بسم الله الرّحمن الرّحيم ومنه سبحانه الاستعانة للتتميم
وبعد فهذه
رسالة فى حجيّة الظن وهذه المسألة من المهام ولم يتفق عنوانها الّا فى قرب من هذه
الايّام وقد اعيى وعورها قرائح الاعلام واعقم عياصها انظار ذوى الافهام وكم زلت
وازلت فيها ثوابت الاقدام والطّاهر انّه لم يتفق فى العلوم النقليّة ما كان مقامه
هذا المقام وكانها صارت فنا مخصوصا بتتالى الكلام فلا بدّ فيها من تمام الاهتمام
والاهتمام التمام باتمام النقض والابرام واكمال تعميق النّظر فى باب المرام وعلى
الله التوكّل وبه الاعتصام عن سخائف الاوهام وينبغى رسم مقدّمات ينجلى بها عن وجهة
المقصود غياهب الظّلام الاولى فى المقصود بالحجيّة ويبتنى الكلام فيه على الكلام
فى الاحكام الوضعيّة فنقول انّه قد اختلف تارة فى اصل ثبوت الاحكام الوضعيّة واخرى
فى امور من حيث كونها من الاحكام الوضعيّة فجرى جماعة على رجوع الاحكام المشار
اليها الى الاحكام الخمسة كالسّيّد الداماد فى السّبع الشداد بل جعله مختار
المحصّلين والعلّامة السّبزوارى والعلّامة الخوانسارى وهو المنصرح من الشّهيد فى
الذكرى وصاحب المعالم فى بعض كلماته والسّيّد الصّدر بل حكى الاخير استقرار راى
المحصّلين عليه وجرى جماعة اخرى على كونها احكاما مستقلة بذاتها كالعلّامة فى
النّهاية والتّهذيب والشّهيدين فى القواعد والتمهيد وهو يلوح من صاحب المعالم فى
بعض آخر من كلماته وينصرح من الفاضل التّونى وهو ظاهر الحاجبيين وصرّح شيخنا
البهائى فى الزّبدة بانّها ليست احكاما اصلا قال والوضعى ليس بحكم بل مستلزم له
وصرح فى التعليقات بانها علامات والحق ثبوتها مستقلة بذاتها على ما حرّرناه فى
الاصول إلّا انها قليل المصداق حيث ان المدار فيها على استعمال اللّفظ فى كلام
الله سبحانه او نبيّه صلىاللهعليهوآله او بعض اوصياء نبيّه سلام الله عليهم اجمعين فى معنى
مخترع كالنجاسة بناء على استعمالها فى المعنى المخترع والّا فلا يكون من الاحكام
الوضعيّة ومن هذا الاشكال من صاحب المدارك والفاضل الخوانساري فى تعليقات الرّوضة
والسّيّد السّند العلى فى الرّياض تبعا للمقدّس نقلا فى دلالة فى قوله سبحانه
انّما المشركون نجس على نجاسة الكفّار بالمعنى المعروف نظرا الى انّ النّجاسة
بمعنى القذارة ولم يثبّت تطرق الحقيقة الشّرعية عليها وعلى ذلك المنوال قال
الطّهارة بناء على عدم الاستعمال فى المعنى اللّغوى ولا فى عدم النّجاسة كما هو
مقتضى الاستدلال باصالة الطهارة فيما اشتبه حكمه الشّرعى طهارة ونجاسة بل
الاستعمال فى معنى وجودىّ مخترع كما جرى عليه فى الذخيرة ولذا انكر اصالة الطّهارة
بتقريب ان كلا من الطّهارة والنّجاسة حكم وجودىّ لا بدّ ان يثبّت من الشارع
بالدليل ويرشد الى ذلك جعل الطهارة شرطا للصّلاة ابعد اطلاق الشرط على
الامر العدمى إلّا ان يكون من قبيل اطلاق الشرط على اباحة الماء او المكان بناء
على كون الامر من باب ممانعة الغصب لا اشتراط الاباحة ويرشد الى ذلك الاستقراء فى
الاخبار فى ابواب الطهارة والنجاسة كما ياتى ويمكن ان يقال انه يكفى فى اختراع
المعنى فى الطهارة استعمالها فى عدم النجاسة ولا حاجة فى الاستعمال فى المعنى
المخترع الى الاستعمال فى معنى وجودىّ والدليل على استعمال النجاسة والطهارة فى
المعنى المخترع هو قضيته المنصب حيث ان منصب الشّارع وآخرا به يقتضى بيان
الموضوعات الشرعيّة او الاحكام الشرعيّة ومن ذلك انه لو وقع الحمل فى الاخبار فلو
كان الموضوع فردا للمحمول شرعا كما هو الحال لو كان المحمول من المعانى المخترعة
كما لو قيل الارتماس فى الماء دفعة غسل وايماء الاخرس واشارته صلاة ونيّة الامساك
مع الاكل سهوا صوم الى غير ذلك فيبنى عليه ولا اشكال ولو تردّد الامر بين فرديّة
الموضوع للمحمول لغة او شرعا كما فى الاثنان وما فوقهما جماعة حيث انه يحتمل ان
يكون المقصود به كون الاثنين وما فوقهما مصداقا لهيئة الجمع او مادّته لغة ويحتمل
ان يكون المقصود به كون الاثنين وما فوقهما مصداقا لصلاة الجماعة شرعا فلا بدّ من
البناء على الاخير كما انه لو تردّد الامر بين الفرديّة لغة والتشبيه شرعا
فالظّاهر الاخير فضلا عما لو تعذّر الفرديّة لغة وشرعا كما فى الطّواف بالبيت صلاة
فانه يتعيّن الحمل على التشبيه شرعا وربما مثل ذلك فى بحث تعارض الاحوال لدوران
الامر بين الاشتراك والنقل وفرع عليه اشتراط الطواف بالطهارة بناء على النقل دون
الاشتراك وقد زيفناه فى الرّسالة المعمولة فى الشك فى الجزئية والشّرطية والمانعية
للعبادة وقد يتردّد الامر بين الفرديّة شرعا والتشبيه شرعا فالظّاهر الاوّل
والثّمرة ثبوت جميع احكام المحمول للموضوع مع التفاوت فى الظهور بناء على الفرديّة
وثبوت خصوص الاحكام الظّاهرة بناء على الفرديّة وثبوت خصوص الاحكام الظاهرة بناء
على اختلاف الاحكام فى الظهور والخفاء بناء على التشبيه وامّا بناء على مساواة
الاحكام فى الظهور والخفاء فلا رجحان للحمل على التشبيه ويمكن ان يقال ان الألفاظ
المستعملة فى الكتاب فى المعنى المخترع بالنّسبة الى الالفاظ المستعملة فى المعانى
اللغويّة فى بيان الامور العادية على وجه الحقيقة او المجاز كشعره بيضاء فى بقرة
سوداء فكيف يقتضى المنصب حمل الحمل على الفرديّة شرعا او التشبيه الشّرعى عند
تردّد الامر بين الفرديّة اللغويّة والفرديّة الشرعيّة والتشبيه الشّرعى نعم بيان
الامر اللّغوى وشرح معنى اللفظ نادر او منعدم فى الاخبار بعد انعدامه فى الكتاب
الا فيما يترتب عليه الحكم الشّرعى كما فى تعريف الكر بوجوه مختلفة فى اخبار
متعدّدة وقد ذكر فى توجيه بعضها ستة وجوه وتعريف الحيض بدم عبيط حار اسود له دفع
وحرارة وتعريف النّفاس بحيض احتبس لغذاء الولد وتعريف الاستحاضة بدم اصفر بارد
وتعريف تغيّر ماء البئر بالصّفرة وتعريف الغليان فى باب العصير بالقلب وتعريف
الوجه المامور بغسله فى الوضوء بما دارت عليه الوسطى والابهام من قصاص الشّعر الى
الذقن لو كان الغرض تحديد ذات الوجه لا تحديد غسله وتعريف الكعب بقبة القدم وبوضع
اليد على ظهر القدم فيما روى عن ابى جعفر عليه السّلم من وضعه اليد على ظهر القدم
فى الجواب عن السّؤال عن الكعب هو القبّة وتعريف الكعب بالمفصل فيما روى عن ابى
جعفر على اختلاف الخبرين فى الجواب عن السّئوال عن الكعب بقوله عليه السّلم هاهنا
اشارة الى المفصل وتعريف الجار كما فى خبر مرويين فى اصول الكافى فى باب حدّ
الجوار باربعين دارا من كلّ جانب من بين اليدين والخلف واليمين والشمال وتعريف
كثرة السّهو فى الصّلاة بان يسهو فى كل ثلث سواء كان الغرض ان يسهو فى كلّ ثلث ثلث
من الصّلوات كما قيل بمعنى ان لا يخلو ثلث صلوات منه عن سهو فيسهو فى تسع صلوات
ثلاثة سهاء فالتعميم فى افراد الثلث وهى افراد الصّلاة او كان الغرض ان يسهو ثلاثا
فى كل واحد من ثلث صلوات بمعنى ان لا يخلو صلاة منه عن سهو فيسهو فى ثلث صلوات
ثلثه سهاء فالتعميم فى اجزاء الصّلاة وهى افراد الصّلاة او كان الغرض ان يسهو
ثلاثا فى صلاة كما احتمل بل هو المحكىّ عن جماعة بمعنى ان لا يخلو صلاة منه عن
ثلاثة سها فيسهو فى صلاة واحدة ثلاثة سهاء فالتعميم فى اجزاء الثلث وتعريف
الاستيطان فى الضيعة الموجب للاتمام بان يكون له بها منزل يقيم فيه ستة
اشهر وتعريف العيب بما زاد على الخلقة او نقص ومن هذا القبيل الحديث المعروف
الفقاع خمر استصغره الناس بناء على كونه من باب شرح معنى اللفظ كما جرى عليه
الفاضل الخاجوئى لا التشبيه كما لعله المشهور فى الاواخر بل استدل به فى بحث
منزوحات البئر على وجوب نزح الجميع للفقاع حملا للحمل على الفردية لغة اى كون
الغرض شرح معنى اللفظ واورد عليه فى المدارك والمعالم بان الاستعمال اعمّ من
الحقيقة وكذا ما اورد من ان كلّ مسكر خمر بناء على ما استدلّ به معظم الاصحاب كما
نقله فى المدارك على وجوب نزح الجميع لسائر المسكرات غير العصير العنبى ايضا حملا
للحمل على الفرديّة لغة ايضا واورد عليه فى المدارك والمعالم ايضا بان الاستعمال
اعم من الحقيقة وكل من الاستدلال والايراد فيه وفيما قبله مورد الايراد وقد حرّرنا
الحال فى الرسالة المعمولة فى الشكّ فى الجزئية والشرطية والمانعية للعبادة بل
نقول ان غالب الاخبار فى بيان الاحكام الشرعيّة لكن يمكن القول بان اكثر ممّا درأت
ارباب العصمة كان فى بيان الامور العادية وان امكن منعه لكن لا اشكال فى ان اكثر
الفاظ الكتاب وكذا اكثر الفاظ الاخبار وكذا اكثر الفاظ ارباب العصمة فى فى المحاورات
فى اليوم والليلة من باب الاستعمال فى المعنى اللغوى ولو كانت فى بيان الاحكام
الشرعيّة ومن هذا يظهر ضعف ما يظهر من جماعة من انه لو تعارض خبران وكان مدلول
احدهما لغويّا وكان مدلول الآخر شرعيّا يقدم الاخير نظرا الى ان الظّاهر ان تكلم
المعصوم كان بالوضع الشرعى لغلبة التكلم بالوضع الشّرعى لغلبة التكلم بالوضع
الشرعى على التكلم بالوضع اللغوى لما عرفت من ان اكثر الفاظ الاخبار واكثر الفاظ
محاورات ارباب العصمة كان على وفق الوضع اللغوى نعم لو دار الامر بين العدول عن
المعنى اللغوى والعدول عن المعنى الشرعى فالظاهر الاوّل لندرة العدول عن المعنى
الشّرعى فيما كان له حقيقة شرعيّة بالنّسبة الى العدول عن المعنى اللغوى لكثرة
المجازات وكثرة الاستعمال فى المعانى المخترعة شخصا وان قل انواعها فليس حمل قوله
سبحانه انما المشركون نجس على النجاسة اللغويّة حملا للفظ على خلاف الظّاهر وخلاف
ما يقتضيه المنصب وكذا الحال فى حمل قوله صلىاللهعليهوآله الاثنان وما فوقهما جماعة على بيان اقل الجمع مادّة او
هيئة إلّا انه يستلزم شرح المعنى اللغوى وقد سمعت انه نادر او منعدم فيما لا يترتب
عليه الحكم الشّرعى وهو امر آخر غير استعمال اللّفظ فى المعنى قد يتفق معه لكن
نقول ان الاستقراء فى الاخبار فى ابواب الطهارة والنجاسة يقضى قضاء مبرما بكون
المستعمل فيه من باب المعنى المخترع حتى فى الطهارة والظّاهر انها من باب الامر
الوجودى فنقول انه لو ثبت الاستعمال فى المعنى المخترع فيدور الامر بين كون
النجاسة حكما مستقلا وكونها راجعة الى الحكم التكليفى لكن ارجاع الحكم الوضعى الى
الحكم التّكليفى لو اتجه انما يتّجه فى التعليقيات كسببيّة الدلوك لوجوب الصّلاة
بارجاعه الى وجوب الصّلاة عند الدلوك بكون حاصل الغرض من القضيّة الاولى متحدا مع
حاصل الغرض من القضيّة الثانية وان كانت القضيّتان المذكورتان مختلفتان بحسب
الظاهر لاختلاف الموضوع والمحمول لكن النّجاسة لها احكام تكليفيّة متعدّدة كعدم
جواز بيع النجس وعدم جواز الصّلاة مع اللباس النجس وعدم جواز السّجود على النجس
ووجوب ازالة النجاسة عن المساجد والمصاحف ونحوها ولا مجال لاستعمال القضيّة
الواحدة فى القضايا المتعدّدة للزوم استعمال اللّفظ الواحد فى اكثر من معنى واحد
على تقدير الجواز وان كان مقتضى كلام المحقق الخوانسارى فى باب الاستدلال على
اصالة الطّهارة فيما اشتبه حكمه الشرعى طهارة ونجاسة هو كون الاصل الطهارة بواسطة
رجوع النجاسة الى التكاليف متعدّدة للاصل حيث انه استدل بانّ النجاسة ترجع الى
وجوب الاجتناب عن موصوفها فى الاكل والشّرب ونحوهما من الاستعمالات وكذا وجوب
الاجتناب عنه فى الصّلاة ونحوها من العبادات المشروطة بالطّهارة ووجوب ازالتها عن
المصاحف والمساجد ونحوها والاصل عدم الوجوب وضعفه ظاهر وان قلت انّ غرضه ان
النجاسة راجعة الى وجوب الاجتناب باقسام مختلفة فالمرجع الى امر واحد قلت انّ وجوب
الاجتناب غير وجوب الازالة كما ان حرمة البيع امر ثالث فلا يتّحد المرجع وعلى اىّ
حال فالقول بالحكم الوضعى انّما تاتى من قضاء الضّرورة فيما لم يثبت فيه الاستعمال
فى المعنى المخترع فى كلام الشّارع وأحزابه فلا يثبت الحكم الوضعى مثلا لو ورد فى
الاخبار ان الركوع جزء الصّلاة فالجزء مستعمل فى المعنى اللّغوى الا ان مصداقه
شرعى بمعنى ان جعله مصداقا
للمعنى اللغوى مستند الى الشارع كما ان الزعفران مثلا لو جعله الطبيب جزء
معجون فكونه جزء للمعجون بجعل الطبيب الا ان الجزئيّة بالمعنى اللّغوى واللبنة جزء
البيت بالمعنى اللغوى الّا ان جعلها جزء للبيت بجعل جاعل صورة البيت او البناء
وليس جزئيه الاجزاء الشرعيّة للماهيات الشّرعية الامثل جزئيّة الجزء العرفى للكل
العرفى وقس على ذلك حال الشرطية والمانعيّة فانّ الشّرطية من المعانى المصطلحة وفى
العرف بجعل بعض الامور شرطا لبعض الامور وليس حال اشتراط الطّهارة للصّلاة الامثل
حال اشتراط الشرط العرفى للمشروط العرفى غاية الامر ان الشّارع جعل الطّهارة
مصداقا للمعنى المصطلح فى جعلها شرطا للصّلاة بناء على كونها امرا وجوديّا وبما
سمعت يظهر حال المانعيّة وبما ذكر يظهر انّه لا يتاتى اختراع الجزئية والشّرطية
وان قلت انّ طهارة الماء مثلا غير مخترعة من جانب الشّارع وانّما المخترع كلّى
الطهارة وقد جعل الشّارع الماء مصداقا للطّاهر وكما يكفى جعل الماء مصداقا لكلى
الطّاهر فى اتصاف الماء بالحكم الوضعى فكذا يكفى جعل الركوع مثلا مصداقا لكلى
الجزء فى اتّصاف الركوع بالحكم الوضعى قلت ان الفرق فى البين بين حيث ان كلّى
الطّهارة مخترع بخلاف كلى الجزئية فجعل الماء مصداقا لكلّى الطّاهر يكفى فى
الاتصاف بالحكم الوضعى بخلاف جعل الركوع مصداقا لكلى الجزء والحجيّة ايضا لا يتجه
كونها من الاحكام الوضعيّة لعدم استعمال لفظ الحجيّة فى كلام الشّارع وأحزابه اصلا
ولا سيّما فى باب حجيّة الظن نعم قد استعمل الحجيّة فى التوقيع المعروف فى قوله
عليه السّلم وامّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فانّهم حجتى
عليكم وانا حجة الله لكن لا دليل على كون الحجيّة فيه مستعملة فى الموصوف بالحكم
الوضعى بل المقصود به ما يحتجّ به يوم القيمة او النائب وبالجملة فلو ثبت كون
الحجّية من الأحكام الوضعيّة فاصل العدم بناء على اعتباره يقضى بالعدم والّا
فيتاتى الكلام تارة مع قطع النظر عن دليل الانسداد او عدم استقامته واخرى بعد قيام
دليل الانسداد فيما عدا الظّنون الخاصّة اما الاول فان كان احتمال الحرمة غير
مرفوع فى البين فالاصل عدم حرمة العمل بالظن وكذا الاصل عدم وجوب العمل فالاصل
الجواز الّا ان الظّاهر بل بلا اشكال انّ الجواز بالمعنى المقابل للوجوب والحرمة
فى المقام خلاف الاجماع وان كان احتمال الحرمة مرفوعا كما هو الاظهر اذ لا وجه
يقتضى الحرمة غير ما دل على حرمة العمل بالظنّ اجتهادا والكلام فى الاصل العملى
فالاصل يقتضى الجواز ايضا إلّا انه خلاف الاجماع وياتى مزيد الكلام وامّا الثانى
فان كان دليل الانسداد ملحوظا بالنّسبة الى كلّ واحدة من الوقائع بحيث افاد وجوب
العمل بما عدا الظنون المخصوصة بناء على حكومة اصل البراءة فى باب الشك فى
المكلّف به واما بناء على حكومة وجوب الاحتياط فالاصل يقتضى وجوب العمل بما عدا
الظّنون المخصوصة ويمكن ان يقال انّ ما ذكر انّما يتمّ لو كان الشكّ فى جواز العمل
بما عدا الظنون المخصوصة من باب الشكّ فى المكلّف به بناء على اجمال حال دليل
الانسداد كما هو المفروض لكن الامر من باب الشكّ فى التكليف لاجماله ودورانه بين
البعض والكلّ فعلى تقدير وجوب الموافقة القطعية للواقع فى باب العلم الاجمالى فلا
بدّ من البناء على وجوب العمل بالظنون المخصوصة وعلى تقدير كفاية عدم المخالفة
القطعيّة يجب العمل بالظنّ على حسب ما يرفع به العلم الاجمالى وبعد ما مرّ اقول ان
الوجوب والحرمة وغيرهما من الاحكام الخمسة لا اختراع فيها وانما توجّه الامر الى
الصّلاة مثلا من الله سبحانه فى الكتاب او السنّة يوجب اتّصاف الصّلاة بالوجوب
اللّغوى اى اللزوم وكما يكفى ذلك فى باب الحكم التكليفى والمرجع الى وقوع التصرّف
من الشارع فى متن الواقع ولو لم يصدر عنه امر بل كان الامر الصّادر من جانب النبىّ
صلىاللهعليهوآله او الائمة عليهم السّلم فكذا يكفى جعل الركوع مثلا
مصداقا للجزء فى الاتّصاف بالحكم الوضعى وكذا جعل الطّهارة مصداقا للشّرط بالمعنى
المصطلح والحجيّة وان لم تذكر فى الكتاب والسّنة لكن مرجعها فى الاستعمالات الى كون
محلّها محلّ الاعتبار مثلا حجية شهادة العدلين بمعنى كون محلّها محلّ الاعتبار
وهذا امر شائع فى العرف فكون قول شخص محلّ الاعتبار بتصرّف اهل العرف فى العرفيات
وتصرّف الشّارع فى الشّرعيات فمهما شككنا فى كون شيء محلّ الاعتبار فاصل العدم
بناء على اعتباره يقضى بالعدم وربما حكم السّيّد السّند المحسن الكاظمى نقلا
ببداهة بطلان القول برجوع الاحكام الوضعيّة الى الاحكام التكليفيّة حيث حكم بانّ
بطلان القول بان الحكم الوضعى عين الحكم التكليفى على ما هو ظاهر قولهم انّ كون
الشيء سببا لواجب هو الحكم بوجوب الواجب عند حصول ذلك
__________________
الشيء عن البيان وعلل بان الفرق بين الوضع والتكليف ممّا لا يخفى على من له
ادنى مسكة والتكاليف المبنية على الوضع غير الوضع والكلام انّما هو فى نفس الوضع
وبالجملة قول الشّارع دلوك الشمس سبب الصّلاة والحيض مانع عنها خطاب وضعىّ وان
استتبع تكليف او هو ايجاب الصّلاة عند الزّوال وتحريمها عند الحيض كما ان قوله
تعالى أقم الصّلاة لدلوك الشّمس وقوله صلىاللهعليهوآله دعى الصلاة ايام اقرائك خطاب تكليفى وان استتبع وضعا
وهو كون الدّلوك سببا والاقراء مانعا والحاصل ان هناك امرين متباينين كلّ منهما
فرد للحكم فلا يعنى استتباع احدهما للآخر عن مراعاته واحتسابه فى عداد الاحكام
اقول انه لو كان التكاليف المبنية على الوضع غير الوضع بلا كلام فلا مجال للكلام
فى الوضع لوضوح ان الوضع غير التكليف على ذلك ايضا بلا كلام قضيّته ان مغايرة شيء
لشيء يقتضى مغايرة الشيء الثّانى ايضا للشيء الاول نعم التكاليف المشار اليها لا
كلام فى ثبوتها بالاصالة والكلام فى استقلال الوضع ورجوعه اليها ولعلّه اراد ان
يذكر ذلك لكنّه ما ذكر من باب الخلط والاشتباه وايضا الظّاهر بل بلا اشكال ان
المقصود بالاستتباع هو تعقّب بيان السّببيّة والمانعيّة فى دلوك الشّمس سبب
للصّلاة والحيض مانع عنها بالدلالة على الوجوب والحرمة وتعقب الايجاب والتحريم فى
أقم الصّلاة لدلوك الشمس ودعى الصّلاة ايام اقرائك بالدلالة على السببيّة
والمانعيّة لا انّ المفهوم من العبارة فى المثالين الاولين هو الوضع بالمطابقة
والتكليف بالالتزام بملاحظة ان الظّاهر ابتناء الوضع على التكليف والمفهوم من
العبارة فى المثالين الاخيرين هو التكليف بالمطابقة والوضع بالالتزام بملاحظة ان
الظّاهر ابتناء التكليف على الوضع نظير الاستدلال على دلالة النّهى على الفساد بان
الظّاهر من النّهى كون الحرمة من جهة الفساد اذ لا مجال لاستناد الوضع الى التكليف
والامر بالعكس مع انه لا مجال لاختلاف الناشى والمنشإ ولو مع اختلاف المورد واورد
بانّه اذا قال المولى لعبده اكرم زيدا ان جاءك فهل يجد المولى من نفسه انّه انشاء
إنشاءين وجعل امرين احدهما وجوب اكرام زيد عند مجيئه والآخر كون مجيء زيد سببا
لاكرامه او ان الثانى مفهوم منتزع من الاوّل لا يحتاج الى جعل مغاير للجعل الاول
ولا الى بيان مخالف للبيان الاوّل ولذا اشتهر فى السّنة الفقهاء سببيّة الدلوك
ومانعيّة الحيض ولم يرد من الشّارع الّا انشاء طلب الصّلاة عند الاوّل وطلب تركها
عند الثّانى فان اراد تباينهما مفهوما فهو اظهر من ان يخفى كيف لا وهما محمولان
مختلفا الموضوع وان اراد كونهما مجعولين بجعلين فالحوالة على الوجدان لا البرهان
وكذا لو اراد كونهما مجعولين بجعل واحد فان الوجدان شاهد على ان السّببيّة
والمانعيّة فى المثالين اعتباران منتزعان كالمسببيّة والمشروطية والممنوعيّة مع ان
قول الشّارع دلوك الشّمس سبب لوجوب الصّلاة ليس جعلا للايجاب استتباعا كما ذكره بل
هو اخبار عن تحقق الوجوب عند الدلوك هذا كله مضافا الى انه لا معنى لكون السّببية
مجعولة حتّى يتكلّم فى انه بجعل مستقل أو لا فانا لا نعقل من جعل الدلوك سببا
للصّلاة الا انشاء الوجوب عند الدلوك والا فالسّببية القائمة بالدلوك ليس من لوازم
ذاته بان يكون فيه معنى يقتضى ايجاب الشارع فعلا عند حصوله ولو كانت لم تكن مجعولة
ولا نعقلها ايضا صفة اوجدها الشّارع فيه باعتبار الفصول المنوعة ولا الخصوصيّات
المصنفة او المشخّصة اقول انّه لو قيل ان جئتنى اعطيك درهما او ان اكلت السمّ تموت
او ان تبت تصير عادلا فمقتضى الاشتراط النّحوى انما هو السببيّة المذكورة الّا
انّها جعلية فى الاوّل وعادية فى الثّانى وشرعيّة فى الاخير ولو افاد الاشتراط
للسّببيّة فيما خلى عن افادة التكليف كما فى الامثلة المذكورة فهو يفيد السّببية
فيما كان مفيدا للتكليف مثل ان جاءت زيد فاكرمه بالقطع واليقين اذ لا مانع عن
افادة السّببية غير افادة الوجوب وليس افادة الوجوب قابلة للمنع عن افادة السّببية
بلا شبهة ومن ذلك انه لو امر بشيء مقيدا بالعبادة نحو اقرأ السّورة فى الصّلاة او
توضأ للصّلاة او نهى عن شيء مقيّد بالعبادة نحو لا تكتف فى الصّلاة فالامر يدل على
الوجوب والجزئية فى المثال الاوّل والوجوب والشرطية فى المثال الثّانى ويدل النّهى
على المانعة والحرمة فى المثال الثّانى يتاتى الفساد فى الاوّلين بترك السّورة
وترك الوضوء سهوا ويتاتى الفساد فى الاخير بالتكتف شهرا ايضا وان لا يطرد الوجوب
والحرمة فى حال السّهو فالامر فيما ذكر من باب الاشتراط والممانعة لا الواجب فى
الواجب او الحرام فى الواجب وما ربما قيل من دلالة الامر والنّهى فى المثالين على
خصوص الحكم الوضعى اعنى الجزئية فى الأوّل والممانعة فى الثانى فقط ليس بشيء وكذا
ما ربما قيل من انّ
الامر والنهى فى مثل المثالين من المجاز الراجح المساوى احتماله لاحتمال
الحقيقة فى الحكم الوضعى وان امكن القول بظهور الامر والنّهى فى الحكم الوضعى ومن
هذا انّه يمكن القول بظهور النّهى عن تطوّع المرأة بدون اذن الزّوج فى الممانعة
فقط كما هو مقتضى كلام جماعة خلافا لما يقتضيه كلام جماعة اخرى من الدّلالة على
حرمة التطوّع المشار اليه وكذا فساده ومثل النّهى عن شيء مقيّدا بالعبادة نفى شيء
مقيّدا بالعبادة ومنه ما ورد من انّ الصّائم لا يرتمس فى الماء وقد جرى جماعة
كالشّهيد الثانى فى المسالك وغير واحد من المتاخّرين على عدم بطلان الصّوم
بالارتماس وهو مبنى على تعلّق النّهى الى الخارج لا اختلاف حال النّهى والنّفى ومن
ذلك ايضا انه لو امر بالعبادة مقيدا بشيء نحو اعتق رقبة مؤمنة فالامر يدل على
اشتراط الشيء فى العبادة لكن الدلالة على الاشتراط انّما تنشأ من التقييد لا من
خصوص الامر ولذا يطّرد الدلالة لو ثبت التقييد بالاجماع الّا انّ اعتبار الظنّ هنا
مبنى على اعتبار حجية مطلق الظنّ وكذا الحال فى الامر بشيء مقيّدا بالعبادة كما
مرّ فان الدلالة فيه ايضا انما تنشأ من التقييد لا من خصوص الامر ولذا يطرّد
الدلالة لو ثبت التقييد بالاجماع وايضا الامر بالعبادة مقيّدا او مقيّدة بشيء نحو
اعتق رقبة مؤمنة يقتضى اشتراط الشيء فى العبادة والنّهى عن العبادة مقيّدا ومقيّدة
بشيء نحو لا تصل الظهر متجاهرا يقتضى ممانعة الشّيء عن صحة العبادة وهو المعبّر
عنه فى بحث دلالة النهى على الفساد بالمنهىّ عنه لوصفه فالامر هنا ايضا من باب
الاشتراط والممانعة لا الواجب فى الواجب او الحرام فى الواجب وربما حكم الشّهيد فى
الذكرى بان الاوامر فى الاخبار صارت حقيقة عرفيّة فى الوجوب الشّرطى الّا انه عبر
بالوجوب المشروط ونسب الوالد الماجد ره اليه اليه القول بظهور الاوامر فى الاخبار
فى الوجوب المشروط عن المحقق الثانى والشّهيد الثانى فى الرّوض القول بظهورها فى
الوجوب الشّرطى والمقصود بالاشتراط فى جميع ما ذكر انما هو مطلق المداخلة الاعمّ
من الجزئية والشّرطية فالأمر فيما كان خارجا عن العبادة من باب الشّرطية واما ما
كان داخلا فى العبادة اعنى صورة العبادة فالامر فيه دائر بين الجزئيّة والشّرطية
والمعاملات فى جميع ما ذكر مثل العبادات من حيث تقييدها او تقييد الامر بها او
تقييد النّهى عنها ومن ذلك ان الامر بالاستبراء فى باب بيع الامة يقتضى اشتراط صحة
البيع بالاستبراء الّا ان الدلالة على الاشتراط فى جميع ما ذكر وكذا دلالة النّهى
على الممانعة انّما تتاتى لو لم يحتمل كون الامر والنّهى بوجه غير الاشتراط
والممانعة وربما حكم العلّامة النجفى فى شرح القواعد بصحّة بيع الامة الموطوءة
بدون الاستبراء تمسّكا بانّ غاية ما فى الباب الامر بالاستبراء واين الامر من
الدلالة على الفساد نعم الامر بالاستبراء يقتضى النهى عن البيع بدون الاستبراء بناء
على كون الامر بالشيء مقتضيا للنّهى عن الضدّ الخاصّ لكن الامر بالشيء لا يقتضى
النّهى عن الضدّ الخاص لو لم يكن الضدّ سببا لترك المامور به والبيع ليس سببا لترك
الاستبراء والسّبب انما هو الصارف عن الاستبراء مع ان النّهى المستفاد من الامر
بالشيء لا يقتضى الفساد لكونه تبعيا ويندفع بانّه مبنىّ على انحصار ثبوت الفساد فى
المقام فى ثبوت النّهى وثبوت دلالة على الفساد لكن يثبت الفساد بتوسّط دلالة الامر
على الاشتراط على ما يظهر مما سمعت مع ان مقتضى كلامه ان المانع عن دلالة النهى
المستفاد من الامر بالشيء بالنّسبة الى الضدّ الخاصّ هو كونه تبعيّا والحق ان
المانع عن تلك الدّلالة هو كون النّهى غيريا ولذا لا يدلّ النّهى الغيرى على
الفساد ولو كان اصليّا نحو قوله سبحانه وذروا البيع بناء على دلالة النّهى فى
المعاملات على الفساد كما هو مقتضى كلامه حيث انّه لم يمنع عن دلالة النهى المستفاد
من الامر بالاستبراء بعد فرض ثبوت النّهى تمسّكا بعدم دلالة النّهى فى المعاملات
على الفساد مضافا الى ان مقتضى صريح كلامه دلالة الامر بالشيء على النّهى عن الضدّ
الخاصّ لو كان الضدّ سببا لترك المامور به تبعا لصاحب المعالم وقد زيّفناه فى
محلّه لكن يمكن ان يقال انّ دلالة الامر على الاشتراط ودلالة النّهى على الفساد فى
جميع ما ذكر انّما يتم لو لم يحتمل احتمالا مساويا كون الحكمة فى الامر غير
الاشتراط وكون الحكمة فى النّهى غير الفساد فضلا عما لو كان الظاهر ما ذكر ومن
المحتمل بالاحتمال المساوى بل الظاهر كون الامر بالاستبراء من جهة محافظة اختلاط
المياه ولذا لا يتاتّى وجوب الاستبراء لو كان الوطى فى الدّبر وكذا فى صورة العزل
الّا ان يقال ان الحكمة غير منصوصة فيجب الاستبراء فى الوطى فى الدّبر وكذا فى
صورة العزل الّا ان يقال انّه انّما يتم بناء على اصالة الفساد فى المعاملات فقد
ظهر انه لا تتاتى اشتراط الاستبراء فى المقام اجتهادا على تقدير الشّك فى حكمة
الاستبراء فضلا عما لو كان الظاهر كون الحكمة مخافة اختلاط المياه وايضا المستحبّ
مثل الواجب فيما ذكر فالامر من باب الاشتراط
فى تقييد الامر بالمستحبّ او تقييد المستحبّ بشيء او الامر بشيء مقيّدا
بالمستحبّ لا من باب المستحبّ ومن باب الممانعة فى النّهى عن المستحبّ على تقدير
تقييد النهى او المنهىّ عنه بشيء او النّهى عن شيء مقيّدا بالمستحبّ لا من باب
الحرام فى المستحبّ وايضا الواجب الغير المنوط صحّته بقصد القربة كرد السّلام مثل
الواجب المنوط صحّته بقصد القربة فالامر فيه من باب الاشتراط او الممانعة لا
الواجب فى الواجب او الحرام فى الواجب وايضا الظّاهر بل بلا اشكال ان المستحبّ
الغير المنوط صحّته بقصد القربة ليس مثل المستحبّ المنوط صحته بقصد القربة فالامر
فى قسمى التقييد فى باب الامر من باب المستحبّ فى المستحبّ وفى قسمى التقييد فى
باب النّهى من باب المكروه فى المستحبّ والمستحبّ المذكور لا يعدّ ولا يحصى فانظر
آداب الوضوء وآداب الغسل وآداب الدّخول فى المسجد وآداب الاذان للاعلام وآداب
الصّيام وآداب الصّدقة وآداب الاكتحال وآداب التّطييب وآداب التجارة وآداب التزويج
وآداب الجماع وآداب الاكل والشّرب وآداب النّوم وآداب الخلوة وابواب الملابس
وابواب المساكن وغيرها وربما ضبطه المحدّث القاشانى فى مفاتيحه فى قضاء حوائج
المؤمنين وسقيهم واطعامهم واكسائهم واسكانهم وعيادتهم وزيارتهم والتّسليم اليهم
وتشنيع جنائزهم وادخل السّرور فى قلوبهم وصلة الارحام والتّعقيبات والأدعيّة
الطّويلة والقصيرة وقراءة الآيات وقراءة القرآن لكن حكم المولى التقى المجلسى نقلا
بان المنافع الدّنيوية لا توصف بالاستحباب نعم ان اتى بها العبد لله سبحانه ولقوة
العبادة ثياب عليها وكذا الحال فى غيرها من المباحات حتى دخول بيت الخلاء بقصد صحة
البدن وبقصد التخلّى لحضور القلب فى الصّلاة قال وكان شيخنا التسترى كثيرا ما يقول
انّى منذ ثلثين سنة لم افعل مباحا بل فعلت المباحات كلّها لله وهكذا ينبغى ان يكون
داب المتقين وهو حسن ونظير قسمى التقييد فى باب الامر فى العبادات والمعاملات
الامر بشيء لغاية نحو توضأ للصّلاة وقوله سبحانه وطلّقوهنّ لعدّتهنّ وانكحوهنّ
باذن اهلهنّ وقوله سبحانه واشهدوا ذوى عدل منكم لكن الامر بشيء لغاية انما يقتضى
اشتراط الغاية بالشيء المامور به فوجوب الشيء من باب الوجوب الشّرطى لا الوجوب
النّفسى وربما يكون الامر من باب صرف الشّرطية لو لم يكن الشيء من باب العبادات
على ما يقتضيه بعض الكلمات كما ان الامر بشيء مقيّدا بالعبادة يقتضى اشتراط
العبادة بالشيء المامور به لكن الامر بالعبادة مقيّدا بشيء يقتضى اشتراط المامور
به بالشيء وقد حكم البيضاوى بدلالة قوله سبحانه واتمّوا الحج والعمرة لله على وجوب
العمرة مضافا الى الدّلالة على وجوب قصد القربة فى الحج والعمرة كما استدلّ به
الشّافعية عليه لكن صرح الچلبى بدلالته على الاخير فقط تمسّكا بان الكلام المقيّد
انما ينساق لاظهار القيد فقط والاظهر انّ الكلام المقيّد انما ينساق لافادة خصوص
القيد لو كان المخاطب عالما بالمقيد وكان المتكلّم عالما بعلم المخاطب واما لو كان
المخاطب جاهلا بالمقيّد او شاكا فيه مع علم المتكلّم بالحال او عدم علم المتكلم
بحال المخاطب علما وجهلا وشكا فالكلام انما ينساق لافادة كل من القيد والمقيّد
وكذا الحال لو كان المخاطب عالما بالمقيّد لكن المتكلّم جاهلا كان بعلم المخاطب او
شاكا فيه لكن وجوب القيد يقتضى وجوب المقيّد ويقضى به وانّ لم يكن الغرض من الامر
بالمقيّد اظهار وجوبه لغاية بعد كون الامر من باب الواجب فى المستحبّ بعد انعدامه
فى الشّرعيات والعرفيّات اللهمّ إلّا ان يقال بظهور الامر بالمقيّد فى صرف اشتراط
القيد لكنّه ليس بشيء وربما يقال ان الجمل الخبريّة الواردة فى كيفيّات العبادات
ظاهرة اثباتا فى الشّرطية ونفيا فى المانعيّة وامّا الآية فلم يعلم انّها غير
مسبوقة بسابق فى اظهار والوجوب والعمرة فتدلّ على وجوب الحج والعمرة او مسبوقة
بسابق فى اظهار وجوب الحج والعمرة فلا تدلّ على وجوب الحج لكن وجوب القيد يقتضى
وجوب المقيد فلا حاجة الى دلالة الامر على وجوب الحجّ فظهر بطلان ما نقل من
الشّافعيّة على ما سمعت من الاستدلال بالآية على استحباب العمرة قوله او ان الثانى
مفهوم منتزع من الاوّل اه مقتضى كلماته انّ الحكم الوضعى ينتزع من الحكم التكليفى
والظاهر بل بلا اشكال انّ مدار كلام سائر ارباب الرّجوع اعنى رجوع الحكم الوضعى
الى الحكم التّكليفى انما هو على الاتحاد وكون الامر من باب الامر بالشيء والنّهى
عن الضدّ العام قوله ولذا اشتهر فى السنة الفقهاء اه انت خبير بان اشتهار سببيّة
الدّلوك ومانعيّة الحيض اعمّ من انتزاع السّببية والمانعيّة فى عرض الدلالة على الوجوب والحرمة وكذا انفهام استناد
الوجوب والحرمة الى الاشتراط والممانعة قوله فانا لا نعقل من جعل الدّلوك سببا
للصّلاة الا انشاء الوجوب عند الدلوك انت خبير بان مقتضى جعل الدلوك سببا للصّلاة
هو التصرّف فى الدلوك بربطه بوجوب الصّلاة او وقتها على الخلاف
__________________
فى وجوب الواجب المشروط قبل تحقق الشّرط كما هو المنصور وعدمه كما هو
المشهور والتصرّف المشار اليه اعنى الرّبط المذكور من باب الوضع بل كما ان
السّببية من الاحكام الوضعيّة فكذا الحال فى المسببيّة وكما ان الشرطيّة من
الاحكام الوضعيّة فكذا الحال فى المشروطية الا ان العمدة السّببية والشّرطية
لتفرّع الاحكام التكليفية عليهما ومن هذا عدم ذكر المسبّبية والمشروطية فى كلمات
ارباب الوضع ومع هذا ينقدح دعوى عدم تعقل سببيّة الدلوك بما سمعت من دلالة
الاشتراط على السّببية ولا اقل من كون الامر من باب الدلالة بمعنى كشف اللّفظ عن
اعتقاد المتكلّم كما فى دلالة الاشارة والمفاهيم بناء على كونها اعنى المفاهيم
عقلية وكذا سائر الدلالات اللفظية الالتزاميّة من الكشف عن الارادة حيث ان المدار
فى الدلالة على الكشف لا على الوضع كما هو المشهور ولا على الارادة كما عن ابن
سينا والكشف اعمّ من الكشف عن الارادة كما هو الغالب والكشف عن الاعتقاد كما فى
دلالة الاشارة والتنبيه ومن اجل عدم التفطّن بالاخير انكر السّيّد السّند المحسن
الكاظمى دلالة الالتزام لاستلزامها استعمال اللّفظ فى معنيين اعنى الملزوم واللازم
فى باب دلالة الالتزام وقد يكون الدلالة بدون استعمال اللفظ فى المعنى بل بالاضمار
كما فى دلالة الاقتضاء قوله ولو كانت لم تكن مجعولة فيه انّ المدار فى جعل الاحكام
بناء على طريقة الاماميّة والمعتزلة من استناد الأحكام الشّرعيّة الى المصالح
والمفاسد الواقعيّة على اظهار مكنونات الواقع لا احداث الحكم فالمدار على اظهار ما
لا يدركه غالب العقول فلا باس باستناد السّببية الى ذات الدّلوك قوله ولا نعقلها
ايضا صفة اوجدها الشارع فيه كما ترى لوضوح انه لا يكون امر السّببية من باب
الايجاد بل هو من باب الاعتبار وبعد هذا اقول ان الحجّية ولو لم تكن من الاحكام الوضعيّة
لكن لزوم العمل بالظّن مثلا منّى على تصرّف الشّارع باعتباره والاصل عدم التصرّف
كما ان الجزئية والشّرطية والمانعيّة ولو لم تكن من الأحكام الوضعيّة لكن جزئية
الركوع للصّلاة لما كانت منوطة بالاعتبار والتصرّف فيجرى الاصل فى التصرّف
والاعتبار كما انّه يجرى اصالة البراءة فى الوجوب المتعقب للجزئية والشّرطية
والحرمة المتعقّبة للمانعيّة ومن هذا تمشى اصالة الطّهارة فى الشّبهة الحكميّة
باجراء اصالة البراءة عن وجوب الاجتناب ولو لم تكن النّجاسة من الاحكام الوضعيّة
الوجوديّة ايضا وعن جماعة ان المقصود بالحجيّة هو وجوب العمل وهو اما بارجاع الحكم
الوضعى الى الحكم التكليفى او بكون الحجيّة كناية عن الحكم التكليفى فى كلام
الاصوليّين إلّا انه يضعف بعدم اطّراده فيما لو كان بعض الظنون قائما على
الاستحباب او الكراهة او الإباحة ولو قيل ان المقصود من وجوب العمل هو حرمة المخالفة
وهذا يتاتى فيه الاطّراد لحرمة الفتوى على خلاف الاستحباب لتطرّق البدعة فى فعل
الشخص بنفسه وعدم اختصاص البدعة بالتشريع للغير كما حرّرناه فى البشارات قلت انّ
ارادة المخالفة من وجوب العمل بعيدة بعد غاية بعد ارادته من الحجيّة إلّا ان يقال
انه وان كان بعيد الارادة فى الغاية بالنّسبة الى وجوب العمل لكن ارادته ليست ابعد
من حمل الحجّية على الحكم الوضعى الّا ان يقال انّه لا باس بالحمل على الحكم
الوضعى بمعنى التصرّف من الشّارع للوقوع كثيرا فى العرف مثلا كثيرا ما يجعل
السّلطان شخصا مطاعا على مطيعيه والغرض اعتبار اقوال الشخص وافعاله بل رسم الصّكوك
من هذا الباب ثمّ انّه ربما يشبه الكلام فى المقام الكلام فى وجوب تقليد الاعلم
حيث انّه لو ثبت كون الحجيّة حكما مستقلّا من الاحكام الوضعيّة فالكلام فى اختصاص
حجّية قول المجتهد بالاعلم وعموم الحجيّة لغير الاعلم فاصالة العدم بناء على
اعتبارها تقضى باصالة الاقتصار على الاعلم لانّ الاصل عدم الحجيّة والقدر الثّابت
هو حجيّة قول الاعلم فيبقى قول غير الاعلم تحت الاصل واما بناء على كون الحجيّة
خارجة عن الحكم بناء على كون الاحكام الوضعيّة خارجة عن الحكم او راجعة الى وجوب
العمل بناء على اصل الاحكام الوضعيّة راجعة الى الأحكام التكليفيّة فيبتنى الامر
على حكومة اصل البراءة فى باب الشك فى المكلّف به فيبنى على جواز تقليد غير الاعلم
ووجوب الاحتياط فى ذلك فيبنى على عدم جواز تقليد غير الاعلم بقى انه ظهر بما مرّ
ان العرف كما يتفق فيه الاحكام الخمسة كذا يتفق فيه الاحكام الوضعيّة وايضا ظهر
بما مرّ ان المسببيّة والمشروطية من الأحكام الوضعيّة كالسّببية والشّرطية بناء
على كونهما من الاحكام الوضعيّة لكن العمدة هى السّببية والشّرطية لتفرّع الاحكام
الوضعيّة لكن العمدة هى السّببية والشّرطية لتفرّع الاحكام التكليفيّة عليهما ومن
هذا عدم ذكر المسبّبية والمشروطيّة فى كلام القائلين باستقلال الاحكام الوضعيّة
وايضا ظهر بما مر ان ارباب القول برجوع الاحكام الوضعيّة كما هو مرجع كلام الاكثر
بين القول باتحاد الحكم الوضعى والحكم التكليفى والقول بكون الاوّل منتزعا من
الثانى كما هو صريح بعض
الثّانية ان حجية العلم لا تحتاج الى حجة اذ غاية الامر فى الاستدلال على
حجيّتها افادة العلم بالحجيّة وحجية هذا العلم ايضا تحتاج الى حجة فيلزم الدّور او
التسلسل ويمكن ان يقال ان فساد الاستدلال على حجيّة العلم لا يكشف عن حجيّته والا
لكان فساد الاستدلال كاشفا عن صدق المدّعى فى جميع المحال إلّا ان يقال انّ حجيّة
كل حجّة تنتهى الى العلم وما ينتهى حجيّته كل حجّة اليه لا يصحّ الاستدلال على
حجيّته ولو كان غير العلم لكن لا يتفق مصداق لهذا العنوان غير العلم ونعلم ايضا
بحجيّة العلم للزوم التكليف بما لا يطاق لو لا حجيّة فالغرض انا نعلم بحجية العلم
ولا باس بعدم جواز الاستدلال على حجيّته إلّا ان يقال ان العلم بالحجيّة المدّعاة
ان كان من باب الضّرورة ودونه الاشكال فلا اشكال والّا فيتاتى الاشكال هذا ويتاتى
الكلام فى قبول حجيّة العلم للتخصيص وعدمه وربما يقال بالقبول بملاحظة وقوع الخلاف
فى جواز قضاء الحاكم غير الامام بعلمه حيث انه بعد الاغماض عن القول بعدم الجواز
فالمشهور الجواز استدلال بوجوه ومقتضاه الاتفاق على جواز عدم قضاء الحاكم بعلمه
فمقتضاه قبول حجية العلم للتخصيص اما دلالة القول بعدم جواز القضاء بالعلم على
قبول حجيّة العلم للتخصيص فهى ظاهرة واما دلالة القول بالجواز كما هو المشهور فلان
التّعبير بالجواز يكشف عن جواز عدم حجيّة العلم والا لكان المناسب التّعبير
بالوجوب اى وجوب القضاء بالعلم وكان المناسب الاستدلال على الوجوب دون الجواز اقول
انه لو فرض فى الواقعة التكليف وعدم نصب طريق اليد فعدم اعتبار العلم يستلزم
التكليف بما لا يطاق هذا فى العلم بالحكم وعلى هذا المنوال الحال فى العلم
بالموضوع مع ثبوت التكليف فيه وعدم نصب الامارة عليه نعم لو ثبت عدم جواز قضاء
الحاكم بعلمه فهذا يكشف عن عدم وجوب الحكم من باب دلالة انتفاء اللازم على انتفاء
الملزوم لاستلزام وجوب الحكم جواز القضاء بالعلم للزوم التكليف بما لا يطاق لولاه
والظّاهر بل بلا اشكال انّ مقالة المشهور فى باب القضاء بالعلم هى الوجوب
والتّعبير بالجواز من قبيل العنوان بجواز العمل بخبر الواحد حيث ان المقصود بالجواز
فيه هو الوجوب من باب كون الغرض الجواز بالمعنى الاعمّ فالاطلاق على الوجوب من باب
اطلاق الكلّى على الفرد حيث انّه لو كان خبر الواحد حجة فلا يجوز التخلف عنه
بالفتوى على خلافه او ترك العمل به لو كان دالا على الوجوب او الحرمة كيف لا وعن
السّيّد المرتضى فى جملة كلام له فى ضمن بعض ادلّة القول بالجواز وكيف يخفى اطباق
الاماميّة على وجوب الحكم بالعلم مضافا الى الاستدلال على الجواز باستلزام عدم
الجواز احد الامرين امّا عدم وجوب انكار المنكر وعدم وجوب اظهار الحقّ مع امكانه
او الحكم بعلمه وبطلان الاوّل ظاهر فتعيّن الثانى بيان اللزوم انه اذا علم بطلان
قول احد الخصمين فان لم يجب عليه منعه عن الباطل لزم الاوّل والا ثبت المطلوب حيث
انه صريح صدرا وذيلا فى ان المقصود بالقول بالجواز فى القول بجواز القضاء بالعلم
هو الوجوب حيث ان وجوب انكار المنكر واظهار الحق المذكور فى صدر الاستدلال المذكور
بلزوم العدم على تقدير عدم وجوب القضاء يقتضى وجوب القضاء بالعلم لا الجواز
والاستدلال بوجوب المنع عن الباطل فى الذّيل فى بيان وجه الملازمة يقتضى ويقضى
بوجوب القضاء بالعلم وبعد ما مر اقول انّه يمكن القول بانّه كما لا يتّجه
الاستدلال على حجيّة اصل العلم فكذا الحال فى الاستدلال على عموم الحجيّة بالنّسبة
الى افراد العلم وكذا الحال فى حجية العلم بالنّسبة الى مورد مخصوص للزوم الدّور
والتسلسل ايضا فى كلّ من الاستدلالين اذا المفروض قيام فرد من نوع العلم على
اعتبار فرد آخر من العلم فى الاخير وعلى اعتبار عموم افراد نوع العلم بعد اعتبار
اصله فى الاوّل خلاف قيام بعض افراد العلم على عدم اعتبار بعض افراد أخر كقيام
الدليل على عدم اعتبار علم الحاكم وخلاف قيام بعض افراد أخر كقيام الدّليل على عدم
اعتبار علم الحاكم وخلاف قيام بعض افراد النّوع من الظن على عدم اعتبار اصل هذا
النّوع كقيام الشّهرة على عدم حجية الشّهرة وكل من فردى العلم يحتاج حجيّته الى
حجّة فلا مجال لجعل احدهما مع عدم ثبوت حجّيته دليلا على عدم حجية الآخر نعم لو
قام العلم على عدم حجيّة علم من باب انتفاء المعلول اى الموضوع فيقدم العلم الاوّل
على العلم الثّانى بناء على تقديم الاستصحاب الوارد على استصحاب الورود فمرجع ما
ذكر الى حجيّة العلم وفساد الاستدلال على حجيّته ما لم يقم العلم على عدم حجيّته
ولا منافاة بين العلم بحجية العلم وفساد الاستدلال على حجيّته وامكان قيام العلم
على عدم حجيّة بعض افراده لكن لو كان حجّية العلم قابلة للتخصيص بمعنى حجيّته ما
لم يقم العلم على عدم حجيّته فيشكل العلم بالحجيّة فى موارد عدم العلم بعدم
الحجيّة لأحتمال عدم الحجّية نعم فى موارد ثبوت التكليف حجية العلم معلومة ولا
مجال للتخصيص ثمّ انّه يتاتى الكلام فى انّ حجية العلم من باب المرآتيّة
والموضوعيّة
ظاهر بعض كلماتهم فى بعض المقامات الاتفاق على الموضوعية كما يظهر من دعوى
جماعة الاجماع على ان ظان ضيق الوقت اذا أخّر الصّلاة عصى وان انكشف بقاء الوقت
حيث انّه لو كان الظّن بالضيق حجّة من باب الموضوعيّة فيتاتى حجية العلم بالضيق من
باب الموضوعيّة بالاولويّة بل قد يقال ان تعبيرهم بظن الضيق لبيان ادنى مراتب
الرّجحان فيشمل القطع بالضيق فكلامهم يدل على حجية العلم بالضيق من باب مفهوم
الموافقة والتنبيه بالادنى على الاعلى لكن عن غير واحد من الاصوليّين التوقف وعن
التذكرة القول بالعدم بل هو المحكى عن بعض الفحول قال بعض اصحابنا لا خلاف بينهم
ظاهرا فى انّ سلوك الطّريق المظنون الحظر او مقطوعة معصيته يجب اتمام الصّلاة فيه
ولو بعد انكشاف عدم الضّرر ويتفرّع على ذلك استحقاق العقاب على التجرّى على
المعصية مع قطع النظر عن قبحه عقلا حيث ان المقصود به انّما هو ارتكاب فعل مع
العلم بكونه حراما مع عدم حرمته واقعا اقول انّه ان وقع العلم فى ذيل الخطاب
والامر فمقتضاه عدم مداخلة الواقع فى الامتثال كما انه لا مداخلة فى العلم لو تعلق
الحكم والامر بالواقع فلا يجب الاعادة بانكشاف الخلاف والامر من باب الموضوعية
واما لو كان حجيّة العلم بواسطة حكم العقل فحكم العقل لا يتجاوز عن المرآتية فيجب
الاعادة بانكشاف الخلاف والا وجه ان يقال انّه ان وقع العلم فى ذيل الخطاب فلا بدّ
من ملاحظة دلالته على اعتبار العلم مطلقا اى ولو مع انكشاف الخلاف فلا يجب الاعادة
بانكشاف الخلاف او دلالته على اعتبار العلم ما لم ينكشف الخلاف فيجب الاعادة
بانكشاف الخلاف نعم لو كان حجيّته بواسطة حكم العقل فالامر كما ذكر وامّا لو لم
يثبت الدّلالة على اعتبار العلم مطلقا او فى صورة عدم انكشاف الخلاف فلا بدّ فى
وجوب الاعادة نفيا واثباتا من الرّجوع الى حكومة اصل البراءة ووجوب الاحتياط فى
باب الشّك فى المكلّف به فيجب الاعادة بناء على وجوب الاحتياط فى ذلك دون حكومة
اصل البراءة فيه لكنّ يظهر مزيد المقال فى شرح الحال بما ياتى بعيد هذا وبما مرّ
يظهر حال الظنّ فانّه لو اعتبر بتوسّط الدّليل اللّفظى كما فى الظّن بالركعات فلا
بدّ من ملاحظة الدليل المذكور من حيث دلالته على اعتبار الظّن مطلقا فلا يجب
الاعادة بانكشاف الخلاف ودلالته على اعتبار الظن ما لم ينكشف الخلاف فيجب الاعادة
بانكشاف الخلاف ومن هذا انه لا يثمر دلالة الامر على الاجزاء فى باب الصّلاة بظنّ
الطّهارة مع انكشاف الخلاف من حيث وجوب الاعادة وعدمها وقد حرّرنا الحال فى محلّه
واما لو كان اعتبار الظّن بتوسّط حكم العقل فالعقل لا يتجاوز حكمه عن المرآتيّة
لكن مقتضى كلمات المحقّق القمى موضوعيّة الظن بناء على حجيّة مطلق الظنّ وسوف ياتى
شرح الحال فى آخر الرّسالة بعون الله سبحانه وبما مرّ يظهر حال الشّك ايضا فانّه
لو اعتبر الشّك بالدليل اللّفظى فلا بدّ من الرّجوع الى الدّليل المذكور من حيث
دلالته على اعتبار الشك مطلقا او ما لم ينكشف الواقع ومن هذا انّ الاظهر انّ حجيّة
الاستصحاب من باب الموضوعيّة قضيّة وقوع الشّك فى اخبار اليقين فلا حاجة الى
الاعادة لو انكشف مخالفة الاستصحاب للواقع لكن هاهنا لا يتاتى المرآتية لعدم
قابليّة الشّك للمرآتيّة وإراءة الواقع ولو شكّ فى الموضوعيّة والمرآتيّة فى باب
العلم والظنّ والموضوعيّة وغيرها فى باب الشّك فلا بدّ من الرّجوع الى حكومة اصل
البراءة ووجوب الاحتياط فى باب الشكّ فى المكلّف به فالاصل يقتضى البناء على
الموضوعيّة والاحتياط يقتضى البناء على المرآتيّة بل فى صورة كون امر العلم والظن
من باب المرآتيّة يمكن القول بان الاصل يقتضى عدم وجوب الاعادة بانكشاف الخلاف
لاحتمال سقوط التّكليف بالمامور به بالاتيان بغير المامور به بمعنى كون التّكليف
بالمامور به مقيدا بعدم الاتيان بغير المامور به نظير انّه لو تعلّق الامر بالمطلق
وكان المطلق منصرفا الى الفرد الشّائع واحتمل كون الانصراف من جهة مجرّد شيوع
الفرد لا خصوصيّة فى الفرد الشّائع وقلنا بحكومة اصل البراءة فى باب الشك فى
المكلّف به فانّه ح يبنى على التخيير بين الفرد الشّائع والفرد النادر عملا بالاصل
مع ان الفرد النادر غير مامور به كما انه لو علم بعدم خصوصيّته فى الفرد الشّائع
يتاتى التخيير بلا اشكال بقى انّ المقصود بالعلم هو مطلق الجزم سواء كان ثابتا ام
لا وسواء كان مطابقا للواقع ام لا فليس المقصود به خصوص الاعتقاد الثابت الجازم
المطابق للواقع كما
هو مصطلح اهل
الميزان ويعمّ الجهل المركب وكذا يعمّ التقليد باصطلاح اهل الميزان وهو الجزم
الغير الثابت المطابق للواقع والوجه اطراد احكام العلم فيما خلى عن الثبات وكذا ما
خلى عن مطابقة الواقع وقد يطلق العلم بمعنى المعرفة ومنه قوله سبحانه (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ
أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) وكذا ما فى الدّعاء وانت اعلم به منّا
وكذا ما يقال زيد اعلم من عمر ومثلا وكذا الأعلم فى الكلام فى وجوب تقليد
الاعلم المقدّمة الثالثة فى جواز التعبّد بالظنّ وهذا العنوان ماخوذ من العنوان
المعروف وهو جواز التعبّد بخبر الواحد لكن ينبغى قبل الخوض فى المقصود رسم مقدمة
هى الكلام فى اصالة الامكان فنقول انّه ذكر فى الشوارق ان معنى ما قاله الحكماء
انّ ما لا دليل على وجوبه ولا على امتناعه لا ينبغى ان ينكر بل يترك فى بقعة
الامكان هو الامكان العقلى الّذى هو مرجعه الاحتمال لا انّه يعتقد امكانه الذاتى
كيف لا وقد كرّر الشيخ فى كتبه ان من تعود ان يصدّق من غير دليل فقد انسلخ عن
الفطرة الانسانيّة وحكى فيها عن المتكلّمين ان الاصل فيما لا دليل على وجوبه ولا
على امتناعه الامكان كما قال الحكماء كلّ ما قرع سمعك من الغرائب فذره فى بقعة
الامكان ما لم يذدك عنه قائم البرهان واورد بان الاصل هاهنا على ما قاله المحقق
الدّوانى ان كان بمعنى الكثير الراجح فكون اكثر ما لم يقم دليل على استحالته
ووجوبه ممكنا غير ظاهر وان كان بمعنى ما لا يصار اليه الا بدليل فهو باطل لان
الوجوب والامكان والامتناع ليس شيء منها اصلا برأسه بهذا المعنى بل كل منها مقتضى
ماهيّة موضوعه فما لم يقم دليل على ان الشيء من اى قسم لم يعلم حاله وحكى فى
الاسفار عن بعض الاستدلال على امكان اعادة المعدوم بما سمع من كلام الحكماء انّهم
يقولون كل ما قرع سمعك من غرائب عالم الطّبيعة فذره فى بقعة الامكان ما لم يذدك
قائم البرهان قال ولعدم تعوده الاجتهاد فى العقليات لم يتميز الامكان بمعنى الجواز
العقلى الذى مرجعه الى عدم وضوح الضّرورة لاحد الطرفين عند العقل عن الامكان الذى
هو سلب ضرورة الطرفين عن الشيء بحسب الذات فحكم بان الاصل فيما لم يتبرهن وجوده او
امتناعه هو الامكان فاثبت بظنّه المستوهن ان اعادة المعدوم ممكن ذاتى وتشبث بهذا
الظنّ الخبيث الّذى نسجته عنكبوت وهمه كثير ممن تاخر عنه فيقال له ولمن تبعه انكم
ان اردتم بالاصل فى هذا القول ما هو بمعنى الكثير الرّاجح فكون اكثر ما لم يقم
دليل على امتناعه ووجوبه ممكنا غير طاهر وبعد فرضه غير نافع لجواز كون هذا من جملة
الاقلّ وان اريد به بمعنى لا يعدل عنه الّا بدليل على ما هو المستعمل فى صناعتى
الفقه والاصول فهو فاسد هاهنا اذ شيء من عناصر العقود ليس اصلا بهذا المعنى بل كلّ
منها مقتضى ماهيّة موضوعه فما لم يقم عليه البرهان لم يعلم حاله وما قاله الشّيخ
الرّئيس أنّ ما لا برهان على وجوبه ولا على امتناعه لا ينبغى ان ينكر وجوده ويعتقد
امتناعه بل يترك فى بقعة الامكان اى الاحتمال العقلى إلّا انّه يعتقد امكانه
الذاتى كيف لا ومن اقواله ان من تعود ان يصدق من غير دليل فقد انسلخ عن الفطرة
الانسانيّة اقول انّ اخذ عدم قيام الدليل على الوجوب او الامتناع فى مورد الكلام
ظاهر فى انحصار الاحتمال فى الوجوب والامتناع ولا مجال للقول باصالة الامكان
الذاتى فيه مضافا الى غاية ندرة دوران الامر بين الوجوب والامتناع فلا بدّ من
زيادة عدم قيام الدّليل على الامكان اللهمّ الّا ان يكون الامر مبنيا على قصور
العبارة كما ياتى ودعوى منافاة ودعوى اصالة الإمكان مع ما كرّره الشيخ فى كتبه
انّما يتاتّى لو كان الغرض الاصل الاجتهادى واما لو كان الغرض الاصل العملى فلا
منافاة فى البين الّا ان يقال ان المقصود بالاصل هنا لا بد ان يكون هو الاصل
الاجتهادى اذ لا مجال لارتسام الاصل العملى فى الامور العقليّة وما ذكره الفاضل
الدّوانى وقرّره فى الشوارق كالاسفار من ان كون ما لم يقم دليل على امتناعه ووجوبه
ممكنا غير ظاهر ان كان جاريا على ظاهره فهو ظاهر الفساد اذ لا مجال الدعوى غلبة
الامكان الذاتى فى موارد دوران الامر بين الوجوب الامتناع وان كان الغرض منع
الغلبة فيما لم يقم دليل على وجوبه ولا على امتناعه ولا على امكانه من باب قصور العبارة
كما يقتضيه اخذ احتمال الامكان فى عبارة الشّوارق فى تزييف دعوى اصالة الامكان
بمعنى ما لا يصار اليه الّا بدليل اعنى قوله فما لم يقم دليل على ان الشيء من اى
قسم لم يعلم حاله اذ مقتضاه منع ثبوت الغلبة فى موارد الشّك فى الوجوب والامتناع
والامكان فلا خفاء فى ان الغلبة فى جميع موارد الاستدلال بها انما هى بالدّليل فى
عرض موارد الشّك ولا مجال لثبوت الغلبة فى موارد الشك اذ لا بدّ فى الغلبة من
استنادها الى الدّليل والمفروض عدم قيام الدّليل فى المشكوك فيه وان قلت انه لا
بدّ فى حمل المشكوك فيه على الغالب من اتحاد الصنف فلا يتاتى حمل المشكوك فيه على
الغالب لو كان حال الغالب منكشفا بالدليل ولا بدّ من كون الغلبة فى موارد الشك قلت
اولا انه لا يشترط فى حمل المشكوك فيه على الغالب اتحادهما صنفا ومن هذا انه لو
علم بإسلام احرار البلد وشكّ فى اسلام عبد يحصل الظّن باسلام العبد كما انّه لو
علم حال غالب الاصناف على وتيرة واحدة يحصل الظنّ
بلحوق المشكوك فيه بالغالب والوجه فى الصّورتين زيادة تقارب الاصناف وشدّة
المناسبة بين الغالب والمشكوك فيه ومن ذلك انه يتطرق الايراد على ما اشترطه المحقق
القمى فى جريان الاستصحاب من تعيّن بقاء الموضوع وقابليّته للبقاء فح يثبت
بالاستصحاب بقاء المستصحب الى زمان يبقى الغالب من افراده اليه وإلّا فلا يثبت
بالاستصحاب الا بقاء المستصحب فى اقل الازمنة المحتملة فيه ولو علمنا بان فى قرية
حيوانا ولم نعلم انّه من اى انواع الطّيور او البهائم او الحشار او الدّيدان ثم
غبنا عنها مدّة لا يمكن لنا الحكم ببقائه فى مدّة يعيش فيها اطول الحيوان عمر ابعد
ابتنائه على كون اعتبار الاستصحاب من باب الظن وكون الظن من باب حمل المشكوك فيه
على الغالب كما هو مشربه فى باب الظّن والا فلو كان المدار فى الظن بالبقاء على
مجرّد الكون فى الزّمان السّابق فيتاتى الظن بالبقاء الى اطول الازمنة المحتملة فى
المستصحب كما انّه لو كان المدار على اخبار اليقين فغاية الامر الشك الى اطول
الازمنة المشار اليها ومقتضى اخبار اليقين اعتبار الاستصحاب فى الباب بل مقتضاها
باعتبار الاستصحاب مع الظنّ بالخلاف لو كان الاستصحاب فى الحكم بناء على اعتبار
الظّنون الخاصّة او كان الاستصحاب فى الموضوع من حيث التحصّل مطلقا او فى الجملة
بناء على اعتبار الظن فى الموضوع من حيث التحصّل مطلقا او فى الجملة كما فى الظن
بالنّجاسة فى استصحاب الطهارة وبعد ورود غير ما ذكر ممّا اوردنا به عليه فى محلة
بانه لا يشترط اتحاد الصّنف فى حصول الظن ولذا لو اختلف افراد صنف غير المستصحب او
اصنافه لكن كان مقتضى حال غالب الافراد او الاصناف البقاء الى اطول الازمنة يحصل
الظنّ بالبقاء الى اطول الازمنة سواء عرف صنف المستصحب او شكّ فى كونه من اى
الصّنفين او الاصناف نعم لو ثبت اختلاف افراد صنف المشكوك فيه لا يتاتى حمل
المشكوك فيه على غالب الافراد او الاصناف لتقدّم حال صنف المشكوك فيه ولو فى الشّك
على حال غير صنفه ومن هذا انه لو خالف غالب افراد صنف المشكوك فيه لغالب افراد غير
صنفه او غالب سائر الاصناف فالمدار على الغالب من صنفه وعلى هذا يجرى الامر فى باب
الاستصحاب فى صورة اختلاف الصّنف سواء عرف صنف المستصحب أو لا وثانيا انه لا بدّ
من اختلاف الغالب والمشكوك فيه بحسب وجود ما يوجب انكشاف الحال فى الغالب وانتفائه
فى المشكوك فيه كيف لا ولو اشترط الاتّحاد فى اسباب الانكشاف نفيا واثباتا للزم
اشتراط كون الغالب فاقدا لما يوجب انكشاف الحال او كون المشكوك فيه واجدا لذلك
كالغالب ولا مجال لحمل المشكوك فيه على الغالب فى شيء من الوجهين لفرض انكشاف حال
المشكوك فيه على الثّانى فلا مجال للحمل على الغالب وفرض كون حال الغالب مشكوكا
فيه كالمشكوك فيه على الاوّل فلا مجال للحمل على الغالب وبوجه آخر لو اشترط
الاتحاد المشار المشار اليه يلزم اشتراط مساواة الغالب والمشكوك فيه فى انكشاف
الحال او الشّك فى الحال وكل من الامرين كما ترى كيف لا ولا بد من انكشاف حال
الغالب وعدم انكشاف حال المشكوك فيه ومن ذلك يتضح فساد ما اورد على صاحب المعالم
فى دعوى كون الامر فى اخبار الائمة عليهم السّلم مجازا مشهورا فى النّدب فيشكل
التمسّك بها على الوجوب بان شيوع استعمال الامر فى النّدب انما هو فى صورة
الاحتفاف بالقرينة وهو لا يستلزم تساوى الاحتمالين فى الامر المجرّد عن القرينة
ومرجعه الى دعوى ممانعة اختلاف الاوامر الواردة عن الائمة عليهم السّلم بحسب
الصّنف من حيث الاحتفاف بالقرينة وعدمها عن تاثير استعمال الامر فى النّدب بكسر
صورة اصالة الحقيقة فضلا عن افادة الظنّ بالنّدب حيث ان الاختلاف بالاحتفاف من باب
الاختلاف بقيام الدّليل وعدمه وبعبارة اخرى من باب الاختلاف فى انكشاف حال الغالب
والشكّ فى حال المشكوك فيه ولا بدّ من هذا الاختلاف فى حمل المشكوك فيه على الغالب
وتلخيص المقال وتحرير الحال انه لا بدّ فى حمل المشكوك فيه على الغالب من الاختلاف
فى الصنف بحسب وجود اسباب انكشاف الحال وعدمه ولا يشترط اتحاد الصّنف فيحكم بحكم
الغالب من صنف غير المشكوك فيه او اضافه فى صورة اختلاف الصّنف لكن لو اختلف افراد
صنف المشكوك فيه فالاختلاف بمانع عن حمل المشكوك فيه على الغالب من غير صنفه ولو
كان الغالب من الصّنف مخالفا للغالب من غير الصنف افرادا او اصنافا فالمدار على
الغالب من صنفه وكيف كان فالامكان يطلق تارة فى مقابل الوجوب والامتناع ويطلق اخرى
بمعنى الاحتمال ويصحّ اضافته بهذا المعنى الى الامكان بالمعنى الاوّل وكذا يصحّ
اضافته الى الوجوب والامتناع ولا اصل يقتضى الامكان بالمعنى الاوّل اذ لا يساعده
من معانى الاصل الا الراجح بدعوى غلبته
الامكان وهى غير ثابتة فما توهمه جماعة بل كثير كما هو مقتضى الكلام
المتقدّم من الاسفار من اصالة الامكان ضعيف والمقصود بالامكان فيما ذكره الشيخ
الرئيس والحكماء من انّ ما لا دليل على وجوبه ولا على امتناعه ينبغى ان لا يعتقد
امتناعه بل يترك فى بقعة الامكان هو الاحتمال والغرض ان المناسب فى مورد الشك فى
الوجوب والامتناع والامكان او الشك فى الوجوب او الامتناع البناء على الاحتمال لا
القول بالامتناع لكنك خبير بانه لا خفاء فى انّ الممكنات الموجودة اكثر من الواجب
بمراتب كثيرة نعم كثيرا ما يحكم بوجوب شيء فى الامور العقليّة كمساواة زوايا الثلث
للقائمتين كما انّه قد يحكم بوجوب شيء على الله سبحانه كما فى باب اللطف وان زيفنا
القول بوجوبه بوجوه فى بحث الاجماع والممكنات الموجودة اكثر ممّا نعقله من الممتنع
بمراتب كثيرة ايضا نعم يحتمل ان يكون ما لا نعقله من الممتنعات يساوى الممكنات
الموجودة لكنه بعيد فى نظر العقل فالاصل بمعنى الظّاهر يقتضى الامكان ويمكن ان
يقال ان الممتنعات تساوى الموجودات الممكنة بل هى اكثر منها بكثير مثلا الماء من
الممكنات الموجودة لكن يمتنع ان يصير جبلا او فضّة او ذهبا وهكذا وكذا غير الماء
فلا وجه لدعوى اصالة الامكان إلّا ان يقال ان الكلام فى الامتناع العقلى وما ذكر
انما هو فى الامتناع العادى بل نقول ان حصول الظن بالامكان فى موارد الشكّ فى
الامتناع العقلى كاعادة المعدوم محلّ الاشكال اذ المسائل العقليّة دقيق المدرك
وخفى المسلك فيحتمل وجود مدرك يقتضى الامتناع لكن يدق خفاه عن فهم الزكى فلا يحصل
الظنّ بالامكان مضافا الى شدّة البعد وعدم المناسبة بين الغالب والمشكوك فيه
وبالجملة فالمشهور بين الخاصة والعامة هو القول بالجواز وعن بعض منّا وجماعة من
العامّة القول بالامتناع وعن جماعة من العامّة القول بالوجوب والمشهور فى
الاستدلال على القول بالجواز انا نقطع بانه لا يلزم من التعبّد به محال قيل وفى
هذا التقرير نظر اذ القطع بعدم لزوم المحال فى الواقع موقوف على احاطة العقل بجميع
جهات القبح وعلمه بانتفائها وهو غير حاصل فيما نحن فيه فالأولى ان يقرر هكذا انا
لا نجد فى عقولنا بعد التامّل ما يوجب الاستحالة وهذا طريق يسلكه العقلاء فى الحكم
بالامكان واقول انّ ما ذكره فى وجه النظر محلّ النظر حيث انه كثيرا ما يتجاول
العقل فى استيفاء جهات قبح الشيء فلا يرى بعد كمال التّجوال وتعميق النّظر جهة قبح
فيحكم بانتفاء القبح والا لما اتفق للعقل ادراك الحسن والقبح فى مورد من الموارد
من جهة القصور فى الفاعل اعنى العقل فينسد ابواب ادراك الحسن والقبح العقليّين
نظير ما جرى عليه الأشاعرة من انكار الادراك من جهة القصور فى القابل اعنى الا
شيئا لعدم اتّصافها بالحسن والقبح الا بالشرع فان كان المقصود انّ العقل لا يحكم
بقبح شيء الّا بعد الاحاطة بجميع جهات القبح وحكمه بانتفاء الجهات وهو لا يمكن له
ففيه بعد النّقض بالحسن لو قيل بالفرق وضوح حكم العقل بالقبح فى كثير من الموارد
كيف لا وقد عدّ قيح العدوان مما محكم به نفاة الاديان وان يتطرّق عليه الاشكال بعد
تطرّق الاشكال فى معنى الظّلم بان النزاع فى الحسن والقبح بمعنى استحقاق المدح
والذمّ فى العاجل والثواب والعقاب من الله سبحانه فى الاجل فمن ينكر الاديان كيف
يحكم بتطرق العقاب من الله سبحانه على العدوان كيف لا والنزاع بعد ثبوت الشّرع
بشهادة القول بكون الحسن والقبح بالشّرع من الاشاعرة وان كان المقصود انه لا يمكن
للعقل الحكم فى خصوص ما نحن فيه بالامكان من جهة انه لا يمكنه استيفاء جهات القبح
والحكم بانتفائها كما هو الظّاهر ففيه بعد ان الانكار من باب النّزاع الموضوعى ان
جواز التعبّد بالظنّ فى بعض الموارد مقطوع به كما لو قام الظنّ على حرمة شيء وكان
مباحا فى الواقع مع احتمال الوجوب والنّدب وعدم تطرق مفسدة على التّرك فنفى تمكّن
الفعل من استيفاء جهات القبح على سبيل العموم بالنّسبة الى الموارد كما ترى واما
ما جعله الاولى فى التقرير فيتطرّق عليه الأشكال بان عدم وجدان ما يوجب الاستحالة
لا يقضى بمجرّده الاذعان بالامكان بل غاية الامر التوقف فلا يتمّ ذلك الّا بدعوى
اصالة الامكان الّا انها بعد ثبوتها لا تفيد القطع وهو المدّعى فى المقام اذ غاية
الامر غلبة الامكان وهذه الدّعوى انما تفيد الظنّ بلحوق المشكوك فيه بالغالب كما
هو الحال فى سائر موارد الاستناد الى الغلبة واين هذا من القطع بالامكان فى
المشكوك فيه كما هو المقصود اللهم الّا ان يقال انّه قد يصل الغلبة الى حدّ يوجب
القطع كما حرّرناه فى الاستقراء النّاقص فى بحث الاستقراء من انّه قد يفيد القطع
كما لو تقارب الفحص للاتمام بل يتاتى القطع فيما دون ذلك ومن هذا القطع بالاتفاق
فى استقراء اقوال اصحاب الكتب المدوّنة بل ادّعى صاحب الحدائق قضاء الاستقراء
بوجوب الاجتناب فى الشّبهة المحصورة وما ذكره من
موارد الاستقراء اربعة مسئلة الإناءين والثوب الطّاهر المشتبه بالنّجس
والثّوب النجس بعضه مع وقوع الاشتباه فى جميع اجزاء الثوب واللحم المختلط بالمذكّى
والميتة فلو كان ملاحظة جريان الحكم فى موارد اربعة على وتيرة واحدة مفيدة للظّن
فحصول العلم من الغلبة امر سهل لكن افادة الاستقراء المشار اليه للظّن بعد عدم حجيّة
الظّن الحاصل منه على مذاق الاخباريين بل على مذاق ارباب الظنون الخاصّة وان اتفق
التّدبير لعدم ابتناء حجيّته على حجيّة مطلق الظّن كما ياتى محلّ المنع كما
حرّرناه فى محلّه وان قلت الغرض التمسّك بطريقة العقلاء على اصالة الامكان قلت مع
انّ دعوى استقرار طريقة العقلاء على اصالة الامكان خلاف ظاهر العبارة اذ ظاهر
العبارة البناء على الامكان من دون تمسّك بشيء محلّ منع واضح لوضوح انّه لم يتداول
الشّك فى الامكان بين الناس المقصودين بالعقلاء كيف لا وقد سمعت انكار اصالة
الامكان من جماعة من اهل الكلام بل قد سمعت شدّة الطّعن عليه من صاحب الاسفار الّا
ان يقال ان الغرض انّ حالة الناس بحيث لو تطرق الشّك فى الامكان يجرون على البناء
على الامكان لكنّه يندفع بانه لا اعتبار بهذا الّا من باب كونه موجبا للجزم كما هو
الحال لو كان طريقة الناس مستقرة فعلا على البناء على امكان المشكوك فيه لكن لا
يتحصّل الجزم بذلك بل الوجه المذكور من اصله محل المنع لعدم ثبوت كون حالة الناس
على ترتيب آثار الامكان على المشكوك فى امكانه وللقول بالامتناع وجوه امتنها ان
التعبّد بالظن وان لم يكن ممتنعا لذاته لكنّه ممتنع لغيره لأنه يؤدى الى تحليل
الحرام وتحريم الحلال بتقدير كذبه فانّه ممكن قطعا وذلك باطل وما يؤدى الى الباطل
لا يجوز عقلا اقول انّه اما ان يكون المقصود امتناع التعبّد فى المسألة الّتى لا يمكن فيها ازيد من تحصيل الجزم بالواقع فغاية ما
يتمكّن منه المكلّف فيها انما هى تحصيل الجزم لكن يمكن ان يكون الامر من باب الجهل
المركّب فلم يصل المكلّف الى الواقع واما ان يكون المقصود امتناع التعبّد فى
المسألة الّتى لا يمكن فيها ازيد من تحصيل الظن فانسدّ فيها باب العلم اما على
الاوّلين فقد حررنا فى بحث جواز التعبّد بخبر الواحد وجوها بعيدة كلا او بعضا
وحرّرنا احكام تلك الوجوه لكن لا يعجبنى تحريرها هنا لبعدها كلّا او بعضا بعد ندرة
اصل الوجهين او انعدامهما واما على الاخير فاما ان يثبت تلك التّكليف فى الواقعة
أو لا فعلى الاوّل لا بدّ من العمل بالظنّ على ما يظهر مما ياتى فى اصل المسألة
وعلى الثانى يعمل باصل البراءة ومع ذلك ينتقض الاستدلال بالعلم وكذا ينتقض بامور
معتبرة من باب الظّن او بشرط الظّن او التعبّد الصّرف كالفتوى على القول بكون
اعتبار التقليد من باب الظنّ او بشرط الظّن لو قيل به ولعلّه مقالة بعض الاعلام او
التعبّد الصّرف والبيّنة على القول باشتراطها بالظنّ والقول باعتبارها من باب
التعبّد الصّرف والاستصحاب على القول باعتباره من باب الظّن الشخصى او الظنّ
النّوعى او من باب اخبار اليقين وغيرها وامّا القول بالوجوب فربما يستدلّ عليه
بانّ مخالفة الظنّ مظنّة للضّرر ودفع الضّرر واجب ضرورة وبانّه لو لم يجب العمل
بالظّن لزم خلوّ اكثر الوقائع عن الحكم اذا كثر الوقائع لا يتجاوز امره عن خبر
الواحد وهو لا يتجاوز عن افادة الظّن اقول انه ان كان الغرض وجوب العمل بالظّن فى
زمان انسداد باب العلم فالمرجع الى القول المعروف من حجية مطلق الظّن فى اصل
المسألة كما ياتى ولا باس به لكن ياتى ما فى الاستدلال بوجوب دفع الضّرر وان كان
الغرض وجوب العمل بالظّن فى زمان انفتاح باب العلم بالواقع فلا جدوى فى الكلام فيه
المقدّمة الرّابعة انّ الظّن ينقسم باعتبار نفسه من حيث الدّرجات الى الظّن
الضّعيف الّذى يعتبر عنه لو كان مستفادا من اللّفظ باشعار اللّفظ ومنه ما اشتهر من
انّ تعليق الحكم على الوصف يشعر بالعليّة اى عليّة مبدا الاشتقاق والظّن المتوسّط
المتعارف والظّن الغالب المتآخم للعلم هذه اصول الدّرجات والّا فلكلّ درجة له
درجات وينقسم باعتبار الظان الى ظنّ المقلّد والجاهل القاصر والمتجزى والمجتهد
المطلق وباعتبار الزّمان الى زمان انسداد باب العلم وزمان الانفتاح وباعتبار
المتعلّق الى الظّن فى الاصولين اعنى اصول الدّين واصول الفقه والظنّ بالحكم
الفرعى والظنّ بالموضوع وعلى الثالث اما ان يكون الظن بالموضوع من حيث التحصّل اى
الظنّ بالمصداق كما فى الظنّ باطلاق الماء المخصوص وفى حكمه الظنّ بالاعدام كالظّن
بعدم التّذكية او الموضوع من حيث الاستنباط وعلى الاخير اما ان يكون الظنّ بالوضع
او الظنّ بالدلالة ومنه الكلام فى اعتبار الظنّ النّوعى والظنّ الشخصى فى مداليل
الالفاظ وقد اتفق القول باعتبار الظنّ النّوعى من بعض ارباب القول بحجيّة مطلق
الظنّ بل ربما قيل
__________________
ان القول باعتبار الظن النوعى لا ينافى القول بحجيّة مطلق الظنّ تعليلا بان
القول بحجّية مطلق الظّن يستلزم الاطّراد لا الانعكاس يعنى ان القول المذكور
يستلزم عموم حجية مطلق الظنّ ولا يستلزم عدم حجيّة غير الظن ولا يستلزم عدم حجيّة
غير الظن كيف لا ولا منافاة بين القول بحجيّة مطلق الظنّ مع القول بقاعدة الطّهارة
لكن نقول انّه لو كان القول بحجيّة مطلق الظنّ من باب عدم جعل الطّريق فهذا ينافى
اعتبار الظن النّوعى تعبّدا نعم لو كان القول بحجيّة مطلق الظن من باب عدم الكفاية
فهذا لا ينافى القول بحجية مطلق الظنّ واما قاعدة الطّهارة فان كان المقصود
التمسّك بها فى الشّبهة الموضوعيّة فلا ترتبط بما نحن فيه راسا اذ الكلام هنا فى
تعرف الحكم وان كان المقصود التمسّك بها فى الشّبهة الحكميّة فلا خفاء فى ان
التمسّك بها من باب التمسّك بالقاعدة العمليّة اعنى حكم الجاهل فلا ترتبط بحجيّة
مطلق الظن لانها فى مقام الاجتهاد ومع ذلك نقول انه لو كان القول بحجيّة مطلق
الظّن من باب عدم نصب الطريق فالقائل بهذه المقالة انّما يقول بعدم الدّليل على
حجيّة الظنّ بالحكم المستفاد من خبر الواحد ولا ريب فى انّ الظنّ بالحكم انما
يتحصّل بعد الظن بالصّدور والظنّ بالدلالة فانكار كلّ من جهة الظن بالصّدور والظنّ
بالدلالة غير مدلول عليه بالدليل فهذا ينافى القول باعتبار مدلول اللّفظ تعبدا وان
كان الظن بالدّلالة معتبرا دون الظن بالصدور فالمفروض ان الظن بالحكم انّما يتحصّل
من مجموع الظنّ بالصّدور والظنّ بالدلالة فاعتبار الظنّ بالدّلالة فى اىّ وعاء
يتأتى وفى اى موضع يثمر وان قلت ان التعبّد فى صورة الشكّ فى ارادة المعنى الحقيقى
او الظنّ بارادة المعنى المجازى بتوسّط الامر الغير المعتبر او الشك فى ارادة
المعنى الحقيقى بتوسّط الامر المعتبر قضيّة اختصاص الاجماع بالصّور المذكورة قلت
كيف يقتضى الاجماع اعتبار مدلول اللفظ فى الصّور المذكورة ولا يقتضى اعتبارها فى
صورة الظنّ بالارادة ومع ذلك نقول انّه كيف يتاتّى القول بحجيّة مدلول اللفظ مع الظن بالخلاف الّا ان يقال انّ عمدة
المدرك فى اعتبار الظنّ النّوعى انما هى الاجماع فالمرجع الى كون الظنّ بالخلاف من
الظنون المخرجة وعلى الاول اما ان يكون الاستنباط من اللغة كما فى الصّعيد من حيث
كونه موضوعا لمطلق وجه الارض او التّراب الخالص او من العرف كما فى العيب الموجب
للخيار او من الشّرع كما فى الفاظ العبادات بناء على كون ثبوت الحقيقة الشرعيّة
فيها وقد يعبّر عن الموضوع من حيث التحصل بالموضوع الصّرف وعن الموضوع من حيث
الاستنباط بالموضوع المستنبط وما صنعناه وفاقا للوالد الماجد ره اجود اذا الظّاهر
من التّعبير بالموضوع الصّرف والموضوع المستنبط انهما امران متمايزان مع انّهما
جهتان متعلّقتان بامر واحد وعلى الثانى اعنى كون الظن بالحكم الفرعى امّا ان يكون
الظن بالحكم من حيث الاستنباط كما فى دلالة الامر على الوجوب والنّهى على الحرمة
ودلالة لفظ النّجاسة مثلا على الحكم الوضعى واما ان يكون من باب الظنّ يتحصّل
الحكم كما فى الظنّ بتعلّق وجوب الصّلاة على الميّت على الشخص بالظنّ بالموت
والظنّ بنجاسة شيء من باب الظنّ بالملاقاة مع معلوم النجاسة والعلم بالملاقاة مع
مظنون النجاسة والحكم فيه حكم الظنّ بالموضوع من حيث التحصّل ويمكن ان يقال ان
مرجع الامر على الاخير الى الظن بالموضوع من حيث التحصّل لكن نقول انّ ما ذكر لا
باس به فى باب الظن بوجوب الصّلاة على الميّت لكن لا وجه له فى باب الظن بالنّجاسة
المشار اليه اذ فى جميع موارد الظن بالموضوع من حيث التحصّل يتحصّل الظنّ بالحكم
ناشيا عن الظنّ بالموضوع وايضا الظنّ بالحكم اما ان يكون من باب الظنّ بالحكم
الواقعى الاولى او يكون من باب الظنّ بالحكم الواقعى الثّانوى كما فى التيمّم
والتقية او يكون من باب الظن بالحكم الظّاهرى كما فى الاحكام المستفادة من ظواهر
الكتاب والاخبار الّا ان يقال انه لا يخرج عن الاوّلين او يكون من باب الظنّ
بالحكم العملى كما فى الاستصحاب بناء على اعتباره من باب التعبّد وعدم موضوعيّة
الشك والا فيرجع الامر الى القسم الاوّل بناء على اعتباره من باب الظنّ ويرجع
الامر الى القسم الثانى بناء على موضوعيّة الشّك ويمكن ان يقال انّ هذا التقسيم من
باب مجرّد الاصطلاح ولا جدوى فيه كيف لا والاحكام الواقعيّة كلّها فى عرض واحد
وليس لها فى شيء من الموارد مرتبتان مرتبتان حيث ان حكم واجد الماء بالوضوء مثلا
وحكم فاقد الماء بالتيمّم فى عرض وليس الثانى بالنّسبة الى الاول فى جانب الطّول
وان مقتضى ظاهر قوله سبحانه فان لم تجدوا ماء فتيمّموا كون التيمّم فى جانب الطّول
بالنّسبة الى الوضوء وبعد فقد يكون الظن متعلّقا بالسند وفيه يتاتى الكلام فى
اعتبار الظنّ النّوعى والظنّ الشخصى ايضا وقد اتفق القول باعتبار الظنّ النّوعى من
حيث السّند فى باب الخبر الصّحيح من بعض ارباب القول بحجيّة مطلق الظنّ ايضا
وينقدح القدح فيه بما مرّ وقد يكون الظنّ فى تطابق مضمون الخبر اى
__________________
اى الحكم المستفاد من الخبر مع الواقع اعنى الخلو عن التقيّة وهذا قد يتفق
فى حال التعارض كما فى مرجحات المضمون فى تعارض الخبرين بل مقتضى كلمات الاصوليّين
ان مرجحات الدلالة والسّند ايضا تفيد الظن بمطابقة مضمون الرّاجح للواقع لكنه يشكل
بان احتمال التقية ونحوها وان كان خلاف الظاهر بالنّسبة الى الخبر المنفرد لكن لا
محيص عنه فى باب التعارض فلا مجال لحصول الظن بمطابقة مضمون الراجح دلالة او سندا
للواقع لاحتمال كون الراجح هو الصّاد ومن باب التقية ونحوها وهذا اشكال صعب مستصعب
حرّره الكلام فيه فى محله وياتى الكلام فيه فى بعض التنبيهات وقد يتفق الظن المشار
اليه فى حال الانفراد وهذا غير مذكور فى كلماتهم إلّا انه ربما فصل سيّدنا بناء
على حجية الظنون الخاصّة باعتبار الظن المستفاد من الخبر الصّحيح وان لم يتحصّل
الظنّ بمطابقة الحكم المستفاد منه للواقع بالخلو عن التقية دون الخبر الموثق
والحسن والقوى والضّعيف المنجبر بالشّهرة بملاحظة اطلاق مفهوم آية النّبإ المقتضى
لحجيّة خبر العدل حيث ان مقتضى الاطلاق المذكور عدم اشتراط الظن بمطابقة الحكم
المستفاد منه للواقع ويضعف بان مقتضى مفهوم آية النّبإ انّما هو قبول خبر العدل فى
الأسناد الى المعصوم عليه السّلم ومقتضى منطوقها اشتراط التبيّن عن صدق الأسناد
الى الامام عليه السّلم واين الأول من العمل بمضمون خبر العدل على الاطلاق واين
الثّانى من اشتراط الظنّ بمطابقة مضمون الخبر الموثق او غيره للواقع ونظير ذلك
الاستناد فى انجبار ضعف الخبر بالشّهرة المطابقة الى حصول التبيّن المشترط فى
منطوق آية النّبإ لوضوح ان الشهرة المطابقة توجب الظنّ بمضمون الخبر واين هذا من
ضعف الاسناد الى الامام عليهالسلام ولا ارتباط لاحدهما بالآخر فلا مجال لانجبار ضعف
الاسناد بالشّهرة المطابقة لكن يمكن ان يقال ان الظنّ بالصّدور وان لا يقتضى الظنّ
بمطابقة الصّادر للواقع لكن قبول الأسناد الى الامام عليه السّلم يقتضى اعتبار ما
اسند اليه عليهالسلام والا لكان قبول الاستناد لغوا فالتمسّك بالمنطوق وان
كان خاليا عن الوجه لكن التمسّك بالمفهوم متجه بملاحظة ما ذكر إلّا ان يقال ان
الامر بالتبيّن يقتضى وجوب قبول الاسناد بعد التبيّن بناء على كون وجوب التبيّن من
باب الوجوب الشّرطى لا الوجوب النفسى كما هو الاظهر بل لا ريب فيه فوجوب قبول
الاسناد يقتضى وجوب قبول ما اسند اليه ايضا والا يلزم كون التبيّن لغوا الّا ان يقال
انّ اطلاق الامر بالتبيّن وارد مورد بيان حال الصّدور ولا ينفع بحال الصّادر وبما
مرّ يظهر ضعف الاستناد الى منطوق آية النّبإ على حجيّة الخبر الحسن والخبر الموثق
والخبر القوى بناء فى الاخيرين على عدم جواز اجتماع العدالة مع سوء المذهب كما عن
شفاهيّات فخر المحقّقين عن والده العلّامة ره لكن الاظهر جواز الاجتماع وقد حرّرنا
الحال فى الرّسالة المعمولة فى ثقة حيث ان الغرض من التبيّن المشترط فى منطوق
الآية انما هو التفحّص عن خصوص صدق الفاسق فى الاخبار فى خصوص القضيّة المخصوصة
كاسناد الرّاوى الى المعصوم عليه السّلم حكما مخصوصا ولا يعمّ التفحّص عن حال
الراوى وبوجه آخر الغرض من التبيّن المشترط فى الآية انّما هو التفحّص عن صدق خبر
الفاسق ولا يعمّ التفحّص عن حال الفاسق وبوجه ثالث الغرض من التبيّن المذكور انما
هو التفحّص عن خصوص صدق خبر الفاسق بلا واسطة ولا يعمّ التفحّص عن صدقه بتوسّط
الفحص عن حاله صدقا وكذبا وايضا الظن بالموضوع قد يكون موجبا لحدوث الظن الحكم كما
فى الاخبار الشّرعية حيث انّ الخبر يحصل منه الظن بالحكم بتوسّط الظنّ بالسّنة
قولا او فعلا او تقريرا الّا انّ الظنّ بالموضوع هنا خارج عن شهرة القول بعدم
حجيّة الظنّ بالموضوع ومن قبيل ذلك الظن بالاتفاق من باب الموضوع الّا انه يوجب الظن بالحكم وايضا
المصرّح به فى بعض ادلّة عدم حجيّة الاستصحاب انّه لا اعتبار بالظن المطلق
والمعتبر هو الظنّ الغالب واورد عليه الوالد الماجد ره باتفاق من يعتبر الظنّ فى
امثال الاستصحاب على عدم الفرق بين الظنّ الغالب وغيره وادّعى الاتفاق المنكشف
بسيرة الفقهاء ممّن يعتبر الظنون الخاصّة او مطلق الظن على عدم اختصاص الحجيّة
بالظّن الغالب وادّعى بعض الفحول ايضا الاتفاق عليه وذكر المحقق الثانى ضابطة فى
الفرق بين الشّبهة المحصورة وغيرها وقال وما وقع فيه الشّك تعرّضه على القرائن
والنّظائر وتراجع فيه القلب فان غلب على الظنّ الحاقة باحد الطّرفين فذاك والّا
عمل فيه بالاستصحاب الى ان يعلم الناقل ومقصوده بالغلبة على الظن امّا الظنّ
الغالب كما لعلّه الظّاهر او غلبة احد الطّرفين على الآخر بالرّجحان والظنّ فالغرض
نفس الظنّ لا الظنّ الغالب وحكى الشّهيد فى المقاصد العليّة عند الكلام فى الظنّ
فى ركعات الصّلاة عن كثير من الاصحاب التّعبير بغلبة
__________________
الظّن وحكم بكفاية مطلق الظن ناقلا لكفايته عن الدّروس ثم قال وكان من غيره
الغلبة قد تجوّز بسبب انّ الظّن لما كان غالبا بالنّسبة الى الشكّ والوهم وصفه بما
هو لازم له واضاف الصّفة المعبّر عنها بالمصدر الى الموصوف بمعنى الظّن الموصوف
بكونه غالبا وح فيكون وصف الظّن بالغلبة بيانيا لا تقييديّا من قبيل طائر يطير
بجناحيه وحكى فى الرّوض عن العلّامة وجماعة انّ المدار فى الواجب الكفائى على
الظّن الغالب بقيام الغير به لكن مقتضى بعض آخر من كلماته ان الغرض مطلق الظّن
وحكم السّيّد السّند المحسن الكاظمى فى بعض كلماته بانه لا يجوز للمجتهد الاخذ
بالظّن الضّعيف مع تمكّنه من الظّن الاقوى وادعى بعض الفحول الاتفاق على ان المناط
فى التّرجيح هو الظن الاقوى ومقتضاه عدم كفاية الظن المتعارف فضلا عن الظّن
الضّعيف الا ان الظّاهر بملاحظة باقى اجزاء كلامه ان الغرض مطلق الظن والتّعبير
بالاقوى من باب حسبان حركة الظّن الاقوى بالحكم تبعا لما اشتهر من الظّن الاقوى
وايضا النّزاع فى المقام فى حجيّة الظن المجتهد المطلق وامّا الكلام فى اعتبار ظن
المتجزّى فهو موكول الى بحث الاجتهاد كما انّ الكلام فى انّ اعتبار التقليد من باب
الظّن او التعبّد موكول الى بحث التقليد ومقتضى كلام الاكثر كون اعتبار التقليد من
باب الظّن قضيّة استدلالهم على وجوب تقليد الاعلم بانّ الظّن فى جانب قول الاعلم
واقوال المجتهدين بالنّسبة الى المقلّد نظير اخبار الآحاد بالنّسبة الى المجتهد
فيجب على المقلّد مراعاة الظّن الاقوى وربما تصرّف فيه الوالد الماجد ره بناء على
حجيّة الظّنون الخاصّة بان الظّن فى جانب قول الاعلم فمقتضى قاعدة الاشتغال مراعاة
الظّن لكن يخدشه بعد ابتناءه على وجوب الاحتياط فى باب الشّك فى المكلّف به
والأقوى عدم الوجوب كما حرّرناه فى محلّه عدم التزام ارباب وجوب الاحتياط فى باب
الشّك فى المكلّف به بجميع الاحتمالات كما يرشد اليه ما حكم به العلّامة النّجفى
مع كونه قائلا بوجوب الاحتياط فى الشّك فى المكلّف به من جريان الاصل فيما لم ينشأ
الشّك من خلاف معتدّ به بل خلاف شاذ او رواية لا تنهض حجّة ولا تبلغ حدّ السّقوط
او لم يرد به نصّ ولا رواية ولا تعرّض الأصحاب لذكر خلاف فيه فى كتاب او رسالة
احتجاجا بانّ فى الاخذ بكلّ احتمال التزام ما لا ينحصر والاجماع على عدم لزومه بل
احد من ارباب وجوب الاحتياط فى الشّك فى المكلّف به لا يجرى بناء على اعتبار
الظنون الخاصّة على العمل بالظنون التى لم يثبّت اعتبارها نفيا واثباتا لو قامت
على جزئية شيء للعبادة او شرطيّته او مانعيّته لها وان يتاتى الاشكال على ارباب
وجوب الاحتياط بان عمدة المدرك فى القول بوجوب الاحتياط انّما هى قاعدة الاشتغال
ومرجعها الى حكم العقل القاطع بوجوب تحصيل اليقين بالفراغ عن اليقين بالاشتغال
وهذا غير قابل للتخصيص ولا سيّما مع كثرة الخارج لكثرة الظّنون والشكوك الغير
المعتدّ بها فلمّا ثبت عدم اعتبار بعض الشّكوك والظنون بل كثير منها فهو يوجب سكوت
العقل عن الحكم بوجوب تحصيل اليقين بالفراغ عن الاشتغال المتيقن ولذا يجرى اصل
البراءة على ما يظهر بالرّجوع الى البشارات فضلا عن الرّسالة المعمولة فى باب
الشّكّ فى الجزئية او الشرطية او المانعيّة للعبادة فانه لم يسبقنى الى مثلها سابق
ولا اظنّ ان يلحقنى لا حق بعد انّه لم يعمل عامل فى الباب رسالة ولله الحمد والمنة
فعدم التزام ارباب الاحتياط للاحتياط فى جميع الشكوك والاوهام ينافى القول بوجوب
الاحتياط من باب التمسّك بحكم العقل والامر من قبيل مناقضة قيام الضّرورة على عدم
اعتبار امثال القياس للقول بحجيّة مطلق الظنّ الّا انّه يمكن الذّب عنه كما ياتى
بكون الامر من باب التخصيص ولا مهرب هنا وكذا مناقضة قتل الجاهل القاصر فى الاصول
ونهب امواله وأسر عياله بناء على ترتّب الاحكام الدّنيويّة المترتبة على الكفر كما
هو المشهور غاية الاشتهار للقول بحكم العقل بعدم جواز عقابه وكذا مناقضة عدم
اعتبار العلّة المنصوصة فى بعض الموارد لعموم العلّة بناء على كونه من باب حكم
العقل وشرح الحال موكول الى ما حرّرناه فى محلّه لكن التمسّك باستصحاب الاشتغال
للقول بوجوب الاحتياط سليم عن الأشكال المذكور الّا انّ بعض ارباب الاحتياط بل
عمدتهم اعنى العلّامة السبزوارى على ما نسب السّيّد السّند المحسن الكاظمى رئاسة
هذا القول اليه وان كان النّسبة فى غير المحل لا يقول بحجيّة الاستصحاب فى الباب
نعم يمكن القول بانّ عدم اعتبار بعض الشّكوك نادرا وان يوجب سكوت العقل عن الجزم
بلزوم الاحتياط لكن ظهور اللّفظ فى اطّرّاد التكليف حال الجهل يقتضى الظنّ بلزوم
الاحتياط فى سائر موارد الشّك نظير حجيّة العام المخصّص فيما بقى ومن هذا عدم
ممانعة اعتبار العلم بالمكلّف به حكما اى جزء او شرطا او مانعا
او موضوعا اعنى العلم بالاتيان بالمكلّف به او العلم بالإتيان بجزئه او
شرطه او العلم بترك المانع له عن وجوب الاحتياط فى موارد الشّك فى الجزئية او
الشّرطية او المانعيّة مع امكان مخالفة العلم للواقع وكذا الحال فى اعتبار البيّنة
فى باب الموضوع كما لو قام البيّنة على الإتيان بالجزء او الشّرط او ترك المانع او
قام البيّنة على بعض اطراف الشّبهة المحصورة على القول بوجوب الاحتياط فيها لكن لو
تكثر مورد عدم اعتبار الشّك يرتفع الظنّ النّاشى عن ظهور اللّفظ فى اطراد التكليف
فى حال الجهل وبالجملة مجرّد احتمال مداخلة قوّة الظنّ فى البراءة لا مجال لوجوب
الاحتياط به بناء على وجوب الاحتياط فى باب الشّك فى المكلّف به والكلام فى باب
الجاهل القاصر موكول الى بحث التقليد ايضا وقد حرّرنا الكلام فيه فى محلّه ومقتضى كلمات السّيّد السّند العلى فى اوائل كتاب
القضاء اختصاص حجية مطلق الظنّ بالظّان المخصوص اعنى المجتهد المطلق وصرّح بانه من
باب الظنّ المخصوص والغرض منه انما هو الخصوصيّة باعتبار خصوص الظّان والأوجه ان
يقال انّ غرضه ان الظنّ المطلق فى نفس الأحكام ظنّ مخصوص فى قبال الظن فى
الموضوعات من حيث التحصّل بناء على عدم حجيّة الظنّ فيها ولعله المشهور وياتى
الكلام فيه وكذا الموضوعات من حيث الاستنباط وضعا بناء على عدم حجيّة مطلق الظنّ
فيها كما ياتى من السّيّد السّند المذكور ثبت حجيّة للمجتهد المطلق كالاسباب فى
الموضوعات نحو اليد وغيرها ويمكن ان يكون غرضه من الخصوصيّة بالنّسبة الى الإطلاق الحقيقى لكن كلامه صريح فى كون
الغرض هو الخصوصيّة فى قبال الظنّ فى الموضوعات من حيث التحصّل لقوله بعد ما ذكر
من تصريحه بان ظنّ المجتهد المطلق من باب الظنّ المخصوص كسائر الظّنون المخصوصة من
ظواهر الكتاب والسّنة المستفيضة والانساب والسّوق واليد وغيرها لكنّه يبتنى على
خروج الظّنون اللفظيّة المتعلّقة بالدّلالة اعنى الظنّ فى الموضوعات من حيث
الاستنباط دلالة كالظّواهر المذكورة عن مطلق الظنّ المتنازع فيه وكذا يبتنى على
اشتراط الظنّ فى السّوق وامّا الأنساب فالظّاهر ان الغرض اعتبار الظنّ فيها بتوسّط
الاستفاضة فى مقام الشّهادة فانه المعنون فى الفقه فى كتاب الشّهادات لكنّه جرى
على عدم كفاية الظنّ ونقل اقوالا ثلاثة لزوم العلم وكفاية الظنّ المتاخم للعلم
وكفاية مطلق الظنّ لكن يتاتى الكلام ايضا فى كفاية الظنّ فيها بواسطة الاستفاضة فى
جواز القضاء بالمستفيض وكذا فى ترتيب الآثار ممّن سمع بالاستفاضة وللكلام فى
المقام مقام آخر وامّا اليد فلا اشكال فى اعتبار الظنّ المستفاد منها بالملكيّة
وقد ادّعى السّيد السّند المذكور الاجماع بل الضّرورة عليه لكن يتاتى الكلام فى
عموم اعتبار دلالة اليد على الملكية لصورة عدم حصول الظنّ منها بالملكية وكذا
يتاتى الكلام فى جواز الشّهادة باليد على الملكية ولو فى صورة افادة اليد للملكيّة
وللكلام فهما محلّ آخر ايضا وينافى ما ذكره السّيّد السّند المذكور هنا فى باب
الانساب واليد ما ذكره من ان العلّة فى حجيّة شهادة العدلين ليست هى افادة المظنّة
بل انّما هى من جملة الاسباب الشّرعية كاليد والانساب ونحو ذلك حتّى انّها لو لم
تفد مظنة بالكليّة لكانت حجّة ايضا بلا شبهة والظّاهر بل بلا اشكال ان مقصوده من
حجيّة ظواهر الكتاب والسّنة انما هو حجيّتها بالنّسبة الى المجتهد المطلق كيف لا
وقد منع عن ثبوت حجيّة ظن المتجزّى ببعض الاخبار يعنى مقبولة عمر بن حنظلة لكونه
من باب اثبات الظنّ بالظن لكن ذلك مناف للسّوق اعنى التّمثل بالسّوق والانساب وهو
انّما قد جعل مورد النزاع ظن المجتهد المطلق ومنع عن حجيّة ظن المتجزّى نظرا الى
عدم قيام مقدّمات دليل الانسداد فى حقّه من بقاء التكليف بالاحكام الشّرعية
وانسداد باب العلم اليها وعدم جواز التكليف بما لا يطاق فعدم اعتبار العلم بمظنته
واعتبار العلم ح يستلزم امّا ارتفاع التكليف او التّكليف بما لا يطاق وهما بديهيّا
الفساد ولا اجماع فى المتجزّى لمكان الخلاف ولا اعتبار ايضا لعدم اجتماع المقدّمات
الثلث له جميعا من حيث عدم صحّة دعواه انسداد باب العلم فى المسألة الّتى يجتهد
فيها بعد اطباق الكلّ واعترافه ايضا بقصوره واحتمال ظهور خلاف ظنّه بتتبع مدارك ما
عداها وكذا دعواه عدم التكليف بما لا يطاق فى حقّه لانّه فى وسعه وطاقته تحصيل
المعرفة بالمدارك كلّها فكيف يقول لا يكلّفنى الله تعالى بما لا يطاق فى المسألة
الّتى انا فيها اقول كما انّ المقطوع به عدم جعل الطّريق للمجتهد المطلق كما يظهر
ممّا ياتى فكذا المقطوع به عدم جعل قول المجتهد المطلق طريقا للعامى البحث فضلا عن
المتجزى وغاية الامر رجحان قول المجتهد المطلق فى حقّ المتجزّى فى نظره لو ثبت
رجحانه فى حقّه فى نظره وياتى كونه
__________________
مرجوحا فى نظره بحسب المطابقة مع الواقع بل بحسب الاعتبار ولا يلزم على
المتجزّى العمل بالظّن المذكور لعدم قيام دليل على اعتباره ومع ذلك المدار فى
انسداد باب العلم فى حق المجتهد المطلق على الانسداد بالنّسبة الى مجموع العبادات
والمعاملات كما يظهر ممّا ياتى لا الجميع اعنى ما يستنبطه المجتهد المطلق ولا فرق
فى ذلك بين المجتهد المطلق والمتجزّى ولعلّ منشأ كلامه الغرور عن ظاهر كلام صاحب
المعالم حيث ادّعى انسداد باب العلم بالاحكام الشّرعية اذ مقتضاه قضيّة عموم الجمع
المعرّف باللام انسداد باب العلم بالنّسبة الى جميع الاحكام الّا انّه مبتنى على
دعوى عدم وقوع التّواتر فى الاخبار كما صرّح به فى اثناء الاستدلال بدليل الانسداد
او دعوى امتناع الاجماع فيما بعد زمان الشّيخ دون زمان الشّيخ وما قبله او غيره من
الوجوه المحتملة فى كلامه كما ياتى بل يمكن ان يقال انّه يدور الامر فى حق
المتجزّى بين الاحتياط والتّخيير والتقليد والعمل بظنّه لكن الاوّل لا يتمّ وجوبه
بناء على حكومة اصالة البراءة فى باب الشكّ فى المكلّف به مع انّه لو امكن
الاحتياط لا يطرّد امكانه على ان مقتضى ما ياتى وجوب العمل بظنّه وهو دليل
اجتهادىّ لا يبقى مع وجوده وجوب الاحتياط ولو امكن مضافا الى ما يقال من انّه يحكم
العقل بانتفاء العسر المترتّب على الاحتياط فى المقام ولو قلنا بعدم حكم العقل
بانتفاء مطلق العسر فلا حاجة الى التمسّك بالآيات والاخبار فى نفى العسر والحرج فى
المقام لعدم صحّة استناد المتجزّى اليها لعدم خروج مفاد الآيات والاخبار عن الظنّ
والثانى خلاف الاجماع بل من امكن له الاجتهاد لا يجوز له التقليد الّا ان يقال
انّه فى حقّ المجتهد المطلق بل الاظهر جواز التقليد للمجتهد المطلق فيما لم يجتهد
فيه كما حرّرناه فى محلّه مضافا الى ان التّخيير تستلزم التّسوية بين الرّاجح
والمرجوح فكيف ظنّك بالثّالث اعنى التقليد فانّه يستلزم ترجيح المرجوح على الرّاجح
فيتعيّن الاخير اى يتعيّن للمتجزّى العمل بظنّه مع انّ مظنون المتجزّى مظنون
المطابقة مع الواقع عنده كما هو ظاهر وكذا مظنون الاعتبار النّقل الشّهرة على وجوب
العمل بظنّه فقول المجتهد المطلق مرجوح عنده من حيث المطابقة مع الواقع وكذا من
حيث الاعتبار فالتقليد للمتجزّى يستلزم ترجيح المرجوح من وجهين على الراجح من
وجهين فيتعيّن العمل بظنّه هذا ولو لم يتمكّن المتجزّى من اثبات حجيّة ظنّه بالعلم
ولو لم يمكن للمجتهد المطلق ارشاده المفيد بان يحصل له العلم لقوله بعدم حجيّة ظنّ
المتجزّى او قصور المتجزّى فامّا ان يكون المتجزّى قد استنبط احكاما فرعيّة او
استنبط ايضا حجيّة ظنّ المتجزّى بالاثبات او النّفى وعلى التّقادير اما ان يقول
المجتهد المطلق بحجيّة ظنّ المتجزّى او يقول بعدم حجيّته فالاقسام ستّة فعلى الاول
ان كان المجتهد المطلق يقول بعدم حجيّة ظن المتجزّى فلا اشكال فانه يفتى للمتجزّى
بوجوب التقليد عليه فى المسائل الفرعيّة المستنبطة وان كان يقول بحجيّة ظنّ
المتجزّى فهو يفتى له بوجوب عمله بظنّه فى المسائل المشار اليها اى التقليد فى
المسائل الفرعيّة او يفتى له بالتقليد فى المسائل الاصولية اعنى حجيّة ظنّ
المتجزّى او يفتى له بالتّخيير بين التقليد فى المسألة الاصوليّة والتقليد فى
المسائل الفرعيّة الّا ان يقال ان التقليد فى المسألة الأصوليّة يستلزم التركّب من
الاجتهاد والتقليد وهو خلاف الاجماع والتّخيير ايضا خلاف الاجماع فالتقليد فى
المسألة الأصوليّة خلاف الاجماع لكن نقول انّ كون التقليد فى المسألة الاصوليّة
خلاف الإجماع غير ثابت كيف لا وقد عدّه فى المعالم غير معروف بل عن بعض المحققين
من الأواخر القول به اعنى التقليد فى المسألة الاصوليّة اى حجيّة ظنّ المتجزّى
ومخالفة التّخيير للإجماع غير غير ثابتة ايضا كيف لا ولا تصريح فى كلماتهم بعدم
جوازه مع انّه ليس اشدّ وابعد من التقليد فى المسألة الاصوليّة وقد سمعت انّه قد
عدّه فى المعالم غير معروف وعن بعض المحقّقين القول به مضافا الى انّه لا وثوق لى
بتتالى الفتاوى غالبا فضلا عن انّه ربما يقال انّ حجيّة ظن المتجزّى على القول بها
من باب الرّخصة لا العزيمة ومرجعه الى التخيير المذكور نعم الأحوط ان يفتى بوجوب
التقليد فى المسائل الفرعيّة وعلى الثانى فان كان المجتهد المطلق يقول بعدم حجيّة
ظنّ المتجزّى فلا اشكال ايضا سواء قال المتجزّى بحجيّة ظنّه لكن يتاتى الاشكال فى هذه الصّورة لو قال المجتهد
المطلق مع قوله بعدم حجيّة ظنّ المتجزّى كما هو المفروض بعدم جواز التقليد مع
الظنّ بالخلاف وقال المتجزّى بحجية ظنّه مع انحصار المجتهد فى المجتهد المطلق
المذكور او كونه اعلم ممّن عداه مع وجوب تقليد الاعلم وامّا لو قال المجتهد المطلق
بحجيّة ظنّ المتجزّى فان كان المتجزّى يقول بعدم حجيّة ظنّه فلا بدّ للمجتهد
المطلق من ان يفتى له بوجوب التقليد فى المسائل الفرعيّة اذ التقليد فى المسألة
الاصوليّة يلزم من وجودها لعدم محال لاستلزامه الوجود والعدم وان كان المتجزّى
يقول بحجيّة ظنّه فلا بدّ للمجتهد المطلق من ان يفتى له بوجوب العمل بظنّه
__________________
فى المسألة الاصولية ثم العمل بظنّه فى المسائل الفرعيّة لو قلنا بجواز
التقليد فى المسألة الاصوليّة لكن الاخير لا حاجة فيه الى التقليد بل يكفي فيه
التقليد فى المسألة الاصوليّة والتقليد فى المسائل الفرعيّة لو لم نقل بكونه خلاف
الاجماع والا فيفتى له بوجوب التقليد فى المسائل الفرعيّة او يفتى له بالتخيير بين
التقليد فى المسألة الاصولية وايضا لا اشكال فى اختصاص النّزاع بزمان انسداد باب
العلم من اعصار الغيبة بل الغيبة الكبرى قضاء لحق الاستناد الى دليل الانسداد لكن
يطرد الكلام فى المقام فى زمان انفتاح باب العلم بالنّسبة الى امكان الانسداد لبعد
المسافة عن التشرّف بالحضور كما هو الحال بالنّسبة الى اكثر اهل اعصار الحضور فان
البعد مكانا كالبعد زمانا لكن المدار فى الانسداد مكانا على ما هو المدار فى
الانسداد زمانا كما ياتى اعنى انسداد باب العلم بالنّسبة الى مجموع الصّلاة مثلا
وان انسدّ باب العلم بالنّسبة الى ابعاض اجزائها وشرائطها وموانعها فى الغالب بل
الاغلب وان قلت انّه لا باس بعموم النّزاع لمن لم يتمكّن من تحصيل العلم فى اعصار
الحضور لصدق انسداد باب العلم بالنّسبة الى من لم يتمكن من تحصيل العلم فى اعصار
الحضور قلت انّ كلماتهم لا تشمل ذلك بعد فرض صدق انسداد باب العلم مع ان الغرض من
انسداد باب العلم انّما هو الانسداد حقيقة لا بالاضافة بل لعلّ الغرض عدم وجود
ارباب العصمة من النّبى صلىاللهعليهوآله والائمة عليهم السّلم حيث انّهم ابواب العلم ويمكن انّ
يقال انّ حصول العلم فى زمان الانفتاح بالنّسبة الى المشافهين ايضا قليل بناء على
ما هو المشهور من عدم حصول العلم بالنّسبة الى مداليل الالفاظ لعدم حصول العلم
بالنسبة اليها الّا فى صورة قيام القرينة وقوتها بحيث توجب العلم بالمدلول وهو
قليل لكن ذلك غير منصور وقد حرّرنا الحال فى محلّه وايضا اصل الكلام فى المقام
انّما هو فى الظن بالحكم الفرعى واما الظن باصول الدين فالكلام فيه موكول الى بحث
التقليد ونأتي بالكلام فى الظن فى اصول الفقه فى بعض التنبيهات وايضا الكلام فى
باب الظّن بالصّدور يتعلّق بالكلام فى تذكية الرّواة وقد حرّرنا الكلام فيها فى
رسالة منفردة وكذا فى البشارات والرّسالة المعمولة فى تصحيح الغير وايضا الظن
بالحكم الفرعى يستند تارة الى القول وهو الغالب واخرى الى الفعل وثالثة الى
التّقرير والكلام فى الاوّل موكول الى ما ياتى من الكلام فى الظّن بالدلالة والظّن
فى كلّ من الأخيرين يتاتى الكلام فى حجيّته لكن قد ادّعى غير واحد الاجماع على
حجيّة الظّن فى اوّلهما المقدّمة الخامسة انّه يتاتى الكلام فى المقام تارة فى
مقام الاجتهاد واخرى فى مقام العمل بعد التوقف فى مقام الاجتهاد امّا المقام الاول
فالنّزاع فى المقام اعنى مقام الاجتهاد يرجع الى انّ الله سبحانه هل جعل لنا ظنّا
من الظنون الخاصّة طريقا تعبّديا للاحكام ينفع حين انسداد باب العلم باختصاصه بحال
الانسداد وعمومه لحال الانفتاح اوّلا الظّاهر انّ ارباب الظنون المخصوصة يدعون
الأوّل وبه صرّح بعضهم وارباب مذاق الاطلاق ينكرونه ويقولون بالثّانى والقول
الاوّل لا يتم الّا باقامة ما يفيد حجيّة الظّنون المخصوصة وعمدتها خبر الواحد من
حيث انّها هى وبعبارة اخرى من حيث الخصوصيّة والّا فلو دلّ الدّليل على حجيّة خبر الواحد
فى الجملة اى على وجه التردّد بين حجيّته من حيث الخصوصيّة وحجيّته من حيث مطلق
الظن لا يثبت كون الظّن المتحصّل بخبر الواحد ظنّا مخصوصا تعبّد به الشّارع فى
الطّريق للاحكام قضيّة التردّد المفروض واناطة ثبوت جعل الطّريق بثبوت كون الحجيّة
من حيث الخصوصيّة فلا باس بان يكون مطلق الظّن طريقا للاحكام لكن نصّ الشّارع على
حجيّة بعض افراد الظن لا من حيث الخصوصيّة بل من حيث اعتبار النّوع الّا ان
الاطلاق المشار اليه غير الإطلاق الّذى يقول به القائل بحجيّة مطلق الظن اذ الاوّل
من باب الدليل الاجتهادى الواقعىّ الأولى المتنجز والثّانى من باب الدّليل العملى
اذ مقتضاه حجيّة الظّن بالنّسبة الى الجاهل بالطّريق ومن هذا انه لو ثبت جعل
الطّريق فلا مجال للقول بذلك بخلاف الاوّل فانّ لمدار فيه على حجيّة الظنّ من باب
الواقعىّ الاولى المتنجّز اى الغير المعلّق على شيء وان امكن دعوى دلالة مفهوم آية
النّبأ على حجيّة خبر العدل من حيث كونه فردا من افراد الظنّ كما ادّعاه المحقق
القمّى فى بعض كلماته كما ياتى لكن لا مجال للتمسّك بذلك على حجيّة مطلق الظّن
للزوم الدّور كيف لا وقد جرى ارباب القول بعموم العلّة على ان العلّة فى حرمت
الخمر لاسكارها مثلا هى مجرّد الاسكار من دون مداخلة خصوصيّة الخمريّة مع اضافة
الاسكار الى الخمر بل جعل العلّامة فى النّهاية النّزاع فى عموم العلّة مخصوصا
بذلك واخرج نحو حرمت الخمر للاسكار عن مورد النّزاع نعم ما ذكر بمعاونة مقام
التّعليل وعلى ما ذكرنا يجرى الامور العرفيّة مثلا لو اظهر زيد محبّة بالنّسبة الى
زيد العالم فهذا يمكن ان يكون من جهة خصوصيّة فى العالم المشار اليه ويلزم به عدم
محبّة غيره من اهل العلم لبعض الغير او مجرّد عدم الحبّ الّا انّه يمكن ان يتفق
خصوصيّة اخرى فى عالم آخر يقتضى اظهار المحبّة ويمكن
ان يكون اظهار المحبّة المذكورة من جهة محبّة مطلق العالم فاظهار المحبّة
بالنّسبة الى العالم المشار اليه من باب اظهار المحبّة بالنّسبة الى نوع العالم
فلا دلالة فى ذلك على محبّة العالم المشار اليه من حيث الخصوصيّة وايضا قد يركب
شخص مركوبا مع جماعة من الخدام فقد يعظمه بعض من جهة خصوصيّة فى الراكب المشار
اليه وهذا البعض لا يعظم احدا غير الراكب المشار اليه وهذا البعض لا يعظم احدا غير
الراكب المشار اليه الا لخصوصيّة اخرى وقد يعظم بعض الراكب المشار اليه من جهة
الركوب والاقتران بالخدام وهذا يعظم كل شخص غير الراكب المشار اليه موصوف بالركوب
والاقتران بالخدام لا محالة ومن هذا انه لا دلالة فى تعظيمه على الاخلاص بالاختصاص
ونظير ما ذكرنا فى دليل حجيّة خبر الواحد انّه لو وقع الكلب فى المملحة وصار ملحا
فمعروض النجاسة بملاحظة ما دل على نجاسة الكلب يمكن ان يكون هو مصداق الاسم ويمكن
ان يكون المعروض المذكور هو الاجزاء الباقية فى الاستحالة الى الكلب اذا المفروض
ان الامر من باب الانقلاب لا الايجاد بعد الانعدام بلا ارتياب والظّاهر الاوّل لكن
اثبات الشيء لا يقتضى نفى ما عداه فى جانب الطّول كما لا يقتضى نفى ما عداه فى
جانب العرض قضيّة عدم اعتبار مفهوم اللّقب ومن هذا جريان الاستصحاب فى باب
الاستحالة فيطّرد النجاسة فى استحالة الكلب الى الملح بالوقوع فى المملحة نعم
القول بعموم الموضوع بكون معروض النّجاسة هو الاجزاء الباقية فى حال الاستحالة
خلاف الظّاهر فاطراد النّجاسة بحكم الاصل العملى اعنى الاستصحاب لا بالدّليل
الاجتهادي وقد حرّرنا الكلام فى الباب فى البشارات وكذا فى الرّسالة المعمولة فى
بقاء الموضوع فى الاستصحاب ففى مقامنا يمكن اطراد حجية الظنّ فى جانب العرض كما
يمكن اطّراد النجاسة فى باب الاستحالة فى جانب الطّول وكما لا يكون دليل نجاسة
الكلب وافيا بعدم اطّراد النّجاسة فى الملح الّذى تبدّل اليه الكلب كذا لا يكون
دليل حجيّة خبر الواحد كافيا فى عدم اطّراد حجية الظّن دالّا على عدم الاطّراد كما
لا يكون كافيا فى اطّراد حجيّة الظّن دالا على اطّراده نظير ما يقال فى لسان
العوام ان ورود ورد لا يدل على مجيء الرّبيع نعم بناء على كون حجيّة خبر الواحد من
حيث الخصوصيّة يكون معروض الحجيّة هو الفرد وامّا بناء على كون الحجيّة من جهة
مطلق الظنّ يكون معروض الحجيّة هو نفس الطبيعة ولهذا يختلف موضوع الحجيّة ولا تكون
الظّنون المخصوصة هى القدر المتيقن فى الحجيّة كما يتوهّم كيف لا ومن جوّز اجتماع
الامر والنّهى يقول باختلاف موضوع كل من الوجوب والحرمة بان موضوع الوجوب هو
الماهيّة والفرد غير موصوف بالوجوب والحرمة ويرشد الى ما ذكرنا ان المحقق القمّى
قد منع فى طائفة من كلماته عن حجيّة بعض الظنون المخصوصة من حيث الخصوصيّة واحتمل كون
الحجيّة من جهة مطلق الظنّ حيث انّ مقتضاه انّه يلزم على القائل بحجيّة الظّنون
الخاصّة اثبات حجيتها من حيث الخصوصيّة وممّا ذكرنا من احتمال الوجهين فى حجيّة
خبر الواحد اعنى الحجيّة من حيث الخصوصيّة والحجيّة من حيث مطلق الظنّ وبعبارة
اخرى عدم منافات قيام الدّليل على حجية بعض الظّنون مع حجيّة مطلق الظنّ ان صاحب
المعالم مع الاستدلال بآية النّبإ وغيرها بنى على حجيّة مطلق الظنّ كما هو مقتضى
كلامه فى جواب السّيّد على عدم حجيّة خبر الواحد بل هو مقتضى استدلاله بدليل
الانسداد بناء على اقتضائه القول بحجيّة مطلق الظنّ كما هو المعروف بل ربما يمكن
استفادة كون اظهار حجيّة خبر الواحد من جهة مطلق الظنّ من الخارج كما انّه يمكن
استفادة كون اظهار المحبّة من زيد بالنّسبة الى العالم فى المثال المتقدّم من جهة
المحبّة المطلق العالم من الخارج فعلى هذا لا اجمال فى الباب لفرض ظهور حجيّة مطلق
الظنّ وكذا ظهور محبّة مطلق العالم من الخارج بخلاف الحال فيما سبق على ما ذكر من
فرض الاستفادة فان الامر فى مجال الاجمال عرضا كما انّ الحال فى باب الكلب
المستحال الى الملح فى مجال الاجمال طولا وربما حكم المحقق القمّى ره عند الكلام
فى جواز تقليد الميّت كما مرّ بانه كان الشّارع اذا قال اعمل بخبر الواحد انّما
اراد العمل بالظّن لا بالظّن الحاصل من خبر الواحد لانّه خبر وهذا ممّا يحتاج فهمه
الى لطف قريحه ثاقبة مرتاضة ومقتضاه انه لا اجمال فى دليل حجية خبر الواحد مثل آية
النّبأ من جهة التردّد بين كون حجيّة خبر الواحد من حيث الخصوصيّة وكون حجيّته من
حيث حجيّة مطلق الظنّ الّا انه لا يمكن اتمام هذا المرام واستفادة هذا الوجه
فى المقام من نفس الكلام بل لا بدّ من اعانة الخارج وينشرح الحال حق الانشراح فيما
سمعت من عدم دلالة الدّليل على حجيّة خبر الواحد على حجيّة من حيث الخصوصيّة بما
ياتى فى المقدّمة اللاحقة والقول الثانى اعنى القول بحجيّة مطلق الظنّ انّما يتاتى
بانكار دلالة مثل انّه النّبأ على حجيّة خبر الواحد راسا كما قيل من انّ
__________________
خروج المورد فى آية النبأ قضيّة الورود فى باب ارتداد بنى المصطلق وعدم
اعتبار خبر الواحد فى الارتداد يوجب عدم صحّة التمسّك بعمومه بحجيّة خبر الواحد او
بانكار الدّلالة على حجيّة خبر الواحد من حيث الخصوصيّة او بانكار الاوّل وانكار
الثّانى على فرض تسليم الاوّل من باب المماشاة ولا خفاء فى انّه لا يجدى فى المقام
فى اثبات حجيّة خبر الواحد تعبّدا كونه راجحا من جهة كونه هو القدر المتيقن فى
الحجيّة لا يتمكن من اثبات رجحانه فى اللّياقة لجعله طريقا مخصوصا كيف لا والتمسّك
بالقدر المتيقّن فى جميع الموارد بعد التوقف فى مقام الاجتهاد مثلا فى باب انصراف
المطلق الى الفرد الشائع والقول بلزوم الاخذ بالفرد الشائع احتياطا من باب
التيقّن فى الارادة وان زيّفناه بعدم كفاية التيقن فى الارادة فى الاحتياط
واستدعاء الاحتياط التيقّن فى الامتثال نعم يمكن الترجيح بقوّة الظنّ لو ثبت كونها
ملحوظة عند الشّارع لكن قيل قد وجدنا تعبّد الشّارع بالظن الاضعف وطرح الاقوى فى
موارد كثيرة بل التّرجيح بدلالة الحجيّة على الحجيّة من حيث الخصوصيّة من المرجّح
الاجتهادى بلا شبهة لو ثبت الدلالة فتدبّر فى المرجحات فى باب ترجيح الظّنون
الخاصّة وقد ظهر لك بما سمعت ان المرجّحات المشار اليها بين المرجح الاجتهادى
والمرجّح العملى وهى مبنية على الخلط بين المرجّح الاجتهادى والمرجّح العملى لو
ثبت ذكر جميعها من ارباب الظنون الخاصة والمنشأ عدم اتقان اصل المقصود والخلط وان
قلت ان الظّاهر من آية النبأ منطوقا ومفهوما مثلا اعتبار خبر الواحد من حيث
الخصوصيّة فيثبت جعل الطّريق قلت اولا ان الظّهور ممنوع بل لو فرضنا ثبوت عدم
اعتبار ما عدا خبر الواحد نقول انّه لا يثبت كون اعتبار خبر الواحد من حيث اشتراط
الطّبيعة بالخصوصيّة ووجود الشرط فى خبر الواحد وبعبارة اخرى لا يثبت كون اعتبار
خبر الواجد من حيث الخصوصيّة لاحتمال كون عدم اعتبار ما عدا خبر الواحد من جهة
وجود المانع لا انتفاء الشرط اعنى خصوصيّة خبر الواحد فيه فيحتمل ان يكون اعتبار
خبر الواحد من جهة اعتبار طبيعة الظنّ وان يكون اعتباره من جهة وجود الشّرط المضاف
الى الطبيعة اعنى الخصوصيّة فعلى من يقول بثبوت جعل الطّريق اثبات كون اعتبار خبر
الواحد من جهة وجود الشّرط وياتى نظير ذلك فى باب التقليد وان قلت ان الظاهر فى
الفرض المذكور كون اعتبار خبر الواحد من جهة وجود الشّرط قلت ان الظهور ممنوع
مضافا الى ما يظهر مما ياتى وثانيا انّه يمكن دعوى ان الظّاهر كون الغرض اعتبار
خبر الواحد من حيث الطبيعة كما سمعت من المحقّق القمّى وقد سمعت موارد ممّا علق
فيه الحكم على الفرد والمدار على الطّبيعة وكذا سمعت الحال فى القياس المنصوص
العلة والاستقراء وثالثا انّ ظاهر اطلاقات الكتاب لا اعتبار به قضيّة ورودها مورد الاجمال
لعدم اعتبار ظهورها بعد الورود مورد الاجمال مضافا الى عدم اعتبار شمولها فى دفع
الجزئيّة والشرطية والمانعيّة للواجب وكذا دفع اشتراط الوجوب بشيء بناء على عدم
اعتبار وجوب الواجب المشروط قبل تحقق الشّرط ومن ذلك عدم دلالة آية الوضوء على كون
وجوبه نفسيّا وكذا عدم اعتبار تلك الاطلاقات فى اثبات التخيير ورابعا ان التمسّك
بالآية ونحوها على اصل اعتبار حجيّة خبر الواحد فى الاحكام الشّرعية مبنىّ على
صحّة التمسّك باطلاقات الكتاب وقد سمعت حالها وخامسا ان التمسّك بآية النبأ ونحوها
مورد الايراد كما حرّر فى محله فلا يتم التمسّك بها وبنحوها وسادسا ان التمسّك
بالآية ونحوها فى مقام الاجتهاد فلا بدّ من اثبات حجيّة الظهور المذكور بظن ثبت
حجيّة بالخصوص من حيث الخصوصيّة او بالعلم ولا سيّما مع نقل الاتفاق من بعض الفحول
على حجيّة مطلق الظن ونقل كونها من طريقة الفقهاء من المحقّق القمّى فلا يمكن
اثبات حجيّة الظن المذكور بظن ثبت حجيّة فى الجملة وسابعا انّ العمدة فى اثبات
حجيّة خبر الواحد انّما هى طريقة الصّحابة كما ذكره السّيّد السّند النّجفى مع
اصراره فى حجيّة الظّنون الخاصّة وليس طريقة الصّحابة الّا من باب الجبلّة
واستقرار طريقة النّاس بالعمل بالظّن فلا جدوى فى دعوى الظهور المذكور وثامنا انه
كيف بجعل الله سبحانه طريقا لاستخراج الاحكام ويحمل الحال الى آية النبأ الواردة
فى واقعة بنى المصطلق مع عدم حجيتها فى موردها وهو الاخبار بالارتداد وكذا الحال
فى اظهار الطّريق من الائمة عليهم السّلم فى باب الرّجوع فى الاحكام الى بعض
الرّواة وايم الله سبحانه وانّه لقسم لو تعلمون عظيم انّه لو جعل طريق لاستخراج
الاحكام لاشتهر غاية الاشتهار وظهر ظهور الشّمس فى رابعة النّهار وتاسعا انّ من
المقطوع به انّه لم يجعل طريق لاستخراج الاحكام من الاعتقاد او غيره فى سائر
الشّرائع ايضا وان كنت فى ريب من ذلك فاسئل علماء اليهود
__________________
والنّصارى وعاشرا انّه لم يجعل احد من بدو الخلقة الى يومنا هذا ولا يجعل
الى يوم القيمة احد من الموالى للعبيد ولا احد من المطاعين للمطيعين طريقا من
الاعتقاد او غيره لاستخراج المقاصد ولو كان الاطاعة مقتضية لجعل الطريق لجعل
الموالى والمطاعون طريقا للعبيد والمطيعين بل اختلف الطّريق المجعول من الموالى
والمطاعين على حسب اختلاف المذاق والسّليقة فمن ذلك ينكشف انّ طريقة الله سبحانه
ايضا لم يكن على جعل الطّريق كيف لا ولا يرضى العقل باختصاص الله سبحانه بجعل
الطّريق فى مقام الاطاعة مخالفا لطريقة المطاعين من عبيده ولا سيّما مع قوله
سبحانه وما ارسلنا من رسول الّا بلسان قومه حيث ان مقتضاه كون طريقة الله سبحانه
مع الناس هو المماشاة معهم بطريقتهم وحادى عشرا انّه لو كان البناء من جانب الله
سبحانه فى هذه الشّريعة او سائر الشّرائع على جعل الطّريق من باب الاعتقاد او غيره
لامر النّبى صلىاللهعليهوآله وكذا سائر الانبياء على نبيّنا وآله وعليهم السّلم
أمّتهم بالامساك عن العمل بالاحكام حتى يتبيّن لهم الطّريق وبالله من سواد سوداء
خيال الجعل انى اعظكم ان تقوموا لله مثنى وفرادى ما بصاحبكم من جنّة وثانى عشر ان
جعل الطريق فى هذه الشّريعة او فى سائر الشّرائع يقتضى الاغماض عن الواقع وهو يشبه
التصويب وهو مقطوع العدم فى هذه الشّريعة وكذا فى سائر الشّرائع وكذا جعل الطريق
من المطاعين للمطيعين يقتضى اغماض المطيعين عن الواقع وهو ايضا مقطوع العدم
وبالجملة ليس طريقة الشّريعة فى استخراج الاحكام الّا الطّريقة المتعارفة بين
الناس من بدو الخلقة الى يوم القيمة فى استخراج المطيعين مقاصد المطاعين وان قلت انّ
مفهوم آية النبأ مثلا لا بدّ من حمله على كون الغرض اعتبار خبر الواحد من حيث
الخصوصيّة لوجهين احدهما نقل الاجماع من العلّامة على عدم جواز العمل بالظّن مع
امكان العلم فى قوله الاجماع واقع على ان تسويغ العمل بالظن مشروط بعدم العلم
والآخر قبح ترجيح المرجوح على الرّاجح قلت كلا من الوجهين مورد الايراد امّا الاول
فبعد ما يظهر ممّا مرّ فاولا لان نقل الاجماع من العلّامة بعد اعتبار الاجماع
المنقول وبعد قصور العبارة المذكورة لظهور العلم فى العلم بالفعل ولا معنى لدعوى
عدم جواز العمل بالظّن مع قيام العلم بما يخالف الظّن كما هو المقصود لاستحالة
الظّن مع قيام العلم بما تخالف الظّن او بالعلم بما يوافق الظّن او الاعم وكذا
الحال فى نقل الاجماع على ذلك فلا بدّ من حمل العلم على العلم بالقوّة اى امكان
العلم مع تخصيص العلم بالعلم بما يخالف الظّن معارض بما نقله المدقق الشّيروانى من
انّ الظّاهر من الاصحاب وغيرهم من الاصوليّين جواز اتباع الظّن فى الفرعيّات وان
لم يحصل النّاس من اليقين بل ولو ظنّ امكانه وهذا الاجماع المنقول مقدّم على ذلك
الاجماع المنقول اعنى الاجماع المنقول فى كلام العلّامة بعد اعتبار الظّن فى
الاصول ويوهنه بعد اعتبار ذلك وثانيا انّ اعتبار الاجماع المنقول فى كلام العلّامة
مبنى على اعتبار الظّن فى الاصول واعتبار الاجماع المنقول وثالثا انه لا وثوق لى
بتتالى الفتاوى غالبا فضلا عن نقل تتالى الفتاوى وامّا الثّانى فاولا لانه اين
العمل بالظّن مع امكان العلم بالخلاف من ترجيح المرجوح على الرّاجح اذ المدار فى
ذلك على ترجيح المرجوح مع وجود الرّاجح لا ترجيح المرجوح مع امكان الرّاجح وثانيا
لان امكان العلم بالخلاف غير مطّرد اذ ربما يعلم المجتهد الظان بعدم تطرق العلم
بالخلاف له بمزيد الفحص او التّامّل وربما يعلم بتطرّق العلم بمؤدّى الظن فامكان
العلم بالخلاف انما يتمّ فى صورة احتمال المجتهد الظّان تطرق العلم بالخلاف وامّا
تجويز غير الظّان امكان العلم بالخلاف للظّان فى عموم الموارد فلا عبرة به الى م
اقول وحتّى متى قد اسفر الصّبح وارتفع الظّلام وتبيّن الخيط الابيض من الخيط
الاسود من فجر الحقّ فى المقام بعون الله الملك العلّام وامّا المقام الثانى
فالكلام فيه بعد التوقّف فى المقام السّابق فمن يقتصر هنا على العمل بالظنون
الخاصّة انّما يجرى على تلك الظّنون لكونها هى القدر المتيقن ومن يقول باعتبار
مطلق الظن انّما ينكر الترجيح او كفاية الرّاجح فالاقتصار على الظّنون الخاصّة هنا
شبيه بالقول بحجيّة الظّنون الخاصّة ونظيره انّه قد يحمل المطلق على المقيّد من
الظن بالتقييد وقد يؤخذ بالقيد من باب شبه التقييد لكون المقيّد ضعيف الدّلالة غير
صالح للتقييد فيؤخذ بالمقيّد من باب الاخذ بالقدر المتيقّن بل كلما كان الحكم
العملى مطابقا المحكم الاجتهادي فالحكم العملى شبيه بالحكم الاجتهادى وبعد ما مرّ
اقول ان القائل بحجيّة الظّنون متفقان على حجيّة الظّنون الخاصّة فالدّليل الدال على
حجيّة الظّنون الخاصّة بعد الدّلالة يكون دالا ما به الاشتراك ولا دلالة على ما به
الامتياز ولا شكّ فى ان الامتياز فى باب الظنون الخاصّة فى جهة الخصوصيّة والاطلاق
فانّ القائل بحجيّة
__________________
الظنون الخاصّة انما يقول بحجيتها من حيث الخصوصيّة والقائل بحجيّة مطلق
الظنّ انما يقول بحجيّتها من حيث الخصوصيّة والقائل بحجية مطلق الظن انّما يقول
بحجيّتها من حيث جهة مطلق الظنّ فالدّليل المشار اليه من باب الدّليل الاعمّ
فمجرّد قيام الدّليل على حجية الظنون الخاصّة لا يكفى فى القول بحجيّة الظّنون
الخاصّة فى مقام الاجتهاد ولا بدّ فيه من الدّلالة على الحجيّة من حيث الخصوصيّة
وبوجه آخر لا بدّ من احد امرين انحصار القائل بحجيّة مطلق الظن فيمن انكر دلالة
مثل آية النّبأ على حجيّة خبر الواحد فالنّزاع فى دلالة مثل آية النّبأ على حجيّة
خبر الواحد او لزوم اثبات الحجيّة من حيث الخصوصيّة بناء على اطراد القول بحجيّة
مطلق الظن فيمن قال بدلالة مثل آية النّبأ على حجيّة خبر الواحد لا مجال للقول
بالاوّل اذ بعد الاغماض عن وقوع القول بحجيّة مطلق الظنّ فمن قال بدلالة مثل آية
النبأ على حجيّة خبر الواحد لا باس بالقول بحجيّة مطلق الظنّ مع القول بدلالة مثل
آية النبأ على حجيّة خبر الواحد لا باس بالقول بحجية مطلق الظنّ مع القول بدلالة
مثل آية النبأ على حجيّة خبر الواحد لامكان القول بان المدلول هو الحجيّة فى
الجملة ولا باس باحتمال كون الغرض اظهار بعض افراد العام فح لم يثبت نصب الطّريق
باظهار حجيّة خبر الواحد اى لم يثبت نصب خبر الواحد طريقا الى الاحكام فلا بدّ من
التوقّف فى مقام الاجتهاد فى نصب الطّريق اعنى نصب خبر الواحد طريقا للاحكام
والمجيء الى مقام العمل وبوجه ثالث لو اعطى السّلطان بعض العلماء دنانير واحتمل
كون الاعطاء من جهة ميل السّلطان الى نوع العالم لكن قال بعض مخلصيه ان الاعطاء من
جهة ميل السّلطان الى خصوص البعض المشار اليه فلا خفاء فى انّه لا بدّ للمخلص
المشار اليه من اقامة الدّليل على كون الاعطاء من جهة ميل السّلطان الى البعض
المشار اليه بالخصوص ولا مجال للاستدلال بمجرّد الاعطاء لفرض كونه اعلم لفرض
احتمال كونه من جهة الميل الى نوع العالم وكون بروز الميل فى حقّ البعض المشار
اليه من باب البخت والاتفاق فلا محيص ولا مناص للقائل بحجيّة الظنون الخاصّة من
اقامة الدّليل على ما يدلّ على كون حجيّة تلك الظنون من حيث الخصوصيّة ولا يكفى ما
يدل على مجرّد حجيّة تلك الظنون كيف لا والقائل بحجيّة مطلق الظن يقول ايضا بحجية
تلك الظنون الا مثل الاستدلال بناء على سراية حجيّة طبيعة الظنّ الى الافراد ولبس
الاستدلال بما يدلّ على حجيّة تلك الظنون الا مثل الاستدلال من المخلص المتقدّم
على كون الاعطاء من جهة ميل السّلطان الى خصوص البعض الّذى وقع فى حقّه الاعطاء
وبوجه رابع اوجه لا بدّ للقائل بحجية الظنون الخاصّة من اقامة الدّليل على حجيّة
خبر الواحد وغيره من الظّنون الخاصّة ومثل آية النّبأ انما يدلّ على جواز العمل
بخبر الواحد واين هذا من اثبات الحجيّة لوضوح مغايرة العمل مع الحجيّة مع وضوح
اشتراك القائل بحجيّة مطلق الظنّ مع القائل بحجيّة الظّنون الخاصّة فى العمل بها
وبعد ما مرّ اقول انّه لا اشكال فى انّ جعل الطّريق المانع عن حجيّة مطلق الظنّ
بمعنى ثبوت حجيّة شيء طريقا الى الاحكام من حيث الخصوصيّة انّما هو جعل الطريق
الوافى بجميع التكاليف بحيث لا يبقى علم اجمالى بالتّكليف فى الموارد الخالية عن
الطّريق المجعول والّا فجعل الطّريق الى بعض الا حكام وجوده كعدمه لو علم اجمالا
بثبوت التكليف فى الموارد الخالية عن الطّريق المجعول ولا اشكال ايضا فى ان الطريق
لا يقتضى بمجرّده كونه الى جميع التّكاليف او الأحكام اذ المقصود الطّريق ما هو
المنبت للحكم كلا او بعضا وكيف كان فالجزاء الاخير من المانع عن حجيّة مطلق الظنّ
انما هو ثبوت لحجيّة من جهة الخصوصية ويتاتى الكلام تارة فى تحرير حال الجهة
المشار اليها واخرى فى ان ممانعتها عن حجيّة مطلق الظنّ من جهة المنطوق او المفهوم
امّا الأوّل فالجهة المشار اليها لا مجال لكونها عنوانا للذّات نحو ما يقال
الماهيّة من حيث هى هى لو كان الغرض اطلاق القيد لا التقييد بالاطلاق اى الكلّى
الطّبيعى لا الكلّى العقلى اذ لو كان عنوانا للذات فوجودها كالعدم فلا وجه للقول
بلزوم كون حجيّة الظنّ الخاصّ من حيث الخصوصيّة ولا مجال لكون تلك الجهة تقييديّة
للزوم تقييد الشيء بنفسه وهو غير جائز فتعيّن كونها تعليليّة بمعنى ان علّة
الحجيّة فى الظنّ الخاصّ هو نفس الخصوصيّة لا الطّبيعة الموجودة فيه وفى غيره وان
قلت كما لا يجوز تقييد الشيء بنفسه كذا لا يجوز تعليل الشيء بنفسه فلا يجوز كون
الجهة تعليلية قلت انّ فى باب الجهة التعليليّة انّما يعلّل الحكم بالذات لا الذات
بالذّات بخلاف التقييديّة فان فيها يلزم ان يقيد الذّات بنفس الذّات وامّا الثانى
فلا ريب ان الممانعة ناشية من جهة المنطوق قضية ابتناء حكم العقل بحجية مطلق الظن
من باب انسداد باب العلم على عدم جعل الطّريق من الظنّ الخاصّ او غيره فلو ثبت جعل
الطّريق اى قام الدّليل على حجيّة الظنّ الخاصّ
من حيث الخصوصيّة حيث ان الطريق المدّعى جعله هو الظنّ المخصوص فهو بنفسه
يمانع عن حجيّة مطلق الظن ونظير هذا انّ معارضة المقيّد مع المطلق انما هى من جهة
منطوق المقيّد بعد ثبوت وحدة المطلوب من الخارج ولذا لا يحمل المطلق على المقيّد
فى المستحبّات لعدم ثبوت وحدة المستحب وامكان كون الامر من باب المستحبّ فى
المستحبّ او قضاء العرف بالوحدة من دون حاجة الى ثبوت الوحدة من الخارج فيتاتى حمل
المطلق على المقيّد فى المستحبّات خلافا لمن زعم ان المعارضة ناشئة من مفهوم
المقيّد ولذا بنى على ان القول بعدم حجيّة مفهوم الوصف انّما هو فيما اذا لم يكن
مفهوم الوصف فى مقابل الظنّ وقد حرّرنا تفصيل الحال فى محلّه بل النّظير الاشبه
ممانعة وجود الدّليل على التكليف عن جريان اصل البراءة نعم لو ثبت دلالة الجهة
المشار اليها على عدم حجيّة مطلق الظنّ من باب المفهوم فهذا امر زائد على قدر
الحاجة ولما انحصر امر الحاجة فى كونها تعليليّة فالمفهوم من باب مفهوم العلة الّا
انّه يتاتى الكلام تارة فى اقتضاء الجهة عدم حجية الظنّ الخاصّ من حيث مطلق الظنّ
واخرى فى اقتضائها عدم حجيّة مطلق الظنّ وثالثه فى اقتضائها عدم اعتبار طريق آخر
من جهة خصوصيّة اخرى امّا الاوّل فغاية ما يقتضيه التّعليل عدم اعتبار الطّريق
المجعول اعنى الظّن المخصوص من جهة الظنّ ولا يقتضى عدم حجيّة مطلق الظنّ لكن لو
كان التّعليل فى مورد الاجمال فلا يقتضى عدم اعتبار الظنّ الخاص من جهة مطلق الظن
ولا منافاة بين اعتبار ظنّ خاص من حيث الخصوصيّة ومن حيث مطلق الظن وان قلت انه قد
ذكرت ان جعل الطريق يمانع عن حجيّة مطلق الظنّ فكيف تقول هنا بجواز كون الظنّ
الخاصّ حجّة من جهة الخصوصيّة وكذا من جهة مطلق الظنّ قلت انّ ما ذكرت من ان جعل
الطّريق يمانع عن حجيّة مطلق الظن فالغرض منه الممانعة عن حجيّة مطلق الظن بحكم
العقل من باب انسداد باب العلم من قبيل اصل البراءة وما ذكرت هنا انّما هو امكان
كون الظنّ الخاصّ حجة فى متن الواقع من جهتين كما هو الحال فى دعوى امكان كون ما
لو دلّ على حجيّة الظن المستفاد من خبر الواحد من باب اظهار بعض افراد العام فقد
بان حال الثّانى لكن يمكن ان يقال انّ عدم اعتبار الظن المخصوص من جهة الظنّ
يستلزم عدم اعتبار مطلق الظن وان لم يكن عدم اعتبار مطلق الظنّ مستفادا بقانون المفهوم
ويرشد اليه انّه لو كان لزيد ابناء وقال قائل لبعض الابناء اخلاصى بك ناش من ذاتك
لا من جهة كونك ابن زيد فيجزم اهل العرف بمنافاة ذلك المقال مع الاخلاص لسائر
الابناء من جهة النبوّة لزيد إلّا ان يقال انه لا باس يكون النبوّة لزيد مفيدة
للاخلاص فى ابن دون ابن نظير ان الفقر قد يوجب الاحسان وقد لا يوجب قال السّيّد
المرتضى فى عبارته المعروفة فى باب القياس المنصوص العلّة وهذا باب فى الدواعى
معروف فلا باس بوجود المانع فى البعض المشار اليه من الابناء يمانع عن اقتضاء
النبوّة لزيد للاخلاص فقد بان حال الثّانى من الظنّ او غيره واما الثالث فلا يقتضى
مفهوم التّعليل عدم اعتبار طريق آخر من الظن او غيره من جهة خصوصيّة اخرى كما لم
يقتض عدم اعتبار حجية مطلق الظن فيمكن ان يكون كلّ واحد من الظّنون التى لم يقم
دليل على اعتبارها نفيا واثباتا طريقا مجعولا من جهة خصوصيّة اخرى ولا يختلف الحال
مع حجيّة مطلق الظنّ الّا ان الاختلاف علمىّ كما انّه لا ثمرة فى حجية طريق آخر من
الظنّ او غيره من جهة خصوصيّة اخرى بعد فرض وفاء الطّريق المجعول والظنّ الخاصّ
بجميع التّكاليف الّا تعدّد الدّليل كما انّه لو فرض ثبوت حجيّة مطلق الظن فالحال
ايضا على هذا المنوال إلّا انه لا جدوى فى مجرّد امكان حجيّة طريق آخر من الظن او
غيره للزوم قيام الحجيّة على الحجيّة بل على تقدير عدم اعتبار اصالة عدم الحجيّة
فلا يجدى هذا فى المقام اذ الكلام فى المقام فى مقام الاجتهاد وثمرة حجيّة طريق
آخر من الظن او غيره من جهة خصوصيّته اخرى انّما هى تعدّد الدّليل ولو لم يقم
الدّليل على حجيّة طريق آخر من الظن او غيره من جهة خصوصيّة اخرى لا يكون الطّريق
الآخر فى عرض الطّريق المجعول حتّى يكون الامر من باب تعدّد الدّليل وربما يتوهّم
ان مقتضى مفهوم التّعليل عدم اعتبار طريق آخر من الظن او غيره من جهة خصوصيّة اخرى
وهو مدفوع بان مفهوم العلّة انما ينشأ من ظهور التّعليل فى انحصار العلّة بخلاف
العموم فانّه ينشأ من اصل التّعليل ولا ريب فى انّ فى نحو حرمت الخمر لاسكارها
يكون الظّاهر من التّعليل انحصار علّة الحكم فى مورد التّعليل فى العلّة المذكورة ولا
يقتضى التّعليل انحصار علّة الحكم فى غير مورد التّعليل فى العلّة المذكورة فمقتضى
مفهوم التّعليل فى المثال المذكور حليّة الخمر الغير المسكر ولا يقتضى المفهوم
حليّة النّبيذ الغير المسكر وان يقتضى عموم التّعليل حرمة النّبيذ المسكر فغاية
الامر فى المقام دلالة حجيّة الظّن
الخاصّ من جهة الخصوصيّة على عدم حجية الظنّ الخاصّ من جهة مطلق الظنّ من
باب مفهوم التّعليل على حسب فرض كون الجهة تعليليّة فلا دلالة فيه على عدم اعتبار
طريق آخر من ظنّ او غيره من جهة خصوصيّة اخرى هذا اذا كان التّعليل بالحروف ومن
قبيله الامر فى المقام لو قيل خبر الواحد حجّة من حيث الخصوصيّة واما لو كان
استفادة التّعليل من المشتق فالقدر المسلم من ظهور انحصار العلّة فى محل الوصف حال
قيام الوصف فى الوصف ومن هذا لا يلزم انتفاء الحكم بانتفاء الوصف فى محلّ الوصف
حال انتفاء الوصف فضلا عن انتفاء الحكم فى غير محل الوصف حال انتفاء الوصف مثلا لو
قيل الخمر المسكر حرام والمسكر حرام فالظّاهر انحصار علّة حرمة الخمر المسكر او
علّة حرمة الخمر المسكر حال الاسكار فى الاسكار ولا يقتضى هذا حلّية الخمر الغير
المسكر فى المثال الاوّل فضلا عن النّبيذ الغير المسكر ولا يقتضى حليّة الغير
المسكر فى المثال الثانى فظهور انحصار علّة الحكم فى محل الوصف فى الوصف مطلقا او
ظهور انحصار علّة الحكم فى الوصف غير ثابت ومرجع الأمر الى عدم حجيّة مفهوم العلّة
لو كان استفادة العليّة من الاشتقاق بل ما ذكر انما هو لو كان التّعليل فى المنطوق
واما لو كان التّعليل فى المفهوم فالامر ايسر اذ القيد المفيد للمفهوم غير مفيد
للمفهوم فى المفهوم على ما حرّرناه فى محلّه نعم لو ظهر من الخارج انحصار علّة
الحكم فى محلّ الوصف فى محل الوصف ومن ذلك انّه لو علق الحكم على احد الوصفين
المتضادين والوصف المعلّق عليه الحكم له مناسبة مع الحكم بحيث لو لا عليّته للحكم
لبعد تعليق الحكم عليه بل علق الحكم على محل الوصف الاعمّ فالظّاهر انحصار علّة
الحكم فى محل الوصفين فى الوصف المعلّق عليه الحكم فينتفى الحكم بانتفاء الوصف
المعلّق عليه الحكم ومن هذا ان مقتضى مفهوم الفاسق فى آية النّبأ من باب مفهوم
العلّة حجيّة خبر العادل إلّا ان يقال انّ مناسبة الوصف لا يتمكّن من اقتضاء
انتفاء الحكم بانتفاء الوصف وغاية الامر فيها اقتضاء ثبوت الحكم فى ثبوت الوصف
والمقتضى لانتفاء الحكم بانتفاء الوصف هو ما ذكر من بعد تعليق الحكم على احد
الوصفين المتضادين دون محلّ الوصف الاعم لو لا عليّة ذلك اعنى عليّة احد الوصفين
المتضادين للحكم والبعد المذكور يتاتى فى صورة عدم مناسبة الوصف ايضا فتعليق الحكم
على احد الوصفين المتضادين بل الوصف مطلقا يقتضى انحصار علّة الحكم فى محلّ الوصف
فى الوصف الّذى علق عليه الحكم وعلى الثّانى يلزم انتفاء الحكم بانتفاء الوصف
مطلقا ولو فى غير محل الوصف فى الوصف الّذى علق عليه الحكم وعلى الثّانى يلزم الى
ولا يذهب عليك انّ جهة الخصوصيّة فى مفهوم آية النّبأ انّما هى الخبريّة مع
العدالة لا العدالة ومقتضاه عدم اعتبار خبر الفاسق إلّا انه لا بدّ من تقييده
بصورة عدم التبيّن وبعد ما مرّ اقول انه ظهر بما مرّ انّه يمكن تقرير عدم الدّليل
على حجيّة خبر الواحد من حيث الخصوصيّة طريقا الى الاحكام بوجوه احدها انه لو قيل
الظنّ المستفاد من خبر الواحد حجّة فهو مردد بين كون حجيّة الظنّ المستفاد من خبر
الواحد حجّة من حيث انّه هو وكون حجيّة من حيث حجيّة مطلق الظنّ فالامر من باب
اظهار بعض افراد العام فلم يثبت جعل الظنّ المستفاد من خبر الواحد طريقا للتّكاليف
اذ معنى جعله طريقا للتكاليف هو كونه حجّة من حيث الخصوصيّة وثانيها ان مفهوم آية
النّبأ انما يقتضى جواز العمل بالظن المستفاد من خبر العادل ولا دلالة فيه على
حجيّة الظنّ المشار اليه والكلام فى مقام الحجيّة وثالثها انّ ما يدلّ على حجيّة
الظنّ المستفاد من خبر الواحد لا مفهوم له فلا يقتضى عدم حجيّة سائر الطّرق ولا
عدم حجيّة نفس الظنّ لكن هذا التقرير مبنى على كون جعل الطّريق مبنيّا على دلالته
على عدم حجيّة غيره بالمفهوم وامّا لو كان المدار فى جعل الطّريق على مجرّد جانب
المنطوق كما هو الحق فلا جدوى فى ذلك الوجه ويمكن الايراد على الوجه الاول بان
الفرد قد يزيد على الكلّى بالاقتران بمزيّة او خساسة فيصحّ تعليق الحكم على الفرد
بملاحظة المزيّة او الخساسة ولو فرضنا خلو الكلّى عن الحكم وكذا يصحّ تعليق حكم
مضاد لحكم الكلّى من جهة كون المزيّة او الخساسة قاهرة على حكم الكلّى فيصحّ تردّد
الامر فى بعض الموارد لو علق الحكم على الفرد بين الاستناد الى الكلّى او الامر
المقرون بالكلى وقد يكون الفرد غير زائد على الكلّى الّا بالوجود فح لا مجال
لتعليق الحكم على الفرد بملاحظة ذاته لو فرضنا خلوّ الكلّى عن الحكم فضلا عن تعليق
حكم مضاد لحكم الكلّى والامر فى الظنّ المستفاد من خبر الواحد من قبيل القسم
الاخير لعدم اقترانه بشيء مضافا الى طبيعة الظنّ غير الوجود فلا مجال للتردّد فى
حجيّته بين الاستناد الى الخصوصيّة والاستناد الى طبيعة الظنّ ويندفع بانّ الأمر
المقرون بالفرد قد يكون من باب الداخل وقد يكون من باب الخارج والامر فى المقام من
باب القسم الأخير اى الاقتران بالامر الخارج وهو كون المفيد هو خبر الواحد
فيصحّ استناد الحجيّة الى طبيعة الظنّ وكذا يصحّ استنادها الى الفرد
باعتبار الامر الخارج اعنى المفيد للظّن فيصحّ التردّد فى هذا الفرد الموصوف
بالحجيّة وبعد ما مرّ اقول تتميما لكلام وترميما للمرام ان المدار فى كون الظنّ
المستفاد من خبر الواحد حجّة لا من جهة حجيّة مطلق الظنّ على عدم مداخلة الخصوصيّة
فى الاقتضاء اعنى اقتضاء الحجيّة فلو ثبت حجية الظنّ المذكور لا يثبت كون الحجيّة
باقتضاء ما به الاشتراك فقط او بمداخلة ما به الامتياز والامر فى مورد الاجمال فلا
يثبت حجيّة خبر الواحد لا من جهة الخصوصيّة ولا من جهة مطلق الظنّ بل لو ثبت عدم
اعتبار سائر الظنون غير الظنّ المذكور لا يثبت كون حجيّة الظنّ المذكور من غير جهة
حجيّة مطلق الظنّ لاحتمال كون عدم حجيّة سائر الظنون من جهة وجود المانع لا انتفاء
الشّرط باشتراط خصوصيّة الظن المذكور فى الحجيّة ومداخلتها ومن هذا انّ التقليد لا
يثبت كون اعتباره من جهة الخصوصيّة بواسطة عدم اعتبار ما عدا التقليد لاحتمال كون
عدم اعتبار ما عدا التقليد من جهة وجود المانع لا انتفاء الشّرط باشتراط خصوصيّة
التقليد فى الحجيّة نظير انّه لو انعطف زيد الى عالم من العلماء وانحرف ممّن عداه لا
يثبت كون الانعطاف الى المنعطف اليد من جهة مداخلة الخصوصيّة الثابتة فى المنعطف
اليه فى الانعطاف لاحتمال كون الانحراف من غير المنعطف اليه من جهة وجود المانع فى
الغير لا انتفاء الشّرط اعنى الخصوصيّة الثابتة فى المنعطف اليه فى الغير وان امكن
ان يكون الانحراف من جهة انتفاء الشّرط بمداخلة خصوصيّة المنعطف اليه فى الانعطاف
فامر الانعطاف فى معرض الاجمال وان قلت ان الظّاهر كون الامر فى الفرض المذكور
اعنى ما لو ثبت عدم اعتبار ما عدا الظنّ المستفاد من خبر الواحد من باب وجود
المانع لا انتفاء الشّرط اذ يدور الامر بين استناد عدم الاعتبار الى منقصة واحدة
اعنى انتفاء الشّرط او مناقص متعدّدة اعنى وجود المانع والظّاهر عند العقل هو
الأوّل قلت انه لا يلزم استناد عدم الاعتبار فى موارد متعدّدة الى وجود المانع
لاحتمال اشتراك الكلّ فى منقصة واحدة اعنى وجود المانع الواحد عن اعتبار الظنّ
مضافا الى انّ الظهور المزبور لا اعتبار به لابتناء اعتباره على اعتبار مطلق الظنّ
وبما مرّ يظهر الذّب عمّا يمكن ان يقال انّ ظن المجتهد المطلق وان لم يثبت اعتباره
فى حق المتجزّى من حيث الخصوصيّة لو فرضنا قيام الدّليل على حجيّة ظنّ المجتهد
المطلق فى حق المتجزّى لدوران الامر بين ظن المجتهد المطلق فى حق المتجزّى لدوران
الامر بين ظن المجتهد المطلق وظنّ نفس المتجزّى لكن المقلّد ينحصر الظنّ المعتبر
فى حقّه فى ظن المجتهد المطلق فاعتباره من حيث الخصوصيّة ولو كان الدّليل على
اعتباره هو السّيرة مع انّه يمكن القول بان السيرة من جهة تعارف رجوع العامى الى
المجتهد المطلق والّا فالمنشأ رجوع الجاهل الى مطلق العالم والعامى لا يفرق بين
المجتهد المطلق والمتجزّى بل لو تعارف تحصيل الاحكام الشّرعيّة بالرّمل ياخذ
العامى الاحكام الشّرعية من الرّمال فلو فرضنا قيام الدّليل على اعتبار ظنّ
المجتهد المطلق فى حق العامى فنقول انّه يمكن ان يكون من جهة اعتبار ظنّ مطلق
المجتهد الاعمّ من المتجزى هذا كله ما كتبته فى سوابق الاوان والّذى يخالجنى فى
الآن ان كون النّزاع فى مقام الاجتهاد فى حجيّة خبر الواحد مثلا من حيث الخصوصيّة
وحجيّة من حيث مطلق الظنّ انّما يتمّ بناء على كون الحيثيّة التقييديّة موجبة
لكثرة ذات الموضوع فى تحليل الجزئى الى كليّين كتحليل الصّلاة فى دار المغصوبة الى
الصّلاة والغصب وتحليل الكلّى الى كليتين كما توجب الكثرة فى ذات الموضوع فى تفصيل
الكلّى الى جزئيّين كتفصيل الضّرب الى ما كان للتّأديب وما كان للاذيّة اذ بناء
على تماميّة ادلّة حجيّة خبر الواحد يتاتى النّزاع فى خبر الواحد فى كون حجيّته من
حيث مطلق الظنّ وجواز اجتماع الحجيّة وعدم الحجّية فى خبر الواحد بتوسّط هاتين
الحيثيتين مبنى على جواز اجتماع الحكمين المتضادين فى الكلّى بواسطة تحليله الى
كليّين بالحيثية التقييديّتين والحقّ ان الحيثيّة التقييديّة لا توجب الكثرة فى
ذات الموضوع فى تحليل الجزئى الى كليّين ومن هذا ان الحقّ عدم جواز اجتماع الامر
والنّهى وعلى ذلك المنوال الحال فى تحليل الكلّى الى كليّين وقد حرّرنا الحال فيما
ذكرناه فى الرّسالة المعمولة فى الحيثيّة التقييدية والتّعليلية فلا مجال لكون
النّزاع فى كون حجيّة خبر الواحد من حيث الخصوصيّة او من حيث مطلق الظنّ قضيّة ان
كلّا من المتنازعين فى عموم الموارد لا بدّ ان يقول بصحّة مقالته وبطلان مقالة
الآخر فلا بدّ ان يقول القائل بحجيّة الظنون الخاصّة بان خبر الواحد حجّة من حيث
الخصوصيّة ولا يكون حجّة من حيث مطلق الظّن ويقول القائل بحجيّة مطلق الظن بعكس
ذلك اى لا بدّ من جواز اجتماع الحجيّة وعدم الحجيّة فى خبر الواحد من باب اختلاف
الحيثيّة
__________________
والمفروض عدم صحّة الحكم بالحجيّة اثباتا ونفيا باختلاف الحيثيّة لعدم جواز
اجتماع الحجيّة وعدم الحجيّة فى خبر الواحد باختلاف الحيثية لعدم جواز اجتماع
الحجيّة وعدم الحجيّة وان قلت انه ليس القول بكون الامر فى باب خبر الواحد من قبيل
تحليل الكلّى الى كليّين اولى من القول بكون الامر فيه من باب تفصيل الكلّى الى
جزئيين قلت ان المدار فى تفصيل الكلى الى جزئيين على انفكاك الحيثيتين او تبادلهما
كما فى الضّرب بالنّسبة الى التاديب والأذية قال الامر فيهما من باب التّبادل
والمدار فى تحليل الكلّى الى كليين على عدم انفكاك الحيثيتين عن المحيث كما فى
المقام فان خبر الواحد لا ينفك عن جهة الخصوصيّة وجهة الاطلاق والظن ومع ما ذكر
نقول ان الحيثيّة التقييدية انما توجب الكثرة فى ذات الموضوع لو كان النّسبة بين
الحيثيتين من باب التّباين واما لو كان النسبة فى البين من باب العموم والخصوص
المطلق فلا توجب الكثرة فى ذات الموضوع والامر فى المقام من باب العموم والخصوص
المطلق فلا مجال للنّزاع فى كون حجيّة خبر الواحد من حيث الخصوصيّة او من حيث مطلق
الظن قضيّة ما سمعت من انّ كلا من المتنازعين فى عموم الموارد لا بد ان يقول بصحّة
مقالته وبطلان مقالة الطرف المقابل والمفروض عدم صحّة الحكم بحجيّة خبر الواحد من
حيث الخصوصيّة وعدم حجيته من حيث مطلق الظن عن القائل بحجيّة الظنون الخاصة وعكس
ذلك من القائل بحجية مطلق الظن لعدم جواز اجتماع الحجيّة لعدم حجيّته فى خبر
الواحد من باب اختلاف الحيثية ويمكن ان يقال ان حيثية الخصوصيّة تباين الجنس للفصل مثلا الناطقية تباين الحيوانية كيف لا
والمحقق القمّى صرح بجواز اجتماع الامر والنهى فى العموم والخصوص المطلق لاختلاف
المحل مع قطع النظر عن فهم التخصيص فى العرف والخاص غير حيثيّة الخصوصية حيث ان
الخاصّ مركّب من الجنس وحيثية والفصل الخصوصيّة مختصّة بالفصل وما ذكر ظاهر فى
مباينة خصوصية النّوع مع الجنس وياتى نظيره فى خصوصيّة الفرد والنوع لكن نقول انّ
مباينة حيثية الخصوصيّة لحيثيّة العموم لا تكفى فى جواز اجتماع الحجيّة وعدم
الحجيّة فى خبر الواحد كما يظهر مما سمعت والّذى يتخاطر فى الخاطر ان يقال ان
النّزاع فى حجيّة خبر الواحد مثلا بالاصالة وحجيّته من باب سراية الحجيّة من باب
طبيعة الظن اليه وبعبارة اخرى حجيّة بالعرض بناء على كون الحجيّة قابلة للسّراية
من الطبيعة الى الفرد كما هو الاظهر بل لا اشكال فيه فلو تمّ ادلة حجيّة خبر الواحد
لا بدّ على القول بحجيّة الظنون الخاصّة من اقامة الدّليل على كون حجيّته بالاصالة
لا بالسّراية بكون الامر من باب اظهار بعض افراد العام ويمكن ان يقال انه لا فرق
فى عدم جواز اجتماع الحكمين المتضادين بناء على عدم كفاية الحيثيّة التقييدية فى
تحليل الجزئى الى كليّين بين ما لو كان كل من الحكمين اصليا وما لو كان احد
الحكمين اصليا والآخر تبعيّا فلا محال لحجية خبر الواحد بالاصالة وعدم حجيّة
بالتبع بناء على القول بحجيّة الظنون الخاصّة وبالعكس بناء على القول بحجيّة مطلق
الظنّ فالاوجه ان يقال انّ ما لا يجوز فيه الاجتماع انّما هو الحكمان الاجتهاديان
المتضادان وبعبارة اخرى ما لا يجوز فيه الاجتماع انّما هو ثبوت حكم مع ثبوت حكم
آخر مضاد له مع عدم اعتبار الحيثيّة او عدم نفعها فى الكثرة والمدار فى القول
بالظنون الخاصّة على ثبوت حجيّة الخبر من حيث الخصوصيّة وعدم ثبوت الحجيّة من حيث
الطبيعة فالبناء على عدم الحجيّة من حيث الطّبيعة من باب عدم ثبوت الحجيّة من حيث
الطّبيعة فالبناء على عدم الحجيّة من باب الحكم العملى اى معاملة عدم الحجيّة لا
القول بعدم الحجيّة لامكان اجتماع الحجيّة من حيث الطّبيعة وعدم الحجيّة من حيث
الخصوصيّة والثمرة مع قطع النّظر عن جواز التعدّى عن خبر الواحد بناء على الحجيّة
من حيث الطّبيعة وعدمه بناء على العدم جواز الفتوى بحجيّة خبر الواحد من حيث
الطّبيعة بناء على حجيّة من هذه الحجّة وعدمه بناء على العدم ولا منافاة بين ثبوت
الحجيّة من حيث الخصوصيّة وعدم ثبوت الحجيّة من حيث الطبيعة على القول بحجيّة
الظّنون الخاصّة وبالعكس بناء على القول بحجيّة مطلق الظنّ وربما يشبه ما نحن فيه
ما ذكر فى باب صلاة الجمعة من انّ الاحتياط فى الجمع بين صلاة الجمعة وصلاة الظّهر
مع وجود القول بحرمة صلاة الجمعة حيث ان الغرض من القول بالحرمة انما هو الحرمة من
باب التشريع لا الحرمة الذاتيّة ولا يتاتى التشريع فى الاحتياط وقد حرّرنا الحال
فى الرّسالة المعمولة فى تردّد الواجب بين المتباينين نعم لو ثبت وجوب العمل بخبر
الواحد من حيث الخصوصيّة وحرمة العمل به من حيث الطّبيعة او بالعكس لا بدّ من حمله
على مداخلة القصد والنيّة بكون الواجب العمل بخبر الواحد بقصد الخصوصيّة وكون
الحرام العمل به بقصد الطبيعة او بالعكس بناء على كفاية الحيثية التقييدية فى
تحليل
__________________
الجزئى الى كليين وبوجه آخر لا باس باجماع ثبوت المقتضى للشيء وعدم ثبوت
المقتضى له من جهتين تقييديتين فى الواحد الشخصى تحليلا للجزئى الى كليّين ومن هذا
ما اجيب عن الاشكال فى الجمع بين التخصيص بالصّفة والقول بعدم حجية مفهوم الوصف
كما وقع من جمع من ان المدار فى التخصيص بالصّفة على النّعت النحوى والمدار فى
القول بعدم حجية مفهوم الوصف على المشتق ففى نحو فى الغنم السائمة زكاة يجتمع
جهتان يكون احدهما حجّة دون الآخر ولا باس بحجيّة مفهوم النّعت من جهة مفهوم القيد
وعدم حجيّة مفهومه من جهة مفهوم الاشتقاق فلا باس بحجيّة خبر الواحد من حيث
الخصوصيّة وعدم حجيّة من حيث الطبيعة او بالعكس كيف لا ولا محيص عن كون خبر الواحد
فى متن الواقع حجة من احدى الجهتين دون الجهة الاخرى فلو لم يجز القول بالحجية من
احدى الجهتين دون الاخرى لو ان لا يجوز الحجيّة من احدى الجهتين دون الاخرى فى متن
الواقع وهو خلاف الواقع فرضا ويمكن ان يقال انه كما لا يجوز اجتماع الاقتضاء وعدم
الاقتضاء وكذا الحجيّة وعدم الحجيّة من جهة واحدة فكذا الحال فى الجهتين فى الواحد
الشخصى بناء على عدم تكثير الجهة التقييدية لذات الموضوع فى تحليل الجزئى الى
كليّين فالصّواب فى الباب ان يقال ان النّزاع فى حجية الظنون الخاصّة وحجيّة مطلق
الظنّ والفرق بين حجيّة الطبيعة وحجيّة الفرد ظاهر كيف لا والفرد مركّب من
الطّبيعة والخصوصيّة فلو قام مفهوم آية النّبأ مثلا على جواز العمل بخبر العدل
فغاية الامر دلالته على جواز العمل بخبر العدل وهذا لا يفيد حجيّة خبر العدل لعدم
منافاة حجيّة مطلق الظنّ لجواز العمل بخبر الواحد بل حجيّة مطلق الظن يقتضى جواز
العمل بخبر العدل بلا شبهة فمن يقول بحجيّة خبر العدل اجتهادا من باب جعل الطّريق
لا بدّ له من اثبات كون تجويز العمل بخبر العدل من باب حجيّة خبر العدل لا حجيّة
مطلق الظنّ لكن نقول انّ ما ذكر انّما يتمّ بناء على كون الحجيّة من باب الاحكام
الوضعيّة والّا فالنّزاع فى حجيّة الظّنون الخاصّة وحجيّة مطلق الظنّ يرجع الى
النّزاع فى جواز العمل بالظنون الخاصّة وجواز العمل بمطلق الظن لكن مجرّد قيام
مفهوم آية النّبإ على جواز العمل بخبر العدل لا يفيد كون جواز العمل به من باب
جعله طريقا اجتهادا اذ هذا انما يتمّ لو كان جواز العمل بخبر العدل من باب قيام
حكمة فيه تختصّ به وهو غير ثابت لاحتمال كون جواز العمل به من باب قيام حكمة فى
مطلق الظن تقتضى جواز العمل بمطلق الظن يقتضى جواز العمل بخبر العدل من باب كونه طريقا مجعولا اجتهاد لا بدّ له من اثبات
قيام حكمة فى خبر العدل تختصّ به وتقتضى جواز العمل به نظير انه لو ثبت وجوب
الطهارة من الحدث لا يثبت بمجرّد الوجوب كون الوجوب نفسيّا لا غيريّا اى لاجل
الصّلاة مثلا الّا بعد اثبات كون الحكمة فى نفسها لا فى الصّلاة ولو باقامة ما
يدلّ على كون وجوبها نفسيّا والا وجه ان يقال انّ ما لا يجوز انما هو توارد
الحكمين المتضادين او النفى والاثبات فى الواحد الشّخصى تحليلا له الى كليّين لكن
لا باس بتوارد الاعتبار وعدم الاعتبار على نفس الجهتين بل يجوز توارد الحكمين
المتضادين على نفس الجهتين الّا انه لا بدّ من تخلل النّية فى البين فلا باس
باعتبار جهة الخصوصيّة فى خبر الواحد دون الجهة الطّبيعة وبالعكس وكذا اعتبار جهة
النعتيّة دون جهة الاشتقاق وبالجملة لا مجال لانكار جواز اجتماع الاعتبار وعدم
الاعتبار بتوسّط الجهتين وتحليل الفرد الى كليّين فى الواحد الشخصى ولا علاج بغير
ما ذكر ونظير ذلك جواز اعتبار الجنس مع عدم اعتبار الفصل وان امتنع بقاء الجنس
بدون الفصل كما فى تطرّق الامانة الشّرعية مع بطلان الامانة المالكية بالموت او
الجنون او الاغماء وكذا عدم بطلان الوقف لو كان الوقف على ما لا ينقرض غالبا لكن
تطرّق الانقراض كما لو وقف على القناطر ثم انقطع الماء عنها ولزوم الصرف فى وجوه
وكذا الحال فى جواز التصرّف فى البيع المعاطاتى مع بطلان التّمليك اعتبارا باباحة
التصرّف وان كان الاباحة مقيّدة بالملكيّة على ما حرّرناه فى الرّسالة المعمولة فى
المعاطاة وكذا الحال فى صحّة العقد مع فساد الشّرط كما حرّرناه فى الرّسالة
المعمولة فيها وبعد ما مرّ اقول انه لا معنى لاجتماع الحكمين المتضادين فى الفرد
من حيث الخصوصيّة ومن حيث الطّبيعة اذ الفرد مركّب من الطّبيعة والخصوصيّة ولا
معنى لكون الكلّ محكوما بالحكم من حيث نفسه ومحكوما بحكم آخر يضاده من حيث جزئه
اعنى الطّبيعة للزوم اجتماع الضدّين فى محلّ واحد مع انّ كل موضوع يجرى فيه حكم
نفسه ولا يجرى فيه حكم غيره فلا مجال لان يجرى فى الكلّ حكم الجزء مثلا لا مجال
لان يكون لا سكنجبين معتدلا من حيث المجموع وباردا من حيث الخلّ بل لا بدّ من كون المجموع
معتدلا وفعلا يكون الخل
__________________
باردا شأنا بمعنى ان جهة المجموعية اى التركيب صارت قاهرة على لبته الجزئية
لكونها طارية عليها فهى بمنزلة الناسخ لها والا فلو كان جهة الجزئية قاهرة على جهة
الكلية لما صار المجموع معتدلا فعلا وهو خلاف المفروض فالمرجع فى المقام الى كون
الكلى محكوما بحكم وكون جزئه اى الطّبيعة محكوما بحكم آخر مقهور بحكم الكلّ فحجيّة
خبر العدل من حيث الخصوصيّة بمعنى حجيّة المجموع المركّب من الطبيعة والخصوصيّة
وحجيته من حيث الطبيعة بمعنى حجية الطبيعة ومنه يظهر حال العكس فمورد الحجيّة غير
مورد عدم الحجيّة لكن الحجيّة يقتضى ترتيب الاثر اعنى جواز العمل عليها واما عدم
الحجيّة فلا يمانع عن ترتيب الاثر اعنى جواز العمل الا على تقدير كون العمل بقصد
الجهة الغير الحجة مثلا حجية مطلق الظن لا يمانع عن العمل بخبر الواحد الا على
تقدير كون العمل بقصد حجيّة خبر الواحد من حيث الخصوصيّة لتطرّق البدعة بناء على
جريان البدعة فى فعل الشخص بنفسه مع العلم بخروجه عن الدّين والّا فينحصر البدعة
فى اظهار حجية خبر الواحد من حيث الخصوصيّة بناء على حجية مطلق الظن كما هو المفروض
ويمكن ان يقال ان حجيّة مطلق الظنّ تسرى الى خبر الواحد قضيّة سراية الحكم المتعلق
بالطبيعة من حيث هى الى الافراد ومن هذا عموم المفرد المعرّف باللام لو كان متعلّق
الاباحة او الحرمة او الكراهة او الحكم الوضعى على ما حرّرناه فى محله وكذا عدم
جواز اجتماع الامر والنهى على ما حرّرناه فى محله ايضا فيلزم اجتماع الحجيّة وعدم
الحجيّة فى الفرد لكن نقول ان الحكم المتعلّق بالطبيعة انّما يسرى الى الحصة
الموجودة فى الفرد فلا مجال لسرايته الى مجموع الحصّة والخصوصيّة مثلا بناء على
كون علّة الخمر هى مطلق الاسكار لا تكون العلّة هى مجموع الطبيعة والخصوصيّة اعنى
اسكار الخمر كيف لا ومقتضى الاول اطراد الحرمة فى غير الخمر من المسكرات ومقتضى
الثّانى اختصاص الحرمة فى المسكرات من جهة الاسكار بالخمر وايضا لو كان حكم
متعلّقا بالحيوان لا يصير مجموع الحيوان الناطق اعنى الانسان مثلا متعلقا للحكم
كيف لا ومقتضى كون متعلّق الحكم هو طبيعة الحيوان اطّراد الحكم فى غير الانسان من
انواع الحيوان ومقتضى كون المتعلّق هو مجموع الطّبيعة والنّطق اختصاص الحكم
بالانسان وبما مرّ يظهر جواز اختلاف حكم الجنس اى الكلّى والفرد وجواز اختلاف حكم
الجنس والفصل وامّا الحكمان المتضادان فلو كان اقتضاء الطبيعة واقتضاء الخصوصيّة
متساويين فلا مجال لثبوت شيء من الحكمين المتضادين والا فالمدار على الاقتضاء
القاهر وعلى تقدير كون الجهة التقييدية موجبة لكثرة ذات الموضوع فى تحليل الجزئى
الى كليّين فلا مجال لتوارد الامر والنّهى كما لو قيل آت بالصّلاة فى المكان
المغصوب لكونه صلاة ولا تؤت به لكونه غصبا الّا ان الظاهر انه من جهة ان الظاهر
كون الجهة علّة الامر والنّهى لا قيد المامور به والمنهىّ عنه لكن لا باس باجتماع
المحبوبيّة والمبغوضيّة الّا انه ان تساوت جهة المحبوبيّة والمبغوضيّة فلا حب ولا
بغض فعلا والّا فالفرد تابع للجهة القاهرة وعلى هذا المنوال الحال فى ورود جهة
الحبّ على المبغوض بالذات وورود جهة البغض على المحبوب بالذات المقدّمة السّادسة
انه لو تعلّق حكم بفرد من افراد كلى فقد يكون الظاهر او المقطوع به عدم مداخلة
الخصوصيّة وقد يكون الظاهر او المقطوع به مداخلة الخصوصيّة وقد يشك فى المداخلة
نفيا واثباتا فيعمل فيما عدا متعلّق الحكم من افراد الكلى بالاصل والغالب هو القسم
الاول مثلا لو ثبت كفاية تعداد عدد الركعات بالحصى او بالخاتم او بحفظ الغير او
بحفظ كل من الامام والماموم للآخر يكون الظّاهر كفاية مطلق الظن فى مطلق افعال
الصّلاة وتروكها وكذا لو ثبت جواز الاتكال على عدد طواف الغير واحصاء الغير يكون
الظاهر كفاية مطلق الظن فى افعال الطّواف وتروكه بل يثبت به كفاية مطلق الظن فى
افعال الصّلاة وتروكها بناء على اطّراد احكام المشبه فى المشبه به قضيّة ما روى من
انّ الطّواف بالبيت صلاة وكذا لو ثبت طهارة الثّوب بالملاقى لماء الاستنجاء
فالظاهر طهارة كل ما يلاقى ماء الاستنجاء بناء على طهارة ماء الاستنجاء ومنه
الاستدلال بالرّوايات الدالة على نفى الباس عن وقوع الثّوب فى ماء الاستنجاء بناء
على ظهور نفى الباس فى الطّهارة لا كونه اعمّ من العفو او ظهوره فيه وان لم يقل
احد بالأخير كما ان الظّاهر من الامر بالاحتراز عن استعمال شيء مع الرطوبة هو
النجاسة واحتمال التعبّد بعيد فضلا عن القول بالظّهور فيه قال العلّامة الخوانسارى
وهذه الرّوايات وان كانت مختصّة بنفى الباس عن وقوع الثّوب فيه يعنى ماء الاستنجاء
لكن اجماع الاصحاب على عدم التخصيص وظهور عدم مدخلية الثوب ممّا يكفى فى الحكم
بعموم نفى الباس وكذا لو ثبت نجاسة بعض الثّياب او الاوانى لبعض النّجاسات
فالظّاهر
نجاسة سائر الثياب والاوانى والمياه القليلة عند الملاقاة لذلك البعض من
النجاسات وكذا نجاستها عند الملاقاة لسائر النجاسات وكذا لو ثبت حرمة افساد
الصّلاة ببعض القواطع كما هو مقتضى قول الباقر عليه السّلم الوارد فى صحيح زرارة
الوارد فى الالتفات الفاحش فى الصّلاة بل مطلق الالتفات فيها على الخلاف عمدا اعنى
استدبار تمام البدن او الوجه عن القبلة الى الخلف وهو قوله استقبل القبلة بوجهك
ولا تقلب بوجهك عن القبلة فيفسد صلاتك فالظاهر حرمة افساد الصّلاة بمطلق القواطع
لكن استدل السيّد السّند العلىّ فى شرح المفاتيح بعموم العلّة فى ذلك قضيّة الفاء
التفريعيّة على حرمة الافساد بمطلق القواطع لكنه فاسد اذ الفاء التفريعيّة انّما
تقتضى علية ما قبل الفاء لما بعدها لا علية ما بعد الفاء لما قبلها ومن ذلك
الاستدلال على حرمة ادخال النجس فى المسجد بقوله سبحانه انما المشركون نجس فلا
يقربوا المسجد الحرام وان كان هذا مدخولا بان مقتضى عموم العلّة حرمة ادخال سائر
النّجاسات غير المشركين فى المسجد الحرام لا حرمة دخول المشركين فى سائر المساجد
غير المسجد الحرام فضلا عن حرمة ادخال سائر النّجاسات فى سائر المساجد وكذا لو ثبت
ان الطواف من المعتل باربعة اشواط ويجب ان يأمر من يطوف عنه ثلاثة اشواط فالظّاهر
عدم مداخلة خصوصيّة الاعتدال فقطع الطواف قبل الاربعة يوجب البطلان دون ما بعد
الاربعة وكذا لو ثبت حكم فى حق شخص فالظاهر عدم مداخلة الخصوصيّة واطّراد الحكم فى
سائر الرّجال وكذا النسوان بل قال العلّامة البهبهانى انه لو ورد خبر فى امرته
اشتبه دم حيضها بالعذرة ان خرج القطنة متطوقة فهى عذرة نجزم ان هذه حالة جميع
النّسوان لان خلقتهنّ واحدة ولا خصوصيّة لامرأة ومن ذلك اصالة اشتراك التكليف ومن
هذا الاصل اصالة التأسّى بالنّبى صلىاللهعليهوآله والامام عليه السّلم فى الفعل المعلوم الوجه وكذا اصالة
اطّراد احكام الامام فى حق حكام الشّرع بناء على ثبوت عموم الولاية لهم فى اعصار
الغيبة وكذا لو ثبت حجيّة الظنّ المستفاد من خبر الواحد باقسامه الخمسة بآية
النّبأ منطوقا ومفهوما فالظاهر عدم مداخلة الخصوصيّة وحجيّة سائر افراد الظنّ قال
المحقّق القمّى عند الكلام فى جواز تقليد الميّت فكان الشّارع اذا قال اعمل بخبر
الواحد انما اراد العمل بالظّن لا بالظّن الحاصل من خبر الواحد لانّه خبر وهذا مما
يحتاج فهمه الى لطف قريحة ثاقبة مرتاضة وربما استدلّ بعض على عموم ولاية الفقيه فى
اعصار الغيبة بان الولاية فى القضاء والفتوى لا تكون الا باعتبار مطلق الولاية ولا
مدخل فيها للخصوصيّة وامّا القسم الثانى فهو كثير لكن القسم الاخير بعد الثبوت فى
غاية النّدرة ثم انه قد يكون الظاهر عدم مداخلة خصوصيّة الصّنف ايضا والظاهر
مداخلة خصوصيّة النّوع ايضا والظاهر مداخلة خصوصيّة الجنس القريب وقد يكون
الظّاهر عدم مداخلة خصوصيّة الجنس القريب ايضا وكون المدار على الجنس البعيد مثلا
اذا ثبت اعتبار الظن فى الركعتين الاخيرتين من صلاة المغرب فيمكن ان يكون المدار
على خصوص الاخيرتين من خصوص صلاة المغرب وان يكون المدار على خصوص الاخيرتين من
مطلق الصّلاة فى اللّيل اعنى العشاءين وان يكون المدار على خصوص الاخيرتين من مطلق
الصّلوات الرباعيّة والثلاثيّة وان يكون المدار على مطلق الركعات وان يكون المدار
على مطلق الافعال والتّروك فى الصّلاة وان يكون المدار على مطلق الافعال والتّروك
فى مطلق العبادات وايضا لو ثبت كون الاحتلام علامة للبلوغ بمقتضى قوله سبحانه فاذا
بلغ الاطفال منكم الحلم فليستاذنوا يمكن ان يكون المدار فى البلوغ على خصوص خروج
المنى فى النّوم وان يكون المدار على مطلق الخروج من الطّريق المعتاد وان كان فى
اليقظة او مطلق الخروج وان كان من غير الطّريق المعتاد او مطلق الانفصال والانزال
وان لم يخرج راسا كما فى الحمل او مطلق استعداد الطّبيعة للخروج لو اراد ان يخرج
وان لم ينفصل او لم يخرج كما لو احسن من نفسه الشّهوة ولو اراد الخروج بالوطى او
الاستمناء تيسّر له فاعتبار الانفصال فضلا عما فوقه من باب المرآتية الموضوعيّة
وايضا لو خاطب الامام بعض الرّجال ببعض احكام الركوع مثلا فالظّاهر بل المقطوع به
عدم مداخلة الخصوصيّة لكن لو خاطب عليه السّلم بالجهر فى القراءة فلا اقلّ من
الشكّ فى مداخلة الصّنف اعنى المذكوريّة ونظير ذلك انّه لو تواضع السّلطان لعالم
من السّادات ابن بعض العلماء وحفد بعض العلماء يمكن ان يكون التّواضع لنفس ذلك
العالم وان يكون بملاحظة والده وان يكون بملاحظة بعض اجداده المتعارفين من الناس
وان يكون بملاحظة جدّه الا على روحى وروح العالمين له الفداء ثم ان الحال فى
__________________
المطلق المنصرف الى الفرد الشّائع على منوال تعليق الحكم على الفرد فانه قد
يكون الظاهر مداخلة الخصوصيّة اعنى خصوصيّة الفرد الشائع وقد يكون الظاهر عدم
مداخلة الخصوصيّة وقد يشك فى الحال ثم انّه لو علق الحكم على افراد كثيرة من
الكلّى متفرّقة فى موارد كثيرة فالظاهر عدم مداخلة الخصوصيّة وعلى التقديرين الامر من باب الاستقراء
النّاقص لكن المشهور فيه عدم افادته العلم وهو ناقص وقد حرّرنا الكلام فيه فى محله
وربما تمسّك صاحب الحدائق بالاستقراء فى اربعة موارد على وجوب الاجتناب فى شبهة
المحصورة وقال والقواعد الكلية كما تثبت بورودها مسورة بسور الكليّة تثبت ايضا
بتتبع الجزئيات واتفاقها على نهج واحد لكن اعتبار الاستقراء فى مثله اعنى
الاستقراء فى موارد قليلة مبنى على عدم شمول اخبار القياس له بل اعتبار اصل
الاستقراء مبنى عليه والكلام فيه موكول الى محلّه والاستقراء قد يكون فى موارد
الاخبار كما هو غير عزيز وقد يكون فى مواقع الاجماع ومنه الاستقراء المدّعى على
حجيّة الاستصحاب فى كلام المحقق كما نقلنا كلامه فى محله وقد اتفق التمسّك
بالاستقراء من طائفة من الاخباريين فضلا عن ارباب الظّنون الخاصّة فضلا عن
القائلين بحجيّة مطلق الظنّ وبالجملة دلالة الاستقراء على عدم مداخلة الخصوصيّة
ترفع الاستبعاد عن ظهور عدم مداخلة الخصوصيّة فى تعليق الحكم على الفرد بل
الاستدلال بالجزئى على الكلى فى الاستقراء الناقص فى الامور العاديّة معروف فى
الميزان من قديم الزّمان ثمّ ان مقتضى كلام العلّامة البهبهانى ان الظن فى مداخلة
الخصوصيّة نفيا واثباتا فى تعليق الحكم على الفرد يكون مستندا الى اللفظ والاظهر
انه مستند الى العقل واللفظ غير قابل لاختلاف حكمه بالمداخلة نفيا واثباتا مضافا
الى سكوته عن الحكم بكون المداخلة نفيا واثباتا مشكوك الحال وانما هو من شئون العقل
ثمّ انه لو ظنّ مداخلة الخصوصيّة فالامر سهل لعدم جواز التعدّى بناء على كون الظن
المذكور مستندا الى اللفظ وكذا بناء على كونه مستندا الى العقل ولو على القول
بحجية الظنون الخاصّة قضيته اصالة البراءة من الوجوب والحرمة فعدم جواز التعدّى
على القول المذكور من باب الحكم العملى لكنّه على القول بحجيّة مطلق الظن من باب
الحكم الاجتهادى واما لو ظنّ بعدم مداخلة الخصوصيّة فلا اشكال فى وجوب التعدّى
بناء على كون الظن المذكور مستندا الى اللّفظ لظهور حجيّته واما بناء على كونه
مستندا الى اللّفظ لظهور حجيّة واما بناء على كونه مستندا الى العقل فلا اشكال
ايضا فى عدم التعدّى بناء على القول بحجيّة الظّنون الخاصّة واما بناء على القول
بحجية الظن المطلق فيتاتى الاشكال فى جواز التعدّى لرجوع الامر الى القياس الّا ان
يقال ان الظاهر من اخبار القياس انّما هو حرمة الحاق الفرد بالفرد من دون استخراج
حكم الطبيعة بكون حكمها حكم الفرد وان يستلزم الحاق الفرد بالفرد الحاق الكلّى
بالفرد نظير انّ بعض التّعبيرات فى الفارسيّة عن بعض المطالب فى العرف من باب
السّفاهة دون بعض آخر من التّعبيرات بل هو مقبول الطّباع ومن ذلك عدم شمول اخبار
القياس للاستقراء مضافا الى ان المدار فى القياس على ملاحظة الجامع وليس الجامع
ملحوظا فى المقام بلا كلام كما هو الحال فى الاستقراء فضلا عن انّه لو كان المدار
فى المقام على القياس لاطرد القول بعدم مداخلة الخصوصيّة فى موارد تعليق الحكم على
الفرد ولم نقل بظهور عدم المداخلة فى بعض الموارد والشكّ فى المداخلة فى بعض آخر
ثمّ انّه لو صار فرد من افراد الكلى علّة للحكم فى النّص فالظاهر عدم مداخلة
الدّاخل اعنى مداخلة الخصوصيّة لكن بمجرّد هذا لا يثبت حجيّة القياس المنصوص اعنى
جواز التعدّى عن المورد المنصوص عليه وعلى علّة الحكم فيه الى سائر موارد وجود
العلّة لاحتمال وجود الموانع فى سائر الموارد الا بناء على اصالة عدم المانع بل لا
يثبت جواز التعدّى بمجرّد عدم مداخلة الخصوصيّة واصالة عدم المانع لاحتمال مداخلة
الخارج عن من الجزء والشّرط بكون العلّة المنصوص عليها من باب العلّة الناقصة وقد
جرى السّيّد المرتضى على عدم حجيّة القياس المنصوص تعويلا على احتمال مداخلة
الخصوصيّة وتمام الكلام موكول الى محلّه ثم انّه لو قال الامام عليه السّلم مخاطبا
لرجل اجهر فى قراءتك فى العشاءين فالظاهر شركة النساء مع الرّجال بعد ظهور شركة
سائر الرّجال لكن لو قال عليه السّلم على الرّجل ان يجهر قراءته فى العشاءين
فالظاهر عدم وجوب الجهر فى القراءة فى العشاءين على النّسوان قضيّة مفهوم الرّجل
وان كان من باب اللّقب فى المقام لكن يتاتى الكلام ح فى باب النّسوان بين التّخيير
بين الجهر والاخفات قضيّة ان المدار فى المفهوم على مجرّد رفع الحكم المذكور لا
اثبات الضدّ على الاظهر ووجوب الاخفات بناء على انصراف المفهوم فى المقام اليه وان
كان اعمّ
__________________
من التخيير وتعين الاخفات من باب انصراف المطلق الى بعض الافراد بناء على
انّ الحق فى باب المفهوم ان المدار فيه على مجرّد رفع الحكم المذكور لا اثبات بعض
الاضداد لكنّه قد ينصرف فى بعض الموارد الى بعض الاضداد من باب انصراف المطلق الى
بعض الافراد وتفصيل الحال موكول الى محله ثم انه يشبه الكلام فى المقام الكلام فى
تعليق الحكم على الاسم كما لو قيل الكلب نجس حيث انّه يتاتى الكلام فى مداخلة
الاسم فى تعلّق الحكم بكون متعلق الحكم هو مصداق الاسم فيختصّ الحكم بصورة صدق
الاسم فينتفى الحكم فى صورة الاستحالة كما لو وقع الكلب فى المملحة قصار ملحا بناء
على ثبوت المفهوم للاسم والا فيطرد الحكم بحكم الاستصحاب وعدم المداخلة بتعلّق
الحكم الى ماهية الباقية بعد الاستحالة اى الجسم المخصوص فيطّرد الحكم فى صورة
الاستحالة اجتهادا او الامر مشكوك فيه فيجرى الاستصحاب على الاظهر وتمام الكلام
موكول الى محله هذا وثمرة المداخلة نفيا واثباتا تظهر هنا فى جانب الطول واما فى
اصل العنوان فيظهر الثمرة فى جانب العرض كما يظهر ممّا مر لا الطول لكن الطول فى
اصل العنوان والطول فى المقام ليسا من نوع واحد ثم ان اعتبار ظهور مداخلة خصوصيّة
الفرد انما يمنع عن اعتبار فرد آخر من باب اعتبار الطبيعة لو كان اعتبار الفرد
الآخر فى جانب عرض اعتبار الفرد الاول كما فى حجية الظّنون الخاصّة والقياس
المنصوص العلّة للزوم التناقض لو لا ذلك ومن ذلك انه لا مجال للقول بحجيّة مطلق
الظن بناء على حجيّة الظنون الخاصة من حيث الخصوصيّة الا على القول بعدم كفاية
الظنون الخاصّة اذ المفروض انه لا خصوصيّة فى الفرد الآخر فاعتباره مبنىّ على
اعتبار نفس الطبيعة فمقتضى اعتبار الفرد الآخر اعتبار نفس الطبيعة وعدم اعتبارها
وبوجه آخر مقتضى اعتبار الفرد الآخر اعتبار الفرد من حيث الطّبيعة وعدمه واما لو
كان اعتبار الفرد الآخر فى جانب طول اعتبار الفرد الاوّل اى بعد تعذّر الفرد الاول
فلا مجال للممانعة لاختلاف المحل قضيّة بداهة اشتراط التناقض بوحدة المحلّ مضافا
الى انّه قد ذكر فى المنطق اشتراط التناقض بوحدات ثمانية وعد منها وحدة المحل نعم
مقتضى اعتبار الفرد الآخر بعد تعذّر الفرد الاوّل اعتبار الطبيعة فى كل من حال
امكان الفرد الاوّل وحال امتناعه وبعبارة اخرى فى كل حال من حال الاختيار
والاضطرار لكن لا بدّ فى الفرد الآخر من خصوصيّة تقتضى اعتبار الفرد الآخر فى حال
تعذّر الفرد الاول والا لما وجب الفرد الآخر عند اعتبار الفرد الاوّل ومن جهة
الغفلة عن الفرق بين العرض والطّول القول بعدم كفاية التيمّم بدلا من غسل الجنابة
للصّوم ومن صاحب المدارك والذّخيرة نظرا الى مداخلة خصوص الغسل فى اباحة الصّوم
كيف لا والتيمّم يكفى بدلا عن الوضوء وغسل الجنابة فى اباحة الصّلاة مع اناطة
اباحة الصّلاة تارة بالوضوء كما هو الغالب واخرى بغسل الجنابة فى الجنب وثالثة بالوضوء
مع الغسل كما فيمن مسّ الميّت بناء على اشتراط صحّة الصّلاة فى مسّ الميّت بالغسل
كما هو المشهور فكفاية التيمّم بدلا عن غسل الجنابة للصّوم تثبت بعموم البدليّة
ولا يمانع عن اعتبار الغسل عن كفاية التيمّم قضيّة كون كفاية التيمّم عند الاضطرار
اعنى تعذّر الغسل للصّوم وان امتنع كفاية التيمّم فى حال الاختيار اعنى امكان
الغسل للصّوم وان امتنع كفاية التيمّم فى حال الاختيار اعنى امكان الغسل للصّوم
كما هو الحال فى كفاية التيمّم بدلا عن الوضوء والغسل للصّلاة اللهمّ إلّا ان
يدّعى انصراف عمومات البدليّة الى التيمّم بدلا عن الوضوء والغسل للصّلاة الواجبة
فالبدليّة فى الوضوء للطواف الواجب بالاجماع ولا يشمل عمومات البدليّة لمثل
التيمّم بدلا عن غسل الجنابة للصّوم وغير ذلك مما ياتى لكن يمكن ان يقال ان
الاجماع يكشف عن شمول عمومات البدلية للوضوء للطّواف الواجب اذ الظّاهر انّ مدرك
الاجماع هو فهم شمول المطلق للتيمّم بدلا عن الوضوء للطّواف الواجب ومن البعيد
غاية البعد ثبوت القدر المشترك بين الوضوء والغسل للصّلاة الواجبة والوضوء للطواف
الواجب بل القدر المشترك بلا شبهة مفقود الاثر نظير ما لو ثبت دخول بعض الأفراد
النادرة فى المطلق بالاستثناء فان مقتضاه شمول المطلق لسائر الافراد النادرة
لدوران الامر بين شمول المطلق للأفراد النادرة وانقطاع الاستثناء وكون الاوّل اظهر
ويمكن ان يقال انّ ظهور كون مدرك الاجماع فى المقام هو فهم الشمول المذكور محلّ
المنع فلا يشمل عمومات البدليّة لمثل التيمّم المذكور نظير عدم ثبوت شمول المطلق لو
ثبت اطّراد حكمه فى بعض الافراد النادرة بالاجماع لسائر الافراد النّادرة كما جريت
سابقا وفاقا لغير واحد نعم يتاتى الاشكال فى بدليّة التيمّم عن الوضوء والغسل بناء
على كونه غير رافع للحدث كما هو المشهور إلّا انه لا بدّ من حمل البدليّة فيما ورد
فى خصوص الوضوء والغسل على البدلية فى الاثر البعيد اعنى اباحة الصّلاة حيث انها
اثر رفع الحدث فى الوضوء والغسل لكن اثر اثر الشيء اثر له فاباحة الصّلاة
اثر الوضوء والغسل واما ما دل على البدليّة على سبيل الاطلاق فلا بدّ من
حمله على البدلية فى مطلق الاثر الاعم من الاثر الغريب كما فى التيمّم بدلا عن
الوضوء والغسل بناء على كونه رافعا للحدث والاثر البعيد كما فى التيمّم بدلا عن
الوضوء والغسل بناء على كونه غير رافع للحدث فيطّرد التيمّم بدلا عن الوضوء فى
الصّلاة المستحبّة والصّوم الواجب بالنّذر او الكفارة او التحمل باقسامه والطواف
المستحبّ بناء على الاجماع على كفايته فى الطواف الواجب وقراءة القرآن وقراءة
الغرائم ومسّ كتابة القرآن والدّخول فى المسجدين واللّبث فى ساير المساجد ووضوء
الحائض والنفساء والسّلس ووضوء المحتلم للجماع وغسل مسّ الميّت لكن الظاهر قيام
الاجماع على عدم كفاية التيمم فى باب التاهب للصّلاة قضيّة الاتفاق على عدم جوازه
قبل الوقت مضافا الى اشتراط ضيق الوقت فيه مطلقا كما عن المشهور بين القدماء وعن
جماعة نقل الاتفاق عليه وعن بعض التفصيل بين الطمع فى امكان الماء وعدمه لكن عن
الصّدوق وجماعة القول بجوازه فى السّعة على الاطلاق فقد ظهر ضعف ما قيل من عدم
مشروعيّة التيمّم بدلا عما ليس بمبيح للصّلاة من الوضوءات والاغسال المندوبات الا
ما ورد به النصّ او افتى به فقيه به بالخصوص فيعمل تسامحا فى ادلة السّنن وكذا ضعف
ما نقل عن بعض من ان الحق ان ما ورد فيه النصّ على بدليّة التيمّم فيه او ذكره من
يوثق به كالتيمّم بدلا عن وضوء الحائض يصار اليه وما عداه فعلى المنع إلّا ان يثبت
بدليل مضافا الى انّ كفاية ذكر البدلية ممن يوثق به مبنيّة على كفاية ذلك فى
التّسامح فى المندوبات بعد ثبوت التّسامح فيها وربما يتاتى الاشكال فى صورة الظنّ
بعدم مداخلة خصوصيّة الفرد بناء على كونها من باب حكم العقل لا دلالة اللّفظ برجوع
الامر الى القياس لكن يمكن الذّب بان الظّاهر من اخبار القياس انّما هو حرمة الحاق
الفرد بالفرد من دون استخراج حكم الطبيعة بكون حكمها حكم الفرد اعنى الحاق الكلّى
بالفرد وان يستلزم الحاق الفرد بالفرد الحاق الكلّى بالفرد نظير ان بعض التّعبيرات
عن بعض المطالب فى العرف من باب السّفاهة دون بعض آخر من التّعبيرات بل هو من
العبارات المناسبة ومن ذلك عدم شمول اخبار القياس للاستقراء مضافا الى ان المدار
فى القياس على ملاحظة الجامع اعنى استنباط المناط وليس الجامع ملحوظا فى المقام
كما هو الحال فى الاستقراء فضلا عن انّه لو كان المدار فى المقام على القياس لا
طراد القول بعدم مداخلة خصوصية الفرد ولم نقل بظهور المداخلة فى بعض الموارد
واشتباه الحال فى بعض المحال ثمّ انه لو علق حكم على فرد ثمّ على فرد آخر عند تعذر
الفرد الاول فلا اشكال فى ان اعتبار الاول من حيث الخصوصيّة واعتبار الفرد الاخير
فى جانب الطّول بالنّسبة الى الفرد الاوّل واعتباره ايضا من حيث الخصوصيّة فى جانب
الطّول واما لو علق حكم على فرد ثمّ سئل عن صورة تعذر ذلك الفرد فاجيب بفرد آخر
فالظاهر منه فى ظاهر النظر كون الحال فيه على منوال الصّورة السّابقة لكن يمكن فيه
ان يكون اعتبار الفرد الاوّل من حيث الطبيعة ولا سيّما لو كان الفرد الاوّل من باب
الفرد الغالب فاعتبار الفرد الاخير فى عرض اعتبار الفرد الاول فى صورة وجود
الفردين ولا ينافى ذلك اظهار الفرد الاخير بعد السّؤال عن تعذّر الفرد الاول
منافاة عقليّة ومن ذلك ما ورد فيمن يبق فى كيفية شيء من ماء الوضوء من وجوب الاخذ
من اللّحية ان كان فيها بلل فقال السّائل فان لم يكن له لحية فقال عليه السّلم
يمسح من حاجبيه او من اشفار عينيه وعن الرّوض والمدارك القول بالاخذ من المواضع
المذكورة ودعوى ان التخصيص بالمذكورات محمول على الغالب والظاهر ان الغرض منه ان
التخصيص بالمذكورات بواسطة غلبة بقاء البلل فيها بالنّسبة الى سائر اجزاء الوضوء
واعالى اليدين ومقتضى ذلك ان اعتبار اللّحية فى الرّواية من حيث الطّبيعة اى ما
كان من اجزاء الوضوء لو قيل بكون الغرض من اللّحية هو غير المسترسل او ما وصل اليه
الماء فى الوضوء لو قيل بكون الغرض من اللحية هو الاعمّ من المسترسل ولعلّه بعيد
لبعد كفاية بلل المسترسل من اللحية مع خروجه من اجزاء الوضوء فى المسح وعلى ظاهر
الاكثر بل صريح الذكرى وغيره انه لا فرق فى اللحية بين المسترسل وغيره والظاهر ان
الغرض التعميم للمسترسل من اللحية ولغير اللحية وعن بعض وجوب الاقتصار على غير
المسترسل من اللّحية وهو مبنىّ على كون اعتبار اللّحية فى الرواية من حيث
الخصوصيّة وكون الغرض منها فى الرّواية غير المسترسل وعن النّهاية والشرائع
والارشاد اعتبار اللّحية واشفار العين ويضعف بانّه ان كان اعتبار اللّحية من حيث
الخصوصيّة فمزيد الاشفار لا وجه له وان كان اعتبارها من حيث الطّبيعة فلا وجه
للاقتصار على الاشفار بل لا بدّ من مزيد الحاجب كيف لا والحاجب مذكور فى الرّواية
بل لا بدّ من التعدّى
الى سائر الوضوء لو كان الغرض من اللحية الاعم من المسترسل والتعدّى الى
غير اللّحية والمسترسل من اللّحية لو كان الغرض من اللحية هو غير المسترسل وبما
سمعت يظهر ضعف ما عن المنتهى من مزيد الحاجب على الاشفار حيث انه لا بدّ من الاقتصار
على اللّحية او التعدّى الى غير الاشفار والحاجب من غير اللّحية لو قيل بكون الغرض
من اللحية الاعمّ من المسترسل او التعدى الى غير اللحية والمسترسل من اللحية لو
قيل بكون الغرض من اللّحية غير المسترسل ثم انّه قد يعلّق حكم على موضوع ويدور
الموضوع بين المفرد والمركّب وعلى الاوّل يدور الامر بين كون المدار على الخصوصيّة
او الطبيعة وعلى الاخير يتّحد الثمرة مع الاخير اعنى كون الموضوع من باب المركّب
مثلا لو وقف حمام على ما يعبّر عنه بالفارسيّة بروغن چراغ لمسجد يحتمل كون الامر
فى روغن چراغ من باب الافراد والغرض هو الدّهن المعروف ويحتمل كون الامر من باب
التركيب الاضافى والغرض مطلق الدّهن الصّالح للاسراج يجوز التعدّى من الدّهن
المعروف الى غيره مما يصلح للاسراج وعلى الاول يمكن ان يكون الظاهر ان كون المدار
على الخصوصيّة فلا يجوز التعدّى من ذلك بحكم المفهوم بناء على اعتبار مفهوم اللقب
فى مقام البيان كما هو الحق كما حرّرناه فى محله وامّا بناء على عدم ثبوت المفهوم
فلا بدّ من البناء على اصالة عدم جواز التصرّف فى مثله بناء على اعتبار اصالة
العدم والّا فيجوز ذلك عملا باصل البراءة ويمكن ان يكون الظاهر كون المدار على
الطبيعة فالحال منوال حال التركيب ويمكن ان يشك فى الباب فلا بدّ من العمل بالاصل
ويظهر الحال بما سمعت وربما يتاتى الاشكال فى جواز التعدّى على تقدير ظهور كون
الامر من باب التركيب او الافراد مع ظهور كون المدار على الطبيعة على تقدير عدم
المتولّى الخاص وعدم ثبوت الولاية للمجتهد الّا ان يقال ان اعتبار ظنّ المجتهد
يكفى فى الباب اذ الكلام فى المراد من اللّفظ ولا حاجة الى ثبوت الولاية المقدّمة
السّابعة انه ينبغى ان يبتنى النّزاع فى الحجّية على الاعمّ من الحجيّة
الاجتهاديّة اى الواقعيّة كما فى حجيّة العام المخصّص فى الباقى والحجّية العملية
كحجية اصل البراءة اذ بناء على اعتبار الظّنون الخاصّة من حيث الخصوصيّة يكون حجية
تلك الظنون اجتهاديّة واقعيّة واما بناء على اعتبار مطلق الظن فالامر من قبيل
الحجية العمليّة لفرض كون حجيّته منوطة بعدم جعل الطريق ويرشد اليه دعوى التخصيص
بناء على حجيّته فى خروج امثال القياس من بعض ارباب مذاق الاطلاق لابتنائه على حكم
الاطلاق فيما لم يثبت حجيته بالحجيّة نظير حكم العقل بالبراءة فيما لا نصّ فيه
وكذا الحال بناء على اعتبار الظنون الخاصّة من باب الترجيح بكونها هى القدر
المتيقّن ويمكن ان يقال انّه بناء على حجية مطلق الظنّ وان كان الصّورة صورة الجهل
بطريق الاحكام لكن دليل الانسداد يثبت به حجية مطلق الظنّ واقعا نعم الاستدلال على
حجية مطلق الظنّ بوجوب دفع الضّرر المظنون يقتضى الحجيّة العمليّة كما انّ الاخذ
بالظّنون الخاصّة من باب القدر المتيقن يكون مبنيّا على الجهل بالطّريق والتوقف فى
مقام الاجتهاد وان قلت انه لو كان حيث الظنون الخاصّة اجتهاديّة اى من حيث
الخصوصيّة او كان مطلق الظن حجة اجتهاديّة يلزم كون حكم الله سبحانه تابعا للظنّ
فليس لله سبحانه حكم فى شيء من الوقائع فى الواقع وهو التصويب قلت انه لا باس بكون
الحكم الظّاهرى تابعا لراى المجتهد وامّا الحكم الواقعى فهو غير تابع لراى المجتهد
بل الاحكام الواقعية باقية الى يوم القيمة وحجية مطلق الظن من باب المرآتية نعم
بناء على حجية الظّنون الخاصّة من حيث الخصوصيّة يلزم الاغماض عن الواقع وكون
الامر نظير وجوب التيمّم حال فقد الماء وهو يشبه التصويب بالمعنى المعروف وهو خلو
الوقائع عن الحكم وكون الحكم فيها تابعا لراى المجتهد والّا فالتصويب على وجوه
سبعة ذكرها الشّهيد فى التمهيد وياتى ذكرها فى اواخر هذه الرّسالة ولا يلتزم بذلك
ملتزم الّا ان يقال ان الظنون المخصوصة بناء على حجيّتها من حيث الخصوصيّة من باب
الكاشف التعبّدى فلا يلزم التّصويب لكن نقول ان بناء الامر على الكشف
التعبّدى لا يوجب رفع المحذور والمحذور لا يندفع به مع ان المدار فى الكشف على
الإراءة اى إراءة الواقع والإراءة غير قابلة للجعل والتعبّد والقول بالكشف تعبّدا
فى باب حسن الظاهر انما وقع من نادر ولا اعتداد بالقول المشار اليه المقدّمة
الثّامنة انّ صاحب المعالم قد حكم بانسداد باب العلم بالاحكام الشّرعية فى غير
ضروريّات الدّين او المذهب فى نحو زماننا ومقتضاه قضيّة عموم الجمع المعرّف باللام
عدم امكان العلم فى شيء من المسائل الغير الضروريّة سواء كان الضّرورة متعلّقة
بالدّين او المذهب فى نحو زماننا وهو مبنىّ على ما جرى عليه من
__________________
امتناع الاجماع فيما بعد زمان الشيخ دون زمان الشيخ وما قبله او امتناع
الاطلاع فيما بعد زمان الشيخ على الاجماع الحاصل فيه الا من جهة النقل دون زمان
الشيخ وما قبله او امتناع الاطلاع فيما بعد زمان الشيخ على الاجماع راسا لا
للاجماع الحاصل فيما بعد زمان الشيخ ولا الاجماع الحاصل فى زمان الشيخ ولا الاجماع
الحاصل فيما قبل زمان الشيخ وامكان الاطلاع فيما بعد زمان الشيخ على الاجماع
الحاصل فيه على اختلاف الوجوه المحتملة فيه وهو مبنى ايضا على عدم وقوع التّواتر
فى الاخبار كما صرّح به فى اثناء دليل الانسداد من باب حسبان استلزام افادة
المتواتر العلم بالصّدور لافادة العلم بالدلالة والاظهر انّ صدور المتواتر ان كان
فى مجلس واحد فلا يوجب قوّة الظنّ بالصّدور قوّة الظنّ بالدلالة فلا يوجب العلم
بالصّدور العلم بالدّلالة بل العلم بالصّدور من حيث المداخلة فى الدلالة لعدمه
والامر نظير الكتاب بناء على تواتره نعم لو تعدّد المجلس فقوّة الظنّ بالصّدور
توجب قوة الظن بالدّلالة فيتأدّى الامر الى العلم بالدلالة كما يتادّى الامر الى
العلم بالصّدور ومن ذلك ان الاظهر تقديم العام والمطلق على الخاصّ والمقيّد لو
تعدّد العموم والاطلاق فى مجالس متعدّدة نظرا الى انّ تقديم الخاص والمقيّد من جهة
قوّة الدلالة فيهما فلو كان الظن بالدلالة فى جانب العموم والاطلاق اقوى فلا بدّ
من البناء عليه والظّاهر ان تعدّد المجلس فى التّواتر بعيد ويمكن ان يقال انه لو
تحصّل العلم بالصّدور فالحال على منوال المشافه فكما يتحصّل للمشافه العلم
بالمدلول على التحقيق فكذا الحال فى المجتهد فالعلم بالصّدور يستلزم العلم
بالدلالة إلّا ان يقال ان المشافه يطّلع على انتفاء القرائن الحاليّة على التجوّز
فيحصل له العلم لكن المجتهد لما يحتمل عنده وجود القرائن المشار اليها فلا يتحصّل
له العلم غاية الامر ندرة تلك القرائن لكن النّدرة وان لا تمانع عن الظن لكن تمانع
عن العلم لكن نقول انّ ما ذكره من امتناع الاجماع او امتناع الاطلاع عليه فيما بعد
زمان الشيخ بعد ضعف تفصيله بتفصيل حرّرناه فى محلّه انّما يختصّ بطريقة الدّخول فى
الاجماع كما هى طريقته فيه ولا يتاتى على طريقة الحدس وطريقة تراكم الظنون كما
نصرنا الطريقة الاخيرة فى محله مع انّ امتناع الاجماع او امتناع الاطلاع عليه انما
يختصّ بما بعد زمان الشيخ والكلام فى المقام يعم زمان الشّيخ وما قبله وامّا دعوى
عدم وقوع التّواتر فى الاخبار فالظّاهر انها من جهة اشتراط استواء الطّبقات فى
التّواتر والظّاهر ان الغرض من الاشتراط فى كلماتهم انما هو اشتراط حصول العلم
بالتّواتر وان يحتمل كون الغرض الاشتراط فى صدق الاسم لكن الحقّ حصول العلم مع عدم
استواء الطبقات فلا يتّجه اشتراط الاستواء فى حصول العلم غاية الامر عدم صدق الاسم
بعد عدم صدقه لكن مع هذا حصول العلم بالتواتر اى بسبب التواتر بكون الباء سببيّة
بل العلم بالتّواتر لواحد كالكلينى اى بوجود التّواتر بكون الباء للالصاق وقد
حرّرنا الفرق بين الامرين فى محلّه فى صورة تعدّد الطبقة كما هو المفروض فى
الاخبار فالظّاهر بل بلا اشكال ان الامر فى الاخبار بالكسر من
باب التوزيع اى اخبار واحد بواحد لا الاستغراق اى اخبار كل واحد بعد واحد وح لا
يثبت الكثرة المامونة فى الطّبقة الاولى اذ غاية الامر فيما لو تعدّد الطّبقة الى
الطّبقتين العلم بصدور الاخبار من واحد من اهل الطّبقة الاولى بواحد من اهل
الطّبقة الثّانية واما صدق الواحد المخبر من اهل الطبقة الاولى عن الامام عليه
السّلم فهو غير ثابت قضيّة كون اخباره من باب الخبر الواحد وعدم ثبوت الكثرة
المامونة فى الطبقة الاولى لعدم ثبوت اخبار غير الواحد المخبر المشار اليه عن
الامام وخبره لا يخرج عن افادة الظن قضيّة الوحدة ولو تجاوز الطّبقة عن طبقتين فلا
يختلف حال الطبقة الاخيرة من حيث افادة العلم بصدق البعض فى الاخبار واما ما عدا
الطّبقة الاخيرة فحالها حال الطبقة الاولى نعم يمكن كثرة عدد اهل ما عدا الطبقة
الاخيرة بحيث يعلم بصدق عدد التّواتر لكن وقوعه فى الاخبار مقطوع العدم ويمكن ان
يقال انّه لا باس باستغراق الاخبار فى صورة تعدّد الطبقة بناء على كفاية الثلاثة
فى باب التّواتر كما هو مقتضى كلام بعض فى تفسير الكثرة الماخوذة فى حدّ التواتر
وهو مقتضى تفسير كثرة الشّك بتوالى الشكّ ثلاثا وتفسير كثرة السّفر بالمسافرة ثلث
مرّات لكنّه مدفوع بعدم صدق الكثرة فضلا عن شمولها للثلاثة وكذا عدم حصول العلم من
الثّلاثة هذا فى التواتر اللفظى وامّا التواتر المعنوى فبعد الاغماض عن كون اطلاق
التّواتر عليه من باب المسامحة وان قسم المتواتر غير واحد الى اللّفظى والمعنوى
لكنه ليس على ما ينبغى بشهادة حدود التواتر حيث انّ مقتضاه تكاثر الاخبار متفقة فى
واقعة على الدلالة على معنى مستقل وهو منتف
__________________
فى المتواتر بالمعنى فحصول العلم منه فى صورة تعدّد الطبقة محلّ الاشكال
ايضا كما يظهر ممّا سمعت وربما يستند لامتناع المتواتر فى الاخبار بانها تنتهى الى
الكتب الاربعة والتواتر لا يحصل بها وربما اجاب الفاضل المازندرانى بان الاحاديث
المتعاضدة المتوافقة كثيرة لمن يجتمع عنده الاصول الأربعمائة وغيرها من الاصول
الموجودة فى هذا الزمان والقول بانّ الاصول الأربعمائة مستندة الى ثلاثة والتواتر
لا يحصل بهم مدفوع بان العدد غير معتبر فى التواتر بل المعتبر هو حصول العلم بصحّة
النقل ولا يخفى على المنصف ان هؤلاء الثلاثة اذا اتفقت رواياتهم مختلفة السّند مع
اتفاقها فى المتن او اختلافها فيه يحصل العلم بالتواتر اما لفظا او معنى سيّما اذا
صرّحوا بان ما ذكروه ماخوذ من عدة من الاصول المدوّنة فى الاحاديث لان العادة
قاضية بان هؤلاء مع كمال ورعهم وشدّة اهتمامهم فى الدّين وتقدّمهم على الفرقة
الناجية لا يكذّبون فى ذلك ولا يفترون على الله كذبا ومرجعه الى انه اذا اسند كلّ
واحد من المشايخ الثلاثة بطريق مختصّ به غير طريق الآخر فالمجموع طرق ثلاثة فيحصل
العلم ويتاتى التّواتر بملاحظة كمال تورع المشايخ وتحرزهم عن الكذب والافتراء
والقول بانّ التواتر لا يتحصّل من ثلاثة مدفوع بان العبرة بحصول العلم ولا يختص
المتواتر بعدد خاصّ فلو اسند كل واحد بطرق ثلاثة مثلا فالمجموع تسعة فالامر اظهر
ويندفع اولا بان اسناد المشايخ لا يتحصّل به العلم ولو تكثر طريق كل واحد الى حدّ
موجب للعلم نعم الامر ح من باب العلم بالتّواتر لكلّ واحد وثانيا بان العدالة
والورع من القرائن الخارجيّة والمدار فى التّواتر على افادة العلم بنفس الكثرة
وثالثا بان شدّة التورّع يمانع عن التعمّد على الكذب ولا تمانع عن الخطاء فلا توجب
العلم ورابعا بانّ المستفيض كما عن المشهور ما فوق الثلاثة وهو دون المتواتر كيف
لا والمدار فى الاستفاضة على افادة الظن والمدار فى التّواتر على افادة العلم ولو
لم يتحصّل الاستفاضة بالثلاثة كما هو مقتضى ما ذكر من كون المدار فيها على التجاوز
عن الثلاثة فكيف يتحصّل التّواتر بالثلاثة وربما اجاب الوالد الماجد ره بما تحريره
ان كثيرا ما يتّفق المشايخ فى النقل ويحصل العلم باسنادهم عن الرّواة وطرق المجموع
تتجاوز عن التواتر ومرجعه الى كون الامر من باب العلم بالتّواتر للمجموع والفرق
بينه وبين الجواب السابق ان المدار فى الجواب السّابق على حصول التّواتر لنا
والمدار فيه على حصول العلم بالتواتر لنا ويندفع بعد تسليم كثرة طرق المجموع الى
حدّ التواتر بان التّواتر يكون شانيا بمعنى انه لو تحصل الاخبار بطرق المجموع
للواحد لافاد العلم وله تحصل التّواتر والمفروض انّه لم يتحصّل لاحد من المشايخ
والا لنا فالأمر خارج عن المتواتر بناء على اختصاصه بما يفيد العلم بالفعل كما هو
مقتضى اعتبار فعلية العلم منهم فى الادلّة العمليّة ومن هذا دعوى عدم اتفاق
التعارض بين القطعيّين إلّا ان يقال انه لا باس بذلك لحصول العلم بالحكم لنا
بالاطّلاع على طرق المجموع ومجموع الطّرق وان لم يصدق التواتر بالنّسبة الينا لكن
نقول ان بعد الاشكال فى حصول العلم مع تعدّد الطّبقة فلا جدوى فى الاشكال بانتهاء
الاخبار الى المشايخ الثلاثة ولا حاجة الى شيء من الجوابين وعن العلّامة البهبهانى
الايراد على صاحب المعالم بانّ ما ذكره فاسد بالبديهة اذ ربما يمكن اثبات ما ليس
ضروريّا بالتّواتر سيّما التواتر بالمعنى بل لا تامّل فى الاثبات وتحققه كثيرا
وامّا الاجماع ففى كثير من المواضع يثبت من التتبّع والتطلع والتظافر والتسامح من
فتاوى الفقهاء وربما انضمّ اليها من القرائن من الاخبار والقرآن والعقل وربما نقل
الاجماع بحدّ التّواتر مثل الاجماع على اشتراط الاذن الخاص فى وجوب صلاة الجمعة
وربما انضمّ الى الاجماع المنقول المذكور قرائن أخر مفيدة لليقين بل وربما انضمّ
الى الاجماع المنقول بخبر الواحد امثال ما ذكر الى حدّ يحصل اليقين وربما يحصل
اليقين من خبر الواحد المحفوف بالقرائن سيّما اذا استفاض وبلغ حدّ الكثرة فى
الاستفاضة لكن نقول ان طريق العلم الى تشخيص العبادات المخترعة المعروفة منسدّ
قطعا اذ لا يتم الامر فيها ولو من جهة بعض اجزائها او شرائطها جزء او شرطا او
مانعا او موانعها الّا بالظن والنتيجة تابعة لاخسّ المقدّمتين فلا بدّ من كون
التشخيص بالظن وايضا التكاليف الشّرعية من الوجوب والحرمة فى غير الضّروريات وكذا احكام
المعاملات لا مجال لثبوتها بالعلم غالبا وتحرير الكلام فى ابتناء الامور الشّرعية
من المهيات الجعليّة والتكاليف واحكام المعاملات على الظنّ غالبا ان الأدلّة التى
تتفق فى الفقه غالبا لا تفيد العلم راسا او غالبا امّا الكتاب امّا متنه فالاظهر
القول فى آيات الاحكام بوقوع السّقط فيها ولا
اقل من كون المسألة اجتهادية وان ادّعى الوفاق على عدم وقوع السّقط فى آيات
الاحكام واما سنده فالاظهر عدم تواتر قراءات السّبع فضلا عن كمال العشر مضافا الى
وقوع الاختلاف كثيرا بين قراءات السّبع وامر التواتر فيه اشكل وان اصلح التّواتر
فيه بالعناية وامّا دلالته فهى ظنّية لتطرق الاحتمالات القادحة كالتجوّز والاضمار
والتخصيص والتقييد والاشتراك وغير ذلك وامّا الحجّية فلمنع الاخباريّين عن اعتبار
مدلول الكتاب بدون تفسير اهل البيت عليهم السّلم ولا اقل من كون المسألة اجتهاديّة
ومع ذلك عمدة ما يمكن التمسّك به من الكتاب انما هى اطلاقاته وعموماته ولا اعتبار
باطلاقاته وعموماته بل لا اعتبار بانصراف اطلاقاته ولا اعتبار بمفاهيمه والمرجع
الى ان الظهور فى الموارد المذكورة بدوى فلا يبقى للكتاب ظاهر يعول الا عليه اندر
نادر بل لا يثبت بالكتاب ازيد من الضروريّات وينشرح حال المراحل المذكورة بملاحظة
ما حرّرناه فى البشارات وربما يقال ان الحكم المستفاد من ظاهر الكتاب معلوم لا
مظنون وذلك بواسطة مقدّمة خارجيّة هى قبح خطاب الحكيم بما له ظاهر وهو يريد خلاف
الظاهر من غير قرينة صارفة عن الظهور المذكور من غير قرينة صارفة عن الظهور
المذكور واجاب عنه صاحب المعالم بان احكام الكتاب كلها من قبيل خطاب المشافهة وهو
مخصوص بالحاضرين واطّراد الحكم فى حق المعدومين بواسطة الاجماع وقضاء الضّرورة
باشتراك الكل فى التكليف ومن الجائز ان يكون قد اقترن ببعض تلك الظواهر ما يدلّ
المشافهين على ارادة خلاف الظاهر وقد يجاب بان القبح انّما يتّجه اذا لم يمنع عن
العمل بهذا الظّاهر والّا فهو قرينة على عدم الاعتبار وقد منع الله سبحانه عن
العمل بالظن فى آيات متعدّدة ومن جملته الاخذ بتلك الظّواهر فلا قبح فى ارادة خلاف
الظّاهر وفى الكل نظر اما الاول فاولا لما سمعت من عدم اعتبار عمومات الكتاب وكذا
عدم اعتبار اطلاقاته وكذا عدم اعتبار مفاهيمه وثانيا لان قبح الخطاب بما له طاهر
وارادة خلاف الظّاهر محل المنع نعم لو كان القضيّة خبريّة فقد يمنع عن جواز ارادة
خلاف الظّاهر فيها نظرا الى لزوم الكذب الّا انه مبنىّ على كون المدار فى الصّدق
والكذب على موافقة طاهر الخبر ومخالفته للواقع والحقّ انّ المدار على موافقة
المراد بالخبر للواقع بشهادة عدم التكذيب من احد فى باب التّورية عند الاطّلاع على
مخالفة الطّاهر المراد للواقع وكذا الاعتذار عن التكذيب عند الاطلاع على مخالفة
الظّاهر بارادة خلاف الظّاهر بل نقول ان المدار فى الصّدق والكذب على العرف ولا
شكّ فى عدم صدق الكذب عرفا على ما يخالف بظاهره للواقع مع مطابقة المراد به للواقع
بل نقول انّ الظّاهر من المشهور حيث جعلوا المدار فى الصّدق والكذب على مطابقة
الخبر ومخالفته للواقع وان كان هو مطابقة ظاهر الخبر ومخالفته للواقع لكنه من باب
غلبة موافقة الظّاهر للمراد سلّمنا كون المدار فى الصّدق والكذب على مطابقة الخبر
للواقع ومخالفته له لكن نقول ان القدر المسلم من قبح الكذب انما هو قبح ما يخالف
الظّاهر للواقع فى صورة مخالفة المراد للواقع دون ما يخالف الظّاهر فقط للواقع
نظير عدم قبح الخطاء مع كونه من الكذب لو لم نقل باختصاص الكذب بالتعمّد وانصراف
كلام المشهور فى جعل المدار فى الكذب على مخالفة الواقع الى صورة التعمّد هذا كلّه
بناء على كون المدار فى الاستعمال على المراد وامّا بناء على كون المدار على
المقصود بالافادة فالمدار فى الصّدق والكذب على مطابقة المقصود بالافادة للواقع
ومخالفته له فلو قيل فلان مهزول الفصيل من باب الكناية عن الجود يكون من باب
الصّدق على تقدير الجود وان لم يكن للشخص الموصوف بهزال الفصيل فصيل راسا وكذا لو
كان له فصيل مهزول مع عدم الجود وفرض كون الكلام من باب كناية وتفصيل الكلام موكول
الى ما حرّرناه فى البشارات فى وجه بحث جواز تاخير البيان عن وقت الخطاب فى الاصول
وكذا بحث التخصيص بالنيّة وكذا ما سوف ياتى عند الكلام فى الاستخدام وثالثا انّه
انّما يتم لو ثبت انتفاء القرينة الصّارفة بالعلم وانتفاءها غير معلوم لجواز
الاقتران بالقرينة الحالية خلاف الظّاهر لندرة اقتران الظّواهر بالقرائن الصّارفة
الحالية لكنّه لا يجدى فى قطعيّة الحكم لفرض احتمال خلاف الظّاهر وقيام القرينة
الصّارفة الحالية وان قلت انّ هذا المقال راجع الى مقالة صاحب المعالم قلت انّ
مقالة صاحب المعالم انّما تختصّ بالخطابات الشّفاهيّة والمدار فيها على التفصيل
بين القول باختصاص الخطابات الشّفاهيّة بالمشافهين والقول بعمومها للمعدومين وهذا
المقال لا يختصّ بالخطابات الشّفاهيّة وهو خال عن التفصيل فالفرق من وجهين وان قلت
انه لا مجال لقيام القرينة الحالية من جانب الله سبحانه قلت ان الغرض قيام القرينة
الحالية
__________________
من جانب النبى صلىاللهعليهوآله عند قراءة الآية للحاضرين فى محضره الشّريف سواء كان
الآية من الخطابات الشفاهيّة ام لا ورابعا لانه انما يتم لو ثبت اتحاد ما هو
الظّاهر عندنا مع الظّاهر عند المشافهين وإلّا فلا يتاتى احراز الظّهور نعم غاية
الامر ظهور الاتحاد لكنه لا يجدى فى قطعيّة الدلالة لابتنائها على احراز الظّهور
بالعلم وخامسا لانّه انّما يتم لو لم يكن فى البين حكمة تقتضى الخطاب بما له ظاهر
وارادة خلاف الظاهر واحتمالها غير مسدود الّا ان يقال انّ هذا الاحتمال من باب
الاحتمال العقلى نجو كون الجبل ذهبا فلا ينافى العلم العادى لكنه يندفع بانّه قد
عد ارباب البديع التّورية بمعنى ذكر اللّفظ الّذى يطلق على معنيين معنى قريب ومعنى
بعيد وارادة المعنى البعيد من محاسن الكلام معنى وقسموه الى مجرّدة ومرشحة نحو
الرّحمن على العرش استوى والسماء بنيناها بايد إلّا ان يقال انّه فيما لو كان خلاف
الظّاهر ظاهرا بالعقل وفرض القائل فيما لم يكن الظّاهر ظاهرا بالعقل وسادسا لانه
انّما يتم ذلك فيما لم يعارضه الخبر او الكتاب او الاجماع او العقل وذلك نادر نعم
المنع عن اطّراد القبح فيما لو نام الشهرة على خلاف ظاهر الكتاب مثلا محلّ الأشكال
وامّا الثانى فلعدم اختلاف الحال بين اختصاص الخطابات الشفاهية بالمشافهين وعمومها
للمعدومين اذ احتمال اقتران الظّاهر بالقرينة الصارفة لا يختصّ بصورة اختصاص
الخطاب الشفاهى بالمشافه ويطرّد فى صورة عموم ذلك للمعدوم الّا ان يقال ان مقتضى
قبح الخطاب بما له ظاهر وارادة خلاف الظّاهر اقامة قرينة تصرف المخاطب عن الظهور
ولا يكفى اقامة قرينة لبعض المخاطبين فلا يكفى اقامة القرينة للمشافه مع عموم
الخطاب الشّفاهى للمعدومين ومع ذلك ينافى الجواب المذكور من صاحب المعالم مع ما
جرى عليه من عموم المفرد المعرّف باللّام بقرينة الحكمة بملاحظة دوران الامر بعد
تعلّق الحكم بالفرد بين كون المتعلّق هو الفرد المعيّن والفرد الغير المعين وجميع
الافراد حيث ان الحمل على الاول يستلزم التّرجيح بلا مرجح والحمل على الثانى
يستلزم الاجمال فى كلام الحكيم فيتعيّن الحمل على الاخير لاحتمال قيام قرينة تدل
المشافهين على ارادة الفرد المعين اى التخصيص فلا يتّجه الحمل على العموم الّا ان
يقال انّ ما ذكر هنا انما هو فى باب الخطابات الشفاهيّة والمفرد المعرّف باللام لا
يكون من باب الخطابات الشفاهيّة اى الخطابات النحويّة وان كان من باب الخطاب
الاصولى الّا انه مدفوع بامكان كون المفرد المعرّف باللام واقعا فى ذيل الخطاب
الشّفاهى فكان عليه التفصيل فى عموم المفرد المعرّف باللام بين ما لو كان المفرد
المعرّف باللام فى ذيل الخطاب فلا يحمل على العموم وغيره فيحمل على العموم وامّا
الثالث فلعدم شمول الآيات النّاهية عن العمل بالظّن للظّن المستفاد من الكتاب
والّا يلزم من وجودها العدم فيلزم اللغو فى الآيات المشار اليها الّا ان يقال ان
الآيات المشار اليها غير شاملة للظن المستفاد من انفسها وان كانت شاملة لسائر
الظّنون المستفادة من الكتاب نظير ان اهل العرف يعيبون النّاس مثلا وغرضهم خروج
المتخاطبين عن العموم بل طريقتهم مستقرة فى محاوراتهم على خروج المتخاطبة عن
العمومات والاطلاقات الشّاملة للمتخاطبين بل خروج المتكلّم عن المراد فى العمومات
والاطلاقات المشار اليها مقطوع به ولا مجال للشك فيه مضافا الى عدم اعتبار اطلاقات
الكتاب وعموماته فضلا عما ياتى من الكلام فى الآيات المشار اليها ومع جميع ذلك
يمكن القول بانّ مفاد الآيات المشار اليها انّما هو حرمة العمل بالظّن والمرجع فى
المقام الى العمل بالعلم لكنّه مدفوع بان الغرض من الجواب المذكور عدم جريان حكم
العقل بالقبح فى صورة عموم تلك الآيات للعمل بالظّاهر والمدار فى هذا المقال على
خروج المقام عن مورد تلك الآيات بعدم جريان حكم العقل فلا مجال لوضوح انّه لا يتمّ
ما ينوط بمقدّمة غير ثابتة فالمقالة المذكورة من باب الاخذ بالموقوف مع الكلام فى
الموقوف عليه وامّا الخبر المتواتر فهو بعد وجوده نادر اللهمّ الّا ان يدّعى كثرة
التواتر المعنوى وامّا الخبر الواحد فهو بعد ان كثيرا من المسائل سيّما المعاملات
خال عن الرّواية او ورد فيها رواية غير معمول بها كما قيل لا يفيد الّا الظنّ
لاحتمال الكذب والسّهو والتقيّة وغيرها من العوارض اللفظية القادحة فى الدّلالة
والقول بافادة اخبار كتب الاربعة للعلم كما عن الاخباريّين فاسد وامّا الاجماع
فبعد امكانه وامكان الاطّلاع عليه لا يسمن ولا يغنى من جوع اذ ليس ما وقع فيه
الاجماع بالنّسبة الى مسائل الفقه الا كشعره بيضاء فى بقرة سوداء وامّا العقل فما
يستقلّ به العقل اقل ممّا وقع فيه الاجماع بمراتب فلا مجال للقناعة بوجه وامّا
الاستصحاب بعدم افادته للعلم بالواقع ظاهر لان اعتباره اما من باب الظنّ او اخبار
اليقين وعلى التقديرين لا مجال لافادته العلم بالواقع بل على الثّانى يكون مفاد
الاستصحاب هو الحكم الظّاهرى والكلام فى
فى الحكم الواقعى واما اصل البراءة فعدم افادته العلم بالحكم الواقعى واما
اصل البراءة فعدم افادته العلم بالحكم الواقعى بديهىّ وامّا بالنّسبة الى الحكم
الظاهرى فمدركه الآيات والاخبار والعقل ولو تمّ الاولان فلا يتمشّى منهما ازيد من
الظنّ واما العقل وان يستفاد منه العلم بالحكم الظّاهرى لكن الكلام فى انسداد باب
العلم بالحكم الواقعى وربما يستفاد من كلام صاحب المعالم ان اعتبار اصل البراءة
بواسطة الظنّ بانتفاء التكليف الواقعى من جهة الاستقراء وعدم الظّفر بالدليل لكن
لم نظفر بمن استند فى اصل البراءة الى الظن ولا اختصاص لاعتباره بصورة حصول الظن
فالبراءة ونظير ذلك ما ذكر فى اجتماع مصاديق المدّعى فيما لو طالب زيد عمروا بدين
فلو فى ذمّته فانكر عمرو اذ زيد لو سكت ترك ويخالف قوله الاصل براءة لاصالة ذمّة عمر ومن الدّين ويخالف قوله الظاهر
من براءة عمرو وعمرو لا يترك ويوافق قوله الاصل والظّاهر فهو مدع وزيد منكر مطلقا
ايضا حيث ان المدّعى فيه الظنّ ببراءة عمرو من الدّين لكن لا مجال لهذه الدّعوى
ولو كان الظنّ يتحرّك الى جانب البراءة فى بعض موارد اصل البراءة واما اصل العدم
فبعد اعتباره انما يفيد انتفاء الحكم الظّاهرى ولا جدوى فيه ولا مجال لافادته
الانتفاء الواقعى الا فى مورد عموم البلوى من موارد الشك نعم يتاتى انتفاء الحكم
الواقعى فى كثير من الموارد نحو صلاة اربع ركعات ما بين الطّلوعين الّا انّه من
باب قيام الضّرورة ثم ان بعض الاواخر قد اورد على دعوى انسداد باب العلم بما
تحريره انه ان كان الغرض انسداد باب العلم بالاحكام فهذا؟؟؟ مسلما لكنه لا يوجب
حجيّة الظنّ طريقا الى الاحكام وان كان الغرض انسداد باب العلم بالطّريق فهو مجموع
لثبوت حجيّة الظّنون المخصوصة بالعلم وانت خبير بان الغرض هو الشق الاوّل بلا
اشكال والمنع متوجّه الى عدم استلزام الدّليل للمدّعى كما جرى عليه سلطاننا ولا
يكون متوجّها الى دعوى انسداد باب العلم واخذ هذه المقدّمة فى دليل الانسداد
والمرجع الى الايراد بلزوم اخذ مقدّمة اخرى هى عدم وجود طريق مجعول فى البين
وبعبارة اخرى سدّ باب العلم بالطريق وبالجملة لا خفاء فى الفرق بين اختلال مقدّمة
فى الطّريق ولو من باب الاستدراك والحاجة الى مقدمه اخرى والامر فى المقام من باب
الاخير لا الاوّل نعم يكفى عن المقدّمة الاخرى تعميم دليل انسداد باب العلم
بالواقع والعلم بالطّريق الّا ان يقال ان تاتى حجية الظن بالطريق انّما يتم لو ثبت
التكليف بالطّريق كما يدّعيه القائل بحجية مطلق الظنّ بالطريق بدعوى سبق جعل
الطّريق المعلوم وتعقّبه بانسداد باب العلم بالطّريق المشار اليه او دعوى العلم
بثبوت التكاليف من طرق واقعيّة فى امثال زماننا مع انسداد باب العلم بالطّريق واما
بناء على عدم ثبوت التكليف بالطّريق كما هو اقل درجات الامر بناء على حجيّة مطلق
الظن لامكان دعوى العلم بعد عدم ثبوت جعل الطّريق كما هو الاظهر فلا يتاتى الا
حجية الظنّ بالواقع نعم لو ادّعى العلم بعدم جعل الطّريق كما هو الا قوم كما يظهر
ممّا تقدم مضافا الى سدّ باب العلم بالواقع يثبت حجيّة مطلق الظنّ بالواقع فقط او
يقال انه لا منافاة بين القول بحجية الظن بالواقع مع القول بحجيّة الظنّ بالطريق
لا مكان القول بحجيّة الظنّ فى الاصول على القول بحجيّة الظنّ بالواقع كيف لا
وعنوان قيام بعض افراد الظنّ مما لم يقم دليل على عدم حجيّته على عدم حجيّة بعض
افراد الظنّ معروف وياتى الكلام فيه والفرق بين القول بحجيّة مطلق الظنّ بالواقع
والقول بحجيّة الظنّ بالطّريق مضافا الى ما ياتى فى بعض التنبيهات ان القائل بحجية
الظنّ بالطّريق لا يقول بحجيّة الظن بالواقع راسا وامّا القائل بحجيّة مطلق الظنّ
بالواقع يمكنه القول بحجيّة الظن بالطّريق من باب القول بحجيّة الظنّ فى الاصول
غاية الامر انّه عند تعارض الظنّ بالواقع والظنّ بالطّريق يقول بتقديم الظّن
بالواقع لكنّه يندفع بان الغرض انّ دليل الانسداد لا يثبت ازيد من حجية مطلق الظنّ
بالواقع والقائل بحجيّة مطلق الظنّ بالواقع لا يقول بملاحظة دليل الانسداد بحجيّة
الظنّ بالطريق الّا ان يقال ان الامر على هذا سهل اذ كما لا باس بالقول بحجيّة
الظنّ بالطّريق من القائل بحجية الظنّ بالواقع من باب القول بحجية الظنّ فى الاصول
فلا باس بالقول من ذلك بحجيّة الظنّ بالطّريق بملاحظة دليل الانسداد كيف لا وربما
يكون مدرك القول بحجية مطلق الظنّ فى الاصول هو الاستدلال بدليل الانسداد بتعميمه
للفروع والاصول بكون مجرى الدّليل المشار اليه هو مطلق الاحكام الالهيّة لكنه
يندفع بانّه على ذلك يلزم عدم انفكاك القول بحجيّة مطلق الظن بالواقع عن القول
بحجيّة الظنّ بالطّريق ولا يقول به احد وامّا القول بحجيّة الظنّ بالطّريق من باب
القول بحجيّة الظّن فى الاصول فهو قد يجتمع مع القول بحجيّة مطلق الظنّ بالواقع
وقد يفترق فهو ممكن الانفكاك فلا باس به ويمكن اختيار الشّق
__________________
الثانى والمنع عن ثبوت حجية الظنون الخاصّة واما بالمنع من دلالة آية النبأ
منطوقا ومفهوما مثلا على حجيّة خبر الواحد وهو عمدة الظنون الخاصّة كما ينشرح
الحال ويتّضح الحال بما تقدّم ومع هذا غاية الامر على تقدير دلالة مثل آية النبأ
على حجيّة خبر الواحد انما هى ثبوت حجيّة الخاصّة بظنون معلوم الحجيّة لا بالعلم
كما ادّعاه المورد اللهمّ إلّا ان يدّعى كثرة ادلة الحجيّة بحيث يتادّى الامر الى
العلم لكنّه مردود بعد تسليم الكثرة المتادّية بان غاية الامر حصول العلم بجواز
العمل لا العلم بالحجيّة ومع هذا سدّ باب العلم بالطّريق لا يوجب انفتاح باب الظن
بالواقع بالخصوص اعنى مقالة القائل بحجيّة مطلق الظنّ كما هو مقتضى ما صنعه المورد
فى بيان الشق الثانى حيث منع عن سدّ باب العلم بالطريق على تقدير كون الغرض سدّ
باب العلم بالطّريق اذ مقتضاه ثبوت المقصود على تقدير كون الغرض من سدّ باب العلم
انسداد باب العلم بالطريق لو ثبت انسداد باب العلم بالطّريق ولا يوجب انفتاح باب
الظن بالطريق بالخصوص كما جرى عليه من جرى على حجيّة مطلق الظنّ بالطريق بل يوجب
انفتاح باب الظن بالواقع وكذا انفتاح باب الظنّ بالطريق كما يظهر ممّا ياتى فما
صنعه المورد مورد الايراد الّا ان يقال ان انفتاح باب الظن بالطريق بالخصوص او مع
انفتاح باب الظن بالواقع بتوسّط سدّ باب العلم بالطّريق انما يتاتى فى صورة ثبوت
التكليف بالطريق كما هو مدّعى القائل بحجيّة الظن بالطريق على احد الوجهين
المتقدّمين فيتاتى انفتاح باب الظن بالطريق ولا يختصّ انفتاح باب الظن بالواقع
واما فى صورة عدم ثبوت التكليف بالطريق واحتمال عدم جعل الطريق راسا كما هو الحال
بناء على حجيّة مطلق الظن اذ الامر بناء عليها دائر بين دعوى العلم بعدم جعل
الطريق المخصوص ودعوى عدم العلم بجعل الطّريق فلا يتاتى انفتاح باب الظنّ بالطريق
ولا يختصّ انفتاح باب الظن بالواقع فلانّ الطّريق لو كان مجعولا لكان اعتباره من باب
المرآتية فمقتضاه اعتبار الظن بالواقع كاعتبار الظنّ بالطّريق ولو فرضنا عدم
اعتبار العلم بالواقع والا فمقتضى اعتبار العلم بالواقع اعتبار الظن بالواقع ايضا
وامّا انفتاح باب الظنّ بالطّريق فلا مجال للمقال فيه إلّا ان يقال ان سدّ باب
العلم بالشيء انما يوجب انفتاح باب الظنّ به لو كان الشيء المشار اليه مفروض
الثبوت والّا فلو سدّ باب العلم بالشيء مع عدم ثبوته فانسداد باب العلم به لا يوجب
اعتبار الظنّ به فالطّريق لما كان غير مفروض الثبوت بناء على حجيّة مطلق الظنّ
فانسداد باب العلم به لا يوجب انفتاح باب الظنّ به كما ان انفتاح باب الطّريق الى
الواقع كان مبنيا على كون اعتبار الطّريق المجعول من باب المرآتيّة بعد فرض ثبوته
ولما كان الطّريق غير مفروض الثبوت بناء على حجيّة مطلق الظن فانسداد باب العلم به
لا يوجب انفتاح باب الظن بالطّريق ولا بالواقع فمجرّد انسداد باب العلم بالطريق مع
احتمال عدم الجعل لا يوجب اعتبار الظن بالطريق ولا الظنّ بالواقع بالفحوى وقد ظهر
بما سمعت ان القائل بحجيّة مطلق الظن لا محيص له من دعوى العلم بعدم جعل الطّريق
او عدم العلم به ولكن على الاخير لا يثبت اعتبار الظنّ بالطريق مضافا الى اعتبار
الظنّ بالواقع لكن لا باس بالقول بحجيّة الظنّ بالطّريق من القائل بحجيّة مطلق
الظنّ بالواقع بواسطة القول بحجيّة الظنّ فى الاصول واما على القول بحجيّة الظنّ
بالطّريق فيمكن القول بحجيّة الظنّ بالواقع بملاحظة اعتبار العلم بالواقع وكذا
بملاحظة كون اعتبار الطّريق المجعول من باب المرآتية ثم انّ بعض الا الأخباريين
ممن قارب هذا العصر قد اورد على دعوى انسداد باب العلم بانّ انسداد باب العلم
ينافى وجوب اللّطف اقول اولا ان مدار الايراد على دعوى ان اخبار الكتب الاربعة
قطعية الصّدور او دعوى ان اخبار الوسائل قطعية كما ادعاه المحدّث الحرفى بعض
الفوائد المرسومة فى آخر الوسائل وإلّا فلا مجال لدعوى انفتاح باب العلم مع ان القطع
بالصّدور لا يقتضى القطع بالحكم قضيّة الظنّ بالدّلالة ومن هذا ان المتواتر اللفظى
لا يقتضى القطع بالحكم مع ان المفروض القطع بالصدور فدعوى انفتاح باب العلم لا يتم
بدعوى القطع بالصّدور فى اخبار الكتب الاربعة او اخبار الوسائل وثانيا ان وجوب
اللطف بعد عموم وجوبه انّما يتم فى صورة عدم وجود المانع كيف لا ولا يتم امر بعد
وجود المقتضى الّا بعد انتفاء المانع حيث ان وجود كل شيء لا بدّ فيه من وجود
المقتضى وانتفاء المانع ولا مجال لوجود شيء مع وجود المانع وانفتاح باب العلم
منحصر فى ظهور مولانا القائم عجل الله تعالى فرجه وسهّل مخرجه ولا ريب ان غيبته
لحكمة لا نعلمها كما ان الحكمة فى كثير من الامور الالهيّة مخفية واخفى حكمة مما
خفى الحكمة فيه حكمة خلقة
__________________
خلقة الانسان البالغ فى خسران البنيان حدّ الا يحيط به نطاق البيان والتبيان
وقد اظهر صاحب الاسفار فى بعض كلماته عدم ادراك تلك الحكمة اربع مرّات بل قد عجز
الملائكة عن ادراك تلك الحكمة حيث قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدّماء
ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك قال انى اعلم ما لا تعلمون نعم قال العلامة الطّوسى
تبعا للسّيّد المرتضى فى الذريعة وجوده لطف وتصرّفه لطف آخر وعدمه منّا والمقصود
انّ وجود الامام عليه السّلم فى اعصار الغيبة لطف وتصرّفه لطف آخر وعدمه منّا لا
ان اصل وجوده فى عصر الحضور لطف وتصرّفه فى ذلك العصر لطف آخر وعدمه من الرّعية
حيث خذلوا وتركوا نصرته حتى فاتهم اللطف كما فهمه السّيّد السّند المحسن الكاظمى
ولذا قال وظهوره لطف ثالث وعدمه ايضا منار الظاهر ان المقصود بضمير المتكلم مع
الغير فى كلامه انما هو مجموع اهل الغيبة باعتبار الكفار والمخالفين بل الاشقياء
من اهل المذهب لا الجميع ولا يلزم انتفاء الفطرة الطّيبة فى زمان الغيبة حتى بين
العلماء الابرار والاخيار وعموم الشقاء بحيث لا يخرج عنه خارج لكن تلك الدّعوى لا
تستند الى سند ومستند كيف لا وقد مكث النّبى صلىاللهعليهوآله بين الناس فى ابتداء الاسلام واشتداد الكفر وان صار
الائمة كلّهم عليهم السّلم غير القائم عجّل الله تعالى فرجه وسهل مخرجه شهداء كما
ذكر فى محلّه وكذا مكث طائفة من الانبياء بل اكثرهم على نبيّنا وآله وعليهم السّلم
بين الناس ولم يتمكّنوا من من سلطنة وجه الارض مع انه لو كان المحذور المذكور
مانعا عن الظهور فهو دائم دهر الدّهور قضيّة غلبة الكفر والفجور فى عموم الاعصار
والعصور فيلزم ان لا يمكن الظّهور الى يوم النشور ولو اصلح الحال من جانب الله
المتعال حين الظهور فمن الظاهر موفور الظهور انه كان يمكن لله سبحانه اصلاح الحال
فى بدو الامر بحيث لا ينجر الامر الى الغيبة وكذا الحال فى سائر اعصار الغيبة على
انه يمكن النّصرة من جانب الله سبحانه للامام عليه السّلم بحيث يغلب الحقّ على
الباطل وينقلع الشقاء مضافا الى ان مقتضى بعض فقرات بعض الادعية ان الظّهور انما
يكون حين كمال الغناء واستكمال الشقاء فالراحة والاستراحة عن ورود الاشكال
والشّبهة فى حوالة حال الغيبة الى الحكمة المخفية ومع ذلك وجود الامام عليه السّلم
بدون التصرّف لا يكون من باب اللّطف بالمعنى المصطلح عليه بل اللطف هو صرف التصرّف
او مجموع المركب من الوجود والتصرّف ومع هذا تصرّف الامام عليه السّلم لا يكون من
باب اللّطف بالمعنى المصطلح عليه حيث ان ان المقصود بما يقرب الى الطاعة ويبعد عن
المعصية المذكور فى تعريفه انما هو ما كان من جانب الله سبحانه بشهادة تعليل وجوبه
بلزوم نقض الغرض من حلقة الانسان لولاه وكذا عدم الحكم بوجوبه على النّبى صلىاللهعليهوآله وكذا الائمة عليهم السّلم فى كلام احد وكذا تقسيمه الى
ما كان من فعل الله سبحانه كارسال الرّسل وما يكون متعلّقا بفعل العبد الملطوف
اليه كايجاب متابعة الرّسل والائمة عليهم السّلم وما يكون متعلّقا بفعل عبد آخر
كايجاب تبليغ الرسالة واداء الشريعة على الرّسول فاللطف انما هو ايجاب متابعة الرّسول لا نفس المتابعة وكما ان اللّطف هو
ايجاب الامر بالمعروف والنّهى عن المنكر لا نفس الامر بالمعروف والنّهى عن المنكر
لا نفس الامر بالمعروف والنّهى عن المنكر نعم التصرّف فى مقام وجوبه واجب لكن لا
لوجوب اللّطف على الامام عليه السّلم بل لكونه منصوبا لاجله وكون خلافه خلاف منصبه
وخلاف ما ثبت كونه واجبا عليه من جانب الله سبحانه بواسطة وجوب اللّطف على الله
سبحانه فقد بان ان كلام العلّامة المشار اليه كلّ جزء من اجزائه الثلاثة محلّ كلام
وقد حرّرنا الكلام ايضا فى البشارات فى بحث الاجماع وكذا الرّسالة المعمولة فى
الجبر والاختيار وبما يظهر الاستراحة عمّا قيل من ان الانسداد لو كان مستندا الينا
فاما ان يكون مستندا الى كلّ واحد ممّن يعمل بالظّن او الى بعض منهم فعلى الاوّل
يلزم فسق جميع المجتهدين واما على الثانى فمع لزوم فسق البعض وهو فى حكم فسق الكلّ
بعد فرض كون الكلّ من الاخيار الابرار اما ان يكون باب العلم منسدا على الباقين
فيلزم خلاف العدل للزوم اختصاص الانسداد بالبعض المقصر او ينفتح عليهم باب العلم
فلا مجال لان يعمل احد منهم بالظّن مضافا الى انّه يمكن استناد الانسداد الى
الكفار والمخالفين والفجّار من اهل المذهب ولا يلزم فيه خلاف العدل ثم ان الظاهر
بل بلا اشكال انه لا خلاف فى عدم جريان النزاع لو فرض انفتاح باب العلم بالنّسبة
الى غالب الاحكام الشّرعيّة وربما يتوهّم ان الحال على هذا المنوال لو ثبت من
اقسام
__________________
خبر الواحد ما يكون حجيّته وحجية غيره من الظنون الخاصّة مع العمل بالاصل
فيما خلى عن خبر الواحد واخواته كافيا فى اثبات معظم التكاليف فلا يلزم الخروج عن
الدّين فالامر فى حكم انفتاح باب العلم باغلب الاحكام الشّرعية فلا مجال للقول
بحجية مطلق الظن ويضعف بانّ مجرد حجية خبر الواحد مثلا لا يمانع عن حجيّة مطلق
الظنّ لعدم ثبوت جهة الخصوصيّة نعم لا بدّ من التوقف فى مقام الاجتهاد وملاحظة
الترجيح للظنون الخاصّة فى مقام العمل فان ثبت المرجح لها وجب الاقتصار عليها على
تقدير افادة المرجح بوجوب الاقتصار عليها على حسب ما ياتى من شرح الحال وكذا على
تقدير كفايتها والّا فيبنى على حجيّة مطلق الظّن المقدّمة التاسعة انّ النّزاع فى
المقام انّما يتاتى فى موارد انسداد باب العلم وتحصيل الظنّ بالوجوب او الحرمة
واماما لم يتحصّل فيه الظنّ فان كان من مورد الشك فى التكليف ففيه يجرى حكمة
المشروح فى بحث اصل البراءة من العمل باصل البراءة باتفاق المجتهدين فى شبهة
الحرمة وباتفاق المجتهدين والاخباريّين فى شبهة الوجوب وان كان من موارد الشّك فى
المكلف به ففيه يجرى الخلاف المعروف فى حكومة قاعدة الاشتغال واصل البراءة وان كان
من موارد الشك فى الوجوب والحرمة ففيه يجرى حكمه المذكور فى بحث اصل البراءة
واماما تحصّل فيه الظنّ بالاباحة بالمعنى الاعمّ فيجرى النّزاع فيه من باب اطّراد
النّزاع لا عموم المتنازع فيه والوجه عدم جريان دليل الانسداد فى ذلك وهو عمدة
الكلمات فى المقام بملاحظة اخذ بقاء التكليف الّا ان يكون الامر من باب التغليب
لكنّه خلاف الظّاهر وكذا دليل وجوب دفع الضّرر المظنون وكذا دليل قبح ترجيح
المرجوح على الرّاجح بناء على كون المقصود بالقبح استحقاق العقاب وكذا ابطال العمل
باصل البراءة فى ضمن دليل الانسداد وكذا دليل حجية الظنّ بالطريق من الوجهين
الآتيين لابتنائهما على القطع بالتكليف وعلى ما ذكر فى الاباحة بالمعنى الاعمّ
يجرى الحال فى المعاملات وكذا الحال فى الاحكام الوضعيّة بناء على كونها احكاما
مستقلة واما بناء على رجوعها الى الاحكام التكليفيّة فالحال فيها على منوال حال
الوجوب والحرمة كما سمعت وبما مرّ يظهر ضعف ما يقتضيه بعض الكلمات من كون النّزاع
فى موارد انسداد باب العلم ولو مع عدم الظنّ كالاستدلال على بطلان العمل باصل
البراءة بعدم جريانه فى الصّلاة يوم الجمعة لكون العمل بالاصل فيه مخالفا للاجماع
المركّب المقدمة العاشرة انه قد اختلف فى بقاء التكليف فى زمان انسداد باب العلم فمقتضى
كلام صاحب المعالم فى دليل الانسداد الآتي بقاء التكاليف الواقعيّة على ما هى عليه
حيث انّه قد اخذ فى الدّليل المشار اليه انسداد باب العلم بالاحكام الشّرعية وفرع
عليه حجيّة الظنّ كما يظهر ممّا ياتى ولا يتم التفريع الا بدعوى بقاء التكاليف
الواقعية على ما هى عليه بل مقتضى كلامه الاجماع على ذلك بل مقتضاه كون الامر من
باب قضايا قياساتها معها بكون الامر من باب الضّرورة ويقتضى القول بذلك كلام جماعة
ايضا نقلا حيث انّهم اخذوا بقاء التكليف مقدّمة فى دليل الانسداد قضيّة كون
الالفاظ موضوعة للمعانى الواقعيّة فالمقصود بالتكاليف هو التّكاليف الواقعيّة
والمقصود بالبقاء هو البقاء فى الواقع ايضا مع انه لو كان المقصود هو البقاء
الظّاهرى بالنّسبة الى الاحكام الواقعيّة فهذا لا يرجع الى محصّل بل يلزم اتحاد
التكاليف الواقعيّة والتكاليف الظاهريّة واختلافها من الاحاديث المشهورة بل لا مجال
لدعوى انسداد باب العلم بالأحكام الظاهريّة كيف لا وحمل الحكم فى تعريف الفقه
بالعلم بالاحكام الشّرعية على الحكم الظّاهرى فرارا عن كون احكام الفقه ظنية كما
هو احد السّؤالين المشهورين فى ذيل تعريف الفقه معروف فدعوى الانسداد تمانع عن حمل
التكاليف على التكاليف الظاهريّة بل مقتضى كلامهم الاجماع بل الضّرورة وقد ادّعى
فى الوافية القطع ببقاء التكاليف الى يوم القيمة وادّعاه السّيّد السّند النّجفى
ايضا ومن الفاظ نقل الاجماع دعوى القطع ونفى المحقّق القمّى الرّيب عن ذلك ونفى
الرّيب من الفاظ نقل الاجماع ايضا لكنّه ينافى ما حكم به فى بحث اصل اصل البراءة
من انّ التكليف بالمجمل المحتمل لافراد متعدّدة بارادة فرد معين عند الشّارع مجهول
عند المخاطب مستلزم لتاخير البيان عن وقت الحاجة الذى اتفق كلمة العدلية على
استحالته فقال وكل ما يدعى كونه من هذا القبيل فيمكن منعه اذ غاية ما يسلم فى
القصر والاتمام والظهر والجمعة وامثالهما ان الاجماع وقع على ان من ترك احدهما
المعين عند الشّارع المبهم عندنا بان ترك فعلهما مجتمعين يستحق العقاب فقال ونظير
ذلك مطلق التّكاليف بالأحكام الشّرعية سيّما فى امثال زماننا على مذهب اهل الحق من
التخطئة فان التحقيق ان الّذى ثبت علينا بالدّليل هو تحصيل ما يمكننا تحصيله من
الادلّة الظنّية لا تحصيل الحكم النّفس الامرى فى كل واقعة ولذلك لم نقل بوجوب
الاحتياط وترك العمل بالظّن الاجتهادى من اوّل الامر ثمّ قال فان قلت
جهالة المامور به يوجب استحالة طلبه ولكن تاخير البيان عن وقت الحاجة دليل
على ارادة كل فعل منها كلها فلا مانع عن الامر بقضاء المنسيّة مع جهالتها وتاخير
البيان فيكشف ذلك عن ارادة كلها لئلّا يلزم المحذور الى آخر السّئوال والجواب قوله
وكل ما يدّعى كونه من هذا القبيل فيمكن منعه قد تداول فى الكلمات ان يعد شيء من
قبيل شيء لكن قد يكون الغرض دخول شيء فى شيء دخول الجزئى فى الكلى وقد يكون الغرض
مشابهة شيء بشيء وهاهنا يحتمل كلّ من الامرين لكن مقتضى عدّ القصر والاتمام والظهر
والجمعة مما تردد فيه المكلّف به بين المتباينين من قبيل التكليف بالمجمل مع تاخير
البيان عن وقت الحاجة كون الغرض المشابهة بعدم وجود اللّفظ المجمل فى باب القصر
والاتمام والظهر والجمعة لكن مقتضى السّئوال المذكور كون الامر بقضاء الصّلاة
المنسيّة المجهولة من باب تاخير البيان عن وقت الحاجة مع ان اشتباه الصّلاة
المنسيّة من باب الشّبهة الموضوعيّة ولا مسرح فيها لتاخير البيان عن وقت الحاجة
ولم ينكر فى الجواب عن لزوم تاخير البيان عن وقت الحاجة فعدم انكاره عن ذلك مظهر
عن كون الغرض دخول الجزئى فى الكلّى لا المشابهة قوله ونظير ذلك اه فيه انه لو لم
يتادّ التّكليف بالواقع فلا مجال للتكليف بتحصيل الظنّ بالواقع إلّا ان يقال انه
لا باس بالتكليف بالواقع لحكمة ومصلحة اعنى فحص المجتهد عن الواقع والقناعة بالظّن
بالواقع فى مقام الامتثال لكن يظهر بما ياتى الاشكال فى ذلك المقال اذ المفروض
انّه لم يتوجه الامر الينا بناء على اختصاص الخطابات الشفاهيّة بالمشافهين غاية
الامر صحّة الامر لكن فحص المجتهد انّما يكفى حكمة فى الامر فعلا وكذا فى صحّة
الامر لكنّه لا يكفى فى اللزوم بدون الامر ومزيد الكلام موكول الى ما حرّرناه فى
البشارات والرّسالة المعمولة فى باب الشكّ فى الجزئيّة والشّرطية والمانعيّة
للواجب وجرى بعض على القول ببقاء التكاليف الواقعيّة لكن بمعنى كون المكلف من اوّل
البعثة الى يوم القيمة مكلفا فى كل واقعة ببناء العمل على واحد من الاحكام الخمسة
ولو على الاباحة العقليّة والبراءة الاصليّة وعلى كلّ واحد من المتقابلين من
الاحكام الوضعيّة تعليلا بانه ممّا انعقد عليه اجماع المسلمين بل من ضروريّات
الدّين ألا ترى الى فرق المسلمين من العامة على اختلاف مذاهبهم والخاصة على اختلاف
مذاهبهم والخاصّة على اختلاف مراتبهم عالمهم وجاهلهم لا يحصرون تكاليفهم فى
معلوماتهم ولا يتسامحون فيما يتردّدون فى حكمه معتذرين بعدم ثبوت وجوب البناء فيها
على حكم بل يتفحّصون عن مدرك الواقعة فان وجدوا دليلا خاصّا اخذوا بمقتضاه والّا
رجعوا الى العمومات مع وجودها والّا الى حكم ما لا نصّ فيه وبالجملة فلزوم الفحص
فى كل واقعة يحتاج الى حكمها ثم البناء فيها على مقتضى الدليل العام اذ الخاص ممّا
انعقد عليه الاجماع وتواتر عليه الاخبار وايضا تعلقت الاحكام بكثير من الكليّات
والجملات وتفاصيلها غير معلومة فثبوت التكليف فيها مما لا يمكن منعه ويتم الكليّة
بضميمة عدم القول بالفصل قوله وايضا اه الغرض اثبات بقاء الاحكام الواقعيّة غير
وجوب البناء ايضا بتقريب انه تعلّق الحكم فى كثير من الموارد على وجه الاجمال بحيث
لا يشوبه شوب المقال وفى غيره يتم امر البقاء بواسطة عدم القول بالفصل لعدم الفصل
من فاصل بين الموارد ببقاء التّكليف من بعض دون بعض والظاهر انه يرجع الى ما ذكر
ما قيل من ان المراد ببقاء التكاليف الواقعيّة عدم سقوطها راسا بحيث لا يعاقب الا
على ترك جميع المحتملات بل العقل يستقل باستحقاق العقاب عند التّرك راسا نظير
التزام بقاء التكليف فيما تعذّر فيه الاحتياط ويجب التخيير لكن التصرّف فى هذه
المقالة فى البقاء بكون المقصود عدم السّقوط وفى المقالة السّابقة التصرّف فى
التّكاليف بكون المقصود بالتكاليف هو التكليف الواحد المطّرد اعنى وجوب البناء على
شيء ومقتضى كلام بعض اختصاص بقاء التكاليف الواقعيّة بما ثبت فيه التكليف بالعلم
او بظنّ معلوم الحجيّة حيث انّه اورد على مقدّمة بقاء التّكليف فى دليل الانسداد
بان المراد ببقاء التّكليف ان كان البقاء فى الجملة فهو مسلم لكن لا يجدى نفعا
لتحقّقه فيما علم البقاء فيه وان كان كليّة حتّى فى الوقائع الّتى لم يحصل العلم
فيها بحكم بعينه بكون المراد بالتّكليف المفروض بقائه الحكم الايجابى والتّحريمى
ومطلق الاحكام التكليفيّة والوضعيّة فان كان الاوّل فهو باطل قطعا وان كان الثّانى
فممنوع اذ لا يدل عليه دليل سوى لزوم ارتفاع النقيضين والاخبار الدّالة على عدم
خلوّ الوقائع واقعة عن حكم والاوّل لا يدلّ على ثبوت الاحكام الشّرعية وان دلّ على
ثبوت الاحكام العقليّة لمنع تطابق العقل والشّرع مطلقا والثّانى غير مفيد للعلم
فالاستدلال به يستلزم الدّور او التسلسل
سلمنا ثبوت الاحكام فى كلّ واقعة بهذا المعنى لكن لا نسلم بيان الجميع
للرّعية لعدم دليل عليه بل فى بعض الاخبار تصريح وتلويح بعدم بيان كثير منها ويشعر
بذلك ما فى بعضها من كونها مخزونة عند اهله وحينئذ فلا معنى لكوننا مكلّفين بالجميع
بل المسلم منه ما وصل الينا بطريق علمىّ او ظنّ معلوم الحجيّة فان البيان المسلم
للجميع انما هو للمشافهين ومقتضاه ثبوت التكليف بالجميع لهم لا لنا ومشاركتنا لهم
فيما لم يصل الينا باحد الطّريقين فى خير المنع سلمنا لكن مقتضاه كون كلّ واقعة
بالنّسبة الينا متعلّقا لحكم من الاحكام وهذا غير مفيد لاثبات حجيّة الظنّ فانه
غير مستلزم لثبوت التكليف بمعنى الالزام فى جميع الوقائع وقد يقال نقلا ان المراد
ببقاء التكاليف الواقعيّة فى غير المعلومات ليس التكاليف الواقعيّة التى باب العلم
بها مسدود حتى يلزم القبح او التكليف بما لا يطاق بل المراد التكاليف الظاهريّة
الّتى تقوم مقامها عند تعذر العلم بها وقد يقال ايضا نقلا المراد التّكاليف
الواقعيّة لكن المراد من بقائها وجوب الاتيان بها او بما يكون بدلا عنها حين تعذّر
العلم بها فلا قبح ولا تكليف بما لا يطاق نعم لو كان المراد من بقائها وجوب
الاتيان بها من حيث انها هى من غير ان يكون لها بدل لاتجه الاشكال والظّاهر ان
مرجع هذه المقالة الى بقاء التكاليف الظاهريّة اذ التّكليف الظّاهرى اعمّ مما كان
موافقا للواقع وما كان مخالفا له فالمرجع الى المقالة السّابقة الا ان التصرّف هنا
فى البقاء والتصرّف فى المقالة السّابقة فى التكاليف والذى يقوى فى النظر ان يقال
ان المصالح والمفاسد الواقعيّة تقتضى تكاليف واقعيّة من الوجوب والحرمة وليس
اظهارها من الشّارع المقدّس الّا من باب الكشف عن الواقع بناء على كون الحسن
والقبح عقليّين ولا يختلف ولا يتخلّف آثارها الدّنيوية لكن ترتب العقاب عليها منوط
ومشروط بالعلم والجاهل معذور ولكن بعد الفحص فعلى المجتهد الفحص عن الوجوب والحرمة
المنوطين بالمصلحة والمفسدة الواقعيتين وعلى المقلد التقليد وربما يقال ان
الابتلاء بالمفاسد النفس الأمريّة والحرمان عن المصالح الواقعيّة ان كان من غير
تقصير يجب على الله سبحانه ان يعالج بترياق المغفرة ودواء المرحمة لوجوب اللّطف
على الله سبحانه ويضعف بما حرّرناه فى البشارات فى بحث الاجماع من وجوه نقضا على
دعوى وجوب اللطف بمعنى ما يقرب الى الطّاعة ويبعد عن المعصية والظّاهر ان اللطف
بمعنى التفضّل المناسب للمقام لا يقول احد بوجوبه نعم لو فعل المجتهد او مقلده
فعلا بعنوان الوجوب وحسبانه وكان غير واجب فيمكن القول بوجوب الاجر عليه ولو فى
الجملة من باب العدل مضافا الى الاجر على الانقياد بناء على تعدّد الاجرين فى
الواجبات الاجر على الفعل على حسب ما يقتضيه المصلحة المكنونة فى سرّ الفعل
الداعية الى وجوبه والاجر على الانقياد واما بناء على القول بانحصار الاجر فى
الانقياد فلا مجال للاجر على الفعل فى المقام ويمكن ان يقال ان العدل انّما يقتضى
وجوب ايصال ما يقتضيه الفعل من الاجر وعدم الاخلال به على تقدير المطابقة للواقع
والمفروض المخالفة للواقع لفرض عدم الوجوب واقعا والعدل لا يقتضى مراعاة العبد
باللطف فى الخطاء وانظر انه لا يلتزم احد من الموالى مراعاة خطاء العبد فى فعله
بالانعام ولو كان المولى فى اقصى اعتدال الحال نعم اللطف والانعام اولى واحسن لكن
الاولويّة غير الوجوب والكلام فى الوجوب وبالجملة فالتكاليف الواقعيّة باقية لكن
التكاليف الظّاهرية غير باقية فربما كانت بحيث حصل العلم بها للمشافهين فوجب عليهم
امتثالها لكن من لم يتحصّل له العلم بها من اهل الحضور او الغيبة معذور قال
المحقّق القمّى فى مقام بيان حجية الظّنون اللفظية للمشافهين بعد التمسّك بطريقة
العرف والعادة فالشّارع اكتفى فى المحاورات مع اصحابه بما حصل لهم الظنّ فى
التكاليف والسرّ فى ذلك مع ان المحقّق عند اصحابنا هو التخطئة وان حكم الله
الواقعى واحد فى نفس الامر انّ عمدة العمل فى التديّن والايمان بالله هو اصل
التّوحيد وخلع الانداد والاضداد والتّسليم والانقياد وتوطين النفس على تحمل المشاق
الواردة من قبله تعالى فالاحكام الفرعيّة وان كانت من الامور الحقيقيّة المتاصّلة
النّاشية عن المصالح النّفس الأمريّة لكن العمدة فى تاسيسها هو الابتلاء والامتحان
وتقوية الايمان بسبب الامتثال بها من جهة انها طاعة فاذا فهم المكلّف من خطاب
الشّارع فهما علميّا بنفس الحكم وامتثل به فهو جامع للسّعادتين اعنى الفوز
بالمصلحة الخاصّة الكائنة فيه والفوز بالمصلحة العامة التى هى نفس الانقياد
والإطاعة واذا فهم فهما ظنيّا على مقتضى محاورة لسان القوم الّذى انزل اليه الكتاب
وبعث الرّسول عليه فهو وان فقد المصلحة الخاصّة لكنه ادرك المصلحة العامّة بل عوض
عن المصلحة الخاصّة لئلّا يخلو عمله عن الاجر وفاقا للعدل لحصول الانقياد بدونه
ايضا
وبعد ملاحظة هذا يندفع ما يتوهم من انه كيف يجتمع هذا مع القول بكون الاحكام
ثابتة فى نفس الامر فى كل شيء على نهج مستقرّ ثابت وان التّصويب باطل والحاصل ان
المقصود بالذات من الخطاب وان كان حصول نفس الحكم النفس الامرى لكن يظهر من جعل
الشارع مناط التفهيم النطق بالالفاظ التى جرت عادة الله سبحانه بانها لا تفيد فى
الاغلب اليقين انّه راض بهذا الظنّ ويكتفى به عما أراده فى نفس الامر لانه غير
فاقد للمصلحة ايضا وقد نقلنا كلامه بطوله لكثرة فوائده قوله جرت عادة الله سبحانه
بانّها لا تفيد فى الاغلب اليقين مقتضاه انه لو افادت الالفاظ للعلم لكان المفاد
عين الحكم النّفس الامرى لكنه كما ترى لوضوح عدم لزوم مطابقة الواقع فى الجزم
مضافا الى ان مقتضاه كون دلالة الالفاظ بعادة الله سبحانه وهو كما ترى فهاهنا دعوى
امرين الاول بقاء التّكاليف الواقعيّة ويرشد اليه انّ مقتضى كلام جماعة الاجماع
على بقاء التكاليف الواقعيّة كما يظهر ممّا مرّ والانصاف انه لا حاجة الى التمسّك
بنقل الاجماع والامر كاد ان يكون ضروريّا بل هو ضرورى ومع هذا نقول ان الضّرورة
قضت ببقاء التكاليف الواقعيّة من دون اختلاف بثبوت الطّريق من العلم او العلمى
وعدمه نظير ما ذكره بعض اهل الكتاب فى الإيراد على السّيّد السّند النجفى حيث منع
تبعا لما روى عن الرّضا عليه السّلم فى المناظرة مع صاحب الجاثليق عن نبوّة موسى
او عيسى الذى لم يخبر بنبوّة سيّد الانبياء صلىاللهعليهوآله جوابا عن استدلال البعض المذكور على نبوّة موسى او عيسى
بانّها القدر المتيقن من انّ نبوّة موسى او عيسى لا تشتبه على احد من المسلمين ولا
يختلف حالها بالاخبار بنبوّة سيّد الانبياء صلىاللهعليهوآله وعدمه الّا ان يقال ان اقصى ما قضى به الضّرورة عدم
سقوط التّكاليف حتى التّكاليف الظّاهرية واهمال امرنا بالكلّية لابقاء التّكاليف
الواقعية إلّا ان يقال ان ضرورة عدم السّقوط ناشية من ضرورة البقاء نظير ما اوردنا
به على المحقق القمّى فيما ذكره فى باب الشك فى المكلّف به من انه لو لا الاجماع
على حجيّة ظن المجتهد لكان مقتضى الاصل جواز ترك المكلف به بالكلّية من ان الاجماع
المذكور من باب الاجماع على لزوم امتثال التكليف الاولى وشمول الاطلاق لحال الجهل
لا من باب الاجماع على حكم ثانوىّ الّا ان يقال ان الاجماع وان كان حاله كما ذكر
لكن الامر فى المقام لو كان من باب انقلاب التكليف الواقعى الى التكليف الظّاهرى
فليس بقاء التكليف الظاهرى من باب بقاء التكليف الواقعى وليس ضرورة عدم السّقوط من
باب ضرورة البقاء ومع هذا نقول انّه لو لا بقاء التكاليف الواقعيّة يلزم التّصويب
ولا معنى للتخطئة المتفق عليها عند الاصحاب على تقدير عدم بقاء التّكاليف الواقعية
والمقصود بالتخطئة هو ان كلّ شيء محل حكم من جانب الله سبحانه على حسب ما يقتضيه
المصلحة والمفسدة الواقعيّة فان علم بها المكلّف كان هذا حكما واقعيّا وحكما
ظاهريّا بناء على مطابقة العلم للواقع والا كان حكما ظاهريّا فقط وعلى ما ذكر يجرى
الحال فى الظنّ المعتبر وان لم يعرفها لا بالعلم ولا بالظّن المعتبر عموما او
خصوصا مع الفحص فلا تثريب عليه إلّا ان يقال ان من يمنع عن البقاء يلزمه القول
بالاهمال فلا يقول بحجيّة ظنّ المجتهد حتّى يلزم التّصويب الّا ان يقال ان ذلك
المقال من باب المماشاة والتنزّل عن الاهمال بان من يمنع عن البقاء ان انكر حجيّة
ظن المجتهد فيلزم الاهمال وان قال به فيلزم التّصويب ومع هذا نقول انّه لو لم
يتعيّن البقاء فلا يتعيّن الانقطاع فلا اقلّ من الشك فى البقاء فالاستصحاب يقتضى
البقاء على حسب المعنى المقصود بالبقاء بناء على اعتبار الاستصحاب فى باب الشكّ فى
اقتضاء المقتضى اذ الشكّ فى المقام من باب الشك فى اقتضاء المقتضى الّا ان يقال ان
الاستصحاب لا يفيد الظنّ بالبقاء فى باب الحكم سواء كان المشكوك بقائه من الاحكام
المستمرة نوعا الى يوم القيمة بعد فرض الشّك فى الاستمرار شخصا بكون الشّك فى
اقتضاء المقتضى كالشك فى الخيار او وجوب ردّ السّلام من حيث الفوريّة وعدمها او
غيره كالشّك فى انت خلية وبريّة من حيث وقوع الطّلاق به او كان الشك فى استمرار
الاحكام المجعولة فى زمان انفتاح باب العلم وان كان مقتضى ما ذكره المحقق القمّى
من الاستقراء فى افراد الممكن واحكام الموالى والعبيد والاحكام الشّرعية القول
بالظّن بالبقاء فى باب استصحاب الاحكام لكن كلامه فى الشك فى اختصاص الحكم بآن
الصّدور او زمان الحضور لا فى الشكّ فى الاحكام المستمرّة الى يوم القيمة واخبار
اليقين لا تشمل المقام وان قلنا بشمولها للشّكّ فى اقتضاء المقتضى فى باب الاحكام
المستمرّة الى يوم القيمة كما هو الاظهر كما انّها لا تشمل استصحاب الحكم الثّابت
فى زمان الصّغر أو فى بعض الشّرائع السّابقة على الوجه وان قلت انه لا مجرى
للاستصحاب
فى الباب لاختلاف الموضوع اذ التكاليف انما كانت متوجّهة الى المشافهين ولا
مجال لاستصحاب تكليف المشافهين فى حق المعدومين اذ المشافهة غير المعدوم بل مقتضى
اصالة البراءة عدم ثبوت التكليف فى حق المعدومين بناء على شمول الاطلاقات لصورة
انسداد باب العلم والمعدوم فى عرض الموجود ولا مجرى للاستصحاب وان تاخّر زمان
المعدوم نظير انه يعمل اصل البراءة فى باب الشكّ فى المكلف به ويقدم على الاستصحاب
بواسطة كون اصل البراءة فى الزّمان الاوّل وكون الاستصحاب فى الزمان الثانى قلت او
لا انه لو فرضنا تمادى زمان بعض المشافهين الى زمان الانسداد فلا ريب فى جريان
الاستصحاب فى الباب فيطرد التكليف فى حق امثالنا من باب القطع بعدم الفرق وثانيا
ان الاحكام الوضعيّة لا يختصّ بالمشافهين اذ الكلام فى اختصاص الخطاب بالمشافهين
انما هو فيما لو كان الخطاب بصيغة الخطاب النّحوى فلو شككنا فى ارتفاع النجاسة
وبقائها مثلا بعد انسداد باب العلم فمقتضى الاستصحاب بقاء النجاسة إلّا ان يقال
انه لا باس به فيما لو كان الشكّ فى قرب من زمان الانفتاح واما لو طال الفصل بين
زمان الانفتاح وزمان الانسداد كزماننا فشمول اخبار اليقين له محلّ الإشكال إلّا
انّه مدفوع بانه يجرى الاستصحاب فيما بعد زمان الانفتاح الى زماننا هذا لا فى
زماننا ابتداء حتى يتاتى الاشكال فى شمول اخبار اليقين لمثله كيف لا وتخلّل الفصل
يمانع عن جريان الاستصحاب الّا ان يقال ان الظاهر من اخبار اليقين ما لو كان
اليقين والشكّ واقعين فى زمان الشخص ولا يشمل اخبار اليقين لمثل ما ذكر او يقال
انّه يستلزم اجراء الاستصحاب فى حق الغير اذ اهل ازمنة الانسداد من بدوه الى يومنا
هذا جمع كثير واجراء الاستصحاب فيما بعد زمان الانفتاح الى يومنا هذا يستلزم
اجرائه فى حق الجمع المشار اليهم ولا عبرة بالاستصحاب فى حق الغير فالاستصحاب على
الوجه المذكور فاسد الابتداء فهو فاسد بالكليّة ولا مجال للتمسّك به فى حقنا إلّا
ان يقال ان الاستصحاب فى حقّ الغير انما هو فى استصحاب الحكم المتشخص المتقوّم
بالغير كما فى استصحاب طهارة لباس الغير مع عدم الحاجة اليه ومنه استصحاب الطّهارة
من كل من واجدى المنى فى ثوب واحد بالنّسبة الى الآخر مع عدم الحاجة اليه كما فى
الاقتداء من احدهما بالآخر مع لبس الثوب المشار اليه واما فيما نحن فيه فالمستصحب
انما هو الحكم الكلّى المتقوّم بموضوع كلّى فلا يكون الاستصحاب فى المقام من باب
الاستصحاب فى حق الغير وثالثا انه لو تعلّق الوجوب بصلاة الجمعة مثلا مع دوران
الامر بين كون الخطاب على وجه الاختصاص باهل الحضور او العموم بجميع الناس الى يوم
القيمة فلا شك فى تحقق ارتباط للوجوب مع صلاة الجمعة وتعلق الوجوب بالصّلاة والقدر
المتيقن وان كان اختصاص الصّلاة باهل الحضور لكن نحن نجرى الاستصحاب فى وجوب
الصّلاة الثابت على وجه الاجمال والمكلّف بصلاة الجمعة غير داخل فى موضوع الوجوب
اعنى الصّلاة بل هو متعلّق به كيف لا ولو قيل هذا واجب او حرام يتم الكلام ويصحّ
السّكوت عليه وليس المستصحب الا الوجوب للموضوع المشار اليه وهو متّحد ولا ضير فى
اختلاف ما يتعلّق بالموضوع كما انّه لا ضير فى اختلاف علّة الحكم كيف لا وقد بنى
الخلاف فى حجيّة الاستصحاب على جواز اختلاف علّة الحدوث والبقاء ويرشد الى عدم
اختلاف الموضوع فى المقام انّه لم يقدح احد فى باب استصحاب الحكم الثّابت فى بعض
الشّرائع السابقة ولا فى استصحاب النبوّة المحكى عن بعض اهل الكتاب باختلاف
الموضوع وبالجملة فنحن نجرى الاستصحاب فى باب الصّلاة ويلزمه ثبوت الوجوب فى حق
امثالنا وليس هذا من باب الاصل المثبت اذ ثبوت الحكم الشّرعى هنا بلا واسطة كما فى
استصحاب الحكم الثّابت فى بعض الشّرائع السّابقة ورابعا انّه لو لم يجر الاستصحاب
فى صلاة الجمعة فى الفرض المتقدّم فلا بدّ من كون انقطاع الوجوب مقطوعا به وهو
ظاهر الفساد وخامسا ان الشّك فى اطّراد الحكم فى حق اهل الانسداد ليس من جهة الشك
فى ممانعة الجهل عن شمول الاطلاق بل الشّك فى تخصيص الخطاب وتعميمه للمعدومين فليس
الشّك فى جانب العرض بل انما هو فى جانب الطّول ولا مجال لتخصيص الحكم بزمان
الانفتاح لجريان الاستصحاب فلا مجال اصل البراءة فى حق امثالنا لتقدّم الاستصحاب على اصل
البراءة فى نعم باب الشكّ فى المكلّف به يجرى اصل البراءة لكونه فى الزّمان الاوّل
بخلاف ما نحن فيه لكونه فى الزّمان الثانى وهو مورد الاستصحاب بخلاف الشكّ فى
المكلّف فانه لما كان الشك فى الزّمان الاوّل فلا مجرى للاستصحاب فيه ومع هذا نقول
انّه لو لم يكن التكاليف الواقعيّة متحصّلة فى الواقع على حسب المفسدة والمصلحة
لما كان
__________________
لرجحان الاحتياط المتفق عليه فى الاحكام الشرعيّة معنى اذ رجحانه من جهة
اصابة الواقع ولو لم يكن واقع للتكاليف لما تحصل موضوع الاحتياط فمن اين يتاتى
رجحانه والقول بكون الرجحان من باب التعبّد من الخرافات الّا ان يقال ان المرجع
الى الاستدلال بالاتفاق على البقاء وقد تقدم الاستدلال بالاتفاق وقيام الضرورة على
البقاء ومع هذا نقول انه لو لم يكن التكاليف الواقعيّة باقية واقعا فى زمان انسداد
باب العلم والمفروض ثبوتها فى حال العلم للزم توقعها على العلم ولو من باب البدل
بالنسبة الى طريق المجعول من باب الاشتراط او ممانعة الجهل قبل الفحص او عدم
المانع من المقدّمات وهو مستلزم للدور وان قلت إن هذا انما يتمّ على تقدير مداخلة
العلم بالفعل واما لو كان الدّخيل هو العلم بالقوة اى امكان العلم فلا بأس بأس
بالمداخلة قلت ان امكان العلم بمعنى انتقاش الشيء فى الذّهن موقوف على وجود الشيء
ايضا على نحو توقف العلم بالشيء على وجوده حيث ان الشيء بعد وجوده له فانية
الانتقاش بالمحاذاة فى المرأة وقد ينتقش فيها لكنّها قبل الوجود كما لا يتاتى
بانتقاشها فعلا كذا لا يتاتى امكان انتقاشها وان قلت إن الشيء صالح وقابل للانتقاش
على تقدير وجوده وبهذا يتاتى امكان الانتقاش مع عدم الوجود فلا يكون امكان
الانتقاش موقوفا على الوجود قلت إن هذا المقال صريح فى اناطة امكان الانتقاش
بالوجود اذ مقتضى التعليق المذكور كون الصّلاحيّة والقابليّة منوطة بوجود المعلّق
عليه اعنى الوجود فلو كان امكان العلم بالشيء موقوفا على وجوده فلا محال لمداخلة
امكان العلم فى الوجود الّا ان يقال ان معنى امكان العلم انما هو كون المكلّف بحيث
لو اشعر لا استشعر اى لا يكون موقوفا بالجملة مثلا كما يرشد اليه ما عن النهاية فى
موضع من اعتبار عدم الغفلة وهذا دخيل فى زمان انفتاح باب العلم ايضا ولو من باب
ممانعة عدم امكان العلم والكلام فى زمان الانسداد فيمن امكن فى حقّه العلم والشعور
فليس اختلاف حال زمان انفتاح باب العلم وزمان الانسداد الّا فى حصول العلم بالفعل
فى الاول وعدم حصوله فى الثانى فلا يكون عدم البقاء فى زمان الانسداد الّا بمداخلة
العلم بالفعل والمداخلة مستلزمة للدور كما سمعت وان قلت ان مرجع اشتراط الشعر والى
اشتراط العقل مع ان العقل شرط آخر قلت ان العقل يطلق فى مقابل الجنون ولا يعمّ
اشتراط العقل للاحتراز عن السكر والاغناء مع ان العلّامة الطّوسى لم يعتبر اشتراط
العقل واشتراط العلم او امكانه والظاهر انطباق غالب النّسخ عليه وعليه بنى شرّاح
التجريد نقلا حيث شرحوا كلامه بان يكون عالما او متمكنا من العلم وعن بعض النسخ
وامكانه ومع هذا نقول انه لو لم يكن التكاليف متحصلة فى الواقع وكانت منوطة بالعلم
ولو من باب التوقّف على عدم المانع يلزم مداخلة العلم فى المعلوم وفساده ظاهر ومع
هذا نقول انه لو لم يكن التكاليف متحصّلة فى الواقع وكانت منوطة بالعلم وكان حال
اناطتها على ما ذكر يلزم عدم الفرق بين العدل والظلم وفساده ايضا ظاهر الّا ان
يقال ان من يمنع عن البقاء انما يمنع عنه فى غير معلوم الحكم عقلا والعدل والظلم
ممّا يستقل بحكم العقل الثانى اشتراط التكاليف الظاهريّة بالعلم والوجه فيه اصالة
البراءة فى باب الشكّ فى التكليف فى شبهة الوجوب باتفاق المجتهدين وكذا فى الشك فى
المكلّف به سواء كان الشك بين الاقل والاكثر او المتباينين على الاظهر على ما
حرّرناه فى محلّه وقد حرّرنا رسالة منفردة فى باب الشك بين المتباينين بل مقتضى
الاختلاف على القول بحجيّة الظنون الخاصّة ومطلق الظنّ الاتفاق على اشتراط
التكاليف الظاهريّة بالعلم والّا لقيل بوجوب الاحتياط بل جرى المحقّق القمّى على
قبح التكليف بالواقع فى باب الشك بالمكلف به نظرا الى كونه من قبيل تاخير البيان
عن وقت الحاجة كما تقدم ومقتضاه قبح التكليف بالواقع فى باب الشك فى التكليف ايضا
وقد زيّفناه فى محلّه وربما قيل ايضا بقبح التكليف بالواقع فى صورة الجهل بالتكليف
او المكلّف به نظرا الى ضرورة ان المولى اذا قال اوجبت على عبدى فلان ان يذهب الى
السّوق ويشترى المتاع الفلانى وان كان جاهلا بهذا الحكم ولو تركه لكان مؤاخذ او
معاقبا ولا اقبل عذره فى جهله وعدم تمكنه عن تحصيل العلم بعد ذلك قبيحا ركيكا بل
خرج بذلك عن قانون العدل وانت خبير بان غاية ما يقتضيه هذه المقالة قبح عقاب
الغافل لكن لا يلزم منه عدم جواز التكليف بالواقع رأسا لجواز التكليف بالواقع فى
باب الشك فى التكليف او الشك فى المكلف به مع امكان الامتثال كما هو المفروض فى
موارد اصل البراءة وبعد ما مر اقول انه لا فرق بين التكاليف الواقعيّة والتكاليف
الظاهرية فى اناطتها بالعلم ولا مجال للتفضيل المتقدّم نعم التكاليف الواقعيّة غير
منوطة بالعلم بها بالفعل اصلا والتكاليف الظاهرية منوطة بالعلم بالتكاليف
الواقعيّة وهذا
خلاف ظاهر التفصيل المتقدّم اذ الظاهر تناسق التكاليف الواقعيّة والتكاليف
الظاهريّة فى باب الاناطة نفيا واثباتا بعدم اناطة التكاليف الظاهريّة بالعلم بها
فلم يرد النفى والاثبات فى مورد واحد والمنشأ شركة العلم واشتراك الصّورة اعنى
صورة العلم وايضا لا يخرج الامر عن حجيّة مطلق الظنّ والظّنون الخاصّة اذ لا
اعتبار بالقول بعدم اعتبار الظنّ راسا فاشتراط العلم فى باب التكليف الظّاهرى كما
ترى وايضا الكلام فى التّكاليف الواقعيّة قضيّة اخذها فى دليل الانسداد فالتفصيل
بين التكاليف الواقعيّة والتّكاليف الظّاهريّة من باب التفصيل بين المتنازع فيه
وغيره والمرجع الى القول بالبقاء على الاطلاق وبما مرّ يظهر ضعف القول ببقاء
التكاليف الواقعيّة على ما هى عليه وكذا تخصيص البقاء بالمعلوم وكذا تفسير
التكاليف بالتكاليف الظّاهرية مضافا الى انّ حمل التكاليف الواقعيّة على التكاليف
الظّاهريّة من قبيل التجوّز بعلاقة التّضاد وهو غير ثابت فى غير اطلاق الزنجي على
الكافور وامّا تفسير البقاء بالبناء فى كل واقعة على شيء فهو خلاف الظّاهر بلا
شبهة مع ان الظاهر بل بلا اشكال ان المقصود وجوب البناء فى كل واقعة على حكم ولو
من باب الحكم العملى مع انّ هذا وظيفة المجتهد ولا يتمشّى من المقلّد فكان المناسب
دعوى وجوب البناء من المكلّف فى كلّ واقعة من باب الاجتهاد او التقليد على حكم
اللهمّ الّا ان يكون المقصود بالبناء ما يعمّ الاجتهاد والتّقليد مضافا الى ما
يقال من ان اتّفاقهم على بناء العمل انّما هو بعد تعيين الحجة والماخذ وتحصيل
المتّبع لانفسهم كما يشهد بذلك صريح قوله بل يتفحّصون عن مدارك الواقعة فان وجدوا
فيها دليلا خاصّا الخ حيث ان التفحّص والرّجوع ليس الا بعد ما ثبت اعتبار تلك
الادلّة عندهم وح فهذا الاجماع لا ينفع بحال من لم يثبت عنده حجية شيء من الادلة
ويكون بصدد تحصيل الحجّة وتعيين المتّبع الّا ان يقال انّ عدم ثبوت اعتبار المدارك
لا ينافى اعتبار الا الإجماع على وجوب البناء والاستدلال بالاجماع المذكور وبما
ذكر يظهر سقوط التفسير بعدم السّقوط وأورد عليه بان المراد من وجوب البناء فى كل
واقعة على حكم لا يخلو اما وجوب تحصيل العلم بحكم الواقعة من الوجوب والنّدب
وغيرهما كما هو الظّاهر من كلامه او وجوب كون العمل فى ظرف الخارج على طبق مقتضى
واحد من الاحكام بمعنى انه يجب على المكلّف مثلا فى كلّ واقعة مثل قراءة السّورة
فى الصّلاة ان يكون عمله فيها اما على وفق مقتضى الوجوب او النّدب او غيرهما او
وجوب الاخذ به وجعله حكما لنفسه مثلا فى واقعة شرب العصير يجب على المكلّف ان
يجعل حكمه فيها امّا الحرمة او الإباحة ولو كانت من باب الاباحة العقليّة او
الكراهة وكذلك فى جميع الوقائع والجميع فاسد امّا الاوّل فلان وجوب تحصيل العلم
بحكم الواقعة كليّة فى جميع الموارد والوقائع ممنوع ولم يقم عليه دليل قطعىّ لا
عقلا ولا شرعا والدّليل الظنّى على فرض ثبوته غير كاف ودعوى الاجماع مدفوعة بان
حجيّة الاجماع انما هى من جهة الكشف عن قول الامام عليه السّلم ويشترط فى جريان
حكمه فى حقّنا ان لا يكون الجمع عليه مقيدا بقيد غير حاصل لنا سواء كان الاجماع
قوليا او فعليّا فلو اجمعوا على وجوب صلاة الجمعة عند وجدان الامام عليه السّلم
فلا يجرى فى حقنا الفاقدين له بخلاف اجماعهم على تحريم الخمر من دون تقييد فى
فتاويهم فانه يكشف عن اطلاق التّحريم الشّامل لنا فيكفى فى الاجماع القولى فى ثبوت
حكمه لنا مجرّد اطلاق فتاويهم الكاشف عن اطلاق قول الإمام ع وامّا الاجماع الفعلى
فلعدم تحقق الاطلاق فيه لا بدّ فى حجيّته لنا من العلم بان عملهم ليس مستندا الى
جهة غير موجودة لنا فالعلم بالاستناد الى الجهة المشار اليها او الظنّ به بل مجرّد
الاحتمال قادح فى الحجيّة وعلى تقدير تسليم الاجماع لا يثبت الكليّة ففيما دار حكم
الواقعة بين الوجوب وغير الحرمة نقول يجوز للمكلف ان يعمل بمقتضى الاحتياط ولم
يعين حكم هذه الواقعة بل يجعله باقيا فى مطمورة الجهل وكذا فيما دار الحكم بين
الاباحة والاستحباب او بين الاباحة والكراهة او بين الاستحباب والكراهة فما الّذى
ذلك على وجوب تحصيل العلم بحكم الواقعة فى هذه الموارد واى محذور يرد على عدم
الوجوب كما يظهر على الناظر فى طريقة الفقهاء هذا مضافا الى ان
المفروض سدّ باب العلم بالواقع فتحصيل العلم بالظّاهر فرع ثبوت حجية شيء من
الادلّة فما لم يثبت المتّبع بعد انسداد باب العلم كيف يمكن دعوى امكان تحصيل
العلم لا يقال انّ امكان تحصيل العلم بحكم الواقعة لا يتوقف على ثبوت حجيّة الظنّ
او غيره من الادلّة بل هو مقتضى بطلان التّكليف بما لا يطاق وعدم جواز القبح على
الشّارع حيث ان ما يصلح طريقا لاخذ الحكم محصور بين امور فان ثبت التّرجيح لبعضها
فهو والّا فالعقل حاكم بالتّخيير والا للزم احد المحذورين
__________________
لانا نقول انّه لا يلزم من مجرد ذلك امكان تحصيل العلم اذ يقع الشك فى
ترجيح بعض المحتملات على بعضها كما قد يقع الشّك فى بطلان البعض وايضا قد يقع الشك
فى انّ الحكم فيما لا نصّ فيه هل هو الاحتياط او البراءة والنّقل لا يفيد سوى
الظّن سيّما بعد تعارضه من الطرفين والعقل ايضا متعارض فانّه كما يحكم بقبح
التكليف عند الجهل به كذلك قد يحكم بوجوب دفع الضرر المحتمل فغاية ما يتحصّل بعد
النظر والتّرجيح هى الظّن وبالجملة تحصيل العلم بحكم الواقعة لا يتم الّا بعد ثبوت
الماخذ والحجّية فى غير المعلومات واما الثانى فلانّ خلوّ المكلّف فى ظرف الخارج
عن مقتضى واحد من الاحكام ممّا يكون محالا عقلا وعادة فلا معنى لتعلّق الوجوب به
كما لا يخفى واما الثالث فلان وجوب الافتاء مطلقا على كلّ احد ممنوع والدّليل عليه
مفقود مضافا الى انه فرع العلم او الظن المعتبر ومع فقدهما فلا وامّا الرابع فلان
جعل الحكم حكما للواقعة والاخذ بها من غير دليل باطل قطعا ومعه فرع وجود الدّليل
المعتبر والتفويض الى اختيار المكلّف وارادته مقتضى التخيير الّذى حكموا ببطلانه
اقول انّ ما استظهره المورد اعنى الوجه الاوّل من الوجوه المذكورة فى شرح المراد
بتفسير البقاء بوجوب البناء غير مراد كيف لا وصريح التفسير المشار اليه يقضى بان
الغرض وجوب البناء على حكم من الاحكام ولو كان هو الإباحة واين هذا من وجوب تحصيل
العلم وايضا ما ذكره من ان المدار فى حجيّة الاجماع على الكشف عن قول الامام عليه
السّلم بعد فساد اعتبار القول بكون المدار على الكشف عن الراى اللهم إلّا ان يكون
المقصود بالقول هو الراى كما يطلق القول على الرّأي مدفوع بما حرّرناه فى محلّه من
ان المدار على افادة العلم من جهة تراكم الظّنون والمرجع فى حجيّة الاجماع الى
حجيّة العلم وايضا ما ذكره فى تزييف الوجه الثّالث يكشف عن كون الغرض من الوجه
الثّالث هو وجوب الافتاء فى جميع الوقائع بل هذا هو الظّاهر من الوجه المشار اليه
لكن صريح التفسير المتقدّم يقضى بان الغرض الوقائع الواردة على الشخص لا مطلق
الوقائع وامّا التفسير الاخير فبعد رجوعه كما مرّ الى تفسير التكاليف الواقعيّة
بالتكاليف الظاهريّة وقد مرّ الكلام فيه مدفوع بظهور بقاء التكاليف الواقعيّة فى
بقائها على ما هى عليه من غير ان يكون لها بدل وبعد ما مرّ اقول انه لا شكّ فى
اناطة استحقاق العقاب على ترك الواجب وفعل الحرام بالاطلاع على الوجوب والحرمة
علما او ظنّا ثبت حجيّته كيف لا ولو لا هذا لما قام من اصالة البراءة عود ولا عمود
وان قلت انه لو كان الامر على ذلك فكيف وقع الكلام فى باب معذوريّة الجاهل القاصر
فى عباداته قلت انّ المقصود بالعذر فى عبادات الجاهل القاصر والمقصّر انما هو
الصّحة كما يظهر بالرّجوع الى كلماتهم فى باب الجاهل وان قلت انه لو كان الامر على
ذلك فكيف ذكر فى كلماتهم اختصاص العذر بالجاهل بقصر الصّوم فى السّفر فانه اذا صام
لا يجب عليه القضاء والجاهل بحرمة وطى الحائض والجاهل بعدم جواز الافاضة من عرفه
قتل الغروب والجاهل بالجهر والاخفات وقال العلّامة فى القواعد والجاهل عامد الا فى
الجهر والاخفات وغصبيّة الماء والثّوب والمكان ونجاستهما ونجاسة البدن وتذكية
الجلد الماخوذ من مسلم ومقتضاه عدم معذوريّة الجاهل فى غير ما ذكر قلت الظاهر ان
المقصود بما ذكر فى كلماتهم من اختصاص العذر بالموارد الاربعة انّما هو اختصاص
العذر فى الجهل الناشى عن التقصير وبما ذكر يظهر الحال فيما ذكره العلّامة من
العذر فى الجهر والاخفات واما سائر ما ذكره فالامر فيه من باب الشّبهة الموضوعية
ولا يرتبط بما نحن فيه وان قلت ان مقتضى تعريف الواجب والحرام فى كلماتهم بما
يستحقّ فاعله الثواب وما يستحق تاركه العقاب عدم اناطة استحقاق الثواب والعقاب
بالعلم قضيّة اطلاق التّعريفين قلت الظّاهر ان الإطلاق فى مقام الاجمال اعنى ان
الغرض كون المدار فى الواجب على حال الترك من حيث استحقاق العقاب قال الفعل فى
الحرام وفى الحرام على حال الفعل قبال التّرك فى الواجب وليس الغرض بيان حال
العقاب تفصيلا حتى يقتضى عدم اشتراط العلم ويمكن ان يقال ان مقتضى ما ذكر فى
كلماتهم من انّ النزاع فى عقليّة الحسن والقبح انّما هو فى الحسن والقبح بمعنى
استحقاق الفاعل للمدح عاجلا والثّواب آجلا واستحقاق الذمّ عاجلا والعقاب آجلا
انّما هو كون استحقاق الثواب والعقاب على نفس الفعل ليس الّا بل مقتضاه عدم اناطة
الثواب بقصد القرية بل مقتضى ما فى كلماتهم من تمثيل الحسن بالاحسان هو ترتّب
الثواب على الإحسان بدون قصد القربة بناء على ما سمعت من ان المتنازع فيه فى باب
عقليّة الحسن والقبح هو الحسن بمعنى ترتّب المدح والثواب فى العاجل والاجل والقبح
هو الحسن بمعنى ترتّب الذمّ والعقاب فى العاجل والاجل بل مقتضى ما ذكره شيخنا البهائى
من انّ حسن الإحسان وقبح العدوان ممّا
يحكم به نفاة الاديان انما هو استحقاق الثّواب على الاحسان واستحقاق العقاب
على الظلم والعدوان من دون مداخلة العلم بل من دون اذعان بوجود الصّانع لكنه كما
ترى الّا ان يكون الغرض استحقاق الاجر على الاحسان والايذاء على الظّلم من اى شخص
كان لكنّه غير مناسب مع جعل النزاع فى باب عقليّة الحسن والقبح فيما ذكر اذ
الظّاهر بل بلا اشكال ان الغرض استحقاق الثّواب والعقاب من الله سبحانه لكن يمكن
القول بان الغرض من تعريف الحسن والقبح هو كون المدار فى الحسن والقبح على استحقاق
الثواب والعقاب على الفعل والتّرك قبال السّلب الكلى من الأشاعرة فالاطلاق فى مقام
الاجمال ولا اعتبار به وعلى اىّ حال فلا شكّ فى ان فى الأفعال مصالح ومفاسد تقتضى
دوام الفعل والتّرك مثلا ومداخلة العلم والجهل فيما يقتضيه المصالح والمفاسد بعيدة
ولا شك فى بقاء المصالح والمفاسد فى زمان انسداد باب العلم ولا شكّ فى عدم استحقاق
العقاب على الفعل مع الجهل بعد الفحص لكن نقول ان المقصود بالتكاليف الواقعيّة ان
كان هو مقتضيات المصالح والمفاسد مع قطع النّظر عن استحقاق العقاب على الفعل
والترك اعنى دوام الفعل والتّرك مثلا فلا شكّ فى بقائها بمعنى بقاء اقتضاء المصالح
والمفاسد وان كان المقصود هو الوجوب والحرمة بحيث يتاتّى استحقاق العقاب على الفعل
والتّرك فلا مجال لبقائها وبوجه آخر نقول انّ بعد فرض حجيّة الظّن خصوصا او عموما
مع مخالفة الظنّ للواقع اما ان يصحّ المخاطبة بعد حركة الظنّ الى الحكم المخالف
للواقع بالواقع او لا فعلى الاوّل يلزم التكليف بالضّدين وعلى الثانى اما ان يصحّ
المخاطبة بالواقع قبل حركة الظنّ او لا فعلى الاوّل يلزم كون الامر من باب اللغو
ومن قبيل النسخ قبل حضور وقت العمل وعلى الثانى يلزم خلاف الضّرورة للزوم عدم بقاء
التكاليف الواقعيّة ولا يخفى عليك ان الاشكال فى اجتماع التكليف الواقعى والتكليف
الظّاهرى وافتراقهما فى اجتماع استحقاق العقاب على مخالفة التكليف الواقعى
والتكليف الظّاهرى لما يظهر ممّا مر من عدم استحقاق العقاب على مخالفة التكليف
الواقعى لعدم العلم به بل نقول انه لا يختصّ الاشكال بزمان انسداد باب العلم بل
يطرّد فى زمان انفتاح باب العلم بل المقصود بالعلم مطلق الجزم الاعم من الجهل
المركّب وح يتاتى التّرديد على تقدير العلم بحكم مخالف للواقع بانه اما ان يصحّ
المخاطبة بالواقع أو لا فعلى الاوّل يلزم التّكليف بالضدين وعلى الثانى اما ان يصح
المخاطبة بالواقع قبل العلم أو لا فعلى الاوّل يلزم كون الامر من باب اللغو ومن
قبيل النسخ قبل حضور وقت العمل وعلى الثانى يلزم عدم حدوث التكاليف ويمكن الذبّ
بان المقصود بالتكاليف الواقعيّة هو مقتضيات المصالح والمفاسد من دوام الفعل
والتّرك وعدمه مثلا المكشوفة بالاخبار فلا بدّ للمجتهد من الفحص فلو تحرّك الظنّ
الى الوجوب مثلا يصحّ المخاطبة به ولو مع المخالفة للواقع فح يجتمع التّكليف
الواقعى اعنى مقتضى المصلحة والمفسدة والتكليف الظّاهرى وهو مؤدّى الظن ولا باس به
لعدم اخذ اللزوم والامر بالواقع فى التكليف الواقعى لكنّه يندفع بان مقتضى المصالح
والمفاسد اما ان لم يتعلّق به التكليف من اوّل الامر او تعلّق فعلى الاوّل يلزم
عدم تعلق التّكليف بالواقع من اوّل الامر وهو خلاف الضّرورة بل هو قبيح كما يرشد
اليه ما عن العلّامة الطّوسى فى التجريد من انّ عدم ارادة الحسن قبيح وعلى الثانى
اما ان يبقى التّكليف أو لا فعلى الاول يلزم التّكليف بالضدّين وعلى الثانى يلزم
كون الامر من باب اللّغو ومن قبيل النّسخ قبل حضور وقت العمل لكن نقول ان الغرض من
نشر الكلام فى بقاء التكاليف الواقعيّة انما هو اصلاح مقدّمة دليل الانسداد لكن
الاصلاح لا يكون موقوفا عليه ويتاتى المقصود بدعوى وجوب البناء فى كل واقعة على
امر اجتهادا او تقليدا ولو على الاباحة العمليّة على حسب ما يتاتّى بدعوى بقاء
التكاليف الواقعيّة لتردّد البناء فى احتمالات متطرّقة على تقدير بقاء التكاليف
الواقعيّة كما ياتى وانحصار الامر بين اعتبار مطلق الظنّ والظّنون الخاصة ولزوم
اقامة الدّليل على جهة حجية الخصوصيّة او رجحان الظّنون الخاصّة بناء على اعتبار
الظّنون الخاصّة ووجوب البناء المشار اليه امر ضرورىّ لا اشكال فيه ولا مجال
لاحتمال خلافه وظهوره اقوى بمراتب من بقاء التكاليف الواقعيّة اذ المدار فى
الضّرورة على مداخلة العوام بانضمام المجتهدين والعوام قاطعون بعدم الاهمال ووجوب
البناء فى كلّ واقعة واقعة اى متطرّقة على شيء لكن لا يعرفون التكاليف الواقعيّة
والظاهريّة وبعد ما مرّ اقول انه يمكن ان يقال انّه يصحّ المخاطبة بالواقع قبل
حركة الظنّ الى خلاف الواقع ولا يمانع امتناع العلم بناء على انصراف اطلاقات
التكاليف الشّرعية الى حال امكان العلم بالموضوعات المخترعة لفرض قضاء الضّرورة
ببقاء التكاليف الواقعيّة فى حق امثالنا القاضى بشمول اطلاقات التّكاليف لصورة
امتناع العلم من المشافهين وبعد حركة الظنّ الى
الى خلاف الواقع اما ان يبقى الظنّ على حاله الى ان ينقضى الوقت كما هو
الغالب او ينكشف الخلاف فى الوقت فعلى الاوّل يصحّ المخاطبة بالمظنون ولا باس
بالمخاطبة بالواقع اولا مع فرض تعقّبه بالارتفاع بالخطاب بالمظنون لا مكان المصلحة
فى تعلّق الخطاب بل لا ريب فى ثبوت المصلحة فى التعلّق اذ لو لا التعلّق لما امكن
التفحّص عن الواقع ولما امكن ان يصير الظنّ حجة وانقطع الوصول الى المصالح الكامنة
والنجاسة عن المفاسد المكنونة بالكليّة ومن ذلك جواز امر الآمر مع العلم بانتفاء
الشّرط وكذا جواز النّسخ قبل حضور وقت العمل لا مكان المصلحة كالتّوطين ونحوه اعنى
جواز الامر باستعماله فى معناه الحقيقى بداعى مصلحة التّوطين ونحوه كيف لا
والاوامر الشّرعيّة لا تنحصر الدّواعى عليها فى حكمة الامتثال كيف لا وتكاليف
الكفار بالعبادات فضلا عن قضاء العبادات لا يكون الداعى عليها حكمة الامتثال لعدم
صحّتها حال الكفر لانتفاء قصد القربة وعدم وجوبها بعد الاسلام لان الاسلم يجب ما
قبله فلا يتوجّه القول بامتناع امر الآمر مع العلم بانتفاء الشّرط وكذا عدم جواز
النّسخ قبل وقت حضور العمل للزوم اللغو والسّفه وان قلت انّه على ذلك يلزم التّصويب
لفرض نيابة الخطاب بالمظنون عن الخطاب بالواقع وارتفاع الخطاب بالواقع بالخطاب
بالمظنون قلت انّ المدار فى التّصويب على خلو الوقائع عن الاحكام واين هذا من
نيابة الظنّ عن الواقع اذ بطلان الاوّل ثابت بالضّرورة وامّا الثّانى فلا دليل على
بطلانه بل لا مجال لغيره وهو مقتضى بعض كلمات المحقق القمىّ وان قلت ان انقلاب
الخطاب ينافى الاتفاق على حسن الاحتياط اذ الغرض من الاحتياط الوصول الى الواقع
قلت ان الغرض فى المقام الوصول الى المصالح الواقعيّة والمجانبة عن المفاسد النّفس
الأمريّة لا الاتيان بالواجب الواقعى وترك الحرام الواقعى ويمكن ان يقال انه لو
قامت الضّرورة على بقاء التّكاليف الواقعيّة فقد قامت ايضا على كون الغرض الامتثال
فلا يتّجه اصلاح حال الضّرورة بدعوى كون التّكليف لا لداعى الامتثال لكن هذا
المقال دونه كمال الاشكال ويمكن ان يقال انّ حكمة الفحص وان تصحّح التكليف والالزام
فعلا فى حركة الظنّ والعلم بخلاف الواقع وكذا تصحّح صحّة التكليف والالزام بالواقع
فى تلك الصّورة كما ان التّوطين مثلا يصحّح التكليف والالزام فى باب امر الآمر مع
العلم بانتفاء الشّرط والنّسخ قبل وقت حضور العمل بناء على الجواز فيهما لكن بناء
على اختصاص الخطابات الشّفاهيّة بالمشافهين وعدم شمولها لحال عدم امكان العلم غاية
الامر صحة التكليف والالزام بالنّسبة الينا وكذا بالنّسبة الى المشافهين فى حال
عدم امكان العلم الّا ان الفحص لا يصحّح اللزوم بدون الالزام كما هو مقتضى ثبوت
التّكاليف الواقعيّة فى اهل الحضور مع عدم امكان العلم وكذا بقائها فى حقّنا بناء
على ما ذكر من اختصاص الخطابات الشفاهيّة وعدم شمولها لحال عدم امكان العلم وان قلت ان الالزام
يستلزم اللّزوم فما يكفى حكمة فى الالزام يكفى حكمة فى الا اللزوم قلت ان الالزام
وان يستلزم اللزوم لكن ما يكفى حكمة فى الالزام لا يكفى حكمة فى اللزوم مع انه لو
كان ما يكفى حكمه فى الالزام كافيا فى حكمة اللزوم فانما يكون كافيا فى حكمة
اللزوم المتعقّب للالزام ولا يكون كافيا فى حكمة اللزوم بدون الالزام وعلى الثانى
ان كان الواقع حكم ثالث فالحال من حيث المخاطبة بالواقع والمظنون على منوال ما ذكر
اى يصحّ المخاطبة بالثالث وينقلب الخطاب بالمظنون الاوّل لو كان الواقع هو المظنون
الثّانى وبالمظنون الثّانى لو كان الواقع هو المظنون الاوّل والّا فيبتنى تعلّق
الخطاب بالمظنون الاوّل لو كان الواقع هو المظنون الثّانى وبالمظنون الثّانى لو
كان الواقع هو المظنون الاوّل على جواز التخيير بين البدل والمبدل منه سواء كان كل
من الظّنين حادثا فى الوقت بان تحرّك الظنّ الأول بعد مضى مقدار الصّلاة ثم تحرك
الظن الثّانى او كان حركة الظنّ الاوّل قبل الوقت وحركة الظنّ الثانى فى الوقت
فمقتضى ما ذكره المحقق القمى فى بحث الواجب الموسع هو القول بجواز التخيير حيث انه
حكم بانّ مقتضى توسيع الوقت والتخيير فيه التخيير فى لوازمه وبنى عليه عدم صحة
التمسّك باستصحاب ما يلزم المكلّف فى اوّل الوقت فى آخر الوقت تعليلا بان المكلّف
فى اوّل الظّهر مكلّف بمطلق صلاة الظّهر قال فعلى القول باعتبار حال الوجوب فى
مسئلة القصر فى السّفر لا يمكن التمسّك باستصحاب التّمام اوّل الوقت لانّ المكلّف
مخيّر فى اول الوقت باداء مطلق صلاة الظّهر فى اى جزء من الاجزاء ويمكن المخالفة
فى الاجزاء فى نفس الامر بالقصر والاتمام والصّلاة بالتيمّم والوضوء وصلاة الخوف
وصلاة المريض وغير ذلك فتخيير المكلّف فى ايقاعها فى هذه الاجزاء تخيير فى لوازمها
قال وان شئت تقريرا اوضح فاعتبر الاشارة من ملاحظة ما دل على توسيع الظهر مع ما
دلّ على اباحة السّفر مطلقا كما يستفاد
__________________
اقل الحمل من الايتين لكن يشكل ما ذكره اولا بالمنع من عموم التّخيير فى
مثل صلاة المريض حيث انّه لو علم فى اول الوقت بالابتلاء بالمرض فى آخر الوقت
والفجر عن الصّلاة الاختياريّة فلمّا كان المكلّف به هو الكلّى لا يتاتى فيه
التخيير بين المكلّف به الاختيارى والمكلّف به الاضطرارى لم يثبت التّخيير وجواز
التاخير لاشتراط الصّلاة الاضطراريّة بعدم القدرة على الصّلاة الاختيارية ففى اوّل
الوقت لا يتاتى التّكليف بالاضطرارى بل المتعيّن هو الاختيارى وعلى هذا يجرى الامر
فى مراتب الاضطرار ففيما نحن فيه لا يتاتى الخطاب بالمظنون فى الواقع لكون العمل
بالمظنون من باب البدلية عن الواقع نعم قبل انكشاف الخلاف يتراءى فى ظاهر تعلّق
الخطاب بالمظنون لكن بعد انكشاف الخلاف يظهر عدم تعلق الخطاب به وهذا من باب
انكشاف الخلاف والا فلو تمادى الظن كان حجة فى الظاهر والواقع كما يظهر ممّا مر
الّا ان يقال ان الاضطرار يمانع عن التخيير بين الاختيارى والاضطرارى فى زمان واحد
بكون الزّمان الواحد ظرف الفعل واما لو كان الزمان الواحد ظرف التخيير بان كان
التّخيير فى زمان الاختيار كما فى المثال المذكور او زمان الاضطرار كما لو كان
مريضا فى اوّل الوقت وعلم بالبرء فى آخر الوقت بين الاختيارى والاضطرارى فى زمان الاضطرار فلا مانع عنه فلا باس فى المقام
بالتخيير بين الواقع والمظنون إلّا ان يقال ان المدار فى البدلية على الالجاء
والضرورة فى تمام الوقت وامرها كاكل الميتة فى المخمصة بل الظاهر من دليل
الاضطرارى استيعاب الاضطرار فى تمام الوقت فلو كان متمكنا من المبدل فى بعض اجزاء
الوقت لا يتاتى التخيير ولو بالنّسبة الى زمانين الّا ان يقال ان القدر الثابت كون
المدار فى البدلية على الالجاء والضرورة حال الفعل واما لزوم استيعاب الالجاء
والضّرورة فى تمام الوقت فهو غير ثابت نعم لا دليل ايضا على كفاية الالجاء
والضّرورة حال الفعل فيبتنى جواز الاتيان بالبدل فى اوّل الوقت او فى آخر الوقت مع
العلم بزوال الابتلاء فى الآخر فى الاوّل والعلم بتطرّق الابتلاء فى الآخر فى
الاخير على حكومة اصل البراءة فى باب الشكّ فى المكلّف به وإلّا فلا يتاتى الجواز وثانيا
بالمنع عن عموم اللزوم فى باب القصر وصورته ما لو تسافر بعد الحضور فى الوقت
بمقدار الإتمام لانصراف ادلّة القصر الى ما لو كان المسافرة فى تمام الوقت او كون
الصّلاة المسافرة فى اوّل الوقت والشّك فى الشّمول لما لو كان المسافرة بعد انقضاء
زمان الاتمام ولما كان الشك فى جانب الطّول فيتاتى الاستصحاب ويرشد الى ذلك اعنى
الشكّ فى الشّمول ما عمّن جرى على كون المدار فى القصر على حال الاداء من عدم
ادّعاء الشّمول بل التمسّك بالنّص وعلى منوال حال القصر حال الاتمام من حيث
الانصراف والشّك فى الشّمول فيتاتى الاستصحاب فيما لو حضر المسافر بعد المسافرة فى
الوقت بمقدار القصر فالمدار فى باب القصر والاتمام على استيعاب الوصف اعنى الحضور
والمسافرة او كون الصّلاة فى اوّل الوصفين المتخللين فى الوقت واما لو كان الصّلاة
فى ثانى الوصفين المتخللين فى الوقت فيعمل فيها بحكم الاستصحاب وبما ذكر يظهر حال
انفتاح باب العلم من حيث الجمع بين قيام الضّرورة على تعلّق التكاليف بالواقع
وحجّية العلم فالامر فى زمان انفتاح باب العلم من باب الجمع بين الخطابات
المتعلّقة بالواقع وحجيّة العلم وكذا حجية الظنّ عند عدم التمكن من العلم او مطلقا
وفى زمان انسداد باب العلم من حيث الجمع بين صحّة الخطاب الناشية عن بقاء التكاليف
الواقعيّة وحجيّة الظّن وبعد ما مرّ اقول انّه يمكن القول بانّ الاوامر والنواهى
ظاهرة فى كون الداعى عليها هو الاتيان بالواقع وترك الواقع وحملها على كون الدّاعى
امر آخر خلاف الظّاهر والظّاهر منها ايضا انما هو تعيين الواقع فعلا وتركا والحمل
على التّخيير بين الواقع والمظنون خلاف الظّاهر وليس ارتكاب الاوّل اولى من الثانى
فيمكن الحمل على التّخيير كما هو مفاد بعض الأقوال المتقدّمة الّا ان يقال ان
ارتكاب خلاف الظّاهر بناء على الحمل على التخيير ازيد حيث ان التخيير هنا لا يكون
من قبيل التخيير المتعارف بكون كل من فردى التخيير فى جانب العرض بل الواقع
والمظنون فى جانب الطّول لكون الامر بالمظنون بالنّسبة الى صورة عدم التمكّن من
الواقع فلا بدّ من الحمل على التخيير مع تقييد الامر بالمظنون بعدم التمكّن من
الواقع كما انّه لا بدّ من تقييد الامر بالمظنون بعدم التمكّن من العلم بناء على
اختصاص اعتبار الظّن بصورة عدم التمكّن من العلم والفرق بين التقييدين واضح اذ
المدار فى الاوّل على عدم التمكّن من الواقع والمدار فى الثانى على عدم التمكّن من
العلم ولو فرض كون العلم مخالفا للواقع ثم انّه قد اخذ جماعة بقاء التكليف الى يوم
القيمة مقدّمة من مقدمات دليل الانسداد تصريحا او تلويحا كما تقدّم واستشكل عليه
بوجوه احدها ان بقاء التّكاليف مع انسداد باب العلم
__________________
بها يتوقف على ثبوت حجية الظن او دليل آخر والّا فمقتضى اتفاقهم على
البراءة فيما لا نصّ فيه عدم البقاء والحاصل انّ بقاء التّكاليف فى غير المعلومات
فرع حجية الظّن فلو كانت هى ايضا متوقّفة عليه يلزم الدّور وفيه ان المقصود ببقاء
التّكاليف الماخوذ فى الدّليل المشار اليه بالصّراحة هو بقاء التكاليف الواقعيّة
بلا اشكال قضيّة كون الالفاظ موضوعة للمعانى الواقعيّة وهو الظاهر بالنّسبة الى ما
اخذ فيه البقاء بالاشارة وبقاء التكاليف الواقعيّة غير متوقف على حجيّة الظّن او
دليل آخر نعم وجوب امتثال تلك التكاليف اعنى البقاء ظاهرا موقوف على حجية الظن
فالمأخوذ غير موقوف على حجية الظن او دليل آخر والموقوف غير ماخوذ إلّا ان يقال
انّ ما لا يتوقّف على حجيّة الظن انما هو مقتضى المصالح والمفاسد اعنى دوام الفعل
او التّرك مثلا وامّا الالزام المقصود بالتّكليف فصحّته مبنيّة على حجيّة الظن او
طريق آخر لكن نقول ان توقّف صحة الالزام بالواقع على حجيّة الظّن بالواقع انما
يتاتى على تقدير كون الالزام بداعى ايجاد الواقع او تركه واما لو كان لحكمة اخرى
كما مرّ اصلاح بقاء التّكاليف الواقعية به فلا يتاتى التوقف هذا بناء على دعوى
بقاء التكاليف الواقعيّة واما بناء على دعوى وجوب البناء على شيء فلا يخفى ان وجوب
البناء غير موقوف على شيء إلّا ان يقال ان وجوب البناء وان لا يتوقّف على حجيّة
الظّن لكنه موقوف على حجيّة المبنىّ عليه سواء كان حكما اجتهاديّا او عمليّا
والمدّعى فى الايراد لم يكن هو التوقّف على حجيّة الظّن بل على حجّية الظن او طريق
آخر فكما يرد الدّور بناء على دعوى بقاء التكاليف الواقعيّة كذا يرد بناء على دعوى
وجوب البناء على شيء وبعد هذا اقول انّ دعوى الاتفاق على العمل باصل البراءة تندفع
باختصاص الاتّفاق بصورة عدم العلم الاجمالى والّا فلا مجال لاصل البراءة كيف لا
وياتى بطلان العمل باصل البراءة فى موارد الظّن للزوم الخروج عن الدّين لكن نقول
انّه انّما يتمّ بناء على ملاحظة مقدّمات دليل الانسداد بالنّسبة الى مجموع
الوقائع كما هو الاوقع والاقوم لا الملاحظة بالنّسبة الى كل واحد من الوقائع كما
وقع من المحقق القمّى وبعد هذا اقول انّ دعوى توقّف بقاء التّكاليف على حجيّة
الظنّ فى الايراد المذكور بملاحظة الاتفاق على اصالة البراءة فيما لا نصّ فيه وقد
سمعت الكلام فيه ويمكن دعوى التوقّف بملاحظة قبح التّكليف مع عدم جعل الطّريق ولو
بحكم العقل او انجعاله فيما لم يكن قابلا للجعل للزوم التكليف بما لا يطاق الّا
انّه ينقدح بانّ غاية امر الظن كونه طريقا ومقدّمة لامتثال التكليف ولا يتجاوز
امره عن مقدّمة الواجب فلا يضايق عن بقاء التكاليف مع عدم حجيّة الظّن من يقول
بعدم وجوب مقدّمة الواجب ويجيب عن الاستدلال على الوجوب بانه لولاه لجاز تركها فان
بقى الواجب ح واجبا فيلزم التّكليف بالمحال والّا فيخرج الواجب عن كونه واجبا تارة
باختيار الشق الأوّل بدعوى كون اوامر الشّارع من باب اوامر الاطبّاء والغرض اظهار
صلاح حال العباد ولا باس بالايجاب بهذا المعنى مع ترك المقدّمة وان ضاق الوقت او بدعوى
عدم لزوم التّكليف بالمحال لعدم استحالة تعلق الوجوب على تقدير سعة الوقت قضيّة
الفرق بين الضّرورة بشرط الوصف والضّرورة فى حال الوصف كما حرّرناه فيما علقناه
على بحث مقدّمة الواجب من الاشارات وعدم استحالة بقاء التكليف على تقدير ضيق الوقت
قضيّة عدم منافاة الامتناع بالاختيار للاختيار واخرى باختيار الشق الاخير بدعوى
كفاية تعلق الوجوب فى بعض اجزاء الزّمان وتطرّق استحقاق العقاب على ترك الواجب من
باب استناد الافعال التوليديّة الى الشخص لجواز ان يقول القائل بعدم وجوب المقدّمة
فى المقام لجواز التّكليف بمعنى اظهار اصلاح حال العباد مع عدم جعل الطّريق او
بقبح التكليف بشرط عدم حجيّة الظّن لا فى حال عدم حجيّة الظّن وعدم منافاة
الامتناع بالاختيار للاختيار لو تضايق المجتهد عن تحصيل الظّن وتضيق الوقت نعم
التكليف بدون الطّريق ولو فى حال عدم الطّريق قبيح لكن الكلام فى التكليف بدون
حجية الطّريق والمفروض ثبوت الطريق اعنى الظّن لكن يمكن القول بان ما ذكر من كلمات
ارباب القول بعدم وجوب المقدّمة انّما يتاتى فى المقدّمات الّتى لا يتخلّف عن
الواقع كطىّ المسافة بالنّسبة الى الحج وامّا الطّريق الذى يتخلّف عن الواقع فلا
مجال لحوالة الحال فيه الى نفس العباد الّا ان يقال ان ما يصلح المخالفة للواقع فى
صورة جعل الطّريق من ترياق مراحم الله سبحانه فهو يمكن ان يصلح المخالفة فى صورة
عدم جعل الطّريق وبعد هذا اقول ان الاتفاق على اصالة البراءة فيما لا نصّ فيه انما
يقتضى عدم انفكاك التّكليف عن جعل الطّريق لكن لا يقتضى توقف التكليف على جعل
الطّريق فالاتفاق المذكور يجامع مع بقاء التكليف متعقّبا لجعل الطّريق فيمكن ان
يكون الامر من باب الاستلزام لا التوقّف
بل الامر من باب الاستلزام بلا كلام وربما ذكر يظهر الحال لو كان التمسّك
على بقاء التكليف بقبح التكليف بدون جعل الطّريق اذ غاية الامر قبح التّكليف بدون
جعل الطريق ولا يقتضى هذا توقف التكليف على سبق جعل الطريق كيف لا وتاخير بيان
اجمال التكليف عن الخطاب فى صورة الاجمال جائز فتأخير جعل الطّريق جائز بالاولوية
لكن يمكن ان يقال ان الفرض التوقّف والاشتراط فى الجملة ولو كان الامر من باب
الشّرط المتاخّر اذ المدار فى الاشتراط على اصلاح حال المشروط وجودا والافساد عدما
ولو تطرق التكليف ولم يتعقّب بجعل الطريق يكون القبح فى التكليف الصادر اولا لا فى
حال عدم تعقيب التكليف بجعل الطّريق تعبّدا من باب التفكيك بين اللازم والملزوم مع
سلامة حال التكليف فهذا يرشد الى كون القبح من جهة التوقف لا الاستلزام بل اللازم
لا يتقدّم على الملزوم ولا اشكال فى جواز تقديم جعل الطريق على التفكيك فلا مجال
لكون عدم جواز التفكيك من باب الاستلزام ويتعيّن كونه من باب توقف صحّة التكليف
ولا فرق فيما ذكر بين كون التكليف المنشإ فى الحكم بالتوقّف هو الاتفاق على اصالة
البراءة فيما لا نصّ فيه او القبح العقلى إلّا ان يقال ان الظنّ مقدّمة الامتثال
ولو كان الامر على ما ذكر يلزم ان يكون الامر بالشيء موقوفا على الامر بمقدّمته
فيلزم ان يكون صحّة الامر بالحج مثلا موقوفه على الامر بطى المسافة وايجابه ولو
بدلالة العقل ولم يقل به احد اذ الكلام فى باب مقدّمة الواجب فى استلزام الامر
بالشيء لايجاب مقدمته بعد الفراغ عن كون الامر من باب الاستلزام بل لا اشكال فى ان
التفكيك بين الامر بالحجّ وايجاب طى المسافة يوجب ارتكاب المحذور من جهة ترك ايجاب
طى المسافة للزوم التّكليف بالمحال او خروج الواجب عن كونه واجبا لا من جهة الامر
بالحج فكذا الحال فى التكليف بالواقع فى الوقائع من دون جعل الطريق والامر بطى
المسافة لا يوجب اصلاح حال الامر بالحج بلا اشكال بل انّما هو يوجب دفع الاعتراض على
تركه بلزوم التكليف بالمحال او خروج الواجب عن الوجوب وكذا الحال فى جعل الطريق
فانه لا يصلح حال التكليف بالواقع بل يوجب رفع الاعتراض على تركه بلزوم التكليف
بالمحال ولزوم النسخ قبل حضور وقت العمل بل نقول انه لو كان الامر على ما ذكر يلزم
ان يكون جميع الواجبات المطلقة من باب الواجبات المشروطة لاشتراط وجوبها بوجوب
مقدّماتها مع عدم الدليل على وجوب المقدّمات من الخارج كيف لا والخلاف فى وجوب
المقدّمات انما هو فى وجوبها بتبع وجوب الواجبات من باب استلزام وجوب الواجبات
لوجوبها بعد الفراغ عن عدم الدليل من الخارج على وجوب الواجبات الا ان الفرق بين
الواجبات المشروطة المتعارفة والواجبات المطلقة اشتراط الوجوب بالوجود فى الاولى
واشتراط الوجوب بالوجوب فى الاخيرة فاستفادة وجوب المقدّمات من الامر بالوا جبات
توجب الدور وعدم وجوب المقدّمات يوجب اهمال التكاليف والخروج عن الدين ولو قيل انّ
ما ذكر انما يتمّ فى المقدمة العقلية والعادية دون المقدّمة الشرعية لفرض وجوبها
قلت ان وجوب المقدّمة الشرعيّة كالمقدّمة العقلية والعادية انما يكون موقوفا على
وجوب الواجب قضية ان وجوب المقدّمة غيرى لا نفسى فتوقف وجوب الواجب عليها يستلزم
الدّور فقد ظهر بما ذكر وجه آخر لتزييف الاستشكال المتقدم وهو انه لو كان بقاء
التكاليف مشروطا بحجّية الظن لكان وجوب الواجبات المطلقة مشروطا بوجوب المقدّمات
مع ان وجوب المقدّمة غيرى ولا مجال لكونه نفسيا فلو كان وجوب الواجبات موقوفا على
وجوب المقدّمات يلزم الدّور ويمكن ان يقال انّه لو كان بقاء التكاليف مستلزما
لحجية الطريق بناء على وجوب مقدّمة الواجب فبقاء التكاليف يكفى فى حجيّة مطلق الظن
ولا حاجة الى دليل الانسداد لكنّه يندفع بان المدّعى بناء على وجوب مقدّمة الواجب
استلزام بقاء التكاليف لحجية الطريق من الظن او غيره على حسب ما ادّعى المستشكل
توقف بقاء التكاليف عليه حيث انه ادّعى توقف بقاء التكاليف على حجيّة الظّن او امر
آخر فلا بدّ من تشخيص جعل الطّريق الاجتهادى المجعول جعل الطريق والطريق العملى لو
لم يثبت جعل الطريق الاجتهادى ودليل الانسداد لا يفيد ازيد منه كيف لا ومقدّمات
دليل الانسداد بين سدّ باب العلم وبقاء التكاليف فى كلام بعض وزيادة عدم الترجيح
بين الظنون فى كلام بعض آخر نعم لما كان الغرض اثبات حجية الظّن فلا بدّ من اخذ
سدّ باب العلم الا ان التعرّض لبطلان العمل باصل البراءة فى مجموع التكاليف بناء
على ملاحظة مقدّمات دليل الانسداد بالنّسبة الى الى مجموع الوقائع او التوقف بل
التّخيير من باب تنقيح المقام وزيادة الكلام وإلّا فلا حاجة الى ذلك بلا كلام بل
هى تنافى اخذ بقاء التّكاليف فى دليل الانسداد نعم الاحتياط لا ينافى ذلك وبعد ما
مرّ اقول انّ بقاء التّكاليف ليس موقوفا على حجيّة الطّريق بملاحظة ان التكليف
بدون جعل الطريق ليس موجبا لارتكاب القبح فى التكليف لفرض صلاحية المكلّف به
للتكليف وانّما القبح
فى ترك جعل الطريق نظير الامر بالحج بدون الامر بطى المسافة فانه لا شكّ فى
ان القبح فى ترك الامر بطى المسافة فانه لا شكّ فى ان القبح فى ترك الامر بطى
المسافة فى الامر بالحج لكن الظنّ شبه المقدّمة العلميّة بالنّسبة الى الواقع اى
مقدّمة معرفة الواقع اذ المقدمة العلميّة انما هى فى مقام العمل والمقدّمة هاهنا
فى مقام الاجتهاد الّا ان كون الظنّ مقدّمة معرفة الواقع مبنى على كون الفرد مقدّمة
للكلّى كما هو المشهور بين الاصوليّين بل صرّحوا فى بحث مقدّمة الواجب بانه مقدّمة
سببيّته لكن خالف المدقق الشيروانى فى حاشية منه المعروفة فى بيان التّكليف الركيك
فى حمل الاحكام فى تعريف الفقه على التّصديقات والحق انّ كلّا من الفرد والطّبيعة
معلولا علة واحدة على ما شرحنا الحال فى بحث اجتماع الامر والنّهى لكن نقول انّ ما
ذكر انّما يتاتى فى الظنّ لكونه فردا من المعرفة دون غيره ممّا لا يكون فردا من
المعرفة كما لو كان خبر الواحد حجة تعبّدا ويمكن ان يقال انّ مقدّمة المعرفة هى
فرد ما اى طريق ما والظنّ مقدّمة له الّا انّه لا يوجب اختلاف الحال فيبتنى ما
ذكرناه من الكلمات على كون الفرد مقدّمة للطّبيعة ونظير ذلك ما ذكره المحقق القمّى
من ان الفرد مقدّمة فرد ما للواجب وفرد المنهىّ عنه فيجتمع المامور به والمنهىّ
عنه فى مورد اجتماع الامر والنّهى بناء على وجوب مقدّمة الواجب وحرمة مقدّمة
الحرام وبعد يمكن القول بان الطّريق اعنى طريقا ما مقدّمة صحة التكليف وان توهم
المستشكل المتقدّم انّ حجيّة الطّريق مقدّمة صحّة التكليف او وجوده على الاحتمالين
فى كلامه وان كان الاحتمال الثّانى ركيكا لوضوح عدم توقف الوجود لكن ظهر بما مرّ
ان التكليف يستلزم حجية الطّريق اعنى طريقا ما ولا يكون موقوفا فاعليها وعلى اىّ
حال فالظّن مقدمة لطريق ما مقدّمة صحة التكليف لكن المقصود بالصّحة هنا غير ما هو
المقصود بالصّحة فى مقدّمة الصّحة المذكورة فى بحث مقدّمة الواجب حيث ان المقصود
بالصّحة فى مقدّمة الصّحة انّما هو المعنى المصطلح بناء على ثبوت الاصطلاح
والمقصود بالصحّة هنا هو المعنى المعروف فى العرف ثانيها ان بقاء التكاليف فى غير
المعلومات مع فرض انسداد باب العلم بها يؤدّى الى ثبوت التكليف مع الجهل بالمكلّف
به وهو امّا تكليف بما لا يطاق او نسخ لا يصدر عن الحكيم وفيه بعد النقص بالتكليف
بالواقع مع فرض العلم ومخالفة العلم للواقع انه لا باس بالتكليف بالواقع انّه لا
باس بالتّكليف بالواقع مع عدم العلم به والشكّ فيه غاية الامر لزوم الاحتياط ولا
باس به عقلا نعم تكليف الغافل من الجاهل قبيح والظّاهر انّ ما حكم به المستشكل هو
تكليف الجاهل من باب الغفلة مضافا الى ما يظهر ممّا تقدّم من انقلاب التكليف
الواقعى الى التكليف الظّاهرى وجواز النّسخ قبل حضور وقت العمل وان كان الامر فى
المقام شبيها به لا من بابه فضلا عن عموم الأشكال المذكور للقول بحجيّة الظنون
الخاصّة لابتنائه ايضا على بقاء التكاليف الواقعيّة كما سمعت ثالثها انّ مقتضى
حجيّة الظنّ هو كوننا مكلّفين بالمظنونات سواء طابقت الواقع ام لا فلا يكون
التّكاليف الواقعيّة من حيث انها هى باقية ومقتضى بقاء التكاليف فى غير المعلومات
كوننا مكلفين بها من حيث انها هى سواء طابقت المظنونات ام لا فبين المقدّمة
والنتيجة منافاة ظاهرة وفيه اولا النّقص بما لو تحصّل اليقين بالتكليف حيث انّ
مقتضى حجية العلم كون المكلّف به هو المعلوم سواء طابق الواقع ام لا ومقتضى بقاء
التكليف الواقعى هو كون المكلّف به هو الواقع لكن الدّاعى على التكليف ليس هو
الامتثال الا انّ المجتهد يجب عليه الفحص عن الواقع لكن الشارع المقدّس يقنع
بالظّاهر بدلا عن الواقع لو تعذّر ادراك الواقع ويتاتى نظيره فى باب العلم ثالثها
انّ بقاء التكليف فى غير المعلومات ممنوع لم يقم عليه دليل لا عقلا ولا شرعا
سلّمنا قيام الدّليل اللّفظى الظنّى عليه وهو غير كاف فى المقام والاجماع عليه قبل
ثبوت حجيّة الخير او الظنّ غير مسلم وفيه انّ منع التكليف فى غير المعلومات يستلزم
المنع عن وجوب الصّلاة اذ اكثر اجزائها ولا اقل من البعض من باب المظنون والنتيجة
تابعة لاخسّ المقدّمتين فيكون الصّلاة ظنّية ومنع الاجماع على بقاء التكليف قبل
ثبوت حجيّة الخبر او الظنّ مدفوع بان بقاء التكاليف محلّ الاجماع بل الضّرورة ولا
يختلف الحال بثبوت حجيّة الخبر والظنّ بعدمه نظير ما ذكره بعض اهل الكتاب كما مرّ
فى جواب السّيّد السّند النجفى حيث منع عن نبوّة موسى او عيسى لم يخبر بنبوّة
نبيّنا صلىاللهعليهوآله اخذا ممّا ذكره مولانا الرّضا عليه السّلم فى المكالمة
مع جاثليق من ان عيسى بن مريم الذى لا يشتبه حاله وشخصه او موسى بن عمران المعلوم
الّذى لا يشتبه حاله على احد من المسلمين ولا اهل الكتاب جاء بدين وارسله الله
وهذا القدر مسلم الطّرفين ولا يتفاوت ثبوت رسالة هذا الشّخص واتيانه بدين ان يقول
بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ام لا وبالجملة
الاشكال المذكور ممّن جرى على اختصاص بقاء التّكاليف الواقعيّة بما ثبت
التّكليف فيه بالعلم او بظن معلوم الحجية وقد سبق الكلام فى تزييفه بقى ان دعوى
بقاء التكاليف الواقعيّة تعم موارد الظنّ بالتكليف وموارد الشك فيه ويلزمه كون
موارد الشك اطراف العلم الاجمالى ومقتضاه وجوب الاحتياط فى موارد الشّك فى التكليف
وهو خلاف اتفاق المجتهدين فى باب الشك فى الحرمة وخلاف اتفاق المجتهدين
والاخباريين فى باب الشكّ فى الوجوب نعم ثبوت العلم الاجمالى فى موارد الشك فى
الحرمة كما استدل به الاخباريون على وجوب الاحتياط فى الشك فى الحرمة محلّ المنع
بشهادة قلة موارد الشك كما فى الحرمة يرشد اليه كلام المحدّث الحرّ فى الفوائد
الطّوسيّة نقلا والمناسب ان يؤخذ فى دليل الانسداد دعوى العلم بمطابقة كثير من
الظنّ بالتكليف للواقع وبعبارة اخرى دعوى العلم بثبوت كثير من التكاليف فى موارد
الظنّ فى الواقع بعد تخصيص النّزاع بموارد الظنّ بالتكليف كما نصرناه فيما مرّ اذ
لا يتعدّى ما ذكر الى موارد الشكّ ولا سيّما المذكور بالعبارة الاولى اذ لا معنى
لمطابقة الشكّ للواقع وياتى مزيد الكلام المقدّمة الحادية عشر ان النّزاع انّما هو
فى الاحكام الواقعيّة لانصراف كلماتهم بل انصبابها فى الاحكام الواقعيّة فافادة
اخبار اليقين لحجيّة الاستصحاب يتاتى النّزاع فيها من باب الاطّراد لا عموم
المتنازع فيه وكذا الحال فيما دلّ على اعتبار اليد والسّوق وصحّة افعال المسلمين
على القول بالصّحة المقدّمة الثّانية عشر انّ فى موارد الظن ان اتفقت امارة ثبت
لها الاعتبار فعليها المدار ولا اشكال والّا فيحتمل اعتبار امور الاحتياط والبناء
على اصل البراءة والتخيير بين الاقوال فى المسائل الفرعيّة والتخيير بين الظّنون
كلا او بعضا والتوقف والعمل بالامارات كالقرعة بشرط الظنّ او مع الشك او مع الظن
بالخلاف والعمل بالظّنون المخصوصة بشرط الظنّ او مع الشك او مع الظنّ بالخلاف مع
العمل فى غير مورد الظنّ بالاحتياط او البراءة او التخيير بين الاقوال او بين ساير
الظّنون والعمل بسائر الظنون غير الظنون المخصوصة مع العمل فى مورد الظّنون
المخصوصة بالاحتياط او البراءة او التّخيير بين الاقوال او بين سائر الظنون والعمل
بمطلق الظنّ والعمل بالظّن الاقوى مع العمل فى غير مورد الظنّ الاقوى بالاحتياط او
البراءة او التّخيير بين الأقوال او بين سائر الظّنون والعمل بالظنّ المظنون
الحجيّة والمشكوك الحجيّة دون موهوم الحجيّة والتخيير بين الوجوه المذكورة ثنائيّا
او ثلاثيّا او غيرهما وله وجوه ثمّ انّ ذكر اكثر ما ذكر من الاحتمالات كاصل
البراءة والاحتياط والتّخيير والتوقف يناسب كون دليل الانسداد فى باب التّفريغ
والاظهر كونه فى باب الاشتغال وسيأتي شرح الحال بل ادراج اصل البراءة والتّخيير
والتوقّف ينافى بقاء التكاليف الواقعيّة كما مرّ وياتى نعم ادراج الاحتياط خال عن
هذا المحذور لكنه مشتمل على المحذور من جهة ان النّزاع فى موارد الظنّ بالتكليف من
موارد انسداد باب العلم لا فى موارد انسداد باب العلم على الاطلاق كما تقدّم ولا
يكون مبقية الاحتياط فى موارد الظنّ بالتكليف الّا فى العمل بالظّن فلا يكون
الاحتياط وجها آخر فى عرض العمل بمطلق الظنّ فلا يناسب عد الاحتياط وجها آخر فى
عرض العمل بمطلق الظنّ فى دليل الانسداد من جماعة من المتاخّرين لكن جرينا هنا على
عد الاحتياط من الوجوه المحتملة فى عرض العمل بمطلق الظنّ مع كون الغرض من رسم هذه
المقدّمة كغالب المقدّمات السّابقة فى المقام تنقيح مقدّمات دليل الانسداد من باب
التابعة نعم القائل بحجيّة مطلق الظن فى غير موارد الظنّ بالتّكليف يبنى على حجيّة
مطلق الظن من باب القطع بعدم الفرق فالاحتياط فى عرض تعميم حجية مطلق الظن لغير
مورد النّزاع اى الحكم باطّراد حجية مطلق الظنّ فى غير مورد النزاع لا فى عرض
القول بحجية مطلق الظن فى مورد النزاع لكن يمكن القدح فى دعوى القطع بعدم الفرق
بان العمل بالظنّ فى موارد الظّن بالتكليف مطابق للاحتياط بخلاف غير مورد الظنّ
بالتكليف فانّه كثيرا ما يكون خلاف الظنّ مطابقا للاحتياط فلا باس بالفرق واختلاف
الحال لكن يمكن القول بانّه وان لا يتاتى القطع بعدم الفرق لكن يتاتى دعوى عدم
الفارق والفرق والمدار فى الثانى على التمسّك بالاجماع المقدّمة
الثّالثة عشر انّه جرى بعض على ما يقتضيه كلامه على ان الاصل الاولى فى زمان
انسداد باب العلم وعدم ثبوت غير قيام العلم مقام العلم وجوب الاحتياط وحكم بان
الاصل الثانوى عدم وجوب الاحتياط واستدل على اصالة الاحتياط بالاصل الاولى بوجوه
احدها ان دفع الضّرر المحتمل واجب وهو يتوقّف على الاحتياط فيكون واجبا امّا
الصّغرى فلاتفاق العقلاء عليه واما الكبرى فلان دفع احتمال الضرر فى الافعال
والتّروك انّما يتوقف على امور ثلاثة الاوّل تحصيل العلم بالواقع ثم الإتيان بمقتضاه
الثانى الاتيان بمقتضى ما دلّ الدليل على اعتباره و
__________________
وكونه قائما مقام العلم وان لم يكن بنفسه مورثا للعلم بالواقع بل ولا الظنّ
به ايضا الثالث الاتيان بمقتضى الاحتياط الّذى هو عبارة عن الاتيان بجميع
المحتملات اما الاوّل فمنتف قطعا اذ المفروض انسداد باب العلم بالواقع وكذا
الثّانى اذ المفروض ان لا يكون هناك ما يدل على قيام غير العلم مقام العلم من الظن
او طريق تعبّدى فانحصر طريق دفع الضّرر فى الاحتياط والحاصل ان العصير العنبى مثلا
اذا دار الامر فيه بين الحرمة والاباحة فلو شك ان شربه يكون فى معرض المؤاخذة
والمفسدة ولا ضرر اعظم منها فيكون دفعهما لازما وهو يتوقّف على الاحتياط بترك
الشّرب اقول انّه ربما يمتنع الاحتياط لتردّد الفعل بين الواجب والحرام فكان
المناسب تقييد دعوى اصالة الاحتياط بصورة الامكان بل قد يقال ان الاحتياط كثيرا ما
غير ممكن ومنه الجهر بالبسملة فى الصّلاة الإخفاتية والاتيان بصلاة الجمعة فى مثل
عصرنا وبناء الشكّ فى اعداد الصّلوات على الاقل والاكثر والقصر والاتمام والصّلاة
على موتى المخالف للحق حيث قيل فيها بالوجوب والحرمة والجواز لكن قد يقال ان
الاحتياط يتاتى بالجهر بالبسملة وصلاة الجمعة ونحوهما بالجمع غاية الامر ممانعة
القول بوجوب قصد الوجه عن امكان الاحتياط إلّا انّه يندفع بالاجماع على انه لا
يعتبر فيما يؤتى به لخصوص الاحتياط الّا الوجه الظاهرى والّا لارتفع الاحتياط راسا
وهو باطل بديهة فلو اتى بالقصر بالنيّة الظنيّة الوجوبية وبالاتمام بقصد القربة
احتياطا او بقصد النّدب لا باس بالصّلاة الثانية مع وجوب الاتمام واقعا لكن نقول
ان عدم امكان الاحتياط بالجمع فى امثال القصر والاتمام لا يستلزم ارتفاع الاحتياط
فيما لا يشترط صحّته بقصد القربة بل نقول انه لا مجال للاحتياط ايضا فى صلاة
الجمعة بالجمع بين الصّلاتين كما صرّح به بعض اذ المحكى عن جماعة القول بوجوب صلاة
الجمعة عينا ومقتضاه القول بحرمة صلاة الظّهر بناء على كون الامر بالشيء مقتضيا
للنّهى عن الضدّ الخاصّ فقد علمت ان حرمة صلاة الظّهر من باب التبعيّة لوجوب صلاة
الجمعة عينا لكن حرمة صلاة الجمعة بالاصالة اذ لم ينقل القول بوجوب صلاة الظهر
عينا وإن كان هذا لازما لحرمة صلاة الجمعة وان قلت فعلى هذا يتاتى حرمة صلاة
الجمعة بتبعيّة وجوب صلاة الظهر كما يتاتى حرمة صلاة الظّهر بتبعية وجوب صلاة الجمعة
عينا على القول به قلت ان المفروض تاتى حرمة صلاة الجمعة فكيف يتاتى حرمة صلاة
الجمعة بتبعيّة وجوب صلاة الظهر عينا وعلى اىّ حال فلا مجال للجمع إلّا ان يقال
انّ ما استدل به على حرمة صلاة الجمعة انما هو ما دلّ من الاخبار على اشتراط حضور
الامام او نائبة الخاص فلا يتاتى حرمة صلاة الجمعة الا من باب التّشريع فلا يتاتى
الحرمة فى صورة الاحتياط واما وجوب صلاة الجمعة عينا فانما هو يقتضى حرمة صلاة
الظّهر فى زمان صلاة الجمعة لا مطلقا حتى بعد انقضاء زمان صلاة الجمعة قضيّة ان
وجوب الواجب المضيق لا يقتضى حرمة الواجب الموسّع فيما بعد زمان انقضاء الواجب
المضيّق لكن يمكن القول بانّ حال ما دلّ من الاخبار على حرمة صلاة الجمعة وان كان
على ما ذكر لكن قد استدلّ على القول بالحرمة بالاجماع المنقول فى المنتهى وهذا
يعمّ صورة الاحتياط اعنى الجمع ولا اقلّ من احتمال العموم فلا جدوى فى دعوى ظهور
الاجماع المنقول على حرمة صلاة الجمعة فى صورة الانفراد ولا فى دعوى ان القدر
المتيقن من الحرمة المنقول عليها الاجماع انما هو حرمة صلاة الجمعة فى صورة
الانفراد عن صلاة الظهر ويمكن ان يقال ان الاحتياط انما يتاتى فى صورة الحيرة
والشك اذ لا يصحّ اطلاق الاحتياط على الاتيان بمقطوع الوجوب او بمقطوع الحرمة الا
ان الاحتياط الحقيقى يلزم فيه القطع بالخلو عن المنقصة لكن الاحتياط قد يكون
اضافيّا كما لو تردّد الامر بين فعلين احدهما يقطع بالضّرر فيه والآخر يظنّ
بالضّرر فيه او يشكّ فى الضّرر فيه او كان الضّرر فى احدهما مظنونا وفى الآخر
مشكوكا فيه او كان احدهما اقلّ ضررا من الآخر فان الاحتياط فى القسم الاوّل فى
الاتيان بمظنون الضّرر او بمشكوك الضّرر وترك مقطوع الضّرر والاحتياط فى القسم
الثانى فى الاتيان بمشكوك الضّرر وترك مظنون الضّرر والاحتياط فى القسم الثّالث فى
الاتيان بما كان الضّرر اقل وان امكن القول بعدم تاتى الاحتياط فيه لوضوح الامر
فيه واختصاص الاحتياط بصورة الحيرة والشك كما سمعت والاحتياط الاضافى يتاتى فى
المقام حيث ان الافراد يحتمل فيه ترك الواجب والاتيان بالحرام وامّا الجمع ففيه
الاتيان بالواجب واحتمال اتيان الاحتياط بالحرام ولا شكّ ان الثّانى اولى من
الاوّل وبعد هذا اقول انّه لم يجر طريقة المطيعين من بداية الخلق الى يومنا هذا
على التزام الاحتياط فى موارد انسداد باب العلم وعدم جعل الطريق وعلى هذا يجرى
الامر الى يوم القيمة وعليه
جرى الامر فى جميع الشرائع السابقة بالنّسبة الى التكاليف الشّرعية وطريقة
الناس كافة على العمل بالظن فى التكاليف الشّرعية والعرفية ويكشف ما ذكر عن عدم
قضاء العقل بلزوم الاحتياط مع قيام الظن كما فى المقام نعم طريقة الناس مختلفة فى
موارد العلم الاجمالى مع عدم الظنّ فى البين بكون الامر من باب صرف الشك فى باب
الشّبهة الموضوعيّة بالنّسبة الى الوجوب والحرمة حيث ان طريقتهم فى الواجبات ليست
جارية على الاحتياط بالكليّة لكن طريقتهم فى المحرّمات فى الشّبهة المحصورة على
الاحتياط بالكلية لكن طريقتهم فى المحرّمات فى الشّبهة المحصورة على الاحتياط وان
قلت انه بعد فرض العلم الاجمالى بالتكليف الواقعى لا مجال للقناعة بالظن لحكم
العقل بلزوم التّفريغ اليقينى بعد الاشتغال يقينا قلت ان الغرض من العلم الاجمالى
بالتكليف الواقعى فى الجملة قبال التّرك بالكليّة والمفروض
احتمال حجية الظن فلا منافاة فى طريقة الناس لحكم العقل نعم لو ثبت الاشتغال
بالواقع لا مجال للقناعة بالظّن الّا انه يستلزم كون الظن ممنوعا عن العمل به
كالقياس وهو خلاف المفروض وان قلت ان المفروض بقاء التكليف بالواقع على ما هو عليه
قلت قد تقدم ان التكليف بالواقع على ما هو عليه من باب الحكمة والمصلحة لا استدعاء
وقوع الواقع المكلّف به فى الخارج لفرض تحصيل الفراغ بغير العلم كما فى صورة
المخالفة مع الواقع فى ازمنة الحضور وان قلت انّه يتاتى استصحاب الاشتغال قلت ان
الكلام فى حكم العقل والاستصحاب من باب النصّ اللهمّ إلّا ان يقال ان الكلام فى
الاصل الاولى اعمّ من ان يكون مستفادا من العقل او غيره وبعد هذا
اقول انّه لما كان الظنّ غير ثابت الاعتبار فهو فى حكم الشّك فقد يكون الامر من
قبيل الشك فى التكليف كما فى قيام الشّهرة على وجوب الاستبراء وقد يكون الامر من
قبيل الشّك فى المكلّف به كما لو قام الشهرة على جزئية شيء لعبادة او تردّد الوجوب
بين المتباينين وكان الشّهرة فى احدهما فعلى الاوّل لما علم ثبوت التكاليف اجمالا
فيختلف الحال فى موارد الظنّ بالتّكليف مع سائر موارد اصل البراءة من موارد الشكّ
فى التّكليف نعم قد استدلّ الاخباريّون على وجوب الاحتياط فى باب الشّك فى التكليف
فى شبهة الحرمة بثبوت العلم الاجمالى لكن اوردنا عليه بالمنع من العلم الاجمالى فى
محله وعمدة يجارى اصل البراءة الشّك فى الحرمة ومنشأ اختلاف حال العلم الاجمالى
اثباتا ونفيا بالنّسبة الى موارد الشكّ والظنّ هو كثرة موارد الظنّ وقلّة موارد
الشك كما يرشد اليه ما عن المحدّث الحرّ فى الفوائد الطوسيّة من ان اجتناب الشّبهة
فى نفس الحكم الشّرعى امر ممكن مقدور لان انواعه قليلة لكثرة الانواع الّتى ورد
النصّ بحرمتها وجميع الانواع الّتى يعمّ بها البلوى منصوصة وكلّ ما كان فى زمان
الائمّة عليهم السّلم متداولا ولم يرد النّهى عنه فتقريرهم فيه كاف ومن ذلك ما
اوردنا فى محلّه على ما استدلّ به على اصالة البراءة فى باب الشّك فى الحرمة من
القطع بان المسلمين ما كانوا يتوقفون فى كلّ واحد واحد من حركاتهم وسكناتهم فى كل
واحد من اعضائهم وكذا فى سمعهم وبصرهم وذوقهم ولمسهم وسمهم وماكولهم ومشروبهم ومحل
جلوسهم ومشيهم الى غير ذلك ممّا يصير متعلّقا للحكم بخروج ما ذكر عن مورد النّزاع
لقيام القطع والضّرورة على جوازها وبما سمعت ظهر لك ان العلم الاجمالى بالتكليف
انما هو فى موارد الظنّ بالوجوب والحرمة دون موارد الشكّ فى التكليف لكن يمكن ان
يقال ان موارد الشكّ فى التكليف وان خلت بخصوصها عن العلم الاجمالى لكنها من اطراف
العلم الإجمالي كموارد الظنّ بالتكليف فيجب فيها الاحتياط الّا انه يندفع بانّه لو
ثبت اعتبار الظنّ عموما او خصوصا فيتاتى العمل باصل البراءة فى موارد الشّك ولو
كانت من اطراف العلم الاجمالى اذ وجوب الاحتياط فى جميع اطراف الشّبهة من باب عدم
جواز البناء على ثبوت التكليف فى بعض اطراف الشّبهة للزوم التّرجيح بلا مرجح لكن
اذا ثبت الترجيح من باب اعتبار الظنّ فلا مجال لوجوب الاحتياط فى موارد الشك الا
على تقدير ثبوت العلم الاجمالى فيها بالخصوص وهو غير ثابت نظير انّه فى باب
الشّبهة المحصورة لو قام البيّنة على حرمة بعض اطراف الشبهة لا يبقى وجوب الاجتناب
فى الباقى بعد فرض وحدة الحرام المشتبه ومع هذا لو كان الامر على ذلك يلزم
الاحتياط فى موارد الشّك فى التكليف وهو خلاف اتفاق المجتهدين فى شبهة الحرمة
وخلاف اتفاق المجتهدين والاخباريين فى شبهة الوجوب فدعوى العلم الاجمالى بالتكليف
على وجه يعمّ موارد الشكّ فى التكليف ينافى ما ذكر من الاتفاق كما انه لا مجال على
ذلك للتمسّك لاصالة البراءة فى باب الشك فى التكليف بقبح العقاب ما لم يصل البيان
لفرض وصول البيان الاجمالى وفيه الكفاية كيف لا والظنّ فى حكم الشكّ قضيّة عدم
ثبوت اعتبار الظنّ فليس العمل
__________________
باصل البراءة فى موارد الشكّ والعمل بالاحتياط فى موارد الظنّ بالعمل بالظن
اولى من العكس فترجيح موارد الشّك على موارد الظن بالعمل باصل البراءة من باب
الترجيح بلا مرجّح نعم التمسّك بالاجماع لا باس به إلّا انه يستلزم ابداء التّكليف
المتوسّط وإلّا فلا مجال لقيام الاجماع على خلاف العقل لكن لا حاجة الى التكليف
المتوسّط بناء على كون التكليف لا لداع الامتثال فالاحسن فى دليل الانسداد بعد
دعوى انسداد باب العلم دعوى العلم الاجمالى بمطابقة كثير من الظنّ بالتكليف للواقع
وبعبارة اخرى دعوى العلم الاجمالى بثبوت تكاليف فى موارد الظنّ فى الواقع وما ذكر
لا يتعدّى الى موارد الشكّ ولا سيّما المذكور بالعبارة الاولى اذ لا معنى لمطابقة
الشّك للواقع فموارد الشّك فى التكليف خالية عن العلم الاجمالى بالتكليف لقلّة
الموارد ولا تكون من اطراف العلم الاجمالى بالتقرير المذكور لعدم تجاوز العلم
الاجمالى بالتقرير المذكور عن موارد الظنّ فوجوب الاحتياط فى موارد الشك يتاتى
باحد امرين العلم الاجمالى بثبوت التكليف فيها او كونها من اطراف العلم الإجمالي
بالتكليف وقد عرفت القدح فى كل من الامرين وان قلت ان الاستدلال بدليل الانسداد
وان يصلح حاله بتبديل مقدّمة بقاء التكاليف بمقدّمة العلم بمطابقة كثير من الظنون
للواقع وبعبارة اخرى العلم الاجمالى بثبوت كثير من التكاليف فى موارد الظنّ لكن
نستفسر عنك ان التكاليف الواقعيّة باقية فى موارد انسداد باب العلم ام لا ولا محيص
لك عن الجواب بالبقاء فيتاتى المحذور المشار اليه قلت ان التكاليف الواقعيّة ثابتة
فى موارد الظنّ وهى باقية فيها والضّرورة حاكمة بالامرين واما موارد الشكّ فلو كان
التّكليف الواقعى فيها ثابتا يكون باقيا لكنه غير ثابت فبحكم قبح العقاب ما لم يصل
البيان يبنى على عدم الثبوت عملا بل يبنى على عدم الثبوت واقعا بناء على كون
اعتبار اصل البراءة من باب الظنّ نعم بقاء التكليف فى موارد الشكّ بعد ثبوته يشترك
مع بقاء التّكليف فى موارد الظنّ فى الحاجة الى الاصلاح بكونها لا لداعى الامتثال
فموارد الظنّ وموارد الشكّ مختلفة من حيث ثبوت التكليف بالعلم الاجمالى لثبوته فى
موارد الظنّ دون موارد الشّك لكن موارد الشّك على تقدير ثبوت التكليف فيها حالها
مثل حال موارد الظنّ والفرق المذكور امر عظيم يوجب وجوب الاحتياط فى موارد الظنّ
دون موارد الشّك وكيف كان فلو قلنا بوجوب موافقة العلم الاجمالى فيجب الاحتياط ولو
قلنا بحرمة مخالفة العلم الاجمالى فيسقط العمل باصل البراءة فى الكلّ ويجب العمل
بالظّن على مقدار يرتفع به العلم الاجمالى نظير وجوب العمل باحد المتباينين عند
تردّد الوجوب بينهما كالظهر والجمعة بناء على عدم وجوب الاحتياط لكنّه خلاف
الاجماع ولو قلنا بالتّساقط فيجب الاحتياط هنا ايضا للزوم الخروج عن الدّين بناء
على التّساقط والعمل باصل البراءة فى الكلّ فالحال هنا مختلف مع الحال فى سائر
موارد العلم الاجمالى على القولين الاخيرين وان امكن القول بانّه بناء على
التّساقط يرجع الامر الى عدم العلم الاجمالى بالتّكليف وهاهنا المفروض ثبوت العلم
الاجمالى فالاختلاف من جهة الموضوع ولا الحكم كما هو مقتضى ما سمعت فليس حكم العقل
ابتداء بوجوب الاحتياط كما هو مقتضى الاستدلال المذكور وامّا الثّانى ففيه وان يجب
الاخذ بالاحتياط بالعمل بالظّن بناء على وجوب الاحتياط فى الشّك فى المكلّف به لكن
بناء على حكومة اصل البراءة نقول ان الخلاف فى باب الشكّ فى المكلّف به انما هو فى
صورة احراز القدر المتيقن فى البين بالظنون الاجتهاديّة وهاهنا المفروض عدم احراز
القدر المتيقّن فامّا ان يعمل باصل البراءة فى بعض الموارد دون بعض فيلزم الترجيح
بلا مرجّح او يعمل بالاصل فى جميع الموارد فيلزم اهمال المكلّف به المقطوع بوجوبه فلا
بدّ من الاحتياط فليس حكم العقل بالاحتياط ابتداء ايضا على القول بحكومة اصل
البراءة فى الشكّ فى المكلّف به كما هو مقتضى الاستدلال المذكور هذا فى باب الاقل
والاكثر الارتباطيّين واما لو دار الامر بين المتباينين مع كون الظنّ فى جانب
احدهما فان قلنا فى دوران الامر بين المتباينين فى صورة الشك فى المكلّف به بوجوب
الاحتياط اعنى الجمع واما لو قلنا بالتّساقط من باب حكومة اصل
البراءة كما هو الاظهر كما حرّرناه فى محله وعملنا فيه رسالة منفردة فمقتضاه القول
بالتّساقط هنا ايضا الّا ان يقال ان ثبوت العلم الاجمالى فى موارد الظنّ يمانع عن
ذلك ويوجب القول بوجوب الاحتياط وبعد اللتيا والتى اقول انّ دعوى بقاء التكاليف
الواقعيّة على ما هى عليه حتى فى حق الشاك لا يستلزم وجوب الاحتياط ولو من باب كون
موارد الشّك اطراف العلم الاجمالى فلا باس باخذ بقاء التّكاليف فى مقدّمة دليل الانسداد
وتحرير الحال ان الأحكام الواقعيّة ثابتة فى حق الموجودين فى عصر الحضور باقية
__________________
فى حقّ من اتّحد معهم من المعدومين فى الصّنف اى فى الامور الدّخيلة فى
الحكم الا ان اختلاف الموجودين والمعدومين امّا فيما لا يختلف به الحكم علما او
ظنا اى لا يوجب اختلاف الصّنف ومن العلم بعدم اختلاف الحكم غالب الفقه او فيما
يوجب اختلاف الصّنف بانتفاء الشّرط فى المعدومين او وجود المانع فيهم ومن هذا
الباب صلاة الجمعة بناء على اشتراط وجود الامام او نائبة الخاص او فيما يوجب الشك
فى اختلاف الصنف ففيما نحن فيه لو كان اهل الحضور عالمين بالحكم وكنا ظانين بالحكم
فهاهنا لا يختلف الصّنف قضية قيام الضّرورة على اطراد احكام الحاضرين والامر نظير
ما لو كان اهل الحضور حاضرين وكنا مسافرين لسفر غير المعصية حيث ان الاختلاف
بالحضور والمسافرة لا عبرة به هنا فى اختلاف الحكم ويجب علينا الاتمام ايضا كاهل
الحضور ولو كان اهل الحضور عالمين بالحكم وكنا شاكين فى الحكم فهاهنا وان يختلف
حكمنا مع حكم اهل الحضور الّا انه من باب اختلاف الصنف ولا منافاة فيه لبقاء حكم
اهل الحضور فى حقنا اذ البقاء انّما يكون فى حق من اتّحد مع اهل الحضور صنفا
وهاهنا يختلف الصّنف والا فلو كان اهل الحضور حالنا كان حكمهم حكمنا ولو كان حالنا
حال اهل الحضور كان حكمنا حكمهم ففى موارد الشك يكون مقتضى حكم العقل حال انتفاء
التكليف فى حقّ الشّاك فحكم العقل يوجب اختلاف الصّنف وهذا لا ينافى بقاء تكليف
اهل الحضور فى حقنا ولا يوجب البقاء للاحتياط لعدم ثبوت التكليف فى حقنا مع الشك
فى الحكم من باب اختلاف الصّنف وان يتاتى فى حقنا التكليف ولو وصل البيان الينا
بخلاف ما لو كنا ظانين بالحكم فان الضرورة قضت بالقاء الاختلاف بالعلم والظنّ
واتحادنا مع اهل الحضور فى الصّنف اعنى ان الضّرورة قضت باطراد تكليف اهل الحضور
فى حقنا نعم لو ثبت القاء الشك وعدم اعتباره وكون التكليف مطردا فى حقنا مع الشكّ
يتاتى الاتحاد فى الصّنف ويجب الاحتياط ومن هذا القبيل ما حكم به المحقق القمّى ره
من وجوب الفحص عن الشّرط فى الواجب المشروط نظرا الى حكم العقل وظهور وجوب الفحص
عرفا ممّا دل على وجوب الواجب المشروط والمرجع الى دعوى عدم اعتبار الشك فى الباب
وان كان الامر من باب الشّك فى التكليف قضيّة ان الشّك فى الشّرط يوجب الشكّ فى
المشروط فلا يجرى اصل البراءة حيث ان الشّك النافع فى جريان اصل البراءة حيث ان
الشّك النافع فى جريان اصل البراءة ما لم يتاتى الحكم بعزله والغاءه وإلّا فلا
عبرة ولا فلا جدوى فيه فى جريان اصل البراءة فما اورد عليه من انّ الشك فى الشرط
يوجب الشّك فى المشروط اى الشك فى ثبوت التكليف فاصل البراءة يقتضى عدمه يندفع بانّ
مجرّد دعوى اقتضاء الشك فى الشرط الشك فى المشروط لا يكون دافعا لمقالته نعم
الدافع منع عزل الشك والغائه اعنى منع حكم العقل ومنع ظهور وجوب الفحص وبالجملة لو
فرضنا كون اهل الحضور عالمين بالاحكام فاهل الانسداد بين الظّان والشّاك فالظّان
شريك مع العالم ومتّحد الصنف معه على حسب حكم الضّرورة بالغاء الظنّ وامّا الشاك
فهو مختلف الصنف مع العالم على حسب حكم العقل لحكمه بقبح العقاب على حسب فرض عدم
وصول بيان التكليف وعدم دلالة دليل على الغاء الشك فاختلاف حكم الشّاك مع حكم
العالم من باب اختلاف الصّنف لا من باب عدم البقاء لضرورة بقاء احكام اهل الحضور
الى يوم القيمة فى صورة اتحاد الصّنف ففى موارد الظنّ يتاتى العلم الاجمالى بتعلّق
التّكاليف واما فى موارد الشك لا يتعلّق التكاليف بواسطة اختلاف الصّنف وان كان
الشاكّ حكمه حكم العالم مع اتحاد الصّنف فلا حاجة فى منع العلم بالتكليف فى موارد
الشك الى التمسّك بقلّة الموارد نعم غاية الامر العلم الاجمالى بوجود ما يحرم على
من وصل اليه الدّليل على الحرمة ويجوز تحريمه مطلقا بإلغاء الشّك لكن لا جدوى فى
ذلك فكيف ظنّك بالظّن الإجمالي بذلك بناء على حجيّة مطلق الظنّ وان قلت انّهم
ذكروا فى بحث اصل البراءة قبح العقاب بلا بيان ولم يذكروا اناطة القبح بعدم دلالة
الدّليل على الغاء الشّك قلت انّه مبنىّ على كون المفروض عدم دلالة الدّليل على
الغاء الشك مجرّد الفرض ولا وقوع له ألا ترى ما ذكره المحقّق
القمّى من انه لو ثبت اطراد التكليف فى حال الشك فى باب الشك فى المكلّف به من باب
الاقلّ والاكثر يجب الاحتياط ولكن من اين هذا الفرض وانّى هذا وان قلت انّه على ما
ذكرت يلزم ان يكون اصل البراءة من باب الدّليل الاجتهادي مع انّه من باب الدليل
العملى قلت انّ العرض من كونه دليلا عمليّا هو كونه دليل حكم الجاهل وكونه غير
قابل لمعارضة ادلّة اثبات الحكم لكونه فى جانب طول الحجيّة بالنّسبة الى ادلّة
الاثبات وما ذكر يتاتى على ما ذكرناه فلا محذور وبما ذكرنا يظهر لك انّ مجرّد بروز
الحكم الواقعى فى الجملة لا يجدى فى اطّراده فى حق الشّاك ومن هذا
__________________
انه يتجه البناء على اصل البراءة فى باب دوران المكلّف به بين المتباينين
حيث انّ غاية الامر بروز المكلّف به الواقعى فى الجملة واما اطراده فى حق الشاك
فهو غير ثابت لعدم دلالة الدليل على الغاء الشكّ فالمدار فى جريان اصل البراءة على
عدم دلالة الدّليل على الغاء الشكّ سواء برز الحكم الواقعى فى الجملة ام لا وبعد
هذا اقول ان اطلاق الاحتياط فى المقام من باب المسامحة كما هو الحال فى باب الشك
فى المكلف به اذ المدار فى صدق الاحتياط على كون الفعل او التّرك بداعى احتمال
المطلوبيّة او المبغوضيّة ولا يلزم فى المقام كما لا يلزم فى باب الشكّ فى المكلّف
به على القول بوجوب الاحتياط اعلام المجتهد للمقلّد باحتمال الضّرر ولزوم الاتيان
بالفعل او التّرك بداعى احتمال الوجوب او الحرمة بخلاف باب التسامح فى المستحبّات
حيث انّ مقتضى حسن الاحتياط ان ياتى المقلّد بما ورد الخبر الضّعيف باستحبابه
بداعى احتمال الاستحباب بعد اعلام المجتهد بورود الخبر الضّعيف وكون الاتيان بما
ورد الخبر الضعيف باستحبابه بداعى احتمال الاستحباب موجبا لترتّب الثّواب خلافا
لمن استدلّ بحسن الاحتياط على جواز التّسامح حسبان كفاية حسن الاحتياط فى رجحان
نفس ما ورد الخبر الضّعيف باستحبابه وياتى مزيد الكلام وبعد هذا اقول انّه ينتقض
ما ادّعى من حكم العقل بوجوب الاحتياط بعدم وجوب الاحتياط كما سمعت باتفاق
المجتهدين فى شبهة الحرمة من موارد الشك فى التكليف وباتفاق المجتهدين
والاخباريّين فى شبهة الوجوب من الموارد المشار اليها وكذا عدم وجوب الاحتياط فى
الشّبهة الموضوعيّة المنفردة فى باب الشكّ فى الحرمة اللهمّ الّا ان يقال ان
الكلام فى الاصل الاولى وعدم وجوب الاحتياط فيما ذكر من باب الاصل الثّانوى وبعد
ما مرّ اقول انّ قضاء العقل بوجوب الاحتياط لا ينافى حجيّة مطلق الظنّ بناء على
اختصاص النّزاع بموارد الظنّ بالتكليف كما نصرناه فيما تقدّم وتاسيس الاصل فى عموم
موارد انسداد باب العلم مبنى على تعميم النّزاع لغير موارد الظنّ بالتكليف نحو
موارد الظنّ بالاستحباب والظنّ بالكراهة والظنّ بالاباحة وكذا الظنّ بالاحكام الوضعيّة
بناء على كونها احكاما مستقلة والّا لكان المناسب البناء فى الاستدلال المذكور على
اصالة العمل بالظّن من باب الاحتياط ثانيها انه ممّا لا شكّ ولا شبهة فيه ان الاصل
فى كلّ شيء ما عدا العلم من العمل بالظّن والعمل بالاصل والعمل بالخبر والتخيير
ونحوها هو عدم الحجيّة والتوقّف غير ممكن فى مقام العمل فانحصر الامر فى الاحتياط
والحاصل انه اذا دار امر المكلّف فى زمان الانسداد بين الامور المذكورة وفرضنا عدم
الدّليل الدال على كفاية شيء منها فلا شكّ فى كون الاحتياط مبرءا للذّمة وموجبا
للخروج عن العهدة بخلافها فيحكم ح بتعيّن الاحتياط نظرا الى اصالة عدم حجيّتها
وعدم كفايتها اقول انّه يتاتى الايراد على هذا الاستدلال مضافا الى ما يظهر ممّا
مرّ تارة بانكار الاحكام الوضعيّة واخرى بانكار كون الحجيّة من الاحكام الوضعيّة
لكن الظّاهر ثبوت الاحكام الوضعيّة وكون الحجيّة من الاحكام الوضعيّة وثالثة
بانكار اعتبار اصالة العدم كما هو الا قوم كما ياتى لكن مع هذا يمكن القول بلزوم
الاقتصار على العلم بناء على وجوب الاحتياط فى الشكّ فى المكلّف به نظير ما لو
تعلق الامر بالمطلق وقلنا بالشك فى انصراف الاطلاق الى الفرد الشائع فانه ح يجب
الاخذ بالفرد الشائع بناء على وجوب الاحتياط فى الشكّ فى المكلّف به الّا ان يقال
انّ مدار وجوب الاحتياط على الاخذ بالقدر المتيقن فى الامتثال لا القدر المتيقن فى
الارادة والفرد الشّائع هو القدر المتيقّن فى الارادة لا الامتثال اذ ربما يكون
الفرد النّادر اعلى شأنا من الفرد الشّائع واوفق بالامتثال من الفرد الشّائع فيجب
الاخذ بالفرد النّادر بناء على وجوب الاحتياط فى باب الشكّ فى المكلّف به فيتاتى التخيير بين الشّائع والنّادر مع وجودهما والّا
فمع وجود النّادر فقط يكون الشّك من باب الشّك فى التكليف ويدفع التكليف بالاصل
بناء على كون المدار فى الشك فى التكليف والشّك فى المكلّف به على مورد الابتلاء
لا تعلّق الحكم بالموضوع ونظير وجوب تقليد الاعلم بناء على كون الكلام فى وجوب
الاعلم العمل بقول المجتهد او كون الكلام فى حجيّة قول المجتهد والقول برجوع
الحجيّة الى وجوب العمل او انكار اعتبار اصالة العدم حيث انّه ح يتاتى التخيير بين
الاعلم وغير الاعلم بناء على حكومة اصالة البراءة فى باب الشك فى المكلّف به وامّا
بناء على وجوب الاحتياط فلا بدّ من البناء على وجوب تقليد الاعلم وبعد ما مرّ اقول
انه ان كان الفرض انّ الاصل حجيّة الاحتياط قبال دعوى اصالة عدم حجيّة ما عدا
الاحتياط فلا ريب ان الاحتياط لا يكون قابلا للحجيّة وليس من شانه الاحتياط
الحجيّة لانه من باب العمل لا الدّليل فلا يكون للحجيّة فيه من سبيل وان كان
__________________
العرض وجوب اصالة الاحتياط حيث انه وتحريمه الاحتياط والاحتياط مع انه خلاف
مقتضى المقابلة فلا ينادى ان الوجوب يحتاج ايضا الى دليل وغاية من لا يتاتى هو
استدلال الا هو مقتضى تعين الاحتياط باصالة عدم حجيّة ما عدا الاحتياط كفاية
الاحتياط ولا كلام فى الكفاية هو انه لكلاهما هو فى الوجوب وقد علمت بما ذكر
منافاة الحكم بتعين الاحتياط مع ما علل به ثالثها ان من الامور الضرورية المستلزمة
لكل لقد انه يجب على كل مكلّف بعد تحصيل العلم بالعقائد الحقّة تحصيل المسلك الّذى
يخرج به عن مورد المؤاخذة وانتساب ولو بالعمل بالاصل والتخيير فلا يجوز الاتيان
بما يحتمل كونه مؤاخذا فى ذلك ألا ترى انّ كل من سلك مسلكا او بنى امره على شيء فى
غير المعاملات قد استدل بدليل يوجب الجزم بان ذلك شانه ووظيفته ولم يكتف بمجرد عدم
العلم بكونه مؤاخذا فى شيء الامر ولو اكتفى احد فى ذلك بمجرد عدم العلم مع اعترافه
باحتمال كونه مؤاخذا معلقا به لكان مستلزما عند الفقهاء خارجا عن طريقة الفقاهة
والاجتهاد وبالجملة وجوب تحصيل العلم بالخروج عن مورد المؤاخذة والمشية ومتفق عليه
عند الخاصة والعامّة ولو قال احد بكفاية مجرد العلم بالمؤاخذة فمرجعها ايضا الى
دعوى الجزم بانه حينئذ لا يكون مؤاخذا ولاجل وجب تحصيل هذا العلم قد صرنا مفتقرين
الى البحث عن تعيين المتبع وتحصيل الحجّة والمأخذ فان المراد منها ما كان المبايعة
والا فاقتضاه شأنا ووظيفة لنا فى هذه الحالة التى لا سبيل لنا الى العلم بالواقع
وكنا فى العمل به معذورين غير مقصورين وان الوقوع فى المحرّمات وترك الواجبات فى
نفس الامر فاذا وجب تحصيل العلم الكذائى فيجب الاحتياط بعد انسداد باب العلم
بالواقع لم يقم الدليل على كفاية شيء آخر من الاصل او الخبر او الظنّ او التخيير
ونحوها ولا نعنى باصالة وجوب الاحتياط الا هذا والتحقيق ان مرجع هذا الاستدلال الى
ان القاعدة المستفادة من حكم العقل وطريقة الفقهاء والاصوليّين هى وجوب البناء فى
موارد الشك فى التكليف على العلم اى شيء كان ولو كان هو اصل البراءة فعند انسداد
باب العلم التفصيلى يلزم البناء عنى الاحتياط ما لم يثبت اعتبار شيء آخر ممّا عداه
لكن نقول ان الاستدلال المذكور كالتقرير الآخر بالنسبة الى الوجه السابق البناء
فيتطرق عليه مضافا الى ما يظهر مما تقدم الايراد على الوجه الاول ما تقدم الايراد
به على الوجه السابق بالآخر وتحرير الحال ان رفع كلّ جزئى باب منع الخلو وما نحن
فيه من باب منع الخلو وان ينتج وضع الآخر لكن الشك فى رفع جزء لا ينتج رفع الآخر
بل ينتج الشك فى الوقوع عدم ثبوت اعتبار ما عدا الاحتياط لا يثبت وجوب الاحتياط
وامتناع التوقف فى مقام العمل لا يقتضى يقضى بوجوب الاحتياط كيف لا وهذا القضاء
ليس اولى من القضاء باعتبار ما عدا الاحتياط وترجيح احدهما على الآخر ترجيح بلا
مرجح وان الاحتياط ان الشك فى الرفع وان لا ينتج الوضع فى باب منع الخلو لكن هذا
لو لم يكن فى البين ما يقتضى البناء على الرفع فى الظاهر وان الشكّ وفى الرفع ينتج
الوضع فى ما نحن فيه اصالة عدم حجيّة ما عدا العلم توجب كون الامر من قبيل الرّفع
وانتفاء ما عد الاحتياط فثبت وجوب الاحتياط ولا مجال لاجراء اصالة عدم الحجيّة فى
الاحتياط بعد كونه قابلا لجريان اصالة عدم الحجيّة يتصور من جميع نية العلم
المتحصل بالاحتياط قلت بعد عدم اعتبار اصالة العدم ان اصالة عدم حجيّة ما عدا
العلم معارضة باضافة عدم وجوب تحصيل العلم فلا يثبت وجوب الاحتياط نعم لا كلام فى
كفاية الاحتياط لكنه خارج عن مورد الكلام الّا ان يقال الشك فى حجيّة ما عدا العلم
من باب الشّك السّببى بالنسبة الى الشك فى وجوب الاحتياط حيث ان الحكم الوضعى وسبب
الحكم التكليفى فالشّك فى الحكم الوضعى من باب الشك فى السّبب والشك فى الحكم
التكليفى من باب الشك فى المسبب فيجب الاحتياط من باب تقديم الشك فى السّبب نظير
تقديم الشك فى الموضوع فى تعارضه مع الشك فى الحكم فى تعارض استصحاب الموضوع
واستصحاب الحكم الّا انه يندفع بان الحكم الوضعى سبب للحكم التكليفى المتعقب له
ولا يكون سببا للحكم التكليفى الغير المتعقّب له فى موارد أخر كما فيما نحن فيه
والمدار فى تقديم احد الشكين المتعارضين على الآخر على سببيّة احد الشكّين للآخر
فى مورد التعارض ولا يكفى سببيّة احد الامرين المشكوك فيهما للآخر فى موارد أخر
غير مورد التعارض فسببيّة احد الامرين المشكوك فيهما للآخر فى مورد التعارض وان
يقتضى سببيّة الشك فى المشكوك فيه السّبب للشك فى المشكوك فيه المسبّب لكن هاهنا
لا يكون الحكم الوضعى سببا للحكم التكليفى فى مورد التعارض بل سببيّة له فى مورد
آخر الّا ان يقال ان تاصّل احد الامرين المشكوك فيهما فى الوجود فى نفسه وسببيّة
الشكّ فيه للشك فى معارضة التابع فى مورد آخر غير مورد التعارض يكفى فى التقديم
وان لم يطرد
الاختصاص بالتأصّل فى الوجود وسببيّة الشك فى مورد التعارض ومع ذلك الشك فى
حجية ما عدا الاحتياط سبب لوجوب الاحتياط مع قطع النظر عما ذكر نظير انه لو اردت
ان توافق واحدا من جماعة فاخبر واحد بضياع ما عدا الواحد من الجماعة فحصل لك الشكّ
فى ضياع ما عدا الواحد فلا شك ان الشّك فى ضياع ما عدا الواحد يوجب الشكّ فى لزوم
تخصيص الواحد بالمرافقة وان قلت انه لا مجال للامتثال بالظّن مثلا ما لم يدل دليل
على كفايته بعد فرض التكليف بالواقع قلت انه لو لم يكن الظنّ مثلا طريقا للواقع
فلا مجال لقيام الدّليل على جواز العمل به وكونه طريقا والعمل به لا يصير جائزا
بواسطة قيام الدّليل اذ الممتنع لا يصير جائزا بقيام الدّليل عليه ولا يجوز قيام
الدّليل عليه كيف لا واجتماع النّقيضين لا يصير جائزا بقيام الدّليل عليه ولا يجوز
قيام الدليل عليه مع انه خلاف ما جرى عليه المستدلّ من جعل العمل بالظّن وغيره فى
عرض وجوب الاحتياط على انّه لو كان الامر كذلك للزم كون القول بحجية مطلق الظنّ من
باب القول بالامر الممتنع لفرض عدم قيام دليل خاصّ على حجية مطلق الظنّ وان قلت ان
المفروض ثبوت الاشتغال بالتكاليف الواقعيّة فلا بدّ من تحصيل العلم بالبراءة قضيّة
ان الاشتغال اليقينى يقتضى البراءة اليقينيّة فلا بدّ من الاخذ بالاحتياط فى
المقام قلت انّه انما يتمّ على القول بوجوب الاحتياط فى باب الشكّ فى الشك فى
المكلف به واما على القول بحكومة اصل البراءة كما هو الاظهر فلا يتمّ ذلك وان قلت
ان حكومة اصل البراءة انّما تتاتى فى صورة عدم ثبوت اطراد التكليف حال الجهل واما
فى صورة ثبوت الاطّراد كما فى المقام قضيّة قضاء الضرورة ببقاء التّكاليف الواقعيّة
فلا مجال لحكومة اصل البراءة قلت ان حكومة اصل البراءة تتاتّى تارة بعدم ثبوت
اطراد التكليف حال الجهل كما هو مشرب المحقّق القمّى واخرى بعدم ثبوت لزوم تفريغ
الذمّة عن الواقع على ما هو عليه كما يظهر بالرّجوع الى ما حرّرناه فى محله ومع
ذلك الخلاف فى وجوب الاحتياط فى باب الشكّ فى المكلّف به والبناء على اصل البراءة
فى باب الشك فى التّكليف لا يتاتى فى الواجب التوصّلى جزء كان وشرطا فوجوب
الاحتياط فى باب الشّك فى المكلّف به لا يقضى بوجوب الاحتياط فى المقام لكون وجوب
الاحتياط توصّليا نظير ما مرّ فى باب وجوب تقليد الأعلم إلّا ان يقال ان الواجب
التوصّلى ان كان بحيث يحصل العلم بحصول العبادة مع عدمه فالامر كما ذكر ولا يجب
الاحتياط بالاتيان به والشك فى الوجوب يرجع الى الشك فى وجوب الاتيان به فى حال
الاتيان بالعبادة او سابقا عليها تعبّد الفرض عدم عدم مداخلته نفيا واثباتا فى
صحّة العبادة وفسادها واما لو لم يحصل العلم بحصول العبادة مع عدم الواجب التوصّلى
كما فى الاحتياط فى المقام لعدم حصول العلم بالاتيان بالمكلّف به فى الاخذ بغير
الاحتياط من الطّرق فيجب الاحتياط على القول بوجوب الاحتياط فى باب الشكّ فى
المكلف به ومن هذا وجوب المقدّمة العلميّة على القول بشمول اطلاقات التكاليف لحال
الجهل كما فى الشّبهة الموضوعيّة من شبهة المحصورة وجوبا او حرمة وان قلت انه لا بدّ فى امتثال
التكاليف الواقعيّة من الانتهاء الى العلم او العلمى والمفروض انتفاء العلمى وكذا
العلم التفصيلى فيجب الاحتياط قلت ان وجوب الاحتياط مبنىّ على وجوب الاحتياط فى
الشك فى المكلّف به واما بناء على حكومة اصل البراءة فيكفى الطّريق فى المشكوك
اعتباره فى باب الامتثال لانتهاء الامر الى العلمى وان قلت ان اناطة وجوب الاحتياط
على وجوب الاحتياط يستلزم الدّور قلت ان الغرض اناطة وجوب الاحتياط الخاص فى
المقام بوجوب الاحتياط الكلى فى باب الشكّ فى المكلّف به ووجوب الاحتياط الكلى
منوط بما دل عليه من العقل وغيره فلا دور ونظيره غير عزيز وان قلت ان الغرض من
الاستدلال حكم العقل باستحقاق العقاب على ترك الاخذ بالطّريق المقطوع كفايته
والاخذ بالطّريق المشكوك كفايته قلت ان حكم العقل باستحقاق العقاب ان كان من باب
الحكم بوجوب تفريع الذّمة باليقين عن التكاليف اليقينيّة فقد سمعت الكلام فيه وان
كان من جهة اخرى فهو محلّ المنع مع ان مرجع الامر الى حكم العقل بحرمة الاخذ بما
عدا الاحتياط إلّا ان يقال ان الشك فى الاعتبار باعتبار ملاحظة الواقع ولا ينافى
حرمة الاخذ من باب الحكم الظّاهرى رابعها انّه قد تظافرت الآيات والرّوايات على
النهى عن العمل بغير العلم ولا شك ان مدلولها الالتزامى وجوب العمل بالاحتياط لان
النّهى عن العمل بما عدا العلم امر بضدّه وضدّ العمل بغير العلم امّا التوقّف او
تحصيل العلم التفصيلى او العلم الاجمالى فيجب واحد من هذه الثلاثة لكن الاوّل غير
ممكن والثانى متعذّر ايضا اذ المفروض انسداد باب العلم بالواقع فتعيّن الثالث وهو
الاحتياط وبتقرير آخر يجب الاحتراز عن اتباع غير العلم بمقتضى تلك الآيات والاخبار
وهو يتوقف على الاحتياط
__________________
لتعذر العلم التفصيلى وعدم امكان التوقف فان قيل ان العمل بالاصل والخبر لا
من حيث الظنّ بل من حيث هو لا يكون عملا بغير العلم فلا دلالة فى الآيات والاخبار
على النّهى عنها قلت ان العمل بهما ان كان من جهة دليل علمىّ من عقل او نقل على
وجوب اتباعهما وكون مقتضاهما حكما ظاهريّا لنا فهو فرع وجود الدلالة الكذائية وبعد
فرض وجودها يكون مخرجا عن اصل وجوب الاحتياط ولا ينافيه بوجه اذ المراد بان الاصل
الاولى هو وجوب الاحتياط هو ان الاحتياط واجب لو لا هناك ما يدلّ على كفاية ما عدا
الاحتياط ممّا لا يفيد العلم بالواقع وان كان لمجرّد الاحتمال او دلالة دليل ظنى
عليه وهو عين العمل بما عدا العلم فيكون منهيّا عنه كما لا يخفى لا يقال ان العمل
بالاحتياط ايضا عمل بما عدا العلم لان المفروض عدم العلم بوجوب اتباعه لا ما نقول
هذا فاسد لضرورة انه لا يقال للمحتاط فى العرف والعادة انه عمل بغير العلم ألا ترى
ان الطبيب لو امر اتباعه وتلامذه عن اتباع غير العلم فى المعالجات فعملوا
بالاحتياط عند تعذر العلم التفصيلى لا يكونون مخالفين ولا مؤاخذين فى ذلك ولا يصدق
عرفا انّهم عملوا بغير العلم والسرّ فى ذلك واضح وهو ان المتبادر من العمل بغير
العلم هو اتباع ما لا يأمن عن الضّرر واحتمل كونه مخالفا للواقع ومن المعلوم ان
الاحتياط ليس كذلك اقول انّه يتاتى الكلام فى النّواهى المشار اليها ايضا النّهى
عن العمل بغير العلم لا حاجة فى دلالته على الامر بالعمل بالعلم الى دلالة النّهى
عن الشيء على الامر بالضدّ الخاص حتى يتاتى الكلام فى الدلالة وانما يدل على الامر
بالعمل من قبيل مفهوم ورود النّفى على القيد اذ النّفى فى
الورود على القيد نظير دلالة قوله سبحانه ومن لم يحكم بما انزل الله على الحكم بغير
ما انزل الله من باب ورود النفى على القيد وان كان اعم من عدم الحكم لكن الظّاهر
من العلم هو العلم التفصيلى سواء كان الدلالة على الامر بالعمل بغير العلم من باب
المفهوم او دلالة النّهى عن الشيء على الامر بالضدّ فلا دلالة فى النّواهى على
الامر بالعمل بغير العلم من باب المفهوم او دلالة النهى عن الشيء على الامر بالضدّ
فلا دلالة فى النّواهى على الامر بالعمل بالاحتياط من باب عموم العلم المامور
بالعمل به للعلم الاجمالى فضلا عن الدلالة على الامر بالاحتياط بالخصوص والظاهر ان
المستدل لا يقول به ايضا وغرضه الدلالة على الامر بالاحتياط من باب عموم العلم
للعلم الاجمالى ويمكن ان يقال ان ادّعاء انحصار المفهوم فى العمل بالعلم التفصيلى
بواسطة ظهور العلم فى المنطوق فى العلم التفصيلى لا باس به لكن الامر بالعمل بضدّ
ما عدا العلم التفصيلى المستند الى النّهى عن العمل بما عدا العلم التفصيلى قضيّة
ظهور العلم فى جانب النّهى ظاهرا فى العلم التفصيلى على حسب الفرض فالتمسّك
باقتضاء النّهى عن الشيء الامر بالضدّ نافع لحال المستدلّ ولا ينفع بحاله التمسّك
بالمفهوم لكن نقول انّه لو اختصّ العلم فى جانب النّهى بالعلم التفصيلى على حسب
فرض ظهور العلم فى العلم التفصيلى فالمنهىّ عنه اعمّ من العمل بالعلم الاجمالى
فالمأمور به يختصّ بالعمل بالعلم التّفصيلى ويمكن ايضا ان يقال بعد الاغماض عن عدم
اعتبار مفاهيم الكتاب ان مفهوم ورود النفى على القيد يقتضى فى الباب عدم حرمة
العلم ولا يقتضى وجوب العمل به قضيّة ان المفهوم فى جميع الموارد انما يقتضى رفع
الحكم المنطوقى ولا يثبت ضدّا مخصوصا من اضداد الحكم المنطوقى مثلا لو قيل ان جاءك
زيد فاكرمه فلا يثبت بالمفهوم ازيد من عدم وجوب اكرام زيد على تقدير عدم المجيء
فلا يثبت حرمة الاكرام على تقدير عدم المجيء كما لا يثبت به الاستحباب او الكراهة
او الاباحة والفرق بين المفهوم والتخصيص ان التخصيص يحصل بمجرّد اخراج الخاص عن
تحت العام وكون الحكم فى الخاصّ مسكوتا عنه وان يقتضى التخصيص فى بعض الأحيان
مخالفة حكم الخاصّ للعام كما فى الاستثناء بناء على كون الاستثناء من الاثبات نفيا
وبالعكس وتقتضى فى بعض الاحيان ثبوت ضدّ حكم العام كما فى المخصّص المنفصل فى بعض
الاحيان كما لو قيل اكرم العلماء ثمّ قتل لا تكرم زيدا والّا فلو قيل اكرم العلماء
ثمّ قيل لا يجب اكرام زيد فلا يقتضى التخصيص ازيد من مخالفة حكم الخاص لحكم العام
فالمدار فى التخصيص على الاخراج بشرط وامّا المفهوم فالمدار فيه على مخالفة حكم
الموضوع الغير المذكور لحكم الموضوع المذكور اعنى ارتفاع حكم الموضوع المذكور فى
الموضوع الغير المذكور وان لم يثبت ضدّ مخصوص من اضداد حكم الموضوع المذكور
للموضوع الغير المذكور ولا ينتقض الأمر فى المفهوم عن ذلك فلا مجال لكون حكم
الموضوع الغير المذكور مسكوتا عنه بناء على ثبوت المفهوم وبوجه آخر المدار فى
التخصيص على انتفاء الحكم الجزئى المتقوم بالقضيّة الشخصيّة والمدار فى المفهوم
على انتفاء الحكم الكلى اى انتفاء الحكم واقعا وممّا ذكر جواز الجمع بين التخصيص
بالصّفة فى نحو اكرم العلماء مع القول
__________________
بعدم حجية الصّفة وكذا جواز الجمع بين التقييد بالصّفة فيما لو قيل مثلا
اعتق رقبة مؤمنة مع القول بعدم حجية مفهوم الصفة اذ التخصيص والتقييد من الوادى
الواحد بل لو قيل ان جاءك زيد فاسكن فالمفهوم عدم وجوب السّكون على تقدير المجيء
وهو اعمّ من اباحة السّكون واستحبابه وكراهته وحرمته فلا يقتضى المفهوم حرمة
السّكون حتى يلزم وجوب الحركة فلا يثبت بالمفهوم ضد الحكم المذكور كما ربما يتوهّم
اشتباها بين عدم تخلّل الواسطة بين الموضوع المذكور والموضوع الغير المذكور وتخلل
الواسطة بين الحكم المذكور والحكم الغير المذكور نعم لو كان المقصود بالامر فى مثل
المثالين هو الرّخصة فالمفهوم يثبت الحرمة إلّا انه ليس من جهة اقتضاء المفهوم فى
نفسه بل من جهة انحصار ضدّ مطلق الرّخصة فى الحرمة فما توهّمه بعض ويوهمه كلام غير
واحد من دلالة المفهوم على الضدّ كما ترى ومزيد الكلام فى المراحل المذكورة موكول
الى ما حرّرناه فى محله لكن يمكن القول بان المفهوم وان لا يقتضى بذاته ازيد من
رفع الحكم المنطوقى لكنّه بما ينصرف الى بعض الاضداد من باب انصراف المطلق الى بعض
الافراد اذ المفهوم لا يخرج عن الاطلاق فلو قيل ان جاءك زيد فاكرمه فالمفهوم وان
لا يقتضى ازيد من عدم الوجوب على تقدير عدم الوجوب المجيء لكن لا باس بانصراف عدم
الوجوب الى الحرمة فيمكن فى مقامنا هذا دعوى انصراف عدم حرمة العمل بالعلم الى
الوجوب وبعد هذا اقول ان النّهى عن العمل بما عدا العلم يعمّ التوقف بناء على
امكانه لدخوله فيما عدم العلم فالتوقف داخل فى المنهىّ عنه لا المامور به وبعبارة
اخرى داخل فى المنطوق لا المفهوم وبعد هذا اقول ان العمل لا يصدق على التوقف وان
يصدق عليه ما عدا العلم فالتوقف غير داخل فى المنطوق ولا فى المفهوم وبعد هذا اقول
انّه يرجع ما دفع به الايراد بكون العمل بالاحتياط عملا بغير العلم الى عدم شمول
النّهى عن العمل بغير العلم للاحتياط وانت خبير بانّ عدم شمول النّهى عن العمل
بغير العلم للعمل بالاحتياط لا يجدى فى اعتبار الاحتياط لعدم خروجه عن كونه مشكوك
الاعتبار غاية الامر عدم دخوله فيما ثبت عدم اعتباره وامّا الاصل الثانوى فقد
استدل على عدم وجوب الاحتياط بوجوه ايضا الاوّل الاجماع القطعى وقرره بثلاثة وجوه
احدهما انّه لم يلتزم احد من الفقهاء خلفا بعد سلف بالاحتياط فيما عدا المعلومات
ولم يحتمله احد سوى الفاضل الخوانسارى فى تعليقاته على تعليقات الباغنوى حيث انّه
بعد احتمال اعمال اصل البراءة مطلقا فى جميع الوقائع كما ياتى احتمل وجوب الاحتياط
مطلقا ايضا فى قوله وبازاء هذه الطّريقة طريقة اخرى وهو تحصيل البراءة اليقينيّة
فى الجميع بالإتيان بكل ما احتمل وجوبه وترك كل ما احتمل حرمته لكنه ابطله بقوله
لكن لا يمكن العمل به فى بعضها كما اذا كان مردّدا بين الوجوب والحرمة وايضا رعاية
ذلك فى جميع ما يمكن وغايته يوجب الحرج والضّيق المنفيين فى الدّين وقال بعد ذلك
فلعل العمل بالطّريقة المشهورة وهى العمل باخبار الآحاد ورعاية الظنّ الحاصل بها
ولسائر الادلّة المشهورة الشرعيّة والجمع بينها اذا احتج الى الجمع اظهر واسلم ولم
يحك عنه هذا الخيال فى كثير من الكلمات بل لا يحضرنى فى الحال من حكى عنه ذلك
الخيال لكن ليس ذلك الا من جهة اظهار المتخاطرات فى الخاطر وليس الغرض البناء على
ذلك كما هو الحال فيما ذكره من خيال العمل باصل البراءة وان كان خيال وجوب
الاحتياط اوجه بالاضافة الى خيال العمل باصل البراءة كيف لا ولا مجال للبناء على
الخيالين المتناقضين ثانيها ان اتفاق الكلّ او باستثناء قليل لا ينافى حصول
الاجماع على حجية المدارك الظنيّة وليس هذا الّا من باب عدم وجوب الاحتياط ويرشد
الى ذلك القول بوجوب التقليد لغير المجتهد اذ لو لا عدم وجوب الاحتياط لما جاز ترك
تجويز التقليد للعامى ثالثها ان من تامّل فى كلمات الفقهاء وانس بطريقتهم ليعلم ان
مقتضى مذاقهم ومشربهم عدم وجوب الاحتياط لو فرض عدم ثبوت اعتبار شيء من المدارك
الظنّية قيل وصدق هذه الدّعوى يجده المنصف بعد ملاحظة قلّة المعلومات اقول ان
الفرق بين التقريرات المذكورة بعد اشتراك الكل فى فرض عدم العلم بالواقع ان المدار
فى الاولين على صورة متخيّلة باختلاف فى التّعبير بالتّعبير بالنّفى اعنى عدم
الالتزام بالاحتياط فى موارد عدم العلم بالواقع فى الاوّل والتّعبير بالإثبات اعنى
العمل بالظّن فى الموارد المذكورة فى الثانى وبوجه آخر المدار فى الاول على دعوى
الاجماع على عين المقصود اعنى عدم وجوب الاحتياط والمدار فى الثانى على دعوى
الاجماع على ما يستلزم المقصود اعنى العمل بالمدارك النقلية حيث انّه يستلزم عدم
وجوب الاحتياط والمدار فى الاخير على التّعبير بالنّفى اعنى عدم الالتزام
بالاحتياط فى صورة فرضيّة اعنى صورة عدم ثبوت اعتبار شيء من المدارك الظنّية
فالتقرير الاخير يخالف
الاوّلين فى ان المدار فى الاولين على صورة متحصّلة والمدار فى الاخير على
صورة مفروضة مضافا الى ان المدار فى ذلك على التعبير بالنفى والمدار فى الثانى على
التّعبير بالاثبات لكن نقول ان الاجماع باى تقرير كان مبنىّ على وجود مدرك معتبر
عند المجمعين وهو بنفسه مدرك لمن تاخّر عن الاجماع والاصل انما يجرى فى صورة فقد الدّليل
على النّفى او الأثبات فموضوع الاجماع وموضوع مورد الكلام مختلفان اذ موضوع
الاجماع صورة ثبوت المدرك من نفس الاجماع ومدركه موضوع مورد الكلام صورة فقد
المدرك إلّا ان يقال ان ما ينافى جريان الاصل من قيام الدّليل انّما هو قيام
الدليل المبيّن للحكم الواقعى واما ما يبين حكم الجاهل كما فى المقام فهو مدرك
الاصل ولا ينافى الاصل كيف لا واستدلّ على حجية الاستصحاب باخبار اليقين وعلى حجية
اصل البراءة بالاجماع كالآيات والاخبار نعم يعبّر فى كلماتهم بالاصل الاولى عما
يقتضيه حكم العقل او طريقة العقلاء او الاستصحاب من النفى او الاثبات فى الكلّ فى
عموم الموارد وبالاصل الثّانوى عما يقتضيه النصّ او الاجماع على وجه العموم فى بعض
الموارد على خلاف ما يقتضيه الاصل العملى فى مورد النصّ والاجماع مع قطع النظر
عنهما وغير ذلك من الموارد بان كانا فى صورة الاخصّ من الدّليل العملى وإلّا فلا
يعبّر عن مطلق الدّليل الاجتهادى بالاصل كما يقال ان الاصل الاولى فى العقود عدم
اللزوم والاصل الثانوى هو اللزوم بملاحظة وجوب الوفاء بالعقود فالاصول الثّانويّة
هى الاصول الاجتهادية وإلّا فلا مجال لاختلاف حكم الجاهل اولا وثانيا ونظير ذلك ما
فى كلماتهم من جعل مدلول خبر الواحد خارجا عن تحت الاصل وكذا تقسيم الحكم الواقعى
الى الواقعى الاولى كالوضوء والواقعىّ الثّانوى كالتيمّم ولا مشاحة فى مثل ذلك
والّا فليس جعل الاصل الاولى اوليا وجعل الاصل الثانوى ثانويا اولى من العكس كما
ان جعل مدلول خبر الواحد خارجا عن تحت الاصل كما ترى لوضوح انّ مدلول خبر الواحد
هو الحكم الواقعى ومدلول الاصل هو حكم الجاهل واين احدهما من الآخر فكيف يجعل
مدلول خبر الواحد خارجا عن تحت الاصل وموضوع التيمم اعنى فاقد الماء فى عرض موضوع
الوضوء اعنى واجد الماء وليس موضوع التيمّم متاخرا عن موضوع الوضوء فى جانب الطّول
بالنّسبة اليه نعم قوله سبحانه فان لم تجدوا ماء فتيمّموا مظهر عن صورة الطّول لكن
المقصود ظاهر والامر واضح لوضوح ان موضوعات الاحكام فى جانب العرض وبعد هذا اقول
ان الاجماع على العمل بالمدارك الظنيّة الغالب من باب دعوى نصب الطّريق وثبوت الطّريق
العملى وعليه يبتنى الاجماع على العمل بالمدرك عدم الالتزام بالاحتياط والكلام فى
صورة انسداد باب العلم وعدم ثبوت جعل الطّريق فكل من التقريرين الاوّلين كما ترى
نعم التقرير الاخير سالم عن القدح فيه بما ذكر وبعد هذا اقول ان الا نسب دعوى
اتفاق اهل الشّرائع كافة على عدم الالتزام بالاحتياط حيث انه لم يكن الحال فى شيء
من الشرائع الا على هذه حاله الشّريعة من حيث عدم جعل الطّريق ولم يكن الالتزام
بالاحتياط شرعة ومنهاجا لهم بلا شبهة من ذى مسكة الثانى انّ وجوب الاحتياط يستلزم
العسر والحرج المنفيين والملازمة ظاهرة لمن احاط بابواب الفقه اجمالا ونظر الى
الموارد الخلافيّة التى يمكن رعاية الاحتياط فيها واقلّ ما يلزم من ذلك تكرار كلّ
صلاة إخفاتيّة لاجل الاحتياط فى السّورة والتسمية اربع مرّات فتارة بالجهر
بالتّسمية مع قصد الوجوب بالسّورة وتارة بالاخفات مع قصد الوجوب وثالثة بالجهر
بالتسمية مع قصد الوجوب ورابعة بالإخفات مع قصد الاستحباب بها وهل هذا الا مشقة
عظيمة وبالجملة رعاية الاحتياط فى جميع غير المعلومات من العبادات والمعاملات
واجزائهما وشرائطهما وموانعهما حرج شديد ومشقة عظيمة والرّعاية فى بعض الموارد دون
بعض على سبيل التّعيين ترجيح بلا مرجّح وعلى سبيل التّخيير هرج ومرج فى الشّريعة
فان قيل يعمل بالاحتياط فى بدو الامر فى الوقائع التى تتفق له ان يحصل له العسر
والحرج وح يعمل بشيء آخر ولا يلزم الترجيح من غير مرجّح ولا هرج ولا مرج قلنا هذا
يصحّ ان كان الوقائع تدريجية متعاقبة وليس كذلك فانه قد يجتمع فى آن واحد تكاليف
متعدّدة يؤدى الاحتياط فى جميعها الى العسر والحرج بل حوالة الحال الى زمان حصول
العسر والحرج توجب بنفسها العسر والحرج هذا كله بالنّسبة الى نفس العمل بالاحتياط
واما تعليم المجتهد موارد الاحتياط لمقلّده وتعليم المقلّد موارد الاحتياط
الشخصيّة وعلاج تعارض الاحتياط الناشى من الاحتمال القوىّ على الاحتياط النّاشى عن
الاحتمال الضّعيف فهو امر مستغرق لاوقات المجتهد والمقلّد فيقع الناس من جهة هذه
تعليم هذه الموارد وتعلمها فى العسر والحرج اقول ان التمسّك بنفى العسر و
والحرج فى المقام لا بد ان يكون مبنيا على حكم العقل بنفى العسر والحرج
وإلّا فلا مجال للنّفى بالآيات والاخبار والاجماعات المنقولة التى استدل بها على
نفى العسر والحرج لفرض عدم ثبوت اعتبار مفاد الآيات والاخبار والاجماعات المنقولة
استدلّ بها على نفى العسر والحرج الا ان يبلغ الآيات والاخبار والاجماعات المنقولة
حدّا توجب العلم ودون البلوغ الاشكال بل قد حرّرنا فى محله عدم ثبوت انتفاء العسر
والحرج بالآيات والاخبار والاجماعات المنقولة ولا بالعقل وان امكن القول بحكم
العقل بانتفاء العسر والحرج لو تادّى الامر الى اختلال النّظام ولو كان الغرض نفى
العسر والحرج بالاجماع المحصّل فلا اعتبار به بدون افادة العلم والافادة محل
الاشكال واورد بعض اصحابنا بما هو بعد التلخيص والتحرير ان يقال انه ينفى العسر
والحرج عموم الاحتياط للاحتمالات المقتضية للتكليف كلها من المظنون والمشكوك
والموهوم لكن يندفع العسر والحرج بتبعيض الاحتياط بترك الاحتياط فى بعض الاصناف
الثلاثة ولا ريب انه اذا تردّد اهمال الاحتياط بين الاصناف المشار اليها فالاولى
الاهمال فى الموهوم اعنى ما قام الظن على عدم وجوبه او عدم حرمته فكان الوجوب او
الحرمة من باب الموهوم فاذا اندفع العسر والحرج بهذا المقدار يبقى وجوب الاحتياط
فى الصنفين الاولين على حاله ولا يسقط وجوب الاحتياط بالكليّة قضيّة ان الضّرورة
تتقدّر بقدرها والفرق بين العمل بالظن فى الصّنف الاوّل من باب حجية الظن والعمل
فيه من باب الاحتياط انه على تقدير حجية الظنّ لا بدّ فى الصّنف الثانى من العمل
بالاصول النافية من دون التفات الى العلم الاجمالى بوجود التّكليفات الكثيرة بين
المشبّهات اذ حال الظنّ ح كحال العلم التفصيلى فيكون الوقائع بين معلومة الوجوب
تفصيلا وما هو بمنزلة المعلوم ومشكوك الوجوب واما على تقدير كون العمل بالظّن من
باب الاحتياط فيجب الاحتياط فى الصّنف الثانى ولا يضربه عدم وجوب الاحتياط فى
الصّنف الثّالث ودعوى كون الاحتياط فى الصّنف الثانى مستلزما للعسر والحرج خلاف
الانصاف لقلة الصّنف المذكور لكن يمكن القول بقيام الاجماع على عدم وجوب الاحتياط
فى الصّنف الثانى ايضا فلا يجب الاحتياط فى الصّنف الثّانى وينتقل التكليف من
الامتثال بالعلم الاجمالى الى الاطاعة الظنّية لكن نقول ان الانصاف ان العلم
بانتقال التكليف وعدم وجوب الاحتياط مشكل جدا وان يقتضى به الظنّ القوىّ لكن لا
نفع فيه وينحصر المناص فى العلم وان قلت انه اذا ظنّ بعدم وجوب الاحتياط فى الصّنف
الثانى اعنى المشكوك فيه فيرجع الامر الى الظنّ باعتبار الاصول النّافية والظنّ
على تقدير حجّيته فى زمان الانسداد كما يكون حجة بالنسبة الى الواقع كذا يكون حجة
بالنّسبة الى الطريق فلا بد من البناء على العمل بالاصل وترك الاحتياط قلت انّ
المفروض عدم انتقال التكليف الى الظنّ وكون العمل بالظن فى الصّنف الاوّل من باب
الاحتياط فمن اين يتاتّى اعتبار الاصل فى الصّنف الثانى من باب اقتضاء الاصل وان
قلت ان المشكوك فيه يتاتى فيه العمل بالاصل لو كان الشكّ فى التكليف فى الشك فى
الحرمة باتفاق المجتهدين والاخباريين لو كان الشك فى الوجوب فقيام الاصل المظنون
كونه طريقا لا يقتضى تتنزّل المشكوك فيه عن مقامه لو لم يقتضى الترقّى عنه فلا
مجال فى المشكوك فيه من للعمل بالاحتياط قلت ان العلماء لم يذهبوا الى وجوب
الاحتياط فى مورد الشك فى التكليف لعدم العلم الاجمالى بالتكليف لكن المفروض فى
المقام العلم الاجمالى بالتكليف فى الصنفين الاولين كيف لا والمفروض ان العمل
بالظن فى الصّنف الاول من باب الاحتياط اقول ان طريقة الفقهاء لم تكن مستقرّة على
التزام الاحتياط قطعا ولو لم يكن العمل بالظن منهم من باب الاحتياط باليقين بل
الامساك عن دعوى القطع بكون الاحتياط خلاف الشّريعة المصطفويّة من باب الوسواس بل
دعوى ان التزام الاحتياط لم يكن فى شيء من الشّرائع السّابقة ولم يكن حال نصب
الطّريق فى الشّرائع السّابقة الا حال نصب الطّريق فى هذه الشّريعة فى المحلّ
والموقع وبوجه آخر التبعيض فى الاحتياط على الوجه المذكور خلاف طريقة المجتهدين فى
الشكّ فى الحرمة وخلاف الاجماع فى الشكّ فى الوجوب وكذا خلاف الاجماع فى المظنونات
لان الاحتياط فى المظنونات وان كان فى العمل بالظّن الّا ان العمل بالظّن من باب
الاحتياط خلاف طريقة فقهائنا بل خلاف طريقة فقهاء قاطبة فرق الاسلام بل التبعيض
خلاف طريقة المورد فى اصوله وفروعه حيث انّه لم يقل باعتبار الظّنون الخاصّة
والقول بحجيّة مطلق الظنّ يبتنى على بطلان الاحتياط ولو على وجه التبعيض وهو وان
نصر جواز التّبعيض لكنه لم يجر على الاحتياط فى المشكوكات بلا شكّ وما لو قيل انّ غاية
الامر كون التّبعيض مخالفا للاجماع المركّب لكن لا
لا يتاتى الاجماع المركّب فى المسألة العقلية يندفع بما ياتى ان شاء الله
سبحانه وبعد هذا اقول ان القول بالتبعيض مبنى على وجوب الاحتياط عقلا وقد تقدّم
تزييفه وبعد هذا اقول ان المفروض دلالة الدّليل على وجوب الاحتياط والّا فلا مجال
للقول بالتبعيض فلا بدّ من ملاحظة النّسبة بين ما دل على وجوب الاحتياط وما دل على
نفى العسر والحرج اما دليل وجوب الاحتياط فهو منحصر فى المقام فى العقل واما ما دل
على نفى العسر والحرج فهو اما من باب العقل بناء على استقلال العقل بنفى العسر
والحرج مطلقا او فى الجملة كما فى صورة اختلال النّظام على تقدير ثبوت التكليف
العسر بناء على استقلال العقل فى المقام بنفى وجوب الاحتياط من باب لزوم العسر
والحرج او من باب دلالة الآيات والاخبار بناء على عدم استقلال العقل بنفى العسر
والحرج مطلقا او فى المقام وعلى التقديرين فالنّسبة فى البين من باب العموم
والخصوص المطلق لكون حكم العقل بوجوب الاحتياط التّام فى المقام اخصّ من دليل نفى
العسر والحرج إلّا ان يقال ان حكم العقل بوجوب الاحتياط فى المقام من باب الحكم
بوجوب التفريغ اليقينى عن الاشتغال اليقينى وبعبارة اخرى الحكم بوجوب المقدّمة
العلميّة فى مقام اشتباه المكلّف به فالنّسبة من باب العموم والخصوص من وجه لعدم
اختصاص قاعدة الاشتغال ووجوب المقدّمة العلميّة فى صورة اشتباه المكلّف به بصورة
العسر والحرج كما فى الاحتياط المشار اليه وعدم اختصاص ما دل على نفى العسر والحرج
بالاحتياط المشار اليه كما لا يخفى وعلى اىّ حال فلو كانت النّسبة من باب العموم
والخصوص المطلق فالامر دائر بين عدم حكم العقل بوجوب الاحتياط بملاحظة حكمه
بانتفاء العسر والحرج او بملاحظة الآيات والاخبار الدالة على نفى العسر والحرج
وتخصيص حكم العقل بقبح التّكليف العسر باختصاص حكمه بذلك بما عد الاحتياط المشار
اليه بان يكون العقل حاكما بقبح التكليف العسر الّا فى باب الاحتياط المشار اليه
ولا ترجيح للاوّل على الثّانى امّا على الثانى فنقول اولا ان اعتبار الظنّ
المستفاد من الآيات والاخبار اوّل الكلام على حسب الفرض لفرض عدم ثبوت اعتبار
الظنّ لا عموما ولا خصوصا وثانيا ان حكم العقل مقدّم سواء كانت النّسبة من باب
العموم والخصوص المطلق او من وجه لقوّة حكم العقل ولا سيّما بناء على كون النّسبة
من باب العموم والخصوص المطلق وثالثا ان الآيات والاخبار المشار اليها تنصرف الى
التكاليف النفسيّة ولا تشمل الوجوب الغيرى والحرمة الغيريّة ووجوب الاحتياط من باب
الوجوب الغيرى لكونه من باب وجوب المقدّمة العلميّة نظير ان الامر فى قوله سبحانه
فليحذر الذين يخالفون عن امره ينصرف الى الامر النفسى ولا يشمل الامر الغيرى وكذا
العصيان فى قوله سبحانه ومن يعص الله ورسوله فان له نار جهنّم ينصرف الى العصيان
النّفسى بارتكاب الحرام النفسى او ترك الواجب النفسى ولا يشمل العصيان الغيرى
بارتكاب الحرام الغيرى او ترك الواجب الغيرى فلا يتمّ الاستدلال بالآيتين على ترتب
العقاب على ترك الواجب الغيرى كما استدلّ بهما عليه الوالد الماجد ره ونظير ان ذلك
الإطلاق والنّهى فى قوله عليه السّلم كل شيء مطلق حتّى يرد فيه نهى ينصرف الى
الاطلاق النّفسى والنّهى النفسى فلا يتم الاستدلال به من الصّدوق نقلا على جواز
القنوت بالفارسيّة ونظير ان الحلال والحرام فى قوله عليه السّلم كل شيء فيه حلال
وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه ينصرف الى الحلية النفسيّة والحرمة
النفسيّة ولا يشمل الحلية الغيريّة والحرمة الغيريّة كما فى المانع عن صحّة
الصّلاة مثلا فان حرمته غيريّة بعد تسليم الحرمة الغيريّة والّا فالحرمة فى
القناعة بالصّلاة المشتملة على المانع لا فى الصّلاة المشار اليها فلا يتم
الاستدلال بذلك على جواز الصّلاة فيما شك فى كونه من اجزاء ما لا يوكل لحمه كما
استدلّ به عليه المحقّق القمّى كغيره ونظير ان الحرام فى كلماتهم فى باب الشّبهة
المحصورة ينصرف الى الحرام النفسى واما تردّد الحرام الغيرى اعنى المانع بين امور
محصورة فهو خارج عن عنوان الشّبهة المحصورة فى كلماتهم والكلام فيه مربوط بالكلام
فى الشكّ فى المكلّف به من جهة الشبهة الموضوعيّة وان امكن القول باطراد الكلام فى
تردّد الحرام النفسى بين امور محصورة فى تردّد المانع بين امور محصورة وان الحرمة
فى كلماتهم فى شبهة الحرمة من الشك فى التكليف تنصرف الى الحرمة النفسيّة وامّا
الحرمة الغيرية اعنى الممانعة فهى خارجة عن كلماتهم والكلام فيها موكول الى الكلام
فى الشك فى المكلّف به من باب الشّبهة الحكميّة من حيث الجزئية او الشّرطية او
المانعيّة وان الحرمة فى كلماتهم فى الشّبهة المنفردة من الشّبهة الحكميّة
الموضوعيّة تنصرف الى الحرمة النفسيّة وأمّا اشتباه الموضوع من جهة الحرمة
الغيريّة بان تردّد شيء بين كونه مانعا او غير مانع كما لو تردد شعر بين كونه من
ماكول اللحم او غيره فهو خارج عن كلماتهم والكلام فيه مربوط بالكلام فى الشك فى
المكلّف به من جهة الشبهة الموضوعيّة
وان الوجوب فى كلماتهم فى شبهة الوجوب من الشك فى التكليف ينصرف الى الوجوب
النفسى وامّا الوجوب الغيرى اعنى الجزئيّة او الشّرطية بان شكّ فى جزئية شيء او
شرطيته فهو خارج عن كلماتهم والكلام فيه موكول الى الكلام فى الشّك فى المكلّف به
من جهة الشّبهة الحكمية من حيث الجزئية او الشّرطيّة او المانعيّة وان الوجوب فى
كلماتهم فى شبهة الوجوب من الشكّ فى المكلّف به من جهة الشّبهة الحكمية اعنى تردّد
الواجب بين ماهيّتين مختلفتين ينصرف الى الوجوب النّفسى وامّا الوجوب الغيرى بان
ثبت جزئية شيء او شرطيّته وتردّد الشيء بين شيئين فالكلام فيه ايضا مربوط بالكلام
فى الشكّ فى المكلّف به من جهة الشّبهة الحكمية من حيث الجزئية او الشّرطية او
المانعيّة ويمكن ان يقال ان مرجع نفى وجوب الاحتياط بناء على القول بالتّبعيض الى
نفى المحتاط لاجله وهو التكاليف الشرعيّة فلا باس بدفع وجوب الاحتياط بما دل على
نفى العسر والحرج من الآيات والاخبار ورابعا ان الاحتياط لا بدّ منه على من القول
بعدم وجوب مقدّمة الواجب فلا يمانع انتفاء العسر التكليف عن لزوم الاحتياط من باب
اللابدية لخروج اللابدّية عن التكليف الشّرعى إلّا ان يقال انّ مفاد الآيات
والأخبار نفى التكليف الّذى يعسر الاتيان به مطلقا سواء كان عسره لذاته او بالخارج
كما لو كان العسر فى مقدّمة الواجب مع عدم وجوب المقدّمة وقد سمعت ان مرجع نفى
وجوب الاحتياط الى نفى المحتاط لاجله ولو انتفى المحتاط لاجله فلا يلزم الاحتياط
ولو من باب اللابدّية اذ لابدّية المقدّمة فرع وجوب ذى المقدّمة واذا انتفى وجوب
ذى المقدّمة فينتفى اللّابدّية فعدم وجوب مقدّمة الواجب لا يمانع عن نفى وجوب
الاحتياط بالعسر والحرج لكون وجوب الاحتياط عنوانا للمحتاط لاجله واما على الاوّل
فنقول انّه ان كانت النّسبة من باب العموم والخصوص المطلق فالامر دائر بين عدم حكم
العقل بوجوب الاحتياط بملاحظة قبح التكليف العسر وتخصيص حكم العقل بقبح التكليف
العسر باختصاصه بما عدا الاحتياط المبحوث عنه ولا ترجيح للاوّل على الثانى فلا يتم
القول بعدم وجوب الاحتياط فى الموهومات من باب العسر والحرج فى الاحتياط المبحوث
نظير ان الامر فى باب التخصيص دائر بين ابطال الخاص وتخصيص العام الا ان التخصيص
مقدم بحكم العرف ولو كان النّسبة من باب العموم والخصوص من وجه فالامر دائر بين
تخصّص حكم العقل بوجوب المقدّمة العلميّة او قاعدة الاشتغال وتخصّص حكم العقل بقبح
التكليف العسر ولا ترجيح للاول على الثّانى فلا يتم القول بعدم وجوب الاحتياط فى
الموهومات من باب العسر والحرج فى الاحتياط المبحوث عنه نظير دوران الامر فى باب
التّعارض بالعموم والخصوص من وجه كما فى باب اجتماع الامر والنّهى نحو صل ولا تغصب
على القول بعدم جواز الاجتماع بين تخصيص كلّ من المتعارضين بالآخر كتخصيص الامر
الامر بالصّلاة بالنّهى عن الغصب وتخصيص النّهى عن الغصب بالامر بالصّلاة الا ان
الظّاهر فيه عرفا تخصيص الامر بالنّهى الّا ان يقال ان العقل بعد ملاحظة قبح
التّكليف العسر يتوقف فى الموهومات ولا يجزم فيها بوجوب الاحتياط ولا يجزم ايضا
بعدم الوجوب من باب لزوم العسر والحرج فيدور الامر بين عدم الحكم بالخاصّ اعنى
الحكم بوجوب الاحتياط وتخصّص العام اعنى الحكم بوجوب الاحتياط وتخصّص العام اعنى
الحكم بقبح التكليف العسر او بين تخصّص الحكم بوجوب المقدّمة العلميّة وقاعدة
الاشتغال وتخصّص الحكم بقبح التكليف العسر فيتاتى ح حكومة اصل البراءة لكن نقول
انّه لو سكت العقل فى الموهومات فلا يتاتى له الجزم فى المظنونات والمشكوكات وعلى
هذا المنوال الحال فى جميع موارد حكم العقل فانّه لو تطرّق عليه الفتور فى بعض
الموارد او انكشف خلاف حكمه بالشّرع فلا يتاتّى له الجزم فى سائر الموارد مثلا لو
اتفق اجتماع النّفى والاثبات او تطرّق التوقف فى جواز الاجتماع فى بعض الموارد لا
يتاتى للعقل الجزم بعدم جواز الاجتماع فى سائر الموارد وقد تقدّم امثلة لذلك إلّا
ان يقال انّ غاية الامر ح احتمال وجود المانع فى المظنونات والمشكوكات بعد تطرّق
الشّك فى وجوب الاحتياط فى الموهومات بواسطة الشك فى ممانعة العسر والحرج فيدفع
المانع بالاصل لكنه مدفوع بابتنائه على اعتبار اصل العدم والا قوم العدم كما ياتى
او يقال ان العقل جاز بعدا كمال الاحاطة وامعان النّظر بوجود المقتضى وعدم المانع
لكنّه مدفوع بان حكم العقل بوجوب الاحتياط كان مستندا الى العلم الاجمالى وهو قد
ارتفع بعدم وجوب الاحتياط فى الموهومات إلّا ان يقال ان العلم الا جمالى حاصل ايضا
بثبوت التكليف فى كلّ من المظنونات والمشكوكات ايضا ولا اقلّ من ثبوت العلم
الإجمالي بثبوت التكليف فى مجموع المظنونات والمشكوكات لكنّه يندفع بان المشكوكات
لا تكون محلّ العلم الاجمالى ولا من اطراف العلم الاجمالى كما
كما تقدم الكلام فيه ويمكن ان يقال انه بناء على حكم العقل بقبح التّكليف
العسر على الاطلاق يكون حكمه بالقبح مانعا عن حكمه بحكم تكليفى فيكون مانعا عن
الحكم بوجوب الاحتياط فى المقام لان الاوّل من باب المتبوع بالنّسبة الى الثانى
فيقدم الاوّل والاول يمانع عن الثانى نظير ان الشّك السّببى يقدّم على الشّك
المسبّبى فى تعارض الاستصحابين وغيره على ما حرّرناه فى تعارض الاستصحابين واقمنا
عليه وجوها منها ان الشك السّببى من باب المتبوع بالنّسبة الى الشك المسببى فحكم
السّببى مقدّم على حكم المسبّبى قضيّة تقدّم حكم المتبوع على حكم التّابع بل الحكم
فى الشّك السّببى مانع عن الحكم فى الشّك المسبّبى إلّا ان يقال ان الحكم فى الشك
السّببى يزيل الحكم فى الشك المسبّبى فالحكم فى الشك السّببى من باب الرافع لا
المانع اذ المانع عن الشيء ما لا يوجد معه الشّيء والرافع للشيء ما يزيل الشيء
لكنّك خبير بانه لا فرق بين ما لا يوجد معه الشّيء والرافع للشيء ما يزيل الشى لكنك
خبير بانه لا فرق بين ما لا يوجد معه الشيء وما يزيل الشيء اى المانع والرافع فى
المتبوعيّة فالمناط متضح والمدرك متّحد وعلى اىّ حال فقد تاسّس هنا قانون كلى هو
انه لو تعارض حكمان وكان احدهما مانعا عن الآخر فيقدم المانع على الممنوع لكن نقول
ان العسر والحرج لا يمانع عن وجوب الاحتياط بناء على كونه من باب اللابدّية بناء
على عدم وجوب مقدّمة الواجب إلّا ان يقال انه لا فرق عند العقل فى قبح التكليف بين
ما لو كان عسر التكليف لذاته او لامر خارج كما لو كان العسر فى مقدّمة الواجب مع
عدم وجوب المقدّمة فالمدار على عسر الاتيان مطلقا كما تقدّم وايضا نقول انّه لو
ثبت عدم اطّراد وجوب الاحتياط فى الموهومات فيتطرّق الفتور فى حكم العقل بوجوب
الاحتياط فلا يتم وجوب الاحتياط فى المظنونات والمشكوكات اللهمّ الّا ان يذب بشيء
من الوجهين المتقدّمين بالكلام فيهما وتلخيص المقال وتحرير الحال انه ان انتفى
التّعارض فى المقام فلا بدّ اما من البناء على وجوب الاحتياط حتى فى الموهومات او
البناء على عدم الوجوب حتّى فى المظنونات والمشكوكات وعلى تقدير ثبوت التّعارض
فدليل المتعارضين اما ان يكون عقليا او يكون لفظيّا او يكون بالاختلاف لكن دليل
وجوب الاحتياط عقلىّ امّا دليل نفى العسر والحرج فان كان لفظيّا فقد تقدم الكلام
فى تقدّم دليل وجوب الاحتياط عليه وان كان عقليّا فان قدم دليل وجوب الاحتياط فلا
بدّ من الاحتياط حق فى الموهومات وان قدم دليل نفى العسر والحرج او توقف فى الباب
فيرتفع وجوب الاحتياط فى الكلّ ولا دليل على وجوب الاحتياط فى المظنونات
والمشكوكات لارتفاع العلم الاجمالى لكن نقول انه يتّجه القول بالتّبعيض بناء على
حكم العقل بانتفاء التكليف العسر مطلقا او فى امثال المقام وتقدم الحكم المشار
اليه على حكم العقل بوجوب الاحتياط فى باب الموهومات من باب رفع العسر والحرج عن
مجموع التكاليف لو قلنا بثبوت العلم الاجمالى بثبوت التكاليف فى كل من المظنونات
والمشكوكات او فى مجموع المظنونات والمشكوكات لكنك خبير بانه مبنى على كون
المشكوكات محل العلم الاجمالى او من اطراف العلم الاجمالى وبعد هذا اقول ان
المشكوكات لا تكون محل العلم الاجمالى ولا من اطراف العلم الاجمالى على ما تقدّم
تفصيل الكلام فيه فلا مجال لوجوب الاحتياط فى المشكوكات والحكومة لاصل البراءة ولا
سيّما لو كان الشك فى الوجوب لاتفاق المجتهدين والاخباريّين على حكومة اصل البراءة
فيه وعلى منوال حال المشكوكات حال الموهومات فلا حاجة فى وجوب الاحتياط فيها الى
التمسّك بنفى العسر والحرج فى نفى وجوب الاحتياط التّام بل يتاتى حكومة اصل
البراءة فيها بنفسها فضلا عن الاولويّة بالنّسبة الى المشكوكات وبعد هذا اقول ان
التّبعيض المذكور يقتضى كون النزاع فى عموم موارد انسداد باب العلم وقد تقدّم ان
النّزاع فى موارد الظّن من موارد الانسداد فلا يتاتى النّزاع فى موارد الشّك
وموارد الوهم فكان الاولى القول بالتّبعيض فى موارد الظّن بين مظنون الاعتبار
ومشكوك الاعتبار وموهوم الاعتبار لكن مقتضى القول بالتّبعيض المذكور عدم العسر فى
الاحتياط فى المظنونات والمشكوكات معا فضلا عن المظنونات فقط وبعد هذا اقول ان
مرجع عدم وجوب الاحتياط الى عدم وجوب المحتاط لاجله ومعنى عدم وجوب الاحتياط لعسره
عدم وجوب المحتاط لاجله فى حال عسر الاحتياط قضيّة ان مرجع عدم وجوب المقدّمة
للعسر الى عدم وجوب ذى المقدمة العسر المقدّمة بل معنى عدم وجوب المقدّمة هو عدم
وجوب ذى المقدّمة مطلقا سواء كان عدم وجوب المقدّمة من جهة العسر او غيرها وليس
الامر على وجه الترتّب بان ينتفى وجوب المقدّمة كيف لا ووجوب ذى المقدّمة والمحتاط لاجله هو الاصل
ووجوب المقدّمة والاحتياط من باب الفرع فلا يكون ورود الوجوب او عدم الوجوب على
المقدّمة
__________________
والاحتياط بالاصالة وعلى ذى المقدّمة والمحتاط لاجله بالأخرة بل ورود
الوجوب او عدم الوجوب على ذى المقدّمة والمحتاط لاجله بالاصالة فما لا يتمكن من
رفع وجوب ذى المقدّمة والمحتاط لاجله لا يتمكّن من رفع وجوب المقدّمة والاحتياط
ووجوب الاحتياط التام مقدّمة العلم بالاتيان بمجموع التكاليف والعسر والحرج لا
ينفى المجموع والمجموع عسر غاية العسر فعسر الاحتياط المبنى على مجموع التكاليف لا
ينفى المجموع فلا ينفى وجوب الاحتياط ويمكن ان يقال ان انتشار مجموع التكاليف فى
مجموع الاصناف الثلاثة يستلزم انتشار آحاد التكاليف فى مجموع الاصناف الثلاثة
يستلزم انتشار آحاد التكاليف فى مجموع الاصناف الى والمفروض عسر الاحتياط فى مجموع
الاصناف الثلاثة فعسر الاحتياط فى مجموع الاصناف الثلاثة ينفى آحاد التّكاليف
فيلزم نفى مجموع التكاليف إلّا ان يقال انه على هذا يلزم نفى جميع التكاليف لا
المجموع المقابل للجميع فلا يرتبط بذلك ترك الاحتياط فى الموهومات من باب رفع
العسر عن المجموع الّا ان يقال انّه وان يلزم على ذلك نفى الجميع لكن نفى الجميع
يستلزم الخروج عن الدّين فلا بد من البناء على نفى طائفة مخصوصة حذرا عن محذور
الخروج عن الدّين ولو تعين رفع اليد عن المجموع فى ترك الاحتياط فكذا الطّائفة
الّتى لا بدّ من رفع اليد عليها فى الموهومات ايضا ويمكن ان يقال كما ان مجموع
الاصناف الثلاثة مورد العلم الاجمالى كذا كل واحد من الاصناف مورد العلم الاجمالى
وكذا مجموع المظنونات ايضا مورد العلم الاجمالى فنترك الاحتياط فى الموهومات
ونحتاط فى المظنونات والمشكوكات بناء على تعيّنها ظرفا لترك الاحتياط وبعد هذا
اقول انّ التكاليف الواقعيّة ان كانت باقية فى زمان انسداد باب العلم فلا بدّ من
الاحتياط حتّى فى الموهومات والّا فلا يجب الاحتياط حتى فى المظنونات ويمكن ان
يقال ان الامر من باب التكليف المتوسّط نظير ما هو الحال فى باب الشّبهة الغير
المحصورة بناء على وجوب ابقاء القدر المساوى للحرام او ترك ما تيسّر من الافراد لو
كان جميع الافراد مورد الابتلاء وتيسّر ترك ما فوق القدر المساوى للحرام ايضا لكن
يمكن الايراد اولا بان التّكليف المتوسّط لا بدّ فيه من وحدة التكليف ومرجع الامر
هنا الى التفصيل بين اصناف التكليف اعنى المظنونات والمشكوكات والموهومات بالثّبوت
فى المظنونات والمشكوكات والنفى فى الموهومات وهو مقطوع العدم للقطع بعدم الفرق
بين التكاليف نفيا واثباتا بحسب الاصناف الثلاثة الّا ان يقال ان مرجع الامر فى
المقام الى التفصيل فى التكاليف بين احوال ثلاثة اعنى الظن والشك والوهم لا بين
الاشخاص بحسب الاصناف الثلاثة بمعنى ثبوت كل واحد من التكاليف فى حال الظّن والشّك
دون حال الوهم فلا يخرج شخص من اشخاص التكليف نعم يخرج بعض الاحوال مثلا لو قيل
اكرم العلماء الا فى حال مسافرتهم فسافر كلّ العلماء فى يوم الجمعة فلا يجب اكرام
احد من العلماء فى يوم الجمعة لكنه باعتبار اتفاق الاتفاق فى الحال لا باعتبار خروج
الزمان اعنى يوم الجمعة بخلاف ما لو قيل اكرم العلماء الا يوم الجمعة فان الخارج
فيه هو الزّمان فالخارج فى المثال الاوّل هو الحال الّا انه قد يختلف الحال كما لو
سافر بعض العلماء فلا يجب اكرام الموصوف بالحال الخارج اى المسافر وقد يتوافق
الحال كما لو سافر الكل فلا يجب اكرام احد من الموصوفين بالحال الخارج اى احد من
المسافرين ففى مقامنا هذا يتاتى التوسّط فى التّكليف باعتبار الحال اثباتا ونفيا
اعنى الثبوت فى حال الظنّ والشّك والنفى فى حال الوهم والتوسّط باعتبار كون
التكليف بين الثبوت فى عموم الاحوال والانتفاء فى جميع الاحوال ولا فرق فى التوسّط
بين ما لو كان فى التكليف الواحد او التّكاليف المتعدّدة والامر فى المقام من باب
تعدّد التكاليف بخلاف الشّبهة الغير المحصورة فان التوسّط فيها فى التكليف الواحد
نعم التفصيل بين التّكاليف غير التفصيل فى التكليف الواحد اعنى التوسّط فيه لكن
الامر فى المقام من باب التفصيل فى كل من التكاليف اعنى التوسّط فيه فمرجع الامر
فى المقام الى اختلاف حال التكاليف بحسب المظنون والمشكوك والموهوم من كلّ واحد من
آحادها لا بحسب مظنون الكلّ ومشكوك الكل وموهوم الكل فخروج صنف الموهومات بتبع
الحال اعنى حال الوهم لا بنفسه بان كان الخارج اشخاص صنف الموهوم بالاصالة نظير ان
خروج يوم الجمعة فى اوّل المثالين المتقدّمين اعنى ما لو قيل اكرم العلماء الّا فى
حال مسافرتهم وسافر العلماء يوم الجمعة بتبع خروج الحال لا بالاصالة كما فى المثال
الثّانى من المثالين اعنى ما لو قيل اكرم العلماء الّا يوم الجمعة لكن نقول انّ
التكليف المتوسّط لا بدّ فيه من قيام الدليل على بطلان اطلاق النّفى وكذا قيام
الدّليل على بطلان اطلاق الثبوت كما فى
فى الشبهة المحصورة بناء على قيام الاجماع على جواز ارتكاب البعض وكذا قيام
الاجماع على عدم جواز ارتكاب الكل ومرجع الامر الى بعض ارتكاب الحرام حال الاشتباه
لو اتفق فى ضمن ارتكاب الكل دون ما لو اتفق فى ضمن ارتكاب البعض وبعبارة اخرى قيام
الاجماع على عدم ثبوت حرمة الحرام على الاطلاق اى حتى فى صورة المصادفة لارتكاب
البعض وكذا قيام الاجماع على عدم الاغماض عن الحرمة بالكلية وتطرّق الحلية فى حال
الاشتباه حتى فى صورة المصادفة لارتكاب الكلّ وبعبارة ثالثة قيام الدّليل على سد
الحدّين اعنى طرفى التوسّط اى اطلاق النّفى واطلاق الاثبات وبعبارة رابعة قيام
الدليل على عدم ارتفاع الحرمة حال الاشتباه بالكليّة وكذا قيام الدّليل على ثبوت
الحرمة حال الاشتباه على الاطلاق وبعبارة خامسة قيام الدّليل على عدم جواز ارتكاب
الكلّ بعد قيام الدّليل على جواز ارتكاب البعض والا فعدم جواز ارتكاب الكل لا
يحتاج بنفسه الى قيام الدليل عليه بعد شمول اطلاق دليل الحرمة لحال الجهل وهاهنا وان
ثبت بطلان ثبوت التكليف على الاطلاق واستيعاب الاحتياط بعد بحكم العقل بقبح
التّكليف العسر لكن لم يثبت بطلان الغاء الاحتياط فلا يثبت التبعيض فى الاحتياط
كما انه لو ثبت فى الشبهة الغير المحصورة جواز ارتكاب البعض لا يثبت التبعيض فى
الاحتياط بل لا بدّ فيه من قيام الدليل على بطلان الغاء الاحتياط وان قلت ان نفس
بقاء التكاليف تقضى بوجوب الاحتياط فى المظنونات والمشكوكات فيتاتى التكليف
المتوسّط لثبوت عدم التكليف فى الموهومات بالعسر والحرج وثبوت الثبوت فى المظنونات
والمشكوكات بقضيّة بقاء التّكاليف قلت انه لو كان الامر على هذا لكان العلم
الاجمالى فى الشّبهة الغير المحصورة كافيا فى وجوب الاحتياط عن الاطراف الباقية
بعد جوار ارتكاب البعض ولا يلتزم به ذو مسكة مع انّ بقاء التكاليف لا يستلزم وجوب
الاحتياط لامكان حصول الامتثال بطريق آخر كالظنون الخاصّة او مطلق الظن الّا ان يقال
ان المفروض عدم قيام دليل على اعتبار طريق وحكم العقل بوجوب الاحتياط لكن نقول
انّه لو ثبت انتفاء التكليف فى حال الوهم ولو من باب رفع العسر والحرج فى المجموع
فغاية الامر ان انتفاء التكليف فى حال الظن والشك معا يوجب الخروج عن الدّين لكن
لا دليل على ثبوت التّكليف فى حال الظّن والشك معا الا من باب حجيّة العام المخصّص
ولا عبرة به فى المقام كما انّه لو ثبت جواز ارتكاب بعض اطراف الشّبهة الغير
المحصورة فيجوز ارتكاب الكلّ ما لم يمنع عنه مانع فضلا عن ارتكاب البعض ممّا عدا
البعض المشار اليه لارتفاع العلم الإجمالي بل لو ثبت عدم جواز ارتكاب الكل بعد
ثبوت جواز ارتكاب البعض لا دليل على عدم جواز ارتكاب البعض مما عدا البعض المشار
اليه سوى حجّية العام المخصّص فيما بقى او استصحاب حرمة الحرام على تقدير وجوده فى
الاطراف الباقية ولا عبرة بشيء منهما فى الباب اذ الكلام فى حكم العقل بل يمكن
القول بعدم جريان الاستصحاب اذ الشك فى حرمة الحرام فى حال التصادف للاطراف
الباقية سوى المجموع الّا ان يقال انّ المفروض لما كان عروض الاشتباه فيتاتى
استصحاب الحرمة فيتاتى يقدم على اصل البراءة نظير تقدّم استصحاب عدم الانتقال
فى الشك فى صحّة العقد على اصالة عدم الشّرطية مثلا مع تقدّم اصالة البراءة على
استصحاب الاشتغال فى الشكّ فى المكلّف به على التحقيق فى المرحلتين ففى المقام
يتاتى التخيير بين الاحتياط فى المظنونات والمشكوكات لو لم نقل بتعيّن الاحتياط فى
المظنونات وان قلت ان ترك الاحتياط فى الموهومات بواسطة العسر والحرج ولا عسر ولا
حرج فى الاحتياط فى المظنونات والمشكوكات فلا مجال لترك الاحتياط فيها قلت انّ ترك
الاحتياط فى الموهومات ليس بواسطة العسر والحرج فيها كما هو ظاهر هذا المقال بل من
باب رفع العسر والحرج عن المجموع لكن لو ثبت عدم وجوب الاحتياط فى الموهومات
بواسطة ثبوت العسر والحرج فيها او فى المجموع او بواسطة التنصيص على جواز ارتكاب
الكل الا انّ لزوم الخروج عن الدّين يمانع عن ترك الاحتياط فى المظنونات
والمشكوكات معا بناء على حكم العقل بوجوب الاحتياط واما لزوم الاحتياط فى
المظنونات والمشكوكات معا فيبتنى على حجية العام المختصّ فيما بقى ولا عبرة به فى
المقام ولا مجال للاستصحاب بعد عدم اعتباره فى الباب لكون الشك بالنّسبة الى
الزّمان الاوّل كما انه لو ثبت فى باب الشبهة الغير المحصورة جواز ارتكاب البعض
يثبت جواز ارتكاب الكل ما لم يمنع عنه مانع والا فيجوز ارتكاب ما عدا البعض الذى
ثبت جواز ارتكابه سوى الكل كما مرّ لكن نقول انّ ما ذكر انما يتاتى فى صورة اتحاد
العلم الاجمالى كما فى الصّور المتعارفة من الشّبهة الغير المحصورة واما لو فرضنا
ثبوت العلم الاجمالى بوجود الحرام فيما بقى بعد ارتكاب بعض اطراف الشّبهة فيجب
الاحتياط ايضا
__________________
وما نحن فيه من هذا القبيل لثبوت العلم الاجمالى بانتشار التكاليف فى
المظنونات والمشكوكات مضافا الى العلم الاجمالى بانتشار التكاليف فى كل من المظنونات والمشكوكات إلّا ان يقال انّه مبنى
على كون المشكوكات محلّ العلم الاجمالى او من اطراف العلم الاجمالى وقد تقدّم ان
المشكوكات ليست من اطراف العلم الاجمالى ولا محلّ العلم الاجمالى مع انّه لو تطرّق
الشك فى بقاء الحرام المنتشر فيما بقى بعد ارتكاب بعض افراد الشّبهة بملاحظة
ارتفاع الحرمة عن الحرام المنتشر فيما بقى والبعض الّذى ثبت جواز ارتكابه يتاتى
اصل البراءة حيث ان وجوب الاحتياط فى الشّبهة المحصورة وغير المحصورة بناء على
شمول اطلاق دليل الحرمة لحال الجهل انّما يتاتى لو لم يتصادف العلم الاجمالى بالشّبهة
الحكمية فى نفس المعلوم بالاجمال كما ذكر والا فيتاتى جواز ارتكاب الكل لاندفاع
حرمة الحرام المعلوم بالاجمال باصل البراءة لكن ما ذكر انّما يتاتى لو كان البعض
المرخّص فى ارتكابه معيّنا والّا فلو كان البعض المرخّص فى ارتكابه واحد الا بعينه
كما هو مدار الكلام فيما مرّ من الكلام فى ترخيص ارتكاب البعض سوى ما فرضنا من
التنصيص على جواز ارتكاب الموهومات فلا يتاتى العلم الاجمالى بعد ارتكاب البعض
لجواز ارتكاب البعض من الباقى ايضا لان الباقى من عنوان الشّبهة المحصورة او الغير
المحصورة ايضا كما انّه لو تاتى التّصادف بالشبهة الحكميّة فى التصادف لبعض
الافراد معيّنا او غير معين يندفع ايضا حرمة الحرام المعلوم بالاجمال فى التصادف
للفرد المشار اليه باصل البراءة ويتطرّق الشك فى دخول الحرام معلوما بالاجمال فى
الباقى فيجوز ارتكاب الكلّ نعم يتاتى استصحاب الحرمة فى كلّ من الصّورتين فيتاتى
وجوب الاحتياط عن الكل لكن لا جدوى فى الاستصحاب بعد جريانه وان قلت ان المفروض فى
الشّبهة المحصورة او الغير المحصورة دخول الحرام المعلوم حرمته بالاجمال فكيف
يتاتى فرض الشك فى بقاء الحرام على الحرمة او الشك فى حرمة الحرام لو تصادف لبعض
الافراد قلت ان المدار فى الشّبهة المحصورة او الغير المحصورة على دخول ما كان
حراما قبل الاشتباه قبل المباح فى البين ولا ينافيه تطرق الحلية على الحرام فى حال
الاشتباه ولذا يجوز القول بعدم وجوب الاحتياط راسا فى الشبهتين وكذا لا ينافيه
تطرّق الحلية على الحرمة فى بعض احوال الاشتباه كما فيما ذكر من الصورتين نعم
الغالب فى باب الشّبهة المحصورة على القول بوجوب الاجتناب بقاء الحرمة فى عموم
احوال الاشتباه لكن يمكن القول بان الشك فى حرمة الحرام المعلوم بالاجمال دخوله فى
الباقى بعد خروج بعض الافراد فى غاية البعد كما ان الشك فى حرمة بعض الافراد مما
عدا البعض الخارج بعينه أو لا بعينه والجميع فى صورة ثبوت عدم جواز ارتكاب الكلّ
فى غاية البعد الّا ان يقال ان الشك الاول وان كان بعيدا لكن لا يبعد الشك الثانى
كيف لا ولو كان الامر على هذا لكان عنوان حجيّة العام المخصّص مستغنى عنه وان قلت
ان التكاليف لو كانت ثابتة حال الجهل فيجب الاحتياط مطلقا والّا فيجب الاحتياط
مطلقا وإلّا فلا يجب الاحتياط راسا ولا مجال للتوسّط لا فيما نحن فيه ولا فى باب
الشّبهة الغير المحصورة قلت ان الشّبهة الغير المحصورة انّما يتاتى القول بوجوب
الاحتياط فيها على القول بشمول اطلاق دليل الحرمة لصورة الجهل وإلّا فلا يكون فى
البين حرام ويجوز ارتكاب الكل على تقدير عدم شمول الاطلاق لصورة الجهل وحال
الاشتباه فغاية ما يقتضيه الشّمول انّما هى الحرمة فى بعض الاحوال اذ لو لم يتات
الحرمة فى شيء من الاحوال فهو ينافى فرض شمول الاطلاق لصورة الجهل فغاية الامر
ثبوت دخول شخص الحرام فى البين قبال المباح لكن يحتمل تطرّق الاباحة على الحرام
بحسب الاحوال فتارة يحتمل تطرق الاباحة بحسب حالة التصادف على حسب اعداد الاطراف
الّا انّه يختص ببعض الموارد كما لو تقاطر ماء مغصوب واشتبه التقاطر فى اوانى غير
محصورة واحتمل تطرق الاباحة عليه على حسب احتمالات التصادف او تقاطر البول واشتبه
التقاطر فى مواضع غير محصورة منها البئر واما لو اشتبه ماء مغصوب بين مياه مباحة
غير محصورة فلا يتاتى احتمال تطرّق الاباحة ومع هذا لا اعتداد باحتمالات تطرق
الإباحة نعم يتقوى الاحتمالات لو تطرق الرخصة فى ارتكاب بعض معين من الافراد وتارة
اخرى يحتمل تطرق الاباحة بحسب حالات الارتكاب من الوحدانية والثنائية والثلاثية
الى ان ينتهى الامر الى ارتكاب جميع الاطراف والارتكاب فى الحالات المشار اليها
سوى الحالة الوحدانية اما على وجه التدريج او الدّفعة ولا اعتداد بها ايضا فى
الشّبهة الغير المحصورة بعد القول بشمول الاطلاق اعنى اطلاق دليل الحرمة لصورة
الجهل كما هو الحال فى الشّبهة
__________________
المحصورة إلّا انه لما جاز ارتكاب البعض ولم يجز ارتكاب الكلّ فى الشبهة
الغير المحصورة فلذا يتطرّق احتمال تطرق الاباحة على حسب حالات الارتكاب ولو كان
شمول الاطلاق لحال الجهل على وجه الاجمال فلا يثبت الحرمة فيما عدا الحالة الّتى
يكون ثبوت الحرمة فيها هو القدر المتيقن اى صورة ارتكاب الكلّ ويجرى فيما عدا ذلك
اصل البراءة وان لم يكن فى البين قدر متيقن فيحتاط المكلّف فى بعض الحالات ويرتكب
فيما عداه والامر على وجه التخيير وان كان الاطلاق شاملا لجميع الحالات كما هو
مقتضى ما مر من عدم الاعتداد باحتمال تطرق الاباحة فلو ثبت خروج بعض الحالات فيبقى
الحالات الباقية تحت الاطلاق بل ثبوت خروج بعض الحالات يقوى شمول الاطلاق لجميع
الحالات الّا انّه انّما يتم لو كان خروج بعض الحالات بالنصّ لا بالاجماع نظير ان
دخول بعض النّوادر بحكم الاستثناء يكشف عن شمول الاطلاق لجميع النوادر بخلاف ما لو
ثبت اطّراد حكم الشّائع فى بعض النوادر بالاجماع فانه لا يكشف عن شمول الاطلاق
للنّادر المشار اليه فضلا عن النّوادر ولو ثبت خروج بعض الافراد لا بعينه فيتاتى
التوسّط رجوع الامر الى كون الامر بين الامرين اعنى ثبوت الحرمة على الاطلاق
وانتفاء الحرمة على الاطلاق بثبوت الحرمة فيما عدا صورة التّصادف للبعض المرخّص
فيه لكن بناء على حجية العام المخصّص فيما بقى يتعيّن المتوسّط لكون الحالة
المرخّص فيها حالة واحدة وحالة عدم جواز الارتكاب متعدّدة على حسب اعداد التّصادف
إلّا انّه انما يتم فى بعض الموارد كما يظهر ممّا مر كما انّه يبتنى على شمول
الاطلاق لجميع احوال التصادف واما بناء على عدم حجية العام المخصّص فيما بقى فحالة
الرخصة معيّنة وحالة عدم جواز الارتكاب مجملة فالحال فيما بقى على منوال ما لو ثبت
شمول الاطلاق لحال الجهل على وجه الاجمال لا يقال انّ المفروض ثبوت الحرمة فى بعض
الحالات الباقية فلا بدّ من الاحتياط ولو بعد ارتكاب البعض المرخّص فيه من باب
المقدّمة العلميّة لان وجوب الاحتياط من باب المقدّمة العلميّة انّما يتم لو لم
يتصادف العلم الاجمالى للشّبهة الحكميّة وإلّا فلا كما مرّ ويجرى نظير ما ذكر فى
الشّبهة المحصورة فلو اشتبه فرد من الحرام بفردين من المباح وثبت جواز ارتكاب
البعض وعدم جواز ارتكاب الكلّ فحالات الارتكاب خمسة واحدة وحدانيّة وثلاثة ثنائيّة
وواحدة ثلاثية والمفروض جواز الارتكاب فى الحالة الوحدانيّة ولزوم الاجتناب فى
الحالة الثّلاثية فيبقى الحالات الثنائيّة مشكوكة ان كان اطلاق دليل الحرمة بالنّسبة
الى احوال الاشتباه فى مورد الاجمال ولم يكشف اخراج الحالة الوحدانيّة عن الشّمول
للحالات الثنائية ويعمل باصل البراءة والا فيبنى على الحرمة تمسّكا بالاطلاق غاية
الامر انه خرج الحالة الوحدانية فيبقى الباقى لكن لو انحصر فرد الشّبهة فى فردين
باشتباه فرد من الحرام وثبت جواز ارتكاب فرد واحد وعدم جواز ارتكاب الفردين فحالة
الارتكاب منحصرة فى الوحدانية والثنائية والمفروض جواز الارتكاب فى الحالة
الوحدانيّة وعدم الجواز فى الحالة الثنائية فالوسط متّحد والتوسّط لجواز الارتكاب
فى الحالة الوحدانيّة وعدم الجواز فى الحالة الثنائية واما حالة التصادف فهى فيما
يتعدّد هى فيه من المثال الاوّل ثلاثة ومن المثال الثانى اثنان وعلى منوال المثال
الاول من المثالين المذكورين للشّبهة المحصورة الحال فيما نحن فيه إلّا انه يختلف
الحال بناء على ثبوت العلم الاجمالى فيما بقى بعد اخراج بعض الاطراف وبعض الحالات
الوحدانية اعنى الموهومات من كل من المظنونات والمشكوكات او المجموع فيختلف الحال
بثبوت العلم الاجمالى فى الطّرفين الباقين والحالتين الوحدانيّتين لو قيل بثبوت
العلم الاجمالى فى كل من المظنونات والمشكوكات وثبوت العلم الإجمالي فى الحالة
الثنائية لو قيل بثبوت العلم الاجمالى فى مجموع المظنونات والمشكوكات والتوسّط
باعتبار كون التكليف بين الثبوت على الاطلاق والانتفاء على الاطلاق بالثبوت فى
صورة الظن والشّك والانتفاء فى صورة الوهم كما مرّ ويمكن الايراد ثانيا بانه لا
معنى للتكليف المتوسّط فى المقام الا ثبوت التكليف بالفعل او التّرك حال الظنّ به
او الشك فيه دون حال الظنّ بالعدم ولا معنى لكون التكليف تابعا للظن ولا منوطا به للزوم الدّور كما يظهر ممّا مرّ فى عدم
جواز اشتراط التكليف بالعلم وان قلت فكيف تقول بانصراف اطلاقات التكاليف الى حال
العلم قلت انا نقول بانصراف اطلاقات التكاليف الى حال العلم بالفعل بالنّسبة الى
الموضوعات العرفية ولا باس به وبانصراف الاطلاقات الى العلم بالقوّة اعنى امكان
العلم بالنّسبة الى الموضوعات المخترعة ولا باس به ايضا ولا نقول بانصراف
الاطلاقات الى حال العلم بالتكاليف نعم لا باس بالقول بالتوسّط
__________________
فى التفريع بترتب العقاب على ترك الامتثال لو كان فى حال الظن او الشك دون
ما لو كان فى حال الوهم ويظهر الحال بما مرّ من الكلام فى بقاء التكاليف وان قلت
ان ثبوت التكليف فى حال الظنّ والشك لا يقتضى الاشتراط والاناطة بالظن والشك كيف
لا والفرق بين كون الشيء فى حال الشيء وبشرط الشيء حديث واضح معروف قلت يتاتى
الاشتراط والاناطة بثبوت التكليف فى حال الظنّ والشك وانتفائه فى حال الوهم والا
فلو كان التكليف ثابتا على الاطلاق فهو لا يخرج عن كونه فى حال الظنّ او الشك او
الوهم لكن نقول انه لو ثبت انتفاء العقاب على ترك الامتثال لو كان بالترك فى حال
الوهم بناء على كون التوسّط فى التفريع يتاتى الفتور فى حكم العقل ولا يجزم بترتّب
العقاب على ترك الامتثال فى حال الظنّ او الشك لو جزم بترتّب العقاب على ترك
الامتثال حال الظنّ او الشك معا للزوم الخروج عن الدين بل عدم وجوب الاحتياط فى
حال الوهم يوجب عدم جزم العقل بوجوب الاحتياط فى حال الظنّ والشّك لجوار العمل
بطريق آخر لكن لا مجال لهذا بعد فرض حكم العقل بوجوب الاحتياط كما انه بعد فرض
العلم الاجمالى بثبوت التكاليف فى المظنونات والمشكوكات بالانفراد او الاجتماع يجب
الاحتياط بعد الاغماض عن ان المشكوكات لا تكون محل العلم الاجمالى ولا من اطراف
العلم الاجمالى ويمكن الايراد ثالثا بان قضاء الضّرورة ببقاء التّكاليف الواقعيّة
على حالها ينافى القول بالتوسّط فى التكليف فلا عبرة به لكنّه يندفع بان مدار
القول بالتوسّط على التصرّف فى اصل الخطابات وواقع التكاليف على ذلك هو التوسّط
والمرجع الى تقييد التكاليف واخراج صورة الوهم بواسطة العسر والحرج لكن
نقول انه يستلزم حمل الخطابات على ما يستلزم الدّور كما يظهر ممّا سمعت نعم فى باب
الشبهة الغير المحصورة لما قام الاجماع على جواز ارتكاب البعض وعدم وجوب الاجتناب
عن الكلّ فهذا دليل قطعى على تقييد دليل الحرمة بصورة ارتكاب الكل ولا يلزم فيه
محذور بل فى كل مورد ثبت بطلان اطلاق النفى والاثبات يثبت التوسّط والتفصيل كما
انه لو ثبت كون شيء فى سطح وثبت انه لا يكون فى المبدا ولا فى المنتهى يتعيّن كونه
فيما بين المبدا والمنتهى الّا انه لا يتعيّن الوسط المخصوص لو تعدّد الاوساط وبعد
هذا اقول انّ غاية الامر تطرق العسر فى باب الاحتياط فى مجموع الاصناف الثلاثة لكن
ترجيح المظنونات والمشكوكات بتخصيص الاحتياط بهذين الصّنفين يحتاج الى مرجح قطعىّ
وهو منتف ولا يكفى المرجح الظنى لما يظهر مما ياتى فى تزييف الاستدلال على حجية
مطلق الظن بلزوم ترجيح المرجوح على الراجح لولاه وكذا ما ياتى فى عدم كفاية الظن
فى ترجيح الظنون الخاصّة إلّا ان يقال انّ مدار الايراد على ما مرّ على رجحان جعل البعض
الّذى يترك فيه الاحتياط هو الموهومات لا اللزوم لكن نقول ان التّعبير بالاولى فى
كلام المورد كما تقدّم فى تلخيص الايراد وان يظهر عن الرجحان لكن مقتضى صريح بعض
كلماته التعيّن وان قلت ان الاتفاق قائم على عدم وجوب الاحتياط فى الموهومات ولو
لم يثبت اعتبار طريق قلت ان الاتفاق قائم ايضا على عدم وجوب الاحتياط فى الشك فى
الوجوب ولو لم يثبت اعتبار طريق واتفاق المجتهدين قائم على عدم وجوب الاحتياط فى
الشك فى الحرمة ولو لم يثبت اعتبار طريق وان قلت انّ ما ادّعيت من الاتفاق انما هو
فى صورة ثبوت الطريق ولو من باب مطلق الظنّ قلت ان الحال فيما ادّعيت من الاتفاق
على هذا المنوال ايضا وان قلت ان ما ادّعيت من الاتفاق من باب استنباط المناط
بدعوى عدم اختصاص اتفاقهم على عدم العمل فى الموهومات بصورة ثبوت اعتبار الطريق قلت نحن ندّعى ايضا ان الاتفاق على عدم العمل بالاحتياط
فى المشكوكات لا يختصّ بصورة بصورة ثبوت اعتبار الطريق وان كان قيام الاتفاق فى
صورة ثبوت اعتبار الطريق وبعد هذا اقول ان البناء على التّبعيض ان كان من باب
الجمع بين قاعدة وجوب الاحتياط وقاعدة نفى العسر والحرج كما هو المقصود فالمدار
على الاخذ ببقية الاحتياط بعد ترك الاحتياط فى الموهومات فيظهر الكلام فيه بما مرّ
من انّه لو ارتفع العلم الاجمالى بانتشار التّكاليف فى جميع موارد انسداد باب
العلم فالعلم الاجمالى يرتفع بعدم وجوب الاحتياط فى الموهومات ولا مجال لوجوب
الاحتياط فى المظنونات او المشكوكات بعد حكم العقل بانحصار الطريق فى الاحتياط لو لم يتعيّن
الاحتياط فى المظنونات الّا ان يدعى العلم الاجمالى بانتشار التكليف فى كل من
المظنونات والمشكوكات او فى المجموع وان كان من باب الاخذ بالتبعيض بنفسه حيث انه
احد الاحتمالات المتطرّقة فى زمان انسداد باب العلم كما مرّ فهو بعد كونه خلاف
الاجماع لا يرتبط بوجه يقتضيه مع انه مبنى على كون المشكوكات محلّ العلم الاجمالى
او من اطراف العلم الاجمالى وقد يعترض على الايراد المتقدّم بان الاحتياط
__________________
فى المسألة الفرعيّة معارض بالاحتياط فى المسألة الاصولية اذ مقتضى
الاحتياط فى باب جواز العمل بالظنّ هو ترك العمل بالظن قضيّة الآيات الناهية عن
العمل بالظنّ وهو مردود بان مدار الايراد المتقدّم على العمل بالظنّ من باب
الاحتياط واين هذا من العمل بالظنّ من باب حجيّته كيف لا وحجية الظنّ انما يتاتى
فى صورة بطلان الاحتياط وبطلانه احد اجزاء دليل الانسداد ومدار الايراد على العمل
بالظنّ من باب الاحتياط فلا مجال الشمول الآيات الناهية عن العمل بالظن من باب
الاحتياط مع العمل به من باب حجية الظنّ كيف لا ولا باس بالعمل بالقياس من باب
الاحتياط وان امكن القول باقتضاء الاخبار الناهية عن العمل بالقياس المنع عن مطلق
الاعتناء بالقياس حتى العمل بالاصل من باب ارتفاع الظنّ المستند الى الخبر بمعارضة
القياس فلا يتاتى جواز العمل بالقياس من باب الاحتياط لكن هذا المقال لا يتاتى فى
باب الآيات الناهية عن العمل بالقياس اذ المقالة المذكورة بملاحظة غلظة الأخبار
الناهية عن العمل بالقياس وليس فى الآيات الناهية عن العمل بالظن ما يقتضى وجوب
ترك مطلق العمل بالظنّ حتى الظنّ الموافق للاحتياط وربما يعترض ايضا ان الايراد
المذكور لا يتاتى فى تعارض الوجوب والحرمة وهو مدفوع بان المدار فى الايراد
المذكور على العمل بالظنّ من باب الاحتياط وفى تعارض الخبرين بالوجوب والحرمة لا
ظنّ فى الباب حتى يتاتى الكلام فى العمل به من باب الاحتياط واورد ايضا على
الاستدلال المتقدّم بوجوه احدها النقض بما لو ادى اجتهاد المجتهد وعمله بالظن الى
فتوى توجب الحرج كوجوب الترتيب بين الحاضرة والفائتة لمن عليه فوائت كثيرة ووجوب
الغسل على مريض اجنب متعمّدا وان اصابه من المرض ما اصابه كما هو قول بعض اصحابنا
وكما لو فرضناها اداء ظنّ المجتهد الى وجوب امور كثيرة يحصل العسر بمراعاتها
وبالجملة فلزوم الحرج من العمل بالقواعد لا يوجب الاعراض عنها وفيما نحن فيه اذا
اقتضى القاعدة رعاية الاحتياط لم يرفع اليد عنها للزوم العسر اقول اذ دعوى لزوم
الحرج من العمل بالقواعد لا يوجب الاغراض عنها ان كانت من باب عدم تمامية قاعدة
نفي العسر والحرج كما حرّرناه فى محلّه فلا باس به والا فهى لا تجتمع مع القول
بتمامية القاعدة المشار اليها كيف لا وعن طريقة الفقهاء تقديم قاعدة نفى العسر
والحرج على ما يعارضها بالعموم والخصوص من وجه بل قيل قد يدّعى ترجيح تلك القاعدة
على العمومات وان اعتضد العمومات بمرجحات قوّية كالشّهرة والاستقراء بل عن المشهور
ترجيح تقديم القاعدة المذكورة على النصّ الخاص ومع ذلك التمسّك بنفى العسر والحرج
فى دفع وجوب الاحتياط لا بد ان يكون من باب حكم العقل والّا فلا مجال للتمسّك بما
دل على نفى العسر والحرج من الآيات الاخبار لعدم ثبوت اعتباره فلزوم الحرج من
العمل بالقواعد يوجب الاعراض عنها ثانيها انّه يقع التعارض بين الادلّة الدالة على
حرمة العمل بالظنّ والعمومات النافية للحرج والاوّل اكثر فتبقى اصالة الاحتياط مع
العلم الاجمالى بالتكاليف الكثيرة سليمة عن المعارض اقول انه قد سمعت انّه بناء
على تمامية قاعدة نفى العسر والحرج يقدم هذه القاعدة على ما يعارضها بل عن المشهور
تقديمها على النصّ الخاص فيكون قاعدة نفى العسر والحرج نافية للاحتياط مضافا الى
عدم تمامية دلالة الادلّة المشار اليها على حرمة العمل بالظن ومع ذلك التمسّك بنفى
العسر والحرج لا بدّ ان يكون من باب حكم العقل وحكم العقل بنفى العسر والحرج يقدم
على ما دل على حرمة العمل بالظنّ وكذا يقدم على حكم العقل بوجوب الاحتياط ولو لم
يقدم على شيء منهما فلا بدّ من التوقّف فلا يكون حكم العقل بوجوب الاحتياط خاليا
عن المعارض ثالثها ان الادلّة النافية للعسر انّما تنفى وجوده فى الشّريعة بحسب
اصل الشّرع لو لا وبالذات فلا ينافى وقوعه بسبب عارض لا يستند الى الشّارع واذا لو
نذر المكلف امورا عسرة كالاخذ بالاحتياط فى جميع الاحكام الغير المعلومة وكصوم
الدّهر واحياء بعض الليالى والمشى الى الحج والزيارات لم يمنع تعسرها عن انعقاد
نذرها لان الالتزام بها انما جاء من قبل المكلّف وكذا لو اجر نفسه لعمل شاق لم
يمنع مشقته عن صحّة الاجارة والوفاء بها وح فنقول لا ريب فى انّ وجوب الاحتياط
باتيان كل ما يحتمل الوجوب وترك كلّ ما يحتمل الحرمة انّما هو من جهة اختفاء
الاحكام الشّرعية المسببة عن المكلّفين المقصّرين فى محافظة الآثار الصّادرة عن
الشّارع المبنيّة للاحكام والمميّزة للحلال عن الحرام وهذا السبب وان لم يكن عن
فعل كلّ مكلّف لعدم مدخلية اكثر المكلّفين فى ذلك الّا ان التكليف بالعسر ليس
قبيحا عقليّا حتى يقبح ان يكلف به من لم يكن سببا له ويختصّ عدم قبحه بمن صار
التعسّر عن سوء اختياره بل هو امر منفىّ بالادلة وظاهرها ان المنفى هو جعل الأحكام
الشّرعية اولا بالذّات على وجه يوجب العسر على المكلف فلا ينافى عروض التعسّر
لامتثالها من جهة تقصير
المقصّرين فى ضبطها وحفظها عن الاختفاء مع كون ثواب الامتثال ح اكثر بمراتب
ألا ترى ان الاجتهاد الواجب على المكلفين ولو كفاية من الامور الشّاقة جدا خصوصا
فى هذه الازمنة فهل السّبب فيه الا تقصير المقصّرين الموجبين لاختفاء آثار
الشّريعة وهل يفرق فى نفى العسر بين الوجوب الكفائى والوجوب العينى اقول انّ منشأ
الابتلاء بالعسر انّما هو عدم نصب الطّريق ولا ارتباط له بالتقصير فى عدم ضبط
الاحكام لكن يمكن القول بان انسداد باب العلم باستتار الامام عليه السّلم من جهة
شقوتنا حيث انه عليه السّلم لا يتمكن من المكث بنينا عادة كما هو مقتضى قول العلامة
الطّوسى تبعا للسّيّد المرتضى فى الشافى وجوده لطف وتصرّفه لطف آخر وعدمه منّا
بناء على كون المقصود من ضمير المتكلّم مع الغير هو اهل زمان الغيبة قبال اهل زمان
الحضور لا اهل زمان الحضور اى الامة قبال الامام كما فهمه السيّد السّند المحسن
الكاظمى حيث قال وظهوره لطف ثالث وعدمه ايضا منا بكون الغرض ان اهل الحضور تركوا
نصرة الامام عليه السّلم فترك التصرّف فالعسر مسبّب عن انفسنا فلا يشمل ادلّة نفى
العسر والحرج لكن نقول انّه لم يثبت كون حالنا اشقى من حال الخلق الماضين وقد مكث
فيهم كثير من الانبياء والاوصياء بل اكثرهم وعلى من يدّعى ذلك الاثبات مع ان ظهور
الامام عليه السّلم انما يكون بعد اشتداد الشقاء واستكمال الجور والظلم كما هو
مقتضى بعض فقرات بعض الأدعيّة ويمكن ان يقال ان الغرض ان اختفاء الاحكام بواسطة
عدم تراكم اهل الحضور على ضبط الاحكام بحيث يصل الاحكام الينا على وجه التّواتر
لكنك خبير بانه لم يجب على اهل الحضور التراكم المذكور الّا ان يقال ان الغرض من
التقصير مجرّد الترك لا العصيان فى الامساك مع ان التّواتر لا يجدى فى حصول العلم
لعدم خروج الدلالة عن الظنّ إلّا ان يقال ان الابتلاء على ذلك من جهة الاتفاق على
سماع الاحكام فى مجالس عديدة ونقلها بحيث يتحصّل لنا العلم بالمدلول ايضا وبعد هذا
اقول ان الظّاهر ان عدم المقصود من ممانعة العسر عن وجوب الاحتياط هو حكم العقل
بقبح التكليف العسر لا دلالة الآيات والاخبار على انتفاء التكليف العسر لعدم ثبوت
اعتبارها كما مر غير مرّة فكان المناسب الاقتصار على قبح التكليف العسر إلّا ان
يقال ان الايراد مشتمل على منع القبح ولا باس باستيفاء الكلام فيه وبعد هذا اقول
ان الامثلة المذكورة من باب الاقدام على عبادة عسرة لو معاملة شاقة بالاختيار واين
هذا من سلب اليسر بالاختيار والفرق فى البين بين وبعد هذا اقول ان الامثلة
المذكورة مقتضى الوجه المذكور انعقاد نذر الامور العسرة وصحّة الاجارة لعمل شاق
لعدم عموم ادلّة نفى العسر والحرج للعسر بالاختيار لكن نقول انه لا يخلو اما ان
يكون الاجير جاهلا بالعسر والحرج او عالما به فعلى الاوّل يضح الاجارة ولو على تقدير
عموم ادلّة نفى العسر والحرج للعسر بالاختيار لخلو المقام عن النّهى بل لعدم تعلّق
النّهى فى المقام لو فرض ثبوته بنفس المعاملة بل لعدم دلالة النّهى فى المعاملات
على الفساد بعد فرض تعلّق النّهى بنفس المعاملة ايضا إلّا انّه فاسد كما حرّرناه
فى محلّه ولا سيّما مع عدم دلالة النّهى هنا على فساد المنهى عنه وهو ارتكاب الفعل
الشّاق إلّا ان يقال ان صحّة تلك الاجارة توجب العسر ومقتضى عدم جعل الحكم العسر
او عدم التعبير على الخلاف المحرّر فى محله عدم صحة الاجارة فهى فاسدة إلّا ان
يقال ان الصحّة لا توجب العسر وانّما الموجب له هو عسر اللزوم فيرتفع اللزوم ويدور
الامر بين الفساد واختيار الفسخ واللزوم مع الارش لكن نقول انه على هذا المقال وان
لا يثبت الفساد لكن لا يثبت الصحّة ايضا بل يدور الامر بين الامور الثلاثة
المذكورة وعلى الثانى فالعلم بالعسر فى حكم الجهل به لو قلنا بمنافاة الامتناع
بالاختيار للاختيار او شمول نفى العسر والحرج للعسر بالاختيار والاظهر عدم الشّمول
كما حرّرناه فى محلّه والا فيتاتى الصّحة بلا اعتبار والظّاهر انّ مدار الوجه
المذكور ادلة على فرض العلم بالعسر والّا فلو كان الغرض عدم شمول ادلّة نفى العسر
والحرج للعسر بالاختيار حتى فى صورة الجهل بالعسر فهو فاسد بلا عسر وامّا النّذر
فيرتفع لزومه ويدور الامر بين الفساد والجواز إلّا ان يقال ان جواز النّذر لا يرجع
الى محصل فيتعيّن الفساد وامره يظهر بما سمعت من حيث العلم بالعسر والجهل وبعد هذا
اقول ان مقتضى ما استشهد به فى باب الاجتهاد عدم وجوبه كفاية وينقدح بعد ما ادّعى
من قيام الادلة القطعيّة على الوجوب الكفائى بعدم عسر الاجتهاد زائدا على سائر
الحروف ولا سيّما بعضها لكن يمكن أن يقال انّ كثيرا من افراد الاستعداد غير لائق
بمقام الاجتهاد إلّا ان يقال انّه غير مناف للوجوب الكفائى اذ على ذلك يدور الامر
الوجوب الكفائى بين الاستعدادات اللّائقة الثالث ان وجوب الاحتياط على بعض
الاشخاص من دون بعض ترجيح من غير مرجح بل هو مخالف للاجماع والضّرورة فانا نعلم
بعدم اختلاف المكلّفين فى التكاليف عند عدم اختلاف احوالهم ووجوبه على الجميع يؤدى
الى سقوط كثير من الواجبات الكفائية ومنه يلزم اختلال امر المعاش والمعاد ألا ترى
انّهم قد صرّحوا بعدم وجوب الاجتهاد عينا على كلّ مكلّف لادائه الى سقوط الواجبات
الكفائية واختلال امر المعاش مع ان الظاهر كون الاحتياط فى الكل للكل اشدّ واصعب
من الاجتهاد عينا فان اوّل ما يجب ح على كلّ احد هو النظر فى المسائل الخلافيّة
والتتبع عن الاقوال فيها لتحصيل العلم بالاحتياط فى كلّ مسئلة ومجرّد ذلك لا يكاد
يتمكّن منه كل احد سيّما اذا انضمّ اليه العمل وفيه بعد ابتنائه على حكم العقل
بنفى العسر والحرج ولو فى الجملة ان الاحتياط لا يستلزم جواز ارتفاع التقليد ولا
يمانع عنه بل الظاهر بل بلا اشكال ان احتمال الاحتياط فى كلماتهم ليس مبنيّا على
كونه عن الاجتهاد بالنّسبة الى الكلّ كيف لا والقول بوجوب الاجتهاد عينا مخصوص
بالحليتين وبعض آخر شاذ فالكلام فى وجوب الاحتياط غير الكلام فى جواز التقليد ولا
ارتباط لاحدهما بالآخر فلم ينتهض الاستدلال وبوجه آخر الكلام فى المقام فى وظيفة
المجتهد وعدم ثبوت الطريق فى حقه لا يستلزم عدم حجيّة التقليد طريقا فى حق المقلّد
كيف لا ومقتضى كلام السّيّد السّند العلى كما يظهر ممّا مر حجيّة مطلق الظن فى حق المجتهد
المطلق وكون حجية التقليد من باب التعبّد فوجوب الاحتياط اجتهاد الا ينافى كفاية
الاحتياط تقليدا فى حق المقلّد نعم عدم ثبوت الطريق فى زمان انسداد باب العلم مع
عدم ثبوت الطريق بالنّسبة الى جميع المكلّفين يستلزم ما ذكر فى الاستدلال
فالاستدلال مبنىّ على جعل الكلام فى باب الاحتياط بالنّسبة الى جميع المكلّفين من
باب حسبان كون الكلام فى حجية مطلق الظنّ بالنّسبة الى المجتهد المطلق والكلام فى الاحتياط انما
هو بالنّسبة الى المجتهد المطلق ايضا قضيّة ان القول بحجية مطلق الظنّ فى حق
المجتهد المطلق مبنىّ على بطلان وجوب الاحتياط فى حقّه فعرض الكلام فى باب
الاحتياط على حسب عرض الكلام فى حجية مطلق الظنّ نعم يطرّد الكلام فى حجية مطلق
الظنّ فى حق المقلّد فيطرد الكلام فى الاحتياط فى حقه ايضا الرابع ان الاحتياط غير
ممكن فى العبادات عند دوران الامر بين الوجوب والحرمة او بين شرطية شيء وشرطيّة
عدمه وفى اكثر مسائل المعاملات بل الظاهر ان الاحتياط انما يمكن فى قليل منها اقول
انّ دعوى امتناع الاحتياط فى المعاملات فى الاغلب محلّ الاشكال الخامس انه لا دليل
على وجوب الاحتياط من باب الاصل الثانوى والاحتياط امر مستحبّ اذا لم يوجب الغاء
ثبوت الواجبة اقول ان المقصود به دوران الاحتياط بين الاستحباب ومورده غير عزيز
والحرمة كما فيما لو؟؟؟ الاحتياط فى الصّلاة الى فوت الصّلاة كما يتفق لارباب
الوسواس لكن ضعف هذا المقال ظاهر اذ وجوب الاحتياط فى باب الشكّ فى المكلّف به من
الشّبهة الحكمية لدوران الامر بين الاقل والاكثر كما فى الشّك فى الجزئية
والشّرطية والمانعيّة للصّلاة او غيرها من العبادات قول معروف وكذا الحال فى باب
الشّبهة المحصورة من الشّبهة الموضوعيّة وقد حكم المشهور بوجوب الاحتياط فى باب
قضاء الصّلاة الفائتة المعلومة عينا المشكوكة عددا وحكم السّيّد السّند العلىّ
بوجوب الاحتياط لو علم بلوغ القدر الخالص من الذّهب او الفضة النّصاب وشكّ فى
مقدار النّصاب وقد حكم السّيّد السّند المحسن الكاظمى بوجوب الاحتياط لو كان الحكم
الشّرعى التّحريم وشكّ فى اندراج بعض الأفراد كالشكّ فى اندراج بعض الاصوات تحت
الغناء المعلوم حرمته وحكى المحدّث الجزائرى عن بعض علماء خراسان تطهير الثّوب اذا
كان نجسا ببيع الثّوب او هبته للقصار حتى يدخل فى ملكه فح يسمع قوله ثم الاشتراء
منه وحكى ايضا عن جماعة من معاصريه من سكّان المشهدين مشهد مولانا امير المؤمنين
عليه السّلم ومشهد مولانا ابى عبد الله عليه السّلم عدم جواز مباشرة المسلمين
بالرّطوبة استنادا الى انا نقطع بان فى العالم بل فى البلد من لا يجتنب النّجاسات
ولا من مباشرة هؤلاء بالرّطوبة فلو باشرنا احدا منهم باشرنا من ظنّ نجاسته او قطع
بها لكن القول بوجوب الاحتياط فى الموارد المذكورة ضعيف ولا سيّما فى الموردين
الاخيرين السادس انه لا دليل على وجوب الاحتياط والدّليل الظنّى على تقدير وجوده
غير كاف لان حجيّته مبنية على حجية مطلق الظنّ والمفروض عدم ثبوت حجيّته ويضعف بان
الدّليل الظنّى يكفى لو كان تراكمه موجبا للعلم السّابع ان الاحتياط غير جائز لانه
تشريع محرم كما عن ابن ادريس ويندفع
__________________
بان الاحتياط لا ارتباط له مع التشريع بالاضافة الى الغير وامّا التشريع
بالاضافة الى نفس الشخص فهو مضاد مع الاحتياط اذ المدار فى الاحتياط على الاتيان
بالفعل او الترك بداعى احتمال المحبوبية فى الاول او المبغوضيّة فى الثانى والمدار
فى التشريع على نفس الفعل واقعا واين احد الامرين من الآخر الثامن انّ الحكم بوجوب
الاحتياط خلاف الاحتياط وقرّر هذا الوجه بوجوه احدها انّ وجوبه مستلزم لوجوب امور
متعدّدة يحتمل كلّ منها عدم الوجوب فى الواقع وكذلك مستلزم لحرمة امور عديدة يحتمل
كلّ منها عدم الحرمة ولا شكّ ان الحكم بوجوب ما هو فى معرض عدمه وبحرمة ما يحتمل
عدمها فى الواقع خلاف الاحتياط لانه افتاء بما يحتمل ان يكون مخالفا للواقع بل قد
يؤدّى الى الفتوى بما هو مخالف للواقع قطعا كما فى موارد الاختلاف فى القصر
والإتمام والوضوء والتيمّم فان الاحتياط فيها يقتضى ايجاب الوظيفتين معا مع انا
نعلم ان الواجب فى الواقع احدهما فالحكم بايجابهما معا مخالف للاحتياط اقول ان
الاحتياط فى المسألة الاصولية مقدم على الاحتياط فى المسألة الفرعيّة كما ياتى من
انه لو قام ظنّ على عدم اعتبار ظن آخر مختلف فى النّوع يقدّم الظنّ الاول وهو الظن
الاصولى نظير تقدّم الاستصحاب الوارد على الاستصحاب المورود ولا باس بالفتوى
بالوجوب والحرمة نظير الفتوى بالوجوب والحرمة فى الشك فى الجزئية والشّرطية
والمانعيّة على القول بوجوب الاحتياط فى الشكّ فى المكلّف به لغرض حكم العقل بوجوب
الاحتياط وحجيّة حكمه إلّا ان يقال انّه انّما يتم ذلك لو كان الغرض من الايراد
معارضة الاحتياط الأصولى للاحتياط الفرعى وليس الغرض ما ذكر بل الغرض عدم امكان
الاحتياط فلا يرتبط ذلك بالايراد ومع ذلك المدار فى الاحتياط وجوبا او حرمة على
كون الفعل بداعى احتمال الوجوب وكون التّرك بداعى احتمال الحرمة وشيء منهما لا
ينافى الاباحة والمفروض عدم احتمال الحرمة فى مورد احتمال الوجوب وعدم احتمال
الوجوب فى مورد احتمال الحرمة بل حرّرنا فى بحث التّسامح انه لو ورد خبر ضعيف دال
على استحباب فعل معارضا بخبر ضعيف آخر يدل على الحرمة وان لا يتمكّن الاحتياط من
اثبات جواز التّسامح فى الفعل لكن منشأ ترتب الثّواب على الاحتياط هو مراعاة
الاحتمال حبا او بغضا وهو يتاتى فى كل من الفعل والترك فلو اتى بالفعل بداعى
احتمال النّدب يثاب وكذا لو ترك الفعل بداعى احتمال الحرمة ثياب ايضا نظير انّه لو
ورد خبر معتبر باستحباب فعل وخبر ضعيف بحرمته فانّ الفقهاء يحكمون ح باستحباب
الفعل وكون الترك احوط فالترك مستحبّ او خبر معتبر باستحباب ترك فعل وخبر ضعيف
بوجوب الفعل فيحكمون باستحباب التّرك وكون الفعل احوط فالفعل مستحبّ حيث ان الجمع
بانه ان قصد التقرّب بالفعل فى الاول وبالتّرك فى الثّانى يترتب الثواب وان قصد
التقرّب بالتّرك فى الاول وبالفعل فى الثانى من باب داعى احتمال مبغوضيّة الفعل فى
الاوّل ومبغوضيّة التّرك فى الثانى يترتّب الثواب فلا باس باعلام المجتهد للمقلّد
بوجوب ان يفعل او يترك بداعى احتمال الوجوب او التّرك وبما ذكر يظهر انه لا يتاتى
القطع بمخالفة الاحتياط للواقع فى الاختلاف فى القصر والاتمام والاحتياط بهما
والاختلاف فى الوضوء والتيمم والاحتياط بهما ثانيها انّ مذهب جماعة من العلماء بل
المشهور بينهم اعتبار معرفة الوجه بمعنى تميّز الواجب عن المستحبّ اجتهادا او
تقليدا وفى الاحتياط اخلال بمعرفة الوجه فالاحتياط خلاف الاحتياط وتحريره ان
المشهور اشتراط صحّة العبادة بالاجتهاد أو التقليد وهو مقتضى طائفة من كلماتهم فعن
التذكرة ان كلّا من افعال الصّلاة وتروكها اما واجب او ندب ويجب معرفة ذلك كلّه
بالدليل او بالتقليد للمجتهد فلو قلد غير المجتهد لم يصحّ صلاته وعن الارشاد انّه
يجب معرفة واجب افعال الصّلاة من مندوبها وايقاع كلّ منهما على وجهه وعن الالفية
ان المكلّف بالصّلاة من الرعيّة صنفان مجتهد وفرضه الاخذ بالاستدلال على كل فعل من
افعالها ومقلّد ويكفيه الأخذ عن المجتهد بواسطة او بوسائط مع عدالة الجميع فمن لم
يعتقد ما ذكرناه ولم ياخذ كما وصفناه فلا صلاة له وعن الجعفريّة ان طريق معرفة
احكام الصّلاة لمن كان بعيدا عن الامام الاخذ بالادلّة التفصيليّة فى اتيان
المسائل لمن كان مجتهدا والرّجوع الى المجتهد ولو بواسطة وان تعدّدت ان كان مقلّد
او عن الرّوض انّ المعتبر فى معرفة الصّلاة ما كانت عن دليل تفصيلى للقادر عليه وهو
المجتهد فى الاحكام الشرعيّة او التقليد للمجتهد ولو بواسطة شرائطهم المقررة ان لم
يكن مجتهدا ولا يكفى مطلق المعرفة لصلاة المكلّف بدون احد الامرين باطلة وان طابق
اعتقاده وايقاعه للواجب و
والنّدب للمطلوب شرعا وعن الذخيرة والكفاية انه لا بد ان يكون معرفة كيفية
الصّلاة مستندة الى دليل تفصيلى ان كان مجتهدا ودليل اجمالى ان كان مقلّدا ولا
يكفى تقليد غير مجتهد بلا خلاف وربما يستظهر دعوى الاتفاق على ذلك مما حكاه فى
المعالم عند الكلام فى شرائط المفتى من الاتفاق على عدم وجوب الاستفتاء عن غير
المجتهد الجامع للشّرائط بل عدم جوازه بتقريب ان مقتضاه دعوى الاتفاق على وجوب الاستفتاء
عن المجتهد الجامع للشّرائط فمقتضاه دعوى عدم جواز ترك التقليد للمقلد بالاحتياط
ولا قائل بجواز ترك الاجتهاد والتقليد للمجتهد بالاحتياط وعدم جواز ترك التقليد
بالاحتياط للمقلّد فمقتضاه دعوى الاتفاق على الاشتراط وبالجملة فالاحتياط خلاف
الاحتياط نظير ان الاحتياط بالتقليد من صاحب القوّة كما عن بعض خلاف الاحتياط
لمصير الاكثر الى القول بوجوب الاجتهاد عليه بل قد ادّعى عليه الاجماع غير واحد
وفيه انّ دعوى الاتفاق فى مقام بيان حال التقليد من حيث مورد جوازه ومورد عدم
جوازه لا فى بيان حال المقلّد من حيث ما يجوز له وما لا يجوز له فلا دلالة فى
الدّعوى المشار اليها على عدم جواز غير التقليد للمقلّد اعنى الاحتياط فلا يثبت
عدم جواز الاحتياط للمجتهد بالتقرير المذكور فى التقريب المشار اليه اقول ان الوجه
المذكور اخصّ من المدّعى لاختصاصه بالواجبات النفسيّة او الغيريّة اى الاجزاء
والشّرائط على حسب اختصاص الكلام فى اشتراط الاجتهاد والتقليد فى صحّة العبادة
بوجوب الواجبات وكذا اجزائها وشرائطها والكلام يعمّ المحرمات النفسيّة او الغيرية
اى الموانع الّا ان يقال انه لا باس باختصاص الايراد والعيب فى اختصاص الاستدلال
إلّا ان يقال انّ ظاهر الايراد الاطّراد فيتطرّق الايراد بالاختصاص ومع هذا غاية
ما يقتضيه العبارات المذكورة انّما هى بطلان العبادات الغير المبنية على التامّل
فى الادلّة ولا على التقليد وامّا العبادات المبنيّة على التامّل فى الادلّة كما
فى العمل بالظنّ فى كيفيّة العادة فهى خارجة عمّا ذكر وبوجه آخر غاية ما يقتضيه
تلك العبارات انّما هى وجوب ابتناء العبادة من المجتهد او المقلّد على معرفة
كيفيّة العبادة بالاجتهاد او التقليد والابتناء متحصّل فى صورة تعلّق ظن المجتهد
بوجوب السّورة مثلا الّا ان يقال ان الغرض من اشتراط الاجتهاد والتقليد فى صحّة
العبادة انما هو وجوب تدين المجتهد بظنّه وكذا تدين المقلّد بظن مجتهده ولو تادّى
ظن المجتهد بوجوب السّورة فالتديّن به غير الاحتياط كما ان العمل بالقياس من باب
التديّن به غير الاحتياط بالقياس والاوّل حرام دون الثانى والفرق بين التديّن
بالظن والاحتياط به ان المدار فى الاوّل على نفس الظنّ والمدار فى الثّانى على كون
العمل بالظنّ بداعى احتمال اعتباره او مطابقته للواقع كما ان المدار فى القياس على
نفس الظنّ المتحصّل بالقياس والمدار فى الاحتياط بالقياس على العمل بالظن المتحصّل
منه بداعى احتمال مطابقته للواقع وان لم يتات هنا داعى احتمال الاعتبار وان تأدّى
الظنّ بعدم وجوب السّورة فالفرق بين البناء عليه والبناء على وجوب الاتيان
بالسّورة من باب الاحتياط واضح ظاهر كيف لا والمظنون والمحتاط به مختلفان ولا
ابتناء فى الاحتياط للعبادة بالظنّ بل الامر من باب تعقب العبادة من المجتهد او
مقلّده على الاجتهاد بخلاف العمل بالظن فان العبادة فيه مبنيّة على العمل بالظنّ
نعم صورة الظنّ بعدم الوجوب خارجة عن مورد الكلام فى الاحتياط اذ الكلام فى
الاحتياط فى مورد الكلام فى اعتبار الظنّ وهو صورة الظنّ بالتكليف بناء على ما
تقدّم من انّ النزاع فى اعتبار الظن فى صورة الظنّ بالتكليف الّا ان الظنّ بالجواز
فى حكم الظنّ بالتكليف فلا يختلف الحال بعموم النّزاع للظن بالجواز وعدمه إلّا ان
يقال ان الغرض من الاشتراط انّما هو مراعاة ما تادّى اليه الاجتهاد والتقليد فى
العبادة لا مجرّد تعقب العبادة للاجتهاد او التقليد ومع هذا المفروض انّ بناء
المجتهد على وجوب الاحتياط فيكون العمل بالظن من باب الاحتياط داخلا فى الاجتهاد
او التقليد كيف لا والاحتياط من باب الحكم الظّاهرى وتشخيصه وظيفة المجتهد كما هو
الحال فى سائر الأحكام الظّاهريّة والأصول العملية فالمقصود بالاجتهاد فى اشتراط
الاجتهاد والتقليد فى صحة العبادة بعد اخذ لفظ الاجتهاد ما يقابل التقليد فهو اعمّ
من احراز الحكم الواقعى واحراز الحكم العملى وليس المقصود ما يقابل العمل كما يطلق
عليه ايضا ومن ذلك ان البناء على وجوب السّورة مثلا من باب وجوب الاحتياط فى الشكّ
فى المكلّف به من باب الاجتهاد إلّا ان يقال ان الاصطلاح المعروف فى الاجتهاد
مبنىّ على الظنّ بالواقع كما ينطق به حدّه لكن نقول انه لا فرق قطعا بين احراز
الحكم الواقعى من المجتهد واحراز الحكم الواقعى منه بالنّسبة الى نفسه وكذا
بالنّسبة الى مقلّده من حيث المداخلة فى صحّة العبادة وعدمها ومع هذا غاية ما
يقتضيه العبادات المذكورة انما هى بطلان الاحتياط
فى صورة التمكن من معرفة كيفية العبادة علما والمفروض سدّ باب العلم إلّا
ان يقال ان العبارات المذكورة واردة مورد المتعارف وهو زمان الانسداد فمقتضاها وجوب بطلان الاحتياط فى زمان الانسداد ومع هذا اشتراط
صحّة العبادة بالاجتهاد او التقليد ان كان من جهة تحقق قصد الوجه فهو انما يتجه لو
كان معرفة الوجه بوجه معتبر والمعتبر عدم المفروض عدم ثبوت اعتبار الظن قضيّة ان
الظنّ ما لم يثبت اعتباره فى حكم الشك وان كان من جهة تقديم الامتثال التفصيلى على
الامتثال الاجمالى فهو انما يتّجه بعد تسليمه على تقدير اتحاد جهة الاجمال
والتفصيل فى العلم والظنّ اعنى ان الامتثال التفصيلى بالعلم مقدّم على الامتثال
الاجمالى بالعلم واما امتثال التفصيلى بالظنّ فلا دليل على تقدّمه على الامتثال
الاجمالى بالعلم وقد يعترض بامكان الجمع بين العمل بالظن من باب معرفة الوجه
والاحتياط مثلا اذا حصل الظنّ بوجوب القصر فى ذهاب اربعة فواضح فيتاتى بالقصر
بالنيّة الظنية الوجوبيّة اى بنيّة الوجوب وياتى بالاتمام بقصد القربة احتياطا او
بقصد النّدب وكذلك اذا حصل الظن بعدم وجوب الصّلاة فينوى الصّلاة الخالية عن
السّورة على وجه الوجوب ثمّ ياتى بالسّورة قربة الى الله تعالى للاحتياط او بقصد
النّدب بناء على اعتبار قصد الوجه ودعوى ان التمام الماتى به فى الفرض الاوّل
والسّورة الماتى بها فى الفرض الثانى يحتمل وجوبهما فيكون نية النّدب نية الخلاف
ونيّة النّدب مخالفة للاحتياط يدفعها الاجماع على انه لا يعتبر فيما يؤتى به لخصوص
الاحتياط الا الوجه الظّاهرى والّا لارتفع الاحتياط راسا وهو باطل بديهة من العقل
والشرع اقول ان الظاهر منه امكان الجمع بين العمل بالظن والاحتياط كليّة والّا فلا
جدوى فى فرض امكان الجمع فى بعض الموارد مع ان ما ذكره من الجمع فى باب السّورة
انما يتاتى لو كان الظنّ فى جانب عدم الوجوب والّا فلا جدوى فى الجمع بالاتيان
بالصّلاة بدون السّورة احتياط او الاتيان بالصّلاة مع السّورة عملا بالظنّ وبوجه
آخر الجمع بين العمل بالظنّ والاحتياط يجدى فيما لو كان المظنون ادنى شأنا من
الاحتياط واما لو كان الامر بالعكس فلا جدوى فى الجمع وان قلت انّه يجدى الجمع
ايضا لو كان الظنّ فى جانب الوجوب لاحتمال عدم الوجوب فالاحتياط يقتضى الاتيان
بالسّورة قلت ان الغرض من الاعتراض بالجمع انّما هو الاحتياط بالنّسبة الى المسألة
الاصولية اعنى اشتراط الاجتهاد والتقليد فى صحّة العبادة لا بالنّسبة الى المسألة
الفرعيّة اعنى الشك فى وجوب السّورة مع ان الشك فى السّورة انما هو من حيث الجزئية
وعدم الجزئية واحتمال الممانعة مقطوع العدم ومن هذا مصير ارباب القول بوجوب
الاحتياط فى الشك فى المكلّف به الى وجوب الاتيان بالجزء المشكوك فيه والشّرط
المشكوك فيه وان امكن القول بانه لا بدّ من حمل ذلك على صورة عدم احتمال الممانعة
وإلّا فلا بدّ من التفصيل بين صورة عدم احتمال الممانعة وإلّا فلا بد من التفصيل
بين صورة عدم احتمال الممانعة فيجب الاتيان بالمشكوك جزئيته او شرطيّته وصورة
احتمال الممانعة فيجب الجمع بين ما خلى عن المشكوك فيه وما اشتمل عليه الّا ان
يقال ان القول بذلك اعنى وجوب الاتيان بالجزء المشكوك فيه والشّرط المشكوك فيه
باعتبار الشك فى الجزئية والشّرطية من حيث انها هى ومع قطع النّظر عن تطرّق احتمال
الممانعة فى بعض الموارد كما هو الحال فى جميع المباحث وبعد هذا اقول ان من الواضح
غاية الوضوح انه لا جدوى فى الجمع فيما لو تردّد الامر فى غير الارتباطيات كالزكاة
بين الاقل والاكثر وتعلّق الظنّ بالاكثر وبعد هذا اقول انّه لو كان الظنّ فى جانب
عدم الوجوب فهو خارج عن مورد الكلام فى الاحتياط كما يظهر ممّا مر ثالثها ان
الاتيان بالاحتياط على تقدير وجوبه اما ان يكون بقصد الوجوب او بقصد القربة وكلّ
منهما ينافى الاحتياط امّا الأوّل فلانّه على تقدير كون الماتى به مندوبا فى
الواقع مع اشتراط قصد الوجه لا يحصل البراءة من العبادة الا بقصد النّدب ففصد
الوجوب يؤثر فى بطلانه مثلا من قال باشتراط قصد الوجه بنى على ان قراءة السّورة فى
الصّلاة بقصد الوجوب على تقدير كونها مندوبة توجب بطلان الصّلاة وامّا الثانى
فظاهر حيث ان الماتى به على تقدير الوجوب فى الواقع لا يجزى بقصد القربة عند من
راى وجوب قصد الوجه فلا يمكن الاحتياط بمعنى تحصيل العلم بالامتثال على كل تقدير
اقول ان الفرق بين هذا الوجه والوجه السابق مبنى على الفرق بين معرفة الوجه وقصد
الوجه والفرق بينهما واضح حيث ان المقصود بمعرفة الوجه هو الاجتهاد والتقليد
والمقصود بقصد الوجه هو قصد الوجوب والندب فليس القول بذلك بحيث ينافى عدم مراعاته
مراعاة الاحتياط نعم القول باشتراط الاجتهاد والتقليد فى صحّة العبادة مشهور وعدم
مراعاته
__________________
ينافى مراعاة الاحتياط لو كان القول به منافيا للقول بالاحتياط وعلى اىّ
حال يتطرق القدح فيه بان قصد الوجه انما يكون واجبا لو كان معرفة الوجه بوجه معتبر
والمفروض عدم ثبوت اعتبار الظن بالوجه فالقول باعتبار قصد الوجه لا يعمّ المقام
فلا يضرّ ترك قصد الوجه بالاحتياط فى المقام مع ان القول باعتبار قصد الوجه انما
هو فى اصل العبادة لا فى اجزائها كيف لا ومحل قصد الوجه انما هو محل قصد القربة
ولا خفاء فى انّ محل قصد القربة هو المجموع فجزء العبادة لا يقصد به القربة فضلا
عن الوجوب ووجوب اصل العبادة ثابت بالقطع غالبا فالقول باعتبار قصد الوجه لا يرتبط
بقراءة السّورة وان قلت فعلى ذلك لا باس بالصلاة الى اربع جهات فى قبلة المتحيّر
مثلا بناء على اعتبار قصد الوجه مع انه لا يتاتى فى قصد الوجه فى مثلها كما هو
معروف قلت انه لا بدّ فى قصد وجه الماهيّة من الوجوب او النّدب كقصد التقرّب بها
من الظنّ او القطع بانطباق المفرد المتشخص بالاتيان مع الماهيّة والا لكفى قصد وجه
الصّلاة او التقرّب بها والاتيان بالزكاة مثلا بعد ذلك وفى الصّلاة الى اربع جهات
لا ظنّ بالانطباق فضلا عن القطع نعم يتاتى القربة من باب داعى احتمال الانطباق
وغيره ممّا حرّرناه فى محلّه وامّا قراءة السّورة فبعد عدم احتمال افسادها فرضا
فلا باس بقصد الوجوب بالماهية والمجموع وان كان الاتيان بالسّورة من باب الاحتياط
لانطباق الطّبيعة على الفرد المتشخص بوجودها به لو كان السّورة واجبة او بوجودها
فى ضمنه لو لم تكن واجبة فلا مجال لسراية الشك فى وجوب السّورة الى الشّك فى حصول
الماهيّة الواجبة بالفرد المتشخّص ووجوب المجموع فى الجملة نعم لو احتمل افساد
السّورة فلا مجال لقصد الوجه كما انه لا مجال لقصد القربة المقدّمة الرابعة عشر
انه هل يجوز البناء على اصل البراءة فى جميع وقايع انسداد باب العلم مع فرض بقاء
التكليف بحسب الوقائع وعدم ثبوت نصب الطّريق ام لا صرّح جماعة بالقول بالثانى وهو
مقتضى الاستدلال بدليل الانسداد من صاحب المعالم وغيره لابتنائه على بطلان العمل
باصل البراءة فى الوقائع المشار اليها واحتمل الفاضل الخوانساري فى تعليقاته على
تعليقات الباغنوى القول بالاول حيث انه اورد على دليل الانسداد بان انسداد باب
العلم بالاحكام الشّرعية غالبا لا يوجب جواز العمل بالظن فيها لجواز ان لا يجوز
العمل بالظن اصلا فكل حكم حصل العلم به من ضرورة او اجماع يحكم به وما لم يحصل
العلم به يحكم فيه باصالة البراءة لا لكونها مفيدة للظنّ ولا للاجماع على وجوب
التمسّك بها بل لان العقل يحكم بانه لا يثبت التكليف علينا الا بالعلم او ظنّ يقوم
على اعتباره دليل يفيد العلم ففيما انتفى الامر ان فيه يحكم العقل ببراءة الذمّة
عنه وعدم جواز العقاب على تركه لا لانّ الاصل المذكور يفيد ظنّا حتّى يعارض بالظنّ
الحاصل من اخبار الآحاد بخلافها بل لما ذكرنا من حكم العقل بعدم لزوم شيء علينا ما
لم يحصل العلم لنا به ولا يكفى الظنّ به ويؤكّد ذلك ما ورد من النّهى عن اتباع
الظنّ وعلى هذا ففيما لم يحصل على احد الوجهين وكان لنا مندوحة عنه كغسل الجمعة
مثلا فالخطب سهل اذ يحكم بجواز تركه بمقتضى الاصل المذكور وامّا فيما لم يكن
مندوحة عنه كالجهر بالتّسمية والاخفات بها فى الصّلاة الإخفاتية الّتى قال بوجوب
كلّ منهما قوم ولا يمكن لنا ترك التّسمية فلا محيص لنا عن الاتيان باحدهما فيحكم
بالتخيير فيهما لثبوت وجوب اصل التسمية وعدم ثبوت خصوص الجهر والاخفات فلا حرج لنا
فى شيء منهما وعلى هذا فلا يتم الدليل المذكور لانا لا نعمل بالظن اصلا فلا يتمشى
ان يقال ان الظنّ الحاصل من اخبار الآحاد لا يقصر عن الظنّ الّذى عملتم به بل
كثيرا ما يكون اقوى لكن لا يخفى ان العمل بهذه الطريقة وترك اخبار الآحاد فى جميع
الاحكام مع حصول الظنّ القوى بها فى كثير منها جرأة عظيمة وجرى على القول بذلك بعض
من تاخر استدلالا بوجهين احدهما حكم العقلى القطعى بذلك فانا لو فرضنا انفسنا
واقعة عند الله تعالى فى يوم الحشر ويسأل عنّا انكم لم عملتم باصل البراءة وما عملتم
باصل الاشتغال فنجيب بانا بذلنا جهدنا فلم يحصل لنا العلم بوجوب العمل بهذا الظنّ
وكونه حجّة ودليلا لنا وكنا عالمين فى حقّك بانك لا تكلّف نفسا بما لا يعلم ولا
بشيء لم تنصب عليه دليلا ومنه العمل بالمظنون هذا مضافا الى ما وصل الينا من كتابك
الكريم والاخبار المنسوبة الى حججك من ذم العمل بالظنّ والنّهى عن التدين بما لا
يعلم وعدم اشتغال الذمّة فى صورة عدم العلم فلهذا عملنا بالاصل فما يقول الله
سبحانه لنا وهل يجوز مؤاخذتنا وعذابنا لاجل ذلك حاشا وكلّا لو لا حكم العقل بذلك
لتوجّه المؤاخذة والعذاب فقد ثبت بذلك جزم العقل
بجواز العمل باصل البراءة عندم عدم ثبوت حجيّة الظنّ او دليل آخر ثانيهما
ان الاجماع القطعىّ دلّ على لزوم العمل بالاصل عند عدم الدّليل المعتبر والقائل
بحجيّة مطلق الظنّ ايضا يعترف بذلك الّا انه لا يعمل به فى صورة الظنّ بالخلاف
لزعمه كون الظنّ حجة فالخلاف فى صورة الظنّ انّما هو لاجل الخلاف فى الموضوع وهو
لا يقدح بالاجماع على اتباع الاصل عند عدم الدّليل المعتبر كما ترى ان الخلاف فى
جواز الصّلاة فى القلنسوة اذا كانت حريرا محضا للشك فى صدق اللباس عليها لا يضرّ
بالاجماع على عدم جواز الصّلاة فى اللباس الحرير فالاجماع على العمل بالاصل عند
فقد الدّليل الّذى ثبت حجيّته واعتباره باق بحاله ففى موارد الظنّ بالتكليف اولا
يجب الفحص عن حجية الظنّ وعدمها فان ثبت الحجيّة بطل العمل بالاصل والا فينبغى
القطع على الجواز وعلى هذا فعدم جواز العمل بالاصل يتفرّع على حجية الظنّ ويكون
متاخّرا عنها بحسب الوجود ولا معنى لتقديمه عليها وتفريعها عليها لانّه يؤدّى الى
لزوم الدّور اذ بطلان العمل به يتوقف على حجية الظنّ وهى على هذا التقدير متوقفة
عليه وهذا دور وبطلانه ظاهر ويمكن الاستدلال على المختار مضافا الى انّ بقاء
التكاليف الواقعيّة يغنى عن الاستدلال على عدم جواز العمل باصل البراءة فى جميع
الوقائع للزوم مخالفة العلم الاجمالى وقد تقدّم الكلام فى الباب بوجوه الاوّل أن؟؟؟
والسيرة القطعيتين تدلان على بطلان العمل باصل البراءة فى الفرض المتقدّم فى
العنوان فانا نعلم بالعلم القطعى انّه لم يكن من داب احد من العلماء السّلف والخلف
والمتقدّم والمتاخّر وليس فيهم من جوز البناء على الاصل بعد الانسداد فى جميع
الموارد والمواد بل يمكن دعوى الضّرورة على فساد ذلك المسلك للجزم بان العوام
والمقلّدين يحكمون بذلك قطعا فاذا ظهر عالم بين الناس وافتى بان الناس فى غير
الاجماعيّات والضروريّات مطلقو العنان غير مكلّفين بشيء بل يكون جميع افعالهم
محكومة بالاباحة يتعجّب منه جميع آحاد الانسان بل يقبحونه ويلومونه ويزعمونه بذلك
خارجا عن رتبة الاجتهاد والعلماء ينكرونه اشدّ الانكار وكفى فى ذلك شاهدا حصول
الجزم القطعى لنا بان القائل بذلك فى هذا المقام انما يقول به من باب الجدل ولا
يمكن ان يرضى بذلك فى مقام العمل ولا يجوز فى حق نفسه ولا يحوم حوله وقد صرّح
العلّامة البهبهانى نقلا بما ذكر فى قوله ان البناء على اليقينى والضّرورى ورفع
اليد عمّا سواه بالبناء على اصل البراءة يوجب حصول فقد يجزم الكفار بانه ليس شرع
نبيّنا فضلا عن المسلمين ويستفاد ذلك من الكلمات الآتية الدالة على بطلان اكثر
الاحكام فضيّة اولويّة طرح تمام الاحكام بالبطلان من طرح الاكثر لكن يمكن ان يقال
انّه وان اتّفق اتفاق اهل العقول على بطلان العمل باصل البراءة على وجه الكلية فى
المقام ولزوم امتثال التكاليف المجهولة على وجه من الوجوه وارتكز ما ذكر فى جميع
الخواطر لكن من المقطوع عدم استناد ذلك الى مدرك مستند الى المعصوم فالمستند نظير
طريقة العقلاء حيث ان المدار فيها على ما شاع من الناس فى زمان ارباب العصمة بحيث
وقع الاطّلاع عليها لانفسهم الشريفة روحى وروح العالمين لهم الفداء بالاسباب
العادية ولم يقع منهم الانكار فالمرجع الى التقرير ويتم اعتبار طريقة العقلاء
باعتبار اعتبار التقرير بناء على عدم اختصاص التقرير بما وقع فى حضور المعصوم كما
هو مورد العنوان فى كلمات السّابقين بل قد وقع فى كلمات الاصوليّين الاستدلال
بالتقرير بتقرير غير معروف وهو عدم الانكار عما علم النبى صلىاللهعليهوآله والائمة عليهم السّلم انه لو لم ينكر عنه لفعل كما هو
مقتضى بعض ادلّة حجيّة خبر الواحد وانه كذا بعض ادلّة حجيّة خبر الواحد وكذا بعض
ادلّة القول بالتّرجيح فى تعارض الخبرين بمطلق الظنّ بل ربما يستدلّ بتقرير
المعصوم عليه السّلم القضيّة الفرضيّة كما لو قال المعصوم عليه السّلم ان الناس لو
اتفق ان يروا شخصا مظنون العدالة يصلون خلفه فانّه يدل بملاحظة عدم المنع على
كفاية الظنّ بالعدالة والفرق بين طريقة العقلاء والسّيرة ان المدار فى طريقة
العقلاء على استناد الفعل الى الجبلة والطّبيعة والمدار فى الاستناد الى رضاء المعصوم عليه السّلم فرضى المعصوم
عليه السّلم مقدّم على السّيرة لكنّه مؤخر عن طريقة العقلاء لكن اعتبار التقرير من
جهة لزوم الامر بالمعروف والنّهى عن المنكر ولا يتمّ هذا فى المقام لعدم لزوم
الرّدع عن الاعتقاد ما لم يوجب افساد شيء من الاصول دينا او مذهبا ونظير الاستدلال
بالتقرير هاهنا ما يظهر من الشّهيد فى الدّروس من جواز التمسّك بالتقرير على كون
اطلاق اللفظ
__________________
من باب الحقيقة وانه اعتبر نقلا اذن الوالد فى صحة نذر الولد بملاحظة ورود
النصّ بالاعتبار فى اليمين واطلاق اليمين فى بعض الاخبار على النذر حيث كقول
الكاظم عليه السّلم لما سئل عن جارية حلف منها بيمين فقال لله على ان لا ابيعها
فقال ف لله بنذرك والاطلاق بان كان من السّائل الا ان تقرير الامام عليه السّلم له
كتلفظه لكن اعتبار التقرير غير واف بوجوب الرّدع عن الاطلاق الغلط بان فى الجواب
فى الرّواية المذكورة تنبيه على ان ما ذكره السائل من باب النّذر فلا مجال فيه
للتقرير نعم الحديث ما عن التهذيب بسنده عن الوشاء عن ابى الحسن عليهالسلام قال قلت له ان لى جارية كنت حلفت منها بيمين فقلت لله
على ان لا ابيعها ولي الى ثمنها حاجة مع تخفيف المئونة فقال ف لله بقولك له
وللتّقرير فيه وجه فكان على المستدل الشّهيد الاستدلال به والظاهر انه قد تطرّق له
الاشتباه وقد حرّرنا مزيد الكلام فى ذلك فى محله ويمكن ان يقال ان ملاحظة اتفاق
العقول توجب القطع دفعة نظير حصول القطع تدريجا بواسطة الاطلاع على فتاوى الفقهاء
تدريجا من باب تراكم الظنون الثانى انه لو جاز العمل باصل البراءة فى جميع وقايع
انسداد باب العلم يلزم اختصاص آثار النبوّة باعصار الحضور وانقطاع الآثار المشار
اليها فى اعصار الغيبة الى زمان الرجعة او يوم القيمة وهذا مقطوع العدم عند كل من
له ادنى شعور بل يلزم عدم اطّراد آثار النبوة فى حق اكثر اهل اعصار الحضور لعدم
تمكن الاكثر من العلم الثالث انه لو جاز الرّجوع الى الاصل فى جميع الوقائع المشار
اليها يلزم الخروج عن الدّين قطعا ويقطع بالخروج كل من اطلع على من جرى على ذلك
المجرى وبعبارة اخرى يلزم المخالفة القطعيّة للعلم بوجود الواجبات والمحرّمات التى
يلزم امتثالها بالفعل فى تلك الوقائع بعد فرض التكاليف الواقعيّة كما تقدم فيكشف
لزوم الخروج عن الدّين عن بطلان الرّجوع الى الاصل ولا مجال لجعل تعذر العلم وعدم
ثبوت حجية الظّنون الخاصّة او غيرها كاشفا عن انتفاء التكاليف فى تلك الوقائع
وموجبا للحكم بالانتفاء كما هو مقتضى صنيعة من اورد على دليل الانسداد بالمنع عن
بقاء التّكليف بعد سدّ باب العلم وعدم ثبوت حجية الظنون الخاصّة او غيرها وليس حال
من اقتصر على المعلومات الا كحال من طرح الاحكام بالتمام لو فرضت مجهوله بل الاخذ
بالمعلومات بواسطة قلة المعلومات وجوده كعدمه من حيث الخروج عن الدّين وليس من اخذ
بالمعلومات حالا الا كمن طرح المعلومات ايضا ووضوح فساد المحذور المذكور بحيث اغنى
عن الاستمداد باظهار الفساد فى كلام الغير لكن قد وقع فى كلام بعض الاصحاب
الاستمداد باظهار الفساد تصريحا او تلويحا فى طائفة من الكلمات ونحن نأتي بها ايضا
لكن من باب التاييد والحرص على اكثار الفوائد فحكى بعض الاصحاب المشار اليه عن
السيّد المرتضى فى مقام الايراد على نفسه فى المنع عن العمل بخبر الواحد انّه اورد
سؤالا بانّه اذا سددتم طريق العمل باخبار الآحاد فعلى اى شيء تعولون فى الفقه
فاجاب بما حاصله دعوى انفتاح باب العلم بالاحكام حيث انه لو لا تسالم وجوب امتثال
التّكاليف المجهولة لم يكن وجه للايراد وكان الاولى الجواب بترك العمل بخبر الواحد
وعن الشيخ فى العدة انه بعد دعوى الاجماع على حجية اخبار الآحاد قال ما حاصله انّه
لو ادّعى احد ان دعوى عمل الاماميّة بهذه الاخبار كان لاجل قرائن انضمت اليها كان
معولا على ما يعلم من الضّرورة خلافه ثم قال ومن قال انى متى عدمت شيئا من القرائن
حكمت بما كان يقتضيه العقل يلزمه ان يترك اكثر الاخبار واكثر الاحكام ولا يحكم
فيها بشيء ورد الشّرع به وهذا حد يرغب اهل العلم عنه ومن صار اليه لا يحسن مكالمته
لانه يكون معولا على ما يعلم ضرورة من الشرع خلافه قال بعض الاصحاب المشار اليه
ولعمرى انه يكفى مثل هذا الكلام من الشّيخ فى قطع توهم جواز الرّجوع الى البراءة
عند فرض فقد العلم او الظنّ الخاص فى اكثر الاحكام ولعمرى انّ هذا المقام بعد عدم
الحاجة فيه الى نقل كلام لا يجدى كلام فى اثبات مرام بلا كلام وعن العلّامة فى نهج
المسترشدين انّه فى مسئلة اثبات عصمة الامام قال والبراءة الاصليّة ترفع جميع
الاحكام وعن الفاضل المقداد انه قال ان الرّجوع الى البراءة
الاصليّة يرفع اكثر الاحكام وعن المحقق الخوانسارى بنقل السّيّد الصّدر انه استدل
على كفاية العدل الواحد فى تعديل الراوى بان اعتبار التعدّد يوجب خلو اكثر الاحكام
عن الدّليل وعن صاحب الوافية انه استدل على حجيّة خبر الواحد بانا نقطع مع طرح
اخبار الآحاد فى مثل الصّلاة والصّوم والزكاة والحجّ والمتاخر والانكحة وغيرها
بخروج حقايق هذه الامور عن كونها هذه الامور وهذه عبارة اخرى للخروج عن الدّين وعن
بعض
__________________
انه استدل على حجية اخبار الآحاد بانه لو لم يعمل بها بطل التكليف وبطلانه
ظاهر وعن صاحب الحدائق انّه ذكر فى مسئلة ثبوت الربوا فى الحنطة بالشّعير ان طرح
العمل باخبار الآحاد فى الشّريعة يوجب الخروج عن هذا الدين الى دين آخر وعن بعض
العامّة بنقل الحاجبين انه استدل على حجية خبر الواحد بانه لولاها لخلت اكثر
الوقائع عن المدرك الا انّهما اجابا بمنع لزوم الخلو عن المدرك لان الاصل من
المدرك لكن الجواب بواسطة منع العامّة عن صدور جميع الاحكام من الله سبحانه
بالنّسبة الى النبى صلىاللهعليهوآله ولو كان الجواب عن الاماميّة لم يات بذلك الجواب ثم
انّه ربما يكتفى فى الاستدلال المذكور بدعوى القطع بالخروج عن الدين المقصود بدعوى
القطع بالخروج عن الدّين المقصود بدعوى الخروج لوضوح عدم النفع فى دعوى الظن
بالخروج وهو وان يكفى للمستدل قضيّة كفاية القطع فى حق القاطع لكنه لا يضرّ بحال
الخصم والانسب الاستمداد بعد دعوى القطع بقطع كل واحد من آحاد اهل الدّين والقطع
المستمدّ به يجدى بحال المستدلّ ايضا مع قطع النّظر عن القطع المدعى منه ابتداء
لافادته القطع نظير تراكم الظنون فى باب الاجماع كما مرّ نظيره فى الاستدلال
الاوّل ويضرّ بحال الخصم الرابع ان اصل البراءة لا يكون مفيدا للعلم بالواقع اعنى
انتفاء التكليف فى الواقع فى شيء من المواقع كيف لا وهو من الادلة العملية وعلى
فرض كونه مفيدا للعلم بالواقع فلا مجال للتمسّك به فى المقام اذ المفروض فى المقام
الظنّ بالتكليف واقعا ولا يكون اعتباره باعتبار افادة الظنّ بالواقع وان قلنا
بافادته للظنّ بانتفاء التكليف فى الواقع بواسطة الفحص وعدم العثور على التكليف
كيف لا ومفاده نفى الحكم الظّاهرى قطعا بملاحظة قبح العقاب بدون وصول البيان او
ظنا بملاحظة الآيات والاخبار على تقدير تماميته دلالتها ولم يستدل احد فى البحث
المعقود لذلك بافادته للظنّ نعم مقتضى كلام صاحب المعالم فى دليل الانسداد كون
اعتباره باعتبار الظنّ ولا اعتبار به وعلى فرض كون اعتباره باعتبار اعتبار الظنّ
فلا مجال لاعتباره فى المقام لفرض الظنّ بالخلاف اعنى الظنّ بالتّكليف كما سمعت
وامّا الآيات والاخبار فبعد عدم ثبوت اعتبارها وبعد عدم تمامية دلالتها كلا او جلا
كما شرحناه فى محلّه يكون شمولها بعد اعتبار اطلاقات الكتاب لصورة الظنّ بالخلاف
كما فى مقامنا هذا محلّ الاشكال ومع ذلك الآيات والاخبار المشار اليها بعد شمولها
للصّورة المشار اليها وبعد اعتبار اطلاقات الكتاب يكون شمولها بالنّسبة الى جميع
وقائع الانسداد على السّواء والعمل بها فى جميع الوقائع على سبيل الاستغراق المجموعى فالامر من قبيل المخصّص
بالمجمل فلا مجال للتمسّك بها فى شيء من الوقائع وبوجه آخر الآيات والاخبار المشار
اليها بعد الشّمول المشار اليه وبعد اعتبار اطلاقات الكتاب لا مجال لشمولها للمقام
لفرض العلم الاجمالى بوجود واجبات ومحرّمات فى البين وياتى مزيد الكلام والفرق بين
هذا الوجه والوجه السّابق ان الوجه السّابق لا يجرى فى غير الشّرعيات والمدار فيه
على خصوص الخروج عن الدّين ولو جاز العمل بالاصل فى صورة لزوم المخالفة القطعيّة
وهذا الوجه يجرى فى غير الشّرعيات وان قلت انه لو لم يجر الآيات والاخبار فى صورة
العلم الاجمالى فكيف يعمل باصل البراءة فى الشّبهة الغير المحصورة قلت ان المدار
فى الآيات والاخبار المشار اليها على نفى التّكليف فى الشّبهة الحكميّة والشّبهة
الغير المحصورة من باب الشّبهة الموضوعيّة والمستند فى العمل باصل البراءة فى
الشّبهة الغير المحصورة عدم شمول اطلاق دليل الحرمة مضافا الى الاجماعات المنقولة
هذا بناء على جواز ارتكاب جميع افراد الشّبهة الغير المحصورة وامّا بناء على عدم
جواز ارتكاب الكلّ وان لم يجب الاجتناب فمن الظّاهر عدم لزوم المخالفة القطعيّة
ويمكن ان يقال ان بطلان الخروج عن الدّين انّما هو من جهة المخالفة القطعيّة بل
كلّ من العبارتين عبارة اخرى للاخرى فمرجع كلّ من الوجه السّابق والوجه اللّاحق
الى امر واحد ومع ذلك الآيات والاخبار لا تشمل بنفسها صورة قيام العلم الاجمالى
على الاشتغال ولو لم يمانع العلم الاجمالى او الخروج عن الدّين عن الشمول ومع ذلك
قد حرّرنا فى محلّه انّه يرجّح الآيات والاخبار المشار اليها على اخبار الاحتياط
بواسطة الشّهرة ولا مجال للترجيح بها فى المقام كيف لا والاجماع على عدم جريان
البراءة فى المقام وامّا الاجماع مضافا الى انّه لو كان الامر من قبيل الشكّ فى المكلّف
به فلا مسرح لدعوى الاجماع على العمل باصل البراءة فهو غير ثابت فى المقام كيف لا
والاجماع على عدم جواز العمل باصل البراءة قائم فى المقام وان قلت ان الاجماع
__________________
لم يقع على العمل باصل البراءة فى خصوص مورد او فى جميع الموارد بل انما
وقع على امر كلى هو العمل باصل البراءة فيما لم يقم فيه دليل ثابت الاعتبار
ومقتضاه انه اذا قام ظن غير ثابت الاعتبار لا بدّ من العمل باصل البراءة قلت
الاجماع المشار اليه مخصّص بالاجماع على عدم جواز العمل فى المقام اى فى جميع
موارد انسداد باب العلم من موارد قيام الظنّ الغير الثابت اعتباره وان قلت ان
الاجماع الخاص لا دليل على تقديمه على الاجماع العام اذ ليس الاجماع من باب اللّفظ
حتى يقدم فيه الخاصّ على العام من جهة قوّة الدلالة قلت ما ادّعيناه عدم ثبوت
الاجماع على العمل باصل البراءة فى المقام ويكفى فيه حديث المعارضة ولا حاجة الى
تقديم الاجماع على عدم العمل باصل البراءة وبوجه آخر المدّعى عدم ثبوت الاجماع
ويكفى معارضة الاجماع الخاص ولا حاجة الى تقديم الاجماع الخاص على الاجماع العام
بل نقول انا نعلم بانعقاد الاجماع الخاصّ فى المقام وعدم اطراد الاجماع فيه وبما
ذكرنا ظهر فساد ما ذكره بعض اصحابنا من صحة دعوى الاجماع على اصالة البراءة فى
المقام لانه اذا فرض عدم الدّليل على اعتبار الظنّ المقابل لاصل البراءة صدق عدم
البيان قطعا فيجرى اصل البراءة حيث انا نعلم باتفاقهم على بطلان العمل باصل
البراءة فى المقام اى فى جميع موارد انسداد باب العلم وقيام الظنّ وان صدق عدم
البيان ويمكن ان يقال ان الغرض عدم القصور فى جريان اصل البراءة ولو بملاحظة
الاجماع من باب القصور فى المقتضى فلا ينافى عدم الجريان من باب وجود المانع وهو
الخروج عن الدين والاجماع الخاص على عدم جواز العمل باصل البراءة وبعد ما مر اقول
ان الكلام فى باب وفاء الاجماع على جواز العمل باصل البراءة فيما لم يقم فيه دليل
معتبر على التكليف لجواز العمل باصل البراءة فى المقام يقع تارة فى نقصان اقتضاء
الاجماع المشار اليه لجواز العمل باصل البراءة هنا واخرى فى ممانعة الاجماع الخاص
القائم على عدم جواز العمل باصل البراءة هنا اذ الوفاء منوط بتماميّة الاقتضاء
وعدم ممانعة المانع قضته ان ترتب الاثر فى جميع الموارد منوط بوجود المقتضى تام
الاقتضاء وعدم ممانعة المانع قضيّة ان ترتب الاثر فى جميع الموارد منوط بوجود
المقتضى تام الاقتضاء وعدم ممانعة المانع اما الثانى فتحرير الحال فيه انّ ممانعة
المانع تارة بتقدّمه على المقتضى واخرى بكسر سورة المقتضى كما ان المقيد قد يقدم
على المطلق فالامر من باب التقييد وقد يوجب التوقف فيعمل بالاصل فى باب المقيّد
والامر من باب شبه التقييد والامر فى المقام من باب الاخير كما يظهر ممّا مر اذ لا
دليل على تقدّم الاجماع الخاص فلا يحصل العلم من الاجماع العام ولا من الاجماع
الخاص فيتوقف وامّا الاول فحق المقال فيه ان الاقتضاء ناقص اذ الاجماع لم يقع على
جواز العمل باصل البراءة فيما لم يقم فيه خصوص دليل تفصيلىّ حتى يقتضى جواز العمل
باصل البراءة فى المقام بل انّما وقع الاجماع على جواز العمل باصل البراءة فيما لم
يقم فيه دليل على التكليف راسا لا اجمالا ولا تفصيلا فالاجماع يضايق عن جواز العمل
باصل البراءة فى المقام فضلا عن عدم المضايقة فضلا عن جواز العمل باصل البراءة وان
قلت ان الدليل فى كلماتهم فى مقام دعوى جواز العمل باصل البراءة فيما لم يقم فيه
دليل على التكليف ظاهر فى الدليل التفصيلى فمقتضاه جواز العمل باصل البراءة فى
المقام قلت ان الدليل وان كان ظاهرا فى الدّليل التفصيلى لكن لا خصوصية فى الدليل
التفصيلى وممانعة الدّليل التفصيلى عن جريان اصل البراءة من حيث ممانعة مطلق
الدليل المعتبر عن جواز العمل باصل البراءة انما هو الدليل التفصيلى والمفروض فى المقام قيام العلم
الاجمالى وهو دليل معتبر فلا مجال لجواز العمل باصل البراءة وامّا العقل فلا ريب
فى عدم افادته جواز البناء على اصل البراءة فى المقام نعم ما يقال انّ حكم العقل
فى صورة عدم الدليل المعتبر على التكليف ولا نسلم عدم الدّليل المعتبر مع وجود
الخبر واضح الفساد اذ يكفى فى عدم قيام الدّليل المعتبر على التكليف عدم ثبوته
بعدم وجوده او الشك فى وجوده او عدم اعتبار الموجود او الشك فى اعتباره ولا يلزم ثبوت
العدم كما هو مقتضى المقالة المذكورة بثبوت عدم الوجود او ثبوت عدم الاعتبار بل لو
ثبت عدم الوجود ربما يحصل العلم بانتفاء التكليف كما لو كان الامر عام البلوى ويخرج
المورد عن مجرى اصل البراءة لعدم جريانه فى صورة العلم بالعدم والمفروض عدم ثبوت
اعتبار الخبر وان قلت ان قبح العقاب بلا بيان اى بيان التكليف الواقعى لا مجال
لتخصيصه فكيف تنكر جريان اصل البراءة فى المقام من باب حكم العقل مع فرض عدم
البيان لفرض عدم اعتبار الظنّ فى موارد انسداد باب العلم قلت انّ قبح العقاب بدون
البيان لا يتاتى فى صورة ورود النصّ بوجوب الاحتياط او ورود النصّ بتكليف ظاهرىّ
ليس من شانه استدعاء الواقع كالامر بوجوب
__________________
اتيان ما شكّ فى حرمته ومن هذا تقدم الاستصحاب على اصل البراءة فى صورة
العلم الاجمالى بثبوت التكليف الواقعى كما فيما نحن فيه لفرض قضاء الضّرورة بترتب
العقاب على طرح جميع الظنون وبالجملة لو لم يبين التكليف الواقعى لكن ثبت بالخارج
بدليل معتبر لزوم امتثال التكليف الغير المبين مع فرض امكان الامتثال لا فى قبح فى
العقاب على ترك امتثال التكليف المشار اليه ومن هذا الباب ما نحن فيه وليس حاله
الا حال ورود النصّ بوجوب الاحتياط فيما لم يبين فيه التكليف وان قلت فعلى ما ذكر
لا بد من القول بوجوب الاحتياط فى باب الشك فى الجزئية واختيها مع انك تجرى على
حكومة اصالة البراءة قلت انّه من جهة عدم ثبوت العقاب على ترك الماهيّة الجملة لو
كان الترك فى ضمن المشكوك فيه بابداء التكليف المتوسّط على ما حرّرناه فى محلّه
وتحرير الكلام فى المقام على الوجه الاتم من التمام ان اصل البراءة اما ان يقصد
التمسّك فى دفع مطلق التكليف المشكوك فيه وعلى التقديرين اما ان
يقصد التمسّك باصل البراءة فى دفع التكليف باصل الفعل او التّرك بسيطا كان الفعل
او كان مركبا او يقصد التمسّك به فى دفع التكليف بمتعلّقات الفعل فعلا فى الجزء
المشكوك فيه او الشّرط المشكوك فيه والتّرك فى المانع المشكوك فيه اما على الاوّل
فمجرّد قبح العقاب بلا بيان لا يكفى فى دفع التّكليف الواقعى المشكوك فيه بل لا
بدّ من عدم ثبوت العلم الاجمالى بالتّكليف متردّدا بين الواقعة وامثالها والّا فلا
مجال للعمل باصل البراءة لا فى بعض الوقائع ولا فى الكلّ لعدم حكم العقل بقبح
العقاب بل حكمه بعدم جواز العمل باصل البراءة لا فى البعض ولا فى الكل كما انه لا
بدّ من عدم قيام الدّليل المعتبر على وجوب الاحتياط فى موارد الشكّ فى التّكليف
ولو لم يثبت العلم الاجمالى بالتّكليف والّا فلا مجال ايضا للعمل باصل البراءة
لعدم حكم العقل ايضا بقبح العقاب فى الباب بل حكمه بجواز العقاب على ترك الامتثال
بلا ارتياب لكن الآيات والاخبار الدالّة على جواز العمل باصل البراءة على الدلالة
يتطرّق التّعارض بينها وبين الدّليل الدّال على وجوب الاحتياط بناء على ظهور
الآيات والاخبار فى نفى التكليف الواقعى الغير الثابت بالخصوص لكون الامر من باب
نفى الملزوم واثبات اللازم كان يقال الشّمس ليست بطالعة والعالم مضى لكون وجوب
الاحتياط من باب ثبوت التكليف الواقعى فعلا واما بناء على عموم الآيات والاخبار
للتّكليف الظّاهرى فيتاتى التّعارض بينها وبين الدّليل الدال على وجوب الاحتياط
بالنّسبة الى التكليف الواقعى وامّا بالنّسبة الى الاحتياط من حيث انه تكليف
ظاهرىّ فالدّليل الدّال على وجوب الاحتياط مقدّم على الآيات والاخبار والامر من
باب انتفاء موضوع اصل البراءة كما هو الحال لو دلّ دليل على التّكليف الواقعى لكن
لا جدوى فى التقدّم المشار اليه والمرجع الى التّعارض اذ العمدة هى التّكليف
الواقعى المجهول والاحتياط تابع له فلما فرض تطرّق التعارض بالنّسبة الى التّكليف
الواقعى فيتاتى التّعارض فى الاحتياط ايضا اذ الآيات والاخبار لو اقتضت عدم وجوب
التكليف الواقعى فمقتضاه عدم وجوب الاحتياط ايضا بخلاف الدّليل القائم فرضا على
وجوب الاحتياط وبوجه آخر هاهنا يكون اثبات الحكم الظّاهرى تابعا لاثبات الحكم
الواقعى ولما كان اثبات الحكم الواقعى مورد التّعارض فلا يتمكن الحكم الظّاهرى من
الاستقرار حتّى يقدم على اصل البراءة واما على الثّانى فان ثبت تطرق العقاب على
ترك المركب فى حال امتناع العلم مطلقا فلا بدّ من الاحتياط وامّا العبادات
المتعارفة فلا مجال فيها للعمل باصل البراءة فى موارد الظنّ لقيام الاجماع على
حجيّة الظنّ ولو فى الجملة كما انه لا مجال لوجوب الاحتياط فى موارد الشكوك
الملغاة الظّنون المنهىّ عنها واما فيما عدا ما ذكر فيتاتى العمل باصل البراءة
بملاحظة عدم وجوب الاحتياط فى موارد الشكوك والظّنون المشار اليها لاقتضائه عدم
المضايقة عن ترك المركب لو كان تركه بترك ما تعلق اليه بعض تلك الشكوك والظّنون فى
الجزء والشّرط او الاتيان به فى المانع واحتمال كون الحال فى الشكّ المشكوك الغائه
على حال الشكّ الثّابت الغائه والظنّ المنهىّ عنه وايضا لا مجال للعمل باصل
البراءة فى موارد الظنّ لقيام العلم الإجمالي بمطابقة كثير من الظّنون للواقع اعنى
قيام العلم الاجمالى بمطابقة الظنّ فى كثير من متعلّقات الصّلاة مثلا اى الجزء
والشّرط والمانع للواقع بناء على اطّراد وجوب الصّلاة الواقعيّة فى حقّنا لا كون
وجوب العمل بما تادى اليه ظن المجتهد من باب التّكليف الثانوى الثّابت بالاجماع
بناء على عدم شمول اطلاق الامر بالصّلاة لصورة امتناع العلم او امتناع الشّمول
لوضوح ان الاجماع على حجيّة ظن المجتهد من باب احراز الصّلاة الواقعيّة الّتى امر
بها الحاضرون لشمول الامر بها
__________________
لصورة امتناع العلم لا احداث واجب آخر غير الصّلاة الواجبة اولا واما موارد
الشك فلم يثبت العلم الاجمالى بثبوت التكليف فعلا او تركا فيها لاحتمال عدم الغاء
الشك فرضا كما يظهر مما سمعت ومن هذا مجيء تكليف المتوسّط كما حرّرناه فى محله
وامّا على الثالث فالعقل انما يحكم بجواز العمل باصل البراءة والفراغة الكلية لو
لم يقم دليل على تكليف ظاهرىّ غير مربوط بالواقع والّا فلو قام دليل على التكليف المذكور
فلا مجال للعمل باصل البراءة والامر من باب انتفاء الموضوع كما انه لا مجال للعمل
باصل البراءة لو قام دليل على التكليف الواقعى والامر من باب انتفاء الموضوع وعلى
هذا المنوال الحال فى الآيات والاخبار الدالة على اعتبار اصل البراءة بناء على
عمومها للتكليف الظاهرى كما سمعت فى باب الدليل الدال على الاحتياط لكن هاهنا يقدم
الدليل الدّال على التكليف الظّاهرى بلا اشكال ومن ذلك تقدّم الاستصحاب على اصل
البراءة وبما ذكر على هذا التقدير ويظهر الحال على التقدير الاخير وعلى اىّ حال
ففى مقامنا هذا لما قام العلم بثبوت التكليف فى موارد الظنّ فلا مجال للعمل باصل
البراءة فى الجميع وان لم يقم فى شيء من تلك الموارد دليل معتبر لفرض عدم ثبوت
اعتبار الظنّ ولا يذهب عليك انه لا حاجة فى التمسّك لا اعتبار اصل البراءة الى
دعوى قبح العقاب من باب قضاء نفى اللازم بنفى الملزوم ولعدم استلزام التكليف
للعقاب على ترك امتثاله وان يستلزم ترك الامتثال لاستحقاق العقاب كيف لا ولو كان
التكليف مستلزما للعقاب على ترك الامتثال لما جاز العفو ومن ذلك انه لو فرضنا عدم
تطرق العقاب على ترك امتثال التكاليف الشّرعية يتاتى دفع التكليف المشكوك فيه باصل
البراءة ولو لا ما ذكرنا لزم القول بلزوم الاحتياط فى الشكّ فى التكليف على تقدير
عدم تطرق العقاب على ترك امتثال التكاليف الشرعية ولا يلتزم به احد من ذى مسكة
الخامس ان اصل البراءة لا مجرى له فى ابواب المعاملات إلّا ان يقال ان النّزاع فى
العبادات لشدة الاهتمام بها وجريانه فى المعاملات من باب اطراد النزاع لا عموم
المتنازع فيه وقد تقدّم خروج المعاملات عن مورد النزاع ايضا وقد يستدل على عدم
جواز العمل بالاصل بان العمل بالاصل فى كثير من الموارد غير ممكن كما فى الصّلاة
يوم الجمعة لتردّد الامر بين صلاة الجمعة وصلاة الظهر حيث ان البناء على البراءة
مخالف لاجماع المركب اقول ان الكلام فى موارد انسداد باب العلم مع قيام الظنّ لا
مطلق موارد الانسداد ولو مع عدم قيام الظنّ فالمثال خارج عن مورد البحث لعدم ثبوت
الظن فيه باحد الطرفين وقد تقدّم الكلام فى المقام ايضا مع ان مرجع الاستدلال الى
عدم جواز العمل بالاصل فى صورة تردد المكلف به بين المتباينين لكن الاقوى جواز
العمل بالاصل فى الصّورة المذكورة على ما حرّرنا الكلام فيه فى محله وكذا فى رسالة
مخصوصة وقد يستدل ايضا بان اعتبار اصل البراءة من جهة افادة الظنّ اى الظنّ
بالواقع والمفروض قيام الظنّ على الخلاف فلا مجال للتمسّك بالاصل ويضعف بما يظهر
ممّا تقدّم من ان المدار فى اصل البراءة على نفى التكليف الظاهرى على وجه القطع
بملاحظة قبح التكليف بدون وصول البيان او على وجه الظنّ بملاحظة الآيات والاخبار
الدالة على اعتبار اصل البراءة لو تم دلالتها عليه كيف لا ولم يستدل احد على اصل
البراءة فى البحث المعقود له بحديث الظنّ كما مر وكيف لا لو كان مدركه الظنّ
بالواقع لكان القول باعتبار اصل البراءة مختصا بارباب مطلق الظنّ ولم يتمسّك به
احد من ارباب الظنون الخاصّة مع انّ الفريقين متفقون على اعتباره وكيف لا ولو كان
مدركه الظنّ لما صحّ البحث عن حجيّته فى المقام لوضوح عدم الحجيّة لفرض عدم ثبوت
اعتبار الظنّ وبما تقدّم يظهر فساد مقالة الفاضل الخوانسارى حيث ان العقل غير واف
باطراد حجيّة اصل البراءة فى المقام قضيّة العلم الاجمالى بتكاليف كثيرة ولزوم
الخروج عن الدّين وكذا قيام الاجماع بل الضّرورة على عدم الاطّراد وامّا ما دلّ
على المنع عن العمل بالظن فبعد ابتناء صحة التمسّك به على اعتبار مطلق الظنّ الّا
ان يقال بحصول العلم به من جهة الكثرة فياتى الكلام وامّا التمسّك باصل البراءة فى
باب الشك فى التّسمية جهرا واخفاتا ففيه ان الكلام فى موارد انسداد باب العلم مع
قيام الظنّ لا موارد انسداد باب العلم مطلقا ولو مع عدم قيام الظنّ كما مر غير
مرّة هذا بناء على كون غرضه تطرّق التخيير بحكم اصل البراءة كما هو الظاهر واما لو
كان غرضه التخيير من باب الوجوب التّخييرى فلا يتوجّه عليه ذلك لكن ذكره غير مربوط
بالمقام واورد عليه المحقّق القمّى بان حكم العقل امّا ان يريد به الحكم القطعى او
الظّنى فان كان الاول فدعوى كون مقتضى اصل البراءة قطعيّا اوّل الكلام كما لا يخفى
على من لا خط ادلة المثبتين والنافين من العقل والنقل سلّمنا كونه قطعيّا فى الجملة
لكن
المسلم انما هو قبل ورود الشرع وامّا بعد ورود الشّرع فالعلم بان فيه
احكاما اجماليّة على سبيل اليقين يثبتنا عن الحكم بالعدم قطعا كما لا يخفى سلمنا
ذلك ولكن لا نسلم حصول القطع بعد ورود الخبر الصّحيح على خلافه وان اراد الحكم
الظنّ سواء كان بسبب كونه بذاته مفيدا للظن او من جهة استصحاب الحالة السّابقة فهو
ايضا ظن مستفاد من ظاهر الكتاب والاخبار الّتى لم يثبت حجيتها بالخصوص مع انه
ممنوع بعد ورود الشّرع ثم بعد ورود الخبر الصّحيح اذا حصل من خبر الواحد ظنّ اقوى
منه ويرد عليه ان دعوى كون حكم العقل قطعيّا اما ان يكون المقصود به القطع
بالنّسبة الى الواقع فهو مقطوع العدم او يكون المقصود القطع بالنّسبة الى الظاهر
كما هو المتعيّن فهو مما لا ريب فيه فالتشكيك فى كون مقتضى اصل البراءة قطعيا
بكونه اوّل الكلام لا يتجه بوجه مع انّ الخلاف المذكور انما هو فى شبهة الحرمة من الشكّ
فى التّكليف بناء على كون الغرض من الخلاف المشار اليه انّما هو الخلاف المعروف
بين المجتهدين والاخباريين فلا يشمل الخلاف فى باب الشك فى المكلّف به وعلى اىّ
حال لا خلاف فى جريان اصل البراءة فى شبهة الوجوب من الشكّ فى التكليف وايضا ما
ذكره من المنع عن حصول القطع بعد ورود الخبر الصّحيح على خلاف اصل البراءة غير
صحيح اذ بعد فرض عدم ثبوت اعتبار الخبر ولو كان صحيحا فحاله حال الشكّ ووجوده
كعدمه ولا يمانع عن القطع بالبراءة الظّاهرية المقصود بحكم العقل وايضا دعوى ان
الظنّ الحاصل من الخبر الصّحيح اقوى كما ترى اذ الظنّ المستفاد من الكتاب والاخبار
فى باب اعتبار اصل البراءة انّما هو بالنّسبة الى الحكم الظّاهرى اى حكم الجاهل
واين هذا من مفاد خبر الواحد وهو الحكم الواقعى فالموضوع مختلف ولا مجال للمزيّة
فى الظنّ المستفاد من خبر الواحد بالنّسبة الى الظنّ المستفاد من الكتاب والسنّة
بالبراءة كما انه لا مجال لتقديم خبر الواحد ولو كان صحيحا على اصل البراءة لفرض
عدم ثبوت اعتبار خبر الواحد وان كان الغرض كون الظنّ بالبراءة بالنّسبة الى الواقع
فمع ان الكتاب والسنّة لا يفيد الظنّ بالبراءة الواقعيّة بل انما يفيد الظنّ
بالبراءة الظاهريّة نعم الاستصحاب بناء على افادته الظنّ بالاحكام اثباتا ونفيا
يفيد الظنّ بالبراءة الواقعيّة بناء على كون الاستصحاب من مدارك اصل البراءة كما
احتمله المحقق المشار اليه فى باب اصل البراءة بل جرى عليه غير واحد لا مجال لكون
الظنّ المستفاد من خبر الواحد اقوى لعدم حصول الظنّ من طرفى النقيض فالمرجع الى
كون مفاد خبر الواحد مظنونا ومفاد اصل البراءة موهوما كما هو مقتضى كلامه فى تقرير
دليل الانسداد تعريضا على صاحب المعالم وان كان الاظهر انّ مفاد كلام صاحب المعالم
فى تقرير الدّليل المشار اليه تقديم الظنّ الاقوى نوعا لا شخصا وعلى الاخير يبتنى
تقرير الدّليل المشار اليه من المحقق المشار اليه وعليه جرى فى فهم تقرير الدّليل
المشار اليه من صاحب المعالم ويظهر الحال بما ياتى وقد يورد عليه بان حكم العقل
بقبح المؤاخذة من دون البيان حكم قطعىّ لا اختصاص له بحال دون حال فلا وجه لتخصيصه
بما قبل ورود الشّرع ولم يقع فيه خلاف وانّما ذهب من ذهب الى وجوب الاحتياط بزعم
نصب البيان على وجوب الاحتياط من الآيات والاخبار الّتى ذكرها وانت خبير بان غرضه
ليس مجرّد اختلاف ما قبل ورود الشّرع وما بعده بل الغرض ممانعة العلم الاجمالى
فيما بعد ورود الشّرع بانتشار التكاليف الغير المعلومة فى موارد الظنّ واما ما
استدلّ به على جواز البناء على اصل البراءة فيندفع الوجه الاوّل من الوجهين
المتقدّمين بان الجواب المذكور فيه عن السّئوال المذكور بفرضه يوم القيمة من جانب
الله سبحانه لا مجال له بعد العلم بالتّكاليف الاجماليّة وقضاء الاجماع والضّرورة
بعدم جواز طرح جميع التكاليف وقد سمعت انّ مجرّد عدم بيان التكليف غير كاف فى قبح
العقاب على تركه بل لا بدّ من عدم ورود الامر بالاحتياط ولا ثبوت تكليف ظاهرىّ آخر
ولا ثبوت العلم بالتّكليف اجمالا وما ورد من ذمّ العمل بالظنّ بعد عدم اعتبار
اطلاقات الكتاب يظهر حاله بما ياتى قوله فقد ثبت من اين وانى ثبت لم يثبت ولا يثبت
ويندفع الوجه الثانى بانّه يقدم الاجماع الخاصّ اعنى الاجماع على عدم جواز العمل
باصل البراءة فى المقام على الاجماع العام المذكور فى ذلك الاستدلال والغرض من التمسّك
بالاجماع الخاصّ انّما هو مجرّد ابطال العمل باصل البراءة وليس الغرض اثبات حجيّة
الظنّ لامكان وجوب الاحتياط او التخيير فبطلان العمل باصل البراءة لا يتوقف على
حجيّة الظنّ ولا يكون متاخّرا عنه فى الوجود وان توقّف حجيّة الظنّ على بطلان
العمل باصل البراءة فليس بطلان العمل باصل البراءة مستلزما للدّور وبعد هذا اقول
ان خلاصة الوجه المشار اليه ان مقتضى قيام الاجماع على
جواز العمل باصل البراءة فى مورد عدم قيام الدّليل على التكليف جواز العمل
باصل البراءة فى جميع موارد الظنّ اجماعا لخلو كلّ مورد من موارد الظنّ عن الدليل
المانع عن العمل باصل البراءة اذ لا دليل فى تلك الموارد فى قبال اصل البراءة الا
الظّنون الموقوف حجيّتها على بطلان العمل باصل البراءة فالتمسّك فى بطلان العمل
باصل البراءة بقيام الظّنون المبنىّ حجيتها على بطلان العمل باصل البراءة يستلزم
الدّور لكنك خبير بانه وان لم يقم فى كل مورد من موارد الظنّ دليل معتبر يمانع عن
العمل باصل البراءة تفصيلا لكن فى عموم الموارد ما يمانع عن العمل باصل البراءة فى
الجميع اجمالا ولا ينحصر ما يمانع عن العمل باصل البراءة تفصيلا فى المورد المخصوص
بل يطرد الممانعة فيما يمانع اجمالا كيف لا وفى باب الشّبهة المحصورة لا مجال
للعمل باصل البراءة فى الجميع بناء على قيام العلم الإجمالي بوجود الحرام الموصوف
بالحرمة بالفعل فى البين ولم يقم فى كلّ من الاطراف ما يمانع عن العمل باصل
البراءة تفصيلا والمانع انما هو العلم الاجمالى بل لا ينحصر ما يمانع عن العمل
بمطلق الدّليل فى المانع التفصيلى ويطرّد الممانعة فى المانع الاجمالى مهما امكن
الممانعة على وجه الاجمال ومنه عدم جواز العمل بالعام المخصّص بالمجمل وبالجملة
فالاجماع انما هو على جواز العمل باصل البراءة فيما لم يقم فيه دليل على التكليف
راسا لا تفصيلا ولا اجمالا وليس الاجماع على جواز العمل باصل البراءة فيما لم يقم
فيه دليل تفصيلى بالخصوص على التكليف حتى يقتضى الاجماع جواز العمل باصل البراءة
فى المقام ويظهر الحال بما تقدّم المقدّمة الخامسة عشر انه لا ينبغى ان يرتاب
مرتاب فى بطلان احتمال التّخيير فى موارد الظنّ من موارد انسداد باب العلم لا
فروعا ولا اصولا اما التّخيير فى الفروع فهو التخيير بين الاقوال الواقعة فى
الواقعة الفرعيّة وامّا التّخيير الاصولى فهو التخيير بين الاحتمالات المتقدّمة
المحتمل حكومتها فى الموارد المشار اليها والوجه بعد ان بقاء التكاليف الواقعيّة
يمانع عن جواز التخيير الفرعى فى جميع الوقائع للزوم مخالفة العلم الاجمالى وقد
تقدّم الكلام فى الباب انا نقطع ونعلم ان احدا من العلماء لا يرضى بالتّخيير ولو
يجرى عليه احد لينكر عليه كل من اطلع عليه غاية الانكار واشدّ وجوه الاستنكار
ويعده خارجا عن طريقة الاجتهاد ومسلك السّداد غير عارف بمنهج المجتهدين بل غير
عارف بطريقة شريعة سيّد المرسلين سلام الله عليه وعلى اهل بيته اجمعين وقد اجاد من
قال لو لم يسلم ذلك الاجماع لم يثبت اجماع فى مسئلة فرعية اصلا فالظّاهر بل بلا
اشكال انّ حال التخيير حال القرعة والاستخارة ومع ذلك ثبوت التخيير فى الفروع
والاصول يحتاج الى دليل والا فالقول بلا دليل فى الشّريعة المقدّسة من باب
الافتراء على الله سبحانه ولم يقم دليل على التخيير ويزيد شناعة الامر على تقدير
كون التخيير استمراريّا ومع ذلك البناء على التخيير الفرعى يستلزم انتفاء الاجتهاد
بل قيل باستلزامه لانتفاء التقليد وليس بالوجه اذ التّخيير ووظيفة المجتهد
كالاجتهاد كما ان التّخيير فى تعارض الخبرين من صفة المجتهد ولا يعمّ المقلّد على
ما حرّرناه فى محلّه خلافا لبعض من تاخر كما عن جماعة بل عن بعض نفى الخلاف عنه
ومع ذلك البناء على التخيير الفرعى يوجب الهرج والمرج كيف لا وقد قيل بلزوم الهرج
والمرج فى جواز نقض الفتوى بالفتوى فى تغير الراى بالنّسبة الى آثار الفتوى الاولى
فى الاستمراريّات كما لو عقد المجتهد البكر باذنها لنفسه او لمقلده ثم ظن باشتراط
اذن وليها وبطلان العقد السّابق حيث انه يلزم جواز عقد المرأة من المجتهد لغير من
زوجها بواسطة تغيّر الراى من دون طلاق وجواز دخول الزّوج الاوّل بها لو تغيّر
الراى ثانيا لسنوح اعتقاد صحة العقد الاوّل وهكذا وان اوردنا فى محلّه بان النكاح
بالوجه المختلف فيه نادر بل هو الحال فى غيره من العقود وتكرّر تغير الرّأي بعد
ندرة اصل التغيّر نادر ايضا إلّا ان يقال انه لا يتجاوز الامر عن حال اصل اختلاف
الاقوال فكلّ من اختار قولا بمنزلة من هو قال بهذا القول فكما لا يلزم الهرج
والمرج باختلاف الاقوال فكذا الحال فى التّخيير نعم على تقدير كون التّخيير
استمراريا يلزم الهرج والمرج ومع ذلك ربما يقال ان اتفاق العقلاء قاطبة على بطلان
التّخيير عند العلم بانّ هاهنا تكاليف عديدة لا يمكن العلم بخصوصها فان علم العبد
مثلا ان فى جملة تلك المياه الكثيرة مياه مسمومة حرم المولى عليه شربها ومياه
مخصوصة دافعة لبعض الامراض واوجب المولى عليه شربها ولم يتمكن العبد من تحصيل
العلم بوجه فى الباب فيبنى امره على التّخيير كان محل الملامة عند العقلاء وحكموا
ببطلان طريقته وعدوه من السفهاء وصاحب الخيالات الفاسدة والآراء الكاسدة لكن نقول
انه على ذلك يلزم عدم جواز التّخيير فى تعارض الخبرين على الوجوب والحرمة وكذا عدم
جواز القول بالتّخيير فى اختلاف الامّة على وجوب شيء وحرمته مع ان مضرّة السموم
والمسموم تخالف مضرّة المحرمات الشرعيّة بمعنى ترتّب العقاب عليها لترتّب المضرّة
المشار اليها قهرا من دون اختلاف
بالعلم والجهل بخلاف العقوبات الشرعيّة فانها منوطة بثبوت الحرمة فالفرق
بين ما نحن فيه والمثال واضح الحال وان قلت ان المفاسد الواقعيّة المكنونة فى
المحرمات المقتضية للحرمة تترتّب من دون اختلاف بالعلم والجهل قلت انّه لو كان
ترتّب تلك المفاسد مانعا عن التخيير لما جاز تجويز ارتكاب ما شك فى حرمته من باب
الشّبهة الحكميّة او الموضوعيّة بالفحوى والاولويّة مع جواز الاوّل باتفاق
المجتهدين وجواز الثانى باتفاق المجتهدين والاخباريين وبما ذكرنا يظهر فساد ما جرى
عليه بعض الاصحاب فى الايراد على دليل الانسداد باحتمال التّخيير المقدمة السّادسة
عشر انه يجوز توقف المجتهد فى الحكم الواقعى ولا باس به بناء على التخطئة نعم بناء
على التّصويب لا مجال للتوقّف فى الحكم الواقعى من باب السّالبة بانتفاء الموضوع
لفرض انه لا يكون حكم واقعى فى البين ومن ذلك تردّدات المحقّق فى الشّرائع وهى
معروفة وقد رسم بعض كتابا فى شرح تلك التردّدات لكن مقتضى انكار تعادل الامارتين
من بعض العامّة انكار جواز التوقف ومقتضى ما جرى عليه العلّامة فى النّهاية من
القول باطلاق الامكان والتفصيل فى الوقوع بين الحكمين والفعل الواحد كما اذا تعادل
امارتان على وجوب فعل وحرمته فلا يجوز التّعادل فيه والفعلين والحكم الواحد فيجوز
التعادل فيه كما اذا ورد احدى الامارتين على وجوب فعل فى حال وزمان والآخر على
وجوب فعل آخر فى الحال والزمان المذكورين هو القول بامكان التوقف والتفصيل المذكور
فى وقوعه وتفصيل الحال موكول الى ما حرّرناه فى بحث التعادل واما بالنسبة الى
الحكم الظاهرى والحكم العملى فلا مجال للتوقف لعدم خلو المكلّف عن الفعل والترك بل
الادلة العمليّة مضبوطة امرها على اختلاف المشارب او اتفاقها يسلك المجتهد سبيلها
عند التوقف على حسب مشربه المختلف فيه او المتّفق عليه والتوقف فى مقام العمل يكشف
عن نقصان التوقّف وقصوره قصارى القصور وبما سمعت يظهر ان احتمال التوقّف فى موارد
الظنّ باجمعها فى مقام العمل يكشف عن فى عرض احتمال البناء على الاحتياط او اصل
البراءة او نحوهما مما تقدّم لا مجال له ولا سبيل اليه وهو باطل ويدل على بطلانه
مضافا الى ما ذكر وكذا مضافا الى انّ بقاء التكاليف الواقعيّة يمانع عن جواز
التوقف فى جميع الوقائع للزوم مخالفة العلم الاجمالى وقد تقدم الكلام فى الباب
اجماع العلماء حيث انّا نعلم انّهم متفقون بآرائهم المكتوبة على حسب عدم تعرّضهم
للتوقف على بطلان القول به وكون المتوقّف فى حكم العوام غير قابل لشيء من آثار
الاجتهاد بل مخربا للشريعة المقدّمة كيف لا وجواز التوقف فى جميع موارد الظنّ
ينافى الاجماع على وجوب الاجتهاد كفاية مع عدم الانحصار عينا مع الانحصار من
المشهور وعينا من الحلبيين وبعض آخر بل لو جاز ذلك لاتفق من واحد من العلماء ومع
ذلك المتوقّف وجوده كعدمه وحاله حال العوام ولا يتمشى منه شيء والتوقف يستلزم
تعطيل الامور فى غير المعلوم فى العبادات والمعاملات بالنّسبة الى نفسه ومن يقلده
شتان بين هذا ومنصب الاجتهاد ومع ذلك قد يقال ان التوقّف فى الحكم الظاهرى فرع
انسداد باب العلم به وهو باطل للزوم التكليف بما لا يطاق فيجب تحصيل العلم بالحكم
الظاهرى اقول انه لا فرق بين الحكم الواقعى والحكم الظاهرى فى جواز انسداد باب
العلم به وما يعالج به لزوم التكليف بما لا يطاق فى انسداد باب العلم بالحكم
الواقعى يجوز العلاج بمثله فى انسداد باب العلم بالحكم الظّاهرى كيف لا ويمكن ان
يكون الحكم الظاهرى فى باب شرب التتن مثلا وكذا فى موارد الظنّ هو البراءة مع قطع
النظر عن فساد البناء على اصل البراءة فى موارد الظنّ بما تقدّم لكن لم يحصل العلم
به فبنى على الاحتياط ولا مجال ح للزوم التكليف بما لا يطاق إلّا ان يقال ان
المقصود بالحكم الظاهرى هو التكليف الظّاهرى اذ التّكليف الظّاهرى ما اريد تطبيق
العمل عليه ولا مجال لانسداد باب العلم به للزوم التّكليف بما لا يطاق إلّا ان
يقال ان المقصود بالتّكليف الواقعى تطبيق العمل عليه ايضا لكنه يندفع بان المقصود
بالتكليف الواقعى تطبيق العمل عليه فى صورة الاطلاع عليه بالعلم او بالظنّ المعتبر
ومن هذا تاتى الحكم الظاهرى فى صورة الشك إلّا ان يقال انّه يمكن ان يكون المقصود
بالتكليف الظّاهرى تطبيق العمل عليه فى صورة الشك فى التكليف الظّاهري بالعلم او
بالظن المعتبر ففى صورة الشك يتاتى حكم ظاهرى آخر المقدّمة السّابعة عشر انه لا
مجال للعمل بالظنّ الاقوى فى موارد الظنّ من موارد انسداد باب العلم اذ الاقوائيّة
اما ان تلاحظ بالنّسبة الى الطرف المقابل للظنّ الاقوى فى واقعة الظنّ او تلاحظ
بالنّسبة الى سائر الظنون فعلى الاول يستحيل اقوائية الظنّ اذ الظنّ لا يتحصّل من
طرفى النّقيض ولا يتعدّد الظنّ فالمرجع الى اجتماع الظنّ والوهم لا الظنّ الاقوى
والظنّ الغير الاقوى سواء كان قويّا او ضعيفا وعلى الثانى امّا ان يلاحظ
الاقوائية بالنّسبة الى مراتب الظنّ اى الظنّ المتاخم للعلم حيث ان الظنّ
اعلى مراتبه ما هو المتآخم للعلم كما ان ادنى مراتبه ما يتّصل بالشك والشك متاخم
له او يلاحظ الاقوائية بالنّسبة الى سائر الوقائع وان لم يكن متاخما للعلم وعلى
الثانى اما ان يكون الاقوائية بملاحظة النّوع اى ما يكون نوع صاحبه مفيدا للظنّ
الاقوى ولو فى بعض الاحيان او الاقوائيّة بملاحظة نفس الحاصل وشخصه فى خصوص
الواقعة وشخصها وعلى التقديرين اما ان يلاحظ الاقوائية بالنّسبة الى سائر الوقائع
باجمعها او بالنّسبة الى بعض السّائر سواء كان بعض السّائر من افراد نوع الظنّ
الاقوى او من افراد نوع آخر فعلى الاول يلزم الاقتصار فى العمل بالظن على قليل من
الظنون لقلة الظنّ المتاخم للعلم فيلزم الخروج عن الدّين وعلى الثانى لا بدّ من
الاستقراء فى الوقائع اولا ثم الاخذ بعد ذلك بما هو اقوى نوعا من سائر الظنون فى
الوقائع ولا يلتزم به ملتزم مع انه لا بدّ من الاقتصار على قليل من الظّنون لو كان
نوع الظنّ الاقوى قليل الافراد على ان ثبوت ظنّ يكون اقوى من جميع ما عداه من
الظّنون فى الوقائع غير ثابت مضافا الى ان الاقوى النّوعى كالظنّ النّوعى لا بدّ
فى حجيته من التعبّد والمفروض انّه لا دليل على التعبّد وعلى الثالث يلزم ان يكون
جميع انواع الظنّ حجة تعبّدا اذ ما من نوع من الانواع الا ويتفق فيه ظن اقوى من ظن
آخر من هذا النّوع او من نوع آخر وقد سمعت ان الاقوى النّوعى كالظن النّوعى يحتاج
حجيته الى التعبّد ولا دليل على التعبّد فى الانواع كيف لا وقد سمعت انه لا دليل
على التعبّد وفى نوع واحد وعلى الرابع يلزم الاستقراء فى الوقائع اولا ثم الاخذ
بعد ذلك بما هو اقوى شخصا من سائر الظنون فى الوقائع ولا يلتزم به ملتزم كما سمعت
على الثانى مع انه يلزم الاقتصار على فرد واحد وح يلزم الخروج عن الدّين وعلى
الخامس لا بدّ من الاستقراء فى الوقائع اولا ثم طرح الظنون الّتى لا تكون اقوى من
ظنّ ولا يقول به قائل وبالجملة جميع ما ذكر خلاف المذهب الاثنى عشرى بل خلاف مذهب
شريعة سيّد المرسلين صلىاللهعليهوآله بالقطع واليقين بل الوجوه الثلث الاخيرة من قبيل
الخيالات السوداويّة وبما مرّ يظهر ضعف ما يقتضيه كلام صاحب المعالم من القول
باعتبار الظنّ الاقوى مضافا الى ما ياتى من الكلام فى كلامه المقدمة الثّامنة عشر
ان مقتضى كلام السّيّد المرتضى [قيام الظنّ مقام العلم عند تعذّر العلم] فى بحث
الامر بالفعل المشروط مع علم الامر بانتفاء الشّرط على ما حكاه فى المعالم قيام
الاجماع على قيام الظنّ مقام العلم عند تعذّر العلم بل حكى فى المعالم فى بحث حجية
خبر الواحد فى جواب السّيّد المرتضى انه قد ادّعى فى غير موضع من كلامه الاجماع
المشار اليه بل مقتضى ما عن التذكرة من قوله لا يجوز التّعويل فى دخول الوقت على
الظن مع القدرة على العلم فان تعذّر العلم اكتفى بالظنّ المبنى على الاجتهاد لوجود
التّكليف وما عن النّهاية فى بحث الواجب الكفائى من قوله التكليف فيه موقوف على
الظنّ لان تحصيل العلم بان غيره لم يفعل غير ممكن بل الممكن الظنّ وما عن الذكرى
من قوله ولو غلب على ظنه احد طرفى ما شك فى الصّلاة بنى عليه لان تحصيل اليقين عسر
فى كثير من الاحوال فاكتفى بالظنّ تحصيلا لليسر ورفعا الحرج وما عن المقدّس من
قوله امّا وجوب الاجتهاد الى القبلة فلانه اذا لم يحصل العلم وجب ما يقوم مقامه
وهو الظنّ عن امارات شرعيّة وهو الّذى يحصل بالاجتهاد وهو دعوى الاجماع على قيام
الظنّ مقام العلم عند تعذّر العلم ايضا لكن مقتضى العبارة الأخيرة هو قيام الظنّ
الثابت حجيّته بالخصوص وحكى دعوى القيام المشار اليه عن السّرائر والتنقيح وغيرهما
لكن يتاتى الكلام فى ان المقصود نقل الاجماع على بقاء التكليف فى موارد تعذّر
العلم وقيام الظنّ مقام العلم سواء كان ما تعذّر العلم به من باب الحكم او الموضوع
فنقل الاجماع كثير الجدوى او المقصود نقل الاجماع على قيام الظنّ مقام العلم فى
مورد تعذّر العلم وثبوت بقاء التكليف من الخارج فنقل الاجماع قليل الجدوى لقلّة ما
ثبت فيه بقاء التّكليف من الخارج فى صورة تعذّر العلم الّا ان يقال انّ بقاء
التكليف فى تعذّر العلم بالحكم ثابت على سبيل الكليّة كما يظهر ممّا مر نعم بقاء
التكليف فى تعذّر العلم بالموضوع لعلّه قليل بل قليل بل هو اقل قليل ويمكن ان يقال
انّ نقل الاجماع بناء على الوجه الاول محلّ الكلام المقدّمة التّاسعة عشر انّ
الظنون الّتى لم يقم دليل معتبر على اعتبارها متساوية او الظّنون المخصوصة راجحة صرّح
صاحب الاستدلال السّيّد المرتضى على عدم حجيّة خبر الواحد بالمساواة لكن مقتضى
كلامه فى دليل الانسداد رجحان خبر الواحد من جهة اقوائيّة الظنّ نوعا كما يظهر
ممّا ياتى وصرّح بذلك بعض ارباب مذاق الاطلاق وارباب الظّنون الخاصّة بنوا على
رجحان هذه الظّنون ولذا جروا على لزوم الاقتصار عليها قضيّة لزوم الاقتصار فى
مخالفة اصالة عدم الحجيّة او اصالة الحرمة على
__________________
القدر الراجح واستندوا فى الرّجحان الى وجوه احدها ان الظنون المخصوصة هى
القدر المتيقن فى الحجيّة ثانيها انّ تلك الظّنون اقوى ممّا عداها من الظنون التى
لم يقم دليل معتبر على اعتبارها ثالثها ان تلك الظنون مظنون الحجيّة وربما علل هذا
الوجه تارة بانّ الشّهرة قائمة على حجيّة تلك الظّنون والشهرة اعظم المرجّحات
واخرى بدلالة ادلّة حجيّة تلك الظّنون على حجيّتها من حيث الخصوصيّة لكن لا اقلّ
من الدلالة على الحجيّة فى الجملة وفيه الكفاية فى الرجحان ولا يذهب عليك انه لا
اشكال فى انّه لا يتم القول بلزوم الاقتصار على الظّنون الخاصّة على الوجه الغير
من الوجه الاخير بدون انضمام اصالة عدم حجيّة الظنّ او اصالة حرمة العمل به وعلى
هذا المنوال الحال فى الوجه الاوّل من الوجه الاخير لعدم المفهوم لحيثية الخصوصيّة
بناء على عدم ثبوت المفهوم للقيد الغير الملفوظ ومن ذلك عدم ثبوت المفهوم للنكرة
بناء على ثبوت تنوين النكارة ومن ذلك ايضا ان المطلق على القول بانصرافه الى الفرد
الشّائع لو كان فى تلو الامر لا يتم القول بعدم كفاية الفرد النادر بناء على عدم
ثبوت المفهوم للانصراف الّا بالقول بوجوب الاحتياط فى باب الشك فى المكلّف به لو
لم يكن الفرد النادر موجبا لليقين بالامتثال كما لو كان اعلى شأنا من الفرد
الشّائع على تقدير وجود الفرد الشّائع والفرد النادر واما على تقدير وجود الفرد
النّادر فيبنى على اصالة البراءة لكون الشكّ من باب الشك فى التكليف بناء على كون
المدار فى الشك فى التكليف والشك فى المكلّف به على الواقعة الابتلائيّة واما بناء
على كون المدار على تعلق الحكم بالموضوع فيجب الاتيان بالفرد النادر واما على
القول بحكومة اصالة البراءة فى باب الشك فى المكلّف به فيبنى على كفاية الفرد
النادر من باب التخيير على تقدير وجود الفردين وامّا على تقدير وجود الفرد النادر
فيبنى على اصالة البراءة هذا كله لو كان الاطلاق فى باب الوجوب النّفسى واما لو
كان الاطلاق فى باب الوجوب الغيرى فيبنى على عدم كفاية الفرد النادر مطلقا على
القول بوجوب الاحتياط فى باب الشكّ فى المكلّف به وامّا على القول بحكومة اصل
البراءة فيبنى على الكفاية ومزيد الكلام موكول الى ما حرّرناه فى البشارات
والرّسالة المعمولة فى باب الشك فى الشّرطية والجزئية والمانعيّة للواجب والرّسالة
المعمولة فى باب الصّلاة فى الماهوت وبالجملة فالوجوه المذكورة مورد الايراد امّا
الاول فنقول ان المدار فيه على التّرجيح لكن يصحّ الاستدلال به بل الاستدلال
بالقدر المتيقن من الاستدلالات المتعارفة كما ربما يقال انّ خلافة مولانا امير
المؤمنين ع هى القدر المتيقن والقدر المتفق عليها بين الخاصة والعامّة فعلى
العامّة اثبات خلفائهم ومن ذلك تمسّك صاحب الجاثليق فى محضر مولانا الرضا ع على ما
رويه الصّدوق فى العيون فى باب عقده لجواب الرضا عليه السّلم عن سؤال ابى قرة قال
فنحن ادّعينا ان عيسى روح الله وكلمته فوافقنا على ذلك المسلمون وادّعى المسلمون
انّ محمّدا صلىاللهعليهوآله نبيّ الله فلم نتابعهم عليه وما اجمعنا عليه خير ممّا
افترقنا فيه وان كان هذا الاستدلال فاسد الحال لان المتفق عليه هو حدوث نبوّة عيسى
ولا جدوى فيه والخلاف بين المسلمين والنّصارى فى بقاء النبوّة ولا ارتباط
للاستدلال بالمدّعى وربما يتوهم انّ مدار الاستدلال المشار اليه على الاستدلال
بالاستصحاب وليس بشيء وربما توهّم ان الاستدلال من بعض اهل الكتاب بالاستصحاب
مناظرة مع السيّد السّند النجفى حيث تمسّك بان المسلمين قائلون بنبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله فنحن وهم متفقون على حقيقته ونبوّته من اوّل الامر فعلى
المسلمين ان يثبتوا بطلان دينه شبهة اشار اليها الجاثليق على اثبات نبوّة عيسى ع
فى مجلس المامون وهو من قبيل السّهو فى السّهو حيث ان واقعة الجاثليق رويها
الصّدوق فى العيون فى حديث طويل فى باب مجلس الرّضا عليه السّلم مع اهل الاديان
الباطلة لكنّها خالية عن الاستدلال بالصّراحة الّا انها غير خالية عن الاستدلال
بالقدر المتيقّن بالاشارة ايضا ومن ذلك ايضا الاستدلال عن القائلين بانّ للعموم
صيغة تخصّه بالاتفاق على الاستعمال فى العموم بدون القرينة فالقائل بالاشتراك
يلزمه اثبات الاستعمال فى الخصوص بدون القرينة قال السيّد المرتضى وقد مثل اصحابنا
حالنا وحال مخالفينا فى هذه المسألة بمن ادّعى ان زيدا فى الدّار وادّعى خصمه ان
زيدا وعمروا فيها قالوا من ادّعى ان عمروا مع زيد فيها فقد وافق فى انّ زيدا فيها
وادّعى امرا زائدا على ما اتفق خصمه عليه فالدلالة لازمة له دون خصمه وعلى اىّ حال
فان كان المقصود من كون الظنون المخصوصة هى القدر المتيقن فى الحجيّة هو كون تلك
الظنون هى القدر المجمع عليه اى المتفق عليه بالاتفاق الحقيقى فلا يخفى ان القدر
المتفق عليه بالاتفاق الحقيقى هو الصّحيح المزكى بتزكية العدلين بعد الاغماض عن
مخالفة القائلين بعدم
اعتبار خبر الواحد مع ان الصّحيح المشار اليه يكون مخصّصات لعموماته
ومقيّدات لاطلاقاته فى سائر اقسام الخبر فضلا عن غير الخبر ولا اعتبار بالعمومات
والاطلاقات المشار اليها بلا اشكال ولا سيّما بناء على اعتبار الظنّ الشخصى للعلم
بمطابقة بعض المخصّصات والمقيدات بل كثير منها بل اكثرها للواقع فيرتفع الظنّ
بالعموم والاطلاق لكون الامر من قبيل العام المخصّص بالحمل مضافا الى ان اعتبار
تزكية العدلين منوط بثبوت عدالة العدلين فيلزم الدّور او التّسلسل وكذا منوط
باعتبار كتابة الشّهادة حتى فى المكتوب عن المكتوب بمراتب عديدة ولا سيّما بعد موت
الشاهد وكذا منوط باعتبار شهادة العدلين فى غير فصل الخصومات حتى فيما يستند الى
الحس فضلا عن اختلاف الاقوال فى باب العدالة وكذا فى الصغر والكبر وكذا فى كاشف
العدالة فلعلّ مراد المزكين غير مذهب المجتهد بعد ثبوت اطّلاعهما على الخلاف فى
المراحل المذكورة نظير ما يرد من الاشكال الصّعب المستصعب فى اعتبار الخبر بناء
على اعتبار العدالة فى اعتباره من اختلاف الاقوال فى المراحل المذكورة لاحتمال كون
مراد المزكى بعد ثبوت اطلاعه على الاختلاف المذكور غير مذهب المجتهد وكذا فى تصحيح
الخبر اصطلاحا لابتناء صحّة الخبر بحسب الاصطلاح على عدالة رجال السّند الّا ان
يقال انه لا يشترط فى الشّهادة ظهور موافقة مراد الشّاهد لمذهب المشهود عنده قضيّة
التعبّد وان يشترط ظهور موافقة مراد المزكّى لمذهب المجتهد بناء على كون التزكية
من باب الخبر قضية اشتراط اعتبار الخبر بافادة الظنّ سواء كان اعتباره من باب
الظنّ او بشرط الظنّ فضلا عن كونها من باب الظّنون الاجتهاديّة لكن نقول ان الاظهر
عدم ثبوت اعتبار الشّهادة فى صورة عدم افادة الظنّ بل قد ادّعى بعض الاعلام قيام
الاجماع على اختصاص اعتبارها بصورة الظنّ وقد حرّرنا الحال فى بحث اشتراط الجرح
والتّعديل بذكر السّبب ومع ما ذكر نقول ان الصّحيح المشار اليه لا يكفى بناء على
عدم كفاية الظّنون الخاصّة وسيأتي الكلام فى الباب وان كان المقصود هو القدر
المتيقّن الإضافي المتفق عليه بين المذهبين اعنى مذهب حجيّة الظنون الخاصّة ومذهب
حجيّة مطلق الظنّ فلا يخفى ان اتفاق المتخاصمين اى لا يوجب الترجيح كيف لا ومن
يقول بحجيّة خبر الواحد باقسامه الخمسة اعنى الاخوات الاربعة المعروفة والخبر
الضّعيف المنجبر بالشّهرة ينكر من يقول بحجيّة بعض اقسامه فقط وبالعكس ومن يقول
بحجيّة الظنّ بالطّريق ينكر القول بحجيّة مطلق الظنّ والقول بحجية الظنون الخاصّة
فكيف ينفع اتفاق المتخاصمين فى التّرجيح ومع هذا القائل باعتبار الظّنون الخاصّة
بين اقوال كما ياتى اضعفها فى باب القدر الاضافى القول باعتبار الخبر الصّحيح فقط
لو جرى القائل بذلك على القول باشتراط تزكية العدلين فى اعتبار الخبر والّا فالقول
بذلك هو القدر المتيقّن الحقيقى وأقواها القول باعتبار الاقسام الخمسة ولو كان
انضمام قول الأخير الى القول بحجيّة مطلق الظنّ موجبا للتّرجيح فلا ريب انّ انضمام
القول الاوّل الى القول بحجيّة مطلق الظن لا يوجب التّرجيح لمزيد ضعفه ومع هذا
غاية الامر فى القدر المتيقّن الإضافي انّما هى الظنّ ولا ريب فى عدم كفايته
والظّاهر ان الغرض من القدر المتيقّن هو القدر المتيقن الاضافى اشتباها بالقدر
المتيقن الحقيقى لكونه مفيدا للعلم وبعد هذا اقول انّه يمكن ان يقال ان الظّنون
الخاصّة لا تكون قدرا مشتركا متّفقا عليه فى الحجيّة اذ بناء على حجيّة الظنون
الخاصّة يكون الحجيّة عارضة لكلّ نوع من انواع الظّنون الخاصّة وبناء على حجيّة
مطلق الظنّ يكون الحجيّة عارضة لطبيعة الظنّ فلا يتحصّل قدر مشترك فى الحجيّة نعم
لو كان الحجيّة بناء على حجيّة مطلق الظنّ عارضة لجميع انواع الظنّ يكون الظّنون
الخاصّة مورد الاتفاق على الحجيّة نظير انّه لو تعلق الوجوب بشيء من جهتين لا
يتاتى قدر مشترك واجب مثلا لو امر شخص بضرب زيد مثلا تاديبا وامر آخر بضربه ظلما
لا يكون مطلق الضّرب واجبا فلا يتاتّى قدر متفق عليه فى الوجوب ونظير انّه على
القول بوضع اسامى العبادات للصّحيحة لا يتاتى فى الصّلاة قدر مشترك صحيح ويلزم
القول بالف ماهيّة كما ذكره المحقّق القمّى بل الامر فى المقام لا يكون من باب
اختلاف الموضوع باختلاف الجهة كما فى وجوب الضّرب تاديبا وحرمته ظلما بل من باب
اختلاف الموضوع بالكليّة لكون متعلّق الحجيّة على القول بحجيّة مطلق الظنّ هو
الطّبيعة وكون المتعلّق على القول بحجيّة الظنون الخاصّة هو الأنواع نظير ان الفرد
الشّائع بناء على اجمال المطلق لا يكون متفقا عليه فى تعلّق الامر لوضوح ان متعلّق
الامر بناء على انصراف المطلق الى الفرد الشّائع انما هو الخاصّ واما بناء على
العموم للفرد النادر فالمتعلق هو الاعم ونظير انه لو كان شخص مائلا الى
الاسكنجبين وكان شخص آخر مائلا الى السّكر لا يكون الا سكنجبين متفقا عليه فى
البين كما لا يخفى نعم الظنون المخصوصة تكون من باب القدر المتيقن فى الحجيّة
الاجماليّة اى الاعم من حجيّة الانواع بانفسها وحجية جنسها لكن هذا لا يرجع عند
التّحصيل الى محصّل فى تحصيل القدر المتيقن فى الحجيّة نعم افراد الظّنون المخصوصة
متيقنة فى العمل لورود العمل على الفرد بناء على حجيّة مطلق الظنّ وكذا بناء على
حجيّة الظّنون المخصوصة بل انواع الظنون المخصوصة متيقّنة فى العمل ايضا لورود
العمل عليها باعتبار وجودها فى ضمن الافراد لكن نقول انّ حجية طبيعة الظن كما هى
مفاد حجية مطلق الظنّ تقتضى حجية الانواع بل افراد الانواع من باب العموم
السّريانى على ما يظهر مما حرّرناه فى بحث المفرد المعرّف باللام بناء على كون
الحجيّة من باب الاحكام الوضعيّة فالظنون المخصوصة هى القدر المتيقّن فى الحجيّة
نظير ما حرّرناه فى بحث اجتماع الامر والنّهى من ان مقتضى النّهى عن الطّبيعة
سراية الحرمة الى جميع الافراد ومقتضى الاطلاق فى الامر بالطبيعة التخيير بين جميع
الافراد ويرشد الى الامرين صحّة التمسّك بالاطلاق فى موارد الامر والنّهى فتعليق
الامر والنّهى على الطّبيعة المامور بها والطّبيعة المنهى عنها يستلزم تجويز
الواحد الشخصى والمنع عنه إلّا ان يقال انّ سراية الحجيّة عن طبيعة الظنّ الى
الظنون المخصوصة لا تجدى فى حصول القدر المتيقن لاختلاف المتعلق ايضا قضيّة اختلاف
الجهة حيث انّ حجيّة الظنون الخاصّة على القول بحجيتها من جهة الخصوصيّة وعلى
القول بحجية مطلق الظنّ من جهة الظنّ لكنه يندفع بان الجهتين المذكورين تعليليتان
لا تقييديتان لوضوح ان معنى حجية الظنّ المستفاد من الخبر من جهة الظنّ هو كون
علّة حجية الظنّ المشار اليه حجيّة مطلق الظنّ ومعنى حجية الظنّ المشار اليه من
حيث الخصوصيّة هو كون حجيّة الظنّ المشار اليه مستندة الى ذاته قبال الا استناد
الى طبيعة الظنّ على القول بحجية مطلق الظنّ فلم يختلف متعلّق معنى الحجيّة ويتاتى
القدر المتيقن فى الحجيّة وقد حرّرنا الكلام فى كون جهة الخصوصيّة تعليلية فيما
تقدّم او يقال انّ ذلك المقال مبنى على حجية طبيعة الظنّ من حيث انها هى ولا مجال
انها اذ دليل الانسداد وهو كون المركون اليه والمسكون به فى باب حجية مطلق الظنّ
يدور بين ملاحظة بالنسبة الى جميع الوقائع فيتاتّى حجيّة عموم افراد الظنّ بلا
واسطة وملاحظته بالنّسبة الى مجموع الوقائع فغاية الامر الحجيّة فى الجملة إلّا
انه يتادى الامر وينتهى الى حجية عموم الانواع وافراد الانواع بتوسّط المقدّمة
المعممة الّا انّ حجية الافراد بتوسّط حجية الانواع إذ مقتضى المقدّمة المشار
اليها حجية الانواع فلا مجال لحجية طبيعة الظنّ على شيء من الوجهين فلا مجال
لحجيتها راسا بل مقتضى دليل لزوم دفع الضّرر المظنون وقبح ترجيح المرجوح على
الراجح لزوم عموم حجية افراد الظنّ فلا مجال لحجية طبيعة الظن بملاحظة شيء من ادلة
حجية مطلق الظنّ فلا مجال لذلك المقال بملاحظة شيء من ادلّة حجيّة مطلق الظنّ لكنه
يندفع بانّ دليل الانسداد على تقدير ملاحظته بالنّسبة الى مجموع الوقائع لا يلزم
ان يتادى امره الى العموم اذ المقصود بالعموم فى بيان مفاد دليل الانسداد على
التقدير المذكور انما هو ما يقابل الاجمال لا ما يقابل الاطلاق بل اطلاق العموم فى
قبال الاجمال فى مباحث العموم غير نادر ومنه عموم التشبيه وعموم المنزلة وغيرهما
بل منه عموم المقتضى الّا ان العموم فيه وان كان فى قبال الاجمال لكن المقصود
بالعموم فيه هو التعدّد بناء على كون الكلام فى باب عموم المقتضى فى عموم التّقدير
لا عموم المقدّر كما حرّرناه فى محلّه فلا باس بكون مفاد دليل الانسداد على
التقدير المذكور هو حجيّة طبيعة الظنّ وايضا لو كان مقتضى دليل الانسداد هو حجيّة
افراد الظنّ بلا واسطة كما فى ملاحظته بالنّسبة الى جميع الوقائع فلا اشكال فى
حصول القدر المتيقن ولو كان مقتضاه حجية عموم الافراد بالأخرة كما فى ملاحظته
بالنّسبة الى مجموع الوقائع فحجيّة افراد الظّنون الخاصّة من باب القدر المتيقن
ايضا فحجيّة الافراد المشار اليها من باب القدر المتيقن على الوجهين إلّا ان يقال
انه كلما دار الامر بين الاقلّ والاكثر اى الاخصّ والاعمّ بالعموم والخصوص الاصولى
لا يكون الأقل من باب القدر المتيقّن اذ القائل بالاقل انّما يدّعى الاقل بشرط شيء
لا والقائل بالاكثر يدّعى الاقلّ بشرط شيء اى مع وجود الغير فلو اختلف فى كون زيد
فى الدار وكونه مع عمر وفى الدار يكون مدّعى من يدعى الاوّل هو كون زيد بشرط لا اى
مع عدم الغير فى الدّار ويدّعى من يدّعى الثّانى هو كون زيد بشرط شيء اى مع وجود
الغير فى الدّار كما ذكره السّيّد المرتضى فى بحث العموم عند الكلام فى وضع اللفظ
المخصوص للعموم فى تزييف دعوى كون العموم هو
القدر المتيقن ولا مجال لحصول القدر المتيقن التفصيلى اى ما يصدق عليه تمام
مقالة كل من القائل بالاقل والقائل بالاكثر نعم وجود زيد فى الدار والقائل بوجود زيد وعمرو فى الدار فى الجملة حيث انه
نصف مقالة القائل بوجود زيد وعمرو كما لا يخفى وكذا نصف مقالة القائل بوجود زيد
لانه يدّعى وجود زيد مع قيد الوحدة وممّا ذكرنا تطرق الاختلاف بين المقالتين وان
قلت انه لو وقع التّخاصم بين الدّيان والمديون فى الخمسة والعشرة يكون الخمسة من
باب القدر المتيقن العشرة ولا بدّ لمدعى العشرة من اقامة البيّنة على الخمسة
الاخرى مع وجودها والّا فيقدم قول من ينكرها مع اليمين ولا مجال لذلك على ما ذكرت
قلت ان الخمسة هى القدر المتيقن الاجمالى لا القدر المتيقّن التفصيلى بمعنى ما
يقول به كلّ من المتداعيين اذ مقالة من يدّعى الخمسة انما هى الانحصار فى الخمسة
ومقالة من يدّعى العشرة انّما هى عدم الانحصار فالخمسة بمجرّدها لا تكون تمام
مقالة من يدعى الخمسة نعم الخمسة من باب القدر المتيقن فى الجملة فلا بدّ فى
الزائد عليها من الرّجوع الى البينة واليمين فقد بان فساد ما لو توهم منافاة ما
ذكرناه مع ما ذكر فى باب التّداعى فى نصف ما فى ايدى المتداعيين وكله من انه يقسم
نصفين ويعطى احد النّصفين لمدّعى النّصف ويرجع فى النّصف الآخر الى البيّنة
واليمين وبما ذكرنا يظهر انه لو اختلف فى كلام اللغويّين فى كون اللفظ متّحد
المعنى او من باب المشترك لا يكون المعنى الواحد من باب القدر المتيقّن التفصيلى
بل من باب القدر المشترك الاجمالى فيبنى على الاشتراك من باب تقديم الاثبات على
النفى الّا انّه يعارض بغلبة المجاز على الاشتراك ويبنى على المجاز لكون الظنّ
المستفاد من الغلبة من باب الظنّ الشخصى بالاضافة الى الظنّ المستفاد من الاثبات
فى تعارضه مع النّفى كما انه لو اختلف فى كون اللفظ موضوعا للاخصّ او الاعمّ لا
يكون الاخصّ هو القدر المتيقّن بل لا مجال لاختفاء الحال لوضوح انّه بناء على
الوضع للاعمّ لا يكون الاخصّ موضوعا له بل هو داخل فى الموضوع له والقدر المتيقن
هنا لا بدّ ان يكون متيقّنا فى كونه موضوعا له وبعد هذا اقول انه يمكن ان يقال انّ
التّرجيح بالقدر المتيقن معارض بتقدم الأثبات على النّفى كما هو من الاحاديث
المشهورة والمنشأ ان الاثبات ادخل فى الظنّ لكونه ابعد من الاشتباه اذ خيال الوجود
فى المعدوم ابعد عن الاشتباه من خيال العدم فى الوجود كما يستفاد من كلام العضدى
فى بحث الاستصحاب بل الخطاء فى الوجود اغلب من الخطاء فى العدم بمراتب كثيرة اذ
اكثر ما يقع انّما هو الغفلة عن الوجود وامّا الغفلة عن العدم فهى نادرة ومن ذلك
القول بالاشتراك فى اختلاف كلمات اللغويّين بالعموم والخصوص المطلق او العموم
والخصوص من وجه وان كان القول بالوضع للاعمين فى الاختلاف بالعموم والخصوص من وجه
ليس بالوجه لان المقصود به الوضع على سبيل الاشتراك المعنوى كان يقال الصّعيد
موضوع لمطلق وجه الارض وهذا لو تم فيما لو كان فى البين قدر مشترك ذاتى كما فى
المثال المذكور لكنه لا يتم فيما يلزم جعل الموضوع له هو ما اشتمل على احد الامرين
كان يقال الغناء موضوع للصّوت المطرب او المرجع او جعل الموضوع له احد الامرين
نظير ما وقع ممن جعل مادّة الامر موضوعة للقدر المشترك بين القول والفعل حيث جعل
الموضوع له مفهوم احدهما كما هو المصرّح به فى الاستدلال عليه على ما فى كلام
العضدى اذ كل من الوجهين ولا سيّما الاخير قليل النّظير بل فاقد المثال وكذا تقديم
الزّيادة على النقيصة فى تعارض الخبرين من الراوى الواحد او الراوى المتعدّد وان
لا يتم هذا على اطلاقه اذ لو كان الزّيادة من باب التكرار فالظّاهر تقديم النقيصة
لندرة التكرار وربما حكم العلّامة فى المنتهى عند الكلام فى رواية محمّد بن
إسماعيل الواردة فى باب المذى بانّ تقديم الزّيادة انّما يتم اذا لم يكن موجبة
لتغيّر معنى سائر الألفاظ كلا او بعضا وحكم باطّراد التقديم فيما لو كانت الزّيادة
من باب التفسير بملاحظة ان التفسير غير التّغيير واستحسن كلام شيخنا البهائى فى
الحبل المتين وجرى عليه فى المشارق لكنك خبير بان مقتضى حركة الظنّ الى جانب
الآيات تقديمه ولو كانت الزّيادة موجبة لتغيّر المعنى وارتكاب خلاف الظّاهر وان
التفسير من باب التغيير لو كان من باب بيان خلاف الظّاهر كما هو المفروض لا بيان
الاجمال كيف لا والقرينة الصّارفة معروفة والقرينة من باب التّفسير والمدار فى
الصّرف على التّغيير الّا ان يقال ان تقديم الأثبات على النفى انّما يتاتى فيما
يحتاج الى الفحص والاستقراء ومن هذا تقديم القول بالاشتراك على القول باتحاد
المعنى لو لم يكن غلبة المجاز لرجوع الامر الى الاختلاف بالنّفى والاثبات فى احد
__________________
المعنيين وكذا تقديم القول بالوضع للاعم على القول بالوضع للاخصّ لرجوع
الاختلاف الى الاختلاف فى مقدّمات القول بالوضع للاعم والقول بالوضع للاخصّ بنفى
الاستعمال فى الاخصّ الآخر واثبات الاستعمال فيه على ما حرّرناه فى بعض فوائدنا بل
يتاتّى تقديم الاثبات على النفى فى كل مورد كان الاثبات فيه ابعد عن الاشتباه وان
لم يحتجّ الى الفحص والاستقراء كما لو قال قائل صلى فلان اول الظهر ونفيه آخر على
ما يترجح فى النظر فى الحال لكن كان الراجح فى النظر فى سوابق الاحوال عدم تقديم
الاثبات على النفى فى هذه الصّورة ومن قبيل ذلك تقديم الزّيادة على النقيصة لكن لا
عبرة بالظن المستفاد من الاثبات فى المقام لفرض عدم ثبوت عدم اعتباره فلا وجه
لتقديم الاثبات على النفى هنا بل مدرك تقديم الاثبات على النّفى اعنى كون الاثبات
ادخل فى الظنّ وابعد من الاشتباه يختصّ بما يداخل فبه الحس ولو فى الجملة فالمدرك
المذكور غير واف بتقديم الاثبات فى المسائل الاجتهاديّة الأصولية كما هو فى المقام
او الفقهيّة وكذا فى المسائل العقلية فليس كون المدار فى حجية مطلق الظنّ على
حجيّة ما عدا الظّنون المخصوصة ممّا لم يثبت عدم اعتباره موجبا لترجيح القول بحجية
مطلق الظنّ وان قلت فعلى ذلك لا يتاتى تقديم الاثبات على النفى فى باب الاوضاع
لابتناء معرفتها على الاجتهاد قلت ان معرفة الموضوع له وان تكون بالاجتهاد إلّا
انه مبنى على الاستعمال والحس دخيل فى معرفة الاستعمال ولو فى الجملة لابتناء
المعرفة على سماع الالفاظ او مشاهدتها فى الأوراق بخلاف المسائل الاصولية
والفقهيّة والعقلية فانه لا مدخل فيها للحس راسا فلا يتاتى تقديم الاثبات فيها على
النفى وأمّا الثاني فنقول ان الظنون المخصوصة لا يلزم كونها اقوى لا شخصا بل ولا
نوعا الّا ان يقال انه يتمّ الامر بعدم القول بالفصل او كان الغرض كونها اقوى شخصا
اذ المفروض اقتضاء الدّليل اعنى قوّة الظنّ جواز العمل بالظنّ الاقوى وعلى ذلك
المنوال الحال فى جميع موارد اتمام الامر بعدم القول بالفصل حيث انه يكون بعض
الافراد مورد الدّليل على الحكم فيبنى فيه على اطراد المشار اليه وسائر الافراد
يكون خاليا عن الدليل على خلاف ذلك الحكم فيبنى على اطراد ذلك الحكم فيه ولا مجال
لانها فى الفرد الحاوى للدّليل بالفرد الخالى عن الدليل كما فى امثال المقام نعم
لو كان بعض الافراد مورد دليل على حكم وكان بعض آخر من الافراد مورد دليل على حكم
مضاد لذلك الحكم فلا مجال لالحاق احد الفردين بالآخر وان قلت انه يمكن فيها والقول
بالفصل بان يقال انّه يبنى فى الخبر المفيد للظن الغير الاقوى على عدم اعتباره
عملا بالاصل وهو الدّليل على عدم اعتبار ذلك ويلحق بذلك الخبر المفيد للظنّ الاقوى
قلت ان الاصل بعد اصالته من قبيل العام المخصّص بالمجمل فلا عبرة به وبوجه آخر لا
مجال المقلب لان عدم جواز العمل بالخبر الواحد المفيد للظن الغير الاقوى يستلزم
عدم جواز العمل بسائر افراد الظنّ لعدم القول فى الامة بجواز العمل بالشّهرة مثلا
دون خبر الواحد فمقتضى ثبوت حجية الظنّ فى الجملة جواز العمل بخبر الواحد المفيد
للظنّ الاقوى فيلحق به خبر الواحد المفيد للظنّ الغير الاقوى لعدم القول بالفصل
لكن نقول انه لا اعتبار بتتالى الفتاوى عندى غالبا فكيف الحال فى عدم القول بالفصل
ولا سيّما مع اختصاص التعرّض لحجية الظنّ بالاواخر مضافا الى انّ عدم القول بالفصل
لا يجرى فيما قبل تتالى الفتاوى الا ان يتمسّك بعدم القول بالفصل لكنه ينقدح بما
سمعت نعم يمكن دعوى عدم الفرق بين الخبر المفيد للظن الاقوى والخبر المفيد للظن
الغير الاقوى وكذا عدم الفرق بين ما قبل تتالى الفتاوى وما بعده لكن عدم الفرق
الاخير غير ثابت فتدبّر والآخر محلّ المنع ومع ذلك يمكن ان يقال انّ بعض افراد
الشهرة يفيد الظنّ الاقوى فيكون حجّة ويلحق بها ما يفيد الظنّ الغير الاقوى من
افراد الشّهرة وكذا سائر الظّنون المشكوكة الاعتبار بناء على عدم ثبوت ما يفيد
الظنّ الاقوى فيها والّا فما يفيد الظنّ الاقوى من بعض الانواع يكون حجّة ويلحق به
ما يفيد الظنّ الغير الاقوى من هذا النّوع فلا يثبت حجيّة الظنون الخاصّة لكنه
يندفع بما سمعت من عدم القول فى الامّة بجواز العمل بالشّهرة ومع ذلك لو وقع التّعارض بين خبر الواحد والشّهرة مثلا
لا مجال لكون الظنّ المستفاد من خبر الواحد اقوى من الظنّ الحاصل من الشّهرة لو
كان المقصود بكون الظّنون الخاصّة اقوى ظنّا هو الأقوائية شخصا اذ مقتضى الاقوائية
شركة غير الظّنون الخاصّة معها فى افادة الظنّ قضيّة ان تفصيل الشيء على الشيء فى
الشيء يقتضى شركة الشّيئين فى اصل الشيء ولا خفاء فى امتناع الظنّ بطرفى النقيض
فلا يخلو الحال اما ان يحصل الظنّ القوىّ او الغير القوىّ من خبر الواحد او يحصل
__________________
الظن من الشهرة قويا او غير قوى او يتطرق الشك والقائل بحجيّة الظنون
الخاصة يعمل بالاصل فى الصورتين الاخيرتين ولا كلام هنا معه لكنه يعمل بالظن
المستفاد من خبر الواحد فى الصّورة الاولى ولا يتاتى فيها الترجيح باقوائية الظنّ
لكون الامر من باب اجتماع المظنون والموهوم لا اجتماع الظنّ الاقوى والظنّ الأضعف
لامتناع الظنّ بطرفى النقيض كما سمعت نعم لا يتجه المحذور المذكور فى صورة خلو
الظنّ المستفاد من خبر الواحد عن معارضة مثل الشّهرة اللهمّ الّا ان يتمسّك فى دفع
المحذور المذكور بعدم القول بالفصل فى حجية الظنّ المستفاد من خبر الواحد بين صورة
الخلو عن المعارضة بمثل الشّهرة وصورة المعارضة بمثلها لكن يظهر ضعف التمسّك بعدم
القول بالفصل بما تقدم ومع ذلك غاية الامر فى صورة اقوائية الظنّ شخصا بناء على كون
الغرض من اقوائية الظنّ هو الاقوائية شخصا انما هى الظنّ بالحجية ولا دليل على
اعتباره فوجوده كالعدم ومع ذلك نقطع بثبوت التقييد والتخصيص والمعارض للخبر المفيد
للظنّ الاقوى بين سائر افراد الخبر وسائر اقسام الظنّ فلا يتم اعتبار ذلك على
الاطلاق إلّا ان يقال انا نقول باعتبار سائر افراد الخبر من باب عدم القول بالفصل
فلا بدّ من التقييد والتخصيص ومعاملة التعارض لكن نقول انه لا اعتبار بعدم القول
بالفصل مع ان القطع بوجود المقيّد والمخصّص فى سائر اقسام الظن بحاله ومع ذلك انما
يتم ذلك الوجه فى صرف دليل الانسداد وهو عمدة ادلة حجيّة الظنّ لو كان المدار فى
القول بحجيّة مطلق الظن على انشاء العقل واما لو كان المدار على كشف العقل عن
حجيّة مطلق الظنّ فى الواقع ويظهر الفرق بين الوجهين بما ياتى فى دليل الانسداد
فغاية الامر الاولوية لا اللّزوم فلا يتمّ صرف الاجمال لعدم ثبوت ملاحظة تقديم
الظنّ الاقوى من الشارع المقدس فى الشّريعة بل ثبوت العدم بناء على حجيّة الظنون
الخاصّة كيف لا والاستقراء مثلا فى مواقع الاجماع وكذا فى موارد الأخبار بناء على
ابتناء حجية الاستقراء فى موارد الاخبار كالاستقراء فى مواقع الاجماع على حجيّة
مطلق الظنّ بعدم انتهاض ادخال الاستقراء فى موارد الاخبار فى دلالة الإشارة يكون
الظنّ الحاصل منه اقوى من الظنّ الحاصل من خبر الواحد مع عدم اعتباره كما انه لا
اعتبار بشهادة الفاسقين ولو كان الظنّ الحاصل من شهادتهما اقوى من الظنّ الحاصل من
شهادة العدلين بان كان الوثوق على شهادتهما ازيد بملاحظة شدة فطانتهما اللهمّ إلّا
ان يقال ان الأولويّة تكفى فى الصّرف ولا يلزم اللزوم بل لا معنى للزوم اذ المقصود
باللّزوم لا بدّ ان يكون هو لزوم الاقتصار والّا فلزوم اصل العمل بالظنّ فى الجملة
يثبت بدليل الانسداد فرضا وهو يكفى فى لزوم العمل بالظنون الخاصّة فى الجملة لعدم
احتمال لزوم العمل بما عدا الظنون الخاصّة دون الظنون الخاصّة والمرجح لا مفهوم له
حتى يفيد لزوم الاقتصار فلا مجال لتحقق اللزوم ومع ذلك مزيدا لقوّة قد يرتفع
بمعارضة مشكوك الاعتبار على وجه التخصيص او التقييد او المبانية او العموم والخصوص
من وجه بل قد يرتفع اصل الظنّ بواسطة المعارضة المذكورة فيتادى الامر الى الشك او
يكون القوّة فى جانب المعارض المذكور إلّا ان يقال ان الغرض الاقوائية فى النوع
لكن نقول انه لا جدوى فى الاقوائية فى النّوع بعد تسليمها فى الخبر الصّحيح على
الأصحّ وفى غيره بلا اشكال اذ لم يكتف احد بالظن النّوعى فى الخبر الموثق او الحسن
والقوى بكفالة منطوق آية النبإ مئونة الدلالة على حجيتها إلّا ان يقال ان اختصاص
اعتبار الظنّ النّوعى على القول به بالخبر الصّحيح انما يتم فى الظنّ بالصّدور
وامّا الظنّ بالدلالة فلا يختصّ اعتباره نوعا على القول بالخبر الصحيح بل يعم
اخواته المذكورة كما انه يعم لظاهر الكتاب بلا ارتياب وامّا الثالث فلا يتم بشيء
من وجيهة امّا الاول فبعد عدم الوثوق بالشّهرة عندى غالبا لعدم ثبوت شهرة القول
بحجيّة الظنون الخاصّة وان عد السّيّد السّند النجفى القول بحجية مطلق الظنّ خارجا
عن المذهب كيف لا وقد حكى العلّامة البهبهانى فى رسالته الاستصحابية الاجماع على
القول بحجية مطلق الظنّ وان حكى فى بعض تحقيقاته ان اجماع المسلمين على ان الظنّ
فى نفسه ليس بحجة ولذا كلّ من يقول بحجية ظنّ يقول بدليل فان تمّ والا فينكرونه
ويقال بعدم الحجيّة وذكر فى بعض آخر من تحقيقاته ان الاصل عدم حجيّة الظنّ وهو
محلّ اتفاق جميع ارباب المعقول والمنقول بعض اذ كلّ من قال بحجيّة ظن قال بدليل
اتى به ونسب المحقّق القمى فى بحث اخبار الآحاد من القوانين القول بحجية مطلق
الظنّ الى طريقة الاصحاب ونسبه فى بحث الاجتهاد الى جل العلماء والفحول وذكر فى
بحث الاجتهاد ايضا ان المستفاد من الاخبار والفتاوى والاعتبار هو ان العمل
بالاخبار لاجل انها مخبرة عن الامام وكاشفة عن مراد الملك العلّام اخبارا
ظنيا وكشفا راجحيا ونسبه بعض الفحول الى طريقة الاصحاب وان كان جملة من كلماتهم
تنافى ذلك وامّا الثانى ففيه دعويان مندرجتان اما الدّعوى الاولى فهى لو ثبت غاية
مقصود ارباب الظنون الخاصة لكنها لا تثبت وهى لهم غاية المرام والمراد لكن دون
ثبوتها خرط القتاد
واها لليلى ثم واها واها
|
|
هى المنى لو اننا نلناها
|
ولو انت تسعى اثرها الف حجة
|
|
وقد جاوز الطبيين منك خرام
|
رجعت وقد ضلت مساعيك كلها
|
|
بخفى حنين لا تزال تلام
|
قوله وقد جاوز
الطبيين منك خرام الحزام ما يشد به الدابة وأما قوله الطبيين فهو مثنى الطبى قال
فى القاموس الطبى بالضّمّ والكسر حلمات الضّرع التى من خف وظاف وحافر وسباع وليته
قال من ذات خف وظلف وحافر والسّباع على هذا معطوف على المضاف اعنى الذات لا المضاف
كما فى الظلف وكذا الحافر بناء على كون المعطوف اللاحق معطوفا على ما عطف عليه
المعطوف عليه السّابق ثم قال كذلك وجاوز الحرام الطبيين اشتد الامر وتفاقم وفى
المصباح الطبى لذات الخف والظّلف كالثدى للمرأة والجمع اطباء مثل قفل واقفال ويطلق
قليلا لذات الحافر والسباع وذكر فى المجمع ان الطبى للحافر والسّباع كالضّرع
لغيرها وليته قال لذات الحافر والسّباع على هذا معطوف ايضا على المضاف لا المضاف
اليه وذكر فى ذلك ان من امثلتهم وجاوز الحزام الطبيين قال وهو كناية عن المبالغة
فى مجاوزة الحدّ فى الشر والاذى لان الحرام اذا انتهى الى الطبيين فقد انتهى الى
ابعد غاياته فكيف اذا جاوزه اقول ان مقتضى عبارة القاموس كون الطبى حلمة الضّرع
والحلمة هى الحبة على راس الثّدى للمراة وراس الثندوة للرّجل على ما ذكره فى
المصباح والثندوة للرّجل بمنزلة الثدى للمراة على بعض الاقوال المذكورة فى المصباح
وهو المقصود هنا وذكر فيه ان الثندوة وزنها فنعلة بضمّ الفاء والعين وحكى عن بعض
ان النون اصلية والواو زائدة فوزنها فعلوة وحكى عن رؤبة انه كان يهمزها وعن ابى
عبيد ان عامة العرب لا يهمزها وعن البارع ضم التاء مع الهمزة وفتح التاء مع الواو
ومقتضى عبارة المصباح ان الطبى مثل الثدى للمراة وكذا الحال فى عبارة المجمع حيث
ان مقتضى صريحها ان الضّرع لذات الظلف كالثدى للمراة ومقتضى عبارة القاموس اطّراد
الطبى فى ذات الخف والظلف والحافر والسّباع ومقتضى عبارة المجمع اختصاصه بالاول
والاخير ومقتضى عبارة المصباح كون استعماله فى الاوّل والأخير كثيرا وفى الاوسطين
قليلا وبالجملة قول الشاعر منك غير مناسب اذ مقتضاه كون المخاطب مشتملا على
الطبيين وفساده ظاهر اللهمّ الّا ان يكون الغرض تجاوز الحزام عن الطبيين فيما كان
فى يد المخاطب من باب كفاية ادنى الملابسة فى الاضافة لكنه بعيد قوله نجفى حنين
هذا مثل معروف قال فى الصّحاح وقولهم رجع بخفى حنين قال ابن السّكيت عن ابى
اليقظان كان حنين رجلا شديدا ادّعى انّه ابن اسد بن هاشم بن عبد مناف فاتى عبد المطلب
وعليه خفان احمران فقال يا عم انا ابن اسد بن هاشم فقال عبد المطلب لا وثياب هاشم
ما اعرف شمائل هاشم فيك فارجع فقال رجع حنين بخفيه وقال غيره هو اسم اسكاف من اهل
الحيرة ساومه اعرابى بخفين ولم يشترهما فغاظه ذلك وعلق احد الخفين فى طريقه وتقدّم
فطرح الآخر وكمن له وجاء الاعرابى فرأى احد الخفين فقال ما اشبه هذا بخفى حنين لو
كان معه آخر لاشتريته فتقدّم وراى الخف الثّانى مطروحا فى الطريق فنزل وعقل بعيره
ورجع الى الاول فذهب الاسكاف براحلته رجاء الى الحىّ بخفى حنين واقتصر فى القاموس
على الوجه الثانى من الوجهين المذكورين فى الصّحاح واقتصر فى المجمع على نقل الوجه
الاول منهما عن ابن السكيت عن ابى اليقظان وبما سمعت من الوجهين يظهر ان المناسب
على الوجه الاوّل ان يقال رجع حنين بخفيه والمناسب على الوجه الثانى ان يقال رجع
بخفي حنين كما هو المعروف ويشبه النكرى المذكورة فى الوجه الثانى ما نقل من انّه
ذهب شخص الى دكان ليشترى شيئا فجلس على سطح مرتفع فى قرب الدكّان فسقط احدى حذائيه
ولم يستشعر به فسرقها سارق فلما قام الشخص المشترى تفطن بفقدان احدى حذائيه فذهب
الى حذاء اعنى صانع الحذاء واعطاه احدى حذائيه ليصنع له مثلها واعطاه درهما مثلا
من باب بعض الاجرة وكان سارق احدى الحذائين يمشى فى الطّريق بحيث اطلع على ما وقع
فلمّا ذهب صاحب احدى الحذائين جاء السّارق الى الحذاء وقال له انّ صاحب احدى
الحذائين قال وجدت احدى الحذائين المفقودة وهى هذه ردّ ما عندك من احدى الحذائين
والدّرهم واخذهما وعنده الحذاء الاخرى قضيّة السّرقة وببالى ان صاحب نفايس الفنون
ذكر عند الكلام فى التّدابير المعمولة فى اخذ الفيل من جانب نفسه او نقلا عن الغير
انه لا دفع
لشرور الانسان الا موته وانه لحق اليقين وبالجملة لم تثبت ولا تثبت تلك
الدّعوى ولا سيّما بالنّسبة الى ما كان مدرك حجيّة الاجماع كحجية ظواهر الكتاب كيف
لا ولا باس باظهار حجية بعض افراد الظنّ مع كون الحجيّة من جهة حجية مطلق الظنّ لا
من جهة الخصوصيّة وان امكن كون الحجيّة من جهة الخصوصيّة نظير انه لو قيل اكرم
زيدا وقيل اكرم عمروا مع كون زيد وعمرو من العلماء يمكن ان يكون الامر باكرام زيد
وعمرو من جهة الخصوصيّة ويمكن ان يكون الامر بالاكرام من جهة العلم ولا باس
بالثّانى من هذا الباب دلالة الاستقراء التّام علما والاستقراء الناقص ظنّا او
علما لو كان متاخما للاستقراء التام بل متباعدا عنه بدرجات وقد حرّرنا الحال فى
محله على عموم الحكم والغاء الخصوصيّة ويتفرّع على الاوّل وجوب اكرام من عدا زيد
وعمرو من العلماء ويتفرّع على الثانى اختصاص وجوب الاكرام بزيد وعمرو كما انه
يتفرّع على كون مفاد ما دلّ على حجية الظنون الخاصّة هو الحجية من حيث الخصوصيّة
عدم اطراد الحجيّة فيما عدا الظّنون المشار اليها بخلاف ما لو كان المفاد هو
الحجيّة من جهة الظنّ فانه يتفرع عليه حجيّة سائر افراد الظنّ من مشكوك الاعتبار
وموهوم الاعتبار ويرشد اليه ما ذكره ارباب القول بحجية منصوص العلّة نحو حرمت
الخمر لاسكارها من ان العلّة هى مجرّد الاسكار من دون مداخلة الخصوصيّة الخمريّة
مع كون المفروض اضافة الاسكار الى الخمر وان كان ذلك بمعاونة مقام التّعليل بل جعل
العلّامة فى النهاية مثل المشار اليه بالخصوص مورد النّزاع فى باب منصوص العلّة
واخرج مثل حرمت الخمر للاسكار عن مورد النّزاع بدعوى الاتفاق المثل على عمومه
ونظير ما ذكرناه هنا ما حرّرناه فى بحث الاستصحاب من جريان الاستصحاب فى باب
الاستحالة نظرا الى انه لو قيل الكلب نجس فغاية الامر فيه الدّلالة على نجاسة
الجسم المخصوص الباقية حال انقلاب الكلب الى الملح بالوقوع فى المملحة وبعبارة
اخرى غاية الامر الدّلالة على كون النجاسة حال صدق الاسم واما كونه بشرط صدق الاسم
فلا دلالة فى العبارة عليه وبعبارة ثالثة لا مفهوم للعبارة المذكورة ولو كانت دالة
على كون النّجاسة من جهة صدق الاسم لكان مقتضى مفهومه عدم استناد النجاسة الى
الجسميّة الخاصّة فمقتضاه طهارة الملح المنقلب اليه من باب اقتضاء المفهوم الحكم
المخالف فى جانب الطّول ففى مقامنا لو كان ادلّة حجية خبر الواحد دالّة على كون
حجيتها من حيث الخصوصيّة لكان مقتضاه عدم الحجيّة من جهة حجيّة مطلق الظنّ فيقتضى
عدم حجيّة ما عدا خبر الواحد من الظّنون التى لم يثبت عدم حجيتها واقتضاء عدم الحجية
من جهة مطلق الظنّ من باب مفهوم القيد بناء على دلالة القيد الغير الملفوظ على
المفهوم وقد حرّرنا الكلام فى محلّه نعم لو قيل خبر الواحد حجة من حيث خصوصيّة
يكون حيثية الخصوصيّة من باب القيد الملفوظ وربما يتوهّم انه يقتضى فيه عدم حجيّة
ما عدا خبر الواحد من الظنون الخاصّة ولا بدّ من اخراجها إلّا انه مدفوع بانه لا
منافاة بين اشتمال خبر الواحد على خصوصيّة مقتضية للحجيّة والدلالة على عدم حجيّة
ظن آخر من حيث خصوصيّة اخرى من باب مفهوم اللّقب حيث انه لو قيل خبر الواحد حجّة
من حيث خصوصيّة يكون الدّلالة على عدم حجيّة ظن آخر من حيث خصوصيّة اخرى ناشية من
حيث اضافة الخصوصيّة الى خبر الواحد وخبر الواحد من باب اللقب وان قلت انّه لو
اقتضى ما دل على حجية خبر الواحد بناء على دلالته على الحجية من حيث الخصوصيّة عدم
حجيّة الظّنون الّتى لم يثبت عدم اعتبارها لما كانت مشكوك الاعتبار بل كان
اعتبارها مظنونا قلت ان الشك مع قطع النظر عن مفهوم دليل حجيّة خبر الواحد بناء
على ما ذكرناه والّا فيرجع الامر الى الظنّ بعدم الحجيّة بالأخرة والامر من قبيل
ما يقال المشكوك فيه يلحق بالاعم الاغلب وكذا دفع الجزئية والمانعيّة المشكوك فيها
بظاهر الاطلاق لرجوع الامر فى كل من المرحلتين الى الظنّ وقد تقدّم كثير ممّا
ذكرنا لكن الاعادة من جهة تمام الاهتمام فى اتمام الكلام والابرام فى المرام فى
المقام واما الدّعوى الاخيرة فهى مورد وجوه من الكلام فاولا لان الآيات التى استدل
بها على اعتبار خبر الواحد لا يتم الاستدلال بها على اعتبار خبر الواحد وامّا
الاخبار فلا يتم الاستدلال بها على ذلك ما لم تكن متواترة وعلى تقدير التّواتر لا
تكون وافية باعتبار جميع الاخبار والخمسة المعروفة اعنى الصحيح والموثق والحسن
والقوى والضّعيف المنجبر بالشّهرة اذ غاية امرها الدلالة على حجيّة خبر الواحد فى
الجملة قبال السّلب الكلى من القائلين بعدم حجيّة خبر الواحد والقدر المتيقن منها
الصّحيح مع ان الصّحيح يكون مخصّصات لعموماته ومقيّدات لاطلاقاته فى اخواته فضلا
عن غير الخبر ولا اعتبار بالعمومات والاطلاقات المشار اليها كما تقدّم على ان
الصّحيح لا يكفى بناء على عدم كفاية الظّنون الخاصّة وسيأتى الكلام
فى الباب وامّا الاجماع فمن الواضح عدم قيام الاجماع المحقق على اعتبار ما
عدا الصّحيح بعد قيام الاجماع على اعتبار الصّحيح واما الاجماع المنقول فبعد عدم
الوثوق بنقل الاجماع عندى غالبا وعدم اعتباره فى المقام ما لم يبلغ حدّ التّواتر
انّما وقع على اعتبار خبر الواحد فى الجملة او وقع على اعتبار بعض اقسام الخبر من
بعض الرّجال كنقل اجماع الاصحاب من جماعة على العمل بمراسيل البزنطى او على اعتبار
اخبار بعض رجال بعض اقسام الخبر كنقل اجماع الطّائفة من الشيخ على العمل باخبار
الفطحية وغيرهم وان كان الظاهر ان المقصود بالطائفة هو اصحابنا المعاصرون للائمة
اذ لم يمض قبل الشيخ من الفقهاء حد معتدّ به يجدى فى نقل الاجماع وثانيا لان
الحجية الاجماليّة انّما تنفع فى التّرجيح لو ثبت لها المفهوم اذ المدار فى
التّرجيح على التّعيين كما ياتى قريبا وبعيدا ولا يتاتى التّعيين بدون نفى الغير
ومن الواضح انه لا مفهوم للحجيّة الاجماليّة لامكان حجيّة خبر الواحد ح من حيث
الطّبيعة بناء على سراية الحجية من الطّبيعة الى الفرد فيمكن حجية الظّنون المشكوك
اعتبارها فلما لم يتات التّرجيح فيتاتى التساوى بين الظّنون فيتاتى حجية مطلق
الظنّ إلّا ان يقال ان غاية ما يتاتى مما ذكر عدم وجود المرجّح الاجتهادى وهو لا
يكفى فى اعتبار الظنّ بل لا بدّ من عدم الترجيح فى مقام العمل والترجيح فى مقام
العمل انّما يتاتى بمداخلة اصالة عدم حجيّة الظنّ او اصالة حرمة العمل به فاعتبار
حجية مطلق الظنّ مبنى على عدم تاتى اصالة عدم الحجيّة او اصالة حرمة العمل بالظن
فى الظنون المشكوك فيها لكن نقول انه لا مفهوم للمرجح فرضا وسيأتي عدم اعتبار
اصالة العدم وكذا عدم اعتبار اصالة حرمة العمل بالظن فلزوم الاقتصار على الظنون
الخاصّة يحتاج الى الدّليل ولا دليل بالفرض فلا يتم لزوم الاقتصار على الظّنون
الخاصّة فيتاتى اعتبار مطلق الظن إلّا ان يقال ان لزوم الاقتصار على الظّنون
الخاصّة وان لا دليل عليها لكن لا دليل ايضا على وجوب العمل بالظّنون المشكوك فيها
والاصل براءة الذمّة لكن جواز العمل بالظن بمعنى تساوى الطّرفين بحيث يكون المجتهد
مختارا بحسب الميل فى الفتوى بالوجوب او الإباحة مثلا فى غاية البعد بل خلاف
الاجماع الّا ان يقال انه لا بعد فى ذلك كيف لا وفى تعارض الخبرين يكون المجتهد بل
المقلّد على المشهور نقلا مختارا بحسب الميل فى الجريان على احد الخبرين الّا ان
يقال ان فى تعارض الخبرين بكون الاختيار بين الحجّتين وامّا فى المقام فيكون
الحجيّة منوطة باختيار المجتهد مع ان الامر فى تعارض الخبرين من باب الوجوب
التخييرى ولا بعد فيه والامر فى المقام من باب صرف الجواز والبعد فيه شديد الّا ان
يقال بعد الاغماض عن ابتناء دعوى كون الاختيار فى تعارض الخبرين بين الحجّتين على
اعتبار الظّنون الخاصّة من باب الظنّ النّوعى وان ياتى عدم ارتباط تعارض الخبرين
بالظن النّوعى انه لا باس بكون الاختيار فى المقام بين الحجّتين ايضا بان يكون كلّ
من الظنّ والاصل حجة لكن يجوز للمجتهد اختيار العمل باحدهما كيف لا واناطة الحجة
باختيار المجتهد يستلزم التّصويب وهو غير معقول ويمكن ان يقال ان مقتضى اصل
البراءة عدم الوجوب النّفسى والحرمة النفسيّة فى العمل بالظنّ فالظنّ وجوده كعدمه
وحكمه حكم الشكّ فى موارد الشك فى التكليف والشكّ فى المكلّف به فمن عدم لزوم
الاقتصار على الظّنون الخاصّة بحكم اصل البراءة لا يتاتى جوار القناعة بالصّلاة
بدون ما قام الشّهرة على وجوبه بناء على وجوب الاحتياط فى الشكّ فى المكلّف به
وثالثا لان الحجيّة الاجماليّة انما تنفع لو لم نقل بانتفاء احتمال الحجيّة من حيث
الخصوصيّة كيف لا وقد تقدّم انّ المحقّق القمّى قد ادّعى انه انتقال الشّارع اعمل
بخبر الواحد فكانه قال اعمل بالظن لا بالظن الحاصل من خبر الواحد لانّه خبر الواحد
بل الظّاهر بل بلا اشكال او لم يجعل طريق مخصوص لاستفادة الأحكام الشرعيّة لا فى
هذه الشّريعة ولا فى سائر الشّرائع كما تقدّم بل جعل الطّريق خلاف طريقة عموم
المطاعين بالنّسبة الى المطيعين حيث ان احدا من المطاعين لم يجعل من بدو الخلقة
ولا يجعل الى يوم القيمة طريقا للمطيعين فى باب استيفاء المقاصد من العلم او الظنّ
او غيرهما وامّا الطّرق العادية كطريق اشتراء اللّحم من السّوق مثلا فليس الاعلام
بها من المطاع من باب جعل الطّريق كما لا يخفى بل لو جعل الطّريق للاحكام فى هذه
الشّريعة لاشتهر غاية الاشتهار بل لا يجوز عاقل ان يكون خبر الواحد طريقا مجعولا
للاحكام بتوسّط آية النبإ تبعا لاظهار الغرض المتعلّق بواقعة بنى المصطلق مع خروج
مورد الآية عن منطوق الآية ومفهومها بل جعل الطّريق يقتضى الإغماض عن الواقع وهو
يشبه التّصويب وقد تقدّم مزيد الكلام بما لا مزيد عليه فينحصر امر الحجيّة فى كونه
من باب بعض اظهار بعض افراد العام ولا سيّما لو كان مدرك الحجيّة
هو الاجماع اذ لا يتصوّر ان يجعل الطريق ولم يكن اثر من الجعل فى الكتاب
ولا فى السنّة وثبت الجعل بالاجماع ورابعا ان الحجية الاجماليّة لا تنفع لو قلنا
بعدم كفاية الظنون الخاصة وسيأتي شرح الحال وقد ظهر بما ذكرنا ان الدّعوى المشار
اليها لا تتم كما هو مقتضى الوجه الاول والثالث أو لا تنفع كما هو مقتضى الوجهين
الباقيين ويمكن ان يقال ان خبر الواحد قد استقرّ طريقة الناس على العمل به وهذا
وان كان من باب الجبلة لكن تقريره يمكن ان يكون من جهة اعتباره بالخصوص فى متن
المواقع وان لم يثبت اعتباره بالخصوص بالنص فثبت اعتبار خبر الواحد فى الجملة فلا
بدّ من الاقتصار عليه لاصالة عدم حجيّة سائر الظنون بناء على اعتبار اصالة العدم
او اصالة البراءة عن مقتضى تلك الظّنون لكن نقول انّ احتمال كون التّقرير من جهة
اعتبار خبر الواحد بالخصوص بعد كونه فى غاية البعد فيا لله من الاستدلال بذلك
المنوال وبعد ما تقدّم فى تزييف احتمال كون اعتبار خبر الواحد من حيث الخصوصيّة
مدفوع بان اقصى ما يثبت انما هو اعتبار الخبر الصّحيح وكذا الموثق لو ثبت التقرير
فيه بعد الاغماض عن العلم بوجود مخصّصات ومقيدات لعمومات الخبر الصحيح واطلاقاته
فى سائر اقسام الخبر بل غير الخبر لارتفاع الظنّ بالعموم والاطلاق ح قضيّة العلم
بمطابقة بعض المخصّصات والمقيّدات بل كثير منها بل اكثرها للواقع وقس على الخبر
الصّحيح الخبر الموثق لو ثبت التقرير فيه واين التقرير من الخبر الضّعيف المنجبر
بالشهرة وان قلت انه يثبت اعتبار الخبر الحسن والقوىّ والضّعيف المنجبر بالشّهرة
بالقطع بعدم الفرق قلت من اين يتاتى القطع بعدم الفرق مع ثبوت الخلاف فى اعتبار
الخبر الضّعيف المنجبر بالشّهرة فكيف لا يقتضى حجية ظهور الاجماع مثلا ومع جميع ما ذكر
نقول ان عدم كفاية الظنّ بالتّرجيح كلام آخر بحاله ولا راو له وياتى الكلام فيه
ومع هذا ربما يقال ان الظّنون المخصوصة على القول بحجيتها معلوم الحجية تفصيلا
وغيرها مشكوك الحجيّة والاصل عدم الحجيّة فلا يتجه اطلاق التّرجيح والمرجح فى
المقام ويضعف بانه لا بدّ فى العلم التفصيلى من احراز جميع الجهات والمفروض فى
المقام عدم ثبوت الحجيّة الّا على الوجه المردد بين حجية الظنون المشار اليها من
حيث انها هى وحجيتها من حيث حجية مطلق الظنّ فمن اين يتاتى العلم التفصيلى
بالحجيّة نعم لو ثبت حجية تلك الظنون من حيث انها هى مع انه لو ثبت حجيتها من حيث انها هى لا يكون حجيتها من
حيث انها هى معلومة الحال بل هى مظنونه وحجيتها من حيث انها هى تثبت لو ثبت بظاهر
آية النّبإ ونحوها وبعد ما مر اقول ان مرجح احد الشّيئين على الآخر لا بدّ فيه من
اقتضاء التقديم فلا بدّ فيه من اقتضاء التّعيين اذ التقديم يقتضى التعيين ولا فرق
فى ذلك بين كون الامر من باب منع الجمع كما فى الخبرين المتعارضين وكون الامر من
باب منع الخلو كما فى باب الظنون لدوران الامر بين الاخذ بالاقل والاكثر وياتى
مزيد الكلام لكن يتاتى الكلام فى باب الظّنون الخاصّة تارة فى ثبوت حجيّتها من حيث
الخصوصيّة بدليل خاص يكفل مئونة افادة الحجية من حيث الخصوصيّة كآية النبإ وغيرها
واخرى فى ثبوت حجيّتها من حيث الخصوصيّة ايضا بواسطة المرجح كما فى الخبرين
المتعارضين مع رجحان احدهما فانه يوجب حجيّة الراجح من حيث الخصوص بناء على اعتبار
الظنّ الشخصى وثالثة فى ثبوت المرجح العملى للظنون الخاصّة اى ما يعين مورد جواز
العمل فى الظّنون الخاصّة بانضمام جريان اصالة عدم حجية الظنّ واصالة حرمة العمل
به فى الظّنون المشكوك فيها امّا الاول فقد تقدّم الكلام فيه وامّا الثانى فالحق
انّ ما عدا الشّهرة من المرجّحات المتقدّمة اعنى كون الظنون الخاصّة هى القدر
المتيقن او اقوى ظنّا او ثابت الاعتبار فى الجملة لا يليق بكفالة مئونة افادة
الحجيّة من حيث الخصوصيّة اذ لا مفهوم للمرجّحات المذكورة قضيّة ان التّرجيح لا
يتمّ بدون التعيين والمدار فى التّعيين على النفى والأثبات فلا يتأتى التعيين
والتّرجيح بمجرّد الاثبات وامّا الشّهرة وان يليق بالكفالة المشار اليها لاقتضائها
النّفى والأثبات فلا يتاتى التّعيين والتّرجيح بمجرّد الأثبات واما الشّهرة لكنها
لا اعتبار بها فى الاثبات فضلا عن النفى لفرض عدم ثبوت حجيّة الظنّ المستفاد من
الشّهرة ولا سيّما فى الاصول وان قلت ان الشّهرة غير قابلة ايضا للكفالة المشار
اليها حيث انها اعمّ من كون العمل بالظّنون الخاصّة من حيث الخصوصيّة وكونها من
حيث حجيّة مطلق الظنّ لاحتمال كون عدم العمل بما عدا الظّنون الخاصّة من جهة وجود
المانع وان كان المقتضى للعمل بالظنون الخاصّة هو نفس الظنّ لا خصوصيّة خبر الواحد
مثلا قلت ان المقصود من جهة الخصوصيّة ليس خصوص خصوصيّة الاقتضاء بل ما يعم
خصوصيّة انتفاء المانع وبعبارة اخرى المقصود من جهة الخصوصيّة كون الحجيّة الظنّ
المستفاد من خبر الواحد مثلا بنفسه سواء كان هذا لاختصاص الظنّ المشار اليه
بالاقتضاء ان كان المقتضى للحجيّة هو خصوص الظنّ المتقوّم بخبر الواحد
__________________
او كان الحجيّة المشار اليها لانتفاء المانع فى الظن المستفاد من خبر
الواحد نظير ان القول بعدم عموم العلّة فى حرمت الخمر لاسكارها اما بدعوى ظهور
التّعليل فى اختصاص الخمر بالاقتضاء بكون علّة حرمة الخمر هى خصوص الاسكار
المتقوّم بالخمر او بدعوى احتمال المانع فى غير الخمر بعد تسليم عموم الاقتضاء
بكون علّة حرمة الخمر هى مطلق الاسكار وامّا الثالث فالحق انّ ما يكفل مئونة
الشّأن المشار اليه منحصر فى كون الظّنون الخاصّة هى القدر المتيقّن بالتيقّن فى
الحجيّة يتاتى الحجيّة ويتاتى نفى الحجيّة فى غير القدر المتيقّن بالاصل فيتاتى
الترجيح والتّعيين بمجموع التيقّن والاصل وامّا الشّهرة وان كانت مثبتة ونافية لكن
لا عبرة بها اثباتا فضلا عن النفى لجريان الاصل فى مورد الاثبات على حذو الجريان
فى مورد النفى لفرض عدم حجيّة الظنّ المستفاد من الشّهرة فى الحال بلا اشكال وبما
ذكر يظهر الحال فى الظنّ بالحجيّة فى الجملة واما اقوائية الظنّ فلا عبرة بها ايضا
فى الاثبات فضلا عن النّفى بناء على كون المدار فى دليل الانسداد على الكشف لعدم
ثبوت اعتبار الظنّ الاقوى فضلا عن ثبوت عدم اعتبار الظنّ الغير الاقوى فجريان
الاصل فى الظنّ الاقوى والظنّ الغير الاقوى على حد سواء لكن بناء على كون المدار
فى دليل الانسداد على الانشاء فلا اشكال فى حكم العقل بجواز العمل بالظن الاقوى
ويجرى الاصل فى الظنّ الغير الاقوى لكن سيأتى فساد دعوى كون المدار فى دليل
الانسداد على الانشاء وامّا الحجيّة الاجمالية فينقدح القدح فى التّرجيح بها فى
المقام بما تقدّم قريبا هذا ولا يذهب عليك ان الترجيح بانضمام الاصل فى المقام
مبنىّ على اعتبار اصل العدم واصالة حرمة العمل بالظنّ وياتى الكلام فى تزييفها
وبعد ما مر اقول ان الظنّ بالترجيح محقق لموضوع الحكم بالتّعيين ولا يرجع الى
التّعيين ولا بدّ فى التعيين من دليل ولا دليل غير الاصل وهو بالنّسبة الى جميع
الظنون على السّواء لفرض عدم دليل على التّعيين وفرض عدم حكم العقل بلزوم العمل
بالظنّ فى الاثبات والنّفى لو كان المرجّح مثبتا ونافيا كالشهرة او فى الاثبات لو
كان المرجّح مثبتا فقط كاقوائية الظنّ والظنّ بالحجيّة فى الجملة فوجود الظنّ
بالحجيّة فى الجملة فوجود الظنّ بالحجية فى جانب خبر الواحد كعدمه وان قلت انه لا
يحكم العقل بالعموم مع وجود الظنّ بالحجيّة فى جانب خبر الواحد قلت بعد عدم دليل
على التّعيين وجود الظنّ المذكور كعدمه كما انه لو ثبت التّعيين بدليل ظنى يتاتى
حكم العقل بالعموم لعدم اعتبار الدليل الظنّى نظير انه يعمل على القول باعتبار
الظّنون الخاصّة بالاصل مع قيام الشّهرة على خلافه ومع هذا لو قلنا بلزوم العمل
بالراجح فى تعارض الخبرين لا يلزم منه القول بجواز الترجيح هنا لاختلاف محل الظنّ
كيف لا وخبر الواحد فى باب الطّهارة مثلا والشّهرة فى باب الصّلاة بخلاف تعارض
الخبرين فان الموضوع فيه متّحد وبوجه آخر لو قلنا بلزوم العمل بالراجح فى تعارض
الخبرين بحكم العقل به بالاستقلال لا يلزم منه القول بالعمل بالرّاجح هنا لمنع حكم
العقل كيف لا وفى تعارض الخبرين يدور الامر بين المحبوبين وامّا فيما نحن فيه
فيحتمل كون العمل بالراجح مبغوضا ولو قلنا بلزوم العمل بالرّاجح فى تعارض الخبرين
من باب حكم العقل بوجوب الاحتياط فى الشكّ فى المكلّف به بناء على دوران الامر بين
الوجوب التّعيينى والوجوب التّخييرى لا دوران الامر بين اختصاص الحجيّة بالرّاجح
وعمومها للمرجوح فلو تمّ حكم العقل بوجوب الاحتياط فى الشكّ فى المكلف به فلا مجال
لحكمه بوجوب العمل بالراجح هنا اذ الامر فى تعارض الخبرين من باب الجمع والامر هنا
من باب منع الخلوّ بل وجوب الاحتياط هنا يقتضى الجمع اعنى حجية عموم الظنّ كما
استدلّ بذلك على حجيّة عموم منع الظنّ كما ياتى بناء على كون الامر فى المقام من
باب الشكّ فى المكلّف به ومع هذا انّما يكفى الظنّ فى التّرجيح لو احتمل كون
الحجيّة فى الجملة من باب الحجيّة بالخصوص ولا يتاتى هذا الاحتمال الّا فى صورة
احتمال نصب الطّريق وقد تقدّم عدم نصب الطريق المقدمة العشرون ان المثبت فى
المسألة هو القائل بحجيّة الظّنون الخاصّة لانه يدّعى فى مقام الاجتهاد جعل تلك
الظّنون طريقا للاحكام ويدّعى فى مقام العمل بعد التوقف فى مقام الاجتهاد رجحان
تلك الظّنون والقائل بحجيّة مطلق الظنّ من باب النافى لانّه ينكر الجعل فى مقام
الاجتهاد امّا بانكار اصل دلالة مثل آية النّبإ او بانكار الدّلالة على جهة
الخصوصيّة وبوجه آخر امّا بانكار الدلالة على اصل العمل او بانكار الدّلالة على
الحجيّة ويظهر الحال بما تقدّم وينكر ايضا الرّجحان فى مقام العمل فالمدار فى
حجيّة مطلق الظنّ على الخبر عن اثبات جعل الطّريق مع العجز عن اثبات الرّجحان
للظّنون الخاصّة ومن هذا انّ عدم قيام الدّليل على حجية الظّنون الخاصّة يكفى فى
القول بحجيّة مطلق الظنّ الّا انه لا بدّ من نفى الرّجحان للظّنون المشار اليها
فمرجع القول بحجيّة مطلق
الظنّ الى نفى جعل الطّريق بالمطابقة ويلزمه الاباحة اعتبار ظنون زائدة على
الظنون الخاصّة نظر ان مفاد اصل البراءة هو نفى التكليف بالمطابقة ويلزمه الاباحة
بالمعنى الاعمّ فحجيّة مطلق الظنّ نظير حجيّة اصل البراءة وهو بالنّسبة الى حجية
الظنون الخاصّة اجتهادا او عملا فى جانب الطول لا العرض فالامر صعب مستصعب على
القائل بحجيّة الظنون الخاصّة ويبطل ما ياتى به من الاستدلال تطرّق الاحتمال كما
هو شان ارباب الاستدلال فى جميع المحال بخلاف القائل بحجيّة مطلق الظنّ فان الامر
سهل عليه وربما يتراءى فى ظاهر الانظار ان القائل بحجية مطلق الظنّ من باب المثبت
بملاحظة القول منه باعتبار ظنون رائق بخلاف القائل بحجيّة الظّنون الخاصة فانه من
باب النافى لقلّة افراد الظنّ الحجّة على القول بحجيّة تلك الظنون ويظهر دفعه بما
سمعت انّه الحادية والعشرون انه قد حكى فى النّهاية الاجماع على وجوب العمل
بالترجيح والمصير الى الراجح من الدّليلين وعن المبادى ان الاجماع من الصّحابة وقع
على ترجيح بعض الاخبار على بعض وهذا الاجماع المنقول وان كان مختصا بترجيح احد
الخبرين المتعارضين لكن الفرق بين تعارض الخبرين وتعارض غير الخبرين من الامارات
مقطوع العدم وعن غاية البادى انّه اجمع الصحابة على العمل بالترجيح عند التّعارض
وعن غاية المامول ان المعهود من العلماء كالصّحابة ومن خلفهم من التابعين انّه متى
تعارضت الامارات اعتمدوا على الراجح ورفضوا المرجوح ومقتضى هذه الاجماعات المنقولة
كفاية مطلق الظنّ فى التّرجيح ولزوم العمل بالراجح لصدق الرّجحان على مجرّد كون
الظن مطلقا فى جانب احد الخبرين والدّليلين المتعارضين بل قد استظهر بعض الفحول
كرارا ومرارا الاتفاق على ان المناط فى الترجيح هو الظنّ بل قال لم يناقش احد من
الخاصة والعامة فى اعتبار الظنّ باعتبار عدم قيام دليل على حجيّة وقال الوالد
الماجد ره انّ الاصوليّين مطلقا ولو كانوا من العامّة كتبهم بين ايدينا لا يخرجون
من المرجّحات الظنّية مطلقا وهذا المقال وان كان فى حق تعارض الخبرين الّا ان
القطع بعدم الفرق قائم فى البين وقال بعض اصحابنا تتبّع كلماتهم يوجب الظنّ القوى
بل القطع بانّ بناءهم على الاخذ بكل ما يشتمل على ما يوجب اقربيته الى الصّواب
سواء كان راجعا الى نفسه او لاحتفافه بامارة توجب قوّة مضمونها وقال بعض الاعاظم
ان الاجماع معلوم من تتبّعا حوال السّلف والخلف من زمان الصحابة الى يومنا هذا فان
سيرتهم قد استمرت وطريقتهم قد استقرّت على قديم الراجح والعمل به وترك المرجوح
وهجره بحيث لو اختار واحد منهم العمل بالمرجوح؟؟؟ لانكروا عليه اشدّ الانكار
واكثروا فى حقه الذم واللوم والعتاب ولكان ذلك عندهم سخيفا من القول وباطلا من
الاجتهادية يعلم اجماعهم على ذلك علما لا يعتريه شكّ ولا ارتياب ويمكن ان يقال ان
الاجماعات المنقولة المذكورة فى مقام وجوب اصل الترجيح فى مقابل القول بالتخيير
والتّساقط لا على لزوم الاخذ بمطلق الرّاجح فالاستدلال بها على كفاية مطلق الظنّ
فى مقام الترجيح انّما هو باطلاقها واطلاقها وارد مورد الاجمال فلا مجال فيها
للاستدلال لكنه يندفع بان كلام العلّامة فى النهاية فى مقام الاستدلال على جواز
مطلق الترجيح ووجوب العمل بالراجح اذ الاستدلال على المبحوث عنه والمبحوث عنه هو
جواز مطلق التّرجيح ووجوب العمل بمطلق الراجح بشهادة تعرّضه للبحث عن التراجيح
العائدة الى الحكم كالتّرجيح بالنقل والتقرير وغيرهما وبهذا يندفع ما يقال ان
المقصود من الرّاجح من الدّليلين فى الكلام المشار اليه ما كان راجحا فى نفسه وان
كشف امر خارجى عن ذلك كعمل الاكثر الكاشف عن مرجح داخلى لا نعلمه تفصيلا مثل كون
احدهما ارجح من الآخر من حيث السّند كالاعدل والافقه والاشهر رواية او نحو هذا او من
حيث الدلالة مثل رجحان الخاصّ على العام والمجاز على الاضمار وغير ذلك فلا يدخل
فيه ما كان مضمونه مطابقا لامارة غير معتبرة كالاستقراء فالدليل اعم من المدّعى
ومع ذلك قد سمعت ان بعض الفحول قد كرّر استظهار نقل الاتفاق على ان المناط فى
الترجيح هو الظنّ والوالد الماجد ره قد حكى ان الاصوليّين لا يخرجون عن المرجحات
الظنّية مطلقا والكلام المتقدّم من بعض الاصحاب صريح فى نقل الاجماع على اعتبار
مطلق الظنّ فى الترجيح بحيث لا مجال فيه لثبوت الانكار ومع ذلك ينجبر ضعف اطلاق
كلام الباقين المحتمل لكون المقصود به نقل الاجماع على وجوب اصل التّرجيح قبال
التخيير والتّساقط بل كلام الكلّ بعد تطرّق الاحتمال المشار اليه فى كلام الكلّ
لكلماتهم المقتضية للبناء فى الترجيح على مطلق الظنّ بل يمكن تحصيل الاجماع من
كلماتهم على كفاية الظنّ فى مقام التّرجيح وان انكر اصل لزوم التّرجيح بعض الا الأخباريين
فضلا عن اختيار بعض آخر منهم الاقتصار على المرجّحات المنصوصة واختاره بعض من تاخر
من المجتهدين بتفصيل حرّرناه
مع تحرير تزييفه فى محلّه حيث انه قد استدلّ فى النّهاية والمنية على وجوب
العمل بالتّرجيح كما عن التّهذيب والمبادى وغاية المامول بانه عند الترجيح لو لم
يعمل بالراجح لزم العمل بالمرجوح وهو غير معقول وقبيح عقلا واستدل فى النّهاية على
ترجيح رواية الاعدل بان الظنّ بقوله اولى وكذا على ترجيح رواية الاعدل بان الظنّ
بقوله اولى وكذا على ترجيح رواية من كان اكثر مجالسه ومخالطة العلماء بانه يتفطن
لما لا يتفطّن له الآخر فيقوى الظنّ بخبره على الظنّ بخبر الآخر وكذا على ترجيح
رواية من روى الحديث بلفظه على رواية من روى الحديث بالمعنى بان تطرّق الخلط الى
الثّانى اكثر فالظن فيه اضعف واستدلّ فى النّهاية والمنتهى وغيرهما على ترجيح
رواية الافقه بان احتراز الافقه من الغلط اكثر فالظن الحاصل من جانبه اقوى وكذا
على ترجيح رواية من كان من اكابر الصّحابة بان دينه يمنع عن الاقدام على الكذب
فكذا علوّ منزلته وارتفاع منصبه يمنعانه ايضا واذا تضافرت موانع الكذب كان صدقه
ارجح فى الظنّ وكذا على ترجيح رواية ما كان مرويّا بطرق متعدّدة كما نسبه الفاضل
الكاظمى الى المشهور بيننا والعلّامة البهبهانى الى الفقهاء بان الظنّ الحاصل به
اكثر من الآخر لان احتمال وقوع الغلط والكذب على العدد الاكثر اقل من احتمال وقوعه
فى العدد الاقل اذ خبر كل واحد يفيد الظنّ والظّنون المجتمعة اقوى من الواحد واستدلّ
فى المنية على ترجيح رواية من عرفت عدالته بتزكية جمع كثير على رواية من ثبت
عدالته بتزكية البعض او عدد اقلّ مع تساوى الاوصاف بان الظنّ الحاصل بعدالة الاوّل
اقوى من الظنّ بعدالة الثانى وكذا على ترجيح رواية من كان جازما بما يرويه على من
يظن بما يرويه برجحان الظن الحاصل بخبر الاول على الظن الحاصل بخبر الثانى واستدلّ
فى غاية المامول على ترجيح رواية من كان اقرب الى النّبى صلىاللهعليهوآله عند سماع الحديث على الابعد منه بان الظنّ الحاصل من
قوله اكثر واستدلّ القائل بترجيح الناقل بان الناقل له حكم العقل ويستفاد منه ما
لا يعلم الّا منه والموافق للاصل يستغنى عنه بالاصل فيغلب على الظنّ انه لا حاجة
للشّارع الى ذكره للاستغناء عنه بالاصل واستدلّ القائل بترجيح المقرّر بقوة مفاد
الدليل بالظنّ المستفاد من الاصل ومثل ما ذكر من كلماتهم ممّا يقتضى ابتناء
الترجيح على مطلق الظنّ لكثير واستدل على كفاية الظنّ فى الترجيح فى تعارض الخبرين
بعض ارباب الظنون الخاصّة بان التّسوية بين الراجح والمرجوح والتخيير بينهما قبيح
فكيف يصدر عن الحكيم المنزّه عن القبائح ألا ترى ان من توجّه الى مطلوب وكان هناك
طريقان احدهما مظنون الوصول والآخر موهوم الوصول يحكم العقل بلزوم الاخذ بالمظنون
وترك الموهوم ولو حكم احد بالتخيير بينهما وجواز الاخذ بالموهوم لذمّة العقلاء
قاطبة وكذا لو اخذ به الشخص السّالك فى سلوكه والعقل والشّرع متطابقان فيلزم ان لا
يجوز الاخذ به عند الشّارع ايضا وهو المطلوب اقول انّه قد اوردنا فى محلّه على
ادلّة لزوم الاخذ بالرّاجح وكذا على اكثر ادلّة كفاية الظنّ فى التّرجيح ورسمنا
رسالة فى الاشكال المتطرّق فى باب حصول الظنّ بالواقع فى الترجيح لاحتمال مثل
التقيّة الذى لا محيص عن حمل احد الخبرين المتعارضين عليه وان استلزم رجحان
المضمون الظنّ بمطابقة مضمون الرّاجح للواقع بخلاف رجحان الدّلالة والسّند ونأتي
بالكلام فى ذلك فى بعض التّنبيهات وعلى اىّ حال فالكلام فى كفاية الظنّ فى
التّرجيح والقول بالكفاية انما هو فى صورة كون الامر من باب منع الجمع نظير قصر
القلب كما فى الخبرين المتعارضين واما لو كان الامر من باب منع الخلوّ نظير قصر
الافراد كما فى ترجيح الظنون المخصوصة بالوجوه المتقدّمة فلا يجرى فيه ادلّة القول
بكفاية الظنّ فى التّرجيح بل يرجع امر الترجيح فيه الى القول بعدم حجيّة ما عدا
المتفق عليه اى عدم حجيّة ما عدا الظّنون المخصوصة ولا دليل على اعتبار الظنّ فى
باب عدم الحجيّة قضيّة عدم ثبوت اعتبار مطلق الظنّ واحتياج نفى الحجيّة الى حجّة
كما انّ الحجيّة تحتاج الى حجّة قضيّة ان الممكن طرفاه على السّواء وكل من طرفيه
فى الاحتياج الى الحجة على السواء فادّعاء كلّ من طرفى الممكن يحتاج الى حجّة ولا
يكفى الدّليل الغير المعتبر نعم يطلق الترجيح فى العرف فى كلّ من مورد منع الخلوّ
ومورد منع الجمع مثلا لو بنى زيد على ضيافة عمرو بكر مع امكان الجمع بين زيد وعمرو
وبكر فى الضّيافة فاضاف زيد عمروا فربما يسأل بكر عن زيد عن جهة ترجيح عمرو
بالضّيافة ومنه ترجيح الجملة الاخيرة من الجمل المتعاطفة بالاستثناء الوارد عقيب
تلك الجمل بواسطة القرب وكذا يطلق التّرجيح عرفا فى مورد منع الخلوّ مثلا لو تردّد
خالد فى اشتراء كتاب من زيد واشترائه من عمرو فلو اشترى الكتاب من زيد فربما يسأل
عمرو عن خالد عن جهة ترجيح زيد باشتراء الكتاب عنه ونظير الترّجيح التقديم فانه
ايضا يطلق فى كلّ من مورد من منع الخلو ومورد منع الجمع بل قد يطلق فى مورد الجمع
قبال التاخير كما يقال لم قدمت زيدا على عمرو فى الذكر او المجلس ونظير التّرجيح
الاختيار ايضا بل قد يقال
الاختيار ايضا فى مورد الجمع كما يقال لم اخترت زيدا على عمرو فى المجلس
عند تقديم زيد على عمرو فى الجلوس وقد روى فى البحار فى باب مكارم سيّد السجّاد
وزين العباد عليه آلاف التحيّة من رب العباد بالاسناد عن ابيعبد الله عليه السّلم
قال قال على بن الحسين عليهما السّلم ما عرض لى قط امران احدهما للدنيا والآخر للآخرة
فاثرت الدّنيا الا رايت ما اكره قبل ان امسى قوله عليه السّلم فاثرت الدّنيا يحتمل
ان يكون الغرض منه اختيار امر الدّنيا وترك امر الاخرة ويحتمل ان يكون الغرض
المسارعة الى امر الدّنيا وتاخير امر الاخرة والأوّل لظهر لكنه بعيد عن مثله عليهالسلام الا ان التّجربة تقضى بالاخير فضلا عن الاول وعلى اىّ
حال ادلة وجوب الترجيح بالظن بعد تماميتها لا تنهض فى مورد منع الخلو كما فيما نحن
فيه بصدده ومرجع الترجيح الى الظنّ الى تعيين الظنّ الحجة فى الظنون اختصار مثله
والتّعيين فيحل الى قضيّة مبنية وقضيّة منفية والقضيّة المثبتة وان لا تحتاج الى
الدليل لكفاية انعقاد الاتفاق على العمل بناء على عدم انعقاد الاتفاق على الحجية
لكن القضية المنفية تحتاج الى الدليل كما يظهر ممّا سمعت ويمكن ان يقال ان المدار
فى الترجيح فى تعارض الخبر تبيّنا على التعيين كيف لا والامر ذائر بين التعيين والتخيير
ولو لا التّعيين يتاتى التخيير المنافى الترجيح والمفروض عدم اعتبار الظنّ فى جهة
النفى المستفاد من التعيين وهى عمدة المقصود من التّعيين فى المقام فلا فرق بين
مقامنا ومقام تعارض الخبرين الا ان الراجح فى تعارض الخبرين هو المتيقن فى
الامتثال بخلاف المقام فان الراجح فيه هو المتيقن فى الوجوب لا الامتثال كيف لا
وقد استدل على وجوب العمل بعموم الظنّ فى بعض طرق تعميم حجية الظنّ اى بعض تقريرات
المقدّمة المعمّمة بقاعدة الاشتعال كما ياتى وبوجه اخر لا فرق بين مقامنا ومقام
تعارض الخبرين فى لزوم اقامة الدليل العلمى على تعيين الراجح نعم الامر فى المقام
دائر بين الجمع والتفريق وفى مقام تعارض الخبرين دائر بين قسمى التفريق اعنى
التعيين والتخيير وكما انّ من يدّعى لزوم البناء على التفريق بالتعيين من باب الرّجحان لا بدّ له من اقامة الدّليل
العلمى عليه الا ان يقال ان الظنّ محقق لموضوع الرجحان والكافل لمؤنة التّعيين هو
قاعدة الاشتغال فالمثبت للحكم هو قاعدة الاشتغال بخلاف الامر فى المقام فانه لا
يكون مدركا معتبرا يثبت جهة النفى لكنه يندفع بانه يبتنى على قاعدة الاشتغال فى
باب الشك فى المكلّف به وامّا بناء على حكومة اصل البراءة فالاصل يقتضى التخيير
نظير ان المطلق بناء على اجماله وعدم انصرافه الى الفرد الشّايع فالامر من باب
الشك فى المكلّف به والاصل يقتضى التخيير بناء على حكومة اصل البراءة فى باب الشك
فى المكلّف به بل بنآء على حكومة قاعدة الاشتغال لا بتعيّن الاتيان بالفرد الشّائع
اذ الفرد النادر هو المتيقن فى الارادة والمدار فى حكومة قاعدة الاشتغال على وجوب
الاتيان بالقدر المتيقّن فى الامتثال والفرد الشّايع قد يكون ادنى شانا من الفرد
النادر الا ان يقال ان القول بوجوب العمل بالراجح فى باب تعارض الخبرين لا يختصّ
بارباب وجوب الاحتياط فى باب الشكّ فى المكلّف به بل يتاتى على القول بحكومة اصل
البراءة او يقال ان لزوم الاخذ بالراجح من باب حكومة قاعدة الاشتغال مبتنى على
دوران وجوب العمل بالخبرين بين التّعيين والتخيير واما لو كان دوران الامر
بالاصالة بين حجية الخبرين معا وعن انه احدهما فقط فلا مجال لحكومة قاعدة الاشتغال
لكن نقول ان كلّا من المقالتين مبنّى على عدم تماميّة الاستدلال على وجوب الاخذ
بالرّاجح فى تعارض الخبرين من باب حكومة قاعدة الاشتغال فى باب الشكّ فى المكلّف
به والكلام مبنّى على تمامية ادلّة القول بوجوب الاخذ بالراجح فى تعارض الخبرين
وبعد ما مر اقول ان كفاية الظنّ بالترجيح فى تعارض الاخبار انما هى فى التّرجيح
بعد ثبوت حجية كلّ من الخبرين والترجيح هنا فى مقام اثبات الحجيّة فاين احد
الامرين من الاخر الا ان يقال ان ما ذكر انّما يتم على القول باعتبار الخبر من باب
الظنّ النّوعى وامّا بناء على القول بالاعتبار من باب الظنّ الشخصى فيصير كل من
الخبرين خارجا عن الحجيّة ولا يختلف الحال فيه مع الحال فى المقام بل الامر فيه
اسوء اذ غاية الامر فى المقام فى الشك الحجيّة وبنآء على اعتبار الظنّ الشخصى فى
اعتبار الخبر يثبت عدم حجية شئ من الخبرين فى التعارض قضية قضآء انتفآء الشّرط بانتفآء المشروط الا
ان يقال انّه بناء على اعتبار الظنّ الشخصى لا يكون الخبر الغير المفيد للظن محرم
العمل كالقياس بل غاية الامر الشك فى جواز العمل اذ غاية الامر دعوى انصراف مفهوم
اية النباء مثلا فى باب الخبر الصّحيح للظنّ وليس الانصراف مقتضيا بالمفهوم لحرمة
العمل
__________________
بالخبر الصحيح الغير المفيد للظن هذا بالنّسبة الى ما يدل على اعتبار خبر
العدل من النقل واما غير النقل فغاية الامر فيه كون الخبر المفيد للظن هو القدر
المتيقن منه لكنه لا يقتضى عدم جواز العمل به نعم التبيّن الماخوذ فى منطوق آية
النبإ المقتضى لحجية الخبر الحسن والموثق والقوى والضّعيف المنجبر بالشّهرة يقتضى
عدم جواز العمل فى صورة عدم افادة الخبر للظنّ بناء على كون وجوب التبيّن من باب
الوجوب الشّرطى كما هو المتعيّن ومع ما ذكر التفرقة بين الترجيح هنا والترجيح فى
تعارض الخبرين بالوجه المذكور انما يتاتى لو اريد الترجيح الاجتهادى الى اثبات
حجية الظنون الخاصّة من حيث الخصوصيّة اجتهادا بالمرجح كالشّهرة واما لو اريد
الترجيح العملى كالاخذ بالظنون الخاصّة من باب القدر المتيقن بانضمام اصالة عدم
حجية الظنّ او اصالة حرمة العمل فلا مجال للتفرقة بالوجه المذكور فقد بان ضعف
الذبّ عن الاشكال على الاكتفاء بالظن فى الترجيح بلزوم تعيين الحجة فى الظنون
المخصوصة بالظن المبنى حجية على حجية مطلق الظنّ المفروض عدم ثبوت حجيّته بالاتفاق
على حجية الظنّ فى التّرجيح لامكان ابداء الفرق بين الترجيح فى هذا المقام
والترجيح فى تعارض الخبرين مضافا الى عدم قيام الاتفاق لمخالفة بعض متاخّرى
المجتهدين فضلا عن مخالفة الاخباريين وعدم كفاية نقل الاجماع بعد الوثوق به ما لم
يبلغ حدّ التّواتر وقد يذبّ بان الغرض ليس تعيين الحجة فى الظنون المخصوصة بواسطة
الظنّ من الامارات الدالة على حجية الظنون المخصوصة او غيرها من الامور المتقدّمة
حتى يلزم ابتناء حجية تلك الظّنون على حجيّة مطلق الظنّ المفروض عدم ثبوت حجيّة بل
الغرض ترجيح الظّنون المشار اليها على غيرها والمثبت لحجيّتها هو دليل الانسداد
والحاصل من المرجحات هو ترجيح تلك الظنون على ما عداها فيمنع ذلك من ارجاع القضيّة
المهملة الى الكلية بل يقتصر فى مفاد القضيّة المهملة على تلك الجملة فالظن
المتحصّل من الوجوه المرجحة انّما يبعث على صرف مفاد الدّليل المذكور الى ذلك وعدم
صرفه الى سائر الظنون نظرا الى حصول القوّة بالنّسبة اليها لانضمام الظنّ بحجيّتها
الى الظنّ بالواقع فاذا قطع العقل بالقضيّة المهملة ثمّ وجد الحجيّة متساوية
بالنظر الى الجميع حكم بحجية الكل واما اذا وجدها مختلفة وكان جملة منها اقرب الى
الحجيّة من الباقى نظرا الى الظنّ بحجيّتها دون الباقى فلا محالة يقدم المظنون
والمشكوك على الموهوم فى مقام الحيرة والجهالة فليس الظنّ مثبتا لحجية الظنّ
الراجح وانما هو قاض بتقديم جانب الحجية فى الظنّ الراجح فينصرف اليه ما قضى به
الدليل العقلى المشار اليه وصرف الدليل الى الظنّ الرّاجح ان كان على وجه اليقين
تم ما ذكر والا كان اتكالا على الظنّ والحاصل انه لا قطع بصرف الدّليل الى الدّليل
الراجح لكن الاتكال ليس على الظنّ بالحجيّة ولا على الظنّ بترجيح الظنّ الرّاجح
على غيره بل التّعويل على القطع بالحجيّة وتوضيحه ان قضيّة دليل الانسداد حجية
الظنّ على سبيل الاهمال فيدور الامر بين القول بحجية الجميع او البعض ثم الامر فى
البعض يدور بين المظنون وغيره وقضيّة العقل فى الدّوران بين الكل والبعض هى
الاقتصار على البعض اخذ بالقدر المتيقّن ولذا قال علماء الميزان ان المهملة فى
قوّة الجزئية ولو لم يتعيّن البعض فى المقام ودارت الحجيّة بينه وبين ساير الابعاض
من غير تفاوت فى نظر العقل لزم الحكم بحجيّة الكل لبطلان الترجيح من غير مرجح واما
لو كانت حجية البعض مما فيه الكفاية مظنونة بخصوصه بخلاف الباقى كان ذلك اقرب الى
الحجيّة من غيره مما لم يقم على حجيّته دليل فيتعين عند العقل الاخذ به دون غيره
فان الرّجحان ح قطعىّ وجدانى والترجيح من جهته ليس ترجيحا بمرجح ظنى وان كان ظنا
بحجية تلك الظنون فان كون المرجح ظنّيا لا يقتضى كون التّرجيح ظنّيا وهو ظاهر اقول
ان محصول ذلك الطول ان المرجح وان كان بذاته من باب الظنّ لفرض افادة الشهرة مثلا
للظنّ بالواقع الّا ان اتّصاف الظنون الخاصة بالرجحان بواسطة الظنّ المشار اليه
قطعى وكذا كون الظنّ المشار اليه موجبا للرجحان فيكفى الظنّ فى ترجيح الظنون
الخاصّة ولا ينافى هذا مع عدم اعتبار مطلق الظنّ الا ما خرج بناء على اعتبار
الظّنون الخاصّة ولكنك خبير بان المدار فى رجحان بعض الظنون على الحجيّة والرجحان
من غير جهة الحجيّة لا عبرة به والمفروض لا وتلك الظنون موصوفة بالظن بالاعتبار
فالامر من باب الظنّ بالرجحان لا القطع وان كان وجود المزيّة فى تلك الظنون مقطوعا
به نعم يمكن ان يتفق الظنّ بالمزيّة كما لو كان الشّهرة فى جانب تلك الظّنون
مظنونة وفيه يكون الحجية مظنونة على حسب الظنّ بالحجيّة فيما لو كان الشّهرة مقطوع
الوجود وان ربما يتوهّم كون الظنّ
بالرجحان هنا ضعيفا بالنّسبة الى صورة العلم بالشهرة إلّا انه مدفوع بان
مدار الظن بالرجحان على الظن بالحجيّة وفى كل من صورة العلم والظن بها يكون
الحجيّة مظنونة والنتيجة تابعة لاخس المقدّمتين فالرّجحان لا يتجاوز عن الاعتقاد
به فى صورة العلم بالشهرة عن الاعتقاد به فى صورة الظنّ بالشّهرة لمساواة الظنّ بالحجيّة
فى الصّورتين ويرشد الى ما ذكرنا من ان الرّجحان مظنون فى صورة العلم بوجود المزية
انّ فى تعارض الخبرين يكون الرجحان فى جميع موارد الرجحان ظنّيا على القول به كما
هو المشهور وان كان الحق ان الرجحان لا يكون مظنونا فى رجحان الدلالة او السّند مع
القطع بوجود المزيّة إلّا ان يدّعى ان الرجحان فى تعارض الاخبار ايضا قطعىّ ويرشد
الى ذلك ايضا انه لو كان الشّهرة فى جانب الظنون الخاصّة مع عدم افادة الظنّ
بالاعتبار فلا جدوى فى الشهرة مع وجودها وكونها زيادة فى جانب الظّنون الخاصّة
وبالجملة فالرجحان فى جميع موارد التّرجيح بالاشتمال على ما يوجب التّعيين
بالاختيار او الاقتصار فى باب منع الجمع او منع الخلوّ وفى الموارد العرفيّة يختلف
اسباب الترجيح مثلا ربما يكون زيادة العلم موجبا عند شخص لتقديم شخص على شخص
فهاهنا لا يجدى الزّيادة فى المال مع العلم بوجودها وربما يكون زيادة المال موجبا
لتقديم شخص على شخص فهاهنا لا يجدى الزّيادة فى العلم ففى المقام اشتمال الظنون
المخصوصة على ما يوجب الاقتصار وهو الحجيّة من حيث الخصوصيّة فى صورة قيام الشّهرة
على حجية الظّنون الخاصّة وهى اقوى المرجحات لكونها مثبتة ونافية مقطوع به مع
العلم بوجودها فى جانب الظّنون الخاصّة وعدم افادة القطع بالحجيّة كيف لا ولو كان
الرجحان قطعيّا بناء على حجيّة الظنون الخاصّة فلا سبيل الى القول بحجية الظنّ
المطلق ويكون حرمة العمل بما عدا الظّنون الخاصّة مقطوعا به ايضا فالذاب مبتنى على
الاشتباه بين المزيّة والرّجحان وقد يذب بانه لا ريب فى بطلان التّرجيح بلا مرجّح
فانه مما يحكم العقل به والعرف والعادة بل يقولون بامتناعه الذاتى كالتّرجيح بلا
مرجّح والمراد بالتّرجيح بلا مرجّح هو سكون النفس الى احد الطّرفين والميل اليه من
غير مرجّح وان لم يحكم بتعيينه وجوبا وامّا الحكم بذلك فهو امر آخر وراء ذلك مثلا
لو دار امر العبد فى احكام السّلطان المرسلة اليه بين امور وكان بعضها مظنونا بظنّ
لم يعلم حجيّته من طرف السّلطان صحّ له ترجيح المظنون ولا يجوز له الحكم بلزوم ذلك
وكذا لو اقدم الواحد الى طعامين احدهما ألذّ من الآخر فاختاره عليه لم يرتكب
ترجيحا بلا مرجح وان لم يلزم اكل الالذّ ولكن لو حكم بلزوم اكل الالذ لا بدّ من
تحقّق دليل عليه ولا يكفى مجرّد الالذية نعم لو كان احدهما مضرا صح الحكم باللّزوم
وبالجملة بلا دليل غير الترجيح بلا مرجح فالمرجّح غير الدليل
والاوّل فى مقابل الميل والعمل والثانى فى مقابل التّصديق والحكم وليس المراد
بترجيح الظّنون المظنون الحجيّة انّه يجب العمل بالظّنون المظنون الحجيّة وانّها
الّتى يجب العمل بها بعد انسداد باب العلم بل المراد انّه بعد ما وجب على المجتهد
لانسداد باب العلم وبقاء التكليف العمل بالظنّ ولا يعلم المجتهد اى ظنّ عمل لو عمل
بالظنون المظنون الحجيّة لا يلزم نقص عليه ودعوى لزوم الترجيح بلا مرجّح غلط ولو
ادّعى غير ذلك فلا بدّ من بيانه حتّى ننظر فيه اقول ان تلخيص الوجه المذكور ان
الحكم بالشيء لا بدّ فيه من دليل معتبر وامّا التّرجيح وهو اختيار الشيء والاخذ به
والميل اليه ففيه يكفى مجرّد وجود المرجّح اعنى سبب التّرجيح ولا يلزم اعتبار
المرجّح مثلا لو كان طعامان وكان احدهما ألذّ من الآخر فالألذية توجب الميل
والتّرجيح وليس الالذية من باب الامر المعتبر كما لا يخفى لكن الالذية لا توجب
الحكم بوجوب اختيار الالذ والمفروض فى المقام وجود المرجّح الّا انه غير معتبر
لفرض كونه ظنّيا لكن لا باس به ويندفع بان المرجّح يطلق تارة على داعى اختيار
الوجود اعنى الايجاد ومنه قولهم مرجّح الوجود واخرى على داعى اختيار احد الموجودين
وعلى الثانى الامر اما من باب منع الجمع او من باب منع الخلوّ وسيأتى شرح حال
التّرجيح اما على الاوّل فيكفى مجرّد وجود المرجّح وان كان غير معتبر ولا مشروع فى
التّرجيح التكوينى اى مع قطع النّظر عن التسرّع لكن التّرجيح المشروع لا بد فيه من
كون المرجّح جائزا ومعتبرا ومن هذا عدم جواز الافطار بشهادة الفاسق مثلا وكذا عدم
جواز حكم الحاكم فى موارد القضاء باسباب غير معتبرة كيف لا ولا مداخلة لميل
الطّبيعة فى تشريع شيء وتجويزه فى الشّريعة واما على الثانى فيكفى فى التّرجيح
التكوينى خروجا عن التّرجيح بلا مرجّح مجرّد وجود المرجّح وان كان غير معتبر وان
كان مرجع التّرجيح الى التعيين لكن التّرجيح الشّرعى اى التّعيين شرعا لا بدّ فيه
من معين معتبر شرعا وان كان التّرجيح بالاختيار اذ الاختيار كما يمكن ان يكون
بالقول كذا يمكن ان يكون بالاختيار اذ الاختيار قد يكون من باب عنوان التّخيير
شرعا
__________________
فى مورد منع الخلو أو من باب عنوان احد افراد الجمع الجائز شرعا وقد يكون
من باب عنوان التعيين شرعا وبالجملة فالترجيح التّكوينى وان يكفى فيه المعين الغير
العادى المعتبر شرعا لكن الترجيح الشّرعى لا بدّ فيه من اعتبار المرجح شرعا وفيما
نحن فيه لا شكّ فى ان اختيار العمل بالظنون الخاصّة من القائل بها من باب التّعيين
شرعا فلا بد فيه من اعتبار المعين ولا مجال للترجيح بالامر الغير المعتبر فالامر
فى الوجه المذكور مبنى على الاشتباه بين الترجيح التكوينى والترجيح الشّرعى لو كان
اختيار احد فردى التخيير او فردى الجمع مستلزما للترجيح والتّعيين والا فالامر
مبتنى على حسبان استلزام الاختيار للترجيح والاشتباه فى الترجيح بين التّرجيح
التكوينى والتّرجيح الشّرعى ومع ذلك الحكم بلا دليل وان كان غير الترجيح بلا مرجح
على حسب ان الحكم غير التّرجيح المقصود به كان سواء التّرجيح باختيار الوجود او احد الموجودين
فردى منع الجمع او منع الخلو لكن المدار فى الظنون الخاصّة على الحكم بوجوب العمل
بتلك الظنون دون غيرها بل حرمة العمل بالغير ويمكن ان يقال ان المقصود بالوجه
المذكور ان القائل بالظنون الخاصّة لا يتاتى منه الحكم بلا دليل ولا الترجيح بلا
مرجح لعدم تاتى الحكم منه وكذا عدم تاتى الاختيار منه اذ مقالته امر تعليقى وهو
انّه لو عمل بالظنون الخاصّة فلا يلزم نقص عليه وهذا خال عن الحكم والاختيار
ويندفع بان القائل بالظّنون الخاصّة يختار وجوب العمل بالظنون الخاصّة وحرمة العمل
بغيرها فضلا عن الحكم بوجوب العمل بتلك الظّنون وحرمة العمل بغيرها كما سمعت ومع
ما ذكر نقول انّه انه ليس المدار فى المقام على لفظ المرجح حتى يداق فى المقصود به
وانّما اللازم ان يلاحظ بعد ثبوت جواز العمل بالظنّ انّه هل يكون فى الباب دليل
على وجوب الاقتصار على بعض الظنون كالظنون المخصوصة أو لا فان ثبت الداعى على
الاقتصار وهو المانع عن الجمع فلا بدّ من ان يتّبع والّا فيتاتى جواز الجمع ومجرد
المزية فى الظنون المخصوصة باحد الوجوه المتقدّمة لا يوجب لزوم الاقتصار على تلك
الظنون شرعا وقد يذب الزاما لارباب حجية مطلق الظنّ بانه كما يجب علينا فى كل
واقعة البناء على حكم ولعدم كونه معلوما لنا يجب فى تعيينه العمل بالظنّ فكذا نقول
بعد ما وجب علينا العمل بالظنّ ولم يعلم تعيينه يجب علينا فى تعيين هذا الظنّ
العمل بالظنّ وان قلت ان وجوب العمل بمظنون الحجية لا ينفى وجوب العمل بغيره قلت
نعم ولكن ح لا يبقى دليل على حجية ما عدا الظنّ المظنون الحجيّة اعنى مشكوك
الحجيّة وموهوم الحجيّة ويبقى ما عدا الظنّ المظنون الحجيّة تحت اصالة عدم الحجيّة
فيجب الاقتصار على مظنون لحجيّة اقول ان تحرير الوجه المذكور ان حجية مطلق الظنّ
مما يلزم من وجودها العدم حيث انه كما يجرى حجيّة مطلق الظنّ فى باب الاحكام فكذا
يجرى فى باب ترجيح الظّنون وترجيح الظنون من باب حجيّة مطلق الظنّ يوجب حجية
الظّنون المخصوصة ووجوب الاقتصار عليها فالامر من قبيل حجية الشّهرة حيث ان من
حجيتها يلزم عدم الحجيّة وكذا حال وجوب البقاء على تقليد لميت فيما لو قلد الشخص
مجتهدا فى مسائل فرعيّة ثم مات هذا المجتهد الحى الأعلم بناء على وجوب تقليد الأعلم او المقصود
بالتقليد او المنحصر فيه الاجتهاد بناء على عدم وجوب تقليد الأعلم وجوب العدول
فعدل الشخص المذكور الى المجتهد لحىّ المذكور تقليدا له ثم مات هذا المجتهد وفتوى
المجتهد وجوب البقاء حيث انّ وجوب البقاء يلزم من وجوده العدم لكن نقول ان حجية
مطلق الظنّ فى باب الاحكام الفرعيّة كما هى مورد البحث لا تقتضى حجيّة مطلق الظنّ
فى الاصول بل حجيّة الظن فيها لا بد لها من مدرك آخر وياتى الكلام فيها ومن هذا ان
الكلام فيما لو قام ظنّ على عدم حجيّة ظنّ كما ياتى مبنىّ على حجية الظنّ فى
الاصول والّا فالظنّ خال عن مزاحمة الظنّ الاوّل ومن هذا انّ لزوم العدم من الوجود
فى باب حجيّة الشّهرة يكون مبنيا على حجية الشّهرة الاصوليّة والّا فحجيّة الشهرة
الفرعيّة خالية عن مزاحمة الشّهرة الاصوليّة ومع هذا نقول انّما يكون الامر من باب
قيام الظنّ على عدم حجيّة ما عدا الظنون المظنون الحجيّة لو كان الظنّ بالتّرجيح
يقتضى النفى كالاثبات بان يقتضى عدم حجية ما عدا الظّنون المظنون الحجيّة كما
يقتضى حجيّة الظّنون المظنون الحجيّة مع ان الظنّ بالترجيح لا مفهوم له واثبات
الشيء لا يقتضى نفى ما عداه كما هو حديث معروف فالظنّ بالتّرجيح لا يقتضى عدم
حجيّة ما عدا الظّنون المظنون الحجيّة بل يكون مفاده مجرّد حجيّة الظنون المظنون
الحجيّة لكن نقول ان مرجع الوجه المذكور وان كان الى انّ حجية مطلق الظنّ مما يلزم
من وجوده العدم لكن لا باستناد العدم الى الوجود حتى يكون عدم حجيّة مطلق الظنّ
مستندا الى دليل اجتهادى
__________________
بل باستناد العدم الى اصالة العدم كما هو المصرّح به فى الوجه المذكور لكنه
يندفع بان المفروض ثبوت حجيّة مطلق الظنّ فى الاحكام ولم يقم ظن فضلا عن العلم على
عدم حجيّة ما عدا الظّنون المظنون الحجيّة على حسب عدم اقتضاء الظنّ بالتّرجيح
زائدا على حجيّة مظنون الحجيّة فمن اين ينتهض اصالة عدم الحجيّة فلا مجال لاحراز
مجموع النّفى والاثبات بالظنّ بالتّرجيح وكفاية الظنّ فى التّرجيح كما ترى وبوجه
آخر الوجه المذكور انما يتم لو كان المرجّح نافيا كما يكون مثبتا كالشّهرة حتّى
يتاتى الظنّ بعدم حجيّة مطلق الظنّ واما لو لم يكن نافيا كما فى الاخذ بالقدر
المتيقن فغاية الامر انه يقتضى حجيّة الظّنون الخاصّة لكنه لا يقتضى عدم حجيّة
الظنون المشكوك فيها فلا يتاتى الظنّ بعدم حجيّة مطلق الظنّ فلا يتم الوجه المذكور
ومع هذا نقول ان الظنّ بالتّرجيح بناء على اقتضائه للنّفى كالاثبات كما فى الشّهرة
انما يلزم من وجوده العدم فينتفى بنفسه ويبقى غيره من الشّهرة وسائر افراد مطلق
الظنّ حجّة وعلى هذا المنوال الحال فى كلّ مورد قد اقتضى فرد نفى اعتبار صنفه او
نوعه او جنسه حيث انّه ينتفى الفرد النافى ويبقى غيره من افراد الصّنف او النّوع
او الجنس خاليا عن المعارض كما انّه فى باب قيام الشّهرة على عدم حجيّة الشهرة
بناء على حجيّة مطلق الظنّ فى الاصول والفروع يسقط الشّهرة الاصولية عن درجة
الحجيّة ويبقى حجيّة الشّهرة الفرعيّة خالية عن المعارض الّا انّ الشّهرة فيه
نافية لاعتبار النّوع وفى مقامنا نافية لاعتبار جنس الظنّ وفى باب وجوب البقاء على
التقليد فى الفرض المتقدّم يخرج عنه وجوب البقاء فى المسألة الاصوليّة ويجب البقاء
فى المسائل الفرعيّة ومع هذا نقول ان الظنّ بالنفى من الشّهرة المرجّحة انما يتاتى
على القول باعتبار الظنون الخاصّة واما على القول بحجيّة مطلق الظنّ فلا يتحصّل
منها الظنّ لكونها معارضة للدليل القطعى إلّا ان يقال ان افادة الشّهرة للظنّ
بالنفى لا تمانع عنها حجية مطلق الظنّ لانها موقوفة على عدم قيام الرجحان وما يكون
موقوفا على شيء لا يمانع عنه وبوجه آخر الظنّ المستفاد من الشّهرة موجب للرّجحان
وهو مانع عن قيام دليل الانسداد فلا مجال لممانعة دليل الانسداد عن حصول الظنّ من
الشهرة لانّ المانع مقدم على الممنوع كما تقدّم وقد يستدلّ على كفاية الظنّ
بالحجيّة فى ترجيح الظّنون الخاصّة بناء على كونها مظنون الحجيّة بان مظنون الحجية
اقرب الى الحجيّة من غيرها وكذا اقرب الى احراز مصلحة الواقع لان المفروض رجحان
مطابقتها للواقع لان المفروض الظنّ بكونها طريقا قائما مقام الواقع بحيث يتدارك مصلحة
الواقع على تقدير مخالفتها له فاحتمال مخالفة هذه الامارات للواقع ولبدله موهوم فى
موهوم بخلاف احتمال مخالفة سائر الامارات لانها على تقدير مخالفتها لا يظن كونها
بدلا عن الواقع ونظير ذلك ما لو تعلّق غرض المريض بدواء تعذّر الاطلاع العلمى عليه
فدار الامر بين دواءين احدهما يظن انّه ذلك الدّواء وعلى تقدير كونه غيره يظن كونه
بدلا له فى جميع الخواص والآخر انّه يظنّ انه ذلك الدّواء لكن لا يظنّ انّه على
تقدير المخالفة بدل عنه اقول ان الوجه الاول من الوجهين المذكورين فى الاستدلال
المذكور وحدانىّ الجهة وهو كون مظنون الحجيّة اقرب الى الحجيّة ممّا عداه والوجه
الثّانى ثنائى الجهة الّا ان الجهة الاولى منه وهى القرب الى الواقع ملغاة لاشتراك
هذه الجهة بين مظنون الحجيّة ومشكوك الحجيّة وموهوم الحجيّة والعمدة هى الجهة
الثّانية اعنى جهة الاقربيّة الى الحجيّة والاقربيّة الى احراز مصلحة الواقع ناشئة
منها وهى ما به الامتياز بعد ما به الاشتراك اعنى الجهة الاولى وهذه الجهة
الثّانية متّحدة مع الوجه الاوّل وانّما هى تفصيل له وشرح لحاله وعلى اىّ حال
ينقدح الوجه الاول بانّه قد يكون الظنّ المستفاد من مشكوك الحجيّة او موهوم
الحجيّة بالنّسبة الى الواقع اقوى بمراتب من الظنّ المستفاد من الظّنون المخصوصة
بالنّسبة الى الواقع فيتاتّى التّعارض بين الظنّ بالواقع والظنّ بالحجيّة وترجيح
الثانى عليه غير ثابت والّا للزم القول باعتبار الظنّ بالطّريق وهو خلاف مقالة
القائل باعتبار الظنون الخاصّة مضافا الى ظهور فساده بما ياتى وايضا يتم ذلك بناء
على كون المدار فى حجيّة مطلق الظنّ على انشاء العقل وامّا بناء على كون المدار
على كشف العقل عن حجيّة مطلق الظنّ فى الواقع فلا يتم ذلك وغاية الامر الاولويّة
ويظهر الحال بما مرّ وايضا الأقرب الى الحجية عبارة اخرى المظنون الحجيّة فتقديم
الاقرب الى الحجيّة عين المدعى فالاستدلال بالاقربيّة الى الحجيّة من باب المصادرة
على المدّعى وايضا لو وقع التعارض بين الظّنون المخصوصة وغيرها من مشكوك الاعتبار
او موهوم الاعتبار بالعموم والخصوص او الاطلاق والتقييد او المبانية او العموم والخصوص
من وجه فلا ظن بحجية الظّنون المشار اليها سواء تحصل الظنّ بالخلاف فى خلاف الظنّ
الخاص او رجع الامر الى الشكّ الّا ان يقال انّه
__________________
انما يتم بناء على اعتبار الظنون الخاصّة حتى مع الظنّ بالخلاف من باب
القول باعتبار الظنّ النّوعى فى المدلول او اعتبار الظنّ النّوعى فى السّند على
تقدير كون الظنّ المخصوص هو الظنّ المستفاد من خبر الواحد الصحيح اذ لم يقل احد
باعتبار الظنّ النّوعى فى السّند فى الخبر فى غير الخبر الصحيح لو كان الشّهرة
مثلا مانعة عن حصول الظنّ بمدلول خبر الواحد او بسنده او من باب القول باعتبار خبر
الواحد الصّحيح او مطلقا او مطلق الظنّ الخاصّ من باب التعبّد الصّرف لو كان
الشهرة مانعة عن حصول الظنّ بالواقع واما بناء على اعتبار الظنون الخاصّة بشرط
الظنّ بالمدلول والسند والواقع فلا يتم ذلك اذ على هذا لو وقع فلا يتم ذلك اذ على
هذا لو وقع التّعارض بين الشهرة وخبر الواحد لا يعمل بخبر الواحد بل يعمل بالاصل
وايضا لو كان ملاحظة الاقربيّة الى الحجية مقتضية لاعتبار الظّنون الخاصة فلا بدّ
من اعتبار ما كان مظنون الحجيّة بظن مظنون الحجيّة إلّا ان يقال ان مظنون الحجيّة
فيه مزية الظنّ بالحجيّة بالنّسبة الى مشكوك الحجية ولو كان بتوسّط مشكوك الحجيّة
فلا يختلف الحال باستناد الظنّ فى مظنون الحجية الى مشكوك الحجيّة او موهوم
الحجيّة من حيث الرجحان بالنّسبة الى مشكوك الحجيّة او؟؟؟ سسس لكنك خبير بان الظنّ
بالحجيّة بعد كونه فى نفسه من باب المزيّة غير حديث الاقربية الى الحجيّة
وبالوجهين الاخيرين ينقدح القدح فى الوجه الاخير ومع ما ذكر نقول انّه قد تقدّم
عدم كفاية الظنّ بالتّرجيح فى لزوم لزوم الاقتصار على الظنون الخاصّة ومع هذا نقول
ان لزوم الاخذ بالاقرب الى الحجية والاقرب الى الواقع فيما لو كان الامر من باب
منع الجمع كما فى الخبرين المتعارضين غير ثابت الّا بناء على وجوب الاحتياط فى
الشك فى المكلف به وهو غير ثابت فكيف الحال فى لزوم الاقتصار على الاقرب الى
الواقع فيما لو كان الامر من باب منع الخلو كما فى المقام بل الحديث المذكور انّما
يتم لو كان منع الجمع او منع الخلو فى الحكم التكليفى واما لو كان فى الحكم الوضعى
فلا مجال لقاعدة الاشتغال بقى انّه ربما يقال ان الظنّ بالترجيح انما يقتضى حجيّة
الظنون المخصوصة فى الواقع من حيث الخصوصيّة فلا يقتضى تعيين الظنّ الثابت حجيّته
على وجه الاهمال بدليل الانسداد اذ المدار فى التّعيين اعنى صرف الاهمال على
مساواة الظنون من حيث عدم ثبوت حجية شيء منها من حيث الخصوصيّة ويرد عليه اولا انه
انما يتم على تقدير انحصار جهة الرّجحان فى ثبوت الحجيّة من حيث الخصوصيّة مع انه
يكفى فى الرجحان المتيقن فى العمل وكذا دلالة الدليل على جواز العمل فى الجملة اى
الاعمّ من الحجيّة من حيث الخصوصيّة او من حيث حجية مطلق الظنّ وقد تقدم ذكر
الرجحان بهذين الوجهين وغيرهما نعم يمكن القول بانحصار الرّجحان الاجتهادى بل هو اعمّ من الرّجحان العملى اللهمّ إلّا ان يقال ان
الظاهر من الرجحان فى تلك المقالة انما هو الرجحان الاجتهادى من باب انصراف
الاطلاق لكن نقول انه لا جدوى فى دعوى ممانعة ثبوت الرجحان من جهة ثبوت الحجيّة من
حيث الخصوصيّة لعدم انحصار جهة الرجحان فى كلماتهم فى تلك الجهة فلا يرد بذلك شيء
على الترجيح بالظن الّا ان يقال انه يتّجه الايراد بذلك على الترجيح ببعض الجهات
اى الترجيح بثبوت الحجيّة من حيث الخصوصيّة فالإيراد على اطلاق الترجيح بالظنّ لا
على اصل التّرجيح بالظن لكن نقول ان ظاهر تلك المقالة ان الايراد على اصل الترجيح
بالظن لا على اطلاق الترجيح وثانيا ان ممانعة ثبوت الحجيّة من حيث الخصوصيّة عن
صرف الاهمال انما هو من جهة الممانعة عن وصول الامر فى دليل الانسداد الى الاهمال
لعدم استقامة بعض المقدّمات السّابقة عليه اعنى عدم جعل الطريق وكذا عدم ثبوت
الاهمال لا الممانعة عن صرف الاهمال وبعبارة اخرى ان الممانعة عن جهة الممانعة عن
الموضوع لا الوصف فمرجع الامر الى السّالبة بانتفاء الموضوع لا الوصف فمرجع الامر
الى السّالبة بانتفاء الموضوع لكنها خلاف الظاهر وخلاف القضايا المتجاور بها بين
الناس وكذا خلاف القضايا المرسومة فى الفنون بل السّالبة بانتفاء الموضوع توجب
اللغو فى الكلام لكفاية نفى الموضوع وعدم الحاجة الى نفى المحمول والمنشا الاشتباه
بين السّالبة بانتفاء الموضوع والسّالبة بانتفاء المحمول اللهمّ إلّا ان يقال ان
كون الامر من باب السّالبة بانتفاء الموضوع انما يتم بالنّسبة الى ما اخذ فيه عدم
نصب الطريق من تقرير دليل الانسداد وامّا ما لم يؤخذ فيه ذلك كتقرير دليل الانسداد
فى كلام راس الاستدلال به اعنى صاحب المعالم فلا يكون الامر فيه من باب السّالبة
بانتفاء الموضوع لكنك خبير بان هذا الاعتذار لكنك خبير بان هذا الاعتذار من باب
الاعتذار بعذر افحش من الجرم لوضوح عدم مناسبة اظهار كلام بناء على كلام فاسد فاسد
لاختلال الاستدلال فى كلام صاحب المعالم باعتبار عدم اخذ عدم نصب الطّريق ويمكن ان
يقال ان مدار المقالة المذكورة على ان ثبوت الحجيّة من حيث الخصوصيّة لا يكون
صارفا للاهمال والمدار فى التّرجيح على صرف الاهمال و
__________________
وليس مداره على ممانعة ثبوت الحجية من حيث الخصوصيّة عن صرف الاهمال حتى
يتطرق الايراد بالاشتباه بين السّالبة بانتفاء الموضوع والسّالبة بانتفاء المحمول
ولو قيل انه لا يلزم فى الترجيح فى المقام ان يكون من باب صرف الاهمال فلا باس
بكون ثبوت الحجيّة من حيث الخصوصيّة من باب المرجح قلت انه لا بد فى الترجيح من
اشتراك الراجح والمرجوح فى القدر المشترك وهذا انما يتاتى بعد اشتراك الظنون فى
عدم ثبوت جهة الخصوصيّة والا فما ثبت فيه جهة الخصوصيّة من باب التعبّد ولا معنى
لملاحظته مع الظنون المشكوكة مما لم يثبت فيه جهة الخصوصية وبعد ما مر اقول ان
مرجع المقالة المذكورة الى عدم انطباق الدّعوى مع المقصود اذ المقصود صرف الاهمال
والدّعوى ثبوت جعل الطريق المانع عن اعتبار الظنّ على وجه الاهمال لكنك خبير بعد
عدم اقتضاء ما عدا الشهرة من المرجحات لاثبات جهة الخصوصيّة بان تلك المقالة لا
ترجع الى امر معنوىّ اذ لا باس بكون الدّعوى اعظم من المدّعى لو تمكن المدّعى من
الاثبات ويكفى للقائل باعتبار الظنون الخاصة مجرد ثبوت اعتبارها ولو مع ثبوت جهته
الخصوصيّة فلو تمكن القائل باعتبار الظنون الخاصّة من اثبات حجيتها من حيث
الخصوصيّة فهذا غاية المرام وهو ارجح من اثبات الحجية لا من حيث الخصوصيّة فمرجع
تلك المقالة المتقدّمة الى استنكار اطلاق المرجح على ما يثبت الحجيّة من حيث
الخصوصيّة او انكار موقع الدّعوى المشار اليها بدعوى لزوم كون الدّعوى قبل ثبوت
الحجيّة على وجه الاهمال لا بعد هذا الحال المقدمة الثانية والعشرون [في تقسيم
القضايا] ان المتاخّرين من المنطقيّين قسموا القضايا المعتبرة فى العلوم الى
الشخصيّة والطبيعيّة والمحصورة وقسّموا المحصورة الى الجزئيّة والكلّية وكلا منهما
الى الموجبة والسالبة بتقريب ان الحكم اما ان يكون على جزئى او يكون على نفس حقيقة
الكلّى او على الفرد الكلى وعلى الثّالث اما ان يبين كمية افراد الموضوع بان يبين
ان الحكم على جميع الافراد او على بعض الافراد او لا فالاوّل شخصيّة والثانى
طبيعيّة والثّالث محصورة والرّابع مهملة ثم المحصورة ان بين فيها ان الحكم على كلّ
افراد الموضوع فكلية وان بين ان الحكم على بعض افراده فجزئية وكلّ منهما موجبة او
سالبة وشنعوا على الشّيخ الرئيس فى الشّفاء حيث ثلث القسمة اخلالا بالطبيعيّة وقال
ان الموضوع ان كان جزئيا فهى الشخصيّة وان كان كليّا فان بين فيها كمية اى افراد
فهى المحصورة والا فهى المهملة وربما اجيب بان الكلام فى القضيّة المعتبرة فى
العلوم والطبيعيّات لا اعتبار بها فى العلوم انّ الحكم فى القضايا على ما صدق عليه
الموضوع وهى الافراد والطبيعيّة ليست منها فخروجها عن التّقسيم لا يخل بالانحصار
لان عدم الانحصار بان يتناول المقسم شيئا ولا يتناوله الاقسام والمقسم هنا لا
يتناول الطبيعيّات فلا يختل الانحصار بخروجها اقول ان الفرق بين القضيّة الشخصيّة
والقضيّة الجزئية ان الموضوع فى الاولى معين والموضوع فى الثانية جزئى غير معين
وامّا الطّبيعية والمهملة فالفرق بينهما على ما يقتضيه التّقسيم المذكور ان
الطبيعيّة ما كان الموضوع فيه الطّبيعة لا بشرط والمهملة ما كان الموضوع فيه هو
الفرد على وجه الاجمال والتردد بين الكل والبعض وهو مقتضى اكثر الكلمات كما قيل من
ان الموضوع اما جزئى حقيقى كقولنا هذا انسان او كلى وعلى الثانى اما ان يكون الحكم
على نفس حقيقة هذا الكلّى او على افراده وعلى الثانى اما ان يبين كمية الافراد
المحكوم عليها بان يبين ان الحكم على كلّها او على بعضها أو لا يبين ذلك بل يهمل
فالاول شخصيّة والثانى طبيعيّة والثّالث محصورة والرّابع مهملة وكذا ما قيل من ان
الموضوع ان كان شخصا سمّيت القضيّة شخصيّة وان كان نفس الحقيقة فطبيعيّة والّا فان
يبين كمّية الافراد كلا او بعضا فمحصورة والا فمهملة وكذا ما قيل من ان الحكم على
مفهوم الكلّى اما ان يكون حكما عليه من حيث يصدق على الجزئيات فهى الطبيعيّة او
حكما على الجزئيات من حيث يصدّق عليها الكلّى فهى المحصورة او المهملة وكذا ما قيل
من ان موضوع القضية ان لم يصلح لان يقال على كثيرين فهى المخصوصة سواء كانت مشخّصة
او مقيدة بالعموم كقولنا الانسان نوع وان صلح لان يقال على كثيرين فمتعلّق الحكم
اما الافراد فهى امّا محصورة او مهملة او نفس الكلّى فهى الطّبيعيّة وكذا ما قيل
من ان الموضوع اما ما صدق عليه الطّبيعة فهى المحصورة او المهملة واما نفس الطبيعة
ولا تخلو اما مع قيد التشخّص فهى المخصوصة او مع قيد العموم فهى القضيّة العامّة
او من حيث هى هى فهى الطبيعيّة ومقتضى بعض الكلمات ان المهملة ما كان الموضوع فيه
هو الفرد على وجه الاجمال لكن الطبيعيّة ما كان الموضوع فيه بشرط لا كما قيل من ان
القضيّة ان لم يبين فيها كمية الافراد فان كان الحكم على ما صدق عليه الكلّى فهى
المهملة وان كان الحكم على نفس الكلى من حيث انّه عام فهى الطبيعيّة وكذا ما قاله
غير قائل من
من ان الموضوع امان يبين كمية افراد الموضوع من الملكية والبعضيّة او لا
يبين فان بين كمية افراد الموضوع فالقضيّة محصورة وان لم يبين فان لم صلح الموضوع
لان يصدق عليه كلية وجزئية فالقضيّة طبيعيّة كقولنا الحيوان جنس والانسان نوع وان
صلحت لذلك القضيّة مهملة كقولنا الانسان لفى خسر وربما يتوهّم القول به مما ذكر فى
كلماتهم من ان الطّبيعية غير معتبرة فى العلوم فى الجواب المقدّم من جانب الشيخ
الرئيس وهو مدفوع بان بعض من اجاب بذلك علل عدم الاعتبار بما مرجعه الى انّ الحكم
فى القضايا اعتبره فى العلوم على الافراد ومقتضاه عدم اعتبار الحكم على الطبيعة لا
بشرط وكذا الطبيعة بشرط لا والظاهر ان منشأ انصار الاعتبار بما كان موضوعه الافراد
اى المحصورات حسبان عدم وجود الكلى الطّبيعى فى الخارج الّا انه ينافيه مما مرّ من
الكلمات الدالة على ان الطبيعة ما كان موضوعه الطبيعة لا بشرط وربما يتوهّم ايضا
القول به من التمثيل للمهملة باعتبار لفى خبر وهو مدفوع بان بعض من مثل بذلك انما
مثل للمهملة مع القول بكون الموضوع فيها هو الفرد على وجه الاجمال على اىّ حال
يلزم على ذلك المقال الاخلال بما لو كان موضوع القضية هو الطبيعة لا بشرط كما انه
يلزم على المقالة السابقة الاخلال بما كان موضوعه الطّبيعة لا بشرط لا إلّا انه
انّما يتم فيما عدا العبارة الاخيرة من العبارات المذكورة واما العبارة الاخيرة
فقد يزيد فيها كان موضوعه هو الطّبيعة بشرط وسمّيت بالقضيّة العامة والتعبير
بالطّبيعة على ذلك لا يناسب ما ذكروه من ان الطبيعة بشرط لا يسمّى بالكلى العقلى
والطّبيعة لا بشرط يسمّى بالكلى الطّبيعى وكان المناسب التّعبير عن الطّبيعة
بالعقليّة لكون موضوعها الكلى العقلى اعنى الطبيعة بشرط لا ومقتضى بعض الكلمات ان
المهملة ما كان موضوعه الفرد على وجه الاجمال لكن الطّبيعة اعم مما كان موضوعه
الطّبيعة لا بشرط او بشرط لا كما قيل من ان موضوع القضيّة ان كان جزئيا حقيقيّا
فهى المخصوصة وان كان كلية الحكم ان كان على ما صدق عليه فهى المحصورة او المهملة
وان كان على نفس الطّبيعة سواء قيد بقيد كقولنا الانسان من حيث انّه غيرا نوع او
لم يقيد كقولنا الانسان نوع فالقضيّة طبيعيّة فان الحكم فى احد القسمين على طبيعة
الكلى المقيد وفى الآخر على طبيعة الكلى المطلق ومقتضى بعض الكلمات ان المهملة اعمّ
من الطّبيعة كما ذكره العضدى من انّ موضوع القضيّة ان كان جزئيا معيّنا نحو من يد
انسان تسمّى شخصيّة وان كان موضوعها ليس جزئيا معيّنا نحو بعض الانسان عالم تسمّى
جزئية محصورة وامكان موضوعها ليس جزئيا معيّنا لكنه مبين كلية نحو كل جوهر متخير
تسمّى كلّية محصورة وان كان موضوعها ليس جزئيا معينا ولم يبين لا كلية ولا جزئية
نحو الانسان لفى خسر تسمّى مهملة حيث انّ ما ذكره فى تفسير المهملة اعمّ مما كان
موضوعه الفرد المجمل او الطبيعة ولعلّ المدار فى الطّبيعة على هذا على كون الموضوع
هو الطّبيعة لا بشرط ويحتمل ان يكون المدار على كون الموضوع والطبيعة يشترط لا او
الاعمّ من الطّبيعة لا بشرط لا فالمرجع الى ان الطّبيعة يحتمل فيها كل من الاقوال
الثلاثة المتقدّمة لكن من الظاهر كون المدار على كون الموضوع هو الطّبيعة لا بشرط
وقد صرّح التفتازانى ايضا بعموم الكلام المذكور فى تفسير المهملة للطبيعيّة وربما
ذكر بعض فى وجه التّسمية بالمهملة انها من جهة اهمال السّور وربما ذكر بعض آخر
نقلا فى وجه التّسمية لها من جهة انها اهملت ولم يبين احكامها من التناقض والعكوس
استغناء عنها بذكر الجزئية ثم ان مقتضى كلام العضدى ان المهملة اخصّ من الجزئية
بملاحظة ان المدار فى الجزئية على مجرّد عدم ذكر الكلّية وان لم يذكر سور الجزئية
وليس بشيء لوضوح ان المدار فى الجزئية على ذكر سور الجزئية كما اورد به التفتازانى
فالمهملة خارجة عن الجزئية مضافا الى ان مقتضى صريح كلامه قبيل ذلك ان المدار فى
الجزئية على ذكر سور الجزئية حيث انّه جعل المدار فى الجزئية على ما يكون موضوعه
مبينا جزئية فيكم بعض بان المهملة والجزئية متلازمتان تعليلا بانه كلما صدق الحكم
على افراد الموضوع فى الجملة صدق على بعض افراد وبالعكس قال فالمهملة مندرجة فى
الجزئية والمقصود بالتلازم هو التلازم فى الصّدق لا التلازم فى الوجود كيف لا
والمتلازم فى الوجود ينافى الاندراج المحكوم به بالأخرة لاقتضاء التّلازم فى
الوجود المغايرة وحكم بعض آخر بان المهملة فى قوّة الجزئية وفسّره بالتلازم اقول
انه لا مجال لصدق الجزئية على المهملة اذ المدار فى الجزئية على ذكر سور البعض
والمدار فى المهملة على عدم ذكر السور وبعد البون فى البين بين فلا مجال لصدق
الجزئية على المهملة ومنشأ الاشتباه انما هو الاشتباه بين استلزام ثبوت الحكم
للجزئيات فى الجملة لثبوته لبعض الجزئيات واستلزام ثبوت الحلم لبعض الجزئيات
لثبوته فى بعض الجزئيات
__________________
وبوجه آخر الاشتباه بين استلزام الامر المعنوى اعنى ثبوت الحكم فى جميع
الافراد فى الجملة للامر المعنوى اعنى ثبوت الحكم لبعض الافراد واستلزام الامر
اللفظى اعنى القضيّة المهملة للامر اللفظى اعنى القضيّة الجزئية فكلّ من الكلمات
الثلث المذكورة واضح الفساد ومع هذا الحق وجود الكلى الطبيعى فى الخارج فالموضوع
فى الانسان هو الطبيعة لا بشرط وتعليق الحكم على الطبيعة لا بشرط يستلزم سراية
الحكم الى جميع الافراد سواء كان الحكم شرعيّا نحو البيع حلال او عقليّا نحو الكل
اعظم من الجزء نعم لو كان الطبيعة لا بشرط فى تلو الامر فيسرى الوجوب الى الافراد
تخييرا ولا مجال لوجوب الجميع تعيينا لحصول امتثال الامر بالطبيعة باتيان فرد واحد
قهرا فدعوى الاجمال فى باب الاهمال ان كانت مبنية على عدم وجود الكلى الطبيعى فى
الخارج فهى ضعيفة والا فهى اضعف لظهور اسم الجنس فى الطبيعة واقتضائه الاطلاق على
الاطلاق اى فى جميع القضايا واقتضائه العموم السّريانى لو لم يكن فى تلو الامر فلا
وجه لدعوى الاجمال واحتمال ارادة البعض ومع هذا مرجع الامر الى ان الاجمال لا
يتمشى منه ازيد مما يتمشى من القضية الجزئية فالاجمال ضعيف الحال من قبيل ضعف ثبوت
الحكم فى بعض الافراد والمهملة فى قوة الجزئية وليت من حكم بهذا لم يفسره بالتلازم
لسقوط دعوى التلازم بما سمعت لكن الاجمال بناء على قاعدة الاشتغال فى قوّة الكلية
اذ على هذا يتمشى من القضيّة الكلية إلّا ان يقال ان المقصود من كون
الاهمال فى قوة الجزئية هو كونها فى حكم الجزئية بالنّسبة الى الواقع وبناء على
قاعدة الاشتغال ليس الالتزام بالاتيان بالجزء المشكوك فيه او الفرد المشكوك فيه من
باب الاخذ بالاجمال بل انّما هو من باب قاعدة العمل بمقتضى حكم العقل وغيره ومع
هذا استعمال اسم الجنس فى جميع الافراد مجاز غير معهود ليس منه عين ولا اثر فى
الكلمات بل يستلزم الجمع بين المعنى الحقيقى والمعنى المجازى فى استعمال واحد كما
هو الحال فى الاستعمال فى البعض الغير المعين بل هو الحال فى الاستعمال فى البعض
المعيّن نعم حديث اطلاق الكلى على الفرد معروف ولا باس به فاحتمال كون المقصود
بالانسان لفى خسر هو جميع الافراد لا اعتداد به ولا بدّ ان يكون هذا الاحتمال من
باب استعمال المدخول والّا فلو كان من باب افادة الداخل اعنى الالف واللام ولو من
باب الوضع للاستغراق فيخرج القضيّة عن الاهمال وتدخل فى المحصورة مضافا الى عدم
مساوقة الحرف للاسم وضعا وعدم ثبوت استعمال الحرف فى الاسم فضلا عن عدم مجيء ذلك
على القول بكون الالف واللام موضوعة للاشارة الى المدخول كما هو معروف وراس
القائلين بذلك السيّد الشّريف ثم انه لو ثبت حجيّة الظنّ بحكم العقل فان كان
الثابت حجيّة طبيعة الظنّ فى الجملة كما هو الحال فى دليل الانسداد بناء على
ملاحظته بالنّسبة الى مجموع وقايع التكليف فالامر من باب الاهمال بناء على كون
المدار فى الاهمال على اجمال حال الفرد واما لو ثبت حجيّة طبيعة الظنّ لا بشرط
فيعمّ الحجيّة لجميع الافراد من باب السّراية سواء كان الامر من باب الاهمال أو لا
ولو كان الثابت حجيّة جميع افراد الظنّ كما هو مقتضى دليل الانسداد بناء على
ملاحظته بالنّسبة الى آحاد وقائع التكاليف فيعمّ الحجية لجميع الافراد ولا اشكال
الّا انّه من باب ورود الحكم على كل واحد من الآحاد بالاصالة لا يتبع الورود على
العام كما فى العموم الاصولى بقى انّه ربما يتاتى الاشكال فيما اشتهر من تقسيم
الطّبيعة الى الطّبيعة لا بشرط والطّبيعة بشرط شيء والطّبيعة بشر لا نظرا الى انّه
لا يتجاوز الامر عن عدم الاشتراط بشيء فكيف يصحّ تقسيم الطبيعة الى الطّبيعة لا
بشرط وغيرها ويندفع بان المقصود من الطّبيعة لا بشرط هو الطّبيعة المقيّدة بعدم
الاشتراط والمقسم هو الطبيعة فى الجملة اى الخالية عن جميع القيود حتى قيد عدم
الاشتراط ونظير تقسيم الطبيعة الى الطبيعة لا يشرط وغيرها تقسيم الماء الى الماء
المطلق والمضاف وتقسيم الاجتهاد الى الاطلاق والتجزى وتقسيم المفعول الى المفعول
المطلق وغيره ويرشد الى ما ذكرنا ما يتادى اليه الكلام المحقق القمّى فى بحث
استعمال المشترك فى اكثر من معنى واحد من ان الالفاظ موضوعة للمعانى فى حال الوحدة
خالية عن ملاحظة عدم الاشتراط بالوحدة او عدمها لكن قد يكون لا بشرط عنوانا للذات
لا تقييدا لها بالاطلاق ومنه ما اشتهر من ان الطّبيعة اللابشرط يجامع مع الف شرط
حيث ان المقصود بالطبيعة اللابشرط فيه هو المقسم لا القسم والا عن الواضح عدم
امكان اجتماع الاطلاق والتقييد وان امكن الاصلاح بكون الفرض ذات الطبيعة اللابشرط
مع قطع الظن عن وصف اللابشرطية لكنّه خلاف الظاهر ونظير ذلك ان الحيثية فى
الماهيّة من حيث هى هى قد تكون عنوانا للذات فهى خارجة عن الحيثية التقييديّة
والحيثية التعليلية كما صرّح به صاحب الاسفار وقد تكون من باب التقييد بالإطلاق اى
الماهية
__________________
بشرط لا المقدّمة الثّالثة والعشرون انّه قد حكم الوالد الماجد ره فى بحث
جواز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصّص بان النزاع فى حجية مطلق الظنّ والظنون
الخاصّة فى خصوص وجود المقتضى ولا يعمّ رفع المانع بل يكفى فيه الظنّ مطلقا ولذا
جرى على كفاية اخبار الفاسق الواحد بعدم المخصّص اذا افاد الظنّ اقول انّ ما ذكره
انما يتم لو كان الظنّ بالحكم مستندا الى الظنّ بالاقتضاء الناشى من اللفظ بشرط
الظنّ بعدم المانع اى كان الظنّ بعموم الحكم مستندا الى الظنّ بعموم اللفظ بشرط
الظنّ بعدم المخصّص نظير ما جرى عليه فى باب الخبر الضّعيف المنجبر ضعف دلالته او
ضعف سنده بالشّهرة من ان الظنّ بالحكم مستند الى الخبر والا فلو كان الظنّ بالحكم
مستندا الى مجموع الظنّ بالاقتضاء وعدم المانع كما هو الظّاهر فلا مجال لحجيّة
الظن المتحصّل بناء على حجية الظّنون الخاصّة نعم لو كان الظنّ بعدم المانع ممّا تعارف
القناعة به فى العمل بمداليل الالفاظ بين الناس فلا باس بالعمل به بناء على حجية
الظنون الخاصّة اذ الظّاهر عموم القناعة فى اعصار الحضور فيتاتى التقرير ويقضى
باعتبار الظنّ المشار اليه وامّا ما جرى عليه فى باب الخبر الضّعيف المنجبر
بالشهرة فلا باس به لو تمّ فى باب ضعف الدّلالة الا ان الظاهر كون الظنّ مستندا
الى المجموع المركّب لو لم يكن مستندا الى الشهرة من باب استناد الشيء الى الجزء
الاخير من العلّة التّامة والظنّ الخارج هنا من باب الدخيل فى المقتضى بخلاف الظنّ
فى اخبار الفاسق بعدم المانع فيما تقدّم فانه من باب الظنّ بعدم المانع وان لا
يختلف حال الظنّ المتحصّل بالحكم بعد استناده الى المجموع المركّب من حيث الحجيّة
وجودا وعدما بين مداخلة الظنّ الخارج فى الاقتضاء وتمحضه لدفع المانع وامّا ضعف
السّند فلا جدوى فى استناد الظنّ الى نفس الخبر قضيّة الاجماع على عدم جواز العمل
بالخبر الضّعيف وان افاد الظنّ بالحكم ومن هذا ان السيّد السّند العلىّ جرى فى باب
الخبر الضّعيف المنجبر ضعف سنده بالشّهرة على ان كلّا من الخبر والشّهرة دليل
مستقلّ بناء على حجيّة مطلق الظنّ وان كان الظنّ المستفاد من الخبر الضّعيف غير
موصوف بالحجيّة وكذا كان الظنّ المستفاد من الشّهرة غير موصوف بالحجيّة ايضا
بواسطة استلزام حجيّتها عدم الحجيّة لعدم ثبوت الاجماع على عدم حجية الظنّ
المستفاد من الخبر الضّعيف فى الخبر الضّعيف المقرون بالشّهرة اذا لقدر المتيقن من
الاجماع المذكور انما هو الخبر الضّعيف المنفرد اى الغير المقرون بالشّهرة وكذا
عدم ثبوت عموم الشّهرة القائمة على عدم حجيّة الشّهرة للشّهرة المقرونة بالخبر اذ
القدر المتيقن من الشّهرة المشار اليها انّما هو الشّهرة المجرّدة اى الخالية عن
الاقتران بالخبر الضّعيف ويمكن ان يذب بان منطوق آية النّبإ يقتضى حجية الخبر
الضّعيف المنجبر ضعف سنده بالشّهرة بواسطة حصول التبيّن بناء على كون وجوب التبيّن
شرطيا لا تعبّديا فمقتضاه حجيّة الخبر الضّعيف المفيد للظنّ بنفسه من باب القطع
بعدم الفرق لكن غاية الامر قيام الاجماع على عدم اعتبار الخبر الضّعيف المفيد
للظنّ بنفسه وهذا لا يوجب عدم اعتبار الخبر الضّعيف المنجبر ضعف سنده بالشّهرة اى
المقرون بالشّهرة بل اقتضاء منطوق آية النّبإ حجية بحاله فلا باس بحجية الخبر
الضّعيف سندا بشرط الشّهرة واستناد الظنّ الى مجموع الخبر والشّهرة يوجب عدم
اعتبار الخبر ويمكن ان يعترض ايضا بانه لا حاجة فى حجية الخبر الضّعيف المنجبر
بالشّهرة الى التّدبير المذكور لاقتضاء اطلاق منطوق آية النبإ حجيّة الظنّ
المتحصّل بالتبيّن ولو كان الظنّ مستندا الى الخارج كما انه لو كان الشهرة فى جانب؟؟؟
الى؟؟؟ دعوى كون الظنّ بالحكم مستندا الى الخبر بشرط الشهرة كما جرى عليه الوالد
الماجد ره ايضا لاقتضاء ما دل على حجية الخبر الراجح حجيّة الظنّ المتحصّل فى جانب؟؟؟
ولو كان الظنّ مستندا الى مجموع الخبر والشّهرة او الى الشّهرة ويمكن
الاعتراض ايضا بان القدر المتيقّن حجية من الظّنون اللّفظية بناء على حجية الظنون
الخاصّة ما لو كان الظنّ باستقلال اللّفظ من غير اشتراط بمثل الشّهرة وما لو كان الظنّ باشتراط مثل الشّهرة لو لم نقل بعموم
ما دلّ على حجية الظّنون اللّفظية لما كان باشتراط مثل الشّهرة هذا بعد الاغماض عن
انّ الظاهر من آية النّبإ كون التبيّن عن صدق الخبر وهذا لا يجرى فى باب الشّهرة
المطابقة فلا يتّجه الاستناد الى منطوق الآية فى انجبار الخبر الضّعيف المنجبر
بالشّهرة المطابقة لان الشّهرة المطابقة توجب قوّة الظنّ بمضمون الرّواية لا نفس
الرّواية والاسناد المشتمل على الضّعف كما ان الظّاهر من منطوق الآية كفاية هو
الظنّ بالصّدق بلا واسطة فلا يجرى فى باب الخبر الموثق والقوى وكذا الحسن لان الظنّ بالصّدق فى هذه الاخبار انّما
يحصل بتوسّط الظنّ بالوثاقة فى الموثق وتوسّط الظنّ بحسن الحال
__________________
فى الحسن والقوى نعم دعوى القطع بعدم الفرق بين الظنّ بصدق الخبر الحاصل
بالتبيّن بلا واسطة كما فى الخبر الضّعيف المنجبر بالشهرة العملية والظنّ بصدق
الخبر الحاصل بتوسّط الظنّ بالوثاقة وحسن الحال كما فى الخبر الموثق والحسن والقوى
او دعوى القطع بعدم الفرق بين الظنّ بصدق الخبر الحاصل بتحصيله بنفسه كما فى الخبر
الاول والظنّ بصدق الخبر الحاصل بتحصيل الظنّ بالوثاقة او حسن الحال والممتنع
تحصيله بنفسه بعد حصوله بالامرين كما فى الاخبار الاخيرة كلام آخر لا باس به
ومقتضاه دلالة منطوق آية النبإ على اعتبار الخبر الضّعيف المنجبر بالشّهرة العملية
واعتبار الخبر الثلاثة الاخيرة من باب القطع بعدم الفرق وكذا
اعتبار الخبر الصحيح بالاولويّة مضافا الى دلالة المفهوم على اعتباره وايضا يتاتى
دعوى القطع بعدم الفرق بين الخبر الفاسق المتبيّن عنه كالخبر الضعيف المنجبر
بالشهرة العملية وخبر الفاسق التبيّن كخبر الموثق واخويه لحصول الظنّ بالواقع من
دون تبيّن عن الواقع وان وقع الفحص عن حال الراوى وتحصيل الظنّ بالوثاقة او الحسن
وايضا يتاتى القطع بعدم الفرق بين تحصيل الظنّ بالصدق تفصيلا اى فى خصوص الواقعة
التى اتفق فيها والاخبار والاسناد كما فى الخبر الضّعيف المنجبر بالشهرة العمليّة
او اجمالا كما فى الخبر الموثّق واخويه بناء على انصراف التبيّن فى آية النّبإ الى
تحصيل الظنّ بالصّدق تفصيلا كما هو الاظهر المقدّمة الرابعة والعشرون ان من الاصول
المعروفة اصالة العدم وقد شاع التمسّك بها وتكرّر الاستناد اليها فى كلمات الفقهاء
العظام وشرحت حالها ببسط الكلام فى الاصول فى سوابق الايام مع تعميق النظر على
الوجه التّام التّمام ولكن اعجبنى ان ننشر هاهنا فيها المقال على حسب ما يقتضيه
الحال والمجال فنقول انه قد اختلف كلام الاصحاب فى المراد بالاصل فى الباب فثلة
جعلوا المراد به الاستصحاب كالسيّد الصّدر والعلامة البهبهانى فى شرح المفاتيح
وفوائده والسيّد السّند العلى فى بعض رسائله والمحقق القمّى فى الاستصحاب القوانين
وجرى العلامة النجفى على كون الاصل المشار اليه اصلا برأسه وحجية لذاته قال اصل
العدم حجة عند المجتهدين لانه من الاصول التى عول عليها العقلاء وجرت عليها سيرة
الانبياء والاوصياء الى زمن خاتم الانبياء والائمّة الامناء ونوابهم من العلماء
فان الشّاهد انما يطلب على الثبوت فان لم يكن كان البناء على العدم وعلى مثل ذلك
بنى جميع الاعوام من الكفار واهل الاسلام ويدل عليه مع ذلك انه لا نسبة للموجود
الى المعدوم وهو فى جنبه بمنزلة المعدوم وحجيّته لذاته لا لجريان حكم الاستصحاب
وان قل ما يفترقان والظاهر ان مرجع كلامه الى القاعدة المستفادة من طريقة العقلاء
والراجح بواسطة غلبة المعدوم بالنّسبة الى الموجود حتّى انّ الموجود فى جنب
المعدوم بمنزلة المعدوم وجرى الوالد الماجد ره ايضا على كون الاصل المذكور اصلا
برأسه واختاره سيّدنا بملاحظة استقرار سيرة العقلاء كافة على ترتيب آثار العدم على
المشكوك وجوده وبناء العمل فيه على العدم من غير ملاحظة للحالة السّابقة واحتمل
الفاضل التّونى حمله على الحالة الراجحة او الاستصحاب وتبعه العلّامة البهبهانى فى
بعض تحقيقاته والسيّد السّند المحسن الكاظمى قد جعل المدرك للاصل المذكور
الاستصحاب والراجح لاحتياج الوجود الى امر زائد من فاعل وداع وارادة وبعض اصحابنا
قد جعل الدليل على حجيّته فى نفى الحكم التكليفى ما دل على حجية اصل البراءة من
العقل والنّقل وفى نفى الحكم الوضعى عموم ما دل على الوضع والرفع؟؟؟ سسس وغيره من
اخبار اصل البراءة والاستصحاب الّا انّه عدل بالأخرة عن الاستدلال على حجيّته فى
نفى الحكم الوضعى بالعموم المذكور وهذا الاصل يجرى فى نفى الاحكام الوضعيّة
كالتكليفيّة بخلاف اصالة البراءة فانها مختصّ بالاحكام التكليفيّة وهى تجرى فى نفى
الحكم فى الشّبهة الموضوعيّة بخلافه لعدم وفاء شيء من مداركه به وهو يجرى ايضا فى
نفى الموضوعات اللّغوية والموضوعات من حيث التحصّل بخلافها لو كان الغرض منه اصالة
العدم الممكن المشكوك وجوده كما هو الاظهر دون ما لو كان الغرض منه اصالة عدم
الحكم المشكوك فيه فالنّسبة على اىّ حال بين الاصل المذكور واصالة البراءة من باب
العموم والخصوص من وجه وامّا حجيّة الاصل المذكور مع قطع النّظر عن الاستصحاب او
فيما لا يجرى فيه الاستصحاب ولا اصل البراءة فهى عندى محلّ الاشكال لعدم وفاء ما
ذكر لافادة الرّجحان للافادة وعدم عموم اخبار الحجب والوضع لنفى الحكم الوضعى فضلا
عن الموضوعات لظهورها فى المؤاخذة فينحصر الامر فى طريقة العقلاء وهى العمدة الّا
ان الثّابت من طريقة العقلاء انّما هو البناء على العدم فيما علم عدم دليل على
وجوده وان لم يعلم دليل على عدمه والظاهر انه المراد بما ادّعاه
__________________
العلامة النجفى فى العبارة المتقدّمة من استقرار سيرة الانبياء والاوصياء
الى زمان خاتم الانبياء ص والأئمّة الامناء ونوّابهم من العلماء على البناء على
العدم من دون مطالبة الشّاهد عليه بل اختصاص الثّبوت بمطالبة الشّاهد عليه وعلى
ذلك المنوال الحال لو ظن عدم الدليل على الثّبوت وامّا لو شكّ بالاحتمال المساوى
بين الوجود والعدم فى وجود الدّليل على الوجود سواء علم عدم الدليل على العدم او
ظن او به شك فيه والمرجع الى الشك فى الحكم ولو على تقدير العلم بعدم الدّليل على
العدم او الظنّ به لكون النتيجة تابعة لاخس المقدّمتين قضيّة ان المفروض الشك فى
وجود الدّليل على ثبوت الحكم فلا ريب فى ان العقلاء يعاملون ح معاملة العدم فى عدم
ترتيب آثار الوجود واما ترتيب آثار العدم فهو محلّ الاشكال ولو فرضنا استقرار
طريقة العقلاء على البناء على العدم من حيث عدم ترتيب آثار الوجود وترتيب آثار
العدم عند الشكّ فى ثبوت حكم شرعىّ فبعد الاشكال فيه باقتضائه البناء على العدم فى
الشك فى الاباحة ايضا وباحتمال كون ذلك من جهة ملاحظة الحالة السّابقة نقول انه لا
يتمّ طريقة العقلاء الا من جهة مجيء التّقرير لعموم حجيّة التّقرير لما فعل بحضرة
المعصوم عليه السّلم ولم ينكره او فعل فى زمانه ولم ينكر على التّفصيل الّذى
حرّرناه فى محلّه ولا خفاء فى انّ اغلب موارد اصل العدم مورد الاستصحاب ايضا كما
اعترف به العلّامة النّجفى فى العبارة المتقدّمة ويمكن ان يكون عدم الانكار من جهة
حجيّة الاستصحاب الّا ان يقال انّه لو كان طريقة العقلاء فى جميع الموارد مقرونة
بالاستصحاب لما لزم الرّدع لكن لما كان بعض الموارد لا يتاتى فيه الاستصحاب فلو
كان الطّريقة غير مرضيّة لزم الرّدع الّا ان يقال ان اغلب موارد اصل العدم يتاتى
فيه الاستصحاب فلعلّ ندرة ما لا يتاتّى فيه الاستصحاب بعد فرض وقوعه فى زمان ارباب
العصمة عليهم السّلم واطّلاعهم عليه بالاسباب المتعارفة قد اوجبت عدم الرّدع كيف
لا وربما اشتهر ان الاحكام الشرعيّة دائرة مدار الغالب ومع ما ذكر نقول ان كون
البناء على العدم عند الشك فى الحكم الشّرعى متداولا فى زمان ارباب العصمة عليهم
السّلم واطلعوا عليه بالاسباب المتعارفة حتّى يتاتى التّقرير محلّ الأشكال وان قلت
انه لا مجال لمنع التّداول قلت لا باس به اذ الغالب فى البناء على العدم عند عدم
الدّليل على الوجود انّما هو الغفلة لا الشكّ المبنىّ على التفطّن ومزيد الكلام
موكول الى ما حرّرناه فى محلّه المقدّمة الخامسة والعشرون انّ عمدة الكلام فى
المقام انّما هى فى حجيّة خبر الواحد بان حجيّته من باب الظنون الخاصّة او حجيّة
مطلق الظنّ فالكلام فى المقام بعد الفراغ عن حجيّة خبر الواحد فى الجملة ولما اتفق
القول بعدم حجيّته راسا فالمناسب البحث قبل الاقدام فى المرام عن اصل الحجيّة
فنقول ان المشهور بين الخاصة والعامة هو القول بالحجّية والسّيّد المرتضى قد أصرّ
في عدم الحجيّة حتى انّه حكم بجريان العمل به مجرى القياس بل ادّعى الضرورة عليه
فقال فى الموصليات على ما حكى فى السّرائر ان اصحابنا كلّهم سلفهم وخلفهم
ومتقدّميهم ومتاخّريهم يمنعون عن العمل باخبار الآحاد وعن القياس فى الشّريعة
ويعيبون على الذّاهب اليهما والمتعلّق بهما حتّى صار هذا المذهب لظهوره وانتشاره
معلوما ضرورة منهم وغير مشكوك فيه من اقوالهم وقال فى التباينات على ما فى المعالم
ان اصحابنا لا يعملون بخبر الواحد وان ادعاء خلاف ذلك عليهم دفع للضّرورى لانّا
نعلم علما ضروريّا لا يدخل فى مثله ريب وشكّ انّ العلماء الشّيعة الاماميّة يذهبون
الى ان اخبار الآحاد لا يجوز العمل بها فى الشّريعة ولا التّعويل عليها وانها ليست
بحجّة ولا دلالة وقد ملئوا الطّوامر وسطروا الاساطير فى الاحتجاج على ذلك والنقض
على مخالفيهم ومنهم من يزيد على تلك ويذهب الى انّه يستحيل من طريق العقول ان يتعبّد الله
باخبار الآحاد ويجرى ظهور مذهبهم فى اخبار الآحاد مجرى ظهوره فى ابطال القياس
وحظره وقال فى المسألة التى افردها فى البحث عن العمل بخبر الواحد على ما فى
المعالم انّه ايضا بين فى التبانيات ان العلم الضّرورى حاصل الكلّ مخالف للامامية
او موافق لهم بانّهم لا يعملون فى الشّريعة بخبر لا يوجب العلم وان ذلك قد صار
شعارا لهم يعرفون به كما انّ نفى القياس فى الشّريعة من شعارهم الّذى يعلمه منهم
كلّ مخالط لهم وقال فى الذّريعة فى ردّ الاستدلال على حجيّة خبر الواحد بعمل الصّحابة
والتابعين ان الاماميّة تدفع هذه الطّريقة ويقول انما عمل باخبار الآحاد
المتامّرون الذين يتجشم التّصريح بخلافهم والخروج من جملتهم فامساك النكير عليهم
لا لا يدل على الرّضاء بما فعلوه لان نشترط فى دلالة الامساك على الرّضاء ان لا يكون له وجه
سوى الرّضاء من تقية وخوف وما
__________________
اشبه ذلك لكنه قال فى الموصليات بعد ما مرّ نقلا ان قيل أليس شيوخ هذه
الطّائفة قد عولوا فى كتبهم فى الاحكام الشرعيّة على الاخبار التى رووها ثقاتهم
وجعلوها العمدة والحجّة فى هذه الاحكام حتى رووا عن ائمتهم فيما يجيء مختلفا من
الاخبار عند عدم الترجيح كله ان يؤخذ منه ما هو ابعد عن قول العامّة وهذا يناقض ما
قدمتموه قلنا ليس ينبغى ان يرجع من الامور المعلومة والمذاهب المشهورة المقطوعة
بما هو مشتبه ملتبس محتمل وقد علم كل موافق ومخالف ان الشّيعة الاماميّة تبطل
القياس فى الشّريعة حيث لا يؤدى الى العلم وكذلك نقول فى اخبار الآحاد ومقتضى هذه
العبارة كما ذكره السيّد السّند المحسن الكاظمى ان منشأ دعوى الضّرورة على عدم
جواز العمل بخبر الواحد هو قيام الضّرورة على عدم جواز العمل بالقياس حسبان ان علة
عدم جواز العمل بالقياس افادة الظنّ المعتبرة المطّردة فى العمل بخبر الواحد
المظنون صدوره فهو باطل حذو بطلان القياس وهو واضح الفساد حيث انّ منشأ ضرورة عدم
جواز العمل بالقياس ولم يثبت انّ منشأ عدم الجواز مجرّد افادة الظنّ فلا
باس بان يكون فى القياس خصوصيّة موجبة لحرمة العمل به غير مطّردة فى خبر الواحد
مثل كثرة تخلفه ومخالفته مع الواقع لكون بناء الشّرع على تفريق المجتمعات وجمع
المختلفات بل قد يقال ان القياس لا يفيد الظنّ بعد التدبّر من هذه الجهة الّا انّه
يفيد ظنّا بدويّا ولو فرضنا عدم ثبوت استناد تلك الضّرورة الى تلك الاخبار فلا
اقلّ من احتمال الاستناد ولو لم يعلم علّة التحريم فى الاخبار كما سمعت فلا يثبت
من قيام الضّرورة على بطلان القياس كونه من اجل افادة الظنّ فلا يثبت بطلان خبر الواحد بل لا شكّ فى ان علّة تحريم
القياس ليست هى افادة الظنّ لما ستسمع من الاخبار الدّالة على حجيّة خبر الواحد
ونقل الاجماعات عليه فضلا عن قيام دليل الانسداد على حجيّة خبر الواحد على تقدير
عموم النّزاع لصورة انسداد باب العلم وحكى القول بذلك عن جماعة كابن زهرة وابن
البراج وابن ادريس بل عن الاخير دعوى ان المخالفين من اصحاب المقالات يذكرون فى
كتبهم فى مقالات اهل الآراء والمذاهب ان الشّيعة الاماميّة لا نرى العمل فى
الشرعيّات باخبار الآحاد وقال شيخنا المفيد ذكر ذلك ايضا فى كتاب المقالات وهو
مقتضى ما حكاه فى المعارج فى بعض مباحث القياس عن شيخنا المفيد فى قوله انّ الخبر
القاطع للعذر هو الذى يقترن اليه دليل يفضى بالنّظر فيه الى العلم وربما يكون ذلك
اجماعا او شاهدا من عقل او حاكما من قياس وحكى القول بذلك صاحب المعالم عن شيخنا
الطّوسى حيث ذكر انه لم يتّضح من حال الشيخ وامثاله المخالفة للسيّد معلّلا بانه
كانت اخبار الاصحاب يومئذ قريبة العهد بزمان القاء ائمّتنا المعصومين صلوات الله
تعالى عليهم اجمعين واستفادة الأحكام منهم وكانت القرائن المعاضدة لها متيسرة كما
اشار اليه السيّد ولم يعلم انهم اعتمدوا على الخبر المجرّد ليظهر مخالفتهم لرأيه
فيه قال وقد تفطّن المحقق من كلام الشّيخ لما قلناه فقال وذهب شيخنا ابو جعفر الى
العمل بخبر العدل من رواة اصحابنا لكن لفظه وان كان مطلقا فعند التحقيق تبين لا
يعمل بالخبر مطلقا بل بهذه الأخبار الّتى رويت عن الأئمة ع ودونها الاصحاب لا ان
كلّ خبر يرويه امامى يجب العمل به هذا الّذى تبيّن لى من كلامه ويدّعى اجماع
الاصحاب على العمل بهذه الاخبار حتى لو رواها غير الإماميّ وكان الخبر سليما عن
المعارض واشتهر نقله فى هذه الكتب الدّائرة بين الاصحاب عمل به ثمّ قال وما فهمه
المحقق من كلام الشيخ هو الّذى ينبغى ان يعتمد عليه لا ما نسبه العلّامة اليه
ومراده بما نسبه العلّامة الى الشّيخ هو القول بجواز العمل بخبر الواحد فيما ذكره
من ان الأخباريّين لم يعولوا فى اصول الدّين وفروعه الا على اخبار الآحاد
والاصوليّون منهم كابى جعفر الطّوسى وافقوا على قبول خبر الواحد ولم ينكره سوى
المرتضى واتباعه لشبهة حصلت لهم وعن غير واحد من المتاخّرين متابعة صاحب المعالم فى
دعوى عدم دلالة كلام الشّيخ على حجيّة الاخبار المجرّدة عن القرينة وحكى السّيد
الصّدر عن شهاب الاخباريّين فى رسالته انه قال بعد ما استحسن ما ذكره صاحب المعالم
ولقد احسن النّظر وفهم طريقة السّيّد والشّيخ من كلام المحقّق كما هو حقّه والّذى
يظهر منه انّه لم ير عدة الاصول للشيخ وانّما فهم ذلك ممّا نقله المحقق ره ولو
رآها لصدع بالحقّ اكثر من هذا وكم له من تحقيق أبان به عن غفلات المتاخّرين كوالده
وغيره وفيما ذكره كفاية لمن طلب الحقّ وعرفه وكلام الشّيخ صريح فيما فهمه المحقّق
وموافق لما يقوله السّيّد والّذى اوقع العلّامة فى هذا الوهم ما ذكره الشّيخ فى
العدّة من انه يجوز العمل بخبر العدل الإماميّ ولم يتامّل بقية الكلام كما تأمّله
المحقّق ليعلم انه انّما
__________________
انما يجوز العمل بهذه الاخبار التى دونها الاصحاب واجمعوا على جواز العمل
بها وذلك ممّا يوجب العلم بصحّتها لا انّ كل خبر يرويه عدل امامى يجب العمل به
والا فكيف يظنّ باكابر الفرقة الناجية واصحاب الائمة على قدرتهم على اخذ اصول
الدّين وفروعه عنهم بطريق اليقين ان يعولوا فيها على اخبار الآحاد المجرّدة مع ان
مذهب العلامة وغيره انه لا بدّ فى اصول الدّين من الدليل وانّ المقلد فى ذلك خارج
عن ربقة الاسلام وللعلّامة واتباعه كثير من هذه الغفلات لالفة اذهانهم بكتب اصول
العامة ومن تتبع كتب القدماء وعرف احوالهم قطع بان الاخباريين من اصحابنا لم
يكونوا يعولون فى عقائدهم الا على الاخبار المتواترة والمحفوفة بالقرائن المفيدة
للعلم واما خبر الواحد فيوجب عندهم الاحتياط دون القضاء والافتاء لانّه من باب
الشّبهات وعن الأسترآبادي ان الشيخ لا يجيز العمل الا بالخبر المقطوع بصدوره عنهم
وذلك هو مراد المرتضى قصارت المناقشة لفظية لا كما توهّمه العلامة ومن تبعه بل
مقتضى مقالة كلّ من قال بكون الكتب الاربعة مقطوع الصّدور دعوى موافقة الشّيخ
للسيّد حيث انّه اذا ادّعى القطع لنفسه بصدور الاخبار الّتى اودعها الشّيخ فى
كتابيه فكيف يرضى للشيخ بالعمل بالأخبار المجردة عن القرينة كما ان مقتضى مقالتهم
موافقتهم للسيّد فى دعوى عدم جواز العمل بخبر الواحد المجرّد عن القرينة الّا ان
يقال ان من قال بكون اخبار الكتب الاربعة مقطوع الصّدور فغاية الامر العمل بخبر
الواحد فى حال القطع بالصّدور وكذا حسبان عمل الشيخ بالخبر فى حال القطع بالصّدور
ولا يثبت بذلك دعوى اشتراط العمل بالخبر بالقطع بالصّدور ولا حسبان اشتراط العمل
بالخبر بالقطع بالصّدور عند الشيخ اقول انّ كلام الشّيخ فى العدّة وان كان موهما
بادى الراى لانكار جواز العمل بخبر الواحد حيث انه نسب نقلا القول بجواز العمل به
شرعا الى المخالفين وشدد الانكار عليهم وابطل كلّ ما استدلّوا به إلّا انّه بعد
ذلك صرّح بجواز العمل بخبر الواحد فى كلمات شتى واقام الدّليل عليه بل قد ادّعى
عليه الاجماع فقال وامّا ما اخترته من المذهب فهو ان خبر الواحد اذا كان واردا من
طريق اصحابنا القائلين بالامامة وكان مرويّا عن النّبى صلىاللهعليهوآله او عن واحد من الائمة عليهم السّلم وكان ممّا لا يطعن
فى روايته ويكون سديدا فى نقله ولم يكن هناك قرينة تدلّ على صحّة ما تضمّنه الخبر كان الاعتبار بالقرينة وكان ذلك موجبا
للعلم ونحن نذكر القرائن فيما بعد جاز العمل به والّذى يدلّ على ذلك اجماع الفرقة
المحقّة فانّى وجدتها مجمعة على العمل بهذه الاخبار الّتى رووها فى تصانيفهم
ودونوها فى اصولهم لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعون حتى انّ واحدا منهم اذا افتى بشيء
لا يعرفونه سألوه من اين قلت هذا فاذا احالهم على كتاب معروف واصل مشهور وكان
راويه ثقة لا ينكرون حديثه وسكتوا وسلموا الامر الى ذلك وقبلوا قوله هذه عادتهم
وسجيتهم من عهد النّبى صلىاللهعليهوآله ومن بعده من الائمة عليهم السّلم الى زمان الصادق جعفر
بن محمّد عليه السّلم الّذى انتشر عنه العلم وكثر الرّواية من جهته فلو لا ان
العمل بهذه الاخبار كان جائزا لما اجمعوا على ذلك وانت خبير بما فى العبارة
المذكورة من صراحة على جواز العمل بخبر الثقة المجرّدة عن القرينة ومقصوده
بالجواز الوجوب من باب اطلاق الكلّى على الفرد ونظيره ما وقع من بعض من العنوان
بانّه هل يجوز العمل بخبر الواحد وقال ايضا فان قيل ما انكرتم ان يكون الّذين
اشرتم اليهم لم يعملوا بهذه الاخبار بمجرّدها بل انّما عملوا بها لقرائن اقترنت
بها ادلّتهم على صحّتها ولاجلها عملوا بها واذا جاز ذلك لم يكن الاعتماد على عملهم
بها قيل القرائن الّتى تقترن بالخبر وتدلّ على صحّته مخصوصة بامور نذكرها فيما بعد
من الكتاب والسّنة والإجماع والتّواتر ونحن نعلم انه ليس فى جميع المسائل الّتى
استعملوها فيها اخبار الآحاد ذلك لانّها اكثر من ان تحصى موجودة فى كتبهم
وتصانيفهم وفتاويهم لانه لا يمكن فى جميعها الاستدلال بالقرآن لعدم ذكر ذلك فى صريحه
وفحواه ودليله ومعناه ولا بالسنّة المتواترة لعدم ذكر ذلك فى اكثر الاحكام بل
لوجودها فى مسائل معدودة ولا بالاجماع لوجود الاختلاف فى ذلك فعلم انّ ادعاء
القرائن فى جميع هذه المسائل دعوى مخالفة للضّرورة ومن ادّعى القرائن فى جميع ما
ذكرناه كان معولا على ما يعلم ضرورة خلافه مدافعا لما يعلم من نفسه ضدّه ونقيضه
وانت خبير ايضا بكمال صراحة هذه العبارة من حيث دلالتها على حجيّة خبر الواحد المجرّد عن
القرينة وقال ايضا انّا وجدنا الطّائفة منيرت الرّجال الناقلة لهذه الأخبار فوثقت
الثقات منهم وضعفت الضّعفاء وفرّقوا بين من يعتمد على حديثه وروايته ومن لا يعتمد
على خبره ومدحوا الممدوح منهم وذموا المذموم
__________________
منهم وقالوا فلان متهم فى حديثه وفلان كذّاب وفلان مخلط فى المذهب
والاعتقاد وفلان واقفى وفلان فطحىّ وغير ذلك من الطّعون الّتى ذكروها وصنّفوا فى
ذلك الكتب واستثنوا الرّجل من جملة ما رووه من التّصانيف فى فهارسهم حتّى ان واحدا
منهم اذا انكر حديثا نظر فى اسناده وضعفه براويه هذه عادتهم على قديم الوقت وحديثه
لا يتخرم فلو لا ان العمل بما يسلم من الطّعن ويرويه من هو موثوق به جائزا لما كان
بينه وبين غيره فرق وكان خبره مطروحا مثل خبر غيره وقال ايضا وان كان ما رووه يعنى
الفطحيّة والواقفيّة والناووسيّة واضرابهم ليس هناك ما يخالفه ولا يعلم من
الطّائفة العمل بخلافه وجب ايضا العمل به اذا كان متحرّجا فى روايته موثوقا به فى
امانته وان كان فطحيّا فى اصل الاعتقاد قال ولاجل ما قلناه عملت الطّائفة باخبار
الفطحيّة مثل عبد الله بن بكير وغيره واخبار الواقفيّة مثل سماعة بن مهران وعلىّ
بن حمزة وعثمان بن عيسى ومن بعد هؤلاء ما رواه بنو فضال وبنو سماعة والطّاطريّون
وغيرهم فيما لم يكن فيه عندهم خلافه وقال ايضا فاما اذا كان مخالفا فى الاعتقاد
لاصل المذهب وروى مع ذلك عن الائمة عليهم السّلم نظر فيما يرويه فان كان هناك فى
طرق الموثوق بهم ما يخالفه وجب اطراح خبره وان لم يكن هناك ما يوجب اطّراح خبره
ويكون هناك ما يوافقه وجب العمل به وان لم يكن هناك من الفرقة المحقّة خبر يوافق
ذلك ولا يخالفه ولا يعرف لهم قول فيه وجب ايضا العمل به لما روى عن الصّادق عليه
السّلم انه قال اذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما روى عنّا فانظروا الى ما
رووه عن علىّ عليه السّلم فاعملوا به ولاجل ما قلناه عملت الطّائفة بما رواه حفض
بن وغياث بن كلوب ونوح بن درّاج والسّكونى وغيرهم من العامّة عن ائمّتنا
عليهم السّلم ولم ينكروه وقال فى الاستبصار وامّا القسم الآخر فهو كل خبر لا يكون متواترا
ويتعرى من واحد من هذه القرائن فان ذلك خبر واحد ويجوز العمل به على شروط فاذا كان
خبر لا يعارضه خبر آخر فان ذلك يجب العمل به لانّه من الباب الّذى عليه الاجماع فى
النّقل الّا ان يعرف فتاويهم بخلافه ويترك لاجله العمل به فلا مجال للارتياب ممّن
له ادنى دربة فى العلم فى كون مذهب الشّيخ جواز العمل بخبر الواحد المجرّد عن
القرينة وقد اجاد بعض الاعاظم فى قوله انّ دعوى دلالة كلام الشّيخ فى العدّة على
عمله بالاخبار المحفوفة بالقرائن العلميّة دون المجرّدة عنها وانه ليس مخالفا
للسّيّد فهو كمصادمة الضّرورة لكن المؤاخذة فى الباب انما تصحّ من الشهاب حيث ان
الظّاهر منه بل صريحه كون العدّة حاضرا عنده بل مقتضى كلامه انّ صاحب المعالم لو
كان العدّة حاضرا عنده لكان انكاره لدلالة كلام الشّيخ على جواز العمل بخبر الواحد
الخالى عن القرينة اشدّ واصراره على موافقته للسّيّد ازيد وما ينصرح منه من ان
منشأ نسبة الوهم الى العلّامة فى استفادة مدلول كلام الشيخ هو دعوى الشّيخ اجماع
الاصحاب على العمل بالاخبار المدوّنة حيث ان اجماعهم يصير قرينة لصحّة هذه الاخبار
فيفيد العلم فالاجماع قرينة عامة للشّيخ بالنّسبة الى جميع تلك الأخبار مدفوع بان الاجماع
على العمل لا يقتضى ان يكون من جهة القطع بالصّدور مع ان بعض كلماته المتقدّمة ينادى باعلى صوته بعدم
اقتران الاخبار بالقرائن المفيدة للقطع لا نفس المجمعين راسا فما لم يصر مقطوع
الصّدور لهم كيف يصير مقطوع الصّدور لمن تاخّر عنهم ويلاحظ اجماعهم على ان الظّاهر
ان مقصوده بالاجماع ليس هو الاجماع على العمل بكلّ واحد من الأخبار المدوّنة بل
الاجماع على الرّجوع اليها بعد حصول الوثوق بالرّاوى وعدم المنع عن العمل بها وعدم
ردّها من جهة كونها اخبار آحاد حيث انه كيف يمكن ان يدّعى من له ادنى فضل اجماع
الاصحاب فى كلّ واحد من موارد اخبار الآحاد مع اختلاف الاصحاب كثيرا ما فى الاحكام
لاختلاف الرّوايات كما يرشد اليه شكاية غير واحد من اصحاب الائمة عليهم السّلم
اليهم اختلاف اصحابهم وجوابهم تارة بانّهم قد القوا الخلاف والاختلاف بينهم حقنا
لدمائهم كما فى رواية حريز وزرارة وابى ايّوب الخراز واخرى بان ذلك من جهة
الكذابين كما فى رواية الفيض مع ان الشّيخ بنفسه قد انكر حصول الاجماع معلّلا
بحصول الاختلاف الّا ان يقال ان مقصوده انّ المجمعين على العمل من جهة سبق الاجماع لحصول الاختلاف فلا باس بتحصّل
الاجماع بالنّسبة الى الشّيخ وان كان هذا الاجماع مسبوقا بالاختلاف لكن لا شكّ فى
انّ مقصوده بالإجماع ليس الاجماع على العمل فى كلّ واحد من الاخبار فمقصوده انّ
رجوع الأصحاب الى الاخبار وعدم ردّها ليس من جهة الاحتفاف بالاجماع لحصول الاختلاف
بين الجمعين وكذا بين السّابقين عليهم بل من جهة جواز العمل بخبر الواحد المجرّد
عن القرينة وما ينصرح منه من كون اصحاب الأئمة عاملين باليقين ينافيه اختلافهم
لاختلاف الاخبار كما انّ دعوى التمكن من العمل باليقين واخذ الاحكام على سبيل
العلم و
__________________
القطع ممنوعة بالنّسبة الى جميعهم وفى جميع الازمان مع انه لا يفيد التمكّن
لاكابر الفرقة الناجية كالشيخ وامثاله المقصودين باكابر الفرقة الناجية كالشيخ
وامثاله المقصودين باكابر الفرقة الناجية فى كلامه واما صاحب المعالم فعذره انه لم
يحضره العدّة حين كتابة هذا الموضع كما حكى عنه فى بعض حواشيه واستظهره شهاب
الاخباريّين كما يظهر ممّا مر من كلامه فهو انّما استفاد مراد الشيخ ممّا نقله
المحقق من كلامه إلّا انه يتطرّق عليه ايراد وكذا يتطرّق ايراد على المحقق مضافا
الى ظهور فساد كلامها بما تقدّم امّا الايراد عليه فهو انّ مدار كلامه على عدم
ظهور مخالفة الشيخ للسيّد ومقتضى كلام المحقق ظهور الموافقة اذ مقتضى كلامه ان
الشيخ لا يعمل بما عدا الاخبار المدوّنة وان كان النّفى فى قوله لا يعمل بما عدا
الاخبار المدوّنة وان كان النفى فى قوله لا يعمل بالخبر مطا لسلب العموم قضيّة
وروده على الاطلاق اذ سلب العموم لا يختلف مع عموم السّلب فى افادة انتفاء الحكم
فى بعض الافراد والفرق فى دلالة سلب العموم من باب المفهوم على ثبوت الحكم فى بعض
الافراد ودلالة عموم السّلب على انتفاء الحكم فيه ايضا ومن ذلك ان النفى الوارد
على العموم قد يكون للسّلب فى الجملة برزخا بين سلب العموم وعموم السّلب فطرح
الاتحاد منه بين ما زعمه وما حكاه عن المحقق كما ترى إلّا ان يقال ان صدر كلام
المحقّق وان يظهر عن ظهور الموافقة لكن مقتضى قوله فى الذّيل الا انّ كلّ خبر
يرويه امامى يجب العمل به عدم ظهور المخالفة لكنّه مدفوع بان الامر فى القول
المشار اليه فى الذّيل لا يتجاوز عن سلب العموم اذ مقتضاه عدم وجوب العمل ببعض
افراد خبر غير الامامى اى ما عدا الاخبار المدونة فمقتضاه عدم جواز العمل ببعض
افراد خبر الامامى اذ لا مجال للاباحة كيف لا وقد سمعت ان سلب العموم لا يختلف مع
عموم السّلب فى انتفاء الحكم فى بعض الافراد فالمرجع الى ظهور الموافقة وبما سمعت
يظهر ضعف ما توهّمه الشّهاب فى الباب من اتّحاد مفاد كلام المحقق وكلام صاحب
المعالم فى دعوى ظهور الموافقة كما جرى نفسه على هذه الدّعوى وامّا الايراد على المحقق
فهو ان الظاهر بل بلا اشكال انّ الشيخ يتمسّك بالاجماع على العمل بالروايات
المدوّنة فى كتب الاصحاب على حجية مطلق خبر العدل الإماميّ بناء على انّ الوجه فى
عملهم انما هو جهة كونها اخبار آحاد لا جهة تدوينها وكذا ما ادّعاه من العمل
بروايات الطّوائف الخاصّة من غير الاماميّة بل ظهور كون المقصود منه كون الاجماع
على العمل باخبارهم من جهة كونها اخبارهم اشدّ لعدم ذكر التّدوين فى دعوى الاجماع
على العمل برواياتهم الّا ان يقال ان المقصود بالاجماع على العمل بالاخبار المدوّنة هو كونه من جهة كونها اخبار آحاد لا كونه من جهة كونها
مدوّنة انه لم ياخذ كون الخبر مدوّنا فى بيان مختاره من جواز العمل بخبر الواحد
ولم يذكر اشتراطه عند الشّرائط وبما مر ينقدح فساد نسبة القول بالانكار من الفاضل
التّونى الى الشّيخ بل هو نسبه الى ابن بابويه فى كتاب الغيبة وكذا الى المحقّق بل
قال نحن لم نجد قائلا صريحا بحجية خبر الواحد ممن تقدّم على العلّامة الّا ان
السيّد السّند المحسن الكاظمى قال وامّا ما حكاه عن الصّدوق فى كتاب الغيبة فان
اراد به كتاب اكمال الدّين واتمام النّعمة المؤلّف فى غيبة القائم عجل الله تعالى
فرجه فقد تتبعنا مظان ذكره فلم نعثر عليه ولعل للصّدوق كتابا آخر يعرف بكتاب
الغيبة وكيف كان فسيرة الصّدوق وطريقته فى جميع كتبه على كثرتها فى اصول الدين
وفروعه لا تكاد تخفى على من له ادنى مسكة أتراه ما كان ياخذ بخبر حتى يكون موافقا
لاحد الادلّة الاربعة وان وقع منه ذلك فانما يريد به باخبار الآحاد ما جاء به من
لا يعرف او كان خارجا عن طريقتنا لا ما رواه اصحابنا ودونوه فى كتبهم وعملوا عليه
انتهى وامّا المحقّق فهو فى المعارج وان ذكر مقالة السيّد والشّيخ وذكر ادلتهما من
غير ترجيح لاحد القولين الّا انه قال فى مسئلة بعده واذا تجرّد عن القرائن الدالة
على صدقه ولم يوجد ما يدلّ على خلاف ما تضمّنه افتقر العمل به الى شروط مذكورة فى
الفصول المتعقّبة لهذه ثمّ ذكر الشّروط الخمسة المعروفة من العقل والبلوغ والايمان
والعدالة والضّبط ولعلّ الفاضل المذكور لم يعثر على المعارج او لم يحسن التامّل
فيه نعم ربما يظهر من كلامه فى المعتبر القول بالانكار حيث انه نقلا بعد ان نقل
اختلاف الناس فى خبر الواحد وانّه ما بين افراط وتفريط واعاب على من اقتصر على
سليم السّند وقال انّه طعن فى علماء الشّيعة وقدح فى المذهب اذ لا مصنف الا وهو
يعمل بخبر الممدوح كما يعمل بخبر العدل قال والتوسّط اصوب فما قبله الاصحاب او دلت
القرائن على صحّته عمل به وما اعرض عنه الاصحاب او شذ يجب اطراحه واحتجّ على كلّ
من دعاويه الثلاثة العمل بالمقبول والعمل بالمقرون واطراح المرفوض واحتجاجه بحجية المقبول طاهر فى ان المراد به المجمع
على قبوله والعمل به ثم قال فى آخر كلامه لا يقال لو لم يكن خبر الواحد حجّة لما
نقل
__________________
لانا ننقض ذلك بنقل من عرف فسقه وكفره ومن قذف بوضع الاخبار ورمى بالغلو والاخبار
التى استدلّوا بها فى البحوث العلميّة كالتّوحيد والعدل والجواب فى الكلّ واحد الا
ان السيّد السّند المحسن الكاظمى ارتكب التوجيه بكون المقصود بالجمع عليه ما كان
فى الكتب المشهورة والاصول المعتمدة وكون المقصود بخبر الواحد فى آخر الكلام ما
كان مجرّدا عن المزيّة من كونه رواية ثقة مامون وكونه مقبولا لدى الاصحاب غير
مرفوض شاذ كما هو المعروف على السنة المتقدّمين وهو الّذى اجمعوا على رده واشتبه
فيه من اشتبه لا ما ليس بالمتواتر وان كان راويه ثقة مامونا من الاصحاب ولم يكن
مرفوضا قال ومن ثم ترى الشيخ وهو يصرّح بقبول خبر العدل بل كل مامون يروى خبر
الواحد ثم قال انّ طريقته يعنى المحقّق فى الاخذ بالاخبار طريقة اكثر الاصحاب قلما
يتعلّق بالاجماع وما زال ينكر على ابن ادريس فى ادّعاء الاجماع حيث اعوز الدّليل
ولو سلك سبيل السيّد وابن زهره وابن ادريس لبنى اكثر الاحكام على ما بنو عليه
ومبنى التّوجيه المذكور ما حكاه عن صاحب لسان الخواص من انّ هذه الكلمة اعنى خبر
الواحد على ما يستفاد من تتبع كلماتهم تستعمل فى ثلاثة معان احدها الشّاذ النادر
الّذى لم يعمل به احد او ندر من يعمل به ويقابله من عمل به كثيرون الثانى ما يقابل
الماخوذ من الثقات المحفوظ فى الاصول المعمول عند جميع خواصّ الطّائفة فيشمل
الاوّل وما يقابله الثّالث ما يقابل المتواتر القطعىّ الصّدور وهذا يشمل الأوّلين
وما يقابلهما فما لم يغبر رئيس الطّائفة ونقل اجماع الشّيعة على انكاره هو الاول
لا غير كما يظهر من العدّة حيث صرّح بجواز العمل بخبر الثقة وان كان فاسد المذهب
او فاسقا بجوارحه وقال فى موضع آخر فدلّلنا على بطلان العمل بالقياس وخبر الواحد
الّذى يختصّ المخالف بروايته وما انفرد السيّد برده هو الثّانى لا غير كما يظهر من
جواب المسائل التّبانيات وامّا الثالث فلم يتحقق من احد نفيه على الاطلاق قوله بل
نحن لم نجد اه قال السيّد السّند المحسن الكاظمى ليت شعرى كيف يكون التّصريح او
ليس هذا شيخ الطّائفة ورئيسها قد ملأ العدّة بالتّصريح ووشح الاستبصار وهل بقى على
الاصحاب المتقدّمين على المحقق وو العلّامة من كتب الاصول سواهما قل لى ايّما اقعد
القول او العمل او ليس عمل من تقدّمهما عدا ما استثنى اى السيّد ومن وافقه الا على
الاخذ بهذه الاخبار واذا يصنع بالتّصريح بعد وضوح المسلك وهل يطلب القول الّا
لمعرفة العمل ونسب؟؟؟ القول بالانكار الى الشّيعة وهو ان كان من جهة ملاحظة نقل
الاجماع على الانكار من السيّد حيث ان العامّة كانوا يلاحظون كتب السّيد وكانوا
يطّلعون على مذاهبه وربما يعبّر عنه فى كلماتهم بالشّريف المرتضى كما اتفق فى بحث
التّواتر فى اشتراط عدم سبق الشّبهة الى ذهن السّامع فلا مؤاخذة عنهما وانّما
المؤاخذة من السيّد والّا فهو فرية بلا مرية ونظيره كثيرا ما يتّفق حيث ينسب
المذاهب السخيفة فى كلمات العامة الى الشّيعة وحكى بعض الاعاظم ان المنكرين
افترقوا فبعضهم ينكره لانه لا يوجد فى الادلّة الشرعيّة ما يدل على كونه حجّة فوجب
القطع بانّه ليس بحجة وبعضهم يقول ورد فى الادلّة ما يدلّ على المنع عنه وربما
يحكى عن ابى على تفصيل وعن ابى عبد الله البصرى تفصيل آخر لا يعتدّ بشيء منهما واستدلّ
على القول بعدم حجيّة خبر الواحد بوجوه من الآيات والاخبار والاجماع والعقل امّا
الآيات فمنها قوله سبحانه فى سورة يونس (وَما يَتَّبِعُ
أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) وفى سورة النّجم (إِنَّ الَّذِينَ لا
يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى وَما
لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا
يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) وقيل فى التقريب ان الظنّ عام لانّه معرف بلام الجنس
فيفيد انّ جنس الظنّ من حيث انّه هو جنس الظنّ لا يغنى من الحقّ شيئا فيلزم ان
يكون كلّ فرد من افراده كذلك ومن افراده الظنّ الحاصل من خبر الواحد فلا يكون
الظنّ الحاصل منه مغنيا من الحقّ شيئا وهو المطلوب وفيه اولا انّ الظّاهر منه ان
عموم الظنّ بواسطة التعرّف باللام وعموم المفرد باللام وقد حرّرنا فى محلّه عدم
دلالة المفرد المعرّف باللّام على افادة العموم نعم يتاتّى العموم فى المقام
بواسطة السّريان وعموم العلّة لكنّه ليس من باب العموم الوضعى بل من باب الاطلاق
وثانيا ان تخصيص العموم خصوصا عمومات الكتاب ايسر امر فيخصّص العموم المذكور
بالاخبار والإجماعات المنقولة المتقدّمة الدالة على حجيّة خبر الواحد بل بالعقل
اعنى دليل الانسداد على التحقيق بناء على عموم النّزاع لصورة انسداد باب العلم كما
فى امثال زماننا او فى كونه فى خصوصها الّا انه على تقدير التخصيص بالعقل لا يختصّ
الفرد الخارج بخبر الواحد بل
الخارج ح مطلق الظن فى الاحكام الشرعية مما لم يقم دليل خاصّ على عدم
اعتباره وثالثا ان اطلاقات الكتاب واردة مورد الاجمال وقد خرج عن العمومات الناهية
عن العمل بالظن افراد لا تحصى من الظن حيث ان عمومها افرادىّ فليس الخارج منها نوع
الظن فى القبلة وركعات الصّلاة مثلا بل الخارج افراد الظنّ فى القبلة مثلا ولا
عبرة باطلاقات الكتاب وعموماته كما حرّرناه فى محله لا بدّ ان لا يخلو اطلاقاته
وعموماته عن فرد تجرى هى فيه وفيما نحن فيه كثير من افراد الظن ممنوع عنه كالظن فى
الاصول الدين مع امكان العلم بل افراد الظنون الثابت بالدليل عدم اعتبارها فى
الاحكام الشرعيّة بل جميع افراد الظنون ممّا لم يثبت اعتباره على القول بحجيّة
الظّنون الخاصّة وبعض افراد الظنّ فى الموضوعات من حيث التحصّل بل جميعها على
تقدير عدم حجية الظنّ فى الموضوعات من حيث التحصّل فتدبّر ورابعا ان الظّاهر ان
المقصود بالظنّ فى قوله سبحانه ان الظنّ هو ما كان غير مربوط بالدليل الدال على
اعتباره الموجب لاطمينان النفس وسكونها لا مطلق الاعتقاد الراجح الغير المانع عن
النقيض وان كان مربوطا بالدليل المذكور من جهة ان الظّاهر من تعليق الاتباع على
الظنّ فى قوله سبحانه (وَما يَتَّبِعُ
أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا) وقوله سبحانه (إِنْ يَتَّبِعُونَ
إِلَّا الظَّنَّ) هو كون متابعتهم للظنّ من جهة كونه ظنّا لا قيام
الدّليل على اعتباره فالظاهر بشهادة السّياق كون المراد فى ذيل الايتين هو الظنّ
الخالى عن الدّليل فلا يشمل الظن المتبوع من جهة قيام الدّليل على اعتباره كخبر
الواحد لقيام الدّليل على اعتباره خصوصا او عموما بل يرشد الى ذلك اعنى كون الظنّ
المتبوع للكفار هو الظن من حيث انه هو صدر الآية الثانية حيث ان تسمية الملائكة
تسمية الانثى ليست الا من جهة خيال خال عن المستند بل كون ظنون الكفار غير مربوط
بالدّليل مقطوع به وان قلت انّ ما ذكرت ينافى القول بعموم العلّة قلت انا نقول
بعموم العلّة ايضا فلا نقول باختصاص الحرمة بظنون الكفار الا ان عموم العلّة بعد
ضعفه لكونه من باب الاطلاق انما يقتضى التجاوز عن الكفار وعن اصول الدّين ولا
يقتضى التجاوز عن اصل العلة والمفروض ان العلّة انّما هى الظنّ الخالى عن المستند
الدال على اعتباره فلا مجال للتعدّى عنه وايضا سوق الايتين للذّم والظّاهر من مقام
الذمّ انّ ما يذم به ما يكون مذموما عند المخاطب بل معروفا بالذم كما يشهد به
ملاحظة المجاورات العرفيّة ولا شكّ ان متابعة الاعتقاد الراجح الغير المانع عن
النقيض لا تكون مذمومة مطلقا ولو كانت مربوطة بالدّليل إلّا ان يقال انّ متابعة
الظن من حيث انه هو وان كان مذموما عند ارباب البصيرة لكن لو كان المذموميّة عند
المخاطب كافية فى التذميم فلعلّ ابتاع الاعتقاد الرّاجح كان مذموما عند سيّد
الانبياء صلىاللهعليهوآله لكن نقول ان الظّاهر بل بلا اشكال ان اتباع الظن مطلقا
لم يكن عنده مذموما ايضا فالقدر الثابت مما كان مذموما من اتباع الظنّ عنده هو
اتباع الظن الخالى عن الدّليل على الاعتبار فلا اقلّ من الشك فى شمول الآية للظنّ
المربوط بالدّليل وايضا الظّنون التى تقع فى الامور العادية غير مربوطة بالدّليل
على الاعتبار فاغلب افراد الظنّ خال عن الدّليل على الاعتبار فاطلاق الظنّ فى
الايتين ينصرف الى ما كان خاليا عن الدليل فلا اقل من الشكّ فى الشّمول للظنّ
المربوط بالدليل على اعتباره خصوصا او عموما وايضا قد يقال ان العلم حقيقة فى مطلق
الاعتقاد المطمئن سواء كان الاطمينان على وجه الجزم او من جهة قوة الظنّ او
اعتباره وان كان ضعيفا فى نفسه حيث انّه لم يذكر فى الصّحاح والقاموس للعلم معنى
غير المعرفة فالظنّ حقيقة فى الاعتقاد الرّاجح مع بقاء التردّد والاضطراب كما هو مقتضى تفسير الظنّ فى القاموس بالتردّد الرّاجح
وبعد التنزّل عنه نقول ان العلم حقيقة فى الاعتقاد المطمئن المذكور ومن هذا قولك
اعلمنى فلان بهذا لو اخبرك فلان به مع حصول الظنّ المطمئن فلا يشمل الآية على
التقديرين للظنّ الثّابت اعتباره بالدّليل وان يشمل الظنّ القوىّ الحاصل من غير
الدّليل لكنه يضعف بان الظّاهر كون العلم لغة حقيقة فى الجزم بل هو ظاهر المعرفة
فى تفسير الصّحاح والقاموس كما انّ تطرّق الحقيقة الثانويّة على العلم محلّ الكلام
وان قلنا بكثرة استعمال العلم فى الظنّ والظّاهر ان العلم فى المثال المذكور
مستعمل فى الظنّ المطمئن لا مطلق الاعتقاد المطمئن الاعمّ من الجزم واورد ايضا بان
غاية ما يستفاد من الآية الشّريفة انما هى المنع عن العمل بالظنّ فى اصول الدّين
وليس فيها دلالة على المنع من العمل به فى فروع الدّين والمسائل الفقهيّة
والموضوعات من حيث الاستنباط ومن حيث التحصّل وينصرح هذا الايراد من جماعة منهم
صاحب المعالم فى قوله ان آيات الظنّ ظاهرة بحسب السّوق فى الاختصاص باتباع الظنّ
فى اصول الدّين لانّ الذمّ
__________________
فيها على الكفّار على ما كانوا يعتقدونه واجيب بان قوله تعالى ان الظنّ
يفيد عموم الحكم لجميع افراد الظنّ اما بواسطة كون المفرد المعرّف باللام موضوعا
للعموم او لكونه محمولا عليه بواسطة قرينة الحكمة او السّريان او الدّلالة
الالتزاميّة العرفيّة ولا يقدح فى ذلك وروده مورد ذم الكفار لان العبرة بعموم
اللّفظ لا بخصوص المورد ورد بان عدم اعتبار خصوص المورد انما هو على تقدير كون
الوارد عاما وضعيّا واما لو كان الوارد مطلقا كما هو الحال فى الآية لان المفرد
المعرّف باللام لا يخرج امره عن الاطلاق فلا يبعد القول فيه باعتبار خصوص السّبب
ولا اقل من التوقف بين العموم والخصوص ومعه ايضا لا يمكن الحكم بالعموم فيسقط
الاستدلال سلمنا لكن الظّاهر ان حرف التّعريف فى قوله تعالى ان الظنّ للعهد
الخارجى قضيّة اعادة النكرة اعنى قوله ظنا معرفة اذ قد تقرّر ان الاصل فى اعادة
النكرة معرفة ان يكون حرف التّعريف اشارة الى النكرة كما فى قوله تعالى فعصى فرعون
الرّسول سلمنا لكن نقول ان العموم الظّاهر من الآية لا يمكن المصير اليه للقطع
بحجية ظنون كثيرة فى نفس الاحكام الشرعيّة وفى المطالب اللغويّة وفى الموضوعات من
حيث التحصّل فيدور الامر بين الحمل على العهد الخارجى وارتكاب تقييدات كثيرة ولا
ترجيح فيجب التوقف ومعه يسقط الاستدلال لا يقال ان الامر دائر بين التقييد والمجاز
لانّ حمل التعريف على العهد الخارجى مجاز وقد تقرّر ان التقييد اولى من المجاز حيث
يدور الامر بينهما لانا نقول لا نسلم ان الحمل على العهد الخارجى مجاز لاحتمال
الاشتراك بين الجنس والاستغراق والعهدين وعلى هذا فلا شبهة فى ان الحمل على العهد
الخارجى اولى من ارتكاب التقييد لانه مخالف للاصل بالاتفاق ولا كذلك حمل المشترك
على بعض معانيه على القول باجماله كما هو الحقّ سلمنا لكن لا نسلم مرجوحية المجاز
بالنّسبة الى التقييد هنا للزوم تقييدات كثيرة مع عدم قيام دليل على ان مطلق
التقييد اولى من مطلق المجاز وفى الجميع نظر امّا الاول فلان الظّاهر من قوله تعالى
ان الظنّ هو العموم لوروده مورد التّعليل فالمدار على العموم لعموم العلّة وايضا
ليس تسمية الملائكة بالانثى مربوطة باصول الدّين فالسّوق المذكور لا يتاتى فى
الآية الثانية بل بعض الآيات الآتية فما ادّعاه صاحب المعالم من اتفاق الآيات بحسب
السّوق فى الظنّ فى الاصول ليس على ما ينبغى واما الثانى فلان خصوصيّة المورد
الغير المعتبرة هى ما لو كان المذكور فى كلام المتكلّم هو اللّفظ العام فقط وكان
خصوص المورد الذى هو عبارة عن شان النّزول وسؤال السّائل ووقوع الواقعة خارجا عن
كلام المتكلّم ومثال الاوّلين ظاهر ومثال الاخير ما لو نظر المعصوم عليه السّلم
الى ظرف فيه ماء وفى الماء بعض النّجاسات وقال اهرقه فان مقتضى عدم اعتبار خصوص
المورد هو نجاسة جنس المائع الملاقى لجنس النجاسة وامّا العموم لافراد نوع
النّجاسة الواقعة فى الماء فهو مبنى على عموم ترك الاستفصال حيث ان المدار فى الفرق
بين بحث عموم ترك الاستفصال وعدم اعتبار خصوص المورد انّ المدار فى الاوّل على
تعميم الحكم لافراد نوع المورد والمدار فى الثانى على الحاق غير المورد بالمورد اى
تعميم الحكم لانواع جنس المورد مضافا الى كون المدار فى الاوّل على الاطلاق وكون
المدار فى الثّانى على العموم وان يلحق به الإطلاق على القول به لكن لو كان الامر
من باب الاطلاق فقد يجتمع ترك الاستفصال وعدم اعتبار خصوص المورد فتعميم الحكم
لافراد نوع المورد بالاوّل ولانواع جنسه بالثانى وقد ينفرد الاوّل كما لو اجيب
بمثل نعم واما لو كان خصوص المورد داخلا ومذكورا فى كلام المتكلّم فلا يدخل فى
عنوان عدم اعتبار خصوص المورد والّا فلو قيل ان جاءك زيد فاكرم العلماء لكان مقتضى
عدم اعتبار المورد القول بوجوب اكرام العلماء وان لم يجيء زيد ولا مجال للقول به
من قائل مع انّه لو كان خصوص المورد غير متمكن من تخصيص العموم المذكور للزم عدم تمكن القرائن عن اثبات التجوّز اذ
غاية الامر فى المقام شهادة خصوص المورد بالتجوّز فى التخصيص ولا فرق بين هذه
القرينة وسائر القرائن فلو لم يتمكن القرينة هنا عن اثبات التجوّز فلا يتمكن شيء
منها من سائر القرائن عن اثبات التجوز ايضا ومن ذلك القبيل الاستناد الى عدم
اعتبار خصوص المورد فى مورد الكلام مع فرض ورود الآية اعنى قوله سبحانه ان الظن لا
يغنى من الحق شيئا مورد ذمّ الكفّار وسبق حكاية متابعة الكفار للظنّ وكذا الاستناد
فى عموم حجيّة البيّنة بقوله سبحانه (وَاسْتَشْهِدُوا
شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) وقوله سبحانه (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ
عَدْلٍ مِنْكُمْ) وتقييد اطلاق الشّاهد فى الاوّل بالتقييد بالعدالة فى
الثانى كما اتفق فى كلام الفقهاء مع سبق ذكر حكاية المداينة فى الاوّل وسبق ذكر
حكاية
__________________
الطلاق فى الثانى وكذا الاستناد بقوله سبحانه (وَلا تُبْطِلُوا
أَعْمالَكُمْ) على وجوب اتمام العبادة كالصلاة مثلا بعد الشروع مع ان
مقتضى سوق لا حق الآية بل سابقها كون المقصود ابطال العمل بالكفر استناد الى
اعتبار عموم اللّفظ وعدم اعتبار خصوص المورد كما وقع الاستناد مع التفطن بالسّوق
من العلّامة البهبهانى وكذا الاستدلال بقوله سبحانه (ما يُرِيدُ اللهُ
لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ
نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) على قاعدة نفى العسر والحرج مع انّ سوق سابق الآية بل
لاحقها يقتضى كون المقصود الحرج فى الطّهارة او التيمّم كما احتملهما البيضاوى
وفسّر بالاول بعض آخر اللهمّ الا يكون المقصود انه سبحانه لا يريد بمطلق تكاليفه
المشقة بل التطهير من الذنوب اشارة الى حال الطّهارة او التيمّم للصّلاة ونظير ذلك
ما صنعه البيضاوى من تقييد اطلاق قوله سبحانه (إِنْ يَكُونُوا
فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) بالمشيّة بواسطة التقييد بها فى قوله سبحانه وان خفتم
عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله ان شاء مع كون الاوّل فى المخافة عن الفقر فى
التّزويج والثانى فى المخافة عن الفقر بواسطة منع الكفار عن اقتراب المسجد الحرام
وانقطاع ما كان من قدومهم من المكاسب والارزاق وامّا الاخير فلاعتبار اطلاق الوارد
بناء على اعتبار عمومه على ما شرحناه فى محلّه مع انّه لو لا اعتبار الاطلاق لما
يتّجه التمسّك بترك الاستفصال اذ المدار فيه على التمسّك بالاطلاق فى تعميم الحكم
لافراد نوع المورد لكنّه غير قابل لتعميم الحكم الانواع جنس المورد كما هو
مقتضى دعوى ان العبرة باطلاق الوارد لا خصوص المورد لكنك خبير بانه ان كان الاطلاق
قابلا لتعميم الحكم لافراد نوع المورد لكان قابلا لتعميم الحكم لانواع جنس المورد
وان كان غير قابل للثانى لكان غير قابل للاوّل والتفصيل لا عبرة به ومع هذا اقول
ان الظّاهر من المفرد المعرّف باللّام فى المقام هو العموم بواسطة التّعليل وان
كان الحمل على العموم مستلزما لتقييدات كثيرة لكن ورد التقييدات والتّخصيصات
الكثير على اطلاقات الكتاب وعموماته غير عزيز وتحقيق الحال ان الاستدلال انما هو
بعموم المفرد المعرّف باللّام من دون تفطّن بعموم التّعليل وعلى هذا المنوال الحال
فى اتمام الاستدلال فى الردّ على الجواب عن الايراد على الاستدلال والاظهر
الاستدلال بعموم التعليل من باب دلالة الايماء على التعليل بناء على تعميمها لكلام
المتكلّم الواحد كما ياتى تفصيل الكلام فيه والتّعليل يمانع عن حمل الالف واللّام
على العهد وان قلت فعلى هذا كيف جريت على حمل الظنّ فى العلّة على الاعتقاد الراجح
الخالى عن الدّليل بتوسّط كون المقصود بالظنّ فى جانب المعلول هو الاعتقاد المذكور
قلت قد سمعت عدم ممانعة حمل الظنّ فى جانب العلّة على ذلك عن عموم العلّة اذ مقتضى
عموم العلّة عدم جواز متابعة الاطلاق الرّاجح المشار اليه لغير الكفار ايضا لكن
بناء على العمل على العهد لا مجال للتجوّز عن الكفار فلا مجال لعموم العلّة وان
قلت انّه بناء على الحمل على العهد يتاتى العموم فلا يمانع التّعليل عن الحمل على
العهد اذ المفاد على هذا عدم جواز العمل بالظنّ فى اصول الدّين لغير الكفار قلت
انّه على تقدير الحمل على العهد يكون المعهود هو الظنون المتشخصة ولا مجال للتعدّى
عنها وجعل المفاد عدم جواز العمل بالظنّ فى اصول الدّين ولو لغير الكفار يرجع الى
الحمل على نوع المعهود وهو غير مربوط بدليل وان قلت انّ غاية الامر اختصاص العلّة
واختصاص العلّة لا يمانع عن العموم كيف لا وفي حرمت الخمر لاسكارها وهو المعروف فى
محلّ النّزاع فى باب حجيّة منصوص العلّة يتاتى العموم مع العهد فالحمل على العهد
لا ينافى مقام التّعليل ولا يمانع عنه مقام التّعليل قلت انّه لو كان العلّة
متمحضة للتّعليل من غير امتزاج ببيان الحكم على وجه الاختصاص كما لو قيل الخمر
حرام لان الخمر المسكر حرام او لان كلّ خمر مسكر حرام والّا فلا يتاتى عموم العلّة
بناء على ابتنائه على اضمار الكبرى اى كون العموم لفظيّا كما هو الاظهر نعم بناء
على ابتنائه على حكم العقل يتم ما ذكر كما انّه لو كان العلّة متذيلة ببيان الحكم
الكلى على وجه الاختصاص كما لو قيل الخمر حرام لانّه مسكر والخمر المسكر حرام او
وكل خمر مسكر حرام لا يتاتى عموم العلّة ايضا من باب العموم اللّفظى وان يتاتى من
باب العموم العقلى لكن الامثلة المذكورة خارجة عن مورد النّزاع فى باب حجيّة منصوص
العلّة وكذا لو امتزج العلّة ببيان الحكم على وجه العموم كما لو قيل الخمر حرام
لان المسكر حرام او لانّ كلّ مسكر حرام او كان العلّة متذيلة ببيان الحكم على وجه
العموم كما لو قيل الخمر حرام لانّه مسكر والمسكر حرام او وكلّ مسكر حرام يخرج
الامر عن مورد النّزاع ويتاتى العموم بلا اشكال وبالجملة مرجع الامر الى تعارض
__________________
اقتضاء ظهور اعادة النكرة معرفة للحمل على العهد واقتضاء مقام التعليل
للحمل على الجنس الا ان الثانى اقوى عرفا وان قلت ان ورود التقييد ولا سيما لو كان
كثيرا يمانع عن عموم العلّة قضية عدم قبول العلة للتخصيص قلت ان ممانعة التخصيص عن
العموم انما يتاتى لو كان عموم العلة عقليا واما بناء على كونه لفظيّا فلا باس
بالتخصيص ولا باس بكثرة الخارج لو كان عموم العلّة فى الكتاب كما فيما نحن فيه
لكثرة وقوع كثرة الخارج فى الكتاب نعم خروج المورد كما اتفق فى بعض صحاح زرارة من
اخبار اليقين يتاتى الكلام فى جوازه وكونه موهنا للعموم الا ان الاظهر الجواز وعدم
التّوهين كما حرّرناه فى محلّه ومع هذا اقول ان احتمال الاشتراك فى الالف واللام
مدفوع بما حرّرناه فى محلّه من تاسيس القول فى معنى الالف واللّام وتزييف خير
الاقوال المذكورة فى المقام من كونها للاشارة الى المدخول واورد ايضا بان مدلول
الابنين لا يخرج عن الظنّ خصوصا على القول بعدم وجود قطعىّ الدلالة فى الالفاظ
فمدلولهما يقتضى عدم حجيّة مدلولهما فالاستدلال بهما يستلزم ابطالهما وما يلزم من
وجوده عدمه محال فصحّة الاستدلال بهما محال وبان المراد بالظن هنا هو التردّد
والشك لا معناه المتعارف المبحوث عنه ويندفع الاول بان ظواهر الكتاب بل مطلق ظواهر
الالفاظ حجة اجماعا فهى خارجة عن العموم فالاستدلال بهما على عدم حجيّة الظنّ
الحاصل من غير الالفاظ لا باس به بلا اشكال مع انّهما لا يتناولان الظنّ المستفاد
منهما بلا اشكال وكذا الحال فى سائر الآيات الناهية عن العمل بالظنّ على انّه يمكن
القول بانّهما وان افادا بنفسهما للظنّ الّا انّ مجموع الآيات الناهية عن العمل
بالظنّ يفيد العلم بحرمة العمل بالظنّ غاية الامر ان نقول بكون المقصود بالظنّ
المنهى عنه فى تلك الآيات هو ما كان غير مربوط بدليل يدل على اعتباره ويندفع
الثانى بان الظنّ غير موضوع للشكّ ولا معهود استعماله فيه مجازا بل على تقدير كون
العلم لغة اعمّ من الظنّ المطمئن لا يلزم ايضا القول باستعمال الظنّ فى الشك
لامكان القول باستعماله فى معناه اعنى الاعتقاد الرّاجح الغير المانع عن النقيض
على التقدير المذكور فلا بدّ فى الادّعاء المذكور من دليل وليس وما قيل من ان
مقصود المورد ان الظنّ محمول على الشكّ مجازا تاويلا بناء على مخالفة ظاهر الايتين
للاجماع بل الضّرورة على حجيّة جملة من الظنون فى الشّريعة مدفوع بان هذا التّاويل
لا يشهد به ادنى قرينة ولم يعهد وقوعه فى مورد فلا مجال له مع انه قد سمعت ان
الظّاهر كون المقصود بالظنّ فى الايتين هو الظنّ الخالى عن دليل يدل على اعتباره
فلا مخالفة للآيتين للاجماع والضّرورة بل الاتيان موافقتان لهما على ان التّاويل
بالتخصيص اقرب بمراتب بل على تقدير حمل الظنّ على الشكّ لا بدّ من التخصيص ايضا
لحجية اسباب شتى شرعيّة لا تفيد العلم ولا الظنّ كشهادة العدلين مثلا لو قلنا بعدم
اعتبار الظنّ فيها وارتكاب تخصيص واحد اولى من ارتكاب تخصيص ومجاز فضلا عن انّ
المعنى بعد حمل الظنّ على الشكّ لا يرجع الى محصل حيث انه لا معنى للنهى عن متابعة
الشك حيث ان الشك ليس امرا قابلا لان يتبعه ويعمل به احد وبعد فظاهر المصباح كما
عن الصّحاح والقاموس انّ الظنّ اعمّ من الشك لانهم فسّروه بخلاف اليقين وربما حكى
فى المجمع انه نقل عن بعض اهل اللغة دعوى ان للظنّ معانى اربعة الشكّ والعلم
والكذب والتهمة والشك اكثر من ان يحصى شواهده واورد ايضا بوجوه اخرى غير واردة
ومنها قوله سبحانه (وَإِنْ تُطِعْ
أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ
إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) وقوله سبحانه (هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ
عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ
إِلَّا تَخْرُصُونَ) وقوله سبحانه (إِنْ يَتَّبِعُونَ
إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) وقوله سبحانه (إِنْ يَتَّبِعُونَ
إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ
الْهُدى) والتقريب انه سبحانه ذمهم على متابعة الظن والظّاهر من
هذه الآيات عدم جواز العمل بالظنّ مطلقا وخبر الواحد مفيد للظنّ فلا يجوز متابعته
والعمل به وهو مدفوع بما تقدّم بل الامر هنا اظهر لقوله سبحانه (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) وقوله سبحانه وان انتم الا تخرصون حيث ان الظّاهر
انّهما عطفا تفسير لمتابعة الظنّ وقوله سبحانه وما تهوى الانفس فان الظّاهر انه
عطف تفسير للظنّ ومنها قوله سبحانه (وَأَنْ تَقُولُوا
عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) وقوله سبحانه (وَمِنْهُمْ
أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا
يَظُنُّونَ) وقوله سبحانه (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً) من الظنّ انّ بعض الظنّ اثم وقوله سبحانه وطائفة قد
اهمّتهم انفسهم بظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الامر من شيء
والتقريب وما فيه يظهر ممّا مرّ ومنها قوله سبحانه
ولا تقف ما ليس لك به علم ان السّمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه
مسئولا والتقريب انه سبحانه نهى النّبى صلىاللهعليهوآله عن اتباع غير العلم واصالة الاشتراك وادلّة وجوب
التأسّى مع ظهور الوجه بظهور النّهى فى الحرمة من الكتاب ونقل الاجماع وغيرهما
بناء على انتهاضها تقتضى مشاركة الأمة معه ووجوب تأسّيهم به ومتابعتهم له بل
خواصّه صلىاللهعليهوآله امور معلومة مضبوطة وعدم جواز العمل بغير العلم ليس
منها فيلزم كون الامة ايضا ممنوعين عن اتباع غير العلم وخبر الواحد لا يفيد العلم
فلا يجوز لهم متابعته والعمل به وفيه ان الخطاب مختصّ بالنّبى صلىاللهعليهوآله الّا ان ما ياتى من الاخبار والاجماعات المنقولة بل
العقل على تقدير عموم النّزاع لصورة الانسداد يقطع اصالة الاشتراك لو لم يكن الامر
من باب اختلاف الحال وكذا يقطع وجوب التّاسى واختصاص خواصّه بامور غير ثابت
بالاجماع بل فى عددها اختلاف فلا باس بعدم جواز العمل بالظنّ له راسا دون امته
فيجوز لهم العمل بخبر الواحد المظنون صدورا بل خبر الواحد بالمعنى المصطلح اعنى ما
يحكى السنّة لا مجال للعمل به فى حق النّبى صلىاللهعليهوآله وهو غير ممكن فى حقّه بل قد يقال ان العلم حقيقة فما
يعتمد عليه ويطمئن اليه النّفس سواء كان اعتقادا جاز ما او غير جازم فيشمل الظنّ
المعتمد كالحاصل من خبر الواحد اذا كان ممّا يعتمد عليه فغاية ما يدلّ عليه الآية
المنع عن متابعة ما لا جزم به ولا ظنّ وما يظنّ به ظنّا لا يعتمد عليه فلا يشمل
الخبر الواحد وبالجملة المتبادر من العلم فى الآية الاعتقاد الرّاجح الّذى يعتمد
عليه ويطمئنّ به لا القطع والجزم فتدلّ الآية على ان ما لا يحصل الاعتقاد المذكور
به لا يجوز متابعته ولا ريب ان اكثر افراد الخبر يفيد الاعتقاد المذكور فلا دلالة
فى الآية على المنع عن العمل به نعم بعض افراده لا يفيد ذلك هذا وقد حكى عن جماعة
من المفسّرين تفسير الآية بما لا يرتبط بالمدّعى واورد صاحب المعارج بوجهين احدهما
ان الآية مورد الاجمال ومحلّ وجوه من الاحتمال لامكان حملها على النّهى عن خصوص
اتباع الظنّ فى اصول الدّين وكذا امكان التصرّف فى عمومها بوجه آخر كتخصيص الموصول
بما لا يفيد الظنّ وكذا امكان التصرّف بوجه آخر غير التصرّف فى العموم لكن بحيث
يمنع ايضا عن صلاحيتها للتمسّك بها فى موضع النّزاع كحمل العلم على الظنّ فلا مجال
للتمسّك بالآية والآخر ان الخطاب فى الآية من باب الخطابات الشّفاهيّة فهى مخصوصة
بالحاضرين وانما يتاتى اشتراكنا معهم فيما قام الاجماع والضّرورة فيه على الاشتراك
واى اجماع او ضرورة هنا يقتضى الاشتراك مع اختلاف حالنا معهم بانفتاح باب العلم
لهم وانسداده علينا وفيهما نظر امّا الاوّل فلانّ احتمال الاختصاص باصول الدّين
مدفوع باطلاق الآية وعدم ما يكشف عن الاختصاص من قرنية وكذا احتمال التّخصيص بما
لا يفيد الظنّ مدفوع ايضا بظهور الاطلاق واما احتمال حمل العلم على الظنّ فهو
مدفوع بان حمل اللّفظ على المجاز مع مساعدة القرينة لا ريب فى بطلانه فالاحتمالات
المذكورة وان كان كل منهما ممكنا الا ان مجرّد الاحتمال لا يوجب الاجمال بل لا بد
فى الاجمال من تساوى الاحتمال نعم لو كان مقصوده انّه بعد قيام الدّليل على الجواز
فلا بد من ارتكاب التاويل فى الآية باحد الوجوه فله وجه الا ان الاوجه التخصيص بما
لا يفيد الظنّ لكن ادلة حجية خبر الواحد لا تقتضى حجيّته فى حق النّبى صلىاللهعليهوآله بل قد سمعت ان العمل به غير ممكن فى حقه فلا مجال
للاشتراك ووجوب التّاسى فى حرمة العمل بالظن فلا حاجة الى التّاويل راسا واما
الثانى فبعد ان منع قيام الاجماع والضرورة لاختلاف حالنا مع حال الحاضرين فى
الاحكام باختلاف حال باب العلم انفتاحا وانسداد مبنى على عموم النزاع لصورة
الانسداد او كون النزاع فى خصوص هذه الصّورة والا فلو كان النزاع فى صورة الانفتاح
فالاجماع والضّرورة على الاشتراك قائم بلا شبهة لان اصالة الاشتراك لغلبته تكفى
ولو لم يقم الاجماع والضّرورة إلّا انه مبتنى على حجية مطلق الظنّ ولان الخطاب فى
الآية وان كان من باب خطاب الشفاهة إلّا انه لا يعم الحاضرين لاختصاصه بالنّبى
صلّى الله الله عليه وآله فاشتراكنا معه لا يثبت بالاجماع والضّرورة لعدم الاجماع
والضّرورة على مشاركة الامة معه فى الاحكام كيف لا وله خواص شتى نعم الغائبون
مشاركون للحاضرين فى الاحكام مع اتحاد الحال بلا اشكال وما يتفق من الاختلاف فى
الحكم انما هو لاختلاف الحال من حيث وجود الشّرط وعدمه ووجود المانع وفقده والّا
فاشتراك الغائبين مع الحاضرين ثابت بالاجماع والضّرورة وانما الاشتراك هنا يثبت
باصالة الاشتراك ووجوب التأسّى مع ظهور الوجه لظهور النّهى فى
فى الحرمة الا انك سمعت ان اصالة الاشتراك لو لم يكن الامر هنا من باب
اختلاف الحال ووجوب التأسى ينقطع بما يدل على حجية خبر الواحد فى حقنا بل لا مجال
لحجيّة خبر الواحد بالمعنى المصطلح فى حقه صلىاللهعليهوآله قوله وانما يتاتى اشتراكنا معهم فيما قام الاجماع
والضرورة فيه على الاشتراك اه مقتضى هذا المقال اناطة الحكم بالاشتراك بقيام
الاجماع او الضّرورة على الاشتراك فى الموارد المخصوصة مع انه يكفى فى الحكم
بالاشتراك عدم ثبوت اختلاف الحال او تطرّق النزاع فى الاختلاف بكون الامر من باب
الشك المستقر وإلّا فلا خصوصيّة فى تطرق النزاع فلو تطرّق الشك المستقرّ بدون
النزاع فالحال على منوال النّزاع وتحقيق الحال ان الاصل اشتراك النّبى صلىاللهعليهوآله مع الرعية من الائمة وسائر الامّة وكذا اصالة اشتراك
الأئمّة عليهم السّلم والامة وكذا اصالة اشتراك افراد الامة لاطباق الامة وعلى
البناء على الاشتراك بمجرّد الاطّلاع على ثبوت الحكم للنبى صلىاللهعليهوآله او احد الائمة او واحد من الامّة بمعنى انهم يقطعون
بالاشتراك فى الموارد الثلاثة ولا ينافى ذلك ثبوت اختصاص النبى صلىاللهعليهوآله بامور لغاية اشتداد ارتكاز الاشتراك فى النفوس نظير ان
الاستقراء الناقص يفيد العلم ولو لم يتقارب الى المقام فضلا عمّا لو تقارب اليه
وتكثر افراد الفحص كثرة فى غاية الكمال وارتكاز الامر فى النّفوس يكشف عن كونه
حقّا والا يلزم الاطباق على الباطل وهو باطل وما ذكره العلّامة البهبهانى من
اشتراط الاشتراك بثبوت اتحاد الصّنف فربما يتراءى منه كون الغرض اناطة الاشتراك
بثبوت الاشتراك بالاجماع او الضّرورة فى الموارد الخصوصة ومن هذا ما اورد به
المحقّق القمّى من لزوم هدم اساس الشّريعة بالكلية قضيّة الاختلاف اقلا فى الحضور
والغيبة لكن المقصود به عدم قيام الاجماع او الضّرورة على الاختلاف او تطرّق
النزاع فى الاختلاف والغرض من تطرق النّزاع استقرار الشك كما يظهر ممّا مر
فالمقصود من اشتراط وحدة الصّنف فى الاشتراك امر عدمىّ لا امر وجودىّ كما يصرّح
قوله اذا ورد حكم فى شخص يفهم منه الشمول للجميع لكن لا لكلّ مكلّف بل المكلّف
الّذى من صنف ذلك الشخص اى لا يكون متّصفا بالوصف الّذى وقع النّزاع فى اتّحاد
حكمه مع حكم ذلك الشخص او وقع الاجماع على عدم الاتّحاد وقد قرّر ارباب العصمة
سلام الله عليهم اجمعين طريقة الناس فى البناء على الاشتراك مع العلم بالطّريق
المتعارف ولا سيّما البناء على اشتراك افراد الامّة لانه اغلب من البناء على
اشتراك النبىّ صلىاللهعليهوآله والامّة والبناء على اشتراك الائمة والامة بمراتب لا
تحصى لكثرة مخاطبة المعصوم بعض الاصحاب بحكم والعمل به جواز المخاطب من باب البناء
على الاشتراك بحيث تحصى بل فى الاخبار الاستناد الى فعل الامام وهو مبنىّ على
اصالة اشتراك الائمة عليهم السّلم وسائر الأمة وامّا الاخبار فمنها ما دلّ على عدم
جواز العمل بالظن كما رواه المفضّل بن عمر قال سمعت أبا عبد الله عليه السّلم يقول
من شك او ظنّ فاقام على احدهما فقد خبط ان حجة الله هى الحجّة الواضحة وما رواه
الكلينى عن سليم بن قيس الهلالى عن مولانا امير المؤمنين عليه السّلم فى حديث قال
ومن عمى نسي الذكر واتّبع الظنّ وبارز خالقه الى ان قال ومن نجا من ذلك فمن فضل اليقين
وما رواه فى تحف العقول عن النّبى صلىاللهعليهوآله قال اذا نظرت فاقض واذا ظننت فلا تقض وما رواه البرقى
عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمّد عن آبائه عليهم السّلم قال
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله اياكم والظنّ فان الظنّ اكذب الكذب وما دلّ من الاخبار
الكثيرة على عدم جواز الفتوى بغير علم وبالرّاى وعلى عدم جواز القول والعمل من غير
علم وكونها اخصّ من المدّعى غير قادح لظهور عدم القائل بالفصل وهى وان لم تصرّح
بالمنع عن خصوص الظنّ لكنها بعمومها شاملة له فان غير العلم يعمّ لغة وعرفا للظنّ
والشّك والعموم كاف بل غير العلم ينصرف فى المقام الى الظنّ بل لا بدّ من كون
المقصود هو الظنّ لعدم اقدام عامل على العمل بالشكّ الّا ان يقال ان الفتوى غير
العمل والفتوى مع الجهل فضلا عن الشكّ غير نادر الوقوع من ارباب الحكم بغير ما
انزل الله ومنها ما دل من اخبار كثيرة على عدم جواز العمل بخبر الواحد الغير
المعلوم الصّدور كما رواه فى البحار عن بصائر الدّرجات عن محمّد بن عيسى قال
اقرانى داود بن فرقد الفارسى كتابه الى ابى الحسن الثّالث عليه السّلم وجوابه
بخطّه فكتب نسألك عن العلم المنقول عن آبائك واجدادك عليهم السّلم قد اختلفوا
علينا فيه فكيف العمل به على اختلافه فكتب عليه السّلم بخطه وقراءة ما علمتم انه
قولنا فالزموه وما لم تعلموه فردّوه الينا ومثله عن مستطرفات السّرائر ومنها ما
دلّ من الأخبار على عرض خبر الواحد على الكتاب والسّنة المعلومة بما وجد له شاهد من الكتاب
__________________
والسنة المعلومة والعمل بما وجد له شاهد من الكتاب والسّنة المعلومة والعمل
بما وفيدلّ على المنع من العمل بخبر الواحد المجرّد عن القرينة مثل ما ورد فى غير
واحد من الاخبار ان النّبى صلىاللهعليهوآله قال ما جاءكم عنى مما لا يوافق الاخبار القرآن فلم اقله
وقول ابى جعفر وابى عبد الله عليهما السّلم لا يصدق علينا الا ما يوافق كتاب الله
وسنة نبيّه وقوله عليه السّلم اذا جاءكم حديث عنّا عنّا فوجدتم له شاهدا من كتاب
الله فخذوا به والا فقفوا عنده ثم ردّوه الينا ورواية ابن ابى يعفور قال سألت أبا
عبد الله عليه السّلم عن اختلاف الحديث يرويه من تثق به قال اذا ورد عليكم حديث
فوجدتم له شاهدا من كتاب الله او من قول رسول الله صلىاللهعليهوآله فخذوا به والّا فالّذى جاءكم اولى به وقوله عليه السّلم
المحمّد بن مسلم ما جاءكم من رواية بر او فاجر يوافق كتاب الله فخذ به وما جاءك من
رواية بر او فاجر يخالف كتاب الله فلا تاخذ به وقوله عليه السّلم ما جاءكم من حديث
لا يصدّقه كتاب الله فهو باطل وقول ابى جعفر عليه السّلم ما جاءكم عنا فان وجدتموه
موافقا للقرآن فخذوا به وان لم تجدوه موافقا فردّوه وان اشتبه الامر عندكم فقفوا
عنده وردوه الينا حتى نشرح من ذلك ما شرح لنا وقول الصادق عليه السّلم كل شيء
مردود الى كتاب الله والسّنة وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف وصحيحة هشام بن
الحكم عن ابى عبد الله عليه السّلم لا تقبلوا علينا حديثا الا ما وافق الكتاب
والسنة او تجدون معه شاهدا من احاديثنا المتقدّمة فان المغيرة بن سعيد لعنه الله
دس فى كتب اصحاب ابى احاديث لم يحدث بها ابى فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف
قول ربنا وسنّة نبيّنا قال بعض اصحابنا والاخبار الواردة فى طرح الاخبار المخالفة
للكتاب والسّنة ولو مع عدم المعارض متواترة جدّا ثم ذكر ان اخبار العرض بين ما دل
على طرح الخبر الذى يخالف الكتاب وما دل على طرح الخبر الذى يخالف الكتاب وما دل
على طرح الخبر الذى لا يوافق الكتاب وكل منهما بين ما دل على عدم صدور الخبر
المخالف او غير الموافق للكتاب والسنّة عنهم وان المخالف او غير الموافق للكتاب
والسنّة عنهم وان المخالف او غير الموافق لهما باطل وليس بحديثهم وما دل على عدم
جواز تصديق الخبر المحكى عنهم والعمل به اذا خالف الكتاب والسنّة او لم يوافقهما
وجه الاستدلال بهما كما قبل ان من الواضحات ان الاخبار الواردة عنهم عليهم السّلم
فى مخالفة ظواهر الكتاب والسّنة فى غاية الكثرة والمراد من المخالفة للكتاب فى تلك
الاخبار الناهية عن الاخذ بمخالف الكتاب والسنّة ليس هو المخالف على وجه التباين
الكلى بحيث يتعسّر او يتعذّر الجمع اذ لا يصدر من الكذابين عليهم ما يباين الكتاب
والسنّة كليّة اذ لا يصدقهم احد فى ذلك فما كان يصدر عن الكذابين من الكذب لم يكن
الا نظير ما كان يرد من الائمّة ع فى مخالفة ظواهر الكتاب والسنّة فليس المقصود من
عرض ما يرد من الحديث على الكتاب والسنّة الا عرض ما كان منها غير معلوم الصّدور
عنهم وانه ان وجد له قرينة وشاهد معتمد فهو والّا فليتوقّف فيه لعدم افادته العلم
بنفسه وعدم اعتضاده بقرينة معتبرة ويشير الى ذلك اعنى كون الغرض من العرض هو العرض
فى غير معلوم الصّدور تعليل العرض فى بعض الاخبار بوجود الاخبار المكذوبة فى
الاخبار الاماميّة لكن نقول ان الظّاهر من المخالفة انما هو التباين الكلى كما
حرّرناه فى بحث جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد ودعوى ان المقصود بالمخالفة غير
التّباين الكلى ان كان المقصود الاعم من العموم والخصوص المطلق فلا اشكال فى عدم
شمول تلك الاخبار للعموم والخصوص المطلق مضافا الى ان مقتضاه عدم جواز تخصيص
الكتاب بخبر الواحد وان كان المقصود خصوص العموم والخصوص من وجه فليس بالوجه وما
استند اليه فى تقريب تلك الدّعوى مدفوع بما ياتى من حكاية قيام قرائن كثيرة تدلّ
على انه ليس المراد بمخالفة الكتاب مجرّد مخالفة عمومه او اطلاقه بناء على عمومه
للمخالفة بالعموم والخصوص من وجه بكون المقصود ومن مخالفة العموم والاطلاق ما يقابل
المخالفة للذات اى التّباين ولعلّه الوجه فالمرجع الى دعوى قيام قرائن كثيرة تدلّ
على كون المقصود بالمخالفة المباينة ونظير ذلك ان الظاهر من التّعارض والاختلاف فى
الاخبار العلاجيّة هو التباين ومن هذا شموله للتّعارض بالعموم والخصوص من وجه
ولهذا لا بدّ من ملاحظة الترجيح فى صورة رجحان احد الخبرين فى مادّة الاجتماع
والعمل بكلّ من الخبرين فى مادتى الافتراق بخلاف ما لو كان الاخبار العلاجيّة
شاملة للعموم والخصوص من وجه فانه ح يلزم العمل بالراجح من الخبرين مطلقا ولذلك
ايضا لا بدّ من العمل بالاصل فى صورة التّعادل من باب التّساقط بناء على اصالة
التّساقط فى تعارض الدّليلين والعمل بكل من المتعادلين فى مادّتى الافتراق
بخلاف ما لو كان الاخبار المشار اليها شاملة للعموم والخصوص من وجه فانه ح
يتاتى التخيير بين راس الخبرين ودعوى انصراف الحكم بالتخيير الى مادة الاجتماع
فيبنى على التخيّير فى مادة الاجتماع ويعمل بكل من المتعادلين فى مادتى الافتراق
كما ترى وعلى اىّ حال فيقول ان الاخبار المذكورة معارضة بالاخبار الاتية وهى ارجح
واقوى لاعتضادها بالاجماعات المنقولة بل الاجماع المحقّق الى مخالفة للعقل على
تقدير عموم النزاع لصورة انسداد باب العلم او كونه فى خصوصها فلا مجال لهامل
استقرب بعض اصحابنا حمل الاخبار الدالة على عدم صدور الخبر المخالف للكتاب او غير
الموافق له على الاخبار الواردة فى اصول الدّين مثل مسائل الجبر والتفويض التى ورد
فيها الايات والاخبار النبوّية قال وهذه الاخبار غير موجودة فى كتبنا الجوامع
لانها اخذت من الاصول بعد تهذيبها من الملد الاخبار وحمل الاخبار الدالة على عدم
التّصديق والعمل بالخبر المخالف او غير الموافق للكتاب على الاخبار الواردة فى
الاصول او على صورة تعارض الخبرين كما يشهد به مورد بعضها او على خبر غير الثقة بل
لا يشمل الاخبار والامرة بطرح ما خالف الكتاب لما كان مخالفا لاطلاق الكتاب او
لعمومه ولا سيّما لو كان العموم من قبيل خلق لكم ما فى الارض جميعا بل ما كان
مخالفا لمثل هذا العموم يغد مما لا يوجد مضمونه فى الكتاب ويرشد اليه ما فى بعض
اخبار علاج تعارض الاخبار من الامر برد ما لا يوجد فى الكتاب والسّنة الى الائمة
حيث انه لو لا كون ما كان مخالفا لمثل العموم المذكور فما لا يوجد مضمونه فى
الكتاب لما كان واقعة الا ويستفاد حكمها من الكتاب بل قيل ان القرائن الداله على
ان المراد بمخالفة الكتاب ليس مجرّد مخالفة عمومه او اطلاقه كثيرة جدّا تظهر لمن
له ادنى تتبع وامّا الاجماع فهو الاجماع المدّعى فى كلمات السيّد المسبوق ذكرها
والتمسّك اما من السّيّد نفسه فالتمسّك بالاجماع المحصّل او ممّن تاخر عنه على عدم
حجيّة خبر الواحد فالتمسّك بالاجماع المنقول فى كلام السيّد وعلى الاوّل نمنع
الاجماع بل مقتضى ما تقدّم قيام الاجماع على حجيّة خبر الواحد بل العقل يقطع
بالحجيّة على تقدير عموم النّزاع لصورة انسداد باب العلم او كونه فى خصوصها وعلى
الثانى تقول اولا ان الاجماعات المنقولة فى كلام السّيّد واخرابه من القدماء
موهونة باشتمالها نقلا على التعارض من ناقل او تاقلين وكنزة التخلف ومخالفة الناقل
بل كثرة التخلف اعمّ من كثرة المخالف وان امكن القول بظهورها فى قلّة المخالف وان
قلّت ان وجود المخالف لا ينافى الاجماع على طريقة الكشف كما هى طريقة المتاخرين
قلت انّ الظاهر من نقل الاجماع بدون نقل الخلاف انما هو عدم وجود المخالف فوجود
المخالف يوهن نقل الاجماع الّا ان يقال انّ عاية الامر مخالفة البعض وهى لا تمانع
عن حصول الظّن بتوسط النقل باتفاق الباقين لو كان البعض المخالف نادوا نظير حجيّة
العام المخصص فيما بقى وان كان الظاهر من نقل الاجماع عدم وجود المخالف ويمكن ان
يقال ان الاجماع الذّى نقله السّيّد هنا انما نقله فى الدّرييعة والاجماع المنقول
الموصوف بالوهن مما نقله السيّد انما هو ما وقع فى الانتصار وعدم اعتبار نقل
الاجماع فى كتاب لا يقتضى عدم اعتبار نقل الاجماع فى كتاب اخر من ناقل ذلك النقل
كيف لا وعدم اعتبار بعض اخراء النصّ لا يقتضى عدم اعتبار جزء اخر منه مع عدم
الارتباط فضلا عن عدم اقتضائه عدم اعتبار نصّ اخر روايه الرّاوى لذلك النصّ كيف لا
وظهور كذب شخص فى احد كلاميه لا يوجب رفع الوثوق بكلامه الاخر فضلا عن ارتفاع الوثوق
بسائر كلماته الا ان يقال ان عدم اعتبار نقل الاجماع فى كتاب لا يوجب عدم اعتبار
نقل الاجماع من ناقل ذلك النّقل فى كتاب اخر بل عدم اعتبار نقل الاجماع فى كتاب لا
يوجب عدم اعتبار نقل الاجماع من ناقل ذلك النقل فى ذلك الكتاب لكن لو تكثر عدم
اعتبار نقل الاجماع فى كتاب فهو يوجب عدم اعتبار نقل الاجماع من ناقل ذلك النقل فى
كتاب اخر فضلا عن ذلك الكتاب لكشفه عن عدم مبالاة النّاقل كما انّه لو اشتمل قصّ
على اجزاء كثيرة وكان اكثرها غير معتبر فهو يوجب عدم اعتبار ما بقى من الاجزاء بل
يوجب عدم اعتبار سائر روايات الراوى لذلك النصّ بل لو تكثر خروج افراد العام فهو
يوجب عدم اعتبار الغموم بالنّسبة الى ما بقى من الافراد ومن هذا عدم اعتبار عمومات
الكتاب ممّا تكثر افراده الخارجة بل كثرة العموم المتكثر خروج افراده من عمومات
الكتاب توجب عدم اعتبار ما لم يتكثر خروج افراده من سائر عمومات الكتاب ونظير ذلك
انه لو ترنم تأمل بمقالات وثبت كذب اكثرها يرتفع الوثوق بسائر مقالاته فضلا عن
سائر هذه المقالات ومزيد الكلام موكول الى ما حرّرناه فى محلّه وثانيا ان حجّية
لاجماع المنقول مشروطه بحصول الظنّ منه ونقل الاجماع المذكور معارض بنقل الاجماع
فى
كلام الشيخ وغيره من جمع كثير على خلافه بل المعلوم هنا خلاف ما نقل
الاجماع عليه بواسطة ما ياتى من الاخبار والاجماعات المنقولة بل الاجماع المنقول
المذكور معارض بالعقل القاطع على تقدير عموم النزاع الصورة انسداد باب العلم او
كونه فى خصوصها وثالثا ان حجية الاجماع المنقول اما من جهة حجية مطلق الظن ولا
يقول به من يقول بعدم حجّية خبر الواحد او من جهة دخوله فى الخبر وحجية الخبر
والمفروض نقل الاجماع على عدم حجّية شىء من افراد الخبر فمن حجّية الاجماع المنقول
المذكور يلزم عدم حجيته ورابعا انه قد سبق ان منشأ نقل الاجماع كما هو مقتضى بعض
عباراته ملاحظة الاجماع على حرمة العمل بالقياس وقد تقدّم ما فيه هذا وقد زيف
الشيخ فى العدّة نقل الاجماع المذكور بان انعقاد الاجماع انما هو فى خصوص اخبار
المخالفين الى ان قال فان قيل اليس شيوخكم لا يزالون يناظرون خصومهم فى انّ خبر
الواحد لا يعمل به ويدفعونهم عن صحّة ذلك حتّى ان منهم من يقول لا يجوز ذلك سمعا
لان الشرّع لم يرديه وماراينا احدا تكلم فى جواز ذلك ولا صنف فيه كتابا ولا املى
فيه مسئلة فكيف انتم تدعون خلاف ذلك قيل له من اشرتم اليه من المنكرين للاخبار
الاحاد انما تكلّموا من خالفهم فى الاعتقاد ودفعوهم من وجوب العمل بما يروونه من
الاخبار المتضمّنة للاحكام التى يروون خلافها وذلك صحيح على ما قدّمناه ولم بخدهم
اختلفوا فيما بينهم وانكر بعضهم على بعض العمل بما يروونه الا مسائل دل الدّليل
الموجب للعلم على صحّتها فاذا خالفوهم فيها انكروا عليهم لمكان الأدّلة الموجبة
للعلم والاخبار المتواترة بخلافه على ان الذين اشير اليهم فى السّئوال اقوالهم
متميّزة بين اقوال الطّائفة المحقّة وو قد علمنا انهم لم يكونوا معصومين وكل قول
قد علم قائله وعرف نسبه وتميز من بين اقاويل سائرا لفرقة لم يعتدّ بذلك القول لان
قول الطّائفة انما كان حجّة من حيث كان فيهم معصوم فاذا كان القول من غير معصوم
علم ان قول المعصوم ع داخل فى باقى الاقوال ووجب المصير اليه على ما بينته فى
الاجماع واورد عليه صاحب المعالم فى الحاشية نقلا ان انكار الامامية للعمل باخبار
الاحاد لا يعقل صرفه الى رواية مخالفيهم اذ العدالة معتبرة فى قبول الخبر عندهم
وهى منتفية فى روايات اهل الخلاف وذلك كاف فى عدم العمل بها والاعراض عنها فاى
معنى للمبالغة فى نفى حجّية خبر الواحد وفيه عدم منافاة سوء المذهب للعدالة يناء
على عدم دخول الامامية فى العدالة كما هو الأظهر وفاقا لظّاهر العلّامة الطّوسى فى
التجريد فيما ذكره من ان الفسق الخروج عن طاعة الله مع الايمان حيث ان الظّاهر ان
المقصود بالايمان فى كلامه هو الاسلام لتعريفه الايمان بتصديق القلب والّلسان
فمقتضاه تطّرق العدالة بعدم الخروج عن الطّاعة كالفسق بالخروج عن الطّاعة مع الاسلام
بل هو مقتضى صريح جماعة من اطراد العدالة فى الكفر وان يقتضى بعض كلمات الشّيخ فى
تضاعيف الكلام فى حجيّة خبر الواحد منافاة سوء المذهب للعدالة ويقتضيه ما عن صاحب
المعالم فى بعض كلماته فى المنتقى من انّ قيد العدالة مغن عن التقييد بالامامى
لأنّ فاسد المذهب لا يتصّف بالعدالة كيف لا والعدالة حقيقة عرفّية فى معنى لا
يجامع مع فساد العقيدة وهو مقتضى ما اشتهر ممّا حكاه فخر المحققين عن والده
العلّامة على ما حكيه الشّهيد الثّانى فى بعض تعليقات الخلاصة فى باب ابان بن
عثمان من انه لا فسق اعظم من عدم الايمان وكذا ما ذكره السّيّد الداماد فى الراشحة
السّادسة والثّلثين من الرّواشح من ان الفسق شريطة وجوب التثبّت واعظم الفسوق عدم
الايمان وكذا الاستدلال من جماعة على اشتراط الايمان فى الرّاوي باية النّبا
والوجه عدم اخذ الاماميّة فى تعريف العدالة من احد من اصحابنا ممّن عرف العدالة
الّا ان يقال بانصراف النّعّريف الى الامامّى وكذا اشتراك العدالة فى الذكر بين
الخاصّة والعامّة فان العامّة ذكروها فى الفقه فى موارد اشتراط العدالة وكذا فى
الاصول كما فى شرايط حجّية خبر الواحد وكيف ينكرون خروجهم عن العدالة والظّاهر
وحدة الاصطلاح بل الوحدة مقطوع بها كيف لا وقد عرف الحاجبى والغصدى العدالة عند
الكلام فى اشتراطها فى حجّية خبر الواحد بما مرجعه الى انّها ملكة نفسانيّة توجب
الاجتناب عن الكباير والاصرار على الصّغائر وخلاف المروّة وهذا هو التّعريف
المشهور بين الخاصّة للعدالة بل ذكر العلّامة السّبزوارى ان اخذ الملكة فى جنس
العدالة من العلّامة ومن تبعه متابعة للرّازى ومن تبعه من العامّة وكذا قد تسلم
كون الخبر الموثق ما كان فى سنده عدل غير امامّى بل تعريفه بما دخل فى طريقه من
نصّ الاصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته اذ الظاهر كونه مبنيا على دلالة ثقة على
العدالة كما عليه بنائهم فى ثقة فى باب الامامّى فضلا عن غيره على
العدالة على ما شرحناه فى الرّسالة المعمولة فى ثقة فضلا عن جعل الشّهيد
الثانى فى الرّعاية الفرق بين الصّحيح والموثق فى خصوص المذهب واشتراكهما فى
الوثاقة وهذا فى غاية الصّراحة فى اطراد العدالة فى سوء المذهب وممّن صرح باعتبار
العدالة فى الموثق جمال اصحابنا فى رسالة الطينة وعن التنقيح ان الموثق ما يرويه
المخالف العدل فى مذهبه لكن مقتضى صريح شيخنا البهائى فى فاتحة مشرقه ان المدار فى
الصّحيح على كون كل من رجال السّند اماميّا مذكورا بالتوثيق والمدار فى الموثق على
كون جميع رجال السّند خارجين عن الاماميّة مع كون الكل مذكورين بالتوثيق فمقتضى
كلامه ان المدار فى الصّحيح على كون كل من رجال السّند اماميّا مذكورا بالتوثيق
وفى الموثق على كون رجال السّند كلا او بعضا غير امامىّ مذكورا بالتّوثيق فمقتضى
كلامه ان المدار فى كلّ من الصّحيح والموثق على ثبوت التوثيق فالمرجع الى ان
المدار فى الصّحيح والموثق على ذكر التّوثيق لا العدالة فلا دلالة فى كلامه على
عموم العدالة الغير الامامى لامكان القول بعدم دلالة التوثيق او توثيق غير الامامى
على العدالة وان كان القول بعدم دلالة توثيق الامامى على العدالة فى غاية البعد بل
مقطوع العدم والظاهر اشتراك التوثيق المعتبر فى كلامه فى باب الصّحيح والموثق فى
المدلول فى غير المذهب وكذا قول ارباب الرّجال فى ترجمة غير الامامى كثيرا ثقة
إلّا انه فطحىّ مثلا بناء على دلالة ثقة فى ترجمة الامامى على العدالة كما هو
المشهور والظّاهر اتحاد مدلول التوثيق فى ترجمة الامامى والتوثيق فى ترجمة غير
الامامى عدا ما ثبت الاختلاف فيه اعنى المذهب قضية اقتضاء الاستثناء عموم المستثنى
منه للمستثنى إلّا ان يكون الاستثناء من باب الانقطاع لكنّه خلاف الظاهر إلّا ان يقال
ان الا هذه بمنزلة غير للاستدراك كما يرشد اليه ما يقال فطحى غير انه ثقة اذ
المدار فى الاستثناء على الدخول ولا مجال هنا للدخول قطعا اذ الشخص لا يتّصف بكونه
اماميّا وفطحيّا غاية الامر انه يحتمل كونه موصوفا بالاماميّة والفطحيّة فبعد
الاستدراك يظهر كونه فطحيّا واما لو قيل جاء القوم إلّا زيد فقيل الاستثناء يكون
زيد داخلا فى القوم بحسب مفاد القضيّة وبالاستثناء يتاتى الخروج ولا فرق فى ذلك
بين الاطلاق والعموم اذ يصحّ الاستثناء من الاوّل كما يصحّ من الثانى مثلا يصحّ ان
يقال اكرمت جميع العلماء إلّا زيدا نعم الاستدراك فى المقام يكشف
عن عموم الثقة بنفسه للفطحىّ فلا فرق بين الاستثناء والاستدراك فى الثمرة الّا ان
يقال ان ما ذكر فى الاستدراك مبنىّ على كون المدار فيه فى المقام على تعيين احد
المحتملين بالسّوية لكن يمكن ان يكون الامر من باب تعيين خلاف الظّاهر واقامة القرينة
على التجوّز بدخول الاماميّة فى معنى ثقة وكون إلا قرنية على عدم الدخول إلّا ان
يقال ان ذلك اعنى كون الامر من باب القرينة على التجوّز خلاف الظاهر مع انه قد
تكثر الاستدراك بالا وغيره بحيث اوجب رفع ظهور ثقة فى الاماميّة بناء على دخول
الاماميّة فى العدالة وان كان السّكوت عن سوء المذهب فى كلام الامامى ولا سيّما من
كان كتابه موضوعا للاماميّين مقتضيا للاماميّة وكذا اشتراط الايمان من غير من ندر
فى موارد اشتراط العدالة فى الاصول كما فى باب خبر الواحد وكذا فى الفقه كما فى
صلاة الجماعة والقضاء والشهادات نعم اكتفى فى اللّمعة فى باب القضاء بالعدالة
واعتذر الشارح الشّهيد عن اشتراط الايمان بدخوله فى العدالة ويؤيّد ما ذكرنا اعنى
عدم دخول الاماميّة فى العدالة رواية البزنطى عن ابى الحسن ع طلاق السنة ان يطلقها
اذا طهرت من حيضها قبل ان يغشيها بشاهدين عدلين كما قال الله سبحانه فى كتابه قلت
اشهد رجلين ناصبيين على الطلاق أيكون طلاقا فقال من ولد على الفطرة اجيزت شهادته
على الطّلاق بعد ان تعرف منه خيرا وقد حرّرنا تفصيل الكلام فى دخول الايمان او
الاسلام وعدمه فى الاصول وبعد هذا اقول ان الشّيخ لم يسلم وقوع اتفاق الاماميّة
على انكار العمل باخبار الآحاد حتّى يتاتى الاشكال فى صرف الانكار الى انكار العمل
باخبار المخالفين وانّما سلم الانكار من الشّيوخ فى خصوص المناظرة مع خصومهم ولعل
هاهنا كان التّصريح منهم بفسق المخالفين متعسّرا او متعذّرا لهم فاحتالوا فى الذبّ
من اخبار المخالفين بانكار اعتبار اخبار الآحاد تقيّة وبعد هذا اقول انّ الشيخ قد
قدّح ثانيا فى اعتبار مقالة الشّيوخ بكونهم معلومى النّسب فلا يتحقق الاجماع من
مقالتهم ولا ينافى مقالتهم حجية الاجماع من غيرهم على حجيّة خبر الواحد وربما ذكر
صاحب المعالم فى رفع استبعاد التّدافع بين نقل الاجماع من السّيد والشّيخ امكان ان
يكون نقل الاجماع من السّيّد مبنيا على ما عهده من كلام اوائل المتكلّمين من من
الاصحاب والعمل بخبر الواحد بعيد عن طريقتهم ونقل الاجماع من الشّيخ مبنيا على
ملاحظة كلمات الفقهاء فى المسائل
__________________
الفقهيّة وقد يتوهم ان مقصوده ابداء الاختلاف بين مورد نقل الاجماع منهما
بان مورد نقل الاجماع من السيّد هو المسائل الكلامية اى مسائل اصول الدّين ومورد
نقل الاجماع من الشّيخ فى المسائل الفقهيّة وليس بشيء وربما ارجع صاحب المعالم نقل
الاجماع من الشيخ الى نقل الاجماع من السيّد بكون نقل الاجماع من الشيخ فى الاخبار
المحفوفة بالقرينة فلا يكون مخالفا للسيّد وفيه ما تقدّم وربما
احتمل بعض اصحابنا فى الجمع بين الاجماعين المنقولين بان يكون مراد السيّد من
العلم الذى ادّعاه فى صدور الاخبار فيما ذكره من ان معظم الاحكام يعلم بالضّرورة
والاخبار المعلومة هو مجرّد الاطمينان ولو كان ظنّا فان المحكى عنه تعريف العلم
بما اقتضى سكون النفس وهو الذى ادّعى بعض الاخباريين كونه مرادهم بالعلم بصدور
الاخبار لا اليقين الذى لا يقبل احتمال الخلاف راسا ومراده من القرائن التى ادّعى
احتفاف اكثر الاخبار بها فى قوله ان اكثر اخبارنا المروية فى كتبنا معلوم مقطوع
على صحّته اما بالتواتر او بامارة وعلامة دلّت على صحّته وصدق روايته موجبة للعلم
مقتضية للقطع وان وجدناها مودعة فى الكتب بسند مخصوص من طريق الآحاد هو الامور
الخارجيّة الموجبة للوثوق بالراوى او بالرّواية المقتضية لسكون النفس الى الرّواية
وح فيحمل دعوى انكار الاماميّة فيحمل للعمل بخبر الواحد على دعوى انكارهم للعمل به
تعبّدا او بمجرّد حصول رجحان صدقه على ما يقوله المخالفون ومراد الشيخ من تجرّد
هذه الاخبار عن القرائن الّتى تجرّدها عن القرائن الاربع التى ذكرها من موافقة
الكتاب والسنّة والاجماع والعقل ولم يتّضح من كلامه دعوى الاجماع على ازيد من
العمل الموجب لسكون النفس ولو بمجرّد وثاقة الراوى وكونه سديدا فى نقله غير مطعون
فى روايته فالسيّد لم ينكر جواز العمل بالخبر الموجب للظنّ المطمئن وانّما دعوى
الاجماع منه على عدم جواز العمل بخبر الواحد تعبّدا او بمجرّد افادة الظنّ ولو كان
ضعيفا والشّيخ لم يدع ازيد من حجية خبر الواحد الموجب للظنّ المطمئن ولا الاجماع
على ازيد من حجيّة هذا الخبر ومقصوده من تجرّد الخبر عن القرينة هو التجرّد عن
القرائن الاربع المذكورة فى كلامه لا مطلق القرينة حتّى يتناول كلامه للخبر الموجب
للظنّ الضّعيف الخالى عمّا يوجب سكون النفس وتحريره ان مراد السيّد من دعوى
الاجماع على عدم جواز العمل بخبر الواحد انما هو الاجماع على عدم جواز العمل بخبر
الواحد تعبّدا او من باب الظنّ المقتضى لجواز العمل به فى صورة افادة الظنّ
المتوسّط او الظنّ الضّعيف بتوسّط قرينة حمل العلم فيما ذكره من ان معظم الاحكام
يعلم بالضّرورة والاخبار المعلومة على الاعمّ من الظنّ المطمئن ومراد الشيخ من
التجرد عن القرينة فى دعوى الاجماع على جواز العمل بخبر الواحد المجرّد عن القرينة
انما هو التجرّد عما عدا القرائن الاربع المذكورة فى كلامه اعنى موافقة الكتاب
والسنّة والاجماع والعقل لا مطلق التجرّد عن القرينة المقتضى لاعتبار خبر الواحد
فى صورة افادة الظنّ المتوسّط والظنّ الضّعيف فالقدر الثّابت من دعوى الاجماع على
جواز العمل بخبر الواحد انما هو صورة افادة الظنّ المطمئن فخبر الواحد المفيد
للظنّ المتوسّط او الظنّ الضّعيف غير جائز العمل على ما يقتضيه كلام السّيّد ولا
يقتضى كلام الشّيخ جواز العمل به وخبر الواحد المفيد للظن المطمئن يجوز العمل به
على ما يقتضيه كلام الشّيخ ويوافقه كلام السّيّد اقول اولا ان سكون النفس وان يصدق
على الظنّ الغالب لكن الظّاهر منه عند الاطلاق ولا سيّما فى تفسير العلم بملاحظة
ندرة بعموم العلم للظن المطمئن انما هو الجزم وما ادّعاه بعض الأخباريّين وهو شهابهم
فى المراد بالعلم بصدور الاخبار من سكون النفس انما هو الجزم العادى قبال الجزم
العقلى وثانيا ان مقتضى بعض كلماته المتقدّمة عدم جواز العمل برواية الثقات فكيف
يدّعى تجويزه العمل بخبر الواحد المفيد للظنّ المطمئن بل هذا قرينة على اختصاص
العلم فى كلامه بالجزم وثالثا انّه لو ثبت اختصاص مراد السّيد بما ادّعى الاجماع
عليه عدم جواز العمل بخبر الواحد من باب التعبّد او من باب مطلق الظنّ لكن لم يثبت
اختصاص مراد الشيخ بصورة افادة الظنّ الغالب بل غير واحد من كلماته المتقدّمة غير
صريح فى جواز العمل بخبر الواحد المجرّد عن القرينة بالكليّة بل ليس مدار الجمع
المذكور على الاختصاص بل مقتضى صريح ما ذكر فيه فى بيان مراد الشّيخ انّ صورة
افادة الظن الغالب من باب القدر المتيقّن لا من باب الاختصاص ففى صورة افادة الظنّ
المتوسّط او الظنّ الضّعيف غاية الامر عدم ثبوت المنافاة لا عدم المنافاة اعنى
ثبوت الجمع لاحتمال عموم كلام الشّيخ لتلك الصّورة فرضا بل لا اشكال فى المنافاة
ولا مجال للجمع بناء على ما يقتضيه غير واحد من الكلمات المتقدّمة من الشّيخ من
جواز العمل بخبر الواحد على وجه العموم ورابعا انّ
__________________
مدار ما ذكر فيه فى باب التصرّف فى كلام السيّد على اخراج صورة افادة الظن
الغالب من مورد نقل الاجماع فى كلامه النّافى بتوسّط تعميم العلم فى كلامه المثبت على نقل الاجماع على جواز العمل بالاخبار المعلومة ولا
خفاء فى انّ كلامه المشار اليه من قبيل الفتوى ولا باس بمخالفة ناقل الاجماع
للاجماع المنقول بل هذا عنوان معروف حرّرنا الكلام فيه فى محلّه ومنه ما يتّفق فى
كلام صاحب المدارك من نقل الاجماع ومخالفة الاجماع المنقول فلا يتّجه التقييد
المذكور اعنى اخراج صورة افادة الظنّ الغالب من مورد نقل الاجماع فى الكلام النافى
المشار اليه إلّا ان يقال انّ مخالفة الاجماع من السيّد فى كلامه المثبت بعيدة او
يقال ان الظاهر ممّا ذكره السيّد من ان معظم الاحكام يعلم بالضّرورة والاخبار
المعلومة هو تسلم هذا المقال وقيام الاجماع فيقيد نقل الاجماع على عدم جواز العمل
بخبر الواحد بنقل الاجماع على اعتبار الظنّ الغالب بناء على تعميم العلم للظنّ
الغالب او يقال ان مقتضى دعوى اناطة معظم الاحكام بالضّرورة والاخبار المعلومة
بملاحظة ندرة الضّرورة وندرة الجزم اناطة معظم الاحكام بالظنّ الغالب ولا مجال
للقول بعدم حجية الظنّ الغالب فمقتضى تلك الدّعوى قيام الاجماع على اعتبار الظنّ
الغالب بناء على تعميم العلم للظن الغالب لكن نقول انّه على ما ذكر من المقالات
ولا سيّما المقالة الثّانية يلزم نقل الاجماع من السيّد على اعتبار الظنّ الغالب وتسليم
حجيّة خبر الواحد من باب حجية الظنّ الغالب وهو واضح السّقوط وخامسا انّ مقتضى ما
مرّ من عبارة السيّد من قوله وقد علم كل موافق ومخالف ان الشّيعة الاماميّة تبطل
العمل بالقياس فى الشّريعة حتّى يؤدّى الى العلم وكذلك نقول فى اخبار الآحاد هو
دعوى الاجماع على عدم جواز العمل بخبر الواحد فى صورة افادة الظنّ المطمئن الّا ان
يقال انه لو فرض دعوى السيّد كون الظنّ المطمئن من العلم فلا يضايق السيّد عن جواز
العمل بالقياس فى صورة افادة الظنّ المطمئن فلا يقتضى كلامه المنع عن جواز العمل
بخبر الواحد فى صورة افادة الظنّ المطمئن لكن نقول انه لا بدّ من كون المقصود
بالعلم فى العبارة المذكورة هو خصوص الجزم من باب اطلاق الكلّى على الفرد وان كان
العلم اعمّ من الظنّ المطمئن اذ ما وقع الاتفاق على خروجه عن تحت القياس وتعاهد
خروجه على عن تحتها حسب الاتفاق على حجيّته وكونه اقوى الادلّة فى باب الاحكام
واقوى الامارات فى باب الموضوعات انّما هو الجزم فالكلام فى معنى العلم غير الكلام
فى مورد الاتفاق فيه على الحجيّة وما وقع الاتفاق فيه على الحجّية انما هو خصوص
الجزم وان كان العلم اعمّ من الظنّ المطمئن وامّا العقل فهو من جهة اصالة عدم
حجيّة الظنّ واصالة حرمة العمل بالظن لكن الاصل الاوّل يبتنى اعتباره على اعتبار
اصالة العدم وكذا على كون الحجّية من الاحكام الوضعيّة لو كان المقصود باصل العدم
اصالة عدم الحكم المشكوك فيه لا اصالة عدم الممكن المشكوك وجوده وقد تقدّم الكلام
فى عدم اعتبار اصالة العدم مع انه مندفع بما ياتى من دليل الانسداد وغيره ممّا
استدلّ به على حجيّة مطلق الظنّ لو تم الغير وكذا ما ياتى ممّا استدلّ به على
حجيّة الظّنون الخاصّة لو يتمّ الاستدلال على انّه يمكن ان يقال ان الاصل الثّانوى
فى الظنّ هو الحجيّة حيث انّ طريقة العقلاء فى اموراتهم العادية كافة جارية على
الاكتفاء بالظنّ فلو لم يصل المنع عن الشّارع عن العمل بالظنّ فى الاحكام
الشّرعيّة فمقتضاه الرّضاء به لانّه يعلم انه لو لم يصل المنع عنه اليهم ليسلكوا
سبيله بمقتضى جبلتهم فعدم المنع دليل على الرّضاء الّا ان يقال انّ هذا الوجه لا
يركن النّفس اليه ولا تسكن به الّا ان يقال انه لا باس به فى توهين اصالة العدم
بناء على كون المقصود بالاصل فيها هو القاعدة المستفادة من طريقة العقلاء بل نقول
انّ بناء المطاعين على انكار ما لم يرضوه من عادات المطيعين المعلومة لهم فعلا او
تركا لا اظهار الرضاء بخصوص كلّ مرضىّ منها ومن ذلك انّ بيان الوجوب والحرمة فى
الشّرع اكثر من بيان المباح بمراتب كثيرة وبعبارة اخرى انّ النّاقل فى الشّرع اكثر
من المقرّر بمراتب كثيرة بل على هذا المنوال الحال فى طريقة كلّ مطاع بالاضافة الى
مطيعه فعدم المنع عن العمل بالظنّ يقتضى جواز العمل به إلّا ان يقال انّه انّما
يتمّ لو ثبت التّعاطى للاحكام الشّرعيّة بالظنّ والّا فالتّعاطى للامور لا ارتباط
لها بالشّارع حتّى يكون عدم المنع عنه كاشفا عن الرّضاء به إلّا ان يقال انّه
تداول التعاطى للاحكام الشّرعيّة بخبر الواحد فى ازمنة الحضور ولم يكن هذا من باب
العمل بمطلق الظنّ فعدم المنع عنه كاشف عن الرّضاء بالعمل بمطلق الظنّ الّا ان
يقال ان العمل بخبر الواحد وان كان بمقتضى ما استقرّ عليه حبلة الناس من العمل
بمطلق الظنّ الّا انّه لو كان حجيّة خبر الواحد من جهة الخصوصيّة فلا يلزم المنع
عن العمل بخبر الواحد اذ المدار فى لزوم المنع على وقوع المنكر وليس العمل بخبر
الواحد على ذلك من باب
__________________
المنكر كما انه لو كان عمل الناس على العمل بخبر الواحد من جهة الخصوصيّة
وكان حجيّته من جهة حجيّة مطلق الظنّ لا يلزم الرّدع عنه وكذا لا يلزم المنع عن
الاستناد الى جهة الخصوصيّة فى الفرض الاوّل وجهة الطّبيعة فى الفرض الثانى لعدم
دخول الاستناد الى الجهتين حراما فى الفرضين مثل الاستناد الى القياس فلا بدّ من
المنع كما انّه لو وقع الاستناد الى القياس على حكم مطابق للواقع فلا بدّ من
الرّدع عن الاستناد الى القياس وان لم يلزم المنع عن الحكم بل لا مجال له إلّا ان
يقال ان منشأ حرمة العمل بالقياس انمّا هو كثرة مخالفته مع الواقع فلو علم فى بعض
المواقع بمطابقته مع الواقع لا يلزم المنع عن الاستناد الى القياس فضلا عن المنع
عن العمل بمؤدّاه ولو قيل انه لا باس بالتمسّك فى المقام باستصحاب حال الواقع وان
كان المدرك فى اصل العدم هو القاعدة المستفادة من طريقة العقلاء قلت ان استصحاب
حال العقل وان ادّعى غير واحد قيام الاتفاق على حجيّة لكن بعض ادلّة المنكرين
يقتضى اطّراد النّزاع فى استصحاب حال العقل بل بعض ادلّتهم يقتضى عموم المتنازع
فيه له كما حرّرناه فى محلّه والاظهر عدم شمول اخبار اليقين لاستصحاب حال العقل
كما ان الاظهر عدم شمولها لعدم التكليف الثابت حال الصّغر والحكم الثابت فى بعض
الشرائع السّابقة المشكوك نسخة والاحكام اللغويّة وامّا الاصل الثانى فيقرر بوجوه منها
ان التعبّد بالظنّ الذى لم يدل دليل على وقوع التعبّد به محرم بالادلّة الاربعة ويكفى
من الكتاب قوله سبحانه قل الله اذن لكم ام على الله تفترون حيث دل على انّ ما ليس
باذن من الله من اسناد الحكم الى الشّارع فهو افتراء ومن السّنة قوله عليه السّلم
فى عداد القضاة من اهل النار ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم ومن الاجماع ما ادّعاه
العلّامة البهبهانى فى بعض رسائله من كون عدم الجواز بديهيا عند العوام فضلا عن
العلماء ومن العقل تقبيح العقلاء من يتكلّف من قبل مولاه بما لا يعلم وروده عن
المولى ولو كان جاهلا مع التقصير نعم قد يتوهّم متوهّم ان الاحتياط من هذا القبيل
وهو غلط واضح اذ فرق بين الالتزام بشيء من قبل المولى على انّه منه مع عدم العلم
بانه منه والالتزام باتيانه لاحتمال كونه منه او رجاء كونه منه وشتّان باينهما لان
العقل يستقل بقبح الاوّل وحسن الثّانى والحاصل انّ المحرم هو العمل بغير العلم
متعبّدا به ومتديّنا به وامّا العمل به من دون تعبّد بمقتضاه فان كان لرجاء ادراك
الواقع فهو حسن ما لم يعارضه احتياط آخر ولم يثبت من دليل آخر وجوب العمل على
خلافه كما لو ظنّ الوجوب واقتضى الاستصحاب الحرمة فان الاتيان بالفعل محرم وان لم
يكن على وجه التعبّد بوجوبه والتديّن به وان لم يكن لرجاء ادراك الواقع فان لزم
منه طرح اصل دلّ الدليل على وجوب الاخذ به حتى يعلم خلافه كان محرما ايضا لان فيه
طرحا للاصل الواجب العمل كما فيما ذكر من مثال كون الظنّ بالوجوب على خلاف استصحاب
التحريم وان لم يلزم منه ذلك جاز العمل كما لو ظن بوجوب ما تردد بين الحرمة
والوجوب فان الالتزام بطرف الوجوب لا على انه حكم الله المعين جائز لكن فى تسمية
هذا عملا بالظن مسامحة وكذا فى تسمية الاخذ به من باب الاحتياط وبالجملة فالعمل
بالظن اذا لم يصادف الاحتياط محرم اذا وقع على وجه التعبّد به والتديّن سواء
استلزم طرح الاصل والدّليل الموجود فى مقابله ام لا واذا وقع على غير وجه التعبّد
به فهو محرم اذا استلزم طرح ما يقابله من الاصول والادلّة الموجودة فى مورده وحاصل
ما ذكرنا ان التعبّد بالظنّ مع الشّك فى رضاء الشّارع بالعمل به فى الشريعة تعبّد
بالشك وهو باطل عقلا ونقلا وامّا مجرد العمل على طبقه فهو محرم اذا خالف اصلا من
الاصول اللّفظية او العمليّة الدالة على وجوب الاخذ بمضمونها حتى يعلم الرافع
فالعمل بالظن قد يجتمع فيه جهتان للحرمة كما اذا عمل به ملتزما انّه حكم الله وكان
العمل مخالفا لمقتضى الاصول وقد يكون فيه جهة واحدة كما اذا خالف الاصل ولم يلتزم
بكونه حكم الله الواقعى او التزم ولم يخالف مقتضى الاصول وقد لا يكون فيه عقاب
اصلا كما اذا لم يلتزم بكونه حكم الله ولم يخالف اصلا وح قد يستحق على عمله الثواب
كما اذا عمل به على وجه الاحتياط هذا ولكن حقيقة العمل بالظنّ هو الاستناد اليه فى
العمل والالتزام بكون مؤدّاه حكم الله فى حقه فالعمل على ما يطابقه بلا استناد
اليه ليس عملا به فصحّ ان يقال ان العمل بالظنّ والتعبّد به حرام مطلقا وافق
الاصول او خالفها غاية الامر انه اذا خالف الاصول يستحق العقاب من جهتين من جهة
الالتزام والتشريع ومن جهة طرح الاصل المامور به بالعمل به حتّى يعلم خلافه وقد
اشير فى الكتاب والسنّة الى الجهتين فمما اشير فيه الى الأولى قوله تعالى قل الله
اذن لكم ام على الله تفترون بالتّقريب المتقدّم وقوله ع رجل قضى بالحق وهو لا يعلم
وممّا اشير فيه الى الثّانى قوله تعالى ان الظنّ لا يغنى من الحقّ شيئا وقوله ع من
افتى الناس بغير علم
__________________
ما كان يفسده اكثر مما يصلحه ونفس ادلة الاصول فقد تبيّن ممّا ذكر انحصار
دليل حرمة العمل بما عد العلم فى امرين وان الآيات والاخبار راجعة الى احدهما
احدهما ان العمل بالظنّ والتعبّد به من دون توقيف من الشّارع تشريع محرم بالادلّة
الاربعة والآخر ان فيه طرحا لادلة الاصول العمليّة واللفظيّة كالاطلاق والعموم
التى اعتبرها الشّارع عند العلم بخلافها اقول ان الظاهر انّ مدار الوجه المذكور
على ان العمل بالظن هو الاتيان بالفعل على طبقه على انّ مقتضاه حكم الله وهو حجة
والعمل بالظنّ على هذا الوجه تشريع وبدعة واما مجرّد الجريان على مقتضى الظنّ فهو
ليس بحرام بل قد يترتّب عليه الثواب كما اذا كان موافقا للاحتياط وينقدح بعد ان
الظاهر من اخبار البدعة هو كونها فيما ثبت انّه ليس من الدّين فلا يجرى فيما لم
يثبت كونه من الدّين نفيا واثباتا بان الظّاهر كون الفرض فى صورة العامل بالظن
عالما بانه لا دليل على اعتباره من جانب الشارع وفى هذه الصّورة اما ان يقال بحرمة
الاعتقاد والتّصديق بكون الظنّ الّذى لم يثبت اعتباره معتبرا او بحرمة الفعل
المقرون بالتّصديق المذكور كالاستبراء المقرون باعتقاد اعتبار الشّهرة القائمة على
وجوبه عند القائل بحجيّة الظّنون الخاصّة لكن التّصديق المذكور ممتنع ممن يعتقد
عدم ثبوت الاعتبار من جانب الشارع كيف لا والاذعان والتّصديق بطرفى النقيض محال
ولا ريب فى عدم حرمة تصوّر اعتبار الظنّ المذكور والا لكان تصوّر الزناء حراما
وكذا الفعل على طبقه مقرونا به نعم لو افتى الشخص بطبق الظنّ المذكور فهو حرام
لدخوله فى القول بغير علم بل مثله ما لو فعل الشخص فعلا بطبق الظنّ المذكور بحيث
اوجب تعزير الغير وكان الدّاعى له على الفعل هو التّعزير والاضلال كان ابرز ما قام
دليل غير معتبر على وجوبه بصورة الواجب بان فعله دائما وهو يهتم بالاتيان به بحيث يذعن
بوجوبه كلّ من راى فعله بهذا المنوال منه لحكم العقل بقبحه وان لم يكن من باب
البدعة بل لو ارتكب الجاهل المقصّر فعلا من غير اجتهاد ولا تقليد على وجه الوجوب
مذعنا به لحدس من عند نفسه دعاه اليه ولم يثبت وجوبه فيمكن القول بالحرمة وعلى هذا
المنوال الحال لو تأدّى اجتهاد غير القابل الى امر خلاف الاجماع او خلاف الضّرورة لو قلنا بعدم
اختصاص البدعة بخلاف الاجماع وعمومه لخلاف الضّرورة وكذا الحال فى تقليد الاجتهاد
المذكور من غير القابل او القابل لكن لا يصدق المبدع على المقلد وان يصدق على فعله
البدعة اذ الظّاهر من المبدع من كان تاسيس البدعة منه وبعد ذلك اقول انه يمكن
القول بان الشخص لو ارتكب فعلا قام الشّهرة على وجوبه مع عدم اعتبار الشّهرة عنده
على سبيل اخطار وجوبه واخطار التقرّب به اى على نيّة الوجوب بناء على كون النيّة
هى الاخطار كما اشتهر ثبوت القول به بالاختلاف فى النية على القول بكونها هى
الداعى والقول بكونها هى الاخطار لكن الحقّ انه لم يتفق القول بكونها هى الاخطار
كما يظهر مما حرّرناه فى الرّسالة المعمولة فى ان النيّة هى الاخطار او الداعى
فالعقل يحكم بقبحه الّا انه اندر نادر لا يكاد اتفاق الاقدام عليه من احد فيشكل
شمول عمومات البدعة له وقد حرّرنا حال البدعة فى بحث التّسامح فى المندوبات مع ان
الظّاهر كونها فيما ثبت انه ليس من الدّين كما انه ليس من باب الافتراء لظهوره فى
القول ولا يدلّ الاخبار على حرمته كما انه لم يثبت حرمته بالاجماع ثم ان العمل
بالظنّ بناء على كونه موجبا للتشريع فلا يتاتى التشريع بعد ثبوت استقرار طريقة
العقلاء على العمل به فى امورهم العادية واحكامهم وجريان طريقتهم على العمل به فى
مقام الاطاعة فان الملتزم بفعل ما اخبر بوجوبه بخبر الواحد وترك ما اخبر بحرمته
بخبر الواحد لا يعده العقلاء مشرعا بل لا يشكون فى كونه مطيعا فالعقلاء يعدون
المخبر به بخبر الواحد من الدين وكذا يعدون المخبر بوجوبه او حرمته بخبر الواحد من
جانب المولى حكما لازم الاتباع وقبح التشريع لا يختصّ بالاحكام الشرعيّة بل يجرى
فى الاحكام العرفية حيث ان العقلاء يقبحون ويذمون العبد المبدع فى احكام مولاه فلا
يتاتى التشريع فى المقام وبالجملة فلا يتاتى صدق التّشريع فى المقام وقبح العمل
بالظنّ محلّ المنع وهو العمدة والا فلم يؤخذ فى الاستدلال صدق التشريع والبدعة مع
انه لا مجال للتشريع بعد ثبوت اعتبار خبر الواحد بالاخبار والاجماعات المنقولة
المتقدّمة وكذا بالعقل كما ياتى وبما سمعت تدرى عدم جريان الاصول العمليّة فى
مقابل خبر الواحد حيث انّهما ان كانت من جهة حكم العقل فلا مجال لها بعد استقرار
طريقة العقلاء على العمل بخبر الواحد وثبوت اعتبار خبر الواحد وان كانت من جهة
الادلّة اللّفظية فهى تندفع بما يدلّ على حجيّة خبر الواحد وامّا الاصول اللفظية
كالإطلاق والعموم فلا يتاتى اعتبارها فى مورد المعارضة مع خبر الواحد على تقدير
اعتبار الظنّ الشخصى فى ظواهر الالفاظ لعدم حصول الظنّ بالاطلاق والعموم مع مخالفة
خبر الواحد بل الظنّ بالعدم
__________________
لحصول الظن من خبر الواحد فرضا وكذا على تقدير كفاية الظن النّوعى لعدم
اعتبار الظنّ النّوعى المخالف لخبر الواحد عند اهل اللّسان مضافا الى ثبوت حجية
خبر الواحد بما مرّ وياتى فلا مجال الاعتبار الاطلاق والعموم سواء كان الاعتبار
على تقدير حصول الظن الشّخصى او كان يكفى فيه الظن النّوعى ومنها انّ الامر فى
المقام دائر بين الوجوب والتّحريم ومقتضاه التّخيير او ترجيح جانب التّحريم بناء
على ان دفع المفسدة اولى من جلب المنفعة والمقصود به انّ الحرمة فى المقام هى
القدر المتيقن حيث ان العمل بالظن اما واجب واقعا او حرام واقعا والحكم الواقعى
دائر بين الحكمين فالحكم الظّاهرى امّا التخيير او الحرمة بناء على تغليب جانب
الحرمة لاولوية دفع المفسدة من جانب المنفعة وفيه ان الفتوى بطبق ظن لم يثبت
اعتباره حرام ولو كان الظنّ واجب العمل فى الواقع لكونه من باب القول بغير علم مع
ان العمل باتيان الفعل على طبقه ان كان مقتضيا للتّشريع فهو حرام وان كان الظنّ
واجب العمل فى الواقع ايضا على انه لا دليل على الوجوب التخييرى فى المقام
لاختصاصه بتعارض الخبرين فمقتضى القاعدة جواز العمل بالظن بالاتيان بالفعل على
طبقه اللهمّ إلّا ان يدعى القطع بعدم الفرق فى باب الوجوب التّخييرى وبعد هذا اقول
انّ ترجيح جانب الحرمة باولويّة دفع المفسدة من جلب المنفعة ظنى فلا عبرة به فى
المقام فغاية الامر فى المقام التخيير لو قلنا بالقطع بعدم الفرق بين مقامنا هذا
وتعارض الخبرين فلا يثبت اصالة حرمة العمل بالظنّ وربما يورد عليه بتطرق الثواب
على كل من فعل الواجب وترك الحرام وتطرّق العقاب على كل من فعل الحرام وترك الواجب
فكان من الواجب والحرام يشتمل على ما يحصل به الثواب من وجه ويحصل العقاب به من
وجه آخر فالواجب والحرام سواء فى دفع المفسدة وجلب المنفعة فليس ترك الحرام راجحا
على ترك الواجب ويندفع بوضوح ان المقصود بالمفسدة انما هو المضرة المقتضية للحرمة
المتقدّمة عليها لا العقاب المترتّب على الحرمة المتاخرة عنها والمقصود بالمنفعة
المصلحة المقتضية للوجوب المتقدّمة عليه لا الثواب المترتّب على الوجوب المتاخّر
عنه وقد يورد بتطرّق المفسدة على ترك الواجب ايضا كفعل الحرام فليس ترك الحرام
راجحا على ترك الواجب ويمكن الايراد بتطرّق المفسدة على ترك الواجب وتطرّق المصلحة
على ترك الحرام فليس ترك الحرام راجحا على ترك الواجب اقول انه لا يلزم اشتمال ترك
الواجب على تطرّق المفسدة بل اشتمال ترك الواجب على المفسدة نادر كما انّ ترك
الحرام لا يلزم اشتماله على المصلحة بل اشتماله على المصلحة نادر كيف لا ولو لا ما
ذكرنا من عدم لزوم اشتمال ترك الحرام على المصلحة للزم ترتب مصالح لا تحصى على
تارك كل المحرمات فى آن واحد ولا يلتزم به من له ادنى مسكة نعم لو ثبت بالنصّ فى
مورد اشتمال ترك الواجب على المفسدة او اشتمال ترك الحرام على المصلحة فعليه
المدار فعلى ما ذكر لا يكون ترك الواجب حراما نفسيّا وهو المراد بالحرام بقول مطلق
بل حرمته بتبع وجوب الفعل ولا يكون ترك الحرام واجبا نفسيّا وهو المراد من الواجب
بقول مطلق بل وجوبه بتبع حرمة الفعل بل لو تخلّل الواسطة بين الفعل والتّرك لما
كان ترك الحرام واجبا ولا ترك الواجب حراما راسا وقس على ترك الواجب وترك الحرام
ترك المستحبّ وترك المكروه فان ترك المستحبّ لا يشتمل على الحزازة غاية الامر كونه
مرجوحا بتبع رجحان الفعل وبالاضافة اليه وبعبارة اخرى ترك المستحبّ لا يشتمل على
المرجوحيّة بمعنى النقص غاية الامر المرجوحيّة بمعنى الخلوّ عن الرّجحان والفرق
بين النقص وعدم الرّجحان ظاهر فترك المستحبّ لا يكون مكروها نفسيّا وهو المراد
بالمكروه بقول مطلق وانّما هو مكروه غيرى اى بتبع استحباب الفعل وترك المكروه لا
يشتمل على الرّجحان غاية الامر انّه راجح بتبع رجحان الفعل وبعبارة اخرى ترك
المكروه لا يشتمل على الرّجحان غاية الامر انّه راجح بتبع رجحان الفعل وبعبارة
اخرى ترك المكروه لا يشتمل على الرّجحان غاية الامر انّه خال عن المرجوحيّة فترك
المكروه لا يكون مستحبا نفسيّا بل هو مستحبّ غيرى اى بتبع كراهة الفعل ولو تخلّل
الواسطة بين الفعل والتّرك لا يكون ترك المستحبّ مكروها ولا ترك المكروه مستحبّا
راسا فقد بان ضعف ما عن المحقّق فى المعتبر من الحكم بكراهة التكفير تعليلا بانّه
مناف للمستحبّ وكذا ما قاله المحقّق الثّانى فى تعليقات الشّرائع من انّ المندوب
والمكروه متعاكسان كما انّ الواجب والحرام متعاكسان يعنى انّه كل ما ندب فعله كره
تركه وكلّ ما كره فعله ندب تركه وكذا كلّ ما ندب تركه كره فعله وكلّ ما كره تركه
ندب فعله وكذا ما قاله المحقّق التفتازانى من انّ ترك النّدب كراهة وفى كلام جماعة
من المتاخّرين القول باستحباب ترك المكروه وعدم كراهة ترك المستحبّ ويظهر ضعفه بما
سمعت فقد علمت ان الوجوب والحرمة لا يتعاكسان وكذا الاستحباب والكراهة ولو قيل انه
لو كان الامر على ذلك فلا وجه للعقاب على ترك الواجب لفرض عدم ترتّب المفسدة
المقتضية
لترتب العقاب قلت ان اوامر الشّارع من باب اوامر ارباب التربية كما حرّرناه
فى محله ولا ريب فى ان ارباب التّربية كما يعاقبون على احداث المفسدة كذا يعاقبون
على تقويت المصلحة مع انه كما يترتب العقاب على فعل المفسدة كذا يترتّب على مجرّد
التمرّد فلا باس بتطرق العقاب على ترك الواجب مع عدم ترتب المفسدة على التّرك وان
قلت قد عرف المستحبّ بما يثاب فاعله والمكروه بما يثاب تاركه ومقتضى التعريفين
انما هو استحباب ترك المكروه دون كراهة ترك المستحبّ فترك المكروه مستحب لكن ترك
المكروه لا يكون مستحبّا قلت بعد انتقاض التّعريفين بالواجب والحرام لتطرّق الثواب
على الفعل فى الاوّل وتطرق الثواب على التّرك فى الثانى انّ المكروه لا يكفى فيه
مجرد الثواب على الترك فى الثانى ان المكروه لا يكفى فيه مجرد الثواب على التّرك
بل لا بدّ فيه من اشتمال الفعل على الحزازة بتسليم ارباب القول بالفرق بين ترك
المستحب وترك المكروه باستحباب الثانى وعدم كراهة الاوّل ولا مجال للتفصيل وربما
صرّح الشهيد فى الرّوض نقلا بانّ ترك المستحب ليس مكروها وهو مقتضى ما صنعه وفى
الرّوضة حيث نفى كراهة الصّلاة فى السّود بعد ان حكم فى اللّمعة باستحباب تركه وما
قاله من انّ غير الامام من المصلّين يستحبّ له الرّداء ولكن لا يكره تركه بل خلاف
الاولى قوله بل خلاف الاولى قد عبّر عنه ترك المستحبّ هنا بخلاف الاولى وقد حكى فى
التّمهيد عن بعض متاخّرى الاصوليين التّعبير عن مكروه العبادات كالصّلاة فى الحمام
بخلاف الاولى ويظهر من القاضى فى تعليقات الرّوضة انّ ترك المستحبّ لا يكون مكروها
إلّا اذا دلّ الدّليل على الكراهة ومرجعه الى عدم كراهة ترك المستحبّ ومثله ما
صنعه الشيخ على ما فى تعليقات الرّوضة حيث استظهر ان المستحبّ لا يلزم من ترك
المكروه لتوقّفه على الدّليل ومجرّد التّرك لا يصلح دليلا بعد ان ذكر انّ ترك
الرّداء للامام مكروه وفعله مستحبّ ويتفرع على ما ذكرناه انه لا يتاتى التّسامح
على القول بالتّسامح فى الاستحباب فى كراهة التّرك لو ورد الخبر الضعيف باستحباب
الفعل ولا فى كراهة الفعل لو ورد الخبر الضّعيف باستحباب التّرك ومزيد الكلام
موكول الى ما حرّرناه فى بحث ان الامر بالشيء هل يقتضى النّهى عن ضدّه ومنها ان
الامر فى المقام دائر بين وجوب تحصيل مطلق الاعتقاد بالاحكام الشرعيّة المعلومة
اجمالا ووجوب تحصيل الاعتقاد القطعى فيرجع الامر الى الشكّ فى المكلّف به وتردّده
بين التخيير والتّعيين فيحكم بتعيين الاعتقاد القطعى تحصيلا للبراءة اليقينيّة
وفيه انه مبنىّ على وجوب الاحتياط فى باب الشك فى المكلّف به والحق حكومة اصالة
البراءة ولا سيّما فى مثل ما نحن فيه ممّا لا يكون ارتباطيّا وقد حرّرنا شرح الحال
فى محله مع انه لا يتاتى فى واقعة انسدّ فيها باب العلم واورد عليه بانّ وجوب
تحصيل الاعتقاد بالاحكام مقدّمة علميّة للعمل بها وامتثالها فالحاكم بوجوبه هو
العقل ولا معنى لتردّد العقل فى موضوع حكمه وان الّذى حكم هو بوجوبه تحصيل مطلق
الاعتقاد او خصوص العلم بل امّا ان يستقل بوجوب تحصيل خصوص الاعتقاد او خصوص العلم
بل اما ان القطعى واما ان يحكم بكفاية مطلق الاعتقاد ولا يتصوّر الاجمال فى موضوع
الحكم العقلى لان التردّد فى الموضوع يستلزم التردّد فى الحكم وهو لا يتصوّر من
نفس الحاكم اقول انه لا شك فى امتناع تردّد العقل ثانيا فى موضوع حكمه اولا مع
استقرار التردّد فى الحكم او تردده اولا فى موضوع حكمه لاستلزامه التردّد فى الحكم
حيث ان الحكم ح غير معلوم بشخصه فيلزم اجتماع الجزم والشك لكن لا باس بان يقال ان
العقل امكنه ادراك وجوب تحصيل اصل الاعتقاد فهو جازم بوجوب القدر المشترك لا يمكنه
الجزم باحد الفصلين من وجوب تحصيل العلم وكفاية الظنّ فهو اولا جازم بالقدر
المشترك ومتردّد فى الفصل وفى البين احد الفصلين هو القدر المتيقن بوجوبه عند
الشّارع وهو الظنّ والآخر هو القدر المتيقن فى الامتثال وهو العلم فموضوع حكم
العقل غير ما وقع التردد فيه وما وقع التردّد فيه غير موضوع حكم العقل وبوجه اوجه
ان كان الغرض منافاة التردّد فى الموضوع مع الجزم الشخصى فهو مسلم لكن الجزم
بالحكم فى المقام انّما هو الجزم بالحكم النّوعى وان كان الغرض منافاة التردّد فى
الموضوع مع الجزم بالحكم النّوعى فهو ممنوع كيف لا وفى باب الشّبهة المحصورة حرمة او
وجوبا كما فى قبلة المتحيّر على القول بوجوب الاحتياط يتاتى الجزم بالحكم نوعا مع
التردّد فى الموضوع وان كان الغرض التردّد فى الموضوع مع الجزم بالحكم من باب
الجزم بالحال مع التردّد فى المحل وهو محال ففيه انه لا استحالة فى ذلك ولا باس به
وما يستحيل انما هو وجود الحال بدون المحلّ وان كان الغرض انه لما كان الحاكم
بالوجوب فى المقام هو العقل فلا مجال لاجمال موضوع حكم العقل كما لا مجال لاصل
حكمه ففيه انه لا باس باحاطة العقل بالجنس دون الفصل
فى المقام والمرجع الى اجمال حكم العقل اذا الحكم فى الحقيقة انّما هو وجوب
الاعتقاد لا الوجوب فقط وربما حكى عن السيّد السّند المحسن الكاظمى الموضوع فى
دعوى ان الاصل اباحة العمل بالظن لانها الاصل فى الاشياء ويضعف بان الظنّ قد يقتضى
الوجوب او الحرمة فحجيّة الظنّ على وجه جواز ترك العمل به ينافى وجوب ما قام الظنّ
على وجوبه وكذا حرمة ما قام الظنّ على حرمته مع ان الظنّ لو كان معارضا بدليل لفظى
او عملى فلا معنى لجواز تركه لا الى بدل كما هو ظاهر الاباحة بل على تقدير ترك
العمل بالظنّ لا بدّ من العمل بالدّليل المعارض له فغاية الامر الوجوب التّخييرى
على انه لا وجه لجواز الفتوى على طبق ظن لم يثبت اعتباره كما انه لو كان العمل
بالظنّ موجبا للتّشريع فيتاتى الحرمة ولا مجال للاباحة لاستقلال العقل هنا بالحرمة
والاباحة انّما تتاتى فيما يستقلّ العقل فيه بالاباحة اذا تمهّد ما تقدّم فنقول ان
اصحابنا رضوان الله تعالى عليهم ممّن يجوز العمل بين القول بحجيّة مطلق الظنّ واختاره ثلة من الاواخر
راسهم العلّامة البهبهانى وعمدة كلامه فى الباب كلامه فى رسالته المعمولة فى
الاستصحاب قال ولا يخفى على المتتبّع انّ فقهائنا نريهم يعتمدون على ظنونهم فى مقامات اثبات
الاحكام اى ظنّ بكون راى رجحان حصل لهم من دون ان يكون على حجيّة ذلك الظنّ اجماع
قطعى او آية او حديث من غير اشارة منهم الى ماخذ الرّجحان نعم لا يعملون بالقياس
وما هو مثله ممّا ورد النّهى عنه شرعا بخصوصه او اتفقوا على عدم اعتباره مثل اثبات
الحكم بالرّمل والنجوم وامثالهما وانت خبير بان كلامه هذا يعطى دعوى الاجماع على
حجيّة مطلق الظنّ ولا ينافى كلامه المذكور قوله فى رسالته الاجتهاديّة الاصل عدم
حجيّة الظنّ وهو محلّ اتفاق جميع ارباب المعقول اذ كل من قال بحجيّة ظنّ فى مقام
اتى بدليل به كما لا يخفى على المطّلع اذ كل من يقول بحجيّة مطلق الظنّ انّما ياتى
بالاستدلال عليه فدعوى اتفاق اهل المعقول والمنقول لا ينافى دعوى الاجماع على
حجيّة مطلق الظنّ وان قلت انه لو كان حجيّة مطلق الظنّ مورد الاجماع فالاجماع قائم
على اصالة حجيّة الظنّ وهذا ينافى اتفاق اهل المعقول والمنقول على اصالة عدم حجيّة
الظنّ قلت ان المقصود من دعوى الاتفاق على اصالة عدم حجيّة الظنّ قلت ان المقصود
من دعوى الاتفاق على اصالة عدم حجيّة الظنّ انما هو الاصل الاولى واصالة حجيّة
الظنّ على القول بحجيّة مطلق الظنّ من باب الاصل الثّانوى فلا منافاة فى البين لكن
يمكن القول بان ظاهر الكلام الثّانى قلة مورد حجيّة الظنّ وهذا ينافى دعوى الاجماع
على حجيّة مطلق الظنّ وعلى اىّ حال اوّل من نشر حديث اطلاق حجيّة الظنّ هو صاحب
المعالم الّا ان كلامه فى دليل الانسداد لا يوافق ذلك بل مقتضاه القول بحجيّة
الظنّ الاقوى نعم كلامه فى جواب استدلال السّيّد المرتضى على عدم حجيّة خبر الواحد
يقتضى القول بذلك ويظهر شرح الحالات بما ياتى لكنّه لم يجر فى الفقه على حجيّة
مطلق الظنّ او الظنّ الاقوى كيف لا وهو قد اعتبر فى اعتبار الخبر تزكية العدلين فى
كل من رجال سنده وهو مقتضى كلمات الشّهيد فى الذكرى بل نسبه المحقق القمّى فى بحث
اخبار الآحاد الى طريقة الاصحاب وفى بحث الاجتهاد الى جل العلماء الفحول وذكر فى
بحث الاجتهاد ايضا ان المستفاد من الاخبار والفتاوى والاعتبار هو ان العمل
بالاخبار لاجل انها مخبرة عن الامام وكاشفة عن مراد الملك العلّام اخبارا ظنّيا
وكشفا راجحيا ونسبه بعض الفحول الى طريقة الاصحاب والقول بحجية الظنون الخاصّة
واختاره ثلة اخرى من الاواخر راسهم السّيّد السّند النجفى وهو قد بالغ فى ترويج
هذا القول حيث عدّا القول بحجيّة مطلق الظنّ خارجا عن المذهب اللهمّ الّا ان يكون
مقصوده من مطلق الظنّ ما يعم القياس وامثاله لكن ينافى ذلك ما ذكره نقلا من ان
عمدة الدّليل على جواز العمل بخبر الواحد هى عمل الصّحابة حيث انّ عمل الصّحابة لم
يكن الا من باب الجبلة واستقرار الفطرة على العمل بالظنّ وكذا ينافى ذلك استدلاله
بالاستقراء على اصالة الفساد فى المعاملة المنهى عنها وان خرج من هذا الاصل
المنهىّ عنه لغيره وعلى اصالة عدم تداخل الاسباب اللهمّ الّا ان يكون الاستدلال
المذكور مبينا على ارجاع الاستقراء فى الاخبار الى دلالة الاشارة كما وقع من غير
واحد وكذا ينافى ذلك عدم منعه عن حجيّة الاستصحاب فى تمسّك بعض اهل الكتاب فى
المناظرة المعروفة بناء على ما فهمه هو وغيره من كون التمسّك بالاستصحاب لكن ظهر
فيما مرّ فساده بل عدم المنع المذكور عجيب من السّيّد السّند المشار اليه مع
مبالغة المذكورة فى عدم حجيّة مطلق الظنّ لكون الظنّ فى التمسّك المذكور متعلّقا
بالنبوّة وهى من اصول الدّين ومنهم العلّامة النجفى وهو ايضا بالغ فى ذلك واغرق فى
القوس قال فى كشف الغطاء فى البحث السّادس والاربعين من الفن الاوّل وينبغى للفقيه
اذا حاول الاستدلال على مطلب من المطالب الفقهيّة ان يتخذ الادلّة
__________________
الظنية وغيرها من الطرق الشرعيّة الظنّية ذخيرة لوقت الاضطرار وفقد
المندوحة لانه غالبا غنى عنها بالآيات القرآنية والاخبار التواترة المعنويّة
والسيرة القطعيّة المتلقاة خلفا بعد سلف من زمان الحضرة النبويّة والاماميّة الى
يومنا هذا وليس مذهبنا اقلّ وضوحا من مذهب الحنفية والشّافعية والحنبلية والمالكية
والزّيدية والناووسيّة والواقفيّة وغيرهم فانّ لكل طائفة طريقة مستمرة يتوارثونها
صاغرا بعد كابر بل اهل الملل ممّن عدا المسلمين على بعد عهدهم عن انبيائهم الماضين
لهم طرائق وسير يمشون فيها على الاثر ولا يصغون الى انكار من انكر فما ادرى وليتنى
علمت انّه ما السّبب وما الباعث فى ان بعض اصحابنا رضوان الله عليهم لم يزالوا
مساعين فى اخماد ضوء الشّريعة الغراء واثبات الخفاء فى مذهب ائمة الهدى حتى فتحوا
للاعداء اكبر الابواب ونسبوا اكابر فقهائنا الى الخطاء وابعدوهم عن الصّواب وبعثوا
على تجرى الأطفال على فحول العلماء الذين لولاهم لم يعرف الحلال وتلك مصيبة عامة يسأل الله الوقاية منها قوله
بعض اصحابنا ظاهره انفراد البعض كما هو الحال فى عموم موارد استعمال البعض لكن
مقتضى ارجاع ضمير الجمع الى البعض فى قوله لم يزالوا وقوله فتحوا كون البعض جماعة
فليته بدل البعض بالجماعة ولعله كان الغرض من التعبير بالبعض هو التوهين لكن
المفروض بروز كون البعض جماعة لو عمل بضميرى الجمع او وقوع التناقض فى كلامه لو لم
يعمل بذلك وبالجملة قد ذكر الوالد الماجد ره الكلام المذكور الى قوله فما ادرى الى
الآخر تاييدا للقول بحجية الظنون الخاصة مع ان التاييد فى قوله فما ادرى الى الآخر
ازيد وعلى اىّ حال ما ذكره فى اقصى مراتب وضوح الفساد كيف لا والاخبار المتواترة
والسيرة القطعيّة والآيات القرآنية على فرض كثرتها الى حد يوجب العلم انّما تنفع
فى الضّروريات وعلى هذا المنوال الحال فيما اتضح بالقطع من سائر المذاهب واين
الضّروريّات من الامور الخفيّة الدّقيقة التى يدور عليها العبادات فضلا عن كفاية
واحد من تلك الامور فى كلّ واحدة من العبادات لكون النتيجة تابعة لاخسّ المقدّمتين
بل يكفى وقوع واحد منها فى الصّلاة التى هى عمود الايمان وعمدة العبادات ومع ذلك
المتبع هو الدّليل والبرهان ولا توحش من مثل تلك العبادات والحق احقّ ان يتبع
بالحق والحق ثم بالحق والحقّ ثم بحق الحقّ وفى قبال تلك العبارات عبارات اخرى
يمنعنى عن الاقدام عليها ما اوجبت على نفسى من مراعات الادب والاحترام بالنّسبة
الى العلماء كافة وقاطبة فى السرّ فضلا عن العلانية ومنهم الوالد الماجد ره وهو
انما قد اتى بما استدلّ به على حجيّة الظّنون الخاصّة فى رسالته المعمولة فى عدم
جواز تقليد الميّت واقتضى عن المحقق القمى ان يلاحظ ذلك فلاحظه وكتب حواشى فى
الحواشى وقال فى فاتحة الحواشى ايّها الولد الافضل والخل الامثل قد اقتضيت منى
تسريح النظر فى هذا الكتاب وتمييز ما فيه من القشر واللبان وان اكتب ما يسنحنى فى
الحواشى وارفع عن وجوه مخدراته الغواشى قصرت اقدم رجلا واؤخر اخرى لصعوبة ردّ ما
اقترحت من المامول ولانه لا يتمشى من الكليل العليل الّا الخاطر المعلول ومع ذلك
فالموانع شتى والروادع لا تعدّ ولا تحصى ونصب عينك ما انا فيه من تكسر القوى
والبنيان وعلى عيانك مخيبات ضمائرى فضلا عن جلياتها والعيان يغنى عن البيان مع ان
الكلام فى هذا المضمار متمادى الاقطار وسقى مزارع ما فى هذا الطّومار وترميم
مرابعه يستدعى سحاب فكر ممطار وايدى قوّته من قلم مدرار وان عيون افكارى قد غارت
مياهها ووجوه خواطرى وانظارى قد ذهبت بردائها الى آخر كلماته وله فى تلك الكلمات
كلمات متشدّدة على الوالد الماجد ره منها قوله والعجب منك ايّها الفطن الذكى كل
العجب من هذه التقرير المتساقط ومنها قوله والظّاهر انّك لم تتعب بالك الشّريف فى
التفكر فى كلماتى والا لما بقى عليك شبهة ومنها قوله فان كان ما فى القوانين ممّا زاد على الف
بيت لم يف باتمامه فكيف يمكن اتمامه فى هذه الحاشية ومنها قوله فان كان ما فى
القوانين مما زاد على الف بيت لم يف باتمامه وبالجملة ما ذكره سلّمه الله فى هذا
عبارة مظلمة متساقطة واعزمك بالله تعالى ايّها الولد الاغر ان لا تعود الى مثل هذا
التقرير والتحرير ولعلّك تقول مطلبى دقيق وكلامى نبيه ولكنك بليد فهيه وهذا توجيه
وجيه قوله اعزمك اى اقسمك كما فى قوله عليه السّلم فى دعاء سيف بن عميرة المروى فى
مصباح فى وداع زيارة عاشوراء وبحقّهم أسألك واعزم عليك والتّرجمة بالقصد خارج عن
المقصود وفى المجمع وعزمت عليكم اى اقسمت عليكم وربما راى الوالد الماجد ره فى
النّوم فى زمان الاشتغال بالرّسالة او فى غيره انّه انشق جدار البيت فجاء النّبى صلىاللهعليهوآله فقال صلىاللهعليهوآله مخاطبا الى الوالد الماجد ره اذا سمعت انهزامى فلا
__________________
فلا تخرج الرّاحلة من يدك وعبّر الوالد الماجد ره سماع الانهزام بانتشار
القول بحجية مطلق الظنّ من المحقق القمى لكونه راس العصر وكان الوالد الماجد ره
يذهب الى المحقق القمّى فى كل سنة فى سنوات كثيرة فى ايام النّيروز استفادة منه
وكان يهدى اليه فى كل شهر بالحلو والحامض وللمحقق القمّى مكاتبات شريفة الى الوالد
الماجد ره قال فى بعضها بعد از شمه اى از الم مفارقت وخالى بودن جاى شريف در دل
وديده اين ضعيف بى بضاعت معروض راى شريف مى دارد وقال فى بعض آخر منها معروض راى
وافر الضّياء ان حبيب عطوفت دستور وبركزيده طبيب شفقت وملاطفت موفور مى دارد كه
اگر جوياى احوالم باشى شاهد حالم افصح ناطقيست به شكستگى بالم وصفاى خاطر ان مشفق
مهربانم اوضح شارحيست از مخيبات آمالم انّما أشكو بثى وحزنى الى الله زيرا كه در
هر انجمنى كه آهى از دل پردرد برآوردم از مستمعان دردى بر دردم افزود ودر هر محفل
ناله سردى از سينه محنت نوردم كشيدم بابى از ندامت بر روى امانيم كشود وانظر الى
غاية تواضعه فى المكاتبتين المذكورتين وانتصح بها واعلم ان الله حيث يجعل رسالته
وانظر ايضا الى اظهاره شدّة الهم فى المكاتبة الاخيرة مع غاية عزه واقطع النّظر عن
هذه الدار دار النار اعلم ولعمرى ان الامر كما ذكره اذا قالت حذام فصدقوها فان
القول ما قالت حذام حيث انّه لو ذكر المهموم الهموم لبعض الذّئاب المتصوّرة بصورة
الاحباب ليزداد الهموم على الهموم ويندم الهموم عن مذاكرة الهموم كيف لا والسّامع
للهموم من جنس من يشتكى عنه المهموم ولو على وجه النّكارة لكيلا يجر الامر الى
الغيبة وكيف لا والسّامع كاسباب الهموم من البلاء كما نصّ عليه الله سبحانه فى كتابه
العزيز وسمعت ان الوالد الماجد ره كان يوصل اليه عند ذهابه اليه من وجوه البرّ مع
شدة عزه وغاية انتشار صيته فلاحظ صبره فى طول المدة على شدة المحنة ولاحظ ما اظهر
من الهموم فى فاتحة الغنائم وقال فى بعض آخر من كلماته ولو اطّلعت على ما مضى فى
اوان التّحصيل من كثرة الجوع والعرى غالبا لقضيت منها العجب وما الصّبر ولا سيّما
الصّبر بمثل ما ذكر الّا بالله سبحانه قال الله سبحانه مخاطبا للنّبى صلىاللهعليهوآله وما صبرك الّا بالله وقال سبحانه ايضا ولو لا فضل الله
عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد ابدا ولكن الله يزكى من يشاء قال سبحانه بل ران
على قلوبهم ما كانوا يكسبون ولعمرى انّه لا حسب انه لم يتفق بعد العصمة من اهل
العلم والفضيلة ما اتفق لى من الشدائد وجهات المشقة لكن لم يكن الصّبر عليها الّا
من باب النّعمة من جانب الله سبحانه فالصّبر على المشقة يحتاج الى الشكر شكرا على
النعمة كما ان الشكر يحتاج الى الشكر مرّة ثانية فالعبد منغمر فيما لا يحصى من
النعمة ومع ذلك قد انعم الله على بوجوه كانت فى حدّ خرق العادة ولله الحمد على كلّ
نعمة بعد نعمة ما دامت النعمة للشكر مستحقة تلك شقشقة قد هدرت ثم صارت فى مقرّها
مستقرة ولم تكن الّا من جهة النّصيحة المامور بها فى الشريعة والّا فالقلوب على ما
رانت عليها متسارعة بل الفاضل الخوانسارى جمال الدّين والملّة اصلح بالوعظ
والنّصيحة تكليف السجيّين فى رسالته المعمولة فى الخيرة وان كانت فى معرض الايراد والمؤاخذة كما حرّرناه فى
الرّسالة المعمولة فى المسألة المذكورة ثم ان القائلين بذلك القول بين اقوال فيما
يعتبر من اقسام خبر الواحد فانّهم بين القول باشتراط تزكية العدلين للراوى كما
اختاره المحقّق فى المعارج وصاحب المعالم لكن لم يجر احد منهما على ذلك فى الفقه
وقد حرّرنا الكلام فى طريقة صاحب المعالم فى بعض الفوائد المرسومة فى ذيل الرسالة
المعمولة فى رواية الكلينى عن محمّد بن الحسن والقول باشتراط ظهور العدالة فى
الراوى كما هو المشهور والظاهر ان القائل بذلك يشترط الايمان فالقائل بهذا القول
يقتصر على حجية الخبر الصّحيح فقط والقول باشتراط عدم ظهور الفسق كما هو مقتضى
الاستدلال على اعتبار خبر مجهول الحال فالظاهر ان القائل بذلك يقول ايضا باشتراط
الايمان فالقائل بذلك يتجاوز عن حجية الخبر الصّحيح اى حجية خبر مجهول الحال
والقول بحجيّة الخبر الصّحيح والحسن والموثق والضّعيف المنجبر بالشّهرة كما عن
جماعة منهم المحقق فى المعتبر والشّهيد فى الذكرى والقول بحجيّة الخبر الصّحيح
والحسن والموثق والقوى والضّعيف المنجبر بالشّهرة كغير واحد والقول بحجية الظنّ فى
الطريق وقد جرى عليه بعض المحققين الّا ان جريانه من باب التنزّل عن القول بحجيّة
الظّنون الخاصّة كما يظهر ممّا ياتى وظاهره اعتبار الظنّ الفعلى فى الظنّ باعتبار
الطّريق اى الظنّ فى المسألة الاصولية فالمدار على الطّريق المظنون اعتباره فعلا
لكنه لما كان ممن قال باعتبار الظنّ النّوعى فى مداليل الالفاظ فهو يجرى هنا على
اعتبار
__________________
الظنّ النّوعى فى الطريق ايضا فى المسألة الفرعيّة بالنّسبة الى الواقع لو
كان الطريق من الادلّة اللّفظية كالكتاب او السنّة ولو مع عدم حصول الظنّ بالحكم
فعلا بمعارضة مثل القياس او حصول الظنّ بالعدم والظاهر عدم خروج الظّنون الخاصّة
عن الادلة اللفظية الا ان الشّهرة ربما عدّت من الظنون الخاصّة ويجرى اعتبار الظنّ
الشخصى والظنّ النّوعى فيها باعتبار دلالة كلام المشهور على المقصود كما ان جريان
الظنّ النّوعى والظنّ الشخصى فى الكتاب والسنّة باعتبار المقصود وفرع البعض
المذكور من المحققين على القول بحجية الظنّ بالطريق ان المدار فى الاعلم على من
كان اجود استنباطا من الطّرق لا من كان قوله اقرب ظنّا الى الواقع كما هو مقتضى
الاستدلال المعروف على وجوب تقليد الاعلم من انّ الظنّ فى جانب قول الاعلم واقوال
المجتهدين بالنّسبة الى المجتهد فيجب على المقلّد مراعاة الظنّ الاقوى وهو
فى محله وعلى ذلك المنوال الحال بناء على حجيّة الظنون الخاصّة او حجية التقليد من
باب التعبّد لكن يمكن ان يقال ان جعل المدار على من كان اجود استنباطا يطرّد بناء
على كون المدار على من كان قوله اقرب ظنّا الى الواقع ويغنى عن هذا فالمدار فى
الاعلم على جميع الاقوال المذكورة على من كان اجود استنباطا وبه فسّره بعض الاواخر
ويختلف جودة الاستنباط وجودا وعدما وكذا زيادة ونقصانا بالاختلاف فى القوّة
الفكريّة وتعميق النّظر وجودا وعدما وزيادة ونقصانا فى نفس الفقه وما يتعلّق به من
الاصول والرّجال والتتبّع فى الاخير وحسن الاستعداد واستقامة السّليقة بل المواظبة
على الاشتغال بل زيادة ادراك المشايخ ولا يكون احداث العناوين وكذا استخراجها من
المخاصمات فى المسائل الفقهيّة وكذا تمهيد المقدّمات وذكر التّذنيبات لها موجبا
للاعلميّة نعم هذه المذكورات من باب المزيّن للقوّة فلو كان مجتهدان كان احدهما
حاويا لما ذكر كلا او بعضا وكان الآخر خاليا عنه مع تساويهما فى الاجتهاد لا يكون
الاوّل اعلم من الثّانى بل ربما يكون الثانى اجود اجتهادا بمراتب كثيرة من الاوّل
فالثّانى اعلم من الاوّل بمراتب كثيرة وربما يتوهّم مداخلة قوّة التّفريع فضلا عن
قوة اكثار التفريع فى الاعلميّة وليس على ما ينبغى اذ التّفريع وكذا اكثاره لا
يكون دخيلا فى الاستنباط فكيف يكون دخيلا فى اجوديّة الاستنباط وبوجه آخر المدار
فى اجوديّة الاستنباط على الزّيادة فى القوم لا الزّيادة على القوام بكون الزّيادة
من حيث الكمال فلو اختلف مجتهدان بان كان احدهما مبرما فى استقصاء ما يتعلق
بالمقصود فى المسائل لكن كان خاليا فى تحرير المسائل عن التفريع وكان الآخر يقنع
بالقليل او الاقل من القليل فيما يتعلّق بالمقصود فى المسائل لكن له قوّة التفريع
او اكثاره فالاوّل اعلم من الاخير وبالجملة الاعلم بمعنى الاعرف حيث ان العلم قد
ياتى بمعنى المعرفة كما يرشد اليه قول ابن مالك
لعلم عرفان وظن تهمة
|
|
تعدية لواحد ملتزمة
|
ومنه قوله
سبحانه والله اخرجكم من بطون امّهاتكم لا تعلمون شيئا ولا مجال لكون المقصود
بالاعلم هو الزيادة فى الجزم كما لا يخفى فالغرض من الاعلم انما هو الاعرف بطريقة
الاجتهاد بشهادة البحث عنه بعد الفراغ عن بحث الاجتهاد فالمرجع فى الغرض من
الاعلم الى الاجود اجتهادا وهو يطّرد فى الاقوال المذكورة ونظيره تفسير الاقراء فى
باب اختلاف ائمة الجماعة من جماعة نقلا بالاجود وقراءة فى الاتقان واخراجها من
مخارجها وربما فسّر ايضا بالاعرف بالقواعد والاصول المقرّرة بين القراء كما عن بعض
وبالاكثر قراءة للقرآن كما عن بعض آخر لكن فسّر المحدّث القاشانى الاعلم فى باب
الاختلاف بالافقه وبه فسّره فى قضيّة التقليد بعض فقهاء الاواخر وفسّره بعض
الاصوليّين منهم بمن كان اصوله ازيد وعلى كل حال فالكلام فى وجوب تقليد الاعلم
انما هو فى صورة اختلاف الفتوى لكن مال الوالد الماجد الى وجوب تقليد الاعلم فى
صورة الاتفاق فى الفتوى للشكّ فى شمول العمومات والاطلاقات ووجوب الاحتياط وعن بعض
القول بذلك وعن آخر الاشكال فيه وبسط الكلام فى الباب لا يليق بالمقام والمدار فى
الاعلم على من ينفع تقليده بالمقلّد وهو يختلف فى الموارد اذ قد يكون النفع فى
تقليد الاعلم حين الاجتهاد وقد يكون النّفع فى تقليد الاعلم حين التقليد حيث انّه
لو اختلف الفتوى من مجتهدين كان احدهما اعلم حين الاجتهاد من الآخر وعرض للآخر
الاعلميّة بعد ذلك وكان اجتهاده بعد عروض الاعلميّة له فالنافع بحال المقلّد تقليد
الاعلم حين التقليد اعنى الاخير فيجب تقديمه وامّا لو كان اجتهاد من عرض له قبل
عروض الاعلميّة له فالنّافع بحال المقلّد تقليد الاعلم حين الاجتهاد اعنى الاوّل
فيجب تقديمه الّا ان يقال انّ ما ذكر انّما يتم بناء على كون التّقليد من باب
اعتبار الظنّ والّا ففى كلّ من الصّورتين المذكورتين يتاتى التّخيير والظاهر بل
بلا اشكال وجوب البقاء على تقليد الاعلم لو تنزل الاعلم فصار غير الاعلم وصار غيره
__________________
بناء على وجوب البقاء على تقليد الميّت فلو اختلف الفتوى من مجتهدين كان
احدهما من الآخر لكن عرض التنزّل للاعم فيجب تقديم الاوّل اعنى الاعلم حين
الاجتهاد واما لو كان اجتهاده بعد عروض التنزّل فيجب تقديم الاخير اعنى الاعلم حين
التقليد على حسب ما تقدم فى عروض الأعلمية لغير الاعلم إلّا ان يقال بابتناء ذلك
على كون اعتبار التقليد من باب الظنّ والا فيتاتّى التخيير وربما ذكر تقليد الاعلم
فى باب قبلة المتحير تارة من باب افعل التفضيل كما فى الحكم برجوع المتخيّر الى
الاعلم لو اختلف اجتهاد غير واحد واخرى من باب الافعل الوصفى كما فى الحكم برجوع
العامى والمكفوف الى الاعلم وعن فخر المحقّقين ايضا التّصريح بكون الافعل فى
الاخير من باب الافعل الوصفى وفى الادعية قد استعمل الأعلم تارة كما فى اللهمّ انا
لا نعلم منه الا خيرا وانت اعلم به والاعرف اخرى كما فى اللهمّ انى أسألك بحقّ هذا
القرآن وبحق من ارسلته به وبحق كلّ مؤمن مدحته فيه وبحقك عليهم فلا احد اعرف بحقّك
منك وقد خرجنا عما كنا بصدده الى غيره من باب المناسبة حرصا على ضبط الفوائد وجرى
بعض اصحابنا ايضا على القول المذكور اعنى القول بحجيّة الظنّ بالطّريق لكنه صرّح
باعتبار الظنّ النّوعى بالنّسبة الى الواقع وكذا بالنّسبة الى اعتبار الطريق حيث
حكم باعتبار الطّريق المظنون الاعتبار وكذا اعتبار الطّريق المشكوك الاعتبار عند
تعذّر الطّريق المظنون الاعتبار واعتبار الطّريق الموهوم الاعتبار عند تعذّر
الطّريق المشكوك الاعتبار فيما لو لم يتحصّل الظنّ بالاعتبار او تحصّل الظنّ بعدم
الاعتبار بمعارضة مثل القياس فهو قد جرى على اعتبار الظنّ النّوعى فى كل من
المسألة الفرعيّة والمسألة الاصولية وهو حكم فى صورة التعارض ويظهر الحال بما ياتى
قال انا كما نقطع بانّا مكلّفون فى زماننا هذا تكليفا فعليّا باحكام فرعيّة كثيرة
لا سبيل لنا بحكم العيان وشهادة الوجدان الى تحصيل كثير منها بالقطع او بطريق معين
نقطع من السّمع بحكم الشّارع على قيامه او قيام طريقه مقام القطع ولو عند تعذّره
كذلك نقطع بان الشّارع قد جعل لنا الى تلك الاحكام طرقا مخصوصة وحيث انه لا سبيل
لنا غالبا الى تحصيلها بالقطع ولا بطريق نقطع من السّمع بقيامه بالخصوص او قيام
طريقه كذلك مقام القطع ولو بعد تعذّره فلا ريب ان الوظيفة فى مثل ذلك بحكم العقل
انّما هو الرّجوع فى تعيين الطّرق الى الظنّ الفعلى الّذى لا دليل على عدم حجيّة
لانّه اقرب الى العلم والى اصابة الواقع ممّا عداه وانّما اعتبرنا فى الظنّ ان لا
يقوم دليل معتبر على عدم جواز الرّجوع اليه لان الحكم بالجواز هنا ظاهرىّ فيمتنع
ثبوته مع انكشاف خلافه ومع تعذّر هذا النّوع من الظنّ فالرّجوع الى ما يكون اقرب
اليه مفادا من المدارك التى لا دليل على عدم حجيتها مع الاتحاد ومع التعدّد
والتّكافؤ فالتّخيير لامتناع الاخذ بما علم عدم جواز الاخذ به كما مر او ترجيح
المرجوح او الترجيح مع عدم المرجح وممّا يكشف عما ذكرنا انا كما نجد على الاحكام
امارات نقطع بعدم اعتبار الشّارع ايّاها طريقا الى معرفة الاحكام مطلقا وان افادت
الظنّ الفعلى بها كالقياس والاستحسان والسيرة الظنّية والرؤيا وظنّ وجود الدّليل
والقرعة وما اشبه ذلك مما لا حصر له كذلك نجد عليها امارات أخر نعلم بان الشارع قد
اعتبرها كلا او بعضا طريقا الى معرفة الاحكام وان ان لم يستنقذ منها ظن فعلىّ بها
ولو لمعارضة السّابقة وهذه امارات محصورة منها الكتاب والسّنة الغير
القطعيين والاستصحاب والاجماع المنقول والاتفاق الغير الكاشف والشّهرة وما اشبه
ذلك فانا نقطع بان الشّارع لم يعتبر بعد الادلّة القطعيّة فى حقّنا امارات اخرى
خارجة عن هذه الامارات ومستند القطع فى المقامين الاجماع مضافا فى بعضها الى
مساعدة الأخبار والآيات حتى ان القائلين بحجيّة مطلق الظنّ كبعض متاخّرى
المتاخّرين لا نريهم يتعدّون فى مقام العمل عن هذه الى غيرها وان لم يستفد لهم ظن
فعلىّ بمؤدّيها وحيث انّه قد وقع النّزاع فى تعيين ما هو المعتبر من هذه الامارات
فى نفسه وفى صورة التعارض ولا علم لنا بالتّعيين ولا طريق علميا اليه مع علمنا
ببقاء التّكليف بالعمل بها كان اللازم الرّجوع فى ذلك الى ما يستفاد اعتباره من
هذه المدارك الاحتمالية لتقدّمها فى نظر العقل ح على المدارك المعلوم عدم اعتبارها
شرعا مقدّما للاقرب منها فى النّظر على غيره مع تحققه فثبت ممّا قرّرناه جواز
التّعويل فى تعيين ما يعتبر من تلك الطّرق التى هى ادلّة الاحكام على الظنّ الذى
لا دليل على عدم حجيّة ثمّ على ما هو الاقرب اليه ولا ريب انّ خبر الواحد ان لم
يكن من الطّرق القطعيّة فهو من الطّرق الظنية فيجب العمل بها وهو المطلوب قوله ومع
تعذّر هذا النّوع من الظنّ المرجع الى تعذّر الظنّ الفعلى والتّعبير بالنوع
بملاحظة كون الظنّ غير ثابت اعتباره ولا عدم اعتباره قوله فالرّجوع الى ما يكون
اقرب اليه مفادا من المدارك التى لا دليل على عدم اعتبارها يعنى
__________________
انه لا بد من الرجوع الى ما يكون اقرب الى الظنّ الفعلى من حيث كونه مفاد
المدارك المشار اليها ومستفادا منها فقوله من المدارك متعلّق بالمفاد وليس بيانا للموصول
وجهة الاقربية ظاهرة قوله لامتناع الاخذ بما علم عدم جواز الاخذ به هذا دليل على
لزوم العمل بالاقرب فى صورة الاتحاد والتخيير فى صورة التعارض قوله او ترجيح
المرجوح دليل على لزوم العمل بالاقرب فى صورة الاتحاد قوله او الترجيح مع عدم
المرجح دليل على التخيير فى صورة التّعارض قوله كان اللازم الرجوع فى ذلك الى ما
يستفاد اعتباره من هذه المدارك الاحتماليّة المشار اليه بذلك هو التعيين المسبوق
بالذكر ويمكن ان يكون المشار اليه هو العمل السّابق ذكره قريبا والمقصود بالاحتمال
فى الاحتمالية هو الاحتمال المساوى حيث ان المدارك مشكوك الاعتبار فرضا الا ان
الطرق المستفاد اعتباره منها مظنون الاعتبار او مشكوك الاعتبار او موهوم الاعتبار
باعتبار عدم حصول الظنّ بالاعتبار فى الاخيرين بل حصول الظنّ بعدم الاعتبار فى
الاخير قوله للاقرب منها فى النظر على غيره كان الصّواب تذكير الضّمير او حذف
الجار والمجرور لرجوع الضّمير فى قوله ما يستفاد اعتباره ولا مجال لرجوع الضّمير
الى المدارك اذ المقصود بالمدارك هو المدارك المشكوك اعتباره فرضا واختلاف الحال
فى الطّرق المستفاد اعتبارها من تلك المدارك فالمدارك لا تكون مختلفة الحال حتى
يتصوّر فيها الاقرب وبالجملة فمحصول المقصود بالعبارة المذكورة انّه يلزم العمل
بالطريق الّذى ثبت اعتباره بالظن الفعلى من المدارك التى لم يقم دليل على اعتباره
نفيا واثباتا سواء تحصّل من الطريق المذكور الظنّ بالحكم او لم يتحصّل منه الظنّ
بالحكم لمعارضة بعض الظنون التى ثبت عدم اعتباره قضيّة الاجماع على عموم الاعتبار
كما يرشد اليه قوله وان لم يستفد لهم ظنّ فعلىّ بمؤدّيها واذا تعذر الظنّ المشار
اليه فلا بد من العمل بالطريق الذى دل على اعتباره بعض من تلك المدارك لكن قام بعض
الظنون التى ثبت عدم اعتبارها على عدم اعتباره فكان الطريق المشار اليه موهوم
الاعتبار والطّريق الثانى اقرب الى الطّريق الاوّل من الطّريق الاخير فى النّظر
بلا شبهة وكل من الاصناف الثلاثة المذكورة للطّريق ما بين القطع باعتبار الطّريق
والقطع بعدم اعتباره هذا كلّه فى صورة اتّحاد الطّريق واما فى صورة التعدّد والتّكافؤ
يتاتى التّخيير إلّا انه مبنى على كون للتعدّد من مظنون الاعتبار او مشكوك
الاعتبار وإلّا فلا مجال لتعارض مظنون الاعتبار ومشكوك الاعتبار
او موهوم الاعتبار ولا تعارض مشكوك الاعتبار وموهوم الاعتبار لفرض عدم اعتبار
مشكوك الاعتبار او موهوم الاعتبار فى حال قيام مظنون الاعتبار وكذا عدم اعتبار
موهوم الاعتبار فى حال قيام مشكوك الاعتبار مدرك استفادة كون المدار فى الشك فى
مشكوك الاعتبار والوهم فى موهوم الاعتبار على معارضة بعض الظّنون الثّابت عدم
اعتبارها قوله وان لم يستفد لهم ظن فعلى بمؤدّيها ولو لمعارضة الامارات السّابقة
وان قلت انه ينافى ما ذكرت فى المقصود بالعبارة قوله اللّازم الرّجوع فى ذلك الى
ما يستفاد اعتباره من هذه المدارك الاحتمالية لتقدّمها فى نظر العقل ح على المدارك
المعلوم عدم اعتبارها شرعا مقدّما للاقرب منها فى النظر على غيره مع تحققه اذ
مقتضاه انّ المدار فى لزوم العمل بالطريق على الطّريق الذى استفيد اعتباره
والطّريق المشكوك اعتباره فضلا عن موهوم الاعتبار غير مستفاد الاعتبار قلت ان
المقصود باستفادة الاعتبار انما هو الاستفادة مع قطع النّظر عن ممانعة المانع
فالمقصود التّصديق شأنا سواء تحصل الفعلية ام لا بناء على كون المدار فى الدلالة
على التّصديق واما على كون المدار على التصوّر كما هو مقتضى القول بدلالة المشترك
على جميع معانيه فلا خفاء فى حصول الاستفادة ويرشد الى ما ذكرناه ان ارباب القول
باعتبار الظنّ الثانى يعملون بالمفاد والمدلول فى صورة الشكّ او الظنّ بالعدم ولو
لا الاستفادة والدلالة لما كان هذا القول معقولا وان قلت ان ما نسبت اليه من
التخيير فى التعارض مطلقا خلاف ما يقتضيه كلامه لانّ ظاهر كلامه اختصاص التخيير
بالتعارض فى مشكوك الاعتبار او موهوم الاعتبار فلا يطّرد التّخيير فى مظنون
الاعتبار قلت انه لا مجال للفرق فى التّخيير بين مظنون الاعتبار ومشكوك الاعتبار
وموهوم الاعتبار والفرق مقطوع العدم فيطّرد التخيير فى مظنون الاعتبار ويمكن ان
يتوهّم كون المقصود بتلك العبارة تخصيص العمل بمظنون الاعتبار والتفصيل بين درجات
الظنّ باعتبار الظنّ الاقوى وان لم يتحصّل منه الظنّ بالحكم فعلا بمعارضة بعض
الظّنون المنهى عنها او بمعارضة الظنّ المتحصّل من الطّريق المظنون اعتباره فى
__________________
الدّرجة اللاحقة ومقتضى بعض آخر من كلماته تثليث الدّرجات وعلى ذلك المنوال
يكون المقصود بقوله مفادا فى قوله فالرّجوع الى ما يكون اقرب اليه مفادا هو
الاعتبار باعتبار كونه مستفادا مما دلّ عليه ومفادا له اى من جهة كونه مفادا ويرشد
اليه قوله بعد ذلك كان اللازم الرجوع فى ذلك الى ما يستفاد اعتباره وكانه قال
اعتبارا لكن نقول ان الوجه المذكور غير مراد بلا كلام مع ان مقتضى قوله ومع تعذر
هذا النّوع من الظنّ فالرّجوع الى ما يكون اقرب اليه مفادا هو انتفاء الظنّ
بالكلية فى الدّرجة الثّانية وهذا ينافى كون الغرض التفصيل فى درجات الظنّ وان
امكن كون الغرض تعذّر الظنّ الاقوى على ان تثليث الدرجات فى بعض آخر من كلماته
ينافى ذلك ايضا لعدم انحصار درجات الظنّ فى ثلث درجات وربما يتوهم ان المقصود انه
يلزم العمل بالطريق الذى ثبت اعتبارها بالظنّ وبعد تعذّر هذا يلزم العمل بالظنّ
بالواقع فقوله فالرجوع الى ما يكون اقرب اليه مفادا بمعنى انّه يلزم الرّجوع الى
ما يكون اقرب الى الطريق المظنون اعتبارها وهو الظنّ بالواقع وعلى تقدير تعارض
الظنّ بالطريق والظن بالواقع يتاتى التّخيير وليس بشيء ولما كان عمدة الظّنون
الخاصّة هى خبر الواحد فالمناسب نشر الكلام فى الادلّة التى استدلّ بها على حجية
خبر الواحد وان لا يحتاج القول بحجية مطلق الظنّ الى التعرّض لذلك لما يظهر مما مر
من عدم دلالة شيء مما لو فرض دلالته على حجيّة خبر الواحد على جهة الخصوصيّة لكن
لا شكّ ولا ريب فى ان التعرّض لها وانسب لما فى التعرّض لها من حصول البصيرة
الكاملة بما لا يتفق فى ترك التعرّض مع انه ربما لا يسلم دلالة تلك الادلّة ولو
بعضا على الحجيّة فى الجملة فالمناسب الاطلاع على حقيقة الحال على انّه لو لم يسلم
دلالة تلك الادلة على الحجيّة فى الجملة فالقول بحجيّة مطلق الظنّ اقوى منه على
تقدير الدلالة فالمناسب الاطلاع على حالها فنقول انّه قد استدلّ على حجية خبر
الواحد بوجوه من الكتاب والسّنة والاجماع امّا الاوّل فهو آيات الأولى قوله سبحانه
فى سورة الحجرات (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا
قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) قوله سبحانه فتبيّنوا قرأ الاكثرون بالباء والنّون اى
اطلبوا البيان والظّاهر ان البيان بمعنى الظهور كما هو ظاهر النّهاية والمغرب
والمجمل والمصباح الّا انّه قال بان الامر تتبيّن فهو بيان ثمّ قال والاسم البيان
ومقتضى كلامه كون البيان بمعنى المبيّن بالفتح وربما يقتضى كلام صاحب الصّحاح كونه
مشتركا بين الفصاحة وما به يحصل الوضوح ونفس الوضوح حيث انّه جعل البيان بمعنى
الفصاحة واللسن ثمّ جعل البيان ما يتبيّن به الشيء من الدّلالة وغيرها ثم قال وبان
الشيء بيانا اتّضح ومقتضى كلام صاحب القاموس الاشتراك بين الوترين حيث انّه قال
بان بيانا اتضح ثم قال والبيان الافصاح مع ذكاء هذا على تقدير اتحاد المعنى الاوّل
مما فى الصّحاح مع المعنى الاخير مما فى القاموس واما على تقدير الاختلاف كما هو
الظّاهر فظاهر القاموس الاشتراك بين الوضوح والفصاحة مع ذكاء لكن الاشتراك خلاف
الظّاهر وخلاف ظاهر النّهاية والمغرب والرّجحان فى هذا الجانب لكون القائل به ازيد
مضافا الى ان الفعل اعنى بان بمعنى ظهر بلا اشكال فكون البيان بمعنى مطلق الفصاحة
او الفصاحة مع الذكاء نادر النّظير او فاقد النّظير واما كونه اسم المصدر كما هو صريح
المصباح بل صرّح به الفخرى او مصدرا كما هو ظاهر طائفة من كلمات اللغويّين فهو بعد
ابتنائه على على الفرق بين المصدر واسم المصدر وقد تعرّضنا للكلام فيه فى بعض
الفوائد فلا جدوى للكلام فيه وربما جعله العميدى من البين بمعنى الفرقة بين
الشّيئين وجعله المحقق القمّى ماخوذا من بان بمعنى ظهر او من البين بمعنى الفرقة
وهو ماخوذ ممّا صنعه العضدى وتبعه الكاظمى حيث جعلاه مشتقا من بان بمعنى ظهرا
وانفصل وكل منهما مخالف لكلمات ارباب اللغة حيث ان مقتضاها كونه من بان بمعنى ظهر
وهل البيان حقيقة فى العلم او فيما يعمّ الظن عن كثير من المحققين القول بالاوّل
واختاره بعض الفحول واليه ذهب بعض ولو قيل بعموم الظهور للظن وصرّح بعض بالثانى
فالكلام يقع تارة فى تطابق البيان والظّهور مفهوما واخرى فى عمومهما وخصوصهما مع
الاختلاف فى المفهوم وقد يقع الكلام فى عموم البيان للظن اطلاقا ولو عمه وضعا
والاظهر التّطابق مفهوما حيث انه مقتضى طائفة من كلمات اللغويّين ويساعده العرف
وعموم كلّ من البيان والظهور للظن وضعا لانه المتبادر عرفا وان تكثر استعمال
الظهور فى الظنّ فى لسان الفقهاء والأصوليّين كما يقال والظّاهر انّه كذا وان يطلق
على العلم ايضا كما يقال ومن الظّاهر انه كذا ويعمّ اطلاق البيان للظنّ عرفا
لتبيّن فى الآية يعمّ
التبيّن الظنى والامر بمنزلة ان يقال ان جاءكم فاسق بنبإ فاستكشفوا عنه
وبتحصيل الظنّ يتحصّل امتثال الامر بالاستكشاف عرفا وربما يقال انه لا يعمّ
للتبيّن بالظن الّذى لم يثبت حجية ولو عم التبيّن للتبين الظنى وليس بالوجه وقد
يقال ان التبيّن يعم العلم والظنّ المطمئن وانما كان مبدا اشتقاقه يقتضى الاختصاص
بالعلم ودونه المقال لعدم اختصاص مبدا الاشتقاق بالعلم كما يظهر ممّا مر وتطرّق
الاشكال فى عموم التبيّن للظنّ بعد اختصاص مبدا الاشتقاق بالعلم بل عدم اختصاص
التبيّن بعد العموم للظنّ بالظنّ المطمئن ان كان المقصود هو الظنّ المتآخم للعلم
كما لعلّه الظّاهر وعلى اىّ حال فالمقصود بالتبيّن فى الآية اما مجرد وجوب التفحّص
من دون دلالة على لزوم كون الحاصل بعد الفحص هو خصوص العلم او كفاية الظنّ كما هو
مقتضى كلام البيضاوى حيث فسّر بقوله فتعرّفوا وتفحّصوا فلا دلالة فى الآية الحاصل
بعد الفحص هو خصوص العلم او كفاية الظنّ كما هو مقتضى كلام البيضاوى حيث فسر بقوله
فتعرفوا وتصفحوا فلا دلالة فى الآية على المنع من القبول لو لم يتحصّل بعد التفحّص
شيء حتى الظنّ او وجوب التفحص مع الدلالة على الحاصل بعد الفحص ايضا بلزوم كونه هو
العلم او كفاية الظنّ المعتبر او كفاية الظنّ المطمئن او كفاية مطلق الظنّ على
الخلاف ويمكن ان يقال على تقدير كون البيان اعمّ من العلم والظنّ ودلالة الآية على
الحاصل ايضا ان اطلاق الامر بالتبيّن وارد مورد عدم جواز المسارعة الى القبول
والعمل وبيان وجوب التبيّن من باب التقريب لبيان عدم جواز المسارعة حيث ان وجوب
التبيّن يستلزم عدم جواز المسارعة نظير ما يقال تامل فى افعالك واقوالك فان
المقصود منه عدم جواز المسارعة الى القول والفعل بدون التّامل ولا يكون المتكلّم
فى مقام تفصيل التامّل علما وظنّا بل نظير قوله سبحانه كلوا مما امسكن عليكم حيث
انّ بيان جواز الاكل من الصّيد فيه من باب التقريب لبيان عدم كون اصطياد الكلب
موجبا لحرمة الأكل منه اذ جواز الاكل ولو فى الجملة يستلزم عدم كون الاصطياد موجبا
للحرمة فلا يصحّ الاستدلال باطلاق الموصول على الاكل مع عدم غسل موضع العض فلا
دلالة فى اطلاق الامر بالتبيّن على كفاية الظنّ بل انّما يدل على لزوم حصول الظهور
الاعمّ من جواز الظنّ فى الجملة فالقدر المتيقن مما يلزم ان يحصل هو العلم ولا بدّ
فى كفاية الظنّ من دليل آخر فمقتضى الآية عدم جواز القبول لو لم يتحصّل بعد
التفحّص شيء من العلم والظنّ وعن الحمزة والكسائى القراءة بباء بين ثاء مثلثة وتاء
بنقطتين فوقانيتين قال البيضاوى اى توقفوا حتى يتبيّن لكم الحال فمقتضى تفسيره عدم
لزوم الفحص على هذه القراءة فالمعنى اطلبوا القرار قال فى فى المجمع ثبت الشيء
ثباتا وثبوتا دام ويمكن ان يكون المقصود اطلبوا ثبوت النبإ فيتّحد المعنى مع
القراءة بالنون بناء على كون المقصود على تلك القراءة هو مجرد التفحص واليه يرشد
ما قاله فى الكشاف من ان التثبت والتبيّن متقاربان وهما طلب الثبات والبيان والفرق
بين القراءتين على تقدير كون المقصود بالتبيّن هو التفحص وبالتثبت هو التوقّف هو
لزوم الفحص على القراءة الاولى دون الثانية بل تقتضى الآية على الثانية عدم جواز
العمل بعد ظهور الصّدق ايضا لاطّراد العلّة لاحتمال الاصابة بالجهل لاحتمال
المخالفة للواقع إلّا ان يقال بعدم الشمول لصورة ظهور الصّدق على وجه الظنّ او
الظنّ المطمئن او العلم لانصرف الجهل الى الشك إلّا ان يقال بلزوم تعميم الجهل هنا
للزوم اللغو فى الامر بالتثبت لولاه حيث ان احدا من العقلاء لا يقدم على العمل
بالخبر من دون رجحان صدقه عنده والفرق على تقدير كون المقصود بالتبيّن هو تحصيل
البيان وبالتثبت هو التوقف بعد الدلالة على عدم جواز القبول قبل الظهور على
القراءتين هو الدلالة على جواز القبول بعد حصول البيان على الاولى دون الثانية لو
لم نقل بالدلالة على عدم جواز القبول بعد حصول البيان ايضا على الثانية والفرق
بينهما على تقدير كون المقصود بالتبين هو تحصيل البيان وبالتثبت هو طلب ثبوت الخبر
هو الفرق بين المعنيين المذكورين على القراءة الاولى ولا فرق فى البين على تقدير
كون المقصود بالتبيّن التفحّص وبالتثبّت طلب ثبوت الخبر ثم ان المقصود بالتبيّن
انما هو التبيّن عن خبر الفاسق فلا يعم التبيّن عن غير خبر الفاسق كالتبيّن عن حال
الفاسق الّا ان الظّاهر من التبين فى الآية انما هو التبيّن عن
خبر الفاسق بلا واسطة فلا يشمل التبيّن عن خبر الفاسق بتوسّط التبيّن عن حاله فلا
يثبت بالآية اعتبار الخبر الموثق بناء على عدم اجتماع العدالة مع سوء المذهب وكذا
اعتبار الخبر الحسن والقوى والضّعيف المنجبر بالشّهرة العمليّة كما يتوهّم ولا يعم
ايضا التبيّن عن خبر غير الفاسق كما فى الخبر الضّعيف المنجبر بالشهرة المطابقة
كما يتوهّم لافادة الشّهرة المطابقة
__________________
الظن بمطابقة السّنة للواقع والسنة غير خبر الفاسق اذ المخبر به فى خبر
الفاسق انما هو مجرّد الصّدور عن المعصوم او الراوى واين هذا من مطابقة الصّادر
اعنى السنة للواقع فما حكم به سيّدنا من عدم اشتراط اعتبار الخبر الصحيح بافادة
الظنّ بالواقع وعدم ابتنائه على التقية بخلاف اخواته الثلاثة اعنى الخبر الموثق
والحسن والقوى والضّعيف المنجبر بالشّهرة لاطلاق مفهوم آية النبإ واقتضاء اعتبار
التبيّن فى منطوق الآية اشتراط اعتبار تلك الاخوات بافادة الظنّ بالواقع يظهر ضعفه
بما ذكر مضافا الى عدم اعتبار اطلاقات مناطيق الكتاب فضلا عن اطلاقات مفاهيمها بعد
عدم اعتبار مفاهيمها فضلا عن عدم اعتبار اطلاق الجزاء فى المنطوق فضلا عن عدم
اعتباره فى المفهوم كما يظهر ممّا ياتى ومقتضاه اشتراط اعتبار ظواهر الكتاب بافادة
الظنّ بالواقع الّا انه من جهة عدم انفكاك الظنّ بالواقع عن الظنّ بالارادة بخلاف
الخبر لاحتمال التقية فيه وقد تقدّم الكلام فى المقام وبالجملة فالمشهور الاستدلال
بمفهوم الآية على حجيّة خبر العدل الّا انّه ربما وقع الكلام ولو ممّن يرد
الاستدلال بمفهوم الآية فى ان المفهوم من باب مفهوم الشّرط كما عن المعروف بان
يقال انه سبحانه علق وجوب التبين باداة الشّرط على مجيء الفاسق بالخبر فثبت قبول
خبر العادل لانّه اذا لم يجب التبين عن خبره فاما ان يجب القبول او الردّ والثانى
يستلزم كون العادل أسوأ حالا من الفاسق وهو باطل فثبت قبوله وهو المطلوب او من باب
مفهوم الوصف كما حكاه السيّد السّند المحسن الكاظمى عن جماعة وجرى عليه الفاضل
التّونى وهو المحكى عن البيضاوى فى منهاجه بان يقال ان الله سبحانه علق وجوب
التبيّن على مجيء الفاسق فانتفى الوجوب عند مجيء العادل الى آخر المقدّمات
المذكورة وربما حكى بعض الفحول فى تقريره عمن جرى عليه انه سبحانه انه امر بالتثبت
عند اخبار الفاسق وقد اجتمع فيه وصفان وصف ذاتى وهو كونه خبر واحد ووصف عرضىّ وهو
كونه خبر فاسق والمقتضى للتثبّت هو الثانى للمناسبة والاقتران فان الفسق يناسب عدم
القبول فلا يصلح الاوّل للعلية والا لوجب الاستناد اليه اذ
التعليل بالذاتى الصّالح للعلية اولى من التعليل بالعرضى لحصوله قبل حصول العرضى
فيكون الحكم قد حصل قبل حصول العرضى واذا لم يجب التثبت عند اخبار العدل فاما ان
يجب القبول وهو المطلوب او الردّ فيكون حاله أسوأ من حال الفاسق وهو محال وجمع
البيضاوى فى تفسيره بين المفهومين فى قوله من ان تعليق الامر بالتبيّن على فسق
الخبر يقتضى جواز قبول خبر العدل من حيث ان المعلق على شيء بكلمة ان عدم عند عدمه
وان خبر الواحد لو وجب تبينه من حيث هو كذلك لما رتب على الفسق اذ الترتيب يفيد
التّعليل وما بالذات لا يعلّل بالغير او من باب مفهوم الوصف باعتبار مناسبته
للعلية كما حكاه السيّد السّند المذكور عن العلامة بان يقال انّ تعليق الحكم
وترتيبه على الوصف المناسب يشعر بالعلّية فتعليق التبيّن على فسق الجائى يشعر
ويفيد ان علة التبين هى كون الجائى فاسقا وذلك يقتضى عدم ايجاب التبيّن عند انتفاء
الفسق لان انتفاء العلّة قاض بانتفاء المعلول والّا فلا علية واليه يرجع ما صنعه
المحقّق القمّى حيث جعل الاعتماد فى المقام على مفهوم الوصف فقال وانا وان لم نقل
بحجية مفهوم الوصف فى نفسه لكنه قد يصير حجّة بانضمام المقام والظاهر ان مقصوده من
قرينة المقام هو كون وصف الفسق هنا مناسبا لعلّيته للتبيّن واليه يرجع ايضا ما جرى
عليه سيّدنا من كون المفهوم من باب مفهوم العلّة حيث حكم بان الدلالة فى الآية
ليست بواسطة التّعليق على الشّرط لانّه لو قطع النظر عن غيره لا يفهم جواز القبول ألا
ترى انّه لو قيل ان جاءك زيد بنبإ فلا تقبل لا يفهم منه مع التجرّد عن القرينة
جواز القبول ان جاء عمرو بنبإ بل المفهوم انتفاء حرمة القبول عند عدم مجيء زيد به
وانتفاء الحرمة ح وان كان معلوما لكن الغرض من التّعليق ليس الّا مجرد فرض وجود
الشّرط ليترتب عليه من غير قصد الى بيان انتفائه عند انتفائه لا يقال عدم مجيء زيد
بخبر اعمّ من ان لا يجيء الخبر اصلا او جاء غير زيد به فانتفاء الحكم الحرمة عند
عدم المجيء مطلقا يستلزم المطلوب لانا نقول الحكم المعلّق على الشّرط حرمة قبول
خبر زيد لا حرمة قبول الخبر مط وانتفائه عند مجيء غيره لا يستلزم جواز قبول خبر
الغير ونفى الآية الحكم المعلق على الشّرط وجوب تبين خبر الفاسق وتعليقه على
الشّرط اعنى مجيء الفاسق بالنباء وان كان يقتضى انتفائه عند انتفاء مجيئه به
وانتفاء المجيء اعمّ لكن انتفاؤه عند مجيء غير الفاسق بالنّبإ لا يقتضى جواز
القبول لعدم منافاة حرمة قبول خبر العدل عدم حرمة قبول خبر الفاسق عند فقد خبره
كما لا يخفى ولا بمفهوم الوصف لانه لا يكون حجّة بمعنى انّ
__________________
التعليق على الوصف لا دلالة له على المفهوم وضعا نعم قد يدلّ عليه عقلا
والدلالة العقلية هنا منتفية ايضا لانّ غاية ما يتصوّر فى وجهها ان اختصاص ذلك
الوصف بالذكر لا بدّ ان يكون الفائدة واظهر الفوائد اختصاص الحكم به وهو فاسد لانّ
الاختصاص بالذكر انّما هو للحاجة الى بيان ثبوت الحكم فى المذكور وعدم الحاجة الى
بيان غيره كيف لا ولو كان موجبا للدلالة لكان تعليق الحكم على اللقب دالا على نفيه
عن غيره فلو قيل ان جاءكم زيد بنبإ فتبيّنوا لكان دالا على عدم وجوب التبين عند
مجيء عمرو بالنباء لاختصاص زيد بالذكر وفساده ظاهر ولا من باب مفهوم اللقب لان
المراد من اللقب هو الاسم الجامد والفاسق وصف وليس اسما جامدا بل الظّاهر ان
الدلالة بمفهوم العلة وتقريره انّه لما كان الظّاهر من الآية الشّريفة ان العلّة
فى وجوب التبيّن فسق الجائى دون غيره ولم يكن فرق بين خبر الفاسق والعادل الا فى
وصفى العدالة والفسق يظهر من تعليق وجوب التبيّن على مجىء الفاسق بنبإ انتفائه عند
مجيء العادل به لانحصار العلة فى الفسق وانتفائه فى خبر العادل ويظهر ايضا عموم
الحكم فى المنطوق والمفهوم امّا الاوّل فلان العلّة اينما وجدت وجد المعلول وامّا
الثّانى فلانّه اذا انحصر العلّة فى شيء فكلما ينتفى ذلك الشيء ينتفى المعلول
ويمكن الفرق بان المدار فى هذا على استفادة العلية عرفا من غير تعيين وجه
الاستفادة فى شيء والمدار فى ذلك على استفادة العلية من جهة تعليق الحكم على الوصف
المناسب لكن عين سيّدنا جهة استفادة العلية فى تعليق الحكم على الوصف المناسب فى
باب مفهوم الوصف حيث حكم بان المفهوم من الآية عدم وجوب التبين عند مجيء العادل
بالنباء لاقتران الحكم يوصف مناسب لو لا علية له لبعد الاقتران فيفهم العلية
وانحصارها فى الفسق واذا كانت العلة فى الفاسق منحصرة فى الفسق ومعلوم ان العادل
والفاسق من حيث انّهما عادل وفاسق لا فرق بينهما الّا فى وصفى العدالة والفسق
والعدالة لا توجب التبيّن قطعا فينحصر العلّة فى الفسق فينتفى الحكم بانتفائه ولذا
يتبادر من الآية عدم وجوب التبيّن عند مجيء العادل بالنباء لا لتعليق الحكم على
الشّرط ولا لتعليقه على الوصف من حيث هو وصف او من باب مساعدة فهم العرف وان لم
يعلم وجهه كما جرى عليه سيّدنا قبل ما تقدّم من كلامه قائلا ان المفهوم من الآية
عرفا وجوب التبيّن عند مجيء الفاسق بنبإ وجواز قبول خبر العدل من غير تبين مطلقا
سواء كان من باب مفهوم الشّرط او الصّفة او غيرهما اذ المناط فى الحجيّة على ان
يكون النفى مفهوما عرفا وهو حاصل او من باب مفهوم اللقب كما جنح اليه السيّد
السّند المحسن الكاظمى نظرا الى عدم انتهاض كون المفهوم فى الآية من باب مفهوم
الشّرط لان مفهوم الشّرط لان مفهوم الشّرط فيها ان لم يجيء الفاسق فلا تبيّنوا وهو
متناول لما اذا لم يجيء احد اصلا ولا يعقل فيه التبيّن كى ينهى عنه وعدم انتهاض
كونه من باب مفهوم الوصف اذ اقصى الامر تخصيص الفاسق بالذكر كما فى ان جاءك زيد
بنبإ فتبيّن لا وصف مذكور بالفسق كما فى ان جاءك مبنى فاسق لكنه بنى هنا على حجيّة مفهوم اللقب من جهة تعليق الحكم على
الوصف اى المشتق المناسب للعلية لعموم اللقب للمشتق المعلق عليه الحكم بنفسه من
دون اعتماده على شيء اى عدم سبق المنعوت وعدم عموم الوصف المبحوث عن مفهومه له
الّا ان مقتضى كلامه بالأخرة الميل الى انتهاض مفهوم الشّرط فى الآية فمرجع كلامه
الى الجمع بين مفهوم الشّرط ومفهوم اللقب وهو مقتضى ما صنعه الفاضل الخوانساري فى
تعليقات الباغنوى حيث جعل فى الآية مفهومين مفهوم الشّرط ومفهوم الفاسق واستظهر ان
مفهوم الفاسق من قبيل مفهوم اللّقب كقوله فى الغنم زكاة وقال فى الحاشية انه ليس
من مفهوم الصّفة كما زعمه بعضهم وانما يكون منه لو قيل ان جاءكم رجل فاسق واستدل
سيّدنا بالآية منطوقا ومفهوما نظرا الى انّه علق الحكم اعنى وجوب التبين على مجيء
الفاسق فينتفى عند انتفائه عملا بالمفهوم فيدلّ على عدم وجوب التبيّن عند مجيء غير
الفاسق بنبإ واذا لم يجب التبيّن فاما ان يجوز القبول او يجب الردّ فيلزم ان يكون
أسوأ حالا من الفاسق وفساده ظاهر فتعيّن الاوّل على انّ المفهوم من الكلام عرفا
جواز قبوله واذا جاز القبول كان واجبا لان الجواز بدون الوجوب قول ثالث والتبيّن
عبارة عن طلب الظهور والوضوح كما يظهر من اللغة والعرف فيشمل الظنّ القوى واختصاصه
بالعلم كما يظهر من جماعة مما لا وجه له فان ظهور الامر ووضوحه كما يحصل بالعلم
كذا يحصل بالظنّ المعتمد عرفا حتّى انّهم يطمئنون بالظنّ المذكور غاية الاطمينان
كما يطمئنون بالعلم ويسكنون اليه بحيث كلما ارادوا تحقيق امر وطلب ظهور خبر ووضوحه
يكتفون بالظنّ المشار اليه و
__________________
ومتى حصل لهم يعتمدون عليه فيه ولا يطلبون ازيد منه والحاصل انه يصدق
امتثال الامر بالتبين بتحصيل الظن القوىّ فيجوز قبول خبر الفاسق مع حصوله لان
الامتثال تقتضى الاجزاء والمراد بالفاسق الخارج عن اطاعة الله مع اعتقاداتها طاعة
او مطلقا فعلى الثانى يدل بمنطوقه على حجيّة الخبر الموثق والضّعيف المنجبر بل على
حجيّة الصّحيح اما الثالث فظاهر وامّا الاولين فلان التبيّن حاصل بنفسهما ومع
حصوله يمتنع تحصيله والحاصل ان الغرض من الامر بالتبيّن حصول الاعتماد بقوله وفى الحسن والموثق الاعتماد بقول المخبر حاصل
لكونه معتمدا فى اقواله فلا احتياج فيهما الى تحصيل الاعتماد لحصوله واذا كانا
حجتين يكون الصّحيح حجة بالفحوى وبمفهومه على حجيّة الصحيح بل على حجية كل خبر
معتمد لان المستفاد من التعليل ان قبول خير العدل انما يكون للاعتماد بقوله فكل
خبر معتمد حجة للاعتماد ولا شك ان الحسن والموثق والضّعيف المنجبر بالشّهرة ونحوها
من المعتمد فيكون حجة بمقتضى المفهوم ايضا فيدل الآية على حجيّة جملة من اقسام
الخبر الصّحيح والحسن والموثق والضّعيف المنجبر اى شيء كان الجابر وبالجملة اذا
كان التبين اعمّ من العلم والظنّ المعتمد تدل الآية بالمنطوق الى حجية خبر الفاسق
المعتمد وعلى حجيّة خبر غيره مع كونه معتمدا بالفحوى وبالمفهوم على حجية خبر العدل
وما يكون معتمدا مثله فالخبر المعتمد يستفاد حجيّة من المنطوق والمفهوم معا وعلى
الاول يدخل الموثق فى المفهوم ويخرج عن المنطوق لان خروج الرّاوى عن طاعته تعالى
ليس مع اعتقاد انها طاعة والّا لما كان موثقا فلا يكون فاسقا بل هو عادل اقول انّ
التقرير المذكور فى تقريب مفهوم الوصف مندمج العبارة وتحريره بان يقال انه تعالى
امر بالتثبت عند اخبار الفاسق وخبر الفاسق فيه وصف ذاتى وهو كونه خبرا واحدا ووصف
عرضى هو كونه خبر فاسق وهذا الوصف من جهة مناسبة للتبين واقترانه له بحيث لو لا
عليّته لبعد الاقتران يدل على العلّية فكانّه سبحانه قال ان جاءكم فاسق بنبإ
فتبينوا لكونه فاسقا فالامر بمنزلة التّعليل بالوصف العرضى صريحا فلا مجال لكون
العلة هى الوصف الذاتى والا لوجب التعليل به بان يقال ان جاءكم احد بنبإ اذ
التعليل بالذاتى الصّالح للعلّية اولى من التعليل بالعرضى لحصوله قبل حصول العرضى
مع انه لو كان الوصف الذاتى هو العلّة لكان التّعليل بالوصف العرضى كما هو مقتضى
تعليق الحكم على الوصف المناسب من باب الكذب فتدبّر واذا لم يجب التثبت عند خبر
العادل فاما ان يجب القبول وهو المطلوب او يجب الردّ فيكون حاله أسوأ من حال
الفاسق لا يقال ان من دفع احتمال وجوب الردّ لا يتبيّن القبول لاحتمال التخيير لان
الخبر ان كان حجة فيجب القبول والا فيجب الرد فلا مجال لاحتمال وجوب الردّ ووجوب
القبول وكيف كان مرجع التقرير المذكور الى احتمال رجوع النّفى فى المفهوم الى قيد
الوحدة فالمرجع الى تزييف الاستدلال بمفهوم الوصف على حجية خبر العدل لكن نقول ان
النّفى فى المفهوم لا يرجع الى القيد كما مر وياتى فلا دلالة فى مفهوم الآية على
ثبوت المجيء فى ضمن غير البناء ولا على ثبوت البناء فى ضمن غير الفسق ولا على ثبوت
الفسق فى ضمن غير الوحدة كما انه لا دلالة فى المفهوم على ثبوت اصل حجية خبر
الواحد فالنّفى يرجع الى القيد والمقيّد نظير ان النفى فى المنفى بلا المشابه بليس
وان امكن كونه راجعا الى الوحدة لكن الظاهر الرجوع الى الوحدة لكن الظّاهر الرّجوع
الى الطبيعة كما فى المنفى بلا نفى الجنس ونظير ان نفى الجمع المنكر بلا المشابه
بليس ظاهر فى نفى الطّبيعة ايضا وان امكن رجوع النّفى الى قيد الجمعيّة او الى قيد
الوحدة ونظير ان نفى الوجوب الظاهر فى الوجوب التعيينى ظاهر فى نفى اصل الوجوب وان
امكن رجوع النفى الى التّعيين وياتى مزيد الكلام ويظهر الحال مزيد الظهور بالرّجوع
الى ما حرّرناه فى محلّه ومع ذلك النّفى انما يرجع الى كل قيد كان المتكلم فى مقام
بيان حال المقيّد بالنّسبة الى مورد هذا القيد وغيره ولا شكّ ان مفهوم الآية ليس
فى مقام بيان حال خبر الفاسق من حيث الوحدة والتعدّد بل المفهوم بتبع المنطوق فى
بيان حال الخبر من حيث كون المخبر فاسقا وعادلا لو لم يكن الآية واردة مورد
الاجمال لكن الآية لما كانت واردة مورد الاجمال فلا يثبت لها المفهوم الا ان
المفهوم على تقدير الثبوت ولو كان من باب مفهوم الشّرط لا يشمل ما لو لم يجئ مخبر
او جاء الفاسق بدون الخبر لظهور الآية فى كون الغرض بيان حكم الخبر نفيا واثباتا
من حيث حال المخبر فسقا وعدالة وربما قال بعض اصحابنا انّ اخذهم للمقدّمة الاخيرة
فى التقرير المشار اليه وكذا فى تقرير مفهوم الشّرط وهى انّه اذا لم يجب التثبت
وجب القبول لان الردّ مستلزم لكون العادل أسوأ حالا من الفاسق على ما يتراءى من
ظهور الامر بالتبيّن فى الوجوب النّفسى فيكون هنا امور ثلاثة الفحص عن الصّدق و
__________________
والكذب والردّ من دون تبين والقبول كذلك لكنك خبير بان الامر بالتبيّن هنا
مسوق لبيان الوجوب الشّرطى وان التبيّن شرط للعمل بخبر الفاسق دون العادل فالعمل
بخبر العادل غير مشروط بالتبيّن فيتم المطلوب من دون ضمّ مقدّمة خارجيّة وهى كون
العادل أسوأ اذ لا معنى للاشتراط الا تعيّن المشروط والدّليل على كون الامر
بالتبيّن للوجوب الشّرطى لا النّفسى مضافا الى انّه المتبادر عرفا فى امثال المقام
والى ان الاجماع قائم على عدم ثبوت الوجوب النفسى فى خبر الفاسق وانما اوجبه من
اوجبه عند ارادة العمل لا مطلقا هو ان التعليل فى الآية بقوله تعالى ان تصيبوا لا
يصلح ان يكون تعليلا للوجوب النفسى لان حاصله يرجع الى انّه لئلا تصيبوا قوما
بجهالة بمقتضى العمل بخبر الفاسق فندموا على فعلكم بعد تبين الخلاف ومن المعلوم ان
هذا لا يصلح الا علة لحرمة العمل بدون التبيّن وهذا هو المعلول ومفهومه جواز العمل
بخبر العادل من دون تبيّن مع ان فى الاولويّة المذكورة فى كلام الجماعة بناء على
كون وجوب التبيّن نفسيا ما لا يخفى لان الآية على هذا ساكتة عن حكم العمل بخبر
الواحد قبل التبيّن كما انّهما يشتركان قطعا فى جواز العمل بعد التبيّن والعلم
بالصّدق لان العمل ح بمقتضى التبيّن لا باعتبار الخبر فاختصاص الفاسق بوجوب
التعرّض لخبره والتفتيش عنه دون العادل بعد ايجابه بالنّسبة الى الفاسق يقتضى علوّ
رتبة العادل بالنّسبة الى الفاسق اقول انه لم يظهر كون اخذ المقدّمة المذكورة
مبنيا على كون وجوب التبيّن نفسيّا بل من البعيد كمال البعد دعواه من من المستدل
وغاية ما يقتضيه كون وجوب التبيّن شرطيّا ان يكون الامر بمنزلة ان يقال يشترط فى
حجية خبر الفاسق التبين وهذا التّعبير احسن من القول بكون مدلول الآية اشتراط
العمل بخبر الفاسق بالتبيّن كما ذكره القائل المذكور اذ العمل غير مشروط وانما
المشروط هو جواز العمل والحجيّة فالمفهوم انه لا يشترط فى حجية خبر العادل التبين
وهذا اعمّ من عدم حجيّة خبر العادل وحجيته بدون التبيّن ولا بد فى دفع الاحتمال
الاول من دعوى استلزامه كون العادل أسوأ حالا من الفاسق او كونه خلاف الظاهر
والمستدل استند الى الاوّل وهو دليل عقلى قطعى والقائل المذكور لم يات فى دفعه
بشيء ولا مندوحة فى تعيين وجوب القبول من دفع احتمال عدم الحجيّة ووجوب الردّ
تعليلا باحد الوجهين وان قلت ان هذا الاحتمال غير متصوّر فى المقام قلت كلا وحاشا
لا شبهة فى ان مفهوم يشترط جواز العمل بخبر الفاسق بالتبيّن اعم بنفسه من عدم حجية
خبر العادل وحجيته بدون التبين غاية الامر كون الاوّل خلاف الظّاهر بل باطلا قطعا
لكن ليس عموم المفهوم له ابعد من حيث كونه خلاف الظاهر من احتمال كون السّالبة
بانتفاء الموضوع ولا اشكال لاحد فى احتماله ويؤيّد ما ذكرناه ما اورد بعض الفحول
فى موضع استنقاذا من كلام الباغنوى على ما نسبه اليه فى موضع آخر على المقدمة
المذكورة بالمنع لابتناء تلك المقدّمة على كون وجوب التبيّن والتجسّس والفحص عن
الصّدق والكذب فى خبر الفاسق واجبا شرطيّا للقبول لكن يمكن ان يكون الوجوب المذكور
تعبديّا باعتبار ان الفاسق لا حرمة له ومن الظّاهر ان من لا حرمة له لا يقبح الفحص
عن معانيه واظهار وليس العدل كذلك لانه محترم فلعلّه لذلك رفع تعالى وجوب التبيّن
فى خبره اذ لو وجب ايضا وجب هتك حرمته وهو ينافى كونه محترما فعدم التبين فى خبر
العدل باعتبار كونه محترما لا يقتضى قبول خبره ألا ترى انّه لو قال السيّد لعبده
لا تقبل خبر العادل ولا خبر الفاسق ولكن اذا اخبرك الفاسق يجب عليك ان تتفحّص عن
صدقه وكذبه واذا اخبرك العادل فلا يجب عليك ان تتفحّص عن صدقه وكذبه بل لا يجوز لم
يكن فى كلامه تناقض ولا مضادة وليس ذلك الّا لان عدم وجوب التبيّن لا يستلزم
القبول الّا ان الإيراد المذكور غير وارد للقطع بانّ وجوب التبيّن ليس من باب
الوجوب النفسى وان قلت ان مقتضى المفهوم المذكور اعنى عدم اشتراط حجيّة خبر العدل
بالتبيّن ثبوت اصل الوجوب فلما انتفى الاشتراط يثبت الحجيّة ولا مجال لاحتمال
الردّ حتى يحتاج فى دفعه الى لزوم كون العدل أسوأ حالا من الفاسق قلت ان الاقتضاء
المدّعى انما هو من باب اشتباه القضيّة المفهوميّة بالقضيّة المنطوقيّة حيث ان
القضيّة المذكورة لو كانت واقعة فى المنطوق فالظّاهر منها ورود النّفى على القيد
ومقتضاه ثبوت اصل الحجيّة فمن نفى اشتراط حجيّة خبر العدل يثبت الحجيّة بدون
التبيّن لكن المفهوم لا يرد النّفى فيه على القيد كما يظهر ممّا ياتى فلا يثبت
حجيّة خبر العدل بدون التبيّن ولا دافع لاحتمال عدم حجيّة خبر العدل راسا كيف لا
وجميع السّوالب يحتمل كونها بانتفاء الموضوع ويحتمل كونها
بانتفاء المحمول الا ان الاخير اظهر للزوم اللغو لولاه لكن احتمال كون
السلب من باب انتفاء المحمول غير مرفوع وياتى نظير الكلام فى المقام وان قلت ان
اصل حجية خبر مسلم فبانتفاء اشتراط التبيّن يتاتى الحجيّة بدون التبيّن قلت من اين
وانى ذلك كيف لا والكلام فى الاستدلال على اصل حجيّة خبر العدل وربما ذكر شيخنا
البهائى فى كشكوله ما تحريره ان الانسب فى تقرير مفهوم الوصف ان يقال ان التبيّن
قد علق على مجيء الفاسق الواحد بالخبر لا فسق المخبر كما هو مقتضى التقرير المذكور
اذ صيغة اسم الفاعل هنا حاملة لمعنى الوحدة من جهة تنوين التنكير والوصف العنوانى
معا فيجوز كون العلّة هى مجموع الفسق ووحدة الفاسق فكانه قيل ان جاءكم فاسق واحد
فتبيّنوا مع انه لو كان المعلّق عليه هو مجرّد الفسق لما جاز العمل بالشّياع وفيه
ان الظّاهر كون العلّة هى الفسق واحتمال كون العلّة هى مجموع الفسق والوحدة خلاف
الظّاهر مع ان ثبوت تنوين التنكير عندى محلّ الكلام وان كان الظاهر من اسم الجنس
المنون بتنوين التمكّن هو الفرد الواحد كما شرحناه فى محلّه فتدبّر وايضا جواز
العمل بالشياع الظنّى خلاف الاصل ويحتاج الى دليل فما يدلّ على حجيّة وعدم الجريان
فيه على الاصل يوجب تقييد الآية على تقدير شمولها للفاسق المتعدّد والتقييد غير عزيز
والخطب فيما ذكره سهل اذ شيء ممّا ذكره لا يوجب القدح فى الاستدلال بالمفهوم
وبالجملة فالاستدلال بمفهوم الآية على حجية خبر العدل من باب مفهوم الشّرط قد اورد
عليه المحقق القمّى بوجهين احدهما متعلّق بمفهوم الشّرط وتحريره انّ منطوق الشّرط
فى الآية ان جاءكم الفاسق بالخبر لا ان جاءكم خبر الفاسق فالمفهوم ان لم يجيئكم
الفاسق بالخبر لا ان لم يجيئكم خبر الفاسق وبعبارة اخرى منطوق الشّرط مجيء الفاسق
بالخبر لا مجيء خبر الفاسق فالمفهوم عدم مجيء الفاسق بالخبر فيتوجّه النفى الى
القيد فمقتضى المفهوم ثبوت المقيّد المنفى فى جانب المفهوم فالمفهوم مجيء الفاسق
لا بالخبر فلا يقتضى المفهوم حجية خبر العادل لا عموما بان يكون المفهوم عدم مجيء
خبر الفاسق وهذا اعمّ من عدم مجيء الخبر راسا بان لم يجيء عادل ولا فاسق او جاء
عادل لا بالخبر او فاسق لا بالخبر ومجيء خبر العادل وهو غاية ما يمكن ان يقال فى
توجيه تقريب الاستدلال بالآية من باب مفهوم الشّرط كما ذكره المحقق المشار اليه
ولا خصوصا بان يكون المفهوم مجيء غير الفاسق بالخبر كما هو ظاهر ما ذكره صاحب
المعالم فى تقريب الاستدلال بالآية من انّه سبحانه علق وجوب التثبّت على مجيء
الفاسق فينتفى عند انتفائه عملا بمفهوم الشّرط واذا لم يجب التثبت عند مجيء غير
الفاسق فاما ان يجب القبول وهو المطلوب او الردّ وهو باطل بل حكى السيّد السّند
المحسن الكاظمى اشتهاره فى بيان تقرير مفهوم الشّرط فى الآية والآخر متعلّق بمفهوم
الجزاء وتحريره ان منطوق الجزاء فى الآية هو وجوب التبيّن عن خبر الفاسق كما هو
الظاهر لا مطلق التبيّن فالمفهوم عدم وجوب التبيّن عن خبر الفاسق للزوم وحدة
الموضوع والمحمول فى المنطوق والمفهوم وبعبارة اخرى لان المدار فى المفهوم على رفع
الحكم الثّابت للموضوع المذكور عن الموضوع المسكوت عنه فالمدار فى مفهوم الآية على
رفع وجوب التبيّن عن خبر الفاسق مثلا لو قيل ان جاءك زيد فاكرمه بعشرين دينارا
فالمفهوم عدم وجوب الاكرام بالعشرين على تقدير عدم المجيء لا عدم وجوب مطلق
الاكرام فمفهوم الشّرط اى شيء اخذ مجيء غير الفاسق بالخبر او عدم مجيء خبر الفاسق
لانتهض الاستدلال بمفهوم الآية من باب مفهوم الاشتراط اذ مفهوم الجزاء عدم وجوب
التبيّن عن خبر الفاسق وهو لا يقتضى عدم وجوب التبين عن خبر العادل ولا يدلّ على
حجيّة خبره وايضا بعد ما سمعت من انّ مفهوم الجزاء عدم وجوب التبيّن عن خبر الفاسق
فمفهوم الآية يصير من باب السّالبة بانتفاء الموضوع اذ مداره على وجوب التبيّن عن
خبر الفاسق وهذا واضح لو اخذ مفهوم الشّرط عدم مجيء خبر الفاسق واليه يرجع الامر
لو اخذ مفهوم الشّرط عدم مجيء الفاسق بالخبر او مجيء غير الفاسق بالخبر فالامر من
قبيل ان يقال ان لم يمت زيد فلا بدّ فيه وان لم يخبرك عمرو فلا تصغ الى خبره
والسّالبة بانتفاء الموضوع من باب المجاز وتقسيم السّالبة من المنطقيين الى موجود
الموضوع ومعدوم الموضوع بخبر لا يقتضى عمومها لهما عرفا بل هو لمجرّد بيان الامكان
والكتاب والسّنة وردا على طريقة اللغة والعرف لا مصطلح اهل الميزان فليس القول بانّ
مفهوم الآية من باب السّالبة بانتفاء الموضوع اولى من القول بان الآية لا مفهوم
لها لان الثّانى وان كان خلاف الظّاهر الّا ان الاوّل خلاف الظّاهر ايضا فمرجع
الايراد الى انّه لو كان للآية مفهوم لكان المفهوم ان لم يجئكم فاسق بخبر فلا يجب
التبيّن عن خبره وهذا المضمون
لم يثبت دلالة الآية من جهة المفهوم عليه اولا لدوران الامر فى خلاف الظاهر
بين القول بان الشّرط فى الآية لا مفهوم له والقول باستعمال السالبة فى المفهوم فى
السالبة بانتفاء الموضوع وليس الاخير اولى من الاوّل فيلزم على كل من ثبوت المفهوم
وعدمه خلاف الظاهر وليس ارتكاب خلاف الظاهر المتطرق على صورة ثبوت المفهوم اولى من
ارتكاب خلاف الظاهر بالقول بعدم المفهوم ولا يجدى المضمون المزبور على تقدير دلالة
الآية مفهوما عليه للمستدل ثانيا كما سمعت لكنّك خبير بان كلا من الوجهين
المذكورين ايرادا على مفهوم الجزاء يتطرّق الايراد بهما على مفهوم الشّرط فلا
ينبغى الاقتضاء وفى الايراد على مفهوم الشّرط على احد الوجهين وهو عدم نفع مفهوم
الاشتراط وترك الايراد بالوجه الآخر وهو عدم ثبوت المفهوم اعنى مفهوم الاشتراط مع
لزوم اللغو فى المفهوم بواسطة مفهوم الشّرط ولو لم يلزم اللغو فى المفهوم بواسطة
مفهوم الجزاء كما انّ لزوم اللغو فى مفهوم الاشتراط بواسطة مفهوم الجزاء انما
يتاتى ولو لم يلزم اللغو فى المفهوم بواسطة مفهوم الجزاء ومع ذلك مدار الوجه
المذكور على منع المفهوم بواسطة دوران الامر بين خلافى الظّاهر وكان المناسب منع
المفهوم ايضا بواسطة دوران الامر بين اللغو فى الشّرط واللّغو فى عدم المفهوم اقول
ان الايراد الاوّل مبنىّ على ورود النفى فى المفهوم على القيد نحو وروده فى
المنطوق على القيد كما يظهر ممّا مر ويشبهه فى الابتناء على ذلك بعض كلمات المحقّق
المورد فى الايراد على الاستدلال بصحيحة عبد الله بن سنان على حجية اصل البراءة فى
شبهة الحرمة من الشكّ فى التّكليف وكلامه هناك فى غاية الغلق وقد شرحته فى الاصول
مع الايراد عليه شرحا لم يسبقنى فيه سابق فيما اعلم وقد تعرض بعض ادقّاء النظر
للجزء السّهل من كلامه وطوى الكشح عن الجزء العبر من كلامه وكلامه هنا ايضا فى
غاية الغلق والقصور عن الوفاء بالمقصود وتحرير الكلام انّه لا شكّ فى ان مفهوم
الشّرط فى المقام ان لم يجئكم فاسق بنبإ وان كان مقتضى كلام صاحب المعالم انّ
مفهوم الشّرط ان جاءكم عادل بنبإ والمفهوم المذكور مشتمل على مقيّد وهو المجيء
وقيد وهو وحدة الفاسق وقيد آخر وهو النبأ لكنه انّما يتاتى لو كان المنطوق واردا
فى مقام البيان وربما يتوهم ان الفاسق ايضا من باب القيد وليس بشيء اذ المدار فى
القيد على كونه خارجا عن موضوع الحكم ومتلفظا به والفسق جزء موضوع الحكم ولا يكون
من باب القيد الملفوظ به فلا مجال لزيادة مفهوم القيد فى الباب نعم لو تاتى مفهوم
للفسق فهو من باب مفهوم الوصف فلا مجال لرجوع النفى فى المقام الى الفسق من باب
ورود النفى على القيد واما البناء فهو وان كان من باب القيد لكن رجوع النفى اليه
يستلزم اللغو فى المفهوم واما الوحدة فلا يرجع النفى اليها اذ الظاهر ان النفى يرد
على القيد الملفوظ به المستقل والوحدة غير ملفوظ بها ومن هذا ان النفى فى المنفى
بلا المشابهة بليس وان امكن كونه راجعا الى الوحدة لكن الظّاهر رجوعه الى الطبيعة
كما فى المنفى بلا التى لنفى الجنس الّا ان النفى الطّبيعة فيه بالتنصيص ونفى
الطّبيعة بلا المشابهة بليس من باب الظهور كما ان نفى الجمع المنكر بلا المشابهة
بليس ظاهر فى نفى الطبيعة وان امكن رجوع النفى فيه الى قيد الجمعيّة او الى قيد
الوحدة كما ان نفى الوجوب والوجوب ظاهر فى الوجوب التّعيينى ظاهر فى نفى اصل
الوجوب وان امكن رجوع النفى الى التّعيين كما جرى عليه الشيخ فى التّهذيب فى اواخر
زيادات الحجّ وكذا المولى التقى المجلسىّ فى شرح الفقيه فى باب صلاة الجمعة مع انه
لو رجع النفى الى الوحدة يلزم ان يكون النبأ لغوا قضيّته انه لو تعدّد القيد
فالنفى يرجع الى القيد الاخير للزوم اللغو فى القيد لو لا ذلك إلّا ان يقال لانه
انّما يتم ذلك لو لم يكن القيد الاخير جزء موضوع الحكم ومحتاجا اليه فى ترتب الحكم
والا فيرجع النفى الى ما قبل الاخير لو لا ذلك لكن نقول انه انما يتم ذلك لو كان
القضيّة المنفية ولردة فى مقام بيان حكم خبر الفاسق وحده وتعدّدا حيث ان القيد
انما يفيد المفهوم لو كان المتكلّم فى مقام بيان حكم المقيّد نفيا واثباتا
بالنّسبة الى القيد المشار اليه وغيره وإلّا فلا يفيد المفهوم كما لو كان ذكر
القيد والمقيد بالتبع اى فى مقام بيان امر آخر وذلك خلاف الظاهر بلا اشكال فلا
مفهوم للنبإ وذكر النبإ كان محتاجا اليه ولا مفهوم ايضا للوحدة واخذها لا بدّ ان
يكون الغرض من الاغراض ولو كان المقصود بالوحدة هو الوحدة لا بشرط وكيف كان يندفع
الايراد المشار اليه بعدم ورود النفى فى المفهوم على القيد سواء قلنا بكون الوجه
فى ورود النفى على القيد فى المنطوق هو لزوم اللغو فى القيد لو لا الورود او مجرد
فهم العرف او مناقضة عدم الورود لمقام البيان للزوم الاجمال على تقدير عدم الورود
لتطرق احتمال كون النفى من جهة انتفاء القيد و
المقيد وكونه من جهة انتفاء القيد فقط بناء على اشتراط الورود بكون
المتكلّم فى مقام البيان اعنى مقام ضبط مورد الحكم نفيا واثباتا على التفصيل كما
هو الحال فى سائر المفاهيم حيث ان المدار فى الورود على المفهوم ومن هذا انّه يمكن
القول بان الحكم فى الاثبات والنفى يرد على القيد كما قيل وبه صرّح شيخنا البهائى
فى بعض تعليقات الحبل المتين ونقله عن دلائل الاعجاز اذ المدار فى الورود على
افادة المفهوم ولا يتجاوز الامر عنه وهذا يتاتى فى الاثبات ايضا ويرشد الى ذلك
اعنى كون المدار فى الورود على المفهوم ما ذكره السيّد السّند المحسن الكاظمى من
انّه ينبغى ان ينخرط فى سلك المفاهيم مفهوم ورود النّفى على القيد وكذا ما قاله
السّكاكى نقلا من انا تأمّلنا وجدنا ادخال كلّ فى خير النفى لا يصلح الا حيث يراد
ان بعضا كان وبعضا لم يكن اذ مقتضاه ان مقتضى كون النفى الوارد على العموم لسلب
العموم ثبوت الحكم فى بعض افراد العام اى مقتضى سلب العموم ثبوت الحكم فى بعض
افراد العام اى مقتضى سلب العموم ثبوت المفهوم ويرشد اليه انّ بعضا عدّ من المفهوم
مفهوم سلب العموم وليس مفهوم سلب العموم الّا من باب مفهوم ورود النّفى على القيد
وكذا ما حكاه ابن هشام كما عن ابن مالك عن محققى النجاة من القول بكون ظلام فى
قوله سبحانه ان الله ليس بظلّام للعبيد للنّسبة ذبا عما يقتضيه كونه للمبالغة من
ثبوت الظّلم فى الجملة قضيّة ان النّفى يرد على المبالغة فى الظّلم فيقتضى ثبوت
اصل الظّلم حيث ان اقتضاء ورود النفى على المبالغة فى الظّلم لثبوت اصل الظلم من
باب ورود النّفى على القيد والوجه فيما ذكرنا من عدم ورود النّفى فى المفهوم على
القيد ان اطّراد القيد فى المفهوم انما هو يتبع المنطوق قهرا لا بتعمد المتكلّم
فلا يتاتى فيه اللغويّة ولا مناقضة عدم اعتباره لمقام البيان كما انّه ليس المفهوم
من المفهوم ورود النفى فيه الى القيد ومن ذلك انه لو قيل ان جاءك زيد فاكرمه فى
المسجد فالمفهوم ان لم يجئك زيد فلا يجب اكرامه فى المسجد وهو اعمّ من عدم وجوب
الاكرام راسا على تقدير عدم المجيء بورود النّفى على القيد والمقيّد ومن عدم وجوب
الاكرام فى خصوص المسجد على التقدير المذكور بورود النّفى على القيد الّا ان
الظّاهر هو الاوّل بلا اشكال بل على الثّانى يكون المفهوم وجوب الاكرام فى غير
المسجد وو هو غير مستفاد من القضيّة المذكورة بلا اشكال ولعلّ ما ذكرناه هو
المقصود بما قيل من انّ مفهوم القضيّة المذكورة عدم وجوب الاكرام فى المسجد خلافا لمن قال بكون المفهوم هو عدم وجوب
الاكرام فى المسجد فى المفهوم وقد بان بما ذكر ان النفى الوارد فى المفهوم
على العموم لعموم السّلب لا لسلب العموم ونظير ذلك انه لو كان المستثنى منه المثبت
مشتملا على قيد فالاستثناء يقتضى اطّراد القيد فى المستثنى فالمستثنى منفى مشتملا
على القيد بناء على كون الاستثناء من الاثبات نفيا الا ان الاطراد المذكور انّما
هو بتبع الثبوت فى المستثنى منه لا بالتعمّد من المتكلم فلا يرجع النفى الى القيد
فلو قيل اكرم البغدادية ان كانوا قصارا يوم الجمعة الّا انه لورود النّفى على
القيد فالمفاد وجوب اكرام البغداديّين ان كانوا طوالا يوم الجمعة واما على تقدير
عدم ورود النفى على القيد كما هو الاظهر لما يظهر ممّا سمعت فالمفاد عدم وجوب
اكرام البغداديّين القصار يوم الجمعة من دون دلالة على وجوب اكرام البغداديّين
الطّوال يوم الجمعة وربما يقتضى كلام الشّهيد فى الرّوضة فى كتاب القضاء عند
الكلام فى استثناء قاضى التحكيم من المتن ورود النفى فى المقام على القيد ويظهر
ضعفه بما سمعت وايضا نظير ذلك انه لو كان القيد فى كلام السّائل فلا
يتاتى مفهوم القيد فى الجواب لو كان الجواب بالنّفى مثلا لو قيل ان جاءك زيد هل
اكرمه فقيل لا يجب اكرامه لا يقتضى الجواب من باب المفهوم وجوب اكرام زيد على
تقدير المجيء والوجه ان اطراد القيد فى الجواب انّما هو بتبع السّئوال فلا يثبت له
المفهوم بورود النفى على القيد ومقتضى كلام بعض اصحابنا ثبوت المفهوم للجواب ويظهر
ضعفه بما سمعت وبما ذكر يظهر انّه لو كان الجواب بالاثبات فيما ذكر من اشتمال السّئوال
على القيد فلا يتاتى المفهوم للقيد المطرّد فى الجواب بخلاف ما لو كان السّئوال
مطلقا وكان الجواب بالنفى او الاثبات مقيّدا وبالجملة فلا فرق فى المقام بين كون
مفهوم الشّرط عدم مجيء الفاسق بالخبر او عدم مجيء خبر الفاسق وربما اورد بان عدم
مجيء الفاسق بالخبر اعمّ ايضا من عدم مجيء الخبر ومجيء خبر العادل بل من مجيء
الفاسق لا بالخبر فيدخل المطلوب فى عموم المفهوم فيثبت وانت خبير بانه من اجل عدم
الوصول الى المراد ثم انه لا يذهب عليك انّ ما ذكرنا من عدم ورود النّفى فى مفهوم
الآية الى القيد اعنى الفاسق لا يجدى فى صحّة الاستدلال بالمفهوم على حجيّة خبر
العدل من باب عمومه لمجيء العادل بالخبر كعمومه لعدم مجيء المخبر راسا ومجيء
الفاسق لا بالخبر ومجيء العادل لا بالخبر بناء على كون اطلاق كلّ من الشّرط
والجزاء فى
__________________
مورد الاجمال غالبا كما ياتى وامّا الايراد الثانى فهو يرجع الى وجهين
ويتطرّق على كلّ منهما الايراد امّا الاوّل فهو ان المفهوم عدم وجوب التبين عن خبر
الفاسق وهو لا يجدى فى عدم وجوب التبيّن عن خبر العادل ويرد عليه أمران احدهما انّ
ما ذكره من لزوم وحدة الموضوع فى المنطوق والمفهوم بان المنطوق يكون حكما من احكام شيء مذكور او حالا من
احواله والمفهوم يكون حكما من احكام شيء غير مذكور حيث ان مقتضى التفرقة كون
الموضوع فى المنطوق شيئا مذكورا وفى المفهوم شيئا غير مذكور يغاير الشيء المذكور
فمقتضاه لزوم تعدّد الموضوع فى المنطوق والمفهوم اللهمّ الّا ان يقال ان المقصود
بالموضوع هنا هو متعلّق النّفى والاثبات فموضوع المنطوق والمفهوم فى ان جاءك زيد
فاكرمه هو مجيء زيد والمقصود بالشيء المذكور المتعلّق للحكم فى تعريف المنطوق هو
المثبت اعنى مجيء زيد فى المثال المذكور وبالشيء الغير المذكور فى تعريف المفهوم
هو المنفى عدم مجيء زيد وبعبارة اخرى مجموع النفى وما تعلق اليه النفى فلا منافاة
نعم المدار فى المفهوم على رفع الحكم المذكور وبعد هذا اقول انّه قد حكم بلزوم
وحدة الموضوع والمحمول فى المنطوق والمفهوم فى الشّرط والجزاء ومقصوده اما لزوم
وحدة الموضوع فى المنطوق والمفهوم فى الشّرط ووحدة المحمول فى المنطوق والمفهوم فى
الجزاء او لزوم وحدة الموضوع والمحمول فى المنطوق والمفهوم فى كل من الشّرط والجزاء
فالمقصود وحدة المسند والمسند اليه فى المنطوق والمفهوم فى كلّ من الشّرط والجزاء
مثلا لو قيل ان جاءك زيد فاكرمه فالموضوع فى كل من الشّرط والجزاء هو زيد والمحمول
فى الشّرط هو المجيء والمحمول فى الجزاء هو الاكرام وعلى كل من التقديرين يرد عليه
لزوم اختلاف الموضوع وكذا لزوم اختلاف الحكم كيف لا ولا بدّ فى المنطوق من كون
موضوعه مذكورا ولا بدّ فى مفهوم المخالفة من كون موضوعة غير مذكور ولا بدّ فى
مفهوم المخالفة من كون موضوعه غير مذكور والمدار فى مفهوم المخالفة على رفع الحكم
المذكور فى المنطوق فلا بدّ من اختلاف الحكم فى المنطوق والمفهوم مع ان اتّحاد
الموضوع والمحمول فى المنطوق والمفهوم يستلزم اتحاد المنطوق والمفهوم اللهمّ الّا
ان يكون مقصوده على كلّ من التقديرين وحدة ذات الموضوع والمحمول مع قطع النّظر عن
الإيجاب والسّلب فيندفع المحذور ثانيهما انه لا بدّ من اعتبار قيود الحكم الماخوذة
فى المنطوق فى الحكم الا اضافة الحكم الى المقام وبعبارة اخرى المدار
فى المفهوم على رفع الحكم المذكور مع قطع النّظر عن ارتباطه بالمقام عن الموضوع
الغير المذكور وبعبارة ثالثة المدار فى المفهوم على رفع الحكم المتعلّق بالموضوع
المذكور مع قطع النظر عن ارتباطه بالمقام واضافة الى المقام ففى آية النّبإ والحكم
المنطوقى هو وجوب التبيّن عن الخبر لا التبيّن عن خبر الفاسق فمقتضى المفهوم عدم
وجوب التبيّن عن خبر العادل ويصحّ الاستدلال بالمفهوم على حجيّة خبر العادل ولا
يصحّ الايراد المذكور اعنى الايراد بان الحكم المنطوقى هو وجوب التبيّن عن خبر
الفاسق فمقتضى المفهوم عدم وجوب التبيّن عن خبر الفاسق فى اخبار العادل وهو غير
مربوط بالاستدلال والوجه انّه لو قيل ان جاءك زيد فاكرمه فمفهوم اللّقب بناء على
ثبوته عدم وجوب اكرام عمرو على تقدير مجيئه لا عدم وجوب اكرام زيد على تقدير مجيء
عمرو ولم يقل احد بكون مفهوم اللّقب هو الاخير كما ان مفهوم قوله عليه السّلم اذا
بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء هو نجاسة الماء اذا لم يبلغ الماء قدر الكرّ ومن
ذلك الاستدلال بمفهوم الحديث المذكور على نجاسة الماء القليل فمقتضى كلماتهم فى
الاصول والفقه هو كون المدار فى المفهوم على عدم اعتبار الاضافة الى المقام لكن
يمكن ان يقال ان الضّمير راجع فى الحديث المذكور فى المنطوق الى الماء لا الكرّ
وهو يرجع فى المفهوم ايضا فاعتبار الاضافة الى المقام فى المفهوم لا ينافى كون
المفهوم نجاسة الماء القليل ومع ذلك المتبادر فى امثال اليه ما ذكر من المثال هو
رفع نفس الحكم المذكور مع قطع النّظر عن تعلّقه بالمقام وهذا ليس من باب المنطوق
فهو من باب المفهوم لعدم توسّط الواسطة فى الحكم نعم الموضوع خارج عن المنطوق
والمفهوم مذكورا كان او غير مذكور اذ جنس كلّ من المنطوق والمفهوم هو الحكم ومع
ذلك مقتضى ما ذكر فى تعريف المفهوم كونه هو الحكم الغير المذكور وهذا يصدق على نفس
الحكم المذكور مع قطع النّظر عن ارتباطه بالمقام ولم ياخذ فى تعريف المفهوم رفع
الحكم المذكور حتّى يقال باعتبار اضافته الى المقام وبعد هذا اقول ان المدار فى
المفهوم على رفع الحكم المذكور عن الموضوع الغير المذكور ولا ريب انّ الاضافة الى
الموضوع او بعض اجزائه خارج عن الحكم مثلا لو قيل ان جاءك زيد فاكرمه فالحكم
المذكور هو وجوب الاكرام لا وجوب
__________________
اكرام زيد ومن هذا تصويرهم مفهوم اللقب بعدم وجوب اكرام عمرو على تقدير
مجيء عمرو فى المثال المتقدّم وكذا بناء الفقهاء فى قوله عليه السّلم اذا بلغ
الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء على ان المفهوم اذا لم يبلغ الماء قدر كرّ ينجّسه شيء
مع كون الضّمير فى المنطوق راجعا الى الماء المتوسّط بين الفعل والمفعول اعنى
الماء البالغ قدر الكر اذ الحكم هو عدم التنجيس لا عدم تنجيس الماء البالغ قدر
الكر نعم لو كان الاضافة بالنّسبة الى غير الموضوع لا بدّ من اعتباره لكونه داخلا
فى الحكم مثلا لو قيل ان جاءك زيد فاكرم عمروا وهو فى المسجد فلا بد من اعتبار
رجوع الضّمير المرفوع الى عمر وفى المفهوم لكون الاضافة داخلة فى الحكم حيث ان
الحكم هو وجوب اكرام عمرو وهو فى المسجد لا وجوب اكرام عمرو فقط وانما قلنا
الاضافة الى الموضوع او بعض اجزائه بملاحظة امكان ان يقال بكون زيد فى ان جاءك زيد
فاكرمه جزء الموضوع وكون الموضوع هو مجيء زيد وبالجملة ففى آية النّبإ الحكم هو
وجوب التبيّن عن الخبر لا وجوب التبين عن خبر الفاسق فلا يتجه اعتبار اضافة الخبر
الى الفاسق فى المفهوم ويمكن ان يقال انّ غاية ما يقتضيه تعريف المفهوم انما هى
كون المدار على رفع الحكم المذكور عن الموضوع الغير المذكور وعلى هذا يمكن ان يقال
ان الحكم فى ان جاءك زيد فاكرمه هو وجوب اكرام زيد لا وجوب الاكرام لكن نقول ان
مقتضى كلماتهم ان المدار فى المفهوم على رفع نفس الحكم المذكور للموضوع المذكور عن
الموضوع الغير المذكور وعلى هذا الاضافة خارجة عن الحكم وبعد هذا اقول انّه يتاتى
الكلام فى اعتبار المحذوف فى المنطوق فى المفهوم فيمكن القول بعدم اعتبار الاضافة فى المفهوم لو كانت الاضافة مذكورة لكن التحقيق ان يقال
انّ المحذوف لا يؤخذ فى المفهوم الا على وجه كان ماخوذا فى المنطوق مثلا لو قيل
انّ جاءك زيد فاسئل القرية فالمفهوم ان لم يجئك زيد فلا يجب سؤال القرية لا ان لم
يجئك زيد فلا يجب سؤال القرية الّا ان لم يجئك فلا يجب سؤال اهل القرية لكن
المقصود بالسّئوال المنفى وجوبه فى المفهوم هو سؤال اهل القرية على حسب حال
المنطوق فالمفهوم فى آية النبإ عدم وجوب التبيّن لكن الغرض عدم التبين عن خبر
الفاسق قضيّة كونه هو المقصود بالمنطوق وبعد هذا اقول ان مقتضى تعريفات المنطوق
والمفهوم ان المدار فى المفهوم على الحكم الغير المذكور الّا ان الاظهر ان المدار
فى مفهوم المخالفة على رفع الحكم المذكور عن الموضوع الغير المذكور كما صرّح به
جماعة فى بحث مفهوم الشّرط فالمدار فى المفهوم على الحكم الغير المذكور كما فى
مفهوم الموافقة او رفع الحكم المذكور عن الموضوع الغير المذكور كما فى مفهوم
المخالفة والحكم المذكور فى رفع الحكم المذكور اما ان يختصّ صدقه بالحكم المضاف
الى المورد او يختصّ صدقه بالحكم فى الجملة او يعمّ لهما وعلى الاخير اما ان يكون
ظاهرا فى خصوص الحكم المضاف او يكون ظاهرا فى الحكم فى الجملة او يكون متواطيا
بالنّسبة الى الحكم المضاف والحكم فى الجملة وعلى اىّ حال مرجع الامر فيما ذكر الى
الاصطلاح والعمدة تشخيص ان المستفاد من التقييد بالشّرط عرفا مثلا رفع الحكم
المضاف او رفع الحكم فى الجملة والاظهر الثانى لان مفهوم اللقب لو كان اللقب فى
مقام ضبط موارد الحكم نفيا واثباتا حجة ومقتضاه انتفاء الحكم المذكور فى الجملة
وهذا ليس من باب المنطوق بلا اشكال كما لو قيل ان جاءك زيد فاكرمه بالنّسبة الى
مفهوم زيد كما تقدّم وكذا ما لو قيل اكرم زيدا لدلالته على عدم وجوب اكرام عمرو
الّا ان اضافة الحكم الى المورد فيه ليس بارجاع مثل الضّمير لكن لا فرق قطعا بين
الارجاع بالضّمير وغيره كما ان مفهوم الوصف بمعنى النّعت النّحوى حجة لو كان
المتكلم فى مقام ضبط موارد حكم الموصوف نفيا واثباتا كما لو قيل فى الغنم السّائمة
زكاة او الغنم السّائمة فيه الزكاة بل كلّما تقيّد الموضوع بقيد فمقتضى كلام مفهوم
القيد لو كان القيد فى مقام ضبط موارد حكم المقيد نفيا واثباتا نفى الحكم عن
المقيد لو كان المقيّد مقيدا بقيد آخر فمورد الحكم مختلف ويرشد اليه عدّ مفهوم
اللّقب فى كلمات الاصوليّين من المفاهيم وكذا استدلال الفقهاء بقوله ع اذا بلغ
الماء قدر كر لم ينجسه شيء على نجاسة الماء القليل الملاقى للنجاسة وان قلت ان
الضّمير فى هذا الحديث يرجع الى الماء وهو متّحد فى المنطوق والمفهوم قلت ان
المرجع فى المنطوق انما هو الماء المتعقّب بنقص الشّيوع وبعبارة اخرى المتعقّب
بالتقييد وبعبارة ثالثة فى حال التقييد بالبلوغ قدر الكرّ وبعبارة رابعة الماء
المقيّد بالبلوغ قدر الكر كيف لا ولا خفاء فى عدم جواز رجوع الضّمير الى الماء
المطلق وعلى هذا المنوال الحال فيما لو قيل الماء الكر لا ينجّسه شيء حيث ان رجوع
الضّمير الى الماء لا مجموع الماء والكرّ نعم لو قيل اكرم الرّجل العالم وهو خير
من المرأة فالظّاهر ان الضّمير
__________________
راجع الى الطبيعة المكنونة فى الخيال الخالى عن انتفاض الشّيوع لا الى
الرجل المذكور المذكور لفرض انتفاض شيوعه وسيأتي تحقيق الحال فى وضع الضّمير وبما
سمعت يظهر الجواب عن لو قبل الموضوع فى المثال المتقدّم اعنى فى الغنم السّائمة
زكاة او فيه الزكاة هو الغنم وهو متّحد فى المنطوق والمفهوم حيث ان الموضوع فى
المنطوق انّما هو الغنم المقيّد بالسّوم والموضوع فى المفهوم انما هو الغنم
المقيّد بالتعليف واحد الموضوعين غير الآخر وامّا الثانى وهو ان مفهوم آية النبإ
بناء على كونه عدم مجيء خبر الفاسق كما هو غاية القول فى تقريب الاستدلال بمفهوم
الشّرط يصير من باب السّالبة بانتفاء الموضوع فيرد عليه ان ما ذكره فيما تقدّم من
انّ السّالبة بانتفاء الموضوع من باب المجاز ان كان المقصود به ان أداة السّلب
حقيقة فى سلب المحمول نظير ما ادّعاه الوالد الماجد ره من ان النفى الوارد على
العموم حقيقة فى سلب العموم فلا دليل على ذلك بل الظاهر انها اعنى أداة السّلب
حقيقة فى مطلق السّلب ومن هذا فساد القول بكون النفى الوارد على العموم لعموم
السّلب كما جرى عليه بعض على ما يبالى وان كان المقصود به كون الموضوع المذكور فى
القضيّة السالبة بانتفاء الموضوع مجازا ففيه ان الموضوع ح لم يستعمل فى غير ما وضع
له بل لو قيل لا يقضى زيد فى داره ولم يكن لزيد دار فالظاهر كون الدار مستعملا فى
معناه الكلى الموضوع له كيف لا والكذب من باب الحقيقة مع انه أسوأ حالا من
السّالبة بانتفاء الموضوع نعم لو لم يوجد زيد فذكره من قبيل ذكر اللفظ المهمل لانه
ليس له معنى كلى وضع هو له ولم يقصد به معنى خاص علمى إلّا ان يقال انّه من باب
ذكر اللّفظ وعدم ارادة المعنى منه راسا والا فلهذا العلم معنى موضوع له الّا انتم
يقصد به فى الكلام المذكور وان كان المقصود ان القضيّة السّالبة موضوعة بالهيئة
لسلب المحمول فهو مدفوع مضافا الى ان السّالبة لو كانت موضوعة لسلب المحمول فانما
هو فى القضيّة الملفوظ بها والمفهوم خال عن اللّفظ ولذا قيل بعدم اتصافه بالعموم
وبه يظهر الحال على الوجهين الاوّلين بما حرّرناه فى محلّه من عدم الوضع فى
المركّبات بالهيئة نعم السالبة بانتفاء الموضوع خلاف الظاهر بمخالفة تامّة بل
هاهنا لا يعقل التبيّن عن خبر الفاسق مع عدم مجيء خبر الفاسق حتى يتوجه الخطاب
اليه بالنّهى او برفع الوجوب سواء اخذ مفهوم الشّرط مجيء غير الفاسق بالخبر او عدم
مجيء خبر الفاسق او عدم مجيء الفاسق بالخبر فالمفهوم هنا من باب اللغو بل محذور
اللغويّة جار كلما كان السّالبة بانتفاء الموضوع ولذا يكون وقوعه فى كلام الحكيم
قبيحا وفى كلام غيره خلاف الظّاهر فمفهوم الشّرط هنا غير معتبر وليس بمراد وهو
نظير قوله سبحانه واذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا وقوله سبحانه واذا حيّيتم
بتحيّة فحيوا باحسن منها او ردّوها وكذا ما لو قيل ان رزقت ولدا فاختنه بل كل ما
كان الجزاء وهو المشروط موقوفا وجوده على وجود الشّرط بحيث لا يمكن ان يوجد وان لا يوجد كمثل ما ذكر فمفهوم الشرط من باب السّالبة
بانتفاء الموضوع وهو غير مراد وغير معتبر نعم مفهوم الشّرط انّما يتاتى اعتباره لو
كان وجود الجزاء غير موقوف على وجود الشّرط كاكرام زيد حيث انه لا يتوقف وجوده على
المجيء وقد يقال ان الشّرط فى الاوّل لتحقيق الموضوع والثّانى لاحراز الحكم بل لو
كان مفهوم الشّرط عدم مجيء خبر الفاسق ومفهوم الجزاء عدم وجوب مطلق التبيّن مكان
مفهوم الآية متناولا للسّالبة بانتفاء الموضوع ولما يكون توجّه الخطاب به لغو
العدم تعقل التبيّن مع عدم مجيء الخبر راسا حتى ينهى عنه او يرفع وجوبه فالمفهوم
الاعمّ غير معتبر وغير مراد اللهمّ إلّا ان يقال بالتقييد بمجيء خبر العادل واورد
السّيّد السّند المحسن الكاظمى على الاستدلال المتقدّم اعنى الاستدلال بالمفهوم من
جهة مفهوم الشّرط بعموم المفهوم للسالبة بانتفاء الموضوع لعمومه لما لو لم يجئ احد
بالخبر راسا وفيه بعد الاغماض عن اختصاص المفهوم بالسّالبة بانتفاء الموضوع بناء
على كون المفهوم عدم وجوب التبيّن عن خبر الفاسق لا عدم وجوب مطلق التبيّن عند عدم
مجيء الفاسق بالخبر انّ غاية الامر تقييد المفهوم باخراج السّالبة بانتفاء الموضوع
مع عموم السّالبة بانتفاء الموضوع لما لو جاء العادل او الفاسق لا بالخبر فتخصيص السّالبة
بانتفاء الموضوع لما لو لم يجئ احد بالخبر راسا كما ترى ثم انّ نظير الاستدلال
بمفهوم الشّرط فى المقام فقد اورد الاستدلال من المشهور نقلا بصحيحة علىّ بن
مهزيار وابراهيم بن محمّد الهمدانى عن ابى جعفر عليه السّلم قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله اذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه الّا تفعلوه تكن
فتنة فى الارض او فساد كبير على عدم جواز ترويج المؤمنة بالمخالف ومثلها ما رواه
الحسين بن بشار عن ابى جعفر ع من خطب اليكم فرضيتم دينه و
__________________
امانته فزوجوه الا تفعلوه تكن فتنة فى الارض او فساد كبير الا ان الاستدلال
المشار اليه مبنى على دلالة مفهوم المخالفة على ثبوت ضد الحكم المذكور للموضوع
الغير المذكور لا مجرّد رفع الحكم المذكور عن الموضوع الغير المذكور كما هو الاظهر
ومن هذا ما اورد سلطاننا فى تعليقات الرّوضة من ان مقتضى الرّواية ان غير المؤمن
ليس مامورا بتزويجه على ما هو مفهوم الامر بالتزويج ولا يلزم من ذلك ان تزويجه غير
جائز ونظير هذا ما استدلّ به الشيخ فى التّهذيب والشّهيد فى الذكرى على وجوب
الوضوء عند الشكّ فى الوضوء الغير المسبوق باليقين بالوضوء من موثق عبد الله بن
بكير عن الصادق عليه السّلم اذا استيقنت انك توضّأت فاياك ان تحدث وضوء ابدا حتى
تستيقن انك قد احدثت بتقريب ان مقتضى منطوق الشّرط حرمة احداث الوضوء فى الشك فى
الوضوء المسبوق باليقين بالوضوء اى حرمة مخالفة استصحاب الطهارة فمقتضى المفهوم
وجوب احداث الوضوء فى الشك فى الوضوء الغير المسبوق باليقين بالوضوء اى المسبوق
باليقين بالحدث واورد عليه العلّامة الخوانساري بما محصوله ان مقتضى المفهوم عدم
حرمة احداث الوضوء فى الشكّ الغير المسبوق باليقين بالوضوء وهو لا يستلزم وجوب
الوضوء وهو فى محلّه مع ان الاستدلال المذكور من الشّيخ ينافى ما حكم به فى
التّهذيب فى اواخر زيادات الحج فيما رويه بالاسناد عن الحسن العطّار قال سالت أبا
عبد الله عليه السّلم عن رجل امر مملوكه ان يتمتع بالعمرة الى الحجّ أعليه ان يذبح
عنه فقال لا ان الله تعالى يقول عبدا مملوكا لا يقدر على شيء من ان المعنى لا يجب
عليه الذبح وهو مخيّر بينه وبين ان يامره بالصّوم ومرجعه الى ان مقتضى الجواب وجوب
الذبح تعيينا فيتاتى التخيير بين الذّبح والصّوم حيث انه لو سئل عن وجوب شيء فقيل
لا فحال الجواب حال المفهوم من حيث الدلالة على الحرمة او رفع الوجوب وياتى الكلام
فى هذه الرّواية وايضا نظير ذلك ما عن بعض من انّه حكم بان ما رويه الشّيخ فى
التهذيب فى باب الاحداث الموجبة للطهارة وفى الاستبصار فى باب وجوب الاستنجاء من
البول والغائط بالاسناد عن عيسى بن عبد الله عن ابيه عن جدّه عن على عليه السّلم
قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله اذا استنجى احدكم فليوتر بها اذا لم يكن الماء بمنزلة
ان يقال اذا لم يكن الماء استنجى بالاحجار حال كونها وترا ومقتضاه عدم اجزاء
الاستنجاء بالأحجار مع وجود الماء واورد عليه بان المفهوم بعد دلالة المنطوق على
وجوب الاستنجاء بالأحجار مع وجود الماء بل المفهوم اعمّ من الحرمة والاستحباب
والكراهة وهو فى محله ايضا الّا انّه مبنى على كون مفاد المنطوق وجوب الاستنجاء
بالأحجار لا اجزائه والّا فالمفهوم عدم الاجزاء ويتجه ما حكم به البعض لكن يمكن ان
يقال ان مفهوم الوجوب او الحرمة وان كان اعمّ من الحرمة والوجوب لكن يمكن انصراف
عدم الوجوب والحرمة الى الحرمة والوجوب فلا باس بدعوى دلالة المفهوم فى الروايات
المذكورة غير الاخيرة على الحرمة وفى الرّواية الأخيرة على الوجوب ومن هذا القبيل
ما ذكره السّيّد السّند النجفى فى المصابيح من ان مفهوم الامر بالاتمام الامر بعدم
القصر عرفا لا عدم الامر بالاتمام وربّما يشبه ما ذكر انه روى فى التهذيب فى كتاب
الصّلاة فى باب المواقيت وفى الاستبصار فى باب المواقيت وفى الاستبصار فى باب وقت
من فاتته صلاة الفريضة هل يجوز له ان ينتفل ام لا بالاسناد عن زرارة عن ابى جعفر ع
عن رجل صلّى بغير طهور او نسي صلوات لم يصلها او نام عنها فقال يقضيها اذا ذكرها
فى اى ساعة ذكرها من ليل او نهار وقد ذكر شيخنا البهائى فى حاشية الاستبصار وكذا
فى الحبل المتين انه يستفاد من هذا عدم كراهة قضاء الصّلاة فى الاوقات المكروهة
كطلوع الشّمس او غروبها وقيامها كما يشعر به قوله عليه السّلم فى اىّ ساعة ذكرها
من ليل او نهار ولا يخفى انّ لقائل ان يقول انه انّما يدل على عدم الحرمة اما على
عدم الكراهة فلا لاحتمال ان يكون الصّلاة فى تلك الاوقات من قبيل الصّلاة فى
الحمام وصوم النافلة فى السّفر والمقصود انّ دلالة الحديث على عدم كراهة قضاء
الصّلاة فى الاوقات المكروهة انّما تتاتّى على تقدير كون المقصود بقوله عليه
السّلم يقضيها هو وجوب القضاء فى السّاعة المتذكر فيها والوجوب ينافى الكراهة لكن
المقصود هو جواز القضاء بالمعنى الاعم وهو لا ينافى الكراهة لكنك خبير بانّ ظاهر
الحديث انّما يقتضى وجوب القضاء بالوجوب التّعيينى فيتاتى الكراهة ولو بناء على
عدم جواز اجتماع الوجوب والكراهة فى الصّلاة فى الحمام لكون الامر فيه من باب
اجتماع الوجوب التخييرى بالنّسبة الى المكان والكراهة واما الاستدلال بالمفهوم
__________________
من جهة مفهوم الوصف فهو مدفوع بعدم حجية الوصف الا على تقدير كون المتكلم
فى مقام البيان ولم يثبت كونه سبحانه فى المقام فى مقام بيان حكم اقسام الخبر من
حيث وجوب التبيّن والردّ والقبول مع ان غاية امر المفهوم ان جاءكم غير الفاسق بنبإ
فلا يجب التبين عن بناء الفاسق وهذا المفهوم لا يقتضى حجيّة خبر العدل بل هو من
باب السّالبة بانتفاء الموضوع بل من باب اللغو كما تقدم فمفهوم الجملة الشّرطية
وان جعل من جهة الوصف الماخوذ فيها لكن لا يتغيّر مفهوم الجزاء فكما كان مفهوم الجزاء
مانعا عن الاستدلال لو كان مفهوم الجملة الشّرطية من جهة أداة الشّرط فكذا يمنع عن
الاستدلال لو كان مفهوم تلك الجملة من جهة الوصف الماخوذ فيها والعجب من المحقق
القمّى حيث انّه مع ايراده على الاستدلال بمفهوم الاشتراط بانّ مفهوم الجزاء عدم
وجوب التبيّن عن خبر الفاسق فلا يجدى مفهوم الآية فى عدم وجوب التبيّن عن خبر
العادل كما سمعت جعل الاعتماد على مفهوم الوصف كما سمعت مع ان مفهوم الجزاء يمنع
عن انتهاض الاستدلال سواء جعل مفهوم الشّرط من باب مفهوم الاشتراط والتّعليق او من
باب مفهوم الوصف كما سمعت وان قلت انّه اعتمد على مفهوم الوصف كما سمعت بان قلت
انّه اعتمد على مفهوم الوصف بواسطة القرينة فلعلّ مقصوده مساعدة القرينة مع انتفاء
التبيّن فى خبر العدل قلت انّ مفهوم الوصف لما لم يكن حجّة فالقرينة انّما تساعد
مع انتفاء الحكم المذكور للموضوع المذكور عن الموضوع الغير المذكور ليس الّا
وبعبارة اخرى القرينة تساعد مع ثبوت المفهوم لا امر ازيد واما الاستدلال بمفهوم
الوصف من جهة مناسبته للعلية فيندفع بان غاية الامر الدّلالة على انحصار علّة
الحكم فى محلّ الوصف لكنه لا يدل على انتفاء علّة اخرى فى غير محلّ الوصف يقتضى
اطّراد الحكم فغاية الامر دلالة منطوق الآية على انحصار علّة التبيّن عن خبر
الفاسق فى الفسق لكنّه لا يدلّ على انحصار علّة مطلق التبيّن فى الفسق فلا يدلّ
على انتفاء علة اخرى فى العادل يقتضى التبيّن كما انه لو قيل المسكر حرام فهو
انّما يقتضى انحصار علّة حرمة المسكر فى الاسكار ولا يقتضى انتفاء علّة اخرى فى
غير المسكر نقتضى الحرمة وما قاله السيّد السّند المحسن الكاظمى من ان المقامات
مختلفة قرب مقام يقتضى انحصار العلّة فى الوصف المذكور وما نحن فيه من هذا القبيل
وذلك انّ عادة الناس لما كانت جارية على قبول الاخبار فى معاملاتهم وسياساتهم
ومعاشراتهم ولم ينكر الله عليهم من ذلك الّا قبول خبر الفاسق فعلم اختصاص الانكار
به فانّه لو كان هناك قسم من الاخبار لا يجوز قبوله والتسرّع الى الاخذ به لانكره
ينقدح بانه لا يتم الّا اذا كان الشّارع فى مقام البيان وهو غير ثابت فى المقام مع
انّه لو تمّ فلا يختصّ بما لو كان المفهوم من جهة مناسبة الوصف للعلية بل يتاتى مع
قطع النّظر عن مناسبة الوصف للعلية الا انّ مقتضى كلامه بعد ذلك الاعتراف به ويمكن
ان يقال انّ مفهوم العلّة فى تعليق الحكم على الوصف المناسب وان لا يقتضى فى نفسه
انتفاء الحكم فيما عدا محلّ الوصف الّا انه قد يساعد الامر الخارج مع الانتفاء كما
فيما نحن فيه حيث انه اذا ثبت انحصار العلّة فى التبيّن عن خبر الفاسق فى الفسق
فلا فرق بين العادل والفاسق من حيث هما عادل وفاسق الّا فى وصفى العدالة والفسق
والعدالة لا توجب التبيّن قطعا فتنحصر العلّة فى الفسق فينتفى وجوب التبيّن
بانتفائه فمجرّد مناسبة الوصف للعليّة وان لا يقتضى الا علية الوصف للحكم فى محلّ
الوصف بل حال قيام الوصف الّا انه لو ثبت من الخارج عليه الوصف للحكم مطلقا او فى
محلّ الوصف فينتفى الحكم مطلقا ولو فيما عدا محلّ الوصف فى الاوّل وينتفى الحكم فى
محلّ الوصف حال انتفاء الوصف فى الثانى وفيما نحن فيه الظّاهر ان علّة التبيّن عن
خبر الفاسق انما هى ما به الامتياز اعنى الفسق لا ما به الاشتراك اعنى كونه خبرا
وليس ما به الامتياز فى العادل اعنى العدالة مقتضيا للتبيّن فينتفى التبيّن فيه
نعم الواسطة بين العادل والفاسق بناء على ثبوت الواسطة لما يحتمل فيها خصوصيّة
تقتضى التبيّن فلا يحكم بانتفاء التبيّن فيها وقد تقدّم الكلام فيما ذكر وان قلت
ان العدالة وان لم تكن موجبة للتبيّن لكن يحتمل ان يكون حكمة اخرى تقتضى التبيّن
فى خبر العادل قلت ان هذه الحكمة ان كانت مقتضية للتبيّن فى خبر الفاسق ايضا كما
تقتضى التبيّن فى خبر العادل فهو خلاف المفروض اذ المفروض ظهور تعليق التبيّن على
الوصف المناسب فى انحصار علّة التبيّن عن خبر الفاسق فى الفسق وان كانت الحكمة
مقتضية للتبيّن فى خصوص خبر العادل فمرجعه الى ان العدالة تقتضى التبيّن كما
يقتضيه الفسق وهو مقطوع
العدم وان قلت ان مرجع ما ذكر الى ان مقتضى الوصف المناسب علية للحكم فى
محلّ الوصف وانحصار العلة فى الوصف لكن علمنا بانتفاء علة تقتضى الحكم المذكور
فيما عدا محلّ الوصف فينتفى الحكم بانتفاء الوصف فليس الانتفاء مستندا الى دلالة
الوصف راسا بل الى دلالة الامر الخارج بالكلية قلت ان الجزء الاخير فى الدلالة هو
الامر الخارج لكن لو لم يكن دلالة الوصف على انحصار علة الحكم فى محل الوصف فى
الوصف لاحتمل كون العلّة امرا عاما يوجد فى محلّ الوصف وما عداه ككون خبر العادل
الواحد خبرا واحدا فيما نحن فيه فلا يتاتى انتفاء الحكم فيما عدا محلّ الوصف ففيما
نحن فيه لما انتفى علية حكم ما به الاشتراك بواسطة دلالة الوصف وعلم بعدم علية ما
به الامتياز فيما عدا محلّ الوصف فثبت انتفاء الحكم فيما عدا محلّ الوصف اعنى خبر
العدل وان قلت ان المدار فى المفهوم على سلب الحكم المذكور للموضوع المذكور عن
الموضوع الغير المذكور والحكم المذكور هو التبيّن عن خبر الفاسق فليس عدم التبيّن
عن خبر العادل من باب مفهوم العلّة وقلت انّه انما يتم ذلك بناء على اعتبار اضافة
الحكم فى المنطوق الى الموضوع او الى جزء الموضوع فى المفهوم وقد سمعت تزييفه قلت
وبعد ذلك اقول انّ المحكى فى شان نزول الآية ان النّبى صلىاللهعليهوآله بعث وليد بن عقبه الى بنى المصطلق لاخذ الصّدقات وكان
بينه وبينهم عداوة فلمّا قرب ديارهم وسمعوا به ركبوا مستقبلين له فحسبهم مقاتلين
فرجع الى النّبى صلىاللهعليهوآله واخبره بانهم ارتدّوا فهم بقتالهم فنزلت الآية وقيل بعث
اليهم خالد بن الوليد فوجدهم منادين متهجّدين فسلّموا اليه الصّدقات فوجع وما ذكر
انّما يتاتى بالنّسبة الى حجية خبر الواحد فى كل مورد ثبت فيه حجيّة خبر الفاسق
المتبين ولو ظنا فهو يبتنى على شمول اطلاق المنطوق للخبر فى الاحكام الشّرعية اعنى
الخبر الاصطلاحى والا فلو كانت الآية واردة فى الموضوعات فغاية الامر ان يقال ان
الظّاهر من الآية ان الباعث على وجوب التبين عن خبر الفاسق فى الموضوعات هو الفسق
لا كونه خبرا واحدا وهو لا يقتضى ان يكون الخبر الواحد فى الاحكام الشّرعية غير
مقتضى بنفسه للتبيّن ولا خفاء فالفاسق الّذى تعلق اليه المجيء هو الوليد كما ان
الرّجل الّذى تعلّق اليه المجيء فى قوله سبحانه وجاء رجل من اهل المدينة هو حبيب
ويساعد ذلك التعليل بقوله سبحانه ان تصيبوا قوما بجهالة بناء على كون المقصود
كراهة اصابتكم واضراركم قوما بالنّهب والاسر بجهلكم بحالهم كما جرى عليه البيضاوى
وغيره والتّعليل بالاخصّ يوجب التخصيص بل يساعده قوله سبحانه بعد الآية واعلموا ان
فيكم رسول الله لو يطيعكم فى كثير من الامر لعنتّم حيث قال البيضاوى تبعا للكشّاف
ان فيه اشعارا بان بعضهم اشار اليه بالايقاع ببنى المصطلق بل وكذا قوله سبحانه
ولكن الله حبّب اليكم الايمان وكرّه اليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم
الرّاشدون كما يظهر بالرّجوع الى الكشاف وكلام البيضاوى وان قلت انه على ذلك يلزم
التجوّز فى الفاسق قلت انّه غير لازم بل الامر من باب اطلاق الكلّى على الفرد
فالامر من باب الحقيقة ويظهر الحال بملاحظة ما حرّرناه فى بحث ان المقيّد من باب
الحقيقة او المجاز مع انه لا باس بلزوم التجوّز بعد مساعدة القرينة وان قلت ان
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المورد قلت ان الامر فى المقام من باب الاطلاق
والمطلق اضعف دلالة من العام ومطلقات الكتاب دلالتها على الاطلاق موهونة ضعيفة
لورودها مورد الإجمال فلو ثبت لها مورد فالتعدى عنه مورد الاشكال فالقدر الثّابت
من الاجمال فى المقام هو المورد وان قلت انّ الإطلاق هنا لا يشمل المورد فضلا عن
اختصاصه به لعدم حجيّة خبر الفاسق المتبيّن فى الاخبار عن الارتداد قلت انه لا باس
بان الله سبحانه لما علم ان التبيّن يوجب انكشاف الخطاء فلذا امر بالتبيّن وان قلت
انّه لم يثبت شان النّزول فى المقام قلت انه لا اقلّ من الشّك كيف لا وقد سمعت
مساعدة التعليل وغيره معه فلا اقلّ من الشكّ فى شمول الآية لغير المورد والمنشأ
اجمال إطلاقات الكتاب وبعد الاغماض عما ذكرناه نقول انه لو كان اطلاق المنطوق
بحاله يلزم ان يخرج عنه المورد وكذا موارد لا تحصى من الموضوعات الصّرفة وكذا جميع
موارد الخبر فى الاخبار عن الامور العادية التى لا ترتبط بالاحكام الشرعيّة لعدم
وجوب التبيّن فيها شرعا ولو شرطا فح يختصّ مدلول الآية بالاخبار فى الاحكام
الشرعيّة ويكون المقصود منها بيان طريق خاصّ للاحكام الشرعيّة فى الجملة او من حيث
الخصوصيّة كما هو مقتضى مذ او ارباب الظنون الخاصّة ولو كان الامر على ذلك المنوال
لاشتهر الامر كمال الاشتهار على حدّ ظهور الشّمس فى رابعة النّهار ولما اكتفى
سبحانه بمثل ذلك الاطلاق المتطرّق
عليه منطوقا ومفهوما وجوه من الكلام بل عبر بعبارة صريحة فى المرام كيف لا
وهو قد كرّر ذكر وجوب الصّلاة والزكاة بعبارة وافية كرارا شتى فكيف يليق بما هو
طريق للاحكام من بداية الفقه الى نهاية الاحكام ان يجعل امره فى مورد الابهام وبعد
ما سمعت اقول ان الخبر الاصطلاحى بعد تسليم صدقه على المكتوب وعدم اختصاصه بالقول
المتلفظ به الحاكى للسنّة فالنبأ وهو الخبر اللغوى فالظاهر عدم صدقه على المكتوب
ولا اقل من عدم الشّمول وما بين ايدينا هو المكتوب الّا ان يقال انه لو ثبت حجية
القول المتلفظ به فلا فرق قطعا بينه وبين الخبر المكتوب إلّا ان يقال ان القطع
بعدم الفرق غير خال عن المقال ويؤيّده ان بعض الاعاظم كان لا يكتفى فى الشهادة
بالكتابة بل قد حكى بعض اصحابنا اجماع الاصحاب وورود بعض الرّوايات على عدم اعتبار
الشّهادة الكتبية فقد بان بما ذكرنا حال الاستدلال بالمنطوق وبما ذكرنا يظهر ايضا
حال الاستدلال بالمفهوم من باب مفهوم العلّة واما الاستدلال به من جهة مساعدة فهم
العرف وان لم يعلم وجهه ففيه انه لا يحصل الظن بالمفهوم بعد تزييف الوجوه المذكورة
المنحصر فيها وجه ثبوته وان ساعده العرف بعد ثبوت المساعدة فلا عبرة به فمساعدة
العرف مساعدة بدوية غير قابلة للاعتماد عليها واما الاستدلال به من باب مفهوم
اللقب فهو مبنى على خروج الوصف المعلق عليه الحكم بنفسه من غير اعتماده على
الموصوف عن الوصف المتنازع فى مفهومه وقد حرّرنا فى محلّه دخوله فيه واورد ثلة على
الاستدلال لمفهوم الآية بما تحريره ان يقال ان مفهوم الآية معارض بعموم التعليل
لانه سبحانه علل وجوب التبيّن عن خبر الفاسق بعلّة هى قائمة فى خبر العدل وهى قوله
سبحانه ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين فمقتضى عموم التعليل
وجوب التبيّن فى كلّ خبر لا يؤمن عن الوقوع فى النّدم من العمل به وان كان المخبر
عادلا فمقتضى عموم التّعليل وجوب التبيّن عن خبر العادل ايضا لاطّراد العلّة من
الاصابة بالجهالة والنّسبة بين المفهوم والعموم عموم وخصوص من وجه لاجتماعهما فى خبر
العدل المفيد للظنّ او الشك ووجود المفهوم دون العموم فى خبر العدل المفيد للعلم
ووجود العموم دون المفهوم فى خبر الفاسق وان قلت انّ هذا الايراد مبنىّ على كون
التبيّن مختصّا بالتبيّن العلمى كما صرّح بالابتناء بعض الاصحاب ولا اختصاص
للتبيّن بالتبيّن العلمى بل هو اما اعمّ من العلم او مطلق الظنّ او الظنّ المطمئن
او الظنّ المعتبر قلت انه لا ابتناء فى المقام بوجه حيث ان مقتضى المفهوم على ما
ذكره المستدلون به عدم وجوب التبيّن عن خبر العادل ولو ظنّا ومقتضى عموم العلّة
وجوب التبيّن عنه فان قلنا بعمومه بمطلق الظنّ او خصوص الظنّ المطمئن او خصوص
الظنّ المعتبر فيتاتى التعارض فى اقتضاء المفهوم عدم وجوب التبيّن عن خبر العادل
راسا واقتضاء العموم وجوب التبيّن عنه راسا واقتضاء العموم وجوب التبيّن علما وان قلت انّ
مدار المفهوم على لزوم اللّغو فى الكلام لولاه فلو قلنا بتقديم العموم ودخول مادة
الاجتماع فيه لزم اللّغو فى كلام الحكيم فالامر دائر بينه وبين التخصيص والاخير
اولى قلت ان اللغو انّما يلزم لو لم يكن فى البين فائدة غير الانتفاء عند الانتفاء
او كان هذه الفائدة اظهر الفوائد وفى المقام يمكن ان يكون الوجه فى التقييد بالوصف
او التّعليق على الشّرط هو الارشاد الى فسق الوليد فانّه يمكن ان يكون على ظهور
العدالة فاشار الله سبحانه الى فسقه بل قد يقال ان النّبى صلىاللهعليهوآله هم بارسال الجيوش بعد اخباره فنزلت الآية بيانا لحكم
الواقعة وليعلم النّبى صلىاللهعليهوآله انه بصفة الفسق لانّه ولاه على ظاهر امره للزوم العدالة
فى ولاة الصّدقات بالاتفاق والى ما ذكرنا اشار فى المعارج حيث اجاب بعد الايراد
عما لو قيل لو استوى العادل والفاسق فى وجوب التبيّن لم يكن لذكر الفاسق فائدة
بانه لا نسلم وما المانع ان يكون الفائدة هى اظهار فسق من نزلت الآية بسببه وهو
وليد بن عقبة فانّه يمكن ان كان على ظاهر العدالة عندهم فكشف عن فسوقه ويمكن ان
يقال انّه مبنىّ على ثبوت شان النّزول وهو غير ثابت لارسال روايته اذ فى تفسير
البيضاوى روى الى آخر الرّواية الّا ان يقال ان الشكّ فيه يكفى فى عدم ثبوت
المفهوم حيث انه ح يتعدد الفائدة ويكون المفهوم مشكوكا فيه لاحتمال فائدة اخرى
غيره على سبيل التساوى مع ما سمعت من مساعدة التّعليل وغيره لثبوت شان النّزول
وايضا لزوم اللغو مبنىّ على كون المفهوم من باب مفهوم الوصف او من باب مفهوم
الشّرط مع كونه من باب دلالة العقل وامّا لو كان المفهوم من باب احد المفهومين مع
كونهما من باب الوضع فلا يلزم من عدم المفهوم
__________________
اللّغو بل المجاز وخلاف الظاهر الّا ان يقال ان الامر ح يدور بين عدم
المفهوم والتخصيص والاخير اولى الا ان هذا التّخصيص فاقد النّظير كما يظهر ممّا
ياتى وايضا لا يلزم من ادخال مورد الاجتماع اعنى خبر الواحد المفيد للظنّ فى
العموم سقوط المفهوم بل تخصيص المفهوم لبقاء خبر الواحد المفيد للعلم تحت المفهوم
إلّا ان يقال ان هذا التخصيص ترجيح بلا مرجّح لدوران الامر بينه وبين تخصيص عموم
العلّة بل يقول ان ذلك التخصيص يوجب انحصار المفهوم فى خبر الواحد المفيد للعلم
وهو يوجب اللّغو فى التقليد بل سقوط المفهوم اذ خبر الفاسق المفيد للعلم لا يجب
التبيّن عنه ايضا الّا ان يقال انّه يكفى فى صحّة التّعليق المخالفة فى الجملة بين
حكم الموضوع المذكور وحكم الموضوع الغير المذكور وهو حاصل لوجوب التبيّن عن خبر
الفاسق المفيد للظنّ وعدم وجوب التبيّن عن خبر العادل المفيد للعلم الّا ان يقال
انّ انحصار المفهوم فى افادة وجوب التبيّن عن خبر العادل المفيد للعلم من باب
اللغو فى المفهوم وان لم يكن التقليد لغوا بل ربما يقال انّ خبر الفاسق المعلوم
خارج عن المنطوق فهو خارج عن المفهوم قضيّة كون المفهوم تابعا للمنطوق فى العموم
والخصوص بالنّسبة بين المفهوم والعموم عموم وخصوص مطلق لاختصاص المفهوم بخبر
الواحد المفيد لغير العلم وعموم التّعليل بخبر الواحد وغيره فلا بدّ من التخصيص
لكن يتطرّق الايراد عليه بان تبعيّة المفهوم للمنطوق عموما وخصوصا محلّ المنع بل
المفهوم يتاتّى له العموم وان كان المنطوق خاصّا على ما حررت سابقا فى الاصول لكن
يبالى ان السيّد السّند المحسن الكاظمى حكم بانّ المفهوم تابع للمنطوق فى العموم
والخصوص وهو مقتضى ما يقتضيه بعض كلمات العلّامة البهبهانى فى تعليقات المدارك من
اناطة عموم المفهوم بعموم المنطوق ويعطيه بعض كلمات المحقّق القمّى فى المناهج
واين هذا القول من القول بعدم حجيّة مفهوم الشّرط لو كان أداة الاشتراط مفيدة
للعموم نحو مهما جاءك زيد فاكرمه دون ما لو كانت مفيدة للاهمال نحو ان جاءك زيد
فاكرمه بملاحظة اندفاع محذور اللغويّة فى القيد لو لا المفهوم بافادة العموم لكنّه
مندفع بانّ القيد فى المثال الاوّل انما هو المجيء كما هو الحال فى المثال الثّانى
كيف لا والمدار فى المفهوم المخالفة فى كلماتهم على تخصيص المذكور بالذكر ومهما من
ادوات التقييد كان وليس فيه تخصيص مذكور بالذكر بل الاتيان به تبيع ذكر المجيء
وتمهيدا له ومن هذا ما حكم به فى المغنى من انّ الصّفة فى كلّ متى تبقى فائز
للمضاف اليه لان المضاف انّما جيء به لقصد التعميم لا للحكم عليه ولزوم اللغو فى
القيد فى صورة عدم الاحتراز به بعدم ثبوت المفهوم للقيد بحاله مع انّ الامر فى
المثال الثّانى من باب الإطلاق ولعلّ الفرق من جهة توهّم ان الاهمال من باب
الاجمال وان قلت انه لو وقع مهما فى تلو النفى فيرجع النفى الى العموم كما هو
الحال فى الكلّ لو وقع فى تلو النفى قلت ان الكلّ متمحض فى الدّلالة على العموم
والعمدة فى مهما انّما هو الدّلالة على التّعليق ودلالته على العموم تابعة لدلالته
على التّعليق ورجوع النّفى فيه الى العموم غير ثابت بل الظّاهر العدم نظير ان
الظّاهر من الوجوب انّما هو الوجوب التّعيينى ونفى الوجوب انّما يرجع الى اصل
الوجوب لا الى قيد التّعيين ونظير ان المنفى بلا المشابهة بليس انّما يرجع النّفى
فيه الى اصل الطّبيعة لا الى قيد الوحدة ومن هذا دلالته على العموم غاية الامر ان
دلالته على العموم من باب الظّهور بخلاف المنفى بلا الّتى لنفى الجنس فان دلالته
على العموم على وجه التنصيص بل يمكن القول بان المدار فى التقييد على تقليل الحكم
والفاظ العموم فى جانب الاثبات لا تقتضى التقليل بل تقتضى الازدياد لكن فى جانب النفى
يقتضى الفاظ العموم تقليل النفى لاقتضائها سلب العموم وثبوت الحكم فى بعض افراد
العام فمهما لو كان من باب القيد لا يكون فى الكلام المثبت من باب القيد بل يختصّ
كونه قيدا بالكلام المنفى وياتى الكلام فى تزييف القول بعدم حجيّة مفهوم الشّرط لو
كان أداة الاشتراط مفيدة للعموم بمعاونة المقام وفصّلنا الكلام فى تزييفه فى بحث
مفهوم الشّرط وربما قال بعض اصحابنا انّ اطباق القائلين بالمفهوم قائم على كون
المفهوم تابعا للمنطوق وقد حكى السّيّد السّند النجفى فى مصابيحه ان مقتضى المفهوم
انما هو نفى الحكم الثّابت للمنطوق عن محلّ النّطق على
الوجه الّذى
ثبت ان عاما فعاما وان خاصّا فخاصّا على ما صرّح به علماء المعانى فى وجه فساد قول
القائل ما انا رايت احدا قالوا يخصّص المتكلّم نفسه بعدم الرّؤية على وجه يقتضى ان
يكون احد غيره قد راى كلّ احد ثم قال وما ذكر من المثال لا نسلم عدم صحّته وان
اشتهر ذلك لانّ مقتضاه اختصاص المتكلّم بعدم الرّؤية بطريق السّلب الكلّى فيدل على
ان غيره ليس كذلك ويكفى فى صدقه ثبوت الرّؤية له بطريق الايجاب الجزئى ولا
فساد فيه قوله على ما صرّح به علماء المعانى فى وجه فساد قول القائل ما
رايت احدا قد ذكر الكاتبى انه قد يقدّم المسند اليه فى القضيّة المنفية لتخصيصه
بالمسند الفعلى نحو ما انا قلت هذا اى لم اقله مع انه مقول لغيرى قال التفتازانى
فالتقديم يفيد نفى الفعل عن المذكور وثبوته لغيره على الوجه الذى نفى عنه من
العموم والخصوص ولا يلزم منه ان يكون جميع من سواك قائلا لان التخصيص انّما هو
بالنّسبة الى من توهم المخاطب اشتراكك معه فى القول او انفرادك به دونه لا
بالنّسبة الى جميع من فى العالم وفرع الكاتبى على ما ذكره انه لا يصلح ما انا رايت
احدا وعلل التفتازانى بانه يقتضى ان يكون انسان غير المتكلّم قد راى كل احد لان
المتكلم قد نفى عنه الرّؤية على وجه العموم فى المفعول فيجب ان يثبت لغيره ايضا
على وجه العموم قضيّة ما سمعت من ان تقديم المسند اليه فى القضيّة المنفية يفيد
نفى الفعل عن المذكور وثبوته لغيره على الوجه المنفى ان عاما فعاما وان خاصا فخاصا
ثم نظر فيه بمنع كون المنفى عموم الرؤية اى الرؤية الواقعة على كل احد من الناس بل
المنفى هو الرؤية الواقعة على فرد من افراد الناس والفرق ان الاوّل من باب سلب
العموم فيفيد السّلب الجزئى والثّانى من باب عموم السّلب لوقوع النكرة فى سياق
النفى قال ولهذا حمله كثير من الناس على انّه سهو من الكاتب والصّواب ما انا رايت
كلّ احد فنقل عن بعض الاعتذار بوجهين ولا يذهب عليك ان تقديم المسند اليه انّما
يقتضى التخصيص بنفى الخبر الفعلى لا التخصيص بالخبر الفعلى كيف لا وقد فرع
التّفتازانى كما سمعت ان التقديم يفيد نفى الفعل عن المذكور وثبوته لغيره على الوجه
المنفى فما سمعت من الكاتبى من ان التقديم يقتضى التخصيص بالخبر الفعلى كما ترى
وبالجملة فما نقله السيّد السّند النجفى عن صريح علماء المعانى فى وجه فساد قول
القائل ما انا رايت احدا من باب السّهو فى السّهو حيث انهم كما يقتضيه كلمات
التفتازانى قالوا بعموم المفهوم فى ما انا رايت كلّ وقالوا بعدم العموم فى ما انا
رايت احدا ولذا حكى عن كثير من الناس انّ ما يقتضيه كلام الكاتبى من عموم المفهوم
فى ما انا رايت احدا من السّهو من الكاتب اللهمّ الّا ان يكون الامر من باب سهو
القلم مع ان الاستناد الى تصريح علماء المعانى بعدم عموم المفهوم فى ما انا رايت احدا مع عموم المنطوق وكيف كان فالمدار فى مفهوم
المخالفة على رفع الحكم المذكور عن الموضوع الغير المذكور ولا بدّ ان يكون متّحد
المراد والمفاد مع المنطوق فيما عدا الأثبات والنّفى فلا بدّ من جعل المدار فى
القضيّة المنفية الموصوفة بتقديم المسند اليه على الدلالة على اختصاص المسند اليه
بما افاده النّفى لا للاختصاص بالمنفى اذ فى ما انا رايت احدا لو كان المدار فى
المفهوم على الدّلالة على اختصاص المسند بالمنفى لكان المفهوم رؤية الاحد والأحد
يختلف المراد به فى الاثبات والنّفى لكون المراد به فى مقام الاثبات هو الفرد وفى
مقام النفى هو الطّبيعة فى كلّ من مقام الاثبات والنّفى يرجع الامر فى مقام
الاثبات الى الفرد وعلى ما ذكر يجرى الحال فى ساير أسماء الاجناس فلا مجال لجعل
المفهوم فى ما انا رايت احدا هو رؤية الغير احدا بمعنى رؤية فرد واحد بل المفهوم
فيه متّحد مع المفهوم فى ما انا رايت كلّ احد وبه يشهد العرف نعم يمكن الايراد على
جعل المفهوم فى ما رايت كلّ احد هو رؤية الغير كلّ احد بما اورد به السّيّد السّند
النّجفى من ان المفهوم هنا يقتضى نقيض السّلب الكلّى ويكفى فى صدقه السّلب الجزئى
وبه يتاتى الايراد لو قلنا بكون المفهوم فيما انا رايت احدا فهو رؤية الغير كلّ
احد بل هو مورد الإيراد فى كلام السّيّد السّند المشار اليه توهّما منه كون ما انا
رايت احدا محكوما بعموم المفهوم فى كلام ارباب المعانى لكن يمكن الذّب بان المفهوم
فى المقام وان كان هو سلب العموم وهو اعمّ من الايجاب الكلّى والايجاب الجزئى لكن
الظّاهر انصراف المفهوم عرفا الى الإيجاب الكلّى ولا اقل من الانصراف فى بعض
الموارد فلا يتّجه الايراد على وجه العموم ويمكن الايراد على جعل المفهوم فى ما
انا رايت كلّ احد هو رؤية كلّ احد بان الامر فى المنطوق من باب سلب العموم المفيد
للايجاب الجزئى قضية مفهوم ورود النّفى على القيد فلا يقتضى المفهوم عموم الإيجاب
بل هو اعمّ منه ومن عموم السّلب اللهمّ الّا ان يدّعى انصراف المفهوم الى عموم
الإيجاب ومن العجيب ما وقع من بعض حيث حكم فى قوله عليه السّلم اذا بلغ الماء قدر
كر لم ينجّسه شيء بعد تسليم عموم المفهوم بعدم دلالة المفهوم على نجاسة الماء
القليل بكلّ شيء تعليلا بانّ عموم المفهوم الّذى ادّعاه القوم لا يعنون به ازيد من
عموم الموضوع او المقدّم الّذى هو الماء وامّا المحمول او التالى الّذى هو عدم
التّنجيس بالنّجاسة فلا لان المفهوم اذا لم يبلغ الماء قدر كر ينجّسه شيء لانّ
نقيض السّالبة الكليّة الموجبة الجزئيّة فغاية الامر
__________________
دلالة المفهوم على نجاسة الماء القليل بملاقاة النجاسة فى الجملة حيث انّه
مبنى على حسبان كون المقصود بمفهوم الشّرط فى كلمات الاصوليّين هو مفهوم الشّرط
المقابل للجزاء لا مفهوم التّعليق اعنى مفهوم الاشتراط والحسبان المذكور واضح
الفساد وان اتفق من غير واحد ايضا ويظهر الحال بما تقدّم مضافا الى ان المدار فى
مفهوم المخالفة على رفع الحكم المذكور عن الموضوع الغير المذكور ولا يتاتى رفع
الحكم المذكور فى المفهوم بدون ملاحظة المحمول فى المنطوق لوضوح خلو الموضوع اعنى
الشّرط عن الحكم نعم يتاتى للشّرط المقابل للجزاء مفهوم برأسه وكذا يتاتى للجزاء
مفهوم برأسه ايضا وكلّ منهما غير مفهوم التّعليق ومن هذا انّه يتاتى كل من
المفهومين مع منطوق الآخر مثلا ان قيل ان لم يجئك زيد فى الدّار فلا تكرمه فى
الدار فمفهوم الشّرط مجيء زيد فى غير الدار ومفهوم الجزاء اكرام زيد فى غير الدار
ومفهوم التّعليق والاشتراط المعروف بمفهوم الشّرط ان جاءك زيد فى الدار فاكرمه فى
الدار لكن المفهوم المذكور من اجزاء مفهوم التّعليق والاشتراط فهو من اجزاء مفهوم
الشّرط لا مفهوم الشرط وقد حرّرنا فى بحث مفهوم الشّرط انّه قد يتفق للقضيّة
الشّرطية مفهوم الشّرط ومفهوم الجزاء ومفهوم الاشتراط وهو على وجهين وتحرير الحال
على مع تلخيص المقال ان المتكلّم قد يكون فى مقام بيان علّة الجزاء نفيا واثباتا
اى يكون فى مقام ضبط علّة الجزاء وقد يكون فى مقام بيان معلول الشرط نفيا واثباتا
اى يكون فى مقام بيان ضبط معلول الشّرط وقد يكون فى مقام بيان موارد علية الشرط
للجزاء اى يكون فى مقام ضبط افراد العلّة وقد يكون فى مقام بيان موارد معلولية
الجزاء للشّرط اى يكون فى مقام ضبط افراد المعلول والاوّل هو مفهوم الاشتراط وهو
الغالب فى القضايا الشّرطية والثّانى ينشأ ايضا من الاشتراط فالمناسب تعميم مفهوم
الاشتراط ومنه ما فى الشّرائع فى كتاب الطّلاق من قوله ولو اكره اليمين انّه لم
يفعل فقال ما فعلت كذا وجعل ما موصولة لا نافية صحّ حيث انّ الغرض منه بيان ما
يجوز فى حال الاكراه على اليمين على عدم الطّلاق وكذا يصحّ ان يقال ولو اكره على
اليمين على عدم الطّلاق يجوز التّورية لا غير والغرض من قوله لا غير الاحتراز عن
اليمين الكاذبة وهذا يرشد الى ان القضيّة الشرطية فى مقام ضبط معلول الشّرط حيث ان
ما يحترز عنه بالمنطوق والمحترز عنه من باب المفهوم يصحّ ان يدخل عليه فى المفهوم
او غيره لا غير ولذا لو قيل ان جاءك زيد فاكرمه كان المتكلّم فى مقام ضبط العلّة
كما هو الغالب كما سمعت يصحّ ان يقال اكرم زيدا على تقدير مجيئه لا غير فما فى
المسالك كما تقدّم من دلالة العبارة المذكورة على عدم جواز التّورية فى حال
الاختيار كما ترى كيف لا وليس العبارة المذكورة فى مقام بيان احكام التّورية
والمفهوم فى الثّالث من باب مفهوم الشّرط وفى الاخير من باب مفهوم الجزاء فللقضيّة
الشّرطية مفاهيم اربعة وعلى الوجهين الاوّلين انما يكون كلّ من الشّرط والجزاء فى
مقام الاحمال فلا عبرة باطلاقهما على تقدير الاطلاق ولا عبرة بمفهومهما على تقدير
التقييد وعلى الوجه الاوّل من الوجهين المذكورين يكون الاشتراط بالنّسبة الى
المعلول فى مقام الاجمال بخلافه بالنّسبة الى العلّة فلا عبرة باطلاق الجزاء على
تقدير الاطلاق ولا بمفهومه على تقدير التقييد وعلى الوجه الثّانى منهما يكون الامر
بالعكس فلا عبرة باطلاق الشّرط على تقدير الاطلاق ولا بمفهومه على تقدير التقييد
وعلى كلّ من الوجهين الاخيرين يكون الاشتراط فى مقام الاجمال بالنّسبة الى كلّ من
العلّة والمعلول فلا عبرة بمفهوم الاشتراط لكن لا يتصوّر الاطلاق للاشتراط وعلى
الوجه الاوّل منهما يكون الجزاء فى مقام الاجمال فلا عبرة باطلاق الجزاء على تقدير
الاطلاق ولا بمفهومه على تقدير التقييد وعلى الثانى منهما يكون الشّرط فى مقام
الاجمال فلا عبرة باطلاق الشّرط على تقدير الاطلاق ولا بمفهومه على تقدير التقييد
فالتمسّك باطلاق التبيّن فى آية النبإ على اعتبار الخبر الموثق والحسن والقوى
والضّعيف المنجبر بالشّهرة المطابقة مدفوع بعد عدم اختصاص البيان بالعلم وعدم
انصراف اطلاق اليه بان اطلاق الجزاء وارد مورد الاجمال بناء على ما سمعت من انّ
الغالب فى القضايا الشرطيّة كونها فى مقام ضبط علّة الجزاء مع قطع النظر عن ان
الغرض من التبيّن هو التبيّن عن صدق الراوى ولا يعم التبيّن عن حاله وكذا لا يعمّ
التبيّن عن مدلول الرّواية ومع قطع النّظر عن كون اطلاقات الكتاب واردة مورد
الاجمال ومع قطع النّظر عن كون الظّاهر من خصوص مثل الآية كون الاثبات فى مقام
بيان النّفى اى الامر بالتبيّن فى مقام بيان عدم جواز المسارعة الى القبول كما
تقدّم نظير قوله سبحانه كلوا ممّا امسكن عليكم حيث انّه فى مقام بيان عدم حرمة
الصيد بالاصطياد فلا تقتضى عدم وجوب غسل موضع العض ويمكن ان يقال انّه على ما
تقدّم من ان المدار فى مفهوم المخالفة على رفع الحكم المذكور عن الموضوع الغير
المذكور
ولا يتاتّى رفع الحكم المذكور فى المفهوم بدون ملاحظة المحمول لخلو الموضوع
اى الشّرط من الحكم لا يتحصّل الشيء من الشّرط والجزاء مفهوم على حدة إلّا ان يقال
ان الموضوع والحكم فى الشّرط والجزاء غير الموضوع والحكم فى التّعليق والاشتراط
مثلا لو قيل ان جاءك زيد فى الدّار فاكرمه بالدّينار ويكون موضوع التعليق هو مجيء
زيد فى الدّار والحكم هو الاكرام بالدّينار وموضوع الشرط هو زيد والحكم هو مجيئه
فى الدّار وموضوع الجزاء هو زيد ايضا والحكم هو الاكرام بالدّينار نعم فساد حسبان
كون المقصود بمفهوم الشّرط فى كلمات الاصوليّين والفقهاء هو مفهوم الشّرط المقابل
للجزاء بحاله ولا يذهب عليك انّه ربما يتاتّى الاشكال فى عموم مفهوم الاشتراط مع
كون الجزاء فى فى مقام الاجمال كما مرّ اذ عموم مفهوم الاشتراط انّما هو فى جانب
الجزاء فاجمال الجزاء يمانع عن عموم مفهوم الاشتراط فى جانب الجزاء كما هو المدار
فى عموم مفهوم الاشتراط فرضا قضيّة انّه لو كان المنطوق فى مقام الإجمال فيطّرد
الاجمال فى المفهوم لكنّه يندفع بانه ان كان الاشكال من جهة كون منطوق الجزاء
واردا مورد الإجمال فنقول ان الجزاء ان كان مطلقا فلا يتاتّى له المفهوم حتى يتاتى
الاشكال فى اجتماع عموم مفهوم الاشتراط فى جانب مفهوم الجزاء واجمال مفهوم الجزاء
مع ان كون المنطوق فى مقام الاجمال لا يقتضى كون المفهوم فى مقام الإجمال كما يظهر
ممّا ياتى بعيد هذا وان كان الجزاء مقيّدا فح وان يتاتى المفهوم للجزاء لكن مفهوم
الجزاء غير الجزاء فى مفهوم الاشتراط مثلا لو قيل ان جاءك زيد فاكرمه فمفهوم
الاشتراط ان لم يجئك زيد فلا يجب اكرامه فالجزاء فى مفهوم الاشتراط عدم وجوب اكرام
زيد على تقدير المجيء فهذا انّما يتاتى على تقدير ثبوت الشّرط فهو
مجامع لمنطوق الشّرط ولا ينفك عنه وقد تقدّم ان كلّا من مفهوم الشّرط والجزاء
يجتمع مع منطوق الآخر فشتّان بين مفهوم الاشتراط ومفهوم الجزاء وشتان بين مفهوم
الجزاء والجزاء فى مفهوم الاشتراط وان كان الاشكال من جهة اجمال الجزاء فى المفهوم
فنقول ان اجمال الجزاء انّما هو بنفسه وعمومه فى المفهوم انما هو بواسطة ما دلّ
على عموم المفهوم كانتفاء العلّة المنحصرة بناء على ظهور القضيّة الشّرطية فى كون
الشّرط علّة تامّة منحصرة للجزاء وغير ذلك ممّا حرّرناه فى محلّه ومما ذكر انه لو
وقع الجزاء الواقع فى المفهوم فى المنطوق لا يخرج عن الاجمال وان قلت ان انتفاء
العلّة المنحصرة لا يفيد العموم مع فرض اجمال الشّرط فى المنطوق قلت ان اجمال
الشّرط من جهة اجمال اقتضاء عليته على تقدير الوجود ولا منافاة بين انحصار العلة
باجمال اقتضاء العلّة المنحصرة فلا منافاة بين عموم انتفاء الجزاء فى جميع صور
انتفاء الشّرط واجمال حال الجزاء وجودا وعدما بحسب صور وجود الشّرط فلا باس بانضباط
الجزاء عموما فى مفهوم الاشتراط على حسب انحصار العلّة وانضباطها فى الوحدة واجمال
الجزاء فى المنطوق على حسب اجمال اقتضاء العلّة وبالجملة يمكن ان يقال ان المنطوق
صورة خاصّة وما عدا هذه الصّورة يدخل فى المفهوم فكيف يكون المفهوم تابعا للمنطوق
فى العموم والخصوص نعم المفهوم تابع للمنطوق فى العموم والإطلاق اذ لو كان المنطوق
مشتملا على أداة العموم نحو كلّما جاءك زيد فاكرمه فيتاتى الاداة فى المفهوم
ويطرّد العموم ويمكن ان يقال انّ امر المنطوق ان كان من باب العموم او الإطلاق
فكان المنطوق من باب الموجبة الكلية او السّالبة الكليّة على وجه العموم او
الإطلاق فامر المفهوم على منوال المنطوق لكن لو كان المنطوق مسورا بسور الموجبة
الجزئية او السّالبة الجزئية كما لو قيل فى بعض الغنم السّائمة زكاة فالمفهوم من
باب مفهوم الوصف ليس فى بعض الغنم السّائمة زكاة فالمفهوم من باب مفهوم الوصف ليس
فى بعض الغنم السّائمة زكاة ولو قيل ليس فى بعض الغنم السّائمة زكاة فالمفهوم فى
بعض الغنم السّائمة زكاة وبهذا اتّضح ان عموم المفهوم انّما يتاتّى فى صورة عموم
المنطوق او اطلاقه هذا كلّه لو كان المنطوق قضيّة خبريّة واما لو كان المنطوق
قضيّة إنشائية فان كان القضيّة شرطيّه فان كان الجزاء مثبتا مطلقا نحو ان جاءك زيد
فاكرمه فالمفهوم يعمّ اى لا يجب الاكرام والظّاهر انّه من جهة كون الامر فى
المفهوم من قبيل الفعل المنفى لا عموم المنفىّ فى نفسه واما ان كان عاما نحو ان
جاءك زيد فاعطه جميع الكتب فالمفهوم عدم وجوب إعطاء جميع الكتب من باب سلب العموم
على تقدير عدم مجيء زيد الّا انه مبنىّ على رجوع النّفى فى المفهوم الى القيد
والحقّ انّ النفى فى المفهوم لا يرجع الى القيد بل يرجع الى اصل الفعل فالامر من
باب عموم السّلب وقد تقدّم تفصيل الكلام وان كان مقيّدا نحو ان جاءك زيد فاعطه
كتابا فالمفهوم عدم وجوب اعطاء الكتاب لكن النّفى يرجع الى اصل الإعطاء فليس الغرض
إعطاء جميع ما عدا الكتاب او بعض منه ولو كان الجزاء منفيّا سواء كان الشّرط
__________________
مثبتا او منفيا كما لو قيل ان جاءك زيد فلا تكرمه ونحوه ما لو قيل ان كان
الامير فى البلد فلا يفسد زيدا وقيل ان لم يجئك زيد فلا تكرمه وكذا ما لو قيل ان
لم يبرئ مريضى لا اتصدّق بشيء لو قلنا بحجيّة مفهوم السّالبة بانتفاء الموضوع اذ
الجزاء هنا من باب السّالبة بانتفاء الموضوع فان التصدّق لا مجال له فى صورة عدم
برء المريض لكن الاظهر القول بالعدم كما هو الحال لو كان المفهوم من باب السّالبة
بانتفاء الموضوع كما مرّ اذ المدار فى اعتبار المفهوم على لزوم اللّغو لولاه
والسّالبة بانتفاء الموضوع من باب اللغو فلا يتاتى بالمفهوم ولا يتاتى لها المفهوم
إلّا ان يقال انّه كما يحترز عن اللّغو كذا يحترز عن مزيد اللّغو وعلى اىّ حال فالمفهوم فى المثال المتقدّم اعنى ما لو
قيل انّ جاءك زيد فلا تكرمه وجوب الاكرام فى الجملة الّا انه يتاتى التخيير فى
افراد الاكرام من باب اطلاق المفهوم فلا مجال لعموم المفهوم وربما يقال ان جاءك
زيد فلا تعطه الكتاب والنّهى وارد مورد توهّم الوجوب فلا يتاتى وجوب اعطاء الكتاب
على تقدير عدم المجيء بالمفهوم لفرض كون الغرض من الاشتراط رفع التوهّم وبما ذكرنا
يظهر حال مفهوم الوصف لكن ما ذكر فى باب عموم مفهوم الشّرط انما هو بالنّسبة الى
عموم مدخول ادوات الاشتراط اعنى اصل القضيّة فى جانب المنطوق وامّا الداخل اعنى
ادوات الاشتراط فعمومه يستلزم عموم المفهوم واهماله يقتضى الاطلاق الا ان يتاتى
العموم بتوسّط امر آخر كما يظهر ممّا مر ولا يذهب عليك ان الكلام فى عموم المفهوم
يقع تارة فى اقتضاء المفهوم للعموم وعدمه وفيه قولان قول بالاقتضاء والاستلزام
وقول بالعدم وثانية فى اقتضاء عموم المنطوق عموم المفهوم وعدمه وفيه ايضا قولان
قول بالاقتضاء وقول بالعدم كما هو مقتضى كلام القائل بعدم اقتضاء المفهوم للعموم
راسا وثالثة فى اقتضاء امر خارج لعموم المفهوم وفيه ايضا قولان قولان قول
بالاقتضاء كما هو مقتضى دعوى ظهور العموم بعد ظهور المفهوم وكذا دعوى لزوم الاجمال
لقبيح فى كلام الحكيم وقول بالعدم كما هو مقتضى كلام القائل بعدم اقتضاء المفهوم
للعموم حيث انّ مقتضى كلامه عدم وجود مقتضى آخر للعموم قضيّة بنائه على اجمال
المفهوم ويتطرق الايراد ايضا على المقالة المتقدّمة بان التخصيص المذكور فاقد
النّظير كما سمعت فالمفهوم لا يخصّص به العموم وان كانت النّسبة من باب العموم
والخصوص المطلق وكان العام يخصّص بمفهوم المخالفة لان تخصيص العام بمفهوم المخالفة
انّما هو فى المخصّص المنفصل والكلام المتعدّد لا مثل ما نحن فيه مما اتّحد فيه
الكلام ووقع التّعارض بين منطوقه ومفهومه بل التخصيص فى مثله لم نظفر على مورد وقد
يجاب بان المراد بالتبيّن ما يعمّ الظّهور العرفى الحاصل من الاطمينان فلا يعمّ
عموم التّعليل خبر العدل لكونه بينا مطمئنا اليه لكنّه يتناول خبر الفاسق وان كان
مطمئنا اليه لانّ الاطمينان والسّكون اليه ابتدائىّ يزول بالالتفات الى فسقه وعدم
مبالاته بالمعصية وإن كان متحرّزا عن الكذب ويتطرّق عليه القدح بان التبيّن اعم
وضعا واطلاقا ممّا دون الاطمينان من الظنّ على ما سبق بيانه الّا ان يقال انه لو
كان المقصود بالتبيّن هنا يعمّ مطلق الظنّ لكان الامر به فى خبر الفاسق لغوا اذ لا
يقدم عاقل على العمل بخبر الواحد بعد رجحان صدقه على كذبه الّا ان يقال انّ غاية
الامر ح خروج الظنّ الحاصل من نوع خبر الفاسق بكون المقصود عدم الاكتفاء باوّل درجات
الظنّ الحاصل من نوع خبر الفاسق لكن بين هذه المرتبة ومرتبة الاطمينان واسطة بل
وسائط فمن عدم عموم التبين لاوّل درجات الظنّ لا يلزم عمومه للظنّ المطمئن دون ما
دونه او يقال انّه ربما يتفق من الإنسان البناء على احد طرفى الشك من عند نفسه كما
فى عبادات الجاهل المقصّر ولذا يتجه القول بصحّة عباداته مع المطابقة للواقع
لانحصار المانع عن الصّحة فى امتناع قصد القربة منه لفرض كونه شاكا فى الصّحة بل
كثيرا ما يعمل الانسان بالخبر المشكوك فيه بل الموهوم فى مقام جلب المنفعة او دفع
الضّرر مع عدم احتمال النّفع وان امكن القول بان العمل فى هذا المقام من باب
الاحتياط والخبر مشخّص لموضوع الاحتياط او يقال انّه من باب المقرّر للعرف والعادة
كما انّه يتاتى النقل مقرّرا للعقل لكن ذلك بعيد فى المقام نعم لو ثبت كون المقصود
بالتبيّن ما يعمّ الظنّ لكان مقتضى عموم العلة حجيّة مطلق الظنّ اذ مفاد الآية ح
كفاية التبيّن فى العمل وان لم يكن فى البين خبر فاسق وكون خبر الفاسق وجوده كعدمه
وبعبارة اخرى مفاد العلّة وجوب التبيّن فى جميع موارده احتمال الاصابة شرطا للعمل
فالعلّة تقتضى بعمومها كفاية التبيّن بل مقتضى عموم العلّة عداه جواز البناء على احد
طرفى الشّك مطلقا الّا انه مخصّص بالاسباب التعبّدية كالفتوى والشّهادة بناء على
كونهما من باب التعبّد المحض ولا باس به الّا بناء على عدم جواز
__________________
تخصيص عموم العلّة كما انه لو كان المقصود به ما يعم الاطمينان لدلّ على
حجيّة عموم الظنّ المطمئن فمن استدلّ بمنطوق الآية على حجية خبر الفاسق المنجبر
بالشّهرة وكذا على حجية الخبر الحسن والقوى وكذا الموثق بناء على اختصاص العدالة
بالايمان بالمعنى الاخصّ والّا فالراوى فى الموثق من العادل سواء كان مقالته كون
التبيّن اعمّ من التبيّن تفصيلا واجمالا فيعمّ الآية للاخبار الثلاثة الاخيرة
لحصول التبيّن اجمالا وحصول الظنّ اجمالا بصدق المخبر وان كان لم يتحصل التبيّن
والتفحّص عن صدق الراوى فى كلّ مورد ورواية او تقييد الآية باخراج الخبر الفاسق
البين ودعوى حجيّته من جهة عموم العلّة حيث ان الظاهر من الآية كفاية الظنّ كما هو
الاظهر بالقول يلزمه القول بحجيّة مطلق الظنّ الّا ان يقول بكون العموم موهونا فى
الافراد المتنازع فيها بين ارباب حجية مطلق الظنّ وحجيّة الظّنون الخاصّة بواسطة
الشّهرة على خلافه او نقل الاجماع على عدم حجيّة مطلق الظنّ كما هو مقالة ارباب
الظّنون الخاصّة الّا انه بعد فساد اصل المقالة يقتضى عدم جواز التمسّك بعموم
العلّة على القول بعدم جواز تخصيصه او يقول بان المعلول هو التبيّن عن خبر الفاسق
فغاية ما يستفاد من العلّة ان التبيّن عن خبر الفاسق يوجب الامن من العدم فلا يثبت
من عموم العلّة حجيّة غير التبيّن عن خبر الفاسق من افراد التبيّن إلّا انّه يرجع
الى دعوى عدم عموم العلّة المنصوصة فيما لو قيل حرمت الخمر لاسكارها بل لا يقول به
المستدلّ بل ح لو قال المستدلّ بخروج الخبر الفاسق البيّن كالخبر الموثّق بناء على
كونه من باب خبر الفاسق لا يمكنه القول بحجيّة لانّ غاية الامر دلالة الآية على
حجيّة الظنّ بصدق الخبر بعد الفحص فلا يعم الظنّ بالصّدق الحاصل ابتداء قبل الفحص
الّا ان يدّعى القطع بعدم الفرق ففيه الكفاية ويظهر الحال بما مرّ وايضا دعوى ان
خبر العادل محلّ الاطمينان مطلقا فلا يتناوله عموم التعليل مدفوع بانّه ربما يكون
العادل كثير الخطاء الّا ان يقال انه من الفرد النّادر وعموم العلّة من باب
الاطلاق كالمفهوم فلا يتناوله شيء منهما فلا يقع فيه التّعارض الّا ان يقال انّ
المفهوم اعمّ من الاخبار بالحدس كنقل الاجماع واخبار العادل فى غير المحسوس ليس
محل الاطمينان بل احتمال الخطاء فيه للعادل مساو ولاحتمال الكذب فى الأخبار عن
المحسوس للفاسق فيعمّه عموم التعليل فيقع التّعارض بين العموم والمفهوم وايضا دعوى
زوال الاطمينان بخبر الفاسق لو كان خبره مطمئنا اليه لتحرّزه عن الكذب بملاحظة فسقه
وعدم مبالاته بالمعصية مخالف للوجدان ويساقط البنيان وقد يجاب ايضا بالمنع من
دلالة التّعليل على عدم جواز الاقدام على ما هو مخالف للواقع بان المراد بالجهالة
هو جهالة المصيب لكن المقصود به هو السّفاهة وفعل ما لا يجوز فعله اى خلاف العقل
لا ما يقابل العلم بدليل قوله سبحانه فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ولو كان المراد
الغلط فى الاعتقاد لما جاز الاعتماد على الشهادة والفتوى وفيه انّه وان يستعمل
الجهل فى العرف فى خلاف العقل كما يقال المتكلّم مع فلان فى هذا الحال جهل إلّا
انّه لم يذكر فى اللغة استعماله فيه مع انّه خلاف الظّاهر فى المقام على ان خبر
الفاسق يفيد الظنّ ولو ضعيفا كثيرا والعمل بالظنّ فى الامور من طريقة العقلاء بلا
شبهة وامّا دعوى انّه لو كان المراد الغلط فى الاعتقاد لما جاز الاعتماد على
الشهادة والفتوى فتحريرها بان يقال انه لو كان المراد الغلط فى الاعتقاد لكان علة
وجوب التبيّن هى احتمال مخالفة الواقع فلزم عموم وجوب التبيّن فى كلّ مورد يحتمل
فيه مخالفة الواقع فوجب التبيّن فى الشّهادة والفتوى بتحصيل الظنّ اقلا بناء على
عموم التبيّن للظنّ او عدم الاعتداد بهما وتحصيل العلم بناء على اختصاص التبيّن
العلم لكنّه يندفع بانّ غاية الامر ارتكاب التخصيص فى عموم العلّة بالنّسبة الى
الشّهادة والفتوى ولا باس به بناء على جواز تخصيص عموم العلّة مع انه على تقدير
عدم الجواز فغاية الامر عدم عموم العلّة لكن لا باس باصل العلّية بكون العلّة فى
وجوب التبيّن عن خبر الفاسق هو احتمال مخالفة الواقع لكن جاز الاقدام على مخالفة
الواقع فى الفتوى وكان العمل به حسنا من جهة الاضطرار اليه وعدم وجود طريق اقرب
منه الى الواقع لو كان المقصود ان مقتضى التعليل لو كان المراد بالجهالة الغلط فى
الاعتقاد عدم اعتبار الفتوى لكون المقصود بالتبيّن هو تحصيل العلم وتعسّر تحصيل
الظنّ الشخصى بل تعذّره لو كان المقصود انّ مقتضى التّعليل هو تحصيل الظنّ اقلا فى
الفتوى كما انّه قد يجوز الاقدام على ما فى معرض مخالفة الواقع لتداركه بمصلحة
اخرى فى الطّريق على انّه يمكن القول بانّ الظاهر كون العلّة فهى مخالفة كثرة
الاصابة ومخالفة الواقع والا فاحتمال المخالفة للواقع جار مع التبيّن ايضا ولو كان
المقصود به تحصيل العلم وربما اجيب بان المقصود بالجهالة جهالة المخبر من باب
استعمال الجهل فى العصيان كما قيل اجمعت الصّحابة على ان
كلّ ما عصى الله به فهو جهالة وكل من عصى الله فهو جاهل ويطلق الجهل فى
العرف ايضا على العصيان كما يقال فلان من الجهال اى العصاة وفيه انّه خلاف الظّاهر
وربما اجيب ايضا بان الجهل وان كان يجتمع مع الظنّ ويشمله لانّه خلاف اليقين ولكن
اطلاقه ينصرف الى ما يحصل باعتبار الشك لا غير فانه اذا قيل فلان جاهل بموت زيد يتبادر
الى الذهن انه غير معتقد لذلك ولو على سبيل الظنّ ويؤيد هذا شيوع اطلاق لفظ العلم
على الظنّ فالتعليل المذكور لا يشمل خبر الويل المفيد للظنّ وفيه انّ خبر الفاسق
كثيرا ما يفيد الظنّ فلا بدّ من تعميم الجهالة للظن مع انه لولاه لزم كون الآية من
باب اللغو اذ لا يقدم عاقل على العمل بخبر مع كونه مشكوكا فيه فتدبّر ويمكن الجواب
بانّ مدار الاستدلال على ان المقصود بالعلة هو اصابة القوم بالقائهم فى خلاف
الواقع بواسطة جهالة المصيب وان كان مقتضى شان النّزول هو كون المقصود اصابة القوم
بواسطة الجهالة بحالهم بل ربما يتوهم انّ مدار الاستدلال على كون المقصود اصابة
القوم بالجهالة اى ايقاعهم فى الجهالة وخلاف الواقع وبعبارة اخرى الاغراء بالجهل
لكنّه خلاف الظّاهر والظنّ الحاصل من خبر العدل لا يعد عرفا من الجهالة وان اتفق
فيه الاصابة والإلقاء فى خلاف الواقع كما ان العلم ليس من باب الجهالة وقد يتفق
فيه الاصابة لاحتمال مخالفة الجزم للواقع بل الخبر المتبيّن عنه لا يأمن فيه عن
الإصابة سواء كان التبيّن مخصوصا بالعلم او متناولا للظن مطلقا او مع الاطمينان او
الظنّ المعتبر لاحتمال مخالفة الجزم للواقع بل الخبر المتبين عنه لا يأمن فيه عن
الاصابة سواء كان التبيّن مخصوصا بالعلم او متناولا للظنّ مطلقا او مع الاطمينان
او الظنّ المعتبر لاحتمال مخالفة الجزم ولو عند غير الجازم للواقع وبعبارة اخرى
لامكان مخالفة الجزم للواقع وعدم منافاة الظنّ وان كان بالغا حدّ الاطمينان
لاحتمال خلافه ولو عند الظّان لكن الإذعان الحاصل من الخبر المتبين عنه ليس من باب
الجهالة لشهادة صريح الآية ويمكن الجواب ايضا بان الظّاهر كون المدار فى العلّة
على كثرة الاصابة وكون العمل بخبر الواحد محلّلا للاصابة على وجه الكثرة والا فلو
كان المقصود ما يعمّ الإصابة احيانا فهذا يتّفق فى الخبر المتبيّن عنه والعلم ايضا
وكثرة الإصابة فى العمل بخبر العدل الواحد غير معلومة فلم يثبت تناول عموم العلّة واورد
على الاستدلال بمفهوم الآية بوجوه اخرى ايضا منها ان المفهوم معارض بالعمومات
الدالّة على حرمة العمل بالظنّ من الآيات والاخبار فكما انّ مقتضى المفهوم وجوب
خبر العدل فمقتضى تلك العمومات حرمة العمل بالظنّ او غير العلم ومنه خبر الواحد
والنّسبة فى البين من باب العموم والخصوص قبول من وجه لوجوه من ان تلك العمومات
خاصّة من جهة التّصريح فيها بالظنّ وعامّة من جهة الشمول للظنّ المستفاد من خبر
العدل وغيره والمفهوم خاصّ من جهة اختصاصه بخبر العدل الواحد وعام من جهة شموله
لما كان مفيدا للعلم وغيره فان خبر الواحد العدل قد يفيد العلم ومن ان بعض افراد
خبر العدل ممّا يجوز العمل به فى الشّريعة قطعا وهو خير الشّهود او الشّاهدين او
الشّاهد الواحد فيكون مستثنى ممّا دل على عدم جواز العمل بغير العلم او بالظنّ فما
دلّ على عدم جواز العمل بغير العلم او بالظنّ خاصّ من جهة اختصاصه بغير الشّهود
بناء على قيام الدّليل على حجيّة خبرهم وكونه خارجا من ذلك وان المراد به غيره
وعام من حيث شموله للظنّ الحاصل من اخبار العدول التى لم يقم دليل على خروجه من
ذلك العموم والظنّ الحاصل من غير الخبر والمفهوم خاصّ من جهة اختصاصه بخبر العدل
وعام من جهة شموله لخبر الشهود ولغيره كالخبر الدال على وجوب شيء او حرمته فيمكن
تخصيص كلّ منهما بالآخر وحيث لا ترجيح وجنب التوقّف ومن ان عموم ما دلّ على حرمة
العمل بالظنّ مختصّ بحال التمكّن من العمل بالعلم ولا يشمل حال التمكّن منه او
مخصّص بالحال المشار اليه بواسطة اتفاق الفقهاء فى المسائل الفقهيّة على جواز
العمل بالظنّ فى حال عدم التمكّن من العلم فتلك العمومات خاصّة من جهة اختصاصها
بحال التمكّن من العلم وعامّة من جهة شمولها للظنّ الحاصل من خبر العدل وغيره
والمفهوم خاصّ من جهة اختصاصه بخبر العدل وعامّ من جهة شموله لصورتى التمكّن من
العلم وعدمه فيمكن تخصيص كلّ منهما بالآخر وحيث لا ترجيح وجب التوقّف ومن انّ خبر
غير الفاسق الّذى لا يجب التبيّن عنه بمقتضى المفهوم اعمّ من خبر المعصوم وما دلّ
على المنع من العمل بالظنّ لا يشمل خبر المعصوم فالمفهوم خاصّ لاختصاصه بخبر العدل
وعام لشموله لخبر المعصوم والعمومات خاصّة لاختصاصها بخبر غير المعصوم وعامّة
لشمولها للظنّ الحاصل من غير الخبر اقول انّ الوجه الاوّل من الوجوه المذكورة فى
بيان سند كون النّسبة من باب العموم والخصوص من وجه ينقدح بامكان ان يقال انّ عموم
المفهوم من باب الإطلاق والغالب فى خبر العدل افادة
الظنّ فينصرف المفهوم اليه فيصير النّسبة من باب العموم والخصوص المطلق
اللهمّ الّا ان يمنع الغلبة المذكورة بدعوى كون الغالب فى خبر العدل افادة الظنّ
فينصرف المفهوم اليه فيصير النّسبة من باب العموم والخصوص المطلق اللهمّ الّا ان
يمنع الغلبة المذكورة بدعوى كون الغالب فى خبر العدل افادة العلم لكن ح نقول ان
تخصيص العمومات ارجح لان الامر دائر بين التخصيص وسقوط المفهوم حيث ان ترجيح
العمومات يوجب تقييد المفهوم بخبر العدل المفيد للعلم وخبر الفاسق المفيد للعلم لا
يجب التبيّن عنه ايضا فارادة عدم وجوب التبيّن عن خبر العادل المفيد يوجب اللّغو
فى التقييد وهو يوجب سقوط المفهوم بناء على ان القول بالمفهوم من جهة عدم لزوم
اللغو فى التقييد والمفروض ثبوته على تقدير ثبوت المفهوم الّا ان يقال انّه يكفى
فى صحّة التقييد المخالفة فى الجملة بين حكم الموضوع المذكور وحكم الموضوع الغير
المذكور وهو حاصل لوجوب التبيّن فى خبر الفاسق الغير المفيد للعلم وعدم وجوب
التبيّن فى خبر العادل المفيد العلم الّا ان يقال ان انحصار المفهوم فى افادة عدم
وجوب التبيّن فى خير العادل المفيد للعلم من باب اللّغو فى المفهوم وان لم يكن
التقييد من باب اللغو وبالجملة فلو ثبت ترجيح تخصيص العمومات بما ذكر فيها ونعمت
والّا فيكفى فى ترجيحها اعتضادها باشتهار جواز العمل بالخبر بين الطّائفة هذا كلّه
على تقدير تسليم شمول العمومات للعمل بالخبر والّا فشمولها له محلّ الكلام كما
ياتى وربما اجيب بانّ المراد بالنّبإ فى المنطوق ما لا يعلم صدقه وكذبه فالمفهوم
اخصّ مطلقا من العمومات فتعيّن تخصيصها والظاهر ان المقصود ان الخبر المفيد للعلم
خارج عن المنطوق فهو يخرج عن المفهوم لكون المفهوم تابعا للمنطوق فى العموم
والخصوص فيصير النّسبة بين المفهوم والعمومات من باب العموم والخصوص المطلق ويتطرق
عليه منع كون المفهوم ثابتا للمنطوق فى العموم والخصوص بل المفهوم يتاتّى له
العموم وان كان المنطوق خاصّا لكن قد تقدّم الكلام فى هذا الحديث وامّا الوجه
الثّانى فتحرير الكلام فيه بتحرير الكلام فى انّه اذا ورد عامّ وخاصّان احدهما
اعمّ من الآخر فهل النّسبة بين هذا الاعمّ وذلك بالعامّ من باب العموم والخصوص
المطلق او العموم والخصوص من وجه مثلا لو قبل اكرم العلماء ثمّ قيل لا تكرم البغدادى
من فسّاق العلماء ثم قيل لا تكرم فسّاق العلماء فهل النّسبة بين الامر باكرام
العلماء والنّهى عن اكرام فسّاق العلماء من باب العموم والخصوص المطلق بملاحظة
الامر مع النّهى المشار اليه قبل اخراج النّهى عن اكرام البغدادى من فسّاق العلماء
عن الامر المشار اليه او النّسبة من باب العموم والخصوص من وجه بملاحظة الامر مع
النّهى المشار اليه بعد اخراج النّهى عن اكرام البغدادى من فسّاق العلماء عن الامر
المشار اليه لاجتماع الامر والنّهى المذكورين فى اكرام العالم الفاسق الغير
البغدادى وافتراق الامر فى اكرام العالم العادل وافتراق النّهى فى اكرام العالم
الفاسق البغدادى مقتضى الوجه المذكور القول بكون النّسبة من باب العموم والخصوص من
وجه بتخصيص العام اولا باخصّ الخاصّين ثمّ ملاحظة النّسبة بين العامّ واعمّ
الخاصّين وهى العموم والخصوص من وجه لاجتماعهما فى الفرد الآخر من اعمّ الخاصّين
غير اخصّهما وهو العالم الفاسق الغير البغدادى فى المثال المذكور ووجود العام فقط
فى سائر افراده غير اعمّ الخاصّين وهو العالم العادل فى المثال المذكور ووجود اعمّ
الخاصّين فقط فى اخصّ الخاصين وهو الفاسق البغدادى فى المثال المذكور لعدم خروجه
عن اعمّ الخاصّين والحقّ ان المدار فى العموم والخصوص من وجه على ملاحظة العام
بنفسه ولا ريب ان العام بنفسه اعمّ من الخاصّين فكلّ منهما يخصّصه غاية الامر انّ
اخصّ الخاصّين يخرج عن العام تارة بالاستقلال واخرى فى ضمن اعمّ الخاصّين فالنّسبة
فى البين من باب العموم والخصوص المطلق وبوجه آخر لا بدّ من الحكم بخروج كلّ من
الخاصّين عن العام قضيّة كون كلّ منهما خاصّا اليه ولا وجه لسبق ملاحظة اخصّ الخاصّين على اعمّهما
وليس فيما ذكرنا سبق ملاحظة اعمّ الخاصين على اخصّهما وبوجه ثالث ليس خروج
الخاصّين فى كلام من لا يتطرّق عليه الخطاء والبداء متدرّجا حتى يحكم بخروج اخصّ
الخاصّين أو لا بل كلّ منهما خارج خارج عن العام من باب قصر العموم او قصر الحكم
فى الواقع حين ذكر العام على نحو واحد وبوجه رابع كلّ من الخاصّين كاشف عن الخروج
الواقعى ولا يترتّب فى الخروج الواقعى فلا وجه لسبق ملاحظة الاخصّ على الأعمّ ولا
فرق فيما ذكر بين كون الخاصّة دليلين لفظيين وكون اخصّ الخاصّين ثابتا بالاجماع
وان قلت انّ مدرك الاجماع على اخصّ الخاصّين انّما هو اعمّهما
__________________
فليس دليلا آخر غير الاعم قلت ربما وقع الاجماع على اخصّ الخاصين دون غيره
من افراد اعمّهما ولم يتمسّكوا بالاعمّ فلا يثبت كون المدرك هو الاعمّ لو لم يلزم
كون المدرك غيره وربما يتوهّم ان القول بكون النّسبة بين العامّ واعم الخاصّين هى
العموم والخصوص من وجه فى صورة كون اخصّ الخاصّين ثابتا بالاجماع والاعمّ ثابتا
باللفظ اقرب منه فى صورة كون الأخصّ والاعمّ ثابتا باللفظ بواسطة ان اخصّ الخاصين
فى الصّورة الاولى كالمخصّص المتّصل وان لم يكن القول بذلك متّجها فى هذه الصّورة
ايضا وليس بالوجه والظاهر ان النّسبة بين العام والاعمّ من باب العموم والخصوص
المطلق ايضا لو كان اخصّ الخاصين من المخصّص المتّصل لا العموم والخصوص من وجه
بملاحظة ان كلّا من الخاصّين كاشف عن الخروج عن العموم من باب قصر العموم او قصر
الحكم اول الامر وكل منهما معتبر وليس الخاصّ المنفصل كاشفا عن الخروج بعد خروج
الخاصّ المتّصل فلا وجه لسبق ملاحظة الخاصّ المتّصل ومن هذا انه لا يتجه سبق
ملاحظة اخصّ الخاصين او كان واردا قبل ورود الاعمّ مع اشتراكهما فى الانفصال وبعد
ذلك اقول انه لا اشكال فى كون النّسبة بين العام واعمّ الخاصين بعد اخراج اخصّ
الخاصّين سواء كان متّصلا او منفصلا من باب العموم والخصوص من وجه كما انه لا
اشكال فى كون النّسبة قبل الاخراج من باب العموم والخصوص المطلق وما يفهم فيه
التخصيص هو ما لو كانت النّسبة بين نفس العام بدون ملاحظة قيد من قيوده مخصّصا كان
او مقيدا متّصلا كان او منفصلا وما يعارضه من باب العموم والخصوص المطلق وما لا
يفهم فيه التخصيص هو ما لو كان النّسبة المذكورة من باب العموم والخصوص من وجه بل
كلامهم فى بحث التخصيص منطبق على الصّورة الأولى وفى بحث التّرجيح منطبق على
الصّورة الثانية لو قلنا بعموم البحث فى تعارض الأخبار لما لو كان النّسبة بين
الخبرين المتعارضين من باب العموم والخصوص من وجه والا فلم يرد لفظ العموم والخصوص
المطلق والعموم الخصوص من وجه فى نصّ حتى يتفحّص عن مصداقهما فالامر فى المقام
مبنىّ على فهم التخصيص فى العرف وفيه الكفاية سواء كان النّسبة من باب العموم
والخصوص المطلق او العموم والخصوص من وجه وامّا الوجه الثّالث فبعد المنع عن
اختصاص العمومات المانعة عن العمل بالظنّ بالعمل بالظنّ حال عدم التمكّن من العلم
يتحرّر الكلام فيه بتحرير الكلام فى انّه لو كان دليلان وكان احدهما عاما بحسب
الافراد ومقيدا من جهة الاحوال او الازمان او الامكنة وكان الآخر مطلقا من الجهات
المذكورة وخاصّا من حيث الفرد كما لو قيل مثلا اقتل المشركين يوم الجمعة ثمّ قيل
لا تقتل علماء المشركين فهل النّسبة من باب العموم والخصوص المطلق او العموم
والخصوص من وجه فمقتضى الوجه المذكور هو القول بكون النّسبة من باب العموم والخصوص
من وجه مع كون تقييد اطلاق العام بالخارج كما لو ثبت التقييد بيوم الجمعة فى
المثال المذكور من الخارج لكن من الواضح خروج الفرد الخاصّ عن افراد العام وجهة
اطلاقه تابعة لجهة خصوصه ولا توجب جهة لعمومه للعام فالنّسبة من باب العموم
والخصوص المطلق وبما ذكرنا يظهر انّه لو قيل اكرم زيدا يوم الجمعة ثمّ قيل لا تكرم
زيدا فى المسجد يكون الامر من باب تعارضين بالعموم والخصوص المطلق فيقيّد الاطلاق
بحسب الامكنة فى الاول بالتقييد فى الثانى ويقيد الاطلاق من حيث الازمان فى
الثّانى بالتّقييد فى الاوّل فالمدار فى التّعارض بالعموم والخصوص من وجه على
اتّحاد الجهة نحو صل ولا تغصب وان قلنا بانفهام تقييد الامر بالنّهى عرفا والّا
فالتعارض من باب العموم والخصوص المطلق والا وجه ان يقال انه لا يلزم فى العموم
والخصوص من وجه اتّحاد الجهة وفى المثال الأوّل من المثالين المذكورين يتاتى
التعارض فى قتل علماء المشركين يوم الجمعة ولا مجال لتقييد الامر بالنّهى ولا تقييد
النّهى بالامر وفى المثال الثّانى يتاتى التّعارض فى اكرام زيد يوم الجمعة ولا
مجال ايضا لتقييد الامر بالنّهى ولا العكس لكن لو قيل يبطل الصّلاة بالتكلّم ثمّ
قيل لا يبطل الصّلاة بشيء سهوا يكون الثّانى مقيدا للاطلاق الاوّل اذ لا تعارض
بينهما فى الحكم فردا وانّما التعارض فى الحكم حالا والثّانى مقيّد حالا فيقيد
الاوّل بالثّانى وامّا لو قيل يبطل الصّلاة بالتكلم سهوا ثم قيل لا يبطل الصّلاة
بشيء سهوا يكون الاوّل مقيّدا او مخصّصا للثّانى ووجه الفرق ان الثّانى فى القسم
الاوّل يكون معارضا لاطلاق حكم الاوّل حالا لا لنفس حكمه وان كان الأوّل اخصّ من
الثّانى فردا لكن فى القسم الثّانى يكون الثانى معارضا لنفس لحكم الاوّل والاوّل
اخصّ من الثّانى فردا كما هو الحال فى القسم الاول كما سمعت فيقيد
الثانى بالاول وبوجه آخر فى القسم الاوّل يكون الثانى معارضا لاطلاق الحكم
الاوّل بحسب الحال ولا يكون معارضا لحكمه المذكور فيقيد اطلاق حكم الاوّل حالا
بالثانى وان كان الاوّل فردا للثّانى لكن فى القسم الثانى بعد كون الاوّل فردا
للثّانى يكون الثانى معارضا للحكم المذكور فى الاوّل فيقيد الثّانى بالاوّل وبعد
هذا اقول ان العمدة هى فهم العرف للتخصيص وهو يتاتى فى العموم والخصوص المتعارف اى
العموم والخصوص مع اتحاد الجهة وهو المبحوث عنه فى باب العموم والخصوص ولا يتاتى
فى العموم والخصوص من وجه مع اتحاد الجهة غالبا وهو المبحوث عنه فى بحث التّرجيح
لو لم نقل باختصاص بحث الكلام فى بحث تعارض الاخبار بما لو كانت النسبة بين
الخبرين المتعارضين من باب التباين والحق عدم انفهام التخصيص بعد امكانه فيما لو
كانت النّسبة بين المتعارضين من باب العموم والخصوص من وجه مع اختلاف الجهة وربما
يورد على هذا الوجه بنظير ما اوردنا على الوجه السابق بتقريب ان الامر من باب
تعارض عام وخاصين احدهما اعمّ من الآخر فكل من الخاصّين يخصّص العام غاية الامر ان
اخصّ الخاصين يخرج عن العام تارة بالاستقلال واخرى فى ضمن اعمّ الخاصين حيث ان
العمومات الدالة على عدم جواز العمل بالظنّ يخصّص بعد شمولها لصورة التمكن من
العلم بما دلّ على جواز العمل بالظنّ فى صورة عدم التمكّن من العلم وكذا بمفهوم
آية النّبإ وهذا اخصّ من الخاص الاوّل وفيه بعد عدم اختصاص مفهوم آية النبإ لصورة
عدم التمكّن من العلم وبعد ابتنائه على اختصاص خبر العدل بما يفيد الظنّ والا
فيكون النّسبة بين العمومات والمفهوم من باب العموم والخصوص من وجه ولو مع عدم
تخصيصها بما دل على جواز العمل بالظنّ فى صورة عدم التمكن من العلم لعموم العمومات
للظن المستفاد من غير خبر العدل وعموم المفهوم لخبر العدل المفيد للعلم ان ما يدل
على جواز العمل بالظنّ فى صورة عدم التمكن من العلم لا يكون من باب المخصّص اذ لا يخرج
فردا من افراد الظنّ ولا يوجب قلة افراده من حيث الحكم ولو من باب التقييد بناء
على كون النّواهى الدّالة على عدم جواز العمل بالظن من باب الاطلاق بل يقيد
اطلاقها من جهة الاحوال ويخرج حال عدم التمكن من العلم من اطلاقها ونظيره ما وقع
من الاشتباه فى عد الشّرط والصّفة وكذا التميز والظّرف الزمان والمكان من المخصّص
المنفصل وكذا ما وقع من الاشتباه فى معارضة ما دلّ على سلطنة الناس على اموالهم مع
ما دلّ على نفى الضّرر فظنّ ان كلا منهما معارض لعموم الآخر بالعموم والخصوص من
وجه مع ان الثانى لا يقتضى قلة افراد الاوّل كيف لا ومقتضاه عدم تسلّط احد من
النّاس على شيء من اموالهم بل يقتضى تقييد اطلاق الاوّل بالنّسبة الى الاحوال حيث
انه اعمّ من حال الضّرر وعدمه ولا خفاء ويمكن ان يقال انّ ما دل على جواز العمل
بالظنّ فى حال عدم التمكّن من العلم من دليل الانسداد انما يدلّ على جواز العمل
بالظنّ مما لم يقم دليل على عدم حجيّته بالخصوص فهو انّما يخرج افرادا من الظنّ عن
تحت العمومات إلّا انه لا انما يتمّ على القول بجواز العمل بكل ظنّ حتى القياس
مثلا فى حال الانسداد مع انه لو قيل لا تهن العلماء ثم قيل اهن زيد العالم يوم
الجمعة فللاخير جهة تخصيص وتقييد الّا ان الاظهر كونه من باب التقييد لانّه لم
يخرج فردا بالكلية وانما اخرجه فى زمان فهو قد اخرج زمانا بالكليّة بالنّسبة الى
فرد عن اطلاق العام بحسب الزّمان كيف لا ولو قيل اهن العلماء يوم الجمعة لا يكون
الامر من باب التخصيص ولا يختلف الحال بكون متعلّق الاهانة بعض الأفراد وكون
المتعلق جميع الأفراد ومن ذلك ان اهانة زيد فى غير يوم الجمعة يكون داخلا فى اطلاق
النّهى بحسب الزّمان الظّاهر فى دوام التّرك حيث ان الظّاهر منه مبغوضيّة اهانة
العالم مطلقا من دون مداخلة الزّمان فى المبغوضيّة وان لم نقل بدلالة النّهى على
التكرار والدّوام على الاطلاق وامّا الوجه الاخير فهو يرجع الى الوجه الاوّل لكون
خبر المعصوم مفيدا للعلم بناء على تطرّق العلم فى مداليل الالفاظ وعلى تقدير كون
خبر المعصوم مفيدا للظنّ والظّاهر ان الوجه المذكور مبنىّ عليه فشمول اطلاق
المفهوم له بعيد وترجيح العمومات ويلزمه انحصار المفهوم فى مجرّد عدم وجوب التبيّن
من دون دلالة على وجوب القبول لفرض عدم اعتبار الظنّ المستفاد من خبر العدل بناء
على ترجيح العمومات ابعد ومنها ان الاستدلال بمفهوم الآية مبنىّ على حجيّة مفهوم
الشّرط وعموم المفهوم اذ لو لم يكن مفهوم الشّرط حجّة لما ثبت حجيّة خبر العدل
راسا ولو كان المفهوم مجملا لا يثبت الا حجيّة خبر العدل فى الجملة والنّزاع فى
حجيّة مفهوم الشّرط معروف ومفهوم الشّرط هنا من باب المجمل لان المفهوم تابع
للمنطوق فى العموم والخصوص والإهمال والمنطوق هنا من باب المجمل لانّ ان ليست من
ادوات العموم كمتى ومهما
وحيثما بل هى من ادوات الاهمال ولذا عدت القضيّة التى هى فيها من المهملات
وفيه ان مفهوم الشّرط حجّة وقد حرّرنا الكلام فيه فى محله ودعوى ان منطوق الشّرط
هنا من باب المجمل لاهمال أداة الاشتراط فى المقام مدفوع بانّه مع اهمال أداة
الاشتراط قد يستفاد العموم بترتّب الجزاء على الشّرط كلّما وجد الشّرط لو كان
الظّاهر من القضيّة الشّرطية كون الشّرط علّة للجزاء فى الفرد المذكور مطلقا كما
فى الاخبار الواردة فى ثواب الاعمال والعقوبات المتفرّعة عليها فح يتكرّر الجزاء
بتكرّر هذا لو كان الشّرط من قبيل الفرد كما فى المثال المذكور واما لو كان الشّرط
من قبيل الكلّى كما لو قيل ان جاءك العالم فاعطه درهما فالظّاهر عموم علية الشّرط
للجزاء عرضا اى وجوب اعطاء جميع افراد العالم بدرهم وامّا عموم العلّية طولا اى
وجوب اعطاء العالم الواحد بدرهم فى جميع مرّات المجيء من باب تكرّر الجزاء بتكرّر
الشّرط فهو غير ثابت وقد يكون الظّاهر من القضيّة الشّرطية كون الشّرط علة للجزاء
فى غير الفرد المذكور ايضا نحو الخمر حرام ان كانت مسكرة حيث ان الظّاهر كون
الاسكار موجبا للحرمة ولو فى غير الخمر فح يطّرد الحرمة فى غير المنصوص بناء على
حجية منصوص العلّة وعموم العلّة نعم قد يكون الامر فى صورة الاهمال من باب الاجمال
والقدر المتيقن علية الشّرط للجزاء مرّة واحدة فلا يثبت تكرّر الجزاء بتكرّر
الشّرط ولعلّه الغالب وقد يكون الظّاهر فى صورة الاهمال علية الشّرط الجزاء مرّة
واحدة فلا يتاتى تكرّر الجزاء بتكرّر الشّرط ومنه ما لو قيل ان جاء زيد فطلق امراتى او اعتق عبدى او
اد دينى لعمرو او اقتل بكرا وقد حرّرنا الحال فى المقام فى بحث مفهوم الشّرط ودعوى
ان المفهوم تابع للمنطوق فى العموم والخصوص والاهمال يمكن دفعها بان الاشتراط يقتضى
انتفاء الحكم عند انتفاء الشّرط بالوضع او بالعقل سواء كان الحكم ثابتا عند ثبوت
الشّرط مطلقا او فى الجملة لكن تقدّم تفصيل الكلام فى المقام ومنها ان دلالة منطوق
القضيّة الشّرطية على العموم وارادته منها توهن امر الدّلالة على المفهوم اذ
الدّليل على ارادة المفهوم انما هو لزوم كون التعليق والاشتراط لغوا ومع ارادة
العموم من القضيّة الشّرطية كون الغرض منها افادة فلا يلغو الاشتراط والغرض منها
افادة العموم فلا يلغو الاشتراط والغرض من الآية الشّريفة وجوب التبيّن عند كلّ
بناء ابناء به فاسق اى فاسق كان فعموم منطوقها يوجب سقوط مفهومها وفيه انه وان
ينتفى اللّغو فى الاشتراط فيما ذكر مع عدم المفهوم لكن يلزم اللغو فى الشّرط مع
عدم المفهوم فلا بدّ من القول بحجية المفهوم حذرا من لزوم اللغو فى الشّرط فمفهوم
الشّرط حجة ولو على تقدير عموم المنطوق بعموم أداة الاشتراط ومع ذلك لو كان الغرض
من افادة المنطوق للعموم هو كون الافادة بواسطة أداة الشّرط ولعلّه الظاهر بل هو
الظّاهر فضعفه ظاهر لعدم دلالة لفظة ان على العموم ومنها ان المفهوم انما يكون
حجّة اذا لم يظهر للتّعليق فائدة سواه ولذا اذا ورد مورد الغالب او ورد فى مورد
خاصّ لم يكن له مفهوم كما فى قوله تعالى اذا نودى للصّلاة من يوم الجمعة فاسعوا
الى ذكر الله فانّه لما كان واردا مما فيه نداء لم يعتبر مفهومه ففيما نحن فيه لما
اخبر الفاسق اتى بالشّرط وفيه لا يعتبر مفهومه اقول ان الأظهر عدم اشتراط حجيّة
المفهوم بعدم ورود المنطوق مورد الغالب كما حرّرناه فى محلّه وامّا الورود فى
المورد الخاصّ فلا يخلو المنطوق اما ان يكون مسوقا على سبيل الكليّة كما لو قيل ان
جاءك عالم فاكرمه مع سبق مجيء زيد العالم ومنه آية النّبإ او يذكر فى القضية تمام
اجزاء الواقعة كما لو قيل فى الفرض المذكور ان جاءك زيد فاكرمه ففى الاوّل الاظهر
ان العبرة باطلاق منطوق الوارد لا خصوص المورد الّا ان يقال بانصراف الاطلاق الى
خصوص المورد لكنّه مورد المنع فالأظهر ثبوت المفهوم ولعلّ الحال على ذلك المنوال
فى الثّانى بل هو الاظهر ومريد الكلام موكول الى ما حرّرناه فى بحث المفاهيم ومنها
ان من يقول بحجيّة مفهوم الصّفة انّما يقول من جهة لزوم اللّغو لولاه وهاهنا يمكن
ان يكون التّوصيف من جهة اعلام الصّحابة بفسق الوليد على ما حكى من شان نزول الآية
وبيان حاله لهم فلا يتاتّى حجيّة المفهوم فالمانع عن حجيّة مفهوم الفاسق ليس هو
خصوص المورد كما هو المدار فى الايراد السّابق حيث انّه يجرى مع علم المتكلّم
والمخاطب بخصوص الواقعة فقط او مع جهل المخاطب بل المانع احتمال فائدة اخرى غير
المفهوم فى التّوصيف اعنى التعريض بفسق الوليد فلا تجرى مع علم المخاطب بالواقعة
كما هو حقّها ويمكن الذّب عنه بانّه وان احتمل الفائدة المذكورة الّا انّ احتمال
المفهوم اظهر
__________________
فيتاتى حجيته ومنها انه لو دلّ مفهوم الآية على حجية خبر العدل لوجب قبوله
فى الارتداد لانه لا يمكن خروجه عن هذا الحكم الا بارتكاب التخصيص وهو لا ينتهض
لان مورد الآية هو الاخبار بالارتداد قضيّة شان نزول الآية فان اخبار الوليد كان
بارتداد بنى المصطلق وتخصيص المورد غير جائز فلا بدّ من طرح المفهوم وفيه ان
ارتكاب التخصيص فى المفهوم لا يستلزم تخصيص المورد اذ المورد داخل بناء على اختصاص التبيّن بالعلم لفرض كون الوليد فاسقا
نعم بناء على عموم التبيّن للظن يمكن ان يقال انّ خبر الفاسق المفيد للظن غير
مقبول فى الارتداد وتخصيص المورد غير جائز ولا معنى لطرح منطوق الآية فلا بدّ من
التاويل فيه او القول بكونه من المتشابهات فلا يتاتى المفهوم للآية لكن نقول انّه
لو كان المورد حكمه وجودا وعدما سواء فكان حكمه وجودا داخلا فى المنطوق وعدما
خارجا عن المفهوم فليس هذا من باب تخصيص المورد اذ ما ورد لاجله الوارد انّما هو
صورة الوجود والمفروض دخول حكمه فى المنطوق فليس خروج صورة العدم من المفهوم من
باب تخصيص المورد وقد حرّرنا ما ذكر عند الكلام فى ان العبرة بعموم الوارد لا خصوص
المورد نعم ما ذكر انما يتمّ بناء على كون المقصود بالامر بالتبيّن عدم جواز
المسارعة الى القبول واما بناء على الدّلالة على وجوب القبول بعد التبيّن فيتاتى
تخصيص المورد الّا انه بنفسه غير ضار بالمفهوم كما هو ظاهر الايراد نعم يتاتى
الضّرر من باب تبعيّة المفهوم للمنطوق فى الاعتبار حيث انه لو لم يجز تخصيص المورد
يخرج المنطوق عن الاعتبار فلا عبرة بالمفهوم وان قلت انّه لو كان المقصود بالامر
بالتبيّن هو عدم جواز المسارعة الى القبول فالآية فى محلّ الاجمال فلا يتاتى
المفهوم فلا مجال للاستدلال بالمفهوم قلت انه لو كان المقصود بالأمر بالتبيّن هو
ما ذكر فغاية الامر كون المنطوق فى مورد الاجمال لكن لا باس فى نحو ان جاءك زيد
فاكرمه بان يكون الغرض وجوب الاكرام فى حال المجيء فى الجملة لكن كان انتفاء
الوجوب فى صورة عدم المجيء مطلقا ومن هذا ان المفهوم غير تابع للمنطوق فى الاجمال
كما مرّ فكون المنطوق فى مقام الإجمال لا يستلزم كون الاشتراط فى مقام الاجمال نعم
دعوى كون الآية فى مقام الاجمال من حيث الخصوص لوضوح انه ليس الغرض ضبط موارد قبول
الخبر نفيا واثباتا اذ من باب ورود عموم الآيات مورد الاجمال امر آخر لا نضايق عنه
بل لا ريب فيه وان قلت انّه لو كان المقصود الامر بالتبيّن عدم جواز المسارعة الى
القبول فالمنطوق لا يكون فى مورد الاجمال لاطّراد عدم جواز المسارعة الى قبول خبر
الفاسق قلت ان الامر بالتبيّن بناء على كون المقصود به هو عدم جواز المسارعة الى
القبول لم يستعمل فى عدم جواز المسارعة الى القبول والمقصود به معناه فالمدار على
مفاده فتدبّر إلّا ان يقال انّه بناء على كون المفهوم تابعا للمنطوق فى الخصوص
فاحتمال الاختصاص يضرّ بعموم المفهوم فالمفهوم تابع للمنطوق فى الاجمال إلّا ان
يقال انّ تبعية المفهوم للمنطوق فى الخصوص انما هو فى موضوع الحكم فى المنطوق ولا
يرتبط باطلاق الحكم واجماله فى المنطوق فقد ظهر انه يكفى فى ثبوت المفهوم كون
المتكلّم فى مقام ضبط حكم الموضوع الغير المذكور ولا يلزم كونه فى مقام ضبط موارد
الحكم نفيا واثباتا فليكن على ذكر منك وان قلت ان ما ذكر انّما يتاتى شرطا لعموم
المفهوم لا المفهوم قلت ان المفهوم بناء على ابتنائه على كون المتكلّم فى مقام
البيان لا ينفك عن العموم نعم يتاتى الانفكاك بناء على ابتنائه على دفع محذور
اللغويّة او الوضع ومع ذلك نقول انّ تخصيص المورد اى بالمنفصل والّا فلا مجال
للأشكال فى التّخصيص بالمتّصل كما لو سئل عن بئر بضاعة فقيل ماء البئر واسع لا
ينجّسه شيء الا بئر بضاعة وان منع عنه المعظم بل قد نقل الإجماع عليه وعن الفخرى
فى البرهان انه لا يجوز ان ينسب الى عاقل تجويز اخراج المورد تخصيصا وعن
التفتازانى انه لا خفاء فى انه لا يتصوّر اخراج المورد من باب التخصيص فلو ثبت
خروج المورد فلا يعمل بالعام فى غير المورد والّا يلزم ارتكاب القبيح على الحكيم
ولا بدّ من ارتكاب التّاويل فى العام لكن الحقّ القول بالجواز اذ اقصى ما يمكن
الاستناد اليه للامتناع انّما هو لزوم تاخير البيان عن وقت الحاجة بل لزوم الالقاء
فى ارتكاب الحكم المخالف للواقع الا انّ لزوم المحذور الاوّل على تقدير السّئوال
والمورد اعمّ من السّئوال ووقوع الواقعة وشان النّزول والمورد فى مورد الكلام من
الاخير مع ان السّئوال لا يلزم ان يكون فى مقام الحاجة اذ ربما يكون السّائل معلما
لجماعة وليس الظّاهر من سؤاله كونه للحاجة بل يحتمل قويّا كون السّئوال للتّعليم
حين الاحتياج كما انه يمكن ان يكون
__________________
سائل سئل عن حكم عند حضور شخص فالشخص بعد سؤال السّائل يسأل بالعرض عما
يناسب السّئوال ولا شك ان السّئوال ح لم يكن من باب الحاجة وكل من الامرين قد تحقق
فى الرّواة بل ربما يكون للمخاصمة مع المخالفين عند رجوع السّائل الى محله فليس
زمان السّئوال وقت الحاجة بل ربما يكون للمخاصمة مع المخالفين السّئوال عما يكون
المقطوع به عدم ابتلاء السّائل وامتثاله بالعمل به كالسّؤال عن بعض احكام الجهاد
وامتثاله مما يعلم عدم ابتلاء السّائل وامتثاله بالعمل به بل عن الاحتجاج بسنده عن
سماعة بن مهران قال قلت لابي عبد الله عليه السّلم يرد علينا حديثان واحد يامرنا
بالاخذ به والآخر ينهانا عنه قال لا تعمل بواحد منهما حتّى تلقى صاحبك فتسأل عنه
قلت لا بد ان نعمل بواحد منهما قال خذ بما فيه خلاف العامّة فالمعصوم لم يحمل
السّئوال الاوّل على كون المسئول عنه محل الحاجة والابتلاء فاجاب بما اجاب فبذلك
يعلم ان السّئوال لا يحمل على كونه فى زمان الحاجة حيث انّه عليه السّلم لم يحمل
السّئوال الاوّل على كون المسئول عنه محل الحاجة والابتلاء وان كان السّئوال
معلوما كونه غير واقع فى زمان الحاجة لكن لا فرق بين كون السّئوال فى زمان الحاجة
وكون المسئول عنه محلّ الحاجة والابتلاء فى زمانه متاخّرا عن زمان السّئوال اذ كما لا يجوز احتمال الجواب
على الاول فكذا لا يجوز ترك الجواب فى الثانى ولا الجواب بما لا يجدى فى زمان وقوع
المسئول عنه لو كان السّائل غير ممكن اعلامه بعد ذلك كما لعله ظاهر حال السّائل
وكان ترك الجواب موجبا لترك الواجب او ارتكاب الحرام فى زمان وقوع المسئول عنه كما
هو مقتضى المفروض فى السّئوال نعم لو انتفى الاحتمالات المذكورة او كانت موهونة
فالظّاهر كونه للحاجة الّا انّه ربما يمنع عن حجّية هذا الظّهور بل المنع متجه فلا
يلزم الاستباق الى الجواب على مساق البيان مع انّه يجوز تاخير البيان عن وقت الحاجة
للحكمة والمصلحة ومنها العذر بل قد جرى المحدّث البحرانى فى مقدّمات الحدائق على
جواز تاخير البيان عن وقت الحاجة استنادا الى النّصوص المستفيضة الواردة فى تفسير
قوله سبحانه (فَسْئَلُوا أَهْلَ
الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وغيره من ان الله عزوجل قد فرض عليكم السّئوال وان لم يفرض علينا الجواب بل ذلك
الينا ان شئنا اجبنا وان شئنا امسكنا قال نعم هو انّما اتجه على مذهب العامة لعدم
التقيّة فى اخبارهم وسبقه بذلك الأسترآبادي لكنّه مدفوع بانه ان كان المقصود
الاستناد فى الجوار الى جواز تاخير البيان مع التقية لما دلّ على جواز التقية وما
دلّ على جواز تاخير البيان مع التقيّة بحمل النّصوص المستفيضة المذكورة على ان فرض
الجواب موكول الى عدم التقية كما هو ظاهر كلام المجوّز ففيه ان المنع عن الجواز
انما هو فى صورة عدم المانع بلا اشكال والمفروض فيما جوّزه المجوّز وجود المانع
مضافا الى غير ذلك ممّا حرّرناه فى محلّه وان كان المقصود الاستناد الى وجهين
احدهما النّصوص والآخر جواز تاخير البيان مع التقيّة كما هو الانسب فيندفع الاخير
بما سمعت ويندفع الاوّل بان مقتضى اطلاق النصوص وان كان عدم وجوب الجواب على
المعصوم بالكليّة سواء كان مع التقيّة ام لا إلّا انّه معارض بما دل على وجوب بذل
العلم وحرمة كتمانه ومناف لما هو منصبهم وكون وضعهم لاجله ومطروح العمل بين
الاصحاب فلا مجال للاستناد اليها بل لا بدّ من الطرح او التاويل ونعم ما قيل من
انه لو ورد الف حديث دلّ على الجواز لما عملنا به لانّه معارض لما دلّ عليه الدليل
العقلى والنقلى وبما ذكر يظهر ضعف ما ذكره المحدّث الحرّ فى بعض تعليقات الوسائل
فى كتاب القضاء فى باب وجوب الرجوع فى جميع الاحكام الى المعصومين عليهم السّلم
عند ذكر بعض الاخبار الدّال بظاهره على جواز تاخير البيان عن وقت الحاجة والوارد
فى تفسير قوله تعالى فاسئلوا اهل الذكر من ان الاحاديث فى ذلك كثيرة وفيها ردّ على
القائلين بامتناع تاخير البيان عن وقت الخطاب او عن وقت الحاجة ويؤيّده ما هو
ضرورىّ من جواز التقيّة على الامام بل وجوبها وما تواتر من ان النبىّ صلىاللهعليهوآله كان يؤخر الجواب انتظارا للوحى اربعين يوما واقل واكثر
ومع ما ذكر نقول انه لو لم يجز خروج المورد لما جاز خروج بعض الافراد غير المورد
عن العامّ الوارد مبنيا على المورد بل لما جاز التّخصيص بالمنفصل اصلا ولو قيل ان
تخصيص المورد جائز لكنّه يوجب وهن العام وضعفه بالنّسبة الى سائر الافراد غير
المورد قلت انه لا باعث على كون تخصيص المورد بعد الجواز موجبا لوهن العموم وضعفه
بالنّسبة الى سائر الافراد والّا لما كان العام المخصّص حجّة فى الباقى وامّا دعوى
لزوم الإلقاء فى ارتكاب خلاف الواقع فى تخصيص المورد فبعد الانتقاض بالتخصيص والتقييد
بغير المورد فيندفع بانّه ما لم يثبت لزوم الإلقاء بالعلم لا يجب الاحتراز عمّا
يقتضيه ولا يثبت
__________________
بالسّئوال على وجه العلم لزوم الالقاء فى ارتكاب خلاف الواقع فى الجواب
بالعموم مع خروج المورد كما يظهر ممّا مرّ مضافا الى امكان قيام العدس فى الاخلال
باظهار حكم المورد او قيام مصلحة فى الاخلال بالاظهار وبعد ما مرّ اقول انّه يمكن
ان يقال انّ ما ذكره الاصوليون محكوما بالقبح من تاخير البيان عن وقت الحاجة انما
هو تاخير رفع الاجمال وامّا الامساك عن اظهار حكم مورد السّئوال فلا يكون من باب
تاخير رفع الاجمال الّا انه يندفع بان المقصود من قبح تاخير البيان عن وقت الحاجة
انّما هو تاخير اظهار الواقع عن وقت الحاجة من دون اختصاص بسبق الاجمال اذ المقصود
بالبيان هو المعنى اللغوى ولم يتطرّق عليه الاصطلاح فى رفع الاجمال فتدبّر مع ان
قبح تاخير رفع الاجمال انّما هو من جهة قبح الامساك عن اظهار الواقع فى وقت الحاجة
نظير ما ربما ذكره المحقق القمّى فى باب الشك فى المكلّف به فى الشّبهة الحكمية
والشّبهة الموضوعيّة من انّ التّكليف بالواقع حال الجهل من قبيل تاخير البيان عن
وقت الحاجة وقد اتفقت كلمة العدلية على استحالته حيث ان الامر فيما ذكره ليس من
قبيل تاخير البيان عن وقت الحاجة لا فى الشّبهة الحكميّة ولا فى الشّبهة
الموضوعيّة لاحتمال تطرق البيان فى الشّبهة الحكميّة وعدم ارتباط الشّبهة
الموضوعيّة بالاجمال والبيان لكن يتطرق مفسدة تاخير البيان وهى لزوم الظّلم فى
التّكليف بالمجهول وبهذا يصحّ عد الامر فيما ذكره من قبيل تاخير البيان عن وقت
الحاجة وان لم يكن من نفسه وان يتطرّق على ما ذكر الايراد بان مفسدة تاخير البيان
عن وقت الحاجة انّما هى لزوم الظّلم كما ذكر والظّلم انما يتاتى فى صورة عدم قدرة
المكلّف على الامتثال والمفروض فيما ذكر من الشّبهة الحكميّة والموضوعيّة انما هو
القدرة على الامتثال بالاحتياط ويمكن الاستدلال على عدم جواز تخصيص المورد بعدم
جواز تاخير البيان فيما له ظاهر واريد خلاف الظّاهر للزوم الكذب لكنّه يندفع
باختصاص الكذب بالقضيّة الخبريّة وتخصيص المورد يمكن ان يكون فى القضيّة الانشائية
بكون جواب السّئوال مثلا من باب الامر مع انّ لزوم الكذب انما يبتنى على كون
المدار فى الصّدق والكذب على مطابقة الظّاهر للواقع ومخالفته له والاظهر ان المدار
على مطابقة المراد للواقع ومخالفته له ومن هذا انّ الاظهر جواز تاخير البيان فيما
له ظاهر واريد خلاف الظّاهر ولو فى باب الأخبار ومنها ان خبر مجهول الحال داخل فى
عموم المفهوم حيث انه من افراد عدم مجيء الفاسق مع انّه غير مقبول عند الاكثر وفيه
ان اطلاق منطوق الآية وان ينصرف الى حال العلم بالفسق على ما حرّرناه من انصراف
اطلاق التكاليف الى حال العلم فى الرّسالة المعمولة فى الصّلاة فى الماهوت الّا ان
عدم قبول خبر مجهول الحال من جهة عدم حصول الظنّ منه وهو شرط فى حجيّة الخبر او
قيام الاجماع على عدم حجيّة وان افاد الظنّ كما يقال ان الخبر الضّعيف ليس بحجّة
وان افاد الظنّ بالإجماع وان امكن القول بحجيّة بناء على حجيّة مطلق الظنّ لعدم
ثبوت المخرج عن الاصل او من جهة عدم ثبوت حجيّته وان افاد الظنّ بناء على حجيّة
الظّنون الخاصّة لعدم مساعدة الدّليل على حجّيته والاصل عدم الحجّية وعلى اىّ حال
خروج خبر مجهول الحال من عموم المفهوم لا يمانع عن صحّة الاستدلال بالمفهوم على
اعتبار خبر العدل والّا لزم عدم اعتبار العام بعد التّخصيص والمطلق بعد التّقييد
وان قلنا بشمول اطلاق المنطوق لحال الجهل اى كون الفاسق المامور بالتبيّن فى خبره
هو الفاسق الواقعى وان لم نعلم بفسقه وعدالته فخبر مجهول الحال غير محكوم اجتهادا
بالدّخول فى المنطوق ولا فى المفهوم الّا انّ عدم حجّيته من اجل احد الوجوه
الماضية وبعد فالإيراد المذكور ان كان مبنيا على مداخلة العلم فى منطوق الآية
ومدلول الفاسق حيث انّ مقتضى عموم المفهوم ح قبول خبر مجهول الحال بدون التبيّن
فقد سمعت الذبّ عنه مع انّه خلاف ظاهر العبارة حيث انّ خبر مجهول الحال بناء على
ذلك من افراد عدم مجيء خبر معلوم الفسق لا خبر الفاسق كما فى العبارة واما على عدم
مداخلة العلم فى المنطوق فلا مجال لذلك راسا ومنها انّ وجوب التبيّن معلق على
الفاسق والمقصود به الخارج عن طاعة الله ولو بالصّغائر واقعا فيكون التثبّت فى خبر
معلوم الفسق واجبا بالأصالة وفى خبر من يمكن الفسق فى حقّه مقدّمة حذرا عن فسقه
واقعا فينحصر القبول فى خبر من لا يحتمل فى حقّه الفسق كالمعصوم ومن هو دونه وهو
يفيد العلم مع انّه لا دخل بالمدّعى اذ المدّعى حجيّة الاخبار الّتى بايدينا وهى
واصلة الينا عن غير المعصوم وفيه ان اطلاق الامر بالتبيّن عن خبر الفاسق ينصرف الى
صورة العلم بالفسق وان لم يكن الفاسق موضوعا لمعلوم الفسق او منصرفا اليه مع ان
اطلاق الآية لا يتناول من كان مكشوف
العدالة بالظنّ المعتبر خصوصا كالظن الناشى من حسن الظاهر او عموما بناء
على كفاية مطلق الظن فى كاشف العدالة او لا بد من تقييد الآية بذلك كما ان اطلاق
الآية لا يتناول من كان معلوم العدالة مع احتمال كونه فاسقا فى الواقع فح يتّسع
دائرة العدالة لكثرة مظنون العدالة وان كان نادرا فى عصرنا هذا بل معلوم العدالة غير
المعصوم ومن هو دونه كثيرا ما يوجد فليس المدار على الفسق الواقعى مطلقا فلا يلزم
انحصار حجية خبر الواحد فى الخبر المفيد للعلم ولا يضرّ احتمال الفسق فى الواقع
بعد معرفة العدالة بالوجه المعتبر على ان معلوم التّوبة عادل قطعا من دون احتمال
الفسق فيه فلا يلزم انحصار العادل فى الواقع فى المعصوم ومن دونه مضافا الى ما
يقال من انّ المراد بالفاسق امّا الكافر كما هو الشائع اطلاقه عليه فى الكتاب حيث
انّه يطلق غالبا فى مقابل الايمان وامّا الخارج عن طاعة الله بالمعاصى الكبيرة
الثّابت تحريمها فى زمان نزول الآية فالمرتكب للصّغيرة غير داخل تحت اطلاق الفاسق
فى عرفنا المطابق للعرف السّابق واورد ايضا بوجوه اخرى ضعيفة لا جدوى فى ذكرها بل
ذكرها يوجب طول الكلام ويمنع عن تخصيص المهام بالاهتمام الثّانية قوله سبحانه وما
كان المؤمنون لينفروا كافّة فلو لا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا فى
الدّين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلّهم يحذرون والتقريب فيه انّه اوجب الله
سبحانه اخذ الاحكام الشرعيّة من النبى صلىاللهعليهوآله ولو بالرّواية وتخويف الاخذ عين لامثالهم بالابلاغ
اليهم من دون اعتبار لكون خبر المنذرين مفيدا للعلم من جهة التّواتر او الاحتفاف
بالقرينة واوجب على المنذرين بالفتح قبول اخبار المنذرين بالكسر فيثبت وجوب العمل
بخبر الواحد وبتقرير آخر انه سبحانه اوجب الحذر عند انذار الطّوائف لقومهم وان كان
الانذار من باب خبر الواحد الخالى عن القرينة فيثبت وجوب العمل بخبر الواحد اما انّه
سبحانه اوجب الاخذ فلدلالة لو لا بناء على كونها للتنديم لو دخلت على الماضى نحو
لو لا نصرهم الّذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة كما انها لو دخلت على المضارع
وما فى معناه فهى للتخصيص نحو لو لا تستغفرون الله ولو لا اخّرتنى الى اجل قريب
على ما صرّح به جماعة منهم الطّريحى حاكيا له عن النّحاة وابن هشام فى المغنى فان
التّنديم عبارة عن اللوم عن الترك وليس معناه الّا وجوب الفعل فالمعنى ان النفور
واجب وتاركه ملام بل لو كانت للتخصيص لو دخلت على الفعل مطلقا كما عن الطّبرسى بعد
الاغماض عن استلزامه تحويل الماضى الى المستقبل اذ لا معنى للحث على ما مضى مع
اشتهار القول بالاوّل فالظاهر ايضا هو الوجوب وما يقال من ان التخصيص لا يكفى
مئونة الايجاب وان فارق العرض بانّه طلب بحث وازعاج بخلافه فانه طلب بلين وتادّب
لاجتماعه مع تاكد الاستحباب يضعف بان الظّاهر من الطّلب على وجه الحث والازعاج هو
الوجوب واحتمال تاكد الاستحباب خلاف الظّاهر وعلى اىّ حال فالتّهديد المستفاد من
كلمة لو لا يدلّ على وجوب النّفر واما ان ما وجب اخذه هو الاحكام الشرعيّة فثبوته
مبنى على امرين احدهما وجوب التّفقه والآخر كون المقصود بالتفقه ما يعمّ السنّة
والخبر الاصطلاحى امّا الاوّل فلتعليل النّفر الثابت وجوبه بما سمعت بالتفقه فيكون
التفقّه واجبا وان قلت انّه مبنىّ على وجوب علة الواجب وهو محلّ النّزاع المعروف
قلت ان النزاع فى وجوب العلّة انّما هو فى العلّة الفاعليّة المعتبر عنها بالسّبب
وما نحن فيه من باب العلّة الغائية وهى بمنزلة المسبّب فالكلام هنا فى استدعاء
وجوب المقدّمة وجوب ذيها والنّزاع المعروف فى استدعاء وجوب الشّيء وجوب مقدّمته
وعن غير واحد من الفقهاء التّصريح بوجوب الشّيء لوجوب مقدّمته بل قيل لا كلام لاحد
فيه بل لا ينبغى الارتياب فى انّ الأمر بالشيء المعلّل فى كلامه بعلّة غائية لا
يرضى بانتفاء الغاية سواء كان الغاية ممّا يصلح ان يكلّف المامور بذلك الشّيء به
كما فى الآية ومثله ما لو قيل حصل العلم لكى تتقى اولا نحو قوله سبحانه فقولا له
قولا ليّنا لعلّه يتذكر او يخشى ونظير ذلك ما صنعه السّيّد السّند المحسن الكاظمى
حيث مثل فى باب دلالة النّهى على فساد المنهىّ عنه لوصفه اللازم بالنّهى عن
الالتفات الى الدّخول فى الصّلاة عند وجوب ما يناقضه من الامور الرّاجحة كانقاد
غريق او اخراج حريق كان يقال لا تلتفت الى الصّلاة فانه يكشف عن النّهى عن ملزومه
الّذى هو الصّلاة وبالنّهى عن ترك الاهل المخوف عليهم استيلاء العدوّ اللازم للحج
كان يقال لا تترك اهلك بين الاعداء قال وجميع باب المقدّمة من هذا القبيل فانّ
النّهى عن المقدّمة يستلزم النّهى عن ذيها وان كان تمثيله محلّ الكلام حيث ان
النّهى فما مثل به قد تعلّق بنفس اللّازم مع انّه لم يتعلّق بالوصف والمدار فى
المنهىّ عنه لوصفه اللازم على تعلّق النّهى بالعبادة او المعاملة مقيّدا
بالوصف اللازم باعتبار هذا الوصف واما الاخير فلانه ليس التفقه فى اللغة
الا بمعنى التعلم اى نحو كان حيث ان الفقه لغة بمعنى الفهم المفسّر بالعلم فالتفقه
فى الآية يتناول تحمل السّنة والخبر الاصطلاحى وان قلت ان المقصود بالتفقه هو
تحصيل الخبرة والبصيرة فى الدّين من مشاهدة آيات الله سبحانه وغلبة المسلمين على
الكافرين وسائر ما يتفق فى محاربة المسلمين مع كمال قلتهم مع الكفار من آيات عظمة
الله وقدرته فيخبروا بذلك عند رجوعهم الى الفرقة المتخلّفة الباقية فى المدينة كما
حكى التّفسير به عن الحسن ويرشد اليه كون الآية فى آيات الجهاد فالتفقه فى الآية
لا يعم تحمل السّنة والخبر الاصطلاحى قلت تحقيق المقام انّه يحتمل فى الآية معان
اربعة حيث ان المراد بالنفر فى قوله سبحانه لينفروا وقوله سبحانه نفر امّا النفر
للجهاد او النّفر لطلب العلم وعلى الاوّل اى على تقدير كون المراد بالنّفر فى
الموضعين هو النفر للجهاد اما ان يكون المقصود كون المنذرين هم النّافرون للجهاد
او يكون المقصود كون المنذرين هم المتخلّفون فتارة يكون المعنى وما ينبغى للمؤمنين
ان ينفروا للجهاد كافة فهلا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة الى الجهاد واقام الطائفة
ليتفقه النافرون ويشاهد واما يتّفق فى محاربة المسلمين مع الكفار من آيات عظمة
الله سبحانه فينذروا اذا رجعوا قومهم المتخلفين بما عاينوه ليحذر القوم عن الكفر
والنّفاق وقد اشار سبحانه قبل الآية الى حال المنافقين مرارا فالضمير فى قوله
سبحانه ليتفقهوا وينذروا وقومهم ويرجعوا راجع الى الطّائفة النافرة والمقصود
بالقوم هو الطّائفة القاعدة وهذا الوجه هو المقصود بالسّئوال المذكور واخرى يكون
المعنى وما ينبغى للمؤمنين ان ينفروا الى الجهاد كافة فهلا نفر من كل فرقة طائفة
الى الجهاد واقام طائفة ليتفقه الطّائفة القاعدة بتحصيل الاحكام الشرعيّة وينذروا
قومهم اذا رجع القوم لعلّهم يحذرون عن المعاصى فالضّمير فى قوله سبحانه ليتفقّهوا
وينذروا قومهم راجع الى الطّائفة القاعدة وفى رجعوا راجع الى القوم والمقصود
بالقوم هو الطّائفة النافرة وثالثة يكون المعنى وما كان للمؤمنين اى ما كان
متيسّرا لهم او ما ينبغى ان ينفروا جميعا الى طلب العلم فلو لا نفر من كلّ فرقة
طائفة ليتفقهوا فى الدّين بطلب العلم ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلّهم
يحذرون عن المعاصى فمرجع الضّمائر الاربعة فى ليتفقهوا وينذروا وقومهم ورجعوا هو
الطّائفة النافرة والمقصود بالقوم هو الطّائفة القاعدة ورابعة يكون المعنى وما كان
ينبغى للمؤمنين ان ينفروا جميعا الى الجهاد فلو لا نفر ايضا من كلّ فرقة طائفة
ليتفقّهوا فى الدّين بطلب العلم فينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلّهم يحذرون عن
المعاصى فمرجع الضّمائر هنا هو المرجع فى السّابق والمقصود بالقوم هو المقصود به
فى السّابق والفرق هو كون النّفرين فى السّابق علميين وهاهنا النفر فى ليتفقهوا
جهادى وفى نفر علمى والآية سابقها من الآية بل اكثر الآيات السّابقة عليها بل
الآية اللّاحقة لها فى باب الجهاد وارتباط الآية مع سابقها على الوجهين الاوّلين
بل الوجه الاخير من المعانى المذكورة ظاهر واما على الوجه الثالث فربما يقال ان
الارتباط من جهة اشتراك الجهاد وتحصيل العلم فى الاحتياج الى السّفر حيث ان الجهاد
كما يحتاج الى المسافر كذا طلب العلم يحتاج اليها امّا فى زمن النبىّ صلىاللهعليهوآله فبالاضافة الى من لم يكن حاضرا عنده وامّا فى غيره ففى
الأغلب حيث انّ طلب العلم لاغلب الاشخاص موقوف غالبا على المسافرة لكن الوجه
الاوّل من المعانى المذكورة خلاف الظاهر حيث ان الظّاهر من تعليل النّفر بالتّفقه
كون التفقّه غاية للنّفر مع انّ غاية النّفر للجهاد استيصال الكفار والتفقّه لو لم
يمنع عنه الاشتغال بالحرب انّما هو من فائدة الحرب لا غايته وايضا كون المقصود
بالتفقّه هو مشاهدة آيات قدرة الله سبحانه ممّا يظهر فى محاربة المسلمين مع الكفّار
خلاف الظاهر وامّا الوجه الثّانى فمخالفته للظّاهر اشدّ حيث ان الظّاهر كون
التفقّه والانذار علّة لنفر الطّائفة لا قعود الطّائفة القاعدة كما هو الحال على فى هذا
الوجه مع انّه على هذا الوجه لا يكون مرجع الضّمائر فى ليتفقّهوا وينذروا مذكورا
وهو خلاف الظّاهر على انّ المؤمنين لم يكونوا باسرهم حول النّبى صلىاللهعليهوآله حتى يتفق التفقّه للقاعدين منهم فربما يكون الطّائفة
القاعدة من اهل القرى والبوادى مساكين فى منازلهم ولا يتاتّى له التفقّه وامّا
الوجه الاخير فهو يقتضى كون النّفر فى ينفروا جهاديا وفى نفر علميّا وهو خلاف
الظّاهر فان الظّاهر اتّحاد النّفرين وبالجملة فعن النيسابورى نقل التفسير بالوجه
الثالث عن الاكثر بل عليه يبتنى استدلال الاكثر بل هو الظّاهر بل لو قلنا بكونه
خلاف الظاهر لانّه فى تلو آيات الجهاد بل قيل لما نزل فى المتخلفين عن الجهاد ما
نزل فكان المؤمنون عند زمان سنوح سانحة الجهاد ينفرون كافة
__________________
الى الجهاد ويبقون النّبى صلىاللهعليهوآله وحيدا فريدا فنزلت الآية فالظاهر احد الوجهين الاوّلين
بل لم يتفق نفر المؤمنين باسرهم للتّفقه ولم يقع منهم كى يلاموا عليه الّا ان يقال
انّ قوله وما كان المؤمنون لينفروا كافّة ليس من باب الملامة بل من باب الاعتذار
اى ما يتيسّر للمؤمنين ان ينفر كافة للتفقه فلا يجب النّفر عليهم باجمعهم فلا بدّ
من المصير الى ذلك اعنى الوجه الثالث لدلالة اخبار شتى عليه كما عن الفضل بن شاذان
فى علله عن الرّضا عليه السّلم فى حديث قال انما امروا بالحج لعلّة الوقادة الى
الله تعالى وطلب الزيادة والخروج عن كل ما اقترن العبد الى ان قال ولاجل ما فيه من
التفقه ونقل اخبار الائمة الى كلّ صفح وناحية كما قال الله عزوجل فلو لا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة اه وما ذكر فى
ديباجة المعالم من رواية علىّ بن ابى حمزة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول تفقهوا فى
الدّين فان لم يتفقه منكم فى الدّين فهو اعرابى ان الله عزوجل يقول ليتفقهوا فى الدّين ولينذروا قومهم اذا رجعوا
اليهم لعلّهم يحذرون وما عن الكافى فى باب ما يجب على الناس عند مضى الامام عن
صحيحة يعقوب بن شعيب قال قلت لابي عبد الله ع اذا حدث على الامام حدث كيف يصنع
الناس قال اين قول الله عزوجل فلو لا نفر قال هم فى عذرنا داموا فى الطلب وهؤلاء
الّذين ينتظرون بهم فى عذر حتّى يرجع اليهم اصحابهم وصحيحة عبد الاعلى المحكية قال
سألت أبا عبد الله ع عن قول العامة ان رسول الله صلىاللهعليهوآله قال من مات وليس له امام مات ميتة جاهليّة قال حق والله
قال فان اماما هلك ورجل بخراسان لا يعلم من وصيّه أيسعه ذلك ان الامام اذا مات دفعت
حجّة وصيّه على من هو معه فى البلد وحقّ النفر على من ليس بحضرته اذا بلغهم ان
الله عزوجل يقول فلو لا نفر من كلّ فرقة منهم طائفة وغير ذلك من
الخبر الّا ان يقال انّ الاخبار وان ينفى كل واحد منها الوجه الاوّل لكن لا ينفى
شيء منها الوجه الاخير بل بعضها كالثانى لا ينفى الوجه الثانى وان ينفيه البعض
كالباقى لكن سمعت ما فى الاحتمالات الثّلاثة من خلاف الظّاهر مع ان المطلوب يثبت
ايضا بالوجه الثانى والأخير فقد بان ان المطلوب يثبت على غير الوجه الاول والوجه
الاول ينفيه الأخبار وامّا وجوب تخويف الآخذين لامثالهم بالابلاغ اليهم فلتعليل
النّفر بالانذار وجعله غاية له كالتفقّه وغاية الواجب واجب كما سمعت والأنذار هو
الابلاغ المخوف كما ان الظّاهر ان العرف يساعده بل كلام ثلة من ارباب اللغة يساعده
ايضا قال فى القاموس انذره بالامر اعلمه وحذره وخوفه وامّا عدم اعتبار كون خبر
المنذرين مفيدا للعلم من جهة التّواتر والاحتفاف بالقرينة فربما يقال ان الفرقة
تصدق على الواحد وما فوقه كما عن صريح الفخرى الّا ان المقصود بها هنا هو الثلاثة
لكن يمكن خروج الطّائفة ولا اقل من ان الفرقة تصدق على الثلاثة والطّائفة تصدّق
على الواحد والاثنين ولو كان المقصود كون الانذار من الطّائفة القاعدة فالامر يتم
بصدق الفرقة على الثّلاثة وخير الثّلاثة من باب خبر الواحد فالباقى بعد خروج
الطّائفة اولى بذلك فمقتضى الآية كون من يجب عليه الاخذ من باب الآحاد ولا اشكال
فى اطلاق الآية وعدم دلالتها على اعتبار الاحتفاف بالقرينة إلّا انه ينقدح بان
الفرقة وان كانت اعمّ من الثلاثة وصادقة عليه لكنّها ينصرف هنا الى الكثرة
المشتركة فى وصف جامع كاهل بلد او قبيلة مع انه لولاه لوجب على كل ثلاثة ان ينفر
واحد منهم وهو باطل بلا اشكال بل يابى عنه جمعيّة الضّمير فى قومهم سواء كان راجعا
الى الطّائفة النافرة او الطّائفة القاعدة لاقتضائه جمعيّة الطّائفة النّافرة لو
كان راجعا اليها وكذا جمعيّة الطّائفة وكذا جمعيّة الطّائفة القاعدة لو كان راجعا
اليها وكذا جمعيّة الطّائفة القاعدة لو كان راجعا اليها نعم يمكن القول بتناول
الطّائفة للبعض الغير البالغ حدّ التواتر فيمكن ان يكون انذار بعض الطّوائف من باب
خبر الواحد وان كان انذار بعض آخر منهم من باب المتواتر الّا ان يقال ان الطّائفة
وان كانت مفسّرة فى كلام غير واحد من اللّغويّين بالجماعة وعن ابن عبّاس انّها من
الواحد فما فوقه لكن الظّاهر منها ايضا هو القدر المعتدّ به فخبرهم يفيد العلم لكن
انذار الطّائفة وان كانوا على حدّ التّواتر يمكن ان يكون بانذارهم جميعا كلّ واحد
من الباقين من فرقتهم وان يكون بانذار كلّ واحد منهم بعضا منهم والظّاهر كفاية
الثّانى لاطلاق الآية بل قد يقال انه الّذى استمرّ عليه العادات فى الاعلام
بالاحكام الشرعيّة وان كانت العادة جارية فى الامور الدنيويّة من جهة اهتمام
النّاس تمام النّاس الاهتمام فيها حيث ارسل اهل بلد او قبيلة جماعة كثيرة الى
السّلطان فى امرهم على ان يبادروا الى الجماعة حيث رجعوا من كلّ جانب حتّى يستعلم
المبادرون ما عند الجماعة فيتواتر الخبر بالنّسبة الى هؤلاء المبادرين باخبار
الجماعة والى غيرهم باخبار المبادرين بل جرى سلطاننا صريحا على ان مقتضى مقابلة
الجمع بالجمع هو ان يكون الانذار على الوجه
الثانى قضيّة ان مقابلة الجمع بالجمع تفيد التوزيع وتحرير كلامه انّ مرجع
الضّمير فى لينذروا هو الطّائفة ولما كان المستفاد من صدر الآية وجوب ان ينذر
طائفة من كل فرقة فالمفاد وجوب ان ينذر الطوائف كما انّ اضافة القوم الى الضّمير
الراجع الى الطّوائف تقتضى جمعيّة القوم فالمقابلة بين الطّوائف والاقوام فهى من
باب مقابلة الجمع بالجمع فهى تقتضى التّوزيع بين الطّائفة والقوم وكذا التّوزيع
بين آحاد الطّائفة وآحاد القوم ولا اقلّ من اقتضاء التّوزيع الاوّل فالمفاد وجوب
ان ينذر كلّ طائفة كلّ واحد من القوم فيجب ان ينذر كلّ طائفة واحدة واحدا من القوم
وبه يثبت حجيّة خبر الواحد لعدم اشتراط ان يكون الطّائفة بالغة الى حد التّواتر
فقد بان ان مقتضى كلامه ان مقابلة الجمع بجمع يقتضى توزيعين احدهما التّوزيع بين
افراد جمعى الجمع من المجموع والآخر التوزيع بين افراد جمعى المجموع وهو قد اعرض
عمّا صنعه صاحب المعالم حيث جعل المقابلة بالطّوائف والقوم فجعل المفاد وجوب ان ينذر
كل طائفة واحدا من القوم فالمدلول وجوب انذار طائفة واحدة واحدا من القوم وهو
يقتضى باطلاقه حجيّة خبر الواحد لعدم اشتراط بلوغ الطّائفة الى حدّ التواتر فمرجع
كلامه الى انّ المقابلة فى المقام من باب مقابلة جمع الجمع باسم الجمع بناء على
كون الطّائفة حقيقة فى الثلاثة وما فوقه او ظاهرة فى الثلاثة بل اكثر فيتاتى
التّوزيع بين آحاد جمع الجمع من الجموع وافراد اسم الجمع الا ان الطّائفة مع كونها
حقيقة فى الثلاثة وما فوقه او ظاهره فى الثلاثة بل فيما فوقه فهو اعمّ من عدد
التواتر وما دونه فقد بان ان مقتضى كلامه انّ مقابلة جمع الجمع بالجمع يقتضى
التّوزيع بين افراد جمع الجمع من الجموع وافراد الجمع وفى كلّ من المسلكين نظرا
امّا الاوّل فلان المقابلة لا تقتضى التّوزيع فى جميع الموارد حيث انه لو قيل اكرم
طلاب المدارس وارسل هذا الخبر الى علماء البلدان مثلا فالمفاد وجوب اكرام جميع طلاب
جميع المدارس وارسال الخبر الى جميع علماء البلدان فالعموم فى كل من الجمعين
المتقابلين افرادى ولو قيل اننى بمجلدات حواشى زيد على شرح اللّمعة فالمقصود
الاتيان بجميع مجلّدات مجموع الحواشى فالعموم فى الجمع الاوّل افرادى وفى الثانى
مجموعى فلم يتات التّوزيع لكن ربما يقال انّ اضافة الجمع الى الجمع ليست من مقابلة
الجمع بالجمع وفيه خفاء بل اقتضاء التّوزيع فى غالب الموارد من جهة دلالة قرائن
المقامات مثلا افادة التّوزيع فى الرّجال قوامون على النساء وهم فى الغرفات آمنون
من جهة دلالة قرينة المقام والّا فلو كان المقابلة مقتضية للتّوزيع لكان المفاد فى
الاوّل هو كون زيد قواما على امراة سواء كانت زوجه او زوج غيره وعلى مثله الحال فى
مثله فكما انّ قرينة المقام اقتضت كون زيد قواما على زوجه فهى قد اقتضت اصل
التّوزيع ايضا فالاوجه القول باصالة الاستغراق فى مقابلة الجمع اى الجمع المعرّف
باللام او الاضافة بالجمع المعرّف باللام او الاضافة كما هو الحال فى الجمع
المعرّف باللام او الاضافة فى حال الانفراد بناء على الدلالة على الاستغراق دون
اصالة التّوزيع كما هو مقتضى مقالة من قال بدلالة المقابلة على التّوزيع كما ذكره
صاحب المصباح وصاحب المجمع فى مادّة رفق وكذا الاخير فى مستطرفات المجمع بل
الاصوليون فى تعريف الفقه والغرض حمل الجمعين المتقابلين على العموم المجموعى
والعموم المجموعى وان يصدق مع العموم الافرادى الّا ان المقصود منه بواسطة
المقابلة ما يقابل العموم الافرادى والوجه مضافا الى ما يظهر ممّا مر من ان
المقابلة لو اقتضت التّوزيع لاقتضت مطلق التوزيع لا التّوزيع الخاص وما يكفل
مئونته هو قرينة المقام فالقرينة كما اقتضت التّوزيع الخاص فاقتضت اصل التّوزيع
ايضا ان المقابلة بمجرّدها ليست منافية لظاهر الجمع المعرّف من العموم الافرادى
ولا مقتضية للتّوزيع فليكن المنافى والمقتضى هو قرينة المقام وايضا لو كانت
المقابلة مقتضية للتّوزيع فغاية ما يقتضيه المقابلة من التّوزيع فى المقام انما هى
التّوزيع بين آحاد الطّوائف والأقوام لامع التوزيع بين آحاد الطّائفة والقوم نعم
مفاد التّوزيع الاوّل اعم من انذار الآحاد للآحاد ومن انذار كلّ واحد من الآحاد
لواحد واحد فالاطلاق يتمّ به المطلوب وايضا قوله ولا اقلّ من اقتضاء إلخ فيه ما
مرّ من امكان القول بان الظّاهر من الطّائفة هو القدر المعتدّ به فخبرهم يفيد
العلم وايضا اضافة القوم الى ضمير الطّوائف لا تقتضى بنفسها تعدّد القوم والّا
لاقتضته ايضا لو قيل وليذهب هؤلاء الطّوائف الى اقليمهم مع عدم الاقتضاء فيه بلا
اشكال نعم مقتضى كون المقصود بالقوم هو ما بقى من الفرقة بعد خروج الطّائفة هو
تعدّد القوم لتعدّد الفرقة فيتعدّد القوم على حسب تعدّد الطّائفة وقد بان انّ غاية
الامر فى مقابلة جمع الجمع بجمع الجمع دلالة المقابلة على التّوزيع بين آحاد
الجمعين اعنى المجموع وامّا الاخير فلان القوم ليس متّحدا بل هو متعدّد كما سمعت
وليس الواجب هو ان ينذر الطّائفة واحدا حسب من قومهم بل يجوز انذار الطّائفة كلّ
واحد من آحاد قومهم فقد بان انّه
لو كان الامر فى المقام من باب مقابلة جمع الجمع بالجمع فالامر من قبيل
مقابلة جمع الجمع بجمع الجمع فالمرجع الى التّوزيع بين آحاد الجمعين من الجموع مع
انه على تقدير اتحاد القوم يمكن ان يكون الطّوائف اقل من القوم فلا يتم امر
التّوزيع مضافا الى ما سمعت من القدح فى عموم اقتضاء مقابلة الجمع بالجمع للتوزيع
بل القدح فى اصل الاقتضاء واما ايجاب القبول على المنذرين فقد وجه فى كلماتهم
بوجوه احدها ان ايجاب الانذار على المتفقّهين يثبت به وجوب القبول على المنذرين وهذه
الدّعوى توجّه تارة بدعوى الدلالة اللفظيّة اعنى ان ايجاب الانذار على المتفقهين
يدل عرفا على وجوب القبول على المنذرين واخرى بدعوى دلالة دلالة العقل بالاستقلال
اعنى ان العقل بعد ملاحظة ايجاب الانذار على المتفقهين يحكم بالاستقلال بوجوب
القبول من المنذرين بواسطة انه لولاه لزم اللّغو فى ايجاب الانذار حيث ان وجوب الانذار
ليس من التعبّديات التى يعجز العقل عن ادراك مصلحتها بل يحكم قطعا بان مصلحته انما
هى ايصال المنذر الى المصلحة الكامنة فى المنذر به فلو لم يكن قبول المنذرين واجبا
لكان الامر بالانذار لغوا والنقض بانه يجب على شخص ألجأ غيره ظلما بالتخويف بالقتل
لو لم يعطه المال او الثياب ان يعطيه الشّخص المال او الثياب ولا يجوز للأخذ
القبول واضح الدّفع لوضوح ان وجه وجوب الاعطاء ان يحفظ الشخص نفسه لا وصول النّفع
الى الغير والمفروض فى المقام ان وجه وجوب الانذار وايصال المنذر الى المصلحة الّا
ان يقال انه قد يجب ايصال النّفع الى الغير ولا يجب عليه قبوله مثلا لو الزم
الوالد على ولده ان يعطيه شيئا خاصّا بحيث يكون المضايقة عنه من الولد موجبة
للعقوق لكن ليس استدعاء ذلك الشى من الوالد لحفظ نفسه بل مثلا لمجرّد الزّنية
فالإعطاء واجب على الولد ولا يجب القبول على الوالد الّا ان يقال ان وصول المصلحة
الكامنة فى المنذر به فى المقام من قبيل ما لو كان ما استدعاه الوالد فى المثال
المذكور موجبا لحفظ نفسه بحيث لولاه لشارع اليه الهلاكة فح يجب الإعطاء والقبول
وبالجملة فالمناط فى وجوب القبول بعد الاظهار ان لا يتصوّر فائدة فى وجوب الاظهار
بدون وجوب القبول او كان القبول اظهر فوائد الاظهار وفيما نحن فيه لا يحتمل فى
وجوب الأنذار احتمال معتد به غير القبول فالعقل مستقلّ فى الحكم بلزوم اللّغو فى
الامر بالانذار لو لا وجوب قبول المنذرين فهو مستقلّ فى الحكم بوجوب القبول بعد
صدور الامر بالانذار ومن هذا الباب تمسّك الشّهيد فى المسالك على وجوب قبول قول
المرأة وتصديقها فى ادّعاء انقضاء العدّة بالحيض فى زمان يحتمل انقضائها فيه شرعا
وان بعد عادة مع يمينها بان النّساء مؤتمنات فى ارحامهنّ لقوله سبحانه ولا يحل
لهنّ ان يكتمن ما خلق الله فى ارحامهنّ حيث انّه لو لا ان قولهنّ مقبول لم ياثمن
بالكتمان لانّه لاعتبار بكتمانهنّ ح وظاهر الكفاية تمسّك الاصحاب بالآية فى
المسألة المذكورة قال البيضاوى فى تفسيره بعد تفسير الآية بحرمة كتمان الولد
والحيض استعجالا فى العدّة وابطالا لحق الرّجعة وفيه دليل على انّ قولها مقبول فى
ذلك الّا انّ كلام البيضاوى يمكن ان يكون المقصود به الدّلالة اللفظيّة ومن قبيل
ذلك ايضا التمسّك على حجيّة البيّنة بقوله سبحانه ولا تكتموا الشّهادة ومن يكتمها
فانه آثم قلبه لو لم يكن المقصود الدّلالة اللّفظيّة بل الدلالة بواسطة العقل كما
يظهر من الشّهيد فى المسالك فى تلو كلامه الذكور فى الآية السّابقة وكذا الحال فى
قوله سبحانه ومن اظلم ممّن كتم شهادة عنده من الله وثالثة بدعوى وجوب مقدّمة
الواجب حيث ان تحقق الانذار يتوقّف على القبول ووجوب العمل فانه لو لم يجب القبول
فلا يصفى السّامع الى الانذار فلا يتحقق التخويف لعدم استعداده للتخوّف فالتخويف
انما يتوقّف على قابليّة السّامع للتخوّف وعدم المانع عن الخوف فيه وعدم وجوب
القبول مانع عن تخوّف السّامع فلا معنى لايجاب التّخويف مع وجود المانع عن الخوف
فى السّامع ولا اشكال فى الوجه الاوسط ولا باس بالوجه الاول بل يتاتّى كل من الوجهين
كلّما تعلق الامر وجوبا الى شخص بفعل لا يتمكن هذا الشخص من هذا الفعل الّا بتمكين
شخص خاصّ او اشخاص خاصّة او احد الاشخاص مع عدم احتمال مصلحة اخرى غير وقوع الفعل
فى الخارج او كون الظّاهر هو كون المصلحة هى وقوع الفعل فى الخارج الّا ان وجوب
التمكين فى الاوّلين عينى وفى الاخير كفائى لكن وجوب الواجب على الشّخص مشروط
بتمكين الغير فعلى تقدير عدم التمكين لا يتاتى الوجوب للزوم التكليف بما لا يطاق
لولاه وان كان الغير عاصيا فى عدم التمكين هذا والمحكى عنهم عدم دلالة قوله سبحانه
خذ من اموالهم صدقة تطهّرهم وتزكّيهم على وجوب الاعطاء بحسب ظاهر الامر وان اثبتوه
من حيث ان الناس مامورون باطاعته الّا ان الأظهر قيام الدلالة فيه ايضا ولا سيّما
مع اشعار قوله سبحانه تطهّرهم وتزكّيهم بوجوب الاعطاء واما الوجه الاخير فيتطرّق
الكلام عليه
من جهة ان الانذار لا يتوقف حصوله على وجوب العمل بالمنذر به بل الخوف
يتحصّل قهرا وان لم يكن العمل بمقتضاه واجبا نظير افادة القياس للظن بالحكم مع عدم
جواز العمل به بل من جهة عدم وجوب مقدمة الجواب لو كانت المقدّمة من فعل الغير لكن
كانت جارية تارة على يد المكلّف بنفسه واخرى على يد غيره الا انّ عدم وجوب المقدّمة
يقتضى عدم وجوب الواجب والا فوجوب الواجب فى هذه الصّورة مع عدم وجوب مقدّمته على
الغير غير معقول نظير ما تقدّم فى بعض المقدّمات من انّ عدم حجيّة العلم فى
الواقعة يكشف عن انتفاء التّكليف فيها والا فالتكليف بالواقع فى الواقعة مع عدم
حجيّة العلم يوجب التكليف بما لا يطاق وان قلت فعلى ذلك كيف يتاتى استحباب ان يدفع
البائع ما يزيد على المبيع ويقبض المشترى ما ينقص عنه للزوم التناقض قلت ان
استحباب الزّيد للبائع لا بد من تقييده بصورة تمكين المشترى وكذا استحباب النقص
للمشترى لا بدّ من تقييده بصورة تمكين البائع وبعبارة اخرى استحباب الزّيد والنقص
مقيد بصورة عدم المعارضة لا بدّ من البناء على احد الطّرفين او غيره كما قيل
بتقديم من بيده الميزان والمكيال فقد بان بما ذكرنا قاعدة كليّة هى حال مقدّمة
الواجب لو كان اصل الواجب واجبا على شخص وكان مقدمته جارية على يد لغير بانّه ان
كان الغير شخصا خاصّا او اشخاصا خاصّة او احد الاشخاص وكان تلك المقدّمة جارية على
يد الغير المذكور دائما فمقتضى وجوب الواجب وجوب المقدّمة عينا على شخص او اشخاص
او كفاية على احد اشخاص وان كان وجوب الواجب يشترط بوجود المقدّمة اذ على فرض
وجوبها لو لم يقدم الغير على الاتيان بها عصيانا فلا وجوب للواجب للزوم التّكليف
بما لا يطاق على تقدير الوجوب لعدم القدرة على الاتيان بالواجب بدونها فما يقتضى
اشتراط التكليف بالقدرة من العقل وغيره يقيد اطلاق الوجوب بصورة اتيان الغير
بالمقدّمة والوجه فى ذلك انّه لو لم تكن تلك المقدّمة واجبة يلزم اللغو فى ايجاب
الواجب بل الظاهر من ايجاب الواجب وجوبها عرفا وان كان المقدّمة قد تجرى على يد
المكلّف وقد تجرى على يد غيره فوجوب الواجب مشروط ايضا فى صورة الجريان على يد
الغير باتيان الغير بالمقدّمة لما مرّ لكن الدليل المقتضى لوجوب المقدّمة فى القسم
الاوّل وهو لزوم اللغو فى الايجاب غير جار هاهنا اذ المفروض ان المقدّمة قد تجرى
على يد المكلّف المامور بالواجب فمن عدم وجوب المقدّمة حال جريانها على يد الغير
لا يلزم اللّغو فى ايجاب الواجب وعدم اقتضاء الامر بالواجب لوجوب تلك المقدّمة
ظاهر ولا دليل آخر يقتضى وجوبها فلا وجوب لها ثانيها انّ كلمة لعلّ من دون مادّة
يحذرون تدلّ على ذلك اعنى وجوب القبول واختلفوا فى تقريبه على اقوال ومنشأ
الاختلاف انّه بعد الاتفاق على ان كلمة لعلّ للترجّى حقيقة والترجى من الله سبحانه
محال فلا بد من صرف الكلمة الى اقرب المجازات وقع الخلاف تارة فى تعيين الاقرب على
قولين واخرى على احد القولين وبعد تعيين الاقرب فى وجه دلالة الأقرب على وجوب
القبول فهم فى تعيين الاقرب على القول بان الاقرب هو نفس الايجاب كما يظهر الميل
اليه من صاحب المعالم واستقربه شيخنا السيّد تعويلا على ان الايجاب بتضمنه البت
وكراهة عدم الحصول اشبه بالترجّى من مطلق الطّلب لان المترجى ايضا يشتاق الحصول
ويكره عدمه والقول بان الاقرب هو مطلق الطلب والقائلون به فى وجه دلالته على وجوب
القبول بين من جعل طلبه تعالى عبارة عن امره وامره للوجوب كما عن العميدى
والمازندرانى فى اوّل الوجهين بل جعله المحقق القمّى هو المشهور فى التقريب وفيه
نظر ومن جعل الطلب منصرفا الى الوجوب لانّه الفرد الاكمل كما عن المازندرانى فى
آخر الوجهين ومن جعل الطلب فى الآية محمولا على الوجوب لعدم القول بالفصل حيث ان
من قال برجحان القبول قال بوجوبه كما جنح اليه سلطاننا اقول ان لفظ لعلّ ليس
موضوعا لخصوص التّرجى بلا اشكال بل لو كان موضوعا للاشفاق ايضا نحو لعلّك باخع نفسك اى قاتل نفسك اى كان
موضوعا للتوقّع من توقّع المحبوب وهو الترجى ومن توقّع المكروه وهو الاشفاق ولذا
جعله بعض علماء النّحو موضوعا للتوقّع واليه يرجع ما صنعه الطّريحى حيث جعله
للترجى والإشفاق لكنه كثيرا ما يستعمل فى غير التوقّع نحو زوج لعلّك ترزق ولذا
ذكرا فيما لو لم يكن المتكلّم محبّا لان يرزق المخاطب بولد ذكر وتوقع المخاطب لا
يجدى فى كون لعلّ مستعملا فى التّرجى اذ مقصود من قال بان لعلّ للترجى هو توقّع
المتكلّم وميله الى الوقوع ومثل ذلك ما لو قيل لعل هذا زيد او لعلّ من يدرس عمرو
او اكرم فلانا لعلّه بكر بل استعمال لعلّ فى غير الترجى والاشفاق كثير شايع بل لا
يكاد يحصى والاظهر عندى انه موضوع للدّلالة على امكان مضمون مدخوله لكون الاشتراك
المعنوى اغلب من الحقيقة والمجاز مع كثرة الاستعمال فى غير التّرجى و
__________________
والاشتمال إلّا انه يختلف المقامات ففى بعضها يكون الظّاهر كون المتكلّم
راغبا الى وقوع مضمون المدخول وميله اليه وفى بعض آخر بكون الظّاهر كون المتكلّم
راغبا الى وقوع مضمون المدخول وميله اليه وفى بعض آخر يكون الظّاهر كون المتكلّم
او المخاطب خائنا من الوقوع وفى بعض ثالث لا محال لشيء من الامرين وايضا الظاهر ان
دعوى استحالة الترجّى منه سبحانه بواسطة استلزام الترجى للجهل بالعاقبة وهو محال
فى حقّه سبحانه بل استلزامه لامكان انفكاك ما يريد الله عن ارادته مع امتناع
الانفكاك قطعا الّا انه لا باس بابقاء كلمة لعل على حقيقتها بمقتضى ما ذكرنا مع ما
ذكرنا مع انه يكفى فى التّرجى الرّغبة فى الجملة فلا يلزم فى الترجى منه سبحانه
كما فى الآية وقوله سبحانه لعله يتذكر او يخشى الرغبة التكوينية حتى يمتنع
الانفكاك عن المرغوب فيه بل يكفى فيه الرّغبة على مقدار الرّغبة التكليفيّة وان
قلت ان كلمة لعل على ما ذكرت بمنزلة يمكن ويحتمل وكلّ منهما يستعمله الشّخص الشّاك
قلت ان الظّاهر من كلّ منهما كون المتكلّم شاكا لكن استعماله من العالم بحقيقة
الحال ليس مجازا وليس العلم بالحقيقة مانعا عن كونه حقيقة موجبا لكونه مستعملا فى
غير معناه وايضا دعوى ان طلبه تعالى عبارة عن امره وامره للوجوب مدفوعة بان الامر
وهو القول المخصوص ليس موضوعا للوجوب بل ليس موضوعا للوجوب بل ليس موضوعا للطّلب وانّما
الطلب لازم قهرىّ للجملة الخبريّة ومزيد الكلام موكول الى ما حرّرناه فى
محلّه ومطلق طلبه تعالى ليس من باب الامر للزوم اتّحاد الدّليل والمدلول ولا
منحصرا فى مدلول الامر وايضا دعوى انصراف الطّلب الى الوجوب لكونه الفرد الاكمل
مردودة بعدم انصراف المطلق الى الفرد الاكمل كما حرّرناه فى محلّه فقد بان انّه لو
تعذّرت الحقيقة فى المقام فاقرب المجازات الوجوب ولو كان الاقرب هو مطلق الطّلب
فهو محمول على الوجوب لعدم القول بالفصل ثالثها ان كلمة لعل بانضمام مادّة يحذرون
تدل على وجوب القبول وتقريبه بان يقال بعد الاذعان بانّ لعلّ حقيقة فى الترجى
والترجى يستحيل منه سبحانه وتسليم ان اقرب المجازات مطلق الطّلب ان الطّلب هنا لا
بدّ ان يكون المراد به الوجوب بقرينة تعلّقه بالحذر حيث انه لا معنى لندبه لانه ان
حصل المقتضى له فهو واجب والّا فلا يحسن حيث انّ الحذر هو حفظ النّفس عن الضّرر
فحيث لا ضرر يكون قبيحا كما فى التحذّر عن السّكون تحت سقف محكم البيان لاحتمال
سقوطه وهبوطه وحيث يكون ضرر يكون الحذر عنه واجبا لوجوب دفع الضّرر فطلب الحذر لا
يقع الا وجه الايجاب وقد جرى عليه صاحب المعالم وهو جرى على نظيره فى بحث الامر
عند الاستدلال على دلالة الامر على الوجوب بآية الحذر حيث حكم بان الامر فى الآية
للوجوب ولو على تقدير عدم دلالة الامر بنفسه على الوجوب لانّه لا اقل من دلالته
على حسن الحذر ولا ريب ان الحذر انما يحس عند قيام المقتضى للعذاب اذ لو لم يوجد
المقتضى لكان الحذر عنه سفها وعبثا واذا ثبت وجود المقتضى ثبت ان الأمر للوجوب
لانّ المقتضى للعذاب هو مخالفة الواجب والمندوب وقد اشار هنا الى كلامه السّابق فى
قوله قد بيّنا فيما سبق ويرد عليه انّ مقتضى ما ذكره عدم جواز تخلّل المكروه بين
الحرام والمباح بملاحظة انه ان كان المقتضى للتّرك موجودا فيتاتى الحرمة والّا
فيتاتى الاباحة فمقتضى ما ذكره عدم جواز تخلل ندب التّرك وان كان بغير لفظ الحذر
بل مقتضى ما ذكره عدم جواز تخلّل مندوب الفعل بين الواجب والمباح ايضا بملاحظة
انّه ان كان المقتضى للإتيان موجودا فيتاتى الوجوب والّا فيتاتى الحرمة وايضا ربما
يكون المقتضى للحذر موجودا لكنّه ضرر قليل يتسامح فيه كما انّه ربما يكون المقتضى
للحذر من الضّرر منوطا ترتّبه بمساعدة بعض الامور الخارجة فترتبه غير منجز
والظّاهر ان من هذا الباب المكروهات المعلّلة بمخافة بعض المفاسد ولا مجال للطّلب
على وجه الإيجاب فى الصّورتين بل المتعين هو الطّلب النّدبى واورد عليه سلطاننا
بانه لا مجال لندب الحذر والتّحذير على وجه النّدب لو كان المحذر عالما بوجود
المقتضى او عدمه الّا ان المحذور بما لا يعلم بالمقتضى وجودا وعدما فيكون شاكا فى
وجوده وعدمه او ظانا بوجوده او بعدمه وح لا باس بندب الحذر والتّحذير على وجه
النّدب ومنه التحذيرات التنزيهيّة حيث ندب فيها الحذر من جهة احتمال تطرّق بعض
المفاسد كما فى ندب الحذر عن الوضوء بالماء الشمس لاحتمال حصول البرص وبمثله اورد
فى بحث الامر وفيه انه لا مجال للشكّ والاحتمال فيما لو كان التّحذير من الله سبحانه
كما فيما نحن فيه وكذا لو كان التحذير من سيّد الأنبياء وأوصيائه سلام الله عليهم
اجمعين مع ان الظاهر من الطلب المتعلّق بالحذر وان لم يكن بصيغة الامر وهو الوجوب
حيث ان المفاد ح هو الطّلب على وجه التّهديد وهو ظاهر فى الوجوب كما هو الحال فى
الطّلب المتعلّق بالارتداع و
__________________
والتذكر والخشية كما لو قيل قل لفلان كذا كى يتذكر او يخشى او اطلب منك
الارتداع عن كذا ولو كان الطلب متعلّقا بالحذر عن العذاب او الارتداع عنه فالظهور
فى الوجوب اشدّ بل لا مجال لغيره على ان التقريب المذكور فى صورة اخذ مادة الحذر
وليس الماخوذ فى كراهة الوضوء بالماء الشّمس مادة الحذر إلّا ان يقال انّه لما كان
التقريب المذكور جاريا فى متعلّق طلب التّرك وان كان بغير اخذ الحذر فلذا ادرج
المورد ندب ترك الطهارة بالماء المشمس فى البين وبعد ما مر اقول انّ مدار استدلال
صاحب المعالم فى بحث الامر على تعلق الامر بالحذر عن العذاب والظاهر ان مقصوده هنا
ايضا هو كون مطلق الطلب المدلول عليه بكلمة لعل محمولا على الوجوب بقرينة تعلقه
بالحذر بواسطة انّ متعلّق الحذر هو العذاب لا بواسطة مجرّد مادّة الحذر حيث انّه
ان وجد المقتضى للحذر عن العذاب فيجب وإلّا فلا يحسن وبعبارة اخرى حسن الحذر عن
العذاب انّما هو عند قيام المقتضى للعذاب والا لكان الحذر عنه سفها فلا مجال
للتحذير عن العذاب مع عدم قيام المقتضى للعذاب ثبت ان الطّلب محمول على الوجوب لان المقتضى للعذاب هو
ترك الواجب وفعل الحرام مع ان ندب الحذر عن العذاب مع وجود المقتضى للعذاب
يتادّى الى الظلم لاستلزام ندب الحذر عن العذاب على الشيء جواز تركه فالعقاب على
تركه مع تجويز التّرك من باب الظلم وح يندفع ما اوردنا عليه بل يرد على ما اورد به
السّلطان مضافا الى الوجهين الاولين مما سبق الايراد عليه وان لا يتاتى الوجه
الاخير منه انّ فى كراهة الوضوء بالماء المشمس لم يتحقق احتمال العذاب الفرض عدم
الحرمة نعم يحتمل ترتّب مضرّة دنيويّة وان ادرج هو هذا المثال فى كلامه فى بحث
الامر مع ان مدار استدلال صاحب المعالم فى ذلك البحث على كون متعلق الطلب هو الحذر
عن العذاب فضلا عن انّ ندب الحذر مع احتمال قيام المقتضى للعذاب يقتضى جواز الترك
فالعقاب ح من باب الظّلم إلّا ان يقال انّ فى هذه الصّورة وان احتمل وجود المقتضى
للعذاب لكن لو وجد المقتضى فهو وان كان بنفسه مقتضيا للعذاب إلّا انه لا يترتّب
العذاب بلزوم الظلم على تقدير العذاب لكن لا باس بندب الحذر تخلصا عن القبح
الذّاتى فى ارتكاب الحرام وفوت المنفعة فى ترك الواجب [في الإيراد على الاستدلال
بآية النفر] هذا اقصى ما قيل ويقال فى وجه تقريب الاستدلال بالآية ويرد عليه ان
الظاهر من الآية وان كان وجوب القبول بواسطة ايجاب الانذار بل لو لا وجوب القبول
يلزم اللغو فى ايجاب الأنذار لظهور ان حكمة ايجاب الانذار ظاهرة ومنحصرة فى ايصال
المنذر الى المصلحة الكامنة فى المنذر به ولا فائدة فى وجوب الانذار غير القبول
الا ان غاية ما يقتضيه الظّاهر ولزوم اللغو فى ايجاب الانذار لو لا وجوب القبول
انّما هى الوجوب فى الجملة فما ينافى الظاهر ويوجب اللغو فى ايجاب الانذار انما هو
عدم وجوب القبول راسا كيف والنّبى يجب عليه ان يدّعى النبوّة ولا يجب القبول منه
بمجرّد الادعاء بل يجب مطالبة المعجزة منه والقبول بعد اظهار المعجزة كما ان كلّ
واحد من الشاهدين يجب عليه اظهار شهادته ولا يجب القبول منه الا بعد استكمال شرائط
القبول ففيهما لا بدّ من وجوب القبول فى الجملة والا يلزم اللغو فى ايجاب الاظهار
لكن لا باس باشتراط وجوب القبول وعدم تبعيّته لايجاب الاظهار فى اطلاق الوجوب فاصل
ايجاب الاظهار يستلزم ايجاب القبول لكن اطلاق ايجاب الاظهار بحسب ظاهر اللفظ لا
يستلزم اطلاق ايجاب القبول وان كان اطلاق الايجاب واقعا لو ثبت يستلزم اطلاق ايجاب
القبول فى الواقع لكنه غير ما نحن فيه والآية فى المقام مسوقة لبيان وجوب النفر
للتفقه والانذار لا بيان وجوب القبول فاطلاق وجوب القبول وارد مورد بيان حكم آخر
اى وجوب آخر لموضوع آخر اعنى النفر للتفقه والانذار مع ان اطلاقات الكتاب لا عبرة
بها فيمكن ان يكون وجوب القبول مقيّدا بما لو كان الانذار مفيدا للعلم ولا دافع له
الا اطلاق ايجاب القبول وقد سمعت ما فيه من القدح من وجهين ويمكن ان يقال انه لو
كان وجوب القبول مقيدا للعلم بما لو كان الانذار مفيدا للعلم لكان وجوب انذار
الآحاد وللآحاد كاللغو اذ الغالب فى خبر الواحد عدم افادة العلم والمفروض انّ
اطلاق وجوب الانذار يتناول انذار الآحاد للآحاد الّا ان يقال ان الظّاهر من
الطّائفة هو العدد المعتدّ به والقدر الثّابت من وجوب الانذار وما لو كان على وجه
التّواتر وشمول الإطلاق لما لو كان الانذار بانذار الآحاد الآحاد للآحاد منقدح
بعدم اعتبار اطلاقات الكتاب وايضا التفقه بمعنى التفهّم والفهم اما ان لا يكون
صادقا على مجرّد تحمل السّنة والخبر من دون ادراك المعنى والاذعان والتّصديق به
واستفادة مفاده واستنباط حكمه وان كان مقتضى كلام المنطقيّين فى تعريف الدلالة صدق
الفهم على الخطورات او الظّاهر من الفهم هو ما ذكر وان كان صادقا على مجرّد تحمل
قول المعصوم ايضا كما ان الانذار لا يصحّ اسناده الى الشّخص الّا فى صورة كون
الشّخص
__________________
قاصدا ومتعمّدا الى التخويف فلو نقل الشخص خبرا مشتملا على مضمون مخوف من
دون ارادة التّخويف لا يصدق ان الشخص انذر او الظّاهر من اسناد الانذار الى الشخص
هو ذلك كما هو الاظهر حيث انّه لم يوضع للدلالة عليه المصدر ولا الفعل ولا الجملة
الفعلية ويرشد اليه انقسام القتل فى كلمات الفقهاء بالعمد والخطاء وغيرهما ولا
يختصّ ما ذكر باسناد الانذار بل يجرى فى اسناد كلّ فعل الى الفاعل ولا يتاتى
التعمّد الى التخويف وقصده الا فى صورة استفادة مفاد الخبر واستنباط الحكم فلو نقل
الشخص قولا عن المعصوم بنقل اللفظ وهو كان مشتملا على مضمون مخوف لكن لم يدرك
الناقل معنى القول المذكور ولم يتعمّد الى التخويف فهو ليس مشمول الآية بلا شبهة
وكيف كان فالقاء المضمون المخوف اما ان يكون على وجه الإفتاء ونقل مدلول الخبر على
حسب فهم الناقل واجتهاده كما لو قيل ايّها الناس اتقوا الله فى شرب الخمر فانه
يوجب عقابا كذا او على وجه نقل لفظ الحجّة كما لو قيل قال الامام من شرب الخمر فان
مصيره الى النار وفى هذا القسم اما ان يكون الناقل يفهم معنى الخبر ويذعن به أو لا
وعلى الاول اما ان يكون قاصد الادخال الخوف فى روع السّامع او لا والانذار يصدق
على الالقاء فى القسم الاول إلّا انّه حجّة فى حق مقلد النّاقل وامّا القسم الثانى
فلا يصحّ اسناد الانذار أو لا يتناول لو لم يكن الناقل بفهم معنى الخبر وكان الامر
من باب مجرّد النّقل ولو كان الناقل يفهم معنى الخبر فان لم يرد ادخال الخوف فلا
يصحّ اسناد الانذار أو لا بتناول ايضا وان تخوّف السّامع بالخبر بل لو اراد ادخال
الخوف فالانذار هو الابلاغ المخوف ولا يصحّ اسناده أو لا يتناول الّا فى صورة
ارادة التّخويف وامّا التخويف الحادث من مجرّد مضمون الخبر قهرا فليس من باب
الانذار فلو كان القاء المضمون المخوف بنقل قول المعصوم فله جهة تخويف ناش من نفس
مضمون الخبر وجهة حكاية قول المعصوم بل جهة تخويف من جانب الناقل وانشائه لو كان
يفهم معنى القول وكان معتمدا الى ادخال الخوف فى روع السامع وما نحن فيه هو جهة
الصّدور عن المعصوم وهو الّذى ينفع المجتهد حيث انه يتبع الراوى فى مجرّد صدور
الخبر لكن لا يتناول الانذار لذلك بل لا يصدق عليه كما انه لا يصحّ اسناد الانذار
الى الشخص او لا يتناول بواسطة التخويف الناشى من جهة نفس مضمون الخبر وامّا
التخويف النّاشى من جانب المنذر فيه يصحّ اسناد الانذار الى الشخص ويتاتى التّناول
لكنه مبنىّ على فهمه معنى الخبر واجتهاده فيه وفهمه واجتهاده ليس حجّة الّا على
مقلّده وان كان مجرّد نقل الخبر حجّة فى حقّ غير المجتهد فمن يفهم معنى الخبر من
العوام ايضا فى اعصار الحضور بل كان عمل غير المجتهد بالخبر فى اعصار الحضور فى
كمال الكثرة وان لا يجوز للعامىّ العمل بالخبر فى هذه الاعصار لعظم الخطب بواسطة
كثرة المعارضات لكن الخطب فى اعصار الحضور كان سهلا لقلة المعارضات كما ان امر
الاجتهاد فى اعصار الحضور كان سهلا ولا سيّما فى عصر النّبى صلىاللهعليهوآله بحيث انه كان كلّ من صحب النّبى صلىاللهعليهوآله من اهل الفهم وخالطه حتّى عرف كلّ طريقة له بحيث صار
يقدر على ردّ الجزئيات الى الضّوابط الكلّية كقوله سبحانه (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ
حَرَجٍ) مثلا كان مجتهدا وان قلت انّ فهم الرّاوى فى نقل الحديث
بالمعنى حجّة فى حقّ المجتهد بل هو الحال فى نقل الاخبار من المجتهدين فى الكتب
الفقهيّة مع عدم ذكر المتن فكيف خصصت حجّية فهم الراوى بحقّ مقلّده قلت ان الحجية
فى حقّ المجتهد هى فهم نفسه الّا انّ متابعة فهم الرّاوى من جهة الظنّ باصابته
وتطابق فهمه لفهم المجتهد وكون فهمه سببا لظنّ المجتهد وطريقا اليه نظير انّ الحجة
فى حقّ المجتهد فى فهم الخطابات الشّفاهيّة القرآنية هى فهم المجتهد ولو كانت
مختصّة بالمشافهين الّا ان المجتهد يتّبع فهم المشافهين من جهة كون فهمهم موجبا
للظنّ ولذا لا يتّبع فهمهم لو ثبت عنده خطائهم فقد اجاد بعض الاصحاب فى دعوى ان
الاستدلال بالآية على وجوب الاجتهاد كفاية اولى من الاستدلال بها على حجيّة خبر
الواحد وكذا سلطاننا والمحقّق القمّى فى دعوى ان المتبادر من الفهم هو الاستنباط والانذار
هو الإفتاء دون سماع الخبر ونقله الّا انّ المتبادر من الانذار ليس هو خصوص
الإفتاء بل مطلق الابلاغ الخوف ولا يصحّ اسناده أو لا يتناول بدون مداخلة فهم
المنذر والمقصود من استظهار الافتاء من الانذار هو الافتاء على وجه التخويف وإلّا
فلا خفاء فى ان الإفتاء اعم واورد ايضا بوجوه اخرى منها انّ المتبادر من الطّائفة
الزّيادة على الاثنين فالظّاهر ان المراد بالفرقة اهل كل حشم حشم وقرية قرية فليس
المقصود بالفرقة هو الثلاثة وبالطائفة هو الواحد ويعضد ذلك انّ ضمير الجمع فى قوله
سبحانه ليتفقهوا ولينذروا يرجع الى الطّائفة وهو ياتى عن كون المراد بالطائفة
الواحد او الاثنين ولو قيل ان الرجوع باعتبار ان الطائفة عبارة عن الطوائف
قلنا انه خلاف الظاهر والظاهر ان الرجوع باعتبار الطائفة بنفسها وفيه انّ مجرد
تبادر الزّيادة على الاثنين من الطّائفة لا يمنع عن انتهاض الاستدلال لان اخبار
الثلاثة ايضا من خبر الواحد حيث ان المقصود بخبر الواحد هنا ما يقابل المتواتر
سلّمنا لكن انّ مجرّد كون الطّائفة على عدد التواتر لا يمنع عن انتهاض الاستدلال
لان انذار قومهم يمكن ان يكون بانذار الجميع لكل واحد وان يكون بانذار واحد لواحد
كما سمعت فبالإطلاق يتم المرام الا ان يتمسّك فى القدح فيه بعدم اعتبار اطلاقات
الكتاب كما سمعت وهو كلام آخر بل قد سمعت عن سلطاننا دعوى دلالة الآية على كون
الانذار بالوجه الثانى قضيّة مقابلة الجمع بالجمع فمفاد الآية ح عين المقصود إلّا
انّه قد انقدح القدح فيه ومنها بعد تسليم تعلّق ايجاب النفر بواحد من كل ثلاثة ان
الظاهر ح بلوغ الخبرين الى عدد التّواتر لان الغالب فى الاحشام والقرى الكثرة
العظيمة ويندر توطّن ثلاثة انفس من الرّجال والنساء والصّبيان فى موضع لا يكون لهم
رابع بل عاشر فالظاهر وجوب ان ينذر كل شخص نافر كل واحد من آحاد قوم مجموع
الطّوائف وبعبارة اخرى كل واحد من آحاد كل مفرد من مفردات الأقوام فافراد المنذرين
على حد التواتر و؟؟؟ الآية تعدّد الاقوام ووجوب ان ينذر كل طائفة قوم هذه الطّائفة
لا سائر الاقوام فلا يتاتى التواتر فى المنذرين هذا والمقصود بالطّائفة والفرقة فى
الآية هو الطائفة والفرقة من الرجال فمن يقول بوجوب الانذار على واحد من ثلاثة
انما يقول بوجوب انذار واحد من ثلاثة لا انذار الرّجل الّذى هو مع زوجه وولده
ثلاثة كما هو ظاهر المورد وان قلت الا يجب التفقه على هذا الرّجل له ولزوجه وولده
قلت رجال لا اشكال فى الوجوب إلّا انّه ليس من جهة دلالة الآية بل لغيرها كقوله
سبحانه (قُوا أَنْفُسَكُمْ
وَأَهْلِيكُمْ ناراً) ومنها ان اطلاق الانذار على نقل روايات الاحكام الشرعيّة
غير متعارف فيحتمل كون المراد التخويف على ترك او فعل ما ثبت بطريق القطع وهذا
ممّا يتاثر النفس بسماعه ويحصل به للنفس خوف يوجب اهتمامه بالواجبات وترك المحرمات
وان لم يكن خبر الواحد حجّة اقول انّ هذا الكلام يحتمل فيه وجوه حيث انّه اما ان
يكون المقصود به ان الانذار هو الابلاغ المخوف فلا يطلق ولم يتعارف اطلاقه على
مجرّد نقل روايات الاحكام الشّرعية لخلوّه عن التخويف فيمكن ان يكون المقصود به
الوعظ والنّصح بان يكون المقصود ايعاد الوعاظ على الامور الّتى كان المخاطبون
يعلمون بحكمها من الوجوب والحرمة كالايعاد على شرب الخمر وفعل الزناء واللواط وترك
الصّلاة وهذه الامور كثيرة لا حاجة فيها الى حجيّة خبر الواحد لعلم المخاطبين بالحكم
وفيه مع ان اسناد الانذار لا يتناول بمجرّد الابلاغ الخالى عن ارادة التخويف الّا
ان نقل الخبر كثيرا ما يكون مخوفا كما فى نقل الاخبار المبنية للعقوبات المتفرعة
على ترك الواجب وفعل الحرام كما لو قيل قال الامام من ترك الصّلاة فعليه كذا ومن
شرب الخمر فعليه كذا وهكذا واما ان يكون المقصود به ان الانذار لا يتضمّن النقل
والإبلاغ بل هو حقيقة فى مجرّد التخويف ولم يتعارف استعماله فى الابلاغ وان كان
مخوفا فيمكن ان يكون المقصود به التخويف بالوعظ والنّصح فى الامور المعلوم حكمها
من الوجوب والحرمة للمخاطبين ولا حاجة فيها الى حجية خبر الواحد وفيه ما تقدّم من
ان الانذار هو الابلاغ المخوف بمقتضى عبارة جماعة من اهل اللغة ومساعدة العرف مع
ان اطلاق اعتبار تخويف المنذرين يقتضى اعتبار ابلاغهم على الإطلاق اذ يمكن ان يكون
تخويفهم بالابلاغ واحد الى واحد فابلاغ الواحد معتبر وخبره حجّة فلا وجه لتقييد
الانذار بكونه فيما علم المخاطبون بحكمها واما ان يكون المقصود به ان الانذار هو
الابلاغ المخوف فلا يطلق على مجرّد نقل روايات الاحكام ولم يتعارف استعماله فيه
لخلوه عن التخويف فيمكن ان يكون الامر بالانذار من جهة ان النفس تتخوّف بسماع
الخبر المخوف وتتاثر به فتخوفه يوجب اهتمامه بفعل ما خوف عن تركه وترك ما خوف عن
فعله وان لم يكن خبر الواحد حجّة قضاء لحكم العقل بالاحتراز عن الضّرر المخوف اى
المشكوك فيه حيث ان الخوف عبارة عن الشّك فى الضّرر بل الامر هنا من باب الضّرر
المظنون لان خبر الواحد يفيد الظنّ وفيه بعد الاغماض عن كونه ابعد الوجوه فى معنى
العبارة ما سمعت فى تزييف الوجه الاوّل ومنها احتمال ان يكون ضمير ليتفقهوا راجعا
الى الباقى من الفرقة مع العالم دون من نفر منهم وقد اورد به ربما قبله فى الوافية
وفيه انه مبنىّ على تقرير الاستدلال بكون ضمير ليتفقهوا راجعا الى الطّائفة
النافرة وقد سمعت ادراج هذا الاحتمال فى الاستدلال وانتهاض الاستدلال عليه ومنها
ان التفقه الواجب ليس الا معرفة الامور الواقعيّة من الدّين فالانذار الواجب هو
الانذار بهذه الامور المتفقه فيها فالحذر
لا يجب الا عقيب الانذار بها فاذا لم يعرف المنذر بالفتح ان الانذار هل وقع
بالامور الدينية او بغيرها خطاء او تعمدا من المنذر بالكسر لم يجب الحذر ح فانحصر
وجوب الحذر فيما اذا عرف المنذر صدق المنذر فى انذاره بالاحكام الواقعيّة وقد اورد
به بعض الاصحاب وفيه ان مقتضى اطلاق وجوب الحذر بعد الاغماض عن وروده مورد بيان
حكم موضوع آخر كما مر هو وجوب قبول خبر المنذر بعد تفقهه ولو لم يعلم المنذر
بالفتح صدق المنذر فى المنذر به غاية الامر خروج صورة العلم بالكذب او الظنّ به او
الشكّ فيه عن الاطلاق واذا جاز العمل بالخبر المظنون الموجب للخوف عند الانذار جاز
العمل بسائر افراد خبر الواحد المظنون للقطع بعدم الفرق فكون التفقه الواجب هو
معرفة الامور الواقعية من الدّين وكون الانذار الواجب هو الانذار بهذه الامور لا
يجدى فى اختصاص وجوب القبول بالخبر المعلوم صدقه ومنها ان ذكر التفقه فى الآية يدل
على انّ المراد بالإنذار هو الإفتاء وقبول خبر الواحد فيه موضع الوفاق ولم اظفر
بالايراد على هذا الوجه من مورد الا ان صاحب المعالم ذكره على وجه السّئوال وفيه
ان الظّاهر منه تسليم عموم الانذار بنفسه لمجرّد نقل الخبر ودعوى اختصاصه بالافتاء
بقرينة سبق التفقه الّا انّه ان كان المقصود ان المقصود بالفقه فى التفقّه هو
المعنى الجديد فسبقه قرينة على انّ المقصود بالانذار هو الافتاء كما هو الظّاهر
ففيه ما لا يخفى لان المعنى الجديد من مصطلحات الفقهاء والاصوليّين فكيف يصحّ حمل
كلام الشّارع فى الكتاب عليه وان كان المقصود ان التفقّه ظاهر فى الاستنباط مع قطع
النظر عن طور الحقيقة الثانويّة فله وجه ومنها ان المقصود بالفقه فى التفقه فى
الآية انما هو علم الآخرة ومعرفة دقايق آفات النّفوس ومفسدات الاعمال وقوّة
الاحاطة بحقارة الدّنيا وشدّة التفطّن بنعيم الآخرة واستيلاء الخوف على القلب حيث
ان الفقه فى العصر الاول انما كان يطلق على ذلك ويعضد ذلك جعل العلّة الغائية هى
الانذار والتخويف حيث ان من المعلوم ان ذلك انّما يترتب على هذه المعارف لا على
معرفة فروع الطّلاق والمساقاة والسّلم وامثال ذلك والايراد به ينصرح من الغزالى
على ما حكى من كلامه وفيه انّه لم يثبت كون المقصود بالفقه فى عصر النّبى صلىاللهعليهوآله هو ما ذكر بل الفقه قد استعمل فى الكتاب فى موارد شتّى
وارادة المعنى المذكور منه فيها بعيد بل لا مجال له وجعل العلّة الغائية هى
الانذار والتخويف لا ينافى كون المقصود بالتفقه تفهّم الاحكام الفرعيّة لتحقق
التخويف فيها بنقل العقوبات المتفرّعة على ترك الواجبات وفعل المحرّمات عموما كان
ينقل المنذر عذاب الله سبحانه وعظم العذاب المتوعّد على عصيانه او خصوصا كان يحكى
المنذر العقوبات المتوعّد بها على المعاصى خاصّة واورد ايضا بوجوه ضعيفة لا جدوى
فى ذكرها وو ذكر ما فيها الثالثة [آية الكتمان] قوله سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما
أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي
الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) بتقريب ان يقال ان المسموع عن النّبى صلىاللهعليهوآله والائمة عليهم السّلم فى الاحكام الشرعيّة من الهدى كما
لا يخفى حيث ان النبى صلىاللهعليهوآله لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى وعلى منوال حاله
حال عترته مصابيح الدّجى وكلّ ما كان من الهدى يجب اظهاره ونقله للآية حيث انّه
سبحانه ارعد على كتمان الهدى اىّ هدى تكون فافاد وجوب نقله واطهاره على حامله
واحدا او اكثر لواحد كان او اكثر فيجب قبول خبر الواحد لظهوره عرفا من تحريم
الكتمان ولزوم اللّغو فى تحريم الكتمان لو لا وجوب القبول على ما مرّ فى تقرير
وجوب الحذر وفيه اولا ان النافع فى المقام اطلاق وجوب القبول ويتطرّق القدح على
الاطلاق بما تقدّم القدح به على اطلاق وجوب الحذر وثانيا ان الآية نزلت فى اخبار
اليهود والنّصارى حيث كتموا امر النّبى صلىاللهعليهوآله وهم كانوا يجدونه مكتوبا فى التّورية والإنجيل مبنيا
امره فيهما وعن الطبرسى ان المقصود بالكتاب هو التّورية وبه صرّح البيضاوى
فالمقصود بالموصول اخبار اليهود وعلى اىّ حال فلا يرتبط الآية بما نحن فيه وثالثا
ان اقصى ما يستفاد من الآية التّهديد على كتمان ما انزل الله ونبيه فى الكتاب وان
كان المقصود بالكتاب مطلق الكتب السّماويّة او القرآن كما حكى القول بهما فلا
ارتباط للآية بالمقام وما يقال انّ مفاد التقييد بالكتاب هو تحقّق البيان للهدى فى
الكتاب وليس مفاده كونه فيه فغاية ما افاده اشتراط كون الهدى المتوعّد على كتمانه
هدى بين فى الكتاب امّا اجماله لو كان فيه اجمال او انه بنوعه هدى وحجّة ولم يشترط
كون خصوصيّة من اجزاء الكتاب نعم لو كان فى الكتاب من متعلّقات انزلنا او الهدى
لتوجّه ذلك لكنّه خلاف الظّاهر بل الظّاهر تعلّقه بالجملة الّتى تلاها يندفع بان
الظاهر كون الهدى مذكورا
__________________
بخصوصه فى الكتاب ورابعا ان التّهديد فى الآية على كتمان الجماعة ولعلّه من
جهة حجيّة خبر المجموع لحصول العلم به فيجب القبول من المجموع فكان المجموع على
عدد التّواتر ووجوب الاظهار على كل واحد ليتالّف من المجموع ما يجب قبوله
كالشاهدين لا من جهة حجية خبر كل واحد ووجوب القبول منه وخامسا انه يمكن ان يقال
ان المراد بالكتمان هو الجحود والانكار نظير كون المراد بعدم الحكم بما انزل الله
فى قوله سبحانه ومن لم يحكم بما انزل هو الحكم بغير ما انزل الله من باب انصراف
المطلق الى بعض افراده او ورود النفى على القيد وسادسا ان اخبار الاخبار كانت
محفوفة بقرائن موجبة للعلم عند الاتباع كيف لا والغرض من اظهار الاخبار ثبوت
النبوّة ولا يكتفى فى النبوّة بخبر الواحد الظنّى واستدل ايضا بآيات اخرى لا يتم
الاستدلال بها وصرف الهمّ عنها الى الاهم احرى وامّا الثّانى فطوائف من الاخبار منها
ما دل على الترغيب والحث على مذاكرة الحديث وكتابته كما عن ابى عبد الله عليه
السّلم اكتب وبث علمك فى اخوانك فان متّ فاورث كتبك بينك فانّه ياتى على الناس
زمان هرج لا يانسون فيه الا بكتبهم والتّحديث بما فى كتب الشّيعة كما عن ابى جعفر
الثانى عليه السّلم بعد قول السّائل جعلت فداك انّ مشايخنا رووا عن ابى جعفر وابى
عبد الله عليهما السّلم وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم فلم يرو عنهم فلما ماتوا
صارت الكتب الينا حدثوا بها فانها حقّ ومنها الاخبار الواردة بابلاغ مضامين الى
الشّيعة وهى اكثر من ان تحصى كما صرّح به السيّد السّند المحسن الكاظمى كما عن ابى
جعفر ع ابلغ شيعتنا انه لا ينال ما عند الله الا بعمل وابلغ شيعتنا ان اعظم النّاس
حسرة يوم القيمة من وصف عدلا ثم خالفه ومنها ما دلّ على ارجاع آحاد الرّواة الى
آحاد اصحابهم فى العمل او الرّواية كما عنه عليه السّلم فى رواته اذا اردت حديثا
فعليك بهذا الجالس مشيرا الى زرارة وعنه عليه السّلم الابن ابى يعفور بعد السّئوال
عمن يرجع اليه اذا احتاج او سئل عن مسئلة فما يمنعاه عن الثقفى يعنى محمّد بن مسلم
فانه سمع من ابى احاديث وكان عنده وجيها وعنه عليه السّلم أبان بن تغلب سمع منى حديثا كثيرا وروى لك فارو عنى
وعنه عليه السّلم الشعيب العقرقوفي بعد السّئوال عمن يرجع اليه عليك بالاسدى يعنى
أبا بصير وعنه لعلى بن المسيّب بعد السّئوال عمن ياخذ عنه معالم الدّين عليك
بزكريّا بن آدم المامون على الدّين والدّنيا وعنه عليه السّلم لعبد العزيزين
المهدى بعد ان قال ربما احتاج ولست القاك فى كلّ وقت أفيونس بن عبد الرّحمن ثقة
آخذ عنه معالم دينى نعم وهذا الخبر كالخبرين السّابقين عليه امّا ظاهر فى الرّواية
او اعمّ منهما وعنه عليه السّلم انّه لما قال له بعض اصحابه من اعامل وعمّن اخذ
وقول من اقبل فقال العمرى ثقة فما ادى فعنى يؤدى وما قال لك فعنى يقول ومن الفتوى
فاسمع له واطع فانّه الثقة المامون وعنه عليه السّلم العمرى وابنه ثقتان فعنى
يؤديان وما قالا لك فعنّى يقولان فاسمع لهما واطعهما فانّهما الثقتان المأمونان
وظاهر هذين الخبرين اناطة القبول بالوثاقة ومقتضى الخبر السّابق عليهما انّ قبول
خبر الثقة او قول الثقة خبر لكان او فتوى كان امرا مفروغا عنه عند الرّاوى فسئل عن
وثاقة يونس ليترتّب عليه اخذ المعالم عنه ثم انّه ربما يتوهّم انّ مقتضى تلك
الاخبار جواز العمل بخبر الواحد فى صورة التمكّن من تحصيل العلم ياخذ الحكم عن
المعصوم عليه السّلم ولا باس به بناء على حجية الظّنون الخاصّة اذ لا باس بحجية
الطّريق الخاصّ مع امكان تحصيل العلم لكنّه ينافى حجيّة مطلق الظنّ لعدم جواز
العمل بالظنّ فى صورة التمكّن من تحصيل العلم فمقتضى تلك الاخبار حجيّة خبر الواحد
من باب حجيّة الظنّ الخاصّ من حيث الخصوصيّة اقول انّ هذا المقال وذلك الخيال
انّما يبتنى على حصول العلم فى الاخذ عن المعصوم عليه السّلم وهو مبنىّ على تطرّق
العلم فى مداليل الالفاظ فى المشافهات كما هو المنصور على ما حرّرناه فى محلّه
واما بناء على العلّة المشهور من عدم تجاوز مداليل الألفاظ عن الظنّ فلا مجال لذلك
لوضوح عدم حصول العلم باخذ الحكم بالشّفاهة عن المعصوم فلا مجال لدلالة تلك
الاخبار على حجيّة خبر الواحد فى صورة التمكّن من تحصيل العلم وايضا لا باس بتقييد
تلك الاخبار بصورة عدم التمكّن من الاخذ عن المعصوم إلّا ان يقال انّه لما تعدّد
الإطلاق فيتقوى ويمانع عن التقييد بناء على ما حرّرناه فى محلّه من تقديم العموم
والإطلاق على التّخصيص والتقييد لو تعدّد العموم والاطلاق بتعدّد المجلس او تعدّد
المعصوم الّا ان يقال انّه يتّجه هذا المقال لو كان الدّليل على عدم جواز العمل
بالظنّ فى صورة التمكّن من العلم هو الإجماع المنقول كما ياتى وامّا لو كان
الدّليل على ذلك هو الاجماع المحقّق او الدّليل العقلى فلا مجال للعمل بالإطلاق
ولو كان مفيدا للظنّ القوىّ وايضا التمسّك بخبر الواحد على حجية خبر الواحد يستلزم
__________________
الدّور الا ان يبلغ الامر الى حد العلم وليس عموم تلك الاخبار لصورة
التمكّن من تحصيل العلم بالغا حدّ العلم فلا مجال للتمسّك باطلاق تلك الاخبار على
حجيّة خبر الواحد فى صورة التمكن من تحصيل العلم وايضا لا دلالة فيما قال فى باب
أبان بن تغلب على جواز العمل برواياته بل غاية الامر الدلالة على جواز التحمّل منه
الّا ان يقال ان تجويز التحمّل يقتضى تجويز العمل والّا فلا فائدة فى مجرّد
التحمّل لكنك خبير بعدم انحصار العامل فيمن يتمكّن من تحصيل العلم فلعلّ جهة تجويز
التحمّل العمل ممن لا يتمكن من تحصيل العلم بل الرّواية الاولى لا دلالة فيها على
جواز العمل بالرّواية بل غاية الامر جواز التحمل الّا ان يذبّ بما ذكر ويمكن دعوى
انصراف الطّائفة المتاخّرة من تلك الاخبار الى الفتوى فلا دلالة فيها على جواز
العمل بالخبر فى حال التمكن من تحصيل العلم غير مربوط بدليل يقتضيه الى وايضا عدم
جواز العمل بالظنّ فى صورة التمكن من تحصيل العلم غير مربوط بدليل يقتضيه اذ لا
دليل عليه من الكتاب والسنّة فينحصر الدّليل عليه لو دلّ فى الاجماع والعقل
بملاحظة قبح ترجيح المرجوح على الراجح وشيء منهما لا يثبت به ذلك امّا الاجماع
فلان المحقّق منه غير متحقق وامّا المنقول منه فلا جدوى فيه لعدم الوثوق بنقل
الاجماع عندى غالبا مضافا الى عدم ثبوت اعتبار الاجماع المنقول اذ اعتباره اما من
باب اعتبار الظّنون الخاصّة او من باب اعتبار مطلق الظنّ اما اعتباره من باب
اعتبار الظّنون الخاصّة فهو مبنى على عموم مفهوم آية النبإ له الّا انّه بعد صحّة
اصل الاستدلال به على اعتبار خبر العدل وبعد عدم انصرافه الى الخبر عن المحسوس
يبتنى التمسّك به على اعتبار اطلاق المفهوم المذكور واطلاق مناطيق الكتاب وعموماتها
خال عن الاعتبار فكيف الحال فى اطلاق المفهوم واما اعتباره من باب اعتبار مطلق
الظنّ فيظهر الكلام فيه بما ياتى من الكلام فى الاستدلال بقبح ترجيح المرجوح على
الرّاجح على حجيّة مطلق الظنّ مع انّه يمكن القول باستقرار طريقة الناس على العمل
الظنّ ولا سيّما فى صورة التمكّن مع العلم فلا مجال لدعوى القبح العرفى والعقلى لو
فرض كون الغرض من قبح ترجيح المرجوح على الرّاجح هو القبح الخبر العرفى والعقلى
كما هو الظّاهر لا القبح الشرعى بمعنى استحقاق العقاب على انّه لا تعارض بين
الرّاجح والمرجوح فى المقام فعلا لعدم قيام العلم غاية الامر ثبوت التّعارض شأنا
بل لم يثبت التّعارض شأنا لاحتمال اتّحاد مفاد العلم والظنّ بانجرار الظنّ الى
العلم الّا ان يقال انّ الغرض قبح الاكتفاء بالظنّ مع امكان تحصيل العلم او قبح
تجويز الاكتفاء بالظنّ فى صورة امكان تحصيل العلم من الشّارع لكن نقول انه يمكن
منع قبح الاكتفاء سواء كان الغرض القبح العرفى او العقلى او الشّرعى بدعوى استحقاق
العقاب على الاكتفاء وكذا يمكن منع قبح تجويز الاكتفاء لامكان المصلحة فى العمل
بالظنّ كالسّهولة ولو بالاضافة الى تحصيل العلم بكونه سهلا ايضا بل لا محيص عن
التّجويز لو كان تحصيل العلم عسرا بناء على قبح التّكليف بالعسر ومنها اخبار علاج
التعارض بين الأخبار وهى كثيرة قد استوفيها الوافية فى باب الترجيح واجملها
المحقّق القمّى بقرب من اربعين وهى وان كانت متعارضة فى انفسها كما حرّرناه فى
محلّه إلّا انها متفقة الدلالة بدلالة واضحة على جواز العمل باخبار الآحاد المظنون
الصّدور ويمكن ان يقال انّ حجية خبر الواحد ليست مدلول تلك الاخبار وانّما الدال
عليها هو السّكوت عن الرّدع عن اصل العمل بخبر الواحد لحجية خبر الواحد ثابتة
بالتقرير لا بالاخبار ويمكن دفعه بان التقرير انّما يتاتى فى صورة عدم الانكار فقط
واما لو اقترن السّكوت بالثناء على الفاعل مثلا نحو بارك الله فى صفقة يمينك فى
واقعة عروة البارقى كما هو المشهور وعرفه الازدى على الاصحّ على ما حرّرناه فى بعض
الفوائد الرّجاليّة فالامر من باب دلالة الالتزام عرفا ولذا يكون الكلام المذكور
دالا على صحّة البيع الفضولى من باب دلالة اللفظ بل من ذلك اقحام بحث ترك
الاستفصال فى مباحث الفاظ العموم والّا لكان الدّلالة على العموم مستندا الى الترك
وعقليّة ولم يقل به احد نعم ادرج بعض فى التقرير ما لو اقترن السّكوت عن الفعل
وعدم الرّدع عنه بالثناء على الفاعل لكنه ليس بالوجه اللهمّ الّا ان يقال ان
التقرير هو عدم الانكار لا بشرط لا بشرط لا ففيما نحن فيه يكون حجية خبر الواحد
ثابتة بالاخبار وبالتقرير ايضا بل يجرى نظيره كلّما اقترن السّكوت عن الفعل وعدم
الرّدع عنه بما يستلزم الرّضا فالدّال على الجواز ح أمران احدهما التقرير والآخر
اللفظ المستلزم للرّضا وبعد ما سمعت اقول ان الاوجه فى تقريب الاخبار المذكورة ان
يقال انها تدلّ على الاذن فى العمل بخبر الواحد بعد الترجيح او على وجه التخيير
وهو عين الدّلالة على الاذن بالعمل بخبر الواحد فى الجملة فليس الدلالة من باب
الدّلالة بالالتزام من جانب اللّفظ ولا من جهة التقرير وكيف كان فما لو قيل من ان
الاخبار المتعارضة المسئول عن
حكمها هى الاخبار المحفوفة بالقرائن المفيدة للقطع لو لا التعارض اى
المفيدة للعلم شافا زخرف من القول نعم مقتضى تلك الاخبار ان السّئوال عن الخبرين
الّذين فرض السّائل كون كل منهما حجّة متعيّنا من حيث العمل به لو لا التّعارض
فعلم السّائل بتعيّن العمل بعد التعارض ايضا فى الجملة لكن لم يعلم وجه العمل من
انّه على وجه التّخيير او الترجيح وعلى فرض التّرجيح باى وجه يكون التّرجيح وهو
نظير السّئوال عن تعارض البيّنة او ائمة الصّلاة فمقتضى تلك الاخبار هو حجيّة خبر
الواحد المظنون صدورا فى الجملة ولا اطلاق لها وان كان مقتضى بعض منها حجيّة خبر
الثقة على الاطلاق ومنها الاخبار الدالة على وقوع الكذب فى الاخبار الماثورة عن
الائمة عليهم السّلم كما ورد من قولهم عليهم السّلم لكلّ رجل منا من يكذّب عليه
وقوله عليه السّلم انا اهل بيت صديقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا وقوله عليه
السّلم ان الناس او لغوا بالكذب علينا وغير ذلك حيث انها ترشد الى انّ بناء
المسلمين على العمل باخبار الآحاد والا فلو كان بنائهم مستقرّا على الاقتصار على
الاخبار المتواترة او المحفوفة بالقرينة القطعيّة لم يكثر الكذب لعدم الفائدة فى
الوضع لعدم الاعتناء والعمل به من احد فلا يتاتّى الغرض المقصود من الجعل فان
الغرض منه عمل الناس واذعانهم بالمجعولات والاكاذيب ولو كان بنائهم على الاقتصار
على الاخبار القطعيّة لما عملوا بغيرها فلم يجعل الكذابون ما جعلوا للعلم بعدم
حصول الغرض وما استقرّ عليه بناء المسلمين وجرى عليه سيرتهم حجّة بواسطة التّقرير ومنها
اخبار متفرّقة كما روى عنه عليه السّلم قال بلغنى انك تقعد فى الجامع فتفتي الناس
قلت نعم وأردت ان أسألك عن ذلك قبل ان اخرج انى اقعد فى المسجد فيجئ الرّجل
فيسألني عن الشيء فاذا عرفته بالخلاف لكم اخبرته بما يفعلون ويجيء الرّجل لا اعرفه
ولا ادرى من هو فاقول جاءنى عن فلان كذا وجاءنى عن فلان كذا فادخل قولكم فيما بين
ذلك فقال لى اصنع وما روى عنه عليه السّلم فما اجد احدا اجلى احد ذكرنا واحاديث ابى
الّا زرارة وابو بصير وليث المرادى ومحمّد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلى وما روى
عنه عليه السّلم رحم الله زرارة بن اعين لو لا زرارة لاندرست احاديث ابى وما روى عنه عليه السّلم لا تاخذن معالم دينك من غير
شيعتنا فانك ان تعديتهم اخذت دينك من الخائنين الّذين خانوا الله ورسوله وخانوا
اماناتهم انّهم ائتمنوا على كتاب الله فحرفوه وبدّلوه وهاتان الرّوايتان ظاهرتان
فى الرواية او اعمّ منها ومن الفتوى وما روى عنه عليه السّلم فى كتب بنى فضال حيث
قالوا له ما نصنع بكتبهم وبيوتنا منها ملأ خذوا ما رووا ورووا ما راوا واحتمال كون
المقصود الاخذ بالرّواية الّتى رواها بنو فضال بجميعهم ضعيف مع انه لا يتاتى
التواتر برواية البين ولو باسرهم وما روى عنه حديث واحد فى حلال وحرام تاخذه من
صادق خير لك من الدّنيا وما فيه من ذهب وفضّة وما روى عنه عليه السّلم لا عذر لاحد
من موالينا فى التشكيك فيما يرويه عنّا ثقاتنا قد علموا انا نفاوضهم سرنا ونحمله
اليهم وما روى عنه عليه السّلم بعد قول السّائل اصلحك الله انا نجتمع فنتذاكر فما
يرد علينا شيء الا وفيه شيء مسطر وذلك مما انعم الله علينا بكم ثمّ يرد علينا
الشيء الصّغير وليس عندنا فيه شيء فنظر بعضنا الى بعض وعندنا ما يشبهه فنقيس على
احسنه فقال ما لكم والقياس انّما هلك من هلك قبلكم بالقياس ثمّ قال اذا جاء ما
تعلمون فقولوا به وان جاءكم ما لا تعلمون فها واهوى بيده الى فيه حيث ان فيه
التّقرير للعمل بما فى الكتب حيث ان المسطر بمعنى المكتوب وعن بعض النّسخ مستطر
بناء منقوطة مثناة فوقانيّة قبل طاء مشالة وهو ايضا بمعنى المكتوب وما فى الكتب من
باب اخبار الآحاد غالبا وربما يتاتى الأشكال فى دلالة هذا الخبر من جهة انّ فى
ذيله النّهى عن العمل بغير العلم ومنه اخبار الآحاد الا ان الظّاهر انّ المقصود
بالعلم ما يعمّ المسطر فما ثبت بخبر الواحد من باب المعلوم بل الظّاهر ان المقصود
بالعلم هو المسطر والمقصود ان فيما ليس عندكم شيء من المسطر فتوقفوا فكلامه جواب
عن مورد السّئوال وهو ما خلى عن المسطور وفى الاخبار ما يزيد على ما ذكر مما يطلع
عليه المتتبّع وامّا الثّالث فتقريره من وجوه احدها الاجماع على حجيّة خبر الواحد
فى مقابل السّيد ومن تبعه وطريق تحصيله من وجهين احدهما تتبع اقوال العلماء ممّن
عدا السّيد واتباعه فيحصل من ذلك القطع بالحجية من جهة تراكم الفتاوى كما هو الوجه
الاوجه فى حجيّة الاجماع فى اعصار الغيبة او من جهة القطع بدخول المعصوم فى
المجمعين ولا يضرّ مخالفة السّيّد واتباعه لكونهم معلومى النّسب كما ذكره الشّيخ
فى العدّة او للاطلاع على الشّبهة الباعثة
__________________
لمصيرهم الى الانكار كما هو ظاهر العلامة فى النّهاية حيث ان الظاهر من
قوله فى عبارته المتقدّمة والآتية الشبهة حصلت لهم هو الاطلاع على الشّبهة لا
مجرّد ادّعاء ان ما صاروا اليه من الانكار لشبهة داعية لهم اليهم البتّة وان لم
يعلم بها او من جهة الحدس برضاء المعصوم كما هو طريقة المتاخّرين فى جهة حجية
الاجماع ثانيهما تتبّع الاجماعات المنقولة على حجيّة خبر الواحد حيث ان تواتر نقل
الاجماع احد طريقى تحصيل الاجماع بل انكر صاحب المعالم امكان الاطّلاع على الاجماع
فى اعصار الغيبة من غيره جهة النقل او على العمل باخبار اشخاص خاصّة او العمل ببعض
اقسام الخبر فمنها ما ادّعاه الشّيخ فى العدّة فى عبارته المتقدمة من دعوى الاجماع
على اصل حجية خبر الواحد ودعوى الاجماع على حجية اخبار اشخاص خاصّة كاخبار
الفطحيّة والواقفية والطّاطرية وغيرهم بل عنه فى مواضع كثيرة دعوى الاجماع على
العمل برواية السّكونى وعمّار ومن ماثلهما وربما يستبعد نقل الاجماع من السيّد
والشيخ على طرفى النقيض مع كونهما متقاربى العصر او معاصرين الّا انه لا بعد فيه
فكم من مسئلة فرعيّة معنونة فى كتب الاصحاب وقد ادّعى الاجماع فيهما على النّفى
والاثبات وربما ذكر فى كلماتهم تارة منشأ اختلاف النقلين واخرى جمع بينهما ببعض
الوجوه وقد تقدّم كل من الامرين ومنها ما حكاه العلّامة فى النّهاية فى قوله امّا
الاماميّة فالاخباريّون منهم لم يعولوا فى اصول الدّين وفروعه الّا على اخبار
الآحاد المرويّة عن الائمة والاصوليّون منهم كابى جعفر الطّوسى وغيره وافقوا على
قبول خبر الواحد ولم ينكره سوى المرتضى واتباعه لشبهة حصلت لهم قال بعض اصحابنا
انّ مراده من الأخباريّين يمكن ان يكون مثل الصّدوق وشيخه ابن الوليد حيث اثبتا
السّهو النبىّ صلىاللهعليهوآله والائمة لبعض اخبار الآحاد وزعما ان نفيه عنهم اوّل
درجات الغلوّ وحكى عنه فى موضعين آخرين من النّهاية ايضا دعوى الاجماع ومنها ما
حكاه فى المعالم من اطباق علماء الاصحاب الذين عاصروا الائمة واخذوا عنهم وقاربوا
عصرهم على رواية اخبار الآحاد وتدوينها والاعتناء بحال الرّواة والتفحّص عن القبول
والمردود والبحث عن الثقة والضّعيف واشتهارهم ذلك بينهم فى كلّ عصر من تلك الاعصار
فى زمن امام بعد امام ولم ينقل من احد انكار ذلك او مصير الى خلافه ومنها ما قاله
الفاضل التّونى من انا نقطع بعمل اصحاب الائمة عليهمالسلام وغيرهم ممّن عاصرهم باخبار الآحاد بحيث لم يبق للمتتبع
شكّ فى ذلك ونقطع بعلم الائمة عليهم السّلم بذلك والعادة قاضية بوجوب تواتر المنع
لو كان العمل بها فى الشّريعة ممنوعا مع انّه لم ينقل عنهم خبر واحد فى المنع بل
ظاهر كثير من الاخبار جواز العمل بها ويؤيّده اطباق العلماء على رواية الاخبار
وتدوينها والاعتناء بحال الرّواة والتفحّص عن المقبول والمردود وهو قال فى بحث
تخصيص الكتاب بخبر الواحد ان عمدة ادلّة حجيّة خبر الواحد الإجماع ومنها ما ذكره
المحقق القمىّ من اشتهار العمل بخبر الواحد فى زمن الرّسول وعمل الصّحابة عليه من
غير نكير وذكر الخاصّة والعامّة وقائع كثيرة ذكروا فيها عمل الصّحابة به يحصل من
مجموعها العلم باتفاقهم الكاشف عن رضاه ومنها ما عن السيّد السّند النجفىّ على ما
ببالى من انّ العمدة فى حجيّة خبر الواحد عمل الاصحاب واجماعهم على ذلك ومنها ما
ذكره السيّد السّند المحسن الكاظمى من انّا لا نشكّ فى انّ عمل الطّائفة مذ كانت
وافترق الناس الى شيعى وسنّى ودونوا الاخبار ونظروا فى الرّجال للجرح والتّعديل فى
ايّام الصادقين عليهما السّلم وبعدهما انما هو على الاخذ باخبار الآحاد لا طريقة
لهم سوى ذلك واقصى همهم التفتيش عن عدالة الراوى فلمّا اصابوا ذلك لم يتوقفوا
اللهمّ الّا ان يكون فى مضمون الخبر ريبة كان يكون خارجا عن قواعدهم المعروفة او
مخالفا لما يقتضيه الانظار كما حاء فى دية الاصابع او كان فى ايديهم ما يعارضه او
نحو ذلك فيرجعون ح الى الامام ويقولون قد جاءنا عنك كذا وكذا وروى عن ابيك كذا
ومنها ما ذكره بعض الاصحاب من ان الانصاف ان ما حصل فى هذه المسألة من الاجماعات
المنقولة والشّهرة العظيمة لذهاب معظم الاصحاب بل كلّهم عدا السيّد واتباعه من زمن
الصّدوق الى زماننا هذا الى حجيّة خبر الواحد الغير العلمى حتى ان الصّدوق تابع فى
التّصحيح والردّ لشيخه ابن الوليد وان ما صحّحه فهو صحيح وما ردّه فهو مردود كما
صرّح به فى صلاة الغدير وفى الخبر الّذى رواه فى العيون عن كتاب الرّحمة والامارات
الكثيرة الدالة على العمل مثل ظهور عبارات اهل الرّجال فى تراجم كثرة من الرّواة
فى كون العمل بالخبر الغير العلمى مسلما عندهم مثل قولهم فلان لا يعتمد على ما
ينفرد به وفلان مسكون فى روايته وفلان صحيح الحديث والطّعن فى بعض بانّه يعتمد
الضّعفاء والمراسيل وظهور بعض
أسئلة الرّواة فى كون العمل بالخبر الغير العلمى مفروغا عنه لم يحصل فى غير
تلك المسألة فالشّاك فى تحقق الاجماع فى هذه المسألة لا اراه يحصل له الاجماع فى
مسئلة من المسائل الفقهيّة اللهمّ إلّا ان يكون فى ضروريّات المذهب إلّا انّه قال
لكن الانصاف ان المتيقن من هذا كله الخبر المفيد للاطمئنان لا مطلق الظنّ ومنها ما
عن السيّد رضى بن طاوس حيث قال فى جملة كلام له يطعن فيه على السّيّد ولا يكاد
تعجبى ينقضى كيف اشتبه عليه ان الشّيعة لا يعمل باخبار الآحاد فى الامور الشرعيّة
ومن اطلع على التواريخ والأخبار وشاهد عمل ذوى الاعتبار وجد المسلمين والمرتضى
وعلماء الشّيعة الماضين عاملين باخبار الآحاد بغير شبهة عند العارفين كما ذكره
محمّد بن الحسن الطّوسى فى كتاب العدّة وغيره من المشغولين بتصفّح اخبار الشّيعة وغيرهم
من المصنّفين بل مقتضى هذه العبارة اتفاق دعوى الاجماع من غير الشيخ من جمع كثير
ومنها ما عن العلّامة المجلسى حيث ادّعى فى موضع تواتر الاخبار وعمل الشّيعة فى
جميع الاعصار على العمل بخبر الواحد وفى آخر انّ عمل اصحاب الائمّة على العمل بخبر
الواحد متواتر بالمعنى وفى ثالث استقرار عمل الشّيعة بل جميع المسلمين على العمل
بالاخبار فى جميع الأعصار ومنها ما تقدّم من الشّهيد فى الذكرى من دعوى ان الأصحاب
كانوا يعملون بشرائع ابن بابويه عند اعواز النّصوص تنزيلا لفتاويه منزلة رواياته
حيث انه لو لا عمل الاصحاب بروايات ابن بابويه الظنيّة لما عملوا بفتاويه فى
الشرائع عند فقد الرّوايات ومنها ما ذكره شيخنا البهائى فى مشرقه من ان الصّحيح
عند القدماء ما كان معتضدا بما يقتضى الاعتماد عليه او مقترنا بما يوجب الوثوق
والركون اليه وذكر فيما يوجب الاعتماد والركون ما لا يزيد عن افادة الظنّ قال بعض
اصحابنا ومعلوم ان الصّحيح عند القدماء هو المعمول به وليس مثل الصّحيح عند
المتاخرين فى انه قد لا يعمل به لاعراض الاصحاب او تخلل آخر فالمراد ان المقبول
عندهم ما يركن اليه النفس وتثق به اقول ان الصّحيح عند القدماء وان كان قد لا يعمل
به عندهم كما لو اعرض عنه الاصحاب كما هو مقتضى كلام الكلينى فى بعض الموارد فلا
شبهة فى انّه لو كان الخبر الصّحيح بمعنى مظنون الصّدور كما هو مقتضى كلام الشّيخ
غير معمول به عندهم وإلّا فلا فائدة فى ذكر مجرّد الاصطلاح فمقتضى كلامه
اطباق القدماء على العمل بالخبر المظنون الصّدور فى الجملة كما هو الوجه الاظهر فى
كلامه او على الاطلاق غاية الامر خروج بعض الموارد عن اطلاق كلامه فهو لا يوجب عدم
اعتبار كلامه بالكليّة فلا يخرج كلامه عن خير الحجيّة فى صحة التمسّك به على حجية
الخبر المظنون الصّدور فى الجملة ومنها ما عن جماعة من الاصحاب كالشّيخ فى العدّة
والنجاشى والشّهيدين فى الذكرى وشرح الدّراية والمقدّس فى المجمع والسيّد السّند
النجفىّ من دعوى اتّفاق الاصحاب على العمل بمراسيل ابن ابى عمير وقد اتفق ايضا
دعوى الاتفاق المذكور فى كلام المحقّق فى المعتبر فى كلام الطهارة الّا انه منع
عنه فى مسئلة سنن الطّهارة وقدح ايضا فى اواخر كتاب الطّهارة فى بعض مراسيل ابن
ابى عمير وكذا فى كلام العلّامة فى المختلف فى كتاب البيع بل فى المنتهى فى باب
المطهّرات وكذا فى كلام الشّهيد فى المسالك فى مسئلة من اوقب غلاما حرّم عليه امّه
ومنها ما عن ثلة كالشيخ فى العدّة والشّهيد فى الذكرى وكاشف الرّموز من دعوى اجماع
الاصحاب على العمل بمراسيل البزنطى ومنها ما عن الشّيخ فى العدّة والشّهيد فى
الذكرى من دعوى الاجماع على العمل بمراسيل صفوان بن يحيى ومنها ما حكاه الصّدوق فى
شان اليقطينى على ما عن النجاشى فى ترجمة زرارة من ان ابن الوليد قال ما تفرّد به
محمّد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يعتمد عليه ورايت ان اصحابنا ينكرون ذلك
ويقولون من مثل ابى جعفر محمّد بن عيسى حيث ان ظاهر هذه العبارة دعوى اتفاق
الاصحاب ممّن عدا ابن الوليد على العمل بروايات اليقطينى ومنها ما حكاه الكشى فى
شان جماعة من الرّواة من دعوى اجماع العصابة على العمل بما يصحّ عنهم حيث ادّعى
الاجماع على تصحيح ما يصحّ عنهم وكذا ما حكاه فى شان جماعة اخرى من دعوى الإجماع
على تصديقهم بناء على كون المرجع فى التّصديق الى التّصحيح وامّا بناء على كون
الغرض من التّصديق هو الحكم بالصّدق من دون رجوع الامر الى التّصحيح كما هو الأظهر
فلا يتاتى الاستناد كما ان الاستناد الى دعوى الاجماع على التصحيح انما يتاتى بناء
على كون الغرض الاجماع على صحّة الحديث وامّا بناء على كون الغرض الاجماع على صحّة
الاسناد اى الصّدق كما هو الاظهر فلا يتاتى الاستناد ايضا بل لا يتاتى الاستناد
ايضا بناء على كون الغرض الاجماع على صحّة الحديث وتفصيل الحال موكول الى ما
شرحناه
__________________
فى الاصول عند الكلام فى اصحاب الاجماع والرّسالة المعمولة فى اصحاب
الاجماع ولو تمّ الاستناد الى نقل الاجماع على التّصديق او التّصحيح فيتاتى
الاستناد الى نقل الاجماع من بعض القدماء فى تبديل الجماعة ببعض بناء على كون ناقل
الاجماع ممن يعتدّ به كما هو مقتضى نقل الكشى عنه ومنها ما حكاه السّيّد الداماد
فى الرّواشح من اتّفاق الاصحاب على العمل بما يصحّ عن ثعلبة بن ميمون ومنها ما عن
العلامة فى النّهاية من حكاية اجماع الصّحابة ومن بعدهم على تخصيص الكتاب بخبر
الواحد ومنها ما عن العلامة فى النّهاية والتّهذيب والعميدى من دعوى الاجماع على
قبول الحديث اذا ارسله مرسل واسنده غيره ومنها ما عن الشّهيد الثانى وبعض المحققين
من نقل اتفاق اصحابنا عدا ابن داود على العمل بما رواه الكلينى عن محمد بن إسماعيل
ثانيها ان يدّعى الاجماع حتى من السّيّد واتباعه على وجوب العمل بالخبر المظنون صدوره
فى زماننا وشبهة ممّا انسد فيه غالبا باب العلم بالصّدور من جهة التّواتر او
الاطلاع على القرائن المفيدة للعلم بصدق الخبر والظّاهر ممّا مرّ من ان السيّد
اجاب عما لو قيل اذا سددتم طريق العمل بالاخبار فعلى اى شيء تعولون فى الفقه كلّه
بان معظم الفقه يعلم بالضرورة من مذاهب ائمتنا فيه بالاخبار المتواترة وما لم
يتحقق فيه ذلك ولعلّه الاقل يعول فيه على اجماع الاماميّة انّما هو تجويز العمل
بخبر الواحد فى زمان الانسداد بل مقتضى كلامه فى باب الامر بالفعل المشروط مع علم
الامر بانتفاء الشّرط كما تقدّم تسلم قيام الظنّ مقام العلم عند تعذره ثالثها
استقرار سيرة المسلمين على استفادة الاحكام الشّرعية من اخبار الثقات المتوسّطة
بينهم وبين الامام او المجتهد أترى ان المقلّدين يتوقفون فيما يخبرهم الثقة عن
المجتهد فى مسائل حيضها وما يتعلّق بها الى ان يتاتى العلم
بتجويز المجتهد للعمل بالخبر الظنّى وهذا مما لا شكّ فيه ودعوى حصول العلم فى جميع
الموارد بعيدة عن الانصاف اقول انّ مدار هذا الوجه على استكشاف رضا المعصوم من نفس
اجماع المسلمين بسيرتهم ويمكن الاستكشاف بتوسّط التقرير وعدم الانكار الّا انّه
يخرج المستند ح عن باب الاجماع ويدخل فى باب التقرير بناء على عدم اختصاصه بما فعل
فى حضور المعصوم عليه السّلم بل عمومه لما فعل فى غياب المعصوم مع علمه بالوجه
المتعارف رابعها استقرار طريقة العقلاء باجمعهم على الرّجوع الى خبر الثقة فى
امورهم العادية ومنها الاوامر الجارية من الموالى الى العبيد فنقول انّ الشارع ان
اكتفى بذلك منهم فى الاحكام الشرعيّة فهو والّا وجب عليه ردعهم وتنبيههم على بطلان
سلوك هذا الطريق فى الاحكام الشرعية وحيث لم يردع علم رضاه بذلك اقول ان مرجع هذا
الوجه الى التقرير بان يقال انّ طريقة العقلاء جارية فى الامور العادية على الاكتفاء
بخبر الثقة وحيث علم الله سبحانه انّهم لو لم يردعوا عن السّلوك فى هذا المسلك
لسلكوا فيه فى باب الاحكام الشرعيّة فلو كان الاخذ بخبر الثقة فى الاحكام الشرعيّة
منكرا وغير مرضىّ لوصل الرّدع عنه وحيث لم يصل الرّدع عنه علم الرضا به فتقرير
الاجماع بالوجه المذكور محلّ نظر بل هذا الوجه من باب التقرير بالوجه الغير
المتعارف حيث ان المتعارف فيه هو عدم الانكار عما فعل بحضرة المعصوم او غيابه مع
علمه به بناء على تعميم التقرير لما فعل فى الغياب ومدار هذا الوجه على عدم
الانكار عما علم انّه لو لم ينكر عنه لفعل وقد تقدّم الكلام فيه مع انّه قد وقع
الاخذ بخبر الثقة من المسلمين فى الاحكام الشرعيّة فى زمان ارباب العصمة كثيرا كما
سمعت فى الوجه السّابق فالاغماض عن الوقوع واجراء التقرير بالنّسبة فيما لم يقع من
قبيل الاكل من القفا نعم لو كان الاستدلال بهذا الوجه ممن استدلّ بالوجه السّابق
فلا باس به من باب اكثار الدّليل لكن ظاهر هذا الوجه الاستدلال بتقرير الله سبحانه
وهو غير متعارف ويختصّ بزمان النّبى صلىاللهعليهوآله لانقطاع الوحى بعده اللهمّ الّا ان يكون الغرض تقرير
ارباب العصمة من النّبى صلىاللهعليهوآله والائمة عليهم السّلم بارتكاب المسامحة فى العبارة وقد
يقال انّ دعوى عدم الانكار مدفوعة بورود الانكار فى العمومات الناهية عن العمل
بالظن وهو مدفوع بما تقدّم فى تزييف الاستدلال بالنواهى المذكورة على عدم جواز
العمل بخبر الواحد خامسها اجماع الصّحابة على جواز العمل بخبر الواحد من غير نكير وقد
ذكره العلامة فى النّهاية بل ذكر فى مواضع كثيرة عمل الصّحابة فيها باخبار الآحاد
وربما يقال انّه ان اريد من الصّحابة العالمين بخبر الواحد من كان مطيعا ومنقادا
للحجج الابرار فلم يثبت عمل احد منهم بخبر الواحد فضلا عن مجيء التقرير وان اريد
بها الهمج الرّعاع اتباع كلّ ناعق فمن المقطوع به عدم كشف عملهم عن الرّضا لعدم
ارتداعهم بردع المعصومين فى ذلك اليوم ولعلّ هذا
__________________
مراد السيّد حيث اجاب عن هذا الوجه بانّه انما عمل بخبر الواحد المتامّرون
الذين يتجشّم التّصريح بخلافهم وامساك النكير عليهم لا يدل على الرضا بعملهم وفيه
ان الظّاهر بل المقطوع به عمل الصّحابة المطيعين باخبار الآحاد وامّا الهمج
الرّعاع فبعد تسليم عدم ارتداعهم بالرّدع فالظّاهر ان المقصود بالمتأمرين من
الصّحابة والتّابعين فى كلام السيّد ارباب الامارة والشّوكة من المخالفين الّذين
تعتبر ردعهم عن طريقتهم لامارتهم وشوكتهم فالظاهر ان المقصود بالمتأمرين غير الهمج
الرّعاع الدين عدم ارتداد عهم من جهة ضعف بنيانهم وقصور عقلهم ومع ذلك فقد وقع
الانكار واظهار كلمة الحقّ فيما كان الرّدع عنه اشقّ واعسر من الردع عن سائر
المنكرات اعنى الخلافة الباطلة فلو كان العمل بخبر الواحد منكرا لما ترك الانكار
عنه من ارباب العصمة ولا اهل الردع من تابعيهم فاذن ظهر بما مرّ عدم انتهاض
الاستدلال بالكتاب على حجّية خبر الواحد بل هل يجوز عاقل قناعة الشارع فى نصب عمدة
الطرق لاحكامه بالآية الواردة فى باب بنى المصطلق مثلا كلا ثم حاشا ولعمرى انّه لو
اقام الشارع طريقا للاحكام لاشتهر غاية الاشتهار وظهر امره ظهور الشّمس فى اربعة
النّهار بل جعل الطّريق لاستيفاء الاحكام خلاف طريقة جميع المطاعين من اهل العرف
بالنّسبة الى المطيعين وهل سمعت مولى جعل الطّريق فى تشخيص الماء والخبز وغيرهما
لعبده بل لو اتّفق جعل الطّريق من اهل العرف لاختلف الطّرق المجعولة لاختلاف مذاق
الناس وسليقتهم بلا شبهة بل لم يتفق جعل الطّريق فى شيء من الشرائع ولم يكن الحال
فيها الا حال اهل العرف وامّا الاخبار والاجماعات المنقولة المتقدّمة فهى لا تجدى
فى اظهار جهة الخصوصيّة فلا تجدى فى القول بحجيّة خبر الواحد من جهة حجيّة الظنّ
الخاصّ والطّريق المخصوص بناء على ما تقدّم من انّ حجّية الظنّ الخاص لا تثبت الّا
بثبوت حجيّة من حيث الخصوصيّة وامّا الإجماع المنقول فحجيّة من باب حجيّة الظنّ
الخاصّ فلا مجال لثبوت حجيّة الاجماع المنقول من باب حجية
الظنّ الخاص اذ لا مجال لثبوت الفرع مع انتفاء الاصل وامّا الكتاب فبعد عدم ما
يفيد حجيّة من حيث الخصوصيّة بعد الدلالة على الحجيّة فلا جدوى فى حجيّة بناء على
عدم اعتبار عموماته واطلاقاته حتى ما لم يثبت فيه كثرة التخصيص والتقييد من باب
الالحاق بالاعم فى الورود مورد الاجمال بشهادة كثرة التخصيص والتقييد وكذا عدم
اعتبار مفاهيمه بل عدم اعتبار انصراف اطلاقاته فنقول ان الامر دائر بين حجيّة
الظنّ الخاصّ وحجيّة مطلق الظنّ بناء على بطلان سائر الاحتمالات المتطرّقة كما
يظهر ممّا تقدم وعدم قيام الدّليل على حجية الظنّ الخاصّ من حيث الخصوصيّة يوجب
عدم ثبوت حجية الظنّ الخاص اجتهادا لما سمعت من انّ ثبوت حجية الظنّ الخاص اجتهادا
مبنىّ على ثبوت حجيّته من حيث الخصوصيّة وعدم قيام المرجّح فى البين بتساوى الظّنون
كما يظهر ممّا مر يوجب عدم وجوب الاقتصار على الظنّ الخاصّ فى مقام العمل فلا دليل
على اعتبار الظّنون المخصوصة لا فى مقام الاجتهاد ولا فى مقام العمل فلات حين مناص
من القول بحجيّة مطلق الظنّ فعدم الدّليل على اعتبار الظنّ الخاصّ اجتهادا او عملا
دليل على حجيّة مطلق الظنّ ويمكن ان يقال ان الاستدلال المذكور لا يتم بدون اخذ
مقدّمة بقاء التّكليف وانسداد باب العلم فيرجع الامر الى دليل الانسداد على ما
ياتى تحريره واستدلّ ايضا على القول بحجية مطلق الظنّ بوجوه الاوّل الدّليل
المعروف بدليل الانسداد وقد استدلّ به صاحب المعالم على حجيّة خبر الواحد فى رابع
ادلّة حجيّة خبر الواحد ومن هذا اشهر بالدّليل الرّابع وهو الاصل فى هذا الاستدلال
وابو عذرها وتلخيص المقال انّ باب العلم بالاحكام الشرعيّة الّتى لم تعلم
بالضّرورة من الدين او المذهب فى نحو زماننا منسدّ قطعا واذا تحقق انسداد باب
العلم بالحكم الشرعى كان التكليف فيه بالظنّ قطعا والعقل قاض بان الظنّ اذا كان له
جهات متعدّدة تتفاوت بالقوّة والضّعف فالعدول عن القوىّ الى الضّعيف قبيح ولا ريب
ان كثيرا من اخبار الآحاد يحصل من الظنّ ما لا يحصل بشيء من ساير الادلّة فيجب
تقديمه اقول ان المشهور استفادة القول بحجيّة مطلق الظنّ من هذا الاستدلال لكن
مقتضاه القول بحجيّة خبر الواحد من باب حجيّة الظنّ الخاصّ بواسطة قوة الظنّ كما
هو مقتضى الترجيح بقوّة الظنّ فيما تقدّم من وجوه التّرجيح والظّاهر بل بلا اشكال
ان الغرض من قوة الظنّ فيه هو القوّة بحسب النّوع لكن مرجع القول بحجيّة مطلق
الظنّ على هذا الى التوقّف فى مقام الاجتهاد والبناء على الظنّ الاقوى فى مقام
العمل بملاحظة ان العدول عن الظنّ القوىّ الى الظنّ الضّعيف قبيح فى حق المجتهد
اللهمّ الّا ان يكون الغرض عدول الشّارع عن تجويز العمل بالظنّ القوى الى تجويز
العمل بالظّنّ الضّعيف وعلى اىّ حال ينافى دعوى رجحان الظنّ المستفاد من خبر
الواحد مع ما ذكره فى الجواب عن استدلال السّيّد
__________________
السيّد المرتضى على عدم حجية خبر الواحد من مساواة الاخبار وغيرها من
الادلة المفيدة للظنّ فى الصّلاحيّة لاثبات الاحكام الشرعية فى الجملة لوضوح
دلالته على عدم الترجيح بين الظنون فمقتضاه مساواة الظنّ المستفاد من خبر الواحد
للظن المستفاد من غيره اللهم إلّا ان يكون قوله فى الجملة اشارة الى تطرّق
الرّجحان فى بعض افراد الظنّ اعنى خبر الواحد بناء على كون الغرض من كون خبر
الواحد من باب الظنّ الاقوى هو افادة خبر الواحد للظن الشخصى دائما او تطرق
الرّجحان فى بعض افراد الظنّ اعنى الخبر الواحد فى بعض الاحيان بناء على كون الغرض
من كون خبر الواحد من باب الظنّ الاقوى هو كونه من باب الظنّ الاقوى نوعا لكن مع
كون الظنّ المستفاد من خبر الواحد اقوى شخصا سواء كان المقصود بكون خبر الواحد من
باب الظنّ الاقوى هو كونه من باب الظنّ الاقوى شخصا او نوعا لا يحكم العقل بحجية
ما عدا الظنّ الاقوى الا من باب عدم كفاية الظنّ الاقوى وهو كلام آخر كما انّه
يمكن اثبات حجيّة ما عدا الظنّ الاقوى بعدم القول بالفصل بناء على اعتبار عدم
القول بالفصل فى مثل المقام اعنى مقام اثبات الحكم الشّرعى بحكم العقل لكنه ايضا
كلام آخر ومع هذا دعوى قيام الظنّ مقام العلم مبنية على بقاء التّكاليف الواقعيّة
وقد اهمل هذه المقدّمة وكان المناسب اخذها مقدّمة على دعوى الانسداد اذ الظّاهر من
دعوى الانسداد هو انسداد باب العلم بالاحكام الشّرعيّة بالفعل وهذا مبنىّ على بقاء
التكاليف الواقعيّة نعم لو كان الغرض انسداد باب العلم بالاحكام الشرعيّة ولو
بالإضافة الى المشافهين والظّاهر انّه المقصود فلا باس بتقديم دعوى الانسداد بل
يتعين التقديم اذ المرجع على هذا الى دعوى انسداد باب العلم بالاحكام الشرعيّة ولو
بالنّسبة الى المشافهين ثم دعوى بقاء تلك الاحكام فى حق ارباب زمان الغيبة اللهمّ
إلّا ان يكون الاهمال من باب حوالة الحال الى الظّهور والضّرورة ومع هذا دعوى قيام
مطلق الظنّ مقام العلم عند انسداد بابه كما ترى لتخلل احتمالات شتى تقدّم ذكرها
ومنها قيام الظنون الخاصّة مقام العلم كما اورد به سلطاننا عليه اللهمّ إلّا ان
يكون غرضه قيام الظنّ مقام العلم عند انسداد بابه بالاجماع لا العقل كما تقدّم نقل
الإجماع منه ومن غيره على هذا الحديث ومع هذا قد تقدّم الوجوه المتصوّرة فى اعتبار
الظنّ الاقوى وضعف كل من تلك الوجوه وبعد ما مرّ اقول ان مقتضى كلام صاحب المعالم
اعتبار الظنّ الاقوى الّا انه عين مورد الظن الاقوى فى خبر الواحد ويضايق عن العمل
بمثل الشّهرة من الظّنون الّتى لم يثبت اعتبارها نفيا واثباتا فطريقته طريقة ارباب
الظّنون الخاصّة ونظيره تعيين مورد الظنّ الأقوى من مشهور القائلين بوجوب تقليد
الاعلم فى الاعلم حيث انّهم استدلوا على وجوب تقليد الاعلم كما تقدّم بان اقوال
المجتهدين بالنّسبة الى المقلّد نظير اخبار الآحاد بالنّسبة الى المجتهد فيجب على
المقلّد مراعاة الظنّ الاقوى لكن مقتضى كلام صاحب المعالم ان اعتبار خبر الواحد من
باب الظنّ الاقوى نوعا باعتبار افادة خبر الواحد للظن الاقوى كثيرا حيث انه لا مجال
لدعوى افادة خبر الواحد للظنّ الاقوى شخصا دائما كيف لا ولو وقع التّعارض بين خبر
الواحد والشّهرة العظيمة لا يحصل الظنّ من خبر الواحد لو لم يحصل الظنّ من الشّهرة
قال والعقل قاض بان الظنّ اذا كان له جهات متعدّدة تتفاوت بالقوّة والضّعف فالعدول
عن القوى منها الى الضّعيف قبيح ولا ريب انّ كثيرا من اخبار الآحاد يحصل بها من
الظنّ ما لا يحصل بشيء من سائر الادلّة فيجب تقديم العمل بها لكنك خبير بانه ان
كان الغرض قبح العدول عن الظنّ الاقوى النّوعى الى الظنّ الغير الاقوى فلا ريب فى
ضعفه اذ لو لم يتحصّل الظنّ الاقوى من الخبر بل تحصل الظنّ او الاقوى من الشهرة
فلا قبح فى العمل بالشّهرة بل مقتضى الاستدلال على حجية مطلق الظنّ بقبح ترجيح
المرجوح على الرّاجح عدم جواز العمل بخبر الواحد فالقول باعتبار الظنّ الاقوى
النّوعى لا بدّ من قيام الدّليل عليه ولا دليل عليه فرضا وان كان الغرض قبح العدول
عن الظنّ الاقوى الشخصى بدعوى افادة خبر الواحد للظنّ الاقوى شخصا دائما فيظهر
ضعفه بما مرّ ومع ذلك لا يتاتى العدول الا فى صورة التّعارض ولا ينحصر الكلام فى
حجيّة مثل الشّهرة بصورة التعارض اللهمّ الّا ان يتمسّك فى عدم الفرق بين صورة
التعارض وغيرها بعدم القول بالفعل لكنك خبير بانه لا مجال فى باب التّعارض لكون
احد الظنين اقوى من الآخر لاستحالة تحصّل الظنّ من طرفى النقيض ورجوع الامر الى
تحصّل الظنّ والوهم كما مرّ ويؤيّد ما قدّمناه اشتراط تزكية العدلين فى اعتبار خبر
الواحد منه وان ينافى هذا اعتبار الظنّ الاقوى ايضا فنسبة القول بحجيّة مطلق الظنّ
الى صاحب المعالم من كلّ من تاخّر عنه كما ترى وببالى ان دعوى قيام الظنّ مقام
العلم من صاحب المعالم يمكن ان لا يكون من باب حكم العقل كما زعمه كل من تاخّر عنه
ويساعده حكمه
بتساوى الظّنون فى جواب السيّد المرتضى بل من باب دعوى الاجماع على انّه
كلما تعذّر العلم يقوم الظنّ مقامه كما نقله عن السيّد المرتضى كما تقدّم لكنك
خبير بانّ التمسّك بالاجماع المنقول لا مجال له فى الباب بعد حجّية الاجماع
المنقول وبعد الإغماض عن الوهن المعروف فى نقل الاجماع فى كلام القدماء وقد عنونه
فى المعالم وحرّرناه فى محلّه لعدم ثبوت اعتبار الظنّ المستفاد من ذلك ومع ذلك
يمكن ان يقال انّ مقتضى الاجماع المدّعى اعتبار مطلق الظنّ فلا وجه لتخصيص
الاعتبار بالظنّ الاقوى إلّا ان يقال ان الاجماع انّما يثبت به اعتبار الظنّ فى
الجملة قضيّة اجمال حال الاجماع كليّة لكن العقل يقضى بعدم جواز العدول عن القوى
الى الضّعيف لكن يظهر ضعف هذا المقال بعد تسليم اجمال حال الاجماع وقد حرّرنا
الكلام فيه فى محلّه بما مر من عدم اطّراد افادة خبر الواحد للظنّ الاقوى شخصا
وعدم قضاء العقل بقبح العدول عن الظنّ الأقوى النّوعى الى الظنّ بالخلاف وان؟؟؟
الاجماع المدّعى يتاتى دليلا على اعتبار الظنّ الاقوى تعبّدا قلت ان الظاهر من
الظنّ المدّعى قيام الاجماع على قيامه مقام العلم عند التعذّر بعد عدم اختصاصه
بالظنّ الاقوى انّما هو الظنّ الشخصى بلا شبهة وبالجملة فنقول ان تحرير الدليل المشار
اليه بان يقال ان التكاليف الواقعيّة باقية الى يوم القيمة وباب العلم بها فيها
عدا الضّروريات منسدّ غالبا ولم ينصب لها طريق من الشّارع وما عدا العمل بالظنّ من
الوجوه المتصوّرة باطل فلا بدّ من العمل بالظنّ لكن نقول انّ هذا التقرير مبنىّ
على ملاحظة المقدّمات بالنّسبة الى مجموع المسائل والأحكام فمقتضاه انّما هو حجيّة
الظنّ فى الجملة ومن هذا ما اشتهر من ان النتيجة على التّقرير المذكور من باب
القضيّة المهملة وهى فى قوّة الجزئية فلا يثبت عموم حجية الظنّ فلا بدّ من اخذ
مقدّمة اخرى هى عدم التّرجيح بين الظّنون لكن نقول انّه قد تقدّم الكلام فى
القضيّة المهملة الّا انه كلام فى المصطلح عليه بين ارباب الميزان فى باب المهملة
ولا حاجة الى تشخيص معنى القضيّة المهملة وما اصطلحت هى فيه نعم يتاتى الكلام فى؟؟؟
وهو انّ مقتضى الدّليل المسطور انّما هو حجيّة الظنّ فى الجملة او على وجه العموم
الّا انه لا شك فى انّ النتيجة هى حجيّة الظنّ على وجه الاقوال فلا بدّ فى البناء
على حجيّة مطلق الظنّ من دعوى عدم الترجيح بين الظّنون نعم ان حكم العقل بحجية
طبيعة الظنّ يتاتى حجيّة مطلق الظنّ من باب العموم السّريانى اذ لا فرق فى
السّريان بين كون الحكم فى القضيّة الملفوظة من جانب الشّرع او العرف او العقل
وربما قرّر المحقق القمّى الاستدلال على وجه يقتضى حجية مطلق الظنّ من دون اخذ
مقدّمة عدم التّرجيح بين الظنون بملاحظة المقدّمات بالنّسبة الى كلّ واحد من
المسائل الفقهيّة حيث انه ابطل البناء على اصل البراءة فى كلّ مسئلة من غير ملاحظة
للخروج عن الدّين وابطل لزوم الاحتياط كذلك من غير استناد الى لزوم العسر والحرج
ونتيجة هذه المقدّمات هى حجية الظنّ على سبيل العموم وهو مردود بانه لا يتاتى
بطلان ما عدا الاحتياط لو لوحظ بالنّسبة الى كلّ واحد من المسائل الفقهيّة مثلا لا
يتاتى بطلان البناء على اصل البراءة فى الواقعة الخاصّة اذ لا دليل على بطلانه اذ
الدّليل على بطلانه لزوم الخروج عن الدّين وهو منوط بملاحظة المقدّمات بالنّسبة
الى مجموع المسائل وهو خلاف المفروض ثم انّ تقرير الاستدلال على الوجه الّذى
حرّرناه بمادّته من المقدّمات قد يتصور بصورتين الاولى ان بقاء التّكاليف
الواقعيّة مع سدّ باب العلم بها مع انضمام ما تقدّم من المقدّمات يكشف عن ان الظنّ
جائز العمل عند الشّارع وانه لا يعاقبنا على ترك واجب اذا ظنّ بعدم وجوبه ولا على
فعل محرّم اذا ظنّ بعدم حرمته والظّاهر ان كلمات ارباب الاطلاق مبنيّة عليه
الثانية ان العقل يحكم بحسن المعاقبة على ترك العمل بالظنّ وقبح المطالبة بازيد
منه كما يحكم بوجوب تحصيل العلم وعدم كفاية الظنّ عند التمكن من تحصيل العلم
والفرق بين التقريرين ان المدار فى التقرير الأوّل على كشف العقل عن حكم الشّارع
فحجيّة الظنّ من باب التعبّد الشّرعى يكشف عنها العقل من جهة دوران الامر بين امور
كلّها باطل سواه من باب الاستدلال على تعيين احد افراد المنفصلة بابطال سائر
الاطراف والمدار فى التقرير الثّانى على جعل العقل وتاسيس الجعل من العقل وهو
مبنىّ على عدم قابليّة اصل الاطاعة للجعل لكون حجيّة الظنّ شأنا من شئونها وكيفيّة
من كيفيّاتها ونظيره ما قيل من ان الصّحة فى العبادات لا تكون من باب الاحكام
الوضعيّة لعدم قابليّتها للجعل لاستقلال العقل بها وقد حرّرنا الكلام فيه فى محلّه
ويخدش التقرير الثّانى بناء على ما ذكر من المدار فيه انّ عدم قابلية الاطاعة
للجعل مبنىّ على كون الاطاعة بمعنى امتثال مطلق الامر والنّهى لكن يمكن القول بان
الاطاعة وان تستعمل فى امتثال الأمر الواحد والنّهى الواحد وكذا فى امتثال الاوامر
المتعدّد والنّواهى المتعدّدة لكن يمكن ان يراد بها حال
الاوامر والنواهى السابق ذكرها بل يمكن ان يراد بها اجمال الاوامر
والنّواهى اللاحق ذكرها او المركبة من السّابق واللاحق فقوله سبحانه اطيعوا الله
بمنزلة اقيموا الصّلاة وآتوا الزكاة وهكذا من الاوامر والنواهى وكما يكون وجوب
الصّلاة وغيره من احكام الخصوصيّات قابلة للجعل فكذا الحال فى الاجمال ولو كان سبق
الامر بالتفصيل فى صورة السّبق مثلا مانعا عن حمل الامر بالاجمال على الوجوب
وموجبا لحمله على الارشاد لكان غير الامر الاوّل من الاوامر المتكرّرة فى باب
الصّلاة والزكاة للارشاد إلّا ان يقال انه ليس المدار على لفظ الاطاعة بل المدار
على لزوم امتثال اوامر الشارع ونواهيه لكن نقول انه لا يتصور مانع يمانع عن
قابليّة لزوم الامتثال للجعل الا استقلال العقل باللزوم او عدم ترتّب عقاب على حدة
على تركه غير العقاب على ترك الاوامر والنّواهى وكذا عدم ترتّب ثواب على فعله غير
الثواب على فعل المامور به وترك المنهىّ عنه امّا الاول فلا مجال لممانعة والّا
لما كان شيء من وجوب ردّ الوديعة وحرمة الظلم قابلا للجنس ولا يلتزم به ملتزم بل
لما كان شيء مما يستقل به العقل قابلا للجعل ولا احسب ملتزما يلتزم به كيف ومن
الحديث المعروف ان تعاضد العقل بالنقل من باب اللّطف بل لما كان شيء من الاحكام
قابلا للجعل الاستقلال عقل النّبى صلىاللهعليهوآله والائمة عليهم السّلم بها مع انه لا يتصوّر جهة لكون
استقلال العقل مانعا عن قابلية الجعل على انّ ممانعة استقلال العقل ليس من جهة
نفسه بل من جهة عدم جواز جعل الحكم المخالف للمصلحة والمفسدة ولا شك ان فى جميع
الاشياء ما يقتضى الوجوب والحرمة والنّدب والكراهة او ما يقتضى الاباحة بالخلو عن
المصلحة والمفسدة ولا يجوز للشّارع الحكم بخلاف ما يقتضيه المصلحة والمفسدة
الواقعية فلا يكون شيء من الاحكام قابلا للجعل وامّا الثّانى فلا يصلح للممانعة
ايضا والا لكان الامر بالواجبات الغيريّة الشرعيّة من الاجزاء والشّرائط للارشاد
لعدم ترتب العقاب على تركها غير العقاب على ترك الصّلاة على الوجه خلافا للسيّد
السّند النجفىّ والوالد الماجد ره وكذا عدم ترتّب الثواب على فعلها غير الثواب على
فعل الصّلاة مع انّ نفس اطاعة الشارع تقتضى ترتّب الثواب مضافا الى الثواب المترتب
على المامور به على حسب الحكمة الكامنة فيه كما انّ نفس تمرّد الشّارع يقتضى ترتب
العقاب مضافا الى العقاب المترتب على الحرام على حسب المفسدة الكامنة فيه ومن ذلك
انّه لو فرضنا ان الشارع امر بشيء خال عن المصلحة كما فى الاوامر الامتحانيّة او
نهى عن شيء خال عن المفسدة يستحقّ المكلّف الثّواب فى الاوّل والعقاب فى الثانى
بلا ارتياب وربما مرّ يظهر الحال لو قلنا ان قوله سبحانه (أَطِيعُوا اللهَ) من باب الامر بامتثال الاوامر المتعدّدة والنّواهى
المتعدّدة السّابق ذكرها او المركبة من السّابق واللاحق لا من باب اجمال الاوامر
والنواهى وبعد هذا اقول انّ عدم قابليّة الاطاعة لا يستدعى عدم قابلية حجية الظنّ
للجعل كيف لا ولا باس بانّ ياتى خطاب من الله سبحانه بان الإطاعة التى كان حكمها
موكولا الى العقل لا تأتوا بها الا على نهج العلم بل جواز جعل حجية الظنّ مع عدم
قابلية حجية الظنّ للجعل مقطوع به عند العقل وان قلت انّه لو كان العمل بالظن
قابلا للجعل يلزم مزية الفرع على الاصل قلت انه مبنىّ على كون القابليّة للجعل هى
المزيّة فلعلّ عدم القابليّة هى المزيّة مع انّ هذا كلام قد اشتهر فى الالسن ولا
عبرة به كيف لا وكثيرا ما يكون الولد صاحب مرتبة عالية من الكمال مع كون الوالد فى
كمال اختلال الحال وان قلت انه لا مجال لاختلاف الجنس والفصل فى الحكم قلت بعد كون
الامر من باب الجنس والفصل لا باس بالاختلاف وان كان انتفاء الجنس يستلزم انتفاء
الفصل كما انّه لا باس بصحّة الجنس وفساد الفصل ومن هذا ما اوردناه فى الرّسالة
المعمولة فى المعاطاة على ما لو استدلّ على افادة المعاطاة للاباحة المحضة بانّ
الاخذ بالاباحة المحضة من باب الاخذ بالجنس دون الفصل وبقاء الجنس مع انتفاء الفصل
لكون المتعاطيين هو الاباحة على وجه الملكيّة فالاصل بالاباحة المحضة والقاء
الملكيّة بملاحظة عدم حصول الملكيّة بالمعاطاة من باب ما ذكر بان غاية الامر ان
انتفاء الفصل يستلزم انتفاء الجنس لكن استلزام فساد الفصل لفساد الجنس محلّ المنع
فلا باس بعدم ترتب الاثر على الفصل دون الجنس فلا باس بعدم ترتّب الملك على
التّمليك مع كفاية الاباحة فى ضمن التّمليك فى جواز التصرّف ومن قبيل ذلك تطرّق
الامانة الشرعيّة فى صورة بطلان الامانة المالكيّة بالموت او الجنون او الإغماء
والظّاهر انه لا خلاف فيه وكذا الوقف على مصلحة لا تنقرض غالبا كما لو وقف على
المساجد والقناطر مثلا فبطلت واندرس رسمها كما لو خرب المساجد وانقطع الماء عن
القناطر الموقوف عليها حيث ان المشهور بل المجمع عليه صحة الوقف ولزوم صرف المنافع
فى وجوه البرّ بل هو الحال فى الوصيّة بصرف المال فى امر معيّن ومع كذا تعذّر
المصرف فى كلّ من الصّورتين حيث انّ
الظّاهر بل المجمع عليه صرف المال فى وجوه البرّ ثم انّه يتاتى فى المقام
دقيقة ينبغى التنبيه عليها وهى ان الغرض من دليل الانسداد اما اعتباره مطلق الظنّ
بالاشتغال بالحكم الواقعى او الحكم الظّاهرى كما لو افاد الاستصحاب الوجوب او
الاعمّ او الغرض اعتبار مطلق الظنّ بالتفريع واقعا او ظاهرا او الاعمّ او الغرض
الاعم اعنى اعتبار مطلق الظنّ بالاشتغال والتّفريع لكن لا ينبغى الأشكال فى انّه
ليس الغرض اعتبار مطلق الظنّ بالتّفريع كيف لا وما لم يثبت اعتبار مطلق الظنّ
بالاشتغال لا مجال للبحث عن حال مطلق الظنّ بالتفريع وبعبارة اخرى ما لم يثبت
اعتبار الشّهرة فى ثبوت الاشتغال بالوجوب فى مورد مخصوص لا مجال للبحث عن اعتبار
الظنّ بالتفريغ فيه ولا ينبغى الاشكال ايضا فى عدم تمكّن دليل الانسداد عن اثبات
اعتبار مطلق الظنّ بالاشتغال والتفريغ لعدم ارتباط الدّليل المذكور مع مقام
التفريغ كيف لا والتفريغ لا بدّ ان يكون بما يثبت به الموضوع من حيث التحصّل من
العلم او ما يقوم مقامه كالبيّنة مثلا لو ثبت بالشّهرة وجوب صلاة الجمعة فلا بدّ
ان يكون تفريغ الذمّة عن صلاة الجمعة بالعلم او بالبيّنة فلا ينبغى الاشكال فى ان
الغرض اعتبار مطلق الظنّ بالاشتغال ولا خفاء فى انّ مقتضى اخذ بقاء التّكاليف
المقصود بها التكاليف الواقعيّة فى دليل الانسداد كون الغرض منه اعتبار الظنّ
بالتكليف الواقعى فليس الغرض اعتبار مطلق الظنّ بالتكليف الظّاهرى ولا الاعمّ من
التكليف الواقعى والتكليف الظّاهرى فمرجع الدّليل الى ان التكاليف الواقعيّة باقية
ولا بدّ من الطريق اليه انما العلم وهو منسدّ او الظنّ على وجه الخصوص او العموم
او امر آخر غير الظنّ ولم يثبت الاخير فتعين ان يكون الطريق هو الظنّ ولم يثبت
اعتبار خصوص ظنّ اجتهادا او عملا فتعيّن اعتبار الظنّ على وجه العموم فادراج اصل
البراءة فى احتمالات المقام مضافا الى منافاة اصل البراءة مع فرض بقاء التكاليف من
دون حاجة الى نفيه بلزوم الخروج عن الدّين كما تقدم غير مناسب لعدم ارتباطه بمقام
الاشتغال وان يناسب مقام التّفريع وكذا الحال فى احتمال الاحتياط والتّخيير وان لا
يتاتى فى الاحتياط المنافاة مع اخذ بقاء التكاليف فى دليل الانسداد ولو قيل ان اخذ
مقدّمة بقاء التكاليف يرشد الى كون دليل الانسداد فى مقام التفريغ قلت ان اخذ تلك
المقدّمة من جهة اثبات اعتبار مطلق الظنّ فى مثبت الاشتغال فى الموارد الخاصّة فقد
بان ضعف ما توهمه بعض اصحابنا من ان الغرض من دليل الانسداد اعتبار مطلق الظنّ
بالتّفريع بالاتيان بالواقع او بما قام مقامه ولذا جرى على دلالة دليل الانسداد
على اعتبار الظنّ فى الاصول من باب الاستلزام فيما استلزم الظنّ به الظنّ بالحكم
الواقعى كما فيما دل على حجيّة خبر الواحد من الآيات او من باب كفاية الظنّ
بالتفريغ فيما استلزم الظنّ به الظنّ بالتفريغ من باب القيام مقام الواقع على وجه
البدليّة كما فى باب الاستصحاب وقد اجاد من انكر دلالة الدّليل المذكور على اعتبار
الظنّ فى الاصول لعدم اطّراده فى مثل الاستصحاب فى صورة الشكّ فى البقاء فى الحكم
الفرعى وان يمكن القدح فى ذلك بعدم القول بالفصل فى المسائل العقلية تندفع بما ياتى ثم ان الدليل
المتقدّم على الوجه الّذى حرّرناه لما لا يكون متمكنا من افادة عموم حجيّة الظنّ
فتفطن جماعة من ارباب مذاق الاطلاق بلزوم رسم مقدّمة اخرى تفيد عموم الحجيّة
ويعبّر عنها فى لسان جماعة بالمقدّمة المعمة إلّا انهم اختلفوا فى المقدّمة المشار
اليها على مشارب فقد يعمّم بدعوى عدم التّرجيح بين الظنون وقد تقدّم دعوى التّرجيح
بين الظنون ويظهر ضعف هذه الدّعوى بما تقدّم فى بعض المقدّمات وقد يعمم بوجهين
آخرين الاوّل عدم الكفاية بتقريب ان الظّنون بين مظنون الاعتبار ومشكوك الاعتبار
وموهوم الاعتبار والعقل بعد اهمال النتيجة يحكم بالاقتصار على مظنون الاعتبار ثمّ
التعدّى الى مشكوك الاعتبار على تقدير عدم كفاية مظنون الاعتبار ثم التعدّى الى
موهوم الاعتبار على تقدير عدم كفاية مشكوك الاعتبار لكن الظّنون المظنون الاعتبار
غير كافية بنفسها بناء على انحصارها فى الاخبار الصّحيحة المزكى كلّ واحد من رجال
سندها بتزكية العدلين على ما قيل وامّا لاجل العلم الاجمالى بمخالفة كثير من
ظواهرها للمعانى الظّاهرة منها ووجود ما يظنّ منه ذلك فى الظّنون المشكوك الاعتبار
فلا يجوز التمسّك بتلك الظّواهر للعلم الاجمالى المذكور فلا بدّ من التعدّى الى
الظّنون المشكوك الاعتبار الّتى دلّت على ارادة خلاف الظّاهر اعنى ظواهر الظّنون
المظنون الاعتبار فيعمل من الظنون المشكوك الاعتبار بما هو مخصّص لهذه الظنون
المظنون الاعتبار ومقيّد لاطلاقاته وقرائن
__________________
لمجازاته فاذا وجب العمل بهذه الطائفة من الظنون المشكوك الاعتبار فيجب
العمل بغيرها ممّا ليس فيه معارضة لظواهر الظّنون المظنون الاعتبار بالاجماع على
عدم الفرق بين افراد الظّنون المشكوك الاعتبار فان احدا لم يفرق بين الخبر الحسن
المعارض لاطلاق الخبر الصّحيح وخبر حسن آخر غير معارض لخبر صحيح بل بالاولويّة
القطعيّة لانّه اذا وجب العمل بماله معارضة من الظّنون المشكوك الاعتبار مع ظواهر
الظّنون المظنون الاعتبار فالعمل بما ليس له معارض اولى ثم نقول انّ فى ظواهر
الظنون المشكوك الاعتبار موارد كثيرة يعلم اجمالا ايضا بمخالفة كثير من ظواهرها
للمعانى الظّاهرة منها بشهادة الظنون الموهوم الاعتبار فيعمل بهذه الطّائفة من
الظّنون الموهوم الاعتبار ثم يعمل بباقى افراد الظّنون الموهوم الاعتبار بالاجماع
المركّب حيث ان احدا لم يفرق بين الشّهرة المعارضة للخبر الحسن بالاطلاق والتّقييد
والشّهرة الغير المعارضة له بل يعمل بالثانى المشار اليه بالاولويّة ويمكن الايراد
عليه بان تقديم الظّنون المظنون الاعتبار على الظنون المشكوك الاعتبار تقديم
الظنون المشكوك الاعتبار على الظنون الموهوم الاعتبار يحتاج الى صرف العمر مدّة
مديدة فى تشخيص الانواع الثلاثة وتعرف ما يكفى فى الخروج عن الدّين ثم الاشتغال
بالاستنباط ولا يقول به احد بل لا يتيسّر لاحد إلّا انّه مدفوع بان الغرض تقدّم
النّوع الاوّل على النّوع الثانى وتقدّم النّوع الثانى على النّوع الثالث ومدار
الاستدلال على لزوم العمل بالنّوعين الاخيرين بعد لزوم العمل بالنّوع فى الجملة من
جهة العلم الاجمالى يتقدّم طائفة من النّوع الثانى على النّوع الاوّل فى المعارضة
وكذا تقدّم طائفة من النّوع الثّالث على النّوع الثّانى فى المعارضة والقطع
بالاولويّة فيما خلى عن المعارضة من افراد النّوع الثّانى والنّوع الثّالث من ضعف
ما تقدّم فى المعارضة وغيره فلا حاجة الى سبق تعرف الانواع والاستبصار عما يكفى فى
الخروج عن المحذور لكن نقول انّ تقدّم النّوع الاوّل لا يتم الّا بعد اعتباره اذ
الظنّ الخالى عن الاعتبار والشك على حد سواء والمفروض عدم ثبوت اعتبار النّوع
الاوّل الا بدليل الانسداد كما ان المفروض ان الفرض من الاستدلال اكمال دليل
الانسداد إلّا ان يقال ان الغرض من التقدم الاولوية ولا مجال لمنع الاولويّة لكنّه
مدفوع بان الاولويّة لا توجب وجوب الاقتصار على مظنون الاعتبار على تقدير الكفاية
ويجوز التعدّى عن ذلك ومقتضى الاستدلال وجوب الاقتصار على مظنون الاعتبار على
تقدير الكفاية وبعد هذا اقول ان اعتبار المقيدات من باب الظنّ اللفظى انّما يجدى
فى تقييد العمومات من مظنون الاعتبار بالمقيّدات من مشكوك الاعتبار ولا جدوى فى
ذلك فى تقييد العمومات من مشكوك الاعتبار بالمقيّدات من موهوم الاعتبار اذ الظنّ
اللّفظى انّما يتاتى اعتباره فى باب خبر الواحد مثلا على تقدير اعتبار سنده والّا
فلا عبرة به الّا ان يقال ان المفروض اعتبار العمومات من مشكوك الاعتبار بحكم الاولوية
والقطع بعدم الفرق وبعد هذا اقول ان الظنّ بالاعتبار لا يوجب وجوب تقديم مظنون
الاعتبار الّا بناء على اعتبار الظنّ بالاعتبار وعلى هذا يلزم الدّور والتسلسل
والا فلو شكّ فى اعتبار الظنّ بالاعتبار يتادّى الامر الى الشكّ فى اعتبار مظنون
الاعتبار ولو كان الظنّ بالاعتبار موهوما يتادّى الامر الى كون اعتبار مظنون
الاعتبار موهوما الّا ان الشكّ فى اعتبار الظنّ بالاعتبار لا يمانع عن الظنّ
باعتبار مظنون الاعتبار كيف لا وعدم اعتبار القياس لا يمانع عن الظنّ بالحكم
الفرعى وبعد هذا اقول انّ الدّليل المذكور يمكن تقريره بوجهين احدهما ان الظنون
بين مظنون الاعتبار ومشكوك الاعتبار وموهوم الاعتبار والعقل بعد اهمال النتيجة
يحكم بالاقتصار على النّوع الاوّل ثم التعدى الى النّوع الثانى ثمّ التعدى الى
النّوع الثّالث لكن النّوع الاوّل غير كاف امّا بنفسه لانحصاره فى الخبر المزكى
بتزكية العدلين واما للعلم الاجمالى بانّ كثيرا من ظواهر النّوع الاوّل غير مقصود
وما يكشف عن المقصود ويوجب انكشاف المراد انّما هو مندرج فى ضمن النّوع الثانى
كاندراج مقيّدات الاطلاقات المندرجة فى ضمن النّوع الاوّل فى ضمن النّوع الثانى
وهذه الطّائفة من النّوع الثانى حجة بالاجماع من باب الاجماع على اعتبار الظنّ
المستفاد من اللفظ وكون الصّنف المشار اليه من باب اتمام النقص ومن باب القرينة
للمراد بالنّسبة الى النّوع الاوّل كيف لا ولم يتات اشتراط اعتبار القرينة من احد
واذا ثبت اعتبار الطّائفة المشار اليها يتاتى اعتبار ساير اصناف تلك الطائفة وكذا
سائر اصناف النّوع الثانى بالاولويّة لوضوح انّه لو ثبت اعتبار ما تقدّم على
الاوّل عند المعارضة فما خلى عن المعارضة يتاتى اعتبارها بالاولوية وعلى منوال ما
ذكر حال النّوع الثّانى والنّوع الثّالث ثانيها ان العقل بعد اهمال النتيجة يحكم
بالاقتصار على النّوع الاول ثم التعدّى الى النّوع الثانى الّا ان النّوع الاوّل
لا يكفى امّا للانحصار فى الخبر المزكّى بتزكية العدلين وامّا للعلم الاجمالى بان
كثيرا من الظّواهر المندرجة فى النّوع الاوّل غير مراد والمراد خلاف الظّاهر
بشهادة طائفة من افراد النّوع الثّانى كالمقيّدات المندرجة فى النّوع الثّانى
الموجبة لتقييدات الاطلاقات المندرجة فى النّوع الاول والمعلوم بالاجمال مطابقة
بعض الطّائفة المشار اليها للواقع فلا بدّ من العمل بتمام الطائفة المشار اليها
تحصيلا للواقع المشتبه واحراز السر المكنون واذا ثبت اعتبار تلك الطّائفة فيعمل
بسائر افراد صنف تلك الطّائفة وكذا ساير اصناف هذا النّوع بالاولويّة وعلى منوال
حال النّوع الاوّل والثّانى حال النّوع الثّانى والثّالث والفرق بين التقريرين انّ
المدار
فى التقرير الاوّل على وحدة العلم الاجمالى الثّانى فى الباب اعنى العلم
الاجمالى بوجود مقيّدات النّوع الاوّل فى ضمن النّوع الثانى وكون العلم الإجمالي
المشار اليه من باب تحقيق الموضوع اعنى المقيّدات وكون اعتبار الطّائفة المعلومة
بالاجمال من النّوع الثّانى يحكم الاجماع والمدار فى التقرير الثانى على تعدّد
العلم الاجمالى احدهما العلم بوجود مقيّدات النّوع الاوّل فى ضمن النّوع الثّانى
والآخر العلم بمطابقة بعض افراد المقيّدات للواقع فاعتبار الطّائفة المشار اليها
من باب الاحتياط فى احراز المعلوم بالعلم الإجمالي الثانى وايضا المدار فى التقرير
الاول فى اعتبار صنف المقيّدات من النّوع الثانى والثّالث على اعتبار الظنّ
اللّفظى والمدار فى التقرير الثّانى فى باب اعتبار الصّنف المشار اليه على اعتبار
العلم الاجمالى هذا ويظهر بما مر ان المدار فى لزوم التعدّى عن النّوع الاوّل على
امرين عدم كفايته بنفسه ووجود المقيّدات للنّوع المذكور فى النّوع الثانى والمدار
فى التعدى عن النّوع الثانى على وجود المقيّدات للنّوع المذكور فى النّوع الثّالث
وعلى اىّ حال نقول انّه يتطرّق على كلّ من التقريرين كلام امّا التقرير الاوّل
فيتطرّق عليه ولا ان الاخذ بالمقيّدات من النّوع الثانى لا يتم بناء على اعتبار
الظنّ النّوعى بناء على كون مظنون الاعتبار من باب الالفاظ اذ بناء على اعتبار
الظنّ النّوعى لو قام اطلاق من الخبر الصّحيح وكان الشّهرة يقتضى تقييد الإطلاق
يعمل بالاطلاق ولا يبنى على التقييد ثانيا انه قد يتّحد المراد من الاطلاق مع مفاد
المقيّد كما لو كان فى النّوع الاوّل اعتق رقبة وفى النّوع الثّانى اعتق رقبة
مؤمنة أو لا تعتق رقبة مؤمنة حيث ان الثانى يكشف عن كونه هو المراد بالاوّل وقد
يختلف كما لو كان فى النّوع الاوّل اكرم العلماء وفى النّوع الثّانى لا تكرم زيد
العالم اما القسم الاوّل فيتمّ فيه لزوم الاخذ بالمقيّد لكون المراد خلاف الظّاهر
بالنّسبة الى الاوّل لو كان الظنّ بالحكم مستندا الى الاطلاق بشرط المقيد لا الى
المقيّد ولا الى المجموع المركب والّا فلا يتم اعتبار الظنّ بعد لزوم تقديم النّوع
الاوّل وياتى مزيد الكلام عند الكلام فى اعتبار قرينة المجاز نعم يتمّ الاخذ بالمقيّد
من باب الاحتياط بعد لزوم الاحتياط لو فرض كون الاحتياط فى جانب المقيّد لكن ربّما
يكون الاخذ بالمقيّد خلاف الاحتياط كما لو كان المقيّد أسوأ افراد الاطلاق نظير ان
السّيّد السّند العلىّ قد جرى على عدم انصراف الإطلاق الى الفرد الشّائع من باب
وجوب الاحتياط فى الشكّ فى المكلّف به اشتباها بين التيقّن فى الارادة والتيقّن فى
الامتثال اذ غاية الامر كون الفرد الشّائع متيقنا فى الارادة لكن ربما كان سيئ
الحال بالنّسبة الى الفرد النّادر فيكون فرد النّادر اوفق بالامتثال وامّا القسم
الثّانى فغاية الامر اقتضاء الإجماع على حجيّة الظنّ اللّفظى كون المراد بالعام ما
عدا الخاص وهو الفرد المحكوم فى حقّه بخلاف حكم العام وامّا الاخذ بحكم فى حقّ الخاصّ فلا دليل عليه فلا بدّ فيه من العمل
بالاصل وياتى مزيد الكلام فيما ياتى من انّه لو قام الشّهرة على تخصيص العام فى
بعض الافراد بناء على اعتبار الظّنون الخاصّة واعتبار الظنّ الشخصى لا يعمل
بالعامّ لارتفاع شرط العمل به وهو حصول الظنّ بالعموم ولا يعمل بالشّهرة لعدم
اعتبارها وامّا التقرير الثانى فيتطرّق عليه انّه لو كان علّة وجوب الاخذ
بالمقيّدات من النّوع الثانى والثّالث هى العلم الإجمالي بمطابقة بعض المقيّدات
للواقع فهذه العلّة غير مطرّدة فى سائر صنف المقيّدات فضلا عن ساير الاصناف إلّا
ان يقال انّ هذا المقال انّما يتم بناء على اشتراط الاولويّة بتشخيص علّة الحكم فى
الاصل ووجودها مع مزيد الاقتضاء فى الفرع كما قال به جماعة ومقتضاه اشتراط القطع
بعدم الفرق بتشخيص علّة الحكم فى الاصل ووجودها فى الفرع مع القطع بعدم اختلاف
اقتضاء العلّة لكن اشتراط الاولويّة بما ذكر محلّ المنع كما حرّرناه فى محلّه لكن
نقول انّه يمكن اصلاح الحال واتمام الاستدلال بدعوى العلم الاجمالى بمطابقة افراد
صنف المقيدات للواقع وكذا العلم الاجمالى بمطابقة بعض افراد ساير الأصناف للواقع
ايضا واورد بانه مبنىّ على زعم كون مظنون الاعتبار منحصرا فى الخبر الصّحيح المزكى
كل واحد من رجاله بتزكية العدلين وليس كذلك بل الامارات الظنيّة من الشهرة وما دلّ
اعتبار قول الثقة مضافا الى ما استفيد من سيرة القدماء فى العمل بما يوجب سكون
النّفس من الرّوايات توجب الظنّ القوى بحجيّة الخبر الصّحيح المزكى بتزكية عدل
واحد واحد والخبر الموثق والضّعيف المنجبرة بالشهرة من حيث الرّواية ومن المعلوم
كفاية ذلك وعدم لزوم محذور من الرّجوع فى موارد فقد تلك الامارات الى الاصول ويضعف
بان الابتناء على زعم انحصار مظنون الاعتبار فى الخبر المزكى بتزكية العدلين غير
معلوم مع انّ مقتضاه عدم كفاية العمل بالخبر المشار اليه فى الخروج عن المحذور
اعنى الخروج عن الدّين مع ان صاحب المعالم قد جرى فى المنتقى على العمل بالخبر المشار
اليه ولم يتطرّق عليه الخروج عن الدّين إلّا ان يقال ان المنتقى من باب شرح
الاخبار وليس من كتاب الفقه بل نقول انّ صاحب المعالم يعمل ايضا بما فى حكم الصّحى
كما صرّح به فى اوّل المنتقى وهو ما لو قام شهادة العدل الواحد على التّوثيق او
شهادة عدلين كما ان شهادة احدهما ماخوذة من شهادة الآخر كما فى شهادة النّجاشى
والعلّامة بالعدالة حيث ان داب العلّامة الاخذ من النجاشى مع قيام القرائن الحالية
الّتى يطّلع عليه الممارس والظّاهر بل بلا اشكال ان المدار فى القرائن على حصول
العلم بالعدالة ولو بانضمام الشّهادة
__________________
حيث ان صاحب المعالم ذكر فى المنتقى امكان حصول العلم بالعدالة ولو بالنسبة
الى السابقين وإلّا فلا اعتبار بالقرينة ولا الشهادة بناء على مذاقه وحكى عنه نجله
انه يعمل بالرّواية الدالة على العدالة فى صورة شهادة العدل الواحد ايضا بالعدالة
وذكر السيّد السّند النجفى انه يعمل بالخبر المذكور فى الفقيه بل حكى عن تلميذه
الجليل عبد اللطيف ابن ابى جامع انه سمع منه مشافهة انه قال كل رجل يذكره فى
الصحيح عنده فهو شاهد اصل بعدالة لا ناقل والظاهر بل بلا اشكال انه مبنى على حصول
العلم بواسطة القرائن والشهادة وإلّا فلا يتم كما ان اعتبار الخبر المذكور فى
الفقيه لا يتم بناء على مذاقه بدون انضمام القرائن الموجبة لحصول العلم ولو بتوسّط
مجموع الخبر والقرينة فعلى ما ذكر يتسع دائرة العمل بالتوثيق لصاحب المعالم إلّا
ان يقال اذ الظاهر بل بلا اشكال ان صاحب المعالم جرى فى فقه المعالم على العمل
بالخبر المشار اليه ولم يتطرق من الاقتصار عليه الخروج عن الدّين على ان المفروض
عدم انفكاك العمل بمظنون الاعتبار عن طائفة من مشكوك الاعتبار فكيف يتاتى كفاية
العمل بمظنون الاعتبار وبوجه آخر مدار الاستدلال فى لزوم التعدى عن مظنون الاعتبار
الى مشكوك الاعتبار على وجهين كما مر عدم كفاية مظنون الاعتبار وابتلاء عموماته
بالمقيدات فى مشكوك الاعتبار ولو لم بتات الاوّل على تقدير سعة دائرة مظنون
الاعتبار يتاتى الثانى بلا عثار إلّا ان يقال انه على تقدير سعة دائرة مظنون
الاعتبار لا يتاتى الثانى ايضا لكنّه يندفع بانه لو تاتى ابتلاء العمومات من مشكوك
الاعتبار بالمقيدات من موهوم الاعتبار فكيف لا يتاتى ابتلاء العمومات من مظنون
الاعتبار على تقدير سعة دائرته بالمقيّدات فى مشكوك الاعتبار فلا مناص عن ابتلاء
العمومات بالمقيّدات سواء كان العمومات من باب مظنون الاعتبار او من باب مشكوك
الاعتبار فلا ينفع سعة دائرة مظنون الاعتبار عن ابتلاء العمومات بالمقيّدات الثانى
قاعدة الاشتغال بناء على ان الثّابت من دليل الانسداد وجوب العمل بالظن فى الجملة
فاذا لم يكن قدر متيقن كاف وجب العمل بجميع الظنون اقول ان هذا الاستدلال مبنى على
كون الشك فى المقام من باب الشك فى المكلف به بناء على كون المدار فى الشّك فى
المكلف به على مجرد تعلق الحكم بالموضوع قبال الشك فى صدور الحكم وتعلقه بالموضوع
كما هو مقتضى كلام العلّامة الخوانسارى حيث جعل الشك فى شمول حرمة مس الكتاب للمس
بالكم وعدم اختصاصه بالمس بالجسد على تقدير عدم ظهوره فى المسّ بالجسد من باب الشك
فى المكلّف به والسّيّد السّند المحسن الكاظمى حيث عد من الاحتياط اللازم مع كون
الاحتياط بالترك ما اذا كان الحكم الشرعىّ التحريم وحصل الشّك فى اندراج بعض
الجزئيّات تحته كالشك فى اندراج بعض الاصوات تحت الغناء المعلوم تحريمه والحق ان
المدار فى الشك فى المكلف به على مورد الابتلاء كما هو مقتضى مقالة من قال فى قضاء
الصّلاة الفائتة المعلومة عينا والمشكوكة عددا بجواز الاقتصار على ما يتقن فواته
عملا باصل البراءة وكذا ما وقع من بعض الاصحاب حيث جعل الشك فى شمول المنهى عنه
لبعض الافراد من باب الشك فى التكليف وكذا ما جرى عليه الوالد الماجد ره فيما حكم
به من انه لو امر بالمطلق على القول بعدم انصرافه الى الفرد الشّائع وتعذر الفرد
الشّائع فلا يجب الاتيان بالفرد النادر بناء على اصالة البراءة فى باب الشك فى التكليف
وان كان مقتضى كلامه فى باب تداخل الاسباب حيث بنى على اصالة عدم التداخل لاستصحاب
الاشتغال هو القول الاول لعدم جريان ما استدل به على وجوب الاحتياط فى باب الشك فى
المكلف به من استصحاب الاشتغال الا فى صورة العلم بالتكليف اجمالا فى مورد
الابتلاء وكذا الحال فى حكم العقل لعدم حكم العقل بوجوب الاحتياط مع الشك فى
الاشتغال فى مورد الابتلاء بعد حكمه بوجوب الاحتياط فى صورة الشّك فى شان من شئون
المكلف به فى مقام الاستنباط مع العلم باجمال الاشتغال فى مورد الابتلاء بل نفس
جريان الاستصحاب اثباتا ونفيا مع قطع النظر عن التمسّك به تعين كون مورد الشك من
باب الشك فى المكلف به او التكليف ويتميز بها حقيقة الحال وقد كتبت رسالة فى الفرق
بين الشّك فى التكليف والشك فى المكلف به ولو قيل ان موضوع الظنّ مورد ابتلاء
المجتهد فالمقام من باب الشك فى المكلف به ولو بناء
على كون المدار فى الفرق بين الشك فى التكليف والشك فى المكلف به على الشكّ
فى مورد الابتلاء قلت انه ليس مورد الابتلاء الا الواقعة المتشخصة التى لا بد فيها
من العمل وموضوع الظنّ لا يكون محل الحاجة للعمل بل المحل المحتاج اليه للعمل
انّما هو الظنّ المتشخص كيف لا وليس حال موضوع الظنّ الا مثل الغناء ولا شك ان
الشّكّ فى الصّوت المخصوص من باب الشك فى التكليف بناء على كون المدار فى الفرق
بين الشكّ فى التكليف والشك فى المكلف على الشكّ فى مورد الابتلاء وليس الامر من
باب الشك فى المكلف به بل نقول انه لو كان التكليف فى مورد الابتلاء مشكوكا فيه
فالحق جريان اصل البراءة ولو كان الشك من باب الشك فى المكلف به بل نقول ان الحق
جريان اصل البراءة فى الشك فى المكلف به مطلقا كما حرّرناه فى محلّه بل كتبت رسالة
فى جريان اصل البراءة فى باب الشك فى المكلف به من باب دوران التكليف بين ماهيّتين
مختلفتين ويمكن ان يقال ان الحق فى وجوب الاحتياط فى المقام بناء على كون الامر من
باب الشك فى المكلّف به ولو قلنا بحكومة اصل البراءة فى باب الشك فى المكلف به فى
المسائل الفقهيّة المتعارفة اذ المفروض هنا ثبوت اطراد الوجوب فى حالة الجهل ولم
يعهد فى المسائل الفقهية ما ثبت فيه اطراد التكليف حالة الجهل فالمقام من نادر باب
الشك فى المكلف به وقد جرى العلامة الخوانسارى مع حكمه بحكومة اصل البراءة فى باب
الشك فى المكلف به فى اكثر كلماته وان كان مقتضى بعض كلماته القول بوجوب الاحتياط فى مثل ما نحن فيه حيث حكم بانه لو ورد نص او اجماع على
وجوب شيء معين فى الواقع مردّد فى نظرنا بين امور ونعلم ان ذلك التكليف غير مشروط
بالعلم بذلك الشيء يجب الحكم بوجوب تلك الاشياء المردودة فيها فى نظرنا ولا يكفى
الاتيان بشيء واحد منها فى سقوط التكليف وحكم المحقّق ايضا مع حكمه بحكومة اصل
البراءة فى باب الشك فى المكلف به بوجوب الاحتياط فى مثل ما نحن فيه حيث حكم بانه
لو فرض حصول الاجماع او ورد النص على وجوب شيء معيّن عند الله سبحانه مردّد فى
نظرنا بين امور من دون اشتراط بالعلم بذلك الشيء لتمّ وجوب الاحتياط لكن من اين
هذا الفرض وانّى يمكن اثباته بل نقول ان الحق وجوب البناء على الاحتياط وان كان
الشك من باب الشك فى التكليف لفرض ثبوت اطراد التكليف فى حال الجهل نظير ما ذكره
المحقّق القمى فى باب وجوب الفحص عن الشرط فى الواجب المشروط حيث ان مرجع مقالته
الى ان شمول التكليف لحال الجهل قبل الفحص مشكوك فيه ولو كان التكليف شاملا لحال
الجهل قبل الفحص فلا بد من الفحص وما اورد عليه من ان الشكّ فى الشرط يوجب الشكّ
فى المشروط فيتاتى الشّك فى ثبوت التكليف والاصل عدمه مردود بانه لو فرض اطراد
التكليف حال الجهل قبل الفحص لا مجال للتمسّك بالاصل ولا يكون الشكّ دافعا للتكليف
وانّما الدافع للتكليف الشك بعد الفحص فالدّافع لكلامه منع شمول التكليف لحال
الجهل قبل الفحص لا مجرد دعوى انّ الشك فى الشرط يوجب الشك فى المشروط لكن نقول ان
الامر فى المقام يدور بين الاقل والاكثر بخلاف مورد كلام العلّامة الخوانسارى
والمحقق القمى ممّا حكما فيه بوجوب الاحتياط فان الامر فيه دائر بين المتباينين
وبهذا يختلف الحال ويتاتى الفرق اذ فى المقام لما كان الاقلّ هو القدر المتيقن
فيجرى الاصل فى الزائد وان ثبت اطراد الوجوب حال الجهل بخلاف المتباينين فانه لا
يكون مجال لجريان الاصل فيه وايضا بما ذكر يختلف حال المقام مع الواجب المشروط لو
شك فى تحقق الشرط قبل الفحص مع فرض اطراد الوجوب حال الجهل قبل الفحص اذ لا مجال
للعمل فيه بالاصل بخلاف المقام فانه يجرى فيه الاصل فى الزائد على القدر المتيقن
فى الوجوب قضيّة دوران الامر بين الاقل والاكثر إلّا ان يقال ان القدر المتيقن فى
الوجوب هو الخبر المزكى جميع رجاله بتزكية عدلين فلا يثبت حجيّة الظنون الخاصة
لكنّه مدفوع بعد عدم النفع فى تزكية العدلين إلّا ان يثبت عدالة العدلين بتزكية
العدلين وهذا مستلزم للتسلسل بان الغرض عدم تماميّة الاستدلال المتقدم كالاستدلال
على حجية الظنون الخاصّة ويكفى فى عدم تمامية الاستدلال
__________________
وجود القدر المتيقن اىّ شيء كان القدر المتيقن ولو قيل ان الخبر المزكى
بتزكية عدلين لا يكفى بعد امكانه فليس فى البين قدر متيقن فيتمّ الاستدلال المتقدم
قلت ان هذا التمسك بامر خارج والكلام فى صحة الاستدلال المتقدم بنفسه هذا ما كتبته
سابقا وتحرير المقالة المذكورة ان يقال انه لو ثبت اطراد التكليف بالشيء حال الجهل
فان تردد الامر بين الاقل والاكثر مع عدم الارتباط بين الاقل والاكثر فالقدر
الثابت من الاطراد انما هو اطراد التكليف بالاقل وامّا الزائد على الاقل فاطراد
التكليف به فى حال الجهل مشكوك فيه فلا يجب الاحتياط لرجوع الامر الى الشك فى
تكليف جديد نعم لو كان الامر مبنيّا على الارتباط يجب الاحتياط لعدم رجوع الامر
الى الشك فى تكليف جديد ولزوم الاتيان بالزائد من باب المقدمة العلميّة لامتثال
التكليف الثّابت لفرض وجوب الواجب حال الجهل نعم لزوم الاتيان بالمقدمة العلميّة
مبنى على اطراد التكليف بذى المقدمة فى حال الجهل فيتاتى لزوم الاتيان بالمقدّمة
العلميّة ولو من باب اللابدية بناء على عدم وجوب مقدمة الواجب واما بناء على ثبوت
اطراد التكليف فى حال الجهل فلا يتاتى لزوم الاتيان بالمقدمة العلمية ولو بناء على
وجوب مقدمة الواجب لابتناء وجوب المقدمة العلميّة على وجوب ذى المقدمة والمفروض
عدم وجوب ذى المقدمة قضيّة عدم ثبوت اطراد التكليف حال الجهل بالفرض وعلى منوال
تردّد الامر بين الاقل والاكثر مع عدم الارتباط الحال فى المتباينين فانه لم يثبت
اطراد التكليف فى حال الجهل فلا يجب الاحتياط ونظير ما ذكر من عدم وجوب الاحتياط
فى تردد الامر بين الاقل والاكثر مع عدم الارتباط عدم وجوب الاحتياط فى الشبهة
المحصورة لو كان فى البين قدر متيقن عن مورد الاشتباه كما لو فرض ترشح الماء
المغصوب مع اليقين بالورود الى جانب نصف الاوانى والشك فى الورود الى جانب النصف
الآخر لرجوع الامر الى الشك فى اطراد التكليف فى الزائد على القدر المتيقن بخلاف
ما لو لم يكن فى البين قدر متيقن من مورد الاشتباه كما لو شك فى ورود النجاسة على
بعض اجزاء جميع البيت لكن نقول انه لو ثبت اطراد التكليف فى حال الجهل فلا مناص عن
وجوب الاحتياط ولو تردد الامر بين الاقل والاكثر مع عدم الارتباط ودعوى ان القدر
الثابت من الاطراد انما هو اطراد التكليف بالاقل وامّا الزّائد على ذلك فاطراد
التكليف به فى حال الجهل مشكوك فيه فلا يجب الاحتياط تندفع بانّ منع اطراد التكليف
بالزائد فى حال الجهل خلاف المفروض حيث ان المفروض ان الواقع مكلف به ولو اتفق فى
جانب الزائد كيف لا وفى باب الشك فى التكليف قبل الفحص يجب الاحتياط ولا يتجاوز
الامر فى الزائد عن الشّك فى التكليف وبوجه آخر المفروض اطراد التكليف فى حال
الجهل على وجه الكليّة فلا محيص عن وجوب الاحتياط على وجه الكلية نعم لو فرض اطراد
التكليف فى حال الجهل فى الجملة فيختص وجوب الاحتياط بما يتيقن اطراد التكليف فيه
فى حال الجهل وما ذكر من التنظير بشبهة المحصورة مع ثبوت القدر المتيقّن مدفوع بان
مرجع الامر فى الشبهة المشار اليها الى اجتماع الشبهة المحصورة والشبهة المنفردة
والمفروض فى باب الشبهة المنفردة عدم ثبوت التكليف فى حال الجهل والمفروض فيما كنا
بصدده ثبوت التكليف بالواقع ولو كان فى جانب الزائد وبوجه آخر المفروض فى باب
الشبهة المشار اليها اختصاص اطراد التكليف فى حال الجهل بالقدر المتيقن من مورد
الشبهة كنصف البيت فى المثال المتقدم والمفروض فى المقام عموم اطراد التكليف حال
الجهل فما ابعد البول؟؟؟ سسس فى اصل البراءة الى عدم ثبوت التكليف فى حال الجهل
ففى صورة ثبوت التكليف فى حال الجهل كليّة لا مسرح لاصل البراءة ولا معنى لدعوى ان
القدر الثابت من اطراد التكليف فى حال الجهل انما هو الاطراد فى الاقل لكن التحقيق
ان يقال ان العقل انما هو يحكم بوجوب العمل بالظن المعيّن فى الواقع المجهول فى
الظاهر الاعم من البعض والكل ومقتضاه حكم العقل باطراد التكليف فى حال الجهل لكن
غاية ما يحكم به العقل
من الاطراد انما هى فى صورة انتشار الجهل واما لو كان فى البين قدر متيقن
فلا يحكم العقل باطراد التكليف لو كان البعض فى جانب الزائد على القدر المتيقن
فيتاتى اصل البراءة واين ذلك من صورة الشك فى التكليف قبل لفحص المفروض ثبوت اطراد
التكليف فيه حال الجهل بحكم ظاهر الاطلاق بل لا فرق قطعا فى جريان اصل البراءة بين
ما ذكر ومثل شرب التتن ونظير ما ذكر انه فى باب الشبهة المحصورة كالاوانى المحتمل
تطرق الماء المغصوبة على بعضها يحكم العرف باطراد التكليف فيه فى حال الجهل والا فمقتضى
عدم شمول اطلاقات التكاليف لحال امتناع العلم بالموضوعات العرفية كما هو الاظهر
عدم اطراد التكليف وعدم وجوب الاجتناب عن المغضوب المشتبه لكن العرف انما يحكم
بالاطراد فى صورة انتشار الشبهة واما لو اتفق العلم بتطرق المغصوب فى بعض الاوانى
مع احتمال تطرق الماء المغصوب فيه فى بعض آخر فلا يحكم العرف باطراد التكليف فيما
عد المعلوم تطرق الماء المغصوب فيه بل الامر فيما عدا المعلوم تطرق الماء المغصوب
فيه من باب الشبهة المنفردة ويجرى ما دل على جواز العمل باصل البراءة فى الشبهة
الموضوعيّة المنفردة كيف لا ولا فرق قطعا فى الشبهة المنفردة بين ما لو كان
الاشتباه ابتداء او بعد تطرق الشبهة المحصورة وبما ذكر ظهر فساد دعوى ثبوت عموم
اطراد التكليف فى حال الجهل فى المقام ويمكن ان يقال انّه لم يثبت اطراد التكليف
فى حال الجهل ولو فى جانب الاقل كيف لا ومنشأ خيال الاطراد انما هو وجوب مقدمة
بقاء التكاليف الواقعية فى زمان انسداد باب العلم والمقدمة المشار اليها انّما
تحكم بذلك بناء على حملها على ظاهرها واما بناء على حملها على وجوب البناء على شيء
فلا تحكم بذلك إلّا ان يقال انه بناء على حمل المقدمة المشار اليها على وجوب
البناء على شيء بكون المفروض بطلان البناء على غير وجوب العمل بالظن فلا تردد
الامرين بين الاقل والاكثر يجب الاحتياط غاية الامر ان وجوب الاحتياط على ذلك من
باب الاحراز الواجب الظاهرى واما بناء على حملها على ظاهرها يكون وجوب الاحتياط من
باب احراز التكاليف الواقعيّة ويمكن ان يقال ان مرجع الشّك فى المقام الى الشك فى
الوجوب من باب الشبهة الموضوعيّة والظاهر انه لا يقول احد من الاخباريّين فى مثله
بالوجوب فضلا عن المجتهدين كيف لا والاخباريّون لا يقولون بوجوب الاحتياط فى شبهة
الوجوب من الشبهة الحكميّة ففى شبهة الوجوب من الشبهة الموضوعية لا يقولون بوجوب
الاحتياط بالفحوى بملاحظة انهم يقولون بوجوب الاحتياط فى شبهة الحرمة من الشبهة
الحكميّة ولا يقولون بوجوب الاحتياط فى شبهة الحرمة من الشّبهة الموضوعية نعم عن
جماعة منهم الشيخ فيما لو كان للشخص فضة مغشوشة وعلم بلوغ الخالص نصابا القول
بوجوب التصفية او الاحتياط وفصل فى الرياض بين ما لو كان الشك من باب الشّك فى
التكليف كما لو شك فى بلوغ الخالص النصاب فيجرى اصل البراءة وما لو كان الشك من
باب الشك فى المكلف به كما علم بلوغ الخالص النصاب لكن شك فى مقدار النصاب الا انّ
اطلاق القول بوجوب الاحتياط والتفصيل المذكورين فى باب الشّكّ قبل الفحص لكن نقول
ان الشبهة الموضوعيّة فيما مثل به وجوبا وحرمة من باب الشبهة المنفردة والشبهة فى
المقام من باب الشبهة المحصورة من شبهة الوجوب والامر نظير قضاء الصّلاة الفائتة
المعلومة عينا والمجهولة عددا والمشهور فيه القول بوجوب الاحتياط وان كان الاظهر
عدم الوجوب نعم الشبهة فى المقام من باب الشبهة الحكمية والشبهة فى قضاء الصّلاة
الفائدة المشار اليها من باب الشبهة الموضوعية لكنّه لا يوجب الفرق وبما سمعت يظهر
امكان القدح فى الوجه المتقدم بعدم وجوب الاحتياط فى المقام إلّا ان يقال انه قد
ثبت فى المقام اطراد التكليف حال الجهل لكنه يندفع بوجود القدر المتيقن فى البين
كيف لا ولا يتاتى وجوب الاحتياط فى الشبهة المحصورة من شبهة الحرمة فى صورة وجود
القدر المتيقن إلّا ان يقال انّ وجود القدر المتيقن فى المقام يوجب خروج الامر عن
الشبهة المحصورة
ورجوع الامر الى الشبهة المنفردة الحكميّة نظير قضاء الصّلاة الفائتة
المسبوق ذكرها الا انّ الفرق باختلاف الشبهة حكميّة وموضوعيّة نعم فى مثال البيت
الآتي يكون الامر من باب اجتماع الشبهة المحصورة والشبهة المنفردة وقد يورد بانّه
لا يتاتى الاحتياط فى تعميم حجيّة الظنّ لاحتمال الحرمة فى العمل بما عدا الظنون
الخاصّة لحرمة العمل بما لا يكون طريقا شرعا اقول ان الاحتياط وان لا يتاتى مع
احتمال لحرمة حيث ان المدار فيه عرفا على الاتيان بفعل بداعى احتمال كونه مطلوبا
للفاعل مع عدم احتمال كونه مبغوضا او بافعال بداعى احتمال كون الجميع او المجموع
مطلوبا مع عدم احتمال المبغوضيّة او ترك امر بداعى احتمال كونه محذورا مع عدم
احتمال كونه مطلوبا او ترك امور بداعى احتمال كون ترك الجميع او المجموع محذورا مع
عدم احتمال مطلوبيّة شيء من الامور واليه يرجع كلمات اللغويين ومن ذلك عدم مجيء
البدعة فى الاحتياط اذ المدار فى البدعة فى فعل الشخص وحده اى من دون تشريع للغير
على الاتيان بالفعل بداعى استحبابه فى الواقع مثلا مع العلم بعدم استحبابه واقعا
بناء على امكان هذا الفرض او بداعى الاستحباب واقعا من باب عدم الاجتهاد والتقليد
بل الخرص والتخمين او من باب الاجتهاد الفاسد او التقليد الفاسد مع عدم الاستحباب
واقعا فى شيء من الصّور الثلاثة والمدار فى الاحتياط على الاتيان بالفعل بداعى
احتمال الاستحباب مثلا وكذا عدم ثبوت جواز التّسامح فى المستحب بحسن الاحتياط كما
استدل به عليه اذ موضوع الخبر الضعيف هو الاستحباب واقعا وموضوع الاحتياط هو
الاتيان بداعى احتمال الاستحباب فالموضوع مختلف ولذا لا يجوز للمجتهد الفتوى
باستحباب نفس ما ورد الخبر الضعيف على استحبابه بل لا بدّ له من الفتوى باستحباب
الفعل بانضمام داعى الاحتمال باعلام ورود الخبر الضعيف للمقلد حتى يكون فعله بداعى
الاحتمال بناء على عدم جواز التسامح فى المندوبات كما هو الوجه لكن المدار فى
الحرمة العمل بغير الطريق على البدعة ولا يتاتى البدعة فى فعل الشخص وحده اى من
دون اظهار التشريع للغير الا فى صورة اعتقاد الشرعية بدون الاجتهاد والتقليد او
الاجتهاد الفاسد او التقليد الفاسد بناء على امتناع الاعتقاد بالشرعيّة مع العلم
بعدم الشرعية وعدم حرمة تصور الشرعية مع العلم بعدم الشرعية ولا افادة تصور
الشرعية حرمة الفعل المقارن مع العلم بعدم الشرعية وتفصيل الحال موكول الى ما
حرّرناه فى بحث التسامح فى المندوبات فلا يتاتى البدعة فى مورد الاحتياط ولا
يجتمعان لتضادهما لابتناء البدعة فى فعل الشخص وحده على اعتقاد الشرعية مع عدم
الشرعية وابتناء الاحتياط فى باب الفعل على احتمال الشرعية وممّا ذكرنا عدم ممانعة
البدعة عن التّسامح فى المستحب وان توهم الممانعة من منع عن التسامح استدلالا بان
احتمال الحرمة فى الفعل الذى تضمن الحديث الضعيف استحبابه حاصل كلما اتى المكلف
بالفعل برجاء الثواب لانه لا يعتد به شرعا ولا يصير منشأ لاستحقاق الثواب إلّا اذا
فعله المكلف بقصد القربة ولاحظ رجحان فعله شرعا فان الاعمال بالنيّات وفعله على
هذا الوجه مردد بين كونه سنة ورد الحديث بها فى الجملة وكونه بدعة وتشريعا وادخالا
لما ليس من الدين فى الدين ولا ريب ان ترك السنّة اولى من الوقوع فى البدعة فليس
الفعل المذكور دائرا فى وقت من الاوقات بين الاباحة والاستحباب ولا بين الكراهة
والاستحباب بل هو دائما دائر بين الحرمة والاستحباب فتاركه متيقن للسّلامة وفاعله
متعرض للندامة لعدم اجتماع البدعة والاحتياط بناء على ما ذكرناه من مداخلة داعى
احتمال الشرعية فى باب الفعل وابتناء البدعة فى فعل الشخص وحده على قصد الشرعية
إلّا ان يقال ان المفروض عدم تمكن الاحتياط من اثبات جواز التسامح فى استحباب
الفعل فيتاتى البدعة وكيف كان فلا مجال للبدعة فى مقامنا هذا لفرض كون العمل
بالطريق بداعى احتمال الاعتبار فلا مانع عن مجيء
الاحتياط بل حررنا فى بحث التسامح كما مر انه لو ورد خبر ضعيف دال على
استحباب فعل معارضا بخبر ضعيف آخر يدل على الحرمة وان لا يتمكن الاحتياط من اثبات
جواز التسامح فى الفعل لكن منشأ ترتب الثواب على الاحتياط هو مراعاة الاحتمال حبا
او بغضا وهو يتأتى فى كل من الفعل والترك فلو اتى بالفعل بداعى احتمال الندب ثياب
وكذا لو ترك الفعل بداعى احتمال الحرمة ثياب ايضا نظير ما لو ورد خبر معتبر
باستحباب فعل وخبر ضعيف بحرمته فانّ الفقهاء يحكمون ح باستحباب الفعل وكون الترك
احوط فالفعل مستحب حيث ان الجمع بانه ان قصد التقرب بالفعل فى الاول وبالترك فى
الثانى يترتب الثواب وان قصد التقرب بالترك فى الاول وبالفعل بالثانى من باب داعى
احتمال مبغوضية الفعل فى الاول ومبغوضيّة الترك فى الثانى يترتب الثواب لكن لا
يجدى ذلك فى المقام اذ مدار الاستدلال على لزوم العمل بسائره يتطرق غير الظنون
الخاصّة ومقتضى ما ذكر جواز ترك العمل بسائر الطرق المشار اليه من باب داعى احتمال
حرمة العمل إلّا ان يقال ان المدار فى البدعة المحرّمة على ثبوت خلافها بالاجماع
او الضرورة كيف لا ولو كان مجرب لمخالفة للواقع موجبا لتطرق البدعة للزم ان يكون
ظنون المجتهدين من باب البدعة فى صورة المخالفة للواقع وكذا الاحتياط من باب
الوجوب فى صورة الشك فى الجزئيّة والشرطية والمانعية فى صورة الجزئية والشرطية
وعدم المانعيّة فى الواقع وسائر الطرق لم يثبت عدم اعتباره بالاجماع او الضرورة
كيف الا وقد ادعى اشتهار اعتبار عموم الظنّ بل ظهور الاجماع عليه كما مر وكذا لم
يثبت خلاف المظنون فى الفروع بالاجماع والضرورة نعم غاية الامر احتمال مخالفة
الظنّ فى الفروع للواقع والا فمقتضى القول باعتبار مطلق الظنّ عدم احتمال عدم
اعتباره لابتنائه على القطع لكن لما كان الواقع فى الفروع مستورا فلا يحتمل حرمة
البناء على خلافه ويمكن ان يقال ان جهة حرمة العمل بغير الطريق المعتبر لا ينحصر
فى البدعة بل يتاتى الحرمة من جهة استلزام العمل به طرح الاصول المعتبرة من غير
حجة شرعية والعمل به ينافى الاحتياط لاحتمال عدم اعتباره وطرح الاصول المعتبرة
بالعمل فلا يتم الاستدلال نعم ربما يكون العمل بغير الطريق المعتبر موافقا للاصول
المعتبرة لكن مع هذا لا يتم الاستدلال اذ فى رفع الايجاب الكلى يكفى السّلب الجزئى
وقد يورد بمعارضة قاعدة الاشتغال فى المسألة الاصولية اعنى حجية الظنّ بقاعدة
الاشتغال فى المسألة الفرعية كما لو اقتضى الظنّ المشكوك الاعتبار عدم وجوب جزء او
شرط فى الصلاة مثلا حيث ان قاعدة الاشتغال تقتضى وجوب الاتيان بالجزء والشرط
المذكورين مع اقتضاء الظنّ المشار اليه عدم وجوب الاتيان ويمكن ان يقال ان ارباب
قاعدة الاشتغال ووجوب الاحتياط فى الشك فى المكلف به لا يحكمون بوجوب الاتيان بما
قام الشهرة مثلا مع عدم اعتبارها على وجوبه فى الصّلاة فضلا عما قامت الشهرة مع
عدم اعتبارها على عدم وجوبه ولم يعهد ذلك من احد كيف لا ولو كان الامر على ذلك
يلزم الاتيان بما كان القياس يقتضى جزئيته او شرطيّته بل يلزم الاتيان بكل ما دل
على وجوب الاتيان به خبر ضعيف ويرشد الى ما ذكرنا ما ذكره العلامة النجفى حيث انّه
مع كونه من ارباب وجوب الاحتياط فى الشك فى المكلف به جرى على جريان الاصل فيما لم
ينشأ الشك من خلاف معتد به بل خلاف شاذ او رواية لا تنهض حجة ولا تبلغ الى حد
السقوط او لم يرد به نصّ ولا رواية ولا تعرض الاصحاب لذكر خلاف فيه او رسالة
تعليلا بان فى الاخذ بكل احتمال التزام ما لا ينحصر والاجماع على عدم لزومه
وبالجملة فلا عبرة بما يقتضيه قاعدة الاشتغال فى المسألة الفرعية بالنسبة الى ما
يقتضيه الظن المشكوك فيه ومع هذا تقول ان الظنّ المشكوك فيه فى المثال المسفور
انّما يقتضى عدم وجوب الاتيان بالجزء والشرط اجتهادا ولا ينافيه وجوب الاتيان
بالجزء والشرط المشكوك فيه عملا بملاحظة عدم ثبوت اعتبار الظن المشار اليه كيف لا
والتناقض يشترط فيه وحدة الموضوع والموضوع هنا مختلف اذ موضوع عدم الوجوب
هو الحكم الواقعى وموضوع الوجوب هو حكم الجاهل فلا مجال لمجيء التعارض بل
اختلاف الموضوع يمانع عن التعاضد ايضا ومن هذا عدم معاضدة الاصل للاطلاق لكون موضوع
الاطلاق هو الحكم الواقعى وموضوع الاصل هو حكم الجاهل وكذا عدم اعتبار عنوان
الترجيح بالنقل والتقرير من اصله فى باب الترجيح فى تعارض الخبرين لكون موضوع
الخبرين المتعارضين هو الحكم الواقعى فلا مجال لترجيح احد المتعارضين بكونه مقرر
الحكم الشاك او ناقلا عنه فالموضوع مختلف كيف لا ولو لا ما ذكرنا لصحّ القول
باعتضاد ما لو دل دليل على عدم اشتراط شيء فى الصّوم بما دل على عدم اشتراطه فى
الحج بجامع الاشتراط اذ ليس المانع عن صحة الاعتضاد فى هذا المثال الا اختلاف
الموضوع ولو كان اختلاف الموضوع غير مانع عن صحة الاعتضاد فلا مانع فى المثال
المشار اليه غير اختلاف الموضوع فرضا فيصحّ الاعتضاد نعم يقع التّعارض فيما نحن
فيه بين الظنّ المشار اليه وما لو دل دليل على الوجوب واقعا لاتحاد الموضوع اذ
موضوع كل من الظنّ والدّليل المشار اليهما هو الحكم الواقعى ونظير ان اختلاف الموضوع
مانع عن التعارض والتعاضد ان ارتفاع الموضوع مانع ايضا عن التعارض والتعاضد ومن
هذا ان الاستصحاب الوارد لا يعارض الاستصحاب المورود وكذا لا يعاضده ولذا لو شك فى
ورود النجاسة على الماء لا يعاضد استصحاب جواز الشرب استصحاب عدم الورود على ما
حررناه فى محله ومع هذا نقول ان مثل ما نحن فيه ما لو قال زيد مات عمرو وقال بكر
زيد غير معتبر القول حيث ان نسبة عدم اعتبار القول الى زيد من بكر لا ينافى نسبة
الموت من زيد الى عمرو حيث ان بكرا ساكت عن موت عمرو وربّما يسلم موت عمر ولكن
دعواه عدم الاعتبار بقول زيد ولو فرض عدم مطابقته للواقع فلا مجال للتعارض فكذا
الحال فيما نحن فيه حيث ان مفاد الظنّ المشار اليه عدم الوجوب واقعا والاحتياط
مبنىّ على عدم الاعتناء بالظن المشار اليه وكونه مساوقا للشك واين احد الامرين من
معارضة الآخر وان قلت ان الظنّ المشار اليه لو اقتضى عدم الوجوب فى مقام الاجتهاد
فهذا يتسرى فى مقام العمل ويمانع عن جريان القاعدة العملية اعنى الاحتياط كما انه
لو كان مقتضيا للوجوب يتسرى الى مقام العمل ويمانع عن جريان اصل البراءة وليس
المثال المذكور مطابقا للمقام قلت ان السّراية والممانعة عن جريان القاعدة العملية
انما يتاتى فى صورة اعتبار الظنّ والا فحال الظنّ حال الشك فلا بد فى مقام العمل
من العمل بمقتضى القاعدة العملية مع انه لو كان الامر على هذا لكان قاعدة الاشتغال
فى المسألة الاصولية مقدمة على قاعدة الاشتغال فى المسألة الفرعية من باب رفع
الموضوع اعنى رفع الشك كما هو الحال فى الادلة الاجتهاد بالنسبة الى القواعد
العملية واين هذا من التعارض كما عليه مدار الايراد وبعد ما مر اقول ان ما ذكر فى
المقالتين مبنى على ملاحظة التعارض بين نفس الظنّ المشار اليه وقاعدة الاشتغال فى
المسألة الفرعيّة ومدار قاعدة الاشتغال فى المسألة الاصولية على لزوم العمل بالظن
المشكوك فيه كما انّ مدار قاعدة الاشتغال فى المسألة الفرعية على لزوم الاتيان
بالمشكوك فيه اثباتا فى الجزء والشرط ونفيا فى المانع فالمدار فى الجزء والشرط على
لزوم العمل فيتاتى التعارض فى الاتيان بالجزء والشّرط الاقتضاء قاعدة الاشتغال فى
المسألة الاصولية عدم وجوب العمل واقتضاء قاعدة الاشتغال فى المسألة الفرعية لزوم
العمل وبعد هذا اقول ان مرجع وجوب العمل بما يدل على الاباحة الى عدم جواز اظهار
غير الاباحة او الاعتقاد بغير الاباحة بدون الاجتهاد والتقليد فالمرجع الى عدم
جواز تعيين الواقع فى غير الاباحة وهذا مربوط بمقام الاجتهاد ولا ينافى ما دل على
وجوب العمل بملاحظة عدم ثبوت اعتبار الظنّ المشار اليه وبوجه آخر قضية انسداد باب
العلم تقتضى وجوب العمل بما يقتضى الوجوب والحرمة من الظنّ اجمالا ولا يقتضى
الانسداد ووجوب العمل بما يقتضى الجواز ولا مجال لاقتضاء له نعم لو اقتضى انّما
يقتضى حرمة مخالفة ما يقتضى الجواز فلم يتات وجوب العمل بما يقتضى عدم الوجوب من
باب قاعدة الاشتغال حتى يتاتى معارضة مع ما يقتضى الوجوب فى المسألة الفرعية وبعد
هذا اقول ان وجوب الاحتياط لا يجرى الا فى
باب الشك فى المكلف به وجوبا لكن يختص جريانه فيه بما لو لم يثبت الغاء
الشك وأما لو ثبت إلغاء الشك كما لو كان الشك ناشيا من القياس فلا مجال لوجوب
الاحتياط والاحتياط فى المسألة الاصولية انما يقتضى اعتبار الظنّ والغاء احتمال
عدم الوجوب فلا مجال لوجوب الاحتياط فى المسألة الفرعية كما انه لو تردد الواجب
بين القصر والاتمام وثبت بظن مشكوك فيه كون الواجب احدهما فيتعين فيه المكلف به
ولا مجال لوجوب الاحتياط بالجمع وبوجه آخر الاحتياط فى المسألة الاصولية يوجب خروج
المسألة عن مورد الاحتياط فى المسألة الفرعية فلا بد من البناء على الاحتياط فى
المسألة الاصولية قضية ان كل دليل يوجب خروج المورد عن مورد دليل آخر يعارضه او
كان الامر فى حكم الخروج فلا بد من العمل بالدليل الاول ولا مجال للعمل بالدليل
الثّانى والمعارضة بدوية ومن هذا تقديم الاستصحاب الوارد على الاستصحاب المورد
وكذا تقديم الظنّ القائم على عدم حجية ظن يخالف الظنّ الاول فى النوع بناء على
حجية مطلق الظنّ فى الفروع والاصول كما لو قام الشهرة على عدم حجية بعض اقسام خبر
الواحد ومن قبيل الظنّ المشار اليه الاحتياط فى المسألة الاصولية فى المقام والوجه
فى الكل قضية التبعيّة حيث ان التابع لا بد ان يعمل فيه على حسب ما يجرى عليه حال
المتبوع نفيا واثباتا وهذا الحديث يجرى فى كل من الامور الثلاثة المذكورة اعنى
الاستصحاب الوارد واخويه الا ان الشكّ فى الاستصحاب الوارد من باب الشك السّببى
بالنّسبة الى الشك فى الاستصحاب المورود والا تقديم حكم الشّكّ السّببى على حكم الشكّ
المسبّبى انما يتم بقضية التبعيّة ايضا حيث ان حكم الشك المسبّبى تابع لحكم الشك
السببى واما الظنّ القائم على عدم حجية الظنّ مع اختلاف النوع كما ذكر فلا يكون
الظنّ فى المسألة الاصولية سببا للظن فى المسألة الفرعيّة وكذا الحال فى الاحتياط
فى المقام حيث ان الاحتياط فى المسألة الاصولية لا بكونه سببا لاحتمال الجزئية او
الشرطية او المانعية نعم الظنّ بعدم الحجية فى المسألة الاصولية سبب للظن بعدم
حجية الظنّ فى المسألة الفرعية كما ان الشكّ فى حجيّة الظنّ فى المسألة الاصولية
سبب للشك فى حجية الظنّ فى المسألة الفرعيّة قضيّة انطباق حكم الكلى والافراد لكن
ما ذكر من السّببيّة فى باب الظنّ القائم على عدم الحجيّة مع اختلاف النوع
والاحتياط ليس نظير سببيته الشك فى الاستصحاب الوارد حيث ان الشك فيه انما هو سبب
لتحقق مجرى الاستصحاب المورود بخلاف الظنّ القائم على عدم حجية الظنّ مع اختلاف
النوع والاحتياط فان الظنّ فى المسألة الاصولية فى الاول والشك فى المسألة
الاصولية فى الثانى بالنّسبة الى الظنّ والشك فى المسألة الفرعيّة من باب الكلى
والفرد ويفترق الاستصحاب الوارد عن اخويه ايضا بان الشك فيه لا يخرج المورد عن
مورد الاستصحاب المورود حقيقة بل الامر من باب الخروج حكما لكن الظنّ فى المسألة
الاصولية يخرج المورد حقيقة فى المسألة الفرعية عن تحت دليل حجية مطلق الظنّ
لاختصاصه بما لم يقم حجة على عدم حجية وكذا الاحتياط فى المسألة الاصولية يوجب
خروج المورد حقيقة فى المسألة الفرعية عن مورد وجوب الاحتياط لاختصاصه بصورة عدم
ثبوت الغاء الشك فلا يجرى فى صورة ثبوت إلغاء احتمال الجزئية او الشرطية او
المانعيّة وان قلت ان اثبات الشيء لا يستلزم نفى ما عداه فوجوب القصر او الاتمام
فى المثال المتقدم ذكره لا ينفى وجوب الآخر فالظن المشكوك فيه المقتضى لكون الواجب
هو القصر او الاتمام لا يوجب تعين المكلف به فى القصر او الاتمام قلت ان المفروض
عدم احتمال وجوب الجمع اجتهادا ولو احتمل الجمع اجتهادا فالامر خارج عن المفروض
لعدم التعارض لاقتضاء قاعدة الاشتغال فى المسألة الاصولية وجوب احد الامرين
واقتضاء قاعدة الاشتغال فى المسألة الفرعية وجوب الامرين معا واين هذا من التعارض
بل جريان قاعدة الاشتغال فى المسألة الاصولية يمانع عن جريانهما فى المسألة
الفرعية مع كون الامر بصورة الاعتضاد كما لو اقتضى الظنّ المشكوك فيه وجوب السّورة
مثلا حيث ان العمل به يمنع عن التمسك فى
وجوب السّورة بقاعدة الاشتغال لكون الظن المشار اليه بعد الشك فى اعتباره
كالرافع لموضوع قاعدة الاشتغال وهو عدم ثبوت حكم السّورة نظير عدم اعتضاد
الاستصحاب الوارد بالمورود فيما لو شك فى ورود النجاسة على الماء مثلا حيث ان
استصحاب عدم ورود النجاسة وارد بالنسبة الى استصحاب جواز الشرب ولذا يمانع عن
جريانه فلا مجال للاعتضاد وان قلت انه قد يتاتى التعارض بين قاعدة الاشتغال فى
المسألة الاصولية وقاعدة الاشتغال فى المسألة الفرعية كما لو علمنا بحرمة شيء بين
اشياء ودلت على وجوب كل منها امارات نعلم بحجية إحداها فان مقتضى هذا وجوب الاتيان
بالجميع ومقتضى ذلك ترك الجميع قلت انه ان كان الغرض من العلم بحرمة شيء بين اشياء
اجمالا هو العلم بالحرمة اجمالا من باب الشبهة الموضوعية يكون المقصود بالشيء هو
الشى المتشخص فهو خارج عن مورد الكلام اذ الكلام فى تعارض قاعده الاشتغال فى
المسألة الاصولية مع قاعدة الاشتغال فى المسألة الفرعية من باب الشبهة الحكمية
والتعارض هنا بين قاعدة الاشتغال فى المسألة الاصولية وقاعدة الاشتغال فى المسألة
الفرعية بواسطة الشبهة الموضوعية إلّا ان يقال ان المقصود بقاعدة الاشتغال فى
المسألة الفرعية اعمّ مما لو كانت من جهة الشبهة الحكمية وما لو كانت من جهة
الشبهة الموضوعية والمثال المذكور فى الايراد وان كان من باب الشبهة الحكمية الا
ان المثال لا يخصص المقال وان كان الغرض العلم بالحرمة من باب الشك الموضوعية يكون
المقصود بالشيء هو الشيء الكلى كما هو مقتضى قولك ودلت على وجوب كل منها اذ ليس
المدلول عليه بالوجوب الا الشيء الكلى فالمرجع الى العلم بمخالفة بعض الظنون
للواقع وحرمة العمل به اذ العلم بفساد النتيجة يستلزم العلم بفساد المدرك فالمرجع
الى تعارض قاعدة الاشتغال وجوبا وحرمة فى العمل بالظنون المشكوك فيها للعلم
الاجمالى بوجوب العمل ببعض الظنون وكذا العلم الاجمالى بحرمة العمل ببعض الظنون
وقد يقال ان الاحتياط فى المسألة الفرعية لا ينافيه الاحتياط فى المسألة الاصولية
لان الحكم الاصولى المعلوم بالاجمال وهو وجوب العمل بالظن القائم على عدم الوجوب
معناه وجوب العمل على وجه ينطبق مع عدم الوجوب ويكفى فيه ان يقع الفعل لا على وجه
الوجوب ولا تنافى بين الاحتياط وفعل السّورة لاحتمال الوجوب وكونه لا على وجه
الوجوب الواقعى وتوضيح ذلك ان معنى وجوب العمل بالظن وجوب تطبيق عمله عليه فاذا
فرضنا انه يدل على عدم وجوب شيء فليس معنى وجوب العمل به إلّا انه لا يتعين عليه
ذلك الفعل فاذا اختار فعل ذلك فيجب ان يقع الفعل لا على وجه الوجوب كما لو لم يكن
هذا الظنّ وكان غير واجب بمقتضى الاصل لا انه يجب ان يقع على وجه عدم الوجوب اذ لا
يتعين فى الافعال الغير الواجبة قصد عدم الوجوب نعم يجب التشرع والتدين بعدم
الوجوب سواء فعله او تركه من باب وجوب التديّن بجميع ما علم من الشرع وح فاذا تردد
الظنّ الواجب العمل المذكور بين ظنون تعلقت بعدم وجوب امور فمعنى وجوب ملاحظة ذلك
الظنّ المجمل المعلوم اجمالا وجوبه ان لا يكون فعله لهذه الامور على وجه الوجوب
كما لو لم يكن هذه الظنون وكانت هذه الامور مباحة بحكم الاصل ولذا يستحبّ الاحتياط
واتيان الفعل لاحتمال انه واجب ثم اذا فرض العلم الاجمالى من الخارج بوجوب احد هذه
الاشياء على وجه يجب الاحتياط والجمع بين هذه الامور فيجب على المكلّف الالتزام
بفعل كل واحد منها لاحتمال ان يكون هو الواجب وما اقتضاه الظنّ القائم على عدم
وجوبه من وجوب ان يكون فعله لا على وجه الوجوب باق بحاله لان الاحتياط فى الجميع
لا يقتضى اتيان كل منها بعنوان الوجوب الواقعى بل بعنوان انه محتمل الوجوب والظن
القائم على عدم وجوبه لا يمنع من لزوم اتيانه على هذا الوجه كما انه لو فرضنا ظنا
معتبرا معلوما بالتفصيل كظاهر الكتاب دل على عدم وجوب شيء لم يناف مؤداه لاستحباب
الاتيان بهذا الشيء لاحتمال الوجوب اقول ان مدار المقالة المذكورة على رفع التعارض
بين قاعدة الاشتغال فى المسألة الاصولية وقاعدة الاشتغال فى المسألة الفرعية ولا
يصلح الحال الا بكون الغرض رفع التعارض باختلاف الموضوع بتقريب ان مدار قاعدة
الاشتغال فى المسألة الاصولية على تطبيق العمل بالنسبة الى الجواز الواقعى ومدار
قاعدة الاشتغال فى المسألة الفرعية على الاتيان بالمشكوك فيه بداعى احتمال الوجوب
على ما هو المفروض من كون الشك فى الوجوب وبوجه آخر وقاعدة الاشتغال فى
المسألة الاصولية على الحكم الواقعى ومدار قاعدة الاشتغال فى المسألة الفرعية على
الحكم الظاهرى ويتطرق الايراد بان قاعدة الاشتغال لا تجرى فى المسألة الاصولية
بناء على ما مر من عدم جريانه فيما يقتضى الجواز واما قاعدة الاشتغال فى المسألة
الفرعية فالمدار فى الاحتياط فى الامور الشرعية وان يكون على داعى احتمال الوجوب
فى الاحتياط فى الفعل وداعى احتمال الحرمة فى الاحتياط فى الترك لكن ما ذكر انما
يتاتى فيما لو كان الماخوذ فيه لفظ الاحتياط كما فى الاستدلال على جواز التسامح فى
المندوبات بحسن الاحتياط واما فى باب الشك فى المكلف به وان ذكر لفظ الاحتياط فى
كلمات القائلين بوجوب الاتيان بالمشكوك فيه جزئية او شرطية وترك المشكوك فيه من
حيث الممانعة لكنّه من باب المسامحة اذ ليس الواجب الّا الاتيان بداعى احتمال
الوجوب وليس للمجتهد اعلام المقلد بالشك فى الجزئية او الشرطية او المانعية
والافتاء بوجوب الاتيان بالمشكوك فيه بداعى احتمال الجزئية والشرطية لو كان الشك
فى الجزئية او الشرطية ووجوب ترك المشكوك فيه بداعى احتمال الممانعة لو كان الشك
فى المانعية بل لم يقل به احد ولا يلتزم به احد وغرض ارباب الاحتياط انما هو مجرد
وجوب الاتيان بالمشكوك فيه فى الشك فى الجزئية والشرطية ووجوب ترك المشكوك فيه فى
الشك فى المانعية وليس النزاع فى باب الشك فى المكلف به الا فى مجرّد وجوب الاتيان
فى الشك فى الجزئية والشرطية ووجوب الترك فى الشك فى المانعية وليس النزاع فى وجوب
الاتيان بداعى احتمال الجزئية والشرطية ووجوب الترك بداعى احتمال المانعيّة وان
قلت ان وجوب الاتيان بالمشكوك فيه فى الشك فى الجزئية والشرطية ووجوب الترك فى
الشك فى الممانعة ليس الا من جهة احتمال الجزئيّة والشرطية فى الاول واحتمال
الممانعة فى الثانى فالامر مبنى على داعى الاحتمال سواء اخذ لفظ الاحتياط ام لا بل
الحكم اعنى وجوب الفعل فى الاول ووجوب الترك فى الثانى مصداق الاحتياط بلا ارتياب
قلت ان جهة الاحتمال تعليلية اعنى ان الداعى على ايجاب المشكوك فيه وتحريمه هو
احتمال كونه جزء او شرطا واحتمال كونه مانعا فى التحريم لا تقييديّة كما عليه مدار
المقالة المذكورة وهو الحال فى باب التسامح فان الاستحباب عارض للفعل المقيد بداعى
احتمال الثواب وبعبارة اخرى مجموع الفعل وداعى الاحتمال لا نفس الفعل كما زعمه
ارباب التسامح وان قلت ان الاستدلال بقاعدة الاشتغال مبنى على ملاحظة داعى الاحتمال
فالوجوب فى المسألة الفرعية من باب قاعدة الاشتغال يكون مبنيّا على ملاحظة داعى
الاحتمال كما عليه مدار المقالة المذكورة قلت انه لو كان الامر على هذا للزم
ملاحظة داعى الاحتمال فى المسألة الاصولية ولم يلاحظ فى المقالة المذكورة مع ان
التعبير بقاعدة الاشتغال اشارة الى وجوب الاتيان بالمشكوك فيه فى الشك فى الجزئية
والشّرطية ووجوب الترك فى الشك فى الممانعة ولا دلالة فيه على لزوم كون الاتيان
والترك بداعى الاحتمال على انه لا ينحصر دليل القول بوجوب الاتيان بالمشكوك فيه فى
قاعدة الاشتغال بل استدل بالاستصحاب ايضا ولا يكون الاستصحاب مقتضيا للزوم كون
الفعل والترك بداعى الاحتمال بلا اشكال ولو فرضنا كون قاعدة الاشتغال مقتضية
لمراعاة داعى الاحتمال مضافا الى ما سمعت من ان اصل وجوب الاتيان بالمشكوك فيه فى
الشك فى الجزئية والشرطية ووجوب الترك فى الشك فى المانعية فى باب الشك فى المكلف
به وان كان مبنيا على جهة الاحتمال لكن الجهة تعليلية لا تقييديّة وبعد هذا اقول
ان المدار فى صدق الاحتياط على مداخلة جهة الاحتمال سواء كان الجهة تقييديّة او
تعليلية مثلا لو امر المولى عبده بطبخ مطبوخ باحتمال ورود الضيف عليه او على العبد
مع عدم اطلاع العبد على داعى الاحتمال من المولى فى شيء من الصّورتين ولا على ورود
الضّيف عليه فى الصّورة الثانية يكون الطبخ مصداق الاحتياط وان كان العبد غير مطلع
على الداعى بل كان كارها للطبخ وبوجه آخر المدار فى الاحتياط على مداخلة جهة داعى
الاحتمال من الفاعل بلا واسطة او مع الواسطة وبوجه ثالث الاضافات يكفى فيها ادنى
الملابسة كما هو حديث مشهور و
الطبخ المذكور يصح نسبته الى المولى بملاحظة الامر به نظير ما يقال فتح
السلطان البلد مع كون الفتح من العسكر والمفروض مداخلة داعى الاحتمال فى الامر
فيصدق الاحتياط على الطبخ المسطور بملاحظة المولى وان لم يصدق بملاحظة العبد الا
ان الاحتياط فى الصّورة الاولى من المولى لنفسه وفى الثانية من المولى للعبد ففى
باب الشك فى المكلف به لما كان الداعى من الشارع على ايجاب الاتيان بالمشكوك فيه
فى الشك فى الجزئية والشرطية وتحريمه فى الشك فى الممانعة هو احتمال الجزئية
والشرطية والمانعيّة فيكفى فى صدق الاحتياط بعد الاغماض عن عدم اناطة الامر بصدق
الاحتياط ولا يكون الاتيان بالمشكوك فيه من المقلد بداعى الاحتمال كما هو مقتضى
المقالة المتقدمة فلا يتم تلك المقالة وان قلت انه لا بد من قصد القربة فى العبادة
فلا بد ان يكون الاتيان بالسّورة مثلا من المقلد بداعى احتمال الوجوب كما هو الحال
فى المجتهد حيث ان الاتيان منه بداعى احتمال الوجوب لفرض اطلاعه على حقيقة الحال
قلت انه لا يلزم قصد القربة فى اجزاء الصّلاة مثلا بالخصوص وكذا الحال فى الشرائط
الداخلة والخارجة ما عدا الطهارات عن الحدث بل يكفى قصد القربة بنفس الطبيعة
المقصودة بالاتيان المقتضى لقصد القربة بالاجزاء والشرائط الداخلة اجمالا مع انه
لا باس بقصد القربة بالسّورة لكون الشخص مكلفا بالاتيان بها من باب التكليف العملى
كما ان العبد فى المثال المتقدم يجب عليه الطبخ والداعى على التكليف هو احتمال؟؟؟
فى الطبيعة واقعا من باب التكليف بالاتيان بكل ما شك فى جزئيته او شرطية للعبادة
فلا باس بقصد القربة من المجتهد ولا من المقلد بملاحظة التكليف العملى ولا باس
باعتقاد المقلد وجوب الفعل والترك لفرض الوجوب ظاهرا وعملا وبعد هذا اقول ان
الاحتياط فى المسألة الاصولية وان لا ينافى الاحتياط فى المسألة الفرعية من حيث
وجوب الفعل لان معنى وجوب الاحتياط فى المسألة الاصولية وجوب كون العمل لا على قصد
الوجوب الواقعى فلا ينافى وجوب الاحتياط ان يقع الفعل لا على وجه الوجوب بل
لاحتمال الوجوب لكن الاحتياط فى المسألة الاصولية ينافى الاحتياط فى المسألة
الفرعية من حيث جواز الترك اذ مقتضى الاحتياط فى المسألة الاصولية جواز ترك
الاحتياط فى المسألة الفرعية ولا مجال للجمع بين الوجوب وجواز الترك بابداء اختلاف
المحلّ بكون الوجوب ظاهريّا وجواز الترك واقعيا اذ لا مجال لاجتماع الحكمين
المتضادين الا فى صورة اختلاف الجهة التقييدية ولا مجال لاختلاف الجهة التقييدية
فى المقام غاية الامر كون وجوب الاحتياط فى المسألة الفرعية فى مورد الشك الا ان
جهة الشك من باب الجهة التعليلية ولا يكون من باب الجهة التقييدية لعدم ابتناء
وجوب الاحتياط فى باب المشكوك فيه على كونه بداعى الشك وبعد هذا اقول ان مدار ذلك
المقال على عدم المنافاة بين الظنّ القائم على الاباحة والاحتياط فى المسألة
الاصولية ومدار الايراد على التعارض بين الاحتياط فى المسألة الاصولية والاحتياط
فى المسألة الفرعية واين احد الامرين من الآخر إلّا ان يقال ان الغرض من المقال ان
مقتضى الاحتياط فى المسألة الاصولية ففى الوجوب الواقعى بالظن القائم على الاباحة
وعدم جواز قصد الوجوب فيتاتى الايراد بنفى المعارضة بين الاحتياط فى المسألة
الاصولية والاحتياط فى المسألة الفرعية وبعد هذا اقول انه يمكن القول بان مدار ذلك
المقال على ان المدار فى الاحتياط فى المسألة الاصولية على نفى الوجوب الواقعى مع
احتمال الوجوب والمدار فى الاحتياط فى المسألة الفرعية على اثبات الوجوب فى محتمل
الوجوب وهذا انما يتم لو كان احتمال الوجوب جزء الدعوى كما لو ذهب المشهور الى
جواز الترك لا كيفية الدعوى كما ان اخذ الاحتمال فى جانب الاحتياط فى المسألة
الفرعية لا يتم اذ المدار فى الاحتياط فى باب الشك فى المكلف به على مجرد وجوب
الاتيان بالجزء المشكوك فيه والشرط المشكوك فيه وترك ما شك فى ممانعته ولم يقل احد
بلزوم كون الفعل والترك بداعى احتمال الجزئية والشرطية والممانعة بخلاف باب
التسامح فانّ
مقتضى حسن الاحتياط كون الاتيان بالفعل بداعى احتمال الاستحباب وهو خلاف
مقاله المسامحين إلّا ان يقال ان مرجع ما ذكر الى كون جهة الشك من باب الجهة
التعليلية لا الجهة التقييدية كما تقدم فليس هذه المقالة مقالة اخرى ويتطرق
الايراد ايضا على المقالة المتقدمة بان الجواز الواقعى المستفاد من قاعدة الاشتغال
فى المسألة الاصوليّة ينافى وجوب الاتيان بالمشكوك فيه بداعى الاحتمال المستفاد من
قاعدة الاشتغال فى المسألة الفرعية فى باب الشك فى الجزئية والشرطية المفروض فيه
الكلام فى الايراد المتقدم وكذا فى الجواب عنه بالمقالة المتقدمة وكذا ينافى وجوب
الترك بداعى الاحتمال فى باب الشك فى الممانعة فى كل من الحكم الواقعى والحكم
العملى اما الثانى فلان ما يقتضى حكم الواقعى يقتضى كونه هو الحكم فى مقام العمل ايضا
فقاعدة الاشتغال فى المسألة الاصولية لمّا اقتضت الجواز الواقعى فمقتضى كون الحكم
فى مقام العمل هو الجواز ايضا وقاعدة الاشتغال فى المسألة الفرعية تقتضى وجوب
الفعل او الترك فى مقام العمل فيتاتى التعارض فى الحكم فى مقام العمل من حيث كون
الحكم هو الجواز ووجوب الفعل او وجوب الترك غاية الامر مداخلة داعى الاحتمال فى
الحكم المستفاد من قاعدة الاشتغال فى المسألة الفرعية لكن لا جدوى فيه بعد تسليمه
فى رفع التعارض ولا خفاء واما الاول فلان مدار قاعدة الاشتغال فى المسألة الاصولية
على انكشاف الواقع ومدار قاعدة الاشتغال فى المسألة الفرعيّة على اختفاء الواقع
لعدم حجية الظنّ فيتاتى التعارض فى انكشاف الحكم الواقعى واختفائه نظير انه لو ورد
خبر بان ليلة القدر مجهولة وورد خبر آخر بان ليلة القدر هى الليلة الثالثة
والعشرون يتاتى التعارض بلا اشكال ويشبه المقام ما اورد على الآيات التى استدل بها
على اصالة البراءة فى باب شبهة الحرمة من الشك فى التكليف وهى مورد النزاع المعروف
بين المجتهدين والاخباريين من ان مفاد الآيات عدم لزوم امتثال الحكم الواقعى اى
الحرمة الواقعية ومفاد ما دل على وجوب الاحتياط هو الحكم الظاهرى فلا تعارض ولا
ارتباط لاحدهما بالآخر لاختلاف موضوع الحكمين من باب الواقع والظاهر واوردنا عليه
بتطرق التعارض من باب نفى الملزوم واثبات اللازم حيث ان وجوب الاحتياط وان كان
حكما ظاهريّا إلّا انه مبنى على وجوب امتثال الحرمة الواقعية وقد يعمم بوجوه اخرى الاول الاجماعات المنقولة المتقدمة
الدالة على قيام الظنّ مقام العلم عند انسداد باب العلم اقول انه لا وثوق لى
بالاجماع المنقول غالبا من باب عدم الوثوق بتتالى الفتاوى غالبا كما يظهر مما
حررناه فى بحث الاجماع مع ان الاجماعات المنقولة المشار اليهما ان كانت مبنية على
بقاء التكليف فى الواقعة التى انسد فيها باب العلم لا مفيدة للبقاء فلا حاجة الى
تلك الاجماعات المنقولة اذ بعد ثبوت البقاء يكفى ما تقدم فى قيام الظنّ مقام العلم
اللهمّ إلّا ان يقال انه لو تم الاجماعات المنقولة فالتمسّك بها اسهل بمراتب شيء
بالاضافة الى ما تقدم لاحتياجه الى ابطال وجوه متعدّدة غير العمل بالظن الثانى ان
طريقة الناس جارية فى التجارات والصّناعات على العمل بالظن عند تعذره اقول ان
التمسك بهذا الوجه لا يتم الا باعتبار التقرير بطريق غير متعارف بتقريب ان يقال
انه لو لم يكن العمل بالظن فى الاحكام الشرعية مرضيّا عند ارباب العصمة لتطرق ردع
الناس من ارباب العصمة عن تعميم طريقتهم فى الاحكام الشرعية مع علم ارباب العصمة
بطريقة الناس بالاسباب العادية كما هو المفروض ولا مجال للكلام فيه وقد تقدم نظيره
فى الاستدلال على حجية خبر الواحد لكن دون اطمينان النفس بذلك الاشكال الثالث
الاجماع على حجيّة ظن المجتهد حيث ان الاجماع منعقد بل الضرورة قائمة على المجتهد
اذا بذل الجهد فى طلب الحكم الشرعى وتحصل له الظنّ به فهو حجة فى حقه اقول ان
الاجماع بحيث ينفع فى اثبات المقصود غير ثابت اذ القدر الثابت من الاجماع انما هو
الاجماع على حجية الظنّ فى الجملة ولا جدوى فيه والامر فى باب الضرورة اوضح كيف لا
والاخباريون يقولون بحجية الظنّ فى الجملة ايضا لكن ينكرون حجية الظن المستفاد من
الاستقراء مثلا الا يقال انّ بناء
__________________
الاخباريين فى اعتبار الكتاب على التفسير فى الاخبار وفى باب الاخبار على
القطع سندا ودلالة كما ان بعض ارباب حجية مطلق الظنّ لا يقول بحجية الظنّ المستفاد
من الشهرة بواسطة استلزام حجيتها عدم حجيتها بملاحظة قيام الشهرة على عدم حجية
الشهرة وان كان هذا المقال فاسد الحال كما يظهر مما ياتى وبالجملة التمسك بالوجه
المذكور فى غاية الضعف اذ الاجماع على حجية مطلق الظنّ غير ثابت وينكره القائل
بحجية الظنون الخاصّة والاجماع على حجية الظن فى الجملة اى القدر المشترك بين
القائل بحجية الظنون الخاصة والقائل بحجية مطلق الظنّ لا يسمن ولا يغنى من جوع بل
مرجعه الى دعوى الاجماع على حجية الظنون الخاصّة وان امكن القدح فى الاجماع على
القدر المشترك بملاحظة القول باعتبار الخبر المزكى بتزكية العدلين فلا يتاتى
الاجماع على حجيّة الظنون الخاصّة بقى انه قرر السيّد السّند العلى نقلا الدليل
المتقدم اعنى دليل الانسداد بانه لو لم يكن الظنّ حجة لزم احد الامور الثلاثة اما
التكليف بما لا يطاق او الخروج عن الدين او الترجيح من غير مرجح واللوازم ظاهر
البطلان اقول ان الترديد بين المحاذير الثلاثة من جهة انه لا يخلو الحال على تقدير
عدم حجية مطلق الظنّ عن بقاء التكليف بالواقع فى الواقع فيلزم التكليف بما لا يطاق
وارتفاع الحكم الواقعى فيجوز العمل باصل البراءة فيلزم الخروج عن الدين بل على هذا
المنوال الحال فى لزوم التوقف والتخيير والبناء على حجية الظنون الخاصة فيلزم
الترجيح من غير مرجح لكن يتطرق القدح فى التقرير المذكور بعدم اخذ بقاء التكليف
وانسداد باب العلم غالبا الثانى ان فى مخالفة المجتهد لما ظنه من الحكم الوجوبى او
التحريمى مظنة للضرر ودفع الضرر المظنون واجب اما المقدمة الاولى فلان الظنّ
بالوجوب والحرمة يستلزم الظنّ باستحقاق العقاب فعلا فى الاول وتركا فى الثانى لان
الظنّ بالملزوم يستلزم الظنّ باللازم كما ان العلم بالملزوم يستلزم العلم باللازم
والوجوب يستلزم استحقاق العقاب على ترك الواجب والحرمة تستلزم استحقاق العقاب على
فعل الحرام وذلك ضرر عظيم فى الغاية فان المضار الاخرويّة اشد واعظم من المضار
الدنيويّة ولانه اذا ظن بوجوب شيء او بحرمته ظن باشتمال الفعل الاول على مصلحة
عظيمة دنيويّة او اخرويّة استحقاق واشتمال الفعل فى الثانى على مفسدة عظيمة ايضا
دنيوية او اخروية بناء على قول العدلية بتبعية الاحكام للمصالح والمفاسد ومن
الظاهر ان فوت المنفعة وتطرق المفسدة من باب الضرر واما المقدمة الثانية فلانا نجد
ان العقل لا يفرق بين الضرر المعلوم والضرر المظنون فى وجوب دفعه وفى انه لو لم
يدفعه من غير عذر يكون مرتكبا للقبيح ومذموما عقلا ولذا يلزم بترك الطريق الذى يظن
فيه السّبع واللص والحيات والعقارب وغير ذلك من الموذيات وكذا يلزم بترك الطعام
والشراب الذى يظن بوجود السّمّ فيهما ويرشد الى ذلك انا نجد العقلاء قديما وحديثا
على الالزام بدفع الضرر المظنون ومن تبتع احوالهم وما يحكى عن السلف منهم يقطع بما
ذكر حيث انه ليس ذلك الا لحكم العقل بوجوب دفع الضرر المظنون بل صرّح المحققون
بذلك ومن جملة ما فرعوا عليه وجوب معرفة البارى تعالى كما ذكر فى الكلام عند
الكلام فى وجوب النظر فى معرفة الله سبحانه بل العقل يحكم بوجوب دفع الضرر الموهوم
كما صرح به جماعة ولانا نعلم بالوجدان ان الظنّ بالوجوب والحرمة يستلزمان الظنّ
باستحقاق العقاب كما ذكره فخر المحققين فى الايضاح ولنقل الاجماع من فخر المحققين
على وجوب دفع الضرر المظنون ولانه لو لم يجب دفع الضرر المظنون لزم القاء النفس فى
التهلكة وهو حرام بنص الكتاب اقول انّ الاستدلال بالوجه المذكور من باب حكم العقل
مبنى على مراتب ياتى ذكرها فى الوجه الآتي وكيف كان ان كان المقصود بالعقل الحاكم
بوجوب دفع الضّرر المظنون هو عقل متعارف الناس المحفوف بالشهوات فهم لا يبالون
بترك المعلوم الوجوب وارتكاب معلوم الحرمة بل لا يبالون بالمضار الدنيويّة
ويتحملونها لبعض الشهوات كما فى شرب بعض المشروبات المتعارف بين الناس لوضوح
مضارها بحيث لا يحيط بها قلم ولا مداد وكذا اكل الاغذية
اللذيذة لحلوها ودهنها وان امكن القول بان عدم المبالاة فيما ذكر من باب
مخالفة حكم العقل لا عدم الحكم وان كان المقصود العقل السالم عن مزاحمة الشهوات او
المخلى والطبع عن المزاحمة فهو وان يحكم بوجوب دفع الضرر الاخروى لكنّه لا يحكم
بوجوب دفع الضرر الدّنيوى المالى وان يحكم بوجوب دفع الضرر الدنيوى من حيث نقض
الغرض ونقض العمل بل عقل متعارف الناس وان يحكم بوجوب الضرر المالى من باب فرط
الميل بالمال والانغمار فى حب الدنيا لكنّه لا يحكم بوجوب دفع الضّرر شرعا
واستحقاق العقاب على تركه ومقتضى اطلاق دعوى حكم العقل بوجوب دفع الضرر هو الحكم
بوجوب دفع الضرر مطلقا سواء كان الضرر دنيويّا او اخرويّا بل لو حكم العقل بوجوب
دفع الضرر المالى شرعا فانما يحكم به لو لم يكن فى البين احتمال نفع اخروى او
مصلحة اخرى احتمالا مساويا ومن ذلك ان العقل لا يضايق عن تجويز ضرر دنيوى مقطوع به
ولو كان نفسا كالجهاد لنفع اخروى او مصلحة اخرى بل حكم بعض عند الكلام فى قاعدة
الضرر بعدم صدق الضرر مع وجود النفع الاخروى وعليه جرى الوالد الماجد ره قال فليس
فى شيء من الحقوق الشرعية من الخمس والزكاة والقتل فى سبيل الله وغيرها ضرر بل
مقتضى نقل الاتفاق فى السرائر والكفاية على جواز ان يحفر الشخص بالوعة او بئر كنيف
فى الدار وان تأدّى الى تغيير ماء بئر الجار ونقل الوفاق منهما ايضا كالمبسوط
والغنية على جواز حفر البئر فى الدّار وان تأدّى الى نقص ماء بئر الجار جواز
الاضرار بالغير مالا فى الجملة فلو جاز الاضرار بالغير مالا فى الجملة يحكم العقل
بجواز اضرار الشخص بماله بالاولويّة فيحكم العقل بعدم لزوم دفع الضرر المالى إلّا
ان يقال ان جواز الاضرار بالغير مالا فيما ذكر انما هو بتوسط تصرف الشخص فى ملكه فلا
يتاتى من ذلك حكم العقل بجواز الاضرار بالغير مالا بدون استناد الاضرار الى تصرف
الشخص فى ملكه فلا يثبت حكم العقل بجواز اضرار الشخص بماله وبعد هذا اقول ان العقل
السالم عن مزاحمة الشهوات او المخلى والطبع عن المزاحمة وان يلزم بدفع الضرر
الاخروى لكن حكمه بالحكم الظاهرى اعنى الوجوب الشرعىّ الموجب لاستحقاق العقاب على
ترك امتثاله محل الاشكال نعم مقتضى حكم العقل بقبح التجرى على المعصية واستحقاق
العقاب عليه وجوب دفع الضرر المظنون الاخروى من باب الحكم الظاهرى لاطراد قبح
التجرى فى صورة الظنّ والشك والوهم على اختلاف درجات القبح بالعلم والظنّ والشك
والوهم إلّا ان يقال ان مقتضى هذا المقال تطرق استحقاق العقاب على ترك دفع الضرر
المظنون من باب استحقاق العقاب على التجرى على المعصية لا مخالفة الظنّ بالضرر وفى
ذلك الكفاية فى المدعى لكنك خبير بان الفرض عدم انتهاض الاستدلال والمفروض عدم
الانتهاض وفيه الكفاية فى ابطال الاستدلال وبعد هذا اقول ان اضرار الشخص بماله الى
حد غير منجر الى الفقر جائز عقلا واما شرعا فهو جائز ايضا بناء على اختصاص الاسراف
ببذل جميع المال كما لعلّه يتجه القول به على ما حرّرناه فى الرّسالة المعمولة فى
الاسراف بل جواز اضرار الشخص بماله فى الجملة مما يقضى به الاستقراء فى المسائل
الفقهيّة ويظهر الحال بالرّجوع الى ما حرّرناه فى الاصول فى قاعدة الضرر وبعد هذا
اقول ان الوجوب والحرمة المأخوذين فى دعوى استلزام الظنّ بالوجوب والحرمة للظن
باستحقاق العقاب ان كان المقصود به الوجوب الفعلى فهو مع عدم قيام الدليل عليه من
العلم او الظن المعتبر محل المنع وان كان المقصود به الوجوب الشانى اى ما من شانه
ان يجب لمن اطلع عليه بالدّليل من العلم او الظنّ المعتبر فالظنّ بالوجوب المشار
اليه لا يوجب الظنّ باستحقاق العقاب ويمكن الذب بانه بعد فرض سد باب العلم وبطلان
الاحتمالات المتطرقة فى المقام من العمل بالاصل والاحتياط وغيرها يتاتى الظنّ
بالوجوب الفعلى فيتاتى استحقاق العقاب فعلا لكن نقول انّ هذه مقدمة اخرى خارجة عن
الاستدلال ولا تجدى فى اصلاح الحال مع ان الاستدلال على ذلك يرجع الى الاستدلال بدليل
الانسداد ولا حاجة الى ذلك الاستدلال وبعد هذا اقول ان الظنّ بترتب المصلحة
والمفسدة لا يجدى فى لزوم المتابعة فعلا فى المصلحة وتركا فى المفسدة كيف لا
ولا يجب الاحتياط فى شبهة الحرمة فى باب الشبهة الموضوعيّة المنفردة اتفاقا
من الاخباريين وكذا فى شبهة الحرمة من الشبهة الحكميّة اتفاقا من المجتهدين وكذا
فى الشبهة الغير المحصورة اتفاقا ممن عدا جماعة على ما حكى المحدث الجزائرى من
جماعة من معاصريه كما مر من سكان المشهدين مشهد مولانا امير المؤمنين ومشهد سيّد
الشهداء عليهما السلم حيث حكموا بعدم جواز مباشرة احد من المسلمين بالرّطوبة للقطع
بان فى العالم بل فى البلد من لا يجتنب النجاسات ولا من مباشرة هؤلاء بالرطوبة فلو
باشرنا احدا منهم باشرنا من ظن نجاسته او قطع بها وايضا كيف لا وفى الجزم بالاباحة
او الاستحباب او الكراهة من باب الجهل المركب فى باب الوجوب والحرمة حكما او
موضوعا يتاتى المصلحة والمفسدة الواقعية ولا مجال للمتابعة ولو من باب وجود المانع
اعنى العلم بالحكم المخالف من باب الجهل المركب إلّا انه يكفى فى عدم استلزام ثبوت
المصلحة والمفسدة للزوم المتابعة لتطرق احتمال حكمة مانعة عن لزوم المتابعة وبعد
هذا اقول ان الضّرر بعد امكان منع صدقه على العقاب الاخروى بدعوى اختصاصه لغة
بالمضرة الدنيويّة وان كان العقاب الاخروى اشد من المضار الدنيويّة بمراتب كثيرة
يمكن منع صدقه على مجرد استحقاق العقاب مع قطع النظر عن العقاب وان كان نفس
الاستحقاق أسوأ من السّوء ومن هذا وجوب التوبة عن المعصية المعفو عنها كما فى
العزم على المعصية بناء على كونه معصية بل يمكن منع عموم صدقه على المفسدة ولو
كانت المفسدة مقصورة على الدنيوية على حسب المقصود بها فى مفسدة الحرام لوضوح عدم
صدق الضرر على بعض المفاسد الدنيوية بل كثير منها بل يمكن منع صدقه على فوت
المنفعة فالاولى تبديل ظن الضرر بظنّ الامر المخوف وبعد هذا اقول ان من عدم جواز
مخالفة الظنّ لا يلزم وجوب العمل بالظنّ لامكان وجوب الاحتياط او جواز العمل
بالاصل لو كان الاحتياط او العمل بالاصل موافقا للعمل بالظن وكذا امكان تخلل
الواسطة بغير ما ذكر ممّا تقدم فلا بد من سد الاحتمالات وبعد هذا اقول الدليل اخص
من المدعى لاختصاصه بالوجوب والحرمة وعموم القول بحجية مطلق الظنّ للظن بالاستحباب
والكراهة والظنّ بالاباحة والظنّ بالاحكام الوضعيّة الا أن يقال ان المدعى هو حجية
الظنّ بالتكليف بناء على ما تقدم من اختصاص النزاع بالظن بالتكليف وكون الكلام فى
حجية مطلق الظنّ فى غير ذلك من باب اطراد النزاع لا عموم المتنازع فيه كما تقدم فى
بعض المقدمات نعم لا بد فى القول بتعميم حجية الظنّ للظن بغير التكليف من دعوى
القطع بعدم الفرق او عدم الفارق وبعد هذا اقول ان دعوى حكم العقل بوجوب دفع الضرر
الموهوم تندفع بان بناء العقلاء فى امور معاشهم كالتجارات والزراعات والاسفار فى
البرارى والبحار على ما احتمل فيه الضّرر موهوما ولا سيّما المسافرة فى البحار
فانها محل احتمال الهلاكة إلّا ان يقال انه فيما لا يتم امرهم بدونه ولا محيص لهم
عن ارتكابه واما ما عده كشرب الجائع مما احتمل السمّ فيه ولو موهوما ومسافرة
المسافرين طريق يحتمل فيه اللص وغيره من الموذيات فلا مجال لانكار التزامهم
التجنّب عنه والزامهم به وذمهم من يرتكبه لكن نقول انه قد تقدم ان الانسان لا
يبالى بارتكاب مظنون الضرر لبعض الشهوات فكيف ظنك بالموهوم وبعد هذا اقول انه لو
كان العقل حاكما بوجوب دفع الضرر الموهوم كما هو المصرّح به فى الاستدلال فيجب
الاحتياط فى باب الظنّ بالاستحباب او الكراهة او الاباحة مع احتمال الوجوب او
الحرمة فالدليل اخص من المدعى إلّا ان يقال ان النزاع يختص بالظن بالتكليف والكلام
فى الظنّ بغير التكليف من باب اطراد النزاع كما مر نعم لا بد فى تعميم القول بحجية
مطلق الظنّ للظن بغير التكليف عن دفع احتمال وجوب الاحتياط بالقطع بعدم الفرق او
عدم الفارق كما سمعت او يقال ان وجوب دفع الضرر الموهوم انما يتاتى لو لم يثبت
اعتبار جانب الظنّ واما لو ثبت اعتبار جانب الظنّ بالاستحباب او احد من اخويه من
باب القطع بعدم الفرق او عدم الفارق فلا يتاتى وجوب الاحتياط وبعد هذا اقول انّ
نسبة دعوى كون استحقاق العقاب وجدانيا الى فخر المحققين مدفوعة بان مقتضى كلام فخر
المحققين انه كلما تحصل الظنّ بالضّرر فحصول الظنّ بالضّرر وجدانىّ
واين هذا من دعوى وجدان حصول الظنّ بالضرر واستحقاق العقاب فى الباب اللهم
إلّا ان يقال ان الغرض من النسبة هو مجرد مناسبتها لدعوى وجدان الضرر باستحقاق
العقاب فى الباب لا نسبة الدعوى المشار اليها الى فخر المحققين وبعد هذا اقول ان
التمسك بآية التهلكة فى باب اثبات المقدّمة الثانية بعد عدم اعتبار اطلاقات الكتاب
وعموماته يستلزم الدّور لعدم ثبوت اعتبار ظواهر الكتاب بغير هذا الاستدلال إلّا ان
يقال ان اعتبار ظواهر الكتاب مورد الاجماع واورد ايضا بوجوه اخرى احدها ما صنعه
الحاجبيان حيث انّهما بعد تسليم استقلال العقل بالحسن والقبح كما يبتنى عليه
الاستدلال حكما بان دفع الضّرر المظنون احتياط مستحسن ولا ينتهى الى الوجوب وظاهر
الفاضل الخوانسارى قبوله إلّا انه خص الاحتياط بدفع الضرر بصورة عدم احتمال الحرمة
ويندفع بما يظهر مما تقدم من استقلال العقل السالم عن مزاحمة الشهوات او المخلى
وطبعه عن المزاحمة بوجوب دفع الضرر الاخروى او تاتى الوجوب فى دفع الضرر المظنون
الاخروى من باب قبح التجرى على المعصية واما بالنسبة الى الضرر المالى فالعقول
ملزمة بدفع الضرر إلّا انه لا يكون من باب الوجوب الشرعى بل لا يحكم العقل بحسن
الدفع شرعا فدفع الضرر الاخروى واجب عقلا لا مستحسن احتياطا واما دفع الضرر المالى
لا يتصف بالوجوب الشرعى عقلا بل ولا يتصف بالحسن الشرعى من باب الاحتياط واورد
عليه ايضا بان جعل الاستدلال مبنيّا على استقلال العقل غير ظاهر لان تحريم تعرض
النفس للمهالك والمضارّ الدنيوية والاخروية ممّا دل عليه الكتاب والسنّة مثل
التعليل فى آية النبإ وقوله سبحانه ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة وقوله سبحانه ويحذركم الله نفسه وقوله سبحانه أفامن
الذين مكروا السيئات وانت خبير بانّ الغرض اعتبار ظاهر الكتاب وغيره بالاستدلال
والمفروض عدم ثبوت اعتبار ظاهر الكتاب بوجه آخر فالاستدلال على وجوب دفع الضرر
بالآيات يستلزم الدّور اللهمّ إلّا ان يقال ان اعتبار ظواهر الكتاب مورد الاجماع
او يقال انه يحصل العلم من الآيات المذكورة وغيرها بحرمة تعريض النفس للمهالك
والمضار ثانيها ما ذكره الحاجبيان ايضا من ان غاية ما يسلم من حكم العقل بوجوب دفع
الضرر وانما هى فى العقليات واما الشرعيّات فحكم العقل بوجوب دفع الضرر فيها غير
ثابت وقد ذكر الفاضل الخوانسارى ان المقصود بالعقليات هو ما يحكم به العقل من امور
المعاش والمقصود بالشرعيات هو المسائل الشرعية المتعلقة بامر المعاد كقبول خبر
الواحد ووجوب العمل به حذرا عن ترتب العقاب على تركه ومقتضى سكوته عن تزييفه القول
به والمرجع الى تسليم حكم العقل بوجوب دفع الضرر فى مضار الدنيوية دون المضار
الاخروية كما استظهر من العدة والغنية واما احتمال كون الغرض حصول الظنّ بالضرر فى
الامور الدنيوية دون الامور الاخروية فهو بعد كونه خلاف المفروض اذ المفروض حصول
الظنّ بالضرر فى الامور الدينيّة خلاف ظاهر العبارة بل غير مراد بلا كلام كما ان
احتمال كون الغرض حجية حكم العقل فى الامور الدنيوية دون الامور الشرعية خلاف ظاهر
العبارة ايضا بل غير مراد بلا اشكال بل حجية حكم العقل فى الامور الدنيوية لا يرجع
الى محصّل وقد حررنا المقال فى حجيّة حكم العقل فى محله وعلى اىّ حال فضعف الفرق
على ما حرّرناه واضح لفرض الظنّ وتعقبه بحكم العقل مع ان المضارّ الاخرويّة اعظم
وربما يحتمل كون الفرق من جهة خيال كون العقاب مامونا عنه فى الشرعيات مع فرض عدم
الدليل فيها على الحكم لابتناء تعلّق الحكم فيها على العلم والاعلام فلا يتطرق
الظنّ بالضرر مع عدم الدليل المعتبر على الحكم بخلاف العقليات وهو خلاف ظاهر
العبارة بلا اشكال بل يتطرق الايراد عليه بما يظهر مما مر ثالثها ان الدليل اخص من
المدعى اذ غاية ما يتمشى من الاستدلال انما هى وجوب العمل بالظن بالوجوب او الحرمة
واما الظنّ بالاستحباب او الكراهة او الاباحة فلا دليل على حجية الظنّ فى الموارد
المذكورة ولا يتم الاستدلال فيها ويمكن دفعه بانه يطرد حجية الظنّ فى باب
الاستحباب واخويه بالاجماع المركب والقطع بعدم الفرق بل قد تقدم ان مورد الكلام فى
المقام انه انما هو الظنّ بالوجوب والحرمة وحجية الظنّ فيما عداهما بناء على حجية
مطلق الظنّ من باب الاجماع المركب والقطع بعدم الفرق رابعها ان مجرد
__________________
استحقاق العقاب لا يكون ضرر الجواز العفو والمغفرة من الله سبحانه واجيب
بان مجرد استحقاق العقاب ضرر عظيم وجواز العفو لا يخرجه عن كونه ضررا وإلّا فلا
يتاتى الضرر فى العلم باستحقاق العقاب ايضا وفيه انه قد تقدم امكان منع صدق الضرر
على مجرد استحقاق العقاب والنقض بالعلم بالضرر باستحقاق العقاب مدفوع بان من يمنع عن
صدق الضرر على استحقاق العقاب يمنع عن صدقه على العلم باستحقاق العقاب ايضا ولا
توحش فيه نعم يصدق الضرر فى صورة العلم بالعقاب لكن الصدق انما هو على نفس العقاب
بعد صدق الضّرر على العقاب باعتبار ثبوت العقاب بمرآة العلم وربّما يقال ان جواز
العفو لا ينافى الظنّ بالعقاب فيتاتى الظنّ بالضرر نعم لو احتمل العفو احتمالا
مساويا لا يتاتى الظنّ بالضرر لكن بعد وجود المقتضى يتحصل الظنّ بترتب المقتضى
بناء على اصالة عدم المانع مع ان مقتضى الآيات والاخبار الدالة على الوعد والوعيد
ترتب الثواب والعقاب على الاعمال ويرده عدم اعتبار اصالة عدم المانع على الاظهر
بناء على عدم اعتبار اصالة العدم مع ان اصالة عدم المانع لا تجدى فى الظنّ بترتب
المقتضى الا بناء على كون المقصود بالاصل هو الظاهر لكن الظهور غير ثابت والآيات
والاخبار الدالة على الوعد والوعيد مقيدة بانتفاع المانع لا محالة والمفروض عدم
ثبوت انتفاء المانع لا واقعا ولا عملا الا باعتبار اصالة عدم المانع وهو غير ثابت
ومع هذا نقول ان احتمال الموازنة بالاحتمال المساوى ولا يبعد القول بالموازنة
يتاتى فى الباب ويمنع عن الظنّ بترتب العقاب خامسها ان القدر المسلم من لزوم
استحقاق العقاب بترك الواجب وفعل الحرام انما هو اللزوم عند العلم بالوجوب والحرمة
واما عند الظنّ والشك فاللزوم ممنوع ودعوى ان الظن بالملزوم يستلزم الظنّ باللازم
انما يتم فيما لو كان اللازم لازما لذات الملزوم من حيث انه هو واستحقاق العقاب
ليس لازما لترك الواجب وفعل الحرام والا لاطرد اللزوم عند الشك والجهل والحاصل ان
استحقاق العقاب اما ان يكون لازما للوجوب والحرمة عند العلم بهما او عند الفهم
الاعم من العلم والظنّ او يكون لازما لترك الواجب وفعل الحرام من حيث انهما هما
اما الاول فهو مسلم لكنّه لا يجدى نفعا بل يضر بالمقصود واما الثانى فهو موقوف على
ثبوت حجية الظنّ ومقتضاه هو العلم بالضرر عند الظنّ بالوجوب والحرمة واما الثالث
فهو وان كان مثبتا للدعوى لكنه ممنوع لعدم التلازم بين ترك الواجب وفعل الحرام
واستحقاق العقاب لا عقلا ولا شرعا ولا عادة مضافا الى ان لازم الذات لا ينفك عنه
الا على سبيل الاعجاز وخرق العادة كانفكاك الحرارة من النار مع انا نرى ونعلم عدم
تاتى استحقاق العقاب فى كثير من الموارد كمورد اصل البراءة من الشك فى الوجوب
والحرمة من باب اشتباه الحكم او الموضوع من باب الشبهة المنفردة اذا اتفق ثبوت
الوجوب والحرمة فى الواقع وكذلك موارد خطاء المجتهد عند عدم التقصير وعلى هذا فكيف
يمكن جعل استحقاق العقاب لازما ذاتيا لترك الواجب وفعل الحرام وان قيل ان تخلف
استحقاق العقاب عن الوجوب والحرمة فيما ذكر مستند الى وجود المانع لا الى عدم
المقتضى فلا ينافى الذاتية قلت هذا مجرد الدعوى ولا شاهد لها ونحن نقول انه من باب
عدم المقتضى فعلى من يدعى الذاتية الاثبات مضافا الى انه اعتراف بان مجرد الوجوب
والحرمة لا يؤثر فى استحقاق العقاب الا بعد انضمام اصالة عدم المانع فمجرد الظنّ
بالوجوب والحرمة لا يستلزم الظن باستحقاق العقاب الا بعد الظن بعدم المانع واصل عدم
المانع غير جار فى الباب لان نفس عدم حصول العلم يصلح مانعا مضافا الى معارضته
باصالة عدم تحقق اللازم ويرد عليه انه كان المناسب الترديد فى الوجوب والحرمة
المأخوذين فى دعوى استلزام الظن بالوجوب والحرمة للظن باستحقاق العقاب بان المقصود
هو الوجوب والحرمة فعلا او الوجوب والحرمة شأنا والايراد على كل من الوجهين بما
تقدم اذ الوجوب والحرمة من باب الاصل بالنسبة الى الاستحقاق ونشر الكلام فى الاصل
اولى من نشر الكلام فى الفرع وبعد هذا اقول ان المناسب فى المقام نشر الكلام فى ان
استحقاق العقاب على فعل الحرام او ترك الواجب بشرط العلم تفصيلا حكما او موضوعا
عقلا او شرعا او بنفسهما والجهل مانع فى الجملة او بالكلية حكما او موضوعا عقلا او
شرعا أو لا استحقاق للعقاب على الفعل والترك وانما يتاتى الاستحقاق على ترك امتثال
الامر
والنهى اى ترك الاطاعة باشتراط العلم وممانعة الجهل اقول انه لا ينبغى
الارتياب فى استحقاق العقاب على فعل الحرام لنفسه بناء على كون الحسن والقبح
عقليين وعلى هذا الحال حال ترك الواجب بناء على اشتماله على المفسدة واما بناء على
خلوه عنها وكون حرمته تبعا لوجوب الفعل كما هو الاظهر كما ياتى فيمكن القول
باستحقاق العقاب على تقويت المصلحة بناء على ما حررناه فى محله من كون تكاليف
الشّارع من باب تكاليف ارباب التربية اى مبنية على المصالح والمفاسد مع استدعاء
الوقوع واما لو قلنا بخلو ترك الواجب عن المفسدة مع كون تكاليف الشّارع من باب
دستورات الاطباء فلا مجال للعقاب على ترك الواجب وينحصر العقاب فى جهة التمرد ولا
ينبغى الارتياب فى عدم اشتراط العلم بالفعل فى استحقاق العقاب لا عقلا ولا شرعا
ولا ممانعة الجهل عن تقصير والا لكان الجاهل المقصر معذورا فالكلام فى اشتراط
العلم بالقوة اى امكان العلم وممانعة الجهل عن القصور ولا ينبغى الارتياب فى
استحقاق العقاب على نفس التمرد عن اوامر الشارع ونواهيه كالثواب على نفس الاطاعة
والانقياد وهكذا الحال فى تمرد كل مطيع بالنسبة الى المطاع واطاعته ومن ذلك
استحقاق العقاب على التجرى على المعصية وكذا استحقاق العقاب لو فرض نهى الشارع او
المطاع عن شيء حسن لكن لا مجال لانحصار استحقاق العقاب فى جهة التمرد والا لما
اختلف العقاب على المحرّمات ضعفا وشدة لاتحاد جهة التمرد مع انه ينافى القول بكون
الحسن والقبح عقليين والمدار فى اشتراط الشيء فى اقتضاء شيء بشيء وممانعة ضده عن
الاقتضاء وان توهم بعض ان عدم المانع من باب الشّرط وذكر المحقق القمى ره فى بعض
كلماته فى الغنائم انّ عدم المانع شرط من الشروط على اصلاح حال الاقتضاء فى الشرط
بعدم اقتضاء الشيء بنفسه للشيء ومداخلة الشرط فى الاقتضاء وممانعة الشىء عن
الاقتضاء فى المانع باقتضاء الشيء بنفسه للشيء وتمانع المانع عن الاقتضاء فلو امكن
اطراد الاقتضاء مع وجود المانع لاطرد الاقتضاء مثلا إضاءة فتيلة السّراج يشترط
بوصول الدهن ولا مجال لخيال استعداد الفتيلة للاضاءة وممانعة عدم وصول الدهن مع ان
المانع اصطلاحا لا بد من كونه وجوديّا واما هبوب الريح فهو مانع عن الإضاءة فانّ
الفتيلة الموصول اليها الدهن يكون مستعدة للاضاءة ومقتضية له بلا شبهة فالامر فى
هبوب الريح من باب الممانعة كيف لا ولا اشكال فى ان عدم الهبوب لا يصلح حال اقتضاء
الفتيلة الموصول اليها الدهن للاضاءة الا ان وجوده يوجب فساد الإضاءة فالعلم لا
يصلح به حال استحقاق العقاب لكن الجهل يفسد الاستحقاق ولو امكن اطراد الاستحقاق مع
الجهل لاطرد الاستحقاق نظير ان العالم مستحق للتعظيم الا ان الجهل من باب الجهل
بالموضوع مانع عن التقصير فى التعظيم ومن هذا انه لو امكن استحقاق الملامة فى حق
الجاهل التارك للتعظيم لاطرد الاستحقاق بخلاف ما لو كان الاستحقاق بشرط علم العالم
فانه لو امكن اطراد الاستحقاق فى حق الجاهل لم يطرد فقد علمت ان استحقاق العقاب
على فعل الحرام بنفسه لكن الجهل مانع الا ان ممانعة الجهل بالحكم يتاتى على
الاطلاق واما ممانعة الجهل بالموضوع فقد يتاتى كما فى الشبهة المنفردة من الشبهة الموضوعية
وقد لا يتاتى كما فى الشبهة المحصورة بناء على القول بوجوب الاحتياط فيها من باب
شمول اطلاقات التكاليف لحال الجهل او شمول اطلاقات النواهى للشبهة المحصورة
بالخصوص كما هو الاظهر لكن عدم الممانعة فى الشبهة المحصورة على حسب العرف اعنى
شمول اطلاقات النواهى والا فالعقل لا يضايق عن وجوب الاحتياط بثبوت الممانعة فى
الشبهة المحصورة ايضا لكن جرى المحقق القمى على مضايقة العقل عن وجوب الاحتياط فى
الشبهة المحصورة لكون الامر على تقدير وجوب الاحتياط فى الشّبهة المذكورة من قبيل
تاخير البيان عن وقت الحاجة فلا مجال عقلا لوجوب الاحتياط واطراد الممانعة فى تلك
الشبهة لكن زيفناه فى محله وكما يقتضى العلم التفصيلى لثبوت استحقاق العقاب فى فعل
الحرام او ترك الواجب فكذا الحال فى العلم الاجمالى ويرشد الى ما ذكرنا من كون
الامر من باب ممانعة الجهل عن استحقاق العقاب باستحقاق العقاب على نفس فعل الحرام
او نفس ترك الواجب لا اشتراط العلم فى استحقاق العقاب امور احدها ان مقتضى تعريف
الواجب بما يستحق تاركه للعقاب وتعريف الحرام بما
يستحق فاعله العقاب كون ترك الواجب وفعل الحرام موجبا كل منهما بنفسه
لاستحقاق العقاب من دون مداخلة العلم فى الاستحقاق لكن يمكن ان يقال بعد الاغماض
عن الكلام فى استحقاق العقاب على ترك الواجب ان استحقاق تارك الواجب للعقاب لا
ينافى اشتراط الاستحقاق بالعلم اذ الغرض استحقاق تارك الذات المتصف بالوجوب فعلا
لا الذات فقط اى الذات المتصف بالوجوب شأنا وعلى تقدير اشتراط الاستحقاق بالعلم لا
يتاتى ترك الواجب الا فى صورة ترك ما علم وجوبه لعدم الوجوب بدون العلم ومما ذكرنا
عدم انتقاض تعريف الواجب والحرام بالجاهل القاصر لتركه الذات مع عدم استحقاقه
العقاب ولا حاجة الى التقييد بالعلم كما ربما يتوهم وان قلت انه على ما ذكرت من
اشتراط الوجوب بالعلم يلزم الدّور قلت ان لزوم الدور على تقدير كون المقصود بالعلم
هو العلم بالفعل وامّا لو كان المقصود بالعلم هو العلم بالقوة اى امكان العلم وقد
تقدم ان الكلام فى اشتراط العلم بالقوة فلا مجال للدّور نعم يلزم الدّور بناء على
اشتراط العلم فى صحة التكليف لظهور العلم فى العلم بالفعل ثانيها ان الاصوليّين
منا ومن المعتزلة ذكروا عند الكلام فى الحسن والقبح ان النزاع فى الحسن والقبح
بمعنى ما يستحق فاعله المدح والثواب وما يستحق فاعله الذم والعقاب من دون ذكر
اشتراط العلم فى استحقاق الثواب والعقاب لكن يمكن ان يقال انّ هذا المقال قبال
مقالة الاشاعرة من كون الحسن والقبح شرعيين اى تابعين للامر والنهى بمعنى كون حسن
الفعل بكونه مامورا به وكون قبح الفعل بكونه منهيّا عنه والغرض من التعريفين
المذكورين اناطة الثواب والعقاب بحسن الفعل وقبحه فى الجملة ثالثها ان مقتضى
الاتفاق على حسن الاحتياط فيما شك فى وجوبه او حرمته بالفعل فى الاول والترك فى
الثانى كون المدار فى استحقاق العقاب على نفس الترك والفعل اذ لو كان المدار على
العلم بالوجوب والحرمة فلا مجال للوجوب والحرمة بعد فرض الشك فلا مجال للاحتياط اذ
لا مجال للاحتياط فى الوجوب فيما لا مجال لغير الوجوب فيه ولا مجال للاحتياط فى
الحرمة فيما لا مجال لغير الحرمة فيه لكن يمكن ان يقال ان الاتيان بما شك فى وجوبه
وترك ما شك فى حرمته من باب الاحتياط ليس من جهة الفرار عن عروض استحقاق العقاب
ترك الواجب وفعل الحرام بل من جهة الفرار عن فوت المصلحة الواقعية فى ترك الواجب
ومصادقة المفسدة الواقعية فى فعل الحرام رابعها لزوم التصويب على تقدير اشتراط
استحقاق العقاب بالعلم لكنه يندفع بانه انّما يتم على تقدير اشتراط استحقاق العقاب
بالعلم بالفعل واما على تقدير الاشتراط بالعلم بالقوّة فلا يتم ذلك خامسها اصالة
عدم اشتراط استحقاق العقاب بالعلم وهو مدفوع بعد عدم اعتبار اصالة العدم بان
الكلام فى مقام الاجتهاد والتمسك باصل العدم انّما يتم فى مقام العمل مع ان
التمسّك باصالة فى دفع الاشتراط انما يتم فى دفع الاشتراط شرعا واما الاشتراط عقلا
فلا مجال للتمسك بها فى دفعه ومقتضى ما تقدم عموم الكلام فى المقام للاشتراط عقلا
وشرعا إلّا ان يقال ان اصل العدم بعد اعتباره يعم كل ما شك فيه على ان اصالة عدم
اشتراط العلم معارضة باصالة عدم ممانعة الجهل اذا عرفت ما تقدم فنقول ان مقتضى ما
سمعت كفاية العلم الاجمالى فى استحقاق العقاب بعد اشتراط العلم فيه فبعد سد باب
العلم وبقاء التكليف وبطلان سائر الاحتمالات يتاتى حكم العقل باعتبار مطلق الظنّ
بواسطة وجوب دفع الامر المخوف والضرر المظنون إلّا ان يقال ان هذه مقدمة خارجة عن
الاستدلال مع ان الامر على ذلك يرجع الى دليل الانسداد ولا حاجة الى ذلك الاستدلال
وايضا ما ذكر فى الاستدلال فى تزييف دعوى استناد تخلف استحقاق العقاب فى الموارد
المتقدمة الى وجود المانع من انه مجرد دعوى لا شاهد لها مدفوع بانه بمجرده لا يبطل
به تلك الدعوى ولا بد فى ابطالها من ذكر مستند له كما انّ ما ذكره من ان التخلف من
جهة عدم المقتضى مجرد دعوى ايضا لا شاهد لها فى كلامه لكن ظهر بما مر مناط تشخيص
الاشتراط عن الممانعة وكون الامر فى الواجبات والمحرّمات من باب ممانعة الجهل لا
اشتراط العلم سادسها ان الضرر وان كان مظنونا الا ان حكم الشارع قطعا او ظنا
بالرّجوع فى مورد الظنّ الى البراءة والاستصحاب وترخيصه لترك مراعاة الظن اوجب
القطع او الظنّ بتدارك ذلك الضرر المظنون والا لكان ترخيص العمل بالاصل المخالف
للظن العام فى
مفسدة ترك الواجب وفعل الحرام فاصل البراءة والاستصحاب ان قام عليهما
الدليل القطعى بحيث يدل على وجوب الرجوع اليهما فى صورة عدم العلم ولو مع وجود
الظنّ الغير المعتبر فلا اشكال فى عدم وجوب مراعاة ظن الضرر وعدم وجوب الترك
والفعل بمجرد ظن الوجوب او الحرمة لما عرفت من ان ترخيص الشارع الحكيم للاقدام على
ما فيه ظن الضرر لا يكون الا لمصلحة يتدارك بها الضرر المظنون على تقدير ثبوته واقعا
وان منعنا عن قيام الدليل القطعى على الاصول وقلنا ان الدليل القطعى لم يثبت على
اعتبار الاستصحاب خصوصا فى الاحكام الشرعية وخصوصا مع الظنّ بالخلاف وكذلك الدليل
لم يثبت على الرجوع الى البراءة حتى مع الظنّ بالتكليف لان العمدة فى دليل البراءة
الاجماع والعقل المختصان بصورة عدم الظنّ بالتكليف فنقول لا اقل من ثبوت بعض
الاخبار الظنية على الاستصحاب والبراءة عند عدم العلم الشامل لصورة الظنّ فيحصل
الظن بترخيص الشارع لنا فى ترك مراعاة الظنّ بالضرر وهذا القدر يكفى فى عدم الظنّ
بالضرر وتوهم ان تلك الاخبار الظنّية لا تعارض العقل المستقل بدفع الضرر المظنون
مدفوع بان المفروض ان الشارع لا يحكم يجوز الاقتحام فى مظان الضرر الا عن مصلحة
يتدارك بها الضرر المظنون على تقدير ثبوته فحكم الشارع ليس مخالفا للعقل فلا وجه
لا طراح الاخبار الظنية الدالة على هذا الحكم الغير المنافى لحكم العقل اقول انه
بعد ضد باب العلم فالعمل باصل البراءة او الاستصحاب يستلزم الخروج عن الدين نعم
هذه مقدمة خارجة عن الاستدلال ويوجب رجوع الاستدلال الى الاستدلال بدليل الانسداد
ومع هذا اقول ان حكم الشارع بالرجوع الى البراءة فى مورد الظن لا يستلزم التدارك
لاحتمال مخالفة الظنّ للواقع نعم يستلزم التدارك فى مورد موافقة الظنّ للواقع ومع
هذا اقول ان قيام الدّليل القطعى بحيث يدل على وجوب الرّجوع الى اصل البراءة
والاستصحاب فى موارد الظنّ بالتكليف محل المنع والتمسك ببعض الاخبار الظنّية على
الاستصحاب والبراءة عند عدم العلم الشامل لصورة الظن يستلزم الدور اذ عمدة ما يثبت
حجية بواسطة حجية مطلق الظنّ انما هى حجية خبر الواحد فالتمسك بخبر الواحد فى مورد
الظن عجيب ومع هذا اقول ان قيام بعض الاخبار المعتبرة على اعتبار اصالة البراءة فى
مورد الشك فى الحكم الشرعى محل الاشكال ومع هذا اقول البناء على كون الامر من باب
التدارك انما يتاتى فيما ذكره من دلالة بعض الاخبار الظنية على الاستصحاب والبراءة
عند عدم العلم لو ثبت العموم لموارد الظنّ من موارد انسداد باب العلم وهو مشكوك
فيه اللهمّ إلّا ان يكون التمسك بالعموم مبنيا على اعتبار الظنّ النوعى سابقها ما
اورد به فى غير موضع من المعارج نقلا وتحريره ان النواهى الدالة على حرمة العمل
بالظن قد صيرتنا مامونين مطمئنين فى مخالفة الظنّ عن الضرر وليس فى مخالفة الظنّ
بعد ملاحظتها مظنة للضرر اصلا كما اذا امر الطبيب الحاذق الحكيم عبده بوضع يده على
العقرب فانه يزيل الظنّ بالضرر ولا يكون فى ترك العمل بالظن مظنة للضرر والمرجع
الى ان النواهى المشار اليها يرفع الموضوع اعنى الظنّ بالضرر ويمكن تقريره بان
مقتضى النواهى المشار اليها عدم اعتبار الظنّ فمقتضاه عدم وجوب دفع الضرر المظنون
والمرجع الى ان النواهى المشار اليها يرفع الحكم اى يوجب تخصيص وجوب دفع الضرر
المظنون ويمكن تقريره بان مقتضى النواهى المشار اليها تطرق الضرر على العمل بالظن
فلو وجب دفع الضرر المظنون لوجب ترك العمل بالظن والمرجع الى المعارضة والاستدلال
يلزم دفع الضرر المظنون على عدم جواز العمل بالظن اقول انه بعد عدم اعتبار اطلاقات
الكتاب وعموماته يكون الظاهر ان المقصود بالظن هو ما كان غير مربوط بالدليل الدالة
على اعتباره الموجب لاطمينان النفس وسكونها لا مطلق الاعتقاد الراجح الغير المانع
عن النقيض وان كان مربوطا بالدليل المذكور ونظيره ما حرّرناه فى الاصول فى جواز
نقض الحكم بالحكم من ان الظاهر مما دل على حرمة الردّ على الحاكم انما هو الرد
بدون المدرك من باب عدم التمكين عن الحكم وميل الطبيعة ولا يشمل الردّ مستند الى
المدرك والدليل وبعد هذا اقول انه لا بد من تخصيص تلك النواهى بصورة التمكن من
العلم لا بازمنة الحضور كما ربّما يتوهم بعدم التمكن من تحصيل العلم للاكثر فى
اعصار الحضور غالبا اذ لو لا ارتكاب التخصيص يلزم البناء على الاصل او
الاحتياط او غيرهما من الوجوه المتقدمة بالبطلان والتخصيص امر سهل ولا
سيّما بالنّسبة الى عمومات الكتاب بعد اعتبارها نعم الاستدلال فيه اختلال الحال من
جهة عدم سد ما يتطرق فى المقام من وجوه الاحتمال وبوجه آخر لا مجال للعمل بالثواب
المشار اليها فى زمان انسداد باب العلم وبطلان الاحتمالات المتطرقة المتقدمة الا
ان هذه مقدّمة خارجة عن الاستدلال والمرجع الى الاستدلال بدليل الانسداد وبعد هذا
اقول ان دلالة تلك النواهى على حرمة العمل بالظن ظنية ايضا ولا يتم اعتبارها الا
باعتبار مطلق الظنّ فالتمسك بها يستلزم الدّور إلّا ان يقال ان حجية ظاهر الكتاب
معلومة بالاجماع او يقال ان كثرة النواهى المشار اليها توجب العلم فى الباب فقد
تحصل ان النواهى المشار اليها لا مجال لافادتها الا من من الضرر ولا افادة عدم
وجوب دفع الضرر ولا افادة تطرق الضرر على تقدير العمل بالظن بل وجوب دفع الضرر على
تقدير ثبوته قطعى مستفاد من حكم العقل فعلا وعدم وجوب الدفع المستفاد من تلك
النواهى ظنى فلا بد من تخصيص تلك النواهى بصورة انفتاح باب العلم وما يقال ان
القطعى لا يقاومه الظنى ليس بالوجه اذ لو اخذ الفعلية فى كل من القطعى والظنى فلا
مجال للتعارض وان اخذ الشأنية فى كل منهما فليس احدهما راجحا بالنسبة الى الآخر
لكن الظاهر بل بلا اشكال ان المقالة المشار اليها مبنية على ما جرى عليه الاصوليّون
من اعتبار الفعلية فى جانب القطعى واعتبار الشأنية فى جانب الظنى وربما يقال ان
الظنّ المستفاد من الامارات فيقدم الظنّ الثانى وفيه ان الامر من باب
قيام الظنّ على عدم حجية الظنّ والظنّ الاول بالنسبة الى الظن الثانى من قبيل
الاستصحاب الوارد بالنسبة الى المورود فلا بد من تقديم الاول فلا مجال لملاحظة
القوة هذا بناء على عدم شمول النواهى لنفسها والا فيسقط النواهى عن درجة الاعتبار
وتعمل بالامارات ويظهر الحال بما ياتى من الكلام فيما لو قام بعض الظنون مما لم
يثبت اعتباره نفيا واثباتا بناء على عدم حجية بعض الظنون بما لم يثبت اعتباره نفيا
واثباتا ثامنها النقض بامثال القياس واجيب بعدم التزام حرمة العمل بالقياس عند
انسداد باب العلم وانت خبير بان دونه خرط القتاد وقد اجاد من قال انه خلاف مذهب
الشيعة ولا اقل من كونه مخالفا لاجماعاتهم المنقولة المستفيضة بل المتواترة كما يعلم
مما ذكروه فى باب القياس واجيب ايضا بان الشارع اذا القى ظنا تبين ان فى العمل به
ضررا اعظم من ضرر ترك العمل به وفيه انه لا مجال لترتب العقاب على الفعل والترك مع
كون استحقاق العقاب على الفعل ازيد بناء على كون المقصود بالضرر استحقاق العقاب
كما هو مقتضى الوجه الاول من الوجهين المذكورين فى بيان مقدمة الاولى مع انه لو
كان المقصود بالضرر هو استحقاق العقاب فالنهى عن العمل بالقياس لا يوجب رفع الظنّ
لانه امر قهرى لا يختلف حاله بالنهى عن العمل به وعدمه واعترض عليه بما تلخيصه ان
العمل بالقياس مثلا ليس الا على سبيل العمل بالشهرة من حيث تطرق الضرر على العمل
به حيث انه كما يجوز العمل بالشهرة من باب الاحتياط كذا يجوز العمل بالقياس من باب
الاحتياط وكما لا يجوز الفتوى بمقتضى القياس لا يجوز الفتوى بمقتضى الشهرة للزوم
التشريع فليس الامر بحيث يترتب الضرر على العمل بالقياس دون العمل بالشهرة او يكون
الضرر المترتب على القياس اشد من الضرر المترتب على الشهرة ويتطرق الاعتراض عليه
بان جواز الاحتياط بالقياس مبنى على عدم اقتضاء الاخبار الناهية عن العمل بالقياس
عدم جواز مطلق الاعتناء بالقياس وإلّا فلا مجال للاحتياط بالقياس كما انه لا مجال
على ذلك للعمل بالاصل لو ارتفع الظنّ من الخبر بواسطة القياس بناء على اعتبار
الظنّ الشخصى وكذا لا مجال للترجيح فى الخبرين المتعارضين بالقياس بناء على كون
الظنّ فى طرف الراجح مستندا الى الخبر بشرط المرجح لا الى المرجح ولا الى المجموع
المركب اعنى مجموع الخبر والقياس وإلّا فلا اشكال فى عدم جواز الترجيح بالقياس
لاستقلاله فى افادة الظنّ بالحكم على تقدير كون الظنّ مستندا الى المرجح ومداخلته
فى الظنّ بالحكم على تقدير استناد الظنّ الى المجموع المركب وايضا عدم جواز الفتوى
بمقتضى الشهرة من جهة التشريع والا فلم يثبت حرمة العمل بالشهرة قضية ان المفروض
ان الشهرة مما لا دليل على عدم جواز العمل بها واما القياس فلا يجوز الفتوى بطبقه
بحكم الاخبار النّاهية عن العمل بالقياس ولو فرضنا جواز التشريع فعدم جواز الفتوى
بمفاد الشهرة من قبيل عدم الجواز العملى وعدم جواز الفتوى بمقتضى القياس من باب
عدم
__________________
الجواز الاجتهادى وبوجه آخر الضرر فى الفتوى بمقتضى القياس بواسطة نفس
القياس واما الفتوى بمقتضى الشهرة بواسطة التشريع وهذا لا يوجب كون مقتضى الشهرة
ضارا نظير ان حسن الاحتياط لا يجدى فى جواز التسامح فى المندوبات اذ نفس الفعل لا
يصير حسنا بواسطة الاحتياط والحسن فى مجموع الفعل وداعى الاحتمال ومنشأ الحسن هو
داعى الاحتمال بقى ان الاستدلال المتقدم لا يجرى الا فى الواجب والحرام وحجية
الظنّ بغير الوجوب والحرمة من الاحكام الخمسة والاحكام الوضعية بناء على كونها
احكاما مستقلة من باب القطع بعدم الفرق والاجماع والمركب ويمكن ان يقال ان المدار
فى اعتبار الظنّ بالوجوب والحرمة على حسب ما تقتضيه الاستدلال المتقدم على
الاحتياط والعمل فى الحقيقة بالاحتياط لا بالظن والاحتياط لا يجرى فى غير الوجوب
والحرمة فلا مجال لدعوى القطع بعدم الفرق والاجماع المركب لكن نقول ان العمل على
حسب ما ما يقتضيه الاستدلال المتقدم انما هو بالظن وجهة داعى الاحتمال تعليلية لا
تقييدية كما يظهر مما مر فيطرد الاعتبار فى غير الوجوب والحرمة من باب القطع بعدم
الفرق والاجماع المركب نعم لو كان الظنّ مخالفا للاحتياط كما لو قام الشهرة على
عدم جزئية شيء او عدم شرطية او عدم مانعية للعبادة فكان الامر من باب الشك فى
المكلف به فلا مجال فيه لجواز العمل بالظن لعدم تاتى القطع بعدم الفرق فى هذه
الصّورة ولا يتاتى فيها الاجماع المركب ومع ذلك لا اختصاص للاحتياط بالوجوب
والحرمة بل يجرى فيما لو دار الامر بين الاباحة والاستحباب او الكراهة ويكون
الاحتياط فى الاول فى الفعل وفى الثانى فى الترك ومن هذا التمسك بالاحتياط على
القول بجواز التسامح فى المندوبات والمكروهات بل يجرى فيما لو دار الامر بين جزئية
شيء او شرطية او مانعيّة للعبادة مع عدم رجوعها الى الوجوب والحرمة ويكون الاحتياط
فى الاولين فى الفعل وفى الاخير فى الترك كيف لا والخلاف فى وجوب الاحتياط فى
المقام معروف وفيه اطلاق الاحتياط فى كل من القول بالوجوب والقول بعدم الوجوب إلّا
ان يقال انه باعتبار رجوع الجزئية والشرطية الى الوجوب او استلزامهما له ورجوع
المانعية الى الحرمة او استلزامهما له لكن يمكن القول بان مدار الاستدلال المتقدم
على قسم مخصوص من الاحتياط وهو ما تطرق فيه احتمال الضّرر فلا يجرى فى الظنّ
بالاستحباب ولا كراهة كما لا يجرى فى الظنّ بالاباحة ولا يجرى فى الاحكام الوضعية
بناء على عدم رجوعها الى الاحكام التكليفيّة مع قطع النظر عن استلزامها للاحكام
التكليفية الثّالث انه لو لم يجب العمل بالظن لزم ترجيح المرجوح على الراجح والمقصود
بالمرجوح هو الموهون عقلا او شرعا او عرفا لكن لا يساعده الاشتقاق بل مقتضى الاشتقاق
على الرجحان كالمكروه لاشتماله على الكراهة إلّا ان يقال ان الاصل المرجوح عليه
نحو المشترك حيث ان الاصل المشترك فيه والغرض ما ترجح شيء عليه والغرض انه لو لم
يجب العمل بالظن لزم اختيار الحكم الموهون والموهوم على اختيار الحكم المظنون
والاختيار المذكور قبيح عقلا وقد يقال ان لفظ الترجيح ماخوذ من الرجحان وهو بحسب
اطلاق المتكلمين المصلحة الداعية الى الفعل وفى الاصطلاح الاصوليّين جنس الوجوب
والاستحباب العقليين اعنى كون الشيء بحيث يستحق فاعله المدح الشرعى اعنى كون الشى
بحيث يستحقّ فاعله الثواب هذا اذا جعلناه صفة للفعل والا فهو جنس للعلم والظنّ
ايضا عندهم فيكون صفة للاعتقاد ولا ريب ان لفظ الترجيح عبارة عن جعل الشيء راجحا
ويطلق على اعتقاد كون الشيء راجحا ونسبة الرجحان الى الشيء مجازا راجحا فعلى هذا
يحصل للترجيح اثنى عشر احتمالا من ضرب الاحتمالات الثلاثة باعتبار هيئة التفعيل فى
الاحتمالات الاربعة له باعتبار مادة الرجحان مضافا الى ما هو المراد فى قولهم
الترجيح بلا مرجّح كما صرّح به من حمله على اختيار احد الاشياء فله ثلثه عشر
احتمالا انتهى ويطلق الترجيح فى كلمات الاصوليّين فى باب الترجيح على ما يتقوى به
الامارة او الدليل على معارضه وكذا يطلق فى كلمات الاصوليين على تقديم احد
الشّيئين على الآخر بل هذا الاطلاق مشهور بينهم شايع الاستعمال فى المباحث بل هو
شايع الاستعمال فى كلام غير الاصوليين من ارباب العلوم ومنه قولهم الترجيح بلا
مرجح محال وترجيح المرجوح قبيح ومنه ايضا استعماله فى تقديم المجتهد امارة على
الاخرى فى العمل بمؤدّاها والمرجع فى جميع هذه الاستعمالات اعنى الاستعمالات فى
الاطلاق الثانى الى الاستعمال فى الاختيار كما سمعت حكايته فى كلام القائل المذكور
عمن حمل الترجيح
فى قولهم الترجيح بلا مرجح على الاختيار ويمكن ان يقال ان الرجحان يستعمل
غالبا بمعنى المزيّة فى الشيء ومنه حكمة الوجوب بل منه ثقل كفة الميزان والترجيح
يطلق غالبا على الاختيار ومنه الترجيح الماخوذ فى الاستدلال المذكور وكذا يطلق على
نسبة المزية الى الشيء بل يطلق على اعتقاد المزية فى الشيء وكذا يطلق على الايجاد
ومنه ما فى كلام ارباب الكلام من احتياج الموجود الى العلة المرجحة للوجود اللهمّ
الا ان يعمم الاختيار للايجاد لكنّه بعيد ان الاختيار انما هو من الموجود فاين
الاختيار من الايجاد ويمكن ان يراد به جعل الشيء ذا مزية وبالجملة فالمقصود
بالترجيح هو الاختيار والظاهر بل بلا اشكال ان المقصود بمبدإ الاشتقاق فى الراجح
والمرجوح اعنى الرجحان هو المزية والفضل فالراجح عبارة عما لو كان له مزية وفضل
بالاضافة الى شيء آخر والمرجوح عبارة عن الشيء الفاقد للمزية والفضل فالمظنون راجح
والموهوم مرجوح بناء على ما ذكر فى معنى الراجح والمرجوح والغرض من الاستدلال قبح
اختيار الفاقد للمزية على الواجد لها وربما قرر المحقق القمى بعد جعل الترجيح
بمعنى الاختيار ايضا بجعل الراجح بمعنى ما يستحق فاعله المدح والمرجوح بمعنى ما
يستحق فاعله الذم بتقريب ان المظنون راجح بالمعنى المذكور حيث انه يشبه الصّدق
والموهوم مرجوح بالمعنى المذكور لانه يشبه الكذب بل هو هو فلو لا لزوم العمل بالظن
يلزم العمل بالموهوم والقول بانه حكم الله ورفع اليد عن المظنون وهذا اختيار
للمرجوح اعنى القول بكون الموهوم حكم الله سبحانه على الراجح وهو القول بان
المظنون حكم الله سبحانه لكنك خبير بانه خلاف ظاهر الاستدلال مع انه ظاهر الفساد
حيث ان الظاهر من كلماتهم فى تعريف الحسن بما يستحق فاعله المدح عاجلا والثواب
آجلا والقبح بما يستحق فاعله الذم عاجلا والعقاب آجلا وكذا تعريفهما بما يستحق
فاعله الذم هو استلزام المدح والذم فى العاجل والثواب والعقاب فى الاجل فلا بد
على ذلك من ثبوت عدم جواز العمل بالموهوم من الخارج والمفروض ان الغرض اثبات عدم
الجواز بهذا الاستدلال بل الاستدلال على ذلك من باب المصادرة على المدعى اذ المرجع
الى الاستدلال على وجوب العمل بالمظنون بانه لولاه يلزم ارتكاب الحرام فى العمل
بالموهوم ولا يخفى ان وجوب العمل بالمظنون عين حرمة العمل بالموهوم بناء على بطلان
احتمال التخيير ويمكن ان يقال ان المدار فى الراجح والمرجوح فى
الاستدلال على مجرد استحقاق المدح والذم فمرجع الاستدلال الى دعوى استلزام استحقاق
المدح والذم فى العرف لاستحقاق الثواب والعقاب شرعا فمقتضاه كفاية استحقاق الذم
على العمل بالموهوم فى استحقاق العقاب عليه ولزوم البناء عليه بناء على حجية حكم
العقل لكن نقول انه بعيد عن ظاهر الاستدلال اذ مرجع الامر على ذلك الى الاستدلال
باستقرار طريقة اهل العرف على الملامة على العمل بالموهوم ولا لا يخفى ان التعبير
عن هذا المقصود بالاستدلال المتقدم بعيد عن التعبيرات والعبارات المتعارفة بل هو
من قبيل الاكل من القفا فالمناسب ان يجرى فيما ياتى على الكلام فى الاستدلال بناء
على التقرير الاول إلّا انه يطّرد فيه من الكلام بناء على التقرير الثانى ما يليق
بالاطراد بل نقول ان حكم العقل باستحقاق العقاب على ما يكون محل ملامة الناس محل
المنع وان قلت فكيف يحكم العقل باستحقاق العقاب فى موارد الحكم باستحقاق الذم قلت
ان حكم العقل بنفسه باستحقاق العقاب غير الحكم باستحقاق العقاب فى مورد حكم الناس
باستحقاق الذم حيث ان الحكم باستحقاق العقاب فى الاول من جانب العقل بنفسه كما ان
الحكم باستحقاق الذم ايضا من جانبه بنفسه ايضا ولا باس به واما حكم العقل باستحقاق
العقاب فى الثانى فانما هو متفرع على حكم اهل العرف باستحقاق الذم ولا يجزم العقل
بحكم اهل العرف بل ربما يكون خطاء عنده فلا يتاتى حكم العقل باستحقاق العقاب
وتحرير المقال ان يقال انه ان كان الغرض حكم العقل باستحقاق العقاب عند الحكم
باستحقاق الذم والعقاب فالمرجع الى حكم العقل باستحقاق العقاب فيما حكم فيه
باستحقاق العقاب وان كان الغرض حكم العقل باستحقاق العقاب بعد الحكم باستحقاق الذم
فلا ريب ان الحكم باستحقاق العقاب ليس متفرعا على الحكم باستحقاق الذم وكان الغرض
حكم العقل باستحقاق العقاب بعد حكم الناس باستحقاق الذم ففيه عدم لزوم حكم العقل
باستحقاق العقاب بعد حكم الناس باستحقاق الذم اقول ان الاستدلال بالوجه المذكور بعد
كون المقصود بالترجيح الماخوذ فيه هو الاختيار مبنىّ على ادراك العقل حسن الشيء
وقبحه بمعنى استحقاق المدح والذم عليه عاجلا واستحقاق الثواب والعقاب عليه آجلا
بكون عدم
__________________
الادراك من جهة القصور فى الشيء بعدم اشتماله على جهة الحسن والقبح لا قصور
العقل بعدم الادراك وكذا على استلزام حكم العقل بالحسن والقبح لحكمه بكون المحكوم
به من جانبه على حسب الحكم والقبح من لزوم الفعل او لزوم الترك حكما شرعيّا وكذا
على استلزام حكم العقل بكون المحكوم به من جانبه حكما شرعيّا لكونه حكما شرعيّا
ظاهرا اى حجية حكم العقل بكون المحكوم به حكما شرعيّا وهذا هو مورد الكلام فى حجية
ما يستقل بادراكه العقل وان توهم كون الكلام فيه فى الاستلزام المذكور بالنسبة الى
الحكم الواقعى اعنى استلزام حكم العقل بكون المحكوم من جانبه حكما شرعيّا واقعا
والحق فى جميع المراتب الثلاثة المذكورة هو القول بالثبوت بخلاف الاستلزام بالنسبة
الى الواقعى المشار اليه فانه لا مجال للاستلزام الا على تقدير كون حكم العقل
ضرورى العقول وتفصيل الحال فى المراحل المذكورة موكول الى ما حرّرناه فى محله وعلى
حال الاستدلال بالوجه المذكور حال الاستدلال بالوجه السابق بل على ذلك الحال
الاستدلال فى جميع الاستدلال بحكم العقل على حكم فعل من افعال المكلف بخلاف
الاستدلال بدليل الانسداد اذ المدار فيه على تعيين وظيفة الله سبحانه فى مقام
التكليف نعم يتاتى فيه الابتناء على ثبوت حسن الشيء او قبحه بمعنى استحقاق المدح
او الذم وان لا يتاتى فيه استحقاق الثواب والعقاب وبعد هذا اقول ان الظاهر من
المرجوح ما اشتمل على الحزازة والنقص والموهوم غاية الامر خلوه عن الرجحان واما
اشتماله على الخرازة والنقص فليس بثابت ويرشد اليه ما اشتهر من انّ ترك المستحب لا
يكون مكروها بل سمّا بعض نقلا بترك الاولى للزوم الحزازة فى المكروه وعدم ثبوت
اشتمال ترك المستحب على الحزازة بل الحق والتحقيق كما تقدم ان ترك الواجب لا يكون
حراما الا على وجه الغيرية بمعنى ان الحرام لا بد فيه من اشتماله على المفسدة وترك
الواجب غاية الامر فيه خلوه عن المصلحة وجهة المحبوبية واما اشتماله على المفسدة
فغير ثابت فليس مبغوضيته الا بتبع حب الفعل وان امكن اشتماله على المفسدة وجهة
البغض بالاضافة الا انّ الظاهر بل بلا اشكال انه لو اتفق يكون نادرا وكذلك ترك
الحرام يكون واجبا الا على وجه الغيريّة بمعنى ان الواجب لا بد من اشتماله على
المصلحة وترك الحرام غاية الامر فيه خلوه عن المفسدة واما اشتماله على المصلحة
فغير ثابت فليس محبوبيته الا بتبع بغض العقل بما ذكر يظهر حال ترك المستحب وترك
المكروه فان ترك المستحب لا يكون مكروها وترك المكروه لا يكون مستحبّا للزوم
الحزازة فى المكروه ولزوم المزية فى المستحب وترك المستحب غاية الامر فيه كونه
خاليا عن الرجحان والمزية وامّا اشتماله على الخزازة فليس بثابت فالتّسامح فى
استحباب الفعل بناء على القول بالتّسامح لا يقتضى كراهة الترك فيما لو ورد الخبر
الضعيف باستحباب الفعل ولا كراهة الفعل فيما لو ورد الخبر الضعيف بالكراهة بملاحظة
ثبوت استحباب الترك واقتضائه كراهة الفعل وترك المكروه غاية الامر فيه كونه خاليا
عن الحزازة واما اشتماله على الرجحان والمزية فليس بثابت وبما ذكر يظهر ان الفرق
من المشهور بين ترك المستحب وترك المكروه باستحباب الاخير دون كراهة الاول كما ترى
وتفصيل الحال موكول الى ما حرّرناه فى محله لكن الذى يقتضى به تعميق النظر فى
الحال انه بناء على كون الامر بالشيء عين النهى عن الضد العام وكون النهى عن الشيء
عين الامر بالفعل كما هو الاقرب فلا مجال لكون حرمة ترك الواجب تبعا لوجوب فعله
لوضوح ان التبعية لا بد فيها من التعدد وهو خلاف المفروض قضيّة فرض العينية وبما
ذكر يظهر الحال فى ترك المستحب وترك المكروه لابتناء ما تقدم على كون كراهة ترك
المستحب تبعا لاستحباب الفعل وكون استحباب ترك المكروه تبعا لكراهة الفعل فغاية
الامر فى ترك المستحب الخلو عن الحزازة وغاية الامر فى ترك المكروه الخلو عن
الرجحان والمدار فى الاستحباب على الرّجحان وفى الكراهة على الحزازة فلا يتصف ترك
المستحب بالكراهة ولا يتصف ترك المكروه بالاستحباب ولو لم يتات التبعيّة قضية كون
الامر بالشىء ندبا عين النهى عن تركه وكون النهى عن الشيء تنزيها عين الامر بفعله
فلات حين مناص عن كراهة ترك المستحب واستحباب ترك المكروه لكن نقول ان الحرام
المصطلح هو ما كان فعله محلّ المنع والواجب المصطلح هو ما كان فعله محل الالزام
نظير ان الشّرط مصطلح فى لسان المتكلمين والاصوليين فيما يلزم من
عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود والمانع مصطلح فى لسانهم فيما يلزم من
وجوده العدم والمدار فى الشرط على ما يصلح حال المشروط ويداخل فى الوجود وينوط
الوجود به ولا يتم اقتضاء المقتضى بدونه والمدار فى عدم المانع على مداخلة المانع
فى العدم من دون مداخلة عدم المانع فى الوجود مثلا اتصال هيئته فتيلة السّراج
بالدهن شرط لاضاءة السّراج بعد ابتناء الاضاءة على اشتعال الفتيلة وهبوب الريح
مانع وليس عدم الهبوب ممّا يتم به اقتضاء الاشتعال للاضاءة لكن يطلق الشرط على عدم
المانع ايضا فى كلمات الفقهاء والضابطة عدم اقتضاء الطبيعة المشروطة بنفسها للحكم
او غيره فى الشرط واقتضائها بنفسها للحكم او غيره فى المانع والمشخص للامرين اعنى
الاشتراط والممانعة هو العقل كما انّ العقل يحكم باشتمال الفعل فى الحرام على
المفسدة واشتمال الفعل فى الواجب على المصلحة فترك الحرام خال عن المصلحة وترك
الواجب خال عن المفسدة بل الظاهر من التعمد بالامر الى جانب الفعل فى الواجب هو
كون المصلحة فى الفعل والظاهر من التعمد الى جانب الوجود بالمنع عن شيء فى الصّلاة
مثلا هو ممانعة الشيء عن صحة الصّلاة بكونه مفسد الحال الصّلاة ولو ثبت بالعقل
خلوّ مدخول أداة الشرط عن الاصطلاح فلا بد من الحمل على كون المدخول من باب عدم
المانع لكن عبر عنه بامر وجودى فترك الواجب خارج عن الحرام المصطلح المتعارف فترك
الواجب لا يكون مساوقا لفعل الحرام وترك الحرام خارج عن الواجب المصطلح المتعارف
لخلو الترك عن المفسدة بخلاف الفعل وبما ذكر يظهر حال المستحبّ والمكروه وترك المستحب وترك
المكروه وتحرير الحال ان يقال ان ترك الواجب وان كان لازم الترك كفعل الحرام وترك
الحرام وان كان لازم الارتكاب كفعل الواجب الا ان اللزوم فى التركين من باب اللزوم
اللغوى لكن ترك الواجب لا يكون حراما بحسب الاصطلاح وترك الحرام لا يكون واجبا
بحسب الاصطلاح قضية ان المصطلح عليه فى الواجب والحرام انما هو الفعل فاطراد
اللزوم اللغوى فى ترك الواجب وترك الحرام لا يستلزم اطراد المصطلح عليه فترك
الواجب يختلف مع فعل الواجب بحسب الامر اللفظى اعنى اطلاق الحرام المصطلح وكذا ترك
الحرام يختلف مع فعل الواجب بحسب الامر اللفظى اعنى اطلاق الحرام الواجب المصطلح
وترك الواجب ايضا يختلف مع فعل الحرام بحسب المصلحة والمفسدة حيث ان فعل الحرام
مشتمل على المفسدة لكن ترك الواجب غاية الامر فيه الخلو عن المصلحة واما الحب
والبغض فالظاهر بل بلا اشكال ان بعض الترك مغاير لحب الفعل فى الواجب وبغض الترك
انما يكون بتتبع حب الفعل حيث ان البغض الغيرى كما يكون لبغض الغير كما فى مقدمة
الحرام كذا قد يكون لحب الغير كما فى ترك الواجب وكذا حب الترك مغاير لبغض الفعل
فى الحرام وحبّ الترك بتبع بغض الفعل حيث ان الحب الغيرى كما يكون لحب الغير كما
فى مقدمة الواجب كذا قد يكون لبغض الغير كما فى ترك الحرام وبالجملة فعل الشيء غير
تركه وجب الفعل غير بغض الترك وبغض الفعل غير حب الترك وفعل الواجب محبوب بالاصالة
وهو مشتمل على المصلحة وتركه مبغوض بتبع حب الفعل وهو خال عن المفسدة وفعل الحرام
مبغوض بالاصالة وهو مشتمل على المفسدة وتركه محبوب بتبع بغض الفعل وهو خال عن
المصلحة والواجب مصطلح فى الفعل وكذا الحرام فترك الواجب لا يكون حراما اصطلاحا
وان كان لازما ومبغوضا بالتبع وترك الحرام لا يكون واجبا اصطلاحا وان كان لازما
ومحبوبا بالتبع ولو فرضنا عموم الوجوب والحرمة للفعل والترك فمرجع وجوب الفعل
وحرمة الترك وكذا حرمة الفعل ووجوب الترك الى امر واحد لكن حال الحب والبغض كما
سمعت وبما ذكر يظهر الحال فى المندوب والمكروه ولو قلنا بعموم المندوب ولترك
المكروه وعموم المكروه لترك المندوب وكون الامر بالشيء ندبا عين النهى عن الضد
العام تنزيها وبالعكس وبما مر ظهر ضعف ما توهمه بعض من عدم الفرق بين اشترط وعدم
المانع ومقتضاه عدم الفرق بين عدم الشرط والمانع لكن يتاتى الكلام فى امور احدها
ان الظاهر بل بلا اشكال انه يتطرق استحقاق العقاب بنفس التمرد عن امتثال الامر
والنهى وكذا تطرق الثواب على نفس الانقياد وهكذا الحال فى تمرد كل مطيع عن اطاعة
مطاعه وانقياده له ومن ذلك انّه لو فرضنا امر الشارع بالقبيح ونهيه عن الحسن
يتطرّق استحقاق العقاب بمخالفة الامر والنهى ويتطرق استحقاق الثواب بامتثال الامر
والنهي ثانيها أنه لا مجال للارتياب فى مداخلة نفس الافعال فى استحقاق الثواب
والعقاب مع
__________________
قطع النظر عن الانقياد والتمرد مثلا الكذب يكون بذاته مع قطع النظر عن ورود
النهى عنه مما يستحق فاعله العقاب كيف لا واستحقاق الذم على الكذب غير منوط بالنهى
عنه فكذا الحال فى استحقاق العقاب اذ عرض استحقاق الثواب والعقاب على حسب عرض
استحقاق المدح والذم بل لا مجال لانكار مداخلة الافعال فى استحقاق الثواب والعقاب
بناء على طريقة الامامية والمعتزلة من كون الحسن والقبح عقليّين نعم يتجه الانكار
على طريقة الاشاعرة ثالثها ان استحقاق العقاب على فعل الحرام مثلا بنفسه من دون
مداخلة العلم اثباتا والجهل نفيا لا حكما ولا موضوعا او بمداخلة العلم او بمداخلة
الجهل وعلى الثانى هل الامر بمداخلة العلم اى اشتراطه فى استحقاق العقاب او مداخلة
الجهل اى ممانعته عن الاستحقاق الاظهر انه لا يتاتى استحقاق العقاب على فعل الحرام
بنفسه ولو مع الجهل حكما او موضوعا كيف لا والقول باطراد استحقاق العقاب فى حال
الجهل بالحكم ينافيه حجية اصل البراءة بل على ذلك المنوال يجرى الحال فى جميع
النواهى فى جميع الاديان وكذا جميع النواهى من جانب المطاعن بالنّسبة المطيعين من
الموالى والعبيد وغيرهم واما مداخلة العلم والجهل اما باشتراط العلم او بممانعة
الجهل اى بدون التقصير يمكن القول بالثانى لوجوه احدها ان مقتضى تعريف الواجب فى
كلماتهم بما يستحق تاركه العقاب وتعريف الحرام بما يستحق فاعله العقاب كون ترك
الواجب بنفسه وكذا فعل الحرام بنفسه موجبا لاستحقاق العقاب من دون مداخلة للعلم
فانتفاء الاستحقاق فى حال الجهل من باب ممانعة الجهل ثانيها أن الاصوليين ذكروا
عند الكلام فى الحسن والقبح ان النزاع فى الحسن والقبح بمعنى ما يستحق فاعله المدح
والثواب وما يستحق فاعله الذم والعقاب من دون ذكر اشتراط الاستحقاق بالعلم فمقتضاه
ان انتفاء الاستحقاق فى حال الجهل من باب ممانعة الجهل ثالثها أن مقتضى الاتفاق
على حسن الاحتياط فيما شك فى وجوبه او حرمته بالفعل فى الاول والترك فى الثانى كون
المدار فى استحقاق العقاب على نفس ترك الواجب وفعل الحرام اذ لو كان المدار على
العلم بالوجوب او الحرمة فلا مجال للاحتياط فى صورة الشك فى الوجوب او الحرمة قضية
الجهل لكن يتطرق على الكل كلام اما الاول فلان استحقاق تارك الواجب للعقاب لا
ينافى اشتراط الاستحقاق بالعلم اذ الفرض استحقاق تارك الذات المتصف بالوجوب فعلا
لا الذات فقط اى الذات المتصف بالوجوب فعلا لا الذّات فقط اى الذات المتصف بالوجوب
شأنا وعلى تقدير اشتراط استحقاق العقاب بالعلم لا يتاتى ترك الواجب الا فى صورة
ترك ما علم وجوبه لعدم الوجوب بدون العلم إلّا انه يشكل بلزوم الدّور فى باب العلم
بالحكم للزوم توقف الوجوب على العلم الوقوف على الوجوب قضية ان العلم بالشيء فرع
ثبوت ذلك الشيء لكن نقول ان الفرض من تعريف الواجب والحرام هو كون المدار فى
الوجوب على استحقاق العقاب على الفعل فى الجملة قبال استحقاق العقاب فى الحرام على
الترك وبالعكس فالاطلاق وارد مورد الاجمال لا التفصيل حتى يدفع اشتراط العلم فى
الاستحقاق باطلاق تعريف الوجوب والحرمة مع انه لو كان المدار على اطلاق تعريف
الواجب والحرام فكما يقتضى الاطلاق عدم اشتراط العلم فكذا يقتضى عدم ممانعة الجهل
والمفروض فى الاستدلال ممانعة الجهل واما الثانى فلان مقالة الاصوليين انما هى فى
قبال مقالة الاشاعرة والغرض مداخلة الفعل فى استحقاق الثواب والعقاب فى الجملة
فالاطلاق وارد ايضا مورد الاجمال مع ان الاطلاق كما يقتضى نفى اشتراط العلم فكذا
يقتضى نفى ممانعة الجهل وهو خلاف المقصود بالاستدلال واما الثالث فلان حسن
الاحتياط لا يثبت استحقاق العقاب على ترك الواجب وفعل الحرام بل المثبت انما هو
اطراد وجوب الواجب وحرمة الحرام فى حال الشك فى الوجوب والحرمة ولم ينعقد الاتفاق
على الاطراد بل الاتفاق منعقد على عدم الوجوب فى الشك فى الوجوب من باب الشبهة
الحكمية كما ان الاتفاق منعقد على عدم الحرمة فى الشك فى الحرمة من باب الشبهة
الموضوعية مع انه يمكن ان يكون حسن الاحتياط من جهة ادراك المثوبات الاخروية او
المصالح الدنيوية فى الواجب وعدم ادراك النقمات الدنيوية فى الحرام لا استحقاق
العقاب تركا فى الواجب وفعلا فى الحرام فالاظهر القول بالاول حيث ان تشخيص اشتراط
الشيء وممانعة ضده عن الاقتضاء موكول الى نظر العقل عند دوران الامر بين الامرين
فان كان العقل حاكما بالجزم او بالظن بناء على حجية الظنّ باشتراط الاقتضاء
وكون الشرط مصلحا لحال الاقتضاء فعليه المدار ومنه اشتراط اخضرار الاشجار
بوصول الماء الى عروق الاشجار وان كان العقل حاكما جزما او ظنّا بناء على حجية
الظنّ بممانعة الضد فعليه المدار ومنه ممانعة هبوب الريح من إضاءة فتيلة السّراج
بخلاف وصول الماء الى عروق الاشجار وما نحن فيه من هذا الباب حيث ان العقل يحكم
باكمال العلم لحال استحقاق العقاب وعدم استقلال العقل فى استحقاق العقاب بل يمكن
ان يقال ان اقتضاء الطبائع للآثار بالذات لا بواسطة العوارض الخارجة واما الفصول
فالطبيعة دائر امرها مدار الفصول وهى تنقسم على حسب اقسام الفصول ولا اقتضاء لها
بنفسها لعدم استقلال الجنس فى الوجود ففى المقام استحقاق العقاب على نفس الفعل اذ
حال العلم والجهل من العوارض الخارجة فالجهل من باب المانع ولا يكون العلم من باب
الشرط وان امكن القول بانه لا باس باستقلال الجنس فى استحقاق العقاب مع قطع النظر
عن الفصول ودعوى ان الجنس غير متاصل فى الوجود مردودة بان الجنس متاصل فى الوجود
وليس الفرد الا الجنس الموجود ولا سيّما بعض الافراد حيث انه لا يكون ممتازا عن
الطبيعة الا بالوجود وان يكون بعض الافراد مقرونا ببعض الامور زائدا على الطبيعة
فالجنس انما يقتضى ما يقتضيه لكن قد يتطرق عليه باعتبار الفصل ما يصير قاهرا على
اقتضاء الجنس فيختلف اقتضاء الجنس والفرد ومنه الصّدق الضّار والكذب النافع لكن قد
يكون الجنس خاليا عن الاقتضاء الا ان الفصل يقتضى بعض الآثار هذا فى دوران الامر
بين اشتراط الشيء وممانعة ضده واما دوران الامر بين اشتراط الشيء وممانعة عدمه فلا
مجال له لان الاعدام لا تاثير لها فى الاصلاح ولا فى الافساد فلا مجال لممانعة
لعدم وقد تقدم وجهان آخران فى الاستدلال على ممانعة الجهل مع الكلام فيهما بل تقدم
نصرة القول باشتراط العلم لكن تاذى الخيال فى هذه الاوان الى القول باشتراط العلم
مع مزيد كلام فى المقام ولذا تطرق الحاجة الى تكرار البحث فى هذه الأيام رابعها
أنه لا اشكال فى تطرق العقاب فى ترك الواجب على التمرد ولا اشكال فى جواز العقاب
بالنار على التمرد قضية ان غاية عظمة الله سبحانه توجب جواز العقاب بالنار على
التمرد ولا اشكال فى اختلاف العقوبات باختلاف الواجبات وهو يكشف عن مداخلة نفس ترك
الواجب فى العقاب والا فالتمرد لا يختلف عقابه باختلاف الواجبات فلو كان العقاب
منحصرا فى جهة التمرد لما اختلف العقوبات ولا اشكال فى ان ارباب التربية يعاقبون
على تقوية المصالح كما يعاقبون على احداث المفاسد ويختلف عقوباتهم فى تقوية
المصلحة باختلافها ضعفا وقوة ولا اشكال فى ان ترك الواجبات الشرعية يكشف عن خبث
النفس ويختلف خبث النفس شدة وضعفا باختلاف شان الواجبات كما ان تفويت المصالح
والكمالات العرفية يكشف عن دناءة النفس ورذالتها ويتاتى الاشكال فى جواز العقاب من
الحكيم العادل بالنار على تفويت المصلحة الكامنة فى الواجبات لكن ما يفعله الحكيم
خال عن الاختلاف وما لا يدركه العقل غير عزيز بل يتاتى الاشكال فى العذاب بالنّار
على فعل الحرام مع قطع النظر عن التمرد اللهم إلّا ان يقال ان استحقاق النار على
فعل الحرام انّما يتاتى بملاحظة كونه فى حضور الله سبحانه ولا ريب فى اختلاف قبح
الفعل بكونه فى السرّ والعلانية سواء كان من المحرّمات الشرعية او غيرها فيزيد قبح
الفعل بمزيد شان من يرتكب القبيح بحضوره كما انه يزيد قبح الفعل ويزيد العقاب
المترتب عليه بمزيد الحضار فلمّا كان شان الله سبحانه فوق ما يمكن ان يتصور فلا بد
من كون العقاب المترتب على ارتكاب الحرام فوق الدرجات فقد بان انه لا اشكال فى
اختلاف ركاكة المعاصى الشرعية والمعاصى العرفية بالاسرار والاظهار ويمكن ان يقال
ان العقاب فى ترك الواجب انّما هو على خبث النفس او بواسطة كون الترك قبيحان
بالعرض بواسطة كونه كاشفا عن خبث النفس حيث ان مزايا الحسن حسنة ومزايا القبيح
قبيحة ويرشد اليه ان ابرام الناس فى وجوه زينة الدنيا من جهة كونها كاشفة عن الغنى
المحبوب عندهم واستنكارهم عن ترك تلك الوجوه من جهة كونها كاشفة عن الفقر المستنكر
عندهم ومن ذلك قبح التجرى على المعصية حيث ان قبحه بواسطة الكشف عن خبث النفس على
ما حرّرناه فى محله بل مقتضى بعض الاخبار ان الخلود فى النار من جهة زيادة الخبث
المقتضية لقصد دوام المعصية او بواسطة كون تفويت المصلحة قبيحا فى نفسه لكن نقول
ان العقاب على خبث النفس لو لم يرجع
__________________
الامر الى العقاب على ترك المجاهدة محل الاشكال كما ان كون ترك المصلحة
ركيكا فى نفسه محل الاشكال مضافا الى انه مبنىّ على اطراد الحسن والقبح فى التروك
وان كان الاظهر القول بالاطراد خامسها انه يزداد استحقاق العقاب على فعل الحرام
وترك الواجب بالتكرار والغرض ان قبح ارتكاب الحرام فى مرة الثانية مثلا ازيد من
قبحه فى المرة الاولى لا اجتماع القبح بالتكرار وبعبارة اخرى الغرض تزايد قبح
الفعل بالتكرار لا تزايد القبح بالتكرار وإلّا فلا حاجة الى اظهار الاخير وعلى ذلك
المنوال يجرى الحال فى تكرار ترك المامور به وتكرار فعل المنهى عنه فى الامور
العرفية ويرشد الى ذلك ان اصحاب الكبائر لو افتى عليهم الحد يقتلون فى الثالثة او
الرابعة ويمكن ان يقال كما ان ترجيح ما اشتمل على النقض على ما اشتمل على الرجحان
قبيح عقلا فكذا ترجيح ما خلى عن الرّجحان على ما اشتمل على الرجحان قبيح عقلا ولا
جدوى فى المداقة المذكورة او يقال ان المصلحة فى باب الواجب والرجحان فى باب
المستحب من الامور الواقعية ولذا لا يلزم اشتمال ترك الواجب على المفسدة واشتمال
ترك المستحب على الحزازة لكن فى مقامنا هذا لما كان الامر فى مقام الظاهر فكما ان
الظنّ رجحان فى جانب الفعل مثلا فالوهم نقص فى جانب الترك لكن يمكن القول بان كون
الوهم نقصا محل المنع بل المدار فى الموهوم على الخلو عن الرجحان فقط كما مر إلّا
ان يقال ان الوهم يعده اهل العرف نقصا وبعد هذا اقول ان دعوى حكم العقل بقبح
اختيار المرجوح تنتقض بترك المستحب حيث ان فعل المستحب راجح شرعا والشارع المقدس
جوز تركه بناء على عموم المرجوح لما خلى عن الرجحان لا اختصاصه بما اشتمل على
المفسدة او الحزازة وكذا بفعل المكروه لتجويز فعله من الشارع مع اشتماله على
الحزازة وكذا ينتقض الدعوى المشار اليها يجوز الاتيان بالفرد الغير الافضل من
الواجب كالصّلاة فى البيت ولصلاة فى الحمام بالنسبة الى الصلاة فى المسجد وكذا
جواز الاقتداء بالعادل والتقليد منه مع وجود الاعدل بناء على قبول العدالة للتفاضل
وكذا جواز تقليد غير الاعلم على القول به لكن كل ذلك مبنى على عموم المرجوح لما
خلى عن الرجحان بل العقل يستقل بعدم استحقاق العقاب على بعض المرجوحات كعدم
الاحسان الى الفقير بناء على عموم المرجوح لما خلى عن الرجحان اللهمّ الا ان يقرر
الاستدلال بقبح اختيار الموهوم على المظنون فى باب الواجب والحرام فلا يتاتى النقض
بشيء مما ذكر وبعد هذا اقول ان الكلام فى حجية الظنّ يعم الظنّ بالاستحباب
والكراهة والاباحة والاحكام الوضعية بناء على كونها احكاما مستقلة والاستدلال
بالوجه المذكور لا يجرى فى شيء مما ذكر لكن يمكن الذب باختصاص الكلام فى المقام
بالظن بالوجوب والحرمة وكون حجية الظنّ فى غيرهما بناء على حجية مطلق الظنّ من باب
القطع بعدم الفرق والاجماع المركب وقد تقدم الكلام فى الباب فى بعض المقدمات وبعد
هذا اقول ان قبح ترجيح المرجوح على الراجح انما يتاتى اذا كان الرجحان واقعيّا
ثابتا فى الواقع ولا اقل من ثبوته بالعلم واما اذا كان الرجحان ظنّيا فقبح ترجيح
المرجوح محل المنع والامر فيما نحن فيه من الاخير اذ مرجع الكلام فى حجية الظنّ
الى ان الشّارع هل اوجب العمل بالراجح عندنا والمنتج له لزوم القبح على الشارع لو
اوجب العمل بالمرجوح عندنا والمسلم من لزوم القبح عليه انما هو لو اوجب العمل
بالمرجوح الواقعى وبوجه آخر قبح ترجيح المرجوح على الراجح انما يتم اذا كان الراجح
راجحا واقعا والموهوم مرجوحا واقعا بان كان ثبوت الرجحان بالعلم اقلا للزوم القبح
على الشارع لو جوز العمل بالموهوم او اوجبه كما هو المدار بناء على عدم حجية مطلق
الظن اذ بناء على حجيّة الظنون الخاصّة لا يجوز الفتوى بمقتضى الشهرة مثلا واما لو
كان الرجحان مظنونا واحتمل قبح المظنون واقعا فلا مجال للحكم بالقبح على الشارع او
اوجب العمل بالموهوم ويمكن الجواب بان قبح اختيار الموهوم من جهة قبح التجرى على
المعصية لا لزوم القبح على الشارع فى ايجاب العمل بالموهوم لاطراد قبح التجرى فى
صورة الظن وكذا فى صورة الشك وصورة الوهم ومنشأ قبح التجرى هو كون الفعل بداعى
العصيان نظير حسن الاحتياط حيث ان منشأ الحسن فيه هو كون الفعل والترك بداعى
احتمال المحبوبية والمبغوضية الا ان المدار فى التجرى على داعى نفس العصيان ولداعى
الاحتياط على داعى الاحتمال وممّا ذكرنا فى منشأ قبح التجرى اختلاف القبح لاختلاف
الداعى بكونه عن علم او ظن او شك او وهم سلّمنا
كون قبح اختيار الموهوم من جهة لزوم القبح على الشارع فى تجويز العمل
بالموهوم او ايجابه لكن نقول انه يتم ذلك لو كان الغرض من الاستدلال بيان الحكم
الواقعى لكن الغرض بيان الحكم الظاهرى بدعوى قبح التكليف بالموهوم وان قلت انه لا
باس بالامر بالموهوم لو كان فى الموهوم مصلحة مقتضية للامر به قلت ان هذا انما يتم
فى بعض الموارد بملاحظة الحكم الواقعى واما الامر بالموهوم على وجه العموم فلا
مجال لابتنائه على الحكمة فى الموهوم اذ لا مجال لعموم الحكمة فى الموهوم وبعد هذا
اقول ان القبح فى ترجيح الموهوم انما هو فى اختيار الموهوم فى مقام الاجتهاد واما
لو توقف فى مقام الاجتهاد وعومل بالموهوم فى مقام العمل عملا بالاصل فلا قبح فيه
بلا شبهة وعلى ذلك المنوال الجال لو كان الموهوم موافقا للاحتياط فانه لا قبح فى
العمل بالموهوم من باب الاحتياط لو توقف فى مقام الاجتهاد فلا بد من سد احتمال
العمل بالاصل او الاحتياط بل سد سائر الاحتمالات المتقدمة لكن يمكن القول بان
اختيار الموهوم لا يصير موافقا للاحتياط اذ المدار فى الاحتياط على الاتيان بالفعل
او الترك بداعى احتمال المحبوبيّة او المبغوضية والمدار فى اختيار الموهوم على نفس
الموهوم نعم العمل بالموهوم قد يوافق الاحتياط لكن العمل غير الترجيح الماخوذ فى
الاستدلال المقصود به الاختيار وبعد هذا اقول ان الظاهر ان المقصود بالقبح المدعى
فى باب قبح ترجيح المرجوح على الراجح هو القبح العرفى والعقلى المقتضى لمخالفة
الغرض المعدودة من معانى القبح قبال موافقة الغرض المعدودة من معانى الحسن لا
استحقاق العقاب كما جرينا عليه فى اول الامر لان ظاهر الاستدلال اطراد القبح فى
جميع موارد ترجيح المرجوح على الراجح حتى الموارد العرقية الخالية عن تطرق استحقاق
العقاب فلا بد ان يكون المقصود بالقبح هو المعنى العرفى والا فلو كان المقصود هو
استحقاق العقاب من الشارع او الاعم من غيره لكان مختصا بالموارد الشرعية او موارد
استحقاق العقاب ولو من غير الشارع وهو خلاف ظاهر الاستدلال وح نقول انه لا يثبت
بكون ترجيح المرجوح على الراجح قبيحا فى العرف ومخالفا للغرض حكم شرعى متوجه من
جانب الشارع واورد بانه انما يتم اذا ثبت وجوب الافتاء ولا دليل عليه لا من العقل
ولا من النقل اذ العقل انما يدل على انه لو وجب الافتاء يجب اختيار الراجح ووجوب
الافتاء لا يحكم به العقل واما النقل فلانه لا دليل على وجوب الافتاء عند عدم
القطع بالحكم والاجماع الذى ادعوه على وجوب الافتاء على المفتى فيما نحن فيه ممنوع
اذ الاخباريون الذين يعتبر فتواهم فى انعقاد الاجماع مخالفون فى ذلك ويقولون بوجوب
التوقف والاحتياط عند فقد ما يفيد القطع اقول ان مرجع الايراد الى ان حكم العقل
بحجية الظنّ من باب قبح ترجيح المرجوح على الراجح فرع وجوب اصل الترجيح وهو غير
ثابت لكنه مردود بانه ان كان الغرض عدم وجوب الاجتهاد فى المسائل الظنية راسا نظير
ما عن صاحب المعالم بنقل ابنه نقلا عن انه انكر غاية الانكار على من افتى من غير
حاجة اليه قائلا ولا سيّما فى المبادرة مع عدم الضرورة سد باب رجاء خروج القائم
عليه السّلم كما يفعله مخالفونا وربما كان هذا سببا للحرمان من خروجه عليه السّلم
فنفرض الكلام فى محل الحاجة ولا جدوى فى منع وجوب الترجيح فى غير محل الحاجة وبذلك
يثبت المقصود وان كان الغرض عدم جواز الافتاء بالحكم الواقعى ووجوب التوقف فى مقام
الاجتهاد والاحتياط فى مقام العمل كما هو مقتضى ذيل الايراد فهو مدفوع بما تقدم فى
فساد الاحتياط ومع ذلك جريان الاخباريين على التوقف والاحتياط انّما هو فى شبهة
الحرمة من الشك فى التكليف واما فى شبهة الوجوب من الشك فى التكليف فالاخباريون
ايضا يجرون على العمل بالاصل ومقتضى الايراد المذكور انّ الاخباريين يجرون على
وجوب الاحتياط مطلقا ومع هذا قد يقال ان التوقف فى ترجيح المرجوح على الراجح قبيح
كترجيح المرجوح على الراجح واورد ايضا بان قبح ترجيح المرجوح على الراجح انما يتجه
لو كان المرجوح مرجوحا من جميع الوجوه واما لو كان المرجوح راجحا من بعض الجهات
فقد يتاتى التساوى فى الرجحان ولا مجال للترجيح وقد يتزايد رجحان المرجوح على
رجحان الراجح فلا بد من ترجيحه وفى مقامنا هذا يرجح الموهوم بالآيات والاخبار
الناهية عن العمل بالظن فضلا عن الاصل او الاحتياط فلا بد من ترجيح الموهوم ويظهر
دفعه بما تقدم من الكلام فى الآيات والاخبار الناهية عن العمل بالظن بل الآيات
والاخبار لو كانت مقتضية لعدم جواز العمل بالظن فمقتضاه عدم جواز العمل بالوهم
بالاولوية وكذا ما تقدم من الكلام
فى العمل بالاصل والاحتياط بل ترجيح المرجوح بمعنى اختياره كما تقدم
واختيار المرجوح انما يتاتى فى مقام الاجتهاد والاحتياط انما يكون فى مقام العمل
فالمحلّ مختلف فاين ترجيح المرجوح على الراجح من الاحتياط حتى يتاتى ترجيح المرجوح
به وبما ذكرنا يظهر حال الترجيح بالاصل وبوجه آخر ترجيح المرجوح لا يرتبط
بالاحتياط اذ المدار فى الترجيح على ذات المرجوح والمدار فى الاحتياط على مداخلة
داعى احتمال المحبوبية او المبغوضية فكيف يتاتى الترجيح بالاحتياط وبوجه ثالث
المدار فى ترجيح المرجوح على طرح الراجح والمدار فى الاحتياط فى جميع الموارد على
عدم منافاته مع شيء فالاحتياط فى المقام لا بد ان لا يكون منافيا للعمل بالراجح
فلا يتاتى موافقة ترجيح المرجوح للاحتياط مثلا اذا دار الامر بين الوجوب وعدم
الوجوب وكان الوجوب مظنونا قد يكون اختيار القول بالوجوب مخالفا للاحتياط بل ربما
يكون موجبا للافتراء على الله سبحانه وليس اختيار القول بالوجوب من باب الاحتياط
اذ الاختيار فى مقام الاجتهاد والاحتياط فى مقام العمل بل الاحتياط فى مقام الوجوب
انما هو الاتيان بالفعل بداعى احتمال الوجوب واين مقام هذا من الوجوب والعمل بقصد
الوجوب وليس فى الاحتياط المشار اليه طرح للقول بعدم الوجوب فمن اين يتفق الاتفاق
بين اختيار المرجوح المقصود بترجيح المرجوح مع الاحتياط وقد يورد بان المراد من
ترجيح المرجوح على الراجح اما ترجيح الشارع ما يكون مرجوحا عنده على ما يكون راجحا
عنده او ترجيح الشارع ما يكون مرجوحا عند المجتهد على ما يكون راجحا عند المجتهد
او ترجيح المجتهد ما يكون مرجوحا عنده على ما يكون راجحا عنده فان كان المراد هو
الاول فقبح الترجيح مسلم لكن لم يثبت كون المرجوح عند المجتهد مرجوحا عند الشارع
فلعل المرجوح عند المجتهد كان راجحا عند الشارع فلا يجدى قبح الترجيح المذكور فى
المقصود وان كان المراد هو الثانى فالقبح ممنوع بل البداهة تشهد بانتفاء القبح ألا
ترى انه يجوز للطبيب ان يمنع المريض عما يكون راجحا عند المريض من غير شك وشبهة
والوجه ان المعتبر هو الرجحان عند الشارع والطبيب ولا عبرة بالرجحان عند المجتهد
والمريض وان كان المراد هو الثالث فالقبح مسلم ايضا لكن مقتضاه قبح ترجيح المجتهد
المرجوح عنده على الراجح عنده ولا نفع فيه وانما النفع فى قبح ترجيح الشارع
وتجويزه عمل المجتهد بالمرجوح عنده ويندفع بان المقصود هو الوجه الاخير ولا باس
بالاستدلال بناء على كون المقصود من القبح استحقاق العقاب من باب التجرى على
المعصية بناء على حجية ما يستقل بادراكه العقل نعم لو كان المقصود هو القبح العرفى
من جهة مخالفة الغرض فلا ينتهض الاستدلال كما يظهر مما مر كما انه لو كان المقصود
هو الوجه الوسط فلا باس بالاستدلال ايضا لقبح ان يأمر الشارع المجتهد بان يعمل
بالموهوم فى عموم الموارد واما الوجه الاول فلا مجال لكونه مقصودا فى المقام
لبراءة الشارع عن الظنّ والوهم وقد يورد بان قبح اختيار العمل بالمرجوح من دون
تعيينه فى الامر الذى يكون المرجوح مرجوحا بالنسبة اليه ومن دون اثبات المزية فيه
بل من دون تفطن بالراجح محلّ المنع نعم اختيار المرجوح على سبيل تعيينه فى الامر
الذى يكون المرجوح مرجوحا بالنسبة اليه او اثبات المزية له قبيح فدعوى قبح اختيار
المرجوح على الاطلاق كما هو مقتضى الاستدلال مورد المقال ويضعف بوضوح قبح اختيار
المرجوح من دون تعيينه فى الامر الذى يكون المرجوح مرجوحا بالنسبة اليه ومن دون
اثبات للمزية له نعم اختيار المرجوح من دون تفطن بالراجح لا قبح فيه لكنه خارج عن
مورد الحكم بالقبح فى كلماتهم مع ان من يقول بحجية الظنون الخاصّة لا يجوز العمل
بمقتضى الشهرة ويعين ترك العمل به فلا جدوى فى الايراد المذكور فى مورد النزاع
والظاهر ان الايراد المذكور ماخوذ مما قيل فى باب الترجيح بلا مرجح من جوازه وعدم
قبحه لو كان الامر من باب اختيار احد المتساويين فيه ومن دون تعيينه فى الامر الذى
يكون المتساويان متساويين فيه ومن دون اثبات للمزية فيه بل من دون تفطن بالآخر فهو
مبنى على الاشتباه بين ترجيح المرجوح على الراجح والترجيح بلا مرجح مضافا الى ما
ياتى فيه من الكلام وقد يورد بالنقض بامثال القياس ويظهر الكلام فيه بما ياتى ثم
انه ربما يحتمل ان يكون المقصود من قبح ترجيح المرجوح على الراجح هو استقرار طريقة
العقلاء فى امورهم العرفية على قبح ترجيح المرجوح على الراجح وبه يثبت المقصود
لكشف طريقة العقلاء عن تقرير ارباب
العصمة حيث انه لو كان الطريقة المشار اليها غير مرضية للزم الردع حتى لا
يطرد الطّريقة فى باب الاحكام الشرعية فهذا من باب التقرير بتقرير غير متعارف وقد
تقدم الكلام فى نظيره لكن نقول ان الاحتمال المذكور غير مقصود والغرض حكم العقل
بقبح ترجيح المرجوح على الراجح ولو لم يتفطن احد بقبحه نظير الحال فى التمسك بحكم
العقل بالحسن او القبح فى سائر الموارد مع ان فى اطمينان النفس بمثله الاشكال كما
تقدم وقد تحرر بما تقدم ان قبح ترجيح المرجوح على الراجح امّا لقبح التجرى على
المعصية او لقبح تجويز العمل بالموهوم من الشارع او للزوم مخالفة الغرض او لكون
العمل بالمرجوح خلاف طريقة العقلاء فى امورهم العرفيّة وايضا ربما حكم فى النهاية
والمنية باستحالة ترجيح المرجوح على الراجح وليس بشيء وان قلت انه لو استحال
الترجيح بلا مرجح فترجيح المرجوح على الراجح اولى بالاستحالة قلت ان المدار فى
الترجيح بلا مرجح على الخلو عن الداعى والمرجوح لا باس بابتنائه على الداعى وان
قلت ان المرجوح لو صار مبنيّا على الداعى يصير راجحا قلت ان المقصود بالمرجح فى
الترجيح بلا مرجح هو الداعى لا ما يوجب حدوث الرجحان فى الشيء والمقصود بالمرجوح
كما مرّ هو الموهوم عقلا او شرعا او عرفا والموهون باحد الوجوه لا يصير راجحا
بواسطة وجود الداعى مع ان مقتضى كلماتهم فى باب الترجيح بلا مرجح ان وجود الداعى
يوجب الرجحان فى باب المتساويين ويخرج الامر عن الترجيح بلا مرجح حيث ان الكلام فى
باب الترجيح بلا مرجح فى صورة خلو المتساويين عن الداعى الى احدهما فالمرجوح لو
كان وجود الداعى موجبا لرجحانه كما هو مقتضى ما ذكرت فقد الداعى موجبا لمساواة
المرجوح مع الراجح فلا يلزم ان يصير المرجوح بواسطة وجود الداعى راجحا كما ذكرت
على ان المدار يكون فى الترجيح بلا مرجح على الخلو عن الداعى والخلو عن الداعى لا
يقبل التفاضل فليس سوء حال المرجوح من جهة الخلو عن الداعى فاحتفاف المرجوح
بالداعى لا يوجب قلب المرجوحية الى الرجحان اذ لا يوجب القلب الا ما كان فقده
موجبا لسوء الحال وقد تحصل بما تقدم ان فى ترجيح المرجوح على الراجح قولا بالقبح
وقولا بالامتناع ولعل الاول مقالة الاكثر بقى انه قد اعجبنى ان اذكر بالمناسبة
شطرا من الكلام فى الترجيح بلا مرجح والترجيح بلا مرجح اما الاول فعن الاشاعرة
انهم قالوا بجوازه استدلالا بقدحى العطشان وطريقى الهارب من السّبع مع المساواة فى
جميع الجهات الداخلة فى الرجحان وانكروا جواز الترجيح بلا مرجح وقالوا ترجح احد
المتساويين من طرفى الممكن بلا سبب مرجح ضرورى البطلان كيف لا ولو جوزناه ينسد باب
اثبات وجود الصانع وامّا الترجيح من غير مرجح اى من غير داع لا من غير ذات متصف
بالترجيح فليس بمحال بل المؤثر اذا كان مختارا فهو يرجح بارادته اى مقدوريه شاء
وعن الامامية والمعتزلة القول بالامتناع وربما يستدل عليه بان المختار وان يرجح
احد مقدوريه لكن اذا كان ارادته لاحدهما مساوية لارادته للآخر بالنظر الى ذاته
توجه ان يقال كيف اتصف احدهما باحدى الارادتين دون الآخر فان استند ترجيح هذه
الارادة الى ارادة اخرى نقلنا الكلام فيها ولزم التسلسل فى الارادات وان لم يستند
الى شيء فقد ترجح احد المتساويين على الآخر بلا سبب وربما يستدلّ ايضا بان الفعل
الخالى عن الغرض والداعى عبث والله تعالى منزه عنه ورجوع الغرض اليه تعالى محال
لتعاليه عن المنافع والمضار فيكون راجعا الى المخلوقين ورعاية لمصالح العباد
والاحسان اليهم والحق التفصيل فى الباب بالقول بالامتناع فى الترجيح بلا مرجح من
الله تعالى والجواز فى الترجيح من العباد للزوم التسلسل فى الارادات وقبح العبث فى
جانب الله سبحانه واما العبد فكثير اما يصدر منه العبث كيف لا وقد مدح الله سبحانه
المؤمنين اى الكاملين فى الايمان بالاعراض عن اللغو ومقتضاه عدم احتراز غيرهم إلّا
ان يقال ان المقصود باللغو فى المدح المشار اليه هو الفعل الخالى عن الرجحان
المعتد به شرعا لا الخلو عن مطلق الرجحان بل غاية الامر فى افعال العباد كثرة
الفعل الخالى عن النّفع المعتد به العائد اليهم واما خلو الفعل عن الداعى فهو فى
افعالهم غير ثابت نعم لا باس باستناد ارادة العبد الى ارادة الله سبحانه فلا يلزم
استناد فعل العبد الى الداعى ولا باس بوقوع الترجيح بلا مرجح منه وان قلت ان ارادة
الله سبحانه
لا بد ان يكون مبنية على الداعى والغرض ولو بالنسبة الى حال العبد فيكون
الفعل الصادر من العبد مستندا الى الدّاعى والمرجح قلت ان الكلام فى الترجيح من
غير مرجح للفاعل لا من غير مرجح مطلقا والداعى لارادة الله سبحانه من باب المرجح
لارادة الله سبحانه وهو غير الفاعل وان قلت ان ما ذكر انما يرجع الى الجبر قلت كلا
المدار فى القول بالجبر على استناد ارادات العبد الى ارادة الله سبحانه على سبيل
الموجبة الكلية وما دعيناه امكان استناد بعض ارادات العبد الى ارادة الله سبحانه
على سبيل الموجبة الجزئية واين احد الامرين من الآخر وربما قيل ان الترجيح بلا
مرجح قبيح بل محال ومقتضاه التامل فى استحالة الترجيح بلا مرجح او انكار الاستحالة
واورد عليه بانه خلط بين الترجيح بلا مرجح فى الايجاد والتكوين وبينه فى مقام
الالزام والتكليف فان الاول محال لا قبيح والثانى قبيح لا محال فالاضراب فى كلامه
عن القبيح الى المحال لا مورد له وهو ضعيف لاستحالة الترجيح بلا مرجح على الله فى
التكوين والتكليف معا كما يظهر مما مر ثم ان المقصود بالترجيح الاختيار الاعم من
الايجاد لعموم الكلام فى المقام للترجيح من الله سبحانه وهو مبنى على الايجاد
والترجيح من العبد بالايجاد كتصوير بعض الصّور او بغيره كاختيار احد قدحى الشرب من
العطشان وقد يقال ان اختيار العمل باخذ المتساويين من دون تعيينه فى الامر الذى
يكون المتساويان متساويين فيه ومن دون اثبات للمزية فيه بل من دون تفطن بالآخر لا
امتناع فيه وكذا لا قبح فيه نعم اختيار احد المتساويين على سبيل التعيين او اثبات
المزية ممتنع ويضعّف بان مورد الكلام فى المقام انما هو فى صورة اختيار احد
المتساويين من دون التعيين ولا اثبات المزية ويظهر امتناعه فى الواجب بما مر نعم
لو فرض عدم تفطن من يختار احد المتساويين بالآخر لا امتناع فيه وكذا لا قبح فيه
لكنه خارج عن مورد الحكم بالامتناع او القبح فى كلماتهم واما الثانى فالمقصود
بالمرجح فيه سبب الوجود كما يظهر مما مر من الاستدلال على جواز الترجيح بلا مرجح
وكذا الاستدلال على عدم جواز الترجيح بلا مرجح كيف لا والمصرّح به فى الاستدلال
على عدم جواز الترجيح بلا مرجح انه لو جاز الترجيح بلا مرجح يلزم سدّ باب اثبات
الصّانع ومقتضاه كون المقصود بالمرجح هو علة الوجود بخلاف المرجح فى الترجيح بلا
مرجح فان المقصود به الداعى على الفعل لا علة الوجود كما هو صريح الاستدلال الاول
على عدم جواز الترجيح بلا مرجح فقد ظهر انه ليس المقصود بالترجيح بلا مرجح هو
رجحان احد المتساويين وان يحتمل كونه مراد بالعبارة الرّابع انه لا ريب فى وجود
واجبات ومحرّمات كثيرة بين المشتبهات ومقتضى ذلك وجوب الاحتياط بالاتيان بكل ما
يحتمل الوجوب ولو موهوما وترك كل ما يحتمل الحرمة كذلك ولكن مقتضى قاعدة نفى العسر
والحرج عدم وجود ذلك كله لانّه عسر اكيد وحرج شديد فمقتضى الجمع بين قاعدتى
الاحتياط وانتفاء الحرج العمل بالاحتياط فى المظنونات دون المشكوكات والموهومات
لان الجمع على غير هذا الوجه باخراج بعض المظنونات وادخال بعض المشكوكات
والموهومات خلاف الاجماع ويردّ عليه اوّلا انّ وجود الاحتياط فى باب الواجبات
والمحرّمات المذكورة مبنى على بقاء التكليف وسدّ باب العلم وبطلان ما عدا الاحتياط
من الاحتمالات المتقدمة فيرجع الامر الى دليل الانسداد وثانيا انّ وجوب الاحتياط
فى المقام احد الاحتمالات المتقدمة بالبطلان فبعد بطلان اصل الاحتياط كيف يتاتى
الجمع بينه وبين قاعدة نفى العسر والحرج كيف لا ولا خفاء فى ان ارتكاب الجمع فرع
اعتبار المتعارضين إلّا ان يقال ان الاحتياط المخالف للاجماع انما هو الاحتياط على
وجه العموم بالاحتياط فى المظنون والمشكوك والموهوم واما الاحتياط على وجه الاجمال
وهو هنا فلا يكون مخالفا للاجماع لكن نقول ان البناء على الاحتياط والعمل بعنوان
الاحتياط خلاف الاجماع ولو فى موارد الظنّ بل ما تقدّم بطلانه من احتمال الاحتياط
كسائر الاحتمالات انما هو فى مورد الظنّ وثالثا ان قاعدة نفى العسر والحرج مورد
الاشكال كما حرّرناه فى محله ورابعا ان الجمع المذكور لا اعتبار به اذ غاية الامر
مخالفة ما عداه من الجمع او الترجيح بترجيح الاحتياط او ترجيح قاعدة نفى العسر
والحرج للاجماع وبهذا لا يتعين دفع التعارض فى الجمع
المذكور لعدم مساعدة شاهد عليه كيف لا ولا شاهد على تخصيص الآيات والاخبار
الدالة على نفى العسر والحرج بالمظنونات فغاية الامر احتمال الجمع المذكور فى رفع
التعارض لكن الاحتمال لا جدوى فيه فى باب الجمع الا بناء على اعتبار الجمع مهما
امكن ولو احتمالا كما هو مقتضى بعض كلمات الاصوليين لكن لا عبرة به وتفصيل الحال
موكول الى ما حرّرناه فى باب الجمع من تعارض الاخبار نعم لو امتنع بقاء التعارض
فيكفى فى اعتبار الجمع المذكور بطلان ما عداه من الجمع والترجيح ولا حاجة الى
مساعدة الدليل لكن التعارضات الغير المرفوعة غير عزيزة فى الاخبار غاية الامر تطرق
التخيير فى تعارض الاخبار وعدم اطراده فى المقام لقيام الاجماع على عدمه او
لاختصاص دليل التخيير من الاخبار بتعارض الاخبار وان امكن القول باطراد التخيير فى
تعارض غير الاخبار من باب القطع بعدم الفرق لو لم يكن التخيير خلاف الاجماع كما فى
تعارض الاجماعين المنقولين فقد ظهر ان الجمع المذكور بعد عدم اعتبار كل من طرفيه
لا اعتبار به بنفسه وخامسا ان تعميم الاحتياط بالاحتياط فى المظنونات والمشكوكات
والموهومات خلاف الاجماع بلا كلام ولو فرضنا كون الاحتياط فى الجملة كالاحتياط فى
المظنونات غير مخالف للاجماع ومقتضى كلامه ان تعميم الاحتياط للمشكوكات او
الموهومات خلاف الاجماع فلا حاجة فى نفى الاحتياط الكلى الى التمسك بقاعدة نفى
العسر والحرج ولا حاجة الى مزيد المقدمات فى الاستدلال بنفى الاحتياط الكلى بقاعدة
نفى العسر والحرج والجمع بين الاحتياط وقاعدة نفى العسر والحرج بالاحتياط فى
المظنونات وتعيين الجمع فيه بمخالفة الجمع بغيره للاجماع بل يكفى التمسّك فى تبعيض
الاحتياط بالاجماع فقط بان يقال ان مقتضى الاحتياط تعميم الاحتياط للمظنونات
والمشكوكات والموهومات لكن نقتصر على المظنونات لمخالفة وجوب الاحتياط فى غيرها او
اخراج بعض المظنونات وادخال بعض المشكوكات او الموهومات للاجماع لكن نقول انّ ما
ذكرنا انما يتم بناء على كون دعوى مخالفة الاجماع باخراج بعض المظنونات وادخال بعض
المشكوكات او الموهومات اى الجمع بالاحتياط فى بعض المظنونات وبعض المشكوكات او
الاحتياط فى بعض المظنونات وبعض الموهومات من باب المثال كما يرشد اليه قوله لان
الجمع بغير هذا الوجه خلاف الاجماع تعليلا للجمع بالاحتياط فى المظنونات فقط واما
لو كان قوله باخراج بعض المظنونات وادخال بعض المشكوكات او الموهومات من باب
التقييد للجمع فى قوله لان الجمع بغير هذا الوجه كما هو ظاهر العبارة لا من باب
المثال فلا ينتهض الجمع بالاحتياط فى المظنونات فقط لعدم انحصار الجمع فيه لامكان
الجمع بتعميم الاحتياط للمشكوكات لكن لا يتوجّه عليه ما ذكر من كفاية التمسّك
بالاجماع نعم كان المناسب التمسّك فى نفى الاحتياط الكلى بالاجماع مضافا الى
التمسك بقاعدة نفى العسر والحرج وقد يورد بان العمل بالاحتياط فى المشكوكات
كالمظنونات ولا يلزم من تعميم الاحتياط لها الحرج قطعا لقلة موارد الشك على سبيل
تساوى الطرفين كما لا يخفى فيقتصر فى ترك الاحتياط على الموهومات فقط وانت خبير
بانه ليس مدار الاستدلال فى نفى تعميم الاحتياط للمشكوكات على لزوم العسر على
تقدير التعميم حتى يورد بعدم لزوم العسر فى تعميم الاحتياط للمشكوكات بل ان كان دعوى
مخالفة الاجماع فى اخراج بعض المظنونات وادخال بعض المشكوكات او الموهومات من باب
المثال والمدار فى نفى تعميم الاحتياط للمشكوكات على الاجماع لا لزوم العسر فلا
مجال لعدم لزوم العسر فى تعميم الاحتياط للمشكوكات وان كان الامر من باب التقييد
فالاستدلال ساكت عن الاحتياط فى المشكوكات ولا ينتهض الجمع بالاحتياط فى المظنونات
فقط كما سمعت ولا يتاتى الايراد بعدم لزوم العسر فى تعميم الاحتياط للمشكوكات ومع
هذا يمكن ان يقال ان الاحتياط فى المشكوكات دون الموهومات خلاف الاجماع المركب اذ
كل من قال بالاحتياط فى المشكوكات قال به فى الموهومات وكل من قال بعدم وجوب
الاحتياط فى الموهومات قال به فى المشكوكات إلّا ان يقال ان المسألة عقلية فلا
مجال لرد قول او احتمال فيها بالاجماع المركب لكن ينقدح القدح فى هذا المقال بما
ياتى الخامس انّ طريقة العقلاء مستقرة واتفاقهم منعقد على العمل بالظن عند انسداد
باب العلم وعدم التمكن من الاحتياط والتوقف فلو امر المولى عبده بالذهاب الى البلد
الفلانى فذهب العبد وضلّ عن الطريق وتردّد فى
طرق ثلاثة يحتمل ان يكون كل منها موصلا الى المقصود فظن من الخبر او
الشّيوع بين المكارين او من شيء آخر من ثباته الظن ان الطّريق هذا دون هذين فسلكه
لا يجوزون العقلاء مؤاخذته ولو جعله المولى فى مورد المؤاخذة والملامة قائلا له لم
فعلت وبئسما فعلت لينكرونه ويذمونه ويعدونه قبيحا خارجا عن قانون العدل والحكمة
ولا نعنى بحجيّة الظنّ الا هذا بل لا ينحصر العمل بالظن من العقلاء فى صورة التمكن
من العلم ويعملون بالظنّ مع التمكن من العلم ايضا دون من تطرق لومة لائم عليه
وبالجملة لا شك فى ان المقرر عند العقلاء والثابت عند اهل العرف والعادة هو اتباع
الظنّ وبه ينتظم امور معاشهم ومن تامل بعين الصواب ونظر ببصر البصيرة راى ان اهل
كل صناعة وحرفة وارباب التكسّب والصّناعة قد استقرت طريقتهم واستمر ديدنهم على
اتباع الظنّ فيما يتعلق بهم بل لا يمكن انتظام امورهم إلّا به فهذه اهل التكسّب
والتجارة يعملون بمقتضى ما يظنّون من الربح والخسران والزيادة والنقصان فى البيع
والشراء والشركة والمضاربة والقرض والنقد والنّسية وامثالها وكذا يتبعون الظنّ فى
المسافرة الى البلاد النّائية والممالك البعيدة ولو لا اتباع الظنّ لا يكاد ان
يتحقق امر تكسّبهم وتجارتهم قطعا وهذه اهل الزراعة حيث انهم يعملون فى امر زراعتهم
بظنونهم فى امر البذر والاراضى والكيفيّات المتعلّقة بالزّراعة وانظر الى ارباب
العلوم العقليّة حيث انهم يكتفون بامور ظنّية والى ارباب السّياسات فانهم ياخذون
بما يظنّون به وينتظم امر سياستهم وهكذا اهل كل حرفة وصنعة فان قيل ان اعتمادهم
على الظنون فى امثال هذه الموارد لا يقتضى حجية الظنّ شرعا فى رياستهم الشرعيات
والمقايسة باطلة ولا سيّما الشرع بالعرف قلت انّ المقصود انّه اذا جرت طريقة
العقلاء على اعتبار الظن عند تعذر الوصول الى الواقع او مطلقا فليس فى العمل به فى
الاحكام الشرعية عند انسداد باب العلم خروج عن الوظيفة الّتى تليق بحال المكلف ولا
يجوز مؤاخذته فى ذلك عقلا ولا نعنى بالحجيّة ازيد من ذلك المعنى اقول انّ الجواب
عن الايراد بان اعتبار الظنّ عرفا لا يقضى باعتباره شرعا بعدم خروج المكلف بالعمل
بالظن فى الاحكام الشرعية عن الوظيفة اللائقة بحاله بعد اعتبار الظنّ عرفا تكرار
للدعوى واعادة للمدّعى كما لا يخفى فلا عبرة بالوجه المذكور بوجه نعم يمكن تقريره
بتقرير التقرير بالوجه الغير المتعارف المتقدم نظيره غير مرة بان يقال انه استقرّ
طريقة العقلاء على العمل فى امورهم العرفية حتى فى صورة التمكن من العلم ولو كان
السّلوك فى هذا المسلك فى باب احكام الشرعية غير مرضى لردع ارباب العصمة عن تعميم
الطريقة فى باب الاحكام الشرعية ولم يتات الرّدع فثبت حجية الظنّ فى باب الاحكام
الشرعية لكن قد تقدم عدم اطمينان النفس بمثله فلا ينفع لانه انما ينفع لو افاد
العلم والا فلو افاد الظنّ فحجيّة الظنّ المستفاد من التقرير مبنية على حجية مطلق
الظنّ فالاستدلال به على حجيّة مطلق الظنّ يستلزم الدّور ومع هذا المثال المذكور
فى الاستدلال غير مطابق لمورد النزاع اذ المدار فى المثال على ظاهر الحال بلا
اشكال على عدم تعيين العمل ببعض الامور عند التحيّر من المولى ولا جواز العمل ببعض
الامور من باب القدر المتيقن والقائل بحجيّة الظنون الخاصّة يدّعى اعتبار ما
اجتهادا من باب نصب الطريق او عملا من باب القدر المتيقن او غيره إلّا ان يقال ان
التمثيل بالمثال المشار اليه مبنى على فرض عدم ثبوت اعتبار الظنون الخاصة اجتهادا
ولا عملا لكن نقول انه لو كان الحال على هذا المنوال فلا محيص عن حجية مطلق الظن
بلا اشكال ولا حاجة الى الاستدلال بالوجه المختلّ الظاهر الاختلال السادس ان الظنّ
اقرب الى الواقع قطعا واعتبار الاقربيّة الى الواقع من محكومات العقل والمتفق عليه
بين العقلاء واستمرّت عليه طريقة العرف والعادة فالقائل بحرمة اتباعه يفتقر الى
دليل صالح للخروج عن القاعدة اقول انّ المدار فى الاستدلال بالعقل على عقل كل عاقل
حتى المستدلّ والمرجع الى التمسّك بالعلم والاستدلال من باب التمسّك بما يستقلّ
بادراكه العقل كما هو عنوان معروف واما الاستدلال بطريقة العقلاء فالمدار فيه على
الاستدلال بحيلة الناس والمرجع الى التمسك بالتقرير إلّا انه قد يتمسك بطريقة
الناس فى اخذ الاحكام الشرعية وقد يتمسّك بها فى باب الامور العرفية كما تقدم
وربّما يتوهم اتحاد الاستدلال بالعقل مع الاستدلال
بطريقة العقلاء ولعله الظاهر من الاستدلال لكن يظهر ضعفه بما ذكرناه وايضا
الاستدلال بالوجه المذكور لا يتم بدون ضم مقدّمات الانسداد وبعد ضم تلك المقدمات
لا حاجة الى مثل الوجه المذكور وايضا الظاهر بل بلا اشكال ان الاقرب من باب الافعل
دليل الوصفى لوضوح عدم اتصاف الموهوم بالقرب كيف لا واتصاف الضدين بالقرب الى
الواقع غير معقول فمرجع التمسّك بحكم العقل الى دعوى استقلال العقل بلزوم العمل
بما يقرّب الى الواقع وهو محل المنع نعم الاولوية لا كلام فيها لكنها لا تنفع فى
المقصود وامّا طريقة العقلاء فان كان المقصود من باب التمسك بها هو التمسّك بالعقل
فينقدح القدح فيه بما سمعت آنفا وان كان المقصود التمسك بالتقرير غير متعارف فيظهر
الكلام فيه بما تقدم وايضا ينتقض الاستدلال بامثال القياس واستدل ايضا بالنّبوى
المعروف المرء متعبّد بظنه وبان فى الاخذ بالظن فى الشرعيات سلوك جادّة الاحتياط
كالعبد يتحرى بعينه مولاه فيندرج تحت ما جاء فى التحريص على الاحتياط وبانّ سيرة
الشّارع مستمرة على التّعويل عليه فلو لا انه حجة فى نظر الشارع ما بنى قواعد
شرعية عليه حتى اكتفى بوضع اليد على المال وقضى بشاهدين واخذ بظاهر الحال الى غير
ذلك ممّا لا يحصى وبالجملة فنظام الدين والدّنيا انّما استقام بالتّعويل على الظنّ
وبانّ طريقة العلماء فى استنباط الاحكام انما هى الاخذ بالظن وبانّه يقبح على
الحكيم ان يكلّفنا تكاليف جمّة ثم لا يجعل لنا اليها طريقا وبان فى الاعراض تعويلا
على الوهم وكيف لا يكون الظنّ اصلا فى نظر الحكيم واهلا لان يؤخذ به وهو يعلم ان
من لا يعوّل عليه فانما يعوّل عليه وفى الكل نظر واستدل للقول بحجية مطلق الظنّ
بالطريق بوجهين الاول انه لا ريب فى كوننا مكلّفين بالاحكام الشرعية ولم يسقط عنّا
التكليف بها فى الجملة وان الواجب علينا اولا تحصيل العلم بتفريغ الذمة فى حكم
المكلف بان يقطع معه بحكمه بتفريغ ذمّتنا عما كلفنا به وسقوط التكليف عنا سواء حصل
العلم باداء الواقع او لا فانه القدر الذى يحكم العقل بوجوبه ودلّت الادلّة على
اعتباره ولو حصل العلم بها على الوجه المذكور لم يحكم العقل بوجوب تحصيل العلم بما
فى الواقع ولم يقض شيء من الادلّة الشرعية بوجوب تحصيل شيء آخر وراء ذلك بل
الادلّة الشرعية على خلاف ذلك اذ لم يبن الشريعة من اوّل الامر على وجوب تحصيل كلّ
من الاحكام الواقعية على لسبيل القطع واليقين قائمة ولم يقع التكليف به حين انفتاح
سبيل العلم بالواقع وفى ملاحظة طريقة السلف من زمن النبىّ صلىاللهعليهوآله والائمّة عليهم السلم كفاية فى ذلك اذ لم يوجب النبىّ صلىاللهعليهوآله على جميع من فى بلده من الرّجال والنسوان السّماع منه
فى تبليغ الاحكام او حصول التواتر لآحادهم بالنّسبة الى آحاد الاحكام او قيام
القرينة القاطعة على عدم تعمد الكذب او الغلط فى الفهم او فى سماع اللّفظ بل لو
سمعوه من الثقة اكتفوا به ولا يحصل العلم بقول الثقة فالعلم الذى هو مناط التكليف
اولا هو العلم بالاحكام الشرعية من الوجه المقرر لمعرفتها والوصول اليها والواجب
بالنّسبة الى العمل هو ادائه على وجه يقطع معه بتفريغ الذمة فى الشرع سواء حصل
العلم بادائه على طبق الواقع او على طبق الطريق المقرر من الشارع وان لم يعلم ولم
يظنّ بمطابقته للواقع وبعبارة اخرى لا بد من معرفة المكلف اداء المكلف به على وجه
اليقين او على وجه منته على اليقين من غير فرق بين الوجهين ولا ترتيب بينهما ولو
لم يظهر طريق مقرر من الشارع لمعرفتها تعين الاخذ بالعلم بالواقع على حسب امكانه
اذ هو طريق الى الواقع بحكم العقل من غير توقف لإيصاله الى الواقع الى بيان الشرع
بخلاف غيره من الطرق المقرّرة وح فنقول ان صحّ لنا تحصيل العلم بتفريغ الذمة فى
حكم الشارع فلا اشكال فى وجوبه وحصول البراءة وان انسد علينا سبيل العلم كان الواجب
علينا تحصيل الظنّ بالبراءة فى حكمه اذ هو الاقرب الى العلم به فتعيّن الاخذ به
عند التنزل من العلم فى حكم العقل بعد انسداد سبيل العلم والقطع ببقاء التكليف دون
ما يحصل معه الظنّ باداء الواقع كما يدّعيه القائل باصالة حجيّة الظنّ وبينهما بون
بعيد اذ المعتبر فى الوجه الاول هو الاخذ بما يظن كونه حجة لقيام دليل ظنى على
حجية سواء حصل منه الظنّ باداء الواقع أو لا وفى الثانى لا يلزم حصول الظنّ
بالبراءة فى حكم الشّارع اذ لا يستلزم مجرّد الظنّ بالواقع الظنّ باكتفاء المكلف
بذلك الظنّ فى العمل سيّما بعد النهى عن اتباع الظنّ فاذا تعين تحصيل ذلك بمقتضى
العقل يلزم اعتبار امر آخر يظن معه رضا المكلف بالعمل به و
ليس ذلك الا الدليل الدال على حجيته فكل طريق قام ظن على حجيته عند الشارع
يكون حجة دون ما لم يقم عليه اقول ان مرجع الاستدلال الى وقوع الجعل فى حق طرق
مخصوصة فى زمان حضور النبى صلىاللهعليهوآله فاعتبار الطرق فى غرض اعتبار العلم لكن الشائع فى
الامتثال هو الطرق فليس اعتبار الطرق بعد الفجر عن الواقع لكن نقول ان غاية ما
يتجه مما ذكر انما هى انفتاح باب الظنّ بالنسبة الى الطرق بعد سد باب العلم بها
ولا يتجه منه اختصاص انفتاح باب الظنّ بالنّسبة الى الطريق بل لا مجال لدعوى عدم
انفتاح باب الظنّ بالنّسبة الى الواقع نعم مقتضى بعض كلماته الآخر ان حجية العلم
بالواقع لذاته لا من جهة الجعل والتكليف بتحصيله لعسر تحصيل العلم بالواقع لكن
الفرق بين حجية العلم بالذات وحجية بالجعل بانفتاح باب الظن بعد انسداد باب العلم
على الاول دون الثانى مقطوع العدم وان قلت ان سد باب العلم بالشيء انما يوجب
انفتاح باب الظنّ به بعد كونه مفروض الوقوع والتكاليف الواقعية ليست مفروضة الوقوع
لفرض كون التكليف بمؤدى الطرق قلت انّه لو كان الامر على هذا لما كان العلم بالواقع
حجة من باب السّالبة بانتفاء الموضوع لفرض عدم ثبوت التكليف بالواقع بل لما كان
العلم بالواقع معقولا والمفروض ان المرجع الى اعتبار الواقع ومؤدّى الطرق على سبيل
التخيير فسدّ باب العلم بالواقع يقتضى انفتاح باب الظنّ به ايضا كما ان انفتاح باب
الظنّ بالطريق يوجب انفتاح باب الظنّ به وامّا ما ذكره من الظنّ بالبراءة فى العمل
بالظن بالطريق دون الظنّ بالواقع فهو مدفوع بانّه انما يتم لو لم يثبت كفاية
الواقع بنفسه فى زمان الحضور لو ادرك الواقع بالعلم وكان المكلّف به منحصرا فى
زمان الحضور فى مؤدّى الطرق واما بعد فرض الكفاية الواقع بنفسه فى زمان الحضور لو
ادرك الواقع بالعلم فلا اشكال فى الظنّ بالبراءة فى الظنّ بالواقع فى زمان انسداد
باب العلم ومع هذا نقول ان انفتاح باب الظنّ بالطريق دون الواقع انما يتاتى بناء
على كون اعتبار الطريق من باب الموضوعيّة وامّا بناء على كون اعتبار الطريق من باب
المرآتية فلا بد من انفتاح باب الظنّ بالواقع ايضا ولو فرضنا عدم حجيّة العلم
بالواقع والا فنفس حجيّة العلم بالواقع تقتضى انفتاح باب الظنّ بالواقع كما سمعت
بل يلزم انفتاح باب الظنّ بالواقع فقط ولا دليل على كون الطريق المجعول من باب الموضوعية
فلا دليل على انفتاح باب الظنّ بالطريق فقط بل ياتى فساد اعتبار الطريق من باب
الموضوعية إلّا انه على تقدير انحصار المكلف به فى العمل بمؤدى الطريق كما يقتضيه
ظاهر الوجه الآتي لا التخيير بين الواقع ومؤدى الطريق كما هو مقتضى الوجه المذكور
إلّا انّه على هذا يلزم اشتمال الطريق كليّة على مصلحة تدارك بها الواقع على تقدير
المخالفة لكن الحال على هذا المنوال بناء على كون اعتبار الطريق من باب المرآتية
ايضا ومع هذا نقول ان القناعة بالظن النوعى فى مفاد الطريق فى المسألة الفرعية
واعتبار الظنّ الشخصى فى مدرك الطريق فى المسألة الاصولية كما جرى عليه المستدل
وقد تقدم نقل قوله فى تحرير الاقوال لا يرتبط بوجه حيث انّ عمدة المدرك فى كفاية
الظنّ النوعى فى ظواهر الحقائق انّما هى الاجماع ولا يختلف حاله فى افادة اللفظ
بحكم فرعىّ او حكم اصولى بل لا فرق فى كفاية الظنّ النوعى فى ظواهر الحقائق بحسب
شيء من مداركه وان قلت ان المدار فى اعتبار الظنّ بالطريق على دليل الانسداد وهو
انما يثبت حجية الطريق المظنون بالفعل دون غيره قلت انّ دليل الانسداد الا مفهوم
له فمقتضاه اطراد حجية الظنّ لا عدم حجية غيره فلو قام دليل لفظى على حجية خبر
الواحد وجرى المشهور على عدم اعتبار بعض اقسام الخبر فلا بدّ من العمل بالعموم
قضاء لحق ما يقتضى حجية الظنّ النوعى ونظير ذلك ما وقع من بعض الفحول ممن قال
بحجية مطلق الظنّ حيث جرى على اعتبار الظنّ النوعى فى ظواهر الحقائق وكذا ما وقع
منه من القول باعتبار الخبر الصحيح مع الشك فى الصّدور او الظنّ بالعدم اللهم إلّا
ان يقال ان مدار دليل الانسداد على عدم ثبوت الطريق العلمى ومرجع اعتبار الظنّ
النوعى الى التعبّد ولو ثبت حجية ظواهر الحقائق فى صورة الشك فى الارادة او الظنّ
بالعدم تعبّدا فهذا ينافى انكار ثبوت الطريق العلمى فى زمان الانسداد ولكن نقول ان
المفروض عدم اختلاف الاجماع المستند اليه فى باب اعتبار الظن النوعى بين افادة
الحكم الفرعى والحكم الاصولى فلا مجال لانكار الطريق المجعول فى باب ظواهر الحقائق
إلّا انّه يتاتى الاشكال فى انّ مدار القول باعتبار الظنّ النوعى على التعبّد فى
صورة الشك فيما يقتضيه ظاهر الحقيقة او الظنّ بعدم الارادة او على التعبّد فى ظاهر
الحقيقة حتى فى صورة افادة الظنّ الفعلى لكن الاظهر الثانى
لوضوح ان الاجماع على اعتبار ظاهر اللّفظ فى صورة الشك او الظنّ بالخلاف من
باب الاجماع على اعتبار ظاهر اللفظ مطلقا لا فى خصوص صورة الشك او الظنّ بالخلاف
ففى صورة حصول الظنّ الفعلى يكون الدليل على حجية الظنّ أمران الاجماع ودليل
الانسداد بناء على اقتضائه حجية الظنّ فى مداليل الالفاظ من باب الاستلزام وان قلت
ان مدار دليل الانسداد على انكار اعتبار الظنّ الخاص من حيث الخصوصية فلا يتاتى
حجية ظاهر اللفظ فى صورة الشك او الظنّ بالخلاف تعبّدا قلت ان المدار فى دليل
الانسداد على انكار الطريق المجعول فى استنباط الاحكام مطلقا وقد تقدم الكلام فى
اعتبار الظنّ النوعى بناء على حجية مطلق الظنّ ومع هذا نقول ان غاية الامر العلم
بنصب الطريق فى الجملة قبال دعوى عدم ثبوت النصب او ثبوت القدم من القائل بحجيّة
مطلق الظنّ واما العلم بنصب الطريق حتى فى صورة الظنّ بالخلاف كما هو مقتضى القول
بحجية الظنّ بالطريق وظهور الثمرة بين القول بحجيّة الظنّ بالطريق والقول بحجيّة
مطلق الظنّ فى صورة تعارض الظنّ بالطريق والظنّ بالواقع كما ياتى وهو محل المنع
لامكان نصب الطريق بشرط الظنّ كما ان العلم بلزوم اخذ التكاليف من الطريق حتى فى
صورة الظنّ بالخلاف فى زمان الانسداد وكذا الظنّ باعتبار حجية خبر الواحد حتى فى
صورة الظنّ بعدم الارادة او الظنّ بعدم الصدور محل المنع هذا بناء على الاستدلال
على حجية الظنّ بالطريق بالوجه المذكور واما بناء على دعوى العلم بلزوم اخذ
التكاليف من الطرق فى زمان الانسداد كما يقتضيه الوجه الآتي فيسقط المنع عن حصول
العلم بنصب الطريق حتى مع الظنّ بالخلاف فى زمان الانفتاح ويبقى المنعان الآخران
ومع هذا نقول ان قاعدة نفى العسر والحرج غير تامّة عندى على ما تقدم القول فيه فلا
مانع عن التكليف بتحصيل العلم بالواقع ومع هذا نقول ان قاعدة العسر والحرج بعد
تماميتها لا يتم فى الواجب الخير على ما حرّرنا الكلام فيه فى محلّه فلا مانع ايضا
عن التكليف بتحصيل العلم بالواقع إلّا ان يقال ان تحصيل العلم بالواقع متعذر
للاغلب فى زمان انفتاح باب العلم ولا سيّما بناء على عدم حصول العلم بالنّسبة الى
مداليل الالفاظ ولعله المشهور فلا مجال للتكليف بتحصيل العلم بالواقع فى زمان
انفتاح باب العلم ومع هذا نقول ان الوجه المذكور مخالف للوجه الآتي حيث ان الوجه
المذكور مساوق لدليل الانسداد اذ مقتضاه دعوى العلم ببقاء التكليف باخذ الاحكام من
الطرق نظير دعوى العلم ببقاء التكاليف بالاحكام الواقعيّة فى دليل الانسداد واما
الوجه الآتي فالمدار فيه كما يظهر ما ياتى على دعوى العلم بلزوم اخذ الاحكام من
الطرق ابتداء فهو غير مساوق لدليل الانسداد فيرد على هذا الوجه ما ياتى فى عدم
وروده على الوجه الآتي من منع نصب الطريق فى زمان الحضور والا لاشتهر كمال
الاشتهار ومع هذا نقول انه لو نصب الطريق فى زمان الحضور لكان معلوم الحال فى
الحال لعدم تطرق انقلاب يوجب اختفاء الطريق المنصوب بلا شبهة وبوجه آخر لو نصب
الطريق فى زمان الحضور لتواتر ولو اجمالا لعموم البلوى وشدة الحاجة ومع هذا نقول
ان الوجه المذكور يقتضى بالصّراحة العلم نسبق جعل الطريق إلّا انه ليس بينا ولا
مبينا اذ لا باس بكون الحال فى امتثال التكاليف الشرعية على منوال امتثال التكاليف
العرفية بل قد تقدم انه لم يكن البناء فى شيء من الشرائع على نصب الطريق الخاص
خلاف ما هو المتعارف فى العرف ومع هذا نقول ان الطريق مجعول لا بدّ فى جعله من
الطريق فيلزم الدّور او التّسلسل فلا بد ان يكون الطريق هو العلم ولا فرق بين العلم
بالواقع والعلم بالطريق فاذا كان حجية العلم بالواقع لذاته لا بالجعل ولذا لم يوجب
انسداد باب العلم بالواقع انفتاح باب الظنّ اليه فكذا الحال فى العلم بالطريق فمن
انسداد باب العلم بالطريق لا يتفتح باب الظنّ انه إلّا ان يقال ان العلم بالواقع
كان عسر الحصول بخلاف العلم بالطريق فانه سهل الحصول فلا مانع عن التكليف به بخلاف
التكليف بالعلم بالواقع لكن نقول انه قد سمعت عدم ممانعة العسر عن التكليف بالعلم
بالواقع ولا سيّما مع كون الامر من باب الواجب المخير ومع هذا نقول ان غاية الامر
العلم بجعل الطريق فى الجملة واما العلم بجعل طرق متعدّدة كما هو مقتضى بعض فقرات
الوجه المذكور فلا يكون مربوطا بوجه يقتضيه اللهمّ إلّا ان يكون المقصود بالطرق هو
جنس الفرد كما يقال فلان يركب الخيل بناء على كون المقصود جنس الفرد وقد حرّرنا
الكلام فيه فى محلّه ومع هذا نقول ان غاية الامر لزوم حجية الظنّ بالطريق فى
الجملة وامّا حجية مطلق الظنّ بالطريق فلا بد فيها من مقدّمة معمّمة نظير الحاجة
فى الاستدلال بدليل الانسداد على حجية مطلق الظنّ الى المقدمة المعمّمة المعروفة
وقد تقدم
وجوه التعميم وربّما اورد بان الاتيان المامور به واقعا من دون علم
بالمامور به واقعا وان يكفى فى فراغة الذمة واقعا ولم يؤخذ فى الفراغ عن المامور
به الاتيان به بقصد امتثال الامر وكذا الحال فى الطريق المجعول حيث انه يكفى العمل
بالطريق الواقعى ولو لم يعلم به فى فراغة الذمة عن الامر بالعمل به لو لم ياخذ فى
الفراغ قصد امتثال لكن حصول الامتثال والاطاعة فى الامر بالمامور به منوط ومشروط
بالعلم فكذا الحال فى الامتثال الامر بالعمل بالطريق واطاعته فلو فرض انسداد باب
العلم بالطريق وانحط الامر عن درجة امتثال الامر بالعمل بالطريق فلا فرق بين الظنّ
بالطريق والظنّ بالواقع لاشتراكهما فى عدم افادة الامتثال فدعوى انفتاح باب الظنّ
بالطريق وكونه محصّلا للامتثال وعدم انفتاح باب الظنّ بالواقع وكون الظنّ بالواقع
غير محصل للامتثال لحكم صرف اقول ان امتثال الامر لغة ليس الا بمعنى الاتيان
بالمامور به كما يظهر من القاموس فلا دلالة فى الامتثال على العلم بالمامور به نعم
يمكن القول بظهور الامتثال فى العلم بالمامور به من باب انصراف الاطلاق لكن يمكن
ان يقال ان الانصراف فى المقام بدوى فلا دلالة فى الامتثال على العلم بالمامور به
لا وضعا ولا اطلاقا ومع هذا نقول انه لم يؤخذ لفظ الامتثال فى الخطابات بالنّسبة
الى الواقع ولم يثبت اخذه فى الخطابات بالنسبة الى الطريق فلا يجب العلم بالمامور
به ولو كان مقتضى الامتثال وضعا او اطلاقا وجوب العلم بالمامور به نظير ما حرّرناه
فى باب عدم دلالة الامر على اشتراط قصد القربة فى تزييف الاستدلال على القول
بالدلالة بانّ امتثال الامر واجب عقلا وعرفا وهو لا يحصل الا بقصد التقرب من عدم
وقوع الامر بالامتثال فى شيء من الخطابات حتى ينوط فراغة الذمة بصدق الامتثال وان
سلم خلو الاستدلال عن هذا الاختلال لو كان الاستدلال بان الامتثال هو الاتيان
بالمامور به وموافقة الامر ولا يصدق الامتثال الا بقصد الامتثال فاناطة صدق
الامتثال بقصد والامتثال يكشف عن مداخلة قصد الامتثال وان يتطرق عليه الاشكال بانّ
صدق الاتيان بالمامور به يكفى فى فراغة الذمة ولا حاجة الى صدق الامتثال ولو كان
الامتثال هو الاتيان بالمامور به للزم اناطة صدق الاتيان بالمامور به بقصد
الامتثال ولا يلتزم بها ملتزم نعم لفظ الاطاعة وقع الامر به فى الكتاب والسنّة
وظاهره العلم بالمامور به من باب انصراف الاطلاق لو لم يكن الانصراف بدويّا والا
فالاطاعة تصدق بالاتيان بالمامور به لكن من المقطوع به عدم زيادة الامر بالاطاعة
على مفاد الاوامر والنواهى فالغرض منها الاتيان بما ثبت وجوبه بالاوامر وترك ما
ثبت حرمته بالنّواهى او غيرها مضافا الى عدم اعتبار انصراف اطلاقات الكتاب كما
حرّرناه فى محله بل على هذا المنوال الحال فى الامر بالاطاعة فى السنّة نظير اطلاق
ادلة امّهات المعاملات حيث انه لا اعتبار باطلاقها ولا بعمومها ولا بانصرافها
لورودها مورد الاجمال كاطلاقات الكتاب او يمكن ان يقال ان غرضه ان قصد القربة لا
يتاتى فى الامر بالواقع ولا فى الامر بالطريق الا بعدم العلم بالامر نعم مجرّد
الفراغ يتاتى فى الواجب التوصلى مع عدم العلم بالامر كما لو غسل الشخص ثوبه بميل
لطبيعة وصلى من دون اطلاع على وجوب غسل الثوب عن النجاسة للصّلاة فانه يكفى واذا
ثبتت مداخلة العلم فى الامر بالطريق فالظن بالواقع خارج عن الظنّ بالامتثال لكنّه
مدفوع بعدم وجوب قصد القربة فى الامر بالعمل بالطريق وكذا فى الامر بالواقع الا
فيما دلّ الدليل على الوجوب فلا يتاتى مداخلة العلم فى العمل بالطريق فلم يثبت
خروج الظنّ بالواقع عن الظنّ بالامتثال ومع هذا نقول انه يمكن قصد الامتثال مع
الجهل كما فى الصّلاة الى اربع جهات فى اشتباه القبلة إلّا ان يقال ان المدعى على
ما ذكر منافاة الجهل بالامر مع قصد امتثاله وهذا امر بين لا مجال لانكاره وفى باب
اشتباه القبلة الامر بالقضاء ثابت فالامر متحقق والاشتباه فى المامور به إلّا ان
يقال انه يمكن ان يفرض وضوح الامر بالطريق مع اختفاء الطريق كما لو ورد فى الكتاب
الامر بالعمل بالطرق الّتى سبق تشريعها نحو يا ايها الذين آمنوا اعملوا بالطرق
التى قررتها عليكم مع اختفاء الطرق بعد ذلك من قبيل اشتباه القبلة الّا ان يقال ان
هذا مجرد فرض وجوده مقطوع العدم فلا اعتداد به فالجهل بالامر ينافى قصد امتثاله
ويمكن ان يقال ان كلامه مبنى على دلالة الامر على لزوم قصد الامتثال كما قال به
جماعة لكنّه مدفوع مضافا الى ما مر بعدم دلالة الامر على لزوم قصد الامتثال كما
حرّرناه فى محلّه مع انه لا يلزم ان يكون الدليل على تشريع الطريق بلفظ الامر كما
هو الحال فى تشريع الواقع ومع هذا نقول انه لا يتمّ دعوى عدم حصول الظنّ بالامتثال
والاطاعة فى العمل بالظن بالطريق بناء على مداخلة العلم فى الامتثال
والاطاعة الانباء على موضوعية العلم الدّخيلة فى الامتثال والاطاعة ويظهر
فساد القول بالموضوعية بما مر فغاية الامر مداخلة العلم فى الامتثال من باب
المرآتية فاذا انسد باب مرآة العلم ينفتح باب مرآة الظنّ إلّا ان يقال انه لو تم
اقتضاء الامتثال والاطاعة للعلم فيثبت موضوعية العلم بناء على ان المدار فى
موضوعية الاعتقاد علما او ظنا ومرآتية على ان الدليل الدال على اعتبار الاعتقاد ان
كان من باب اللفظ فالمدار على الموضوعية لعدم مداخلة الواقع فى هذه الصّورة نظير
عدم مداخل الاعتقاد فى صورة تعليق الحكم على الواقع وان كان من باب العقل فالمدار
على المرآتية لعدم الحكم العقل بازيد من المرآتية إلّا ان يقال انه فرق بين الامر
بتحصيل الاعتقاد وحمل الحكم على الاعتقاد نحو ان ظننت فى عدد ركعات الصّلاة فابن
على الظنّ حيث ان مقتضى اعتبار الاعتقاد فى الثانى اعتباره حتى مع انكشاف الخلاف
اى اعتبار الظنّ من باب الموضوعية بخلاف الاول فانه لا دلالة فيه على الموضوعية
ولا المرآتية مع ان ذلك انما يتم بناء على كون القول باقتضاء الامتثال مداخلة
العلم مبنيا على دلالة الامر على لزوم قصد الامتثال كما تقدم احتمال الابتناء ومع هذا
نقول انّه ياتى من المورد الايراد على وجه الآتي بمساواة الظنّ بالطريق مع الظنّ
بالواقع بناء على كون المقصود بنصب الطريق فى الوجه المشار اليه هو نصب الطريق فى
حال الانسداد من دون اخذ مقدمة اقتضاء الامتثال للعلم فالامر دائر بين الاستدراك
هذه المقدمة والاخلال بمقدمة لازمة فى الوجه الآتي بل لو كان مقتضى الامتثال
مداخلة العلم فى المامور به فلا يختلف الحال بعموم جعل الطريق لزمان الانفتاح
واختصاصه بزمان الانسداد ومقتضى كلامه فى الوجه الآتي حصول الامتثال فى الظنّ
بالطريق وكذا الظنّ بالواقع على الاول دون الثانى إلّا ان يقال ان السّكوت عن
المقدمة المذكورة فى الوجه الآتي من باب حوالة الحال على ما ذكره هنا لكن نقول ان
الوجه الآتي مقدّم فى كلامه على هذا الوجه والحوالة على المتقدّم وان لا تكون
بعيدة بل هى كثيرة فى الكلمات لكن الحوالة على المتاخر بعيدة بل نادرة بل غير واقعة
وربما ذكر المورد انّ مدار الاستدلال على ان الطريق المجعول فى غرض العلم بالواقع
طريق للواقع فالواقع بنفسه لا يكفى مئونة أدائه فى فراغة الذمة فالظن بالواقع لا
يكون من باب الظنّ بالامتثال بخلاف الطريق فان العلم لا مدخلية له فيه فبانسداد
باب العلم بالطريق ينفتح باب الظنّ به لكونه موجبا للظن بالامتثال فاورد بان العلم
دخيل فى اعتبار الطريق وفعليّته طريقيّته بناء على قضاء الامتثال واقتضاء الاطاعة
مداخلة العلم فى المامور به فلو سد باب العلم بالطريق فلا يحصل الظن بالامتثال
بالظن بالطريق لكنه يندفع الايراد بما سمعت من الكلام فى القضاء والاقتضاء فالظن
بالطريق يقتضى الظن بالامتثال دون الظنّ بالواقع مضافا الى ما سمعت من ان دعوى عدم
حصول الظنّ بالامتثال فى الظنّ بالطريق مبنية على كون اعتبار العلم بالطريق
المدلول عليه بالامتثال والاطاعة من باب الموضوعية وربما يورد بان اطلاق ما يدلّ
على جعل الطريق انما ينصرف الى حال العلم به قضيّة انصراف اطلاقات التكاليف الى
حال العلم فمقتضى الاطلاق مداخلة العلم فى المامور به فانسداد باب العلم بالطريق
لا يقتضى انفتاح باب الظنّ به لعدم افادة الظنّ به الظنّ بالامتثال لكنّه مردود
بان الاظهر وان كان ظهور اطلاقات التكاليف فى حال العلم على ما حرّرناه فى الرسالة
المعمولة فى الصّلاة فيما شك فى كونه من اجزاء ما لا يؤكل لحمه لكن الانصراف مختصّ
بالاوامر والنواهى ولا يطرد فيما لو كان دليل التكليف من باب الجملة الخبرية ودليل
تشريع الطريق لا يلزم ان يكون بالامر ومع هذا نقول المقصود بانصراف اطلاقات
التكاليف الى حال العلم انما هو عدم عموم التكليف لحال الجهل واين هذا من مداخلة
العلم فى المكلف به اعنى العمل بالطريق المجعول نعم لو قلنا بالانصراف الى المعلوم
يتجه ما ذكر والفرق بين الانصراف الى حال العلم والانصراف الى المعلوم انما هو
حصول الامتثال فى الاتيان بالمعلوم مع المخالفة للواقع على تقدير الانصراف الى
المعلوم وعدم حصول الامتثال الى تقدير الانصراف الى حال العلم لفرض عدم الاتيان
بالواقع وكون التكليف بالواقع غاية الامر ان التكليف بالواقع حال العلم والظاهر ان
الظنّ حاله حال العلم لو كان غالبا اذ الظاهر انه لا يعتذر مامور بعدم العلم
بالموضوع واما غير الغالب فالظاهر انّ حاله حال الجهل ومن هذا انه ربّما يعتذر
العبد الكسل عن امتثال المامور به بعدم المعرفة الكاملة بالموضوع كما انه يعتذر فى
حال الجهل بالجهل غاية الامر انّ
المولى يأمر بعد الاعتذار بعدم المعرفة الكاملة او بالجهل بالفحص إلّا انه
من باب التكليف الثانوى لكن يمكن ان يقال ان الاعتذار بعدم المعرفة الكاملة اعمّ
من الظنّ الغالب ويجتمع معه بكون الغرض عدم العلم بل هو الحال لو كان الظنّ غير
الغالب كما هو مقتضى دعوى شمول الاطلاق للظن الغالب هذا فى غير التكاليف الشرعية
واما التكاليف الشرعية فالظاهر ان الحال فيها على حال غيرها ولعل الشمول لصورة
الظنّ اظهر فتدبر فمقتضى الاطلاقات عدم اطّراد التكليف فى صورة سدّ باب العلم مع
فرض الظنّ بجميع الاجزاء والشرائط للصّلاة مثلا بمعنى انه لو كان المشافه حاله على
هذا الحال لمّا كان يشمله الاطلاقات فمثلنا لا يتاتى فى حقه اطراد التكليف لعدم
ثبوت اطراد التكليف فى حق المشافه فى الصّورة المسطورة لكن لما كان المفروض فى
المقام قيام الاجماع والضرورة على عدم ارتفاع التكليف فى حق امثالنا فهذا لا ينفك
عن اطراد التكليف فى حق المشافهين فى الصّورة المسطورة قضيّة الشركة والظاهر ان
مدرك الاجماع والضّرورة هو انفهام شمول الاطلاقات للصّورة المسطورة بالنّسبة الى
المشافهين كما يظهر مما مر الّا ان يقال ان استناد الاجماع الى انفهام شمول
الاطلاق لا باس به لكن لا مجال لاستناد الضرورة الى انفهام شمول الاطلاق وربّما
يورد بان الفرقة المحقة بل علماء الاسلام بين القول بحجية الظنون الخاصّة والقول
بحجية مطلق الظنّ فى الاصول والفروع او الفروع دون الاصول فالقول بحجيّة مطلق
الظنّ فى الاصول دون الفروع خلاف الاجماع المركب وقد يدفع بان المسألة ليست من
التوقيفيّات التى يدخلها الاجماع المركب فلا معنى لردّ قول فيها بمخالفة الاجماع
المركب بل الرد منحصر فى ابطال بعض المقدمات العقلية وانت خبير بانه لو كان كون
المسألة عقلية مانعا عن جواز ردّ قول فيها بالمخالفة للاجماع المركب لكان مانعا عن
جواز الردّ بالاجماع البسيط او الضّرورة ولا مجال للالتزام به كيف لا وتكفير كثير
من ارباب الكلام بمخالفة الاجماع حديث معروف مع ان الاجماع البسيط يوجب القطع من
باب تراكم الظنون على التحقيق فى مدرك حجية الاجماع وبالقطع يصح رد كل ما يخالفه
بل يطرد تراكم الظنون فى باب الاجماع لمركب لاقتضاء انحصار القول فى قولين من
بداية الامر الظنّ بانتفاء القول الثالث ولو بظن ضعيف اضعف من الظنّ المتحصّل
بالواقع من قول المجتهد الواحد بداية الامر بل الاجماع المركب يرجع الى الاجماع
البسيط فى نفى القول الثالث فيجرى فيه ما يجرى فى الاجماع البسيط بل كما يصحّ رد
القول بمخالفة الاجماع فى المسائل العقلية كذا يصحّ الاستدلال على القول فى
المسائل العقليّة بالاجماع كما انه يمكن اثبات المسائل العقلية بالتواتر خلافا لمن
انكره حيث اشترط فى باب التواتر الاستناد الى الحسن لاقتضاء التواتر العلم والعلم
اقوى دليل فى جميع المطالب ويصح اثبات جميع المسائل به كيف لا ولا محيص عن حجية
ولا حجة فوقه ومن ذلك ان المحقق القمى ره قد تمسك فى بعض رسائله المعمول فى اصول
الدين نقلا على التوحيد بتكاثر الاخبار من الانبياء على عدد مائة الف واربع
وعشيرين الفا نعم غاية الامر ان كثرة العدد المحتاج اليها فى باب التّواتر فى
المسائل العقلية لا بد ان تكون ازيد من الكثرة فى المحتاج اليها فى المسائل
النقلية لقرب المسائل العقلية الى الاشتباه بل على هذا المنوال حال الاتفاق فى
المسائل العقلية فان الاتفاق المحتاج اليه فى حصول العلم فى المسائل العقلية ازيد
من الاتفاق المحتاج اليه فى حصول العلم فى المسائل النقلية وان امكن القول بحصول
العلم فى باب التواتر والاجماع فى المسائل العقلية بما يحصل به العلم فى غيرها من
باب عدم التفطن بقرب المسائل العقلية بالاشتباه لكن اتفاق الكل لا فرق فيه من حيث
افادة العلم بين المسائل العقلية وغيرها فالاجماع المركب بعد فرض افادته العلم
بنفى القول الثالث يصح ردّ القول بالمخالفة له وان كان المسألة عقلية كما فى
المقام لكن يمكن الدفع بعدم الوثوق عندى بتتالى الفتاوى فى الاجماع البسيط فضلا عن
الاجماع المركب لعدم ورود كلمة المجمعين فى الاجماع المركب على نفى القول الثالث
بالمطابقة بل الالتزام بخلاف الاجماع البسيط وكون نفى القول الثالث فى الاجماع
اقرب بالاشتباه من الاتفاق فى الاجماع البسيط لابتناء نفى القول الثالث فى الاجماع
المركب على عدم التفطن بالقول الثالث واين هذا من اتفاق الانظار مع التفطن على
المتفق عليه لكن يمكن ان يكفى الاجماع المركب مساويا فى النظر فى افادة العلم من
جهة عدم التفطّن بما ذكر بل جميع اسباب الوثوق يختلف بحسب الانظار بواسطة
عدم التفطن بالمانع ولو لم يصلح المانع للممانعة وبعد ما تقدّم اقول ان
مدار الاستدلال المتقدم على القول باعتبار الظن بالطريق من باب المماشاة والتنزل
عن القول بحجية الظنون الخاصّة اذ مقتضى كلامه ان خبر الثقة كان مجعولا ومعمولا به
فى زمان الحضور ومقتضى قوله وان انسد علينا سبيل العلم كان الواجب علينا تحصيل
الظنّ بالبراءة فى حكمه انما هو عدم الاذعان بانسداد باب العلم بالطريق المجعول
وكون دعوى الانسداد من باب الفرض فالمرجع الى انّ خبر الثقة كان فى زمان الحضور
طريقا مجعولا ومعمولا به ولو فرضنا عدم العلم بجعل خبر الثقة نقول بانفتاح باب
الظنّ بالطريق الثانى ما تحريره وتلخيصه كما يظهر ممّا تقدم انا كما نقطع بانا
مكلفون فى زماننا تكليفا فعليا باحكام فرعية كثيرة كذلك نقطع بان الشارع جعل لنا
الى تلك الاحكام طرقا مخصوصة ومرجع القطعين الى امر واحد وهو القطع بانا مكلفون
تكليفا فعليا بالعمل بمؤدّى طرق مخصوصة وحيث انسد لنا باب العلم بالاحكام المشار
اليها بالقطع او بالطريق الثابت اعتباره بالقطع او القطعى فلا ريب فى انّ العقل
يحكم بان اللازم الرّجوع فى تعيين الطرق المشار اليها الى الظنّ الفعلى من المدارك
التى لم يثبت عدم اعتبارها وان لم يتحصّل منها الظنّ بالحكم لمعارضة بعض الظنون
التى يثبت عدم اعتبارها قضيته الاجماع على عموم الاعتبار وانه اذا تعذر الظن
المشار اليه فلا بد من العمل بالطريق الذى دل على اعتباره بعض من تلك المدارك لكن
لم يحصل منها الظنّ فعلا لمعارضة بعض الظنون التى ثبت عدم اعتباره وان لم يحصل
منها الظنّ بالحكم فكان الطريق المذكور مشكوك الاعتبار واذا تعذر هذا الطريق فلا
بد من العمل بالطريق الذى دلّ على اعتباره بعض من تلك المدارك لكن كان الظنّ على
خلافه لمعارضة بعض الظّنون المشار اليها وان لم يحصل منها الظنّ بالحكم فكان
الطريق المذكور موهوم الاعتبار ولا مجال للعمل بالطرق المقطوع عدم اعتبارها لان
الحكم بالجواز هنا ظاهرى فيمتنع ثبوته مع انكشاف الخلاف وما ذكر من العمل بالاصناف
الثلاثة للطريق على الترتيب انما هو فى صورة الاتحاد واما فى صورة التعدّد فيتاتى
التخيير إلّا انه لا بد من كون المتعدد فى جانب العرض لا الطول بكونه من مظنون
الاعتبار او مشكوك الاعتبار او موهوم الاعتبار والا فلو كان من مظنون الاعتبار
ومشكوك الاعتبار وموهوم الاعتبار او من مشكوك الاعتبار وموهوم الاعتبار فلا مجال
للتخيير قضيته الترتيب لاناطة حجية مشكوك الاعتبار وموهوم الاعتبار بانتفاء مظنون
الاعتبار واناطة حجية موهوم الاعتبار بانتفاء مشكوك الاعتبار ولا يذهب عليك انّ
الوجه الاول بعد خلوه عن صورة التعارض خال عن لزوم العمل بالطريق المشكوك بعد تعذر
الطريق المظنون ولزوم العمل بالطريق الموهوم بعد تعذر الطريق المظنون والمشكوك
وهذا الوجه مشتمل على جميع ما ذكر بل الوجه الاول خال عن لزوم العمل بالطريق
المظنون ولو لم يفد الظنّ بالواقع فعلا لمعارضة بعض الظنون التى ثبت عدم اعتبارها
وهذا الوجه مشتمل عليه وعلى لزوم العمل بالطريق المشكوك والموهوم ولو لم يفد احد
من الطريقين الظنّ بالواقع فعلا للمعارضة المذكورة الا ان مقتضى اعتبار الطريق عدم
اعتبار الواقع فاعتبار الظنّ بالطّريق يغنى عن اظهار العموم لصورة عدم افادة الظنّ
بالواقع مضافا الى ان مقتضى ما هو المصرّح به فى الوجه الاول من اعتبار الطريق
المعلوم فى زمان الحضور ولو لم يفد الظنّ الواقع عموم اعتبار الطريق المظنون فى
زمان انسداد باب العلم لصورة عدم افادة الظنّ بالواقع اقول ان دعوى ثبوت التكليف
باخذ الاحكام من الطرق وبعبارة اخرى دعوى جعل الطرق للاحكام فى الواقع ليست بنية
ولا مبنية وان قلت ان الامر بين اذ الامر بالشيء يستدعى جعل الطريق اليه والا يلزم
التكليف بما لا يطاق كيف لا والامر بالصّعود الى فوق الدّار مع عدم الهداية الى
طريق الفوق يستلزم التكليف بما لا يطاق قلت ان اللازم فى الامر بالشيء هو جعل طريق
اليه فى الجملة واما جعل طريق مخصوص من حيث الخصوصيّة فهو غير لازم فلا باس بكون
الحال فى امتثال التكاليف الشرعية على منوال امتثال التكاليف العرفية من تكاليف
الموالى للعبيد وغيرها من تكاليف المطاعين للمطيعين حيث ان المدار فيها على كفاية
الظنّ وليس بناء اهل العرف على جعل طريق مخصوص من المطاع للمطيع فى امتثال تكاليفه
والّا لاختلف طرق الامتثال كثيرا على حسب اختلاف السّليقة والخيال وغيرها بل لو جعل
مولى لعبده
طريقا للامتثال مخالفا للنّهج المسلوك بين الناس يعد من باب السّفه بل
المقطوع به انه لم يكن الحال فى شيء من الشرائع فى باب امتثال التكاليف خارجا عن
المتعارف فى امتثال التكاليف العرفية هذا فى المجتهد ويجرى نظيره فى المقلد حيث
انه لا باس بكون حجية قول المجتهد فى حقه من باب حجية الظنّ لا حجيّة من حيث
الخصوصيّة وبعد هذا اقول انّه لو كان المكلّف به هو العمل بمؤدى الطرق فقط كما
يقتضيه ظاهر دعوى كون التكليف بمؤدى الطرق فى الوجه المذكور بخلاف الوجه المتقدم
فان المصرّح به فيه حجيّة العلم بالانجعال والمرجع الى التخيير بين العمل بالعلم
والعمل بمؤدى الطرق فى زمان الحضور فمقتضاه الاغماض عن الواقع وكون الامر نظير
وجوب التيمّم فى حال فقد الماء وكذا الصلاة فى حال التقية وهو شبه التصويب بالمعنى
المعروف وهو خلو الوقائع عن الحكم وكون الحكم فيها تابعا لراى المجتهد والا
فالتصويب على وجوه سبعة ذكرها الشهيد فى التمهيد ولا يلتزم بذلك ملتزم من الخاصة
وبعد هذا اقول ان انفتاح باب الظنّ بالطرق انما يتاتى لو كان اعتبار الطرق من باب
الموضوعية واما لو كان اعتبارها من باب المرآتية فلا بد من انفتاح باب الظن
بالواقع فقط او مع الظنّ بالواقع ولا اقل من الاخير ولا دليل على كون اعتبار الطرق
من باب الموضوعيّة وبعد هذا اقول انه كما يقتضى حجية العلم بالطرق انفتاح باب
الظنّ بها فكذا حجية العلم بالواقع تقتضى انفتاح باب الظنّ به كما تقدّم فى الوجه
المتقدم هذا بناء على حجية العلم بالواقع كما هو الواقع وما له من دافع وما يقتضيه
ظاهر دعوى كون التكليف بمؤدى الطرق من عدم اعتبار العلم بالواقع زخرف وجزاف صرف
ولو قيل ان حجية العلم بالانجعال لا بالجعل بخلاف الطرق فحجيّة العلم بالواقع لا
تقتضى انفتاح باب الظنّ به قلت ان المقتضى لانفتاح باب الظن بالطرق هو حجية العلم
ولا مداخلة فى اقتضاء الانفتاح للجعل واختلاف حال الجعل والانجعال بانفتاح باب
الظنّ على الاول دون الثانى مقطوع العدم فكما يقتضى حجية العلم بالطرق انفتاح باب
الظنّ بها فكذا يقتضى حجية العلم بالواقع انفتاح باب الظنّ به وبعد هذا اقول ان
غاية الامر العلم بجعل الطريق فى الجملة واما العلم بجعل طرق متعددة كما هو مقتضى
الوجه المذكور فلا يكون مربوطا بوجه يقتضيه وبعد هذا اقول ان غاية الامر لزوم حجية
الظنّ بالطريق فى الجملة وامّا حجية مطلق الظن بالطريق فلا بد فيها من مقدمة
معمّمة كما تقدم فى الوجه المتقدم وبعد هذا اقول ان القول بلزوم العمل بالطريق
المظنون او المشكوك او الموهوم من حيث الاعتبار مع عدم الظنّ بالحكم لمعارضة
امتثال القياس مبنى على شمول اخبار القياس مثلا لترك العمل بالطريق والعمل بالاصل
بكون الغرض منها ترك مطلق الاعتناء واما لو كان الغرض عدم جواز العمل فلا دليل على
جواز العمل بالطريق المشار اليه إلّا ان يتمسك بالاجماع وهو غير ثابت لاحتمال من
جهة عدم حصول الظنّ بواسطة عدم الاعتناء بالقياس نظير ما حكاه سيّدنا من ان الوالد
الماجد ره كان يعمل بخبر كونه الواحد مع كونه مخالفا للمشهور مع القول باعتبار الظنّ
الشخصى من باب عدم الاعتناء بالشهرة بل نظير ذلك كثير فى العرفيات مثلا لا يصغى
الاستاد الى اعتراض تلميذه من جهة عدم الاعتناء فلا يتطرق فتور فى اعتقاده وامّا
لو اصغى فيذهب اعتقاده ومن هذا انه ربما يشارك ذلك الاعتراض شخص معتد به فيصغى
الاستاد ويذهب اعتقاده تسليما للاعتراض ومن ذلك يظهر القدح فى دعوى الاجماع على
اعتبار الظنّ النوعى فى مداليل الالفاظ بملاحظة الاجماع على العمل بظواهر الالفاظ
مع مخالفة المشهور وبعد هذا اقول ان القول بالترتيب فى باب الاعتبار بين مظنون
الاعتبار ومشكوك الاعتبار وموهوم الاعتبار لا معنى له إلّا انه يلزم العمل بمظنون
الاعتبار فان وفى وكفى فى الخروج عن محذور الخروج عن الدين فلا بد من القناعة به
والا فيتعدى الى الاقرب فالاقرب ولا خفاء فى ان الطرق متشتتة ولا مجال للاطلاع على
الوفاء والكفاية الا بصرف العمر مدة مديدة فى ملاحظة الطرق وتشخيص اصنافها وتشخيص
الصّنف الوافى والكافى منها ثم الشروع فى الاجتهاد والعمل بالطرق المحرزة ولا
يلتزم به ملتزم إلّا ان يقال ان الغرض من الترتيب انّما هو الترتيب بين الاصناف فى
كلّ مسئلة لا فى مجموع المسائل بمعنى انه لا يعمل فى المسألة بمشكوك الاعتبار مثلا
قبل الفحص عن مظنون
الاعتبار فلا بد فى العمل بمشكوك الاعتبار من الفحص عن مظنون الاعتبار
الاحتمال وجوده مخالفا مدلوله لمشكوك الاعتبار وبعد هذا اقول ان القول بالتخيير فى
صورة التخيير غير مربوط بوجه يقتضيه لاختصاص اخبار التخيير بتعارض الخبرين فلا
يطّرد التخيير فى تعارض مطلق الطريق بعد الاغماض عن اختصاص التخيير فى الكلام
المتقدم بمشكوك الاعتبار وموهوم الاعتبار والبناء على تعميم التخيير لمظنون
الاعتبار كما جرينا عليه فيما مر اللهم إلّا ان يقال بالقطع بعدم الفرق او باصالة
التخيير فى باب التعارض فى صورة عدم تمشى الجمع بناء وانتفاء الترجيح وبعد هذا
اقول انه سكت عن صورة رجحان احد المتعارضين وكذا صورة تمشى الجمع بناء على اعتباره
التكافؤ فى التخيير والا فالامر أسوأ للزوم القول بالتخيير مع ثبوت الرجحان او
تمشى الجمع فكان اللازم التعرّض للصّورتين اللهمّ إلّا ان يكون الامر مبنيّا على
حوالة الحال على الوضوح وايضا سكت ايضا عن الترجيح بالظن بالواقع وكان اللازم
التعرض له واورد بامكان منع نصب الشارع طرقا خاصة للاحكام الواقعية كيف لا ولو نصب
الشارع طرقا خاصة للاحكام لاشتهر الطرق كمال الاشتهار وظهرت ظهور الشمس فى رابعة
النهار لتوفر الدّواعى بين المسلمين على ضبطها لاحتياج كل مكلف الى معرفتها اكثر
من حاجته الى مسئلة صلواته الخمس اقول انه مبنى على كون المقصود بالاستدلال دعوى
نصب الطريق فى زمان حضور النبى صلىاللهعليهوآله وتطرق الخفاء عليها مع العلم ببقاء التكليف باخذ
الاحكام منها لكنّه ليس المقصود ما ذكر بل المقصود دعوى العلم بان للاحكام فى زمان
الانسداد طرقا لا نعلم بها ونحن مكلفون باخذ الاحكام منها فالطرق مفروضة الخفاء
والانتفاء قضيّة فرضها فى زمان الانسداد فليس المقصود دعوى العلم ببقاء التكليف
باخذ الاحكام من الطرق حتى تكون مبنية على حدوث التكليف باخذ الاحكام من الطرق
ونصب الطريق بل المقصود دعوى العلم بالتكليف الفعلى باخذ الاحكام من الطرق التى لا
نعرفها فلا بدّ فى تشخيصها من الظنّ والظاهر ان منشأ الاشتباه توهّم مساوقة
الاستدلال المذكور للاستدلال على حجية مطلق الظنّ بالواقع بدليل الانسداد مع اخذ
العلم ببقاء التكليف فيه كما اشتهر هذا الحديث فى الالسن والا فكلام صاحب المعالم
وهو راس الاستدلال بذلك خال عن ذلك مع ان المدار فى فى الاستدلال المذكور على
العلم بثبوت التكليف باخذ الاحكام من الطرق لا العلم ببقاء التكليف باخذ الكلام من
الطرق الا ان النصب ظاهرا فى الاظهار والغرض النصب فى علم الله سبحانه ومدار
الاستدلال على حجية مطلق الظنّ بدليل الانسداد مع اخذ العلم ببقاء التكليف
بالاحكام وان يمكن اخذ العلم بالثبوت فى دليل الانسداد ايضا وان قلت ان التكليف
بما لم يبين طريقه قبيح فلا مجال لكون الغرض العلم بثبوت التكاليف المنصوب طريقها
فى علم الله سبحانه فى زمان الانسداد ولا بد من كون الغرض العلم ببقاء التكليف
بمؤدى الطرق المجعولة فى زمان الحضور قلت بعد تسليم ذلك انه لا فرق بين التكليف
بمؤدّى الطرق المنصوبة فى علم الله سبحانه فى زمان الانسداد وبقاء التكليف بمؤدى
الطرق المنصوبة فى زمان الحضور فى القبح وبالجملة لا فرق بين الانسداد ابتداء
والانسداد بالأخرة نعم يمكن ان يقال ان العلم بثبوت التكليف بمؤدى الطرق المنصوبة
فى علم الله سبحانه فى زمان الانسداد ليس الا من باب الشركة مع الحاضرين فى
التكليف بمؤدى الطرق المنصوبة والطرق وان لم تنصب فمن اين العلم بنصبها اذ لا ثمرة
للنصب فى علم الله سبحانه وان نصبت ثم تطرق عليها الإخفاء فيتطرق عليه انه لو نصب
الطرق لاشتهر نصبها ولو اجمالا وتواتر لعموم البلوى وشدة الحاجة ومع ذلك دعوى
احتياج كل مكلّف الى معرفة الطرق كما ترى لوضوح عدم اعتبار الطرق فى حق المقلّد
واختصاص الاعتبار بارباب الاجتهاد وقد يعترض على ذلك بانه لا مجال لمنع نصب الطريق
لقيام المنكشف بسيرتهم على النصب اذ المعلوم من سيرة العلماء اتفاقهم على نصب طريق
خاص وان اختلفوا فى تعيينه وقد يذب بان مجرّد قول كل العلماء بحجيّة طريق خاصّ
بحسب ما ادّى اليه نظره لا يوجب العلم الاجمالى بان بعض هذه الطرق منصوبة لجواز
خطاء كل واحد فيما ادّى اليه نظره واختلاف الفتاوى فى الخصوصيّات لا يكشف عن تحقق
القدر المشترك إلّا اذا كان اختلافهم راجعا الى التّعيين على وجه منبئ عن اتفاقهم
على القدر المشترك نظير الاخبار المختلفة فى الوقائع فانها لا توجب تواتر
القدر المشترك إلّا اذا علم من اخبارهم كون الاختلاف راجعا الى التعيين وفى كلّ من
الاعتراض والذب نظر امّا الاول فبعد الاغماض عن مخالفة السّيّد واتباعه ومنع نصب
الطريق الخاص منهم بل احالة بعضهم لانّ طائفة معتدا بها من العلماء يستنبط من
قولهم لحجيّة مطلق الظنّ انكارهم نصب الطريق بل هذا صريح كلامهم فكيف يدعى كشف
سيرة العلماء عن الاتفاق على نصب الطريق واما الثانى فتحريره ان يقال ان الاخبار
المتكثرة فى الواقع اما ان تكون متفقة على امر معيّن كما لو تكثر الاخبار لمجيء
زيد فى الآن الاول من اليوم والمجيء فى الآن الثالث الى آخر آنات اليوم حيث ان
الاخبار المشار اليها مشتركة فى المجيء واما ان لا تكون متفقة فى امر معين كما لو
تكثر الاخبار بمجيء زيد ومجيء عمرو ومجيء بكر وهكذا حيث ان الاخبار المشار اليها
لا تتفق على امر معيّن ففى الصّورة الاولى يثبت بالتواتر العلم بالقدر المشترك
واما فى الصّورة الثانية فليس فى البين امر معين يكون متفقا عليه حتى يتحقق العلم
به كيف لا وكل من الاخبار خبر واحد فيمكن كونه كذبا لكن نقول انّ مرجع ذلك الى
حسبان كون الباعث على العلم بالقدر المشترك هو اتفاق الكلمة وهذا جار فى الصّورة
الاولى من الصّورتين المذكورتين دون الصّورة الثانية وهو مدفوع بان الباعث على
العلم بالقدر المشترك فى الصورة الاولى انما هو امتناع الكذب على الكثير وإباء
الكثرة عن كذب المجموع وهذا قد يتفق من اتفاق الكلمة على الامر المعيّن كما فى
الصّورة الاولى وقد يتفق مع الاشتراك فالباعث على حصول العلم بالقدر المشترك فى
الصّورة الاولى انما هو نفس كثرة الخبر لا خصوص الكثرة المقرونة بالاتفاق على
الامر المعيّن وجهة الكثرة متحققة فى الصّورة الثانية ايضا فيطرد فيها العلم
بالقدر المشترك غاية الامر ان القدر المشترك فيها من باب الامر المجمل ففى باب
التواتر قد يكون القدر المشترك من باب الامر المعين ويحصل العلم به كما فى الصّورة
الاولى وقد يكون من باب الامر المجمل ويحصل العلم بالمجمل كما فى الصّورة الثانية
ولعلّ اكثر موارد التواتر من قبيل الصّورة الثانية كما فى وقايع حاتم مثلا ففيما
نحن فيه لو ثبت اختلاف العلماء فى باب نصب الطريق الخاص على اقوال يحصل العلم
الاجمالى بنصب الطريق الخاص وسيرتهم تكشف عن الاذعان بنصب الطريق فى الجملة وبوجه
آخر كما يبعد عند العقل اتفاق الجمع الكثير على الكذب فى امر مخصوص تعمدا على
الاتفاق او وقوع الاتفاق على الكذب منهم على نهج البخت والاتفاق بعدا موجبا للقطع
بالعدم كذا يبعد عند العقل بعدا موجبا للقطع بالعدم عدم تحرز الجمع الكثير على
الكذب غاية الامر ان يقال باحتياج البعد عند العقل هنا الى مزيد الكثرة بالنّسبة الى
صورة الاتفاق ومن ذلك بعد اتفاق الكذب من الجمع الكثير ولو فى وقايع مختلفة لا
تشترك فى امر معين ومن هذا القطع بعدم كذب جميع اخبار الصّلاة مثلا مع عدم اشتراك
ما لا يشترك منها فى امر معيّن وهو لا يعد ولا يحصى فضلا عن جميع الاخبار الفقهيّة
بل القطع الاجمالى حاصل بعدم كذب جميع الاخبار الضّعيفة فيحصل العلم الاجمالى بصدق
بعض الاخبار فى الصّورة الثانية من الصّورتين المتقدمتين ونظير هذا ان كثرة
الاحكام المذكورة فى الخبر الضّعيف كما فى بعض اخبار اليقين المروى فى الخصال
والمشتمل على أربعمائة حكم او فى الخبرين المتعارضين توجب خبر الضّعيف فى الاول
والترجيح فى الثانى لكن بالنّسبة الى بعض الاحكام على وجه الاجمال خلافا لمن توهّم
الجبر والترجيح بالنّسبة الى كل واحد من الاحكام كما هو شان الجابر غالبا حيث ان
منشأ الجبر والترجيح هو بعد كذب الكل والظنّ بصدق البعض إلّا انه لا يجدى ولا ينفع
قضية اجمال البعض المظنون صدقه كما سمعت فلا جدوى فى الذب بالوجه المذكور وقد
يعترض ايضا بثبوت جعل الطريق بالمنع عن العمل بالقياس ونحوه فى استكشاف الواقع فلا
مجال لمنع نصب الطريق ويندفع بان التعمد الى المنع عن العمل بمثل القياس لا يقتضى
اعتبار جميع ما عدا مثل القياس او بعض ما عداه من حيث الخصوصيّة بل يجتمع مع
اعتبار مطلق الظنّ فيما عدا مثل القياس مضافا الى ما ذكر من عدم تسليم عدم جواز
العمل بالقياس كما ياتى وان ياتى الكلام فيه فضلا عن ان مقتضاه عدم حجية الظنّ
بالطريق لعدم جواز اثبات حجية الطريق بمثل القياس واورد ايضا بعد تسليم نصب الطريق
بان بقاء ذلك الطريق غير معلوم حيث انّ ما حكم بطريقيته لعلّه قسم من الاخبار ليس
منه بايدينا الا قليل كان يكون الطريق المنصوب هو الخبر المفيد
__________________
للاطمينان الفعلى بالصّدور الذى كان كثيرا فى الزمان السّابق لكثرة القرائن
ولا ريب فى ندرة هذا القسم فى هذا الزمان اذ غاية الامر ان نجد الراوي فى الكتب
الرّجالية محكى التعديل بوسائط عديدة من مثال الكشي والنجاشى وغيرهما ومن المعلوم
ان مثل هذا لا يعد بنية شرعية ولهذا لا يعمل بمثله فى الحقوق ودعوى حجية مثل ذلك
بالاجماع ممنوعة بل المسلم ان الخبر العدل بمثل هذا حجّة بالاتفاق لكن مثل هذا
الاتفاق العملى لا ينفع فى الكشف عن قول الحجة لان الشرط فى نفع الاتفاق العملى ان
يكون وجه عمل المجمعين معلوما ألا ترى انه لو اتفق جماعة يعلم برضا الامام عليه
السّلم بعملهم على النظر الى امرأة يعلم او يحتمل ان يكون وجه النظر اليها كونها
زوجة لبعضهم وامّا لآخر بنتا لثالث وام زوجة لرابع وبنت زوجة لخامس وهكذا فهل يجوز
لغيرهم ممن لا محرميّة بينها وبينه ان ينظر اليها من جهة اتفاق الجماعة الكاشف عن
رضا الامام بل لو راى شخص الامام عليه السّلم ينظر الى امراة فهل يجوز لعاقل
التأسى به وليس هذا كله الا من جهة ان الفعل لا دلالة فيه على الوجه الذى يقع عليه
فلا بد فى الاتفاق العملى من العلم بالجهة والحيثية التى اتفق المجمعون على ايقاع
الفعل من تلك الجهة والحيثية ومرجع هذا الى وجوب احراز موضوع الحكم الشرعى
المستفاد من الفعل ففيما نحن فيه اذا علم بان بعض المجمعين يعمل بخبر من حيث علمه
بصدوره بالتواتر او بالقرينة وبعضهم يعمل به من حيث كونه ظانا بصدوره قاطعا بحجية
هذا الظنّ فاذا لم يحصل لنا العلم بصدوره ولا العلم بحجية الظنّ الحاصل منه او
علمنا بخطاء من يعمل به لاجل مطلق الظنّ او احتملنا خطائه فلا يجوز لنا العمل بذلك
الخبر تبعا للمجمعين ومع ذلك مثل الخبر المذكور فى غاية القلة خصوصا اذا انضم اليه
افادة الظنّ الفعلى اقول ان خلاصة الايراد ان العلم ببقاء التكليف باخذ الاحكام من
الطرق مبنى على العلم ببقاء الطرق حيث ان وجوب اخذ الاحكام من الطرق حكم للطرق
والموضوع لا بد من تقدمه على الحكم فالعلم ببقاء التكليف باخذ الاحكام من الطرق لا
بد فيه من تقدم العلم ببقاء الطّرق وهذا غير ثابت لكن نقول انه مبنى على حسبان
مساوقة الاستدلال للاستدلال بدليل الانسداد الماخوذ فيه العلم ببقاء التكليف كما
تقدم فى الايراد الاول وقد سمعت تزييفه ومع هذا دعوى ان الفعل لا دلالة فيه على
الوجه الذى يقع عليه كما ترى اذ غاية الامر ان الفعل اعم لكن لا منافاة بين عمومه
وظهوره فى بعض الوجوه كيف ولا بتقاصر حال الفعل عن حال اطلاق اللّفظ وانصراف اطلاق
اللفظ الى الفرد الشّائع حديث شايع ومن ذلك ان الاظهر دلالة الاستعمال بنفسه على
كون المستعمل فيه من باب الحقيقة وان استدل على عدم الدلالة بكون الاستعمال اعم من
الحقيقة حيث انه لا منافاة بين كون الاستعمال بنفسه اعمّ من الحقيقة والمجاز
وظهوره فى الحقيقة من باب الانصراف الى بعض الافراد فان الانصراف اعنى الظهور كما
يوجد فى القول كذا يوجد فى الفعل بل البحث عن وجوب التأسّى فى الفعل المعلوم الوجه
عنوان معروف إلّا ان يقال ان العلم بالوجه فيه من جهة الخارج لا من جهة نفس الفعل
ومع هذا لا يلزم فى الاتفاق العملى تعيّن الجهة فى جهة نافعة بل يكفى العلم
الاجمالى بجهة نافعة وما ذكر فى الايراد من عدم جواز التأسّى بالجماعة فى النظر
الى امراة يحتمل فى النظر اليها ممن ينظر وجوه مردود بانه من جهة عدم اقتضاء اتفاق
الجماعة العلم الاجمالى بجهة مجوّزة للتّأسى والا فلو بلغ النظر من رجال لا يعدون
ولا يحصون بحيث حصل العلم الاجمالى بجهة مجوزة للتاسى فلا اشكال فى جواز التأسى
ومع هذا عدم النفع فى الاتفاق العملى مع العلم بكون الجهة او الجهات غير نافعة غير
نافع فى اشتراط النفع بالعلم بكون الجهة نافعة كما هو المدعى اذ غاية الامر ممانعة
العلم بعدم النفع عن النفع واين هذا من اشتراط النفع بالعلم بالنفع فلا جدوى فى
فرض العلم بكون نظر الجماعة بجهة او جهات غير نافعة ومع هذا دعوى وجوب احراز
الموضوع فى الحكم الشرعى المستفاد من العقل تضعف بان احراز موضوع الحكم الشرعى وان
يلزم فى مقام الاجتهاد لكن لا باس بعدم الاحراز فى مقام العمل مع التوقف فى مقام
الاجتهاد واورد ايضا بعد تسليم نصب الطريق ووجوده فى حملة ما بايدينا من الطرق
الظنية من اقسام الخبر والاجماع المنقول والشّهرة والاستقراء والاولويّة الظنّية
بان اللازم من ذلك هو الاخذ بما هو المتيقن من هذه فان وفى بغالب الاحكام اقتصر
عليه والا فالمتيقن من الباقى مثلا الخبر الصّحيح والاجماع المنقول متيقن بالنّسبة
الى الشهرة ونحوها من الامارات اذ لم يقل احد بحجية الشهرة ونحوه دون الخبر
الصّحيح والاجماع المنقول
فلا معنى لتعيين الطريق بالظن بعد وجود القدر المتيقن ووجوب الرّجوع فى
المشكوك فيه الى اصالة حرمة العمل اقول ان المتيقن فى الحجة احد المرجحات المتقدمة
فى باب الظنون الخاصّة تخصيصه بالذّكر كما ترى فكان المناسب الايراد بما اوردناه
من لزوم الا بالمقدّمة المعمّمة واورد ايضا بعد تسليم العلم الاجمالى بوجود الطريق
الغير المجعول وعدم وجود المتيقن بان الطريق المعلوم نص احدهما؟؟؟ اجمالا ان كان
منصوبا حين انفتاح باب العلم فيكون هو فى عرض الواقع مبرّئ للذمة بشرط العلم به
كالواقع المعلوم مثلا اذا فرضنا حجية الخبر مع الانفتاح تخير المكلف بين امتثال ما
علم كونه حكما واقعيا بتحصيل العلم به وامتثال مؤدى الطريق المجعول الذى علم جعله
بمنزلة الواقع فكل من الواقع ومؤدى الطرق مبرّئ للذمة مع العلم به فاذا انسدّ باب
العلم التفصيلى باحدهما تعين العمل فيهما بالظن فلا فرق بين الظنّ بالواقع والظنّ
بمؤدى الطريق فى كون كل واحد امتثالا ظنّيا وان كان ذلك الطريق منصوبا حين انسداد
باب العلم فنقول ان تقديمه على العمل بالظن انما هو مع العلم به وتميزه عن غيره اذ
ح يحكم العقل بعدم جواز العمل بمطلق الظنّ مع وجود هذا الطريق اذ فيه عدول عن
الامتثال القطعى الى الظنى امّا مع انسداد باب العلم بهذا الطريق وعدم تميزه عن
غيره الا باعمال مطلق الظنّ والعقل لا يحكم بتقديم احراز الطريق بمطلق الظنّ على
احراز الواقع بمطلق الظنّ اقول ان المقصود هو لوجه الثانى من الترديد اعنى نصب
الطريق حين الانسداد ويظهر الحال بما مر وكيف كان فاحراز الطريق بالظن مقدم على
احراز الواقع بالظن اذ بعد ما علمنا بكوننا مكلفين باخذ الواقع بالطرق المظنونة
سلوكا فى المسلك الثنائى فالاخذ بالواقع بالظن سلوك فى المسلك الغير المقرر لكونه
وحدانيا كيف لا والحكم تابع للطريق اذ المفروض ان المدار على مفاد الطريق فالقاء
المتبوع والاخذ بالتابع خلاف النهج المقرر والمنهج المرسوم وبوجه آخر لو كان
المامور به هو العمل بمؤدى الطرق كما هو المفروض فالعمل بما كان المظنون كونه
طريقا عمل على وجه محصّل للظن بالامتثال بخلاف العمل بالظن فانه خال عن الظنّ
بالامتثال بلا اشكال وبما مرّ يظهر ضعف الايراد ولو قرر بفرض النصب فى زمان
الانفتاح والترديد بين عموم زمان العمل لزمان الانفتاح واختصاصه بزمان الانسداد
نظير ما هو الحق من كون الشرط فى الواجب المشروط قيد للفعل وهذا التقرير أنسب مع
ما تقدم من المورد من الايراد الاول بالمنع من نصب الطريق لاستلزام نصب الطريق
لاشتهاره ثم ان الفرق بين الوجه المذكور والوجه السابق عليه ان المدار فى الوجه
السابق على ملاحظة التكليف فى زمان انفتاح باب العلم ومن هذا تطرق الحاجة الى
ملاحظة حجية العلم ودعوى حجيّته بالانجعال فى زمان الانفتاح والمدار فى الوجه
المذكور على ملاحظة التكليف فى زمان الانسداد ومن هذا عدم تطرق الحاجة الى ملاحظة
حجية العلم وايضا المدار فى الوجه المذكور على اعتبار الطريق المظنون الاعتبار فقط
والمدار فى الوجه السابق على اعتبار الطريق المشكوك الاعتبار بعد تعذر الطريق
المظنون الاعتبار واعتبار الطريق الموهوم الاعتبار بعد تعذر الطريق المشكوك
الاعتبار ويظهر الحال بما مرّ وايضا فى الوجه المذكور التعرض للتخيير دون الوجه
السابق تنبيهات الاوّل انه يظهر ثمرة القول بحجية الظنون الخاصّة والقول بحجيّة
مطلق الظنّ فى جواز التعدى عن الظنّ الحاصل من الكتاب او خبر الواحد والاجماع
المنقول على القول بحجيته تمسكا بمفهوم آية النّبإ والشهرة على القول بحجيتها من
باب النص المعروف كما عن بعض والعمدة الظنّ الحاصل من خبر الواحد الى الظنون
المشكوك حجيتها كالاستقراء فى الاخبار بناء على عدم دخوله فى دلالة الاشارة
والاستقراء فى مواقع الاجماع وظهور الاجماع واليه يرجع ظهور عدم الخلاف وعدم ظهور
الخلاف وظهور السّيرة بناء على دخول السّيرة فى الاجماع لكن عدّ بعض هذا من الظنون
المحرمة والشهرة بناء على حجيتها من باب حجية مطلق الظنّ واما بناء على عدم حجيتها
راسا فلا يظهر فيها الثمرة لكن جرى السيّد السّند العلى على حجية الشّهرة فى باب
الخبر الضعيف المقرون بالشهرة بكونها حجة مستقلة من باب حجية مطلق الظنّ كالخبر
بدعوى عدم شمول الشهرة القائمة على عدم حجية الشهرة للشهرة المشار اليها كعدم شمول
نقل الاجماع على عدم حجية الخبر الضّعيف للخبر الضّعيف المقرون بالشهرة فيظهر
الثمرة على ذلك فى الشهرة المقرونة بالخبر الضّعيف لكن يمكن دعوى القطع بعدم الفرق
بين اقسام الشّهرة فلو كان الشهرة المجرّدة غير معتبرة فكذا الشهرة المقرونة
بالخبر الضّعيف والظنّ المتراكم
من الحجة وغير الحجة والظنّ بعد الدليل على الحكم المخالف للاصل فى صورة
عموم البلوى وغيرها وان يتاتى اصل البراءة بحكم العقل فى الباب إلّا انه لو كان
الظنّ المذكور حجة فيكون انتفاء الحكم المخالف للاصل بالدليل الاجتهادى والا
فينتفى بالدليل العملى والظن بالوجه فى باب الفعل بناء على عدم ثبوت الاجماع على
حجية وقد نقل الاجماع على حجية غير واحد والظنّ المستند الى التقرير وغير ذلك لكن
ارباب الظنون الخاصة على مشارب وفتوى جماعة من الاصحاب اذا لم يظهر لهم مخالف لكن
لم يبلغ الامر حد الشهرة مع عدم متمسك ظاهر من حجة عقلية او نقلية واستظهر الشهيد
فى الذكرى القول بالحجيّة واختاره بعض الفحول مع افادة المظنة لكن ظاهر بل بلا
اشكال ان الغرض من اطلاق كلام الشهيد هو صورة افادة الظنّ بلا شبهة والظاهر من
صاحب المعالم القول بعدم الحجية ويمكن ان يقال ان من يقول بعدم اعتبار الشهرة يقول
بعدم اعتبار فتوى الجماعة بالاولويّة وهما مختلفان نوعا فلا بد من تقديم الشهرة
بناء على حجية مطلق الظنّ على ما يظهر مما ياتى فيما لو قام ظن على عدم حجية ظن
بناء على حجية مطلق الظن ويظهر ثمرة القول بحجية الظنون الخاصّة والقول بحجية
الظنّ بالطريق فى جواز التعدى من الظنون الخاصّة الى غيرها ممّا؟؟؟ الطرق المحرمة
وان لم يحصل منها الظنّ بالواقع فى خصوص صورة الظنّ باعتبار الطريق بناء على
اختصاص حجية الطريق بالطريق المظنون الاعتبار او مطلقا بناء على عموم الحجية
المشكوك الاعتبار وموهوم الاعتبار ويظهر ثمرة القول بحجيّة مطلق الظنّ بالواقع
والقول بحجية مطلق الظنّ بالطريق فيما لو دار الامر بين العمل بطريق من الطرق
الغير المحرمة فى خصوص صورة الظن باعتبار الطريق او مطلقا والعمل بالظن بالواقع من
الظنون الغير المحرمة فيعمل بالاول بناء على حجية ما عدا الطرق المحرّمة من مظنون
الاعتبار او الاعم من موهوم الاعتبار ويعمل بالثانى بناء على حجية مطلق الظنّ
بالواقع ثم انّه اذا افتى فقيه او فقيهان بحكم وافاد ذلك الظنّ بالحكم فادّعى
الوالد الماجد الاتفاق على عدم الحجية وكذا بعض الفحول ممن قال فى الظنّ بعموم
الحجيّة لكن الاتفاق على عدم الحجية غير ثابت لما حكاه الشهيد فى الذكرى عن
الاصحاب من انهم كانوا يتمسكون بفتاوى ابن بابويه عند اعواز النصوص لحسن ظنهم به
وان فتواه كروايته وهذا لو لم يقتض الاجماع على الجواز فلا اقل من اقتضاء الشهرة
ولعلّ من السّكون والتمسّك بفتاوى ابن بابويه ذكر ولده الصّدوق فى الفقيه كلامه فى
رسالته اليه حيث انه قد تعهّد فى فاتحة الفقيه ان لا يورد فيه الا ما كان يفتى به
ويحكم بصحّته ويعتقد انه حجة فيما بينه وبين الربّ المتعال بناء على عدم الرّجوع
عن ذلك وربّما نقل عن المولى التقى المجلسىّ دعوى الرّجوع لكن الظاهر انه اشتباه
عمّا نقله المولى المذكور فى دعوى الصّدوق فى فاتحة الفقيه حذف الاسانيد فى الفقيه
كما جرى عليه فى اوائل الفقيه حيث ان عباراته فيها مثل عبارات الفقهاء فى الكتب
الفقهيّة لكنّه جرى بعد ذلك على ذكر بعض من الرّواة قال الشّهيد فى الذكرى عند
الكلام فى الموالاة فى الوضوء وفيمن لا يحضره الفقيه اقتصر على حكاية كلام والده وظاهره
اعتقاده ولشرائع هى تلك الرسالة كما هو مقتضى كلام النجاشى وغيرها كما هو ظاهر
الفهرست وكلام بعض الاعلام وعن ابن بابويه انهما جعلا الحائط على يسار المصلّى
كافيا فى استحباب التّسليمتين وقال فى الذكرى نقلا ولا باس باتباعهما لانّهما لا
يقولان الا عن ثبت ولو قيل انّ تمسك الاصحاب الشرائع انّما كان من جهة الوثوق بان
الفتاوى المفتى بها فيها متون الاخبار المعوّل عليها وقد عرفوا ذلك بالاستقراء
فيها او بالتصريح فيها بذلك ولو لا ذلك لمّا اقتصروا على الشرائع قلت انه كلّما
افتى فقيه بحكم وافاد فتواه الظن بالحكم لكان من جهة الظنّ بابتنائه على مدرك
معتبر ولا فرق بين كون المدرك المظنون هو دلالة الخبر او الكتاب او غيرهما فلو جاز
السّكون الى فتوى ابن بابويه من جهة الظنّ بابتنائه على الخبر لجاز السكون الى
فتوى غيره ايضا من جهة الظن بانطباقه على الخبر بل من جهة الظنّ بالحكم من جهة
الظنّ بالمدرك المعتبر مطلقا وايضا قوله لحسن ظنهم به وان فتواه كروايته يدلّ على
ان التمسّك بفتاويه والسكون اليها من جهة كمال الوثوق بها لا الاطلاع على ان
فتاويه مضمون متون الاخبار تصريحا منه اليه او قضاء الاستقراء فى كلماته به وايضا
مقتضى قوله عند اعواز النصوص انه لم يكن التمسّك بفتوى ابن بابويه الا من جهة
كونها فتواه اذ المقصود باعواز النصوص هو فقدها إلّا ان يقال انه وان لم يظفر
المتمسّكون
بالنص لكن التمسّك منهم بفتاوى ابن بابويه من جهة حسن الظن قضية انطباق
فتواه على النص واطلاعه عليه بقى انه قد حكم الشّهيد فى اللمعة بان رواية سيف بن
عميرة الدالة على جواز ان يتمتع بامة المرأة من غير اذن المرأة حيث قال سألت أبا
عبد الله عليه السّلم عن الرّجل يتمتع بامة المرأة بغير اذنها قال لا باس منافية
للاصل قال الشهيد الشارح وهو تحريم التصرف فى مال الغير بغير اذنه عقلا وشرعا فلا
يعمل بها وان كانت صحيحة فلذلك اطرحه الاصحاب غير الشيخ فى النهاية جريا على
قاعدته قوله جريا على قاعدته ان كان مقصوده ان طريقة الشيخ العمل بالخبر مع قيام
الاصل العملى فلا ريب فى فساده مع انه لا يناسب المقام كما هو ظاهر وان كان مقصوده
ان طريقة الشيخ العمل بالخبر مع قيام القاعدة العقلية القطعيّة او القاعدة اللفظية
الاجتهادية وبعبارة اخرى قيام الاصل الاجتهادى القطعى او الظنى كما هو مقتضى تفسير
الاصل بعدم جواز التصرف فى مال الغير بغير اذنه فلا ريب فى فساده ايضا كيف لا ولا
يجرى عاقل فضلا عن فاضل على العمل بالخبر مع قيام القطع او الظن على خلافه فلا بد
ان يكون المدار فى كلمات الشيخ على قوة الظنّ المستفاد من الخبر الخاص بحيث لا
يمانع عن حصول الظنّ منه الاصل الاجتهادى قطعيّا كان او ظنّيا بل يرتفع به القطع
المستفاد من العقل فضلا عن الظن المستفاد من العمومات والاطلاقات ونظيره ما ذكره
السيّد السّند العلى فى الرياض من انه يحمل المطلقات وان كثرت وتواترت على
المقيدات وان قلت لكن الاظهر ان الخاصّ يقدم على العامّ والمقيّد يقدم على المطلق
مع قطع النظر عن الخارج وإلّا فلا بدّ من تقديم الراجح على تقدير ثبوت المرجّح والا
فيعمل بالاصل او يتاتى التخيير بناء على شمول اخبار التخيير او القطع بعدم الفرق
بين ما لو كان التعارض بالتباين او العموم والخصوص من وجه بناء على شمول الاخبار
التخيير للاخير وما لو كان التعارض بالعموم والخصوص المطلق ويظهر الحال بالرّجوع
الى ما حرّرناه فى محلّه وقد حرّرنا الكلام ايضا فى خصوص كثرة رواية العموم
والاطلاق فى محله وامّا حكم العقل بالقطع فان ارتفع بالخبر فى مورد الخبر بالخصوص
ولم يرتفع الظنّ من الخبر فعليه المدار و؟؟؟ من العمل؟؟؟ العقل لو افاد الظنّ بناء
على حجية مطلق الظنّ والا فيعمل بالاصل وان ارتفع القطع بالجملة بملاحظة قيام
الخبر على خلاف حكم العقل فى بعض الموارد فلا اشكال والامر ظاهر ولا يذهب عليك ان
طرح الرواية المذكورة كالعمل بها مبنى على رجوع الضمير الى المرأة لا الامة واحتمل
بعض رجوعه الى الامة والاول اظهر بلا شبهة وان كان الظاهر رجوع متعلقات الكلام الى
ما هو المقصود بالاصالة فى الذكر اذ الظاهر فى الاذهان اشتراط اذن المالك فى امثال
تمتع الامة فالظاهر انه كان السؤال عن التمتع بدون اذن المرأة وقد حرّرنا الحال فى
الرّسالة المعمولة فى ثقة الثانى انّه بناء على حجية مطلق الظنّ هل يجوز العمل بالظن
فى صورة امكان العلم ام لا جنح فى المعالم الى القول بالثانى بل عن العلامة نقل
الاجماع عليه إلّا انه قال الاجماع واقع على انّ تسويغ العمل بالظن مشروط بعدم
العلم وانت خبير بان الظاهر من العلم هو العلم بالقوة فالغرض العلم مع ان المدقق
الشيروانى حكى ان الظاهر من الاصحاب وغيرهم من الاصوليّين جواز اتباع الظنّ فى
الفرعيات وان لم يحصل امكان الياس من اليقين بل ولو ظن امكانه ومرجع هذا الكلام
وان كان الى نقل الاجماع الظنّى الّا انه حجة بناء على حجية الظنّ فى الاصول
فيعارض الاجماع المنقول المتقدم وان كان مبنيا على القطع واما بناء على حجية
الظنون الخاصة فهذا الاجماع المنقول المذكور يوهن الاجماع المنقول المتقدّم لانه
يوجب عدم حصول الظنّ منه لكن لا جدوى فى هذا فيما نحن فيه لابتناء الكلام فى
المقام على حجية مطلق الظنّ كما يشهد به العنوان على ان اعتبار الاجماع المنقول المشار
اليه مبنى على حجية الظنّ فى الاصول وياتى الكلام فيها مضافا الى انه لا وثوق لى
بالاجماع المنقول غالبا ويظهر تفصيل المقام فى شرح الحال بما تقدم وبعد هذا اقول
ان الظانّ الممكن فى حقه العلم امّا ان يعلم او يظن بحصول العلم بالمضمون المظنون
اى يعلم او يظن بحصول العلم المطابق للظن بمزيد الفحص او التامل او يعلم او يظنّ
بحصول العلم بالخلاف او يشكّ فى الباب اما الاوسط فهو ممتنع الوقوع لمنافاة الظنّ
مع العلم او الظنّ بتطرق العلم بالخلاف والاول والاخير يتاتى فيهما الكلام الا ان
ضعف القول بعدم جواز العمل بالظن مع امكان تحصيل العلم بقبح ترجيح المرجوح على
الراجح فى الاخير اظهر اذ غاية الامر احتمال قيام الراجح لا قيام الرّاجح ولا
العلم ولا الظنّ بقيامه ثم انه بناء على حجية الظنون
الخاصّة يجوز العمل بها فى صورة امكان العلم أو لا يمكن القول بالأول نظرا
الى اطلاق ادلّة حجية تلك الظنون إلّا ان يقال ان الدليل على اعتبار ظواهر الفاظ
الكتاب والسنّة انما هو الاجماع والسّيرة ولا اطلاق لهما والقدر الثابت حجيّة
بالاجماع والسّيرة انما هو الظنّ المتحصّل فى صورة عدم امكان العلم فالظن اللفظى
لا دليل على اعتباره بحيث يعمّ صورة امكان العلم نعم اطلاق مفهوم آية البناء يقتضى
حجية الظنّ المستفاد من خبر العدل باعتبار الصّدور ولو فى صورة امكان العلم اللهمّ
الا يقال ان ظواهر الكتاب والسنّة انما كانت معمولة فى ازمنة الحضور من المشافهين
مع امكان حصول العلم قطعا بل هو الحال فى امثال زماننا غاية الامر اختصاص حجية تلك
الظواهر فى امثال زماننا بالمجتهد إلّا ان يقال ان الظواهر المشار اليها كانت
مفيدة للعلم بالنّسبة الى المشافه بل الحق انّها تفيد العلم غالبا لامثالنا وياتى
الكلام فيه ولو لا ذلك اعنى افادة الظواهر العلم للمشافه فثبوت طريق يفيد العلم للمشافه
غير التشافه مشكل الثّالث انه حكم بعض اصحابنا بان القول بحجيّة مطلق الظنّ انما
يقتضى اطراد حجية الظنّ لا اختصاص الحجية بالظن وبعبارة اخرى يقتضى اطراد الحجيّة
لا الانعكاس فلا منافاة بين القول بحجية مطلق الظنّ والقول بحجية دليل تعبدا وجعل
هذا مهربا لبعض احوال ممن قال بحجيّة مطلق الظنّ حيث جرى على القول بحجية الظنّ
النوعى فى باب الحقائق تعبدا حتى مع الظنّ بالخلاف من الظنون التى لم يقم دليل على
عدم اعتباره ويضعف كما تقدم بانه لا بدّ على القول بحجية مطلق الظنّ من انكار جعل
الطريق والمدار فى اعتبار دليل من باب التعبّد على جعل الطريق فلا مجال للقول
بالتعبّد على القول بحجية مطلق الظنّ نعم لا باس بالقول بالتعبّد على القول بعدم
كفاية الظنون الخاصّة وان قلت ان الطريق الذى لا بد من انكار جعله على القول بحجية
مطلق الظنّ انما هو الطريق الناظر الى الواقع قضية ان الماخوذ فى دليل الانسداد
بقاء التكاليف الواقعية فالطّريق المنكر جعله لا بد ان يكون هو الطريق الناظر الى
الواقع كيف لا والقائل به انما يقول به حتى فى صورة الظنّ بالخلاف من الظنون التى
لم يقم دليل على عدم اعتبارها وقلت لا بد على القول بحجية مطلق الظنّ من انكار جعل
الطريق ولو كان من باب التعبّد الصّرف وإلّا فلا ينتج دليل الانسداد حجية مطلق
الظنّ ولا مجال للقول به واخذ بقاء التكاليف الواقعية فى دليل الانسداد لا يستلزم
ان يكون الطريق المنكر جعله بالنّسبة الى تلك التكاليف ناظرا الى الواقع كيف لا
ولو فرضنا ثبوت الطريق من باب التعبّد الصّرف بالنّسبة الى جميع الاحكام فلا مجال
للقول بحجية مطلق الظنّ ولا خفاء نعم على القول بعدم كفاية الظنون الخاصّة لا باس
بالقول بكون اعتبارها من باب النظر الى الواقع او من باب التعبّد الصّرف الرابع
انه قد اشتهر عدم جواز التمسّك بالظن فى مسائل اصول الفقه كما هو مقتضى ما ذكره فى
الاستدلال على نفى الحقيقة الشرعية من عدم كفاية النقل عن الحقيقة اللّغويّة بنقل
الآحاد وكذا ما ذكره فى الاستدلال على نفى الحقيقة الشرعية من عدم كفاية فقل الآحاد فى
المسألة الاصولية وكذا ما ذكره المحقق فى المعارج فى تزييف ما ذكره الشيخ من انه
اذا تساوت الروايتان فى العدالة والعدد عمل بابعدهما من قول العامّة من ان الظاهر
ان احتجاجه فى ذلك برواية رويت عن الصادق عليهالسلام وهو اثبات المسألة الاصولية بخبر واحد وكذا ما ذكره
العلامة الخوانسارى فى بعض كلماته من الاشكال فى ثبوت اعتبار الاستصحاب بما ورد
صحيحا فى الاخبار من انه لا ينقض اليقين بالشك ابدا اشكال فى ثبوت الاصول بخبر
الواحد وكذا ما يقتضيه كلام السّيّد الصّدر فى بحث خبر الواحد من عدم جواز التمسّك
بالكتاب فى مباحث الاصول وعدم جواز العمل بالظن فيها حتى فى المباحث المتعلقة
بالالفاظ بل مقتضى كلام السّيّد الصّدر انه ادعى بعض الضرورة على عدم جواز التمسّك
بالظن فى الاصول وكذا ما ذكره العضدى تصريحا كالحاجبى تلويحا ايرادا على الاستدلال
بالآيات على حجية خبر الواحد بانها ظواهر لا تفيد الّا الظنّ ولا تكفى فى الاصول
وصريح الاول يقتضى عدم اتفاق الايراد المذكور من السّابقين لكن مقتضى كلام صاحب
المعالم القول بالجواز حيث انه اورد على ما مر من المحقق بانه ليس بجيّد تعليلا
بانه لا مانع من اثبات مثله بالخبر المعتبر من الآحاد وحكم المدقق الشيروانى فى
بحث خبر الواحد بان المعنى اللغوى
__________________
خرج عن قاعدة اعتبار القطع فى الاصول بالاجماع تعليلا بانه لم يزل العلماء
يقولون على نقل الآحاد كالخليل والاصمعى ولم ينكر ذلك احد عليهم من العصر السابق
واللاحق فصار ذلك اجماعا واورد فى الوافية فى بحث الفور والتراخى السؤال بان
الاجماع المنقول بخبر الواحد لا يفيد الا الظنّ والمسألة من المطالب العلمية التى
يجب تحصيل العلم بها واجاب بمنع كون المسألة علمية قال بل هى من المطالب المتعلقة
بمقتضيات الالفاظ وقد صرّحوا بالاكتفاء بالظن فيها ولو سلم كونها من غير تلك
المطالب فلا نسلم وجوب تحصيل القطع فى غير المعارف الالهية ولو سلم فلا نسلم وجوب
تحصيل القطع فيما لا يمكن فيه ذلك لانه تكليف بالمحال والمسألة كذلك اذ كل من
القول بالفور والتراخى وطلب الماهية مبنى على الادلة الظنية كما لا يخفى وايضا
اشتراط القطع فى الاصول مطلقا ولا سيّما فى اصول الفقه كعدمه مبنى على الادلة
الظنية كالآيات القرآنية ونحوها والاصل وحكم الفاضل الخوانسارى فى تعليقات
الباغنوى فى بحث الحقيقة الشّرعية بان وجوب القطع فى كل مسئلة اصولية محل المنع بل
فى المسائل التى تتعلق بوضع الالفاظ واللغة يكفى حصول الظنّ قال كيف لا وانتم
تقولون انه اذا دل خبر الواحد على ان المراد من هذا اللفظ هو ذلك المعنى يجب العمل
به مع انه لم يحصّل الظن والعقل لا يجد فرقا بين ان يحصل الظنّ بان المراد من هذا
اللفظ هو كذا وان هذا اللفظ موضوع لكذا فاذا جاز العمل بالظن فى الاول جاز فى
الثانى بلا ريبة وايضا لا فرق بين ان يقول صاحب القاموس مثلا ان هذا اللفظ موضوع
لهد المعنى فى اللغة او يرد خبر بانه موضوع له فى الشرع فكيف يعمل بالاول دون
الثانى إلّا ان يقال انه ليس العمل بمجرد قول واحد من اهل اللغة بل اذا اخبر جماعة
من اهل اللغة بانه موضوع كذلك المعنى فى اللغة ويجب العمل به فتامل فانه انما يتم فى بعض الالفاظ
المشهورة واما فى البعض الآخر فلا شك فى ان المدار على الظنّ وحكى السّيّد الصّدر
فى بحث خبر الواحد عن استاده فى رسالته انه قال بعد ثبوت جواز العمل بظاهر القرآن
تخصيصه بمسائل جزئية فرعية لا وجه له بل ما يدل على جواز العمل به فى المسائل
الجزئية الفرعية يدل على الجواز العمل به فى القاعدة الكلية المتعلّقة بالامور
الشرعية الفرعية والاصول التى لا تصحّ الاكتفاء فيها بالادلة الظنية انما هى اصول
الدين لا اصول الفقه قرب مسائل من اصول الفقه يستدلون عليها بالادلة الظنية وليس
لها طريق غير الظنّ مثل الدليل على صيغة الامر والنهى للوجوب والحرمة او غيرهما
لكن نقول ان عدم جواز التمسك بالكتاب فى اصول الدّين كما هو مقتضى كلامه محل
الكلام بل لا ريب فى جواز التمسّك بالظن مطلقا فى اصول الدّين مع انسداد باب العلم
وحكم العضدى فى اوائل بحث الامر بانه يكفى الظنون ونقل الآحاد فى مدلولات الالفاظ
قال والا لتعذر العمل باكثر الظواهر اذ المقدور فيها انما هو تحصيل الظنّ واما
القطع فلا سبيل اليه البتة واعترض فى بحث مفهوم الوصف على الاستدلال المتقدم على
عدم حجية مفهوم الوصف بانا نقطع ان العلماء فى الاعصار والامصار كانوا يكتفون فى
معانى الالفاظ بآحاد كنقلهم عن الاصمعى والخليل وابى عبيدة وسيبويه واعترض فى بحث
القياس على الاستدلال على حجية القياس بحديث معاذ انى اقيس الامر بالامر بان
دلالته واضحة الا ان المتن ظنى لانه خبر واحد والمسألة اصولية مبنية على الاكتفاء
بالظن فيها وربّما يقتضى الاستدلال على حجية خبر الواحد بآية البناء والنفى وكذا
الاستدلال على حجية الاجماع من العامة بالكتاب والسنّة جواز العمل بالظن فى الاصول
إلّا ان يقال انّ غاية ما يتاتى من ذلك انما هى جواز التمسك بالاصول بالظواهر
المعتبرة ولا يتاتى منه جواز العمل بمطلق الظنّ فى الاصول لكن نقول ان الاستدلال
المذكور وان يمكن ان يكون مبنيّا على التفصيل لكن يمكن ان يكون مبنيّا على القول
باطلاق الجواز ويرشد اليه ما اعترض به على الايراد على الاستدلال على حجية الاجماع
من العامة بالكتاب بلزوم الدّور لابتناء حجية الظواهر على الاجماع والمفروض
الاستدلال على حجية الاجماع بظاهر الكتاب من عدم ثبوت الاجماع على حجية الظواهر فى
الاصول بناء على اشتراط القطع فيها وربّما توقف فى الباب شيخنا البهائى فى بحث
دلالة الامر على الوجوب حيث انه اورد على اعتراضهم على الاستدلال على دلالة الامر
على الوجوب بشيوع استدلال السّلف بالامر على الوجوب بانه ان اريد جميع السلف فهو
ممنوع وان اريد البعض مع سكوت الباقين فهو اجماع سكوتى وليس بحجة بان استمرار سكوت
الباقين من السّلف على تعاقب
__________________
الاعصار يوجب الظنّ فقال وسيأتي الاشكال فى اشتراط القطع فى الاصول فقال
واما ما فى بعض كلام بعض المتاخرين من ان مسئلة كون الامر للوجوب ام لا ليست من
مسائل الاصول بل الاقرب كونها من مسائل اللغة والظن كاف فيها فهو كلام لا يستحق
الاصغاء اليه ومقصوده بقوله وسيأتي الاشكال فى اشتراط القطع فى الاصول ما صنعه فى
بحث جواز التقليد فى اصول الدين حيث استشكل فيه بقوله واشتراط القطع مرجع الكلام
واثباته مشكل وقال فى بعض التعليقات ولا يخفى ان البحث فى هذه المسألة يئول الى ان
الاصول هل يجب فيها القطع ام يكفى فيها الظنّ وهذه المسألة من المشكلات فان اوجبنا
القطع منعنا التقليد لعدم حصول به وان اكتفينا بالظن فلا ريب فى حصوله بتقليد من
يوثق به ثمّ قال لا يخفى ان اشتراط القطع فى الاصول وعدمه عليه دلائل واعتراضات
مشكلة من الجانبين فالقوة للمتعرض لضعف الادلّة وكلامه هذا فى المتن والحاشية وان
كان ظاهرا فى كون المقصود بالاصول هو اصول الدين الا ان مقتضى حواله الاشكال فى
التمسك بالظن المستفاد من احتجاج السّلف على دلالة الامر على الوجوب بما ذكره فى
كلامه المشار اليه كما سمعت كون الغرض من الاصول هو اصول الفقه لكنك خبير بعد
امكان منع كون جواز التقليد وغيره من مباحث الاجتهاد والتقليد من اصول الفقه لعدم
صدق حدّه على مباحث الاجتهاد والتقليد فيها بان جواز التقليد فى الاصول وان كان من
مسائل اصول الفقه لكن اصول الفقه محل العنوان واما محل الظنّ فهو اصول الدّين
والكلام فى كفاية الظنّ فى اصول الفقه انّما يتاتى لو كان اصول الفقه محل الظنّ
فلا يرتبط على جواز التقليد فى اصول الدين بحديث اشتراط القطع فى اصول الفقه بوجه
نعم الاستدلال على جواز التقليد بعد كون التقليد مفيدا للظن لا العلم او على عدم
الجواز يبتنى صحته على كفاية الظنّ فى اصول الفقه ويمكن ان يقال ان المقصود
بالاصول فى كلماته المذكورة اعم من اصول الدين بكون من اشتراط القطع فى الاصول
اشترطه فى الاصولين ومن جوزه فيهما ويرشد اليه ان الفاضل الجواد بعد ان ذكر ان
المسألة هى اشتراط القطع من اشكل المباحث فصل فى اشتراط القطع فى الاصول باشتراطه
فى العقائد الدّينيّة وعدم اشتراطه فى اكثر مسائل الاصول ككون الامر حقيقة فى
الوجوب وغيره ويرشد اليه ايضا وهى ارشاد ما حكاه الفاضل المشار اليه فى بحث دلالة
الامر على الوجوب فى تزييف دعوى اشتراط القطع فى الاصول بالمنع عن الاشتراط فى اصول الفقه لو تم الدليل على الاشتراط
فى اصول الدين مح يصح كلماته لكنك خبير بان اطلاق الاصول على الاعم من اصول الفقه
واصول الدّين غير معهود مع ان ما استدل به على عدم كفاية الظنّ المستفاد من
التقليد فى اصول الدين يختصّ باصول الدّين فلا مجال لكون المقصود بالاصول فى باب
عدم جواز التقليد فى الاصول هو الاعمّ ولا يذهب عليك ان الكلام فى المقام اعمّ من
التمسّك بالظن على النفى والاثبات كالتمسّك بما يفيد الظنّ على اعتبار خبر الواحد
او عدم اعتباره وايضا الكلام فى المقام مختلف مع الكلام فى حجة الظنّ بالطريق اذ
الكلام فى حجية الظنّ بالطريق انّما هو بالنّسبة الى مباحث الادلّة الشرعية وهى
شطر قليل من مباحث الاصول مع ان الكلام فى حجية الظنّ بالطريق انما هو فى طريق
الحكم الواقعى بشهادة ما استدل به على حجية الظنّ بالطريق من الوجهين المتقدمتين
والكلام هنا يعمّ لطريق الاحكام التعبديّة كالاستصحاب وقاعدة الطهارة ومنها ما دل
على التخيير فى تعادل الخبرين المتعارضين على ان القول بحجيّة الظنّ بالطريق مبنى
على العلم الاجمالى بجعل الطريق والقول بحجية الظنّ فى الاصول امّا باجراء دليل
الانسداد فى الفروع من باب الاستلزام او بالاجراء فى مطلق الاحكام الالهية الاعم
من الاصول والفروع ولا يبتنى على العلم بجعل الطريق على الاجمال ولو فرضنا امكان
القول بحجية الظنّ فى الاصول باجراء دليل الانسداد فى الاصول فلا خفاء فى ان القول
بحجية الظن بالطريق مبنى على اجراء دليل الانسداد فى الاصول ولا يمكن للقائل
بالحجيّة التعدّى عن الاصول بخلاف القول بحجية الظن فى الاصول فان القائل بالحجية
كما يمكنه اجراء دليل الانسداد فى الاصول كذا يمكنه الاجراء فى الفروع او الاعمّ
مضافا الى ان القائل بحجية الظنّ بالطريق لا يقول بحجية الظنّ بالواقع لكن القائل
بحجية الظنّ يمكن ان يكون قائلا فى الفروع بحجية مطلق الظنّ او بحجية الظنون
الخاصّة إلّا ان يقال انه يمكن على القول بحجيّة الظنّ بالطريق القول بحجية الظنّ
بالواقع
__________________
ايضا بناء على ما تقدم من ان حجية العلم بالواقع يقتضى انفتاح باب الظنّ
بالواقع كما ان اعتبار الطرق المعلومة من باب المرآتية لانسداد باب العلم بالطريق
كما يقتضى اعتبار الظنّ بالطريق كذا يقتضى اعتبار الظنّ بالواقع ايضا وبالجملة فقد
يستدل على عدم اعتبار الظن فى المقام بوجهين الاول ان الاصل عدم حجية الظنّ ولا
دليل يوجب الخروج عن الاصل اذ دليل الانسداد اما ان يتمسك به على اعتبار الظنّ فى
خصوص الاصول كما يتمسّك به على اعتبار الظنّ فى خصوص الفروع او يتمسّك به على
اعتبار الظنّ فى مطلق الاحكام الالهيّة سواء كانت اصولية او فروعية فيثبت به
اعتبار الظنّ فى الفروع او يتمسّك به على اعتبار الظنّ فى خصوص
الفروع لكن يتعدى من الفروع الى الاصول من باب الاستلزام لاستلزام الظنّ فى الاصول
للظن فى الفروع ولا يتم الاستدلال بشيء من الوجوه المذكورة امّا الاول فلان باب
العلم مفتوح فى اكثر مسائل الاصول كمسألة حجية الظنّ وانسداد باب العلم فى نادر من
تلك المسائل لا يوجب حجية الظنّ فيها اذ لا يلزم من الرّجوع فى النّادر الى
الاحتياط او اصل البراءة المحذور المتطرق على الرّجوع اليهما فى موارد انسداد باب
العلم فى الفروع من الخروج عن الدين فى العمل باصل البراءة ولزوم العسر والحرج
ومخالفة الاجماع فى العمل بالاحتياط واما الثانى فلانه لا يثبت عموم حجية الظنّ
بالنسبة الى موارد الظن الا بالاجماع المركّب او انتفاء الترجيح وشيء منهما لا
يتاتى فى الباب اما الاجماع المركب فواضح لوجود القول بالفصل بين الاصول والفروع
اقلا بل المشهور نقلا التفصيل فى البين بل نقل الاجماع عليه واما انتفاء الترجيح
فلان المسائل الاصولية اهم بالنّسبة الى المسائل الفرعية لابتناء الفروع على
الاصول واما الثالث فتحرير الكلام فيه انه قد يتاتى الظن فى المسألة الاصولية ولا
يتعدى الى المسألة الفرعية كما لو ظن بحجية الاستصحاب مع كون البقاء مشكوكا فيه فى
المسألة الفرعية وعلى هذا المنوال الحال فى موارد القواعد التعبّدية وكذا الحال
فيما دلّ على التخيير فى باب التّعادل وقد يكون الظنّ فى المسألة الفرعية على خلاف
ما يقتضيه الظنّ فى المسألة الاصولية كما لو تعارض الظنّ بالطريق مع الظن بالواقع
كما لو وقع التعارض بين خبر الواحد والشهرة مع كون الظنّ فى المسألة الفرعية فى
جانب الشهرة فالنّسبة بين الظن فى الاصول والظنّ فى الفروع من باب العموم والخصوص
من وجه لاجتماع الظنين فيما لو قام الظنّ المظنون الطريقة على حكم مظنون المطابقة
مع الواقع وقد يكون الظنّ فى الاصول دون الفروع فيكون الحكم فى الفروع مشكوكا فيه
كما فى الاستصحاب وتعارض الخبرين على وجه التعادل او مظنون الخلاف كما فى تعارض
الظنّ بالطريق مع الظنّ بالواقع وقد يكون الظنّ فى الفروع دون الاصول كما لو قام
الشهرة فى المسألة الفرعية فلو كان الفرض من الاستلزام استلزام الظنّ فى المسألة
الاصولية للظن بالحكم الفرعى امّا واقعا كما هو الغالب او ظاهرا كما فى الاستصحاب
مع الشك فى البقاء وغيره ممّا ذكر ففيه منع حجية اللازم اغنى الظنّ بالحكم
الظاهرىّ الفرعى اذ الماخوذ فى دليل الانسداد انّما هو بقاء الاحكام الواقعيّة وهو
لا يقتضى ازيد من الظنّ بالحكم الواقعى فلا يقتضى اعتبار الظنّ بالحكم الظاهرى
اقول ان الاعتراضات المذكورة على الوجوه المسطورة محل الاعتراض امّا الاول
فلانسداد باب العلم فى مباحث متعلقات الاحكام كالاوامر والنواهى والعموم والخصوص
والاطلاق والتقيد والمنطوق والمفهوم وان كان الاظهر غلبة العلم فى باب تشخيص
الموضوع له والمراد كما سيظهر إلّا ان يقال ان المقصود بالاصول هو المباحث
المتعلقة بالبحث عن الادلّة الشرعية وباب العلم فيها مفتوح لقيام دليل الانسداد
على اعتبار مطلق الظنّ دليلا على الاحكام الشرعية لكنّه مدفوع بعدم اختصاص الاصول
بهذا المباحث المذكورة بلا شبهة ومن هذا ما تقدم عن جماعة من القول باعتبار الظنّ
المتعلق بالمباحث المتعلقة بالالفاظ او يقال ان باب العلم مفتوح فى المباحث المشار
اليها لقضاء دليل الانسداد بحجيّة الظنّ فيها قضية عمومه للظن بالحكم الفرعى
ابتداء او من باب الاستلزام كما فى تلك المباحث لاستلزام الظنّ فيها للظن بالحكم
الفرعى لكنه مدفوع بانه من باب المغالطة لان الغرض انسداد باب العلم بالواقع ودليل
الانسداد يفيد العلم بحجيّة الظنّ بالواقع واين احد العلمين من الآخر ومع ذلك
الظنّ بوجوب مقدمة الواجب والظنّ بحرمة الضدّ متعلق بالحكم الفرعى ابتداء ولا مجال
للقول بعدم
__________________
حجية الظنّ فيهما على القول بحجية الظنّ فى الفروع واما الثانى فلان الوجه
المذكور فى مزية الاصول على الفروع مجرد استحسان لا يمانع عن عموم دليل الانسداد
وبهذا ينقدح ضعف الاستدلال على عدم اعتبار الظنّ فى الاصول بلزوم ابتناء الظن على
الظنّ اذ لو كان الظنّ حجة خصوصا او عموما فلا باس بابتناء الظنّ عليه واما الثالث
فلعدم القول بالفصل بين ما لو كان الظنّ فى المسألة الاصولية مفيدا للظن بالحكم
الفرعى وما لو كان الظنّ فى المسألة الاصولية مفيدا للظن بالحكم الفرعىّ ظاهرا وما
لو قيل ان المسألة عقلية ولا يجدى فيها الاجماع المركب وعدم القول بالفصل يندفع
بما تقدم الثانى ان الشهرة قائمة على عدم حجية الظنّ فى الاصول ونقل الاجماع عليه
فلو كان الظنّ فى الاصول حجة يلزم البناء على عدم الحجيّة ويرد عليه اولا انه لا
مجال للتمسّك بالوجه المذكور بناء على عدم حجية الظنّ فى الاصول ممن ينكر حجيّة
الظنّ فى الاصول او لم يثبت عنده حجية الظنّ فى الاصول وثانيا ان الوجه الظنى
المشار اليه يلزم من وجوده العدم فلا مجال التمسّك على عدم الحجيّة وثالثا ان
الشهرة ونقل الاجماع لا وثوق بهما عندى غالبا ولا سيّما مع الاستناد من بعض بمدرك
فاسد كما فى المقام ورابعا انه يحتمل ان يكون الشهرة والاجماع المنقول من باب عدم
اعتبار مطلق الظنّ مطلقا اى لا فى الاصول ولا فى الفروع وقد يورد بان المسألة
عقلية والشهرة ونقل الاجماع لا يفيد ان فيها الظنّ وبان حصول الظنّ بعدم الحجية مع
تسليم دلالة دليل الانسداد على الحجيّة لا يجتمعان فتسليم دلالة دليل الانسداد
يمنع عن حصول الظنّ ويندفع الاول بان كون المسألة عقلية لا يمانع عن حصول الظنّ من
الشهرة ونقل الاجماع كيف لا ولو كانت الامر كذلك لما تحصل العلم من الاجماع فى
المسائل العقلية وقد سبق تزييف القول به ويندفع الثانى بانه لا بد من تخصيص دليل
الانسداد بالظنون التى قام الحجة فيها على عدم الحجيّة فلو كان الظنّ قائما على
عدم حجية الظنّ لما يتاتى دليل الانسداد كيف لا ولو لا ما ذكرنا لما صح عنوان قيام
الظنّ على عدم حجية الظنّ فى الفروع بناء على حجيّة مطلق الظنّ إلّا ان يقال انّه
يتاتى بناء على تعميم دليل الانسداد للاصول والفروع او تخصيصه بالفروع والقول
بحجية الظنّ فى الاصول من باب الاستلزام واما لو كان التمسّك به من باب تقرير دليل
الانسداد على وجه يختص بالاصول فيتاتى التنافى بين دليل الانسداد والظنّ القائم
على عدم حجية الظنّ فى الاصول من باب المباينة ولا مجال للظن بعدم الحجيّة بعد
تسليم دليل الانسداد وربّما يقال ان القول بعدم حجية الظنّ فى اصول الفقه من باب اشتباه
اصول الفقه باصول الدين وهو بعيد وتحقيق الحال ان يقال ان مسائل اصول الفقه على
اقسام احدها المباحث المبحوث فيها عن اعتبار الادلة الشرعية كمباحث الكتاب وخبر
الواحد والاجماع والحق عدم اعتبار الظنّ فى هذا القسم ولو كان الظنّ من باب ظواهر
الكتاب اذ الدليل اما ان يكون قطعيا او ظنّيا اما على الاول وهو الاستدلال على
حجية الاجماع بالكتاب بناء على كون حجية الاجماع من باب افادة القطع كما هو طريقة
الخاصة فللزوم الدّور بناء على كون مدرك اعتبار ظواهر الالفاظ هو الاجماع مع ان
الظنّ الدّال على الاعتبار ان كان مدرك اعتباره من باب القطع فلا حاجة فى اثبات
القطع بالظن المبنى على القطع والا فالظن الدال على الاعتبار حال عن الاعتبار واما
بناء على طريقة العامة فالمرجع فيه الى حجية الاجماع من باب التعبّد على ما يقتضيه
بعض ادلتهم ومن باب افادة القطع على ما يقتضيه بعض ادلتهم اما على الثانى فالامر
كما ذكروا امّا على الاول فانّ افاد الاجماع القطع فالامر فيه ايضا كما ذكر وان
افاد الظنّ او افاد الشك فالامر كما ياتى فى باب الاستصحاب واما على الثانى فامّا
ان يكون فى البين دليل عام يقتضى حجية كل من الظنّين اعنى الظنّ الدال على
الاعتبار والظنّ المدلول على اعتباره أو لا فعلى الاول الدليل العام يكون مقتضيا
للاعتبار ولا مجال للاستدلال على الاعتبار بالظن الدال عليه وعلى الثانى ان كان
الدليل الخاص هو الظن المدلول على اعتباره يلزم الدّور وان كان دليل الخاص غير ذلك
يلزم التّسلسل وبما ذكر يظهر ضعف الاستدلال على حجية الخبر الواحد بالآيات وان قلت
ان ظاهر الكتاب من باب القدر المتيقن فى الحجيّة ولا باس بالاستدلال به قلت ان
الحال لا يخلو فى الواقع عن الاحوال المذكورة بالاختلال فالحال لا يخلو عن
الاختلال على اى حال لكن بقول انه لو
تكثر الدليل الظنى الى ان تحصل العلم فيتاتى الحجيّة إلّا انه خارج عن
العنوان اذ الكلام فى الظنّ فى الاصول وما ذكر من باب العلم فى الاصول ثانيها
مباحث الالفاظ ولا اشكال فى جواز التمسّك بالظن فيها بناء على حجية الظنّ فى تشخيص
الموضوع له وتشخيص المراد والمقصود بالافادة فلا باس بالتمسّك بالظن فى باب
الحقيقة الشرعية وشبهها للوضع إلّا ان يقال انّ القدر الثابت مما دل على كفاية
الظنّ فى باب الوضع انما هو الظنّ بالموضوع له لغة والتمسّك بالظن فى باب الحقيقة
الشرعية للوضع الجديد لكنّه مدفوع بالقطع بعدم الفرق بين الوضع اللغوى والوضع
الجديد وكذا الفرق بين اقسام الوضع ولا باس ايضا بالتمسّك بالظن فى بناء العام على
الخاصّ مثلا هذا على القول بكفاية الظنّ فى كل من الموضوع له والمراد والمقصود
بالافادة واما لو قيل بكفاية الظنّ بالموضوع له دون الظنّ بالمراد والمقصود
بالافادة او بالعكس فيتاتى التفصيل فى المباحث المشار اليها على حسب التفصيل
بالمشار اليه واما بناء على عدم حجية الظنّ بالموضوع له وكذا عدم حجية الظن
بالمراد والمقصود بالافادة فيتاتى حجية الظنّ فى المقام من باب الاستلزام ثالثها
مبحث وجوب المقدمة وحرمة الضدّ والاظهر انه يدخل فى التكاليف الفرعية فيتاتى حجية
مطلق الظنّ فيه بناء على اعتبار مطلق الظنّ فى الفروع ولا اعتبار باختلاف الاسم
رابعها باب الاستصحاب بناء على ابتنائه على اخبار اليقين والاظهر انه ان تحصل من
الاستصحاب الظنّ بالحكم فيتاتى حجية من باب الاستلزام واما فى صورة عدم حصول الظنّ
فيمكن القول بالحجية من باب عدم القول بالفصل الخامس فى الظن المستفاد من توثيقات
اهل الرجال اقول انه يتاتى الكلام تارة فى ان توثيقات اهل الرّجال عن علم او عن ظن
واخرى فى ان حجيتها لنا بناء على كونها عن علم بناء على اعتبار العلم فى الخبر او
مطلقا بناء على عدم الاعتبار من باب حجية الشهادة او الخبر او الظن الاجتهادى
وامّا دعوى كون حجيتها من باب حجية القطع كما جرى عليه المحدّث الحرفى خاتمة
الوسائل فلا اعتداد بها وربما حكى عن الاكثر اعتبار العدالة فى المذكى وان لم
يعتبرنا العدد وليس بشيء اما الاول فالظاهر ان مدار التوثيقات على الظنّ كما يرشد
اليه ما ذكره السيّد السّند المحسن الكاظمى من ان الذى استقامت عليه طريقة اصحابنا
على قديم الدهر كما يظهر من كتب الرّجال هو الاكتفاء فى الجرح والتزكية بالواحد
خصوصا اذا كان من الاجلّاء وعن بعض الاواخر انّ الذى يستفاد من كلام النجاشى والشيخ
وابن طاوس وغيرهم ان اعتقادهم فى الجرح والتعديل على الظنّ كما يظهر لمن تصفح
كتبهم وقد يقال ان الظاهر من سيرة اهل الرجال ان مزكى الرّواة للطبقة اللاحقة غيره
عالمين بتحقق العدالة فيمن زكوه بل ولا ظانين بظن العشرة ولو بحسن الظاهر وكذا
الجارحون بل نعلم ان بناءهم فى كل منهما على الركون على اقوال من سلف منهم بل
ربّما يعللون ترجيحاتهم صريحا بذلك انتهى والظهور المتقدم بالادعاء اقوى فى كلام
بعض ارباب الرّجال كالعلامة فى الخلاصة وغيره حيث ان العلامة فى الخلاصة كثير
الاخذ من كتاب النجاشى وغيره كما يرشد اليه ما ذكره الشهيد الثانى فى بعض تعليقات
الخلاصة عند ترجمة عبد الله بن ميمون من ان الذى اعتبر بالاستقراء من طريقة
العلامة فى الخلاصة ان ما يحكيه اولا من كتاب النجاشى ثم يعقبه بغيره ان اقتضى
الحال وكذا ما ذكره عند ترجمة حجاج بن رفاعة من ان المعلوم من طريقة العلامة فى الخلاصة
انه ينقل فى كتابه لفظ النجاشى فى جميع الابواب ويزيد عليه ما يقبل الزّيادة
ومقتضى كلامه فى ترجمة الحسين بن محمد بن الفضل بل ومع للعلّامة فى
الخلاصة اشتباهات فى متابعة النجاشى وتفصيل تلك المراحل موكول الى الرّسالة
المعمولة فى حال النجاشى وايضا ذكر الشهيد الثانى فى ترجمة ابراهيم بن محمد بن
فارس ان الغالب من طريقة العلامة فى الخلاصة متابعة السّيّد جمال الدّين بن طاوس
حتى شاركه فى كثير من الاوهام وايضا ذكر فى فواتح المشقى ان العلامة كثير المتابعة
لسيّد بن طاوس بحيث يغلب على الظنّ انه لم يتجاوز كتابه وايضا ذكر السيّد السّند
التفرشى فى ترجمة حذيفة بن منصور ان العلامة فى الخلاصة كثيرا ما وثق الرّجل بمحض
توثيق النجاشى وان كان ضعفه ابن الغضائرى وعدّ جماعة وايضا ابن داود كثير الاخذ من
العلامة حيث ان السيّد السّند التفرشى ذكر فى ترجمة حميد بن شعيب وعبد الله بن
العلاء وبشر بن الرّبيع ان داب ابن داود الاخذ من العلامة من دون اظهار الماخذ ولا
ينبغى التامل فى ابتناء التوثيق الصّادر من مثل الفاضل الأسترآبادي
__________________
والسيّد السّند التفرشى على الظنّ بل قد يقال ان المعلوم من حال المتاخرين
كالعلامة وابن داود وامثالهما بالاستقراء فى كلامهم ان بناءهم على الاعتماد على
مجرد توثيقات السّلف بل نقول ان التوثيق لو كان مداره على افادة العلم بالملكة
فالعلم بها لارباب الرجال محل الاشكال بل من المحال فى اغلب الاحوال بل عن العلامة
فى موضع من المختلف والشهيد فى موضع من الذكرى دعوى استحالة العلم فى اصل باب
العدالة وان جرى كلّ منهما فى موضعين آخرين نقلا على اعتبار العلم فى العدالة هى الاجتناب المستمر كما هو المقصود بالقول بكون
العدالة هى نفس الاجتناب وهو الاظهر كما حرّرناه فى محله نعم لو كان المدار على
افادة الوثاقة بالمعنى اللغوى فيمكن حصول العلم بالوثاقة ولو تباعد من يوثق فى
العصر عن عصر الموثق والاوجه ان يقال ان الظاهر ان التوثيق من قدماء ارباب الرجال
كفضل بن شاذان وعلى بن الحسن بن فضال وابن عقده وغيرهم ممّن كان الظاهر ملاقاته مع
الموثق او كان عصره مقاربا لعصر بحيث كان حصول العلم بالوثاقة لمن كان يرتكب
التوثيق سهلا مبنى على العلم بناء على كون المقصود افادة الوثاقة بالمعنى اللغوى
والا فاستكشاف العدالة بالعلم محل الاشكال ولو كان من يرتكب التوثيق يلاقى الموثق
ولا اشكال فى الاشكال لو كان العدالة من باب الملكة بل على هذا المنوال الحال لو
كان العدالة هى نفس الاجتناب كما سمعت وعلى ما ذكر يجرى ان كان التوثيق فى كلام
غير القدماء من المتوسّطين والمتاخرين بالنّسبة الى من كان يعاصرهم او كان بعيدا عن
عصرهم لكن كان وثاقته فى غاية القوة من جهة الاشتهار او غيره ولعل من هذا الباب
الموثق بتكرار التوثيق اعنى ثقة ثقة كما اتفق كثيرا فى كلام النجاشى وضبطه ابن
داود فى آخر رجاله حيث انه ظاهر فى العلم ولو كان الموثق بعيد العصر من عصر من
يرتكب التوثيق بل كلما ازداد التاكيد يزداد ظهور استناد التوثيق الى العلم واما
بالنسبة الى غيرهم فلا شبهة فى ان التوثيق فى كثير الموارد من كلام المتاخرين
كالعلامة البهبهانى مبنى على الاجتهاد والاستدلال واما المتوسّطون فيمكن ان يكون
مدار توثيقاتهم فيما لم يعلم كونه مبنيّا على توثيق بعض القدماء كما هو الغالب على
العلم ويمكن ان يكون المدار على توثيقات القدماء او الاستنباط من القرائن الخارجة
او على الشياع الموجب للظن بل قد سمعت دعوى ان الظاهر من سيرة اهل الرجال ان بناء
مزكى الرّواة للطبقة اللاحقة فى التزكية على الركون الى اقوال من سلف منهم من دون
علم ولا ظن بظن العشرة ولو بحسب حسن الظاهر والحاصل انه ان كان المقصود بالتزكية
والتوثيق هو التعديل بالعدالة بالملكة فالعلم بالعدالة فى كمال الاشكال بل على هذا
المنوال الحال لو كان المقصود بالعدالة نفس الاجتناب وان كان المقصود الوثاقة
بالمعنى اللغوى فان كان من قدماء ارباب الرّجال فالظاهر كونه مبنيّا على العلم
والا فيمكن ان يكون مبنيّا على العلم ويمكن ان يكون مبنيّا على توثيقات القدماء او
الاستنباط او القرائن او الشياع الموجب للظن ففيه وجهان البناء على العلم والبناء
على الظنّ وان كان من المتاخرين فان كان التوثيق ممن عاصرهم او بعد عن عصرهم لكن كان فى غاية الاشتهار بالوثاقة
فالظاهر كونه مبنيا على العلم والا فالظاهر كونه مبنيّا على الظنّ وعلى منوال حال
التوثيق حال الجرح فالظاهر من قولهم فلان ضعيف جدا هو العلم بالحال وان كان الفلان
بعيد العصر بالنسبة الى المضعف وكلما ازداد تاكيد الضعف يزداد الظهور المذكور نظير
ما مر فى تكرار التوثيق ثم ان نقل التوثيق والجرح كما عليه المدار فى النقد غالبا
خارج عما نحن فيه حيث ان نقل التوثيق والجرح غير التوثيق والجرح وامّا التقرير
المستفاد من نقل التوثيق والجرح والسّكوت عن التزييف فهو معلوم الماخذ فهو مبنى
على الظنّ بلا شبهة الّا ان يكون التوثيق الى حد يوجب العلم واما الثانى فنقول ان
التزكية غير داخلة فى باب الشهادة لان المدار فيها على القول والتزكية غالبا لا
تخرج عن المكتوب بل الامر ليس من باب كتابة الشاهد بل المكتوب عن المكتوب بوسائط
عديدة بل ربما يكون الامر من باب نقل المكتوب بوسائط عديدة بالمكتوب بوسائط عديدة
مثلا ما صدر من التوثيق عن النجاشى ليس بخطه فيما بين ايدينا بل ما بين ايدينا
مكتوب عن خطه بوسائط عديدة هذا لو كان التوثيق عن النجاشى مثلا دراية واما لو كان
من باب الرّواية بان نقل النجاشى التوثيق عن غيره فى كتابة فالامر من باب نقل
المكتوب بوسائط عديدة بالمكتوب بوسائط
__________________
عديدة بل المدار فى الشهادة على العلم المستند الى الحسن والتزكية غالبا لا
يخرج عن الظنّ إلّا انه انما يتم بناء على اعتبار الاستناد الى العلم فى الشهادة
بل لا جدوى فى الدّخول اصلا اذ لو كان اعتبار التزكية من باب اعتبار الشهادة للزم
عدالة المزكى ثمّ المزكى للمزكى وهكذا بتزكية عدلين فلا يعتبر من الاسانيد الا ما
كان كل واحد من رجاله عدلا بتزكية عدلين ثبت عدالتهما ثم عدالة من زكاهما ومن زكى
المزكى بتذكية عدلين وهذا امر غير ممكن الوجود بل اعتبار التزكية من باب اعتبار
الشهادة مبنى على اطراد اعتبار الشهادة فى غير فصل الخصومات ولا سيّما بعد موت
الشاهد فقد بان ضعف ما جرى عليه المحقق فى المعارج من كون اعتبار التزكية من باب
الشهادة واختاره صاحب المعالم فى المنتفى ومن هذا تاسيسه اساس الصحى والصحر وجرى
السيّد السّند التفرشى فى ترجمة احمد بن محمد بن يحيى العطار بل ترجمة الحسين بن
الحسن بن أبان وصرّح به فى كشف اللثام نقلا وهى غير داخلة فى الخبر غالبا ايضا اذ
المدار فيه على القول وهى لا تخرج عن المكتوب بوسائط عديدة كما سمعت بل الظاهر من
ادلّة اعتباره على تقدير الدلالة انما هو ما كان مستندا الى العلم وان كان الخبر
صادقا على ما كان مستندا الى الظنّ او المدار فى الخبر على الاستناد الى العلم على
القول به والمدار فى التزكية على الظنّ غالبا بل لا جدوى فى الدخول فى الخبر لعدم
تمامية ادلة اعتبار الخبر فلا يكون اعتبار الشهادة ولا اعتبار الخبر وافيا باعتبار
التزكية لكن نقول ان فى المقام ظنونا الظنّ الناشى من تزكية الامامى العدل او
الممدوح وغير الامامى العدل او الممدوح والظنّ الناشى من القرائن بل الظنّ الناشى
من تزكية المجهول اذ لا منافاة بين جهالة الشخص وافادة تزكيته للظن والاول وان كان
هو القدر المتيقن فى الاعتبار والكفاية بل طريقة الفقهاء الا من شذ مستقرة تحصيلا
ونقلا على الاكتفاء حتى ان المحقق لم يجر فى الفقه على اعتبار تزكية العدلين وان
بنى فى المعارج على تزكية العدلين كما مرّ بل لو لم يكن ذلك كافيا يلزم اهمال
الفقه وانهدام الشريعة لكن مقتضى سيرة الاصحاب فى قبول مراسيل ابن ابى عمير
واضرابه هو كفاية مطلق الظن اذ الظاهر ان السيرة المذكورة من جهة قضاء الاستقراء
فى روايات ابن ابى عمير واضرابه بعدم الرواية الا عن ثقة وليس المتحصّل فى الباب
غير الظنّ الناشى عن القرينة بل نقول ان مقتضى عموم حجية الظنّ فى نفس الاحكام
حجية الظنّ فى المقام قضية الاستلزام ولو كان الظنّ فى المقام مستندا الى القرينة
وان قلت انه ربّما يكون الحديث المظنون سندا مفيد الحكم تعبدى كاخبار الاستصحاب
وحجية مطلق الظنّ انما هى بالنّسبة الى الاحكام الواقعية قلت لا فارق فى البين بل
الفرق مقطوع العدم وقد تقدم نظير ذلك فى باب حجية الظنّ فى الاصول بل نقول ان
العلم بالعدالة متعذر فى المقام ومقتضى الاجماعات المنقولة المتقدمة على قيام
الظنّ مقام العلم عند التعذّر حجية الظنّ فى المقام حيث ان الغرض من الاجماعات
المنقولة المذكورة اما دعوى الاجماع فيما علم بقاء الحكم فيه من الخارج او الغرض
دعوى الاجماع على امرين بقاء التكليف فيما تعذر فيه العلم ولو لم يثبت البقاء من
الخارج والاخير وان يتطرق اليه الكلام لكن المفروض فى المقام بقاء التكليف بحكم
الضرورة بل نقول ان اعتبار العلم فى العدالة يستلزم التكليف بما لا يطاق لو ابتنى
على العدالة حكم وجوبى بل يستلزم تعطيل حقوق الناس وتضييعها فى المرافعات بل
يستلزم مشارقة الاحكام المشروطة بالعدالة على الاهمال بالكلية فالمعتبر فى اصل
العدالة مطلقا هو الظنّ فيكفى الظنّ بالعدالة الناشى من التصحيح لو قلنا بان
المدار فى التوثيق على الوثاقة بالمعنى اللغوى كما هو الاظهر كما حرّرناه فى
الرّسالة المعمولة فى ثقة لا العدالة بالمعنى المصطلح لوضوح كون المقصود بالتصحيح
العدالة بالمعنى المصطلح على حسب الاصطلاح فى الصحة إلّا ان يمنع عن حصول الظنّ
بالعدالة من التصحيح بناء على كون المدار فى التوثيق على الوثاقة بالمعنى اللغوى
لابتناء التصحيح على التوثيق بثقة غالبا لكن نقول انه يمكن القول باعتبار الظنّ
القوى الموجب للوثوق فى اصل العدالة وان اكتفى بتزكية العدل الواحد هنا بمقتضى
الاجماع ولزوم اهمال الفقه بل بمطلق الظنّ بمقتضى ما سمعت من سيرة الاصحاب بل ما
مر من الاجماعات المنقولة على قيام الظنّ مقام العلم عند التعذر وان امكن ادعاء
انصرافه الى
صورة قوة الظن لكنه ليس بشيء والوجه ان انسداد باب العلم بالعدالة وعدم
جواز الرّجوع فى جميع موارد الجهل بها الى اصالة عدمها للزوم بطلان اكثر الحقوق
وان يقتضى جواز الرّجوع الى الظنّ كما فى نظائرها من الموضوعات مع فرض ثبوت بقاء
التكليف فيها مع انسداد باب العلم بها كما هو المفروض فى المقام الا ان غاية الامر
جواز العمل بالظن فى الجملة فيجب الاقتصار على الظنّ القوى المعبر عنه بالوثوق
والا من مع انه يمكن استفادة حجية هذه المرتبة من النّصوص مثل قوله عليه السّلم لا
تصل الا خلف من تثق بدينه وامانته وقوله عليه السّلم اذا كنت خلف الامام تولاه
وتثق به فانه يجزيك قراءته وقوله عليه السّلم اذا كان صاحبك ثقة ومعه ثقة فاشهد له
على انه القدر المتيقن من جميع الاطلاقات الدالة على اعتبار حسن الظاهر وكذا
الاطلاقات الدالة على كفاية ظهور الاسلام وعدم ظهور الفسق وان امكن القول بان مقتضى
هذه الاطلاقات هو اعتبار مطلق الظنّ بناء على ان القدر المتيقن الخروج عن اطلاقها
هو صورة عدم حصول الظنّ فيبقى الباقى بل هو مقتضى قوله عليه السّلم من صلى الخمس
فى جماعة فظنوا به كل خير وفى رواية اخرى خيرا وفى رواية ثالثة واجيزوا شهادته
إلّا انه يمكن القول بان الاطلاقات الدالة على اعتبار حسن الظاهر تنصرف الى صورة
الوثوق ولو لم تنصرف اليه لا بد من تقييدها بما يدل على اعتبار الوثوق واما احتمال
لزوم الاقتصار على القدر المتيقن اعنى المجمع عليه وهو الظنّ المتحصّل من المعاشرة
او شهادة العدلين او الشياع فهو مدفوع بعدم ثبوت الاجماع اذ الظاهر من ارباب القول
باعتبار العشرة او شهادة العدلين او الشياع هو اعتبار العلم ولا سيّما بعضهم
كالعميدى بل هو صريح العلّامة نقلا فى موضع من المختلف والشهيد فى موضع من الذكرى
نقلا الا ان العلّامة فى موضع آخر من المختلف حكم نقلا باستحالة العلم بالعدالة
وكذا الشهيد فى موضع آخر من الذكرى نقلا كما مرّ وعن التحرير لتصريح بكفاية الظنّ
المستند الى تاكد الصّحبة وكثرة الملازمة والمعاملة اى الاختيار بل نقول انه لو
ثبت الاجماع على ما ذكر اى الظنّ الناشى من العشرة فلا فرق بينه وبين غيره مما
يفيد الظن للقطع بعدم الفرق بين الظنّ الناشى من العشرة وغيره وربّما يظهر من
العلامة المجلسى فى حاشية الخلاصة فى اوائل الكتاب التفصيل بين ما لو كان التزكية
بصورة الاجتهاد بان كانت فى مقام ذكر الخلاف من المزكى فلا عبرة بها الرجوع القبول
الى التقليد وما لو كان على سبيل الشهادة والاخبار كما لو لم يذكر المزكى خلافا فى
المقام فيجب على المجتهد اعتباره والنظر فيه وفيما يعارضه ليستبين حال الرّجال
ويترجح لديه الردّ او القبول اقول ان الظاهر بل بلا اشكال خروج القسم الاول عن
مورد النزاع لعدم اندراجه فى الشهادة ولا الاخبار فالتفصيل فى غير المتنازع فيه
وايضا جعله القسم الاخير من باب الشهادة والاخبار كما ترى لمنافاة الشهادة مع
الاخبار وعدم مجيء الفحص عن المعارض والعمل بالراجح فى باب الشهادة هذا لو كان
غرضه الفحص والعمل بالراجح وعلى هذا المنوال الحال لو كان غرضه البناء على الرجحان
عند الاطلاع على المعارض وان يتاتى الترجيح فى تعارض البيّنتين فى الجملة إلّا انه
مقصور على مقام خاص لدليل خاص كما ذكره بعض اصحابنا بل قال بل لو رجح احدى
البيّنتين على الاخرى بشهادة جماعة من الفسّاق لكان من منكرات الفقه تذييل انه لو
قال الراوى سمعت عن بعض واظنه فلانا وكان الفلان معتبرا يتاتى اعتبار السّند
لكفاية الظنّ فى السّند واما لو قال سمعت عن فلان عن فلان عن بعض واظنه فلانا وكان
الفلان الثالث معتبرا فيتاتى اعتبار السند ايضا لكنه من باب كفاية الظنّ بالمراد
كما ياتى ومن الاول ما اتفق فى اسانيد كما ياتى فى تفسير الراوى للواسطة المبهمة
فى المرسل عند الكلام فى الظنّ بالدّلالة ونظير ذلك ما رويه فى الكافى فى نوادر
الدواجن بالاسناد عن ابى المغراء عن سليمان بن خالد قال فيما اظن عن ابى عبد الله
عليه السّلم اه وكذا ما رويه فى التهذيب فى باب مستحق الفطرة من اهل الولاية بالاسناد عن محمد بن عيسى قال حدثنى على
بن بلال وارانى قد سمعت من على بن بلال قال كتبت اليه اه قوله ارانى على صيغة
المجهول بمعنى اظن على ما ذكره السّيد الدّاماد فى بعض تعليقات الاستبصار قال
وتصاريف هذا الباب كلّها على المجهول بمعنى الظنّ ومنه
__________________
حديث البر ترون بهم اى تظنون بهم برّا وخيرا وفى احاديث الدعاء أفتراك
تعذبني وتهليلى لك انتهى ونظير ذلك قول الشّاعر
وتظن سلمى انى ابغى لها
|
|
بدلا اراها فى الضّلال تهيم
|
وقد حكى الفاضل
الچلبى فى تعليقات شرح التلخيص عن الفاضل الكاشى ان اراها فعل مجهول من ارى يرى
لكن يستعمل بمعنى الفعل المعروف وحقيقة ذلك انّ راى بمعنى ظن متعد الى مفعولين
فاذن يصير متعدّيا الى ثلاثة ويكون معنى زيد ارى خالدا عمروا فاضلا انّ زيدا جعل
خالدا ظانا عمروا فاضلا ويلزم هذا المعنى ظن خالد عمروا فاضلا وفى المصباح والذى
اراه بالبناء للمفعول بمعنى الذى اذهب اليه وفى المجمع وفى الخبر انى لأراه مؤمنا
بفتح الهمزة اى اعلمها وبضمها اى اظنه وقال الفاضل الرضى ويستعمل ارى الذى هو ما
لم يسمّ فاعله من ارى عاملا عمل ظن الذى هو بمعناه ولم يستعمل بمعنى علم وان كان
اريت بمعنى اعلمت اقول او علم يذكر كون الفعل من الرّأي بمعنى الظنّ مجهولا فى
الاستعمال فى الصّحاح ولا فى القاموس ولا فى التوضيح ولا فى التصريح وما ذكره
الفاضل الكاشى مردود بانه لا مجال لكون ارى فى الشعر من باب الافعال كما هو مقتضى
صريح كلامه اذ الغرض الظنّ بضلالتها لا احداث الظنّ بالضّلالة فيها مع انه لو كان
من باب الافعال لكان متعدّيا الى ثلاثة مفاعيل مع انه لا يتجاوز المفعول فى الشعر
عن مفعولين اعنى الضمير وقوله تهيم اذ الجار والمجرور يتعلق بقوله تهيم وليس من باب
المفعول وليس الضمير المستتر من باب النائب عن الفاعل وفى الضّلال بمنزلة المفعول
لان المفروض على ما ذكره ان الفعل بمعنى المعلوم على ان ما ذكره لا يقتضى كون
الفعل على صيغة المجهول لا فى الشعر ولا فيما ذكره من المثال مضافا الى انتقاض ما
ذكره بالراى بمعنى العلم حيث انه لو كان ما ذكره مقتضيا لكون الفعل من الراى بمعنى
الظنّ على صيغة المجهول يلزم كون الفعل من الراى بمعنى العلم على صيغة المجهول
ايضا ومع هذا قد ذكر الراغب ان الراى فى يرونهم مثليهم راى العين بمعنى الظنّ على
صيغة مع ان الفعل من باب المعلوم إلّا ان يقال انه لا باس بكون الراى فى ذلك بمعنى
الرؤية بل هو مقتضى كلام البيضاوى وان قلت انه لو كان الراى بمعنى الظنّ فلا بدّ
من كون الفعل على صيغة المجهول اذ ما يتحصّل للشخص من الاعتقاد يكون مظنونا من باب
اسم المفعول كما فى المكروه حيث انّ الفعل فيه من باب المجهول قلت بعد انه لو كان
الامر على ذلك للزوم ان يكون فعل الراى بمعنى العلم من باب المجهول ايضا اذ ما
يتحصّل للشخص من الاعتقاد يكون معلوما من باب اسم المفعول ان المكروه لا مجال فيه
لغير اسم المفعول لكن لا باس باطلاق الظان وكذا العالم كيف لا واطلاق كل منهما ولا
سيّما الثانى كثير ثم ان فى دعاء كميل تارة أتراك معذبى بنارك بعد توحيدك واخرى
افتراك سبحانك يا الهى وبحمدك وقد اعرب تراك فى كل من العبارتين فى بعض النسخ
بالفتح بالسّواد وبالضمّ بالحمرة واعرب فى بعض النسخ بالسواد فى كل منهما واعرب فى
بعض النسخ بالسواد بالفتح فى العبارة الاولى وبالضم فى العبارة الثانية لكن لا
مجال للاعراب بالضم فى شيء من العبارتين بعد كون فعل الراى بمعنى الظنّ من باب
المجهول اذ لا مجال لحمل الراى فى شيء منهما على الظنّ مع ان فى دعاء الصباح الهى أتراني
اتيتك الا من حيث الآمال وترانى فيه بصيغة المعلوم مع ان الراى فيه متحد المفاد مع
الراى فى العبارتين والتفكيك المذكور فى باب الاعراب ظاهر الفساد اذ لو كان الراى
فى العبارة الثانية بمعنى الظنّ وكان فعل الراى بمعنى الظنّ من باب المجهول فلا بد
من الاعراب بالضم فى العبارة الاولى ايضا كالعبارة الثانية وايضا ربما يتوهم ان
قوله سبحانه ارانى اعصر خمرا مناف لكون فعل الراى بمعنى الظنّ من باب المجهول وهو
واضح الفساد اذ الراى فى ذلك من باب الرؤيا السّادس انه قد اختلف فى حجية الظنّ فى
الموضوعات من حيث التحصل مع العجز عن تحصيل العلم لكن الظنّ بالموضوع من حيث التحصل
قد يفيد الظن بالحكم كما فى الظنّ بصدور القول او الفعل او التقرير حيث ان المرجع
فيه الى الظنّ بالموضوع الا ان الظنّ بالموضوع يفيد الظنّ بالحكم وقد لا يفيد
الظنّ بالموضوع من حيث التحصّل للظن بالحكم بل فى حال الظنّ بالموضوع من حيث
التحصّل يتحصل الظنّ بالحكم بمقتضى دليل الحكم والكلام هنا انما هو فى القسم
الثانى واما القسم الاول فهو خارج عن مورد الكلام كيف لا والكافل للقسم الاول
البحث عن اصل العنوان اعنى البحث عن حجية مطلق الظنّ والظنون الخاصّة والبحث عن
حجية خبر الواحد و
هو معروف بحث عن بعض مصاديق القسم الاول وكيف كان فهم فى المقام على القول
بطرفى النقيض فيظهر القول بالحجية مما حكى عن جماعة كالحلبى حيث انه حكم بثبوت
النجاسة بكل ظن تعليلا بان مناط الشرعيّات الظنّ والمحقق فى المعتبر والعلامة حيث
حكما بانه لو اخبر العدل عن علم بوقت ولا طريق له سواه بنى على خبره ولو كان له
طريق لا يبنى لان الظنّ بدل العلم فيشترط عدم الطريق اليه وحكم الاخير ايضا بجواز
الاعتماد على خبر الفاسق فى القبلة تمسّكا بان الظنّ يقوم مقام العلم فى العبادات
والمحقق الثانى فى جامع المقاصد حيث حكم ببطلان كلام الحلبى وحكى فى الرّوض فى بحث
وجوب غسل الميت على الكفاية نقلا عن العلامة وجماعة كفاية الظنّ الغالب فى الوجوب
تعليلا بان العلم بان الغير يفعل كذا فى المستقبل ممتنع ولا تكليف به والممكن
تحصيل الظنّ وبالغ المحقق القمى فى ترويج القول المشار اليه حيث جعل فى بحث
الاجتهاد تارة الظاهر من كلام العلماء ان الشارع جعل الظاهر مناطا للحكم واخرى
استظهر منهم ان الظاهر اصل من الاصول وثالثة جعله من القواعد المقتبسة من الادلة
الشرعية ورابعة جعله ممّا اعتمد عليه الشارع قال وهذا باب مطرد فى الفقه لا ينكره
الا من لا خبرة له بطريقتهم وخامسة ذكر ان تنبيهات الشارع فى الاخبار تفيد اعتباره
وفى آخر باب الترجيح جعل حجية ممّا لا مناص عنه ومستفادة من تتبع الاخبار لكن
اعتبر فى الغنائم العلم فى استفاضة رؤية الهلال واستدل بان الاصل حرمة العمل بالظن
ولا دليل على اعتبار الظنّ الحاصل هنا قال ولا ينافى ذلك ما حققناه فى الاصول من ان
مطلق ظن المجتهد حجة لابتنائه على الدليل العقلى الذى لا يقبل التخصيص لانّ ذلك
انما ذكرناه فى نفس الاحكام الشرعية ومثل مباحث الالفاظ من متعلّقات الاحكام
الوضعية الشرعية لكن الذى يكتفى فيه بالظن هو اثبات سببيّة السّبب وشرطية الشّرط
ومانعية المانع لا وجود السّبب وتحققه فى الخارج وبما مرّ بان ما فيما ذكره الوالد
الماجد ره فى تزييف كلام المحقق القمى فى باب الترجيح من ان القول باعتبار الظنّ
فى الموضوع من حيث التحصّل لم يتفق من غيره ولا من نفسه فى غير هذا الموضع ومقتضى
كلام جماعة اخرى القول بعدم الحجية فعن المختلف عند الكلام فى بعض الموضوعات انه
لا يكتفى بمطلق الظنّ بل الظنّ المستند الى سبب ثبت اعتباره فى نظر الشارع وعن
الرّوض فى البحث المتقدم الاشكال فيما تقدم من العلّامة وجماعة من التعليل بان
العلم بان الغير يفعل كذا فى المستقبل ممتنع ولا تكليف به والممكن تحصيل الظنّ بان
الظنّ انما يقوم مقام العلم مع النص عليه وقال ايضا لان لوجوب معلوم والمسقط مظنون
والمعلوم لا يسقط بالمظنون وعن المشارق واما ابو الصّلاح فقد حكى عنه الاحتجاج بان
الشرعيات كلّها ظنّية وضعفه ظاهر اذ لا نسلم ان الشرعيات كلها ظنية وان العمل
بالظن انما يجب فى مواضع مخصوصة بدلائل خاصّة ولا دليل فيما نحن فيه فالتعدى منها
اليه مجرد القياس ويقتضى القول بذلك ما صرّح به فى المسالك فى كتاب البيع والوصيّة
والنكاح وكذا فى الرّوضة فى كتاب الحوالة والنكاح من ان الاصل يقدم على الظاهر الا
فيما شذ وندر لكنّه فى كتاب اللقطة من الرّوضة قدم الظاهر وعلل بان مناط الشرعيات
الظنّ وبغيره وربما ذكر الشهيد فى التمهيد فى تعارض الاصل والظاهر ان الظاهر ان
كان حجة يجب قبوله شرعا كالشهادة والرواية والاخبار فهو مقدم على الاصل بغير اشكال
وان لم يكن كذلك بل كان مستنده العرف والعادة الغالبة او القرائن او غلبة الظنّ او
نحو ذلك فتارة يعمل بالاصل ولا يلتفت الى الظاهر وهو الاغلب وتارة يعمل بالظاهر
ولا يلتفت الى الاصل وتارة يخرج فى المسألة خلاف وقد يورد عليه بان الظهور المستند
الى العرف والعادة الغالبة مثلا ان كان حجة فلا مجال لتقديم الاصل عليه فلا مجال
للخلاف فى الباب فضلا عن الاتفاق على تقديم الاصل وان لم يكن حجة كما هو المفروض
فى كلامه فلا مجال لتقديمه على الاصل فلا مجال للخلاف فى الباب فضلا عن الاتفاق
على التقديم على الاصل لكن نقول ان المأنوس بكلمات الفقهاء يعلم انه لا بعد فيه
وان الوجه عدم اتفاق المسألة واستدل للقول بعدم الحجية بالاصل والعمومات الناهية
عن العمل بالظن وظهور اتفاق من عد الحلبى عليه ألا ترى انّ الفقهاء اتفقوا على عدم
ثبوتها لحقوق بشهادة الواحد والفساق والصّبيان مع ان الظنّ يحصل منها غالبا وأ لا
ترى ان الفقهاء اختلفوا فى اعتبار علم الحاكم ولم يتعرضوا لظنه وأ لا ترى ان
الفقهاء قد راعوا الظنّ بصدق المدعى فى باب اللوث
بالقسامة لورود النص فيه ولم يراعوا ذلك فى غير اللوث فممّا ذكر يظهر
اتفاقهم على عدم حجية الظن فى الموضوع الا ما خرج وخلو الرّوايات عن العبارة الى
حجية الظن فى الموضوع مع توفّر الدّواعى ومسيس الحاجة اليه وغلبة عدم حجية ظنون
قويّة فى موارد كثيرة وان اصالة حجية الظنّ تقتضى الهرج والمرج وفى الكل نظر اما
الاول فلعدم اعتبار الاصالة العدم على الاقوم مع ان الكلام فى المقام فى اعتبار
الظنّ اجتهادا فلا مجال للتمسك بالاصل إلّا ان يقال ان الكلام فى جواز العمل بالظن
فى الموضوع من باب الاجتهاد او العمل لكن نقول ان التمسّك بالاصل فى المقام على
ذلك من قبيل الاستدلال بالدليل الاخصّ من المدعى واما العمومات فيظهر الكلام فيها
بما تقدم واما الثانى فلان غاية ما يتمشى به منه عدم اعتبار الظنّ فى مقام
المرافعات فى حق الحاكم واين هذا مما نحن فيه اذ الكلام فى المقام فى اعتبار الظنّ
فى الموضوعات الخارجيّة بالنسبة الى الاحكام العامة لعموم المكلفين فوظيفة الحاكم
فى مقام المرافعة خارجة عن مورد الكلام لكن لا خفاء فى ان وظيفته العمل بالتعبديات
وكيف وقد وقع الكلام فى اعتبار العلم فى حق الحاكم نعم مقتضى استدلال الشهيد
الثانى فى المسالك على حجية الاستفاضة بان الظنّ الحاصل منها اقوى من ادنى مراتب
البينة وان كان مساويا لاوسط مراتبها وقاصرا عن اعلى مراتبها وهو ما لو افادت
العلم كون المدار على الظن كما ان مقتضى القول بكون اعتبار البينة والاقرار بشرط
الظنّ كون المدار على التعبد بالظن الخاصّ لا التعبّد الصّرف واما الثالث فلما
ياتى من قضاء الاستقراء فى الاخبار باصالة اعتبار الظنّ فى الموضوع واما الرابع
فمرجعه الى ان الاستقراء فى الشريعة يقتضى بعدم اعتبار الظنون القوية فى الموضوعات
ومقتضاه عدم اعتبار ما دون تلك الظنون من الظنّ فمقتضى الاستقراء ابتداء عدم
اعتبار الظنون القوية وبالأخرة من باب الاولوية عدم اعتبار الظن فى الموضوع راسا
لكنّك خبير بانه ان كان المقصود ثبوت عدم اعتبار الظنون القوية فى موارد كثيرة
فيندفع بما ياتى من اقتضاء الاستقراء فى الاخبار اصالة اعتبار الظنّ فى الموضوع
قضيته تقدم الدّراية على الرّواية وهى من القضايا المعروفة وان كان المقصود عدم
ثبوت اعتبار الظنون القوية فى موارد كثيرة فلا يجدى فى المقصود اذ الكلام فى
اعتبار الظنّ وعدمه اجتهادا فلا بدّ فيما يفيد عدم اعتبار الظنّ من الدلالة على
عدم جواز العمل بالظن فى الموضوع نظير عدم جواز العمل بالظنّ المستفاد من القياس
فى باب الاحكام إلّا ان يقال ان الكلام فى المقام فى الجواز وعدمه فى الجملة سواء
كان عدم الجواز من باب عدم قيام الدليل على الاعتبار او قيام الدليل على عدم
الاعتبار لكن نقول انه لا يساعد هذا المقال جعل العنوان فى الحجية اذ عدم الحجيّة
لا يناسب عدم قيام الدليل على الاعتبار بل المناسب له قيام الدليل على عدم
الاعتبار إلّا ان يقال انّ العنوان بالحجية لم يقع من الكلّ ولا باس بكون الكلام
فى كلام بعض او الاكثر فى جواز العمل بالظن فى الموضوع وعدم الجواز وقد سمعت ان
عدم الجواز اعم من عدم قيام الدليل على الجواز او قيام الدليل على عدم الجواز واما
الخامس فلمنع استلزام حجية الظن فى المقام للهرج والمرج كيف وطريقة الناس على
العمل بالظن فى امورهم ولا يلزم منه الهرج والمرج وان امكن القول كما ياتى بان
طريقة الناس انما هى العمل بالظن بالنّسبة الى المستقبل لا الحال والماضى واستدل
للقول بالحجية بوجوه احدها ان امر الاحكام اشد من امر الموضوعات والاهتمام بها
اكثر وازيد ألا ترى ان الجاهل فى الاحكام غير معذور دون الموضوعات ولما كان مطلق
الظنّ حجة فى الاحكام فيتاتى حجية فى الموضوعات بالاولوية اقول ان الاولوية ممنوعة
اذ المصالح انما يكون منوطة بترتيب الاحكام على الموضوعات فكل من الحكم والموضوع
بمنزلة جزء المركّب وان قلت ان الحكم من باب الجزء الاعظم كالرقبة بالنّسبة الى الانسان
قلت لم يثبت الاعظمية بل كل من الحكم والموضوع بمنزلة الجزء المساوى للجزء الآخر
واما الاستدلال على كون الاهتمام بالاحكام ازيد بحديث العذر فيمكن القدح فيه اولا
بخفاء الوجه فلعلّ الوجه امر آخر غير شدة الاهتمام وثانيا باحتمال كون الوجه سهولة
لتشخيص الموضوع دون الحكم وربما يعارض حديث العذر باعتبار خبر الواحد فى الاحكام
دون الموضوعات لقيام الاجماع على عدم حجية شهادة العدل الواحد فى المرافعات
والمحاكمات وانت خبير بان الكلام فى العمل بالظن فى الموضوعات بالنّسبة الى
الاحكام العامة لعامة المكلفين فوظيفة الحاكم فى مقام المرافعة خارجة عن مورد
الكلام كما مر وبعد هذا اقول ان المدار فى الاولوية على معرفة تشخيص علة
الحكم فى الاصل ووجودها فى الفرع وكون اقتضاءها فى الفرع للحكم ازيد وعلة حجية
مطلق الظنّ فى الاحكام انما هى انسداد باب العلم وبقاء التكليف وبطلان سائر
الاحتمالات المتفرقة على غير العمل بالظن ولا خفاء فى عدم اطراد العلّة المذكورة
فى باب الموضوع لجواز العمل بالاستصحاب او اصالة الحلية او اصالة الطهارة او اصالة
صحة فعل المسلم او قاعدة الاشتغال إلّا ان يقال انه لا يلزم فى الاولوية تشخيص علة
الحكم فى الاصل لامكان انفهام اولويّة الفرع بالحكم من الاصل عرفا مع عدم استنباط
العلة ولو قيل انه لا محذور فى العمل بالاصل فى الموضوع فى موضع واحد والمحذور
انما هو فى العمل بالاصل فى عموم الموضوعات كما ان محذور الخروج عن الدّين انما
يلزم فى العمل بالاصل فى مجموع التكاليف لا البعض قلت انه لا محذور فى العمل
بالاصل فى مجموع الموضوعات من خلاف الاجماع او الخروج عن الدين ولا محذور غيرهما
ثانيهما انه لو لا جواز العمل بالظن فى الموضوعات فلا يخلو اما ان يعمل فيها
بالاحتياط او يتوقف او يعمل فى كل مورد بمقتضى الاصل الذى يناسبه ففى صورة الظنّ بالنجاسة
يعمل باصل الطهارة وهكذا اما الاولان فباطلان اجماعا مضافا الى ان الاول يؤدى الى
العسر والحرج بل متعذر فى كثير من الموارد والثانى غير ممكن كما لا يخفى واما
الثالث فيرد عليه ان تلك الاصول كلّها ظنية وليس العمل بها اولى من العمل بالظن
الموضوعى النفس الامرى مثلا فيما كان مظنون النجاسة يكون الاصل فيه الطهارة ولكنه
لا يفيد ازيد من الظنّ الحكمى لكن هاهنا تعلق الظنّ النفس الامرى بخلافه فقد اجتمع
ظنان ظن بالطهارة الظاهرية وظن بالنجاسة النفس الامرية وليس العمل بالاول اولى ولو
قيل ان المفروض ثبوت حجية الظن فى الاحكام وقد خرج عن تحت الاصل والعمومات الناهية
من العمل بالظن بخلاف الظنّ الموضوعى فانه لا دليل على خروجه فتعيّن اتباع الظنّ
الحكمى فى صورة التعارض قلت ان القدر الثّابت جريان تلك الاصول الجارية فى
الموضوعات انما هو فيما لم يكن المظنون خلافها واما فيما ظن بخلافها فجريانها فى
حيز المنع مثلا نقول ان الاستصحاب واصل البراءة واصل الطهارة ونحوها انما تجرى فى
الموضوعات المشتبهة اذا لم يظن كونها من الصّنف الحرام او النجس ولو قيل ان تلك
الاصول مرجعها الى الاخبار والروايات نحو لا تنقض اليقين بالشك وكل شيء فيه حلال
وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه وكل ماء طاهر ولا يخفى انّها مطلقة
بالنّسبة الى الظنّ وعدمه فان مفادها جريان تلك الاصول فيما لم يعلم خلافها سواء
كانت هناك ظن أو لا وتعميم العلم للظن الثابت الحجيّة غير قادح لان حجية الظنّ
الموضوعى غير ثابتة والاصل والعمومات تنفيها كما لا يخفى قلت ان تلك الاخبار
مسلّمة لكن حجيّتها فى صورة الظن بالخلاف ممنوعة ومجرد اطلاقها غير مفيد لان الشأن
فى اصل حجّيتها اقول ان محصول الوجه المذكور انه يتاتى التعارض فى صورة الظنّ
بالموضوع بين الظنّ المستفاد من اطلاق مدارك الاصول الجارية فى موارد الظنّ
الموضوعى والظنّ الموضوعى فيقع والتعارض بين الظنّ بالحكم والظنّ بالموضوع ولا
ترجيح للثانى على الاول ويضعف بان غاية ما يقتضيه الوجه المذكور انما هى عدم العمل
بالاصل ولا يقتضى العمل بالظن الموضوعى فلا مجال للاستدلال به على اعتبار الظنّ
بالموضوع ومع هذا اقول انه ان كان الاصل من باب الاستصحاب او اصالة الطهارة او
اصالة الحلية فلا مجال لتقديم الظنّ الموضوعى امّا الاستصحاب فلانه لا يجوز نقض
اليقين بالشك ولا يجوز نقض اليقين إلّا بيقين مثله كما فى اخبار اليقين والظنّ لغة
من الشك لان الشك لغة خلاف اليقين كما ان الظن ان ثبت اعتباره فهو فى حكم اليقين
ويجوز نقض اليقين به وبه ينقطع الاستصحاب واما ان لم يثبت اعتباره كما فى المقام
فلا يكون فى حكم اليقين ولا يجوز نقض اليقين به فالظن الموضوعى لا مجال لتقديمه
على الاستصحاب واما قاعده الطهارة فلان مدركها المعروف هو الحديث المعروف كل شيء
نظيف حتى تعلم انه قذر والظنّ ان ثبت اعتباره فهو فى حكم العلم والا فهو فى حكم
الشكّ فلا يجوز تقديم الظنّ الموضوعى على اصالة الطهارة لفرض عدم ثبوت اعتباره فقد
بان عدم جواز تقديمه على اصالة الحلية المدلول عليها بقوله عليه السّلم كل شيء لك
حلال حتى تعلم انه حرام بعينه ثالثها ان بناء العقلاء وطريقتهم فى الامور المعاشية
والدنيويّة على اتباع الظنّ عند الاشتباه فى الموضوعات فى صورة انسداد باب العلم
بل الاطاعة الظاهريّة يتحقق بالعمل بالظن فى الموضوعات اقول ان مرجع الوجه المذكور
الى التقرير بتقرير غير متعارف بتقريب انّ طباع الناس مستقرة فى امورهم العادية
على القناعة بالظنّ
بحيث لو لم يتات ردعهم عن طريقتهم لسوى طريقتهم الى موضوع الاحكام الشرعية
لكن نقول انه قد مر القدح فى مثله غير مرة بعدم اطمينان النفس بمثل ذلك واما دعوى
حصول الاطاعة الظاهرية فحاليته عن الوجه بالكلية ويمكن الاستدلال بالاولوية
بالنسبة الى الصّلاة بتقريب ان الصّلاة عمدة الوظائف الشرعية ويكفى الظنّ فى
ركعاتها بناء على عدم اختصاص اعتبار الظنّ بالركعتين الاخيرتين بل يكفى الظنّ فيها
مطلقا واذا ثبت كفاية الظنّ فيها فيتاتى اعتبار الظنّ فى غيرها من العبادات
والمعاملات بالاولوية إلّا ان يقال ان الاولوية انّما يتاتى بناء على كفاية الظنّ
فى الصّلاة مطلقا واما لو كان كفاية الظنّ فيها مختصة بالاخيرتين او بالركعات فقط
فلا يتم الاولوية لابتناء الامر على التعبد ويمكن الاستدلال ايضا بالاستقراء فى
الاخبار بملاحظة ثبوت اعتبار خبر الواحد فى موارد متعدّدة كما دل على قبول خبر
العدل فى عزل الوكيل وخبر البائع باستبراء الامة لو كان عدلا وخبر الثقة فى انفاذ
الوصيّة والاعتماد على أذان العدل العارف فى دخول الوقت وما ورد من خبر اللمعة عن
الصّادق عليه السّلم من انه اغتسل من الجنابة فقيل له قد ابقيت لمعة من ظهرك لم
يصبها الماء فقال ما كان ضرك لو سكت ثم مسح تلك اللمعة بيده وما ورد هنا عن اعلام
المصلى بكون الدم فى ثوبه وما ورد من انه اذا كان جماعة جلوسا وسطهم كيس فقالوا
كلهم ليس لنا واذا ادعاه واحد فهو لمن ادعاه وما ورد فى تصديق المرأة فى موارد
كالحيض وعدم الزّوج وانقضاء العدة وتزوجها وتحليل نفسها بان كانت غير مطلقة ثلاثا
ويمكن الاستدلال بما تقدم من الاجماعات المنقولة على انه اذا تعذّر العلم يقوم
الظنّ مقامه لكن يظهر الكلام فيه بما مرّ واستدل المحقق القمى بالاستقراء فى
الاخبار ايضا ولعلّه بملاحظة ما ذكر من الاخبار ولو قيل انه لا يتحصّل الاستقراء
بما ذكر انه لا بدّ فى الاستقراء من توافق اكثر الموارد قلت ان مقتضى غير واحد من
تعاريف الاستقراء وان كان لزوم توافق اكثر الموارد لكن مقتضى بعض التعاريف كفاية
الكثرة ومقتضى كلماتهم اصولا وفروعا صدق الكثرة على الثلاثة لاكتفائهم فى باب
التواتر بالثلاثة مع اعتبار الكثرة فى تعريف المتواتر وكذا فى باب عدم اعتبار الشك
فى كثير الشكّ بالثلاثة وكذا فى باب قصر الصّلاة من كثير السّفر بثلث مرات على
الوجه المشترط ممن قنع بالثلث بل مقتضى كلام التفتازانى عند الكلام فى تعريف فصاحة
الكلام فى شرحه المطول على التلخيص متنا وحاشية وكذا فى شرحه المختصر متنا ان
الكثرة قد يراد بها ما يقابل الوحدة فتصدّق على الثلاثة والاثنين وجعل من ذلك
الاحتراز بالكثرة فى اعتبار الخلوص عن كثرة التكرار فى تعريف فصاحة الكلام عن قول
الشّاعر سبوح لها منها عليها شواهد حيث انه قد تكرّر فيه ارجاع الضّمير الى
السّبوح ثلث مرات ولا مجال لجعله من كثرة التكرار الا بجعل المراد من الكثرة ما
يصدق على الثلاثة بعد كون التكرار عبارة عن ذكر الشيء مرّة بعد اخرى والا فلو كان
التكرار هو مجموع المذكورين فلا يتحقق فى الشعر المذكور التكرار فضلا عن الكثرة
والظاهر انّ المقصود ان الكثرة قد يكون المقصود بها ما يقابل القلة بل هو المتكرّر
المتكثر فلا تصدق على الثلاثة فضلا عن الاثنين لكن لم اظفر بمورد يتعيّن كون
المقصود بالكثرة فيه ما فوق الواحد غير المورد المذكور وان قلت ان المقصود بالكثرة
المشار اليها هو ما فوق الاثنين لكن التمثيل بالمثال المذكور يمكن ان يكون مبنيّا
على الاشتباه كما هو مقتضى الايراد ممن اورد بعدم الكثرة فى الشعر الا ان كثرة
التكرار بالمعنى المقابل للقلة بعيد الوقوع بل مفقود الاثر فالظاهر انّ المقصود
بالكثرة ما يقابل الوحدة كما انه يمكن ان يكون التمثيل باعتبار مداخلة ذكر
السّبّوح فى التكرار فلا يتعيّن صدق الكثرة على القلة الا ان غاية الامر كون
التكرار باعتبار اربع مرّات بملاحظة السّبوح لكن الاربعة فى حكم الثلاثة من حيث
صدق الكثرة وعدمه بل تمسّك صاحب الحدائق على وجوب الاحتياط فى باب الشبهة المحصورة
بالاستقراء وما ذكره من موارد الاستقراء اربعة مسئلة الإناءين والثوب الظاهر
المشتبه بالنجس والثوب المتنجس بعضه مع وقوع الاشتباه فى جميع اجزاء الثوب واللحم
المختلط المزكى منه بالميتة لكن نقول ان الاظهر عدم صدق الكثرة على الثلاثة
والاربعة بل الاظهر عدم صدقها على التفحص فى الموارد المتقدمة فتوافق الموارد
المتقدمة فضلا عن الثلاثة والاربعة بعد حصول الظنّ بالكلية من توافق الافراد
الثلاثة او الاربعة من باب الشبهة بالاستقراء لا الاستقراء والمدار
__________________
فى الحجية على عدم صدق القياس بل المدار على عدم الشّمول بلا اشكال ولو قيل
انه لم يثبت اعتبار الاخبار المذكورة فلا عبرة بالاستقراء قلت بعد فرض عدم اعتبار
الاخبار المذكورة راسا ان اعتبار اخبار الاستقراء وان يشترط فى اعتبار الاستقراء
بناء على اعتبار الظنون الخاصّة بناء على رجوع الاستقراء فى الاخبار الى دلالة
الاشارة لعدم اعتبار الدلالة اللفظية مع عدم اعتبار السّند بل يمكن القول بعدم
تحصّل الظنّ بالدلالة مع عدم الظنّ بالصدور لعدم ثبوت صدور المنسوب الى المعصوم عن
المعصوم حتى يتاتى الظنّ بارادة المعصوم فالاخبار نظير كلام المغمى عليه وامّا
بناء على اعتبار مطلق الظنّ فلا باس بالقول بالاعتبار اذ غاية الامر عدم اعتبار
الظنّ الناشى من الخبر الضعيف المنفرد فى موارده بالاجماع واما الظنّ الناشى من
مجموع الاخبار الضّعيفة المتعدّدة فهو خارج عن مورد الاجماع هذا لو كان كل من
الاخبار الضّعيفة مظنون الصّدور واما لو لم يكن الكل مظنون الصّدور فالحال ايضا
على منوال ما ذكر لخروج الظنّ المتحصّل من المجموع عن مورد الاجماع إلّا انه يلزم
هنا من الكثرة ما لا يلزم فى صورة الظنّ بصدور كل من الاخبار الضعيفة اذ الظن
بالكلية لا يتاتى من الظنّ بالجزئيات فلا بد فى الاخبار من الظن بصدور طائفة
متكثرة تفيد الظنّ بالكلية وان قلت ان هذا ينافى ما فرضت من عدم الظنّ بصدور
الاخبار قلت ان المفروض هو عدم الظنّ بصدور الكل من باب سلب العموم فلا ينافى
الظّن بصدور البعض اعنى الطائفة التى تفيد الظنّ بصدورها الظنّ بالكلية ويمكن
الاستدلال ايضا بالاستقراء فى الاخبار الدالة على توجه اليمين الى من يدعى موافق
الظاهر ثم ان الظنّ بالنجاسة لا اعتبار بها ولو بناء على اعتبار الظنّ فى
الموضوعات القضاء الاستقراء فى الاخبار به كالموثق المعروف كل شيء نظيف حتى تعلم
انه قدر بناء على كون الغرض اصالة الطهارة فى الشبهة الموضوعية عرضا اى صورة تردّد
الشيء بين الطّاهر والنجس والمتنجس كما هو الاظهر او كون الغرض اصالة الطهارة فى
الشبهة الموضوعيّة والحكمية والاستصحاب كما قيل به لو كون الغرض اصالة الطهارة فى
الشبهة الموضوعية عرضا كما قيل به لا كون الغرض اصالة الطهارة
فى الشبهة الموضوعية طولا اى استصحاب الطهارة كما لو شك فى عروض النجاسة للطاهر
ولا كون الغرض اصالة الطهارة فى الشبهة الحكمية كما فى ابن آوى كما قيل بكل من
الوجهين الاخيرين وقد حرّرنا تفصيل الحال فى احتمالات الحديث وحدانية وثنائية
وثلثية فى محله وما ورد من ان الماء كله طاهر حتى تعلم انه قذر وانه لا أبالي أبول
أصابني أو ماء اذا لم اعلم وان القراء والكيمخت لا باس به ما لم تعلم انه ميتة وان
الخفاف التى تباع فى السّوق يشترى ويصلى فيها حتى تعلم انه ميتة وان الثبوت اذا
اعير الذى ويعلم انه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير يصلّى فيه ولا يغسل من اجل ذلك
لانه اعير وهو طاهر ولم يستيقن انه نجسة فلا باس بان يصلى فيه حتى يستيقن انه نجسة
وانه لا حاجة الى غسل الرّجل بعد الخروج عن الحمام وانه لا باس بمجتمع الماء فى
الحمام من غسالة الناس اذا اصاب الثوب وانّ الوضوء من فضل وضوء المسلمين احبّ
وانّه امر بالطريق فيسيل على الميزاب فى اوقات اعلم ان الناس يتوضئون قال ليس به
باس لا تسئل عنه وان الجنب يغتسل فينتضح الماء من الارض فى الاناء قال لا باس وان
كل شيء من الطير يتوضأ ممّا يشرب منه الا ان ترى فى منقاره دما فان رايت فى منقاره
دماء فلا يتوضأ منه ولا تشرب وان ماء شربت منه الدّجاجة ان كان فى منقاره قذر لا
تشرب ولا يتوضأ منه وان لم تعلم ان فى منقاره قذر أتوضأ واشرب الى غير ذلك من
الاخبار بقى انه قد ادعى الوالد الماجد ره فى بعض كلماته الاتفاق على اعتبار الظنّ
المستفاد من شاهد الحال ولو لم يكن متعلقا بالموضوع كما فى الظنّ بالرّضاء فى مكان
المصلّى بل كان مفيدا للظن بالحكم كما فى الظنّ بوجوب شيء من باب الظنّ بكون فعل
النبى من جهة الوجوب وقد زيفناه فى محله واستشكل فى الرياض فى اعتبار الاذن
المستفاد من شهادة الحال فى مكان المصلّى لكن جرى على الاعتبار بالأخرة والمحكى فى
الذخيرة والكفاية عن ظاهر كثير من الاصحاب اعتبار العلم فى شهادة الحال فى ذلك ومنع
فى المقاصد العلية عن اعتبار الاذن المستفاد من شاهد الحال فى اباحة الماء فى
الوضوء وعن بعض ان الاذن فى اللباس لا بد ان يكون صريحا ولا يكون كالمكان فى انه
يكفى فيه الفحوى وشاهد الحال ومنع فى اللمعة عن الاذن المستفاد من شاهد الحال فى
توكيل الغير وقد عدم فى الشّرائع فى باب مكان المصلى من اقسام الاذن شاهد الحال
وقال كما اذا كان هناك امارة تشهد ان المالك لا يكره ومقتضاه
__________________
كفاية الظن بالاذن فى شهادة الجال وان كان مادة الشهادة ملائمة للعلم لكنه
حكم فى المعارج فى باب منصوص العلة بانه ان نص الشارع على العلة وكان هناك شاهد
حال يدل على سقوط اعتبار ما عدا تلك العلة فى ثبوت الحكم جاز تعدية الحكم وكان ذلك
برهانا والفاضل التوني فهم منه ان الغرض من شاهد الحال ما يفيد القطع والتحقيق
الكلام محل آخر لكن لا اشكال فى ان المستفاد من شاهد الحال فى مكان المصلى ولو كان
من باب العلم لا يكون من باب الاذن لاعتبار اللفظ فى الاذن غاية الامر العلم
بالرضا واعتباره على تقدير استفادة العلم بالرضا من شهادة الحال ماء على كفاية
الرّضا بدون الاذن كما هو الظاهر بل بلا اشكال وان لا يكفى مجرد الرضا فى الرشوة
والرّبا والمكاسب المحرمة وعلى ذلك المنوال الظن بناء على اعتبار فائدة المدار فى
الشبهة الموضوعية على تطرق اختفاء الحكم من جهة الخارج بحيث لو ارتفع الاشتباه
الخارجى فلا يكون اشتباه فى الحكم خلاف الشبهة الحكميّة فان المدار فيها على
اختفاء الحكم من جانب الشّارع من دون مداخلة للخارج فى الاشتباه وقد يقع الاشكال
فيما لو شك فى كون جوان من ذوات النفوس السّائلة ماكول اللحم او غيره من حيث كون
الشبهة حكميته او موضوعية لكن الاظهر كون الشبهة ملحقة بالموضوعية لانحصار الحيوان
من ذوات النفوس السّائلة فى ماكول اللحم وغيره وتردّد الفرد المشكوك فيه بين نوعين
من جنسه وبالجملة فالشّك فى القسم المتعارف من الشبهة الموضوعية من جهة دوران
الفرد بين نوعين من جنسه لعروض العارض والشك وهنا من جهة اختفاء الحكم الشىء فى
نفسه لا من جهة الدّوران بين نوعين من جنسه ومع جذا نقول انه لم يرد لفظ الشّبهة
الحكميّة والموضوعية فى كتاب او سنة حتى يداق فى كون الشبهة مصداق اى من الشبهتين
فلا بد من البناء على ما يقتضيه القاعدة فعلى القول باصالة البراءة فى باب الشك فى
التكليف والعمدة حكم العقل لا يتاتى تسلم حكم العقل بالبراءة فى المقام ولو كان
الشّبهة من باب الشبهة الحكميّة لفرض احراز ممانعة عدم اكل اللحم والشك فى كون
الحيوان المذكور ماكول اللحم او غيره بل لا بد من ملاحظة دليل الممانعة من حيث
لانصراف الى حال العلم وشموله لحال عدم امكان العلم والشك فى الشمول وفيشرح الحال
بملاحظة ما حررناه فى الرّسالة المعمولة فى الصّلاة فى الماهوت ثمّ إنّه قد يكون
الرّجوع الى الكتاب موجبا لرفع الشبهة الموضوعية خلاف ما هو الغالب من ان الرّجوع
الى الكتاب يرفع الشبهة الحكمية وهو شان الكتاب وذلك انما هو فيما لو شك فى ورود
التوعيد على المعصية فى الكتاب مع عدم الفحص حيث إنّ الشبهة فيه موضوعية اذا
المفروض وضوح الحكم لو اتضح ثبوت التوعيد بالرّجوع الى الكتاب ، التوعيد فى الكتاب
من باب تحقيق الموضوع وإلّا فلا يستنفاد من الكتاب حكم لكثيرة وحكمها انما قد
استفيد من السّنة لكن لو شك فى ثبوت التوعيد على المعصية فى الكتاب فيجب الفحص وان
كان الشبهة موضوعيّة قضية اناطة الفسق بارتكاب الكبيرة الواقعية وعدم اطراد لاجماع
على عدم وجوب الفحص فى الشبهة الموضوعية فى المقام بلا كلام بل الاجماع قائم على
خلافه بل يلزم الهرج والمرج لو لا لزوم الفحص فى الباب بلا ارتياب ومما ذكر يظهر
الحال من حيث كون شبهة موضوعية فيها لو لم يفهم التوعيد بعد الرجوع الى كتاب كيف
وحال الشبهة من حيث الموضوعية والحكمية لا يختلف بالفحص وعدمه لكن هاهنا يلزم
العمل بالاصول والقواعد وعلى منوال حال الكتاب حال السّنة بناء على تعميم التوعيد
بالنار او العذاب فى ناب الكبيرة للسنة السّابع فى حجية الظن فى الموضوعات من حيث
الاستنباط والكلام فى المقام انما هو فى الظن المتعلق بالفاظ الكتاب والسنة مما
يترتب عليه حكم شرعى إلّا انه يطّرد الكلام فى مثل الأقارير والوصايا والاوقاف لو
لم يتاب معرفة المراد الا بتوسّط الموضوع له والا فلو عرف المزاد بدون معرفة الموضوع
له كان كان اللفظ مشهورا فالظن بالموضوع له خارج عن مورد الكلام واما ما لا يترتب
عليه حكم شرعى من الفاظ الكتاب والسّنة كما كان فى بيان القصص والحكايات او غير
تلك الالفاظ كما فى الالفاظ التى تتفق فى محاورات الناس فى اليوم واللّيلة فلا
كلام فيها كيف لا والكلام فى الحجّة من جانب الشارع ولا ارتباط لها بالالفاظ
المشار اليها ويمكن ان يقال ان الكلام يطرد فى الطائفتين المشار اليهما من الالفاظ
بل يعم لهما والثمرة جواز نسبه المعنى المظنون كونه مراد للمتكلم الى المتكلم على
تقدير حجية الظن وعدم الجوار على تقدير عدم الحجيّة لو لم يتات معرفة المراد يدون
معرفة الموضوع له نعم لو عرف المراد بدون معرفة الموضوع له فالامر خارج عن مورد
الكلام كما سمعت فى مثل
الأقارير والوصايا وايضا الكلام يعم جهات الاستنباط اعنى اللغة والعرف
والشرع على حسب عمم الموضوعات من حيث الاستنباط لها وأيضا الكلام فى المقام يعم
الظن بالمعنى الحقيقى والظن بالمعنى المجازى وان امكن القول بان مورد الكلام فى
المقام انما هو الظن بالمعنى الحقيقى وتاتى الكلام فى المعنى المجازى من باب
الاطراد لا العموم وايضا الظنون المتعلقة بالموضوعات من حيث الاستنباط على وجوه منها
ما يكون معلوم الحجيّة كالظن الحاصل من قول اللغوى وان كان واحدا وقد يعدم هذا
القبيل الاصول العدمية كاصالة عدم النقل وغيرها وفيه ان المحقق السّبزوارى انكر
حجية اصالة عدم النقل فى لباس الذخيرة وكذا المحقق الخوانسارى فى بئر المشارق
تعويلا على ان المراد بالاصل فيها الاستصحاب ولا دليل على حجية فى الامور اللغوية
وهو المحكى عن العلامة المجلسى فى البحار والفاضل الخوانساري فى تعليقات الرّوضة
وقد يعد فى قبيل ذلك ايضا الارادات الظنية المثبتة للمطلوب بضميمة اصالة عدم النقل
كالتّبادر الظنى بناء على انها وان لم تكن اجماعية إلّا انها لما كانت مثبتة
للمطلوب بضميمة الاصل المقطوع به اعتباره اجماعا فكانها ايضا اجماعيّات وانت جير
بابن النتيجة تابعة الآخر المقدمتين فالاصول الا يجدى الاجماع على اعتبارها بعد
تسليم الاجماع فى صيرورة تلك الامارات منزلة المجمع عليه ومنها ما يكون مشكوك
الحجيّة وقد يعدم هذا الباب الظن الحاصل من الاستقراء وذهاب الاكثر من العلماء
الذين لا يكونون من اهل الخبرة كالاصوليين والبيانيين والظن الحاصل من الخبر
الواحد المظنون صدوره عن المعصوم والا فالخير المقطوع صدوره عن المعصوم لا كلام فى
حجيته ومنها ما يكون حجيته معلوم العدم كالظن الحاصل من القياس لكن بقول ان القياس
ان كان فى باب استنباط الموضوع له فدعوى العلم بعدم الحجيّة ان كان من باب شمول
الاخبار الدالة على حرمة العمل بالقياس فهى غير شاملة الاثبات الوضع بلا اشكال وان
كان من باب قيام الاتفاق على عدم ثبوت الوضع فينافيه ما عن ظاهرا التهذيب والمنية
من القول بجواز اثبات الوضع بالقياس إلّا ان يقال انه لا حاجة فى حصول العلم الى
قيام الاتفاق بل فيتحصّل العلم بما دون الاتفاق نظير ما حرّرناه فى بحث الاستقراء
فى تزييف ما اشتهر من ان الاستقراء الناقص يفيد الظنّ من افادة الاستقراء الناقص
للعلم لو تقارب الاستقراء التام والمدار فى اعتبار الاتفاق هنا بل فى عموم الموارد
على افادة العلم بل لو كان المدار على الكشف فيتاتى الكشف فيما دون الاتفاق مضافا
الى ما اشتهر من تقسيم العوامل الى القياس والسماعى الّا ان يقال ان المقصود بالقياس
فيه هو الوضع النوعى وان كان فى مقام استكشاف المراد فدعوى العلم بعدم الحجيّة بعد
تصوير صورة افادة القياس للظن بالمراد وان كان من باب شمول الاخبار الدالة على
حرمة العمل بالقياس فهى غير شاملة ايضا لاستكشاف المراد بالقياس وان كان من باب
عدم تداول القياس بين الناس فى استكشاف المراد فهو بعد تسليمه لا ضير فيه بناء على
اعتبار حجية مطلق الظن لافادة الظن بالمراد الظن الحكم وياتى الكلام فى المقام
وبالجملة فالكلام يقع تارة فى الظن بالوضع واخرى فى الظن بالارادة فهنا مقامان المقام
الاوّل فى الظن بالوضع وقد ادعى جماعة الاجماع على حجية الظن فيه قال الآمدي فى
بحث مفهوم الصفة كان العلماء فى كل عصر الى زماننا هذا يكتفون فى اثبات الاحكام
الشرعية المستندة الى الالفاظ اللغوية بنقل الآحاد المعروفين بالثقة والمعروفة
كالاصمعى والخليل وابى عبيدة وامثالهم وقال العضدى فى البحث المشار اليه انا نقطع
ان العلماء فى الاعصار والامصار كانوا يكتفون فى معان الالفاظ بالآحاد كنقلهم عن
الاصمعى والخليل وابى عبيدة وقال فى وائل بحث الامر يكفى الظهور ونقل الآحاد فى
مدلولات الالفاظ والا لتعذر العمل باكثر الظواهر اذ المقدور فيها انما هو يحصل
الظن واما القطع فلا سبيل اليه البتة وقال المدقق الشيروانى فى تعليقات المعالم فى
بحث الحقيقة الشرعية لم يزل العلماء فى كل عصر يعوّلون على الآحاد فى اللغة
كالخليل والاصمعى ولم ينكر ذلك من العصر السابق واللاحق فصار ذلك اجماعا وقال
المحقق السّبزوارى فى رسالته المعمولة فى الغناء بخط عند الكلام فى معين لغناء
والاخفاء فى ان ما ذكرناه يفيد الظن الغالب بالمدعى وهو كان فى هذا الباب فان غاية
ما يحصل فى معرفة الالفاظ الشرعية واحكامها فى زماننا هذا انما هو الظن وطرق العلم
فى الاحكام منسدة علينا الا نادرا ومن ا خلاف ذلك فقد عدل
عن الحق وفارق المنهاج وسقوط قوله معلوم عند من مارس الطرق الفقهية ونظر
الى المستندات الاحكام الشرعية وبالجملة ليس البحث الا مع من يسلّم منّا هذا الاصل
فان قلت ما ذكرت من كلام اهل اللغة لا يفيد ظنّا لعدم ظهور صحة مذاهبهم وعدم ثبوت
عدالتهم ولا اعتماد على قول غير الثقة قلت صحة المراجعة الى اصحاب الصّناعات
البارزين فى صنعتهم البارعين فى فنهم فيما اختص بصناعتهم ممّا اتفق عليه العقلاء
فى كل عصر وزمان فان اهل كل صنعة يسعون فى تصحيح مصنوعاتهم وصيانتها وحفظها عن
مواضع الفساد ويسدّون مجارى الخلل بحسب كدهم وطاقتهم ومقدار معرفتهم بصنعتهم لئلا
يسقط محلهم عند الناس ولا يشتهرون بقلة الوقوف والمعرفة فى امرهم وان كان فاسقا
ظالما فى بعض الاحوال وهذا امر محسوس فى العادات مجرب مرتكز فى النفوس والطبائع
المختلفة نعم صحة المراجعة الى صاحب الصّنعة تحتاج الى اختياره والاطلاع على حسن
صنعته وجودة معرفته والثقة بقوله وذلك يظهر بالتسامع وتصديق المشاركين فى الفن
وتعويل اهل الصّنعة عليه ولذلك ترى المشهورين من اهل اللغة يرجعون الناس اليهم فى
تفسير اللغات الغريبة العربيّة على تفسيراتهم وتعبيراتهم ويستدلون بذلك ويستندون
اليه فى مبادى الاحكام الشرعية وكتب الاصحاب مشحونة بذلك الى ان قال ومن هذا الباب
مراجعة المسلمين الى اطباء اليهود والنصارى عند حذاقتهم وثقتهم فى صدور الازمان من
غير نكير وهذه القاعدة معمولة بين العامة ايضا فانهم يرجعون ويستندون فى تفسير
اللغات الى اللغوى من الخاصّة كالخليل وابن دريد وابن خالويه وغيرهم ومقتضى كلامه
دعوى اتفاق العقلاء على الرّجوع فى كل صنعة عند الحاجة الى اهلها فعلا كما فى اكثر
اهل الصّنائع وقولا كما فى البعض والمرجع الى دعوى اتفاق العقلاء على الرّجوع فى
كل صنعة التى اجلها من غير ملاحظة العدالة فضلا عن العدد وعن السيّد السّند العلى
القول بعدم اعتبار الظنّ فى المقام وهو مقتضى ما صنعه السيّد السّند الصّدر حيث
منع عن حجية الظنّ المستند الى التبادر فى اثبات الوضع فى بحث الحقيقة الشرعية
وقال الى القول به على القول باعتبار الظنون الخاصّة بعض من تاخر حيث انه ذكر ان
القدر المتيقن من الاتفاق على رجوع العقلاء الى اصحاب الصّناعات انما هو الرجوع مع
اجتماع شرائط الشهادة من العدد والعدالة ونحو ذلك لا مطلقا قال ألا ترى ان اكثر
علمائنا على اعتبار العدالة فيمن يرجع اليه من اهل الرّجال بل وبعضهم على اعتبار
العدد والظاهر اتفاقهم على اشتراط التعدد والعدالة فى اهل الخبرة فى مسئلة التقويم
وغيرها هذا مع انه لا يعرف الحقيقة من المجاز بمجرّد قول اللغوى فلا ينفع فى تشخيص
الظواهر فالانصاف ان الرّجوع الى اهل اللغة مع عدم اجتماع شروط الشّهادة اما فى
مقامات يحصل العلم بالمستعمل فيه من مجرد ذكر لغوى واحد او ازيد له على وجه يعلم
كونه من المسلمات عند اهل اللغة كما قد يحصل العلم بالمسألة الفقهيّة من ارسال
جماعة لها ارسال المسلمات واما فى مقامات يتسامح فيها لعدم التكليف الشرعى بتحصيل
العلم بالمعنى اللغوى كما اذا اريد تفسير خطبة او رواية الا يتعلق بتكليف شرعى
واما فى مقام انسدّ فيه طريق العلم ولا بد من العمل فيعمل بالظن بالحكم الشرعى
المستند الى قول اهل اللغة ولا يتوهم ان طرح قول اللغوى الغير المفيد للعلم فى
الفاظ الكتاب والسنة مستلزم لانسداد طريق الاستنباط فى غالب الاحكام لاندفاع ذلك
بان اكثر موارد اللغات الا ما شذ وندر كلفظ الصّعيد وغيره معلوم من العرف واللغة
فالحاجة الى قول اللغوى الذى لا يحصل العلم بقوله لقلة مواردها لا تصلح سببا للحكم
باعتباره لاجل الحاجة نعم كل من عمل بالظن فى مطلق الاحكام الشرعية الفرعية يلزمه
العمل بالظن بالحكم الناشى من الظنّ بقول اللغوى لكنه لا يحتاج الى دعوى انسداد
باب العلم فى اللغات بل لعبرة عنده بانسداد باب العلم فى معظم الاحكام فانه يوجب
الرّجوع الى الظنّ بالحكم الحاصل من الظنّ باللغة وان فرض انفتاح باب العلم فيما
عدا هذا المورد من اللغات اقول انّ دعوى ان القدر المتيقن من رجوع العقلاء الى
اصحاب الصناعات انما هو فى صورة اجتماع شرائط الشهادة من العدد والعدالة فى كمال
الضعف لوضوح انه لا يلتزم احد بشرائط الشهادة فى الرّجوع الى البناء والنجار
وغيرهما فيما تطرق الحاجة الى الفعل من ارباب الصناعات كيف لا ويرجعون الى الكفار
فى قضاء الوطر كاصلاح الساعة ومعالجة المرض وغيرهما وكذا الحال فى الرّجوع الى
المقوم عند تطرق الحاجة الى القول سواء كان التقويم بالاخبار عن القيمة الفعلية
المتعارفة المضبوطة من باب الاخبار بدخول الفرد فى الجنس الجيّد او الردى المعلوم
حالهما
من دون حاجة الى الاجتهاد فى قيمة الجنس ولا حاجة الى الاجتهاد فى دخول
الفرد فى الجنس او بالاخبار عن القيمة الفعلية المعلومة المضبوطة من باب الاخبار
بدخول الفرد فى الجنس بتوسّط الحدس والاجتهاد المستند الى الممارسة نظير معالجة
الاطباء فان عمدة الصّعوبة فيها انما هى فى تشخيص المرض ودخول الفرد فى الجنس وهو
المحتاج الى الاجتهاد والا فمعالجة الامراض معلومة مضبوطة فى محلّه او بالاخبار عن
القيمة الشأنية من باب الحدس والاجتهاد فى قيمة الجنس بتوسّط الممارسة مع عدم
الاطلاع على القيمة الفعلية ومع ذلك الاكتفاء بمجرّد قول اللغوى ولو مع عدم احراز
شرائط الشهادة طريقة اهل الفنون كلا وكان الرّجوع الى قول اللغوى بمجرّده طريقا فى
قطع المخاصمات فى جميع الاعصار بلا شبهة كيف لا ولو لا الامر على هذا لما تجشّم
اهل اللغة مع كون كثير منهم من العامة فى ضبط معادن الالفاظ ورسم كتب مطوّلة ومع
ذلك لا مجال لكون اعتبار قول اللغوى من باب اعتبار الشهادة لانه مبنى بعد عدم
الاستناد الى الحسن على عدم اختصاص اعتبار الشهادة بموارد القضاء ولا سيّما مع قول
اللغوى المتعرض لشرح حال اللفظ خصوصا مع كون الغالب فى اهل اللغة سوء المذهب
ويشترط فى الشهادة الايمان الا فيما خرج بالدليل فلا مجال للعدالة فى الغالب بناء
على منافاة سوء المذهب للعدالة ومقتضى كلامه امكان العدالة فى حق اللغوى واعتبار
قوله من باب الشهادة على تقدير اكمال العدد قوله ألا ترى ان اكثر علماءنا على
اعتبار العدالة فيمن يرجع اليه من اهل الرجال كما ترى اذ لم اقف على اشتراط
العدالة فى غير صاحب المعالم وهو قد اشترط العدد ايضا كيف لا والتمسّك بقول ابن
عقده والحسن بن على بن فضال وابن نمير وابن حجر غير عزيز هذا بناء على كون المقصود
بالعدالة هو المعنى المصطلح عليه ظاهر دخول الايمان فيه هنا وان لم يدخل فى اصل
الاصطلاح واما لو كان المقصود مجرد الوثوق المطرد فى سوء المذهب كما ذكر شيخنا
البهائى ان المستفاد من كلام الشيخ فى العدة ان العدالة المشروطة فى الرّواية غير
العدالة المشروطة فى الشهادة فلا ارتباط له بالمقصود اذ المرجع الوثوق الى الظنّ
بالصّدق وهذا غير مرتبط بالشهادة اذ المعتبر فى الشهادة الايمان مضافا الى العدالة
بناء على خروج الايمان عن العدالة مع ان مقتضى الاستشهاد كون تزكية اهل الرجال من
باب الشهادة وصريح كلامه عدم مصير غير البعض اليه بل لا مجال لكون تزكية اهل
الرجال من باب الشهادة اذ الشهادة من باب القول والتزكية التى يتصادفها المجتهد من
باب المكتوب عن المكتوب مرات متعدّدة وما ذكره من انه لا يعرف الحقيقة عن المجاز
بقول اللغوى يمكن القدح فيه بان ذكر المعنى اول المعانى مرشد الى كونه هو المعنى
الحقيقى للزوم المجاز بلا حقيقة لو لم يكن للّفظ معنى حقيقى وتقديم المجاز على
الحقيقة لو كان المعنى الحقيقى متاخر الذكر كما جرى على ذلك الوالد الماجد ره وان
انكره المحقق القمى فى بعض ما علقه على شوارع الوالد الماجد ره لكن يمكن القول بان
الاستقراء فى كلمات اهل اللغة يقضى بعدم المبالات عن تاخير المعنى الحقيقى وان كان
هذا خارجا عن المسلك المناسب وما ذكره من انه قد يحصل العلم بالمستعمل فيه من ذكر
لغوى واحد او ازيد له على وجه يعلم كونه من المسلّمات عند اهل اللغة مدفوع بانه لا
يتجاوز الامر على ذلك من نقل الاجماع ولا خفاء فى ان نقل الاجماع ما لم يبلغ
التواتر لا يفيد العلم وبوجه آخر نقل الاجماع ما لم يبلغ حد التواتر لا يفيد العلم
باى وجه واى نحو كان النقل وما لو قيل ان الغرض ان يذكر اللّغوى استعمال اللفظ فى
المعنى مقرونا بذكر قرينة توجب العلم بالتّسلم كان يذكر موارد كثيرة لاستعمال
اللّفظ المذكور فى المعنى المذكور يندفع بانه انّما يتم فى صورة اشتهار اللفظ والا
فلو كان اللفظ غير مشهور فيمكن اطلاع كثير من اللغويّين عليه فضلا عن التسلم بينهم
اللهمّ إلّا ان يكون المقصود بالتسلم بين اهل اللغة وهو التسلم بين اهل اللغة
العربيّة لا اهل كتب اللغة مع انه يمكن قيام صورة اخرى للقرينة المشار اليها لكن
الظاهر ان امثال ما ذكر مجرّد فرض غير واقع فلا عبرة بها ومع هذا نقول ان المقصود
بالوجه الموجب للعلم بالتسلم هو اظهار التسلم لا القرنية بشهادة قوله كما انه قد
يحصل العلم بالمسألة الفقهية من ارسال جماعة لها ارسال المسلّمات وما ذكره فى
الشاهد عليه مردود بانه لا يتجاوز الامر على ذلك عن استفاضة نقل الاجماع ولا ريب
فى ان استفاضة نقل الاجماع لا يفيد العلم وما ذكره من ان القناعة بالظن فى الوضع
فى مقام تفسير الخطبة والرواية من باب المسامحة لعدم ترتب تكليف شرعى مدفوع بان
التفسير بغير الوجه المعتبر من قبيل الكذب والافتراء ومن هذا عدم جواز تفسير
الكتاب بالراى وليس القناعة بالظنّ فى
مقام تفسير الخطبة والرّواية من باب المسامحة بل من باب استقراء الطّريقة
على القناعة بالظن فى الوضع ومن هذا القناعة فى تفسير الكتاب فيما لم يتعلق بالحكم
الشرعى ايضا بالظن وإلّا فلا يسامح مسامح فى تفسير الكتاب وما ذكره من ان اكثر
موارد اللغات الا ما شذ وندر معلوم من العرف واللغة فيضعف بوضوح انه ليس الغالب من
الموارد والمواد المذكورة فى القاموس مثلا معلوم الحال للا اشكال إلّا ان يقال ان
المقصود اكثر موارد اللغات مما وقع مورد الحكم الشرعى بناء على كون النزاع فى الفاظ
الكتاب او السنة لكن نقول ان اكثر ما وقع فى الكتاب او السنة وان كان معلوم الحال
لكن كثير منه غير معلوم إلّا ان يقال ان المقصود اكثر مما وقع فى الكتاب والسنة
مما وقع فى مورد الحكم الشرعى وربما يقال ان المقصود بالموضوع له فى المقام ما
يتصرف اليه اللفظ عند الاطلاق مجرّدا عن القرينة واكثر ما كان على هذه الوثيرة بل
كله معلوم الحال لكنك خبير بانه ان كان الغرض استقرار الاصطلاح فهو بعد عدم الثبوت
حال عن التسامح وإلّا فلا خفاء فى عدم اختصاص الموضوع له فى باب الالفاظ بما ينصرف
اليه اللفظ عند الاطلاق والتجرد عن القرينة وما ذكره من ان من قال باعتبار الظنّ
فى نفس الاحكام يلزمه القول باعتبار الظنّ فى المقام ينقدح بانه ان كان الغرض ان
من قال باعتبار مطلق الظنّ بالحكم حتى الظنّ بالحكم المسبّب عن الظنّ بالوضع يلزمه
القول باعتبار الظنّ فى المقام فمرجعه الى انّ من قال باعتبار مطلق الظنّ بالاحكام
يلزمه القول باعتبار الظنّ فالوضع وهو كما ترى وان كان الغرض ان من قال باعتبار
مطلق الظنّ بالحكم فى الجملة اى قال باعتبار الظنّ بالحكم المسبّب عن العلم بالوضع
يلزمه القول باعتبار الظنّ بالوضع فمرجعه الى ان من قال باعتبار الظنّ بانكم لتسبب
عن العلم بالوضع يلزمه القول باعتبار الظنّ بالحكم المسبب عن الظنّ بالوضع وهذا
ليس بينا ولا مبينا بل هو انما يتاتى لو لم يثبت الترجيح للظن بالحكم المسبّب عن
العلم بالوضع وإلّا فلا يتجه التعدى عن الظنّ المذكور الى الظنّ بالحكم المسبّب عن
الظنّ بالوضع وبالجملة فالظاهر كل بلا اشكال اعتبار الظن بالوضع بناء على اعتبار
الظنون الخاصّة للاجماعات المنقولة المتقدمة وان امكن القدح فى التمسّك بها بانها
بعد اعتبار الظنّ فى الاصول وبعد الوثوق بنقل الاجماع لا تكون كاشفة عن راى
المعصوم اذ بيان حجية الظنّ بالوضع خارج عن وظيفة المعصوم إلّا ان يدعى حصول العلم
من تلك الاجماعات المنقولة ولا سيّما مع استعداد المحل لحصول العلم فانه يختلف
تاثير اسباب العلم باختلاف الموارد فى حصول العلم فربما يكون مورد يؤثر فيه السبب
الضّعيف لحصول العلم لاستعداد المورد لحصول العلم تقرب المطلب الى الذهن كما انه
يختلف حال الاسباب العادية باختلاف المسببات فربما يكون مسبّب يؤثر فيه السّبب
الضعيف لشدة استعداد المسبّب بقبول التاثير ولا ريب فيما ذكر ومع هذا طريقة
العلماء مستقر فى جميع الفنون على الرجوع الى ارباب اللغة مع زعم عدم خروج الامر
عن الظنّ وهذا يوجب القطع باعتبار الظنّ وان لم يتات الكشف عن راى المعصوم بناء
على كون بيان حجية الظنّ بالوضع خارجا عن وظيفة ارباب العصمة عليهم السّلم ومع هذا
طريقة العقلاء مستقرة على الرّجوع فى الصنائع الى اهلها وان كان هذا لا يجدى فى
المقصود الا بانضمام التقرير بتقرير غير متعارف بان يقال ان عدم الرّدع عن الرجوع
الى كلمات اهل اللغة فى تشخيص موضوعات الاحكام الشرعية يقتضى الرّضا به اذ لو لم
ينكر هذا الجرى الناس عليه بمقتضى الجبلة لكن يمكن القدح فيه بعدم وكون النفس اليه
ولا سكونها به ومع هذا قد تقدم الاجماعات المنقولة الدالة على قيام الظنّ مقام
العلم كلما تعذر العلم بموضوعات الاحكام الشرعية يقوم الظنّ مقامه واما بناء
على حجية مطلق الظنّ فلا اشكال فى اعتبار الظنّ بالوضع لتطرق الظنّ بالحكم من
الظنّ بالوضع ولعلّ منشأ القول بعدم حجية الظنّ فى المقام من السيّد السّند العلى
مع قوله بحجية مطلق الظنّ هو دعوى غلبة العلم بالوضع فى الالفاظ اللغويّة فمن ترك
العمل بالظن بالحكم المستند الى الظنّ بالوضع من باب ترك العمل بالظن لا يتاتى
المخالفة القطعيّة بالنسبة الى الاحكام الفرعية بل لا يتاتى المخالفة القطعية
بالنّسبة الى الموضوع له اى لا يتاتى القطع بمخالفة الوضع لكنه يندفع بانه لو ترك
العمل بالظن بالحكم المسبب عن العلم بالوضع على مقدار قلة الظنّ بالحكم المسبّب عن
الظنّ بالوضع فهو لا يوجب المخالف القطعية والخروج عن الدين بالنسبة الى الاحكام
الفرعية وليس ترك العمل بالظن بالحكم المسبّب عن الظنّ بالوضع الى ما ذكر ان
النتيجة تابعة لاخس المتقدمتين ومجرد استناد الظنّ بالحكم الى العلم بالوضع لا
يوجب لزوم الاقتصار عليه وان قلت ان الظن بالحد المسبّب عن العلم بالوضع هو القدر
المتيقن فى الحجية والاصل عدم حجية الظنّ المسبّب عن الظنّ بالوضع قلت انه ان كان
المقصود اتفاق ارباب القول بحجية مطلق الظنّ فهذا لا يفيد الترجيح اذ القائل
باعتبار العلم بالوضع نادر وجوده ندرة كعدم
__________________
الوجود فلا مزية فى الظنّ بالحكم المسبب عن العلم بالوضع مع ان هذا الترجيح
لو نفع انّما ينفع فى حق من تاخر عن القائل باعتبار العلم بالوضع ولا ينفع فى حقه
مضافا الى ما يظهر ممّا مرّ فى تزييف كون الشهرة مرجحة للظّنون الخاصة اجتهادا او
عملا فضلا عن ان الظن بالحكم المسبّب عن العلم بالوضع انما يكون من باب القدر
المتيقن لو لم يكن فى الظنّ بالحكم المسبّب عن الظنّ بالوضع مزية من جهة اخرى كما
لو كان الظنّ بالحكم المسبّب عن الظنّ بالوضع من باب الخاص او المقيد وكان الظنّ
بالحكم المسبّب عن العلم بالوضع من باب العام او المطلق او كان الظنّ بالحكم
المسبّب عن الظنّ بالوضع من الظنّ المستفاد من الكتاب وكان الظنّ بالحكم المسبّب
عن العلم بالوضع من الظنّ المستفاد من خبر الواحد اذ المحكى عن جماعة عدم جواز
تخصيص الكتاب بخبر الواحد إلّا ان يقال ان مقالة الجماعة وجودها كالعدم لندرة
الجماعة قضية مصير معظم الفريقين الى القول بجواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد فليس
فى الظنّ المستفاد من الكتاب مزية على الظنّ المستفاد من خبر الواحد وان قلت ان
حجية الظنّ بالوضع قد يقتضى الظنّ بالحكم الاصولىّ كما فى آية النبإ حيث ان مقتضى
حجية الظن بالوضع فى منطوقها حجية الخبر الموثق بناء على اختصاص العدالة بالايمان
وكذا حجية الخبر الحسن والقوى والضّعيف المنجبر بالشهرة كما ان مقتضى حجية الظنّ
بالوضع فيها مفهوما من باب مفهوم الشرط او مفهوم الوصف بناء على استناد مفهوم
الشّرط الى وضع أداة الشرط او استناد مفهوم الوصف الى الوضع النوعى حجية خبر العدل
فاما ان يقتصر فى الحجية على الظنّ فى الفروع فهو خلاف الاجماع المركب او يقال
بعموم حجية الظنّ للظن فى الاصول ففيه مخالفة الاصل من غير دليل وان قيل بحجية
الظنّ بالوضع المقتضى للظن فى الفروع من باب الاستلزام والحاق الظنّ فى الاصول
بالظن فى الفروع فى الحجية من باب الاجماع المركب فليس هذا اولى من العكس اعنى
القول بعدم حجية الظنّ فى الاصول والحاق الظنّ فى الفروع من باب الاجماع المركّب
قلت بعد الكلام فى استناد مفهوم الشرط الى الوضع فضلا عن استناد مفهوم الوصف الى
الوضع وبعد الكلام فى دلالة الآية على كفاية التبيّن ظنا لورود الامر بالتبين مورد
الاجمال من باب ورود المطلق مورد بيان حكم آخر لكون الغرض المنع عن المسارعة الى
القبول كما تقدم وبعد الكلام فى ثبوت حجية خبر الموثق والحسن والقوى بمنطوق الآية
لظهور الآية فى تحصيل الظنّ بالصدق بلا واسطة وفى الموثق والحسن والقوى يكون
التبين عن حال الراوى فالتبيّن عن الصّدق بتوسّط الحال نعم الخبر الضعيف المنجبر
بالشهرة العملية يكون التبين فيه عن الصّدق بخلاف الشهرة المطابقة فان التبين فيها
يوجب الظنّ بمطابقة مضمون الخبر للواقع واين هذا من تحصيل الظنّ بالصّدور وقد تقدم
الكلام فى المقام انه لا ينتهض شيء من الاصلين اعنى اصالة عدم حجية الظنّ واصالة حرمة
العمل بالظن مع ان القول بحجية الظنّ فى الفروع والحاق الظنّ فى الاصول من باب
الاجماع المركب اولى من القول بعدم حجية الظنّ فى الاصول والحاق الظن فى الفروع من
باب الاجماع المركب لكون الاجماع المركب الاول من باب الوارد بالنسبة الى الثانى
فيقدم الاول نظير تقدم الاستصحاب الوارد على الاستصحاب المورود حيث ان حجية الظن
فى الفروع بحكم دليل الانسداد تستلزم عدم جريان الاصل فى الظنّ الاصولى بحكم
الاجماع المركب وجريان الاصل فى الظنّ الاصولى موقوف على عدم حجية الظنّ فى الفروع
نظير انّ ثبوت المستصحب بالاستصحاب الوارد يستلزم عدم ثبوت المستصحب بالاستصحاب
المورود فيقدم حجية الظنّ فى الفروع على عدم حجية الظنّ فى الاصول كما ينشرح مما
شرحناه فى تقديم الاستصحاب الوارد على الاستصحاب المورود ثم انّ ضبط مفردات
الالفاظ من اللغويين معمول به عند علماء الاسلام بالتمام وعليه اتفاقهم بلا كلام
فلا مجال للكلام فى المقام ولا فرق فى الباب بين ان يكون الضبط بالتصريح او
بالاعراب بل لو لا اعتبار اعراب القاموس مثلا بعد صحة الاعراب لا يتاتى الانتفاع
بالقاموس غالبا واما ضبط الالفاظ الكتاب والسنّة فاما ان يكون فيما لا يختلف الوجه
فيه كما هو الغالب او يكون فيما يختلف الوجه فيه وعلى الثانى اما ان يختلف المعنى
كما هو الغالب لو لا يختلف المعنى لا اشكال فى الجنبين واما الوسط فيتاتى الكلام
فيه تارة فى اعتبار الضّبط واخرى فى جواز مخالفة الضبط بالاجتهاد لا اشكال فى
اعتبار الضبط على حسب اعتبار ضبط المفردات لكن لو تأدّى الاجتهاد الى خلاف الضبط
فعلية المدار قضيّة حصول الظنّ فى هذا الجانب وعدم قيام دليل على اعتبار الضّبط من
باب التعبّد بلا شبهة فضبط الفاظ الكتاب والسنّة يتاتى فيه السبيل للاجتهاد بخلاف
ضبط المفردات فان الاجتهاد فيه منسد غالبا كما هو
الحال فى شرح المعانى من اللغويّين فان الاجتهاد فيه ايضا منسد غالبا وربما
يقع الخلاف بين رواه الاخبار فى ضبط بعض الفاظ الخبر كما فيما روى عن المؤمنين
عليه السّلم من ان من جدد قبرا فقد خرج من الاسلام فعن الصّفار انه من التجديد
بالجيم وعليه جرى فى الفقيه وجعل الغرض نبش القبر تعليلا بان من نبش القبر فقد
جدده واحوج الى التجديد وعن سعد بن عبد الله انه من التحديد بالحاء المهملة بمعنى
التسنيم وعن احمد بن ابى عبد الله البرقى انه من التحديث وفى الفقيه نفى معرفة
المقصود بناء عليه قيل الظاهر ان المراد من تحديد القبر ان تجعل ارض كان فيه قبر
سابقا ويدفن فى هذا القبر ميت آخر فصار هذا القبر قبر الميتين وقد احتمله فى
التهذيب وعن الشيخ المفيد انه من التخديد بالخاء المعجمة والمهملتين اخذا من قوله
سبحانه قتل اصحاب الاخدود والخد الشق يقال خددت الارض اى شققتها والظاهر انه يعمّ
شق القبر من باب النبش او لدفن الميت فيه ثم انه ربما قيل بكفاية ظن المقلد بصدق
الآنية فى باب آنية الذهب والفضّة لكون الظنّ من باب الظنّ بالوضع استنباطا من
العرف اذ مرجع الظنّ بصدق اللفظ على الفرد الخاص الى الظن بالموضوع له من حيث
الاستنباط نعم الظنّ بالوجود من باب الظنّ بالموضوع له من حيث التحصيل اقول ان
القدر الثّابت من الاجماع على حجيّة الظنّ بالوضع انما هو فى حق المجتهد واما
امثال الظنّ المذكور كالظن بصدق الماء المطلق على الماء الممزوج بالتراب وغيره
فالاجماع على الحجية فيها غير ثابت كما ان حجية التقليد فى الظنّ المشار اليه فى
القضية الشخصيّة غير ثابتة نعم الظن بالموضوع له فى كلمات المجتهد كما لو احتيج
استفادة معنى من كلام المجتهد الى الرجوع الى اللغة لا اشكال فى حجية ويمكن ان
يقال ان الظنّ المذكور من المقلد بعد حوالة المجتهد الحال الى العرف انما هو من
باب تقليد المجتهد فى فتوا ولا باس به نعم لو اتفق الظنّ المشار اليه من المجتهد
فاعتبار التقليد فيه غير ثابت كما انه لو اتفق الخلاف بين المجتهد والمقلد فى
الصّدق فيبنى الامر بعد جواز التقليد فى الصّدق فى القضية الشخصيّة على جواز
التقليد فى صورة الظنّ بالخلاف بقى ان مفاسد قلة التامل لا يطيقها نطاق الاحصاء
كما ذكره التفتازانى فى اوائل شرح التلخيص فلا تقنع فى مقام الاوضاع وغيرها بمجرد
الاشتهار وقد اعجبنى ان اذكر فى المقام ما وقع من الغفلة والاشتباه فى باب وضع
المركبات من المشهور القائلين بالوضع وبعض منكريه حيث ان الكاتبى عرف المجاز فى
المركب باللفظ المستعمل فيما شبه بمعناه الاصلى اى بالمعنى الذى يدل عليه
بالمطابقة كما يقال للمتردّد انى اراك تقدم رجلا وتؤخر اخرى فاستعمل الكلام الدال
على هذه الصورة فى تلك الصّورة واورد عليه التفتازانى بان المجاز فى المركب كما
يكون استعارة فقد يكون غير استعارة حيث انّ الواضع كما وضع المفردات لمعانيها بحسب
الشخص كذلك وضع المركبات لمعانيها التركيبية بحسب النوع مثلا هيئت التركيب فى زيد
قائم موضوعة للاخبار بالاثبات فاذا استعمل ذلك المركب فى غير ما وضع له فلا بد ان
يكون لعلاقة بين المعنيين فان كانت العلاقة هى المشابهة فاستعارة والا فمجاز مرسل
كقوله هو اى مع الركب اليمانين مصعد فان المركب موضوع للاخبار والغرض اظهار التحزن
والتحسّر فتعريف المجاز فى المركب بما ذكر عدول عن الصواب بل ينبغى التعريف باللفظ
المستعمل فى غير ما وضع له لمشابهة او غيره وربّما يستدلّ للقول بالوضع فى
المركبات باتفاق البيانيين على عد المجاز فى المركب من اقسام المجاز حيث ان المجاز
لا ينفك عن الحقيقة للزوم المجاز بلا حقيقة فمقتضاه الاتفاق على الوضع فى المركبات
وقد اجاب بعض المحققين من المتاخرين ممن انكر الوضع فى المركبات بما تحريره انه لا
منافاة بين انكار الوضع فى المركب والتزام المجاز فى المركب حيث ان المجاز فى
المركب بتبع المجاز فى المفردات لوضوح انه لو كان المفردات حقيقة لكان المركب
حقيقة غاية الامر ان كلا من المفردات هنا ليس مستعملا فى معنى خاص خلاف ما هو
الغالب المتعارف حيث ان الغالب والمتعارف فى المجاز فى المفردات انما هو استعمالها
فى معانى مخصوصة وما لا ينفك عن الحقيقة انما هو التجوز بالاصالة باستعمال اللفظ
الموضوع للمعنى الحقيقى فى غير المعنى الحقيقى والمفروض هنا ان المجاز فى المركب
يتبع المجاز فى المفردات لا فى نفسه نعم لو ثبت كون المجاز فى المركب بالاستقلال
باستعماله فى معنى على حدة غير ما تحصل من التجوز فى المفردات لثبت المقصود
والتحقيق ان المقصود بالمركّب المختلف فى كونه موضوعا هو المركب النوعى ولا مجال
لكون المقصود بالمركب فى تعريف المجاز فى المركب هو المركب الشخصى اذ الهيئة
التركيبية فى الجملة الفعلية المشتملة على الفعل والفاعل موضوعة للدلالة على صدور
الفعل عن الفاعل وبالجملة الفعلية هنا مستعملة ايضا فى الدلالة على صدور الفعل عن
الفاعل اذ تقدم رجلا وتؤخر اخرى بمنزلة ان يقال تردّد وما اورد به التفتازانى
مبنى على الاشتباه بين المركّب الشخصى والمركب النوعى بحمل المركب فى
المجاز فى المركب على المركب النوعى ويظهر ضعفه بما ذكر ما ذكره التفتازانى من ان
قوله هو اى مع الركب اليمانين مصعد مستعمل فى اظهار التحزن والتحسر مدفوع بان
القضية الخبريّة موضوعة على القول بالوضع فى المركبات للاخبار وليست العبارة
المذكورة مستعملة فى اظهار التحزن والتحسر كيف لا واظهار التحزن والتحسر لازم قهرى
غير قابل لاستعمال اللفظ فيه نظير ان لازم الحكم لازم للاخبار قهرا ولا مجال
لارادته من اللفظ بل العبارة المذكورة ليست مستعملة فى التحزن والتحسر من باب
استعمال الاخبار فى الانشاء وانما هى مستعملة فى الاخبار والداعى على الاخبار
اظهار التحزن والتحسر نظير ان الداعى على الاخبار قد يكون هو لازم الحكم نعم
المجاز فى المركب الشخصى يمكن ان يكون من باب المجاز المرسل فلا وجه لتخصيص المجاز
فى المركب باستعارة فلو اورد التفتازانى بهذا من دون ادراج حديث الوضع فى المركبات
لكان حسنا لكن ما ربّما يظهر منه من ان المجاز فى المركب النوعى قد يكون من باب
الاستعارة كما ترى اذ المجاز فى المركب النوعى لا يخرج عن استعمال الاخبار فى
الانشاء وبالعكس وشيء منهما لا يخرج عن المجاز المرسل إلّا ان يقال انه يمكن
التجوز فى القضية الخبرية من باب المجاز فى النوع بغير استعمال الاخبار فى الانشاء
كما هو الحال فى بعض الاقوال فى انبت الرّبيع اعنى القول بتشبيه الملابسة الفاعلية
بالملابسة الظرفية واستعمال الجملة فى الملابسة الظرفية وبما ذكرنا يظهر فساد
الاستدلال على القول بالوضع فى المركبات باتفاق البيانيين على عدّ المجاز فى
المركب من اقسام المجاز لابتنائه على الاشتباه بين المركب النوعى والمركب الشخصى
وحمل المركب فى المجاز فى المركب على المركب النوعى مع ان المركب المتنازع فيه من
حيث الوضع انما هو المركب النوعى والمركب فى المجاز فى المركب انما هو المركب
الشخصى ولا دلالة فى تطرق المجاز فى المركب الشخصى على ثبوت الوضع فى المركب
النوعى واما الجواب المتقدم عن الاستدلال المذكور فيضعّف بان التجوّز فى المفردات
وان يقضى بالتجوز فى المركب الشخصىّ لكنه لا يقتضى بالتجوز فى المركب النوعى لوضوح
انه لو كان كل من المفردات مجاز بالخصوص فضلا عما لو كان الكل دخيلا فى معنى مجازى
مخصوص لا يوجب خروج المركب النوعى عن الاستعمال فى الاخبار فلا يخرج المركب عن
الحقيقة مثلا لو قيل مات اسد وكان المقصود من الموت هو الذل وكان لمقصود بالاسد
زيد لا يخرج الهيئة التركيبيّة عن الاستعمال فى الاخبار مع كون كل من الفعل
والفاعل مجازا فيكون المركب النوعى حقيقة مع كون المركب الشخصىّ مجازا نظير انه لو
تطرق انقلاب الحال على جميع اجزاء مركب من المركبات العرفية بعروض العارض على كل
من الاجزاء قبل التركيب لا يوجب ذلك انقلاب حال نوع ذلك المركب وان كان المركب
الشخصى تابعا لأجزائه مثلا لو فسد كل من الخل والسّكّر قبل التركيب لا يوجب هذا
الفساد فساد نوع الاسكنجبين وان يوجب فساد الاسكنجبين المخصوص المركب من الخل
الفاسد والسّكر الفاسد فالجواب كالاستدلال مبنى على الاشتباه بين المركب النوعى
والمركب الشخصى بحمل المركب فى المجاز فى المركب على المركب النوعى نعم لو انكر
المجيب تطرق المجاز على المركب بدعوى ان المجاز فى المفردات غاية الامر ان كلا من
المفردات لا يكون مستعملا فى معنى مخصوص بل كل منها دخيل فى معنى مخصوص لسلم ممّا
ذكرناه لكن من البين ان التجوّز فى المفردات يقضى بالتجوز فى المركب لشخصى إلّا ان
يقال انه لو كان كل من المفردات من باب المجاز وان يكون المركب الشخصى من باب
المجاز الا ان كون المجموع من باب المجاز بمعنى كون كل من مفرداته مجازا وإلّا فلا
يتطرق فى المركب الشخصى مجاز برأسه ومع ذلك القول بكون التجوز فى المجموع بتبع
التجوز فى المفردات ليس اولى من العكس بكون التجوز فى المجموع بتبع التجوز فى
المفردات ليس اولى من العكس بكون التجوز فى المجموع متوزعا على المفردات وموجبا
لتطرق المجاز عليها كما فى رفع الحجر العظيم من عشرة رجال فانه متعلق بالمجموع
لكنه متوزع على الآحاد نظير سراية الحكم المتعلق بالطبيعة من حيث هى هى الى
الافراد إلّا ان يقال انه لا مجال لكون التجوز فى الافراد بتبع التجوز فى المجموع
لحصول التجوز فى المفرد المبدو به الكلام قبل الفرد الآخر فضلا عن المجموع لكن
يمكن القول بان مقتضى كلام المجيب ان التجوز لو كان واردا على المجموع بالاصالة
يكشف عن الوضع مع انه لو كان التجوز فى المجموع متوزعا على المفردات لا يكشف عن
الوضع لعدم سراية التجوز فى الشيء الى غيره لكن لا بد فى الكاشف عن وضع المجموع من
عدم التوزع على المفردات إلّا ان يقال ان التجوز فى المركب لا يحتمل سرايته الى
الافراد الا فى بعض الصّور بل التجوز فى المركب لا يحتمل سرايته
الى المفردات الا فى صورة صدور المركب دفعة من دون سبق بعض المفردات على
بعض وهذا ممتنع فالحق فى الجواب عن الاستدلال ان يقال اولا ان المجاز فى المركب لا
يرتبط بالقول بالوضع فى المركبات لكون المقصود بالمركب فى المجاز فى المركب هو
المركب الشخصى ولو قيل ان المدار فى القول بالوضع فى المركبات على ان المركب موضوع
لافادة المفردات معانيها ومن هذا ان من انكر الوضع فى المركبات ذكر ان وضع المركب
غير محتاج اليه لحصول مفاد المفردات بضم بعضها ببعض واذا تطرق التجوز على المفردات
بالمداخلة فى معنى مخصوص فلم يفد المفردات مفادها فيتطرق المجاز فى المركب النوعى
وهو موقوف على الوضع فيصح الايراد والاستدلال والجواب قلت ان المدار فى القول
بالوضع فى المركبات ليس على ما ذكر بل انما هو على وضع الجملة الخبريّة للاخبار
ووضع الجملة الفعلية المشتملة على الفعل والفاعل والمفعول للدلالة على صدور الفعل
عن الفاعل الى المفعول وهكذا والاول لازم قهرى لافادة المفردات معانيها ولا حاجة
فيه الى الوضع كما لا حاجة فى افادة المفردات معانيها الى وضع آخر والمدار فى
الثانى على الدلالة على صدور نوع الفعل عن نوع الفاعل والمدار فى الثالث على
الدلالة على صدور نوع الفعل عن الفاعل على نوع المفعول وليس المدار فى الثانى على
صدور الفعل بالمعنى الحقيقى عن الفاعل بالمعنى الحقيقى بل لو استعمل كل من الفعل
والفاعل فى الثانى وكل من الفعل والفاعل والمفعول فى الثالث يكون المركب مستعملا
فيما وضع له كما يظهر مما سمعت فى ما ارشد فتطرق المجاز فى المفردات لا يوجب تطرق
المجاز فى المركب ومع هذا لو كان المجاز فى المفرد مستلزما للمجاز فى المركب لكان
استعمال المفردات فى المعانى الحقيقة مستلزما لكون المركب من باب الحقيقة مع ان
التجوز فى صيغ العقود باستعمال الاخبار فى الانشاء معروف مع ان المفردات فيها من
باب الحقيقة وانظر كيف وقع الغفلة والاشتباه فى الايام المتمادية المتطاولة ثم انه
لما جرى ذكر قولهم للمتردد انى اراك تقدم رجلا وتؤخر اخرى فقد راقنى ان اذكر ما
يتعلّق به من الكلام حرصا على ضبط الفوائد فنقول انّه قد استشكل فيه بان المتردد
هو الذى يقدم رجلا تارة ويؤخر تلك الرّجل التى قدّمها بعينها تارة اخرى فهو يخطو
خطوة الى القدام وخطوة الى الخلف والخطوتان من رجل واحدة واجاب التفتازانى فى شرح
المفتاح نقلا بان المراد بالرجل الخطوة نباء على ما ذكر فى تقرير الاشكال من ان
المتردد يخطو خطوة الى القدام وخطوة الى الخلف ويشكل بان استعمال الرجل فى الخطوة
من باب المجاز ولاقربية تشهد بالتجوز ومجرد اصلاح الحال لا يكفى فى الحكم بالتجوز
لاحتمال الاشتباه كيف لا وليس الاشتباه باول قارورة كسرت فى الاسلام وقد ضبطنا فى
بعض فوائدنا الاشتباهات العجيبة الصادرة من آحاد الاعلام بل الصادرة من الخل بل
الكلّ بالتمام فلا عبرة بالوجه المذكور فى المقام مع ان الخطوة المذكورة فى المقام
انما هى بالفتح بمعنى ما بين الرجلين كما نص عليه فى المصباح والظاهر ان الخطوة
بالفتح بمعنى وضع الرجل على الارض حين المشى او مطلقا واستعمال الرّجل فى الخطوة
بالمعنى المذكور بعد ثبوت العلاقة فى البين يستلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز وقد
يعترض بان المراد بالقدم اقدام المتردد فيكون الخلف الواقع فى مقابله خلف المتردد
ايضا ومن البين ان هذا ليس هيئة المتردد وفيه ان المقصود من تاخير الخطوة انما هو
التاخير الى الخلف بالنسبة الى حال التقديم لا الحال السابق على التقديم اعنى حال
الاستواء اى استواء الرجلين فلا محذور فى البين مع انه لو كان المقصود التاخير بالنسبة
الى حال الاستواء فلا يخرج الهيئة ممن هيئة المتردد إلّا ان يقال ان التاخير
بالنّسبة الى حال الاستواء كاشف عن الانصراف والانحراف فيخرج الهيئة عن هيئة
المتردد وقد يعترض بان الوجه المذكور ينافى قول القائل وهو وليد بعد القول المذكور
اعتمد على ايتهما شئت اذ كل من الاعتماد وايّتهما يقتضى كون الرجل الاخرى غير
الرجل الاولى وفيه بعد استعمال الرجل فى الخطوة كما هو المفروض يختلف الرجل قضية
اختلاف الخطوة كما هو المفروض ايضا واجاب السيّد الشريف بان المراد بالرجل انما هو
الرجل التى قدمها وانما جعلها رجلا اخرى لانها من حيث اخرت مغايرة لها من حيث انها
قدمت ومرجع الجواب الى دعوى اختلاف الرجل بواسطة الحيثية التقييدية حيث ان الرجل
المقدم غير الرجل المؤخر اقول ان مقتضى العبارة اختلاف الرجل بالحس والاظهر انّ
الحيثية التقييديّة انما تفيد كثرة الموضوع فى تفصيل الكلى الى جزءين كتقييد
الضّرب بالتأديب والايذاء لا تحليل الجزئى الى كليّين كما فى مورد اجتماع الامر
والنهى ومن هذا ان الاظهر عدم
جواز اجتماع الامر والنهى بل الحيثية التقييدية انما تفيد الكثرة بالاعتبار
لا بالحسّ ومن هذا ان مقتضى كلام صاحب المعالم عدم كفاية اختلاف مورد الامر والنهى
بالاعتبار بواسطة الحيثية التقييدية ولزوم اختلاف بالحس بل الحق انه لا يتحد مورد
الحكمين المتضادين فى تفصيل الكلى الى جزئيين راسا وقد حرّرنا الحال فى الرّسالة
المعمولة فى الجهة ومع ذلك غاية ما يتاتى من الوجه المذكور انما هى الاختلاف
بالاعتبار ومقتضى قول القائل اعتمد على ايتهما شئت كون الرجل الاخرى غير الرجل
الاولى بواسطة لفظة الاعتماد وقوله ايتهما وقد اجاب الچلبى نقلا بان اخرى انما
يكون صفة لتارة محذوفة ولا تكون صفة للخطوة ولا للرجل وفيه انه بعد منافاته للقول
اللاحق المسبوق بالذكر حيث ان مقتضاه اختلاف الرجل والرجل على ذلك متحدة انه مبنى
على ارتكاب اضمار تارة تارة قبل التاخير اعنى قوله يؤخر وقبل اخرى اخرى ففيه
اضماران وان امكن القول بانه لا حاجة الى الاضمار الثانى الا ان الاضمار الاول
يكفى فى ضعف الوجه المذكور لعدم قيام دليل على ارتكاب كيف لا والاضمار من الوجوه
المخالفة للطاهر ولا بدّ فيه من القرينة كما هو الحال فى جميع الوجوه المخالفة
للظاهر هذا وقد روى فى الكافى فى باب من آذى المسلمين واحتقرهم عن أبان بن تغلب عن
ابى جعفر عليه السّلم لما اسرى بالنبى ص قال يا رب ما حال المؤمن عندك قال يا محمد
ص من اهان لى وليّا فقد بارزنى بالمحاربة وانا اسرع شيء الى نصر اوليائى وما
تردّدت فى شيء انا فاعله كترددى عن وفاة المؤمن يكره الموت واكره مسائية الخ
الحديث وقد ذكر شيخنا البهائى فى الحاشية بخط العلامة المجلسى ره وجوها منها ان
التردد من باب الاستعارة التمثيلية عن المساءة حيث انه جرت العادة بان يتردد الشخص
فى مساءة من يحترمه ويوقره كالصديق الوفى وان لا يتردد فى مساءة من ليس له عنده
قدر فصح ان يعبر بالتردد والتامل فى مساءة الشخص عن توقيره واحترامه وبعدمهما عن
اذلاله واحتقاره فالكلام من باب الاستعارة التمثيليّة قسّم انه قد راقني ان اذكر
ايضا بالمناسبة امرا آخر من باب الحرص على ضبط الفائدة وهو انه قد ذكر السيّد
السّند النجفى فى مصابيحه عند الكلام فى كيفية الغسل ان الجملة الخبرية المستعملة
فى الامر مجاز فى الامر حقيقة فى الوجوب والموضوع بمادته وهيئته اذا استعمل باحد
الاعتبارين فيما وضع له دون الآخر كالاسد فى قوله ان حراسنا اسد فانه حقيقة
باعتبار الهيئة ومجاز من جهة المادة وهذا من باب تداخل الحقيقة والمجاز لا من باب
استعمال اللفظ فى حقيقته ومجازه اقول ان التعبير بالتداخل مدخول لكن لا تشاح فى
الاصطلاح ومن امثلة ما ذكره الاستعارة التمثيلية بناء على كون المفردات فيها حقيقة
والمجاز فى المركب وهى تشابه المثال الاول من المثالين المذكورين والمثال الثانى
لا باس به بناء على القول بالوضع النوعى فى الجملة الخبرية للاخبار لكن زيفناه فى
محلّه واما المثال الاول فالمقصود به ما لو قيل هذا واجب واستعمل هذا فى الامر
فانه حقيقة فى الوجوب المستفاد منه بالمادة ومجاز فى الامر المستعمل فيه بالهيئة
وفيه ان الجملة الخبريّة المبحوث عن استعمالها فى الانشاء انما هى ما كان اخبارا
عن امر عادى غير واقع بالكلية او فى الجملة ولا تعم الاخبار عن الحكم الشرعى نحو
هذا واجب او حرام اذ لا مجال للقول بكونه مستعملا فى الانشاء وقد اتفق هذا
الاشتباه اعنى عموم الجملة المذكورة للاخبار عن الحكم الشرعى من بعض آخر فى بعض
المواضع ايضا وحرّرنا الكلام فى باب تلك الجملة فى بحث عموم التشبيه وغيره مع ان
الجملة الايجابيّة المذكورة انما هى حقيقة بالمادة فى الوجوب المستفاد بالاخبار من
المادة وبعد فرض استعمال تلك الجملة فى الامر فلا يبقى الوجوب المستفاد بالاخبار
من المادة والوجوب المستفاد منها انما هو الوجوب المستفاد منها استعمالا فى الامر
اى الانشاء بالهيئة على ان الامرين المتضادين لا يجتمعان فى الفرد المتشخص
باعتبارين ومن هذا عدم جواز اجتماع الامر والنهى على ما حرّرناه فى محلّه لكن
المثال الثانى يختلف فيه محل الحقيقة والمجاز قضية كون المجاز فى الهيئة والحقيقة
فى المادة فلا باس باجتماع الحقيقة والمجاز فيه ولذا لم نورد عليه بهذا الايراد فائدة
قد يتعارض كلمات اللغويّين فى معاني الالفاظ فلا يخلو بالنّسبة بين المتعارضين اما
ان تكون من باب التباين او العموم والخصوص المطلق او من وجه او التناقض اعنى النفى
والاثبات كما عن سيبويه وابن جنى من انكار كون الباء للتبعيض وعن الفارسى والاصمعى
وغيرهما اثباته فلو كانت النسبة من باب التباين فلا بد من الترجيح فى صورة ثبوت
المرجح من جهة المتن او الدلالة او السّند او الخارج كما لا يخفى والتوقف مع عدم
المرجح والرّجوع ح فى كل مورد
على حسب ما يقتضيه الاصل والوجه فى ذلك ان غلبة عدم الاشتراك توهن ظهور
اصابة المثبت وتقدم الاثبات على النفى فيتاتى التعارض فى المقام ونظير ذلك ان
الاستعمال بناء على ظهوره فى الحقيقة يقتضى الاشتراك فى صورة الاستعمال فى معنيين
لكن غلبة الحقيقة والمجاز بالنسبة الى الاشتراك توهن ظهور الاستعمال فى الاشتراك
مع قطع النظر عن ندرة الاشتراك فى نفسه بل ظهور الحقيقة والمجاز المستفاد من
الغلبة تقدم على ظهور الاستعمال فى الاشتراك تقدم الظنّ الشخصى على النوعى والخاص
على العام لكن فى مقامنا هذا لما لم يثبت الاستعمال فى الجملة قضيته ان الاستعمال
المدعى من الطرفين كان هو الاستعمال الحقيقى والمفروض التعارض فيه وعدم ثبوت الفصل
يقتضى عدم ثبوت الجنس قضيته انتفاء الجنس بانتفاء الفصل فغاية امر الغلبة توهين
الاشتراك واما فى باب الاستعمال فى معنيين فلما ثبت الاستعمال فى الجملة فالغلبة
تفيد كون الامر من باب الحقيقة والمجاز وربّما يقتضى كلام بعض فى بعض المواضع القول
بالاشتراك اللفظى فى المقام تعليلا بتقدم الاثبات على النفى ويظهر ضعفه بما مر
ومقتضاه القول بالاشتراك اللفظى فيما لو كان النسبة من باب العموم والخصوص من وجه
بل هو الحال لو كانت النسبة من باب العموم والخصوص المطلق الا ان الاشتراك اللفظى
بين العامين من وجه فضلا عن الاعم والاخص المطلق بعد ثبوته فى غاية الندرة نعم فى
الاعلام الشخصيّة يسمّى رستاق بالكزاز وهو يشتمل على رساتيق يسمّى احدها بالكزاز
وفى اصطلاح الاصوليين يعبر عن مفاهيم الحصر وبعضهم يعبر عن بعضها بمفهوم الحصر
ومقتضى كلام بعض القول نقلا التوقف تعويلا على اصالة عدم الاشتراك والنقل واصالة
الجمع وفيه انه لا بد من تقييد التوقف بصورة عدم ثبوت المرجح إلّا ان يقال ان
الكلام فى المقام فيما لو تطرق التعارض بالتباين مع قطع النظر عن الخارج كما هو
الحال فى جميع موارد البحث نعم لا باس بالتقييد من باب التوضيح مع ان احتمال النقل
خارج عما نحن فيه اذ الكلام انما هو فى التعارض فى المعنى اللغوى فلا مجال لمعارضة
اصالة عدم النقل مع اصالة الجمع على ان اصالة الجمع لا مدرك لها ولا سيّما فى
كلامين من واحد ممن يحتمل فى حقه الخطاء والنسيان فضلا عن كلامين من غير واحد ممن
يحتمل فى حقه الخطاء والنسيان مع عدم الترجيح بناء على تقدم الترجيح على الجمع كما
هو الاظهر كما مر فعليه المدار و؟؟؟ ان منشأ دعوى اصالة الجمع ما اشتهر من ان
الجمع مهما امكن اولى من الطرح لكنه ليس فى محله وقد حرّرنا الحال فى المراحل
المسطورة فى محله وبما مر يظهر الحال فيما لو تعارض كلام اللغويين نفيا واثباتا مع
الاتفاق على الوضع بمعنى آخر بحيث يحصل الاشتراك بناء على ثبوت المعنى المتنازع
فيه واما لو تعارض النفى والاثبات مع عدم ثبوت معنى آخر فيقدم الاثبات لتقدمه على
النفى مع لزوم الاهمال اعنى خلو اللفظ عن المعنى لولاه فقد ظهر الحال فيما لو كانت
النسبة من باب النفى والاثبات فليكن على ما ذكر منك ولا يذهب عليك انه لو ظهر
الجمع فيما لو كانت النسبة من باب التباين ولو بالاشتراك اللفظى فعليه المدار ولو
بناء على حجية الظنون الخاصة بحجية الظن بالمراد والموضوع له ولا فرق فى ذلك بين ما
لو كان ظهور الجمع من المتعارضين او من الخارج لكن ظهور الجمع من اصله فى غاية
البعد من الوقوع واما تقدم الجمع على الترجيح وعكسه فى المقام فيبتنى على تقدم
الجمع على الترجيح وعكسه فى الاخبار وان كانت النسبة من باب العموم والخصوص المطلق
او من وجه ففيه ثلاثة اقوال احدها التوقف بعد فقد المرجحات وحكم بعض الفحول بانه
اسلم قال لكن لم اجد صائرا اليه ويرجع اليه ما عن بعض المتاخرين من القول بالتوقف
اذ الظاهر ان القول به فى صورة فقد المرجحات وكذا يرجع اليه ما عن صاحب المدارك
والحدائق من الاقتصار على مورد الاتفاق اى الاخص فى التعارض بالعموم والخصوص
المطلق ومادة الاجتماع فى التعارض بالعموم والخصوص من وجه لو كان القول بذلك
مختصّا بصورة فقد المرجحات وإلّا فلا يتاتى الرّجوع وايضا يمكن ان يكون القائل
بالتوقف لا ياخذ بمورد الاتفاق من باب الاشتباه بل يعمل فى مورد الاتفاق بالاصل
كمورد الاختلاف فى التعارض بالعموم والخصوص المطلق ومادتى الافتراق اعنى موردى
الاختلاف فى التعارض بالعموم والخصوص من وجه ثانيها القول بالوضع للاعم فى التعارض
بالعموم والخصوص المطلق والوضع للاعمين على وجه الاشتراك المعنوى فى التعارض
بالعموم والخصوص من وجه فالصعيد موضوع لمطلق وجه الارض والغناء موضوع للصّوت الذى
فيه ترجيع او طرب لان مدّعى الخاص فى الاول واحد الاعمين فى الثانى ناف بالنّسبة
الى مدعى العموم المطلق فى الاول ومدعى العام الآخر فى الثانى وشهادة
النفى غير مسموعة لان مرجعها الى عدم الوجدان وهو لا يدل على عدم الوجود
وهذا هو المحكى عن العلامة والظاهر انه صار اليه السيّد السّند النجفى وهو مردود
بان الوضع للاعمين فى العموم والخصوص من وجه على وجه الاشتراك المعنوى قليل النظير
بل عديم المثال لاقتضائه الترديد فى الموضوع له بان يقال مثلا الغناء صوت فيه
الطرب او الترجيع ولم اظفر بمثل هذا المقال فى محل من المحال نعم قد جعل بعض مادة
الامر موضوعة للقدر المشترك بين القول المخصوص والفعل اى مفهوم احدهما على ما هو
المصرّح به فى احتجاجه على ما فى كلام العضدى وربما يتوهم ان القدر المشترك فى باب
الغناء مثلا هو مطلق الصّوت وليس بشيء اذ المقصود بالقدر المشترك فى المقام ما لا
يتجاوز عن الاعمين فلا بد فى القدر المشترك فى باب الغناء من عدم التجاوز عن الطرب
والترجيح ومع ذلك انما يتجه البناء على الاعم فى العموم والخصوص المطلق واحد
الاعمين على سبيل الترديد فى العموم والخصوص من وجه على تقدير عدم ثبوت المرجح
للاخص فى العموم والخصوص المطلق او احد الاعمين على سبيل التعيين فى العموم
والخصوص من وجه وإلّا فلا بد من العمل بالراجح لحركة الظنّ الى جانبه وفيه الكفاية
لكون المدار فى الاوضاع اللغوية على الظنّ ولو على القول بحجية الظنون الخاصّة فى
نفس الاحكام على المشهور المنصور ومقتضى اطلاق القول المذكور القول بالوضع للاعم
واحد الاعمين على سبيل الترديد مع قيام المرجح فى جانب الاخص او احد الاعمين إلّا
ان يقال ان الغرض من القول المذكور انما هو القول به مع قطع النظر عن الخارج كما
تقدم نظيره فى التعارض بالتّباين فلا يتناول القول المذكور لصورة ثبوت المرجح وقد
اورد عليه بوجهين احدهما ما يقرر بوجهين الاول منع كون التعارض فيما لو كان النسبة
بين المتعارضين من باب العموم والخصوص المطلق من باب تعارض المثبت والنافى لان كلا
من الناقلين يدعى شيئا خلاف ما يدعيه الآخر فان القائل بان الواو للجمع يدعى انها
موضوعة له بحيث لو استعملته فى غيره ولو بعض افراده كان مجازا نعم يلزم منه نفى
كونه للترتيب والقائل بانّها الترتيب يدعى انها موضوعة له بحيث لو استعملت فى
خلافه ولو فى الجمع المطلق كان مجازا نعم يلزم منه نفى كونه للجمع المطلق فكل مثبت
يلزمه نفى وقد اورد به بعض الفحول الثانى ان كلا مثبت وناف اما المخبر بالخاص
فلادعائه دخول الخصوصيّة فى المدلول كما ان المخبر بالعام مثبت للعموم والاول ناف
للعموم والثانى ناف للخصوصية ونحوه فى العموم والخصوص من وجه وبه اورد الوالد
الماجد ره اقول ان الاستدلال المذكور غير متجه والظاهر انه مبنى على الاشتباه بين
الاعم والاخص والوحدة والتعدّد حيث ان النزاع فى الوحدة والتعدّد يرجع الى النزاع
بالاثبات والنفى فيما عدا الوحدة المتفق عليها ولا بدّ من البناء على التعدد فيما
كان الظنّ به كافيا ولذا لو وقع التعارض فى الاشتراك اللفظى وعدمه فى باب المعنى
الموضوع له يتجه البناء على الاشتراك اللفظى مع قطع النظر عن ندرة الاشتراك اللفظى
ولا ريب ان المعنى الاعمّ مغاير للمعنى الاخصّ ولا يرجع الامر فيهما الى الاثبات
والنفى بل ربّما ذكر السيّد المرتضى عند الكلام فى ان العموم هل له صيغة تخصّه انه
لو ادعى احد ان زيدا فى الدار وادّعى آخر ان مع زيد عمرو فى الدار لا يرجع الامر
الى الاثبات والنفى اذ من ادعى وحدة زيد فى الدار يدعى ان فى الدار هو زيد بشرط لا
كما ان من ادعى ان زيدا مع عمرو فى الدار يدعى ان من فى الدار هو زيد بشرط شيء
فيرجع الامر الى تباين الدعوى قضية مباينة بشرط لا وبشرط شيء فكل ممن يدعى ان زيدا
فى الدار ومن يدعى ان زيدا مع عمرو فى الدار مثبت وناف حيث ان الاول وان ينفى كون
عمرو فى الدار لكنّه يثبت كون زيد فى الدار بشرط شيء والثانى وان يثبت كون عمرو فى
الدار لكنه ينفى كون زيد فى الدار بشرط لا ويمكن ان يقال ان الامر فى المقام وان
لم يكن من باب الاثبات والنفى فى المعنى الموضوع له كما فى الاختلاف فى الاشتراك
اللفظى وعدمه الا ان استنباط الوضع لما كان مبينا على الاستقراء فى الاستعمالات
فالامر من باب الاثبات والنفى فى المقدمات حيث ان القول بالوضع للاعم مبنى على
دعوى ثبوت الاستعمال فى الاخص على وجه الحقيقة والقول بالوضع للاخص مبنى على نفيه
فيقدم الاول نعم لو ادعى سماع الوضع للاعم فلا وجه لتقديمه على دعوى سماع الوضع
للاخص بخلاف دعوى سماع الوضع للمعنى المتعدد ودعوى سماع الوضع للمعنى المتحد
فالايراد بالوجه الاول وجيه لكن دعوى الاستلزام لا يتجه فى المقام بناء على كون
الامر بالشيء عين النهى عن الضد العام كما هو الاظهر واما الايراد على الوجه
الثانى فهو مدفوع بانه ليس فى البين من القائل بالوضع للاعمّ مثلا الا دعوى واحدة
بناء على كون
الامر بالشيء عين النهى عن الضد العام نعم يمكن فى جميع الموارد التعبير عن
الاثبات بالنفى ما فى باب تداخل الاغسال حيث اشتهر اصالة عدم التداخل
مع ان المرجع الى تعدد التكليف ومن هذا ان العلامة الخوانسارى حكم بان دعوى اصالة
عدم التداخل لا محصل له وكما ان مرجع القول لحجية الظنون الخاصّة اجتهادا الى دعوى
جعل الطريق وظاهره كون القائل به نافيا لحجية مطلق الظنّ وبعبارة اخرى حجية الظنون
المشكوك فيها ففى المقام القائل بالوضع للاعمّ انما يقول بكون اللفظ حقيقة فى
الاخص الآخر بخلاف من يقول بالوضع للاخص والاول اقرب الى الظنّ وقد ظهر لك بما
سمعت ان دعوى ان الوضع للاعم يلزم نفى الوضع للاخص ينتهض بناء على القول بكون
الامر بالشيء مستلزما للنهى عن الضدّ العام ولما على القول بالعينية كما هو الاظهر
فلا تعدد ولا مغايرة فى المقام وبعد ما مر اقول انه يمكن ان يقال ان كلا من القائل
بالوضع للاعم والوضع للاخص يدعى الحصر قضية مقام البيان فالقائل بالوضع للاعم ينفى
الوضع للاخص من باب مفهوم الحصر والمفهوم غير المنطوق فلا مجال لدعوى العينية فى
المقام لكنه يندفع بان المفهوم انما يتاتى من باب مفهوم الحصر وهو انما يتطرق فى
قصر الافراد واما قصر القلب ومنه الامر فى المقام لفرض اتحاد المعنى فلا مفهوم له
والاثبات فيه عين النفى إلّا ان يقال ان هذا المقال انما يتم لو اطلع كل من القائل
بالوضع للاعم والقائل بالوضع للاخص على مقالة الآخر لكن لا من باب كون الامر
بالشيء النهى عن الضد العام بل من باب كون الامر بالشيء عين النهى عن الضد الخاص
مع انحصار الضدّ كما فى الحركة والسكون كيف لا والقول بكون الصّعيد هو مطلق الارض
مثلا ليس عين كون الموضوع له هو التراب الخالص والامر بالشيء ليس عين النهى عن
الضد الخاص فى صورة عدم الانحصار بل هو مستلزم له كيف لا ولو كان اثبات الوضع
لمطلق وجه الارض عين نفى الوضع للتراب الخالص عين اثبات الوضع لمطلق وجه الارض
قضيته ان الاتحاد بين الشيئين انما يكون من الطرفين لا من الطرف الواحد ومن الواضح
ان نفى الوضع للتراب الخالص اعم من اثبات الوضع لمطلق وجه الارض نعم اثبات كون الصّعيد
موضوعا لمطلق وجه الارض عين نفى كونه موضوعا لما عدا مطلق وجه الارض لكنه خارج عما
نحن فيه لكن نقول انه لو كان الامر من باب سماع الوضع فلا يختلف حال الاعم والاخص
فى الاثبات والنفى لكن لما كان المرجع الى الاستقراء فى الاستعمالات كما؟؟؟ نظير
ما لو وقع التخاصم بين الديان والمديون بين العشرة والخمسة فان من يدعى العشرة
ينكر مقالة من يقول بالخمسة إلّا انه لا مجال لانكار اصل الخمسة وانما يكون
الانكار متوجها الى دعوى الانكار فى الخمسة وفى ما سواها ونفى النفى اثبات بخلاف
من يدعى الخمسة فانه ينكر العشرة باعتبار الخمسة الزائدة فلا اشكال فى ان مرجع
دعوى العشرة الى اثبات الخمسة فنفى الاخص من القائل بالوضع للاعم نفى لانحصار
الحقيقة فى الاستعمال فى الاخص واثبات كون الاستعمال حقيقة فى الاخص الآخر بخلاف
نفى الاعم من القائل بالوضع للاخص ويرشد الى اذكر انه جرى جماعة على انه لو وقع
التداعى على يد المتداعيين بان ادعى احدهما الجميع والآخر النصف مشاعا ولا بينة
اقتسما بعد يمين مدعى النصف الآخر نصفين تعليلا من بعض بمصادقة مدعى النصف لمدعى
الكل على استحقاق النصف يعنى ان مدعى الكل يدعى الزيادة ومدعى النّصف ينكره والاصل
معه فيقدم قوله فانه مبنى على جعل مدعى النصف منكرا باعتبار اصالة عدم الزيادة
ويمكن ان يقال ان الامر فى المثالين المذكورين من قبيل الاختلاف فى تعدد المعنى
ووحدته لا من قبيل المقام إلّا ان يقال ان رجوع الامر الى الاثبات من القائل
بالتعدد والقائل بالوحدة ينكر مقالة الاخرى ولا يجدى فيما
ذكرناه الثانى منع تقدم المثبت على النافى على وجه العموم اذ النفى قد يكون اقوى
من الاثبات او يساويه وفيه ان الاثبات مقدم على النفى فيما يحتاج الى الفحص مع قطع
النظر عن الخارج لكونه ابعد عن الاشتباه اذ حسبان الموجود غير موجود اى عدم التصادف
بالموجود اقرب الى الاشتباه من حسبان غير الموجود موجود او حسبان غير الموجود
موجودا ابعد من الاشتباه من حسبان الموجود غير موجود وقد جرى الوالد الماجد ره على
القول المشار اليه ايضا تعليلا بغلبة الاشتراك المعنوى بالنسبة الى الاشتراك
اللفظى والحقيقة والمجاز وغلبة الاشتباه فى عدم الاطلاع على العموم بالنسبة الى
الغفلة عن اعتبار الخصوصية ويندفع مما سمعت عن الكلام فى القول بالوضع للاعم فى
باب العموم والخصوص من وجه مضافا الى انه على تقدير الوضع للاخص فى باب العموم
والخصوص المطلق او من وجه لا يلزم الاشتراك ولا المجاز حتى يدفع بالاصل نعم يكون
اللفظ بحيث لو استعمل فى غيره
__________________
الاخص يكون مجازا لكن المجاز الفرضى لا يكون خلاف الاصل حتى يرجح عليه
العموم باعتبار كونه خلاف الاصل إلّا انه لو فرض ثبوت الاستعمال فى غير الاخص يتم
ما ذكره لكنه خارج عن الفرض إلّا ان يقال ان مقتضى التفسير بالاعم من اللغوى هو
ثبوت الاطلاق على فرد من الاخص الآخر فيدور الامر بين الاشتراك المعنوى والاشتراك
اللفظى والحقيقة والمجاز اغلب إلّا ان يقال ان الاطلاق على فرد من الاخص الآخر
ثابت بحكم تقدم الاثبات على النفى والبناء على الاعم لكنه مدفوع برجوعه الى
الاستدلال بتقدم الاثبات على النفى بل الاستدلال بتقدم الاثبات على النفى يحتاج
الى دعوى غلبة الاشتراك المعنوى على الاشتراك اللفظى والحقيقة والمجاز إلّا ان
يقال ان المدار فى الاستدلال بتقدم الاثبات على النفى على كون دعوى العموم راجعا
الى الاستعمال على وجه الحقيقة ولا حاجة الى ضم دعوى غلبة الاشتراك المعنوى على الحقيقة
والمجاز ومع هذا بنى الوالد الماجد ره على ان كلا ممن فسر بالاعم والاخص مثبت وناف
فالاستعمال فى فرد من الاخص الآخر غير ثابت وهو محل النزاع والغلبة انما تجدى فى
الاستعمال على وجه الحقيقة واما مطلق الاستعمال فلا ينفيه من جرى على التفسير
بالاخص فاصل الاستعمال لا مانع عنه ويثبت بتفسير من فسر بالاعم وبحكم الغلبة تحكم
بالوضع للاعم إلّا ان يقال ان الظاهر من اقتصر على التفسير بالاخص عدم الاستعمال
فى فرد من الاخص الآخر ولو مجازا والا لذكره لاستيفاء اللغويّين الاستعمالات
المجازية ايضا ومع ذلك كون ما ذكره من غلبة الاشتباه فى العموم بالنّسبة الى
الغفلة عن اعتبار الخصوصيّة على احد يوجب الظنّ بالوضع للاعم وكون الاخصّ موهوما
محل الاشكال لو كان التعارض بالعموم والخصوص المطلق واما لو كان التعارض بالعموم
والخصوص من وجه فما ذكره مقطوع العدم ثالثها تقييد العامّ بالخاص فى تعارض العموم
والخصوص المطلق وتقييد كل من العمومين بالآخر فى التعارض بالعموم والخصوص من وجه
فالصّعيد موضوع للتراب الخالص والغناء ترجيع الصّوت المطرب كما فى تعارض الاخبار
بناء على ان تعارض كلمات اللغويّين وتعارض الاخبار من باب واحد لان الاخبار كما
تتضمّن حكاية نقل قول من يعتبر قوله فكذا النقل من اللغويّين ولان ما ذكروه فى وجه
الجمع بين الاخبار من ان الجمع بين الدليلين اولى من الطرح جار هاهنا ويرد عليه
بعد ما حكى من الاتفاق الظاهر بسيرتهم على خلافه ان المدار فى التقييد على صدور
الخبرين وعدم جواز التناقض فى كلام ارباب العصمة لا عمدا ولا سهوا وهذا غير جار فى
كلمات اللغويّين لامكان الخطاء فيها وايضا المدار فى التقييد على الكشف عن الارادة
ولا يتاتى الكشف عن الارادة غالبا الا فى صورة كون المتكلم متحدا او متعددا
كالمتحد والتعدد فى المقام خال عن شوب شائبة الاتحاد نعم يمكن الكشف فى المقام
وغيره من موارد بتعدد المتكلم وايضا الاظهر البناء على الاخص او على احد العمومين
فى صورة ثبوت المرجح للخاص أو لأحد العمومين إلّا ان يقال ان المدار فى القول
المذكور على عدم ثبوت المرجح الا ان مقتضى القول بتقدم الجمع على الترجيح هو عموم
القول المذكور لصورة ثبوت المرجح مع ان مقتضى اطلاق القول المذكور انما هو النبأ
على الاعم او القدر المشترك بين الاعمين ولو مع ثبوت المرجح للخاص او احد العمومين
إلّا ان يقال ان الغرض من القول المذكور انما هو التقييد مع قطع النظر عن الخارج
كما تقدم نظيره غير مرة وايضا تقييد كل من العمومين بالآخر فى العموم والخصوص من
وجه على الاطلاق غير معمول ولا معهود من احد فيما يتاتى فيه التقييد اعنى الاخبار
فكيف القول به فى المقام فاذن الاقوى الرجوع الى المرجحات فى صورة وجود المرجح فى
مورد الافتراق فى التعارض بالعموم والخصوص المطلق وموردى الافتراق فى التعارض
بالعموم والخصوص من وجه والتوقف فى صورة عدم الترجيح والاخذ بالاخص فى التعارض
بالعموم والخصوص المطلق ومورد الاجتماع فى التعارض بالعموم والخصوص من وجه وبعبارة
اخرى الاخذ بمورد الاجتماع مطلقا وهذا يختلف مع التوقف لو كان القائل به لا ياخذ
بمورد الاجتماع فى صورة فقد الترجيح بل يعمل بالأصل والا فيرجع اليه وكذا يختلف مع
القول بالاقتصار على مورد الاتفاق لو كان القائل به يعمم القول به لصورة ثبوت
الترجيح والا فيرجع اليه ولا يذهب عليك انه لو ظهر الجمع فى المقام اعنى ما لو
كانت النسبة بين المتعارضين من باب العموم والخصوص المطلق او من وجه بوجه من
الوجوه فعليه المدار ويظهر الحال بما تقدم
__________________
تذنيبات الاول ان الامر فى المقام فى باب العموم والخصوص من وجه على خلاف
تعارض الاخبار اذ هاهنا انما يؤخذ بالعامين فى مورد الاجتماع ويبنى على الترجيح فى
صورة وجود المرجح او يعمل بالاصل فى صورة فقد المرجح فى مورد الافتراق واما فى
تعارض الاخبار فيعمل بالعامّين فى مورد الافتراق ويبنى على الترجيح او التخيير
بناء على شمول الاخبار العلاجية للتعارض بالعموم والخصوص من وجه فى مورد الاجتماع
او يعمل بالاصل بناء على عدم الشمول فى مورد الاجتماع خلافا لما ربّما يقال من
ترجيح عدم العامين من راسه او التخيير بين راسيهما بناء على عدم الشمول المذكور
والوجه ان فى شرح اللفظ انما يتطرق المنافاة فى مورد الاجتماع دون موردى الافتراق
وبوجه آخر المنافاة الذاتى بين العامين من وجه انما هو فى موردى الافتراق واما
المنافاة بحسب الحكم الخارجى انما يتاتى فى باب العموم والخصوص من وجه فى مورد
الاجتماع دون مورد الافتراق وبوجه ثالث منافات العامّين من وجه انما هو بحسب
الماهية فى موردى الافتراق واما الحكمان المتنافيان الواردان عليهما فتنافيهما
انما هو فى مورد الاجتماع ولا خفاء فى شيء من الامرين الثّانى انه لا اشكال فى
لزوم العمل بالراجح فى المقام لو كان التعارض بالتباين او بالعموم والخصوص من وجه بناء
على حجية مطلق الظنّ فى نفس الاحكام وكذا الحال بناء على حجية الظنون الخاصة بناء
على لزوم العمل بالراجح فى تعارض الخبرين كما هو المشهور واما بناء على عدم لزوم
العمل بالراجح كما هو الراجح فيتاتى الاشكال إلّا ان يقال ان المفروض بناء على
حجية الظنون الخاصّة فى نفس الاحكام حجية مطلق الظنّ فى باب الاوضاع فيتم لزوم
العمل بالراجح فى المقام كما يتم لزوم العمل بالراجح فى تعارض الخبرين بناء على
حجية مطلق الظنّ فى نفس الاحكام لكنك خبير بعدم الاتفاق على حجية مطلق الظنّ فى
الاوضاع فدعوى انّها مفروضة كما ترى الثّالث انه قد يتفق فى تعارض الاخبار التعارض
بالعموم والخصوص من وجه والمرجع الى تعارضين بالعموم والخصوص المطلق مثلا لو قيل
اكرم البصريّين ولا تكرم زيدا البغدادى ولا تكرم زيد البصرى يكون التعارض بين الامر باكرام
البصرين فى صدر العبارة الاولى والنهى عن اكرام زيدا البصرى فى ذيل العبارة
الثانية من باب العموم والخصوص المطلق وكذا يكون التعارض بين الامر باكرام
البغداديين فى صدر العبارة الثانية والنهى عن اكرام زيد البغدادى فى ذيل العبارة
الاولى فلا بد من النبإ على وجوب اكرام البصريين إلّا زيد البصرى ووجوب اكرام
البغداديين إلّا زيد البغدادى وهذا اعنى تخصيص صدر العبارة الاولى بذيل العبارة
الثانية وتخصيص صدر العبارة الثانية بذيل العبارة الاولى خارج عمّا اصطلح عليه
ارباب الميزان لان العموم والخصوص من وجه فى اصطلاحهم انما يلاحظ بين الموضوعين
كالانسان والابيض وهاهنا انما يلاحظ العموم والخصوص بين الحديثين والعبارتين ومن ذلك
النبوى خلق الله الماء طهورا لم ينجسه شيء الا ما غير لونه او طعمه او ريحه
والوصويّ اذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء حيث ان الاول عام صدرا من حيث
المنفعل لعمومه للكر والماء القليل وخاص ذيلا من حيث الفاعل لاختصاصه بالمغير
والثانى عام ذيلا بحسب المنطوق من حيث الفاعل لعمومه للمغير وغيره وخاص صدرا بحسب
المفهوم من حيث المنفعل لاختصاصه بالماء القليل فيخصص عموم صدر الاول بخصوص مفهوم
صدر الثانى بان يستثنى من قوله صلىاللهعليهوآله لم ينجسه الماء القليل ويخصص عموم ذيل الثانى بخصوص
منطوق ذيل الاول بان يستثنى المغير من قوله عليه السّلم لم ينجسه شيء فالمرجع الى
انه خلق الله الماء طهورا لم ينجسه الا القليل شيء الا ما غير لونه او طعمه او
ريحه واذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شيء الا ما غير لونه او طعمه او ريحه وربما
يتوهم ان الغرض من القسم المذكور هو العموم والخصوص من وجه فيما يفهم فيه تخصيص
احد العمومين بالآخر كما فى اجتماع الامر والنهى على القول بانفهام تخصيص الامر
بالنهى وفيه انه لا يخرج النّسبة فى مثل اجتماع الامر والنهى على القول المذكور عن
العموم والخصوص من وجه داخلا فى العموم والخصوص المطلق فضلا عن العمومين والخصوصين
المطلقين والمفروض فيما ذكر كون النسبة من باب العموم والخصوص من وجه الرّابع ان
تعارض نقل الاجماع مثل تعارض كلمات اللغويّين وتعارض الجرح والتعديل من اهل
الرّجال فى تعدد الناقل مع عدم ثبوت الاتحاد وقد حرّرنا الحال فى بحث المطلق
والمقيّد الخامس انه قد حكم الوالد الماجد ره تحرير كلامه بان تعارض كلمات
اللغويّين له توافق مع تعارض الاخبار وتعارض الجرح والتعديل من اصل
__________________
اهل الرجال وله ان يخالف؟؟؟ مع احدهما او كليهما اما الاول فمن جهة لزوم
البناء على الترجيح فى صورة التباين واما الثانى فمن جهة ان تعارض كلمات اللغويّين
تخالف تعارض الاخبار فى ان التعارض فى الاخبار من الشارع ومن بحكمه بخلاف تعارض
كلمات اللغويّين فان التعارض فيها كلمات الناقلين وبعبارة اخرى التعارض فى الاخبار
فى المحكى والتعارض فى كلمات اللغويّين فى كلام الحاكى لكن تعارض كلمات اللغويّين
يوافق تعارض الجرح والتعديل فى ان التعارض فى كلام الحاكى دون المحكى ومن جهة ان
تعارض كلمات اللغويين وتعارض الجرح والتعديل يخالف تعارض الاخبار فى كثرة؟؟؟
الاشتباه او البعد عنه حيث ان تعارض الاخبار فى المحسوسات اى المسموعات وتعارض
كلمات اللغويّين وتعارض الجرح فى التعديل فى المستنبطات ومن هذا ترجيح الاعم لو
كان النسبة بين المتعارضين فى كلمات اللغويّين من باب العموم والخصوص المطلق او من
وجه لغلبة الاشتباه عن العموم بالخصوص وبعبارة اخرى غلبة الاشتباه فى عدم الاطلاع
على العموم بالنسبة الى الغفلة عن اعتبار الخصوصية ومن جهة ان تعارض كلمات
اللغويين تخالف تعارض الاخبار وتعارض الجرح والتعديل فى لزوم البناء على التقييد
لو كان النّسبة بين المتعارضين من باب العموم والخصوص المطلق فى تعارض الاخبار دون
تعارض كلمات اللغويّين وتعارض الجرح والتعديل نظرا الى ان التقييد انّما يتاتى بعد
اجتماع الوحدات الاربع المذكورة فى محله اعنى وحدة المطلوب والمحكوم به والسّبب
والحكم اعنى الوجوب والنّدب ولا مجال لذلك فى تعارض كلمات اللغويّين وتعارض الجرح
والتعديل مع ان التقييد انما يتاتى فى كلام الواحد او المتعدد كالواحد ولا مجال
لشائبة الوحدة فى كلمات اللغويّين واهل الرجال قال ان للتعارض بين الاخبار الحكمية
وكلمات اللغوية والتزكية والجرح الرجالية فرقا فى بعض الموارد فان الاختلاف فى
العموم والخصوص مطلقا او من وجه فى الاول انما يرجع غالبا الى الشارع ومن بحكمه بخلاف
الاخيرين فان الاختلاف بما مرّ يرجع غالبا الى الناقل وفى الاول لما كان متعلّق
الخبر من المسموعات فيبعد جدا اشتباه المخاطب بين المطلق والمقيد والعام والخاص
ومن وجه فى وجه مع كثرة التخصيصات والتقييدات فى الشرع بل مطلقا حتى اشتهر ما من
عام الّا وقد خص بخلاف الاخيرين فان متعلق الاخبار الواردة فيهما المعقولات
والمستنبطات وكثيرا ما يشتبه العموم والخصوص فالمرجع الاول انما هو المتفاهم فى
العرف والعادة فاذا فهموا من المطلق المقيّد بعد اجتماع شرائط التقييد يتعين فيهما
حمله عليه وهكذا فى العام والخاص وفى الثانى غلبة اشتباه النقلة وندرته مثلا تغلب
الغفلة عن العموم بالخصوص دون العكس ويتعين جعل المدار على مقتضاه قوله فى وجه
الظاهر انه يرجع الى قسمى العموم اعنى العموم والخصوص المطلق والعموم والخصوص من
وجه والغرض ان بعد الاشتباه فى صورة عدم ثبوت التقية والا فالمتعين عدم الاشتباه
قوله بل مطلقا لا يذهب عليك ان دعوى كثرة التخصيص فى العرف محل المنع ولا سيّما
التخصيص بالمنفصل واما دعوى عدم وجود العام الغير المخصّص فى العرف فضعفها ظاهر
لسلامة العموم عن التخصيص فى البيع والشراء والاجارة والتوكيل والوصيّة والاقرار
والوقف والعمرى والرقبى والشهادة والنذر والعهد واليمين وغيرها وربّما اورد عليه
سيّدنا بانه لا فرق بين اختلاف كلمات اللّغويين واختلاف الاخبار بلزوم الجمع
المعتبر ان امكن والا فيلزم الترجيح والتوقف او التساقط لان التخيير فى الاخبار قد
ثبت فى الخارج من باب التعبد ولا دليل عليه هنا ومقتضى الاصل التساقط بناء على عدم
انتهاض اصالة لا التخيير عقلا نعم الجمع بين الاخبار ممكن غالبا بخلاف الجمع بين
كلمات اللغويّين فان الائمّة عليهم السّلم فى حكم المتكلم الواحد ولا يتطرق اليهم
الخطاء والسّهو والغفلة بخلاف اهل اللغة ولذا لا يمكن الجمع فى كلامهم الا نادرا
ويجمع فى الاخبار بين المطلق والمقيد ولا يجمع بين المطلق والمقيد فى كلامهم فى
الغالب لكن لو فرض حصول الظنّ بارادة المقيّد من المطلق فى كلامهم وجب حمله عليه
اقول اولا ما ذكره الوالد الماجد ره من عدم اتفاق التقييد فى كلمات اهل اللغة والرّجال
مبنى على ما جرى عليه من اشتراط التقييد فى الاخبار باجتماع الوحدات الاربع
المسبوقة بالذكر اذ لا مجال لذلك فى كلمات اهل اللغة كما تقدم والحق عدم الاشتراط
كما حرّرناه فى محله لكن لو تحصل الظنّ بالتقييد فعليه المدار لكفاية الظنّ
بالمراد والموضوع له ولو بناء على حجية الظّنون الخاصة كما تقدم لكن لم يذكر القول
بالتقييد فى الجرح والتعديل الا من نادر وقد حرّرنا الحال فيه محله وربّما يتوهم
انّ المدار فى كلامه فى عدم التقييد فى كلمات اهل اللغة والرّجال على تعدد المتكلم
من دون ثوب الاتحاد وانت خبير بانه لا امتساس
لكلامه به وثانيا انه ربّما يظهر من كلامه عدم اتفاق التخصيص فى كلمات اهل
اللغة والرجال مع ان ما بنى عليه عدم اتفاق التقييد فى كلماتهم من اشتراط التقييد
باجتماع الوحدات الاربع غير مطّرد فى التخصيص إلّا ان يقال انه لا يتفق التعميم فى
شرح الالفاظ ان المدار فيه على بيان الموضوع له وهو من باب الجنس بخلاف بيان
الاحكام فان التّعميم فيه اكثر من الكثير وثالثا ان دعوى غلبة الاشتباه عن العام
بالخاص فى كلمات اهل اللغة غير بينة ولا مبينة بل الخاص اقرب الى الاشتباه
لابتنائه على قلة الفحص وما ذكره مبنىّ على ان كلا من القائل بالوضع للاعم والقائل
بالوضع للاخص مثبت وناف واماما اورد سيّدنا من اطراد التقييد فى كلمات اللغويّين
فهو مبنى على ما جرى عليه من عدم اشتراط التقييد فى الاخبار باجتماع الوحدات
الاربع والظاهر انه لم يتفطن بابتناء كلام الوالد الماجد ره على مذاقه فى باب
التقييد وايضا مقتضى صريح كلامه تقدم الجمع على الترجيح والحق تقدم الترجيح على
الجمع كما حرّرناه فى محله السّادس انه كان يختلج بالبال فى سوابق الحال انه يشترط
فى لزوم البناء على الترجيح بناء على لزوم العمل بالراجح كما هو المشهور والمنصور
عدم اللزوم بناء على حجية الظنون الخاصّة وكذا البناء على التخيير فى باب العموم
والخصوص من وجه فى الاخبار بناء على شمول الاخبار العلاجية للعموم والخصوص اتحاد
الجهة والا فلو اختلف الجهة بان كان عموم احدهما افراديّا والآخر زمانيّا مثلا كما
لو قيل اكرم العلماء لا تكرم يوم الجمعة فيبنى على التخصيص فيبنى فى المثال
المذكور على وجوب اكرم العلماء الا يوم الجمعة ومن هذا القبيل التعارض بين النبوى
المعروف الناس مسلّطون على اموالهم واخبار الضّرر والضرار لكون عموم الاول افراديا
واختصاص الثانى بحال الضرر فيبنى على عدم السّلطنة فى حال الضرر لكن الذى يقوى فى
النظر فى هذه الازمان عدم اشتراط اتحاد الجهة فالحال فى اتحاد الجهة على المنوال
فى اختلاف الجهة السّابع انه قد يتفق تعارض كلمات اللغويّين فى تفسير المركب ومنه
اشتمال الصّماء المكروه فى الصلاة وقد يعبر عنه الشملة الصّماء بكسر الشين كما فى
القاموس قال وشملة الصّماء بالكسرة للهيئة وقد يعبر عنه بالتحاف الصماء ايضا
والصماء فى اشتمال الصماء صفة للشّملة المحذوفة كما يظهر مما ياتى من الصّحاح نقلا
عن ابى عبيد على الاظهر الاحتمالين بل فى التوضيح عد اشتمل الصماء مما ينوب عن
المصدر فى الانتصاب على المفعول المطلق ما يدل على المصدر وقال الشارح الازهرى
والاصل الشملة الصماء فحذف الموصول ونابت صفته منابه وعن جميع من اللغويّين
الاختلاف فى ذلك فى كتاب واحد فى باب اللام والميم وفى الصحاح فى باب اللّام
واشتمال الصماء ان يحلل جسده كله بالكساء او بالازار وفيه فى باب الميم وقال ابو
عبيد واشتمال الصمّاء ان تحلل جسدك بثوبك نحو شملة الاعراب باكسيتهم وهو ان يرد
الكساء من قبل يمينه على يده اليسرى وعاتقه الايسر ثم يرده ثانية من خلفه على يده
اليمنى وعاتقه الا يمن فيغطيهما جميعا وذكر ابو عبيد ان الفقهاء ويقولون هو ان
يشتمل بثوب ليس عليه غيره ثم يرفعه من احد جانبيه فيضعه على منكبه فسد وفرجه فاذا
قلت اشتمل فلان الصّماء كانك قلت اشتمل الشملة التى تعرف بهذا الكلام لان الصماء
ضرب من الاشتمال وربّما نقل عن الصّحاح فى تفسير اشتمال الصماء ما نقله عن ابى
عبيد كما سمعت وكذا نقل عنه النقل عن الفقهاء ما نقل عن ابى عبيد نقله عن الفقهاء
كما سمعت وكذا نقل عنه النقل عن الفقهاء كما سمعت ايضا فى القاموس واشتمال الصماء
ان يرد الكساء من قبل يمينيه على يده اليسرى وعاتقه الايسر ثم يرد ثانية من خلفه
على يده اليمنى وعاتقه الايمن فيغطيهما جميعا او الاشتمال بثوب واحد ليس عليه غيره
ثم يضعه من احد جانبيه فيضعه على منكبه فيبدو فرجه وعن الاصمعى انه ان يشتمل
بالثوب حتى يحلل به جسده ولا يرفع منه جانبا فيكون فيه فرجة يخرج منها يده وعن بعض
انه قيل صماء لانه اذا اشتمل به سد على يديه ورجليه المنافذ كلّها كالصّخرة الصماء
وعن بعض آخر انه انما كان غير مرغوب لانه اذا سد على يديه المنافذ فلعله يصيبه شيء
يريد الاحتراس منه فلا يقدر عليه وقد حكى التفسير بغير ما ذكر ايضا لكن قد اتفق فى
المقام اختلاف فقهائنا وفقهاء العامة فعن المبسوط وغيره نقلا انه يلتحف بالازار
ويدخل طرفيه تحت يديه وبجمعهما على منكب واحد كما فعل اليهود وبه فسّره فى الوسيلة
نقلا حاكيا له عن فعل اليهود لكن المحكى فى كلام شيخنا البهائى عن المبسوط اليدين
على وجه التثنية ويرشد الى ذلك ما رويه فى الكافى فى الصّحيح على الصحيح لاشتمال
السّند على ابراهيم بن هاشم بالاسناد عن زرارة عن الباقر عليه السّلم قال واياك
والتحاف الصّماء قال وما التحاف الصّماء قال ان تدخل الثوب من جناحك فجعلته على
منكب واحد ورويه فى الفقيه عن زرارة فى الصحيح وفى الصحيح على الصحيح على
ما ذكره الوالد الماجد ره لكنه ليس بصحيح هذا بناء على لزوم نقد الطريق وإلّا
فلا اشكال فى الصّحة ورويه الصّدوق فى المعانى فى آخر الكتاب فى باب النوادر فى
الصحيح عن زرارة ايضا وعن الفحول العمل به وعن الشهيد الثانى فى اكثر كتبه نقل
اشتهار القول به بل فى الرياض نفى وجدان الخلاف بيننا وروى الصدوق فى المعانى فى
باب معنى المحاقلة وغيرها من المناهى مرسلا بحذف الواسط عن الصادق عليه السّلم قال
التحاف الصماء هو ان يدخل الرجل ردائه تحت ابطيه ثم يجعل طرفيه على منكب واحد وعمل
به بل نقل الوالد الماجد ره العمل به عن الشيخ فى النهاية والفاضلين فى المعتبر
والتحرير والمنتهى والشهيد فى الدروس لكن من البين الظاهر رجحان العمل بصحيح زرارة
لضعف المرسل المذكور لكنّه لا يتم بناء على اعتبار المرسل بحذف الواسطة كما هو
الاظهر كما حرّرناه فى محله الا ان الصحيح تقدم لاعتضاده بنقل الشهرة لكفاية
الشهرة فى احد الخبرين المتعارضين ولو كانت من باب المطابقة وان لم تكن الشهرة
المطابقة كافية فى خبر ضعف الخبر سندا او دلالة على الاظهر الا ان ذلك انما يتم
بناء على لزوم العمل بالراجح كما هو الحال بناء على حجية مطلق الظنّ واما بناء على
حجية الظنون الخاصة فالاظهر عدم لزوم العمل بالراجح وربما يتصرّح من العلامة فى التذكرة ورود الاخبار عن
الائمة على الوجه الاول واتفاق الفقهاء عليه وكونه ارجح لكون الفقهاء اعرف بالمراد
من الاخبار وفيه سهو بعد سهوين لاختلاف الخبر بعد انحصار الخبر الدال على الوجه
الاول فى الصحيح المذكور واختلاف الفقهاء وعدم انتهاض الترجيح المعلل بكون الفقهاء
اعرف بالمراد بالاخبار لفرض اختلاف الفقهاء واختلاف الاخبار وبما مر يظهر ضعف ما
يظهر من بعض الاعلام من انحصار الخبر فى الصحيح المذكور من دون معارض له وعلى اى
حال فالصّحيح المذكور يتاتى فيه وجوه من الاحتمال ان يدخل طرفى الثوب من تحت اليد
اليمنى ويلقهما على المنكب الا يسر وعكس ذلك وان يدخل طرفيه من تحت اليد اليمنى
ويلقهما على المنكب الايمن وان يدخل طرفيه من تحت اليد اليسرى ويلقهما على المنكب
الايسر وان يدخل طرفيه من تحت اليد اليمنى وطرفه الآخر من تحت اليد اليسرى ويلقهما
على المنكب الايمن او الا يسر والظاهر بل بلا اشكال انّ المقصود بالجناح اليد على
وجه الافراد او التثنية وربما يقال بعدم شمول الصحيح المذكور للصّورة الاخيرة
ويمكن ان يقال ان المقصود بذلك هو ما فعله اليهود وقد تقدم ذكر فعلهم فى كلام
المبسوط والوسيلة وربّما حكم فى الوافى باجمال الصحيح المذكور واورد تفاسير
اللغويين وقال ان ما فى الصحيح لا ينافى شيئا منها وليس بشيء لظهور عدم انطباق
الصحيح المذكور على شيء من تفاسير اللغويين فكيف بالكل كيف لا وتلك التفاسير لا
ينطبق بعضها على بعض فكيف ينطبق الصحيح المذكور على غير واحد منها فكيف بالكل اذ
الامور المتباينة لا مجال لانطباق شيء على غير واحد منها فضلا عن الكل والظاهر ان
غرضه من الاجمال انما هو الاجمال بالنسبة الى تلك التفاسير لا بالنسبة الى
الاحتمالات المذكورة مع ان حال الصحيح المذكور بالنسبة الى تلك الاحتمالات من باب
شمول الاطلاق لا الاجمال بناء على اطراد الاطلاق فى القضية الخبرية كما هو الاظهر
الا ان الاظهر ان الاطلاق فى القضية الخبرية لا يجدى ولا ينفع فالاطلاق فى حكم
الاجمال وربّما حكم العلامة النجفى فى كشف الغطاء بانه ينبغى حمل اشتمال الصّماء
على جميع التفاسير تعليلا بعدم المنافاة وتقدم الاثبات على النفى وياتى الكلام فيه
بعيد هذا وبالجملة تعارض كلمات اللغويين فى باب المفرد انما هو فى الموضوع له وفى
باب المركب انما هو فى المراد وربما يقتضى ما سمعت من العلامة النجفى لزوم الجمع
فى الاخير وهو نظير القول بالاشتراك فى الاول لو كان التعارض بالتباين كما تقدم
لكن الجمع فى الاخير يستلزم القول باستعمال اللفظ الواحد فى اكثر من معنى واحد
والانصاف ان القول بالجمع فى المقام من عجيب الكلام كيف لا والقول المذكور نظير
القول بالجمع فيما لو قال قائل صلى فلان اوّل الظهر وقال آخر نام فلان اوّل الظهر
وربما عنون الوالد الماجد ره تعارض كلمات اللّغويين والفقهاء فى الحقيقة الشرعية
وجرى على ترجيح كلمات الفقهاء تعليلا بان الفقهاء ابصر والظاهر ان عرضه ما وقع فى
باب اشتمال الصماء وهو يشبه ما تقدم من العلامة فى التذكرة فيظهر ما فيه بما مر
مضافا الى عدم ثبوت الحقيقة الشرعية فى اشتمال الصماء بل عدم اتفاقها فيه بلا شبهة
المقام الثّانى فى الظنّ بالدلالة وينبغى نشر الكلام فى اصل الدلالة واقسامها قبل
الخوض فى المقصود على حسب ما يقتضيه الحال فنقول
__________________
ان المدار فى الدلالة على الكشف علما او ظنا عن الارادة او الاعتقاد ويظهر
الحال فى الكشف عن الاعتقاد بما ياتى وخصها السيّد السّند المحسن الكاظمى بالكشف
عن الارادة وليس على ما ينبغى والكشف عن الارادة اعم من كشف اللفظ عن ارادة المغنى
من نفسه كما هو الغالب او من لفظ آخر كما فى قرائن المجازات ويظهر الحال بما ياتى
ايضا وليس الدلالة فى صورة مداخلة الارادة اعنى ارادة المعنى من نفس اللفظ تابعة
للارادة واقعا كما عن ابن سينا والا للزم عدم دلالة اللّفظ على المعنى الحقيقى فى
المجاز المتاخر قرينة مع انه لا شك فى دلالته عليه وقد استدل به على كون الدلالة
تابعة للوضع ولا تكون تابعة للوضع كما عن المشهور لوضوح عدم تطرق الدلالة فى
المجاز المشهور على المنصور وكذا الحال فى موارد الشك فى وجود الصارف او الشك فى
صرف الموجود من الاخير الاستثناء الوارد عقيب الجمل المتعاطفة بناء على القول
بالاشتراك او التوقف بالنّسبة الى ما عدا الاخيرة وان حكم الوالد الماجد ره بتحقق
الدلالة على العموم من باب الظنّ الشخصى لكن ياتى فى تضعيفه مضافا الى انه لو كان
الدلالة تابعة للوضع للزم تطرق الدلالة فى كلام النائم والساهى ومن المعلوم خلافه
وقد استدل به على كون الدلالة تابعة للارادة فكل مما استدلّ به على كون الدلالة
تابعة للارادة او الوضع حق ومقتضاه القول بما ذكرناه فالمدار فى الدلالة فى صورة
مداخلة الارادة على ظهور افادة كون المعنى مرادا او معتقدا على وجه العلم او الظنّ
وبعبارة اخرى المدار فى الدلالة على الافادة الظاهرية اعنى افادة اللفظ علما او
ظنا كون المعنى مرادا او معتقدا وبما ذكرنا يظهر انّ المدار فى الدلالة على
التّصديق لا التصوّر والاخطار ويرشد اليه انه قد عرف المجمل بما دلالته غير واضحة
حيث ان المقصود بعدم وضوح الدلالة ان يدل اللفظ على معنى غير واضح اى كان اللفظ
كاشفا عن ان المراد به معنى لكن لم يعرف المعنى فالمقصود عدم وضوح المراد فالتعريف
المذكور يرشد الى كون المدار فى الدلالة على الكشف والتصديق اذ التصور لا يتصف
بعدم الوضوح لكن يمكن ان يقال انه لو كان المدار فى الدلالة على الكشف عن الارادة
فالمجمل لا يكون دالا اصلا الّا ان يقال انه يكشف عن كون المراد معنى خاصّا فى
الواقع غير انه غير معلوم إلّا ان يقال ان الكشف المذكور من حكم العقل لعدم جوار
ان يخاطب الحكيم بلفظ لا يريد به معنى وكونه خلاف ظاهر حال الناس لان ذكر اللفظ من
دون ارادة المعنى غير معهود بينهم مع انه لو كان المدار فى الدلالة فى صورة مداخلة
الارادة على الكشف عن الارادة فالظاهر انّ المدار على الكشف عن الارادة فالظاهر
انّ المدار على الكشف عن ارادة المعنى المشخص واما كشف اللفظ عن ارادة المعنى
الغير المعيّن فالظاهر عدم صدق الدلالة عليه ويرشد الى ذلك ايضا عدا المشترك فى
بحث المجمل حيث انه لو كان المدار فى الدلالة على التصوّر فربما يتصوّر ويتخاطر
جميع معانى المشترك فى الذهن ويبتنى القول بعدم دلالة المشترك على شيء من المعانى
على كون المدار فى الدلالة على الكشف والتصديق كما انه يبتنى القول بدلالة المشترك
على جميع المعانى على كون المدار على التصوّر والاخطار على ما زعمه سيّدنا لكنه
ليس على ما ينبغى اذ مقتضى ادلّة ذلك القول انما هو القول بالتصديق كالاستدلال
بوجوب حمل اللفظ على معناه الحقيقى والاحتياط وانّه لو لم يحمل المشترك على جميع
معانيه فاما ان لا يحمل على شيء او يحمل على واحد معين او على واحد غير معين
والثلاثة كلها باطلة اما بطلان الاول فللزوم الغاء اللفظ وخلوه عن الفائدة وهو
معلوم البطلان واما بطلان الثانى فلانه ان كان من جهة اللفظ فليس فيه ما يدل عليه
وان كان من غيره فالمفروض عدمه وان كان لا عن سبب فيلزم الترجيح بلا مرجح وهو باطل
واما بطلان الثالث فللزوم الاجمال وهو بعيد من حال جهة الشرع ولان الغالب البيان
فيلحق به موضع الشك كمحل الفرض ولا يتصور البيان فيه الا بالحمل على الجميع وغير
ما ذكر هذا ولا اشكال فى ان المدار فى اعتبار الدلالة عند الفقهاء والاصولين بل
جميع ارباب الفنون النقلية على الكشف والتصديق كما انه لا اشكال فى كون المدار فى
اصل الدلالة اعنى صدقها اصطلاحا عند المنطقيّين على التصور والاخطار كما يشهد به
عدهم من الدلالة دلالة الالتزام كدلالة العمى على البصر ودلالة الحاتم على الجود
وربما حكم سيّدنا بكون الدلالة مصطلحة عند الفقهاء والاصوليين فى الكشف عن الارادة
نظرا الى مناسبة مع المعنى اللغوى اذ الدلالة بمعنى الهداية والارشاد فى التصوّر والاخطار فلا
__________________
مناسبة فى النقل عن الهدية الى التصوّر والاخطار لكن لو كان الاصطلاح فى
الكشف والتصديق فيكون النقل من الاعم الى الاخص كما هو الغالب والشائع ونظرا الى
اخذ الفهم فى جنس تعريف الدلالة حيث انه لا فهم فى التصوّر كيف لا ولولاه لكان كل
شاك فى شيء فهيما له لكن نقول ان اصل الاصطلاح من المنطقيين والتعريف ايضا منهم
والمفروض ان المدار عندهم على الاخطار بشهادة عد دلالة الحاتم على الجود من باب
دلالة الالتزام نعم الظاهر ان استعمالات الفقهاء والاصوليين فى الكشف والتصديق على
حسب ما هو المحتاج اليه كانت بتبع المنطقيّين من باب اطلاق الكلى على الفرد حيث ان
المدار عند المنطقيّين ليس على خصوص التصوّر بل على الاخطار الاعم من التّصديق لكن
تطرق الاصطلاح الجديد فى الكشف والتصديق بكثرة الاستعمال إلّا انه مبنىّ على تطرق
النقل بكثرة اطلاق الكلى على الفرد ولعله الاظهر كما حرّرناه فى بحث المطلق
والمقيد والظاهر ان المدار فى الدلالة ليس على خصوص افادة المقصود بالاستعمال بل
هو اعم من افادة المقصود بالاضمار كما يظهر مما ياتى وبعد ما مر اقول ان الاظهر ان
المدار فى الدلالة فى صورة مداخلة الارادة على الكشف عن قصد الافادة او الكشف عن
الاعتقاد وليس المدار على الكشف عن الارادة وتحقيق الحال انه قد يجتمع المراد من
اللفظ والمقصود بالافادة والمقصود بالاصالة كما فى باب الحقائق وقد يوجد واحد من
هذه الثلاثة وله ثلث صور لكن ما يمكن ان يوجد منها صورة واحدة وهى وجود المراد دون
المقصود بالافادة والمقصود بالاصالة كما فى المجاز المتاخر قرينته وان امكن القول
بان المراد فيه مقصود بالافادة إلّا انه غير مقصود بالاصالة بل هو من باب المقدمة
لافهام المعنى المجازى وقد يوجد غير واحد منفردا عن الآخر مع وجود الآخر وله ثلث
صور ايضا لكن ما يمكن ان يوجد منها صورة واحدة ايضا وهى انفراد المراد والمقصود
بالافادة عن المقصود بالاصالة كما فى لازم الحكم حيث ان المقصود بالاصالة هو لازم
الحكم لكن المراد والمقصود بالافادة هو الحكم وكما فى العام المستثنى منه بناء على
القول بكون التعميم تمهيدا للاستثناء حيث ان المقصود بالاصالة هو الخاصّ اعنى ما
عدا المستثنى مما بقى من المستثنى منه بعد الاستثناء لكن المراد والمقصود بالافادة
هو العموم ومن هذا الباب الكناية حيث ان المراد والمقصود بالافادة فيها هو المعنى
الحقيقى لكن المقصود بالاصالة هو المعنى المجازى وربما يتوهم انفراد المراد فيه عن
المقصود بالافادة والمقصود بالاصالة وانت خبير بان المراد فى الكناية مقصود
بالافادة ايضا إلّا انه مقصود بالتبع اى من باب المقدمة لافهام المعنى المجازى ولا
اشكال فى الصّورة الثلاثيّة اعنى الصّورة الاولى وانّما الاشكال فى الصّورة
الثانية وبالجملة فالظاهر انّ المدار فى الدلالة على قصد الافادة إذ لولاه لما
يبقى فى بيداء الدلالة عود ولا ينتصب لفسطاطه عمود اذ فى مثل رايت اسدا يرمى يكون
المراد وما يترجم به ولو كان الترجمة من نفس المتكلم هو الحيوان المفترس الا ان
المقصود بالافادة هو الرّجل الشّجاع فلو كان المدار فى الحقيقة والمجاز على الكشف
عن ارادة المعنى الحقيقى وارادة المعنى المجازى لما يتفق المجاز فى مورد وان قلت فعلى
هذا يكون جميع المجازات من باب الكناية قلت ان الكناية لا يكون المجاز فيها مقرونا
بقرينة معاندة بحمل اللفظ على المعنى الحقيقى ولذا يمكن حمل اللفظ على معناه
الحقيقى بخلاف المجازات فى غير الكناية فان المجاز فيها مقرون بقرينة معاندة لحمل
اللفظ على المعنى الحقيقى فقد ظهر ان الامر فى الصّورة الثانية من باب المجاز ومن
هذا ان فلانا كثير الرماد من باب المجاز لو كان المقصود بالافادة هو الجود ولو كان
الفلان كثير الرماد وقد عرفت بما سمعت ان المراد بما سمعت ان المراد فى الصّورة
الثانية مقصود بالاصالة الا ان المقصود بالافادة غير مقصود بالاصالة بل انما هو
مقصود بالتبع اى من باب المقدمة لافادة المعنى المجاز اذ المفروض ان الغرض من
التعميم مثلا انما هو التّمهيد للاستثناء والمقصود بالاصالة انما هو افادة ثبوت
الحكم فيما عدا المستثنى وان قلت ان كون العموم مقصودا بالافادة فى باب التعميم
تمهيدا ممنوع قلت ان المفروض قصد افهام العموم للمخاطب ومن هذا انه لو تضايق
المخاطب عن السماع يكون كلا على المتكلم وربما يعاتب المتكلم المخاطب نعم فى باب
المجاز المؤخر فيه قرينة التجوز يتاتى المراد دون المقصود بالافادة لعدم قصد افهام
المخاطب من المتكلم فالتعميم من باب التمهيد مورد اجتماع المراد والمقصود بالافادة
من دون وجود المقصود بالاصالة فهو خارج عن صورة اجتماع المراد والمقصود بالافادة
والمقصود بالاصالة فى باب الحقائق وكذا صورة اجتماع المراد والمقصود بالافادة فى
لازم الحكم و
كذا صورة اجتماع المقصود بالافادة والمقصود بالاصالة فى الكناية وقد تقدم
جميع الصّور المذكورة وبما مر ظهر ان الامر فى القضية الخبرية فى صورة قصد لازم
الحكم من باب الحقيقة لكون الاخبار مقصودا بالافادة غاية الامر انه غير مقصود
بالاصالة بل لا اشكال فى الباب اذ؟؟؟ الاخبار غير مقصود بالقضيّة راسا وليس القضية
مستعملة فى الاخبار وبعد ما مر اقول انه يمكن ان يقال ان العموم بناء على كونه من
باب التّمهيد لاستثناء يكون مرادا ولو كان مقصودا بالافادة بالعرض فالمراد فى
الكناية اعنى المعنى الحقيقى مقصود بالافادة بالعرض ايضا اى تمهيد الافهام المعنى
المجازى ولا وجه للفرق بين العموم بناء على كونه تمهيدا للاستثناء والمراد فى
الكناية بكون الاول مرادا ومقصودا بالعرض وكون الثانى غير مقصود بالافادة كما تقدم
لكنه يندفع بان المقصود بالمقصود بالافادة فى قبال المراد ما هو المقصود بالاصالة
فى الافهام من اللفظ انّما هو المعنى المجازى الا ان المعنى
المجازى من باب المجاز فى المركب فى مثل كثير الرّماد وطويل النّجاد نظير تقدم
رجلا وتؤخر اخرى واما العموم بناء على كونه تمهيدا للاستثناء فهو مقصود بالافهام
بالاصالة من اللفظ التام لكنّه بتبع استثناء المستثنى فالعموم يراد ولا ينتقل منه
الى الخاص حيث ان المفروض كون العام من باب الحقيقة قبال القول بكونه من باب
المجاز ولا منافاة بين كون العموم مقصودا بالاصالة فى الافهام من لفظ العام
ومقصودا بالعرض بالنّسبة الى لفظ آخر اى استثناء المستثنى وامّا المعنى الحقيقى فى
الكناية وان كان مرادا لكنه ينتقل الى غيره اعنى المعنى المجازى ففى الكناية امران
ينتقل من احدهما الى الآخر وفى العموم بناء على كونه من باب التمهيد امر واحد لا
ينتقل منه الى غيره وان قلت انه لو كان الامر فى الكناية من باب المجاز فى المركب
فالامر فى العموم بناء على كونه من باب التمهيد يرجع الى المجاز فى المركب قلت ان
المجاز فى المركب انّما يتاتى لو كان المقصود بالافادة من المفرد غير معناه
الحقيقى والمفروض فى المقام ان المقصود بالافادة هو العموم فلا يتاتى المجاز فى
المركب وبما مر يظهر ان الظنّ بالدلالة موقوف على الظنّ بالصّدور ومتاخر عنه وفى
جانب الطول بالنّسبة اليه لا فى جانب العرض حيث ان الكشف عن الارادة بالفعل لا
يتاتى الا بعد ثبوت المزيد او ثبت عدمه لا مجال للكشف عن الارادة فلو قيل قال فلان
كذا مع العلم بكذب بالنّسبة فليس الكلام المنسوب الى الفلان الا مثل كلام النائم
ثم ان الدلالة انما كانت فى لسان المنطقيين اعم من الدلالة اللفظية والدلالة
الطّبيعية كدلالة سرعة النبض على الحمى ودلالة اح اح على وجع الصّدور الدلالة
العقلية كدلالة الاثر على المؤثر كدلالة الدّين المسموع من وراء الجدار على وجود
اللافظ ودلالة الدخان على وجود النار والدلالة الوضعية الغير اللفظية كدلالة
الخطوط والعقود والاشارات والنصب لكنها صارت فى لسان الفقهاء والاصوليين منقولة
بالتعيّن فى الدلالة اللفظية قضية كثرة الاستعمال فى الدلالة اللفظية على حسب
اختصاص الاحتياج اليها نظير ما تقدم فى ان المدار فى الدلالة عند الفقهاء
والاصوليين على التصديق هذا والظاهر ان المدار فى اللفظ على ما من شانه التلفظ به
فهو اعم من الملفوظ والمكتوب ثم ان الظاهر بل بلا اشكال ان الدلالة تختص بالحقيقة
بناء على كونها تابعة للوضع اذ الظاهر بل بلا اشكال ان الغرض منه انما هو تبعيّة الدلالة
فى باب الحقيقة والظاهر بل بلا اشكال انها تختص بالحقيقة ايضا بناء على كونهما
تابعة للارادة ان الظاهر بل بلا اشكال ان الغرض منه التبعية لارادة الموضوع له بل
لو اختص الدلالة على احد القولين بالحقيقة فلا بد من اختصاصها بها على القول الآخر
للزوم توارد القولين فى مورد واحد كما هو الحال فى سائر موارد النزاع واما بناء
على كون المدار فيها على الكشف فالظاهر انها تختصّ بالحقيقة ايضا اذ المدار فى
الدلالة على ذلك على كشف اللفظ بالاستقلال عن ارادة المعنى منه بنفسه والاقوال فى
المجاز دائرة بين دلالة اللفظ بشرط القرينة ودلالة القرينة بالاستقلال ودلالة
المجموع المركب ولا يتاتى ما ذكرناه على شيء من هذه الاقوال فلا بدّ من كون اطلاق
الدلالة فى باب المجاز من باب المسامحة او من باب ارادة المعنى اللغوى باى مقالة
قيل فى باب الدلالة ثم ان الظاهر بل بلا اشكال ان المدار فى الدلالة بناء على كون
المدار فيها على الكشف انما هو على الكشف بالفعل فلا يتاتى الدلالة فى تعارض
الخبرين مثلا لاحتمال التجوز فى احدهما لا بعينه كاحتمال عدم الصّدور واحتمال
التقية بناء على كونها من باب الحقيقة فضلا عن احتمال التجوز فى كليهما
__________________
فقد بان فساد تعريف التعارض بتنافي مدلولى الدّليلين كما حرّرناه فى محله
مضافا الا انه قد يتحقق التعارض مع عدم التنافى بين مدلولى المتعارضين كما فى
المطلق والمقيد المثبتين كما لو قيل اعتق رقبة ثم قيل اعتق رقبة مؤمنة بناء على كون
التقييد بمنطوق المقيد فالتعريف غير جامع الا ان يقال انه لو كان المدار فى
التقييد فى المطلق والمقيد المثبتين على ثبوت وحدة المطلوب بالاجماع فلا اشكال فى
ثبوت التنافى فى البين لمنافاة التخيير فى المطلق مع التعيين فى المقيد واما لو
كان المدار على فهم التقييد عرفا فيتاتى التنافى فى البين ايضا لابتناء التقييد
عرفا على فهم اتحاد المكلف به عرفا مع انه يمكن القول بانفهام التقييد عرفا مع عدم
التعارض ويمكن ان يقال ان الطاهر مما ذكر من تعريف التعارض كون التنافى بين مدلولى
المتعارضين بالذات فلا يشمل التعريف المذكور للتنافى بين المطلق والمقيد المثبتين
لو كان التنافى بينهما بتوسّط ثبوت وحدة المطلوب بالاجماع او بفهم اهل العرف ولا
سيّما على الاول وايضا قد يتحقق التنافى مع عدم التعارض فى البين فى المطلق
والمقيد المختلفين كما لو قيل اعتق رقبة ثم قيل لا تعتق رقبة كافرة بناء على كون
الدّفع بالاطلاق من جهة عدم ذكر القيد فالتعريف غير مانع الا ان يقال انه يتاتى
التنافى فى المقام ايضا لظهور عدم ذكر القيد متصلا بالمطلق فى عدم القيد والمدار
فى الدّفع بالاطلاق من جهة عدم ذكر القيد على عدم ذكر القيد متصلا لا عدم ذكر
القيد بالكلية مع انه لا مجال للتنافى فى المقام بناء على كون المدار فى الدلالة
على الكشف قضية انتفاء الدلالة بناء على ذلك كما يظهر مما سمعت الا ان يقال انه
انما يتم فيما لو امكن التجوز فى العام بالتخصيص كما هو المفروض ولا يطرد فيما لو
لم يمكن التجوّز فى الخاص ولعلّه الغالب لكنه مدفوع بان تنافى مدلول الدليلين مبنى
على ثبوت المدلول لهما وغاية الامر فيما لم يمكن فيه التجوز فى الخاص بثبوت
المدلول لاحد الدليلين اعنى الخاص واين هذا من تنافى مدلولى الدليلين نعم لا يرتفع
الدلالة هنا عن كل من الدّليلين بخلاف ما لو احتمل التجوز فى احد الدليلين لا
بعينه ثم ان الدلالة على ما يقتضيه كلمات الاصوليّين اما من باب المطابقة او
التضمن او الالتزام والالتزام اما من باب اللازم البين بالمعنى الاعم او غير بين
واما من باب الاقتضاء او الايماء او الاشارة والدلالة على المعنى المجازى داخلة فى
دلالة المطابقة او دلالة الالتزام على الخلاف والاظهر الاخير والدلالة ايضا اما من
باب المنطوق او المفهوم بناء كونه مستندا الى اللفظ من باب التضمن او الالتزام كما
فى مفهوم الشرط على الخلاف او من باب الوضع النوعى كما فى مفهوم الوصف على القول
به وقد ذكر شيخنا البهائى فى تعليقات الزبدة ان الاصطلاحات المتداولة فى تقسيم
الدلالات خمسة وذكر ثلثة منها احدها ما حكيه عن الاكثر وهو ان دلالة اللفظ امّا
لفظية اولا والثانى عقلية ووضعية والاولى وضعية وعقلية وطبعيّة والوضعية اما
مطابقة او تضمن او الالتزام ثانيها ما حكيه عن الاكثر من اهل العربية وهو ان دلالة
اللفظ اما وضعية او عقلية والوضعية مطابقة وتضمن وهذا كالاول فى تقسيم اللفظية
الوضعية الى الثلثة ثالثها ما حكيه عن اكثر الاصوليّين وحكى حكايته عن الاشراقيين
وهو ان دلالة الالتزام للفظ على معناه دلالة قصد وعلى جزئه دلالة حيطة وعلى لازمه دلالة
تطفل قال وهو قريب من اصطلاح الاصوليين وكان الصواب ان يقول بدل الاصوليّين اكثر
اهل العربية ولا خفاء والفرق بين الوجهين الاوليين ان المدار فى الوجه الاول على
تقسيم دلالة اللفظ اولا الى اللفظية وغيرها وتقسيم الدلالة الغير اللفظية ثانيا
الى عقلية ووضعية وتقسيم الدلالة اللفظية ثالثا الى ثلثة اقسام اعنى الوضعيّة
والعقلية والطبعية وتقسيم الوضعية رابعا الى ثلثة اقسام ايضا اعنى المطابقة
والتضمن والالتزام والمدار فى الوجه الثانى على تقسيم دلالة اللفظ اولا الى قسمين
اعنى الوضعية والعقلية وتقسيم الوضعية ثانيا الى ثلثه اقسام اعنى المطابقة والتضمن
والالتزام فهو خال عن التقسيم الاول من الوجه الاول وكذا خال عن التقسيم الثانى من
الوجه الاول وكذا خال عن القسم الثالث من التقسيم الثالث من الوجه الاول والفرق
بين الوجه الثانى والثالث ان المدار فى الوجه الثانى على تقسيم دلالة اللفظ اولا
الى قسمين اعنى الوضعية والعقلية وتقسيم الوضعية ثانيا الى ثلثة اقسام اعنى
المطابقة والتضمن والالتزام والمدار فى الوجه الثالث على القناعة بالتقسيم الثانى
اذ المقسم وان كان مطلقا
لكن لا بد من كون المقصود به خصوص الوضعيّة والفرق بين الوجه الاول والوجه
الثالث ان المدار فى الوجه الاول على تربيع التقسيم كما سمعت والمدار فى الوجه
الثالث على القناعة بالتقسيم الرابع وانت خبير بان تقسيم دلالة اللفظ فى التقسيم
الاوّل فى الوجه الاول اعنى تقسيم دلالة اللفظ الى اللفظية وغيرها من باب تقسيم
الشىء الى نفسه وغيره وربما يعد من باب الدلالة اللفظية العقلية دلالة دير المسموع
من وراء الجدار على وجود اللافظ ومن باب الدلالة اللفظية الطبعية دلالة اح اح
بالمهملتين او المعجمتين كما لمحتملهما السيّد الشرّيف على وجع الصّدر وكيف كان
فالتحقيق ان التقسيم المتقدم منتقض طردا وعكسا اما الاول فلانه لا مجال للدّلالة
التضمّنية على ما حرّرناه فى محله حيث ان المركب سواء كان عقليّا اوحّيّما كثيرا
مّا يسمعه المخاطب ولا يخطر بباله تفصيل الاجزاء ولا سيّما لو كان عقليا بل لو
تكثر الاجزاء لا يلتفت المخاطب الى بعض الاجزاء الحقيرة بلا شبهة نعم قد يستشعر
المخاطب حين سماع المركب بتفصيل الاجزاء كلا او بعضا هذا بناء على كون المدار فى
الدلالة على الاخطار واما بناء على كون المدار فيها على الكشف فلا خفاء فى ان
الجزء لا يكون مقصودا بالافادة ولا يكشف اللفظ عن كونه مقصودا بالافادة ولا عن كون
المتكلم حين التكلم شاعرا به لكنه يكشف عن دخول كل جزء فى المراد وان لم يليتفت
المتكلم حال التكلم الى الاجزاء تفصيلا ويكشف ايضا عن كون اعتقاد المتكلم تعلق
الحكم بالجزء فى ضمن الكل وايضا عدّ الالتزام منقسما الى الالتزام البين بالمعنى
الاخصّ والالتزام البيّن بالمعنى الاعم والالتزام غير البين من باب الاشتباه فى
كلام المنطقيين حيث انّهم ذكروا فى بحث الدلالة من اقسام الدلالة دلالة الالتزام
وقسّموا فى بحث الكليات العرض العام الى اللازم البين بالمعنى الاخص واللازم البين
بالمعنى الاعم واللازم الغير البين فتطرق الخلط بين دلالة التزام واللازم واين
احدهما من الاخر من حيث ان المدار فى اللازم باقسامه الثلثة على المعنى ولا لفظ فى
البين والمدار فى دلالة الالتزام على اللفظ مع انه قد يتفق دلالة الالتزام ولا
مجال للزوم باقسامه كما فى دلالة العمى على البصر اذ المدار فى اللزوم على العرض
وليس البصر من باب العارض بالنسبة الى العمى على ان المدار فى الدلالة عند
الاصوليّين على الكشف كما انكشف ولا مجال للكشف فى اللازم باقسامه مضافا الى ان
ظاهر تعريف اللازم البين بالمعنى الاعم مما يكون تصوّره مع تصوّر الملزوم كافيا فى
الجزم باللزوم وتعريف اللازم الغير البين بما لا يكفى تصور الملزوم فى الجزم
باللزوم بناء على تعريف اللازم البين بما يلزم من تصوّره الجزم باللزوم اى التعريف
بالمعنى الاخص وبما احتيج فى الجزم باللزوم الى الوسط بناء على تعريف البين
بالمعنى الاعم المذكور عدم استلزام تصور الملزوم لتصوّر اللازم فلا يتفق دلالة
الالتزام فى الازم البين بالمعنى الاعم واللازم الغير البين نعم يمكن ان يستلزم
فيهما تصوّر الملزوم فيمكن اتفاق دلالة الالتزام فيهما وقد ابسطنا الكلام فى
المقام فى بحث المنطوق والمفهوم فى الاصول وربما قيل ان اللازم البين بالمعنى
الاخص ما يلزم تصوّره من تصوّر الملزوم كما يلزم التصور البصر من تصوّر العمى
وربما يتوهم منه كون العمى لازما للبصر من باب اللّازم البين بالمعنى الاخص وهو
مدفوع بانه ليس الامر من باب التمثيل اى تمثيل اللازم البين بالمعنى الاخص بالبصر
بالنّسبة الى العمى بل الامر من باب التّشبيه اعنى تشبيه استلزام تصور الملزوم
البين بالمعنى الاخصّ باستلزام تصوّر العمى لتصور البصر حوالة لما تقدم من الكلام
فى العمى فى باب دلالة الالتزام كيف لا ولا مجال لخيال كون البصر من باب العرض
اللازم للبصر وان قلت ان اللزوم اعم من اللزوم للمهية واللزوم الذهنى واللزوم
الخارجى ويتاتى اللّزوم الذهني فى باب العمى والبصر قلت انه لا بد فى اللازم البين
بالمعنى الاخص من حديث العارض والمعروض وغاية الامر بناء على تعميم اللزوم للزوم
الذهنى وربما قيل باختصاصه باللزوم للمهية واللزوم الخارجى هو عموم اللزوم للزوم
الكلية لحقيقة الانسان ولا بأس به لكون الامر فيه من باب العارض والمعروض ولا مجال
للتعميم للبصر بالنّسبة الى العمى واما الثانى فلخروج انصراف المطلق الى الفرد
الشايع بناء على خروج الانصراف عن الاستعمال فى الفرد الشّايع على ما حررناه فى
محله وكذا التعريضات وكذا دلالة المطلق على الاطلاق بناء على كونها مستندة الى
اللفظ وكذا براعة الاستهلال وكذا دلالة الايماء فى وقوع الواقعة وكلام المتكلم
الواحد كما ياتى
وكذا ما عده الحاجبى والعضدى من دلالة الايماء وهو ما لو كان مدلولا عليه
بتوسّط الاقتران بما لو لا عليه نظيره لبعد الاقتران ومثلاه بقول النبى صلىاللهعليهوآله وقد سألته الخثعميّة بقولها ان ابى ادركته الوفاة وعليه
فريضة الحجّ فان حججت عنه أينفعه ذلك أرايت لو كان على ابيك دين فقضيته أكان ينفعه
ذلك قالت نعم قال فدين الله احق بان يقضى حيث انه سألته الخثعمية عن دين الله فذكر
نظير المسئول عنه علة للنفع حيث انه لو لا هذه العلية لبعد الاقتران اى ذكر النظير
عقيب السّئوال لكنك خبير بان المثال غير مطابق للمثل حيث انّ قوله صلىاللهعليهوآله فدين الله احق بان يقتضى يدل على دفع القضاء عن الحج
بالصراحة ويدل ايضا على كون قوله أرأيت لو كان على ابيك دين مربوطا بالسئوال نعم
قوله هذا مع قطع النظر عن قوله فدين الله احق اه يطابق ما ذكره فالدلالة لا يكون
لها ضابطة لا تنخرم بل لها باب اوسع مما ذكرناه هذا ولما جرى فى المقام ذكر براعة
الاستهلال وهو حديث مشهور والمقصود به غير ظاهر حق الظهور فقد اعجبنى ان اشرح فيه
الحال على حسب ما يقتضيه المجال فنقول انه قال فى انوار الربيع من البلاغة حسن
الابتداء ويسمى براعة المطلب وهو عبارة عن ان يتانق المتكلم فى ابتداء كلامه وياتى
باعذب الالفاظ واجزلها وارقها واسلمها واحسنها نظما والطفها سبكا واصحها مبنى
واوضحها معنى واخلاها عن الحشو والركة والتعقيد والتقديم والتاخير الملبس او الذى
لا يناسب ثم قال واعلم ان المتاخرين فرعوا على حسن الابتداء براعة الاستهلال
فالبراعة مصدر قولهم برع الرجل براعة على وزن ضخم ضخامة اى فاق اصحابه فى العلم او
غيره والاستهلال يطلق على معان كل منها يشتمل على نوع افتتاح فاستهل راى الهلال
واستهل المولود صاح فى اول زمان الولادة واستهلت السّماء جادت بالهلل بفتحتين وهو
اول المطر وكل من هذه المعانى مناسب للنقل منه الى المعنى الاصطلاحى وهو ان يكون
اوّل الكلام دالا على ما يناسب حال المتكلم متضمنا لما سبق الكلام لاجله من غير
تصريح بل بالطف اشارة يدركها الذوق السّليم اقول انه لعل مرجع الامر فى براعة
الاستهلال الى استعمال البراعة فى حسن مخصوص تجوزا بمناسبة حسن التفوق فى العلم او
غيره على الغير واستعمال الاستهلال فى الافتتاح مجازا بمناسبة اشتمال الاستهلال
على كل من الوجوه المذكورة على الافتتاح فالمرجع الى حسن الافتتاح بحسن مخصوص
والغرض مناسبة صدر الكلام للمقصود ودلالته عليه كما لو كان خطبة كتاب الاصول
مشتملا على اسامى كتب الاصول حيث انه يشير الى كون الغرض رسم كتاب فى الاصول وانما
بنينا على استعمال البراعة فى حسن مخصوص لكن من براعة الاستهلال هو اشتمال الكلام
على حسن مخصوص اعنى الاشارة الى المقصود والا فقد يكون حسن الافتتاح بغير ذلك كما
هنا ذكر فى براعة المطلب فبراعة الاستهلال اخص من براعة المطلب إلّا ان يكون براعة
المطلب مخصوصا بما لو كان الحسن بغير الدلالة على المقصود فيكون النسبة من باب
التباين وبالجملة يمكن ان يكون الاصطلاح فى براعة الاستهلال خاليا عن المناسبة كما
فى براعة المطلب لعدم مناسبة المطلب للابتداء وان يناسب البراعة للحسن كما فى
براعة الاستهلال إلّا ان يقال ان الابتداء مطلب من المطالب فالتجوز بالاعم عن
الاخص إلّا ان يقال ان الابتداء ليس من المطلب وما يكون من المطلب انما هو المبتدا
ولو قيل انه لا بد فى النقل من المناسبة للزوم العلاقة فى التجوز اذ النقل لا يخلو
عن التجوز قلت انه لا يلزم فى النقل علاقة المنقول مع المنقول عنه وان لا يخرج
النقل عن التجوز بشهادة ان طائفة من اقسام النقل لا علاقة فيها للمنقول مع المنقول
عنه كما لو كان النقل عن الحرف او جملة فعلية او جملة اسمية وهكذا نعم لا بدّ فى
صحة المجاز فى غير النقل اعنى التجوزات الشائعة المتعارفة من العلاقة والاوجه ان
يقال ان النقل ان كان بالتعيين فلا يلزم فيه المناسبة والعلاقة وان كان بالتعيين
فلا بد من المناسبة والعلاقة لابتنائه على التجوز فالامر فى براعة المطلب وكذا
براعة الاستهلال بناء على الخلو عن المناسبة محل الاشكال اذا عرفت ما تقدم فنقول
ان الظاهر بل بلا اشكال ان الاكثر على اعتبار الظنّ فى المقام لكن حكم الفاضل التونى
باختصاص حجية مفهوم الموافقة وحجية دلالة الاقتضاء والايماء والاشارة بما لو كانت
قطعية وجرى فى بحث تعارض الاحوال على ان الاولى التوقف فى جميع صور التعارض ثم حكم
بعدم الدليل على جواز الاعتماد على الظنّ المتحصّل من كثرة المئونة وقلتها وكثرة
الوقوع وقلته ووافقه السيّد الصّدر والحق ان دلالة الالفاظ على المعانى المعروف
كونها حقيقة سواء كان كونها حقيقة فيها معلوما او مظنونا قطعية وعليه يدور رحى
المحاورات
والمشافهات فى اليوم والليلة من التدريسات والمخاصمات والمطايبات وغيرها
وعلى هذا المنوال الحال فى المكاتيب المعمولة بين الناس وعليه يجرى الامر فى آيات
الكتاب فيما لم يشتبه مدلوله نحو الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة
وكذا الحال فيما لم يشتبه مدلوله من الاخبار الواردة من ارباب العصمة وكذا تصنيفات
المصنفين فى جميع الفنون ودواوين الشعراء فارسيّة كانت التصانيف والدّواوين او
كانت عربيّة وان قلت انه لو كان وضع اللفظ للمعنى ظنيا فكيف يكون دلالة اللفظ عليه
قطعيّة قلت لا منافاة بين الظنّ بالوضع والعلم بالارادة اى العلم بارادة المعنى
المظنون كونه موضوعا له من اللفظ وان قلت انه يحتمل التجوز فى اللفظ والحمل على
المعنى الحقيقى لا يتعيّن الا بعد انتفاء احتمال التجوز ولا شك ان عدمه مظنون وكذا
يحتمل النقل وعلى تقديره لا يبقى الوثوق بارادة المعنى المنقول عنه دون المعنى
المنقول اليه فالحمل على المعنى اللغوى موقوف على عدم النقل الى غيره وهو ظنى لا قطعىّ
لان دليله الاستقراء وهو ظنى وكذا يحتمل الاضمار وعلى تقديره لا يكون المراد من
اللفظ ما هو الظاهر منه بل المراد ما يناسب المضمر فلا يتعيّن اللفظ فى ظاهره الا
بعد انتفاء الاضمار وهو ظنى فبعد هذه الاحتمالات كيف يتاتى دعوى القطع بالدلالة
قلت ان الاحتمالات المذكورة ضعيفة من قبيل الاحتمالات العقلية بل كثيرا ما لا يخطر
ببال السامع فلا تنافى حصول القطع بالدلالة للمخاطب ولا اعتداد بها فى اكثر
الموارد بالنسبة الى غير المخاطب فلا تنافى حصول القطع بالدلالة لغير المخاطب وان
قلت ان احتمال احالة القرينة الحالية على خلاف الظاهر فى الاخبار قائم بالنّسبة
الى غير المخاطب فلا مجال لحصول العلم بالدلالة لغير المخاطب قلت ان اقامة القرينة
الحالية على ارادة خلاف الظاهر فى غاية الندرة فى عموم المحاورات فلا تمانع عن
حصول العلم واما على تقدير الظنّ بالدلالة فلا ريب فى اعتباره لقيام الاجماع عليه
كيف لا وقد شاع وذاع رجوع العلماء باصنافهم الى الكشاف وتفسير البيضاوى وسائر كتب
التفسير مع عدم ثبوت عدالة المفسر ولو بالمعنى الاعم كما هى مصطلحة منه على الوجه
كما مر وعلى هذا يجرى الامر الى يوم القيمة بل طريقة الناس طرّا جارية عليه باطل؟؟؟
هذا المنوال الحال فى الشرائع كافة ولا فرق فى ذلك بين الشّفاهة والكتابة كما انه
لا فرق فى الكتابة بين المكتوب اليه وغيره فلو لم يكن هذه الطريقة مرضية لمنع عنها
ولو بالنّسبة الى المشافهين ولم يمنع عنه قطعا والا لتواتر لعموم البلوى مضافا الى
ان الظنّ بالدلالة يقتضى الظنّ بالحكم فيكون حجة إلّا ان يقال ان احتمالات التقية
يمانع عن حصول الظنّ بالحكم لكنّه يندفع بان التقية نادرة فلا يمانع احتمال التقية
عن حصول الظنّ بالحكم من الظنّ بالارادة مع ان دعوى ممانعة التقية عن الظنّ بالحكم
مبنية على كون اللفظ مستعملا فى معناه فى صورة التقية فلو كان القضية خبريّة فيكون
الامر من باب الكذب المجوز للمصلحة إلّا انه يمكن ان يكون من باب التجوز مع اختفاء
القرينة كما انه يمكن ان يكون الامر من باب عدم استعمال اللفظ فى المعنى نظير
الاهمال كما مقتضى بعض كلمات المحقق القمى إلّا ان يقال انه لا بد من كون الظنّ
ممّا لم يثبت خروجه عما تداول التعويل عليه عند اهل العرف فى استكشاف المرادات
كالظن المستند الى القياس على القول باعتبار الظنّ الشخصى والا فيعمل بظاهر اللفظ
على القول باعتبار الظنّ الشخصى او من باب اعتبار الظنّ النوعى او يعمل بالاصل على
القول باعتبار الظنّ الشخصى فلو شك فى التداول لا يتاتى اعتبار الظنّ على القول
باعتبار الظنون الخاصة بخلاف القول باعتبار مطلق الظنّ لحصول الظنّ بالحكم لكن
نقول ان خروج القياس عما تداول فى استكشاف المراد بعد تصوير صورة افادة القياس
الظنّ بالمراد محل المنع وبعد تسليم الخروج لا ضير فيه لعدم ممانعة الخروج عن
العمل بالمظنون ارادته لعدم شمول النواهى للظن المستفاد من القياس فى استكشاف
المراد فيكون الظنّ المذكور مشكوك الحال فيتاتى حجيته بناء على حجية مطلق الظنّ
نعم بناء على حجية الظنون الخاصّة لا يتاتى حجية الظنّ الذى لم يثبت تداوله كما
يظهر مما مر فضلا عما ثبت عدم تداوله إلّا انه لو كان الظنّ بالمراد مستفادا من
اللفظ بشرط القياس فيتاتى حجية بناء على حجية الظنون الخاصة فضلا عما لو كان الظنّ
بالمراد مستفادا من الظنّ الذى لم يثبت تداوله الا ان يقال ان القدر المتيقن حجيته
من الظنّ اللفظى ما لم يكن حصوله بشرط القياس او الظنّ الذى لم يثبت تداوله لكنّه
مدفوع بعد عموم ما دل على حجية الظن اللفظى للظن المستفاد من اللفظ بشرط
القياس بالقطع بعدم الفرق بين الظن المستفاد عن اللفظ بالاستقلال والظن المستفاد
منه بشرط القياس فضلا عن الظن المستفاد من اللفظ بشرط الظن الذى لم يثبت تداوله
وربما يقتضى مجموع كلمات المحقق القمى فى بحث الكتاب وبحث حجية خبر الواحد واول
بحث الاجتهاد ثبوت حجية الظواهر بالنّسبة الى المشافه بالاجماع وكذا الحال فيمن
قصد افهامه ولم يكن مخاطبا بالشفاهة كما فى الكتب المصنفة ومنه الكتاب لو علمنا
بكونه من باب الخطابات الكتبيّة لكن لو لم نعلم به وكان مقتضى الاخبار حجية ما
يستفاد من الكتاب لكل من استفاد منه فالظن المستفاد منه ثابت حجية بظن ثابت الحجية
لا بالعلم واما الظن المستفاد من الظواهر بالنّسبة الى غير المشافه فى الخطابات
الشفاهية وغير من اريد افهامه فى الخطابات الكتبية كما فى المكاتيب المتعارفة
المرسلة من شخص الى شخص فحجية مبنية على حجية مطلق الظن لكنّه مدفوع بانه لا فرق
كما يظهر مما مرّ فى الاجماع كطريقة الناس بين المشافه وغيره فانه كما يعمل الناس
بما يتفاهم من الكلام المتوجّه اليهم بالتشافه او الكتابة كذا يعملون بالمتفاهم من
الكلام المتوجه الى الغير بالشفاهة او الكتابة عند مسيس حاجتهم الى العمل بالكلام
المذكور مثلا لو تصارف شخص بالمكتوب من شخص الى شخص وكان فى المكتوب استدعاء عمل
من الشخص المتصادف فيعمل الشخص المتصادف بالمكتوب على طبق ما لو كان المكتوب الى
نفسه إلّا ان يقال ان الغالب بما يقع فى طريقة الناس هو عمل الشخص بالكلام
المتوجّه الى نفسه واما العمل بالكلام المتوجه الى الغير فهو نادر فالتقرير لا
يتاتى فيه لعدم ثبوت الاطلاع عليه بالاسباب المتعارفة بعد ثبوت وقوعه فى ازمنة
الحضور اللهمّ إلّا ان يقال بالقطع بعدم الفرق وربّما يتوهم ان مقتضى ما ذكر من
المحقق المذكور تسليم ثبوت حجية ظواهر الالفاظ من باب حجية ظن خاص خارجا عن دليل
الانسداد ويندفع بان قيام الاجماع على حجية ظن خاص لا ينافى كون حجيته من باب حجية
مطلق الظن لاجمال حال الاجماع كيف لا وقد تقدم ما ذكره المحقق؟؟؟ من انه لو قيل
اعمل بخبر الواحد فكانه قيل اعمل بالظن فلم يثبت حجية ظن خاص من حيث الخصوصيّة
ولما لم يثبت هذا فيثبت حجية مطلق الظن بناء على كفاية عدم ثبوت جهة الخصوصيّة بعد
ثبوت اعتبار الظن الخاص فى حجية مطلق الظن كيف لا ومقتضى المقالة المشار اليها انه
لو ثبت حجية ظن خاص فحجية من جهة حجية مطلق الظن بل الظاهر انه لم يتات جعل طريق
من الشارع فى هذه الشريعة بالنّسبة الى الاحكام راسا فكلما ثبت حجية بعض افراد
الظن فالامر من باب اظهار بعض افراد العام وهاهنا مطالب الاوّل انّ مقتضى عد دلالة
الاقتضاء من اقسام الدلالة كون الدلالة اعم من افادة المقصود باستعمال اللفظ فى
المعنى والافادة بالاضمار حيث ان المدار فى الدلالة الاقتضاء على ارتكاب الاضمار
بقضاء الضرورة من جهة العقل او الشرع او العادة وتفصيل الحال موكول الى ما حرّرناه
فى محلّه ومر ما يعبّر عن الاضمار بالمجاز فى الحذف وليس بشيء اذ المدار فى التجوز
على استعمال اللفظ فى غير الموضوع له ولا استعمال للفظ فى غير الموضوع له فى باب
الحذف والاضمار الثّانى ان مقتضى عد دلالة الايماء ودلالة الاشارة من اقسام
الدلالة عموم الدلالة للكشف عن الاعتقاد فلا يختص الدلالة بالكشف عن الارادة او
المقصود بالافادة اذ المدار فى دلالة الايماء على استكشاف العلية من جهة بعد
المقارنة لو لا العلية كما فى باب المواقعة فى واقعة الاعرابى حيث قال هلكت واهلكت
فواقعت اهلى فى نهار رمضان فقال صلىاللهعليهوآله كفر حيث انه لو لا علية المواقعة للكفارة لبعد الامر
بالكفارة بعد السّئوال عن المواقعة فى الصوم وان امكن الاحلال بالجواب وبيان امر
آخر كما فى قوله سبحانه (يَسْئَلُونَكَ عَنِ
الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ) وقوله سبحانه (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ
قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى
وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) وكذا جواب موسى عن سؤال فرعون بقوله (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ) بقوله (رَبُّ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) و (رَبُّكُمْ وَرَبُّ
آبائِكُمُ الْأَوَّلِين) وكذا ما رويه الشيخ فى التهذيبين بالاسناد عن معاوية بن
وهب قلت لابى عبد الله عليه السّلم اقول امين اذا قال الامام غير المغضوب عليهم
ولا الضالين قال هم اليهود والنصارى لكن ربما حمل عليه قوله عليه السّلم هم اليهود
والنصارى على التشنيع على المخالفين والغرض ان الذين يقولون امين فى الصّلاة اشباه
اليهود والنصارى نحو زيد اسد وكذا ما سأله السائل عن الباقر عليهالسلام كما فى بعض روايات الكافى فى باب شان انا انزلناه فى
ليلة
القدر وتفسيره عن نزول جبريل او غيره من الملائكة على الائمة عليهم السلم
فقال عليه السّلم اما الانبياء والرّسل فلا شك اى فى نزول جبرئيل عليهم ولا بد لمن
سواهم من اوّل يوم خلقت فيه الارض الى آخر فناء الدنيا ان يكون على الارض حجة ينزل
ذلك فى تلك الليلة الى من احبّ من عباده بناء على ما ذكره العلامة المجلسى فى
الحاشية بخطه الشريف من انه اعرض عن جواب السائل للاشعار بانه لا يهمه ذلك قال
والاظهر انه للتقية لانه لم يكن مامونا او لقصور عقله لئلا يتوهم النبوة فى حقهم
لكن الاظهر الدلالة على نزول جبرئيل او غيره من الملائكة على الائمة عليهم السلم
لانهم احب عباد الله والمذكور فى الرواية النزول على من احبّ الله من عباده ممن
عدا الانبياء والرّسل وكذا ما رويه فى الكافى فى كتاب الصلاة فى باب قراءة القرآن
بالاسناد عن ابى هارون المكفوف قال سئل رجل أبا عبد الله عليه السّلم كم يقرأ فى
الزوال فقال ثمانين آية فخرج الرّجل فقال يا ابا هارون هل رايت شيخا اعجب من هذا
الرجل الذى سألني عن شيء فاخبرته ولم يسألني عن تعبيره هذا الذى يزعم اهل العراق
انه عاقلهم يا ابا هارون ان الحمد سبع آيات و (قُلْ هُوَ اللهُ
أَحَدٌ) ثلث آيات فهذه عشر آيات والزوال ثمان ركعات فهذه ثمانون
آية حيث انه كان السؤال عن الآيات المقروة فى فريضة الظهر والجواب مبنى على بيان
الآيات المقروة فى نافلة الظهر إلّا انه قد انكشف حقيقة الحال قريبا من السؤال
لغير السّائل وكذا ما رويه فى التهذيب فى زيادات الصّلاة من الجزء الاول فى باب
فضل الصّلاة والمفروض منها والمسنون بالاسناد عن عمار الساباطى قال كنّا جلوسا عند
ابى عبد الله عليه السّلم فقال رجل ما تقول فى النوافل فقال فريضة ففرغنا وفرغ
الرجل فقال ابو عبد الله عليه السّلم انما اعنى صلاة الليل على رسول الله صلىاللهعليهوآله ان الله يقول ومن الليل فتهجد به نافلة لك إلّا انه
انكشف حقيقة الحال قريبا من السؤال للسّائل قال شيخنا البهائى فى حاشية التهذيب
لعلهم كانوا يتذاكرون خواص النبى ص وان اليه؟؟؟ فرغوا لم يتفطنوا بكون الكلام فى
عبادته صلىاللهعليهوآله بل ظنوه عاما فلذلك فرغوا وكذا ما رويه فى الكافى فى
باب تفسير طلاق السنة والعدة وما يوجب الطلاق وفى التهذيب فى باب احكام الطلاق كما
عن قرب الاسناد عن البزنطى عن الكاظم عليه السّلم حيث سئل عن اشهاد رجلين ناصبين
على الطلاق فقال من ولد على الفطرة اجيزت شهادته على الطلاق وما رويه فى الفقيه فى
باب من يجب ردّ شهادته ومن يجب قبول شهادته وفى التهذيب فى باب البينات بالاسناد
عن عبد الله بن المغيرة قال قلت للرّضا عليه السّلم رجل طلق امراته واشهد شاهدين
ناصبين قال كل من ولد على الفطرة وعرف بالصّلاح فى نفسه جازت شهادته بناء على ما
جرى عليه بعض الاصحاب من الحمل بشهادة العدول عن الجواب على التعبير بما هو جامع
بين التقية والحق الذى لا زالوا يستعملونه حتى قالوا لبعض اصحابهم فى بعض نصوص
الطلاق قلنا معلمين لهم انكم لا تحسنون مثل هذا اى فتجمعون بينهما بعبارة جامعة
فالمراد بمعرفة الخير والصّلاح المؤمن العدل الذى قد يقال انه مقتضى الفطرة لكن
على ذلك يكون مقتضى الجواب ظاهرا جواز طلاق الناصبى وواقعا عدم الجواز فلم يتات
العدول عن الجواب بل على ذلك يلزم العدول عن الجواب فى جميع موارد الجواب بما
يقتضيه التقية وكذا ما رويه فى الكافى والتهذيبين بالاسناد عن حمّاد بن عيسى عن
بعض الاصحاب عن ابى عبد الله عليه السّلم من انه سئل عن التيمم فتلا هذه الآية
السارق والسارقة فاقطعوا ايديهما وقال اغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق وقال
امسح على كفّيك من موضع القطع وقال وما كان ربّك نسيا بل الجواب فيه لا يرتبط
اجزائه بعضها ببعض لكم بتجشم العلامة المجلسى فى حاشية التهذيب فى اصلاح الحال بان
الظاهر ان الفرض الزام العامة فى القول بوجوب المسح فى التيمم من المرفقين بان
الله سبحانه لما ذكر اليد فى باب القطع ولم يجده لكن تبيّن من النسبة ان القطع من
الزند وفى الوضوء حدّها بالمرفق فتبين انه كلما اطلق الله سبحانه اليد اراد منها
الزند ولذا قال وما كان ربّك نسيا اى انه تعالى لم ينس بيان احكامه إلّا انه لا
يتم الا بقياس موضع التيمم بموضع القطع إلّا ان يقال انه لا باس به فى مقام
الالزام كما هو المدعى مع ان موضع القطع اصول الاصابع بلا خلاف والمشهور فينا ان
موضع التيمم هو الزند نعم عن بعض كون موضع التيمم هو موضع القطع فلم ينقطع
الاختلال ولم يتات اصلاح الحال اللهم الا ان يحمل الحكم بتيمم موضع القطع على
التقية لمصير بعض العامة الى كون القطع الزند لكنّه بعد كفاية احتمال التقية فى
العمل عليها مناف لانكار التيمم من المرفق واحتمال كون الانكار مبنيّا على التقية
دون الحكم بتيمّم موضع القطع من قبيل التقية فى الفصل دون الجنس بعيد و
احتمل العلامة المشار اليه وجها آخر فى الباب وذكر الفاضل الخاجوئى كلا من
الوجهين فى صورة التّساوى هذا وفى الحديث المذكور الاختلال ايضا من جهة مرجع
الضّمائر اذ ضمير تلا راجع الى الامام عليه السّلم وضمير قال فى قوله قال اغسلوا
وجوهكم وايديكم الى المرافق راجع الى الله سبحانه وضمير قال فى قوله قال وما كان
ربك نسيا راجع الى الله سبحانه ايضا واحتمل الفاضل المشار اليه كون الضمائر راجعة
باجمعها الى الامام بكون قال اولا وثالثا بمعنى تلا او تمثل او نحوهما وهو كما ترى
وكذا ما رويه فى البحار من ان رجلا من اهل المدائن كتب الى الهادى عليه السّلم
يسأله عما بقى من ملك المتوكل فكتب صلوات الله عليه بسم الله الرّحمن الرحيم قال
تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه فى سنبله الا قليلا مما تاكلون ثم ياتى من
بعد ذلك سبع شداد ياكلن ما قدمتم لهن الا قليلا مما تحصنون ثم ياتى من بعد ذلك عام
فيه يغاث الناس وفيه يعصرون لكن الظاهر ان الغرض من الجواب تعديد ما بقى من ملك
المتوكل بخمس عشرة سنة بشهادة قول الراوى فقتل فى الخامس عشر ولعل الظاهر ان
المدار فى اكثر الكلمات على اختصاص دلالة الايماء بسبق السؤال والا وجه تعميمها
لوقوع الواقعة كما نظر فى قصعة ماء فيها فارة فقال اهرقه فان الظاهر منه علّته
بخاصة الفارة الموجودة فى الماء للامر بالاهراق وكذا التعميم لكلام المتكلم الواحد
ومنه قوله سبحانه (لا تَأْكُلُوا
الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) حيث ان ظاهر الآية كون التوعيد بالنار على اكل الربوا
فهو من الكبائر بناء على كون المدار فى الكبيرة على التوعيد بالنار فى الكتاب او
التوعيد بالنار فى الكتاب او السنة او التوعيد بالعقاب فى الكتاب او السنة لكن لا
يناسبه توصيف النار بالاعداد للكافرين الا على تقدير كون الغرض تشبيه اكل الربوا
بالكفر بل نظيره فى الآيات عزيز ومنه قوله سبحانه (وَلا يَحْزُنْكَ
قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) قال البيضاوى فى تفسير ان العزة استيناف بمعنى التعليل
كانه غير قيل لا تحزن بقولهم ولا تبال بهم لان الغلبة لله جميعا لا يملك غيره شيئا
فهو يقهرهم وينصرك عليهم وكذا قوله سبحانه (وَأَنْزَلْنَا
الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) ذكر البيضاوى انّ قوله سبحانه (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) حال يتضمن التعليل فهو بمنزلة لانّ فيه باسا شديدا ومنه
ايضا قوله سبحانه (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ
إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ) ذكر البيضاوى وان قوله سبحانه (إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ) تعليلا للامر باحترام البقعة ومنه ايضا استناد سيّدنا
فى اثبات حجية خبر العدل الى آية النبإ نظيرا الى اقتران الحكم بوصف مناسب لو لا
علّية له لبعد الاقتران كما تقدم وبذلك ينفتح باب واسع كثير النفع والجدوى ومن
منافعه استفادة كون النهى غيريا فلا يقتضى الفساد حيث انه لو امر بشيء ونهى عما
يمنع عنه اى عن ضده او عن بعض اضداده فان الظاهر من النهى كون العلة فى تحريم المنهى
عنه هو الامر بالمامور به لبعد الاقتران اى تعقيب الامر بالنهى لو لا ذلك ومنه
قوله سبحانه (فَاسْعَوْا إِلى
ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) حيث ان الظاهر من قوله سبحانه وذروا البيع كون علة
النهى هو وجوب صلاة الجمعة قضية ممانعة البيع عن صلاة الجمعة والظهور من جهة بعد
الاقتران اى تعقيب الامر بالنهى لو لا ذلك ومن ذلك عن البيع ما رويه فى التهذيبين
بالاسناد عن جميل بن دراج قال قلت لابى عبد الله عليه السّلم رجل تصدق على ولده
بصدقه وهم صغار أله ان يرجع فيها قال لا الصدقة لله حيث ان الظاهر ان قوله عليه
السّلم الصدقة لله تعليل للنفى ومن هذا الاستدلال بعموم العلة على عدم اشتراط
الإقباض فيه فلا يتاتى فساد البيع وقت النداء بناء على دلالة النهى فى المعاملات
على الفساد ومن قبيل ذلك بعض اخبار اليقين وكذا بعض اخبار نفى الضرر والضرار لكن
الموارد مختلفة ففى الاكثر يستفاد علّية المتقدم للمتاخر وفى البعض يستفاد علية
المتاخر للمتقدم كما فيما ذكر من بعض اخبار اليقين وبعض اخبار الضّرر والضرار
وبالجملة مرجع الامر الى افادة احد المقترنين علية للآخر بملاحظة بعد الاقتران لو
لا العلية والاوجه التعميم لغير افادة العلية بكون المدار على افادة الكلام لامر
بقرينة بعد الاقتران لو لا الغرض من الكلام افادة ذلك المرام ومنه قوله سبحانه (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي
نُفُوسِكُمْ) بعد المبالغة فى الاحسان بالوالدين اذ لعل الظاهر ان
الغرض حرمة اضمار السّوء بالنّسبة الى الوالدين قال البيضاوى كانه تهديد على ان
يضمر لهما سوء واستثقالا بل الاوجه التعميم لغير الاقتران بكون المراد دار على
افادة الكلام ما لولاه لبعد الكلام ومنه النهى عن ضد المامور به او عن بعض أضداده
كما لو قيل لا تصل فى زمان وجوب ازالة النجاسة عن المسجد اذ الظاهر من هذا الكلام
كونه من باب المبالغة فى ازالة النجاسة من المسجد وان قلت لا دلالة فى الكلام فى
هذه الصّورة على كون علّة النهى هو
وجوب المامور به وانما هى من مجرد حكم العقل قلت انه وان لم يتات فى الكلام
للكشف عن ارادة افادة العلية لكن فى سائرا دلالة التنبيه لا يتاتى ايضا الكشف عن
الارادة والمدار على الكشف عن الاعتقاد بحكم العقل ومقتضاه كفاية الظنّ المتعقب
اللفظ وان لم يكن مستندا اليه ولو فى الجملة بل كان من باب الظنّ بشرط اللفظ لكن
نقول انه يتاتى الاشكال على التعميم الاخير فى التشخيص اليه المشترك بعد ثبوته الا
ان العمدة ثبوت الافادة وإلّا فلا حاجة الى تشخيص ثبوت القدر المشترك او تشخيص
الثابت ولا يذهب عليك انه قد يقتضى بعد الاقتران الانعدام بالوجود او اقتران
الوجود بالانعدام ممانعة سبق وجود المنعدم عن حدوث وجود الموجود او ممانعة وجود
الموجود عن بقاء وجود المنعدم وبعبارة احضر ممانعة الموجود عن وجود المنعدم مثلا
قد يذهب زيد عن مكان فيتاتى فيه عمر وبمجرد الاطلاع على ذهاب زيد فيستفاد منه
ممانعة كون زيد فى المكان عن كون عمرو فيه وقد يجيء زيد مكان فيذهب عمرو منه
فيستفاد منه ممانعة كون زيد فى المكان عن كون عمرو فيه لكن يمكن ان يقال ان التقارن
فى المقام بين الوجود والانعدام ومقتضى بعد الاقتران علية الوجود للانعدام فيدخل
الامر فيما مر وبما سمعت يظهر الكلام فيما حكم به العضدى تبعا لما يستفاد من
الحاجبى من ان الضّابطة فى التنبيه والايماء انما هى الاقتران بوصف لو لم يكن هو
او نظيره للتعليل لكان بعيدا قال فيحمل على التعليل دفعا للاستبعاد وربما مثل
العضدى كالحاجبى كون العين للتعليل بالمواقعة فى واقعة الاعرابى وبانه سئل النبى صلىاللهعليهوآله عن جواز بيع الرطب بالتمر فقال أينقص اذا جف فقيل نعم
فقال فلا اذن ومثلا كون النظير للتعليل بقوله صلىاللهعليهوآله وقد سألته الخيثمة ان ابى ادركه الوفاة وعليه فريضة
الحج فان حججت أينفعه ذلك أرايت لو كان على ابيك دين فقضيته أكان ينفعه ذلك فقالت
نعم فقال فدين الله احق بان يقضى حيث انه سألته صلىاللهعليهوآله الخثعمية عن دين الله فذكر صلىاللهعليهوآله نظيره وهو دين الآدمي فنبه على كون القضاء فيه علة
للنفع فالمفهوم ان القضاء فى نظيره المسئول عنه علة للنفع اذ لو لا هذه العلية
لبعد الاقتران اى ذكر النظير عقيب السؤال ونظيره ما ارسله شيخنا البهائى فى صلاة
الحبل المتين مع التصحيح عن زرارة قال قلت لابى جعفر عليه السّلم اصلى نافلة وعلى
فريضة او فى وقت فريضة قال لا انه لا يصلى نافلة فى وقت فريضة أرأيت لو كان عليك
من شهر رمضان كان ذلك ان تتطوع حتى تقضيه قال قلت لا قال فكذلك الصّلاة قال
فقايسنى وما كان يقايسنى وسبقه الى ذلك الشهيد ان فى الذكرى والرّوض وصاحب المدارك
ونقله المحدّث القاشانى فى صلاة الوافى فى باب كراهة التطوّع وقت الفريضة عن الحبل
المتين والحدائق ولم اقف عليها بعد التتبع فى كتاب الوافى الذى جمع فيه الكتب
الاربعة ولا كتاب الوسائل الذى زاد فيه على ما فى الكتب ولكن كفى بالناقلين
المذكورين والمقصود من الناقلين هو الشهيدان وصاحب المدارك وشيخنا البهائى كما
تقدم وربّما نقل الوالد الماجد ره عند الكلام فى تجزى الاجتهاد كون الخبر المذكور
مذكورا فى كتاب الصوم حيث انه حكى ان بعض معاصريه المقصود به المحقق القمّى فى
الغنائم جوز الوضوء المندوب ولمن عليه لوضوء الواجب تمسكا بالاصل والاطلاقات مع ان
مقتضى عموم العلة فى الخبر المذكور عدم الجواز لكنه لم يطّلع عليه لكونه مذكورا فى
كتاب الصوم لكنه من باب الاشتباه نعم روى فى صلاة التهذيب فى باب كيفية الصّلاة
وصفتها فى شرح قول الشيخ فى المقنعة ثم ليصل ركعتى الفجر بالاسناد عن زرارة عن ابى
جعفر عليه السّلم قال سألته عن ركعتى الفجر قبل الفجر او بعد الفجر فقال قبل الفجر
انهما من صلاة الليل ثلاثة عشر ركعة صلاة الليل أتريد ان يقايس لو كان عليك من شهر
رمضان أكنت تطوع اذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة ومع ذلك الفاء فى المثال
الثانىّ تدل على علية ما قبلها لما بعدها اعنى علية الجفاف عدم جواز البيع قضية
دلالة الفاء الفصيحة على علية ما قبلها لما بعدها ولذا تدخل على ما هو الجزاء فى
المعنى نحو زيد فاضل فاكرمه لكن الفاء قد تدل على علية ما بعدها لما قبلها ولذا
تدخل على ما هو الشرط فى المعنى نحو اكرم زيدا فانه فاضل فيتاتى الدلالة على
العلية فى المقام بالصراحة ويخرج الامر عن دلالة التنبيه وربما اعتذر العضدى بان
دلالة الفاء واذن على العلية لا تنافى دلالة الاقتران على العلية لدلالة
الاقتران على العلية مع فرض عدم دلالة الفاء واذن على العلية والظاهر بل
بلا اشكال ان مقصوده من دلالة الفاء واذن انما هو دلالة المجموع لا كل واحد كيف لا
واذن وجوده كعدمه وانت خبير بان الظاهر من التمثيل فى عموم الموارد مطابقة المثال
للممثل فعلا وما ذكره انما ينفع فى المطابقة شأنا وبما ذكر يظهر الحال فى المثال
الاخير وكذا الحال فى المثال الثانى فان قوله صلىاللهعليهوآله فدين الله احق بان يقضى بمنزلة ان يقال فينفعه الحج
بالفحوى ونظير المقام ان قوله عليه السّلم والا فانّه على يقين من وضوئه فى حديث
الخفقة والخفقتين وهو معروف انما يدل على اعتبار الاستصحاب من باب عموم التعليل لو
لم يتعقب بقوله عليه السّلم ولا ينقض اليقين ابدا بالشكّ ولكن ينقضه آخر والا
فالدال على ذلك انما هو عموم ذيل العلة لا عموم التعليل حيث ان عموم التعليل انما
يتاتى فى صورة اضمار الكبرى بيقين الكلى والاقتصار على التعليل نحو حرمت الخمر
لاسكارها واما لو قيل بعد ذلك كل مسكر حرام فعموم ذيل العلة يخرج الامر عن عموم
التعليل وقد حررنا الحال فى محلّه نعم نظير الاقتصار على قوله عليه السّلم والا
فانه على يقين من وضوئه قوله عليه السّلم فان له صلاة اخرى فى صحيح زرارة لا ينبغى
للرجل ان يدخل مع قوم فى صلاتهم وهو لا ينويها بل ينبغى ان ينويها صلاة اخرى فان
كان قد صلى فان له صلاة اخرى فانه يدلّ على جواز اقتداء المعيد بالمفترض فى صلاة
الكسوفين من باب عموم التعليل بناء على ظهور قوله عليه السّلم فى صلاتهم فى
الصّلاة اليومية ولا ريب فى الظهور حيث ان قوله عليه السّلم فان كان قد صلى بمنزلة
فان كان قد صلى فهو غير مانع عن ذلك لان له صلاة اخرى والمقصود ان سبق الصّلاة
بالانفراد لا يمانع عن اعادة الصّلاة لان صلاته بالجماعة تحسب صلاة اخرى ثم انه قد
نقل العلّامة البهبهانى فى بعض فوائده عن بعض القول بعدم اعتبار الشك من كثير الشك
فى الوضوء وغيره من الواجبات تمسّكا بقوله عليه السّلم فى مضمر زرارة وابى بصير
المروى فى التهذيب فى باب احكام السّهو فى الصّلاة وما يجب منه اعادة الصلاة بعد
الحكم بعدم اعتبار الشك من كثير الشك فى الصّلاة لا تعودوا الخبيث من انفسكم
فتطعموه نقض الصلاة فان الشيطان خبيث معتاد لما عود فان قوله عليه السّلم لا
تعودوا بمنزلة العلّة اقول ان التعليل انما يتم بدلالة التنبيه لكن قوله عليه
السلم لا تعودا الخبيث ليس من باب العلة الصريحة كما فى قوله عليه السلم ولا ينقض
اليقين بالشك بعد الحكم بالنباء على الاقل فى الشك بين الاثنتين والاربع او بين
الثلث والاربع فانه يفيد العلية بالصراحة ولذا يصح ان يقال لانه لا ينقض اليقين
بالشك بخلاف ما نحن فيه فان قوله عليه السلم المشار اليه يرجع الى ان يقال لانه
يوجب تعويد الخبيث من انفسكم اه فقد يكون المدار فى التعليل على الظهور من الكلام
دون الصراحة بخلاف العلية فان المدار فيها على الصراحة وقد يكون المدار فى كل من
التعليل والعلية على الظهور من الكلام والمدار فى دلالة الاشارة على استكشاف بعض
المطالب من باب كونه معتقدا بتوسّط بعض القرائن العقلية او بدونها بل بمساعدة
العرف فقط وقد اشتهر التمثيل لها بدلالة آيتى الحمل على كون اقل الحمل ستة اشهر
فانه مستفاد من الايتين مع عدم كونه مقصودا بشيء منهما ولا بالمجموع وربما حكم
المحقق القمى بانه يستفاد من الايتين مع عدم كونه مقصودا فى الايتين وقال فى
الحاشية وانما قلنا فى الايتين ولم نقل من الايتين معللا بما ملخصه انه لا باس
بكون ذلك مقصودا من مجموع الايتين نعم المقصود فيهما شيء آخر فان المقصود من
احدهما بيان تعب الام وفى الآخر مدة الفصال وقد سبقه الى ذلك شيخنا البهائى فى
تعليقات الزبدة حيث حكم بانه يستفاد من الايتين كون اقل الحمل ستة اشهر والمقصود
فى الايتين امر آخر ففى الاول اظهار تعب الام وفى الثانية بيان مدة الفصال فقال
وانّما قلنا فى الايتين ولم نقل من الايتين لنكتة تركنا التصريح بهما امتحانا
لاذهان الاذكياء لكن نقول ان المدار فى دلالة الاشارة على الكشف عن الاعتقاد
بالشيء وعدم تحقق ارادته ولو كان اقل الحمل مرادا من مجموع الايتين فيخرج الدلالة
عن دلالة الاشارة ولا يجدى عدم الارادة فى الايتين اى من شيء من الايتين إلّا ان
يقال ان المدار فى دلالة الاشارة على عدم الارادة من كلام واحد والارادة من مجموع
الكلامين لا توجب خروج الدلالة من دلالة الاشارة ومع ذلك نقول انه لا مجال لكون
اقلّ
الحمل مرادا من مجموع الايتين لو كان المقصود بالمقصود هو المراد كما هو
الظاهر بل بلا اشكال اذ المجموع غير قابل للارادة منه نعم لو كان المقصود هو
المقصود بالافادة فلا باس به اذ كما يمكن مغايرة المراد مع المقصود بالافادة كذا
يمكن انفراد المقصود بالافادة من دون مراد فى البين وبالجملة فسر الاتيان فى كلام
الاكثر بقوله تعالى فى سورة لقمان (وَفِصالُهُ فِي
عامَيْنِ) وفى سورة الاحقاف (وَحَمْلُهُ
وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) وغير واحد ذكر بدل الاول قوله تعالى فى سورة البقرة (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ
حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) لكن لا يتم الدلالة المذكورة بوجه حيث ان خروج العامين
عن ثلثين شهر الا يقتضى الا تحقق الحمل بستة اشهر للزوم الكذب لولاه فى آية الحمل
والفصال واما كونها اقل مراتب الحمل فلا يتاتى من ذلك مع انه يمكن منع الدلالة على
تحقق الحمل بستة اشهر ايضا حيث ان العامين اكثر مرتبة الرضاع وان جاز الزيادة بشهر
او بشهرين والمترتبة لا اقل احد وعشرون شهرا ولا يلزم ان يكون الملحوظ فى آية
الحمل والفصال هو الحد الاقل من الحمل والحد الاكثر من الفصال بل يمكن ان يكون
الملحوظ فى آية الحمل والفصال هو ستة اشهر لكونه من مدة الحمل فى الجملة وان لم
يتحقق به الحمل إلّا انه لا بد ان يكون لحكمة ومصلحة كما انه لو كان ستة اشهر من
بعض مراتب الحمل لا بد فى اختصاصه بالملاحظة من حكمة وبما ذكر يصلح عد دلالة
الالتزام من اقسام الدلالة والا فلو كان المدار فى الدلالة على خصوص الكشف عن
المراد او المقصود بالافادة لما صحّ عدّ دلالة الالتزام من باب الدلالة اذ لو كان
اللازم مقصودا بالاصالة فيكون الامر من باب المجاز ويكون الدلالة من باب المطابقة
بناء على كون المدار فى دلالة المطابقة على دلالة اللفظ على تمام المراد بتعميم
الوضع فى تعريف دلالة المطابقة بذلا اللفظ على تمام الموضوع له للوضع النوعى ولو
كان اللازم شريكا مع الملزوم فى المراد من اللفظ او المقصود بالافادة منه يلزم
استعمال اللفظ فى المعنى الحقيقى والمعنى المجازى معا ومن هذا ان السيّد السّند
المحسن الكاظمى انكر دلالة الالتزام ويمكن ان يعد من باب دلالة الاشارة دلالة آيتى
الامشاج والاحتلام على دلالة الحمل على البلوغ بناء على كون اعتبار الاحتلام فى
الآية من باب ذكر بعض افراد الكلى بكون المدار على مطلق انفصال المنى عن محلّه من
الطريق المعتاد او كون المدار على مطلق الانفصال ولو من الطريق الغير المعتاد فضلا
عن كون المدار على مجرّد تحرك الطّبيعة واحساس الشهوة وان لم ينفصل المنى كما فيمن
لم يخرج عنه المنى لكن لو اراد الخروج بالوطى او الاستمناء تيسر له كما هو غير
عزيز واما لو كان المدار على انفصال المنى فى النوم بمداخلة خصوصيّة الفرد المذكور
فلا مجال للدلالة لكن ذلك خلاف الاتفاق بل انحصار علامة البلوغ فى انفصال المنى
خلاف الاتفاق وخلاف مقتضى قوله سبحانه (وَابْتَلُوا
الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ) وكذا قوله سبحانه (وَلا تَقْرَبُوا مالَ
الْيَتِيمِ) الا بالتى هى احسن حتى يبلغ اشدّه بناء على كون المقصود
بالاشد هو غاية القوة المحدودة بثمان عشر سنة بناء على اتحاد البلوغ فى موارد
اعتباره كما هو متفق عليه ممّن عدا المحدث القاشانى نقلا لكن فى غير واحد من
الاخبار تفسير الاشد بالاحتلام ولا مجال ايضا للدلالة المذكورة اعنى دلالة الحمل على
البلوغ لو كان المدار فى الآية على ذكر بعض افراد العام لكن يكون المدار على
الخروج من الطريق المعتاد او مطلق الخروج ولو كان من غير الطريق المعتاد وكذا
دلالة النبوى هن نواقص عقل تمكث إحداهن لا تصلى شطر دهرها على ان اقل الحيض خمس
عشرة يوما وكذا اكثر الطهر بانضمام عدم جواز ترك الصّلاة للنساء مستمرّا ولو مع
تخلل الفصل فى غير زمان الحيض بناء على كون المقصود بالشطر هو النصف قضيته كون
الغرض من الرواية المبالغة فى نقصان العقل لكن المبالغة فى النقصان لا تقتضى
اختصاص الشطر بالنصف اذ تزيد المبالغة لو كان الغرض من الشطر زائدا على النصف
كالثلثين مثلا مع ان المدلول بدلالة الاشارة فى المقام خلاف الاجماع لقيام الاجماع
على ان اقل الحيض ثلاثة واقل الطهر عشرة وربما يتوهم انّ المقدمات هنا ثلاثة بخلاف
آيتى الحمل وآيتى الامشاج والاحتلام لفرض الاحتياج هنا الى انضمام تعيين الشطر فى
النصف لكنك خبير بان دلالة آيتى الحمل على كون اقل الحمل ستة اشهر تحتاج ايضا الى
انضمام تنزه الله تعالى من الكذب والخطاء ودلالة آيتى الامشاج والاحتلام على دلالة
الحمل على البلوغ تحتاج الى انضمام كون اعتبار الاحتلام من باب ذكر بعض
افراد انفصال المنى او بعض افراد احساس الشهوة لا مداخلة خصوصيّة الخروج فى
النوم او ذكر بعض افراد الخروج من الطريق المعتاد او ذكر بعض افراد مطلق الخروج
ولو من غير الطريق المعتاد وكذا دلالة ما ورد من عدم دخول الملائكة فى بيت فيه
تصاوير مع عموم العلة فيما ورد من ان كل بيت فيه كلب لا يصلى فيه لعدم دخول
الملائكة فيه على ان كل بيت فيه تصاوير لا يصلى فيه لكن لم يقل احد بحرمة الصلاة
فى بيت فيه كلب والظاهر انه لم يقل احد بحرمة الصلاة فى بيت فيه تصاوير الا نادر
من الفقهاء فان المحكى عن الشيخ فى المبسوط ايذان كلامه بعموم الحرمة وهو المحكى عن
ابى الصّلاح فى الكافى بل قد نقل غير واحد ان المشهور اختصاص الكراهة بما لو كانت
التصاوير بين يدى المصلى لكن جرى بعض الاواخر على عموم الكراهة وهو المحكى عن
المختلف والاصباح والهداية والمقنع وعن ابن زهرة كراهة الصلاة على البسط المصورة
بل عنه دعوى الاجماع عليها وجرى بعض الاعلام على الكراهة فيما لو كانت التصاوير
بين يدى المصلى والبسط قال ونحن فى اثبات الكراهة على وجه العموم فى ويل وعويل
فضلا عن التحريم وتفصيل الكلام موكول الى محله وكذا دلالة ما دل على عدم جواز
تغسيل المحارم كالزوجة إلّا انه يلقى على العورتين خرقة وما ورد من ان حرمة الميت
كحرمته حيّا على جواز النظر الى المحارم ما عدا العورة ودلالة ما ورد من ان غسل
الميت كغسل الجنابة وما ورد فى غسل الجنابة من ان ما جرى عليه الماء فقد طهر على
ان ما يغسل من اعضاء الميت يطهر بالغسل لكن على هذا اطراد حكم المشبه به لو كان
متحدا او ظاهرا او احكامه لو كانت متعددة مع التساوى فى الظهور فى المشبّه يكون من
باب دلالة الاشارة وان يفترق عموم التشبيه عن دلالة الاشارة لو كان وجه الشبه
موكولا الى التعاهد كما فى التشبيهات العرفية وربما يقتضى بعض كلمات العلامة
البهبهانى الاطراد المذكور فى عموم التشبيه من باب دلالة الاشارة ولا باس به لو
كان وجه الشبهة ثابتا بالخطاب اللفظى كما فى التشبيهات الشرعية لكنه لا يتم فيما
لو كان وجه الشبه موكولا الى التعاهد كما فى التشبيهات العرفية كما يظهر ممّا سمعت
آنفا لكن الظاهر بل بلا اشكال ان مقصوده هو القسم الاول وكذا دلالة قوله سبحانه (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ
الْقُرْآنِ) على وجوب السّورة بانضمام الاجماع على عدم وجوب قراءة
القرآن فى غير الصلاة وعدم وجوب قراءة ما زاد على الحمد والسّورة فى الصلاة لكن
المدلول هنا انما يثبت لو ثبت بانضمام اللفظ والاجماع لا انضمام اللفظين كما هو
الغالب المعهود فى دلالة الاشارة ونظيره ما تقدم فى دلالة النبوى على ان اقل الحيض
واكثر الطهر خمسة عشر يوما وكذا دلالة ما دل على تقديم سجدتى الشكر على نافلة
المغرب بانضمام ما دل على استحباب تقديم نافلة المغرب على التعقيب بعد الدلالة وما
دل على استحباب تاخير التعقيب عن سجدتى الشكر بعد ثبوته على كون التاخير من باب
المستحب فى المستحب اى كون تاخير التعقيب عن سجدتى الشكر مستحبّا فى التعقيب لا
شرطا فيه وكذا دلالة ما روى من ان الكلب اخس من سائر الحيوانات بانضمام ما روى من
كون الكلب موصوفا بالوفاء وقضى به الحس والعيان وما دل على خلو الانسان عن الوفاء
كقوله سبحانه فى سورة يونس (وَإِذا مَسَّ
الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا
كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ) وقوله سبحانه فى سورة العنكبوت (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ
دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ
مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ) وقوله سبحانه (فَإِذا رَكِبُوا فِي
الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى
الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ) على ان الانسان احس من سائر الحيوانات من الكلب وغيره
وقد حررنا احواله فى الرسالة المعمولة فى الجبر والتفويض وقد الف بعض كتابا فى فضل
الكلاب على كثير ممّن لبس الثياب وربّما حكم المحقق القمى فى بحث الواجب الموسّع
كما مر بان مقتضى ما دل على توسيع الظهر وما دل على جواز المسافرة فى الوقت مطلقا
اى قبل اداء الواجب وبعده التخيير بين الاتمام والقصر بالحضور والمسافرة فلا يتم
استصحاب وجوب الاتمام لو سافر بعد انقضاء الوقت بمقدار اداء الصّلاة وقد تقدم
تزييفه وزيّفناه فى محلّه ايضا وقد عد غير واحد من الاواخر الاستقراء فى الاخبار
من باب دلالة الاشارة ويمكن ان يصلح به الاستناد الى الاستقراء من جماعة من
الاخباريّين و
بعض ارباب الظنون الخاصة كاستناد الفاضل التونى فى وجوب مقدمة الواجب الى
الاستقراء فى الآيات والاخبار وكذا فى ترجيح جانب النهى فى باب اجتماع الامر
والنهى على القول بعدم جواز الاجتماع الى الاستقراء وكذا فى حجية الاستصحاب إلّا
انه قد قدح فيما ادعاه استنادا على كون القضاء بالفرض الاوّل الى قضاء الاستقراء
بثبوت القضاء فى كل موقت واجب بالاشكال فى حجية الظنّ الحاصل بالاستقراء المذكور
وكذا استناد المحدث الأسترآبادي على طهارة الغسالة وعدم رفعها للحدث الى ملاحظة
الرّوايات الواردة فى ابواب متفرقة وكذا استناد المحدث الحرفى الفوائد الطوسيّة
على عدم وجوب الاحتياط فى الشبهة الحرمة من الشبهة الموضوعية مع انفراد الموضوع
الى الاستقراء فى الاخبار وكذا استناد المحدّث البحرانى على وجوب الاحتياط فى
الشبهة المحصورة الى الاستقراء فى الاخبار بل قال والقواعد الكلية كما ثبتت
بورودها مسوّرة بسور العموم تثبت ايضا بتتبع الجزئيات واتفاقها على نهج واحد وايضا
قد حكم عند الكلام فى نجاسة الماء القليل بملاقات النجاسة بان الاكثر والاغلب فى
الاحكام ان الحكم انما يرد فى الجزئيات المتفرقة ويحكم بكلية الحكم بملاحظة توافق
الافراد الواردة عنهم عليهم السلم على طريق القواعد النحوية المبنية على تتبع آحاد
كلام العرب وايضا قال عند الكلام فى تطهير مثل الصابون والفواكه ولا يخفى على
المتامل فى الاحكام والقواعد الجارية بين علمائنا الاعلام ان الاحكام الشرعية لم
ترد عن الائمة عليهم السلم بقواعد كلية الا نادرا وانما صارت قواعد كلية بين
العلماء بتتبّع الجزئيات الواردة عن الائمة عليهم السلم كالقواعد النحوية المبنيّة
على تتبع كلام العرب بل حكم بانّ احتمال مداخلة الخصوصية فى الجزئيات مجرد سفسطة
ظاهرة ولا يذهب عليك مبالغة المحدث المشار اليه فى باب الاستقراء وكذا استناد
السيّد النجفى على حجية الاستصحاب الى الاستقراء وكذا على اصالة الفساد فى
المعاملة المنهى عنها وكذا على اصالة عدم تداخل السند الاسباب قال وهذا من قبيل
الاستدلال بالنصوص المتفرقة الواردة فى جزئيات المسائل على ثبوت ما اجتمعت عليه من
المطالب وليس ذلك من الظنّ والقياس وهو ظاهر وكذا استناد الوالد الماجد ره على
التّسامح فى الكراهة بقضاء الاستقراء فى الاخبار بكفاية الاحتمال فى الكراهة لكن
نقول انه كما يكون الاستقراء فى مواقع الاجماع موجبا للظن بكلية الحكم ولا يكون
لفظ فى البين فكذا الحال فى الاستقراء فى الاخبار بل كما ان الغلبة توجب الظنّ
باتحاد المشكوك فيه مع الغالب فى الحكم ولا يكون لفظ فى البين راسا فكذا الحال فى
الاستقراء فى الاخبار فلا يكون اللفظ مداخلة فى افادة الحكم هذا والاستنادات
المذكورة ولا سيّما غير الاخير لم تكن مبنيّة على التدبير المذكور لكون التدبير
المذكور حديث العهد وقد عدّ الوالد الماجد ره من باب دلالة الاشارة طائفة من
الفحاوى حيث انه ذكر انه ربما يفهم الاولوية عرفا بمجرد سماع الخطاب مع عدم العلم
بالعلة وعدم الحاجة الى استنباطها وينكشف ثبوت الحكم فى الفرع اعتقادا بحسب فهم
اهل العرف كما لو وكلّ احد شخصا لبيع متاع بدينار ولم يرد خصوصية الدينار كما يشهد
به حال ارباب المعاملات الا ما ندر فانه يدل بالفحوى على جواز البيع بدينار ودرهم
او بدينارين وهكذا ولا يستريب احد فى مثله ولو انكر احد عدم رضا الموكل بذلك يعد
المنكر سفيها ومثله الحال فى الشراء لكن فى جانب النقصان وكذا الحال فى الاجارة
والمزارعة والمساقات من الطرفين بل من هذا الباب دلالة آية البيوت على جواز الشرب
والتوضؤ والعارية ونحوها بل دلالة ما دل على وجوب استبراء الامة اذا اشتراه من
امراة على عدم وجوب الاستبراء اذا كان الاستبراء من وليّ صبيّته قال وهذا باب واضح
فى الاولوية وليس من مفهوم الموافقة فانه يدل على العموم بالمطابقة او الالتزام ويكشف
عن ارادة العموم بخلاف ما ذكرنا فانه يكشف عن الرضا باللازم لارادته من الكلام
وعلى ذلك نزل ما حكى عن العلامة وغيره من الفقهاء فى كثير من الاستدلالات حيث يظهر
منهم الاعتماد على مجرد الاولوية الظنية ووافقه سيّدنا اقول ان الفحوى على ذلك فى
قبال الفحوى المعروفة الكاشفة عن المراد والمقصود بالافادة ويعبّر عنها بمفهوم
الموافقة والتنبيه بالادنى على الاعلى والتنبيه بالاعلى على الادنى كما يرشد اليه
قوله وليس هذا مفهوم الموافقة اه لكن مقصوده من العموم فى دعوى
دلالة مفهوم الموافقة اى الفحوى المعروفة هو العموم للادنى والا على لا
العموم للمساوى للادنى والادنى من الادنى والعموم للاعلى والادنى لا العموم
المساوى للاعلى والاعلى من الاعلى والحق ان الفحوى المعروفة من باب الكناية
والتنبيه بالعام على الخاص فيتاتى الدلالة على العموم للمساوى للادنى والادنى
والمساوى للاعلى والاعلى من الاعلى وتفصيل الحال موكول الى ما حرّرناه فى محله
وكيف كان ما ذكره انما يتم فى توكيل بيع المتاع بالدينار مثلا لو ثبت كون الحكم
بالاولوية فى البيع بدينارين مثلا من باب دلالة اللفظ لا العقل خصوصا مع كون
الاولوية فى المثال المذكور قطعية والاكثر على امتناع ان يفيد اللفظ للقطع والا
فيشكل اطراد الحكم فى الفرع من جهة الاولوية وان كانت الاولوية قطعية بناء على
حجية الظنون الخاصة كما يظهر ممّا ياتى لكون ثبوت الحكم فى الفرع ظنّيا لفرض ظنية
الحكم فى الاصل ولا سيّما مع انه فرض فى البين اندراج مقدمة اخرى ظنية هى شهادة الحال
بعدم ارادة الخصوصية إلّا ان يكون غرضه الشهادة العلمية ويؤيد ذلك اعنى عدم استناد
الاولوية الى اللفظ ثبوت الاولوية لو فرض ثبوت التوكيل فى البيع مثلا بالاشارة
إلّا ان يقال انه لا يمنع عن استناد الاولوية الى اللفظ والا فما يفهم باللفظ وضعا
يمكن افهامه فى بعض الاحيان بل كثيرا بالاشارة ايضا فلو كان النبأ على ذلك لما صحّ
استناد مدلول اللفظ وضعا الى اللفظ لثبوت المدلول بالاشارة ايضا ويمكن ان يقال ان
ما ذكره لو تم انما يتم ايضا لو استنبط العلة علما او ظنا او لم يستنبط العلة إلّا
انه علم الاولوية بالعقل بناء على عدم لزوم استنباط العلة فى معرفة الاولوية لكن
كان الغرض على التقديرين قاضيا بثبوت الحكم فى الفرع اعتقادا فتخصيص الكلام بما لو
لم يعلم العلة وكان الاولوية مفهومة عرفا ليس على ما ينبغى إلّا ان يقال انه لو
استنبط العلة وكان العرف قاضيا بثبوت الحكم فى الفرع فكما يمكن استناد الظنّ
باطراد الحكم فى الفرع من المجتهد الى العرف واللفظ كذا يمكن استناده الى العقل
ايضا بثبوت الحكم فى الفرع فتعيين المستند فى العرف واللفظ لا وجه له وكذا الحال
لو علم الاولوية بالعقل مع عدم استنباط العلة اذ ح العقل يحكم ايضا بثبوت الحكم فى
الفرع فتعيين مستند الحكم فى الفرع لا وجه له ايضا وبعد ما ذكره من قوله ولم يرد
خصوصية الدّينار كما يشهد به حال ارباب المعاملات إلا ما ندر الظاهر ان مقصود ثبوت
عدم ارادة الخصوصية من الخارج اعنى شهادة الحال فانفهام الاولوية ليس مستندا الى
مجرد الخطاب بل الى الخطاب مع انضمام الخارج فالمثال غير مطابق للممثل اذ المدار
فيه على ما ذكره على انفهام الاولوية عرفا بمجرد سماع الخطاب وايضا ما ذكره من
الفحوى من باب الاستبراء والاستبراء محل المنع بل الفحوى بالعكس فتدبر ويمكن ان
يعد من هذا الباب اعنى الفحوى بالوجه المذكور ما عده جماعة من الفقهاء كالمحقق
ولشهيدين وغيرهم فى باب مكان المصلى من اقسام الاذن فى الصّلاة من الاذن بالفحوى
كالاذن بالكون فى المكان وادخال الضيف فى المنزل للضيافة فالمدار على الكشف عن
الاعتقاد والا فالمعهود فى اصطلاحهم هو مفهوم الموافقة كما صرّح به صاحب المدارك
هناك والمدار فى مفهوم الموافقة على الكشف عن المراد والمقصود بالافادة ولا يتاتى
الكشف عن ذلك فى شيء من المثالين إلّا ان يقال ان الاذن فى الكون يدل على الاذن فى
الصّلاة فى المثال الاول من باب الاطلاق لان الصّلاة من افراد الكون فى المكان ومع
ذلك المدار فى كلماتهم فى الفحوى على كون الامر من باب التنبيه بالادنى على الاعلى
والتنبيه بالاعلى على الادنى وليس الامر فى شيء من المثالين على هذا المنوال وان
قلت لعل الفرض من الفحوى هو الاولوية الظنية العقلية قلت ان الاولوية الظنية
العقلية غير حجة على طريقة الجماعة بل لم يقل بحجية غير واحد ممن قال بحجية مطلق
الظنّ خصوصا مع كون الظن فى المقام من باب الظنّ فى الموضوع من حيث التحصل ثم ان
ارجاع الاستقراء فى الاخبار الى دلالة الاشارة انما يجدى لو كانت الاخبار معتبرة
بحسب السند واما لو كانت ضعيفة كلا او بعضا فلا جدوى فى الارجاع المذكور لعدم
اعتبار الدلالة مع عدم الظن بالصّدور لعدم ثبوت صدور المنسوب الى
المعصوم عن المعصوم حتى يتاتى الظنّ بارادة المعصوم فالاخبار نظير كلام المعنى
عليه نعم لا باس بعدم اعتبار بعض الاخبار لو كان فى الباقى كفاية فى حصول الظنّ
هذا كله بناء على حجية الظنون الخاصة واما بناء على حجية مطلق الظنّ فقد تقدم عدم
اشتراط اعتبار اخبار الاستقراء فى اعتبار الاستقراء الثّالث ان الغالب فى الدلالة
كشف اللفظ عن ارادة المعنى منه كما فى باب الحقائق واما المجازات المقرونة
بالقرينة فالامر فى القرينة من باب كشف
__________________
اللفظ عن ارادة المعنى من لفظ آخر بناء على القول باستقلال القرينة فى
الدّلالة على المعنى المجازى لا استقلال المجاز فى الدلالة ولا استناد الدلالة الى
مجموع المجاز والقرينة اذ المقصود بذلك انما هو دلالة فى القرينة على ارادة المعنى
الغير الموضوع له من المجاز لا ارادته من القرينة كيف لا ولا مجال للقول بهذا من
ذى مسكة اذ من الواضح غاية الوضوح ان يرمى فى رأيت اسدا يرمى لا محال لدلالته على
الرّجل الشجاع بارادته منه اى من يرمى وبالجملة لو قلنا باختصاص الدلالة اصطلاحا
يكشف اللفظ عن ارادة المعنى من نفسه ففى المجاز انما يكون الدال على المعنى الغير
الموضوع له هو اللفظ بشرط القرينة اذ فى رايت اسدا يرمى مثلا يكون الأسد كاشفا عن
ارادة الرّجل الشجاع بعد مجيء يرمى ولا يكشف عنها قبل ذلك والامر ظاهر لكن القول
بان الدال على المعنى الغير الموضوع له فى المجاز هو القرينة مبنى على تعميم
الاصطلاح فى الدلالة لكشف اللفظ عن ارادة المعنى من لفظ آخر كما يظهر بما سمعت او
مبنى على كون غرض القائل بذلك القول هو المعنى اللغوى لكن الظاهر اختصاص الاصطلاح
فى الدلالة بكشف اللفظ عن ارادة المعنى من نفسه وارادة المعنى اللغوى من الدلالة
من القائل بذلك خلاف الظاهر اذ الظاهر فى جميع الفنون بل الظاهر من جميع ارباب
الاصطلاح التحاور بالمصطلح فى الاتقافيات والنزاعيّات وربما يقال ان المفيد للظن
بالحكم فى الخبر الضعيف المنجبر بالشهرة سندا او دلالة والخبر المعتضد بالشهرة
الفتوائية فى تعارض الخبرين هو الخبر بشرط الشهرة نظير ان الدال على المعنى الغير
الموضوع له فى المجاز هو اللفظ بشرط القرينة والغرض منه التدبير فى اصلاح اعتبار
الظن بالحكم فى باب الخبر الضعيف المنجبر بالشهرة سندا او دلالة والخبر المعتضد بالشهرة
الفتوائية فى تعارض الخبرين ومقتضاه تعميم التدبير المذكور للظن بالحكم فى باب
الخبر المعتضد بسائر المرجحات مما يرجح الدلالة او الصّدور او المضمون اقول ان
المدار فى دلالة اللفظ على المعنى الغير الموضوع له بشرط القرينة على اضافة
الدلالة الى اللفظ المجازى وكذا اضافة المعنى اليه اذ قد عرفت ان كون الدال على
المعنى الغير الموضوع له فى باب المجاز انما يتم بناء على كون الدلالة مصطلحة فى
كشف اللفظ عن ارادة المعنى من نفسه واما الخبر الضعيف المنجبر بالشهرة فالملحوظ
فيه انما هو الظن على وجه الاطلاق ولا مجال لاستناد الظن المذكور الى خصوص الخبر
لو كان الشهرة من باب الشهرة المطابقة اعنى ما لو علم عدم استناد الشهرة الى الخبر
او لم يعلم استنادها اليه بل الدخيل فى افادة الظن هو مجموع الخبر والشهرة او
الشهرة فقط نعم يتم التدبير المذكور فى باب الشهرة العملية اعنى ما لو علم استناد
الشهرة الى الخبر الضعيف دلالة او سندا وبما ذكر يظهر الحال فى الخبر المعتضد
بالشهرة العمليّة او الشهرة المطابقة فى تعارض الخبرين وعلى منوال حال الشهرة
العملية حال مرجحات الدلالة او الصّدور وعلى منوال حال الشهرة المطابقة حال مرجحات
المضمون لكن لا حاجة الى التدبير المذكور فى اعتضاد الخبر بالمرجح فى تعارض
الخبرين بناء على اعتبار الظنون الخاصة اذ مقتضيهم الاجماعات المنقولة على لزوم
العمل بالراجح فى تعارض الخبرين كما استند عليه فى القول بلزوم العمل بالراجح فى
تعارض الخبرين انما هو لزوم العمل بالطرف المظنون فى تعارض الخبرين بواسطة المرجح
ولو كان الظن مستندا الى المرجح بالاستقلال الرابع انه قد حكى الباغنوى فى بحث
دلالة النهى على الفساد انهم فرقوا بين جزء الماهية وجزء المفهوم تمثل البصر جزء
مفهوم العمى وليس جزء حقيقته واذا ادوا؟؟؟ بجزء المفهوم ما يكون تعقل المفهوم من
الشيء موقوفا على تعقله وان لم يكن جزء حقيقته فقال ولما لم يفرق بعض الفضلاء بين
جزء المفهوم وجزء الحقيقة زعم ان دلالة العمى على البصر تضمنية لا التزامية وهما
من عبارة القوم حيث قالوا ان البصر جزء مفهوم العمى اقول انه ان كان المدار فى جزء
المفهوم على الاصطلاح بتطرق الاصطلاح فى جزء المفهوم على ما توقف تصوّر المفهوم
عليه وان لم يكن جزء المفهوم بان يكون المفهوم مركبا منه ومن غيره وينحل المفهوم
اليه والى غيره بل كان صورة مقارنا لتصوّر المفهوم فلا تشاح فى الاصطلاح كما هو
حديث معروف وإلّا فلا خفاء فى ان البصر ليس جزء مفهوم العمى كيف لا ومفهوم العمى
ليس مركبا من العدم والبصر ولا ينحل اليهما بل المفهوم انما هو الامر البسيط
الوحداني اعنى العدم المقيّد بالبصر وانما يكون تصوّر البصر مقارنا لتصوّر مفهوم
العمى ومع ذلك لو كان البصر جزء مفهوم العمى فجزء المفهوم لا يخرج عن جزء الموضوع
له والمدار فى الدلالة التضمنية على جزء الموضوع له فدلالة العمى على البصر من باب
الدلالة التضمنية الخامس انه قد ذكر الشهيد فى القواعد انه لو اوصى بحمل فلانه من
زيد فظهر الحمل من
عمرو او نفاه زيد باللعان فان قلنا بان الصفة موضحة فالوصية باقية وان قلنا
بان الصفة مخصّصة بطلت الوصية لو ظهر الحمل من عمرو وفى صورة اللعان نظر مبنى على
اعتبار مدلول اللفظ فى الحال او اعتبار مدلوله المستقر فى الاستقبال فعلى الاول
يؤخذ بالوصية دون الثانى قوله مبنى يعنى ان الامر فى صورة اللعان مبنى على ان
الاعتبار فى دلالة الالفاظ بالدلالة فى حال التلفظ ولو انكشف الخلاف فى الاستقلال
او الاعتبار بالدلالة الثابتة التى لم يتطرق عليها التغيير فعلى الاول يثبت للحمل
ما اوصى به له وعلى الثانى بطلب الوصية لانكشاف الخلاف فى الاستقبال اقول ان
الصّفة الموضحة غاية الامر فيها انه لا مفهوم لها وان يظهر الكلام فيه بما ياتى
لكنها مخصّصة بلا اشكال والحمل لو ظهر من عمر ولا يكون داخلا فى الوصية فلا دليل
على اطراد الموصى به فى حقه فلا بد من البناء على العدم والفرق بين الصّفة
المخصّصة والصفة الموضحة فى المقام ان عدم اطراد الموصى به على الثانى من باب
دلالة الوصية وعلى الاول من باب عدم الدليل على الاطراد لكفاية عدم الدليل على
الاطراد فى عدم الاطراد لاصل البراءة والاستصحاب واصل العدم بناء على اعتباره
وايضا ما ذكره فى صورة اللعان من ابتناء الامر على كون المدار فى دلالة اللفظ على
حال التلفظ او المدار على الاستقرار فى الاستقبال مدفوع بعدم اختلاف حال دلالة
الوصية فى الحال والاستقبال فى صورة اللعان ولا خفاء ومع هذا لو كان اللعان كاشفا
فلا فرق بين اللعان وظهور كون الحمل من عمرو وان كان جاعلا فالعمدة ما لو كان
الحمل لزيد ويثنى الامر فيه على شمول اطلاق الوصية للحمل من زيد لصورة اللعان من
زيد وعدمه والظاهر بل بلا اشكال عدم شمول الاطلاق لصورة اللعان واما لو كان الحمل
من عمرو فالحال كما سمعت فلا يبتنى الامر فى صورة ظهور كون الحمل من عمرو على
الايضاح والتخصيص فى الصّفة ولا فى صورة اللعان على اشتراط اعتبار الدلالة
باستقرارها واستمرارها او كفاية الدلالة فى حال التلفظ ومع هذا مقتضى كلامه تطرق
احتمال كل من الايضاح والتخصيص فى الوصية المتقدمة مع انه لا مجال للتخصيص اذ
المدار فى التخصيص على تقليل شيوع الموصوف وفى باب الوصية لما تعين الحمل فلا مجال
للشيوع فيكون المدار فى التوصيف على الايضاح بقى الكلام فى الفرق بين الصفة
المخصّصة والصفة الموضحة فنقول ان مقتضى صريح ما نقله فى التّصريح عن بعض ان
المدار فى التخصيص على رفع الاشتراك المعنوى الواقع فى النكرات والمدار فى الايضاح
على رفع الاشتراك اللفظى الواقع فى المعارف على سبيل البخت والاتفاق من دون تعمد
من شخص على الاشتراك فالايضاح يجرى مجرى بيان الاجمال ويضعّف بان الظاهر من النكرة
انما هو المنوّن بتنوين التنكير ولا فرق بين النكرة واسم الجنس المنكر المنون
بتنوين التمكن فى باب التخصيص والايضاح مع انه لا فرق ايضا بين النكرة واسم الجنس
المعرّف باللام مثلا لو قيل فى الغنم السّائمة زكاة فالصّفة من باب الصّفة
المخصّصة ومن هذا انه اشتهر التمثيل به فى باب مفهوم الوصف على ان المنوّن بتنوين
التنكير لو كان صفته المذكورة من باب اللازم المساوى فالصّفة من باب الصفة الموضحة
مثلا لو قيل اعتق عبدا اسود وكان لون العبد منحصرا فى السّواد فالصّفة من باب
الصفة الموضحة فلا يطرد شيء ممّا ذكر فى باب التخصيص والايضاح مضافا الى عدم اتفاق
الاشتراك فى المعارف غير العلم فما يقتضيه كلامه من اطراد الاشتراك فى عموم
المعارف واضح الفساد والتحقيق انه ان كان الموصوف من باب العام او المطلق سواء كان
من باب النكرة او اسم الجنس المنكر او المعرف باللام فان كان الصفة من باب اللازم
المساوى باختصاص الموصوف بالصفة المذكورة فالصفة من باب الصفة الموضحة والا فالصفة
من باب الصفة المخصّصة وان كان الموصوف من باب اسم الاشارة بناء على كون ما بعد
اسم الاشارة صفة له فالصفة من باب الصّفة الموضحة وكذا لو كان من باب المنادى
المنكر لمعين نحويا رجل احبه بناء على كونه من باب المعارف تعريفا بالقصد لا
بالحرف كما هو مقتضى ما صنعه فى التوضيح حيث عده من المعارف وقرره فى التصريح لكن
الاظهر ان الامر من باب اطلاق الكلى على الفرد فالصفة من باب الصفة المخصّصة واما
لو كان من باب العلم فالصفة من باب الصفة الموضحة وان تعدد الموصوف متّصفا بالصفات
المختلفة فضلا عما لو اتّحد الموصوف وكان الصّفة المذكورة مما ينقلب الى صفة اخرى
كالقيام والقعود لا مما يستمرّ ويدوم كالعلم اذا المدار فى التخصيص على تقليل
الشيوع كما مر والعلم خال عن الشيوع قضية التشخص نعم يتاتى المفهوم فى
المقام بناء على اعتبار مفهوم الوصف لو تعدد المسمى موصوفا بالصفات
المختلفة لعدم ابتناء المفهوم على تقليل الشيوع وان قلت ان المدار فى النكرة على
الوحدة فلا تكون قابلا للاتصاف بالصفات المختلفة كالعلم قلت ان الوحدة فى العلم من
باب الوحدة الشخصيّة ولذا لا يكون العلم قابلا للاتصاف بالصفات المختلفة بدون تعدد
المسمى واما النكرة فالوحدة فيها من باب الوحدة النوعية ولذا تكون قابلة للانتشار
فتكون قابلة للاتصاف بالصّفات المختلفة ولا سيّما بناء على صدق النكرة على جميع
الافراد دفعة واحدة كما هو الاظهر لا على وجه البدلية كما ربما يقتضيه بعض الكلمات
وقد حرّرنا الحال فى بحث المطلق والمقيد مثلا لو قيل اكرم رجلا عادلا بكون مورد
وجوب الاكرام اعنى رجلا منتشرا بين جميع الرجال لكن لو قيد بالعدالة فيتطرق الضيق
على السعة ويتضيق دائرة الانتشار لانحصار فضاء الانتشار فى العادل واما لو قيل
اكرم زيدا العادل وكان زيد علما لاشخاص مع فسق بعض الاشخاص فلا سعة للموصوف راسا
كيف لا ويمتنع فرض صدقه على كثيرين فلا مجال لتقليل الشيوع لغرض انتفاء الشيوع فلا
مجال للتخصيص بالتوصيف نعم الموصوف موصوف بالاجمال والترديد قضية الاشتراك
فبالتوصيف يبين الاجمال ويرتفع الترديد فى الجملة لو تعدد زيد العادل او بالكلية
لو انحصر زيد العادل فى واحد فالتوصيف من باب الايضاح ونظير ما ذكر قوله سبحانه (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) حيث انه ربّما يتوهم دلالته على تعدد الكعب فى كل من
الرجلين لكن الامر من باب مقابلة الجمع بالجمع وهى تقتضى التوزيع فى المقام ولو
قلنا باصالة الاستغراق فى الجمع المعرف باللام او الجمع المضاف قضيته قضاء خصوص
المورد بالتوزيع فالكعبان يندرجان فى الرّجل الكلى فلا باس بتعدد الكعب بتعدد
الرّجل كما انه لو قيل فى بيوتنا درهمان لا يقتضى ان يكون فى كل بيت درهمان بل
يصدق مع كون درهم فى بيت ودرهم آخر فى بيت آخر نعم لو كان الامر مبنيّا على
الاستغراق لتأتى الدلالة على تعدد الكعب فى كل من الرجلين اذ العموم يقتضى تشخص
الافراد وان قلت ان اضافة الرجل الى ضمير المخاطب تقتضى كون المقصود بالرّجل هو
الرجل المتشخص فيلزم الدلالة على تعدد الكعب فى كل من الرجلين قلت لا مانع من
ابقاء الرّجل على ظاهره اعنى كون المقصود هو الجنس مع الاضافة بل الظاهر ان المقصود
هو الجنس دون الخصوصية بل لا ارتياب فى الباب وان قلت ان تعليق المسح على الرجل
يقتضى تشخص الرجل اذ لا مجال لمسح طبيعة الرجل فالامر به من باب التكليف بما لا
يطاق قلت ان المقدور بالواسطة مقدور فيكفى القدرة على مسح الرجل المتشخص فى الامر
بمسح جنس الرجل لوجود الجنس فى ضمن الفرد بل بعين وجوده بل يطرد هذا السّؤال
والجواب فى موارد تعلق الامر بناء على كون المتعلق هو الكلى وان قلت ان ما ذكرت
انما يتم لو كان التخصيص بالصفة فى كلام النجاة مختصّا بتقليل الشيوع كما هو مقتضى
اصطلاح الاصوليين وان كان التخصيص فى اصطلاحهم مختصا بتقليل العموم فلا يعم تقليل
الاطلاق واما لو كان اعم من بيان الاجمال ورفع الترديد فلا باس بكون التوصيف فى
صفة العلم من باب التخصيص قلت ان ظاهر التخصيص يقتضى الاختصاص بتقليل الشيوع مع
انه مقتضى ما تقدم نقله من صاحب التصريح عن بعض والظاهر بل بلا اشكال انه من
النجاة واهل البيت ادرى بما فى البيت على انه لو لا ذلك لما تم الفرق بين التخصيص
والايضاح ثم ان الصفة المخصّصة توجب التخصيص ويثبت لها المفهوم بناء على اعتبار
مفهوم الوصف واما الصفة الموضحة فلا يتاتى التخصيص بها لكن يثبت لها المفهوم على
القول باعتبار مفهوم الوصف فى توصيف العلم لو تعدّد المسمى موصوفا بالصفات
المختلفة كما مر مثلا لو قيل اكرم زيدا التاجر لا يتاتى التخصيص بالصفة فيه لفرض
عدم اتفاق تقليل الشيوع فيه لكن يثبت له المفهوم لدلالته على عدم وجوب اكرام زيد
غير التاجر وهذا خلاف الغالب اذ الغالب ثبوت التخصيص وانتفاء المفهوم بناء على عدم
اعتبار المفهوم او على القول به واما اسم الاشارة فصفته لا يثبت لها التخصيص ولا
المفهوم وكذا المنادى المنكر لمعين ثم انه لو اختلف صفات الموصوف واعتقد المتكلم
اختصاص الموصوف بالصفة المذكورة فالصفة من باب الصفة المخصّصة لكن الغرض من
التوصيف الايضاح ثم انه قد يشتبه حال الموصوف من حيث الاختصاص بالصفة المذكورة
وعدم فيتردد التوصيف بين التخصيص والايضاح ومنه قوله سبحانه (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى
شَيْءٍ) لتردد التوصيف لعدم القدرة على شيء بين التخصيص
والايضاح لكن مقتضى ما رويه فى التهذيب فى اواخر زيادات الحج وفى الاستبصار
فى باب المملوك يتمتع باذن مولاه هل يلزم المولى شيء ام لا بالاسناد عن الحسن
العطار قال سألت أبا عبد الله عليه السّلم عن رجل امر مملوكه ان يتمتع بالعمرة الى
الحج أعليه ان يذبح عنه فقال لا ان الله تعالى يقول عبدا مملوكا لا يقدر على شيء
كون التوصيف المذكور من باب الايضاح حيث ان الضمير فى عليه اما ان يكون راجعا الى
المملوك كما هو الاظهر قضية القرب او يكون راجعا الى المولى والغرض ان المملوك لما
لم يكن مالكا فلا يجب عليه ان يذبح من جانب المولى او يذبح المولى من جانبه بل
فرضه الصوم وعلى اى حال مقتضى الرواية المذكورة كون التوصيف فى الآية من باب
الايضاح لا التخصيص والا لما صحّ التعليل لامكان كون العبد المسئول عن حاله غير
داخل فى العبد المذكور فى الآية وياتى مزيد الكلام هذا وربما يقال انه لا دلالة فى
الآية على عدم تملك العبد بل غاية الامر الدلالة على عدم القدرة على شيء وهو اعم
من عدم التملك والحجر والقائلون بالتملك قائلون بالحجر فلا يتم الاستدلال بالآية
على عدم تملك العبد وفيه ان عدم القدرة وان كان اعم من عدم التملك والحجر لكنّه
ظاهر فى عدم التملك من باب انصراف المطلق الى بعض الافراد السّادس انه قد حكم صاحب
المعالم فى بحث الاستثناء الوارد عقيب الجمل المتعاطفة بان البناء على اصالة
الحقيقة وحمل اللفظ على معناه الحقيقى انما يكون بعد فراغ المتكلم عن الكلام دون
حال التشاغل بالكلام تمسّكا بان الاتفاق واقع على ان للمتكلم ما دام متشاغلا
بالكلام ان يلحق بالكلام ما شاء من اللواحق وهذا يقتضى وجوب توقف السامع عن الحكم
بارادة المتكلم من اللفظ معناه الحقيقى حتى يتحقق الفراع وينتفى احتمال غيره ولو
كان صدور اللفظ بمجرّده مقتضيا للحمل على الحقيقة لكان التصريح بخلافه قبل فوات
وقته منافيا له ووجب رده فالمقتضى بصحة اللواحق وقبولها مع الاتصال انما هو نصّ
الواضع فما لم يقع لا يتجه للسامع الحكم بارادة الحقيقة لبقاء مجال الاحتمال اقول
ان من فطريات النفوس الانسانية حمل اللفظ على معناه الحقيقى الفراغ بمجرد سماع
اللفظ من دون انتظار للحوق اللواحق بل من فطرياتهم حمل اللفظ على ما ينصرف اليه
ولو كان من باب انصراف اللفظ الى الفرد الشائع او الفرد المشهور ومن ذلك البحث
والاعتراض من جميع النفوس فى المخاطبات كما فى مجالس الدّرس من التلاميذ بالنسبة
الى المدرّس وغيرها بمجرّد سماع اللفظ ودلالته على ما لا يذعن به المخاطب كيف لا
والانسان اكثر شيء جدلا بل خلق من العجل بل خلق العجل منه كما يرشد اليه عن ابن
سكيت فى قوله سبحانه خلق الانسان من عجل من ان الاصل خلق العجل من الانسان فهو كيف
يترصّد فى حمل اللفظ على معناه فراغ المتكلم عن الكلام بل ربما يعترض المخاطب ويجيب
المتكلم بالصبر حتى يفرغ من الكلام ويظهر عدم ورود الاعتراض من باب ازراء المخاطب
فى عجله ويرشد الى ذلك غاية الارشاد انه قد حكى ان بعض الولاة كان مبغضا للوالد
الماجد ره وكان بعض شريك الاسم مع الوالد الماجد ره فبعض من ارباب الحاجة فى
تخاطبه مع الوالى قدم ما يعين الاسم المشار اليه فى الشريك الاسم المذكور من
النسبة الى البلد فسئل عنه الوالى عن وجه تقديم النسبة الى البلد فاجاب مخافة
انسباق الذهن بسماع الاسم الى الوالد الماجد ره فتطرق الغضب ولو لا جريان طريقة
الناس على حمل اللفظ على ما ينصرف اليه لما صنع المتكلم المذكور ما صنع اعتذار
بالعذر المذكور ولما قبل الوالى العذر المذكور وكذا ما حكى من ان بعض مشاهير
العلماء مع غاية حلمه وحسن اخلاقه قد تشدد على بعض تلاميذه بمجرّد سماع كلمة
متعلقة بواقعة من باب سبق ذكر مذاكرة التلميذ تصميم العزم على نقض حكم ذلك البعض
فى تلك الواقعة وايضا الاتفاق على جواز ان يلحق المتكلم بكلامه ما شاء من اللواحق
لا يقتضى وجوب توقف السامع عن حمل اللفظ عن ظاهر الحقيقة اذ لا باس بحمل اللفظ من
السامع على ظاهر الحقيقة وتطرق التوقف عند سماع بعض اللواحق او الحمل على المعنى
المجازى بعد السماع بناء على ترجيح صرف المجاز فى نحو رايت اسدا يرمى او فى الحمام
الى الأسد بحمله على الرجل الشجاع على حمل الرمى على إثارة التراب وحمل الحمام على
الفلاة الحارة بل على هذا المنوال الحال فى عموم موارد التجوز مع وجود القرينة
اللفظية حيث انه يدور الامر بين حمل اللفظ المقرون بقرينة التجوز على المعنى
المجازى وحمل القرينة على المعنى المجازى والحاكم بترجيح الثانى انما هو العرف
قوله وهذا يقتضى وجوب توقف السامع فيه انه لا موجب والموجب منحصر فى
الواضع فى باب حمل اللفظ على معناه بل يحمل السامع اللفظ على ما يظن
بارادته او قصد افادته منه من عند نفسه على وجه الاطراد من دون فحص عن الاذن من
الواضع قوله ولو كان صدوره بمجرّده مقتضيا للحمل على الحقيقة لكان النص بخلافه قبل
فوات وقته منافيا فيه ان التصريح بالخلاف من باب المنافى كيف لا والمدار فى قرائن
التجوز على الصّرف والانتقال ولو لا كون القرينة من باب المنافى لما تاتى الصّرف
إلّا انه يتردّد الامر بين البناء على المعنى الحقيقى والبناء على التصريح بالخلاف
والعرف يرجح الثانى كما سمعت قوله ووجب رده فيه ان حمل اللفظ على معناه الحقيقى
بمجرد السّماع لا يقتضى رد ما يلحقه من اللواحق بل غاية الامر التعارض فيتاتى
الامر الى التعادل والتوقف والترجيح الا ان العرف يرجح البناء على اللاحق كما سمعت
قوله فالمقتضى لصحة اللواحق وقبولها مع الاتصال انما هو نص الواضع فيه ان الواضع
لا مدخل له فى مقام الحمل فلا مدخل له فى حمل اللاحق على معناه وصرف ما لحقه اللاحق
عن معناه والمدار فى الحمل على ما يتادى اليه الظنّ بالارادة او قصد الافادة كما
سمعت وان قلت ان ما ذكره يدخل فى قوانين التاليف وهى مجعولة بجعل الواضع قلت ليس
الكلام فى صحة الحاق اللواحق وكونه غلطا بل الكلام فى حمل اللواحق على معانيها
والتصرف فى الملحق به بالحمل على المعنى المجازى او بالعكس او وقوع التعارض بين
الامرين ولا مدخل للواضع فى ذلك السّابع ان مقتضى اعتبار دلالة الايماء ودلالة
الاشارة كترك الاستفصال عن العموم حجية الظنّ المتعقب للفظ وان لم يكن اللفظ دخيلا
فى الافادة راسا بان كان الامر من قبيل حكم العقل بشرط اللفظ بناء على عدم مداخلة
اللفظ فيما ذكر فى الافادة راسا كما فى وجوب مقدّمة الواجب بناء على عدم مداخلة
الخطاب بالواجب فيه راسا كما هو المشهور فالمرجع هنا الى الظنّ بشرط اللفظ لكن
يتطرق الاشكال على ذلك بلزوم حجية القياس لكون الظنّ باطراد حكم الاصل فى الفرع
متعقبا للفظ الدال على حكم الاصل مع ان الظاهر بل بلا اشكال ابتناء كلماتهم على
عدم مداخلة اللفظ المذكور فى الحكم المذكور الثامن انه ربّما جرى الوالد الماجد ره
فى جبر ضعف دلالة الخبر بالشهرة بناء على حجية الظنون الخاصّة واعتبار الظنّ
الشخصى فى باب الدلالة على ان الظنّ بالارادة انما يتحصل من الخبر بشرط الشهرة من
دون مداخلة للشهرة فى افادة الظنّ بالارادة فالظن من الظنون اللفظية ولا اشكال فى
حجيته فيتاتى حجية الظنّ بالحكم المتحصّل من الظنّ المشار اليه وربما سلك نظير هذا
المسلك فى باب خبر ضعف سند الخبر بالشهرة بدعوى ان الظنّ بالصّدور انما يتحصل من
الخبر بشرط الشهرة من دون مداخلة للشهرة فى افادة الظنّ بالصّدور فيتاتى حجية
الخبر لتطرق التبين فيتاتى حجية الظنّ المستفاد من الخبر بالحكم وكذا فى باب
الخبرين المتعارضين لو اعتضد احدهما بالشهرة بدعوى ان استناد الظنّ بالحكم الى
الخبر بشرط الشهرة من دون مداخلة للخبر فى افادة الظن بالحكم اقول ان الاظهر
مداخلة الشهرة فى الظنّ بالارادة بل القدر الثابت حجيته من الظنون اللفظية ما كان
مستندا الى اللفظ بدون الاشتراط بمثل الشهرة إلّا ان يقال بالقطع بعدم الفرق بين
ما كان مستندا الى اللفظ بالاستقلال وما كان مستندا الى اللفظ باشتراط مثل الشهرة
هذا فى باب الشهرة العملية واما الشهرة المطابقة فلا شك فى مداخلتها فى الظنّ
بالحكم ولو لم تكن دخيلة فى الظنّ بالارادة واما خبر ضعف السند بالشهرة بالتدبير
المذكور ففيه ان التبين بعد قيام آية النبإ على كفايته يكفى فى الباب ولا حاجة الى
التدبير المذكور بل الخبر الضعيف المقرون بالشهرة بعد استناد الظن اليه بشرط
الشهرة اما ان يكون الظنّ المستفاد منه خاليا عن الاعتبار بالاجماع قضيته الاجماع
على عدم اعتبار الظنّ المستفاد من الخبر الضعيف او يكون الظنّ المشار اليه مشكوك
الحال كما هو الحال فى الظنّ المستند الى مجموع الخبر والشهرة لو قلنا بان القدر
المتيقن من الاجماع على عدم اعتبار الظنّ المستفاد من الخبر الضعيف انما هو الظنّ
المستفاد من الخبر الضعيف فى حال الانفراد واما الخبر الضعيف المقرون بالشهرة
فاطراد الاجماع فيه غير ثابت كما ان القدر المتيقن من الشهرة القائمة على عدم
اعتبار الشهرة انما هو الشهرة المجردة واطرادها فى الشهرة المقرونة بالخبر غير
ثابت ومن هذا ان السيّد السّند العلى بنى على تعدد الدليل فى الخبر الضّعيف
المنجبر بالشهرة اللهمّ إلّا ان يقال بالقطع بعدم الفرق هذا كله فى الشهرة العملية
واما الشهرة
المطابقة فلا مداخلة لها فى الظنّ بالصّدور وانما هى دخيلة فى الظنّ بالحكم
بلا شبهة فلا ترتبط بالتبين عن الصّدق المقصود بالتبين فى الآية واما ترجيح احد
الخبرين المتعارضين بالشهرة فلا حاجة فيه الى التدبير بعد لزوم الاحد بالراجح
لعموم كثير مما دل على لزوم الاخذ بالراجح لما لو كان الظنّ المتحصّل بالحكم
مستندا الى مجموع الراجح والمرجوح اى احد الخبرين المتعارضين والشهرة اذ مقتضاه
لزوم الاخذ بالطرف الراجح وهذا لا فرق فيه بين استناد الظنّ الى احد الخبرين بشرط
الشهرة واستناد الظنّ الى مجموع الى احد الخبرين والشهرة وقد تقدم الكلام فى
المقام فى بعض المقدمات ايضا واعاده المقال من باب اصلاح الحال وبعد ما مر اقول ان
التدبير المذكور من باب المقايسة بكون الدال على المعنى الغير الموضوع له فى
المجاز هو اللفظ بشرط القرينة لكن المدار فى دلالة اللفظ على المعنى الغير الموضوع
له بشرط القرينة فى المجاز على اضافة الدلالة الى اللفظ المجازى وكذا اضافة المعنى
اليه بناء على ما تقدم من ان كون الدال على المعنى الغير الموضوع له بشرط القرينة
فى المجاز انما يتم بناء على كون الدلالة مصطلحة فى كشف اللفظ عن ارادة المعنى من
نفسه واما الخبر الضعيف المنجبر بالشهرة فالملحوظ فيه انما هو الظنّ على الوجه
الاطلاق ولا مجال لاستناده الى خصوص الخبر لو كان الشهرة من باب الشهرة العملية
نعم يتم التدبير المذكور لو كان الشهرة من باب الشهرة المطابقة واما القول باستقلال
القرينة فى الدلالة على المعنى المجازى فهو مبنى على تعميم الدلالة لكشف اللفظ عن
ارادة المعنى من لفظ آخر واما الظنّ بارادة المعنى المجازى على وجه الاطلاق فلا
مجال لاستناده الى المجاز بشرط القرينة بل انما هو مستند الى مجموع المجاز
والقرينة او مستند الى القرينة بالاستقلال كما هو الاظهر ولا يذهب عليك انه على
منوال حال الشهرة العملية فى باب الترجيح من جهة التدبير المذكور حال مرجحات
الدلالة او السند وعلى حال الشهرة المطابقة حال مرجّحات المضمون ثم ان الشهرة
المطابقة قد توجب جبر ضعف الدلالة فيما اذا استلزم الشهرة تشخيص المدلول بناء على
حصول الظنّ من الشهرة كما فيما استدل به على مداخلة الاجتناب عن منافيات المروّة
فى العدالة من ان المشهور مداخلة الاجتناب عن منافيات المروة فى مفهوم العدالة
فالشهرة تقتضى الظنّ بكون المقصود بالعدالة فى قوله سبحانه (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) هو ما خلى عن منافيات المروة والظنّ اللفظى حجة اتفاقا
فيثبت مداخلة الاجتناب عن منافيات المروة فى العدالة لكن لا وثوق لى بالشهرة غالبا
هذا ما كتبته فى سوابق الاحوال وتحقيق الحال انّ الشهرة العملية تجبر ضعف السّند
والدلالة والشهرة المطابقة لا تجبر ضعف الدلالة ولا السّند لكنها ترجح المضمون فى
تعارض الخبرين ولا اشكال فى حجية الظنّ الحاصل بالصّدور او الدلالة او المضمون
بناء على حجية مطلق الظنّ وامّا بناء على حجية الظنون الخاصة فيتاتى الاشكال وربما
جرى الوالد الماجد ره على التدبير بان الشهرة انما هى شرط حصول الظن بالصّدور او
الدلالة او المضمون ومدرك هذا التدبير القول بان القرينة فى المجاز شرط الدلالة
ولا تكون دخيلة فى الدلالة ولا مستقلة فيها اقول انه لا حاجة فى باب جبر ضعف
السّند الى التدبير المذكور اذ مقتضى منطوق آية النبإ حجية مطلق الظنّ الحاصل بصدق
الخبر الضعيف وان كان الظنّ بالصدق حاصلا من نفس الخبر اذ ليس التبين الا لحصول
الظنّ فلو تحصل الظنّ من نفس الخبر يكون حجة غاية الامر خروج الظنّ الحاصل من نفس
الخبر اذ غاية الامر ان مقتضى منطوق الآية حجية الظنّ الحاصل بصدق الخبر الضعيف
ولا يقتضى حجية الظنّ الحاصل بصدق الخبر من نفس الخبر وعلى اى حال مقتضى الآية
حجية الظنّ بصدق الخبر الضعيف بواسطة الفحص ومقتضى اطلاقه حجية الظنّ المذكور وان
كان الفحص مستقلا فى حصول الظنّ فضلا عما لو كان دخيلا فيه ولا حاجة الى التدبير
المذكور نعم فى باب جبر ضعف الدلالة لا مناص عن التدبير المذكور اذ غاية الامر فى
باب الاجماع على حجية الظنون انما هى حجية الظنّ الحاصل من المدلول بتوسّط نفس
اللفظ ولا يطرد الاجماع فى الظنّ الحاصل بالمدلول بمداخلة الامر الغير المعتبر
فضلا عن استقلاله لكن نقول ان الباعث على الظنّ بالمدلول من اللفظ فى صورة جبر ضعف
دلالة الخبر بالشهرة انما هو الشهرة ولا تكون الشهرة باعثه على كون اللفظ باعثا
على الزائد المدلول لكن الظنّ بالحكم انما يكون مستندا الى الخبر اى الظنّ بمدلوله
بالاستقلال كما ان الظن بالحكم فى صورة جبر الشهرة لضعف السند يكون مستندا
الى الخبر اى الظن بصدوره بالاستقلال واما فى باب المجاز فالباعث على حصول الظن
بكون المراد من الأسد فى رايت اسدا يرمى مثلا هو الرّجل الشجاع انما هو يرمى وليس
يرمى باعثا على كون الأسد باعثا على كون المراد منه هو الأسد فلا بد من تعميم
الدلالة لكشف اللفظ عن ارادة المعنى منه او ارادة المعنى من لفظ آخر وعلى تقدير
المضايقة عن تعميم الدلالة نقول ان الدلالة من الاصطلاحات والامر فيها سهل ولا
تشاح فى الاصطلاح كما هو من الاحاديث المشهورة والكلام فى تشخيص كون الباعث على
الظنّ بارادة المعنى المجازى هو القرينة او المجاز فما يتوهم من انه لا مناص عن
القول بكون الدال على المعنى المجازى هو القرينة لوضوح ان يرمى مثلا لا يكون دالا
على ارادة الأسد منه وعلى هذا يقاس الحال فى باب الشهرة فى الخبر الضعيف سندا او
دلالة المنجبر ضعفه بالشهرة كما ترى فان قلت انك كيف تقول باستقلال الشهرة العملية
فى افادة الظنّ بالصّدور او الدلالة واستقلال الخبر فى افادة الظنّ بالحكم والقول
بالاستقلالين فى جبر الدلالة اشكل منه فى خبر ضعف السّند لتقارب الظنّ بالدلالة
والظنّ بالحكم قضيّة تاخر الظنّ بالدلالة عن الظنّ بالصّدور كما تقدم وان امكن
القول بان امتناع اجتماع المتضادين لا فرق فيه بين التقارب والتباعد قلت لا منافات
بين الاستقلالين كيف لا ولا ريب ان الشهرة العملية لا تتمكن من افادة الحكم وانما
المفيد له انما هو الخبر فالشهرة انما تكون باعثة على الظنّ بالصّدور او الدلالة
والظنّ بالصّدور بتوسّط الظنّ بالدلالة وكذا الظن بالدلالة بدون توسّط الواسطة
يفيد الظنّ بالحكم فالشهرة لا تكون دخيلة فى الظنّ بالحكم بلا واسطة نعم يكون
الظنّ بالحكم مستندا الى الظنّ بالدلالة بلا واسطة والظنّ بالصّدور بتوسّط الظنّ
بالدلالة ففى جبر ضعف الدلالة يكون الظنّ بالحكم مستندا الى الظنّ بالدلالة وهو
مستندا الى الشهرة وفى جبر ضعف السّند يكون الظنّ بالحكم مستندا الى الظنّ
بالدلالة ومستند الى الظنّ بالصّدور وهو مستند الى الشهرة وبالجملة الظنّ بالحكم
مستندا الى الظنّ بالدلالة بالاستقلال والظن بالدلالة مستند الى الشهرة بالاستقلال
والفرق بين ما جرى عليه الوالد الماجد ره وما جريت عليه ان الشهرة باعثة على كون
الخبر باعثا على الظنّ بالدلالة بالاستقلال بناء على ما جرى عليه الوالد الماجد ره
نظير ما زعمه من كون التفهيم باعثة على كون اللفظ دالا على المعنى المجازى
بالاستقلال والشهرة باعثة على حصول الظنّ بالدلالة من الخبر بالاستقلال بناء على
ما جريت عليه نظير ان القرينة باعثة على حصول الظنّ بالدلالة على المعنى المجازى
من اللفظ بالاستقلال بتعميم الدلالة لكشف اللفظ عن ارادة المعنى من لفظ آخر كما هو
الاظهر كما مرّ واما الشهرة المطابقة ففى باب الترجيح مقتضى الاجماعات المنقولة
على حجية الظنّ الحاصل بالحكم فى جانب الاحد المتعارضين وغيرها على تقدير التمامية
حجية الظنّ الحاصل بالحكم فى جانب الراجح وان كان المستقل فى افادة الظنّ هو
الشهرة واما فى باب جبر الخبر فلا ريب فى مداخلة تلك الشهرة فى الظنّ بالحكم فلا
يتم حجية الخبر الضعيف سندا او دلالة بعد القول بانجبار ضعفه سندا او دلالة بتلك
الشهرة هذا ما كتبته فى سوابق الايام والآن اقول ان المقايسة المقدمة لا تتم فى
الشهرة المطابقة ولا تناسب مقايسة الظنّ بالحكم فى الخبر الضعيف المنجبر بالشهرة
العملية بدلالة المجاز بشرط القرينة وانما المناسب مقايسة الظن الحاصل بالحكم فى
الخبر الضعيف المنجبر بالشهرة العملية بالظن بالارادة او الصّدور اذ المناسب فى
مقايسة الامر النفسانى مقايسة بالامر النفسانى لا مقايسة بالامر اللفظى ولا سيّما
مع كون الامر اللفظى منوطا بالاصطلاح وبوجه آخر مرجع المقايسة المذكورة الى مقايسة
المعنى باللفظ المصطلح بناء على ما اصطلح فيه قضيته مقايسته الظنّ بالحكم فى باب
الخبر الضعيف المنجبر بالشهرة بدلالة المجاز على المعنى المجاز بشرط القرينة لكنّه
مخدوش اولا بان المقايسة المذكورة لا تتم فى الشهرة المطابقة وثانيا بان مقايسة
المعنى باللفظ ولا سيّما اللفظ المصطلح قضيته انه لا محيص فى المصطلح عن الجريان
على ما يقتضيه الاصطلاح كما ترى والا فلو قلنا باستناد الظن بالحكم فى الخبر
الضعيف المنجبر بالشهرة الى الشهرة بالاستقلال نقول باستناد الظنّ بالارادة فى باب
المجاز الى القرينة بالاستقلال ولا باس به راسا كيف لا وليس استناد الظنّ بالارادة
الى القرينة
مورد التسلم والمسلم انما هو الامر المصطلح اللفظى اعنى استناد صدق الدلالة
بحسب الاصطلاح باللفظ بشرط القرينة وبعد هذا المزيد تنقيح المقام وتحقيق الكلام
اقول ان الشهرة العملية انما توجب جبر ضعف دلالة الخبر الضعيف دلالة والمرجع فى
الدلالة على؟؟؟ اليه كلام المشهور الى كشف اللفظ عن ارادة المعنى من نفسه فالدال
على المعنى المجازى انما هو اللفظ بشرط القرينة بناء على هذا الاصطلاح ولا مجال
لمداخلة الشهرة فى الدلالة بالمعنى المذكور فضلا عن استقلالها فيه والقول بكون
القرينة مستقلة فى الدلالة على المعنى المجازى مبنى على تعميم الدلالة لكشف اللفظ
عن ارادة المعنى من لفظ آخر او اشتباه الدلالة بالظن بارادة المعنى المجازى من
اللفظ حيث انّ الظن امر واقعى والدلالة من الالفاظ المصطلحة ولا مجال فيه للتجاوز
عن الاصطلاح والتخلف عما هو ما يقتضيه بعد الموافقة فى الاصطلاح واما المخالفة فى
الاصطلاح فلا باس بها كيف لا وقد شاع وذاع وقرع الاسماع انه لا مشاحة فى الاصطلاح
فلا باس بمخالفة الدلالة والظنّ بارادة المعنى من اللفظ فى اللوازم والآثار ولا
مجال لمداخلة الشهرة فى الظنّ بالحكم ايضا كيف لا والشهرة فى جانب طول الخبر فلا
مجال لمداخلتها فى الظنّ بالحكم فى جانب عرض الخبر وايضا الشهرة العملية توجب جبر
ضعف الخبر الضعيف سندا فالظن بالصّدور انما يتحصل من الخبر بشرط الشهرة ولا مجال
لمداخلة الشهرة فى الظنّ بالصّدور فضلا عن استقلالها فيه كيف لا والشهرة فى جانب
الطول بالنسبة الى الخبر فلا مجال لمداخلتها فى الظنّ بالصّدور فى جانب عرض الخبر
وكذا لا مجال لمداخلة الشهرة فى الظنّ بالحكم فضلا عن استقلالها فيه كيف لا
والشهرة فى جانب طول الخبر فلا مجال لافادتها للظن بالحكم فى جانب عرض الخبر كما
سمعت فى باب الشهرة الجابرة لضعف دلالة الخبر واما الشهرة المطابقة فبعد كونها
موجبة لجبر ضعف الدلالة او الصّدور فلا مجال لمداخلتها فى الظنّ بالدلالة او الظنّ
بالصّدور لكونها فى جانب عرض الخبر فلا مجال لمداخلتها فى الظنّ بالدلالة او الظنّ
بالصدور فى جانب الطول وقس على حال جبر ضعف الخبر بالشهرة حال الترجيح بها فى
تعارض الخبرين وقس على حال الشهرة العملية فى باب الترجيح حال مرجحات المتن او
الصدور فى تعارض الخبرين وعلى حال الشهرة المطابقة حال مرجحات المضمون فى تعارض
الخبرين ويمكن التمسك على اعتبار الظنّ الحاصل من الخبر الضعيف المنجبر بالشهرة
ولو كان الظنّ مستندا الى الشهرة بالاستقلال بعموم منطوق آية البناء بعد سلامته عن
ورود الايراد وبعد اعتبار الاطلاقات الكتاب وكذا يمكن التمسك على اعتبار الظنّ
الحاصل من الترجيح بالشهرة مثلا فى تعارض الخبرين ولو كان الظنّ مستندا الى الشهرة
بالاستقلال باطلاق الاجماعات المنقولة على وجوب العمل بالراجح لو لم نقل بان
الاجماع على وجوب العمل بالراجح من باب الاجماع على وجوب العمل بمطلق الظنّ فى نفس
الاحكام ولو كان فى غير موارد تعارض الخبرين من دون خصوصيته فى تعارض الخبرين وكذا
لو لم نقل بان اطلاق الاجماعات المنقولة وارد مورد الاجمال لكونها فى قبال التخيير
والقدر المتيقن من تلك الاجماعات المنقولة ما لو كان المرجح كاشفا عن مرجح داخلى
فى الراجح لا نعلمه تفصيلا مثل كون احدهما ارجح من الآخر من حيث السّند كالاعدل
والافقه والاشهر رواية ونحو هذا او من حيث الدلالة مثل رجحان العام على الخاص
والمجاز على الاضمار وغير ذلك فلا يدخل فى ذلك مثل الشهرة المطابقة اعنى مرجح
المضمون وان يخدشه تقسيمهم المرجح الى مرجح الدلالة ومرجّح السّند ومرجح المضمون التّاسع
ان تفسير الامام ولا سيّما العسكرى عليهالسلام للكتاب كثير بل القول باختصاص اعتبار الكتاب بصورة
تفسيره من الامام على الاطلاق او التفصيل معروف من الاخباريين وقد حرّرنا الكلام
فيه فى بحث حجية الكتاب لكن قد يخفى التفسير كما فيما رويه الشيخ فى التهذيب فى
اواخر زيادات الحج وفى الاستبصار فى باب المملوك يتمتع باذن مولاه هل يلزم المولى
هدى ام لا بالاستناد عن الحسن العطار قال سألت أبا عبد الله عليه السّلم عن رجل
امر مملوكه ان يتمتع بالعمرة الى الحج أعليه ان يذبح عنه ام لا فقال لا ان الله
يقول عبدا مملوكا لا يقدر على شيء حيث ان الضمير فى عليه اما ان يكون راجعا الى
المملوك كما هو الاظهر او يكون راجعا الى المولى والغرض انّ المملوك لما لم يكن
مالكا لشيء
فلا يجب ان يذبح من جانب المولى او يذبح المولى من جانبه بل فرضه الصّوم
كما هو الاظهر او يتاتى التخيير بين الذبح والصوم كما فى التهذيب وليس بالوجه
لممانعة عدم التمسك او عدم القدرة عن تعلق التكليف بالذبح راسا مع ان مرجع ذلك الى
كون نفى الوجوب فى الواجب راجعا الى قيد التعيين قضيته ظهور الوجوب المستفاد من
السؤال فى الوجوب التعيينى ورود النفى فى نفى المقيّد على القيد لكن الاظهر رجوع
النفى فى نفى الوجوب الى اصل الوجوب كما تقدم بل قد تقدم انه لو كان السؤال مقيّدا
بقيد فالنفى فى الجواب لا يرد على القيد فلو كان الوجوب المستفاد من السؤال هنا
مقيّدا بالتعيين فى العبارة لما كان النفى فى الجواب راجعا الى التعيين كيف لا
والتعيين ليس من القيد الماخوذ فى العبارة مضافا الى منافاته مع ما جرى عليه من ان
مقتضى مفهوم قوله عليه السّلم اذا استيقنت انك توضّأت فايّاك ان تحدث وضوء ابدا
وجوب الوضوء فى صورة الشك فى الوضوء بدون سبق اليقين بالوضوء وعلى اىّ حال مقتضى
التعليل كون الوصف فى الآية توضيحيا لا احترازيا والّا لما صح التعليل لامكان كون
المملوك المسئول عن حاله غير داخل فى العبد المذكور فى الآية ولا خفاء فى انّ
التفسير المستفاد من التعليل للوصف فى الآية غير ظاهر كالتفاسير المتعارفة وقد
يكون تفسير الامام عليهالسلام مخالفا للظاهر وكذا التفسير المفسّرين كما فى قوله
سبحانه (أَقِمِ الصَّلاةَ
لِذِكْرِي) حيث ان مقتضى غير واحد من الاخبار بل مقتضى الروايات
المعتبرة كما فى الحبل المتين ان الغرض أقم الصّلاة لذكر صلاتى فاللام بمعنى عند
نحو لخمس خلون من شهر كذا ومقتضاه اختصاص الآية بالفائتة فمقتضاه القول بالمضايقة
فى قضاء الصّلاة وقد اختلف كلمات المفسّرين فى الباب على القول بكون الغرض ان
الصّلاة يوجب ذكره سبحانه بالقلب واللسان او انى ذكرتها فى الكتب او لمجرّد ذكرى
من غير ان يشوبه ذكر غيرى وغير ذلك لكن عن مجمع البيان انّه نقل عن اكثر المفسّرين
التفسير بما يقتضيه الاخبار وربّما جرى صاحب المدارك كالشهيدين على عموم الآية
للحاضرة اعتضادا بتفسير المفسّرين بعد دعوى ان الظاهر تناول الآية للحاضرة
والفائتة وهو كما ترى لما سمعت من اختلاف المفسّرين فضلا عن نقل تفسير الاكثر من
المفسّرين باختصاصها بالفائتة واورد السّيّد السّند العلى فى شرح المفاتيح بانّ
الرّجوع فى تفسير الآيات الى المفسّرين انما هو بعد العجز عن استعلام التفسير عن
اهل البيت عليهمالسلام الذين هم ادرى بما فى البيت اقول ان نظير المقام تعارض
قول الامام عليهالسلام وقول بعض اهل اللغة فى وضع اللفظ كما فى مجيء الباء
للتبعيض حيث ان مقتضى الحديث الصّحيح المعروف الذى رواه المشايخ الثلاثة مجيئة له
وعن سيبويه انكاره فى سبعة عشر موضعا من كتابه وان نقل عن ابى على الفارسىّ
والاصمعى وابن كيسان وابن قتيبة فى كتابه وابن عبّاس وابن مالك فى شرح التّسهيل
وابن هشام واكثر النحاة والمفسرين بل هو المحكى عن ابن جنّى بل نقله الفيّومى عن
الشّافعى قال وهو من ائمّة اللسان واليه الفيروزآبادى والفيومى وتحقيق الكلام فى
المقام ان تفسير المفسّر اما ان يكون ثبوته بالتحصيل او النقل وبعبارة اخرى اما ان
يكون بالدّراية او الرّواية فعلى الاول اما ان يكون الظنّ بثبوت التفسير من
المفسّر اقوى لمزيد عدده من الظنّ بصدور التفسير عن الامام عليه السّلم او يكون
مساويا له او يكون اضعف منه ويظهر الحال فى الكل بما ياتى ويشبه المقام تعارض
الدّراية والرّواية فى موارد حرّرناها فى الرّسالة المعمولة فى محمّد بن سنان وعلى
الثّانى اما ان يكون الطريق الى كل من التفسيرين قطعيّا او ظنّيا او يكون الطريق
الى تفسير الامام عليه السّلم قطعيّا والطّريق الى تفسير المفسّر ظنيا او بالعكس
لا اشكال فى تقدّم تفسير الامام عليهالسلام لو كان الطريق اليه قطعيا سواء كان الطريق الى تفسير
المفسّر قطعيا او ظنيا وامّا لو
كان الطريق الى تفسير الامام عليهالسلام ظنّيا فان كان الطريق الى تفسير المفسّر قطعيا فيظهر
حاله بما ياتى واما لو كان الطريقان ظنيين فلا اشكال فى تقدم تفسير الامام عليهالسلام لو تساوى الطّريقان فى الظّنّ مع ملاحظة عدد المفسّر او
كان الطريق الى تفسير الامام عليهالسلام اقوى ظنا مع ملاحظة عدد المفسّر والاشكال انما هو فيما
لو كان الطريق الى تفسير المفسّر بنفسه او بملاحظة عدد المفسّر اقوى ظنّا حيث انه
ح يقع التعارض بين رجحان المفسّر فى تفسير الامام عليه السّلم ورجحان الطريق الى
التفسير فى تفسير المفسّر لكن الاظهر تقدم تفسير الامام عليهالسلام لزيادة رجحان المفسّر فى تفسير الامام عليه السّلم على
رجحان الطريق الى التفسير فى تفسير المفسّر بمراتب لا تحصى بل زيادة مرجوحية تفسير
المفسّر على مرجوحيّة الطريق الى تفسير الامام عليهالسلام لابتناء الطريق الى تفسير الامام عليه السّلم على الحسن
وابتناء تفسير المفسر على الحدس والاجتهاد وقد يفسّر الامام عليهالسلام لكلامه او كلام من هو بمنزلته اعنى الامام الآخر حيث ان
الائمة كلهم بمنزلة امام واحد لامتناع الكذب والخطاء فى حق الكل والتفسير المذكور
حجته لكونه من اسباب الظنّ بالمراد وعلى ذلك المنوال الحال فى تفسير كل متكلم
لكلامه ومن التفسير المشار اليه تفسير الاعمّ بالاخص فيما ارسله الصّدوق فى الفقيه
فى باب الجماعة وفضلها بقوله وسئل عمر بن يزيد أبا عبد الله عليهالسلام عن الرواية التى يروون انه لا ينبغى التطوّع فى وقت كل
فريضة ما حدّ هذا الوقت فقال اذا اخذ المقيم فى الاقامة فقال ان النّاس مختلفون فى
الاقامة فقال المقيم الذى يصلى معه ورويه فى التهذيب فى زيادات الصّلاة فى باب فضل
المساجد والصّلاة فيها وفضل الجماعة واحكامها وكذا ما رويه فى التهذيب فى باب
احكام السّهو فى الصّلاة وما يجب منه اعادة الصّلاة بالاسناد عن عبيد بن زرارة عن
ابى عبد الله عليهالسلام قال وسألته عن رجل لم يدر ركعتين صلى ام ثلاثا قال يعيد
قلت أليس يقال لا يعيد الصّلاة فقيه قال انّما ذلك فى الثلث والاربع لكن لو تعدد
الاعم المفسّر بالاخصّ مع تعدد المجلس فعليه المدار لحركة الظنّ الى جانب الاعم
نظير انه لو تعدد العام او المطلق مع تعدد المجلس يقدم العام على الخاصّ والمطلق
على المقيّد الا ان الظاهر انّ التعدّد المحتاج اليه هنا ازيد من التعدّد المحتاج
اليه فى تقديم العام على الخاص والمطلق على المقيد اذ التفسير اقوى دلالة من
الخاصّ والمقيد وايضا لو اعتضد الاعم بعمل المشهور فعليه المدار نظير انه لو اعتضد
العام او المطلق بعمل المشهور يقدم العام على الخاصّ والمطلق على المقيد ثم ان من
قبيل تفسير المتكلم لكلامه ما لو اظهر خروج بعض الافراد عن حكم العموم او الاطلاق
مشيرا الى العام والمطلق وحكمهما وسبق ذكرهما اى تعاهد تعليق الحكم على العام
والمطلق وسبقه متعرّضا بمدلوله اللفظى لحال خطاب العموم والاطلاق مفيد الخروج بعض
الافراد بالاصالة فهو مبيّن لمقدار المراد بالعام وبمنزلة التفسير للمراد به على
تقدير كون التخصيص من باب العموم كما لو قيل اكرم العلماء ثم قيل وجوب اكرام
العلماء غير جار فى حق زيد ونظير ما دلّ على انه لا حكم للشك فى النافلة او مع
كثرة الشك او مع حفظ الامام او الماموم او بعد الفراغ عن العمل حيث ان الظاهر منها
بيان خروج هذه الافراد من الشك عن الحكم المتقدم المعهود للشك وان امكن عدم التقدم
وقد يعبّر عن ذلك بالحكومة ولا مجال للكلام فى تقديم الخاصّ والمقيّد فيه على
العام والمطلق ولا لاحتمال صرف التاويل فيه الى الخاصّ او المقيّد بواسطة العام او
المطلق والقسم المذكور من التخصيص والتقييد اعلى درجة من التخصيص والتقييد بافادة
الحكم المخالف لحكم العام او المطلق لبعض الافراد او افادة الحكم الموافق لحكم
المطلق لبعض الافراد من دون اشارة الى سبق تعليق الحكم على العام او المطلق و
دلالته على تعاهد التعليق بحيث يكون الدلالة على الخروج بالاستلزام كما هو
المعروف والمتعارف ويدور الامر فيه بين صرف العام او المطلق عن ظاهره بواسطة الخاص
او المقيّد والعكس لو كان الخاصّ ظنى الدّلالة بل ليس فى التخصيص والتقييد اعلى
درجة من القسم الاوّل وبما سمعت ظهر ان اخراج بعض الافراد تارة على وجه التخصيص
واخرى بالتفسير وثالثه بما هو بمنزلة التفسير العاشر انّ الراوى قد يفسر بعض اجزاء
الرّواية وتفسيره حجة لنا من جهة ان فهمه من اسباب الظنّ كما انّ فهمه قد ينكشف من
غير جهة التفسير وحاله حال التفسير ومنه ما استدلّ به على حرمة عصير الزبيب اذا
غلا من موثّقة عمّار حيث قال وصف لى ابو عبد الله عليهالسلام المطبوخ كيف يطبخ حتى يصير حلالا قال تاخذ ربعا من زبيب
الى آخر الحديث حيث ان مقتضاه ان الراوى فهم من توصيف ابى عبد الله عليهالسلام للمطبوخ كون الطبخ موجبا للحلّية فيتاتى الدلالة على
الحرمة قبل الطبخ وكذا ما ذكره بعض الاواخر فيما رواه الصّدوق فى العلل فى باب
العلة الّتى من اجلها يكبر المصلّى بعد التسليم ثلاثا عن مفضل بن عمر عن ابى عبد
الله عليهالسلام من انّه اقبل على اصحابه فقال لا تدعوا هذا القول اى
التكبير ثلاثا بعد التّسليم فى دبر كلّ صلاة مكتوبة من انّ التقييد بالمكتوبة من
فهم الصّدوق لا من المعصوم والا فالرّواية مروية بسند آخر مع اتحاد الراوى والمروى
عنه على وجه الاطلاق وهذا وان لا يجدى فى ذلك لتقدم الزيادة على النقيصة الا انّ
مقتضى اطلاق الصّلاة فى عدة مواضع ورد فيها الدّعاء عقيب الصّلاة ولا سيّما مع
رواية الصّدوق بلفظ الفريضة فى بعض تلك المواضع هو الحكم بما ذكر ومن ذلك ما لو
اعاد السّائل على حسب ما فهمه من جواب السؤال فاجاب المعصوم بل حينئذ يقتضى الجواب
تقرير فهم الراوى وعليه المدار بلا عثار ومنه بعض فقرات مقبولة عمر بن حنظلة على
ما شرحنا الحال فيه فى محله هذا ومن ذلك ايضا انه قد يذكر بعض الرّوايات فى بعض
كتب الاخبار فى بعض الابواب مع عدم اقتضاء الرواية للاختصاص بالباب الّذى ذكرت
الرّواية فيه كما رواه المشايخ الثلاثة فى باب السّجود بالاسناد عن ابى جوير
الرّواسى قال سمعت أبا الحسن عليهالسلام يقول اللهمّ انى أسألك الراحة عند الموت والعفو عند
الحساب يردّدها اى يكرّرها كما فى الترديد بالقرائن مع عدم دلالة الرّواية على انه
عليهالسلام ياتى بالدّعاء المذكور فى السّجدة فضلا عن سجدة الصّلاة
لكن مقتضى ما عن البحار عن جامع البزنطى عن خط بعض الأفاضل عن جميل عن الحسن بن
زياد قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول وهو ساجد اللهمّ انى أسألك الرّاحة عند الموت
والعفو عند الحساب وكذا ما عن نوادر الراوندى من انه كان موسى بن جعفر عليهالسلام يدعو كثيرا فى سجوده اللهمّ انى اسألك اه هو كون
الدّعاء فى السّجود بل ظاهرها تين الروايتين هو كون السّجود للصّلاة وكذا ما رويه
فى التهذيب فى زيادات الصّلاة من الجزء الاول فى باب احكام السّهو بالاسناد عن ابن
بكير عن محمّد بن مسلم عن ابى جعفر عليهالسلام قال كلّ ما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو وكذا ما
رويه فى الفقيه فى باب احكام السّهو فى الصّلاة عن ابى الحسن عليهالسلام قال ان شككت فابن على الاربع قلت هذا اصل قال نعم مع عدم
اقتضاء الرّواية الاختصاص بشكوك الصّلاة وكذا ما رويه فى الفقيه فى الباب المذكور
عن الصّادق عليهالسلام قال اذا كان الرّجل ممّن يسهو فى كل ثلاث فهو ممن كثر
عليه السّهو مع عدم دلالة الرّواية على اختصاص السّهو بالصّلاة ومن ذلك ايضا ذكر
الرّواية فى سياق بعض الرّوايات كما لو اختلف الرّوايات فى امر بلفظ الوجوب
والاستحباب وكان رواية
بصيغة الامر لكن ذكرت فى عداد الرّوايات الدالة على الاستحباب فان مقتضاه
فهم الاستحباب من الامر هنا وربما وقع التعارض بين ذكر الرّواية فى بعض الابواب
وذكرها فى سياق بعض الروايات كما رويه فى الفقيه فى باب الجماعة وفضلها عن زرارة
عن ابى جعفر عليهالسلام انه قال لا ينبغى للصّفوف ان تكون تامّة متواصلة بعضها
الى بعض ولا يكون بين الصّفّين ما لا يتخطأ يكون قدر ذلك مسقط جسد انسان انه اسجد
الى آخر الحديث ثمّ روى متّصلا بذلك الحديث عن عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله
عليه السلم قال اقل ما يكون بينك وبين القبلة مربض عنز واكثر ما يكون مربط فرس حيث
ان ذكر الرّواية الاخيرة فى الباب المذكور يرشد الى حمل القبلة على الامام وذكرها
بعد الرّواية الاولى يرشد الى حمل القبلة على الصّف المقدم لكن يمكن ان يقال ان
ذكر تلك الرّواية فى الباب المذكور لا ينافى كون الغرض من القبلة هو الصّف المقدم
لتعلق حكم ما بين الصّفّين قربا وبعدا بالجماعة كيف لا والمفروض ذكر الرّواية
الاولى والمذكور فيها حكم ما بين الصّفين فى الباب المذكور ومن ذلك انه يمكن كون
الغرض هو المحراب او الاعمّ من الكل بكون الغرض مطلق ما يكون قدام المصلّى كما هو
مقتضى ما ذكره سلطاننا من ان الظاهر ان المراد بالقبلة ما يكون قدام المصلّى
وتوجّهه اليه كالامام او الصف المقدم او المحراب وحكم السّيّد السّند العلى فى شرح
المفاتيح بان ذكر تلك الرواية فى الباب المذكور ظاهر فى فهم الصّدوق بظهور القرينة
له من الخارج كون المراد من القبلة هو الامام او الصّفّ ومن ذلك ايضا ذكر الرّواية
فى بعض كتب الاخبار فى بعض الابواب من باب الحمل على المعنى والظاهر او بلا اشكال
على اختلاف الموارد انّ الغرض معنى آخر والمناسب ذكر الرّواية فى باب آخر كما رواه
فى الكافى بسنده عن ابى عبد الله عليهالسلام قال جاءت امراة الى عمر فقالت انى زينت فطهرنى فامر بها
ان يرجم فاخبر بذلك امير المؤمنين عليهالسلام فقال كيف زنيت فقالت مررت بالبادية فأصابني عطش شديد
فاستسقيت اعرابيّا فابى ان يستسقينى الا ان امكنه من نفسى فلمّا اجهدنى العطش وخفت
على نفسى سقانى فامكنته من نفسى فقال امير المؤمنين عليهالسلام تزويج وربّ الكعبة حيث انّ الظاهر ان قوله عليهالسلام تزويج من باب الصّلاة بالبيت طواف فالغرض شركة الزناء
مع النكاح فى الجواز والامر من باب التشبيه كيف لا والمرأة كانت مزوّجة والا لم
يستحق الرّجم بزعم الملعون ومقتضى ذكر الحديث من الكلينى فى كتاب النّكاح انه حمله
على كون الامر من باب حمل الكلى على الفرد بكون الامر من باب النكاح بانّها زوجت
نفسها بشربة من الماء وهو خلاف الظاهر قضيّة انه لو ترد الامر فى الحمل فى الاخبار
بين كون الغرض فردية الموضوع للمحمول لغة والتشبيه فالظاهر الثانى قضيته المنصبّ ومنه النبوى المعروف الاثنان وما فوقهما جماعة حيث انّه
يحتمل ان يكون الغرض كون الاثنين وما فوقهما مصداقا لهيئة الجمع او مادّته لغة
ويحتمل ان يكون الغرض ان الاثنين وما فوقهما مصداق لصلاة الجماعة شرعا والظاهر
الثّانى بل الامر فى الباب من باب تعذر الحمل على الفردية اللغويّة لكون المرأة
مزوّجة لما سمعت فبتعيّن الحمل على التشبيه كما انه لو تردّد الامر بين الفردية
شرعا والتشبيه وتعذر الحمل على الفرديّة شرعا فيتعيّن التشبيه لكن يمكن القول بان
الحديث المذكور مذكور فى النوادر والمدار فى النوادر على ذكر الاخبار المختلفة
المناسبة لاصل الكتاب المعنون نحو كتاب النّكاح مثلا فذكر الخبر المذكور فى كتاب
النكاح لا ينافى الحمل على التشبيه وكذا ما رويه فى الكافى فى كتاب الزىّ والتجمّل
والمروّة واللباس فى باب
__________________
التجمّل واظهار النعمة لسنده عن ابى عبد الله عليهالسلام قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله بئس العبد القاذورة حيث ان الظاهر انه حمله الكلينى على
ان المراد عن القاذورة من لا يدفع الاقذار والروائح الكريهة عن نفسه بل صرّح
العلامة المجلسى بان الكلينى حمل الحديث المذكور على ما ذكر ويحتمل كون المراد من
لا يبالى بما قال وبما صنع كما هو مقتضى تفسير القاذورة من الجوزى نقلا بالذى لا
يبالى مما قال ومما صنع كما انه يحتمل ان يكون المراد الشيء الخلق قال فى القاموس
القذور المنزّه عن الاقذار ورجل قذر وقاذور وقاذورة والقاذورة السيئ الخلق وكذا ما
رواه فى الفقيه فى باب الشهادة على الشّهادة عن صفوان بن يحيى عن ابى الحسن عليهالسلام عن رجل اشهد اجيره على شهادة ثم فارقه أيجوز شهادته بعد
ان يفارقه قال نعم قلت يهودى اشهد على شهادة ثم اسلم أيجوز شهادته قال نعم وكذا ما
رواه فى الفقيه عن العلاء عن محمّد بن مسلم عن ابى جعفر عليهالسلام عن الذّمىّ والعبد يشهدان على شهادة ثمّ يسلّم الذمىّ
ويعتق العبد أيجوز شهادتهما على ما كانا اشهدا عليه قال نعم اذا علم بعد ذلك منهما
خبر جازت شهادتهما حيث انّ ذكر الرّوايتين المذكورتين فى الباب المذكور مبنى على
الحمل على كون الغرض من السؤال والجواب حكم شاهد الفرع والظاهر ان الغرض من لفظ
الشهادة المذكورة فى الرّوايتين هو المشهود به كما فيما رواه فى الفقيه فى باب
الاحتياط فى الشهادة المتعقب للباب المذكور عن علىّ بن غراب عن ابى عبد الله عليهالسلام قال لا تشهدن على شهادة حتى تعرف كما تعرف كفّك فالغرض
من السؤال والجواب حكم شاهد الاصل فى الصّور المخصوصة وكذا ما رواه فى الفقيه فى
باب الكفالة عن الحسين بن خالد قال قلت لابى الحسن عليهالسلام جعلت فداك قول الناس الضّامن غارم فقال ليس على الضّامن
الغرم انّما الغرم على من اكل المال حيث ان ذكره فى الباب المذكور مبنى على حمل
الضّامن على الكفيل وهو كما ترى وكذا ما رواه المشايخ الثّلاثة فى باب اوقات
الصّلاة بالاسناد عن سماعة قال سالته عن الصّلاة باللّيل والنهار اذا لم نر الشمس
والقمر والنجوم فقال تجهد برأيك وتعمّد القبلة بجهدك حيث ان ذكره فى الباب المذكور
مبنى على حمل قوله عليهالسلام تجهد برأيك على الاجتهاد فى الوقت بناء على كون السؤال
عن الصّلاة باللّيل مع عدم رؤية القمر والنّجوم من باب اشتباه الوقت بمضى النصف
وعدمه كما يرشد اليه ما رواه فى الفقيه فى باب معرفة زوال الليل قال عمر بن حنظلة
عن الصّادق عليهالسلام حيث قال له زوال الشّمس نعرفه بالنهار كيف لنا بالليل
فقال لليل زوال كزوال الشّمس قال فباىّ شيء نعرفه قال بالنجوم اذا انحدرت وكون
السؤال عن الصّلاة بالنهار مع عدم رؤية الشّمس من باب اشتباه القبلة او بالعكس او
اجمال الحال فى كل من السؤالين من حيث اشتباه الوقت او القبلة لكن الظاهر ان قوله
وتعمّد القبلة بجهدك من باب العطف التفسيرى لقوله تجهّد برأيك فالسؤال انّما كان
عن اشتباه القبلة كما جرى عليه المولى التقى المجلسىّ ولعله مال اليه سلطاننا وكذا
ما رواه فى التهذيبين فى كتاب الوقف بالاسناد عن جميل بن درّاج قال قلت لابى عبد
الله عليهالسلام رجل تصدق على ولده بصدقة وهم صغار أله ان يرجع فيها قال
الصّدقة لله حيث ان ذكره فى كتاب الوقف مبنى على حمل الصّدقة على الوقف ونظيره
ممّا كان بهذا المساق سؤالا وجوابا غير نادر واحمل بعض كون المقصود بالصّدقة فى
تلك الرّواية وامثالها معناها المعروف هذا والراوى المفسّر اما ان يكون من اصحاب
امام فسّر كلامه او يكون من اصحاب امام آخرا ولا يكون من اصحاب الائمّة كالكلينى
والصّدوق وغيرهما وايضا تفسير الراوى قد يكون من باب رفع الاجمال وقد يكون من باب
بيان كون الغرض خلاف الظاهر وقد يكون مطابقا للظاهر ولا حاجة
فيه الى الكلام وايضا تفسير الراوى اما ان يكون بيانا لعبارة مذكورة او
يكون بيانا لعبارة غير مذكورة كما لو قال الراوى قال الصّادق عليهالسلام ما احسب مفاده هكذا وايضا تفسير الراوى امّا ان يكون
مبنيّا على الفهم من صريح الكلام ولعل الغالب فى النقل بالمعنى من هذا الباب او
يكون مبنيّا على الفهم من ظاهر الكلام او الامر دائر بين الامرين ثم ان الراوى قد
يفسّر المصداق دون المراد والفرق بين تفسير المراد وتفسير المصداق ان المدار فى
الاول على بيان المراد بالكلام او المقصود بالافادة منه والمدار فى الثانى على
بيان مصداق المراد او المقصود بالافادة من دون خفاء فى المراد نظير ان الاجمال فى
المصداق غير الاجمال فى المدلول وان عدّ المجمل من حيث المصداق من باب المجمل فى
الدلالة حيث انّ المدار فى الاجمال فى المدلول على عدم وضوح مفاد الكلام والمراد
منه وامّا الاجمال فى المصداق فالمراد بالكلام فيه واضح الا ان مصداقه غير متضح
كما فى قوله سبحانه (وَآتُوا حَقَّهُ
يَوْمَ حَصادِهِ) حيث ان المقصود بالحق هو معناه الظاهر فيه الا ان
مصداقه غير معلوم ومن هذا الباب ما رواه الكلينى عن معاوية بن عمار عن ابى عبد
الله عليهالسلام قال التكبير فى الصّلاة الفرض الخمس الصّلاة خمس وتسعون
تكبيرة منها تكبيرة القنوت خمسة فقال ورواه ايضا عن ابيه عن عبد الله بن المغيرة
وفسرهن فى الظهر احدى وعشرين تكبيرة وفى العصر احدى وعشرين تكبيرة وفى المغرب ست
عشر تكبيرة وفى العشاء الآخرة احدى وعشرين تكبيرة وفى الفجر احدى عشر تكبيرة وخمس
تكبيرات فى القنوت فى خمس صلوات وربّما استدل بالتفسير المذكور على كون التكبيرة
الاحرام هى تكبيرة الاخيرة من التكبيرات السّبع نظرا الى ان المراد باحدى وعشرين
فى الصّلاة الرباعية اربع للهويّات الركوعية واربع للهويات السّجوديّة ومثلها
للرفع من السّجودات الاولى وكذا الحال للهوى الى السّجودات الثانية وكذا للرفع
منها فتلك عشرون تكبيرة وواحدة تكبيرة الاحرام فلو كانت التكبيرات الستّ من السّبع
بعد تكبيرة الاحرام يزيد عدد التكبيرات لتحقق الدّخول فى الصلاة تكبيرة الاحرام
ولما كان المستفاد من الحديث حصرها فى خمس وتسعين وفى كل من الرباعيات حصرها فى
احد وعشرين وهكذا فى غيرها يعلم ان التكبيرات الستّ ينبغى ان يكون قبل تكبيرة
الاحرام وعلى اىّ حال فقال يتوهم اعتبار التفسير فى المقام من باب اعتبار الظن
اللفظى ويندفع بان المدار فى الظن اللفظى على الظن بالمراد او المقصود بالافادة
منه وقد سمعت الفرق بين الظن بالمراد او المقصود بالافادة والظن بالمصداق إلّا ان
يقال ان الظن المتعقب للفظ حجة وان لم يكن من باب الظن بالمراد او المقصود
بالافادة او يقال انّ الظاهر استناد التفسير فى المقام الى المعصوم كما ان الظاهر
فى الخبر المقطوع استناد مقالة الراوى الى المعصوم ومن هذا قيل بانجباره بالشهرة
لكن يمكن القول بانه لا يتجه اعتبار الظهور المذكور بناء على اعتبار الظنون الخاصة
كما انه لا يتم ظهور استناد مقاله الراوى فى باب الخبر المقطوع الى المعصوم بناء
على ذلك اذ بناء على اعتبار الظنون الخاصّة لا بد من صدق الاخبار واحراز الاخبار
بالعلم لكن يشمل ادلة حجيّة خبر الواحد غاية الامر كفاية الظن بالصّدق اعنى الظن
بالصّدور وتفسير الراوى للمصداق او مقالته فى الحكم الشرعى خارج عن الاخبار لكن
نقول ان مقتضى ما حكاه فى الذكرى من ان الاصحاب كانوا يسكنون الى فتاوى ابن بابويه
فى الشرائع لحسن ظنهم به وان فتواه كروايته جواز الاكتفاء بظهور استناد تفسير
المصداق او استناد مقالة الراوى او فتوى المجتهد الى المعصوم ومن هذا انه يتجه
القدح فيما نقل من الاجماع على عدم جواز العمل بالظن المستند الى قول الفقيه
الواحد كما حرّرناه فى محله ثم ان الراوى قد يفسّر الامام المروى عنه فى باب
الاضمار كما فيما رواه فى الكافى فى باب التطوع فى السّفر عن محمّد بن يحيى عن
حمدان بن سليم عن سعد بن مسعد عن
مقاتل بن مقاتل عن ابى الحرث قال سألته يعنى الرّضا عليهالسلام اه وكذا ما رواه فى الكافى فى اوائل الطلاق عن احمد بن
مهران عن محمد بن على عن عمر بن عبد العزيز عن خطاب بن مسلمة قال دخلت عليه يعنى
أبا الحسن موسى عليهالسلام وكذا ما رواه فى التهذيب فى اواخر باب التيمّم عن محمّد
بن احمد بن يحيى عن عباد بن سليمان عن مسعد بن سعد عن محمّد بن القاسم بن فضيل بن
يسار عن الحسن بن الجهم قال سألته يعنى أبا الحسن عليهالسلام اه حيث ان الظاهر ان التفسير من غير من اضمر فعلى
التفسير التعويل وهو المدار بناء على عدم اعتبار الاضمار ثم ان الراوى قد يفسّر
الامام المروى عنه ولا يساعده كلمات ارباب الرّجال او الطبقة كما فى بعض اخبار
القضاء حيث روى عبد الرحمن بن ابى عبد الله قال قلت للشّيخ اه قال المولى التقى
المجلسى فى بعض تعليقات التهذيب ولعله اى الشيخ ابو عبد الله وذكر الصّدوق انّه
موسى ابن جعفر عليهماالسلام اقول ان الشيخ كالعالم من القاب مولانا الصّادق عليه
السّلم كما يرشد اليه ما عن الكشى عن نصر بن الصّباح فى ترجمة ابراهيم بن عبد
الحميد من انه كان يجلس فى مسجد الكوفة ويقول اخبرنى ابو إسحاق كذا وقال ابو إسحاق
كذا وفعل ابو إسحاق كذا يعنى بابى إسحاق أبا عبد الله عليه السّلم كما كان غيره
يقول حدثنى الصّادق وسمعت الصادق وحدثنى العالم وقال العالم وحدثنى الشيخ وقال
الشيخ وحدثنى ابو عبد الله وقال ابو عبد الله وحدثنى جعفر بن محمّد ثمّ ان الراوى
قد يفسر كلام الامام عليهالسلام والمرجع الى تقييد الحكم كما فيما رواه محمّد بن مسلم
عن ابى جعفر عليهالسلام قال يجب الجمعة على من كان على فرسخين ومعنى ذلك اذا
كان امام عادل الى آخر الحديث حيث ان قوله ومعنى ذلك من كلام الراوى كما صرح به
العلامة المجلسى ويشهد به قوله بعد ذلك واعلم ان للجمعة حقا قد ذكر عن ابى عبد
الله عليهالسلام ويظهر الحال فيه بما ياتى فى التخصيص بالشهرة ثم ان
الراوى قد يفسّر الواسطة المبهمة فى المرسل كما رواه فى الكافى فى باب الفيء
والانفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه عن علىّ بن محمّد بن عبد الله عن بعض
اصحابنا اظنه السيّارى عن على بن اسباط وكذا ما رويه فى الكافى فى نوادر الحدود عن
علىّ بن ابراهيم عن ابيه عن بعض اصحاب ابى عبد الله اظنّه أبا عاصم السّجستانى
وكذا ما رويه فى التهذيب فى باب كيفية الصّلاة وصفتها والمفروض من ذلك والمسنون
بالاسناد عن ابراهيم بن عبد الحميد عن بعض اصحابنا عن ابى عبد الله عليهالسلام واظنّه إسحاق بن غالب اه وكذا ما رويه فى الكافى فى باب
الوقت الّذى تبين فيه المطلقة وفى التهذيب فى باب عدد النّساء عن محمد بن يحيى عن
محمد بن الحسين عن بعض اصحابه اظنه محمد بن على بن هلال او على بن الحكم ونظير ذلك
ما رواه الكشى فى ترجمة على بن السّرى بالاسناد عن محمّد بن عيسى قال حدثنا القاسم
الصّيقل رفع الحديث الى ابى عبد الله عليهالسلام قال كنّا جلوسا عنده فتذاكرنا رجلا من اصحابنا فقال
بعضنا ضعيف فقال ابو عبد الله عليهالسلام ان كان لا يقبل فمن دونكم حتى يكون مثلكم لم يقبل منكم
حتى تكونوا مثلنا قال ابو جعفر العبيدى قال الحسن بن على بن يقطين اظن الرجل على
ابن السرى الكرخى والظن المتحصّل من التفسير فى المقام من باب الظن بالمصداق لا
المراد كما ربما يتوهم لوضوح المراد وياتى الكلام فى باب الظن بالمصداق لكن الظن
المشار اليه يوجب الظن بالصّدور على تقدير اعتبار الشخص المفسّر به فيتاتى حجية
ولو بناء على حجية الظنون الخاصة ونظير ذلك على ما ذكره السّيّد السّند النجفى فى
المصابيح انه قد يقضى الاستقراء بتعيين الواسطة المبهمة فى المرسل فى شخص كما رواه
سماعة عن غير واحد فى طائفة من الاساتيد حيث ان الظاهر بشهادة الاستقراء ان
المقصود بغير واحد هو الحسن بن هاشم ومحمّد بن زياد وهو ابن ابى عمير على ما
حرّرناه فى الرّسالة المعمولة فى محمد بن زياد بشهادة الاستقراء ويظهر الحال
بالرجوع
الى تلك الرسالة ومثله ما رواه الحسن بن محمد بن سماعة عن غير واحد عن أبان
فى طائفة من الاسانيد حيث ان الظاهر بشهادة الاستقراء ان المقصود بغير واحد هو
جعفر والميثمى والحسن بن حماد على ما حررناه فى الرّسالة المعمولة فى نقد الطرق
وكذا قد يسقط بعض الرّواة فى بعض الاسانيد لكن يقتضى الاستقراء بتعيين الساقط كما
رواه احمد بن محمّد عن سعد بن ابى خلف فى بعض روايات حج الصّرورة عن الضّرورة حيث
ان المعهود رواية احمد بن محمّد عن سعد بن ابى خلف بتوسّط ابن ابى عمير او الحسن
بن محبوب كما ذكره فى المنتقى فالظاهر كون الساقط هو ابن ابى عمير او الحسن بن
محبوب ولا يضرّ الاسقاط وغير ذلك مما حرّرناه فى الرسالة المعمولة فى رواية
الكلينى عن ابى داود ثمّ ان الراوى قد يفسر كلام الراوى كما فى الاستبصار فى باب
تقديم النّوافل يوم الجمعة قبل الزّوال بالاسناد عن ابى بصير قال دخلت على ابى عبد
الله عليهالسلام فى يوم الجمعة صلّيت الجمعة والعصر فوجدته قد باهى يعنى
من الباه اى جامع قال الفاضل التسترى انّما احتاج الى هذه التفسير لانه على خلاف
قياس ظاهر اللغة لان الباه معتل العين لا معتل اللام قال فى القاموس باهها جامعها
وقال باهيته فبهوته غلبته بالحسن ثم انه لو فسر الرّاوى جهة الفعل فلا اشكال فى
حجية الظن المستفاد منه بناء على حجية مطلق الظن واما بناء على حجية الظنون
الخاصّة فحجيّة الظن المستفاد منه مبنية على حجية الظن المستفاد من الفعل إلّا ان
يقال ان ما دل على حجية الظن المستفاد من الفعل وهو الاجماع المنقول انّما يدلّ
على حجية الظن المستفاد من نفس الفعل واما الظن المستفاد من تفسير الراوى فلا دليل
على حجيّته ومن هذا الباب ما روى ان امير المؤمنين عليهالسلام خرج من الكوفة الى النخيلة فصلى بالناس الظهر ركعتين ثم
رجع من يومه حيث ان قصره عليهالسلام يمكن ان يكون من باب كفاية البريد فى القصر كما هو
مقتضى بعض الاخبار للاجماع على عدم جواز القصر فيما دون البريد مع ان النّخيلة
كجهينة كما فى القاموس معسكر الكوفة كما عن كتب السّير والتواريخ ويبعد فى العادة
ان يكون معسكر البلد خارجا عنه بالبريدين ويمكن ان يكون من باب ثبوت الشرط المتحقق
المحكوم بالاشتراط فى بعض الاخبار اعنى الرّجوع فى اليوم نظير ما دل على وجوب
القصر على اهل مكة فى خروجهم الى عرفة حيث انه يحتمل فيه الاحتمالان المذكوران
ونظير قوله سبحانه (فَاسْعَوْا إِلى
ذِكْرِ اللهِ) حيث انه يمكن ان يكون من باب عدم اشتراط وجود المعصوم
فى وجوب صلاة الجمعة ويمكن ان يكون من باب وجود الشرط اعنى وجود المعصوم لكن نبّه
الراوى على ان الوجه فى القصر هو الرّجوع لليوم دون غيره ولا يمتنع ان يكون الراوى
قد فهم ذلك من قرائن الاحوال او علم به من دلائل المقال فذكره لرفع الاجمال وقد
صرح علماء الاصول باعتبار فهم الراوى فى بيان المجمل بل ذهب جماعة منهم الى
اعتباره فى تاويل المؤول فحكموا بتاويل الظاهر اذا اوله الراوى لكن نقول ان ذكر
الرّجوع فى اليوم يمكن ان يكون من باب نقل تمام الواقعة لا من باب بيان علة القصر
فلا يكون ذلك من باب تفسير الاجمال مع ان ما ذكره علماء الاصول فى باب اعتبار فهم
الراوى فى بيان المحمل انّما هو فى باب تفسير اللفظ المجمل لرجوع الامر الى الدليل
اللفظى وما نحن فيه من باب تفسير الفعل واين احد الامرين من الآخر هذا وسند الرّواية
ضعيف مروى من طريق العامة لكن يمكن القول بانجباره بعدم اتهام المخالفين فيما خالف
طريقتهم فيما روى من طريقهم بلا واسطة كما فيما نحن فيه اذ النقل مع الواسطة لا
يختلف مع غيره فى باب احتمال الكذب وان امكن القول بانهم لا يروون ما يخالف
طريقتهم ولو مع الواسطة فضلا عن الانجبار بمخالفة العامة حيث ان العامة
لا يخيرون القصر فى السفر القصير لو قلنا بانجبار ضعف الرّواية بمخالفة
العامة ثم ان الراوى قد يأخذ قيدا فى سؤاله ويجيب المعصوم عليهالسلام بالاثبات او النفى على وجه الاطلاق فالتقييد نظير
التفسير لكن الاشكال فى انه لا يتاتى المفهوم للجواب بعد اطراد التقييد فى الجواب
فلا يرد النفى على القيد لو كان الجواب بالنفى بملاحظة ان اطراد التقييد فى الجواب
من غير تعمّد من المجيب المعصوم ع والقيد المتأتي من غير تعمد لا يتاتى له المفهوم
كما فى المفهوم حيث ان القيد المطرد فيه بتوسّط التقييد فى المنطوق لا يتاتى له
المفهوم وكما فى الاستثناء عن الاثبات المقيّد حيث ان القيد يطرد فى المستثنى
بتوسّط الثبوت فى المستثنى منه من غير تعمد من المتكلّم فلا يرد النفى فى المستثنى
على القيد وقد شرحنا الحال فيما تقدم نعم يمكن القول بان الظاهر من التقييد فى
السؤال حسبان الراوى انتفاء الحكم فى غير المقيد وان امكن حسبانه ثبوت الحكم فيه
فتقرير ما حسبه الراوى من المعصوم فى الجواب يقتضى انتفاء الحكم فى غير المقيد لكن
نقول ان التعويل على التقرير المذكور بعد ظهور حسبان السّائل انتفاء الحكم فى غير
المقيد محلّ الاشكال ثم انه هل يجوز العمل بالخبر الضعيف فى تفسير الكتاب من
الامام عليهالسلام او تفسير السنة من الامام ع او من الراوى ربما فصل بعض
الاعلام بان الخبر المفسر اما ان يكون مفيدا للظن أو لا وعلى الثانى ينبغى ان لا
يتامّل فى عدم قبوله وعلى الاول اللفظ الذى ورد الخبر الضعيف فى تفسيره اما ان علم
الموضوع له ذلك اللفظ ام لا وعلى الثانى لا ينبغى التامل فى قبوله ويحكم بانه ممّا
وضع ذلك اللفظ له لوضوح ان ذلك ليس بادون من كلام واحد من اللغويّين الذين يقبل
قولهم فى امثال المقام وعلى الاوّل المعنى المستفاد من الخبر المفسّر امّا ان يكون
عين الموضوع له او مغاير له والاول مما لا كلام فيه والثّانى اما ان يكون ذلك
اللفظ مما تعلق به حكم واجب او حرام او غيرهما والثالث ايضا ممّا لا ينبغى التامل
فى قوله لوضوح تلك؟؟؟ مثله فى نفس الحكم بناء على التسامح فى ادلّة السّنن والكراهة
ففى موضوعه ومتعلقه بطريق اولى واما فى الاول والثّانى فالظاهر عدم القبول لعموم
الادلّة الدالة على اشتراط العدالة فى قبول الخبر من غير ما يصلح معاوضا له ومن
هذا القبيل ما لو راينا فى كلام بعض الفقهاء او جماعة منهم حمل الآية او الحديث
على غير المعنى الظاهر ولم يظهر علينا وجه فلا يمكن لنا قبوله وكذا الحال فيما لو
راينا فى كلام ابن الاثير او غيره تفسير الآية او الحديث بالمعنى المخالف للظاهر
من غير ان يذكر له شاهدا يصحّ التعويل عليه فلا نقبله قال هذا كله اذا لم يوجد
هناك دليل على عدم ارادة ظاهر اللفظ واما معه فيمكن ان يصار الى قبول الخبر المفسر
الضعيف لوضوح ان ذلك المعنى المدلول عليه بذلك الحديث يكون ارجح بالاضافة الى غيره
وذلك يكون من باب حمل اللفظ على بعض المعانى المجازية الذى ارجح من غيره عند تعذر
حمله على الحقيقة ويرد عليه اولا انّه بناء على عدم اعتبار مطلق الظن فى باب
الاوضاع لا مجال لاعتبار الخبر الضعيف ولا ينافيه اعتبار قول واحد من اللغويّين
لثبوت اعتباره بالاجماع وثانيا ان جعل الظن المستفاد من الخبر المفسّر ممّا لا
كلام فيه على تقدير المطابقة للموضوع له مدفوع بانّه لو لم يكن الظن المستفاد من
الخبر المفسّر حجة على تقدير المغايرة مع الموضوع له فلا مجال للحجّة على تقدير
المطابقة للموضوع له إلّا ان يقال انه ليس الغرض من ذلك تسليم حجيّة الخبر الضعيف
على تقدير المطابقة او دعوى الاتفاق على الحجيّة بل الغرض عدم النفع فى البحث عنه
فلا بحث عليه وثالثا انّ التّسامح فى المستحبّات على القول به انّما هو فى الحكم
سواء كان مفاد الخبر الضعيف استحباب بعض العبادات الثّابت تشريع نوعها فى بعض
الازمنة او بعض الامكنة او بعض الاحوال او كان المفاد
استحباب بعض الامور العادّية فى بعض الابعاض المذكورة كاستحباب الشّرب
قياما فى النّهار وامّا التسامح فى الموضوع كما لو ثبت استحباب عبادة كصلاة جعفر
الطيّار مثلا على وجه معتبر لكن ورد خبر ضعيف فى بيان ماهيّة تلك الصّلاة او ورد
خبر ضعيف فى جزئيّة شيء او شرطيّة او مانعية لها او ورد خبر ضعيف فى تفسير لفظ وقع
مورد تعلّق الاستحباب من الالفاظ اللّغوية فلا يتناوله اخبار البلوغ مثلا لو صلى
الشّخص بالصّلاة المشار اليها على الوجه الوارد بخبر ضعيف لا يصدق بلوغ الثّواب
على ما فعله الشّخص ولو نوعا ولو قيل ان الاحتياط المستدلّ به على جواز التّسامح
فى المستحبّات يتاتى فى الباب قلت ان الاحتياط يتاتى فى الواجبات والمحرّمات ايضا
وليس جريان الاحتياط كاشفا عن تطرق التّسامح لوضوح ان كلّ ما يجرى فيه الاحتياط لا
يكون مورد التّسامح وان كان مورد التّسامح من مجرى الاحتياط وما ذكره من قضاء
الاولويّة بجريان التّسامح فى الموضوع مدفوع بانّ التّسامح فى الحكم يقتضى التّسامح
فى الموضوع ايضا بخلاف التّسامح فى الموضوع فانّ فيه تسامحا واحدا فكيف يكون
التّسامح اولى من التّسامح فى الحكم ورابعا انّ التمسّك بعموم ما دلّ على اشتراط
العدالة فى خبر الواحد لعدم اعتبار الخبر الضّعيف فى متعلّق الوجوب والحرمة مع كون
التّفسير مخالفا للموضوع له انّما يتمّ لو قلنا بعدم اعتبار الخبر الحسن والقوىّ
والضّعيف المنجبر بالشّهرة فى نفس الاحكام وكذا قلنا بعدم اعتبار خبر الموثق بناء
على القول بعدم اطراد العدالة فى سوء المذهب وكذا بناء على القول بالاطراد لو قلنا
باشتراط الايمان فى اعتبار الخبر او ظهور ما دلّ على اعتبار العدالة فى العدالة
المقرونة بالايمان والحقّ عدم اعتبار العدالة فى اعتبار الخبر ولا الايمان كما
استقرّ عليه طريقة المتاخّرين بناء على حجيّة الظنّ على وجه الاطلاق او الاختصاص
وخامسا انّه لو كان الخبر الضّعيف قابلا لاثبات الموضوع له كما جرى عليه فهو قابل
لاثبات المراد ايضا لعدم الفرق قطعا بل لو لا هذا يلزم مزيّة الفرع على الاصل إلّا
ان يقال انّه يلزم مزيّة الفرع على الاصل لو اعتبر العدالة فى ارادة الموضوع له
وليس مدار المقالة المذكورة عليه بل المدار على اعتبار العدالة فى باب المعنى
المجازى لكن نقول انّه على ذلك يلزم جواز الاكتفاء بمطلق الظنّ فى باب المعنى
الحقيقى واعتبار العدالة بالنّسبة الى المعنى المجازى فيلزم مزيّة المعنى المجازى
بالنّسبة الى المعنى الحقيقى إلّا ان يقال انّه لا باس به كيف لا وارباب القول
باعتبار الظنّ النّوعى يكتفون بظاهر الحقيقة مع الظنّ بالخلاف ولا يتجاوزون فى
المجاز عن الظنّ مع ان دعوى امتناع زيادة الفرع على الاصل مجرّد كلام جرى على
الالسن ولا عبرة بها كيف لا والولد فرع الوالدين وكثيرا ما يكون الوالد فضلا عن
الوالدة غير قابل لتحصيل كمال والولد جامع المراتب كثيرة من الكمال فلا باس بقيام
الدّليل على كفاية مطلق الظنّ فى المعنى الحقيقى دون المعنى المجازى لكن نقول انّ
الظّاهر انّه لم يفرق احد بين المعنى الحقيقى والمعنى المجازى بكفاية مطلق الظنّ
فى المعنى الحقيقى دون المعنى المجازى وسادسا انّه لو لم يكن الخبر الضّعيف قابلا
لاثبات المراد المجازى فلا يكون قابلا لتعيين المجاز فى صورة تعدّد المجاز ولا
عبرة بالرّجحان المنطرق فى المقام لفرض عدم حجيّة الظنّ المتأتي فى الباب نظير عدم
حجيّة الظنّ المستفاد من الشّهرة بناء على حجيّة الظّنون الخاصّة وعدم حجيّة الظنّ
المستفاد من القياس ولو قيل ان تعيين المجاز بالرّجحان مسلم قلت انّه لم يعد
الرّجحان فى كلام احد من اسباب التعيين بل عن بعض حصر اسباب التّعيين فى الاقربية
والاظهريّة والاعظميّة بحسب القصد وعن بعض الحصر فى التّبادر والشّهرة والقرب وان
كان كل من القولين محلّ الكلام اذ المدار على الظنّ بالارادة سواء كان بتوسّط
الظّهور العرفى او بواسطة الاشتهار اعنى اشتهار المجاز فى الاستعمال او غيرهما
كاشتهار المجاز بحسب الفهم بين الفقهاء ولا مجال للاظهريّة لو كان من باب افعل
التّفصيل اذ الظّهور لا يتاتى من طرفى النّقيض والاعظميّة بحسب القصد لا توجب الظنّ
بل هو الحال فى القرب بلا اشكال ثمّ انّه لا مجال للاشكال فى كفاية الخبر الواحد
فى بيان الاجمال لو كان خبر الواحد معتبرا بناء على اعتبار الظّنون الخاصّة وامّا
لو كان ضعيفا فلعلّ الاظهر القول بالكفاية لاطلاق الاجماع المنقول فى كلام جماعة
كالسيّد فى الذريعة والشّيخ فى العدة وشيخنا البهائى والفاضل الكاظمى والفاضل
المازندرانى وغيرهم على لزوم العمل بالقول فى
فى بيان الاجمال بل حكى الشّيخ فى العدّة اتّفاق الطّائفة على العمل بخبر
الواحد هنا ولو ممّن قال بعدم جواز العمل به الّا اذا كان مفيدا للعلم مضافا الى
الاجماعات المنقولة على اعتبار الظنّ اللفظى إلّا ان يقال ان هذه الاجماعات
المنقولة لا تتناول ما نحن فيه لندرة بيان الاجمال وكون الغالب فى الظّنون
اللّفظيّة الظنّ بارادة المعنى المبين إلّا ان يقال انّه لا فرق قطعا فى اعتبار
الظنّ بالارادة بين ما لو كان الظنّ بالارادة من المبين وما لو كان الظنّ بالارادة
من المجمل وقد عرفت بما سمعت الحال بناء على حجيّة خبر الواحد من باب حجيّة مطلق
الظنّ بل على هذا يدخل الامر فى القسم الاوّل لمتطرق الظنّ بالحكم بتوسّط الظنّ
بالارادة فلو كان خبر الواحد حجّة فى الظنّ بالحكم يكون حجّة فى الظنّ بالمراد
ايضا وبما مر يظهر الحال لو كان الشّهرة مثلا مفيدة لبيان الاجمال فى المدلول
وامّا لو كان الاجمال فى المصداق فيظهر الكلام فيه بما تقدّم ومنه تفسير الواسطة
المبهمة فى ارسال الرّاوى كما مرّ ممّن روى عنه الرّاوى او من غيره كبعض اهل
الرجال على وجه يفيد الظنّ او العلم الا ان الاخير خارج عن مورد الكلام كما انّ
الاوّل خال عن الاشكال لانّ الظنّ فيه يوجب الظنّ بالصّدور فيتاتى اعتباره ولو
بناء على اعتبار الظّنون الخاصّة كما مرّ ويشبه الظنّ فى رفع الاجمال فى المصداق
الظنّ فى رفع التّرديد ومنه ما رويه فى التّهذيبين فى وقت صلاة المغرب بالاسناد عن
حريز عن ابى اسامة او غيره حيث انّه رويه فى الفقيه عن ابى اسامة فى قوله وقال ابو
اسامة زيد الشّحام اه قال سيد الدّاماد جزم فى الفقيه بانّ الرّاوى ابو اسامة
فالحديث صحيح انتهى لكنّك خبير باحتمال سقوط او غيره فى عبارة الفقيه كيف لا
والزّيادة مقدّمة على النّقيصة ثمّ انّه ربما يتّفق التّفسير من بعض الفقهاء لما
اتّفق فى كلام الفقهاء فعليه المعول واليه المرجع كما يظهر ممّا مر ومنه تفسير
الاناء من المحقّق فى المعتبر بعد ان عدّ من سنن الوضوء وضع الاناء على اليمين
والاغتراف باليمنى ونسبه الى الاصحاب بما يغترف منه لا ما يصب منه وكذا ما وقع من
العلامة فى المنتهى فيما نسبه الى الفقهاء من قولهم لا سهو فى السّهو حيث فسّره
بانّه لا حكم للسّهو فى الاحتياط الّذى يوجبه السّهو كمن شكّ بين الثلث والاربع
فانّه ياتى ركعتين احتياطا فلو سها فيهما ولم يدر صلى واحدة او اثنتين لم يلتفت
الى ذلك وحكى عن قائل انّ المعنى من سها فلم يدر سها ام لا لم يعتد به ولا يجب
عليه شيء وعن التّنقيح تفسيرين للعبارة المذكورة ان يشكّ فيما يوجبه الشكّ
كالاحتياط وسجدتى السّهو وان يشكّ هل شكّ ام لا وهذا ان التفسيران هما التّفسيران
المسبوقان بالذكر قال فى الرياض ونقلهما فى امثال ذلك حجة وكذا ما عن جماعة كما
قال النهاية والمسالك والرّوضة والروض والمقاصد العليّة وغيرها من تفسير المخرج
فيما اتّفق عليه الفقهاء من تعيّن؟؟؟ والغائط عن المخرج بحواشى الدّبر فعلى هذا
بتعيّن الماء وان لم يتجاوز الغائط عن المحلّ المعتاد كما لو تجاوز عنه بخلاف ما
لو لم يتجاوز عن حواشى الدّبر فانّه يتخيّر بين الماء ومثل الحجر ومن العجيب قدح
بعض ارباب القول بحجيّة مطلق الظنّ فى حجيّة تفسير الجماعة والمستفاد من تفسير
المدارك تزييف التّفسير المذكور قال وينبغى ان يراد بالتعدّى وصول النّجاسة الى ما
لا معتاد وصولها اليه ولا يصدق على ازالتها اسم الاستنجاء وعن العلّامة البهبهانى
ان مراد الاصحاب من التعدّى عن المخرج هو التعدّى عن المحلّ المعتاد وهو المراد
بتفسير المخرج بحواشى الدّبر ثمّ انّ مقتضى ما تقدّم فى المقدّمة الثّامنة عشر من
كلام العلامة فى المنتهى عند الكلام فى رواية محمّد بن إسماعيل الواردة فى باب
الّذى انّه لو زاد الراوى زيادة مقتضية للتّفسير دون التّغيير يبنى عليه بلا كلام
إلّا ان يقال انّه وان يستفاد من الكلام المشار اليه البناء على الزّيادة لكن لا
يستفاد منه الاتّفاق ثمّ انّ الوالد الماجد ره فرق فى البحث عن التّخصيص بمذهب
الرّاوى بين تفسير العام بالخاص كان يقول المقصود بالعام ما عدا زيد وما لو قال
الرّاوى العام مخصّص نظر الى انّ الثّانى مبنى على اجتهاد الرّاوى وهو مورد الخطاء
لاحتمال دعوى التّخصيص بمفهوم اللّقب ولم يثبت حجية اجتهاد الرّاوى بخلاف القسم الاوّل
فانّه مبنىّ على الاخبار فيتاتى شمول ما دلّ على حجيّة خبر الواحد هنا بالفحوى
اقول انّه لا فرق بين القسمين فى الاخبار والاجتهاد والاستناد
الى الحسن او الحدس والاستناد الى العلم او الظنّ لكن كل منهما مستند الى
الاجتهاد بلا اشكال والظاهر الاستناد الى الظنّ وايضا ابتناء الامر فى القسم
الثّانى على امر غير مقتضى به بعيد وايضا بعد فرض حصول الظنّ بارادة المعنى
المجازى واعتبار الظنّ الفعلى بارادة المعنى الحقيقى لا بدّ من البناء على العمل
بظاهر الحقيقة فى القسم الثّانى كالقسم الاوّل غاية الامر ان يقال انّ الظنّ
المتحصّل من اللّفظ بشرط الاجتهاد؟؟؟ ما جرى عليه نفسه كما مرّ فى باب خبر ضعف
دلالة الخبر بالشّهرة مثلا بخلاف القسم الاوّل فانّ الظنّ فيه حجّة ولو كان مستندا
الى الخبر لفرض اعتبار الخبر وايضا الظنّ بالعموم يرتفع فى كلّ من القسمين فلا
مجال للعمل بالعموم فى الثّانى كالاوّل بناء على اعتبار الظنّ الشّخصى وايضا
الاستدلال المذكور على عدم حجية الظنّ فى القسم الثّانى مختلف حال اجزائه حيث ان
مقتضى بعض اجزائه اغنى دعوى احتمال الخطاء فى دعوى التّخصيص لاحتمال ابتنائه على
مفهوم اللّقب هو كون المانع عن اعتبار الظنّ فى القسم الثّانى هو عدم حصول الظنّ
ومقتضى بعض آخر من اجزائه اغنى دعوى عدم اعتبار اجتهاد الرّاوى هو عدم حجيّة الظنّ
المتحصّل فى المقام ومقتضى هذه الدّعوى حصول الظنّ فهو ينافى انكار حصول الظنّ
والّا فالامر من باب السّالبة بانتفاء الموضوع وهو خلاف الظّاهر بل مقتضى الدّعوى
الاولى جواز البناء على الظنّ بالتّخصيص لو توافق راى المجتهد وراى الرّاوى فى باب
المخصّصات بل هو المصرح به فى كلماتهم فى المقام مع انّه لو كان الامر من باب
الاجتهاد ولم يكن الاجتهاد حجّة فلا يكون طريق معتبر الى التّخصيص فى المسألة
الفقهيّة وان ثبت توافق راى المجتهد وراى الرّاوى فى باب المخصّصات فلا مجال
للبناء على التّخصيص فى المسألة الفقهيّة كيف لا وهو قد بنى على وجوب تقليد الاعلم
مع اتّفاق راى الاعلم وراى غير الاعلم فى المسألة ثمّ انّ المحقّق القمّى فى ذيل
بحث جواز النّقل بالمعنى حكى عن الاكثر انّه اذا روى الثّقة مجملا وفسّره باحد
محامله فالاكثر على لزوم حمله عليه بخلاف ما لو روى ظاهرا وحمله على خلاف الظّاهر
تعليلا بان فهم الرّاوى الثّقة قرينة على التّفسير فى الاوّل ولا معارض له من جهة
اللّفظ لعدم دلالة المجمل على شيء بخلاف الثّانى فان فهم الرّاوى فيه معارض
بالظّاهر الّذى هو اقوى دلالة فلا بدّ من البناء على الظّاهر واعترض بانّه كما
يقتضى الظّاهر العمل به فكذا يقتضى الاجمال السّكوت عن العمل بالمجمل ولا يتفاوت
الحال فى كون التّفسير معارضا بالرّواية بين ظهور الرّواية واجمالها فكما لا عبرة
بالتّفسير فى صورة ظهور الرّواية فكذا لا عبرة به فى صورة الاجمال مع انّ الظّهور
المعتبر انّما هو الظّهور عند المخاطب لا الظّهور عندنا لاختصاص الخطاب بالمشافه
واذا ذكر المخاطب انّ المراد بالظّاهر خلاف الظّاهر فالظّاهر اعتباره غاية الامر
التوقّف وامّا تقديم الظّاهر فلا يرتبط بوجه يقتضيه وبالجملة فالمعيار هو الظنّ
اقول اولا انّه ربما يظهر منه اشتراط الوثاقة بمعنى العدالة فى اعتبار التّفسير
وليس بشيء لاعتبار الظنّ بالمراد ولا سيّما بناء على حجيّة مطلق الظنّ بالاحكام
إلّا ان يقال انّ الغرض الموثوق بالنّقل بكون الرّاوى عارفا بمواقع الالفاظ كما
اشترط فى جواز النّقل بالمعنى او يقال انّ الغرض من العنوان تفسير الرّاوى المخاطب
فاخذ الوثاقة باعتبار اعتبار الخبر الا ان اعتبار الخبر غير مشروط بعدالة الرّاوى
على ما استقرّ عليه راى المتاخرين ولا سيّما بناء على حجيّة مطلق الظنّ إلّا ان
يقال انّه جرى على الكلام فيما عنونه الاكثر فلا بحث عليه فى اخذ الوثاقة وثانيا
انّ ما حكاه عن الاكثر بعد ما قيل من انّه لم يظهر منهم لا باس به اذا المدار فى
تفسير الرّاوى على الاخبار عن المراد لا المدلول حتّى ينافيه الاجمال نظير انّه لو
اخبر زيد عن عمرو بمقالة واخبر آخر عنه السّكوت عن تلك المقالة تتاتى التّعارض بين
الخبرين فلا معارض للتّفسير فى صورة الاجمال ولو بالاختلاف فى وجود المقتضى وعدمه
لعدم ابتناء التّفسير على الاخبار عن اقتضاء ظاهر الرّواية بخلاف صورة ظهور
الرّواية فى خلاف التّفسير لوقوع التعارض بين الظّاهر والتّفسير فى حكاية المراد
لكن دعوى ان الاجمال يقتضى السّكوت كما ترى اذا السّكوت امر عدمى ولا مقتضى له لكن
يمكن
ان يكون الغرض ان الاجمال لا يوجب تجاوز الامر عن السّكوت لا انّه يوجب
حدوث السّكوت كما ان دعوى عن ظاهر الرّواية اقوى من التّفسير محلّ منع واضح وثالثا
انّ ظاهر كلامه يقتضى الميل الى تقديم ظاهر الرّواية بملاحظة كون الخطاب متوجّها
الى الرّاوى المفسّر كما هو مقتضى ما تقدّم عنه تبعا لصاحب المعالم من انّه على
تقدير اختصاص الخطابات الشّفاهيّة بالمشافهين لا بدّ من البناء فى فهم الخطاب على
فهم المشافهين ويظهر ضعف ذلك بما تقدّم إلّا ان يقال انّه يتجه ما ذكر لو جرى
المحقّق المشار اليه على اعتبار ظهور الرّواية عند المخاطب مع عدم ثبوت الظّهور
عندنا او ظهور العدم لكنه جعل المعيار هو الظنّ والمدار عليه فلا بحث عليه مع انّه
لو كان مدار اعتبار الظّهور على الظّهور عند المخاطب لو كان الظّهور مستندا الى
فهم المخاطب كما لو كان الظّاهر عند المخاطب خلاف الظّاهر عندنا لقبح الخطاب بما
له ظاهر عند المخاطب مع ارادة خلاف الظّاهر كما استند اليه على اعتبار الظّهور عند
المخاطب وامّا لو كان الظّهور عند المخاطب بتوسّط امر من الخارج فلا دليل على
اعتبار الظّهور عند المخاطب فغاية الامر تقديم ظاهر الرّواية على التّفسير لو كان
الظّهور مستندا الى فهم الرّاوى وامّا لو كان المدار على الخارج فلا دليل على
تقديم ظاهر الرّواية على انّ تفسير الرّاوى يمكن ان يكون من غير المخاطب فلا يتمّ
اطلاق القول بتقديم ظاهر الرّواية الّا ان يقال انّ المقصود بالعنوان تفسير
الرّاوى المخاطب كما مرّ ورابعا انّ القول بالتوقّف منه فى صورة التّفسير بخلاف
الظّاهر ليس بشيء لحصول الظنّ بخلاف الظاهر من اللفظ فيقدم وبوجه آخر يدور الامر
بين ارتكاب خلاف الظّاهر من المتكلّم واشتباه المفسّر فى التّفسير والاوّل اقرب
واغلب ومع هذا التّفسير اقوى من القرينة ولا اقلّ من المساواة ولو بنى الامر على
التوقّف لما يثبت مجاز راسا فلا بدّ من تقديم التّفسير ومع هذا معاملة التّعارض فى
باب التّفسير خلاف طريقة اهل العرف كافّة حيث انّه لو فسّر احد آية او رواية او
عبارة فى اىّ كتاب وفى اىّ فمن يقنع السّامع عند حصول الظنّ له بل مجرد مناظرة بعض
الاخبار الى بعض كما لو قيل اكرم العلماء ثمّ قبل وجوب اكرام العلماء غير جار فى
حق زيد حيث ان المقالة الثّانية لا بدّ فيها من سبق المقالة الاولى توجب تقديم
الناظر على المنظور اليه وربما يعبر عنه بالحكومة والتّفسير اقوى من الحكومة بلا
شبهة ومع هذا لا مجال لمعارضة التّفسير مع المفسّر بل لا بدّ من طرح المفسر لو
افاد التّفسير الظنّ بخلاف ظاهر المفسّر او العمل بظاهر المفسّر لو كان ظهوره
باقيا بحاله على القول باعتبار الظنّ الشّخصى نظير ما حرّرناه فى محلّه فى تزييف
القول بالتوقّف والتّساقط فى تعارض الاستصحاب الوارد والمورود من انّه ان كان
الوارد مؤثّرا فى المورود فلا بد من تقديم الوارد والّا فلا بد من الجمع ولا مجال
للتوقّف والتّساقط هذا لو كان التّفسير من اهل الخبرة للكتاب او السنة امّا لو وقع
خبر فى تفسير خبر ففى صورة التّعادل بعد تسليم التّعارض لا بدّ من التّساقط لعدم
شمول اخبار التخيير له إلّا ان يدعى القطع بعدم الفرق بينه وبين ما لو كان الخبر
غير مفسّر وامّا فى صورة رجحان احد الخبرين على الآخر كما لو جرى المشهور على
العمل بذلك فلا بدّ من المصير الى الرّاجح وبما مر يظهر ضعف ما يعطيه كلام الشّيخ
فى العدة نقلا من القول بقبول التّفسير لو كان مستندا الى العلم الضّرورى دون ما
لو كان مستندا الى العلم النّظرى ثمّ انّه قد روى فى التّهذيبين فى صحيحة يعقوب بن
شعيب انّه سئل أبا عبد الله عليهالسلام عن الرّجل يكون له الخادم فقال لفلان تخدمه ما عاش فاذا
مات فهى حرة فتأبق الامة قبل ان يموت الرجل بخمس سنين او ستّ سنين ثمّ تجدها ورثته
اليهم ان يخدموها بعد ما ابقت فقال لا اذا مات الرّجل فقد عتقت وعن الاصحاب انّهم
بنوا على رجوع الضّمير المستتر فى قوله عاش وقوله مات وكذا الضّمير فى قوله ورثته
الى فلان المخدوم ولعلّه للقرب وكون المقصود بالرّجل فى قوله يموت الرّجل وقوله عليهالسلام مات الرّجل هو الفلان المخدوم مع احتمال رجوع الضّمائر
الى الرّجل المدبّر اى المولى وكون المقصود بالرّجل فى يموت الرّجل ومات الرّجل هو
الرّجل المدبّر بل هو الظّاهر
قضيته السوق وايضا قد حكى عن الاصحاب انّهم فهموا من الاخبار الدّالة على
لزوم الجلد لو وجد الرّجل وو المرأة فى لحاف واحد كونها مجردين مع خلو اكثر
الاخبار من هذا القيد ثمّ انّه ربما وقع التّعارض فيما روى من انّه يغسل الميّت
اولى النّاس به فحكى شيخنا البهائى فى بعض تعليقات التّهذيب عن الاصحاب انّ الغرض
الاولى فى الارث لكن فسّره شيخنا البهائى بالشّيعة قال وله من الاخبار والآيات
شواهد لكن احتمل فى الحبل المتين فيما روى من انّه ينبغى لاولياء الميّت ان يؤذنوا
اخوان الميّت بموته انّ المقصود بالاولياء هو الاولى بالارث ومن كان علاقته بالميت
اشدّ مع احتمال كون الغرض الشّيعة وربما يقال ان مقتضى الاخبار وجوب استقبال
الميّت الى القبلة او استحبابه ومقتضاه كون الاستقبال بعد الموت لا حال الاختصار
كما فهمه الاصحاب ولعلّه كانت عندهم قرينة تدلّ على ذلك انتهى وقد ذكر شيخنا
البهائى فى الحبل المتين ان استعمال الميّت فى المشارف على الموت كثير فى الاخبار
اقول انّه قد استعمل الميّت فى المشارف على الموت فى الاخبار المتعلّقة بتلقين
المحتضر وتقريبه الى مصلّاه اذا عسر عليه النّزع فالظّاهر ان المقصود بالميّت فى
الاخبار المشار اليها هو المحتضر مع ان فى بعض اخبار الاستقبال اذا مات لاحدكم
ميّت فسبّحوه الى تجاه القبلة ولا بدّ من حمل الموت فيه على الاحتضار كما لا يخفى
مضافا الى ما روى من انّ النّبى صلىاللهعليهوآله امر باستقبال المحتضر الى القبلة وفى التّهذيب فى
زيادات الصّلاة فى باب فضل المساجد والصّلاة فيها وفضل الجماعة واحكامها بسنده عن
خلف بن حماد عن رجل عن ابى عبد الله عليه السّلم قال لا تصل خلف الغالى وان كان
يقول بقولك والمجهول والمجاهر بالفسق وان كان مقتصدا قال العلّامة المجلسى فى
الحاشية الظاهر انّ المراد بالمجهول مجهول الايمان بقرينة ما بعده ويحتمل مجهول
الفسق والعدالة كما فهمه الاصحاب وفى الفقيه فى باب ابتداء الكعبة وفضلها وفضل
الحرم وسئل إسحاق بن يزيد أبا جعفر عليه السّلم عن الرّجل يدخل مكّة فيقطع من
شجرها فقال اقطع ما كان داخلا عليك ولا تقطع ما لم يدخل منزلك عليك قوله ما كان
داخلا عليك قيل اى من اغصانه او من اصله كما هو ظاهر الاصحاب والاوّل اظهر قوله ما
لم يدخل منزلك عليك اى لم يدخل عليك منزلك وفى الفقيه فى باب ما يجوز فيه الاحرام
وما لا يجوز وروى معاوية بن عماد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال لا باس بان بغير المحرم ثيابه ولكن اذا دخل مكة لبس
ثوبى احرامه فيهما وكره ان يبيعهما قوله لبس ثوبى احرامه قبل للطّواف فيهما كما
فهمه الاصحاب والظّاهر تامل القائل فى الباب وروى فى الكافى فى باب انّه يحتاج ان
بعيد عليها الشّرط بعد عقدة النّكاح وفى التّهذيب فى باب ضروب النّكاح انّه ان سمى
الاجل فى النّكاح فهو متعة وان لم يسم فهو نكاح بات قوله بات قال المولى التّقى
المجلسى اى دائم بحسب الواقع كما فهمه الاصحاب لكن كان المناسب النّسبة الى
المشهور لمصير بعض نقلا الى البطلان على الاطلاق ومصير ابن ادريس نقلا الى
التّفصيل بين ما لو كان الايجاب بلفظ التّزويج او النّكاح فينقلب التمتّع الى
الدّوام وما لو كان بلفظ التمتّع فيبطل العقد ثمّ ان من الغرائب ما اتّفق من
الاختلاف فى تفسير الاتكاء فى حال الاكل حيث انّه قد حكى العلّامة المجلسىّ فى
حاشية الكافى والتّهذيب على ما نسب اليه عند ما روى بالاسناد عن أبي عبد الله عليهالسلام انّه قال ما اكل رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو متكى قط انّه فسّر الاتكاء بالجلوس متمكّنا على
البساط وباسناد الظّهر الى الوسائد ومثلها وبالاضطجاع على احد الشقّين وبالميل على
احدهما مطلقا ليشمل الاتكاء على اليد قال وظاهر اكثر الاصحاب انّهم فسّر ولا
بالمعنى الاخير وظاهر اكثر اللّغويين الاوّل ويظهر الاطلاق الثّانى من كثير من
اخبارنا كما انّه قد ورد كثيرا انّه صلىاللهعليهوآله كان متّكئا فاستوى جالسا ويبعد من آدابهم الاضطجاع على احد الشقّين بمحضر
النّاس بل الظاهر انّه كان اسند ظهره الى وسده فاستوى جالسا كما هو الشّائع عند
الاهتمام لبيان افراد عروض غصب فالظّاهر ان
ما نهى عنه عند الاكل هو امّا الجلوس متمكّنا او مستندا الى الوسائد تكبرا
او الاعمّ منهما ومن الاضطجاع على احد الشّقّين بل المستحبّ الاستقبال على نعمة
الله سبحانه والاكباب عليها فلا يكره الاتكاء على اليد ولا يذهب عليك ان التّفاسير
الاربعة المذكورة فى صدر كلام العلامة المشار اليه انّما هى مطلق الاتكاء لا
الاتكاء فى حال الاكل لانّه ذكر فى الذيل ارباب ثلاثة من تلك التفاسير ولو كان تلك
التّفاسير للاتكاء فى حال الاكل لانّه ذكر فى الذيل ارباب ثلاثة من تلك التفاسير
ولو كان تلك التّفاسير للاتكاء فى حال الاكل لما اخل بذكر القائل بالتّفسير
الرّابع هذا واحتمال عموم الاتكاء للاضطجاع على احد الشقّين يظهر ما فيه بما ياتى
وفى حاشية الفقيه للعلامة المشار اليه بخطّه الشّريف والاظهر فى عرفنا بل عرفهم
كما يظهر من اطلاقاتهم انّ المراد بالاتكاء الاضطجاع على احد الشقّين مستندا الى
وسادة او غيرها ولا يذهب عليك ان مداخلة الاضطجاع على احد الشّقّين كما هو مقتضى
ما ذكره فى هذه الحاشية لا تنافى ما ذكره فى الحاشية السّابقة من بعد الاضطجاع على
احد الشقين بمحضر النّاس عن آداب ارباب العصمة فى نفى كون المراد بما ورد كثيرا من
ان النّبى صلىاللهعليهوآله كان متّكئا فاستوى جالسا هو الاضطجاع على احد الشقّين
لان ما ذكره فى هذه الحاشية انّما كان فى بيان المراد بالاتكاء فى نفى اكل النّبى
ص متّكئا وما استبعده فى الحاشية المقدّمة انّما هو كون المراد بالاتكاء الاضطجاع
على احد الشقّين فيما روى من انّه صلىاللهعليهوآله كان متّكئا فاستوى جالسا فاختلف الاتكاء فى الموردين
بالاثبات والنّفى لكن الظّاهر اتحاد المراد بالاتكاء اثباتا ونفيا فيتاتى المنافاة
وفى المجمع وقال بعض الأفاضل يكره الاكل متكئا ولو على كفه حملا للاتكاء على الميل
فى القعود مطلقا مستدلّا عليه بقوله لانّ النّبى صلىاللهعليهوآله ما اكل متكئا منذ بعثه الله وبالجملة قال فى اوائل
القاموس فيما اوّله الواو وآخره الهمزة فى ذيل قوله فى العنوان توكأ عليه وقوله صلىاللهعليهوآله امّا انا فلا اكل متّكئا اى جالسا جلوس المتربّع ونحوه
من الهيات المستدعية لكثرة الاكل بل كان جلوسه مستوفرا مقعيا غير متربّع ولا
متمكنا وليس المراد الميل الى شق كما يظنّه عوام الطّلبة قوله جلوس المتربّع مقتضى
قوله فى تفسير التّربيع وتربع فى جلوسه خلاف جثى واقعى صدق التّربيع على جميع
هيئات الجلوس ما عدا الجلوس جاثيا ومقعيا لكن مقتضى ما رويه الكشى فى ترجمة عيسى
بن جعفر انّ التربّع وضع احدى الرّجلين على الاخرى ومقتضى ما نقله فى المجمع عن
المجمع انّه القعود على الورك ومدّ الركبة اليمنى الى جانب اليمين والقدم الى جانب
الشمال واليسرى بالعكس وربما قال المولى التّقى المجلسى فى حاشية الفقيه على ما
نسب اليه نجله العلامة بخطّه الشّريف لتربيع يطلق على ثلاثة معان ان يجلس على
القدمين والاليتين وهو المستحبّ فى صلاة القاعد حال قراءته والجلوس المعروف
بالمربع وان يجلس هكذا ويجعل احدى رجليه على الاخرى فان كان الاكل فى الحالة
الاولى فلا باس وبالمعنى الثّانى خلاف المستحبّ وبالثّالث مكروه فلو وقع على خلاف
المستحبّ كان للضّرورة او لبيان الجواز قوله وبالمعنى الثّانى خلاف المستحبّ هذا
مبنىّ على استحباب الاكل باكل العبد كما فى بعض الاخبار وعنون به فى الوسائل وذكر
فى الدّروس استحباب الجلوس على الرّجل اليسرى عند الاكل وانّما جعله خلاف المستحبّ
دون المكروه لخلوه عن النّهى وما بمنزلته من مدامة النّبى صلىاللهعليهوآله على تركه بناء على كون المقصود بالتّربيع هو المعنى
الثّالث ويرد عليه انّه لم يتّفق بيان كيفيّته التّربيع فى صلاة القاعد فى الاخبار
على ما ذكره فى الحدائق فى الفائدة الرّابعة من الفوائد المرسومة فى اوّل الصّلاة
وكذا لم يتّفق فى كلمات الفقهاء غير الشّهيد الثّانى فى الرّوضة حيث فسّره بان
يجلس على اليتيه وينصب ساقيه وركبتيه كما يجلس المرأة للتشهّد على ما ذكره فى
الحدائق ايضا فالحكم بتعدّد معنى التّربيع غير مربوط بوجه يقتضيه وبما ذكر يظهر
الايراد على ما ذكره العلّامة المجلسىّ فى بعض تعليقاته على الكافى من انّ
التّربيع يطلق على ثلاثة معان ان يجلس على القدمين و
الاليتين وهو المستحب فى صلاة القاعد فى حال قراءته والجلوس المعهود
بالمربع وان يجلس هكذا ويضع احدى رجليه على الاخرى والاكل على الحالة الاولى لا
باس به وعلى الثانية خلاف المستحبّ والثّالث مكروه وفى النّهاية قوله صلىاللهعليهوآله لا اكل متّكئا المتكئ فى العربية كلّ من استوى قاعدا
على وكاء متكئا والعامة لا يعرف المتكئ الا من مال فى قعوده معتمدا على احد شقيه
والتّاء فيه بدل من الواو واصله من الوكاء وهو ما يشدّ به الكيس وغيره كانّه أوكأ
مقعدته على الوكاء الّذى تحته ومعنى الحديث انّى اذا اكلت لم اقعد متمكّنا فعل من
يريد الاستكثار ولكن اكل بلغة فيه فيكون قعودى له مستوفرا ومن حمل الاتكاء على
الميل الى الشقّين تاوله على مذهب الطبّ فانّه لا ينحدر فى مجارى الطّعام سهلا
ويسيغه هنيئا وربما تاذى لكن نقول ان مقتضى صريح غير واحد من الاخبار انّ الغرض من
الاتكاء الميل الى احد الشقّين كما رويه الكلينى فى صحيح الفضيل بن يسار قال كان
عباد البصرى عند ابى عبد الله عليهالسلام يأكل فوضع ابو عبد الله عليه السّلم يده على الارض فقال
عباد اصلحك الله امّا تعلم انّ رسول الله صلىاللهعليهوآله نهى عن هذا فرفع يده فاكل ثمّ اعادها ايضا فقال له ايضا
ثمّ اكل فاعادها فقال له ابو عبد الله عليه السّلم لا والله ما نهى رسول الله صلىاللهعليهوآله عن هذا ومما رويه الكلينى بالاسناد عن ابى خديجه قال
سئل بشير الدّهان أبا عبد الله عليه السّلم فقال هل كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يأكل متكئا على يمينه وعلى يساره فقال عليه السّلم ما
كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يأكل متكئا على يمينه ولا على يساره ولكن يجلس جلسة
العبد قلت ولم ذلك قال تواضعا لله عزوجل ثمّ انّه قال فى المجمع وفى الحديث لا تتّك فى الحمام
فانّه يذهب شحم الكليتين ولعلّه من الاتكاء وهو الميل فى القعود لكن لم اظفر
بالحديث المذكور وقد عنون فى الوسائل باب كراهة الاستلقاء فى الحمام والاضطجاع
والاتكاء والتدلّك بالخزف وجوازه بالخرق لكن ليس فى الاخبار المذكورة فى العنوان
المذكور دلالة على كراهة الاتكاء ثمّ انه قد يكون بعض اجزاء الكلام من قبيل
المفسّر لجزء آخر مع عدم الارتباط بين الجزئيين وبعبارة اخرى قد يكون السّياق من
قبيل المفسّر والقرينة كما فيما رويه فى الفقيه فى باب فضل المعروف من قوله عليهالسلام المعروف شيء غير الزّكاة فتقربوا الى الله عزوجل بالبرّ وصلة الرّحم حيث انّ الظّاهر وفاقا لبعض
النّاظرين انّ المقصود بالبرّ هو البرّ بالوالدين بقرينة صلة الرّحم مع عدم
الارتباط فى البين كما فى القرائن المتعارفة نحو اسدا يرمى وغيره بل ربما قبل يكون
الامر بالمعاونة على البرّ والتّقوى فى الآية الشّريفة للوجوب بقرينة كون النّهى
عن المعاونة على الاثم للحرمة بقى انّه قد يكون تفسير الرّاوى من باب الاشتباه كما
فيما رويه فى الكافى عند الكلام فى الوقف وغيره بالاسناد عن خالد بن نافع البجليّ
عن أبي عبد الله عليه السّلم قال سألته عن رجل جعل الرجل سكنى دار له حياته يعنى
صاحب الدّار فلمّا مات صاحب الدّار اراد ورثته ان يخرجوه اليهم ذلك قال فقال ارى
ان تقوم الدّار بقيمة عادلة وينظر الى ثلث الميّت فان كان فى ثلثه ما يحيط بثمن
الدّار فليس للورثة ان يخرجوه وان كان الثّلث لا يحيط بثمن الدّار فلهم ان يخرجوه
ورويه فى التّهذيبين ايضا حيث انّ قوله حياته منصوب على الظّرفيّة اى فى حياته
والغرض ان رجلا جعل داره سكنى لرجل ما دام حيوة الرّجل الثّانى فالضّمير الثّانى
المجرور بالاضافة فى حياته راجع الى الرّجل الثّانى لا الرّجل الاوّل اعنى صاحب الدّار
كما هو مقتضى رجوع الضّمير الاوّل فى له اليه كيف لا ولو كان الضّمير فى حياته
راجعا الى الرّجل الاول فيبطل السّكنى بموت الرّجل الاوّل ولا مجال لتقويم الدّار
وملاحظة زيادة الثّلث عن قيمة الدّار ونقصانه عنه كما فى الخبر المذكور فارجاع
الضّمير الثّانى الى صاحب الدّار من الرّاوى من باب الاشتباه كما حكم به الشّيخ فى
التّهذيبين وكذا العلّامة المجلسى فى بعض تعليقات الكافى لكن حكى العلّامة المجلسى
فى بعض تعليقات الكافى والتّهذيبين ان التفصيل المذكور فى الخبر قال
به ابن الجنيد ولم يعمل به الاكثر للجهالة وحكى عن الشّهيد الثّانى انّه لو
وقع السكنى فى مرض الموت اعتبرت المنفعة الخالصة من الثّلث لا جميع الدّار الحادي
عشر أنّه قد عنون فى الاصول جواز النّقل بالمعنى لكن يقع الكلام فى جواز العمل
بالمنقول فيمكن ان يقال انّه وان يجوز النّقل بالمعنى الا انّ العمل بالمنقول بالمعنى
عمل باجتهاد النّاقل حيث ان النّقل بالمعنى مبنىّ على ما اجتهده النّاقل فى فهم
الخبر واجتهاد الراوى فى فهم الخبر لا يكون حجّة على المجتهد إلّا انّه مدفوع بان
سيرة اصحاب الائمّة عليهمالسلام كما استقرّت سيرتهم ايضا على العمل بالمنقول بالمعنى
فيتاتّى اجماع اصحاب الائمّة وتقرير الائمّة عليهم السّلم بل مقتضى ما دلّ على
حجية خبر الواحد خصوصا او من باب حجية ما نقله رواة الاخبار بالمعنى بل يمكن دعوى
انّ المفهوم عرفا من بعض الاخبار الدّالّة على جواز النّقل بالمعنى جواز العمل
بالمنقول وقد يذبّ بانّه فى المقام يحصل الظنّ المستند الى اللّفظ بالحكم فيكون
حجة ويجوز العمل به ويشكل بانّه ان كان المقصود انّ من لفظ النّاقل يحصل الظنّ
بالحكم فيكون حجة ففيه انّ استناد الظنّ بالحكم الى لفظ النّاقل لا يوجب حجيّة لو
كان النّقل مبنيّا على اجتهاد النّاقل كيف لا ولو كان الظنّ المستند الى اللّفظ
حجّة مطلقا لكان الظنّ الحاصل من فتوى الفقيه الواحد حجّة بلا اشكال على حسب حجية
سائر الظّنون اللفظيّة لاستناده الى اللّفظ مع انّه لا يتاتى حجيّة على القول
بحجيّة الظّنون الخاصّة بل بعض من قال بحجيّة مطلق الظنّ قال بعدم حجيّته بل ادعى
الاجماع على عدم الحجيّة وان كان المقصود انّ من لفظ النّاقل يحصل الظنّ بدلالة
لفظ المعصوم على الحكم للظنّ بالمطابقة بين الاصل والفرع اى التّرجمة فالظنّ
بالحكم حجّة فله وجه الا انّ هذا الفرد من الظنّ بدلالة لفظ المعصوم اخفى افراد
الظنّ بدلالة اللّفظ فعموم ما دلّ على حجيّة الظنّ المستند الى اللّفظ له مشكل بل
العموم غير ثابت والّا لكان مظنون المتجزى المستندة الى الكتاب والسنة حجّة
اتّفاقا مع انّ الخلاف فى حجيّة الظنّ المتجرى معروف بل بعض من قال بحجيّة مطلق
الظنّ قال بعدم حجيّته إلّا ان يقال انّ العموم بالنّسبة الى المجتهد المطلق وقد
يلحق بالمنقول بالمعنى من الرّاوى المنقول بالمعنى من غير الرّواة كما لو قيل فى
بعض الكتب الفقهيّة او غيرها ويدلّ على هذا بعض الاخبار الصّحيحة او اخبار كثيرة
ففيهما يثبت اعتبار المدلول بتوسّط اعتبار المنقول بالمعنى ويثبت اعتبار فى اوّل السّند
فى الاول بتوسّط اعتبار التّصحيح على القول بكفاية تصحيح الغير وفى الثّانى يثبت
اعتبار السّند بتوسّط الاستفاضة ومن قبيل ذلك اعتبار التّصحيح على القول بكفاية
التّصحيح الغير وفى الثّانى ثبت اعتبار السّند بتوسّط الاستفاضة ومن قبيل ذلك ما
فى الوسائل كثيرا وتقدّم على ما يدلّ على ذلك ويأتى ما يدلّ عليه ويمكن ان يقال
انّه فى المقام لا يحصل الظنّ بالدّلالة فضلا عن الظنّ بالحكم لفرض عدم الفحص قضية
عدم امكانه وبعد فرض حصول الظنّ لا دليل على اعتباره نظير ما يتاتّى من الكلام فى
حصول الظنّ واعتباره فى باب العمل بالعموم قبل الفحص وتصحيح الغير وتعديل مجهول
العين ورواية من لا يروى الّا عن العدل ورواية من لا يرسل الّا عن ثقة ان كان
الارسال باتهام الواسطة لكن يمكن القول بانّ الظّاهر بل بلا اشكال حصول الظنّ
بالدّلالة المفيد للظنّ بالحكم نعم فى باب العموم قبل الفحص لا يتاتّى الظنّ
بالعموم قبل الفحص لكثرة التخلّف اعنى التّخصيص بخلاف المقام كما انّ فى سائر
الموارد المذكورة ايضا يتاتّى الظنّ بالعدالة لعدم ثبوت كثرة الاختلاف فى الجرح
والتّعديل الممانعة عن حصول الظنّ كما قد يدعى وامّا الحجيّة فهى تتاتّى بناء على
حجيّة مطلق الظنّ بل لو لم يتاتى الحجيّة هنا لما تاتى فى باب المنقول بالمعنى لكن
يتاتى الاشكال بناء على حجيّة الظّنون الخاصّة لانّ المدار فى الظنّ اللّفظى بناء
على اعتبار الظّنون الخاصّة على الظنّ المتعارف بين اهل اللسان والظنّ الحاصل فى
المقام متعلّقا بالدّلالة لا يكون ممّا تعارف بين اهل اللسان وان اتّفق على اعتبار
الظنّ الحاصل من المنقول بالمعنى متعلّقا بالدّلالة إلّا ان يدّعى القطع بعدم
الفرق بين الظنّ الحاصل قبل الفحص والظنّ الحاصل بعد الفحص او يدعى القطع بعدم
الفرق بين الظنّ الحاصل فى المقام متعلّقا بالدّلالة والظنّ الحاصل من
المنقول بالمعنى متعلّقا بالدّلالة لكن دون كلّ منهما الكلام بل صرح الباغنوى فى
بحث التّخصيص بمذهب الرّاوى بانّ الاعتقاد بان هاهنا دليلا اجمالا لا يكفى ما لم
يحصل معرفته بعينه بل استظهر الوالد الماجد ره الاتّفاق منا بل عن اكثر اهل العلم
على عدم كفاية الظنّ بوجود الدّليل على الحكم مع الجهل بعينه نوعا او صنفا او شخصا
لكن قيل ان اشتراط العلم بعين الدّليل خلاف مذهب العلماء وطريقتهم الثانى عشر انّ
المدار فى فهم مداليل الفاظ الكتاب والسنة على فهم المجتهد فالمجتهد انّما يبنى
على فهم نفسه من حيث انّه مفهوم نفسه وما يقتضيه كلام صاحب المعالم وجماعة ممّن
تاخر عنه كالعلامة البهبهانى والمحقّق القمّى والسيّد السّند العلى حيث ذكروا فى
ثمرة اختصاص الخطابات الشّفاهيّة للحاضرين وعمومه للمعدومين ما توضيحه على ما
حررناه فى محلّه انّه على تقدير الاختصاص لا بدّ من للمجتهد من بنائه فى فهم العام
على فهم الحاضرين سواء ثبت اختلاف عرف الحاضرين والمعدومين من اوّل الامر او بعد
الفحص إلّا انّه على الاخير بينى الامر على ما يفهمه قضية اصالة عدم القرينة
الحاليّة الدّال على خلاف الظّاهر فحجيّة مفهومه فى حقّه ليس من حيث انّه مفهوم
نفسه بل من حيث انّه مفهوم الحاضرين وامّا على تقدير العموم فيبنى فى فهم الخطاب
على مفهوم نفسه فى جميع الصّور المذكورة لقبح الخطاب بما له ظاهر وارادة خلاف
الظّاهر ليس على ما ينبغى لعدم قيام دليل على اعتبار فهم المشافهين والرواة من باب
التعبّد ففهمهم من باب اسباب الظنّ فلو اتّفق كون فهم مخالفا لفهم المجتهد فلا
عبرة بفهم الرّاوى لا يقال ان عدم ردع المخاطب فى الصّورة المذكورة عمّا فهمه يكشف
عن كون المراد ما فهمه لانا نقول انّه يحتمل الردع وعدم وصوله الينا مع انّه يمكن
ان يكون فى الباب ما يقتضى عدم الردع الثّالث عشر انّه يدور الامر فى باب المجازات
المقرونة بالقرينة المتّصلة بين التصرّف فى ظاهرين بصرف احدهما عن الظّهور بظاهر
الآخر وجعل ظاهر الآخر قرينة لصرف الاوّل عن الظّهور فلا بدّ من ملاحظة الاقوى
والاضعف وصرّف الاضعف بالاقوى او الرّجوع الى العرف بل هو الاوجه مثلا لو قيل رايت
اسدا يرمى او قيل رايت اسدا فى الحمّام يدور الامر بين التصرّف فى الأسد بحمله على
الرّجل الشّجاع والتصرّف فى الرّمى بالحمل على إثارة التّراب او التصرّف فى
الحمّام بالحمل على الفلاة الحارة لكن ظهور الرّمى والحمّام فى المعنى الحقيقى
اقوى من ظهور الأسد فى الحيوان المفترس فيبنى على التصرّف فى الأسد صرفا للاضعف
بالاقوى ويساعد العرف ايضا مع صرف التصرّف الى الأسد وعلى ما ذكر يجرى الحال لو
دار الامر فى ارتكاب خلاف الظّاهرين بين وجهين كلّ منهما من باب الحقيقة ويجرى
نظير ما ذكر من غلبة الاقوى فى الامور العادية كما فى معارضة الخصمين فى المعارك
حيث ان الاقوى يغلب على الاضعف وان امكن غلبة المساوى او الاضعف بمعاونة بعض
الامور الخارجة لكن القوىّ المتأثّر اغنى غير القائم مقام المدافعة يتاثّر
بالضّعيف المؤثّر فيه إلّا انّه يحتاج التّاثير الى التكرار والاكثار ويرشد اليه قول
الشّاعر ألا ترى ان الجبل بتكراره فى الصّخرة الصّماء فد أثرا ومن هذا الباب تاثير
قطرات الماء فى الجبل بالتّعميق كما وقع فى بعض الجبال وربما يفهم عرفا فى تعارض
الظّاهرين تقديم المساوى او الاضعف ومنه تخصيص العام بالمفهوم لو كان قوة المفهوم
من حيث الخصوصيّة مساويا لقوّة العموم من حيث المنطوقيّة او اضعف منها على ما
شرحنا الحال فى محلّه وان قلت انّ اللّفظ الموضوع للمعنى الحقيقى ينصرف عن ظهوره
فى معناه الحقيقى بواسطة مجرّد اللّفظ الظّاهر فى معناه الحقيقى اعنى القرينة وهو
قاعدة مطرّدة وليس ضمير؟؟؟ القرينة اللّفظ فى المعنى مختلفا باختلاف الالفاظ حتّى
تقول ان ظهور القرينة فى معناها اقوى من الظّهور المصروف كما هو مقتضى كلامك قلت
ان دلالة الالفاظ بملاحظة مجرّد الوضع وان كانت غير مختلفة الحال عند العالم
بالوضع إلّا انّها تختلف المنضمّات والملحقات ومن هذا اختلاف الدّلالة بالنّصوصيّة
والظّهور بل بعض الالفاظ قد تكثر استعماله
فى معنى مجازا بقرينة اقوى وان لم يبلغ الامر الى المجاز المشهور وبعض
الالفاظ لم يتجاوز استعماله عن المعنى او لم يتكثّر استعماله فى المعنى المجازى
ولا اشكال فى ان ظهور اللّفظ الثّانى فى المعنى الحقيقى اقوى بلا اشكال فهو يوجب
صرف اللّفظ الاوّل لو دار الامر بينهما الرّابع عشر انّه يتاتّى الاشكال فى حجيّة
المفهوم مطلقا او فى الجملة على القول بكونه مطلقا او فى الجملة من باب حكم العقل
لو كان الشّرط مثلا فى كلام غير الحكيم ولو انحصر فائدة الاشتراط فى المفهوم او
تعدد فائدة الاشتراط فى كلام الحكيم لكن كان المفهوم اظهر الفوائد ومن هذا السيّد
الصّدر انكر اعتبار مفهوم الشّرط بناء على كونه من باب حكم العقل لو كان الشّرط فى
كلام غير الحكيم وظاهره الانكار لو كان الشّرط فى كلام الحكيم مع تعدد الفائدة
بملاحظة ابتناء المفهوم فى كلّ من الصّورتين على الظنّ العقلى اعنى الظنّ بكون
الاشتراط من جهة المفهوم على تقدير تعدّد الفائدة مع كون المفهوم اظهر الفوائد لو
كان الاشتراط فى كلام الحكيم او مضافا الى الظنّ بالاحتراز عن اللّغو لو كان
الاشتراط فى كلام غير الحكيم والظنّ بالاحتراز عن اللّغو لو كان الاشتراط فى كلام
غير الحكيم مع انحصار الفائدة فى المفهوم قال السيّد المشار اليه بعد اختيار كون
مفهوم الشّرط من باب حكم العقل ولكن لا اعتمد على مثل هذا الظنّ لعدم دليل قطعىّ
على اعتباره واخراجه من الاصول الثانية عندنا وهو منع اتباع الظنّ وامّا الاجماع
الّذى ادعى على كفاية الظنّ فى الدّلالة اللّفظية فانّا لا نمنعه فى المعانى
المطابقيّة ولا الالتزاميّة الّتى يكون لزومها بينا سواء كان لعلاقة عقليّة او
عرفيّة لا يتّفق معها الانفكاك وان لم يكن مستحيلا كيف لا ولو لم يكتف بالظنّ فيها
لا تسد طريق الحكم الشّرعى علينا اذ اكثر الاخبار خال عن القرينة المفيدة للقطع
بمراد المعصوم وامّا غيرها فدعوى الاجماع فيه لا شاهد لها وعدم العمل بالظنّ فيه
غير مستلزم لمحظور اصلا وقد يجاب تارة بان الظنّ مستند الى اللّفظ بشرط العقل
واخرى بانّ حكم العقل من باب القرينة والقرينة لا يعتبر فيها الاعتبار وثالثة بانّ
مدرك القول بالمفهوم هو غلبة ثبوت الانتفاء عند الانتفاء والظنّ المستفاد من
الغلبة ممّا تداول البناء عليه فى العرف فى حمل الالفاظ على المعانى حتّى انّه قد
يرجّح المجاز المشهور على الحقيقة بواسطة الشّهرة اغنى غلبة الاستعمال فى المعنى
المجازى والكلّ محلّ الكلام ويمكن الجواب باعتبار الظنّ المتعقّب اللّفظ وان كان
الظنّ من باب حكم العقل كما فى دلالة الايماء والاشارة لكن يتاتى الاشكال فيه بما
مرّ وبما سمعته يظهر الحال اشكالا وجوابا لو قيل بعموم المفهوم مع القول بكون العموم
اظهر الفوائد لكن الظّاهر انّه لم يتّفق القول بعموم المفهوم ممّن قال بكونه من
باب الوضع على فرض كونه من باب حكم العقل بل على القول بالمفهوم ولو من باب حكم
العقل وان اتّفق القول بالعموم فى مفهوم الشّرط ممّن قال بكونه من باب الوضع على
فرض كونه من باب حكم القول بل على القول بالمفهوم ولو من باب حكم العقل لا بدّ من
القول بالعموم على القول باستلزام القول بالمفهوم للقول بالعموم الخامس عشر انّه
لا تردد ضمير او نعت او غيرهما رجوعا بين امرين وكان ظاهر الرّجوع الى احد الامرين
فهل الظّهور المذكور حجّة ام لا مقتضى كلام بعض المنع عن الحجيّة وهذا العنوان
ينفع فى الرّجال فى غاية الكثرة لغاية كثرة ذكر النّعت بعد الوالد والولد فى ذيل
العناوين مضافا الى موارد اخرى يظهر فيها نفع العنوان لكن العمدة ما لو تردد
التّوثيق رجوعا بين شخصين كما يتّفق فى بعض الاحيان بل كثيرا ومنه قول النّجاشى
محمّد بن اسماعيل بن بزيع ابو جعفر مولى المنصور ابى جعفر وولد يزيع بيت منهم حمزة
بن بزيع كان من صالحى هذه الطّائفة وثقاتهم كثير العمل له كتب حيث ان مقتضى ما عن
ابن داود من ذكر ذيل العبارة اعنى قوله كان من صالحى هذه الطّائفة وثقاتهم فى شان
محمّد بن اسماعيل بزيع رجوع الضّمير فى كان الى محمّد بن اسماعيل وعود التّوثيق
اليه وعلى ذلك جرى شيخنا البهائى فى مشرفه حاكيا عن حواشيه على الخلاصة وهو الاظهر
ومقتضى ما صنعه العلّامة حيث ذكر قوله كان اه فى شان حمزة هو رجوع الضّمير الى
حمزة وعود التّوثيق اليه وقد عده فى فواتح المنتقى ممّا وقع للمتاخّرين
من الاوهام فى باب التزكية من جهة قلّة التامّل وخفة المراجعة اعتمادا فى
التّاليف على طريقة الاكثار مع عدم مناسبة فى الغالب لتدقيق النظر وتحرير الاعتبار
وحكم فى المنهج بكونه اشتباها وظاهر المحقّق القمّى فى بحث تعارض الجرح والتّعديل
بل جماعة من المحقّقين على ما حكاه كون ذلك من باب الاوهام وظاهر السيّد السّند
التفرشى التوقّف ونظيره قول النّجاشى فى ترجمة على بن ابى حمزة وله اخ يسمى جعفر
بن ابى حمزة روى عن ابى الحسن موسى وروى عن أبي عبد الله عليهماالسلام ثمّ وقف حيث انّه جرى بعض على رجوع الرواية عن ابى
الحسن وابى عبد الله عليهماالسلام الى جعفر بن ابى حمزة ولذلك اورد البعض بخروج الوقف عن
المصطلح لكونه مصطلحا فى الوقف على الكاظم عليه السّلم وجرى بعض آخر على رجوع
الرّواية المشار اليها الى علىّ بن ابى حمزة و؟؟؟ عن المحذور المذكور وقد استوفينا
موارد تردد التّوثيق ونحوه رجوعا بين شخصين فى الرّسالة المعمولة فى ثقة وحرّرنا
فيها انّ الظّاهر الرّجوع الى صاحب العنوان مع لزوم ملاحظة خصوص الموارد والمقامات
والحق فى المقام انّه ان كان دوران الامر فى رجوع الضّمير فيرجع الامر الى تردّد
المراد بالضّمير بين شخصين فالظنّ بالرّجوع الى احد الشّخصين يرجع الى الظنّ
بالارادة ويظهر الحال فيه بما تقدّم ونظيره انّه قد يذكر الضّمير فى بعض الاسانيد
خاليا عن المرجع وينكشف المرجع بالرّجوع الى موارد اخرى كما فيما رواه الشّيخ فى
عدة مواضع من التّهذيب وبعض مواضع الاستبصار فى اثناء الاسناد عن على الجرمى عنهما
عن ابن مسكان حيث انّ مرجع الضّمير محمّد بن ابى حمزة ودرست بن منصور كما صرّح به
جماعة بشهادة وقوعهما موقع الضّمير فى موارد شتّى من التّهذيب وبعض مواضع
الاستبصار وقد حرّرنا الحال فى بعض الفوائد الرّجاليّة وان كان التردّد فى مثل
الصّفة فالظنّ بالرّجوع الى احد الشّخصين خارج عن الظنّ بالوضع والظنّ بالاستعمال
إلّا انّه لا قائل بالفرق بين الظنّ بالمرجع فى الضّمير والظنّ بالمرجع فى غير
الضّمير وباعتبار الاوّل دون الثّانى مع انّ طريقة ارباب الظّنون كلا مستقرّة على
العمل بالظنّ فى المقام ايضا وبما ذكرنا يظهر الحال فيما لو تردد التّوثيق مثلا
بين الرّجوع الى شخص والرّجوع اليه مع غيره كما فى قول الكشى فى ترجمة إبراهيم بن
ابى بكر ثقة اخوه إسماعيل رويا عن ابى الحسن موسى عليهالسلام حيث انّ قوله ثقة واخوه إسماعيل يحتمل فيه ان يكون ثقة
خبر المبتدا محذوف كما هو الحال فى ثقة غالبا فيكون هو واخوه إسماعيل رويا عن ابى
الحسن جملة اخرى فيختصّ التّوثيق بابراهيم كما جرى عليه فى المنهج ولعلّه الاظهر
قضيّة الغلبة المشار اليها ويحتمل ان يكون ثقة هو واخوه إسماعيل جملة مستقلة ورويا
جملة اخرى كما هو مقتضى ما صار اليه العلامة فى الخلاصة من توثيق إسماعيل اذ
الظّاهر كون منشإ التوثيق هو كلام النّجاشى بكل الظنّ فى المقام من باب الظنّ
بالارادة والظنّ بالاستعمال فرد من الظنّ بالارادة لكن الظنّ بالارادة فى المقام
ليس من باب الظنّ بالاستعمال إلّا ان يقال انّ الظنّ فى المقام ليس من باب الظنّ
بالارادة لعدم اختلاف المعنى المراد من اللّفظ فالظنّ بالارادة لا يتخلّف عن الظنّ
بالاستعمال نعم اختلاف المفاد من باب اختلاف التّركيب النحوى فالظنّ فى المقام من
باب الظنّ بالتّركيب النّحوى وبما ذكرنا يظهر الحال ايضا فيما لو تردّد كلام بين
شخص او اشخاص والظّاهر كونه كلام احد الشّخصين او الاشخاص والكلام فيه ينفع فى
الرجال ايضا كما فى قول الكشى فى ترجمة ثعلبة بن ميمون حمدويه عن محمّد بن عيسى ان
ثعلبة بن ميمون مولى محمّد بن قيس الانصارى وهو ثقة خير فاضل مقدم معدود فى العلماء
والفقهاء والاجلّة من هذه العصابة لتردد التوثيق فيه بين كونه من كلام الكشى كما
هو مقتضى كلام السّيد السّند التّفرشى وكونه من كلام محمّد بن عيسى كما هو ظاهر
العلامة وابن داود بملاحظة عدم توثيق ثعلبة منهما اذ الظّاهر انّه بملاحظة اشتراك
محمّد بن عيسى وكون التّوثيق منه والّا فحمدويه منصوص بالتّوثيق فى الخلاصة والكشى
وثقة النّجاشى وكذا الشّيخ فى الرّجال ولعلّه الاظهر لبعد نقل مجرّد المولويّة
بواسطتين كما هو الحال
على تقدير كون التّوثيق من الكشى لعدم الاهتمام بالمولويّة فلا تليق
بالنّقل بواسطتين بل نقل المولويّة قليل او مفقود الاثر بخلاف الوثاقة فانّها محلّ
الاهتمام تمام الاهتمام وربما احتمل كون التّوثيق من حمدويه وضعفه ظاهر وغير ذلك
ممّا يتردد فيه التّوثيق بين كونه من كلام النّاقل وكونه من كلام المنقول عنه وقد
حرّرناه فى الرّسالة المعمولة فى ثقة ايضا ويظهر الثّمرة فيما لو كان النّاقل
والمنقول عنه مورد الاعتبار بالعدالة او المدح دون الآخر لو كان الواسطة متعددة فى
جانب الطّول مع عدم اعتبار بعض الوسائط لو كان النّاقل الاوّل والمنقول عنه كلاهما
معتبرين على تقدير تخلّل الواسطة ومن ذلك الباب انّه قد يتردد كلام بين كونه من
الامام وكونه من الرّاوى والظّاهر كونه من احدهما كما فيما رواه فى التّهذيب بسنده
عن ابى عبد الله عليه السّلم عن آبائه عليهم السّلم انّه كان اذا خرج من الخلاء
قال الحمد لله الّذى رزقنى لذّته وابقى فى جسدى قوته واخرج عنّى اذاه يا لها من
نعمه ثلاثا حيث انّه قد جرى شيخنا البهائى فى مشرقه على كون قوله ثلاثا قيدا لقوله
قال فالغرض انّ عليّا عليه السّلم كان ياتى بالدّعاء ثلاثا وعليه جرى السيّد
السّند الجزائرى واحتمل شيخنا البهائى كونه قيدا للجملة الاخيرة واحتمل فى المجمع
كلا من الوجهين والظّاهر انّ الغرض من كونه قيدا للجملة الاخيرة هو ان يقال يا لها
من نعمة ثلث مرّات كما ربما جرى غير واحد نقلا على كون الغرض من قوله ثلاثا هو ان
يقال يا لها من نعمة ثلث مرّات ويحتمل ان يكون الغرض كونه قيدا للنّعمة لكنّه خلاف
ظاهر دعوى كونه قيدا للجملة الاخيرة وعلى هذا الاحتمال يمكن ان يكون الغرض ان يقال
نعمة ثلث مرّات ويمكن ان يكون الغرض التعجّب من النّعم الثلث والاظهر فى النّظر
انه قيدا للنّعمة والغرض التعجّب ويرشد اليه ما فى الدّعاء المروى فى الفقيه وهو
الحمد لله الّذى رزقنى لذّته وابقى فى قوّته فيا لها من نعمة لا يقدر القادرون
قدرها ويمكن ان يكون هذا هو المقصود باحتمال كونه قيدا للجملة الاخيرة كما انّه
يمكن ان يكون المقصود ان يقال نعمة ثلث مرّات لكن كل منهما خلاف ظاهر الاحتمال
المشار اليه وبالجملة فقوله ثلاثا امّا ان يكون قيدا لقوله قال او يكون قيدا لقوله
فيا لها من نعمة او يكون قيدا للنّعمة مع كون الغرض ذكر النّعمة ثلث مرّات او كون
الغرض التعجّب وهو من كلام الامام عليهالسلام على الوجه الاخير من الوجه الاخير ومن كلام الرّاوى على
غير ذلك الوجه الّا انّه لو كان من كلام الامام عليه السّلم فيتعيّن فيه الوجه
الاخير وان كان من كلام الرّاوى فلا بدّ من الوجه الاوّل ولا مجال للوجه الثّانى
ولا للوجه الاوّل من الوجه الاخير وكذا ما رويه فى التّهذيب عن الكافى بالاسناد عن
محمّد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلم قال طلاق السنة يطلق تطليقه يعنى على طهرين
من غير جماع حيث انّ قوله حيث يعنى امّا من كلام مولانا ابى جعفر عليه السّلم
تفسير الكلام النّبى صلىاللهعليهوآله شرحا لتمام الجملة او الجزء الاخير من الجملة اعنى
تطليقه بناء على كونها بمعنى مشروعة بكونه من باب المفعول المطلق النّوعى لا
التّاكيدى كما هو الحال على الاوّل او من كلام الرّاوى ولعلّه الاظهر وكذا ما رويه
فى التّهذيب عن الكافى مضمرا من انّه يجوز غير الجريدة بدل الجريدة اذا عورت
الجريدة والجريدة افضل وقوله وبه جاءت الرّواية حيث انّه يحتمل ان يكون كلّ من
قوله والجريدة افضل وقوله وبه جانب الرّواية من كلام الامام عليه السّلم فالمقصود
من مجيء الرّواية هو المجيء عن الرّسول صلىاللهعليهوآله ويحتمل ان يكون كلا منهما من كلام الكلينى ويحتمل ان
يكون الاوّل من كلام الامام عليه السّلم والثّانى من كلام الكلينى ولعلّ الاخير
اظهر وكذا ما رويه فى التّهذيب عن الكافى بالاسناد عن مسعدة بن صدقة عن ابى عبد الله
عليهالسلام سئل عن الامر بالمعروف والنّهى عن المنكر أواجب هو على
الامة جميعها فقال لا فقيل ولم قال انّما على هو القوىّ المطاع العالم بالمعروف عن
المنكر لا على الضعفة الّذين لا يهتدون سبيلا الى اىّ من اىّ يقول من الحقّ
الى الباطل حيث انّ قوله يقول يحتمل ان يكون من كلام مولانا الصّادق عليه
السّلم فيكون يقول بمعنى يدعوا اى يدعوا هذا الضّعيف النّاس من الحقّ الى الباطل
ويحتمل ان يكون من كلام الرّاوى فى تفسير كلام مولانا الصّادق عليه السّلم على اىّ
من اىّ لا يعلمون انّهم يهدونهم من الحقّ الى الباطل او بالعكس ولعلّ الاوّل اظهر
وكذا ما رويه فى التّهذيب بسنده عن جميل قال سألت أبا عبد الله عليه السّلم عن قول
النّاس فى الصّلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب امين قال ما احسنها واخفض الصّوت
بها حيث انّه يحتمل ان يكون قوله ما احسنها على صيغة التعجّب واخفض على صيغة الامر
اى قول امين حسن لكن لا تجهر بها فيكون من كلام مولانا الصّادق عليه السّلم لكنه
محمول على التقيّة ويحتمل ان يكون ما احسنها كناية عن عدم حقيقتها وما نافية
واحسنها من باب الافعال وعلى هذا يمكن ان يقرأ اخفض بصيغة الامر من كلام مولانا
الصّادق ع ايضا اى لا تذكر هذا عند العامة ويمكن ان يقرأ بصيغة الماضى فيكون من
كلام الرّاوى اى اخفض صوته عند قوله ما احسنها وكذا ما رويه فى التّهذيب بالاسناد
على البزنطى عن ابى الحسن الرّضا عليه السّلم قال قال ابو جعفر عليهالسلام عدّة المتعة خمسة واربعون يوما والاحتياط خمسة واربعون حيث
انّ قوله والاحتياط امّا من كلام ابى جعفر او ابى الحسن عليهما السّلم او من كلام
الرّاوى وكذا ما رويه الصّدوق فى الفقيه بالاسناد عن ابى بصير وزرارة قال قال ابو
عبد الله عليه السّلم ان من تمام الصّوم اعطاء الزّكاة يعنى الفطرة حيث انّ قوله
يعنى الفطرة يحتمل ان يكون من كلام مولانا الصّادق عليهالسلام ويحتمل ان يكون من كلام الصّدوق او غيره من الرّواة
والظّاهر انّه من كلام الصّدوق لخلو التهذيب عنه وكذا ما رواه الصّدوق فى الامالى
نقلا فى الصّحيح عن علىّ بن مهزيار قال كتبت الى ابى جعفر محمّد بن علىّ بن موسى
الرّضا عليه السّلم جعلت فداك اصلّى خلف من يقول بالجسم وخلف من يقول بقول يونس
يعنى ابن عبد الرحمن حيث انّ قوله يعنى ابن عبد الرّحمن يحتمل ان يكون من كلام
علىّ بن مهزيار ويحتمل ان يكون من كلام الرّاوى عنه السّادس عشر انّه جرى جماعة فى
باب تعارض الاحوال نقلا على ترجيح بعض الاحوال على بعض بكثرة الفوائد وقلّة
المفاسد وعدوا من كثرة الفوائد وقلّة المفاسد كثرة المئونة وقلّتها وجرى جماعة
اخرى على التّرجيح بالغلبة ومقتضاه تقديم ما كان اغلب وقوعا فى العرف لو كان
التّعارض فى الكتاب او فى الاخبار وكذا تقديم ما لو كان اغلب وقوعا فى الكتاب او
فى الاخبار لو كان التّعارض فى الاخبار والفاضل التّونى جعل الاولى التوقّف فى
صورة التّعارض كما تقدّم الّا مع امارة خارجيّة او داخليّة توجب صرف اللّفظ الى
معيّن تعليلا بانّ التّرجيح بكثرة المئونة وقلتها وكثرة الوقوع وقلته لا يوجب
الظنّ بالارادة ولا دليل على اعتبار الظنّ بعد تسليم حصوله ووافقه السيّد الصّدر
كما مرّ ومن العجيب انّ المحقّق القمّى منع عن حجيّة الظنّ المستفاد من الغلبة فى
المقام بعد تسليم حصوله كما انّه منع عن حجيّة الظنّ المستفاد من الاستقراء بعد
ثبوته حيث انّه زيف القول بتقديم النّهى بناء على عدم جواز الاجتماع تمسّكا
بالاستقراء بالمنع عن اعتبار الاستقراء بعد ثبوته مع كون الظنّ هناك راجعا الى
الظنّ بالتّرجيح وهو معروف بالحجيّة وبعد ذلك باسطر حكم بانّه يدلّ على حجيّة
الظنّ المستفاد من الغلبة فى المقام ما يدلّ على حجيّة اصالة الحقيقة ثمّ قال ولم
تقف على من منع عن حجيّة مثل هذا الظنّ من الفقهاء فقال وبالجملة فلا مناص عن
العمل بالظنّ فى دلالة الالفاظ خصوصا على قول من يجعل الاصل جواز العمل بالظنّ
الّا ما خرج بالدّليل مع انّه يظهر من التتبّع فى تضاعيف الاحكام الشرعيّة اعتبار
هذا الظنّ فلاحظ وتامّل وان شئت ارشدك الى موضع واحد منها وهو ما دلّ على حلية ما
يباع فى اسواق المسلمين وان اخذ من يد رجل مجهول الاسلام فروى إسحاق بن عمّار فى
الموثق عن العبد الصّالح انّه قال لا باس بالصّلاة فى الفرو اليمانى وفيما صنع فى
ارض الاسلام قلت فان كان فيها غير اهل الاسلم
قال اذا كان الغالب عليها المسلمون فلا باس ويدلّ على ذلك الغرف ايضا
وشتّان بين انكار الاعتبار اولا والاصرار فى الاعتبار ثانيا فتارة بدعوى دلالة ما
يدلّ على اعتبار اصالة الحقيقة على اعتبار الظنّ المستفاد من الغلبة فى المقام
بمعنى ان المقصود بالاصل فى اصالة الحقيقة هو الظّهور ومنشأ الظّهور هو غلبة
الاستعمال المعنى الحقيقى فكلّ ما يدلّ على اعتبار هذه الغلبة فهو يدلّ على اعتبار
الغلبة هنا والفرق مقطوع العدم واخرى بدعوى عدم ظهور الخلاف وثالثة بدعوى قضاء
الاستقراء فى تضاعيف الاحكام بالحجيّة لكن هذا الاستدلال من قبيل اثبات الشّيء
بنفسه لانّ الاستقراء لا يخرج عن الغلبة فالمرجع الى التمسّك بالغلبة على اعتبار
الغلبة اللهمّ إلّا ان يكون التمسّك بالاستقراء مبينا على دخوله فى دلالة الاشارة
كما جرى عليه غير واحد من الاواخر كما مرّ لكن لم يظهر من شيء من كلماته السّلوك
فى هذا المسلك مع انّ غاية ما يقتضيه الاستقراء انّما هى اعتبار الغلبة فى
الموضوعات كما هى مورد نصّ إسحاق بن عمّار فى باب سوق المسلمين او مطلقا حتّى فى
اثبات الاحكام ودونه الكلام لكنّه لا يقتضى الاعتبار فى تشخيص المراد بلا كلام وان
قلت انّ المدار فى الاستقراء على عدم وجود الفرد المخالف بخلاف الغلبة فاختلف
الاستقراء والغلبة فما دلّ على اعتبار الغلبة لا يجدى فى اعتبار الاستقراء قلت
انّه بعد تسليمه امر اصطلاحى فلا يخرج اعتبار الاستقراء عن اعتبار الغلبة وما يدلّ
على اعتبار الغلبة يقتضى اعتبار الاستقراء ورابعة بدعوى دلالة العرف بمعنى ان
طريقة النّاس جارية فى امور معاشهم منّ المكاسب والمعاشرات على مراعاة الغلبة مثلا
يسافرون بظنّ السّلامة المستند الى الغلبة ويكاسبون بظنّ الزرع المستند الى الغلبة
ايضا وهكذا لكن لا يقتضى هذا اعتبار الغلبة فى استكشاف المراد واثبات الاحكام
اللهمّ الّا ان يتمسّك بالتقرير بتقرير غير معروف كما وقع نظيره فى بعض ادلّة
حجيّة خير الواحد كما مرّ بان يقال انّه لو لم يكن البناء على الغالب فى استكشاف
المراد مرضى الشارع المقدّس لوقع النّهى عن تعميم الغلبة فى استكشاف المراد قضية
اقتضاء الجملة التّعميم لو لم يمنع عنه لكن التّعويل على ذلك فى المقام وامثاله
محلّ الاشكال بل الانكار اولا ينافى القول بحجيّة مطلق الظنّ فى الاحكام كما هو
مقتضى قوله خصوصا على قول من يجعل الاصل جواز العمل بالظنّ الّا ما خرج بالدّليل
وان جمع السيّد السّند العلى بين القول بحجيّة مطلق الظنّ والقول بعدم اعتبار
الظنّ بالوضع كما مرّ إلّا انّه لا مجال لشيء من انكار اعتبار مطلق الظنّ بالوضع
او الارادة الّا بدعوى غلبة العلم فى باب الوضع او فى باب الاستعمال وربما حكم
المحقّق المشار اليه فى بحث وقوع الامر عقيب الخطر بان قاعدة حمل الشّيء على
الغالب قاعدة نفيسة مبرهن عليها بالعقل والعرف والشّرع قال وقد حرم من فوائدها من
لم يصل الى حقيقتها وقال فى بعض تحقيقاته وهى يعنى الغلبة قاعدة شريفة قد حرم من
فوائدها من انكرها ولم يعرف حقيقتها وهذه القاعدة مستفادة من العقل والنّقل لكن
غرضه حجيّة الغلبة فى صورة افادة الظنّ شخصا اقول انّه يتاتى الكلام تارة فى افاده
كثرة الفائدة او قلّة المفسدة للظنّ بالمراد والمقصود بالافادة واخرى فى حجيّة
الظنّ المستفاد من كثرة الفائدة او قلّة المفسدة او الغلبة امّا الاوّل فلا خفاء
فى عدم اقتضاء كثرة الفائدة للظنّ بالارادة فى محاورات اهل العرف ولا فى الكتاب
والسنة اذ اهل العرف لا يراعون كثرة الفائدة وقلّة المفسدة بعد الاطّلاع على
الفائدة والمفسدة فى محاوراتهم فى اليوم والليلة واكثر آيات الكتاب فى بيان احكام
الشّرعيّة وكذا الاخبار رجلا بل كلا فى بيان الاحكام الشرعيّة لم يراع فيها
المحاسن البديعيّة فضلا عن الفوائد والمفاسد نعم لو كان التّعارض فى مورد ثبت فيه
مراعات البلاغة فلعلّ كثرة الفائدة او قلّة المفسدة توجب فيه الظنّ بالارادة الا
انّ البلاغة لا تقتضى مراعاة ما كان اكثر فائدة واقلّ مفسدة نعم لو ثبت فى مورد
مراعات الفوائد والمفاسد يتاتى الظنّ بالارادة بتوسّط كثرة الفائدة او قلّة
المفسدة لكن بعض الفوائد مثل قلّة المئونة لا يكون دخيلا
فى كمال الكلام ولا يراعيه مراع وامّا الغلبة فلا ريب ولا شكّ فى حصول
الظنّ منها بالارادة كيف لا والغلبة توجب الوضع بالتعيّن وهجر الحقيقة بل الغلبة
ربما تفيد العلم كما فى الاستقراء النّاقص المتآخم للتّمام وملاحظة اتّفاق اكثر
الموارد الا ما شذ وندر ومن هذا اعتبار الاجماع لانّ المجتهد لم يتفحّص الّا عن
الفتاوى المدّخرة فى الكتب المدونة ومع هذا يدعى اتّفاق الاصحاب وامّا الثّانى
فمقتضى حجيّة الظنّ بالمراد حجيّة الظنّ المتطرّق فى المقام الّا ان يقال انّ
الظنّ المتأتّي فى المقام بتوسّط كثرة الفائدة وقلّة المفسدة خارج عن الظّنون
المتعارفة المتداول التّعويل عليها فى العرف الّا ان يقال انّه لا باس بالخروج كيف
لا وقد تقدّم جواز العمل بالقياس فى استكشاف المراد بعد تصوير صورة افادة القياس
للظنّ بالمراد ولكن نقول ان الغلبة انّما تنفع بناء على اعتبار الظّنون الخاصّة لو
كان الظنّ بالمراد مستفادا من اللّفظ بشرط الغلبة والّا فلو كان الغلبة مستقلّة فى
افادة الظنّ او دخيلة فيها يكون الظنّ مستندا الى الغلبة او مجموع اللّفظ والغلبة
فلا يتاتى حجيّة الظنّ المشار اليه السابع عشر ان مقتضى غير واحد من كلمات المحقّق
القمّى عدم جواز الاعتماد على انصراف المشترك الى احد معانيه كما قاله فى بحث
التّبادر من انّ المشترك اذا اشتهر فى احد معانيه مثل العين فى الباصرة او هى مع
الينبوع او هى مع الذّهب فانّه لا ريب فى انّه عند اطلاقها ينصرف الذّهن الى احد
المذكورات لا الى غيرها من المعانى ومع ذلك فلا يجوز الاعتماد على هذا الانصراف
وما قاله فى بحث الاستثناء الوارد عقيب الجمل المتعدّدة من ان اغلبيّة استعمال بعض
معان المشترك لا توجب ترجيح ارادته وان بادر الذهن الى انفهامه عند الاطلاق بل قال
ولم نقف على قائل به اى القائل بالاعتماد على تبادر الذّهن فى المشترك الى احد
معانيه عند الاطلاق وعلى ذلك المجزى جرى فى المطلق حيث انّه احتمل فيه الاشتراك
بين الاعمّ والاخصّ اعنى الفرد الشّائع بتحصيل الحقيقة العرفية مع بقاء المعنى
اللّغوى واستشكل فى الحمل على الفرد الشّائع بتحصيل الحقيقة العرفيّة مع بقاء
المعنى اللّغوى واستشكل فى الحمل على الفرد الشّائع بناء على الاشتراك استدلالا
بما تحريره انّ الشّهرة انّما تلاحظ فى المجاز المشهور لمعاندته مع اصالة الحقيقة
للزوم ملاحظة المتعارضين فى مقام التّعارض وامّا فى المشترك فلا يتجه ملاحظة
الشّهرة اذ اصالة الحقيقة لا تقتضى معنى خاصا كما فى صورة المعارضة مع الشّهرة فى
باب المجاز المشهور بل يكون اقتضائها بالنّسبة الى كلّ من المعينين بدلا على
السّواء فلا معاندة لها مع اصالة الحقيقة فلا جهة تقتضى ملاحظتها فلا مدخليّة
للشّهرة فى ترجيح احد معان المشترك ولم يطلع الوالد الماجد ره على الاستدلال
المذكور حيث انّه حكى فى بحث تعارض الاحوال كلامه فى بحث التّبادر ونفى وقوفه على
شيء له اقول انّه لا ينبغى الشكّ والارتياب فى صحّة الاعتماد على الانصراف المشار
اليه ولا سيّما بناء على حجيّة الظنّ لكون الانصراف موجبا للظنّ اللّفظى بالارادة
فعليه المعول وعليه مدار تفاهم اهل العرف حيث انّه لو قيل مات زيد مثلا وكان زيد
مشتركا بين شخص مشهور قد تكثر التّحاور باسمه بين اهل بلد المتكلّم والمخاطب مثلا
وشخص آخر غير مشهور يكون المفهوم عرفا هو موت الشّخص المشهور ومن ذلك تقديم
الاصحاب المشهور من الاسامى والكنى والالقاب فى الاسانيد على غيره كيف لا وكثرة
الاستعمال فى المجاز المعارضة باصالة الحقيقة فى المجاز المشهور توجب ترجيحة او
التوقّف فى ترجيحه وتوجب فى المنقول تعيّنه اللهمّ إلّا ان يقال ان الانصراف فى
المقام بدوى ولا يوجب الظنّ بالارادة وليس بشيء وامّا الاستدلال المذكور فيندفع
بان الشّهرة كما تلاحظ من جهة المعاندة مع اصالة الحقيقة وتصير موجبة للتّرجيح او
التوقّف فى باب المجاز المشهور فيتّجه ملاحظتها من جهة المعاضدة فى مورد التردّد
وكذا يتجه العمل بالظنّ الحاصل فى البين وايضا لو تمكّن الشّهرة فى باب المعاندة
من جعل المعنى الحقيقى مهجورا والمعنى المجازى ظاهرا من اللّفظ بدون لحاظ الشّهرة
كما فى الحقيقة العرفيّة الهاجرة فكيف
لا تتمكّن من معاضدة اصالة الحقيقة وترجيح احد المعنيين المتساويين على
الآخر ويتفرّع على ذلك ترجيح المشهور فى رجال الاساتيد سواء كان اسما او كنية او
لقبا وربما فرع الوالد الماجد ره حمل الطّهارة فى آية المسّ على الطّهارة عن الحدث
بناء على كون الطّهارة مشتركة بين الطّهارة من الحدث والطّهارة من الخبث ويضعف
بمنع كون الطّهارة من الحدث مشهورا بالنّسبة الى الطّهارة من الخبث بل الطّهارة عن
الخبث اشهر من الطّهارة عن الحدث بمراتب لا تحصى لاطراد الطّهارة عن الخبيث فى غير
الانسان ممّا لا يحصى نعم الظّاهر ان الظّهور لم يستعمل غالبا الّا فيما يرفع الحدث
لكن فسّر فى المجمع قوله سبحانه (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ
شَراباً طَهُوراً) بانّه ليس برجس كخمر الدّنيا ويطهّركم من كلّ شيء سوى
الله وربما حكى فيه عن بعض الاعلام القول بكون الطّهارة حقيقة شرعيّة فيما يرفع
الحدث هذا بعد ثبوت الاختراع فى الطّهارة والحدث او فى الطّهارة فقط فى باب الوضوء
والغسل حيث انّه لم يذكر فى الاخبار الحدث كالخبث ولا كون الوضوء او الغسل رافعا
للحدث والّا فلا اشتراك فى الباب بل الطّهارة عن الحدث تختص بالمكلّفين كما صرّح
به فى الرّوضة والطّهارة عن الخبث تطرد فى الصّبيان وكذا ما عدا الانسان إلّا ان
يقال ان الغرض من الطّهارة عن الخبث ما تحصل بعد ورود النّجاسة وارتفاعها فما لم
يرد عليه النّجاسة طاهر بمعنى ثالث ولا فرق فيه بين الانسان وغيره لكنّه يندفع
بانّ المفروض فى كلام الوالد الماجد ره انحصار الطّهارة فى معينين فهذه المقالة لا
تجدى بحالة فى الفرار عن الايراد باختصاص الطّهارة عن الحدث بالمكلّفين واطراد
الطّهارة عن الخبث فى الصّبيان وكذا ما عدا الانسان مع ان الظاهر بل بلا اشكال انّ
الطّهارة عن الخبث انّما يتاتى فيما خلى عن النّجاسة سواء كانت مسبوقة بورود
النّجاسة وارتفاعها او لا وسواء كانت فى الانسان او غيره كما انّ الطّهارة عن
الحدث انّما يتاتّى فى المكلّف الخالى عن الحدث سواء كان مسبوقة بحدوث الحدث
وارتفاعه ام لا لكن نقول ان ما ذكر انّما يتمّ لو كان الطّهارة عن الخبث مقابلة
للخبث وامّا لو كانت بمعنى ازالة الخبث فالطّهارة عن الخبث بمعنى ثالث هذا كلّه
بعد ثبوت الاختراع فى الطّهارة والحدث او فى الطّهارة فقط فى باب الوضوء والغسل
حيث انّه لم يذكر فى الاخبار الحدث كالخبث ولا كون الوضوء والغسل رافعا للحدث
والّا فلا اشتراك فى الباب ويضعف ما ذكره الوالد الماجد ره ايضا بانّ الظّاهر من
اسناد الطّهارة الى الشخص اعنى مجموع البدن انّما هو الطّهارة عن الحدث والّا
فالطّهارة عن الخبث تسند غالبا بالموضع المخصوص الخالى عن الخبث كما انّ الاحداث
تسند الى الشّخص والنّجاسة تسند الى المحلّ المخصوص من الملاقى للنّجاسة نعم قد
يسند الطهارة من الخبث الى الشّخص كما فى قوله سبحانه يطهرن وقد يسند الطّهارة
والنّجاسة الى مجموع البدن والغرض طهارة العين ونجاستها كما يقال الكلب نجس والهر
طاهر ونظير المقام النبوىّ المعروف جعلت لى الارض مسجدا وطهورا ويتفرّع على حمل
الطّهارة فيه على ما يرفع الحدث على اباحة التيمّم للصّلاة ولو كان الامر فى
الطّهارة من باب الاشتراك المعنوى فيثبت بذلك كون الارض من المطهّرات كما يثبت به
اباحة التيمّم للصّلاة وكذا ما فى طائفة من الاخبار من انّ التّراب احد الطّهورين
وكذا النّبوى الصعيد الطيّب طهورا لمسلم وان لم يجد الماء عشر سنين لكن يمكن ان
يقال ان المقصود فى بالطّهارة فيه رفع الحدث بقرينة الذّيل لكن قد سمعت انّ
الظّاهر ان الطّهور لم يستعمل غالبا الا فيما يرفع الحدث بل الظّاهر من الطّهور
بنفسه هو ما يرفع الحدث وبما ذكر يظهر الحال فى النّبوى انّ الله جعل التّراب
طهورا لكن يمكن القول بانّ الظّاهر كون المقصود بالطّهور فيه صدرا وذيلا هو الاعمّ
من رفع الحدث والخبث نعم روى عن النّبى صلىاللهعليهوآله الى وطئ احدكم بنعليه الاذى فانّ التّراب له طهور ومثله
نبوى آخر والمقصود بالطّهارة فى الطّهور فيها انّما هو رفع الخبث ونظير المقام
ايضا الوصوى المعروف المروى فى الفقيه فى باب احكام السّهو فى الصّلاة عن زرارة عن
ابى جعفر عليه السّلم وفى باب القبلة مضمرا بقوله وقال زرارة وفى التّهذيب فى باب
تفصيل ما تقدّم ذكره فى الصّلاة من المفروض والمسنون وما يجوز فيها وما لا يجوز لا
تعاد
الصّلاة الّا من خمسة الطّهور والوقت والقبلة والرّكوع والسّجود قال المولى
التّقى المجلسىّ الظّاهر ان المراد اى الطّهور والطّهارة عن الحدث ويمكن ارادة
الاعمّ من الخبث ايضا انتهى وكذا الوصويّ المعروف المروى فى اوائل الفقيه فى باب
اقسام الصّلاة مرسلا عن الصّادق عليه السّلم الصّلاة ثلث اثلاث طهور وثلث ركوع وثلث
سجود قال المولى المجلسىّ وهو يعنى الطّهور اعمّ من ازالة النّجاسات والطّهارات
الثّلث ويمكن ارادة الاخير وكذا الوصويّ المعروف المروى فى اوائل الفقيه فى باب
وقت الطّهور مرسلا عن ابى جعفر عليه السّلم اذا دخل الوقت وجب الطّهور والصّلاة
ولا صلاة الّا بطهور وروى الفقرة الاخيرة ايضا فى باب من ترك الوضوء او بعضه مرسلا
عن ابى جعفر عليه السّلم وكذا فى التّهذيب فى اواخر باب الاحداث الموجبة للطّهارات
وكذا فى اوائل باب صفة التيمّم وكذا فى كتاب فى باب تفصيل ما تقدّم ذكره عن زرارة
عن ابى جعفر عليه السّلم لكن لو كان المراد بوجوب الطّهور فى الفقرة الاولى هو
الوجوب النّفسى فيتعيّن الطّهارة فيها فى الطّهارة عن الحدث لكون وجوب الطّهارة عن
الخبث غيريا بلا كلام وان كان مقتضى قوله سبحانه (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) هو الوجوب النّفسى فى الطّهارة عن الخبث فى باب اللّباس
ولا قائل بالفرق بين اللباس والبدن وكذا ما رويه المشايخ الثّلاثة من ان مفتاحها
الطّهور وكذا ما فى بعض الاخبار من ان فرائض الصّلاة سبعة وعد منها الطّهور ولعلّ
الظّاهر من المولى التّقى المجلسىّ انّ الغرض من الطّهارة فيه ما يعمّ رفع الحدث
والخبث والطّهور فيه وفى امثاله السّابقة يصدق على التيمّم من باب الاشتراك اللفظى
او المعنوى بناء على كونه رافعا للحدث وعلى الاوّل يكون شاملا له إلّا ان يدعى
الانصراف الى الوضوء والغسل وامّا بناء على كونه غير واقع للحدث فلا يصدق عليه
فضلا عن شموله على الاوّل وان كان رافعا لاثر الحدث وهو جواز الدّخول فى العبادة
مطردا او فى الجملة لعدم خروج الطّهارة عن رفع الحدث وو الخبث وعدم صدقها على
اباحة الدّخول فى العبادة فاطلاق الطّهارة على التيمّم من باب المجاز وكذا الحال
فى قوله سبحانه (لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) بعد ذكر التيمّم لكن اطلاق الطّهور عليه فيما روى من ان
التّراب احد الطّهورين محلّ الاشكال للزوم استعمال اللّفظ فى المعنى الحقيقى
الشّرعى والمجازى الشّرعى لو ثبت الحقيقة الشرعيّة فيها نعم لو قلنا باطلاق الحدث
على الاثر الحاصل من الحالة الحاصلة من الاسباب المخصوصة كما يطلق على هذه الاسباب
وتلك الحالة يصدق الطّهور على التيمّم وهو من الطّهارات لكن ذلك غير ثابت وعن
طائفة من الاخبار انّ الارض يطهر بعضها بعضا والمقصود بالطّهارة فيها انّما هو رفع
الخبث وفسر فى المجمع قوله سبحانه (وَأَنْزَلْنا مِنَ
السَّماءِ ماءً طَهُوراً) بانه طاهر نظيف يطهر من توضّأ منه واغتسل من جنابة وفيه
انه يستلزم استعمال اللّفظ الواحد فى المعنى الحقيقى والمجازى وحكى عن بعض الاعلام
انّ الغرض انّه طاهر لنفسه مطهّر لغيره تعليلا بانّ قوله سبحانه ماء يفهم منه انّه
طاهر لانّ ذكره فى معرض الامتنان على العباد ولا يكون ذلك الّا فيما ينتفع به فيكون
طاهرا فى نفسه وقوله سبحانه طهورا يفهم منه صفة زائدة على الطّهارة وهى الطّهوريّة
وفيه انّ التّطهير يستلزم الطّهارة ولا حاجة فى الدّلالة على الطّهارة الى ما ذكر
وفسّر فيه قوله سبحانه وازواج مطهّرة بالنّساء المطهّرة من الحيض وقوله سبحانه (إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) بالتجنّب عن ادبار الرجال والنّساء وحكى فيه عن بعض
تفسير قوله سبحانه (وَيُحِبُّ
الْمُتَطَهِّرِينَ) بالطّهارة من الذّنوب وحكى عن الاكثر التّفسير
بالطّهارة عن النّجاسات وعن قائل تفسير قوله سبحانه (يُرِيدُ
لِيُطَهِّرَكُمْ) بالتّطهير من الذّنوب فانّ العبادات مثل الوضوء كفّارة
للذّنوب او التّنظيف من الاحداث وازالة المنع عن الدّخول فيما شرط فيه الطّهارة
فيطهّركم بالماء عند وجوده وو عند الاعذار بالتّراب هذا كلّه فيما لو كان الاشتراك
قبل الاشتهار وكثرة الاستعمال اى فى المشترك فى بالمعنى المشهور وامّا لو كان
الاشتراك بواسطة الاشتهار وكثرة الاستعمال اعنى المشترك المعدود من مراتب
المجاز المشهور كما ياتى واحتمله المحقّق المشار اليه فى المطلق بالنّسبة
الى الفرد الشّائع كما مرّ فيمكن القول بانّ الشّهرة ح لا تصير مرجحة نظر الى انها
ح لا تكون زائدة على تساوى الحقيقتين كما فى الاشتراك بالمعنى المعروف بل غاية
امرها انّها جعلت المجاز مساويا للحقيقة فلا يرجح بها لكن نقول انّ الشّهرة انّما
تفيد فى الباب المساواة البدوية اى بدون التفطّن الى الشّهرة وملاحظتها وامّا بعد
التفطّن الى الشّهرة وملاحظتها فالشّهرة توجب ترجيح المجاز المشهور لفحوى كونها
بعد التفطّن والملاحظة موجبة لترجيح المجاز المشهور فى الدّرجة الثّانية من درجات
المجاز المشهور كما ياتى ومزيد الكلام موكول الى ما حرّرناه فى محلّه وبما مرّ
يظهر ضعف ما ينصرح من الشّهيد فى نكاح المسالك عند الكلام فى الوطى فى الدّبر فى
باب علىّ بن الحكم من عدم كفاية الظنّ فى تعيين المشترك وربما يقتضيه كلام الفاضل
التسترى فى بعض تعليقات التّهذيب فى اوائل الكتاب ثمّ ان جميع ما ذكر انّما هو على
تقدير اتّحاد الاشتراك وامّا على تقدير تعدّد الاشتراك كما لو اشترك الاسم والكنية
معا مثلا فهل الاشتهار فى الاسم مثلا حمل الكنية على المشهور من اشتهار الكنية
وبوجه آخر هل يشترط فى حمل المشترك على المشهور اتّحاد مورد الاشتراك ويقتضى
الاشتهار او يكفى الاشتهار فى الجملة وبوجه ثالث هل يشترط فى حمل المشترك على
المشهور اشتهار المشهور باللفظ المحمول على المشهور او يكفى مجرّد اشتهار المشهور
ولو لغير اللّفظ المحمول على المشهور مثلا اشتهار احمد بن محمّد بن عيسى يكفى فى
حمل ابى جعفر وهو كنية احمد بن محمّد بن عيسى على احمد بن محمّد بن عيسى كما يكفى
فى حمل احمد بن محمّد عليه او لا بدّ فى حمل ابى جعفر على احمد بن محمّد بن عيسى
اشتهار ابى جعفر فى احمد بن محمّد بن عيسى لعل الاظهر القول بالاشتراط كيف لا ولو
كان للشّخص المشهور وكنية لا يعرفها احد لا ينصرف الكنية الى الشّخص المشهور ولا
يحملها عليه احد ثمّ ان ظاهر الجمل فى قوله سبحانه (حَتَّى يَلِجَ
الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ) انّ المراد به هو البعير كما فسّر به البيضاوى لكن ظاهر
القاموس انّ المراد به حبل السّفينة وقد ذكر فيه قراءة ذلك كسكر وصرد وقفل وعنق
وجبل ومقتضى بعض الاخبار وكلمات الفقهاء انّه لا يكفى فى الغسل فى الوضوء ان يكون
كالدّهن والمتراءى فى ظواهر الانظار انّ الدّهن بالضمّ بالمعنى المعروف لكنه
بالفتح كما فى الرّياض او بالضمّ ما يبل وجه الارض من المطر قال فى القاموس الدّهن
ويضمّ ما يبل وجه الارض من المطر مع انّ المنصوص فى الخلاف والنصّ انّه يجرى فى
الوضوء والغسل ما جرى فى الدّهن وفى البيان انّ التّمثيل بالدّهن لتقليل الجريان
لا لعدمه ولا جريان فى الدّهن بالمعنى المعروف كما لا يخفى وقد روى عن الصّادق
عليه السّلم انّه اذا ابتلت النّعال فالصّلاة فى الرّجال قال فى النّهاية قد تكرّر
فى الحديث اذ ابتلت النّعال فالصّلاة فى الرّجال النّعال جمع نعل وهو ما غلظ من
الارض فى صلابة وانّما خصّها بالذكر لانّ ادنى بلل ينديها بخلاف الرّخوة فانّها
تنشف الماء وحكى فى الوافى عن الهروى عن ابى منصور انّ النّعل ما غلظ من الارض فى
صلابة وظاهره التّقرير له وفى المجمع فى الحديث اذ ابتلت النّعال فالصّلاة فى
الرّجال النّعال ما وقيت به القدم مؤنثه ومنه النّعل العربيّة والنّعل السّندية
والنّعل ايضا القطعة الغليظة من الارض تبرق حصاه لا ينبت شيئا والجمع النّعال
والحديث يحتمل المعينين وانّما خصّ ما غلظ من الارض بالذّكر لانّ ادنى بلل ينديها
بخلاف الرّخوة فانّها تنشف الماء واحتمل سلطاننا فى حاشية الفقيه كون الغرض الخفّ
اقول انّ النّعل وان كان مشهورا فيما يستر به القدم ومنه ما فى الدّيوان المنسوب
الى امير المؤمنين عليه آلاف التحيّة من ربّ العالمين اذا كنت ذا علم ولم تك عاقلا
فانت كذى نعل وليس له رجل وان كنت ذا عقل ولم تك عالما فانت كذى رجل وليس له نعل
لكن شدّة المناسبة بين المطر والارض لعلها يرشد الى كون الغرض من النّعل فى
الرّواية هو ما غلظ من الارض خصوصا مع تفسير غير واحد به وروى فى الكافى كتاب الزى
والتجمّل والمروة واللباس فى باب النّوادر بالاسناد عن محمّد بن مسلم عن احدهما
عليهما السّلم قال لا تشرب وانت قائم ولا بتل فى ماء نقيع ولا تطف
بقبر ولا تخل فى بيت وحدك ولا تمش فى نعل واحد الخ وعن العلل بالاسناد عن
الصّادق عليه السّلم قال لا تشرب وانت قائم ولا تطف بقبر ولا تبل فى ماء نقيع اه
والطّواف ياتى بمعنى الغائط كما فى الصّحاح حيث عدّ من معنى الطّوف الغائط وقال
الطّوف الغائط تقول منه طاف يطوف طوفا واطاف اطيافا اذا ذهب الى البراز ليتغوّط
وكذا القاموس حيث عدّ ايضا من معنى الطّوف الغائط قال وطاف ذهب ليتغوّط كاطاف على
افتعل وقال النّهاية الطّوف الحدث من الطّعام ثمّ قال ومنه الحديث هى عن متحدّثين
على طوفهما اى عند الغائط وحديث ابى هريرة لا يصل احدكم وهو يدافع الطّرف وفى
مفردات الرّاغب والطّوف كنى به عن العذرة وفى المصباح والطّوف بالفتح ما يخرج من
الولد من الاذى بعد ما يوضع ثمّ اطلق على الغائط مطلقا فقيل طاف يطوف طوفا وفى
المجمع الطّوف الغائط ومنه الخبر لا يصل احدكم وهو يدافع الطّوف ومنه الحديث لا
تبل فى مستنقع ولا تطف بقبر وقال بعض اللغويّين نقلا اطاف يطاف قضى حاجته ويرشد
الى ذلك ما رويه فى الكافى فى الكتاب المذكور قبل الرّواية المذكورة بالاسناد عن
محمّد بن مسلم عن ابى جعفر عليه السّلم قال من تخلّى على قبر او بال قائما او بال
فى ماء قائم او مشى فى حذاء واحد او شرب قائما بل روى فى الكافى فى باب ما يفصل
بين المحقّ والمبطل فى دعوى الامامة بالاسناد عن محمّد بن ابى العلاء عن يحيى بن
اكثم قال بينا انا ذات يوم دخلت اطوف بقبر رسول الله صلىاللهعليهوآله فرأيت محمّد بن على الرّضا يطوف به الى آخر الحديث
ورويه فى الفقيه فى النّوادر فى آخر الكتاب بل روى فى الكافى فى باب النّوادر
المسبوق بالذّكر بالاسناد عن ابراهيم بن عبد الحميد عن ابى الحسن موسى عليه السّلم
قال ثلاثة يتخوّف منها الجنون التغوط بين القبور والمشى فى خف واحد والرّجل ينام
وحده وقد ذكر العلّامة المجلسى فى حاشية الكافى تعليقا على الرواية الاولى انّها
تدلّ على مرجوحيّة الطواف حول القبور قال وربما يقال باستثناء قبور النّبى والائمة
صلوات الله عليه وعليهم ويمكن ان يقال انّ المراد هنا النّهى عن التغوط فى القبور
بقرينة خبر محمّد بن مسلم المتقدّمة يعنى ما رويه محمّد بن مسلم عن ابى جعفر عليه
السّلم وقد تقدّم فذكر عبارة القاموس والنّهاية فقال والاحوط ترك الطّواف قصدا
الّا لتقبيل اطراف القبر او لتلاوة الأدعيّة الماثورة لكن الاحتياط ليس فى محلّه
وقال فى البحار فى كتاب الطّهارة بعد ذكر رواية العلل بيان قوله ولا تطف بقبر
استدلّ به على كراهة الدّوران حول القبور واظنّ انّ المراد بالطّواف هنا الحدث
بقرينة المقام وشواهد اخرى منها انّه روى هذا الخبر محمّد بن مسلم بسندين وفى
احدهما هذه العبارة وفى آخر مكانه التخلّى على القبور فذكر روايتى محمّد بن مسلم
المرويتين فى الكافى المتقدّمين فقال والطّواف هذا المعنى شايع ومذكور فى الحديث
واللّغة فذكر عبارة القاموس والنّهاية وغيرهما وقد اجاد فى عدم ذكر الاحتياط بترك
الطّواف حول القبور وقال فى الوافى فى باب كراهيّة ان يبيت الانسان وحده من ابواب
المساكن والدّواجن بعد ذكر الرّواية الاولى والطّواف الغائط فذكر عبارة النّهاية
وقد اجاد ايضا فى عدم ذكر الاحتياط بترك الطّواف حول القبور لكن عنون فى الوسائل
فى كتاب الطّهارة باب استحباب الدّعاء بالماثور عند زيارة القبور وعدم جواز
الطّواف بالقبر وهو عجيب اذ لم يذكر ما يرتبط بالطّواف بالقبر نعم ذكر انّه تقدّم
ما يدل على النّهى عن الطّواف بالقبر فى احاديث البول فى الماء قائما فى احكام
الخلوة لكن لا يغنى عمّا يقتضيه العنوان من ذكر ما يدلّ على عدم جواز الطّواف
بالقبر كما لا يخفى مع انّه لم يذكر فى احاديث البول فى الماء قائما يرتبط
بالطّواف بالقبر نعم عنون سابقا على جميع ما ذكر باب كراهة التخلّى على القبر
والتغوّط بين القبور وذكر ما تقدّم من رواية محمّد بن مسلم عن ابى جعفر عليه
السّلم وعنون فى كتاب الحجّ فى ابواب المزار باب عدم جواز الطّواف بالقبول وروى
رواية محمّد بن مسلم عن احد عليهما السّلم ورواية العلل المتقدّمتين لرواية يحيى
بن اكثم المتقدّمة فقال وهذا غير صريح فى اكثر من دورة واحدة لاجل اتمام الزّيارة
والدّعاء من جميع
الجهات كما ورد فى بعض الزّيارات لا بقصد الطّواف على انّه مخصوص بقبر رسول
الله صلىاللهعليهوآله ولا يدلّ على غيره من الائمّة عليهم السّلم ولا غيرهم
والقياس باطل وراويه عامى ضعيف قد تفرد بروايته ويحتمل كون الطّواف فيه بمعنى
الالمام والنّزول كما ذكره علماء اللّغة وهو قريب من معنى الزّيارة ويحتمل الحمل
على التقيّة بقرينة راويه لانّ العامّة يجوزونه والصّوفية من العامّة يطوفون بقبور
مشايخهم ومقتضى صريح كلامه حرمة الطّواف بالقبور بل حكى فى الدّار المنثور انّه
كان اشتهر فى المشهد الرّضوى على مشرّفه آلاف السّلم عن المحدث الحر تحريم الطّواف
حول قبره مولانا الرّضا عليه السّلم وليس ما جرى عليه بشيء لقضاء السّياق يكون
النّهى للكراهة قضيّة كون النّهى فى الجملتين المعطوف عليهما النّهى عن الطّواف
بالقبر وكذا الجملتان المعطوفتان عليه فى رواية محمّد بن مسلم عن احدهما عليه
السّلم للكراهة وكذا كون النّهى فى الجملة المعطوفة والجملة المعطوف عليها فى رواية
العلل للكراهة ولظهور كون الغرض من قوله عليه السّلم لا تطف بالقبر هو النّهى عن
التغوّط بكون الفعل المنهى عنه من الطّواف لا الطّواف وان كان كلّ منهما مصدر
الطاف لعدم مجيء الطّواف بمعنى الغائط بشهادة رواية محمّد بن مسلم عن ابى جعفر
عليه السّلم ورواية إبراهيم بن عبد الحميد عن ابى الحسن موسى عليه السّلم
المتقدّمين فائدة اذا تعين المشترك فى بعض افراد الاشتراك فى بعض الموارد بواسطة
التّقييد ببعض القبور فيحمل المشترك على المعيّن في سائر الموارد نظير حمل المطلق
على المقيد لحصول الظنّ بالتّعيين وقضاء اهل العرف به نظير حصول الظنّ بالتّقييد
وقضاء فهم اهل العرف به فى باب حمل المطلق على المقيّد ومن ذلك حمل احمد بن محمّد
المذكور فى صدر سند الكافى كثيرا عن العاصمى بواسطة التّقييد بالعاصمى ونحو
كالكوفى وأبي عبد الله فى بعض الموارد وان حكى العلّامة المجلسى بخطّه الشّريف فى
بعض تعليقات الكافى انّه تحير فيه كثير من الاصحاب ولم يعرفوه هذا ولو كان الكنية
مثلا مشتركة بين اشخاص وذكر اسم بعض الاشخاص فى بعض الموارد فيحمل الكنية فى سائر
الموارد على المسمّى بالاسم مع مساعدة الطّبقة لحصول الظنّ بذلك نظير حمل المطلق
على المقيّد فيما لو قيل اكرم رجلا ثمّ اكرم زيدا ومن ذلك حمل ابى على المذكور فى
صدر سند الكافى كثيرا على احمد بن ادريس لوقوعه فى صدر سند الكافى بل هو كثيرا
ايضا وقد صرّح فى الخلاصة باشتراك ابى على بين احمد بن ادريس وغيره وبما ذكر يظهر
الحال فيما لو لم يثبت الاشتراك لكن احتمل الاشتراك بل الامر فيه اظهر ثمّ انّ
الظّاهر اطراد حمل المشترك على المعين مع اختلاف الرّاوى والمروىّ عنه او اختلاف
الكتاب كما لو وقع المشترك فى التّهذيب والمقيّد ببعض القيود فى الاستبصار او
اختلاف صاحب الكتاب كما لو وقع المشترك فى الكافى والمقيّد ببعض القيود فى
التّهذيب او الاستبصار بل على ذلك بناء اهل الرّجال بلا اشكال وايضا لو تعارض
الاشتهار والتّقييد فهل يحمل المشترك على المشهور او على المقيّد للخيال مجال لكن
الحمل على المشهور لعله لا يبعد هذا على تقدير اتّحاد التّقييد وامّا لو وقع
التّقييد بالمشهور تارة وبغيره كما فى محمّد بن الحسن المذكور فى صدر سند الكافى
حيث انه قيد تارة بالصّفار واخرى بالطّائى فالاظهر الحمل على المشهور اخرى وايضا
قد يقع التعارض بين التّقييد والغلبة كما فى باب احمد بن محمّد العاصمى حيث انّه
قد وقع فى بعض روايات الكافى الرّواية عن احمد بن محمّد مع سبق احمد بن محمّد بن
عيسى بتوسّط محمّد بن يحيى مثلا فيقع الاشكال فى انّ المقصود باحمد بن محمّد فى
صدر السّند هو العاصمى كما هو مقتضى التّقييد بالعاصمى ونحوه فى طائفة من الموارد
او احمد بن محمّد بن عيسى المروى عنه فى السّند السّابق بتوسّط محمّد بن يحيى كما
هو مقتضى غلبة اعادة الجزء الاخير من القدر المشترك من الكلينى فى صورة اشتراك
السّند السّابق والسّند اللّاحق فى طائفة من الاجزاء الواقعة فى صدر السّند على
القول بكون الامر من باب الاعادة كما نصّ عليه جماعة كشيخنا البهائى فى مشرقه
وصاحب المنتقى ونجله
فى تعليقات الاستبصار والمولى التّقى المجلسىّ بل هو المحكى فى كلام صاحب
المنتقى ونجله عن طريقة القدماء لا القول بكون الامر من باب الارسال كما هو مقتضى
بعض كلمات العلّامة المجلسى فى اربعينه وكذا العلّامة البهبهانى فى باب الكنى فى
ترجمة ابن داود ونقله فى المنتقى عن بعض والمناسب حوالة الحال الى القرينة فان قام
القرينة على كون المدار على التّقييد او الغلبة فلا بدّ من متابعة القرينة والّا
فلا بدّ من التوقّف لكن جرى المولى التّقى المجلسىّ على متابعة الغلبة وقد حرّرنا
الحال فى الرّسالة المعمولة فى احمد بن محمّد المذكور فى صدر سند الكافى وغيرها
وايضا لو قيل كثيرا مثلا حسن بن سماعة الهمدانى وكان سماعة مشهورا فى ابن مهران
وهو غير والد الحسن الهمدانى وكان سماعة بن مهران له ابن يسمى بالحسن وقيل حسن بن
سماعة فهل بني على كثرة التّقييد فى المضاف او الاشتهار فى المضاف اليه الاظهر
البناء على التّقييد نظر الى تطرق الفتور فى ظهور المضاف فى ابن مهران مثلا اذا
المفروض ان الحسن الهمدانى غير ابن مهران وهو يستلزم كثرة استعمال المضاف اليه فى
غير المشهور فكثرة استعمال المضاف اليه فى موارد التّقييد توجب تطرق الفتور فى
ظهور المضاف اليه فى المشهور فيبقى ظهور المضاف فى المقيّد خاليا عن المعارض ولعلّ
الحال على ما ذكر فيما لو تطرق التّقييد على المضاف لكن لا على وجه الكثرة بقى
انّه قد يتعدّد القيد مع التّنافى فى البين كما يقيّد احمد بن محمّد تارة بابن
عيسى واخرى بابن خالد فيتاتى الاجمال فى موارد الاطلاق مع اتّحاد الرّاوى والمروى
عنه في موارد الاطلاق بناء على عدم اشتراط التّقييد باتّحاد الرّاوى
والمروى عنه فى مورد الاطلاق والتّقييد كما مرّ وامّا لو اختلف الرّاوى والمروى
عنه فى موارد التّقييد فلا بدّ من البناء على كلّ واحد من القيد المتعدّد فى
الموارد المشابهة من موارد الاطلاق لموارد التّقييد من جهة الرّاوى والمروى عنه
ويتاتّى الاجمال فى سائر الموارد اعنى الموارد المخالفة من موارد الاطلاق لموارد
التّقييد من جهة الرّاوى والمروى او المروى عنه ويزيد عرض الاجمال لو كان المشهور
شخصا ثالثا لو لم نقل يتقدّم المشهور من باب تقدم الاشتهار على التّقييد ولو مع
اتحاد القيد كما تقدّم الكلام فيه ولو تعدّد القيد مع عدم التّنافى فى البين كما
لو قيد شخص تارة ببلده واخرى بلقبه فالامر من باب المقيد المتّحد لكن يتاتّى
الاشكال فى صورة التّنافى فى البين بانّه لو لم يشترط فى التّقييد اتّحاد الرّاوى
والمروى عنه فلا بدّ على ذلك من الاجمال فى موارد الاطلاق ولو فى الموارد المشابهة
منها الموارد التّقييد من جهة الرّاوى او المروىّ عنه الّا ان يقال انّ الظّاهر فى
الموارد المشابهة التّقييد عرفا وان كان مقتضى حمل الاطلاق على التّقييد مع اختلاف
الرّاوى والمروىّ عنه تطرق الاجمال فى المقام على الاطلاق فلو كان الرّاوى
والمروىّ عنه فى رواية احمد بن محمّد هو الرّاوى والمروىّ عنه فى رواية احمد بن
محمّد بن عيسى او احمد بن محمّد بن خالد فالظّاهر انّ المقصود باحمد بن محمّد هو
احمد بن محمّد بن عيسى او احمد بن محمّد بن خالد وان كان مقتضى حمل الاطلاق على
التّقييد مع اختلاف الرّاوى والمروىّ عنه فى موارد الاطلاق والتّقييد تطرق الاجمال
وبعبارة اخرى المدار على فهم العرف وكما يفهم فى العرف التّقييد مع وحدة القيد مع
اختلاف الرّاوى والمروىّ عنه وكان من شان اختلاف الرّاوى والمروىّ عنه وكان من شان
اختلاف الرّاوى والمروىّ عنه الممانعة عن التّقييد كذا يفهم فى العرف التّقييد فى
الموارد المشابهة من موارد الاطلاق لموارد التّقييد من جهة الرّاوى والمروىّ عنه
وان كان من شان انفهام التّقييد مع وحدة القيد وو اختلاف الرّاوى والمروىّ عنه
الممانعة فى الموارد المشابهة المشار اليها الثامن عشر ان السيّد السّند العلى جرى
فى رسالة الشّهرة على كون اعتبار الظنّ بالاولويّة فيما لو ثبت الحكم فى الاصل
بالاجماع وعلم باولويّة الحكم فى الفرع من باب الظنّ اللّفظى اعنى مفهوم الموافقة
نظرا الى انّ الاجماع وان لم يتضمّن اللّفظ صريحا لكنه كاشف
__________________
عنه قطعا بناء على طريقة الخاصة من كون حجيّة الاجماع من جهة الكشف عن قول
الشّارع فالمرجع الى قول الشّارع فالمرجع الى اللّفظ اقول انّ اعتبار الظنّ المشار
اليه مبنىّ على اعتبار حجيّة مطلق الظنّ لعدم شمول ما دلّ على حجيّة الظنّ
المستفاد من اللّفظ لما نحن فيه والّا لكان الاجماع الظنّى حجّة بالاولويّة مع انّ
الشّارع هو الله سبحانه كما حرّرناه فى بحث الحقيقة الشّرعيّة ولا اشكال فى كفاية
الكشف عن قول النّبى صلىاللهعليهوآله او الائمّة عليهم السّلم بناء على اعتبار الكشف فى باب
الاجماع كما عليه اكثر المتاخّرين بل مداد الاصطلاح على المعصوم او الامام فاعتبار
الشّارع خارج عن الاصطلاح على انّ المدار فى الاجماع على الكشف عن الرّضا الّا الكشف
عن الصّدور لعدم انحصار مدركه فى القول وامكان كون المدرك هو الفعل او التّقرير
الّا ان يقال ان كون المدار هو الفعل او التّقرير بعيد والظّاهر كون المدرك هو
القول إلّا انّه مدفوع بابتناء اعتبار هذا الظّهور على حجيّة مطلق الظنّ بل الظنّ
هنا متعلّق بالموضوع من حيث التحصّل فيبتنى حجيّة على حجيّة الظنّ من حيث التحصّل
وبما ذكرنا يظهر الحال فيما لو كان ثبوت الحكم فى الاصل بالعقل القاطع لكن السيّد
السّند المشار اليه جرى فيه ايضا على الاعتبار من باب مفهوم الموافقة نظرا الى انّ
اعتبار العقل من جهة الكشف عن قول الشّارع ويظهر ضعفه بما سمعت مع انّ احدا لم
يعتبر فى اعتبار العقل الكشف عن الصّدور عن الائمة عليهم السّلم الى الامّة بل
يكفى الرّضا ولو فرض عدم الفعل والقول والتّقرير فى البين غاية الامر لزوم الصّدور
باللّفظ بناء على صدور جميع الاحكام من الائمة عليهم السّلم والّا فمعرفة النّبى صلىاللهعليهوآله والائمة عليهم السّلم بجميع الاحكام لا يلزم ان يكون
بالقول من الله سبحانه الى النّبى ومنه الى الائمة عليهم السّلم بل ليس المدار فى
اعتبار حكم العقل الكشف عن رضا المعصوم بلا اشكال والمدار على الكشف عن الحكم
الواقعى التاسع عشر انّه حكم سيّدنا بانّه لو انطبق ظاهر كلام الاصحاب على حكم مع
تطرق احتمال مرجوح مخالف الظّاهر فى الفتاوى يكون الظنّ المتحصّل بالحكم حجّة من
باب حجيّة الظنّ المستفاد من اللّفظ فيكون حجّة ولو بناء على حجيّة الظّنون
الخاصّة ولا تكون حجيّة مبنيّة على حجيّة مطلق الظنّ كما فى ظهور عدم الخلاف وعدم
ظهور الخلاف وفيه ان اقصى الامر فى المقام حصول الظنّ الحجّة بحصول الاتفاق حيث
انّ مقتضى حجيّة الظنّ بارادة ظاهر اللّفظ هو جواز الحكم بكون المراد هو الظّاهر
والعمل معه معاملة العلم بكونه مرادا فمقتضى الحجية المذكورة هو الحكم بكون مراد
كل من ارباب الاتفاق من فتاويهم ما هو الظّاهر منها فمقتضاه جواز الحكم بوقوع
الاتفاق فاقصى الامر حصول الظنّ الحجّة بحصول الاتفاق لكنه لا يوجب حجيّة الظنّ
النّاشى عنه بالحكم كما انّه لو علم بالاتّفاق لكن حصل الظنّ بالحكم ولم يحصل
العلم لمانع يمنع عنه فيبتنى الحجيّة على حجيّة مطلق الظنّ مع انّ الظنّ ناش من
الحجّة اعنى العلم حيث انّ الاعتقاد النّاشى عن اعتقاد حجيّة لا يقتضى حجيّة
النّاشى عنه نعم لو كان الاتّفاق من حيث انّه هو حجّة كان الظنّ المذكور كافيا
وكذا لو قيل بعموم ما يقتضى حجيّة الظنّ المستفاد من اللّفظ للظنّ الثّانى النّاشى
من الظنّ الاول بالمدلول والمراد الا ان الاوّل مذهب العامّة والثّانى غير ثابت
وبما ذكرنا يظهر الحال فيما لو ثبت الحكم فى الاصل بدليل لفظى وعلم اولويّة الحكم
فى الفرع من باب مفهوم الموافقة حيث انّه لا اشكال فى كون ثبوت الحكم
فى الفرع ظنيا فيبنى الثّبوت على حجيّة مطلق الظنّ الّا ان يقال باستناد الظنّ
بالحكم فى الفرع الى الظنّ اللّفظى فيكون الظنّ بثبوت الحكم فى الفرع ناشيا من
العلم والظنّ حجّة فيكون حجّة إلّا انّه يتطرّق الاشكال بما يظهر ممّا مرّ وكذا
الحال فيما لو استفيد الحكم من فحوى العلّة المنصوصة ومنه دلالة التّعليل فى اخبار
سمرة بنفى الضّرر على زوال الملكية بناء على كون الامر بقلع الغدق من باب كون
الضّرر قاطعا للملك لا مجوّزا للتصرّف فى ملك الغير بغير رضاه ولا من باب الولاية
حيث ان فحوى هذا التّعليل تقتضى كون
__________________
احياء الارض الموات المضرّ غير مفيد للملكيّة بالاولويّة اذ الضّرر لو كان
قاطعا للملكيّة المتحقّقة فهو يمنع عن حدوث الملكيّة بالاولويّة الّا ان الاولويّة
لما كانت ظنّية فلا اعتبار بها إلّا ان يقال بابتناء الظنّ باطراد الحكم فى الفرع
على الاولويّة المعلومة فرضا وظنّ حجّة اعنى الظنّ بالحكم فى الاصل فيكون حجّة
إلّا انّه يتاتى الكلام فى كفاية الظنّ اللّفظى فى اثبات المقصود بما يظهر ممّا
مرّ بل يتاتى الكلام فى اصل الاولويّة حيث انّ المنع عن الوجود وان كان اسهل من
اعدام الموجود فى الامور العادية فى صورة ضعف المانع عن الوجود بالنّسبة الى المنع
عن البقاء والّا ففى صورة قوّة المانع فلا يختلف المنع عن الوجود والمنع عن البقاء
بل قد اشتهر انّ الدّفع اسهل من الرّفع وان لم اظفر بذكر الفرق بين الدّفع والرّفع
تصريحا او تلويحا فى كلمات ارباب اللّغة بل الظّاهر منها اختصاصها باعدام الموجود
فهما مترادفان لكن لا فرق بين المنع عن الوجود واعدام الموجود فى الاحكام
الشّرعيّة وكذا الحال فيما لو دلّ ظاهر كلام المعصوم على جهة فعله بناء على عدم
اعتبار الظنّ المتحصّل من الفعل لكن ربّما ادعى الاجماع على الاعتبار حيث انه
بتحصل الظنّ بثبوت الحكم فى حقّنا وما ينفع الاستناد اليه فى اثبات الحكم فى
المقام انّما هو الظنّ المتحصّل من الفعل المتطرّق على اعتباره الاشكال وامّا
كفاية الظنّ اللّفظى فيتطرق الكلام فيها بما يظهر ممّا مرّ ومن فروع المقام قوله
عليه السّلم فى المقبولة المشهورة فانّى جعلته قاضيا بناء على ظهور نصب الحاكم فى
عموم الولاية الّا ان يقال ان نصب الحاكم المستفاد من قوله عليه السّلم فانّى قد
جعلته قاضيا اعنى النّصب الكلّى ليس من باب الفعل الحقيقى وان كان النّصب الخاصّ
المتشخّص فى الخارج من باب الفعل لكن نقول ان النّصب الكلّى وان لا يكون داخلا فى
الفعل لكن اعتبار الظنّ المستفاد منه محلّ الاشكال بناء على الاشكال فى حجيّة
الظنّ المستفاد من الفعل العشرون انّه ربما يتوهّم ان المتواتر اللّفظى مقطوع
الدّلالة من جهة انجرار تراكم الظّنون الى العلم وليس بشيء اذ تراكم الظّنون انّما
يتاتّى لو تعدد مجلس الصّدور حيث انّه حينئذ بتقوى الاحتمال والظاهر يضعف الاحتمال
المخالف للظّاهر شيئا فشيئا حتّى يتادّى الظّهور الى العلم ويتادى خلاف الظّاهر
الى الانعدام نظير انّه لو اخبر مخبر مرات متعدّدة يحصل العلم بصدقه من باب تراكم
الظّنون بارتقاء ظهور الصّدق وانحطاط احتمال الكذب شيئا فشيئا الى ان يتادّى ظهور
الصّدق الى العلم ويتادّى احتمال الكذب الى الانعدام وامّا لو اتّحد مجلس الصّدور
لكن تعدّد الطّريق الى الصّدور فلا ريب انّ الصّادر متّحد ولا مجال لتراكم الظّنون
حتّى يتادى الامر الى العلم ومن ذلك انّ الاظهر تقديم العام على الخاص والمطلق على
المقيّد فى الاخبار لو تعدد العام او المطلق بتعدّد المجلس دون ما لو كان تعدّد
العام او المطلق مع اتحاد المجلس خلافا للسيّد السّند المحسن الكاظمى حيث جرى على
تقديم الاطلاق على الاطلاق والسيّد السّند العلى حيث جرى على تقديم المقيّد على
الاطلاق على الاطلاق بل حكم بتقديم المقيّد ولو تواتر المطلق وليس شيء من القولين
بشيء الحادى والعشرون انّه ربما يقال انّه لا يعتبر الاعتبار فى قرينة المجاز وجودا
بالنّسبة الى المعنى المجازى ولا عدما بالنّسبة الى المعنى الحقيقى ومن الاخير
كفاية الظنّ بعدم المخصّص ولو كان مستندا الى اخبار الفاسق وفيه انّ كفاية القرينة
الغير المعتبرة بالنّسبة الى المعنى المجازى انّما تتمّ بناء على استقلال اللفظ فى
الدلالة على المعنى المجازى لكن بشرط القرينة وامّا بناء على استقلال القرينة او
مداخلتها فى الدّلالة فلا مجال لذلك وامّا كفاية الظنّ بعدم القرينة على التجوّز
ولو كان غير معتبر فهى انّما تتمّ على تقدير استناد الظنّ بالحكم الى الظنّ بعدم
المانع كالظنّ بعموم الحكم مستندا الى الظنّ بعموم اللّفظ بشرط الظنّ بعدم المخصّص
وامّا بناء على عدم مداخلة الظنّ بعدم المانع فى الظنّ بالحكم كما هو الاظهر فلا
مجال لذلك ايضا ومع ذلك مقالة المذكورة انّما تتاتّى على القول باعتبار الظنّ
الشّخصى وامّا بناء
على القول باعتبار الظنّ النّوعى فلا بدّ من حمل اللّفظ على المعنى الحقيقى
الى الظنّ بارادته فلا مجال لنفى اشتراط الاعتبار فى الظنّ بارادة المعنى
الحقيقى الا من باب السّالبة بانتفاع الموضوع الثّانى والعشرون ان الدلالة
اللّفظيّة كما تكون حجّة فى حقّ المجتهد فكذا تكون حجّة فى حقّ المقلد فى عنوان
التّقليد كما يحصل الظنّ به من شفاهيات المجتهد او من كتابه بناء على كون المدار
فى دلالة الالفاظ على الظنّ إلّا ان يقال انّ الاجماع على حجيّة الظنّ اللّفظى
انّما هو فى حقّ المجتهد وظنّ المقلّد بمراد المجتهد ممّا ثبت حجية بالاجماع
والضرورة بالخصوص نظير حجية الظنّ باجتهاد المجتهد فى حقّ المقلّد بالاجماع والّا
فلو كان مطلق الظنّ اللّفظى حجّة فى حقّ المقلّد للزم حجيّة الظنّ المتحصّل من
الكتاب والسنة للمقلّد ومن ذلك ان الحق اختصاص التخيير فى باب تعارض الخبرين
بالمجتهد وان قيل باطراده فى حق المقلّد بل هو المشهور إلّا ان يقال انّ المدّعى حجيّة
الظنّ اللّفظى فى عنوان التقليد والظنّ المتحصّل للمقلّد من الكتاب والسنة خارج عن
عنوان التّقليد نعم يمكن الاشكال فى عموم الاجماع على اعتبار الظنّ لظنّ المقلّد
إلّا انّه لا جدوى في هذا الاشكال لثبوت حجيّة الظنّ بمراد المجتهد بالخصوص
بالاجماع والضّرورة الثّالث والعشرون انّه لو تعلّق حكم خاص بمدلول اللّفظ فلا
يقتضى حجيّة مدلول اللّفظ باطراد الحكم فى اقسام الدلالة المختلفة بالوضوح والخفاء
بل لا بد من ملاحظة شمول دليل الحكم اذ غاية ما يقتضيه حجيّة مدلول اللّفظ جواز
نسبة المدلول الى الشّرع والعمل به لو كان فى موارد العمل وامّا اطراد الحكم
المخصوص فلا بدّ من ملاحظة شمول الدّليل بالنّسبة الى اقسام الدّلالة وعدمه ولا
ارتباط بحجيّة المدلول بحجية الاطراد مثلا فى باب الكثرة بناء على كون المدار فيها
على التّوعيد بالنّار فى الكتاب او السنة او التّوعيد بالعقاب فى الكتاب او السنة
فالظّاهر ممّا دلّ على اعتبار التّوعيد انّ الغرض التّوعيد بالدلالة الصّريحة
المتعارفة وامّا شموله لما لو كان استفادة التّوعيد بدلالة الايماء او الاشارة او
غيرهما فهو غير ثابت بل الظّاهر عدم الشمول وما صنعه شيخنا السيّد من تعميم
التّوعيد للتّوعيد المدلول عليه بدلالة الايماء كما فى قوله سبحانه (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً
مُضاعَفَةً) الى قوله سبحانه (وَاتَّقُوا النَّارَ
الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) بناء على تعميم دلالة الايماء لكلام المتكلّم الواحد
وكذا المدلول عليه بدلالة الاشارة كما فى قوله سبحانه (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ
إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) فانّه يدلّ بانضمام الآيات الدّالة على ثبوت العقاب
الكافر على ثبوت العقاب للآيس وكذا المدلول عليه بمجموع الايماء والاشارة نحو قوله
سبحانه حكاية عن روح الله (وَبَرًّا بِوالِدَتِي
وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا) فانّه بالايماء يدلّ على ثبوت الشّقاوة للعاق وهذا
بانضمام قوله سبحانه (فَأَمَّا الَّذِينَ
شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) يدلّ على وعيد العاق بالعقاب وكذا المدلول عليه بمفهوم
الموافقة مثل ما دلّ على وعيد العقاب لمقبل الغلام بشهوة فانّما يدلّ على وعيد
المولج بطريق اولى وكذا المدلول عليه بالاستعارة كالتّعبير عن معصيته بالكفر
كالسّحر وترك الحجّ ففى الاول وما كفر سليمان وفى الثّانى بعد آية الاستطاعة ومن
كفر فانّ الله غنىّ عن العالمين وكذا المدلول عليه بلفظ الويل فانّه كثير الوقوع
فى كتاب الله توعيدا على المعاصى وهو يفيد التّوعيد بالنّار ولو برسم الظّهور ليس
على ما ينبغى ولعلّ الظّاهر عدم شمول ما دلّ على حرمة الغيبة للمفهوم بناء على كون
المفهوم من باب الدلالة اللّفظيّة فلا يثبت حرمة اظهار السّوء بالمفهوم لو اراد
المتكلم والّا فالامر اظهر بل لا اشكال فى عدم الحرمة والظّاهر عدم شمول ما دلّ
على حرمة التصرّف فى ملك الغير بغير اذنه لغير الاذن الصّريح نعم لو ثبت اعتبار
الاذن المدلول عليه بالفحوى فعليه المدار وربما منع فى المقاصد العليّة عن اعتبار
الاذن بشاهد الحال فى اباحة الماء للوضوء بل منع فى اللمعة عنه فى توكيل الغير لكن
الظّاهر انّ المدار فى مخالفة
__________________
الشّرط فى ضمن العقد للكتاب والسنة على مطلق المخالفة ولو بدلالة خفيّة
ونظير ما ذكر انّ المدار فى صحّة العبادة المستاجر عليها على شمول الاجارة ولا
يكفى صحّتها بنفسها شرعا مثلا لو كان شرب الغليان فى الصّوم غير موجب للبطلان كما
هو الاظهر لا يثبت صحّة الصّوم على تقدير الاستيجار لعدم شمول الاجارة للصّوم
المشروب فيه الغليان الرّابع والعشرون انّه لو دار الامر بين وجهين من الوجوه
المخالفة لظاهر اللّفظ والمذكورة فى باب تعارض الاحوال وكان الشّهرة فى جانب احد
الوجهين فى بعض المسائل الفقهيّة فاستشكل بعض الفحول فى اعتبار الشّهرة فى ترجيح
احد الوجهين بناء على حجيّة الظّنون الخاصّة تعليلا بانّ الشّهرة انّما تصلح
للتّرجيح حيث يتعارض دليلان مستقلان متكافئان كتعارض الخبرين الصّريحين ولا تصلح
لترجيح احد الاحتمالين والا لزم ان تكون حجّة كالخبر الواحد واللازم باطل بيان
الملازمة ان كلّ مسئلة يتحقّق فيها قولان يتحقّق هناك احتمالان فاذا كان احدهما
مشهورا وقلنا بانّ الشّهرة تصلح للتّرجيح فى تعارض الاحتمالين لزم الاخذ بالقول
المشهور وهذا معنى حجيّة الشّهرة وامّا بطلان اللازم فللفرض ولانّ المشهور على ما
قيل عدم حجيّة الشّهرة فلو كانت حجّة لزم ان لا تكون حجّة ولانّ الاصل عدم حجيّتها
حتّى فى مقام التّرجيح بين الدّليلين الا ان ذلك خرج بالدّليل فيبقى الباقى على
حكم الاصل قال فعلى هذا لو ورد لفظ مشترك وعلم انّ المراد احد معانيه وشكّ فى
تعيينه وكان المشهور ارادة معنى معين كان اللازم التوقّف وعدم جعل الشّهرة حجّة
اقول انّه يرجع الامر فى ترجيح احد الوجهين المشار اليهما الى الظنّ اللفظى بالحكم
وهو حجّة اتّفاقا والامر من قبيل الخبر الضّعيف المنجبر ضعف دلالته بالشّهرة
العمليّة ولا يكون الشّهرة دخيلة فى الظنّ بالحكم مثلا لو فسّر احد حديثا يفيد
الظنّ الفعلى بحكم شرعى فالمقيد للظنّ بالحكم الشّرعى انّما هو الحديث والتّفسير
سبب لافادة الحديث للظنّ بالحكم الشّرعى ومن ذلك انّه لو بنى المشهور فى المشترك
على فهم بعض المعانى فالظنّ بالحكم يكون ناشيا عن اللّفظ إلّا انّه بشرط الشّهرة
ولا مداخلة للشّهرة فى الظنّ بالحكم والظّاهر ان منشأ الاشكال هو حسبان استناد الظنّ
بالحكم الى الشّهرة لا اللّفظ بشرط الشّهرة وان امكن القدح فى حجيّة الظنّ
المستفاد من اللّفظ بشرط الشّهرة بكون القدر المتيقّن من حجيّة الظنّ اللّفظى ما
كان محصّلا من اللّفظ بنفسه لكن هذا خلاف مقتضى اعتبار الشّهرة العمليّة فى باب
خبر الدلالة ولعلّه معافه الاكثر مضافا الى القطع بعدم الفرق ثمّ انّ بعض الفحول
المشار اليه قد حكم فى بعض صور تعارض الاحوال باعتبار الظنّ المتحصّل من الغلبة
تمسّكا بانّه لولاه لانسدّ باب الاستفادة ومرجعه الى رجحان الظنّ المتحصّل من
الغلبة فى مقام العمل بعد التوقّف فى مقام الاجتهاد فى اعتبار مطلق الظنّ او الظنّ
المخصوص من حيث الخصوصيّة لكن الظّاهر اعتبار مطلق الظنّ المتعارف بين اهل اللسان
فى استكشاف المرادات ومنه الشّهرة مع انّ الفرق بين الغلبة والشّهرة مقطوع العدم
وما ربما قاله بعض الفحول المشار اليه من انّ الظنّ الحاصل من الغلبة ظنّ مخصوص
اعتبره اللسان فى دلالة اللّفظ وامّا ظنّ الشّهرة فغير معلوم اعتباره ينقدح بعد
دعوى القطع بعدم الفرق بين الغلبة والشّهرة بانّ الامور المتعارفة القناعة فى
استفادة مفاد الالفاظ بتفسير المفسّر الواحد فكيف لا يكون الشّهرة من الظنون
المتعارفة فى استفادة مفاد الالفاظ بها إلّا ان يقال انّ الشّهرة العمليّة لا تكون
من باب تفسير المفسّر فلا تكون ممّا تعارف بين النّاس استكشاف المراد بها كيف لا
ولا مجال للشّهرة العمليّة فى استكشاف المراد بها من الالفاظ المتحاور بها بين
النّاس نعم القطع بعدم الفرق امر آخر كما ان شهرة الاستعمال ممّا تعارف استكشاف
المراد به عن المشتركات لكنّها ايضا امر آخر الخامس والعشرون انّه قد تعارف فى
العرف افادة المطالب وتفهيمها بالافعال فى مقام الالفاظ كالاشارات ونحوها ولا
اشكال فى الباب فى صورة حصول العلم وامّا لو تحصل الظنّ فيبتنى حجيّة على حجيّة
مطلق الظنّ
إلّا انّه قد ادعى غير واحد من الاصحاب حجيّة الظنّ المستفاد من الفعل لكن
عموم الظنّ المستفاد من اللّفظ المدّعى فى حقه الاجماع للمقام محلّ الكلام إلّا ان
يدعى الاولويّة لكن اعتبار الاولويّة هنا محلّ الاشكال لعدم دخولها فى لحن الخطاب
بل ربما يقتضى بعض كلمات الوالد الماجد ره فى بحث التّاسى احتمال رجوع الظنّ
المستفاد من الفعل الى الظنّ المستفاد من شاهد الحال المدّعى فى كلامه الاتفاق على
حجيّة إلّا انّه مدخول بعد فرض الرّجوع وتسليم الاتفاق على اعتبار الظنّ الناشئ من
شهادة الحال حيث انّ المحكى فى الذّخيرة والكفاية عن ظاهر كثير من الاصحاب اعتبار
العلم فى شهادة الحال فى باب الاذن فى مكان المصلّى بانّ غاية الامر اعتبار الظنّ
النّاشى من شهادة الحال فى باب الاذن فى مكان المصلّى ولا يلزم من اعتباره ثمّ
اعتباره فى هذا المقام الّا ان يتمسّك بالفحوى الّا ان الفحوى هنا طينة يبتنى
حجيّتها على حجيّة مطلق الظنّ اذ لا مسرح لدخوله فى لحن الخطاب ومع ذلك فاعتبار
الظنّ الناشى من شهادة الحال فى محلّه محل الاشكال بل جرى على الاشكال فيه فى
الرّياض وان جرى بالأخرة على اعتبار الظنّ فى بعض الامثلة كالصّحارى والبساتين
المنقول فيه الاجماع فى كلام جماعة وقد روى فى التّهذيب فى باب صفة الوضوء والفرض
منه والسّنة والفصل فيه بالاسناد عن معمر بن خلاد قال سالت أبا الحسن الرّضا عليه
السّلم أيجزى الرّجل ان يمسح قدميه بفضل راسه فقال برأسه لا فقلت أبماء جديد فقال
برأسه نعم قال شيخنا البهائى فى الحبل المتين لا زال يختلج بخاطرى ان ايمائه عليهالسلام برأسه نهى لمعمر بن خلاد عن هذا السّؤال لئلا يسمعه
المخالفون الحاضرون فى المجلس فانّهم كثيرا ما يحضرون مجالسهم فظنّ معمر انّه عليه
السّلم نهاه عن المسح ببقيّة البلل فقال عليه السّلم برأسه نعم ومثل هذا فى
المحاورات كثير قوله لئلا يسمعه المخالفون الحاضرون فى المجلس قال فى الحاشية والا
فليس من عادتهم سلام الله عليهم الاجابة عن المسائل الدّينيّة بالايماء وقيل انّ
اكثر اخبار مولانا الرّضا عليه السّلم لا يخلو عن تقية لان اكثر الاوقات لا يخلو
مجلسه فى خراسان من علماء المخالفين حتّى انّه ربما يتّقى من احمد بن محمّد بن
عيسى لكونه رئيس المحدّثين بقم فكل ما سمعه عن الرّضا عليه السّلم كان يذكره فى
مسمع المحدّثين ويشتهروا بالجملة الظّاهر انّ الغرض من النّهى بالرّاس انّما هو
النّهى عن المسمع بفضل الرّاس فالامر من باب التقيّة والحمل على النهي عن السّؤال
خلاف الظاهر وامّا الجواب ينعم بالرّاس فقد حمله الشيخ فى التهذيب على التقيّة لكن
اورد شيخنا البهائى فى حاشية التّهذيب بان العامة انّما يقولون بالغسل لا بالمسخ
إلّا ان يكون الامر من باب اطلاق المسح على الغسل اى كون الغسل مسحا كما نقله
الشّيخ عن بعض وفيه ما فيه لكن عن بعض العامة تجويز المسح بماء جديد وعن بعضهم
القول باستيعاب المسح وكل من القولين يناسب التقيّة ولا سيّما القول الاوّل وان
كان الظّاهر من الوافى كون التقيّة فى المقام من باب القول الثّانى لكن الحمل على
التقيّة فى المقام مبنىّ على كفاية وجود القول من بعض العامة فى الحمل على التقيّة
ولو كان البعض من غير اهل عصر صدور الخطاب اى من اهل العصر السّابق او اللّاحق
لعدم ثبوت كون تجويز المسح بماء جديد اذ القول باستيعاب المسح من اهل عصر مولانا
الرّضا عليه آلاف التحيّة والثّناء وعدم لزوم كون القول من بعض اهل عصر صدور
الخطاب فضلا عن عدم لزوم اتّفاق اهل العصر كما جرى عليه صاحب المعالم فى بعض
تعليقات المنتقى او لزوم اتفاق العامة كما جرى عليه الشّهيد الثّانى فى المسالك
وتفصيل الحال موكول الى ما حرّرناه فى الاصول وقد روى فى التّهذيب فى اوائل
الصّلاة بالاسناد عن حماد بن عثمان قال سألت أبا عبد الله عليه السّلم عن صلاة
رسول الله صلىاللهعليهوآله بالنّهار فقال ومن يطيق ذلك ثمّ قال ولكن اخبرك كيف
اصنع انا فقال فقلت بلى ثمان ركعات قبل الظّهر وثمان بعدها قلت فالمغرب قال اربع
بعدها قلت فالعتمة قال كان
رسول الله ص يصلّى العتمة ثمّ ينام وقال بعده هكذا فحرّكها قال ابن ابى
عمير ثمّ وصف عليه السّلم كما ذكر اصحابنا قوله فحرّكها قال العلّامة المجلسى فى
حاشية التّهذيب يمكن ان يكون تحريك اليد تجويزا للوتيرة كما هو الشائع فى مثل هذا
المقام اى انّه كان لا يفعل وان انت فعلت فلا باس ثمّ وصف الوتيرة كما ذكره
الاصحاب او الوتيرة مع صلاة الليل ويمكن ان يكون مقارنا لما ذكره عليه السّلم فى
بيان فعل الرّسول ص اى من يطيق ان يفعل مثل ما فعله كما قيل ويحتمل ان يكون
التّحريك اشارة الى سكوته ليبيّن له كيفية صلاته فى اللّيل وفى الوافى معنى قوله
قال بيده هكذا امّا وصف نومه وتوسّده بيمناه كما ورد ومعنى قوله ثمّ وصف بيان عدد
صلاة اللّيل وامّا معنى مجموع القولين بيان الصّلاة كلّها وعددها بيده وبالجملة
فيه اجمال ومعناه غير ظاهر وروى فى التّهذيب فى زيادات الحجّ وفى الاستبصار فى
كتاب الحجّ فى باب اتمام الصّلاة فى الحرمين فى ذيل ما رويه بالاسناد عن علىّ بن
مهزيار عن ابى جعفر ع انّه قال اذا توجّهت من منى وزرت البيت ورجعت الى منى فاتم
الصّلاة تلك الثّلاثة ايّام وقال باصبعه ثلاثا لكن الظّاهر ان الامر فيه من باب
تاكيد القول بالفعل اذا الظّاهر ان المقصود بقوله باصبعه ثلاثا هو تعديد الثّلاثة
ايّام بالاصابع ويحتمل ان يكون قوله تلك الثّلاثة ايّام من الرّاوى استفادة من
التّرديد بالاصبع ثلاثا ومن قبيل ذلك طائفة من الاخبار فى باب عدد شهر رمضان السّادس
والعشرون انّه لو قيل اعتق رقبة مؤمنة يتاتى الكلام فيه تارة فى كون المقصود
بالاصالة من الكلام هو مجموع القيد والمقيّد او خصوص القيد واخرى فى دلالته على
اشتراط صحّة العتق بالايمان وثالثه فى ثبوت المفهوم للمؤمنة امّا الاخير فالامر
فيه سهل فانّ الكلام فيه موكول الى الكلام فى اعتبار مفهوم الوصف وامّا الاوّل
فالحق فيه انّه ان كان المخاطب عالما بالمقيّد اعنى وجوب كون الرّقبة مؤمنة
فالمقصود فالمقصود بالاصالة من الكلام اظهار وجوب كون الرّقبة مؤمنة اعنى اظهار
القيد فقط وان كان غير عالم بذلك او كان شاكا فيه فالمقصود بالاصالة اظهار كل من
القيد والمقيد وقد حكم البيضاوى فى قوله سبحانه (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ
وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) بدلالته على وجوب الحجّ والعمرة وعن الشافعيّة
الاستدلال به على وجوب العمرة لكن الحلبى حكم بدلالته على وجوب قصد القربة فى الحج
والعمرة والظّاهر بلا اشكال انّ القائل بدلالته على وجوب الحجّ والعمرة او وجوب
العمرة يقول بدلالته على وجوب قصد القربة وامّا الثّانى فالظّاهر دلالة التّقييد
على اشتراط القيد فى صحّة المقيّد اعنى اشتراط الايمان فى صحّة عتق الرّقبة فلا
يكون الامر من باب الواجب فى الواجب كما قيل بوجوب القضاء بالامر الاوّل لانحلاله
الى امرين وقيل بوجوب الاستدلال فى اصول الدّين وقيل بوجوب المتابعة فى الوضوء
بالاستقلال بعد اشتراط عدم الجفاف وقيل بوجوب النيّة فى الصّلاة تعبّد او احتمل
وجوب التّسليم مع الخروج عن الصّلاة فلو كان الامر بالمقيّد فى المستحبّات
فالظّاهر اشتراط المقيّد بالقيد وربما نسب الى العلامة النّجفى انحلال الامر
بالمقيّد الى امرين فى المستحبّات فى صورة انفصال الاجزاء فكلّ من الاجزاء من باب
المستحبّ فى المستحبّ ولو مع تيسّر الكلّ وليس النّسبة فى المحلّ وان اردت انكشاف
الغطاء فارجع الى كلامه فى المبحث الرابع عشر من الفنّ الثانى من كشف الغطاء وينظر
ذلك انّ الامر بالشّيء مقيّدا بالعبادة او المعاملة كما لو قيل تجاهر فى صلاة
العشاءين يقتضى اشتراط العبادة او المعاملة بالشيء المامور به وكذا النّهى عن
الشّيء مقيّدا بالعبادة او المعاملة يقتضى ممانعة الشّيء المذكور لصحّة العبادة او
المعاملة وان لم نقل بدلالة النّهى فى المعاملة على الفساد وكما انّ النّهى عن
العبادة او المعاملة مقيّدا بشيء فى المنهىّ عنه لوصفه يقتضى ممانعة المنهى عنه
لوصفه يقتضى ممانعة المنهى عنه عن صحّة العبادة اى دلالة النّهى عن العبادة او
المعاملة بناء على دلالة النّهى فى المعاملات على الفساد على فساد العبادة
والمعاملة ونظير ذلك ايضا انّ الامر بفعل لغاية نحو توضّأ للصّلاة المندوبة
وقوله سبحانه (فَطَلِّقُوهُنَّ
لِعِدَّتِهِنَ) و (فَانْكِحُوهُنَّ
بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ) وقوله سبحانه (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ
عَدْلٍ مِنْكُمْ) يقتضى اشتراط صحّة الغاية بالفعل المامور به فمقتضى
المثال الاول اشتراط صحّة الصّلاة المندوبة بالوضوء لكن الامر هنا انما يقتضى
اشتراط صحّة الغاية بالمامور به فى الامر بالمقيّد يقتضى اشتراط صحّة المقيّد
بالقيد فلو قيل اغسل عن الجنابة للصّلاة يقتضى اشتراط صحّة الغاية اعنى الصّلاة
بالمامور به اعنى الغسل وعدم كون وجوب الغسل نفسيّا وربما يخلط بين الاوّل والاخير
ويظهر ضعفه بما سمعت لاختصاص الاوّل بصورة جهل المخاطب بالقيد او شكّه فيه وعموم
الاخير لصورة علم المخاطب بالمقيّد ثمّ انّه قد يكون القيد فى الكلام فمقتضاه ورود
النّفى على القيد بثبوت المقيّد فى ضمن قيد آخر مثلا لو قيل ما رايت زيدا راكبا
يقتضى رؤيه زيد غير راكب على ما حرّرنا الحال فى محلّه ومن هذا الباب النّفى
الوارد على العموم وقد اشتهر انّه لسلب العموم ويتاتى الكلام فيه تارة فى انّ
الدّلالة على سلب العموم بالوضع او يحكم العقل واخرى فى اطراد الدّلالة على سلب
العموم وعدمه وثالثة فى انّ مقتضى النّفى الوارد على العموم مجرّد سلب العموم
بافادة مجرّد التّخصيص او ثبوت الحكم فى بعض الافراد اعنى ثبوت المفهوم والحق انّ
الدّلالة بحكم العقل خلافا للوالد الماجد ره حيث زعم انّه من باب الوضع لكن
الظّاهر انّ النّفى الوارد على الجمع المعرّف يفيد عموم السّلب وكذا المفرد
المعرّف باللام بناء على دلالته على العموم نظير عدم رجوع النّفى فى النّكرة
المنفيّة بلا المشابهة بليس الى الوحدة وظهورها فى العموم وكذا ظهور نفى الوجوب الظّاهر
فى الوجوب التعيّنى فى نفى اصل الوجوب دون نفى التعيّن الموجب للتّخيير كما هو
مقتضى كلام الشّيخ فى التّهذيب فى اواخر زيادات الحجّ وكذا المولى التّقى المجلسى
فى شرح الفقيه وو يمكن ان يكون الوجه فى النّظير الاوّل هو خفّة القيد ويمكن ان
يكون الوجه فى النّظر الثّانى عدم تعمد المتكلّم الى التعيّن وكون ظهوره بدون
اختيار المتكلم من هذا عدم رجوع النّفى الى القيد فى القضيّة المفهوميّة ولا ريب
فى ثبوت المفهوم كما هو مقتضى قول السّكاكى اذا تاملنا وجدنا ادخال كل فى خير
النّفى لا يصلح الا حيث يراد ان بعضا كان وبعضا لم يكن ويقتضى القول بذلك ما نقله
فى المعنى كما عن ابن مالك من محققى النجاة من القول بكون ظلام فى قوله سبحانه (أَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ
لِلْعَبِيدِ) للنّسبة ذبا عمّا يقتضيه كونه للمبالغة من ثبوت الظّلم
فى الجملة قضيّة انّ النّفى يرد على المبالغة فمقتضى ثبوت اصل الفعل لكن نقل فى
المعنى عن جماعة القول بانّه يقتضى عموم السّلب والقول بانّه يقتضى سلب العموم فى
الاكثر دون ما لا يصلح ان يتعلّق بالبعض كقوله سبحانه (وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ
فَخُورٍ) وقوله سبحانه (وَاللهُ لا يُحِبُّ
كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) وقوله سبحانه (وَلا تُطِعْ كُلَّ
حَلَّافٍ مَهِينٍ) كما جرى عليه التفتازانى وتبعه السيّد السّند العلىّ فى
شرح الصّحيفة السجّادية فى شرح دعاء مولانا سيّد السجّاد وزين العباد عليه آلاف
التحيّة من ربّ العباد لولده ومرجعه الى التّفصيل فى الاقتضاء باقتضاء سلب العموم
فى الاكثر دون غيره والقول بانّه يقتضى سلب العموم شأنا لا مطلقا لكن تخلف
الفعليّة فى مثل الآيات المذكورة لوجود المعارض الاقوى كما جرى عليه فى المعنى
والقول بانّه يقتضى سلب العموم فى الجملة من دون دلالة على المفهوم كما يظهر من
صاحب المدارك عند الكلام فى كون وجوب الوضوء غيريا ثمّ انّه قد يقابل العموم
المنفىّ بالعموم المنفىّ كما لو قيل ينبغى ان لا يجلس قاطبة الرّجال مع قاطبة
النّساء الاجنبيّة فمقتضاه بناء على ثبوت المفهوم لسلب العموم ففى مجالسة كل واحد
من قاطبة الرّجل مع كلّ واحدة من النّساء الاجنبيّة فمقتضاه جواز مجالسة بعض
الرّجال مع كل واحدة من النّساء الاجنبيّة وكذا جواز مجالسة كلّ واحد من الرّجال
مع بعض النّساء الاجنبيّة وكذا جواز مجالسة البعض مع البعض السّابع والعشرون انّه
قد اختلف فى ان حمل اللفظ على معناه الحقيقى مشروط بالظنّ الشّخصى ففى صورة الشّك
يتوقف فضلا عن
صورة الظنّ بالتجوّز او يكفى الظنّ النّوعى فيحمل اللّفظ على المعنى
الحقيقى فى صورة الظنّ بالتجوّز او يكفى الظنّ فضلا عن صورة الشكّ وبعبارة اخرى قد
اختلف فى ان حمل اللفظ على معناه الحقيقى مشروط بظهور عدم القرينة على التجوّز ففى
صورة الشكّ والظنّ بالتجوّز يتوقف او يكفى فيه عدم ظهور القرينة على التجوز فيحمل
اللّفظ على المعنى الحقيقى ولو فى صورة الشكّ والظنّ بالتجوّز وبعبارة ثالثة قد
اختلف فى انّ المدار فى باب الحقائق على الظنّ الشّخصى بالمعنى الحقيقى او يكفى
الظنّ النّوعى وهذا العنوان حديث العهد حيث انّه قد اتّفق فى كلام بعض الفحول
استنقاذا من كلماتهم فى باب المجاز الرّاجح وكذا كلماتهم فى باب الاستثناء عقيب
الجمل المتعاطفة ولا يذهب عليك انّه لا خلاف فى لزوم حمل اللّفظ على المعنى
المجازى لو تحصل الظنّ النّاشى من الامر بارادة المعنى المجازى من اللّفظ والخلاف
انّما هو فيما لو تحصل الظنّ النّاشى من الامر الغير المعتبر او الشّك النّاشى
المعتبر منه او الشكّ النّاشى من الامر المعتبر شكّا فى وجوده من باب الشكّ فى
وجود المانع فالشّك ناش من الشّك فى وجود الامر المعتبر اعنى الشّك فى وجود
الصّارف عن ظاهر الحقيقة كالشّك فى ورود المخصص والمقيد او شكّا فى ممانعته من باب
الشّك فى ممانعة الموجود اعنى الشّك فى صرف الموجود فالشّك ناش من وجود الامر
المعتبر كما لو خصص العام او قيد المطلق بالمشترك لفظا او المشتبه خطا بحيث يخصص
العام ويفيد المطلق على احد معنيى المشترك واحد وجهى المشتبه خطا دون آخر فلا بدّ
فى الشّك فى ممانعة الموجود وصرفه عن ظاهر الحقيقة من كون الموجود محمولا على
الحقيقة على تقدير الممانعة والصّرف عن ظاهر الحقيقة وعدمه بتطرق التصرّف فى ظاهر
الحقيقة على وجه دون وجه مع عدم تطرق التصرّف على الامر الموجود سواء وقع الصّرف
ام لا ومن قبيل ذلك الاستثناء الوارد عقيب الجمل المتعدّدة على القول باشتراكه بين
العود الى الاخيرة والعود الى الجميع لكن الاشتراك هنا فى أداة التّخصيص لا
المخصّص ومثل ذلك ما لو تردد معنى المخصّص والمقيد بحسب الوضع بين معنيين بحيث
يخصص العام ويقيد المطلق بناء على احد المعنيين دون الآخر ومن قبيل هذا الاستثناء
الوارد عقيب الجمل المتعدّدة على القول بالتوقف بين كونه موضوعا للعود الى الاخيرة
والعود الى الجميع لكن التردّد هنا فى معنى أداة التّخصيص لا المخصص واما لو وقع
الشّك فى صرف الموجود او تطرق التصرّف عليه كما لو قيل اعتق رقبة ثم قيل اعتق رقبة
مؤمنة وشك فى التّقييد فالمرجع الى الشّك فى حمل المطلق فى اعتق رقبة على المقيّد
وحمل الامر بالمقيد فى اعتق رقبة مؤمنة على الاستحباب فيقع التّعارض بين ظنين
نوعيين بناء على القول الثانى ولا يذهب عليك ايضا انّ الكلام فى المقام انّما
يتاتى فى صورة الشّك فى وجود المخصّص او التّخصيص بالموجود بناء على كون التّخصيص
فيهما من باب قصر العموم وامّا بناء على كون التّخصيص فيهما او فى احدهما من باب
قصر الحكم فيتاتى الكلام فى اشتراط الظنّ بمطابقة المدلول للواقع شخصا وكفاية
الظنّ بالمطابقة نوعا وياتى الكلام فيه وبما ذكر يظهر الحال فى صورة الشّك فى وجود
المقيد وتقييد الموجود فانّ الكلام فى المقام انّما يتاتى فيها بناء على كون
التقييد فيهما من باب المجاز وامّا بناء على كونه فيهما او فى احدهما من باب
الحقيقة فيتاتى الكلام فى اشتراط الظنّ بمطابقة المدلول للواقع شخصا وكفاية الظن
بالمطابقة نوعا وياتى الكلام فيه بعيد هذا ولا يذهب ايضا عليك انّ الكلام فى
المقام يعم الكتاب وخبر الواحد وان كان العمدة هى خبر الواحد ويمكن القول بان
الكلام فى المقام يختصّ بخبر الواحد لكونه هو العمدة إلّا انّه يجرى الكلام فى
الكتاب من باب اطراد النّزاع لا عموم المتنازع فيه وكيف كان خبر الواحد يتاتى فيه
الكلام ايضا تارة من حيث اشتراط اعتباره بالظنّ بالصّدور شخصا وكفاية الظنّ
بالصّدور نوعا فى اعتباره فيما لو شك فى الصّدور او ظنّ بالعدم بواسطة معارضة ما
لم يثبت اعتباره او ثبت عدم اعتباره واخرى من حيث
اشتراط اعتباره بالظنّ بمطابقة الواقع شخصا وكفاية الظنّ بالمطابقة نوعا
فيما لو شكّ فى كون الامر من باب التقيّة او ظنّ به بواسطة معارضة ما لم يثبت
اعتباره او ثبت عدم اعتباره ومثله ما لو شك فى وجود المخصّص او المقيد المعتبر او
التّخصيص او التقييد بالموجود بناء على كون التّخصيص من باب قصر الحكم دون الموضوع
وكون التقييد من باب الحقيقة كما يظهر ممّا مر لكن هذا يطّرد فى الكتاب امّا
الاوّل فلا كلام فى تطرق الكلام فيه بناء على اعتبار الظنون الخاصّة وامّا بناء
على اعتبار مطلق الظنّ وقد حكم بعض الفحول من ارباب مذاق الاطلاق باعتبار الخبر
الصّحيح مع عدم حصول الظنّ بالصّدور بواسطة المعارضة المذكورة نظر الى الاتفاق على
الاعتبار حيث انّ مقتضى كلماتهم الاتفاق على اعتبار الخبر بعد اجتماع الشّرائط
المعتبرة فى الرّاوى المذكورة فى محلّه مع اقتضاء الخبر بنفسه للظنّ بالصّدور مع
قطع النّظر عن المعارضة المذكورة مضافا الى شمول اطلاق مفهوم آية البناء لو كان
الخبر العدل بنفسه مفيدا للظنّ بالصّدور بعد اجتماع الشّرائط المشار اليها نعم لو
لم يفد خبر العدل بنفسه للظنّ بالصّدور مع اجتماع تلك الشّرائط وان كان هذا الفرض
بعيدا يتاتّى الاشكال فى الحجيّة من جهة الاطلاق مفهوم آية البناء المقتضى لعدم
اعتبار اشتراط الظنّ بالصّدور شخصا ومن جهة الاصل والعمومات المانعة عن العمل بغير
العلم خرج منها صورة افادة الخبر بنفسه الظنّ بالصّدور ولا دليل على خروج مورد الكلام
فيبقى مندرجا تحتها لكن اطلاق مفهوم آية البناء ينصرف الى صورة افادة خبر العدل
بنفسه للظنّ بالصّدور ولا يشمل صورة عدم افادة خبر العدل بنفسه للظنّ بالصّدور
وكذلك الادلّة الدّالة على حجيّة خبر الواحد من الاجماع والادلّة العقليّة
والاخبار المتواترة فالمصير الى القول باشتراط اعتبار خبر العدل بافادته بنفسه
للظنّ بالصّدور بعد اجتماع الشّرائط المشار اليها اقوى وفاقا لما يقتضيه صريح كلام
العلامة فى النّهاية والتّهذيب وصاحب المعالم ويمكن استفادته من المنية وغيرها
اقول انّه قد تقدّم انّه لا مجال للقول باعتبار الخبر الصّحيح تعبّدا مع الشّك فى
الصّدور او الظنّ بالعدم بواسطة بعض الظّنون الّتى لم يثبت اعتبارها او ثبت عدم
اعتبارها على القول باعتبار مطلق الظنّ ويظهر ضعف التمسّك بالاجماع فى المقام بما
ياتى فى تزييف التمسّك بالاجماع على كفاية الظنّ النّوعى فى اصل العنوان هذا ويظهر
من القول المذكور والتمسّك المذكور انّه لا خلاف فى اشتراط اعتبار الظن بالصّدور
شخصا فيما عدا الخبر الصّحيح من اخواته الاربعة فلا اعتبار بها لو لم يتحصّل منها
الظنّ بالصّدور بواسطة معارضة بعض الظّنون الّتى لم يثبت اعتبارها او ثبت عدم
اعتبارها بلا خلاف وامّا الثانى فلا ريب فى اشتراط الظنّ الشّخصى بناء على اعتبار
مطلق الظنّ وامّا بناء على اعتبار الظّنون الخاصّة فظاهر كلام الوالد الماجد ره
القول باشتراط الظنّ الشّخصى نظر الى انّ ما دلّ على حجيّة الخبر الواحد لا يفيد
ازيد من اعتبار ما افاد الظنّ شخصا بالحكم فانّه ان كان نقلا فهو لا يخرج عن
الاطلاق وينصرف الى ما يفيد الظنّ شخصا قضيّته انّ الغالب فى خبر العدل افادة
الظنّ شخصا فلا يشمل الاطلاق ما لا يفيد الظنّ شخصا بالحكم وان كان اجماعا فلا
اجماع فيما لا يفيد الظنّ شخصا بالحكم قال ولا ينافى ذلك كون حجيّة من باب المتعبد
فانّ المتعبّد به خبر العدل ما دام الوصف ويحتمل ان يكون مقصوده الظنّ بالصّدور
ولكنه خلاف الظّاهر من كلامه لانّه حكم بظهور اعتبار الظنّ الشّخصى بناء على كون
اعتبار الخبر من باب اعتبار مطلق الظنّ حيث ان اعتبار مطلق الظنّ انّما يقتضى فى
الخبر اعتبار الظنّ بالحكم لا الظنّ بالصّدور اقول انّ مفهوم آية البناء انما
يقتضى اعتبار الظنّ بالصّدق والصدور لا الظنّ بالحكم فلا يرتبط مفهوم آية البناء
بالظنّ بالدّلالة ولا الظنّ بمطابقة المدلول للواقع والظنّ بالحكم انما يتاتى بعد
الظنّ بالصّدور الظنّ بالدلالة والظنّ بمطابقة المدلول للواقع وعلى منوال حال
المفهوم
حال المنطوق وقد تقدّم الكلام فى مفاد المنطوق والمفهوم نعم ما ذكره من انّ
الاجماع لا يفيد ازيد من اعتبار الخبر المفيد للظن شخصا بالحكم فى محلّه وان لم
يثبت اعتبار الخبر تعبّدا بل ثبت عدمه كما يظهر ممّا تقدّم ومع هذا كان المناسب
بعد التمسّك باقتضاء مفهوم آية البناء اعتبار الظنّ بالحكم شخصا فى الخبر الصّحيح
ان يتمسّك باقتضاء منطوق آية النبإ اعتبار الظنّ بالحكم شخصا فى اخوات الخبر
الصّحيح من الحسن والموثق والقوى والضّعيف المنجبر بالشّهرة قضيّة الامر بالتبيّن
وان كان مقتضى المنطوق ايضا اعتبار الظنّ بالصّدق والصّدور فالمنطوق ايضا غير
مرتبط بالظنّ بالحكم كالمفهوم وربما فصل سيّدنا بين الخبر الصّحيح واخواته باشتراط
الظنّ فيها دونه ويظهر ضعفه بما تقدّم آنفا وسالفا وبالجملة فمقتضى القول بحمل
اللفظ على المعنى الحقيقى فى تعارض الحقيقة مع المجاز الرّاجح القول بالثانى وهو
مقتضى ما عن كثير من المحقّقين منهم المحقّق الثانى والمقدس وصاحب المعالم
والرّياض من التمسّك على اختصاص رجوع الاستثناء الوارد عقيب الجمل المتعاطفة بناء
على القول بالاشتراك والتوقّف بالاخيرة بانّ الرّجوع الى الاخيرة معلوم والى غيرها
مشكوك فيه فالاصل عدم الرّجوع اليه لاصالة بقاء العام على ظاهره وجرى ثلة من
الاواخر على القول بالاول وهو مقتضى ما عن العلامة الخوانساري من تزييف التمسّك
المذكور بان اصالة الحقيقة لم يقم دليل على اعتبارها وحجيتها بحيث ينفع فى مثل المقام
لان القدر الثابت حجيّة ما هو ظاهر ومظنون بالنّسبة الى العالم بالاصطلاح وامّا
الازيد منه فلم يثبت واختاره بعض الفحول فى بداية كلامه الّا انّه فصل بالأخرة
بانه يلزم حمل اللّفظ على المعنى الحقيقى اذا حصل الظنّ بارادته من اللّفظ او شكّ
فيها او ظن بخلافها لكن كان كلّ من الشّك والظنّ ناشيا ممّا لم يقم دليل على
اعتباره والتوقف فيما اذا حصل الشّك ممّا قام الشّرع على اعتباره ولا يذهب عليك ان
الظّاهر بل بلا اشكال انّ الكلام فيه يختصّ بالمجتهد ولا يعم المشافه وهو فى محلّه
وايضا مقتضى القول بذلك حمل اللّفظ على ظاهر الحقيقة فيما اذا لم يحصل الظنّ
بارادة الظّاهر من اللّفظ بواسطة القياس لا التوقف والعمل بالاصل كما عن بعض ارباب
القول باعتبار الظنّ النّوعى وايضا الظّاهر انّ المدار فيه على العمل بالاصل لو
كان الشّك فى ارادة المعنى الحقيقى من اللّفظ بواسطة الشّك فى ممانعة الامر
المعتبر الموجود او الظاهر انّ مقصوده من التوقّف فيما اذا حصل الشكّ ممّا قام
الشّرع على اعتباره انّما هو التوقّف فيما لو كان الشّك فى ممانعة الامر المعتبر
الموجود وايضا التفصيل المذكور خال عمّا لو كان الشّك فى ارادة المعنى الحقيقى
بواسطة الشّك فى وجود الامر المعتبر بناء على ما سمعت من ان الظّاهر انّ مقصوده من
التوقف فيما اذا حصل الشّك فيما قام الشّرع على اعتباره انّما هو التوقف فيما لو
كان الشّك فى ممانعة الامر المعتبر الموجود وفصل بعض المحققين بانه يلزم حمل
اللّفظ من المخاطب على المعنى الحقيقى سواء علم انتفاء القرائن المتّصلة او
المنفصلة ام لا وامّا غيره فانّ علم او ظنّ بظنّ معتبر قيام القرينة على الخلاف
فعليه المدار وامّا لو حصل الشّك او ظنّ قيام القرنية بظنّ ثبت عدم اعتباره او لم
يثبت اعتباره فان كان الدّلالة حاصلة مع هذا بحسب فهم العرف فيصحّ الاستناد الى
ظاهر العبارة حتّى يثبت المخرج ومجرّد الشكّ فى حصوله او الظنّ من غير طريق معتبر
لا يكفى فيه ولو شك فى ورود مخصّص على العام او ظنّ حصوله من غير طريق شرعى وجب
البناء على العام وان لم يحصل الدّلالة عرفا بان اوجب الشكّ او الظنّ الغير الثابت
اعتباره اجمال اللّفظ بحسب متفاهم العرف فلا بدّ من التوقف كما هو الحال فى تعارض
الحقيقة والمجاز الراجح فى بعض الصّور والفرق بين التّفصيل المذكور والتّفصيل
السّابق ان التّفصيل المذكور مشتمل على حكم المخاطب المشافه قولا بلزوم الحمل
على المعنى الحقيقى مطلقا بخلاف التّفصيل السّابق لكنه مستغنى عنه وايضا
التّفصيل المذكور مشتمل على ما لو علم او ظنّ بظنّ معتبر قيام القرينة على ارادة
المعنى المجازى فى غير المشافه بخلاف التّفصيل السّابق لكن المناسب تحرير محل
النّزاع وذكر ذلك فيه كما صنعناه لا ذكر ذلك فى التّفصيل وايضا التّفصيل المذكور
مبنى على اتّحاد حكم الظنّ النّاشى من الامر الغير المعتبر والشكّ النّاشى منه لو
لم يوجب الشك احمال اللّفظ بخلاف التّفصيل السّابق فانّ المحكوم به فيه لزوم الحمل
على ظاهر الحقيقة فى الاوّل دون الاخير وايضا التّفصيل المذكور خال عمّا لو ظنّ
بظنّ غير معتبر ارادة المعنى المجازى او شكّ فيها من جهة الامر المعتبر او غير
المعتبر قضية ان المذكور فيه يختصّ بما لو ظنّ بظنّ غير معتبر قيام القرينة من
جانب المتكلم على ارادة المعنى المجازى او شكّ فيه من جهة الامر المعتبر او غير
المعتبر والتّفصيل السّابق اعم من جميع ما ذكر وان امكن القول بظهوره فى الاقسام
الاخيرة وان قلت انّ الظنّ بارادة المعنى المجازى او الشّك فيه لا ينفكّ عن الظن
بقيام القرينة من جانب المتكلم او الشكّ فيه قلت كلا وحاشا اذ الشّهرة العمليّة
كما لو فهم المشهور من الامر الاستحباب توجب بنفسها الظنّ بارادة الاستحباب من
الامر مع عدم كشفها عن قيام القرينة فضلا عن الشّهرة المطابقة مع عدم العلم
باستنادها الى اللفظ او العلم بالعدم كما لو أفتى المشهور بالاستحباب مع عدم العلم
باستناد الشّهرة الى حمل الامر على الاستحباب او العلم بالعدم وايضا التّفصيل
المذكور خال عن صورة الشّك المستند الى الامر المعتبر بخلاف التّفصيل السّابق إلّا
ان يقال ان هذا التّفصيل مشتمل ايضا على صورة قيام الشّك المستند الى الامر
المعتبر لاشتماله على المجاز المشهور اذ المدار فى المجاز المشهور على كثرة
استعمال اللّفظ فى المعنى المجازى لا تتالى الفتاوى كما فى الشهرة الفتوائية على
تخصيص العام وكثرة استعمال اللّفظ فى المعنى المجازى من باب الامر المعتبر لاعتبار
الظن المتحصّل منه وايضا المدار فى التّفصيل السّابق على اطلاق اعتبار الظنّ فى
صورة الشّك المستند الى الامر الغير المعتبر اعنى ما لم يثبت اعتباره او ثبت عدم
اعتباره والمدار فى هذا التّفصيل على الفرق بين صورة ارتفاع الظّهور العرفى وعدمه
وان قلت فالمدار فى التّفصيل السّابق على ما ذكر على الاطلاق فلا وجه لعدّه من باب
التّفصيل قلت ان عد التفصيل السّابق من باب التّفصيل باعتبار الفرق بين فيه استناد
الشّك او الظنّ الى الامر الغير المعتبر واستناد الشّك الى الامر المعتبر واستناد
الشّك الى الامر الغير المعتبر كما سمعت ويمكن ان يقال ان مرجع التّفصيلين من هذه
الجهة اعنى الجهة الاخيرة الى امر واحد اذ لا يتطرق الاجمال الا فى صورة الشّك فى
صارفيته المتّصل كالاستثناء الوارد عقيب الجمل المتعدّدة على القول بالاشتراك
والتوقّف والمتّصل لا بد ان يكون من باب الامر المعتبر وكذا الحال فى المجاز
المشهور بناء على كون الشّهرة من باب القرينة المنفصلة ومنشأ الشّك فى الامرين من
باب الامر المعتبر والمصرح به فى التّفصيل السّابق القول بالتوقف فى صورة استناد
الشّك الى امر معتبر نعم لو كان الشّهرة فى المجاز المشهور من باب الامر الغير
المعتبر فعلى التّفصيل المذكور لا بدّ من التوقّف وامّا على التّفصيل السّابق
فيبنى على العموم وايضا القرينة الحاليّة توجب الاجمال سواء كانت من القرينة
المتّصلة او المنفصلة وهى غير معتبرة فعلى التّفصيل المذكور يتوقف وعلى التّفصيل
السّابق يبنى على العموم وبوجه آخر التّفصيلان متفقان على التوقف والعمل بالاصل لو
كان الشّك ناشيا من الامر المعتبر مع اجمال اللّفظ وهو اثقل الاقسام ومتّفقان على
العمل بالظّهور النّوعى لو كان الشّك ناشيا من امر غير معتبر مع عدم اجمال اللّفظ
وهو اخف الاقسام ومتفقان على العمل بالظّهور النّوعى ايضا لو كان الظنّ ناشيا من
امر غير معتبر ولا مجال فيه للاجمال قضيّة الظنّ بالخلاف وان توهم المحقق القمى
عدم منافاة الاجمال مع الظّهور استناد الى قولهم انّه لا يجوز تاخير البيان عن وقت
الخطاب فيما له ظاهر واريد منه خلاف الظّاهر وغير ذلك وقد حرّرنا
الحال فى بحث المجمل والمبين ومختلفان بالعمل بالظهور النوعى لو كان الشك
ناشئا من الامر الغير المعتبر مع اجمال اللّفظ على التّفصيل الاول والتوقف على
التفصيل الثانى ولا مجال فيه ايضا للاجمال قضية انفصال الامر الغير المعتبر وان
قلت فكيف يتاتى الاجمال فى المجاز المشهور فى بعض الصّور قلت انّه من جهة التضاد
بين الدّلالة على المعنى الحقيقى والدّلالة على المعنى المجازى حيث انّه لو تقوى
دلالة اللّفظ على المعنى المجازى بعد غاية الضّعف بحيث يكون دلالته عليه موهوما
يضعف دلالته على المعنى الحقيقى وكلّما ازداد القوّة يزداد الضّعف الى ان بصير
الدّلالة على المعنى المجازى ظاهرة من اللفظ وعلى هذا المنوال الحال فى الامور
العادية حيث انّه لو تقوى احد العدوين يضعف الآخر بعد قوته الى ان يصير القوى
ضعيفا والضّعيف قويا واين ذلك من قيام الشهرة على ارادة المعنى المجازى فضلا عن
قيام الشّهرة مطابقة على المعنى المجازى بناء على كونها موجبة الارتفاع الظنّ
بارادة المعنى الحقيقى اقول ان تطرق الاجمال انما يتاتى لو كان الشّك فى صارفية
الموجود وامّا لو كان الشّك فى وجود الصّارف فلا يتاتى الاجمال فصورة تطرّق
الاجمال مبنيّة على كون الشّك فى صرف الموجود وصورة عدم تطرق الاجمال مبنيّة على
كون الشّك فى وجود الصّارف ولا فرق فيما ذكر بين كون القرينة متّصلة وكونها منفصلة
الا انّ الشّك فى صارفيّة القرينة اللّفظية المتّصلة يستلزم الاجمال ولو لم يستلزم
الشّك فى صارفية القرينة المنفصلة للاجمال كما انّ الشّك فى وجود القرينة اللّفظية
المتّصلة بعيد نعم الشكّ فى قيام القرينة الحاليّة المتّصلة معروف الّا انّ الاظهر
كون الامر من باب الاحتمال الموهوم لندرة قيام القرينة الحالية على خلاف الظّاهر
فى كلام جميع المتكلّمين فمرجع التّفصيل المذكور الى انّه ان شك فى صرف القرينة
المتّصلة او المنفصلة فلا بدّ من التوقّف وان شكّ فى قيام القرينة المتّصلة او
المنفصلة او صرفهما فيبنى على المعنى الحقيقى وربما يرجع الى انّ اللّفظ ان كان
مقرونا بقرينة حاليّة او مقاليّة يمكن ان تكون صارفة فلا بدّ من التوقّف وان كان
الشكّ فى اصل وجود الصّارف على وجه الاتّصال او الانفصال او كان هناك امر منفصل
يمكن ان يكون صارفا فيبنى على المعنى الحقيقى وانت خبير بانّه لو كان الشكّ فى صرف
الامر المنفصل لا يطرد الحمل على المعنى الحقيقى لامكان تطرق الاجمال كما فى باب
المجاز المشهور نعم لو قام الشّهرة الفتوائيّة على تخصيص العام لا يتطرق الاجمال
على العام ولا يخرج العام عن الظّهور فى العموم ولو يطرق الظنّ بالتّخصيص اذ
المدار فى الاجمال على عدم ظهور العموم والعام فى الفرض المذكور ظاهر فى غير
المقصود لكن يمكن ان يقال انّ المدار فى الارجاع على كون الشّهرة من باب القرينة
المتّصلة بشهادة ان الظّاهر انّ المدار فى الارجاع على كون القرينة الحاليّة من
باب القرينة المتصلة ومع ذلك نقول انّ الكلام فى المقام يعمّ الظنّ الغير المعتبر والظنّ
الغير المعتبر بالصّرف لا يوجب الاجمال سواء كان القرينة على وجه الاتصال او
الانفصال اذ المدار فى الاجمال على عدم ظهور المراد والمراد فى صورة قيام الظنّ
الغير المعتبر على خلاف الظّاهر ظاهر إلّا ان يقال انّ الظنّ الغير المعتبر لا
مجال لكونه من باب القرينة المتّصلة فلا باس بعدم تطرق الاجمال بناء على قيام
الظنّ الغير المعتبر على الصّرف وربما يقال انّ التّفصيل المذكور يرجع الى
التّفصيل فى حجيّة اصالة الحقيقة بين الظّهور وصورة الاجمال والكلام فى حجيّة ظاهر
الحقيقة فالتّفصيل لا يكون فى مورد النّزاع بل يكون بين مورد النّزاع وغيره ويضعف
بان المقصود بالظّهور ان كان هو الظّهور النّوعى اعنى الظّهور المستند الى الوضع
المتحصّل فى نفسه مع قطع النّظر عن عروض المانع الموجب للشكّ او الظنّ بالخلاف فهو
متحصّل فى صورة تطرق الاجمال نعم الاجمال المنافى للظّهور انّما هو الاجمال
الذّاتى كما فى المشترك ومن هذا البناء على الحمل على المعنى الحقيقى من باب
المجاز المشهور ممّن جرى عليه وكذا الحمل على العموم فيما عد الجملة الاخيرة فى
باب الاستثناء الوارد عقيب الجمل المتعاطفة والّا فلا معنى له بوجه وان كان
المقصود الظّهور الشّخصى فهو مرتفع غير متحصّل في
صورة الشّك فى ارادة المعنى الحقيقى من باب الشّك فى وجود الصّارف او
صارفيّة الموجود مع تطرق الاجمال وبوجه آخر الكلام وان كان فى حجيّة الظّاهر
والتّفصيل المذكور تفصيل بين الظّهور وعدمه الا انّ الظّهور الّذى هو مورد الكلام
انّما هو الظّهور النّوعى الشّأني اى الظّهور الوضعى المستند الى نفس اللّفظ او
الظهور المفصل فيه انّما هو الظّهور العرفى وانتفاء الظّهور العرفى لا ينافى
الظّهور النّوعى الوضعى كما هو فى غاية الظّهور كيف لا ومن القضايا المسلمة عدم
ارتفاع الظنّ الشّأني بقيام الظنّ الفعلى على الخلاف بل لا ارتياب فى عدم ارتفاع
الشّأنيات بمخالفة الفعليّات مطلقا كالصّدق الضّار والكذب النّافع لوضوح عدم
ارتفاع حسن الصّدق بتطرق القبح عليه بواسطة الاضرار وعدم ارتفاع قبح الكذب بتطرق
الحسن عليه بواسطة النّفع ويمكن ان يقال انّ الكلام فى الظّهور العرفى ومن هذا انّ
القائل باعتبار الظنّ النّوعى لا يجرى على العمل بالاطلاق فى الفرد النادر فى صورة
الشكّ فى شمول الاطلاق للفرد النّادر فيرجع التّفصيل المذكور الى التّفصيل بين
صورة الظهور وصورة الاجمال لكن نقول ان الكلام فى الظّهور الوضعىّ النّوعى الا انّ
الظّاهر منه انّما هو صورة تطابق الظّهور الوضعى النّوعى للظّهور العرفى النّوعى
المستند الى نفس اللّفظ مع قطع النّظر عن غيره فلا منافاة بين الظّهور العرفى
النّوعى وتطرق الاجمال بالعرض بواسطة الظنّ الغير المعتبر او الشكّ فى ممانعة
الموجود او وجود المانع بناء على تطرق الاجمال بتوسّطه وربما يستدلّ على القول
الثانى بانّه لو كان حمل اللّفظ على معناه الحقيقى مشروطا بحصول الظنّ بارادته
لبطل التمسّك باكثر الظّواهر الشّرعيّة وهى التى قد عارضها نصوص ضعيفة اذا كانت
اقوى دلالة منها لانّه بعد ملاحظتها يحصل الشّك فى ارادة ظواهرها وذلك معلوم
وجدانا واللازم باطل اتفاقا فانّهم قد اطبقوا على وجوب العمل بالظّواهر الّتى قام
الدّليل على حجيّتها وانّ عارضها من الرّوايات الضّعيفة ما يوجب الشّك فى بقائها
على ظاهرها بل لو عارضها ما يوجب الظنّ بصرفها الى خلافه لا يلتفت اليه ايضا اذا
لم يقم من الشّرع دليل على حجيّة كظنّ القياس وظن الشهرة ونحو ذلك وهذا معلوم من
طريقة الاصحاب ألا ترى ان المرتضى ومن وافقه فى ترك العمل باخبار الآحاد وان كانت
صحيحة باخذ بظاهر القرآن والسنة المتواترة اذا عارضها من الاخبار الصّحيحة ما يوجب
حملها على خلاف ظاهرها وكذلك القائلون بعدم حجيّة الشّهرة والخبر الموثّق والحسن
ونحو ذلك من الامارات الّتى تفيد الظنّ لا يلتفتون اليها اصلا فيما اذا عارض
الظّواهر الّتى قام الدّليل على اعتبارها ولا يتوقفون فى العمل بها من جهة
معارضتها بما ذكر ولو كان حمل اللّفظ على المعنى الحقيقى مشروطا بظهور عدم القرينة
لكان الواجب التوقّف فى العمل بالظّواهر المعارضة لتلك الادلّة ولما جاز لهم ان
يعولوا فى رد من جوز الصّرف بها على اصالتى عدم حجيّتها وبقاء الظّواهر على حالها
لانّ الخصم ان يقول كما انّ الاصل عدم حجيّتها كذلك الاصل عدم حجية تلك الظّواهر
فيما اذا عارضتها تلك الامارات وقد علمنا من حالهم خلاف ذلك وبالجملة الّذى اتّفق
عليه الاصحاب قديما وحديثا بل المسلمون قاطبة هو الرّجوع الى الظّواهر الّتى قام
الشّرع على حجيتها وعدم جواز العدول عنها حتّى يثبت الصّارف عنها من دليل من
الشّرع فثبتت ان طريقتهم لزوم العمل بالظّواهر تعبد الاعتبار كونها كاشفة من
الواقع وليس لاحد ان يقول انّ الظّنون التى لا تكون حجّة اذا عارضت الظّواهر الّتى
ثبت حجيّتها لا تفيد الظنّ أو لا توجب الشّك فى ارادة ظاهرها لانّ ذلك معلوم
البطلان لانّ افادة الامارة للظنّ لا يتوقّف على حجيّة بل ذلك مرجعه الى الوجدان
ونحن نجد ذلك قطعا فح حيثما ورد من الشّرع ظاهر يجب الاخذ به حتّى يثبت الصّارف
عنه ولكن على هذا يلزم ان لا يكون المجتهد عالما او ظانا بالحكم ويكون عمله
بالظّواهر كعمله باليد والاقرار وغير ذلك من الاسباب الّتى لا يكشف عن الواقع وهذا
ايضا خلاف ما يستفاد
من طريقتهم فانّ المجتهد عندهم ظان بالحكم الواقعى اقول اولا انّه لا وثوق
لى باتفاق العلماء غالبا وثانيا انّ المقطوع به عدم اختراع الشّارع طريقا فى
استكشاف المقاصد والمرادات ومن الفاظ الكتاب والسنة وعلى هذا المنوال الحال فى
سائر الشّرائع السّابقة بالنّسبة الى الكتب السّماويّة واخبار الانبياء والاوصياء
ونهج الاستكشاف انّما كان الحضور كسائر الشرائع على النّهج المسلوك بين النّاس فى
استكشاف المقاصد والمرادات فى محاوراتهم ومكاتيبهم ولا ينبغى الامتراء فى انّ
المدار فى الطّريق المسلوك بين النّاس على الظنّ الشّخصى فدعوى استقامه طريقة
المسلمين على الاكتفاء بالظنّ النّوعى كما ترى نعم لو فرض عدم اعتناء اهل العرف فى
صرف اللّفظ عن الظّاهر عن التوقّف فيه فعليه المدار إلّا ان يقال ان ما ذكر من
اعتبار الطريق المتعارف من الاخذ بالظنّ الشّخصى او الظنّ النّوعى انّما يتمّ
بتوسّط حصول التّقرير بالنّسبة الى العمل بظواهر الكتاب والسنة فى اعصار الحضور
وهو العمدة والا فمجرّد عدم جعل الطّريق لا جدوى فيه لكن يحتمل عدم تداول العمل
بالظّواهر مع تطرق الشكّ او الظنّ بالخلاف فى الخطابات الشرعيّة من جهة ما لا يعد
به اهل العرف فى الصّرف او التوقّف بحيث تحصل العلم بالتداول المشار اليه بالطريق
المتعارف المعتاد فلا يتاتى التّقرير فالقدر الثّابت متابعة الشّرع للعرف وعدم جعل
الطّريق فيما تداول فى استفادة المقاصد من الالفاظ فى اعصار الحضور واما امضاء ما
وقع نادرا او لم يقع فى اعصار الحضور فهو غير ثابت فلا يتمّ اعتبار الظنّ النّوعى
فيما لو شك او ظنّ بالخلاف ممّا لا يعتدّ به اهل العرف فى الصّرف او التوقّف
وثالثا ان العمل بظاهر الكتاب والسنة المتواترة فى معارضة خبر الواحد ممّن يقول
بعدم اعتبار خبر الواحد او فى معارضة بعض اقسام خبر الواحد او غيره من الظّنون
ممّن لا يقول باعتباره يمكن ان يكون مبنيّا على عدم الاعتناء مع حصول الظنّ
الشّخصى نظير انّه لم يعهد الفحص عن القياس فى العمل بظواهر الكتاب والسنة ممّن
يقول باعتبار الظنّ الشّخصى وليس الامر الّا من باب عدم الاعتناء بالقياس بناء على
عدم شمول اخبار النّهى عن العمل بالقياس لمثل العمل بالاصل طرحا لخبر الواحد من
باب عدم حصول الظنّ منه بمعارضة القياس بل الانسان مفطور على الثّبات على اعتقاده
علما او ظنّا وعدم الالتفات الى ما يرفع اعتقاده ممّا لا يعتدّ به لو اعتد به ومن
هذا انّ المدرس ولو كان منصفا يكون ثابتا على اعتقاده ولا يصغى الى من لا يعتد به
من تلاميذه لكن لو ترنم بتلك المقالة من يعتد به من تلاميذه يصغى اليه وربما يرفع
اعتقاده وكذا التّلاميذ لو قال بعض منهم ممّن لا يعتد به بمقالة لا يلتفت الى
مقالته الباقون لكن لو شاركه المدرس او بعض آخر ممّن يعتد به من التّلاميذ يلتفت
الباقون الى المقالة وربما يتلقونه بالقبول وكذا العالم لو نقل القول بخلاف مقالته
ممّن لا يعتد به لا يتطرق الفتور فى اعتقاده لكن لو نقل القول بخلاف مقالته ممّن
يعتد به يتطرق الفتور فى اعتقاده بل كثيرا ما يكون الوعظ وذكر المصائب من اهل
الشّأن موجبا للاتّعاظ والبكاء بخلاف ما لو كان ممّن لا يؤبه به ومن ذلك انّ
الكفّار كانوا لا يعتدون بمقالة النّبى ص تعليلا عنهم بمهانته انجمادا منهم على
الظّاهر فانّ اكثر افراد نوع الانسان لا يستشعر غير الهياكل والاجرام بل هم اضلّ
سبيلا من الانعام بل حالهم حال التّماثيل والاجسام بل الانسان لا يعتد بالاعتقاد
الحاصل ممّن لا يعتد به ولذا لا يرضى بتحصيل الاعتقاد من جانبه ومن هذا انّه ربما
سألني بعض اصحاب مذاكرتى فتسارع بعض آخر منهم الى الجواب فقال السائل لا اريد منك
الجواب فقال المجيب اشرح لك الحال حتى يحصل لك الظنّ فقال السّائل لا اريد الظنّ
الحاصل من قولك لاحتمال ان تغرنى بالظنّ ورابعا ان مرجع الاستدلال المذكور الى
التوقّف اذ المصرّح به فى الاستدلال المذكور بالأخرة ان اعتبار الظنّ النّوعى خلاف
طريقة الفقهاء وهذا ينافى الاستدلال بطريقة الفقهاء فى صدر الاستدلال على اعتبار
الظنّ النّوعى فالمرجع
الى التوقف وبما تقدّم يظهر ما يرد على التّفصيلين المتقدّمين ويرد على
التّفصيل الاوّل انّه ايضا لا كلام فى لزوم حمل اللّفظ على المعنى المجازى لو تحصل
الظنّ النّاشى من الامر المعتبر بارادة المعنى المجازى من اللّفظ وانّما الكلام
فيما لو تحصل الظنّ النّاشى من الامر الغير المعتبر او الشكّ النّاشى من الامر
المعتبر شكا فى وجوده من باب الشّك فى وجود المانع فالشكّ ناش عن الشّك فى وجود
الامر المعتبر او شكا فى ممانعته الموجود فالشكّ ناش من وجود الامر المعتبر وقد
تقدم ما ذكر فلو كان اعتبار دلالة اللّفظ على المعنى الحقيقى مشروطا بالظنّ
الشّخصى فلا بدّ من التوقّف فى جميع الصّور المذكورة والّا فلا بد من الحمل على
المعنى الحقيقى اكتفاء بالظنّ النّوعى فى جميع تلك الصّور فالتّفصيل المذكور لا
وجه له وان قلت انّ الامر المعتبر قابل للمعارضة فلو تحصل الشكّ ناشئا منه لا بدّ
من التوقّف لوجود المعارض بخلاف الظنّ النّاشى من الامر الغير المعتبر فضلا عن
الشّك النّاشى منه لعدم قابليّة المعتبر للمعارضة قلت انّه لو لم يعتبر فى اعتبار
الدّلالة الظنّ الشّخصى وهو مزية كاملة فوجود الامر المعتبر ما لم يوجب الظنّ
بارادة المعنى المجازى كعدمه فضلا عن الشّك فى وجوده ومع ذلك لو لم يكن تلازم بين التوقّف
والحمل على المعنى الحقيقى فى الصّور المذكورة لجاز القول بالتوقف فيما لو تحصل
الظنّ النّاشى عن الامر الغير المعتبر والشّك النّاشى منه مع القول بالحمل على
المعنى الحقيقى فيما لو تحصل الشّك النّاشى عن الامر المعتبر ولا يلتزم به ملتزم
نعم الشك النّاشى عن الامر المعتبر امّا ان يكون بالشك فى وجود الامر المعتبر من
باب الشّك فى وجود المانع والصّارف عن ظاهر الحقيقة او بالشكّ فى صرف الامر الغير
المعتبر من باب الشكّ فى ممانعة الموجود وصرفه عن ظاهر الحقيقة ولا بد فى القسم
الاخير من كون الموجود محمولا على ظاهر الحقيقة على تقدير الصّرف وعدمه واما لو
وقع الشّك فى صرف الموجود او تطرق التصرف عليه كما لو قيل اعتق رقبة ثمّ قيل اعتق
رقبة مؤمنة وشك فى التقييد فالمرجع الى الشّك فى حمل المطلق على المقيّد وحمل
الامر بالمقيد على الاستحباب فيقع التّعارض بين ظنّيين نوعيّين بناء على اعتبار
الظنّ النّوعى وقد تقدم شرح ما ذكر ومع ذلك كيف يتاتى القول بحجيّة ظاهر الحقيقة
مع الظنّ بالخلاف على القول بحجيّة مطلق الظنّ كما جرى عليه المفصل بالتّفصيل
المذكور إلّا ان يقال انّ المدرك فى اعتبار الظنّ النّوعى انّما هو الاجماع فلو
ادعى الاجماع على اعتبار ظاهر الحقيقة مع الظنّ بالخلاف فالمرجع الى كون الظنّ
بالخلاف معارضا لظاهر الحقيقة من الظّنون المخرجة بالاجماع ويرد على التّفصيل
الثّانى ايضا انّه ان كان المقصود من لزوم العمل بظاهر الحقيقة فيما كان الدلالة
فيه حاصلة بحسب فهم العرف اى صورة ظهور المعنى الحقيقى عرفا اعنى كون المعنى
الحقيقى مظنون الارادة عند اهل العرف كما لو شكّ فى ورود مخصص على العام او ظنّ
حصوله من غير طريق معتبر ولزوم التوقف فى صورة اجمال اللّفظ عرفا كما فى المجاز
المشهور فى بعض الصّور لزوم العمل بظاهر الحقيقة على تقدير ظهور ما هو الظّاهر فى
العرف عند المجتهد الشّاك فى ورود الصّارف على المعنى الحقيقى فلا يخلو امّا ان
يكون الغرض ظهور ما هو الظاهر فى العرف عند المجتهد المذكور ابتداء او بسبب عدم
ممانعة الشّك فى وجود المانع عن الظنّ باقتضاء المقتضى امّا الاوّل فهو ظاهر
الفساد وامّا الثانى ففيه ان الحق ان الشك فى وجود المانع يمانع عن الظنّ باقتضاء
المقتضى وعلى التقديرين يلزم رجوع الامر الى القول باشتراط الظنّ الشّخصى وبوجه
آخر يرجع الامر الى التّفصيل بين صورة قيام الظنّ الشّخصى وعدمه وان كان المقصود
من ذلك لزوم العمل بظاهر الحقيقة لو كان الظاهر فى العرف اى مظنون الارادة عند اهل
العرف من المعنى الحقيقى مشكوك الارادة عند المجتهد والظّاهر انّه المقصود فنقول
انّ الظّهور عند اهل العرف اما ان يكون مفروضا فى صورة عدم اطلاع اهل العرف على
الشّك فى ورود الصّارف عن المعنى الحقيقى او يكون مفروضا فى صورة الاطلاع فعلى
الاوّل لو فرض عدم اطلاع اهل العرف فى المجاز المشهور على اشتهار المجاز يتاتى
الظّهور عرفا ايضا فلا فرق بين
الصّورتين ومنشأ الفرق اخذ الاطلاع فى الصّورة الثّانية دون الصّورة الاولى
لكنه لا وجه له وان قلت انّ المجاز المشهور ولا بد فيه من اطّلاع اهل العرف على
اشتهار المجاز قلت انّه ربما يكون المجاز المشهور فى لسان الائمة عليهم السّلم ولا
يطّلع عليه اهل العرف كما فى استعمال الامر فى النّدب بناء على كونه من باب المجاز
المشهور فيه وعلى الثانى يتاتى الشك فى صورة الظّهور العرفى فلا فرق بين الصّورتين
ومع ذلك لو اغمض عن مزيّة الظنّ الشّخصى بارادة المعنى الحقيقى فلا فرق بين ما لو
كان الشك فى ارادة المعنى الحقيقى بتوسّط الشّك فى وجود الصّارف او الاجمال فى
العرف والمرجع فيه الى توسّط ممانعة الموجود عن الظنّ بارادة المعنى الحقيقى ومع
هذا مرجع التّفصيل المذكور الى القول بعدم اعتبار الظنّ النّوعى كالظنّ الشّخصى
واعتبار الظّهور العرفى اذ المدار فى التّفصيل على التفرقة بين الفصول لا الخارج
حيث ان المبحوث عنه فى جميع المباحث البحث عن الماهيّات من حيث انّها هى ومع قطع
النّظر عن الخارج فالتّفصيل لا بد ان يكون بحسب الفصول تذييلات احدها انّ النزاع
المبحوث عنه فى صورة تردد الامر بين الحقيقة والمجاز كما يظهر ممّا مر لكن الظاهر
بل بلا اشكال انّ النّزاع يطرد فى تردد الامر بين الظّاهر وخلاف الظّاهر مع كون كل
منهما من باب الحقيقة فكما انّ القائل باعتبار الظنّ النّوعى يجرى على حمل الامر
على الوجوب بناء على كون الامر حقيقة فى الوجوب ومجازا فى النّدب كذا يجرى على ذلك
بناء على كون الامر حقيقة فى الوجوب والنّدب معا من باب الاشتراك اللّفظى او الاشتراك
المعنوى بناء على الظّهور فى الوجوب وايضا كما انّ القائل باعتبار الظنّ النّوعى
يجرى على العمل بالاطلاق لو جرى المشهور على التّقييد بناء على كون التقييد من باب
المجاز كذا يجرى على ذلك بناء على كون التّقييد من باب الحقيقة والوجه ان مستند
القول باعتبار الظنّ النّوعى هو الاجماع والظّاهر بل بلا اشكال انّه لا فرق فيه
بين كون خلاف الظّاهر من باب المجاز او من باب الحقيقة كالظّاهر فلو فرضنا اختصاص
قيام الاجماع بما لو كان خلاف الظّاهر من باب المجاز لكنه يطرد فيما لو كان خلاف
الظّاهر من باب الحقيقة للقطع بعدم الفرق اللهمّ الّا ان يقال انّ عدم الفرق غير
مقطوع به كيف لا ودنو المجاز بالنّسبة الى الحقيقة ظاهر فعدم الاعتداد بالظن الغير المعتبر بالتجوّز او
الشكّ فيه لا يستلزم عدم الاعتداد بالظنّ الغير المعتبر بخلاف الظاهر او الشّك فيه
لو كان من باب الحقيقة وبما ذكرنا يظهر الحال فيما لو تعذر حمل اللفظ على معناه
الحقيقى فى بعض الموارد وكان مجازا ظاهرا فى سائر موارد تعذر المعنى الحقيقى اى
كان ظاهرا نوعا لكن جرى المشهور على حمل اللّفظ المشار اليه فى المورد المشار اليه
على مجاز آخر كما لو تعذر حمل الامر فى بعض الموارد على الوجوب التعيينى وحمله
المشهور على الوجوب التخييرى مع ظهور الامر عند تعذر الحمل على الوجوب التعيينى فى
النّدب وكذا الحال فيما لو شكّ فى خروج بعض الافراد عن العام المخصّص او المطلق
بعد التقييد بناء على كون التّخصيص والتقييد من باب المجاز فكان الشّك فى بعض مراتب
المجاز بعد ثبوت التجوز وكذا الحال فيما لو فرضنا ثبوت كون الامر مستعملا فى
النّدب بناء على كون التّقييد من باب المجاز وان قلت ان الفرض المذكور
يستلزم استعمال اللّفظ فى معنيين مجازيين وهو غير جائز لعدم جواز استعمال اللّفظ
فى معنيين مطلقا قلت انّ المرجع الى التجوز فى الهيئة بالحمل على الاستحباب
والتجوّز فى المادة بالتقييد فمورد المجازين مختلف وعدم جواز الاستعمال فى معنيين
انّما هو فى صورة اتحاد مورد المعنيين وبهذا يظهر انه يمكن القول بدخول ذلك فى
مورد الكلام فى باب الظنّ النّوعى لتردد الامر بين الحقيقة والمجاز فى المادة لكن
نقول انّ ما ذكر انّما يتم بناء على كونه شخصيّا كما هو الاظهر فلا يتم ما ذكر لكن
الاظهر كون التقييد من باب الحقيقة وعدم دخول الطّلب فى مدلول الامر ثانيها انّ
النّزاع يختصّ بالوضع الشّخصى ام يعم الوضع النوعى الاظهر الثّانى لوضوح انّه لو
حمل الشّهور الامر الوارد فى الكتاب والسّنة على الاستحباب يبنى على الوجوب على
__________________
القول باعتبار الظنّ النّوعى بناء على القول بكون الامر موضوعا للوجوب حيث
ان وضع الامر للوجوب على القول به من باب الوضع النّوعى ويمكن ان يقال انّ النّزاع
يختصّ بالوضع الشّخصى لانصراف كلماتهم اليه كيف لا والوضع الشّخصى اغلب من الوضع
النّوعى لكن يطرد النّزاع فى الوضع النّوعى ثالثها انّ النّزاع المتقدّم وان يكون
فى باب المنطوق لكنه يطرد فى المفهوم او بعض المفاهيم بناء على كون المفهوم او بعض
المفاهيم من باب الوضع فلو كان مفهوم الشّرط مثلا شاملا لبعض الافراد لكن جرى
المشهور على التّقييد فمقتضى القول باعتبار الظنّ النوعى هو البناء على الاطلاق
والوجه ان قيام الاجماع وهو مدرك القول المذكور وان يختص بالمنطوق لكنه يطرد فى
المفهوم للقطع بعدم الفرق اذ لا فرق فى التجوّز بين كونه فى المنطوق وكونه فى
المفهوم وحال المجاز فى المفهوم بالنّسبة الى الحقيقة حال المجاز فى المنطوق
بالنّسبة الى الحقيقة فعدم الاعتداد بالمجاز فى المنطوق فى صورة الشك او الظنّ
الغير المعتبر لكن يمكن ان يقال ان التجوّز فى اطلاق مفهوم الشّرط بالتقييد يرجع
الى التجوز فى أداة الشّرط كما هو الحال فى عدم حجيّة مفهوم الشرط اذ مقتضى وضعها
ثبوت المفهوم على الاطلاق فكما انّ المخالفة الكلّية بعدم حجيّة المفهوم يستلزم
التجوّز فيها فكذا الحال فى المخالفة الجزئية بتقييد الاطلاق فيندرج الكلام فى
المقام فى الكلام فى اصل العنوان رابعها انّ القول باعتبار الظنّ النّوعى انّما
يجرى فى صورة الظنّ الغير المعتبر بالتجوّز او الشكّ فى التجوّز سواء كان ناشيا من
امر معتبر والشّك امّا فى وجود المانع او ممانعة الموجود بتردد الموجود بين المانع
وغيره الا ان المعاندة امّا على سبيل الكلّية كما لو اقترن الامر بناء على كونه
حقيقة فى الوجوب بقرينة مترددة بين ما يعاند حمل الامر على للوجوب وما لا يعانده
فيبنى على الوجوب بناء على اعتبار الظنّ النّوعى ويعمل بالاصل بناء على اعتبار
الظنّ الشّخصى او على سبيل الجزئية ومن هذا الباب الاستثناء الوارد عقيب الجمل
المتعاطفة بناء على القول بالاشتراك والتوقف للشّك فى ورود الاستثناء على ما عدا
الاخيرة فيبنى على العموم بناء على اعتبار الظنّ النّوعى ويعمل بالاصل بناء على
اعتبار الظنّ الشّخصى الا ان معاندة الخاص مع العام من باب المعاندة الجزئيّة وكذا
ما لو شكّ فى صدق طين قبر الحسين ع على الطّين الموضوع على القبر للشكّ فى خروجه
عما دلّ على حرمه اكل الطّين فيبنى على الحرمة بناء على اعتبار الظنّ النّوعى
ويعمل بالاصل بناء على اعتبار الظنّ الشخصى الا ان الشكّ هنا فى ممانعة بعض افراد
الموجود والا فممانعته فى الجملة ثابته لفرض جواز الاستشفاء فى بعض الافراد اعنى
الطين الماخوذ من القبر بخلاف المثال السّابق فان الشكّ فيه فى ممانعة نفس الموجود
لكن حرّرنا فى الرّسالة المعمولة فى التربة انّ مدار الاستشفاء على التّربة
الماخوذة من القبر الشريف ومن هذا تعذر الاستشفاء فى هذه الاعصار وان تداول
الاستشفاء بالطّين الموضوع على تفسير ومن قبيل المثال الاخير قوله سبحانه (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ
بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) الّا ان تكون تجارة عن تراض حيث انّ الظاهر من المستثنى
انما هو الرّضا الفعلى المجامع مع الرّضا التقديرى وشموله للرّضا الفعلى المجامع
مع عدم الرّضا التقديرى كما فى اشتراط الشّرط الفاسد فى ضمن العقد مع الجهل
المشروط بفساد الشّرط مشكوك فيه فيبنى على فساد العقد لفساد الشّرط بناء على
اعتبار الظنّ النّوعى ولا بدّ عن العمل باصالة الصّحة او اصالة الفساد بناء على
اعتبار الظنّ الشّخصى حيث انّ الشك فى المقام فى ممانعة بعض افراد التّجارة عن
تراض اعنى ما كان مجامعا مع عدم الرّضا التّقديرى والا فالممانعة فى الجملة ثابتة
لجواز التجارة عن تراض اعنى ما كان مجامعا مع الرضا التقديرى وقد حرّرنا فى
الرّسالة المعمولة فى الشرط فى ضمن العقد فساد الاستدلال بالآية على فساد العقد
بفساد الشّرط وكذا فساد الاستدلال به على فساد بعض البيوع المحرّمة خامسها انّه لا
اشكال فى انّ القائل باعتبار الظنّ النّوعى لا يجرى على اطراد الحكم المتعلّق
بالمطلق فى جميع الافراد مع انصراف المطلق الى بعض الافراد بل ربما يقال انّ
اشتهار القول بانصراف المطلق الى الفرد الشّائع يكشف عن كون المشهور (١) يستلزم
عدم الاعتداد بالمجاز فى المفهوم فى صورة الشك فالظن الغير المعتبر
هو القول باعتبار الظنّ الشخصى والظّاهر بل بلا اشكال انّ القائل باعتبار
الظنّ النّوعى لا يعمل بالاطلاق مع الشك فى شمول الاطلاق للفرد النّادر للشكّ فى
انصرافه الى الفرد الشّائع بل لم يعهد القول باطراد حكم المطلق فى الفرد النّادر
مع الشك فى شمول الاطلاق للفرد النّادر من باب الحكم الاجتهادى وان اتفق القول
بالاطراد عملا اى من باب العمل باصل البراءة بل مقتضى ما مر من كلام بعض الفحول
ممّن قال باعتبار الظنّ النوعى على التّفصيل المتقدم اختصاص اعتبار الظنّ النّوعى
فى صورة الشك بما لو كان الشكّ ناشئا من امر غير معتبر إلّا ان يقال ان غاية ما
يقتضيه كلامه العمل بالظن النّوعى فى صورة الشكّ لو كان ناشئا عن امر غير معتبر
والتوقف فيما لو كان الشك ناشئا عن امر معتبر ولا يستفاد من كلامه الحال فيما لو
كان الشكّ فى الشّمول بنفسه من غير استناد الى امر معتبر او غير معتبر وبعد هذا
اقول انّه يمكن ان يقال ان المقصود بالظنّ النّوعى انّما هو الظنّ الشّأني الوضعى
غاية الامر انّ الظّاهر من ذلك صورة تطابق الظنّ النّوعى الوضعى للظنّ الشّأني
العرفى النّوعى كما مر والمقصود بالظنّ الشّخصى انما هو الظنّ الفعلى فالعمل
بالظنّ النّوعى فى صورة الشك فى المراد انما يتاتى لو كان الشك من باب الشكّ فى
وجود المانع او ممانعة الموجود سواء كان المانع المشكوك وجوده او الموجود المشكوك
ممانعته معتبرا او غير معتبر بعد فرض اقتضاء اللفظ للظن لو لا عروض الشّك وامّا لو
كان اصل اقتضاء اللّفظ للظنّ مشكوكا فيه فمن اين يجيء الظنّ الشانى حتى يتاتى
اعتباره فعلى القول بالشكّ فى انصراف المطلق الى الفرد الشّائع على القول باعتبار
الظنّ النّوعى يعامل على ما يعامل على القول باعتبار الظنّ الشّخصى فعلى تقدير
وجود الفرد الشّائع والنّادر يبتنى على التخيير بحكم اصل البراءة فى باب الشكّ فى
المكلف به وامّا بناء على حكومة قاعدة الاشتغال فيجب الاحتياط بالاتيان بالفرد
الشّائع لو كان الفرد الشّائع اعلى شأنا من الفرد النّادر وامّا لو كان الفرد
الشّائع والنّادر متساويين فيتاتى التّخيير وكذا الحال لو كان الفرد النّادر اعلى
شأنا من الفرد الشّائع وان قلت فعلى هذا يجب الاحتياط بالاتيان بالفرد النّادر
وقلت كلا اذا المفروض انّ الفرد الشّائع متيقّن الارادة فالامتثال به متيقن ايضا
ففيه الكفاية فيرجع الامر الى التّخيير وان قلت انّه لا بدّ من تحصيل اليقين بالامتثال
بناء على وجوب الاحتياط فى الشكّ فى المكلف به ولو احتمل عدم شمول الاطلاق للفرد
النّادر فلا مجال للقناعة بالفرد النّادر بناء على وجوب الاحتياط فى الشكّ فى
المكلّف به قلت انّه بناء على وجوب الاحتياط فى الشكّ فى المكلّف به لا يجب تحصيل
اليقين بالامتثال بل لا بدّ من تحصيل اليقين بالبراءة بخلاف القول بعدم وجوب
الاحتياط فانّ المدار فيه على كفاية عدم اليقين بالاشتغال كيف لا وحديث انّ اشتغال
الذمّة يقينا يقتضى البراءة اليقينيّة شايع مشهور وان امكن القول بان المقصود
بالبراءة اليقينيّة فيه اليقين بالامتثال ولو كان الفرد النّادر اعلى شأنا من
الفرد الشّائع او مساويا له مع العلم بعدم الخصوصيّة فى الفرد الشّائع كما هو
المفروض يتاتى التقييد على تقدير ثبوت انصراف الاطلاق الى الفرد الشّائع بان وجوب
الاتيان بالفرد الشائع يكون مقيّدا بعدم الاتيان بالفرد النّادر ففى صورة الاتيان
بالفرد النّادر يكون البراءة عن التّكليف تقييد لحصول الامتثال او عدم تطرق
الاشتغال بعدم تعلق التّكليف وامّا على تقدير تعذر الفرد الشّائع فيجب الاتيان
بالفرد النّادر بناء على وجوب الاحتياط فى الشكّ فى المكلف به لو قلنا بكون الشكّ
فى المقام من باب الشكّ فى المكلّف به يكون المدار فى الشك فى المكلف به على مجرّد
تعلق الحكم بالموضوع قبال عدم تعلّق التّكليف راسا كما فيما لا نصّ فيه وامّا لو
قلنا بكون الشكّ من باب الشكّ فى التّكليف بكون المدار فى الشكّ فى التّكليف
والمكلّف به على واقعة الابتلاء بانه ان ثبت التّكليف فيما فى الجملة فالشكّ من
باب الشك فى المكلّف به والّا فالشكّ من باب الشكّ فى التّكليف فلا يجب الاتيان
بالفرد النّادر وعلى هذا المنوال الحال لو قلنا بكون الشكّ فى المقام من باب الشكّ
فى المكلّف به بناء على حكومة اصل البراءة فى الشكّ فى المكلّف به وكون المدار فى
الشكّ فى التّكليف والمكلف به
على واقعة الابتلاء هذا كلّه لو كان وجوب المطلق نفسيا وامّا لو كان وجوبه
غير تابان كان المطلق جزء او شرطا لواجب فيبتنى وجوب الاتيان بالفرد النّادر سواء
كان الفرد الشائع موجودا او متعذرا على وجوب الاحتياط فى الشكّ فى المكلف به وعدمه
ولو شك فى كون اطلاق الخطاب بالوجوب المتوجّه الى المشافهة من باب عدم الاشتراط او
من باب وجود الشّرط لا بد لنا من العمل بالاصل لو كان الشك فى التكليف لو لم نقل
بظهور الاطلاق فى عدم الاشتراط وندرة كون الاطلاق من باب وجود الشّرط بل عدم تعاهده
فى غير اطلاقات الخطابات الشّفاهيّة فى الكتاب بالنّسبة الى البلوغ والعقل وعلى ما
ذكر يجرى الحال لو كان الشّك فى المكلّف به بناء على حكومة اصل البراءة فى باب
الشك فى المكلّف به بناء والّا فيجب الاحتياط الا ان اتفاق الشك المقدّم اعنى كون
الشك فى كون الاطلاق بواسطة عدم الاشتراط او وجود الشّرط من باب الشكّ فى المكلف
به من باب مجرد الفرض والّا فلا تحقق له راسا سادسها انّه لا اشكال فى عدم اعتبار
اطلاقات الكتاب بناء على اعتبار الظنّ الشّخصى قضية ورودها مورد الاجمال بحكم ثبوت
كثرة التقييد من الخارج والظّاهر انّ الحال على هذا المنوال بناء على اعتبار
الظنّ النّوعى اذ الظّاهر اختصاص اعتبار الظنّ النّوعى على القول به بصورة ممانعة
الخارج عن اقتضاء الظنّ فعلا من الشكّ لو كان ناشئا عن امر معتبر او امر غير ثابت
الاعتبار او الظنّ لو كان ناشئا عن امر غير ثابت الاعتبار مع ثبوت الاقتضاء للظنّ
شأنا من دون ثبوت نطرق النقض على الاقتضاء وعدم اطراده فيما لو كان الشكّ من جهة
ثبوت تطرق النّقض على الاقتضاء كما فى اطلاقات الكتاب ممّا ثبت فيه كثرة التقييد
من الخارج من الخارج او لم يثبت فيه كثرة التقييد من الخارج لكن بنى على وروده مورد
الاجمال من باب الحمل على الغالب ومثله ما لو كان اطلاق الحكم واردا مورد بيان حكم
آخر او بيان حكم آخر لموضوع آخر مع انّ اعتبار الظنّ النوعى انّما هو بالنّسبة الى
المعنى الحقيقى والمفروض فيما ثبت فيه كثرة التقييد من اطلاقات الكتاب ثبوت المجاز
بناء على كون التقييد من باب المجاز وامّا بناء على كونه من باب الحقيقة فالتمسّك
بالاطلاق بناء على كونه من باب عدم ذكر القيد فيما لم يثبت فيه التقييد ومن باب
عدم اقتضاء التّقييد رفع الظنّ بكون الاطلاق فى مقام البيان بالنّسبة الى غير ما
خرج راجع الى الظنّ العقلى ولا مجال فيه لاعتبار الظنّ النّوعى فلا مجال لاعتبار
اطلاقات الكتاب من باب الظنّ النّوعى لاقتضاء كثرة التقييد من الخارج رفع الظنّ
بكون الاطلاق فى مقام البيان بالنّسبة الى غير ما خرج ورجوع الامر الى الظنّ
العقلى بناء على عدم اقتضاء كثرة التقييد لرفع الظنّ بكون الاطلاق فى مقام البيان
بالنّسبة الى غير ما خرج قضيّة انّ اصل التمسّك بالاطلاق من باب عدم ذكر القيد من
باب الظنّ العقلى سابعها انّه ربما يعمل القائل بالظن الشّخصى عمل القائل بالظنّ
النّوعى فى صورة الشكّ فى وجود القرينة او كون الموجود قرنية على خلاف الظّاهر من
باب عدم ممانعة الشكّ فى وجود المانع او الشكّ فى ممانعة الموجود عن الظنّ باقتضاء
المقتضى ومن ذلك ان الوالد الماجد ره جرى فى باب الاستثناء الوارد عقيب الجمل
المتعاطفة على القول بالتوقف او الاشتراك فيما عدا الاخيرة على العمل بالعموم
بملاحظة عدم ممانعة الشكّ فى مانعية الموجود عن الظنّ باقتضاء المقتضى فالمرجع الى
حصول الظنّ الشّخصى وكون الشكّ بدويا نظير ما يقال من انّ المشكوك فيه يلحق
بالاعمّ الاغلب وكذا نظير دفع المشكوك فيه من حيث الجزئيّة او الشّرطية او
المانعيّة بالنّسبة الى العبادة باطلاق الامر ودفع المشكوك فيه من حيث الشّرطية او
المانعيّة فى المعاملات باطلاق ما دلّ على صحّة المعاملة والاظهر ممانعة كل من
الشكّ فى وجود المانع او ممانعة الموجود عن الظنّ باقتضاء المقتضى وما ترى من عمل
الفقهاء بظواهر الحقائق مع احتمال الوجود القرينة الحاليّة على خلاف الظّاهر من
باب الظنّ بالعدم لندرة قيام القرينة الحالية على خلاف الظّاهر من باب الظنّ
بالعدم لندرة قيام القرينة الحاليّة على خلاف ظاهر اللّفظ
__________________
فى جميع المخاطبات الشّرعية والعرفيّة فالاظهر فى باب الاستثناء الوارد
عقيب الجمل المتعاطفة على القولين المذكورين القول بعدم حصول الظنّ بالعموم فيما
عدا الاخيرة كما جرى عليه بعض الفحول فلا بدّ فى مورد الاستثناء من العمل بالاصل
ثمّ انّ عدم ممانعة الشكّ فى وجود المانع عن الظنّ باقتضاء المقتضى على القول به
انّما هو لو كان الشكّ فى وجود المانع جنسا اى كان الشك فى اصل الوجود وامّا لو
كان الشكّ فى فضل المانع بعد ثبوت جنسه فلا مجال للقول بعدم الممانعة وربما فرق
بعض الاصحاب فى باب اليد بين ما لو كان شخص متصرّفا فى دار بالاستيجار وادعى شخص
آخر استيجار الدّار سابقا على ذلك وما لو ادعى المتصرّف الاستيجار وانكره المالك
بان دلالة الاستيلاء على اصالة الاختصاص بالمستولى انّما هى اذا لم يكن هناك مدّعى
له جهة اختصاص آخر وإلّا فلا يفيد الاستيلاء شيئا لان جهة الاختصاص الثّابت
بالاستيلاء غير معينة وارجاعها الى ما يدعيه المستولى لا دليل عليه بخصوصه حتّى
يحمل عليه والجهة الاخرى للغير ثابتة فليس هنا معارض معلوم ولا رافع كذلك ففى
الصّورة الاولى يطلب البينة من غير المستولى لاصالة الاختصاص بالمستولى فان جهة
الاختصاص بينهما واحدة بخلاف الصّورة الثّانية لان ملكيّة المنكر مختصّة به
والمدعى يدعى الاختصاص الاستيجارى ولا دليل عليه وكذا لو ادعى اختصاصه بشيء فى يده
ويستولى عليه من جهة استحقاق منفعة يصلح او نحوه وادعى المالك عدمه فلا يقدم قول
المستولى لثبوت جهة اختصاص المالك وعدم ثبوت الاختصاص النّفعى للمستولى وامر بحفظه
قال فانّه مفيد فى كثير من المواضع وتحرير الفرق ان تملك العين فى الصّورة
الثّانية انّما يكون مقتضيا لتملك المنفعة والمانع عن تملك المنفعة غير ثابت فى
الاستيجار فالمانع مشكوك فيه ولا دليل على تعينه فى الاستيجار لدورانه بين
الاستيجار وغيره فيبنى على ثبوت تملك المنفعة للمالك لثبوت المقتضى وعدم ثبوت
المانع بخلاف الصّورة الاولى فانّه يتاتّى فيها التّعارض ويقدم قول المتصرّف قضيّة
التصرّف اقول ان المانع فى الصّورة الثّانية من تملك المالك للمنفعة ثابت بالعلم
الشّرعى اعنى التصرّف غاية الامر ثبوت جنس الاختصاص دون فصل من فصوله كالاستيجار
لتعدّد جهات لاختصاص وليس الامر من باب الشك فى وجود المانع اذ المدار فيه على
الشكّ فى اصل وجود المانع واليه يرجع الشكّ فى ممانعة الموجود كالشك فى رجوع
الاستثناء الوارد عقيب الجمل المتعاطفة الى ما عدا الاخيرة على القول بالاشتراك او
التوقّف والممانعة هنا ثابتة والمانع معلوم جنسا وان كان مشكوكا فيه فصلا الا ان
عدم ثبوت الفصل لا يضرّ بثبوت الممانعة كيف لا ولو كان عدم ثبوت الفصل مضرا فى
ثبوت المانع لما صحّ تقديم قول المستولى فى الصّورة الاولى لعدم تعين جهة الاختصاص
الثابت بالاستيلاء وعدم دلالة دليل على ارجاعها اليه وبالجملة منشأ تقديم القول
المالك فى الصّورة الثانية انّما هو توهم عدم ثبوت المانع فى الصّورة الثانية جنسا
لا فصلا كصورة عدم ثبوت المانع من اصله جنسا شكا فى ممانعة الموجود وعدم الفرق بين
الصورتين ونظيره دعوى الاجمال فى النكرة الواقعة فى تلو الفعل الماضى نحو جاء رجل
وعدم الفرق بين الجهل بالمدلول والجهل بالمصداق وبعبارة اخرى عدم الفرق بين الشك
فى الكلّى والشك فى الافراد ومع ذلك دعوى ثبوت تملك العين بالفعل غير ثابتة فلا
مجال للتمسّك بثبوت المقتضى وعدم المانع هذا كله لو كان المقصود عدم ممانعة الشكّ
فى الاستيجار عن اعتبار الملكيّة فى جانب المستولى نظير عدم ممانعة
الشكّ فى تأثير الاستثناء المشار اليه عن اعتبار عموم ما عدا الاخيرة من باب
اعتبار الظنّ النّوعى فى ظواهر الحقائق لكنه يندفع بعدم قيام دليل على اعتبار
الملكيّة مع الشك فى ثبوتها كيف لا ولا مجال لاعتبار شيء مع الشكّ فيه ومن هذا ان
القائل باعتبار الظنّ النّوعى قد استدلّ على الاعتبار بالاجماع كما مر ويمكن ان
يقال انّ المقصود من اظهار الشكّ فى المانع ابداء مورد الاستصحاب تملك المنفعة فى
السّابق لكن نقول بعد الاغماض عن عدم وفاء العبارة بذلك انّه لو تطرّق الشك كما هو
المفروض
__________________
فكما يتاتى الاستصحاب كذا يتاتى اليد فيتاتى التعارض بين الاستصحاب واليد
فى باب المنفعة نظير التّعارض المعروف بين الاستصحاب واليد فى ملك العين ولم يذكر
وجها لتقديم الاستصحاب على اليد مع ان اليد بنفسها مقدّمة على الاستصحاب على
التّحقيق على ما جريت عليه فى سوابق الايّام لكن التّحقيق تقديم اليد بواسطة صدق
المنكر على ذى اليد كما حرّرناه فى الرّسالة المعمولة فى تعارض الاستصحابين فى هذه
الايام على انّه انّما اظهر الشكّ فى جهات الاختصاص والمناسب لا بداء مورد
الاستصحاب اظهار الشكّ فى اصل الاختصاص ولو كان الشك فى جهات الاختصاص مانعا عن
ثبوت الاختصاص لاقتضاء الشكّ فى الاختصاص فلا وجه للبناء على الاختصاص فى الصّورة
الاولى كما سمعت مضافا الى انّه لو كان الغرض التمسّك بالاستصحاب فالاستصحاب معارض
باليد مع ان مقتضى كلامه عدم ثبوت المعارض للاستصحاب فضلا عن انّه لو كان تملك
المنفعة بالاستيجار غير ثابت فهذا يستلزم عدم ثبوت ملك المنفعة للمالك لعدم اجتماع
عن الشكّ فى احد طرفى النقيض مع العلم او الظنّ بحال الآخر ومع ذلك ليس التمسّك
بالاستصحاب ممّا يليق بالامر بحفظه فالامر بالحفظ يبعد كون الغرض التمسّك
بالاستصحاب وبعد هذا اقول انّه لو ثبت الاختصاص بالتصرّف فى الصّورة الاولى
فمقتضاه عدم الحاجة الى اليمين بل هو الحال فى جميع موارد موافقة مقالة احد
المتداعيين لبعض الاصول والقواعد بناء على عدم اختصاص الاصل المعتبر فى باب
الانكار على القول به بخصوص اصل العدم نعم يعارض مدرك الاصول والقواعد النبوى
المعروف الحاكم بان البينة على المدّعى واليمين على من انكر لكن النّسبة من باب العموم
والخصوص من وجه ولا وجه لترجيح الحديث المذكور على مدرك الاصول والقواعد إلّا ان
يقال ان الحديث المشار اليه يترجّح بالاجماع على العمل به او يقال ان العرف يخصّص
مدرك الاصول والقواعد بالحديث المشار اليه وبعد اللّتيا والّتى اقول انّ الظاهر
انّ الغرض ان ملكية المنفعة للمالك ثابتة وامّا ملكيتها لمدعى الاستيجار فهى غير
ثابتة بخلاف التداعى فى الاستيجار وان تملك المنفعة لكل من المتداعيين مشكوك فيه
وامرها بالنّسبة اليهما على حدّ سواء ولا ريب انّه لو دار الامر بين دعوى من ثبت
ادعائه ودعوى من لم يثبت ادعائه يلزم الاخذ بدعوى الاول ومطالبة المستند من الثانى
فلا مجال فى المقام للاخذ بدعوى من يدعى الاستيجار ومطالبة البينة عن المالك ولا
بد من الاخذ بدعوى المالك ومطالبة البيّنة عمّن يدعى الاستيجار وما ذكر من قبل
الاستدلال بالقدر المتيقّن وقد تعارف الاستدلال به كما تقدّم فلا يرتبط الكلام
المذكور بالمقام لكنّك خبير بان ثبوت ملك المنفعة للمالك انّما هو فى الجملة وامّا
الثبوت فى زمان دعوى الاستيجار فهو محلّ الشك فكل من المالك والمدعى للاستيجار
بالنّسبة الى ملك المنفعة فى الزّمان المخصوص اعنى الزّمان المتخاصم فيه يساوى
حاله حال الآخر ثامنها انّه لو اتّفق الشّهرة على خلاف حكم العام فى بعض افراد
العام فربما يتاتى الاشكال بناء على اعتبار الظنون الخاصّة والظنّ الشخصى حيث ان
مقتضى الشّهرة الظنّ بالتّخصيص وهو حجّة بناء على حجيّة الظّنون الخاصّة ومقتضاء
البناء فى الفرد الخاص اعنى البعض المشار اليه من الافراد على مقالة المشهور اعنى
خلاف حكم العام مع انّه لا مجال للقول بذلك اقول ان الاشكال المذكور مبنى على كون
التّخصيص من باب قصر العموم وامّا بناء على كونه من باب قصر الحكم فلا يتادى الظنّ
بالتّخصيص الى الظنّ اللّفظى فلا اشكال وبعد هذا اقول ان مقتضى الشّهرة وان كان
الظنّ بالتّخصيص لكن غاية ما يقتضيه الظنّ بالتّخصيص انما هى الظنّ بالتجوّز
واستعمال العام فى الخاص لا يقتضى بارتفاع حكم العام فى الخاص اذ لا مفهوم
للتّخصيص فالشّهرة لما لم تكن حجّة فى اثبات الحكم الفرعى او الدّلالة على عدمه
فلا يثبت مقالة المشهور فى الفرد الخاص وان كان الشّهرة حجّة فى باب التّخصيص
فالشهرة مقتضاها أمران احدهما التّخصيص وهى حجّة فيه وثانيهما الحكم الفرعى وهى
ليست حجّة فيه ونظير المقام الاستثناء بناء على عدم دلالة الاستثناء من الاثبات
على النّفى وبالعكس حيث انّه يثبت بالاستثناء خروج المستثنى
__________________
عن العموم او عن حكمه ويكون المستثنى مسكوتا عنه لكن لا يثبت حكم المستثنى
ويكون المستثنى مسكوتا عنه وكذا التّخصيص بالصّفة على القول بعدم اعتبار مفهومها
ان المشابهة فى الاوّل ازيد لشركة الاستثناء مع الشهرة فى عدم اعتبار المفاد
والمودى بالأصالة بخلاف الصّفة فان المفهوم من المفاد بالتبع فعدم اعتبار مقالة
المشهور لا بشبه عدم اعتبار مفهوم الصّفة تمام المشابهة فى الجملة وكذا التقييد فى
المختلفين نحو اعتق رقبة لا تعتق رقبة كافرة على القول بعدم دلالة النّهى على
الفساد حيث ان غاية ما يفيده التقييد هنا انّما هى خروج المقيد عن المطلق او عن
حكمه وغاية ما يترتب على هذا انّما هى فساد الفرد المنهى عنه اعنى المقيد بواسطة
عدم الامر واين هذا من دلالة النّهى على الفساد وبما مر يظهر الحكم فيما لو قام الشّهرة
على خلاف حكم المطلق فى بعض افراده تاسعها انّه لو وقع التعارض بالعموم والخصوص
المطلق وكان للاخصّ نوع عموم وتردد فى فرد بين خروجه عن الاعمّ بدخوله فى الاخصّ
وخروجه عن الاخصّ بدخوله فى الاعمّ كما لو قيل اكرم العلماء ثمّ قيل لا تكرم
النحويّين وشكّ فى نحوى بين وجوب الاكرام بان قيل اكرم زيد النحوى وعدمه فلا اشكال
بناء على اعتبار الظنّ الشّخصى للزوم رفع اليد عن كل من الاعم والاخصّ والعمل
بالاصل وامّا بناء على اعتبار الظنّ النوعى فهل يبنى على الخروج عن الاعم او
الخروج عن الاخصّ الاظهر الاخير نظر الى ان الشك انّما يوجب الفتور فى الاخصّ
بالاصالة ولا يوجب الفتور فى الاعمّ الّا بتبع الفتور فى الاخصّ اذ وجوب اكرام زيد
لو ثبت لكان مقويا للعموم ولو لم يثبت لكان موهنا للعموم لكن لو لم يثبت لما كان
الاخصّ يقتضى التّخصيص فمن هذه الجهة يكون عدم الثّبوت موجبا للفتور فى العموم
فبناء على اعتبار الظنّ النّوعى كما هو المفروض مبنى على عموم الاخصّ وتخصيص
الاعمّ وبوجه آخر الشك فى عموم وجوب اكرام العلماء ناش من الشكّ فى عموم لا تكرم
النّحويين والشك فى عموم لا تكرم النّحويّين من باب الشك السّببى فلما بنى على عدم
اعتبار الشكّ السّببى بمقتضى اعتبار الظنّ النّوعى فلا بد من الجريان على مقتضاه
فى الشك المسبّبى ومقتضى عدم اعتبار الشكّ السّببى البناء على التّخصيص فيبنى على
التّخصيص فالحال نظير الحال فى تعارض الاستصحاب الوارد والمورود فكما يقدم
الاستصحاب الوارد يقدم عموم لا تكرم النّحويين لكن نقول انّه لو تردّد الامر فى
فرد موضوعا بين الخروج عن الاخصّ والدّخول فيه من باب الشّبهة فى مفهوم الموضوع
شكا فى الصّدق او الشّمول لا الخروج عن حكم الاعمّ وحكم الاخصّ كما هو الحال فيما
مر كما لو شك فى صدق طين قبر الحسين عليه السّلم على الطّين الموضوع على القبر
فيبنى حينئذ على الاعم وحرمة الطّين المزبور بناء على اعتبار الظنّ النّوعى وعلى
هذا المنوال لو تردد فرد بين كونه من الاخصّ وغيره من باب الشك فى المصداق وتحقيق
المقام انّه لو قيل اكرم العلماء ثمّ قيل لا تكرم النّحويين ثمّ شك فى ورود اكرام
زيد النّحوى كما ذكر مثالا فى الباب امّا ان يكون زيد ثابت النّحوية او مشكوك
النّحوية فعلى الاول لا يكون الامر باكرام زيد لو ثبت معارضا للاعمّ بل انّما يكون
معارضا للاخصّ فى فالشكّ فى ورود الامر باكرام زيد يوجب الشك فى دخول زيد فى
الاخصّ والخروج عنه وهذا الشك يوجب الشكّ فى دخول زيد فى المراد بالعام بناء على
كون التّخصيص من باب قصر العموم قضيّته انّ الدّخول فى الاخصّ يستلزم الخروج عن
الاعمّ والخروج عن الاخصّ يستلزم الدّخول فى الاعمّ والشكّ فى الدّخول فى الاخصّ
والخروج عنه يستلزم الشكّ فى الدّخول فى الاعم والخروج عنه والشّك والشك الاول
سببىّ والشك الثانى مسبّبى فالاوّل مقدم فلا بد من البناء على الدّخول فى الاخصّ
فلا بد من البناء على الخروج من الاعمّ هنا على تقدير تعدد الشّك وامّا على تقدير
اتّحاده كما هو الاظهر حيث ان الشّك فى الدّخول والخروج بالنّسبة الى حكم الاخصّ
عين الشّك فى الدّخول والخروج فى حكم الاعمّ فنقول انّه لمّا كان الشك فى وجوب
اكرام زيد بتوسّط الاخصّ فحكم الاعم تابع لحكم الاخصّ فيتأسّس قانون كلى هو انّه
اذا تطرق الشّك فى امرين وكان احدهما سببا للشّك فى الآخر فحكم الشّك فى
الثّانى تابع لحكم الشّك فى الاوّل وامّا على الثانى فالشك فى كون زيد
نحويا اى الشك فى دخول فرد فى الاخصّ من باب الشّبهة الموضوعيّة وسيأتي انّه لا
اعتبار بالظنّ النوعى على القول باعتباره فى باب الشّبهة الموضوعيّة فلا مجال
للعمل بحكم الخاص ولا بد من البناء على حكم العام وقد تردد فرد بين الدّخول فى
الاخص والخروج عنه مع الدخول فى الاعم من باب الشك فى صدق الاخصّ او شموله ومنه
الشّك فى صدق طين القبر على الطّين الموضوع على القبر وح لا بد ايضا من العمل بحكم
العام ولا مجال للعمل بحكم الخاص من باب اعتبار الظنّ النّوعى لعدم اعتبار الظن
النوعى فيما لو كان الشّبهة مفهوميّة كما يظهر ممّا مر من عدم اعتبار الظنّ النوعى
على القول به فى باب الشّك فى شمول الاطلاق فقد تحصل ان اعتبار الظنّ النوعى على
القول به انّما هو فيما لو كان الشّبهة حكمية وامّا الشّبهة الموضوعيّة فلا اعتبار
بالظنّ النوعى فيها سواء كان الشّبهة من باب الشكّ فى المفهوم صدقا او شمولا او من
باب الشك فى المصداق فلو تردد فرد بين الدّخول فى حكم الاعمّ وحكم الاخصّ فلا بد
من العمل بحكم الاخصّ ولو تردد فرد بين الدّخول فى الاخصّ وغيره مع الدّخول فى
الاعمّ فلا بد من العمل بحكم الاعم سواء كان الشّبهة مفهومية صدقا او شمولا او
كانت مصداقية ثم انّه ربما يتوهم انّه يتفرع على ما ذكرناه انّه لو كان الشخص مال
غائب وشك فى صدق تمكنه عن التصرف فيه او عدم شمول التمكن كما فى الاستعانة بالظالم
بناء على حمل ما دلّ على عدم وجوب الزكاة فى المال الغائب ما لم يقع اليد عليه على
التمكّن من التصرف فى المال الغائب بمقتضى دلالة بعض الاخبار على كفاية القدرة على
التصرف فى المال الغائب فى وجوب الزكاة وعدم لزوم اليد الفعلى مضافا الى الاجماعات
المنقولة الدّالة على اعتبار التمكن من التصرّف فى المال فى وجوب الزكاة الّا ان
الغرض منها اشتراط القدرة فى قبال كفاية وجود المال وكفاية القدرة فى قبال لزوم
اليد الفعلى فانّه يبنى على عدم وجوب الزكاة كما هو الحال فى صورة القطع بعدم
التمكن بخلاف صورة القطع بالتمكن اقول ان حمل اليد على التمكن القريب ومنه ما لو
كان المال فى يد الوكيل من باب المجاز فضلا عن الاعم من البعيد فتخصيصه خارج عن
الكلام فى الظنّ النّوعى اذ الكلام فيه انّما هو فى صورة دوران الامر بين الحقيقة
والمجاز إلّا ان يقال ان مدرك اعتبار الظن النّوعى انّما هو الاجماع ولا فرق قطعا
بين ما نحن فيه وصورة تردّد الامر بين الحقيقة والمجاز وقد تقدم نظير ما نحن فيه
لكن نقول ان المفروض فى المقام كون الشك في صدق التمكن او شموله والكلام فى الظنّ
النّوعى فى صورة احراز الاقتضاء والشك فى المانع كيف لا وقد تقدم ان القائل
باعتبار الظنّ النّوعى لا يجرى على اطراد الحكم فى صورة الشك فى شمول الاطلاق العاشر
انّه لو خصص العام او قيد المطلق بالمجمل فان كان الاجمال دائرا بين الاعم والاخصّ
فيحكم بخروج الاخصّ ويعمل بالاصل فى الفرد الآخر بناء على اعتبار الظنّ الشّخصى
ويعمل بالعام بناء على اعتبار الظنّ النوعى وامّا لو كان الاجمال دائرا بين
المتباينين فيعمل بالاصل فيهما ويتاتى الاشكال بناء على اعتبار الظنّ النّوعى حادى
عشرها انه لو كان العام معمولا به عند المشهور فيعمل به ويقدم على الخاص ويبنى فى
الخاص على المجاز او يترك العمل به لو لم يكن قابلا للتجوز فيه والوجه فى ذلك ان
بناء العام على الخاص من جهة حركة الظنّ الى جانب الخاص ولو كان العام معمولا به
عند المشهور فيتحرك الظنّ الى جانب العام فلا بد من العمل به وان قلت انّه لا مجال
لارتكاب المجاز فى الخاص او طرحه بناء على اعتبار الظنّ النّوعى لعدم قيام مستند
معتبر على رفع اليد عن ظاهر الحقيقة فى الخاص كيف لا ويعمل بظاهر الحقيقة مع مخالفة
مثل الشّهرة قلت انّ الظنّ المتحصّل فى المقام انما يتحصّل من المطلق بشرط الشّهرة
ولا مداخلة للشّهرة فى افادة الظنّ بالحكم كما هو الحال فى الخبر الضّعيف المنجبر
ضعف دلالته او سنده بالشّهرة العمليّة بخلاف الشهرة المطابقة فانّها دخليّة فى
افادة الظنّ بالحكم ولا يوجب جبر ضعف الدّلالة ولا جبر ضعف السّند بناء على حجيّة
الظنون الخاصّة ومن ذلك انّه لو كان العموم مقرونا بالشّهرة المطابقة لا يعمل
بالعموم بناء على حجيّة الظّنون
الخاصّة بل يعمل بالخاص بناء على حجيّة الظّنون الخاصّة على القول باعتبار
الظنّ النّوعى او يعمل بالاصل بناء على حجيّة الظنّ الشّخصى والظنّ بالعموم فى
المقام من باب الظنّ اللّفظى الحجّة فهو حجة ولا مجال للاعتبار ظاهر الحقيقة ولو
بناء على اعتبار الظنّ النّوعى مع قيام ظنّ المعتبر على الخلاف اللهمّ إلّا ان
يقال ان القدر الثّابت من الاجماع على حجية الظنّ اللّفظى بناء على حجية الظّنون
الخاصّة انّما هو الظنّ المتحصّل من اللّفظ بنفسه وامّا الظنّ المتحصّل من اللفظ
بنفسه فلم يثبت الاجماع على حجيّة فلا يتم اعتباره بناء على اعتبار الظّنون
الخاصّة إلّا ان يقال انّ الفرق بين الظّنين اعنى الظنّ المتحصّل من اللّفظ بنفسه
والظنّ المتحصّل من اللفظ بشرط مثل الشّهرة مقطوع العدم ثانى عشرها انّه لو سئل من
الامام عليهالسلام عن واقعة متشخّصة داخلة فى الوجود وشكّ فى علمه عليهالسلام بكيفيته الواقعة بالاسباب الظاهرة واجاب المعصوم ع على
وجه الاطلاق فيبنى على العموم بناء على ما هو الاظهر من استناد العموم الى ظاهر
اللفظ مضافا الى ترك الاستفصال بناء على القول باعتبار الظنّ النّوعى وامّا بناء
على القول باعتبار الظنّ الشخصى فيتاتى الاجمال بناء على ممانعة الشكّ فى وجود
المانع عن الظنّ باقتضاء المقتضى وامّا بناء على عدم الممانعة فيبنى على العموم
وقد جرى فى المقام جماعة على القول بالاجمال وجرى جماعة اخرى على القول بالعموم ثالث
عشرها انّه قد استفاض نقل الاتفاق على عدم جواز الاستثناء المستوعب اى استثناء
المساوى والاكثر وكونه لغوا وفرع عليه ثلة انّه لو قال له على عشرة الا عشرة يلغى الاستثناء
ويلزم المقرّ بالعشرة على القول بعدم الجواز ويلغى الكلام راسا ولا يلزم بشيء على
القول بالجواز والظّاهر انّه لا خلاف فى كلمات الفقهاء فى الفرع المذكور وهو يناسب
اعتبار الظنّ النّوعى ولا يتم بدون التعبد ولا دليل عليه والّا فلا يتجه الغاء
الاستثناء والالزام بالعشرة على تقدير كون الاستثناء غلطا لو كان المقر جاهلا به
وكان المظنون عدم قصد المقر من المستثنى منه افادة المعنى وبيان الواقع بل كونه من
باب اللّغو وليس هذا من جهة القول بكون الاقرار حجة بشرط الظنّ اذ المقصود به هو
كونه حجّة بشرط الظنّ بالواقع والكلام هنا فى الظنّ بالاستعمال اى ارادة المعنى من
اللّفظ وقصد افادته منه وهذا ربما يوجد مع عدم الظنّ بالواقع بل مع الظنّ بالعدم
بل مع العلم بالعدم كما فى الاقرار المتعارف باخذ الثمن عند حكّام الشرع من باب
احد الثمن بعد الاقرار وربما يعبر عنه برسم القبالة إلّا انّه فى غير مقام الخصومة
لكن لا يختص الكلام فى المقام بمقام الخصومة ويمكن ان يقال انّ مرجع ما ذكر الى
عدم حصول الظنّ بالواقع لفرض استعمال المستثنى منه فى معناه فالمانع عن الالزام
بالعشرة فى المثال المذكور على ما يتحصّل ممّا ذكر انّما هو اشتراط الظنّ بالواقع
فى اعتبار الاقرار بتوسّط عدم حصول الظنّ بالواقع فى المقام لكن نقول ان المفروض
عدم استعمال المستثنى منه فى معناه اذا المفروض عدم قصد الافهام واشتراط الظنّ
بالواقع نفيا واثباتا انّما هو بعد احراز استعمال اللّفظ فى المعنى وايضا لا يتجه
الغاء الكلام بالتمام وعدم الالزام بشيء على تقدير كون الاستثناء صحيحا لو كان
المظنون قصد افادة المعنى من المستثنى منه وكون الاستثناء من باب الاضراب لكن على
هذا لا يتجه عدم الالزام بالمستثنى فى استثناء الاقل لو كان المظنون قصد افادة
المعنى من المستثنى منه وكون الاستثناء من باب الاضراب وربما يقال انّه ينبغى على
القول بجواز ان ينزل قوله الا عشرة على المجاز بان يحمل على التّسعة لانها اقرب
مجازاتها فلا بد من الزام المقر بواحد بناء على جواز استثناء الاكثر وبالجملة
اصالة صون الكلام عن اللّغو تقتضى حمل امثال تلك العبارة الصّادرة عن الحكيم على
ما لا يلزم فيه اللّغو والتّاويل وان كان خلاف الظاهر الا ان اللغو خلاف الاصل
ايضا واعتبار هذا الاصل اولى من اصالة عدم التاويل وفيه انّ الظاهر من المستثنى
منه فى المثال المذكور عرفا ليس هو المعنى المجازى بل الظّاهر غالبا هو كونه من
باب الانكار بعد الاقرار كما انّ الظاهر ليس هو كون المقر لاغيا بالمستثنى وحده
نعم قد يكون الظاهر كونه لاغيا بتمام الكلام إلّا انّه نادر فان ارتكاب مثل القول
المذكور لغوا فى مقام المرافعة وحضور الخضم بعيد غاية البعد نعم اذا صدر الاستثناء
المستوعب من الحكيم فلا بد فيه من ارتكاب التاويل باقرب الوجوه على القول
بعدم الجواز وبما مر يظهر الحال فيما عن المشهور من عدم قبول تفسير الحق والشّيء
عند الاقرار بهما يرد السّلم والعيادة وتسميت العطاس تعليلا بانه خلاف المتعارف فى
اطلاقات الحق اى خلاف ظاهر الحق وان يصدق عليه الحق كما اطلق عليه فى الاخبار
والفرق بين هذا المقام وباب الاستثناء المستوعب انّما هو تطرق الالزام بالمستثنى
منه فى باب الاستثناء المستوعب وعدم الالزام بشيء فى المقام فالمدار فى المقام على
مجرد قبول التّفسير لكن الظّاهر انّ المدار فى المقام على الجنس والعقاب حتّى يفسر
بما يتموّل كما هو الحال فى الامتناع عن اصل التّفسير وتوقف فى الرّوضة فى المقام
من صدق الحق على ما ذكر وعدم شموله له وانت خبير بظهور ضعفه لظهور انّ المدار فى
الاطلاقات على الشّمول ولا يكفى الصّدق بل هذا حديث معروف رابع عشرها انه لا اشكال
فى عدم اعتبار الظنّ النّوعى بالعموم قبل الفحص عن المخصّص بناء على ما تقرر فى
محلّه من عدم جواز العمل بالعام قبل الفحص عن المخصّص وان لا يلزم فى جواز العمل
بالعموم بعد الفحص حصول الظنّ فعلا بعدم المخصّص فربما يكون الحال قبل الفحص وبعد
الفحص حصول الظنّ فعلا بعدم المخصّص فربما يكون الحال قبل الفحص وبعد الفحص من حيث
الشك فى العموم او الظنّ بالتّخصيص سواء لكن يختلف مقدار الفحص بناء على القول
باعتبار الظنّ الشخصى والقول باعتبار الظنّ النّوعى حيث انّه على الاوّل لا بدّ فى
الفحص من الظنّ بعدم التّخصيص فى الواقع فيلزم الفحص عن الظّنون الخاصة وكذا لظنون
المشكوك فيها نحو الشّهرة وامثالها وكذا الظّنون الّتى ثبت عدم اعتبارها كالقياس
ونحوه إلّا انّه بناء على شمول اخبار النّهى عن العمل بالقياس للعمل بالاصل وفى
بعض افراد العام من باب عدم العمل بالعموم لمعارضة بالقياس لا يلزم الفحص عن
القياس نعم بناء على كون الغرض من تلك الاخبار هو الاستناد الى القياس وعدم شمولها
لما ذكر من العمل بالاصل يلزم الفحص إلّا انه خلاف طريقة الفقهاء كما انّ الفحص من
غير القياس من امثاله خلاف طريقة الفقهاء ايضا وان لا يدلّ دليل على عدم جواز
العمل بالاصل فى بعض افراد العام من باب عدم العمل بالعموم لمعارضة امثال القياس
وامّا على الثّانى فيكفى فى الفحص الظنّ بعدم المخصّص المعتبر ولا يلزم الظنّ بعدم
التّخصيص فى الواقع ومن هذا انّ بعض الفحول ممّن اعتبر الظنّ النّوعى قد اكتفى فى
الفحص بالظنّ بعدم المخصّص المعتبر ولم يحكم بلزوم الظنّ بعدم التّخصيص فى الواقع
وما اورد عليه من اشتراط جواز العمل بالعام بالظنّ بالعموم مبنى على الغفلة عن
ابتناء ذلك على القول باعتبار الظنّ النّوعى من البعض المشار اليه خامس عشرها انه
فى باب المجاز المشهور يحمل اللّفظ على المعنى الحقيقى تارة ويحمل اخرى على المعنى
الحقيقى او المجازى على حسب اختلاف مراتب المجاز المشهور بناء على اعتبار الظنّ
النّوعى وامّا بناء على اعتبار الظنّ الشخصى فلا مجال للحمل على المعنى الحقيقى بل
اما يتوقف او يحمل على المعنى المجازى على حسب اختلاف المراتب وشرح الحال وتفصيل
المقام انّ اللفظ بعد وضعه الواضع للمعنى المخصوص يصير ظاهرا فيه عند العالم
بالوضع ويكون الظاهر عنده ارادته منه إلّا انّه لو استعمل فى
معنى آخر غير المعنى الموضوع له بضعف الظّهور فى ذلك المعنى الابتدائى والانس به
وكلّما تكرّر الاستعمال فى هذا المعنى الصارى يضعف الانس به مندرجا فى درجات
الارتقاء الظّهور فى ذلك المعنى الابتدائى والانس به وكلّما تكرر الاستعمال فى هذا
المعنى الطّارى يضعف الانس به مندرجا فى درجات الارتقاء على حسب ازدياد تكثر
الاستعمال واختلاف درجاته الى ان يصير المعنى الابتدائى مهجورا ويتخلف المعنى
الطارى موضعه فللمجاز مراتب اولها ما يستعمل فى المعنى الغير الموضوع له من دون
كثرة فى الاستعمال وربما يعبر عنه بالمجاز المتداول وثانيها اول مراتبه بحسب كثرة
الاستعمال وهو يعبر عنه باشهر المجازات كاستعمال الأسد فى الرّجل الشجاع الا ان
ثمرة اشتهار الاستعمال هنا انما هى ترجيحه على سائر المجازات فى مقام التعارض والا
فالمفهوم من اللّفظ عند التجرد عن القرينة ليس الا المعنى الحقيقى خاصة فبعد ثبوت
القرينة الصّارفة يكون كثرة الاستعمال منزلة منزلة القرينة المعينة فهاهنا مع
ملاحظة الشهرة
__________________
ليس المجاز راجحا على الحقيقة ولا مساويا لها بلا شبهة وثالثها ما اشتهر
التعبير عنه بالمجاز المشهور والمجاز الراجح او المجاز الشائع وهو ما ازدادت فيه
كثرة الاستعمال بحيث صارت هى موجبة لانفهام المعنى المجازى بعد ملاحظة الشهرة
مساويا للمعنى الحقيقى فيتساوى كل من الظاهر الحاصل من الشّهرة والظّاهر الحاصل من
الوضع ويتردد الذهن بينهما مع فقد القرينة على احدهما ويمكن ان يقال ان الاستعمال
فى المعنى المجازى هنا لا بد ان يكون اكثر من الاستعمال فى المعنى الحقيقى لكن
يقابل زيادة الاستعمال فى ذلك ظهور اللّفظ من حيث انّه هو والظاهر ان المنشأ فيما
قبله استعمال اللفظ فى المعنى المجازى مع القرينة الحالية او المقالية المتّصلة او
المنفصلة والمنشأ فيه انما هو استعماله فيه مع القرينة المنفصلة فانه لو استعمل
فيه مع القرينة المنفصلة وبلغ الاستعمال الى ما بلغ لا يوجب تردد الذهن بين المعنى
الحقيقى والمعنى المجازى فى صورة فقد القرينة على التجوّز ولو لم يقترن استعماله
فيه بالقرينة راسا يحمل اللفظ على معناه الحقيقى ولا يتحصل مجاز شايع ويمكن ان
يقال انه يمكن ان يبلغ كثرة الاستعمال فى المعنى المجازى مع القرينة المتصلة الى
ان يتردد الذهن عند سماع اللفظ مجرّدا عن القرينة المتّصلة بملاحظة تلك الكثرة بين
ذلك والمعنى الحقيقى كما لو استعمل اللفظ فى كلام شخص ثلث مرّات فى المعنى الحقيقى
وثلاثمائة مرة فى المعنى المجازى ورابعها ما ازدادت الكثرة فيه الى ان صارت موجبة
بعد لحاظها لانفهام المعنى المجازى مظنونا ارادته دون المعنى الحقيقى فالظاهر
الحاصل من الشهرة هنا راجح على المعنى الحقيقى إلّا انه بملاحظة الشّهرة ولعلّه
يعبّر عنه ايضا بالمجاز المشهور والمجاز الرّاجح والمجاز الشّائع وخامسها ما بلغت
الكثرة فيه الى ان صار المعنى المجازى بدون لحاظها ظاهرا من اللفظ ظهورا يساوى
ظهور المعنى الحقيقى وعن ضريح المعارج والنّهاية والتّهذيب والمحصول وظاهر بخل
صاحب المعالم فى تعليقات المعالم ثبوته وعن الاخير التعبير عن اللفظ ح بالمشترك
الا ان فيه خروجا عن المعنى المعروف فى المشترك كما صرّح به الوالد الماجد ره وعن
غيرهم السّكوت عنه راسا ومقتضى كون هذه المرتبة اعلى من المرتبة السّابقة هو حمل
اللفظ على المعنى المجازى هنا بالفحوى بحصول الظنّ به بعد ملاحظة الشهرة بالاولوية
وقد احتمل المحقّق القمّى كون المطلق بالنّسبة الى الفرد الشّائع من هذا الباب كما
مر وسادسها ما ذكره المحقق القمى وهو ما ازدادت الكثرة فيه الى ان صار المعنى
المجازى متبادرا من اللفظ بدون لحاظ الشّهرة تفصيلا وليس ببعيد فان الشهرة ربما
تزداد الى ان يحتاج الظنّ بارادة المعنى المجازى الى الالتفات التّفصيلى نحو
الشهرة وارتكاز المعنى المجازى فى الذهن من جهة اشتهاره فهو من افراد المجاز
المشهور وسابعها ما بلغ كثرة الاستعمال فى المعنى المجازى فيه الى قصواها وقصاراها
فصار المعنى الحقيقى الابتدائى مهجورا والمعنى المجازى ظاهرا من اللفظ بدون لحاظها
واعانتها وهو المعبر عنه بالمنقول والحقيقة العرفية فهذه اصول المراتب والا فكل من
تلك المراتب له ايضا مراتب متفاوته لكنها تتفاوتت من حيث احتياج انفهام المعنى
الحقيقى الى نصب القرينة وعدمه فهو لا يحتاج اليها فى الاولين دون الباقى الا ان
الاحتياج فى الاخير لاحتياج المعنى المجازى اليها وامّا فى غيره فلان قرينة المجاز
مانعة عن فهم المعنى الحقيقى وفهمه موقوف على عدمها حقيقة او حكما والشهرة التى هى
قرينة هاهنا لما لم يكن ازالتها فيكتفى بانتفائها حكما بنصب قرينة تدل على المعنى
الحقيقى إلّا ان يقال انه لا يتم ما ذكر فى غير الاخير فى الاول منه على القول
بالتوقف فى المجاز المشهور لان الشهرة فيه لا تصرف اللفظ عن معناه الحقيقى ولا
تعينه فى المعنى المجازى وان كان الصرف هنا مستلزما للتعيين وقرينة المجاز لا بد
فيها من الصرف او التّعيين فليس الاحتياج فى فهم المعنى الحقيقى فى ذلك لما ذكر
ولا باس باحتياج فهم المعنى الحقيقى بنفسه الى القرينة اذ ليس الاحتياج الى
القرينة منافيا لشأن الحقيقة اذ لا يلزم ان يكون ما يحتاج الى القرينة مجازا ألا
ترى انّه يحتاج احد المعنيين فى المشترك الى القرينة مع كون اللّفظ حقيقة فيه مع
ان القرينة فى ذلك لرفع احتمال التجوز والقرينة المحتاج اليها فى المجاز لرفع ظهور
الحقيقة كما هو الحال فى الاخير اعنى المنقول فليس
احتياج المعنى الحقيقى فى ذلك الى القرينة من قبيل احتياج المجاز اليها
وعلى اى حال فالمجاز المشهور على ما يظهر ممّا مر اربع مراتب ما يحصل فيه الشكّ
بين ارادة المعنى الحقيقى وارادة المعنى المجازى بملاحظة الشهرة وما يحصل فيه الظن
بارادة المعنى المجازى بملاحظة الشهرة وما يحصل فيه الشك بين ارادة المعنى الحقيقى
وارادة المعنى المجازى بدون الشّهرة لكن يحصّل الظن بارادة المعنى المجازى بدون
بملاحظة الشهرة وما يحصل فيه الظنّ بارادة المعنى المجازى بدون ملاحظة الشهرة
فالمرجع الى حصول الشكّ بين ارادة المعنى الحقيقى وارادة المعنى المجازى فى صورة
واحدة وحصول الظنّ بارادة المعنى المجازى فى صورة واحدة وحصول الظنّ بارادة المعنى
المجازى فى ثلاث صور فعلى القول باعتبار الظنّ الشّخصى لا بدّ من التوقف فى صورة
الشكّ والحمل على المعنى المجازى فى صورة الظنّ بارادته وامّا على القول باعتبار
الظنّ النّوعى فلا بدّ من الحمل على المعنى الحقيقى فى صورة الشك وامّا فى صورة
الظنّ بالتجوز فلا بد من الحمل على المعنى الحقيقى إلّا ان يقال ان الحمل على
المعنى الحقيقى فى صورة الظنّ بالتجوز انما هو فى صورة استناد الظنّ الى امر غير
معتبر والظنّ هنا مستند الى كثرة الاستعمال فى المعنى المجازى وهى ليست من باب
الامر الغير المعتبر فلا يتاتى هنا الحمل على المعنى الحقيقى نظير ما تقدم من ان
القائل بالظن النوعى لا يعمل بالاطلاق فى صورة الشك فى شمول الاطلاق ثم ان المجاز
المشهور كما يتفق فى لسان اهل العرف كذا يتفق فى لسان واحد فضلا عن جماعة ومن
الاتفاق فى لسان الجماعة ما ادعاه صاحب المعالم من تطرق المجاز المشهور فى الامر
فى لسان الائمة عليهم السّلم ثم ان المجاز المشهور لا بد فيه من اتحاد كل من اللفظ
والمعنى شخصا فلو اتّحد المعنى المجازى لكن اختلف اشخاص نوع من انواع اللفظ فى
موارد الاستعمال فى المعنى المجازى على وجه الكثرة بحيث لو كان الكثرة مقرونة
باتحاد شخص اللفظ لتطرق المجاز المشهور لا يتطرق المجاز المشهور نعم يتطرق ثمرة
تطرق المجاز المشهور من الشك فى ارادة المعنى الحقيقى او الظنّ بارادة المعنى
المجازى على حسب اختلاف كثرة الاستعمال فى المعنى المجازى بناء على اختلاف مرتبتى
المجاز المشهور ومن ذلك انه لو ثبت كثرة استعمال الامر فى الندب فى لسان الائمّة
عليهم السّلم كثرة قابلة لاحداث المجاز المشهور لا يتاتى المجاز المشهور لاختلاف
اشخاص لفظ الامر فى موارد الاستعمال فى الندب نعم يتاتى الشك فى ارادة الوجوب او
الظنّ بارادة النّدب إلّا انّه انّما يتم على القول بكون وضع الامر للوجوب على
القول به شخصيّا كما هو الاظهر كما يظهر ممّا حرّرناه فى باب وضع المشتقات وامّا
بناء على القول بكون وضع الامر للنّدب نوعيّا فيتاتى المجاز المشهور لاتّحاد
الهيئة الموضوعة فى موارد الاستعمال فى النّدب ولو اختلف اللّفظ والمعنى المجازى
لا يتاتّى المجاز المشهور بالاولوية بالنّسبة الى اختلاف اللفظ فقط كما فيما مر
ومن هذا انّ كثرة استعمال العام فى الخاص فى الشريعة لا تجدى فى ضرورة العام من
باب المجاز المشهور فى الخاص كما يظهر القول به من المحقّق القمى ويتوهّم القول به
من العلامة فى النّهاية وصاحب المعالم وشيخنا البهائى فى الزّبدة لاختلاف الفاظ
العموم ولا سيّما لو كان العام هو السور فى مثل كل رجل نعم بناء على كون العام هو
السّور يكون اختلاف اللّفظ اقل إلّا انّه مع هذا لا يتّحد اللفظ فى تمام موارد
الاستعمال فى الخاص وكذا اختلاف المعنى المستعمل فيه اعنى الخاص اذا المستعمل فيه
هو مصداق الخاص وهو مختلف فى الموارد نعم يتّحد مفهوم الخاص إلّا انه لا جدوى فيه
لعدم امكان استعمال العام فيه لكن يتاتى الشك فى استعمال العام فى الخاص بل يتاتى
الظنّ باستعمال العام فى الخاص اجمالا على القول بتطرق الظنّ بالتّخصيص فى العام
قبل الفحص والظاهر انه نادر والمشهور تطرق الشك وانّما قلنا اجمالا لعدم تمكن كثرة
استعمال العام فى الخاص من افادة الظنّ باستعمال العام فى الخاص المخصوص لعدم
انحصار افراد الخاص نظير ان كثرة تعارض الاخبار لا تفيد الظنّ بالعدم بالظن بضد
مخصوص لو ظفرنا بخبر فى مورد قبل الفحص لعدم انحصار الضد إلّا انها لا تفيد ايضا
الظنّ باحد الاضداد فى الجملة لعدم اقتران الكثرة بالتّرجيح بخلاف كثرة استعمال
العام فى الخاص فانّها يتمكن من افادة الظنّ بالتّخصيص ولو فرضنا عدم الوقوع لعدم
تحلل الواسطة بين العموم و
الخصوص فى الجملة واقتران كثرة المعارضات الخاصة بالتّرجيح وتوضيحه ان وجود
احد الضدّين علما او ظنّا يوجب العلم او الظنّ بانتفاء الضدّ الآخر مع انحصار
الضدّ وامّا ثبوت احد الضدّين اجمالا علما او ظنا فهو لا يوجب العلم او الظنّ
بانتفاء ضدّ مخصوص نعم يوجب العلم او الظنّ بانتفاء احد الضدّين الباقيين او احد
الاضداد الباقية على وجه الاجمال وامّا الاخبار بوجود احد الضدّين فى صورة الاخبار
بوجود الضدّ الآخر فلا يوجب الّا الشكّ فى المخبر به بالاخبار بوجود الضدّ الآخر
كيف لا ولا مجال لحصول الظنّ فضلا عن العلم لعدم تطرق الظنّ فى صورة تعارض الخبرين
بدون المرجّح نعم يتاتى الظنّ او العلم بالمخبر به باحد الخبرين على تقدير رجحانه
علما او ظنّا ففى العام المخصّص لما كان كثرة الاخبار بالتّخصيص مقرونة بالتّرجيح
ولا يتخلل الواسطة بين العموم والخصوص الاجمالى فى موارد تعليق الحكم على العام
فيمكن ان يتاتى الظنّ بالتخصيص بخلاف كثرة تعارض الاخبار فانّها غير مقرونة
بالترجيح ولا ينحصر الضدّ فلا يمكن الظن بالخلاف بالظن بضد مخصوص وقس على كثرة
تعارض الاخبار كثرة تعارض الجرح والتّعديل فانّها على القول بثبوتها لا تتجاوز عن
افادة الشكّ قبل الفحص ولا مجال لافادتها للظنّ بالعدم بالظن بضدّ مخصوص بقى ان
السيّد السّند النجفى قد انكر ثبوت المجاز المشهور تعليلا بان الاشتهار ان بلغ حدا
يتبادر منه المعنى الحقيقى كان حقيقة والّا لم يؤثر فى فهم المعنى وان التفت
السّامع اليه كما يحكم به الوجدان ووجود شهرة يفهم بها المعنى مع الالتفات
والملاحظة مجرّد فرض لا يتحقق وهو مقتضى ما حكاه السيّد السّند المحسن الكاظمى عن
بعض الناس من انكار التعارض بين الحقيقة المرجوحة والمجاز الراجح استناد الى انه
ان بلغ المعنى المجازى الى ان صار المعنى الحقيقى مجازيا والمعنى المجازى حقيقيّا
فلا تعارض وان لم يبلغ الى ذلك بل كان المتبادر هو الحقيقة فلا شهرة فى الحقيقة
فلا تعارض لكنك خبير بانه ان كان المقصود بالانكار هو عدم الوجود كما هو الظّاهر
فهو مستلزم للطفرة وما ذكره السيّد السيّد السّند المشار اليه من ان ما يتحقق من
الاشتهار الغير البالغ حدا يتبادر المعنى من نفس اللفظ لا يؤثر فى فهم المعنى ولو
مع التفات السّامع اليه وما يؤثر فيه معه لا يتحقّق ظاهر السّقوط وان كان المقصود
سرعة الانتقال فله وجه ومع هذا ربما حكم بعض بمنافاة الانكار من السيّد السّند
النّجفى مع ما حكم به فى باب الاطلاق بالنسبة الى الفرد الشّائع من ان تبادر اظهر
افراد اللفظ واشهرها بالقياس الى اطلاق اللفظ لا يقتضى النقل اليه ولا يوجب الوضع
كيف لا وجميع الالفاظ الموضوعة للمعانى الكلّيّة يتبادر منها الافراد الشّائعة
المتعارفة وفلما يتفق ان يكون افراد الكلّى متساوية فى الظهور والسّبق والتبادر
والفهم بل الغالب اختلافها فى ذلك سادس عشرها انه ربما يتكثر تخصيص العموم او
تقييد الاطلاق فى الاخبار بحيث يكون مقتضى الاستقراء فى الاخبار بطلان حكم العموم
والاطلاق من اصله بملاحظة كثرة المخصّصات والمقيدات مثلا مقتضى بعض الآيات على بعض
التفاسير فى الاخبار وطائفة من الاخبار وجوب الوفاء بالوعد لكن مقتضى طائفة من الاخبار
الواردة فى طائفة من الوعد عدم الوجوب والظاهر عدم مداخلة الخصوصيّة فمقتضى
الاستقراء فى الاخبار عدم وجوب الوفاء بالوعد على الاطلاق وتفصيل الحال موكول الى
ما حرّرناه فى الرّسالة المعمولة فى الشرط فى ضمن العقد وبالجملة فنقول انه يختلف
الحال باختلاف القول باعتبار الظنّ الشخصى والظنّ النّوعى يبنى على العموم إلّا ان يكون الاستقراء راجعا الى
دلالة الاشارة فانه ح يقدم الاستقراء على العموم وامّا على القول باعتبار الظنّ
الشّخصى فيعمل بالاصل إلّا ان يكون الاستقراء راجعا الى دلالة الاشارة لكن يمكن ان
يقال ان اختلاف الحال باختلاف القول باعتبار الظنّ الشّخصى والظنّ النّوعى انّما
يتم لو كان الظنّ المشكوك فيه موجبا للشك فى الارادة او للظن بالتجوز وامّا لو
احتمل التّقية بناء على كون التّقية من باب استعمال اللفظ فى الموضوع له من باب
الكذب المجوّز للمصلحة لو كان التقيّة فى جملة انشائية كما لو كان العموم فى الاخبار لا فى
الكتاب
__________________
فلا يبتنى الامر على الخلاف فى اعتبار الظنّ الشخصى والظنّ النوعى اذ لا
يتاتى العمل بالعموم بناء على اعتبار الظنّ النّوعى لاحتمال التقية بل يبتنى العمل
بالعموم بناء على ذلك على اشتراط الظنّ بمطابقة المضمون للواقع فى العمل بالرّواية
نعم بناء على اعتبار الظنّ الشخصى يعمل بالاصل ايضا الا ان العمل بالاصل بناء على
اعتبار الظنّ الشخصى فيما لو لم يحتمل التقية فى موارد ارتفاع الظنّ الشخصى
بمعارضة الظنّ المشكوك فيه من جهة عدم ثبوت الحكم بتبع عدم ثبوت المراد وامّا لو قيل بكون التّقية ارجح عند دوران الامر بينها
وبين المجاز فالامر على القول باعتبار الظنّ النّوعى كما مر وامّا على باعتبار
الظنّ الشخصى فيعمل بالاصل ايضا لكن مع حمل العام على التقية ثمّ ان الكلام فى
المقام انّما يتاتى بناء على عدم اخلال كثرة الاخراج باعتبار العموم والا فيسقط
العموم عن درجة الاعتبار وحال الاستقراء على منوال ما لو كان العموم منفردا اذ
ثمرة الاستقراء اسقاط العموم عين درجة الاعتبار فلو كان العموم بنفسه ساقطا عن
درجة الاعتبار فلا حاجة فى السّاقط الى الاسقاط كما انه يتاتى الكلام لو تحصل
الظنّ بالاستقراء بالتفحص فى فى طائفة غير كثيرة من الاخبار الخاصة كما انّ صاحب
الحدائق تمسك بالاستقراء فى باب الحرمة فى الشّبهة المحصورة مع كون افراد
الاستقراء اربعة بقى انه ربما يتوهّم ان مقتضى اقتضاء الاستقراء عدم ثبوت حكم
العموم من اصله قضاء كثرة التّقييدات بالنّسبة الى اطلاقات الكتاب فى باب الصلاة
وغيرها بعدم وجوب الواجب من اصله ويندفع بانّ المدار هنا على اخراج الفرد ومخالفة
الخاص للعام بالنفى والاثبات بكون النفى نفسيا والمدار فى كثرة تقييدات اطلاقات
الكتاب على اظهار الجزئية والشرطيّة والمانعيّة فلا يخرج فرد حتّى تقتضى الاستقراء
فى الافراد الخارجة عدم ثبوت الاصل حكم العموم سابع عشرها انه ربما يتوهم لزوم
القول بعدم اعتبار الظنّ بالبقاء على القول بحجيّة الاستصحاب من باب اخبار اليقين بناء
على اعتبار الظنّ النوعى ويندفع بان اعتبار الظنّ النّوعى فى صورة الظن بالخلاف
كقيام الظنّ من الظنون التى لم يثبت اعتبارها على تخصيص العام او تقييد الاطلاق
انما يتاتى فى صورة اتحاد مفاد ظاهر اللّفظ كالعموم والاطلاق والظنّ المشار اليه
بان كانا فرعيين كما هو الحال فى العمومات والاطلاقات والتّخصيصات والتّقييدات فى
الاحكام الفقهيّة او كانا اصوليين كما لو قام الشّهرة على عدم العمل بعموم اخبار
اليقين فى الشكّ فى اقتضاء المقتضى لو قلنا بالعموم كما هو الاظهر وامّا فى المقام
فمفاد الظنّ بالخلاف مختلف الحال مع مفاد اخبار اليقين لكون الاول فرعيّا والثانى
اصوليّا فالامر من باب قيام الظنّ على عدم اعتبار الظنّ فى صورة الظنّ بالبقاء فى
باب الشكّ فى اقتضاء المقتضى بناء على حجيّة المطلق الظنّ لو كان الاستصحاب فى
الحكم ونظير ذلك انّه لو وقع الشّهرة فى خلاف خبر العدل فى المسألة الفرعيّة تكون
الشّهرة معارضة لخبر العدل لاتحاد المفاد من حيث افادة الحكم الفرعى لكن لا تكون
الشّهرة معارضة لمفهوم آية البناء لافادة الشهرة للحكم الفرعى وافادة مفهوم آية
النبإ للحكم الاصولى اعنى حجيّة خبر العدل وامّا لو كان فى الموضوع من حيث التحصّل
فيتاتى التّعارض بين عموم اخبار اليقين وما دل على حجيّة الظنّ من حيث التحصّل
بناء على دلالة الدّليل عليه وقد تقدم الاشارة اليه واما لو كان فى الموضوع
اللّغوى اعنى الاوضاع فيتاتى التعارض بعد عموم اخبار اليقين وما دلّ على حجية الظنّ فى الاوضاع ويمكن ان يقال ان ما
ذكر انما يتم على القول بكون اخبار اليقين دليلا على حجيّة افراد الاستصحاب كآية
البناء بالنّسبة الى افراد خبر الواحد وامّا بناء على القول يكون كل فرد من افراد
الاستصحاب فردا من افراد العام فيتاتّى التّعارض بين اخبار اليقين والظنّ الغير
المعتبر إلّا ان يقال انه لا تعارض بين اخبار اليقين والظنّ الغير المعتبر المقتضى
لخلاف الاستصحاب فى الحكم الفرعى اذ مقتضى الظنّ الغير المعتبر هو الحكم الواقعى
ومفاد اخبار اليقين هو الحكم الظاهرى فالتعارض باعتبار اقتضاء عموم اخبار اليقين
عدم اعتبار الظنّ الغير المعتبر المخالف للاستصحاب فينعطف الامر على ما ذكر وبعد
ما مر اقول انه لو كان الاستصحاب فى الموضوع من حيث التحصّل فالشك فى البقاء او
الظنّ بالعدم انّما يتعلّق
__________________
بالموضوع من حيث التحصّل ولا مجال للعمل بالظن النّوعى فيه كما يظهر ممّا
ياتى فعدم اعتبار الظنّ بالبقاء لا يرتبط باعتبار الظن النوعى فى اخبار اليقين
وامّا العمل بالظن بالزّوال على فرض الحصول فيظهر الحال فيه بما سمعت نعم لو كان
المشهور عدم اعتبار نوع من انواع الاستصحاب فالعمل باخبار اليقين فى النوع المذكور
مبنى على اعتبار الظنّ النوعى وامّا لو كان الاستصحاب فى الحكم وكان المشهور زوال
هذا الحكم المخصوص الفرعى فيظهر الامر فيه بما سمعت وامّا لو كان الاستصحاب فى
الامور اللغوية وكان المظنون عدم البقاء فبعد شمول اخبار اليقين للامور اللغوية
فيظهر الحال فيه بما سمعت وبعد هذا اقول انه لو قام الشهرة على خلاف الاستصحاب فى
المسألة الفرعيّة فالشهرة انما تحكى عن الواقع فلا تخالف مفاد اخبار اليقين لانّها
تبيّن حكم الظاهر فاعتبار الاستصحاب فى الباب مبنىّ على اعتبار الاستصحاب مع الظنّ
بالخلاف بالنسبة الى الواقع نعم لو كان الشهرة حاكيه عن الظاهر كما لو جرى المشهور
على عدم اعتبار قسم من اقسام الاستصحاب فاعتبار القسم المذكور من الاستصحاب مبنى
على اعتبار الظنّ النوعى ونظير ذلك انه لو وقع التعارض بين استصحابين ووقع الشهرة
فى البين فان كان الشهرة حاكية عن الواقع بان كان الشهرة مطابقة لمقتضى احد
الاستصحابين بناء على اعتبار الاستصحاب مع الظنّ بالخلاف على القول بكون الشّهرة
المطابقة مرجّحة لاحد الخبرين المتعارضين وإلّا فلا اشكال فى عدم ترجيح الشّهرة
المطابقة لاحد الاستصحابين وان كانت جارية على العمل باحد الاستصحابين اى كانت
مبنيّة للحكم الظاهرى فعليه المدار لانّها توجب الظنّ بدخول احد الاستصحابين فى
اخبار اليقين وخروج الآخر عنها ثامن عشرها انه قد يتاتى الكلام فى اعتبار الظنّ
الشّخصى والظنّ النّوعى فى باب الخبر الصّحيح من حيث الظنّ بالصدور وقد تقدم
الاشارة اليه وكذا فى باب الاستصحاب بناء على اعتباره من باب الظنّ النوعى او
الظنّ الشخصى حيث انّ مقتضى صريح شيخنا البهائى فى الحبل المتين انّ المدار على
الظنّ الشّخصى بل هو الظّاهر من غيره لكن حكى بعض اصحابنا تارة ان المدار فى كلام
لقد ماء على الظنّ النوعى واخرى حكى انّ المدار فى كلام القائلين باعتبار
الاستصحاب من الخاصة والعامة على الظنّ النّوعى قال فانّهم لا يعتبرون الظنّ
الفعلى حتى يكون حكم المستصحب الواحد كالحياة والرّوحية مختلفا باختلاف الموارد
الشخصيّة وكذا فى باب اصالة صحّة فعل المسلم بناء على اعتباره من باب الظّهور كما
حكى الاستناد اليه فى اعتباره عن جماعة بل الاكثر حيث ان الظاهر من الظّهور هو
الظنّ الشّخصى لكن مقتضى كلام القاضى فى تعليقات الرّوضة ان المدار على الظنّ النّوعى
حيث حكى ان الاصحاب كثيرا ما يقدمون مدعى صحّة العقد على مدّعى فساده ويقولون ان
الظاهر من حال المسلم صحة عقده لظهور ان الظّهور المذكور لا بدّ ان يكون من باب
الظنّ النّوعى قضيّة وقوع الترافع وتطرق الشكّ المستقر إلّا ان يقال ان الغرض
الظنّ الشّخصى باعتبار انجرار الشك اليه بكون الشكّ بدويا نظير ما يقال انّ
المشكوك فيه يلحق بالاعم الاغلب لكن نقول ان انجرار الشكّ الى الظنّ محلّ الشكّ
وكذا فى باب التقليد بناء على اعتباره من باب الظنّ وكذا فى باب سوق المسلمين
بالنّسبة الى الظنّ بالتذكية وقد حرّرنا الكلام فيه عند الكلام فى اصالة عدم
التذكية فى البشارات تاسع عشرها ان اعتبار الظنّ النّوعى لا بدّ فيه من التعبّد غير
العمل بالظن كيف لا ولا ظنّ مع الشكّ فضلا عن الظنّ بالخلاف فلا بد فيه من قيام
الدّليل عليه غير العقل وطريقة العقلاء لعدم وفاء شيء منهما باعتبار الظنّ النّوعى
وان امكن اثبات اعتبار الظنّ النّوعى بالعقل بدعوى عسر الظن الشّخصى بعد حكم العقل
باعتبار الظنّ بناء على استقلال العقل بقبح التكليف العسر على الاطلاق او فى خصوص
مورد حكم العقل باعتبار الظنّ والدّليل الدّال على الاعتبار قد يختص بصورة الشك
ولا يعم صورة الظنّ بالخلاف وقد يعم صورة الظنّ بالخلاف فلا بد من ملاحظة مقدار
مدلول الدّليل الدّال على الاعتبار وليس حال الدّليل المذكور فى جميع الموارد على
وتيرة واحدة لكن عمدة الدّليل الدّال على الاعتبار فى موارد دعوى اعتبار الظنّ
النّوعى انّما هى الاجماع بل ليس من قيام النّص على اعتبار الظنّ النّوعى اثر فى
الموارد والفرق بين اعتبار الظن
النّوعى والتعبّد الصّرف انّ المدار فى اعتبار الظنّ النّوعى على ملاحظة
الوصول الى الواقع ولو فى بعض الاحيان بخلاف التعبّد الصّرف فانه ليس الملحوظ فيه
الوصول الى الواقع راسا العشرون ان عدم اعتبار بعض اجزاء النصّ وربما يعبر عنه
باشتمال الحديث على ما لا نقول به هل يقتضى عدم اعتبار سائر الاجزاء ام لا يمكن ان
يقال انّه يتعيّن القول بالاخير بناء على اعتبار الظنّ النّوعى فالكلام فى المقام
انّما يتاتّى بناء على اعتبار الظنّ الشخصى إلّا ان يقال انّه انّما يتم لو كان
اختلال بعض الاجزاء موجبا للشّك فى دلالة سائر الاجزاء وامّا لو كان موجبا للشكّ
فى المطابقة للواقع او كان موجبا للشكّ فى الدلالة والمطابقة معا فكما يتاتى
الكلام بناء على اعتبار الظنّ الشّخصى كذا يتاتى بناء على اعتبار الظنّ النّوعى
لكن على الاخير الغرض من الكلام فى المقام انّما هو البحث عن خصوص حال الظنّ
بالمطابقة للواقع فعلى تقدير عدم اقتضاء اختلال بعض الاجزاء اختلال سائر الاجزاء
يتاتى اعتبار الدلالة لفرض حصول الظنّ الشخصى وامّا على تقدير الاقتضاء فلا يتم
اعتبار دلالة سائر الاجزاء لفرض الشك فى المطابقة للواقع وبالجملة يتاتى الكلام
تارة فى جواز اختلال بعض الاجزاء مع عدم اختلال سائر الاجزاء واخرى فى ممانعة
اختلال بعض الاجزاء وعن الظنّ بالدّلالة او الظنّ بالمطابقة مع الواقع على سبيل
منع الخلوّ فى سائر الاجزاء وعدم الممانعة نظير انه فى باب الخروج السّبب عن حكم
العام يتاتى الكلام تارة فى جواز خروج السّبب عن حكم العام مع دخول سائر الافراد
تحته واخرى فى ممانعة خروج السّبب عن الظنّ بجريان حكم العام فى سائر الافراد
فمقتضى ما ذكره فى المدارك عند الكلام فى النزح لسقوط الحمار او البقرة من ان
العمل ببعض اجزاء النصّ واسقاط الباقى غير معقول هو القول بعدم جواز اختلال بعض
الاجزاء مع عدم اختلال سائر الاجزاء ومقتضى كلام غير واحد كالمحدث القاشانى فى
الوافى باب الاستنجاء والفاضل التسترى فى بعض تعليقات التّهذيب فى باب صفة التيمّم
واحكام المحدّثين فى شرح عبارة المقنعة وان كان المحدث جنبا هو القول بممانعة
اختلال بعض الاجزاء عن الظنّ بالدلالة او الظنّ بالمطابقة مع الواقع على سبيل منع
الخلو فى سائر الاجزاء لكن هذا هو القدر المتيقن من مقالتهما والّا فيمكن ان يقولا
بامتناع اختلال بعض الاجزاء مع اختلال سائر الاجزاء والتحقيق انه امّا ان يكون بعض
الاجزاء الغير المعتبر خاليا عن الارتباط مع سائر الاجزاء او يكون مرتبطا معه اما
على الاول فاختلال بعض الاجزاء لا يمانع عن الظنّ فى سائر الاجزاء مطلقا لا بحسب
الدّلالة ولا يحسب المطابقة مع الواقع فضلا عن امتناع اختلال بعض الاجزاء مع عدم
اختلال سائر الاجزاء كيف لا وليس اختلال بعض الاجزاء اشد من خروج بعض افراد العام
فكما ان عدم اعتبار العام فى بعض الافراد لا يوجب عدم اعتباره فى سائر الافراد
بناء على حجيّة العام المخصّص فيما بقى كما هو المشهور المنصور فكذا عدم اعتبار
بعض الاجزاء لا يوجب عدم اعتبار سائر الاجزاء مع عدم الارتباط فى البين بل لو كان
عدم اعتبار بعض الاجزاء موجبا لعدم اعتبار سائر الاجزاء للزم عدم اعتبار سائر
روايات من كان بعض رواياته او بعض اجزاء روايته غير معتبر بل قد حكى بعض الاصحاب
انّ ديدن الاصحاب جار على العمل بالخبر مع عدم اعتبار بعض اجزائه فى جميع المواضع
خصوصا المتقدمين حيث يستدلون بالاخبار المشتملة على احكام كثيرة محمول بعضها على
الكراهة والاستحباب او التّقييد او التّخصيص وناهيك ملاحظة كتب الشيخ خصوصا
التّهذيب قال بل الظاهر انه لا محيص ولا مناص منه اذ قل ما يوجد خبر معمول به
بجميع اجزائه وان وجد فى كتب المتاخرين المقطعين للاخبار الذاكرين فيها موضع
الحاجة كما يشهد به الرّجوع الى ماخذها وامّا على الثانى فامّا ان يكون الارتباط
بالعلية او غيرها امّا على الثّانى فاختلال بعض الاجزاء يوجب اختلال ما يرتبط به
بلا اشكال بل يمنع اختلال بعض الاجزاء مع عدم اختلال ما يرتبط به وامّا على الاوّل
فامّا ان يكون الاختلال فى المعلول كما لو قيل حرمت الخمر لاسكارها وكان الخمر
حلالا مع اسكارها
وامّا ان يكون الاختلال فى العلّة كما لو قيل حرمت الخمر لاسكارها مع عدم
اسكار الخمر او عدم اقتضاء الاسكار فيها للحرمة او وجود المانع عن اقتضاء الاسكار
فيها للحرمة وامّا ان يكون الاختلال فى العلّة والمعلول كما لو قيل حرمة الخمر
لاسكارها وكان الخمر حلالا مع عدم اسكارها او عدم اقتضاء الاسكار فيها للحرمة او
وجود المانع عن اقتضاء الاسكار فيها للحرمة وامّا ان يكون الاختلال فى التّعليل
والمقصود به ما لو كان العلّة غير مربوطة بالمعلول وان كان مضمونها فى نفسه خاليا
عن الاختلال ومنه تعليل استحباب ان ياتى الرّجل اهله فى اول ليل من شهر رمضان فى
بعض الاخبار بقوله سبحانه (أُحِلَّ لَكُمْ
لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) لعدم دلالة الآية على الاستحباب خصوصا فى خصوص الليلة
الاولى بل غاية الامر الدلالة على الجواز فى عموم الليالى امّا الصّورة الاولى وقد
اوجب عدم اعتبار المعلول فيها عدم اعتبار العلّة فى الجملة بل بالكلية لو قلنا بان
العلّة متمحّصة فى العلية للمعلول وامّا عموم العلّة فهو من باب الامر الخارج سواء
كان من باب حكم العقل او اضمار الكبرى الكلى فعدم اعتبار العلة فى مورد التعليل
يوجب عدم اعتبارها بالكليّة فالقول بان عدم اعتبار المعلول لا يوجب عدم اعتبار
العلّة عليل غاية العلة لكن يتاتى الكلام فى ان عدم اعتبار العلّة فى مورد
التّعليل يقتضى عدم العموم للعلّة ام لا وشرح الحال فيه موكول الى محلّه وامّا
الصّورة الثانيّة فيتاتى فيها الكلام تارة فى ان عدم اعتبار العلّة يوجب عدم
اعتبار المعلول ام لا والاظهر الاوّل قضيّة اختلال الفرع باختلال الاصل واحتمال
وجود علة اخرى فى الباب لا توجب الظنّ بالمعلول دلالة مطابقة للواقع واخرى يتاتى
الكلام فيها فى ان عدم عدم اعتبار العلّة يوجب عدم العموم لها ام لا وامّا الصّورة
الثالثة فقد اوجب عدم اعتبار المعلول فيها عدم اعتبار العلة فى الجملة او بالكلية
مضافا الى انّ المفروض عدم اعتبار العلّة فى مورد التّعليل فينحصر الكلام فى انّ
عدم اعتبار العلّة يوجب عدم العموم لها فشرح الحال ايضا موكول الى ما حرّرناه فى
محلّه ولا فرق فى ذلك بين ما لو كان الخمر حراما مع عدم اسكارها وما لو كان حلالا
لعدم اقتضاء الاسكار فيها للحرمة او وجود المانع فيها عن اقتضاء الاسكار للحرمة
لاطراد عدم اعتبار التّعليل فى الموارد الثّلاثة الا انّ الفرق ان عدم اعتبار
العلّة فى الاوّل بحسب الموضوع وفى الاخيرين بحسب الحكم وامّا الصّورة الاخيرة
فيتاتى فيها الكلام فى ان عدم اعتبار العلّة فى مورد التّعليل يوجب عدم اعتبار العلّة
والمعلول كليهما او احدهما أو لا بل يتاتى فيها الكلام فى ان عدم اعتبار العلّة يوجب عدم اعتبار العموم ام لا
والظّاهر انّ عدم اعتبار التّعليل يقتضى عدم اعتبار المعلول دون العلة بل عدم
اعتبار العلة فى مورد التّعليل يقتضى ايضا عدم اعتبار المعلول دون العلّة بل عدم
اعتبار العلّة فى مورد التعليل ولا يذهب عليك انه لو لم يكن مفهوم العلّة حجّة بان
ثبت اطراد الحكم المعلّل فى صورة انتفاء العلّة فليس هذا من باب عدم اعتبار العلّة
فى مورد التّعليل كما انّ المدار فى عدم اعتبار الجواب فى مورد السّؤال على عدم
اعتبار منطوق الجواب وبما مر يظهر الكلام فيما لو كان بعض اجزاء النصّ معارضا لبعض
آخر مع رجحان الآخر او تساويهما او كان بعض اجزاء النصّ معارضا ببعض اجزائه الآخر
من حيث جواز التمسّك بما عداهما ثمّ انه لو تعدّد الجزء الغير المعتبر فتعدّده
يوجب ضعف سائر الاجزاء وعلى حسب مزيد تعدّد المتعدّد الغير المعتبر يزيد ضعف سائر
الاجزاء حتّى يصل الامر الى ان يصير سائر الاجزاء مظنون الكذب ومن ذلك ما صنعه
العلامة فى المنتهى حيث قدح فى الاستناد الى رواية سليمان ابن جعفر قال سمعته يقول
اذا تمضمض الصّائم فى شهر رمضان او استنشق متعمّدا او شمّ رائحة غليظة او كنس بينا
فدخل فى انفه وخلقه غبارا فعليه صوم شهرين متتابعين فان ذلك له فطر مثل الاكل
والشّرب والنكاح على الافطار فى باب الغبار باشتماله على احكام لم يثبت لكنه استند
اليها عليه فى التّذكرة والمختلف ولعلّها مستند
__________________
فى الخلاف والمبسوط والنّهاية وغيرها وكذا المحقّق فى الشرائع والنّافع
والعلامة فى الارشاد والتّلخيص والتّحرير وغيرهم فى الحكم بذلك ومقصوده بالاحكام
الغير الثابتة هو الحكم بالافطار فى التّمضمض والاستنشاق والاقتصار فى الكفارة على
خصلة واحدة وكذا شم رائحة الغليظة على ما ذكره فى المدارك والذّخيرة وكذا مجمع
الفائدة كما يظهر مما ياتى بعيد هذا لكن الاخير عبر بالرّائحة المكروهة لكنه يضعف
بمصير المقنعة والنّهاية والوسيلة والغنيّة الى القول ببطلان الصّوم لشم الرّائحة
الغليظة بل قد ادعى فى الاخير الاجماع على ذلك ومقصوده من عدم الثبوت ثبوت العدم
اعنى مخالفة الاجماع وان كان عدم الثّبوت اعمّ من ثبوت العدم اذ مجرد عدم الثّبوت
غير قابل للقدح به مع انّه كرّر فى المدارك القدح بالاشتمال على احكام مخالفة
للاجماع وبه قدح فى الذّخيرة والمجمع فالظّاهر ان مقصوده من عدم الثبوت ثبوت العدم
وعلى خلاف ذلك اعنى تعدد الجزء الغير المعتبر اشتمال النص على طائفة من الاحكام
المعتبرة فضلا عن اعتبار اكثر احكامه فانّه يوجب اعتبار الباقى على ما يقتضيه
استناد الوالد الماجد ره فى انجبار ضعف سند ما رواه فى الخصال وهو مشتمل على
أربعمائة حكم استدلالا به على ما هو يدلّ عليه من اعتبار الاستصحاب الى اعتبار
اكثر احكامه لكنه مدخول بان اعتبار الحكم ليس مستلزما لصدق نسبته من الرّاوى الى
المعصوم ولا ظاهرا فيه فضلا عن صدق نسبة الرّاوى الى الرّاوى الرّواية او عن راو
آخر فاعتبار اكثر الاحكام لا يوجب الظنّ بصدق الرّاوى فى نسبة الاكثر الى المعصوم
فضلا عن الظنّ بصدقه فى نسبة ما عدا ذلك اليه عليهالسلام ثمّ انه يمكن ان يتوهّم الفرق بين ما لو كان الجزاء المختل
متّصلا بسائر الاجزاء كما هو الغالب فى اختلال بعض اجزاء النّص وما لو كان الجزء
المذكور منفصلا عن سائر الاجزاء كما لو روى الرّاوى كلاما من الامام عليه السّلم
فقال ثم قال وروى كلاما مختل الحال كما فى الحديث المعروف لا تعاد الصّلاة الّا من
خمسة الطّهور والوقت والقبلة والرّكوع والسّجود ثم قال والقراءة سنة والتّشهد سنة
ولا ينقض السنة الفريضة باخلال اختلال الجزء المختل باعتبار سائر الاجزاء فى القسم
الاول على القول باخلال الجزء المختل باعتبار سائر الاجزاء وعدم اختلال الذيل
باعتبار الصّدور فى القسم الثّانى ويندفع بانّ المفروض ارتباط الذّيل بالصّدر
فالمجموع من الصّدر والذّيل رواية واحدة مع انّ الظّاهر كون الامر من باب المسامحة
فى التّعبير من الرّاوى وكون الذّيل متّصلا بالصّدر فى كلام الامام الامام ع ثمّ
ان من قبيل ما لو كان بعض اجزاء النصّ غير معتبر ما لو كان بعض اجزاء الدّعاء
المخصوص ببعض الاوقات المخصوصة غير مناسب للبعض المخصوص المشار اليه من الاوقات
ومنه ما روى عن مولانا سيّد السجّاد ومولانا الباقر عليهما السّلم من دعاء ايام
شهر رمضان اذ فيه تارة ووفّقنى فيه لليلة القدر الّتى هى خير من الف شهر واخرى
أسألك بسم الله الرّحمن ان كنت قضيت فى هذه الليلة تنزّل الملائكة والرّوح فيها
وثالثة وان لم يكن قضيت تنزل الملائكة والرّوح فيها ورابعة اللهمّ انّى أسألك ان
تصلى على محمد وآل محمّد وان تجعل فيما تقضى وتقدر من الامر المحتوم فى ليلة القدر
من القضاء الّذى لا يرد ولا يبدّل حيث انه لا يناسب اليوم الآخر من شهر رمضان اعنى
اليوم التاسع والعشرين لو كان شهر رمضان ناقصا واليوم الثلثين لو كان شهر رمضان
كاملا او على القول بعدم انتقاص شهر رمضان كما جرى عليه الصّدوق فى الخصال ونقل
انّه مذهب خواص الشّيعة واهل الاستبصار منهم وان القول بانّ شهر رمضان يصليه النقصان
والتمام مذهب ضعفة الشّيعة وايضا لا يناسب ذلك مع الايام المتاخّرة من الليالى
الافراد على القول باستتار ليلة القدر فيها وكذا على كثير من اقوال العامة نعم
يناسب ذلك مع القول باستتار ليلة القدر فى تمام السنة وكذا مع القول يكون ليلة
القدر هى اللّيلة الاخيرة من شهر رمضان كما هو مقالة بعض العامّة لو دعى بالدّعاء
المذكور قبل اليوم الثلثين على تقدير كمال شهر رمضان او على القول بعدم نقصان شهر
رمضان او قبل اليوم التّاسع والعشرين على تقدير نقصان شهر رمضان لكن على القول
الاخير لا تخلوا
__________________
الدّعاء المذكور عن الاختلال بالكلّية وقد ذكر بعض الاعلام انّه ذاكر
الاشكال المذكور مع السيّد السّند المحسن الكاظمى وذكر انه كان يترك الدعاء
المذكور منذ دهر طويل فى اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان الى آخر الشّهر وامّا
الحمل على التقيّة فهو بعيد لبعد التقية فى الدّعاء ولا سيّما فى طول الزّمان حيث
انّ الظّاهر مداومة الامامين الهمامين عليهما السّلم على الدّعاء المذكور ولا
سيّما مع تعدد الامام الهمام عليه السّلم ولا سيّما فى الخلوة ولا سيّما مع ندرة
القائل بالقول المذكور ونظير ذلك ما روى فى دعاء اليوم السّابع والعشرين من شهر
رمضان وهو اللهمّ ارزقنى فيه فضيلة ليلة القدر وصير فيه اموري من العسر الى اليسر
واقبل معاذيرى وحط عنى الوزر يا رءوفا بعباده الصّالحين ونقل العلامة المجلسىّ ان
الكفعمى ذكره فى اليوم السّابع والعشرين وذكر انّه لا يبعد كون الدّعاء المذكور فى
اليوم الثّالث والعشرين انسب وربما يتوهّم انه نظير ذلك ما روى عن الصّادق ع فى
وداع شهر رمضان فى اللّيلة الاخيرة من قوله ع ولا تجعل وداعى شهر رمضان وداع خروجى
من الدّنيا ولا آخر عبادتك فيه ولا آخر صومى لك وارزقنى العود فيه ثمّ العود فيه
برحمتك يا ولىّ المؤمنين ووفقنى فيه لليلة القدر واجعلها لى خيرا من الف شهر
ويندفع بان الضّمير المجرور فى قوله عليه السّلم ووفقنى فيه عائد الى شهر رمضان العائد
لا الى شهر رمضان الحاضر كما هو مبنى التوهّم المذكور حادى وعشرونها انّه ربما
يتوهم ابتناء تعارض الخبرين على اعتبار الظنّ النّوعى لعدم اعتبار شيء من الخبرين
بناء على اعتبار الظنّ الشّخصى لفرض عدم حصول شرط اعتبار شيء من الخبرين قضيّة انّ
المفروض عدم افادة شيء من الخبرين للظن الشّخصى ويندفع بانّ المدار فى اعتبار
الظنّ النّوعى لو كان الشكّ مستندا الى وجود الامر المعتبر على الشكّ فى المراد
باللّفظ حقيقة ومجازا مع كون المراد بالمعتبر الموجود حقيقة سواء كان المراد
باللّفظ المذكور حقيقة او مجازا او كون المعتبر الموجود مشكوكا فيه بحسب الموضوع
له كما تقدم مع ثبوت صدور كلّ من اللّفظ المذكور والمعتبر المذكور كما هو المفروض
وعدم ابتناء شيء منهما على التقيّة فالمدار فى اعتبار الظنّ النّوعى فيما لو كان
الشك بواسطة وجود الامر المعتبر على اصلاح الحال بالقول باعتبار الظنّ النّوعى فى
مقام الاجتهاد بخلاف اعتبار الظنّ الشّخصى فانّه لا يصلح الحال فى مقام الاجتهاد
بل لا بد من التوقف فى مقام الاجتهاد والعمل بالاصل فى مقام العمل وفى تعارض
الخبرين لا مجال لاصلاح الحال بالعمل بالظنّ النّوعى لتعارض الظنّ النّوعى فى
الطّرفين لو اريد اصلاح الحال بالتصرّف فى اللّفظ من باب الجمع واحتمال التقيّة فى
كل من الخبرين وكذا احتمال عدم الصّدور فى كلّ منهما وبوجه آخر لا بدّ على القول
باعتبار الظنّ النّوعى من القول باعتبار الظّنون الخاصّة بناء على كون المدار فى
القول باعتبار مطلق الظنّ على عدم جعل الطّريق كما هو الغالب في هذا القول ويظهر
الحال بما تقدم فلا مجال لاعتبار احد من الخبرين المتعارضين فعلا بناء على اعتبار
الظنّ النّوعى لعدم شمول شيء من العمومات للفردين من المتعارضين متعارضين كما انّه
لا مجال لاعتبار احد من الخبرين المتعارضين بناء على اعتبار الظنّ الشّخصى غاية
الامر انّه بناء على اعتبار الظنّ الشّخصى يكون لعدم اعتبار شيء من المتعارضين وجه
آخر غير عدم شمول العام لشيء من الفردين المتعارضين اعنى عدم حصول الظنّ الشّخصى
من شيء من المتعارضين فلعدم اعتبار شيء من المتعارضين بناء على اعتبار الظنّ النّوعى
وجه واحد وامّا بناء على اعتبار الظنّ الشّخصى فله وجهان وبوجه ثالث المدار فى
النّزاع المبحوث عنه على ابتلاء القائل باعتبار الظنّ الشّخصى فى مقام الاجتهاد
لتوقّفه فيه واستراحة القائل باعتبار الظنّ النّوعى فى مقام الاجتهاد وقضية عمله
بظاهر الحقيقة وفى تعارض الخبرين لا بدّ من التوقّف لكلّ من القائل باعتبار الظنّ
الشّخصى والقائل باعتبار الظنّ النّوعى ولكل منهما الدّاء والابتلاء فلا مجال
لتطرق النّزاع فى اعتبار الظنّ الشّخصى والظنّ النوعى فى تعارض الخبرين ولا مجال
للقول باعتبار الظنّ النّوعى فيه ومع ذلك لو كان احد الخبرين المتعارضين بنفسه
راجح الدّلالة بالنسبة
الى الآخر فلا مجال للعمل بمرجوح الدّلالة لاعتبار الظنّ فى راجح الدّلالة
اذ لو قام الظنّ المعتبر خلاف ظاهر المعنى الحقيقى يبنى على المعنى المجازى ولو
على القول باعتبار الظنّ النّوعى فانّ هذه الصّورة خارجة عن محلّ النّزاع كما مر
ومع هذا لو كان احد الخبرين راجح الدّلالة على الآخر بواسطة الاعتضاد بالشّهرة فلا
يقول احد بلزوم العمل بمرجوح الدّلالة وغاية الامر انّما هى القول بالتخيير
والقائل باعتبار الظنّ النّوعى يعمل بظاهر الحقيقة مع قيام الظنّ المستند الى الشّهرة
على ارادة المعنى المجازى على وجه التعيّن وهذا الوجه يطرد فى الصّورتين اللاحقتين
ومع هذا قد يكون احد الخبرين المتعارضين راجح السّند بواسطة الاعتضاد بالشهرة ولا
مجال لاعتبار الظنّ النّوعى المعنون فيه لاختصاص النّزاع فيه بظاهر الدّلالة على
المعنى الحقيقى وعدم اطراده فى السّند وان تاتى فى السّند فى صورة صحّته نزاع آخر
غير معروف كما مرّ ومع هذا قد يكون احد الخبرين المتعارضين راجح المضمون بواسطة
الاعتضاد بالشّهرة ولا مجال لاعتبار الظنّ النّوعى المعنون فيه لاختصاصه بالدّلالة
على المعنى الحقيقى كما سمعت وكون الرّجحان والمرجوحيّة فى ذلك بالنّسبة الى
المطابقة مع الواقع وقد تقدّم الكلام فى باب الظن بالمطابقة مع الواقع وقد تقدّم
الكلام فى باب الظنّ بالمطابقة مع الواقع لكن الكلام المتقدّم انّما هو فى صورة التّعارض فلم يبق مورد من موارد تعارض الخبرين مرتبطا
بالنّزاع المعنون المعروف بل عدم ارتباط مورد واحد من تعارض الخبرين بذلك النّزاع
يكفى فى عدم ارتباط تعارض الخبرين بذلك النّزاع اذ لا يقول احد بارتباط بعض موارد
تعارض الخبرين بذلك النّزاع دون بعض ومع هذا تعارض الخبرين ان يرجع الامر فيه الى
الجمع فلا مجال فيه لاعتبار الظنّ النّوعى لرجوع الامر الى الظنّ الشّخصى فى كلّ
من المتعارضين ولو كان الجمع بالتصرّف في كلّ من المتعارضين وان كان احدهما راجحا
والآخر مرجوحا فالرّجحان امّا فى دلالة احد الخبرين بنفسه او بواسطة الشّهرة مثلا
او فى سند احد الخبرين او فى مضمونه ولا يجرى القول باعتبار الظنّ النّوعى فى شيء
منهما كما يظهر ممّا سمعت آنفا وان كان الخبر ان متعادلين فيبنى على التخيير ولم
يقل احد ممن قال باعتبار الظنّ النّوعى فى موارد اعتباره بالتخيير بل امّا ان بعمل بظاهر الحقيقة فى بعض الموارد ويعمل بالاصل فى بعض
آخر كما لو كان الشكّ فى ارادة المعنى الحقيقى بواسطة الشكّ فى ممانعة الامر
الموجود المعتبر كما هو مقتضى التوقّف من بعض الفحول كما يظهر ممّا مرّ ثانى
وعشرونها ان القول باعتبار الظنّ النّوعى يختص باشتباه المراد والمقصود وبعبارة اخرى يختصّ بالشّبهة الحكميّة كما هو مورد
البحث فى اصل العنوان او يطرد فى اشتباه الموضوع مثلا لو قيل اكرم العلماء الّا
الفسّاق وتردّد امر شخص بين الفسق والعدالة يعمل بالعموم بناء على القول باعتبار
الظن النّوعى ويعمل بالاصل بناء على القول باعتبار الظنّ الشّخصى او يعمل بالاصل
على القولين ومورد العنوان ما لو خصص العام او قيد المطلق وشك فى فرد من باب
الشّبهة الموضوعيّة بين كونه من الخارج وغيره اشتباها بالذات كما لو قيل اكرم
العلماء الازيد او شك فى شخص عالم بين كونه زيدا وغيره او اشتباها فى الوصف كما لو
قيل اكرم العلماء الّا الفسّاق وشك فى شخص عالم بين عدالته وفسقه وامّا لو شكّ فى
دخول فرد فى العام مع عدم ثبوت التّخصيص كما لو قيل اكرم العلماء وشك فى كون زيد
عالما فالظّاهر انّه لا يقول احد بالعمل بالعموم فيه فالنّزاع فى المقام اخصّ من
النّزاع فى اصل العنوان لكون النّزاع فى المقام فى بعض اقسام الشّبهة الموضوعيّة
وعموم النّزاع فى اصل العنوان الشّبهة الحكميّة والشّبهة الموضوعيّة والمقصود
بالشّبهة الحكمية ما اشتبه الحكم فيه من دون اشتباه فى الموضوع فى قبال الشّبهة
الموضوعيّة من باب القصر الاضافى والا فالاشتباه فى الحكم فى الشبهة الحكميّة
انّما يكون ناشيا من اشتباه المراد او الموضوع له وبالجملة ربما حكى دعوى الشهرة
على الاختصاص وربما استظهر من طريقة الاخبار بين القول والاطراد حيث انّهم ينكرون
حجّية الاستصحاب فى الشّبهات الموضوعيّة ويوافقون المجتهدين
__________________
فى العمل تمسّكا بعموم العام لكنّك خبير بان العموم الافرادي انّما يتاتّى
فى جانب العرض اى يجرى فى الافراد ولا يتاتى فى جانب الطّول اعنى ما لو كان الشكّ
فى اطراد الحكم بواسطة عروض بعض العوارض فالتمسّك انما هو باطلاق العام فى جانب
العرض بالنّسبة الى عروض العوارض لكنه لا يخرج عن التمسّك بالاطلاق من باب العمل
بالظنّ النّوعى وهو مقتضى ما جرى عليه جماعة كالمقدس وصاحب الذّخيرة
والمحقّق القمّى فى بعض الجواب عن السؤال من الاستدلال على جواز الصّلاة فيما شك
فى كونه من اجزاء ما لا يؤكل لحمه بالاطلاق وكذا ما عن العلامة من الحكم بالضّمان
بالنّسبة الى اليد المشكوك كونها عدوانا او وديعة تمسّكا بعموم النصّ المعروف على
اليد ما اخذت حتّى تؤدى وكذا ما عن بعض فقهاء الاواخر من التمسّك بعموم اوفوا
بالعقود على اثبات الصّحة فى بعض العقود المشكوك صحّته كما لو شك فى انّه من بيع
ما يملك او ما لا يملك وكذا ما عن بعض المحققين فى الماء المشكوك كريته وعدمها من
غير سبق علم باحدهما من الحكم بالانفعال عند ملاقاته للنّجاسة وربما استظهر من
الشهيد فى الرّوضة القول بذلك حيث انه احتمل فى كتاب المواريث جواز قتل الخنثى
كالرّجل بالارتداد نظرا الى عموم قوله صلىاللهعليهوآله من بدّل دينه فاقتلوه بناء على عدم خروج الخنثى من
الطّبيعتين وهو كما ترى لظهور منافاة نسبة الظّهور مع الاحتمال نعم مقتضى الاحتمال
المذكور من الشّهيد القول منه باحتمال القول باعتبار الظنّ النّوعى وفى الشبهة
الموضوعيّة وربما يتراءى القول بذلك ممّا صنعه بعض الفحول حيث انّه بنى فيما لو
شكّ فى صدق المستثنى على شيء على دخوله فى العموم كما لو قيل يحرم اكل الطّين الّا
طين قبر الحسين عليه السّلم وشكّ فى صدق طين القبر على الطّين الموضوع على القبر
لكنّك خبير بان الامر فيه من باب الاشتباه فى المراد والمقصود لا تطرق الاشتباه فى
الخارج كما هو المدار فى اشتباه الموضوع فلا مجال لكون الامر من باب الاشتباه فى
الموضوع بل الاشتباه فى المقام من باب الاشتباه فى المفهوم العرفى وعدم احرازه
بخلاف ما لو قامت الشهرة على ترك العمل بالعام فى بعض افراده لكون المفهوم من
اللفظ محرزا فيه فالامر فى المثال المذكور يندرج فى الكلام فى اصل العنوان كما
يظهر ممّا مرّ وبوجه آخر يتردّد المستثنى بين الاعمّ والاخصّ فيتطرّق الاجمال فى
المراد بالمستثنى منه بناء على كونه من باب المجاز فالمراد بكلّ من المستثنى
والمستثنى منه مشتبه الحال فمقتضى اعتبار الظنّ النّوعى البناء فى الخارج عن
المستثنى منه على القدر المتيقّن وهو الاخصّ والعمل بالعموم فيما عدا ذلك وامّا لو
قيل اكرم العلماء الّا الحجازى وكان العلماء بين الحجازي والتميمى فيثبت كون
المراد بالعلماء بناء على كونه مجازا بواسطة الاستثناء هو التّميمى فالمراد
بالمستثنى منه ظاهر فلو تردّد فرد بين كونه حجازيّا وتميميّا فالاشتباه فى الموضوع
فقط وربما يفصل نقلا بين المخصّص والمقيّد اللّفظى وغيره كالاجماع بجواز التمسّك
بالعموم والاطلاق فى الاوّل وعدمه فى الثّانى وقد يفصل بين ما لو ثبت كون خروج
الخارج من باب وجود المانع فى الخارج او من باب انتفاء الشّرط او شكّ فى البين
بعدم جواز التمسّك بالعموم والاطلاق فى الاخير من دون الاوّل استنادا فى جواز
التمسّك فى الاول بانّ بناء اهل العرف كافة على العمل بالخطابات بعد احراز المقتضى
والشك فى وجود المانع او مانعية الموجود وبان بناء العقلاء على تربيت المقتضى على
المقتضى مع الشكّ فى وجود المانع بمجرّد احراز المقتضى ووجوده وبانّ الظاهر قيام
الاجماع على التمسّك بالعمومات والاطلاقات مع الشكّ فى مانعية الموجود كما يحكمون
باستحقاق الفقير المشكوك كونه هاشميّا للزّكاة بعد ثبوت اقتضاء الفقر وممانعية
الهاشميّة وليس هذا الّا من باب التمسّك بالعمومات اذ لا يمكن احراز عدم المانع
بالاصل ويحكمون بعدم حجب الخنثى لو كان مثنى للام تمسّكا بالعمومات الدّالة على
انّ للام مع عدم الوالد الثلث مع انّ الشّبهة مصداقية حيث انّه ان ثبت كونهما
اخوين ثبت الحجب وان ثبت كونهما اختين او اخا واختا لم يثبت الحجب ولا يمكن احراز
احدهما بالاصل وعلى عدم جواز التمسّك فى الاخيرين بان التمسّك بالعام امّا استناد
الى الظّهور اللفظى
__________________
المتبع فى جميع الالفاظ الحقيقيّة والمجازيّة او الى اصالة عدم التّخصيص
وشيء من الامرين لا يصلح للتمسّك فى المقام امّا الاوّل فلان الظّهور انما يتبع
ويتمسّك به اذا شكّ فى مراد المتكلّم من اللّفظ وانّه هل اراد المعنى الحقيقى او
المجازى مثلا لا فى صدقه على المصاديق الخارجيّة فلو شكّ فى المراد من الأسد امكن
التمسّك بالظّهور فى معناه الحقيقى عند عدم الاقتران بالقرينة وبالظّهور فى الرّجل
الشّجاع عند الاقتران وامّا اذا ثبت المراد بالعلم او الظنّ المعتبر المستند الى
الظّهور اللّفظى وشك فى صدقه على مصداق كالشكّ فى انّ هذا الحيوان اسد ام لا فلا
مجال للتمسّك بالظهور فانّ الالفاظ غير موضوعة لمعرفة حال الموضوعات الخارجيّة بل
لاستكشاف المعانى ويتميّز بعضها عن بعض وامّا الثّانى فاولا لانّ اصالة عدم
التّخصيص من الاصول اللّفظية التى تعمل لاستكشاف المرادات لا لتحقيق المصاديق
الخارجيّة وثانيا لانّ التّخصيص متيقّن فيما نحن فيه ولا يلزم من اجزاء حكم الخاص
فى المشكوك فيه مجاز او خلاف الظاهر زائدا على ما تحقق فلو قيل اكرم العلماء الّا
الفاسقين وشك فى زيد العالم انه فاسق ام لا فليس البناء على فسقه تخصيصا زائدا على
القدر الثابت حتّى يدفع باصالة عدمه وثالثا لان مرجع اصالة عدم التّخصيص الى اصالة
عدم القرنية على الخروج ومن البين انّ خروج المشكوك فيه لا يحتاج الى اقامة قرينة
اخرى غير ما اقامه اوّلا ورابعا لانّ الدليل الدّال على ذلك الاصل قبح ارادة
الحكيم خلاف الظّاهر من غير قيام قرنية وظاهر انّه لا يتمشى فيما لا يكون من شان
المتكلّم بيانه ومن الواضح ان تحقق الموضوعات ليس من شان المتكلّم بل له السّكوت
عن حالها بل اظهار الجهل بها فلو قال اقتلوا المشركين الّا اليهودى مثلا فشكّ فى
انسان انّه يهودى ام لا وسئل المتكلّم عن حاله فله اظهار الجهل بذلك فكيف يمكن
التمسّك بالاصل المستند الى ما ذكر على دخول المشكوك فيه اقول انّ الظاهر ان من
بنى على التمسّك بالعموم والإطلاق انّما بنى فيما ثبت تخصيص العموم وتقييد الاطلاق
بالمتّصل او المنفصل وتردّد بين فرد دخوله فى الخاص والمقيّد ودخوله فى العام والمطلق
كما لو قيل اكرم العلماء الّا الفساق وتردّد امر زيد بين الفسق والعدالة كما مرّ
او ثبت خروج الفسّاق فى المثال المذكور عن حكم العموم بالاجماع وامّا لو لم يثبت
التّخصيص والتّقييد كما لو قيل اكرم العلماء وشكّ فى كون زيد عالما فالظّاهر انّ
احد الا يقول بالتمسّك بالعموم فيه كما تقدّم فالكلام فيما ثبت كونه من افراد
العام لو المطلق وتردّد بين كونه من افراد الدّاخل او افراد الخارج ولا اشكال فى
عدم جواز التمسّك بالعموم والاطلاق فى المقام بناء على اعتبار الظنّ الشّخصى وامّا
بناء على اعتبار الظنّ النّوعى فالمدرك فيه الاجماع كما تقدّم الاستناد اليه ولو
ادعى القائل باعتبار الظنّ النّوعى الاجماع فيصحّ له استناده اليه فى التمسّك
بالعموم والاطلاق فى المقام والوجوه المذكورة فى باب عدم جواز التمسّك بالعموم
والاطلاق فيما لم يكن المخصّص من باب المانع مدفوعة بانّ مدار الظنّ النّوعى كما
تقدّم على التعبّد لا العمل بالظنّ واستكشاف المراد بالظن كيف لا ولا ظن مع الشكّ
فضلا عن الظنّ بالخلاف من الظّنون الّتى لم يثبت اعتباره ولا باس بالتعبّد فى
العمل بمدلول اللفظ فى باب الشّبهة الموضوعيّة ومع ذلك الوجوه المذكورة مبنيّة على
التمسّك بالعموم وامّا التمسّك بالاطلاق فلم يذكر حاله وليس التمسّك به من قبيل
التمسّك بالعموم وليس من قبيل الظنّ اللّفظى بناء على كون المدار فيه على عدم ذكر
القيد اذا المرجع ح الى العقل نعم بناء على كون الاستناد اليه من باب اصالة
الحقيقة فحال التمسّك به حال التمسّك بالعموم والظّاهر ان ما ذكر فى التمسّك انّما
هو فى صورة الشكّ فى التخصيص لا الشكّ فى زيادة الشكّ فى التّخصيص لا الشكّ فى
زيادة التّخصيص وهو مورد الحاجة فى الموارد الفقهيّة لثبوت التّخصيص فى العمومات
الشّرعية لعدم تعاهد مدرك للتمسّك بالعموم بعد ثبوت التّخصيص بل لم اظفر بذكر مدرك
له وانّما حرّرناه فى محلّه وهو حديث تعين اقرب المجازات عند تعذر الحقيقة نعم
فيما ذكر ثانيا فى تزييف
الاستدلال باصالة عدم التّخصيص تصريح بانّ التّخصيص متيقّن فى المقام إلّا
انّه يتاتّى عدم التفطّن للتمسّك بالعموم فى صورة تيقّن التّخصيص وامّا الاستدلال
على جواز التمسّك بالعموم والاطلاق فى صورة كون المخصّص من باب المانع ببناء اهل
العرف فهو محلّ المنع ولا تبيح المحذورات المذكورة فى التمسّك بالعموم والاطلاق فى
غير تلك الصّورة وبما سمعت يظهر حال الاستدلال ببناء العقلاء مع ان المذكور فى
الاستدلال ببناء العقلاء انّما هو البناء فى صورة الشكّ فى وجود المانع والكلام
يعمّ صورة الشكّ فى مانعية الموجود على انا نقول انّ بناء العقلاء انّما هو من باب
الاحتياط فى موارد يحتاطون فيها من باب الاهتمام فى جلب النّفع ودفع الضّرر دون
غير تلك الموارد وليس البناء من باب الاستناد الى المقتضى كيف لا والمفروض الشكّ
فى الاقتضاء ولا مجال للعمل بالمقتضى فى صورة الشك تعبّدا كيف لا ولا مجال للتعبّد
فى الامور العادية ولا سبيل غير الظنّ والتعبّد بالعمل بالمقتضى وقد ظهر عدم شيء
منهما والاحتياط خارج عن العمل بالمقتضى وامّا التمسّك بظهور الاجماع فبعد عدم
الوثوق بنقل الاجماع عندي غالبا فضلا عن نقل ظهور الاجماع يندفع بانّ الحكم
باستحقاق الفقير المشكوك كونه هاشميّا للزّكاة يمكن ان يكون من باب التمسّك بالاصل
بناء على عدم اعتبار الاصل المثبت للحكم بتوسّط الواسطة حيث ان اصالة عدم كونه
هاشميّا تثبت جواز اعطاء الزّكاة اليه بلا واسطة وامّا اصالة كونه غير هاشمى لا
يثبت جواز اعطاء الزّكاة اليه الّا بتوسّط الواسطة بين الهاشمىّ وغير الهاشمىّ فلا
يتاتى التّعارض بين اصالة عدم كونه هاشميّا واصالة عدم كونه غير هاشمىّ ويمكن
احراز عدم المانع بالاصل وبما سمعت يظهر الكلام فى باب حجب الخنثيين وربما استدل
من جانب القائل بجواز التمسّك بالعموم والاطلاق بوجوه احدها انّ الظّاهر من اهل
العرف الحاق الفرد المشكوك فيه بالعام والمطلق اذ لو قال قائل كل كل زمانة الّا ما
هو من البستان الفلانى فاذا وجد زمانة وشك فى انّها من ذلك البستان او من غيره
يأكل ولا يفهمون من هذا الخطاب فى هذا المقام الّا كونه مقيّدا بالعلم وانّ الخارج
ما علم كونه من ذلك البستان لا ما هو كذلك واقعا اقول ان انصراف المستثنى الى
المعلوم ممنوع بل انصرافه الى حال العلم ليس محلّ الاتفاق حتى يتجه التمسّك بل
لعلّ المشهور القول بشمول اطلاق التكاليف لحال الجهل نعم الاظهر القول بالانصراف
الى حال العلم لكن يتطرق ح الكلام بكون الدّليل اخصّ من المدّعى لعدم اطراده فيما
لو قيل مثلا يجوز اكل كل زمانة الّا ما هو من البستان الفلانى بناء على عدم انصراف
الاطلاق فى الجمل الجزية الى حال العلم كما هو الاظهر وربما يورد عليه بانه خارج
عن محلّ الكلام اذ الشّبهة حكمية على هذا التّقدير وحجيّة العام فيه ممّا لا كلام
فيه اذ يرجع هذا الكلام الى انّ المتيقّن خروجه هو الفرد المعلوم وامّا المشكوك
فيه فحكم المتكلم فيه غير معلوم فيتاتى التمسّك بالعموم وهو مردود بانه بناء على
انصراف المستثنى الى المعلوم يكون المشكوك كونه من البستان الفلانى داخلا فى
العموم فيتاتى التمسّك بالعموم ولو بناء على اعتبار الظنّ الشّخصى فلا يتاتى شبهة
حكمية كما هو مقتضى صريح الجواب المذكور مع انّه بناء على كون الامر من باب
الشّبهة الحكمية يكون التمسّك مبنيّا على اعتبار الظنّ النّوعى ولا يكون متّفقا
عليه كما هو ظاهر الجواب المزبور وثانيها ان اخراج نوع خاص او ضعف خاص من ذلك
العام يدلّ على كون الوصف الماخوذ فى المخصّص من الموانع فيرجع الامر الى الشكّ فى
وجود المانع مع العلم بوجود المقتضى فيبتنى على اقتضاء المقتضى مثلا فى المثال
المتقدّم يكون كون الزّمانة من غير البستان الفلانى مقتضيا للاكل وكونها من ذلك
البستان مانعا فالشك فى وجود المانع مع احراز المقتضى فيبنى على الاقتضاء اقول انّ
ما ذكر لو تم انّما يتم فى المثال المتقدم اعنى ما لو كان العموم فى جانب الامر
والتّخصيص فى جانب النّهى دون العكس كما لو قيل لا تاكل زمانة البستان وكلّ من
زمانة البستان الفلانى لكن يمكن ان يقال بانّ المقتضى اعم ممّا يقتضى الحرمة
والمانع اعم ممّا يمانع
عن الحرمة فلو قيل لا تاكل رمانة البستان وكل رمانة البستان الفلانى يبنى
المستدل على كون الرمانة من غير البستان الفلانى مقتضيا لحرمة الاكل وكونها من
البستان الفلانى مانعا عن الحرمة ولا تثريب وبعد هذا اقول انّ تعليق الحكم على
الوصف فى مثل ما لو قيل اكرم النّاس العلماء ولا تكرم الفسّاق عن النّاس وان يشعر
بالعلية ومقتضاه علية الفسق لحرمة الاكرام بل لو قيل اكرم النّاس ثمّ قيل لا تكرم
الفسّاق من النّاس المحكوم اكرامهم باللّزوم يتاتى فيه الدّلالة على ممانعة الفسق
بناء على دلالة النّهى عن الشيء مقيّدا بعبادة على ممانعة الشّيء عن صحة العبادة
لكن بناء على كون الامر بالشيء عين النّهى عن الضدّ العام فالامر بمنزلة ان يقال
اكرم عدول النّاس فلا يثبت كون حرمة الاكرام من جهة وجود المانع او عدم تماميّة
المقتضى غاية الامر الدّلالة على تطرق الفساد فى الجملة وان امكن القول بانّ
الظّاهر من التعمد الى جانب الفسق بالنّهى هو ممانعة الفسق بل لو قيل اكرم العلماء
وان لم يكونوا فسّاقا فالظّاهر هو ممانعة الفسق كما لو قيل صل بدون التكتف على انّ
اصالة عدم المانع لا عبرة بها مع قطع النظر عن الاستصحاب كما حرّرناه فى الاصول
وامّا لو كان الشكّ فى مانعية الموجود فالامر اظهر اذ لا مجرى للاستصحاب فيه
والتمسّك بالاصل فيه من باب تعيين الحادث بالاصل ولا يتم اعتبار اصالة العدم فيه
لفحوى عدم تمامية اعتبارها فى باب الشكّ فى وجود المانع ويمكن ان يقال انّ ما ذكر
انّما يتم لو كان مدار الاستدلال على البناء على اقتضاء المقتضى مع الشكّ فى وجود
المانع او ممانعة الموجود بتوسّط دفع المانع بالاصل لكن المدار فى الاستدلال على
الظنّ باقتضاء المقتضى فالمدار على البناء على اقتضاء المقتضى بلا واسطة وبعد هذا
اقول دعوى كون المدار فى التّخصيص على وجود المانع فى الخاص على الاطلاق محلّ
المنع بل قد يكون الامر من باب انتفاء الشّرط وقد يتردد الامر بين ممانعة
الخصوصيّة وانتفاء الشّرط فى الخاص فالدّليل اخصّ من المدّعى اللهمّ ان يدعى ظهور
التّخصيص فى ممانعة الخصوصيّة وبعد هذا اقول انّ مرجع القول باعتبار الظنّ النّوعى
الى التعبّد كما هو المصرح به فى الاستدلال المتقدم عليه ولا مسرح للتعبّد فى
العرفيّات فمرجع البناء على اقتضاء المقتضى فى صورة الشكّ فى وجود المانع الى
الظنّ الشّخصى باقتضاء المقتضى ومن هذا انّ الوالد الماجد ره جرى فى باب الاستثناء
الوارد عقيب الجمل المتعاطفة على القول بالاشتراك والتوقف على الظنّ الشّخصى بالعموم
فيما عد الاخيرة فلا يرتبط الاستدلال بالمدّعى بوجه ثالثها ان العام اكثر افرادا
من المخصّص بمعنى انّ الخارج غالبا بل مطلقا اقلّ من الدّاخل فاذا شكّ فى بعض
الافراد دخولا وخروجا فالظنّ بحكم بالدّخول حملا للمشكوك فيه على الاعم الاغلب
ونظيره ما استدلّ به الفاضل التونى على عدم لزوم الفحص عن المخصّص وجواز العمل
بالعام فى الافراد المشكوك فيها من انّ الخارج من الافراد لما كان اقل من الباقى
غالبا كما هو الشّائع فى التّخصيصات واغلب الافراد متّصف بحكم العام ولكن يلحق
المشكوك فيه بالاعم الاغلب فيحصل الظنّ بثبوت حكم العام لكلّ فرد ممّا ابتلى به
المكلف وهو كاف وانت خبير مضافا الى ما يظهر ممّا مرّ بابتناء حجيّة الظنّ المستند
الى الغلبة فى المقام على اعتبار مطلق الظنّ اللهمّ إلّا ان يقال باعتبار الظنّ
المتعقب للّفظ ولو بناء على حجيّة الظّنون الخاصة لكن يتطرق عليه الاشكال بلزوم
حجيّة القياس لكون الظنّ باطراد حكم الاصل فى الفرع عقيب الظنّ المستفاد من اللّفظ
فى باب الاصل لو كان دليل حكم الاصل لفظيّا بل قد يقال انه من باب الظن فى الموضوع
من حيث التحصّل لكنه من عجيب المقال ويمكن ان يقال انّ الامر ينجر الى الظنّ
اللّفظى فيكون حجة نظير انصراف المطلق الى الفرد الغالب بواسطة الغلبة رابعها انّ
الفرد المشتبه وان كان يحتمل كونه فردا من افراد العام لكن بعد طريان الاحتمال
والاجمال فى دخوله تحت احدهما فى الواقع يصير حكمه الواقعى مجهولا فيرجع الى
الظّاهر ولا ريب انّه فى الظّاهر بكون دخوله تحت العام متيقّنا لصدق لفظه عليه
قطعا وصدق المخصّص عليه مشكوك فيه ولا يترك اليقين بالشك فيحكم فيه بحكم العام
عملا بالظّاهر مع اشتباه الواقع
وهو المدّعى اقول انّ قوله ولا ريب انّه فى الظاهر يكون دخوله تحت العام ان
كان المقصود بالظاهر فيه ما يقابل الواقع فصدق العام على فرد المشكوك فيه لا يختص
بالظاهر لوضوح الصّدق متيقنا بحسب الواقع ايضا بل لا معنى لدعوى الصّدق فى الظّاهر
بمعنى ما يقابل الواقع وان كان المقصود بالظّاهر ما يقابل المعلوم فدعوى ظهور
الصّدق يقينا من باب الجمع بين المتناقضين ومع ذلك صدق العام على الفرد المشكوك
فيه وان كان يقينيّا ولا يمانع عنه الشكّ فى الدّخول فى المخصّص اذ المدار فى
التّخصيص على الاخراج عن الحكم مع ثبوت الدّخول فى الموضوع والشك فى فى الخروج عن
الحكم امّا ان يكون من جهة الشك فى مدلول أداة الاخراج كما فى الاستثناء الوارد
عقيب الجمل المتعاطفة بناء على القول بالاشتراك والتوقف او من جهة الشك فى مدلول
الخارج كما فى طين القبر او من جهة الشكّ فى الموضوع كما فى المقام لكن دعوى ظهور
عموم الحكم لا تتم الّا باعتبار عدم انقلاب اليقين الى الشكّ نظير ما جرى عليه
الشّهيد فى الذكرى فى كلامه المعروف فى تصحيح ما يقال اليقين لا يرفعه الشك او
باعتبار اعتبار الظنّ النّوعى لكن اعتبار الظنّ النّوعى غير ثابت ولا سيّما فى
المقام او من باب الاستصحاب باستصحاب العموم كما عد استصحاب العموم عن اقسام
الاستصحاب إلّا انّه لا مجال له ولو تم استصحاب العموم فى باب الشك فى الدّلالة من
جهة الشكّ فى التّخصيص ومع ذلك دعوى صدق العام على الفرد المشكوك فيه انّما يتمّ
فى بعض الموارد كالمثال المذكور فى الوجه الاوّل من الوجوه المذكورة اعنى ما لو
قيل كل كل رمانة فى البستان إلا رمانة البستان الفلانى وشكّ فى رمانة فى كونه من
البستان الفلانى لكن كثيرا ما يكون صدق العام مشكوكا فيه كما لو قيل اكرم العلماء
وشكّ فى شخص بين كونه من العلماء او الجهال من هذا الباب الشكّ فى عموم حكم
الرّجال والنّسوان للخنثى ومع ذلك صدق العام لا نفع فيه وانّما النّفع فى عموم حكم
العام والشكّ فى صدق الخاص يستلزم الشكّ فى عموم حكم العام فليس التمسّك بحكم
العام من باب التمسّك بالمتيقن خامسها الاستصحاب بتقريب فرض سبق العمل بالعام فى
جميع افراده بزعم عدم وجود شيء من افراد المخصّص فى الخارج ثمّ فرض الشكّ فى خصوص
بعض افراد العام كزيد باعتقاد عدم اندراجه تحت عنوان المخصّص ثمّ عروض الشكّ
المذكور فان استصحاب الحكم السّابق على الشكّ يقتضى البناء على بقاء الحكم فى حقّه
وانت خبير بان الاستصحاب المذكور من باب الاستصحاب فى الشكّ السّارى والحق عدم
حجيّة الاستصحاب فى الشكّ السّارى كما حرّرناه فى محله مع انه على تقدير حجيّة
الاستصحاب فى الباب يكون التمسّك بالاستصحاب لا العموم والكلام فى التمسّك به
ويكون الحكم عمليا ولا يكون الكلام فى الحكم الاجتهادى والتمسّك بالعموم إلّا ان
يقال انّ الكلام فى التمسّك بالعموم فى الجملة ولا سيّما مع صدق الدّليل على الفرد
باصطلاح ارباب الاصول ولا خفاء فى مداخلة العموم فى حكم الفرد المشكوك فيه بناء
على التمسّك بالاستصحاب الثامن والعشرون انّ من باب الظنون اللفظيّة المعروفة
الكناية نحو فلان طويل النّجاد ومهزول الفصيل وجبان الكلب وينبغى قبل الخوض فى
المقصود رسم مقدّمة هى انه تطرق الكلام فى انّ الاستعمال الماخوذ فى تعريف الحقيقة
والمجاز ذكر اللفظ وارادة المعنى منه او ذكر اللفظ وقصد افادة المعنى منه فاختار
سيّدنا القول بالاوّل وجرى بعض المحققين على القول بالاخير وربما يحكى القول به عن
التفتازانى فى بعض كلماته وهو المنصور حيث انه لو لا هذا الحديث لما يبقى فى بيداء
المجاز عود ولمّا ينتصب لفسطاته عمود اذ رايت اسدا يرمى مثلا يكون المراد من الأسد
وما يترجّم هواه ولو كان الترجمة من نفس المتكلم هو الحيوان المفترس الّا انّ
المقصود بالافادة هو الرجل الشّجاع ولو كان المدار فى الحقيقة والمجاز على المراد
لمّا يتفق المجاز فى مادة من المواد وان قلت انّ من وجوه دفع التّناقض فى باب
الاستثناء انّ العام مستعمل فى العموم تمهيد للاخراج بالاستثناء
فلا يتطرق الكذب لاختصاصه بما لو كان النّسبة المقصودة بالكلام مقصودة
بالافادة فلا يتاتى الكذب فلا قبح فى المقام وهذا ينادى باعلى صوته بانّ المدار فى
الاستعمال على المراد اذ لو كان المدار فيه على قصد الافادة لما يتاتى استعمال
العام فى العموم فدفع التّناقض بالوجه المذكور مرشد كامل الى كون المدار فى
الاستعمال على الارادة وكذا السّكوت ممّن نظر فى الوجه المذكور عن الايراد بخروج
ارادة العموم من باب التّمهيد عن الاستعمال قلت انّ المقصود بالافادة من العام
بناء على ارادة العموم من باب التّمهيد هو العموم إلّا انّه ليس مقصودا بالاصالة
بل بتبع الاستثناء ولا منافاة بين كون المقصود بالافادة مقصودا بالتبع فما ذكر
مبنى على الاشتباه بين المقصود بالافادة والمقصود بالاصالة مع انه لا وثوق لى
غالبا بالشّهرة فكيف بمقالة الواحد والجماعة على ان الدفع بالوجه المذكور محلّ
الكلام كما يظهر بملاحظة ما حرّرناه فى محله وقد تقدم مزيد الكلام هذا وقد اخذ
الكاتبى فى تعريف المجاز الاقتران بقرينة مانعة عن ارادة المعنى الحقيقى واخرج بعد
ذلك الكناية ولا خفاء فى انّ الاخراج انّما هو بتوسّط القيد المشار اليه اعنى
القرينة المانعة عن ارادة المعنى الحقيقى كما صرّح به التفتازانى وافرد بعد ذلك
للكناية عنوانا على حدّه ومقتضى افراد العنوان كون الكناية واسطة بين الحقيقة
والمجاز والظّاهر مساوقة طريقة الكاتبى لطريقة غيره فى باب اخذ القرينة المعاندة
فى تعريف المجاز وكذا فى باب توسّط الكناية بين الحقيقة والمجاز فالظّاهر اتّفاق
البيانيين على الامرين اعنى اخذ القرينة المعاندة فى تعريف المجاز وكذا فى باب
توسّط الكناية بين الحقيقة والمجاز وربما حكى السيّد السّند النّجفى اتفاق
البيانيين على اخذ القرينة المعاندة فى تعريف المجاز لكن الظاهر انّه من جهة الحدس
بمساوقة الكلام الكاتبى لكلام غيره ولا يذهب عليك ان المقصود بالقرينة المعاندة
انّما هو خصوص القرينة اللّفظيّة لا الاعمّ من القرينة الحاليّة بشهادة الانصراف
المقطوع به ومن هذا صحّة الاحتراز عن الكناية من دون حاجة الى تقييد المعاندة
بالمعاندة لارادة المعنى الحقيقى جمعا لقيام القرينة الحاليّة المانعة عن ارادة
المعنى الحقيقى بدلا فى الكناية بلا شبهة كيف لا ولا اشكال فى ان المقصود بالافادة
فى الكناية انّما هو المعنى المجازى والمقصود بالمعاندة انّما هو المعاندة لارادة
المعنى الحقيقى مطلقا بدلا وجمعا وما يظهر من سلطاننا تبعا للمدقق الشّيروانى من
اختصاص المعاندة بالمعاندة لارادة المعنى الحقيقى بدلا حيث انّه اورد على
الاستدلال على عدم جواز الجمع بين المعنى الحقيقى والمجازى لمجاز الجمع بين المتنافيين حيث ان من شرط المجاز قيام
القرينة المانعة من ارادة الحقيقة ولهذا قال اهل البيان ان المجاز ملزوم قرنية
معاندة لارادة الحقيقة وملزوم معاند الشيء معاند لذلك الشّيء والّا يلزم صدق
الملزوم بدون اللازم وهو محال وجعلوا هذا وجه الفرق بين المجاز والكناية وح فاذا
استعمل المتكلّم اللّفظ فيهما كان مريدا لاستعماله فيما وضع له باعتبار ارادة
المعنى الحقيقى غير مزيد له باعتبار المعنى المجازى وهو ما ذكر من اللازم وامّا
بطلان اللازم فظاهر بانّ المعتبر فى المجاز القرينة الممانعة عن ارادة المعنى
الحقيقى فى هذه الارادة بدلا عن المعنى المجازى وامّا لزوم كون القرينة مانعة عن
ارادة المعنى الحقيقى منضمّة الى ارادة المعنى المجازى ممنوع بل هو عين النّزاع
ليس على ما ينبغى مع ان مقتضى الايراد المذكور تعدد الارادة فى باب الجمع بين
المعنى الحقيقى والمعنى المجازى مع انّ الارادة فيه متّحدة قطعا كيف لا والنّزاع
فى باب جواز الجمع بين المعنى الحقيقى والمجازى انّما هو فى الجمع فى استعمال واحد
وتعدّد الارادة يستلزم تعدّد الاستعمال اللهمّ إلّا ان يقال انّ الغرض انّ المدار
فى معاندة القرينة على الممانعة عن ارادة المعنى الحقيقى على ان يكون المعنى
الحقيقى بدلا عن المعنى المجازى وامّا لزوم ممانعة القرينة عن ارادة المعنى
الحقيقى منضما الى المعنى المجازى فهو غير ثابت بل هو عين المتنازع فيه لكنه يندفع
بانّه وان يمكن الاصلاح به بجعل
__________________
قوله بدلا عن المعنى المجازى فى صدر العبارة قيد المعنى الحقيقى للارادة بل
لا مجال لجعله قيدا للارادة اذ ارادة للمعنى الحقيقى انّما تتاتى بدلا عن ارادة
المعنى المجازى لا عن المعنى المجازى كما انّ المعنى الحقيقى يتاتى بدلا عن المعنى
المجازى لكن الوجه المذكور خلاف مقتضى صريح قوله فى الذّيل بل ارادة المعنى
الحقيقى منضمّة الى ارادة المعنى المجازي فلم يثبت الوجه المذكور وان لم يثبت عدمه
ايضا بملاحظة منافاة الصّدور والذّيل ومساعدة الصّدر لذلك وان لم يساعد له الذيل
ويمكن ان يقال ان تعدد الارادة لا يستلزم تعدد الاستعمال اذا المدار فى الاستعمال
على ذكر اللفظ وارادة المعنى منه او قصد افادة المعنى منه كما يظهر ممّا مرّ فلو
اتّحد ذكر اللّفظ يتّحد الاستعمال ولو تعدد الارادة او قصد الافادة لكن الارادة
متّحدة فى صورة تعدد المعنى وكذا الحال فى قصد الافادة اذ لا شكّ فى انه لا يتعدد
الارادة والقصد فى حال ذكر اللّفظ بان يتعقب ارادة احد المعنيين او قصد افادته
لارادة المعنى الآخر او قصد افادته لارادة المعنى الآخر او قصد افادته بل لو تاتى
التعدّد والتعقّب لما تحقق ارادة كلّ من المعنيين او قصد افادته من تمام اللفظ بل
كان ارادة احد المعنيين او قصد افادته بعد انقضائه بعض اجزاء اللفظ وهو خلاف
المتعارف فى الاستعمال وان امكن تاخّر الارادة او قصد الافادة عن ذكر اللّفظ وليس
الاستعمال فى معنيين فى المقام الّا كرؤية شيئين دفعة واحدة وان قلت انّه مع اتحاد
الارادة يكون الامر بمنزلة تعدّد الارادة لتعدّد المراد قلت انّه بعد تسليم كلام
آخر لا ينافى ما ادعيناه اذ المدّعى عدم تعدد الارادة حقيقة وهذا لا ينافى تنزل
ارادة المتعدد بارادة واحدة منزلة الارادة المتعدّدة وان قلت انّ الاستعمال هو نفس
الارادة او قصد الافادة الّا انّ نفس الارادة او قصد الافادة لا تنفك عن ذكر اللفظ
قلت انّ الظّاهر من موارد استعمال الاستعمال هو مداخلة ذكر اللّفظ فى الاستعمال لا
اشتراط الاستعمال بذكر اللفظ كما هو مقتضى المقالة المذكورة وقد عرفت بما سمعت ضعف
ما قيل فى باب جواز استعمال اللفظ فى المعنى الحقيقى والمجازى من انّ النّزاع فى
صورة تعدد الارادة وما يظهر من السيّد السّند النّجفى من عموم القرينة فى القرينة
المعاندة للقرينة الحاليّة واختصاص المعاندة بالمعاندة عن ارادة المعنى الحقيقى
جمعا حيث انّه اعترض على الايراد المذكور بانهم اخذ والقرينة المعاندة احترازا عن
الكناية فانّه لا يعتبر فيها القرينة المانعة لارادة الموضوع له ولو كان المراد
منها ما يمنع عن الارادة بدلا لا يصحّ الاحتراز لانّ الكناية يعتبر فيها القرينة
المانعة عن ارادة بالموضوع له بدلا عن ارادة اللازم والّا لم يكن كناية بل حقيقة
فالمراد بالقرينة المختصّة بالمجاز ما يمنع عن ارادة الموضوع له جمعا لا بدلا وذلك
واضح مردود بما يظهر ممّا سمعت من اختصاص القرينة المعاندة بالقرينة اللّفظية لكون
الكناية خالية عن القرينة اللفظية المعاندة لارادة المعنى الحقيقى بالكلّية بدلا
وجمعا وان كانت مقرونة بالقرينة الحالية المانعة عن ارادة المعنى الحقيقى فقط وعدم
اختصاص المعاندة لارادة المعنى الحقيقى جمعا بعمومه للمعاندة لارادة
المعنى الحقيقى بدلا عن المعنى المجازى ولا يخفى عليك ان اشتراط القرينة المعاندة
فى المجاز من ارباب البيان يوجب خروج ما استعمل فى المعنى الغير الموضوع له مع
الخلوّ عن القرينة قيام بالكليّة او تاخّر القرنية وعدم امكان ارادة المعنى
الحقيقى نحو ما لو قيل رايت اسدا واريد الرّجل الشّجاع ونحو العمومات الشرعيّة
المتاخر تخصيصها والاطلاقات المتاخر تقييدها بناء على كون التقييد من باب المجاز
عن الحقيقة والمجاز وكذا الكناية بناء على جميع الاقوال الآتية فيها والظّاهر بل
بلا اشكال انحصار الاقسام عند ارباب البيان فى الحقيقة والمجاز والكناية وعدم خروج
قسم من هذه الاقسام الثلاثة وربما فرع السيّد السند النجفى على اخذ القرينة
المعاندة فى تعريف المجاز من ارباب البيان كون الكناية واسطة عندهم بين الحقيقة
والمجاز ويتطرق الاعتراض عليه بانه لا اشكال فى دخول الكناية فى الحقيقة بناء على
__________________
كون المدار فيها على ارادة الملزوم مع جواز ارادة اللازم كما ياتى نقل
القول به ما لم يتفق ارادة اللازم مع ارادة الملزوم بل غاية ما يقتضيه اخذ القرنية
المعاندة لارادة المعنى الحقيقى كون الكناية خارجة عن المجاز اذ مقتضاه دلالة
القرينة على عدم انحصار المراد فى المعنى الحقيقى وكذا عدم اشتراط المعنى الحقيقى
مع المعنى المجازى فى الارادة وبعبارة اخرى عدم ارادة المعنى الحقيقى راسا لا على
كونه بدلا عن المعنى المجازى ولا على كونه منضمّا اليه وبعبارة ثالثة عدم ارادة
المعنى الحقيقى لا بدلا ولا جمعا ويظهر الحال بما مرّ فالمدار فى المجاز على ما
يقتضيه القرينة المعاندة على ارادة المعنى المجازى بشرط الوحدة وامّا الحقيقة فلا
دليل على كون المدار فيها عند البيانيين على ارادة المعنى الحقيقى بشرط الوحدة بل
المدار فيها على ما يقتضيه تعريفه على مجرّد ارادة المعنى الحقيقى لا بشرط كيف لا
ولو كان المدار فى الحقيقة عند البيانيين على ارادة المعنى الحقيقى بشرط الوحدة
بكون المقصود بالمعنى الموضوع له فى تعريفها بالكلمة المستعملة فى المعنى الموضوع
له هو المعنى الموضوع له بشرط لا اى لا بشرط الوحدة لكان المدار فى الحقيقة
والمجازى فى اصطلاح الأصوليّين على ارادة المعنى الحقيقى فى الحقيقة والمعنى
المجازى فى المجاز بشرط الوحدة فيهما بكون المقصود بالمعنى الموضوع له والمعنى
الموضوع له فى تعريفها بالكلمة المستعملة فى المعنى الموضوع له هو المعنى الموضوع
له بشرط لا اى بشرط الوحدة لكان المدار فى الحقيقة والمجاز فى اصطلاح الاصوليين
على ارادة المعنى الحقيقى فى الحقيقة والمعنى المجازى فى المجاز بشرط الوحدة فيهما
بكون المقصود بالمعنى الموضوع له والمعنى الغير الموضوع له فى تعريف الحقيقة
والمجاز هو المعنى الموضوع له والمعنى الغير الموضوع له بشرط لا فيهما فيكون
اللّفظ على تقدير استعماله فى المعنى الحقيقى والمجازى على القول بالجواز خارجا عن
الحقيقة والمجاز مع انّه من باب الحقيقة والمجاز معا بلا اشكال بل على ذلك يكون
المشترك على تقدير استعماله فى المعنيين خارجا ايضا من الحقيقة الّا ان يقال ان
الغرض من بشرط لا فى تعريف الحقيقة والمجاز هو الاحتراز عن انضمام المعنى المجازى
الى المعنى الحقيقى فى باب الحقيقة وانضمام المعنى الحقيقى الى المعنى المجازى فى
المجاز لكن ذلك المقال فاسد الحال فلا باس بكون الكناية من باب الحقيقة بناء على
كون المدار فيها على ارادة اللازم مع جواز ارادة الملزوم كما ياتى القول به لو
اتفق ارادة الملزوم مع ارادة اللّازم فضلا عن القول بكون المدار فيهما على ارادة
اللازم مع ارادة الملزوم كما ياتى القول به نعم يتجه تفريع التّوسط بناء على كون
المدار على ارادة اللازم مع جواز ارادة الملزوم ما لم يتفق ارادة الملزوم لفرض
الاستعمال فى المعنى الغير الموضوع له فتخرج عن الحقيقة وعدم وجود القرينة
المعاندة لارادة المعنى الحقيقى فتخرج عن المجاز بعد فرض الخروج عن الحقيقة فاخذ
القرينة المعاندة يفيد التوسّط والظّاهر ان تفريع التوسّط مبنى على كون المدار فى
الكناية على ارادة اللازم مع جواز ارادة الملزوم كما هو المذكور فى الخواطر بواسطة
تعريف الكاتبى الكناية بما اريد به الملزوم مع جواز ارادة اللّازم كما ياتى إلّا
انّه انّما يتمّ ما لم يتّفق ارادة الملزوم كما يظهر بما مرّ وربما ذكر السيّد
السّند النّجفى ان سر اختلاف الاصطلاح فى المجاز باشتراط القرينة المعاندة فيه من
ارباب البيان دون ارباب الاصول اختلاف المقاصد والاغراض فى العلمين فان علم البيان
لمّا كان باحثا عن الالفاظ من حيث انّها طرق مختلفة للتّعبير عن المعنى الواحد
وكان التّعبير عن المعنى بطريق الكناية معروفا متميّزا عن غيره باقسام واحكام
كثيرة كان المناسب جعلها اصلا برأسه مستقلا بنفسه وتعميم المجاز مع ذلك يوجب تداخل
ابحاث الفنّ وهو غير مستحسن فلذا جعلوه قسيما للكناية مبائنا لها وزادوا فى حدّه
ما يميزه عنه وامّا علم الاصول فانّه يبحث فيها عن الالفاظ من الوجه الّذى يبتنى
عليه حمل الخطاب الشّرعى والمناسب لهذا الغرض هو البحث عنها من حيث انّها تستقلّ
بالافادة لاجل الوضع أو لا تستقل بالافادة بل يحتاج الى القرينة لانتفاء الوضع
ومرجعه الى البحث عن الحقيقة والمجاز بالمعنى الاخصّ وامّا كون اللّفظ كناية بخصوصها اى
__________________
اتّصافه بامكان ارادة المسمّى فممّا لا دخل له فى ذلك الغرض لانّه انّما
يتحقّق بتحقق الارادة دون احتمالها وليس المتّصف بامكان الارادة له حكم مخصوص
يتعلق به نظر الاصولى فبحث الاصولى عن الكناية ليس له وجه يعتدّ به ويمكن الايراد
عليه بانّه وان كان غرض ارباب البيان البحث عن الوجوه المختلفة المتطرّقة فى
التميز وامّا اهل الاصول فغرضهم منحصر فيما يداخل فى استنباط الاحكام الشرعيّة
وهذا يكفى فيه البحث عن الحقيقة والمجاز ولاختلاف المعنى الحقيقى والمجازى
بالظّهور فى الحقيقة والمخالفة للظّاهر فى المجاز ومن هذا اناطة الحمل على المعنى
المجازى بظهور القرينة على التجوّز سواء كان الحمل على المعنى الحقيقى منوطا بظهور
عدم القرينة على التجوّز او عدم ظهور القرينة عليه وامّا جواز ارادة المعنى
الحقيقى فلا فائدة فيه فى باب الاستنباط لكن غرض اهل البيان كان يتحصّل بتعميم
المجاز للكناية والبحث عن احكامها واقسامها كالبحث عن اقسام الاستعارة والمجاز المرسل
بعد تعميم المجاز لهما ودعوى انّ المناسب جعل الكناية اصلا برأسه بملاحظة كثرة
الاقسام والاحكام محلّ الكلام كيف وتقليل الاقسام احسن لانّه اقرب الى الضّبط مع
انّ الاستعارة لها اقسام واحكام كثيرة ايضا وقد جعلت مندرجة فى المجاز وكان يمكن
جعلها اصلا برأسه بتخصيص المجاز بما كان العلاقة فيه غير المشابهة وما ذكره فى
الاعتذار عن تعميم المجاز من ان تداخل الابحاث غير مستحسن غير مستحسن اذ غير
المستحسن تداخل الابحاث المختلفة لا الابحاث المتداخلة غير مستحسن فاختلاف الابحاث المتداخلة غير مستحسن ايضا
فالعذر المذكور لا يرتبط بالمقصود اذا المقصود حسن البناء على الاختلاف والعذر عدم
حسن تداخل المختلفات فالعذر انّما يتاتّى بعد ثبوت الاختلاف والمفروض عدم ثبوته
فلا مجال للاعتذار عليه بذلك وبالجملة قد اختلف كلمات ارباب البيان فى باب الكناية
حيث انّه عرفها الكاتبى بلفظ اريد به لازم ما وضع له مع جواز ارادته معه ومقتضاه
ان المدار فى الكناية على ارادة المعنى المجازى مع امكان ارادة المعنى الحقيقى وهو
مقتضى ما عن السّكاكى فى قوله انّ الكناية لا تنافى ارادة الحقيقة فلا يمتنع فى
قولك فلان طويل النجار ان يراد طول نجاده مع طول القامة لكن قوله لا تنافى ارادة
الحقيقة مبنى على المسامحة اذ الحقيقة صفة اللفظ ولا مجال لكونها مورد الارادة
فكان المناسب تبديل الحقيقة بالمعنى الحقيقى ومقتضى ما عن الكاتبى في الايضاح من
انّ الفرق بين الكناية والمجاز من جهة ارادة المعنى مع جواز ارادة لازمه انّ المدار
في الكناية على ارادة المعنى الحقيقى مع جواز ارادة لازمه انّ المدار في الكناية
على ارادة المعنى الحقيقى مع جواز ارادة المعنى المجازى الّا انّه احتمل
التفتازانى ان يكون المراد بالمعنى ما عنّى باللّفظ حقيقة والمراد بلازم المعنى هو
الموضوع له لكنّه مشتمل على غاية المخالفة للظّاهر حيث يكون مقطوع العدم ومقتضى ما
عن السّكاكى في كلام آخر له وهو قوله المراد بالكلمة اما معناها وحده او معناها
وغير معناها والاول الحقيقة والثانى المجاز والثالث الكناية انّ المدار فى الكناية
على الجمع بين المعنى الحقيقى والمجازى وهو مقتضى قول الكاتبى بعد تعريفه المتقدّم
فظهر انّها تخالف المجاز من جهة ارادة المعنى مع لازمه لكنّك خبير بمنافاة ما
استظهره لما استظهره عنه لابتناء التّعريف على امكان ارادة المعنى الحقيقى وابتناء
الكلام المذكور على ارادة المعنى المجازى فعلا إلّا انه احتمل التفتازانى ان يكون
المقصود بارادة اللّازم جواز ارادته لكنه مخالف للظّاهر غاية المخالفة بحيث يكون
مقطوع العدم وقد اجاد التّفتازانى فى تزييفه بانّ فيه ما فيه فقد بان ان اختلاف
كلمات ارباب البيان فى باب الكناية على اقوال ثلاثة القول بكون المدار على
الاستعمال فى المعنى المجازى مع جواز ارادة المعنى الحقيقى والقول بكون المدار على
الاستعمال فى المعنى الحقيقى مع جواز ارادة المعنى المجازى والقول بكون المدار على
الاستعمال فى المعنى معا وامّا الاصوليّون فظاهر اكثرهم ان الكناية داخلة فى
الحقيقة او المجاز بملاحظة سكوتهم عنها راسا لكن صرّح السيّد السّند النّجفى
بكونها من باب المجاز بل عن بعض نقل الاجماع عليه وصريح الوالد الماجد ره القول
بكونها من باب الحقيقة تعليلا بانّ الكناية مستعملة فيما
__________________
وضعت له لينتقل منه الى غير ما وضعت له فالحقيقة مستعملة فيما وضعت له
ليفهم منه الموضوع له والمجاز مستعمل فى غير ما وضع له ليفهم منه ذلك والكناية فى
الاستعمال كالحقيقة وفى ارادة المعنى كالمجاز إلّا انّها تفترق منه بان فى الكناية
قد استعمل اللّفظ فى المعنى ليحصّل منه الانتقال الى غيره بخلاف المجاز فالقرينة
غير مميّزة لها عن المجاز بل الافتراق بينهما لذاتهما وربما فضل بعض المحققين بانه
ان كان المقصود بالافادة من اللّفظ هو اللازم لكن اريد منه المعنى الحقيقى ايضا من
جهة الانتقال الى اللازم فالكناية من باب المجاز واذا اريد من اللّفظ افهام معناه
الحقيقى واريد الانتقال منه الى لازمه ايضا يكون المعنيان مقصودين بالافادة
فالمستعمل فيه على ما قرّرناه هو المعنى الحقيقى خاصة والكناية من باب الحقيقة اذ
ليس اللازم مرادا بالاصالة ابتداء وانّما ازيد بتوسّط ارادة المعنى الحقيقى فهو
مدلول التزامى للّفظ قد صارت دلالة اللّفظ عليه من جهة كونه لازما لما اريد منه
مقصودا للمتكلّم من غير ان يستعمل اللّفظ فيه ولدا يكون قصده لتلك الدلالة تصرفا
يتوقف جوازه على ترخيص الواضع كما هو الحال فى استعمال اللّفظ فى المعنى المجازى
فبعد استعماله فى معناه الحقيقى وتعلق القصد به يحصّل الدّلالة على ذلك قهرا
والتّحقيق انّه يتاتّى الكلام تارة فى معنى الاستعمال الماخوذ فى تعريف الحقيقة
والمجاز واخرى يتاتّى الكلام بعد تشخيص معنى الاستعمال في المعنى المستعمل فيه فى
الكناية امّا الاوّل فقد تقدّم انّ المدار في الاستعمال على المقصود بالافادة لا
لمراد وامّا الثّانى فالظاهر بل بلا اشكال ان المراد فى الكناية هو المعنى الحقيقى
لكن المقصود بالافادة هو المعنى المجازى فليس المدار فيها على كون المراد هو
المعنى المجازى مع امكان ارادة المعنى الحقيقى ولا على كون المراد هو المعنى
الحقيقى مع امكان ارادة المعنى المجازى امّا الاوّل فلوضوح ان المراد من مهزول
الفصيل مثلا وما يترجّم هو به انّما هو المعنى الحقيقى دائما كما انّ المراد من
المجازات بحذافيرها وما تترجم هي به انّما هو المعنى الحقيقى كما تقدّم واما
الثّانى فلوضوح ان المقصود بالافادة من مهزول الفصيل مثلا هو الجود فلو قلنا بان
المدار فى الاستعمال على المقصود بالافادة مع القول بكون المقصود بالافادة فى
الكناية هو المعنى المجازى فالكناية من باب المجاز وهو الاظهر ولو قلنا بان المدار
في الاستعمال على المقصود بالافادة مع القول بكون المقصود بالافادة فى الكناية هو
المعنى المجازى فالكناية من باب المجاز وهو الاظهر ولو قلنا بانّ المدار فى
الاستعمال على المقصود بالافادة مع القول يكون المقصود بالافادة فى الكناية هو
المعنى الحقيقى نظير القول بكون المراد فى الكناية هو المعنى الحقيقى مع جواز
ارادة المعنى المجازى او قلنا بان المدار في الاستعمال على المراد فالكناية من باب
الحقيقة وقد ظهر بما مرّ انّ ما ذكره السّكاكى فى احد قوليه اعني القول بالاستعمال
فى المعنى الحقيقى والمجازى اقرب الى التّحقيق من القول بالاستعمال فى المعنى
المجازى مع جواز ارادة المعنى الحقيقى والقول بالعكس لفرض كون كلّ من المعنى
الحقيقى والمعنى المجازى مراد غاية الامر ان المعنى المجازى له اختصاص بمزيّة قصد
الافادة لكن يتطرق الاشكال على ذلك بلزوم استعمال اللّفظ فى معنيين لفرض انّ
السّكاكى حكم بالاستعمال فى كلّ من المعنى الحقيقى والمجازى بخلاف ما نصرناه فانّ
المدار فيه على الاستعمال فى المعنى المجازى وامّا القول بكون المستعمل فيه هو
المعنى المجازى مع جواز ارادة المعنى الحقيقى ففيه بعد استلزامه جواز الجمع بين
المعنى الحقيقى والمجازى فى استعمال واحد انّه مبنى على الاشتباه بين جواز ارادة
المعنى الحقيقى وجواز مطابقة المعنى الحقيقى للواقع وامّا القول بكون المستعمل فيه
هو المعنى الحقيقى مع جواز ارادة المعنى المجازى ففيه بعد استلزامه ايضا جواز
الجمع بين المعنى الحقيقى والمجازى فى استعمال واحد وبعد شذوذه انّ المقصود
بالافادة من فلان مهزول الفصيل مثلا هو الجود وهو واضح كما مرّ وامّا ما استدلّ به
الوالد الماجد ره على كون الكناية من باب الحقيقة فيندفع بانه لا يتصور فى المقام
غير المراد والمقصود بالافادة والمراد ادنى درجة من المقصود بالافادة فى صورة
المغايرة لانّ
المراد ح آلة الانتقال الى المقصود بالافادة ولو كان المعنى المجازى مرادا
فلا مجال لكون المعنى الحقيقى مقصودا بالافادة اذ ليس ارادة المراد فى صورة
المغايرة مع المقصود بالافادة الّا من جهة الانتقال من المراد الى المقصود
بالافادة ولا مجال لكون المعنى المجازى موجبا للانتقال الى المعنى الحقيقى حتى
يكون المعنى الحقيقى بعد كون المعنى المجازى مرادا مقصودا بالافادة ولا مجال ايضا
لكون المعنى الحقيقى مراد اللزوم استعمال اللفظ فى المعنى الحقيقى والمجازى اذ
الاستعمال على هذا لا يخرج عن ارادة المعنى من اللّفظ ولا مجال لخروجه عنها وبوجه
آخر لو كان المدار فى الاستعمال على المراد فلا مجال لدعوى كون الاستعمال فى
الكناية فى المعنى الحقيقى مع دعوى كون المراد هو المعنى المجازى ولو كان المدار
على المقصود بالافادة فلا مجال لكون المعنى الحقيقى مقصودا بالافادة بعد فرض كون
المراد هو المعنى المجازى فلا يتجه دعوى كون الكناية من باب الحقيقة بوجه وبوجه
ثالث ان كان المعنى المجازى مرادا كما هو المفروض فان كان مقصودا بالافادة فلا بد
من كون الكناية من باب المجاز وان كان مقصودا بالتّبع فليزم ان يكون المعنى
الحقيقى مقصودا بالافادة ولا مجال لهذا الحديث كما يظهر ممّا ياتى وامّا التّفصيل
المتقدم فيرد عليه انّه ان كان المقصود بالافادة هو الملزوم فان كان المقصود من
الحكم بكون الكناية ح من باب الحقيقة انّ المستعمل فيه هو الملزوم خاصة واريد
الانتقال منه الى اللازم كما هو مقتضى قوله فالمستعمل فيه على ما قرّرناه هو
المعنى الحقيقى خاصة فقوله ايضا فى قوله واريد الانتقال منه الى لازمه ايضا اشارة
الى شركة اللّازم مع الملزوم فى الارادة بكون المقصود بالافادة مرادا ايضا فمرجع
التّفصيل الى انّه ان كان المقصود بالافادة هو اللّازم فالكناية من باب المجاز وان
كان المقصود بالافادة هو الملزوم فالكناية من باب الحقيقة فيتطرّق عليه الايراد
بانّه لا مجال ح لارادة الانتقال من الملزوم الى اللّازم اذا المنتقل اليه هو
المقصود بالافادة والمنتقل عنه مقصود بالتّبع فكون الملزوم مقصودا بالافادة ينافى
كون الغرض من الانتقال منه الى اللّازم والّا لكان المقصود بالافادة هو اللّازم
وكان المستعمل فيه هو اللّازم فكان الاستعمال من باب التجوّز وايضا لا مجال على
ذلك لان يكون اللّازم مرادا غير مقصود بالافادة اذا الدّاعى على الارادة بدون قصد
الافادة فيما لو كان الملزوم مرادا غير مقصود بالافادة هو الانتقال الى المعنى
المجازى والمفروض انّ الملزوم مقصود بالافادة فلا داعى يتصوّر لارادة اللّازم بدون
قصد الافادة وايضا لو كان اللّفظ على ذلك من باب الكناية بالنّسبة الى اللّازم
يلزم ان يكون المدلول بدلالة الالتزام بعد ثبوت دلالة الالتزام من باب الكناية على
سبيل الكلّية لكون المقصود بدلالة الالتزام مقصودا بتبع المدلول بدلالة المطابقة
وان كان المقصود ان اللّازم مقصود بالافادة فقوله ايضا فى الفقرة المشار اليها
اشارة الى شركة اللازم مع الملزوم فى قصد الافادة فمرجع التّفصيل الى انّه ان كان
المقصود بالافادة هو اللّازم فالكناية من باب المجاز وان كان المقصود بالافادة
كلّا من اللّازم والملزوم فالكناية من باب الحقيقة فيتطرق عليه الايراد بلزوم
استعمال اللّفظ فى المعنى الحقيقى والمجازى فى استعمال واحد مع انّه على هذا يكون
اللازم مستعملا فيه وايضا وهو ينافى دعوى انحصار الاستعمال فى المعنى الحقيقى فى
قوله فالمستعمل فيه على ما قرّرناه هو المعنى الحقيقى خاصّة على انّه ينافى دعوى
ارادة الانتقال من الملزوم الى اللازم اذ على ذلك يكون اللّازم فى عرض الملزوم
وارادة الانتقال تقتضى كون اللازم مقصودا بالافادة تذنيبات الاوّل انّه ربّما
يتوهّم انّ مقتضى جواز الكناية جواز استعمال اللّفظ فى المعنى الحقيقى والمجازى فى
استعمال واحد بناء على ما اشتهر من انّ المدار فى الكناية على ارادة اللّازم مع
جواز ارادة الملزوم لكن قد تقدّم انّ الكناية من باب المجاز على الوجه وان اجتمع
فيها ارادة المعنى الحقيقى والمجازى لكون المدار فى الاستعمال الماخوذ فى تعريف الحقيقة
والمجاز على قصد الافادة نعم الاقوال الثّلاثة المتقدمة من ارباب البيان تقتضى
جواز الجمع بين المعنى الحقيقى والمجازى فى استعمال واحد بل مقتضى احد قولى
السّكاكى كون الكناية
من باب الجمع بين المعنى الحقيقى والمجازى فى استعمال واحد لكن قد ظهر تلك
الاقوال فيما سبق وما ينصرح من السيّد السّند النّجفى وكانّه ماخوذ من المدقق
الشّيروانى من انّ من منع عن جواز ضعف الجمع بين المعنى الحقيقى والمجازى فى
استعمال واحد لا يضايق عن الجمع بين المعنى الحقيقى والمجازى فى الكناية لاختصاص
المنع عنه بالجمع بين الحقيقة والمجاز فى اصطلاح ارباب البيان ومرجعه الى كون
النزاع فى جواز الجمع بين المعنى الحقيقى والمجاز فى استعمال واحد من باب النزاع
اللفظى باختصاص المنع المانع بالجمع بين الحقيقة والمجاز باصطلاح ارباب البيان
واختصاص التّجويز من المجوّز بالجمع بين الحقيقة والمجاز الغير المقرون بالقرينة
المعاندة اى احد فردى المجاز باصطلاح اهل الاصول مدفوع بانّ الاستدلال على المنع
عن جواز الجمع بقضيّة القرينة المعاندة وان يقتضي اختصاص المنع بالجمع بين الحقيقة
والمجاز باصطلاح ارباب البيان لكن مقتضى عدم اختصاص المجاز فى اصطلاح الاصوليّين
بما كان مقرونا بالقرينة المعاندة وبعبارة اخرى مقتضى اطلاق المجاز فى لسان اهل
الاصول هو عدم اختصاص المنع بالجمع بين الحقيقة والمجاز باصطلاح ارباب البيان وكذا
عدم اختصاص التّجويز بالمنع عن الجمع بين الحقيقة والمجاز الغير المقرون بالقرينة
المعاندة لكمال بعد اغماض اهل فنّ عن اصطلاحهم والجريان فى اطلاق اللّفظ على حسب
اصطلاح اهل فنّ آخر ولا يمانع عن عموم منع المانع اختصاص الاستدلال على المنع
بقضيّة تعاند القرينة لكثرة الاستدلال بالدّليل الاخصّ من المدّعى فالنّزاع فى
جواز الجمع يعم الجمع بين الحقيقة والمجاز باصطلاح ارباب البيان لكن يمكن ان يقال
انّ اطلاق المجاز فى كلام ارباب الجواز ينصرف الى ما خلي عن القرينة المعاندة
بواسطة غاية بعد تجويز الجمع بين الحقيقة والمجاز المقرون بالقرينة المعاندة
فالظّاهر اختصاص النّزاع فى جواز الجمع بصورة عدم قيام القرينة المعاندة اى جواز الجمع
فى باب الكناية الّا ان الاستدلال على المنع عن الجواز بحديث تعاند القرينة من باب
الاشتباه الّا ان يقال انّ حمل الاستدلال على المنع عن الجواز على الاشتباه ليس
اولى من حمل القول بالجواز على الاشتباه فى عدم تشخيص مدّعى القائل بالمنع يكون
النزاع من باب النّزاع اللّفظى الّا ان يقال ان الاشتباه فى الاستدلال اكثر من
النّزاع اللّفظى بمراتب كثيرة نعم يمكن القول بانّ جواز الجمع لغة لا يختلف حاله
بقيام القرينة المعاندة وعدمه فالنّزاع يعم صورة قيام القرينة المعاندة نعم البعيد
غاية البعد وقوع الجمع فى صورة قيام القرينة المعاندة انّ مفهوم الموافقة ويعبّر
عنه بفحوى الخطاب والتّنبيه بالادنى على الاعلى والتّنبيه بالاعلى على الادنى نحو
قوله سبحانه (فَلا تَقُلْ لَهُما
أُفٍ) وقوله سبحانه (مِنْ أَهْلِ
الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ
إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ) من باب الكناية بالخاص عن العام على ما شرحنا الحال فيه
فى محلّه فيتاتى الدّلالة على حكم المساوى للادنى والاعلى وكذا حكم الادنى من
الادنى والاعلى من الاعلى بخلاف ما لو كان الغرض التّنبيه بالادنى على الاعلى وان كان مقتضى كلام جماعة تاتى الدّلالة لكنه ليس
بالوجه ومزيد الكلام موكول الى ما حرّرناه فى محلّه انّ المدار فى الصّدق والكذب
فى الكناية لو كانت فى جملة خبريّة بناء على كون المدار فى الاستعمال على المقصود
بالافادة على مطابقة المعنى المجازى للواقع ومخالفته له فلو قيل فلان مهزول الفصيل
فهو من باب الصّدق على تقدير جود الشخص وان لم يكن له فصيل او كان له فصيل سمين
ومن باب الكذب على تقدير بخل الشخص وان كان له فصيل مهزول وامّا بناء على كون
المدار فى الصّدق والكذب على مطابقة المراد للواقع ومخالفته له فلمّا توافق هاهنا
الظّاهر للمراد فيتاتى الصّدق فى المثال المذكور على تقدير هزال الفصيل ويتاتى
الكذب على تقدير انتفاء الفصيل او كونه سمينا وامّا بناء على كون المدار فى الصّدق
والكذب على مطابقة الظّاهر او المراد للواقع ومخالفته له مع اختلاف الظّاهر
والمراد ففى المثال المذكور وامّا بناء على كون المدار على الظّاهر فيتاتى الصّدق
على تقدير ثبوت هزال الفصيل ويتاتى الكذب على تقدير عدمه ولو مع ثبوت الجود وامّا
بناء على كون المدار على المراد فينعكس
__________________
الامر يتاتى الصّدق على تقدير ثبوت الجود وتاتى الكذب على تقدير عدمه ولو
مع ثبوت هزال الفصيل هذا ولمّا جرى ذكر الصّدق والكذب اعجبنى ان اذكر امورا يتعلق
بهما او باحدهما بالمناسبة من باب مزيد الحث على اكثار الفائدة الاوّل انّ المدار
فيهما على الواقع او الاعتقاد موافقة ومخالفة وهذا الحديث مشهور مذكور فى البيان
والاصول مبسوطا هذا والظاهر بل بلا اشكال انّ المدار فى الصّدق والكذب على القول
بكون المدار على الاعتقاد حين الاخبار وامّا لو كان المخبر معتقدا بالنّسبة قبل
الاخبار لكن كان حين النّسبة معتقدا بالخلاف فالامر من باب الكذب وايضا الظّاهر من
الاخبار هو الاعتقاد بالمخبر به حين الاخبار فاحتمال الشكّ حين الاخبار وان كان
مسبوقا بالاعتقاد خلاف الظّاهر الثّانى انّ المدار فيهما على موافقة المراد بالخبر
للواقع فى الصّدق ومخالفته له فى الكذب او على موافقة ظاهر الخبر للواقع او
الاعتقاد ومخالفته له على الاول جرى سيّدنا وبه صرّح بعض الاصحاب وعليه يبتنى
القول بوجوب التّورية عند الضّرورة الى الكذب من جماعة بل المشهور وكذا يبتنى عليه
تجويز المحقق القمى تاخير البيان عن وقت الخطاب فيما له ظاهر من الاخبار لكنّه
صرّح بالاخير فى بحث الاخبار وعلى الاخير يبتنى منع صاحب المعالم عن جواز تاخير
البيان عن وقت الخطاب فيما له ظاهر نظرا الى لزوم الكذب على تقدير التاخير وعليه
يبتنى احتمال كون التقية من باب الكذب الجائز لمصلحة الّا انه انّما يتم لو كان
التقيّة فى الخبر باصطلاح اهل العربية اعنى ما يقابل الانشاء لا فى الخبر باصطلاح
اهل الاصول اذ لا مجال للكذب فى الانشاء على المشهور والخبر باصطلاح اهل الاصول
يعم الانشاء وربما يظهر من سلطاننا التوقف والاظهر القول بالاوّل كما حررناه فى
محلّه ويتفرّع عليه كون التورية باقسامها الآتية من باب الصّدق لكن يمكن ان يقال
انه لو كان التورية من باب الاضمار فكون الامر من باب الصّدق فى هذه الصورة غير
متفرّع على كون المدار فى الصّدق على موافقة الظاهر للواقع اذ غاية ما يتاتى من
القول بكون المدار فى الصّدق على موافقة الظاهر للواقع انما هى كون المدار على
موافقة ظاهر المراد من اللفظ ولا يتناول ظهور اللفظ فى الاضمار وربما حكى عن
صالحنا فى شرح اصول الكافى موافقة ظاهر المراد من اللفظ ولا يتناول ظهور اللفظ فى
الاضمار وربما وفيه انه ان كان المدار فى الصّدق والكذب على المراد بالخبر
فالتورية من باب الصّدق وان كان المدار على ظاهر الخبر فهي من الكذب الجائز
والواسطة غير معقولة ثم انّ دوران الامر مدار موافقة المراد للواقع مبنىّ على
القول بكون المدار في الاستعمال على الارادة لا قصد الافادة والا فالمدار على
المقصود بالافادة ويتفرع عليه كون الكناية من باب الصّدق على تقدير مخالفة المراد
للواقع كما لو قيل فلان مهزول الفصيل مع كون الفلان جوادا لكن لم يكن له فصيل او
كان فصيلة سمينا وامّا لو كان المدار على المراد فيكون الكناية على التقدير
المذكور من باب الكذب وقد تقدم الكلام في الباب لكن يمكن ان يقال ان ارادة الامر
مدار المراد مبنية على كون الغالب موافقة المراد للمقصود بالافادة وامّا على تقدير
الاختلاف فالمدار على المقصود بالافادة فالمدار على احد امرين المراد والمقصود
بالافادة وايضا ظاهر الخبر على القول بدوران الامر مداره اعم من الظّهور الحقيقى
والظّهور المجازى فلو قيل رايت اسدا فى الحمّام يكون الامر من باب الصّدق على
تقدير رؤية الرّجل الشّجاع دون رؤية الحيوان المفترس لكن لو قيل فلان مهزول الفصيل
ولم يكن له فصيل او كان فصيله سمينا لكن كان جوادا فهو من باب الكذب بناء على كون
المدار على المراد الّا ان يذب بما سمعت من حديث الابتناء على غلبة موافقة المراد
للمقصود بالافادة الثالث انّه يختص الكذب والصّدق بالماضى او يطرد ان فى المستقبل
صريح غير واحد فيقتضى القول بالثانى وهو مقتضى الاستدلال على وجوب الوفاء بالوعد
بحرمة الكذب للزوم الكذب على تقدير عدم الوفاء ومقتضى كلام بعض الفضلاء على ما
نقله السيّد السّند الجزائرى فى شرح الفقيه وكذا فى مقامات النّجاة على ما نقل
عبارته المحقق القمّى فى بعض فوائده بخطه الشّريف
هو القول بالاوّل حيث انّه اجاب عن الاستدلال المذكور بان المواعيد انّما
تكون من باب الانشاء والحق هو القول بالاوّل لاصالة الاشتراك المعنوى بل الاختصاص
بالماضى مقطوع العدم مضافا الى قوله سبحانه (أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ
الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ
أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ
لَكاذِبُونَ) لكن اطراد الكذب فى المستقبل انّما يتاتى على تقدير عدم
ارادة الوفاء بالوعد حين الوعد وامّا لو اريد الوفاء بالوعد حين الوعد لكن تطرق
خيال الخلف بعد ذلك فلا يصدق الكذب بل لو صدق لا يشمل ما دلّ على حرمة الكذب الرّابع
انّ الصّدق بعد اطراده فى المستقبل يختص بما لو كان مطابقة الخبر للخارج مع قطع
النّظر عن الخبر او يطرد فيما كان المطابقة بتوسّط الخبر قال الفاضل القزوينى فى
بعض فوائد قال التّفتازانى فى المطول عند قول صاحب التّلخيص صدق الخبر مطابقة
للواقع وكذبه عدمها فاذا قيل ابيع واراد الاخبار عن الحال فلا بدّ له من وقوع بيع
خارج حاصل بغير هذا اللّفظ يقصد مطابقته لذلك الخارج بخلاف بعت الانشائى فانّه لا
خارج له يقصد مطابقته لذلك الخارج بل البيع يحصّل فى الحال بهذا اللفظ وهذا اللّفظ
موجد له انتهى ويظهر بذلك انّه اذا ظنّ زيدا وعلم بتوقيف مثلا انّ مريضه لا يبرأ
غدا فان اراد به الحكاية كان خبرا كاذبا كما اذا ظنّ انّ مريضه لا يبرأ غدا اصلا
وقال له انّك تبرئ غدا بقصد الكذب فانتعش وأبرأ بسببه وان اراد به الايقاع كقوله
لغلامه انت حر بعد وفاتى او التفاؤل كان انشاء فان قلت ان اراد الحكاية كان خبرا صادقا
لانه لو كان كاذبا لصدق نقيضه ح وهو باطل فان نقيضه قولنا مريض زيد لا يبرأ غدا
وهو باطل ح قلت لا تسلم قولك فان نقيضه قولنا الخ فان الخبر الكاذب على قسمين
الاول الكاذب لشخصه دون نوعه بان يصدق الاخبار الاخرى الواردة على طبقه الثانى
الكاذب بشخصه ونوعه والاول شريك للثّانى فى الاثم واللوم وما نحن فيه من قبيل
الاول فانه اذا قال غير زيدا وقاله زيد بعد ذلك او قبله بيوم مثلا كان خبيرا صادقا
وما ذكرت من النقيض للنوع لا للشخص انما نقيض الشخص قولنا لا يبرأ مريض زيد غدا مع
قطع النظر عن خبره هذا وهو صادق ح كما اذا لم يقل زيد اليوم لمريضه ذلك وقال بدله
انك لا تبرا غدا كان خبرا صادقا ووجهه ان يقتض كل شيء رفعه ورفع الشخص غير رفع
النوع اقول ان قول زيد لمريضه انك تبرئ غدا مع فرض حصول البرء من جهة هذا الاخبار
من باب الاخبار والصدق بعد اطراد الصّدق والكذب في المستقبل اذ لا خفاء فى ان زيدا
لا يفصد بذلك احداث البرء ونقيضه وهو لا يبرأ مريض زيد كاذب وان قلت ان الخبر
الصادق ما كان له خارج تطابقه مع قطع النظر عن الاخبار والصّدق هنا انما يتاتّى
بمطابقة الخبر للخارج بتوسّط الخبر قلت انّ الصّدق اعمّ من تطابق الخبر للخارج
بدون توسّط الخبر وتطابق الخبر له بتوسّط الخبر وما ذكر من القسمين فى باب الكذب
لا محصّل له وقد اجاد العلّامة الخونساري فى بعض فوائده حيث قنع تارة فى ابطال
الكلام المذكور بانّ فيه من الفساد ما لا يخفى واخرى حكم بظهور بطلانه بالضّرورة
الوجدانية وحكمها بان الاسناد الواقع فى امثال المثال المذكور اسناد خبرنى محتمل
للصّدق والكذب كسائر الاخبار بلا تفاوت الخامس انّه يختص الكذب بالعمد او يطرد فى
الخطاء الظّاهر انه لا اشكال فى الاطراد فى الخطاء لكن اطلاق الكذب الى العمد بلا
اشكال كما ان الحرمة يختص بحال العمد ايضا بلا اشكال السّادس انّ المدار فى
الاخبار كالانشاء على الشّعور فكلام النّائم خارج عن الاخبار والانشاء اولا فكلام
النائم لا يخرج عن الاخبار والانشاء وعلى الثانى المدار فى الصّدق والكذب على
الشّعور فكلام النّائم خارج عن الصّدق والكذب وان لم يكن خارجا عن الخبر أو لا
فكلامه بعد كونه اخبارا لا يخرج عن الصّدق والكذب اقول انّه لا مجال للواسطة فى
الكلام بين ان يكون لنسبة خارج تطابقه او لا تطابقه لكن لا باس باختصاص الاصطلاح
فى الاخبار والانشاء بما كان مبنيّا على الشعور فكلام النّائم لا يكون من باب
الاخبار ولا من باب الانشاء كما انّه لا مجال
للواسطة فى الخبر بين مطابقة النّسبة للواقع ومخالفتها له لكن لا باس
باختصاص الاصطلاح فى الصّدق والكذب بما كان مبنيا على الشعور فكلام النّائم بعد
كونه خبرا بناء على عموم الاصطلاح فى الخبر لمّا كان خاليا عن الشّعور خارج عن
الصّدق والكذب وقد حكى عن المحققين ان كلام النّائم خارج عن الاخبار والانشاء وكذا
خارج عن الصّدق والكذب بل تعريف الاخبار وكذا تعريف الصّدق والكذب لا يشمل الكلام
الخالى عن الشعور هذا ولا اشكال فى عموم الصّدق والكذب لما اخبر به الشّاك ولا
ارتباط لهذا بعدم اطراد الصّدق والكذب فى كلام الخالى عن الشعور السّابع انّ الكذب
لعله يختص بالمكالمة مع الخلق ولا يعم المكالمة مع الله سبحانه نحو (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ) مع المخالفة للواقع لانّه لو لا ذلك يلزم ان يكون
الصّلاة من اسباب الفسق للزوم اكثار الكذب بايّاك نعبد واياك نستعين ولا يلتزم به
عاقل فضلا عن فاضل الثّامن انّه يختص الصّدق والكذب بما لم يتضح الحال فيه على
المخاطب وغيره فالسّماء تحتنا لا يكون من باب الكذب نظير ما ذكر فى النّحو من انّ
ما لا يفيد المخاطب فائدة نحو السّماء تحتنا لا يكون كلاما لكن مقتضى ما ياتى من
صدر الشريعة اطراد الصّدق والكذب فيما اتضح فيه الحال ويمكن ان يقال انّ الكذب لا
يختص بما ذكر بما لم يتضح فيه الحال لكن انّما هو الغالب ممّا يقع من افراد الكذب التّاسع
انّ الظاهر بل بلا اشكال اختصاص الكذب بالقول لكن حكى المولى التقى المجلسىّ فى
حاشية التّهذيب فى اوائل المكاسب عند شرح رواية الحسن بن محبوب عن ابى ولاد عن
جماعة انّ الكذب يطرد فى الفعل تعليلا بان من كان ظاهره ذى الصّلحاء وباطنه بخلافه
فهو كاذب ويضعف التعليل والمذكور بان الظاهر انّ اطلاق الكاذب فيما ذكر من باب
المجاز بل لا ارتياب فى الباب فقد بانّ عدم اطراد الكذب فى الخطوط والاشارات
والنّصب بل نقول انّه على تقدير عموم صدق الكذب لغير القول فالظاهر انصراف ما دل
على حرمة الكذب الى القول وعدم الشمول لغير القول لكن لا فرق فى القبح بين القول
وغيره اذ القبح انما هو فى اظهار خلاف الواقع مع العلم بالواقع فلا فرق بين ما لو
كان اظهار خلاف الواقع بالقول وما لو كان اظهار خلاف الواقع بغير القول العاشر انّ
الظّاهر اختصاص الصّدق والكذب بالنّسبة الاسنادية وعدم عمومها للنّسبة التّقييدية
كما لو قيل جاءنى زيد العالم مع كون زيد جاهلا بل الظّاهر انصراف ما دلّ على حرمة
الكذب الى النسبة الاسناديّة وعدم الشّمول للنّسبة التّقييدية لكن لا فرق فى القبح
العقلى بين النسبة الاسناديّة والنّسبة التقييديّة لكون القبح فى اظهار خلاف
الواقع مع العلم بالواقع كما مر فلا فرق بين ما لو كان اظهار خلاف الواقع بالنسبة
الاسنادية وما لو كان الاظهار بالنّسبة التقييديّة الحادى عشر انه لا اشكال فى
اختصاص الكذب بصورة تفطن المتكلم بمفاد الكلام فايّاك نعبد وايّاك نستعين من
العوام مع فرض المخالفة للواقع بناء على عموم الكذب للمكالمة مع الله سبحانه لا
يكون من الكذب الثّانى عشر انّ الصّدق كثيرا ما يطلق على صدق اللسان وهو غير عزيز
وقد يطلق على النية والارادة ويرجع ذلك الى الاخلاص وهو ان لا يكون الباعث على
الحركات والسّكنات الاوجه الحق عن شانه فمن مازج نيته بشيء من خطورات النّفس يكون
كاذبا فى النّية قال شيخنا البهائى فى شرح الحديث السّابع والثلثين في تفسير
النيّة الصّادقة المذكورة فى الحديث المذكور المراد بالنية الصّادقة انبعاث القلب
نحو الطّاعة غير ملحوظ فيه شيء سوى وجه الله سبحانه لا كمن يعتق عبده مثلا ملاحظا
مع القربة الخلاص من مئونة او سوء خلقه او يتصدّق بحضور النّاس لغرض الثواب
والثناء معا بحيث لو كان منفردا لم يبعثه مجرد الثواب على الصّدقة وان كان يعلم من
نفسه انّه لو لا الرّغبة فى الثواب لم يبعثه مجرّد الرّياء على الاعطاء ولا كمن له
ورد فى الصّلاة وعادة فى الصّدقات واتفق ان حضر فى وقتها جماعة فصار الفعل اخف
عليه وحصول له نشاط ما بسبب مشاهدتهم له وان كان يعلم من نفسه انّهم لو لم يحضروا
ايضا لم يكن يترك
العمل او يفتر عنه البتة وقال السيّد السّند العلى فى شرح الصّحيفة
السجّاديّة عند شرح قول مولانا سيّد السجّاد وزين العبّاد فى دعاء مكارم الاخلاق
وانته بنيتى الى احسن النيّات والظاهر انّ المراد بالنية فى الدّعاء هو القصد الى
فعل معين لعلّة غائية ولمّا كانت النيّة بهذا المعنى تنقسم باعتبار غايتها الى
قبيح وحسن واحسن سئل ان يبلغ بنية الى احسن النيّات والقبيح ما كان غائية امرا
دنيويّا وخطاء عاجلا وليس له فى الآخرة من نصيب كنية اهل الرّياء والنفاق ونحوهم
والحسن ما كان غائية امرا اخرويّا من رغبته فى ثواب او من رهبته من عقاب والاحسن
ما كان غائية وجه الله لا غير وبغير عنه بالنيّة الصّادقة وقد يطلق الصّدق ايضا
على العزم المتاكّد ويطلق الكذب على العزم الضّعيف وقد يطلق الصّدق والكذب على
الشهوة فيقال شهوة صادقة وشهوة كاذبة وقد يطلق الصّدق والكذب على الصّبح فيقال صبح
صادق وصبح كاذب وقد يطلق الصّدق والكذب على الرّؤيا والظاهر بل بلا اشكال ان اطلاق
الصّدق والكذب على ما كان مبنيّا على غير اللّسان من باب المجاز الثالث عشر انّ
المشهور اختصاص الصّدق والكذب بالاخبار وعن صدر الشريعة النّعيم للانشاء حيث انّه
حكم بانّه لا فرق بين النسبة فى المركب الاخبارى وغيره إلّا انّه ان عبّر عنها
بكلام تام يسمى خبرا وتصديقا كقولنا زيد انسان او فرس والّا يسمى مركبا تقييديا
وتصورا كما فى قولنا بازيد الانسان والفرس وايا ما كان فالمركب اما مطابق فيكون
صادقا غير مطابق فيكون كاذبا فيا زيد الانسان صادق ويا زيد الفرس كاذب ويا زيد
الفاضل محتمل للصّدق والكذب لكن مقتضى ما ذكر القول باطراد الصّدق والكذب فى
النّسبة التّقييدية لا القول بالاطراد فى الانشاء وتحرير الكلام فى المقام موكول
الى محلّه الرّابع عشر انّ الظاهر بل بلا اشكال انّ المدار فى الكذب على القول
بكون المدار على الاعتقاد انّما يكون على الاعتقاد حين الاخبار وامّا لو كان
المخبر مذعنا بالنّسبة سابقا على الاخبار فالامر من باب الكذب كما انّ الظاهر من
الاخبار على تقدير كون المدار على الواقع انما هو الاذعان حين الاخبار فاحتمال
الشك حين الاخبار وان كان مسبوقا بالاعتقاد خلاف الظاهر الخامس عشر انّ التشكيك مع
العلم بالثّبوت او العدم ومنه ما لو قيل لعل الشباب لنا يعود لا يتصف بالصّدق
والكذب لكون التشكيك من باب الانشاء كما يرشد اليه عدا لترجى من الانشاء السّادس
عشر انّه لو قيل افعل كذا فقيل سمعا كذا وطاعة وكان المكنون فى الخاطر المخالفة
فلعله لا يدخل فى الكذب اذ الفرض من الجواب انشاء الانقياد لا الاخبار انّه قد حكم
الوالد الماجد ره عند الكلام فيما لو قال القائل كل كلامى فى هذه السّاعة كاذب ولم
يتكلم بغير هذا بان الصّدق والكذب تارة باعتبار النّسبة كما هو الغالب واخرى
باعتبار المحمول بكون المحمول من باب الصّدق والكذب كما لو قيل كل كلامى فى هذه
السّاعة كاذب ولم يتكلم بكلام غير مطابق للواقع فعلى الاول يتّصف الخبر بالصّدق
والكذب باعتبار النسبة وعلى الثانى يتّصف الخبر بالصّدق والكذب باعتبار النسبة
وعلى الثانى يتصف الخبر بالصّدق والكذب باعتبارين فتارة يكون الاتّصاف باعتبار
النّسبة واخرى باعتبار المحمول فلو اتّصف الخبر باحد الاعتبارين بالصدق وبالاعتبار
الآخر بالكذب لا يلزم اجتماع النقيضين فان نقيض كل شيء دفعه والمفروض اختلاف
الجهتين وهو ماخوذ عن التّفتازانى فى الجواب عن الاشكال المتطرق فى المثال المذكور
على ما نقل كلام الخفرى فى رسالته المعمولة فى الباب الا ان التّفتازانى جعل
الاصوب ترك الجواب بذلك والاعتراف بالعجز عن حلّ الاشكال وفى المقام اجوبة اخرى
تقرب العشرة بل تتجاوز عنها وتحقيق الكلام فيه موكول الى محلّه الثامن عشر انّه
ربما يتوهم اصالة الصّدق بملاحظة ما ذكره اهل البيان من انه لا شك ان قصد المخبر
بخبره امّا الحكم فى او كونه عالما به ويسمّى الاول فائدة الخبر والثانى لازمها
وقرروا التلازم بانه لا يمكن ان ينفك الثّانى عن الاول دون العكس ويندفع بانه ليس
المقصود بالعلم فيما ذكر هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع
بل للقصود حصول الصّورة فى ذهن المتكلم وان كان خبره مظنونا او مشكوكا فيه
او موهوما او معلوم الكذب وهذا ضروري لكل عاقل تصدى للاخبار مع انه لو كان المقصود
بالعلم هو الجزم المطابق لما امكن الكذب وهو مقطوع الفساد بل امتناع الخلاف خلاف
شان الاصل على انه لا يتحصّل معنى للاصل فى المقام التاسع عشر انه قيل قد جرى
العرب على انّهم اذا نسبوا شيئا الى الخير والصّلاح اضافوه الى لفظة صدق كما يقال
رجل صدق يعنى رجلا صالحا وليس المراد بالصّدق ما يقابل الكذب ومنه قوله تعالى ولقد
بوّأنا بنى اسرائيل مبّوأ صدق وقيل كل ما نسب الى الصلاح والخير اضيف الى الصّدق
كقوله تعالى مبوّء صدق وكقولهم دار صدق وفرس صدق وقيل انّ الصّدق يستعمل فى مطلق
الجودة كما يقال خل صادق الحموضة وعنب صادق الحلاوة ومنه ما فى الدّعاء وهب لى صدق
الهداية العشرون انه قد حكم التفتازانى فى شرح التلخيص فى اوائل بحث الاسناد
الخبري تبعا لما نقله عن بعض المحقّقين المقصود به المحقق الرّضى بان الخبر يدلّ
على الصّدق واما الكذب فليس بمدلوله بل هو نقيضه قال قولهم يحتمله لا يريدون ان
الكذب مدلول لفظ الخبر كالصدق بل المراد انه يحتمله من حيث انه هو اى لا يمتنع
عقلا ان لا يكون مدلول اللفظ ثانيا اقول ان الصّدق انما هو مطابقة الخبر للواقع
بناء على كون المدار فى الصّدق والكذب على المطابقة والمخالفة للواقع كما هو
المشهور والمنصور حيث ان الصدق كالكذب صفة للخير ولا يكون الصّدق نفس الواقع كيف
لا ومن الواضح غاية الوضوح ان قيام زيد مثلا لا يتّصف بالصدق لو قيل قام زيد وكان
زيد قائما ولا مجال لدلالة الخبر على مطابقته للواقع كيف لا ولا مجال لدلالة
الذّات على وصفه مع انّ الخبر بنفسه بالنسبة الى مطابقته للواقع ومخالفته له على
السّواء فلا وجه لدلالته على المطابقة للواقع والظاهر ان منشأ الحديث المذكور
اشتباه المطابقة للواقع بالواقع اذ لو قيل مثلا قام زيد وكان زيد قائما فقيام زيد
مدلول الخبر إلّا انّه مبنى على فرض تحقق القيام لزيد فى الواقع فلا يتاتى الدلالة
على الصّدق كلية ولو كان الصّدق هو الواقع مع ان القيام المتحقق فى الواقع انما هو
القيام الجزئى المتشخص والقيام الواقع محمولا فى القضية الخبرية المدلول عليه بها
انّما هو القيام الكلى فلا بد فى الدلالة على الصّدق من قيام امارة من الخارج
كغلبة الصّدق على فرض ثبوتها او قيام ما يقتضى ويقضى بلزوم البناء على الصّدق
تعبدا هذا ومقتضى المقالة المذكورة اصالة الصّدق من باب الاصل الكاشف من الواقع
إلّا انّه لا يتاصل اصل فى مورد بواسطة نفس المورد بل لا بد فى تاصيل الاصل من
الرّجوع الى ما يقتضى من الخارج تاسيس اصل الكاشف عن الواقع او اصل تعبدى وقد تقدم
وجه آخر لتاسيس اصالة الصّدق وتزييفه الحادى والعشرون انّه قد ذكر المحقّق الرضى
عند الكلام فى اسماء الافعال انّ الكذب يستعمل فى الاغراء حيث انّه عندهم فى غاية
الاستهجان وممّا يغرى بصاحبه وباخذه فصار معنى كذب فلان الاغراء به اى الزمه وخذه
فانّه كاذب واذا قرن بعليك صار ابلغ فى الاغراء كانك قلت افترى عليك فخذه ثمّ
استعمل فى الاغراء بكل شيء وان لم يكن ممّا يصدر عنه الكذب نحو قولهم كذّب عليك
العسل اى عليك بالعسلان وكذب الحج اى عليك به وهو قد حكى عن بعض نقل الاختلاف نقل
فى اعراب ما بعده على القول بالرفع والنّصب وذكر فى توجيه النّصب انّه كما جاز ان
يصير نحو عليك واليك بمعنى فعل الامر فينصب به جاز ان يصير كذب وكذب عليك بمعنى
الامر فينصب به كما ينصب بالزم الثانى والعشرون انّه ربّما يتوهّم انه لو اخبر شخص
بإيذاء شخص فى المستقبل من باب الانتقام فقبح الكذب وحرمته ينافى حسن الصبر
واستحبابه بل وجوبه الانجرار الانتقام الى الايذاء وهو حرام بل الوجوب مقتضى بعض
الآيات قضية عد الله سبحانه الصّبر عن الانتقام من عزم الامور اذ الغرض انّه من
معزوم الامور اى ممّا يجب العزم عليه قضية لزوم الحمل على الانشاء بمقتضى لزوم الكذب
لولاه لكن يندفع ذلك بان قبح الكذب وحرمته بالنسبة الى الاخبار بارتكاب امر فى
المستقبل انما يتاتى فيما لو كان
المخبر حين الاخبار قاصدا للمخالفة فى الاستقبال وامّا لو كان حين الاخبار
قاصدا للموافقة لكن تطرق البداء وخيال المخالفة بعد الاخبار فلا قبح ولا حرمة فى
الاخبار كما تقدم فى باب اطراد الكذب فى الاستقبال ومع هذا يمكن القول بتطرق جهة
محسنة قاهرة على الكذب بواسطة الصبر نظير الكذب النّافع وبما مر يظهر الكلام فى
العفو والفرق بينه وبين الصّبر انّ المدار فى العفو على الاغماض فى الباطن والصّبر
اعم من الاغماض فى الواقع والاغماض فى الظاهر ثم انه قد جرى السيّد السّند العلى
فى شرح الصّحيفة السجّادية فى شرح دعاء مولانا سيّد السجّاد زين العباد عليه آلاف
التحيّة من ربّ العباد فى الصّلاة على رسول الله صلىاللهعليهوآله على اختصاص الكذب بالوعد وعدم عمومه للوعيد استناد الى
قول الشّاعر اذا وعد السرّاء انجز وعده وانّ اوعد الضراء فالعفو مانعه بملاحظة
المدح فيه على مخالفة الوعيد قضيّة لزوم خروج الامر عن الكذب لعدم جواز المدح
بالكذب قال ولخفاء الفرق فى ذلك من كلام العرب انتحل بعض اهل البدع بوجوب الوعيد
قياسا على الوعد للجهل باللّغة العربيّة لكنّك خبر بما فى الاستناد المذكور ممّا
يظهر ممّا مر من انّه يمكن ان يكون الامر مبينا على عموم تطرق البداء فلا يكون
الكذب قبيحا ولا حراما كما انّه يمكن القول بتطرق جهة محسنة على الكذب بواسطة
الصّبر والعفو وقد حكى السيّد السّند المشار اليه انه نقل ان أبا عمرو بن العلاء
نبه عمر بن عبيد على ذلك فلم يقبل وحكى عن المبرد عن المازنى انه نقل عن بعض انّه
نقل انه اجتمع ابو عمرو بن العلاء وعمر بن عبيد فى بعض المساجد وقال ابو عمرو لعمر
بن عبيد ما الّذى يبلغنى عنك فى الوعيد فقال انّ الله وعد وعدا واوعد إيعادا فهو
منجز وعده وايعاده فقال ابو عمرو ابيت أبا عثمان الا العجمة ولا اعنى عجمة لسانك
ولكن فهمك ان العرب يعد الرجوع عن الوعد لو ما وعن الوعيد كرما وانشد
وانى اذا اوعدته او وعدته
|
|
لمخلف إيعادي ومنجز وعدى
|
وذلك انّ الوعد
حق عليه والوعيد حق له ومن اسقط حق نفسه فقد اتى بالجود والكرم ومن اسقط حقّ غيره
فذلك هو اللوم قال السيّد السّند المشار اليه فهذا هو الفرق بين الوعد والوعيد على
ان كل ما ورد من وعبد الفسّاق مشروط بعدم العفو كما انّه مشروط بعدم التّوبة وفاقا
فلا يلزم من تركه الكذب فى كلام الله تعالى ولا يذهب عليك انّ غاية ما يقتضيه عد
العرب مخالفة الوعيد كرما انما هى كون مخالفة الوعيد من باب الكرم فى الجملة ولا
يثبت بهذا كون الوعيد خارجا عن الكذب حتّى مع قصد المخالفة حال الوعيد بل لا يتاتى
المخالفة مع قصد المخالفة حال الوعيد والكرم فى المخالفة كما ان غاية ما يقتضيه
الشعر المذكور انّما هى حسن مخالفة الايعاد فى الجملة وهو لا يستلزم خروج الايعاد
عن الكذب حتّى مع قصد المخالفة حال الايعاد بل لا يتاتى المخالفة مع قصد المخالفة
حال الايعاد على طبق ما سمعت ودعوى اشتراط ما ورد من الوعيد فى باب الفساق بعدم
العفو بعد الاغماض عن كون الامر من باب ممانعة العفو لا اشتراط عدمه تضعف بان
اشتراط العقوبة على الفسق بعدم العفو لا يستلزم اناطة صدق الكذب بعدم العفو الا
بناء على استلزام الكذب للعقوبة وهو محلّ المنع كيف والخطاء من باب الكذب مع عدم
العقوبة فيه والظاهر انّ دعوى المشار اليها مبنية على حسبان الاستلزام وامّا
التوعيدات فى الكتاب على المعاصى بالعقاب فهى مقيّدة بعدم تطرق العفو لما يقتضيه
فالمرجع الى كون المعصية من باب المقتضى للعقاب والتقييد امر سهل بعد الاغماض عن
عدم اعتبار اطلاقات الكتاب ويرشد اليه انّ تعليل كثير من المناهى فى السنة مثل
تعليل كراهة الوضوء بالماء الشّمس وغيرها من باب التّعليل بالمقتضى بقى انه قد نقل
الوالد الماجد ره فى بحث النسخ اقوالا فى ان الوعد والوعيد من باب الاخبار
والانشاء وانّهما على الاول عبارة عن الاخبار عن التّصميم والعزم على الفعل فى
المستقبل او الاخبار عن ايقاع الفعل واختار القول بالوسط استنادا الى
التّبادر وعدم صدق الكذب بمجرّد التّرك وليس على ما ينبغى الثالث والعشرون
انّه قد ذكر فى الكلام ان تعريف الخبر بما يحتمل الصّدق والكذب يستلزم الدّور اذ
معرفة الصّدق والكذب تتوقف على معرفة الخبر والمفروض توقف معرفة الخبر على الصّدق
والكذب فجاء الدّور وظاهر التفتازانى فى بعض تعليقاته على شرحه على التّلخيص ان
الاصل فى الايراد المذكور صاحب المفتاح اقول انّ معرفة الخبر لا تتوقف على معرفة
الصّدق والكذب اذ يمكن انّ يعلم شخص بتعليم شخص ان مثل زيد قائم خبر ولو لم يعرف
الصّدق والكذب كما انّ من له خطّ قليل من العربيّة يعلم ان مثل زيد قائم من باب
الخبر ولو لم يعرف الصّدق والكذب كيف لا والصّدق والكذب صفتان للخبر ومعرفة الذات
لا تتوقف على معرفة الصّفة نعم معرفة الصّدق والكذب يتوقف على معرفة الخبر وان قلت
ان المفروض تعريف الخبر بما يحتمل الصّدق والكذب فمعرفة الخبر موقوفة على معرفة
الصّدق والكذب قلت انه لا يلزم فى التّعريف توقف معرفة المعرف بالقبح على معرفة
المعرف بالكسر كيف لا ولو عرف الشيء بالحد التام او الناقص يمكن معرفة ذلك الشيء
بتعريفه بالرسم التّام او الناقص وبالعكس بل فى كل من الصور المذكورة يمكن معرفة
ذلك الشيء بتعريفه بالتعريف اللفظى وبالجملة التعريف فى المقام من باب التعريف
اللفظى اذ احتمال الصدق والكذب لا يكون من باب الذاتى للخبر ولا من باب العرض
الخاص او العام له وربما اجيب ايضا بوجهين الثّامن والعشرون انّ من الظنون اللفظية
المعروفة الاستخدام ايضا وقد ذكر له في البديع وجهان احدهما ان يذكر ان لفظ له
معنيان حقيقتان او مجازيان او مختلفان ويكون المراد به احد المعنيين ويرجع اليه
ضمير باعتبار معناه الآخر نحو اذا نزل السّماء بارض قوم رعيناه وان كانوا غضابا
ثانيهما ان يذكر له لفظ له معنيان بالاشتراك او التجوز او الاختلاف ويرجع اليه
ضمير ان باعتبار معنيين نحو فسقى الغضا والساكنيه وان هم شبوه بين جوانحى وضلوعى
حيث انه اريد باحد الضميرين الرّاجعين الى الغضا وهو الضمير المجرور فى السّاكنيه
المكان وبالآخر وهو الضّمير المنصوب فى شيوه النّار اى نار الغضا يعنى نار الهوى
التى تشبه نار الغضا ولتحقيق الكلام فى المرام تقتضى تقديم مقدمة هي الكلام فيما
وضع له ضمير الغائب فنقول انه قد حكم المحقق القمّى فى بحث تخصيص العام بالضّمير
الرّاجع الى بعض افراده بما هو تحرير ان يقال انّ ضمير الغائب موضوع لشيء معهود
بين المتكلم والمخاطب قبل ارجاع الضّمير لكونه من المعارف فانهم قد عرفوا المعرفة
بانها ما وضع لشيء بعينه اى من حيث معلوميّة ومعهوديّة فيجب ان يكون ضمير الغائب
لشيء معلوم معهود قبل ارجاع الضّمير فضمير الغائب سواء كان موضوعا لمفهوم الكلى او
لكل واحد من الافراد يكون حقيقة فى المعهود ومجازا فى غيره والمعهودية اما باللفظ
سواء كان دلالة اللفظ عليه بالوضع او للعلاقة لكن لا بدّ ان يكون مدلولا مطابقيا
له والا لما كان معهودا وامّا بغير اللفظ كمقتضى المقام واذا ذكر اللفظ اريد به
ظاهره وحقيقته او معناه المجازى من دون اقامة قرينة عليه قبل ذكر الضّمير يكون
مستعملا فيما وضع له ولا اشكال فى تحقق الوضع الاصلى واما اذا كان المرجع لفظا له
حقيقة واريد به المعنى المجازى من دون اقامة قرنية عليه قبل ذكر الضّمير وكان
مرجعا باعتبار ذلك المعنى المجازى فلا اشكال ح فى كون استعمال الضّمير فى غير ما
وضع له ويكون مجاز العدم استعماله فى شيء معهود بل فى غيره والعلاقة تنزيله
باعتبار ارادته من اللفظ منزلة المعهود وهذا هو المراد من مجازية الضّمير وهكذا
الحكم لو اريد من المرجع حقيقته ومن الضّمير مجازه سواء كان ذلك المعنى المجازى
بعض المدلول الحقيقى او غيره لان الاصل لما كان هو الحقيقة يكون المعهود هو المعنى
الحقيقى واما المعنى المجازى سواء كان جزء المعنى الحقيقى او غيره لا يكون معهودا
اصلا فارادته من الضّمير يكون استعمالا فى غير ما وضع له ولو قيل انّ الجزء
باعتبار ارادته فى ضمن الكل معهود فكيف يكون مجازا قلنا معهوديّته من حيث الجزئيّة
لا من حيث الاستقلال وبعبارة اوضح ان المذكور سابقا من حيث كونه جزء والمراد
بالضّمير من حيث كونه مستقلّا ومن
هذه الحيثية لم يكن معهودا ومعهوديّته من حيثية اخرى لا تؤثر فى جعل
الاستعمال حقيقة والحاصل ان مقتضى وضع ضمير الغائب رجوعه الى متقدم معهود قبل
ارجاع الضّمير مفهوم بين المتكلم والمخاطب بالدلالة العقليّة او اللفظية واذا ظهر
بعد ذكر الضّمير كون المراد به غير ما هو المعهود والمدلول ظهر كونه مجازا وعلى
ذلك المنوال الحال لو اريد من المرجع معناه المجازى مع نصب القرينة او بدونها ومن
الضّمير معناه الحقيقى ويرد عليه ان مبنى ما ذكر انّما هو تعريف المعرفة بما سمعت
لكن من المعارف المعرف بلام الجنس نحو الرّجل خير من المرأة مع انه ليس موضوعا لا
افرادا ولا تركيبا لا بالشّخص ولا بالهيئة لما هو المعهود بين المتكلم والمخاطب
نعم لو كان شيء موضوعا لكان هو اللام مع انّه لا مجال لكون اللام موضوعة لما هو
المعهود بين المتكلم والمخاطب بل لم يقل احد بالدلالة على التعاهد بين المتكلم
والمخاطب بل قد حررنا فى محلّه انه لا مجال لكون اللام موضوعة لتعريف المدخول اعنى
الدلالة على حضور المدخول فى ذهن المتكلم وان كان اسم الجنس المنون بتنوين التمكّن
حاضرا فى الذهن ايضا الا انّ الفرق فى الدلالة على الحضور واستلزام الحضور نظير
علم الجنس واسم الجنس فانّ الاوّل موضوع للطبيعة الحاضرة فى الذهن فهو يدل على كلّ
من الطّبيعة وحضورها في الذّهن والثّانى موضوع للطّبيعة التى يستلزم استعمالها
حضورها فى الذّهن فهو يدل على الطبيعة فقط ونظير الفرق بين زيد فى يا زيد مثلا
وانت خطابا بزيد فان الاوّل يدلّ على الذات المستلزم بذاته لحضوره فى الذّهن
والثانى يدلّ على الذات وحضوره فى الذّهن لعدم اتفاق المعنى المذكور من احد من اهل
العرف وعدم انفهام المعنى المذكور من احد من السّامعين من اهل العرف ايضا وكونه من
باب اللغو البحث وايضا من المعارف العلم الشّخصى وليس الماخوذ فيما وضع هو له
التعين عند المخاطب والامر فيه بمكان من الوضوح فلو قيل زيد ابنى جاءنى مع عدم
معرفة المخاطب بحال زيد ليس مجازا بلا شبهة وايضا منها المضاف الى المعرفة ولا
يلزم فى تعريفه المتعيّن عند المخاطب فانه ليس ايضا موضوعا لا افرادا ولا تركيبا
لا شخصا ولا هيئة لما هو المعهود بين المتخاطبين ولذلك لو قيل ابنى زيد جاءنى مع
عدم معرفة المخاطب يكون حقيقة بلا اشكال وايضا منها الموصول ولو قيل احسنت الى من
احسن الى يكون حقيقة بلا شبهة مع عدم التعيّن عند المخاطب نعم الغالب فى استعمال
المعارف في التّجاوز بها مع المخاطب تعينها عنده فلا اقل من كفاية التعيّن عند
المتكلم وبعد هذا اقول انه لا يلزم فى التّجاوز بالمعرفة كونه مع المخاطب فربما
يتجاوز به الشّخص مع نفسه ولا يبلغه خيال التجوّز وايضا مقتضى ما ذكر كون الضّمير
حقيقة فى رايت اسدا يرمى هو ومجازا فى رايت اسدا هو يرمى وهو بمكان من البعد كما
ان مقتضاه كون الضّمير مجازا لو تعدّد ما يصلح ان يرجع الضّمير اليه ورجع الى البعض
مع انه لا يفهم منه التجوّز ولا يلاحظ المستعمل فيه العلاقة وايضا كفاية تنزيل
المراد منزلة المعهود تصحيحا للتجوّز بارجاع الضّمير الى المعنى المجازى المراد
بالمرجع مع عدم نصب القرينة بعد كون الضّمير موضوعا للرّجوع الى المعهود بين
المتخاطبين لا يخلو عن الاشكال فح نقول انه يمكن القول بكونه موضوعا للمذكّر
الغائب المدلول عليه بمرجع سواء كانت دلالة المرجع عليه حقيقة او مجازية وسواء كان
تمام معناه او جزء معناه فالمدار ح فى كون الضّمير حقيقة على كون المراد منه
المذكر الغائب المدلول عليه بالمرجع باحدى الدّلالات على تقدير ثبوت دلالة التضمّن
ويكون مجازيته بان الايراد منه الرّجوع الى المذكر الغائب الا انّ الظاهر بل ربما
استظهر نفى الخلاف عنه اشتراط كون المذكر الغائب مرادا من المرجع حقيقة او مجازا
فلا يتّصف بالحقيقة لو اريد به جزء ما اريد بالمرجع فالظاهر كونه موضوعا للمذكر
الغائب المراد من المرجع حقيقة او مجازا بالمطابقة فيكون اتّصافه بالحقيقة والمجاز
باعتبار ان يراد به المذكر الغائب المراد من مرجعه مطابقة وعدمه واختاره ايضا صاحب
المعالم تبعا للباغنوي
ويمكن القول بكونه حقيقة ايضا لو كان المراد به المذكر الغائب المراد من
المرجع بالمطابقة او الظاهر منه فى نفسه ولو اريد بالمرجع معناه المجازي مع نصب
القرينة او عدمه فهو موضوع للمذكر الغائب المراد من المرجع بالمطابقة او الظّاهر
منه بالمطابقة فتدبر وربما احتمل بعضهم كونه موضوعا للمذكر الغائب الذي يكون مرجعه
حقيقة فيه فان اريد بالمرجع معناه المجازى وبالضّمير المعنى الحقيقى لذلك المرجع
كان الضمير حقيقة وان عكس كان مجازا فالمرجع على هذا فى كون الضّمير حقيقة او
مجازا هو ان يكون المراد المعنى الحقيقى للمرجع وعدمه وهو ظاهر العضدي إلّا انه
نفيه المحتمل بانه قد ينبغى ان يرتاب فى انّه لا دخل لحقيقة المرجع ومجازه فى وضع
الضّمير فانا نعلم قطعا ان ضمير المذكر الغائب وضع للارجاع الى مرجع يدلّ على
المذكر الغائب واستعمل فيه سواء كان حقيقة او مجازا وهو فى محلّه لكن دعوى القطع
بكونه حقيقة فى صورة الرّجوع الى المعنى المراد بالمرجع مجازا لا يتاتى على تقدير
عدم اقامة القرينة فتدبر وبالجملة يتاتى الكلام تارة فى اصل الاستخدام واخرى فيما
ذكر له من المثال امّا الاول فمقتضى ما تقدم فساد الاستخدام لعدم سبق مرجع يصلح
الرّجوع الضمير اليه اذ غاية ما يمكن القول به فى باب الضّمير كونه موضوعا للمعنى
المراد من المرجع وان لم يعرفه المخاطب او لم يكن مخاطب فى البين والمفروض فى باب
الاستخدام عدم سبق معنى يصلح الرّجوع الضّمير اليه راسا اللهمّ إلّا ان يقال ان
الامر من باب المجاز لكنه يندفع بانه لا يتصوّر فى المقام علاقة غير التضاد وهى
غير متاتية هاهنا لاختصاصها بالزنجي والكافور لكن يمكن ان يقال ان الضّمير موضوع
للرّجوع الى معنى ويكفى فى الرجوع الى المعنى كون المعنى المرجوع اليه مكنونا فى
نفس المتكلم ولا يلزم سبق المرجع فى الذكر لكثرة مواضع يقع فيها الضّمير مع عدم
سبق المرجع وقد وقع بعض منها فى الكتاب كما فى تقدم المرجع تقديرا وهو ما لو كان
متاخرا لكن كان متقدما تقديرا كما فى موارد الاضمار قبل الذكر لفظا كما فى اتّصال
ضمير الفاعل بالمفعول به المقدم نحو خاف ربّه زيد وتقدم المرجع معنى بدلالة اللّفظ
بان يكون قبل الضّمير لفظ يفهم منه بعينه المعنى المرجوع اليه نحو قوله سبحانه (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) فان مرجع الضّمير هو العدل المفهوم من اعدلوا او بدلالة
سياق الكلام دلالة قرينة نحو قوله سبحانه (وَلِأَبَوَيْهِ
لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) حيث انه مسوق لبيان الميراث فيلزم ان يكون هناك مورث او
دلالة بعيدة وقد مثل له الفاضل الرّضى بقوله سبحانه (حَتَّى تَوارَتْ
بِالْحِجابِ) حيث ارجع الضّمير الى الشمس اذ العشى المذكور فى الآية
السّابقة تدل على تواري الشمس وبقوله سبحانه (كُلُّ مَنْ عَلَيْها) فان لدلالة الفناء مع لفظه على على كون مرجع الضّمير هو
الارض وبقوله (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) اذ النزول فى ليلة القدر التى هي فى شهر رمضان دليل على
ان المنزل هو القرآن بملاحظة قوله سبحانه (شَهْرُ رَمَضانَ
الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) وبقوله سبحانه (ما تَرَكَ عَلى
ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ) فان ذكر الدابة مع ذكر الظهر يدل على ان المراد ظهر
الارض ولقوله سبحانه (وَإِنْ كانَتْ
واحِدَةً) اى ان كانت الورثة واحدة لانه فى بيان الوارث وتقدم
المرجع حكما وهو ما اذا لم يتقدم المرجع لكن فرض تقدّمه وجعل فى حكم المتقدم وارجع
الضمير بدون سبق المرجع تنزيلا للمتقدم فى التعقل منزلة التقدم فى الذكر كما فى
جميع موارد الاضمار قبل الذكر لفظا ورتبة وقد حصرها الفاضل الرضى نقلا فى خمسة ما
اذا كان الضمير للشان او القصة او كان مرفوعا باول المتنازعين واعمل الثانى او كان
فاعلا فى باب نعم مفسرا بتمييز نحو نعم رجلا زيدا ومبدّلا منه بظاهر نحو ضربته
زيدا او مجرورا برب نحو ربه رجلا ففى هذه المواضع لم يسبق مرجع الضمير ولا مجال
للحكم بكون الضمير من باب الغلط لكون بعض تلك المواضع من الكتاب مع ظاهر كلمات
النّحويين وهم اهل الخبرة والبصيرة صحّة استعمال الضمير فيها بل مقتضى كلمات ارباب
البديع وهم اهل الخبرة والبصيرة ايضا صحّة الاستخدام ولا مجال لارتكاب التجوز لفقد
العلاقة كما مر فلا بدّ من تعميم المرجع بعدم اختصاصه بمسبوق الذكر وبهذا
يتجه الايراد على المحقق القمى زائدا على ما تقدم وامّا الثانى فالمثال
الاول يتاتى الاشكال على التمثيل به بان النبت ليس من معنى السّماء ولم يستعمل
السّماء فى النبت فى غير ذلك المثال نعم الظاهر تعاهد استعمال السّماء فى الغيث
مجازا وان امكن الاشكال فى صحّة التجوز بالسّماء عن الغيث نعم ربما قيل ان المقصود
بالسّماء فى قوله سبحانه (وَفِي السَّماءِ
رِزْقُكُمْ) هو السّحاب والمقصود بالرزق الغيث لكن البيضاوي جعل
الامر من باب الاضمار بتقدير الاسباب او تقدير التقدير حيث جرى على ان الغرض ان فى
السّماء اسباب الرّزق او تقديره ويمكن ان يقال ان المقصود بالمعنى ما يصحّ ان
يستعمل فيه اللفظ وان لم يستعمل فيه واستعمال السماء فى النبت جائز لكن نقول ان
التجوّز بالسّماء عن النبت محل الاشكال لفقد العلاقة بل لا علاقة فى الباب بلا
ارتياب ولعله وقع الاشتباه فى التمثيل بين المعنى الحقيقى للسّماء والمعنى المجازي
لها اعنى الغيث لصحة استعمال الغيث فى النبت بعلاقة السّببية ومع هذا لا ينحصر معنى
السّماء فى الغيث والنبت كما هو مقتضى الوجه الاول كيف وكلّ من الغيث والنيات معنى
مجازى للسّماء ومعناها الحقيقى معنى ثالث على حدّة ومع هذا يمكن الاستخدام فى
الارض بكونها مستعملة فى معناها الحقيقى ورجوع الضّمير المنصوب الى معناها المجازى
اعنى النبت تسمية للحال باسم المحلّ كاطلاق المجلس على الحضار بل الاقرب يمنع الا
بعد فيتعين كون رجوع الضّمير المنصوب الى الارض بالمعنى الحقيقى من باب كفاية ادنى
الملابسة فى صحّة الاضافات والاسنادات بل نسبة الرعى الى الارض متعارفة فى العرف
كما يقال رعينا قريتنا إلّا ان يقال ان الارض مؤنثة ولم تستعمل على وجه التذكير
كما هو مقتضى ما ذكره فى القاموس والمصباح لكن الارض وان كانت مؤنثة لكن تستعمل
على وجه التذكير قليل كما حكاه فى المصباح عن الفارانى لكن لا يخرج
الامر عن الجواز وفيه الكفاية وامّا المثال الثّانى فيتاتى فيه الاشكال على
التمثيل به بان استعمال الغضا فى النّار فى غير ذلك المثال غير ثابت بعد ثبوت
الاستعمال فى المكان اى مكان الغضا كما هو الظّاهر بل ربما يقال بالنقل ومع هذا
مرجع الضّمير هو نار الغضا كما هو الظّاهر بل ربما يقال لشدة قوتها وزيادة دوامها
لا مطلق النار واستعمال الغضا فى نار الغضا يستلزم استعمال اللّفظ فى معنيين فى
استعمال واحد للزوم استعمال اللفظ فى المضاف والمضاف اليه نعم لو كان المرجع هو
النار لما يرد ما ذكر لكنه خلاف ما ذكر فى تفسير الاستخدام ثمّ انه ربما يتوهم ان
الاستخدام على الوجهين المذكورين من باب استعمال اللّفظ فى معنيين فى استعمال واحد
ويندفع بوضوح ان اللفظ لم يستعمل الا فى معنى واحد وانما الضّمير يرجع باعتبار
معنى آخر لم يستعمل فيه اللفظ وايضا ربما استشكل فى الفرق بين الاستخدام والتورية
وفرق بينهما بان المدار فى الاستخدام على ارادة المعنيين من اللّفظ الواحد بخلاف
التّورية فانه لا يراد فيها من اللفظ الا البعيد عن المعنيين اقول ان المدار فى
التورية على ذكر اللفظ وارادة معنى خلاف الظاهر سواء كان يذكر اللفظ وارادة المعنى
المجازى مع عدم نصب القرينة او يذكر اللفظ المشترك الظاهر فى بعض معانيه وارادة
المعنى الغير الظاهر او يذكر المطلق المنصرف الى الفرد الشائع وارادة الفرد
النّادر وسواء كان الظاهر ظاهرا عند مطلق المخاطب او المخاطب الملقى اليه الكلام
بمقتضى المقام من السّؤال والجواب وقد حرّرنا الكلام فى التورية فى الاصول فى بحث
التّخصيص بالنية وامّا الاستخدام فالمدار فيه على ذكر اللّفظ وارادة المعنى المتحد
منه سواء كان من باب الحقيقة او المجاز وارجاع الضمير الى معنى آخر اللّفظ المذكور
كما يظهر ممّا مر فافتراق الاستخدام من التورية وغيرها بحديث ارجاع الضمير الى
المعنى الآخر للّفظ والّا فلا فرق بين الاستخدام والتورية وغيرها فى اتحاد المعنى
المراد وقد سمعت فى العنوان السّابق اتحاد المراد فى باب الاستخدام فلا اشكال فى
الفرق بين الاستخدام والتّورية والوجه المذكور فى بيان الفرق كما ترى لما سمعت
آنفا وسالفا من اتّحاد المعنى المراد فى باب الاستخدام وايضا قد ذكر السيّد الشّريف
فى تعليقات المطول انّ الاستخذام بالمعجمتين من خذمت الشيء بمعنى قطعته قطع
الضّمير عما هو حقه قال
__________________
ويروى بالحاء المهملة والذال المعجمة من حذمت اى قطعت ايضا وروى بالمعجمة
والمهملة كانه جعل المعنى الذى لم يرد اولا تابعا فى الذكر للمعنى المراد فرد اليه
الضّمير بقى انّ الشّيخ الصّفى قد عرف الاستخدام فى كتاب الفه فى الصّناعات
العربيّة بان ياتي المتكلم بلفظة مشتركة بين معنيين مقرونة بقرينتين تستخدم كلّ
قرينة منهما معنى من معنيين تلك اللّفظة كما فى قوله سبحانه (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ
سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ
حَتَّى تَغْتَسِلُوا) حيث انه سبحانه قد استخدم لفظ الصّلاة لمعنيين احدهما
اقامة الصّلاة بقرينة قوله سبحانه (حَتَّى تَعْلَمُوا ما
تَقُولُونَ) والآخر موضع الصّلاة بقرينة قوله سبحانه (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) وقد حكاه الشّهيد في الرّوض عن بعض اهل البيان وحكاه
شيخنا البهائى فى الحبل المتين ومشرق الشّمسين عن بعض فضلاء فن العربيّة من
اصحابنا حاكيا فى المشرق انّ صاحب الكلام من اعلام علماء المعانى واعاظم بلغائهم
وفى حاشية الحبل ولعلّ الظاهر انّ الحاشية من المصنّف انّ صاحب هذا الكلام من
اكابر فنون العربيّة والادب وحكاه المحدّث القاشانى فى الصّافى والوافى فى بعض
البارعين فى علم البلاغة والمقصود بالبعض فى كلامهما هو الشيخ المتقدم ذكره وانت
خبير بانه يستلزم استعمال المشترك فى معنيين مع انّه لو كان المدار فى الاستخدام
على الاستعمال المشترك فى معنيين كما هو مقتضى التعريف المذكور فيخرج الآية بناء
على التقرير المذكور عن الاستخدام بكون الامر فى الآية على التقرير المذكور من باب
الاستعمال اللفظ فى المعنى الحقيقى والمجازي على ان دعوى اشتراك الصّلاة فى غاية
وضوح الفساد مضافا الى انه كان الصّواب ان يقول احدهما الاركان المخصوصة كما هو
المعروف لا اقامة الصّلاة كيف لا ولا مجال لكون الصّلاة بمعنى اقامة الصّلاة نعم
النهى عن الاركان المخصوصة يرجع الى النهى عن اقامتها ومع ما ذكر نقول انّه قد حكى
شيخنا البهائى فى الكتابين انّه روى عن اصحاب العصمة وعمل به الاصحاب كون المقصود
بالصلاة هو مواضع الصّلاة اى المساجد والمقصود لا تقربوا الصّلاة فى حالتين حالة
السّكر لانّ الّذي ياتى المسجد انّما ياتيه للصّلاة وهى مشتملة على اذكار واقوال
يمنع السّكر عن الاتيان بها على وجهها والحالة الثّانية الجنابة واستثنى من هذه
الحالة حالة العبور اى الاجتياز فى المسجد فلا مجال لحمل الصّلاة على الاركان
المخصوصة لكن ذكر شيخنا البهائى ان الكلام امّا من قبيل تسمية المحلّ باسم الحال
فانه مجاز شايع فى كلام البلغاء او على حذف مضاف اي مواضع الصّلاة وللاخفاء فى انه
لا اختصاص للمواضع بالمساجد ولا مجال لعموم الحكم لجميع مواضع الصلاة لو كانت
ممهدة للصّلاة فيها كالبيت الممهّد للصّلاة فيه فلا بدّ من التّخصيص بالمساجد اما
باستعمال الصّلاة فى المساجد او اضمار المواضع وتخصيص المواضع بالمساجد من باب قصر
الحكم لا قصر العموم اذ لا مجال الاضمار المساجد واما استعمال الصّلاة فى مواضع
الصّلاة وتخصيص المواضع بالمساجد من باب قصر الحكم فلا مجال للزوم الجمع بين
المعنى الحقيقى والمجازى فى استعمال واحد وان قلت ان الوجه المتقدم لا ينافى
الرّواية المذكورة لان الرّواية هكذا قلنا له الجنب والحائض تدخلان المسجد ام لا
قال لا يدخلان الا مجتازين ان الله تبارك وتعالى يقول ولا جنبا الّا عابرى سبيل
حتّى تغتسلوا وهو عليهالسلام لما سكت عن تفسير الصّلاة بمواضعها فاحتمال ارادة
المعنى الحقيقى الشرعىّ قائم قلت ان مدار الرّواية المذكورة على استعمال الصّلاة
فى المسجد او اضمار المواضع كما يظهر ممّا مرّ وكل منهما ينافى كون الغرض النّهي
عن نفس الصّلاة اذ الاضمار المبنى على ثبوته الرّواية المذكورة لا يجتمع مع ثبوت
عدمه المبنى عليه الوجه المتقدم باعتبار اشتماله على النّهى عن نفس الصّلاة
والتجوز فى الصّلاة عن المسجد يمانع عن ارادة الاركان المخصوصة من الصّلاة بناء
على عدم جواز الجمع بين المعنى الحقيقى والمجازى في استعمال واحد ومع هذا نقول انه
نقل الطبرسى عن جماعة كون المقصود
بالصّلاة هو معناها المعروفة اى الاركان المخصوصة وربما روى هذا نقلا عن
امير المؤمنين عليه السّلم فالمراد لا تصلوا فى حالتين حالة السّكر وحالة الجنابة
واستثنى من حالة الجنابة صورة عبور السبيل اى المسافرة مع عدم وجدان الماء كما هو
الغالب من حال المسافرين فيجوز ح الصّلاة بالتيمّم الّذى لا يرتفع به الحدث وانّما
يباح به الدّخول فى الصّلاة فالوجه المتقدم خلاف الرّوايتين بل خلاف الاتفاق فى
المراد بالآية وان امكن ترجيح الرّواية الاولى مع قطع النّظر من رجحانها لاشتهارها
رواية بل عملا كما هو مقتضى ما تقدّم الّا ان النّقل عن اصحاب العصمة مبنى على
المسامحة لانه ذكر انه روى تلك الرّواية زرارة ومحمّد بن مسلم عن الباقر ع السلامة
عن التكرار لبيانه سبحانه حكم الجنب الفاقد للماء فى حال المسافرة بعد ذلك فى قوله
سبحانه (وَإِنْ كُنْتُمْ
مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) إلّا ان يقال ان منافاة الوجه المتقدم مع هذه الرّواية
انما يوجب ضعف الوجه المتقدّم لو ثبت اعتبار هذه الرّواية سندا وليس بثقات نعم
المنافاة لتفسير الجماعة لا تخلو عن التّوهين وبما مر يظهر ضعف ما ذكره شيخنا
البهائى فى مشرقة من ان الوجه المتقدم لا يتاتى الرواية الاولى تعليلا بان
الرّواية هكذا قلنا له الجنب والحائض يدخلان المسجد ام لا قال لا يدخلان الا
مجتازين ان الله تبارك وتعالى يقول (وَلا جُنُباً إِلَّا
عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا) هذا لفظ الرواية وهو عليهالسلام لما سكت عن تفسير الصّلاة وجها لا ارادة معناها الحقيقى
قائم مضافا الى انّه لو لم يتات المنافاة بين الرّواية الاولى والوجه المتقدم لا
يتاتى فاحتمال المنافاة بين الرّواية الاولى والثانية مع انه مال الى ترجيح
الرّواية الاولى لعدم ثبوت الرّواية الثانية وبسلامة الرّواية الاولى عن شائبة
التكرار لبيانه سبحانه حكم الجنب الفاقد للماء فى حال المسافرة بعد ذلك كما مر
وكذا ضعف ما صنعه المحدث المحسن القاشانى فى الصّافى حيث انه اختار الوجه المتقدم
وحكم بانه الموافق لما روى من الاخبار فى الباب وحكى عن العامة التكليف تارة بان
المراد مواضعها اي المساجد بقرينة قوله سبحانه (عابِرِي سَبِيلٍ) واخرى بان المراد بعابرى سبيل حالة السّفر وذلك اذا لم
يجد الماء ويتيمّم بقرينة حتى تعلموا ما تقولون والظاهر بل بلا اشكال انّ منشأ ما
صنعه انّما هو ما تقدم عن شيخنا البهائى من دعوى عدم المنافاة بين الوجه المتقدم
والرّواية الاولى هذا وقد حكى الطّبرسى الاختلاف فى السّكر في الآية على القول
بكونه هو سكر الخمر والقول بكونه سكر النوم وايضا يتطرّق الاشكال تارة بانّ نهي
السّكر ان حال السّكر يستلزم جواز تكليف الغافل واخرى بان مقتضى الآية كون
السّكران منهما عن الصّلاة حال السّكر وهو خلاف الاتّفاق على كون السّكران مكلّفا
وتفصيل الكلام في الجواب موكول الى محلّه وقد تركنا التعرّض له هنا لعدم الحاجة
اليه فى المقام التّاسع والعشرون ان من الظنون اللفظيّة المعروفة التّضمين ايضا
وقد ذكر ابن هشام فى المعنى فى الباب الثامن من القاعدة الثالثة من القواعد
المرسومة فى الباب المذكور الكلام فى التضمين قال قد يشربون لفظا معنى لفظ فيعطونه
حكمه وفائدته ان يؤدى كلمته مؤدى كلمتين وذكر للتضمين امثلة منها قوله سبحانه (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى
أَمْوالِكُمْ) وحكى عن ابى الفتح انه قال احسب لو جمع ما جاء منه لجاء
منه كتاب يكون ستّين ورقا وربما يحكى عن ابن جنى انه لو جمعت تضمينات العرب
لاجتمعت مجلّدات وقد ذكر ابن هشام ايضا فى باب الخامس فى الامر الخامس من الامور
التى يتعدّى بها الفعل القاصر طائفة من الكلام فى التّضمين الّا ان كلامه هناك حال
عن تفسير التضمين وانّما ذكر هناك مجرد تعدية اللفظ بحرف بواسطة تضمين معنى وقال
التفتازانى فى حواشى الكشاف نقلا فان قبل الفعل المذكور ان كان مستعملا فى معناه
الحقيقى فلا دلالة له على معنى الفعل الآخر وان كان فى معنى الفعل فلا دلالة له
على معناه الحقيقى وان كان فيهما لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز
قلنا هو مستعمل فى معناه الحقيقى مع حذف حال ماخوذة من الفعل الآخر بمعونة
القرينة اللفظيّة فقولنا يقلّب كفيه على كذا معناه قادما على كذا وقال السّيّد
الشريف فى حواشى الكشاف نقلا ان الاظهر ان يقال ان اللفظ مستعمل فى معناه الاصلى
فيكون هو المقصود اصالة لكن قصد بتبعيّته معنى آخرا يناسبه من غير ان يستعمل فيه
ذلك اللفظ او يقدر له لفظ آخر فلا يكون من باب الكناية ولا من باب الاضمار بل من
قبيل الحقيقة التى قصد بتبع معناها الحقيقى معنى آخر يناسبه وقال شيخنا البهائى فى
تعليقاته على تفسير البيضاوى التضمين اشراب كلمة معنى اخرى ليؤدى مؤداهما والاوضح
انه قصد المعنى الحقيقى من كلمة يلاحظ معه اخرى دالا عليه بذكر شيء من متعلّقاته
الثانية او حذف شيء من متعلّقات الاولى كقوله تعالى (فَلْيَحْذَرِ
الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) بتضمين يعدلون وقولهم ذهبت مصرا بتضمين اتيتها وقال فى
اربعينه فى شرح الحديث التّاسع والحق انّه اى التضمين حقيقة لا اضمار فيه وليس
اللفظ مستعملا فى كلا المعنيين ولا المعنى الآخر مرادا بلفظ مقدّر على حدة ليلزم
ذلك اى الأضمار بل اللفظ مستعمل فى معناه الحقيقى وهو المقصود منه اصالة ولكن قصد
بتبعيّته معنى آخر من غير ان يستعمل فيه ذلك اللفظ ويقدّر لفظ آخر وجرى السيّد
السّند المحسن الكاظمى مجرى السيّد الشريف وحكم بان التضمين ليس من باب الاضمار
ولا من استعمال اللفظ فيما يراد تضمينا حتى يكون المذكور مجازا او كناية ولا من
استعماله فى كلّا المعنيين حتّى يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز وانّما هو ضرب آخر
يستعمل اللّفظ فى حقيقته ويلحظ بالتبعيّة معنى آخر يناسبه واحتمل شيخنا السيّد
وجوها فى المقام احدها ان يكون اللفظ مستعملا فى معناه الحقيقى ويضمر المعنى
المجازى بقرينة الحرف المذكور مثلا بطريق القيديّة فدخل كل من المعنيين فى المراد
من الفعل المذكور باعتبار كونه قيدا بالمعنى المجازى فيكون معنى قوله سبحانه (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى
أَمْوالِكُمْ) لا تاكلوا اموالهم الى اموالكم والغرض انّه يحرم على
الشخص اكل مال اليتيم حال كون الاكل من باب ضمّ ماله الى ماله اى ظلما من دون قصد
المعاوضة فالحال مؤسّسة ويمكن ان يكون الغرض من الاكل هو المعنى المتعارف فى العرف
اعنى طلب المال من باب الظّلم فالحال مؤكدة ثانيها ان يكون اللّفظ مستعملا فى
المعنى الحقيقى ايضا لكن يضمر قبله المعنى المجازى اما على كون الأمر من باب
التّنازع والتقدير ولا تضموا ولا تاكلوا اموالهم الى اموالكم فالجار والمجرور
متعلّق بالفعل المضمر أو كون الامر من باب التقييد اى لا تضموا وتاكلوا فيكون
الجار والمجرور ايضا متعلّقا بالفعل المحذوف والفعل المحذوف متوسّط بين الفعل
المذكور وحرف النفى وحاصل المعنى لا تضموا والحال انكم تاكلون اموالهم الى اموالكم
والغرض امّا المعنى الحقيقى او المعنى المتعارف وعلى الاوّل الحال مؤسّسة وعلى
الثّانى مؤكّدة كما يظهر مما سمعت ثالثها ان يستعمل اللّفظ فى المعنى المجازى
المقيّد بالمعنى الحقيقى بالقرينة فيكون الاكل مستعملا فى الضمّ بطريق الاكل
والمرجع الى النّهى عن الضمّ حال الاكل كما هو الحال فى الوجه السّابق بخلاف الوجه
الاوّل فان المرجع فيه الى النّهى عن الاكل حال الضمّ اقول ان مقتضى كلام التفتازانى
ان الامر من باب اضمار المعنى المجازى ومقتضى كلام السيّد الشّريف والسّيّد السّند
المحسن الكاظمى انّ التضمين قسم مخصوص خارج عن الاستعمال فى المعنى الحقيقى على
الوجه المتعارف والاستعمال فى المعنى المجازى والكتابة والجمع بين المعنى الحقيقى
والمعنى المجازى والاظهر ان التضمين قسم من المجاز الّا ان القرينة هنا على
التجوّز ذكر بعض متعلّقات المعنى المجازى او حذف بعض المتعلّقات المناسب للمعنى
الحقيقى ومن الاوّل قوله سبحانه (وَلا تَأْكُلُوا
أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) حيث انّ الاكل قد استعمل فى الضمّ فعدى بالى وهى قرينة
على التجوّز ومن الثّانى ما لو قيل ذهبت مكّة فان الذّهاب قد استعمل فى الاتيان
ولذا لم يعد بالباء لانّ الاتيان لا يعد بها لكونها متعدّيا بنفسه وشان الذّهاب
التعدى بالباء لكن الاتيان بمعنى المجيء وهو ضد الذّهاب وعلاقة التضاد مختصّة
بصورة التمليح والتهكم فلا يصحّ التجوّز بالذّهاب عن الاتيان لانتفاء التمليح
والتهكم فى المقام وامّا الاقوال الثلاثة المذكورة فالقول بكون الامر من باب الجمع
بين المعنى الحقيقى والمجازى كما ترى وامّا القول بكون الامر من باب قسم مخصوص فلا
يتحصل له محصّل بلا اشكال وامّا القول بكون الامر من باب الاضمار فهو اوجه من
اخويه لكن نقول انّه بعد عدم مساعدة التعريف بالاشراب للاضمار لفرض استعمال اللّفظ
فى المعنى الحقيقى فقط فمن اين يتاتّى اشراب معنى آخر يدور الامر بين المجاز
والأضمار كما فى اسأل القرية لاحتمال ارادة الاهل من القرية مجازا واحتمال اضمار
الاهل على ما ذكر فى باب تعارض الاحوال إلّا انّه يتعيّن فيه الاضمار لاستلزام
التجوّز الجمع بين المعنى الحقيقى والمجازى والمجاز مقدم على الاضمار
لكونه اغلب وان جرى غير واحد على ترجيح الاضمار نظرا الى ان الاضمار من
محاسن الكلام دون المجاز واحتياج المجاز الى الوضع والعلاقة دون الاضمار وليس شيء
منهما بشيء وجرى العلّامة فى التّهذيب على التساوى واحتياج كل من المجاز والاضمار
الى القرينة الصّارفة ويضعف بما سمعت من دعوى غلبة المجاز لكن يمكن ان يقال ان
الاضمار كثير بل اكثر من المجاز لانه يكتفى فى الغالب بركنى الاسناد وللمسند
متعلّقات شتى فلا بدّ من تقديم الاضمار لكن نقول ان المتعلقات المشار اليها هو غير
مقصودة بالافهام وليست محل اعتناء المتكلمين وان كانت متحققة فى الواقع الّا ان ما
يعارض المجاز والمدار فيه على قصد الافادة ما يكون مقصودا بالافهام والاضمار
المقصود بالافهام بعيد زيادة بعد عن المساواة للمجاز فضلا عن التقديم عليه بل
الاضمار بالاخلال ببعض اجزاء المقصود واقامة القرينة على الاضمار بعد فرض دلالة
القرينة على الاضمار لا احسب ان يتّفق فى الكتاب والسّنة ولا فى الخطب والاشعار
والمواعظ والقصص ولا فى كلام من كلمات اهل العرف نعم لو اتفق الاخلال ببعض اجزاء
المقصود بالاضمار مع كونه مقصودا بالافادة فهو انّما يتفق فيما يشهد به نفس
القضيّة بفهم اهل العرف من دون قيام القرينة والمجاز اكثر من الفرض المذكور بل
الاضمار على ما يقتضيه كلام التفتازانى فى شرح التلخيص صدر بحث المساواة من باب
التراكيب النحويّة ولا اعتبار بها بوجه الّا ان يقال ان دائرة الاضمار لها وسعة
تامّة كما يرشد اليه الاستقراء فى النّحو فى موارد الاضمار من حذف الصّلة والعائد
وحذف المبتدا والخبر وحذف الفعل وحذف الفاعل مع قيام النائب عنه وحذف الفعل فى باب
الاشتغال وحذف الفعل والفاعل والحذف فى باب النعوت المقطوعة وحذف ربّ وغيرها من
حروف الجر وحذف عامل الحال جوازا او وجوبا وحذف ما اضيف اليه اذ من الجملة باسرها
نحو يومئذ وحذف المضاف وحذف المضاف اليه من قبل وبعد واول ودون واسماء الجهات
السّت وكذا فى غيرها وحذف حرف النّداء وترخيم المنادى والحذف فى المنصوب على
الاختصاص والحذف فى التحذير والاغراء وحذف الشّرط والجزاء وحذف ان الناصبة وجوبا
او جوازا ويكفى فى تقديم الاضمار كثرته ولو كان الغالب فى موارد الاضمار عدم قصد
الافهام بناء على عدم ممانعة اختلاف الصّنف عن الحاق المشكوك فيه بالغالب لكن نقول
ان المجاز مع ما ذكر اكثر من الاضمار بكثير لندرة الموارد المعدودة من الاضمار
بالنّسبة الى موارد المجاز وان قلت انّ غاية الامر كثرة المجاز فى الاشعار والخطب
والمواعظ والقصص من الكتاب لكن آيات الاحكام وكذا الاخبار التى فى مقام بيان
الاحكام كل من المجاز والاضمار فيها قليل قلت انّ زيادة المجاز على الاضمار على
وجه الكثرة ولو فى غير آيات الاحكام واخبار الاحكام تجدى فى تقديم المجاز لو اتفق
التعارض بينه وبين الاضمار فى الآيات والاخبار المشار اليها لعدم ابتناء حصول
الظنّ من الغلبة على اتّحاد الصّنف نعم لو ثبت الاضمار فى تلك الآيات والاخبار او
فى إحداها بالنّسبة الى المجاز فعليه المدار واماما احتمله شيخنا السّيّد من
الوجوه المتقدّمة فيضعف بان الامر فى الوجهين الاوّلين من باب الاضمار وقد سمعت ان
الاظهر كون الامر فى التضمين من باب المجاز مع انه لا ينطبق على الوجهين التّعريف
بالاشراب لفرض عدم استعمال اللفظ الّا فى المعنى الحقيقى فمن اين يتاتى اشراب معنى
آخر وامّا الوجه الاخير فالظّاهر بل بلا اشكال ان الغرض منه استعمال اللفظ فى
المعنى الحقيقى مقيّدا بالمعنى المجازى وعلى هذا يلزم استعمال اللفظ فى المعنى
الحقيقى والمجازى اذ جعل المعنى المجازى مقيّدا والمعنى الحقيقى قيدا له لا يوجب
خروج الامر عن استعمال اللّفظ فى المعنى الحقيقى والمجازى نعم هذا الوجه خارج عمّا
وقع النزاع فيه فى العنوان المعروف لان النزاع فى العنوان المعروف لان النزاع فى
العنوان المعروف فيما لو كان كلّ من المعنيين فى عرض الآخر بحيث كان كل منهما مورد
النفى والاثبات والمعنى المجازى هنا من باب الاصل والمعنى الحقيقى من باب الفرع
لكن يطرّد النّزاع فيه بلا اشكال ومع ذلك كان المناسب زيادة ما لو كان اللّفظ
مستعملا فى المعنى الحقيقى مقيّدا بالمعنى المجازى وهذا غير الوجه الاوّل لان
المدار فى الوجه الاوّل على استعمال اللّفظ فى المعنى الحقيقى واضمار المعنى
المجازى من دون شائبة التقييد والمدار هنا على التقييد باستعمال اللّفظ فى المعنى
الحقيقى مقيدا بالمعنى المجازى وكذا غير الوجه الثانى من الوجه الثانى اذ المدار
فيه على استعمال اللّفظ فى المعنى الحقيقى والاضمار على وجه التقييد اى كون المضمر
قيدا للمستعمل فيه بخلاف الامر هنا فان المدار فيه على الاستعمال فى القيد
والمقيّد الا ان المقيّد هو المعنى الحقيقى والقيد من باب المعنى المجازى ثمّ انّه
قد حكم المحقّق القمّى فى بحث الامر عند الكلام فى تزييف الاستدلال على دلالة
الامر على الوجوب بقوله سبحانه (فَلْيَحْذَرِ
الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) بان التضمين من جهة رعاية القواعد اللّفظيّة وصحّة
التراكيب النحويّة واصلاحها ولا يترتّب عليه امر معنوى واثر شرعى وهو يشبه
ما ذكره التفتازانى فى صدر باب المساواة من انّ اعتبار حذف المستثنى منه وحذف جواب
الشّرط فيما ذكره من المثالين امر لفظى ورعاية للقواعد النحويّة من غير ان يتوقّف
عليه تادية اصل المراد حتّى لو صرّح بذلك لكان اطنابا بل ربما يكون تطويلا وربما يقتضى
هذا الكلام من التفتازانى انكاره اعتبار الاضمار راسا وربما يقال ان كلام المحقق
القمّى ماخوذ من الكلام المذكور من التفتازانى إلّا انّه [انّما] يتم لو كان
المدار فى التضمين عند المحقق المشار اليه على الاضمار واما لو كان المدار على
المجاز ولعلّه الظّاهر او على قسم ثالث فلا يتم ذلك اقول انّه ان قلنا بان
التّضمين من باب المجاز فلا خفاء فى ان المجاز ممّا يترتّب عليه الاثر الشّرعى كيف
لا ولو استعمل الامر بناء على كونه حقيقة فى الوجوب فى النّدب يكون اختلاف الاثر
الشّرعى فى غاية الظّهور وان قلت ان التجوّز هنا لا يترتب عليه اثر شرعى وان ترتّب
عليه الاثر فى غير باب التضمين قلت هذا جزاف صرف اذ لا فرق بين التضمين وسائر
المجازات بلا شبهة ولو قلنا بان التضمين من باب الاضمار فدعوى عدم ترتّب الاثر
الشرعى عليه تندفع بان المفروض اختلاف المعنى وفى اختلاف المعنى يختلف الاثر
الشرعى لا محالة ثم ان التّضمين فى لسان ارباب البديع ان يضمن الشعر شيئا من شعر
الغير بيتا كان او ما فوقه او مصراعا او ما دونه مع التنبيه على انه من شعر الغير
ان لم يكن ذلك مشهورا عند البلغاء وإلّا فلا حاجة الى التنبيه وبذلك بتميز عن
السّرقة كقول الحريرى يحكى ما قاله الغلام الذى عرضه ابو زيد للبيع على انّى سأنشد
عند بيعى اضاعونى واى فتى اضاعوا فان المصراع الثانى من الغير الثّلاثون انه كما
يحصل الظنّ بالارادة من اللفظ كذا قد يحصل الظنّ بالارادة من الفعل فى مقام القول
كما فى الاشارة او حركة الرّاس او حركة اليد فى مقام الجواب عن السّئوال والظاهر
انّ بناء اهل العرف كافة على المعاملة مع الظنّ المستفاد من القول مضافا الى ما ادّعاه غير واحد من الاجماع على
اعتبار الظنّ المستفاد من فعل النّبى صلىاللهعليهوآله قبال القول لا فى مقام القول كما فى الفعل المعنون فى
باب التأسّى وربما يتاتى الخطاء فى فهم المراد بالفعل كما فيما رواه فى التّهذيب
بسنده عن معمّر بن خلاد قال سالت أبا الحسن عليه السّلم أيجزي الرّجل ان يمسح
قدميه بفضل راسه فقال برأسه لا فقلت ايماء جديد فقال برأسه نعم بناء على ما ذكره
شيخنا البهائى فى الحبل المتين حيث قال لا يزال يختلج بخاطرى ان ايمائه عليه
السّلم برأسه نهى لمعمّر بن خلاد عن هذا السّئوال لئلّا يسمعه المخالفون الحاضرون
فى المجلس فانهم كثيرا ما يحضرون مجالسهم فظنّ معمر انّه عليه السّلم نهاه عن
المسح ببقية البلل فقال ايماء جديد فسمعه الحاضرون فقال عليه السّلم اه نعم ربما
يتطرق وجوه من الاحتمال فى الفعل المعمول فى الجواب فلا يثبت به شيء كما فى حركة
اليد من ابى عبد الله عليه السّلم بعد سؤال حماد بن عثمان عن صلاة رسول الله صلىاللهعليهوآله والجواب بطائفة من الكلام حيث انّه قد ذكر فى المقصود
بالحركة وجوه الواحد والثّلاثون انّه قد اتفق لاصحاب الائمة عليهم السّلم فى كثير
من الموارد الخطاء فى فهم المراد من الكلام واظهر الائمّة عليهم السّلم الخطاء فى
المقام والظاهر ان الامر فى غالب تلك الموارد من باب ارادة خلاف الظّاهر لا سوء
فهم السّامع وكيف كان فمنها ما رواه فى الكافى فى باب طلب الرّئاسة بالاسناد عن
ابى حمزة الثمالى قال قال ابو عبد الله عليه السّلم ايّاك والرّئاسة وايّاك ان تطأ
اعقاب الرّجال قلت جعلت فداك امّا الرّئاسة فقد عرفتها وامّا ان أطأ اعقاب الرّجال
فما ثلثا ما فى يدى الا مما وطئت اعقاب الرّجال فقال ليس حيث تذهب ايّاك ان تنصب
رجلا دون الحجّة فتصدّقه فى كلّ ما قال قوله ثلاثا اى سهمان من ثلاثة ومنها ما
رواه فى الكافى فى باب الكبر بالاسناد عن محمّد بن مسلم عن احدهما عليهما السّلم
قال لا يدخل الجنّة من كان فى قلبه مثقال حبّة من خردل من الكبر قال فاسترجعت فقال
مالك تسترجع قلت لما سمعت فقال ليس حيث تذهب انما اعنى الجحود ومنها ما رواه فى
الكافى فى كتاب الصّلاة فى باب ما يقبل من صلاة السّاهى بالاسناد عن محمّد بن مسلم
قال قلت لابى عبد الله عليه السّلم انّ عمار السّاباطى روى عنك رواية فقال ما هى
قلت ان السّنة فريضة قال اين يذهب ليس هكذا حدثته انّما قلت له من صلى فاقبل على
صلاته ولم يحدث نفسه فيها او لم يسه فيها اقبل الله عليه ما اقبل عليها فربما رفع
نصفها او ثلثها او خمسها وانما امرنا بالسّنة لتكمل بها ما ذهب من المكتوبة قوله
السّنة فريضة اى النّافلة واجبة قوله عليه السّلم لم يسه من السّهو قال المحقّق
القمّى فى بعض مباحث اخبار الآحاد ان عمّار السّاباطى مع كثرة رواياته وشهرتها لا
يخفى على المطلع برواياته ما فيها من الاضطراب والتّهافت الكاشفين عن سوء فهمه
وقلّة حفظه
__________________
قال ومما يشهد به ما رواه عن الصادق عليه السّلم فى وجوب النوافل اليوميّة
ولما عرض عليه عليه السّلم قال اين يذهب ومقصوده بما رواه عمار عن الصادق عليه
السّلم فى وجوب النوافل اليوميّة هو الرّواية المذكورة وقال المولى التقى المجلسى
فى شرح مشيخة الفقيه والّذى يظهر من اخبار عمار انه كان ينقل بالمعنى مجتهدا فى
معناه وكل ما فى خبره فمن فهمه الناقص وقال العلّامة المجلسى فى بعض تعليقات
التهذيب فى باب المواقيت للصّلاة فى شرح بعض روايات عمار لا يخفى ما فى هذا الخبر
من التّشويش وقلما يكون خبر عمار خاليا عن مثله من الاضطراب وحكى السيّد السّند
النجفى عن بعض المتاخّرين تضعيف عمّار بانه قد وقع فى روايات كثيرة منه من الخلل
والتعقيد والتكرار الخارج عن قانون البلاغة مع اسناد القول الى الامام عليه السّلم
فيكون كذبا وعن العلّامة فى المنتهى فى بحث التخلّى عند الكلام فى استحباب تقديم
الدبر فى الاستنجاء ان عمار الا يوثق بما ينفرد به وعن المحدّث البحرانى فى
الحدائق فى بحث الجبائر انّه متفرّد برواية الغرائب وعن المحدّث القاشانى فى مواضع
من الوافى انه متفرّد برواية الغرائب ونقل الاحكام المخالفة للاصول الشريعة وعنه
فى بعض المواضع منه انّ عمار الا يوثق باخباره ويمكن ان يقال ان الخطاء فى المقام
انّما وقع من عمّار فى اصل كلام الامام عليه السّلم لا فى المقصود بالكلام هذا
ولما انجر الكلام الى ما ذكر من اختلال غالب روايات عمّار فقد اعجبنى ان اذكر
طائفة مما رويه من خلاف المشهور او خلاف الاجماع فمنها ما رويه فى التّهذيب فى باب
تطهير المياه من النجاسات بالاسناد عن عمّار الساباطى عن ابى عبد الله عليه السّلم
فى حديث طويل على ما قاله فى التّهذيب قال وسئل عن بئر يقع فيها كلب او فارة او
خنزير قال ينزف كلها ثم قال ابو عبد الله عليه السّلم فان غلب عليها الماء فلينزف
يوما الى الليل ثمّ يقام عليها قوم يتراوحون اثنين اثنين فينزفون يوما الى الليل
وقد ظهرت وفى المدارك ان الرّواية متروك الظاهر متهافت المتن ومنها ما رويه فى
التّهذيب فى باب المياه واحكامها وما يجوز التّطهير به وما لا يجوز بالاسناد عن
عمار عن أبي عبد الله عليه السّلم قال سألته عن رجل يتوضّأ من كوز او اناء غيره
اذا شرب منه على انّه يهودىّ فقال نعم قلت فمن ذاك الذى يشرب منه قال نعم حيث ان
الظاهر ان قوله على انّه سهو من الراوى فمقتضاه طهارة سؤر اليهودى مع انّ المشهور
القول بالنجاسة بل عن السيّد المرتضى وابن ادريس وابن ابى عقيل القول بالطّهارة وعن المعتبر نقل القول
بها عن شيخنا المفيد فى المسائل الغرية وهو المحكى عن موضع من النّهاية وادّعى بعض
اتفاق الاصحاب على نجاسة سؤر غير اليهود والنّصارى اصليّا كان او كان من باب
الارتداد وفسّر الفاضل التّسترى قوله على انه يهودىّ بان الغرض كونه على حال
اليهوديّة فقال ولعلّ الظّاهر من العبارة ان السّئوال عن يهودى اسلم هل يجوز ان
يستعمل ما استعمله فى حال الكفر بناء على انه يتبعه فى الطهارة ويمكن ان يكون
المراد شرب يهودى على حال يهوديّة وعلى اىّ حال يمكن حمل الخبر على التقية
والمقصود بالوجه الاوّل استعمال اليهودى ما استعمله فى حال يهوديّة فقوله يستعمل
من باب الفعل المعلوم او استعمال شخص ما استعمله اليهودى فى حال يهوديّته فقوله
يستعمل من باب الفعل المجهول والاظهر الثانى ويرشد اليه انّ فى بعض النسخ هل يجوز
له وحكم العلّامة المجلسى بان حمله على التقية او اشتباه الراوى وامثاله اسهل من
الوجه الاوّل تعليلا بان تجويز مثله يوجب سقوط العمل بخبر الواحد والغرض ان تجويز
الوجه الاوّل فى الخبر المذكور يوجب تجويز مثله من الاحتمالات المخالفة للظاهر فى
سائر اخبار الآحاد فيسقط العمل بها لسقوط العمل بظواهرها ومنها ما رويه فى
التّهذيب فى زيادات الطّهارة فى باب آداب الاحداث الموجبة للطّهارة بالاسناد عن
عمار عن أبي عبد الله عليه السّلم فى الرّجل ينسى ان يغسل ذكره بالماء حتى صلّى
الّا انه قد تمسح بثلاثة احجار قال ان كان فى وقت تلك الصّلاة فليعد الوضوء وليعد
الصّلاة وان كان قد مضى وقت تلك الصّلاة فقد جازت صلاته وليتوضّأ لما يستقبل من
الصّلاة الى ان قال وسئل عن الرّجل يتوضّأ ثم يمسّ باطن دبره قال قد نقص وضوئه وان
مسّ باطن احليله فعليه ان يعيد الوضوء وان كان فى الصّلاة قطع الصّلاة ويتوضّأ
ويعيد الصّلاة وان فتح احليله اعاد الوضوء واعاد الصّلاة حيث انه لم يعمل بمضمونه
من الفرق فى نسيان الاستنجاء بين الاعادة والقضاء غير الصّدوق فى المقنع والمشهور
عدم وجوب الاعادة والقضاء وعن الاسكافى القول بوجوب الاعادة واستحباب القضاء وحكم
فى الفقيه بوجوب الاعادة والقضاء لكن كلامه فى البول خاصّة فالفرق بين مقالته
ومقالة المقنع انما هو باختصاص مقالة الاسكافي بالبول وعموم مقالة المقنع للغائط
بل يتاتى الفرق من جهة القول بوجوب القضاء من الاسكافى ومجرّد القول بعدم وجوب
القضاء من المقنع الّا ان الظّاهر بل بلا اشكال انّه لا ينكر الاستحباب وان لم
يصرّح بالاستحباب وامّا الجواب عن السّئوال الاخير ففيه امور لا يخفى حالها وقد
اجاد الشّهيد الثّانى فيما
__________________
فيما نسب اليه من حاشية التهذيب من ان الرواية المذكورة مخالفة لاصول
المذهب ولغيرها من الاخبار الصحاح ومنها ما رويه فى التّهذيب فى زيادات الطهارة فى
الباب المذكور وفى باب الاحداث الموجبة للطهارة بالاسناد عن عمّار قال سئل عن
الرّجل يتوضّأ ثم يمسّ باطن دبره قال نقض وضوئه وان مس باطن احليله فعليه ان يعيد
الوضوء وان فتح احليله اعاد الوضوء واعاد الصّلاة حيث ان الاحكام المذكورة فيه
مخالفة للاجماع والاخبار الدالة على عدم انتقاض الوضوء الا باحداث مخصوصة منصوصة
لكن حكم الصّدوق فى الفقيه بانه ان مس الرّجل باطن دبره او باطن احليله فعليه ان
يعيد الوضوء وان كان فى الصّلاة قطع الصّلاة وتوضّأ واعاد الصّلاة وان فتح احليله
اعاد الوضوء والصّلاة وعن الاسكافى انّ ما انضمّ عليه الثقبتان نقض وضوئه ومسّ
ظاهر الفرج من الغير اذا كان بشهوة فيه الطهارة واجبة فى المحلل والمحرم ومسّ باطن
الفرجين من الغير ناقص الطّهارة من المحلل والمحرّم نعم يمكن ان يكون الخبر
المذكور مبنيا على التقية كما هو الحال فى الاخبار الدالة على انتقاض الوضوء
بالمذى والقى وتقليم الظفر وحلق الشّعر وغيرها وربما حمل فى الاستبصار الخبر
المذكور على ما اذا صادف هناك شيئا من النجاسة قال فانّه يجب عليه ح اعادة الوضوء
والصّلاة ومن لم يصادف شيئا من ذلك لم يكن عليه شيء وليس بشيء ومنها ما رويه فى
التّهذيب فى الباب المذكور بالاسناد عن عمّار قال سمعت أبا عبد الله عليه السّلم
يقول لو انّ رجلا نسي ان يستنجى من الغائط حتّى يصلّى لم يعد الصّلاة حيث ان
المشهور وجوب الاعادة والقضاء فى نسيان الاستنجاء كما سمعت ولم يعمل بالرّواية
المذكورة غير الصّدوق بل مفاد تلك الرّواية احد شطرى مقالة الصّدوق فلا يصدق كون
الصّدوق عاملا بتلك الرّواية بناء على كون مفهومه وجوب الاعادة والصّلاة فى نسيان
الاستنجاء من البول فى الجملة فالقدر الثابت من المفهوم انما هو ثبوت الاعادة لو
كان التذكر فى الوقت فلا يثبت به وجوب الاعادة لو كان التذكّر فى خارج الوقت اللهم
الا ان يتمسّك بعموم المفهوم ومنها ما رويه فى التهذيب فى زيادات الطهارة فى الباب
المذكور وفى الاستبصار فى باب مس الحديد بالاسناد عن عمار عن ابى عبد الله عليه السّلم
قال الرّجل يقرض من شعره باسنانه أيمسحه بالماء قبل ان يصلّى قال لا باس انما ذلك
فى الحديد حيث ان مقتضاه نجاسة الحديد وعن المحقق فى المعتبر بل العلامة فى
المنتهى نقل اجماع الطّوائف على طهارته مع انّه معارض بما دل على اكتحال مولانا
الكاظم ع بميل من حديد قال المحدّث الحرّ والاحاديث فى هذا المعنى كثيرة تقدّم
بعضها فى النّواقض وياتى بعضها فى استصحاب الحديد فى الصّلاة وفى جواز الصّلاة فى
السّيف وفى الحلق والتقصير فى الحج وغير ذلك وقد نقل جماعة اجماع الامامية على
العمل بمضمونها على انه لو كان قرض الشّعر بالحديد موجبا لنجاسة الشّعر بواسطة
نجاسة الحديد فلا يكفى فى تطهير الشعر مسحه بالماء كما حكم به المحدّث الحرّ وهو
فى محلّه مضافا الى انّه حمله فى الاستبصار على الاستحباب لكنه انما يتمّ بعد
الدلالة على النجاسة ومنها ما رويه فى الاستبصار فى باب مسّ الحديد بالاسناد عن
عمّار عن ابى عبد الله عليه السّلم فى الرّجل اذا قصّ اظفاره بالحديد او جز من
شعره او حلق قفاه فان فيه ان يمسحه بالماء قبل ان يصلّى سئل فان صلّى ولم يمسح من
ذلك الماء قال يعيد الصّلاة لان الحديد لباس اهل النار والذّهب لباس اهل الجنة حيث
ان صريحه يقتضى نجاسة الحديد وقد سمعت الحال فى النجاسة مع انه حمله فى الاستبصار
على الاستحباب تمسّكا بانّه خبر شاذ مخالف لاخبار كثيرة هذا وقد روى الرّواية
المذكورة فى زيادات التهذيب فى باب تطهير الثّياب والبدن من النجاسات بالاسناد عن
إسحاق بن عمار لكنّه احال السّند فيه على السّند السّابق وينتهى السّند السّابق
الى عمّار وهاهنا وان تردّد الامر بين السّهو فى الزّيادة فى السّند اللّاحق
والسّهو فى النقيصة فى السّند السّابق لكن ملاحظة كون الرّاوى فى السّند هو مصدق بن صدقة الراوى عن عمّار ترشد الى كون السّهو
فى الزيادة فى السّند اللّاحق مضافا الى رواية الرّواية المذكورة فى الاستبصار
وروى تلك الرّواية فى الوافى عن الاستبصار مع ان ديدنه الرّواية عن التّهذيب ورسم
رمز الاستبصار فى الحاشية مهما كان السّند فى الاستبصار كما ذكره فى فاتحة الوافى
اعتذارا بالسّهو فى الزّيادة فى التّهذيب ومنها ما رواه فى التّهذيب فى زيادات
الطهارة فى باب تطهير الثياب والبدن من النجاسات بالاسناد عن عمّار قال سئل ابو
عبد الله عليه السّلم عن الرّجل ينقطع ظفره هل يجوز ان يجعل عليه علكا قال لا ولا
يجعل عليه الّا ما يقدر على اخذه عنه عند الوضوء ولا يجعل عليه ما لا يصل عليه من
الماء حيث ان مقتضاه عدم جواز المسح على الجبيرة سواء كان لصوقا او غير لصوق كما
يشدّ على العظام المنكسرة والقروح والجروح مع عدم التمكن من الغسل ولم يظهر الخلاف
فى وجوب المسح على الجبيرة فى الاوّل وورد به بعض الاخبار لكنّه محلّ الأشكال كما
__________________
كما حرّرناه فى الاصول فى بحث العسر والحرج وان جرى جماعة نقلا على غسل ما
حول موضع الغسل وربما حمله فى المشارق على ما لم يحتجّ الى وضع العلك ولم يصل الى
حد الضّرورة قوله علكا قال فى المجمع العلك كحمل ما يمضغ فى الفم ولبان وغيره والجمع
علوك واعلاك وبفتح اللّام المضغ وعلكته علكا من باب قتل مضغته ومنها ما رويه فى
الاستبصار فى باب المقتول شهيدا بين الصفّين بالاسناد عن عمّار عن ابى جعفر عليه
السّلم ان عليّا عليه السّلم لم يغسل عمّار بن ياسر ولا هاشم بن عقبة ودفنهما فى
ثيابهما ولم يصل عليهما حيث ان الشّهيد وان يدفن بدون الغسل والكفن لكن ترك
الصّلاة عليه خلاف الاجماع قال فى الشّرائع والشّهيد الّذى قتل بين يدى الامام
ومات فى المعركة لا يغسل ولا يكفن وصلّى عليه وقال فى المدارك هذا الحكم مجمع عليه
بين الاصحاب بل حكى عن المعتبر انه اجماع اهل العلم خلا سعيد بن المسيّب والحسن
فانّهما اوجبا غسله قال ولا عبرة بكلامهما وقد حكم فى التهذيب فى باب تلقين
المحتضرين وتوجيههم عند الوفاة وما يصنع بهم فى تلك الحالة وتطهيرهم بالغسل
وإكسائهم الأكفان بعد نقل الرّواية بان قوله ولم يصل عليهما وهم من الرّاوى لانّ الصّلاة
على الميّت لا تسقط على كلّ حال وحكم به ايضا فى الاستبصار فى باب المقتول شهيدا
بين الصفّين وقد روى فى التّهذيب فى آخر كتاب الصّلاة وكذا فى الاستبصار فى باب
وجوب الصّلاة على كلّ ميّت مسلم تلك الرّواية بالاسناد عن مسعدة بن صدقة عن جعفر
عن آبائه عليهم السّلم وذكر بدل الدفن فى الثياب الدّفن فى بالدماء فحكم ايضا بان
ما تضمّنه الخبر من انه لم يصل عليهما وهم من الرّاوى وربما احتمل فى الاستبصار ان
يكون الغرض حكاية ما رويه بعض العامّة عن امير المؤمنين عليه السّلم انه لم يصل
عليهما وفيه تعسف ظاهر وربما يحتمل ان يكون الغرض انه لم يصل عليهما جميعا بصلاة
واحدة بل كان يصلّى على كلّ واحد منهما صلاة على حدة لفضلهما وكمالهما هو خلاف
الظّاهر كما هو ظاهر هذا والظّاهر سقوط عمّار فى السّند المذكور بملاحظة السّند
المتقدّم قضيّة تقدّم الزّيادة على النقيصة لتردّد الامر بين السّهو فى الزّيادة
فى السّند المتقدّم والسّهو فى النّقيصة فى السّند المذكور وان وجد رواية مسعدة عن
الصّادق عليه السّلم كما فى التّهذيب والاستبصار فى باب صوم يوم عاشورا بل بملاحظة
كثرة رواية مسعدة عن عمّار بل مقتضاه الحكم بسقوط عمّار فى السّند الاخير ومنها ما
رويه فى التّهذيب فى باب مواقيت الصّلاة وفى الاستبصار فى باب من فاتته صلاة فريضة
فدخل عليه وقت صلاة اخرى فريضة بالاسناد عن عمّار عن ابى عبد الله ع قال سألته عن
الرّجل يفوته المغرب حتى يحضر العتمة فقال ان حضر العتمة وذكر ان عليه صلاة المغرب
فان احب ان يبدأ بالمغرب بدا وان احبّ بدا بالعتمة ثم صلّى المغرب بعد حيث انّه
حكم فى الاستبصار بانّه خبر شاذّ مخالف لما يقتضيه الاخبار كلّها من انه اذا كان
الوقت واسعا ينبغى ان يبدا بالفائتة وان كان الوقت مضيّقا بدأ بالحاضرة وليس هاهنا
وقت يكون الانسان فيه مخيّرا وقريب منه ما فى التّهذيب واحتمل فى الاستبصار حمل
الخبر المذكور على الجواز وحمل تلك الاخبار على الاستحباب ومنها ما رويه فى
التّهذيب والاستبصار فى الباب المذكور بالاسناد عن عمّار عن ابى عبد الله عليه
السّلم قال سألته عن الرّجل نيام عن الفجر حتّى تطلع الشّمس وهو فى السّفر كيف
يصنع أيجوز له ان يقضى بالنّهار قال لا يقضى صلاته نافلة ولا فريضة بالنّهار ولا
يجوز له ولا يثبت لها ولكن يؤخرها فيقضيها بالليل حيث انه قد حكم فى التّهذيب
والاستبصار بانّه خبر شاذ لا يعارض به اخبار اخرى مطابقة لظاهر الكتاب وكذا اجماع
الامّة كما فى الاستبصار وقال الفاضل التّسترى فى بعض تعليقات التّهذيب فيه المنع
عن القضاء بالنّهار ولا اعرف به قائلا منّا مع كونه مخالفا للاخبار المعتبرة وربما
احتمل العلّامة المجلسى كون المراد المنع عن قضاء المسافر الصّلاة على الرّاحلة فى
النّهار فان الغالب انّ فى النّهار يكون فى الطّريق كما فى خبر عمّار ايضا يقضيها
بالليل على الارض قوله كما فى خبر عمّار ايضا المقصود به ما رويه فى التّهذيب فى
الباب المذكور بعد ذلك بالاسناد عن عمّار فى حديث طويل حيث سئل عن الرّجل يكون
عليه صلاة فى الحضر هل يقضيها وهو مسافر قال نعم يقضيها باللّيل على الارض وامّا
على الظّهر فلا لكن تعلق القضاء فى هذا الخبر انما كان فى الحضر وامّا فى السّئوال
المذكور فى الخبر السّابق انّما كان تعلّق القضاء فى السّفر الّا انه لا يوجب
الفرق ومنها ما رويه فى التّهذيب فى باب احكام السّهو فى الصّلاة وما يجوز منه اعادة
الصّلاة وفى الاستبصار فى باب الشكّ فى فريضة الغداة بالاسناد عن عمّار قال سالت
أبا عبد الله ع عن
رجل لم يدر صلّى الفجر بركعتين او ركعة قال يتشهّد وينصرف ثمّ يقوم فيصلّى
ركعة فان صلّى ركعتين كانت صلاة تطوّعا وان كان صلّى ركعة كانت هذه تمام الصلاة ثم
إنّه حكم فى الاستبصار بانّه خبر شاذ مخالف للاخبار كلّها واجمعت الطّائفة على ترك
العمل به ومنها ما رويه فى التهذيب فى زيادات الصّلاة فى باب احكام السّهو
بالاسناد عن عمّار عن ابى عبد الله ع فى حديث طويل بعض اجزائه مخالف للمشهور
وبعضها مخالف للاجماع وبعضها ظاهر الفساد وطائفة منها محلّ الاشكال ولا يذهب عليك
ان خبر عمّار قد يعمل به البعض مع عدم مخالفة المشهور او يعمل به المشهور او يطابق
اخبارا اخرى فلا يكون خبره خبره بحيث يكون المظنون عدم مطابقته للواقع بل لا يخرج
حديثه عن الظنّ بالمطابقة بل كثرة الكذب او الاشتباه لا تخرج الخبر عن الظنّ
بالمطابقة للواقع وارشدك الى طائفة ممّا ذكر ويجد غيرها المتتبّع فى الاخبار ومنها
ما رويه فى التهذيب فى باب حكم الجنابة وصفة الطهارة بالاسناد عن عمّار عن ابى عبد
الله عليه السّلم قال لا يمسّ الجنب درهما ولا دينارا عليه اسم من اسماء الله
تعالى ولا يستنجح وعليه خاتم فيه اسم الله تعالى ولا يجامع وهو عليه ولا يدخل
المخرج وهو عليه وحكم بانه لا ينافيه ما رويه بالاسناد عن إسحاق بن عمّار عن ابى
ابراهيم قال سألته عن الجنب او الطّامث يمسان إحداهما بالدّراهم البيض فقال لا باس
نظرا الى انه لا يمتنع ان يكون انّما اجاز له اذا لم يكن عليها اسم الله تعالى وان
كان بيضاء وفى الاوّل نهى عن مسّها اذا كان عليها شيء من ذلك فظاهره الاستناد الى
تلك الرّواية وانت خبير بان المدار فى المنافاة بين الخبرين على المنافاة بين
ظاهريهما بحيث كان الجمع بينهما خلاف الظّاهر وكان الجمع بينهما يحتاج الى ارتكاب
خلاف الظّاهر وان كان الجمع بينهما خلاف الظاهر وليس المدار على استحالة الجمع
والمنافاة ولا ريب ان اطلاق الرّواية الثانية ينافى الرّواية الاولى نعم القول
بعدم المنافاة بين العموم والخصوص والاطلاق والتقييد كلام آخر غير المقالة
المذكورة وقد زيّفناه فى محلّه ورويه فى الاستبصار فى باب من اراد الاستنجاء وفى
يده اليسرى خاتم عليه اسم الله تعالى لكن بدون قوله من الشّيخ عليه السّلم ولا
يستنج وحمل ما رويه بالاسناد عن وهب بن وهب عن ابى عبد الله عليه السّلم قال كان
نقش خاتم ابى العزّة لله جميعا وكان فى يساره يستنجى بها وكان نقش خاتم امير
المؤمنين عليه السّلم الملك لله وكان فى يده اليسرى يستنجى بها على التقيّة وحكم
بضعف السّند وحكم بعدم منافاة ما رويه عن إسحاق بن عمّار له كما سمعت من التّهذيب
وعن المشهور العمل برواية عمّار ومنها ما رويه فى التّهذيب فى زيادات الطّهارة فى
باب الحيض والاستحاضة والنّفاس بالاسناد عن عمّار عن ابى عبد الله عليه السّلم قال
سألته عن المرأة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل ان تغتسل قال ان شاءت ان تغتسل غسلت
وان لم تفعل ليس عليها شيء واذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للحيض والجنابة فانّه
موافق للرّوايات الدالة على تداخل الاغسال بل نقل الاتّفاق عليه لو اقتصر المغتسل
على غسل واحد والملحوظ حال الاغتسال جميع الاغسال وان نقل عن البحار نسبة القول
بعدم التّداخل عن جماعة والمعروف من تلك الاخبار ما رويه فى الكافى فى باب الميّت
يموت وهو جنب او حائض او نفساء وفى التّهذيب فى باب تلقين المحتضرين من زيادات
الطّهارة بالاسناد عن زرارة قال قلت لابى جعفر عليه السّلم ميت مات وهو جنب كيف
يغسل وما يجزيه من الماء فقال يغسل غسلا واحدا يجزى ذلك منه بجنابته ولغسل الميّت
لانّهما حرمتان اجتمعتا فى حرمة واحدة قوله عليه السّلم لانّهما حرمتان اجتمعتا فى
حرمة واحدة قال الفاضل المراد التّفرشى اى امران لا يحلّ تركهما اجتمعا فى امر
واحد لا يحل تركه فحاصله انّ المطلوب فى كلّ واحد من غسل الميّت وغسل الجنابة هو
الاغتسال وكون وجوبه لسبب كذا ليس داخلا فى ماهيّته فمطلوب كلّ واحد يتحقق فى غسل
واحد وعن الوافى انّه سمّيت العبادة حرمة لوجوب احترامها وعن الذّخيرة انه كان
الحرمة بمعنى الحق فالمعنى انّهما حقان اجتمعا فى حقّ واحد وذكر بعض الاعلام ان
المراد من الحرمة ما لا يحلّ انتهاكه وفى القاموس الحرمة بالضمّ وبضمّتين ما لا يحلّ
انتهاكه قال فمرجع الضّمير فى قوله عليه السّلم لانّهما امّا الجنابة والموت او
غسلهما والاوّل اظهر وعلى التّقديرين يكون المراد ان المفروض اجتماعهما فى محلّ
واحد وكلاهما ممّا لا يحلّ هتكه بترك سببه على الاوّل وبترك نفسه على الثّانى
لكنّهما لما اجتمعا فيما لا يحلّ انتهاكه اى الميت والتعدّد لاستلزامه تحريك
الميّت من جانب الى جانب يوجب هتكه اكتفى بغسل واحد وفى الكل نظر امّا الأوّل فلان
الغسل من باب الواجب لا الحرام فضلا
__________________
فضلا عن الحرمة وكون الغرض من الحرمة الحرام بمعنى حرمة التّرك خلاف الظاهر
من وجهين مع انه لا معنى لاجتماع الحرمتين فى حرمة واحدة مضافا الى ما قيل من عدم
الارتباط بين العلّة والمعلول اذ مقتضى قوله عليه السّلم يغسل غسلا واحدا تعيّن
الغسل الواحد والتعليل لا يقتضى التعيّن بل يقتضى الاجتزاء بالواحد لكنه يضعف بان
قوله عليه السّلم يجزى ذلك عنه تفسير لقوله عليه السّلم يغسل غسلا واحدا فالمدار
فى المعلول على الاجتزاء بالواحد لا تعينه وامّا الاوسطان فلان كلّا منهما بعيد
كيف لا ولم يعهد استعمال الحرمة فى العبادة او الحقّ فى موضع آخر امّا الاخير
فلغاية بعد اطلاق الحرمة على الجنابة وعدم سبق ذكر غسل الجنابة وان سبق ذكر غسل
الميّت ومنها ما رويه فى التّهذيب فى باب التيمّم واحكامه بالاسناد عن عمّار عن
ابى عبد الله ع فى الرّجل يكون فى صلاته فيخرج منه حب القرع فليس عليه شيء ولم
ينقض وضوئه وان خرج متلطخا بالعذرة فعليه ان يعيد الوضوء وان كان فى صلاته قطع
الصّلاة واعاد الوضوء والصّلاة ورويه فى الاستبصار فى كتاب الطّهارة فى باب
الديدان بالاسناد المذكور واختار القول به فانه بعد ما روى الخبر الدال على انه لا
وضوء لمن خرج عنه حب القرع فى الصّلاة والخبر الدال على وجوب الوضوء على ما اذا
كان متلطخا بالعذرة ولا يكون نظيفا استنادا الى الرّواية المذكورة ومنها ما رويه
فى التّهذيب فى باب القبلة بالاسناد عن عمّار عن ابى عبد الله عليهالسلام فى رجل صلّى على غير القبلة فيعلم وهو فى الصّلاة قبل
ان بفرغ من صلاته قال ان كان متوجّها فيما بين المشرق فليحول وجهه الى القبلة حتّى
يعلم وان كان متوجّها الى دبر القبلة فليقطع ثم يحول وجهه الى القبلة حتّى يفتح
الصّلاة ورويه فى الاستبصار فى باب من صلّى الى غير القبلة ثم يبيّن بعد ذلك قبل
انقضاء الوقت وبعده بالاسناد المذكور واختار القول به وحمل عليه الخبرين الدالين على
وجوب اعادة الصّلاة لو وقع الصّلاة الى غير القبلة مطلقا فى احدهما ومقيّدا بعدم
خوف فوت الّذى دخل وقته وقال شيخنا البهائى نقلا لا يحضرنى ان احدا من الاصحاب
خالف فى الحكمين ومنها ما رويه فى التّهذيب فى باب تفصيل ما تقدّم ذكره فى الصّلاة
من المفروض والمسنون وما يجوز فيها وما لا يجوز بالاسناد عن عمّار عن ابى عبد الله
عليه السّلم فى الرّجل يكثر عليه الوهم فى الصّلاة فيشكّ فى الرّكوع فلا يدرى اركع
ام لا ويشكّ فى السّجود فلا يدرى اسجد ام لا فقال لا يسجد ولا يركع ويمضى لا صلاته
حتّى يستيقن يقينا وعن الرّجل ينسى سجدة فذكرها بعد ما قام وركع قال يمضى فى صلاته
ولا يسجد حتّى يسلم فاذا سلم سجدة مثل ما فاته قلت فان لم يذكر الا بعد ذلك قال
يقضى ما فاته اذا ذكره وذكر الفقرة الثّانية فى الاستبصار فى باب ترك سجدة واحدة
من السّجدتين ناسيا حتّى يركع بالاسناد المذكور فان مفاد الرّوايتين اعنى قضاء
السّجدة المنسيّة مطابق مع روايات اخرى ذكرها فى التّهذيب وذكر روايتين من تلك
الرّوايات فى الاستبصار لكن الشّيخ فى التّهذيب والاستبصار قيد الرّوايات المذكورة
بالرّكعتين الاخيرتين وحكم بعدم وجوب الاعادة لو كان السّجدة من الركعتين الاوليين
تمسّكا برواية احمد بن ابى نصر ومنها ما رويه فى الكافى فى كتاب الاشربة وفى
الاستبصار فى كتاب الاطعمة والاشربة بالاسناد عن عمّار قال سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الفقاع فقال هو خمر حيث انّه مطابق لاخبار متعددة
وردت فى الجواب عن السّئوال عن الفقاع بانه خمر او خمر مجهول من الخمر لكنه يتاتّى
الكلام فى انّه سؤال عن النّجاسة او عن الحرمة او كليهما الّا انه يرشد الى الاوّل
السّئوال فى بعض الاخبار عن شرب الفقاع وكذا الجواب فى كثير من الاخبار بالنّهى عن
شرب الفقاع بل يرشد الى ذلك ذكر السّئوال المذكور فى المشارب فى الكافى وفى
التّهذيب كما سمعت لكن فى بعض الاخبار النّهى عن الشّرب ووجوب غسل الثّوب اذا اصاب
اليه هذا ومقتضى كلام البعض بل الاكثر ان الغرض من كونه خمرا هو التّشبيه والشّركة
فى الحكم نحو الصّلاة بالبيت طواف لكن الفاضل الخاجوئى جرى على كون الغرض بيان
معنى الفقاع استنادا الى اخبار متعدّدة وو كلمات من اللّغويّين ترشد الى ذلك ومنها
ما رواه فى الكافى فى باب استحباب الجهر بالبسملة بالاسناد عن صباح الحذاء عن رجل
عن ابى حمزة قال قال علىّ بن الحسين عليه السّلم يا ثمالى ان الصّلاة اذا اقيمت
جاء الشّيطان الى قرين الامام فيقول هل ذكر ربه فان قال نعم ذهب وان قال لا ركب
على كتفه فكان امام القوم حتى ينصرفوا قال فقلت جعلت فداك أليس يقرءون القرآن قال
بلى ليس حيث تذهب يا ثمالى انه الجهر ببسم الله الرّحمن الرّحيم قوله عليه السّلم
هل ذكر ربّه اى جهر ذكر بالتسمية قوله عليه السّلم فان قال نعم ذهب
لانه لا يعلم ان بناء المصلّى على الجهر بالتسمية فيذهب لكيلا يطرّد بالجهر
بالتّسمية قوله عليه السّلم وان قال لا ركب لانّه يعلم ان ان بناء المصلّى على
اسرار التسمية فليس ما يطرده بعد ذلك فلا يذهب قوله عليهالسلام ليس حيث تذهب اى ليس الغرض من ذكر الربّ مطلق ما كان
ذكر الله بل الغرض الجهر بالتسمية ومنها ما رواه فى الكافى فى باب كسب الماشطة
والحافظة بالاسناد عن سعد الاسكافى قال سئل ابو جعفر عليه السّلم عن القرامل الّتى
تضعها النّساء فى رءوسهنّ تصلن به شعورهنّ فقال لا باس على المرأة بما تزينت به
لزوجها قال نقلت له بلغنا ان رسول الله صلىاللهعليهوآله لعن الواصلة والموصولة فقال ليس هناك انما لعن رسول
الله صلىاللهعليهوآله الواصلة الّتى تزني فى شبابها فلمّا كبرت قادت النّساء
الى الرّجال فتلك الواصلة والموصولة قوله القرامل قال فى النّهاية نقلا القرامل هى
صغار من صوف او شعرا وابريسم تصل به المرأة شعرها ومنها ما رواه فى الكافى والفقيه
بالاسناد عن ابى بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السّلم فقلت متى يحرم الطّعام
والشّراب على الصّائم ويحلّ الصّلاة وصلاة الفجر فقال اذا اعترض الفجر وكان
كالقبطية البيضاء فثم يحرّم الطّعام وتحلّ الصّلاة صلاة الفجر قلت أفلسنا فى وقت
الى ان يطلع شعاع الشمس فقال هيهات اين تذهب تلك صلاة الصّبيان قوله ويحلّ الصّلاة
اما من الحلول اى تصير حالة او من الحل اى تصير حلالا وهو الاظهر قضيّة المقابلة
مع الحرمة فى قوله متى يحرم الطّعام وبما ذكر يظهر الحال فى قوله ع ويحل الصّيام
وتحل الصّلاة لكن كون الغرض من الحل فى يحلّ الصّيام ان يصير حلالا اظهر منه فى
يحل الصّلاة قضيّة ان حرمة الطّعام تقتضى عليه الطّعام وان امكن كون الغرض منه
الحلول ايضا قوله عليه السّلم كالقبطية بكسر القاف وسكون الباء الموحّدة وتشديد
الياء المنسوبة الى القبط ثياب بيض دقاق تتّخذ بمصر وقد يضمّ القاف نظير سهليّ
وزهرىّ كما يقتضيه كلام صاحب الصّحاح وعن شيخنا البهائى القبط بكسر القاف وذكر فى
المغرب نقلا ان القبطى بضمّ القاف واحد القباطى وهى ثياب بيض دقيقة تعمل وتتخذ
بمصر نسب الى القبط بالكسر كما فى دهرىّ نسبة الى الدّهر بالفتح يقال رجل قبطىّ
بالكسر على الاصل قوله عليه السّلم فى وقت اى وقت الصّلاة قوله عليه السّلم تلك
صلاة الصّبيان اى صلاة المقاربة لطلوع شعاع الشّمس والغرض تاكّد استحباب المبادرة
الى الصّلاة اوّل طلوع الفجر بناء على امتداد وقت صلاة الصّبح الى طلوع الشّمس كما
عن المشهور وفى الرّواية المذكورة فى التّهذيب انّما نعدها صلاة الصّبيان وربما
استدلّ بذلك الحديث على ما عن الشيخ فى الخلاف من امتداد صلاة الصّبح للمختار الى
ان يستقر الصّبح وللمضطر الى ان يطلع الشّمس ويمكن ان يقال ان الامر فى الحديث من
باب الاعتراض على الكلام لا حمل اللّفظ على خلاف المراد ومنها ما رواه فى الكافى
فى كتاب الاطعمة فى باب فضل اللّحم بالاسناد عن مسمع عن ابى عبد الله عليه السّلم
انّ رجلا قال له ان من قبلنا يروون ان الله عزوجل ببعض البيت اللّحم فقال صدقوا وليس حيث ذهبوا ان الله
يبغض البيت الّذى فيه يؤكل فيه لحوم النّاس قوله يروون اى عن رسول الله صلىاللهعليهوآله كما هو مقتضى السّئوال فى طائفة من الاخبار لكن روى فى
الوسائل عن البرقى عن ابن محبوب عن حماد بن عثمان قال قلت لابى عبد الله عليه
السّلم البيت اللّحم يكره قال ولم قلت بلغنا عنكم قال لا باس به وبمضمونه روايات
اخرى رواها فى انه الوسائل عن البرقى ايضا قوله يبغض البيت اللّحم اى البيت الّذى
يؤكل فيه اللحم كلّ يوم وبمضمون تلك الرّواية رواية بل روايات اخرى ومقتضى الكلّ
انّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال ان الله ينقض البيت اللّحم وأخطأ من سمعه فى فهم المراد عملا بظاهر
الكلام لكن مقتضى بعض الاخبار انّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال ان الله ينغض البيت الّذى يغتابون فيه وياكلون
لحومهم وكذب من اسند اليه صلىاللهعليهوآله ان الله يبغض البيت اللّحم ومنها ما رواه فى معانى
الاخبار فى باب معنى قول الصّادق عليه السّلم من طلب الرّئاسة هلك بالاسناد عن
سفيان بن خالد قال قال ابو عبد الله عليه السّلم اياك والرّئاسة فما طلبها احد
الّا هلك فقلت له جعلت فداك هلكنا اذ ليس احد منّا الّا وهو يجب ان يذكر ويقصد
ويؤخذ عنه فقال ليس حيث تذهب انّما ذلك ان تنصب رجلا ودون الحجّة فتصدقه فى كلّ ما
قال وتدعوا الناس الى قوله ومنها ما رواه فى معانى الاخبار فى باب معنى قول الصادق
عليه السّلم من دخل الحمام فلير عليه اثره بالاسناد عن احمد بن ابى عبد الله عن
ابيه رفعه قال نظر ابو عبد الله عليه السّلم الى رجل قد خرج من الحمام مخضوب
اليدين فقال له ابو عبد الله أيسرّك ان
يكون الله عزوجل خلق يديك هكذا قال لا والله انّما فعلت ذلك لانه بلغنى
انّه من دخل الحمام فلير عليه اثره يعنى الحناء فقال ليس حيث ذهبت انّما معنى ذلك
اذا خرج احدكم من الحمام وقد سلم فليصل ركعتين ومنها ما رواه فى معانى الاخبار فى
باب معنى قول العالم عليه السّلم عورة المؤمن على المؤمن حرام بالاسناد عن عبد
الله بن سنان عن ابى عبد الله ع قال قلت له عورة المؤمن على المؤمن حرام فقال نعم
قلت تعنى سفلته قال ليس حيث تذهب انما هو اذاعة سرّه والظّاهر ان السّئوال بواسطة
اقتضاء تخصيص العورة بالمؤمن وكذا تخصيص الحرمة بالمؤمن عدم حرمة غير المؤمن على
المؤمن ولا على غير المؤمن وكذا عدم حرمة عورة المؤمن على غير المؤمن ومنها ما
رواه فى معانى الاخبار فى الباب المذكور بالاسناد عن حذيفة بن منصور قال قلت لابى
عبد الله عليه السّلم يروى ويقوله الناس عورة المؤمن على المؤمن حرام قال ليس حيث
تذهب انّما عورة المؤمن ان تراه بكلام يعاب عليه فتحفظه عليه لتغيره به يوما اذا
غضبت ومنها ما رواه فى التّهذيب فى كتاب الصّلاة فى باب فضل شهر رمضان والصّلاة
فيه زيادة على النّوافل المذكورة فى سائر الشّهور بالاسناد عن مفضل بن عمر عن ابى
عبد الله عليه السّلم قال يصلّى فى شهر رمضان زيادة الف ركعة قلت ومن يقدر على ذلك
قال ليس حيث تذهب أليس يصلّى فى شهر رمضان الف ركعة فى تسع عشر منه فى كلّ ليلة
عشرين ركعة وفى ليلة تسع عشر مائة ركعة وفى ليلة احدى وعشرين مائة ركعة وفى ليلة
ثلث وعشرين مائة ركعة ويصلّى فى ثمان ليال منه فى العشر الاواخر ثلثين ركعة فهذه
تسعمائة وعشرون ركعة قلت جعلنى الله فداك فرجت عنى لقد كان ضاق بى الامر فلما ان
اتيت لى بالتفسير فرجت عنّى فكيف تمام الالف ركعة قال تصلّى فى كل جمعة من شهر
رمضان اربع ركعات لامير المؤمنين ع وتصلّى ركعة لابنة محمد صلىاللهعليهوآله وتصلّى بعد الركعتين لجعفر الطيّار وتصلّى فى عشيّة
الجمعة ليلة السّبب عشرين ركعة لابنة محمّد صلىاللهعليهوآله الى آخر الحديث ويمكن ان يقال ان الخطاء فى المقام فى
تعقّل المرام لا فى المراد بالكلام ومنها ما رواه فى التّهذيب فى كتاب الصّوم فى
باب ما يفسد الصّائم وما يخل بشرائط فرضه وما ينقص الصّيام بالاسناد عن ابى بصير
قال سمعت أبا عبد الله عليه السّلم يقول الكذبة تنقص الوضوء وتفطر الصّائم قال قلت
هلكنا قال ليس حيث تذهب انّما ذلك الكذب على الله ورسوله والأئمة عليهم السّلم
ومنها ما رواه فى الوسائل فى كتاب الزكاة فى باب استحباب الصّدقة بالليل عن العلل
بالاسناد عن سفيان بن عينيه قال راى الزّهرى علىّ بن الحسين ع ليلة وعلى ظهره دقيق
وهو حطب يمشى فقال له يا ابن رسول الله ما هذا فقال اريد سفرا اعد زادا احمله الى
موضع حريز الى ان قال فلما كان بعد ايّام قال له يا ابن رسول الله لست ارى لذلك
السّفر الذى ذكرته اثرا قال بلى يا زهرى ليس ما ظننت ولكنّه الموت وله كنت استعدّ
ومنها ما رواه فى الوسائل فى كتاب القضاء عن العلل بالاسناد عن ابن ابى عمير عن
عبد المؤمن الانصارى قال قلت لابى عبد الله عليه السّلم ان قوما رووا عن رسول الله
صلىاللهعليهوآله قال ان اختلاف امتى رحمة فقال صدقوا فقلت ان اختلافهم
رحمة فاجتماعهم عذاب قال ليس حيث تذهب وذهبوا انما اراد قول الله عزوجل فلو لا نفر من كلّ فرقة منهم ليتفقهوا فى الدّين
ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلّهم يحذرون فامرهم ان ينفروا الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فيتعلّموا ثمّ يرجعوا الى قومهم فيتعلّموهم انّما اراد
اختلافهم فى البلدان لا اختلافا فى دين الله انّما الدّين واحد انّما الدّين واحد الثّامن
انّه لو قام ظنّ على عدم حجية ظنّ بناء على حجيّة مطلق الظنّ فامّا ان يكون
المورود من باب الظن فى الاصول او الظنّ فى الفروع او الاعمّ وعلى التقادير امّا
ان يتّحد الوارد والمورود نوعا او يختلفان فالاقسام ستّة احدها ما لو قام الشّهرة
مثلا على عدم حجية الشّهرة فى الاصول والعبرة فيه بالمورود اذ الوارد يلزم من
وجوده العدم فيكون المورود خاليا عن المعارض ونظيره ما تقدّم من انّه لو قلد الشخص
مجتهدا فى مسائل فرعيّة ثم مات هذا المجتهد وفتوى المجتهد الحىّ الاعلم بناء على
وجوب تقليد الاعلم او المقصود بالتقليد او المنحصر فيه الاجتهاد بناء على عدم وجوب
تقليد الاعلم او المقصود بالتقليد او المنحصر فيه الاجتهاد بناء على عدم وجوب
تقليد الاعلم وجوب العدول فعدل الشّخص المزبور تقليدا للمجتهد المذكور ثمّ مات هذا
المجتهد وبناء المجتهد الحىّ على وجوب البقاء فح يجب البقاء فى غير مسئلة وجوب
البقاء اذ وجوب البقاء فى مسئلة وجوب البقاء يستلزم وجوب العدول فالامر من باب
لزوم العدم من الوجود
وهو محال بل القانون الكلى ان كلّ فرد يقتضى نفى صنفه او نفى نوعه او نفى
جنسه ينتفى بنفسه لاستلزام وجوده عدمه ويبقى غيره من افراد الصنف او النّوع او
انواع الجنس خاليا عن المعارض فعلى القول بحجية الشّهرة مثلا لا بدّ ان يخرج منها
شهرة عدم حجية الشّهرة فى المقام ثانيها ما لو قام الشّهرة مثلا على عدم حجية
الشّهرة لا فى الاصول ولا فى الفروع والعبرة فيه ايضا بالمورود اذ الوارد يلزم من
وجوده العدم فعلى القول بحجية الشّهرة لا بد ان يخرج منها شهرة عدم حجية الشّهرة
نظير انّه على القول بوجوب البقاء على تقليد الميّت لو مات المجتهد يجب العدول فى
مسئلة وجوب البقاء لو قلّده المقلّد عن المجتهد الحىّ حال الحياة ثالثها ما لو قام
الشّهرة مثلا على عدم حجية الشّهرة فى الفقه والعبرة فيه بالوارد بناء على حجية
الظنّ فى الاصول لقيام الحجّة على عدم حجية الظنّ فى الفروع قضيّة عدم اختصاص
المخرج بالقطع لكفاية الحجيّة فى المخرج وفرض حجيّة الظنّ بعدم الحجيّة فى المقام
رابعها ما لو قام الشّهرة مثلا على عدم حجية الخبر الموثق فى الاصول والعبرة فيه
ايضا بالوارد بناء على حجيّة الظنّ فى الاصول لما سمعت فى الصّورة السّابقة خامسها
ما لو قام الشّهرة مثلا على عدم حجيّة الخبر الموثق لا فى الاصول ولا فى الفروع
والعبرة فيه ايضا بالوارد بناء على حجية الظنّ فى الاصول لما سمعت سادسها ما لو
قام الشّهرة مثلا على عدم حجيّة الخبر الموثق فى الفروع والعبرة فيه ايضا بالوارد
بناء على ما ذكر لما ذكر وبالجملة ففى صورة اختلاف النّوع يقدم الوارد لو كان المورود من باب الظنّ فى الفروع ويقدم المورود
لو كان المورود من باب الظنّ فى الاصول او الاعم ولا يذهب عليك انّ ما ذكرناه فى
الوجوه المذكورة انما يتاتّى لو كان قيام الظنّ على عدم حجية الظنّ من باب حرمة
العمل بالمورود نظير القياس والا فلو كان مفاد الظنّ الوارد عدم اعتبار الظنّ
المورود من جهة عدم قيام الحجّة على حجيّته فيقدم الظنّ المورود لاندفاع الظنّ
الوارد بمعارضة دليل الانسداد فى الظنّ فى الاصول على الاوّل والرابع والظنّ فى
الفروع على الثّالث والاخير والظنّ فى الاصول والظنّ فى الفروع على الثانى والخامس
وربما يتوهّم ان فى صورة قيام الظنّ على عدم اعتبار الظنّ فى الفروع يقدّم الظنّ
الوارد مطلقا نظير تقدم الاستصحاب الوارد على الاستصحاب المورود ويظهر ضعفه بما
سمعت من تقدّم الظنّ المورود على تقدير اتّحاد النوع وبما سمعت يظهر ضعف ما صنعه
بعض الفحول فى الصّورة المسطورة اعنى قيام الظنّ على عدم حجية الظنّ فى الفروع حيث
انه يلوح منه فى موضع عدم حجيّة الظنّ الوارد نظرا الى لزوم القطع فى المستثنى فى
دليل الانسداد وصرّح فى موضع آخر بحجيّة الظن المورود مع اتحاد النّوع واختلافه
تعويلا على ان احدا من القائلين باصالة حجية الظنّ لم يستثن هذه الصّورة من اصالة حجيّة الظنّ يوجب خروج كثير من الظنون عن
الحجيّة فيلزم الهرج والمرج فى الدّين وانّ الظن الحاصل من المورود قد تكون اقوى
من الظنّ الحاصل من الوارد سواء كان الظنّ من الظنون الخاصّة او غيرها وصرّح فى
موضع ثالث بتقديم اقوى الظنين من الوارد والمورود مع الرّجحان والتخيير مع
التّساوى ثم انه لا فرق فى الظنّ الوارد بين كونه من الظّنون الخاصّة او غيره ممّا
لم يقم على عدم حجيّته حجّة اذ لا فرق على القول بحجية مطلق الظنّ بين الظّنون
الخاصّة وغيرها مما لم يقم على عدم حجيّته حجة بقى انّه على القول باعتبار الظنّ
بالطريق لا بدّ من تقديم الظنّ الوارد مطلقا التّاسع انه قد اشتهر النقض على القول
بحجيّة مطلق الظنّ بالقياس ونحوه ممّا قام الاجماع بل الضرورة على عدم جواز العمل
بالظنّ المستفاد منه بناء على عدم جواز تخصيص الدّليل القطعى اقول انّه يتاتى
الكلام تارة فى جواز تقليل شيوع الدّليل القطعى واخرى فى تسمية التقليل المذكور
بالتخصيص امّا الاوّل فالدّليل القطعى لو كان لفظيّا كالخبر الواحد بالقرائن
الموجبة للقطع بمضمونه فلو اخذ فيه فعلية القطع لا يمكن تخصيصه لا بالقطعى ولا
بالظنّى الّا انّ الدّليل اللّفظى على هذا المنوال لو اخذ فيه فعليّة الظنّ فلا
يجوز تخصيصه لا بالقطعى ولا بالظنّى كما هو الحال فى الظنّى بل لا يتم تخصيص
العموم وهو حديث مشهور معروف الا يكون العموم شأنيّا والّا فلا مجال للتخصيص للظنّ
بالتّخصيص مع فعلية العموم بل حكم الفخري على ما يبالى بامتناع تخصيص العام تمسّكا
بعدم جواز اجتماع العموم والخصوص وهو مبنى على اعتبار الفعليّة فى العموم ولو كان
الدّليل القطعى لبيا فلا باس بالتخصيص لو كان المخصّص عقليّا لو كان العقل حكم
مرّة واحدة بحكم لموضوع مع اخراج بعض افراده بحكمه فيه بحكم مخالف كما لو حكم
العقل بحسن كلّ صدق
__________________
الّا الصّدق الضار وكذا الحال لو حكم العقل اولا بالعموم ثم بالتخصيص الّا
ان حكمه ثانيا بالتّخصيص يكشف عن خطائه اولا فى الحكم بالعموم فى مورد التّخصيص
ولا تخصيص فى الحقيقة بل الامر فى السّابق لا يكون من باب التّخصيص ايضا بالنسبة
الى القضيّة المعقولة وانما هو من باب التخصيص نعم يتاتى التّخصيص فى القضيّة
الملفوظة واما لو كان المخصّص لفظيّا فالمخصّص يكشف عن خطاء العقل فى مورد
التّخصيص ايضا لو لم نقل بكونه موجبا لسكوت العقل فيما عدا مورد التّخصيص لو حكم
العقل اولا قبل الاطّلاع على المخصّص لكن لا تخصيص ح فى الحقيقة واما لو حكم العقل
بالاباحة فيما لا نصّ فيه فالاطّلاع على وجود النصّ بعد ذلك لا يوجب انكشاف خطاء
العقل بل يوجب ارتفاع موضوع حكم العقل فالامر من قبيل التخصّص الّا ان الفرق انّ
المدار فى التّخصيص على خروج الموضوع عن موضوع حكم عقليّا كان الحكم او ظنّيّا
والمدار هنا على اخراج الموضوع عن موضوع حكم العقل وبالجملة فقد ذكر الاصوليّون فى
بحث تعارض الاخبار عدم جواز تعارض الدّليلين القطعيّين ومن هذا دعوى عدم جواز
تخصيص الدّليل العقلى كما هو من الاحاديث المشهورة اذ المقصود بالدليل هو الدّليل
القطعىّ المستفاد من حكم العقل وذلك مبنى على اخذ الفعليّة فى الدّليل القطعى
والّا فكما لا يجوز تعارض العلم بالشيء فعلا مع العلم او الظنّ بالخلاف فكذا لا
يجوز تعارض الظنّ بالشيء فعلا مع العلم او الظنّ بالخلاف وكما يجوز اجتماع الظنّ
شأنا مع العلم او الظنّ بالخلاف وربما حكم الباغنوى بان المدار فى التّواتر على شأنيّة
افادة العلم بل نفى الخلاف عنه بل مقتضى اخذ الامكان فى حدّ الدّليل هو كون المدار
فى مطلق الدّليل قطعيّا كان او ظنّيّا على شأنيّة افادة العلم او الظنّ بل هو
الظّاهر من تعريف الدّليل بما يتوصّل بصحيح النّظر فيه الى مطلوب خبرى وان قلت انه
لا باس بكون المتواتر المغفول دليلا خارجا عن المتواتر قلت انه بعيد لكن مقتضى
حدود المتواتر ان المدار على فعلية الايصال كما ان الظاهر بل بلا اشكال ان المدار
فى الادلّة الظنية على الشأنية وان عرف العلامة فى المبادى خبر الواحد كما عن بعض العامّة
بما لا يفيد العلم بل العميدى بعد ان عرفه بما لم يفد العلم من الاخبار مع افادة
الظنّ صرّح بان ما لم يفد الظنّ من الاخبار وان كان خبرا واحدا لغة الّا انّه ليس
خبرا واحدا بحسب الاصطلاح وقد يوجد اختلاف الحركة اعنى اخذ الفعليّة فى الدّليل
القطعى واخذ الشّأنيّة فى الدّليل الظنّى بتوجيهين زيّفناهما فى محلّه وامّا
الثانى فصحّة اطلاق التخصيص على تقليل شيوع العام لو كان العموم عقليّا مبنيّة على
عدم كون العموم من عوارض الالفاظ اذ التخصيص اخراج بعض افراد العام فما لا يتّصف الاخراج منه بالتخصيص ومن هذا ان الاستثناء من
المطلق يكون من باب التقييد وان كان الاستثناء من العام يكون من باب التخصيص وكيف
كان فالصّواب فى الجواب فى الباب ان يقال ان العقل لا يحكم بحجيّة جنس الظنّ حتى
يتاتّى النقض بمثل القياس بل انّما يحكم بحجيّة نوع الظنّ اعنى ما لم يقم دليل على
عدم حجيته نظير اصل البراءة فكما ان الاطّلاع على ورود النصّ بالتكليف مانع عن
العمل باصل البراءة من باب ارتفاع الموضوع فكذا قيام الدّليل على عدم اعتبار
القياس يوجب خروجه عن موضوع حكم العقل لكن الفرق بين اعتبار مطلق الظنّ واعتبار
اصل البراءة هو احتمال ورود الدّليل على التّكليف وعدم وصوله الينا فى موارد اصل
البراءة من المسائل الفقهيّة بخلاف مسئلة حجية الظنّ فانه لا يحتمل قيام دليل على
حجيّة طريق مخصوص بناء على دعوى العلم بعدم جعل الطّريق وهذا لا يوجب تغيّر
العنوان اعنى كون موضوع حكم العقل بالحجيّة هو نوع ما لم يقم دليل على عدم حجيّته
اذ غاية الامر حكم العقل باعتبار هذا النّوع فى الواقع واين هذا من دلالة العقل
على حجيّة جنس الظنّ فلم يتغيّر عنوان النّوع الى عنوان الجنس وليس عنوان ثالث فى
البين فلم يتغيّر العنوان راسا وامّا بناء على عدم العلم بجعل الطّريق باحتمال كون
المدار فيما دلّ على حجيّة خبر الواحد بعد الدّلالة على جهة الخصوصيّة فامر حجيّة
الظنّ نظير الامر فى حجيّة اصل البراءة من غير فرق فى البين ويمكن الجواب بان
القياس لا يفيد الظنّ تارة بملاحظة انّ بناء الشّرع على تماثل حكم المختلفات
واختلاف حكم المتماثلات الّا ان يقال ان اختلاف حكم المختلفات وتماثل حكم المتماثلات
ازيد من تماثل حكم المختلفات واختلاف حكم المتماثلات ليحصل الظنّ من القياس واخرى
بملاحظة ان حرمة العمل بالقياس تمانع عن حصول الظنّ بكون مفاد القياس هو الحكم
الفعلى مع انحصار الدّليل فيه كما هو المفروض نعم يصلح الظنّ بالمصلحة والمفسدة
ولا ينبغى التامّل فى ذلك وان ينكره ظواهر الانظار فعلى ذلك لا بدّ من ورود
الدّليل على الوجوب والحرمة على طبق المصلحة والمفسدة لكن لم يصل الدّليل الينا
__________________
بناء على صدور جميع الاحكام او لم يرد الدليل على ذلك بناء على عدم صدور
جميع الاحكام وان قلت انه لا منافاة بين حرمة العمل بالقياس وحصول الظنّ منه
بالحكم الفرعى قلت المنافاة فى البين بينة اذ بعد فرض انحصار الدّليل فى القياس
وحرمة العمل بالقياس فالظنّ بالوجوب مثلا بتوسّط القياس غير معقول وربما يستفاد من
كلمات المحقق القمّى فى بحث اخبار الآحاد وبحث القياس واوّل بحث الاجتهاد وبحث
جواز التقليد الميّت الجواب بالتزام حجية القياس اذا انحصر مدرك الحكم فيه وعدم
ثبوت الانسداد بالنّسبة الى مقتضى القياس لحرمته بالضّرورة من المذهب وكون المنع
عن التمسّك بالقياس انّما هو لو كان المقصود استقلاله واتباع الهوى دون متابعة
الشّرع وكون الإخراج ممّا يفيد الظنّ لا من الظنّ وليس شيء منها بشيء امّا الاوّل
فلشمول اخبار حرمة العمل بالقياس لصورة انحصار المدرك فيه بل يمكن القول بانّه فى
صورة عدم انحصار مدرك الحكم فى القياس لا مجال لحرمة البناء على مفاد القياس فلا
يشمل الاخبار لصورة عدم انحصار المدرك فى القياس الّا انّه يندفع بانه لا باس
بالبناء على مفاد القياس فى صورة تعدّد المدرك لكن البناء على مفاد القياس غير
العمل بالقياس لتأتى البناء على مفاد القياس بالعمل بالمدرك الآخر وعدم الاعتناء
بالقياس بخلاف العمل بالقياس فانه منوط بالاعتناء بالقياس وهو حرام ولو فى صورة
وجود مدرك آخر بل ربما منع عن العمل بالاصل فى صورة مخالفة الخبر للقياس من باب
ارتفاع الظنّ من الخبر تمسّكا باقتضاء اخبار حرمة العمل بالقياس حرمة مطلق
الاعتناء بالقياس حتّى هذا النّحو من الاعتناء اى العمل بالاصل من باب الاعتناء
بالقياس فى رفع اليد عن الخبر ومع ذلك ما قام على عدم جواز العمل بالقياس من
الاجماع والضّرورة مطّرد فى صورة اتّحاد المدرك بلا شكّ وامّا الثانى فلان
الضّرورة انّما هى فى المسألة الاصوليّة اعنى عدم حجيّة القياس والظنّ فى المسألة
الفرعيّة بالحكم الفرعى والحكم الفرعى قد انسد باب العلم به فضرورة حرمة العمل
بالقياس لا تخرج مورد العمل بالقياس عن مورد النّزاع اعنى موارد انسداد باب العلم
بالحكم الفرعى وامّا الثالث فلانّه وان يمكن القول بانصراف اخبار المنع عن العمل
بالقياس الى ما كان فى قبال متابعة ارباب العصمة لكن الانصاف لكن الانصاف ان
الانصراف بدوى وعمق النظر يقضى بقضاء الاخبار بحرمة العمل بالقياس على الاطلاق بل
ملاحظة اخبار القياس تقضى بالقطع بحرمة العمل بالقياس على الاطلاق ومع ذلك لا ريب
فى قضاء الاجماع والضّرورة بحرمة العمل بالقياس على الاطلاق واما الاخير فلان
المقصود من النقض بالقياس هو النقض بالظنّ الحاصل من القياس فلا بدّ من اخراج
الظنّ المذكور عن الظنّ مع ان الاشكال المتطرق على الاخراج عن الظنّ وهو عدم جواز
تخصيص الدّليل القطعى يتطرّق على الاخراج عمّا يفيد الظنّ ولا فرق بين الاخراج عن
المفيد والاخراج عن المفاد وربما اجاب المحقق المذكور بعدم افادة القياس للظنّ لكن
حكم فى بحث القياس بان القول به مكابرة ويضعف حكمه بما يظهر مما مرّ هذا كله فى
القياس بطريق المساواة نقضا وجوابا بناء على ظهور القياس فى باب النقض فى القياس
بالمساواة كما هو الحال فى جميع موارد اطلاق القياس على وجه الاطلاق ويتاتى النقض
ايضا فى القياس بطريق الاولوية اعنى ما لو كان حكم الاصل ثابتا باللفظ من غير ان
يكون المفهوم من اللفظ فى العرف ولو بدلالة الاشارة ثبوت الحكم فى الفرع ايضا الّا
ان العقل استنبط المقتضى للحكم فى الاصل علما مع احتمال وجود المانع لو كان الحكم
فى الاصل مظنونا من اللفظ والّا فلا يجتمع الظنّ بالحكم مع العلم بوجود المقتضى
وانتفاء المانع او مع عدم احتمال المانع لكن مع الظنّ بكون اقتضاء المقتضى فى
الفرع اشدّ او ظنا وحكم ايضا علما او ظنّا بوجود المقتضى فى الفرع ايضا علما مع
احتمال وجود المانع فيه الّا ان يقال انه ح يندفع المانع بالاصل فلا اشكال فى ثبوت
الحكم فى الفرع لكنّه مبنىّ على اعتبار اصالة العدم او ظنا وحكم ايضا علما او ظنا
بكون اقتضاء المقتضى فى الفرع اشدّ الّا ان المحقق القمّى انكر حجيّة ذلك اعنى
القياس بطريق الاولويّة فى بحث القياس بطريق الاولويّة فى بحث القياس مع ما سمعت
منه من القول بحجية القياس بطريق المساواة فى بعض اجوبته فالنقض بالقياس بطريق
الاولوية لا دافع له عن كلامه اللهمّ إلّا ان يكون اجوبته اعمّ من القياس بطريق
الاولويّة حملا للقياس فى النقض على الاعمّ إلّا انه ينافى انكار حجيّة القياس
بطريق الاولويّة كما سمعت لكن جرى بعض الفحول ممّن قال بحجيّة مطلق الظنّ على
القول بالحجية استدلالا بان المانع عن الجواز انما هو الاصل والعمومات المانعة عن
العمل بغير العلم واطلاق النصوص الدّالة على حرمة العمل بالقياس وعموم جملة من
الاخبار الظّاهرة فى المنع عن العمل بالقياس بطريق الاولويّة كالاخبار الدّالة على
بطلان قياس ابليس والاخبار
التى تضمنت النقض على ابى حنيفة بعدم جواز قياس الصّلاة على الصوم فى عدم
سقوط القضاء ونحو ذلك واطلاق العبارات المتضمّنة لدعوى الاجماع على بطلان القياس
وكذا فتوى معظم الاصحاب إلّا انّه يحصل فى المقام الظنّ بالحكم الشّرعى كما فى خبر
الواحد والشّهرة ونحوهما والاصل فى كل ظنّ الحجيّة حتى يقوم دليل قاطع على عدم
الحجيّة كالقياس بطريق المساواة فانّه مقطوع بعدم حجيّته لانه القدر المتيقّن من
النّصوص والفتاوى والاجماعات المحكية الدالة على حرمة العمل بالقياس وليس الامر
فيما نحن فيه من هذا القبيل لعدم دليل قاطع على عدم جواز التّعدية والوجوه
المتقدّمة لا تصلح لافادة القطع امّا الاصل فظاهر واما العمومات والاطلاقات
المانعة عن العمل بغير العلم فان جملة منها وان كانت قطعيّة السّند ومن الكتاب
ولكن جميعها ظنّى الدّلالة لان دلالة العام والمطلق على كل جزئى مندرج تحتهما
ظنّيّة قطعا والّا لما صحّ ارتكاب التخصيص والتقييد فيهما كما لا يخفى وبطلان
التّالى فى غاية الوضوح فان تخصيص العمومات وتقييد المطلقات ممّا لا مجال لانكاره
ومن جملتها هذه العمومات والاطلاقات فانّ تقييدها وتخصيصها فى موارد كثيرة ككثير
من موارد الموضوعات الصّرفة وكثير من موارد الاحكام الشرعيّة الفرعيّة ممّا لا ريب
فيه ولا شبهة تعتريه وحيث كانت ظنيّة الدلالة فلا تصلح لدفع الاصل المذكور بل هى
مندفعة واما الاطلاقات والعمومات الدالة على حرمة العمل بالقياس فهى ظنّيّة
الدلالة لما تقدّم مع انها بخصوصها ظنّيّة السّند ايضا لانّها من باب اخبار الآحاد
ولم تتواتر حرمة العمل بالقياس فى الجملة معنوىّ لا لفظىّ كما لا يخفى فلا يلزم من
تواتر ذلك تواتر مضمون العمومات والاطلاقات المذكورة كما تقدم اليه الاشارة وحيث
كانت ظنّيّة السّند والدلالة كانت أسوأ حالا من العمومات المانعة عن العمل بغير
العلم فاذا كانت هذه لا تصلح لمعارضة الاصل المذكور فكذلك العمومات والاطلاقات
المذكورة لاتحاد الوجه والاولويّة هذا كلّه على تقدير اندراج ما نحن فيه تحتها
واما على تقدير المنع امّا باعتبار عدم صدق القياس بالمعنى المصطلح عليه بين
الفقهاء والاصوليّين لكونه من باب تنقيح المناط وهو ممّا لا يسمّى بحسب الاصطلاح قياسا
او باعتبار عدم معلوميّة ارادة المعنى الاصطلاحى للقياس فى الاخبار الواردة فى
المنع عن العمل بالقياس لاحتمال ان يراد فيها الوجوه الاعتبارية والاستحسانات
العقلية المعمولة عند العامة والمجتنب عنها عند الشّيعة باعتبار عدم دليل على
حجّيتها بل هى ظاهرة الفساد فالجواب عن ذلك فى غاية الوضوح وامّا الاخبار الدّالة
على بطلان قياس ابليس فهى ايضا غير قطعىّ السّند ومن باب اخبار الآحاد بل وهى غير
ظاهرة الدلالة للمنع عن كون قياسه من قبيل ما نحن فيه كما لا يخفى ولاحتمال كون
المنع عنه باعتبار كونه فى مقابل النصّ ومن الظّاهر انّه ح من اقبح القبائح فيجب
الحكم بفساده وليس هذا من محلّ البحث فى شيء فتدبّر وامّا الاخبار المتضمّنة للنقض
على ابى حنيفة فهى ايضا غير معلوم السّند ومن باب اخبار الآحاد بل وغير ظاهرة
الدلالة لاحتمال اختصاص المنع بصورة التمكن من تحصيل العلم بالحكم كما فى زمن ابى
حنيفة لانّ حجة الله وخليفته كان موجودا ظاهرا متمكّنا من الرّجوع اليه فى معرفة
المسائل الشّرعية وليس محلّ البحث من هذا القبيل بل هو مختصّ بصورة عدم التمكن من
ذلك ولا يبعد عقلا اختلاف الاحكام والادلّة الشّرعية باختلاف الازمنة والامكنة
بالاعتبارات الّتى من جملتها التمكّن من تحصيل العلم بالحكم الشّرعى وعدمه وقد وقع
الاختلاف المذكور فى الشّريعة كثيرا فلم لا يجوز ان يكون تكليفنا اليوم العمل
بالقياس فيما نحن فيه وان حرم علينا ذلك حين ظهور الامام والتمكّن منه فى تحصيل
الحلال والحرام وترتّب اللّعن والعذاب ونحو ذلك من التّهديدات على العمل بذلك ح لا
يستلزم ترتّبه على غير المتمكن من تحصيل العلم بالمسائل الا نادرا فى الغاية
والمضطرّ الى العمل بغيره كاضطرار الجائع المشرف على الهلال الى اكل الميتة
وبالجملة الاخبار الدّالة على حرمة العمل بالقياس وان كان يحصل من مجموعها العلم
بها فى الجملة ولكنّها لا يفيد حرمته بجميع اقسامه واحواله واعتباراته لان هذا
العموم لم يتواتر معنى بواسطة تلك الاخبار ومع هذا فالاخبار المذكورة معارضة
باخبار أخر متضمّنة لاحتجاج المعصوم بالقياس بطريق الاولويّة ومنها ما اشار اليه
فى الزّبدة فقال وامّا قول امير المؤمنين عليهالسلام أتوجبون عليه الجلد والرّجم ولا توجبون عليه صاعا من الماء فمن طريق
الاولوية وفى غاية المامول ايجاب الغسل منه هنا ليس بالقياس بل بطريق الاولويّة
الذى هو حجّة عندنا ايضا فلا ينافى ما تواتر عنه عليه السّلم من انكاره انتهى لا
يقال لعلّ استدلال المعصوم مبنى على الجدل مع العاملين بالقياس ولا باس بالزام
الخصم بما يذهب اليه وان كان فاسدا بل هو الظّاهر اذ
لا حاجة للمعصوم عليه السّلم الى التمسّك بمثل هذا الدليل فى الاحكام
الشّرعية فانه مصدّق فيما يخبر به لانا نقول الاحتمال المذكور فى غاية البعد اذ لو
كان القياس الّذى ذكره محرما فى الشّرع لكان تمسّكه عليه السّلم به موجبا للاغراء
بالجهل اذ لعل طائفة او واحدا يتوهم ان هذا الاستدلال كاستدلاله بالكتاب والسّنة
الّذى هو جائز شرعا ولا يخطر ببالهم انه من باب الجدل فيلزم الفساد وذلك منه غير جائز
ومع هذا فظاهر الرّواية كما لا يخفى على من لاحظها انّه تكلم مع الصّحابة وليس احد
منهم يجوز العمل بالقياس حتّى يصحّ مجادلتهم به واما اطلاق العبارات المتضمّنة
لدعوى الاجماع على حرمة العمل بالقياس فلانه لا يفيد العلم بحرمة ما نحن فيه كما
لا يخفى بل قد ندّعى اتّفاق الاصحاب على حجيّة ما نحن فيه لانّهم قد تمسّكوا فى
موارد متعدّدة فى الفقه بقاعدة الاولويّة ولما ذكر ربما جرى على القول بحجية
القياس بطريق الاولوية ايضا فيما لو كان حكم الاصل ثابتا بالعلم من غير اللّفظ
كالاجماع بالاقسام الماضية ولا بدّ له من القول بالحجيّة ايضا فيما لو كان حكم
الاصل ثابتا بالظنّ من باب حجية مطلق الظنّ غير الظّنون الخاصّة بالاقسام الماضية
فلم يبق من القياس بطريق الاولويّة فردا لا وهو يقول بالحجّيّة فيه لكن للكلام
فيما ذكره مجال والظّاهر بل بلا اشكال انّ ملاحظة الاخبار الدّالة على حرمة العمل
بالقياس وكذا الاخبار الدالة على عدم جواز العمل بالقياس بطريق الاولويّة كما دلّ
على بطلان قياس ابليس والنقض على ابى حنيفة وكذا اطلاق الاجماعات المنقولة على عدم
جواز العمل بالقياس توجب الظنّ القوى بل العلم بعدم حجية القياس بطريق الاولويّة
ولا يلزم فيما يدلّ على عدم جواز العمل بالظنّ بناء على حجيّة مطلق الظنّ كونه
قطعيّا كما هو ظاهر المستدل فيما ذكره هنا بل يكفى كونه ظنا بناء على حجية مطلق
الظنّ فى الاصول على تقدير اختلاف الوارد والمورود كما فى مورد الكلام فالصّواب فى
الجواب هنا ما تقدّم به من الوجهين فى النقض بالقياس بطريق المساواة ان المحقّق
القمّى فى فاتحة القوانين فى الجواب عن الايراد على اخذ العلم فى جنس الفقه بان
اكثر الفقه من باب الظنون جعل حجيّة مطلق الظنّ من باب الموضوعيّة حيث انّه حكم
بان حجيّة الظنّ عند انسداد باب العلم من باب التقية وعلى ذلك الحكم المظنون
للمجتهد من باب الواقعى الثّانوى بل يقتضى القول بذلك ما ذكره فى بحث اصل البراءة
من امتناع التكليف بالواقع فى حال امتناع العلم وان ينافى هذا دعوى بقاء التكاليف
الواقعيّة فى الاستدلال على حجيّة مطلق الظنّ بدليل الانسداد كما تقدّم بل مقتضى
كلماته فى باب الجاهل القاصر موضوعيّة الجهل اقول انّه ربما قسم السيّد السّند
النّجفى والعلّامة النّجفى والوالد الماجد ره الحكم الى اربعة اقسام الواقعى
الاولى والواقعىّ الثانوى والظّاهرى والعذرى والمقصود بالواقعىّ الأولى ما كان
متعلّقا بالفعل او التّرك على حسب المصالح والمفاسد الواقعيّة ابتداء من غير ان
يكون مسبوقا بحكم آخر وهو اعمّ من ان يكون موضوع الحكم اعتقادا كما فى اصول الدّين
او غيره كما فى الواجبات والمحرمات من الفروع والمقصود بالواقعى الثانوى ما كان
تعلّقه من الواقعى الاولى بصورة التعليق على امر من الاعتقاد كما فى الظنّ
بالركعات او الشكّ كما فى الشكّ بين الثلث والاربع مثلا او الاضطرار كما فى درجات
الصّلاة الاضطراريّة او ما عدا الايماء بناء على كونه من باب البدل لا الصّلاة او
غير ذلك كما فى التيمّم لقوله سبحانه (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً
فَتَيَمَّمُوا) لكن التّعبير بالثانوى فى ذلك بملاحظة التعبير فى جعل
الحكم والّا فحكم واجد الماء وحكم فاقد الماء فى جانب العرض لا الطّول وبما ذكر
ظهر ان وجوب الحج ليس من باب الواقعى الثّانوى لانّه وان كان مشتملا على التّعليق
لكنه ليس مسبوقا بالواقعى الاولى وعلى هذا المنوال الحال فى الخمس والزكاة وغيرهما
من الواجب المشروط والمقصود بالظاهرى ما يستفاد من الكتاب والسّنة وهذا قد يكون من باب الواقعى الثّانوى فهذا القسم ليس قسما مستقلا
بنفسه والمقصود بالعذرى ما كان المدار فيه على مجرّد رفع العقاب كما فى الغفلة
والسّهو والنّسيان ومن هذا ان اطلاق الحكم على ذلك من باب المسامحة فمن ذلك حكم
الغافل والسّاهى والناسى وكذا ما يقتضيه اصل البراءة من عدم العقاب على ما لا نصّ
فيه وجوبا او حرمة باتفاق المجتهدين والاخباريين فى الاوّل واتفاق المجتهدين فى
الثّانى حيث انّ مفاد اصل البراءة بالاصالة انّما هو عدم العقاب على ما لا نصّ فيه
وامّا ثبوت الاباحة فانما هو من باب الاستلزام قضيّة عدم تخلّل الواسطة بين انتفاء
التّكليف وثبوت الاباحة إلّا ان يقال ان عدم التّكليف عين الاباحة بناء على كون
الامر بالشيء عين النّهى عن الضدّ العام وياتى مثله فى باب الغافل واخويه ويخرج عن
الاقسام المذكورة الحكم العملى كالاستصحاب بناء على كون اعتباره من باب اخبار
اليقين ومع عدم اعتباره مع انكشاف الخلاف والّا فهو من باب
__________________
الواقعى الاولى بناء على كون اعتباره من باب اخبار اليقين ومع عدم اعتباره
منع انكشاف الخلاف والّا فهو من باب الى الظنّ ومن باب الواقعى الثانوى بناء على
كون اعتباره من باب اخبار اليقين ولو مع انكشاف الخلاف وكذا الاسباب المتعلّقة
بالموضوعات بناء على كون اعتبارها من باب التعبّد وعدم اعتبارها فى صورة انكشاف
الخلاف وكيف كان فمقتضى تعليق الحكم على الواقع فى الواقعىّ الاولى اناطة الحكم
بالواقع وعدم مداخلة الاعتقاد فيه لكن لو ثبت كفاية الظنّ مثلا لا بدّ من ملاحظة
ما دلّ على كفاية الظنّ من حيث الدلالة على المرآتية والموضوعيّة فعلى الاوّل لا
بدّ من الاعادة بعد انكشاف الخلاف فى الوقت وامّا القضاء فامره موكول على كونه
بالفرض الاوّل او شمول ادلّة القضاء بعدم انصرافها الى التّرك بالكليّة او قضاء
الاستقراء بوجوب القضاء فى موارد وجوب الاعادة وامّا على الثّانى فلا يجب الاعادة
بانكشاف الخلاف فضلا عن وجوب القضاء وما يتوهّم من ابتناء وجوب الاعادة وعدمه على
اقتضاء الامر او الاتيان بالمامور به للاجزاء فاسد وشرح الحال موكول الى ما
حرّرناه فى بحث دلالة الامر على الاجزاء ومقتضى تعليق الحكم على الاعتقاد او الشكّ
او غيرهما على تقدير تعذّر شيء كما فى التيمّم فى الواقعى الثّانوى عدم مداخلة الواقع
فيه فمقتضى الحكم بالبناء على الظنّ فى الرّكعات او البناء على الاكثر فى الشكّ
بين الثّلث والاربع عدم وجوب الاعادة بعد انكشاف الخلاف بل هو الحال فى باب
الاستصحاب كما حرّرناه فى محلّه ومن قبيل ذلك الجهل بالقصر والاتمام لكن نقول ان
كون الحكم من باب الواقعىّ الثانوى منوط بعدم اناطة الاعتبار بعدم انكشاف الخلاف
والّا فالحكم من باب الحكم العملى فقد بان ضعف شرح الواقعى الثّانوى بما لو كان
الحكم معلّقا على الاعتقاد او الشكّ او غيرهما على تقدير تعذّر شيء وقد اكتفى
الشّارع من الواقع بالتعبّد فى غير ما ذكر كما فى صحّة افعال المسلمين واقوالهم
على القول بالصّحة وكما فى قبول قول ذى اليد وغيره يقتضى تعليق الحكم على موضوع
مسبوقا بتعليق حكم آخر عدم اختلاف الحكم باختلاف الموضوع ومن هذا عدم وجوب اعادة
الصّلاة للتيمّم بعد وجدان الماء واما لو ثبت حجيّة الاعتقاد بالعقل كما فى التكليف
بما لا يطاق فالعقل لا يتمكّن من المزيد على المرآتيّة وعلى هذا المنوال الحال لو
ثبت حجيّة الاعتقاد بالعسر والحرج بناء على ثبوت قاعدة نفى العسر والحرج فاعتبار
الاعتقاد يكون مراعيا بعدم ارتفاع التّكليف بما لا يطاق والعسر والحرج اذ المفروض
ان المطلوب هو الواقع واقصى ما يثبت بارتفاع التّكليف بما لا يطاق والعسر والحرج
كون المدار عليها فبارتفاعها يرتفع ما جوز بها فلو ارتفعت فى الوقت يجب الاعادة
نعم لو لم ترتفع لا فى الوقت ولا بعده يكون الاعتقاد كافيا فى الامتثال قضيّة عدم
الارتفاع وامّا لو ارتفعت بعد الوقت فامر القضاء كما سمعت ومن ذلك حجيّة العلم فان
كفايته فى الامتثال من باب لزوم التّكليف بما لا يطاق لو لا الكفاية والا فالعلم
غير داخل فى مدلول الالفاظ لا وضعا ولا ارادة ولا يكون التكليف بالمعلوم وان كان
التكليف فى حال العلم بالموضوع فى التّكليف بالموضوعات العرفيّة وفى حال امكان
العلم فى التّكليف بالموضوعات المخترعة كما حرّرناه فى الرّسالة المعمولة فى الشكّ
فى المكلّف به تردّدا بين الاقلّ والاكثر فاعتبار العلم يكون مراعيا بعدم انكشاف
الخلاف بخلاف ما لو كان التّكليف بالمعلوم فان مقتضاه موضوعيّة العلم ومثل حال العلم
حال الظنّ لو اكتفى الشّارع بالظنّ من باب تعذّر العلم فاعتبار الظن يكون مراعيا
بعدم انكشاف الخلاف فى الوقت ففى باب مطلق الظنّ لا يتمكن العقل فى حجية من المزيد
على المرآتية بل الموضوعيّة تستلزم شبه التّصويب لا التّصويب كما يتوهّم اذ المدار
فى التّصويب على خلوّ الواقعة واقعا عن الحكم والمدار فى مطلق الظنّ بناء على
موضوعيّته على ثبوت الحكم والتّكليف واقعا وقد حكى الشّهيد فى التّمهيد عن الفخرى
تلخيص الخلاف فى التّخطئة والتّصويب فيما لا نصّ فيه بانه لم يكلف المجتهد باصابته
لخفائه وغموضه ولذلك كان المخطئ فيه معذورا ماجورا كما ذهب اليه جمهور الفقهاء وعن
الشافعى وابى حنيفة والقول بانّهم بين قولين احدهما القول بخلوّ الواقعة عن الحكم
راسا كما جرى عليه الاشعرى وجمهور المتكلمين والقائلون بذلك بين قولين القول بانه
لا بدّ ان يوجد فى الواقعة ما لو حكم الله سبحانه لحكم به كما حكم به بعض والقول
بعدم لزوم ذلك كما حكم به بعض آخر وثانيهما القول بان لله سبحانه فى كل واقعة حكما
معينا والقائلون بذلك بين اقوال احدها انه يحصل الحكم من غير دلالة ولا امارة بل
هو كدفين عثر عليه الطّالب اتفاقا عمن وجده فله اجران ومن أخطأه فله اجر واحد
ثانيها ان عليه امارة والقائلون به بين قولين القول بانّه لم يكلّف المجتهد
باصابته لخفائه وغموضه ولذلك كان المخطى فيه معذورا
ماجورا كما ذهب اليه جمهور الفقهاء وعن الشّافعى وابى حنيفة والقول بانه
مامور بطلبه اولا فان أخطأ وغلب على ظنّه شيئا آخر تغيّر التكليف وصار مامورا
بالعمل بمقتضى ظنه ثالثها ان عليه دليلا قطعيّا والقائلون به بعد اتّفاقهم على ان
المجتهد مامور بطلبه بين اقوال القول بان المخطى لا ياثم ولا ينقض قضائه كالجمهور
والقول بالتّأثيم كبعض آخر قال فى التّمهيد والذى نذهب اليه ان له تعالى
فى كل واقعة حكما معيّنا عليه دليل ظنّى وان المخطى فيه معذور وان القاضى لا ينقض
قضائه وانت خبير بانه لا فرق بين ما ذكره وقول الجمهور المذكور آنفا وربما يقتضى
بعض كلماتهم حجيّة الظنّ فى بعض المواضع من باب الموضوعيّة كما يظهر من دعوى جماعة
نقلا الاجماع على ان من ظنّ ضيق الوقت اذا أخّر الصّلاة عصى وان انكشف بقاء الوقت
ومقتضاه كون المدار فى العلم بضيق الوقت على الموضوعيّة بالاولويّة بل قد يقال ان
تعبيرهم بظن الضيق من باب ادنى مراتب الرّجحان فيشمل العلم بالضّيق ومقتضاه كون
حجية العلم من باب الموضوعيّة ايضا من باب مفهوم الموافقة والتنبيه بالادنى على
الاعلى وليس القول بموضوعيّة الظنّ او العلم والظنّ فيما ذكر بالوجه ولو شكّ فى
الظنّ او العلم من حيث المرآتيّة او الموضوعيّة فيبتنى الامر على وجوب الاحتياط فى
الشكّ فى المكلّف به وعدمه فيه لوجوب الاعادة وكذا القضاء بناء على كونه بالفرض
الاوّل بناء على المرآتيّة دون الموضوعيّة فالاصل المرآتية بناء على وجوب الاحتياط
فى الشكّ فى المكلّف به والاصل الموضوعيّة بناء على حكومة الاصل فى ذلك وامّا بناء
على اعتبار الظّنون الخاصّة فمقتضاه القول بالموضوعيّة لفرض قيام الدّليل اللّفظى
على الاعتبار بناء على ما سمعت من ان مقتضى تعليق الحكم على الظنّ كون الامر من
باب الموضوعيّة لكن يمكن المرآتية غاية الامر كون المرآتيّة خلاف الظّاهر وعلى ذلك
المنوال الحال فى باب الظنّ بالطّريق لكن قد تقدّم ان مقتضى الوجه الثّانى من
الوجهين المتقدّمين فى الاستدلال على حجيّة الظنّ بالطّريق الموضوعيّة دون الوجه
الاوّل ثم انه لا اشكال فى كفاية الطّريق التعبّدى مع عدم حصول الظنّ فيما ثبت فيه
اعتبار الظنّ من باب المرآتية لكن يتاتى الكلام فى اعتبار الطّريق التعبّدى مع عدم
حصول الظنّ منه فيما ثبت فيه اعتبار الظنّ من باب الموضوعيّة كما لو قام شهادة
العدلين فى باب الركعات مع عدم حصول الظنّ منها على بناء كون اعتبار شهادة العدلين
باضرار الصّوم مع عدم حصول الظنّ منها فى جواز الافطار وهو مبنى على ان
جواز الافطار مبنى على الظنّ باضرار الصّوم والمفروض عدم حصول الظنّ بالاصرار
فمقتضاه عدم كفاية الطّريق التعبّدى فيما ثبت فيه اعتبار الظنّ فضلا عمّا ثبت فيه
اعتبار الظنّ من باب الموضوعيّة لكن يمكن ان يقال انّ غاية ما يقتضيه اعتبار الظنّ
من باب الموضوعيّة كما فى باب الظنّ بالركعات وكذا الظنّ بالضّرر فى باب الصّوم
بعد كون اعتباره من باب الموضوعيّة انّما هى الاغماض عن الواقع فى صورة ثبوت الظنّ
بالشيء وانتفاء الشيء واقعا اى مخالفة الظنّ للواقع بمعنى ترتيب آثار وجود الشيء
على تقدير ثبوت الظنّ بوجوده مع انتفائه واقعا لكنّه لا يقتضى الاغماض عن الواقع
فى جانب انتفاء الظنّ بالشّيء وثبوت الشّيء واقعا بحكم التعبّد اعنى استخراج ثبوت
الشيء بالطّريق التعبدى وبعبارة اخرى غاية ما يقتضيه الموضوعيّة انّما هى تعميم
آثار وجود الشيء بانكشاف الخلاف فى صورة انتفاء الشيء واقعا ولا يقتضى تقليل آثار
الوجود بعدم ترتيب آثاره مع قيام الطّريق التعبّدى على الوجود وبعبارة ثالثة غاية
ما يتمشّى من الموضوعيّة انّما هى النّفع فى جانب الطّول اعنى عدم وجوب الاعادة
والقضاء بناء على كونه بالفرض الاوّل فى صورة انكشاف الخلاف ولا يتمشى منها الضّرر
فى جانب العرض اى عدم اعتبار استخراج الواقع بالطّريق التعبّدى الّا على تقدير
ثبوت المفهوم لاعتبار الظنّ على وجه الموضوعيّة لكنّه مخصوص بمورد يتفق فيه
المفهوم والكلام فى موضوعيّة الظنّ من حيث انّها هى مع قطع النّظر عمّا يتّفق فى
الموارد الخاصّة كما هو الحال فى البحث عن سائر المطالب فى سائر الموارد بل اتّفاق
المفهوم المذكور فى بعض الموارد نادر مضافا الى ان المفهوم انّما يقتضى عدم اعتبار
الطّريق التعبّدى لو لم يكن المنطوق فى مقام الاجمال فى قبال عدم اعتبار الشكّ
وإلّا فلا يثبت المعارضة نعم لو شكّ فى كونه فى مقام الاجمال لا يثبت المعارضة
لكنّه يوهن اعتبار الطّريق التعبّدى قضيّة ان الشكّ فى ثبوت المعارض للدّليل يوجب
الشكّ فى اعتباره وان لا يوجب عدم اعتباره كما فى صورة ثبوت المعارض لكن الشكّ فى
اعتبار الدّليل يكفى فى عدم ثبوت اعتباره فالشكّ فى ثبوت المعارض للدّليل يشارك
ثبوت المعارض له فى عدم ثبوت اعتباره وعدم ثبوت اعتبار الدّليل يكفى فى عدم جواز العمل
وان لا يثبت عدم اعتباره والمستند فى ذلك انّما هو عدم التّعارض بين ما دلّ على
اعتبار الظنّ وما دلّ على اعتبار الطّريق التعبّدى فلا بدّ من
__________________
العمل بكل من الظنّ والطّريق التعبّدى نعم لو ثبت المفهوم لما دلّ على
اعتبار الظنّ يتاتى التعارض ولا بدّ من ملاحظة الترجيح والتعادل الحادى عشر انّه
قد اتفق الاصوليّون من الخاصة والعامّة عدا بعض الاخباريّين وبعض العامة على وجوب
الاخذ بالراجح فى تعارض الخبرين وكذا اتفقوا على كفاية الظنّ بالدلالة او الصّدور
او المضمون اى فى مطلق الظن فى التّرجيح لكن خالف فيه اكثر الاخباريّين حيث
اقتصروا على المرجّحات المنصوصة وكذا بعض المتاخّرين من المجتهدين حيث اقتصر على
طائفة من تلك المرجّحات ومقتضى كلماتهم ان المدار على الظنّ بالواقع فمقتضاه ان
الرجحان دلالة او سندا او مضمونا يوجب الظن بالواقع اى الحكم الواقعى وهذا امر
ثالث يكون الكلام فيه من باب الكلام فى الموضوع بخلاف الاوّلين فان الكلام فيهما
من باب الكلام فى الحكم لكن الكلام فى الاوّلين مبنىّ على الكلام فى الاخير حيث ان
من يقول بوجوب الاخذ بالرّاجح ويكتفى فى الرّجحان بمطلق الظنّ دلالة او صدورا او
مضمونا لا يجرى على وجوب الاخذ بالرّاجح لو لم يحصل الظنّ بالواقع من الراجح فرحى
التّرجيح يدور مدار الظنّ بالواقع لكن يتطرّق اشكال عويص بانّ رجحان المضمون وان
يوجب الظنّ بالواقع بل هو عينه لكن رجحان الدلالة كما فى اكثر مرجّحات المتن او
الصّدور كما فى مرجّحات السّند وبعض مرجّحات المتن كالفصاحة والبلاغة لا يوجب
الظنّ بالواقع بل لا يوجب الظن بالدلالة ولا الظنّ بالصّدور حيث ان الظنّ اما ان
يكون اسما للرّجحان الغير المسبوق اعنى الرّجحان الابتدائى الموجب لتجاوز الامر عن
درجة الشك بتصاعد احد الاحتمالين المتساويين او يكون اسما للاعمّ كما يرشد اليه
قولهم تراكم الظّنون ولعلّه الظّاهر فيصدق الظنّ على كل من الرّجحان المتطرّق
ابتداء وكذا الرّجحان المتطرّق بعده ما لم يبلغ الامر حدّ العلم وكذا مجموع الرّجحانات
المتطرّقة بعد الرّجحان المتطرّق ابتداء او ثانيا وهكذا ما لم يبلغ الامر حدّ
العلم نظير الماء حيث انّها تصدق على كل من الفطرتين المنفصلتين وكذا على المجموع
وكذا القرآن بناء على كونه مشتركا بالاشتراك المعنوى بين الكلّ والبعض وكذا سائر
اسماء الاجناس امّا على الاوّل فمرجّحات الدلالة لا توجب الظنّ بالدّلالة فكيف
بالظنّ بالواقع وكذا مرجّحات الصّدور لا توجب الظنّ بالدّلالة فكيف بالظن بالواقع
وكذا مرجّحات الصّدور لا توجب الظنّ بالدّلالة لفرض حصول الظنّ بالمدلول فى كل
واحد من الخبرين قضيّة وجود المقتضى وعدم المانع وكذا حصول الظنّ بالصّدور
بالنّسبة الى كلّ واحد من الخبرين ايضا لفرض اعتبار كل من الخبرين وصلاحيّة كلّ
منهما لافادة الظنّ بالصّدور وعدم تمانع مانع عن حصول الظنّ بالصّدور نعم يتاتى
قوّة الظنّ بالدلالة وكذا قوّة الظنّ بالصّدور الا ان المفروض عدم صدق الظنّ على
قوة الظنّ وامّا مرجحات المضمون فهى انّما يفيد الرّجحان الغير المسبوق ولا مجال
لافادتها الرّجحان المسبوق ولا مجال لافادتها الرّجحان المسبوق لانها تفيد الظنّ
بالواقع والظنّ بالواقع انما يحدث بها لعدم حصول الظنّ بالواقع بدونها قضيّة
التعارض وان قلت ان التّعارض قد اوجب عدم حصول الظنّ بالدّلالة وكذا عدم حصول
الظنّ بالصّدور بالاضافة الى شيء من الخبرين فمرجع الدلالة او الصّدور يوجب الظنّ
بالدلالة او الظنّ بالصّدور فيحدث الرّجحان الابتدائى قلت انّ هذا المقال انما
يتاتى لو امتنع صدور المتناقضين عن المعصوم وبعد فرض جواز التقيّة بالنّسبة الى
الامام او الراوى فضلا عن الوقوع كثيرا وكذا ابداء الاختلاف يكون صدور المتناقضين
ممكنا فلا يكون الظنّ بالدلالة او الصّدور فى احد الخبرين مانعا عن الظنّ بالدلالة
او الظنّ بالصّدور بالنّسبة الى الخبر الآخر نعم الظنّ بالحكم الواقعى يمانع عن
الظنّ بنقيضه لكنّه امر آخر لا يرتبط بما نحن فيه اذ الكلام فى الظنّ بالدّلالة
والظنّ بالصّدور كما انّه لو قلنا فى باب التقيّة بكون الامر مبنيا على عدم
استعمال اللّفظ فى المعنى نظير الاهمال كما هو مقتضى بعض كلمات المحقق القمّى او
الاستعمال فى غير الموضوع له اعنى التجوّز كما هو مقتضى كلام بعض بكون الظنّ
بالدّلالة فى احد الخبرين مانعا عن الظنّ بالدلالة فى الآخر وامّا لو قلنا بكون
الامر مبنيا على الاستعمال فى الموضوع له ولا باس بلزوم الكذب فى الاخبار والحكم
بغير ما انزل الله فى الانشاء بل مطلقا لفرض وجود المصلحة المجوزة ولعلّه الاظهر
فالظنّ بالدّلالة بالاضافة الى الخبر الآخر وان قلت كما ان التقيّة توجب
جواز صدور المتناقضين فكذا جواز الكذب متعمّدا فى احد الخبرين او وقوع السّهو فيه
فليس المناص منحصرا فى التقيّة قلت ان البناء على التقية مثلا ارجح لوقوعها كثير
الخلاف الكذب فانه لم يعرف فى الاخبار المعتبرة المخصوصة بالبحث عن التّرجيح وكذا
التقية بالنّسبة الى السّهو حيث ان التقية ارجح من السّهو لكونها اغلب منه وان كان
احتمال السّهو اقوى من احتمال الكذب لتطرّق السّهو فى الاخبار المعتبرة نادرا وان
قلت ان
__________________
ان التقية نادرة فاحتمال التقية فى باب التعارض خلاف الظاهر كما هو الحال
فى صورة انفراد الخبر وخلوه عن المعارض قلت انّ التقية وان كانت خلاف الظّاهر
لندرتها بالاضافة الى عدمها ولهذا يحصل الظنّ بالحكم فى صورة انفراد الخبر لكن فى
صورة التعارض فقد ظهر بما سمعت ان الظّاهر وقوع التقيّة فلا مجال لحدوث الظنّ
بالحكم من جهة الظنّ بالدلالة او الظنّ بالصّدور ولا اقلّ من ان يقال ان ارادة
الخلاف؟؟؟ موضع التّعارض خلاف الظّاهر وكذا عدم صدور الخبر مع اجتماع شرائط
الاعتبار خلاف الظّاهر فى غير مورد التّعارض ايضا كما ان التقيّة فى غير مورد
التّعارض ايضا كما ان التقيّة فى غير مورد التّعارض خلاف الظّاهر فلا بدّ فى مورد
التّعارض من ارادة خلاف الظّاهر او عدم صدور الخبر او التقيّة فسد باب احتمال
التقيّة لكونها خلاف الظّاهر ودعوى دوران الامر بين عدم ارادة الظاهر من احد
الخبرين او عدم صدور احدهما كما ترى ويمكن ان يقال انّ المدار فى كلماتهم فى
مرجّحات الدلالة او الصّدور على افادة الرّجحان قوّة الظنّ بالدلالة او الصّدور لا
افادة الظنّ بالدلالة او الظنّ بالصّدور باحداث الظنّ بالدّلالة او الظنّ بالصّدور
فى جانب الراجح وجعل المرجوح موهوم الدّلالة او الصّدور حيث انّهم قد علّلوا تقديم
الرّاجح فى كثير من المرجّحات بل اكثرها بقوّة الظنّ الّا ان يقال ان المقصود
بتقديم ما يكون الظنّ فيه اقوى فى كلماتهم انّما هو تقديم ما كان مظنونا فالغرض من
قوة الظنّ انّما هو حدوث الظنّ كما ان الغرض من الظنّ الاقوى فى بعض المواضع بل فى
كثير من المواضع ممّا يمتنع فيه الظنّ من طرفى النقيض هو المظنون المستلزم كون
الظنّ فى جانبه كون ما يقابله من باب الموهوم إلّا ان يقال ان لزوم ارتكاب خلاف
الظّاهر فى بعض المواضع لا يوجب ارتكابه فيما لا موجب لارتكابه ففيما نحن فيه لا
وجه لحمل قوّة الظنّ على حدوث الظنّ كيف لا والحمل عليه يوجب المحذور ثم ان عمدة
المحذور فى المقام انّما هى عدم حصول الظنّ بالواقع والا فعدم حصول الظنّ بالدلالة
او الصّدور امره سهل لرجوع الامر الى امر لفظىّ واما على الثانى فنقول ان مرجحات
الدّلالة او الصّدور وان توجب قوّة الظنّ بالدّلالة او الصّدور لكنّها لا توجب
الظنّ بالحكم فضلا عن قوة الظنّ به ويمكن ان يقال ان كلماتهم فى دعوى افادة
الرّجحان للظنّ بالواقع حتى رجحان الدلالة او الصّدور مبنيّة على توهّم منافاة
الظنّ بدلالة احد الخبرين المتعارضين او صدوره للظنّ بدلالة الخبر الآخر او صدوره
لامتناع الظنّ بطرفى النقيض على حسب امتناع الظنّ بالواقع من المتعارضين وربما
يقال ان الغرض حصول الظنّ بالدّلالة او الصّدور وكذا حصول الظنّ بالواقع على تقدير
العلم بكذب احد الخبرين حيث انّه لو علم بكذب احد الخبرين يتحرّك الظن بالدلالة او
الصّدور الى جانب الراجح فيحصل الظنّ بالواقع وانما يجب الاخذ بالرّاجح على ذلك
لكونه اقرب الى الواقع من المرجوح والرجحان على ذلك فعلى وان كان سببه اعنى الظنّ
بالدلالة او الصّدور المتعقب بالظنّ بالواقع فرضيا لا فعليا كما لا يخفى ولا
شأنيّا اذ المدار فى الشانى على وجود المقتضى وتمانع المانع عن اقتضاء المقتضى
والمدار هنا على اشتراط الاقتضاء بشرط مفروض غير موجود وان قلت انّ غاية الامر فى
الباب قابلية الرجحان لافادة الظن بالواقع وبهذا لا يتاتى الاقربيّة الى الواقع
ويكون الاقربيّة الى الواقع منحصرة فى افادة الظنّ بالواقع قلت كلّا وحاشا حيث ان
كل ما كان قابلا لامر وله استعداد له فهو قريب بالاضافة الى فاقد القابلية وعادم
الاستعداد نعم درجات القرب مختلفة فما يفيد الظنّ بالواقع فعلا اقرب الى الواقع
مما يكون قابلا لافادة لافادة الظنّ بالواقع مثلا من كان جيد الادراك قريب الى
درجة الاجتهاد وان كان من العوام بالنّسبة الى من كان من العوام لكن كان من
البلادة بحيث لا يتيسّر له الاجتهاد ومن كان جيد الادراك وتحصل له قليل من المراحل
العلميّة اقرب الى درجة الاجتهاد ممن كان من العوام وكان جيّد الادراك بل نقول انه
لا بدّ من ارتكاب التّوجيه اعنى كون الغرض من الظنّ فى كلماتهم هو الظنّ الشّأني
اذ لو كان الغرض الظنّ الفعلى يلزم خروج الامر عن التّعارض بخروج المرجوح عن
الحجيّة بل نقول ان احد الخبرين معلوم المخالفة مع الواقع بالابتناء على التقية
ونحوها والعلم بالمخالفة الواقع قائم مقام العلم بالكذب فيكون الراجح اقرب الى
الواقع ويلزم الاخذ به والفرق بين هذه المقالة والمقالة الاولى ان سبب القرب فى
المقالة الاولى فرضى بخلافه فى هذه المقالة فان السّبب حاصل بالفعل اقول ان كلّا
من المقالات الثّلث مورد الايراد اما المقالة الاولى فلان حمل الظنّ فى كلماتهم
على الظنّ الفرضى خلاف ظاهر كلماتهم بحيث يتّجه دعوى القطع بعدم ارادته ومع ذلك
العلم بكذب احد احد الخبرين وان يوجب حركة الظنّ بالواقع نحو الراجح صدورا لكنه لا
يوجب حركة الظنّ بالواقع نحو الرّاجح دلالة لمساواة احتمال
الكذب بالنّسبة الى الرّاجح والمرجوح من حيث الدّلالة وعدم منافاة رجحان
الدلالة مع الكذب وكذا عدم البعد فى كذب راجح الدلالة دون المرجوح والفرق ان الكذب
نقص يتعلّق بالرّاوى فالرجحان المتعلق بالرّاوى اعنى رجحان الصّدور يوجب الظنّ
بكون النقص اى الكذب فى جانب المرجوح وامّا رجحان الدلالة فهو امر لا يرتبط
بالرّاوى بل هو مربوط بكلام المروىّ عنه فلا يوجب الظنّ بكون النقص فى جانب
المرجوح وبوجه آخر رجحان الصّدور يبعد ويضايق مضايقة ظنّيّة عن كون الكذب فى جانب
الرّاجح ويتعلّق كلّ من الكذب والرّجحان بالرّاوى فرجحان الصّدور يوجب الظنّ بكون
الكذب فى جانب المرجوح وامّا رجحان الدلالة فلا يوجب بعد كون الكذب فى جانب راجح
الدّلالة حيث انّ رجحان الدلالة امر يتعلّق بكلام المروىّ عنه ولا ارتباط له
بالرّاوى فرجحان الدلالة لا يوجب الظنّ بكون الكذب فى جانب مرجوح الدّلالة بل مع
قطع النّظر عن عدم ارتباط رجحان الدلالة فى المقام بالرّاوى ليس الكذب بعيدا عن
راجح الدّلالة بخلاف راجح الصّدور فانظر انّه لو صدر خبر ان متنافيان عن واحد ثقة
وأخر غير ثقة وعلم بكذب احد الخبرين يتحرّك الظنّ بالواقع الى جانب الثقة ويكون
المظنون كذب غير الثّقة واما لو كان الاخبار بالمتنافيين من شخصين لم يكن احدهما
ثقة وكان الدّلالة فى اخبار احدهما اقوى لا يتحرّك الظنّ بالصّدق الى جانب راجح
الدّلالة نعم لو كان المخبر ان ثقتين وامكن حمل كلام احدهما على خلاف الظّاهر بنحو
معتبر عرفا يتحرّك الظنّ الى حمل مرجوح الدّلالة على خلاف الظاهر لكن هذا من جهة
بعد الكذب عن الثقة لا بعد الكذب عن راجح الدّلالة ومع ذلك مجرّد العلم بكذب احد
الخبرين لا يوجب بنفسه للظنّ بالواقع كما هو ظاهر المقالة المذكورة بل الظنّ
بالواقع انّما يتحصّل بمداخلة ندرة التقيّة ونحوها بل يمكن القول بعدم حصول الظنّ
بمداخلة ندرة التقيّة ونحوها لامكان الكذب سهوا بل تعمّدا ولو مع وثاقة الراوى
لوقوع التعمّد الى المعصية ولو بارتكاب الكبيرة من العادل فضلا عن الصّغيرة ومن
ذلك تطرّق الكلام فى زوال الملكة بارتكاب الكبيرة تعمّدا وعدمه بل العادل لا يخلو
عن الصّغيرة والّا لكان معصوما فرفع التّنافى بين الخبرين المتعارضين كما يمكن
بحمل احدهما على التقية ونحوها كذا يمكن بحمل احدهما على الكذب كثيرا سهوا او عمدا
إلّا ان يقال ان الكذب سهوا او عمدا خلاف الظّاهر بالنّسبة الى التقيّة لوقوع نحوها
كثيرا فى الاخبار المعتبرة راسا وعدم ثبوت السّهو فى الاخبار المعتبرة الّا قليلا
بعد ثبوته وقد تقدّم الكلام فى ذلك فبعد ضمّ ندرة التقيّة فى صورة العلم بكذب احد
الخبرين المتعارضين يحصل الظنّ بالواقع ومع ذلك لزوم الاخذ بالاقرب الى الواقع
محلّ المنع وان قلت ان العقل يحكم بلزوم الاخذ بالاقرب الى الواقع فانظر ان النّاس
من السّلطان والرّعية والشريف والوضيع والعالم والجاهل ياخذ كلّ منهم على حسب ما
يتيسّر له بما يكون قابلا للوفاء بمقصوده وبوجه آخر سيرة النّاس مستقرّة على الاخذ
بما يداخل فى المقصود فعلا او فرضا مثلا ياخذ السّلطان من يكون قابلا للمحاربة لو
كان له محاربة مع سلطان آخر فعلا وكذا ياخذ السّلطان من يكون قابلا للمحاربة
باحتمال اتّفاق محاربته مع سلطان آخر وكذا سيرة النّاس مستقرّة على مراعاة من
يداخل فى المقصود فعلا او فرضا مثلا يصرّون فى اعزاز خدام السّلطان فى صورة
الاحتياج فى امر الى السّلطان فعلا او فرضا قلت انّه لا يتمّ حكم العقل بلزوم
الاخذ بالاقرب الى الواقع بالظنّ الفعلى كما فى الرّاجح برجحان المضمون وغيره بناء
على افادة المرجّحات عموما للظنّ بالواقع فعلا بناء على حجيّة الظّنون الخاصّة ولا
سيّما بناء على حجيّة الظنّ النّوعى او اعتبار الخبر الصّحيح تعبّدا على ما
حرّرناه فى محلّه ومن ذلك عدم تماميّة الاستدلال على وجوب الاخذ بالرّاجح واعتبار
مطلق الظنّ فى التّرجيح بان العقل يحكم حكما قطعيّا بانّه لو كان للمطلوب طريقان
احدهما موصل اليه دون الآخر وكان احدهما ارجح من الآخر اى كان مظنون الايصال يتعين
الاخذ بالرّاجح ولو اختار شخص المرجوح ذمّة العقلاء قاطبة فيكون الشّارع حاكما
ايضا لتطابق الشّرع والعقل نعم غاية الامر الاولويّة كيف لا ومن يعمل بالاصل فى
قبال الشّهرة او يعمل بظاهر اللّفظ مع قيام الظنّ المستند الى الشّهرة على خلاف
ظاهر اللّفظ او يعمل بالخبر الصّحيح مع كونه موهوم الصّدور لقيام الشّهرة على
خلافه كيف يصحّ له دعوى حكم العقل بلزوم الاخذ بالرّاجح فى المقام فكيف ظنّك بما
كان اقرب الى الواقع بالظنّ الفرضى نعم لو قلنا بحكم العقل بوجوب الاخذ بالرّاجح
المفيد للظنّ بالواقع يتمّ دعوى حكم العقل فى المقام بوجوب الاخذ بالرّاجح المفيد
للظنّ فرضا اى الاقرب الى الواقع وان قلت انّ وجوب الاخذ بالرّاجح المفيد للظنّ
بالواقع فعلا بحكم العقل او بحكم الاجماعات المنقولة ليس الّا من جهة قرب
الراجح الى الواقع بل ليس البناء على الظنّ بالواقع فى مورد من الموارد
الّتى ثبت اعتباره فيها عموما او خصوصا الّا من جهة القرب الى الواقع فما كان اقرب
الى الواقع يجب الاخذ به وان لم يعلم يفد الظنّ بالواقع فعلا والمرجع الى تنقيح
المناط قلت ان وجوب الاخذ بالاقرب الى الواقع من جهة افادة الظنّ فعلا من باب حكم
العقل بناء على اعتبار الظّنون الخاصّة ولا سيما على القول باعتبار الظنّ النّوعى
او اعتبار الخبر الصّحيح تعبّدا محلّ المنع كما مرّ وامّا الاجماعات المنقولة
فالمناط فيها غير منقح فى القرب الى الواقع والا لجاز التعدّى فى كلّ مورد ثبت
اعتبار الظنّ المخصوص فيه الى غيره بدعوى تنقيح المناط وايضا لو تمّ تلك الاجماعات
المنقولة فعليها المدار ولا حاجة فيها الى تنقيح المناط وان لم تتم كما هو الاظهر
اذ لا وثوق الى غالبا بتتالى الفتاوى فلا ينفع تنقيح المناط ومع ذلك لو قلنا بحكم
العقل بوجوب الاخذ بالرّاجح المفيد للظنّ فعلا فحكم العقل بوجوب الاخذ بالاقرب الى
الواقع باعتبار الظنّ الفرضى محلّ المنع بل يمكن منع اولويّته وان كان اولويّة
الاخذ بالرّاجح المفيد للظن فعلا غير قابل للمنع وامّا المقالة الثّانية فلانّه
يمكن ان يكون الغرض من التّعارض هو التّعارض البدوى كما فى تعارض النصّ والظّاهر
والعموم والخصوص والاطلاق والتقييد والاستصحاب الوارد والمورود بل ذلك هو الظّاهر
ومع ذلك بناء على اعتبار الظنّ النّوعى ولا سيّما بناء على اعتبار الخبر الصّحيح
تعبّد الا يصير المرجوح دلالة او صدورا خارجا عن الحجيّة وامّا المقالة الثالثة
فلان الخبر المبنيّ على التقية مثلا وان كان شريكا للكذب فى مخالفة الواقع لكن
العلم بكذب احد الخبرين يوجب حركة الظنّ الى جانب الرّاجح صدورا وامّا العلم
بابتناء احد الخبرين على التقية فهو لا يوجب حركة الظنّ نحو الرّاجح صدور المساواة
احتمال التقية بالنّسبة الى الرّاجح والمرجوح وعدم إباء العقل ولو على وجه
الاستبعاد عن كون التقيّة فى الرّاجح وبوجه آخر لو علم بكذب احد الخبرين فالنّقص
من جهة الرّاوى والمرجّح ايضا يتعلّق به فيحصل الظنّ بكون النقص فى جانب المرجوح واما ابتناء
احد الخبرين على التقية فهو ضعيف غير متعلّق بالرّاوى بل متعلّق بالمروىّ عنه فى
باب التقيّة والمرجّح مفروض التعلّق بالرّاوى فهو لا يرتبط بالمروىّ عنه ولا يوجب الظنّ بكون الضّعف فى جانب المرجوح نعم لو كان احد
الخبرين مشتملا على القسم او تاكيدات اكيدة وعلم بابتناء احد الخبرين على التقيّة
يتحرّك الظنّ بالواقع الى جانب ذلك ويحصّل الظنّ بالتقيّة فى جانب غيره والوجه
تعلّق كلّ من الضّعف والرّجحان بكلام المروىّ عنه وإباء الرّجحان عن الضّعف كما
انّه لو كان رجحان احد الخبرين صدورا بتعدّد السّند من جهة تعدّد المجلس اى تعدّد
القول من المعصوم فهاهنا لو علم بابتناء احد الخبرين على التقيّة يتحرّك الظنّ
بالواقع الى جانب الرّاجح صدورا ويكون المظنون ابتناء المرجوح على التقيّة لبعد
ابتناء قول المعصوم على تعدّده فى جميع المجالس على التقيّة لكن هذا من جهة الخارج
وخارج عن مجرّد رجحان الصّدور وبوجه ثالث لو علم بكذب احد الخبرين يكون رجحان
الصّدور آبيا إباء ظنّيّا اى على وجه الاستبعاد عن كون الكذب فى جانب راجح الصّدور
فيحصل الظنّ بمطابقة حكمه للواقع وامّا لو علم بابتناء احد الخبرين على التقيّة
فليس رجحان الصّدور آبيا عن كون التقيّة فى جانب راجح الصّدور ولا استبعاد فى ابتناء
الرّاجح على التقيّة ونظير ما ذكر فى المقام ما تقدّم من عدم إباء رجحان الدّلالة
ومع ذلك ان كان المقصود بكون الرّاجح اقرب الى الواقع من جهة قيام العلم بمخالفة
احد الخبرين للواقع مقام العلم بكذب احد الخبرين حصول الظنّ فعلا فهذا مخالف
للوجدان وان كان المقصود ان قيام العلم بمخالفة احد الخبرين للواقع مقام العلم
بكذب احد الخبرين يوجب قيام الرّاجح مقام الاقرب الى الواقع فهو محلّ المنع من باب منع قيام العلم بمخالفة احد
الخبرين للواقع مقام العلم بكذب احد الخبرين اذ على تقدير العلم بكذب احد الخبرين
يحصل الظنّ بالواقع من الرّاجح فيصير الرّاجح اقرب الى الواقع وامّا العلم بمخالفة
احد الخبرين للواقع فلا يوجب حصول الظنّ بالواقع من الراجح فلا يقوم مقام العلم
بكذب احد الخبرين فلا يوجب قيام الرّاجح مقام الاقرب الى الواقع وايضا لزوم الاخذ
بالقائم مقام الاقرب الى الواقع محلّ المنع بعد ما سمعت من منع وجوب الاخذ بالاقرب
الى الواقع ومع ذلك يتاتى الكلام فى لزوم الاخذ بالاقرب بما تقدّم فى باب العلم
بكذب احد الخبرين فى تزييف المقالة الاولى ومع ذلك المقالة المذكورة مبينة على
ادخال احتمال التقيّة فى تعارض الخبرين مضافا الى احتمال احد صدور الخبرين واحتمال ارادة خلاف الظّاهر من احد
الخبرين وتقديم الرّاجح من جهة الظنّ بالواقع مبنى على عدم ادخال التقيّة فى باب
التّعارض كما مرّ فالامر من باب التّوجيه بما لا يرضى صاحبه ويمكن
__________________
الاستدلال على لزوم الاخذ بالرّاجح دلالة او صدورا بعد البناء على عدم حصول
الظنّ منه بالواقع فعلا بحديث الاقربية اعنى ان الرّاجح اقرب الى الواقع وحكم وهو
لزوم الاحد فيلزم الاخذ به اقول ان هذا الاستدلال مشتمل على موضوع وهو اقربيّة
الرّاجح الى الواقع وحكم وهو لزوم الاخذ بالاقرب الى الواقع وكلّ منهما يحتاج الى
الأثبات امّا الاوّل فيمكن الاستدلال عليه تارة بافادة الرّاجح الظنّ بالواقع على
فرض العلم بكذب احد الخبرين واخرى بان العلم بمخالفة احد الخبرين للواقع من جهة
التقية ونحوها يقوم مقام العلم بكذب احد الخبرين للواقع فيكون الرّاجح اقرب الى
الواقع وينقدح القدح فى كل منهما بما مرّ وامّا الثانى فيمكن الاستدلال عليه تارة
بحكم العقل واخرى بتنقيح المناط على ما مرّ تقريره ويظهر الكلام فى كلّ منهما بما
تقدّم ويمكن الاستدلال ايضا بوجوه ممّا استدلّ به على وجوب الاخذ بالرّاجح ولم
يؤخذ فيه افادة الرجحان للظنّ بالواقع احدها ان مقتضى الاجماعات المنقولة على وجوب
الاخذ بالرّاجح واتفاق كلمات المجتهدين عدا من ندر من المتاخّرين وجوب الاخذ بالرّاجح
وان لم يتحصّل الظنّ بالواقع لكونها اعمّ من حصول الظنّ بالواقع وعدمه وفيه ان
المدار فى تقديم الراجح فى الاجماعات المنقولة والكلمات المشار اليها فى باب وجوب
تقديم الرّاجح انّما هو على الظنّ بالواقع بل الكلمات المشار اليها صريحة كلا او
جلا فى ان المدار فى التّرجيح على الظنّ بالواقع ثانيها انه كما يجب تقديم الرّاجح
على المرجوح عقلا كذا يجب تقديم الارجح فما كان الظنّ بصدوره اقوى يكون ارجح من
معارضه فيجب البناء عليه وان كان المعارض مظنون الصّدور ايضا ولم يحصل الظنّ
بالواقع بشيء من الخبرين وفيه ان العقل يحكم بوجوب ارتكاب ما كان الداعى الى
ارتكابه اقوى كما يحكم بوجوب ارتكاب ما كان مشتملا على الجهة الداعية الى ارتكابه
بالنّسبة الى ما خلى عن الجهة المذكورة وبوجه آخر العقل يحكم بوجوب ارتكاب ما كان
مداخلته فى المقصود اقوى كما يحكم بوجوب ارتكاب ما كان دخيلا فى المقصود بالنّسبة
الى ما كان خاليا عن المداخلة فى المقصود ولا حكم للعقل بوجوب تقديم ما كان مشتملا
على المزيّة مطلق والزّيادة والّا فلو دار الامر فى الاكل والشّرب بين ظرفين كان
المظروف فى احدهما ازيد منه فى الآخر لتعيّن الاكل والشرب من الاوّل ولا يلتزم به
احد والداعى الى تقديم احد المتعارضين على الآخر هو الظنّ بالواقع بعد وجوب الاخذ
بالراجح عقلا واتفاقا من المجتهدين عدا من ندر وليس مجرّد قوّة الظنّ بالصّدور
داعيا الى العمل بخبر الواحد حتى يجب تقديم ما كان الظنّ بصدوره اقوى والمفروض انّ
شيئا من الخبرين لا يفيد الظنّ بالواقع فلا وجه لوجوب تقديم ما كان الظنّ بصدوره
اقوى مع فرض عدم افادة الظنّ بالواقع وبالجملة فلا يجب تقديم الراجح على المرجوح
مع عدم افادة الرّاجح للظنّ وكذا لا يجب تقديم الأرجح على الراجح مع عدم افادة
الارجح للظنّ ومع ذلك دعوى وجوب تقديم الارجح على الراجح فى المقام ناظرة الى دعوى
وجوب تقديم اقوى الظنين فى تعارض الظّنيين غفلة عن امتناع حركة الظنّ الى طرفى
النقيض ثالثها قاعدة الاشتغال حيث ان الامر يدور بعد سقوط التّساقط بين التخيير
والتعيين اى الاخذ بالرّاجح فاقتضاء الاشتغال اليقينى للبراءة اليقينية يقتضى وجوب
الاخذ بالرّاجح وان لم يفد الظنّ بالواقع ونظيره ما استدلّ به الوالد الماجد ره
على وجوب تقليد الأعلم ولو لم يكن التقليد من باب الظنّ كما تقدّم من ان الظنّ فى
جانب قول الاعلم فيجب الاخذ به من باب قاعدة الاشتغال وان لم يكن الظنّ المستند
الى قول الاعلم معتبرا بوجه لاحتمال مداخلة الظنّ المشار اليه فى البراءة وفيه ان
الحق حكومة اصل البراءة فى باب الشكّ فى المكلّف به على قاعدة الاشتغال فالاصل
يقتضى التّخيير فى المقام ونظيره ان الحقّ اصالة التخيير بين الفرد الشائع والنادر
فى باب المطلق على القول بعدم انصرافه الى الفرد الشّائع وكون الامر من باب
الاجمال مضافا الى انّه بناء على حكومة قاعدة الاشتغال ليس كل شكّ موجبا للاحتياط
كيف لا ولو ورد خبر ضعيف باشتراط شيء فى الصّلاة مثلا لا يقول احد بوجوب الاحتياط
بادخال الشيء المشار اليه ويرشد اليه ان العلّامة النّجفى مع قوله بوجوب الاحتياط
جرى على القول باصالة البراءة فيما لو كان الشكّ ناشيا من خلاف شاذ او رواية لا
تنهض حجة ولا تبلغ حد السّقوط او لم يرد به نصّ ولا رواية ولا تعرّض الاصحاب لذكر
خلاف فيه فى كتاب او رسالة احتجاجا بانّ فى الاخذ بكلّ ما شك فيه التزام ما لا
ينحصر والاجماع على عدم لزومه كما تقدّم الّا ان يقال انّ منشأ الشكّ فى المقام
انّما هو الاجماعات المنقولة على
وجوب الاخذ بالراجح واشتهار القول به غاية الاشتهار بناء على عدم اعتبار
الاجماعات المنقولة المشار اليها او عدم اعتبار الاشتهار المشار اليه دليلا على
وجوب الاخذ بالراجح والّا فكل منهما دليل يتعين العمل به فليس الشكّ فى المقام من
الشكوك الغير المعتدّ بها بناء على وجوب الاحتياط فى باب الشك فى المكلّف به إلّا
ان يقال انّه لما كان الاجماعات المنقولة والشّهرة التامة مبنيّة على افادة
الرّاجح للظن بالواقع والمفروض عدم افادة الرّاجح للظنّ بالواقع فيصير الشك من
الشكوك الغير الغير المعتدّ بها رابعها ان الامر دائر بعد سقوط القول بالتّساقط
بين حجّية الرّاجح والمرجوح معا وحجيّة الراجح فقط والراجح متيقن الحجّية والمرجوح
مشكوك الحجّية فمقتضى اصالة عدم الحجّية عدم حجيّة المرجوح واختصاص الحجّية
بالرّاجح وفيه انّه مبنى على حجية اصل العدم مع انه لم يرد فى المقام لفظ الحجّة
او الحجية فى نصّ حتى يتردّد الامر بين حجّية الراجح والمرجوح معا وحجّية الراجح
فقط ويكون الرّاجح هو القدر المتيقن فى الحجّية فيندفع حجيّة المرجوح بالاصل
خامسها انه ورد اخبار كثيرة بالامر بالاخذ بالراجح عند وجود الرجحان وبالتّخيير
عند عدم الرّجحان فيجب الاخذ بالرّاجح وان قلت انّه يعارض اخبار الترجيح بالاخبار
الدّالة على التّخيير ابتداء قلت ان اخبار التّرجيح يقدم على الاخبار الدالة على
التّخيير ابتداء فتارة نقول ان الاخبار الدّالة على التّخيير ابتداء اعمّ مطلقا من
اخبار التّرجيح فيقدم تلك الاخبار تقدّم المقيد على المطلق فيقدم تلك الاخبار
بمرجح اجتهادىّ واخرى نقول ان الامر دائر بعد سقوط الاحتياط فيما امكن والتّساقط
بالاجماع بين التّخيير والاخذ بالرّاجح فالاخذ بالرّاجح هو القدر المتيقّن فلا بدّ
من البناء عليه وهذا توجيه لاخبار التّرجيح بمرجح عملى وثالثة نقول انا ناخذ
باخبار التّرجيح بحكم اخبار التّخيير من باب التنزّل اذ اخبار التّرجيح يقتضى
التّخيير بين اخبار التّرجيح واخبار التّخيير اقول انّ كلا من المرحلة الاولى
والمرحلة الاخيرة من المراحل الثّلث المذكورة محلّ الكلام امّا المرحلة الاولى فقد
حرّرنا الكلام فيها فى محلّه وامّا المرحلة الاخيرة فنقول ان الاخذ باخبار
التّرجيح بحكم التّخيير من باب دلالة الدّليل الخارج او من باب التمسّك باخبار
التّخيير امّا الاول فاما ان يكون الرّجحان مفروضا فى جانب اخبار التّرجيح أو لا
فعلى الاوّل لا مجال للتّخيير للزوم التّخيير بين الاعمّ والاخصّ لفرض كون النّسبة
بين اخبار التّرجيح واخبار التخيير من باب العموم والخصوص المطلق ولا فرق فى ذلك
بين فرض الرّجحان فى جانب اخبار التّخيير وعدمه مضافا الى انّه لو كان اخبار
التّرجيح مفروضة الرّجحان فالبناء على التّخيير يستلزم اختلاف المشى فى صورة
التعارض مع رجحان احد المتعارضين بين التعارض الاصولى بالبناء على التّخيير
والتعارضات الفرعيّة بالبناء على الترجيح بل القول به يستلزم القطع بخلاف الواقع
للقطع باتحاد الحكم تخييرا وترجيحا فى موارد التعارض من الاصول والفروع اللهمّ
الّا ان يقال ان بعد تاتى التخيير فى التعارض الاصولى فى المقام لا بدّ ان يكون
حاله مخالفا لحال التعارضات الفرعيّة بتطرّق التّخيير فى التعارض الاصولى وتبعية
الحال فى التعارضات الفرعيّة لاختيار احد المتعارضين اعنى اخبار التّرجيح والتخيير
فى التعارض الاصولى نظير اختلاف حال الشّهرة بناء على حجيّة مطلق الظنّ فى الاصول
والفروع كما مرّ وكذا حال وجوب البقاء على تقليد الميّت فيما لو قلّد الشخص مجتهدا
فى مسائل فقهيّة ثم مات هذا المجتهد والمجتهد الحىّ بنائه على وجوب البقاء حيث
انّه ح يجب البقاء فى المسائل الفقهيّة ويحرم البقاء فى المسألة الاصولية كما مرّ
وامّا على الثانى فاما ان يكون اخبار التخيير مفروضة الرّجحان ام لا فعلى الاوّل
يلزم اثبات الشّيء بنفسه ولزوم عدم الشيء من وجوده مع عدم شمول اخبار التّخيير التّعارض
الاصولى لظهورها فى التعارضات الفرعيّة فضلا عن عدم شمولها للتّعارض بالعموم
والخصوص المطلق وعلى الثانى يلزم مضافا الى عدم شمول اخبار التخيير للتعارض
الاصولى والتّعارض بالعموم والخصوص اثبات الشّيء بنفسه ايضا مع ان اخبار التخيير
لا تقتضى التخيير بينها وبين اخبار التّرجيح بناء على اقتضائها التّخيير فى خصوص
مورد التعارض اذ المفروض كون اخبار الترجيح من موارد افتراق الخاص لخلوها عن
التّرجيح فرضا نعم لو قلنا بكون التخيير المتطرّق فى تعادل الخبرين المتعارضين بين
راس الخبرين يتاتى التخيير فى المقام ويمكن الاستدلال بغير ما ذكر ممّا استدلّ به
على وجوب الاخذ بالراجح مع عدم افادة الراجح للظنّ بالواقع فيه لكن قد حرّرنا ما
فيه فى محلّه وهاهنا فوائد الاولى
ان المدار فى ترجيح احد الخبرين المتعارضين على ما يوجب تعيين الحكم
الواقعى فى مفاد احدهما وغلبة احدهما على الآخر فى العمل او على مجرّد الاخذ باحد
الطّرفين والعمل على وفق احدهما والقاء الطّرف الآخر وطرح العمل على وفقه ويظهر
الثمرة فيما لو كان قاعدة تعبديّة فى طرف احد الخبرين حيث انّه يتاتى التّرجيح
بالقاعدة المشار اليها على الاخير دون الاوّل وبالجملة ظاهر الاخبار العلاجية وكذا
ظاهر كلمات الاصوليّين يقتضى القول بالاوّل فلا بدّ من حمل الترجيح بالاحتياط فى
الاخبار العلاجيّة على بيان القاعدة العملية وطرح العمل بالخبرين المتعارضين
وتساقطهما الّا انّه يستلزم التفكيك بين الاحتياط واخواته الّتى يكون امرها مبنيا
على التّرجيح وهو خلاف الظّاهر والبحث فى كلمات الاصوليّين عن التّرجيح بالنقل او
التقرير واقع فى غير الموقع اذ الاصل المقصود به اصل العدم لا مجال لكونه مرجحا
للخبر اذ الخبر دليل على الحكم الواقعى والاصل دليل على حكم الجاهل فموضوع الحكمين
مختلف اللهم إلّا ان يقال ان البحث المشار اليه مبنى على حسبان حصول الظنّ فى جانب
الناقل او المقرّر وعلى ما ذكر يدور الامر بين التخيير والتساقط مع العمل بالقاعدة
التعبّدية الّا ان النّسبة بين مدرك القاعدة التعبّدية واخبار التخيير من باب
العموم والخصوص من وجه لاجتماعهما فى تعارض الخبرين مع كون القاعدة التعبّدية
موافقة لاحد الخبرين وافتراق اخبار التّخيير فى صورة انفراد القاعدة التعبّدية
وافتراق القاعدة التعبّدية فى صورة خلوّ تعارض الخبرين عن القاعدة التعبّدية ولعلّ
الاظهر عرفا تخصيص القاعدة التعبديّة باخبار التخيير ومع ذلك التّرجيح بالاحتياط بمعنى
العمل به بعد تساقط الخبرين مخالف لسوق سائر المرجحات المنصوصة فان المدار فيه على
تعيين الحكم الواقعى فى مفاد الراجح وكذا مخالف لاخبار التّخيير وكذا مخالف
للاتفاق حيث انّ احدا من الفقهاء لم يرجّح بالاحتياط بل ما سمعت من الاتفاق من
المجتهدين عدا من ندر على كون المدار فى الترجيح على الظنّ بالواقع يغنى عن البحث
فى المقام ولا معارضة مدرك القاعدة التعبّدية لاخبار التّخيير فيظهر الكلام فيه
بما سمعت الثانية ان مقتضى كلام بعض الفحول ان اعتبار رجحان المتن فى باب التّرجيح
باعتبار اعتبار الظنّ بالدّلالة ويضعف بانّ رجحان المتن لا ينحصر فى رجحان الدلالة
اذ من رجحان المتن كما يقضى به ملاحظة كلمات الاصوليّين الفصاحة والأفصحيّة ولا
ريب ان شيئا منهما لا يوجب الّا رجحان الصّدور نعم الغالب فى رجحان المتن رجحان
الدّلالة ومع ذلك رجحان المتن لا بدّ ان يكون شريكا فى جهة الاعتبار مع رجحان
الصّدور او المضمون اذ كلّ ما دل على كفاية الظنّ فى مقام الترجيح يعمّ رجحان
الدّلالة ورجحان الصّدور ورجحان المضمون الثّالثة ان مقتضى كلمات الاصوليّين ان
المرجّح قد يرجّح المتن وقد يرجّح السّند وهو كما ترى اذ شيء من المتن والسّند لا
يكون قابلا للرّجحان ولا معنى لاضافة الرّجحان اليه ومن هذا انّه ربما يؤول ما
يقال ان المرجّح الداخلى اما بحسب المتن او السّند لكنك خبير بما فيه من كمال المخالفة مع الظّاهر ويمكن
ان يقال ان الغرض تقرّر الرّجحان فى المتن او السّند ولا باس بنسبة الرّجحان الى
المتن باعتبار الصّدور كما فى الفصاحة والأفصحيّة او باعتبار الدّلالة كما فى اكثر
المرجّحات المتنيّة اذ المتن له جهتان جهة الدلالة وجهة الصّدور وكذا لا باس بنسبة
الرجحان الى السّند باعتبار صدور الخبر المتعلّق بالسّند وان لم يكن للسّند صدور
راسا نظير التّوصيف بالصّفة المتعلقة بحال الموصوف نحو توصيف الوضع باعتبار الواضع
باللغوى والعرفى والشّرعى وباعتبار الموضوع اعنى اللّفظ بالنّوعى والشخصى وباعتبار
المعنى المتصوّر بالعموم والخصوص على ما حرّرنا الكل فى محلّه الّا ان يقال ان
الحاجة الى التجشم انما هى على تقدير كون الغرض من التّرجيح هو المعنى المتعدى
واما لو كان الغرض المعنى المصطلح عليه كما هو الظّاهر اى اقتران الامارة بما يوجب
تقديمه على معارضه او ما يقترن به الامارة على الخلاف فى المعنى المصطلح عليه عند
الاصوليّين كما تقدّم فلا يخلو الامر عن مسامحة لكن ليس حال المسامحة على منوال ما
لو كان الغرض المعنى المتعدّى لكن نقول انه لا يصحّ فى مرجّح السّند اذ اقتران
السّند او ما يقترن به السّند ليس من المرجّح وان كان موجبا لتقديم الخبر لان
التّرجيح اقتران الامارة او ما يقترن به الامارة على الخلاف فى المعنى المصطلح
عليه عند الاصوليّين نعم اقتران المتن من اقتران الخبر وكذا ما يقترن به المتن هو
بعينه ما يقترن به الخبر ومع هذا نقول انّ الاصطلاح انما وقع فى التّرجيح لا
المرجّح بل الترجيح بالمعنى المصطلح عليه لا يصحّ بناء اسم الفاعل منه خاتمة اخو
العلم خالد بعد موته واوصاله تحت التراب رميم وذو الجهل ميت وهو ماش على الثرى
وليس له حتى النشور نشور وايضا
__________________
وفى الجهل قبل الموت موت لاهله واجسادهم قبل القبور قبور وان امرأ لم يحيى
بالعلم ميّت وليس له حتى النشور نشور وايضا قم بعلم ولا تختر له بدلا فالنّاس موتى
واهل العلم أحياء وقيمة المرء ما كان بحسنه والجاهلون لاهل العلم اعداء وايضا ليس
الجمال باثواب تزينها انّ الجمال جمال العلم والادب ليس اليتيم الّذى من مات والده
انّ اليتيم يتيم العلم والحسب وايضا كن ابن من شئت واكتسب ادبا يغنيك محمودة عن
النّسب فليس يغنى الحسيب نسبة بلا لسان له ولا ادب انّ الفتى من يقول ها انا ذا
ليس الفتى من يقول كان ابى قوله بلا لسان له اى بلا علم حيث انّ الجاهل لا يقدر
العلمى وهو بمنزلة الانعام قوله ابى اى كان كذا وكذا والجاهل مضطر الى الافتخار بالآباء
والاجداد ولا يزيده الافتخار الا تبارا وشنارا وربما حكى ان ابن خلكان كان يقول فى
المجالس كان ابى كذا وكذا فتنفرت النّفوس وقيل خلكان كان ولقب بخل كان وايضا لو
كان هذا العلم يحصل بالمنى ما كان يبقى فى البريّة جاهل اجهد ولا تكسل ولا تك
غافلا فندامة العقبى لمن يتكاسل واطلب فديتك علما واكتسب ادبا تظفر بذاك به
واستجمل الطّلبا وايضا وكلّ فضيلة فيها سناء وجدت العلم من هاتيك اسنى فلا تعتدّ
غير العلم ذخرا فان العلم كنز ليس يفنى وايضا لا تعجبن الجهول حلته فذاك ميّت
وثوبه كفن وايضا تعلم يا فتى والعود رطب وطينك لين والطّبع قابل فحسبك فى الورى
شرفا وفخرا سكوت الآخرين وانت قائل وايضا كم مات قوم وما ماتت محاسنهم وعاش قوم
وهم فى الناس اموات لا اقسم بمواقع النّجوم وانّه لقسم لو تعلمون عظيم انّ اولى ما
يصرف فيه الاعمار فى هذه دار اعتبار وينقضى به اناء الليل واطراف النّهار بعد
عبادة الله العزيز الجبّار تحصيل العلوم واستكشاف سرائرها واستبصار دروسها وتمهيد
قواعدها كيف لا وانه معالم الحلال والحرام ومنار قوافلها وتنقيح
مسالكها ومداركها سبيل دار المقام وبه حيوة القلوب من الجهالة وضياء الابصار من
الظلمة يبلغ بالعبد منازل الاخيار ومجالس الابرار وبه تصل الى الدّرجات العلى فى
الآخرة والاولى يعدل الذكر فيه الصّيام ومدارسته بالقيام به يطاع الربّ ويعبد وبه
يسبح ويمجّد يلهمه الله تعالى السّعداء ويحرمه الاشقياء يرفع الله تعالى به اقواما
فيجعلهم فى الخير قادة يفتبس من آثارهم ويفتدى بفعالهم يستغفر لهم حيتان البحر
وهوامه وسباع البرّ وانعامه يرغب الملائكة فى خلتهم وتمسهم لسمو رتبتهم ومن عجيب
المقام ما لعله قرع سمعك ما ذكره شيخنا الشّهيد الثانى نور الله تعالى مرقده من
انه اسند بعض العلماء الى ابى يحيى انه قال كنا نمشى فى ازقة البصرة الى باب بعض
المحدّثين فاسرعنا فى المشى وكان معنا رجل ماجن فقال ارفعوا ارجلكم عن اجنحة
الملائكة كالمستهزئ فما زال عن مكانه حتى جفّت رجلاه وكذا ما اسنده ايضا الى ابى
داود السّجستانى انه قال لما سمع بعض اصحاب الحديث النبوىّ ص ان الملائكة نصع
اجنحتها لطالب العلم فجعل فى رجله من مسمارين من حديد وقال اريد ان أطأ اجنحة
الملائكة فاصابه الأكلة بارجله قال وذكر هذه الحكاية بعض آخر وقال فشلت رجلا وساير
اعضائه ولعمرى انه قد بارز المتفرّد فى قدرته فقال ما استحق فى جرأته وربّما يشبه
ما حكى السّيّد السّند العلىّ فى فواتح رياض السالكين عن ابن شهرآشوب فى المناقب
من ان بعض البلغاء بالبصرة ذكرت عنده الصّحيفة الكاملة لمنشئها آلاف التحيّة
والسّلام فقال خذوا عنى حتى املى عليكم مثلها فاخذ القلم واطرق راسه فما رفعه حتى
مات ونعم قال السّيّد المشار اليه من انه لقد وام شططا فنال سخطا وبالجملة ولقد
تكثر الاخبار فى ترجيح العالم على العابد فورد تارة ان فضله عليه كفضل الشّمس على
ساير نجوم السّماء واخرى كفضل القمر ليلة البدر على السّها وكم ورد فيها من
المثوبات الجميلة والعطايا الجزيلة لتعليم العلم وتعلّمه وطلبه ومذاكرته والعمل به
وبذله لاهله ومن طريف المقام ما رواه شيخنا المشار اليه من انه حضرت امر به عند
مولاتنا فاطمة الزهراء سلام الله تعالى عليها الى قيام يوم الجزاء فقالت ان لى
والده ضعيف وقد لبس عليها فى امر صلاتها شيء وقد بعثتنى اليك أسألك فاجابتها عن
ذلك ثم ثنت فاجابت ثم ثلثت فاجابت الى ان عشرت فاجابت ثم خجلت من الكثرة فقالت لا
أشق عليك يا بنت رسول الله ص قالت فاطمه سلام الله تعالى عليها هاتى سلى عما بدا
لك أرأيت من الذى يصّعّد يوما الى سطح يحمل ثقيل وكراه مائة الف دينارا يثقل عليه
فقالت لا فقالت اكريت انا لكل مسئلة باكثر من ملأ ما بين الثرى الى العرش لؤلؤا
فاحرى الا يثقل على بل قال شيخنا المشار اليه بعد ان التقاعد
__________________
عن التّحصيل والاشتغال بغير العلم ومقدّماته قد صار من اعظم العصيان وان
كان بصورة العبادة من المعاملة الدّعاء او قراءة القرآن فمن اعظم الخسران التّقصير
فى السّعى الى هذه الدّرجات والحرمان عن ادراك تلك السّعادات وان هو الا من همم
قاصرة تشبه همم الحيوان او انظار خاسرة كانظار النّسوان او معاشرة يتكدّر بها
نفايس جواهر حقيقة الانسان ومخالطة يشترى بها الاوكس باعلى الاثمان ولكن الاشكال
والداء العضال فى تخليص النية وتصفية الطوية التى بها يترتّب تلك الآثار ويثمر
اغصان هذه الاشجار ولقد قل التحصيل القليل من قليل الناس ان يكون مبتنيا على هذا
الاساس فاجهد فى تحصيل هذه المرتبة واعرض عما سواها وابتغ فيما آتيك الله الدار الآخرة
ولا تنساها وشدّة الوثاق والنطاق لاداء التكاليف الالهيّة فانها على بعض التفاسير
قد عرّضت على السّماوات والارض فابين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان انه
كان ظلوما جهولا فاىّ بيان باى بنان واى بنان باىّ بيان يطيق لتحرير مراحل عسر نوع
التكليف مع ضعف بنيان الانسان فى غاية ما يدخل تحت الامكان كما هو مقتضى قول سيّد
السجّاد وزين العباد عليه آلاف التحيّة من ربّ العباد اللهمّ انك من الضّعف خلقتنا
وعلى الوهن بنيتنا ومن ماء مهين ابتدأتنا وحاله فى عدم التمكن من حمل ثقل المجاهدة
ورعاية التكاليف الالهيّة مثل جناح الذّباب والبعوضة وانظر ايّها اللبيب ان
الانسان من ضعف عنصره لا يطيق حال المرض للصيانة والتحفظ عما يضرّه فكثيرا ما
يقدّم على الاكل والشّرب مما يضرّه بل يوجب هلاكته بل كثيرا ما يأكل بعض السّموم
من جهة قليل من الغضب فمن طاقته فى تحمل خلاف الميل على هذا السّياق والمساق كيف
يمكن من تحمل الغضب الشديد وترك الشهوات طول العمر قيل عرفت ولوع النّفس فى هواها
وبلوغ المضرة فى هو منتهاها ولها معين يحثها على وصول الهوى ويحسنه عندها ويجحد
قبحه ويذكر نفعه وهو الشيطان فهما عدواك واحدهما النفس لانها عدو من داخل واللصّ الداخل
داء عضال قال الشاعر نفس الى ما ضرّنى داعى تكثرت اسقامى واوجاعى كيف اختال من
عدوى اذا كان عدوّى بين اضلاعى والمرجع الى اشتداد عسر اطاعه الله سبحانه لكونها
مخالفة للشهوات النّفسانيّة والنّفس مضرّة فى متابعة الشّهوات بل هى اسيرة
للشّهوات لا يتمكن عادة من مخالفتها والشّيطان يؤيد اضرار النفس على متابعة
الشهوات فانه يحث النفس على متابعة الشّهوات ويحسن متابعة الشيطان عنده وعند النفس
ويجحد قبحها ويذكر نفعها لكن القائل قد اخل بضعف عنصر الانسان فى الغاية وتقدم
كلام مولانا سيّد السجاد وزين العباد عليه آلاف التحيّة من ربّ العباد فيزداد
الاشتداد الاطاعة فالامر من قبيل قصور المقتضى فى الغاية وغاية قوة المانع فكيف
يمكن الاطاعة لكن نقول ان اقصى ما يتاتى ما ذكر انما هو شدّة عسر الاطاعة ولا يثبت
بذلك امتناع الاطاعة وكون التكليف بما لا يطاق كيف لا وقد وقع الاطاعة على حسب ما
يقتضيه استعداد الانسان من بعض الابرار وجمّ غفير منهم نعم مقتضى ما ذكره القائل
شدّة العسر فى الاطاعة ولا باس به وما ذكره من ان النّفس اضرّ من الشيطان لكونها
من قبيل اللص الداخل مدخول بان الشيطان ايضا من قبيل اللص الداخل غاية الامر ان
دخوله بالعرض بخلاف النّفس فان دخولها بالذّات لكنه لا يوجب الفرق والامر ظاهر
وقال الشاعر انى بليت بأربع ما سلطت الا لعظم بلية وشقائى ابليس والدّنيا والنّفس
والهوى كيف الخلاص وكلهم أعدائي ابليس يسلك فى طريق مهالكى والنفس تامرنى بكلّ
بلائى وارى الهوى تدعو اليه خواطرى والقتنى فى ظلم الشبهات والآراء وتركتنى فى
اليم مكتفا وقالت اياك ان تبتل بالماء وزخارف الدّنيا تقول أما ترى فخرى وحسن
ملابسى وبهائى وجود هم احاطوا بسور مدينتى يا عدتى فى شدتى ورجائى وفيه انه قد اخل
بضعف عنصر الانسان وليس الابتلاء بالنفس الا بواسطة شهواتها فذكر الهوى مضافا الى
ان النفس كما ترى قوله والدنيا المقصود بها زخارفها كما ترشد اليه قوله بعيد ذلك
زخارف الدنيا تقول لكنك خبير بان خلقة الزخارف لا يكون من جهة ابتلاء الانسان
فالبلاء منحصر فى ابليس والهوى بناء على كون الهوى منوطة بالخلقة كما يرشد اليه
اختلاف الناس فى الشهوات لكن يمكن ان يقال ان مقتضى قوله سبحانه (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ
زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) كون خلقة الزخارف من جهة الابتلاء قوله وتركتنى فى
اليمّ مكتفّا الظاهر رجوع الضّمير فى تركتنى وكذا فى قالت الى الزخارف لكن المعنى
غير مناسب ويمكن ان يكون تركتنى من باب الخطاب واو يكون غلطا عن قلت يكون الامر فى
تركتنى وقلت عرضا الى الله جلّ وعلا نظير ما قيل در قعر دريا تخته بندم مى كنى باز
نيكوئى كه دامن تر مكن هشيار باش وكذا ما قيل در هر گامى
هزار جا دام نهى گوئى كشمت اگر در او گام نهى لكن العبارة لا تساعد لذلك
قوله واياك ان تبتل بالماء ينقدح مما يظهر مما مرّ من ان غاية الامر اشتداد عسر
الاطاعة ولا يلزم التكليف بما لا يطاق بل الاجور الموعودة على الاطاعة لا بدّ فيها
من اشتداد عسر الاطاعة ولا يذهب عليك ان اشتداد عسر الاطاعة ومجموع التكاليف يرشد
ارشادا كاملا الى فساد القول بحكم العقل بقبح التكليف بآحاد التكاليف العسرة وكيف
كان وقد ذكرنا شطرا من الكلام فى عسر التكاليف وغيره فى آخر الرّسالة المعمولة فى
شرح الحال فى زيارة عاشوراء ولكن نقول كما ذكرنا هناك ان كثيرا من افراد الانسان
قد بلغوا مبلغا عظيما من التقوى والمجاهدات ورعاية التكاليف وتحمل شدائد الزّهد
كما هو المذكور فى احوالهم والمسموع من اوصافهم حتى ان يعسوب الدّين وسيّد
الوصيّين مولانا امير المؤمنين صلوات الله تعالى وسلامه عليه قد جرى على بعضهم
وبيان اوصافهم على ما ذكره فى آخر نهج البلاغة قال ع كان لى فى من مضى اخ فى الله
يعظمه فى عينى صغر الدّنيا فى عينه وكان خارجا من سلطان بطنه فلا يشتهى ما لا يجد
ولا يكثر اذا وجد وكان اكثر دهره صامتا فان قال بذ القائلين ونقع غليل السائلين
وكان ضعيفا مستضعفا فان جاء الجدّ فهو ليث عاد وصلّ واد لا يدلى بحجة حتى ياتى
قاضيا وكان لا يلوم احدا على ما يجد العذر فى مثله حتى يسمع اعتذاره وكان لا يشكو
وجعا الا عند برئه وكان يقول ما يفعل ولا يقول ما لا يفعل وكان ان غلب على الكلام
لم يغلب على السّكوت وكان على ما يسمع احرص منه على ما يتكلم وكان اذا بدهه امران
نظر اقرب الى الهوى مخالفه قال ع فعليكم بهذه الخلائق فالزموها وتنافسوا فيها فان
لم يستطيعوها فاعلموا ان اخذ القليل خير من ترك الكثير هذا لو لم يكن المراد من
الموصوف احد من الانبياء او الاوصياء صلوات الله تعالى عليهم اجمعين فليس الامر من
قبيل التكليف بما لا يطاق بل لا بدّ من شدة السّعى فى المجاهدة ولا باس بشدّة عسر
اداء التكاليف فانها من باب ارباب التّربية على ما حرّرناه فى محلّه وكلما كان
صفات كمال المربّى ازيد واعلى يكون تربيته اوعر واعسر فكيف لا يكون اداء التكاليف
الالهيّة فى غاية المشقة مع عدم تناهى صفات كماله وبلوغ كل من صفات كماله حدّ
الكمال مضافا الى ان التكاليف الالهيّة على حسب المصالح والمفاسد الواقعيّة وحال
المصالح والمفاسد الواقعيّة فى اقتضاء الامر والنهى غير مربوطه بجعل الشارع
وتعسيره وبعد ذلك بتقوى الله سبحانه والتفرّع اليه وهو حسبك ونعم الوكيل والكفيل
ولا يذعن بمواظبة الله سبحانه فى القضايا الشخصية من باب مجازات الاعمال من لم
يحصل له التجارب فتجارب حتى يزيد فى تقواك وتفرّغك اليه سبحانه واوصيك ايضا بتصفية
الاخلاق وتحلية الطّبيعة عن الرزائل وحسن المعاشرة فانه لو لا ذلك لما يثمر العلم
والتقوى الا مهانة وسفاهة فى الدّنيا وخسرانا فى الآخرة وحسن المعاشرة امر دقيق فى
غاية الدقّة ولم يدون له علم بل لا يمكن تدوينه فى علم الابتناء الامر على
خصوصيّات الموارد والكافل تصرّف الطّبيعة نعم علم الاخلاق يكفل كثيرا من مراحله
بقى انه قد اعجبنى ان اذكر طائفة من الاخبار فقد روى الكلينى نقلا باسناده عن ابى
عبد الله ع اذا رايتم العالم محبا لدنياه فاتّهموه على دينكم يحوط حول ما احبّ
وقال اوحى الله الى داود ع لا تجعل بينى وبينك عالما مفتونا بالدنيا فيصدّك عن
طريق محبتي فان اولئك قطاع طريق عبادى المريدين ان ادنى ما انا صانع بهم ان انزع
حلاوة مناجاتى عن قلوبهم وروى الصّدوق نقلا باسناده عن ابى الحسن الرضا ع قال لا
تنظروا الى شدة صلاتهم وطنطنتهم ولكن انظروا الى صدق الحديث واداء الامانة وروى
الصّدوق ايضا فى الخصال فى مرسل إسماعيل بن مهران وعلى بن اسباط عن أبي عبد الله ع
قال قال ان فى العلماء من يجب ان يخزن علمه ولا يؤخذ عنه فذاك من الدّرك الاسفل من
النّار ومن العلماء من اذا وعظ عنف فذاك فى الدرك الثانى من النار ومن العلماء من
يرى ان يضع العلم عند ذى الثروة والشرف ولا يرى له فى المساكين وضعا فذاك فى
الدّرك الأسفل الثالث من النار ومن العلماء من يذهب فى علمه مذهب الجبابرة
والسّلاطين فان ردّ عليه شيء من قوله او قصر فى شيء من امره غضب فذاك فى الدّرك
الرابع من النار ومن العلماء من يطلب احاديث اليهود والنصارى ليعزز به علمه ويكثر
به حديثه فذاك فى الدّرك الخامس من النار ومن العلماء من يضع نفسه للفتيا ويقول
سلونى ولعلّه لا يصيب حرفا واحدا والله لا يحب المتكلفين فذاك فى الدّرك السادس من
النار ومن العلماء من لا يتخذ علمه مروّة وعقلا فذاك فى الدرك السابع من النار
وروى الصدوق فى الخصال ايضا بسنده عن كميل بن زياد النخعىّ عن امير المؤمنين ع انه
قال يا كميل ان هذه القلوب اوعية فخيرها اوعاها احفظ عنى ما اقول لك الناس ثلاثة
عالم ربانى ومتعلّم على سبيل النجاة وهمج رعاع اتباع كل ناعق يميلون مع كلّ ريح لم
يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا الى ركن وثيق يا كميل العلم خير من المال العلم
يحرسك وانت تحرس المال والمال تنقصه النفقة والعلم يزكوا على الانفاق يا كميل
العلم دين يدان الله به يكتسب الانسان الطاعة فى حياته وجميل
الاحدوثة بعد وفاته يا كميل مات خزان الاموال وهم اغنياء والعلماء باقون ما
بقى الدّهر اعيانهم مفقودة وامثالهم فى القلوب موجودة اه اه ان هنا واشار بيده الى
صدره لعلما جما لو اصبت له حمله بلى اصبت له لقنا غير مأمون يستعمل آلة الدّين فى
الدنيا ويستظهر بحجج الله على خلقه وبنعمه على عباده او منقاد اللحق لا بصيرة له
فى احنائه ينقدح الشك فى قلبه تاوّل عارض من شبهة الا لا ذا ولا ذاك او منهوما
باللذات سلس القياد للشهوات او مغرىّ بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدّين فى شيء
اقرب شبها بهما الانعام السائمة كذلك يموت العلم بموت حامليه اللهم بلى لا تخلوا
الارض من قائم لله لحجة ظاهر او مشهور او مستر مغمور لئلا يبطل حجج الله وبنيانه
واين اولئك الاقلّون عدوا الاعظمون خطرا بهم يحفظ الله حججه وبنيانه حتى يردعوها
نظرائهم ويزرعوها فى قلوب اشباههم هجم بهم العلم على حقايق الامور وباشروا روح
اليقين واستلانوا ما استوعره المترفون وانسوا بما استوحش منه الجاهلون وصحبوا
الدنيا بابدان ارواحها معلّقة بالمحلّ الاعلى اولئك خلفاء الله فى ارضه والدّعاة
الى دينه اه اه شوقا الى رؤيتهم وقد روى الطبرسى فى الاحتجاج عن مولانا الرّضا ع
انه قال قال على بن الحسين اذا رأيتم الرّجل قد حسن سمته وهديه وتماوت فى منطقه
وتخاضع فى حركاته فرويدا لا يعزكم فما اكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب المحارم منها
لضعف بنيته ومهانته وجبن قلبه فنصب الدّين فخالها فهو لا يزال يجهل النّاس بظاهره
فان تمكن من حرام اقتحمه واذا وجدتموه يعف عن المال الحرام فرويدا لا يغركم فان
شهوات الخلق مختلفة فما اكثر من ينبو عن المال الحرام وان كثر ويحمل نفسه على
شوهاء قبيحة فياتى منها محرما فاذا وجدتموه يقف عن ذلك فرويدا لا يغركم حتى تنظروا
ما عقدة عقله فما اكثر من ترك ذلك اجمع ثم لا يرجع الى عقل متين فيكون ما يفسده
بجهله اكثر مما يصلحه بعقله فاذا وجدتم عقله متينا فرويدا لا يغركم حتى تنظروا مع
هواه يكون يغلب على عقله او يكون مع عقله على هواه يغلب وكيف حجته للرّئاسات
الباطلة وزهده فيها فان فى الناس من خسر الدّنيا والآخرة ترك الدّنيا للدّنيا ويرى
ان لذة الرّئاسات الباطلة افضل من لذّة الاموال والنعم المحلّلة فيترك ذلك اجمع
طلبا للرئاسة حتّى اذا قيل له اتق الله اخذته العزة بالاسم فحسبه جهنّم ولبئس
المهار فهو يهبط عشواء يقوده اول باطل الى ابعد غايات الخسارة ويمدّه ربّه بعد
طلبه لما لا يقدر عليه فى طغيانه فهو يحلّل ما حرّم الله ويحرّم ما احلّ الله لا
يبالى ما فات من دينه اذا سلّمت له رئاسة التى قد شقى من اجلها فاولئك الذين غضب
الله عليهم اجمعين واعدّ لهم عذابا اليما ولكن الرّجل كل الرّجل نعم الرّجل هو
الذى جعل هواه تبعا لامر الله وقواه مبذولة فى رضا الله يرى الذل مع الحق اقرب الى
عن الابد من العز فى الباطل ويعلم ان قليل ما يحتمله من ضرائها يؤديه الى دوام
النعيم فى دار لا يبيد ولا تنفد وان كثير ما يلحقه من سرّائها ان يقع هواه يؤدّيه
الى عذاب لا انقطاع له ولا يزول فذلكم الرّجل نعم الرّجل فبه فتمسكوا وبسنّته
فاقتدوا وإلى ربكم به فتوسلوا فانه لا ترد له دعوة ولا يخيب له طلبة وايم الله ان
كلّا من الخبرين الاخيرين ولا سيّما الاخير من حيث علو المفاد فى حدّ الاعجاز حيث
ان بعض المضامين من حيث علوّ حاله لا يمكن صدوره عن غير الله سبحانه وأحزابه ع وقد
ذكر فى بعض الآيات ان علو مضمومه صار موجبا لايمان بعض كما انه ذكر آيات ان محاسنه
البديعيّة المعدودة فى كلام بعض على ما حكى على ما يبالى الى سبعة وعشرين صار موجبا
لايمان بعض قد فرغ منه ابن محمّد ابراهيم ابو المعالى الشريف حامدا لله المحسن
المجمل المفضّل المنعام المتكرّم على العباد بوجوه الأنعام والنّعم الحسبان
والممدّ الهمم بالبنين والانعام المتفرد فى الجلال والاكرام والمتوحّد فى العزّ
والاحترام الّذى لا يبلغ كنه ذاته الأوهام ويعلم ما تحمل أنثى وما تغيض وما تردّد
الارحام يحتاج اليه الكل ولا يحتاج فى شيء الى الشركة والانضمام قدر على العباد
دنيا بالطعام والشراب ودنيا بكشف الغطاء عن وجوه الحلال والحرام مصلّيا على سيّد
الأنام الذى حلاله حلال وحرامه حرام الى قيام السّاعة وساعة القيام ولعمر الله قد
تقاصر عن اوصافه المدار والاقلام وعلى الله السادة الكرام والأفاخم العظام ومصابيح
الظلّام للخواص والعوام الذين قد ابرموا فى عبادة الله الملك العلّام وبذلوا الجهد
فيه غاية البذل ونهاية الابرام وبعد متين حبل التقوى وزمام الاسلام ولهم مكارم
الخصال وكرائم الشّام وبهم يتبدّل باليمن جميع الأشئام وقد تحملوا صبرا من الطعام
غاية السّئام وتمام السئام عند المام الآلام سيّما ابن عمّه باب مدينة علمه
وخليفته فى التبليغ واحكام الاحكام من بداية الفقه إلى نهاية الاحكام الذى هو بعد
الولى وللمؤمنين الامير والامام وكاشف الرّموز والسرائر واللّثام ومسدد عضد الملة
البيضاء بقتل الكفرة اللّئام وشفيع المجرمين لدى قيام السّاعة وساعة القيام رب
اغفر لى الذّنوب والآثام التى احتطبتها بتوالى اللّيالى والأيام واكتسبها بتتالى
الشهور والاعوام وادخلنى جنّة فيها قيامة بالسّلام وتفضّل على فى مخاصمة الشيطان
الدّ الخصام ونجنى من الغرور بهذه الدّنيا الّتى هى على الدّوام والانصراف وعليك
التوكّل وبك الاعتصام فى كلّ مقام حرره حسن بن علي سنه ١٣١٧ قد تصدى لطبع هذا
الكتاب المستطاب الذي قد جاء مصنفه به العجب العجاب اسكنه الله تعالى بحبوحة جناته
وأفاض عليه شأبيب فضله وإحسانه عمدة التجار لنيل الامالي الحاج محمد حسين
الكازراني أعطاه الله تعالى يوم القيامة نورا ولقبره نضرة وسرورا وكان ذلك في سنة
١٣١٦ ستة عشر وثلث مأة بعد الألف من الهجرة النبوية
|