : (في علم الكلام) : من أمالي الشيخ المفيد (٣٣٦ ـ ٤١٣هـ) ، ٣٠ ـ ٣١ ، محرّم الحرام ، ١٤١٣هـ ، ص ٤٤٥ ـ ٥٠٩.

* السيّد محمّد عبد الرزّاق :

ـ مصباح المبتدي وهداية المقتدي : لابن فهد الحلّي ، الشيخ جمال الدين أبو العباس (ت ٧٥٧هـ) ، ع١٦ ، س٤ ، رجب ١٤٠٩هـ ، ص ١٦٥ ـ ٢٢٢.


* السيّد محمّد علي الحكيم :

ـ الرد على الوهّابية : للشيخ محمّد جواد البلاغي (١٢٨٢ ـ ١٣٥٢هـ) ، ع٣٥ ـ ٣٦ ، ربيع الآخر ١٤١٤هـ ، ص ٣٧٥ ـ ٤٥٧.

ـ عقدٌ في إلزام الإمامي بأحكام نحلته : للشيخ محمّد جواد البلاغي (١٢٨٢ ـ ١٣٥٢هـ) ؛ إعداد ، ع٨١ ـ ٨٢ ، س٢١ ، محرّم الحرام ١٤٢٦هـ ، ص ٣٠٣ ـ ٣٩٣.

ـ نسمات الهدى ونفحات المهدي : للشيخ محمّد جواد البلاغي (١٢٨٢ ـ ١٣٥٢هـ) ؛ إعداد ، ع٦٥ ، س١٧ ، محرّم الحرام ، ١٤٢٢هـ ، ص ٢١٧ ـ ٢٧٤.

ـ المقنع في الغَيبة والزيادة المكمّلة له : للشريف الرضي (٣٥٥ ـ ٤٣٦هـ) ، ع٢٧ ، س٧ ، ربيع الآخر ١٤١٢هـ ، ص ١٥٥ ـ ٢٣٨.

* السيّد محمّد علي الطباطبائي المراغي :

ـ رسالة عدم مضايقة الفوائت : لابن طاووس ، رضيّ الدين عليّ بن موسى بن جعفر العلوي الحسني ، ع٢ ـ ٣ ، س٢ ، رمضان ١٤٠٧هـ ، ص ٣٣١ ـ ٣٥٩.

ـ رسالة في جواز العدول عن العمرة إلى الإفراد عند ضيق الوقت : للسيّد محمّد جواد بن محمّد بن محمّد الحسيني العاملي (١١٦٤ ـ ١٢٢٦هـ) ، ع١ ، س٢ ، محرّم الحرام ١٤٠٧هـ ، ص ١٨٦ ـ ٢٠٠.


* الشيخ محمّد كاظم المحمودي :

ـ تحفة الطالب بمعرفة من ينتسب إلى عبد الله وأبي طالب : للسيّد الحسين بن عبد الله الحسيني السمرقندي (ت حدود سنة ١٠٤٣هـ) ، ع٦٣ ـ ٦٤ ، س١٦ ، رجب ١٤٢١هـ ، ص ٢٨٧ ـ ٤٣٤.

* الشيخ محمّد مشكور :

ـ آداب المؤمنين وأخلاقهم : للشيخ سليمان بن محمّد الجيلاني التنكابني (توفّي بعد سنة ١١٢٥هـ) ،ع٧٥ ـ ٧٦ ، س١٩ ، رجب ١٤٢٤هـ ، ص ٢٦٨ ـ ٣٥٠.

ـ جمل الآداب في نظم كتاب عيسى بن دأب : للشيخ محمّد طاهر السماوي النجفي ، ع٩٧ ـ ٩٨ ، س٢٥ ، محرّم الحرام ١٤٣٠هـ ، ص ٤٥٤ ـ ٥٠٨.

ـ فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام : لعيسى بن يزيد بن بكر بن دأب (من أعلام القرن الثاني) ، ع٩٧ ـ ٩٨ ، س٢٥ ، محرّم الحرام ١٤٣٠هـ ، ص ٤٢٢ ـ ٤٥٣.

* السيّد محمود المقدّس الغريفي :

ـ تحفة الإخوان في حكم شرب الدخان : للسيّد هبة الدين الحسيني الشهرستاني (ت ١٣٨٦هـ) ، ع ١٠٩ ـ ١١٠ ، س٢٨ ، محرّم الحرام ١٤٣٣هـ ، ص ٣٥٣ ـ ٤١٣.


* مشتاق صالح المظفّر :

ـ البشارة لطلاّب الاستخارة : للشيخ أحمد بن صالح البحراني (ت ١١٢٤هـ) ، ع١٠٥ ـ ١٠٦ ، س٢٧ ، محرّم الحرام ١٤٣٢هـ ، ص ٣٠٣ ـ ٤١٢.

ـ رسالة في شرح حديث حبّنا أهل البيت عليهم‌السلام يكفّر الذنوب : لعليّ ابن عبد الله البحراني (ت ١٣١٩هـ) ، ع٥٧ ، س١٤ ، محرّم الحرام ١٤٢٠هـ ، ص ٢٠٧ ـ ٢٦٠.

ـ منهاج الحقّ واليقين في تفضيل عليّ أمير المؤمنين عليه‌السلام على سائر الأنبياء والمرسلين ما خلا محمّد خاتم النبيّين(صلى الله عليه وآله) : لولي بن نعمة الله الحسيني الرضوي الحائري (من أعلام القرن العاشر الهجري) ، ع٩١ ـ ٩٢ ، س٢٣ ، رجب ١٤٢٨هـ ، ص ٢٦٢ ـ ٤١٤.

ـ النكت البديعية في تحقيق الشيعة : للشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي البحراني (ت ١١٢١هـ) ، ع٩٩ ـ ١٠٠ ، س٢٥ ، رجب ١٤٣٠هـ ، ص ٢٧٥ ـ ٤١٠.

* الدكتور مشتاق كاظم جمعة :

ـ شرح (هيهات ما ذلك الظنّ بك) : للشيخ محمّد بن سليمان التنكابني (ت ١٢٠٢ أو ١٣١٠هـ) ، وسعاد بديع مطير ، ع١٠٣ ـ ١٠٤ ، س٢٦ ، رجب ١٤٣١هـ ، ص ٢٦٥ ـ ٢٩٨.


* الشيخ هادي حسن القبيسي العاملي :

ـ أحلام اليقظة مع صدر المتألّهين : للشيخ محمّد رضا المظفّر (١٣٢٢ ـ ١٣٨٣هـ) ، ع٨١ ـ ٨٢ ، س٢١ ، محرّم الحرام ١٤٢٦هـ ، ص ٢٧٥ ـ ٣٠٢.

ـ جهة القبلة : للشيخ بهاء الدين محمّد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي (الشيخ البهائي) (٩٥٣ ـ ١٠٣٠هـ) ، ع٤٣ ـ ٤٤ ، س١١ ، ذو الحجّة ١٤١٦هـ ، ص ٤٠٥ ـ ٤٣٩.

ـ محاسبة الملائكة الكرام آخر كلّ يوم من الذنوب الآثام أو محاسبة النفس : للسيّد أبو القاسم علي بن موسى بن طاووس (٥٨٩ ـ ٦٦٤هـ) ، ع٤٥ ـ ٤٦ ، س١٢ ، محرّم الحرام ١٤١٧هـ ، ٣٢١ ـ ٣٨٦.

* هدى جاسم محمّد أبو طبره :

ـ السحاب المطير في تفسير آية التطهير : للشهيد القاضي السيّد نور الله التستري ، ع٣٨ ـ ٣٩ ، س١٠ ، محرّم الحرام ١٤١٥هـ ، ص ٤٠١ ـ ٤٥٩.

ـ نهاية الإقدام في وجوب المسح على الأقدام : للشهيد القاضي نور الله التستري (٩٥٦ ـ ١٠١٩هـ) ، ع٤٧ ـ ٤٨ ، س١٢ ، رجب ١٤١٧هـ ، ص ٣٣٩ ـ ٤٨٠.

* هيثم السمّاك :

ـ الأربعون حديثاً : للشيخ ظهير الدين أبي الفضل محمّد بن سعيد هبة الله الراوندي (من أعلام القرن السابع الهجري) ، ع٤٥ ـ ٤٦ ، س١٢ ، محرّم


الحرام ١٤١٧هـ ، ص ٢٨٣ ـ ٣١٩.

* هيئة التحرير :

ـ رسالة في افتتاح الكلام ببسم الله تيمّناً وتبرّكاً : للشيخ زين الدين ابن نور الدين العاملي (الشهيد الثاني) ، ع١٢ ، س٣ ، رجب ١٤٠٨هـ ، ص ٢٠٠ ـ ٢٠٩م.

ـ منظومة غاية التقريب : للسيّد ضياء الدين محمّد حسين الشهرستاني المرعشي الحائري (١٢٥٥ ـ ١٣١٥هـ) ، ع٣ ، س١ ، شتاء ١٤٠٦هـ ، ص ١٥٨ ـ ١٧٠.


من ذخائر التراث





مقدّمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أرسل السّفراء ، ثمّ الصّلاة والسّلام على خاتم الأنبياء ، محمّد وآله الأتقياء ، لاسيّما إمام العصر وناموس الدّهر الذي بيُمنه رزقُ الورى ، وبوجوده ثبتت الأرضُ والسَّماء ، واللَّعنُ الدائمُ الخالد على أعدائهم الأشقياء ، من الآن إلى يوم اللّقاء.

أمّا بعد : فإنّ علماء الشيعة قدس‌سرهم قد بذلوا قصارى جهدهم في الحفاظ على الدّين والمذهب ، تارةً بعلمهم وتارةً بأنفسهم وأموالهم. الذين قاموا بنشر معارف أهل البيت عليهم‌السلام ، وتبيين آثارهم ، وبثّ سننهم ، منذ القرن الأوّل إلى يومنا هذا. فلله درّهم وعليه أجرهم.

فعلى هذا استقرّت طريقةُ الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ على ضبط أحوالهم وسكناتهم في الكتب والرسائل ، إقتفاءً لأثرهم وحفاظاً لمنهجهم.

ومن هؤلاء الفطاحل المحدّث الفقيه الشيخ أبوالحسن الشريف الفتوني


العامِلي الإصفهاني قدس‌سره ، وهذه الرسالة الوجيزة مقالةٌ مختصرةٌ في ترجمته بقلم خاتم المحدّثين الميرزا حسين النوري الطبرسي رحمه‌الله (١٢٥٤ ـ ١٣٢٠هـ) ويأتي فيما يلي من المقدّمة مباحث حول المؤلِّف (النوري) ، والمؤلَّف (الرّسالة) ، بعون الله تعالى.

المؤلِّف :

لقد أغنانا تلميذه العلاّمة الشيخ آقا بزرگ الطهراني رحمه‌الله عن تجشّم عناء ترجمته والكلام عنه ، فقد سرد له ترجمةً وافية ، حيث قال في كتابه نقباء البشر :

الشيخ الميرزا حسين النوري(١)

(١٢٥٤ ـ ١٣٢٠هـ)

هو الشيخ الميرزا حسين بن الميرزا محمّد تقىّ بن الميرزا علي محمّد

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) «ارتعش القلم بيدي عند ما كتبتُ هذا الاسم ، واستوقفني الفكر عند ما رأيتُ نفسي عازماً على ترجمة أستاذي النورىّ ، وتمثّل لي بهيئته المعهودة بعد أن مضى على فراقنا خمس وخمسون سنة ، فخشعت إجلالا لمقامه ، ودهشت هيبةً له ، ولا غرابة فلو كان المترجمُ له غيره لهان الأمر ، ولكن كيف بي وهو من أولئك الأبطال غير المحدودة حياتهم وأعمالهم ، أمّا شخصيةٌ كهذه الشخصية الرحبة العريضة ، فمِن الصعب جدّاً أن يتحمّل المؤرّخُ الأمينُ وزرَ الحديث عنها ، ولا أرى مبرّراً في موقفي هذا سوى الاعتراف بالقصور عن تأدية حقّه ، فها أنا ذا أشير إلى طرف مِن ترجمته ، أداء لحقوقه علىَّ. والله المسؤولُ أن يجزيه عن الإسلام خير جزاء العاملين المحسنين». (منه).


ابن تقي النورىّ الطبرسىّ ، إمام أئمّة الحديث والرجال في الأعصار المتأخّرة ، ومِن أعاظم علماء الشيعة وكبار رجال الإسلام في هذا القرن.

ولد في (١٨ ـ شوال ـ ١٢٥٤هـ) في قرية (يالو) من قرى نور ، إحدى كور طبرستان ، ونشأ بها يتيماً ، فقد توفّي والده الحجّة الكبير وله ثمان سنين ، وقبل أن يبلغَ الحلم اتّصل بالفقيه الكبير المولى محمّد علي المحلاّتي.

ثمّ هاجر إلى طهران واتّصل فيها بالعالم الجليل أبي زوجته الشيخ عبد الرحيم البروجردي ، فعكف على الإستفادة منه.

ثمّ هاجر معه إلى العراق في (١٢٧٣هـ) فزار أستاذه ورجع وبقي هو في النجف قرب أربع سنين.

ثمّ عاد إلى إيران ، ثمّ رجع إلى العراق في (١٢٧٨هـ) فلازم الآية الكبرى الشيخ عبد الحسين الطهرانىّ الشهير بشيخ العراقين ، وبقي معه في كربلاء مدّةً ، وذهب معه إلى مشهد الكاظمين عليهما‌السلام ، فبقي سنتين أيضاً وفي آخرهما رُزق حجّ البيت ، وذلك في (١٢٨٠هـ).

ثمّ رجع إلى النجف الأشرف وحضر بحثَ الشيخ المرتضى الأنصاري أشهراً قلائل إلى أن توفّي الشيخ في (١٢٨١هـ) ، فعاد إلى إيران في (١٢٨٤هـ) وزار الإمام الرضا عليه‌السلام ، ورجع إلى العراق أيضاً في (١٢٨٦هـ) ، وهي السنة التي توفّي فيها شيخه الطهرانىّ ، وكان أوّلُ مَن أجازه.

ورُزق حجّ البيت ثانياً ، ورجع إلى النجف فبقي فيها سنين لازم خلالها درس السيّد المجدّد الشيرازي ؛ ولمّا هاجر أستاذُه إلى سامرّاء في (١٢٩١هـ)


لم يخبر تلاميذَه بعزمه على البقاء بها في بادئ الأمر ، ولمّا أعلن ذلك خفّ إليه الطلاّب ، وهاجر إليه المترجمُ له في (١٢٩٢هـ) بأهله وعِياله مع شيخه المولى فتح علي السلطان آبادي صهره على ابنته الشيخ فضل الله النورىّ ، وهم أوّل المهاجرين إليها. ورُزق حجّ البيت ثالثاً ، ولمّا رجع سافر إلى إيران ثالثاً في (١٢٩٧هـ) وزار مشهدَ الرضا عليه‌السلام ورجع فسافر إلى الحجّ رابعاً في (١٢٩٩هـ) ، ورجع فبقي في سامرّاء ملازماً لأستاذه المجدّد ، حتّى توفّي في (١٣١٢هـ) ، فبقي المترجمُ له بعده بسامرّاء إلى (١٣١٤هـ) ، فعاد إلى النجف عازماً على البقاء بها حتّى أدركه الأجل.

انتهى ملخّصاً عن ما ترجم به نفسُه في آخِر الجزء الثالث مِن كتابه المستدرك مع بعض الإضافات.

كان الشيخُ النورىّ أحد نماذج السلف الصالح التي ندُر وجودُها في هذا العصر ، فقد امتاز بعبقرية فذّة ، وكان آيةً مِن آيات الله العجيبة ، كمنت فيه مواهب غريبة وملكات شريفة أهّلته لأن يعدّ في الطليعة من علماء الشيعة الذين كرّسوا حياتهم طوالَ أعمارهم لخدمةِ الدِّين والمذهب ، وحياتُه صفحةٌ مشرقةٌ من الأعمال الصالحة.

وهو في مجموع آثاره ومآثره إنسانٌ فرض لشخصه الخلود على مرّ العصور ، وألزم المؤلّفين والمؤرّخين بالعناية به والإشادة بغزارة فضله ، فقد نذر نفسه لخدمة العلم ، ولم يكن يهمّه غير البحث والتنقيب والفحص والتتبّع ، جمع شتات الأخبار وشذرات الحديث ونظم متفرّقات الآثار وتأليف


شوارد السِيَر.

وقد رافقه التوفيقُ وأعانته المشيئةُ الإلهيّةُ ، حتّى ليظنَ الناظرُ في تصانيفه أنَّ الله شملَهُ بخاصّةِ ألطافه ومخصوص عنايته ، وادّخر له كنوزاً قيّمةً لم يظفر بها أعاظمُ السلف من هواة الآثار ورجال هذا الفن ، بل يخيّل للواقف على أمره أنَّ الله خلقَه لحفظِ البقية الباقية من تُراثِ آل محمّد عليه وعليهم السلام (وَذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيْهِ مَنْ يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيْمٌ).

تشرّفتُ بخدمته للمرّة الأولى في سامرّاء في (١٣١٣هـ) بعدَ وفاة المجدّد الشيرازي بسنة ، وهي سنةُ ورودي العراق ، كما أنّها سنةُ وفاةِ السلطان ناصرالدّين شاه القاجاري.

وذلك عند ما قصدتُ سامرّاء زائراً قبلَ ورودي إلى النجف فوفقتُ لرؤيةِ المترجم له بداره ، حيثُ قصدتُها لاستماع مصيبةِ الحسين عليه‌السلام ، وذلك يومَ الجمعة الذي ينعقدُ فيه مجلسٌ بداره ، وكان المجلسُ غاصّاً بالحضور والشيخُ على الكرسىّ مشغولٌ بالوعظ ، ثمّ ذكر المصيبةَ وتفرّق الحاضرون ، فانصرفتُ وفي نفسي ما يعلمه الله من إجلال وإعجاب وإكبار لهذا الشيخ ؛ إذ رأيتُ فيه حينَ رأيتُه سماتَ الأبرار مِن رجالنا الأول.

ولمّا وصلتُ إلى النجف بقيتُ أمنّي النفس لو أن تتّفق لي صلةٌ مع هذا الشيخ لأستفيد منه عن كَثب ، ولمّا اتفقت هجرته إلى النجف في (١٣١٤هـ) لازمتُه ملازمةَ الظلّ ستّ سنين ، حتّى اختار الله له دارَ إقامته.

ورأيتُ منه خلالَ هذه المدّة قضايا عجيبةً لو أردتُ شرحَها لطال


المقامُ ، وبودّي أن أذكر مجملاً مِن ذلك ، ولو كان في ذلك خروجٌ عن خطّتنا الإيجازيّة ؛ فهذا ـ وأيّم الحقّ ـ مقامَ الوفاء ؛ ووقت إعطاء النَصْفِ ، وقضاء الحقوق ؛ فإنّي لعلى يقين مِن أنّني لا ألتقي بأستاذي المعظّم ومعلّمي الأوّل بعدَ موقفي هذا إلاّ في عرصاتِ القيامة ، فما بالي لا أفي حقَّه وأغنم رضاه.كان ـ أعلى الله مقامَه ـ ملتزماً بالوظائف الشرعيّة على الدوام ، وكان لكلّ ساعة مِن يومِه شغلٌ خاصٌّ لا يتخلّفُ عنه ، فوقتُ كتابتِه مِن بعد صلاةِ العصر إلى قُربِ الغروب ، ووقتُ مطالعتِه مِن بعد العشاء إلى وقت النوم ، وكان لا ينامُ إلاّ متطهّراً ، ولا ينامُ مِن اللَّيل إلاّ قليلاً ، ثمّ يستيقظ قبل الفجر بساعتين فيجدّد وضوءَه ، ولا يستعملُ الماء القليل ، بل كان لا يتطهّر إلاّ بالكُرّ ، ثمّ يتشرّفُ قبلَ الفجر بساعة إلى الحرم المطهّر ، ويقف ـ صيفاً وشتاءً ـ خلفَ بابِ القبلة فيشتغلُ بنوافل اللَّيل إلى أن يأتي السيّدُ داود نائب خازن الروضة وبيده مفاتيحُ الروضة فيفتح البابَ يدخل شيخُنا ، وهو أوّلُ داخل لها وقتذاك.

وكان يشترك مع نائب الخازن بإيقاد الشموع ، ثمّ يقف في جانب الرأس الشريف ، فيشرع بالزيارة والتهجّد إلى أن يطلع الفجرُ ، فيصلّي الصبحَ جماعةً مع بعض خواصّه مِن العبّاد والأوتاد ، ويشتغل بالتعقيب.

وقبل شروق الشمس بقليل يعود إلى داره ، فيتوجّه رأساً إلى مكتبته العظيمة المشتملة على ألوف مِن نفائس الكتب والآثار النادرة العزيزة الوجود أو المنحصرة عنده ، فلا يخرج منها إلاّ للضرورة.


وفي الصباح يأتيه مَن كان يُعينه على مقابلة ما يحتاج إلى تصحيحه ومقابلته ممّا صنّفه أو استنسخه من كتب الحديث وغيرها ، كالعلّامتين الشيخ علىّ بن إبراهيم القمّيّ ، والشيخ عبّاس بن محمّدرضا القمّيّ ، وكان معينُه على المقابلة في النجف وقبل الهجرة إلى سامرّاء فيها أيضاً المولى محمّد تقىّ القمّيّ الباوزئيري الذي ترجمناه في القسم الأوّل من هذا الكتاب ص ٢٣٨ ، وكان إذا دخل عليه أحدٌ في حال المقابلة اعتذر منه أو قضى حاجتَه باستعجال ؛ لئلاّ يزاحمَ وروده أشغاله العلمية ومقابلته ، أمّا في الأيّام الأخيرة ، وحينما كان مشغولاً بتكميل المستدرك فقد قاطع الناسَ على الإطلاق ، حتّى أنّه لو سُئل عن شرح حديث أو ذكر خبر أو تفصيل قضية أو تأريخ شيّء أو حال راو أو غير ذلك مِن مسائل الفقه والأصول لم يُجب بالتفصيل ، بل يذكر للسائل مواضع الجواب ومصادره فيما إذا كان في الخارج ، وأمّا إذا كان في مكتبته فيخرج الموضوعَ من أحد الكتب ، ويُعطيه للسائل ليتأمّلَه. كلُّ ذلك خوفَ مزاحمةِ الإجابةِ الشغلَ الأهمَّ من القراءة أو الكتابة (١) ، وبعد الفراغ من أشغاله كان يتغذّى بغذاء معيّن كمّاً وكيفاً ، ثمّ يقيل ويُصلّي الظهر أوّل الزوال ، وبعد العصر يشتغل بالكتابةِ كما ذكرنا.

أمّا في يوم الجمعة فكان يُغيّر منهجَه ، ويشتغل بعد الرجوع من الحرم الشريف بمطالعة بعض كتب الذكر والمصيبة لترتيب ما يقرؤه على المنبر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كان ذلك من الله فكأنّ هاتفاً هتف في أذنه وأمره بتركِ أشغاله لأ نّه توفّي بعد تتميم الكتاب بقليل. (منه).


بداره ، يخرج من مكتبته بعد الشمس بساعة إلى مجلسه العام ، فيجلس ويُحيّي الحاضرين ، ويُؤدّي التعارفات ، ثمّ يرقى المنبرَ فيقرأ ما رآه في الكتب بذلك اليوم ، مع ذلك يحتاط في النقل بما لم يكن صريحاً في الأخبار الجزميّة.

وكان إذا قرأ المصيبةَ تنحدر دموعُه على شيبته ، وبعد انقضاء المجلس يشتغل بوظائف الجمعة من التقليم والحلق وقصّ الشارب والغسل والأدعية والآداب والنوافل غيرها ؛ وكان لا يكتبُ بعد عصر الجمعة ـ على عادته ـ بل يتشرّف إلى الحرم ويشتغل بالمأثور إلى الغروب ، كانت هذه عادتُه إلى أن انتقل إلى جوار ربّه.

وممّا سنَّه في تلك الأعوام : زيارةَ سيّد الشهداء مشياً على الأقدام ، فقد كان ذلك في عصر الشيخ الأنصاري مِن سنن الأخيار وأعظم الشعائر ؛ لكن تُرك في الأخير ، وصار من علائم الفقر وخصائص الأدنين (١) من الناس ، فكان العازمُ على ذلك يتخفّى عن الناس لما في ذلك من الذلّ والعار.

فلمّا رأى شيخُنا ضعفَ هذا الأمر اهتمّ له والتزمه ، فكان في خصوص زيارةِ عيد الأضحى يكتري بعضَ الدوابّ لحمل الأثقال والأمتعة ويمشي هو وصحبه.

لكنّه لضعفِ مزاجه لا يستطيعُ قطعَ المسافةِ من النجف إلى كربلاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) في الأصل : (الأدنون) ؛ والصحيح ما أثبتناه. (المصحّح).


بمبيتِ ليلة كما هو المرسومُ عند أهله ، بل يقضي في الطريق ثلاث ليال يبيت الأولى ، في (المصلّى) ، والثانية في (خان النصف) ، والثالثة في (خان النخيلة) ، فيصل كربلاء في الرابعة ، ويكون مشيُه كلّ يوم ربعَ الطريق نصفه صبحاً ونصفه عصراً ، ويستريحُ وسطَ الطريق لاداءِ الفريضة وتناول الغذاء في ظلال خيمة يحملها معه.

وفي السنة الثانية والثالثة زادت رغبةُ الناس والصلحاء بالأمر ، وذهب ما كان في ذلك من الإهانة والذلّ ، إلى أن صار عددُ الخِيَم في بعض السنين أزيد من ثلاثين ، لكلّ واحدة بين العشرين والثلاثين نفراً.

وفي السنة الأخيرة يعني زيارة عرفة (١٣١٩هـ) ـ وهي سنةُ الحجّ الأكبر التي اتفق فيها عيد النيروز والجمعة والأضحى في يوم واحد ولكثرةِ ازدحام الحجيج حصل في مكّةَ وباءٌ عظيمٌ هلك فيه خلقٌ كثيرٌ ـ تشرّفتُ بخدمةِ الشيخ إلى كربلاء ماشياً ، واتّفق أنّه عاد بعد تلك الزيارة إلى النجف ماشياً أيضاً ـ بعد أن اعتاد على الركوب في العودة ـ وذلك باستدعاءِ الميرزا محمّد مهدي ابن المولى محمّد صالح المازندراني الإصفهانىّ صهر الشيخ محمّد باقر ابن محمّد تقىّ محشّي المعالم ، وذلك لأنّه كان نذر أن يزورَ النجف ماشياً ، ولمّا اتّفقت له ملاقاة شيخنا في كربلاء طلب منه أن يصحبه في العودة ففعل.

وفي تلك السفرة بدأ به المرضُ الذي كانت فيه وفاتُه يوم خروجه من النجف وذلك على أثر أكل الطعام الذي حمله بعضُ أصحابه في إناء مغطّى الرأس حُبس فيه الزاد بحرارته فلم ير الهواء ، وكلّ من ذاق ذلك الطعام ابتلي


بالقيء والإسهال.

وكانت عدّةُ أصحاب الشيخ قرب الثلاثين ، ولم يبتل بذلك بعضُهم لعدم الأكل وأنا كنتُ من جملتهم. وقد ابتلي منهم بالمرض قرب العشرين ، وبعضهم أشدّ من بعض ذلك لاختلافهم في مقدار الأكل من ذلك ، ونجا أكثرهم بالقيء إلاّ شيخنا ؛ فإنّه لمّا عرضت له حالةُ الاستفراغ أمسك شديداً حفظاً لبقيةِ الأصحاب عن الوحشة والاضطراب ، فبقاءُ ذلك الطعام في جوفه أثّر عليه كما أخبرني به بعد يومين من ورودنا كربلاء قال : «إنّي أحسُّ بجوفي قطعةَ حجر لا تتحرّك عن مكانها» ، وفي عودتنا إلى النجف عرض له القيء في الطريق لكنّه لم يجده ؛ وابتلي بالحمّى كان يشتدّ مرضُه يوماً فيوماً إلى أن توفّي في ليلة الأربعاء لثلاث بقين من جُمادى الثانية (١٣٢٠هـ) ودُفن بوصيّة منه بين العترة والكتاب يعني في الإيوان الثالث عن يمين الداخل إلى الصحن الشريف من باب القبلة ، وكان يومُ وفاته مشهوداً جزع فيه سائرُ الطبقات ولا سيَّما العلماء ، ورثاه جمعٌ من الشعراء وأرّخ وفاتَه آخرون ؛ منهم : الشاعر الفحل الشيخ محمّد الملاّ التسترىّ المتوفّى في (١٣٢٢هـ) قال :

مَضى الحسينُ الذي تجسّد من

نورِ علوم من عالَمِ الذرِّ

قُدّس مثوىً منه حوى عَلَماً

مقدّسَ النفسِ طيّبَ الذكرِ

أوصافُهُ عطّرت فأنشقَنَا

منهنَّ تأريخُهُ : (شذَى العطْرِ) (١)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الشذا بالألف لا الياء. وعليه فالتأريخ ينقص تسعة. (منه).


ولجثمانه كرامةٌ ، فقد حدّثني العالمُ العادلُ والثقةُ الورعُ السيّد محمّد بن أبي القاسم الكاشاني النجفىّ قال : «لمّا حضرتْ زوجتَه الوفاةُ أوصت أن تدفن إلى جنبه ، ولمّا حضرتُ دفنها ـ وكان ذلك بعد وفاة الشيخ بسبع سنين ـ نزلتُ في السرداب لأضع خدَّها على التراب حيث كانت من محارمي لبعض الأسباب ، فلمّا كشفتُ عن وجهها حانت منّي التفاتةً إلى جسد الشيخ زوجها ، فرأيتُه طريّاً كيوم دفن ، حتّى أنّ طولَ المدةِ لم يؤثر على كفنه ولم يمل لونه من البياض إلى الصفرة».

ترك شيخُنا آثاراً هامّةً قلّما رأت عينُ الزمن نظيرها في حسن النظم وجودة التأليف وكفى بها كرامةً له.

ونعود إلى حديثنا الأوّل فنقول : لو تأمّل إنسانٌ ما خلّفه النورىّ من الأسفار الجليلة والمؤلّفات الخطيرة التي تموج بمياه التحقيق والتدقيق وتوقّف على سعة في الإطلاع عجيبة ؛ لم يشكّ في أنّه مؤيّدٌ بروح القدس ؛ لأنّ أكثر هذه الآثار ممّا أفرغه في قالب التأليف بسامرّاء ، وهو يومذاك من أعاظم أصحاب السيّد المجدّد الشيرازي وقدمائهم وكبرائهم ؛ وكان يرجع إليه مهام أموره وعنه يصدر الرأي ، وكان من عيون تلامذته المعروفين في الآفاق.

فكانت مراسلات سائر البلاد بتوسّطه غالباً ، وأجوبة الرسائل تصدر عنه وبقلمه ، كان قضاء حوائج المهاجرين بسعيه أيضاً.

كما كان سفيرُ المجدّد ونائبه في التصدّي لسائر الأمور كزيارة العلماء والأشراف الواردين إلى سامرّاء استقبالهم ، وتوديع العائدين إلى أماكنهم ،


وتنظيم أمور معاش الطلاّب وإرضائهم ، وعيادة المرضى وتهيئة لوازمهم ، وتجهيز الموتى وتشييعهم ، ترتيب مجالس عزاء سيّد الشهداء عليه‌السلام والإطعامات الكثيرة ، وسائر أشغال مرجع عظيم كالمجدّد الشيرازي ، وغير ذلك كالزمن الذي ضاع عليه في الأسفار المذكورة في أوّل ترجمته.

وكانت له عند السيّد المجدّد مكانةٌ ساميةٌ للغاية ، فكان لا يُسمّيه باسمه بل يُناديه بـ : (حاج آغا) احتراماً له ، وورث ذلك عنه أولاده فقد كان ذلك اسم النورىّ في أيّام سكنانا بسامرّاء ، أَفَتَرى أنّ مَن يقوم بهذه الشواغل الاجتماعية المتراكمة من حوله يستطيع أن يعطي المكتبة نصيبها الذي تحتاجه حياتُه العلمية ؟ نعم أنَّ البطل النورىّ لم يكن ذلك كلّه صارفاً له عن أعماله ، فقد خرج له في تلك الظروف ما ناف على ثلاثين مجلداً من التصانيف الباهرة ، غير كثير ممّا استنسخه بخطّه الشريف من الكتب النادرة النفيسة.

أمّا في النجف وبعد وفاة السيّد المجدّد ، فلم يكن وضعه المادّي كما ينبغي أن يكون لمثله ، وأتخطّر إلى الآن أنّه قال لي يوماً : «إنّي أموت وفي قلبي حسرةٌ (١) ، وهي أنّي ما رأيتُ أحداً آخِر عمري يقول لي : يا فلانٌ خُذ هذا المالَ فاصرفه في قلمك وقرطاسك أو اشْتَرِ به كتاباً أو اعْطِهِ لكاتب يُعينك على عملك».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كثيرون أولئك الذين يقضون وفي قلوبهم مثلُ هذه الحسرة من رجال هذا الفنّ لكنّ ذلك لا يؤدّي بهم إلى ترك العمل أو الفتور عنه (وكم حسرات في نفوس كرام). (منه).


ومع ذلك فلم يصبه مللٌ أو كسلٌ فقد كان باذلاً جهدَه ومواصلاً عملَه حتّى الساعة الأخيرة من عمره ، وتصانيفه صنفان :

الأوّل : ما طُبع في حياته وانتشرت نسخُه في الآفاق ، وهو :

[١] ـ نفس الرَّحمن في فضائل سيّدنا سلمان ، طُبع في (١٢٨٥هـ).

[٢] ـ ودار السَّلام فيما يتعلّق بالرؤيا والمنام ، فرغ من تأليفه بسامرّاء في (١٢٩٢هـ) وطُبع في طهران كلا جزأيه في (١٣٠٥هـ) ضمنَ مجلّد ضخم كبير ، وطُبع الجزءُ الأوّل منه مستقلاًّ مرّةً ثانيةً ، ذكرناه مفصّلاً في الذريعة ج ٨ ، ص ٢٠.

[٣] ـ وفصل الخطاب في مسألة تحريف الكتاب ، فرغ منه في النجف في (٢٨ ـ ج ٢ ـ ١٢٩٢هـ) وطُبع في (١٢٩٨هـ) ، وبعد نشره اختلف بعضُهم فيه ، وكتب الشيخُ محمود الطهرانىّ الشهير بـ : (معرّب) رسالةً في الرَّد(١) عليه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) «ذكرنا في حرف الفاء من (الذريعة) ـ عند ذكرنا لهذا الكتاب ـ مرام شيخنا النورىّ في تأليفه لفصل الخطاب وذلك حسبما شافهنا به وسمعناه من لسانه في أواخر أيّامه ؛ فإنّه كان يقول : «أخطأتُ في تسمية الكتاب وكان الأجدر أن يُسمّى بـ : (فصل الخطاب في عدم تحريف الكتاب) لأ نّي أثبت فيه أنّ كتاب الإسلام (القرآن الشريف) ـ الموجود بين الدفّتين المنتشر في أقطار العالم ـ وحي إلهي بجميع سوره وآياته ، وجملة لم يطرأ عليه تغيير أو تبديل ولا زيادة ولا نقصان من لدن جمعه حتّى اليوم ، وقد وصل إلينا المجموع الأوّلي بالتواتر القطعي ، ولا شكّ لأحد من الإماميّة فيه.

فبعد ذا ، أمِن الإنصاف أن يقاس الموصوف بهذه الأوصاف بالعهدين أو الأناجيل المعلومة أحوالها لدى كلّ خبير؟ كما أنّي أهملتُ التصريحَ بمرامي في مواضع متعدّدة


سمّاها كشف الارتياب عن تحريف الكتاب ، وأورد فيها بعض الشبهات وبعثها إلى المجدّد الشيرازي ، فأعطاها للشيخ النورىّ ، وقد أجاب عنها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من الكتاب حتّى لا تسدّد نحوي سهام العتاب والملامة ، بل صرّحتُ غفلةً بخلافه.

وإنّما اكتفيتُ بالتلميح إلى مرامي في ص٢٢ ، إذ المهمّ حصولُ اليقين بعدم وجود بقيّة للمجموع بين الدفّتين ، كما نقلنا هذا العنوان عن الشيخ المفيد في ص٢٦ ، واليقين بعدم البقيّة موقوفٌ على دفع الإحتمالات العقلائية الستّة المستلزم بقاء أحدها في الذهن لارتفاع اليقين بعدم البقيّة ، وقد أوكلتُ المحاكمةَ في بقاء أحد الاحتمالات أو إنتفائه إلى مَن يمعن النظرَ فيما أدرجتُه في الكتاب من القرائن والمؤيّدات ، فإن انقدح في ذهنه احتمال البقيّة فلا يدّعي جزافاً القطع واليقين بعدمها ، وإن لم ينقدح فهو على يقين و (ليس وراء عبادان قرية) كما يقول المثلُ السائر ، ولا يترتّب على حصول هذا اليقين ولا على عدمه حكمٌ شرعي فلا اعتراضَ لإحدى الطائفتين على الأخرى».

هذا ما سمعناه من قول شيخنا نفسه ، وأمّا عمله فقد رأيناه وهو لا يقيم لما ورد في مضامين الأخبار وزناً بل يراها أخبار آحاد لا تثبت بها القرآنية بل يضرب بخصوصيّاتها عرض الجدار سيرة السلف الصالح من أكابر الإماميّة كالسيّد المرتضى ، والشيخ الطوسىّ ، وأمين الإسلام الطبرسىّ وغيرهم ، ولم يكن ـ العياذ بالله ـ يلصق شيئاً منها بكرامة القرآن ، وإن ألصق ذلك بكرامة شيخنا قدس‌سره مَن لم يطّلع على مرامه ، وقد كان باعتراف جميع معاصريه رجالي عصره والوحيد في فنّه ولم يكن جاهلا بأحوال تلك الأحاديث ـ كما ادّعاه بعض المعاصرين ـ حتّى يُعترض عليه بأنّ كثيراً من رواة هذه الأحاديث ممّن لا يُعمل بروايته. فإنّ شيخنا لم يورد هذه الأخبار للعمل بمضامينها بل للقصد الذي أشرنا إليه ولنا في (هامش الذريعة) تعليقةٌ مبسوطةٌ حول المبحث المعنون مسامحة بالتحريف هي في هامش ج٣ ، ص٣١٣ ـ ٣١٤ وأخرى في ج١٠ ، هامش ص٧٨ ـ ٧٩ ففيهما ما لا غنى للباحث عن الوقوف عليه والله من وراء القصد». (منه).


برسالة فارسية مخصوصة نذكرها في القسم الثاني المخطوط من تآليفه.

[٤] ـ ومعالم العبر في استدراك البحار السابع عشر.

[٥] ـ وجنّة المأوى في من فاز بلقاء الحجة عليه‌السلام في الغيبة الكبرى ، مِن الذين لم يذكرهم صاحب البحار ، أورد فيه تسعاً وخمسين حكايةً ، فرغ منه في (١٣٠٢هـ) طبعه المرحومُ الحاجُّ محمّد حسن الإصفهانيّ الملقّب بـ : (الكمپاني) ـ أمين دار الضرب ـ في آخر المجلّد الثالث عشر من البحار الذي هو تتميمٌ له ، طُبع ثانياً في طهران في (١٣٣٣هـ) ، راجع تفصيل ما ذكرناه في الذريعة ج٥ ص١٥٩ ـ ١٦٠.

[٦] ـ والفيض القدسي في أحوال العلاّمة المجلسي ، فرغ منه في (١٣٠٢هـ) وطبع بها في أوّل البحار ، طبعة أمين الضرب المذكور.

[٧] ـ والصحيفة الثانية العلوية.

[٨] ـ والصحيفة الرابعة السجّادية.

[٩] ـ والنجم الثاقب في أحوال الإمام الغائب عليه‌السلام ، فارسيّ.

[١٠] ـ والكلمة الطيّبة ، فارسي أيضاً.

[١١] ـ وميزان السماء في تعيين مولد خاتم الأنبياء ، فارسي ، ألّفه بطهران في زيارته (١٢٩٩هـ) بالتماس العلاّمة الزعيم المولى علي الكني.

[١٢] ـ والبدر المُشعشع في ذرّية موسى المبرقع ، فرغ منه في (١٣٠٨هـ) طُبع فيها ببمبئي على الحجر ، وعليه تقريظُ المجدّد ونسخةٌ منه بخطّه أهداها كتابةً للحجّة الميرزا محمّد الطهرانىّ ، وهي في مكتبته بسامرّاء


كما فصّلناه في ج٣ ص٦٨.

[١٣] ـ وكشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار ، في الردّ على القصيدة البغدادية التي تضمّنت إنكار المهدىّ عليه‌السلام.

[١٤] ـ وسلامة المرصاد (فارسي) في زيارة عاشوراء غير المعروفة ، وأعمال مقامات مسجد الكوفة غير ما هو الشائع الدائر بين الناس الموجود في المزارات المعروفة.

[١٥] ـ ولؤلؤ ومرجان در شرط پله أوّل ودوّم روضه خان ، يعني في الدرجة الأولى والثانية للخطيب يعني بذلك الإخلاص والصدق ، ألّفه قبل وفاته بسنة وطُبع مرّتين.

[١٦] ـ وتحية الزائر ، استدرك به على تحفة الزائر للمجلسىّ ، وطبع ثلاث مرّات ، وهو آخر تصانيفه حتّى أنّه توفّي قبل إتمامه ، فأتمّه الشيخُ عبّاس القمّيّ حسب رغبة الشيخ وإرادته كما فصّلناه في ج٣ ص٤٨٤.

[١٧] ـ وطُبع أيضاً ديوان شعره الفارسىّ بقطع صغير ويسمّى بـ : المولوديّة ؛ لأنّه مجموعُ قصائد نظمها في الأيّام المتبرّكة بمواليد الأئمّة ، وفيه قصيدةٌ في مدح سامرّاء وهي قافيتُه ، وفيه قصيدتُه التي نظمها في مدح صاحب الزمان في (١٢٩٥هـ).

[١٨] ـ وعدَّ السيّد محمّد مرتضى الجنفوري في رسالته التي ألّفها فهرساً لتصانيف الشيخ النورىّ من تصانيفه الفارسية المطبوعة ، جوابه عن سؤال السيّد محمّدحسن الكمال پوري المطبوع في البركات الأحمدية.


[١٩] ـ وأهمّ آثاره المطبوعة ، وغير المطبوعة وأعظمها شأناً ، وأجلّها قدراً هو مستدرك الوسائل ؛ استدرك فيه على كتاب وسائل الشيعة الذي ألّفه المحدّث الشيخ محمّد الحرّ العاملىّ المتوفّى في (١١٠٤هـ) ، والذي هو أحدُ المجاميع الثلاث المتأخّرة ، وهذا الكتاب في ثلاث مجلّدات كبار بقدر الوسائل ، اشتمل على زهاء ثلاثة وعشرين ألف حديثاً جمعها من مواضيع متفرّقة ، ومن كتب معتمدة مشتّتة مرتّباً لها على ترتيب الوسائل ؛ وقد ذيّلها بخاتمة ذات فوائد جليلة لا تُوجد في كتب الأصحاب ، وجعل لها فهرساً تامّاً للأبواب نظير فهرس الوسائل الذي سمّاه الحرُّ بـ : مَن لا يحضره الإمام ، ولكن مباشرُ الطبع عمل جدولاً من نفسه للفهرست وكتب كلّ باب في جدول فأدرج كلّما يسعه الجدول من الكلمات ، وأسقط الباقي فصار الفهرسُ المطبوعُ ناقصاً.

وبالجملة ، لقد حظي هذا الكتاب بالقبول لدى عامّة الفحول المتأخّرين ممّن يقام لآرائهم الوزن الراجح فقد اعترفوا جميعاً بتقدّم المؤلّف وتبحّره ورسوخ قدمه ، وأصبح في الاعتبار كسائر المجاميع الحديثيّة المتأخّرة.

فيجب على عامّة المجتهدين الفحول أن يطّلعوا عليه ويرجعوا إليه في استنباط الأحكام عن الأدلّة كي يتمّ لهم الفحص عن المعارض ، ويحصل اليأسُ عن الظفر بالمخصّص ، حيث أذعن بذلك جُلّ علمائنا المعاصرين للمؤلّف ممّن أدركنا بحثَه وتشرّفنا بملازمته.

فقد سمعتُ شيخنا المولى محمّد كاظم الخراسانىّ صاحب الكفاية


يلقي ما ذكرناه على تلامذته الحاضرين تحت منبره البالغين إلى خمس مائة أو أكثر بين مجتهد أو قريب من الاجتهاد بـ : «أنّ الحجّةَ للمجتهد في عصرنا هذا لا تتمّ قبل الرجوع إلى المستدرك والاطّلاع على ما فيه من الأحاديث» انتهى.

هذا ما قاله بنفسه عندما وصل بحثُ : (العمل بالعام قبل الفحص عن المخصّص) ، وكان بنفسه يلتزم ذلك عملاً ، فقد شاهدتُ عملَه على ذلك عدّة ليال ، وفقتُ فيها لحضور مجلسه الخصوصي في داره الذي كان ينعقدُ بعد الدرس العمومي لبعض خواصّ تلامذته كالسيّد أبي الحسن الموسوي ، والشيخ عبد الله الگلپايگاني ، والشيخ علي الشاهرودي ، والشيخ مهدي المازندراني ، السيّد راضي الإصفهانىّ ، وغيرهم ، وذلك للبحث في أجوبة الاستفتاءات.

فكان يأمرهم بالرجوع إلى الكتب الحاضرة في ذلك المجلس ، وهي الجواهر والوسائل ومستدرك الوسائل ، فكان يأمرهم بقراءة ما في المستدرك من الحديث الذي يكون مدركاً للفرع المبحوث عنه ، كما أشرتُ إليه في الذريعة ج٢ ص١١٠ ـ ١١١.

وأمّا شيخنا الحجّة شيخ الشريعة الإصفهانىّ ، فكان من الغالين في المستدرك ومؤلّفه ، سألتُه ذات يوم ـ وكنّا نحضر بحثه في الرجال ـ عن مصدره في المحاضرات التي كان يلقيها علينا فأجاب : «كلّنا عِيالٌ على النورىّ» ، يشير بذلك إلى المستدرك. وكذا كان شيخُنا الأعظم الميرزا محمّد


تقىّ الشيرازي غير هؤلاء من الفطاحل مقرّ له بالعظمة رحمه‌الله.

والصنف الثاني من آثار المترجم له مؤلّفاته غير المطبوعة وهي :

[٢٠] ـ مواقع النجوم ومرسلة الدّر المنظوم والشجرة المونقة العجيبة : وهو سلسلةٌ في إجازات العلماء من عصره إلى زمن الغيبة ، وهو أوّل مؤلّفاته ، فرغ منه ليلة الإثنين (٢٤ ـ رجب ـ ١٢٧٥هـ).

[٢١] ـ ورسالةٌ فارسيةٌ في جواب شبهات فصل الخطاب.

[٢٢] ـ وظلمات الهاوية في مثالب معاوية

[٢٣] ـ وشاخه طوبى ، في عشرة آلاف بيت في الختوم أعمال شهر ربيع الأوّل وبعض المطايبات.

[٢٤ ـ ٢٥] ـ وتقريرات بحث أستاذه الطهرانىّ ، وتقريرات المجدّد ، رأيتهما بخطّه الشريف في مكتبة الميرزا محمّد العسكرىّ ؛ لكنّهّ احتمل أنَّ الثاني لغيره وإنّما استنسخه بخطّه ، ومجموعة في المتفرّقات فيها فوائد نادرة.

[٢٦] ـ والأربعونيّات مقالةٌ مختصرةٌ كتبها على هامش نسخة الكلمة الطيّبة المطبوع ، جمع فيها أربعين أمراً من الأمور التي أضيف إليها عدد الأربعين في أخبار الأئمّة الطاهرين عليهم‌السلام كما ذكرتُه في ج١ ص٤٣٦.

[٢٧] ـ وأخبار حفظ القرآن.


[٢٨] ـ ورسالة في ترجمة المولى أبي الحسن الشريف(١) رأيتُها بخطّه على تفسير الشريف الموجود في مكتبة الميرزا محمّد العسكرىّ في سامرّاء.

[٢٩] ـ وفهرس كتب خِزانته ، رتّبه على حروف الهجاء.

[٣٠] ـ ورسالةٌ في مواليد الأئمّة عليهم‌السلام على ما هو الأصحّ عنده ، أخذها الآغا نور محمّد خان الكابلي نزيل كرمنشاه.

[٣١] ـ ومستدرك مزار البحار لم يتمّ.

[٣٢] ـ وحواشي رجال أبي علي لم تتمّ.

[٣٣] ـ وحواشي توضيح المقال الذي طبع في آخر رجال أبي علي ، نقلتُ جملةً منها على نسختي وضاعت منّي.

[٣٤] ـ وله ترجمة المجلّد الثاني من دار السلام لم تتمّ... .

إلى غير ذلك من الحواشي والرسائل غير التامّة ، وأجوبة المسائل والأوراق المتفرقة ، وقد كتب ما كان يمليه في مجالس وعظه من الأخلاق والآداب جماعةٌ منهم : المولى محمّدحسين القمشهي الصغير الذي مرَّ ذكرُه في القسم الأوّل من هذا الكتاب ص٥٢٠. كما أنّه لم يدع كتاباً في مكتبته إلاّ وعلّق عليه وشرح موضوعه وأحوال مؤلّفه وما هنالك من الفوائد.

وأسفي شديدٌ على ضياع تلك المكتبة وتفرّقها ، حيث كان فيها بعض الأصول الأربعمائة التي لم يقف عليها أحدٌ قبله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) إشارة إلى هذه الرسالة التي بين يدي القاري. (المصحّح).


وله في جمع الكتب قضايا ؛ مرّ ذات يوم في السوق ، فرأى أصلاً من الأصول الأربعمائة في يد امرأة عرضته للبيع ، ولم يكن معه شيءٌ من المال ، فباع بعضَ ما عليه من الألبسة واشترى الكتاب ، وأمثال ذلك كثيرٌ وهو سندٌ من أجلّ الأسناد الثابتة ليوم المعاد.

وكيف لا ، وهو خرِّيتُ هذه الصناعة وإمام هذا الفن ، فقد سبر غور علم الحديث حتّى وصل إلى الأعماق ، فعرف الحابل من النابل وماز الغثّ من السمين ، وهو خاتمةُ المجتهدين فيه ، أخذه عنه كلُّ من تأخّر من أعلام الدّين حجج الإسلام.

وقلّما كتبت إجازة منذ نصف قرن إلى اليوم ولم تصدر باسمه الشريف ، وسيبقى خالد الذكر ما بقي لهذه العادة المتّبعة من رسم ، وهو أوّل من أجازني وألحقني بطبقة الشيوخ في سنّ الشباب ، وقد صدرت عنه إجازات كثيرة بين كبيرة ومتوسّطة ومختصرة وشفاهية ذكرنا منها في الذريعة ج١ ص١٨١ ستّ إجازات ، وقد ترجمنا والده في القسم الأوّل من الكرام البررة ص٢٢٢.

ولشيخنا أربعة إخوة كلّهم أكبر منه :

١ ـ الفقيه الكبير الشيخ الميرزا هادي : اشتغل في النجف مدّةً طويلةً ، وعاد إلى بلاده بعد وفاة والده بسنين ، فصار مرجعاً للأمور ثلاث عشرة سنة إلى أن توفّي في حدود (١٢٩٠هـ) ، وخلّف ولده الميرزا مهدي.

٢ ـ العالم الحكيم الآغا ميرزا علي : كان فقيهاً فيلسوفاً انتهت إليه


المرجعيّة بعد أخيه المذكور إلى أن توفّي في نيّف وتسعين ومائتين وألف ، ووالدته ابنة الميرزا ولي المستوفي.

٣ ـ و ٤ ـ الميرزا حسن والميرزا قاسم : كانا من الفضلاء الأعلام ، كما كانا يدرّسان سطوح الفقه والأصول وتوفّيا قبل (١٣٠٠هـ).

و المترجم له أصغرهم رحمهم الله جميعاً.

هذا ملخّصُ أحوال شيخنا النورىّ ، ولعلّ الغير يرى فيه إطناباً أو إغراقاً ، أمّا أنا فلم أكتب عنه سوى مختصر ممّا رأيتُه أيّام معاشرتي له ، والله شهيدٌ على ما أقول ، فقد رأيتُه عالماً ربّانيّاً إلاهيّاً.

وما خفي عنّي أكثر وأكثر والله المحيط.

وقد ذكرتُه في هداية الرازىّ وفي الإسناد المصفّى إلى آل بيت المصطفى المطبوع في النجف في (١٣٥٦هـ) ص ٥ ـ ٦ ، وحصل هناك في إسم جدّه تقديمٌ وتأخيرٌ ، فقد جاء هناك : محمّدعلي ، وصحيحه كما هو مثبّتٌ هنا : علي محمّد(١).

المؤلَّف :

هي رسالةٌ وجيزةٌ مختصرةٌ في ترجمة المحدّث الفتوني رحمه‌الله ـ من أفضل تلامذة شيخنا المجلسي رحمه‌الله(٢) ـ ، كتبها الميرزا حسين النوري رحمه‌الله (١٢٥٤ ـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) نقباء البشر : (طبقات أعلام الشيعة : ج١٤ ، ص٥٤٣ ـ ٥٥٥ ، رقم٩٧٤).

(٢) قاله المحدّث الفقيه الشيخ يوسف البحراني رحمه‌الله في (الحدائق الناظرة : ج٣ ، ص٤٠٦).


١٣٢٠هـ) بخطّه الشريف في مطلع تفسير الفتوني الموسوم بـ : مرآة الأنوار ومشكوة الأسرار الذي استنسخه المحدّث النوري عن نسخة الخزانة الغروية ـ ظاهراًـ وبقيت هذه النسخة التي بخطّ المحدّث النوري في مكتبة المجدّد الشيرازي ، واشتراها بعد ذلك الميرزا محمّد العسكري الطهراني (١) ، ووقفها وقال في أوّلها :

«بسم الله الرّحمن الرّحيم. قد وقفتُ هذا الجزء الأوّ[ل] من المجلّد الأوّل من كتاب تفسير مرآة الأنوار للعلاّمة الشيخ أبي الحسن الفتوني جدّ العلاّمة الشيخ محمّدحسن صاحب الجواهر ، وهو بخطّ شيخنا الأستاد الاستناد حسين بن محمّدتقي النوري صاحب مستدرك الوسائل ويكون في خِزانة كتب مولانا الرّضا عليه‌السلام أو المكتبة الموقوفة بقم.

وأنا العبد الجاني محمّد العسكري الطهراني نزيل سامرّاء. ٢٧ ، ع١ ، ١٣٦٣هـ».

ذكرها في الذريعة بقوله : «ترجمة المولى أبي الحسن الشريف الفتوني جدّ صاحب الجواهر لأمّه ؛ لشيخنا العلاّمة النورىّ ، رسالةٌ مختصرةٌ كتبها بخطّه في (سنة ١٢٧٦هـ) على ظهر تفسير الشريف الفتوني الموسوم بـ : مرآة الأنوار... كلاهما بخطّ شيخنا المذكور»(٢).

وقال في نقباء البشر ـ كما سبق ذكره ـ : «رسالةٌ في ترجمة المولى أبي الحسن الشريف ؛ رأيتُها بخطّه على تفسير الشريف الموجود في مكتبة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الذريعة : ج١٠ ، ص٢٦٤ ـ ٢٦٥ ، رقم٢٨٩٣ (بتصرّف).

(٢) المصدر : ج٤ ، ص١٤٩ ، رقم٧٢٧.


الميرزا محمّد العسكري في سامرّاء».

وكانت النسخة المشار إليها في مكتبة المدرسة الفيضيّة في قم المقدّسة برقم (١٥٧١هـ) ، وهي في ورقتين ذات أبعاد ١٥ × ٢٢ سم وكلّ صفحة تحتوي على ٢٠ سطراً كما في فهرسها (ج١ ، ص٢٣٩).

ولا يخفى عليك أنّه قد طُبع التفسير المشار إليه كمقدّمة على تفسير البرهان للمحدّث المفسّر السيّد هاشم البحراني رحمه‌الله دون هذه الرّسالة الشريفة في ترجمة مؤلّفه العظيم ؛ ولذلك أخذنا الترجمة من مركز إحياء التراث الإسلامي في قم المقدّسة ، وشرعنا في تصحيحها وخرّجنا النصوص المشار إليها من مواضعها الأصليّة وأوردنا بعض العبارات اللازمة بين المعقوفتين تسهيلاً للقراءة.

كلمة شكر :

ومَن لم يشكر المخلوق ، لم يشكر الخالق!

و في الختام أتقدّم بجزيل الشكر والثناء إلى كلّ مَن أعانني وآزرني في هذا العمل ، وأخصّ منهم بالذكر : إخواني في مؤسّسة مركز إحياء التراث الإسلامي بقم المقدّسة ، لاسيّما أخي في الله الصديق الشفيق السيّد محمّدرضا الحسيني الإشكوري ، جزاهم الله خيراً.

قم المقدّسة ـ ١٤٣٧ هـ

وحيد الشوندي




[بسم الله الرّحمن الرّحيم](١)

نبذةٌ في أحوال مصنّف الكتاب ، على ما وجدّتُه في إجازات الأصحاب رضي الله عنهم.

[نسبه]

وهو الشريف أبوالحسن بن محمّدطاهر بن عبدالحميد بن موسى بن علي بن معتوق بن عبدالحميد العاملي النباطي الفتوني الإصبهاني(٢) ، وأُمّه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) وقد كتب آية الله السيّد المرعشي النجفي قدس‌سره في هامش المخطوطة : «بـ [ـا[ـسمه تعالى. اعلم يا أخي! أنّ هذه الرّسالة الوجيزة في ترجمة مولانا أبي الحسن الشريف ، ممّا سمحت بها قلمُ مولانا خاتم المحدّثين ثقة الإسلام شيخ مشايخنا الحاج الميرزا حسين النوري قدس‌سره ، وهي بخطّه الشريف ؛ فلا ترخصّن مهرها.

وأرويها عن مؤلّفها بواسطة والدي المرحوم المبرور ، شرف آل الرّسول ، وفخر ذراري البتول ، السيّد شمس الدّين محمود الحسيني (المتوفّى سنة ١٣٣٨هـ) ، فإنّه يرويها عن مؤلّفها.

الرّاجي شهاب الدّين الحسيني النجفي ، ١٣٦٠هـ».

(٢) لاحظ ترجمته في : نجوم السماء : ص٢٣٨ ،رقم٦٣ ؛ روضات الجنّات : ج٧ ، ص١٤٢ ، رقم٦٣١ ، عند ترجمة الميرزا محمّد الأخباري ؛ خاتمة المستدرك : ج٢ ، ص٥٤ ؛ الفيض القدسي : (بحار الأنوار : ج١٠٢ ، ص٨٦ ، رقم٦) ؛ تكملة أمل الآمل : ج١ ، ص٤١٧ ، رقم٤٤٥ ؛ الكنى والألقاب : ج١ ، ص٤٨ ؛ أعيان الشيعة : ج٧ ، ص٣٤٢ ؛ معارف الرجال : ج١ ، ص٤١ ؛ الكواكب المنتثرة (طبقات أعلام الشيعة : ج٩ ، ص١٧٤) ؛ مرآة الكتب : ج١ ، ص١٩١ ؛ ريحانة الأدب : ج٣ ، ص٢١١ ؛ مقدّمة


أخت السيّد الكبير الأمير محمّدصالح بن عبد الو[ا]سع بن محمّدصالح بن إسماعيل الحسيني.

[كلماتُ الأصحاب فيه]

[١] ـ قال ابن خاله الأمير محمّدحسين بن محمّد صالح في إجازته الكبير[ة] للمولى زين الدّين الخو[ا[نساري : «ومنها : ما أخبرني به إجازةً الشريف الكامل ، الفاضل العامل ، والعالم الماهر ، الثقة العدل ، الرضىّ المرضىّ البدل ، قدوة العلماء والمحدّثين ، ابن عمّتي(١) المولى أبوالحسن الشريف العاملي [المجاور] بالغرىّ ـ أدام الله أيّام فضله وعلاه ، ونجّاه عن كلّ سوء ووقاه ـ من مشايخه... إلخ»(٢).

[٢] ـ وقال الشيخ محمّد مهدي الفتوني في إجازته للسيّد السند محمّد مهدي الشهير بـ : (بحر العلوم) ـ بعد ذكر نبذة من الكتب(٣) ـ : «وإنّي قد رويتُ تلك سماعاً وقراءةً وإجازةً من شيخي وأستادي ، ومَن كان في الدّارين مَلاذي ، رئيس المحدّثين في عصره ، وقدوة الفقهاء في دهره ، ملّا أبي الحسن الشريف الفتوني العاملي قدّس الله نفسه ، وطيّب رمسه ... إلى آخره»(٤).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(ضياء العالمين) المطبوع مع تحقيق مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث بقم المقدّسة.

(١) في الأصل : (إبن عمّي) ؛ والصحيح ما أثبتناه.

(٢) مناقب الفضلاء : (ميراث حديث شيعه : ج٤ ، ص٤٩٥).

(٣) نحو : (الكافي) و (الفقيه) و (التهذيب) و (الإستبصار) و (البحار) (الوسائل) و (الوافي).

(٤) إجازات


[٣] ـ وقال شيخنا صاحب الحدائق في إجازته للسيّد المتقدّم : «ومنها : ما رويتُه(١) قراءةً وسماعاً وإجازةً عن خاتم العلماء الماضين(٢) ، شيخنا الأجل الأعظم ، الشيخ أبي الحسن... إلى آخره»(٣).

[٤] ـ وقال في اللؤلؤة : «وكان الملّا أبوالحسن المذكور ، محقّقاً مدقّقاً ثقةً صالحاً عدلاً ؛ اجتمع به الوالد قدس‌سره لما تشرّف بزيارة النجف الأشرف في سنة ١١٢٥هـ(٤) ، وكان بصحبته والده وولده(٥) وجمعٌ من الرُّفقاء ، وفي هذه السّنة مات والده وقبره(٦) في جوار الكاظمين عليهما‌السلام ، وقد وقع بين الوالد وبين المولى أبي الحسن المذكور بحثٌ في مسائل جرت في البين».

[تصانيفه]

له :

[١] ـ كتاب الفوائد الغرويّة(٧) ؛ ولم أقف منه إلاّ على ما يتعلّق بأصول

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) في الأصل : (رواه) ؛ والصحيح ما أثبتناه كما في اللؤلؤة.

(٢) هكذا في الأصل ؛ وفي الإجازة المشار إليها : (الخاصّة الماضيّة).

(٣) إجازات الحديث : ص١٤٩.

(٤) هكذا كُتب في الأصل ؛ وفي اللؤلؤة : «السنة الخامسة عشرة بعد المائة والألف».

(٥) احتمل العلاّمة السيّد محمّد صادق بحر العلوم في هامش اللؤلؤة أن يكون مراده من قوله : (ولده) المولى أبي طالب ابن الشريف أبي الحسن الفتوني. لؤلؤة البحرين : ص١٠٨. ولايخفى عليك أنّ في الروضات : (ج٧ ، ص١٤٤) ـ نقلاً عن اللؤلؤة ـ : «والده ووالدته». ويؤيّده في هذا متنُ نجوم السماء : (ص٢٣٨). والله العالم.

(٦) هكذا في الأصل ؛ وفي اللؤلؤة : (قُبر).

(٧) الذريعة : ج١٦ ، ص٣٥٣ ، رقم١٦٣٩.


الفقه.

قال في أوّله ـ بعد الحمد والصّلاة ـ : «المقصد الثاني من الفوائد الغرويّة فيما يتعلّق بأصول الفقه».

وهو /١أ/ كتابٌ حسنٌ جرى فيه على الأصول والقوانين المستفادة من الأخبار ، يشتمل على أبحاث رائعة(١) ، وتحقيقات فائقة ، يشهد بعلوّ شأنه في المعقول والمنقول ، وطول يده في الفروع والأصول.

وهذا الكتابُ عندي ، [و] تأريخ فراغه من المجلّد الذي في الأصول ـ كما ذكره في آخره ـ [كان] في سنة ١١١٢هـ (٢).

[٢] ـ وله : رسالةٌ في الرضاع (٣) ؛ اختار فيها (٤) القول [بـ]التنزيل ، وقد تقدّمه في ذلك [القول] المحقّق الداماد ، ولنا رسالةٌ في الردّ عليه ستأتي الإشارة إليها إن شاء الله عند تعداد مصنّفاتنا(٥).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) هكذا في الأصل وفي اللؤلؤة : (رائقة).

(٢) هكذا كُتب في الأصل ؛ وفي اللؤلؤة : «السنة الثانية عشرة بعد المائة الألف».

(٣) الذريعة : ج١١ ، ص١٨٨ ، رقم١١٥٣. قال السيّد حسن الصدر الكاظمي : «رسالة في الرّضاع ؛ قال فيها بعموم المنزلة ، وهي عندي بخطّه». تكملة أمل الآمل : ج١ ، ص٤١٨ ، رقم٤٤٥.

(٤) في الأصل : (فيه) ؛ والصحيح ما أثبتناه كما في اللؤلؤة.

(٥) هي الرسالة الرّضاعيّة : (الذريعة : ج١١ ، ص ١٩٥ ، رقم ١١٩٤ ، واسمها الأصلي : كشف القناع عن صريح الدليل في ردّ مَن قال بالتنزيل كما في (الذريعة : ج١٨ ، ص ٥٣ ، رقم ٦٤٣).


[٣] ـ وله : شرحٌ على الكفاية(١) ؛ إبتدأ فيه من كتاب المتاجر اعتماداً على ما كتبه المصنّف في الذّخيرة مّما يتعلّق بالعبادات.

رأيتُ منه قطعةً [من أوّل كتاب المتاجر](٢) ، والظاهر أنّه لم يخرج من التصنيف سواها.

[٤] ـ وشرحٌ على المفاتيح سمّاها : كتاب شريعة الشيعة ودلائل الشريعة(٣).

رأيتُ منه قطعةً من أوّله ، تشتمل على شرح الباب الأوّل.

قال في آخره : «هذا ما أردنا إيراده في الجزء الأوّل من كتاب شريعة الشيعة شرح الباب الأوّل من كتاب مفاتيح الشرائع ، ويتلوه شرحُ الباب الثاني في مقدّمات الصّلاة إن شاء الله [تعالى] وفرغتُ من تسويده في أوّل سنة (١١٢٩هـ)»(٤). انتهى.

وهو يشهد بفضله وتحقيقه ودورانه مَدار الأخبار المأمونة العثار في جليله ودقيقه. ولا أعلم هل برز منه غيرَ هذا أم لا ؟!»(٥).

أقول : أمّا الفوائد الغروية ، فرأيتُ منه ما يتعلّق بأصول الدّين ، بخطّه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الذريعة : ج١٤ ، ص٣٥ ، رقم١٦٢٢.

(٢) ما بين المعقوفتين زيادة من اللؤلؤة.

(٣) الذريعة : ج١٤ ، ص١٨٧ ، رقم٢١١٥.

(٤) هكذا كُتب في الأصل ؛ وفي اللؤلؤة : «سنة تسع وعشرين بعد المائة الألف».

(٥) إلى هنا تمّ نقلُ موضع الحاجة من كلام المحدّث الفقيه الشيخ يوسف البحراني قدس‌سرهفي لؤلؤة البحرين : ص١٠٧ ـ ١٠٩.


الشريف في النجف الأشرف في سنة (١٢٧٦هـ) ، وهو مع اختصاره في غاية الجودة.

[٥] ـ ووقفتُ على كراريس بخطّه رحمه‌الله ، تعرّض فيها لـ : شرح الصحيفة(١) في أسلوب حسن. ولعَمْري لو كان تماماً ما ، لانطوى الشروح عنها كَشحاً.

[٦] ـ وله أيضاً كتاب ضياء العالَمين(٢) في إثبات الإمامة ؛ لم يعمل مثله ، يقرب من ستّين ألف بيت.

[٧] ـ ومِن مصنّفاته التي(٣) لم يسبق إليه سابقٌ ، ولم يلحقه لاحقٌ ، هذا التفسير العجيب(٤) الذي ينبغي كتابته بالنور على حدقات الحور.

ومَن له أدنى دِريةٌ بكتب الأخبار /١ب/ وتتبّعٌ في السير والآثار ، يظهر له أنّ هذا المسلك الغريب صعبٌ مستصعبٌ لم يسلكه أحدٌ قبله ، بل هو رحمه‌الله أبو غررها.

[و] هو إن كان ناقصاً ، بل والبارز من أصل التفسير ليس إلاّ شيء يسير ، إلاّ أنَّ المجلّد الأوّل منه ، وهو في المقدّمات سيّما مفرداته كاف للّذي رام أن يخوض في مشكلات الفرقان ببيان أولياء الرّحمن.

فقد ترى إنّه ـ أعلى الله مقامه ـ لم يَدَع في ترجمة كلّ لفظ لفظ خبراً إلاّ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) الذريعة : ج١٣ ، ص٣٤٦ ، رقم١٢٨٣.

(٢) الذريعة : ج١٥ ، ص١٢٤ ، رقم٨٤٠.

(٣) في الأصل : (الذي) ؛ والصحيح ما أثبتناه.

(٤) إشارةٌ إلى كتابه : (مرآة الأنوار ومشكوة الأسرار). الذريعة : ج٢٠ ، ص٢٦٤ ، رقم٢٨٩٣.


ذكره ، وإن كان له تعلّقٌ قليلٌ ، فما من مغلق إلاّ فتحه عياناً ، ولا مِن مشكل إلاّ وأوضحه بياناً.

فعليك بهذا التفسير الكافي لتبيان مشكلات علوم الكتاب ، والوافي لإرشاد الأذهان إلى مجمع بيان لم يسبق إليه أحدٌ ، ولم يجر في خطاب حتّى يرويك من صافي فُرات لم تَظمَأ بعده أبداً ، وينبّئك من حقائق كلمات مكنونة لم يشرحها أحدٌ(١) ، فاصحبه فإنّه الغاية القصوى وتمسّك به فإنّه العروة الوثقى(٢). ولنعم قيل :

«كتابٌ كأنّ الله رصّع لفظَه

بجواهر آيات الكتاب المنزّل».

[وفاته]

ووفاته على ما نقل السيّدُ الأوّاهُ السيّد عبدالله بن السيّد نورالدّين بن السيّد نعمة الله الجزائري في إجازته الكبيرة : «في أواخر العشر الأربعين بعد المائة الألف»(٣).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) في الأصل : (أحداً) ؛ والصحيح ما أثبتناه.

(٢) إنّ المصنّف رحمه‌الله أشار في هذه الفِقرة إلى بعض من الكتب ؛ كـ : (غرر الحكم) ، و (البيان) ، و (الكافي) ، و (التبيان) ، و (الوافي) ، و (إرشاد الأذهان) ، و (مجمع البيان) ، و (الصافي) ، و (تفسير فرات الكوفي) ، و (كلمات مكنونة). فتأمّل.

(٣) لم نعثر فيها على ما نقله رحمه‌الله ولا يخفى عليك أنّه لقد اختلفت أقوالُ الأصحاب في سنة وفاة المحدّث الفتوني قدس‌سره ؛ وفي «الكواكب المنتثرة من (طبقات أعلام الشيعة :


[الرّاوون عنه]

هذا ، ويروي عنه جملةٌ من الأصحاب كـ :

[١] ـ الشيخ البهىّ الرّضىّ السنيّ الشيخ محمّد مهدي العامِلي الفتوني.

[٢] ـ والسيّد الجليل النبيل ، شيخ الإسلام والمسلمين ، الأمير محمّد حسين الخاتون آبادي.

[٣] ـ والسيّد السند الفاضل ، السيّد محمّد حيدر الموسوي العامِلي.

[٤] ـ والشيخ الأجلّ الأعظم ، رئيس المحدّثين ، الشيخ أحمد الجزائري.

[٥] ـ السيّد الجليل النبيل ، المحقّق المحدّث ، السيّد نصر الله الموسوي الحائري ؛ وغير ذلك.

[مشايخه في الإجازة]

ويروي هو عن :

[١] ـ المولى محمّدباقر المجلسي.

[٢] ـ والمولى محسن الكاشاني صاحب الصافي.

[٣] ـ والآغا حسين الخو[ا]نساري.

[٤] ـ والسيّد نعمة الله الجزائري.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ج٩ ، ص١٧٤) و (أعيان الشيعة : ج٧ ، ص٣٤٢) : سنة (١١٣٩هـ). وفي (الكنى والألقاب : ج ١ ، ص٤٨) و (ريحانة الأدب : ج٣ ، ص٢١٣) : سنة (١١٣٨هـ). والله العالم.


[٥] ـ والمحدّث الفاضل ، الشيخ محمّد حسين بن الحسن الميسي الحائري.

[٦] ـ والشيخ الفاضل ، عبد الواحد بن [محمّد] بن أحمد البوراني.

[٧] ـ والشيخ الفاضل ، أحمد بن محمّد /٢ أ/ بن يوسف البحراني.

[٨] ـ والواعظ الزاهد ، الصالح الزّكي ، الحاج محمود الميمندي.

[الخاتمة]

ثُمّ إنّ هذا الشيخَ جدٌّ أمّيٌّ [لـ]شيخنا صاحب جواهر الكلام ، وينقل عنه في كتابه كثيراً ويعبّر عنه بـ : «جدّي»(١). هذا ما وقفتُ على حاله ، والصّلاة على محمّد وآله.

وأنا مادحُ العلماء وخادمهم ، العبد الجاني ، إبن محمّد تقي حسين المازندراني ، في مشهد الحسين عليه‌السلام في ٣ شهر رمضان في سنة (١٢٧٦هـ) (٢).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) قال المؤلّف قدس‌سره : «وهو جدّ شيخ الفقهاء ـ صاحب جواهر الكلام ـ من طرف أمّ والده المرحوم الشيخ باقر ، وهي آمنة بنت المرحومة فاطمة بنت المولى أبي الحسن رحمه‌الله».

خاتمة المستدرك : ج٢ ، ص٥٥ ـ ٥٦.

و نقل عنه صاحب الجواهر في أحكام الرضاع ، بقوله : «جدّي الفاضل المتبحّر الآخوند الملاّ أبوالحسن الشريف». جواهر الكلام : ج٢٩ ، ص٣١٣.

(٢) تمّ تحقيق هذا الوجيز المختصر مع تصحيح هذا العبد الفقير الحقير المسيء ، وحيد بن محمّد علي بن علي أحمد بن محمّد علي الشوندي بقم المقدّسة ، صانها الله عن الحدثان في رجب المرجّب من سنة (١٤٣٧هـ) ، والحمد لله ربّ العالمين.


المصادر

١ ـ إجازات الحديث : السيّد محمّدمهدي بحرالعلوم الطباطبائي (١١٥٥ ـ ١٢١٢هـ) ؛ تقديم : السيّد فاضل بحر العلوم ؛ تحقيق : السيّد جعفر الحسيني الإشكوري ؛ مؤسّسة الرافد للمطبوعات ؛ مركز تراث السيّد بحرالعلوم ، ط١ ، ١٤٣١ هـ/ ٢٠١٠ م.

٢ ـ أعيان الشيعة : السيّد محسن الأمين العاملي (١٢٨٤ ـ ١٣٧١هـ) ؛ حقّقه أخرجه : ولده الدكتور السيّد حسن الأمين ؛ دار التعارف للمطبوعات ـ بيروت ، ١٤٠٣ هـ / ١٩٨٣ م.

٣ ـ بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار عليهم‌السلام : الشيخ محمّد باقر المجلسي (١٠٣٧ ـ ١١١٠هـ) ؛ مؤسّسة الوفاء ـ بيروت ، ط٢ ، ١٤٠٣ هـ / ١٩٨٣ م.

٤ ـ تكملة أمل الآمل : السيّد حسن الصدر الكاظمي (١٢٧٢ ـ ١٣٥٤هـ) ؛ تحقيق : الدكتور حسين علي محفوظ البغدادي ، عبدالكريم الدبّاغ ، عدنان الدبّاغ ؛ دار المورّخ العربي ـ بيروت ، ط١ ، ١٤٢٩ هـ / ٢٠٠٨ م.

٥ ـ جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام : الشيخ محمّد حسن النجفي (ح١١٩٢ ـ ١٢٦٦هـ) ؛ حقّقه وعلّق عليه : محمود القوچاني ، بتصحيح السيّد إبراهيم الميانجي ؛ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ، ط٧ ، ١٩٨١ م.


٦ ـ الحدائق الناظرة في أحكام العترة الطاهرة عليهم‌السلام : الشيخ يوسف البحراني (١١٠٧ ـ ١١٨٦هـ) ؛ مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجامعة المدرّسين بقم المشرّفة ، ط٣ ، ١٤٣٤ هـ.

٧ ـ خاتمة مستدرك الوسائل : الميرزا حسين النوري الطبرسي (١٢٥٤ ـ ١٣٢٠هـ) ؛ تحقيق : مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ـ قم ،ط١ ، ١٤١٥ هـ.

٨ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة : الشيخ محمّدمحسن المشتهر بـ : آقا بزرگ الطهراني (١٢٩٣ ـ ١٣٨٩هـ) ؛ مطبعة الغري ـ النجف الأشرف ، ط١ ، ١٣٥٥هـ.

٩ ـ روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات : السيّد محمّدباقر الموسوي الخوانساري الإصفهاني (١٢٢٦ ـ ١٣١٣هـ) ؛ عنيت بنشره مكتبة إسماعيليان ـ قم ، ١٣٩٠هـ.

١٠ ـ ريحانة الأدب في تراجم المعروفين بالكنيّة واللقب : ميرزا محمّد علي مدرّس تبريزى (١٢٩٦ ـ ١٣٧٣هـ) ؛ مكتبه خيّام ـ تهران ، ١٣٦٩ هـ.

١١ ـ طبقات أعلام الشيعة : الشيخ محمّدمحسن المشتهر بـ : آقا بزرگ الطهراني (١٢٩٣ ـ ١٣٨٩هـ) ؛ قدّم له : ولده الدكتور علي نقي المنزوي ؛ دار إحياء التراث العربى ـ بيروت ، ط١ ، ١٤٣٠ هـ / ٢٠٠٩ م.

١٢ ـ فهرست نسخه هاى خطّى كتابخانة مدرسة فيضية قم : رضا أستادي ؛ مطبعة مهر ـ قم ، ١٣٩٦ هـ.

١٣ ـ الكنى والألقاب : الشيخ عبّاس القمّي (١٢٩٤ ـ ١٣٥٩هـ) ؛ صحّحه طبعه : حسن الحسيني اللواساني النجفي ؛ مطبعة العرفان ـ صيدا ، ط١ ، ١٣٥٨ هـ / ١٩٣٩ م.


١٤ ـ لؤلؤة البحرين في الإجازة لقرّتي العين : الشيخ يوسف البحراني (١١٠٧ ـ ١١٨٦هـ) ؛ حقّقه وعلّق عليه : السيّد محمّدصادق بحرالعلوم ؛ مطبعة النعمان ـ النجف الأشرف ، ١٣٩٠ هـ.

١٥ ـ مرآة الكتب : ثقة الإسلام التبريزى (١٢٧٧ ـ ١٣٢٠هـ) ؛ تحـقيق : محمّد علي الحائري ؛ منشورات مكتبة آيه الله السيّد المرعشي النجفي ـ قم ، ط١ ، ١٤١٨ هـ / ١٣٧٦ هـ.

١٦ ـ معارف الرّجال في تراجم العلماء والأدباء : الشيخ محمّد حرزالدّين النجفي (١٢٧٣ ـ ١٣٦٥هـ) ؛ علّق عليه حفيده محمّد حسين حرز الدّين ؛ منشورات مكتبة آية الله السيّد المرعشى النجفي ـ قم ، ط١ ، ١٤٠٥ هـ.

١٧ ـ ميراث حديث شيعه : بكوشش مهدي مهريزي ، علي صدرائي خويي ؛ مؤسّسه فرهنگى دار الحديث ـ قم ، ط١.

١٨ ـ نجوم السماء في تراجم العلماء : محمّدعلي آزاد كشميري (المتوفّى سنة ١٢٨٦هـ) ؛ تصحيح : مير هاشم محدّث ؛ شركت چاپ ونشر بين الملل ـ تهران ، ط٢ ، ١٣٨٧ هـ. ش.


من أنبـاء التـراث

هيئة التحرير

كتب صدرت محقّقة

* بهجة الجلساء في تعريف الخمسة أهل الكساء (العدد الثاني من سلسلة ذخائر الحرمين الشريفين).

نظم : العلاّمة الأديب خضر بن عطاء الله الموصلي المكّي (ت ١٠٠٧ هـ).

أرجوزة أدبية مسهبة في سيرة الأنوار الخمسة أصحاب الكساء عليهم‌السلام ، ويعتبر مؤلّفه من كبار الأدباء والعلماء في القرن العاشر والحادي عشر ، وقد قطن في مكّة المكرمة ، ثمّ أُخرج من البلد الأمين ، وقد أثنى عليه كلّ من

ترجمه غاية المدح والإطراء ، كالسيّد علي خان المدني ، والمحبّي ، والشوكاني ، وانتهاءاً بالشيخ آقا بزرك الطهراني.

اشتمل الكتاب على مقدّمة من المحقّق ، تعرّض فيها إلى ثلاثة أمور :

الأوّل : ترجمة الناظم ، وقد أسهب في ترجمته ، وسرد شواهداً على تشيّع المؤلّف.

الثاني : نسبة الأُرجوزة إلى المؤلّف.

الثالث : مخطوطات الكتاب.

تحقيق : الشيخ حسين الواثقي.

حجم الكتاب : وزيري.

عدد الصفحات : ١٧٦.

نشر : نشر دانش حوزة ، قم


المقدّسة ـ إيران.

* شرح على الباب الحادي عشر ج(١ ـ ٣).

تأليف : الشيخ محمّد بن أبي جمهور الأحسائي.

لقد كان لابن أبي جمهور اهتمام يفوق الوصف بالباب الحادي عشر ، حتّى أنّه كتب عليه أربعة شروح ، ويعتبر هذا الكتاب برزخاً بين شروحه ، حيث أحجم عن تجاوز النقاط المبهمة في الباب الحادي عشر ، دون التمادي في التفصيل المملّ بالنسبة إلى المباحث الكلامية ، من هنا يمكن اعتبار هذا الكتاب منهجاً نموذجيّاً لتدريس علم الكلام والتعرّف على الكلام الشيعي على المستوى المتوسّط ، حيث يتعرّض إلى أصول عقائد الشيعة الإمامية المجمع عليها ، وفي الوقت نفسه هناك إشارات إلى معتقدات الفرق الكلامية الأخرى ،

والكتاب يقوم على عدّة أفكار أساسية أهمّها :

الإسهام في دراسة العقائد الأساسية من توحيد وعدل ونبوّة وإمامة ومعاد وغيرها من العقائد الإسلامية ، ما يتناسب مع العقل الكلامي الإمامي في زمن مؤلّفاته.

العمل على دراسة العقائد الإسلامية باعتماد المنهج المقارن ، فنجد ابن أبي جمهور قام بعرض لآراء الفرق الإسلامية الثلاث من دور مهمّ ورئيسيّ في تشكيل وتطوير علم الكلام الإسلامي والأخذ بزمامه ، فيمكننا أن نعدّ هذا الكتاب من كتب علم الكلام المقارن.

تحقيق : رضا يحيى پورفارمد.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٩٠ تقريباً لكلِّ جزء.

نشر : جمعية ابن أبي جمهور الأحسائي لإحياء التراث ـ قم ـ إيران.


* رسائل كلامية وفلسفية ج (١ ـ ٢).

تأليف : الشيخ محمّد بن أبي جمهور الأحسائي.

الكتاب يشتمل على قسمين من الرسائل ، القسم الأوّل من الرسائل الكلامية وهي في المجلّد الأوّل كالآتي :

ـ زاد المسافرين في أصول الدين.

ـ عروة المتمسّكين بأصول الدين.

ـ مسلك الأفهام في علم الكلام.

ـ المشهدية في أصول الدين.

والقسم الثاني من الرسائل الفلسفية وهي في المجلّد الثاني كالآتي :

ـ البوارق المحسنية لتجلّي الدرّة الجمهورية.

ـ الدرّة المستخرجة من اللجّة.

والكتاب يتضمّن مقدّمة تعريفية

لمحقّق الكتاب مع فهارس تفصيلية.

تحقيق : رضا يحيى پورفارمد.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٢٠ تقريباً لكلِّ جزء.

نشر : جمعية ابن أبي جمهور الأحسائي لإحياء التراث ـ قم ـ إيران.

* الزهرات الزويّة في الروضة البهية ج (١ ـ ٣).

تأليف : الشيخ عليّ بن محمّد بن الحسن بن زين الدين العاملي.

كتاب فقهي يأتي في عداد الشروح التي ألّفت لكتاب الروضة البهية للشهيد الثاني رحمه‌الله.

وقد جاء أصل الكتاب في جزءين على جميع أبواب الروضة البهية ، ارتأى المصنّف شرحه متبنّياً في ذلك ربط العبارات والتنبيه على بعض الرموز والإشارات.

اشتمل الكتاب على مقدّمة لمنهج التحقيق والمخطوطات المعتمد عليها وعرض صورها.

كما احتوى على ترجمة المصنّف ـ


سبط الشهيد الثاني ـ وبيان حياته ومنزلته العلمية.

تحقيق : الشهيد الشيخ مشتاق الزيدي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٥٦٨ ، ٤٤٤ ، ٤٨٨.

نشر : دار المؤرّخ العربي ـ بيروت ـ لبنان.

* خاتمة مستدرك الوسائل ج(١).

تأليف : الميرزا حسين النوري (ت ١٣٢٠ هـ).

اعتنت مؤسَّسة النشر الإسلامي بتحقيق كتاب خاتمة المستدرك تكميلاً لعملها التحقيقي الذي قامت به سابقاً في الدمج بين كتابي الوسائل ومستدرك الوسائل ، ولكن بعد أن صدر هذا الكتاب محقّقاً من قبل مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث

ارتأت مؤسّسة النشر الإسلامي أن تحقّق الكتاب وفق منهجية ذكرتها في مقدّمة التحقيق منها : إيضاح الارتباط بين المطالب ، وتبيين التسلسل بين المشايخ وقد صدر منه الجزء الأوّل.

تحقيق : مؤسّسة النشر الإسلامي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٨٣٩.

نشر : مؤسّسة النشر الإسلامي ـ قم ـ إيران.

* آداب المتعلّمين.

تأليف : الشيخ نصير الدين الطوسي (ت٦٧٢ هـ).

هو الكتاب المعهود في الحوزة العلمية للطلاّب الناشئة المبتدئين السالكين طريق تحصيل علوم الدين على سبيل تهذيب النفس والترقّي في مدارج العلم والتقوى حيث تناول مجموعة من الآداب والنصائح التي ترشدهم سبيل الهدى والفلاح.


احتوى الكتاب على : مقدّمة التحقيق ، تمهيد حول المؤلّف والكتاب ، سطور عن حياة الشيخ نصير الدين الطوسي نماذج مصوّرة من نسخ الكتاب ، متن الكتاب مع التعليقات.

كما اشتمل الكتاب على اثني عشر فصلاً في : ماهية العلم وفضله ، النية ، اختيار العلم والأستاذ والشريك والثبات ، الجدّ والمواظبة والهمّة ، بداية السبق وقدَرِهِ وترتيبه ، التوكّل ، وقت التحصيل ، الشفقة والنصيحة ، الاستفادة ، الورع ، ما يورث الحفظ وما يورث النسيان ، ما يجلب الرزق وما يمنع الرزق وما يزيد العمر وما ينقص.

تحقيق : السيّد محمّد رضا الجلالي.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ١٩٢.

نشر : المحقّق ـ قم المقدّسة ـ إيران.

* ثلاث رسائل في الفقه والأصول.

(سه رساله در فقه واصول)

تأليف : الشيخ محمّد إبراهيم الكلباسي (ت ١٢٦٢ ق).

يحتوي الكتاب على ثلاث رسائل فقهية وأُصولية باللغة العربية ، الأولى : رسالة أصولية في الصحيح والأعم.

الثانية : رسالة فقهية في تقليد الميّت.

الثالثة : رسالة فقهية في حرمة الغليان في شهر رمضان. وخاتمة في ثلاث نكات ، الأولى : في التقوى والتحذير من الدنيا والإفتاء. والثانية : في مفاسد الغليان ومضارِّه. وتكملة : رسالة عدم مفطرية التتن.

كما اشتمل الكتاب على مقدّمة فارسية في التعريف بشخصية المؤلّف.

تحقيق : محمّد الكلباسي.

الحجم : رقعي.

عدد الصفحات : ٣٤٩.

نشر : دانش حوزه ـ قم المقدّسة ـ إيران.


كتب صدرت حديثاً

* المكاتبات المكّية (العدد السابع من سلسلة ذخائر الحرمين الشريفين).

تأليف : الشيخ حسين الواثقي.

يجمع الكتاب بين دفّتيه مئة رسالة وكتاب من الروائع في الأدب والتاريخ ، جمعت من أكثر من ستّين مخطوطة من شتّى مكتبات العالم الإسلامي ، وقد اشتملت هذه الكتب على مواضيع مختلفة وأغراض شتّى ، كجواب عن رسالة ، أو الأخوانيّات ، أو التوصية بخدمة أشخاص عزموا على الحجّ ، أو التوصية لعدّة أشخاص من الحرمين الشريفين لتعينهم الدولة الإيرانية ، أو القرارات التي عقدت بين الدولة الإيرانية وشرفاء مكّة وولاة الأحساء والبصرة ، لمرور قوافل الحجّ ، والعلاقات الإيرانية العراقية ، أو فتح طريق الحجّ وانغلاقها ، أو إظهار الشوق

إلى الحرمين الشريفين وما إلى ذلك من المواضيع التاريخية والأدبية والثقافية والسياسية والعلمية التي تدور حول محورية الحرمين الشريفين.

وقد اشتمل الكتاب على تسعة فصول :

الفصل الأوّل وهو القسم الأكبر ، وفيه ٤٠ مكتوباً ومراجعة دارت بين رجال الدولة الصفويّة ـ الحاكمة في إيران من سنة ٩٠٦ هـ إلى سنة ١١٣٥ هـ ـ وبين أشراف مكّة المعظّمة الحاكمين بها وبعض علمائها.

الفصل الثاني : خمسة مكاتيب باللّغة الفارسيّة إلى أشراف مكّة ووالي بغداد وحاكم مصر.

الفصل الثالث : مكتوبان من السلطان العثماني إلى أُمراء مكّة.

الفصل الرابع : اثنا عشر مكتوباً من رجال الدولة الصفويّة وغيرها إلى بعض الشيوخ الحاكمين في الأحساء والبصرة في طريق الحجّاج الإيرانيّين


في زمان كانت وسائل النقل فيه منحصرة في استخدام الدوابّ ، والطريق منحصراً في البرّ والبحر ، والطريق الجوّي لم يكن مُكتشفاً آنذاك.

الفصل الخامس : ثلاثة مكاتيب من رجال إيران والعراق إلى السادة المدنيّين ، ومكتوب واحد من السادة المدنيّين إلى سلطان البنغال في الهند.

الفصل السادس : مكتوبان من الدولة القاجاريّة في إيران إلى الأمير سعود حاكم نجد والحجاز في الدولة السعودية الأولى.

الفصل السابع : فيه الفرمانان لإمارة الحجّ من الخليفة الطائع لله لأبي أحمد الحسين العلوي ، وولده الشريف الرضي ، وبذيله معلومات حول أُمراء الحجّ الأصليّين والفرعيّين. وفرمانٌ لأحد أُمراء الحجّ الفرعيّين.

الفصل الثامن : فيه ٢٢ مكتوباً من المكاتبات التي جرت بين رجال مكّة

المعظَّمة والدولة القطب شاهيّة التي قامت في حيدرآباد بأرض الهند ، والمكتوب الأخير من هذا الفصل باللّغة الفارسيّة من عتاقي أفندي شيخ الحرم المكّي إلى الأمير السيّد نظام الدين أحمد بن معصوم الشيرازي.

وفي الفصل الأخير : فيه ثلاثة مكاتيب دارت بين بعض أعيان تبريز ، ونائب الحرم المكّي. ثمّ أُردفت بثلاثة مكاتيب أُخرى من العلماء الكبار في النجف الأشرف في تشجيع المسلمين لإعانة مشروع الخطّ الحديدي بين الشام والحجاز. وعُزِّزَت بثلاثة ثالثة من المراسلات التي جرت بين الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب الهمذاني الكاظمي ، والشريف حسين حاكم مكّة المعظّمة.

وقد تمّ الرقم المائة بنقل قصيدة رائعة أنشأها العلاّمة الكامل الأديب السيّد حسين الحائري الكاشاني (ضوءُ الرشد) ، وأرسلها إلى الملك عبد


العزيز ، في واقعة قتل أبو طالب اليزدي بمكّة الآمنة.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٤٤٦.

نشر : المؤلّف ، قم المقدّسة ـ إيران.

* الآراء الكلامية لابن أبي جمهور الأحسائي.

تأليف : غلام رضا رشيديان.

إن التعرف على الآراء الكلامية لإبن أبي جمهور رهن بقراءة مؤلّفاته الكلامية من قبيل (كشف البراهين) وخاصّة (مجلي مرآة المنجي) وهو كتاب في علم الكلام ، ممزوج بالأبحاث الفلسفية ، والعرفانية ، وقواعد السير والسلوك في التصوّف ، وخلاصة لتهذيب الأخلاق.

يتكفّل هذا الكتاب وهي رسالة ماجستير بدراسة الآراء الكلامية لـ :

(ابن أبي جمهور) ضمن مقدّمة وقسمين ، ويشتمل كلّ قسم على عدّة فصول ، والقسم الأوّل في التوحيد ، والقسم الثاني في الأفعال.

فقد حاول المؤلّف في القسم الأوّل تسليط الأضواء على الآراء الكلامية لـ : (ابن أبي جمهور) فيما يتعلّق بمعرفة الله ، وإثبات واجب الوجود ، وصفات الوجود ، ومصادر آرائه من أمثال : محيي الدين بن عربي ، والشيخ شهاب الدين السهروردي ، والسيّد حيدر الآملي ، كما تعرّض في القسم الثاني إلى الحسن والقبح في الأفعال ، والجبر والاختيار ، والنبوّة ، والإمامة عند أبي جمهور والعلماء الذين شكّلوا الحاضنة الفكرية لآرائه.

الحجم : وزيري.

عدد الصفحات : ٣٠٨.

نشر : جمعية ابن أبي جمهور الأحسائي لإحياء التراث ـ قم ـ إيران.

 

تراثنا ـ العددان [ 125 و 126 ]

المؤلف:
الصفحات: 510