

الإهداء
إلى ثأر الله
الأعظم ..
والمنتقم لدماء
الشهداء والمظلومين ..
وأمل
المستضعفين في الأرض ..
ومنجي البشريّة
من الظلم والجور ..
الإمام المهديّ
صاحب الزمان ..
تقبّل جهدي
المتواضع بقبولك الحسن الجميل ..
عجّل الله فرجك
الشريف.
وأنار بظهورك
ديجور الظلمات ..
وبسط العدل في
الشرق والغرب ..
وأظهر دين
الحقّ على الأديان كلّها ولو كره المشركون.
شكر وتقدير
يدرك الكتّاب
والقرّاء جيّدا مدى الجهد الذي يبذله الإخصّائيّون في إخراج كتاب وتنقيحه ،
فيقدّمون خدمة ثقافيّة جليلة.
والكتاب الذي
بين يديك ـ عزيزي القارئ ـ راجعه ودققه فنّيّا السيّد رضا ارغياني وشارك في تنظيم
صفحاته وتنضيدها السيّدان علي برهاني وحسين الطائي ، وقد فوّض عرض الآيات القرآنية
وضبطها إلى السيد علاء البصري ، قابله السيّد رضا سيادت وتولى تنفيذ الغلاف السيد
ابراهيم البصري.
ولذا نشكر
هؤلاء السادة ونثمّن جهودهم ، راجين الله تعالى أن يرزقهم ثواب العاملين في حقل
نشر الثقافة الإسلامية وترويجها.
مجمع البحوث الإسلامية
المقدّمة
الاعتقاد بالمهديّ المنتظر عليهالسلام
يمثّل الاعتقاد
بالمهديّ المنتظر أحد الأمور الّتي آمن بها المسلمون على اختلاف مذاهبهم وفرقهم ، وفقا
للبشارة الّتي تناقلتها أجيالهم الواحد تلو الآخر عن نبيّهم الكريم صلىاللهعليهوآله بمجيء رجل من ولد فاطمة عليهاالسلام ، اسمه اسم رسول الله ، وكنيته ككنيته صلىاللهعليهوآله ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ؛ وبنزول عيسى عليهالسلام وصلاته خلف المهديّ عليهالسلام ومساعدته إيّاه في تنفيذ رسالته في قتل الدجّال وإرساء
أسس العدل. وقد نقل علماء العامّة والخاصّة ومنذ بداية القرن الثالث الهجريّ ،
أحاديث المهديّ في مؤلّفاتهم وموسوعاتهم الحديثيّة ، وتعدّى البعض ذلك إلى تأليف
مؤلّفات خاصّة في المهديّ المنتظر ، وصرّح كثير منهم بوجوب قتل من أنكر ظهور
المهديّ ، استنادا إلى ما روي عن النّبيّ صلىاللهعليهوآله من كفر من أنكر المهديّ ، وكفر من كذّب به .
ويشترك
المسيحيّون مع المسلمين في الإيمان بفكرة المهديّ المنتظر من خلال اعتقادهم بنزول
عيسى عليهالسلام ، وهو أمر متسالم بينهم ، لا يختلف فيه اثنان منهم. بل
يشترك مع المسلمين في الإيمان بظهور مصلح عالميّ أهل الأديان والشعوب الأخرى على
اختلاف أفكارهم وآرائهم ، وإن اختلفوا معهم في مصداق ذلكم المصلح العالميّ.
القرآن الكريم والاعتقاد بالمهديّ المنتظر عليهالسلام
ويمكن لمن
يستقرئ القرآن الكريم أن يعثر على مجموعة كبيرة من الآيات القرآنيّة
__________________
الكريمة تبشّر بغلبة هذا الدين الحنيف وظهوره التامّ على سواه من الأديان ،
وبأنّ الله عزّ اسمه سيحفظ هذا الدين برغم كيد الكائدين ؛ وأن يعثر أيضا على
مجموعة كبيرة من الآيات المفسّرة بالمهديّ ، وتذكر خروجه ونزول عيسى عليهالسلام ، كما تذكر أشراط الظهور.
السّنّة والاعتقاد بالمهديّ المنتظر عليهالسلام
أمّا السنّة
الشريفة ، فقد وردت فيها أحاديث كثيرة متواترة قطعيّة الصدور في البشارة بظهور
المهديّ المنتظر ، وفي تعيين اسمه وسماته وسيرته ، وفي علامات ظهوره. يدعم هذا
الحشد الضخم من الروايات المتسالم عليها بين الفريقين حشد آخر في أنّ من مات ولم
يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة ، وروايات في أنّ الارض لا تخلو من حجّة ؛ وأنّ
الدين لا يزال قائما حتّى تقوم الساعة أو يكون اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش.
بيد أنّ مصداق
المهديّ المنتظر بقي لدى البعض يكتنفه شيء من الغموض ، أمّا البعض الآخر ـ ومنهم
الشيعة الإماميّة ـ فقد كان لديهم ذلك المصداق واضحا جليّا لا يساورهم فيه أدنى
ريب ، وتناقلوا أحاديث تبيّن المقصود بالخلفاء الاثني عشر من قريش ، وتذكر نصّ
رسول الله صلىاللهعليهوآله عليهم بأسمائهم ، الواحد تلو الآخر ، أوّلهم أمير
المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وآخرهم المهديّ : محمّد بن الحسن العسكريّ عليهماالسلام.
ونقل الشيعة
أحاديث كثيرة متواترة عن رسول الله صلىاللهعليهوآله وعن أئمّتهم الهدى عليهمالسلام في النصّ على المهديّ عليهالسلام ، ونقلت تفاصيل ولادته وأسماء من شاهده ، وذكرت نوّابه
الخاصّين والتواقيع الّتي كانت ترد منه عليهالسلام إلى النّاس ، وتضمّنت علامات ظهوره وسيرته.
شبهات حول المهديّ عليهالسلام
ومن الطبيعيّ
أن تتعرّض مسألة المهديّ المنتظر ـ لأهمّيتها وحيويّتها ـ لتشكيك الأعداء
والمعاندين ، شأنها في ذلك شأن عقائد المسلمين الأخرى ؛ فقد سعى أعداء الأمّة
الإسلاميّة الّذين شكّكوا في قرآنها الكريم ، وطعنوا في نبيّها المرسل صلىاللهعليهوآله ، والّذين هزءوا دوما بإيمان المسلمين بالغيب ،
واستبعدوا حقيقة ظهور المعجزات على يدي النّبيّ الكريم ؛ سعوا إلى التشكيك في
مسألة المهديّ ، وعدّوا انتظاره ممّا لا طائل بعده ، وتجاوزوا ذلك إلى اعتبار أمره
من الأساطير! مع أنّ علماءهم قد اعترفوا قبل ذلك ـ على مضض ـ بسموّ الحضارة
الإسلاميّة بين حضارات العالم ، وبكونها الحضارة الوحيدة المرشّحة لاحتلال دور
رياديّ في عالمنا المعاصر ، وأقرّ أحدهم بأنّ الفكر الإسلاميّ الشيعيّ حيّ تبعا
للإيمان بفكرة الإمام الحيّ ، يعني
المهديّ عليهالسلام . وقد سعى البعض الآخر من أعداء الأمّة إلى تكرار شبهات
أثارها البعض في مراحل متقدّمة حول مسألة المهديّ ، مع أنّ علماء الفريقين قد
ناقشوا تلك الشبهات وبيّنوا بطلانها. من أمثال أنّ المهديّ هو عيسى عليهالسلام ؛ وأنّه من ولد الحسن عليهالسلام ؛ وأنّ اسم أبيه كاسم أب النّبيّ عليهالسلام . وتساءل بعضهم ـ في تشكيك ـ عن عمره الطويل ، وعن
الحكمة في غيبته ؛ بل أنكر بعضهم ولادته أصلا ، وقال : إنّ مسألة المهديّ لا تعدو
أن تكون أمرا تواطأ عليه علماء الشيعة في القرن الرابع الهجريّ لحفظ كيان الشّيعة
وصونهم عن التفرّق والتمزّق! ... إلى سواها من التخرّصات الّتي لا تستند إلى حجّة ولا
يعضدها دليل.
وهذا الأثر
الذي يقدّمه مجمع البحوث الإسلاميّة إلى القرّاء الأعزّاء اليوم إنّما هو مساهمة
في ترسيخ هذا المعتقد الأصيل من المعتقدات الإسلاميّة ، كما نطق به القرآن الكريم
والأحاديث التفسيريّة والأحاديث المبشّرة بظهور الإمام المهديّ عليهالسلام وبقيام دولته العالميّة المرتقبة : نسأل الله عزوجل أن نفع به ، وأن يوفّق المؤلّف الفاضل لما يحبّه
ويرضاه.
__________________
تمهيد
اصل الإمامة في الإسلام
يعتقد الشيعة ـ
تبعا لعقيدتهم في عدل الله تعالى وحكمته ولطفه بعباده ـ أنّه قد نصب أولياء
معصومين يمثّلون امتدادا طبيعيّا لخطّ الرسالة ، ويكونون أمناء على وحي الله
سبحانه ، وقدوة لعباده ، وأنّ الباري عزوجل لا يترك دونها حجّة. وأنّ هؤلاء الأئمّة هم عباد الله المخلصون
الّذين لم يشركوا بالله تعالى طرفة عين. ذلك أنّ الشرك ظلم بنصّ القرآن الكريم ، والله عزوجل لا ينال عهده ظالما . وأنّ الأئمّة في مرتبة من العلم والفضل لا يرقى إليها
أحد ، فهم أصفياء الله وخالصته من خلقه. وأنّ الباري أوجب على العباد الرجوع إلى
هؤلاء الأئمّة والاستنارة بنور هديهم عليهمالسلام ، وهو أمر تحتّمه ضرره رجوع الجاهل إلى العالم :
(أَفَمَنْ يَهْدِي
إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى
فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ).
ألا ترى كيف
احتجّ إبراهيم عليهالسلام على أبيه : (يا أَبَتِ إِنِّي
قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً
سَوِيًّا)؟
كما يعتقدون ـ
بنصّ القرآن الكريم في آية التطهير ـ أنّ الله قد أذهب الرجس عن أهل البيت وطهّرهم
عن كلّ دنس وشين ، فأضحوا معصومين بعصمة من الله عزوجل.
لا تخلو الأرض من حجّة
وقد روى
المسلمون من طرق عدّة حديث : «إنّ الأرض لا تخلو من قائم لله بحجّة» ، وروي عن أئمّة أهل البيت عليهمالسلام «ما زالت الأرض إلّا ولله فيها الحجّة ، يعرّف الحلال والحرام ، ويدعو
النّاس إلى سبيل الله» ، و «إنّ الحجّة لا تقوم لله عزوجل على خلقه إلّا بإمام حتّى يعرف» ، بل رووا عنهم عليهمالسلام : «لو لم يبق في الأرض إلّا اثنان ، لكان أحدهما الحجّة»
.
__________________
وقد روى
الفريقان أحاديث متسالما عليها في أنّ من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة
جاهليّة . ورووا عن النّبيّ الكريم صلىاللهعليهوآله أحاديث متواترة من عدّة طرق أحاديث توصي الأمّة
بالتمسّك بأهل البيت عليهمالسلام وتصفهم بأنّهم الثقلان اللذان خلّفهما النّبيّ في أمّته
؛ وبأنّهم كسفينة نوح : من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق ؛ وأنّهم مثل حطّة من
دخله كان آمنا ؛ ثمّ رووا أنّه صلىاللهعليهوآله نصّ على خلفائه بأسمائهم ، وأنّه أوصى إليهم الواحد تلو
الآخر.
الإمام المهديّ عليهالسلام خاتم الأئمّة عليهمالسلام
ويمثّل الإمام
المهديّ عليهالسلام الحلقة الأخيرة من سلسلة الإمامة ، وعلى الرغم من أنّ
البرهان العقليّ في مسألة اللطف الإلهيّ ، وأنّ الأرض لا تخلو من حجّة ، كاف في
التدليل على أمره ، الأمر الّذي أدركه حتّى أتباع المذاهب الأخرى ، بل الواقفون في
صفّ أعداء شيعة أهل البيت عليهمالسلام ؛ فإنّ البرهان النقلي قائم على وجوده من خلال الأحاديث
المتعاضدة الّتي بلغت حدّ التواتر في البشارة به على لسان النّبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله ؛ ناهيك عن الأخبار الواردة في ولادته وفيمن ورآه
وكلّمه ، وفي معجزاته وتوقيعاته ونوّابه. ونجد أنّ الإمامين العسكريّين عليهماالسلام بعامّة ، والإمام الحسن العسكريّ عليهالسلام بخاصّة ، قد بذلا جهودا كبيرة في إعداد القواعد
الشّيعيّة لغيبة الإمام المهديّ حتّى قبل تحقّق ولادته ، فنلحظ ـ على سبيل المثال ـ
أنّهما يختاران وكلاءهما ويوثّقانهم بمختلف ألفاظ التوثيق ، عالمين بأنّهم سيكونون
من النّواب الخاصّين للإمام المهديّ عليهالسلام. كما نلحظ أنّ العسكريّين عليهماالسلام يتّخذان ـ وبالتّدريج ـ أسلوب الاحتجاب عن الشيعة ،
ويتعاملون مع قواعدهم الشيعيّة من خلال الوكلاء ، كما نرى الروايات الكثيرة الّتي
تحدّثت عن غيبة الإمام ، وعن فضل الانتظار الّذي يعدّ فيه الفرد المسلم نفسه ليكون
مؤهّلا لنصرة الإمام عند ظهوره في تحقيق رسالته التّاريخيّة.
__________________
مقدّمة المؤلّف
الحمد لله حقّ
حمده الّذي وجب ، وصلّى الله على محمّد عبده المنتجب ، ونبيّه المنعوت بالخلق
العظيم ، والمبعوث الى الثقلين بكتابه الكريم ، وعلى إمام الأولياء أمير المؤمنين
وسيّد الوصيّين عليّ بن أبي طالب ، صلوات الله عليه وعلى أولاده الأئمّة الأصفياء
، الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.
والحمد لله
الّذي ختم النبوّة والرسالة بمحمّد المصطفى صلىاللهعليهوآله ، وشرّفنا بولاية وصيّه عليّ المرتضى ، وأبنائه
الطاهرين ، ثمّ ختم الوصاية والولاية بنجله الصالح الإمام الثاني عشر المهديّ ، الحجّة
القائم بالحقّ ، عجّل الله تعالى فرجه ، وسهّل مخرجه ، وأهلك أعداءه ، وجعلنا من
شيعته وأنصاره واللائذين تحت لوائه والمستشهدين بين يديه ، إله الحقّ آمين.
وبعد ، فهذا
كتابي يضمّ دررا من الأحاديث المتلألئة الأنوار ، من معدن الوحي والتنزيل مستخرجة
، وفي سلك الإمامة والولاية منظومة ، حيث استفاضت في البشارة بظهور إمامنا الغائب
المنتظر ، وإشراق الدنيا بنوره ، وسعادة العالمين في أيّامه الميمونة.
وقد رتّبتها
حسب الآيات القرآنية ودلالاتها عليه نصّا أو إشارة أو تأويلا ، مبتهلا إلى الله
سبحانه وتعالى ، راجيا من كرمه أن لا يحرمني جزيل ثوابه ، وأن يجعل سعيي في نظمي
هذه الدرر وجمعي هذه الغرر ، خالصا لوجهه الكريم ، ويثبّت ببركته لساني بالقول
الثابت في الحياة الدنيا ، وقدمي على الصراط يوم تزلّ الأقدام.
عبد آل محمّد
سورة البقرة
الآية الاولى
قوله تعالى : (الم* ذلِكَ الْكِتابُ
لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ
وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ).
١ ـ الشّيخ
الصدوق رحمهالله بإسناده عن يحيى بن أبي القاسم ، قال : سألت الصادق عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (الم ذلِكَ الْكِتابُ
لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) فقال : المتّقون شيعة عليّ عليهالسلام ، والغيب فهو الحجّة الغائب ، وشاهد ذلك قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ
آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي
مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ).
٢ ـ وروى
الشّيخ الصدوق عن غير واحد من أصحابنا ، عن داود بن كثير الرقيّ ، عن أبي عبد الله
عليهالسلام في قول الله عزوجل : (الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) قال : من آمن اقرّ بقيام القائم أنّه حقّ .
٣ ـ وروى
الشّيخ الصدوق أيضا بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله في حديث يذكر فيه الأئمّة الاثني عشر ومنهم القائم عليهالسلام قال : قال رسول
__________________
الله صلىاللهعليهوآله : طوبى للصابرين في غيبته ، طوبى للمقيمين على محبّتهم
، اولئك من وصفهم الله في كتابه فقال : (الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) ثمّ قال : (أُولئِكَ حِزْبُ
اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
٤ ـ وقال أيضا
: حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى ؛ قال : بإسناده عن يحيى بن أبي القاسم قال : سألت
الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام عن قول الله عزوجل : (الم ذلِكَ الْكِتابُ
لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) فقال : المتّقون شيعة عليّ عليهالسلام والغيب فهو الحجّة الغائب ، وشاهد ذلك قول الله عزوجل (وَيَقُولُونَ لَوْ لا
أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ
فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) فأخبر عزوجل أنّ الآية هي الغيب ، والغيب هو الحجّة ، وتصديق ذلك
قول الله عزوجل : (وَجَعَلْنَا ابْنَ
مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) يعني حجّة .
٥ ـ وقال :
حدّثنا أبي ؛ قال : حدّثنا سعد بن عبد الله بإسناده عن عليّ ابن رباب ، عن أبي عبد
الله عليهالسلام أنّه قال : في قول الله عزوجل : (يَوْمَ يَأْتِي
بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ
قَبْلُ) فقال : الآيات هم الأئمّة ، والآية المنتظرة هو القائم عليهالسلام ، فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل
قيامه بالسيف ، وإن آمنت بمن تقدّمه من آبائه عليهمالسلام .
٦ ـ وروى
الحافظ رجب البرسيّ عن عمّار ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام في كتاب الواحدة ، في حديث طويل قد بيّن فيه مناقب نفسه
القدسيّة ، وجاء فيه قوله : (الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) قال : الغيب : هو الرجعة ويوم القيامة ويوم القائم ،
وهي أيّام آل محمّد ، وإليها الاشارة بقوله : (وَذَكِّرْهُمْ
بِأَيَّامِ اللهِ) فالرجعة لهم ، ويوم القيامة لهم ، ويوم القائم لهم ،
وحكمه إليهم ، ومعوّل للمؤمنين فيه عليهم .
__________________
كلام الشيخ الصدوق في الغيبة
قال الشيخ
الصدوق في المراد من الغيبة قال : ولقد كلّمني رجل بمدينة السلام فقال لي : إنّ
الغيبة قد طالت ، والحيرة قد اشتدّت ، وقد رجع كثير عن القول بالإمامة لطول الأمد
، فكيف هذا؟ فقلت له : إنّ سنّة الأوّلين في هذه الامّة جارية حذو النعل بالنعل ،
كما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله في غير خبر ، وأنّ موسى عليهالسلام ذهب إلى ميقات ربّه على أن يرجع إلى قومه بعد ثلاثين
ليلة فأتمّها الله عزوجل بعشرة ، فتمّ ميقات ربّه أربعين ليلة ، ولتأخّره عنهم
فضل عشرة أيّام على ما واعدهم ، استطالوا المدّة القصيرة وقست قلوبهم وفسقوا عن
أمر ربهم عزوجل وعن أمر موسى عليهالسلام ، وعصوا خليفته هارون واستضعفوه وكادوا يقتلونه ،
وعبدوا عجلا جسدا له خوار من دون الله عزوجل ، وقال السامريّ لهم : (هذا إِلهُكُمْ
وَإِلهُ مُوسى) وهارون يعظهم وينهاهم عن عبادة العجل ويقول : (يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ
وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي* قالُوا لَنْ
نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى)
(وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ
غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ
رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ)
.
والقصّة في ذلك
مشهورة ، فليس بعجيب أن يستطيل الجهّال من هذه الامّة مدّة غيبة صاحب زماننا عليهالسلام ، ويرجع كثير منهم عمّا دخلوا فيه بغير أصل وبصيرة ،
ثمّ لا يعتبرون بقول الله تعالى ذكره حيث يقول : (أَلَمْ يَأْنِ
لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ
الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ
عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ). فقال [الرجل] : وما أنزل الله عزوجل في كتابه في هذا المعنى؟ قلت : قوله عزوجل : (الم ذلِكَ الْكِتابُ
لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) يعني بالقائم عليهالسلام وغيبته ...
وقد كلّمني بعض
المخالفين في هذه الآية فقال : معنى قوله عزوجل : (الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) أي بالبعث والنشور وأحوال القيامة ؛ فقلت له : لقد جهلت
في تأويلك وضللت
__________________
في قولك ، فإنّ اليهود والنصارى وكثيرا من فرق المشركين والمخالفين لدين
الإسلام يؤمنون بالبعث والنشور والحساب والثواب والعقاب ، فلم يكن الله تبارك
وتعالى ليمدح المؤمنين بمدحة قد شركهم فيها فرق الكفر والجحود ، بل وصفهم الله عزوجل ومدحهم بما هو لهم خاصّة ، لم يشركهم فيه أحد غيرهم.
وجوب معرفة المهديّ عليهالسلام
ولا يكون
الإيمان صحيحا من مؤمن إلّا من بعد علمه بحال من يؤمن به ، كما قال الله تبارك
وتعالى (إِلَّا مَنْ شَهِدَ
بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) فلم يوجب لهم صحّة ما يشهدون به إلّا من بعد علمهم ،
ثمّ كذلك لن ينفع إيمان من آمن بالمهديّ القائم عليهالسلام حتّى يكون عارفا بشأنه في حال غيبته ، وذلك انّ الائمة
: قد أخبروا بغيبته ، ووصفوا كونها لشيعتهم فيما نقل عنهم واستحفظ في الصحف ،
ودوّن في الكتب المؤلّفة من قبل أن تقع الغيبة بمائتي سنة أو أقل أو أكثر ، فليس
أحد من أتباع الائمّة عليهمالسلام إلّا وقد ذكر ذلك في كثير من كتبه ورواياته ، ودوّنه في
مصنفاته. وهي الكتب الّتي تعرف بالأصول مدوّنة عند شيعة آل محمّد عليهمالسلام من قبل الغيبة بما ذكرنا من السنين ، وقد أخرجت ما
حضرني من الأخبار المسندة في الغيبة في هذا الكتاب في مواضعها ، فلا يخلو حال
هؤلاء الأتباع المؤلّفين للكتب أن يكونوا علموا الغيب بما وقع الآن من الغيبة ،
فألّفوا ذلك في كتبهم ودوّنوه في مصنّفاتهم من قبل كونها ، وهذا محال عند أهل
اللبّ والتحصيل ، أو أن يكونوا قد أسّسوا في كتبهم الكذب ، فاتّفق الأمر لهم كما ذكروا
، وتحقّق كما وضعوا من كذبه بهم على بعد ديارهم واختلاف آرائهم وتباين أقطارهم
ومحالهم ، وهذا أيضا محال كسبيل الوجه الأول ، فلم يبق في ذلك إلّا أنّهم حفظوا عن
أئمّتهم المستحفظين للوصيّة ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله من ذكر الغيبة وصفة كونها في مقام بعد مقام إلى آخر
المقامات ما دوّنوه في كتبهم وألّفوه في أصولهم ، وبذلك وشبهه فلج الحقّ وزهق
الباطل ، إنّ الباطل كان زهوقا.
وإنّ خصومنا
ومخالفينا من أهل الأهواء المضلّة قصدوا لدفع الحقّ وعناده بما وقع
__________________
من غيبة صاحب زماننا القائم عليهالسلام واحتجابه عن أبصار المشاهدين ، ليلبسوا بذلك على من لم
تكن معرفته متقنة ، ولا بصيرته مستحكمة.
إثبات الغيبة والحكمة فيها
وأضاف الشيخ
الصدوق قائلا : إنّ الغيبة الّتي وقعت لصاحب زماننا عليهالسلام قد لزمت حكمتها ، وبان حقّها ، وفلجت حكمتها ، للذي
شاهدناه وعرفناه من آثار حكمة الله عزوجل واستقامة تدبيره في حججه المتقدّمة في الأعصار السالفة
، مع أئمّة الضلال وتظاهر الطواغيت ، واستعلاء الفراعنة في الحقب الخالية ، وما
نحن بسبيله في زماننا هذا من تظاهر أئمّة الكفر بمعونة أهل الافك والعدوان
والبهتان.
وذلك أنّ
خصومنا طالبونا بوجود صاحب زماننا عليهالسلام كوجود من تقدّمه من الأئمّة ، فقالوا : إنّه قد مضى على
قولكم من عصر وفاة نبيّنا أحد عشر إماما ، كلّ منهم كان موجودا معروفا باسمه وشخصه
بين الخاصّ والعامّ ، فإن لم يوجد كذلك ، فقد فسد عليكم أمر من تقدّم من أئمّتكم
كفساد أمر صاحب زمانكم هذا في عدمه وتعذّر وجوده.
فأقول ـ وبالله
التوفيق ـ :
إنّ خصومنا قد
جهلوا آثار حكمة الله تعالى ، وأغفلوا مواقع الحقّ ومناهج السبيل في مقامات حجج
الله تعالى مع أئمّة الضلال في دول الباطل في كل عصر وزمان ، إذ قد ثبت أنّ ظهور حجج
الله تعالى في مقاماتهم في دول الباطل على سبيل الإمكان والتدبير لأهل الزمان ،
فإن كانت الحال ممكنة في استقامة تدبير الأولياء لوجود الحجّة بين الخاصّ والعامّ
، كان ظهور الحجّة كذلك ، وإن كانت الحال غير ممكنة من استقامة تدبير الأولياء
لوجود الحجّة بين الخاصّ والعامّ ، وكان استتاره ممّا توجبه الحكمة ويقتضيه
التدبير ، حجبه الله وستره إلى وقت بلوغ الكتاب أجله ، كما قد وجدنا من ذلك في حجج
الله المتقدّمة من عصر وفاة آدم عليهالسلام إلى حين زماننا هذا ، منهم المستخفون ومنهم المستعلنون
، بذلك جاءت الآثار ونطق الكتاب .
__________________
٧ ـ روى الصدوق
بالإسناد عن سدير الصيرفي قال : دخلت أنا والمفضّل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب
، على مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهالسلام ، فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبريّ مطوّق بلا
جيب ، مقصر الكمّين ، وهو يبكي بكاء الواله الثكلى ، ذات الكبد الحرى ، قد نال
الحزن من وجنتيه ، وشاع التغيّر في عارضيه ، وأبلى الدموع محجريه ، وهو يقول :
سيّدي ، غيبتك نفت رقادي ، وضيّقت عليّ مهادي ، وأسرت منّي راحة فؤادي ، سيّدي
غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد ، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد ، فما
أحسّ بدمعة ترقى من عيني ، وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا ،
إلّا مثّل لعيني عن غوابر أعمّها وأفظعها ، وبواقي أشدّها وأنكرها ، ونوائب مخلوطة
بغضبك ، ونوازل معجونة بسخطك.
قال سدير :
فاستطارت عقولنا ولها ، وتصدّعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل ،
وظننّا أنّه سمة لمكروهه قارعة أو حلّت به من الدهر بائقة.
فقلنا : لا
أبكى الله ـ يا ابن خير الورى ـ عينيك. من أيّ حادثة تستنزف دمعتك ، وتستمطر عيونك؟
وأيّة حالة حتّمت عليك هذا المأتم؟
قال : فزفر
الصادق عليهالسلام زفرة انتفخ منها جوفه ، واشتدّ منها خوفه ، وقال :
ويلكم إنّي نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم ؛ وهو الكتاب المشتمل على علم
المنايا والبلايا والرزايا ، وعلم ما كان وما يكون الى يوم القيامة ، الّذي خصّ
الله تقدّس اسمه به محمّدا والأئمّة من بعده عليه وعليهمالسلام ، وتأمّلت فيه مولد قائمنا وغيبته وإبطاءه وطول عمره ،
وبلوى المؤمنين به من بعده في ذلك الزمان ، وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته
وارتداد أكثرهم عن دينهم ، وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم ، الّتي قال الله تقدّس
ذكره : (وَكُلَّ إِنسانٍ
أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) يعني الولاية ، فأخذتني الرّقة ، واستولت عليّ الاحزان.
فقلنا : يا ابن
رسول الله ، كرّمنا وشرّفنا بإشراكك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.
__________________
قال : إنّ الله
تبارك وتعالى أدار في القائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل : قدّر مولده
تقدير مولد موسى عليهالسلام ، وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسى عليهالسلام ، وقدّر إبطاءه تقدير ابطاء نوح عليهالسلام ، وجعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح ، أعني الخضر دليلا
على عمره. فقلت : اكشف لنا يا ابن رسول الله عن وجوه هذه المعاني.
قال : أمّا
مولد موسى ، فإنّ فرعون لمّا وقف على أنّ زوال ملكه على يده ، أمر باحضار الكهنة ،
فدلّوه على نسبه ، وأنّه يكون من بني اسرائيل ، ولم يزل يأمر اصحابه بشقّ بطون
الحوامل من نساء بني اسرائيل حتّى قتل في طلبه نيّفا وعشرين ألف مولود ، وتعذّر
عليه الوصول إلى قتل موسى لحفظ الله تبارك وتعالى ايّاه.
كذلك بنو أميّة
وبنو العباس ، لمّا وقفوا على أنّ زوال ملكهم والأمراء والجبابرة منهم على يد
القائم منّا ، ناصبونا العداوة ، ووضعوا سيوفهم في قتل آل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله وإبادة نسله ، طمعا منهم في الوصول الى قتل القائم عليهالسلام ، ويأبى الله أن يكشف أمره لواحد من الظلمة الى أن يتم
نوره ولو كره المشركون.
وأمّا غيبة
عيسى عليهالسلام ، فإنّ اليهود والنصارى اتّفقت على أنّه قتل ، وكذّبهم
الله عزوجل بقوله : (وَما قَتَلُوهُ وَما
صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) كذلك غيبة القائم عليهالسلام فإنّ الامّة تنكرها لطولها ، فمن قائل بغير هدى بأنّه
لم يولد ، وقائل يقول : إنّه ولد ومات ، وقائل يكفر بقوله انّ حادي عشرنا كان
عقيما ، وقائل يمرق بقوله : إنّه يتعدّى إلى ثالث عشر فصاعدا ، وقائل يعصي الله عزوجل بقوله : إنّ روح القائم عليهالسلام ينطق في هيكل غيره.
وأمّا إبطاء
نوح عليهالسلام فإنّه لمّا استنزل العقوبة على قومه من السماء ، بعث
الله عزوجل جبرئيل الروح الأمين بسبعة نويات فقال : يا نبيّ الله ،
إنّ الله تبارك وتعالى يقول لك : إنّ هؤلاء خلائقي وعبادي ، ولست أبيدهم بصاعقة من
الصواعق الّا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجّة ، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك ،
فأنّي مثيبك عليه ، واغرس هذا النوى ، فإنّ لك في نباتها وبلوغها وادراكها اذا
أثمرت الفرج والخلاص ، فبشّر بذلك من تبعك من المؤمنين.
__________________
فلمّا نبتت
الاشجار وتأزّرت وتسوّقت وتغصّنت وأثمرت ، وزها الثمر عليها بعد زمن طويل ، استنجز
من الله سبحانه وتعالى العدّة ، فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس من نوى تلك
الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ، ويؤكّد الحجّة على قومه ، فأخبر بذلك الطوائف
الّتي آمنت به ، فارتدّ منهم ثلاث مائة رجل ، وقالوا : لو كان ما يدعيه نوح حقّا ،
لما وقع في وعد ربه خلف.
ثمّ إنّ الله
تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كلّ مرّة أن يغرسها تارة بعد أخرى ، إلى أن غرسها
سبع مرّات ، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتدّ منهم طائفة ، إلى أن عاد إلى
نيّف وسبعين رجلا. فأوحى الله عزوجل عند ذلك إليه وقال : يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل
لعينك حين صرّح الحق عن محضه ، وصفى الأمر للايمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت
طينته خبيثة.
فلو أنّي أهلكت
الكفّار ، وأبقيت من قد ارتدّ من الطوائف الّتي كانت آمنت بك لما كنت صدّقت وعدي
السابق للمؤمنين الّذين أخلصوا التوحيد من قومك ، واعتصموا بحبل نبوّتك ، بأن
أستخلفهم في الأرض وأمكّن لهم دينهم ، وأبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي
بذهاب الشكّ من قلوبهم.
وكيف يكون
الاستخلاف والتمكين وبدل الخوف بالأمن منّي لهم ، مع ما كنت أعلم من ضعف يقين
الّذين ارتدّوا ، وخبث طينتهم ، وسوء سرائرهم الّتي كانت نتائج النفاق وسنوح
الضلالة ، فلو أنّهم تسنّموا منّي من الملك الّذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف اذا
أهلكت أعداءهم ، لنشقوا روائح صفاته ، ولاستحكمت سرائر نفاقهم ، وتأبّد حبال ضلالة
قلوبهم ، وكاشفوا إخوانهم بالعداوة ، وحاربوهم على طلب الرئاسة والتفرّد بالأمر
والنهي ، وكيف يكون التمكين في الدّين وانتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن
وايقاع الحروب كلّا : (فاصنع الفلك بأعيننا ووحينا) .
قال الصادق عليهالسلام : وكذلك القائم عليهالسلام تمتدّ أيّام غيبته ليصرح الحق عن محضه ، وليصفو الإيمان
من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة ، من الشيعة الّذين يخشى
__________________
عليهم النفاق اذا أحسّوا بالاستخلاف والتمكين والأمن المنتشر في عهد القائم
عليهالسلام.
قال المفضل :
فقلت : يا ابن رسول الله ، إنّ النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر
وعثمان وعليّ.
قال : لا يهدي
الله قلوب الناصبة ، متى كان الدّين الّذي ارتضاه الله ورسوله متمكّنا بانتشار
الأمن في الأمّة ، وذهاب الخوف من قلوبها ، وارتفاع الشكّ من صدورها في عهد أحد من
هؤلاء وفي عهد عليّ عليهالسلام ، مع ارتداد المسلمين والفتن الّتي كانت تثور في أيامهم
، والحروب الّتي كانت تنشب بين الكفّار وبينهم ، ثمّ تلا الصادق عليهالسلام : (حَتَّى إِذَا
اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا).
وأمّا العبد
الصالح الخضر عليهالسلام : فإنّ الله تبارك وتعالى ما طوّل عمره لنبوّة قدّرها
له ، ولا لكتاب ينزّله عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء
، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها ، ولا لطاعة يفرضها له. بلى ، إنّ الله
تبارك وتعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم عليهالسلام في أيّام غيبته ما يقدّر ، وعلم ما يكون من إنكار عباده
بمقدار ذلك العمر في الطول ، طوّل عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك ، إلّا
لعلّة الاستدلال به على عمر القائم عليهالسلام ، وليقطع بذلك حجّة المعاندين ، لئلّا يكون للناس على
الله حجّة .
تحقيق للعلّامة الكراجكيّ في الغيبة وسببها
قال العلّامة
أبو الفتح الشيخ محمّد بن عليّ بن عثمان الكراجكيّ الطرابلسيّ : إن قال قائل : ما
السبب الموجب لغيبة صاحب الزمان عليه وعلى آبائه أفضل السلام؟
قيل له : لا
يسأل عن هذا السؤال إلّا من قد أعطي صحّة وجود الإمام ، وسلّم ما ذكره من غيبته من
الأنام. لأنّ النظر في سبب الغيبة فرع عن كونها ، فلا يجوز أن يسأل عن سببها من
يقول أنّها لم تكن ، وكذلك الغيبة نفسها فرع عن صحّة الوجود ، إذ كان لا يصحّ غيبة
من ليس بموجود. فمن جحد وجود الامام فلا يصحّ كلامه فيما بعد ذلك من هذه
__________________
الأحوال. فقد بان أنّه لا بدّ من تسليم الوجود والإمامة والغيبة ، إمّا
تسليم دين واعتقاد ، ليكشف السائل عن السبب الموجب للاستتار ، وامّا تسليم نظر
واحتجاج ، لينظر السائل عن السبب ، إن كان كلامنا في الفرع ملائما للأصل ، وأنّه
مستمرّ عليه من غير أن يضادّه وينافيه.
فان قال السائل
: أنا اسلّم لك ما ذكرتموه من الأصل لا عن نظر ، إن كان ينتظم معه جوابكم عن الفرع
، فما السبب الآن في غيبة الإمام عليهالسلام؟
فقيل له : أوّل
ما نقوله في هذا أنّه ليس يلزمنا معرفة هذا السبب ، ولا يتعيّن علينا الكشف عنه ،
ولا يضرّنا عدم العلم به.
والواجب علينا
اللازم لنا ، هو أن نعتقد أنّ الإمام الوافر المعصوم الكامل العلوم ، لا يفعل إلّا
ما هو موافق للصواب ، وإن لم نعلم الأغراض في أفعاله والأسباب. فسواء ظهر أو استتر
، قام أو قعد ، كلّ ذلك يلزمه فرضه دوننا ، ويتعيّن عليه فعل الواجب فيه سوانا ،
وليس يلزمنا علم جميع ما علم ، كما لا يلزمنا فعل جميع ما فعل. وتمسّكنا بالأصل من
تصويبه في كلّ فعل ، يغنينا في المعتقد عن العلم بأسباب ما فعل. فإن عرفنا أسباب
أفعاله ، كان حسنا ، وإن لم نعلمها لم يقدح ذلك في مذهبنا ، كما أنّه قد ثبت عندنا
وعند مخالفينا إصابة رسول الله صلىاللهعليهوآله في جميع أقواله وأفعاله ، والتسليم له والرضا بما يأتي
منه ، وإن لم نعرف سببه.
ولو قيل لنا :
لم قاتل المشركين على كثرتهم يوم بدر ، وهو في ثلاثمائة من أصحابه وثلاثة عشر ،
أكثرهم رجالة ، ومنهم من لا سلاح معه ، ورجع عام الحديبية عن إتمام العمرة ، وهو
في العدّة القوية ، ومن معه من المسلمين ثلاثة آلاف وستمائة ، وأعطى سهيل بن عمر
جميع مناه ، ودخل تحت حكمه ورضاه ، من محو بسم الله الرحمن الرحيم من الكتاب ،
ومحو اسمه من النبوّة ، وإجابته إلى أن يدفع عن المشركين ثلث ثمار المدينة ، وأن
يردّ من أتاه ليسلم على يده منهم ، مع ما في هذا من المشقّة العظيمة والمخالفة في
الظاهر للشريعة ، لما ألزمنا الجواب عن ذلك أكثر من أنّه أعرف بالمصلحة من الأمّة
، وأنّه لا يفعل هذا إلّا لضرورة يختصّ بعلمها ملجئه ، أو مصلحة تقتضيه ، تكون له
معلومة ، وهو
الوافر الكامل الّذي لا يفرّط فيما أمر به.
وليس عدم علمنا
بأسباب فعله ضارّا لنا ، ولا قادحا فيما نحن عليه من اعتقادنا وأصلنا. فكذلك قولنا
في سبب غيبة إمامنا وصاحب عصرنا وزماننا.
ويشبه هذا أيضا
من أصول الشريعة عن السبب في ايلام الاطفال ، وخلق الهوام والمسمومات من الحشائش
والأحجار ، ونحو ذلك مما لا يحيط أحد بمعرفة معناه ، ولا يعلم السبب الّذي اقتضاه
، فانّ الواجب أن نردّ ذلك إلى أصله ، ونقول انّ جميعه فعل من ثبت الدليل على
حكمته وعدله وتنزّهه عن العيب في شيء من فعله.
وليس عدم علمنا
بأسباب هذه الأفعال مع اعتقادنا في الجملة أنّها مطابقة للحكمة والصلاح ؛ بضارّ
لنا ، ولا قادح في صحّة أصولنا ، لأنّا لم نكلّف أكثر من العلم بالأصل ، وفي هذا
كفاية لمن كان له عقل.
وهكذا أيضا
يجري الأمر في الجواب إن توجّه إلينا السؤال عن سبب قعود أمير المؤمنين عليهالسلام عن محاربة أبي بكر وعمر وعثمان ، ولم يقعد عن محاربة من
بعدهم من الفرق الثلاث. والأصل في هذا كلّه واحد ، وما ذكرناه فيه كاف للمسترشد.
فإن قال السائل
لنا : جميع ما ذكرته ، من أفعال الله عزوجل فلا شبهة في أنّه أعرف بالمصالح فيها ، وأنّ الخلق
يعلمون جميع منافعهم ولا يهتدون إليها.
وأمّا النبيّ عليهالسلام وما جرى من أمره عام الحديبية فإنّه علم المصلحة في ذلك
بالوحي من الله سبحانه.
فمن أين
لإمامكم علم المصلحة في ذلك وهو لا يوحى إليه؟
قيل له : إن
كان إمامنا عليهالسلام إماما ، فهو معهود إليه ، قد نصّ له على جميع ما يجب تعويله
عليه ، وأخذ ذلك وأمثاله عن آبائه عن رسول الله صلىاللهعليهوآله.
ولنا مذهب في
الإمام ، وعندنا أنّ الإمام عليهالسلام يصحّ أن يلهم من المصالح والأحكام ما يكون هو المخصوص
به دون الأنام.
ثمّ نتبرّع بعد
ما ذكرناه بذكر السبب الّذي تقدّم فيه السؤال ، وإن كان غير لازم لنا في الجواب.
فنقول : إنّ
السبب في غيبة الإمام عليهالسلام إخافة الظالمين له ، وطلبهم بسفك دمه ، وإعلام الله
أنّه متى أبدى شخصه لهم قتلوه ، ومتى قدروا عليه أهلكوه ، فحصل ممنوعا من التصرّف
فيما جعل إليه من شرع الإسلام ، وهذه الأمور الّتي هي مردودة إليه ومعوّل في
تدبيرها عليه ، فإنّما يلزمه القيام بها بشرط وجود التمكّن والقدرة ، وعدم المنع
والحيلولة ، وازالة المخافة على النفس والمهجة ، فمتى لم يكن ذلك فالتقيّة واجبة ،
والغيبة عند الأسباب الملجئة إليها لازمة ، لأنّ التحرّز من المضارّ واجب عقلا وسمعا.
وقد استتر النبيّ صلىاللهعليهوآله في غار حراء ، ولم يكن لذلك سبب غير المخافة من
الأعداء.
فإن قال السائل
: إنّ استتار النبيّ صلىاللهعليهوآله كان مقدارا يسيرا لم يمتدّ به الزمان ، وغيبة صاحبكم قد
تطاولت بها الأعوام.
قيل له : ليس
القصر والطول في الزمان يفرق في هذا المكان ، لأنّ الغيبتين جميعا سببهما واحد ،
وهي المخافة من الأعداء ، فهما في الحكم سواء ، وإنّما قصر زمان إحداهما لقصر مدة
المخافة فيها ، وطول زمان الأخرى لطول زمان المخافة. ولو ضادّت إحداهما الحكمة
وأبطلت الاحتجاج ، لكانت كذلك الأخرى.
فان قال :
فالأظهر إبداء شخصه ، واقام الحجّة على مخالفيه وإن ادّى إلى قتله.
قيل لهم : إنّ
الحجّة في تثبيت إمامته قائمة في الأمّة ، والدلالة على إمامته موجودة ممكنة ،
والنصوص من رسول الله صلىاللهعليهوآله ومن الأئمّة على غيبته مأثورة متّصلة ، فلم يبق بعد ذلك
أكثر من مطالبة الخصم لنا بظهوره ليقتل. فهذا غير جائز ، وقد قال الله سبحانه : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى
التَّهْلُكَةِ).
وقال موسى عليهالسلام : (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ
لَمَّا خِفْتُكُمْ).
فإن قال السائل
: إنّ في ظهوره تأكيدا لإقامة الحجّة ، وكشفا لما يعترض أكثر الناس في أمره من
الشبهة ، فالأوجب ظهوره ، وإن قتل لهذه العلّة.
قيل له : قد
قلنا في النهي عن التغرير بالنفس بما فيه الكفاية ، ونحن نأتي بعد ذلك بزيادة
فنقول : إنّه ليس كلّما نرى فيه تأكيدا لإقامة الحجّة فإنّ فعله واجب ، ما لم يكن
فيه
__________________
لطف ومصلحة. ألا ترى إن قائلا قال : لم لم يعاجل الله تعالى العصاة بالعقاب
والنقمة ، ويظهر آياته للناس في كلّ يوم وليلة ، حتّى يكون ذلك آكد في اقامته
عليهم الحجّة ، أليس كان جوابنا له مثل ما أجبنا في ظهور صاحب الغيبة ، من أنّ ذلك
لا يلزم ما لم يفارق وجها معلوما من المصلحة.
وعندنا أنّ
الله سبحانه لم يمنعه من الظهور وإن قتل إلّا وقد علم أنّ مصلحة المكلّفين مقصورة
على كونه إماما لهم بعينه ، وأن لا يقوم غيره فيها مقامه ، فكذلك أمره بالاستتار
في المدّة الّتي علم أنّه متى ظهر فيها قتله الفجّار.
فإن قال الخصم
: هلّا أظهره الله تعالى ، وأرسل معه ملائكة تبيد كلّ من أراده بسوء ، وتهلك من
قصده بمكروه؟
قيل له : قد
سألت الملحدة من مثل هذا السؤال في إرسال الأنبياء عليهمالسلام ، فقالوا : لم لم يبعث الله تعالى معهم من الأملاك من
يصدّ عنهم كلّ سوء يقصدهم به العباد؟ فكان الجواب لهم : إنّ المصالح ليست واقعة
بحسب تقدير الخلائق ... ، وإنّما هي بحسب المعلوم عند الله عزوجل ، وبعد فانّ اصطلام الله تعالى للعاصين ، ومعاجلته
باهلاك ساير الظالمين ، قاطع لنظام التكليف ، وربّما اقتضى ذلك عموم الجماعة
بالهلاك ، كما كان في الأمم السابقة في الزمان.
وهو أيضا مانع
للقادرين من النظر في زمان الغيبة المؤدّي إلى المعرفة والاجابة ، فقد يصحّ أن
يكون فيهم ومنهم في هذه المدّة من ينظر فيعرف الحق ويعتقده ، أو يكون فيهم معاندون
مقرّون ، قد علم الله سبحانه أنّهم إن بقوا كان من نسلهم ذريّة صالحة ، فلا يجوز
أن يحرمها الوجود بإعدامهم في مقتضى الحكمة ، وليس العاصون في كلّ زمان هذا حكمهم
، وربّما علم ضدّ ذلك منهم ، فاقتضت الحكمة إهلاكهم كما كان في زمن نوح عليهالسلام ، حيث قال : (رَبِّ لا تَذَرْ
عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا
عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً).
فان قال السائل
: إنّ آباءه عليهمالسلام قد كانوا أيضا في زمان مخافة وأوقات صعبة ، فلم لم
__________________
يستتروا؟ وما الفرق بينهم وبينه في هذا الأمر؟
قيل له : إنّ
خوف إمامنا عليهالسلام أعظم من خوف آبائه وأكثر. والسبب في ذلك ، انّه لم يرو
عن أحد من آبائه عليهمالسلام أنّه يقوم بالسيف ويكسر تيجان الملوك ، ولا يبقى لأحد
دولة سواه ، ويجعل الدّين كلّه لله. فكان الخوف المتوجّه إليه بحسب ما يعتقد من
ذلك فيه ، وتطلّعت نفوس الأعداء إليه ، وتتبّعت الملوك أخباره الدالة عليه ، ولم
ينسب إلى أحد من آبائه شيء في هذه الأحوال. فهذا فرق واضح بين المخافتين.
ثمّ نقول بعد
ذلك : إنّ من اطّلع في الأخبار وسبر السير والآثار ، علم أنّ مخافة صاحبنا عليهالسلام كانت منذ وقت مخافة أبيه عليهالسلام ، بل كان الخوف عليه قبل ذلك في حال حمله وولادته ، ومن
ذا الّذي خفي عليه من أهل العلم ما فعله سلطان ذلك الزمان مع أبيه وتتبعه لأخباره
وطرحه العيون عليه ، انتظارا لما يكون من أمره ، وخوفا ممّا روت الشيعة أنّه يكون
من نسله ، الى أن أخفى الله تعالى الحمل بالإمام عليهالسلام ، وستر أبوه عليهالسلام ولادته إلّا عمّن اختصّه من الناس ، ثمّ كان بعد موت
أبيه ، وخروجه للصلاة ومضيّ عمّه جعفر ساعيا إلى المعتمد ما كان ، حتّى هجم على
داره ، وأخذ ما كان بها من أثاثه ورحله ، واعتقل جميع نسائه وأهله ، وسأل أمه عنه
فلم تعترف به ، وأودعها عند قاضي الوقت المعروف بابن أبي الشوارب ، ولم يزل
الميراث معزولا سنتين ، ثمّ كان بعد ذلك من الأمور المشهورة الّتي يعرفها من اطّلع
في الأخبار المأثورة .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ
لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها
مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ
وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ).
كلام الشيخ الصدوق في الآية
الخليفة قبل الخليقة
قال الشيخ
الصدوق رحمهالله في مقدمة كتابه : أمّا بعد فان الله تبارك وتعالى يقول
في
__________________
محكم كتابه : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ
لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) فبدأ عزوجل بالخليفة قبل الخليقة ، فدلّ ذلك على أنّ الحكمة في
الخليفة أبلغ من الحكمة في الخليقة ، فلذلك ابتدأ به لأنّه سبحانه حكيم ، والحكيم
من يبدأ بالأهمّ دون الأعمّ ، وذلك تصديق قول الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام حيث يقول : «الحجّة قبل الخلق ومع الخلق ، وبعد الخلق»
ولو خلق الله عزوجل الخليقة خلوا من الخليفة ، لكان قد عرّضهم للتلف ، ولم
يردع السفيه عن سفهه بالنوع الّذي توجب حكمته من إقامة الحدود وتقويم المفسد ،
واللحظة الواحدة لا تسوّغ الحكمة ضرب صفح عنها ، إنّ الحكمة تعمّ كما انّ الطاعة
تعمّ ، ومن زعم أنّ الدنيا تخلو ساعة من إمام ، لزمه أن يصحّح مذهب البراهمة في
إبطالهم الرسالة ، ولو لا أنّ القرآن نزل بأنّ محمّدا صلىاللهعليهوآله خاتم الأنبياء ، لوجب كون رسول في كل وقت ، فلمّا صح
ذلك لارتفع معنى كون الرسول بعده ، وبقيت الصورة المستدعية للخليفة في العقل ،
وذلك أنّ الله تقدس ذكره لا يدعو إلى سبب إلّا بعد أن يصوّر في العقول حقائقه ،
واذا لم يصوّر ذلك ، لم تنسق الدعوة ولم تثبت الحجّة ، وذلك أنّ الأشياء تألف
أشكالها ، وتنبو عن أضدادها. فلو كان في العقل إنكار الرسل ، لما بعث الله عزوجل نبيّا قطّ.
مثال ذلك
الطبيب يعالج المريض بما يوافق طباعه ، ولو عالجه بدواء يخالف طباعه أدّى ذلك إلى
تلفه ، فثبت أنّ الله أحكم الحاكمين لا يدعو إلى سبب إلّا وله في العقول صورة
ثابتة ، وبالخليفة يستدلّ على المستخلف كما جرت به العادة في العامّة والخاصّة ،
وفي المتعارف متى استخلف ملك ظالما ، استدلّ بظلم خليفته على ظلم مستخلفه ، وإذا
كان عادلا استدلّ بعدله على عدل مستخلفه ، فثبت أنّ خلافة الله توجب العصمة ، ولا
يكون الخليفة إلّا معصوما.
وجوب طاعة الخليفة
ولمّا استخلف
الله عزوجل آدم في الأرض ، أوجب على أهل السماوات الطاعة ؛ له فكيف
الظنّ بأهل الأرض؟ ولمّا أوجب الله عزوجل على الخلق الإيمان بملائكة الله ، وأوجب على الملائكة
السجود لخليفة الله ، ثمّ لمّا امتنع ممتنع من الجنّ عن السجود له ،
أحلّ الله به الذلّ والصغار والدمار ، وأخزاه ولعنه إلى يوم القيامة ،
علمنا بذلك رتبة الإمام وفضله ، وأنّ الله تبارك وتعالى لمّا أعلم الملائكة أنّه
جاعل في الأرض خليفة. أشهدهم على ذلك لأنّ العلم شهادة ، فلزم من ادّعى أنّ الخلق
يختار الخليفة أن تشهد ملائكة الله كلهم عن آخرهم عليه ، والشهادة العظيمة تدل على
الخطب العظيم كما جرت به العادة في الشاهد ، فكيف وأنّى ينجو صاحب الاختيار من
عذاب الله وقد شهدت عليه ملائكة الله أوّلهم وآخرهم ، وكيف وأنّى يعذّب صاحب النصّ
وقد شهدت له ملائكة الله كلّهم.
وله وجه آخر ،
وهو أنّ القضيّة في الخليفة باقية إلى يوم القيامة ، ومن زعم أنّ الخليفة أراد به
النبوة ، فقد أخطأ من وجه ،
وذلك أنّ الله عزوجل وعد أن يستخلف من هذه الأمّة الفاضلة خلفاء راشدين كما
قال جلّ وتقدّس : (وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) ولو كانت قضيّة الخلافة قضيّة النبوّة ، أوجب حكم الآية
أن يبعث الله عزوجل نبيّا بعد محمّد صلىاللهعليهوآله ، وما صحّ قوله : (وَخاتَمَ
النَّبِيِّينَ) فثبت أنّ الوعد من الله عزوجل ثابت من غير النبوّة ، وثبت أنّ الخلافة تخالف النبوّة
بوجه ، وقد يكون الخليفة غير نبيّ ، ولا يكون النبيّ إلّا خليفة.
وآخر : وهو
أنّه عزوجل أراد أن يظهر استعباده الخلق بالسجود لآدم عليهالسلام نفاق المنافق وإخلاص المخلص ، كما كشفت الأيّام والخبر
عن قناعيهما ، أعني ملائكة الله والشيطان ، ولو وكّل ذلك المعنى ـ من اختيار
الإمام ـ إلى من أضمر سوءا ، لما كشفت الأيّام عنه بالتعرّض ، وذلك أنّه يختار
المنافق من سمحت نفسه بطاعته والسجود له ، فكيف وأنّى يوصل إلى ما في الضمائر من
النفاق والإخلاص والحسد والداء الدفين.
ووجه آخر : وهو
أنّ الكلمة تتفاضل على أقدار المخاطب والمخاطب ، فخطاب الرجل عبده يخالف خطاب
سيّده ، والمخاطب كان الله عزوجل ، والمخاطبون ملائكة الله أوّلهم وآخرهم ، والكلمة
العموم لها مصلحة عموم ، كما أنّ الكلمة الخصوص لها مصلحة
__________________
خصوص ، والمثوبة في العموم أجلّ من المثوبة في الخصوص ، كالتوحيد الّذي هو
عموم على عامّة خلق الله يخالف الحجّ والزكاة وسائر أبواب الشرع الّذي هو خصوص ،
فقوله عزوجل : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ
لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) دلّ على أنّ فيه معنى من معاني التوحيد لما أخرجه مخرج
العموم ، والكلمة إذا جاورت الكلمة في معنى ، لزمها ما لزم أختها إذا جمعهما معنى
واحد ، ووجه ذلك أنّ الله سبحانه علم أنّ من خلقه من يوحّده ويأتمر بأمره ، وأنّ
لهم أعداء يعيبونهم ويستبيحوا حريمهم ، ولو أنّه عزوجل قصر الأيدي عنهم جبرا وقهرا ، لبطلت الحكمة وثبت
الاجبار رأسا ، وبطل الثواب والعقاب والعبادات. ولمّا استحال ذلك ، وجب أن يدفع عن
أوليائه بضرب من الضروب لا تبطل به ومعه العبادات والمثوبات ، فكان الوجه في ذلك
إقامة الحدود كالقطع والصلب والقتل والحبس وتحصيل الحقوق ، كما قيل : «ما يزع
السلطان أكثر مما يزع القرآن» وقد نطق بمثله قوله عزوجل : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ
رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ) فوجب أن ينصب عزوجل خليفة يقصر من أيدي أعدائه عن أوليائه ما تصحّ به ومعه
الولاية ، لأنّه لا ولاية مع من أغفل الحقوق وضيّع الواجبات ووجب خلعه في العقول.
جلّ الله تعالى عن ذلك.
والخليفة اسم
مشترك ، لأنّه لو أنّ رجلا بنى مسجدا ولم يؤذّن فيه ونصب فيه مؤذّنا ، كان مؤذنه ،
فأمّا إذا أذّن فيه أيّاما ثمّ نصب فيه مؤذّنا ، كان خليفته ، وكذلك الصورة في
العقول والمعارف ، متى قال البندار : هذا خليفتي ، كان خليفته على البندرة لا على
البريد والمظالم ، فكذلك القول في صاحبي البريد والمظالم ، فثبت أنّ الخليفة من
الأسماء المشتركة ، فكان من صفة الله تعالى ذكره الانتصاف لأوليائه من أعدائه ،
فوكّل من ذلك معنى إلى خليفته. فلهذا الشأن استحقّ معنى الخليفة دون معنى أن يتّخذ
شريكا معبودا مع الله سبحانه ، ولهذا من الشأن قال الله تبارك وتعالى لابليس : (يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ
لِما خَلَقْتُ) ثمّ قال عزوجل (بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ) وذلك أنّه يقطع العذر ولا يوهم أنّه خليفة شارك الله في
وحدته ، فقال : بعد ما عرفت أنّه خلق الله ، ما منعك تسجد ، ثمّ قال : (بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ) واليد في اللغة قد تكون بمعنى النعمة ، وقد كان لله عزوجل عليه
__________________
نعمتان حوتا نعما ، كقوله عزوجل : (وَأَسْبَغَ
عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) وهما نعمتان حوتا نعما لا تحصى.
ثمّ غلّظ عليه
القول بقوله عزوجل : (بِيَدَيَّ
أَسْتَكْبَرْتَ) كقول القائل : بسيفي تقاتلني ، وبرمحي تطاعنني ، وهذا
أبلغ في القبح وأشنع.
فقوله عزوجل : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ
لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) كانت كلمة متشابهة ، أحد وجوهها أنّه يتصوّر عند الجاهل
أنّ الله عزوجل يستشير خلقه في معنى التبس عليه ، ويتصوّر عند المستدلّ
إذا استدلّ على الله عزوجل بأفعاله المحكمة وجلالته الجليلة أنّه جلّ عن أن يلتبس
عليه معنى أو يستعجم عليه حال ، فإنّه لا يعجزه شيء في السماوات والأرض ، والسبيل
في هذه الآية المتشابهة كالسبيل في أخواتها من الآيات المتشابهات ، أنّها ترد إلى
المحكمات ممّا يقطع به ومعه العذر للمتطرّق إلى السفه والإلحاد.
فقوله : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ
إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) يدلّ على معنى هدايتهم لطاعة جليلة مقترنة بالتوحيد ،
نافية عن الله عزوجل الخلع والظلم وتضييع الحقوق وما تصحّ به ومعه الولاية ،
فتكمل معه الحجّة ، ولا يبقى لأحد عذر في إغفال حقّ.
وأخرى أنّه عزوجل إذا علم استقلال أحد من عباده لمعنى من معاني الطاعات
ندبه له حتّى تحصل له به عبادة ويستحقّ معها مثوبة على قدرها ما لو أغفل ذلك ، جاز
أن يغفل جميع معاني حقوق خلقه أوّلهم وآخرهم ، جلّ الله عن ذلك. فللقوّام بحقوق
الله وحقوق خلقه مثوبة جليلة متى فكّر فيها مفكّر عرف أجزاءها ، إذ لا وصول إلى
كلّها لجلالتها وعظم قدرها. واحد معانيها وهو جزء من أجزائها أنّه يسعد بالإمام
العادل النملة والبعوضة والحيوان أوّلهم وآخرهم بدلالة قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً
لِلْعالَمِينَ). ويدلّ على صحّة ذلك قوله عزوجل في قصة نوح عليهالسلام : (فَقُلْتُ
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ
مِدْراراً) ، ثمّ من المدرار ما ينتفع به الإنسان وسائر الحيوان ،
__________________
وسبب ذلك الدّعاة إلى دين الله والهداة إلى حق الله ، فمثوبته على أقداره ،
وعقوبته على من عانده بحسابه. ولهذا نقول : إنّ الإمام يحتاج إليه لبقاء العالم
على صلاحه.
ليس لأحد ان يختار الخليفة إلّا الله عزوجل
وقول الله عزوجل : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ
لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) : (جاعِلٌ) منوّن : صفة الله الّتي وصف بها نفسه ، وميزانه قوله : (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) فنوّنه ووصف به نفسه ، فمن ادّعى أنّه يختار الإمام ،
وجب أن يخلق بشرا من طين ، فلمّا بطل هذا المعنى ، بطل الآخر ، إذ هما في حيّز
واحد.
ووجه آخر : وهو
أنّ الملائكة في فضلهم وعصمتهم لم يصلحوا لاختيار الإمام ، حتّى تولى الله ذلك
بنفسه دونهم واحتجّ به على عامّة خلقه أنّه لا سبيل لهم إلى اختياره لمّا لم يكن
للملائكة سبيل إليه مع صفائهم ووفائهم وعصمتهم ، ومدح الله إيّاهم في آيات كثيرة ،
مثل قوله سبحانه : (بَلْ عِبادٌ
مُكْرَمُونَ* لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) ، وكقوله عزوجل : (لا يَعْصُونَ اللهَ
ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ).
ثمّ إنّ
الإنسان بما فيه من السفه والجهل كيف وأنّى يستتبّ له ذلك ، فهذا والأحكام دون
الإمامة مثل الصلاة والزكاة والحجّ وغير ذلك لم يكل الله عزوجل شيئا من ذلك إلى خلقه ، فكيف وكّل اليهم الأهمّ الجامع
للأحكام كلّها والحقائق بأسرها؟
وجوب وحدة الخليفة في كلّ عصر
وفي قوله عزوجل (خَلِيفَةً) إشارة إلى خليفة واحدة ثبت به ومعه إبطال قول من زعم
أنّه يجوز أن تكون في وقت واحد أئمّة كثيرة ، وقد اقتصر الله عزوجل على الواحد ، ولو كانت الحكمة ما قالوه وعبّروا عنه ،
لم يقتصر الله عزوجل على الواحد ، ودعوانا محاذ لدعواهم ، ثمّ إنّ القرآن
يرجّح قولنا دون قولهم ، والكلمتان إذا تقابلتا ثمّ رجح إحداهما
__________________
على الأخرى بالقرآن ، كان الرجحان أولى.
لزوم وجود الخليفة
ولقوله عزوجل : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ
لِلْمَلائِكَةِ) ـ الآية في الخطاب الّذي خاطب الله عزوجل به نبيّه صلىاللهعليهوآله لمّا قال : (رَبُّكَ) من أصحّ الدليل على أنّه سبحانه يستعمل هذا المعنى في
أمّته إلى يوم القيامة ، فإنّ الأرض لا تخلو من حجّة له عليهم ، ولو لا ذلك لما
كان لقوله : (رَبُّكَ) حكمة ، وكان يجب أن يقول : «ربّهم». وحكمة الله في
السلف كحكمته في الخلف لا يختلف في مرّ الأيام وكرّ الأعوام ، وذلك أنّه عزوجل عدل حكيم لا يجمعه أحدا من خلقه نسب ، جلّ الله عن ذلك.
وجوب عصمة الإمام
ولقوله عزوجل : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ
لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ـ الآية معنى ، وهو أنّه عزوجل لا يستخلف إلّا من له نقاء السريرة ليبعد عن الخيانة ،
لأنّه لو اختار من لا نقاء له في السريرة ، كان قد خان خلقه ، لأنّه لو أنّ دلّالا
قدم حمّالا خائنا إلى تاجر ، فحمل له حملا فخان فيه ، كان الدلال خائنا ، فكيف
تجوز الخيانة على الله عزوجل وهو يقول ـ قوله الحق ـ : (أَنَّ اللهَ لا
يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ) وادّب محمّدا صلىاللهعليهوآله بقوله عزوجل : (وَلا تَكُنْ
لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) فكيف وأنّى يجوز ان يأتي ما ينهى عنه ، وقد عيّر اليهود
بسمة النفاق ، وقال : (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ
بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا
تَعْقِلُونَ).
وفي قول الله عزوجل : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ
لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) حجّة قويّة في غيبة الإمام عليهالسلام ، وذلك أنّه عزوجل لمّا قال : «إنّي جاعل في الأرض خليفة» أوجب بهذا اللفظ
معنى ، وهو أن يعتقدوا طاعته ، فاعتقد عدوّ الله ابليس بهذه الكلمة نفاقا
__________________
وأضمره حتّى صار به منافقا ، وذلك أنّه أضمر أنّه يخالفه متى استعبد بالطاعة
له ، فكان نفاقه أنكر النفاق ، لأنّه نفاق بظهر الغيب ، ولهذا من الشأن صار أخزى
المنافقين كلهم ، ولما عرّف الله عزوجل ملائكته ذلك أضمروا الطاعة له واشتاقوا إليه ، فأضمروا
نقيض ما أضمره الشيطان ، فصار لهم من الرتبة عشرة أضعاف ما استحقّ عدوّ الله من الخزي
والخسار ، فالطاعة والموالاة بظهر الغيب أبلغ في الثواب والمدح ، لأنّه أبعد من
الشبهة والمغالطة ، ولهذا روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «من دعا لأخيه بظهر الغيب ناداه ملك من
السماء : ولك مثلاه».
وانّ الله
تبارك وتعالى أكّد دينه بالإيمان بالغيب فقال : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) فالايمان بالغيب أعظم مثوبة لصاحبه ، لأنه خلو من كل
عيب وريب ، لأنّ بيعة الخليفة وقت المشاهدة قد يتوهّم على المبايع أنّه إنّما يطيع
رغبة في خير أو مال ، أو رهبة من قتل أو غير ذلك ممّا هو عادات أبناء الدنيا في
طاعة ملوكهم ، وإيمان الغيب مأمون من ذلك كلّه ، ومحروس من معايبه بأصله ، يدلّ
على ذلك قول الله عزوجل : (فَلَمَّا رَأَوْا
بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ
مُشْرِكِينَ* فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) ولمّا حصل للمتعبد ما حصل من الإيمان بالغيب ، لم يحرم
الله عزوجل ذلك ملائكته ، فقد جاء في الخبر أنّ الله سبحانه قال
هذه المقالة للملائكة قبل خلق آدم بسبعمائة عام. وكان يحصل في هذه المدّة الطاعة
للملائكة على قدرها. ولو انكر منكر هذا الخبر والوقت والأعوام ، لم يجد بدّا من
القول بالغيبة ولو ساعة واحدة ، والساعة الواحدة لا تتعرّى من حكمة ما ، وما حصل
من الحكمة في الساعة حصل في الساعتين حكمتان وفي الساعات حكم ، وما زاد في الوقت
إلّا زاد في المثوبة ، وما زاد في المثوبة إلّا كشف عن الرحمة ، ودل على الجلالة ،
فصحّ الخبر أنّ فيه تأييد الحكمة وتبليغ الحجّة.
وفي قول الله عزوجل : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ
لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) حجّة في غيبة الإمام عليهالسلام من أوجه كثيرة :
أحدها أنّ
الغيبة قبل الوجود أبلغ الغيبات كلّها ، وذلك أنّ الملائكة ما شاهدوا قبل
__________________
ذلك خليفة قط ، وأمّا نحن فقد شاهدنا خلفاء كثيرين غير واحد قد نطق به
القرآن وتواترت به الأخبار حتّى صارت كالمشاهدة ، والملائكة لم يشهدوا واحدا منهم
، فكانت تلك الغيبة أبلغ.
وآخر : أنّها
كانت غيبة من الله عزوجل ، وهذه الغيبة الّتي للإمام عليهالسلام هي من قبل أعداء الله تعالى ، فإذا كان في الغيبة الّتي
هي من الله عزوجل عبادة لملائكته ، فما الظنّ بالغيبة الّتي هي من أعداء
الله.
وفي غيبة
الإمام عبادة مخلصة لم تكن في تلك الغيبة ، وذلك أنّ الإمام الغائب عليهالسلام مقموع مقهور مزاحم في حقه ، قد غلب قهرا وجرى على شيعته
قسرا من أعداء الله ما جرى ، من سفك الدماء ونهب الأموال وإبطال الأحكام والجور
على الأيتام وتبديل الصدقات وغير ذلك ممّا لا خفاء به ، ومن اعتقد موالاته ، شاركه
في أجره وجهاده ، وتبرّأ من أعدائه ، وكان له في براءة مواليه من أعدائه أجر ، وفي
ولاية أوليائه أجر يربو على أجر ملائكة الله عزوجل على الإيمان بالإمام المغيّب في العدم ، وإنّما قصّ
الله عزوجل نبأه قبل وجوده توقيرا وتعظيما له ، ليستعبد له
الملائكة ويتشمّروا لطاعته.
وإنّما مثال
ذلك تقديم الملك فيما بيننا بكتاب أو رسول إلى أوليائه أنّه قادم عليهم ، حتّى
يتهيّئوا لاستقباله وارتياد الهدايا له ما يقطع به ومعه عذرهم في تقصير إن قصّروا
في خدمته ، كذلك بدأ الله عزوجل بذكر نبئه إبانة عن جلالته ورتبته ، وكذلك قضيّته في
السلف والخلف ، فما قبض خليفة إلّا عرّف خلقه الخليفة الّذي يتلوه ، وتصديق ذلك
قوله عزوجل : (أَفَمَنْ كانَ عَلى
بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) ـ الآية والّذي على بيّنة من ربّه محمّد صلىاللهعليهوآله ، والشاهد الّذي يتلوه عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهالسلام ، دلالته قوله عزوجل : (وَمِنْ قَبْلِهِ
كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً) والكلمة ـ من كتاب موسى المحاذية لهذا المعنى حذو النعل
بالنعل والقذّة بالقذّة ـ قوله : (وَواعَدْنا مُوسى
ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ
لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا
تَتَّبِعْ سَبِيلَ
__________________
الْمُفْسِدِينَ).
الآية الثالثة
قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا
لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ
وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ).
٨ ـ قال الشيخ
الصدوق أعلى الله مقامه في مقدّمة كتابه ، تحت عنوان : «السرّ في أمره تعالى
الملائكة بالسجود لآدم عليهالسلام» :
واستعبد الله عزوجل الملائكة بالسجود لآدم تعظيما له لما غيّبه عن أبصارهم
، وذلك أنّه عزوجل إنّما أمرهم بالسجود لآدم لما أودع صلبه من أرواح حجج
الله تعالى ذكره ، فكان ذلك السجود لله عزوجل عبوديّة ، ولآدم طاعة ، ولما في صلبه تعظيما ، فأبى
ابليس أن يسجد لآدم حسدا له ، إذ جعل صلبه مستودع أرواح حجج الله دون صلبه ، فكفر
بحسده وتأبّيه ، وفسق عن أمر ربّه ، وطرد عن جواره ، ولعن وسمّي رجيما لأجل إنكاره
للغيبة ، لأنّه احتجّ في امتناعه من السجود لآدم بأن قال : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ
نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) ، فجحد ما غيّب عن بصره ولم يوقع التصديق به ، واحتجّ
بالظاهر الّذي شاهده وهو جسد آدم عليهالسلام ، وأنكر أن يكون يعلم لما في صلبه وجودا ، ولم يؤمن
بأنّ آدم إنّما جعل قبلة للملائكة وأمروا بالسجود له لتعظيم ما في صلبه.
فمثل من آمن
بالقائم عليهالسلام في غيبته مثل الملائكة الّذين أطاعوا الله عزوجل في السجود لآدم ، ومثل من أنكر القائم عليهالسلام في غيبته مثل إبليس في امتناعه من السجود لآدم.
٩ ـ روي بسند
متّصل بأيمن بن محرز ، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام أنّ الله تبارك وتعالى علّم آدم عليهالسلام أسماء حجج الله كلّها ، ثمّ عرضهم ، ـ وهم أرواح ـ على
الملائكة ، فقال : أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين بأنّكم أحقّ بالخلافة في
الأرض لتسبيحكم وتقديسكم من آدم عليهالسلام : (قالُوا سُبْحانَكَ لا
عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) قال الله تبارك وتعالى : (يا آدَمُ
أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) وقفوا على
__________________
عظيم منزلتهم عند الله تعالى ذكره ، فعلموا أنّهم أحقّ بأن يكونوا خلفاء
الله في أرضه وحججه على بريته ، ثمّ غيّبهم عن أبصارهم واستعبدهم بولايتهم
ومحبّتهم وقال لهم : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ
إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما
كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ). وحدّثنا بذلك أحمد بن الحسن القطّان بإسناد يرفعه عن
الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام.
وهذا استعباد
الله عزوجل للملائكة بالغيبة ، والآية أوّلها في قصّة الخليفة ،
وإذا كان آخرها مثلها ، كان للكلام نظم ، وفي النظم حجّة ، ومنه يؤخذ وجه الإجماع
لأمّة محمّد صلىاللهعليهوآله أوّلهم وآخرهم ، وذلك أنّه سبحانه وتعالى إذا علّم آدم
الاسماء كلّها على ما قاله المخالفون ، فلا محالة أنّ أسماء الأئمّة عليهمالسلام داخلة في تلك الجملة ، فصار ما قلناه في ذلك بإجماع
الامّة ، ومن أصحّ الدليل عليه أنّه لا محالة لما دلّ الملائكة على السجود لآدم ،
فأنّه حصل لهم عبادة ، فلمّا حصل لهم عبادة ، أوجب باب الحكمة أن يحصل لهم ما هو
في حيّزه ، سواء كان في وقت أو في غير وقت ، فإنّ الاوقات ما تغيّر الحكمة ولا
تبدّل الحجّة ، أوّلها كآخرها وآخرها كأوّلها ، ولا يجوز في حكمة الله أن يحرمهم
معنى من معاني المثوبة ، ولا أن يبخل بفضل من فضائل الأئمّة ، لأنّهم كلّهم شرع
واحد ، دليل ذلك أنّ الرسل متى آمن مؤمن بواحد منهم أو بجماعة ، وأنكروا واحدا
منهم ، لم يقبل منه إيمانه ، كذلك القضية في الأئمّة عليهمالسلام أوّلهم وآخرهم واحد.
وقد قال الصادق
عليهالسلام : «المنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلنا» وقال عليهالسلام : «من أنكر واحدا من الأحياء فقد أنكر الأموات» ؛
وسأخرج ذلك في الكتاب مسندا في موضعه إن شاء الله.
فصحّ أنّ قوله عزوجل : (وَعَلَّمَ آدَمَ
الْأَسْماءَ كُلَّها) أراد به أسماء الأئمّة عليهمالسلام. وللأسماء معان كثيرة ، وليس أحد معانيها بأولى من
الآخر ، وللأسماء أوصاف ، وليس أحد الأوصاف بأولى من الآخر ، فمعنى الأسماء أنّه
سبحانه علّم آدم عليهالسلام أوصاف الأئمّة كلّها ، أوّلها وآخرها ، ومن أوصافهم
العلم والحلم والتقوى والشجاعة والعصمة والسخاء والوفاء.
وقد نطق بمثله
كتاب الله عزوجل في أسماء الأنبياء : كقوله عزوجل : (وَاذْكُرْ فِي
الْكِتابِ
إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا) ، (وَاذْكُرْ فِي
الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا*
وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ
مَرْضِيًّا* وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا*
وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا).
وكقوله عزوجل : (وَاذْكُرْ فِي
الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا* وَنادَيْناهُ
مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا* وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ
رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا).
فوصف الرسل عليهمالسلام وحمدهم بما كان فيهم من الشيم المرضيّة والأخلاق
الزكيّة ، وكان ذلك أوصافهم وأسماءهم ، كذلك علّم الله عزوجل آدم الأسماء كلّها.
والحكمة في ذلك
أيضا : أنّه لا وصول إلى الأسماء ووجوه الاستعبادات إلّا من طريق السماع ، والعقل
غير متوجّه إلى ذلك ، لأنّه لو أبصر عاقل شخصا من بعيد أو قريب ، لما توصّل إلى
استخراج اسمه ، ولا سبيل إليه إلّا من طريق السماع ، فجعل الله عزوجل العمدة في باب الخليفة السماع ، ولمّا كان كذلك أبطل به
باب الاختيار ، إذ الاختيار من طريق الآراء ، وقضية الخليفة موضوعة على الأسماء ،
والأسماء موضوعة على السماع ، فصحّ به ومعه مذهبنا في الإمام أنّه يصح بالنصّ
والإشارة ، فأمّا باب الإشارة فمضمر في قوله عزوجل : (ثُمَّ عَرَضَهُمْ
عَلَى الْمَلائِكَةِ) فباب العرض مبنيّ على الشخص والإشارة وباب الاسم مبنيّ
على السمع ، فصحّ معنى الإشارة والنص جميعا.
وللعرض الّذي
قاله الله عزوجل : (ثُمَّ عَرَضَهُمْ
عَلَى الْمَلائِكَةِ) معنيان :
أحدهما : عرض
أشخاصهم وهيئاتهم ، كما رويناه في باب أخبار أخذ الميثاق والذرّ.
والوجه الآخر :
أن يكون عزوجل عرضهم على الملائكة من طريق الصفة والنسبة كما يقوله
قوم من مخالفينا ، فمن كلا المعنيين يحصل استعباد الله عزوجل الملائكة بالإيمان بالغيبة.
وفي قوله عزوجل : (أَنْبِئُونِي
بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) حكم كثيرة : أحدها أنّ الله عزوجل أهّل آدم عليهالسلام لتعليم الملائكة أسماء الأئمّة عن الله تعالى ذكره ،
وأهّل الملائكة
__________________
لتعلّم أسمائهم عن آدم عليهالسلام ، فالله عزوجل علّم آدم ، وآدم علّم الملائكة ، فكان آدم في حيّز
المعلّم وكانوا في حيّز المتعلّمين ، هذا ما نصّ عليه القرآن.
وقول الملائكة
: (سُبْحانَكَ لا عِلْمَ
لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) فيه أصحّ دليل وأبين حجّة لنا أنّه لا يجوز لأحد أن
يقول في اسماء الأئمّة وأوصافهم عليهمالسلام إلّا عن تعليم الله جلّ جلاله ، ولو جاز لأحد ذلك ، كان
للملائكة أجوز ، ولمّا سبحوا الله ، دلّ تسبيحهم على أنّ الشرع فيه ممّا ينافي
التوحيد ، وذلك أنّ التسبيح تنزيه الله عزوجل ، وباب التنزيه لا يوجد في القرآن إلّا عند قول جاحد أو
ملحد أو متعرّض لإبطال التوحيد والقدح فيه ، فلم يستنكفوا إذ لم يعلموا أن يقولوا
: (لا عِلْمَ لَنا) فمن تكلّف علم ما لا يعلم ، احتجّ الله عليه بملائكته ،
وكانوا شهداء الله في الدنيا والآخرة ، وإنّما أهّل الله الملائكة لا علامهم على
لسان آدم عند اعترافهم بالعجز ، وأنّهم لا يعلمون ، فقال عزوجل : (يا آدَمُ
أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ).
الآية الرابعة
قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ
مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
المهديّ عليهالسلام كلمة من كلمات الله عزوجل
١٠ ـ روى
الشّيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن المفضل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَإِذِ ابْتَلى
إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) ما هذه الكلمات؟ قال عليهالسلام : هي الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب الله عليه
، وهو أنّه قال : أسألك بحق محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت عليّ ، فتاب
الله عليه إنّه هو التواب الرحيم. فقلت له : يا ابن رسول الله ، فما يعني عزوجل بقوله : (فَأَتَمَّهُنَ)؟ قال : يعني فأتمّهنّ إلى القائم اثنى عشر إماما ، تسعة
من ولد الحسين عليهالسلام. قال المفضل : فقلت : يا ابن رسول الله ، فأخبرني عن
قول الله عزوجل : (وَجَعَلَها كَلِمَةً
باقِيَةً فِي عَقِبِهِ)؟ قال : يعني بذلك الامامة جعلها الله تعالى في عقب
الحسين إلى يوم القيامة. قال :
__________________
فقلت له : يا ابن رسول الله ، فكيف صارت الامامة في ولد الحسين دون ولد
الحسن عليهماالسلام وهما جميعا ولدا رسول الله صلىاللهعليهوآله وسبطاه وسيّدا شباب أهل الجنة؟ فقال عليهالسلام : إنّ موسى وهارون كانا نبيّين مرسلين وأخوين ، فجعل
الله عزوجل النبوّة في صلب هارون دون صلب موسى عليهماالسلام ، ولم يكن لأحد أن يقول لم فعل الله ذلك؟ وإنّ الإمامة
خلافة الله عزوجل في أرضه ، وليس لأحد أن يقول لم جعله (جعلها) الله في
صلب الحسين دون صلب الحسن عليهماالسلام ، لأن الله تبارك وتعالى هو الحكيم في أفعاله ، لا يسأل
عمّا يفعل وهم يسألون .
الآية الخامسة
قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا
مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ
الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ).
١١ ـ قال عليّ
بن ابراهيم : قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا
مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) الآية ، فهم السبعون الّذين اختارهم موسى ليسمعوا كلام
الله ، فلمّا سمعوا الكلام قالوا : لن نؤمن لك يا موسى حتّى نرى الله جهرة ، فبعث
الله عليهم صاعقة فاحترقوا ، ثمّ أحياهم الله بعد ذلك وبعثهم أنبياء ، فهذا دليل
على الرجعة في أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله ، فإنّه قال صلىاللهعليهوآله : لم يكن في بني اسرائيل شيء ، إلّا وفي أمّتي مثله .
الآية السادسة
قوله تعالى : (وَإِذِ اسْتَسْقى
مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ
اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا
وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ).
مع المهديّ عليهالسلام حجر موسى عليهالسلام
١٢ ـ روى الثقة
الصفّار بإسناده عن أبي سعيد الخراساني ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : إذا قام القائم بمكّة وأراد أن يتوجّه إلى الكوفة
نادى مناديه : ألا لا يحمل
__________________
أحد منكم طعاما ولا شرابا ، ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير ، ولا
ينزل منزلا إلّا انبعث عين منه ، فمن كان جائعا شبع ، ومن كان ظمآن روى ، فهو
زادهم حتّى نزلوا النجف من ظهر الكوفة .
الآية السابعة
قوله تعالى : (لَهُمْ فِي الدُّنْيا
خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ).
الخزي لأعداء الله في عهد المهديّ عليهالسلام
١٣ ـ روى
الطبريّ بإسناده عن السدّي في قوله تعالى : (لَهُمْ فِي الدُّنْيا
خِزْيٌ) أمّا خزيهم في الدنيا إذا قام المهديّ وفتحت
القسطنطينية قتلهم ، فذلك الخزي .
الآية الثامنة
قوله تعالى : (وَلِلَّهِ
الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ* إِنَّ
اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ).
تأويل وجه الله تعالى بالمهديّ عليهالسلام
١٤ ـ روى
العلّامة أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ مرسلا ، قال : جاء بعض الزنادقة إلى
أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام وقال له : ... لو لا ما في القرآن من الاختلاف والتناقض
لدخلت في دينكم. فأجابه عليهالسلام في حديث طويل ذكر فيه الأئمّة اولي الأمر عليهمالسلام ، فقال له السائل : ما ذاك الأمر؟ قال عليّ عليهالسلام : الّذي تنزّل فيه الملائكة في الليلة الّتي يفرق فيها
كل أمر حكيم : من خلق ، ورزق ، وأجل ، وعمل ، وعمر ، وحياة وموت ، وعلم غيب
السماوات والأرض ، والمعجزات الّتي لا تنبغي إلّا لله وأصفيائه والسفرة بينه وبين
خلقه ، وهم وجه الله الّذي قال : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا
فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) هم بقية الله ، يعني المهديّ يأتي عند انقضاء هذه
النظرة ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا .
الآية التاسعة
قال تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى
إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ
__________________
إِماماً
قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
١٥ ـ روى
الشّيخ الصدوق بإسناده عن المفضّل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَإِذِ ابْتَلى
إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) ما هذه الكلمات؟
قال عليهالسلام : هي الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه فتاب الله
عليه. الخ الحديث الّذي ذكرناه مفصّلا في الآية ٣٧ من سورة البقرة فراجع.
الآية العاشرة
قوله تعالى : (أَمْ كُنْتُمْ
شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ
مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ
وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).
١٦ ـ روى
العيّاشي بإسناده عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : سألته عن تفسير هذه الآية من قول الله : (إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ ...
إِلهاً واحِداً) قال : جرت في القائم عليهالسلام .
الآية الحادية
عشرة قوله تعالى : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ
هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ
اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
١٧ ـ عليّ بن
إبراهيم القمّي في تفسيره ، بإسناده عن أبي خالد الكابليّ قال : قال أبو جعفر عليهالسلام والله لكأنّي انظر القائم عليهالسلام وقد أسند ظهره إلى الحجر ، ثمّ ينشد الله حقّه. ثم يقول
: أيّها الناس من يحاجّني في الله فأنا أولى بالله ، أيّها الناس من يحاجّني في
آدم فأنا أولى بآدم ، أيّها الناس من يحاجّني في نوح فأنا أولى بنوح ، أيّها الناس
من يحاجّني في إبراهيم فأنا أولى بإبراهيم ، أيّها الناس من يحاجّني في موسى فأنا
أولى بموسى ، أيّها الناس من يحاجّني في عيسى فأنا أولى بعيسى ، أيّها الناس من
يحاجّني في رسول الله (محمّد) فأنا أولى برسول الله (بمحمّد) صلىاللهعليهوآله ، أيّها الناس من يحاجّني في كتاب الله فأنا أولى بكتاب
الله ، ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي ركعتين وينشد الله حقّه.
ثم قال أبو
جعفر عليهالسلام : هو والله المضطرّ في كتاب الله في قوله تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ
__________________
الْمُضْطَرَّ
إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) فيكون أوّل من يبايعه جبرئيل ، ثمّ الثلاثمائة والثلاثة
عشر رجلا ، فمن كان ابتلي بالمسير وافاه ، ومن لم يبتل بالمسير فقد من فراشه ، وهو
قول أمير المؤمنين عليهالسلام : هم المفقودون عن فرشهم ، وذلك قول الله : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما
تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) قال : الخيرات : الولاية .
١٨ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن أبي خالد ، عن أبي عبد الله (وعن أبي جعفر عليهماالسلام) في قول الله عزوجل : (فَاسْتَبِقُوا
الْخَيْراتِ) قال : الولاية ، وقوله تبارك وتعالى : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ
اللهُ جَمِيعاً) يعني أصحاب القائم عليهالسلام الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا ، قال : وهم والله الأمّة
المعدودة ، قال : يجتمعون والله في ساعة واحدة قزع كقزع الخريف .
١٩ ـ وروى
محمّد بن إبراهيم المعروف بابن أبي زينب النعمانيّ رحمهالله بإسناده عن أبي خالد الكابليّ ، عن عليّ بن الحسين ،
ومحمّد بن عليّ عليهماالسلام أنّه قال : الفقداء قوم يفقدون من فرشهم فيصبحون بمكة ،
وهو قول الله عزوجل : (أَيْنَ ما تَكُونُوا
يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) وهم أصحاب القائم .
٢٠ ـ وعن
النعمانيّ بإسناده عن المفضّل بن عمر ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : إذا أوذن الإمام ، دعا الله عزوجل باسمه العبرانيّ فأتيحت له أصحابه الثلاثمائة والثلاثة
عشر ، قزع كقزع الخريف ، فهم أصحاب الألوية ، منهم من يفتقد من فراشه ليلا فيصبح
بمكّة ، ومنهم يرى يسير في السحاب نهارا ، يعرف باسمه واسم أبيه وحليته ونسبه.
قلت : جعلت
فداك أيّهما أعظم ايمانا؟
قال : الّذي
يسير في السحاب نهارا ، وهم المفقودون ، وفيهم نزلت هذه الآية : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ
اللهُ جَمِيعاً).
٢١ ـ وعن
النعمانيّ أيضا بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله :
__________________
(فَاسْتَبِقُوا
الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) قال : نزلت في القائم عليهالسلام وأصحابه ، يجتمعون على غير ميعاد .
٢٢ ـ وروى
النعمانيّ بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفيّ ، قال : قال أبو جعفر عليهالسلام في حديث يذكر فيه علامات القائم عليهالسلام إلى أن قال : فيجمع الله له أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر
رجلا ، ويجمعهم الله له على غير ميعاد قزع كقزع الخريف ، وهم يا جابر الآية الّتي
ذكرها الله في كتابه : (أَيْنَ ما تَكُونُوا
يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيبايعونه بين الركن والمقام ، ومعه عهد من رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد توارثوه الأبناء عن الآباء .
٢٣ ـ وروى
الشّيخ الصدوق بإسناده عن ضريس ، عن أبي خالد الكابليّ ، عن سيّد العابدين عليّ بن
الحسين عليهماالسلام قال : المفقودون عن فرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ،
عدّة أهل بدر ، فيصبحون بمكّة ، وهو قول الله عزوجل : (أَيْنَ ما تَكُونُوا
يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) وهم أصحاب القائم عليهالسلام .
٢٤ ـ وعن
الشّيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن المفضّل بن عمر قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : لقد نزلت هذه الآية في المفقودين من أصحاب القائم عليهالسلام ، قوله عزوجل : (أَيْنَ ما تَكُونُوا
يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) انّهم المفقودون عن فرشهم ليلا فيصبحون بمكّة ، وبعضهم
يسير في السحاب نهارا ، يعرف باسمه واسم ابيه وحليته ونسبه ، قال : فقلت : جعلت
فداك أيّهم أعظم ايمانا؟ قال : الّذي يسير في السحاب نهارا .
٢٥ ـ روى
العيّاشي رحمهالله بإسناده عن جابر الجعفيّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام يقول : الزم الأرض ، لا تحركنّ يدك ولا رجلك أبدا حتّى
ترى علامات أذكرها لك في سنة ، وترى مناديا ينادي بدمشق ، وخسف بقرية من قراها ،
وتسقط طائفة من مسجدها ... (حتّى يصل إلى قوله :) فيقوم القائم بين الركن والمقام
فيصلّي وينصرف ومعه وزيره ، فيقول : يا أيّها الناس ، إنّا نستنصر الله على من
ظلمنا وسلب حقنا ، من يحاجّنا في الله فأنا أولى بالله ، ومن يحاجّنا في آدم فأنا
أولى الناس بآدم ، ومن حاجّنا في نوح فأنا أولى الناس بنوح ،
__________________
ومن حاجّنا في ابراهيم فأنا أولى الناس بابراهيم ، ومن حاجّنا بمحمد فأنا
أولى الناس بمحمد صلىاللهعليهوآله ، ومن حاجّنا في النبيّين فأنا أولى الناس بالنبيّين ،
ومن حاجّنا في كتاب الله فنحن أولى الناس بكتاب الله ، إنّا نشهد وكل مسلم اليوم
أنّا قد ظلمنا وطردنا وبغي علينا وأخرجنا من ديارنا وأموالنا وأهالينا وقهرنا ،
ألا إنّا نستنصر الله اليوم وكلّ مسلم.
ويجيء والله
ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ، فيهم خمسون امرأة ، يجتمعون بمكّة على غير ميعاد قزعا
كقزع الخريف ، يتبع بعضهم بعضا ، وهي الآية الّتي قال الله تعالى : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ
اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ـ الحديث .
٢٦ ـ وعن
العيّاشي ، بإسناده عن أبي سمينة ، عن مولى لأبي الحسن ، قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن قوله : (أَيْنَ ما تَكُونُوا
يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) قال : وذلك والله أن لو قد قام قائمنا يجمع الله إليه
شيعتنا من جميع البلدان .
٢٧ ـ الطبرسيّ
بإسناده عن عبد العظيم الحسنيّ رضى عنه الله عنه قال : قلت لمحمّد بن عليّ بن موسى
عليهماالسلام : يا مولاي إنّي لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمّد
الّذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، فقال عليهالسلام : ما منا إلّا قائم بأمر الله وهاد إلى دين الله ،
ولكنّ القائم الّذي يطهّر الله به الأرض من الكفر والجحود ويملأها قسطا وعدلا ، هو
الّذي يخفى على الناس ولادته ، ويغيب عنهم شخصه ويحرم عليهم تسميته ، وهو سميّ
رسول الله صلىاللهعليهوآله وكنيّه ، وهو الّذي تطوى له الأرض ، وتذلّ له كلّ صعب ،
يجتمع إليه من أصحابه عدّة أهل بدر ، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض ،
وذلك قول الله عزوجل : (أَيْنَ ما تَكُونُوا
يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الأرض أظهر الله أمره
، فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله ، فلا يزال يقتل أعداء الله
حتّى يرضى الله عزوجل.
قال عبد العظيم
: فقلت له : يا سيّدي وكيف يعلم أن الله قد رضي؟
__________________
قال : يلقي في
قلبه الرحمة ، فإذا دخل المدينة أخرج اللّات والعزّى فأحرقهما .
٢٨ ـ وروى أبو
جعفر محمّد بن جرير الطبريّ : في مسند فاطمة عليهاالسلام ، بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قلت جعلت فداك ، هل كان أمير المؤمنين عليهالسلام يعلم أصحاب القائم عليهالسلام كما كان يعلم عدّتهم؟ قال أبو عبد الله عليهالسلام : حدّثني أبي قال : والله لقد كان يعرفهم بأسمائهم
وأسماء قبائلهم وحلائلهم رجلا فرجلا ، ومواضع منازلهم ومراتبهم ، وكلّما عرفه أمير
المؤمنين عليهالسلام ، فقد عرفه الحسن عليهالسلام ، وكلّما عرفه الحسن فقد عرفه الحسين عليهالسلام ، وكلّما عرفه الحسين فقد علمه عليّ بن الحسين عليهالسلام ، وكلّما علمه عليّ بن الحسين فقد صار علمه إلى محمّد
بن عليّ عليهالسلام ، وكلّما قد علمه محمّد بن عليّ عليهالسلام ، فقد علمه وعرفه صاحبكم ـ يعني نفسه صلوات الله عليه ـ.
قال : فقال أبو
عبد الله عليهالسلام مكتوب في كتاب محفوظ في القلب ، مثبت في الذكر لا ينسى
، قال. قلت : جعلت فداك : أخبرني بعددهم وبلدانهم ومواضعهم ، قال : فقال : اذا كان
يوم الجمعة بعد الصلاة فأتني ....
ـ إلى أن قال ـ
: وإنّ أصحاب القائم عليهالسلام يلقي بعضهم بعضا كأنّهم بنو أب وأمّ وإن افترقوا ،
افترقوا عشيّا والتقوا غدوة ، وذلك تأويل هذه الآية : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما
تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً).
قال ابو بصير :
قلت جعلت فداك ، ليس على الأرض يومئذ مؤمن غيرهم؟
قال : بلى ،
ولكنّ هذه الّتي يخرج الله فيها القائم عليهالسلام ، وهم النجباء والقضاة والحكام والفقهاء في الدّين ،
يمسح الله بطونهم وظهورهم فلا يشتبه عليهم حكم .
٢٩ ـ روى الفضل
بن شاذان بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : «لا يزال الناس ينقصون حتّى لا يقال (الله) فإذا
كان ذلك ، ضرب يعسوب الدّين بذنبه ، فيبعث الله قوما من أطرافها يجيئون قزعا كقزع
الخريف ، والله إنّي لأعرفهم وأعرف أسماءهم وقبائلهم واسم أميرهم ، وهم قوم يحملهم
الله كيف شاء من القبيلة الرجل والرجلين ، حتّى بلغ تسعة ، فيتوافون من الآفاق
ثلاثمائة وثلاثة عشر
__________________
رجلا ، عدّة أهل بدر ، وهو قول الله : (أَيْنَ ما تَكُونُوا
يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) حتّى إنّ الرجل ليحبّني فلا يحل حبوته حتى يبلّغه الله
ذلك .
٣٠ ـ روى الفضل
بن شاذان رحمهالله بإسناده : عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : المفقودون عن فرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ،
عدّة أهل بدر ، فيصبحون بمكّة ، وهو قول الله عزوجل : (أَيْنَ ما تَكُونُوا
يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) وهم أصحاب القائم عليهالسلام .
٣١ ـ روى
الطوسيّ رحمهالله بإسناده عن طريق العامّة عن الكلبيّ ، عن أبي صالح ، عن
عبد الله بن العبّاس في قوله تعالى : (وَفِي السَّماءِ
رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ* فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ
مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ).
قال : قيام
القائم عليهالسلام ، ومثله : (أَيْنَ ما تَكُونُوا
يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) قال : أصحاب القائم عليهالسلام يجمعهم الله في يوم واحد ... الخ الحديث الّذي ذكرناه
سابقا .
٣٢ ـ روى الشيخ
الصدوق رحمهالله بإسناده عن المفضّل بن عمر قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : لقد نزلت هذه الآية في المفتقدين من أصحاب القائم عليهالسلام ، قوله عزوجل : (أَيْنَ ما تَكُونُوا
يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) إنّهم ليفتقدون عن فرشهم ليلا فيصبحون بمكّة ، وبعضهم
يسير في السحاب يعرف باسمه واسم أبيه وحليته ونسبه.
قال : قلت :
جعلت فداك أيّهم اعظم ايمانا؟
قال : الّذي
يسير في السحاب نهارا .
٣٣ ـ روى
العيّاشي عن عبد الأعلى الجبليّ (الحلبيّ) قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب ، ثمّ
أومأ بيده إلى ناحية ذي طوى ـ حتّى إذا كان قبل خروجه بليلتين انتهى المولى الّذي
يكون بين يديه حتّى يلقى بعض أصحابه ، فيقول : كم أنتم هاهنا؟ فيقولون نحو من
أربعين رجلا ، فيقول : كيف انتم لو قد رأيتم صاحبكم؟ فيقولون : والله لو يأوي بنا
الجبال لأويناها معه.
__________________
ثمّ يأتيهم من
القابلة فيقول لهم : أشيروا إلى ذوي أسنانكم وأخياركم عشيرة ، فيشيرون له إليهم ،
فينطلق بهم حتّى يأتون صاحبهم ، ويعدهم إلى الليلة الّتي تليها.
ثمّ قال أبو
جعفر عليهالسلام : والله لكأنّي انظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر ،
ثمّ ينشد الله حقّه ثمّ يقول : يا أيّها الناس من يحاجّني في الله فأنا أولى الناس
بالله ومن يحاجّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم.
يا أيّها الناس
من يحاجّني في نوح فأنا اولى الناس بنوح.
يا أيّها الناس
من يحاجّني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم.
يا أيّها الناس
من يحاجّني في موسى فأنا أولى الناس بموسى.
يا أيّها الناس
من يحاجّني في عيسى فأنا أولى الناس بعيسى.
يا أيّها الناس
من يحاجّني في محمّد فأنا أولى الناس بمحمّد صلىاللهعليهوآله.
يا أيّها الناس
من يحاجّني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله ، ثمّ ينتهى إلى المقام
فيصلّي عنده ركعتين ، ثمّ ينشد الله حقّه.
قال أبو جعفر عليهالسلام : هو والله المضطرّ في كتاب الله ، وهو قول الله : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا
دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) وجبرئيل على الميزاب في صورة طاير أبيض ، فيكون أوّل
خلق الله يبايعه جبرئيل ، ويبايعه الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا.
قال : قال أبو
جعفر عليهالسلام : فمن ابتلي في المسير وافاه في تلك الساعة ، ومن لم
يبتل بالمسير فقد عن فراشه ، ثمّ قال : هو والله قول عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : المفقودون عن فرشهم ، وهو قول الله : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما
تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) أصحاب القائم الثلاثمائة وبضعة عشر رجلا.
قال : هم والله
الأمّة المعدودة الّتي قال الله في كتابه : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا
عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال : يجمعون في ساعة واحد قزعا كقزع الخريف ، فيدعو
الناس إلى كتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله ، فيجيبه نفر يسير ، ويستعمل على مكّة ، ثمّ يسير
فيبلغه إن قد قتل عامله ،
__________________
فيرجع اليهم فيقتل المقاتلة لا يزيد على ذلك شيئا ـ يعني السبي .. الحديث .
الآية الثانية
عشرة قوله عزوجل : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ
صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
٣٤ ـ روى ثقة
الإسلام الكليني قدسسره بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال :
قال أبي لجابر
بن عبد الله الأنصاريّ : إنّ لي إليك حاجة ، فمتى يخفّ عليك أن أخلو بك فأسألك
عنها ، فقال له جابر : أيّ الأوقات أحببت ، فخلا به في بعض الأيام فقال له : يا
جابر أخبرني عن اللوح الّذي رأيته في يد أمّي فاطمة عليهاالسلام بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله وما أخبرتك به أمي أنّه في ذلك اللوح مكتوب؟ فقال جابر
: أشهد بالله أنّي دخلت على أمّك فاطمة في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله فهنّيتها بولادة الحسين ، ورأيت في يدها لوحا أخضر ،
ظننت أنّه من زمرّد ، ورأيت فيه كتابا ابيض ، شبه لون الشمس ، فقلت لها : بأبي
وأمي يا بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ما هذا اللوح؟
فقالت : هذا
لوح أهداه الله إلى رسوله صلىاللهعليهوآله فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابنيّ واسم الأوصياء من
ولدي ، وأعطانيه أبي ليبشّرني بذلك.
قال : جابر :
فأعطتنيه أمك فاطمة عليهاالسلام فقرأته واستنسخته.
فقال له أبي :
فهل لك يا جابر أن تعرضه عليّ؟
قال : نعم ،
فمشى معه أبي إلى منزل جابر فأخرج صحيفة من رقّ ، فقال : يا جابر انظر في كتابك
لأقرأ أنا عليك ، فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي فما خالف حرف حرفا ، فقال جابر :
فأشهد بالله أنّي هكذا رأيته في اللوح مكتوبا :
هذا كتاب من
الله العزيز الحكيم لمحمّد نبيّه ونوره وسفيره وحجابه ودليله ، نزل به الروح
الأمين من عند رب العالمين ، عظّم يا محمّد أسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي ،
إنّي أنا الله لا إله إلا أنا قاصم الجبارين ومديل المظلومين وديّان الدّين ، إنّي
أنا الله لا إله إلا أنا ، فمن رجا غير فضلي ، أو خاف غير فضلي ، أو خاف غير عدلي
، عذّبته عذابا
__________________
لا أعذّب به أحدا من العالمين ، فإيّاي فاعبد ، وعليّ فتوكّل ، إنّي لم
أبعث نبيّا فأكملت أيّامه وانقضت مدّته إلّا جعلت له وصيّا ، وإنّي فضّلتك على
الأنبياء ، وفضّلت وصيّك على الأوصياء ، وأكرمته بشبليك وسبطيك حسن وحسين ، فجعلت
حسنا معدن علمي ، بعد انقضاء مدّة أبيه وجعلت حسينا خازن وحيي ، وأكرمته بالشهادة
، وختمت له بالسعادة ، فهو أفضل من استشهد ، وأرفع الشهداء درجة ، جعلت كلمتي
التامّة معه ، وحجّتي البالغة عنده ، بعترته اثيب وأعاقب ، أوّلهم عليّ سيّد
العابدين وزين أوليائي الماضين ، وابنه شبه جدّه المحمود محمّد الباقر علمي
والمعدن لحكمتي ، سيهلك المرتابون في جعفر ، الرادّ عليه كالرادّ عليّ ، حقّ القول
منّي لأكرمنّ مثوى جعفر ، ولأسرّنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه ، وانتجبت بعده
موسى واتيحت بعده فتنة عمياء حندس ، لأنّ خيط فرضي لا ينقطع ، وحجّتي لا تخفى ،
وإنّ أوليائي يسقون بالكأس الأوفى ، من جحد واحدا منهم ، فقد جحد نعمتي ، ومن غيّر
آية من كتابي ، فقد افترى عليّ ، ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدّة موسى عبدي
وحبيبي وخيرتي في عليّ وليي وناصري ، ومن أضع عليه أعباء النبوّة وامتحنه
بالاضطلاع بها ، يقتله عفريت مستكبر يدفن في المدينة الّتي بناها العبد الصالح إلى
جنب شرّ خلقي ، حقّ القول منّي لأسرّنه بمحمّد ابنه وخليفته من بعده ووراث علمه ،
فهو معدن علمي وموضع سرّي وحجّتي على خلقي ، لا يؤمن عبد به إلّا جعلت الجنّة
مثواه ، وشفّعته في سبعين من أهل بيته كلّهم قد استوجبوا النار ، واختم بالسعادة
لابنه عليّ وليّي وناصري والشاهد في خلقي ، وأميني على وحيي ، أخرج منه الداعي إلى
سبيلي والخازن لعلمي الحسن ، وأكمل ذلك بابنه «م ح م د» رحمة للعالمين ، عليه كمال
موسى وبهاء عيسى وصبر أيّوب ، فيذل أوليائي في زمانه وتتهادى رءوسهم كما تتهادى
رءوس الترك والديلم ، فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين ، مرعوبين ، وجلين ، تصبغ
الأرض بدمائهم ويفشو الويل والرنّة في نسائهم ، اولئك أوليائي حقّا ، بهم أدفع كلّ
فتنة عمياء حندس ، وبهم اكشف الزلازل ، وأدفع الآصار والأغلال ، (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ
رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
قال أبو بصير :
لو لم تسمع في دهرك إلّا هذا الحديث لكفاك ، فصنه إلّا عن أهله . انتهى
الآية الرابعة
عشرة قوله سبحانه : (هَلْ يَنْظُرُونَ
إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ
وَقُضِيَ الْأَمْرُ).
٣٥ ـ روى
العيّاشي عن جابر قال : قال أبو جعفر عليهالسلام في قول الله تعالى : (فِي ظُلَلٍ مِنَ
الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ) قال : ينزل في سبع قباب من نور ، لا يعلم أيّها هو حين
ينزل في ظهر الكوفة ، فهذا حين ينزل .
الآية الرابعة
عشرة قوله عزوجل : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ
تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ
قَبْلِكُمْ).
٣٦ ـ وبالإسناد
عن محمّد بن سنان ، عن خالد العاقوليّ في حديث له ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : فما تمدّون أعينكم؟ فما تستعجلون؟ ألستم
آمنين؟ أليس الرجل منكم يخرج من بيته فيقضي حوائجه ثمّ يرجع لم يختطف؟ إن كان من
قبلكم على ما أنتم عليه ليؤخذ الرجل منهم فتقطع يداه ورجلاه ، ويصلب على جذوع
النخل ، وينشر بالمنشار ثمّ يعدو ذنب نفسه ، ثمّ تلا هذه الآية : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا
الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ
مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ
وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ).
الآية الخامسة
عشرة قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ
لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ
وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ).
٣٧ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن إسماعيل بن جابر ، قال : سمعت جعفر بن محمّد
__________________
الصادق عليهالسلام يقول (في حديث طويل عن أنواع آيات القرآن روى فيه عن
الإمام الصادق عليهالسلام مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين عليهالسلام عن آيات القرآن واحكامه ، جاء فيه) : وأمّا الردّ على
من أنكر الرجعة ، فقول الله عزوجل : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ
مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ) أي إلى الدنيا ، وإنّ معنى حشر الآخرة فقوله عزوجل : (وَحَشَرْناهُمْ
فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) ، وقوله تعالى : (وَحَرامٌ عَلى
قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) في الرجعة ، فأمّا في القيامة ، فهم يرجعون.
ومثل قوله
تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ
مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ
رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) وهذا لا يكون إلا في الرجعة.
ومثله ما خاطب
الله به الأئمّة ، ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم فقال سبحانه : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي
ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً
يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) وهذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.
ومثل قوله
تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ
نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) وقوله سبحانه : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ
عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) أي رجعة الدنيا.
ومثله قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا
مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا
ثُمَّ أَحْياهُمْ) وقوله عزوجل : (وَاخْتارَ مُوسى
قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) فردّهم الله تعالى بعد الموت إلى الدنيا وشربوا ونكحوا
، ومثل خبر العزيز .
الآية السادسة
عشرة قوله تعالى : (وَقالَ لَهُمْ
نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى
يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ
يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ
__________________
عَلَيْكُمْ
وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ
يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
٣٨ ـ أسند
الشّيخ الصدوق إلى الريّان بن الصلت قال : قلت للرضا عليهالسلام : أنت صاحب هذا الأمر؟ قال : نعم ، ولكنّي لست بالّذي
أملأها عدلا كما ملئت جورا ، وكيف يكون ذلك على ما يرى من ضعف بدني ، وإنّ القائم
قويّ في بدنه ، لو مدّ يده إلى أعظم شجرة على الأرض لقلعها ، ولو صاح بين الجبال
لتدكدكت صخورها ، ذلك الرابع من ولدي يغيّبه الله ثمّ يظهره .
الآية السابعة
عشرة قوله تعالى : (وَقالَ لَهُمْ
نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ
مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ
الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
المهديّ عليهالسلام يستخرج تابوت السّكينة
٣٩ ـ روى ابن
حماد بإسناده عن سليمان بن عيسى ، قال : بلغني أنّه على يدي المهديّ يظهر تابوت
السكينة من بحيرة الطبريّة ، حتّى تحمل فتوضع بين يديه ببيت المقدس ، فإذا نظرت
إليه اليهود أسلمت إلّا قليلا منهم .
٤٠ ـ روى
السيّد ابن طاوس رحمهالله عن نعيم بإسناده عن كعب ، قال : المهديّ يبعث بعثا
لقتال الروم ، يعطى فقه عشرة ، يستخرج تابوت السكينة من غار أنطاكية ، فيها
التوراة الّتي أنزل الله على موسى ، والإنجيل الّذي أنزل الله على عيسى ، يحكم بين
أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الانجيل بانجيلهم .
٤١ ـ وروى أيضا
عن كعب قال : إنّما سمّي المهديّ لأنّه يهدي لأمر قد خفي ، ويستخرج التوراة
والانجيل من أرض يقال لها أنطاكية .
٤٢ ـ قال
السيّد ابن طاوس رحمهالله : روى نعيم في حديث آخر : إنّ التوراة يخرجها
__________________
غضّة ـ يعني طريّة ـ من أنطاكية .
٤٣ ـ قال :
وروى نعيم بسنده عن كعب أيضا : قال : إنّما سمّي المهديّ لأنّه يهدي إلى أسفار من
أسفار التوراة يستخرجها من جبال الشام ، يدعو إليها اليهود ، فيسلم على تلك الكتب
جماعة كثيرة. ثمّ ذكر نحوا من ثلاثين ألفا .
الآية الثانية
عشرة قوله تعالى : (فَلَمَّا فَصَلَ
طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ
مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ
اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ ...).
٤٤ ـ روى محمّد
بن إبراهيم النعمانيّ رحمهالله في كتاب الغيبة بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : إنّ أصحاب طالوت ابتلوا بالنهر الّذي قال الله
تعالى : (مُبْتَلِيكُمْ
بِنَهَرٍ) وإنّ أصحاب القائم عليهالسلام يبتلون بمثل ذلك .
الآية التاسعة
عشرة قوله تعالى : (فَهَزَمُوهُمْ
بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ وَآتاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ
وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ
لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ).
تشبيه غيبة المهديّ عليهالسلام بغيبة داود عليهالسلام
٤٥ ـ روى الشيخ
الصدوق رحمهالله بإسناده عن محمّد بن عمارة ، قال : قلت للصادق جعفر بن
محمّد عليهماالسلام : أخبرني بوفاة موسى بن عمران عليهالسلام. فقال : إنّه لمّا أتاه أجله واستوفى مدته وانقطع أكله
، أتاه ملك الموت عليهالسلام فقال له : السلام عليك يا كليم الله ، فقال موسى :
وعليك السلام من أنت؟ فقال : أنا ملك الموت ـ إلى أن قال : ـ فقبض ملك الموت روحه
مكانه ، ودفنه في القبر وسوّى عليه التراب ، وكان الّذي يحفر القبر ملك الموت في
صورة آدميّ ، وكان ذلك في التيه ، فصاح صائح من السماء : مات موسى كليم الله ،
وأيّ نفس لا تموت ،
__________________
فحدّثني أبي عن جدّي عن أبيه عليهماالسلام إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله سئل عن قبر موسى أين هو؟ فقال : هو عند الطريق الأعظم
عند الكثب الأحمر.
ثمّ إنّ يوشع
بن نون عليهالسلام قام بالأمر بعد موسى عليهالسلام صابرا من الطواغيت على اللأواء والضرّاء والجهد والبلاء
، حتّى مضى منهم ثلاث طواغيت ، فقوي بعدهم أمره ، فخرج عليه رجلان من منافقي قوم
موسى عليهالسلام بصفراء بنت شعيب امرأة موسى عليهالسلام في مائة ألف رجل ، فقاتلوا يوشع بن نون عليهالسلام ، فقتلهم وقتل منهم مقتلة عظيمة وهزم الباقين بإذن الله
تعالى ذكره ، وأسر صفراء بنت شعيب ، وقال لها : قد عفوت عنك في الدنيا إلى أن ألقى
نبيّ الله موسى عليهالسلام فأشكو إليه ما لقيت منك ومن قومك.
فقالت صفراء :
وا ويلاه ، والله لو أبيحت لي الجنة لاستحييت أن أرى فيها رسول الله وقد هتكت
حجابه ، وخرجت على وصيّه بعده ، فاستتر الائمة بعد يوشع بن نون إلى زمان داود عليهالسلام أربعمائة سنة وكانوا أحد عشر ، وكان قوم كلّ واحد منهم
يختلفون إليه في وقته ويأخذون عنه معالم دينهم ، حتّى انتهى الأمر إلى آخرهم ،
فغاب عنهم ، ثمّ ظهر لهم فبشّر بداود عليهالسلام وأخبرهم أنّ داود عليهالسلام هو الّذي يطهّر الأرض من جالوت وجنوده ، ويكون فرجهم في
ظهوره ، فكانوا ينتظرونه.
فلمّا كان زمان
داود عليهالسلام كان له أربعة إخوة ولهم أب شيخ كبير ، وكان داود عليهالسلام من بينهم خامل الذكر ، وكان أصغر إخوته لا يعلمون أنّه
داود النبيّ المنتظر الّذي يطهّر الأرض من جالوت وجنوده ، وكانت الشيعة يعلمون
أنّه قد ولد وبلغ أشدّه ، وكانوا يرونه ويشاهدونه ولا يعلمون أنّه هو.
فخرج داود عليهالسلام واخوته وأبوهم لمّا فصل طالوت بالجنود ، وتخلف عنهم
داود ، وقال : ما يصنع بي في هذا الوجه ، فاستهان به إخوته وأبوه ، وأقام في غنم
أبيه يرعاها ، فاشتدّ الحرب واصاب الناس جهد ، فرجع أبوه وقال لداود : احمل إلى
إخوتك طعاما يتقوّون به على العدو ، وكان عليهالسلام رجلا قصيرا قليل الشعر طاهر القلب ، أخلاقه نقيّة ،
فخرج والقوم متقاربون بعضهم من بعض قد رجع كلّ واحد منهم إلى مركزه.
فمرّ داود عليهالسلام على حجر فقال الحجر له بنداء رفيع : يا داود خذني فاقتل
بي جالوت ،
فإنّي إنّما خلقت لقتله ، فأخذه ووضعه في مخلاته الّتي كانت تكون فيها
حجارته الّتي كان يرمي بها غنمه ، فلمّا دخل العسكر سمعهم يعظّمون أمر جالوت ،
فقال لهم : ما تعظّمون من أمره ، فو الله لئن عاينته لأقتلنّه.
فتحدّثوا بأمره
حتّى ادخل على طالوت فقال له : يا فتى ما عندك من القوة وما جرّبت من نفسك؟ قال :
قد كان الأسد يعدو على الشاة من غنمي فأدركه فآخذ برأسه وأفكّ لحييه عنها فآخذها
من فيه ، وكان الله تبارك وتعالى أوحى إلى طالوت أنّه لا يقتل جالوت إلّا من لبس
درعك فملأها ، فدعا بدرعه فلبسها داود عليهالسلام فاستوت عليه ، فراع طالوت ومن حضره من بني اسرائيل ،
فقال : عسى الله أن يقتل به جالوت.
فلمّا اصبحوا
والتقى الناس ، قال داود عليهالسلام : أروني جالوت ، فلمّا رآه أخذ الحجر فرماه به فصكّ به
بين عينيه فدمغه وتنكّس عن دابّته ، فقال الناس : قتل داود جالوت ، وملّكه الناس
حتّى لم يكن يسمع لطالوت ذكر ، واجتمعت عليه بنو إسرائيل ، وأنزل الله تبارك
وتعالى عليه الزبور ، وعلّمه صنعة الحديد فليّنه له ، وأمر الجبال والطير أن تسبّح
معه ، وأعطاه صوتا لم يسمع بمثله حسنا ، وأعطاه قوّة في العبادة ، وأقام في بني
اسرائيل نبيّا.
وهكذا يكون
سبيل القائم عليهالسلام له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه ،
وأنطقه الله عزوجل فناداه : أخرج يا وليّ الله فاقتل أعداء الله ، وله سيف
مغمد إذا كان وقت خروجه اقتلع ذلك السيف من غمده وأنطقه الله عزوجل ، فناداه السيف : اخرج يا ولي الله فلا يحل لك أن تقعد
عن أعداء الله ، فيخرج عليهالسلام ويقتل أعداء الله حيث ثقفهم ، ويقيم حدود الله ، ويحكم
بحكم الله عزوجل .
الآية العشرون
قوله تعالى : (تِلْكَ الرُّسُلُ
فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ
بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ
بِرُوحِ الْقُدُسِ ...).
٤٦ ـ روي عن
الأصبغ بن نباتة ، قال : كنّا مع عليّ بالبصرة ، وهو على بغلة رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد اجتمع هو وأصحاب محمّد ، فقال : «ألا أخبرنّكم
بأفضل خلق الله يوم يجمع الرسل؟ قلنا : بلى يا أمير المؤمنين ، قال : أفضل الرسل
محمّد ، وإنّ أفضل الخلق بعدهم
__________________
الأوصياء ، وأفضل الأوصياء أنا ، وأفضل الناس بعد الرسل والأوصياء الأسباط
، وإنّ خير الأسباط سبطا نبيّكم ، يعني الحسن والحسين ، وإنّ أفضل الخلق بعد
الأسباط الشهداء ، وإنّ أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطّلب ، قال ذلك النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين ، مخضّبان ، بكرامة
خصّ الله عزوجل بها نبيّكم ، والمهديّ منّا في آخر الزمان ، لم يكن في
أمة من الأمم مهدي ينتظر غيره» .
٤٧ ـ وروى عبد
الله بن ميمون القداح ، عن أبي جعفر ، عن أبيه عليهالسلام قال : قال عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : منّا سبعة خلقهم الله عزوجل لم يخلق في الأرض مثلهم : منّا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، سيّد الأوّلين والآخرين وخاتم النبيّين ، ووصيّه خير
الوصيين ، وسبطاه خير الأسباط حسنا وحسينا ، وسيّد الشهداء حمزة عمّه ، ومن قد طاف
مع الملائكة جعفر ، والقائم عليهالسلام .
٤٨ ـ روى
العلامة محبّ الدّين الطبريّ في «ذخائر العقبى» بإسناده عن عليّ بن الهلالي ، عن
أبيه قال :
دخلت على رسول
الله صلىاللهعليهوآله في الحالة الّتي قبض فيها ، فإذا فاطمة عند رأسه ، فبكت
حتّى ارتفع صوتها ، فرفع صلىاللهعليهوآله طرفه إليها فقال : حبيبتي فاطمة ما الّذي يبكيك؟ فقالت
: أخشى الضيعة بعدك ، فقال : يا حبيبتي أما علمت أنّ الله اطّلع على أهل الأرض
اطّلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته صلىاللهعليهوآله ، ثمّ اطّلع اطّلاعة فاختار منها بعلك ، وأوحى إليّ أن
أنكحك إيّاه ، يا فاطمة ونحن أهل بيت قد أعطانا الله سبع خصال لم تعط أحدا قبلنا
ولا تعطى أحدا بعدنا ، وأنا خاتم النبيّين وأكرمهم على الله عزوجل ، وأحب المخلوقين إلى الله عزوجل ، وأنا أبوك ؛ ووصيّي خير الأوصياء وأحبهم إلى الله عزوجل وهو بعلك ، وشهيدنا خير الشهداء وأحبّهم إلى الله عزوجل وهو حمزة بن عبد المطلب عمّ أبيك وعمّ بعلك ، ومنّا من
له جناحان أخضران يطير بهما في الجنّة حيث يشاء مع الملائكة وهو ابن عمّ أبيك وأخو
بعلك ، ومنّا سبطا هذه الامة وهما ابناك الحسن والحسين ، وهما سيّدا شباب أهل
الجنة ، وأبوهما ـ والّذي بعثني بالحقّ ـ خير منهما ، يا فاطمة والّذي بعثني
__________________
بالحقّ إنّ منهما مهديّ هذه الامة ، إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا وتظاهرت
الفتن وتقطّعت السبل وأغار بعضهم على بعض ، فلا كبير يرحم صغيرا ، ولا صغير يوقّر
كبيرا ، فيبعث الله عزوجل عند ذلك من يفتح حصون الضلالة ، وقلوبا غلفا ، يقوم
بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان ، ويملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ـ
أخرجه الحافظ أبو العلاء الهمدانيّ في أربعين حديثا في المهديّ .
٤٩ ـ روى ابن
عديّ في الكامل بإسناده عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : ـ كما في ابن أبي شيبة ـ : يكون في آخر الزمان
خليفة ، لا يفضل عليه أبو بكر ولا عمر ، أو : يكون في هذه الامّة .
٥٠ ـ عن محمّد
بن سيرين : أنّه ذكر فتنة فقال : إذا كان ذلك فاجلسوا في بيوتكم حتّى تسمعوا على
الناس بخير من أبي بكر وعمر ، قيل : يا أبا بكر ، خير من أبي بكر وعمر؟ قال : قد
كان يفضل على بعض الأنبياء .
٥١ ـ عن ابن
سيرين قيل له : المهديّ خير أو أبو بكر وعمر رضي الله عنهما؟ قال : هو خير منهما
ويعدل بنبيّ .
الآية الحادية
والعشرون قوله سبحانه : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ
عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللهُ
بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ
قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ
فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ
وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها
ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
مثل المهديّ عليهالسلام مثل العزير عليهالسلام
٥٢ ـ روى الشيخ
الطوسيّ بإسناده عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول :
__________________
مثل أمرنا في كتاب الله مثل صاحب الحمار أماته الله مائة عام ثمّ بعثه .
٥٣ ـ وروى
الطوسيّ بإسناده عن عليّ بن خطاب ، عن مؤذّن مسجد الأحمر قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام : هل في كتاب الله مثل للقائم عليهالسلام ، فقال : نعم ، آية صاحب الحمار ، أماته الله مائة عام
ثمّ بعثه .
الآية الثانية
والعشرون قوله تعالى : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ
مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما
يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ).
الحكمة هي معرفة القائم عليهالسلام
٥٤ ـ روي أنّ
أبا بصير سأل الإمام الباقر عليهالسلام عن قول الله تعالى : (وَمَنْ يُؤْتَ
الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) ما عنى بذلك؟
فقال : معرفة
الإمام واجتناب الكبائر ، ومن مات وليس في رقبته بيعة لإمام ، مات ميتة جاهليّة ،
ولا يعذر الناس حتّى يعرفوا إمامهم ، فمن مات وهو عارف بالإمامة ، لم يضرّه تقدّم
هذا الأمر أو تأخّر ، فكان كمن هو مع القائم في فسطاطه ، قال : ثمّ مكث هنيئة ثمّ
قال : لا بل كمن قاتل معه ، ثمّ قال : لا بل ـ والله ـ كمن استشهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآله .
الآية الثالثة
والعشرون قال تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ
بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ
وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ
وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ).
المهديّ عليهالسلام في ضحضاح من نور عن يمين العرش
٥٥ ـ روى
العلّامة الحموينيّ بإسناده عن أبي سلمى راعي إبل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : ليلة اسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ
جلاله : (آمَنَ
__________________
الرَّسُولُ
بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) قلت : (وَالْمُؤْمِنُونَ) قال : صدقت يا محمّد ، من خلّفت في أمّتك؟ قلت : خيرها
، قال : عليّ بن أبي طالب؟ قلت : نعم يا ربّ.
قال : يا محمّد
إنّي اطّلعت على الأرض اطلاعة فاخترتك منها ، فشققت لك اسما من أسمائي ، فلا أذكر
إلّا ذكرت معي ، فأنا المحمود وأنت محمّد ، ثمّ اطّلعت الثانية فاخترت منها عليّا
وشققت له اسما من أسمائي ، فأنا الأعلى وهو عليّ.
يا محمّد ،
إنّي خلقتك وخلقت عليّا وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولده من شبح نوري ،
وعرضت ولايتكم على أهل السماوات وأهل الأرض ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ،
ومن جحدها كان عندي من الكافرين.
يا محمّد لو
أنّ عبدا من عبيدي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشنّ ، البالي ثمّ أتاني جاحدا
لولايتكم ، ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم.
يا محمّد أتحبّ
أن تراهم؟ قلت : نعم يا ربّ.
فقال لي :
التفت عن يمين العرش ، فالتفتّ فإذا أنا بعليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ،
وعليّ بن الحسين ، ومحمّد بن عليّ ، وجعفر بن محمّد ، وموسى بن جعفر ، وعليّ بن
موسى ، ومحمّد بن عليّ ، وعليّ بن محمّد ، والحسن بن عليّ ، والمهديّ في ضحضاح من
نور قياما يصلّون ، وهو في وسطهم ـ يعني المهديّ ـ كأنّه كوكب درّيّ. وقال : يا
محمّد هؤلاء الحجج ، وهو الثائر من عترتك ، وعزّتي وجلالي إنّه الحجّة الواجبة
لأوليائي ، والمنتقم من أعدائي .
__________________
سورة آل عمران
الآية الاولى
قوله تعالى : (لا يَتَّخِذِ
الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ
يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ
تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ).
فضل التقيّة في عصر الغيبة
ـ المظفر
العلويّ : بإسناده عن عمّار الساباطيّ قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : العبادة مع الإمام منكم المستتر في السرّ في دولة
الباطل أفضل ، أم العبادة في ظهور الحق ودولته مع الإمام الظاهر منكم؟ فقال : يا
عمّار الصدقة في السرّ ـ والله ـ أفضل من الصدقة في العلانية ، وكذلك عبادتكم في
السّر مع إمامكم المستتر في دولة الباطل أفضل ، لخوفكم من عدوّكم في دولة الباطل
وحال الهدنة ، ممّن يعبد الله في ظهور الحقّ مع الإمام الظاهر في دولة الحق ، وليس
العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة مثل العبادة مع الأمن في دولة الحقّ.
اعلموا أنّ من
صلّى منكم صلاة فريضة وحدانا مستترا بها من عدوّه في وقتها ، فأتمها ، كتب الله عزوجل له بها خمسة وعشرين صلاة فريضة وحدانيّة ، ومن صلّى
منكم
__________________
صلاة نافلة في وقتها فأتمها ، كتب الله عزوجل له بها عشر صلوات نوافل ، ومن عمل منكم حسنة ، كتب الله
بها عشرين حسنة ، ويضاعف الله تعالى حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله ، ودان
الله بالتقيّة على دينه ، وعلى إمامه وعلى نفسه ، وأمسك من لسانه ، أضعافا مضاعفة
كثيرة ، إنّ الله عزوجل كريم. قال : قلت : جعلت فداك قد رغّبتني في العمل ،
وحثثتني عليه ، ولكنّي أحبّ أن أعلم : كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالا من أصحاب
الإمام منكم الظاهر في دولة الحقّ ، ونحن وهم على دين واحد ، وهو دين الله عزوجل؟ فقال : انّكم سبقتموهم إلى الدخول في دين الله وإلى
الصلاة والصوم والحجّ وإلى كلّ فقه وخير ، وإلى عبادة الله سرّا من عدوّكم مع
الإمام المستتر ، مطيعون له ، صابرون معه ، منتظرون لدولة الحق ، خائفون على
إمامكم وعلى أنفسكم من الملوك ، تنظرون إلى حقّ إمامكم وحقّكم في أيدي الظلمة ،
وقد منعوكم ذلك واضطرّوكم إلى جذب الدنيا وطلب المعاش ، مع الصبر على دينكم ،
وعبادتكم وطاعة ربكم والخوف من عدوّكم ، فبذلك ضاعف الله أعمالكم ، فهنيئا لكم
هنيئا. قال : فقلت : جعلت فداك ، فما نتمنّى إذا أن نكون من أصحاب القائم عليهالسلام في ظهور الحق؟ ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالا
من أعمال أصحاب دولة الحق؟
فقال : سبحان
الله ، أما تحبّون أن يظهر الله عزوجل الحقّ والعدل في البلاد ، ويحسن حال عامّة الناس ،
ويجمع الله الكلمة ، ويؤلّف بين القلوب المختلفة ، ولا يعصى الله في أرضه ، ويقام
حدود الله في خلقه ، ويردّ الحقّ إلى أهله ، فيظهره حتّى لا يستخفي بشيء من الحق
مخافة أحد من الخلق؟
أما والله يا
عمّار ، لا يموت منكم ميّت على الحال الّتي أنتم عليها ، إلّا كان أفضل عند الله عزوجل من كثير ممّن شهد بدرا وأحدا فأبشروا .
٥٧ ـ روي
المفيد في الاختصاص بإسناده عن الحسن بن أحمد ، عن أحمد بن هلال ، عن امية ابن
عليّ ، عن رجل قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ايّما أفضل نحن أو أصحاب القائم عليهالسلام؟ قال : فقال لي : أنتم أفضل من أصحاب القائم ، وذلك
أنّكم تمسون
__________________
وتصبحون خائفين على إمامكم وعلى أنفسكم من أئمّة الجور ، إن صليتم فصلاتكم
في تقيّة ، وإن صمتم فصيامكم في تقيّة ، وإن حججتم فحجّكم في تقيّة ، وإن شهدتم لم
تقبل شهادتكم ، وعدّد أشياء من نحو هذا مثل هذه ، فقلت : فما تتمنّى القائم عليهالسلام إذا كان على هذا؟ قال : فقال لي : سبحان الله ، أما
تحبّ أن يظهر العدل ويأمن السبل وينصف المظلوم؟! .
الآية الثانية
قوله تعالى : (فَتَقَبَّلَها
رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا
كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا
مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ
مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ).
انّ الجفنة الّتي أنزلت على فاطمة عليهاالسلام من مواريث المهديّ عليهالسلام
٥٨ ـ روى
العيّاشيّ بإسناده عن نجم ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : إنّ فاطمة عليهاالسلام ضمنت لعليّ عليهالسلام عمل البيت والعجين والخبز وقمّ البيت ، وضمن لها عليّ عليهالسلام ما كان خلف الباب ، من نقل الحطب ، وأن يجيء بالطعام ،
فقال لها يوما : يا فاطمة هل عندك شيء؟ قالت : لا والّذي عظّم حقك ما كان عندنا
منذ ثلاثة أيّام شيء نقريك به ، قال : أفلا أخبرتيني؟ قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله نهاني أن اسألك شيئا ، فقال : لا تسألي ابن عمك شيئا ،
إن جاءك بشيء عفوا وإلّا فلا تسأليه ، قال : فخرج الامام عليهالسلام فلقي رجلا فاستقرض منه دينارا ، ثمّ أقبل به وقد أمسى
فلقي مقداد بن الأسود ، فقال للمقداد ، ما أخرجك في هذه الساعة؟ قال : الجوع ،
والّذي عظّم حقك يا أمير المؤمنين. قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : ورسول الله صلىاللهعليهوآله حيّ؟ قال : ورسول الله صلىاللهعليهوآله حيّ ، قال : فهو أخرجني فقد استقرضت دينارا وسأوثرك به
، فدفعه إليه. فأقبل فوجد رسول الله صلىاللهعليهوآله جالسا وفاطمة تصلّي وبينهما شيء مغطّى ، فلمّا فرغت
أحضرت ذلك الشيء فإذا جفنة من خبز ولحم ، قال : يا فاطمة أنّى لك هذا؟ قالت : (هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ
يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ).
فقال رسول الله
صلىاللهعليهوآله : ألا أحدّثك بمثلك ومثلها؟ قال : بلى. قال : مثل
زكريّا إذا دخل
__________________
على مريم المحراب فوجد عندها رزقا ، قال يا مريم أنّى لك هذا قالت هو من
عند الله ، إنّ الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فأكلوا منها شهرا ، وهي الجفنة
الّتي يأكل منها القائم عليهالسلام ، وهي عندنا .
الآية الثالثة
قوله سبحانه : (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ
فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ).
المهديّ عليهالسلام يكلّم الناس في المهد
٥٩ ـ روى الطبريّ
في تفسيره عن ابن زيد يقول في قوله : (وَيُكَلِّمُ النَّاسَ
فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ) قال : قد كلّمهم عيسى في المهد ، وسيكلّمهم إذا قتل
الدجّال وهو يومئذ كهل .
٦٠ ـ روى
العلّامة البيّاضي رحمهالله قال : قالت حكيمة : قرأت على أمّه نرجس وقت ولادته
التوحيد ، والقدر ، وآية الكرسي ، فأجابني من بطنها بقراءتي ، ثمّ وضعته ساجدا إلى
القبلة فأخذه أبوه وقال : انطق بإذن الله ، فتعوّذ وسمّى وقرأ : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ
اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ
الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ
وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) الآيتين ، وصلّى على محمّد وعليّ وفاطمة والأئمّة واحدا
واحدا باسمه إلى آخرهم ، وكان مكتوبا على ذراعه الأيمن : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ
الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) قالت حكيمة : دخلت بعد ولادته بأربعين يوما فإذا هو
يمشي ، فلم أر أفصح من لغته .
٦١ ـ نسيم
ومارية قالتا : لمّا سقط من بطن أمّه ، سقط جاثيا رافعا سبّابته إلى السماء قائلا
كلّما يعطس : الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله ، زعم الظالمون
أنّ حجّة الله داحضة .
٦٢ ـ قال طريف
عن نضر الخادم : دخل على الإمام وهو في المهد فقال : أنا خاتم
__________________
الأوصياء ، وبي يدفع الله البلاء عن أهلي وشيعتي .
٦٣ ـ حمل أحمد
بن اسحاق إلى العسكريّ عليهالسلام جرابا فيه صرر ، فالتفت عليهالسلام إلى ابنه وقال : هذه هدايا موالينا ، فقال الغلام : لا
تصلح ، لأنّ فيها حلالا وحراما ، فأخرجت ، ففرّق بينها وأعلم بكميّة كلّ صرّة قبل
فتحها .
٦٤ ـ أسند
العلّامة البيّاضي رحمهالله إلى أحمد بن اسحاق قال : دخلت على العسكريّ عليهالسلام أريد أن أسأله عن الخلف من بعده ، فابتدأني : إنّ الله
لا يخلي الأرض منذ خلق آدم عليهالسلام ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجّة له على خلقه ،
قلت : ومن الخليفة بعدك؟ فأسرع ودخل البيت وخرج وعلى عاتقه غلام ، وقال : لو لا
كرامتك على الله وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا ، إنّه سميّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وكنيّه ، مثله في هذه الامّة كالخضر وذي القرنين ،
ليغيبنّ غيبة لا ينجو من الهلكة فيها إلّا من ثبّته الله على القول بإمامته ،
ووفّقه للدعاء بتعجيل فرجه ، ويرجع من هذا الأمر أكثر القائلين به ، هذا سرّ الله
فخذ واكتمه وكن من الشاكرين ، تكن معنا في علّيين. فقلت : هل من علامة؟ فنطق
الغلام فقال : أنا بقيّة الله في أرضه ، والمنتقم من أعدائه .
٦٥ ـ وقال
إسماعيل بن عليّ : دخلت على العسكريّ في المرض الّذي مات فيه ، فقال لخادمه : ادخل
البيت فإنّك ترى صبيّا ساجدا فائتني به ، فدخلت فوجدته ساجدا رافعا سبّابته إلى
السماء ، فسلّمت فأوجز في صلاته ، فقلت : سيّدي يأمرك بالخروج ، فجاءت أمّه
فأخرجته إليه ، فقال : أبشر أنت صاحب الزمان المهديّ ، حجّة الله في أرضه ، وأنت
وصيّي ، وأنت (م ح م د) وعدّ آباءه إلى عليّ عليهالسلام ثمّ قال : أنت خاتم الأئمّة الطاهرين .
٦٦ ـ وذكر
الشيخ البيّاضيّ قال : وأسند الشيخ أبو جعفر إلى محمّد بن عليّ ، إلى محمّد بن عبد
الله المطهريّ قال : قصدت حكيمة أسألها عن الحجّة فقالت : لمّا حضرت نرجس الولادة
، قال الحسن العسكريّ عليهالسلام : اقرئي عليها : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) فقرأت ، فجاوبني الجنين
__________________
بمثل قراءتي ، وسلّم عليّ ففزعت ، فقال أبو محمّد عليهالسلام : لا تعجبين من أمر الله ، إنّه منطقنا بالحكمة صغارا ،
ويجعلنا حجّة في الأرض كبارا. (الحديث)
الآية الرابعة
قوله تعالى : (إِذْ قالَ اللهُ يا
عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ
كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى يَوْمِ
الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ
فِيهِ تَخْتَلِفُونَ).
عيسى عليهالسلام يصلّي خلف المهديّ عليهالسلام
٦٧ ـ روي عن
رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : ينزل عيسى بن مريم عليهالسلام عند انفجار الصبح ما بين مهرودين ، وهما ثوبان أصفران
من الزعفران ، أبيض الجسم ، أصهب الرأس ، أفرق الشعر ، كأنّ رأسه يقطر دهنا ، بيده
حربة ، يكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويهلك الدجال ، ويقبض أموال القائم عليهالسلام ، ويمشي خلفه أهل الكهف ، وهو الوزير الأيمن للقائم عليهالسلام وحاجبه ونائبه ، ويبسط في المغرب والمشرق الأمن من
كرامة الحجّة بن الحسن صلوات الله عليهما ، حتّى يرتع الأسد مع الغنم ، والنمر مع
البقر ، والذئب والغنم ، وتلعب الصبيان بالحيّات ... الحديث .
٦٨ ـ المهديّ
الّذي ينزل عليه عيسى ابن مريم ويصلّي خلفه عيسى عليهالسلام .
٦٩ ـ روي عن
أبي سعيد الخدريّ ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : منّا الّذي يصلّي عيسى ابن مريم خلفه .
٧٠ ـ روى
الشافعيّ قال : أخبرنا نقيب النقباء فخر آل رسول الله صلىاللهعليهوآله أبو الحسن عليّ بن محمّد بن ابراهيم الحسنيّ ، وبإسناده
عن حذيفة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فيلتفت المهديّ وقد نزل عيسى عليهالسلام كأنما يقطر من شعره الماء ، فيقول المهديّ : تقدّم صلّ
بالناس ، فيقول عيسى : إنّما أقيمت الصلاة لك ، فيصلّي عيسى خلف رجل من ولدي ،
فإذا
__________________
صلّيت قام عيسى حتّى جلس في المقام فيبايعه ، فيمكث أربعين سنة .
٧١ ـ أتى
يهوديّ النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقام بين يديه يحدّ النظر إليه ، فقال : يا يهوديّ ما
حاجتك؟ قال : أنت أفضل من موسى بن عمران النبيّ الّذي كلّمه الله وأنزل عليه
التوراة والعصا ، وفلق له البحر ، وأظلّه بالغمام؟ فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآله : إنّه يكره للعبد أن يزكّي نفسه ، ولكنّي أقول إنّ آدم
عليهالسلام ، لمّا أصاب الخطيئة ، كانت توبته أن قال : اللهم إنّي
أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا غفرت لي ، فغفرها الله له ، وإنّ نوحا لمّا ركب
في السفينة وخاف الغرق قال : اللهمّ إنّي أسألك بحق محمّد وآل محمّد لمّا أنجيتني
من الغرق ، فنجّاه الله عنه ، وإنّ إبراهيم عليهالسلام لمّا ألقي في النار قال : اللهم إنّي أسألك بحقّ محمّد
وآل محمّد لمّا أنجيتني منها ، فجعلها الله عليه بردا وسلاما ، وإنّ موسى عليهالسلام لمّا ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال : اللهمّ إنّي
أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لمّا آمنتني ، فقال الله جل جلاله : لا تخف إنّك أنت
الأعلى ، يا يهودي ، إنّ موسى لو أدركني ثمّ لم يؤمن بي وبنبوّتي ، ما نفعه إيمانه
شيئا ، ولا نفعته النبوّة ، يا يهوديّ ومن ذرّيتي المهديّ ، إذا خرج نزل عيسى ابن
مريم لنصرته فقدّمه وصلّى خلفه .
٧٢ ـ النعمانيّ
بإسناده عن كعب الأحبار أنّه قال في حديث طويل : «ومن نسل عليّ القائم المهديّ
الّذي يبدّل الأرض غير الأرض ، وبه يحتجّ عيسى ابن مريم على نصارى الروم والصين ،
إنّ القائم المهديّ من نسل عليّ أشبه الناس بعيسى ابن مريم خلقا وخلقا وسمتا وهيبة
، يعطيه الله جلّ وعزّ ما أعطى الأنبياء ويزيده ويفضّله ، إنّ القائم من ولد عليّ عليهالسلام له غيبة كغيبة يوسف ، ورجعة كرجعة عيسى ابن مريم ، ثمّ
يظهر بعد غيبته مع طلوع النجم الأحمر ، وخراب الزوراء وهي الريّ ، وخسف المزوّرة
وهي بغداد ، وخروج السفياني ، وحرب ولد العباس مع فتيان أرمينية وآذربيجان ، تلك
حرب يقتل فيها الوف وألوف ، كلّ يقبض على سيف محلّى تخفق عليه رايات سود ، تلك حرب
يشوبها الموت
__________________
الأحمر والطاعون الأغبر .
٧٣ ـ روى ابن
حماد بإسناده عن المشايخ ، عن كعب قال : ـ ولم يسنده إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ لمّا رأى عيسى بن مريم قلّة من معه ، شكى إلى الله تعالى ، فقال الله (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَ) وليس من رفعت عندي يموت ، وإنّي باعثك على الأعور
الدجّال فتقتله ، ثمّ تعيش بعد ذلك أربعة وعشرين سنة ، ثمّ اتوفّاك ميتة الحقّ .
٧٤ ـ روي من
طريق العامّة في كتاب الرائق من أزهار الحدائق ، بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ ، عن
جابر بن عبد الله الانصاري ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبة له طويلة جدا فيها علامات آخر الزمان ، وإخبار
بمغيّبات كثيرة. منها دولة بني أميّة وبني العباس وأحوال الدجّال والسفيانيّ ، إلى
أن قال : المهديّ من ذرّيّتي ، يظهر بين الركن والمقام ، وعليه قميص إبراهيم ،
وحلّة اسماعيل ، وفي رجله نعل شيث ، والدليل عليه قول النبيّ صلىاللهعليهوآله : عيسى ابن مريم ينزل من السماء ، ويكون مع المهديّ من
ذريّتي ، فإذا ظهر فاعرفوه ، فإنّه مربوع القامة ، حلك سواد الشعر ، ينظر من عين
ملك الموت ، يقف على باب الحرم فيصيح بأصحابه صيحة ، فيجمع الله تعالى عسكره في
ليلة واحدة ، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من أقاصي الأرض ، ثمّ ذكر تفصيلهم
وأماكنهم وبلادهم ، إلى أن قال : فيتقدّم المهديّ من ذرّيّتي ، فيصلّي إلى قبلة
جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ويسيرون جميعا إلى أن يأتوا بيت المقدس ، ثمّ ذكر
الحرب بينه وبين الدجّال ، وذكر أنّهم يقتلون عسكر الدجال من أوّله إلى آخره ،
وتبقى الدنيا عامرة ، ويقوم بالقسط والعدل ، إلى أن قال : ثمّ يموت عيسى ، ويبقى
المنتظر المهديّ من آل محمّد صلىاللهعليهوآله ، فيسير في الدنيا وسيفه على عاتقه ، ويقتل اليهود
والنصارى وأهل البدع .
٧٥ ـ روي عن
أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ـ مرسلا ـ في قصة الدجّال قال : ألا وإنّ أكثر أتباعه أولاد الزنا ، لابسو
التيجان ، ألا وهم اليهود عليهم لعنة الله ، يأكل ويشرب ، له حمار أحمر ، طوله
ستّون خطوة مدّ بصره ، أعور اليمين ، وإنّ ربّكم عزوجل
__________________
ليس بأعور ، صمد لا يطعم ، فيشمل البلاد البلاء ، ويقيم الدجّال أربعين
يوما. أوّل يوم كسنة ، والثاني كأقلّ ، فلا تزال تصغر وتقصر ، حتّى تكون آخر أيامه
كليلة يوم من أيّامكم هذه ، يطأ الأرض كلّها إلّا مكّة والمدينة وبيت المقدس.
ويدخل المهديّ عليهالسلام بيت المقدس ، ويصلّي بالناس إماما ، فإذا كان يوم
الجمعة وقد أقيمت الصلاة ، نزل عيسى ابن مريم عليهالسلام ، بثوبين مشرقين حمر ، كأنّما يقطر رأسه الدهن ، رجل
الشعر ، صبيح الوجه ، أشبه خلق الله عزوجل بأبيكم إبراهيم خليل الرحمن عليهالسلام ، فيلتفت المهديّ ، فينظر عيسى عليهالسلام ، فيقول لعيسى : يا ابن البتول ، صلّ بالناس ، فيقول :
لك اقيمت الصلاة ، فيتقدّم المهديّ عليهالسلام فيصلّي بالناس ، ويصلّي عيسى عليهالسلام خلفه ويبايعه .
٧٦ ـ روى أبان
، عن سليم بن قيس قال : أقبلنا من صفّين مع أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فنزل
العسكر قريبا من دير نصرانيّ ، إذ خرج علينا من الدير شيخ كبير جميل حسن الوجه ،
حسن الهيئة والسمت ، ومعه كتاب في يده ، حتّى أتى أمير المؤمنين صلوات الله عليه ،
فسلّم عليه بالخلافة ، فقال له عليّ عليهالسلام : مرحبا يا أخي شمعون بن حمون ، كيف حالك رحمك الله ،
فقال : بخير يا أمير المؤمنين وسيّد المسلمين ووصيّ رسول ربّ العالمين ، إنّي من
نسل حواري أخيك عيسى ابن مريم عليهالسلام ، وفي رواية أخرى : أنا من نسل حواري أخيك عيسى ابن
مريم صلوات الله عليه ـ من نسل شمعون بن يوحنا ، وكان أفضل حواري عيسى ابن مريم
الاثني عشر وأحبّهم إليه وآثرهم عنده ، وإليه أوصى عيسى ، وإليه دفع كتبه وعلمه
وحكمته ، فلم يزل أهل بيته على دينه متمسّكين بملّته لم يكفروا ولم يبدّلوا ولم
يغيّروا ، وتلك الكتب عندي إملاء عيسى ابن مريم ، وخط أبينا بيده ، وفيه كلّ شيء
يفعل الناس من بعده ، ملك ملك وما يملك ، وما يكون في زمان كلّ ملك منهم ، حتّى
يبعث الله رجلا من العرب ومن ولد اسماعيل بن إبراهيم خليل الله من أرض تدعى تهامة
، من قرية يقال لها مكّة ، يقال له أحمد الأنجل العينين المقرون الحاجبين ، صاحب
الناقة والحمار والقضيب والتاج ـ يعني العمامة ـ له اثنا عشر اسما ، ثمّ ذكر مبعثه
ومولده وهجرته ، ومن يقاتله ومن ينصره ومن يعاديه وكم يعيش ، وما تلقى
__________________
أمّته بعده إلى أن ينزل عيسى ابن مريم من السماء ، فذكر في الكتاب ثلاثة
عشر رجلا من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله صلّى الله عليهم ، هم خير من خلق
الله ، وأحبّ من خلق الله إلى الله ، وانّ الله وليّ من والاهم ، وعدوّ من عاداهم
، من أطاعهم اهتدى. ومن عصاهم ضلّ ، طاعتهم لله طاعة ، ومعصيتهم لله معصية ،
مكتوبة فيه أسماؤهم وأنسابهم ونعتهم ، وكم يعيش كل رجل منهم ، واحدا بعد واحد ،
وكم رجل منهم يستتر بدينه ويكتمه من قومه ، ومن يظهر حتّى ينزل الله عيسى صلى الله
عليه على آخرهم ، فيصلّي عيسى خلفه ويقول : إنّكم أئمّة لا ينبغي لأحد أن يتقدّمكم
، فيتقدّم فيصلّي بالناس وعيسى خلفه إلى الصفّ الأوّل ، أوّلهم وافضلهم وخيرهم ،
له مثل أجورهم وأجور من أطاعهم واهتدى بهداهم.
وفي النسخة
الأولى : وتسعة من ولد أصغرهما وهو الحسين واحدا بعد واحد ، آخرهم الّذي يصلّي
عيسى بن مريم خلفه ، فيه تسمية كلّ من يملك منهم ، ومن يستتر بدينه ومن يظهر ،
فأوّل من يظهر منهم يملأ جميع بلاد الله قسطا وعدلا ، ويملك ما بين المشرق والمغرب
حتّى يظهره الله على الأديان كلّها .
٧٧ ـ روى الشيخ
الصدوق رحمهالله بإسناده عن أبي سعيد عقيصا ، قال : لمّا صالح الحسن بن
عليّ عليهماالسلام معاوية بن أبي سفيان ، دخل عليه الناس ، فلامه بعضهم
على بيعته ، فقال عليهالسلام : ويحكم ما تدرون ما عملت ، والله الّذي عملت خير
لشيعتي ممّا طلعت عليه الشمس أو غربت ، ألا تعلمون أنّني إمامكم مفترض الطاعة
عليكم ، وأحد سيديّ شباب أهل الجنة بنصّ من رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّ؟ قالوا : بلى.
قال : أما
علمتم أنّ الخضر عليهالسلام لمّا خرق السفينة وأقام الجدار وقتل الغلام ، كان ذلك
سخطا لموسى بن عمران إذ خفي عليه وجه الحكمة في ذلك ، وكان ذلك عند الله تعالى
ذكره حكمة وصوابا؟ أما علمتم إنّه ما منّا أحد إلّا ويقع في عنقه بيعة لطاغية
زمانه إلّا القائم الّذي يصلّي روح الله عيسى ابن مريم خلفه؟ فإنّ الله عزوجل يخفي ولادته ، ويغيّب شخصه لئلّا يكون لأحد في عنقه
بيعة إذا خرج ، ذلك التاسع من ولد أخي الحسين
__________________
ابن سيّدة الاماء ، يطيل الله عمره في غيبته ، ثمّ يظهره بقدرته في صورة
شابّ دون أربعين سنة ، وذلك ليعلم أنّ الله على كلّ شيء قدير .
٧٨ ـ روى الشيخ
الصدوق رحمهالله بإسناده عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إنّ سنن الأنبياء عليهمالسلام بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم منّا أهل البيت
، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة ، قال أبو بصير : يا ابن رسول الله ، ومن
القائم منكم أهل البيت؟ فقال : يا أبا بصير ، هو الخامس من ولد ابني موسى ، ذلك
ابن سيّدة الإماء ، يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون ، ثمّ يظهره الله عزوجل ، فيفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها ، وينزل روح
الله عيسى ابن مريم عليهالسلام فيصلّي خلفه ، وتشرق الأرض بنور ربّها ، ولا تبقى في
الأرض بقعة عبد فيها غير الله عزوجل إلا عبد الله فيها ، ويكون الدّين كلّه لله ولو كره
المشركون .
٧٩ ـ روى الشيخ
الصدوق رحمهالله بإسناده عن أبي أيّوب المخزوميّ ، قال : ذكر أبو جعفر
محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام سير الخلفاء الاثني عشر الراشدين (صلوات الله عليهم) ،
فلمّا بلغ آخرهم قال : الثاني عشر الّذي يصلّي عيسى ابن مريم عليهالسلام خلفه ، عليك بسنّته والقرآن الكريم .
٨٠ ـ روى فرات
الكوفي معنعنا عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال ـ في حديث له : ـ يا خيثمة سيأتي على الناس زمان
، لا يعرفون الله ما هو التوحيد ، حتّى يكون خروج الدجال ، وحتّى ينزل عيسى ابن
مريم من السماء ، ويقتل الله الدجّال على يده ، ويصلّي بهم رجل منّا أهل البيت ، ألا
ترى أنّ عيسى يصلي خلفنا وهو نبيّ ألا ونحن أفضل منه .
الآية الخامسة
قوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى
النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ
آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ).
٨١ ـ روى
العيّاشيّ عن عبد الأعلى الجبليّ (الحلبيّ ـ خ) قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : ـ
__________________
في حديث له ـ : والله لكأنّي انظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر ، ثمّ ينشد
الله حقّه ثمّ يقول : يا أيّها الناس من يحاجّني في الله ، فأنا أولى الناس بالله
، ومن يحاجّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم ، يا أيّها الناس من يحاجّني في نوح ،
فأنا أولى الناس بنوح ، يا أيّها الناس من يحاجّني في ابراهيم ، فأنا أولى الناس
بإبراهيم .
الآية السادسة
قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ
مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ
رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ
وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا
مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ).
الرجعة في زمن المهديّ عليهالسلام
٨٢ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن اسماعيل بن جابر قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد
الصادق عليهالسلام يقول : (في حديث طويل له عن أنواع آيات القرآن يبلغ نحو
١٢٨ صفحة روى فيه مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين عليهالسلام عن آيات القرآن وأحكامه وجوابه عليها ، جاء فيها).
وأمّا الردّ
على من أنكر الرجعة ، فيقول الله عزوجل : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ
مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ) أي إلى الدنيا وأمّا حشر الآخرة فقوله عزوجل : (وَحَشَرْناهُمْ
فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) وقوله سبحانه : (وَحَرامٌ عَلى
قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) ومثل قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ
مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ
رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) وهذا لا يكون إلا في الرجعة.
ومثله ما خاطب
الله تعالى به الأئمّة ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم ، فقال سبحانه : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ـ إلى قوله ـ (لا يُشْرِكُونَ بِي
شَيْئاً) وهذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.
ومثل قوله
تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ
نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) وقوله سبحانه : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ
عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) أي رجعة
__________________
الدنيا.
ومثله قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا
مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا
ثُمَّ أَحْياهُمْ).
وقوله عزوجل : (وَاخْتارَ مُوسى
قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) فردّهم الله تعالى بعد الموت إلى الدنيا .
الآية السابعة
قوله تعالى : (أَفَغَيْرَ دِينِ
اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً
وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ).
الإسلام يعمّ الأرض في زمان المهديّ عليهالسلام
٨٣ ـ روى
العيّاشيّ رحمهالله بإسناده عن رفاعة بن موسى ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ
فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) قال : إذا قام القائم عليهالسلام لا تبقى أرض إلّا نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وأنّ
محمّدا رسول الله صلىاللهعليهوآله .
٨٤ ـ وروى
العيّاشيّ أيضا بإسناده عن ابن بكير قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن قوله : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ
فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) قال : أنزلت في القائم عليهالسلام ، إذا خرج باليهود والنصارى والصابئين والزنادقة وأهل
الردّة والكفار في شرق الأرض وغربها فعرض عليهم الإسلام ، فمن أسلم طوعا أمره
بالصلاة والزكاة وما يؤمر به المسلم ويجب لله عليه ، ومن لم يسلم ضرب عنقه ، حتّى
لا يبقى في المشارق والمغرب أحد إلّا وحّد الله ، قلت : جعلت فداك إنّ الخلق أكثر
من ذلك ، فقال : إنّ الله إذا أراد أمرا قلّل الكثير وكثّر القليل .
٨٥ ـ وعنه
بإسناده عن عبد الأعلى الحلبيّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام (في حديث طويل يذكر فيه أمر القائم عليهالسلام إذا خرج) ، قال : ولا تبقى (أرض) في الأرض قرية إلّا
نودي فيها بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمّدا رسول الله وهو
قوله تعالى : (وَلَهُ
__________________
أَسْلَمَ
مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) ولا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهو قول الله : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى
لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ). الحديث .
٨٦ ـ روى عليّ
بن عقبة ، عن أبيه قال : (مرسلا) : إذا قام القائم عليهالسلام حكم بالعدل ، وارتفع في أيّامه الجور ، وأمنت به السبل
، وأخرجت الأرض بركاتها ، وردّ كلّ حقّ إلى أهله ، ولم يبق أهل دين حتّى يظهروا
الإسلام ويعترفوا بالايمان.
أما سمعت الله
سبحانه يقول : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ
فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) ، وحكم بين الناس بحكم داود ، وحكم محمّد صلىاللهعليهوآله ، فحينئذ تظهر الأرض كنوزها ، وتبدي بركاتها ، ولا يجد
الرجل منكم يومئذ موضعا لصدقته ولبرّه ، لشمول الغنى جميع المؤمنين.
ثمّ قال : إنّ
دولتنا آخر الدول ولم يبق أهل بيت لهم دولة إلّا ملكوا قبلنا ، لئلا يقولوا إذا
رأوا سيرتنا : إذا ملكنا سرنا بمثل سيرة هؤلاء ، وهو قول الله تعالى : (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).
الآية الثامنة
قوله تعالى : (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ
مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)
ولاية المهديّ عليهالسلام هي الحرم الآمن
٨٧ ـ روى
الصدوق رحمهالله بإسناده عن أبي زهير بن شبيب بن أنس ، عن بعض أصحابه ،
عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث عن محاجته عليهالسلام أبا حنيفة ، جاء فيه : فقال أبو بكر الحضرميّ : جعلت
فداك الجواب في المسألتين الأوّلتين؟ فقال عليهالسلام : يا أبا بكر : سيروا فيها ليالي وأياما آمنين ، فقال :
مع قائمنا أهل البيت ، وأما قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ
آمِناً) فمن بايعه ودخل معه ومسح على يده ودخل في عقد اصحابه كان
آمنا. (الحديث) .
الآية التاسعة
قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ
اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ
فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ
النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ
__________________
لَعَلَّكُمْ
تَهْتَدُونَ).
يؤلّف الله بين القلوب بالمهديّ عليهالسلام
٨٨ ـ روى عليّ
بن حوشب ، قال : سمع مكحولا يحدّث عن عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه قال : قلت يا
رسول الله ، المهديّ منّا أئمّة الهدى أم من غيرنا؟ قال : بل منّا ، بنا يختم
الدّين كما بنا فتح ، وبنا يستنقذون من ضلالة الفتنة كما استنقذوا من ضلالة الشرك
، وبنا يؤلّف الله بين قلوبهم في الدّين بعد عداوة الفتنة ، كما ألّف الله بين
قلوبهم ودينهم بعد عداوة الشرك .
قوله تعالى : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ
وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
أصحاب المهديّ عليهالسلام بعدد أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله ببدر
٨٩ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن الحارث الأعور الهمدانيّ ، قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام على المنبر : إذا هلك الخاطب ، وزاغ صاحب العصر ، وبقيت
قلوب تتقلّب فمن مخصب ومجدب ، وقليل ما يكونون ، ثلاثمائة أو يزيدون ، تجاهد معهم
عصابة جاهدت مع رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم بدر لم تقتل ولم تمت .
٩٠ ـ روى
الحاكم بإسناده من طريق العامّة عن أبي الطفيل ، عن محمّد بن الحنفيّة ، قال :
كنّا عند عليّ رضى الله عنه ، فسأله رجل عن المهديّ ، فقال عليّ رضى الله عنه :
هيهات ، ثمّ عقد بيده سبعا ـ فقال : ذاك يخرج في آخر الزمان ، إذا قال الرجل الله
الله قتل ، فيجمع الله تعالى له قوما قزع كقزع السحاب ، يؤلّف الله بين قلوبهم ،
لا يستوحشون إلى أحد ، ولا يفرحون بأحد يدخل فيهم ، على عدّة أصحاب بدر ، لم
يسبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون ، وعلى عدد أصحاب طالوت الّذين جاوزوا معه
النهر .
__________________
٩١ ـ روي في
عقد الدرر مرسلا عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام قال : تختلف ثلاث رايات ، راية بالمغرب ، ويل لمصر وما
يحلّ بها منهم ، وراية بالجزيرة ، وراية بالشام ، تدوم الفتنة بينهم سنة.
إلى أن قال عليهالسلام : فيجمع الله عزوجل أصحابه على عدد أهل بدر ، وعلى عدد أصحاب طالوت ،
ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، كأنّهم ليوث خرجوا من غابة ، قلوبهم مثل زبر الحديد ،
لو همّوا بإزالة الجبال لأزالوها عن موضعها ، الزيّ واحد ، واللباس واحد ، كأنما
آباؤهم أب واحد .
٩٢ ـ روى
الطوسيّ بإسناده عن أبي الجارود قال : عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته متى يقوم قائمكم؟ قال : يا أبا الجارود لا
تدركون ، فقلت : أهل زمانه. فقال : ولن تدرك أهل زمانه ، يقوم قائمنا بالحقّ بعد
اياس من الشيعة ، يدعو الناس ثلاثا فلا يجيبه احد ، فإذا كان يوم الرابع تعلّق
بأستار الكعبة ، فقال : يا ربّ انصرني ، ودعوته لا تسقط ، فيقول تبارك وتعالى
للملائكة الّذين نصروا رسول الله يوم بدر ولم يحطّوا سروجهم ولم يضعوا أسلحتهم
فيبايعونه ، ثمّ يبايعه من الناس ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، يسير إلى المدينة فيسير
الناس حتّى يرضى الله عزوجل ، فيقتل الفا وخمسمائة قرشيّ ليس فيهم إلّا فرخ زنية.
ثمّ يدخل المسجد فينقض الحائط حتّى يضعه إلى الأرض ، ثمّ يخرج الأزرق وزريق لعنهما
الله غضّين طريّين يكلمهما فيجيبانه ، فيرتاب عند ذلك المبطلون ، فيقولون : يكلّم
الموتى ، فيقتل منهم خمسمائة مرتاب في جوف المسجد ، ثمّ يحرقهما بالحطب الّذي
جمعاه ليحرقا به عليا وفاطمة والحسن والحسين ، وذلك الحطب عندنا نتوارثه ، ويهدم
قصر المدينة ، ويسير إلى الكوفة فيخرج منها ستة عشر ألفا من البتريّة شاكّين في
السلاح ، قرّاء القرآن ، فقهاء في الدّين ، قد قرّحوا جباههم وسمروا ساماتهم
وعمّهم النفاق ، وكلّهم يقولون : يا ابن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك ، فيضع السيف
فيهم على ظهر النجف عشيّة الاثنين من العصر إلى العشاء ، فيقتلهم أسرع من جزر جزور
، فلا يفوت منهم رجل ، ولا يصاب من اصحابه أحد ، دماؤهم قربان إلى الله.
__________________
ثمّ يدخل
الكوفة فيقتل مقاتليها حتّى يرضى الله. قال : فلم أعقل المعنى ، فمكثت قليلا ثمّ
قلت : جعلت فداك وما يدريه ـ جعلت فداك ـ متى يرضى الله عزوجل؟ قال : يا أبا الجارود ، إنّ الله أوحى إلى أمّ موسى ،
وهو خير من أم موسى ، وأوحى الله إلى النحل ، وهو خير من النحل ، فعقلت المذهب ،
فقال لي : أعقلت المذهب؟ قلت : نعم ، فقال : إنّ القائم ليملك ثلاثمائة وتسع سنين
كما لبث أصحاب الكهف في كهفهم ، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ،
ويفتح الله عليه شرق الأرض وغربها ، يقتل الناس حتّى لا يرى إلّا دين محمّد صلىاللهعليهوآله ، يسير بسيرة سليمان بن داود ، يدعو الشمس والقمر
فيجيبانه ، وتطوى له الأرض ، فيوحى الله إليه فيعمل بأمر الله .
٩٣ ـ روى
الطوسي ؛ بإسناده عن جابر الجعفيّ قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيّف ،
عدّة أهل بدر ، فيهم النجباء من أهل مصر ، والأبدال من أهل الشام ، والأخيار من
أهل العراق ، فيقيم ما شاء الله أن يقيم .
٩٤ ـ روى
العلّامة المجلسيّ رحمهالله بإسناد يرفعه إلى أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إنّ القائم ينتظر من يوم ذي طوى في عدّة أهل بدر
، ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، حتّى يسند ظهره إلى الحجر ، ويهزّ الراية المغلبة .
٩٥ ـ روى ابن
حماد ـ من طريق العامة ـ بسنده عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : ثمّ يظهر المهديّ بمكّة عند العشاء ، ومعه راية
رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقميصه وسيفه ، وعلامات ، ونور ، وبيان ، فإذا صلّى
العشاء نادى بأعلى صوته يقول : أذكّركم الله أيّها الناس ، ومقامكم بين يدي ربّكم
، فقد اتّخذ الحجّة ، وبعث الانبياء ، وأنزل الكتاب ، وأمركم أن لا تشركوا به شيئا
، وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله ، وأن تحيوا ما أحيا القرآن ، وتميتوا ما
أمات ، وتكونوا أعوانا على الهدى ، ووزرا على التقوى ، فإنّ الدنيا قد دنا فناؤها
وزوالها ، وآذنت بالوداع ، فإنّي أدعوكم إلى الله ورسوله ، والعمل بكتابه ، وإماتة
الباطل ، وإحياء سنّته.
__________________
فيظهر في
ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدّة أهل بدر ، على غير ميعاد ، قزعا كقزع الخريف ،
رهبان بالليل ، اسد بالنهار ، فيفتح الله للمهديّ أرض الحجاز ، ويستخرج من كان في
السجن من بني هاشم ، وتنزل الرايات السود الكوفة ، فتبعث بالبيعة للمهديّ ، فيبعث
المهديّ جنوده إلى الآفاق ، ويميت الجور وأهله ، وتستقيم له البلدان ، ويفتح الله
على يده القسطنطينيّة .
الآية العاشرة
قوله تعالى : (بَلى إِنْ تَصْبِرُوا
وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ
آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ).
ملائكة بدر ينصرون المهديّ عليهالسلام
٩٦ ـ روى
العيّاشيّ بإسناده عن ضريس بن عبد الملك ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إنّ الملائكة الّذين نصروا محمّدا صلىاللهعليهوآله يوم بدر في الأرض ، ما صعدوا بعد ، ولا يصعدون حتّى
ينصروا صاحب هذا الامر ، وهم خمسة آلاف .
٩٧ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن أبي الجارود ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : ليس منّا أهل البيت أحد يدفع ضيما ولا يدعو إلى
حق إلّا صرعته البليّة ، حتّى تقوم عصابة شهدت بدرا ، ولا يوارى قتيلها ولا يداوى
جريحها ، قلت : من عنى (أبو جعفر عليهالسلام) بذلك؟ قال : الملائكة .
٩٨ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ ، قال : قال لي أبو جعفر عليهالسلام : يا ثابت كأنّي بقائم أهل بيتي قد أشرف على نجفكم هذا ـ وأومأ بيده إلى
ناحية الكوفة ـ فإذا أشرف على نجفكم ، نشر راية رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فإذا هو نشرها انحطّت عليه ملائكة بدر. قلت : وما
راية رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ قال : عمودها من عمد عرش الله ورحمته ، وسايرها من نصر
الله ، لا يهوي بها إلى شيء إلّا أهلكه الله. قلت : فمخبوءة عندكم حتّى يقوم
القائم عليهالسلام
__________________
أم يؤتى بها؟ قال : لا بل يؤتى بها ، قلت : من يأتيه بها؟ قال : جبرئيل عليهالسلام .
٩٩ ـ روى الشيخ
المفيد بإسناده عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي جعفر عليهالسلام : كأنّي بالقائم على نجف الكوفة قد سار إليها من مكّة
في خمسة آلاف من الملائكة ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله ، والمؤمنون بين
يديه ، وهو يفرّق الجنود في البلاد .
الآية الحادية
عشرة قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ
نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ).
دولة القائم عليهالسلام دولة الله عزوجل
١٠٠ ـ
العيّاشيّ : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ
نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) قال : ما زال منذ خلق الله آدم دولة لله ودولة لابليس ،
فأين دولة الله ، إنّما هو قائم واحد .
الآية الثانية
عشرة قوله عزوجل : (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ).
١٠١ ـ روي عن
سعيد بن جبير رحمهالله عن ابن عبّاس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : عليّ بن أبي طالب عليهالسلام إمام أمّتي وخليفتي عليهم بعدي ، ومن ولده القائم
المنتظر الّذي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ، والّذي بعثني بالحقّ
بشيرا ، إنّ الثابتين على القول في زمان غيبته لأعزّ من الكبريت الأحمر.
فقام إليه جابر
بن عبد الله الانصاريّ فقال : يا رسول الله وللقائم من ولدك غيبة؟ فقال : اي وربّي
: (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) يا جابر إنّ هذا الامر من أمر الله وسرّ من سر الله ،
مطويّ عن عباده ، فإيّاك والشكّ في أمر الله فهو كفر .
١٠٢ ـ عن أبي
جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه قال : حدّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد
المكتّب قال : كنت بمدينة السلام في السنة الّتي توفّي فيها الشيخ أبو الحسن عليّ
بن محمّد السمريّ قدّس الله روحه ، فحضرته قبل وفاته بأيّام ، فأخرج إلى
__________________
الناس توقيعا نسخته :
يا عليّ بن
محمّد السمريّ أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فإنك ميّت ما بينك وبين ستة ايام ،
فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة ، فلا
ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب ، وامتلاء
الأرض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة ، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج
السفياني فهو كذّاب مفتر ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.
قال : فنسخنا
هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ،
فقيل له : من وصيّك من بعدك؟ فقال : لله أمر هو بالغه ، وقضى ، فهذا آخر كلام سمع
منه رضي الله عنه وأرضاه .
١٠٣ ـ روى
الطوسيّ مرسلا عن جابر الجعفيّ قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : متى يكون فرجكم؟ فقال : هيهات هيهات يكون فرجنا حتّى
تغربلوا ثمّ تغربلوا ثمّ تغربلوا ، يقولها ثلاثا ، حتّى يذهب الله تعالى الكدر
ويبقي الصفو .
١٠٤ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر محمّد
بن عليّ عليهماالسلام يقول : والله لتميّزن ، والله لتمحصنّ ، والله لتغربلنّ
كما يغربل الزوان من القمح .
١٠٥ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن محمّد بن منصور الصيقل ، عن أبيه قال : كنت أنا
والحارث بن المغيرة وجماعة من أصحابنا جلوسا وأبو عبد الله عليهالسلام يسمع كلامنا ، فقال لنا : في أيّ شيء أنتم؟ هيهات هيهات
، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تغربلوا ، لا والله لا يكون ما
تمدّون إليه اعينكم حتّى تمحّصوا ، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى
تميّزوا ، لا والله ما يكون ما تمدّون إليه أعينكم إلّا بعد إياس ، لا والله لا
يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى يشقى من يشقى ويسعد من يسعد .
الآية الثالثة
عشرة قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ
تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ
__________________
جاهَدُوا
مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ).
١٠٦ ـ الحميريّ
، عن الرضا عليهالسلام قال : وكان جعفر عليهالسلام يقول : والله لا يكون الّذي تمدّون إليه أعناقكم حتّى
تميّزوا وتمحّصوا ، ثمّ يذهب من كلّ عشرة شيء ، ولا يبقى منكم إلّا الأندر ، ثمّ
تلا هذه الآية : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ
تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ
وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ).
الآية الرابعة
عشرة قوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ
إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ
انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ
يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ).
١٠٧ ـ روى
العيّاشيّ عن زرارة قال : كرهت أن اسأل أبا جعفر عليهالسلام في الرجعة ، فأقبلت مسألة لطيفة أبلغ منها حاجتي ، فقلت
: جعلت فداك أخبرني عمّن قتل مات؟ فقال عليهالسلام : لا ، الموت موت والقتل قتل. قال : فقلت له : ما أحد
يقتل إلّا مات. قال فقال : يا زرارة قول الله أصدق من قولك ، قد فرّق بينهما في
القرآن : (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ
قُتِلَ) وقال : (وَلَئِنْ مُتُّمْ
أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) ليس كما قلت يا زرارة ، الموت موت ، والقتل قتل ، وقد
قال الله : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) الآية. قال : فقلت له : إنّ الله يقول : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) أفرأيت من قتل لم يمت؟ قال : فقال : ليس من قتل بالسيف كمن مات على فراشه ،
إنّ من قتل لا بد أن يرجع إلى الدنيا حتّى يذوق الموت .
الآية الخامسة
عشرة قوله تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ).
المرابطة في انتظار الإمام المهديّ عليهالسلام
١٠٨ ـ محمّد بن
إبراهيم النعمانيّ في كتاب الغيبة ، بإسناده عن بريد بن معاوية
__________________
العجليّ ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام في قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا) فقال : اصبروا على أداء الفرائض ، وصابروا عدوّكم ،
ورابطوا إمامكم المنتظر .
١٠٩ ـ روى
العيّاشيّ عن يعقوب السّراج ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : تبقى الأرض يوما بغير عالم منكم يفزع الناس إليه؟ قال
: فقال لي : إذا لا يعبد الله يا أبا يوسف ، لا تخلو الأرض من عالم منّا ظاهر يفزع
الناس في حلالهم وحرامهم ، وإنّ ذلك لمبيّن في كتاب الله ، قال الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا) ـ على دينكم ـ (وَصابِرُوا) ـ عدوّكم فمن يخالفكم ـ (وَرابِطُوا) ـ إمامكم ـ (وَاتَّقُوا اللهَ) ـ فيما أمركم به وافترض عليكم .
__________________
سورة النساء
الآية السادسة
عشرة قوله تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ
مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ
نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً).
١١٠ ـ محمّد بن
إبراهيم النعمانيّ في الغيبة ، بإسناده عن الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن أبي
المقدام وجابر بن يزيد الجعفيّ ، قال : قال أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام : يا جابر الزم الأرض فلا تحرّك يدا ولا رجلا حتّى ترى
علامات أذكرها لك إن أدركتها : أوّلها اختلاف ولد فلان (بني العباس) وما أراك تدرك
ذلك ، ولكن حدّث به بعدي ، ومناد ينادي من السماء ، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق
بالفتح ، وتخسف قرية من قرى الشام تسمى الجابية ، وتسقط طائفة من مسجد دمشق الأيمن
، ومارقة تمرق من ناحيه الترك ، فيعقبها هرج الروم ، ويستقبل اخوان الترك حتّى
ينزلوا الجزيرة ، وتستقبل مارقة الروم حتّى ينزلوا الرملة ، فتلك السنة يا جابر
فيها اختلاف كثير في كلّ أرض من ناحية المغرب ، فأوّل ارض تخرب أرض الشام ، ثمّ
يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات : راية الأصهب ، وراية الأبقع ، وراية السفيانيّ ،
فيلتقي السفياني بالأبقع فيقتتلون ، فيقتله
__________________
السفياني ومن معه ، ثمّ يقتل الأصهب ، ثمّ لا يكون له همّة إلّا الإقبال
نحو العراق ، ويمرّ جيشه بقرقيسا فيقتتلون بها ، فيقتل من الجبارين مائة ألف ،
ويبعث السفياني جيشا إلى الكوفة وعدّتهم سبعون ألفا ، فيصيبون من أهل الكوفة قتلا
وصلبا وسبيا ، فبينما هم كذلك إذ أقبلت رايات من نحو خراسان تطوي المنازل طيّا
حثيثا ومعهم نفر من أصحاب القائم عليهالسلام ، ويخرج رجل من موالي أهل الكوفة في صنعاء ، فيقتله
أمير جيش السفيانيّ بين الحيرة والكوفة ، ويبعث السفيانيّ بعثا إلى المدينة ،
فينفر المهديّ عليهالسلام منها إلى مكّة ، فيبلغ أمير جيش السفياني بأنّ المهديّ عليهالسلام ، قد خرج إلى مكّة ، فيبعث جيشا على اثره فلا يدرك حتّى
يدخل مكّة خائفا يترقّب على سنّة موسى بن عمران عليهالسلام.
قال : وينزل
أمير جيش السفيانيّ البيداء ، فينادي مناد من السماء : يا بيداء أبيدي القوم ،
فيخسف بهم فلا يفلت منهم إلّا ثلاثة نفر يحوّل الله وجوههم إلى أقفيتهم وهم من كلب
، وفيهم نزلت هذه الآية : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ
مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها) .. الآية ، قال : والقائم عليهالسلام يومئذ بمكّة قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيرا به
فينادي :
يا أيّها الناس
إنّا نستنصر الله ، فمن اجابنا من الناس فإنّا أهل بيت نبيّكم محمّد ، ونحن أولى
الناس بالله وبمحمّد صلىاللهعليهوآله ، فمن حاجّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم عليهالسلام ، ومن حاجّني في نوح فأنا أولى الناس بنوح عليهالسلام ، ومن حاجّني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم عليهالسلام ، ومن حاجّني في محمّد فأنا أولى الناس بمحمّد صلىاللهعليهوآله ، ومن حاجّني في النبيّين فأنا أولى الناس بالنبيّين ...
الحديث .
الآية السابعة
عشرة قوله تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ
كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ
تَأْوِيلاً).
١١١ ـ الشّيخ
الصدوق ، بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفيّ ، قال : سمعت جابر بن عبد الله الأنصاريّ
يقول : لمّا أنزل الله عزوجل على نبيّه محمّد صلىاللهعليهوآله : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا
__________________
أَطِيعُوا
اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) قلت : يا رسول الله عرفنا الله ورسوله ، فمن أولو الأمر
الّذين قرن الله طاعتهم بطاعتك؟ فقال عليه الصلاة والسلام : هم خلفائي يا جابر
وأئمّة المسلمين من بعدي ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ،
ثمّ عليّ بن الحسين ، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر ، ستدركه يا
جابر فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام ، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن
جعفر ، ثمّ عليّ بن موسى ، ثمّ محمّد بن عليّ ، ثمّ عليّ بن محمّد ، ثمّ الحسن بن
عليّ ، ثمّ سميّي وكنيّي حجّة الله في أرضه وبقيّته في عباده ابن الحسن بن عليّ ،
ذاك الّذي يفتح الله تعالى ذكره (به) مشارق الأرض ومغاربها على يديه ، ذاك الّذي
يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلّا من امتحن الله
قلبه للايمان. قال جابر : فقلت له : يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في
غيبته؟ فقال عليه الصلاة والسلام : أي والّذي بعثني بالنبوة ، إنّهم يستضيئون
بنوره ، وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن يجللها سحاب ، يا
جابر ، هذا من مكنون سر الله ومخزون علمه ، فاكتمه إلّا من أهله .
١١٢ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن أبي خالد الكابليّ ، قال : دخلت على سيّدي
عليّ بن الحسين زين العابدين عليهماالسلام فقلت له : يا ابن رسول الله أخبرني بالّذين فرض الله عزوجل طاعتهم ومودّتهم ، وأوجب على عباده الاقتداء بهم بعد
رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ فقال لي : يا كابليّ إنّ أولي الامر الّذين جعلهم الله
عزوجل أئمّة الناس وأوجب عليهم طاعتهم ؛ أمير المؤمنين عليّ
بن أبي طالب عليهالسلام ، ثمّ الحسن عمّي ، ثمّ الحسين أبي ، ثمّ انتهى الأمر
إلينا ، ثمّ سكت. فقلت له : يا سيّدي روي لنا عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله تعالى على عباده ، فمن
الحجّة والإمام بعدك؟ قال : ابني محمّد ، واسمه في صحف الأولين باقر ، يبقر العلم
بقرا ، هو الحجّة والإمام بعدي ، ومن بعد محمّد ابنه جعفر ، واسمه عند أهل السماء
الصادق. قلت : يا سيدي فكيف صار اسمه الصادق وكلهم صادقون؟ قال : حدّثني أبي ، عن
أبيه ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إذا ولد ابني جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن
عليّ بن أبي طالب ، فسمّوه الصادق ، فإنّ الخامس
__________________
من ولده الّذي اسمه جعفر يدّعي الامامة اجتراء على الله وكذبا عليه ، فهو
عند الله «جعفر الكذّاب» المفتري على الله تعالى ، والمدّعي لما ليس له بأهل ،
المخالف لأبيه والحاسد لاخيه ، وذلك الّذي يروم كشف ستر الله عزوجل عند غيبة وليّ الله ، ثمّ بكى عليّ بن الحسين عليهالسلام بكاء شديدا ، ثمّ قال : كأنّي بجعفر الكذّاب وقد حمل
طاغية زمانه على تفتيش أمر وليّ الله ، والمغيّب في حفظ الله. والتوكيل بحرم ابيه
جهلا منه برتبته ، وحرصا منه على قتله ان ظفر به ، وطمعا في ميراث أخيه حتّى يأخذه
بغير حقّ. فقال أبو خالد : فقلت : يا ابن رسول الله وإنّ ذلك لكائن؟ فقال : اي
وربّي إنّ ذلك مكتوب عندنا في الصحيفة الّتي فيها ذكر المحن الّتي تجري علينا بعد
رسول الله صلىاللهعليهوآله. فقال أبو خالد : فقلت : يا ابن رسول الله ثمّ يكون ما
ذا؟ قال : تمتدّ الغيبة بوليّ الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله صلىاللهعليهوآله والائمّة بعده ، يا أبا خالد إنّ أهل زمان غيبته
القائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره أفضل من أهل كلّ زمان ، فإنّ الله تبارك
وتعالى أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة
المشاهدة ، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله بالسيف ، اولئك المخلصون حقّا وشيعتنا صدقا ، والدعاة إلى دين الله عزوجل سرّا وجهرا. وقال عليهالسلام : انتظار الفرج من أعظم الفرج .
١١٣ ـ روى أبان
عن سليم بن قيس ، قال : قلت : يا أمير المؤمنين ، إنّي سمعت من سلمان والمقداد
وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن ومن الرواية عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ، ورأيت في أيدي
الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن النبيّ صلىاللهعليهوآله تخالف الّذي سمعته منكم ، وانتم تزعمون أنّ ذلك باطل ، أفترى
يكذبون على رسول الله صلىاللهعليهوآله متعمّدين ويفسّرون القرآن برأيهم؟ قال : فأقبل عليّ عليهالسلام فقال لي : يا سليم قد سألت فافهم الجواب ، إنّ في أيدي
الناس حقّا وباطلا ، وصدقا وكذبا ، وناسخا ومنسوخا ، وخاصّا وعامّا ، ومحكما
ومتشابها ، وحفظا ووهما ، وقد كذب على رسول الله صلىاللهعليهوآله على عهده حتّى قام خطيبا فقال : أيّها الناس قد كثرت
عليّ الكذّابة ، فمن كذب عليّ متعمدا ، فليتبوّأ مقعده من النار ، ثمّ كذب عليه من
بعده حين توفّي ، رحمة الله
__________________
على نبيّ الرحمة ، وصلىاللهعليهوآله .. الحديث (حتّى يصل إلى قوله) فقلت له ذات يوم : يا
نبيّ الله إنّك منذ يوم دعوت الله لي بما دعوت ، لم أنس شيئا ممّا علّمتني ، فلم
تمليه عليّ وتأمرني بكتابته ، أتتخوّف عليّ النسيان؟
فقال : يا أخي
لست أتخوّف عليك النّسيان ولا الجهل ، وقد أخبرني الله أنّه قد استجاب لي فيك ،
وفي شركائك الّذين يكونون من بعدك. قلت : يا نبي الله ومن شركائي؟ قال : الّذين
قرنهم الله بنفسه وبي معه ، الّذين قال في حقّهم : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ
مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ).
قلت : يا نبيّ
الله ومن هم؟ قال : الأوصياء منّي إلى أن يردوا عليّ حوضي ، كلّهم هاد مهتد ، لا
يضرّهم كيد من كادهم ، ولا خذلان من خذلهم ، هم مع القرآن ، والقرآن معهم لا
يفارقونه ولا يفارقهم ، بهم ينصر الله أمّتي ، وبهم يمطرون ويدفع عنهم بمستجاب
دعوتهم.
فقلت : يا رسول
الله سمّهم لي. فقال : ابني هذا ـ ووضع يده على رأس الحسن ـ ثمّ ابني هذا ـ ووضع
يده على رأس الحسين ، ثمّ ابن ابني هذا ـ ووضع يده على رأس الحسين ـ ثمّ ابن له
على اسمي اسمه محمّد ، باقر علمي وخازن وحي الله ، وسيولد عليّ في حياتك يا أخي ،
فاقرأه منّي السلام ، ثمّ أقبل على الحسين فقال : سيولد لك محمّد بن عليّ في حياتك
، فاقرأه منّي السلام ، ثمّ تكملة الاثني عشر إماما من ولدك يا أخي.
فقلت : يا نبي
الله سمّهم لي.
فسمّاهم لي
رجلا رجلا ، منهم والله ـ يا أخا بني هلال ـ مهديّ هذه الامة الّذي يملأ الأرض
قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. والله إنّي لأعرف جميع من يبايعه بين الركن
والمقام ، وأعرف أسماء الجميع وقبائلهم. .
١١٤ ـ روى
الصدوق رحمهالله بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ
مِنْكُمْ) قال : الائمّة من ولد عليّ وفاطمة عليهماالسلام إلى أن تقوم الساعة .
__________________
١١٥ ـ روى
العيّاشيّ بإسناده عن أبان ، أنّه دخل عليّ أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : فسألته عن قول الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فقال : ذلك عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ثمّ سكت ، قال : فلمّا طال سكوته قلت : ثمّ من؟ قال :
ثمّ الحسن ، ثمّ سكت ، فلمّا طال سكوته ، قلت : ثمّ من؟ قال : الحسين ، قلت : ثمّ
من؟ قال : ثمّ عليّ بن الحسين وسكت ، فلم يزل يسكت عند كلّ واحد ، حتّى أعيد
المسألة ، فيقول حتّى سمّاهم إلى آخرهم عليهمالسلام .
١١٦ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفيّ ، قال : قلت لأبي جعفر
محمّد بن عليّ الباقر عليهماالسلام : لأيّ شيء يحتاج إلى النبيّ والإمام؟ فقال عليهالسلام : لبقاء العالم على صلاحه ، وذلك أنّ الله عزوجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبيّ أو إمام ،
قال الله عزوجل : (وَما كانَ اللهُ
لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) وقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض
، فإذا ذهبت النجوم ، أتى أهل السماء ما يكرهون ، وإذا ذهب أهل بيتي ، أتى أهل
الأرض ما يكرهون ، يعني بأهل بيته الائمّة الّذين قرن الله عزوجل طاعتهم بطاعته فقال : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ
مِنْكُمْ).
وهم المعصومون
المطهّرون الّذين لا يذنبون ولا يعصون ، وهم المؤيّدون الموفّقون المسدّدون ، بهم
يرزق الله عباده ، وبهم يعمر بلاده ، وبهم ينزل القطر من السماء ، وبهم يخرج بركات
الأرض ، وبهم يمهل أهل المعاصي ولا يعجل عليهم بالعقوبة والعذاب ، لا يفارقهم روح
القدس ولا يفارقونه ، ولا يفارقون القرآن ولا يفارقهم ، صلوات الله عليهم أجمعين .
١١٧ ـ روى
العيّاشيّ بإسناده عن بريد بن معاوية قال : كنت عند أبي جعفر عليهالسلام فسألته عن قول الله : (أَطِيعُوا اللهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فكان جوابه أن قال عليهالسلام : (أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) ـ فلان وفلان ـ (وَيَقُولُونَ
__________________
لِلَّذِينَ
كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) (ويقول) الائمّة الضالّة والدعاة إلى النار هؤلاء أهدى من آل محمّد
وأوليائهم سبيلا (أُولئِكَ الَّذِينَ
لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً* أَمْ لَهُمْ
نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ) ـ يعني الامامة والخلافة ـ (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ
النَّاسَ نَقِيراً) نحن الناس الّذي عنى الله ، والنقير النقطة الّتي رأيت
في وسط النواة.
(أَمْ يَحْسُدُونَ
النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) فنحن المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون خلق
الله جميعا (فَقَدْ آتَيْنا آلَ
إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) يقول : فجعلنا منهم الرسل والأنبياء والأئمّة ، فكيف
يقرّون بذلك في آل إبراهيم وينكرونه في آل محمّد صلىاللهعليهوآله؟ (فَمِنْهُمْ مَنْ
آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً) ـ إلى قوله ـ (وَنُدْخِلُهُمْ
ظِلًّا ظَلِيلاً).
قال : قلت :
قوله في آل إبراهيم : (وَآتَيْناهُمْ
مُلْكاً عَظِيماً) ما الملك العظيم؟
قال : أن جعل
منهم أئمّة ، من اطاعهم اطاع الله ، ومن عصاهم عصى الله ، فهو الملك العظيم. قال :
ثمّ قال : (إِنَّ اللهَ
يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) ، إلى : (سَمِيعاً بَصِيراً) ، قال : إيّانا عنى ، أن يؤدّي الأول منا إلى الإمام
الّذي بعده الكتب والعلم والسلاح. (وَإِذا حَكَمْتُمْ
بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) ، الّذي في أيديكم ، ثمّ قال للناس : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا) ، فجمع المؤمنين إلى يوم القيامة (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ، إيّانا عنى خاصة ـ الحديث .
١١٨ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن عيسى بن السري ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : حدّثني عما بنيت عليه دعائم الإسلام ، إذا أنا اخذت
بها زكى عملي ولم يضرّني جهل ما جهلت بعده. فقال عليهالسلام : شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمّدا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والإقرار بما جاء به من عند الله ، وحقّ في الأموال
من الزكاة ، والولاية الّتي أمر الله عزوجل بها ولاية آل محمّد صلىاللهعليهوآله فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من مات ولا يعرف إمامه ، مات ميتة جاهلية ، قال
الله عزوجل : (أَطِيعُوا اللهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فكان عليّ عليهالسلام ، ثمّ صار من بعده حسن ، ثمّ من بعده حسين ، ثمّ من
بعده عليّ بن الحسين ، ثمّ
__________________
من بعده محمّد بن عليّ ، ثمّ هكذا يكون الأمر ، إنّ الأرض لا تصلح إلا
بإمام ، ومن مات لا يعرف إمامه ، مات ميتة جاهلية ، وأحوج ما يكون أحدكم إلى
معرفته إذا بلغت نفسه هاهنا ـ قال : وأهوى بيده إلى صدره ـ يقول حينئذ : لقد كنت
على أمر حسن .
١١٩ ـ روى
العلّامة أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ عن الشيخ الموثوق أبي عمرو العمريّ قدسسره قال : تشاجر القزوينيّ وجماعة من الشيعة في الخلف ،
فذكر ابن أبي غانم ، أنّ أبا محمّد عليهالسلام مضى ولا خلف له ، ثمّ أنّهم كتبوا في ذلك كتابا وأنفذوه
إلى الناحية ، وأعلموه بما تشاجروا فيه. فورد جواب كتابهم بخطّه صلى الله عليه
وعلى آبائه :
عافانا الله
وإيّاكم من الفتن ، ووهب لنا ولكم روح اليقين ، وأجارنا وإيّاكم من سوء المنقلب ،
انّه أنهي إليّ ارتياب جماعة منكم في الدّين ، وما دخلهم من الشكّ والحيرة في ولاة
أمرهم ، فغمّنا ذلك لكم لا لنا ، وساءنا فيكم لا فينا ، لأنّ الله معنا فلا فاقة
بنا إلى غيره ، والحقّ معنا فلن يوحشنا من قعد عنا ، ونحن صنائع ربّنا والخلق بعد
صنائعنا.
يا هؤلاء ما
لكم في الريب تتردّدون ، وفي الحيرة تتمسّكون ، أو ما سمعتم الله يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) أو ما علمتم ما جاءت به الآثار ممّا يكون ويحدث في أئمّتكم ، على الماضين
والباقين منهم السلام؟
أو ما رأيتم
كيف جعل الله لكم معاقل تأوون إليها ، وأعلاما تهتدون بها ، من لدن آدم عليهالسلام إلى أن ظهر الماضي عليهالسلام ، كلّما غاب علم بدا علم ، وإذا أفل نجم طلع نجم ،
فلمّا قبضه الله إليه ظننتم أنّ الله أبطل دينه ، وقطع السبب بينه وبين خلقه ،
كلّا ما كان ذلك ولا يكون ، حتّى تقوم الساعة ويظهر أمر الله وهم كارهون ، وإنّ
الماضي عليهالسلام مضى سعيدا فقيدا على منهاج آبائه عليهمالسلام (حذو النعل بالنعل) وفينا وصيّته وعلمه ، ومنه خلفه ومن يسدّ مسدّه ، ولا
ينازعنا موضعه إلّا ظالم آثم ، ولا يدّعيه دوننا إلّا كافر جاحد ، ولو لا أنّ أمر
الله لا يغلب ، وسرّه لا يظهر ولا يعلن ، لظهر لكم من حقّنا ما تبتز منه عقولكم ،
ويزيل شكوككم ، ولكنّه ما شاء الله كان ، ولكلّ أجل كتاب ، فاتّقوا الله وسلّموا
لنا وردّوا الأمر إلينا ، فعلينا الاصدار كما كان منا الايراد ، ولا تحاولوا كشف
ما غطّي عنكم ، ولا تميلوا
__________________
عن اليمين وتعدلوا إلى اليسار ، واجعلوا قصدكم إلينا بالمودّة على السنّة
الواضحة؟ فقد نصحت لكم ، والله شاهد عليّ وعليكم ، ولو لا ما عندنا من محبّة
صاحبكم ورحمتكم ، والاشفاق عليكم ، لكنّا عن مخاطبتكم في شغل ممّا قد امتحنّا به
من منازعة الظالم العتلّ ، الضالّ المتتابع في غيّه ، المضادّ لربّه ، المدّعي ما
ليس له ، الجاحد حقّ من افترض الله طاعته ، الظالم الغاصب ، وفي ابنة رسول الله صلىاللهعليهوآله وعليها إليّ اسوة حسنة ، وسيتردّى الجاهل رداء عمله ،
وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار.
عصمنا الله
وإيّاكم من المهالك والأسواء ، والآفات والعاهات كلّها برحمته ، إنّه ولي ذلك
والقادر على ما يشاء ، وكان لنا ولكم وليّا وحافظا ، والسلام على جميع الأوصياء
والأولياء والمؤمنين ورحمة الله وبركاته ، وصلّى الله على النبيّ محمّد وآله وسلّم
تسليما .
١٢٠ ـ وروى
الطبرسيّ رحمهالله بإسناده عن الشيخ الصدوق ، عن أحمد بن إسحاق بن سعد
الأشعريّ قدسسره : أنّه جاء بعض أصحابنا يعلمه أنّ جعفر بن عليّ كتب إليه كتابا يعرّفه نفسه
، ويعلمه أنّه القيم بعد اخيه ، وأنّ عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج إليه ،
وغير ذلك من العلوم كلّها.
قال أحمد بن
اسحاق : فلمّا قرأت الكتاب كتبت إلى صاحب الزمان عليهالسلام وصيّرت كتاب جعفر في درجه ، فخرج إليّ الجواب في ذلك :
أتاني كتابك
أبقاك الله والكتاب الّذي أنفذت درجه ، وأحاطت معرفتي بجميع ما تضمّنه ، على
اختلاف ألفاظه وتكرر الخطأ فيه ، ولو تدبّرته لوقفت على بعض ما وقفت عليه منه ،
والحمد لله رب العالمين حمدا لا شريك له على إحسانه إلينا وفضله علينا ، أبى الله عزوجل للحقّ إلا إتماما ، وللباطل إلّا زهوقا ، وهو شاهد عليّ
بما أذكره ، ولي عليكم بما أقوله ، إذا اجتمعنا اليوم الّذي لا ريب فيه ، ويسألنا
عمّا نحن فيه مختلفون.
وإنّه لم يجعل
لصاحب الكتاب على المكتوب إليه ، ولا عليك ولا على أحد من الخلق جميعا إمامة
مفترضة ، ولا طاعة ولا ذمّة ، وسأبيّن لكم جملة تكتفون بها إن شاء
__________________
الله.
يا هذا يرحمك
الله ، إنّ الله تعالى لم يخلق الخلق عبثا ، ولا أهملهم سدى ، بل خلقهم بقدرته ،
وجعل لهم أسماعا وأبصارا وقلوبا والبا ، ثمّ بعث النبيّين عليهمالسلام مبشّرين ومنذرين ، يأمرونهم بطاعته ، وينهونهم عن
معصيته ، ويعرّفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم ، وأنزل عليهم كتابا ، وبعث
اليهم ملائكة ، وباين بينهم وبين من بعثهم إليهم بالفضل الّذي جعله لهم عليهم ،
وما آتاهم الله من الدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة ، والآيات الغالبة ، فمنهم :
من جعل النار عليه بردا وسلاما واتّخذه خليلا ، ومنهم : من كلّمه تكليما وجعل عصاه
ثعبانا مبينا ، ومنهم : من أحيا الموتى بإذن الله وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله
، ومنهم : من علّمه منطق الطير واوتي من كلّ شيء.
ثمّ بعث محمّدا
صلىاللهعليهوآله رحمة للعالمين وتمم به نعمته ، وختم به أنبياءه ،
وأرسله إلى الناس كافّة ، وأظهر من صدقه ما أظهر ، وبيّن من آياته وعلاماته ما
بيّن ، ثمّ قبضه صلىاللهعليهوآله حميدا فقيدا سعيدا ، وجعل الأمر من بعده إلى أخيه وابن
عمّه ووصيّه ووارثه عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، ثمّ إلى الأوصياء من ولده واحدا بعد واحد ، أحيا بهم
دينه ، وأتمّ بهم نوره ، وجعل بينهم وبين اخوتهم وبني عمّهم والأدنين فالأدنين من
ذوي أرحامهم فرقا بيّنا ، تعرف به الحجّة من المحجوج ، والإمام من المأموم ، بأن
عصمهم من الذنوب ، وبرّأهم من العيوب ، وطهّرهم من الدنس ، ونزّههم من اللبس ،
وجعلهم خزّان علمه ، ومستودع حكمته ، وموضع سرّه ، أيّدهم بالدلائل ولو لا ذلك
لكان الناس على سواه ، ولادّعى أمر الله عزوجل كلّ أحد ، ولما عرف الحق من الباطل ، ولا العلم من
الجهل.
وقد ادّعى هذا
المبطل المدّعي على الله الكذب بما ادّعاه ، فلا أدري بأيّة حالة هي له ، رجا أن
يتمّ دعواه ، بفقه في دين الله؟! فو الله ما يعرف حلالا من حرام ، ولا يفرّق بين
خطأ وصواب. أم بعلم؟! فما يعلم حقّا من باطل ، ولا محكما من متشابه ، ولا يعرف حدّ
الصلاة ووقتها. أم بورع؟! فالله شهيد على تركه الصلاة الفرض (أربعين يوما) يزعم
ذلك لطلب الشعوذة ، ولعلّ خبره تأدّى اليكم ، وهاتيك ظروف مسكره منصوبة ، وآثار
عصيانه لله عزوجل مشهورة قائمة.
أم بآية؟!
فليأت بها. أم بحجّة؟! فليقمها. أم بدلالة؟! فليذكرها.
قال الله عزوجل في كتابه : (بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* حم* تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ
الْحَكِيمِ* ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا
بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا
مُعْرِضُونَ* قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا
خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ
مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* وَمَنْ
أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ
الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ* وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا
لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ).
فالتمس ـ تولّى
الله توفيقك ـ من هذا الظالم ما ذكرت لك ، وامتحنه واسأله عن آية من كتاب الله
يفسّرها ، أو صلاة يبيّن حدودها وما يجب فيها ، لتعلم حاله ومقداره ، ويظهر لك
عواره ونقصانه والله حسيبه.
حفظ الله الحقّ
على أهله ، وأقرّه في مستقره ، وأبى الله عزوجل أن تكون الإمامة في الأخوين إلّا في الحسن والحسين ،
وإذا أذن الله لنا في القول ظهر الحق واضمحلّ الباطل ، وانحسر عنكم ، وإلى الله
أرغب في الكفاية ، وجميل الصنع والولاية ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، وصلّى الله
على محمّد وآل محمّد .
١٢١ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن ابن بهلول ، قال : حدّثني عبد الله ابن أبي
الهذيل ـ وسألته عن الامامة فيمن تجب وما علامة من تجب له الامامة؟ ـ فقال : إنّ
الدليل على ذلك والحجّة على المؤمنين والقائم بامور المسلمين والناطق بالقرآن
والعالم بالأحكام أخو نبيّ الله ، وخليفته على أمّته ، ووصيّه عليهم ، ووليّه
الّذي كان منه بمنزلة هارون من موسى ، المفروض الطاعة بقول الله عزوجل : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ
مِنْكُمْ) الموصوف بقوله عزوجل : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ
اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ
وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) المدعو إليه بالولاية ، المثبت له الإمامة يوم غدير خمّ
بقول الرسول صلىاللهعليهوآله عن الله عزوجل : ألست أولى بكم منكم
__________________
بأنفسكم؟ قالوا : بلى ، قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من
والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأعن من أعانه ، وأعزّ
من أطاعه ، ذلك ، عليّ بن أبي طالب عليهالسلام أمير المؤمنين وإمام المتقين ، وقائد الغرّ المحجلين ،
وأفضل الوصيّين ، وخير الخلق أجمعين بعد رسول الله عليهالسلام.
وبعده الحسن بن
عليّ ، ثمّ الحسين عليهماالسلام سبطا رسول الله صلىاللهعليهوآله وابنا خيرة النسوان أجمعين ، ثمّ عليّ بن الحسين ، ثمّ
محمّد بن عليّ ، ثمّ جعفر بن محمّد ، ثمّ موسى بن جعفر ، ثمّ عليّ بن موسى ، ثمّ
محمّد بن عليّ ، ثمّ عليّ بن محمّد ، ثمّ الحسن بن عليّ ، ثمّ محمّد بن الحسن عليهمالسلام إلى يومنا هذا ، واحدا بعد واحد ، وهم عترة الرسول صلىاللهعليهوآله المعروفون بالوصية والإمامة ، لا تخلو الأرض من حجّة
منهم في كلّ عصر وزمان ، وفي كلّ وقت وأوان ، وإنّهم العروة الوثقى وأئمّة الهدى ،
والحجّة على أهل الدنيا ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وكلّ من خالفهم ضالّ
مضلّ ، تارك للحق والهدى ، وهم المعبّرون عن القرآن ، والناطقون عن الرسول صلىاللهعليهوآله ، من مات ولا يعرفهم ، مات ميتة الجاهلية ، ودينهم
الورع والعفّة والصدق والصلاح والاجتهاد ، وأداء الامانة إلى البرّ والفاجر ، وطول
السجود ، وقيام الليل ، واجتناب المحارم ، وانتظار الفرج بالصبر ، وحسن الصحبة ،
وحسن الجوار.
ثمّ قال تميم
بن بهلول : حدّثنى أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن جعفر بن محمّد عليهالسلام في الإمامة مثله سواء .
١٢٢ ـ روى عن
ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، قال : كنت عند الصادق جعفر بن محمّد عليهالسلام إذ دخل عليه معاوية بن عمار وعبد الملك بن أعين ، وذكر
حديثا للامام الصادق عليهالسلام حول الرؤية ، ثمّ قال : عليهالسلام : إنّ أفضل الفرائض وأوجبها على الانسان معرفة الربّ
والإقرار له بالعبوديّة ، وحدّ المعرفة أن يعرف أنّه لا إله غيره ولا شبيه له ولا
نظير له ، وأن يعرف أنّه قديم مثبت ، موجود غير فقيد ، موصوف من غير شبيه ، ولا
مثيل له ، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
وبعده معرفة
الرسول صلىاللهعليهوآله ، والشهادة له بالنبوّة ، وأدنى معرفة الرسول الاقرار
بنبوّته ،
__________________
وأنّ ما أتى به من كتاب أو أمر أو نهي فذلك من الله عزوجل.
وبعده معرفة
الإمام الّذي يأتمّ بنعته وصفته واسمه في حال العسر واليسر ، وأدنى معرفة الإمام
أنّه عدل النبيّ ـ إلّا درجة النبوّة ـ ووارثه ، وأنّ طاعته طاعة الله وطاعة رسول
الله ، والتسليم له في كلّ أمر ، والرّد إليه ، والأخذ بقوله ، ويعلم أنّ الإمام
بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّ بن أبي طالب ، وبعده الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ
عليّ بن الحسين ، ثمّ محمّد بن عليّ ، ثمّ أنا ، ثمّ بعدي موسى ابني ، وبعده عليّ
ابنه ، وبعد عليّ محمّد ابنه ، وبعد محمّد عليّ ابنه ، وبعد عليّ الحسن ابنه ،
والحجّة من ولد الحسن. ثمّ قال : يا معاوية جعلت لك أصلا في هذا ، فاعمل عليه ...
الحديث .
الآية الثامنة
عشرة قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ
وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ
النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ
رَفِيقاً).
١٢٣ ـ روى عليّ
بن إبراهيم في تفسيره المنسوب للصادق عليهالسلام قال : قال : النبيّين : رسول الله ، والصدّيقين : عليّ عليهالسلام ، والشهداء : الحسن والحسين عليهماالسلام ، والصالحين : الأئمّة وحسن اولئك رفيقا : القائم من آل
محمّد عليهم الصلاة والسلام .
١٢٤ ـ روى
الحافظ الحاكم الحسكانيّ أيضا ، قال أخبرنا أبو العباس الفرغانيّ بإسناده عن سعد
بن حذيفة ، عن أبيه حذيفة بن اليمان قال : دخلت على النبيّ صلىاللهعليهوآله ذات يوم وقد نزلت عليه هذه الآية : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ
اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ
وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) فأقرأنيها صلىاللهعليهوآله فقلت : يا نبيّ الله فداك أبي وأمي ، من هؤلاء إنّي أجد
الله بهم حفيّا ، قال : يا حذيفة أنا من النبيّين الّذين أنعم الله عليهم ، أنا
أوّلهم في النبوّة ، وآخرهم في البعث ، ومن الصدّيقين عليّ بن أبي طالب ، ولمّا
بعثني الله عزوجل برسالته ، كان أوّل من صدّق بي ، ثمّ من الشهداء حمزة
وجعفر ، ومن الصالحين الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة ، وحسن أولئك رفيقا :
المهديّ في زمانه .
١٢٥ ـ روى
الحافظ الحاكم الحسكانيّ أيضا قال : أخبرنا أبو سعد محمّد بن عليّ
__________________
الحبريّ وأبو بكر محمّد بن عبد العزيز الجوديّ ، قالا : بإسنادهما عن أبي
أحمد داود بن سليمان قال : حدّثني عليّ بن موسى الرضا ، قال : أخبرني أبي ، عن
أبيه جعفر ، عن أبيه محمّد ، عن أبيه عليّ ، عن أبيه الحسين ، عن أبيه عليّ بن أبي
طالب عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله في هذه الآية : (أُولئِكَ الَّذِينَ
أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ) قال : من النبيّين محمّد ومن الصدّيقين عليّ بن أبي
طالب ومن الشهداء حمزة ومن الصالحين الحسن والحسين (وَحَسُنَ أُولئِكَ
رَفِيقاً) قال : القائم من آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم .
١٢٦ ـ روى
الحافظ الحاكم الحسكانيّ ، قال : بإسناده عن أبي صالح ، عن عبد الله بن عبّاس ، في
قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ) يعني في فرائضه ، ومن (الصَّالِحِينَ) الحسن والحسين (وَحَسُنَ أُولئِكَ
رَفِيقاً) فهو المهديّ في زمانه .
١٢٧ ـ روي في
كفاية الأثر بالإسناد عن أمّ سلمة ، قالت : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآله عن قول الله سبحانه : (فَأُولئِكَ مَعَ
الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ
وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً). قال صلىاللهعليهوآله : (الَّذِينَ أَنْعَمَ
اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ) : أنا ، (وَالصِّدِّيقِينَ) عليّ بن أبي طالب ، (وَالشُّهَداءِ) : الحسن والحسين وحمزة ، (وَحَسُنَ أُولئِكَ
رَفِيقاً) : الأئمّة الاثني عشر بعدي .
١٢٨ ـ روى فرات
الكوفي ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قال عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : إنّي اريد أن أذكر حديثا ، فقال عمار بن ياسر فذكره ،
قال :
إنّي اريد أن
أذكر حديثا ، قال أبو أيوب الأنصاريّ : فما يمنعك يا أمير المؤمنين أن تذكره؟ فقال
: ما قلت هذا إلّا وأنا اريد أن أذكره ، ثمّ قال :
إذا جمع الله
الأوّلين والآخرين ، كان أفضلهم سبعة منّا بني عبد المطلب ، الأنبياء أكرم الخلق
على الله ، ونبيّنا أكرم الأنبياء ، ثمّ الأوصياء أفضل الامم بعد الأنبياء ،
ووصيّه أفضل الأوصياء ، ثمّ الشهداء أفضل الأمم بعد الأنبياء والأوصياء ، وحمزة
سيد الشهداء ، وجعفر ذو الجناحين يطير مع الملائكة لم ينحله شهيد قطّ قبله ،
وإنّما ذلك شيء أكرم الله به وجه
__________________
محمّد صلىاللهعليهوآله. ثمّ قال : (فَأُولئِكَ مَعَ
الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ
وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً* ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ
اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً). والسبطان حسن وحسين ، والمهديّ عليهمالسلام جعله الله ممّن يشاء من أهل البيت .
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ
لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا
كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ
كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا
الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ
وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً).
١٢٩ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ رحمهالله بإسناده عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : والله للذي صنعه الحسن بن عليّ عليهماالسلام كان خيرا لهذه الامة ممّا طلعت عليه الشمس ، فو الله
لقد نزلت هذه الآية : (أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا
الزَّكاةَ) إنّما هي طاعة الإمام ، وطلبوا القتال (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ) مع الحسين عليهالسلام (قالُوا رَبَّنا لِمَ
كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) أرادوا تأخير ذلك إلى القائم عليهالسلام .
١٣٠ ـ وروى
العيّاشيّ رحمهالله بإسناده عن ادريس مولى لعبد الله بن جعفر ، عن أبي عبد
الله عليهالسلام في تفسير هذه الآية : (أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ) مع الحسن (وَأَقِيمُوا
الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ) مع الحسين (قالُوا رَبَّنا لِمَ
كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) إلى خروج القائم عليهالسلام ، فإنّ معهم النصر والظفر ، قال الله : (قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ
وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى.) .. الآية .
١٣١ ـ روى
العيّاشيّ أيضا بإسناده عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : والله للّذي صنعه الحسن بن عليّ عليهماالسلام كان خيرا لهذه الأمّة ممّا طلعت عليه الشمس ، والله
لفيه نزلت هذه الآية : (أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا
الزَّكاةَ) إنّما هي طاعة الامام ، فطلبوا القتال : (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ) مع الحسين (قالُوا رَبَّنا لِمَ
كَتَبْتَ
__________________
عَلَيْنَا
الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) وقوله : (رَبَّنا أَخِّرْنا
إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ) أرادوا تأخير ذلك إلى القائم عليهالسلام .
الآية التاسعة
عشرة قوله تعالى : (مَنْ يُطِعِ
الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ
حَفِيظاً).
١٣٢ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن هشام بن سالم ، عن الصادق جعفر بن محمّد ،
عن أبيه ، عن جدّه عليهمالسلام قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : القائم من ولدي اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي ، وشمائله
شمائلي ، وسنّته سنّتي ، يقيم الناس على ملّتي وشريعتي ، ويدعوهم إلى كتاب ربّي عزوجل ، من أطاعه فقد اطاعني ، ومن عصاه فقد عصاني ، ومن
أنكره في غيبته فقد انكرني ، ومن كذّبه فقد كذّبني ، ومن صدّقه فقد صدّقني ، إلى
الله أشكو المكذّبين لي في أمره ، والجاحدين لقولي في شأنه ، والمضلّين لأمّتي عن
طريقته ، وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون .
الآية العشرون
قوله سبحانه : (وَإِنْ يَتَفَرَّقا
يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً).
١٣٣ ـ ومن خطبة
لمولانا أمير المؤمنين عليهالسلام تسمّى المخزون جاء فيها : ويسير الصدّيق الأكبر براية
الهدى والسيف ذي الفقار والمخصرة حتّى ينزل أرض الهجرة مرّتين وهي الكوفة ، فيهدم
مسجدها ويبنيه على بنائه الأوّل ، ويهدم ما دونه من دور الجبابرة ، ويسير إلى
البصرة حتّى يشرف على بحرها ومعه التابوت وعصا موسى ، فيعزم عليه ، فيزفر زفرة
بالبصرة ، فتصير بحرا لجّيا ، فيغرقها لا يبقى فيها غير مسجدها كجؤجؤ سفينة على
ظهر الماء ، ثمّ يسير إلى حروراء ثمّ يحرقها ، ويسير من باب بني أسد حتّى يزفر
زفرة في ثقيف وهم زرع فرعون ، ثمّ يسير إلى مصر ، فيعلو منبره ويخطب الناس ،
فتستبشر الأرض بالعدل ، وتعطي السماء قطرها ، والشجر ثمرها ، والأرض نباتها ،
وتتزيّن لأهلها ، وتأمن الوحوش حتّى ترتعي في طرف الأرض كأنعامهم ، ويقذف في قلوب
المؤمنين العلم فلا
__________________
يحتاج مؤمن إلى ما عند أخيه من العلم ، فيومئذ تأويل هذه الآية : (يُغْنِ اللهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ). (الحديث) .
الآية الحادية
والعشرون قوله تعالى : (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا
قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَما قَتَلُوهُ وَما
صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي
شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ
يَقِيناً* بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً).
تشبيه غيبة المهديّ عليهالسلام بغيبات عيسى عليهالسلام
١٣٤ ـ روى
العلّامة البيّاضي رحمهالله قال : أسند الشيخ أبو جعفر محمّد بن عليّ ، إلى سدير
الصيرفيّ ، قال : دخلت أنا والمفضل بن عمرو أبان بن تغلب على الصادق عليهالسلام فقال : إنّ الله تعالى إذا آن لقائمنا ، قدّر ثلاثة
لثلاثة : قدّر مولده بمولد موسى ، وغيبته بغيبة عيسى ، وإبطاءه بإبطاء نوح ، وجعل
له بعد ذلك عمر العبد الصالح ـ يعني الخضر ـ دليلا على عمره. ثمّ قال بعد ذلك :
وأمّا غيبة عيسى ، فإنّ الكتابيين اتّفقوا على قتله ، فكذّبهم الله بقوله : (وَما قَتَلُوهُ) وغيبة القائم تنكرها الأمّة لطولها ، فمن قائل لم يولد
، وقائل ولد ومات ، وقائل إنّ حادي عشرنا كان عقيما ، وقائل يتعدّى الأمر عن اثنى
عشر ، وقائل : إنّ روح القائم تنطق في هيكل غيره .
١٣٥ ـ وروى
الصدوق بإسناده عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : كان بين عيسى وبين محمّد صلىاللهعليهوآله خمسمائة عام منها مائتان وخمسون عاما ليس فيها نبيّ ولا
عالم ظاهر ، قلت : فما كانوا؟ قال : كانوا متمسّكين بدين عيسى عليهالسلام ، قلت : فما كانوا؟ قال : كانوا مؤمنين ، ثمّ قال عليهالسلام : ولا يكون الأرض إلّا وفيها عالم.
وكان ممّن ضرب
في الأرض لطلب الحجّة سلمان الفارسيّ رضى الله عنه فلم يزل ينتقل من عالم إلى عالم
، ومن فقيه إلى فقيه ، ويبحث عن الأسرار ويستدلّ بالاخبار منتظرا لقيام القائم
سيّد الأوّلين والآخرين محمّد صلىاللهعليهوآله أربعمائة سنة حتّى بشّر بولادته ، فلمّا أيقن
__________________
بالفرج ، خرج يريد تهامة فسبي .
الآية الثانية
والعشرون قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ
الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ
يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً).
١٣٦ ـ عليّ بن
إبراهيم القميّ رحمهالله بإسناده عن شهر بن حوشب قال : قال لي الحجّاج : يا شهر
آية في كتاب الله قد أعيتني ، فقلت : أيّها الأمير أيّة آية هي؟ فقال : قوله : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا
لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) والله إنّي لأمرّ باليهوديّ والنصرانيّ ، فيضرب عنقه ،
ثمّ أرمقه بعيني فما أراه يحرّك شفتيه حتّى يخمد ، فقلت : أصلح الله الأمير ليس
على ما تأوّلت ، قال : كيف هي؟ قلت : إنّ عيسى ينزل قيل يوم القيامة إلى الدنيا ،
فلا يبقى أهل ملّة يهوديّ ولا غيره (نصرانيّ) إلّا آمن به قبل موته ، ويصلّي خلف
المهديّ. قال : ويحك ... أنّى لك هذا ومن أين جئت به؟ فقلت : حدّثني به محمّد بن
عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام. فقال : جئت بها ـ والله ـ من عين صافية .
١٣٧ ـ روى
الطبريّ بإسناده عن ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا
لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) قال : إذا نزل عيسى ابن مريم فقتل الدجّال ، لم يبق
يهوديّ في الأرض إلّا آمن به. قال : وذلك حين لا ينفعهم الإيمان .
قال العلّامة
البيّاضيّ رحمهالله في رجعة عيسى عليهالسلام في زمان المهديّ عليهالسلام : ثمّ نرجع ونقول : عيسى أيضا حيّ إلى الآن ، قال
الضحّاك وجماعة أيضا من مفسّري المخالف في قوله تعالى : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَ) أي بعد إنزالك من السماء ، وقال الكلبيّ والحسن وابن
جريح : رافعك من الدنيا إليّ من غير موت.
ويؤكّد ذلك ما
رواه الفرّاء في كتابه «شرح السنّة» وأخرجه البخاريّ ومسلم في صحيحهما ، عن أبي
هريرة ، قول النبيّ صلىاللهعليهوآله : كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟
__________________
وفي تفسير : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا
لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) قال ابن المرتضى : قال قوم : الهاء في «موته» كناية عن
عيسى ، أي قبل موت عيسى عند نزوله من السماء في آخر الزمان ، فلا يبقى أحد إلّا
آمن به ، حتّى يكون به الملّة واحدة ملة الإسلام ، ويقع الأمنة في الناس ، حتّى
ترتع الأسود مع الإبل ، والنمور مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، وتلعب الصبيان مع
الحيّات .
الآية الثالثة
والعشرون قوله عزوجل : (وَرُسُلاً قَدْ
قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ
وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً).
١٣٨ ـ روى
الصدوق رحمهالله بإسناده عن عبد الحميد بن ابي الديلم قال : قال الصادق
جعفر بن محمّد عليهالسلام : يا عبد الحميد إنّ الله رسلا مستعلنين ورسلا مستخفين
، فإذا سألته بحقّ المستعلنين فسله بحقّ المستخفين.
وتصديق ذلك من
الكتاب قوله : (وَرُسُلاً قَدْ
قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ
وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) فكانت رسل الله تعالى كذلك من وقت وفاة آدم عليهالسلام إلى وقت ظهور إبراهيم عليهالسلام أوصياء مستعلنين ومستخفين ، فلمّا كان وقت كون إبراهيم
، عليهالسلام ، ستر الله شخصه وأخفى ولادته ، لأنّ الامكان في ظهور
الحجّة كان متعذّرا في زمانه ، وكان إبراهيم عليهالسلام في سلطان نمرود مستترا لأمره ، وكان غير مظهر نفسه ،
ونمرود يقتل أولاد رعيّته وأهل مملكته في طلبه ، إلى أن دلّهم إبراهيم عليهالسلام على نفسه ، وأظهر لهم أمره بعد أن بلغت الغيبة أمدها ،
ووجب إظهار ما أظهره للذي أراده الله في إثبات حجّته واكمال دينه ، فلمّا كان وقت
وفاة إبراهيم عليهالسلام ، كان له أوصياء حججا لله عزوجل في أرضه يتوارثون الوصيّة ، كذلك مستعلنين ومستخفين إلى
وقت كون موسى عليهالسلام ، فكان فرعون يقتل أولاد بني اسرائيل في طلب موسى عليهالسلام الّذي قد شاع من ذكره وخبر كونه ، فستر الله ولادته ،
ثمّ قذفت به أمّه في اليمّ كما أخبر الله عزوجل : (فَالْتَقَطَهُ آلُ
فِرْعَوْنَ) وكان موسى عليهالسلام في حجر فرعون يربّيه وهو لا يعرفه ، وفرعون يقتل أولاد
بني اسرائيل
__________________
في طلبه ، ثمّ كان من أمره بعد أن أظهر دعوته ودلّهم على نفسه ما قد قصّه
الله عزوجل في كتابه ، فلمّا كان وقت وفاة موسى عليهالسلام كان له أوصياء حججا لله كذلك مستعلنين ومستخفين إلى وقت
ظهور عيسى عليهالسلام.
فظهر عيسى عليهالسلام في ولادته ، معلنا لدلالته ، مظهرا لشخصه ، شاهرا
لبراهينه غير مخف لنفسه ، لأنّ زمانه كان زمان إمكان ظهور الحجّة كذلك.
ثمّ كان له من
بعده أوصياء حججا لله عزوجل كذلك مستعلنين ومستخفين إلى وقت ظهور نبيّنا صلىاللهعليهوآله ، فقال الله عزوجل له في الكتاب : (ما يُقالُ لَكَ
إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) ثمّ قال عزوجل : (سُنَّةَ مَنْ قَدْ
أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا) ، فكان ممّا قيل له ولزم من سنته على ايجاب سنن من
تقدّمه من الرسل ، اقامة الاوصياء له كإقامة من تقدّمه لاوصيائهم ، فأقام رسول
الله صلىاللهعليهوآله أوصياء كذلك ، وأخبر بكون المهديّ خاتم الائمة عليهمالسلام ، وأنّه يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا ، ونقلت
الامة ذلك بأجمعها عنه.
وأنّ عيسى عليهالسلام ينزل في وقت ظهوره فيصلّي خلفه ، فحفظت ولادات الأوصياء
ومقاماتهم في مقام بعد مقام ، إلى وقت ولادة صاحب زماننا عليهالسلام المنتظر للقسط والعدل ، كما أوجبت الحكمة باستقامة
التدبير غيبة من ذكرنا من الحجج المتقدّمة بالوجود.
وذلك أنّ
المعروف المتسالم بين الخاصّ والعامّ من أهل هذه الملّة أنّ الحسن بن عليّ والد
صاحب زماننا عليهمالسلام قد كان وكّل به طاغية زمانه الى وقت وفاته ، فلمّا توفي
عليهالسلام وكّل بحاشيته وأهله ، وحبست جواريه وطلب مولوده هذا
أشدّ الطلب ، وكان احد المتولّين عليه عمّه جعفر أخو الحسن بن عليّ بما ادّعاه
لنفسه من الإمامة ، ورجا أن يتمّ له ذلك بوجود ابن اخيه صاحب الزمان عليهالسلام ، فجرت السنّة في غيبته بما جرى من سنن غيبة من ذكرنا
من الحجج المتقدمة ، ولزم من حكمة غيبته عليهالسلام ما لزم من حكمة غيبتهم .
__________________
سورة المائدة
الآية الاولى
قوله تعالى : (الْيَوْمَ يَئِسَ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
الْإِسْلامَ دِيناً).
١٣٩ ـ روى
العيّاشيّ عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : قال أبو جعفر عليهالسلام في هذه الآية : (الْيَوْمَ يَئِسَ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ) يوم يقوم القائم عليهالسلام يئس بنو أميّة ، فهم الّذين كفروا يئسوا من آل محمّد صلىاللهعليهوآله .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَخَذَ
اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً).
١٤٠ ـ روى جابر
بن يزيد الجعفيّ ، عن محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام ، عن عليّ بن الحسين زين العابدين عليهالسلام ، قال : قال الحسن بن عليّ عليهمالسلام : «الأئمّة عدد نقباء بني اسرائيل ، ومنّا مهديّ هذه
الأمّة» .
١٤١ ـ روي عن
عبد الغفار بن قاسم قال : دخلت على مولاي الباقر عليهالسلام وعنده اناس من أصحابه فجرى ذكر الإسلام ، فقلت : يا
سيدي فأيّ الإسلام أفضل؟ قال : من سلم
__________________
المؤمنون من لسانه ويده ، قلت : فما أفضل الاخلاق؟ قال : الصبر والسماحة ،
قلت : فأيّ المؤمنين أكمل ايمانا؟ قال : أحسنهم خلقا ، قلت : فأيّ الجهاد أفضل؟
قال : من عقر جواده وأهريق دمه ، قلت : فأيّ الصلاة أفضل؟ قال : طول القنوت ، قلت
: فأيّ الصدقة أفضل؟ قال : أن تهجر ما حرّم الله عزوجل عليك ، قلت : يا سيّدي فما تقول في الدخول على السلطان؟
قال : لا أرى لك ذلك ، قلت : فإنّي ربّما سافرت إلى الشام فأدخل على إبراهيم بن
الوليد ، قال : يا عبد الغفّار ، إنّ دخولك على السلطان يدعو إلى ثلاثة اشياء ،
محبة الدنيا ، ونسيان الموت ، وقلّة الرضا بما قسم الله ، قلت : يا ابن رسول الله
فإنّي ذو عيلة وأتّجر إلى ذلك المكان لجرّ المنفعة ، فما ترى في ذلك؟ قال : يا عبد
الله إنّي لست آمرك بترك الدنيا ، بل آمرك بترك الذنوب ، فترك الدنيا فضيلة ، وترك
الذنوب فريضة ، وأنت إلى إقامة الفريضة أحوج إليك منك إلى اكتساب الفضيلة. قال :
فقبّلت يده ورجله وقلت : بأبي أنت وأمّي يا ابن رسول الله فما نجد العلم الصحيح
إلّا عندكم ، وإنّي قد كبرت سني ودقّ عظمي ولا أرى فيكم ما أسرّه ، أراكم مقتّلين
مشرّدين خائفين ، وإنّي أقمت على قائمكم منذ حين أقول : يخرج اليوم أو غدا. قال :
يا عبد الغفار ، إنّ قائمنا عليهالسلام هو السابع من ولدي ، وليس هو أوان ظهوره ، ولقد حدّثني
أبي عن أبيه عن آبائه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ الائمّة بعدي اثنا عشر عدد نقباء بني اسرائيل ،
تسعة من صلب الحسين ، والتاسع قائمهم ، يخرج في آخر الزمان فيملؤها عدلا كما ملئت
جورا وظلما. قلت : فإن كان هذا كائن يا ابن رسول الله ، فإلى من بعدك؟ قال : إلى
جعفر وهو سيّد أولادي وأبو الائمّة ، صادق في قوله وفعله ، ولقد سألت عظيما يا عبد
الغفار ، وإنّك لأهل للاجابة ، ثمّ قال عليهالسلام : ألا إنّ مفاتيح العلم السؤال وانشأ يقول :
شفاء العمى
طول السؤال وإنّما
|
|
تمام العمى
طول السكوت على الجهل
|
١٤٢ ـ روى عن يحيى بن يعمر قال :
كنت عند الحسين عليهالسلام إذ دخل عليه رجل من العرب متلثّما أسمر شديد السمرة ،
فسلّم فردّ الحسين عليهالسلام فقال : يا ابن رسول الله مسألة ، قال : هات ، قال : كم
بين الإيمان واليقين؟ قال : أربع أصابع ، قال : كيف؟ قال : الإيمان ما
__________________
سمعناه ، واليقين ما رأيناه ، وبين السمع والبصر أربع أصابع ، قال : فكم
بين السماء والأرض؟ قال : دعوة مستجابة ، قال : فكم بين المشرق والمغرب؟ قال :
مسيرة يوم للشمس قال : فما عزّ المرء؟ قال : استغناؤه عن الناس ، قال : فما أقبح
شيء؟ قال : الفسق في الشيخ قبيح ، والحدّة في السلطان قبيحة ، والكذب في ذي الحسب
قبيح ، والبخل في ذي الغنى ، والحرص في العالم. قال : صدقت يا ابن رسول الله ،
فأخبرني عن عدد الأئمّة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ قال : اثنا عشر عدد نقباء بني اسرائيل. قال : فسمّهم
لي. قال : فأطرق الحسين عليهالسلام مليّا ثمّ رفع رأسه فقال : نعم أخبرك يا أخا العرب ،
إنّ الإمام والخليفة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ، والحسن ، وأنا وتسعة من ولدي منهم عليّ ابني ، وبعده
محمّد ابنه ، وبعده جعفر ابنه ، وبعده موسى ابنه ، وبعده عليّ ابنه ، وبعده محمّد
ابنه ، وبعده عليّ ابنه وبعده الحسن ابنه ، وبعده الخلف المهديّ هو التاسع من ولدي
، يقوم الدّين في آخر الزمان. قال : فقام الاعرابي وهو يقول :
مسح النبيّ
جبينه
|
|
فله بريق في
الخدود
|
أبواه من
أعلى قريش
|
|
وجدّه خير
الجدود
|
١٤٣ ـ روى ابن شاذان بالإسناد عن
الأصبغ بن نباتة ، عن ابن عبّاس ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : معاشر الناس اعلموا أنّ الله تعالى جعل لكم بابا
من دخله أمن من النار ومن الفزع الأكبر. فقام إليه أبو سعيد الخدريّ فقال : يا
رسول الله اهدنا إلى هذا الباب حتّى نعرفه. قال : هو عليّ بن أبي طالب ، سيّد
الوصيّين ، وأمير المؤمنين ، وأخو رسول ربّ العالمين ، وخليفة الله على الناس
أجمعين.
معاشر الناس من
أحبّ أن يتمسّك بالعروة الوثقى الّتي لا انفصام لها ، فليتمسّك بولاية عليّ بن أبي
طالب ، فإنّ ولايته ولايتي ، وطاعته طاعتي.
معاشر الناس من
أحبّ أن يعرف الحجّة بعدي ، فليعرف عليّ بن أبي طالب.
معاشر الناس من
أراد أن يتولى الله ورسوله ، فليقتد بعليّ بن أبي طالب بعدي والأئمّة من ذرّيتي ،
فإنّهم خزّان علمي.
__________________
فقام جابر بن
عبد الله الأنصاريّ فقال : يا رسول الله وما عدّة الأئمّة؟ فقال : يا جابر سألتني
رحمك الله عن الإسلام بأجمعه ، عدّتهم عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب
الله يوم خلق السموات والأرض ، وعدّتهم عدّة العيون الّتي انفجرت لموسى بن عمران عليهالسلام حين ضرب بعصاه الحجر ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ،
وعدّتهم عدّة نقباء بني إسرائيل ، قال الله تعالى : (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ
اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) فالائمّة يا جابر اثنا عشر إماما ، أوّلهم عليّ بن أبي
طالب عليهالسلام ، وآخرهم القائم المهديّ صلوات الله عليهم .
١٤٤ ـ روي
بالإسناد عن سلمان ، قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ الله تعالى لم يبعث نبيّا ولا رسولا ، إلّا جعل
له اثنى عشر نقيبا. فقلت : يا رسول الله لقد عرفت هذا من أهل الكتابين ، فقال : هل
علمت من نقبائي الاثني عشر الّذين اختارهم للامّة من بعدي؟ فقلت : الله ورسوله
أعلم ، فقال : يا سلمان ، خلقني الله من صفوة نوره ودعاني فأطعته ، وخلق من نوري
عليّا ودعاه فأطاعه ، وخلق من نور عليّ فاطمة ودعاها فأطاعته ، وخلق مني ومن عليّ
وفاطمة الحسن ودعاه فأطاعه ، وخلق منّي ومن عليّ وفاطمة الحسين ودعاه فأطاعه ، ثمّ
سمّانا بخمسة أسماء من أسمائه ، فالله المحمود وأنا محمّد ، والله العليّ وهذا
عليّ ، والله الفاطر وهذه فاطمة ، والله ذو الاحسان وهذا الحسن ، والله المحسن
وهذا الحسين.
ثمّ خلق منا
ومن نور الحسين تسعة أئمّة ودعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق سماء مبنيّة وأرضا مدحيّة
ولا ملكا ولا بشرا ، وكنّا نورا نسبّح الله ثمّ نسمع له ونطيع. فقلت : يا رسول
الله بأبي أنت وامي ، فلمن عرف هؤلاء؟ فقال : من عرفهم حقّ معرفتهم واقتدى بهم وو
إلى وليّهم وعادى عدوّهم ، فهو والله منا يرد حيث نرد ، ويسكن حيث نسكن. فقلت : يا
رسول الله وهل يكون إيمان بهم بغير معرفة بأسمائهم وأنسابهم؟ فقال : لا. فقلت : يا
رسول الله فأنّى لي بهم ، وقد عرفت إلى الحسين؟ قال : ثمّ سيّد العابدين عليّ بن
الحسين ، ثمّ ابنه محمّد الباقر علم الأوّلين والآخرين من النبيّين والمرسلين ،
ثمّ ابنه جعفر بن محمّد لسان الله الصادق ، ثمّ ابنه موسى بن جعفر الكاظم الغيظ
صبرا في الله ، ثمّ ابنه عليّ بن
__________________
موسى الرضا لأمر الله ، ثمّ ابنه محمّد بن عليّ المختار لأمر الله ، ثمّ
ابنه عليّ بن محمّد الهادي إلى الله ، ثمّ ابنه الحسن بن عليّ الصامت الأمين لسرّ
الله ، ثمّ ابنه محمّد بن الحسن المهديّ القائم بأمر الله. ثمّ قال : يا سلمان
إنّك تدركه ، ومن كان مثلك ، ومن تولّاه هذه المعرفة ، فشكرت الله وقلت : وإنّي
مؤجّل إلى عهده؟ فقرأ قوله تعالى : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ
أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا
خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً* ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ
عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ
نَفِيراً). قال سلمان : فاشتدّ بكائي وشوقي ، وقلت : يا رسول الله
أبعهد منك؟ فقال : اي والله الّذي أرسلني بالحقّ ، منّي ومن عليّ وفاطمة والحسن
والحسين والتسعة وكلّ من هو منا ومعنا ومضام فينا ، اي والله ليحضرنّ إبليس له
وجنوده ، وكلّ من محض الإيمان محضا ، ومحض الكفر محضا ، حتّى يؤخذ له بالقصاص
والأوتار ولا يظلم ربّك احدا ، وذلك تأويل هذه الآية : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ
اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ
الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ
وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ). قال : فقمت من بين يديه ، وما ابالي لقيت الموت أو
لقيني .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (وَمِنَ الَّذِينَ
قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ
فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ
وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ).
١٤٥ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن أبي ربيع الشاميّ. قال : قال لي أبو عبد
الله عليهالسلام : لا تشتر من السودان احدا ، فان كان فلا بدّ ، فمن
النوبة ، فإنّهم من الّذين قال الله عزوجل : (وَمِنَ الَّذِينَ
قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) أما إنّهم سيذكرون ذلك الحظّ ، وسيخرج مع القائم عليهالسلام منّا عصابة منهم ... الحديث .
الآية الرابعة
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى
لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ
__________________
فِيكُمْ
أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ
الْعالَمِينَ).
١٤٦ ـ
وبالإسناد عن محمّد بن سليمان الديلميّ ، عن أبيه قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (جَعَلَ فِيكُمْ
أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً) فقال : الأنبياء رسول الله صلىاللهعليهوآله وإبراهيم وإسماعيل وذرّيته ، والملوك الأئمّة عليهمالسلام ، قال : فقلت : وأيّ ملك أعطيتم؟ فقال : ملك الجنة ،
وملك الكرّة .
الآية الخامسة
قوله تعالى : (قالَ فَإِنَّها
مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ
عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ).
تيه المسلمين في غيبة المهديّ عليهالسلام كتيه بني إسرائيل
١٤٧ ـ روى
مسعدة بن صدقة قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد عليهالسلام يقول : خطب الناس أمير المؤمنين عليهالسلام بالكوفة ، فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أنا سيد
الشيب وفيّ سنّة من أيّوب ، وسيجمع الله لي أهلي كما جمع ليعقوب شمله ، وذلك إذا
استدار الفلك وقلتم ضلّ أو هلك ، ألا فاستشعروا قبلها بالصبر ، وبوءوا إلى الله
بالذنب ، فقد نبذتم قدسكم ، وأطفأتم مصابيحكم ، وقلّدتم هدايتكم من لا يملك لنفسه
ولا لكم سمعا ولا بصرا ، ضعف والله الطالب والمطلوب.
هذا ، ولم
تتواكلوا أمركم ، ولم تتخاذلوا عن نصرة الحق بينكم ، ولم تهنوا عن توهين الباطل ،
لم يتشجّع عليكم من ليس مثلكم ، ولم يقومن قوي عليكم ، وعلى هضم الطاعة وازوائها
عن أهلها فيكم.
تهتم كما تاهت
بنو اسرائيل على عهد موسى ، وبحقّ أقول ليضعّفنّ عليكم التيه من بعدي باضطهادكم
ولدي ضعف ما تاهت بنو اسرائيل ، فلو قد استكملتم نهلا ، وامتلأتم عللا عن سلطان
الشجرة الملعونة في القرآن ، لقد اجتمعتم على ناعق ضلال ولأجبتم الباطل ركضا ثمّ
لغادرتم داعي الحق ، وقطعتم الأدنى من أهل بدر ، ووصلتم الأبعد من
__________________
أبناء الحرب ، ألا ولو ذاب ما في أيديهم ، لقد دنى التمحيص للجزاء ، وكشف
الغطاء ، وانقضت المدّة ، وأزف الوعد ، وبدا لكم النجم من قبل المشرق ، وأشرق لكم
قمركم كملء شهره وكليلة تمّ ، فإذا استبان ذلك ، فراجعوا التوبة وخالعوا الحوبة
واعلموا أنّكم إن أطعتم طالع المشرق ، سلك بكم منهاج رسول الله صلىاللهعليهوآله فتداويتم من الصمم ، واستشفيتم من البكم ، وكفيتم مئونة
التعسّف والطلب ، ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق ، فلا يبعد الله إلّا من أبى
الرحمة وفارق العصمة ، وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون .
١٤٨ ـ
وبالإسناد عن عليّ بن الحسن بن فضال ، عن أبيه ، عن الرضا عليهالسلام أنّه قال : كأنّي بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي
يطلبون المرعى فلا يجدونه ، قلت له : ولم ذلك يا ابن رسول الله؟ قال : لأنّ إمامهم
يغيب عنهم ، فقلت : ولم؟ قال : لئلّا يكون في عنقه لأحد بيعة إذا قام بالسيف .
١٤٩ ـ
النعمانيّ بإسناده عن عبد الله الشاعر ، يعني ابن أبي عقب ، قال : سمعت عليّا عليهالسلام يقول : كأنّي بكم تجولون جولان الإبل تبتغون مرعى ولا
تجدونها معشر الشيعة .
١٥٠ ـ ابن
ادريس : بإسناده عن يزيد الضخم ، قال : سمعت أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول :
كأنّي بكم تجولون جولان النعم تطلبون المرعى فلا تجدونه .
١٥١ ـ ابن
الوليد بإسناده عن ابن نباتة ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، أنّه ذكر القائم عليهالسلام فقال : أما ليغيبنّ حتّى يقول الجاهل : ما لله في آل
محمّد حاجة .
١٥٢ ـ
الشيبانيّ بإسناده عن عبد العظيم الحسنيّ ، عن أبي جعفر الثاني ، عن آبائه ، عن
أمير المؤمنين عليهالسلام قال : للقائم منّا غيبة امدها طويل ، كأنّي بالشيعة
يجولون جولان النعم في غيبته يطلبون المرعى فلا يجدونه ، ألا فمن ثبت منهم على
دينه لم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه ، فهو معي في درجتي يوم القيامة. ثمّ قال عليهالسلام : إنّ القائم منّا إذا قام لم يكن لأحد في عنقه بيعة ،
فلذلك تخفى ولادته ويغيب شخصه .
__________________
١٥٣ ـ
وبالاسناد عن الحسين بن خالد ، عن الرضا عليهالسلام ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال للحسين عليهالسلام : التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحق ، المظهر
للدين الباسط للعدل ، قال الحسين عليهالسلام : فقلت : يا أمير المؤمنين وإنّ ذلك لكائن؟ فقال عليهالسلام : اي والّذي بعث محمّدا بالنبوّة ، واصطفاه على جميع
البريّة ، ولكن بعد غيبة وحيرة لا تثبت فيها على دينه إلّا المخلصون المباشرون
لروح اليقين ، الّذين أخذ الله ميثاقهم بولايتنا ، وكتب في قلوبهم الأيمان ،
وأيّدهم بروح منه .
١٥٤ ـ وعن
عباية الأسديّ ، قال : سمعت أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى ولا علم يرى ،
يبرأ بعضكم من بعض .
١٥٥ ـ أحمد بن
محمّد الكوفيّ بإسناده عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : خطب أمير المؤمنين عليهالسلام ، فحمد الله واثنى عليه ، وصلّى على النبيّ وآله ثمّ
قال : أمّا بعد فإنّ الله تبارك وتعالى لم يقصم جباري دهر إلّا من بعد تمهيل ورخاء
، ولم يجبر كسر عظم من الأمم إلّا بعد أزل وبلاء. أيّها الناس في دون ما استقبلتم
من عطب واستدبرتم من خطب معتبر ، وما كلّ ذي قلب بلبيب ، ولا كلّ ذي سمع بسميع ،
ولا كلّ ذي ناظر عين ببصير. عباد الله أحسنوا فيما يعنيكم النظر فيه ، ثمّ انظروا
إلى عرصات من قد أقاده الله بعلمه ، كانوا على سنّة من آل فرعون ، أهل جنات وعيون
، وزروع ومقام كريم ، ثمّ انظروا بما ختم الله لهم بعد النضرة والسرور ، والأمر
والنهي ، ولمن صبر منكم العاقبة في الجنان والله مخلّدون ، ولله عاقبة الامور.
فيا عجبا وما
لي لا أعجب من خطاء هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها ، لا يقتفون أثر نبي ،
ولا يعتدّون بعمل وصيّ ، ولا يؤمنون بغيب ، ولا يعفون عن عيب ، المعروف فيهم ما عرفوا
، والمنكر عندهم ما أنكروا ، وكلّ امرئ منهم إمام نفسه ، آخذ منها فيما يرى ، بعرى
وثيقات وأسباب محكمات ، فلا يزالون بجور ، ولن يزدادوا إلّا خطأ ، لا ينالون
تقرّبا ، ولن يزدادوا إلّا بعدا من الله عزوجل ، أنس بعضهم ببعض ، وتصديق بعضهم لبعض ، كلّ ذلك وحشة ممّا
ورّث النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ونفورا مما أدّى إليهم من
__________________
أخبار فاطر السموات والأرض.
أهل حسرات ،
وكهوف شبهات ، وأهل عشوات ، وضلالة وريبة ، من وكلّه الله إلى نفسه ورأيه ، فهو
مأمون عند من يجهله ، غير المتهم عند من لا يعرفه ، فما اشبه هؤلاء بأنعام قد غاب
عنها رعاؤها.
ووا أسفا من
فعلات شيعتنا من بعد قرب مودّتها اليوم ، كيف يستذلّ بعدي بعضها بعضا ، وكيف يقتل
بعضها بعضا؟ المتشتتة غدا عن الاصل ، النازلة بالفرع ، المؤمّلة الفتح من غير جهته
، كلّ حزب منهم آخذ منه بغصن ، أينما مال الغصن مال معه ، مع أنّ الله وله الحمد
سيجمع هؤلاء لشرّ يوم لبني أميّة ، كما يجمع قزع الخريف ، يؤلّف الله بينهم ، ثمّ
يجعلهم ركاما كركام السحاب ، ثمّ يفتح لهم أبوابا ، يسيلون من مستثارهم كسيل
الجنّتين سيل العرم حيث نقب عليه فارة فلم تثبت عليه أكمة ، ولم يردّ سننه رصّ طود
، يذعذهم في بطون أودية ، ثمّ يسلكهم ينابيع في الأرض ، يأخذ بهم من قوم حقوق قوم
، ويمكّن بهم قوما في ديار قوم تشريدا لبني أمّية ، ولكي لا يغتصبوا ما غصبوا ،
يضعضع الله بهم ركنا ، وينقض بهم طيّ الجنادل من ارم ، ويملأ منهم بطنان الزيتون.
فو الّذي فلق
الحبّة وبرأ النسمة ليكوننّ ذلك ، وكأنّي أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم ، وأيم
الله ليذوبنّ ما في أيديهم بعد العلوّ والتمكين في البلاد كما تذوب الألية على
النار ، من مات منهم مات ضالّا ، وإلى الله عزوجل يفضي منهم من درج ، ويتوب الله عزوجل على من تاب ، ولعلّ الله يجمع شيعتي بعد التشتّت لشرّ
يوم لهؤلاء ، وليس لأحد على الله عزّ ذكره الخيرة ، بل لله الخيرة والأمر جميعا.
أيّها الناس ،
إنّ المنتحلين للإمامة من غير أهلها كثير ، ولو لم تتخاذلوا عن مرّ الحقّ ، ولم
تهنوا عن توهين الباطل ، لم يتشجّع عليكم من ليس مثلكم ، ولم يقومن قوي عليكم ،
وعلى هضم الطاعة وإزوائها عن اهلها ، لكن تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى عليهالسلام.
ولعمري
ليضاعفنّ عليكم التيه من بعدي أضعاف ما تاهت بنو اسرائيل ، ولعمري أن لو قد
استكملتم من بعدي مدّة سلطان بني أميّة ، لقد اجتمعتم على سلطان الداعي إلى
الضلالة ، وأحييتم الباطل ، وأخلفتم الحق وراء ظهوركم ، وقطعتم الأدنى من
أهل بدر ، ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب لرسول الله صلىاللهعليهوآله.
ولعمري أن لو
قد ذاب ما في أيديهم ، لدنا التمحيص للجزاء ، وقرب الوعد ، وانقضت المدّة ، وبدا
لكم النجم ذو الذنب من قبل المشرق ، ولاح لكم القمر المنير ، فإذا كان ذلك فراجعوا
التوبة ، واعلموا أنّكم إن اتّبعتم طالع المشرق ، سلك بكم منهاج الرسول صلىاللهعليهوآله ، فتداويتم من العمى والصمم والبكم ، وكفيتم مئونة الطلب
والتعسّف ، ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق ، ولا يبعد الله إلّا من أبى وظلم
واعتسف ، وأخذ ما ليس له (وَسَيَعْلَمُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
١٥٦ ـ
وبالإسناد عن الحارث الاعور الهمدانيّ ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام على المنبر : إذا هلك الخاطب ، وزاغ صاحب العصر ، وبقيت
قلوب تتقلّب من مخصب ومجدب ، هلك المتمنون ، واضمحلّ المضمحلّون ، وبقي المؤمنون ،
وقليل ما يكونون ، ثلاث مائة أو يزيدون ، تجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم بدر ، لم تقتل ولم تمت .
بيان : قول
أمير المؤمنين عليهالسلام : «وزاغ صاحب العصر» أراد صاحب هذا الزمان الغائب
الزائغ عن أبصار هذا الخلق لتدبير الله الواقع. ثمّ قال :
«وبقيت قلوب
تتقلب فمن مخصب ومجدب» وهي قلوب الشيعة المتقلّبة عند هذه الغيبة والحيرة ، فمن
ثابت منها على الحق مخصب ، ومن عادل عنها إلى الضلال ، وزخرف المحال مجدب.
ثمّ قال :
«هللك
المتمنّون» ذمّا لهم ، وهم الّذين يستعجلون أمر الله ، ولا يسلّمون له ، ويستطيلون
الأمد ، فيهلكون قبل أن يروا فرجا ، ويبقي الله من يشاء أن يبقيه من أهل الصبر
والتسليم حتّى يلحقه بمرتبته ، وهم المؤمنون وهم المخلصون القليلون ، الّذين ذكر
أنّهم ثلاثمائة أو يزيدون ممّن يؤهله الله لقوّة إيمانه ، وصحّة يقينه ، لنصرة
وليّه ، وجهاد عدوّه ، وهم ـ كما جاءت الرواية ـ عمّاله وحكّامه في الأرض ، عند
استقرار الدار ، ووضع
__________________
الحرب اوزارها. ثمّ قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «يجاهد معهم عصابة جاهدت مع رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم بدر ، لم تقتل ولم تمت» يريد أنّ الله عزوجل يؤيّد أصحاب القائم عليهالسلام هؤلاء الثلاثمائة والنّيف الخلّص بملائكة بدر وهم
أعدادهم ، جعلنا الله ممّن يؤهّله لنصرة دينه مع وليّه عليهالسلام ، وفعل بنا في ذلك ما هو أهله .
الآية السادسة
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا
الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ
قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ
هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا
فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ
فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ
أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ
عَذابٌ عَظِيمٌ).
خزي الكفّار على يد المهديّ عليهالسلام
١٥٧ ـ روى
الشيخ الطوسيّ رحمهالله ، عن السدّيّ في قوله تعالى : (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ
فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) قال : خزيهم في الدنيا أنّه إذا قام المهديّ وفتحت
قسطنطينية ، قتلهم .
الآية السابعة
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ
بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ
عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ
ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
١٥٨ ـ روى
النعمانيّ رحمهالله بإسناده عن سليمان بن هارون العجليّ ، قال : سمعت أبا
عبد الله عليهالسلام يقول : إنّ صاحب هذا الامر محفوظ له اصحابه ، ولو ذهب
الناس جميعا ، أتى الله باصحابه ، وهم الّذين قال عزوجل : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها
هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) وهم الّذين قال الله عزوجل : (فَسَوْفَ يَأْتِي
اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى
__________________
الْمُؤْمِنِينَ
أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ).
١٥٩ ـ روى
العيّاشيّ بإسناده عن سليمان بن هارون ، قال : قلت له : إنّ بعض هؤلاء العجليّة
يقول : إنّ سيف رسول الله صلىاللهعليهوآله عند عبد الله بن الحسن! فقال : والله ما رآه ولا أبوه
بواحدة من عينيه ، إلّا أن يكون رآه أبوه عند الحسين عليهالسلام ، وإنّ صاحب هذا الأمر محفوظ له ، فلا تذهبنّ يمينا ولا
شمالا ، فإنّ الأمر والله واضح ، والله لو أنّ أهل السماء أو الأرض اجتمعوا على أن
يحوّلوا هذا الأمر من موضعه الّذي وضعه الله فيه ما استطاعوا. ولو أنّ الناس كفروا
جميعا حتّى لا يبقى احد ، لجاء الله لهذا الامر بأهل يكونون من أهله ، ثمّ قال : أما
تسمع الله يقول : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ
بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ
عَلَى الْكافِرِينَ) حتّى فرغ من الآية ، وقال في آية اخرى : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ
وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) ثمّ قال : إنّ أهل هذه الآية هم أهل تلك الآية .
الآية الثامنة
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ
وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ
عَنْها وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ).
١٦٠ ـ الكلينيّ
عن اسحاق بن يعقوب ، أنّه ورد عليه من الناحية المقدسة على يد محمّد بن عثمان ، «وأمّا
علّة ما وقع من الغيبة ، فإنّ الله عزوجل يقول : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) إنّه لم يكن أحد من آبائي إلّا وقعت في عنقه بيعة
لطاغية زمانه ، وإنّي أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي. وأمّا وجه
الانتفاع في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحاب ، وإنّي لأمان
لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء ، فأغلقوا أبواب السؤال عمّا لا
يعنيكم ، ولا تتكلّفوا على ما قد كفيتم ، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج ، فإنّ ذلك
فرجكم ، والسلام عليك يا اسحاق بن يعقوب ، وعلى من اتّبع الهدى» .
__________________
الآية التاسعة
قوله تعالى : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ
فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ).
رجوع النصارى للتوحيد عند ظهور المهديّ عليهالسلام
١٦١ ـ روى
العلّامة الحافظ السيوطيّ ، قال : وأخرج أبو الشيخ ، عن ابن عبّاس في قوله تعالى :
(إِنْ تُعَذِّبْهُمْ
فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ) يقول : عبيدك قد استوجبوا العذاب بمقالتهم ، «وإن تغفر
لهم» : أي من تركت منهم ، ومدّ في عمره حتّى أهبط من السماء إلى الأرض بقتل
الدجّال ، فنزلوا عن مقالتهم ، ووحّدوك وأقرّوا إنّا عبيد ، «وإن تغفر لهم» حيث
رجعوا عن مقالتهم ، «فإنّك أنت العزيز الحكيم» .
__________________
سورة الأنعام
الآية الاولى
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي
خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ
أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ).
خروج السفياني من المحتوم
١٦٢ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن حمران بن أعين ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهماالسلام في قوله تعالى : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً
وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) قال عليهالسلام :
إنّهما اجلان :
أجل محتوم ، وأجل موقوف ، فقال له حمران : ما المحتوم؟ قال : الّذي لا يكون غيره.
قال : وما الموقوف؟ قال : هو الّذي لله فيه المشيئة ، قال حمران :
إنّي لأرجو أن
يكون أجل السفيانيّ من الموقوف ، قال أبو جعفر عليهالسلام : لا والله إنّه لمن المحتوم .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَقالُوا لَوْ لا
نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ
آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ).
__________________
آية طلوع الشمس من مغربها عند ظهور المهديّ عليهالسلام
١٦٣ ـ روى
القمّيّ في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (إِنَّ اللهَ قادِرٌ
عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً) وسيريكم في آخر الزمان آيات : منها دابّة الأرض ،
والدّجّال ، ونزول عيسى ابن مريم عليهالسلام ، وطلوع الشمس من مغربها .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (فَلَمَّا نَسُوا ما
ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا
بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ* فَقُطِعَ دابِرُ
الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
١٦٤ ـ روى عليّ
بن إبراهيم القمّيّ بإسناده عن أبي حمزة ، قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله تعالى : (فَلَمَّا نَسُوا ما
ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ) قال : أمّا قوله : (فَلَمَّا نَسُوا ما
ذُكِّرُوا بِهِ) يعني فلمّا تركوا ولاية عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقد امروا بها (فَتَحْنا عَلَيْهِمْ
أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ) يعني دولتهم في الدنيا وما بسط لهم فيها ، وأمّا قوله :
(حَتَّى إِذا فَرِحُوا
بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) يعني بذلك قيام القائم ، حتّى كأنّهم لم يكن لهم سلطان
قط ، فذلك قوله : (بَغْتَةً) فنزل آخر هذه الآية على محمّد صلىاللهعليهوآله : (فَقُطِعَ دابِرُ
الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
١٦٥ ـ وروى
محمّد بن الحسن الصفّار رحمهالله بإسناده عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : أمّا قوله : (فَلَمَّا نَسُوا ما
ذُكِّرُوا بِهِ) يعني فلمّا تركوا ولاية عليّ عليهالسلام وقد امروا بها ، فتحنا عليهم أبواب كلّ شيء ، يعني مع
دولتهم في الدنيا وما بسط لهم فيها ، وأمّا قوله : (حَتَّى إِذا فَرِحُوا
بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) يعني قيام القائم عليهالسلام .
١٦٦ ـ
وبالإسناد عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله قال : نزلت في بني فلان ثلاث آيات
، قوله عزوجل : (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ
الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ
عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً) يعني القائم بالسيف ، (فَجَعَلْناها
حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ
__________________
بِالْأَمْسِ) وقوله عزوجل : (فَتَحْنا عَلَيْهِمْ
أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً
فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ* فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ). قال أبو عبد الله عليهالسلام : السيف ، وقوله عزوجل : (فَلَمَّا أَحَسُّوا
بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما
أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) يعني القائم ، يسأل بني فلان كنوز بني أميّة .
الآية الرابعة
قوله سبحانه : (قُلْ هُوَ الْقادِرُ
عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ
أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ
انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ).
وقوع الفتن قبل ظهور المهديّ عليهالسلام
١٦٧ ـ روى عليّ
بن إبراهيم قال : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (هُوَ الْقادِرُ عَلى
أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) قال : هو الدخان والصيحة ، (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) وهو الخسف (أَوْ يَلْبِسَكُمْ
شِيَعاً) وهو اختلاف في الدّين وطعن بعضكم على بعض ، وهو أن يقتل
بعضكم بعضا ، وكلّ هذا في أهل القبلة .
قوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ
الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ
وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ).
سبق ذكر هذه
الآية ضمن تفسير الآية ٥٤ من سورة المائدة ، وهي قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ
يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ
وَيُحِبُّونَهُ) الآية ، فراجع.
الآية الخامسة
قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ
إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ
بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً
إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً
قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ).
__________________
آيات قبل ظهور المهديّ عليهالسلام
القسم الأول من
الآية : (يَوْمَ يَأْتِي
بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ
قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً).
١٦٨ ـ روى
الشّيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن عليّ بن رئاب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : في قول الله عزوجل : (يَوْمَ يَأْتِي
بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ
قَبْلُ) قال : الآيات هم الأئمّة ، والآية المنتظرة القائم عليهالسلام ، فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل
قيامه بالسيف ، وان آمنت بمن تقدّمه من آبائه عليهمالسلام .
١٦٩ ـ روى
الشّيخ الصدوق أيضا بإسناده عن أبي بصير ، قال : قال جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام في قول الله عزوجل : (يَوْمَ يَأْتِي
بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ
قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) يعني خروج القائم عليهالسلام المنتظر منا ، ثمّ قال : يا أبا بصير طوبى لشيعة قائمنا
المنتظرين لظهوره في غيبته ، والمطيعين له في ظهوره ، اولئك أولياء الله لا خوف
عليهم ولا هم يحزنون .
١٧٠ ـ روى
بالإسناد عن أبي هريرة ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ثلاث إذا خرجن (لا يَنْفَعُ نَفْساً
إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ) : طلوع الشمس من مغربها والدجّال ، والدابّة .
١٧١ ـ روى ابن
حمّاد بإسناده عن زيد بن أبي عتاب ، سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : خمسا لا أدري أيتهنّ أوّل الآيات ، وأيتهنّ إذا جاءت
لم (يَنْفَعُ نَفْساً
إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) : طلوع الشمس من مغربها ، والدجال ، ويأجوج ومأجوج ،
والدخان ، والدابّة .
١٧٢ ـ روى فرات
الكوفيّ عن جعفر بن محمّد الفزاريّ ، معنعنا عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (يَوْمَ يَأْتِي
بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ
قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي
__________________
إِيمانِها
خَيْراً) قال : يعني صفوتنا ونصرتنا ، قلت ، إنّما قدر الله عنه
باللسان واليدين والقلب. قال : يا خيثمة ألم تكن نصرتنا باللسان كنصرتنا بالسيف ،
ونصرتنا باليدين أفضل والقيام فيها. يا خيثمة إنّ القرآن نزل أثلاثا ، فثلث فينا ،
وثلث في عدوّنا ، وثلث فرائض وأحكام ، ولو أنّ آية نزلت في قوم ، ثمّ ماتوا اولئك
، ماتت الآية ، إذا ما بقي من القرآن شيء. إنّ القرآن عربيّ من أوّله إلى آخره ،
وآخره إلى أوّله ، ما قامت السماوات والأرض ، فلكلّ قوم آية يتلونها. يا خيثمة إنّ
الإسلام بدأ غريبا ، وسيعود غريبا فطوبى للغرباء ، وهذا في أيدي الناس فكلّ على
هذا. يا خيثمة سيأتي على الناس زمان لا يعرفون الله وما هو التوحيد ، حتّى يكون
خروج الدجال ، وحتّى ينزل عيسى ابن مريم من السماء ، ويقتل الله الدجّال على يده ،
ويصلّي بهم رجل منّا أهل البيت ، ألا ترى أنّ عيسى يصلّي خلفنا وهو نبيّ ، ألا
ونحن أفضل منه .
١٧٣ ـ روى
القمّيّ بإسناده عن حفص بن غياث ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سأل رجل عن حروب أمير المؤمنين عليهالسلام وكان السائل من محبّينا ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : بعث الله محمّدا صلىاللهعليهوآله بخمسة أسياف ، ثلاثة منها شاهرة لا تغمد إلى أن تضع
الحرب أوزارها ، ولن تضع الحرب أوزارها حتّى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت
الشمس من مغربها آمن الناس كلّهم في ذلك اليوم ، فيومئذ : (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ
تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) وسيف منها ملفوف ، وسيف منها مغمود سلّه إلى غيرنا
وحكمه إلينا ...
١٧٤ ـ روى
العيّاشيّ بإسناده عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام في قوله : (يَوْمَ يَأْتِي
بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها) قال : طلوع الشمس من المغرب ، وخروج الدابّة والدجّال ،
والرجل يكون مصرّا ولم يعمل على الإيمان ثمّ تجيء الآيات فلا ينفعه إيمانه .
١٧٥ ـ روى البرقي
بإسناده عن عبد الله بن سليمان العامريّ ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : ما زالت الأرض ولله فيها حجّة يعرف الحلال
والحرام ، ويدعو إلى سبيل الله ، ولا ينقطع
__________________
الحجّة من الأرض إلّا أربعين يوما قبل يوم القيامة ، فإذا رفعت الحجّة اغلق
باب التوبة ولم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أن ترفع الحجّة ، واولئك
شرار من خلق الله ، وهم الّذين تقوم عليهم القيامة .
انتظار الفرج عبادة
القسم الثاني
من الآية : قوله عزوجل : (قُلِ انْتَظِرُوا
إِنَّا مُنْتَظِرُونَ).
١٧٦ ـ
النعمانيّ بالإسناد عن البزنطيّ ، قال : قلت للرضا عليهالسلام : جعلت فداك إنّ أصحابنا رووا عن شهاب ، عن جدّك عليهالسلام أنّه قال : أبي الله تبارك وتعالى أن يملّك أحدا ما
ملّك رسول الله صلىاللهعليهوآله ثلاثا وعشرين سنة ، قال : إن كان أبو عبد الله عليهالسلام قاله ، جاء كما قال. فقلت له : جعلت فداك فأيّ شيء تقول
أنت؟ فقال : ما أحسن الصبر وانتظار الفرج ، أما سمعت قول العبد الصالح (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) و (فَانْتَظِرُوا إِنِّي
مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)
فعليكم بالصبر
، فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس ، وقد كان الّذين من قبلكم أصبر منكم.
وقد قال أبو
جعفر عليهالسلام : هي والله السنن القذّة بالقذّة ، ومشكاة بمشكاة ، ولا
بدّ أن يكون فيكم ما كان في الّذين من قبلكم ، ولو كنتم على أمر واحد ، كنتم على
غير سنة الّذين من قبلكم ، ولو أنّ العلماء وجدوا من يحدّثونهم ويكتم سرّهم ،
لحدّثوا ولبثّوا الحكمة ، ولكن قد ابتلاهم الله عزوجل بالإذاعة ، وأنتم قوم تحبّونا بقلوبكم ويخالف ذلك فعلكم
، والله ما يستوي اختلاف أصحابك ، ولهذا أسر على صاحبكم ليقال مختلفين.
ما لكم لا
تملكون أنفسكم وتصبرون حتّى يجيء الله تبارك وتعالى بالذي تريدون؟ إنّ هذا الامر
ليس يجيء على ما تريد الناس ، إنّما هو أمر الله تبارك وتعالى وقضاؤه بالصبر ،
وإنّما يعجل من يخاف الفوت .. الحديث .
١٧٧ ـ المظفر
العلويّ ، بإسناده عن محمّد الواسطيّ ، عن أبي الحسن ، عن آبائه عليهمالسلام ،
__________________
أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : أفضل أعمال أمّتي انتظار الفرج من الله عزوجل .
١٧٨ ـ
وبالإسناد عن محمّد بن الفضيل ، عن الرضا عليهالسلام قال : سألته عن شيء من الفرج ، فقال : أليس انتظار الفرج
من الفرج؟ إنّ الله عزوجل يقول : (فَانْتَظِرُوا إِنِّي
مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ).
١٧٩ ـ وعن
العيّاشيّ ، بإسناده عن البزنطيّ ، قال : قال الرضا عليهالسلام : ما أحسن الصبر وانتظار الفرج ، أما سمعت قول الله
تعالى : (وَارْتَقِبُوا إِنِّي
مَعَكُمْ رَقِيبٌ) وقوله عزوجل : (فَانْتَظِرُوا إِنِّي
مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) فعليكم بالصبر فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس ، فقد
كان الّذين من قبلكم أصبر منكم .
١٨٠ ـ ابن عقدة
، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، أنّه قال ذات يوم : ألا أخبركم بما لا يقبل الله عزوجل من العباد عملا إلّا به؟ فقلت : بلى ، فقال : شهادة أن
لا إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، والإقرار بما أمر الله ، والولاية
لنا ، والبراءة من أعدائنا ، يعني أئمّة خاصّة والتسليم لهم ، والورع والاجتهاد ،
والطمأنينة والانتظار للقائم ، ثمّ قال : إنّ لنا دولة يجيء الله بها إذا شاء.
ثمّ قال : من
سرّه أن يكون من أصحاب القائم ، فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الاخلاق وهو منتظر ،
فإن مات وقام القائم بعده ، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه ، فجدّوا وانتظروا
هنيئا لكم أيّتها العصابة المرحومة .
١٨١ ـ الكلينيّ
: بإسناده عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك متى الفرج؟ فقال : يا أبا بصير أنت ممّن
يريد الدنيا؟ من عرف هذا الأمر فقد فرّج عنه بانتظاره .
١٨٢ ـ
وبالاسناد عن ابن أسباط ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : كفّوا ألسنتكم والزموا بيوتكم ، فإنّه
يصيبكم أمر تخصّون به أبدا ، ولا يصيب العامّة ، ولا تزال
__________________
الزيديّة وقاء لكم .
١٨٣ ـ ابن عقدة
بإسناده عن أبي المرهف ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : هلكت المحاضير ، قلت : وما المحاضير؟ قال :
المستعجلون ، ونجا المقرّبون ، وثبت الحصن على أوتادها ، كونوا أحلاس بيوتكم ،
فإنّ الفتنة على من أثارها ، وإنّهم لا يريدونكم بحاجة إلّا أتاهم الله بشاغل لأمر
يعرض لهم .
١٨٤ ـ ابن عقدة
، بإسناده عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قلت له : أوصني فقال : أوصيك بتقوى الله وان تلزم
بيتك ، وتقعد في دهماء هؤلاء الناس ، وإيّاك والخوارج منّا ، فإنّهم ليسوا على شيء
ولا إلى شيء.
واعلم أنّ لبني
أميّة ملكا لا يستطيع الناس أن تردعه ، وأنّ لأهل الحق دولة إذا جاءت ، ولّاها
الله لمن يشاء منّا أهل البيت ، من أدركها منكم كان عندنا في السنام الأعلى ، وإن
قبضه الله قبل ذلك خار له.
واعلم أنّه لا
تقوم عصابة تدفع ضيما أو تعزّ دينا ، إلّا صرعتهم البليّة ، حتّى تقوم عصابة شهدوا
بدرا مع رسول الله ، لا يوارى قتيلهم ، ولا يرفع صريعهم ، ولا يداوى جريحهم ، قلت
: من هم؟ قال : الملائكة .
١٨٥ ـ عن أمير
المؤمنين عليهالسلام أنّه قال في حديث له : والله لا ترون الّذي تنتظرون
حتّى لا تدعون الله إلّا اشارة بأيديكم ، وإيماضا بحواجبكم ، وحتّى لا تملكون من
الأرض إلّا مواضع أقدامكم ، وحتّى لا يكون موضع سلاحكم على ظهوركم ، فيومئذ لا
ينصرني إلّا الله بملائكته ، ومن كتب على قلبه الإيمان.
والّذي نفس
عليّ بيده ، لا تقوم عصابة تطلب لي أو لغيري حقا ، أو تدفع عنّا ضيما إلّا صرعتهم
البليّة ، حتّى تقوم عصابة شهدت مع محمّد صلىاللهعليهوآله بدرا ، لا يؤدّى قتيلهم ، ولا يداوى جريحهم ، ولا ينعش
صريعهم .
١٨٦ ـ ابن عقدة
، بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : قال لي أبي عليهالسلام :
__________________
لا بدّلنا من آذربيجان لا يقوم لها شيء ، وإذا كان ذلك
فكونوا أحلاس بيوتكم ، والبدوا ما لبدنا ، فإذا تحرّك متحرّكنا فاسعوا إليه ولو
حبوا ، والله لكأنّي انظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد ، على
العرب شديد ، وقال : ويل لطغاة العرب من شرّ قد اقترب .
١٨٧ ـ محمّد بن
همام ، بإسناده يرفعه إلى أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : يأتي على الناس زمان يصيبهم فيها سبطة ،
يأرز العلم فيها كما تأرز الحيّة في جحرها ، فبيناهم كذلك إذ طلع عليهم نجم ، قلت
: فما السبطة؟ قال : الفترة ، قلت : فكيف نصنع فيما بين ذلك؟ قال : كونوا على ما
أنتم عليه ، حتّى يطلع الله لكم نجمكم .
١٨٨ ـ
النعمانيّ بإسناده عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه سمعه يقول : لا تزالون تنتظرون حتّى تكونوا كالمعز
المهزولة الّتي لا يبالي الجازر أين يضع يده منها ، ليس لكم شرف تشرفونه ، ولا سند
تسندون إليه اموركم .
١٨٩ ـ الكلينيّ
بإسناده عن إبراهيم بن مهزم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ذكرنا عنده ملوك بني فلان ، فقال : إنّما هلك
الناس من استعجالهم لهذا الامر ، إنّ الله لا يعجل لعجلة العباد ، إنّ لهذا الأمر
غاية ينتهي إليها ، فلو قد بلغوها لم يستقدموا ساعة ولم يستأخروا .
١٩٠ ـ دعوات
الراونديّ : قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : انتظار الفرج والصبر عبادة .
١٩١ ـ في خبر
الأعمش ، قال الصادق عليهالسلام : من دين الائمّة الورع والعفّة والصلاح ـ إلى قوله :
وانتظار الفرج بالصبر .
١٩٢ ـ
بالأسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أفضل أعمال أمّتي انتظار فرج الله عزوجل .
١٩٣ ـ
وبالإسناد عن سعيد بن مسلم ، عن عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن عليّ عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من رضي عن الله بالقليل من الرزق ، رضي الله عنه
بالقليل من
__________________
العمل ، وانتظار الفرج عبادة .
١٩٤ ـ عن أبي
حمزة الثماليّ ، عن أبي خالد الكابليّ ، عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام قال : تمتدّ الغيبة بوليّ الله ، الثاني عشر من أوصياء
رسول الله صلىاللهعليهوآله والأئمّة بعده ، يا أبا خالد إنّ أهل زمان غيبته ،
القائلون بإمامته ، المنتظرون لظهوره أفضل أهل كلّ زمان ، لأنّ الله تعالى ذكره
أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ، ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة ،
وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله بالسيف ، اولئك المخلصون حقّا ، وشيعتنا صدقا ، والدعاة
إلى دين الله سرّا وجهرا. وقال عليهالسلام : انتظار الفرج من أعظم الفرج .
١٩٥ ـ المفيد ،
بإسناده عن جابر قال : دخلنا على أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهماالسلام ونحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودّعناه ، وقلنا له :
أوصنا يا ابن رسول الله. فقال : ليعن قويّكم ضعيفكم ، وليعطف غنيّكم على فقيركم ،
ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه ، واكتموا أسرارنا ، ولا تحملوا الناس على أعناقنا.
وانظروا أمرنا
وما جاءكم عنا ، فان وجدتموه في القرآن موافقا فخذوا به ، وإن لم تجدوه موافقا
فردّوه ، وان اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده ، وردّوه إلينا حتّى نشرح لكم من ذلك
ما شرح لنا ، فإذا كنتم كما أوصيناكم ولم تعدوا إلى غيره ، فمات منكم ميّت قبل أن
يخرج قائمنا ، كان شهيدا ، ومن أدرك قائمنا فقتل معه ، كان له أجر شهيدين ، ومن قتل
بين يديه عدوّا لنا ، كان له أجر عشرين شهيدا.
١٩٦ ـ
وبالإسناد عن صالح بن عقبة ، عن أبيه ، عن الباقر ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أفضل العبادة انتظار الفرج.
١٩٧ ـ
الأربعمائة : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله ، فإنّ أحبّ
الأعمال إلى الله عزوجل انتظار الفرج .
وقال عليهالسلام : مزاولة قلع الجبال أيسر من مزاولة ملك مؤجل ،
واستعينوا بالله واصبروا ،
__________________
إنّ الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتّقين ، لا تعاجلوا
الأمر قبل بلوغه فتندموا ، ولا يطولنّ عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم .
وقال عليهالسلام : الآخذ بأمرنا معنا غدا في حظيرة القدس ، والمنتظر
لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله .
١٩٨ ـ
وبالإسناد عن حمّاد بن عمرو ، عن الصادق ، عن آبائه عليهمالسلام قال : يا عليّ ، واعلم أنّ أعظم الناس يقينا قوم يكونون
في آخر الزمان ، لم يلحقوا النبيّ وحجب عنهم الحجّة ، فآمنوا بسواد في بياض .
١٩٩ ـ
الهمدانيّ ، بإسناده عن عمرو بن ثابت قال : قال سيّد العابدين عليهالسلام : من ثبت على ولايتنا في غيبة قائمنا ، أعطاه الله أجر
ألف شهيد مثل شهداء بدر واحد.
دعوات
الراونديّ : مثله ، وفيه : من مات على موالاتنا .
٢٠٠ ـ بالإسناد
عن السنديّ ، عن جدّه قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما تقول فيمن مات على هذا الأمر منتظرا له؟ قال : هو
بمنزلة من كان مع القائم في فسطاطه ، ثمّ سكت هنيئة ثمّ قال : هو كمن كان مع رسول
الله عليهالسلام .
٢٠١ ـ المحاسن
: بإسناده عن علاء بن سيابة ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : من مات منكم على هذا الأمر منتظرا له ، كان كمن كان
في فسطاط القائم عليهالسلام .
٢٠٢ ـ
وبالإسناد عن أبي الجارود ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم وعنده جماعة من أصحابه : «اللهم لقّني إخواني»
مرّتين ، فقال من حوله من أصحابه : أما نحن إخوانك يا رسول الله؟ فقال : لا ،
إنّكم أصحابي ، وإخواني قوم في آخر الزمان آمنوا ولم يروني ، لقد عرّفنيهم الله
بأسمائهم وأسماء آبائهم ، من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم وأرحام أمّهاتهم ،
لأحدهم أشدّ بقيّة على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء ، أو كالقابض على جمر
الغضا ، اولئك مصابيح الدجى ، ينجيهم الله من
__________________
كل فتنة غبراء مظلمة .
٢٠٣ ـ المحاسن
: بالإسناد عن عبد الحميد الواسطيّ ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : أصلحك الله ، والله لقد تركنا أسواقنا انتظارا لهذا
الأمر ، حتّى أوشك الرجل منا يسأل في يديه. فقال : يا عبد الحميد ، أترى من حبس
نفسه على الله لا يجعل الله له مخرجا ، بلى والله ليجعلنّ الله له مخرجا ، رحم
الله عبدا حبس نفسه علينا ، رحم الله عبدا أحيا أمرنا. قال : قلت : فإن متّ قبل أن
أدرك القائم؟ فقال : القائل منكم : إن ادركت القائم من آل محمّد نصرته ، كالمقارع
معه بسيفه ، والشهيد معه له شهادتان .
٢٠٤ ـ المحاسن
: بإسناده عن مالك بن أعين ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : إنّ الميّت على هذا الأمر بمنزلة الضارب بسيفه في
سبيل الله .
٢٠٥ ـ المحاسن
: بإسناده عن الفيض بن المختار قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر ، كمن هو مع
القائم في فسطاطه ، قال : ثمّ مكث هنيئة ثمّ قال : لا بل كمن قارع معه بسيفه ، ثمّ
قال : لا والله إلّا كمن استشهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآله .
٢٠٦ ـ
وبالإسناد عن الحسين بن أبي العلا ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : لمّا دخل سلمان رضى الله عنه الكوفة ، ونظر
إليها ، ذكر ما يكون من بلائها ، حتّى ذكر ملك بني أميّة والّذين من بعدهم ، ثمّ
قال : فإذا كان ذلك فالزموا أحلاس بيوتكم حتّى يظهر الطاهر بن الطاهر المطهّر ذو
الغيبة الشريد الطريد .
٢٠٧ ـ الفضل ،
بإسناده عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : سيأتي قوم من بعدكم الرجل الواحد منهم له أجر خمسين
منكم ، قالوا : يا رسول الله نحن كنا معك ببدر واحد وحنين ونزل فينا القرآن ، فقال
: إنّكم لو تحمّلوا لما حمّلوا ، لم تصبروا صبرهم .
٢٠٨ ـ المحاسن
: بإسناده عن الحكم بن عيينة قال : لمّا قتل أمير المؤمنين عليهالسلام الخوارج يوم النهروان ، قام إليه رجل فقال : يا أمير
المؤمنين طوبى لنا إذ شهدنا معك هذا الموقف ،
__________________
وقتلنا معك هؤلاء الخوارج ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : والّذي فلق الحبة وبرء النسمة ، لقد شهدنا في هذا
الموقف اناس لم يخلق الله آباءهم ولا أجدادهم بعد ، فقال الرجل : وكيف يشهدنا قوم
لم يخلقوا؟ قال : بلى ، قوم يكونون في آخر الزمان يشركوننا فيما نحن فيه ،
ويسلّمون لنا ، فاولئك شركاؤنا فيما كنّا فيه حقّا حقّا .
٢٠٩ ـ المحاسن
: عن السكونيّ ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم
قال : أفضل عبادة المؤمن انتظار الفرج .
٢١٠ ـ ابن عقدة
، بإسناده عن الحارث بن المغيرة قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : يكون فترة لا يعرف المسلمون امامهم فيها؟ فقال : يقال
ذلك ، قلت : فكيف نصنع؟ قال : إذا كان ذلك ، فتمسّكوا بالأمر الأوّل حتّى يتبيّن
لكم الآخر .
٢١١ ـ وبهذا
الاسناد عن منصور الصيقل ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : إذا أصبحت وأمسيت يوما لا ترى فيه اماما من آل محمّد
، فأحبّ من كنت تحبّ وأبغض من كنت تبغض ، ووال من كنت توالي ، وانتظر الفرج صباحا
ومساء .
٢١٢ ـ
النعمانيّ ، بإسناده في كتاب القرآن قال أمير المؤمنين عليهالسلام : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا أبا الحسن حقيق على الله أن يدخل أهل الضلال
الجنّة ، وإنّما عنى بهذا المؤمنين الّذين قاموا في زمن الفتنة على الائتمام
بالإمام الخفيّ المكان ، المستور عن الأعيان ، فهم بإمامته مقرّون ، وبعروته
مستمسكون ، ولخروجه منتظرون ، موقنون غير شاكّين ، صابرون مسلّمون ، وإنّما ضلّوا
عن مكان إمامهم وعن معرفة شخصه ، يدلّ على ذلك أنّ الله تعالى إذا حجب عن عباده
عين الشمس الّتي جعلها دليلا على أوقات الصلاة ، فموسّع عليهم تأخير الموقّت ليتبين
لهم الوقت بظهورها ، ويستيقنوا أنّها قد زالت ، فكذلك المنتظر لخروج الإمام عليهالسلام ، المتمسّك بإمامته موسّع عليه جميع فرائض الله الواجبة
عليه ، مقبولة منه بحدودها ، غير خارج عن معنى ما فرض عليه ، فهو صابر محتسب لا
تضرّه غيبة إمامة .
__________________
سورة الأعراف
الآية الاولى
قوله تعالى : (يا بَنِي آدَمَ لا
يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ
عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ
مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ
لا يُؤْمِنُونَ).
٢١٣ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله ، بإسناده عن عبد السلام صالح الهرويّ ، عن أبي الحسن
عليّ بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ عليهمالسلام قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : والّذي بعثني بالحقّ بشيرا ، ليغيبن القائم من ولدي ،
بعهد معهود إليه منّي ، حتّى يقول أكثر الناس : ما لله في آل محمّد حاجة ، ويشكّ
آخرون في ولادته ، فمن أدرك زمانه فليتمسّك بدينه ، ولا يجعل للشيطان إليه سبيلا
بشكّه ، فيزيله عن ملّتي ، ويخرجه عن ديني ، فقد أخرج أبويكم من الجنة من قبل ،
وإنّ الله عزوجل جعل الشياطين أولياء للّذين لا يؤمنون .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ
أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا
__________________
يَسْتَقْدِمُونَ).
٢١٤ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن حمران ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام وذكر هؤلاء عنده وسوء حال الشيعة عندهم فقال : إنّي سرت
مع أبي جعفر المنصور وهو في موكبه وهو على فرس ، وبين يديه خيل ، ومن خلفه خيل ،
وأنا على حمار إلى جانبه ، فقال لي :
يا أبا عبد
الله قد كان ينبغي لك ان تفرح بما أعطانا الله من القوّة وفتح لنا من العز ، ولا
تخبر الناس أنّك أحقّ بهذا الأمر منّا وأهل بيتك ، فتغرينا بك وبهم ، قال : فقلت :
ومن رفع هذا إليك عنّي فقد كذب. فقال لي : أتحلف على ما تقول؟ قال : فقلت : إنّ
الناس سحرة ، يعني يحبّون أن يفسدوا قلبك عليّ ، فلا تمكّنهم من سمعك ، فإنّا إليك
أحوج منك إلينا. فقال لي : تذكر يوم سألتك هل لنا ملك؟ فقلت : نعم ، طويل عريض
شديد ، فلا تزالون في مهلة من أمركم وفسحة من دنياكم ، حتّى تصيبوا منا دما حراما
في شهر حرام في بلد حرام ، فعرفت أنّه قد حفظ الحديث ، فقلت : لعلّ الله عزوجل أن يكفيك فإنّي لم أخصّك بهذا ، وإنّما هو حديث رويته ،
ثمّ لعلّ غيرك من أهل بيتك يتولّى ذلك ، فسكت عني ، فلمّا رجعت إلى منزلي أتاني
بعض موالينا فقال : جعلت فداك ، والله لقد رأيتك في موكب أبي جعفر وأنت على حمار
وهو على فرس ، وقد أشرف عليك يكلّمك كأنّك تحته ، فقلت بيني وبين نفسي : هذا حجّة
الله على الخلق وصاحب هذا الأمر الّذي يقتدى به ، وهذا الآخر يعمل بالجور ويقتل
أولاد الأنبياء ويسفك الدماء في الأرض بما لا يحبّ الله ، وهو في موكبه وأنت على
حمار ، فدخلني من ذلك شكّ حتّى خفت على ديني ونفسي. قال فقلت : لو رأيت من كان
حولي وبين يديّ ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي من الملائكة ، لاحتقرته واحتقرت ما
هو فيه ، فقال : الآن سكن قلبي. ثمّ قال : إلى متى هؤلاء يملكون ، أو متى الراحة
منهم؟ فقلت : أليس تعلم أنّ لكلّ شيء مدّة؟ قال : بلى. فقلت : هل ينفعك علمك أنّ
هذا الامر إذا جاء كان أسرع من طرفة العين؟ إنّك لو تعلم حالهم عند الله عزوجل وكيف هي ، كنت لهم أشد بغضا ، ولو جهدت أو جهد أهل
الأرض أن
__________________
يدخلوهم في أشدّ ممّا هم فيه من الإثم لم يقدروا ، فلا يستفزنّك الشيطان
فإنّ العزّة لله ولرسوله وللمؤمنين ، ولكنّ المنافقين لا يعلمون ، ألا تعلم أنّ من
انتظر أمرنا وصبر على ما يرى من الأذى والخوف ، هو غدا في زمرتنا؟ فإذا رأيت الحق
قد مات وذهب أهله ، ورأيت الجور قد شمل البلاد ، ورأيت القرآن قد خلق وأحدث فيه ما
ليس فيه ووجّه على الأهواء ، ورأيت الدّين قد انكفأ كما ينكفئ الماء ، ورأيت أهل
الباطل قد استعملوا على أهل الحقّ ، ورأيت الشرّ ظاهرا لا ينهى عنه ويعذر أصحابه ،
ورأيت الفسق قد ظهر ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، ورأيت المؤمن
صامتا لا يقبل قوله ، ورأيت الفاسق يكذب ولا يردّ عليه كذبه وفريته ، ورأيت الصغير
يستحقر (ب) الكبير ، ورأيت الأرحام قد تقطّعت ، ورأيت من يمتدح بالفسق يضحك منه
ولا يردّ عليه قوله ، ورأيت الغلام يعطى ما تعطى المرأة ، ورأيت النساء يتزوجن
النساء ، ورأيت الغناء قد كثر ، ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة الله فلا ينهى
ولا يؤخذ على يديه ، ورأيت الناظر يتعوّذ بالله مما يرى المؤمن فيه من الاجتهاد ،
ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع ، ورأيت الكافر فرحا لما يرى في المؤمن ، مرحا
لما يرى في الأرض من الفساد ، ورأيت الخمور تشرب علانية ويجتمع عليها من لا يخاف
الله عزوجل ، ورأيت الآمر بالمعروف ذليلا ، ورأيت الفاسق فيما لا
يحبّ الله قويّا محمودا ، ورأيت أصحاب الآيات يحتقرون ويحتقر من يحبّهم ، ورأيت
سبيل الخير منقطعا وسبيل الشر مسلوكا ، ورأيت بيت الله قد عطّل ويؤمر بتركه ،
ورأيت الرجل يقول ما لا يفعله ، ورأيت الرجال يتسمّنون للرجال ، والنساء للنساء ،
ورأيت الرجل معيشته من دبره ، ومعيشة المرأة من فرجها ، ورأيت النساء يتّخذن
المجالس كما يتّخذها الرجال ، ورأيت التأنيث في ولد العباس قد ظهر ، وأظهروا
الخضاب وامتشطوا كما تتمشط المرأة لزوجها ، وأعطوا الرجال الأموال على فروجهم ،
وتنوفس في الرجل وتغاير عليه الرجال ، وكان صاحب المال أعزّ من المؤمن ، وكان
الربا ظاهرا لا يغيّر ، وكان الزنا تمتدح به النساء ، ورأيت المرأة تصانع زوجها
على نكاح الرجال ، ورأيت اكثر الناس وخير بيت من يساعد النساء على فسقهن ، ورأيت
المؤمن محزونا محتقرا ذليلا ، ورأيت البدع والزنا قد ظهر ، ورأيت الناس يعتدّون
بشاهد
الزور ، ورأيت الحرام يحلّل ، ورأيت الحلال يحرّم ، ورأيت الدّين بالرأي ،
وعطّل الكتاب وأحكامه ، ورأيت الليل لا يستخفى به من الجرأة على الله ، ورأيت
المؤمن لا يستطيع أن يذكر إلّا بقلبه ، ورأيت العظيم من المال ينفق في سخط الله عزوجل ، ورأيت الولاة يقرّبون أهل الكفر ويباعدون أهل الخير ،
ورأيت الولاة يرتشون في الحكم ، ورأيت الولاية قبالة لمن زاد ، ورأيت ذوات الأرحام
ينكحن ويكتفى بهنّ ، ورأيت الرجل يقتل على التهمة وعلى الظنّة ، ويتغاير على الرجل
الذّكر فيبذل له نفسه وماله ، ورأيت الرجل يعيّر على إتيان النساء ، ورأيت الرجل
يأكل من كسب امرأته من الفجور يعلم ذلك ويقيم عليه ، ورأيت المرأة تقهر زوجها
وتعمل ما لا يشتهي وتنفق على زوجها ، ورأيت الرجل يكري امرأته وجاريته ويرضى
بالدنيّ من الطعام والشراب ، ورأيت الأيمان بالله عزوجل كثيرة على الزور ، ورأيت القمار قد ظهر ، ورأيت الشراب يباع ظاهرا ليس له
مانع ، ورأيت النساء يبذلن أنفسهن لأهل الكفر ، ورأيت الملاهي قد ظهرت يمرّ بها لا
يمنعها أحد أحدا ولا يجترئ أحد على منعها ، ورأيت الشريف يستذلّه الّذي يخاف
سلطانه ، ورأيت أقرب الناس من الولاة من يمتدح بشتمنا أهل البيت ، ورأيت من يحبّنا
يزوّر ولا تقبل شهادته ، ورأيت الزور من القول يتنافس فيه ، ورأيت القرآن قد ثقل
على الناس استماعه وخفّ على الناس استماع الباطل ، ورأيت الجار يكرم الجار خوفا من
لسانه ، ورأيت الحدود قد عطّلت وعمل فيها بالأهواء ، ورأيت المساجد قد زخرفت ،
ورأيت أصدق الناس عند الناس المفتري الكذب ، ورأيت الشرّ قد ظهر والسعي بالنميمة ،
ورأيت البغي قد فشا ، ورأيت الغيبة تستملح ويبشّر بها الناس بعضهم بعضا ، ورأيت
طلب الحجّ والجهاد لغير الله ، ورأيت السلطان يذلّ للكافر المؤمن ، ورأيت الخراب
قد اديل من العمران ، ورأيت الرجل معيشته من بخس المكيال والميزان ، ورأيت سفك
الدماء يستخفّ بها ، ورأيت الرجل يطلب الرئاسة لعرض الدنيا ويشهر نفسه بخبث اللسان
ليتّقى وتسند إليه الأمور ، ورأيت الصلاة قد استخفّ بها ، ورأيت الرجل عنده المال
الكثير ثمّ لم يزكّه منذ ملكه ، ورأيت الميت ينبش من قبره ويؤذى وتباع أكفانه ،
ورأيت الهرج قد كثر ، ورأيت الرجل يمسى نشوان ويصبح سكران لا يهتمّ بما الناس فيه
، ورأيت البهائم تنكح ،
ورأيت البهائم يفرس بعضها بعضا ، ورأيت الرجل يخرج إلى مصلّاه ويرجع وليس
عليه شيء من ثيابه ، ورأيت قلوب الناس قد قست وجمدت أعينهم وثقل الذكر عليهم ،
ورأيت السحت قد ظهر يتنافس فيه ، ورأيت المصلّي إنّما يصلّي ليراه الناس ، ورأيت
الفقيه يتفقّه لغير الدّين ، يطلب الدنيا والرئاسة ، ورأيت الناس مع من غلب ،
ورأيت طالب الحلال يذمّ ويعيّر ، وطالب الحرام يمدح ويعظّم ، ورأيت الحرمين يعمل
فيهما بما لا يحبّ الله ، لا يمنعهم مانع ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد ،
ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين ، ورأيت الرجل يتكلّم بشيء من الحقّ ويأمر
بالمعروف وينهى عن المنكر ، فيقوم إليه من ينصحه في نفسه ، فيقول هذا عنك موضوع ،
ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض ويقتدون بأهل الشرور ، ورأيت مسلك الخير وطريقه
خاليا لا يسلكه احد ، ورأيت الميّت يهزأ به فلا يفزع له أحد ، ورأيت كلّ عام يحدث
فيه من الشرّ والبدعة أكثر مما كان ، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلّا
الأغنياء ، ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به ويرحم لغير وجه الله ، ورأيت الآيات
في السماء لا يفزع لها أحد ، ورأيت الناس يتسافدون كما يتسافد البهائم لا ينكر أحد
منكرا تخوّفا من الناس ، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله ويمنع اليسير
في طاعة الله ، ورأيت العقوق قد ظهر ، واستخف بالوالدين وكانا من أسوإ الناس حالا
عند الولد ويفرح بأن يفتري عليهما ، ورأيت النساء وقد غلبن على الملك وغلبن على
كلّ أمر يؤتى إلّا مالهن فيه هوى ، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه ويدعو على
والديه ويفرح بموتهما ، ورأيت الرجل إذا مر به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم من
فجور أو بخس مكيال أو ميزان أو غشيان حرام أو شرب مسكر كئيبا حزينا يحسب أنّ ذلك
اليوم عليه وضيعة من عمره ، ورأيت السلطان يحتكر الطعام ، ورأيت أموال ذوي القربى
تقسّم في الزور ويتقامر بها وتشرب بها الخمور ، ورأيت الخمر يتداوى بها وتوصف
للمريض ويستشفى بها ، ورأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر وترك التديّن به ، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق قائمة ، ورياح أهل
الحق لا تحرّك ، ورأيت الأذان بالأجر والصلاة بالأجر ، ورأيت المساجد محتشية ممّن
لا يخاف الله ، مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحقّ ،
ويتواصفون فيها شراب المسكر ، ورأيت السكران يصلّي بالناس وهو لا يعقل ولا
يشان بالسكر ، وإذا سكر أكرم واتّقي وخيف وترك لا يعاقب ويعذر بسكره ، ورأيت من
اكل اموال اليتامى يحمد بصلاحه ، ورأيت القضاة يقضون بخلاف ما أمر الله ، ورأيت
الولاة يأتمنون الخونة للطمع ، ورأيت الميراث قد وضعته الولاة لأهل الفسوق والجرأة
على الله يأخذون منهم ويخلّونهم وما يشتهون ، ورأيت المنابر يؤمر عليها بالتقوى
ولا يعمل القائل بما يأمر ، ورأيت الصلاة قد استخفّ بأوقاتها ، ورأيت الصدقة
بالشفاعة لا يراد بها وجه الله وتعطى لطلب الناس ، ورأيت الناس همّهم بطونهم
وفروجهم ، لا يبالون بما أكلوا وما نكحوا ، ورأيت الدنيا مقبلة عليهم ، ورأيت
أعلام الحقّ قد درست ، فكن على حذر واطلب الى الله عزوجل النجاة ، واعلم أنّ الناس في سخط الله عزوجل وإنّما يمهلهم لأمر يراد بهم ، فكن مترقّبا واجتهد
ليراك الله عزوجل في خلاف ما هم عليه ، فإن نزل بهم العذاب وكنت فيهم
عجّلت إلى رحمة الله ، وإن أخرت ابتلوا وكنت قد خرجت ممّا هم فيه من الجرأة على
الله عزوجل ، واعلم أنّ الله لا يضيع أجر المحسنين ، وأنّ رحمة
الله قريب من المحسنين .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ
إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ
قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ
فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ
خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ).
٢١٥ ـ روى عليّ
بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليهالسلام قال : فهو من الآيات الّتي تأويلها بعد تنزيلها ، قال :
ذلك يوم القائم عليهالسلام ويوم القيامة (يَقُولُ الَّذِينَ
نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ) أي تركوه : (قَدْ جاءَتْ رُسُلُ
رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا) قال : قال هذا يوم القيامة (أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي
كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ) أي بطل عنهم (ما كانُوا يَفْتَرُونَ).
الآية الرابعة
قوله تعالى : (وَإِلى ثَمُودَ
أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ
__________________
غَيْرُهُ
..).
وجه الشبه بين غيبة صالح عليهالسلام وغيبة المهديّ عليهالسلام
٢١٦ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن زيد الشحام ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : إنّ صالحا عليهالسلام غاب عن قومه زمانا ، وكان يوم غاب عنهم كهلا مبدوح
البطن حسن الجسم ، وافر اللحية ، خميص البطن ، خفيف العارضين مجتمعا ، ربعة من
الرجال ، فلمّا رجع الى قومه لم يعرفوه بصورته ، فرجع اليهم وهم على ثلاث طبقات :
طبقة جاحدة لا ترجع أبدا ، وأخرى شاكّة فيه ، واخرى على يقين.
فبدأ عليهالسلام حين رجع بالطبقة الشاكّة فقال لهم : أنا صالح ، فكذّبوه
وشتموه وزجروه ، وقالوا : برىء الله منك ، إنّ صالحا كان في غير صورتك ، قال :
فأتى الجحّاد فلم يسمعوا منه القول ونفروا منه أشدّ النفور ، ثمّ انطلق إلى الطبقة
الثالثة وهم أهل اليقين فقال لهم : أنا صالح : فقالوا أخبرنا خبرا لا نشكّ فيك معه
أنّك صالح ، فإنّا لا نمتري أنّ الله تبارك وتعالى الخالق ، ينقل ويحوّل في أيّ
صورة شاء ، وقد أخبرنا وتدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء ، وإنّما يصحّ
عندنا إذا أتى الخبر من السماء.
فقال لهم صالح
: أنا صالح الّذي أتيتكم بالنّاقة ، قالوا : صدقت وهي الّتي نتدارس ، فما علامتها؟
فقال : لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ، قالوا : آمنّا بالله وبما جئتنا به ، فعند
ذلك قال الله تبارك وتعالى : (أَنَّ صالِحاً
مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ) فقال أهل اليقين : (إِنَّا بِما أُرْسِلَ
بِهِ مُؤْمِنُونَ* قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) «وهم الشكّاك والجحّاد» (إِنَّا بِالَّذِي
آمَنْتُمْ بِهِ كافِرُونَ). قلت : هل كان فيهم ذلك اليوم عالم به؟ قال : الله أعدل
من أن يترك الأرض بلا عالم يدلّ على الله عزوجل ، ولقد مكث القوم بعد خروج صالح سبعة أيّام على فترة لا
يعرفون اماما ، غير أنّهم على ما في ايديهم من دين الله عزوجل كلمتهم واحدة ، فلمّا ظهر صالح عليهالسلام اجتمعوا عليه ، وإنّما مثل القائم عليهالسلام مثل صالح .
__________________
الآية الخامسة
قوله تعالى : (قالَ مُوسى
لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها
مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).
٢١٧ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن أبي خالد الكابليّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : وجدنا في كتاب عليّ صلوات الله عليه في قوله
تعالى : (إِنَّ الْأَرْضَ
لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) أنا وأهل بيتي الّذين أورثنا الله الأرض ، ونحن
المتّقون والأرض كلّها لنا ، فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها ، وليؤدّ خراجها
إلى الإمام من أهل بيتي ، وله ما أكل منها ، فإن تركها أو أخربها وأخذها رجل من
المسلمين من بعده ، فعمرها وأحياها ، فهو أحقّ بها من الّذي تركها ، يؤدّي خراجها
إلى الإمام من أهل بيتي ، وله ما يأكل منها حتّى يظهر القائم عليهالسلام من أهل بيتي بالسيف فيحويها ويمنعها منهم ويخرجهم كما
حواها رسول الله صلىاللهعليهوآله ومنعها ، إلّا ما كان في أيدي شيعتنا ، يقاطعهم على ما
في أيديهم ، ويترك الأرض في أيديهم .
الآية السادسة
قوله تعالى : (فَأَلْقى عَصاهُ
فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ).
عصا موسى عليهالسلام من مواريث المهديّ عليهالسلام
٢١٨ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن عبد الله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : عصا موسى قضيب آس من غرس الجنة أتاه بها جبرئيل عليهالسلام لمّا توجه تلقاء مدين ، وهي وتابوت آدم في بحيرة طبرية
، ولن يبليا ولن يتغيّرا حتّى يخرجهما القائم عليهالسلام إذا قام .
٢١٩ ـ روى
الصفّار بإسناده عن محمّد بن الفيض ، عن محمّد بن عليّ عليهالسلام قال : كانت عصى موسى لآدم ، فصارت إلى شعيب ، ثمّ صارت
إلى موسى بن عمران ، وإنّها لعندنا ، وإنّ عهدي بها آنفا ، وهي خضراء كهيئتها حين
انتزعت من شجرها ، وإنّها لتنطق إذا استنطقت ، اعدّت لقائمنا ليصنع كما كان موسى
يصنع بها ، إنّها لتروع وتلقف. قال : إنّ
__________________
رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا أراد أن يقبضه أورث عليا علمه وسلاحه وما هناك ،
ثمّ صار إلى الحسن والحسين ، ثمّ حين قتل الحسين استودعه أمّ سلمة ، ثمّ قبض بعد
ذلك منها. قال : فقلت : ثمّ صار إلى عليّ بن الحسين (ثمّ صار إلى أبيك) ثمّ انتهى
إليك؟ قال : نعم .
٢٢٠ ـ
وبالإسناد عن عبد الله بن أبي يعفور قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمّد عليهالسلام : ما من معجزة من معجزات الأنبياء والأوصياء إلّا ويظهر
الله تبارك وتعالى مثلها في يد قائمنا ، لإتمام الحجّة على الأعداء .
إنّ دولة آل محمّد صلىاللهعليهوآله آخر الدول
٢٢١ ـ روى
الطوسيّ رحمهالله بإسناده عن أبي صادق ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : دولتنا آخر الدول ، ولم يبق أهل بيت لهم دولة
إلّا ملكوا قبلنا ، لئلّا يقولوا إذا رأوا سيرتنا : إذا ملكنا سرنا مثل سيرة هؤلاء
، وهو قول الله عزوجل (وَالْعاقِبَةُ
لِلْمُتَّقِينَ).
٢٢٢ ـ روى
العيّاشيّ ، بإسناده عن عمّار الساباطيّ ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : (إِنَّ الْأَرْضَ
لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) قال : فما كان لله فهو لرسوله ، وما كان لرسول الله فهو
للإمام بعد رسول الله عليهماالسلام .
الآية السابعة
قوله تعالى (وَواعَدْنا مُوسى
ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ
لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا
تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ).
__________________
الشبه بين غيبة المهديّ عليهالسلام وغيبة موسى عليهالسلام
٢٢٣ ـ الكليني
: بإسناده عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قلت له : إنّ لهذا الأمر وقتا؟ فقال : كذب
الوقّاتون ، إنّ موسى عليهالسلام لمّا خرج وافدا إلى ربّه وواعدهم ثلاثين يوما ، فلمّا
زاده الله تعالى الثلاثين عشرا ، قال له قومه : قد أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا ،
قال : فإذا حدّثناكم بحديث فجاء على ما حدّثناكم به فقولوا : صدق الله ، وإذا
حدّثناكم بحديث فجاء على خلاف ما حدّثناكم به ، فقولوا : صدق الله ، تؤجروا مرتين .
٢٢٤ ـ الفضل بن
شاذان ، عن محمّد بن الحنفيّة ، في حديث اختصرنا منه موضع الحاجّة أنّه قال : إنّ
لبني فلان ملكا مؤجّلا ، حتّى إذا أمنوا واطمأنّوا ، وظنّوا أنّ ملكهم لا يزول ،
صيح فيهم صيحة ، فلم يبق لهم راع يجمعهم ولا داع يسمعهم ، وذلك قول الله عزوجل : (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ
الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ
عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ
تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). قلت : جعلت فداك ، هل لذلك وقت؟ قال : لا ، لأنّ علم
الله غلب علم المؤقّتين ، إنّ الله وعد موسى ثلاثين ليلة وأتمّها بعشر لم يعلمها
موسى ، ولم يعلمها بنو إسرائيل ، فلمّا جاز الوقت قالوا : غرّنا موسى ، فعبدوا
العجل ، ولكن إذا كثرت الحاجة والفاقة ، وأنكر في الناس بعضهم بعضا ، فعند ذلك
توقّعوا أمر الله صباحا ومساء .
الآية الثامنة
قوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى
قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ
رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ
السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ
وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ
خَيْرُ الْغافِرِينَ).
دلالة الآية على الرجعة
٢٢٥ ـ روى أبو
عبد الله محمّد بن إبراهيم بن حفص النعمانيّ في كتابه في تفسير القرآن ، بإسناده
عن إسماعيل بن جابر قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام
__________________
يقول (في حديث طويل له عن أنواع آيات القرآن ، روى فيه الإمام الصادق عليهالسلام مجموعة أسئلة يجيب عنها أمير المؤمنين عليهالسلام عن آيات القرآن وأحكامه ، جاء فيها) : وأمّا الردّ على
من أنكر الرجعة ، فقول الله عزوجل : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ
مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ) أي إلى الدنيا ، وأمّا معنى حشر الآخرة ، فقوله عزوجل : (وَحَشَرْناهُمْ
فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً).
وقوله سبحانه :
(وَحَرامٌ عَلى
قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) في الرجعة ، فأمّا في القيامة فهم يرجعون.
ومثل قوله
تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ
مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ
رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) وهذا لا يكون إلّا في الرجعة.
ومثله ما خاطب
الله به الأئمة ، ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم ، فقال سبحانه : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ـ إلى قوله ـ (لا يُشْرِكُونَ بِي
شَيْئاً) وهذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.
ومثل قوله
تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ
عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ).
وقوله سبحانه :
(إِنَّ الَّذِي فَرَضَ
عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) أي رجعة الدنيا.
ومثل قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا
مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا
ثُمَّ أَحْياهُمْ).
وقوله عزوجل : (وَاخْتارَ مُوسى
قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) فردّهم الله تعالى بعد الموت إلى الدنيا .
الآية التاسعة
قوله تعالى : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ
الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً
__________________
عِنْدَهُمْ
فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ
وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ
آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ
مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
المهديّ عليهالسلام يضع الأغلال والآصار عن المؤمنين
٢٢٦ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ رحمهالله ، بإسناده عن أبي عبيدة الحذّاء ، قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الاستطاعة وقول الناس ، قال : وتلا هذه الآية : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلَّا
مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) يا أبا عبيدة ، الناس مختلفون في إصابة القول ، وكلّهم
هالك. قال : قلت : قوله : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ
رَبُّكَ) قال عليهالسلام : هم شيعتنا ، ولرحمته خلقهم وهو قوله : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) يقول عزوجل لطاعة الإمام الرحمة الّتي يقول : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) يقول : علم الامام ووسع علمه الّذي هو من علمه : (كُلَّ شَيْءٍ) هو شيعتنا ، ثمّ قال : (فَسَأَكْتُبُها
لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) يعني ولاية الامام وطاعته ، ثمّ قال : (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي
التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) يعني النبيّ صلىاللهعليهوآله ، والوصيّ ، والقائم عليهماالسلام : (يَأْمُرُهُمْ
بِالْمَعْرُوفِ) إذا قام و (يَنْهاهُمْ عَنِ
الْمُنْكَرِ) والمنكر من أنكر فضل الإمام وجحده ، (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ) أخذ العلم من أهله (وَيُحَرِّمُ
عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) والخبائث قول من خالف ، (وَيَضَعُ عَنْهُمْ
إِصْرَهُمْ) وهي الذنوب الّتي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام (وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ
عَلَيْهِمْ) والأغلال ما كانوا يقولون ممّا لم يكونوا أمروا به من
ترك فضل الإمام ، فلمّا عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم ، والإصر : الذنب وهي
الآصار.
ثمّ نسبهم فقال
: (فَالَّذِينَ آمَنُوا
بِهِ) يعني بالامام (وَعَزَّرُوهُ
وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ) يعني الّذين اجتنبوا الجبت والطاغوت أن يعبدوها ،
والجبت والطاغوت : فلان وفلان ، والعبادة : طاعة الناس لهم ، ثمّ قال : وأنيبوا
إلى ربكم وأسلموا له من قبل ، ثمّ جزاهم ، فقال : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي
الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) والامام يبشّرهم بقيام القائم عليهالسلام وبظهوره وبقتل اعدائهم وبالنجاة في الآخرة والورود على
محمّد صلىاللهعليهوآله
__________________
والصادقين على الحوض .
الآية العاشرة
قوله تعالى : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى
أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ).
٢٢٧ ـ روى أبو
جعفر محمّد بن جرير الطبريّ في كتابه ، بإسناده عن المفضّل بن عمر ، قال : قال أبو
عبد الله عليهالسلام : إذا ظهر القائم عليهالسلام من ظهر هذا البيت ، بعث الله معه سبعة وعشرين رجلا ،
منهم أربعة عشر رجلا من قوم موسى ، وهم الّذين قال الله تعالى : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ
بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) وأصحاب الكهف سبعة ، والمقداد ، وجابر الانصاري ، ومؤمن
آل فرعون ، ويوشع بن نون وصيّ موسى .
٢٢٨ ـ وروى ابن
الفارسيّ في كتابه : قال : قال الصادق عليهالسلام : يخرج للقائم عليهالسلام من ظهر الكعبة سبعة وعشرون رجلا ، خمسة عشر من قوم موسى
الّذين كانوا يهدون بالحقّ وبه يعدلون ، وسبعة من أصحاب الكهف ، ويوشع بن نون ،
وسلمان ، وأبو دجانة الأنصاريّ ، والمقداد بن الأسود ، ومالك الأشتر ، فيكونون بين
يديه أنصارا وحكّاما .
٢٢٩ ـ والّذي
رواه العيّاشيّ في تفسيره : بإسناده عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إذا قام قائم آل محمّد عليهالسلام استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلا ، خمسة عشر من
قوم موسى الّذين يقضون بالحقّ وبه يعدلون ، وسبعة من أصحاب الكهف ، ويوشع وصيّ
موسى ، ومؤمن آل فرعون ، وسلمان الفارسيّ ، وأبا دجانة الأنصاريّ ، ومالك الأشتر .
الآية الحادية
عشر قوله تعالى (وَإِذْ أَخَذَ
رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى
أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ
الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ).
٢٣٠ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن بكير بن أعين ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام : لأيّ علّة وضع الحجر في الركن الّذي هو فيه ولم يوضع
في غيره ، ولايّ
__________________
علّة يقبّل ، ولأيّ علّة أخرج من الجنّة؟ ولأيّ علّة وضع الميثاق والعهد
فيه ولم يوضع في غيره؟ وكيف السبب في ذلك؟ تخبرني جعلني الله فداك ، فإنّ تفكري
فيه لعجب. قال : فقال : سألت وأعضلت في المسألة واستقصيت فافهم الجواب ، وفرّغ
قلبك وأصغ سمعك ، أخبرك إن شاء الله.
إنّ الله تبارك
وتعالى وضع الحجر الاسود ، وهي جوهرة أخرجت من الجنّة إلى آدم عليهالسلام ، فوضعت في ذلك الركن لعلّة الميثاق ، وذلك انّه لمّا
أخذ من بني آدم من ظهورهم ذريّتهم حين أخذ الله عليهم الميثاق في ذلك المكان ، وفي
ذلك المكان تراءى لهم ، ومن ذلك المكان يهبط الطير على القائم عليهالسلام ، فأوّل من يبايعه ذلك الطائر ، وهو والله جبرئيل عليهالسلام ، وإلى ذلك المقام يسند القائم ظهره ، وهو الحجّة
والدليل على القائم ، وهو الشاهد لمن وافاه في ذلك المكان ، والشاهد على من أدّى
الميثاق والعهد الّذي أخذ الله عزوجل على العباد .
الآية الثانية
عشرة قوله تعالى : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا
أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ).
المهديّ عليهالسلام هو الهادي إلى الحقّ والشاهد على الناس
٢٣١ ـ روى ابن
شهرآشوب عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا
أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) قال : هم الأئمّة ، وإنّ الله تعالى جعل على عهدة
الأمّة شهداء قال : وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ، وقال في النبيّ : (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً
عَلَيْكُمْ) ، وفي عليّ عليهالسلام : (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ
مِنْهُ) ، وفي الأئمّة : وتكونوا شهداء ، آل محمد يكونون شهداء
على الناس بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله .
الآية الثالثة
عشرة قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ
السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها
لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ
إِلَّا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌ
__________________
عَنْها
قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
مثل القائم عليهالسلام كمثل الساعة
٢٣٢ ـ روى
الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ ، قال : سمعت
دعبل بن عليّ الخزاعيّ يقول : أنشدت مولاي الرضا عليّ بن موسى عليهماالسلام قصيدتي الّتي أوّلها :
مدارس آيات
خلت من تلاوة
|
|
ومنزل وحي
مقفر العرصات
|
فلمّا انتهيت
إلى قولي :
خروج إمام لا
محالة خارج
|
|
يقوم على اسم
الله بالبركات
|
يميّز فينا
كلّ حق وباطل
|
|
ويجزي على
النعماء والنقمات
|
بكى الرضا عليهالسلام بكاء شديدا ، ثمّ رفع رأسه إليّ فقال ليّ : يا خزاعي
نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم؟ ... (إلى
أن قال) : وأمّا متى فإخبار عن الوقت ، فقد حدّثني أبي ، عن آبائه عليهمالسلام ، أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قيل له : يا رسول الله ، متى يخرج القائم من ذريتك؟
فقال صلىاللهعليهوآله : مثله مثل الساعة الّتي (لا يُجَلِّيها
لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا
بَغْتَةً).
٢٣٣ ـ روى أبو
المفضل الشيبانيّ ، بإسناده عن الكميت بن أبي المستهلّ ، قال : دخلت على سيّدي أبي
جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهماالسلام فقلت : يا ابن رسول الله ، إنّي قد قلت فيكم ابياتا ، أفتأذن
لي في انشادها؟ فقال : إنّها أيّام البيض ، قلت : فهو فيكم خاصّة ، قال : هات ،
فأنشأت اقول :
أضحكني الدهر
وأبكاني
|
|
والدهر ذو
صرف وألوان
|
لتسعة بالطفّ
قد غودروا
|
|
صاروا جميعا
رهن أكفان
|
فبكى عليهالسلام وبكى أبو عبد الله عليهالسلام ، وسمعت جارية تبكي من وراء الخباء ، فلمّا بلغت
__________________
إلى قولي :
وستّة لا
يتجازى بهم
|
|
بنو عقيل خير
فرسان
|
ثمّ عليّ
الخير مولاهم
|
|
ذكرهم هيّج
أحزاني
|
فبكى ثمّ قال عليهالسلام : ما من رجل ذكرنا أو ذكرنا عنده يخرج من عينيه ماء ولو
مثل جناح البعوضة ، إلّا بنى الله له بيتا في الجنة ، وجعل ذلك الدمع حجابا بينه
وبين النار ، فلمّا بلغت إلى قولي :
من كان
مسرورا بما مسّكم
|
|
أو شامتا
يوما من الآن؟
|
فقد ذللتم
بعد عزّ فما
|
|
أدفع ضيما
حين يغشاني
|
أخذ بيدي ثمّ
قال : اللهم اغفر للكميت ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ، فلمّا بلغت إلى قولي :
متى يقوم
الحقّ فيكم متى
|
|
يقوم مهديّكم
الثاني؟
|
قال : سريعا إن
شاء الله سريعا ، ثمّ قال : يا أبا المستهلّ إنّ قائمنا هو التاسع من ولد الحسين عليهالسلام لأنّ الأئمّة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله اثنا عشر ، الثاني عشر هو القائم عليهالسلام. قلت : يا سيّدي فمن هؤلاء الاثنا عشر؟ قال : أوّلهم
عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، وبعده الحسن والحسين عليهماالسلام ، وبعد الحسين عليّ بن الحسين عليهالسلام وأنا ، ثمّ بعدي هذا ـ ووضع يده على كتف جعفر ... قلت :
فمن بعد هذا؟ قال : ابنه موسى ، وبعد موسى ابنه عليّ ، وبعد عليّ ابنه محمّد ،
وبعد محمّد ابنه عليّ ، وبعد عليّ ابنه الحسن ، وهو أبو القائم الّذي يخرج فيملأ
الدنيا قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، ويشفي صدور شيعتنا. قلت : فمتى يخرج يا
ابن رسول الله؟ قال : لقد سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله عن ذلك ، فقال : إنّما مثله كمثل الساعة (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً).
٢٣٤ ـ روى
بالإسناد عن أحمد بن محمّد بن المنذر بن الجيفر ، قال : قال الحسن بن عليّ صلوات
الله عليهما : سألت جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الأئمّة بعده ، فقال صلىاللهعليهوآله الائمّة بعدي عدد نقباء بني إسرائيل : اثنا عشر ،
أعطاهم الله علمي وفهمي ، وأنت منهم يا حسن.
__________________
قلت : يا رسول الله فمتى يخرج قائمنا أهل البيت؟ قال : إنّما مثله كمثل
الساعة (ثَقُلَتْ فِي
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً).
النهي عن التوقيت
٢٣٥ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن محمّد بن مسلم ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : يا محمّد ، من أخبرك عنا توقيتا فلا تهابنّ أن تكذّبه
، فإنّا لا نوقّت لأحد وقتا .
٢٣٦ ـ روى
الفضل بن شاذان بإسناده عن منذر الجوّاز ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : كذب الموقّتون ، ما وقّتنا فيما مضى ، ولا
نوقّت فيما يستقبل .
٢٣٧ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال :
سألته عن
القائم عليهالسلام فقال : كذب الوقّاتون ، إنّا أهل بيت لا نوقّت .
٢٣٨ ـ وروى ثقة
الإسلام بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام ، إذ دخل عليه مهزم فقال له : جعلت فداك ، أخبرني عن
هذا الأمر الّذي ننتظر ، متى هذا؟ فقال : يا مهزم كذب الوقّاتون ، وهلك المستعجلون
، ونجا المسلّمون .
__________________
سورة الأنفال
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ
يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ).
٢٣٩ ـ
العيّاشيّ : عن جابر قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن تفسير هذه الآية في قول الله عزوجل (وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ
يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) : قال أبو جعفر عليهالسلام تفسيرها في الباطن يريد الله ، فإنّه شيء يريده ولم
يفعله بعد ، وأمّا قوله : (يُحِقَّ الْحَقَّ
بِكَلِماتِهِ) فإنّه يعني يحقّ حقّ آل محمّد ، وأمّا قوله : (بِكَلِماتِهِ) قال : كلماته في الباطن ، عليّ هو كلمة الله في الباطن
، وأمّا قوله : (وَيَقْطَعَ دابِرَ
الْكافِرِينَ) فهم بنو أميّة ، هم الكافرون يقطع الله دابرهم ، وأمّا
قوله : (لِيُحِقَّ الْحَقَ) فإنّه يعني ليحقّ حقّ آل محمّد عليهمالسلام حين يقوم القائم عليهالسلام ، وأمّا قوله : (وَيُبْطِلَ الْباطِلَ) يعني القائم عليهالسلام ، فإذا قام يبطل باطل بني أميّة ، وذلك قوله : (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ
الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ).
الآية الثانية
قوله تعالى (وَما كانَ اللهُ
لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ).
__________________
المهديّ عليهالسلام أمان لاهل الأرض والسماء
٢٤٠ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفيّ ، قال : قلت لأبي جعفر
محمّد بن عليّ الباقر عليهمالسلام لأيّ شيء يحتاج إلى النبيّ والإمام؟ فقال عليهالسلام : لبقاء العالم على صلاحه ، وذلك أنّ الله عزوجل يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبيّ أو إمام ،
قال الله عزوجل : (وَما كانَ اللهُ
لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ). وقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : النجوم أمان لأهل السموات ، وأهل بيتي أمان لأهل
الأرض ، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون ، وإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل
الأرض ما يكرهون. يعني بأهل بيته الائمّة الّذين قرن الله عزوجل طاعتهم بطاعته فقال : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ
مِنْكُمْ).
وهم المعصومون
المطهّرون الّذين لا يذنبون ولا يعصون ، وهم المؤيّدون الموفّقون المسدّدون ، بهم
يرزق الله عباده ، وبهم تعمر بلاده ، وبهم ينزل القطر من السماء ، وبهم يخرج بركات
الأرض ، وبهم يمهل أهل المعاصي ولا تعجل عليهم بالعقوبة والعذاب ، لا يفارقهم روح
القدس ولا يفارقونه ، ولا يفارقون القرآن ولا يفارقهم ، صلوات الله عليهم أجمعين .
كلام للشيخ الصدوق
قال الشيخ
الصدوق رضى الله عنه : وتصديق قولنا إنّ الإمام يحتاج إليه لبقاء العالم على صلاحه
أنّه ما عذب الله عزوجل أمّة إلّا وأمر نبيّها بالخروج من بين أظهرهم ، كما قال
الله عزوجل في قصة نوح عليهالسلام : (حَتَّى إِذا جاءَ
أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ
اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ).
وأمره الله عزوجل أن يعتزل عنهم مع أهل الإيمان به ولا يبقى مختلطا بهم ،
وقال عزوجل : (وَلا تُخاطِبْنِي فِي
الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ).
__________________
وكذلك قال عزوجل في قصّة لوط عليهالسلام : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ
بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ
إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ).
فأمره الله عزوجل بالخروج من بين أظهرهم قبل أن ينزل العذاب بهم ، لأنّه
لم يكن جلّ وعزّ لينزل عليهم ونبيّه لوط عليهالسلام بين أظهرهم ، وهكذا أمر الله عزوجل كلّ نبيّ أراد هلاك أمّته أن يعتزلها ، كما قال إبراهيم
عليهالسلام مخوّفا بذلك قومه : (وَأَعْتَزِلُكُمْ
وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ
رَبِّي شَقِيًّا* فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ).
أهلك الله عزوجل الّذين كانوا آذوه وعنتوه وألقوه في الجحيم ، وجعلهم
الأسفلين ، ونجّاه ولوطا كما قال الله تعالى : (وَنَجَّيْناهُ
وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ).
ووهب الله جلّت
عظمته لابراهيم إسحاق ويعقوب ، كما قال عزوجل : (وَوَهَبْنا لَهُ
إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ) وقال الله عزوجل لنبيّه محمّد صلىاللهعليهوآله : (وَما كانَ اللهُ
لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ).
وفي حديث هشام
مع عمرو بن عبيد حجّة في الانتفاع بالحجة الغائب عليهالسلام ، وذلك انّ القلب غائب عن سائر الجوارح لا يرى بالعين
ولا يشم بالأنف ولا يذاق بالفم ولا يلمس باليد ، وهو مدبّر لهذه الجوارح مع غيبته
عنها وبقاؤها على صلاحها ، ولو لم يكن القلب لا نفسد تدبير الجوارح ولم تستقم
أمورها فاحتيج إلى القلب لبقاء الجوارح على صلاحها كما احتيج إلى الإمام لبقاء
العالم على صلاحه ، ولا قوّة إلّا بالله. وكما يعلم مكان القلب من الجسد بالخبر ،
فكذلك يعلم مكان الحجّة الغائب عليهالسلام بالخبر ، وهو ما ورد عن الأئمّة عليهمالسلام من الاخبار في كونه بمكّة وخروجه منها في وقت ظهوره ،
ولسنا نعني بالقلب المضغة الّتي من اللحم ، لأنّ بها لا يقع الانتفاع للجوارح ،
وإنّما نعني بالقلب اللطيفة الّتي جعلها الله عزوجل في هذه المضغة لا تدرك بالبصر وان كشف عن تلك المضغة ،
ولا تلمس ولا تذاق ولا توجد إلّا بالعلم بها لحصول التمييز واستقامة التدبير من
الجوارح ،
__________________
والحجّة بتلك اللطيفة على الجوارح قائمة ما وجدت ، والتكليف لها لازم ما
بقيت ، فإذا عدمت تلك اللطيفة انفسد تدبير الجوارح. فكما يجوز أن يحتجّ الله عزوجل بهذه اللطيفة الغائبة عن الحواس ، على الجوارح ، فكذلك
جائز أن يحتجّ عزوجل على جميع الخلق بحجّة غائب عنهم ، وبه يدفع عنهم ، وبه
يرزقهم ، وبه ينزل عليهم الغيث ، ولا قوة إلّا بالله .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى
لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا
فَإِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
٢٤١ ـ قال
المفضّل (في حديث طويل له عن الامام الصادق عليهالسلام :) يا مولاي فما تأويل قوله تعالى : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ
وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)؟
قال عليهالسلام هو قوله تعالى : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى
لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) ، فو الله يا مفضل ليرفع عن الملل والاديان الاختلاف ،
ويكون الدّين كلّه واحدا كما قال جلّ ذكره : (إِنَّ الدِّينَ
عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ).
وقال الله : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ
دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ).
وفي الحديث
نفسه :
قال المفضل :
يا مولاي فقوله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ) ما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله ظهر على الدّين كلّه؟ قال : يا مفضل لو كان رسول الله صلىاللهعليهوآله ظهر على الدّين كلّه ، ما كانت مجوسيّة ولا يهوديّة ولا
صابئيّة ولا نصرانيّة ، ولا فرقة ولا خلاف ولا شكّ ولا شرك ولا عبدة أصنام ، ولا
أوثان ، ولا اللّات والعزّى ، ولا عبدة الشمس والقمر ، ولا النجوم ، ولا النار ولا
الحجارة ، وإنّما قوله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ) في هذا اليوم وهذا المهديّ وهذه الرجعة ، وهو قوله : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ
فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ).
فقال المفضل :
أشهد أنّكم من علم الله علمتم ، وبسلطانه وبقدرته قدرتم ، وبحكمه
__________________
نطقتم ، وبأمره تعلمون ... الحديث .
٢٤٢ ـ روى
الشيخ هاشم بن سليمان في كتاب «المحجّة» قال : روى محمّد بن مسلم قال : قلت للباقر
صلىاللهعليهوآله : تأويل قوله تعالى في الأنفال : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ
فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ). قال : لم يجيء تأويل هذه الآية ، فإذا جاء تأويلها
يقتل المشركون حتّى يوحّدوا الله عزوجل ، وحتّى لا يكون شرك ، وذلك في قيام قائمنا .
٢٤٣ ـ محمّد بن
يعقوب : عن محمّد بن مسلم ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : قوله الله عزوجل : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى
لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) فقال : لم يجئ تأويل هذه الآية بعد ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله رخّص لهم لحاجته وحاجة أصحابه ، فلو جاء تأويلها لم
يقبل منهم ، ولكنّهم يقتلون حتّى يوحّدوا الله عزوجل ، وحتّى لا يكون شرك .
٢٤٤ ـ
العيّاشيّ بإسناده عن زرارة : قال : قال أبو جعفر عليهالسلام سئل عن قوله تعالى : (وَقاتِلُوا
الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) ، (حَتَّى لا تَكُونَ
فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) فقال : إنّه لم يجئ تأويل هذه الآية ، ولو قدم قام
قائمنا عليهالسلام بعد ، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية ،
وليبلغنّ دين محمّد ما بلغ الليل ، حتّى لا يكونن شرك على ظهر الأرض كما قال الله .
٢٤٥ ـ الطبرسيّ
في مجمع البيان في قوله تعالى (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى
لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) قال : روى زرارة وغيره عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : لم يجئ تأويل هذه الآية ، ولو قد قام قائمنا
بعد ، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية ، ليبلغنّ دين محمّد صلىاللهعليهوآله ما بلغ الليل حتّى لا يكون مشرك على وجه الأرض .
٢٤٦ ـ
العيّاشيّ بإسناده عن عبد الأعلى الحلبيّ ، قال : قال : أبو جعفر عليهالسلام : يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب ، ثمّ
أومأ بيده إلى ناحية ذي طوى ، حتّى إذا كان قبل خروجه بليلتين انتهى المولى الّذي
يكون بين يديه حتّى يلقى بعض أصحابه ،
__________________
فيقول : كم أنتم هاهنا؟ فيقولون : نحو من أربعين رجلا ، فيقول : كيف أنتم
لو قد رأيتم صاحبكم؟ فيقولون : والله لو يأوي بنا الجبال لأويناها معه ، ثمّ
يأتيهم من القابلة فيقول لهم : أشيروا إلى ذوي أسنانكم وأخياركم عشرة ، فيشيرون له
إليهم ، فينطلق بهم حتّى يأتون صاحبهم ، ويعدهم إلى الليلة الّتي تليها.
ثمّ قال أبو
جعفر عليهالسلام : والله لكأنّي انظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر ،
ثمّ ينشد الله حقّه ، ثمّ يقول : يا أيّها الناس من يحاجّني في الله فأنا أولى
الناس بالله ، ومن يحاجّني في آدم فأنا أولى بآدم عليهالسلام ، يا أيّها الناس من يحاجّني في نوح ، فأنا أولى الناس
بنوح عليهالسلام ، يا أيّها الناس من يحاجّني في موسى فأنا أولى الناس
بموسى عليهالسلام ، يا أيّها الناس من يحاجّني في عيسى ، فأنا أولى الناس
بعيسى عليهالسلام ، يا أيّها الناس من يحاجّني في محمّد ، فأنا أولى
الناس بمحمّد صلىاللهعليهوآله ، يا أيّها الناس من يحاجّني في كتاب الله فأنا أولى
الناس بكتاب الله.
ثمّ ينتهي إلى
المقام فيصلّي عنده ركعتين ثمّ ينشد الله حقّه.
قال أبو جعفر عليهالسلام : هو والله المضطرّ في كتاب الله ، وهو قول الله : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا
دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) وجبرئيل على الميزاب في صورة طائر أبيض ، فيكون أوّل خلق
الله يبايعه جبرئيل ، ويبايعه الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا ... (الحديث وفي نهايته)
: ثمّ يرجع إلى الكوفة فيبعث الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا إلى الآفاق كلّها ،
فيمسح بين أكتافهم وعلى صدورهم فلا يتعايون في قضاء ، ولا تبقى في الأرض قرية إلّا
نودي فيها شهادة أن لا إلا إلّا الله وحده لا شريك له وأنّ محمّدا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهو قوله : (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ
فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) ولا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهو قول الله : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى
لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ).
قال أبو جعفر عليهالسلام : يقاتلون والله حتّى يوحّد الله ولا يشرك به شيئا ،
وحتّى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب ولا ينهاها أحد ، ويخرج الله من
الأرض بذرها ، وينزل من السماء قطرها ، ويخرج الناس خراجهم على رقابهم إلى المهديّ
عليهالسلام ، ويوسّع
__________________
الله على شيعتنا ، ولو لا ما ينجز لهم من السعادة لبغوا فتنة ، فبينا صاحب
هذا الأمر قد حكم ببعض الأحكام ، يتكلّم ببعض السنن ، إذ خرجت خارجة من المسجد
يريدون الخروج عليه ، فيقول لأصحابه انطلقوا فتلحقوا بهم في التمارين ، فيأتون بهم
أسرى ليأمر بهم فيذبحون ، وهو آخر خارجة تخرج على قائم آل محمّد عليهالسلام .
الآية الرابعة
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا
مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا
الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيمٌ).
المهديّ عليهالسلام أولى في كتاب الله
٢٤٧ ـ روى
محمّد بن عبد الله بن المطّلب الشيبانيّ بإسناده عن اسماعيل بن عبد الله قال : قال
الحسين بن عليّ عليهالسلام : لمّا أنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ
أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) سألت رسول الله صلىاللهعليهوآله عن تأويلها ، فقال : والله ما عني بها غيركم ، وأنتم
اولو الأرحام ، فإذا متّ فأبوك عليّ أولى بي وبمكاني ، فإذا مضى أبوك فأخوك الحسن
أولى به ، فإذا مضى الحسن فأنت أولى به. قلت : يا رسول الله فمن بعدي أولى بي؟
فقال : ابنك عليّ أولى بك من بعدك ، فإذا مضى ، فابنه محمّد أولى به من بعده ،
فإذا مضى محمّد ، فابنه جعفر أولى به بمكانه من بعده ، فإذا مضى جعفر ، فابنه موسى
أولى به من بعده ، فإذا مضى موسى ، فابنه عليّ أولى به من بعده ، فإذا مضى عليّ ،
فابنه محمّد أولى به من بعده ، فإذا مضى محمّد ، فابنه عليّ أولى به من بعده ،
فإذا مضى عليّ ، فابنه الحسن أولى به من بعده ، فإذا مضى الحسن وقعت الغيبة في
التاسع من ولدك ، فهذه الأئمّة التسعة من صلبك ، أعطاهم الله علمي وفهمي ، طينتهم
من طينتي ، ما لقوم يؤذونني فيهم؟ لا أنالهم الله شفاعتي .
__________________
سورة التوبة
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ
وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ
تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ
كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ).
٢٤٨ ـ
العيّاشيّ عن جابر ، عن جعفر بن محمّد وأبي جعفر عليهمالسلام في قوله عزوجل : (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ
وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) قال : خروج القائم عليهالسلام ، و «أذان» دعوته إلى نفسه .
الآية الثانية
قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ
تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ
يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً
وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ).
حتميّة التمحيص
٢٤٩ ـ محمّد
الحميريّ بإسناده عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ ، عن رجل ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : لتمخضنّ يا معشر الشيعة شيعة آل محمّد كمخيض
الكحل في العين ،
__________________
لأنّ صاحب الكحل يعلم متى يقع في العين ، ولا يعلم متى يذهب ، فيصبح أحدكم
وهو يرى أنّه على شريعة من أمرنا ، فيمسي وقد خرج منها ، ويمسي وهو على شريعة من
أمرنا ، فيصبح وقد خرج منها .
٢٥٠ ـ محمّد
الحميريّ بإسناده عن الربيع بن محمّد المسلّي ، قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : والله لتكسرنّ كسر الزجاج وإنّ الزجاج يعاد فيعود كما
كان ، والله لتكسرنّ كسر الفخّار ، وإنّ الفخّار لا يعود كما كان ، والله لتمحصنّ
، والله لتغربلنّ كما يغربل الزؤان من القمح .
٢٥١ ـ عن محمّد
بن الفضيل ، عن أبيه ، عن منصور ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : يا منصور إنّ هذا الأمر لا يأتيكم إلّا بعد إياس ، لا
والله حتّى تميّزوا ، لا والله حتّى تمحّصوا ، لا والله حتّى يشقى من يشقى ، ويسعد
من يسعد .
٢٥٢ ـ عن عبد
الرحمن بن سيابة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى ولا علم ، يبرأ
بعضكم من بعض ، فعند ذلك تميّزون وتمحّصون وتغربلون ، وعند ذلك اختلاف السنين
وأمارة من أوّل النهار ، وقتل وقطع في آخر النهار .
٢٥٣ ـ عن محمّد
بن منصور ، عن أبيه قال : كنّا عند أبي عبد الله جماعة نتحدّث ، فالتفت إلينا فقال
: في أيّ شيء أنتم؟ أيهات أيهات ، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى
تغربلوا ، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تميّزوا ، والله لا يكون
ما تمدّون إليه أعينكم إلّا بعد إياس ، لا والله لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم
حتّى يشقى من شقي ، ويسعد من سعد.
وروي عن محمّد
بن منصور الصيقل عن أبيه ، عن الباقر عليهالسلام مثله .
٢٥٤ ـ وعن ابن
شاذان ، عن البزنطيّ ، قال : قال أبو الحسن عليهالسلام : أما والله لا يكون الّذي تمدّون إليه أعينكم حتّى
تميّزوا وتمحّصوا ، وحتّى لا يبقى منكم إلا الأندر ثمّ تلا : (أَمْ
__________________
حَسِبْتُمْ
أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ
يَتَّخِذُوا).
وفي رواية ابن
عيسى ، عن البزنطي مثله وزاد فيه : وتمحّصوا ثمّ يذهب من كلّ عشرة شيء ولا يبقى .
٢٥٥ ـ سعد بن
عبد الله ، بإسناده عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهالسلام قال : إذا فقد الخامس من ولد السابع ، فالله الله في
أديانكم ، لا يزلّنّكم عنها شيء ، يا بني إنّه لا بدّ لصاحب هذا الأمر من غيبة ،
حتّى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به ، إنّما هي محنة من الله امتحن الله بها
خلقه .
٢٥٦ ـ روي عن
جابر الجعفيّ ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : متى يكون فرجكم؟ فقال : هيهات هيهات ، لا يكون فرجنا
حتّى تغربلوا ثمّ تغربلوا ثمّ تغربلوا ، قالها ثلاثا ، حتّى يذهب الكدر ويبقى
الصفو .
٢٥٧ ـ
وبالإسناد عن إبراهيم بن هليل قال : قلت لأبي الحسن عليهالسلام : جعلت فداك ، مات أبي على هذا الأمر ، وقد بلغت من
السنين ما قد ترى أموت ولا تخبرني بشيء؟! فقال : يا أبا اسحاق أنت تعجل! فقلت : إي
والله أعجل ، وما لي لا أعجل وقد بلغت من السنّ ما ترى؟ فقال : أما والله يا أبا
اسحاق ما يكون ذلك حتّى تميزوا وتمحّصوا ، وحتّى لا يبقى منكم إلّا الأقلّ ، ثمّ
صعّر كفه . معنى صعّر كفه : أي أمالها تهاونا بالناس.
٢٥٨ ـ
وبالإسناد عن صفوان بن يحيى قال : قال أبو الحسن الرضا عليهالسلام : والله ما يكون ما تمدّون أعينكم إليه حتّى تمحّصوا
وتميّزوا ، وحتّى لا يبقى منكم إلّا الأندر فالأندر .
٢٥٩ ـ وعن ابن
أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه سمعه يقول : ويل لطغاة العرب ، من شرّ قد اقترب ،
قلت : جعلت فداك ، كم مع القائم من العرب؟ قال : شيء يسير ، فقلت : والله إنّ من
يصف هذا الأمر منهم لكثير. فقال : لا بدّ للناس من أن يمحّصوا ويميّزوا ، ويغربلوا
ويخرج في الغربال خلق كثير .
__________________
٢٦٠ ـ وعن أبي
بصير قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ عليهالسلام يقول : والله لتميّزنّ ، والله لتمحّصنّ ، والله
لتغربلنّ ، كما يغربل الزؤان من القمح .
٢٦١ ـ ابن عقدة
بإسناده عن عميرة بنت نفيل ، قالت : سمعت الحسن بن عليّ عليهالسلام يقول : لا يكون الأمر الّذي تنتظرون حتّى يبرأ بعضكم من
بعض ، ويتفل بعضكم في وجوه بعض ، وحتّى يلعن بعضكم بعضا ، وحتّى يسمّي بعضكم بعضا
كذّابين .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ
لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ
اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ).
النواصب يعطون الجزية في زمان المهديّ عليهالسلام
٢٦٢ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن سلام بن المستنير ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يحدّث : إذا قام القائم عرض الإيمان على كلّ ناصب ، فإن
دخل فيه بحقيقة وإلّا ضرب عنقه أو يؤدّي الجزية كما يؤدّيها اليوم أهل الذمّة ،
ويشدّ على وسطه الهميان ، ويخرجهم من الأمصار إلى السواد .
الآية الرابعة
قوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ
يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ
نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ).
المهديّ عليهالسلام نور الله في الأرض
٢٦٣ ـ روى
العلّامة أحمد بن عليّ بن أبى طالب الطبرسيّ رحمهالله بإسناده عن علقمة بن محمّد الحضرميّ ، عن أبي جعفر
محمّد بن عليّ عليهالسلام أنّه قال : حجّ رسول الله صلىاللهعليهوآله من المدينة ... (في حديث طويل في خطبة الغدير قال فيها)
: معاشر الناس ، النور من الله
__________________
عزوجل فيّ مسلوك ، ثمّ في عليّ ، ثمّ في النسل منه إلى القائم
المهديّ الّذي يأخذ بحقّ الله وبكلّ حقّ هو لنا ، لأنّ الله عزوجل قد جعلنا حجّة على المقصّرين والمعاندين والمخالفين
والخائنين والآثمين والظالمين من جميع العالمين ، ألا إنّ خاتم الائمّة منّا
القائم المهديّ ، ألا إنّه الظاهر على الدّين. ألا إنّه المنتقم من الظالمين. ألا
إنّه فاتح الحصون وهادمها. ألا إنّه قاتل كلّ قبيلة من أهل الشرك. ألا إنّه مدرك
بكلّ ثار لأولياء الله. ألا إنّه الناصر لدين الله. ألا إنّه الغرّاف في بحر عميق.
ألا إنّه يسمّ كلّ ذي فضل بفضله ، وكلّ ذي جهل بجهله. ألا إنّه خيرة الله ومختاره.
ألا إنّه وارث كلّ علم والمحيط به. ألا إنّه المخبر عن ربّه عزوجل والمنبّه بأمر إيمانه. ألا إنّه الرشيد السديد. ألا
إنّه المفوّض إليه. ألا إنّه قد بشّر به من سلف بين يديه. ألا إنّه الباقي حجّة
ولا حجّة بعده ، ولا حقّ إلّا معه ، ولا نور إلّا عنده. ألا إنّه لا غالب له ولا
منصور عليه. ألا وإنّه وليّ الله في أرضه ، وحكمه في خلقه ، وأمينه في سرّه
وعلانيته. ألا إنّ الحلال والحرام أكثر من أن أحصيها وأعرفهما ، فآمر بالحلال
وأنهى عن الحرام في مقام واحد ، فأمرت أن آخذ البيعة منكم والصفقة لكم بقبول ما
جئت به عن الله عزوجل في عليّ أمير المؤمنين والأئمّة من بعده ، الّذين هم
منّي ومنه ، أئمّة قائمة منهم المهديّ إلى يوم القيامة الّذي يقضي بالحقّ .
الآية الخامسة
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).
ظهور الإسلام على الأديان كلّها في زمن المهديّ عليهالسلام
٢٦٤ ـ الشّيخ
الصدوق بإسناده عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : في قوله الله عزوجل : (هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) فقال : والله ما نزل تأويلها بعد ، ولا ينزل تأويلها
حتّى يخرج القائم عليهالسلام ، فإذا خرج القائم عليهالسلام لم يبق كافر بالله العظيم ولا مشرك بالإمامة إلّا كره
خروجه ، حتّى لو أنّ
__________________
كافرا أو مشركا كان في بطن صخرة ، لقالت : يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني
واقتله .
٢٦٥ ـ
العيّاشيّ : بإسناده عن سماعة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : (هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) قال : إذا خرج القائم عليهالسلام لم يبق مشرك بالله العظيم ولا كافر إلّا كره خروجه .
٢٦٦ ـ محمّد بن
العباس عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل في كتابه : (هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) ، فقال : والله ما نزل تأويلها بعد ، قلت : جعلت فداك ،
ومتى ينزل تأويلها؟ قال : حتّى يقوم القائم عليهالسلام ، ان شاء الله تعالى ، فإذا خرج القائم عليهالسلام لم يبق كافر ولا مشرك إلّا كره خروجه ، حتّى لو أنّ
كافرا أو مشركا في بطن صخرة ، لقالت الصخرة : يا مؤمن في بطني كافر أو مشرك فاقتله
، فيجيئه فيقتله .
٢٦٧ ـ محمّد بن
العباس بإسناده عن عباية بن ربعي : أنّه سمع أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : (هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) أظهر ذلك بعد؟ كلّا والّذي نفسي بيده ، حتّى لا تبقى
قرية إلّا ونودي فيها بشهادة أن لا إله الّا الله وأنّ محمّدا رسول الله صلىاللهعليهوآله بكرة وعشيّا .
٢٦٨ ـ عنه ،
بإسناده عن مجاهد ، عن ابن عبّاس في قوله عزوجل : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) قال : لا يكون ذلك حتّى لا يبقى يهوديّ ولا نصرانيّ ولا
صاحب ملّة إلّا صار إلى الإسلام ، حتّى تأمن الشاة والذئب والبقرة والأسد والإنسان
والحيّة ، وحتّى لا تقرض الفأرة جرابا ، وحتّى توضع الجزية ويكسر الصليب ويقتل
الخنزير ، وهو قوله تعالى : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) وذلك يكون عند قيام القائم عليهالسلام .
٢٦٩ ـ محمّد بن
يعقوب ، بإسناده عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الماضي عليهالسلام ، قلت : : (هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ) قال : هو أمر الله ورسوله بالولاية
__________________
لوصيّه ، والولاية هي دين الحقّ ، قلت : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ)؟ قال : يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم عليهالسلام .
٢٧٠ ـ أبو عليّ
الطبرسيّ : قال أبو جعفر عليهالسلام : إنّ ذلك يكون عند خروج المهديّ من آل محمّد صلوات
الله عليه ، فلا يبقى أحد إلّا أقرّ بمحمّد صلىاللهعليهوآله .
٢٧١ ـ روى
الثقة الصدوق الفضل بن شاذان في كتاب إثبات الرجعة ، بإسناده عن محمّد بن حمران ،
عن الصادق عليهالسلام قال : إنّ القائم منّا منصور بالرعب ، مؤيّد بالنصر ،
تطوى له الأرض ، وتظهر له الكنوز كلّها ، ويظهر الله به دينه على الدّين كلّه ولو
كره المشركون ، ثمّ ذكر جملة من علاماته ثمّ قال : ـ فعند ذلك خروج قائمنا .
٢٧٢ ـ عليّ بن
إبراهيم في تفسيره في الآية : إنّها نزلت في القائم من آل محمّد عليهالسلام ، وهو الّذي ذكرناه ممّا تأويله بعد تنزيله ، وهو
الإمام الّذي يظهره الله على الدّين كلّه ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا
وظلما .
٢٧٣ ـ
العيّاشيّ بإسناده عن أبي المقدام ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله الله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) : يكون أن لا يبقى أحد إلّا أقرّ بمحمّد صلىاللهعليهوآله .
٢٧٤ ـ ويؤيّده
ما رواه الشيخ محمّد بن يعقوب ، بإسناده عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الماضي
عليهالسلام ، قال : سألته عن هذه الآية ، قلت : (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ) قال : (يُرِيدُونَ
لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ) : ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام (وَاللهُ مُتِمُّ
نُورِهِ) الإمامة ، لقوله عزوجل : (فَآمِنُوا بِاللهِ
وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا).
والنور هو
الامام.
قلت له : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ
بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ) قال : هو الّذي أمر الله رسوله بالولاية لوصيّه ،
والولاية هي دين الحقّ.
قلت : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) قال : على جميع الأديان عند قيام القائم ، لقول الله
__________________
تعالى : (وَاللهُ مُتِمُّ
نُورِهِ) بولاية القائم عليهالسلام ، (وَلَوْ كَرِهَ
الْكافِرُونَ) بولاية عليّ عليهالسلام .
٢٧٥ ـ روى
العلّامة الطبرسيّ رحمهالله عن احتجاجه عن أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث طويل قال فيه : كلّ ذلك لتتمّ النظرة الّتي
أوحاها الله تعالى لعدوّه إبليس ، إلى أن يبلغ الكتاب أجله ، ويحقّ القول على
الكافرين ، ويقترب الوعد الحق ، الّذي بيّنه في كتابه بقوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) وذلك إذا لم يبق من الإسلام إلّا اسمه ، ومن القرآن
ألّا رسمه ، وغاب صاحب الأمر بايضاح الغدر له في ذلك ، لاشتمال الفتنة على القلوب
، حتّى يكون أقرب الناس إليه أشدّهم عداوة له ، وعند ذلك يؤيّده الله بجنود لم
تروها ، ويظهر دين نبيّه صلىاللهعليهوآله على يديه (عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).
٢٧٦ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن عبد الرحمن بن سليط قال : قال الحسين بن
عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : منّا اثنا عشر مهديّا ، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن
أبي طالب ، وآخرهم التاسع من ولدي ، وهو الإمام القائم بالحقّ ، يحيي الله به
الأرض بعد موتها ، ويظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه ولو كره المشركون.
له غيبة يرتدّ
فيها أقوام ويثبت فيها على الدّين آخرون ، فيؤذون ويقال لهم : متى هذا الوعد ان
كنتم صادقين ، أما إنّ الصابرين في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة المجاهد بالسيف
بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله .
٢٧٧ ـ عن
المفضّل بن عمر ، قال : سألت سيّدي أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام ـ في ضمن حديث طويل ـ إلى إن قال : قلت : قوله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) ما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله ظهر على الدّين؟ قال : يا مفضل لو كان ظهر على الدّين كلّه ما كان مجوسيّة
ولا نصرانيّة ولا يهوديّة ولا صابئة ولا فرقة ولا خلاف ولا شكّ ولا شرك ولا عبدة
أصنام ولا أوثان ولا اللّات ولا العزّى ولا عبدة الشمس ولا القمر ولا النجوم ولا
النار ولا الحجارة ، وإنّما قوله (لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ) في هذا اليوم وهذا المهديّ وهذه الرجعة ، وهو قوله :
__________________
(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى
لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ).
٢٧٨ ـ روى
الحافظ السيوطيّ قال : وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ ، عن أبي هريرة في قوله (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) قال : حين خروج عيسى ابن مريم .
٢٧٩ ـ روى
البيهقيّ بإسناده عن مجاهد ، في قوله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) قال : إذا نزل عيسى ابن مريم ، لم يكن في الأرض إلّا
الإسلام ، ليظهره على الدّين كلّه .
٢٨٠ ـ قال عليّ
بن إبراهيم رحمهالله في قوله : (هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) : فإنّها نزلت في القائم من آل محمّد ، وهو الّذي
ذكرناه ممّا تأويله بعد تنزيله .
٢٨١ ـ عن سعيد
بن جبير مرسلا ، في تفسير قوله عزوجل : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) أنّه قال : هو المهديّ من عترة فاطمة عليهاالسلام ، وقال الشافعي : وأمّا من قال أنّه عيسى عليهالسلام ، فلا تنافي بين القولين ، إذ هو مساعد للإمام كما
تقدّم .
٢٨٢ ـ روي عن
أبي هريرة أنّه قال : هذا وعد من الله بأنّه تعالى يجعل الإسلام عاليا على جميع
الأديان. ثمّ قال الراوي : وتمام هذا إنّما يحصل عند خروج عيسى.
وقال السدّي :
ذلك عند خروج المهديّ ، لا يبقى أحد إلّا دخل في الإسلام ، أو أدّى الخراج .
الآية السادسة
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ
يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ
فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ).
استخراج كنوز الأرض في زمان المهديّ عليهالسلام
٢٨٣ ـ محمّد بن
يعقوب بإسناده عن معاذ بن كثير ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول :
__________________
موسّع على شيعتنا أن ينفقوا ممّا في أيديهم بالمعروف ، فإذا قام قائمنا عليهالسلام حرّم على كلّ ذي كنز كنزه حتّى يأتيه به فيستعين به على
عدوّه ، وهو قول الله عزوجل في كتابه : (وَالَّذِينَ
يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ
فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ).
٢٨٤ ـ
العيّاشيّ في تفسيره ، بإسناده عن معاذ بن كثير صاحب الأكيسة ، قال : سمعت أبا عبد
الله عليهالسلام يقول : موسّع على شيعتنا ـ وذكر الحديث إلى آخره .
٢٨٥ ـ عنه ،
بإسناده عن الحسين بن علوان ، عن من ذكره ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنّ المؤمن إذا كان عنده من ذلك شيء ينفقه على
عياله ما شاء ، ثمّ إذا قام القائم عليهالسلام فيحمل إليه ما عنده ممّا بقي من ذلك يستعين به على أمره
، فقد أدّى ما يجب عليه .
الآية السابعة
قوله تعالى : (إِنَّ عِدَّةَ
الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ
السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا
تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما
يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ).
٢٨٦ ـ
النعمانيّ بإسناده عن الحسن بن أبي الحسن البصري يرفعه ، قال : أتى جبرئيل النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : يا محمّد إنّ الله عزوجل يأمرك أن تزوّج فاطمة من عليّ أخيك ، فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى عليّ عليهالسلام فقال له : «يا عليّ إنّي مزوّجك فاطمة ابنتي سيّدة نساء
العالمين ، وأحبّهن إليّ بعدك ، وكائن منكما سيّدا شباب أهل الجنة ، والشهداء
المضرّجون المقهورون في الأرض من بعدي ، والنجباء الزهر الّذين يطفي الله بهم
الظلم ، ويحيي بهم الحقّ ، ويميت بهم الباطل ، عدّتهم عدّة أشهر السنة ، آخرهم
يصلّي عيسى ابن مريم عليهالسلام خلفه» .
٢٨٧ ـ كتاب
مقتضب الأثر في النصّ على الاثني عشر ، بإسناده عن وهب بن منبّه قال : إنّ موسى عليهالسلام نظر ليلة الخطاب إلى كلّ شجرة في الطور ، وكلّ حجر
ونبات تنطق بذكر محمّد واثنى عشر وصيّا له من بعده.
__________________
فقال موسى :
إلهي لا أرى شيئا خلقته إلّا وهو ناطق بذكر محمّد وأوصيائه الاثني عشر ، فما منزلة
هؤلاء عندك؟
قال : يا ابن
عمران! إنّي خلقتهم قبل خلق الأنوار ، وجعلتهم في خزانة قدسي يرتعون في رياض مشيتي
، ويتنسّمون من روح جبروتي ، ويشاهدون أقطار ملكوتي ، حتّى إذا شئت مشيتي أنفذت
قضائي وقدري.
يا ابن عمران ،
إنّي سبقت بهم استباقي ، حتّى أزخرف بهم جناني.
يا ابن عمران :
تمسّك بذكرهم فإنّهم خزنة علمي وعيبة حكمتي ، ومعدن نوري.
قال حسين بن
علوان : فذكرت ذلك لجعفر بن محمّد عليهالسلام فقال : حقّ ذلك ، هم اثنا عشر من آل محمّد عليهمالسلام عليّ والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ
ومن شاء الله.
قلت : جعلت
فداك إنّما أسالك لتفتيني بالحقّ.
قال : أنا
وابني هذا ، وأومأ إلى ابنه موسى ، والخامس من ولده يغيب شخصه ولا يحلّ ذكره .
٢٨٨ ـ محمّد بن
إبراهيم النعمانيّ في الغيبة ، بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ قال : كنت عند أبي
جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام ذات يوم ، فلمّا تفرّق من كان عنده قال لي : يا أبا
حمزة ، من المحتوم الّذي لا تبديل له عند الله قيام قائمنا عليهالسلام ، فمن شكّ فيما أقول لقي الله وهو به كافر وهو له جاحد
، ثمّ قال : بأبي أنت وأمّي المسمّى باسمي ، والمكنّى بكنيتي ، السابع من بعدي ،
بأبي من يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، ثمّ قال : يا أبا حمزة. من
أدركه فلم يسلّم له ما سلّم لمحمّد وعليّ صلوات الله عليهما ، فقد حرّم الله عليه
الجنة ، ومأواه النار وبئس مثوى الظالمين ، وأوضح من هذا بحمد الله وأنور وأبين
وأزهر (أظهر) لمن هداه الله وأحسن إليه ، قوله عزوجل في محكم كتابه : (إِنَّ عِدَّةَ
الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ
السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ، مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ
فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ).
__________________
ومعرفة الشهور
: المحرّم وصفر وربيع وما بعده ، والحرم منها رجب وذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم
، وذلك لا يكون دينا قيما لأنّ اليهود والنصارى والمجوس وساير الملل والناس جميعا
من الموافقين والمخالفين يعرفون هذه الشهور ويعدّونها بأسمائها ، وإنّما هم
الأئمّة والقوّامون بدين الله عزوجل ، والمحرّم منها أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام ، الّذي اشتقّ الله تعالى له اسما من اسمه العليّ ، كما
اشتقّ لرسوله صلىاللهعليهوآله اسما من اسمه المحمود ، وثلاثة من ولده أسماؤهم عليّ بن
الحسن وعليّ بن موسى وعليّ بن محمّد ، فصار لهذا الاسم المشتقّ من اسم الله جلّ
وعزّ حرمة به (يعني أمير المؤمنين عليهالسلام) وصلوات الله على محمّد وآله المكرّمين المحترمين .
٢٨٩ ـ عنه ،
بإسناده عن داود بن كثير الرّقي ، قال : دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهماالسلام بالمدينة ، فقال لي : ما الّذي أبطأ بك عنّا يا داود؟
فقلت : حاجة
عرضت بالكوفة ، فقال : من خلّفت بها؟ فقلت : جعلت فداك خلّفت بها عمّك زيدا ،
تركته راكبا على فرس متقلّدا سيفا ينادي بأعلى صوته : سلوني قبل أن تفقدوني ، فبين
جوانحي علم جمّ ، قد عرفت الناسخ من المنسوخ ، والمثاني والقرآن العظيم ، وإنّي
العلم بين الله وبينكم! فقال عليهالسلام لي : يا داود لقد ذهبت بك المذاهب ، ثمّ نادى : يا
سماعة بن مهران ، ايتني بسلّة الرطب ، فتناول منها رطبة فأكلها واستخرج النواة من
فيه ، فغرسها في الأرض ، ففلقت وأنبتت وأطلعت وأعذقت ، فضرب بيده إلى بسرة من عذق
فشقّها واستخرج منها رقّا أبيض ، ففضّه ودفعه إليّ وقال : اقرأه.
فقرأته ، فإذا
فيه سطران :
الاول : لا إله
إلّا الله محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
والثاني : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ
اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ،
مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) أمير المؤمنين عليّ بن طالب ، الحسن بن عليّ ، والحسين
بن عليّ ، محمّد بن عليّ ، جعفر بن محمّد ، موسى بن جعفر ، عليّ بن موسى ، محمّد
بن عليّ ، عليّ بن محمّد ، الحسن بن عليّ ، الخلف الحجّة.
__________________
ثمّ قال : يا
داود ، أتدري متى كتب هذا في هذا؟
قلت : الله
أعلم ورسوله وأنتم.
قال : قبل أن
يخلق الله آدم بألفي عام .
٢٩٠ ـ وعنه
بإسناده عن زياد القندي قال : سمعت أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليهالسلام يقول : إنّ الله عزوجل خلق بيتا من نور وجعل قوائمه أربعة أركان ، [عليها]
أربعة أسماء :
سبحان الله
والحمد لله ، ثمّ خلق من الأربعة أربعة ، ومن الأربعة : تبارك وسبحان والحمد لله ،
ثمّ خلق أربعة من أربعة ، ومن أربعة أربعة ، ثمّ قال عزوجل : (إِنَّ عِدَّةَ
الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً).
٢٩١ ـ روى
الشيخ الطوسيّ في الغيبة : بحذف الإسناد عن جابر الجعفيّ ، قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن تأويل قول الله عزوجل : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ
عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ
وَالْأَرْضَ ، مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا
تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ).
فقال : فتنفّس
سيّدي الصعداء ثمّ قال : يا جابر : أمّا السنة فهو جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وشهورها اثنا عشر شهرا ، فهو أمير المؤمنين عليهالسلام ، إليّ وإلى ابني جعفر وابنه موسى وابنه عليّ وابنه
محمّد وابنه عليّ وإلى ابنه الحسن وإلى ابنه محمّد الهادي المهديّ عليهالسلام ، اثنا عشر إماما حجج الله على خلقه ، وأمناؤه على وحيه
وعلمه ، والأربعة الحرم الّذين هم الدّين القيّم ، أربعة منهم يخرجون باسم واحد ،
عليّ أمير المؤمنين ، وأبي عليّ بن الحسين ، وعليّ بن موسى ، وعليّ بن محمّد عليهمالسلام ، فالإقرار بهؤلاء هو الدّين القيّم (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) أي قولوا بهنّ جميعا تهتدوا .
٢٩٢ ـ الشيخ
شرف الدّين النجفيّ في تأويل الآيات الباهرة في العترة الطاهرة : عن المقلّد بن
غالب الحسنيّ قدسسره عن رجاله ، بإسناد متّصل إلى عبد الله بن سنان الأسديّ
، عن جعفر بن محمّد عليهالسلام قال :
قال أبي ـ يعني
محمّدا الباقر عليهالسلام ـ لجابر بن عبد الله : لي اليك حاجة أخلو فيها ، فلمّا
__________________
خلا به قال : يا جابر أخبرني عن اللوح الّذي رأيته عند أمّي فاطمة الزهراء عليهاالسلام.
فقال جابر :
أشهد بالله لقد دخلت على سيّدتي فاطمة الزهراء لأهنيها بولدها الحسين عليهالسلام ، فإذا بيدها لوح أخضر من زمرّدة خضراء فيه كتابة أنور
من الشمس وأطيب رائحة من المسك الاذفر ، فقلت : ما هذا اللوح يا بنت رسول الله؟
فقال : هذا لوح
أنزله الله تعالى على أبي وقال لي احفظيه ، ففعلت ، فإذا فيه اسم أبي وبعلي واسم
ابني والأوصياء من بعد ولدي الحسين ، فسألتها أن تدفعه إليّ لأنسخه ، ففعلت.
فقال له أبي عليهالسلام : ما فعلت بنسخك.
فقال : هي عندي
، فقال : فهل لك أن تعارضني عليها؟
قال : فمضى
جابر إلى منزله فأتاه بقطعة جلد أحمر ، فقال له : انظر في صحيفتك حتّى أقرأها عليك
، فكان في صحيفته :
هذا كتاب من
الله العزيز الحكيم (العليم) أنزله الروح الامين على محمّد خاتم النبيين يا محمّد (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ
اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ،
مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ
أَنْفُسَكُمْ).
يا محمّد عظّم
أسمائي واشكر نعمائي ، ولا تجحد آلائي ، ولا ترج سواي ، ولا تخش غيري ، فإنّه من
يرجو سوائي ويخشى غيري أعذّبه عذابا لا أعذّبه أحدا من العالمين ، يا محمّد إنّي
اصطفيتك على الأنبياء ، واصطفيت وصيّك (عليّا) على الأوصياء ، وجعلت الحسن عيبة
علمي بعد انقضاء مدّة أبيه ، والحسين خير أولاد الأوّلين والآخرين فيه تثبت
الإمامة ، ومنه العقب ، وعليّ بن الحسين زين العابدين ، والباقر العلم الداعي إلى
سبيلي على منهاج الحقّ ، وجعفر الصادق في القول والعمل ، تلبس من بعده فتنة صمّاء
، فالويل كلّ الويل لمن كذّب عترة نبيّي وخيرة خلقي ، وموسى الكاظم الغيظ ، وعليّ
الرضا يقتله عفريت كافر يدفن بالمدينة الّتي بناها العبد الصالح إلى جنب شرّ خلق
الله ، ومحمّد الهادي شبيه جدّه الميمون ، وعليّ الهادي (الداعي) إلى سبيلي
والذابّ عن حرمي ، والقائم في رعيتي ، والحسن الأغرّ يخرج منه ذو الاسمين خلف
محمّد ، يخرج
في آخر الزمان وعلى رأسه غمامة بيضاء تظلّه عن الشمس ، وينادي مناد بلسان
فصيح يسمعه الثقلان ومن بين الخافقين : «هذا المهديّ من آل محمّد» فيملأ الأرض
عدلا كما ملئت جورا .
قوله تعالى : (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً
كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً).
٢٩٣ ـ
العيّاشيّ بإسناده عن زرارة ، قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : (قاتِلُوا
الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) ؛ (حَتَّى لا تَكُونَ
فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ).
فقال : لا لم
يجيء تأويل هذه الآية ، ولو قد قام قائمنا بعد ، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل
هذه الآية ، وليبلغنّ دين محمّد ما بلغ الليل ، حتّى لا يكون مشرك على ظهر الأرض
كما قال الله .
الآية الثامنة
قوله تعالى : (كَلِمَةُ اللهِ هِيَ
الْعُلْيا).
٢٩٤ ـ روى
العلّامة البيّاضي قدسسره قال : أخرج أبو نعيم في كتاب الفتن قول أبي جعفر عليهالسلام : ويظهر المهديّ بمكّة عند العشاء ومعه راية رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقميصه ، وسيفه ، وعلامات ، ونور ، وبيان ، وينادى من
السماء : إنّ الحقّ في آل محمّد ، وآخر من الأرض : إنّ الحقّ في آل عيسى.
قال أبو عبد
الله : إذا سمعتم ذلك فاعلموا أنّ كلمة الله هي العليا ، وكلمة الشيطان هي السفلى.
قال : فهذه
كتبهم تشهد بأنّ قول من يقول : المهديّ هو المسيح قول الشيطان .
الآية التاسعة
قوله تعالى : (قُلْ هَلْ
تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ
أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا
إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ).
٢٩٥ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ رضى الله عنه بإسناده عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قلت له : إنّ بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من
خالفهم ، فقال : الكفّ عنهم أجمل ، ثمّ
__________________
قال : والله يا أبا حمزة إنّ الناس كلّهم أولاد بغايا ما خلا شيعتنا ، قلت
: كيف لي بالمخرج من هذا؟
فقال لي : يا
أبا حمزة كتاب الله المنزل يدلّ عليه ، إنّ الله تبارك وتعالى جعل لنا أهل البيت
سهاما ثلاثة في جميع الفيء ، ثمّ قال عزوجل : (وَاعْلَمُوا أَنَّما
غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى
وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ).
فنحن أصحاب
الخمس والفيء ، وقد حرّمناه على جميع الناس ما خلا شيعتنا. والله يا أبا حمزة ما
من أرض تفتح ولا خمس يخمّس فيضرب على شيء منه إلّا كان حراما على من يصيبه فرجا
كان أو مالا ، ولو قد ظهر الحقّ لقد بيع الرجل الكريمة عليه نفسه فيمن لا يزيد ،
حتّى إنّ الرجل منهم ليفتدي بجميع ماله ويطلب النجاة لنفسه فلا يصل إلى شيء من ذلك
، ولقد أخرجونا وشيعتنا من حقّنا ذلك بلا عذر ولا حقّ ولا حجّة.
قلت : قوله عزوجل : (هَلْ تَرَبَّصُونَ
بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ)؟
قال : أمّا موت
في طاعة الله ، أو إدراك ظهور إمام ، ونحن نتربّص بهم مع ما نحن فيه من الشدّة أن
يصيبهم الله بعذاب من عنده ، قال : هو المسخ ، أو بأيدينا وهو القتل ، قال الله عزوجل لنبيه صلىاللهعليهوآله : (فَتَرَبَّصُوا إِنَّا
مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) والتربّص : انتظار وقوع البلاء بأعدائهم .
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
المهديّ عليهالسلام من الصادقين
٢٩٦ ـ روى سليم
بن قيس الهلاليّ في حديث المناشدة ، قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : فأنشدتكم الله أتعلمون أنّ الله أنزل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) ، فقال سلمان : يا رسول الله أعامّة هي أم خاصّة؟ قال :
المأمورون فالعامّة من المؤمنين أمروا بذلك وأمّا «الصادقين» فخاصّة لأخي عليّ والأوصياء
من بعده إلى يوم القيامة ، قالوا : اللهم نعم .
__________________
سورة يونس
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ لَوْ لا
أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ* فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ
فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ).
٢٩٧ ـ ابن
بابويه عن يحيى بن أبي القاسم ، قال : سألت الصادق عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (الم ذلِكَ الْكِتابُ
لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) ، فقال : المتّقون شيعة عليّ عليهالسلام ، والغيب فهو الحجّة القائم الغائب ؛ وشاهد ذلك قول
الله عزوجل : (وَيَقُولُونَ لَوْ لا
أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ
فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ).
٢٩٨ ـ الشّيخ
الصدوق ، بإسناده عن أحمد بن محمّد بن أبي النصر ، قال : قال الرضا عليهالسلام : ما أحسن الصبر وانتظار الفرج ، أما سمعت قول الله عزوجل : (وَارْتَقِبُوا إِنِّي
مَعَكُمْ رَقِيبٌ)
(فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ
الْمُنْتَظِرِينَ) فعليكم الصبر ، فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس ، فقد
كان الّذين من قبلكم أصبر منكم .
٢٩٩ ـ وعنه ،
بإسناده عن محمّد بن الفضل ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام ، قال : سألته
__________________
عن الفرج قال : إنّ الله عزوجل يقول : (فَانْتَظِرُوا إِنِّي
مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ).
٣٠٠ ـ
وبالإسناد عن عبد العظيم الحسنيّ ، قال : دخلت على سيّدي محمّد بن عليّ عليهماالسلام وأنا أريد أن أسأله عن القائم ، أهو المهديّ أو غيره؟
فابتدأني فقال : يا أبا القاسم ، إنّ القائم منّا هو المهديّ الّذي يجب أن ينتظر
في غيبته ، ويطاع في ظهوره ، وهو الثالث من ولدي ، والّذي بعث محمّدا بالنبوّة وخصّنا
بالإمامة ، إنّه لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد ، لطوّل الله ذلك اليوم حتّى
يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، وإنّ الله تبارك وتعالى يصلح
أمره في ليلة كما أصلح أمر كليمه موسى عليهالسلام ، [ذهب] ليقتبس لأهله نارا فرجع وهو رسول نبيّ ، ثمّ
قال عليهالسلام : أفضل اعمال شيعتنا انتظار الفرج .
٣٠١ ـ عن الصقر
بن أبي دلف ، قال : سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّ الرضا عليهالسلام يقول : الإمام بعدي ابني عليّ ، أمره أمري ، وقوله قولي
، وطاعته طاعتي ، والامام بعده ابنه الحسن ، أمره أمر أبيه ، وقوله قول أبيه ،
وطاعته طاعة أبيه ، ثمّ سكت ، فقال له : يا ابن رسول الله فمن الامام بعد الحسن؟
فبكى عليهالسلام بكاء شديدا ثمّ قال : ان من بعد الحسن ابنه القائم
بالحق المنتظر ، فقلت له : يا ابن رسول الله ولم سمّي القائم؟ قال : لأنّه يقوم
بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته ، فقلت له : ولم سمّي المنتظر؟ قال :
إنّ له غيبة يكثر أيّامها ويطول أمدها ، فينتظر خروجه المخلصون ، وينكره المرتابون
، ويستهزئ به الجاحدون ، ويكذّب فيها الوقّاتون ، ويهلك فيها المستعجلون ، وينجو
فيها المسلّمون .
٣٠٢ ـ
وبالإسناد عن ابن أبي عمير ، عمّن سمع أبا عبد الله عليهالسلام يقول :
لكلّ أناس
دولة يرقبونها
|
|
ودولتنا في
آخر الدهر تظهر
|
٣٠٣ ـ روى الترمذيّ بإسناده عن أبي
الأحوص ، عن عبد الله قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : سلوا الله من فضله ، فإنّ الله عزوجل يحبّ أن يسأل ، وأفضل العبادة انتظار الفرج .
__________________
٣٠٤ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عليّ بن هاشم ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : ما ضرّ من مات منتظرا لأمرنا ألّا يموت في وسط
فسطاط المهديّ وعسكره .
٣٠٥ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عبد الله بن بكير ، عن رجل ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : دخلنا عليه جماعة فقلنا : يا ابن رسول الله إنّا
نريد العراق فأوصنا. فقال أبو جعفر عليهالسلام : ليقوّ شديدكم ضعيفكم ، وليعد غنيكم على فقيركم ، ولا
تبثّوا سرّنا ، ولا تذيعوا أمرنا ، وإذا جاءكم عنّا حديث فوجدتم عليه شاهدا أو
شاهدين من كتاب الله فخذوا به ، وإلّا فقفوا عنده ثمّ ردّوه إلينا حتّى يستبين لكم
، واعلموا أنّ المنتظر لهذا الأمر له مثل أجر الصائم القائم ، ومن أدرك قائمنا
فخرج معه فقتل عدونا ، كان له مثل أجر عشرين شهيدا ، ومن قتل مع قائمنا ، كان له
مثل أجر خمسة وعشرين شهيدا .
٣٠٦ ـ روى
الشيخ الطوسيّ بإسناده عن يحيى بن العلاء ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : كلّ مؤمن شهيد ، وإن مات على فراشه فهو شهيد ،
وهو كمن مات في عسكر القائم ، قال أيحبس نفسه على الله ثمّ لا يدخله الجنة ؟
٣٠٧ ـ روى
الشيخ الصدوق بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إنّ أقرب الناس إلى الله عزوجل وأعلمهم به وأرأفهم بالناس ، محمّد صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام ، فادخلوا أين دخلوا ، وفارقوا من فارقوا ـ أعني بذلك
حسينا وولده عليهمالسلام ـ فإنّ الحقّ فيهم ، وهم الاوصياء ، ومنهم الائمّة ، فأينما رأيتموهم
فاتبعوهم ، فان أصبحتم يوما لا ترون منهم أحدا ، فاستعينوا بالله عزوجل ، وانظروا السنّة الّتي كنتم عليها واتبعوها ، وأحبّوا
من كنتم تحبون ، وأبغضوا من كنتم تبغضون ، فما أسرع ما يأتيكم الفرج .
٣٠٨ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي الجارود ، قال : قلت : لأبي جعفر عليهالسلام يا ابن رسول الله هل تعرف مودّتي لكم وانقطاعي إليكم
وموالاتي إيّاكم؟ قال : فقال : نعم ، قال : فقلت : فإنّي أسألك مسألة تجيبني فيها
، فإنّي مكفوف البصر قليل المشي ولا أستطيع
__________________
زيارتكم كلّ حين ، قال : هات حاجتك ، قلت : أخبرني بدينك الّذي تدين الله عزوجل به أنت وأهل بيتك لأدين الله عزوجل به. قال عليهالسلام : إن كنت أقصرت الخطبة ، فقد أعظمت المسألة ، والله
لأعطينّك ديني ودين آبائي الّذي ندين الله عزوجل به ، شهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله صلىاللهعليهوآله والإقرار بما جاء من عند الله ، والولاية لوليّنا ،
والبراءة من عدونا ، والتسليم لأمرنا ، وانتظار قائمنا ، والاجتهاد والورع .
٣٠٩ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن الحكيم بن عتيبة ، قال : بينا أنا مع أبي
جعفر عليهالسلام والبيت غاصّ بأهله ، إذ أقبل شيخ يتوكّأ على عنزة له
حتّى وقف على باب البيت ، فقال : السلام عليك يا ابن رسول الله ورحمة الله وبركاته
، ثمّ سكت ، فقال أبو جعفر عليهالسلام : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، ثمّ أقبل الشيخ
بوجهه على أهل البيت وقال : السلام عليكم ، ثمّ سكت حتّى أجابه القوم جميعا وردّوا
عليهالسلام ، ثمّ أقبل بوجهه على أبي جعفر عليهالسلام ، ثمّ قال : يا ابن رسول الله أدنيني منك جعلني الله
فداك ، فو الله إنّي ما أحبّكم وأحبّ من يحبّكم لطمع في دنيا ، والله إنّي لأبغض
عدوّكم وأبرأ منه ، وو الله ما أبغضه وأبرأ منه لوتر كان بيني وبينه ، والله إنّي
لأحلّ حلالكم وأحرّم حرامكم وأنتظر أمركم ، فهل ترجو لي جعلني الله فداك؟ فقال أبو
جعفر : إليّ إليّ ، حتّى أقعده إلى جنبه ، ثمّ قال :
أيّها الشيخ ،
إنّ أبي عليّ بن الحسين عليهالسلام أتاه رجل فسأله عن مثل الّذي سألتني عنه ، فقال له أبي عليهالسلام : إن تمت ، ترد على رسول الله عليهالسلام وعلى عليّ والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ، ويثلج قلبك
ويبرد فؤادك وتقرّ عينك وتستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغت
نفسك هاهنا ـ وأهوى بيده إلى حلقه ـ وإن تعش ، تر ما يقرّ الله به عينك ، وتكون
معنا في السنام الأعلى.
فقال الشيخ :
كيف قلت يا أبا جعفر عليهالسلام؟ فأعاد عليه الكلام.
فقال الشيخ :
الله أكبر يا أبا جعفر ، إن أنا متّ أرد على رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلى عليّ والحسن والحسين وعليّ بن الحسين عليهمالسلام وتقرّ عيني ويثلج قلبي ويبرد فؤادي وأستقبل
__________________
بالرّوح والريحان مع الكرام الكاتبين لو قد بلغت نفسي إلى هاهنا ، وإن أعش
أر ما يقرّ الله به عيني فأكون معكم في السنام الاعلى؟!
ثمّ أقبل الشيخ
ينتحب ، ينشج ها ها ها حتّى لصق بالأرض ، وأقبل أهل البيت ينتحبون وينشجون لما
يرون من حال الشيخ.
وأقبل أبو جعفر
عليهالسلام يمسح بأصبعه الدموع من حماليق عينيه وينفضها ، ثمّ رفع
الشيخ رأسه ، فقال لأبي جعفر عليهالسلام : يا ابن رسول الله ناولني يدك جعلني الله فداك ،
فناوله يده فقبّلها ووضعها على عينيه وخدّه ، ثمّ حسر عن بطنه وصدره ، فوضع يده
على بطنه وصدره ، ثمّ قام فقال : السلام عليكم ، وأقبل أبو جعفر عليهالسلام ينظر في قفاه وهو مدبر ، ثمّ أقبل بوجهه على القوم فقال
: من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة ، فلينظر إلى هذا. فقال الحكم بن عتيبة :
لم أر مأتما قطّ يشبه ذلك المجلس .
٣١٠ ـ روى
الكافي رحمهالله بإسناده عن عبد الحميد الواسطيّ ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : أصلحك الله ولقد تركنا أسواقنا انتظارا لهذا الأمر
حتّى أوشك الرجل منّا يسأل في يديه فقال : يا عبد الحميد أترى من حبس نفسه على
الله لا يجعل الله له مخرجا؟ بلى والله ليجعلنّ الله له مخرجا ، رحم الله عبدا حبس
نفسه علينا ، رحم الله عبدا أحيا امرنا ، قال :
فقلت : فإن متّ
قبل أن أدرك القائم؟ فقال : القائل منكم إن أدركت القائم من آل محمد نصرته ،
كالمقارع معه بسيفه ، والشهيد معه له شهادتان .
٣١١ ـ وروى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن اسماعيل الجعفيّ ، قال : دخل رجل على أبي
جعفر عليهالسلام ومعه صحيفة ، فقال له أبو جعفر عليهالسلام : هذه صحيفة مخاصم يسأل عن الدّين الّذي يقبل فيه
العمل. فقال : رحمك الله هذا الّذي أريد. فقال أبو جعفر عليهالسلام : شهادة أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ
محمّدا صلىاللهعليهوآله عبده ورسوله ، وتقرّ بما جاء من عند الله ، والولاية
لنا أهل البيت ، والبراءة من عدوّنا ، والورع والتواضع ، وانتظار قائمنا ، فإنّ
لنا دولة إذا شاء الله جاء بها .
__________________
الآية الثانية
قوله تعالى : (إِنَّما مَثَلُ
الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ
الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ
زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها
أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ
بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
٣١٢ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله حديثا طويلا لابن مهزيار في من شاهد القائم عليهالسلام جاء فيه : فما كان إلّا هنيئة ، فخرج إليّ وهو يقول :
طوبى لك قد أعطيت سؤالك ، قال : فدخلت عليه صلوات الله عليه وهو جالس على نمط عليه
نطع أديم أحمر متّكئ على مسورة أديم ، فسلّمت عليه وردّ عليّ السلام ، ولمحته
فرأيت وجهه مثل فلقة قمر ، لا بالخرق ولا بالبزق ، ولا بالطويل الشامخ ، ولا
بالقصير اللاصق ، ممدود القامة ، صلت الجبين ، أزجّ الحاجبين ، أدعج العينين ،
أقنى الأنف ، سهل الخدّين ، على خدّه الأيمن خال.
فلمّا أن بصرت
به ، حار عقلي في نعته وصفته ، فقال لي : يا ابن مهزيار كيف خلّفت إخوانك في
العراق؟
قلت : في ضنك
عيش وهناة ، قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان ، فقال : قاتلهم الله أنّى يؤفكون
، كأنّي بالقوم قد قتلوا في ديارهم وأخذهم أمر ربّهم ليلا ونهارا.
فقلت : متى
يكون ذلك يا ابن رسول الله؟
قال : إذا حيل بينكم
وبين سبيل الكعبة بأقوام لا خلاق لهم والله ورسوله منهم براء ، وظهرت الحمرة في
السماء ثلاثا فيها اعمدة كأعمدة اللجين تتلألأ نورا ، ويخرج الشروسيّ من أرمينية
وآذربيجان يريد وراء الريّ الجبل الاسود المتلاحم بالجبل الأحمر ، لزيق جبل طالقان
، فيكون بينه وبين المروزيّ وقعة صيلمانيّة ، يشيب فيها الصغير ، ويهرم منها
الكبير ، ويظهر القتل بينهما ، فعندها توقّعوا خروجه إلى الزوراء ، فلا يلبث بها
حتّى يوافي باهات ، ثمّ يوافي واسط العراق ، فيقيم بها سنة أو دونها ، ثمّ يخرج
إلى كوفان ، فيكون بينهم وقعة من النجف إلى الحيرة إلى الغريّ ، وقعة شديدة تذهل
منها العقول ، فعندها يكون بوار الفئتين ، وعلى الله حصاد الباقين.
__________________
ثمّ تلا قوله
تعالى : (بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها
حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ) فقلت : سيدي يا ابن رسول الله ما الأمر؟
قال : نحن أمر
الله وجنوده.
قلت : سيّدي يا
ابن رسول الله حان الوقت؟
قال : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ
الْقَمَرُ).
٣١٣ ـ الفضل بن
شاذان بإسناده عن محمّد بن الحنفيّة ، (في حديث اختصرنا منه موضع الحاجة) ، أنّه
قال : إنّ لبني فلان ملكا مؤجّلا حتّى إذا أمنوا واطمأنّوا ، وظنّوا أنّ ملكهم لا
يزول ، صيح فيهم صيحة ، فلم يبق لهم راع يجمعهم ، ولا داع يسمعهم ، وذلك قول الله عزوجل : (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ
الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ
عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ
تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
قلت : جعلت
فداك : هل لذلك وقت؟
قال : لا ،
لأنّ علم الله غلب علم الموقّتين ، إنّ الله وعد موسى ثلاثين ليلة وأتمّها بعشر لم
يعلمها موسى ، ولم يعلمها بنو اسرائيل ، فلمّا جاز الوقت قالوا : غرّنا موسى
فعبدوا العجل ، ولكن إذا كثرت الحاجة والفاقة ، وأنكر في الناس بعضهم بعضا ، فعند
ذلك توقّعوا أمر الله صباحا ومساء .
٣١٤ ـ أبو جعفر
محمّد بن جرير الطبريّ ، بإسناده عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال :
نزلت في بني
فلان ثلاث آيات : قوله عزوجل : (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ
الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ
عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً) يعني القائم بالسيف (فَجَعَلْناها
حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ).
وقوله عزوجل : (فَتَحْنا عَلَيْهِمْ
أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً
__________________
فَإِذا
هُمْ مُبْلِسُونَ* فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) قال أبو عبد الله عليهالسلام بالسيف.
وقوله تعالى : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ
مِنْها يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ
وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) يعني القائم عليهالسلام ، يسأل بني فلان عن كنوز بني أمّية .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (قُلْ هَلْ مِنْ
شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ
يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ
يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ).
٣١٥ ـ محمّد بن
يعقوب : بإسناده عن عبد الرحمن بن مسلمة الحريريّ ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام يوبّخونا ويكذبونا أنّا نقول : إنّ صيحتين تكونان ،
يقولون من أين تعرف المحقّة من المبطلة إذا كانتا؟ قال : فما ذا تردّون عليهم؟ قلت
: ما نردّ عليهم شيئا. قال : قولوا : يصدّق بها إذا كانت من كان يؤمن بها من قبل ،
ان الله عزوجل يقول : (أَفَمَنْ يَهْدِي
إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى
فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ).
٣١٦ ـ محمّد بن
يعقوب : بإسناده عن داود بن فرقد ، قال : سمع رجل من العجليّة هذا الحديث : قوله «ينادي
مناد ألا إنّ فلان بن فلان وشيعته هم الفائزون أوّل النهار ، وينادي مناد آخر
النهار ألا إنّ عثمان وشيعته هم الفائزون» ، فقال الرجل : فما يدرينا أيّما الصادق
من الكاذب؟ فقال : يصدق عليها من كان يؤمن بها قبل أن ينادي ، إنّ الله عزوجل يقول : (أَفَمَنْ يَهْدِي
إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى
فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ).
٣١٧ ـ الشّيخ
الصدوق ، بإسناده عن ميمون البان ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام (أبي جعفر عليهالسلام) في فسطاطه ، فرفع جانب الفسطاط فقال : إنّ أمرنا ـ لو
قد كان ـ لكان أبين من هذه الشمس المضيئة ، ثمّ قال : ينادي مناد من السماء : فلان
بن فلان هو الإمام باسمه ، وينادي إبليس لعنه الله من الأرض كما نادى برسول الله صلىاللهعليهوآله ليلة العقبة .
٣١٨ ـ عنه ،
بإسناده عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ينادي مناد من السماء باسم
__________________
القائم عليهالسلام ، قلت : خاصّ أو عامّ؟ قال : عامّ يسمع كلّ قوم بلسانهم
، قلت : فمن يخالف القائم عليهالسلام وقد نودي باسمه؟ قال : لا يدعهم إبليس حتّى ينادي في
آخر الليل ويشكّك الناس .
٣١٩ ـ وعنه ،
بإسناده عن المعلّى بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : صوت جبرئيل من السماء ، وصوت إبليس من الأرض ،
فاتّبعوا الصوت الأوّل ، وإيّاكم والأخير أن تفتتنوا به .
٣٢٠ ـ وروى
القمّي في تفسيره عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (أَفَمَنْ يَهْدِي
إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى
فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) فأمّا من يهدي إلى الحقّ ، فهم محمّد وآل محمّد من بعده
، وأمّا من لا يهدي إلّا أن يهدى ، فهو من خالف من قريش وغيرهم أهل بيته من بعده .
٣٢١ ـ روى
الطبريّ في «دلائل الإمامة» بالإسناد عن أنس بن مالك ، قال : خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم فرأى عليّا ، فوضع يده بين كتفيه ثمّ قال : يا
عليّ ، لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد ، لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يملك رجل
من عترتك يقال له المهديّ ، يهدي إلى الله عزوجل ويهتدي به العرب ، كما هديت أنت الكفار والمشركين من الضلالة
، ثمّ قال : ومكتوب على راحتيه ، بايعوه فإنّ البيعة لله عزوجل .
٣٢٢ ـ وروي عن
محمّد بن عليّ السلميّ ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ : قال : «إنّما سمّي المهديّ
مهديّا لأنّه يهدي لأمر خفيّ ، يهدي ما في صدور الناس ، ويبعث إلى الرجل فيقتله لا
يدري في أيّ شيء قتله ، ويبعث ثلاثة راكب ـ قال هي بلغة غطفان راكبان ـ أمّا راكب
فيأخذ ما في أيدي أهل الذمّة من رقيق المسلمين فيعتقهم ، وأمّا راكب فيظهر البراءة
منهما ، من يغوث ويعوق في أرض العرب ، وراكب يخرج التوراة من مغارة بأنطاكية ،
ويعطى حكم سليمان» .
__________________
٣٢٣ ـ وروى
النعمانيّ بإسناده عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال : دخل رجل على أبي جعفر الباقر عليهالسلام فقال له : عافاك الله ، اقبض منّي هذه الخمسمائة درهم ،
فإنّها زكاة مالي ، فقال له أبو جعفر عليهالسلام : خذها أنت فضعها في جيرانك من أهل الإسلام والمساكين
من إخوانك المؤمنين ، ثمّ قال : إذا قام قائم أهل البيت ، قسّم بالسوية وعدل في
الرعيّة ، فمن أطاعه فقد أطاع الله ، ومن عصاه فقد عصى الله ، وإنّما سمّي المهديّ
مهديا لأنّه يهدي إلى أمر خفيّ ، ويستخرج التوراة وسائر كتب الله عزوجل من غار بأنطاكية ، ويحكم بين أهل التوراة بالتوراة ،
وبين أهل الإنجيل بالإنجيل ، وبين أهل الزبور بالزبور ، وبين أهل القرآن بالقرآن ،
وتجمع إليه أموال الدنيا من بطن الأرض وظهرها ، فيقول للناس : تعالوا إلى ما قطعتم
فيه الأرحام وسفكتم فيه الدماء الحرام ، وركبتم فيه ما حرّم الله عزوجل ، فيعطي شيئا لم يعطه أحد كان قبله ، ويملأ الأرض عدلا
وقسطا ونورا كما ملئت ظلما وجورا وشرّا .
الآية الرابعة
قوله تعالى : (بَلْ كَذَّبُوا بِما
لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ).
٣٢٤ ـ بالإسناد
عن زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن هذه الأمور العظام من الرجعة وأشباهها؟ فقال : إنّ
هذا الّذي تسألون عنه لم يجيء أوانه ، وقد قال الله عزوجل : (بَلْ كَذَّبُوا بِما
لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ).
٣٢٥ ـ وقال
عليّ بن إبراهيم في قوله : (بَلْ كَذَّبُوا بِما
لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) أي لم يأتهم تأويله (كَذلِكَ كَذَّبَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) قال : نزلت في الرجعة ، كذّبوا بها ، أي أنّها لا تكون
، ثمّ قال : (وَمِنْهُمْ مَنْ
يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ
بِالْمُفْسِدِينَ). وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ لا
يُؤْمِنُ بِهِ) فهم أعداء محمّد وآل محمّد من بعده (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ) والفساد المعصية لله ولرسوله .
__________________
الآية الخامسة
قوله تعالى : (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ
بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ
اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ* وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ
رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ* وَيَقُولُونَ
مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا
وَلا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ
فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ* قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ
أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ
الْمُجْرِمُونَ* أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ
بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ).
٣٢٦ ـ قال عليّ
بن إبراهيم في قوله : (وَإِنْ كَذَّبُوكَ
فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ) ـ إلى قوله ـ (ما كانُوا
مُهْتَدِينَ) فإنّه محكم.
ثمّ قال : (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ) يا محمّد (بَعْضَ الَّذِي
نَعِدُهُمْ) من الرجعة وقيام القائم (أَوْ
نَتَوَفَّيَنَّكَ) قبل ذلك (فَإِلَيْنا
مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ).
وفي رواية أبي
الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله :
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ
إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً) يعني ليلا (أَوْ نَهاراً ما ذا
يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) فهذا عذاب ينزل في آخر الزمان على فسقة أهل القبلة
يجحدون نزول العذاب عليهم .
الآية السادسة
قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ مَتى
هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
المهديّ عليهالسلام هو الوعد الحق
٣٢٧ ـ روى
الصدوق رحمهالله بإسناده عن عبد الرحمن بن سليط ، قال :
قال الحسين بن
عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : منّا اثنا عشر مهديّا ، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ
ابن أبي طالب ، وآخرهم التاسع من ولدي ، وهو الإمام القائم بالحقّ ، يحيي الله به
الأرض بعد موتها ، ويظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه ولو كره المشركون.
له غيبة يرتدّ
فيها أقوام ، ويثبت فيها على الدّين آخرون ، فيؤذون ويقال لهم : (مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ
صادِقِينَ) أما إنّ الصابر في غيبته على الاذى والتكذيب ، بمنزلة
__________________
المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله .
الآية السابعة
قوله تعالى : (أَلا إِنَّ
أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ).
٣٢٨ ـ روى
الشيخ الصدوق ، بإسناده عن أبي بصير ، قال :
قال الصادق
جعفر بن محمّد عليهماالسلام : يا أبا بصير طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في
غيبته ، والمطيعين له في ظهوره ، اولئك أولياء الله الّذين لا خوف عليهم ولا هم
يحزنون .
الآية الثامنة
قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا
وَكانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ
لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
٣٢٩ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي عبيدة الحذّاء ، قال : سألت ابا جعفر عليهالسلام ، عن الاستطاعة وقول الناس ، فقال : وتلا هذه الآية : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلَّا
مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ).
يا أبا عبيدة
الناس مختلفون في إصابة القول ، وكلهم هالك ، قال : قلت : قوله : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) قال : هم شيعتنا ، ولرحمته خلقهم ، وهو قوله : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) يقول : لطاعة الامام الرحمة الّتي يقول : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) يقول : علم الإمام ، ووسع علمه الّذي هو من علمه كلّ
شيء ، هم شيعتنا ، ثمّ قال : (فَسَأَكْتُبُها
لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) يعني ولاية غير الإمام وطاعته ، ثمّ قال : (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي
التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) يعني النبيّ صلىاللهعليهوآله والوصيّ والقائم (يَأْمُرُهُمْ
بِالْمَعْرُوفِ) إذا قام (وَيَنْهاهُمْ عَنِ
الْمُنْكَرِ) والمنكر من أنكر فضل الإمام وجحده (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ) أخذ العلم من أهله : (وَيُحَرِّمُ
عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) والخبائث قول من خالف (وَيَضَعُ عَنْهُمْ
إِصْرَهُمْ) وهي الذنوب الّتي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام (وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ
عَلَيْهِمْ) والأغلال : ما كانوا يقولون ممّا لم يكونوا أمروا به من
ترك فضل الإمام ، فلمّا عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم ، والإصر الذنب ، وهي
__________________
الآصار ، ثمّ نسبهم فقال : (فَالَّذِينَ آمَنُوا) يعني بالامام (وَعَزَّرُوهُ
وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ) يعني الّذين اجتنبوا الجبت والطاغوت أن يعبدوها ،
والجبت والطاغوت فلان وفلان وفلان ، والعبادة : طاعة الناس لهم ، ثمّ قال : (أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا
لَهُ) ثمّ جزاهم فقال : (لَهُمُ الْبُشْرى فِي
الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) والإمام يبشّرهم بقيام القائم وبظهوره ، وبقتل اعدائهم
وبالنجاة في الآخرة ، والورود على محمّد صلىاللهعليهوآله وآله الصادقين على الحوض .
الآية التاسعة
قوله تعالى : (فَلَوْ لا كانَتْ
قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا
كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى
حِينٍ).
المسخ الأعداء الله قبل ظهور المهديّ عليهالسلام
٣٣٠ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : قول الله عزوجل : (عَذابَ الْخِزْيِ فِي
الْحَياةِ الدُّنْيا) وفي الآخرة ، ما هو عذاب خزي الدنيا؟ فقال عليهالسلام : وأيّ خزي أخزى يا أبا بصير من أن يكون الرجل في بيته
وحجاله وعلى إخوانه وسط عياله ، إذ شق أهله الجيوب عليه وصرخوا ، فيقول الناس ما
هذا؟ فقال : مسخ فلان الساعة ، فقلت : قبل قيام القائم عليهالسلام أو بعده؟ قال : لا بل قبله .
__________________
سورة هود
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا
عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ أَلا
يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ
يَسْتَهْزِؤُنَ).
٣٣١ ـ محمّد بن
إبراهيم النعمانيّ ، قال : بإسناده عن إسحاق بن عبد العزيز ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا
عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال : العذاب خروج القائم عليهالسلام ، والأمّة المعدودة عدّة أهل بدر وأصحابه .
٣٣٢ ـ محمّد بن
يعقوب ، بإسناده عن أبي خالد ، عن أبي عبد الله أو أبي جعفر عليهماالسلام في قول الله عزوجل : (فَاسْتَبِقُوا
الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) قال : الخيرات الولاية ، وقوله تبارك وتعالى : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ
اللهُ جَمِيعاً) يعني أصحاب القائم عليهالسلام الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا ، قال : وهم ـ والله ـ
الأمّة المعدودة ، قال : يجتمعون والله في ساعة واحدة ، قزع كقزع الخريف .
__________________
٣٣٣ ـ عليّ بن
إبراهيم ، بإسناده عن هشام بن عمّار ، عن أبيه ، وكان من أصحاب عليّ عليهالسلام ، عن عليّ صلوات الله عليه ، في قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ
إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ) قال : الأمّة المعدودة أصحاب القائم الثلاثمائة والبضعة
عشر .
٣٣٤ ـ عليّ بن
إبراهيم ، بإسناده عن أبي خالد الكابليّ ، في قوله تعالى (وَلَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ
إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال :
هم أصحاب
القائم عليهالسلام يجتمعون والله إليه في ساعة واحدة ، فإذا جاء إلى
البيداء ، يخرج إليه جيش السفياني ، فيأمر الله الأرض فتأخذ أقدامهم ، وهو قوله : (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ
وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ* وَقالُوا آمَنَّا بِهِ) يعني بالقائم من آل محمّد عليهمالسلام (وَأَنَّى لَهُمُ
التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) إلى قوله : (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ
وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) يعني ألا يعذبوا (كَما فُعِلَ
بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ) يعني من كان قبلهم من المكذّبين هلكوا .
٣٣٥ ـ
العيّاشيّ ، بإسناده عن ابان بن مسافر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا
عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) يعني عدّة كعدّة بدر (لَيَقُولُنَّ ما
يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) قال : العذاب .
٣٣٦ ـ وعنه
بإسناده عن عبد الأعلى الحلبيّ ، قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : أصحاب القائم عليهالسلام الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا هم والله الأمّة المعدودة
الّتي قال في كتابه : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا
عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال : يجتمعون له في ساعة واحدة ، قزعا كقزع الخريف .
٣٣٧ ـ وعنه
بإسناده عن الحسين ، عن الخزّاز ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا
عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال : هو القائم وأصحابه .
٣٣٨ ـ أبو عليّ
الطبرسيّ في «مجمع البيان» : قيل أنّ الأمّة المعدودة هم أصحاب المهديّ في آخر
الزمان ، ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا كعدّة أهل بدر ، يجتمعون في ساعة
__________________
واحدة كما يجتمع قزع الخريف ، قال : وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله
عليهماالسلام .
٣٣٩ ـ قال شرف
الدّين النجفيّ : ويؤيّده ما رواه محمّد بن جمهور ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ،
قال : روى بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا
عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال : العذاب هو القائم عليهالسلام ، وهو عذاب على أعدائه ، والأمّة المعدودة هم الّذين
يقومون معه بعدد أهل بدر .
٣٤٠ ـ عليّ بن
إبراهيم : في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليهالسلام ، في قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَخَّرْنا
عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ) قال : قال إن متّعناهم في هذه الدنيا إلى خروج القائم عليهالسلام ، فنردّهم ونعذّبهم (لَيَقُولُنَّ ما
يَحْبِسُهُ) أن يقولوا : لم لا يقوم القائم عليهالسلام ولا يخرج ، على حدّ الاستهزاء ، فقال الله : (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ
مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ).
الآية الثانية
قوله تعالى : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ
عَلَى الظَّالِمِينَ).
من علامات الظهور النداء من السماء
٣٤١ ـ روى
الحميريّ بإسناده عن الحسن بن محبوب ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : لا بدّ من فتنة صماء صيلم تظهر فيها كلّ بطانة
ووليجة ، وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي ، يبكي عليه أهل السماء وأهل الأرض
، ثمّ قال من بعد كلام طويل : كأنّي بهم شرّ ما كانوا وقد نودوا ثلاثة أصوات :
الصوت الاول أزفت الآزفة يا معشر المؤمنين ، والصوت الثاني : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى
الظَّالِمِينَ) ، والثالث : بدن يظهر فيرى في قرن الشمس يقول : إنّ
الله قد بعث فلانا فاسمعوا وأطيعوا .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا
نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ).
__________________
شبه غيبة المهديّ عليهالسلام بغيبة نوح عليهالسلام
٣٤٢ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله ، بإسناده عن عبد الله بن الفضل الهاشميّ ، قال : قال
الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام : لمّا أظهر الله تبارك وتعالى نبوّة نوح عليهالسلام وأيقن الشيعة بالفرج ، اشتدّت البلوى وعظمت الفرية إلى
أن آل الأمر إلى شدّة شديدة نالت الشيعة والوثوب على نوح بالضرب المبرّح ، حتّى
مكث عليهالسلام في بعض الأوقات مغشيّا عليه ثلاثة أيّام يجري الدم من
أذنه ثمّ أفاق ، وذلك بعد ثلاثمائة سنة من مبعثه ، وهو في خلال ذلك يدعوهم ليلا
ونهارا فيهربون ، ويدعوهم سرّا فلا يجيبون ، ويدعوهم علانية فيولّون ، فهمّ بعد
ثلاثمائة سنة بالدعاء عليهم ، وجلس بعد صلاة الفجر للدعاء ، فهبط إليه وفد من
السماء السابعة ، وهم ثلاثة أملاك فسلّموا عليه ، ثمّ قالوا له : يا نبيّ الله لنا
حاجة ، قال : وما هي؟
قالوا : تؤخّر
الدعاء على قومك ، فإنّها أوّل سطوة لله عزوجل في الأرض ، قال : قد أخّرت الدعاء عليهم ثلاثمائة سنة
اخرى ، وعاد إليهم فصنع ما كان يصنع ، ويفعلون ما كانوا يفعلون ، حتّى إذا انقضت
ثلاثمائة سنة أخرى ويئس من إيمانهم ، جلس في وقت ضحى النهار للدعاء فهبط عليه وفد
من السماء السادسة وهم ثلاثة أملاك ، فسلّموا عليه ، وقالوا : نحن وفد من السماء
السادسة ، خرجنا بكرة وجئناك ضحوة ، ثمّ سألوه مثل ما سأله وفد السماء السابعة ،
فأجابهم إلى مثل ما أجاب اولئك إليه ، وعاد عليهالسلام إلى قومه يدعوهم ، فلا يزيدهم دعاؤه إلّا فرارا ، حتّى
انقضت ثلاثمائة سنة تتمّة تسعمائة سنة ، فصارت إليه الشيعة وشكوا ما ينالهم من
العامة والطواغيت وسألوه الدعاء بالفرج ، فأجابهم إلى ذلك وصلّى ودعا ، فهبط
جبرئيل عليهالسلام فقال له : إنّ الله تبارك وتعالى أجاب دعوتك ، فقل
للشيعة : يأكلوا التمر ويغرسوا النوى ويراعوه حتّى يثمر ، فإذا أثمر فرّجت عنهم ،
فحمد الله وأثنى عليه وعرّفهم ذلك ، فاستبشروا به ، فأكلوا التمر وغرسوا النوى
وراعوه حتّى أثمر ، ثمّ صاروا إلى نوح عليهالسلام بالتمر ، وسألوه أن ينجز لهم الوعد ، فسأل الله عزوجل في ذلك ، فأوحى الله إليه : قل لهم : كلوا هذا التمر
واغرسوا النوى ، فإذا أثمر فرّجت عنكم! فلمّا ظنّوا أن الخلف قد وقع عليهم ، ارتدّ
منهم الثلث وثبت الثلثان ، فأكلوا
التمر وغرسوا النوى ، حتّى إذا أثمر أتوا به نوحا عليهالسلام فأخبروه وسألوه أن ينجز لهم الوعد ، فسأل الله عزوجل في ذلك ، فأوحى الله إليه : قل لهم : كلوا هذا التمر
واغرسوا النوى ، فارتدّ الثلث الآخر وبقي الثلث ، فأكلوا التمر وغرسوا النوى ،
فلمّا أثمر أتوا به نوحا عليهالسلام ثمّ قالوا له : لم يبق منّا إلّا القليل ونحن نتخوّف
على أنفسنا بتأخّر الفرج أن نهلك ، فصلّى نوح عليهالسلام ثمّ قال : يا ربّ لم يبق من أصحابي إلّا هذه العصابة ،
وإنّي أخاف عليهم الهلاك إن تأخّر عنهم الفرج ، فأوحى الله عزوجل إليه : قد أجبت دعاءك فاصنع الفلك ، وكان بين إجابة
الدعاء وبين الطوفان خمسون سنة .
الآية الرابعة
قوله تعالى : (لَوْ أَنَّ لِي
بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ).
٣٤٣ ـ
العيّاشيّ ، بإسناده عن صالح بن سعيد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، في قول الله : (لَوْ أَنَّ لِي
بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) قال : قوة : القائم عليهالسلام ، والركن الشديد : الثلاثمائة وثلاثة عشر أصحابه .
٣٤٤ ـ الشّيخ
الصدوق بإسناده عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : ما كان قول لوط عليهالسلام لقومه : (لَوْ أَنَّ لِي
بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) إلّا تمنّيا لقوّة القائم عليهالسلام ، ولا الركن ذكر إلّا شدّة أصحابه ، فإنّ الرجل منهم
ليعطى قوّة أربعين رجلا ، وإنّ قلبه لأشدّ من زبر الحديد ، ولو مرّوا بجبال الحديد
لتدكدكت ، ولا يكفّون سيوفهم حتّى يرضى الله عزوجل .
٣٤٥ ـ عليّ بن
إبراهيم ، بإسناده عن صالح ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : في قوله : (قُوَّةً) قال : القوّة القائم عليهالسلام ، والركن الشديد ثلاثمائة وثلاثة عشر.
قال عليّ بن
إبراهيم :
فقال جبرئيل ،
لو علم ما له من القوة؟! فقال : من أنتم؟ فقال جبرئيل :
أنا جبرئيل ،
فقال لوط : بما ذا أمرت؟ قال : بهلاكهم ، فسأله : الساعة؟
__________________
قال : (مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ
الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) فكسروا الباب ودخلوا البيت ، فضرب جبرئيل بجناحه على
وجوههم فطمسها ، وهو قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ راوَدُوهُ
عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ).
الآية الخامسة
قول الله عزوجل : (بَقِيَّتُ اللهِ
خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
المهديّ عليهالسلام بقيّة الله في الأرض
٣٤٦ ـ روى
الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه ، بإسناده عن محمّد بن مسلم الثقفيّ ، قال : سمعت
أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام يقول : القائم منا منصور بالرعب ، مؤيّد بالنصر ، تطوى
له الأرض ، وتظهر له الكنوز ، يبلغ سلطانه المشرق والمغرب ، ويظهر الله عزوجل به دينه على الدّين كلّه ولو كره المشركون ، فلا يبقى
في الأرض خراب إلّا قد عمر ، وينزل روح الله عيسى ابن مريم عليهالسلام فيصلّي خلفه ، قال : قلت : يا ابن رسول الله متى يخرج
قائمكم؟
قال : إذا
تشبّه الرجال بالنساء ، والنساء بالرجال ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء
بالنساء ، وركب ذوات الفروج السروج ، وقبلت شهادات الزور ، وردّت شهادات العدول ،
واستخفّ الناس بالدماء وارتكاب الزنا وأكل الربا ، واتّقي الأشرار مخافة ألسنتهم ،
وخروج السفيانيّ من الشام ، واليمانيّ من اليمن ، وخسف بالبيداء ، وقتل غلام من آل
محمّد صلىاللهعليهوآله بين الركن والمقام ، اسمه محمّد ابن الحسن النفس
الزكيّة ، وجاءت صيحة من السماء بأنّ الحقّ فيه وفي شيعته ، فعند ذلك خروج قائمنا.
فإذا خرج أسند
ظهره إلى الكعبة ، واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، وأوّل ما ينطق به هذه
الآية : (بَقِيَّتُ اللهِ
خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ثمّ يقول : أنا بقيّة الله في أرضه ، وخليفته وحجّته
عليكم ، فلا يسلّم عليه مسلّم إلّا قال : السلام عليك يا بقيّة الله في أرضه.
فإذا اجتمع
إليه العقد ، وهو عشرة آلاف رجل ، خرج ، فلا يبقى في الأرض معبود دون الله عزوجل من صنم ووثن وغيره إلّا وقعت فيه نار فاحترق ، وذلك بعد
غيبة طويلة ،
__________________
ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به .
٣٤٧ ـ روى فرات
الكوفي معنعنا عن عمر بن ذاهب ، قال : قال رجل لجعفر بن محمّد عليهالسلام : نسلّم على القائم بإمرة المؤمنين؟ قال : لا ، ذلك اسم
سمّاه الله به أمير المؤمنين ، لا يسمّى به أحد قبله ولا بعده إلّا كافر ، قال :
كيف نسلّم عليه؟ قال : تقول : السلام عليك يا بقيّة الله ، قال : ثمّ قرأ جعفر : (بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ
كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
٣٤٨ ـ وروى
الصدوق رحمهالله ، بإسناده إلى أحمد بن اسحاق قال : دخلت على العسكري عليهالسلام أريد أن أسأله عن الخلف من بعده ، فابتدأني : إنّ الله
لا يخلي الأرض منذ خلق آدم عليهالسلام ولا يخلها إلى أن تقوم الساعة من حجّة له على خلقه. قلت
: ومن الخليفة بعدك؟ فأسرع ودخل البيت ، وخرج وعلى عاتقه غلام وقال : لو لا كرامتك
على الله وعلى حججه ما عرضت عليك ابني هذا ، إنّه سمّي رسول الله صلىاللهعليهوآله وكنيّه ، مثله في هذه الأمّة كالخضر وذي القرنين ،
ليغيبنّ غيبة لا ينجو من الهلكة فيها إلّا من ثبّته الله على القول بإمامته ،
ووفّقه الدعاء بتعجيل فرجه ، ويرجع من هذا الأمر أكثر القائلين به ، هذا سرّ الله
فخذ واكتمه ، وكن من الشاكرين ، تكن معنا في علّيين. فقلت : هل من علامة؟ فنطق
الغلام فقال : أنا بقية الله في أرضه والمنتقم من أعدائه .
٣٤٩ ـ وروى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن الصقر بن أبي دلف ، قال : لمّا حمل المتوكل
سيّدنا أبا الحسن عليهالسلام ، جئت لأسأل عن خبره ، قال :
فنظر إليّ حاجب
المتوكل ، فأمر أن أدخل إليه ، فأدخلت إليه ، فقال :
يا صقر ما شأنك؟
قلت : خير أيّها الأستاذ ، فقال : اقعد ، قال صقر : فأخذني ما تقدّم وما تأخّر ،
وقلت : أخطأت في المجيء ، قال : فوحى الناس عنده ثمّ قال : ما شأنك وفيم جئت؟ قلت
: لخبر ما ، قال : لعلّك جئت تسأل عن خبر مولاك؟ فقلت له : ومن مولاي؟ مولاي أمير
المؤمنين ، فقال : اسكت ، مولاك هو الحقّ ، لا تحتشمني فإنّي على مذهبك ، فقلت :
الحمد لله ، فقال : أتحبّ أن تراه؟ فقلت : نعم ، فقال : اجلس حتّى يخرج صاحب
__________________
البريد ، قال : فجلست ، فلمّا خرج ، قال لغلام له : خذ بيد الصقر ، فأدخله
إلى الحجرة الّتي فيها العلويّ المحبوس وخلّ بينه وبينه.
قال : فأدخلني
الحجرة وأومأ إلى بيت ، فدخلت فإذا هو عليهالسلام جالس على صدر حصير وبحذاه قبر محفور ، قال : فسلّمت ،
فرد عليّ السلام ، ثمّ أمرني بالجلوس فجلست ، ثمّ قال لي : يا صقر ما أتى بك؟ قلت
: يا سيّدي جئت أتعرّف خبرك. قال : ثمّ نظرت إلى القبر وبكيت ، فنظر إليّ وقال :
يا صقر لا عليك لن يصلوا إلينا بسوء ، فقلت : الحمد لله ، ثمّ قلت : يا سيّدي حديث
يروى عن النبيّ صلىاللهعليهوآله لا أعرف معناه قال : فما هو؟ قلت : قوله صلىاللهعليهوآله : لا تعادوا الأيّام فتعاديكم ، ما معناه؟ فقال :
نعم ، الأيّام
نحن ، بنا قامت السموات والأرض ، فالسبت : اسم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والأحد أمير المؤمنين ، والاثنين الحسن والحسين ،
والثلاثاء عليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ الباقر وجعفر بن محمّد الصادق ،
والأربعاء موسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وأنا ، والخميس ابني الحسن ،
والجمعة ابن ابني ، وإليه تجتمع عصابة الحقّ ، وهو الّذي يملأها قسطا وعدلا كما
ملئت جورا وظلما ، فهذا معنى الأيّام. ولا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة ،
ثمّ قال عليهالسلام ودّع واخرج فلا آمن عليك .
وفي رواية ـ
إثبات الوصية ـ والجمعة ابنه ، وعليه تجتمع هذه الأمّة ، ثمّ قرأ : بسم الله
الرحمن الرحيم (بَقِيَّتُ اللهِ
خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ثمّ قال : نحن بقيّة الله .
الآية السادسة
قوله تعالى : (وَارْتَقِبُوا إِنِّي
مَعَكُمْ رَقِيبٌ).
٣٥٠ ـ روى
العيّاشيّ بإسناده عن البزنطيّ ، قال : قال الرضا عليهالسلام : ما أحسن الصبر وانتظار الفرج ، أما سمعت قول الله
تعالى : (وَارْتَقِبُوا إِنِّي
مَعَكُمْ رَقِيبٌ) وقوله عزوجل : (فَانْتَظِرُوا إِنِّي
مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) فعليكم بالصبر ، فإنّه إنّما يجيء الفرج على اليأس ،
فقد كان الّذين من قبلكم أصبر منكم .
__________________
٣٥١ ـ نهج
البلاغة : من كلام لمولانا أمير المؤمنين عليهالسلام : الزموا الأرض ، واصبروا على البلاء ، ولا تحرّكوا
بأيديكم وسيوفكم ، وهوى ألسنتكم ، ولا تستعجلوا بما لم يعجّله الله لكم ، فإنّه من
مات منكم على فراشه وهو على معرفة ربّه ، وحقّ رسوله وأهل بيته ، مات شهيدا أوقع
أجره على الله واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله ، وقامت النيّة مقام إصلاته بسيفه
، فانّ لكلّ شيء مدّة وأجلا .
٣٥٢ ـ روى
العيّاشيّ بإسناده عن محمّد بن الفضيل ، عن الرضا عليهالسلام قال : سألته عن انتظار الفرج فقال : أو ليس تعلم أنّ
انتظار الفرج من الفرج؟ ثمّ قال : إنّ الله تبارك وتعالى يقول : (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ).
الآية السابعة
قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا
مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ
لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ).
٣٥٣ ـ محمّد بن
يعقوب بإسناده عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا
مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ) قال : اختلفوا كما اختلفت هذه الأمّة في الكتاب ،
وسيختلفون في الكتاب الّذي مع القائم عليهالسلام الّذي يأتيهم به ، حتّى ينكره ناس كثير ، فيقدّمهم
فيضرب أعناقهم .
__________________
سورة يوسف
الآية الاولى
قوله تعالى : (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا
فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ
لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ).
فضل انتظار ظهور المهديّ عليهالسلام
٣٥٤ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : حدّثني أبي ، عن جدّي ، عن آبائه عليهمالسلام أن أمير المؤمنين عليهالسلام علم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم
في دينه ودنياه ، جاء فيها : انتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله ، فإنّ أحبّ
الأعمال إلى الله عزوجل انتظار الفرج ما دام عليه العبد المؤمن ، والمنتظر
لأمرنا كالمتشحّط بدمه في سبيل الله .
الآية الثانية
قوله تعالى : (قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ
ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ* قالُوا أَإِنَّكَ
لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا
إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ).
__________________
شبه غيبة المهديّ عليهالسلام بيوسف عليهالسلام
٣٥٥ ـ
وبالإسناد عن سدير ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إنّ في القائم سنّة من يوسف ، قلت : كأنّك تذكر
حيرة أو غيبة.
قال لي : وما
تنكر من هذا هذه الأمّة أشباه الخنازير؟!
إنّ إخوة يوسف
كانوا أسباطا أولاد أنبياء تاجروا يوسف وبايعوه وخاطبوه وهم أخوته وهو أخوهم ، فلم
يعرفوه حتّى قال لهم يوسف عليهالسلام : أنا يوسف ، فما تنكر هذه الأمّة الملعونة أن يكون
الله عزوجل في وقت من الاوقات يريد أن يستر حجّته ، لقد كان يوسف
إليه ملك مصر ، وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما ، فلو أراد الله عزوجل أن يعرّف مكانه لقدر على ذلك ، والله لقد سار يعقوب
وولده عند البشارة تسعة أيّام من بدوهم إلى مصر ، وما تنكر هذه الأمّة أن يكون
الله يفعل بحجّته ما فعل بيوسف أن يكون يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لا يعرفونه
حتّى يأذن الله عزوجل أن يعرّفهم نفسه ، كما أذن ليوسف حين قال : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ
بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ* قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ
قالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذا أَخِي).
٣٥٦ ـ
وبالإسناد عن محمّد بن مسلم ، قال : دخلت على أبي جعفر عليهالسلام وأنا أريد أن أسأله عن القائم من آل محمّد صلىاللهعليهوآله ، فقال لي مبتدئا : يا محمّد بن مسلم ، إنّ في القائم
من آل محمّد صلىاللهعليهوآله شبها من خمسة من الرسل : يونس بن متى ، ويوسف بن يعقوب
، وموسى ، وعيسى ، ومحمّد صلوات الله عليهم.
فأمّا شبهه من
يونس ، فرجوعه من غيبته وهو شابّ بعد كبر السن. وأمّا شبهه من يوسف بن يعقوب ،
فالغيبة من خاصّته وعامّته واختفاؤه من إخوته وإشكال أمره على أبيه يعقوب عليهالسلام مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته.
وأمّا شبهه من
موسى ، فدوام خوفه وطول غيبته وخفاء ولادته وتعب شيعته من بعده بما لقوا من الأذى
والهوان إلى أن أذن الله عزوجل في ظهوره ونصره ، وأيّده على عدوّه.
وأمّا شبهه من
عيسى فاختلاف من اختلف فيه ، حتّى قالت طائفة منهم : ما ولد ،
__________________
وقالت طائفة : مات ، وقالت طائفة : قتل وصلب.
وأمّا شبهه من
جدّه المصطفى صلىاللهعليهوآله ، فخروجه بالسيف وقتله أعداء الله وأعداء رسوله صلىاللهعليهوآله والجبّارين والطواغيت ، وأنّه ينصر بالسيف والرعب ،
وأنّه لا تردّ له راية ، وأنّ من علامات خروجه خروج السفيانيّ من الشام ، وخروج
اليمانيّ ، وصيحة من السماء في شهر رمضان ، ومناد ينادي باسمه واسم أبيه .
٣٥٧ ـ
وبالإسناد عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : في صاحب الأمر سنّة من موسى وسنّة من عيسى وسنّة
من يوسف وسنّة من محمّد صلىاللهعليهوآله ؛ فأمّا من موسى فخائف يترقّب ، وأمّا من عيسى فيقال
فيه ما قيل في عيسى ، وأمّا من يوسف فالسجن والتقيّة ، وأمّا من محمّد صلىاللهعليهوآله فالقيام بسيرته وتبيين آثاره ، ثمّ يضع سيفه على عاتقه
ثمانية أشهر ، ولا يزال يقتل أعداء الله حتّى يرضى الله ، قلت : وكيف يعلم أنّ
الله عزوجل قد رضي؟ قال : يلقي الله عزوجل في قلبه الرحمة .
٣٥٨ ـ
وبالإسناد عن ضريس الكناسيّ ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : إنّ صاحب هذا الأمر فيه سنّة من يوسف : ابن أمة
سوداء ، يصلح الله أمره في ليلة واحدة .
٣٥٩ ـ وعن عبد
الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : في القائم سنّة من موسى بن عمران عليهالسلام ، فقلت : وما سنّة موسى بن عمران؟ قال : خفاء مولده
وغيبته عن قومه ، فقلت : كم غاب موسى عن أهله وقومه؟ قال : ثماني وعشرين سنة .
٣٦٠ ـ
وبالإسناد عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : في صاحب هذا الأمر أربع سنن من أربعة أنبياء :
سنّة من موسى ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من يوسف ، وسنّة من محمّد صلىاللهعليهوآله.
فأمّا من موسى
فخائف يترقّب ، وأمّا من يوسف فالسجن ، وأمّا من عيسى فيقال : إنّه مات ، ولم يمت
، وأمّا من محمّد صلىاللهعليهوآله فالسيف .
__________________
٣٦١ ـ
وبالإسناد عن سعيد بن جبير ، قال : سمعت سيّد العابدين عليّ بن الحسين عليهالسلام يقول : في القائم منّا سنن من سنن الأنبياء عليهمالسلام : سنّة من آدم ، وسنّة من نوح ، وسنّة من إبراهيم ،
وسنّة من موسى ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من أيّوب ، وسنّة من محمّد صلىاللهعليهوآله ؛ فأمّا من آدم ومن نوح فطول العمر ، وأمّا من إبراهيم
فخفاء الولادة واعتزال الناس ، وأمّا من موسى فالخوف والغيبة ، وأمّا من عيسى
فاختلاف الناس فيه ، وأمّا من أيّوب فالفرج بعد البلوى ، وأمّا من محمّد صلىاللهعليهوآله فالخروج بالسيف .
٣٦٢ ـ أبو بصير
، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : في القائم شبه من يوسف ، قلت وما هو؟ قال : الحيرة
والغيبة .
٣٦٣ ـ
النعمانيّ بإسناده عن يزيد الكناسيّ ، قال : سمعت أبا جعفر الباقر عليهالسلام يقول : إنّ صاحب هذا الأمر فيه شبه من يوسف ، ابن أمة
سوداء ، يصلح الله له أمره في ليلة .
٣٦٤ ـ روى
الشيخ الصدوق بإسناده عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قدم أعرابيّ على يوسف ليشتري منه طعاما فباعه ،
فلمّا فرغ قال له يوسف : أين منزلك؟ قال له : بموضع كذا وكذا ، قال : فقال له :
فإذا مررت بوادي كذا وكذا ، فقف فناد : يا يعقوب! يا يعقوب! فإنّه سيخرج إليك رجل
عظيم جميل جسيم وسيم ، فقل له : لقيت رجلا بمصر وهو يقرئك السلام ويقول لك : إنّ
وديعتك عند الله عزوجل لن تضيع ، قال : فمضى الأعرابي حتّى انتهى إلى الموضع ،
فقال لغلمانه : احفظوا عليّ الإبل ، ثمّ نادى : يا يعقوب يا يعقوب! فخرج إليه رجل
أعمى طويل جسيم جميل يتّقي الحائط بيده ، حتّى أقبل فقال له الرجل : أنت يعقوب؟
قال : نعم ، فأبلغه ما قال له يوسف ، قال : فسقط مغشيّا عليه ، ثمّ أفاق فقال : يا
أعرابي ألك حاجة إلى الله عزوجل؟ فقال له : نعم إنّي رجل كثير المال ولي ابنة عمّ ليس
يولد لي منها ، واحب أن تدعو الله أن يرزقني ولدا ، قال : فتوضّأ يعقوب وصلّى
ركعتين ثمّ دعا الله عزوجل ، فرزق أربعة أبطن ، أو قال : ستّة أبطن ، في كلّ بطن
اثنان. فكان يعقوب عليهالسلام يعلم أنّ يوسف عليهالسلام حيّ لم يمت ، وأنّ الله تعالى ذكره سيظهره له
__________________
بعد غيبته ، وكان يقول لبنيه : (إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ
اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ). وكان أهله وأقرباؤه يفنّدونه على ذكره ليوسف ، حتّى
أنّه لمّا وجد ريح يوسف قال : (إِنِّي لَأَجِدُ
رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ* قالُوا تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ
الْقَدِيمِ* فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) (وهو يهودا ابنه وألقى قميص يوسف) (عَلى وَجْهِهِ
فَارْتَدَّ بَصِيراً* قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا
تَعْلَمُونَ).
الآية الثالثة
قوله عزوجل : (إِنِّي لَأَجِدُ
رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ).
٣٦٥ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سمعته يقول :
أتدري ما كان
قميص يوسف عليهالسلام؟ قال : قلت لا. قال : إنّ إبراهيم عليهالسلام لمّا أوقدت له النار ، أتاه جبرئيل عليهالسلام بثوب من ثياب الجنّة فألبسه إيّاه ، فلم يضرّه حرّ ولا
برد ، فلمّا حضر إبراهيم الموت ، جعله في تميمة وعلّقه على إسحاق ، وعلّقه إسحاق
على يعقوب ، فلمّا ولد يوسف علّقه عليه وكان في عضده حتّى كان من أمره ما كان ،
فلمّا أخرجه يوسف بمصر من التميمة وجد يعقوب عليهالسلام ريحه ، وهو قوله تعالى حكاية عنه : (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ
تُفَنِّدُونِ). فهو ذلك القميص الّذي أنزل من الجنّة.
قلت : جعلت
فداك فإلى من صار هذا القميص؟ قال : إلى أهله ، وهو مع قائمنا إذا خرج ، ثمّ قال :
كلّ نبيّ ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى محمّد صلىاللهعليهوآله .
٣٦٦ ـ ذكر
العلّامة البيّاضيّ في صفة المهديّ عليهالسلام قال : وفي رواية المفضّل : يخرج وعليه قميص يوسف ،
فيشمّ المؤمنون رائحته شرقا وغربا ، وهو الّذي شمّ رائحته يعقوب في قوله : (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ).
الآية الرابعة
قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا
اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا
فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ).
__________________
ظهور المهديّ عليهالسلام بعد اليأس
٣٦٧ ـ
وبالإسناد عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين فشكا إليه طول دولة
الجور ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : والله ما تأملون حتّى يهلك المبطلون ، ويضمحلّ
الجاهلون ويأمن المتّقون وقليل ما يكون حتّى يكون لأحدكم موضع قدمه ، وحتّى يكونوا
على الناس أهون من الميتة عند صاحبها. فبينا انتم كذلك ، إذ جاء نصر الله والفتح ،
وهو قوله عزوجل في كتابه : (حَتَّى إِذَا
اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا).
__________________
سورة الرعد
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَيَقُولُ الَّذِينَ
كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ
وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ).
٣٦٨ ـ روى
العيّاشيّ بإسناده عن حنان بن سدير ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : سمعته يقول في قول الله تبارك وتعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ
قَوْمٍ هادٍ) فقال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أنا المنذر وعليّ الهادي ، وكلّ إمام هاد للقرن الّذي
هو فيه .
٣٦٩ ـ روى الصفّار
رحمهالله من كتاب لخطب أمير المؤمنين عليهالسلام ، ثمّ ذكر الخطبة بطولها ، جاء فيها : أيّها الناس
سلوني قبل أن تفقدوني ، لأنا أعرف بطرق السماء أعلم من العالم بطرق الأرض ، أنا
يعسوب المؤمنين وغاية السابقين ولسان المتّقين وخاتم الوصيّين ووارث النبيّين وخليفة
ربّ العالمين ، أنا قسيم النار وخازن الجنان صاحب الحوض وصاحب الأعراف ، فليس منّا
أهل البيت إمام إلّا وهو عارف بجميع أهل ولايته ، ذلك قول الله تبارك وتعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ
قَوْمٍ هادٍ).
٣٧٠ ـ روى
القميّ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال : المنذر رسول
__________________
الله صلىاللهعليهوآله ، والهادي أمير المؤمنين عليهالسلام ، وبعده الأئمّة عليهمالسلام وهو قوله : (وَلِكُلِّ قَوْمٍ
هادٍ) أي في كلّ زمان إمام هاد مبين .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَهُوَ شَدِيدُ
الْمِحالِ).
٣٧١ ـ محمّد بن
إبراهيم النعمانيّ في الغيبة ، بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : سمعت عليّا عليهالسلام يقول : إنّ بين يدي القائم عليهالسلام سنين خدّاعة ، يكذب فيها الصادق ، ويصدق فيها الكاذب ،
ويقرب فيها الماحل ، وفي حديث : وينطق فيها الرويبضة ، فقلت : وما الرويبضة وما
الماحل؟ قال : أو ما تقرءون القرآن قوله : (وَهُوَ شَدِيدُ
الْمِحالِ) قال : يريد المكر ، فقلت : وما الماحل؟ قال : يريد
المكّار .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ).
طوبى للمؤمنين بالمهديّ عليهالسلام في غيبته
٣٧٢ ـ الشّيخ
الصدوق ، بإسناده عن أبي بصير ، قال : قال الصادق عليهالسلام : طوبى لمن تمسّك بأمرنا في غيبة قائمنا ، فلم يزغ قلبه
بعد الهداية ، فقلت له : جعلت فداك ، وما طوبى؟ قال : شجرة في الجنة ، أصلها في
دار عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، وليس من مؤمن إلّا وفي داره غصن من أغصانها ، وذلك
قول الله عزوجل : (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ
مَآبٍ).
٣٧٣ ـ عن رفاعة
ابن موسى ، ومعاوية بن وهب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه ،
يتولّى وليه ، ويتبرّأ من عدوّه ، ويتولّى الأئمّة الهادية من قبله ، اولئك رفقائي
وذوو ودّي ومودّتي ، وأكرم أمّتي عليّ ، قال رفاعة : وأكرم خلق الله عليّ .
٣٧٤ ـ
وبالإسناد عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم ، فيا
طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان ، إنّ أدنى ما يكون لهم من
__________________
الثواب أن يناديهم الباري عزوجل : عبادي آمنتم بسرّي ، وصدّقتم بغيبي ، فأبشروا بحسن
الثواب منّي ، فأنتم عبادي وإمائي حقّا ، منكم أتقبّل ، وعنكم أعفو ، ولكم أغفر ،
وبكم أسقي عبادي الغيث ، وأدفع عنهم البلاء ، ولولاكم لأنزلت عليهم عذابي ، قال
جابر :
فقلت : يا ابن
رسول الله فما افضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان؟
قال : حفظ
اللسان ولزوم البيت!
٣٧٥ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو يأتمّ به في غيبته
قبل قيامه ، ويتولّى أولياءه ويعادي أعداءه ، ذلك من رفقائي وذوي مودّتي ، وأكرم
أمّتي عليّ يوم القيامة .
٣٧٦ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن عبيد الله بن العلاء ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهماالسلام ، أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام حدّث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم ، فقال الحسين
عليهالسلام : يا امير المؤمنين متى يطهّر الله الأرض من الظالمين؟
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : لا يطهّر الله الأرض من الظالمين حتّى يسفك الدم
الحرام ـ ثمّ ذكر أمر بني أميّة وبني العباس في حديث طويل ـ ثمّ قال : إذا قام
القائم بخراسان ، وغلب على أرض كوفان وملتان ، وجاز جزيرة بني كوان ، وقام منّا
قائم بجيلان وأجابته الآبر والديلمان ، وظهرت لولدي رايات الترك متفرّقات في
الأقطار والجنبات ، وكانوا بين هنات وهنات ، إذا خربت البصرة ، وقام أمير الأمرة
بمصر ـ فحكى عليهالسلام حكاية طويلة ـ ثمّ قال : إذا جهّزت الألوف وصفّت الصفوف
وقتل الكبش الخروف ، هناك يقوم الآخر ، ويثور الثائر ، ويهلك الكافر ، ثمّ يقوم
القائم المأمول ، والإمام المجهول ، له الشرف والفضل ، وهو من ولدك يا حسين ، لا
ابن مثله يظهر بين الركنين ، في دريسين باليين ، يظهر على الثقلين ، ولا يترك في الأرض
دمين ، طوبى لمن أدرك زمانه ولحق أوانه ، وشهد أيّامه .
٣٧٧ ـ روى
النوري قال : وأخرج أبو محمّد الفضل بن شاذان النيسابوريّ المتوفّى في حياة أبي
محمّد العسكريّ والد الحجّة عليهماالسلام في كتابه في الغيبة ، بإسناده عن الحسن بن
__________________
رئاب ، قال : حدّثنا أبو عبد الله عليهالسلام حديثا طويلا عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال في آخره : ثمّ يقع التدابر في الاختلاف بين أمراء
العرب والعجم ، فلا يزالون يختلفون إلى أن يصير الأمر إلى رجل من ولد أبي سفيان ـ
إلى أن قال عليهالسلام ـ ثمّ يظهر أمير الأمرة وقاتل الكفرة ، السلطان المأمول ، الّذي تحير في
غيبته العقول ، وهو التاسع من ولدك يا حسين ، يظهر بين الركنين ، يظهر على الثقلين
، ولا يترك في الأرض الأدنين ، طوبى للمؤمنين الّذين أدركوا زمانه ولحقوا أوانه ،
وشهدوا أيّامه ، ولاقوا أقوامه .
٣٧٨ ـ روى
الشيخ الطوسيّ ، بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث له حتّى انتهى إلى مسجد الكوفة ، وكان مبنيّا
بخزف ودنان وطين ، فقال : ويل لمن هدمك ، وويل لمن سهّل هدمك ، وويل لبانيك
بالمطبوخ ، المغيّر قبلة نوح ، طوبى لمن شهد هدمك مع قائم أهل بيتي ، اولئك خيار
الأمّة مع أبرار العترة .
٣٧٩ ـ روى
الطوسي بإسناده عن الحسن بن زيد بن عليّ ، قال : سألت أبا عبد الله جعفر بن محمّد
الصادق عليهماالسلام عن سنّ جدّنا عليّ بن الحسين عليهالسلام فقال : أخبرني أبي ، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهمالسلام قال : كنت امشي خلف عمّي الحسن وأبي الحسين عليهماالسلام في بعض طرقات المدينة في العامّ الّذي قبض فيه عمّي
الحسن عليهالسلام ، وأنا يومئذ غلام لم أراهق أو كدت ، فلقيهما جابر بن
عبد الله وأنس بن مالك الأنصاريّان في جماعة من قريش والأنصار ، فما تمالك جابر بن
عبد الله حتّى أكبّ على أيديهما وأرجلهما يقبّلهما ، فقال رجل من قريش كان نسيبا
لمروان : أتصنع هذا يا أبا عبد الله وأنت في سنّك هذا وموضعك من صحبة رسول الله ،
وكان جابر قد شهد بدرا ، فقال له : إليك عنّي ، فلو علمت يا أخا قريش من فضلهما
ومكانهما ما أعلم لقبّلت ما تحت أقدامهما من التراب.
ثمّ أقبل جابر
على أنس بن مالك فقال : يا أبا حمزة ، أخبرني رسول الله صلىاللهعليهوآله فيهما بأمر ما ظننته أنّه يكون في بشر ، قال له أنس :
وبما ذا أخبرك يا أبا عبد الله؟
قال عليّ بن
الحسين : فانطلق الحسن والحسين عليهمالسلام ووقفت أنا أسمع محاورة
__________________
القوم ، فأنشأ جابر يحدّث ، قال : بينما رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم في المسجد وقد حفّ من حوله ، إذ قال لي : يا
جابر ادع لي حسنا وحسينا ، وكان شديد الكلف بهما ، فانطلقت فدعوتهما وأقبلت أحمل
هذا مرّة وهذا أخرى حتّى جئته بهما ، فقال لي وأنا اعرف السرور في وجهه لمّا رأى
من محبّتي لهما وتكريمي إيّاهما : أتحبّهما يا جابر؟
فقلت : وما
يمنعني من ذلك فداك أبي وأمّي وأنا أعرف مكانهما منك؟
قال : أفلا
أخبرك عن فضلهما؟
قلت : بلى بأبي
أنت وأمّي.
قال : إنّ الله
تعالى لمّا أحب أن يخلقني ، خلقني نطفة بيضاء فأودعها صلب أبي آدم عليهالسلام ، فلم يزل ينقلها من صلب طاهر إلى رحم طاهر ، إلى نوح
وإبراهيم عليهمالسلام ، ثمّ كذلك إلى عبد المطّلب ، فلم يصبني من دنس
الجاهليّة ، ثمّ افترقت تلك النطفة شطرين إلى عبد الله وأبي طالب ، فولدني أبي
فختم الله بي النبوّة ، (وولد أبو طالب عليّا) فختمت به الوصيّة ، ثمّ اجتمعت
النطفتان منّي ومن عليّ ، فولدتا الجهر والجهير الحسنان ، فختم بهما أسباط النبوّة
وجعل ذرّيّتي منهما ، وأمرني بفتح مدينة ـ أو قال مدائن ـ الكفر. ومن ذرّيّة هذا ـ
وأشار إلى الحسين عليهالسلام ـ رجل يخرج في آخر الزمان يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا ، فهما
طاهران مطهّران ، وهما سيّدا شباب أهل الجنة ، طوبى لمن أحبّهما وأباهما وأمّهما ،
وويل لمن حاربهم وأبغضهم .
٣٨٠ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن كامل ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إنّ قائمنا إذا قام ، دعا الناس إلى امر جديد ،
كما دعا إليه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وإنّ الإسلام بدأ غريبا ، وسيعود غريبا كما بدأ ،
فطوبى للغرباء .
كلام للشيخ الصدوق في معنى الحديث
قال الشيخ
الصدوق رحمهالله : حال النبيّ صلىاللهعليهوآله قبل النبوّة حال قائمنا وصاحب زماننا عليهالسلام في
__________________
وقتنا هذا ، وذلك أنّه لم يعرف خبر النبيّ صلىاللهعليهوآله في ذلك الوقت إلّا الأحبار والرهبان والّذين قد انتهى
إليهم العلم به ، فكان الإسلام غريبا فيهم ، وكان الواحد منهم إذا سأل الله تبارك
وتعالى بتعجيل فرج نبيّه وإظهار أمره ، سخر منه أهل الجهل والضلال وقالوا له : متى
يخرج هذا النبيّ الّذي تزعمون أنّه نبيّ السيف ، وأنّ دعوته تبلغ المشرق والمغرب ،
وأنّه ينقاد له ملوك الأرض كما يقول الجهّال في وقتنا هذا : متى يخرج هذا المهديّ
الّذي تزعمون أنّه لا بدّ من خروجه وظهوره ، وينكره قوم ويقرّ به آخرون ، وقد قال
النبيّ صلىاللهعليهوآله : إنّ الإسلام بدئ غريبا وسيعود غريبا كما بدئ ، فطوبى
للغرباء ، فقد عاد الإسلام كما قال عليهالسلام غريبا في هذا الزمان كما بدأ وسيقوى بظهور وليّ الله
وحجّته كما قوي بظهور نبي الله ورسوله ، وتقرّ بذلك أعين المنتظرين له والقائلين
بإمامته كما قرّت أعين المنتظرين لرسول الله صلىاللهعليهوآله والعارفين به بعد ظهوره ، وان الله عزوجل لينجز لأوليائه ما وعدهم ، ويعلى كلمته ويتمّ نوره ولو
كره المشركون .
__________________
سورة إبراهيم
الآية الاولى
قوله عزوجل : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا
مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ
وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ).
٣٨١ ـ الشّيخ
الصدوق بإسناده عن مثنّى الحنّاط ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : أيّام الله عزوجل ثلاثة : يوم يقوم القائم عليهالسلام ، ويوم الكرّة ، ويوم القيامة .
٣٨٢ ـ وعنه
بإسناده عن مثنّى الحناط ، عن جعفر بن محمّد ، عن ابيه عليهماالسلام مثله.
سعد ابن عبد
الله ، بإسناده عن مثنّى الحناط ، عن الصادق عليهالسلام أيضا مثله .
٣٨٣ ـ وروى
الحافظ رجب البرسيّ عن عمّار ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام في كتاب الواحدة ، في حديث طويل قد بيّن فيه مناقب نفسه
القدسيّة ، وجاء فيه قوله : (الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) قال : الغيب : هو الرجعة ويوم القيامة ويوم القائم وهي
أيّام آل محمّد ، وإليها الاشارة بقوله : (وَذَكِّرْهُمْ
بِأَيَّامِ اللهِ) فالرجعة لهم ، ويوم القيامة لهم ، ويوم القائم لهم ،
وحكمه اليهم ، ومعوّل للمؤمنين فيه عليهم .
__________________
٣٨٤ ـ روى القمّيّ
في قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا
مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ
وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ) قال : أيّام الله ثلاثة : يوم القائم ، يوم الموت ،
ويوم القيامة .
الآية الثانية
قوله تعالى : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ
آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ
وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ).
٣٨٥ ـ روي عن
مسعدة قال : كنت عند الصادق عليهالسلام إذ أتاه شيخ كبير قد انحنى متّكئا على عصاه ، فسلّم ،
فرد أبو عبد الله عليهالسلام الجواب ، ثمّ قال : يا ابن رسول الله ناولني يدك
أقبّلها ، فأعطاه يده ، فقبّلها ثمّ بكى ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : وما يبكيك يا شيخ؟ قال : جعلت فداك أقمت على قائمكم
منذ مائة سنة أقول هذا الشهر وهذه السنة ، وقد كبر سنّي ودقّ عظمي واقترب أجلي ولا
أرى ما أحبّ ، أراكم معتلّين مقتّلين مشرّدين ، وأرى عدوّكم يطيرون بالأجنحة ،
فكيف لا أبكي؟ فدمعت عينا أبي عبد الله عليهالسلام ، ثمّ قال : يا شيخ إن أبقاك الله حتّى ترى قائمنا ،
كنت معنا في السنام الاعلى ، وإن حلّت بك المنيّة ، جئت يوم القيامة مع ثقل محمّد صلىاللهعليهوآله ونحن ثقله ، فقال عليهالسلام : إنّي مخلّف فيكم الثقلين ، فتمسكوا بهما لن تضلوا :
كتاب الله وعترتي أهل بيتي.
فقال الشيخ :
لا أبالي بعد ما سمعت هذا الخبر.
قال : يا شيخ ،
إنّ قائمنا يخرج من صلب الحسن [العسكريّ] ، والحسن يخرج من صلب عليّ ، وعليّ يخرج
من صلب محمّد ، ومحمّد يخرج من صلب عليّ ، وعليّ يخرج من صلب ابني هذا ـ وأشار إلى
موسى عليهالسلام ـ وهذا خرج من صلبي ، نحن اثنا عشر كلنا معصومون ، مطهّرون.
فقال الشيخ :
يا سيّدي بعضكم أفضل من بعض؟ قال : لا ، نحن في الفضل سواء ، ولكنّ بعضنا أعلم من
بعض ، ثمّ قال : يا شيخ ، والله لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد ، لطوّل الله
ذلك اليوم حتّى يخرج قائمنا أهل البيت. ألا وإنّ شيعتنا يقعون في فتنة وحيرة في
غيبته ، هناك يثبّت الله على هداه المخلصين ، اللهمّ أعنهم على ذلك .
__________________
٣٨٦ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : أقرب ما يكون العبد من الله جلّ ذكره وأرضى ما
يكون عنهم إذا افتقدوا حجّة الله جلّ وعزّ ولم يظهر لهم ولم يعلموا مكانه ، وهم في
ذلك يعلمون أنّه لم تبطل حجّة الله جلّ ذكره ولا ميثاقه ، فعندها فتوقّعوا الفرج
صباحا ومساء ، فإنّ أشدّ ما يكون غضب الله على أعدائه إذا افتقدوا حجّته ولم يظهر
لكم ، وقد علم أنّ أولياءه لا يرتابون ، ولو علم أنّهم يرتابون ما غيّب حجّته عنهم
طرفة عين ، ولا يكون ذلك إلّا على رأس شرار الناس .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ
الْبَوارِ).
المهديّ عليهالسلام من نعم الله تعالى
٣٨٧ ـ روى ابن
شهرآشوب عن الصادق والباقر عليهماالسلام في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) : نعمة الله : رسوله إذ يخبر أمّته بمن يرشدهم من
الأئمّة ، فأحلّوهم دار البوار ، ذلك معنى قول النبيّ صلىاللهعليهوآله لا ترجعنّ بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض .
الآية الرابعة
قوله تعالى : (وَأَنْذِرِ النَّاسَ
يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا
إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ).
٣٨٨ ـ محمّد بن
يعقوب ، بإسناده عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : والله للّذي صنعه الحسن بن عليّ عليهالسلام كان خيرا لهذه الأمّة مما طلعت عليه الشمس ، فو الله
لقد نزلت هذه الآية : (أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا
الزَّكاةَ) إنّما هي طاعة الإمام ، وطلبوا القتال ، فلمّا كتب
عليهم القتال مع الحسين عليهالسلام قالوا : ربّنا لم كتبت علينا القتال لو لا أخّرتنا إلى
أجل قريب نجب دعوتك ونتّبع الرّسل أرادوا تأخير ذلك إلى القائم عليهالسلام .
__________________
الآية الخامسة
قوله تعالى : (وَسَكَنْتُمْ فِي
مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا
بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ).
٣٨٩ ـ
العيّاشيّ : بإسناده عن سعد بن عمر ، عن غير واحد ممّن حضر أبا عبد الله ، ورجل
يقول قد ثبت دار صالح ودار عيسى بن عليّ ذكر دور العباسيين ، فقال رجل : أراناها
الله خرابا أو خرّبها بأيدينا ، فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : لا تقل هكذا ، بل يكون مساكن القائم وأصحابه ، اما
سمعت الله عزوجل يقول : (وَسَكَنْتُمْ فِي
مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ).
الآية السادسة
قوله تعالى : (وَقَدْ مَكَرُوا
مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ
الْجِبالُ).
٣٩٠ ـ
العيّاشيّ ، بإسناده عن جميل بن درّاج ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : (وَإِنْ كانَ
مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) وإنّ مكر بني العبّاس بالقائم عليهالسلام لتزول منه قلوب الرجال .
٣٩١ ـ الشيخ في
مجالسه ، بإسناده عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : اتّقوا الله وعليكم بالطاعة لأئمّتكم ، قولوا ما
يقولون ، واصمتوا عمّا صمتوا ، فإنّكم في سلطان من قال الله تعالى : (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ
مِنْهُ الْجِبالُ) فاتّقوا الله فإنّكم في هدنة ، صلّوا في عشائرهم
واشهدوا جنائزهم ، وأدّوا الأمانة إليهم ، وعليكم بحجّ هذا البيت فأدمنوه ، فإنّ
في إدمانكم الحجّ دفع مكاره الدنيا عنكم ، وأهوال يوم القيامة .
__________________
سورة الحجر
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَلَقَدْ جَعَلْنا
فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ* وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ
شَيْطانٍ رَجِيمٍ).
رجم الشيطان في عهد المهديّ عليهالسلام
٣٩٢ ـ روى
الصدوق رحمهالله بإسناده عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ ، قال :
سمعت أبا الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ عليهمالسلام يقول : معنى الرجيم أنّه مرجوم باللعن ، مطرود من مواضع
الخير ، لا يذكره مؤمن إلّا لعنه ، وإنّ في علم الله السابق أنّه إذا خرج القائم عليهالسلام لا يبقى مؤمن في زمانه إلّا رجمه بالحجارة ، كما كان
قبل ذلك مرجوما باللعن .
الآية الثانية
قوله تعالى : (قالَ فَإِنَّكَ مِنَ
الْمُنْظَرِينَ* إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ).
الوقت المعلوم يوم قيام القائم عليهالسلام
٣٩٣ ـ أبو جعفر
محمّد بن جرير الطبريّ ، بإسناده عن وهب بن جميع مولى اسحاق بن
__________________
عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن ابليس ، قوله : (رَبِّ فَأَنْظِرْنِي
إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ* إِلى يَوْمِ
الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) أيّ يوم هو؟ قال : يا وهب ، أتحسب أنّه يوم يبعث الله
تعالى الناس؟ لا ، ولكنّ الله عزوجل أنظره إلى يوم يبعث الله عزوجل قائمنا ، فإذا بعث الله عزوجل قائمنا ، فيأخذ بناصيته ويضرب عنقه ، فذلك يوم الوقت
المعلوم .
٣٩٤ ـ وروى
اسحاق بن عمار قال : سألته ـ يعني زين العابدين عليهالسلام ـ عن إنظار الله تعالى ابليس وقتا معلوما ذكره في كتابه ، قال : (فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ* إِلى
يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) قال عليهالسلام : الوقت المعلوم يوم قيام القائم عليهالسلام ، فإذا بعثه الله كان في مسجد الكوفة وجاء إبليس حتّى
يجثو على ركبتيه ، فيقول : يا ويلاه من هذا اليوم ، فيأخذ بناصيته فيضرب عنقه ،
فذلك يوم الوقت المعلوم منتهى أجله .
٣٩٥ ـ روى
الشيخ الصدوق بإسناده عن الحسين بن خالد قال :
قال عليّ بن
موسى الرضا عليهالسلام : لا دين لمن لا ورع له ، ولا إيمان لمن لا تقيّة له ،
إنّ أكرمكم عند الله أعملكم بالتقيّة ، فقيل له : يا ابن رسول الله إلى متى؟ قال :
(إِلى يَوْمِ
الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) وهو يوم خروج قائمنا أهل البيت ، فمن ترك التقيّة قبل
خروج قائمنا فليس منّا ، فقيل له : يا ابن رسول الله ، ومن القائم منكم أهل البيت؟
قال : الرابع من ولدي ، ابن سيّدة الإماء ، يطهّر الله به الأرض من كلّ جور ،
ويقدّسها من كلّ ظلم ، وهو الّذي يشكّ الناس في ولادته ، وهو صاحب الغيبة قبل
خروجه ، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره ، ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد
احدا ، وهو الّذي تطوى له الأرض ولا يكون له ظلّ ، وهو الّذي ينادي مناد من السماء
يسمعه جميع أهل الأرض بالدعاء إليه يقول : ألا إنّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله
فاتّبعوه ، فإنّ الحقّ معه وفيه. وهو قول الله عزوجل : (إِنْ نَشَأْ
نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ).
الآية الثالثة
قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ
لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ* وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ).
__________________
المهديّ عليهالسلام من المتوسّمين
٣٩٦ ـ روى ابن
شاذان ، بإسناده من طريق العامّة عن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، قال : قال رسول
الله صلىاللهعليهوآله لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام : يا عليّ أنا نذير أمّتي ، وأنت هاديها ، والحسن
قائدها ، والحسين سائقها ، وعليّ بن الحسين جامعها ، ومحمّد بن عليّ عارفها ،
وجعفر بن محمّد كاتبها ، وموسى بن جعفر محصيها ، وعليّ بن موسى معبّرها ومنجيها
وطارد مبغضيها ومدني مؤمنيها ، ومحمّد بن عليّ قائمها وسائقها ، وعليّ بن محمّد
سائرها وعالمها ، والحسن بن عليّ مناديها ومعطيها ، والقائم الخلف ساقيها ومناشدها
: (إِنَّ فِي ذلِكَ
لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) يا عبد الله .
٣٩٧ ـ روى جابر
عن الباقر عليهالسلام قال : كأنّي انظر إلى القائم عليهالسلام وأصحابه في نجف الكوفة كأنّ على رءوسهم الطير ، فنيت
أزوادهم وخلقت ثيابهم (منتكبين قسيّهم) قد أثّر السجود بجباههم ، ليوث بالنهار ،
ورهبان بالليل ، كأنّ قلوبهم زبر الحديد ، يعطى الرجل منهم قوّة أربعين رجلا ، (ويعطيهم
صاحبهم التوسّم) لا يقتل أحد منهم إلّا كافرا أو منافقا ، فقد وصفهم الله بالتوسّم
في كتابه : (إِنَّ فِي ذلِكَ
لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ).
٣٩٨ ـ روى ابن
شهرآشوب مرسلا ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام في قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ
لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) : فذلك السبيل المقيم الوصيّ بعد النبيّ .
٣٩٩ ـ روى
الشيخ الصدوق بإسناده عن أبان بن تغلب ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : إذا قام القائم ، لم يقم بين يديه أحد من خلق الرحمن
إلّا عرفه صالح هو أم طالح ، لأن فيه آية للمتوسّمين ، وهي بسبيل مقيم .
٤٠٠ ـ روى
الشيخ المفيد بإسناده عن عبد الله بن عجلان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : إذا قام قائم آل محمّد صلىاللهعليهوآله ، حكم بين الناس بحكم داود عليهالسلام ، لا يحتاج إلى بيّنة ، يلهمه الله
__________________
تعالى فيحكم بعلمه ، ويخبر كلّ قوم بما استبطنوه ، ويعرف وليّه من عدوّه
بالتوسّم ، قال الله سبحانه : (إِنَّ فِي ذلِكَ
لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ* وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ).
__________________
سورة النحل
الآية الاولى
قوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ
فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
أمر الله هو ظهور المهديّ عليهالسلام
٤٠١ ـ الشّيخ
الصدوق ، بإسناده عن أبان بن تغلب ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : إنّ أوّل من يبايع القائم عليهالسلام جبرئيل عليهالسلام ، ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه ، ثمّ يضع رجلا على
بيت الله الحرام ورجلا على بيت المقدس ، ثمّ ينادي بصوت ذلق طلق يسمع الخلائق : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ).
٤٠٢ ـ محمّد بن
إبراهيم النعمانيّ في الغيبة ، بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا
تَسْتَعْجِلُوهُ) قال : هو أمرنا أمر الله عزوجل فلا يستعجل به ، ويؤيّده بثلاثة أجناد : بالملائكة
وبالمؤمنين وبالرعب ، وخروجه كخروج رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وذلك قوله عزوجل : (كَما أَخْرَجَكَ
رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
لَكارِهُونَ).
__________________
٤٠٣ ـ أبو جعفر
محمّد بن جرير الطبريّ ، بإسناده عن أبان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إذا اراد الله قيام القائم عليهالسلام ، بعث جبرئيل في صورة طاير أبيض ، فيضع إحدى رجليه على
الكعبة والأخرى على بيت المقدس ، ثمّ ينادي بأعلى صوته : (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) قال : فيحضر القائم عليهالسلام فيصلّي عند مقام إبراهيم عليهالسلام ركعتين ، ثمّ ينصرف وحواليه أصحابه ، وهم ثلاثمائة عشر
رجلا ، إنّ فيهم لمن يسري من فراشه ليلا ، فيخرج ومعه الحجر فيلقيه فتعشب الأرض .
٤٠٤ ـ عن عبد
الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله (أَتى أَمْرُ اللهِ
فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) قال : هو أمرنا أمر الله يستعجل به ، يؤيّده ثلاثة
أجناد : الملائكة والمؤمنون والرعب ، وخروجه عليهالسلام كخروج رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وذلك قوله تعالى : (كَما أَخْرَجَكَ
رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِ).
٤٠٥ ـ
العيّاشيّ ، بإسناده عن هشام بن سالم ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن قوله تعالى (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) حتّى يأتي ذلك الوقت ، وقال : إنّ الله إذا أخبر أنّ
شيئا كائن ، فكأنّه قد كان .
٤٠٦ ـ
وبالإسناد عن جابر ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام قال : مثل من خرج منّا أهل البيت قبل قيام القائم عليهالسلام ، مثل فرخ طار ووقع في كوة فتلاعبت به الصبيان .
٤٠٧ ـ
النعمانيّ ، بالإسناد عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام أنّه قال : اسكنوا ما سكنت السماوات والأرض ، أي لا
تخرجوا على أحد فإنّ أمركم ليس به خفاء ، ألا إنّها آية من الله عزوجل ليست من الناس ، ألا إنّها أضوأ من الشمس لا يخفى على
برّ ولا فاجر ، أتعرفون الصبح؟ فإنّه كالصبح ليس به خفاء .
٤٠٨ ـ
وبالإسناد عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال ذات يوم : ألا أخبركم بما لا يقبل الله عزوجل من العباد عملا إلّا به؟
__________________
فقلت : بلى ،
فقال : شهادة أن إله إلّا الله ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، والإقرار بما أمر الله
والولاية لنا ، والبراءة من أعدائنا يعني أئمّة خاصّة والتسليم لهم ، والورع
والاجتهاد ، والطمأنينة والانتظار للقائم.
ثمّ قال : إنّ
لنا دولة يجيء الله بها إذا شاء.
ثمّ قال : من
سرّه أن يكون من أصحاب القائم ، فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر ،
فإن مات وقام القائم بعده ، كان له من الأجر مثل أجر من أدركه ، فجدّوا وانتظروا ،
هنيئا لكم أيّتها العصابة المرحومة .
٤٠٩ ـ الكلينيّ
بإسناده عن زرارة ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : اعرف امامك ، فإنّك إذا عرفته ، لم يضرّك تقدم هذا
الأمر أو تأخّر .
٤١٠ ـ ابن أبي
الخطّاب ، عن البزنطيّ ، قال : سألت الرضا عليهالسلام عن مسألة للرؤيا ، فأمسك ثمّ قال : إنّا لو أعطيناكم ما
تريدون ، لكان شرّا لكم ، وأخذ برقبة صاحب هذا الأمر قال : وقال : وأنتم بالعراق
ترون أعمال هؤلاء الفراعنة وما أمهل لهم ، فعليكم بتقوى الله ولا تغرّنّكم الدنيا
، ولا تغترّوا بمن أمهل له فكأنّ الأمر قد وصل إليكم .
٤١١ ـ الكلينيّ
، عن إسحاق بن يعقوب : أنّه خرج إليه على يد محمّد بن عثمان العمريّ : أمّا ظهور
الفرج ، فإنّه إلى الله ، وكذب الوقّاتون .
٤١٢ ـ روي
الكلينيّ عن عليّ بن يقطين ، قال : قال لي أبو الحسن عليهالسلام : يا عليّ إنّ الشيعة تربّى بالأماني منذ مائتي سنة.
وقال يقطين لابنه عليّ : ما بالنا قيل لنا فكان ، وقيل لكم فلم يكن ، فقال له عليّ
: إنّ الّذي قيل لكم ولنا من مخرج واحد ، غير انّ أمركم حضركم فأعطيتم محضه ، وكان
كما قيل لكم ، وانّ أمرنا لم يحضر ، فعللنا بالأماني ، ولو قيل لنا : إنّ هذا لا
يكون إلى مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة ، لقست القلوب ، ولرجعت عامة الناس عن الإسلام
، ولكن قالوا ، ما أسرعه وما أقربه؟! تألّفا لقلوب الناس وتقريبا
__________________
للفرج .
٤١٣ ـ عن عبد
الرحمن بن كثير ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام إذ دخل عليه مهزم الأسديّ ، فقال : أخبرني ـ جعلت فداك ـ
متى هذا الأمر الّذي تنتظرونه فقد طال ، فقال : يا مهزم كذّب الوقّاتون ، وهلك
المستعجلون ونجا المسلّمون ، وإلينا يصيرون .
٤١٤ ـ الكلينيّ
، بإسناده عن الفضيل بن يسار ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (يَوْمَ نَدْعُوا
كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ).
فقال : يا فضيل
اعرف إمامك ، فإنّك إذا عرفت إمامك ، لم يضرّك تقدّم هذا الأمر أو تأخّر ، ومن عرف
إمامه ثمّ مات قبل أن يقوم صاحب هذا الأمر ، كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره ،
لا بل بمنزلة من كان قاعدا تحت لوائه ، قال : ورواه بعض أصحابنا : بمنزلة من
استشهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآله .
٤١٥ ـ الكلينيّ
، بإسناده عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام جعلت فداك متى الفرج؟ فقال : يا ابا بصير. أنت ممّن
يريد الدنيا؟! من عرف هذا الأمر فقد فرّج عنه بانتظاره .
٤١٦ ـ تفسير
النعمانيّ : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا أبا الحسن حقيق على الله أن يدخل أهل الضلال الجنة
، وإنّما عنى بهذا المؤمنين الّذين قاموا في زمن الفتنة على الائتمام بالإمام
الخفيّ المكان ، المستور عن الأعيان ، فهم بإمامته مقرّون ، وبعروته مستمسكون
ولخروجه منتظرون ، موقنون غير شاكّين ، صابرون مسلّمون ، وإنّما ضلّوا عن مكان
إمامهم وعن معرفة شخصه.
يدّل على ذلك :
أنّ الله تعالى إذا حجب عن عباده عين الشمس الّتي جعلها دليلا على أوقات الصلاة ،
فموسّع عليهم تأخير المؤقّت ليتبيّن لهم الوقت بظهورها ، ويستيقنوا أنّها قد زالت
، فكذلك المنتظر لخروج الإمام عليهالسلام ، المتمسّك بإمامته موسّع عليه جميع فرائض
__________________
الله الواجبة عليه ، مقبولة منه بحدودها ، غير خارج عن معنى ما فرض عليه ،
فهو صابر محتسب لا تضرّه غيبة امامه .
٤١٧ ـ نهج
البلاغة : ومن كلام لمولانا أمير المؤمنين عليهالسلام قال : الزموا الأرض ، واصبروا على البلاء ، ولا تحرّكوا
بأيديكم وسيوفكم ، وهوى ألسنتكم ، ولا تستعجلوا بما لم يعجّله الله لكم ، فإنّه من
مات منكم على فراشه وهو على معرفة ربّه ، وحقّ رسوله وأهل بيته ، مات شهيدا أوقع
أجره على الله ، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله ، وقامت النيّة مقام إصلاته
السيف ، فانّ لكلّ شيء مدّة وأجلا .
٤١٨ ـ وعن يحيى
ابن العلاء ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : كلّ مؤمن شهيد ، وإن مات على فراشه فهو شهيد ،
وهو كمن مات في عسكر القائم عليهالسلام ، ثمّ قال : أيحبس نفسه على الله ثمّ لا يدخل الجنة؟! .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ
هُمْ يَهْتَدُونَ).
٤١٩ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن الخشّاب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، عن آبائه عليهمالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «مثل أهل بيتي مثل نجوم السماء ، كلّما غاب نجم طلع
نجم ، حتّى إذا طلع نجم منها ، طلع فرمقتموه بالأعين وأشرتم إليه بالأصابع أتاه
ملك الموت فذهب به ، ثمّ لبثتم في ذلك سبتا من دهركم ، واستوت بنو عبد المطلب ولم
يدر أيّ من أيّ ، فعند ذلك يبدو نجمكم ، فاحمدوا الله واقبلوه» .
٤٢٠ ـ الكلينيّ
بإسناده عن معروف بن خرّبوذ ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إنّما نجومكم كنجوم السماء ، كلّما غاب نجم طلع
نجم ، حتّى إذا أشرتم بأصابعكم وملتم بحواجبكم ، غيّب الله عنكم نجمكم ، واستوت
بنو عبد المطّلب ، فلم يعرف أيّ من أيّ ، فإذا طلع نجمكم فاحمدوا ربّكم .
٤٢١ ـ وعن
معروف بن خرّبوذ ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : أخبرني عنكم ، قال : نحن
__________________
بمنزلة النجوم إذا خفى نجم بدا نجم ، مأمن وأمان ، وسلم وإسلام ، وفاتح
ومفتاح ، حتّى إذا استوى بنو عبد المطّلب فلم يدر أيّ من أيّ أظهر الله عزوجل صاحبكم ، فاحمدوا الله عزوجل ، وهو يخيّر الصعب على الذلول ، فقلت : جعلت فداك
فأيّهما يختار؟ قال : يختار الصعب على الذلول .
٤٢٢ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن أبي الصباح ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنّ الله تبارك وتعالى لم يدع الأرض إلّا فيها
عالم يعلم الزيادة والنقصان ، فإذا زاد المؤمنون شيئا ردّهم ، وإذا نقصوا شيئا
أكمله لهم ، ولو لا ذلك لالتبست على المؤمنين أمورهم .
٤٢٣ ـ روي
بالإسناد عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : إنّ الله عزوجل لم يدع الأرض بغير عالم ، ولو لا ذلك لما عرف الحقّ من
الباطل .
٤٢٤ ـ وروى
بالإسناد عن عبد الأعلى بن أعين ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سمعته يقول : ما ترك الله الأرض بغير عالم ينقص
ما زادوا ، ويزيد ما نقصوا ، ولو لا ذلك لاختلط على الناس أمورهم .
٤٢٥ ـ روى
النعمانيّ بإسناد يرفعه إلى أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : يأتي على الناس زمان يصيبهم فيها سبطة يأرز
العلم فيها كما تأرز الحيّة في جحرها ، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم نجم ، قلت :
فما السبطة؟ قال : الفترة ، قلت : فكيف نصنع فيما بين ذلك؟ فقال : كونوا على ما
أنتم عليه حتّى يطلع الله لكم نجمكم .
٤٢٦ ـ ومن خطبة
لمولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام قال فيها : الحمد لله الناشر في الخلق فضله ، والباسط (فيها)
بالجود يده ؛ نحمده في جميع أموره ، ونستعينه على رعاية حقوقه ، ونشهد أن لا إله
غيره ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، أرسله بأمره صادعا ، وبذكره ناطقا ، فأدّى أمينا
، ومضى رشيدا ، وخلّف فينا راية الحقّ ، من تقدّمها مرق ، ومن تخلّف عنها زهق ،
ومن لزمها لحق ، دليلها مكيث الكلام ، بطيء القيام ، سريع إذا
__________________
قام ، فإذا أنتم ألنتم له رقابكم ، وأشرتم إليه بأصابعكم ، جاءه الموت فذهب
به ، فلبثتم بعده ما شاء الله حتّى يطلع الله لكم من يجمعكم ويضمّ نشركم ، فلا
تطمعوا في غير مقبل ، ولا تيأسوا من مدبر ، فإنّ المدبر عسى أن تزلّ به إحدى
قائمتيه وتثبت الأخرى ، فترجعا حتّى تثبتا جميعا.
ألا إنّ مثل آل
محمّد صلىاللهعليهوآله كمثل نجوم السماء ، إذا خوى نجم طلع نجم ، فكأنّكم قد
تكاملت من الله فيكم الصنائع ، وأراكم ما كنتم تأملون .
الآية الثالثة (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا
يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ).
وجوب الإيمان بالرجعة
٤٢٧ ـ روى
القمي بإسناده عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت ابا جعفر عليهالسلام يقول في قوله تعالى : (فَالَّذِينَ لا
يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) قال : يعني أنّهم لا يؤمنون بالرجعة أنها حقّ .
الآية الرابعة
قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ
إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذلِكَ
فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ كانُوا
أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ* فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما
كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ).
خروج المهديّ عليهالسلام هو أمر الله
٤٢٨ ـ روى
القمّيّ بإسناده عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام (بعد أن أورد تفسير عدّة آيات من سورة النحل) قال عليهالسلام : وقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ
إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) من العذاب والموت وخروج القائم (كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) وقوله : (فَأَصابَهُمْ
سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ
__________________
يَسْتَهْزِؤُنَ) من العذاب في الرجعة .
الآية الخامسة
قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ
جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا
وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
في رجعة الشيعة مع المهديّ عليهالسلام
٤٢٩ ـ محمّد بن
يعقوب ، بإسناده عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : قوله تبارك وتعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ
جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا
وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) قال : فقال لي : يا أبا بصير ، ما تقول في هذه الآية؟
قال ، قلت : إنّ المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله صلىاللهعليهوآله أنّ الله لا يبعث الموتى. قال : فقال : تبّا لمن قال
هذا ، سلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات والعزى؟ قال : قلت : جعلت فداك
فاوجدنيه. قال : فقال : يا أبا بصير ، لو قد قام قائمنا بعث الله إليه قوما من
شيعتنا قباع سيوفهم على عواتقهم ، فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا ، فيقولون
بعث فلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم عليهالسلام ، فيبلغ ذلك قوما من عدوّنا ، فيقولون : يا معشر الشيعة
ما أكذبكم؟ هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب ، لا والله ما عاش هؤلاء ولا
يعيشون إلى يوم القيامة ، قال : فحكى الله قولهم فقال : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ
أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ).
٤٣٠ ـ
العيّاشيّ ، بإسناده عن سيرين ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام إذ قال : ما يقول الناس في هذه الآية : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ
أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ)؟ قال : يقولون : لا قيامة ولا بعث ولا نشور. فقال :
كذبوا والله إنّما ذلك إذا قام القائم عليهالسلام وكرّ معه المكرّون ، فقال أهل خلافكم : قد ظهرت دولتكم
يا معشر الشيعة ، وهذا من كذبكم تقولون رجع فلان وفلان وفلان ، لا والله لا يبعث
الله من يموت ، ألا ترى أنّهم قالوا : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ
جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) كان المشركون أشدّ تعظيما باللات والعزى من أن يقسموا
__________________
بغيرها ، فقال الله عزوجل : (بَلى وَعْداً
عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ* لِيُبَيِّنَ لَهُمُ
الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا
كاذِبِينَ* إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ
فَيَكُونُ).
٤٣١ ـ روى عليّ
بن إبراهيم عن بعض رجاله رفعه إلى أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : ما تقول الناس فيها؟ قال : يقولون نزلت في
الكفار ، فقال : إنّ الكفار كانوا لا يحلفون بالله ، وإنّما نزلت في قوم من أمّة
محمّد صلىاللهعليهوآله قيل لهم ترجعون بعد الموت قبل القيامة ، فيحلفون أنّهم
لا يرجعون ، فردّ الله عليهم : (لِيُبَيِّنَ لَهُمُ
الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا
كاذِبِينَ) يعني في الرجعة يردّهم فيقتلهم ويشفى صدور المؤمنين
منهم .
الآية السادسة
قوله تعالى : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ
مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ
الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ* أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما
هُمْ بِمُعْجِزِينَ).
٤٣٢ ـ
العيّاشيّ ، عن إبراهيم بن عمر ، عمّن سمع أبا جعفر عليهالسلام يقول : إنّ عهد نبيّ الله صار عند عليّ بن الحسين عليهالسلام ، ثمّ صار عند محمّد بن عليّ ، ثمّ يفعل الله ما يشاء ،
فالزم هؤلاء فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة رجل ومعه راية رسول الله صلىاللهعليهوآله عامدا إلى المدينة حتّى يمر بالبيداء فيقول : هذا مكان
القوم الّذين خسف بهم ، وهي الآية الّتي قال الله : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ
مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ
الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما
هُمْ بِمُعْجِزِينَ).
٤٣٣ ـ
العيّاشيّ : عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، سئل عن قول الله : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ
مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ) قال : هم أعداء الله ، وهم يمسخون ويقذفون ويسيحون في
الأرض .
٤٣٤ ـ عنه :
بإسناده عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليهالسلام في حديث طويل ، قال له : وإيّاك وشذّاذا من آل محمّد عليهمالسلام فإنّ لآل محمّد على راية ، ولغيرهم على راية ، فالزم
__________________
هؤلاء أبدا ، وإيّاك ومن ذكرت لك ، فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة وبضعة
عشر رجلا ومعه راية رسول الله صلىاللهعليهوآله عامدا إلى المدينة حتّى يمر بالبيداء ، حتّى يقول هذا
مكان القوم الّذين خسف بهم ، وهي الآية الّتي قال الله عزوجل : (أَفَأَمِنَ الَّذِينَ
مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ
الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما
هُمْ بِمُعْجِزِينَ).
الآية السابعة
قوله تعالى : (وَأَوْحى رَبُّكَ
إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ
وَمِمَّا يَعْرِشُونَ).
المهديّ عليهالسلام يوحى إليه كما أوحي إلى مريم
٤٣٥ ـ وعن أبي
الجارود ، قال : قلت لابي جعفر عليهالسلام : جعلت فداك أخبرني عن صاحب هذا الأمر قال : يمسي من
اخوف الناس ويصبح من آمن الناس ، يوحى إليه هذا الأمر ليله ونهاره ، قال : قلت
يوحى إليه يا أبا جعفر؟ قال : يا أبا جارود ، إنّه ليس وحي النبوّة ، ولكنّه يوحى
إليه كوحيه إلى مريم بنت عمران ، وإلى أمّ موسى ، وإلى النحل ، يا ابا الجارود ،
إنّ قائم آل محمّد لأكرم عند الله من مريم بنت عمران وأمّ موسى والنحل!
٤٣٦ ـ وعن أبي
الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته متى يقوم قائمكم؟ قال : يا أبا الجارود لا
تدركون ، فقلت : أهل زمانه؟ فقال : ولن تدرك أهل زمانه ، يقوم قائمنا بالحقّ بعد
أياس من الشيعة ، يدعو الناس ثلاثا فلا يجيبه أحد ، فإذا كان اليوم الرابع تعلّق
بأستار الكعبة فقال : يا ربّ انصرني ، ودعوته لا تسقط ، فيقول تبارك وتعالى
للملائكة الّذين نصروا رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم بدر ولم يحطّوا سروجهم ولم يضعوا أسلحتهم ،
فيبايعونه ، ثمّ يبايعه من الناس ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، يسير إلى المدينة
فيسير الناس حتّى يرضى الله عزوجل ، فيقتل الفا وخمسمائة قرشيّ ليس فيهم إلّا فرخ زنية!
ثمّ يدخل المسجد فينقض الحائط حتّى يضعه إلى الأرض ، ثمّ يخرج الأزرق وزريق لعنهما
الله غضين
__________________
طريّين يكلّمهما فيجيبانه ، فيرتاب عند ذلك المبطلون ، فيقولون ، يكلّم
الموتى ، فيقتل منهم خمسمائة مرتاب في جوف المسجد ، ثمّ يحرقهما بالحطب الّذي
جمعاه ليحرقا به عليّا وفاطمة والحسن والحسين ، وذلك الحطب عندنا نتوارثه! ويهدم
قصر المدينة ، ويسير إلى الكوفة فيخرج منها ستّة عشر ألفا من البتريّة شاكين في
السلاح ، قرّاء القرآن ، فقهاء في الدّين ، قد قرحوا جباههم وسمّروا ساماتهم ،
وعمّهم النفاق ، وكلّهم يقولون ، يا ابن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك ، فيضع السيف
فيهم على ظهر عشيّة الاثنين من العصر إلى العشاء ، فيقتلهم أسرع من جزر جزور فلا
يفوت منهم رجل ، ولا يصاب من أصحابه أحد ، دماؤهم قربان إلى الله ، ثمّ يدخل
الكوفة فيقتل مقاتليها حتّى يرضى الله.
قال : فلم أعقل
المعنى ، فمكثت قليلا ثمّ قلت : جعلت فداك وما يدريه ـ جعلت فداك ـ متى يرضى الله عزوجل؟ قال : يا أبا الجارود ، إنّ الله أوحى إلى أمّ موسى ،
وهو خير من أم موسى ، وأوحى الله إلى النحل ، وهو خير من النحل! فعقلت المذهب؟
فقال لي : أعقلت المذهب؟ قلت : نعم.
فقال : إنّ
القائم ليملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أصحاب الكهف في كهفهم ، يملأ الأرض عدلا
وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ، ويفتح الله عليه شرق الأرض وغربها ، يقتل الناس حتّى
لا يرى إلّا دين محمّد صلىاللهعليهوآله ، يسير بسيرة سليمان بن داود ، يدعو الشمس والقمر
فيجيبانه ، وتطوى له الأرض ، فيوحى الله إليه فيعمل بأمر الله .
__________________
سورة الإسراء
الآية الاولى
قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي
أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ
الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ
السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
النصّ على المهديّ في إسراء النبيّ صلىاللهعليهوآله
٤٣٧ ـ روى العيّاشيّ
بإسناده عن الحسين بن أبي العلاء ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : من قرأ سورة بني اسرائيل في كلّ ليلة جمعة ، لم
يمت حتّى يدرك القائم ويكون من أصحابه .
٤٣٨ ـ روى هشام
الدستوائيّ نقلا عن ابن شمر ، عن جابر الجعفيّ ، عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب
، أنّه كان يحدّث أبا جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام بمكّة عند الحجر ، ويقول : سمعت أبي يقول : سمعت رسول
الله صلىاللهعليهوآله يقول : إنّ الله عزوجل أوحى إليّ ليلة أسرى بي ، قال : يا محمّد أتحبّ أن ترى
أسماء الأئمّة من أهل بيتك؟ قلت : نعم ، قال : تقدّم أمامك ، فتقدّمت فإذا : عليّ
، والحسن ، والحسين ، وعليّ بن الحسين ، ومحمّد بن عليّ ، وجعفر بن محمّد ، وموسى
بن جعفر ، وعليّ بن موسى ، ومحمّد بن عليّ ، وعليّ بن محمّد ، والحسن بن عليّ ،
والحجّة القائم كأنّه كوكب درّيّ في وسطهم ، فقلت : يا ربّ من
__________________
هؤلاء؟
فقال : هؤلاء
الأئمّة ... الحديث .
٤٣٩ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ ، عن عليّ بن
موسى الرضا عليهالسلام عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن
أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن عليّ ، عن أبيه
عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما خلق الله خلقا أفضل منّي ولا أكرم عليه منّي. قال
عليّ عليهالسلام : فقلت ، يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل؟ فقال عليهالسلام يا عليّ إنّ الله تبارك وتعالى فضّل أنبياءه المرسلين
على الملائكة المقرّبين ، وفضّلني على جميع النبيّين والمرسلين ، والفضل بعدي لك
يا عليّ وللائمّة من بعدك ، فإنّ الملائكة لخدّامنا وخدّام محبّينا ، يا عليّ
الّذين يحملون العرش ومن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا.
يا عليّ لو لا
نحن ما خلق الله آدم ولا حوّاء ، ولا الجنّة ولا النار ، ولا السماء ولا الأرض ،
وكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى التوحيد ومعرفة ربّنا عزوجل وتسبيحه وتقديسه وتهليله ، لأنّ أوّل ما خلق الله عزوجل أرواحنا ، فأنطقنا بتوحيده وتمجيده ، ثمّ خلق الملائكة
، فلمّا شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمورنا ، فسبّحنا لتعلم الملائكة أنّا
خلق مخلوقون ، وأنّه منزّه عن صفاتنا ، فسبّحت الملائكة لتسبيحنا ، ونزّهته عن
صفاتنا. فلمّا شاهدوا عظم شأننا ، هلّلنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلّا الله ،
وأنّا عبيد ولسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه ، فقالوا : لا إله إلّا الله.
فلمّا شاهدوا اكبر محلّنا كبّرنا الله لتعلم الملائكة أنّ الله أكبر من أن ينال ،
وأنّه عظيم المحل. فلمّا شاهدوا ما جعل الله لنا من العزّة والقوة ، قلنا : لا حول
ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم ، لتعلم الملائكة أن لا حول ولا قوّة إلّا بالله
، فقالت الملائكة : لا حول ولا قوّة إلّا بالله. فلمّا شاهدوا ما أنعم الله به
علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة ، قلنا : الحمد لله ، لتعلم الملائكة ما يحقّ الله
تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه ، فقالت الملائكة : الحمد لله ، فبنا اهتدوا
إلى معرفة
__________________
(توحيد) الله تعالى وتسبيحه وتهليله وتحميده.
ثمّ أنّ الله
تعالى خلق آدم عليهالسلام وأودعنا صلبه ، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا
وإكراما ، وكان سجودهم لله عزوجل عبوديّة ولآدم إكراما وطاعة لكوننا في صلبه ، فكيف لا
نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلّهم أجمعون.
وإنّه لمّا عرج
بي إلى السماء أذّن جبرئيل مثنى مثنى ، وأقام مثنى مثنى ، ثمّ قال : تقدم يا محمّد
، فقلت : يا جبرئيل أتقدّم عليك؟ فقال : نعم ، لأنّ الله تبارك وتعالى اسمه فضّل
أنبياءه على ملائكته أجمعين ، وفضّلك خاصّة ، فتقدّمت وصلّيت بهم ولا فخر.
فلمّا انتهينا
إلى حجب النور ، قال لي جبرئيل عليهالسلام : تقدّم يا محمّد ، وتخلّف عني ، فقلت : يا جبرئيل في
مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال : يا محمّد إنّ هذا انتهاء حدّي الّذي وضعه الله عزوجل لي في هذا المكان ، فإن تجاوزته احترقت أجنحتي لتعدّي
حدود ربّي جلّ جلاله ، فزخّ بي زخّة في النور حيث انتهيت إلى حيث ما شاء الله عزوجل من ملكوته ، فنوديت : يا محمّد ، فقلت : لبّيك ربّي
وسعديك ، تباركت وتعاليت.
فنوديت : يا
محمّد أنت عبدي وأنّا ربّك فايّاي فاعبد ، وعليّ فتوكّل ، فإنّك نوري في عبادي ،
ورسولي إلى خلقي ، وحجّتي في بريّتي ، لمن تبعك خلقت جنّتي ، ولمن خالفك خلقت ناري
، ولأوصيائك أوجبت كرامتي ، ولشيعتك أوجبت ثوابي.
فقلت : يا ربّ
ومن أوصيائي؟
فنوديت : يا
محمّد ، إنّ اوصياءك المكتوبون على ساق العرش ، فنظرت وأنا بين يدي ربّي إلى ساق
العرش ، فرأيت اثنى عشر نورا ، في كلّ نور سطر أخضر مكتوب عليه اسم كلّ وصيّ من
أوصيائي ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب وآخرهم مهديّ أمّتي.
فقلت : يا ربّ أهؤلاء
أوصيائي من بعدي؟
فنوديت : يا
محمّد ، هؤلاء أوليائي وأحبّائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريّتي ، وهم أوصياؤك
وخلفاؤك وخير خلقي بعدك ، وعزّتي وجلالي لأظهرنّ بهم ديني ، ولأعلينّ بهم كلمتي ،
ولأطهّرنّ الأرض بآخرهم من أعدائي ، ولأملّكنه مشارق الأرض ومغاربها ، ولأسخرنّ له
الرياح ، ولأذللنّ له الرقاب الصعاب ، ولأرقينّه في الأسباب ،
ولأنصرنّه بجندي ، ولأمدّنّه بملائكتي حتّى يعلن دعوتي ، ويجمع الخلق على
توحيدي ، ثمّ لأديمنّ ملكه ، ولأداولنّ الأيّام بين أوليائي إلى يوم القيامة ، والحمد
لله ربّ العالمين ، والصلاة على نبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين وسلّم تسليما
.
٤٤٠ ـ روى
العلّامة الحمويني ـ من علماء العامّة ـ بسنده عن أبي سلمى راعي إبل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل جلّ
جلاله : (آمَنَ الرَّسُولُ
بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) قلت : «والمؤمنون» قال : صدقت يا محمّد ، من خلّفت في
أمّتك؟
قلت : خيرها ،
قال : عليّ بن أبي طالب؟ قلت : نعم يا ربّ.
قال : يا محمّد
، إنّي اطّلعت على الأرض اطّلاعة فاخترتك منها ، فشققت لك اسما من أسمائي ، فلا
أذكر إلّا ذكرت معي ، فأنا المحمود وأنت محمّد ، ثمّ اطّلعت الثانية ، فاخترت منها
عليّا وشققت له اسما من أسمائي ، فأنا الأعلى وهو عليّ.
يا محمّد إنّي
خلقتك وخلقت عليّا وفاطمة والحسن والحسين والائمّة من ولده من شبح نوري ، وعرضت
ولايتكم على أهل السموات والأرض ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان
عندي من الكافرين.
يا محمّد لو
أنّ عبدا من عبيدي عبدني حتّى ينقطع أو يصير كالشنّ البالي ، ثمّ أتاني جاحدا
لولايتكم ما غفرت له حتّى يقرّ بولايتكم ، يا محمّد أتحبّ أن تراهم؟
قلت : نعم ، يا
ربّ.
فقال لي :
التفت عن يمين العرش ، فالتفتّ فإذا أنا بعليّ وفاطمة والحسن والحسين وعليّ بن
الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ
وعليّ بن محمّد والحسن بن عليّ والمهديّ في ضحضاح من نور قياما يصلّون ، وهو في
وسطهم يعني المهديّ ، كأنّه كوكب درّيّ.
وقال : يا
محمّد هؤلاء الحجج ، وهو الثائر من عترتك ، وعزّتي وجلالي ، إنّه الحجّة الواجبة
لأوليائي ، والمنتقم من أعدائي .
__________________
٤٤١ ـ روى
الشيخ الصدوق أعلى الله مكانه بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، عن عبد الله بن عبّاس
، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لمّا عرج بي إلى السماء السابعة ، ومنها إلى سدرة
المنتهى ، ومن السدرة إلى حجب النور ، ناداني ربّي جلّ جلاله : يا محمّد أنت عبدي
وأنا ربّك ، فلي فاخضع ، وإيّاي فاعبد ، وعليّ فتوكّل ، وبي فثق ، فإنّي قد رضيت
بك عبدا وحبيبا ورسولا ونبيّا ، وبأخيك عليّ خليفة وبابا ، فهو حجّتي على عبادي ،
وإمام لخلقي ، به يعرف أوليائي من أعدائي ، وبه يميّز حزب الشيطان من حزبي ، وبه
يقام ديني وتحفظ حدودي وتنفّذ أحكامي ، وبك وبه وبالأئمّة من ولده أرحم عبادي
وإمائي ، وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي ، وبه
أطهّر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي ، وبه أجعل كلمة الّذين كفروا بي السفلى
وكلمتي العليا ، وبه أحيي عبادي وبلادي بعلمي ، وله (به) أظهر الكنوز والذخائر
بمشيئتي ، وإيّاه أظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي ، وأمدّه بملائكتي لنؤيده على
إنفاذ أمري وإعلان ديني ، ذلك وليّي حقا ومهديّ عبادي صدقا .
٤٤٢ ـ روى
الشيخ المفيد بالإسناد عن علقمة ابن قيس قال : خطبنا أمير المؤمنين عليهالسلام على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة ، فقال فيما قال في آخرها
:
نعم إنّه لعهد
عهده إليّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّ الأمر يملكه اثنا عشر إماما ، تسعة من صلب الحسين ،
ولقد قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : لمّا عرج بي إلى السماء ، نظرت إلى ساق العرض فإذا
مكتوب عليه :
لا إله إلّا
الله ، محمّد رسول الله ، أيّدته بعليّ ونصرته بعليّ ، ورأيت اثنى عشر نورا ، فقلت
: يا ربّ أنوار من هذه؟ فنوديت : يا محمّد ، هذه الأنوار الأئمّة من ذرّيتك ، قلت
: يا رسول الله أفلا تسمّيهم لي؟ قال : نعم ، أنت الإمام والخليفة بعدي ، تقضي
ديني وتنجز عداتي ، وبعدك ابناك الحسن والحسين ، وبعد الحسين ابنه عليّ زين
العابدين ، وبعد عليّ ابنه محمّد يدعى الباقر ، وبعد محمّد ابنه جعفر يدعى بالصادق
، وبعد جعفر موسى يدعى بالكاظم ، وبعد موسى ابنه عليّ يدعى بالرضا ، وبعد عليّ
ابنه محمّد يدعى بالزكي ، وبعد
__________________
محمّد ابنه عليّ يدعى بالنقيّ ، وبعده ابنه الحسن يدعى بالأمين ، والقائم
من ولد الحسن سميّي وأشبه الناس بي ، يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما .
٤٤٣ ـ روى
العيّاشيّ بإسناده عن أبي ثابت مولى أبي ذر ، عن أم سلمة ، قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لمّا أسري بي إلى السماء ، نظرت فإذا مكتوب على العرش
: لا إله إلّا الله ، محمّد رسول الله ، أيّدته بعليّ ونصرته بعليّ ، رأيت أنوار
عليّ وفاطمة والحسن والحسين وأنوار عليّ بن الحسين ، ومحمّد بن عليّ ، وجعفر بن
محمّد ، وموسى بن جعفر ، وعليّ بن موسى ، ومحمّد بن عليّ ، وعليّ بن محمّد ،
والحسن بن عليّ ، ورأيت نور الحجّة يتلألأ من بينهم كأنّه كوكب درّيّ.
فقلت : يا ربّ
من هذا ومن هؤلاء؟ فنوديت : يا محمّد ، هذا نور عليّ وفاطمة ، وهذا نور سبطيك
الحسن والحسين ، وهذه أنوار الأئمّة بعدك من ولد الحسين ، مطهّرون معصومون ، وهذا
الحجّة الّذي يملأ الدنيا قسطا وعدلا .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى
بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ
وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً* فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا
عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ
وَعْداً مَفْعُولاً* ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ
وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً* إِنْ
أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ
وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما
دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً).
العباد المبعوثون في زمان المهديّ عليهالسلام في الكرّة
٤٤٤ ـ
العيّاشيّ بإسناده عن حمران ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : كان يقول : (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ
عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) ثمّ قال : هو القائم وأصحابه أولي بأس شديد .
٤٤٥ ـ أبو جعفر
محمّد بن جعفر الطبريّ ، في مسند فاطمة عليهاالسلام ، قال : روى أبو عبد الله محمّد بن سهل الجلوديّ ،
بإسناده عن عليّ بن إبراهيم بن مهزيار الأهوازي ، قال : خرجت
__________________
في بعض السنين حاجّا ، إذ دخلت المدينة وأقمت بها أياما أسأل واستبحث عن
صاحب الزمان عليهالسلام ، فما عرفت له خبرا ولا وقعت لي عليه عين ، فاغتممت
غمّا شديدا وخشيت أن يفوتني ما أمّلته من طلب صاحب الزمان عليهالسلام ، فخرجت حتّى أتيت مكّة ، فقضيت حجّتي وأقمت بها أسبوعا
، كل ذلك أطلب ، فبينا أنا أفكّر إذ انكشف لي باب الكعبة ، فإذا أنا بانسان كأنّه
غصن بان متّزر ببردة متّشح بأخرى ، قد كشف عطف بردته على عاتقه ، فارتاح قلبي
وبادرت لقصده ، فانثنى عليّ وقال : من اين الرجل؟ قلت : من العراق ، قال : من أيّ
العراق؟ قلت : من الأهواز ، فقال : أتعرف ابن الخصيب؟ قلت : نعم ، قال : رحمهالله ، فما كان أطول ليلته وأكثر تبتّله وأغزر دمعته ، قال :
فأين المهزيار؟ قلت : أنا هو ، قال : حيّاك الله بالسلام أبا الحسن ، ثمّ صافحني
وعانقني وقال : يا أبا الحسن ، ما فعلت العلامة الّتي بينك وبين الماضي أبي محمّد
نضّر الله وجهه؟ قلت : معي ، وأدخلت يدي إلى جيبي وأخرجت خاتما عليه محمّد وعليّ ،
فلمّا قرأه استعبر حتّى بلّ طمره الّذي كان على يده ، وقال : يرحمك الله أبا محمّد
إنّك زين الأمّة شرّفك الله بالإمامة وتوّجك بتاج العلم والمعرفة ، فإنّا اليكم
صائرون ، ثمّ صافحني وعانقني ، ثمّ قال : ما الّذي تريد يا أبا الحسن؟
قلت : الإمام
المحجوب عن العالم.
قال : وما هو
محجوب عنكم ، ولكن حجبه سوء أعمالكم ، قم صر إلى رحلك وكن على أهبة من لقائه ،
فإذا انحطّت الجوزاء وأزهرت نجوم السماء ، فها أنا لك بين الركن والصفا ، فطابت
نفسي وتيقّنت أنّ الله فضّلني.
فما زلت أرقب
الوقت حتّى حان ، وخرجت إلى مطيتي واستويت على ظهرها ، فإذا أنا بصاحبي ينادي :
إليّ يا أبا الحسن ، فخرجت فلحقت به ، فحيّاني بالسلام وقال : سر بنا يا أخ ، فما
زال يهبط واديا ويرقى في ذروة جبل ، إلى أن علقنا على الطائف ، فقال : يا أبا
الحسن ، انزل بنا نصلّي باقي صلاة الليل ، فنزل فصلّى بنا الفجر ركعتين ، قلت :
فالركعتين الاوليين؟
قال : هما من
صلاة الليل واوتر فيهما والقنوت ، وكلّ صلاة جائزة ، وقال : سر بنا يا أخ. فلم يزل
يهبط واديا ويرقى ذروة جبل ، حتّى أشرفنا على واد عظيم مثل الكافور ،
فامد عيني ، فإذا بيت من الشّعر يتوقّد نورا.
قال : المح هل
ترى شيئا؟
قلت : أرى بيتا
من الشعر.
فقال : الأمل
والحظّ في الوادي ، واتبعت الأثر حتّى إذا صرنا بوسط الوادي نزل عن راحلته وخلّاها
ونزلت من مطيّتي وقال لي دعها ، قلت : فإن تاهت؟
فقال : إنّ هذا
واد لا يدخله إلّا مؤمن ، ولا يخرج منه إلّا مؤمن ، ثمّ سبقني ودخل الخبا ، وخرج
إليّ مسرعا وقال : أبشر فقد أذن لك بالدخول.
فدخلت ، فإذا
البيت يسطع من جانبه النور ، فسلّمت عليه بالامامة.
فقال : يا أبا
الحسن كنّا نتوقّعك ليلا ونهارا ، فما الّذي أبطأ بك علينا؟
قلت : يا سيّدي
لم أجد من يدلّني إلى الآن.
قال لي : لم
تجد أحدا يدلّك ، ثمّ نكت باصبعه في الأرض ثمّ قال : لا ولكنّكم كثّرتم الأموال ،
وتجبّرتم على ضعفاء المؤمنين ، وقطعتم الرحم الّذي بينكم ، فأيّ عذر لكم الآن.
قلت : التوبة
التوبة ، الإقالة الإقالة.
ثمّ قال : يا
ابن المهزيار ، لو لا استغفار بعضكم لبعض ، لهلك من عليها إلّا خواصّ الشيعة الّتي
تشبه أقوالهم أفعالهم ، ثمّ قال : يا ابن المهزيار : ومدّ يده ، ألا أنبئك بالخبر
، إنّه إذا قعد الصبيّ وتحرّك المغربيّ وسار العمانيّ وبويع السفيانيّ ، يؤذن
لوليّ الله ، فأخرج بين الصفا والمروة في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا سواء ، فأجئ
إلى الكوفة وأهدم مسجدها وأبنيه على بنائه الأوّل ، وأهدم ما حوله من بناء
الجبابرة ، وأحجّ بالناس حجّة الإسلام ، وأجيء إلى يثرب ، فاهدم الحجرة وأخرج من
بها وهما طريّان ، فآمر بهما تجاه البقيع ، وآمر بخشبتين يصلبان عليهما فتورق من
تحتهما ، فيفتنن الناس بهما أشدّ من الفتنة الاولى ، فينادي مناد من السماء ، يا
سماء أبيدي ويا أرض خذي ، فيومئذ لا يبقى على وجه الأرض إلّا مؤمن قد أخلص قلبه
للإيمان.
قلت : يا سيّدي
، ما يكون بعد ذلك؟
قال : الكرّة
الكرّة ، الرجعة الرجعة ، ثمّ تلا هذه الآية : (ثُمَّ رَدَدْنا
لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ
وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً).
٤٤٦ ـ روى عليّ
بن إبراهيم رحمهالله في تفسيره قوله تعالى : (وَقَضَيْنا إِلى
بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ) أي أعلمناهم ، ثمّ انقطعت مخاطبة بني اسرائيل ، وخاطب
أمّة محمّد صلىاللهعليهوآله (لَتُفْسِدُنَّ فِي
الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) يعني فلانا وفلانا وأصحابهما ونقضهم العهد (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) يعني ما ادّعوه من الخلافة (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) يعني يوم الجمل (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ
عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) يعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأصحابه (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) أي طلبوكم وقتلوكم (وَكانَ وَعْداً
مَفْعُولاً) يعني يتمّ ويكون (ثُمَّ رَدَدْنا
لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) يعني لبني أمّية على آل محمّد (وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ
وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) من الحسين بن عليّ عليهالسلام وأصحابه وسبوا نساء آل محمّد (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ
لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) يعني القائم صلوات الله عليه وأصحابه (لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) يعني تسودّ وجوهكم (وَلِيَدْخُلُوا
الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) يعني رسول الله وأصحابه (وَلِيُتَبِّرُوا ما
عَلَوْا تَتْبِيراً) أي يعلو عليكم فيقتلوكم ، ثمّ عطف على آل محمّد عليه وعليهمالسلام فقال : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ
يَرْحَمَكُمْ) أي ينصركم على عدوّكم ، ثمّ خاطب بني أميّة فقال : (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) يعني إن عدتم بالسفيانيّ ، عدنا بالقائم من آل محمّد
صلوات الله عليه .
٤٤٧ ـ
العيّاشيّ : بإسناده عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمّد ، عن ابيه ، عن جدّه عليهمالسلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبته : يا أيّها الناس سلوني قبل أن تفقدوني ، فإن
بين جوانحي علما جما ، فسلوني قبل أن تبقر برجلها فتنة شرقيّة تطأ في خطامها ،
ملعون ناعقها ومولاها وقائدها وسائقها والمتحرّز فيها ، فكم عندها من رافعة ذيلها
يدعو بويلها دخله أو حولها لا مأوى يكنّها ، ولا أحد يرحمها ، فإذا استدار الفلك
قلتم مات أو هلك ، وأيّ واد سلك ، فعندها توقّعوا الفرج ، وهو تأويل الآية : (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ
عَلَيْهِمْ
__________________
وَأَمْدَدْناكُمْ
بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً).
والّذي فلق
الحبّة وبرأ النسمة ، ليعيش إذ ذاك ملوك ناعمين ، ولا يخرج الرجل منهم من الدنيا
حتّى يولد لصلبه ألف ذكر ، آمنين من كلّ بدعة وآفة والتنزيل عاملين بكتاب الله
وسنة رسوله قد اضمحلّت عنهم الآيات والشبهات .
سلمان من أنصار المهديّ عليهالسلام في الكرّة
٤٤٨ ـ روى
الطبريّ بإسناده من طريق العامّة عن زاذان ، عن سلمان ، قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ الله تعالى لم يبعث نبيّا ولا رسولا إلّا جعل له
اثنى عشر نقيبا ـ إلى أن ذكر أسماء النقباء الاثني عشر ـ فقال : ثمّ ابنه محمّد بن
الحسن المهديّ القائم بأمر الله. ثمّ قال : يا سلمان إنّك مدركه ، ومن كان مثلك
ومن تولّاه هذه المعرفة ، فشكرت الله وقلت : وإنّي مؤجّل إلى عهده؟ فقرأ قوله
تعالى : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ
أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا
خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ
عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ
نَفِيراً). قال سلمان : فاشتد بكائي وشوقي ، وقلت : يا رسول الله أبعهد
منك؟ فقال : اي والله الّذي أرسلني بالحقّ ، منّي ومن عليّ وفاطمة والحسن والحسين
والتسعة ، وكلّ من هو منّا ومعنا ومضام فينا ، اي والله وليحضرنّ إبليس له وجنوده
، وكلّ من محض الإيمان محضا ، ومحض الكفر محضا ، حتّى يؤخذ له بالقصاص والأوتار
ولا يظلم ربّك أحدا ، وذلك تأويل هذه الآية : (وَنُرِيدُ أَنْ
نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ
فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ). قال : فقمت من بين يديه وما أبالي لقيت الموت أو لقيني
.
٤٤٩ ـ روى
القمّيّ في قوله تعالى : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ
أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ
الْآخِرَةِ) يعني القائم صلوات الله عليه وأصحابه .
__________________
٤٥٠ ـ عليّ بن
إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليهالسلام ، قال : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ
يَرْحَمَكُمْ) أي ينصركم على عدوّكم ، ثمّ خاطب بني أميّة ، فقال : (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) يعني عدتم (بالسفيانيّ ، عدنا بالقائم من آل محمّد عليهالسلام : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ
لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) أي حبسا يحصرون فيها .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (وَكُلَّ إِنسانٍ
أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً
يَلْقاهُ مَنْشُوراً).
٤٥١ ـ وروى
الصدوق بالإسناد عن سدير الصيرفي قال : دخلت أنا والمفضّل بن عمر وأبو بصير وأبان
بن تغلب ، على مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهالسلام ، فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبريّ مطوّق بلا
جيب ، مقصر الكمّين ، وهو يبكي بكاء الواله الثكلى ، ذات الكبد الحرى ، قد نال
الحزن من وجنتيه ، وشاع التغيّر في عارضيه ، وأبلى الدموع محجريه ، وهو يقول :
سيّدي ، غيبتك نفت رقادي ، وضيقت عليّ مهادي ، وأسرت منّي راحة فؤادي ، سيّدي
غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الأبد ، وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد ، فما
أحسّ بدمعة ترقى من عيني ، وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا وسوالف البلايا ،
إلّا مثّل لعيني عن غوابر أعمّها وأفظعها ، وبواقي أشدّها وأنكرها ، ونوائب مخلوطة
بغضبك ، ونوازل معجونة بسخطك.
قال سدير :
فاستطارت عقولنا ولها ، وتصدّعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل ،
وظننّا أنّه سمة لمكروهه قارعة أو حلّت به من الدهر بائقة.
فقلنا : لا
أبكى الله ـ يا بن خير الورى ـ عينيك. من أيّ حادثة تستنزف دمعتك ، وتستمطر عيونك؟
وأيّة حالة حتّمت عليك هذا المأتم؟
قال : فزفر
الصادق عليهالسلام زفرة انتفخ منها جوفه ، واشتدّ منها خوفه ، وقال :
ويلكم إنّي نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم ؛ وهو الكتاب المشتمل على علم
المنايا والبلايا والرزايا ، وعلم ما كان وما يكون الى يوم القيامة ، الّذي خصّ
الله تقدّس اسمه به محمّدا والائمّة من بعده عليه وعليهمالسلام ، وتأمّلت فيه مولد قائمنا وغيبته وإبطاءه وطول
__________________
عمره ، وبلوى المؤمنين به من بعده في ذلك الزمان ، وتولّد الشكوك في قلوبهم
من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينهم ، وخلعهم ربقة الإسلام من أعناقهم ، الّتي
قال الله تقدّس ذكره : (وَكُلَّ إِنسانٍ
أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) يعني الولاية ، فأخذتني الرّقة ، واستولت عليّ الاحزان.
فقلنا : يا ابن
رسول الله ، كرّمنا وشرّفنا بإشراكك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.
قال : إنّ الله
تبارك وتعالى أدار في القائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل : قدّر مولده
تقدير مولد موسى عليهالسلام ، وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسى عليهالسلام ، وقدّر إبطاءه تقدير ابطاء نوح عليهالسلام ، وجعل من بعد ذلك عمر العبد الصالح ، أعني الخضر دليلا
على عمره.
فقلت : اكشف
لنا يا ابن رسول الله عن وجوه هذا المعاني.
قال : أمّا
مولد موسى ، فإنّ فرعون لمّا وقف على أنّ زوال ملكه على يده ، أمر باحضار الكهنة ،
فدلّوه على نسبه ، وأنّه يكون من بني اسرائيل ، ولم يزل يأمر اصحابه بشقّ بطون
الحوامل من نساء بني اسرائيل حتّى قتل في طلبه نيّفا وعشرين ألف مولود ، وتعذّر
عليه الوصول إلى قتل موسى لحفظ الله تبارك وتعالى ايّاه.
كذلك بنو أميّة
وبنو العباس ، لمّا وقفوا على أنّ زوال ملكهم والأمراء والجبابرة منهم على يد
القائم منّا ، ناصبونا العداوة ، ووضعوا سيوفهم في قتل آل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله وإبادة نسله ، طمعا منهم في الوصول الى قتل القائم عليهالسلام ، ويأبى الله أن يكشف أمره لواحد من الظلمة الى أن يتم
نوره ولو كره المشركون.
وأمّا غيبة
عيسى عليهالسلام ، فإنّ اليهود والنصارى اتّفقت على أنّه قتل ، وكذّبهم
الله عزوجل بقوله : (وَما قَتَلُوهُ وَما
صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) كذلك غيبة القائم عليهالسلام فإنّ الامّة تنكرها لطولها ، فمن قائل بغير هدى بأنّه
لم يولد ، وقائل يقول : إنّه ولد ومات ، وقائل يكفر بقوله انّ حادي عشرنا كان
عقيما ، وقائل يمرق بقوله : إنّه يتعدّى إلى ثالث عشر فصاعدا ، وقائل يعصي الله عزوجل بقوله : إنّ روح القائم عليهالسلام ينطق في هيكل غيره.
__________________
وأمّا إبطاء
نوح عليهالسلام فإنّه لمّا استنزل العقوبة على قومه من السماء ، بعث
الله عزوجل جبرئيل الروح الأمين بسبعة نويات فقال : يا نبيّ الله ،
إنّ الله تبارك وتعالى يقول لك : إنّ هؤلاء خلائقي وعبادي ، ولست أبيدهم بصاعقة من
الصواعق الّا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجّة ، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك ،
فأنّي مثيبك عليه ، واغرس هذا النوى ، فإنّ لك في نباتها وبلوغها وادراكها اذا
أثمرت الفرج والخلاص ، فبشّر بذلك من تبعك من المؤمنين.
فلمّا نبتت
الاشجار وتأزّرت وتسوّقت وتغصّنت وأثمرت ، وزها الثمر عليها بعد زمن طويل ، استنجز
من الله سبحانه وتعالى العدّة ، فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس من نوى تلك
الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ، ويؤكّد الحجّة على قومه ، فأخبر بذلك الطوائف
الّتي آمنت به ، فارتدّ منهم ثلاث مائة رجل ، وقالوا : لو كان ما يدعيه نوح حقّا ،
لما وقع في وعد ربه خلف.
ثمّ إنّ الله
تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كلّ مرّة أن يغرسها تارة بعد أخرى ، إلى أن غرسها
سبع مرّات ، فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتدّ منهم طائفة ، إلى أن عاد إلى
نيّف وسبعين رجلا. فأوحى الله عزوجل عند ذلك إليه وقال : يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل
لعينك حين صرّح الحق عن محضه ، وصفى الأمر للايمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت
طينته خبيثة.
فلو أنّي أهلكت
الكفار ، وأبقيت من قد ارتدّ من الطوائف الّتي كانت آمنت بك لمّا كنت صدّقت وعدي
السابق للمؤمنين الّذين أخلصوا التوحيد من قومك ، واعتصموا بحبل نبوّتك ، بأن
أستخلفهم في الأرض وأمكّن لهم دينهم ، وأبدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي
بذهاب الشكّ من قلوبهم.
وكيف يكون
الاستخلاف والتمكين وبدل الخوف بالأمن منّي لهم ، مع ما كنت أعلم من ضعف يقين
الّذين ارتدّوا ، وخبث طينتهم ، وسوء سرائرهم الّتي كانت نتائج النفاق وسنوح
الضلالة ، فلو أنّهم تسنّموا منّي من الملك الّذي أوتي المؤمنين وقت الاستخلاف اذا
أهلكت أعداءهم ، لنشقوا روائح صفاته ، ولاستحكمت سرائر نفاقهم ، وتأبّد حبال
ضلالة قلوبهم ، وكاشفوا إخوانهم بالعداوة ، وحاربوهم على طلب الرئاسة
والتفرّد بالأمر والنهي ، وكيف يكون التمكين في الدّين وانتشار الأمر في المؤمنين
مع إثارة الفتن وايقاع الحروب كلّا : (اصْنَعِ الْفُلْكَ
بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا).
قال الصادق عليهالسلام : وكذلك القائم عليهالسلام تمتدّ أيّام غيبته ليصرح الحق عن محضه ، وليصفو الإيمان
من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة ، من الشيعة الّذين يخشى عليهم النفاق
اذا أحسّوا بالاستخلاف والتمكين والأمن المنتشر في عهد القائم عليهالسلام.
قال المفضل :
فقلت : يا ابن رسول الله ، إنّ النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر
وعثمان وعليّ.
قال : لا يهدي
الله قلوب الناصبة ، متى كان الدّين الّذي ارتضاه الله ورسوله متمكّنا بانتشار
الأمن في الأمّة ، وذهاب الخوف من قلوبها ، وارتفاع الشكّ من صدورها في عهد أحد من
هؤلاء وفي عهد عليّ عليهالسلام ، مع ارتداد المسلمين والفتن الّتي كانت تثور في أيامهم
، والحروب الّتي كانت تنشب بين الكفّار وبينهم ، ثمّ تلا الصادق عليهالسلام : (حَتَّى إِذَا
اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا).
وأمّا العبد
الصالح الخضر عليهالسلام : فإنّ الله تبارك وتعالى ما طوّل عمره لنبوّة قدّرها
له ، ولا لكتاب ينزّله عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء
، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها ، ولا لطاعة يفرضها له. بلى ، إنّ الله
تبارك وتعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم عليهالسلام في أيّام غيبته ما يقدّر ، وعلم ما يكون من إنكار عباده
بمقدار ذلك العمر في الطول ، طوّل عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك ، إلّا
لعلّة الاستدلال به على عمر القائم عليهالسلام ، وليقطع بذلك حجّة المعاندين ، لئلّا يكون للناس على
الله حجّة .
الآية الرابعة
قوله تعالى (وَلا تَقْتُلُوا
النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً
فَقَدْ
__________________
جَعَلْنا
لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً).
المهديّ عليهالسلام هو وليّ دم الحسين عليهالسلام المظلوم
٤٥٢ ـ أبو
القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه في كامل الزيارات ، بإسناده عن محمّد بن سنان ، عن
رجل ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قوله تعالى : (وَمَنْ قُتِلَ
مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ
إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً).
قال : ذلك قائم
آل بيت محمّد صلىاللهعليهوآله ، يخرج فيقتل بدم الحسين عليهالسلام ، فلو قتل أهل الأرض لم يكن مسرفا ، وقوله : (فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) أي لم يكن ليصنع شيئا فيكون مسرفا ، ثمّ قال أبو عبد
الله عليهالسلام : يقتل والله ذراري قتلة الحسين عليهالسلام لفعال آبائهم .
٤٥٣ ـ الشّيخ
الصدوق ، بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ ، قال : قلت لأبي الحسن عليّ بن
موسى الرضا عليهالسلام : يا ابن رسول الله ، ما تقول في حديث روي عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : إذا قام القائم عليهالسلام قتل ذراري قتلة الحسين عليهالسلام بفعال آبائهم ، فقال عليهالسلام : هو كذلك ، فقلت : فقول الله عزوجل : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ
وِزْرَ أُخْرى) فما معناه؟ قال : صدق الله في جميع أقواله ، ولكن ذراري
قتلة الحسين يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها ، ومن رضي شيئا كان كمن أتاه ، ولو
أنّ رجلا قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب ، لكان الراضي عند الله عزوجل شريك القاتل ، فإنّما يقتلهم القائم عليهالسلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم. قال : فقلت له : بأيّ شيء
يبدأ القائم منكم إذا قام؟ قال : يبدأ ببني شيبة ، فيقطع أيديهم لأنّهم سرّاق بيت
الله عزوجل .
٤٥٤ ـ
العيّاشيّ ، بإسناده عن سلام بن المستنير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله : (وَمَنْ قُتِلَ
مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ
إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) قال : هو الحسين بن عليّ عليهماالسلام ، قتل مظلوما ونحن أولياؤه ، والقائم عليهالسلام منّا إذا قام طلب بثأر الحسين عليهالسلام ، فيقتل حتّى يقال قد اسرف في القتل ، قال : المقتول
الحسين عليهالسلام ، ووليّه القائم عليهالسلام والاسراف في
__________________
القتل أن يقتل غير قاتليه : (إِنَّهُ كانَ
مَنْصُوراً) فإنّه لا يذهب من الدنيا حتّى ينتصر رجل من آل الرسول صلىاللهعليهوآله ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما .
٤٥٥ ـ وعنه ،
بإسناده عن حمران ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قلت له : يا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله زعم ولد الحسن عليهالسلام أنّ القائم منهم وأنّهم أصحاب الأمر ، ويزعم ولد ابن
الحنفيّة مثل ذلك ، فقال ، رحم الله عمّي الحسن عليهالسلام ، لقد غمد أربعين ألف سيف حين أصيب أمير المؤمنين عليهالسلام ، وأسلمها إلى معاوية ، ومحمّد بن عليّ سبعين ألف سيف
قاتله ، ولو خطر عليهم خطر ، ما خرجوا منها حتّى يموتوا جميعا ، وخرج الحسين صلوات
الله فعرض نفسه على الله في سبعين رجلا ، من أحقّ بدمه منّا ، نحن والله أصحاب
الأمر ، وفينا القائم عليهالسلام ، ومنّا السفّاح والمنصور ، وقد قال الله : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ
جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) نحن أولياء الحسين بن عليّ عليهماالسلام وعلى دينه .
٤٥٦ ـ شرف
الدّين النجفيّ ، قال : روى بعض الثقات بإسناده عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَمَنْ قُتِلَ
مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) قال : نزلت في الحسين عليهالسلام ، ولو قتل وليّه أهل الأرض به ما كان مسرفا ، ووليّه
القائم عليهالسلام .
٤٥٧ ـ روى فرات
الكوفيّ عن جعفر بن محمّد الفزاريّ معنعنا عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (وَمَنْ قُتِلَ
مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) قال : الحسين : (فَلا يُسْرِفْ فِي
الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) قال : سمّى الله المهديّ المنصور كما سمّى أحمد محمّدا
، وكما سمّى عيسى المسيح عليهالسلام .
٤٥٨ ـ وروى
الطوسيّ بإسناده عن الفضيل بن الزبير ، قال : سمعت زيد بن عليّ عليهالسلام يقول : هذا المنتظر من ولد الحسين بن عليّ في ذريّة
الحسين وفي عقب الحسين عليهالسلام ، وهو المظلوم الّذي قال الله تعالى : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ
جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) قال : وليّه
__________________
رجل من ذرّيّته من عقبه ، ثمّ قرأ (وَجَعَلَها كَلِمَةً
باقِيَةً فِي عَقِبِهِ).
(سُلْطاناً فَلا
يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) قال : سلطانه حجّته على جميع من خلق الله تعالى ، حتّى
يكون له الحجّة على الناس ، ولا يكون لأحد عليه حجّة .
الآية الخامسة
قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا
كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ
يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً).
٤٥٩ ـ الكلينيّ
، بإسناده عن الفضيل بن يسار ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (يَوْمَ نَدْعُوا
كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) فقال : يا فضيل اعرف إمامك ، فإنّك إذا عرفت إمامك لم
يضرّك تقدّم هذا الأمر أو تأخّر ، ومن عرف إمامه ثمّ مات قبل أن يقوم صاحب هذا
الأمر ، كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره ، لا بل بمنزلة من كان قاعدا تحت لوائه.
قال : رواه بعض أصحابنا : بمنزلة من استشهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآله .
٤٦٠ ـ الكلينيّ
، بإسناده عن عمرو بن أبان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : اعرف العلامة ، فإذا عرفت ، لم يضرّك تقدّم هذا
الأمر أم تأخّر ، إنّ الله تعالى يقول : (يَوْمَ نَدْعُوا
كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) فمن عرف إمامه ، كان كمن كان في فسطاط المنتظر .
٤٦١ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عبد الله بن سنان ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : (يَوْمَ نَدْعُوا
كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) قال : إمامهم الّذي بين أظهرهم ، وهو قائم أهل زمانه.
٤٦٢ ـ الكلينيّ
، بإسناده عن زرارة ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : اعرف إمامك ، فإنّك إذا عرفته ، لم يضرّك تقدّم هذا
الأمر أو تأخّر .
٤٦٣ ـ الكلينيّ
، بإسناده عن اسماعيل بن محمّد الخزاعيّ ، قال : سأل أبو بصير أبا عبد الله عليهالسلام وأنا أسمع فقال : أتراني أدرك القائم عليهالسلام؟ فقال : يا أبا بصير لست تعرف إمامك؟ فقال : بلى والله
، وأنت هو ، فتناول يده وقال : والله ما تبالي يا أبا بصير أن لا تكون محتبيا
__________________
بسيفك في ظلّ رواق القائم عليهالسلام .
٤٦٤ ـ الكلينيّ
، بإسناده عن الفضيل بن يسار ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : من مات وليس له إمام ، مات ميتة جاهليّة ، ومن
مات وهو عارف لإمامه ، لم يضرّه تقدّم هذا الأمر أو تأخّر ، ومن مات وهو عارف
لإمامه ، كان كمن هو مع القائم في فسطاطه .
٤٦٥ ـ وروى
النعمانيّ بإسناده عن حمران بن أعين ، عن أبي عبد الله عليهالسلام مثله ، وفيه : اعرف إمامك وفي آخره : كان في فسطاط
القائم عليهالسلام .
الآية السادسة
قوله تعالى : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ
وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً).
٤٦٦ ـ محمّد بن
يعقوب رحمهالله بإسناده عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله عزوجل : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ
وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) قال : إذا قام القائم عليهالسلام ذهبت دولة الباطل .
٤٦٧ ـ وبهذا
الإسناد عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله عزوجل : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ* إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ
لِلْعالَمِينَ) قال : هو أمير المؤمنين عليهالسلام (وَلَتَعْلَمُنَّ
نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) قال : عند خروج القائم عليهالسلام.
وفي قوله عزوجل (وَلَقَدْ آتَيْنا
مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ).
قال : اختلفوا
كما اختلفت هذه الأمّة في الكتاب ، وسيختلفون في الكتاب الّذي مع القائم الّذي
يأتيهم به ، حتّى ينكره ناس كثير ، فيقدّمهم فيضرب أعناقهم. وأمّا قوله تعالى : (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ
بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
قال : لو لا ما
تقدّم فيهم من الله عزّ ذكره ، ما أبقى القائم منهم واحدا.
وفي قوله عزوجل : (وَالَّذِينَ
يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ).
قال : بخروج
القائم ، وقوله عزوجل : (وَاللهِ رَبِّنا ما
كُنَّا مُشْرِكِينَ).
__________________
قال : يعنون
بولاية عليّ عليهالسلام.
وقوله عزوجل : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ
وَزَهَقَ الْباطِلُ) قال : إذا قام القائم عليهالسلام ذهبت دولة الباطل .
بيان للمجلسيّ
: قوله تعالى : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ) أي على القرآن ، أو على تبليغ الوحي.
قوله تعالى : (وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) أي من المتصنّعين بما لست من أهله على ما عرفتم من حالي
، فأنتحل النبوّة وأتقوّل القرآن وعلى تفسيره ، فأقول في أمير المؤمنين عليهالسلام ما لم يوح إليّ : (إِنْ هُوَ) أي القرآن ، وعلى ما فسّره عليهالسلام : أمير المؤمنين عليهالسلام ، أو ما نزل من القرآن فيه صلوات الله عليه (إِلَّا ذِكْرٌ) أي مذكّر وموعظة (لِلْعالَمِينَ) أي للثقلين (وَلَتَعْلَمُنَّ
نَبَأَهُ) أي نبأ القرآن ، وهو ما فيه من الوعد والوعيد ، أو صدقه
أو نبأ الرسول صلىاللهعليهوآله وصدقه فيما أتى به ، وعلى تفسيره عليهالسلام : نبأ أمير المؤمنين صلوات الله عليه وصدقه وعلوّ شأنه
، أو نبأ القرآن وصدقه فيما أخبر به من فضله عليهالسلام وجلاله شأنه (بَعْدَ حِينٍ) أي بعد الموت أو يوم القيامة ، أو عند ظهور الإسلام ،
وعلى تفسيره عليهالسلام عند خروج القائم صلوات الله عليه.
قوله تعالى : (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ) قال البيضاوي : القضاء السابق بتأجيل الجزاء ، أو
العدّة بأنّ الفصل يكون يوم القيامة (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) بين الكافرين والمؤمنين أو المشركين وشركائهم.
قوله عليهالسلام : لو لا ما تقدّم فيهم ، أي بأنّه سيجزيهم يوم القيامة
، أو يولد منهم أولاد مؤمنون ، لقتلهم القائم عليهالسلام أجمعين.
ويحتمل أن يكون
ما أبقى القائم عليهالسلام بيانا لما تقدّم فيهم ، أي لو لا أن قدّر الله أن يكون
قتلهم على يد القائم ، لأهلكهم الله وعذّبهم قبل ذلك ولم يمهلهم ، ولكن لا يخلو من
بعد. قوله عليهالسلام : بخروج القائم عليهالسلام ، اعلم أنّ أكثر الآيات الواردة في القيامة الكبرى
دالّة بباطنها على الرجعة الصغرى ، ولمّا كان في زمن القائم عليهالسلام يردّ بعض المشركين والمخالفين والمنافقين ويجازون ببعض
أعمالهم ، فلذلك سمّي بيوم الدّين ، وقد يطلق اليوم على
__________________
مقدار من الزمان وإن كانت أيّاما كثيرة ، ويحتمل أن يكون المراد يوم
رجعتهم.
قوله عليهالسلام : ذهبت دولة الباطل ، فعلى تفسيره التعبير بصيغة الماضي
لتأكيد وقوعه وبيان أنّه لا ريب فيه ، فكأنّه قد وقع .
__________________
سورة الكهف
الآية الاولى
قوله تعالى : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ
أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً).
٤٦٨ ـ روى
الحافظ السيوطيّ في تفسيره قال : وأخرج ابن مردويه ، عن ابن عبّاس ، قال : قال
رسول الله صلىاللهعليهوآله أصحاب الكهف أعوان المهديّ .
٤٦٩ ـ روى
الفقيه ابن المغازليّ الشافعيّ ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمّد بن عليّ البغداديّ
قدم إلينا واسطا ، بإسناده عن عبد الرزّاق بن همام الصنعانيّ ، حدّثنا معمّر ، عن
أبان ، عن أنس بن مالك قال : أهدي لرسول الله صلىاللهعليهوآله بساط من بهندف ، فقال لي : يا انس ابسطه فبسطته ثمّ قال
: ادع العشرة ، فدعوتهم ، فلمّا دخلوا أمرهم بالجلوس على البساط ، ثمّ دعا عليّا
فناجاه طويلا ، ثمّ رجع عليّ فجلس على البساط ثمّ قال : يا ريح احملينا ، فحملتنا
الريح ، قال : فإذا البساط يدفّ بنا دفّا ، ثمّ قال : يا ريح ضعينا ، ثمّ قال :
تدرون في أيّ مكان أنتم؟
قلنا : لا ،
قال : هذا موضع أصحاب الكهف والرقيم ، قوموا فسلّموا على إخوانكم ،
__________________
قال : فقمنا رجلا رجلا فسلّمنا عليهم فلم يردّوا علينا ، فقام عليّ بن أبي
طالب عليهالسلام فقال : السلام عليكم معاشر الصدّيقين والشهداء!
قال : فقالوا :
عليك السلام ورحمة الله وبركاته.
قال : فقلت :
ما بالهم ردّوا عليك ولم يردّوا علينا؟
فقال لهم عليّ عليهالسلام : ما بالكم لم تردّوا على إخواني؟
فقالوا : إنّا
معاشر الصدّيقين والشهداء لا نكلّم بعد الموت إلّا نبيّا أو وصيّا.
ثمّ قال : يا
ريح احملينا ، فحملتنا تدفّ دفّا ، ثمّ قال : يا ريح ضعينا ، فوضعتهم فإذا نحن
بالحرّة ، قال : فقال عليّ : ندرك النبيّ صلىاللهعليهوآله في آخر ركعة ، فطوينا وأتينا وإذا النبيّ صلىاللهعليهوآله يقرأ في آخر ركعة : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ
أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً).
الآية الثانية
قوله تعالى : (إِذْ أَوَى
الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ).
٤٧٠ ـ ذكر
الثعلبيّ في تفسيره في قوله تعالى : (إِذْ أَوَى
الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) قال :
وأخذوا مضاجعهم
فصاروا إلى رقدتهم إلى آخر الزمان عند خروج المهديّ عليهالسلام ، يقال أنّ المهديّ يسلّم عليهم فيحييهم الله عزوجل له ، ثمّ يرجعون إلى رقدتهم ، فلا يقومون إلى يوم
القيامة .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (وَلَبِثُوا فِي
كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً).
٤٧١ ـ روي عن
الباقر عليهالسلام ، قال : يملك القائم ثلاثمائة سنة ، ويزداد تسعا كما
لبث أهل الكهف في كهفهم ، يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ، فيفتح الله
له شرق الأرض وغربها ، ويقتل الناس حتّى لا يبقى إلّا دين محمّد ، ويسير بسيرة
سليمان بن داود ... الحديث .
الآية الرابعة
قوله تعالى : (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ
الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ
أَحَداً).
__________________
دلالة الآية على الرجعة في زمن المهديّ عليهالسلام
٤٧٢ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن إسماعيل بن جابر ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد
الصادق عليهالسلام يقول (في حديث طويل له عن انواع آيات القرآن روى فيه
الامام الصادق عليهالسلام مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين عليهالسلام عن آيات القرآن وأحكامه ، جاء فيها) : قال أمير
المؤمنين عليهالسلام : وأمّا الردّ على من أنكر الرجعة ، فقول الله عزوجل : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ
مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ) أي إلى الدنيا ، وأمّا معنى حشر الآخرة ، فقوله عزوجل : (وَحَشَرْناهُمْ
فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) وقوله تعالى : (وَحَرامٌ عَلى
قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) في الرجعة ، فأمّا في القيامة فإنّهم يرجعون.
ومثل قوله
تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ
مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ
رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) وهذا لا يكون إلّا في الرجعة.
ومثله ما خاطب
الله تعالى به الأئمّة ، ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم ، فقال سبحانه : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي
ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً
يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) وهذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.
ومثل قوله
تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ
نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) وقوله سبحانه : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ
عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) أي رجعة الدنيا.
ومثل قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا
مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا
ثُمَّ أَحْياهُمْ) وقوله عزوجل : (وَاخْتارَ مُوسى
قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) فردّهم الله تعالى بعد الموت إلى الدنيا .
__________________
٤٧٣ ـ روى
القمّيّ بإسناده عن حمّاد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : ما يقول الناس في هذه الآية : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ
فَوْجاً)؟ قلت : إنّها في القيامة.
قال : ليس كما
يقولون ، إنّ ذلك في الرجعة ، أيحشر الله في القيامة من كلّ أمّة فوجا ويدع
الباقين ، إنّما آية القيامة قوله : (وَحَشَرْناهُمْ
فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً).
الآية الخامسة
قوله تعالى : (فَوَجَدا عَبْداً
مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا
عِلْماً).
شبه غيبة المهديّ بغيبة الخضر عليهماالسلام
٤٧٤ ـ روى
الصدوق رحمهالله بإسناده عن عبد الله بن فضل الهاشميّ ، قال : سمعت
الصادق جعفر بن محمّد عليهالسلام يقول : إنّ لصاحب هذا الامر غيبة لا بدّ منها ، يرتاب
فيها كلّ مبطل ، فقلت : ولم جعلت فداك؟
قال : لأمر لم
يؤذن لنا في كشفه لكم.
قلت : فما وجه
الحكمة في غيبته؟
قال : وجه
الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدّمه من حجج الله تعالى ذكره ، إنّ وجه
الحكمة في ذلك لا ينكشف إلّا بعد ظهوره ، كما لم ينكشف وجه الحكمة فيما آتاه الخضر
عليهالسلام من خرق السفينة ، وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسى عليهالسلام إلى وقت افتراقهما.
يا ابن الفضل ،
إنّ هذا الأمر أمر من أمر الله ، وسرّ من سرّ الله ، وغيب من غيب الله ، ومتى
علمنا أنّه عزوجل حكيم ، صدّقنا بأنّ أفعاله كلّها حكمة ، وإن كان وجهها
غير منكشف .
الآية السادسة
قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ
ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً).
__________________
انّ المهديّ عليهالسلام مثل ذي القرنين يظهر بعد غيبة
٤٧٥ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ ، قال : سمعت
رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : «إنّ ذا القرنين كان عبدا صالحا جعله الله عزوجل حجّة على عباده ، فدعا قومه إلى الله وأمرهم بتقواه ،
فضربوه على قرنه ، فغاب عنهم زمانا حتّى قيل ، مات أو هلك بأيّ واد سلك؟ ثمّ ظهر
ورجع إلى قومه ، فضربوه على قرنه الآخر ، وفيكم من هو على سنّته ، وإنّ الله عزوجل مكّن لذي القرنين في الأرض ، وجعل له من كل شيء سببا ،
وبلغ المغرب والمشرق ، وإنّ الله تبارك وتعالى سيجري سنّته في القائم من ولدي ،
فيبلغه شرق الأرض وغربها ، حتّى لا يبقى منهلا ولا موضعا ولا جبل وطئه ذو القرنين
إلّا وطئه ، ويظهر الله عزوجل له كنوز الأرض ومعادنها ، وينصره بالرعب ، فيملأ الأرض
به عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما .
٤٧٦ ـ روي عن
الباقر عليهالسلام مرسلا : إنّ ذا القرنين كان عبدا صالحا ناصح الله
سبحانه ، فناصحه وسخّر له السحاب ، وطويت له الأرض وبسط له في النور ، فكان يبصر
بالليل كما يبصر بالنهار ، وإنّ أئمّة الحق كلّهم قد سخّر الله تعالى لهم السحاب ،
وكان يحملهم إلى المشرق والمغرب لصالح المسلمين ، ولإصلاح ذات البين ، وعلى هذا
حال المهديّ عليهالسلام ، ولذلك يسمّى : (صاحب المرئى والمسمع) فله نور يرى به
الاشياء من بعيد كما يرى من قريب ، ويسمع من بعيد كما يسمع من قريب ، وإنّه يسيح
في الدنيا كلّها على السحاب مرّة ، وعلى الريح أخرى ، وتطوى له الأرض مرّة ، فيدفع
البلايا عن العباد والبلاد شرقا وغربا .
الآية السابعة
قوله تعالى : (قالَ هذا رَحْمَةٌ
مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبِّي
حَقًّا).
٤٧٧ ـ روى
العيّاشيّ بإسناده عن المفضّل ، قال : وسألته عن قوله : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ
دَكَّاءَ) قال الإمام الصادق عليهالسلام : رفع التقيّة عند الكشف ، فينتقم من أعداء الله .
__________________
سورة مريم
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ
الْحُكْمَ صَبِيًّا).
دلالة الآية على إمامة الحجّة عليهالسلام وهو صبيّ
٤٧٨ ـ روى
الصفّار ؛ بإسناده عن عليّ بن أسباط ، قال : رأيت أبا جعفر عليهالسلام قد خرج عليّ ، فأحددت النظر إليه وإلى رأسه وإلى رجله
لأصف قامته لأصحابنا بمصر ، فخرّ ساجدا وقال : إنّ الله احتجّ في الإمامة بمثل ما
احتجّ في النبوّة ، قال الله تعالى : (وَآتَيْناهُ
الْحُكْمَ صَبِيًّا) وقال الله : (حَتَّى إِذا بَلَغَ
أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبيّ ، ويجوز أن يؤتى وهو
ابن أربعين سنة .
٤٧٩ ـ روى
العيّاشي بإسناده عن عليّ بن أسباط ، عن أبي جعفر الثاني عليهالسلام ، قال : قلت : جعلت فداك ، إنّهم يقولون في الحداثة ،
قال : وأيّ شيء يقولون؟ إنّ الله تعالى يقول : (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي
أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) ، فو الله ما كان اتّبعه إلّا عليّ عليهالسلام وهو
__________________
ابن سبع سنين ، ومضى أبي وأنا ابن تسع سنين ، فما عسى أن يقولوا ، إنّ الله
يقول : (فَلا وَرَبِّكَ لا
يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ) إلى قوله : (وَيُسَلِّمُوا
تَسْلِيماً).
٤٨٠ ـ روى
العيّاشيّ أيضا بإسناده عن عليّ بن أسباط ، قال : قدمت المدينة وأنا اريد مصر ،
فدخلت على أبي جعفر محمّد بن عليّ الرضا عليهماالسلام وهو إذ ذاك خماسيّ ، فجعلت أتأمّله لأصفه لأصحابنا بمصر
، فنظر إليّ وقال : يا عليّ ، إنّ الله أخذ في الإمامة كما أخذ في النبوّة ، فقال
سبحانه عن يوسف : (وَلَمَّا بَلَغَ
أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) وقال عن يحيى : (وَآتَيْناهُ
الْحُكْمَ صَبِيًّا).
٤٨١ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن صفوان ، قال : قلت للرضا عليهالسلام : قد كنّا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر عليهالسلام ، فكنت تقول : يهب الله لي غلاما ، فقد وهب الله لك ،
فقرّ عيوننا فلا أرانا الله يومك ، فإن كان كون فإلى من؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر عليهالسلام وهو قائم بين يديه.
فقلت : جعلت
فداك هذا ابن ثلاث سنين! قال : وما يضرّه من ذلك شيء ، قد قام عيسى عليهالسلام بالحجّة وهو ابن ثلاث سنين .
٤٨٢ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال أبو بصير : دخلت إليه ومعي غلام خماسيّ لم يبلغ ،
فقال : كيف أنتم إذا احتجّ عليكم بمثل سنّه .
٤٨٣ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عليّ بن مهزيار ، عن ابن بزيع ، قال : سألته ـ يعني
أبا جعفر عليهالسلام ـ عن شيء من أمر الإمام ، فقلت : يكون الإمام ابن أقل من سبع سنين؟ فقال :
نعم ، وأقلّ من خمس سنين .
الآية الثانية
قوله تعالى : (كَيْفَ نُكَلِّمُ
مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا* قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ).
__________________
ذكر من شاهد القائم عليهالسلام ورآه وكلّمه وهو طفل
٤٨٤ ـ روى
الصدوق ؛ بإسناده عن الحسن بن المنذر ، عن حمزة بن أبي الفتح ، قال : جاءني يوما
فقال لي : البشارة ، ولد البارحة في الدار مولود لأبي محمّد عليهالسلام وأمر بكتمانه ، قلت : وما اسمه؟ قال : سمّي بمحمّد
وكنّي بأبي جعفر .
٤٨٥ ـ روى
الصدوق ؛ بإسناده عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر عليهماالسلام ، عن السّياريّ قال : حدّثتني نسيم ومارية قالتا :
إنّه لمّا سقط
صاحب الزمان عليهالسلام من بطن أمّه جاثيا على ركبتيه ، رافعا سبّابتيه إلى
السماء ، ثمّ عطس فقال : الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله ، زعمت
الظلمة أنّ حجّة الله داحضة ، لو اذن لنا في الكلام لزال الشكّ.
قال إبراهيم بن
محمّد بن عبد الله : وحدّثتني نسيم خادم أبي محمّد عليهالسلام قالت : قال لي صاحب الزمان عليهالسلام وقد دخلت عليه بعد مولده بليلة ، فعطست عنده فقال لي :
يرحمك الله ، قالت نسيم : ففرحت بذلك ، فقال لي عليهالسلام : ألا أبشّرك في العطاس؟ فقلت : بلى يا مولاي ، فقال :
هو أمان من الموت ثلاثة أيّام .
٤٨٦ ـ وروى
الصدوق ؛ بإسناده عن غياث بن اسيد ، قال : شهدت محمّد بن عثمان العمريّ قدّس الله
روحه يقول : لمّا ولد الخلف المهديّ عليهالسلام سطع نور من فوق رأسه إلى أعنان السماء ، ثمّ سقط لوجهه
ساجدا لربّه تعالى ذكره ، ثمّ رفع رأسه وهو يقول : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ
لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا
إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ).
قال : وكان
مولده يوم الجمعة .
٤٨٧ ـ وروى
الصدوق ؛ بإسناده عن يعقوب بن منقوش ، قال : دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهماالسلام وهو جالس على دكّان في الدار وعن يمينه بيت وعليه ستر
مسبل ، فقلت له : يا سيّدي من صاحب هذا الأمر؟ فقال : ارفع الستر ، فرفعته فخرج
إلينا غلام
__________________
خماسيّ له عشر أو ثمان أو نحو ذلك ، واضح الجبين ، أبيض الوجه ، درّي
المقلتين ، شثن الكفّين ، معطوف الركبتين ، في خدّه الأيمن خال ، وفي رأسه ذؤابة ،
فجلس على فخذ أبي محمّد عليهالسلام ، ثمّ قال لي : هذا هو صاحبكم ، ثمّ وثب فقال له : يا
بنيّ ادخل إلى الوقت المعلوم ، فدخل البيت وأنا انظر إليه ، ثمّ قال لي : يا يعقوب
انظر إلى من في البيت؟ فدخلت فما رأيت أحدا .
٤٨٨ ـ وروى
بالإسناد عن أحمد بن الحسن بن إسحاق القمّي ، قال : لمّا ولد الخلف الصالح عليهالسلام ، ورد عن مولانا أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهماالسلام إلى جدّي أحمد بن إسحاق كتاب ، فإذا فيه مكتوب بخطّ يده
عليهالسلام الّذي كان ترد به التوقيعات عليه ، وفيه : «ولد لنا
مولود ، فليكن عندك مستورا وعن جميع الناس مكتوما ، فإنّا لم نظهر عليه إلّا
الأقرب لقرابته ، والوليّ لولايته ، أحببنا إعلامك ليسرّك الله به مثل ما سرّنا به
، والسلام» .
٤٨٩ ـ وروى
بالإسناد عن أبي الفضل الحسن بن الحسين العلويّ ، قال : دخلت على أبي محمّد الحسن
بن عليّ عليهماالسلام بسرّ من رأى فهنّأته بولادة ابنه القائم عليهالسلام .
٤٩٠ ـ روى
الشيخ أبو جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي الصدوق قدسسره بإسناده عن أحمد بن مسرور ، عن سعد بن عبد الله القمّي
، قال : كنت امرأ لهجا بجمع الكتب المشتملة على غوامض العلوم ودقائقها ، كلفا
باستظهار ما يصحّ لي من حقائقها ، مغرما بحفظ مشتبهها ومغلقها ، شحيحا على ما أظفر
به من معضلاتها ومشكلاتها ، متعصّبا لمذهب الإماميّة ، راغبا عن الأمن والسلامة في
انتظار التنازع والتخاصم والتعدّي إلى التباغض والتشاتم ، معيبا للفرق ذوي الخلاف
، كاشفا عن مثالب أئمّتهم ، هتّاكا لحجب قادتهم ، إلى أن بليت بأشدّ النواصب
منازعة ، وأطولهم مخاصمة ، وأكثرهم جدلا ، وأشنعهم سؤالا ، وأثبتهم على الباطل
قدما.
فقال ذات يوم ـ
وأنا اناظره ـ تبّا لك ولأصحابك يا سعد ، إنّكم معاشر الرافضة تقصدون على
المهاجرين والأنصار بالطعن عليهما ، وتجحدون من رسول الله ولايتهما
__________________
وإمامتهما ، هذا الصدّيق الّذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته ، أما علمتم
أنّ رسول الله ما أخرجه مع نفسه إلى الغار إلّا علما منه أنّ الخلافة له من بعده ،
وأنّه هو المقلّد لأمر التأويل والملقى إليه أزمة الامّة ، وعليه المعوّل في شعب
الصدع ، ولمّ الشعث ، وسدّ الخلل ، وإقامة الحدود ، وتسريب الجيوش لفتح بلاد الشرك
، وكما أشفق على نبوّته أشفق على خلافته ، إذ ليس من حكم الاستتار والتواري ، أن
يروم الهارب من الشرّ مساعدة إلى مكان يستخفي فيه ، ولمّا رأينا النبيّ متوجّها
إلى الانجحار ، ولم تكن الحال توجب استدعاء المساعدة من أحد ، استبان لنا قصد رسول
الله بأبي بكر للغار للعلّة الّتي شرحناها ، وإنّما أبات عليّا على فراشه لما لم
يكن يكترث به ، ولم يحفل به لاستثقاله! ولعلمه بأنّه إن قتل لم يتعذّر عليه نصب
غيره مكانه للخطوب الّتي كان يصلح لها.
قال سعد :
فأوردت عليه أجوبة شتّى ، فما زال يعقّب كلّ واحد منها بالنقض والردّ عليّ ، ثمّ
قال : يا سعد ودونكها اخرى بمثلها تخطم انوف الروافض!!
ألستم تزعمون
أنّ الصدّيق المبرّأ من دنس الشكوك ، والفاروق المحامي عن بيضة الإسلام كانا
يسرّان النفاق ، واستدللتم بليلة العقبة ، أخبرني عن الصدّيق والفاروق أسلما طوعا
أو كرها؟
قال سعد :
فاحتلت لدفع هذه المسألة عنّي خوفا من الإلزام ، وحذرا من أنّي إن أقررت له
بطوعهما للإسلام ، احتجّ بأنّ بدء النفاق ونشأه في القلب لا يكون إلّا عند هبوب
روائح القهر والغلبة ، وإظهار البأس الشديد في حمل المرء على من ليس ينقاد إليه
قلبه ، نحو قول الله تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْا
بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ
مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) ، وإن قلت : أسلما كرها ، كان يقصدني بالطعن ، إذ لم
تكن ثمّة سيوف منتضاة كانت تريهما البأس.
قال سعد :
فصدرت عنه مزوّرا قد انتفخت أحشائي من الغضب ، وتقطّع كبدي من الكرب ، وكنت قد
اتّخذت طومارا وأثبت فيه نيّفا وأربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيبا ،
على أن أسأل عنها خبير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي
__________________
محمّد عليهالسلام ، فارتحلت خلفه ، وقد كان خرج قاصدا نحو مولانا بسرّ من
رأى ، فلحقته في بعض المنازل ، فلمّا تصافحنا قال : بخير لحاقك بي ، قلت : الشوق
ثمّ العادة في الأسولة.
قال : قد
تكافينا على هذه الخطّة الواحدة ، فقد برح بي القرم (شدّة الشوق) إلى لقاء مولانا
أبي محمّد عليهالسلام وأنا اريد أن أسأله عن معاضل في التأويل ومشاكل في
التنزيل فدونكها الصحبة المباركة فانّها تقف بك على ضفة بحر لا تنقضي عجائبه ، ولا
تفنى غرائبه ، وهو إمامنا.
فوردنا «سرّ من
رأى» فانتهينا منها إلى باب سيّدنا ، فاستأذنّا ، فخرج علينا الإذن بالدخول عليه ،
وكان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطّاه بكساء طبريّ فيه مائة وستّون صرّة من
الدنانير والدراهم ، على كلّ صرّة منها ختم صاحبها.
قال سعد : فما
شبّهت وجه مولانا أبي محمّد عليهالسلام حين غشينا نور وجهه إلّا ببدر قد استوفى من لياليه
أربعا بعد عشر ، وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر ، على
رأسه فرق بين وفرتين كأنّه ألف بين واوين ، وبين يدي مولانا رمّانة ذهبيّة تلمع
بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركّبة عليها ، قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل
البصرة ، وبيده قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض شيئا قبض الغلام على أصابعه ،
فكان مولانا يدحرج الرّمانة بين يديه ويشغله بردّها كيلا يصدّه عن كتابة ما أراد.
فسلّمنا عليه
فألطف في الجواب وأومأ إلينا في الجلوس ، فلمّا فرغ من كتبة البياض الّذي كان بيده
، أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طيّ كسائه فوضعه بين يديه ، فنظر الهادي عليهالسلام إلى الغلام وقال له : يا بني فضّ الخاتم عن هدايا شيعتك
ومواليك.
فقال : يا
مولاي ، أيجوز أن أمدّ يدا طاهرة إلى هدايا نجسة وأموال رجسة قد شيب أحلّها
بأحرمها؟
فقال مولاي :
يا ابن إسحاق ، استخرج ما في الجراب ليميّز ما بين الحلال والحرام منها.
فأوّل صرّة بدأ
أحمد بإخراجها قال الغلام : «هذه لفلان بن فلان ، من محلّة كذا بقمّ ، يشتمل على
اثنين وستّين دينارا ، فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها وكانت إرثا له عن
أبيه خمسة وأربعون دينارا ، ومن أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دينارا ، وفيها
من اجرة الحوانيت ثلاثة دنانير».
فقال مولانا :
صدقت يا بني ، دلّ الرجل على الحرام منها.
فقال عليهالسلام : «فتّش عن دينار رازيّ السكّة ، تاريخه سنة كذا ، قد
انطمس من نصف إحدى صفحتيه نقشه ، وقراضة آمليّة وزنها ربع دينار ، والعلّة في
تحريمها أنّ صاحب هذه الصرّة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من
الغزل منّا وربع منّ ، فأتت على ذلك مدّة ، وفي انتهائها قيّض لذلك الغزل سارق ،
فأخبر به الحائك صاحبه فكذّبه واستردّ منه بدل ذلك منّا ونصف من غزلا أدقّ ممّا
كان دفعه إليه ، واتّخذ من ذلك ثوبا ، كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه ، فلمّا
فتح رأس الصرّة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه وبمقدارها على حسب ما
قال ، واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة.
ثمّ أخرج صرّة
اخرى ، فقال الغلام : «هذه لفلان بن فلان ، من محلّة كذا بقم تشتمل على خمسين
دينارا لا يحلّ لنا لمسها» قال : وكيف ذاك؟ قال : «لأنّها من ثمن حنطة حاف صاحبها
على أكّاره في المقاسمة ، وذلك أنّه قبض حصّته منها بكيل واف ، وكان ما حصّ
الأكّار بكيل بخس».
فقال مولانا :
صدقت يا بنيّ.
ثمّ قال : يا
أحمد بن إسحاق ، احملها بأجمعها لتردّها أو توصي بردّها على أربابها ، فلا حاجة
لنا في شيء منها ، وأتنا بثوب العجوز ، قال أحمد : وكان ذلك الثوب في حقيبة لي
فنسيته.
فلمّا انصرف
أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب ، نظر إليّ مولانا أبو محمّد عليهالسلام فقال : ما جاء بك يا سعد؟ فقلت : شوّقني أحمد بن إسحاق
على لقاء مولانا ، قال : والمسائل الّتي أردت أن تسأل عنها؟ قلت : على حالها يا
مولاي.
قال : فسل قرّة
عيني ـ وأومأ إلى الغلام ، فقال لي الغلام : سل عمّا بدا لك منها.
فقلت له :
مولانا وابن مولانا ، إنّا روينا عنكم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين عليهالسلام حتّى أرسل يوم الجمل إلى عائشة : إنّك قد أرهجت على
الإسلام وأهله
بفتنتك ، وأوردت بنيك حياض الهلاك بجهلك ، فإن كففت عنّي غربك وإلّا طلّقتك
، ونساء رسول الله صلىاللهعليهوآله قد كان طلاقهنّ وفاته ، قال : ما الطلاق؟ قلت : تخلية
السبيل ، قال : فإذا كان طلاقهنّ وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله قد خلّيت لهنّ السبيل ، فلم لا يحلّ لهنّ الأزواج؟ قلت
: لأنّ الله تبارك وتعالى حرّم الأزواج عليهنّ ، قال : كيف وقد خلّى الموت سبيلهنّ؟
قلت : فأخبرني
يا ابن مولاي عن معنى الطلاق الّذي فوّض رسول الله صلىاللهعليهوآله حكمه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام؟
قال : إنّ الله
تقدّس اسمه عظّم شأن نساء النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فخصّهنّ بشرف الامّهات ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
يا أبا الحسن
إنّ هذا الشرف باق لهنّ ما دمن لله على الطاعة ، فأيّتهنّ عصت الله بعدي بالخروج
عليك ، فأطلق لها في الأزواج ، وأسقطها من شرف امومة المؤمنين.
قلت : فأخبرني
عن الفاحشة المبيّنة الّتي إذا أتت المرأة بها في عدّتها ، حلّ للزوج أن يخرجها من
بيته؟
قال : الفاحشة
المبيّنة هي السحق دون الزنا ، فإنّ المرأة إذا زنت واقيم عليها الحدّ ، ليس لمن
أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزوّج بها لأجل الحدّ ، وإذا سحقت وجب عليها الرجم ،
والرجم خزي ، ومن قد أمر الله برجمه فقد أخزاه ، ومن أخزاه فقد أبعده ، ومن أبعده
فليس لأحد أن يقربه.
قلت : فأخبرني
يا ابن رسول الله عن أمر الله لنبيّه موسى عليهالسلام (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ
إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً) فإنّ فقهاء الفريقين يزعمون أنّها كانت من إهاب الميتة.
فقال عليهالسلام : من قال ذلك فقد افترى على موسى واستجهله في نبوّته ،
لأنّه ما خلا الأمر فيها من خطيئتين : إمّا أن تكون صلاة موسى فيهما جائزة أو غير
جائزة ، فإن كانت صلاته جائزة ، جاز له لبسهما في تلك البقعة ، وان كانت مقدّسة
مطهّرة ، فليست بأقدس وأطهر من الصلاة ، وان كانت صلاته غير جائزة فيهما فقد أوجب
على موسى أنّه لم يعرف الحلال من الحرام ، وما علم ما تجوز فيه الصلاة وما لم تجز
، وهذا كفر.
__________________
قلت : فأخبرني
يا مولاي عن التأويل فيهما.
قال : إنّ موسى
ناجى ربّه بالواد المقدّس فقال : يا ربّ إنّي قد أخلصت لك المحبّة منّي ، وغسلت
قلبي عمّا سواك ـ وكان شديد الحبّ لأهله ـ فقال الله تعالى : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) أي انزع حبّ أهلك من قلبك إن كانت محبّتك لي خالصة ،
وقلبك من الميل إلى من سواي مغسولا.
قلت : فأخبرني يا
ابن رسول الله عن تأويل (كهيعص).
قال : هذه
الحروف من أنباء الغيب ، أطلع الله عليها عبده زكريّا ، ثمّ قصّها على محمّد صلىاللهعليهوآله ، وذلك أنّ زكريّا سأل ربّه أن يعلّمه أسماء الخمسة ،
فأهبط عليه جبرئيل فعلّمه إيّاها ، فكان زكريا إذا ذكر محمّدا وعليّا وفاطمة
والحسن والحسين سرى عنه همّه ، وانجلى كربه ، وإذا ذكر الحسين خنقته العبرة ،
ووقعت عليه البهرة ، فقال ذات يوم : يا إلهي ، ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسلّيت
بأسمائهم من همومي ، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي؟ فأنبأه الله تعالى
عن قصّته.
وقال : (كهيعص) «فالكاف» اسم كربلاء و «الهاء» هلاك العترة ، و «الياء» يزيد وهو ظالم
الحسين عليهالسلام ، و «العين» عطشه ، و «الصاد» صبره.
فلمّا سمع ذلك
زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيّام ومنع فيها الناس من الدخول عليه ، وأقبل على
البكاء والنحيب ، وكانت ندبته : «إلهي أتفجع خير خلقك بولده ، إلهي أتنزل بلوى هذه
الرزية بفنائه ، إلهي أتلبس عليّا وفاطمة ثياب هذه المصيبة ، إلهي أتحلّ كربة هذه
الفجيعة بساحتهما؟».
ثمّ كان يقول :
«اللهمّ ارزقني ولدا تقرّ به عيني على الكبر ، واجعله وارثا وصيّا ، واجعل محلّه
منّي محلّ الحسين ، فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبّه ، ثمّ فجّعني به كما تفجّع محمّدا
حبيبك بولده» فرزقه الله يحيى وفجّعه به ، وكان حمل يحيى ستّة أشهر وحمل الحسين عليهالسلام كذلك ، وله قصّة طويلة.
قلت : فأخبرني
يا مولاي عن العلّة الّتي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم.
__________________
قال : مصلح أو
مفسد؟ قلت : مصلح.
قال : فهل يجوز
أنّ تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد؟
قلت : بلى ، قال : فهي العلّة ، وأوردها لك ببرهان ينقاد لها عقلك ، أخبرني عن
الرسل الّذين اصطفاهم الله تعالى وأنزل عليهم الكتاب وأيّدهم بالوحي والعصمة إذ هم
أعلام الامم وأهدى إلى الاختيار منهم مثل موسى وعيسى عليهماالسلام ، هل يجوز ـ مع وفور عقلهما وكمال علمهما ـ إذا همّا
بالاختيار أن يقع خيرتهما على المنافق وهما يظنّان أنّه مؤمن؟ قلت : لا.
فقال : هذا
موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه
ووجوه عسكره لميقات ربّه سبعين رجلا ممّن لا يشكّ في إيمانهم وإخلاصهم ، فوقعت
خيرته على المنافقين ، قال الله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى
قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا)
(لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ
جَهْرَةً)
(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ
بِظُلْمِهِمْ)
، فلمّا وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوّة واقعا على الأفسد دون
الأصلح وهو يظنّ أنّه الأصلح دون الأفسد ، علمنا أن لا اختيار إلّا لمن يعلم ما
تخفي الصدور وما تكنّ الضمائر وتتصرّف عليه السرائر ، وأن لا خطر لاختيار
المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لمّا أرادوا أهل
الصلاح.
ثمّ قال مولانا
: يا سعد ، وحين ادّعى خصمك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا أخرج مع نفسه مختار هذه الامّة إلى الغار إلّا
علما منه أنّ الخلافة له من بعده ، وأنّه هو المقلّد امور التأويل ، والملقى إليه
أزمّة الامّة ، وعليه المعوّل في لمّ الشعث وسدّ الخلل وإقامة الحدود ، وتسريب
الجيوش لفتح بلاد الكفر ، فكما أشفق على نبوّته أشفق على خلافته ، إذ لم يكن من
حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشرّ مساعدة من غيره إلى مكان يستخفي
فيه ، وإنّما أبات عليّا على فراشه لما لم يكن يكترث له ولم يحفل به لاستثقاله
إيّاه ، وعلمه أنّه إن قتل لم يتعذّر عليه نصب غيره مكانه للخطوب الّتي كان يصلح
لها.
__________________
فهلّا نقضت
عليه دعواه بقولك : أليس قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الخلافة بعدي ثلاثون سنة؟ فجعل هذه موقوفة على أعمار
الأربعة الّذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم ، فكان لا يجد بدّا من قوله لك :
بلى ، قلت : فكيف تقول حينئذ : أليس كما علم رسول الله أنّ الخلافة من بعده لأبي
بكر ، علم أنّها من بعد أبي بكر لعمر ومن بعد عمر لعثمان ومن بعد عثمان لعليّ؟
فكان أيضا لا يجد بدّا من قوله لك : نعم ، ثمّ كنت تقول له : فكان الواجب على رسول
الله صلىاللهعليهوآله أن يخرجهم جميعا (على الترتيب) إلى الغار ويشفق عليهم
كما أشفق على أبي بكر ، ولا يستخفّ بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إيّاهم وتخصيصه أبا
بكر وإخراجه مع نفسه دونهم.
ولمّا قال :
أخبرني عن الصدّيق والفاروق أسلما طوعا أو كرها؟ لم لم تقل له : بل أسلما طمعا ،
وذلك بأنّهما كانا يجالسان اليهود ويستخبرانهم عمّا كانوا يجدون في التوراة وفي
سائر الكتب المتقدّمة الناطقة بالملاحم من حال إلى حال من قصّة محمّد صلىاللهعليهوآله ومن عواقب أمره ، فكانت اليهود تذكر أنّ محمّدا يسلّط
على العرب كما كان بخت نصّر سلّط على بني إسرائيل ، ولا بدّ له من الظفر بالعرب
كما ظفر بخت نصّر ببني إسرائيل ، غير أنّه كاذب في دعواه أنّه نبيّ ، فأتيا محمّدا
فساعداه على شهادة ألّا إله إلّا الله ، وبايعاه طمعا في أن ينال كلّ واحد منهما
من جهته ولاية بلد إذا استقامت اموره ، واستتبّت أحواله ، فلمّا آيسا من ذلك
تلثّما وصعدا العقبة مع عدّة من أمثالهما من المنافقين على أن يقتلوه ، فدفع الله
تعالى كيدهم وردّهم بغيظهم لم ينالوا خيرا ، كما أتى طلحة والزبير عليّا عليهالسلام فبايعاه وطمع كلّ واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد
، فلمّا آيسا نكثا بيعته وخرجا عليه ، فضرع الله واحد منهما مصرع أشباههما من
الناكثين.
قال سعد : ثمّ
قام مولانا الحسن بن عليّ الهادي عليهالسلام للصلاة مع الغلام ، فانصرفت عنهما ، وطلبت أثر أحمد بن
إسحاق فاستقبلني باكيا ، فقلت : ما أبطأك وأبكاك؟ قال : قد فقدت الثوب الّذي سألني
مولاي إحضاره ، قلت : لا عليك فأخبره ، فدخل عليه مسرعا وانصرف من عنده متبسّما
وهو يصلّي على محمّد وآل محمّد ، فقلت : ما الخبر؟ قال : وجدت الثوب مبسوطا تحت
قدمي مولانا يصلّي عليه.
قال سعد :
فحمدنا الله تعالى على ذلك ، وجعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا أيّاما ،
فلا نرى الغلام بين يديه ، فلمّا كان يوم الوداع دخلت أنا وأحمد ابن إسحاق وكهلان
من أهل بلدنا ، وانتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائما وقال : يا ابن رسول الله قد
دنت الرحلة واشتدّ المحنة ، فنحن نسأل الله تعالى أن يصلّي على المصطفى جدّك ،
وعلى المرتضى أبيك ، وعلى سيّدة النساء امّك ، وعلى سيّدي شباب أهل الجنّة عمّك
وأبيك ، وعلى الأئمّة الطاهرين من بعدهما آبائك ، وأن يصلّي عليك وعلى ولدك ،
ونرغب إلى الله أن يعلى كعبك ويكبت عدوّك ، ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك.
قال : فلمّا
قال هذه الكلمات استعبر مولانا حتّى استهلّت دموعه وتقاطرت عبراته ، ثمّ قال : يا
ابن إسحاق ، لا تكلّف في دعائك شططا ، فإنّك ملاق الله تعالى في صدرك هذا.
فخرّ أحمد
مغشيّا عليه ، فلمّا أفاق قال : سألتك بالله وبحرمة جدّك إلّا شرّفتني بخرقة
أجعلها كفنا ، فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهما فقال : خذها ولا
تنفق على نفسك غيرها ، فانّك لن تعدم ما سألت ، وإنّ الله تبارك وتعالى لن يضيّع
أجر من أحسن عملا.
قال سعد :
فلمّا انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حلوان على ثلاثة فراسخ ، حمّ أحمد بن
إسحاق وثارت به علّة صعبة أيس من حياته فيها ، فلمّا وردنا حلوان ونزلنا في بعض
الخانات دعا أحمد بن إسحاق برجل من أهل بلده كان قاطنا بها ، ثمّ قال : تفرّقوا
عنّي هذه الليلة واتركوني وحدي.
فانصرفنا عنه
ورجع كلّ واحد منّا إلى مرقده. قال سعد : فلمّا حان أن ينكشف الليل عن الصبح
أصابتني فكرة ، ففتحت عيني ، فإذا أنا بكافور الخادم (خادم مولانا أبي محمّد عليهالسلام) وهو يقول : أحسن الله بالخير عزاكم ، وجبر بالمحبوب
رزيّتكم ، قد فرغنا من غسل صاحبكم ومن تكفينه ، فقوموا لدفنه ، فانّه من أكرمكم
محلا عند سيّدكم. ثمّ غاب عن أعيننا ، فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والعويل حتّى
قضينا حقّه ، وفرغنا من أمره رحمهالله. (انتهى) .
__________________
الآية الثالثة
قوله تعالى : (فَاخْتَلَفَ
الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ
عَظِيمٍ).
٤٩١ ـ العيّاشي
: بإسناده عن جابر الجعفيّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام يقول : الزم الأرض لا تحرّك يدك ولا رجلك أبدا حتّى ترى
علامات أذكرها لك في سنة ، وترى مناديا ينادي بدمشق ، وخسف بقرية من قراها ، وتسقط
طائفة من مسجدها ، فإذا رأيت الترك جازوها فأقبلت الترك حتّى نزلت الجزيرة ،
وأقبلت الروم حتّى نزلت الرملة ، وهي سنة اختلاف في كلّ أرض من أرض العرب ، وإنّ
أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات ، الأصهب ، والأبقع ، والسفيانيّ ، مع
بني ذنب الحمار مضر ، ومع السفياني أخواله من كلب ، فيظهر السفيانيّ ومن معه على
بني ذنب الحمار حتّى يقتلوا قتلا لم يقتله شيء قطّ ، ويحضر رجل بدمشق فيقتل هو ومن
معه قتلا لم يقتله شيء قطّ ، وهو من بني ذنب الحمار ، وهي الآية الّتي يقول الله
تبارك وتعالى : (فَاخْتَلَفَ
الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ
عَظِيمٍ) .. الحديث .
٤٩٢ ـ روى النعماني
؛ بإسناده عن داود الدجاجيّ ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهماالسلام ، قال : سئل أمير المؤمنين عليهالسلام عن قوله تعالى : (فَاخْتَلَفَ
الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) فقال : «انتظروا الفرج من ثلاث ، فقيل يا أمير المؤمنين
وما هنّ؟ فقال : اختلاف أهل الشام بينهم ، والرايات السود من خراسان ، والفزعة في
شهر رمضان. فقيل : وما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال : أو ما سمعتم قول الله عزوجل في القرآن : (إِنْ نَشَأْ
نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) هي آية تخرج الفتاة من خدرها ، وتوقظ النائم ، وتفزع
اليقظان» .
٤٩٣ ـ روى
العيّاشي رحمهالله بإسناده عن جابر الجعفيّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال في حديث له : وإنّ أهل الشام يختلفون عند ذلك عن
ثلاث رايات : الأصهب ، والأبقع ، والسفيانيّ مع بني ذنب الحمار ، حتّى يقتلوا قتلا
لم يقتله شيء قطّ.
ويحضر رجل
بدمشق ، فيقتل هو ومن معه قتلا لم يقتله شيء قطّ. وهو من بني ذنب
__________________
الحمار ، وهي الآيات الّتي يقول الله تبارك وتعالى : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ
بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ويظهر السفياني ومن معه.
ـ وقد تقدّم
الحديث بكامله مع مصادره في البقرة ـ ١٤٨.
الآية الرابعة
قوله عزوجل : (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما
تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ
رَبِّي شَقِيًّا* فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ
وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا* وَوَهَبْنا
لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا).
شبه غيبة المهديّ عليهالسلام بغيبة إبراهيم عليهالسلام في اعتزاله
٤٩٤ ـ روى
الصدوق بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : كان أبو إبراهيم عليهالسلام منجّما لنمرود بن كنعان ، وكان نمرود لا يصدر إلّا عن
رأيه ، فنظر في النجوم ليلة من الليالي فأصبح فقال : لقد رأيت في ليلتي هذه عجبا ،
فقال له نمرود : وما هو؟ فقال : رأيت مولودا يولد في أرضنا هذه فيكون هلاكنا على
يديه ، ولا يلبث إلّا قليلا حتّى يحمل به ، فعجب من ذلك نمرود وقال له : هل حملت
به النساء؟ فقال : لا ، وكان فيما أوتي به من العلم أنّه سيحرق بالنار ، ولم يكن
اوتي أنّ الله تعالى سينجّيه.
قال : فحجب
النساء عن الرجال ، فلم يترك امرأة إلّا جعلت بالمدينة حتّى لا يخلص إليهنّ الرجال
، قال : ووقع أبو إبراهيم على امرأته فحملت به وظنّ أنّه صاحبه ، فأرسل إلى نساء
من القوابل لا يكون في البطن شيء إلّا علمن به ، فنظرن إلى أمّ إبراهيم ، فألزم
الله تعالى ذكره ما في الرحم الظهر ، فقلن : ما نرى شيئا في بطنها ، فلمّا وضعت
امّ إبراهيم به ، أراد أبوه أن يذهب به إلى نمرود ، فقالت له امرأته : لا تذهب
بابنك إلى نمرود فيقتله ، دعني أذهب به إلى بعض الغيران أجعله فيه حتّى يأتي عليه
أجله ولا يكون أنت تقتل ابنك ، فقال لها : فاذهبي به ، فذهبت به إلى غار ، ثمّ
أرضعته ، ثمّ جعلت على باب الغار صخرة ، ثمّ انصرفت عنه ، فجعل الله عزوجل رزقه في إبهامه ، فجعل يمصّها فيشرب لبنا ، وجعل يشبّ في
اليوم كما يشبّ غيره في الجمعة ويشبّ في الجمعة ، كما يشبّ غيره في الشهر ، ويشبّ
__________________
في الشهر كما يشبّ غيره في السنة ، فمكث ما شاء الله أن يمكث.
ثمّ إنّ امّه
قالت لأبيه : لو أذنت لي حتّى أذهب إلى ذلك الصبي فأراه فعلت ، قال : فافعلي ،
فأتت الغار فإذا هي بإبراهيم عليهالسلام ، وإذا عيناه تزهران كأنّهما سراجان ، فأخذته وضمّته
إلى صدرها وأرضعته ثمّ انصرفت عنه ، فسألها أبوه عن الصبي ، فقالت له : قد واريته
في التراب ، فمكثت تعتلّ وتخرج في الحاجة وتذهب إلى إبراهيم عليهالسلام فتضمّه إليها وترضعه ثمّ تنصرف ، فلمّا تحرّك أتته امّه
كما كانت تأتيه ، وصنعت كما كانت تصنع ، فلمّا أرادت الانصراف أخذ بثوبها فقالت له
: ما لك؟ فقال لها : اذهبي بي معك ، فقالت له : حتّى أستأمر أباك .
كلام الشيخ الصدوق
قال الشيخ
الصدوق : وأمّا غيبة إبراهيم خليل الرحمن صلوات الله عليه ، فانّها تشبه غيبة
قائمنا صلوات الله عليه ، بل هي أعجب منها ، لأنّ الله عزوجل غيّب أثر إبراهيم عليهالسلام وهو في بطن امّه ، حتّى حوّله عزوجل بقدرته من بطنها إلى ظهرها ، ثمّ أخفى أمر ولادته إلى
وقت بلوغ الكتاب أجله.
فلم يزل إبراهيم
عليهالسلام في الغيبة مخفيا لشخصه ، كاتما لأمره ، حتّى ظهر فصدع
بأمر الله تعالى ذكره وأظهر الله قدرته فيه.
ثمّ غاب عليهالسلام الغيبة الثانية ، وذلك حين نفاه الطاغوت عن مصر ، فقال
: (وَأَعْتَزِلُكُمْ
وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ
رَبِّي شَقِيًّا) قال الله عزوجل : (فَلَمَّا
اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ
وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا* وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا
وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) يعني به عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، لأنّ إبراهيم قد كان دعا الله عزوجل أن يجعل له لسان صدق في الآخرين ، فجعل الله تبارك
وتعالى له ولإسحاق ويعقوب لسان صدق عليّا ، فأخبر عليّ عليهالسلام بأنّ القائم هو الحادي عشر من ولده وأنّه المهديّ الّذي
يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، وأنّه تكون له
__________________
غيبة وحيرة يضلّ فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون ، وأنّ هذا كائن كما أنّه
مخلوق.
وأخبر عليهالسلام في حديث كميل بن زياد النخعيّ : «إنّ الأرض لا تخلو من
قائم بحجّة ، امّا ظاهر مشهور أو خاف مغمور ، لئلّا تبطل حجج الله وبيّناته ،
ولإبراهيم عليهالسلام غيبة اخرى سار فيها في البلاد وحده للاعتبار.
الآية الخامسة
قوله تعالى : (حَتَّى إِذا رَأَوْا
ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ).
٤٩٥ ـ روى
محمّد بن يعقوب ؛ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : (وَإِذا تُتْلى
عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ
الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) قال :
كان رسول الله صلىاللهعليهوآله دعا قريشا إلى ولايتنا فنفروا وأنكروا : (فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) من قريش (لِلَّذِينَ آمَنُوا) والّذين أقرّوا لأمير المؤمنين ولنا أهل البيت (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً
وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) تعييرا منهم.
فقال الله عزوجل ردّا عليهم : (وَكَمْ أَهْلَكْنا
قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ) من الامم السالفة (هُمْ أَحْسَنُ
أَثاثاً وَرِءْياً).
قلت : قوله : (مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ
لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) قال : كلّهم كانوا في الضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين
عليهالسلام ولا بولايتنا ، فكانوا ضالّين مضلّين ، فيمدّ لهم في
ضلالتهم وطغيانهم حتّى يموتوا ، فيصيّرهم الله شرّا مكانا وأضعف جندا.
قلت : قوله : (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ) قال : فهو خروج القائم عليهالسلام ، وهو الساعة ، فسيعلمون ذلك اليوم وما نزل بهم من الله
على يدي وليّه ، فذلك قوله : (مَنْ هُوَ شَرٌّ
مَكاناً) يعني عند القائم ـ (وَأَضْعَفُ جُنْداً).
قلت : قوله : (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا
هُدىً)؟.
قال : يزيدهم
ذلك اليوم هدى على هدى باتّباعهم القائم عليهالسلام حيث لا يجحدونه ولا
__________________
ينكرونه ... الحديث .
٤٩٦ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث له قال فيه ، قلت : قوله : (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ
إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً
وَأَضْعَفُ جُنْداً).
قال : امّا
قوله : (حَتَّى إِذا رَأَوْا
ما يُوعَدُونَ) فهو خروج القائم وهو الساعة ، فسيعلمون ذلك اليوم وما
نزل بهم من الله على يدي القائم ، فذلك قوله : (مَنْ هُوَ شَرٌّ
مَكاناً) يعني عند القائم (وَأَضْعَفُ جُنْداً) .. الحديث .
الآية السادسة
قوله تعالى : (وَيَزِيدُ اللهُ
الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً).
٤٩٧ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث له ، قال : قلت : (وَيَزِيدُ اللهُ
الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) قال : يزيدهم ذلك اليوم هدى على هدى باتّباعهم القائم
حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه .. الحديث .
٤٩٨ ـ وروى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الماضي عليهالسلام ، قال : في حديث طويل جاء فيه : قلت : (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ
فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً) قال : يعني بذلك القائم وأنصاره .
__________________
سورة طه
قوله تعالى : (إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى
* أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ
الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ
عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي).
شباهة مولد الحجّة بخفاء مولد موسى عليهماالسلام
٤٩٩ ـ روى
الفقيه أبو جعفر محمّد بن عليّ الطوسيّ المعروف بابن حمزة بإسناده عن حكيمة بنت
محمّد عليهالسلام ـ في حديث طويل ـ قالت : دخلت على أبي محمّد صلوات الله عليه ، فلمّا أردت
الانصراف ، قال : بيّتي الليلة عندنا ، فإنّه سيولد الليلة المولود الكريم على
الله عزوجل ، الّذي يحيي الله عزوجل به الأرض بعد موتها ، قلت : ممّن يا سيّدي ، ولست أرى
بنرجس شيئا من الحمل؟
قال : من نرجس
، لا من غيرها.
قالت : فقمت
إليها ، فقلّبتها ظهرا وبطنا ، فلم أر بها أثر حبل ، فعدت إليه ، فأخبرته بما
فعلته ، فتبسّم ، ثمّ قال : إذا كان وقت الفجر يظهر بها الحبل ، لأنّ مثلها مثل
امّ موسى لم يظهر بها الحبل ، ولم يعلم به أحد إلى وقت ولادتها ، لأنّ فرعون كان
يشقّ بطون الحبالى في
__________________
طلب موسى ، وهذا نظير موسى صلوات الله عليهما.
قالت حكيمة :
فعدت إليها وأخبرتها ، قالت : وسألتها عن حالها ، فقالت : يا مولاتي ، ما أرى بي شيئا
من هذا.
قالت حكيمة :
فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر ، وهي نائمة بين يدي تتقلّب جنبا إلى جنب ،
حتّى إذا كان آخر الليل ، وقت طلوع الفجر ، وثبت فزعة ، فضممتها إلى صدري ، وسميّت
عليها ، فقلت لها : ما حالك؟ قالت : ظهر لي الأمر الّذي أخبرك مولاي.
فصاح أبو محمّد
عليهالسلام : اقرئي عليها (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) فأقبلت أقرأ عليها ، كما أمرني ، فأجابني الجنين من
بطنها يقرأ بمثل ما أقرأ ، وسلّم عليّ.
قالت حكيمة :
ففزعت لمّا سمعت ، فصاح بي أبو محمّد صلوات الله عليه : لا تعجبي من أمر الله ، إنّ
الله ينطقنا بالحكمة صغارا ، ويجعلنا حججا في أرضه كبارا ، فلم يستتمّ الكلام حتّى
غيّبت عنّي نرجس ، فلم أرها ، كأنّما ضرب بيني وبينها حجاب ، فعدوت نحو أبي محمّد
صلوات الله عليه وأنا صارخة ، فقال لي : ارجعي يا عمّة فإنّك ستجدينها في مكانها.
قالت : فرجعت ،
فلم ألبث حتّى انكشف الغطاء الّذي بيني وبينها ، وإذا أنا بها وعليها من أثر النور
ما غشي بصري ، وإذا بالصبي ساجد بوجهه ، جاث على ركبتيه ، رافع سبّابتيه نحو
السماء وهو يقول :
«أشهد أن لا
إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنّ أبي أمير المؤمنين» ثمّ عدّ إماما إماما إلى أن
بلغ إلى نفسه ، ثمّ صلّى عليهم ، ثمّ قال صلوات الله عليه : «اللهمّ أنجز لي ما
وعدتني ، وتمّم لي أمري ، وثبّت وطأتي ، واملأ الأرض بي عدلا وقسطا» فصاح بي : يا
عمّة تناوليه وهاتيه ، فتناولته وأتيت به نحوه ، فلمّا مثلته بين يدي أبيه ، وهو
على يدي ، سلّم على أبيه ، فتناوله منّي والطير يرفرف على رأسه .
ـ إلى هنا
الرواية من الثاقب في المناقب والتكملة من كمال الدّين : ـ
وناوله لسانه
فشرب منه ، ثمّ قال : امض به إلى امّه لترضعه وردّيه إليّ ، قالت : فتناولته
__________________
امّه فأرضعته ، فرددته إلى أبي محمّد عليهالسلام والطير ترفرف على رأسه ، فصاح بطير منها فقال له :
احمله واحفظه وردّه إلينا في كلّ أربعين يوما ، فتناوله الطير وطار به في جوّ
السماء واتّبعه سائر الطير ، فسمعت أبا محمّد عليهالسلام يقول : «أستودعك الله الّذي أودعته امّ موسى موسى» فبكت
نرجس فقال لها : اسكني ، فإنّ الرضاع محرّم عليه إلّا من ثديك ، وسيعاد إليك كما
ردّ موسى إلى أمّه ، وذلك قول الله عزوجل : (فَرَدَدْناهُ إِلى
أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ).
قالت حكيمة :
فقلت : وما هذا الطير؟
قالت : هذا روح
القدس الموكّل بالأئمّة عليهمالسلام ، يوفّقهم ويسدّدهم ويربّيهم بالعلم.
قالت حكيمة :
فلمّا كان بعد أربعين يوما ردّ الغلام ووجّه إليّ ابن أخي عليهالسلام فدعاني ، فدخلت عليه ، فإذا أنا بالصبي متحرّك يمشي بين
يديه ، فقلت : يا سيدي هذا ابن سنتين؟ فتبسّم عليهالسلام ثمّ قال : إنّ أولاد الأنبياء والأوصياء إذا كانوا
أئمّة ينشئون بخلاف ما ينشأ غيرهم ، وإنّ الصبي منّا إذا كان أتى عليه شهر ، كان
كمن أتى عليه سنة ، وانّ الصبي منّا ليتكلّم في بطن امّه ويقرأ القرآن ويعبد ربّه عزوجل ، وعند الرضاع تطيعه الملائكة وتنزل عليه صباحا ومساء.
قالت حكيمة :
فلم أزل أرى ذلك الصبي في كلّ أربعين يوما ، إلى أن رأيته رجلا قبل مضي أبي محمّد عليهالسلام ، بأيّام قلائل فلم أعرفه ، فقلت لابن أخي عليهالسلام : من هذا الّذي تأمرني أن أجلس بين يديه؟ فقال لي : هذا
ابن نرجس وهذا خليفتي من بعدي ، وعن قليل تفقدوني فاسمعي له وأطيعي.
قالت حكيمة :
فمضى أبو محمّد عليهالسلام بعد ذلك بأيّام قلائل ، وافترق الناس كما ترى ، وو الله
إنّي لأراه صباحا ومساء ، وإنّه لينبّئني عمّا تسألون عنه فاخبركم ، وو الله إنّي
لاريد أن أسأله عن الشيء فيبدأني به ، وانّه ليرد عليّ الأمر فيخرج إليّ منه جوابه
من ساعته من غير مسألتي وقد أخبرني البارحة بمجيئك إليّ وأمرني أن أخبرك بالحقّ.
قال محمّد بن عبد الله : فو الله لقد أخبرتني حكيمة بأشياء لم يطّلع عليها أحد إلّا
الله عزوجل ، فعلمت أنّ
__________________
ذلك صدق وعدل من الله عزوجل ، لأنّ الله عزوجل قد أطلعه على ما لم يطلع عليه أحدا من خلقه.
أقول : وللحديث
مقدّمة طويلة تركها صاحب المناقب .
٥٠٠ ـ وعن أبي
بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : ما خرج موسى حتّى خرج قبله خمسون كذّابا من
بني إسرائيل كلّهم يدّعي أنّه موسى بن عمران.
فبلغ فرعون
أنّهم يرجفون به ويطلبون هذا الغلام ، وقال له كهنته وسحرته : إنّ هلاك دينك وقومك
على يدي هذا الغلام الّذي يولد العامّ من بني إسرائيل. فوضع القوابل على النساء
وقال : لا يولد العامّ ولد إلّا ذبح ، ووضع على امّ موسى قابلة ، فلمّا رأى ذلك
بنو إسرائيل قالوا : إذا ذبح الغلمان واستحيى النساء هلكنا فلم نبق ، فتعالوا لا
نقرب النساء ، فقال عمران أبو موسى عليهالسلام : بل باشروهنّ ، فإنّ أمر الله واقع ولو كره المشركون ،
اللهمّ من حرّمه فإنّي لا احرّمه ، ومن تركه فإنّي لا أتركه ، ووقع على امّ موسى
فحملت ، فوضع على امّ موسى قابلة تحرسها فإذا قامت قامت ، وإذا قعدت قعدت ، فلمّا
حملته امّه وقعت عليها المحبّة وكذلك حجج الله على خلقه ، فقالت لها القابلة : ما
لك يا بنيّة تصفرّين وتذوبين؟ قالت : لا تلوميني فإنّي إذا ولدت اخذ ولدي فذبح ،
قالت : لا تحزني فإنّي سوف أكتم عليك ، فلم تصدّقها ، فلمّا أن ولدت التفتت إليها
وهي مقبلة ، فقالت : ما شاء الله ، فقالت لها : ألم أقل إنّي سوف أكتم عليك.
ثمّ حملته
فأدخلته المخدع وأصلحت أمره ، ثمّ خرجت إلى الحرس فقالت : انصرفوا ـ وكانوا على
الباب ـ فإنّما خرج دم منقطع ، فانصرفوا ، فأرضعته فلمّا خافت عليه الصوت ، أوحى
الله إليها أن اعملي التابوت ، ثمّ اجعليه فيه ، ثمّ أخرجيه ليلا فاطرحيه في نيل
مصر ؛ فوضعته في التابوت ، ثمّ دفعته في اليمّ ، فجعل يرجع إليها وجعلت تدفعه في
الغمر ، وإنّ الريح ضربته فانطلقت به ، فلمّا رأته قد ذهب به الماء ، همّت أن تصيح
فربط على قلبها.
قال : وكانت
المرأة الصالحة امرأة فرعون وهي من بني إسرائيل ، قالت لفرعون : إنّها
__________________
أيّام الربيع فأخرجني واضرب لي قبّة على شطّ النيل حتّى أتنزّه هذه الأيّام
، فضربت لها قبّة على شطّ النيل ، إذ أقبل التابوت يريدها ، فقالت : هل ترون ما
أرى على الماء؟ قالوا : إي والله يا سيّدتنا إنّا لنرى شيئا ، فلمّا دنا منها ثارت
إلى الماء فتناولته بيدها ، وكاد الماء يغمرها حتّى تصايحوا عليها ، فجذبته
وأخرجته من الماء فأخذته فوضعته في حجرها ، فإذا هو غلام أجمل الناس وأسترهم ،
فوقعت عليها منه محبّة ، فوضعته في حجرها وقالت : هذا ابني ، فقالوا : إي والله يا
سيّدتنا ، والله ما لك ولد ولا للملك. فاتّخذي هذا ولدا.
فقامت إلى
فرعون وقالت : إنّي أصبت غلاما طيّبا حلوا نتّخذه ولدا فيكون قرّة عين لي ولك فلا
تقتله ، قال : ومن أين هذا الغلام؟ قالت : والله ما أدري إلّا أنّ الماء جاء به ،
فلم تزل به حتّى رضي ، فلمّا سمع الناس أنّ الملك قد تبنّى ابنا لم يبق أحد من
رءوس من كان مع فرعون إلّا بعث إليه امرأته لتكون له ظئرا أو تحضنه ، فأبى أن يأخذ
من امرأة منهنّ ثديا ، قالت امرأة فرعون : اطلبوا لابني ظئرا ولا تحقّروا أحدا ،
فجعل لا يقبل من امرأة منهنّ.
فقالت امّ موسى
لاخته قصّيه : انظري أترين له أثرا ، فانطلقت حتّى أتت باب الملك ، فقالت : قد
بلغني أنّكم تطلبون ظئرا ، وهاهنا امرأة صالحة تأخذ ولدكم وتكفله لكم ، فقالت :
أدخلوها ، فلمّا دخلت قالت لها امرأة فرعون : ممّن أنت؟ قالت : من بني إسرائيل ،
قالت : اذهبي يا بنيّة فليس لنا فيك حاجة ، فقلن لها النساء : انظري ـ عافاك الله ـ
يقبل أو لا يقبل ، فقالت امرأة فرعون : أرأيتم لو قبل ، هل يرضى فرعون أن يكون
الغلام من بني إسرائيل والمرأة من بني إسرائيل ـ يعني الظئر ـ فلا يرضى ، قلن :
فانظري يقبل أو لا يقبل ، قالت امرأة فرعون : فاذهبي فادعيها ، فجاءت إلى امّها
وقالت : إنّ امرأة الملك تدعوك ، فدخلت عليها فدفع إليها موسى فوضعته في حجرها ،
ثمّ ألقمته ثديها فازدحم اللبن في حلقه ، فلمّا رأت امرأة فرعون أنّ ابنها قد قبل
، قامت إلى فرعون فقالت : إنّي قد أصبت لابني ظئرا وقد قبل منها ، فقال : ممّن هي؟
قالت : من بني إسرائيل ، قال فرعون : هذا ممّا لا يكون أبدا ، الغلام من بني
إسرائيل والظئر من بني إسرائيل ، فلم تزل تكلّمه فيه وتقول : ما تخاف من هذا
الغلام؟ إنّما هو ابنك ينشأ في حجرك حتّى قلبته عن رأيه ورضي.
فنشأ موسى عليهالسلام في آل فرعون ، وكتمت امّه خبره واخته والقابلة ، حتّى
هلكت امّه والقابلة الّتي قبلته ، فنشأ عليهالسلام لا يعلم به بنو إسرائيل ... (الحديث ، وفي نهايته :)
ثمّ أرسله الله
عزوجل إلى فرعون وملائه بآيتين : بيده والعصا. فروي عن الصادق
عليهالسلام أنّه قال لبعض أصحابه : كن لما ترجو أرجى منك لما ترجو
، فإنّ موسى بن عمران عليهالسلام خرج ليقتبس لأهله نارا ، فرجع إليهم وهو رسول نبيّ ،
فأصلح الله تبارك وتعالى أمر عبده ونبيّه موسى عليهالسلام في ليلة ، وهكذا يفعل الله تبارك وتعالى بالقائم الثاني
عشر من الأئمّة عليهمالسلام ، يصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيّه موسى عليهالسلام ، ويخرجه من الحيرة والغيبة إلى نور الفرج والظهور .
٥٠١ ـ وروى
الشيخ الصدوق ؛ بإسناده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سمعته يقول : في القائم عليهالسلام سنّة من موسى بن عمران عليهالسلام ، فقلت : وما سنّته من موسى بن عمران؟ قال : خفاء مولده
، وغيبته عن قومه ، فقلت : وكم غاب موسى عن أهله وقومه؟ فقال : ثماني وعشرين سنة .
٥٠٢ ـ وروى
بالإسناد عن محمّد بن الحنفية ، عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : المهديّ منّا أهل البيت ، يصلح الله له أمره في ليلة.
وفي رواية اخرى : يصلحه الله في ليلة .
٥٠٣ ـ وروى
بالإسناد عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : في صاحب هذا الأمر أربع سنن من أربعة أنبياء :
سنّة من موسى ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من يوسف ، وسنّة من محمّد صلوات الله عليهم
أجمعين ، فأمّا من موسى فخائف يترقّب ، وأمّا من يوسف فالسجن ، وأمّا من عيسى
فيقال له : إنّه مات ولم يمت ، وأمّا من محمّد صلىاللهعليهوآله فالسيف .
الآية الثانية
قوله تعالى : (يَعْلَمُ ما بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً).
٥٠٤ ـ عليّ بن
إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليهالسلام ، قال ، قال : (ما بَيْنَ
__________________
أَيْدِيهِمْ) ما مضى من أخبار الأنبياء (وَما خَلْفَهُمْ) من أخبار القائم عليهالسلام .
قوله تعالى : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً
عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ
يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً).
٥٠٥ ـ عليّ بن
إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليهالسلام : وأمّا قوله : (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ
ذِكْراً) يعني ما يحدث من أمر القائم عليهالسلام والسفيانيّ .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَهِدْنا
إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً).
أخذ ميثاق الأنبياء على الإقرار بالمهديّ عليهالسلام
٥٠٦ ـ وعنه
بإسناده عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل : (وَلَقَدْ عَهِدْنا
إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) ، قال : عهدنا إليه في محمّد والأئمّة من بعده : فترك ولم
يكن له عزم أنّهم هكذا ، وإنّما سمّي أولو العزم أولي العزم ، لأنّه عهد إليهم في
محمّد والأوصياء من بعده عليهمالسلام ، والمهديّ وسيرته ، وأجمع عزمهم على ذلك كذلك والإقرار
به .
٥٠٧ ـ الشيخ
المفيد بإسناده عن حمران بن أعين ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : أخذ الله الميثاق على النبيّين وقال : ألست
بربّكم؟ قالوا : بلى ؛ وأنّ هذا محمّدا رسولي وأنّ عليّا أمير المؤمنين والأوصياء
من بعده عليهمالسلام ولاة أمري وخزّان علمي ، وأنّ المهديّ عليهالسلام أنتصر به لديني واظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي
واعبد به طوعا وكرها ، قالوا : أقررنا ربّنا وشهدنا ، ولم يجحد آدم ولم يقرّ ،
فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهديّ عليهالسلام ، ولم يكن لآدم عزيمة على الإقرار ، وهو قول الله تبارك
وتعالى : (وَلَقَدْ عَهِدْنا
إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً).
٥٠٨ ـ روى
الثقة الصفّار رحمهالله بسنده عن حمران ، عن أبي جعفر عليهالسلام في حديث له قال فيه : ثمّ أخذ الميثاق على النبيّين ،
فقال : ألست بربّكم؟ ثمّ قال : وأنّ هذا محمّد رسول الله ،
__________________
وأنّ هذا عليّ أمير المؤمنين؟ قالوا : بلى ؛ فثبتت بهم النبوّة ، وأخذ
الميثاق على أولي العزم ، ألا إنّي ربّكم ، ومحمّد رسولي ، وعليّ أمير المؤمنين
وأوصياؤه من بعده ولاة أمري وخزّان علمي ، وأنّ المهديّ أنتصر به لديني واظهر به
دولتي ، وأنتقم به من أعدائي ، واعبد به طوعا وكرها.
قالوا : أقررنا
وشهدنا يا ربّ ؛ ولم يجحد آدم ولم يقرّ ، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهديّ
، ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به ؛ وهو قوله عزوجل : (وَلَقَدْ عَهِدْنا
إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) قال : إنّما يعني فترك ، ثمّ أمر نارا فاجّجت ، فقال
لأصحاب الشمال : ادخلوها ، فها بوها. وقال لأصحاب اليمين : ادخلوها ، فدخلوها
فكانت عليهم بردا وسلاما ، فقال أصحاب الشمال : يا ربّ أقلنا ، فقال : قد أقلتكم
اذهبوا فادخلوها ، فهابوها ، فثمّ ثبتت الطاعة والمعصية والولاية .
الآية الرابعة
قوله تعالى : (فَمَنِ اتَّبَعَ
هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى).
٥٠٩ ـ روى
المحدّث الثقة الصفّار ؛ عن أحمد بن محمّد السياريّ ، عن عليّ بن عبد الله ، قال :
سأله رجل عن قول الله عزوجل : (فَمَنِ اتَّبَعَ
هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) قال عليهالسلام : من قال بالأئمّة واتّبع أمرهم ولم يجز طاعتهم .
قوله سبحانه : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ
لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى).
خزي النّصّاب في الرجعة
٥١٠ ـ روى عليّ
بن إبراهيم القمّي ؛ بسنده عن معاوية بن عمّار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام عن قول الله : (فَإِنَّ لَهُ
مَعِيشَةً ضَنْكاً) قال : هي والله للنصّاب ، قال : جعلت فداك قد رأيناهم
دهرهم الأطول في كفاية حتّى ماتوا. قال : ذلك ـ والله ـ في الرجعة يأكلون العذرة .
__________________
الآية السادسة
قوله تعالى : (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ
أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى).
٥١١ ـ محمّد بن
العبّاس بن الماهيار في تفسيره فيما نزل في أهل البيت عليهمالسلام ، قال :
بإسناده عن
عيسى بن داود النجّار ، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام ، قال : سألت أبي عن قول الله عزوجل : (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ
أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى) قال : الصراط السويّ هو القائم عليهالسلام ، والهدى من اهتدى إلى طاعته ، ومثلها في كتاب الله عزوجل : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ
لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) قال : إلى ولايتنا .
__________________
سورة الأنبياء
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ
قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ* فَلَمَّا
أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى
ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ* قالُوا يا
وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ* فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى
جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ).
٥١٢ ـ محمّد بن
يعقوب ، عن عليّ بن إبراهيم ، بإسناده عن بدر بن خليل الأسدي ، قال : سمعت أبا
جعفر عليهالسلام يقول في قول الله عزوجل :
(فَلَمَّا أَحَسُّوا
بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما
أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) قال : إذا قام القائم عليهالسلام وبعث إلى بني اميّة بالشام ، هربوا إلى الروم ، فيقول
لهم الروم لا ندخلنّكم حتّى تنتصروا ، فيعلّقون في أعناقهم الصلبان فيدخلونهم ،
فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم عليهالسلام ، طلبوا الأمان والصلح ، فيقول أصحاب القائم : لا نفعل
حتّى تدفعوا إلينا من قبلكم منّا ، قال : فيدفعونهم إليهم ، فذلك قوله : (لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ
فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) قال : يسألونهم الكنوز وهم أعلم بها ، قال : فيقولون :
__________________
(يا وَيْلَنا إِنَّا
كُنَّا ظالِمِينَ* فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً
خامِدِينَ) بالسيف .
٥١٣ ـ محمّد بن
العبّاس ، قال : بإسناده عن جابر ، قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (فَلَمَّا أَحَسُّوا
بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ) قال : ذلك عند قيام القائم عليهالسلام .
٥١٤ ـ عنه ،
بإسناده عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : (فَلَمَّا أَحَسُّوا
بَأْسَنا) قال : خروج القائم عليهالسلام ، (إِذا هُمْ مِنْها
يَرْكُضُونَ) قال : الكنوز الّتي كانوا يكنزون ، (قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا
ظالِمِينَ* فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً) (بالسيف) (خامِدِينَ) لا يبقى منهم عين تطرف .
٥١٥ ـ العيّاشي
، بإسناده عن عبد الأعلى الحلبيّ ، قال : قال أبو جعفر عليهالسلام في حديث يذكر فيه خروج القائم عليهالسلام قال فيه : لكأنّي انظر إليهم ـ يعني القائم عليهالسلام وأصحابه ـ مصعدين من نجف الكوفة ثلاثمائة وبضعة عشر
رجلا ، كأنّ في قلوبهم زبر الحديد ، جبرئيل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، يسير
الرعب أمامه شهرا وخلفه شهرا ، أمدّه الله بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين.
حتّى إذا صعد
النجف قال لأصحابه : تعبّدوا ليلتكم هذه ، فيبيتون بين راكع وساجد يتضرّعون إلى
الله ، حتّى إذا أصبح قال : خذوا بنا طريق النّخيلة ، وعلى الكوفة خندق مخندق (جند
مجنّد). قلت : خندق مخندق (جند مجنّد)؟ قال : اي والله ، حتّى ينتهي إلى مسجد
إبراهيم عليهالسلام بالنخيلة فيصلّي ركعتين ، فيخرج إليه من كان بالكوفة من
مرجئها وغيرهم من جيش السفياني ، فيقول لأصحابه : استطردوا لهم ، ثمّ يقول : كرّوا
عليهم.
قال أبو جعفر عليهالسلام : ولا يجوز ـ والله ـ الخندق منهم مخبر ، ثمّ يدخل
الكوفة ولا يبقى مؤمن إلّا كان فيها أو حنّ إليها ، وهو قول أمير المؤمنين عليهالسلام ، ثمّ يقول لأصحابه : سيروا إلى هذا الطاغية ، فيدعوه
إلى كتاب الله وسنّة نبيّه عليه الصلاة والسلام ، فيعطيه السفياني من البيعة مسلما
، فيقول له كلب وهم أخواله : ما هذا ما صنعت؟ والله ما نبايعك على هذا أبدا ،
__________________
فيقول : ما أصنع؟ فيقولون : استقبله ، فيستقبله ، ثمّ يقول له القائم عليهالسلام : خذ حذرك فإنّني أدّيت إليك وأنا مقاتلك ، فيصبح
فيقاتلهم ، فيمنحه الله أكتافهم ، ويأتي السفيانيّ أسيرا فينطلق به ويذبحه بيده.
ثمّ يرسل جريدة
خيل إلى الروم ، فيستحذرون بقيّة بني اميّة ، فإذا انتهوا إلى الروم قالوا :
أخرجوا إلينا أهل ملّتنا عندكم ، فيأبون ويقولون : والله لا نفعل ، فتقول الجريدة
: والله لو أمرنا لقاتلناكم ، ثمّ ينطلقون إلى صاحبهم فيعرضون ذلك عليه ، فيقول :
انطلقوا فأخرجوا إليهم أصحابهم فإنّ هؤلاء قد أتوا بسلطان عظيم ، وهو قول الله : (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ
مِنْها يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ
وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) قال : يعني الكنوز الّتي كنتم تكنزون (قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا
ظالِمِينَ* فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) لا يبقى منهم مخبر .
٥١٦ ـ عليّ بن
إبراهيم : روى بإسناده عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله عزوجل : (فَلَمَّا أَحَسُّوا
بَأْسَنا) يعني بني أميّة إذا أحسّوا بالقائم من آل محمّد عليهمالسلام (إِذا هُمْ مِنْها
يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ
وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) يعني الكنوز الّتي كنزوها.
قال عليهالسلام : فيدخل بنو أميّة إلى الروم إذا طلبهم القائم عليهالسلام ، ثمّ يخرجهم من الروم ويطالبهم بالكنوز الّتي كنزوها.
٥١٧ ـ روي عن
المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : (فَلَمَّا أَحَسُّوا
بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما
أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) يعني القائم يسأل بني فلان كنوز بني اميّة .
٥١٨ ـ روى
الصفّار رحمهالله ، قال : ووقفت على كتاب خطب لمولانا أمير المؤمنين عليهالسلام وعليه خطّ السيّد رضي الله عليّ بن طاوس ، وقد روى فيه
بسنده عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمّد عليهالسلام ، وفيه خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليهالسلام تسمّى المخزون ، ثمّ ذكر الخطبة بطولها جاء فيها : قال
مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام في خطبته : ثمّ يخرج عن الكوفة
__________________
مائة ألف مشرك ومنافق حتّى يضربوا دمشق لا يصدّهم عنها صادّ ، وهي إرم ذات
العماد ، وتقبل رايات شرق الأرض ليست بقطن ولا كتّان ولا حرير ، مختّمة في رءوس
القنا بخاتم السيّد الأكبر ، يسوقها رجل من آل محمّد صلىاللهعليهوآله ، يوم تطير بالمشرق يوجد ريحها بالمغرب كالمسك الأذفر ،
يسير الرعب أمامها شهرا.
إلى أن قال :
ويخلف من بني الأشهب الزاجر اللحظ في اناس من غير أبيه هرّابا حتّى يأتوا سبطرى
عوذا بالشجر ، فيومئذ تأويل هذه الآية : (فَلَمَّا أَحَسُّوا
بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ* لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما
أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) ومساكنهم الكنوز الّتي غلبوا عليها من أموال المسلمين .
الآية الثانية
قوله عزوجل : (وَيَقُولُونَ مَتى
هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
٥١٩ ـ روى
الشيخ الصدوق ؛ بإسناده عن طريق العامّة عن عبد الرحمن بن سليط ، قال : قال الحسين
بن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : منّا اثنا عشر مهديّا ، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ
ابن أبي طالب ، وآخرهم التاسع من ولدي ، وهو الإمام القائم بالحقّ ، يحيي الله به
الأرض بعد موتها ، ويظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه ولو كره المشركون ، له غيبة
يرتدّ فيها أقوام ويثبت فيها على الدّين آخرون ، فيؤذون ويقال لهم : (مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ
صادِقِينَ) أما إنّ الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب ، بمنزلة المجاهد
بالسيف بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله .
الآية الثالثة
قوله عزوجل : (وَجَعَلْناهُمْ
أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ
وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ). .
روى محمّد بن العباس
بإسناده عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله عزوجل (وَجَعَلْناهُمْ
أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) قال أبو جعفر عليهالسلام : يعني الأئمّة من ولد فاطمة عليهاالسلام يوحى إليهم بالروح في صدورهم .
__________________
٥٢٠ ـ روى
الخزّاز بالإسناد عن زيد بن عليّ عليهالسلام ، قال : كنت عند أبي عليّ بن الحسين عليهالسلام إذ دخل عليه جابر بن عبد الله الأنصاريّ ، فبينما هو
يحدّثه إذ خرج أخي محمّد من بعض الحجر ، فأشخص جابر ببصره نحوه ، ثمّ قام إليه
فقال : يا غلام أقبل ، فأقبل. ثمّ قال : أدبر فأدبر ، فقال : شمائل كشمائل رسول
الله صلىاللهعليهوآله ، ما اسمك يا غلام؟ قال : محمّد ، قال : ابن من؟ قال :
ابن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، قال : أنت ـ إذا ـ الباقر ، قال : فانكبّ
عليه وقبّل رأسه ويديه ثمّ قال : يا محمّد ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله يقرئك السلام ، قال : على رسول الله أفضل السلام وعليك
يا جابر بما أبلغت السلام. ثمّ عاد إلى مصلّاه ، فأقبل يحدّث أبي ويقول : إنّ رسول
الله صلىاللهعليهوآله قال لي يوما :
يا جابر إذا
أدركت ولدي الباقر فاقرأه منّي السلام ، فانّه سميّي وأشبه الناس بي ، علمه علمي
وحكمه حكمي ، سبعة من ولده امناء معصومون أئمّة أبرار ، والسابع مهديّهم الّذي
يملأ الدنيا قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
ثمّ قال رسول
الله صلىاللهعليهوآله : (وَجَعَلْناهُمْ
أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ
وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ).
٥٢١ ـ ابن
إدريس رحمهالله ، بإسناده عن صفوان بن مهران ، عن الصادق جعفر بن محمّد
عليهالسلام ، أنّه قال : من أقرّ بجميع الأئمّة عليهمالسلام وجحد المهديّ ، كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء وجحد
محمّدا صلىاللهعليهوآله نبوّته. فقيل له : يا ابن رسول الله ، فمن المهديّ؟ من
ولدك؟ قال : الخامس من ولد السابع ، يغيب عنكم شخصه ولا يحلّ لكم تسميته .
٥٢٢ ـ روى قاضي
القضاة ، عن كافي الكفاة إسماعيل بن عبّاد رحمهالله بإسناد متّصل بعلي عليهالسلام ، أنّه ذكر المهديّ وقال : إنّه من ولد الحسين عليهالسلام ؛ وذكر حليته فقال : رجل أجلى الجبين ، أقنى الأنف ،
ضخم البطن ، أزيل الفخذين ، أفلج الثنايا ، بفخذه اليمنى شامة. وذكر هذا الحديث
بعينه عبد الله بن قتيبة في كتاب «غريب الحديث» انتهى.
أقول : في
ديوان أمير المؤمنين صلوات الله عليه المنسوب إليه :
بنيّ إذا ما جاشت
التّرك فانتظر
|
|
ولاية مهديّ
يقوم فيعدل
|
__________________
وذلّ ملوك
الأرض من آل هاشم
|
|
وبويع منهم
من يلذّ ويهزل
|
صبيّ من
الصبيان لا رأي عنده
|
|
ولا عنده جدّ
ولا هو يعقل
|
فثمّ يقوم
القائم الحقّ منكم
|
|
وبالحقّ
يأتيكم وبالحقّ يعمل
|
سميّ نبيّ
الله نفسي فداؤه
|
|
فلا تخذلوه
يا بنيّ وعجّلوا
|
٥٢٣ ـ وروى الكلينيّ بالإسناد عن
ابن نباتة ، قال : أتيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فوجدته مفكّرا ينكت في الأرض ، فقلت : يا أمير المؤمنين ما لي أراك
مفكّرا تنكت في الأرض ، أرغبة فيها؟ قال : لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا
يوما قطّ ، ولكنّي فكّرت في مولود يكون من ظهري ، الحادي عشر من ولدي ، هو المهديّ
يملأها عدلا كما ملئت ظلما وجورا ، تكون له حيرة وغيبة يضلّ فيها أقوام ويهتدي
فيها آخرون.
فقلت : يا أمير
المؤمنين وإنّ هذا لكائن؟
فقال : نعم ،
كما إنّه مخلوق ، وأنّى لك بالعلم بهذا الأمر يا أصبغ ، أولئك خيار هذه الامّة مع
أبرار هذه العترة.
قلت : وما يكون
بعد ذلك؟
قال : ثمّ يفعل
الله ما يشاء ، فإنّ له إرادات وغايات ونهايات .
٥٢٤ ـ
وبالإسناد عن سليمان بن هلال ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه ،
عن الحسين بن عليّ : قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فقال له : يا أمير المؤمنين نبّئنا بمهديّكم هذا؟
فقال : إذا درج
الدارجون ، وقلّ المؤمنون ، وذهب المجلبون ، فهناك. فقال : يا أمير المؤمنين عليك
السلام ، فمن الرجل؟ فقال : من بني هاشم ، من ذروة طود العرب وبحر مغيضها إذا وردت
، ومجفوّ أهلها إذا أتت ، ومعدن صفوتها إذا اكتدرت ، لا يجبن إذا المنايا هلعت ،
ولا يحور إذا المؤمنون اكتنفت ، ولا ينكل إذا الكماة اصطرعت ، مشمّر مغلولب ظفر
ضرغامة حصد مخدش ذكر ، سيف من سيوف الله ، رأس قثم نشق رأسه في باذخ
__________________
السؤدد ، وغارز مجده في أكرم المحتد ، فلا يصرفنّك عن تبعته صارف عارض ،
ينوص إلى الفتنة كلّ مناص ، إن قال فشرّ قائل ، وإن سكت فذو دعائر.
ثمّ رجع إلى
صفة المهديّ عليهالسلام ، فقال : أوسعكم كهفا ، وأكثركم علما وأوصلكم رحما ،
اللهمّ فاجعل بيعته خروجا من الغمّة ، واجمع به شمل الامّة ، فإن خار الله لك
فاعزم ، ولا تنثن عنه إن وفّقت له ، ولا تجيزن عنه إن هديت إليه ، هاه ـ وأومأ
بيده إلى صدره ـ شوقا إلى رؤيته .
٥٢٥ ـ ابن
إدريس ، بإسناده عن الفضل ، قال : قال الصادق عليهالسلام : إنّ الله تبارك وتعالى خلق أربعة عشر نورا قبل خلق
الخلق بأربعة عشر ألف عام ، فهي أرواحنا ، فقيل له : يا ابن رسول الله ومن الأربعة
عشر؟ فقال : محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولد الحسين عليهمالسلام ، آخرهم القائم الّذي يقوم بعد غيبته فيقتل الدجّال
ويطهّر الأرض من كلّ جور وظلم .
٥٢٦ ـ
وبالإسناد عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : منّا اثنا عشر مهديّا ، مضى ستة
وبقي ستّة ، يضع الله في السادس ما أحبّ .
٥٢٧ ـ وعن ابن
أبي يعفور ، قال : قال أبو عبد الله الصادق عليهالسلام : من أقرّ بالأئمّة من آبائي وولدي وجحد المهديّ من
ولدي ، كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء عليهمالسلام وجحد محمّدا صلىاللهعليهوآله نبوّته ، فقلت : سيّدي ، ومن المهديّ من ولدك؟ قال :
الخامس من ولد السابع ، يغيب عنكم شخصه ولا يحلّ لكم تسميته .
٥٢٨ ـ وعن
صفوان الجمّال ، قال : قال الصادق عليهالسلام : أما والله ليغيبنّ عنكم مهديّكم حتّى يقول الجاهل
منكم : ما لله في آل محمّد حاجة ، ثمّ يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها عدلا وقسطا كما
ملئت جورا وظلما .
٥٢٩ ـ عن
السيّد بن محمّد الحميري في حديث طويل يقول فيه : قلت للصادق جعفر
__________________
بن محمّد عليهالسلام : يا ابن رسول الله ، قد روي لنا أخبار عن آبائك عليهمالسلام في الغيبة وصحّة كونها ، فأخبرني بمن تقع؟ فقال عليهالسلام : ستقع بالسادس من ولدي ، والثاني عشر من الأئمّة
الهداة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وآخرهم القائم بالحقّ ، بقيّة الله في أرضه ، صاحب
الزمان وخليفة الرحمن ، والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه ، لم يخرج من
الدنيا حتّى يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما .
٥٣٠ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن عبد خير ، قال : سمعت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات
الله عليه يقول : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآله : «يا عليّ ، الأئمّة الراشدون المهتدون المعصومون من
ولدك أحد عشر إماما ، وأنت أوّلهم ، وآخرهم اسمه اسمي ، يخرج فيملأ الأرض عدلا كما
ملئت جورا وظلما ، يأتيه الرجل والمال كدس ، فيقول : يا مهديّ أعطني ، فيقول : خذ»
.
٥٣١ ـ روى
الصدوق ؛ بإسناده عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن
أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن عليّ ، عن أبيه
أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام قال : قلت لرسول الله صلىاللهعليهوآله : أخبرني بعدد الأئمّة بعدك. فقال : يا عليّ هم اثنا
عشر ، أوّلهم أنت وآخرهم القائم .
٥٣٢ ـ روى
محمّد بن سنان الزهريّ ، عن سيّدنا أبي عبد الله جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن
جدّه ، عن أبيه الحسين ، عن عمّه الحسن ، عن أمير المؤمنين عليهمالسلام ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «إذا توالت أربعة أسماء من الأئمّة من ولدي
، محمّد وعليّ والحسن ، فرابعها هو القائم المأمول المنتظر» .
٥٣٣ ـ روى
الصدوق ؛ بإسناده عن ثابت بن دينار ، عن سيّد العابدين عليّ بن الحسين ، عن سيّد
الشهداء الحسين بن عليّ ، عن سيّد الأوصياء أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «الأئمّة بعدي اثنا عشر : أوّلهم أنت يا عليّ ،
وآخرهم
__________________
القائم الّذي يفتح الله عزوجل على يديه مشارق الأرض ومغاربها» .
٥٣٤ ـ روى
الخزّاز في «كفاية الأثر» بسنده عن الأصبغ ، قال : سمعت الحسن بن عليّ عليهماالسلام يقول : «الأئمّة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله اثنا عشر ، تسعة من صلب أخي الحسين ، ومنهم مهديّ هذه
الامّة» .
٥٣٥ ـ وروي عن
سعد بن عبد الله ، بسنده عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في خطبة له ، قال :
اللهمّ لا بدّ
لأرضك من حجّة على خلقك ، يهديهم إلى دينك ، ويعلّمهم علمك ، لئلّا تبطل حجّتك ،
ولا يضلّ أتباع أوليائك ، بعد إذ هديتهم ، ظاهرا وليس بالمطاع ، أو مكتّما مترقّبا
إن غاب عن الناس شخصه في حال هدنة ، لم يغب عنهم ، مثبوت علمه فآدابه في قلوب
المؤمنين مثبتة فهم به عاملون .
٥٣٦ ـ روى
الثقة الصفّار رحمهالله بإسناده عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : والله ما ترك الأرض منذ قبض الله آدم إلّا
وفيها إمام يهتدى به إلى الله ، وهو حجّة الله على عباده ، ولا تبقى الأرض بغير
إمام حجّة الله على عباده .
٥٣٧ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن أبي بصير ، عن أحمد بن عمر ، قال : قال أبو
جعفر عليهالسلام وأتاه رجل فقال له : انّكم أهل بيت رحمة اختصّكم الله
تبارك وتعالى بها ، فقال له : كذلك نحن والحمد لله ، لا ندخل أحدا في ضلالة ، ولا
نخرجه من هدى ، إنّ الدنيا لا تذهب حتّى يبعث الله عزوجل رجلا منّا أهل البيت يعمل بكتاب الله ، لا يرى فيكم
منكرا إلّا أنكره .
٥٣٨ ـ روى
الشيخ الصدوق بسنده عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد العلويّ ، قال : حدّثنا عليّ بن
الحسن بن عليّ بن عمر بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، قال : كان يقول صلوات
الله عليه :
__________________
ادعوا لي ابني
الباقر ، وقلت لابني الباقر ، يا بني الباقر ـ يعني محمّدا ـ فقلت له : يا أبة ولم
سمّيته الباقر؟ قال : فتبسّم وما رأيته يتبسّم قبل ذلك ، ثمّ سجد لله تعالى طويلا
، فسمعته يقول في سجوده : اللهمّ لك الحمد سيّدي على ما أنعمت به علينا أهل البيت
، يعيد ذلك مرارا.
ثمّ قال : يا
بني ، إنّ الإمامة في ولده إلى أن يقوم قائمنا عليهالسلام فيملؤها قسطا وعدلا ، وانّه الإمام أبو الأئمّة ، معدن
الحلم وموضع العلم يبقره بقرا ، والله لهو أشبه الناس برسول الله صلىاللهعليهوآله.
قلت : فكم
الأئمّة بعده؟
قال : سبعة ،
ومنهم المهديّ الّذي يقوم بالدين في آخر الزمان .
٥٣٩ ـ روى
الشيخ الصدوق عن صالح بن عقبة ، عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام ، قال : أتى يهوديّ أمير المؤمنين عليهالسلام وسأله عن مسائل ، فكان فيما سأله : أخبرني كم لهذه
الامّة من إمام هدى لا يضرّهم من خذلهم؟ قال : اثنا عشر إماما ، قال : صدقت والله
، انّه لبخطّ هارون وإملاء موسى .. الخبر .
٥٤٠ ـ روى
الخزّاز ، بإسناده عن علقمة بن محمّد الحضرميّ ، عن الصادق عليهالسلام ، قال : الأئمّة اثنا عشر ، قلت : يا ابن رسول الله ،
فسمّهم لي.
قال عليهالسلام : من الماضين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ ثمّ
أنا.
قلت : فمن بعدك
يا ابن رسول الله؟
فقال : إنّي
أوصيت إلى ولدي موسى وهو الإمام بعدي.
قلت : فمن بعد
موسى؟
قال : عليّ
ابنه يدعى الرضا ، يدفن في أرض الغربة من خراسان ، ثمّ بعد عليّ ابنه محمّد ، وبعد
محمّد عليّ ابنه ، وبعد عليّ الحسن ابنه ، والمهديّ من ولد الحسن عليهالسلام.
ثمّ قال :
حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
__________________
يا عليّ ، إنّ
قائمنا إذا خرج يجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدد رجال بدر ، فإذا حان وقت
خروجه يكون له سيف مغمود ، ناداه السيف : قم يا وليّ الله فاقتل أعداء الله .
هل يمكن للأمّة اختيار الإمام المعصوم
٥٤١ ـ روى
الشيخ الصدوق ؛ بإسناده عن عبد العزيز بن مسلم ، قال : كنّا في أيّام عليّ ابن
موسى الرضا عليهالسلام بمرو ، فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة من بدء مقدمنا ،
فأداروا أمر الإمام وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها ، فدخلت على سيّدي عليهالسلام فأعلمته خوضان الناس ، فتبسم عليهالسلام ثمّ قال : يا عبد العزيز بن مسلم ، جهل القوم وخدعوا عن
أديانهم ، إنّ الله عزوجل لم يقبض نبيّه صلىاللهعليهوآله حتّى أكمل له الدّين وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كلّ
شيء ، بيّن فيه الحلال والحرام ، والحدود والأحكام ، وجميع ما يحتاج اليه الناس
كملا ، فقال عزوجل : (ما فَرَّطْنا فِي
الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) ، وأنزل في حجّة الوداع وهي آخر عمره صلىاللهعليهوآله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ
لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ
دِيناً) ، فأمر الإمامة من تمام الدّين ، ولم يمض عليهالسلام حتى بيّن لامّته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم ، وتركهم
على قصد الحق ، وأقام لهم عليّا عليهالسلام علما وإماما ، وما ترك شيئا تحتاج اليه الأمّة إلّا
بيّنه ، فمن زعم أنّ الله عزوجل لم يكمل دينه ، فقد ردّ كتاب الله العزيز ، ومن ردّ
كتاب الله عزوجل فهو كافر ، هل تعرفون قدر الإمامة ومحلّها من الامّة
فيجوز فيها اختيارهم؟!
إنّ الإمامة
أجلّ قدرا ، وأعظم شأنا ، وأعلى مكانا ، وأمنع جانبا ، وأبعد غورا ، من أن يبلغها
الناس بعقولهم ، أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماما باختيارهم ، إنّ الإمامة
خصّ الله عزوجل بها إبراهيم الخليل عليهالسلام بعد النبوّة والخلّة مرتبة ثالثة ، وفضيلة شرّفه بها
وأشاد بها ذكره ، فقال عزوجل : (إِنِّي جاعِلُكَ
لِلنَّاسِ إِماماً) فقال الخليل عليهالسلام سرورا بها (وَمِنْ
__________________
ذُرِّيَّتِي)؟ قال الله تبارك وتعالى (لا يَنالُ عَهْدِي
الظَّالِمِينَ) ، فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم إلى يوم القيامة ،
وصارت في الصفوة ، ثمّ أكرمها الله عزوجل بأن جعلها في ذرّيته أهل الصفوة والطهارة ، فقال عزوجل (وَوَهَبْنا لَهُ
إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ* وَجَعَلْناهُمْ
أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ
وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ).
فلم يزل في
ذرّيته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا ، حتّى ورثها النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فقال الله عزوجل : (إِنَّ أَوْلَى
النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ
آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) ، فكانت له خاصّة ، فقلّدها صلىاللهعليهوآله عليّا عليهالسلام بأمر الله عزوجل على رسم ما فرضها الله عزوجل ، فصارت في ذرّيته الأصفياء الّذين آتاهم الله العلم
والإيمان لقوله عزوجل (وَقالَ الَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ
الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فهي في ولد عليّ عليهالسلام خاصّة إلى يوم القيامة إذ لا نبيّ بعد محمّد صلىاللهعليهوآله ، فمن أين يختار هؤلاء الجهّال؟
إنّ الإمامة هي
منزلة الأنبياء وإرث الاوصياء.
إنّ الإمامة
خلافة الله تعالى وخلافة الرسول صلىاللهعليهوآله ، ومقام أمير المؤمنين ، وميراث الحسن والحسين عليهمالسلام.
إنّ الإمامة
زمام الدّين ، ونظام المسلمين ، وصلاح الدنيا ، وعزّ المؤمنين.
إنّ الإمامة
أسّ الإسلام النامي ، وفرعه السامي ، بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحجّ
والجهاد وتوفير الفيء والصدقات ، وإمضاء الحدود والأحكام ، ومنع الثغور والأطراف.
الإمام : يحلّ
حلال الله ، ويحرّم حرام الله ، ويقيم حدود الله ، ويذبّ عن دين الله ، ويدعو إلى
سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة والحجّة البالغة.
الإمام :
كالشمس الطالعة للعالم وهي في الأفق بحيث لا تنالها الأيدي والأبصار.
__________________
الإمام : البدر
المنير ، والسراج الزاهر ، والنور الساطع ، والنجم الهادي في غياهب الدجى ، والبلد
القفار ، ولجج البحار.
الإمام : الماء
العذب على الظماء ، والدالّ على الهدى ، والمنجي من الرّدى.
الإمام : النار
على اليفاع ، الحارّ لمن اصطلى به ، والدليل في المهالك ، من فارقه فهالك.
الإمام :
السحاب الماطر ، والغيث الهاطل ، والشمس المضيئة والسماء الظليلة ، والأرض البسيطة
، والعين الغزيرة ، والغدير والروضة.
الإمام :
الأمين الرفيق ، والوالد الشقيق ، والأخ الشفيق ، ومفزع العباد في الداهية.
الإمام : أمين
الله عزوجل في خلقه ، وحجّته على عباده ، وخليفته في بلاده ،
والداعي إلى الله عزوجل ، والذابّ عن حرم الله عزوجل.
الإمام : هو
المطهّر من الذنوب ، المبرّأ من العيوب ، مخصوص بالعلم ، موسوم بالحلم ، نظام
الدّين ، وعزّ المسلمين ، وغيظ المنافقين ، وبوار الكافرين.
الإمام : واحد
دهره ، لا يدانيه أحد ، ولا يعادله عالم ، ولا يوجد منه بدل ، ولا له مثل ولا نظير
، مخصوص بالفضل كلّه من غير طلب منه ولا اكتساب ، بل اختصاص من المفضّل الوهّاب ،
فمن ذا الّذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه اختياره؟!
هيهات هيهات ،
ضلّت العقول ، وتاهت الحلوم ، وحارت الألباب ، وحسرت العيون ، وتصاغرت العظماء ،
وتحيّرت الحكماء ، وحصرت الخطباء ، وتقاصرت الحلماء ، وجهلت الألبّاء ، وكلّت
الشعراء ، وعجزت الأدباء ، وعييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه ، أو فضيلة من فضائله
، فأقرّت بالعجز والتقصير ، وكيف يوصف ، أو ينعت بكنهه ، أو يفهم شيء من أمره ، أو
يقوم أحد مقامه ، أو يغني غناه ، لا وكيف وأنّى وهو بحيث النجم من أيدي المتناولين
، ووصف الواصفين.
فأين الاختيار
من هذا؟ وأين العقول عن هذا؟ وأين يوجد مثل هذا؟
ظنّوا أنّ ذلك
يوجد في غير آل الرسول صلىاللهعليهوآله ، كذّبتهم والله أنفسهم ومنّتهم الباطل ، فارتقوا مرتقا
صعبا دحضا تزلّ عنه الى الحضيض أقدامهم ، وراموا إقامة الإمام بعقول حائرة ناقصة
وآراء مضلّة ، فلم يزدادوا منه إلّا بعدا ، قاتلهم الله أنّى يؤفكون.
لقد راموا صعبا
، وقالوا إفكا ، وضلّوا ضلالا بعيدا ، ووقعوا في الحيرة إذ تركوا الإمام عن بصيرة
، وزيّن لهم الشيطان أعمالهم فصدّهم عن السبيل وكانوا مستبصرين ، رغبوا عن اختيار
الله واختيار رسوله الى اختيارهم ، والقرآن يناديهم : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ
وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا
يُشْرِكُونَ). وقال عزوجل : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ
وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ
الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ). وقال عزوجل : (ما لَكُمْ كَيْفَ
تَحْكُمُونَ* أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ* إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما
تَخَيَّرُونَ* أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ
إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ* سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ* أَمْ لَهُمْ
شُرَكاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكائِهِمْ إِنْ كانُوا صادِقِينَ). وقال عزوجل : (أَفَلا
يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) أم (طَبَعَ اللهُ عَلى
قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ). أم (قالُوا سَمِعْنا
وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ* إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ
الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ* وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ
وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ). أم (قالُوا سَمِعْنا
وَعَصَيْنا) بل هو بفضل الله يؤتيه من يشاء ، والله ذو الفضل
العظيم.
فكيف لهم
باختيار الإمام ، والإمام عالم لا يجهل ، وراع لا ينكل ، معدن القدس والطهارة.
والنسك والزهادة ، والعلم والعبادة ، مخصوص بدعوة الرّسول ، وهو نسل المطهّرة
البتول ، لا مغمز فيه في نسب ، ولا يدانيه دنس ، له المنزلة الأعلى لا يبلغها ذو
حسب ، في البيت من قريش ، والذروة من هاشم ، والعترة من آل الرّسول ، والرّضى من
الله عزوجل ، شرف الأشراف ، والفرع من آل عبد مناف ، نامي العلم ،
كامل الحلم ، مضطلع بالإمامة ، عالم بالسياسة ، مفروض الطاعة ، قائم بأمر الله ،
ناصح لعباد الله ، حافظ لدين الله عزوجل.
إنّ الأنبياء
والأئمّة عليهمالسلام يوفّقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمته ما لا يؤتيه
غيرهم ، فيكون علمهم فوق علم أهل زمانهم في قوله عزوجل : (أَفَمَنْ يَهْدِي
إِلَى الْحَقِّ أَحَقُ
__________________
أَنْ
يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ). وقوله عزوجل : (وَمَنْ يُؤْتَ
الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا
الْأَلْبابِ).
وقوله عزوجل في طالوت : (إِنَّ اللهَ
اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ
يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
وقال لنبيّه صلىاللهعليهوآله : (وَكانَ فَضْلُ اللهِ
عَلَيْكَ عَظِيماً).
وقال عزوجل في الأئمّة من أهل بيته وعترته وذرّيته صلوات الله
عليهم أجمعين (أَمْ يَحْسُدُونَ
النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ
الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً* فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ
بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً).
إنّ العبد إذا
اختاره الله تعالى لأمور عباده يشرح لذلك صدره ، وأودع قلبه ينابيع الحكمة ،
وألهمه العلم إلهاما ، فلم يعي بعده بجواب ، ولا يحير فيه عن الصواب ، فهو معصوم
مؤيد ، موفّق ، مسدّد ، قد أمن الخطأ والزلل والعثار ، يخصّه الله تعالى بذلك
ليكون حجّته البالغة على عباده ، وشاهده على خلقه ، (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ
يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
فهل يقدرون على
مثل هذا فيختاروه؟ أو يكون خيارهم بهذه الصفة فيقدّموه؟
تعدّوا وبيت
الله الحقّ ، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنّهم لا يعلمون ، وفي كتاب الله
الهدى والشفاء فنبذوه واتّبعوا أهواءهم ، فذمّهم الله ومقتهم وأتعسهم. فقال عزوجل : (وَمَنْ أَضَلُّ
مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
وقال عزوجل : (فَتَعْساً لَهُمْ
وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ).
وقال : (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ
آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ).
الآية الرابعة
قوله تعالى : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ
فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ
__________________
رَحْمَةً
مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ).
في المهديّ عليهالسلام سنّة من أيّوب عليهالسلام
٥٤٢ ـ روى
مسعدة بن صدقة ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمّد عليهالسلام يقول : خطب الناس أمير المؤمنين عليهالسلام بالكوفة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : «أنا سيّد
الشيب وفيّ سنّة من أيّوب ، وسيجمع الله لي أهلي كما جمع ليعقوب شمله ، وذلك إذا
استدار الفلك ، وقلتم ضلّ أو هلك ، ألا فاستشعروا قبلها بالصبر ، وبوءوا إلى الله
بالذنب ، فقد نبذتم قدسكم ، وأطفأتم مصابيحكم ، وقلّدتم هدايتكم من لا يملك لنفسه
ولا لكم سمعا ولا بصرا ، ضعف ـ والله ـ الطالب والمطلوب ، هذا ، ولو لم تتواكلوا
أمركم ، ولم تتخاذلوا عن نصرة الحقّ بينكم ، ولم تهنوا عن توهين الباطل ، لم
يتشجّع عليكم من ليس مثلكم ، ولم يقو من قوي عليكم ، وعلى هضم الطاعة وإذوائها عن
أهلها فيكم ، تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على عهد موسى ، وبحقّ أقول : ليضعفنّ
عليكم التيه من بعدي باضطهادكم ولدي ضعف ما تاهت بنو إسرائيل ، فلو قد استكملتم
نهلا ، وامتلأتم عللا عن سلطان الشجرة الملعونة في القرآن ، لقد اجتمعتم على ناعق
ضلال ، ولأجبتم الباطل ركضا ، ثمّ لغادرتم داعي الحقّ ، وقطعتم الأدنى من أهل بدر
، ووصلتم الأبعد من أبناء الحرب ، ألا ولو ذاب ما في أيديهم ، لقد دنى التمحيص
للجزاء وكشف الغطاء ، وانقضت المدّة ، وأزف الوعد ، وبدا لكم النجم من قبل المشرق
، وأشرق لكم قمركم كملء شهره وكليلة تمّ ، فإذا استبان ذلك فراجعوا التوبة وخالعوا
الحوبة ، وأعلموا أنّكم إن أطعتم طالع المشرق ، سلك بكم منهاج رسول الله صلىاللهعليهوآله فتداريتم من الصمم ، واستشفيتم من البكم ، وكفيتم مئونة
التعسّف والطلب ، ونبذتم الثقل الفادح عن الأعناق ، فلا يبعد الله إلّا من أبى
الرحمة وفارق العصمة ، وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون .
الآية الخامسة
قوله عزوجل : (وَحَرامٌ عَلى
قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ).
__________________
إثبات الرجعة في عهد المهديّ عليهالسلام
٥٤٣ ـ روى
النعمانيّ رحمهالله بالإسناد عن إسماعيل بن جابر ، قال : سمعت أبا عبد الله
جعفر ابن محمّد الصادق عليهالسلام (في حديث طويل عن أنواع آيات القرآن يبلغ نحو ١٢٨ صفحة روى فيه الإمام
الصادق عليهالسلام مجموعة أسئلة لأمير المؤمنين عليهالسلام عن آيات القرآن وأحكامه ، جاء فيه) قال أمير المؤمنين عليهالسلام : وأمّا الردّ على من أنكر الرجعة ، فقول الله عزوجل : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ
كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ) أي إلى الدنيا ، وأمّا معنى حشر الآخرة ، فقوله عزوجل : (وَحَشَرْناهُمْ
فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) وقوله سبحانه : (وَحَرامٌ عَلى
قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) في الرجعة ، فأمّا في القيامة فإنّهم يرجعون.
ومثله ما خاطب
الله به الأئمّة ، ووعدهم من النصر والانتقام من أعدائهم ، فقال سبحانه : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي
ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً
يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) وهذا إنّما يكون إذا رجعوا إلى الدنيا.
ومثل قوله
تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ
نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ
عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) أي رجعة الدنيا.
ومثله قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا
مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا
ثُمَّ أَحْياهُمْ) وقوله عزوجل : (وَاخْتارَ مُوسى
قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) فردّهم الله بعد الموت إلى الدنيا .
الآية السادسة
قوله تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنا
فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ
الصَّالِحُونَ).
__________________
المهديّ عليهالسلام وأصحابه يرثون الأرض
٥٤٤ ـ عليّ بن
إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليهالسلام في معنى الآية ، قال ، قال : الكتب كلّها ذكر الله ، (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ
الصَّالِحُونَ) قال : القائم عليهالسلام وأصحابه .
٥٤٥ ـ روى
محمّد بن العبّاس بإسناده عن الحسين بن محمّد بن عبد الله بن الحسن ، عن أبيه ، عن
أبي جعفر عليهالسلام قال : قوله عزوجل : (أَنَّ الْأَرْضَ
يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) هم أصحاب المهديّ عليهالسلام آخر الزمان .
٥٤٦ ـ روى عليّ
بن إبراهيم القمّي ؛ في قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا
داوُدَ) ـ إلى قوله : (الْمُبِينُ) قال : أعطى داود وسليمان ما لم يعط أحدا من أنبياء الله
من الآيات ، علّمهما منطق الطير ، وألان لهما الحديد والصفر من غير نار ، وجعلت
الجبال يسبّحن مع داود ، وأنزل الله عليه الزبور فيه توحيد وتمجيد ودعاء وأخبار
رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأمير المؤمنين عليهالسلام ، والأئمّة عليهمالسلام ، من ذرّيتهما عليهماالسلام ، وأخبار الرجعة ، والقائم عليهالسلام لقوله : (وَلَقَدْ كَتَبْنا
فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ
الصَّالِحُونَ).
__________________
سورة الحجّ
الآية الاولى
قوله عزوجل : (هذانِ خَصْمانِ
اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ
نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ).
٥٤٧ ـ
وبالإسناد عن الحكم بن سالم ، عمّن حدّثه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله
، قلنا : صدق الله ، وقالوا : كذب الله. قاتل أبو سفيان رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقاتل معاوية عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن عليّ عليهالسلام ، والسفيانيّ يقاتل القائم عليهالسلام .
الآية الثانية
قوله تعالى : (أُذِنَ لِلَّذِينَ
يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).
٥٤٨ ـ محمّد بن
العبّاس ، بإسناده عن عبد الله بن عجلان ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، في قول الله عزوجل : (أُذِنَ لِلَّذِينَ
يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) قال : في القائم عليهالسلام وأصحابه .
٥٤٩ ـ عليّ بن
إبراهيم ، قال : حدّثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن أبي
__________________
عبد الله عليهالسلام ، في قوله : (أُذِنَ لِلَّذِينَ
يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) قال : إنّ العامّة يقولون : نزلت في رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا أخرجته قريش من مكّة ، وإنّما هو القائم عليهالسلام إذا خرج يطلب بدم الحسين عليهالسلام ، وهو قوله : نحن أولياؤكم في الدم وطلب الدية .
٥٥٠ ـ روى ابن
شهرآشوب ؛ عن مقاتل ، عن زين العابدين ، عن أبيه عليهماالسلام ، قال : إنّ امرأة ملك بني إسرائيل كبرت وأرادت أن
تزوّج بنتها منه للملك ، فاستشار الملك يحيى بن زكريّا فنهاه عن ذلك ، فعرفت
المرأة ذلك وزيّنت بنتها وبعثتها إلى الملك ، فذهبت ولعبت بين يديه ، فقال لها
الملك : ما حاجتك؟ قالت : رأس يحيى بن زكريا ، فقال الملك : يا بنيّة حاجة غير هذه
، قالت : ما اريد غيره. وكان الملك إذا كذب فيهم عزل من ملكه ، فخيّر بين ملكه
وبين قتل يحيى فقتله ، ثمّ بعث برأسه إليها في طشت من ذهب ، فأمرت الأرض فأخذتها ،
وسلّط الله عليهم بخت نصّر فجعل يرمي عليهم بالمناجيق ولا تعمل شيئا ، فخرجت عليه
عجوز من المدينة ، فقالت : أيّها الملك إنّ هذه مدينة الأنبياء لا تنفتح إلّا بما أدلّك
عليه ، قال : لك ما سألت ، قالت : ارمها بالخبث والعذرة ، ففعل فتقطّعت فدخلها ،
فقال : عليّ بالعجوز ، فقال لها : ما حاجتك؟ قالت : في المدينة دم يغلي ، فاقتل
عليه حتّى يسكن ، فقتل عليه سبعين ألفا حتّى سكن.
يا ولدي ، يا
عليّ ، والله لا يسكن دمي حتّى يبعث الله المهديّ ، فيقتل على دمي من المنافقين
الكفرة الفسقة سبعين ألفا .
٥٥١ ـ روى
الشيخ الصدوق بإسناده عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثماليّ ، قال : سألت أبا جعفر
محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام : يا ابن رسول الله لم سمّي عليّ أمير المؤمنين وهو اسم
ما سمّي به أحد قبله ولا يحل لأحد بعده؟ قال : لأنّه ميرة العلم يمتار منه ولا
يمتار من أحد غيره ، قال : فقلت : يا ابن رسول الله فلم سمّي سيفه ذا الفقار؟ فقال
عليهالسلام : لأنّه ما ضرب به أحدا من خلق الله إلّا أفقره من هذه
الدنيا من أهله وولده ، وأفقره في الآخرة من الجنّة.
قال : فقلت :
يا ابن رسول الله ، فلستم كلّكم قائمين بالحقّ؟ قال : بلى ، قلت : فلم سمّي القائم
قائما؟
__________________
قال : لمّا قتل
جدّي الحسين عليهالسلام ، ضجّت عليه الملائكة إلى الله تعالى بالبكاء والنحيب
وقالوا : إلهنا وسيّدنا ، أتغفل عمّن قتل صفوتك وابن صفوتك وخيرتك من خلقك؟ فأوحى
الله عزوجل إليهم : قرّوا ملائكتي ، فو عزّتي وجلالي لأنتقمنّ منهم
ولو بعد حين. ثمّ كشف الله عزوجل عن الأئمّة من ولد الحسين عليهالسلام للملائكة ، فسرّت الملائكة بذلك ، فإذا أحدهم قائم
يصلّي ، فقال الله عزوجل : بذلك القائم أنتقم منهم .
٥٥٢ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن رزين ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : لمّا ضرب الحسين بن عليّ عليهماالسلام ، ثمّ ابتدر ليقطع رأسه ، نادى مناد من بطنان العرش :
ألا أيّتها الامّة المتحيّرة الضالّة بعد نبيّها ، لا وفّقكم الله لأضحى ولا لفطر.
قال : ثمّ قال أبو عبد الله عليهالسلام : فلا جرم ـ والله ـ ما وفّقوا ولا يوفّقون حتّى يثأر
ثائر الحسين عليهالسلام .
٥٥٣ ـ روي
بالإسناد عن الحلبيّ ، قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : لمّا قتل الحسين عليهالسلام سمع أهلنا قائلا يقول بالمدينة : اليوم نزل البلاء على
هذه الامّة ، فلا ترون فرحا حتّى يقوم قائمكم فيشفي صدوركم ويقتل عدوّكم وينال
بالوتر أوتارا .
٥٥٤ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن محمّد بن حمران ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : لمّا كان من أمر الحسين عليهالسلام ما كان ، ضجّت الملائكة إلى الله بالبكاء وقالت : يفعل
هذا بالحسين صفيّك وابن نبيّك؟ قال : فأقام الله لهم ظلّ القائم عليهالسلام وقال : بهذا أنتقم لهذا .
٥٥٥ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ ، عن كرام ، قال :
حلفت فيما بيني وبين نفسي ألّا آكل طعاما بنهار أبدا حتّى يقوم قائم آل محمّد ،
فدخلت على أبي عبد الله عليهالسلام ؛ قال : فقلت له : رجل من شيعتكم جعل الله عليه ألّا
يأكل طعاما بنهار أبدا حتّى يقوم قائم آل محمّد ، قال عليهالسلام : فصمّ ـ إذا ـ يا كرام ولا تصم العيدين ولا ثلاثة
التشريق ولا إذا كنت مسافرا ولا مريضا ، فإنّ الحسين عليهالسلام لمّا قتل عجّت السماوات والأرض ومن عليهما والملائكة ،
فقالوا : يا ربّنا ائذن لنا في هلاك الخلق حتى
__________________
نجدّهم عن جديد الأرض بما استحلّوا حرمتك وقتلوا صفوتك ، فأوحى الله إليهم
: يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي اسكنوا ، ثمّ كشف حجابا من الحجب فإذا خلفه
محمّد صلىاللهعليهوآله واثنا عشر وصيّا له عليهمالسلام ، وأخذ بيد فلان القائم من بينهم ، فقال : يا ملائكتي ويا
سماواتي ويا أرضي ، بهذا أنتصر لهذا ـ قالها ثلاث مرّات ـ .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (الَّذِينَ إِنْ
مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ).
٥٥٦ ـ روى
محمّد بن العبّاس بإسناده عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله عزوجل : (الَّذِينَ إِنْ
مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) قال : هذه لآل محمّد ، المهديّ عليهالسلام وأصحابه يملّكهم الله مشارق الأرض ومغاربها ، ويظهر
الدّين ، ويميت الله عزوجل به وبأصحابه البدع والباطل كما أمات السفهة الحقّ ،
حتّى لا يرى أثر من الظلم ، (وَيَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) ولله عاقبة الامور .
٥٥٧ ـ روى
الحاكم الحسكانيّ في «شواهد التنزيل» بإسناده عن زيد بن عليّ ، قال : إذا قام
القائم من آل محمّد ، يقول : يا أيّها الناس نحن الّذين وعدكم الله في كتابه : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي
الْأَرْضِ) الآية.
الآية الرابعة
قوله عزوجل : (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ
وَقَصْرٍ مَشِيدٍ).
٥٥٨ ـ روى عليّ
بن إبراهيم القمّي ؛ في قوله تعالى : (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ
وَقَصْرٍ مَشِيدٍ) ، قال :
هو مثل لآل
محمّد صلىاللهعليهوآله ، قوله : «بئر معطّلة» هي الّتي لا يستسقى منها ، وهو
الإمام الّذي قد غاب فلا يقتبس منه العلم ، «والقصر المشيد» هو المرتفع ، وهو مثل
لأمير المؤمنين عليهالسلام والأئمّة وفضائلهم المشرّفة على الدنيا ، وهو قوله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ).
وقال الشاعر في
ذلك :
__________________
بئر معطّلة
وقصر مشرف
|
|
مثل لآل
محمّد مستطرف
|
فالقصر مجدهم
الّذي لا يرتقى
|
|
والبئر علمهم
الّذي لا ينزف
|
الآية الخامسة
قوله تعالى : (ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ
بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ).
٥٥٩ ـ في تفسير
عليّ بن إبراهيم رحمهالله في قوله تعالى : (وَمَنْ عاقَبَ) يعني رسول الله صلىاللهعليهوآله ، (بِمِثْلِ ما عُوقِبَ
بِهِ) يعني حين أرادوا أن يقتلوه ، (ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ
اللهُ) بالقائم من ولده عليهالسلام .
٥٦٠ ـ قال عليّ
بن إبراهيم في تفسيره : فهو رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا أخرجته قريش من مكّة وهرب منهم إلى الغار ، وطلبوه
ليقتلوه فعاقبهم الله يوم بدر فقتل عتبة وشيبة والوليد وأبا جهل وحنظلة بن أبي
سفيان وغيرهم ، فلمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله طلب بدمائهم ، فقتل الحسين عليهالسلام وآل محمّد بغيا وعدوانا ، وهو قول يزيد حين تمثّل بهذا
الشعر :
ليت أشياخي
ببدر شهدوا
|
|
جزع الخزرج
من وقع الأسل
|
لأهلّوا
واستهلّوا فرحا
|
|
ثمّ قالوا يا
يزيد لا تشل
|
لست من خندف
إن لم أنتقم
|
|
من بني أحمد
ما كان فعل
|
قد قتلنا
القرم من ساداتهم
|
|
وعدلناه ببدر
فاعتدل
|
وقال الشاعر في
مثل ذلك :
وكذاك الشيخ
أوصاني به
|
|
فاتّبعت
الشيخ فيما قد سأل
|
وقال يزيد أيضا
:
يقول والرأس
مطروح يقلّبه
:
|
|
يا ليت
أشياخنا الماضين بالحضر
|
حتّى يقيسوا
قياسا لا يقاس به
|
|
أيّام بدر
لكان الوزن بالقدر
|
الآية السادسة
قوله تعالى : (وَيُمْسِكُ السَّماءَ
أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ
__________________
لَرَؤُفٌ
رَحِيمٌ).
المهديّ عليهالسلام أمان لأهل الأرض
٥٦١ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن سليمان بن مهران الأعمش ، عن الصادق جعفر بن
محمّد ، عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهمالسلام ، قال : نحن أئمّة المسلمين ، وحجج الله على العالمين ،
وسادة المؤمنين ، وقادة الغرّ المحجّلين ، وموالي المؤمنين ، ونحن أمان لأهل الأرض
كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء ، ونحن الّذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على
الأرض إلّا بإذنه ، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها ، وبنا ينزل الغيث وتنشر
الرحمة ، وتخرج بركات الأرض ، ولو لا في الأرض لساخت بأهلها.
ثمّ قال : ولم
تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجّة الله فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور ، ولا
تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة الله فيها ، ولو لا ذلك لم يعبد الله.
قال سليمان :
فقلت للصادق عليهالسلام : فكيف ينتفع الناس بالحجّة الغائب المستور؟
قال : كما ينتفعون
بالشمس إذا سترها سحاب .
__________________
سورة المؤمنون
الآية الاولى
قوله تعالى : (فَإِذا نُفِخَ فِي
الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ).
٥٦٢ ـ روى أبو
جعفر محمّد بن جرير الطبريّ بإسناده عن جهم بن أبي جهمة ، قال : سمعت أبا الحسن
موسى عليهالسلام يقول : إنّ الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد
بألفي عام ، ثمّ خلق الأبدان بعد ذلك ، فما تعارف منها في السماء تعارف في الأرض ،
وما تناكر منها في السماء تناكر في الأرض ، فإذا قام القائم عليهالسلام ورّث الأخ في الدّين ولم يورّث الأخ في الولادة ، وذلك
قول الله عزوجل في كتابه : (قَدْ أَفْلَحَ
الْمُؤْمِنُونَ فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ
وَلا يَتَساءَلُونَ).
__________________
سورة النور
الآية الاولى
قوله تعالى : (اللهُ نُورُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ
فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ
مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ
وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ
يَشاءُ).
٥٦٣ ـ روي عن
جابر بن عبد الله الأنصاريّ ، قال : دخلت إلى مسجد الكوفة وأمير المؤمنين صلوات
الله وسلامه عليه يكتب باصبعه ويتبسّم ، فقلت له : يا أمير المؤمنين ما الّذي
يضحكك؟ فقال : عجبت لمن يقرأ هذه الآية ولم يعرفها حقّ معرفتها. فقلت له : وأيّ
آية يا أمير المؤمنين؟ فقال :
قوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ
نُورِهِ كَمِشْكاةٍ) المشكاة محمّد صلىاللهعليهوآله ، (فِيها مِصْباحٌ) أنا المصباح ، (فِي زُجاجَةٍ) الزجاجة الحسن والحسين ، (كَأَنَّها كَوْكَبٌ
دُرِّيٌ) وهو عليّ بن الحسين ، (يُوقَدُ مِنْ
شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) محمّد بن عليّ ، (زَيْتُونَةٍ) جعفر بن محمّد (لا شَرْقِيَّةٍ) موسى بن جعفر (وَلا غَرْبِيَّةٍ) عليّ بن موسى الرضا (يَكادُ زَيْتُها
يُضِيءُ) محمّد بن عليّ (وَلَوْ لَمْ
تَمْسَسْهُ نارٌ) عليّ بن محمّد ، (نُورٌ عَلى نُورٍ) الحسن بن عليّ (يَهْدِي اللهُ
لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) القائم المهديّ عليهالسلام ، (وَيَضْرِبُ اللهُ
الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
__________________
٥٦٤ ـ الصدوق
بإسناد متّصل إلى عيسى بن راشد ، عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام في قوله (كَمِشْكاةٍ فِيها
مِصْباحٌ) ، قال : المشكاة نور العلم في صدر النبيّ صلىاللهعليهوآله ، (الْمِصْباحُ فِي
زُجاجَةٍ) والزجاجة صدر عليّ عليهالسلام ، صار علم النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى صدر عليّ عليهالسلام ، علّم النبيّ عليا صلوات الله عليهما علمه (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) قال : نور (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا
غَرْبِيَّةٍ) لا يهوديّة ولا نصرانيّة (يَكادُ زَيْتُها
يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) ، قال : يكاد العالم من آل محمّد يتكلّم بالعلم قبل أن
يسأل (نُورٌ عَلى نُورٍ) يعني إماما مؤيّدا بنور العلم والحكمة في إثر إمام من
آل محمّد ، وذلك من لدن آدم إلى أن تقوم الساعة. فهؤلاء الأوصياء الّذين جعلهم
الله خلفاءه في أرضه وحججه على خلقه ، لا تخلو الأرض في كلّ عصر من واحد منهم .
٥٦٥ ـ روى
النعمانيّ رحمهالله في كتابه في تفسير القرآن بإسناده عن إسماعيل بن جابر ،
قال :
سمعت أبا عبد
الله جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام يقول في حديث طويل عن أنواع آيات القرآن روى فيه عليهالسلام مجموعة أجوبة لأمير المؤمنين عليهالسلام عن آيات القرآن وأحكامه ، وسألوه صلوات الله عليه عن
أقسام النور في القرآن ، فقال عليهالسلام : النور : القرآن ، والنور اسم من أسماء الله تعالى ،
والنور التوراة ، والنور ضوء القمر ، والنور ضوء المؤمن وهو الموالاة الّتي يلبس
بها نورا يوم القيامة ، والنور في مواضع من التوراة والإنجيل والقرآن حجّة الله
على عباده ، وهو المعصوم ... فقال تعالى : (وَاتَّبَعُوا
النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) فالنور في هذا الموضع هو القرآن ، ومثله في سورة
التغابن قوله تعالى : (فَآمِنُوا بِاللهِ
وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا) يعني سبحانه [بالنور] القرآن وجميع الأوصياء المعصومين
من حملة كتاب الله تعالى وخزّانه وتراجمته ، الّذين نعتهم الله في كتابه فقال : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ
وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) فهم المنعوتون الّذين أنار الله بهم البلاد ، وهدى بهم
العباد ، قال الله تعالى في سورة النور : (اللهُ
__________________
نُورُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ
فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ...) إلى آخر الآية ، فالمشكاة رسول الله صلىاللهعليهوآله والمصباح الوصيّ والأوصياء عليهمالسلام ، والزجاجة فاطمة ، والشجرة المباركة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والكوكب الدرّيّ القائم المنتظر عليهالسلام الّذي يملأ الأرض عدلا .
الآية الثانية
قوله سبحانه : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ
جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ
مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ).
٥٦٦ ـ روى
الشيخ الصدوق ؛ بإسناده عن عبد الله بن عجلان ، قال : ذكرنا خروج القائم عليهالسلام عند أبي عبد الله عليهالسلام ، فقلت له : كيف لنا أن نعلم ذلك؟ فقال عليهالسلام : يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب : طاعة
معروفة .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ
فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ).
أئمّة أهل البيت عليهمالسلام هم المستضعفون في الأرض
٥٦٧ ـ محمّد بن
إبراهيم النعمانيّ في الغيبة : بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، في معنى قوله : (وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) قال : نزلت في القائم وأصحابه .
٥٦٨ ـ محمّد بن
العبّاس ، بإسناده عن عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) قال : نزلت في عليّ بن أبي طالب والأئمّة من ولده عليهمالسلام ،
__________________
(وَلَيُمَكِّنَنَّ
لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ
خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ) قال : عنى به ظهور القائم عليهالسلام .
٥٦٩ ـ عنه ،
بإسناده عن إسحاق بن عبد الله ، عن عليّ بن الحسين عليهالسلام في قول الله عزوجل : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ
وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) : قال : قوله : (إِنَّهُ لَحَقٌ) قيام القائم عليهالسلام وفيه نزلت هذه الآية (وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْناً) قال : نزلت في المهديّ عليهالسلام .
٥٧٠ ـ الخزّاز
القمّي ، بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : دخل جندل بن جنادة بن جبير
على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال : يا رسول الله أخبرني عمّا ليس لله ، وعمّا ليس
عند الله ، وعمّا لا يعلمه الله؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أمّا ما ليس لله ، فليس لله شريك ، وأمّا ما ليس عند
الله ، فليس عند الله ظلم للعباد ، وأمّا ما لا يعلمه الله ، فذلك قولكم يا معشر
اليهود أنّ عزيز ابن الله ، والله لا يعلم له ولدا. فقال جندل : أشهد أن لا إله
إلّا الله وأنّك محمّد رسول الله حقّا ، ثمّ قال : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، إنّي رأيت البارحة في النوم موسى بن عمران عليهالسلام ، فقال لي : يا جندل أسلم على يد محمّد واستمسك
بالأوصياء من بعده ، فقلت : أسلمت ، ورزقني الله ذلك ، فأخبرني عن الأوصياء بعدك
لأتمسّك بهم؟
فقال : يا جندل
أوصيائي من بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل.
فقال : يا رسول
الله صلىاللهعليهوآله ، إنّهم كانوا اثنى عشر ، هكذا وجدناهم في التوراة.
قال : نعم ،
الأئمّة بعدي اثنا عشر.
فقال : يا رسول
الله كلّهم في زمن واحد؟
قال : لا ،
ولكن خلف بعد خلف ، وإنّك لن تدرك منهم إلّا ثلاثة : أوّلهم سيّد الأوصياء بعدي
أبو الأئمّة عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، ثمّ ابناه الحسن والحسين عليهماالسلام ، فاستمسك بهم من بعدي ولا يغرنّك جهل الجاهلين ، فإذا
أوقت ولادة ابنه عليّ بن الحسين سيّد العابدين عليهالسلام
__________________
يقضي الله عليك ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه.
فقال : يا رسول
الله هكذا وجدت في التوراة : إليانقطوا شبّرا وشبيرا ، فلم أعرف أسماءهم ، فكم بعد الحسين من
الأوصياء ، وما أسماءهم؟
فقال : تسعة من
صلب الحسين ، والمهديّ منهم ، فاذا انقضت مدّة الحسين عليهالسلام قام بالأمر من بعده عليّ ابنه ، ويلقّب زين العابدين عليهالسلام ، فإذا انقضت مدّة علي قام بالأمر من بعده محمّد ابنه
يدعى بالباقر عليهالسلام ، فإذا انقضت مدّة محمّد قام بالأمر بعده ابنه جعفر
يدعى بالصادق عليهالسلام ، فإذا انقضت مدّة جعفر قام بالأمر ابنه موسى ويدعى
بالكاظم عليهالسلام ، ثمّ إذا انقضت مدّة موسى قام بالأمر من بعده عليّ
ابنه يدعى بالرضا عليهالسلام ، فإذا انقضت مدّة عليّ قام بالأمر بعده محمّد ابنه
يدعى بالزكيّ عليهالسلام ، فإذا انقضت مدّة محمّد قام بالأمر بعده ابنه عليّ
يدعى بالنقي عليهالسلام ، فإذا انقضت مدّة عليّ قام بالأمر من بعده ابنه الحسن
يدعى بالأمين عليهالسلام ، ثمّ يغيب عنهم إمامهم.
قال : يا رسول
الله هو الحسن يغيب عنهم؟
قال : لا ،
ولكن ابنه.
قال : يا رسول
الله فما اسمه؟
قال : لا يسمّى
حتّى يظهر.
فقال جندل : يا
رسول الله وجدنا ذكرهم في التوراة ، وقد بشّرنا موسى بن عمران عليهالسلام بك وبالأوصياء من ذرّيّتك.
ثمّ تلا رسول
الله صلىاللهعليهوآله :
(وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْناً).
فقال جندل : يا
رسول الله فما خوفهم؟
قال : يا جندل
في زمن كلّ واحد منهم سلطان يعتريه ويؤذيه ، فإذا عجّل الله خروج قائمنا يملأ
الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، ثمّ قال صلىاللهعليهوآله : طوبى للصابرين
__________________
في غيبته ، طوبى للمقيمين على محبّتهم ، أولئك من وصفهم الله في كتابه فقال
: (الَّذِينَ
يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) ثمّ قال : (أُولئِكَ حِزْبُ
اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
قال ابن الأصقع
:
ثمّ عاش جندل
إلى أيّام الحسين بن عليّ عليهالسلام ثمّ خرج إلى الطائف ، فحدّثني نعيم بن أبي قيس قال :
دخلت عليه بالطائف وهو عليل ، ثمّ دعا بشربة من لبن ، فقال : هكذا عهد لي رسول
الله صلىاللهعليهوآله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن ، ثمّ مات ودفن
بالطائف بالموضع المعروف بالكورا رحمهالله .
٥٧١ ـ أبو عليّ
الطبرسيّ في تفسير الآية ، قال : المرويّ عن أهل البيت عليهمالسلام أنّها في المهديّ من آل محمّد عليهمالسلام .
٥٧٢ ـ وروى
العيّاشيّ بإسناده عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام ، أنّه قرأ الآية وقال : هم والله شيعتنا أهل البيت ،
يفعل الله ذلك بهم على يدي رجل منّا ، وهو مهدي هذه الامّة ، وهو الّذي قال رسول
الله صلىاللهعليهوآله : لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد ، لطوّل الله ذلك
اليوم حتّى يأتي رجل من عترتي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما
وجورا .
وروي مثل ذلك
عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام .
٥٧٣ ـ قال
السيّد شرف الدّين : فعلى هذا يكون المراد ب «الّذين آمنوا وعملوا الصالحات»
النبيّ وأهل بيته صلوات الله عليهم ، وتضمّنت الآية البشارة لهم بالاستخلاف
والتمكّن في البلاد وارتفاع الخوف عنهم عند قيام القائم المهديّ عليهالسلام منهم ، ويكون المراد بقوله تعالى : (كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ) هو أن جعل الصالح للخلافة خليفة ، مثل آدم وإبراهيم
وداود وسليمان وموسى وعيسى صلوات الله عليهم أجمعين ، تبقى دائمة في كلّ آن وكلّ
حين .
٥٧٤ ـ من كتاب
الواحدة : روى عن محمّد بن الحسن بن عبد الله الأطروش ، عن جعفر
__________________
بن محمّد البجليّ ، عن البرقيّ ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن
أبي جعفر الباقر عليهالسلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام :
إنّ الله تبارك
وتعالى أحد واحد ، تفرّد في وحدانيته ، ثمّ تكلّم بكلمة فصارت نورا ، ثمّ خلق من
ذلك النور محمّدا صلىاللهعليهوآله ، وخلقني وذرّيّتي ، ثمّ تكلّم بكلمة فصارت روحا ،
فأسكنه الله في ذلك النور ، وأسكنه في أبداننا ، فنحن روح الله وكلماته ، فبنا
احتجّ على خلقه ، فما زلنا في ظلّة خضراء ، حيث لا شمس ولا قمر ولا ليل ولا نهار ،
ولا عين تطرف ، نعبده ونقدّسه ونسبّحه ، وذلك قبل أن يخلق الخلق ، وأخذ ميثاق
الأنبياء بالإيمان والنصرة لنا ، وذلك قوله عزوجل :
(وَإِذْ أَخَذَ اللهُ
مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ
رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) ، يعني لتؤمننّ بمحمّد صلىاللهعليهوآله ولتنصرنّ وصيّه وسينصرونه جميعا.
وإنّ الله أخذ
ميثاقي مع ميثاق محمّد صلىاللهعليهوآله بالنصرة بعضنا لبعض ، فقد نصرت محمّدا وجاهدت بين يديه
، وقتلت عدوّه ، ووفيت لله بما أخذ عليّ من الميثاق والعهد ، والنصرة لمحمّد صلىاللهعليهوآله .... إلى أن يصل إلى قوله : أنا أمين الله وخازنه ، وعيبة
سرّه وحجابه ووجهه وصراطه وميزانه ، وأنا الحاشر إلى الله ، وأنا كلمة الله الّتي
يجمع بها المفترق ويفرّق بها المجتمع.
وأنا أسماء
الله الحسنى ، وأمثاله العليا ، وآياته الكبرى ، وأنا صاحب الجنّة والنار ، اسكن
أهل الجنّة الجنّة ، واسكن أهل النار النار ، وإليّ تزويج أهل الجنّة ، وإليّ عذاب
أهل النار ، وإليّ إياب الخلق ، وأنا الإياب الّذي يئوب إليه كلّ شيء بعد القضاء ،
وإليّ حساب الخلق جميعا ، وأنا صاحب الهبات ، وأنا المؤذّن على الأعراف ، وأنا
بارز الشمس ، أنا دابة الأرض ، وأنا قسيم النار ، وأنا خازن الجنان وصاحب الأعراف.
وأنا أمير
المؤمنين ، ويعسوب المتّقين ، وآية السابقين ، ولسان الناطقين ، وخاتم الوصيين ،
ووارث النبيين ، وخليفة ربّ العالمين ، وصراط ربّي المستقيم ، وفسطاطه
__________________
والحجّة على أهل السماوات والأرضين ، وما فيهما وما بينهما ، وأنا الّذي
احتجّ الله به عليكم في ابتداء خلقكم ، وأنا الشاهد يوم الدّين ، وأنا الّذي علمت
علم المنايا والبلايا والقضايا ، وفصل الخطاب والأنساب ، واستحفظت آيات النبيين
المستخفين المستحفظين.
وأنا صاحب
العصا والميسم ، وأنا الّذي سخّرت لي السحاب والرعد والبرق والظلم والأنوار ،
والرياح والجبال والبحار ، والنجوم والشمس والقمر ، أنا القرن الحديد ، وأنا فاروق
الامّة ، وأنا الهادي ، وأنا الّذي أحصيت كلّ شيء عددا بعلم الله الّذي أودعنيه ،
وبسرّه الّذي أسرّه إلى محمّد صلىاللهعليهوآله وأسرّه النبيّ صلىاللهعليهوآله إليّ ، وأنا الّذي أنحلني ربّي اسمه وكلمته وحكمته
وعلمه وفهمه.
يا معشر الناس
، اسألوني قبل أن تفقدوني ، اللهمّ إنّي اشهدك وأستعديك عليهم ، ولا حول ولا قوّة
إلّا بالله العلي العظيم ، والحمد لله متّبعين أمره .
٥٧٥ ـ روى
الحاكم الحسكانيّ في «شواهد التنزيل» بإسناده عن أبي صادق ، عن حنش : أنّ عليا عليهالسلام قال : إنّي اقسم بالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة وأنزل
الكتاب على محمّد صدقا وعدلا ، ليعطفنّ عليكم هذه الآية : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) الآية.
٥٧٦ ـ وروى
فرات بن إبراهيم بإسناده عن السدّي ، عن ابن عبّاس في قوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) إلى آخر الآية ، قال : نزلت في آل محمّد صلىاللهعليهوآله .
٥٧٧ ـ وروى
فرات بإسناده عن القاسم بن عوف ، قال : سمعت عبد الله بن محمّد يقول : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الآية : قال : هي لنا أهل البيت .
٥٧٨ ـ وروى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله
عليهالسلام عن قول الله جلّ جلاله : (وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
__________________
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ
فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) قال عليهالسلام : هم الأئمّة عليهمالسلام .
٥٧٩ ـ وعنه
بإسناده عن سدير الصيرفي ، قال : دخلت أنا والمفضّل بن عمر ، وأبو بصير ، وأبان بن
تغلب ، على مولانا أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهالسلام ، فرأيناه جالسا على التراب وعليه مسح خيبري مطوّق بلا
جيب ، مقصّر الكمّين ، وهو يبكي بكاء الواله الثكلى ذات الكبد الحرّاء ، قد بان
الحزن من وجنتيه ، وشاع التغيير في عارضيه ، وأبلى الدموع محجريه وهو يقول : سيّدي
غيبتك نفت رقادي ، وضيّقت عليّ مهادي ، وابتزّت منّي راحة فؤادي ، سيّدي غيبتك
وصلت مصابي بفجائع الأبد ، وفقد الواحد بعد الواحد يفنى الجمع والعدد ، فما أحسّ
بدمعة ترقى من عيني ، وأنين يفتر من صدري ، من دوارج الرزايا ، وسوالف البلايا ،
إلّا ما لقيني عن غوائل أعظمها وأقطعها ، وبواقي أشدّها وأنكرها ، ونوائب مخلوطة
بغضبك ، ونوازل معجونة بسخطك.
قال سدير :
فاستطارت عقولنا ولها ، وتصدّعت قلوبنا جزعا ، من الخطب الهائل ، والحادث الغائل ،
وظننّا انّه أسمت لمكروهة قارعة ، أو حلّت من الدهر بائقة ، فقلنا : لا أبكى الله ـ
يا ابن خير الورى ـ عينيك ، من أيّ حادثة تسترقي دمعتك ، وتستمطر عبرتك ، وأيّة
حالة حتّمت عليك هذا المأتم؟
قال : فزفر
الصادق عليهالسلام زفرة انتفخ منها جوفه ، واشتدّ منها خوفه ، وقال :
ويلكم نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم ، وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا
والبلايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، الّذي خصّ الله به محمّدا
والأئمّة من بعده عليهمالسلام ، وتأمّلت فيه مولد غائبنا وغيبته ، وابطاءه وطول عمره
، وبلوى المؤمنين في ذلك الزمان ، وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته ، وارتداد
أكثرهم عن دينهم ، وخلعهم من ربقة الإسلام عن أعناقهم ، الّذي قال الله جلّ ذكره :
(وَكُلَّ إِنسانٍ
أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) يعني الولاية ، فأخذتني الرقة واستولت عليّ الأحزان.
فقلنا : يا ابن
رسول الله كرّمنا وفضّلنا بإشراكك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك.
__________________
قال : إنّ الله
تبارك وتعالى أدار في القائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل ، قدّر مولده
تقدير مولد موسى ، وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسى ، وقدّم إبطاءه بتقدير إبطاء نوح عليهمالسلام ، وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح الخضر عليهالسلام دليلا على عمره.
فقلنا : اكشف
لنا يا ابن رسول الله عن وجوه هذه المعاني.
قال عليهالسلام : أمّا مولد موسى عليهالسلام ، فإنّ فرعون لمّا وقف على أن زوال ملكه على يده ، أمر
بإحضار الكهنة ، فدلّوه على نسبه ، وأنّه يكون من بني إسرائيل ، ولم يزل يأمر
أصحابه بشقّ بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل ، حتّى قتل في طلبه نيّفا وعشرين
ألفا مولودا ، وتعذّر إليه الوصول إلى قتل موسى بحفظ الله تبارك وتعالى إيّاه ،
كذلك بنو اميّة وبنو العبّاس ، لمّا وقفوا على أنّ زوال ملك الامراء والجبابرة
منهم على يد القائم منّا ، ناصبونا العداوة ، ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وإبادة نسله طلبا (طمعا خ) منهم في الوصول إلى قتل
القائم ، ويأبى الله عزوجل أن يكشف أمره لواحد من الظلمة ، إلّا أن يتمّ نوره ولو
كره المشركون.
وأمّا غيبة
عيسى عليهالسلام ، فإنّ اليهود والنصارى اتّفقت على أنّه قتل ، فكذّبهم
الله عزّ ذكره ، يقول عزوجل : (وَما قَتَلُوهُ وَما
صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) كذلك غيبة القائم عليهالسلام فإنّ الامّة ستنكرها لطولها ، فمن قائل بغير هدى بأنّه
لم يولد ، وقائل يقول انّه ولد ومات ، وقائل يكفر بقوله أنّ حادي عشرنا كان عقيما
، وقائل يمرق بقوله أنّه يتعدّى إلى ثالث عشر ، وما عدا ، وقائل يعصي الله عزوجل بقوله أنّ روح القائم تنطق في هيكل غيره.
وأمّا إبطاء
نوح عليهالسلام ، فإنّه لمّا استنزل العقوبة على قومه من السماء ، بعث
الله تبارك وتعالى جبرئيل الروح الأمين معه سبع نوايات ، فقال : يا نبيّ الله ،
إنّ الله تبارك وتعالى يقول لك : إنّ هؤلاء خلائقي وعبادي ، لست أبيدهم بصاعقة من
صواعقي إلّا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجّة ، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك ،
فإنّي مثيبك عليه ، واغرس هذا النوى ، فإنّ لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا
أثمرت الفرج والخلاص ؛ فبشّر بذلك من اتّبعك من المؤمنين.
__________________
فلمّا نبتت
الأشجار وتأزّرت وتشرفّت (وتشوّقت خ) واعتصبت ، وزهر الثمر عليها بعد زمن طويل ،
استنجز من الله سبحانه وتعالى العدة ، فأمره الله تبارك وتعالى أن يغرس نوى تلك
الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ، ويؤكّد الحجّة على قومه ، فأخبر بذلك الطوائف
الّتي آمنت به ، فارتدّ منهم ثلاثمائة رجل ، وقالوا : لو كان ما يدّعيه نوح حقّا ،
لما وقع في وعد ربّه خلف ، ثمّ إنّ الله تبارك وتعالى لم يزل يأمره عند كلّ مرّة
بأن يغرسها مرّة بعد اخرى ، إلى أن غرسها سبع مرّات ، فما زالت تلك الطوائف من
المؤمنين ترتدّ منهم طائفة بعد طائفة ، إلى أن عاد إلى نيّف وسبعين رجلا ، فأوحى
الله تبارك وتعالى عند ذلك إليه ، وقال : يا نوح الآن أسفر الصبح عن الليل بعينك ،
حين صرّح الحقّ عن محضه ، وصفى من الكدر بارتداد من كانت طينته خبيثة فلو أنّي
أهلكت الكفّار وأبقيت من قد ارتدّ من الطوائف الّتي كانت آمنت بك ، لما كنت صدقت
وعدي السابق للمؤمنين الّذين أخلصوا التوحيد من قومك ، واعتصموا بحبل نبوّتك ،
فإنّي أستخلفهم في الأرض وأمكّن لهم دينهم ، وابدّل خوفهم بالأمن ، لكي تخلص
العبادة لي بذهاب الشرك من قلوبهم ، وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبذل الأمن منّي
لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الّذين ارتدّوا وخبث طينتهم وسوء سرائرهم الّتي
كانت نتائج النفاق وشيوخ الضلالة ، فلو أنّهم تنسّموا من الملك الّذي اوتي
المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعدائهم ، لنشقوا روائح صفاته ، ولاستحكمت سرائر
نفاقهم ، وتأبّد خبالة ضلالة قلوبهم ، ولكاشفوا اخوانهم بالعداوة ، وحاربوهم على
طلب الرئاسة ، والتفرّد بالأمر والنهي ، وكيف يمكن التمكين في الدّين وانتشار
الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب ، كلّا فاصنع الفلك بأعيننا
ووحينا. قال الصادق عليهالسلام : وكذلك القائم عليهالسلام ، فإنّه يمتدّ أيّام غيبته ليصرح الحقّ عن محضه ، ويصفو
الإيمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة من الشيعة الّذين يخشى عليهم
النفاق إذا أحسّوا بالاستخلاف والتمكين والأمر المنتشر في عهد القائم عليهالسلام.
قال المفضّل :
فقلت : يا ابن رسول الله ، فإنّ هذه النواصب تزعم أنّ هذه الآية نزلت في أبي بكر
وعمر وعثمان وعليّ عليهالسلام.
فقال : لا يهدي
الله قلوب الناصبة ، متى كان الدّين الّذي ارتضاه الله ورسوله متمكّنا بانتشار
الأمر في الامّة وذهاب الخوف من قلوبها ، وارتفاع الشكّ من صدورها في عهد واحد من
هؤلاء وفي عهد عليّ عليهالسلام مع ارتداد المسلمين والفتن الّتي كانت من الكفّار. ثمّ
تلا الصادق عليهالسلام : (حَتَّى إِذَا
اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا). وأمّا العبد الصالح الخضر عليهالسلام ، فإنّ الله تبارك وتعالى ما طوّل عمره لنبوّة قدرها له
، ولا لكتاب ينزل عليه ، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء ، ولا
لأمّة يلزمهم عباده الاقتداء بها ، ولا لطاعة يفرضها له ، بلى إنّ الله تبارك
وتعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدّر من عمر القائم عليهالسلام في أيّام غيبته ما يقدّر ، علم ما يكون من إنكار عباده
مقدار ذلك العمر في الطول ، طوّل عمر العبد الصالح من غير سبب أوجب ذلك ، إلّا
لعلّة الاستدلال به على عمر القائم عليهالسلام ، ولينقطع بذلك حجّة المعاندين ، لئلّا يكون للناس على
الله حجّة .
٥٨٠ ـ روى
الطبرسيّ في حديث عن أمير المؤمنين عليهالسلام يذكر فيه من تقدّم عليه ، فقال عليهالسلام : مثل ما أتوه من الاستيلاء على أمر الامّة كلّ ذلك
ليتمّ النظرة الّتي أوجبها الله تبارك وتعالى لعدوّه إبليس إلى أن يبلغ الكتاب
أجله ، ويحقّ القول على الكافرين ، ويقترب الوعد الحقّ الّذي بينه الله في كتابه
بقوله : (وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) وذلك إذا لم يبق من الإسلام إلّا اسمه ، ومن القرآن
إلّا رسمه ، وغاب صاحب الأمر بإيضاح العذر له في ذلك ، لاشتمال الفتنة على القلوب
، حتّى يكون أقرب الناس اليه أشدّ عداوة له ، وعند ذلك يؤيّده الله بجنود لم يروها
، ويظهر دين نبيّه صلىاللهعليهوآله على يديه على الدّين كلّه ولو كره المشركون .
٥٨١ ـ روى
العلّامة المجلسيّ رضوان الله عليه ، قال : روى الصفوانيّ في كتابه عن صفوان :
أنّه لمّا طلب المنصور أبا عبد الله عليهالسلام ، توضّأ وصلّى ركعتين ثمّ سجد سجدة الشكر وقال : اللهمّ
إنّك وعدتنا على لسان نبيّك محمّد صلىاللهعليهوآله ووعدك الحقّ ، أنّك تبدلنا من بعد
__________________
خوفنا أمنا ، اللهمّ فأنجز لنا ما وعدتنا إنّك لا تخلف الميعاد. قال : قلت
له : يا سيّدي فأين وعد الله لكم؟ فقال عليهالسلام : قول الله عزوجل : (وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ) الآية.
وروي أنّه تلي
بحضرته عليهالسلام : (وَنُرِيدُ أَنْ
نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) الآية ، فهملتا عيناه عليهالسلام وقال : نحن والله المستضعفون .
٥٨٢ ـ روى
النعمانيّ ؛ عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : إذا كان ليلة الجمعة أهبط الربّ تعالى ملكا إلى
السماء الدنيا ، فإذا طلع الفجر جلس ذلك الملك على العرش فوق البيت المعمور ، ونصب
لمحمّد وعليّ والحسن والحسين : منابر من نور ، فيصعدون عليها وتجمع لهم الملائكة
والنبيّون والمؤمنون ، وتفتح أبواب السماء ، فإذا زالت الشمس قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا ربّ ميعادك الّذي وعدت به في كتابك ، وهو هذه
الآية : (وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْناً) ثمّ يقول الملائكة والنبيّون مثل ذلك ، ثمّ يخرّ محمّد
وعليّ والحسن والحسين سجّدا ، ثمّ يقولون : يا ربّ اغضب ، فإنّه قد هتك حريمك ،
وقتل أصفياؤك ، واذلّ عبادك الصالحون ، فيفعل الله ما يشاء ، وذلك يوم معلوم .
٥٨٣ ـ روى
العلّامة الطبرسيّ رحمة الله عليه ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، أنّه قال : لم يجئ تأويل هذه الآية ، ولو قام قائمنا
بعد ، سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية ، وليبلغنّ دين محمّد صلىاللهعليهوآله ما بلغ الليل ، حتّى لا يكون مشرك على ظهر الأرض ، كما
قال الله تعالى : (يَعْبُدُونَنِي لا
يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً).
٥٨٤ ـ روى
الطوسيّ رحمهالله بإسناده عن إسحاق بن عبد الله بن عليّ بن الحسين ، في
هذه الآية : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ
وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) قال : قيام القائم عليهالسلام من آل
__________________
محمّد صلىاللهعليهوآله ؛ قال : وفيه نزلت : (وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) قال : نزلت في المهديّ عليهالسلام .
٥٨٥ ـ روى عليّ
بن إبراهيم القمّي في تفسيره لهذه الآية ، قال : نزلت في القائم من آل محمّد صلىاللهعليهوآله .
__________________
سورة الفرقان
الآية الاولى
قوله تعالى : (بَلْ كَذَّبُوا
بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً).
٥٨٦ ـ محمّد بن
إبراهيم النعمانيّ ، في كتاب الغيبة بإسناده عن أبي الصامت ، قال :
قال أبو عبد
الله جعفر بن محمّد عليهالسلام : الليل اثنتا عشرة ساعة ، والنهار اثنتا عشرة ساعة ،
والشهور اثنا عشر شهرا ، والأئمّة اثنا عشر إماما ، والنقباء اثنا عشر نقيبا ،
وانّ عليا عليهالسلام ساعة من اثنى عشرة ساعة ، وهو قول الله عزوجل : (بَلْ كَذَّبُوا
بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً).
٥٨٧ ـ عنه ،
بإسناده عن المفضّل بن عمر ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما معنى قول الله عزوجل : (بَلْ كَذَّبُوا
بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً).
فقال لي :
إنّ الله خلق
السنة اثنى عشر شهرا ، وجعل الليل اثنتى عشرة ساعة ، وجعل النهار اثنى عشرة ساعة ،
ومنّا اثنى عشر محدّثا ، وكان أمير المؤمنين عليهالسلام ساعة من تلك الساعات .
__________________
٥٨٨ ـ عليّ بن
إبراهيم بإسناده عن أبي الصامت ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام :
إنّ الليل
والنهار اثنتا عشرة ساعة ، وانّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام أشرف ساعة من اثنتى عشرة ساعة ، وهو قول الله تعالى : (بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ
وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً).
أقول : ينصّ
الحديث الشريف على أنّ الإمام المهديّ عليهالسلام هو أحد الساعات ، وأنّ المكذّب به سيصلى سعيرا حسب
الوعد الإلهيّ الّذي لا يتخلّف.
الآية الثانية
قوله تعالى : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ
الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً).
٥٨٩ ـ روى
محمّد بن العبّاس بإسناده عن عليّ بن أسباط ، قال : روى أصحابنا في قول الله عزوجل : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ
الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ) قال : إنّ الملك للرحمن اليوم وقبل اليوم وبعد اليوم ،
ولكن إذا قام القائم عليهالسلام ، لم يعبد إلّا الله عزوجل .
الآية الثالثة
قوله سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي
خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ
قَدِيراً).
٥٩٠ ـ روى ابن
شهرآشوب ؛ عن ابن عبّاس ، وابن مسعود ، وجابر والبراء ، وأنس ، وام سلمة ، والسدي
، وابن سيرين ، في قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي
خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً) قالوا : قال الإمام الباقر عليهالسلام : هو محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام ، (وَكانَ رَبُّكَ
قَدِيراً) القائم في آخر الزمان ، لأنّه لم يجتمع نسب وسبب في
الصحابة والقرابة إلّا له ، فلأجل ذلك استحقّ الميراث بالنسب والسبب .
الآية الرابعة
قوله سبحانه : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ
الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ
قالُوا سَلاماً* وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً*
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها
كانَ غَراماً* إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً).
٥٩١ ـ روى فرات
بن إبراهيم الكوفيّ ، عن محمّد بن القاسم بن عبيد معنعنا ، عن أبي
__________________
عبد الله عليهالسلام في قوله تبارك وتعالى : (الَّذِينَ يَمْشُونَ
عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) ـ إلى قوله : ـ (حَسُنَتْ
مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) ثلاث عشرة آية ، قال :
هم الأوصياء
يمشون على الأرض هونا ، فإذا قام القائم عرفوا كلّ نصب عليه ، فإن أقرّ بالإسلام
وهي الولاية ، وإلّا ضربت عنقه ، أو أقرّ بالجزية فأدّاها كما يؤدّي أهل الذمّة .
__________________
سورة الشعراء
الآية الاولى
قوله عزوجل : (إِنْ نَشَأْ
نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ).
بعض علامات الظهور
٥٩٢ ـ وأسند
إلى أبي جعفر عليهالسلام : آيتان تكونان قبل القائم كسوف الشمس في نصف الشهر ،
والقمر في آخره ، فتعجّب السامع ، فقال : أنا أعلم بما قلت ، إنّهما آيتان لم
تكونا منذ هبط آدم عليهالسلام .
٥٩٣ ـ روى عليّ
بن إبراهيم في تفسيره ، بإسناده عن هشام ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ضع رقابهم ، يعني بني اميّة ، وهي الصيحة من
السماء باسم صاحب الأمر عليهالسلام .
٥٩٤ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن داود الدّجاجيّ ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهالسلام قال : سئل أمير المؤمنين عليهالسلام عن قوله تعالى : (فَاخْتَلَفَ
الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) فقال : انتظروا الفرج من ثلاث ، فقيل : يا أمير
المؤمنين وما هنّ؟ فقال : اختلاف أهل الشام بينهم ، والرايات السود من خراسان ،
والفزعة في شهر رمضان ، فقيل : وما الفزعة في شهر رمضان؟ فقال :
أو ما سمعتم
قول الله عزوجل في القرآن : (إِنْ نَشَأْ
نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ
__________________
لَها
خاضِعِينَ) هي آية تخرج الفتاة من خدرها ، وتوقظ النائم ، وتفزع
اليقظان .
٥٩٥ ـ محمّد بن
يعقوب ، بإسناده عن عمر بن حنظلة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : خمس علامات قبل قيام القائم عليهالسلام : الصيحة ، والسفيانيّ ، والخسف ، وقتل النفس الزكيّة ،
واليمانيّ ، فقلت : جعلت فداك ، فإن خرج أحد أهل بيتك قبل هذه العلامات ، أنخرج
معه؟ قال : لا ، قال : فلمّا كان من الغد ، تلوت هذه الآية : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ
السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) فقلت له : أهي الصيحة؟ فقال : أما لو كانت ، خضعت أعناق
أعداء الله عزوجل .
٥٩٦ ـ محمّد بن
ابراهيم النعمانيّ بإسناده عن عبد الله بن سنان ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام ، فسمعت رجلا من همدان يقول : إنّ العامّة يعيّرونا
ويقولون لنا : انّكم تزعمون أنّ مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر ،
وكان متكيا فغضب وجلس ، ثمّ قال : لا ترووه عنّي وارووه عن أبي ولا حرج عليكم في
ذلك ، أشهد أنّي قد سمعت أبي عليهالسلام يقول : والله إنّ ذلك في كتاب الله عزوجل لبيّن ، حيث يقول : (إِنْ نَشَأْ
نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) ولا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلّا خضع وذلّت رقبته لها
، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء : ألا إنّ الحقّ في عليّ بن أبي طالب
وشيعته ، فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء حتّى يتوارى عن أهل الأرض ، ثمّ
ينادي : ألا إنّ الحقّ في عثمان بن عفّان وشيعته فإنّه قتل مظلوما ، فاطلبوا بدمه
، قال : (يُثَبِّتُ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) على الحقّ وهو النداء الأوّل ، ويرتاب يومئذ الّذين في
قلوبهم مرض ، والمرض ـ والله ـ عداوتنا ، فعند ذلك يتبرّءون منّا ويتناولونا ،
فيقولون : إنّ المنادي الأوّل سحر من سحر أهل هذا البيت ، ثمّ تلا أبو عبد الله عليهالسلام : (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً
يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ).
وعنه بإسناده
عن عبد الصمد بن بشير مثله سواء بلفظه .
__________________
٥٩٧ ـ وروى
نعيم بإسناده عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : ينادي مناد من السماء : ألا إنّ الحقّ في آل
محمّد صلىاللهعليهوآله ، وينادي مناد من الأرض : ألا إنّ الحقّ في آل عيسى ـ
أو قال : العبّاس ، أنا أشكّ فيه ـ وإنّما الصوت الأسفل من الشيطان يلبّس على
الناس .
٥٩٨ ـ وروى
النعمانيّ بإسناده عن فضيل بن محمّد مولى محمّد بن راشد الحلبي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : أما إنّ النداء من السماء باسم القائم في
كتاب الله لبيّن ، فقلت : وأين هو أصلحك الله؟ فقال : في (طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) قوله : (إِنْ نَشَأْ
نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) قال : إذا اصبحوا سمعوا الصوت أصبحوا وكأنّما على
رءوسهم الطير .
٥٩٩ ـ وروى
السيّد ابن طاوس عن نعيم بإسناده عن عليّ عليهالسلام قال : بعد الخسف ينادي مناد من السماء : إنّ الحقّ في
آل محمّد ، في أوّل النهار ، ثمّ ينادي مناد في آخر النهار : إنّ الحقّ في ولد
عيسى ، وذلك نخوة من الشيطان .
٦٠٠ ـ محمّد بن
العبّاس بإسناده عن طريق العامة ، عن الكلبيّ ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس في
قوله عزوجل : (إِنْ نَشَأْ
نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) قال : هي نزلت فينا وفي بني اميّة ، يكون لنا دولة تذلّ
أعناقهم لنا بعد صعوبة ، وهوان بعد عزّ .
٦٠١ ـ وعنه ،
بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : (إِنْ نَشَأْ
نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) قال : نزلت في قائم آل محمّد صلىاللهعليهوآله ينادى باسمه من السماء .
٦٠٢ ـ وروي
بالإسناد عن أبي الورد ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (إِنْ نَشَأْ
نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً) قال : النداء من السماء باسم رجل وأبيه .
٦٠٣ ـ روى
الشيخ المفيد ؛ بإسناده عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول في
__________________
قوله تعالى شأنه : (إِنْ نَشَأْ
نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) قال : سيفعل الله ذلك لهم ، قلت : ومن هم؟ قال : بنو
اميّة وشيعتهم ، قلت : وما الآية؟ قال : ركود الشمس ما بين زوال الشمس إلى وقت
العصر ، وخروج صدر الرجل ووجه في عين الشمس يعرف بحسبه ونسبه ، وذلك في زمان
السفياني ، وعندها يكون بواره وبوار قومه .
٦٠٤ ـ روى
الطوسي ؛ بإسناده عن الحسن بن زياد الصيقل ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن
محمّد عليهماالسلام يقول : إنّ القائم لا يقوم حتّى ينادي مناد من السماء
يسمع الفتاة في خدرها ويسمع أهل المشرق والمغرب ، وفيه نزلت هذه الآية : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ
السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ).
٦٠٥ ـ روى
الشيخ الصدوق بإسناده عن الحسين بن خالد ، قال : قال عليّ بن موسى الرضا عليهماالسلام : لا دين لمن لا ورع له ، ولا إيمان لمن لا تقيّة له ،
إنّ أكرمكم عند الله أعملكم بالتقيّة ، فقيل له : يا ابن رسول الله إلى متى؟ قال :
إلى يوم الوقت المعلوم ، وهو يوم خروج قائمنا أهل البيت ، فمن ترك التقيّة قبل
خروج قائمنا فليس منّا.
فقيل له : يا
ابن رسول الله ومن القائم منكم أهل البيت؟
قال : الرابع
من ولدي ، ابن سيّدة الإماء ، يطهّر الله به الأرض من كلّ جور ، ويقدّسها من كلّ
ظلم. (وهو) الّذي يشكّ الناس في ولادته ، وهو صاحب الغيبة قبل خروجه ، فإذا خرج
أشرقت الأرض بنوره ، ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحدا. وهو الّذي
تطوى له الأرض ، ولا يكون له ظلّ. وهو الّذي ينادي مناد من السماء يسمعه جميع أهل
الأرض بالدعاء إليه يقول : ألا إنّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله فاتّبعوه ، فانّ
الحقّ معه وفيه. وهو قول الله عزوجل : (إِنْ نَشَأْ
نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ).
٦٠٦ ـ روى
العلّامة الطبرسيّ رحمهالله عن أبي حمزة الثمالي في هذه الآية : أنّها صوت يسمع
__________________
من السماء في النصف من شهر رمضان وتخرج له العوائق من البيوت .
٦٠٧ ـ روى
السيّد ابن طاوس رحمهالله عن ابن مسعود ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : إذا كانت صيحة في رمضان ، فانّها تكون معمعة
في شوّال ، وتميّز القبائل في ذي القعدة ، وتسفك الدماء في ذي الحجّة ، والمحرّم
وما المحرّم؟ يقولها ثلاثا ، هيهات هيهات ، يقتل الناس فيها هرجا هرجا. قلنا : وما
الصيحة يا رسول الله؟ قال : هدّة في النصف من رمضان يوم جمعة ضحى ، وذلك إذا وافق
شهر رمضان ليلة الجمعة ، فتكون هدّة توقظ النائم ، وتقعد القائم ، وتخرج العواتق
من خدورهنّ في ليلة جمعة ، فإذا صلّيتم الفجر من يوم الجمعة ، فادخلوا بيوتكم
وأغلقوا أبوابكم ، وسدّوا كواكم ، ودثّروا أنفسكم ، وسدّوا آذانكم ، فإذا أحسستم
بالصيحة ، فخرّوا لله سجّدا وقولوا : «سبحان القدّوس ربّنا القدّوس» فإنّه من فعل
ذلك نجا ومن لم يفعل هلك .
٦٠٨ ـ وروى
السيّد ابن طاوس ؛ عن شهر بن حوشب ، قال : بلغني أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : يكون في رمضان صوت ، وشوال مهمهة (معمعة) ، وفي
ذي القعدة تتحارب القبائل ، وفي ذي الحجّة ينتهب الحاج ، وفي المحرّم ينادي مناد
من السماء : ألا إنّ صفوة الله من خلقه فلان ، فاسمعوا له وأطيعوا .
٦٠٩ ـ وروى
السيّد عن نعيم في كتاب الفتن بسنده عن كثير بن مرّة الحضرمي ، قال : آية الحدثان
في رمضان علامة في السماء يكون بعدها اختلاف الناس ، فإن أدركتها فأكثر من الطعام
ما استطعت .
٦١٠ ـ وروى
السيّد عن نعيم بسنده عن سعيد بن المسيّب ، قال : تكون بالشام فتنة كلّما سكنت من
جانب ، طمّت من جانب ، فلا تتناهى حتّى ينادي مناد من السماء : إنّ أميركم فلان .
٦١١ ـ وروى
السيّد رحمهالله عن نعيم بسنده عن عليّ عليهالسلام ، قال : إذا نادى مناد من السماء إنّ
__________________
الحقّ في آل محمّد ، فعند ذلك يظهر المهديّ على أفواه الناس ، ويشربون حبّه
، فلا يكون لهم ذكر غيره .
٦١٢ ـ وروى
السيّد ابن طاوس عن نعيم ، بسنده عن سلمة بن أبي سلمة ، عن شهر بن حوشب ، قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «في المحرم ينادي مناد من السماء : ألا إنّ صفوة الله
من خلقه فلان فاسمعوا له وأطيعوا ، في سنة الصوت والمعمعة» .
٦١٣ ـ وروى
بإسناده عن الزهري ، قال : إذا التقى السفيانيّ والمهديّ للقتال يومئذ يسمع صوت من
السماء : ألا إنّ أولياء الله أصحاب فلان ، يعني : المهديّ. قال الزهري : قالت
أسماء بنت عميس : إنّ أمارة ذلك أنّ كفّا من السماء مدلّاة ينظر إليها الناس .
٦١٤ ـ وروى
بإسناده عن الزهريّ ، قال : يخرج المهديّ من مكّة بعد الخسف في ثلاثمائة وأربعة
عشر رجلا عدّة أهل بدر ، فيلتقي هو وصاحب جيش السفيانيّ ، وأصحاب المهديّ يومئذ
جنّتهم البراذع ، وقال : إنّه يسمع يومئذ صوت من السماء ، مناديا ينادي : ألا إنّ
أولياء الله أصحاب فلان ـ يعني المهديّ ـ فتكون الدبرة على أصحاب السفيانيّ
فيقتلون ، لا يبقى منهم إلّا الشريد ، فيهربون إلى السفيانيّ فيخبرونه ، ويخرج
المهديّ إلى الشام ، ويتلقّى السفيانيّ المهديّ ببيعته ، ويتسارع الناس إليه من
كلّ وجه ، ويملأ الأرض عدلا .
الآية الثانية
قوله عزوجل : (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ
لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ).
٦١٥ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن المفضّل ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إنّ لصاحب هذا الأمر غيبة يقول فيها : (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ
فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ).
الآية الثالثة
قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ إِنْ
مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ* ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ* ما
__________________
أَغْنى
عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ).
٦١٦ ـ روى
محمّد بن العبّاس بإسناده عن معلّى بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله عزوجل : (أَفَرَأَيْتَ إِنْ
مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ* ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ) قال : خروج القائم عليهالسلام ، (ما أَغْنى عَنْهُمْ
ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) قال : هم بنو اميّة الّذين متّعوا في دنياهم .
الآية الرابعة
قوله تعالى : (وَسَيَعْلَمُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
٦١٧ ـ الشيخ
الصدوق ، بإسناده عن الحسين بن خالد ، عن عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام ، عن أبيه ، عن آبائه عليهمالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أحبّ أن يتمسّك بديني ويركب سفينة النجاة بعدي ،
فليقتدي بعليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، وليعاد عدوّه ، وليوال وليه ، فإنّه (خليفتي) ووصيّي
، وخليفتي على أمّتي في حياتي وبعد وفاتي ، وهو أمير (إمام) كلّ مسلم ، وأمير كلّ
مؤمن بعدي ، قوله قولي ، وأمره أمري ، ونهيه نهيي ، وتابعه تابعي ، وناصره ناصري ،
وخاذله خاذلي.
ثمّ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : من فارق عليّا بعدي ، لم يرني ولم أره يوم القيامة ،
ومن خالف عليّا حرّم الله عليه الجنّة وجعل مأواه النار وبئس المصير ، ومن خذل
عليّا خذله الله يوم يعرض عليه ، ومن نصر عليّا نصره الله يوم يلقاه ، ولقّنه حجته
عند المنازلة (المسائلة).
ثمّ قال صلوات
الله عليه وآله : والحسن والحسين إماما أمتي بعد أبيهما ، وسيّدا شباب أهل الجنّة
، وأمّهما سيّدة نساء العالمين ، وأبوهما سيّد الوصيّين ، ومن ولد الحسين تسعة
أئمّة ، تاسعهم القائم عليهالسلام من ولدي ، طاعتهم طاعتي ، ومعصيتهم معصيتي ، إلى الله
أشكو المنكرين لفضلهم ، والمضيّعين لحقّهم (لحرمتهم) بعدي ، وكفى بالله وليّا ،
وكفى بالله نصيرا (وناصرا) لعترتي وأئمّة أمّتي ، ومنتقما من الجاحدين لحقّهم (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ
مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
٦١٨ ـ روى
الشيخ الصدوق بإسناده عن هشام بن سالم ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن
جدّه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : القائم من ولدي اسمه اسمي ، وكنيته
__________________
كنيتي ، وشمائله شمائلي ، وسنّته سنتي ، يقيم الناس على ملّتي وشريعتي ،
ويدعوهم إلى كتاب ربّي عزوجل ، من أطاعه فقد أطاعني ، ومن عصاه فقد عصاني ، ومن
أنكره في غيبته فقد أنكرني ، ومن كذّبه فقد كذّبني ، ومن صدّقه فقد صدّقني ، إلى
الله أشكو المكذّبين لي في أمره ، والجاحدين لقولي في شأنه ، والمضلّين لأمّتي عن
طريقته ، (وَسَيَعْلَمُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ).
__________________
سورة النمل
الآية الاولى
قوله عزوجل : (وَلَقَدْ آتَيْنا
داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى
كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ).
٦١٩ ـ روى
العلّامة عليّ بن إبراهيم القمّي ؛ في الآية الكريمة ، قال :
أعطي داود
وسليمان ما لم يعط أحدا من انبياء الله من الآيات ، علّمهما منطق الطير ، وألان
لهما الحديد والصفر من غير نار ، وجعلت الجبال يسبّحن مع داود ، وأنزل الله عليه
الزبور فيه توحيد وتمجيد ودعاء وأخبار رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأمير المؤمنين عليهالسلام ، والأئمّة عليهمالسلام ، من ذرّيتهما عليهماالسلام ، وأخبار الرجعة ، والقائم عليهالسلام ، لقوله : (وَلَقَدْ كَتَبْنا
فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ
الصَّالِحُونَ).
الآية الثانية
قوله عزوجل : (قُلِ الْحَمْدُ
لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللهُ خَيْرٌ أَمَّا
يُشْرِكُونَ).
٦٢٠ ـ روى
العلّامة ابن شهرآشوب ؛ عن ابن عبّاس في قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ
وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) قال : هم أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : عليّ بن أبي طالب وفاطمة ،
__________________
والحسن والحسين عليهمالسلام وأولادهم إلى يوم القيامة ، هم صفوة الله وخيرته من
خلقه .
الآية الثالثة
قوله عزوجل : (أَمَّنْ يُجِيبُ
الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ
مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ).
٦٢١ ـ روى
النعمانيّ رحمهالله بإسناده عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، في قوله تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ
الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) ، قال : نزلت في القائم عليهالسلام ، وكان جبرئيل عليهالسلام على الميزاب في صورة طير أبيض ، فيكون أوّل خلق الله
مبايعة له ـ أعني جبرئيل ـ ويبايعه الناس الثلاثمائة وثلاثة عشر ، فمن كان ابتلي
بالمسير ، وافى تلك الساعة ، ومن (لم يبتل بالمسير) فقد من فراشه ، وهو قول أمير
المؤمنين عليّ عليهالسلام : «المفقودون من فرشهم» وهو قول الله عزوجل : (فَاسْتَبِقُوا
الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) قال : الخيرات الولاية لنا أهل البيت .
٦٢٢ ـ وروى
محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم في كتاب «علل الأشياء» في قوله تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا
دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) ، قال ، قال الصادق عليهالسلام : هو والله القائم إذا قام في الكعبة وصلّى ركعتين ودعا
الله ، فهذا ممّا لم يكن بعد ، وسيكون إن شاء الله .
٦٢٣ ـ روى
محمّد بن العبّاس بإسناده عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : إنّ القائم إذا خرج ، دخل المسجد الحرام
فيستقبل الكعبة ويجعل ظهره إلى المقام ثمّ يصلّي ركعتين ، ثمّ يقوم فيقول :
يا أيّها الناس
أنا أولى الناس بآدم ، يا أيّها الناس أنا أولى الناس بإبراهيم ، يا أيّها الناس
أنا أولى الناس بإسماعيل ، يا أيّها الناس أنا أولى الناس بمحمّد صلىاللهعليهوآله ، ثمّ يرفع يديه إلى السماء فيدعو ويتضرّع حتّى يقع على
وجهه ، وهو قوله عزوجل : (أَمَّنْ يُجِيبُ
الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ
مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ).
__________________
٦٢٤ ـ
وبالإسناد عن ابن عبد الحميد ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل : (أَمَّنْ يُجِيبُ
الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) ، قال : هذا نزلت في القائم عليهالسلام إذا خرج تعمّم وصلّى عند المقام وتضرّع إلى ربّه ، فلا
تردّ له راية أبدا .
٦٢٥ ـ وفي
تفسير عليّ بن إبراهيم في قوله تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ
الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) روى بإسناده عن صالح بن عقبة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : نزلت في القائم عليهالسلام ، هو والله المضطرّ إذا صلّى في المقام ركعتين ودعا
الله فأجابه ، ويكشف السوء ويجعله خليفة في الأرض .
٦٢٦ ـ روى
محمّد بن إبراهيم النعمانيّ بإسناده عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي جعفر محمّد بن
عليّ عليهالسلام ، أنّه قال : يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه
الشعاب ـ وأومى بيده إلى ناحية ذي طوى ـ حتّى إذا كان قبل خروجه ، انتهى المولى
الّذي معه حتّى يلقى بعض أصحابه ، فيقول : كم أنتم هاهنا؟ فيقولون : نحوا من
أربعين رجلا ، فيقول : كيف أنتم إذا رأيتم صاحبكم؟ فيقولون : والله لو ناوى الجبال
لناويناها معه ، ثمّ يأتيهم من القابلة فيقول : أشيروا إلى رؤسائكم وأخياركم عشرة
، فيشيرون له إليهم ، فينطلق بهم حتّى يلقوا صاحبهم ويعدهم الليلة الّتي تليها.
ثمّ قال أبو
جعفر عليهالسلام : والله لكأنّي انظر إليه وقد أسند ظهره إلى الحجر ،
فينشد الله حقّه ، ثمّ يقول : يا أيّها الناس من يحاجّني في الله فأنا أولى الناس
بالله ، أيّها الناس من يحاجّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم ، أيّها الناس من
يحاجّني في نوح فأنا أولى الناس بنوح ، أيّها الناس من يحاجّني في إبراهيم فأنا
أولى الناس بإبراهيم ، أيّها الناس من يحاجّني في موسى فأنا أولى الناس بموسى ،
أيّها الناس من يحاجّني بعيسى فأنا أولى الناس بعيسى ، أيّها الناس من يحاجّني
بمحمّد صلىاللهعليهوآله فأنا أولى الناس بمحمّد صلىاللهعليهوآله ، أيّها الناس من يحاجّني بكتاب الله فأنا أولى الناس
بكتاب الله ، ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي عنده ركعتين وينشد الله حقّه.
ثمّ قال أبو
جعفر عليهالسلام : وهو والله المضطرّ الّذي يقول : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا
دَعاهُ
__________________
وَيَكْشِفُ
السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) فيه نزلت .
٦٢٧ ـ روى عليّ
بن إبراهيم بإسناده عن صالح بن عقبة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : نزلت في القائم من آل محمّد عليهمالسلام ، هو والله المضطرّ إذا صلّى في المقام ركعتين ودعا
الله فأجابه ، ويكشف السوء ويجعله خليفة في الأرض .
٦٢٨ ـ عليّ بن
إبراهيم بإسناده عن أبي خالد الكابليّ ، قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : والله لكأنّي انظر إلى القائم عليهالسلام وقد أسند ظهره الى الحجر ، ثمّ ينشد الله حقّه ، ثمّ
يقول : يا أيّها الناس من يحاجّني في الله فأنا أولى بالله ، أيّها الناس من
يحاجّني في آدم فأنا أولى بآدم عليهالسلام ، يا أيّها الناس من يحاجّني في نوح فأنا أولى بنوح عليهالسلام ، أيّها الناس من يحاجّني في إبراهيم فأنا أولى
بإبراهيم عليهالسلام ، يا أيّها الناس من يحاجّني في موسى فأنا أولى بموسى عليهالسلام ، أيّها الناس من يحاجّني في عيسى فأنا أولى بعيسى عليهالسلام ، أيّها الناس من يحاجّني في رسول الله (محمّد) فأنا
أولى برسول الله (بمحمّد) صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أيّها الناس من يحاجّني في كتاب الله فأنا أولى بكتاب
الله. ثمّ ينتهي إلى المقام فيصلّي ركعتين وينشد الله حقه.
ثمّ قال أبو
جعفر عليهالسلام : هو ـ والله ـ المضطرّ في كتاب الله في قوله : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا
دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) فيكون أوّل من يبايعه جبريل ، ثمّ الثلاثمائة والثلاثة
عشر رجلا ، فمن كان ابتلي بالمسير وافى ، ومن لم يبتل بالمسير فقد من فراشه ، وهو
قول أمير المؤمنين عليهالسلام : «هم المفقودون من فرشهم» وذلك قول الله : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما
تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) قال : الخيرات الولاية .
الآية الرابعة
قوله عزوجل : (وَإِذا وَقَعَ
الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ
أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ).
__________________
خروج دابّة الأرض في آخر الزمان
٦٢٩ ـ روى
القمّيّ في تفسيره ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : قال رجل لعمّار بن ياسر : يا أبا اليقظان آية في كتاب
الله قد أفسدت قلبي وشكّكتني ، قال عمّار : وأيّ آية هي؟ قال : قول الله : (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ
أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ) الآية ، فأيّ دابّة هي؟ قال عمّار : والله ما أجلس ولا
آكل ولا أشرب حتّى اريكها ، فجاء عمّار مع الرجل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وهو يأكل تمرا وزبدا ، فقال له : يا أبا اليقظان هلمّ ،
فجلس عمّار وأقبل يأكل معه ، فتعجّب الرجل منه ، فلمّا قام عمّار قال له الرجل :
سبحان الله يا أبا اليقظان ، حلفت أنّك لا تأكل ولا تشرب ولا تجلس حتّى ترينيها؟
قال عمّار : قد أريتكها إن كنت تعقل! .
٦٣٠ ـ عن تأويل
ما نزل من القرآن في النبيّ وآله صلىاللهعليهوآله لمحمّد بن العبّاس ، بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال
: دخلت على أمير المؤمنين عليهالسلام وهو يأكل خبزا وخلّا وزيتا ، فقلت : يا أمير المؤمنين ،
قال الله عزوجل : (وَإِذا وَقَعَ
الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ
أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ) فما هذه الدابّة؟ قال : هي دابّة تأكل خبزا وخلّا وزيتا
.
٦٣١ ـ روى عليّ
بن إبراهيم القمّي في تفسيره للآية ، بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : انتهى رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وهو نائم في المسجد ، قد جمع رملا ووضع رأسه عليه ،
فحرّكه برجله ثمّ قال له : قم يا دابّة الله ، فقال رجل من أصحابه : يا رسول الله أيسمّي
بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ قال : لا والله ، ما هو إلّا له خاصة ، وهو الدابة الّتي
ذكر الله في كتابه : (وَإِذا وَقَعَ
الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ
أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ).
ثمّ قال : يا
عليّ ، إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ، ومعك ميسم تسم به أعداءك.
فقال رجل لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّ الناس يقولون هذه الدابّة إنّما تكلمهم؟ فقال أبو
عبد الله عليهالسلام : كلمهم الله في نار جهنّم ، إنّما هو يكلّمهم من
الكلام.
__________________
والدليل على
أنّ هذا في الرجعة قوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ
مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ*
حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً
أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) قال : الآيات أمير المؤمنين والأئمّة عليهمالسلام. فقال الرجل لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّ العامّة تزعم أنّ قوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ
فَوْجاً) ، عنى يوم القيامة. فقال أبو عبد الله عليهالسلام : أفيحشر الله من كلّ امّة فوجا ويدع الباقين؟ لا
ولكنّه في الرجعة ، وأمّا آية القيامة فهي : (وَحَشَرْناهُمْ
فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً).
٦٣٢ ـ روى
الصفّار رحمهالله بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : قال لي معاوية : يا
معشر الشيعة ، تزعمون أنّ عليا دابّة الأرض؟ فقلت : نحن نقول اليهود تقوله ، قال :
فأرسل إلى رأس الجالوت ، فقال : ويحك تجدون دابّة الأرض عندكم؟ فقال : نعم ، فقال
: وما هي؟ فقال : رجل ، فقال : أتدري ما اسمه؟ قال : نعم ، اسمه ايليا ، قال :
فالتفت إليّ فقال : ويحك يا أصبغ ، ما أقرب ايليا من عليّا! .
٦٣٣ ـ روى
السيّد ابن طاوس ؛ عن نعيم ، بسنده عن عبد الله عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، قال : خروج الدابّة بعد طلوع الشمس ، فإذا خرجت قتلت
الدابّة إبليس وهو ساجد ، ويتمتّع المؤمنون في الأرض بعد ذلك أربعين سنة ، لا
يتمنّون شيئا إلّا أعطوه ووجدوه ، فلا جور ولا ظلم ، وقد أسلم الأشياء لربّ
العالمين طوعا وكرها ، والمؤمنون طوعا والكفّار كرها ، والسبع والطير كرها ، حتّى أنّ
السبع لا يؤذي دابّة ولا طيرا ، ويلد المؤمن فلا يموت حتّى يتمّ أربعين سنة بعد
خروج دابة الأرض ، ثمّ يعود فيهم الموت ، فيمكثون بذلك ما شاء الله ، ثمّ يسرع
الموت في المؤمنين ، فلا يبقى مؤمن ، فيقول الكافر : قد كنّا مرعوبين من المؤمنين
، فلم يبق منهم أحد ، وليس يقبل منّا توبة ، فما لنا لا نتهارج ، فيتهارجون في
الطريق تهارج البهائم ، ثمّ يقوم أحدهم بامّه واخته وابنته ، فينكح في وسط الطريق
، يقوم عنها واحد وينزل عليها آخر لا ينكر ولا يغيّر ، فأفضلهم يومئذ من يقول : لو
تنحّيتم عن الطريق كان أحسن ، فيكونون كذلك حتّى لا يبقى أحد من أولاد النكاح ،
ويكون جميع
__________________
أهل الأرض أولاد السفاح ، فيمكثون بذلك ما شاء الله ، ثمّ يعقم الله أرحام
النساء ثلاثين سنة فلا تلد امرأة ، ولا يكون في الأرض طفل ، يكونون كلّهم أولاد
الزنا ، شرار الناس ، وعليهم تقوم الساعة .
٦٣٤ ـ وروى
السيّد ابن طاوس ؛ عن نعيم في حديث عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، قال : تخرج الدابّة معها عصا موسى وخاتم سليمان ،
فتجلو وجه المؤمن بالعصا ، وتخطم أنف الكافر بالخاتم .
٦٣٥ ـ روى
الثقة الصفّار بإسناده عن أبي الصامت الحلوانيّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث طويل جاء فيه : أنا قسيم الجنّة والنار ، لا
يدخلها داخل إلّا على أحد قسمين ، ولقد اعطيت الستّ : علم المنايا والبلايا ،
والوصايا ، والأنساب ، وفصل الخطاب ، وانّي لصاحب الكرّات ودولة الدول ، وانّي
لصاحب العصا والميسم ، والدابّة الّتي تكلّم الناس .
٦٣٦ ـ روى ابن
حمّاد عن ابن شوذب ، قال : قال عمر : لا تخرج الدابّة حتّى لا يبقى في الأرض مؤمن ،
واقرءوا إن شئتم : (وَإِذا وَقَعَ
الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ ...).
٦٣٧ ـ روى
الحافظ الديلميّ بإسناده عن حلس بن المعتمر ، عن سلمان مرفوعا : «مثل امّتي ومثل
الدابة الّتي تخرج كمثل حيّز بني ورفعت حيطانه وسدّت أبوابه ، وطرح فيه من الوحوش
كلّها ، ثمّ جيء بالأسد فطرح وسطها ، فانذعرت وأقبلت إلى النفق تلمسه من كلّ جانب
، كذلك امّتي عند خروج الدابّة ، لا يفرّ منها أحد إلّا مثّلت بين عينيه ، ولها
سلطان من ربّنا عظيم» .
٦٣٨ ـ روى
الحافظ الطيالسيّ بإسناده عن أبي سريحة ، قال : ذكر رسول الله صلىاللهعليهوآله الدابّة فقال : «لها ثلاث خرجات من الدهر ، فتخرج في
أقصى البادية ، ولا يدخل ذكرها القرية يعني مكّة ، ثمّ تكمن زمانا طويلا ، ثمّ
تخرج خرجة اخرى دون ذلك ، فيعلو ذكرها أهل
__________________
البادية ، ويدخل ذكرها القرية يعني مكّة. قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ثمّ بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة
وخيرها وأكرمها المسجد الحرام ، لم يرعهم إلّا وهي وترغو بين الركن والمقام تنفض
عن رأسها التراب ، فارفض الناس معها شتّى وقعا ، وثبت عصابة من المؤمنين وعرفوا
أنّهم لن يعجزوا الله ، فبدأت بهم فجلت وجوههم حتّى تجعلها كأنّها الكوكب الدرّيّ
، وولّت في الأرض لا يدركها طالب ، ولا ينجو منها هارب ، حتّى أنّ الرجل ليتعوّذ
منها بالصلاة ، فتأتيه من خلفه فتقول : يا فلان يا فلان الآن تصلّي؟ فيقبل عليها
فتسمه في وجهه ثمّ تنطلق. ويشترك الناس في الأموال ، ويصطحبون في الأمصار ، يعرف المؤمن
من الكافر ، حتّى أنّ المؤمن يقول : يا كافر اقضني حقّي ، وحتّى أنّ الكافر يقول :
يا مؤمن اقضني حقّي .
٦٣٩ ـ روى ابن
أبي شيبة ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة ، قال : تخرج الدابّة مرّتين قبل يوم القيامة
، حتّى يضرب فيها رجال ، ثمّ تخرج الثالثة عند أعظم مساجدكم ، فتأتي القوم وهم
مجتمعون عند رجل ، فتقول ما يجمعكم عند عدوّ الله ، فيبتدرون ، فتسم الكافر ، حتّى
أنّ الرجلين ليتبايعان فيقول هذا : خذ يا مؤمن ، ويقول هذا : خذ يا كافر .
٦٤٠ ـ روى
الطيالسيّ بإسناده عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : تخرج الدابّة ومعها خاتم سليمان عليهالسلام فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتخطم أنف الكافر بالخاتم ،
حتّى أنّ أهل الخوان ليجتمعون ، فيقول هذا : يا مؤمن وهذا : يا كافر .
٦٤١ ـ وروى
الداني عن عبد الله بن خالد بن معان ، قال ـ ولم يسنده إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله : لتخرجنّ الدابة حتّى تدخل على الناس في بيوتهم ،
فتخبرهم بأعمالهم ، حتّى تقول أنت من أهل الجنّة وأنت من أهل النار ، في وجوههم .
٦٤٢ ـ وروى
الداني أيضا بإسناده عن ابن جريح قال : حدّثت عن أنس بن مالك قال في دابة الأرض ـ
ولم يسنده إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله : إنّ فيها من كلّ امّة سيماء ، وإنّ سيماها من هذه
__________________
الامّة أنّها تتكلّم بلسان عربيّ مبين .
٦٤٣ ـ روى ابن
حمّاد بإسناده عن ابن عمر ـ ولم يسنده إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ قال : تخرج الدابّة ليلة جمع ، يسيرون إلى جمع ، فتخرج الدابّة فلا تدع
منافقا إلّا خطمته .
٦٤٤ ـ وروى
أحمد بن حنبل بإسناده عن أبي امامة ، يرفعه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : تخرج الدابّة فتسم الناس على خراطيمهم ، ثمّ
يعمّرون فيكم حتّى يشتري الرجل البعير ، فيقول ممّن اشتريته؟ فيقول : اشتريته من
أحد المخطمين .
٦٤٥ ـ وروى
الداني بإسناده عن العلاء بن زياد ، أنّ عبد الله بن عمرو قال ـ ولم يسنده إلى النبيّ
صلىاللهعليهوآله ـ لا تقوم الساعة حتّى يجتمع أهل البيت على الاناء الواحد ، فيعرفوا
مؤمنيهم من كافريهم ، قالوا : كيف ذلك؟ قال : إنّ الدابّة تخرج حين تخرج ـ وهي
دابّة الأرض ـ فتمسح كلّ إنسان على مسجده ، فأمّا المؤمن فتكون نكتة بيضاء فتفشو
في وجهه حتّى يبيض لها وجهه ، وأمّا الكافر فتكون نكتة سوداء فتفشوا في وجهه حتّى
يسودّ لها وجهه ، حتّى أنّهم يتبايعون في أسواقهم ، يقول هذا : كيف تبيع هذا يا
مؤمن؟ ويقول هذا : كيف تأخذ هذا يا كافر؟ فما يردّ بعضهم على بعض .
بيان :
يظهر من أحاديث
الشيعة الواردة في تفسير قوله تعالى : (أَخْرَجْنا لَهُمْ
دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ) أنّ ذلك يكون بعد المهديّ عليهالسلام في الرجعة ، وتذكر بعض الروايات أنّ الدابة الموعودة
بالآية هي عليّ عليهالسلام ، وأنّه يخرج بأحسن صورة خلافا للروايات المتقدّمة من
مصادر إخواننا السنّة ، الّتي يصرّح بعضها بأنّ الدابّة تتكلّم بلسان عربيّ مبين ،
وبعضها ينفي أن يكون عليّا هو الدابّة الموعودة ، وبعضها يقول أنّه عليهالسلام صاحب الدابّة وإليك نماذج منها :
٦٤٦ ـ روى
العلّامة عليّ بن إبراهيم القمّي بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : انتهى رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وهو نائم في المسجد ، قد جمع رملا
__________________
ووضع رأسه عليه ، فحرّكه برجله ، ثمّ قال : قم يا دابة الأرض ، فقال رجل من
أصحابه : يا رسول الله ، أيسمّي بعضنا بعضا بهذا الاسم؟ فقال : لا والله ما هو
إلّا له خاصّة ، وهو الدابّة الّتي ذكر الله في كتابه (وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ
أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا
بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ). ثمّ قال : يا عليّ ، إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في
أحسن صورة ومعك ميسم تسم به أعداءك .
الآية الخامسة
قوله عزوجل : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ
مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ).
٦٤٧ ـ روى عليّ
بن إبراهيم القمّي بإسناده عن حمّاد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : ما يقول الناس في هذه الآية : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ
فَوْجاً)؟ قلت : يقولون أنّها في القيامة ، قال : ليس كما يقولون
، إنّ ذلك في الرجعة ، أيحشر الله في القيامة من كلّ امّة فوجا ويدع الباقين؟
إنّما آية القيامة قوله : (وَحَشَرْناهُمْ
فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً).
٦٤٨ ـ وروى
القمّي بإسناده عن المفضّل ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، في قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ
مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) قال : ليس أحد من المؤمنين قتل إلّا يرجع حتّى يموت ،
ولا يرجع إلّا من محض الإيمان محضا ومن محض الكفر محضا .
٦٤٩ ـ روى سعد
بإسناده عن محمّد بن الطيار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ
مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) فقال : ليس أحد من المؤمنين قتل إلّا سيرجع حتّى يموت ،
ولا أحد من المؤمنين مات إلّا سيرجع حتّى يقتل .
٦٥٠ ـ سعد ،
بإسناده عن أبي بصير ، قال : قال لي أبي جعفر عليهالسلام : ينكر أهل العراق الرجعة؟ قلت : نعم ، قال : أما
يقرءون القرآن : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ
مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً).
الآية السادسة
قوله عزوجل : (وَقُلِ الْحَمْدُ
لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا
تَعْمَلُونَ).
__________________
٦٥١ ـ روى
القمّي عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (إِنَّ اللهَ قادِرٌ
عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً) : وسيريكم في آخر الزمان آيات ، منها دابّة في الأرض ،
والدجّال ونزول عيسى بن مريم عليهالسلام وطلوع الشمس من مغربها .
__________________
سورة القصص
الآية الاولى
قوله عزوجل : (وَنُرِيدُ أَنْ
نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ
فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ).
٦٥٢ ـ روي من
طريق العامة عن زاذان ، عن سلمان قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ الله تعالى لم يبعث نبيّا ولا رسولا إلّا جعل له
اثني عشر نقيبا (ثمّ ذكر أسماء الأئمّة ، إلى أن قال) ثمّ ابنه محمّد بن الحسن
المهديّ القائم بأمر الله ثمّ قال : يا سلمان ... وذلك تأويل هذه الآية : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ
اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ
الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ
وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) قال : فقمت من بين يديه وما ابالي لقيت الموت أو لقيني .
٦٥٣ ـ روى
الشيخ الطوسيّ بإسناده عن محمّد بن عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّ عليهالسلام في قوله تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ
نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) قال : هم آل محمّد ، يبعث الله مهديهم بعد جهدهم ،
__________________
فيعزّهم ويذلّ عدوّهم .
٦٥٤ ـ روى
السيّد عليّ بن عبد الحميد في كتاب الأنوار المضيئة ، بإسناده عن محمّد بن أحمد
الأيادي ، يرفعه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال : المستضعفون في الأرض المذكورون في الكتاب
الّذين يجعلهم الله أئمّة : نحن أهل البيت ، يبعث الله مهديّهم فيعزّهم ويذلّ
عدوّهم .
٦٥٥ ـ الشيباني
: روى عن الباقر والصادق عليهماالسلام أنّ فرعون وهامان هنا هما شخصان من جبابرة قريش ،
يحييهما الله تعالى عند قيام القائم من آل محمّد عليهالسلام في آخر الزمان فينتقم منهما بما أسلفا .
٦٥٦ ـ عليّ بن
إبراهيم بعد قوله : (إِنَّ فِرْعَوْنَ
عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً) ـ إلى قوله ـ (إِنَّهُ كانَ مِنَ
الْمُفْسِدِينَ) قال : فأخبر الله نبيّه صلىاللهعليهوآله بما لقى موسى وأصحابه من فرعون من القتل والظلم ليكون
تعزية له فيما يصيبه في أهل بيته من امّته ، ثمّ بشّره بعد تعزيته أنّه يتفضّل
عليهم بعد ذلك ويجعلهم خلفاء في الأرض وأئمّة على امّته ، ويردّهم إلى الدنيا مع
أعدائهم حتّى ينتصفوا منهم .
٦٥٧ ـ وروى
الشيخ الصدوق ؛ بإسناده عن المفضّل بن عمر ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله نظر إلى عليّ والحسن والحسين عليهمالسلام فبكى وقال : أنتم المستضعفون بعدي ، قال المفضّل : فقلت
له : ما معنى ذلك يا ابن رسول الله؟ قال : معناه أنّكم الأئمّة بعدي ، إنّ الله عزوجل يقول : (وَنُرِيدُ أَنْ
نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) فهذه الآية جارية فينا إلى يوم القيامة .
٦٥٨ ـ محمّد بن
العبّاس ، بإسناده عن ربيعة بن ناجد ، قال : سمعت عليّا في هذه الآية وقرأها ،
قوله عزوجل : (وَنُرِيدُ أَنْ
نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) وقال : لتعطفنّ هذه الدنيا على أهل البيت كما تعطف
الضروس على ولدها .
__________________
٦٥٩ ـ وقال :
بإسناده عن أبي صالح ، عن عليّ عليهالسلام ، كذا قال في قوله عزوجل : (وَنُرِيدُ أَنْ
نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لتعطفنّ علينا هذه
الدنيا كما تعطف الضروس على ولدها.
والضروس الناقة
يموت ولدها أو يذبح ويحشى جلده ، فتدنو منه فتعطف عليه .
٦٦٠ ـ الشيباني
في كشف نهج البيان ، روى في أخبارنا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام أنّ هذه الآية مخصوصة بصاحب الأمر الّذي يظهر في آخر
الزمان ويبيد الجبابرة والفراعنة ، ويملك الأرض شرقا وغربا ، فيملأها عدلا كما
ملئت جورا .
٦٦١ ـ روى أبو
جعفر محمّد بن جرير الطبريّ في مسند فاطمة عليهاالسلام بإسناده عن زادان ، عن سلمان ، قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن الله تبارك وتعالى لم يبعث نبيّا ولا رسولا إلّا
جعل له اثنى عشر نقيبا ، فقلت : يا رسول الله لقد عرفت هذا من أهل الكتابين ، فقال
: يا سلمان هل علمت من نقبائي ومن الاثنا عشر الذين اختارهم الله للأمّة من بعدي؟
فقلت : الله ورسوله أعلم.
فقال : يا
سلمان ، خلقني الله من صفوة نوره ودعاني فأطعته ، وخلق من نوري عليّا عليهالسلام ودعاه فأطاعه ، وخلق منّي ومن نور عليّ فاطمة عليهاالسلام فدعاها فأطاعته ، وخلق مني ومن عليّ وفاطمة الحسن عليهالسلام فدعاه فأطاعه وخلق منّي ومن عليّ وفاطمة الحسين عليهالسلام فدعاه فأطاعه.
ثمّ سمّانا
بخمسة أسماء من أسمائه ، فالله المحمود وأنا محمّد ، والله العليّ فهذا عليّ ،
والله الفاطر فهذه فاطمة ، والله ذو الاحسان وهذا الحسن ، والله المحسن وهذا
الحسين ، ثمّ خلق منّا ومن نور الحسين تسعة أئمّة ، فدعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق
الله سماء مبنيّة ولا أرضا مدحيّة ولا ملكا ولا بشرا دوننا نورا ، وكنّا نسبّح
الله ونسمع له ونطيع.
قال سلمان :
فقلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمّي ، فما لمن عرف هؤلاء؟
فقال : يا
سلمان ، من عرفهم حق معرفتهم واقتدى بهم ووالى وليّهم وتبرّأ من عدوّهم ، فهو
والله منّا ، يرد حيث نرد ويسكن حيث نسكن. فقلت : يا رسول الله فهل يمكن إيمان
__________________
بهم بغير معرفة بأسمائهم وانسابهم؟ فقال : لا يا سلمان ، فقلت : يا رسول
الله فأنّى لي بهم وقد عرفت إلى الحسين عليهالسلام؟
قال : ثمّ سيّد
العابدين عليّ بن الحسين عليهالسلام ، ثمّ ابنه محمّد بن عليّ عليهالسلام باقر علم الأوّلين والآخرين ، من النبيّين والمرسلين ،
ثمّ ابنه جعفر بن محمّد لسان الله الصادق عليهالسلام ، ثمّ ابنه موسى بن جعفر عليهالسلام الكاظم غيظه في سبيل الله عزوجل ، ثمّ ابنه عليّ بن موسى الرضا لأمر الله عليهالسلام ، ثمّ ابنه محمّد بن عليّ عليهالسلام المختار من خلق الله ، ثمّ ابنه عليّ بن محمّد الهادي
إلى الله ، ثمّ الحسن بن عليّ عليهالسلام الصامت الأمين لسرّ الله ، ثمّ ابنه محمّد بن الحسن
الهادي المهديّ عليهالسلام الناطق القائم بحقّ الله (بأمر الله).
ثمّ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا سلمان إنّك مدركه ومن كان مثلك ومن تولّاه بحقيقة
المعرفة.
قال سلمان :
فشكرت الله كثيرا ، ثمّ قلت : يا رسول الله وإني مؤجّل إلى عهده؟
قال : يا سلمان
اقرأ ، فقرأ قوله تعالى : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ
أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا
خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً* ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ
عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ
نَفِيراً).
قال سلمان :
فاشتدّ بكائي وشوقي ، ثمّ قلت : يا رسول الله أبعهد منك؟
فقال : اي
والله الّذي أرسل محمّدا بالحقّ منّي ومن عليّ وفاطمة والحسن والحسين والتسعة ،
وكلّ من هو منا ومعنا ومضام فينا ، أي والله يا سلمان ، ليحضرنّ إبليس له وجنوده
وكلّ من محض الإيمان محضا ومحض الكفر محضا ، حتى يؤخذ بالقصاص والأوتار ولا يظلم
ربّك أحدا ، ويحقّ تأويل هذه الآية : (وَنُرِيدُ أَنْ
نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ
فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ).
قال سلمان :
فقمت من بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وما يبالي سلمان متى لقي الموت أو الموت لقاه .
__________________
الإمام المهديّ عليهالسلام يقرأ الآية عند مولده الشريف
٦٦٢ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن حكيمة بنت محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن
محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام قالت : بعث إليّ أبو محمّد الحسن بن عليّ عليهماالسلام ، فقال : يا عمّة اجعلي إفطارك هذه الليلة عندنا ،
فإنّها ليلة النصف من شعبان ، فإنّ الله تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجّة
، وهو حجّته في أرضه.
قالت : فقلت له
: ومن امّه؟
قال لي : نرجس
، قلت له : جعلني الله فداك ما بها أثر!
فقال : هو ما
أقول لك.
قالت : فجئت
فلمّا سلّمت وجلست جاءت تنزع خفيّ وقالت لي : يا سيّدتي وسيّدة أهلي كيف أمسيت؟
فقلت : بل أنت سيّدتي وسيّدة أهلي ، قالت : فأنكرت قولي وقالت : ما هذا يا عمّة؟
قالت : فقلت لها : يا بنيّة إنّ الله تعالى سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيّدا في
الدنيا والآخرة ، قالت : فخجلت واستحيت.
فلمّا أن فرغت
من صلاة العشاء الآخرة ، أفطرت وأخذت مضجعي فرقدت ، فلمّا أن كان في جوف الليل قمت
إلى الصلاة ، ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث ، ثمّ جلست معقّبة ، ثمّ
اضطجعت ثمّ انتبهت فزعة وهي راقدة ، ثمّ قامت فصلّت ونامت.
قالت حكيمة :
وخرجت أتفقّد الفجر ، فإذا أنا بالفجر الأوّل كذنب السرحان ، وهي نائمة ، فدخلني
الشكوك ، فصاح بي أبو محمّد عليهالسلام من المجلس ، فقال : لا تعجلي يا عمّة فهاك ـ الأمر قد
قرب ، قالت : فجلست وقرأت الم السجدة ويس ، فبينما أنا كذلك ، إذ انتبهت فزعة ،
فوثبت إليها فقلت : اسم الله عليك ، ثمّ قلت لها : أتحسّين شيئا؟ قالت : نعم يا
عمّة ، فقلت لها : اجمعي نفسك واجمعي قلبك فهو ما قلت لك ، قالت : فأخذتني فترة
وأخذتها فترة ، فانتبهت بحسّ سيّدي ، فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به عليهالسلام ساجدا يتلقّى الأرض بمساجده ، فضممته إليّ ، فإذا أنا
به نظيف متنظّف ، فصاح بي أبو محمّد عليهالسلام : هلمّي إليّ ابني يا عمّة ، فجئت به إليه ، فوضع يديه
تحت أليتيه وظهره ، ووضع قدمه على صدره ، ثمّ أدلى بلسانه في فيه وأمرّ يده على
عينيه وسمعه ومفاصله ، ثمّ قال : تكلّم يا بنيّ.
فقال : أشهد أن
لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثمّ صلّى على أمير المؤمنين عليهالسلام وعلى الأئمّة عليهمالسلام إلى أن وقف على أبيه ، ثمّ أحجم.
ثمّ قال أبو
محمّد عليهالسلام : يا عمّة اذهبي به إلى امّه ليسلّم عليها وائتني به ،
فذهبت به فسلّم عليها ، ورددته فوضعته في المجلس ، ثمّ قال : يا عمّة إذا كان يوم
السابع فأتينا.
قالت حكيمة :
فلمّا أصبحت جئت لاسلّم على أبي محمّد عليهالسلام وكشفت الستر لأتفقّد سيّدي ، فلم أره ، فقلت : جعلت
فداك ما فعل سيّدي؟ فقال : يا عمّة استودعناه الّذي استودعته أمّ موسى ، موسى عليهالسلام.
قالت حكيمة :
فلمّا كان في اليوم السابع جئت فسلّمت وجلست ، فقال : هلمّي إليّ ابني ، فجئت
سيّدي عليهالسلام وهو في الخرقة ففعل به كفعلته الاولى ، ثمّ أدلى لسانه
في فيه كأنّه يغذّيه لبنا أو عسلا ، ثمّ قال : تكلّم يا بنيّ.
فقال : أشهد أن
لا إله إلّا الله ، وثنّى بالصلاة على محمّد وعلى أمير المؤمنين وعلى الأئمّة
الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين ، حتّى وقف على أبيه عليهالسلام ، ثمّ تلا هذه الآية :
(بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَنُرِيدُ
أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ
أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ
وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) قال موسى ـ راوي الحديث ـ.
فسألت عقبة
الخادم عن هذه ، فقالت : صدقت حكيمة .
٦٦٣ ـ روى
العلّامة البيّاضي ؛ قال : قالت حكيمة : قرأت على امّه نرجس وقت ولادته التوحيد ،
والقدر ، وآية الكرسي ، فأجابني من بطنها بقراءتي ، ثمّ وضعته ساجدا إلى القبلة ،
فأخذه أبوه وقال : انطق بإذن الله ، فتعوّذ وسمّى وقرأ : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ
اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ) الآيتين ، وصلّى على محمّد وعليّ وفاطمة والأئمّة واحدا
واحدا باسمه إلى آخرهم ، وكان مكتوبا على ذراعه الأيمن : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ
الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) ... الحديث .
__________________
صورة ثانية لحديث المولد الشريف
٦٦٤ ـ روى
المحدّث الجليل الشيخ حسين بن عبد الوهاب من علماء القرن الخامس قال : وقرأت في
كتاب الوصايا وغيره بأنّ جماعة من الشيوخ العلماء ، منهم : علال الكلابيّ وموسى بن
أحمد الفزاريّ وأحمد بن جعفر ومحمّد رووا بأسانيدهم ، أنّ حكيمة بنت أبي جعفر عمّة
أبي محمّد عليهالسلام قالت : وكنت أدعو الله له أن يرزقه ولدا فدعوت له كما
كنت أدعو ، فقال عليهالسلام : يا عمّة أما أنّه يولد في هذه الليلة ـ وكانت ليلة
النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ـ المولود الّذي كنّا نتوقّعه ، فاجعلي
إفطارك عندنا ، وكانت ليلة الجمعة.
قالت حكيمة :
ممّن يكون هذا المولود يا سيّدي؟
فقال عليهالسلام : من نرجس ، قالت : ولم يكن في الجواري أحبّ إليّ منها
ولا أخفّ على قلبي ، وكنت إذا دخلت الدار تتلقّاني وتقبّل يدي وتنزع خفيّ بيدها ،
فلمّا دخلت عليها فعلت بي ما كانت تفعل ، فانكببت على يدها فقبّلتها ومنعتها ممّا
كانت تفعله ، فخاطبتني بالسيادة ، فخاطبتها بمثلها فأنكرت ذلك ، فقلت لها : لا
تنكري ما فعلت ، فإنّ الله تعالى سيهب لك في ليلتنا هذه غلاما سيّدا في الدنيا
والآخرة ، فاستحيت.
قالت حكيمة :
فتعجّبت وقلت لأبي محمّد عليهالسلام : لست أرى بها أثر الحمل ، فتبسّم عليهالسلام وقال لي : إنّا معاشر الأوصياء لا نحمل في البطون ،
ولكنّا نحمل في الجنوب ، وفي هذه الليلة مع الفجر يولد المولود الكريم على الله إن
شاء الله تعالى.
قالت حكيمة :
ونمت بالقرب من الجارية ، وبات أبو محمّد عليهالسلام في صفّ ، فلمّا كان وقت الليل ، قمت إلى الصلاة
والجارية نائمة ما بها أثر ولادة ، وأخذت في صلاتي ثمّ أوترت وأنا في الوتر ، فوقع
في نفسي أنّ الفجر قد ظهر ، ودخل في قلبي شيء ، فصاح أبو محمّد عليهالسلام من الصف : لم يطلع الفجر يا عمّة ، فأسرعت الصلاة ،
وتحرّكت الجارية فدنوت منها وضممتها إليّ وسمّيت عليها ، ثمّ قلت لها : هل تحسّين؟
قالت : نعم ،
فوقع عليّ سبات لم أتمالك معه أن نمت ، ووقع على الجارية مثل ذلك فنامت وهي قاعدة
، فلم تنتبه إلّا ويحسّ مولاي وسيّدي تحتها ، وإذا بصوت أبي
محمّد عليهالسلام وهو يقول : يا عمّتاه هاتي ابني إليّ ، فكشفت عن مولاي عليهالسلام وإذا هو ساجد وعلى ذراعه الأيمن مكتوب : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ
الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) فضممته إليّ فوجدته مفروغا منه مطهّر الختانة ، فحملته
إلى أبي محمّد عليهالسلام فأقعده على راحته اليسرى ، وجعل يده اليمنى على ظهره ،
ثمّ أدخل السبّابة في فيه ، وأمرّ يده على عينيه وسمعه (صاهره) ثمّ قال : تكلّم يا
بني.
فقال : أشهد أن
لا إله إلّا الله ، وأشهد أنّ محمّدا رسول الله ، وأنّ أمير المؤمنين عليّا ولي
الله ، ثمّ لم يزل يعدّ السادة الأوصياء إلى أن بلغ إلى نفسه ، ودعا لأوليائه على
يديه بالفرج ثمّ صمت عليهالسلام ، فقال أبو محمّد عليهالسلام : اذهبي به إلى امّه ليسلّم عليها وردّيه إليّ ، فمضيت
به ، وسلّم عليها ورددته ، ووقع بيني وبينه شيء كالحجاب ، فلم أر سيّدي ومولاي.
فقلت لأبي محمّد عليهالسلام : يا سيّدي أين مولانا؟ فقال : أخذه من هو أحقّ به منك
ومنّا ، فلمّا كان في اليوم السابع جئت فسلّمت وجلست. فقال أبو محمّد عليهالسلام : ائتني إليّ بابني ، فجيء بسيّدي وهو في ثياب صفر ،
ففعل به كفعاله الاولى ، ثمّ قال له : تكلّم يا بني. فقال : أشهد أن لا إله إلّا
الله ، وأثنى بالصلاة على محمّد وأمير المؤمنين والأئمّة : ووقف عليهالسلام على أبيه ، ثمّ قرأ : بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (وَنُرِيدُ أَنْ
نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ
وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) فخرجت من عندهم ، ثمّ غدوت فافتقدته فلم أره ، فقلت
لأبي محمّد عليهالسلام : يا سيّدي ما فعلت بمولانا عليهالسلام؟ فقال : يا عمّة استودعناه الّذي استودعته امّ موسى .
الآية الثانية
قوله تعالى : (فَأَصْبَحَ فِي
الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ) ؛ (فَخَرَجَ مِنْها
خائِفاً يَتَرَقَّبُ).
٦٦٥ ـ روى
الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه بإسناده عن محمّد بن مسلم الثقفي الطحّان ، قال :
دخلت على أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام وأنا اريد أن أسأله عن القائم من آل محمّد صلّى الله
عليه وعليهم ، فقال لي مبتدأ : يا محمّد بن مسلم ، إنّ في القائم من
__________________
آل محمّد صلىاللهعليهوآله شبها من خمسة من الرسل : يونس بن متّى ويوسف بن يعقوب
وموسى وعيسى ومحمّد صلوات الله عليهم.
فأمّا شبهه من
يونس بن متّى ، فرجوعه من غيبته وهو شاب بعد كبر السنّ.
وأمّا شبهه من
يوسف بن يعقوب عليهماالسلام ، فالغيبة عن خاصّته وعامّته ، واختفاؤه من إخوته
وإشكال أمره على أبيه يعقوب عليهالسلام مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته.
وأمّا شبهه من
موسى عليهالسلام ، فدوام خوفه ، وطول غيبته ، وخفاء ولادته وتعب شيعته
من بعده ممّا لقوا من الأذى والهوان ، إلى أن أذن الله عزوجل في ظهوره ونصره وأيّده على عدوّه.
وأمّا شبهه من
عيسى عليهالسلام ، فاختلاف من اختلف فيه ، حتّى قالت طائفة منهم : ما
ولد ، وقالت طائفة : مات ، وقالت طائفة : قتل وصلب.
وأمّا شبهه من
جدّه المصطفى صلىاللهعليهوآله ، فخروجه بالسيف وقتله أعداء الله وأعداء رسوله صلىاللهعليهوآله ، والجبّارين والطواغيت ، وأنّه ينصر بالسيف والرعب ،
وأنّه لا تردّ له راية.
وإنّ من علامات
خروجه : خروج السفيانيّ من الشام ، وخروج اليمانيّ (من اليمن) وصيحة من السماء في
شهر رمضان ، ومناديا ينادي من السماء باسمه واسم أبيه .
٦٦٦ ـ روى
النعمانيّ رحمهالله بإسناده عن أبي بصير ، قال : سمعت أبا جعفر الباقر عليهالسلام يقول : في صاحب هذا الأمر سنن من أربعة أنبياء : سنّة
من موسى ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من يوسف ، وسنّة من محمّد صلوات الله عليهم
أجمعين ، فقلت : ما سنّة موسى؟ قال : خائف يترقّب ، قلت : وما سنّة عيسى؟ فقال :
يقال فيه ما قيل في عيسى ، قلت : فما سنّة يوسف؟ قال : السجن والغيبة. قلت : وما
سنّة محمّد صلىاللهعليهوآله؟ قال : إذا قام ، سار بسيرة رسول الله صلىاللهعليهوآله إلّا أنّه يبيّن آثار محمّد ، ويضع السيف على عاتقه
ثمانية أشهر هرجا هرجا ، حتّى يرضى الله ، قلت : فكيف يعلم رضا الله؟ قال : يلقي
الله في قلبه الرحمة .
٦٦٧ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن سعيد بن جبير ، قال : سمعت سيّد العابدين
عليّ بن الحسين عليهماالسلام يقول : في القائم منّا سنن من الأنبياء ، سنّة من أبينا
آدم عليهالسلام ، وسنّة
__________________
من نوح ، وسنّة من إبراهيم وسنّة من موسى ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من أيّوب
، وسنّة من محمّد صلوات الله عليهم. فأمّا من آدم ونوح فطول العمر ، وأمّا من
إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال الناس ، وأمّا من موسى فالخوف والغيبة ، وأمّا من
عيسى فاختلاف الناس فيه ، وأمّا من أيّوب فالفرج بعد البلوى ، وأمّا من محمّد صلىاللهعليهوآله فالخروج بالسيف .
٦٦٨ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن الصادق جعفر بن
محمّد ، عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهمالسلام قال : قال الحسين بن عليّ عليهماالسلام : في التاسع من ولدي سنّة عن يوسف وسنّة من موسى بن
عمران عليهماالسلام ، وهو قائمنا أهل البيت يصلح الله تبارك وتعالى أمره في
ليلة واحدة .
٦٦٩ ـ روى
السيّد عليّ بن عبد الحميد ؛ بسند يرفعه إلى سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : كأنّي بالقائم بين ذي طوى قائما على رجليه
خائفا يترقّب على سنّة موسى حتّى يأتي المقام فيدعو .
٦٧٠ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سمعته يقول : في القائم عليهالسلام سنّة من موسى بن عمران عليهالسلام ، فقلت : وما سنّته من موسى بن عمران؟ قال : خفاء مولده
وغيبته عن قومه ، فقلت : وكم غاب موسى عن أهله وقومه؟ فقال : ثماني وعشرين سنة .
٦٧١ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : إنّ في صاحب هذا الأمر سننا من الأنبياء عليهمالسلام ، سنّة من موسى بن عمران ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من
يوسف ، وسنّة من محمّد صلوات الله عليهم ، فأمّا سنّة من موسى بن عمران فخائف
يترقّب وأمّا سنّة من عيسى فيقال فيه ما قيل في عيسى ، وأمّا سنّة من يوسف فالستر
، يجعل الله بينه وبين الخلق حجابا يرونه ولا يعرفونه ، وأمّا سنّة من محمّد صلىاللهعليهوآله فيهتدي بهداه ويسير بسيرته .
__________________
٦٧٢ ـ وفيه
مرسلا عن الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام أنّه قال : في القائم سنّة من موسى ، وسنّة من يوسف ،
وسنّة من عيسى ، وسنّة من محمّد صلىاللهعليهوآله ، فأمّا سنّة موسى فخائف يترقّب ، وأمّا سنّة يوسف فإنّ
إخوانه كانوا يبايعونه ويخاطبونه ولا يعرفونه ، وأمّا سنّة عيسى فالسياحة ، وأمّا
سنّة محمّد صلىاللهعليهوآله فالسيف .
٦٧٣ ـ روى
الطبريّ بإسناده عن أبي بصير ، عن الصادق عليهالسلام قال : يكون في امّتي ـ يعني القائم ـ سنّة من أربعة
أنبياء : سنّة من موسى خائف يترقّب ، وسنّة من يوسف يعرفهم وهم له منكرون ، وسنّة
من عيسى وما قتلوه وما صلبوه ، وسنّة من محمّد يقوم بالسيف .
٦٧٤ ـ روى الشيخ
الصدوق رحمهالله مرسلا عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فإنّ
موسى بن عمران عليهالسلام خرج ليقتبس لأهله نارا ، فرجع إليهم وهو رسول نبيّ ،
فأصلح الله تبارك وتعالى أمر عبده ونبيّه موسى عليهالسلام في ليلة ، وهكذا يفعل الله تبارك وتعالى بالقائم الثاني
عشر من الأئمّة عليهمالسلام ، يصلح له أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيّه موسى عليهالسلام ، ويخرجه من الحيرة والغيبة إلى نور الفرج والظهور .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (وَدَخَلَ
الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ
يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ
شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ).
كلام للمحدّث الجليل الشيخ حسين بن عبد الوهاب
قال : عن رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه أخبر الامّة بخروج المهديّ خاتم الأئمّة عليهالسلام الّذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ،
وأنّ عيسى عليهالسلام ينزل عليه في وقت خروجه وظهوره ويصلّي خلفه ، وهذا خبر
قد اتّفقت عليه الشيعة والعلماء وغير العلماء والسنّة والخاصّ والعامّ والشيوخ
والاطفال ، لشهرة هذا الخبر ، نعم ووجوب الحكمة من الله في
__________________
غيبة صاحب الزمان كوجوب الحكمة من الله بوجوب الغيبة من الحجج المتقدمة
واستتارهم ، وما هذا الجحود الظاهر منه إلّا لقلّة تمييزهم وفهمهم وعلمهم بالشرائع
المتقدمة ، وقد ألزمنا الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم الإقرار بالقائم المنتظر المهديّ عليهالسلام.
قال الله تعالى
: (أَفَلا
يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) إنّ الله سبحانه قد أخبر في قصّة موسى عليهالسلام أنّه قد كانت له شيعة بأمره عارفون ، وبولايته متمسّكون
، ولدعوته منتظرون ، حيث يقول عزوجل : (وَدَخَلَ
الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ
يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ
شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ).
ولمّا أخبر
الله تعالى في كتابه أنّه قد كان لموسى عليهالسلام شيعة من قبل أن تظهر دعوته ، وكانوا بأمره متمسّكين وإن
لم يكونوا شاهدوا شخصه ، علمنا أنّ الحكمة من الله سبحانه ، واتفقت السنّة أهل
العلم أنّ موسى عليهالسلام أظهر دعوته بعد رجوعه من عند شعيب عليهالسلام حين سار بأهله من بعد السنين الّتي كان يرعى فيها أغنام
شعيب عليهالسلام ، وكان دخوله المدينة حين وجد فيها الرجلين يقتتلان قبل
مصيره إلى شعيب ، وكان القائل به وبنبوّته لم يكن يعرف شخصه ، وكان يفترض على نفسه
طاعته وانتظار دعوته ، ولو لا أنّ الحجج الّذين تقدّموا شريعة موسى عليهالسلام أخبروا بما يكون من ظهور موسى عليهالسلام وقتله الفراعنة والجبابرة ، لما كان فرعون يقتل أولاد
بني اسرائيل من طلب موسى عليهالسلام وهو في حجره يربّيه ولا يعرفه ، ولو لم يكن في إخبارهم
ما يكون من موسى عليهالسلام من الحكمة التامّة ، لأمسكوا من ذلك حتّى يظهر عليهالسلام ، وقد جاءت الروايات الكثيرة في حجج الله تعالى
المتقدّمة في عصر آدم إلى زماننا هذا بأنّهم كان منهم المستخفون ومنهم المستعلنون
، ومن قبل كانت قصة ابراهيم عليهالسلام مع النمرود كقصة موسى عليهالسلام ، فإنّه بثّ أصحابه إلى طلبه ليقتله وهو كان في حال
غيبته ، وكان له عليهالسلام شيعة ينتظرون ظهوره ، وإذا جاز في حكمة الله تعالى غيبة
حجّة شهرا فقد جازت الغيبة سنة ، واذا جازت سنة واحدة ، جازت سنين كثيرة على ما
أوجبته حكمة الله تعالى واستقامة تدبيره.
ومن المخالفين
من يقولون بظهور المهديّ عليهالسلام ، إلّا انّهم يقولون إنّ الريب واقع عليهم
__________________
لزعمهم بقاءه من وقت وفاة أبيه الحسن الأخير عليهالسلام إلى هذا الوقت ، فإنّهم لم يشاهدوا من عمره أكثر من
مائة سنة إلّا وقد خرف وبطل وأشرف على الموت ، وما ذلك منهم الّا لقلّة فهمهم
وقلّة إيمانهم بقدرة الله تعالى ، وجهلهم بما قصّه الله تعالى في محكم كتابه من
قصة نوح عليهالسلام وأنّه لبث في قومه الف سنة إلّا خمسين عاما ، فكذلك
جائز في حكمته وقدرته أن يعمّر الخلف الصالح الهادي المهديّ حجّته البالغة وكلمته
التامّة ورايته الباقية عليهالسلام ما شاء وأراد على ما توجبه حكمته واستقامة أمره ، إلى
أن يظهر امره ويتمّ به ما وعده الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم .
الآية الرابعة
قوله تعالى : (يَخْلُقُ ما يَشاءُ
وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ).
٦٧٥ ـ روي عن
هارون بن مسعدة بإسناده عن العالم عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الله اختار من الأيّام يوم الجمعة ، ومن الليالي
ليلة القدر ، ومن الشهور شهر رمضان ، واختارني وعليّا ، واختار من عليّ الحسن
والحسين ، واختار منهما تسعة ، تاسعهم قائمهم ، وهو ظاهرهم وهو باطنهم .
٦٧٦ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام عن آبائه صلوات الله عليهم ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الله عزوجل اختار من الأيّام الجمعة ، ومن الشهور شهر رمضان ، ومن
الليالي ليلة القدر ، واختارني على جميع الأنبياء ، واختار منّي عليّا وفضّله على
جميع الأوصياء ، واختار من عليّ الحسن والحسين ، واختار من الحسين الأوصياء من
ولده ، ينفون عن التنزيل وتحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل المضلّين ،
تاسعهم قائمهم ، وهو ظاهرهم وهو باطنهم .
٦٧٧ ـ روى أبو
جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي الشيخ الصدوق قدسسره بإسناده عن سليم بن قيس الهلالي ، قال : سمعت سلمان
الفارسي رضى الله عنه يقول : كنت جالسا بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله في مرضه الّتي قبض فيها ، فدخلت فاطمة عليهاالسلام ، فلمّا رأت ما بأبيها من الضعف بكت حتّى جرت دموعها
على خدّيها ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما يبكيك
__________________
يا فاطمة؟
قالت : يا رسول
الله أخشى على نفسي وولدي الضيعة بعدك.
فاغرورقت عينا
رسول الله صلىاللهعليهوآله بالبكاء ، ثمّ قال : يا فاطمة أما علمت إنّا أهل بيت
اختار الله عزوجل لنا الآخرة على الدنيا ، وأنّه حتّم الفناء على جميع
خلقه ، وأنّ الله تبارك وتعالى أطّلع إلى الأرض اطّلاعة فاختارني من خلقه فجعلني
نبيّا ، ثمّ أطّلع إلى الأرض ثانية فاختار منها زوجك ، وأوحى إليّ أن ازوّجك إيّاه
واتّخذه وليّا ووزيرا ، وأن أجعله خليفتي في امّتي ، فأبوك خير أنبياء الله ورسله
، وبعلك خير الأوصياء ، وأنت أوّل من يلحق بي من أهلي ، ثمّ أطلع إلى الأرض
اطّلاعة ثالثة فاختارك وولديك ، فأنت سيّدة نساء أهل الجنّة ، وابناك حسن وحسين
سيّدا شباب أهل الجنّة ، وأبناء بعلك أوصيائي إلى يوم القيامة ، كلّهم هادون
مهديّون ، وأوّل الأوصياء بعدي أخي عليّ ، ثمّ حسن ، ثمّ حسين ، ثمّ تسعة من ولد
الحسين في درجتي ، وليس في الجنّة درجة أقرب إلى الله من درجتي ودرجة أبي إبراهيم
، أما تعلمين يا بنيّة أنّ من كرامة الله إيّاك أنّ زوجك خير امّتي ، وخير أهل
بيتي ، أقدمهم سلما ، وأعظمهم حلما وأكثرهم علما.
فاستبشرت فاطمة
عليهاالسلام وفرحت بما قال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله.
ثمّ قال : يا
بنيّة ، إنّ لبعلك مناقب : إيمانه بالله ورسوله قبل كلّ أحد ، فلم يسبقه إلى ذلك
أحد من امّتي ، وعلمه بكتاب الله عزوجل وسنّتي ، وليس أحد من امّتي يعلم جميع علمي غير عليّ عليهالسلام ، وانّ الله عزوجل علّمني علما لا يعلمه غيري ، وعلّم ملائكته ورسله علما
، فكلّ ما علّمه ملائكته ورسوله فأنا أعلمه ، وأمرني الله أن اعلّمه إيّاه ففعلت ،
فليس أحد من امّتي يعلم جميع علمي وفهمي وحكمتي غيره ، وإنّك يا بنيّة زوجته ،
وابناه سبطاي حسن وحسين وهما سبطا امّتي ، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، فإنّ
الله جلّ وعزّ آتاه الحكمة وفصل الخطاب.
يا بنيّة ،
إنّا أهل بيت أعطانا الله عزوجل ستّ خصال لم يعطها أحدا من الأوّلين كان قبلكم ، ولم
يعطها أحدا من الآخرين غيرنا ، نبيّنا سيّد الأنبياء والمرسلين وهو أبوك ، ووصيّنا
سيّد الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا سيّد الشهداء وهو حمزة بن عبد المطّلب عمّ
أبيك.
قالت : يا رسول
الله هو سيّد الشهداء الّذين قتلوا معه؟
قال : لا بل
سيّد شهداء الأوّلين والآخرين ما خلا الأنبياء والأوصياء ، وجعفر ابن أبي طالب ذو
الجناحين الطيّار في الجنّة مع الملائكة ، وابناك حسن وحسين سبطا امّتي وسيّدا
شباب أهل الجنّة ، ومنّا والّذي نفسي بيده مهديّ هذه الامّة الّذي يملأ الأرض قسطا
وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
قالت : وأي
هؤلاء الّذين سمّيتهم أفضل؟ قال : عليّ بعدي أفضل امّتي ، وحمزة وجعفر أفضل أهل
بيتي بعد عليّ وبعدك وبعد ابنيّ وسبطيّ حسن وحسين ، وبعد الأوصياء من ولد ابني هذا
ـ وأشار إلى الحسين ـ منهم المهديّ ؛ إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على
الدنيا.
ثمّ نظر رسول
الله صلىاللهعليهوآله إليها وإلى بعلها وإلى ابنيها ، فقال : يا سلمان ، أشهد
الله أنّي سلم لمن سالمهم ، وحرب لمن حاربهم ، أما إنّهم معي في الجنّة.
ثمّ أقبل على
عليّ عليهالسلام ، فقال : يا أخي أنت ستبقى بعدي ، وستلقى من قريش شدّة
من تظاهرهم عليك وظلمهم لك ، فإن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن
وافقك ، وإن لم تجد أعوانا فاصبر ، وكفّ يدك ولا تلق بها إلى التهلكة ، فإنّك منّي
بمنزلة هارون من موسى ، ولك بهارون اسوة حسنة إذا استضعفه قومه وكادوا يقتلونه ،
فاصبر لظلم قريش إيّاك وتظاهرهم عليك ، فإنّك بمنزلة هارون ومن تبعه ، وهم بمنزلة
العجل ومن تبعه.
يا عليّ إنّ
الله تبارك وتعالى قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الامّة ، ولو شاء الله لجمعهم
على الهدى حتّى لا يختلف اثنان من هذه الامّة ولا ينازع في شيء من أمره ولا يجحد
المفضول لذي الفضل فضله ، ولو شاء لعجّل النقمة وكان منه التغيير حتّى يكذّب
الظالم ويعلم الحقّ أين مصيره ، ولكنّه جعل الدنيا دار الأعمال وجعل الآخرة دار
القرار (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ
أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى).
فقال عليّ عليهالسلام : الحمد لله شكرا على نعمائه وصبرا على بلائه .
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ
الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى
وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ).
٦٧٨ ـ روى
النعماني بإسناده عن إسماعيل بن جابر عن الصادق عليهالسلام في حديث له يرويه عن أمير المؤمنين عليهالسلام جاء فيه : وأمّا الردّ على من أنكر الرجعة ، فقول الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ
عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) أي رجعة الدنيا ... الحديث .
__________________
سورة العنكبوت
الآية الاولى
قوله تعالى : (الم* أَحَسِبَ
النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ).
٦٧٩ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن معمّر بن خلّاد ، قال : سمعت أبا الحسن عليهالسلام يقول : (الم* أَحَسِبَ
النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) ثمّ قال لي : ما الفتنة؟ فقلت : جعلت فداك ، الّذي
عندنا أنّ الفتنة في الدّين ، ثمّ قال : يفتنون كما يفتن الذهب ، ثمّ قال : يخلصون
كما يخلص الذهب .
٦٨٠ ـ وروى
النعمانيّ بإسناده عن ابن نباتة ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، أنّه قال : كونوا كالنحل في الطير ، ليس شيء من الطير
إلّا وهو يستضعفها ، ولو علمت الطير ما في أجوافها من البركة ، لم يفعل بها ذلك ،
خالطوا الناس بألسنتكم وأبدانكم وزايلوهم بقلوبكم وأعمالكم ، فو الّذي نفسي بيده
ما ترون ما تحبّون حتّى يتفل بعضكم في وجوه بعض ، وحتّى يسمّي بعضكم بعضا كذّابين
، وحتّى لا يبقى منكم ـ أو قال : من شيعتي ـ كالكحل في العين والملح في الطعام ،
وسأضرب لكم مثلا ، وهو مثل رجل كان له طعام فنقّاه وطيّبه ، ثمّ أدخله بيتا وتركه
فيه ما شاء الله ، ثمّ عاد إليه فإذا هو قد أصابه السوس فأخرجه ونقّاه وطيّبه ثمّ
أعاده إلى البيت فتركه ما شاء الله ، ثمّ عاد إليه فإذا هو قد أصاب طائفة منه
__________________
السوس ، فأخرجه ونقّاه وطيّبه وأعاده ، ولم يزل كذلك حتّى بقيت منه رزمة
كرزمة الأندر لا يضرّه السوس شيئا ، وكذلك أنتم تميّزون حتّى لا يبقى منكم إلّا
عصابة لا تضرّها الفتنة شيئا .
بيان للمجلسيّ
قوله عليهالسلام «كالنحل في الطير» أمر بالتقيّة ، أي لا تظهروا لهم ما في أجوافكم من دين
الحقّ ، كما أنّ النحل لا يظهر ما في بطنها على الطيور وإلّا لأفنوها. و «الرّزمة»
ـ بالكسر ـ ما شدّ في ثوب واحد ، «والأندر» البيدر .
٦٨١ ـ روى
الشيخ المفيد قدسسره بإسناده عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن
الرضا عليهالسلام قال : لا يكون ما تمدّون إليه أعناقكم حتّى تميّزا
وتمحّصوا ، فلا يبقى منكم إلّا القليل ، ثمّ قرأ : (الم* أَحَسِبَ
النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) ثمّ قال : إنّ من علامات الفرج حدثا بين المسجدين ،
ويقتل فلان من ولد فلان خمسة عشر كبشا من العرب .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ
كَعَذابِ اللهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا
مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ).
٦٨٢ ـ قال عليّ
بن إبراهيم في قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ
كَعَذابِ اللهِ) قال : إذا آذاه إنسان أو أصابه ضرّ أو فاقة أو خوف من
الظالمين دخل معهم في دينهم ، فرأى أنّ ما يفعلونه هو مثل عذاب الله الّذي لا
ينقطع (وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ
مِنْ رَبِّكَ) يعني القائم (لَيَقُولُنَّ إِنَّا
كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ) .
__________________
الآية الثالثة
قوله سبحانه : (بَلْ هُوَ آياتٌ
بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا
إِلَّا الظَّالِمُونَ).
٦٨٣ ـ روى محمّد
بن العبّاس رحمة الله عليه بإسناده عن عليّ بن أسباط ، قال : سأل رجل أبا عبد الله
عليهالسلام عن هذه الآية : (بَلْ هُوَ آياتٌ
بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال : نحن هم ، فقال الرجل : جعلت فداك متى يقوم القائم؟
فقال : كلّنا قائم بأمر الله واحد بعد واحد حتّى يجئ صاحب السيف ، فإذا جاء كان
الأمر غير هذا .
٦٨٤ ـ وروى
العلّامة شرف الدّين النجفي بإسناده عن عبد العزيز العبديّ ، قال : سألت أبا عبد
الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (بَلْ هُوَ آياتٌ
بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال : هم الأئمّة من آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين
باقية دائمة في كلّ حين .
٦٨٥ ـ عن أبي
بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام انه قرأ هذه الآية : (بَلْ هُوَ آياتٌ
بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال : يا محمّد ، والله ما قال بين دفّتي المصحف ، قلت
: من هم جعلت فداك؟ قال : من عسى أن يكونوا غيرنا .
٦٨٦ ـ وعن أبي
الحسن الصيقل قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : (بَلْ هُوَ آياتٌ
بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال : نحن وإيّانا عنى .
٦٨٧ ـ وعنه ،
بإسناده عن هارون بن حمزة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : (بَلْ هُوَ آياتٌ
بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) قال : هم الأئمّة عليهمالسلام خاصّة ، وما يعقلها إلّا العالمون ، فزعم أنّ من عرف
الامام والآيات يعقل ذلك .
٦٨٨ ـ عليّ بن
ابراهيم في قوله تعالى : (وَما يَجْحَدُ
بِآياتِنا) يعني ما يجحد بأمير المؤمنين والأئمّة عليهمالسلام (إِلَّا الظَّالِمُونَ).
__________________
سورة الروم
الآية الاولى
قوله عزوجل : (الم* غُلِبَتِ
الرُّومُ* فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ*
فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ
يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ* بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ
الرَّحِيمُ).
٦٨٩ ـ روى
محمّد بن العبّاس بإسناده عن عباية ، عن عليّ عليهالسلام ، قال : قوله عزوجل (الم* غُلِبَتِ
الرُّومُ) هي فينا وفي بني أميّة .
٦٩٠ ـ أبو جعفر
محمّد بن جرير الطبريّ في مسند فاطمة ، بإسناده عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد
الله الصادق عليهالسلام في قول الله عزوجل : (يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ
الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ) قال : في قبورهم بقيام القائم عليهالسلام .
__________________
سورة لقمان
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَأَسْبَغَ
عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً).
الإمام الغائب هو نعمة الله الباطنة
٦٩١ ـ روى
الشيخ الصدوق ؛ بإسناده عن أبي أحمد محمّد بن زياد الأزديّ ، قال :
سألت سيّدي
موسى بن جعفر عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (وَأَسْبَغَ
عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) ، فقال عليهالسلام : النعمة الظاهرة الإمام الظاهر ، والباطنة الإمام الغائب.
فقلت له : ويكون في الأئمّة من يغيب؟ قال :
نعم ، يغيب عن
أبصار الناس شخصه ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره ، وهو الثاني عشر منّا ، يسهّل
الله له كلّ عسير ، ويذلّل له كلّ صعب ، ويظهر له كنوز الأرض ، ويقرّب له كلّ بعيد
، ويبير به كلّ جبّار عنيد ، ويهلك على يده كلّ شيطان مريد.
ذلك ابن سيّدة
الإماء ، الّذي تخفى على الناس ولادته ، ولا يحلّ لهم تسميته ، حتّى يظهره الله عزوجل فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما .
الآية الثانية
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ
عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما
__________________
تَدْرِي
نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ
اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
الإمام المهديّ عليهالسلام يخبر بالغيب
٦٩٢ ـ روى
الشيخ الطوسيّ بإسناده عن أبي الحسن عليّ بن أحمد الدلّال القمّي ، قال : دخلت على
أبي جعفر محمّد بن عثمان رضى الله عنه يوما لاسلّم عليه ، فوجدته وبين يديه ساجة
ونقّاش ينقش عليها ويكتب آيا من القرآن وأسماء الأئمّة عليهمالسلام على حواشيها ، فقلت له : يا سيّدي ما هذه الساجة؟ فقال
: هذه لقبري تكون فيه أوضع عليها (أو قال : أسند إليها) وقد عرفت منه ، وأنا في
كلّ يوم أنزل فيه فأقرأ جزءا من القرآن فأصعد ، وأظنّه قال : فأخذ بيدي وأرانيه ـ
فإذا كان يوم كذا وكذا من شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا ، صرت إلى الله عزوجل ودفنت فيه وهذه الساجة معي.
فلمّا خرجت من
عنده أثبتّ ما ذكره ، ولم أزل مترقّبا به ذلك ، فما تأخّر الأمر حتّى اعتل أبو
جعفر فمات في اليوم الّذي ذكره من الشهر الّذي قاله من السنة الّتي ذكرها ودفن فيه
.
٦٩٣ ـ قال أبو
نصر هبة الله : وقد سمعت هذا الحديث من غير أبي عليّ وحدّثتني به أيضا أمّ كلثوم
بنت أبي جعفر رضي الله عنها ، وأخبرني جماعة عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين
، قال : حدّثني محمّد بن عليّ بن الأسود القمّيّ : أنّ أبا جعفر العمريّ قدّس الله
روحه حفر لنفسه قبرا وسوّاه بالساج ، فسألته عن ذلك فقال : للناس أسباب ، ثمّ
سألته عن ذلك ، فقال : قد امرت أن أجمع أمري ، فمات بعد ذلك بشهرين رضي الله عنه
وأرضاه .
٦٩٤ ـ وروى
محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه ، قال : حدّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد
المكتّب قال :
كنت بمدينة
السلام في السنة الّتي توفّي فيها الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد السمريّ قدّس
الله روحه ، فحضرته قبل وفاته بأيّام ، فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته :
__________________
«بسم الله
الرحمن الرحيم ـ يا عليّ بن محمّد السمريّ أعظم الله أجر اخوانك فيك ، فإنّك ميّت
ما بينك وبين ستّة أيّام ، فأجمع أمرك ، ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك ،
فقد وقعت الغيبة التامّة فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره ، وذلك بعد طول
الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة ، ألا
فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفيانيّ والصيحة فهو كذّاب مفتر ، ولا حول ولا قوّة
إلّا بالله العليّ العظيم».
قال : فنسخنا
هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ،
فقيل له : من وصيّك من بعدك؟ فقال : لله أمر هو بالغه ، وقضى ، فهذا آخر كلام سمع
منه رضي الله عنه وأرضاه .
٦٩٥ ـ وكتب
محمّد بن زياد الصيمريّ يسأل صاحب الزمان كفنا ، فورد : «إنّه يحتاج إليه سنة
ثمانين أو إحدى وثمانين» فمات رحمهالله في الوقت الّذي حدّه وبعث إليه بالكفن قبل موته بشهر .
٦٩٦ ـ روى
المفيد والغضائريّ ، عن محمّد بن أحمد الصفوانيّ ، قال :
رأيت القاسم بن
العلاء وقد عمّر مائة سنة وسبع عشرة سنة ، منها ثمانين سنة صحيح العينين ، لقي
مولانا أبا الحسن وأبا محمّد العسكريّين عليهماالسلام ، وحجب بعد الثمانين وردّت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة
أيّام ، وذلك أنّي كنت مقيما عنده بمدينة الران من أرض آذربيجان وكان لا ينقطع
توقيعات مولانا صاحب الزمان عليهالسلام على يد أبي جعفر محمّد بن عثمان العمريّ وبعده على يد
أبي القاسم الحسين بن روح قدّس الله أرواحهما ، فانقطعت عنه المكاتبة نحوا من
شهرين فقلق رحمهالله لذلك.
فبينا نحن عنده
نأكل ، إذ دخل البوّاب مستبشرا فقال له : فيج العراق ـ لا يسمّى بغيره ـ فاستبشر
القاسم وحوّل وجهه إلى القبلة فسجد ، ودخل كهل قصير يرى أثر الفيوج عليه ، وعليه
جبّة مضرّبة ، وفي رجله نعل محامليّ ، وعلى كتفه مخلاة.
فقام القاسم
فعانقه ووضع المخلاة عن عنقه ، ودعا بطست وماء فغسّل يده وأجلسه
__________________
إلى جانبه ، فأكلنا وغسّلنا أيدينا ، فقام الرجل فأخرج كتابا أفضل من النصف
المدرج فناوله القاسم ، فأخذه وقبّله ودفعه إلى كاتب له يقال له : ابن أبي سلمة ،
فأخذه أبو عبد الله ففضّه وقرأه حتّى أحسّ القاسم بنكاية ، فقال : يا با عبد الله
خير ، فقال : خير ، فقال : ويحك خرج فيّ شيء؟ فقال أبو عبد الله : ما تكره فلا ،
قال القاسم : فما هو؟ قال : نعي الشيخ إلى نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوما
وقد حمل إليه سبعة أثواب ، فقال القاسم : في سلامة من ديني؟ فقال : في سلامة من
دينك ، فضحك ؛ فقال : ما اؤمّل بعد هذا العمر؟
فقال الرجل
الوارد ، فأخرج من مخلاته ثلاثة أزر وحبرة يمانية حمراء وعمامة وثوبين ومنديلا ،
فأخذه القاسم ، وكان عنده قميص خلعه عليه مولانا الرضا أبو الحسن عليهالسلام ، وكان له صديق يقال له عبد الرحمن بن محمّد السنيزيّ ،
وكان شديد النصب ، وكان بينه وبين القاسم نضّر الله وجهه مودّة في امور الدنيا
شديدة ، وكان القاسم يؤدّه ، وقد كان عبد الرحمن وافى إلى الدار لإصلاح بين أبي
جعفر بن حمدون الهمدانيّ وبين ختنه ابن القاسم.
فقال القاسم
لشيخين من مشايخنا المقيمين معه ، أحدهما يقال له : أبو حامد عمران بن المفلّس
والآخر أبو عليّ بن جحدر : أن اقرءا هذا الكتاب عبد الرحمن بن محمّد فإنّي احبّ
هدايته ، وأرجو أن يهديه الله بقراءة هذا الكتاب ، فقالا له : الله الله الله فإنّ
هذا الكتاب لا يحتمل ما فيه خلق من الشيعة ، فكيف عبد الرحمن بن محمّد؟ فقال : أنا
أعلم أنّي مفش لسرّ لا يجوز لي إعلانه ، لكن من محبّتي لعبد الرحمن بن محمّد
وشهوتي أن يهديه الله عزوجل لهذا الأمر هو ذا أقرئه الكتاب.
فلمّا مرّ ذلك
اليوم ـ وكان يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من رجب ـ دخل عبد الرحمن بن محمّد وسلّم
عليه ، فأخرج القاسم الكتاب فقال له : اقرأ هذا الكتاب وانظر لنفسك ، فقرأ عبد
الرحمن الكتاب ، فلمّا بلغ إلى موضع النعي رمى الكتاب عن يده ، وقال للقاسم : يا
أبا محمّد ، اتّق الله فإنّك رجل فاضل في دينك ، متمكّن من عقلك ، والله عزوجل يقول : (وَما تَدْرِي نَفْسٌ
ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) وقال : (عالِمُ الْغَيْبِ
فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً).
__________________
فضحك القاسم
وقال له : اتمّ الآية : (إِلَّا مَنِ ارْتَضى
مِنْ رَسُولٍ) ومولاي هو المرتضى من الرسول ، وقال : قد علمت أنّك
تقول هذا ، ولكن أرّخ اليوم ، فإن أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرّخ في هذا الكتاب ،
فاعلم أنّي لست على شيء ، وإن أنا متّ فانظر لنفسك!
فورّخ عبد
الرحمن اليوم وافترقوا ، وختم القاسم يوم السابع من ورود الكتاب ، واشتدّت به في
ذلك اليوم العلّة ، واستند في فراشه إلى الحائط ، وكان ابنه الحسن بن القاسم مدمنا
على شرب الخمر ، وكان متزوّجا إلى أبي جعفر بن حمدون الهمدانيّ ، وكان جالسا ورداؤه
مستور على وجهه في ناحية من الدار وأبو حامد في ناحية ، وأبو عليّ بن جحدر وأنا
وجماعة من أهل البلد نبكي ، إذا اتّكأ القاسم على يديه إلى خلف ، وجعل يقول : يا
محمّد يا عليّ يا حسن يا حسين يا مواليّ كونوا شفعائي إلى الله عزوجل ، وقالها الثانية. وقالها الثالثة ، فلمّا بلغ في
الثالثة : يا موسى يا عليّ ، تفرقعت أجفان عينيه كما يفرقع الصبيان شقائق النعمان
، وانتفخت حدقته ، وجعل يمسح بكمّه عينيه ، وخرج من عينيه شبيه بماء اللحم ، ثمّ
مدّ طرفه إلى ابنه فقال : يا حسن إليّ يا با حامد إليّ يا با عليّ ، فاجتمعنا حوله
ونظرنا إلى الحدقتين صحيحتين ، فقال له أبو حامد : تراني ، وجعل يده على كلّ واحد
منّا.
وشاع الخبر في
الناس والعامّة وأتاه الناس من العوام ينظرون إليه.
وركب القاضي
إليه ، وهو أبو السائب عتبة بن عبيد الله المسعوديّ ، وهو قاضي القضاة ببغداد فدخل
عليه ، فقال له : يا أبا محمّد ما هذا الّذي بيدي ، وأراه خاتما فصّه فيروزج
فقرّبه منه ، فقال : عليه ثلاثة أسطر ، فتناوله القاسم رحمهالله فلم يمكنه قراءته ، فخرج الناس متعجّبين يتحدّثون
بخبره.
إلى أن قال :
فلمّا كان في يوم الأربعين وقد طلع الفجر ، مات القاسم ؛ ، فوافاه عبد الرحمن يعدو
في الأسواق حافيا حاسرا وهو يصيح : وا سيّداه ، فاستعظم الناس ذلك منه ، وجعل
الناس يقولون : ما الّذي تفعل بذلك؟ فقال : اسكتوا ، فقد رأيت ما لم تروه ، وتشيّع
ورجع عمّا كان عليه ، ووقّف الكثير من ضياعه .
__________________
سورة السجدة
الآية الاولى
قوله سبحانه : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ
مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
٦٩٧ ـ روى
العلّامة البحرانيّ رحمهالله عن محمّد بن الحسن الشيباني في «كشف البيان» قال : روي
عن جعفر الصادق عليهالسلام في معنى الآية : إنّ الأدنى القحط والجدب ، والأكبر : خروج
القائم المهديّ عليهالسلام بالسيف في آخر الزمان .
٦٩٨ ـ روى عليّ
بن إبراهيم القمّيّ رحمهالله في قوله تعالى : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ
مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) الآية ، قال : العذاب الأدنى عذاب الرجعة بالسيف ،
ومعنى قوله : (لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ) يعني فإنّهم يرجعون في الرجعة حتّى يعذّبوا .
٦٩٩ ـ روى
محمّد بن العبّاس بإسناده عن مفضّل بن عمر ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ
مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) قال : الأدنى غلاء السعر ، والأكبر المهديّ بالسيف .
الآية الثانية
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا
أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً
__________________
تَأْكُلُ
مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ).
٧٠٠ ـ روى عليّ
بن إبراهيم القمّيّ في قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا
أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ) قال : الأرض الخراب ، وهو مثل ضربه الله في الرجعة
والقائم عليهالسلام ، فلمّا أخبرهم رسول الله صلىاللهعليهوآله بخبر الرجعة قالوا : (مَتى هذَا الْفَتْحُ
إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
قوله سبحانه : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ
كُنْتُمْ صادِقِينَ* قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا
إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ).
٧٠١ ـ روى
محمّد بن العبّاس بإسناده عن ابن درّاج ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول في قول الله عزوجل : (قُلْ يَوْمَ
الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) : يوم الفتح يوم تفتح الدنيا على القائم لا ينفع أحدا
تقرّب بالإيمان ما لم يكن قبل ذلك مؤمنا وبهذا الفتح موقنا ، فذلك الّذي ينفعه
إيمانه ، ويعظم عند الله قدره وشأنه ، وتزخرف له يوم البعث جنانه ، وتحجب عنه
نيرانه ، وهذا أجر الموالين لأمير المؤمنين ولذرّيته الطيّبين صلوات الله عليهم
أجمعين .
٧٠٢ ـ روى
الثقة الصفّار رحمهالله خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليهالسلام تسمّى المخزون ، جاء فيها : وتخرج لهم الأرض كنوزها ،
ويقول القائم عليهالسلام كلوا هنيئا بما أسلفتم في الأيّام الخالية ، فالمسلمون
يومئذ أهل صواب للدين أذن لهم في الكلام ، فيومئذ تأويل هذه الآية : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا
صَفًّا) فلا يقبل الله يومئذ إلّا دينه الحقّ ، ألا لله الدّين
الخالص ، فيومئذ تأويل هذه الآية : (أَوَلَمْ يَرَوْا
أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً
تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ* وَيَقُولُونَ
مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ
الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ* فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ
وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ).
__________________
سورة الأحزاب
الآية الاولى
قوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى
بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا
الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ
ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً).
المهديّ عليهالسلام أولى بالمؤمنين من أنفسهم
٧٠٣ ـ
وبالإسناد عن الثماليّ ، عن الكابليّ ، عن عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن
عليّ عليهمالسلام ، قال :
دخلت على رسول
الله صلىاللهعليهوآله وهو متفكّر مغموم ، فقلت : يا رسول الله ما لي أراك
متفكّرا!
فقال : يا بني
إنّ الروح الأمين قد أتاني فقال : يا رسول الله ، العليّ الأعلى يقرئك السلام
ويقول لك : إنّك قد قضيت نبوّتك واستكملت أيّامك ، فاجعل الاسم الأكبر وميراث
العلم وآثار علم النبوّة عند عليّ بن أبي طالب ، فإنّي لا أترك الأرض إلّا وفيها
عالم تعرف به طاعتي وتعرف به ولايتي ، فإنّي لم أقطع علم النبوّة من الغيب من
ذرّيّتك ، كما لم أقطعها
__________________
من ذرّيات الأنبياء الّذين كانوا بينك وبين أبيك آدم ، قلت : يا رسول الله
فمن يملك هذا الأمر بعدك؟ قال : أبوك عليّ بن أبي طالب أخي وخليفتي ، ويملك بعد
عليّ الحسن ، ثمّ تملكه أنت وتسعة من صلبك ، يملكه اثنا عشر إماما ، ثمّ يقوم
قائمنا يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، يشفي صدور قوم مؤمنين من
شيعته .
٧٠٤ ـ روى
بالإسناد عن سهل بن سعد الأنصاريّ ، قال : سألت فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول لعليّ عليهالسلام : يا عليّ أنت الإمام والخليفة بعدي ، وأنت أولى
بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضيت فابنك الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى
الحسن فالحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى الحسين فابنه عليّ بن الحسين
أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى محمّد فابنه جعفر أولى بالمؤمنين من أنفسهم ،
فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى موسى فابنه عليّ
أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى موسى فابنه عليّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم ،
فإذا مضى عليّ فابنه محمّد أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى محمّد فابنه عليّ
أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فإذا مضى عليّ فابنه الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم ،
فإذا مضى الحسن فالقائم المهديّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، يفتح الله به مشارق
الأرض ومغاربها ، فهم أئمّة الحقّ وألسنة الصدق ، منصور من نصرهم ، مخذول من خذلهم
.
٧٠٥ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن ثابت الثماليّ ، عن عليّ بن الحسين بن عليّ
بن أبي طالب عليهالسلام أنّه قال : فينا نزلت هذه الآية : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ
أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) وفينا نزلت هذه الآية : (وَجَعَلَها كَلِمَةً
باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) والإمامة في عقب الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهماالسلام إلى يوم القيامة ، وانّ للقائم منّا غيبتين إحداهما
أطول من الاخرى. أمّا الاولى فستّة أيّام ، أو ستّة أشهر ، أو ستّ سنين ، وأمّا
الاخرى فيطول أمدها حتّى يرجع عن هذا الأمر أكثر من يقول به ، فلا يثبت عليه إلّا
من قوي يقينه وصحت معرفته ولم يجد في نفسه حرجا ممّا قضينا ، وسلّم لنا أهل البيت .
__________________
الآية الثانية
قوله تعالى : (هُنالِكَ ابْتُلِيَ
الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً).
ابتلاء المؤمنين في غيبة المهديّ عليهالسلام
٧٠٦ ـ روى
العلّامة الطبرسيّ رحمهالله قال : جاء بعض الزنادقة إلى أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام وقال له : لو لا ما في القرآن من الاختلاف والتناقض
لدخلت في دينكم ، فقال له عليهالسلام في حديث طويل جاء فيه : أما إنّه سيأتي على الناس زمان
يكون الحقّ فيه مستورا ، والباطل ظاهرا مشهورا ، وذلك إذا كان أولى الناس بهم
أعداهم له ، واقترب الوعد الحقّ ، وعظم ظاهرا مشهورا ، وذلك إذا كان أولى الناس
بهم أعداهم له ، واقترب الوعد الحقّ ، وعظم الإلحاد وظهر الفساد ، (هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ
وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً) ، ونحلهم الكفّار أسماء الأشرار ، فيكون جهد المؤمن أن
يحفظ مهجته من أقرب الناس إليه ، ثمّ يتيح الفرج لأوليائه ، ويظهر صاحب الأمر على
أعدائه .
قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ
الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).
٧٠٧ ـ روى أبو
القاسم عليّ بن محمّد الخزّاز القمي الرازيّ من علماء القرن الرابع بإسناده عن
جابر بن عبد الله الأنصاريّ ، قال :
كنت عند النبيّ
صلىاللهعليهوآله في بيت أم سلمة ، فأنزل الله هذه الآية (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فدعا النبيّ عليهالسلام بالحسن والحسين وفاطمة وأجلسهم بين يديه ، فدعا عليّا
فأجلسه خلف ظهره وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.
فقالت أم سلمة
: وأنا معهم يا رسول الله؟
فقال لها :
إنّك الى خير.
فقلت : يا رسول
الله لقد أكرم الله هذه العترة الطاهرة والذرّية المباركة بذهاب الرجس عنهم.
قال : يا جابر
لأنّهم عترتي من لحمي ودمي ، فأخي سيّد الأوصياء ، وابنيّ خير
__________________
الاسباط ، وابنتي سيّدة النسوان ، ومنا المهديّ.
قلت : يا رسول
الله ومن المهديّ؟
قال : تسعة من
صلب الحسين أئمّة أبرار ، والتاسع قائمهم ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا ،
يقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل .
المهديّ من أهل البيت
٧٠٨ ـ روى
الحافظ أحمد بن حنبل بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تقوم الساعة حتّى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا ، قال
: ثمّ يخرج رجل من عترتي أو من أهل بيتي ، يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما
وعدوانا .
٧٠٩ ـ وروى
أحمد بن حنبل بإسناده عن عبد الله ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، قال : لا تقوم الساعة حتّى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ
اسمه اسمي .
٧١٠ ـ روى
الشيخ الطوسيّ قدسسره بإسناده عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تذهب الدنيا حتّى يلي امّتي رجل من أهل بيتي يقال
له المهديّ .
٧١١ ـ روى أحمد
بن حنبل بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تقوم الساعة حتّى يملك رجل من أهل بيتي ، أجلى
أقنى ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت قبله ظلما يكون سبع سنين .
٧١٢ ـ روى
الإمام أحمد بن حنبل بإسناده عن أبي سعيد ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : تملأ الأرض ظلما وجورا ، ثمّ يخرج رجل من عترتي ،
يملك سبعا أو تسعا ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا .
٧١٣ ـ روى
الحافظ أبو نعيم بإسناده عن أبي الصدّيق ، عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه ، قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لتملأنّ الأرض ظلما وعدوانا ، ثمّ ليخرجنّ من أهل
بيتي ـ
__________________
أو قال : من عترتي ـ من يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا .
٧١٤ ـ روى
العلّامة سبط ابن الجوزي مرسلا عن عبد العزيز بن محمود بن البزّاز ، عن ابن عمر ،
قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي ، اسمه كاسمي وكنيته
ككنيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا .
٧١٥ ـ روى
الداني بالإسناد عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدريّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يقوم في آخر الزمان رجل من عترتي شابّ حسن الوجه أجلى
الجبين أقنا الأنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، ويملك ـ كذا ـ
سبع سنين .
٧١٦ ـ روى
الشيخ الطوسيّ أعلى الله مقامه بإسناده من طريق العامّة عن عمارة بن جوين العبديّ
، عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول على المنبر : إنّ المهديّ من عترتي ، من أهل بيتي
، يخرج في آخر الزمان ، ينزل الله له من السماء قطرها ، ويخرج له من الأرض بذرها ،
فيملأ الأرض عدلا وقسطا ، كما ملأها القوم ظلما وجورا .
٧١٧ ـ روى
الشيخ الطوسيّ رحمهالله بإسناده من طريق العامة عن قتادة ، عن أبي نضرة ، عن
جابر بن عبد الله الأنصاريّ ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : المهديّ يخرج في آخر الزمان .
٧١٨ ـ روى
الإمام أحمد بن حنبل بإسناده عن زر بن حبيش ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تنقضي الأيّام ولا يذهب الدهر حتّى يملك العرب رجل
من أهل بيتي ، اسمه يواطئ اسمي .
٧١٩ ـ روى ابن
أبي شيبة بإسناده من طريق العامّة ، عن أبي الطفيل ، عن عليّ عليهالسلام ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : لو لم يبق من الدهر إلّا يوم ، لبعث الله رجلا من
أهل بيتي يملؤها عدلا كما ملئت جورا .
٧٢٠ ـ روى ابن
حبّان بإسناده عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لو لم يبق من الدنيا إلّا ليلة ، لملك فيها رجل من
أهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله .
__________________
٧٢١ ـ روى ابن
حمّاد ، بإسناده عن أبي الصدّيق ، عن أبي سعيد ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، قال :
المهديّ منّي
أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يملك سبع
سنين .
٧٢٢ ـ روى
الديلميّ بإسناده عن حذيفة ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : المهديّ رجل من ولدي ، وجهه كالقمر الدرّي ، اللون
لون عربيّ ، والجسم جسم إسرائيليّ ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، يرضى بخلافته
أهل السماء وأهل الأرض والطير في الهواء ، يملك عشرين سنة .
٧٢٣ ـ روى
الإمام أبو عمرو الداني في سننه بإسناده عن الحسن بن مرثد السعديّ ، عن أبي سعيد
الخدريّ ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يخرج رجل من امّتي يعمل بسنّتي ، ينزل الله له البركة
من السماء ، وتخرج له الأرض بركتها ، يملأ الأرض عدلا ، كما ملئت جورا ، يعمل سبع
سنين على هذه الامّة ، وينزل بيت المقدّس .
٧٢٤ ـ روى
البخاريّ بإسناده عن امّ سلمة زوج النبيّ صلىاللهعليهوآله ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، أنّه قال : المهديّ حقّ وهو من ولد فاطمة .
٧٢٥ ـ روى
الحافظ أبو نعيم في صفة المهديّ عليهالسلام ، قال : وعن حذيفة قال : خطبنا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فذكرنا رسول الله بما هو كائن ، ثمّ قال : لو لم يبق
من الدنيا إلّا يوم واحد ، لطوّل الله عزوجل ذلك اليوم حتّى يبعث فيه رجلا من ولدي اسمه اسمي ، فقام
سلمان رضى الله عنه فقال : يا رسول الله من أيّ ولدك؟ قال : من ولدي هذا ، وضرب
بيده على الحسين عليهالسلام .
٧٢٦ ـ روى أبو
الفرج الاصبهانيّ بإسناده عن الوليد بن محمّد الموقّريّ ، قال : كنت مع الزهريّ
بالرصافة ، فسمع أصوات لعّابين فقال لي : يا وليد انظر ما هذا؟ فأشرفت من كوّة في
بيته فقلت : هذا رأس زيد بن عليّ ، فاستوى جالسا ثمّ قال : أهلك أهل هذا البيت
العجلة ، فقلت : أو يملكون؟ قال : حدّثني عليّ بن الحسين ، عن أبيه ، عن فاطمة ،
أنّ رسول
__________________
الله صلىاللهعليهوآله قال لها : المهديّ من ولدك .
٧٢٧ ـ روى ابن
أبي شيبة باسناده عن عليّ عليهالسلام ، عن النّبيّ صلىاللهعليهوآله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
المهديّ منّا
أهل البيت ، يصلحه الله في ليلة .
٧٢٨ ـ روى
الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه وبإسناده عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة ، عن أبيه
محمّد ، عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : المهديّ منّا أهل البيت ، يصلح الله له أمره في ليلة.
وفي رواية اخرى
: «يصلحه الله في ليلة» ، فروي عن الصادق عليهالسلام أنّه قال لبعض أصحابه : كن لما لا ترجو أرجى منك لما
ترجو ، فإنّ موسى بن عمران عليهالسلام خرج ليقتبس لأهله نارا ، فرجع إليهم وهو رسول نبيّ ،
فأصلح الله تبارك وتعالى أمر عبده ونبيّه موسى عليهالسلام في ليلة ، وهكذا يفعل الله تبارك وتعالى بالقائم الثاني
عشر من الأئمّة عليهمالسلام ، يصلح أمره في ليلة كما أصلح أمر نبيّه موسى عليهالسلام ، ويخرجه من الحيرة والغيبة إلى نور الفرج والظهور .
٧٢٩ ـ روى
الحافظ ابن ماجة ، بإسناده عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم ، لطوّله الله عزوجل حتّى يملك رجل من أهل بيتي ، يملك جبل الديلم
والقسطنطينيّة .
٧٣٠ ـ روى
النعمانيّ رحمهالله بإسناده عن أبان بن عثمان ، قال : قال أبو عبد الله
جعفر بن محمّد عليهماالسلام : بينا رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم في البقيع حتّى أقبل عليّ عليهالسلام فسأل عن رسول الله صلىاللهعليهوآله فقيل إنّه بالبقيع ، فأتاه عليّ عليهالسلام فسلّم عليه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : اجلس ، فأجلسه عن يمينه ، ثمّ جاء جعفر بن أبي طالب
فسأل عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقيل له هو بالبقيع ، فأتاه فسلّم عليه ، فأجلسه عن
يساره ، ثمّ جاء العبّاس فسأل عن رسول الله صلىاللهعليهوآله فقيل له هو بالبقيع ، فأتاه فسلّم عليه فأجلسه أمامه ،
ثمّ التفت رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى عليّ عليهالسلام فقال : ألا ابشّرك؟ ألا اخبرك يا عليّ؟ فقال : بلى يا
رسول الله.
__________________
فقال : كان
جبرئيل عليهالسلام عندي آنفا ، وأخبرني أنّ القائم الّذي يخرج في آخر
الزمان فيملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا من ذرّيتك من ولد الحسين عليهالسلام. فقال عليّ عليهالسلام : يا رسول الله ما أصابنا خير قطّ من الله إلّا على
يديك.
ثمّ التفت رسول
الله صلىاللهعليهوآله إلى جعفر بن أبي طالب فقال : يا جعفر ألا ابشّرك؟ ألا
اخبرك؟ قال : بلى يا رسول الله. فقال : كان جبرئيل عندي آنفا ، فأخبرني أنّ الّذي
يدفعها إلى القائم من ذرّيتك ، أتدري من هو؟ قال : لا ، قال : ذاك الّذي وجهه
كالدينار ، وأسنانه كالمنشار ، وسيفه كحريق النار ، يدخل الجند ذليلا ، ويخرج منه
عزيزا ، يكتنفه جبرئيل وميكائيل.
ثمّ التفت إلى
العبّاس فقال : يا عمّ النبيّ ألا اخبرك بما أخبرني به جبرئيل عليهالسلام؟ فقال : بلى يا رسول الله ، قال لي جبرئيل : ويل
لذرّيتك من ولد العبّاس! فقال : يا رسول الله أفلا أجتنب النساء؟ فقال له : (قد)
فرغ الله ممّا هو كائن .
٧٣١ ـ روى يحيى
بن عبد الحميد بإسناده عن أبي أيّوب الأنصاريّ ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لفاطمة عليهاالسلام : إنّا أهل بيت اعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من
الأوّلين قبلنا ، ولا يدركها أحد من الآخرين غيرنا : نبيّنا خير الأنبياء ، وهو
أبوك ، ووصيّنا خير الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عمّك ، ومن
له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث يشاء وهو جعفر بن أبي طالب ابن عمّك ، ومنّا
سبطا هذه الامّة ، ومهديّهم ولدك .
٧٣٢ ـ روى
الحافظ ابن ماجة بإسناده عن أنس بن مالك ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : نحن ولد عبد المطّلب سادة أهل الجنّة : أنا
وحمزة وعليّ وجعفر والحسن والحسين والمهديّ .
٧٣٣ ـ روى ثقة
الإسلام الكليني رحمهالله بإسناده عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : خرج النبيّ صلىاللهعليهوآله ذات يوم وهو مستبشر يضحك سرورا ، فقال له الناس : أضحك
الله سنّك يا رسول الله وزادك سرورا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : انّه ليس من يوم ولا ليلة إلّا ولي فيها تحفة من الله
، ألا وإنّ ربّي أتحفني في يومي هذا بتحفة لم يتحفني بمثلها فيما مضى ،
__________________
إنّ جبرئيل أتاني فأقرأني من ربّي السلام وقال : يا محمّد إنّ الله عزوجل اختار من بني هاشم سبعة ، لم يخلق مثلهم فيمن مضى ولا يخلق
مثلهم فيمن بقي ، أنت يا رسول الله سيّد النبيّين ، وعليّ بن أبي طالب وصيّك سيّد
الوصيّين ، والحسن والحسين سبطاك سيّدا الأسباط ، وحمزة عمّك سيّد الشهداء ، وجعفر
ابن عمّك الطيّار في الجنّة يطير مع الملائكة حيث يشاء ، ومنكم القائم يصلّي عيسى
بن مريم خلفه إذا أهبطه الله إلى الأرض من ذرّية عليّ وفاطمة ، من ولد الحسين .
٧٣٤ ـ روى
الحافظ الطبرانيّ بإسناده عن سفيان بن عيينة ، عن عليّ بن عليّ المكّيّ الهلاليّ ،
عن أبيه قال : قال : دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله في شكاته الّتي قبض فيها ، فإذا فاطمة رضي الله عنها
عند رأسه ، قال : فبكت حتّى ارتفع صوتها ، فرفع رسول الله صلىاللهعليهوآله طرفه إليها فقال : حبيبتي فاطمة ما الّذي يبكيك؟ فقالت
أخشى الضيعة من بعدك.
فقال : يا
حبيبتي أما علمت أنّ الله عزوجل اطّلع إلى الأرض اطّلاعة فاختار منها أباك فبعثه
برسالته ، ثمّ اطّلع اطّلاعة فاختار منها بعلك وأوحى إليّ أن أنكحك إيّاه ، يا
فاطمة : ونحن أهل بيت قد أعطانا الله سبع خصال لم يعط أحد قبلنا ، ولا يعطى أحد
بعدنا : أنا خاتم النبيّين وأكرم النبيّين على الله ، وأحبّ المخلوقين إلى الله عزوجل وأنا أبوك ، ووصيّي خير الأوصياء وأحبّهم إلى الله وهو
بعلك ، وشهيدنا خير الشهداء وأحبّهم إلى الله وهو عمّك حمزة بن عبد المطّلب ، وهو
عمّ أبيك وعمّ بعلك ، ومنّا من له جناحان أخضران يطير في الجنّة مع الملائكة حيث
يشاء ، وهو ابن عمّ أبيك وأخو بعلك ، ومنّا سبطا هذه الامّة وهما ابناك الحسن والحسين
وهما سيّدا شباب أهل الجنّة ، وأبوهما ـ والّذي بعثني بالحقّ ـ خير منهما.
يا فاطمة ،
والّذي بعثني بالحقّ إنّ منهما مهديّ هذه الامّة ، إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا ،
وتظاهرت الفتن ، وتقطّعت السبل ، وأغار بعضهم على بعض ، فلا كبير يرحم صغيرا ، ولا
صغير يوقّر كبيرا ، فيبعث الله عزوجل عند ذلك منهما من يفتتح حصون الضلالة وقلوبا غلفا ،
يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أوّل الزمان ، ويملأ الدنيا
__________________
عدلا كما ملئت جورا ... الحديث .
٧٣٥ ـ روى ابن
حمّاد بإسناده عن قتادة ، قال : قلت لسعيد بن المسيّب : المهديّ حقّ هو؟ قال : حقّ
قال : قلت : ممّن هو؟ قال : من قريش ، قلت : من أيّ قريش؟ قال : من بني هاشم ، قلت
: من أيّ بني هاشم؟ قال : من بني عبد المطّلب ، قلت : من أيّ عبد المطّلب؟ قال : من
ولد فاطمة .
٧٣٦ ـ روى
الطبريّ بإسناده عن محمّد بن سنان الزهريّ ، عن سيّدنا أبي عبد الله جعفر بن محمّد
، عن أبيه ، عن جدّه ، عن أبيه الحسين ، عن عمّه الحسن ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أنّه قال : إذا توالت أربعة أسماء من الأئمّة من ولدي
، محمّد وعليّ والحسن ، فرابعها هو القائم المأمول المنتظر .
٧٣٧ ـ روى
مرسلا عن أبي هريرة مرفوعا : فلو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله ذلك
اليوم حتّى يأتيهم رجل من أهل بيتي ، تكون الملائكة بين يديه ويظهر الإسلام .
٧٣٨ ـ روى
الشيخ الصدوق ؛ بإسناده عن عبد الله بن عمر ، قال : سمعت الحسين بن عليّ عليهماالسلام يقول : كذلك سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم واحد ، لطوّل الله
عزوجل ذلك اليوم حتّى يخرج رجل من ولدي ، فيملؤها عدلا وقسطا
كما ملئت جورا وظلما .
٧٣٩ ـ روى عبد
الرزاق بإسناده عن أبي سعيد الخدريّ ، قال : عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : المهديّ منّا أهل البيت ، أشمّ الأنف أقنى ، أجلى
، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، يعيش هكذا ـ وبسط يساره واصبعين من
يمينه : المسبّحة والإبهام ، وعقد ثلاثة .
٧٤٠ ـ روى أبو
يعلى ، بإسناده عن أبي هريرة ، قال : حدّثني خليلي أبو القاسم صلىاللهعليهوآله قال : لا تقوم الساعة حتّى يخرج عليهم رجل من أهل بيتي
فيضربهم حتّى يرجعوا إلى الحقّ ،
__________________
قال قلت : وكم يكون؟ قال : خمس واثنين ، قال قلت : ما خمس واثنين؟ قال : لا
أدري .
٧٤١ ـ روى ابن
حبّان بإسناده عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر ، عن عبد الله ، قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : يخرج رجل من امّتي يواطئ اسمه اسمي وخلقه خلقي ،
فيملؤها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا .
٧٤٢ ـ روي عن
النبيّ صلىاللهعليهوآله مرسلا ، أنّه قال : المهديّ من ولدي ابن أربعين سنة ،
كأنّ وجهه كوكب درّي في خدّه الأيمن خال أسود ، عليه عباءتان قطوانيتان ، كأنّه من
رجال بني إسرائيل ، يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك .
٧٤٣ ـ روى
الطبريّ بإسناده عن أبان ، عن أنس بن مالك ، قال : خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات يوم فرأى عليّا عليهالسلام فوضع يده بين كتفيه ، ثمّ قال : يا عليّ ، لو لم يبق من
الدنيا إلّا يوم واحد ، لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يملك رجل من عترتك يقال له
المهديّ ، يهدي إلى الله عزوجل ويهتدي به العرب ، كما هديت أنت الكفّار والمشركين من
الضلالة ، ثمّ قال : ومكتوب على راحتيه ، بايعوه فإنّ البيعة لله عزوجل .
٧٤٤ ـ روى ابن
حمّاد بإسناده عن أبي معبد ، عن ابن عبّاس ، قال : المهديّ شابّ منّا أهل البيت .
٧٤٥ ـ وروى ابن
حمّاد عن أبي سعيد الخدريّ ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : وهو رجل من عترتي ـ أو قال : من أهل بيتي .
٧٤٦ ـ روى ابن
أبي شيبة بإسناده عن إبراهيم بن محمّد بن الحنفيّة ، عن أبيه ، عن عليّ عليهالسلام ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : المهديّ منّا أهل البيت ، يصلحه الله في ليلة .
٧٤٧ ـ روى ابن
حمّاد بإسناده عن علقمة ، عن عبد الله رضى الله عنه ، قال : بينما نحن عند رسول
الله صلىاللهعليهوآله ، إذ جاء فتية من بني هاشم ، فتغيّر لونه ، فقلنا : يا
رسول الله نرى في وجهك شيئا نكرهه ، فقال : إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة
على الدنيا ، وانّ أهل بيتي هؤلاء سيقتلون
__________________
(سيلقون) بعدي بلاء وتطريدا وتشريدا ، حتّى يأتي قوم من هاهنا ، من نحو
المشرق ، أصحاب رايات سود ، يسألون الحقّ فلا يعطونه ، مرّتين أو ثلاثا ، فيقاتلون
فينصرون ، فيعطون ما سألوا فلا يقبلوه ، حتّى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي ،
فيملؤها عدلا كما ملئوها ظلما ، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج
فإنّه المهديّ .
مولد الإمام المهديّ عليهالسلام طاهرا مطهّرا
٧٤٨ ـ روى
الشيخ الصدوق بإسناده عن محمّد بن عثمان العمريّ قدّس الله روحه ، أنّه قال : ولد
السيّد عليهالسلام مختونا ، وسمعت حكيمة تقول : لم ير بامّه دم في نفاسها
، وهكذا سبيل امّهات الأئمّة عليهمالسلام .
٧٤٩ ـ روى
الصدوق رحمهالله عن محمّد بن الحسن الكرخيّ ، قال : سمعت أبا هارون رجلا
من أصحابنا يقول : رأيت صاحب الزمان عليهالسلام ووجهه يضيء كأنّه القمر ليلة البدر ، ورأيت على سرّته
شعرا يجري كالخطّ ، وكشفت الثوب عنه فوجدته مختونا ، فسألت أبا محمّد عليهالسلام عن ذلك فقال : هكذا ولد ، وهكذا ولدنا ، ولكنّا سنمرّ
الموسى عليه لإصابة السنّة .
٧٥٠ ـ وروى
الصدوق رحمهالله بإسناده عن الحسن بن الحسين العلويّ ، قال : دخلت على
أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهماالسلام بسرّ من رأى فهنّأته بولادة ابنه القائم عليهالسلام .
٧٥١ ـ وروى
الصدوق ؛ بإسناده عن غياث بن أسيد ، قال : شهدت محمّد بن عثمان العمري قدّس الله
روحه يقول : لمّا ولد الخلف المهديّ عليهالسلام سطع نور من فوق رأسه إلى أعنان السماء ، ثمّ سقط لوجهه
ساجدا لربّه تعالى ذكره ، ثمّ رفع رأسه وهو يقول : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ
لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا
إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ* إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ
الْإِسْلامُ) قال : وكان مولده يوم الجمعة .
__________________
٧٥٢ ـ وروى
الصدوق رحمهالله بإسناده عن حمزة بن أبي الفتح ، قال : جاءني يوما فقال
لي : البشارة ولد البارحة في الدار مولود لأبي محمّد عليهالسلام وأمر بكتمانه ، قلت : وما اسمه؟ قال : سمّي بمحمّد
وكنّي بجعفر .
٧٥٣ ـ روى
الصدوق رحمهالله بإسناده عن أحمد بن الحسن بن إسحاق القمّيّ ، قال : لمّا
ولد الخلف الصالح عليهالسلام ورد عن مولانا أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهماالسلام إلى جدّي أحمد بن إسحاق كتاب ، فإذا فيه مكتوب بخطّ يده
عليهالسلام الّذي كان ترد به التوقيعات عليه ، وفيه : ولد لنا
مولود ، فليكن عندك مستورا وعن جميع الناس مكتوما ، فإنّا لم نظهر عليه إلّا
الأقرب لقرابته ، والوليّ لولايته ، أحببنا إعلامك ليسرّك الله به مثل ما سرّنا به
، والسلام .
٧٥٤ ـ روى
الصدوق رحمهالله بإسناده عن نسيم ومارية ، قالتا : انّه لمّا سقط صاحب
الزمان عليهالسلام من بطن امّه جاثيا على ركبتيه ، رافعا سبّابتيه إلى
السماء ، ثمّ عطس فقال : الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله ، زعمت
الظلمة أنّ حجّة الله داحضة ، لو أذن لنا في الكلام لزال الشكّ.
قال إبراهيم بن
محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر عليهالسلام ـ راوي الحديث ـ وحدّثتني نسيم خادم أبي محمّد عليهالسلام ، قالت : قال لي صاحب الزمان عليهالسلام وقد دخلت عليه بعد مولده بليلة ، فعطست عنده فقال لي :
يرحمك الله ، قالت : نسيم ففرحت بذلك ، فقال لي عليهالسلام : ألا ابشّرك في العطاس؟ فقلت : بلى يا مولاي ، فقال :
هو أمان من الموت ثلاثة أيّام .
الآية الثالثة
قوله سبحانه : (مَلْعُونِينَ
أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً* سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ
خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً).
٧٥٥ ـ روى
العلّامة ابن أبي الحديد المعتزلي مرسلا ، قال : وهذه الخطبة ذكرها جماعة من أصحاب
السير وهي متداولة منقولة مستفيضة ، خطب بها عليّ عليهالسلام بعد انقضاء أمر النهروان ، وفيها ألفاظ لم يوردها الرضي
؛ ، ومنها : فانظروا أهل بيت نبيّكم ، فإن لبدوا فالبدوا ، وان استنصروكم فانصروهم
، فليفرّجنّ الله الفتنة برجل منّا أهل البيت ، بأبي ابن
__________________
خيرة الإماء ، لا يعطيهم إلّا السيف هرجا هرجا ، موضوعا على عاتقه ثمانية
أشهر ، حتّى تقول قريش : لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا ، يغريه الله ببني اميّة
حتّى يجعلهم حطاما ورفاتا ، (مَلْعُونِينَ
أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً* سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ
خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً).
الآية الرابعة
قوله تعالى : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ
السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً).
٧٥٦ ـ في حديث
للمفضّل بن عمر رحمهالله ، قال : سألت الصادق عليهالسلام : هل للمأمور المنتظر المهديّ عليهالسلام من وقت موقّت يعلمه الناس؟ فقال : حاش لله أن يوقّت
ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا. قلت : يا سيّدي ولم ذاك؟
قال : لأنّه هو
الساعة الّتي قال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ
السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها
لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الآية ، وهو الساعة الّتي قال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ
مُرْساها) وقال : (عِنْدَهُ عِلْمُ
السَّاعَةِ) ولم يقل أنّها عند أحد ، وقال : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ
أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) ، وقال : (اقْتَرَبَتِ
السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) ، وقال : (ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ
السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) ، (يَسْتَعْجِلُ بِهَا
الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها
وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ
لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ).
قلت : فما معنى
يمارون؟
قال : يقولون
متى ولد؟ ومن رأى؟ وأين يكون؟ ومتى يظهر؟ وكلّ ذلك استعجالا لأمر الله ، وشكّا في
قضائه ، ودخولا في قدرته ، اولئك الّذين خسروا الدنيا وإنّ للكافرين لشرّ مآب.
قلت : أفلا
يوقّت له وقت؟
فقال : يا
مفضّل لا اوقّت له وقتا ولا يوقّت له وقت ، إنّ من وقّت لمهديّنا وقتا فقد
__________________
شارك الله تعالى في علمه ، وادّعى أنّه ظهر على سرّه ، وما لله من سرّ إلّا
وقد وقع إلى هذا الخلق المعكوس الضالّ عن الله الراغب عن أولياء الله ، وما لله من
خبر إلّا وهم أخصّ به لسرّه ، وهو عندهم وإنّما ألقى الله اليهم ليكون حجّة عليهم
... الخ (الحديث طويل وقد أخذنا منه موضع الحاجة) .
__________________
سورة سبأ
الآية الاولى
قوله سبحانه : (وَجَعَلْنا
بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا
فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ).
٧٥٧ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن أبي زهير بن شبيب بن أنس ، عن بعض أصحابه ،
عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام إذ دخل عليه من كندة فاستفتاه في مسألة فأفتاه فيها ،
فعرفت الغلام والمسألة ، فقدمت الكوفة ، فدخلت على أبي حنيفة فإذا ذاك الغلام
بعينه يستفتيه في تلك المسألة بعينها ، فأفتاه فيها بخلاف ما أفتاه أبو عبد الله عليهالسلام ، فقمت اليه فقلت : ويلك يا أبا حنيفة إنّي كنت العامّ
حاجّا ، فأتيت أبا عبد الله عليهالسلام مسلّما عليه فوجدت هذا الغلام يستفتيه في هذه المسألة
بعينها ، فأفتاه بخلاف ما أفتيته!
فقال : وما
يعلم جعفر بن محمّد؟! أنا أعلم منه ، أنا لقيت الرجال وسمعت من أفواههم ، وجعفر بن
محمّد صحفيّ أخذ العلم من الكتب!!
فقلت في نفسي :
والله لأحجّنّ ولو حبوا. قال : فكنت في طلب حجّة ، فجاءتني حجّة فحججت. فأتيت أبا
عبد الله عليهالسلام فحكيت له الكلام ، فضحك ثمّ قال : أمّا في قوله أنّي
__________________
رجل صحفيّ فقد صدق! قرأت صحف آبائي ابراهيم وموسى ، فقلت : ومن له بمثل تلك
الصحف.
قال : فما لبثت
أن طرق الباب طارق وكان عنده جماعة من أصحابه ، فقال الغلام : انظر من ذا ، فرجع
الغلام فقال : أبو حنيفة ، قال : أدخله ، فدخل فسلّم على أبي عبد الله عليهالسلام فردّ عليه ثمّ قال : أصلحك الله ، أتأذن لي في القعود؟
فأقبل عليهالسلام على أصحابه يحدّثهم ولم يلتفت اليه ، ثمّ قال الثانية
والثالثة فلم يلتفت اليه ، فجلس ابو حنيفة من غير اذنه ، فلمّا علم أنّه قد جلس
التفت اليه فقال : أين أبو حنيفة؟ فقيل : هو ذا أصلحك الله.
فقال : أنت
فقيه أهل العراق؟ قال : نعم ، قال : فبما تفتيهم؟ قال : بكتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله.
قال : يا أبا
حنيفة ، تعرف كتاب الله حقّ معرفته وتعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال : نعم. قال : يا
أبا حنيفة لقد ادّعيت علما ، ويلك ما جعل الله ذلك إلّا عند أهل الكتاب الّذين
أنزل عليهم ، ويلك ولا هو إلّا عند الخاصّ من ذرّية نبيّنا صلىاللهعليهوآله ما ورّثك الله من كتابه حرفا ، فإن كنت كما تقول ـ ولست
كما تقول ـ فأخبرني عن قول الله عزوجل : (سِيرُوا فِيها
لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) أين ذلك من الأرض؟
قال : أحسبه ما
بين مكّة والمدينة.
فالتفت أبو عبد
الله عليهالسلام إلى أصحابه فقال : تعلمون أنّ الناس يقطع عليهم بين
المدينة ومكّة فتؤخذ أموالهم ولا يؤمنون على أنفسهم ويقتلون؟ قالوا : نعم. قال :
فسكت أبو حنيفة.
فقال : يا أبا
حنيفة أخبرني عن قول الله عزوجل : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ
آمِناً) أين ذلك من الأرض؟ قال : الكعبة.
قال : أفتعلم
أنّ الحجّاج بن يوسف حين وضع المنجنيق على ابن الزبير في الكعبة فقتله كان آمنا
فيها؟ قال : فسكت ، ثمّ قال له : يا أبا حنيفة ، إذا ورد عليك شيء ليس في كتاب
الله ولم تأت به الآثار والسنّة كيف تصنع؟ فقال : أصلحك الله أقيس وأعلم فيه
__________________
برأيي ، قال : يا أبا حنيفة ، إن أوّل من قاس ابليس الملعون ، قاس على
ربّنا تبارك وتعالى فقال : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ
خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) فسكت أبو حنيفة.
فقال : يا أبا
حنيفة ، أيّما أرجس ، البول أو الجنابة؟ فقال : البول ، فقال : فما بال الناس
يغتسلون من الجنابة ولا يغتسلون من البول؟ فسكت.
فقال : يا أبا
حنيفة ، أيّما أفضل الصلاة أم الصوم؟ قال : الصلاة ، قال : فما بال الحائض تقضي
صومها ولا تقضي صلاتها؟ فسكت.
فقال : يا أبا
حنيفة ، أخبرني عن رجل كانت له أمّ ولد وله منها ابنة ، وكانت له حرّة لا تلد
فزارت الصبيّة بنت أمّ الولد أباها ، فقام الرجل بعد فراغه من صلاة الفجر ، فواقع
أهله الّتي لا تلد وخرج الى الحمّام فأرادت الحرّة أن تكيد أمّ الولد وابنتها عند
الرجل ، فقامت إليها بحرارة ذلك الماء فوقعت عليها وهي نائمة ، فعالجتها كما يعالج
الرجل المرأة ، فعلقت ، أيّ شيء عندك فيها؟ قال : لا والله ما عندي فيها شيء.
فقال : يا أبا
حنيفة ، أخبرني عن رجل كانت له جارية ، فزوّجها من مملوك له وغاب المملوك ، فولد
له من أهله مولود ، وولد للمملوك مولد من أمّ ولد له ، فسقط البيت على الجاريتين
ومات المولى ، من الوارث؟ فقال : جعلت فداك ، لا والله ما عندي فيها شيء.
فقال أبو حنيفة
: أصلحك الله أنّ عندنا قوما بالكوفة يزعمون أنّك تأمرهم بالبراءة من فلان وفلان
وفلان!
فقال : ويلك يا
أبا حنيفة لم يكن هذا ، معاذ الله.
فقال : أصلحك
الله إنّهم يعظمون الأمر فيهما ، قال : فما تأمرني؟ قال : تكتب اليهم ، قال : بما
ذا؟ قال : تسألهم الكفّ عنهما ، قال : لا يطيعوني ، قال : بلى أصلحك الله إذا كنت
أنت الكاتب وأنا الرّسول أطاعوني.
قال : يا أبا
حنيفة أبيت إلّا جهلا ، كم بيني وبين الكوفة من الفراسخ؟ قال : أصلحك الله ما لا
يحصى ، فقال : كم بيني وبينك؟ قال : لا شيء ، قال : أنت دخلت عليّ في منزلي
فاستأذنت في الجلوس ثلاث مرات فلم آذن لك ، فجلست بغير إذني خلافا عليّ ، كيف
__________________
يطيعوني أولئك وهم هناك وأنا هاهنا؟!
قال : فقبّل
رأسه وخرج وهو يقول : أعلم الناس ولم نره عند عالم.
فقال أبو بكر
الحضرميّ : جعلت فداك الجواب في المسألتين الأوليّين.
فقال : يا أبا
بكر (سِيرُوا فِيها
لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) فقال : مع قائمنا أهل البيت ، وأما قوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) فمن بايعه ودخل معه ومسح على يده ودخل في عقد أصحابه
كان آمنا .
الآية الثانية
قوله سبحانه : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا
الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
٧٥٨ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن عبد الرحمن بن سليط ، قال : قال الحسين بن
عليّ بن أبي طالب عليهالسلام :
منّا اثنا عشر
مهديّا ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب ، وآخرهم التاسع من ولدي ، وهو الإمام القائم
بالحقّ ، يحيي الله به الأرض بعد موتها ، ويظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه ولو
كره المشركون. له غيبة يرتدّ فيها أقوام ، ويثبت فيها على الدّين آخرون ، فيؤذون
ويقال لهم : (مَتى هذَا الْوَعْدُ
إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ، أما إنّ الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب ، بمنزلة
المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله .
الآية الثالثة
قوله عزوجل : (وَلَوْ تَرى إِذْ
فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ).
الخسف بجيش السفيانيّ
٧٥٩ ـ روى
الطبريّ في تفسيره بإسناده عن ربعي بن حراش ، قال : سمعت حذيفة بن اليمان يقول :
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ وذكر فتنة بين أهل المشرق والمغرب ـ فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم
السفياني من الوادي اليابس في فوره ذلك ، حتّى ينزل دمشق ، فيبعث جيشين : جيشا إلى
المشرق وجيشا إلى المدينة حتّى ينزلوا بأرض بابل في المدينة
__________________
الملعونة والبقعة الخبيثة ، فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ويبقرون بها أكثر
من مائة امرأة ، ويقتلون بها ثلاثمائة كبش من بني العبّاس. ثمّ ينحدرون إلى الكوفة
، فيخربون ما حولها ، ثمّ يخرجون متوجّهين إلى الشام ، فتخرج راية هدى من الكوفة ،
فتلحق ذلك الجيش منها على الفئتين فيقتلونهم لا يفلت منهم مخبر ، ويستنقذون ما في
أيديهم من السبي والغنائم.
ويخلى جيشه
الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيّام ولياليها ، ثمّ يخرجون متوجّهين إلى مكّة
، حتّى إذا كانوا بالبيداء ، بعث الله سبحانه جبرئيل فيقول يا جبرائيل اذهب فأبدهم
، فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم ، فذلك قوله عزوجل في سورة سبأ : (وَلَوْ تَرى إِذْ
فَزِعُوا فَلا فَوْتَ) الآية ، فلا ينفلت منهم إلّا رجلان أحدهما بشير والآخر
نذير ، وهما من جهينة ، فلذلك جاء القول : فعند جهينة الخبر اليقين .
٧٦٠ ـ روى
العلّامة السيّد ابن طاوس رضوان الله عليه عن عليّ عليهالسلام قال : إذا نزل جيش في طلب الّذين خرجوا إلى مكّة ،
فنزلوا البيداء خسف بهم ويباد بهم ، وهو قوله عزوجل : (وَلَوْ تَرى إِذْ
فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) من تحت أقدامهم ، ويخرج رجل من الجيش في طلب ناقة له ،
ثمّ يرجع إلى الناس ، فلا يجد منهم أحدا ، ولا يحسّ بهم ، وهو الّذي يحدّث الناس
بخبرهم .
٧٦١ ـ وروى
الصفّار رحمهالله خطبة لمولانا أمير المؤمنين تسمّى المخزون جاء فيها : وخروج
السفيانيّ براية خضراء وصليب من ذهب ، أميرها رجل من كلب واثنى عشر ألف عنان من
خيل يحمل السفياني متوجّها إلى مكّة ، والمدينة أميرها أحد من بني اميّة يقال له
خزيمة ، أطمس العين الشمال ، على عينه طرفة تميل بالدنيا فلا تردّ له راية حتّى
ينزل المدينة ، فيجمع رجالا ونساء من آل محمّد صلىاللهعليهوآله فيحبسهم في دار بالمدينة يقال لها دار أبي الحسن
الأمويّ ، ويبعث خيلا في طلب رجل من آل محمّد صلىاللهعليهوآله قد اجتمع إليه رجال من المستضعفين بمكّة أميرهم رجل من
غطفان ، حتّى إذا توسّطوا الصفائح البيض بالبيداء يخسف بهم فلا ينجو منهم أحد إلّا
رجل واحد يحوّل الله وجهه في قفاه لينذرهم وليكون
__________________
آية لمن خلفه فيومئذ تأويل هذه الآية : (وَلَوْ تَرى إِذْ
فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ).
٧٦٢ ـ روى سليم
بن قيس الكوفيّ رحمهالله في كتابه في حديث طويل لأمير المؤمنين عليهالسلام جاء فيه : يا معاوية إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد أخبرني أنّ بني اميّة سيخضبون لحيتي من دم رأسي ،
وأنّي مستشهد ، وستلي الامّة من بعدي! وأنّك ستقتل ابني الحسن غدرا بالسمّ! وأنّ
ابنك يزيد سيقتل ابني الحسين! يلي ذلك منه ابن زانية.
وأنّ الامّة
سيليها من بعدك سبعة من ولد أبي العاص وولد مروان بن الحكم ، وخمسة من ولده ،
تكملة اثنى عشر إماما ، قد رآهم رسول الله صلىاللهعليهوآله يتواثبون على منبره تواثب القردة ، يردّون امّته عن دين
الله ، على أدبارهم القهقرى ، وأنّهم أشدّ الناس عذابا يوم القيامة ، وأنّ الله
سيخرج الخلافة منهم برايات سود تقبل من الشرق يذلّهم الله بهم ، ويقتلهم تحت كلّ
حجر.
وأنّ رجلا من
ولدك مشوم ملعون ، جلف جاف ، منكوس القلب ، فظّ غليظ ، قد نزع الله من قلبه الرأفة
والرحمة ، أخواله من كلب ، كأنّي انظر إليه ، ولو شئت لسمّيته ووصفته ، وابن كم هو
، فيبعث جيشا إلى المدينة فيدخلونها ، فيسرفون فيها في القتل والفواحش ، ويهرب منهم
رجل من ولدي ، زكيّ تقيّ ، الّذي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ،
وإنّي لأعرف اسمه وابن كم هو يومئذ وعلامته ، وهو من ولد ابني الحسين الّذي يقتله
ابنك يزيد ، وهو الثائر بدم أبيه فيهرب إلى مكّة.
ويقتل صاحب ذلك
الجيش رجلا من ولدي زكيّا بريّا عند أحجار الزيت ، ثمّ يسير ذلك الجيش إلى مكّة ،
وإنّي لأعلم اسم أميرهم وأسمائهم وسمات خيولهم ، فإذا دخلوا البيداء واستوت بهم
الأرض خسف الله بهم.
قال الله عزوجل : (وَلَوْ تَرى إِذْ
فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) قال : من تحت أقدامهم ، فلا يبقى من ذلك الجيش أحد غير
رجل واحد ، يقلب الله وجهه من قبل قفاه.
ويبعث الله
للمهدي أقواما يجمعون من الأرض قزعا كقزع الخريف ، والله انّي لأعرف
__________________
أسماءهم واسم أميرهم ومناخ ركابهم ، فيدخل المهديّ الكعبة ويبكي ويتضرّع ...
الحديث .
٧٦٣ ـ وفي خبر
روي عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام في ذكر الفتن في الشام ، قال عليهالسلام : فإذا كان ذلك ، خرج ابن آكلة الأكباد على أثره
ليستولي على منبر دمشق ، فإذا كان ذلك ، فانتظروا خروج المهديّ .
٧٦٤ ـ روى
العلّامة محمّد بن العبّاس رحمهالله بإسناده عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي خالد الكابليّ ،
عن أبي جعفر عليهالسلام قال :
يخرج القائم عليهالسلام فيسير حتّى يمرّ بمرّ ، فيبلغه أنّ عامله قد قتل ،
فيرجع إليهم فيقتل المقاتلة ، ولا يزيد على ذلك شيئا ثمّ ينطلق فيدعو الناس حتّى
ينتهي إلى البيداء ، فيخرج جيشان للسفيانيّ ، فيأمر الله عزوجل الأرض أن تأخذ بأقدامهم ، وهو قوله عزوجل : (وَلَوْ تَرى إِذْ
فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَقالُوا آمَنَّا بِهِ) ـ يعني بقيام القائم ـ (وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ
مِنْ قَبْلُ) ـ يعني بقيام قائم آل محمّد عليهمالسلام ـ (وَيَقْذِفُونَ
بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ* وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ
كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ).
٧٦٥ ـ روى
العلّامة الطبريّ بإسناده عن سعيد ، في قوله : (وَلَوْ تَرى إِذْ
فَزِعُوا فَلا فَوْتَ) ـ ولم يسنده إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، قال : هم الجيش الّذي يخسف بهم بالبيداء ، يبقى منهم
رجل يخبر الناس بما لقي أصحابه .
٧٦٦ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن الحارث الهمدانيّ ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال :
المهديّ أقبل ، جعد ، بخدّه خال ، يكون مبدؤه من قبل المشرق ، وإذا
كان ذلك خرج السفيانيّ فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر ، يخرج بالشام فينقاد له أهل
الشام إلّا طوائف من المقيمين على الحقّ ، يعصمهم الله من الخروج معه. ويأتي
المدينة بجيش جرّار ، حتّى إذا انتهى إلى بيداء المدينة خسف الله به وذلك قول الله
عزوجل في كتابه : (وَلَوْ تَرى إِذْ
__________________
فَزِعُوا
فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ).
٧٦٧ ـ روى
العيّاشيّ بإسناده عن عبد الأعلى الحلبيّ ، قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : يكون لصاحب هذا الأمر غيبة ، وذكر حديثا طويلا يتضمّن
غيبة صاحب الأمر عليهالسلام وظهوره إلى أن قال عليهالسلام : فيدعو الناس إلى كتاب الله وسنّة نبيّه عليه وآله
السلام والولاية لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام والبراءة من عدوّه ، ولا يسمّي أحدا حتّى ينتهي إلى
البيداء ، فيخرج إليه جيش السفيانيّ فيأمر الله الأرض فتأخذهم من تحت أقدامه ، وهو
قول الله عزوجل : (وَلَوْ تَرى إِذْ
فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَقالُوا آمَنَّا بِهِ) يعني بقائم آل محمّد ، إلى آخر السورة ، فلا يبقى منهم
إلّا رجلان يقال لهما وتر ووتير من مراد ، وجوههما في أقفيتهما يمشيان القهقهرى فيخبران
الناس بما فعل بأصحابهما .
__________________
سورة فاطر
الآية الاولى
قوله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا
الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ
وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ
الْفَضْلُ الْكَبِيرُ).
٧٦٨ ـ روى
بالإسناد عن يونس بن ظبيان ، قال : دخلت على الصادق جعفر بن محمّد عليهالسلام فقلت : يا ابن رسول الله انّي دخلت على مالك وأصحابه
وعنده جماعة يتكلّمون في الله ، فسمعت بعضهم يقول : إنّ لله وجها كالوجوه ، وبعضهم
يقول : له يدان ، واحتجّوا لذلك بقول الله تبارك وتعالى : (بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ) ، بعضهم يقول : هو كالشاب من أبناء ثلاثين سنة! فما
عندك في هذا يا ابن رسول الله؟
وكان متّكئا ،
فاستوى جالسا وقال : اللهمّ عفوك عفوك ، ثمّ قال : يا يونس ، من زعم أنّ لله وجها
كالوجوه فقد أشرك ، ومن زعم أنّ لله جوارح كجوارح المخلوقين فهو كافر بالله ولا
تقبلوا شهادته ولا تأكلوا ذبيحته ، تعالى الله عمّا يصفه المشبّهون بصفة المخلوقين
، فوجه الله أنبياؤه وأولياؤه.
وقوله : (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ) فاليد القدرة كقوله تعالى : (وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ) فمن
__________________
زعم أنّ الله في شيء أو على شيء ، أو يحول من شيء إلى شيء ، أو يخلق منه
شيء ، أو يشغل به شيء ، فقد وصفه بصفة المخلوقين ، والله خالق كلّ شيء ، لا يقاس
بالقياس ، ولا يشبّه بالناس ، لا يخلو منه مكان ، ولا يشغل به مكان ، قريب في بعده
بعيد في قربه ، ذلك ربّنا لا إله غيره ، فمن أراد الله وأحبّه ووصفه بهذه الصفة ،
فهو من الموحّدين ، ومن أحبّه ووصفه بغير هذه الصفة فالله منه بريء ونحن منه براء.
ثمّ قال عليهالسلام : إنّ اولي الألباب ، الّذين عملوا بالفكرة حتّى ورثوا
منه حبّ الله ، فإنّ حبّ الله إذا ورثه القلب واستضاء به أسرع إليه اللطف ، فإذا
نزل منزلة اللطف صار من أهل الفوائد ، فإذا صار من أهل الفوائد تكلّم بالحكمة ،
فإذا تكلّم بالحكمة صار صاحب فطنة ، فإذا نزل منزلة الفطنة عمل في القدرة ، فإذا
عمل في القدرة عرف الأطباق السبعة ، فإذا بلغ هذه المنزلة صار يتقلّب في فكره بلطف
وحكمة وبيان ، فإذا بلغ هذه المنزلة جعل شهوته ومحبّته في خالقه ، فإذا فعل ذلك
نزل المنزلة الكبرى فعاين ربّه في قلبه وورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء ، وورث
العلم بغير ما ورثه العلماء ، وورث الصدق بغير ما ورثه الصدّيقون ، إنّ الحكماء
ورثوا الحكمة بالصمت ، وإنّ العلماء ورثوا العلم بالطلب ، وإنّ الصدّيقين ورثوا
الصدق بالخشوع وطول العبادة ، فمن أخذه بهذه السيرة إمّا أن يسفل وإمّا أن يرفع ،
وأكثرهم الّذي يسفل ولا يرفع ، إذ لم يرع حقّ الله ولم يعمل بما أمر به ، فهذه صفة
من لم يعرف الله حقّ معرفته ولم يحبّه حقّ محبته ، فلا يغرنّك صلاتهم وصيامهم
ورواياتهم وعلومهم ، فانّهم حمر مستنفرة.
ثمّ قال : يا يونس
إذا أردت العلم الصحيح فعندنا أهل البيت ، فإنّا ورثناه وأوتينا شرع الحكمة وفصل
الخطاب.
فقلت : يا ابن
رسول الله وكلّ من كان من أهل البيت ورث كما ورثتم من كان من ولد عليّ وفاطمة عليهماالسلام؟
فقال : ما ورثه
إلّا الأئمّة الاثنا عشر.
قلت : سمّهم لي
يا ابن رسول الله.
قال : أوّلهم
عليّ بن أبي طالب ، وبعده الحسن والحسين ، وبعده عليّ بن الحسين ،
وبعده محمّد بن عليّ الباقر ، ثمّ أنا ، وبعدي موسى ولدي ، وبعد موسى عليّ
ابنه ، وبعد عليّ ابنه محمّد ، وبعد محمّد عليّ ابنه ، وبعد عليّ الحسن ابنه ،
وبعد الحسن الحجّة صلوات الله عليهم ، اصطفانا الله وطهّرنا واوتينا ما لم يؤت
أحدا من العالمين ... الحديث .
٧٦٩ ـ وعنه
بإسناده عن ابراهيم ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الأوّل عليهالسلام ، قال : قلت له : جعلت فداك أخبرني عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ورث النبيّين كلّهم؟ قال : نعم : قلت : من لدن آدم حتّى
انتهى الى نفسه؟! قال : ما بعث الله نبيّا إلّا ومحمّد صلىاللهعليهوآله أعلم منه.
قال : قلت :
وإنّ عيسى ابن مريم كان يحيي الموتى بإذن الله تعالى؟
قال : صدقت ،
وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقدر على هذه المنازل. قال : فقال : إنّ سليمان بن داود
قال للهدهد حين فقده وشكّ في أمره فقال : (ما لِيَ لا أَرَى
الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) حين فقده وغضب عليه فقال : (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ
لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) وإنما غضب لأنّه كان يدلّه على الماء ، فهذا وهو طائر
قد أعطي ما لم يعط سليمان ، وكانت الريح والنمل والجن والأنس والشياطين والمردة له
طائعين ، ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء وكان الطير يعرفه ، وإنّ الله يقول في
كتابه : (وَلَوْ أَنَّ
قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ
بِهِ الْمَوْتى) وقد ورثنا نحن هذا القرآن الّذي فيه ما تسيّر به الجبال
وتقطع به البلدان ويحيى به الموتى ، ونحن نعرف الماء تحت الهواء ، وإنّ في كتاب
الله لآيات ما يراد بها أمر إلّا أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله ممّا كتبه
الماضون وجعله لنا في أمّ الكتاب ، إنّ الله يقول : (وَما مِنْ غائِبَةٍ
فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ثمّ قال : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا
الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) فنحن الّذين اصطفانا الله عزوجل ثمّ أورثنا هذا الّذي فيه تبيان كلّ شيء .
٧٧٠ ـ روى
الثقة الصفّار ؛ بإسناده عن سورة بن كليب ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : في هذه الآية : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ
اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) إلى آخر الآية ، قال : السابق
__________________
بالخيرات الإمام ، فهي في ولد عليّ وفاطمة .
٧٧١ ـ روى
محمّد بن العباس ؛ بإسناده عن أبي اسحاق السبيعيّ ، قال : خرجت حاجّا فلقيت محمّد
بن عليّ عليهالسلام ، فسألته عن هذه الآية (ثُمَّ أَوْرَثْنَا
الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) فقال : ما يقول فيها قومك يا أبا اسحاق يعني أهل الكوفة؟
قال ، قلت : يقولون إنّها لهم. قال : فما يخوّفهم إذا كانوا من أهل الجنّة؟ قلت :
فما تقول أنت جعلت فداك؟ قال : هي لنا خاصّة يا أبا اسحاق ، أما السابقون بالخيرات
فعليّ والحسن والحسين عليهمالسلام والإمام منّا ، والمقتصد فصائم بالنهار وقائم بالليل ،
والظالم لنفسه ففيه ما في الناس فهو مغفور له ، يا أبا اسحاق بنا يفكّ الله رقابكم
، ويحل الله رباق الذلّ من أعناقكم ، وبنا يغفر الله ذنوبكم ، وبنا يفتح وبنا يختم
، ونحن كهفكم ككهف أصحاب الكهف ، ونحن سفينتكم كسفينة نوح ، ونحن باب حطّتكم كباب
حطّة بني اسرائيل .
الآية الثانية
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ
أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً).
المهديّ عليهالسلام أمان لأهل السماء والأرض
٧٧٢ ـ روى
الشيخ الخزّاز بإسناده عن عليّ بن أبي حمزة ، عن الصادق جعفر بن محمّد ، عن أبيه ،
عن آبائه عليهمالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حدّثني جبرئيل عن ربّ العزّة جلّ جلاله أنّه قال : من
علم أن لا إله إلّا أنا وحدي ، وأنّ محمّدا عبدي ورسولي ، وأنّ عليّ بن أبي طالب
خليفتي ، وأنّ الأئمّة من ولده حججي ، أدخله الجنّة برحمتي ، ونجّيته من النار
بعفوي ، وأبحت له جواري ، وأوجبت له كرامتي ، وأتممت عليه نعمتي ، وجعلته من
خاصّتي وخالصتي ، إن ناداني لبّيته ، وإن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته ، وإن
سكت ابتدأته ، وإن أساء رحمته ، وإن فرّ منّي دعوته ، وإن رجع إليّ قبلته ، وإن
قرع بابي فتحته. ومن لم يشهد أن لا إله إلّا أنا وحدي ، أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ
محمّدا عبدي ورسولي ،
__________________
أو شهد بذلك ولم يشهد أنّ عليّ بن أبي طالب خليفتي ، أو شهد بذلك ولم يشهد
أنّ الأئمّة من ولده حججي ، فقد جحد نعمتي ، وصغّر عظمتي ، وكفر بآياتي وكتبي ، إن
قصدني حجبته ، وإن سألني حرمته ، وإن ناداني لم أسمع نداءه ، وإن دعاني لم أستجب
دعاءه ، وإن رجاني خيّبته ، وذلك جزاؤه منّي وما أنا بظلّام للعبيد.
فقام جابر بن
عبد الله الأنصاريّ ، فقال : يا رسول الله ومن الأئمّة من ولد عليّ بن أبي طالب؟
قال : الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، ثمّ سيّد العابدين في زمانه عليّ بن
الحسين ، ثمّ الباقر محمّد بن عليّ وستدركه يا جابر ، فإذا أدركته فاقرئه منّي السلام
، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد ، ثمّ الكاظم موسى بن جعفر ، ثمّ الرضا عليّ بن موسى ،
ثمّ التقي محمّد بن عليّ ، ثمّ النقي عليّ بن محمّد ، ثمّ الزكيّ الحسن بن عليّ ،
ثمّ ابنه القائم بالحقّ مهدي امّتي الّذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا
وظلما ، هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي ، من أطاعهم فقد أطاعني ،
ومن عصاهم فقد عصاني ، ومن أنكرهم أو أنكر واحدا منهم فقد أنكرني ، بهم يمسك الله عزوجل السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه ، وبهم يحفظ الله
الأرض أن تميد بأهلها .
٧٧٣ ـ روى
الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه بإسناده عن إبراهيم بن أبي محمود ، قال : قال الرضا عليهالسلام : نحن حجج الله في خلقه ، وخلفاؤه في عباده وامناؤه على
سرّه ، ونحن كلمة التقوى ، والعروة الوثقى ، ونحن شهداء الله وأعلامه في بريّته ،
بنا يمسك الله السموات والأرض أن تزولا ، وبنا ينزّل الغيث وينشر الرحمة ، ولا
تخلو الأرض من قائم منّا ظاهر أو خاف ، ولو خلت يوما بغير حجّة ، لماجت بأهلها كما
يموج البحر بأهله .
٧٧٤ ـ روى
الصدوق رضوان الله عليه بإسناده عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ذكر الله عزوجل عبادة ، وذكري عبادة ، وذكر عليّ عبادة ، وذكر الأئمّة
من ولده عبادة ، والّذي بعثني بالنبوّة وجعلني خير البريّة إنّ وصيي لأفضل
الأوصياء ، وإنّه لحجّة الله على عباده وخليفته على خلقه ، ومن ولده الأئمّة
الهداة بعدي ، بهم يحبس الله العذاب عن أهل الأرض ، وبهم يمسك السماء أن تقع على
الأرض إلّا بإذنه ، وبهم يمسك الجبال
__________________
أن تميد بهم ، وبهم يسقي خلقه الغيث ، وبهم يخرج النبات ، أولئك أولياء
الله حقّا وخلفائي صدقا ، عدّتهم عدّة الشهور وهي اثنا عشر شهرا ، وعدّتهم عدّة
نقباء موسى بن عمران ، ثمّ تلا صلىاللهعليهوآله هذه الآية : (وَالسَّماءِ ذاتِ
الْبُرُوجِ) ثمّ قال : أتقدّر يا ابن عبّاس أنّ الله يقسم بالسماء
ذات البروج ويعني به السماء وبروجها؟ قلت : يا رسول الله فما ذاك؟ قال : أمّا
السماء فأنا ، وأمّا البروج فالأئمّة بعدي ، أوّلهم عليّ وآخرهم المهديّ ، صلوات
الله عليهم أجمعين .
__________________
سورة يس
الآية الاولى
قوله عزوجل : (يا حَسْرَةً عَلَى
الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ).
٧٧٥ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن المفضّل بن عمر ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : خبر تدريه خير من عشر ترويه ؛ إنّ لكلّ حقّ حقيقة ،
ولكلّ صواب نورا ، ثمّ قال : إنّا والله لا نعدّ الرجل من شيعتنا فقيها حتّى يلحن
له فيعرف اللحن ، إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال على منبر الكوفة : إنّ من ورائكم فتنا مظلمة عمياء
منكسفة لا ينجو منها إلّا النّومة. قيل : يا أمير المؤمنين وما النومة؟ قال :
الّذي يعرف الناس ولا يعرفونه. واعلموا أنّ الأرض لا تخلو من حجّة الله عزوجل ، ولكنّ الله سيعمي خلقه عنها بظلمهم وجورهم وإسرافهم
على أنفسهم ، ولو خلت الأرض ساعة واحدة من حجّة الله لساخت بأهلها ، ولكن الحجّة
يعرف الناس ولا يعرفونه ، كما كان يوسف يعرف الناس وهم له منكرون ، ثمّ تلا : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما
يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ).
الآية الثانية
قوله سبحانه : (وَآيَةٌ لَهُمُ
الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ
__________________
يَأْكُلُونَ).
٧٧٦ ـ روى
السيّد عليّ بن عبد الحميد بإسناده عن الكابليّ ، عن عليّ بن الحسين عليهماالسلام قال : يقتل القائم عليهالسلام من أهل المدينة حتّى ينتهي إلى الأجفر ويصيبهم مجاعة
شديدة ، قال : فيضجّون وقد نبتت لهم ثمرة يأكلون منها ويتزوّدون منها ، وهو قوله
تعالى شأنه : (وَآيَةٌ لَهُمُ
الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ
يَأْكُلُونَ) ثمّ يسير حتّى ينتهي إلى القادسيّة وقد اجتمع الناس
بالكوفة وبايعوا السفياني .
__________________
سورة الصافّات
الآية الاولى
قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ خَطِفَ
الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ).
٧٧٧ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن صفوان بن مهران الجمّال ، قال :
قال الصادق
جعفر بن محمّد عليهماالسلام : أما والله ليغيبنّ عنكم مهديّكم حتّى يقول الجاهل
منكم : ما لله في آل محمّد حاجة ، ثمّ يقبل كالشهاب الثاقب فيملؤها عدلا وقسطا كما
ملئت جورا وظلما .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْ
شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ).
٧٧٨ ـ روى
العلّامة الشيخ محمّد بن العبّاس ؛ بإسناده عن أبي بصير يحيى بن أبي القاسم ، قال
: سأل جابر بن يزيد الجعفيّ جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام عن تفسير هذه الآية : (وَإِنَّ مِنْ
شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) فقال عليهالسلام : إنّ الله سبحانه لمّا خلق إبراهيم عليهالسلام كشف له عن بصره فنظر فرأى نورا إلى جنب العرش ، فقال :
إلهي ، ما هذا النور؟ فقيل له : هذا نور محمّد صفوتي من خلقي ، ورأى نورا إلى جنبه
، فقال : إلهي ، وما هذا النور؟ فقيل له : هذا نور عليّ بن أبي طالب ناصر ديني.
ورأى إلى جنبهم ثلاثة أنوار فقال : إلهي ، ما هذه الأنوار؟ فقيل له :
__________________
هذا نور فاطمة فطمت محبّيها من النار ، ونور ولديها الحسن والحسين ، ورأى
تسعة أنوار قد حفّوا بهم ، فقال : إلهي ، وما هذه الأنوار التسعة؟ قيل : يا
إبراهيم هؤلاء الأئمّة من ولد عليّ وفاطمة. فقال إبراهيم : إلهي ، بحقّ هؤلاء
الخمسة إلّا عرّفتني من التسعة؟ قيل : يا إبراهيم ، أوّلهم عليّ بن الحسين وابنه
محمّد وابنه جعفر وابنه موسى وابنه عليّ وابنه محمّد وابنه الحسن والحجّة القائم
ابنه. فقال إبراهيم : إلهي وسيّدي أرى أنوارا قد أحدقوا بهم لا يحصي عددهم إلّا
أنت ، قيل : يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب. فقال
إبراهيم : وبم تعرف شيعته؟ قال : بصلاة إحدى وخمسين ، والجهر ببسم الله الرحمن
الرحيم ، والقنوت قبل الركوع ، والتختّم في اليمين ، فعند ذلك قال إبراهيم :
اللهمّ اجعلني من شيعة أمير المؤمنين ، قال : فأخبر الله في كتابه ، فقال : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ).
__________________
سورة ص
الآية الاولى
قوله عزوجل : (اصْبِرْ عَلى ما
يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ).
٧٧٩ ـ روي عن
أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : فاصبر على ما يقولون يا محمّد من تكذيبهم إيّاك ،
فإنّي منتقم منهم برجل منك ، وهو قائمي الّذي سلّطته على دماء الظلمة ، واذكر
عبدنا داود ... الحديث .
٧٨٠ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن سلام بن المستنير ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يحدّث : إذا قام القائم عرض الإيمان على كلّ ناصب ، فإن
دخل فيه بحقيقة وإلّا ضرب عنقه أو يؤدّي الجزية كما يؤدّيها اليوم أهل الذمّة ،
ويشدّ على وسطه الهميان ، ويخرجهم من الأمصار إلى السواد .
٧٨١ ـ روى
الطبريّ بإسناده عن الحسن بن بشير ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : سألته متى يقوم قائمكم؟ قال عليهالسلام : يا أبا الجارود لا تدركون. فقلت : أهل زمانه ، فقال :
ولن تدرك أهل زمانه ، يقوم قائمنا بالحقّ بعد أياس من الشيعة ، يدعو الناس ثلاثا
فلا
__________________
يجيبه أحد ، فإذا كان يوم الرابع تعلّق بأستار الكعبة ، فقال : يا ربّ
انصرني ، ودعوته لا تسقط ، فيقول تبارك وتعالى للملائكة الّذين نصروا رسول الله
يوم بدر ولم يحطّوا سروجهم ، ولم يضعوا أسلحتهم ، فيبايعونه ، ثمّ يبايعه من الناس
ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، يسير إلى المدينة فيسير الناس حتّى يرضى الله عزوجل ، فيقتل ألفا وخمسمائة قرشي ليس فيهم إلّا فرخ زنية ،
ثمّ يدخل المسجد فينقض الحائط حتّى يضعه إلى الأرض ، ثمّ يخرج الأزرق وزريق لعنهما
الله غضّين طريّين يكلّمهما فيجيبانه ، ويرتاب عند ذلك المبطلون ، فيقولون : يكلّم
الموتى ، فيقتل منهم خمسمائة مرتاب في جوف المسجد ثمّ يحرقهما بالحطب الّذي جمعاه
ليحرقا به عليّا وفاطمة والحسن والحسين ، وذلك الحطب عندنا نتوارثه ، ويهدم قصر
المدينة ، ويسير إلى الكوفة فيخرج منها ستّة عشر ألفا من البترية شاكّين في السلاح
، قرّاء القرآن ، فقهاء في الدّين ، قد قرحوا جباههم وسمّروا ساماتهم ، وعمّهم
النفاق ، وكلّهم يقولون : يا ابن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك! فيضع السيف فيهم على
ظهر النجف عشيّة الاثنين من العصر إلى العشاء فيقتلهم أسرع من جزر جزور ، فلا يفوت
منهم رجل ، ولا يصاب من أصحابه أحد ، دماؤهم قربان إلى الله. ثمّ يدخل الكوفة
فيقتل مقاتليها حتّى يرضى الله.
قال : فلم أعقل
المعنى ، فمكثت قليلا ثمّ قلت : جعلت فداك وما يدريه متى يرضى الله؟
قال : يا أبا
الجارود إنّ الله أوحى إلى امّ موسى وهو خير من امّ موسى ، وأوحى الله إلى النحل
وهو خير من النحل ، فعقلت المذهب ، فقال لي : أعقلت المذهب؟ قلت : نعم.
فقال : إنّ
القائم ليملك ثلاثمائة وتسع سنين كما لبث أصحاب الكهف في كهفهم ، يملأ الأرض عدلا
وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ، ويفتح الله عليه شرق الأرض وغربها. يقتل الناس حتّى
لا يرى إلّا دين محمّد صلىاللهعليهوآله ، يسير بسيرة سليمان بن داود ، يدعو الشمس والقمر
فيجيبانه ، وتطوى له الأرض ، فيوحي الله إليه فيعمل بأمر الله .
٧٨٢ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن بشير بن أبي أراكة النبّال ـ ولفظ الحديث على رواية
__________________
ابن عقدة ـ قال : لمّا قدمت المدينة انتهيت إلى منزل أبي جعفر الباقر عليهالسلام ، فإذا أنا ببغلته مسرجة بالباب ، فجلست حيال الدار ،
فخرج فسلّمت عليه فنزل عن البغلة وأقبل نحوي فقال : ممّن الرجل؟ فقلت : من أهل
العراق ، قال : من أيّها؟ قلت : من أهل الكوفة ، فقال : من صحبك في هذا الطريق؟
قلت : قوم من المحدثة ، فقال : وما المحدثة؟ قلت : المرجئة ، فقال : ويح هذه
المرجئة ، إلى من يلجئون غدا إذا قام قائمنا؟ قلت : إنّهم يقولون : لو قد كان ذلك
كنّا وأنتم في العدل سواء ، فقال : من تاب تاب الله عليه ، ومن أسرّ نفاقا فلا
يبعد الله غيره ، ومن أظهر شيئا أهرق الله دمه ، ثمّ قال : يذبحهم والّذي نفسي
بيده كما يذبح القصّاب شاته ـ وأومأ بيده إلى حلقه ـ قلت : انّهم يقولون : إنّه
إذا كان ذلك استقامت له الامور فلا يهريق محجمة دم ، فقال : كلّا والّذي نفسي بيده
حتّى نمسح وأنتم العرق والعلق ـ وأومأ بيده إلى جبهته .
٧٨٣ ـ روى
العلّامة النعمانيّ رحمهالله بإسناده عن سدير الصيرفيّ ، عن رجل من أهل الجزيرة كان
قد جعل على نفسه نذرا في جارية وجاء بها إلى مكّة ، قال : فلقيت الحجبة فأخبرتهم
بخبرها وجعلت لا أذكر لأحد منهم أمرها إلّا قال لي : جئني بها وقد وفي الله نذرك.
فدخلني من ذلك
وحشة شديدة ، فذكرت ذلك لرجل من أصحابنا من أهل مكّة ، فقال لي : تأخذ عنّي؟ فقلت
: نعم ، فقال : انظر الرجل الّذي يجلس بحذاء الحجر الأسود وحوله الناس وهو أبو
جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين عليهمالسلام ، فأته فأخبره بهذا الأمر فانظر ما يقول لك فاعمل به ،
قال : فأتيته فقلت : رحمك الله إنّي رجل من أهل الجزيرة ومعي جارية جعلتها عليّ
نذرا لبيت الله يمين كانت عليّ ، وقد أتيت بها وذكرت ذلك للحجبة وأقبلت لا ألقى
أحدا إلّا قال جئني بها وقد وفي الله نذرك ، فدخلني من ذلك وحشة شديدة.
فقال : يا عبد
الله إنّ البيت لا يأكل ولا يشرب ، فبع جاريتك واستقص وانظر أهل بلادك ممّن حجّ
هذا البيت ، فمن عجز منهم عن نفقته فأعطه حتّى يقوى على العود إلى
__________________
بلادهم. ففعلت ذلك ثمّ أقبلت لا ألقى أحدا من الحجبة إلّا قال ما فعلت
بالجارية؟ فأخبرتهم بالذي قال أبو جعفر عليهالسلام ، فيقولون : هو كذّاب جاهل لا يدري ما يقول ، فذكرت
مقالتهم لأبي جعفر عليهالسلام ، فقال : قد بلغتني فبلّغ عنّي؟ فقلت : نعم.
فقال : قل لهم
: قال لكم أبو جعفر : كيف بكم لو قد قطّعت أيديكم وأرجلكم وعلّقت في الكعبة ، ثمّ
يقال لكم : نادوا نحن سرّاق الكعبة ، فلمّا ذهبت لأقوم قال : إنّي لست أنا أفعل
ذلك ، وإنّما يفعله رجل منّي .
٧٨٤ ـ روى
النعمانيّ رحمهالله بإسناده عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قلت له : صالح من الصالحين سمّه لي اريد القائم عليهالسلام ، فقال : اسمه اسمي ، قلت : أيسير بسيرة محمّد صلىاللهعليهوآله؟ قال : هيهات هيهات يا زرارة ما يسير بسيرته.
قلت : جعلت
فداك لم؟
قال : إنّ رسول
الله صلىاللهعليهوآله سار في امّته بالمنّ ، كان يتألّف الناس ، والقائم يسير
بالقتل ، بذاك امر في الكتاب الّذي معه أن يسير بالقتل ، ولا يستتيب أحدا ، ويل
لمن ناواه .
٧٨٥ ـ روى
العلّامة ابن شهرآشوب ؛ عن الحسن بن ظريف ، قال :
اختلج في صدري
أن أكتب إلى أبي محمّد عليهالسلام أنّ القائم إذا قام بم يقضي؟ وأين مجلسه للقضاء؟ وأن
أسأله عن شيء لحمّى الربع ، فأغفلت عنها ، فجاء الجواب :
«سألت عن
القائم إذا قام بالناس بم يقضي؟ يقضي بعلمه كقضاء داود لا يسأل عن بيّنة ، وأردت
أن تسأل عن حمّى الربع ، فاكتب في ورقة وعلّقها على المحموم : (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى
إِبْراهِيمَ).
الآية الثانية
قوله عزوجل : (ما كانَ لِي مِنْ
عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ).
٧٨٦ ـ وروى
الشيخ الصدوق بإسناده عن وهب بن منبّه رفعه عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّه لمّا عرج بي ربّي جلّ جلاله ، أتاني النداء : يا
محمّد ، قلت : لبّيك ربّ
__________________
العظمة لبّيك ، فأوحى إليّ : يا محمّد ، فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قلت :
إلهي لا علم لي ، فقال لي : يا محمّد هل اتّخذت من الآدميّين وزيرا وأخا ووصيّا من
بعدك؟ فقلت : إلهي ومن اتّخذ؟ تخيّر أنت لي يا إلهي.
فأوحى إليّ :
يا محمّد ، قد اخترت لك من الآدميين عليّ بن أبي طالب.
فقلت : إلهي ،
ابن عمّي؟
فأوحى إليّ :
يا محمّد ، إنّ عليّا وارثك ووارث العلم من بعدك ، وصاحب لوائك لواء الحمد يوم
القيامة ، وصاحب حوضك ، يسقي من ورد عليه من مؤمني أمّتي. ثمّ أوحى إليّ : إنّي قد
أقسمت على نفسي قسما حقّا لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولأهل بيتك وذرّيتك
الطيّبين ، حقّا حقّا أقول يا محمّد ، لادخلّن الجنّة جميع امّتك إلّا من أبى.
فقلت : إلهي
وأحد يأبى دخول الجنّة؟ فأوحى إليّ : بلى يأبى. قلت : وكيف يأبى؟ فأوحى إليّ : يا
محمّد ، قد اخترتك من خلقي واخترت لك وصيّا من بعدك ، وجعلته منك بمنزلة هارون من
موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدك ، وألقيت محبّته في قلبك ، وجعلته أبا لولدك ، فحقّه
بعدك على امّتك ، كحقّك عليهم في حياتك ، فمن جحد حقّه جحد حقّك ، ومن أبى أن
يواليه فقد أبى أن يدخل الجنّة.
فخررت لله عزوجل ساجدا شكرا لما أنعم عليّ ، فإذا مناد ينادي : يا محمّد
ارفع رأسك ، سلني أعطك.
فقلت : إلهي
اجمع امّتي من بعدي على ولاية عليّ بن أبي طالب ، ليردوا عليّ حوضي يوم القيامة.
فأوحى إليّ :
يا محمّد ، إنّي قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم ، وقضائي ماض فيهم ، لاهلك به من
أشاء ، وأهدي به من أشاء ، وقد آتيته علمك من بعدك ، وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك
على أهلك وامّتك ، عزيمة منّي : لا يدخل الجنّة من أبغضه وعاداه وأنكر ولايته من
بعدك ، فمن أبغضه أبغضك ، ومن أبغضك أبغضني ، ومن عاداه فقد عاداك ، ومن عاداك فقد
عاداني ، ومن أحبّه فقد أحبّك ، ومن أحبّك فقد أحبّني.
وقد جعلت له
هذه الفضيلة ، وأعطيتك أن أخرج من صلبه أحد عشر مهديّا كلّهم من
ذرّيتك ، من البكر البتول ، آخر رجل منهم يصلّي خلفه عيسى ابن مريم ، يملأ
الأرض عدلا كما ملئت جورا وظلما ، انجي به من الهلكة ، واهدي به من الضلالة ،
وابرئ به الأعمى ، واشفي به المريض.
قلت : إلهي
فمتى يكون ذلك؟
فأوحى إليّ عزوجل : يكون ذلك إذا رفع العلم ، وظهر الجهل ، وكثر القرّاء
، وقلّ العمل ، وكثر الفتك ، وقلّ الفقهاء الهادون ، وكثر فقهاء الضلالة الخونة ،
وكثر الشعراء ، واتّخذ امّتك قبورهم مساجد ، وحلّيت المصاحف ، وزخرفت المساجد ،
وكثر الجور والفساد ، وظهر المنكر ، وأمر امّتك به ، ونهوا عن المعروف ، واكتفى
الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ، وصارت الامراء كفرة ، وأولياؤهم فجرة ،
وأعوانهم ظلمة ، وذوو الرأي منهم فسقة.
وعند ذلك ثلاثة
خسوف : خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وخراب البصرة على يدي رجل
من ذرّيتك يتبعه الزنوج ، وخروج ولد من ولد الحسين بن عليّ عليهماالسلام وظهور الدجّال يخرج بالمشرق من سجستان ، وظهور
السفيانيّ.
فقلت : إلهي
وما يكون بعدي من الفتن؟
فأوحى إليّ
وأخبرني ببلاء بني اميّة ، وفتنة ولد عمّي ، وما هو كائن إلى يوم القيامة ، فأوصيت
بذلك ابن عمّي حين هبطت إلى الأرض ، وأدّيت الرسالة ، فلله الحمد على ذلك كما حمده
النبيّون وكما حمده كلّ شيء قبلي وما هو خالقه إلى يوم القيامة .
الآية الثالثة
قوله عزوجل : (قالَ فَاخْرُجْ
مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ).
٧٨٧ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنيّ ، قال : سمعت
أبا الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ عليهماالسلام يقول : معنى الرجيم أنّه مرجوم باللعن ، مطرود من مواضع
الخير ، لا يذكره مؤمن إلّا لعنه ، وإنّ في علم الله السابق أنّه إذا خرج القائم عليهالسلام لا يبقى مؤمن في زمانه إلّا رجمه بالحجارة كما كان قبل
ذلك مرجوما باللعن .
الآية الرابعة
قوله تعالى : (وَلَتَعْلَمُنَّ
نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ).
__________________
٧٨٨ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله عزوجل : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ* إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ
لِلْعالَمِينَ) قال : هو أمير المؤمنين عليهالسلام (وَلَتَعْلَمُنَّ
نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) قال : عند خروج القائم عليهالسلام .
__________________
سورة الزمر
الآية الاولى
قوله تعالى : (فَبَشِّرْ عِبادِ
الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ).
٧٨٩ ـ روى ثقة
الإسلام محمّد بن يعقوب قدسسره بإسناده عن أبي عبيدة الحذاء ، قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الاستطاعة وقول الناس ، فقال : وتلا هذه الآية : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا
مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) ـ يا با عبيدة الناس مختلفون في إصابة القول وكلّهم هالك ، قال : قلت : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) قال : هم شيعتنا ولرحمته خلقهم ، وهو قوله : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) يقول : لطاعة الإمام ، والرحمة الّتي يقول : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) هو شيعتنا ، قال : (فَسَأَكْتُبُها
لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) يعني ولاية غير الإمام ، ثمّ قال : (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي
التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) يعني النبيّ والوصي والقائم يأمرهم بالمعروف إذا قام
وينهاهم عن المنكر والمنكر ، من أنكر فضل الإمام وجحده.
(وَيُحِلُّ لَهُمُ
الطَّيِّباتِ) أخذ العلم من أهله ، (وَيُحَرِّمُ
عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) قول من خالف (وَيَضَعُ عَنْهُمْ
إِصْرَهُمْ) وهي الذنوب الّتي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الإمام (وَالْأَغْلالَ) الّتي كانوا يقولون ممّا لم يكونوا أمروا به من ترك فضل
الإمام وضع عنهم إصرهم ، والإصر الذنب وهي الآصار.
__________________
ثمّ نسبهم فقال
للذين آمنوا بالإمام (وَعَزَّرُوهُ
وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ) يعني الّذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها ، والجبت والطاغوت
فلان وفلان وفلان ، والعبادة طاعة الناس لهم ، ثمّ قال : (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ
وَأَسْلِمُوا لَهُ).
ثمّ جزاهم فقال
: (لَهُمُ الْبُشْرى فِي
الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) والإمام يبشّرهم بقيام القائم وظهوره وقتل أعدائهم
وبالنجاة في الآخرة ، والورود على محمّد صلىاللهعليهوآله وآله الصادقين على الحوض .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَأَشْرَقَتِ
الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ
وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ).
٧٩٠ ـ عليّ بن
إبراهيم رحمهالله بإسناده عن صباح المدائني ، قال : حدّثنا المفضّل ابن
عمر أنّه سمع أبا عبد الله عليهالسلام يقول في قوله : (وَأَشْرَقَتِ
الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) قال : ربّ الأرض يعني إمام الأرض ، قلت : فإذا خرج يكون
ما ذا؟ قال : إذا يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزون بنور الإمام .
٧٩١ ـ أبو جعفر
محمّد بن جرير الطبريّ بإسناده عن المفضّل بن عمر الجعفي ، قال : سمعت أبا عبد
الله عليهالسلام يقول : إنّ قائمنا إذا قام أشرقت الأرض بنور ربّها
واستغنى العباد عن ضوء الشمس وصار الليل والنهار واحدا ، وذهبت الظلمة ، وعاش
الرجل في زمانه ألف سنة ، يولد له في كلّ سنة غلام لا يولد له جارية ، يكسوه الثوب
فيطول عليه كلّما طال ، ويكون (يتلوّن) عليه أيّ لون شاء .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (وَقالُوا الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ
الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ).
٧٩٢ ـ روى
العلّامة المجلسي بإسناده عن المفضّل بن عمر ، قال : سألت سيّدي الصادق عليهالسلام : هل للمأمور المنتظر المهديّ عليهالسلام من وقت مؤقّت يعلم الناس؟ فقال : حاش
__________________
لله أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا ـ والحديث طويل أخذنا منه موضع
الحاجة ـ إلى أن قال : قال المفضّل : يا سيّدي فمن أين يظهر وكيف يظهر؟ قال : يا
مفضّل يظهر وحده ، ويأتي البيت وحده ، ويلج الكعبة وحده ، ويجنّ عليه الليل وحده ،
فإذا نامت العيون وغسق الليل ، نزل إليه جبرئيل وميكائيل عليهماالسلام ، والملائكة صفوفا ، فيقول له جبرئيل : يا سيّدي قولك
مقبول ، وأمرك جائز ، فيمسح عليهالسلام يده على وجهه ويقول : (الْحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ
حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ). ويقف بين الركن والمقام ... الخ الحديث .
__________________
سورة غافر
الآية الاولى
قوله تعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ
رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ
الْأَشْهادُ).
٧٩٣ ـ روى
العلّامة الطبرسيّ رحمهالله عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ
رحمهالله ، قال : حدّثني محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقانيّ ،
قال : كنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضى الله عنه مع جماعة منهم عليّ بن
عيسى القصريّ ، فقام إليه رجل فقال له : اريد أن أسألك عن شيء ، فقال له : سل عمّا
بدا لك.
فقال الرجل :
أخبرني عن الحسين بن عليّ عليهالسلام أهو وليّ الله؟ قال : نعم.
قال : أخبرني
عن قاتله لعنه الله أهو عدوّ الله؟ قال : نعم.
قال الرجل :
فهل يجوز أن يسلّط الله عزوجل عدوّه على وليّه؟!
فقال أبو
القاسم قدّس الله روحه : افهم عنّي ما أقول لك ، اعلم أنّ الله تعالى لا يخاطب
الناس بمشاهدة العيان ، ولا يشافههم بالكلام ، ولكنّه ـ جلّت عظمته ـ يبعث إليهم
من أجناسهم وأصنافهم بشرا مثلهم ، ولو بعث إليهم رسلا من غير صنفهم وصورهم لنفروا
عنهم ، ولم يقبلوا منهم ، فلمّا جاءوهم وكانوا من جنسهم يأكلون الطعام ويمشون في
__________________
الأسواق ، قالوا لهم : أنتم بشر مثلنا لا نقبل منكم حتّى تأتونا بشيء نعجز
من أن نأتي بمثله ، فنعلم انّكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه ، فجعل الله عزوجل لهم المعجزات الّتي يعجز الخلق عنها.
فمنهم : من جاء
بالطوفان بعد الإعذار والإنذار ، فغرق جميع من طغى وتمرّد.
ومنهم : من
القي في النار فكانت بردا وسلاما.
ومنهم : من
أخرج من الحجر الصلب الناقة ، وأجرى من ضرعها لبنا.
ومنهم : من فلق
له البحر وفجّر له من العيون ، وجعل له العصا اليابسة ثعبانا تلقف ما يأفكون.
ومنهم : من
أبرأ الأكمه والأبرص وأحيا الموتى بإذن الله ، وأنبأهم بما يأكلون وما يدّخرون في
بيوتهم.
ومنهم : من
انشقّ له القمر وكلّمته البهائم ، مثل البعير والذئب وغير ذلك.
فلمّا أتوا
بمثل ذلك وعجز الخلق من اممهم عن أن يأتوا بمثله ، كان من تقدير الله جلّ جلاله
ولطفه بعباده وحكمته ، أن جعل أنبياءه مع هذه المعجزات في حال غالبين واخرى
مغلوبين ، وفي حال قاهرين واخرى مقهورين ، ولو جعلهم الله في جميع أحوالهم غالبين
وقاهرين ، ولم يبتلهم ولم يمتحنهم ، لاتّخذهم الناس آلهة من دون الله عزوجل ، ولما عرف فضل صبرهم على البلاء والمحن والاختبار ،
ولكنّه جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم ، ليكونوا في حال المحنة والبلوى صابرين ،
وفي حال العافية والظهور على الأعداء شاكرين ، ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين
غير شامخين ولا متجبّرين ، وليعلم العباد أنّ لهم عليهمالسلام إلها هو خالقهم ومدبّرهم فيعبدوه ويطيعوا رسله ، وتكون
حجّة الله ثابتة على من تجاوز الحدّ فيهم ، وادّعى لهم الربوبية ، أو عاند وخالف ،
وعصى وجحد ، بما أتت به الأنبياء والرسل ، وليهلك من هلك عن بيّنة ، ويحيى من حيّ
عن بيّنة.
قال محمّد بن
إبراهيم بن إسحاق رحمهالله : فعدت إلى الشيخ أبي القاسم الحسين ابن روح رحمهالله في الغد وأنا أقول في نفسي : أتراه ذكر لنا ما ذكر يوم
أمس من عند نفسه؟ فابتدأني وقال : يا محمّد بن إبراهيم لئن أخّر من السماء
فتختطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان
سحيق أحبّ إليّ من أن أقول في دين الله برأيي ومن عند نفسي ، بل ذلك عن
الأصل ، ومسموع من الحجّة صلوات الله عليه وسلامه .
٧٩٤ ـ روى عليّ
بن إبراهيم القمّي بإسناده عن جميل ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قلت :
قول الله تبارك
وتعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ
رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ
الْأَشْهادُ) قال :
ذلك والله في
الرجعة ، أما علمت أنّ أنبياء كثيرة لم ينصروا في الدنيا وقتلوا ، والأئمّة بعدهم
قتلوا ولم ينصروا ، ذلك في الرجعة .
__________________
سورة فصّلت
الآية الاولى
قوله تعالى : (لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ
الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا).
٧٩٥ ـ محمّد بن
إبراهيم النعمانيّ رحمهالله في الغيبة بإسناده عن أبي بصير ، قال :
قلت لأبي عبد
الله عليهالسلام : قول الله عزوجل : (عَذابَ الْخِزْيِ فِي
الْحَياةِ الدُّنْيا) ما هو عذاب خزي الدنيا؟ فقال :
وأيّ خزي أخزى
يا أبا بصير من أن يكون الرجل في بيته وحجاله على اخوانه وسط عياله ، أن شقّ أهله
الجيوب عليه وصرخوا ، فيقول الناس ما هذا؟ فيقال مسخ فلان الساعة ، فقلت :
قبل قيام
القائم عليهالسلام أو بعده؟ فقال : لا ، بل قبله .
الآية الثانية
قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ
قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ
أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ
تُوعَدُونَ).
__________________
الشيعة الثابتون على القول بالامامة
٧٩٦ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا
اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) فقال أبو عبد الله عليهالسلام : استقاموا على الأئمّة واحدا بعد واحد ، تتنزّل عليهم
الملائكة ألّا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون .
٧٩٧ ـ سعد بن
عبد الله القمّيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهمالسلام في قول الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ
قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ
أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا) قال : هم الأئمّة عليهمالسلام تجري فيمن استقام من شيعتنا وسلّم لأمرنا وكتم حديثنا
عند عدوّنا ، وتستقبلهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنّة ، وقد ـ والله ـ مضى
أقوام على مثل ما أنتم عليه من الّذين استقاموا لأمرنا وكتموا حديثنا ولم يذيعوه
عند عدوّنا ولم يشكّوا فيه كما شككتم ، واستقبلهم الملائكة بالبشرى من الله
بالجنّة .
٧٩٨ ـ محمّد بن
العبّاس بإسناده عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ
قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) يقول : استكملوا طاعة الله وطاعة رسوله وولاية آل محمّد
عليهمالسلام (ثُمَّ اسْتَقامُوا
تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) يوم القيامة (أَلَّا تَخافُوا وَلا
تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) فاولئك الّذين اذا فزعوا يوم القيامة حين يبعثون ،
فتلقتهم الملائكة ويقولون لهم : لا تخافوا ولا تحزنوا نحن كنّا معكم في الحياة
الدنيا لا نفارقكم حتّى تدخلوا الجنة (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ
الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).
٧٩٩ ـ عنه ،
بإسناده عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ
قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) الآية ، قال : استقاموا على الأئمّة واحدا بعد واحد .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (وَلا تَسْتَوِي
الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي
بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
__________________
٨٠٠ ـ روى
محمّد بن العبّاس رحمهالله بإسناده عن سورة بن كليب ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله صلىاللهعليهوآله (ادْفَعْ بِالَّتِي
هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ
حَمِيمٌ) فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : امرت بالتقيّة ، فسار بها عشرا حتّى امر أن يصدع بما
أمر. ثمّ أمر بها عليّ ، فسار بها حتّى أمر أن يصدع بها ، ثمّ أمر الأئمّة بعضهم
بعضا فساروا بها ، فإذا قام قائمنا سقطت التقيّة وجرّد السيف ولم يأخذ من الناس
ولم يعطهم إلّا السيف .
الآية الرابعة
قوله عزوجل : (وَلَقَدْ آتَيْنا
مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ
لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ).
٨٠١ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عاصم بن حميد ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله عزوجل : (وَلَقَدْ آتَيْنا
مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ) قال : اختلفوا كما اختلفت هذه الامّة في الكتاب ،
وسيختلفون في الكتاب الّذي مع القائم الّذي يأتيهم به حتّى ينكره ناس كثير ،
فيقدّمهم فيضرب أعناقهم .
الآية الخامسة
قوله تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا
فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ
يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
٨٠٢ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ والنعمانيّ بإسنادهما عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا
فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) قال : يريهم في أنفسهم المسخ ، ويريهم في الآفاق انتقاض
الآفاق عليهم ، فيرون قدرة الله عزوجل في أنفسهم وفي الآفاق. قلت له : حتّى يتبيّن لهم أنّه
الحقّ ، قال : خروج القائم ، هو الحقّ من عند الله عزوجل ، يراه الخلق لا بدّ منه .
٨٠٣ ـ روى
المفيد رحمهالله بإسناده عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي الحسن موسى عليهالسلام في قوله عزوجل : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا
فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ) قال : الفتن في الآفاق ، والمسخ في أعداء الحقّ .
__________________
سورة الشورى
الآية الاولى
قوله تعالى : (حم* عسق).
٨٠٤ ـ روى عليّ
بن إبراهيم القمّيّ رحمهالله بإسناده عن يحيى بن ميسرة الخثعميّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سمعته يقول : (حم* عسق) عدد سنّي القائم ، قال : و (ق) جبل محيط بالدنيا من
زمرّد أخضر ، وخضرة السماء من ذلك الجبل ، وعلم كلّ شيء في (عسق) .
٨٠٥ ـ وروى
محمّد بن العبّاس بإسناده عن الكلبيّ ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس ، قال : (حم)
اسم من أسماء الله عزوجل ، و (عسق) علم على تفسير كلّ جماعة ونفاق كلّ فرقة .
٨٠٦ ـ تأويل
آخر بحذف الإسناد عن السكونيّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : حم : حتم ، وعين ، عذاب ، وسين : سنون كسنيّ يوسف
عليهالسلام ، وقاف : قذف ومسخ يكون في آخر الزمان منه بالسفيانيّ
وأصحابه وناس من كلب ، ثلاثون ألف يخرجون معه ، وذلك حين يخرج القائم عليهالسلام بمكّة وهو مهدي هذه الامّة .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَما يُدْرِيكَ
لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ* يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ
__________________
بِها
وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا
إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ).
٨٠٧ ـ روى
بالإسناد عن المفضّل بن عمر ، قال : قال أبو عبد الله الصادق عليهالسلام : يا مفضّل كيف يقرأ أهل العراق هذه الآية : (يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا
يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا
الْحَقُ).
فقلت : يقرءون
: (يَسْتَعْجِلُ بِهَا
الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها
وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُ) فقال : ويحك أتدري ما هي؟
فقلت : الله
ورسوله وابن رسوله أعلم.
فقال : ما هي
والله إلّا قيام القائم .
٨٠٨ ـ وفي
رواية المفضّل بن عمر عن الصادق عليهالسلام قال : سألت سيّدي الصادق عليهالسلام : هل للمأمور المنتظر المهديّ عليهالسلام من وقت موقّت يعلمه الناس؟ فقال : حاش لله أن يوقّت
ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا. قلت : يا سيّدي ولم ذاك؟ قال : لأنّه هو الساعة الّتي
قال الله تعالى : (وَما يُدْرِيكَ
لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً)
(يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا
يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا
الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) قلت : فما معنى يمارون؟ قال : يقولون : متى ولد؟ ومن
رأى؟ وأين يكون؟ ومتى يظهر؟ وكلّ ذلك استعجالا لأمر الله وشكّا في قضائه ، ودخولا
في قدرته .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ
الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا
نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ).
٨٠٩ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : (مَنْ كانَ يُرِيدُ
حَرْثَ الْآخِرَةِ) قال : معرفة أمير المؤمنين عليهالسلام والأئمّة عليهمالسلام ، (نَزِدْ لَهُ فِي
حَرْثِهِ) قال : نزيده منها ، قال : يستوفي نصيبه من دولتهم.
__________________
(وَمَنْ كانَ يُرِيدُ
حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) قال : ليس له في دولة الحقّ مع القائم نصيب .
الآية الرابعة
قوله تعالى : (وَلَوْ لا كَلِمَةُ
الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
٨١٠ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال :
أمّا قوله : (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ
بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) قال : لو لا ما تقدّم فيهم من أمر الله عزوجل ما أبقى القائم منهم واحدا .
الآية الخامسة
قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى).
المهديّ عليهالسلام ممّن نزلت فيه آية المودّة
٨١١ ـ روى
العلّامة البيّاضيّ قال : وأسند الثعلبيّ في تفسير : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) إلى أنس قول النبيّ صلىاللهعليهوآله : نحن ولد عبد المطّلب سادة أهل الجنّة ، وذكر نفسه
وخمسة سمّاهم من أهل بيته .
٨١٢ ـ وروى
محمّد بن يعقوب بإسناده عن عبد الله بن عجلان ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : هم الأئمّة عليهمالسلام .
٨١٣ ـ روى
محمّد بن العبّاس بإسناده عن الحسن بن زيد ، عن أبيه ، عن جدّه عليهمالسلام ، قال : خطب الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام حين قتل عليّ عليهالسلام ثمّ قال : وأنا من أهل بيت من افترض الله مودّتهم على
كلّ مسلم ، حيث يقول : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً
نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت .
٨١٤ ـ وعنه
بإسناده عن عبد الملك بن عمير ، عن الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما في قوله عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : وأمّا القرابة الّتي
__________________
أمر الله بصلتها ، وعظّم من حقّها ، وجعل الخير فيها ، قرابتنا أهل البيت
الّذي أوجب الله حقّنا على كلّ مسلم .
٨١٥ ـ روى أحمد
بن محمّد بن خالد البرقيّ بإسناده عن عبد الله بن عجلان ، قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : هم الأئمّة الّذين لا يأكلون الصدقة ولا تحلّ لهم
.
٨١٦ ـ قال :
وروى زاذان عن عليّ عليهالسلام ، قال : فينا نزل آية ، لا يحفظ مودّتنا إلّا كلّ مؤمن
، ثمّ قرأ هذه الآية .
٨١٧ ـ ومن صحيح
البخاريّ في الجزء السادس في تفسير الآية ، روى بإسناده عن عبد الملك بن ميسرة ،
قال : سمعت طاوسا ، عن ابن عبّاس أنّه سأل عن قوله (إِلَّا الْمَوَدَّةَ
فِي الْقُرْبى) قال سعيد بن جبير :
قربى آل محمّد
صلوات الله عليهم .
٨١٨ ـ روى
الثعلبيّ بإسناده عن أبي الديلم ، قال : لمّا جىء بعليّ بن الحسين صلوات الله عليه
أسيرا قائما على درج دمشق ، قام رجل من أهل الشام فقال : الحمد لله الّذي قتلكم
واستأصل شأفتكم وقطع قرن الفتنة!
فقال له عليّ
بن الحسين صلوات الله عليه : أقرأت القرآن؟ قال : قال : نعم ، قال : أقرأت آل حم؟
قال :
قرأت القرآن
ولم أقرأ آل حم ، قال : قرأت : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : لأنتم هم؟ قال : نعم .
٨١٩ ـ روى مسلم
في صحيحه في الجزء الخامس في تفسير قوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال : وسئل ابن عبّاس عن هذه الآية ، فقال : قربى آل
محمّد صلىاللهعليهوآله .
__________________
٨٢٠ ـ روى
موفّق بن أحمد الخوارزميّ ، عن مقاتل والكعبيّ : لمّا نزلت هذه الآية (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً
إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قالوا : هل رأيتم أعجب من هذا ، يسفّه أحلامنا ويشتم
آلهتنا ويرى قتلنا ويطمع أن نحبّه؟! فنزل : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ
مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ) أي ليس لي من ذلك أجر ، لأنّ منفعة المودّة تعود إليكم
، وهو ثواب الله تعالى ورضاه .
قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ
فِيها حُسْناً).
٨٢١ ـ روى ثقة
الإسلام محمّد بن يعقوب رحمهالله بإسناده عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله تبارك وتعالى : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ
فِيها حُسْناً) قال : الاقتراف التسليم لنا والصدق علينا وأن لا يكذب
علينا .
٨٢٢ ـ روى سعد
بن عبد الله بإسناده عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام في الآية ، قال : الاقتراف للحسنة هو التسليم لنا
والصدق علينا.
٨٢٣ ـ روى
الشيخ في أماليه بإسناده ، عن الحسن عليهالسلام في خطبة له ، قال : فيما أنزل الله على محمّد صلىاللهعليهوآله : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً) واقتراف الحسنة مودّتنا .
الآية السادسة
قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ
افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ
اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ).
٨٢٤ ـ روى
العلّامة البحرانيّ قدسسره بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل : (وَمَنْ يَقْتَرِفْ
حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) قال : من توالى الأوصياء من آل محمّد واتّبع آثارهم ،
فذاك يزيده ولاية من مضى من النبيّين والمؤمنين الأوّلين حتّى ولايتهم إلى آدم عليهالسلام ، وهو قول الله عزوجل : (مَنْ جاءَ
بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) يدخله الجنّة وهو قول الله عزوجل : (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ
مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) يقول : أجر المودّة الّذي لم أسألكم
__________________
غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة ، وقل لأعداء الله
أولياء الشيطان أهل التكذيب والإنكار (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) يقول متكلّفا أن أسألكم ما لستم بأهله ، فقال المنافقون
عند ذلك بعضهم لبعض : أما يكفي محمّدا أن يكون قهرنا عشرين سنة حتّى يريد أن يحمل
أهل بيته على رقابنا ، ولئن قتل محمّد أو مات لننزعنّها من أهل بيته لا نعيدها
فيهم أبدا ، وأراد الله عزّ ذكره أن يعلم نبيّه صلىاللهعليهوآله الّذي أخفوا في صدورهم وأسرّوا به ، فقال في كتابه عزوجل : (أَمْ يَقُولُونَ
افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) يقول : لو شئت حبست عنك الوحي فلم تكلّم بفضل أهل بيتك
ولا بمودّتهم ، وقد قال الله عزوجل : (وَيَمْحُ اللهُ
الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) يقول الحقّ لأهل بيتك الولاية انّه عليم بذات الصدور ،
ويقول : بما ألقوه في صدورهم من العداوة لأهل بيتك والظلم بعدك وهو قول الله عزوجل : (وَأَسَرُّوا
النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ
السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) ... الخ الحديث .
٨٢٥ ـ روى
القمّي بإسناده عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : في قول الله عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) يعني في أهل بيته ، قال : جاءت الأنصار إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : انّا قد آوينا ونصرنا ، فخذ طائفة من أموالنا
استعن بها على ما أنابك ، فأنزل الله : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً) ـ يعني على النبوّة ـ (إِلَّا الْمَوَدَّةَ
فِي الْقُرْبى) أي في أهل بيته ، ثمّ قال : ألا ترى أنّ الرجل يكون له
صديق وفي ذلك شيء على أهل بيته فلم يسلم صدره ، فأراد الله أن لا يكون في نفس رسول
الله صلىاللهعليهوآله شيء على امّته ففرض عليهم المودّة ، فإن أخذوا أخذوا
مفروضا ، وان تركوا تركوا مفروضا ، قال : فانصرفوا من عنده وبعضهم يقول : أعرضنا
عليه أموالنا فقال : قاتلوا عن أهل بيتي من بعدي ، وقال : طائفة ما قال هذا رسول
الله من الله وجحدوا وقالوا كما حكى الله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ
افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) فقال الله (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ
يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) قال : لو افتريت ؛ ويمحو الله الباطل يعني يبطله (وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) يعني بالأئمّة والقائم من آل محمّد (إِنَّهُ عَلِيمٌ
__________________
بِذاتِ
الصُّدُورِ).
الآية السابعة
قوله تعالى : (وَلَمَنِ انْتَصَرَ
بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ).
٨٢٦ ـ روى
محمّد بن العبّاس رحمهالله بإسناده عن جابر الجعفيّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله عزوجل : (وَلَمَنِ انْتَصَرَ
بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) قال : ذلك القائم عليهالسلام إذا قام انتصر من بني اميّة ومن المكذّبين والنصاب .
الآية الثامنة
قوله تعالى : (وَتَراهُمْ
يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ).
٨٢٧ ـ روى
محمّد بن العبّاس رحمهالله بإسناده عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قوله عزوجل : (خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ
يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) يعني إلى القائم عليهالسلام .
٨٢٨ ـ وروى
عليّ بن إبراهيم بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : سمعته يقول : (وَلَمَنِ انْتَصَرَ
بَعْدَ ظُلْمِهِ) يعني القائم وأصحابه (فَأُولئِكَ ما
عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) والقائم إذا قام انتصر من بني اميّة ومن المكذّبين
والنصّاب هو وأصحابه ، وهو قول الله تبارك وتعالى : (إِنَّمَا السَّبِيلُ
عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ
الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).
__________________
سورة الزخرف
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَجَعَلَها كَلِمَةً
باقِيَةً فِي عَقِبِهِ)
٨٢٩ ـ روى
العلّامة المجلسي رحمهالله بإسناده عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قلت له : يا ابن رسول الله ، إنّ قوما يقولون :
إنّ الله تبارك وتعالى جعل الإمامة في عقب الحسن والحسين.
قال : كذبوا
والله ، أو لم يسمعوا الله تعالى ذكره يقول : (وَجَعَلَها كَلِمَةً
باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) فهل جعلها إلّا في عقب الحسين عليهالسلام؟ ثمّ قال : يا جابر إنّ الأئمّة هم الّذين نصّ عليهم
رسول الله صلىاللهعليهوآله بالإمامة ، وهم الّذين قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا اسري بي إلى السماء وجدت أساميهم مكتوبة على ساق
العرش بالنور اثنى عشر اسما ، منهم عليّ وسبطاه ، وعليّ ومحمّد وجعفر وموسى وعليّ
ومحمّد وعليّ والحسن والحجّة القائم ، فهذه الأئمّة من أهل بيت الصفوة والطهارة ،
والله لا يدّعيه أحد غيرنا إلّا حشره الله تبارك وتعالى مع إبليس وجنوده.
ثمّ تنفّس عليهالسلام الصعداء وقال : لا رعى الله حقّ هذه الامّة فإنّها لم
ترع حقّ نبيّها ، أما والله لو تركوا الحقّ على أهله لما اختلف في الله تعالى
اثنان.
__________________
ثمّ أنشأ عليهالسلام يقول :
إنّ اليهود لحبّهم
لنبيّهم
|
|
أمنوا بوائق
حادث الأزمان
|
والمؤمنون
بحبّ آل محمّد
|
|
يرمون في
الآفاق بالنيران
|
قلت : يا سيّدي
أليس هذا الأمر لكم؟ قال : نعم.
قلت : فلم
قعدتم عن حقّكم ودعواكم ، وقد قال الله تبارك وتعالى : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ
هُوَ اجْتَباكُمْ) ، قال : فما بال أمير المؤمنين عليهالسلام قعد عن حقّه حيث لم يجد ناصرا؟ أو لم تسمع الله تعالى
يقول في قصّة لوط : (قالَ لَوْ أَنَّ لِي
بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) ، ويقول في حكاية عن نوح : (فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ
فَانْتَصِرْ) ، ويقول في قصّة موسى : (رَبِّ إِنِّي لا
أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ
الْفاسِقِينَ) ، فإذا كان النبيّ هكذا فالوصيّ أعذر.
يا جابر مثل
الإمام مثل الكعبة إذ يؤتى ولا يأتي .
٨٣٠ ـ الشيخ
الصدوق بإسناده عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (وَجَعَلَها كَلِمَةً
باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) قال : هي الإمامة جعلها الله عزوجل في عقب الحسين عليهالسلام باقية إلى يوم القيامة .
٨٣١ ـ الشيخ
الصدوق بإسناده من طريق العامّة عن أبي هريرة ، قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآله عن قوله عزوجل : (وَجَعَلَها كَلِمَةً
باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) قال : جعلها الأئمّة في عقب الحسين ، يخرج من صلبه تسعة
من الأئمّة ومنهم مهدي هذه الامّة. ثمّ قال : لو أنّ رجلا ظعن بين الركن والمقام
ثمّ لقى الله مبغضا لأهل بيتي دخل النار .
٨٣٢ ـ وعنه
رفعه إلى هشام بن سالم ، قال : قلت للصادق عليهالسلام : الحسن أفضل أم الحسين؟
فقال : الحسن
أفضل من الحسين.
قلت : وكيف
صارت من بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن؟
__________________
فقال : انّ
الله تبارك وتعالى أحبّ أن يجعل سنّة موسى وهارون جارية في الحسن والحسين عليهماالسلام ، ألا ترى أنّهما كانا شريكين في النبوّة كما كان الحسن
والحسين شريكين في الإمامة ، جعل النبوّة في ولد هارون ولم يجعلها في ولد موسى وان
كان موسى أفضل من هارون.
قلت : فهل يكون
إمامان في وقت واحد؟
قال : لا إلّا
أن يكون أحدهما صامتا مأموما لصاحبه ، والآخر ناطقا إماما لصاحبه ، فإمّا أن يكونا
إمامين ناطقين فلا.
قال : قلت :
فهل تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين؟
قال : لا ،
إنّما هي جارية في عقب الحسين ، كما قال الله عزوجل : (وَجَعَلَها كَلِمَةً
باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ثمّ هي جارية في الأعقاب وأعقاب الأعقاب إلى يوم القيامة
.
٨٣٣ ـ روى
الشيخ الصدوق بإسناده عن المفضّل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : (وَإِذِ ابْتَلى
إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) ما هذه الكلمات؟ قال : هي الكلمات الّتي تلقّاها آدم من
ربّه فتاب الله عليه ، وهو أنّه قال : «أسألك بحقّ محمّد وعليّ وفاطمة والحسن
والحسين إلّا تبت عليّ» فتاب الله عليه إنّه هو التوّاب الرحيم.
فقلت له : يا
ابن رسول الله ، فما يعني عزوجل بقوله «فأتمّهنّ»؟
قال : فأتمّهنّ
إلى القائم اثنى عشر إماما ، تسعة من ولد الحسين عليهالسلام.
قال المفضّل
فقلت : يا ابن رسول الله فأخبرني عن قول الله عزوجل : (وَجَعَلَها كَلِمَةً
باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) قال : يعني بذلك الإمامة جعلها الله تعالى في عقب
الحسين إلى يوم القيامة.
قال : فقلت له
: يا ابن رسول الله فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن عليهماالسلام وهما جميعا ولدا رسول الله صلىاللهعليهوآله وسبطاه وسيّدا شباب أهل الجنّة؟
فقال عليهالسلام : إنّ موسى وهارون كانا نبيّين مرسلين وأخوين ، فجعل
الله عزوجل النبوّة في صلب هارون دون صلب موسى عليهماالسلام ، ولم يكن لأحد أن يقول لم فعل الله ذلك؟ وإنّ
__________________
الإمامة خلافة الله عزوجل في أرضه ، وليس لأحد أن يقول لم جعلها الله في صلب
الحسين دون صلب الحسن عليهماالسلام ، لأنّ الله تبارك وتعالى هو الحكيم في أفعاله لا يسأل
عمّا يفعل وهم يسألون .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ
لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ).
نزول عيسى عليهالسلام
٨٣٤ ـ روى
الإمام أحمد بإسناده عن أبي يحيى مولى ابن عقيل الأنصاريّ ، قال : قال ابن عبّاس
قال : لقد علمت آية من القرآن ما سألني عنها رجل قطّ ، فما أدري أعلمها الناس فلم
يسألوا عنها ، أم لم يفطنوا لها فيسألوا عنها ، ثمّ طفق يحدّثنا ، فلمّا قام
تلاومنا أن لا نكون سألناه عنها ، فقلت : أنا لها إذا راح غدا ، فلمّا راح الغد
قلت : يا ابن عبّاس ، ذكرت أمس أنّ آية من القرآن لم يسألك عنها رجل قطّ ، فلا
تدري أعلمها الناس فلم يسألوا عنها أم لم يفطنوا لها ، فقلت أخبرني عنها ، وعن
اللاتي قرأت قبلها. قال : نعم ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لقريش : يا معشر قريش ، إنّه ليس أحد يعبد من دون
الله فيه خير ، وقد علمت قريش أنّ النصارى تعبد عيسى ابن مريم وما تقول في محمّد ،
فقالوا : يا محمّد ، ألست تزعم أنّ عيسى كان نبيّا وعبدا من عباد الله صالحا ،
فلئن كنت صادقا فإنّ آلهتهم لكما تقولون. قال : فأنزل الله عزوجل : (وَلَمَّا ضُرِبَ
ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) ، قال : قلت : ما يصدّون؟ قال : يضجّون (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) قال : هو خروج عيسى ابن مريم عليهالسلام قبل يوم القيامة .
٨٣٥ ـ مقاتل بن
سليمان : هو المهديّ عليهالسلام يكون في آخر الزمان ، وبعد خروجه يكون قيام الساعة
وأماراتها .
٨٣٦ ـ روى ابن
عبّاس والضحّاك وغيره في الآية انّها آية الساعة ، وقال : يعني نزول
__________________
عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة .
٨٣٧ ـ روى
العلّامة القندوزيّ ، قال : قال مقاتل بن سليمان ومن تبعه من المفسّرين في قوله
تعالى : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ
لِلسَّاعَةِ) انّها نزلت في المهديّ عليهالسلام .
٨٣٨ ـ روى
العلّامة السيوطيّ في ذيل تفسير الآية قال : وأخرج الفريابيّ وسعيد بن منصور ومسعد
وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبرانيّ من طرق عن ابن عبّاس رضي الله عنهما في
قوله : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ
لِلسَّاعَةِ) قال : خروج عيسى قبل يوم القيامة .
٨٣٩ ـ روى
العلّامة ابن الصباغ المالكيّ في الفصل الثاني عشر قال فيه : وأمّا بقاء المهديّ
فقد جاء في الكتاب والسنّة ، أمّا الكتاب فقد قال سعيد بن جبير في تفسير قوله
تعالى : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) قال : هو المهديّ من ولد فاطمة عليهاالسلام ، وأمّا من قال إنّه عيسى فلا تنافي بين القولين ، إذ
هو مساعد للمهدي على ما تقدّم ، وقد قال مقاتل بن سليمان ومن تابعه من المفسّرين
في قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ
لِلسَّاعَةِ) قال : هو المهديّ يكون في آخر الزمان وبعد خروجه يكون
امارات ودلالات للساعة وقيامها ، انتهى والله تعالى أعلم بذلك .
٨٤٠ ـ ورواه
العلّامة الشبلنجيّ ، قال : وقد قال مقاتل بن سليمان ومن تابعه من المفسّرين في
تفسير قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ
لِلسَّاعَةِ) قال : هو المهديّ يكون في آخر الزمان وبعد خروجه تكون
امارات الساعة وقيامها .
٨٤١ ـ روى
العلّامة القندوزيّ الحنفيّ عن زرارة بن أعين ، قال : سألت الباقر عليهالسلام عن هذه الآية قال : هي ساعة القائم عليهالسلام تأتيهم بغتة .
كلام العلّامة
أحمد بن حجر الهيثميّ المكّيّ في قوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ
لِلسَّاعَةِ) قال : قال مقاتل بن سليمان ومن تبعه من المفسّرين أنّ
هذه الآية نزلت في المهديّ ، وستأتي الأحاديث المصرّحة بأنّه من أهل البيت النبويّ
، وحينئذ ففي الآية دلالة على البركة في
__________________
نسل فاطمة وعليّ رضي الله عنهما ، وأنّ الله ليخرج منهما طيّبا وأن يجعل
نسلهما مفاتيح الحكمة ومعادن الستر. وسرّ ذلك أنّه صلىاللهعليهوآله أعاذها وذرّيتها من الشيطان الرجيم. ودعا لعليّ بمثل
ذلك وشرح ذلك يعلم بسياق الأحاديث الدالّة عليه.
وأخرج النسائيّ
بسند صحيح : أنّ نفرا من الأنصار قالوا لعليّ رضى الله عنه لو كانت عندك فاطمة ،
فدخل على النبيّ صلىاللهعليهوآله يعني ليخطبها ، فسلّم عليه ، فقال له : ما حاجة ابن أبي
طالب؟ فقال : فذكرت فاطمة ، فقال صلىاللهعليهوآله : مرحبا وأهلا (ثمّ ذكر قصّة زواجهما عليهماالسلام ، ثمّ قال :) فلمّا حضر عليّ تبسّم صلىاللهعليهوآله وقال له : إنّ الله أمرني أن ازوّجك فاطمة على أربعمائة
مثقال فضّة ، أرضيت بذلك فقال : قد رضيتها يا رسول الله ، ثمّ خرّ ساجدا لله شكرا
، فلمّا رفع رأسه قال له صلىاللهعليهوآله : بارك الله لكما وبارك فيكما وأعزّ جدّكما وأخرج منكم
الكثير الطيّب. قال أنس : والله لقد أخرج الله منهما الكثير الطيّب. وأخرج أكثره
أبو الخير القزوينيّ الحاكميّ.
ثمّ قال :
وأخرج أحمد وأبو حاتم نحوه وقد ظهرت بركة دعائه صلىاللهعليهوآله في نسلهما فكان منه من مضى ومن يأتي ، ولو لم يكن في
الآتين إلّا الإمام المهديّ لكفى.
٨٤٢ ـ وأخرج
الطبرانيّ مرفوعا : يلتفت المهديّ وقد نزل عيسى ابن مريم عليهالسلام كأنّما يقطر من شعره الماء ، فيقول المهديّ تقدّم فصلّ
بالناس ، فيقول عيسى إنّما اقيمت الصلاة لك ، فيصلّي خلف رجل من ولدي الحديث ؛ وفي
صحيح ابن حبان في إمامة المهديّ نحوه.
٨٤٣ ـ وصحّ
مرفوعا : ينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم المهديّ : تعال صلّ بنا ، فيقول : لا
إنّ بعضكم أئمّة على بعض تكرمة الله هذه الامّة .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (فَاخْتَلَفَ
الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ
أَلِيمٍ).
٨٤٤ ـ روى
العيّاشيّ رحمهالله بسنده عن جابر الجعفيّ ، عن أبي جعفر عليهالسلام يقول : الزم الأرض لا تحرّكن يدك ولا رجلك أبدا حتّى
ترى علامات أذكرها لك في سنة ، وترى مناديا ينادي بدمشق ، وخسف بقرية من قراها ،
ويسقط طائفة ما مسجدها ، فإذا رأيت الترك
__________________
جازوها ، فأقبلت الترك حتّى نزلت الجزيرة ، وأقبلت الروم حتّى نزلت الرملة
، وهي سنة اختلاف في كلّ أرض من أرض العرب.
وإنّ أهل الشام
يختلفون عند ذلك ثلاث رايات : الأصهب والأبقع والسفيانيّ ، مع بني ذنب الحمار مضر
، ومع السفيانيّ أخواله من كلب ، فيظهر السفيانيّ ومن معه على بني ذنب الحمار ،
حتّى يقتلوا قتلا لم يقتله شيء قطّ.
ويحضر رجل
بدمشق ، فيقتل هو ومن معه قتلا لم يقتله شيء قطّ ، وهو من بني ذنب الحمار ، وهي
الآية الّتي يقول الله تبارك وتعالى : (فَاخْتَلَفَ
الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ
عَظِيمٍ).
قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ
أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ).
٨٤٥ ـ روى
العلّامة البحرانيّ قدسسره في «المحجّة» عن محمّد بن العبّاس بإسناده عن زرارة بن
أعين قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (هَلْ يَنْظُرُونَ
إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً) قال هي ساعة القائم عليهالسلام تأتيهم بغتة .
__________________
سورة الدخان
الآية الاولى
قوله سبحانه وتعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ* فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ
حَكِيمٍ).
٨٤٦ ـ عليّ بن
إبراهيم في قوله تعالى : (حم وَالْكِتابِ
الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ) يعني القرآن في ليلة مباركة إنّا كنّا منذرين ، وهي
ليلة القدر. وأنزل الله القرآن فيها إلى البيت المعمور جملة واحدة ، ثمّ نزل من
البيت المعمور على النبيّ صلىاللهعليهوآله في طول عشرين سنة ، فيها يفرق كلّ أمر حكيم يعني في
ليلة القدر كلّ أمر حكيم ، أي يقدّر الله كلّ أمر من الحقّ والباطل وما يكون في
تلك السنة وله فيه البداء والمشيّة ، يقدّم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء من الآجال
والأرزاق والبلايا والأمراض ويزيد فيها ما يشاء وينقص ما يشاء ، ويلقيه رسول الله
إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، ويلقيه أمير المؤمنين إلى الأئمّة عليهمالسلام ، حتّى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان عليهالسلام ويشترط له ما فيه البداء والمشيّة والتقديم والتأخير.
ثمّ قال عليّ
بن إبراهيم : حدّثني بذلك أبي بإسناده عن عبد الله مسكان ، عن أبي جعفر وأبي عبد
الله وأبي الحسن عليهمالسلام .
٨٤٧ ـ روى شرف
الدّين النجفيّ بإسناده عن حمران ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عمّا
__________________
يفرق في ليلة القدر ، هل هو ما يقدّر سبحانه وتعالى فيها؟
قال : لا توصف
قدرة الله تعالى إلّا أنّه قال : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ
أَمْرٍ حَكِيمٍ) فكيف يكون حكيما إلّا ما فرق ، ولا توصف قدرة الله
سبحانه لأنّه يحدث ما يشاء ، وأمّا قوله : (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ
شَهْرٍ) يعني فاطمة في قوله تعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ
فِيها) والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الّذين يملكون علم آل
محمّد عليهمالسلام ، والروح روح القدس وهي فاطمة عليهاالسلام ، (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ
سَلامٌ) يقول : كلّ أمر سلّمه حتّى يطلع الفجر ـ يعني حتّى يقوم
القائم عليهالسلام .
٨٤٨ ـ روى
العلّامة البحرانيّ قدسسره عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : يا معشر الشيعة خاصموا بسورة إنّا أنزلناه في
ليلة القدر تفلجوا ، فو الله إنّها لحجّة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول
الله صلىاللهعليهوآله ، وإنّها لسيّدة دينكم ، وإنّها لغاية علمنا. يا معاشر
الشيعة ، خاصموا ب (حم وَالْكِتابِ
الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا
مُنْذِرِينَ) فإنّها لولاة الأمر خاصّة بعد رسول الله.
يا معاشر
الشيعة ، يقول الله تبارك وتعالى : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ
إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) قيل : يا أبا جعفر عليهالسلام نذيرها رسول الله صلىاللهعليهوآله (محمّد) ، فقال : صدقت فهل كان نذيرا وهو خلو (حيّ) من البعثة في أقطار
الأرض؟ فقال السائل : لا.
قال أبو جعفر عليهالسلام : أرأيت بعيثه أليس نذيره كما أنّ رسول الله في بعثته
من الله نذير؟ فقال : بلى. قال : فكذلك لم يمت محمّد إلّا وله بعيث نذير ، قال :
فإن قلت لا ، فقد ضيّع رسول الله من في الأصلاب من امّته.
قال : وما
يكفيهم القرآن؟! قال : بلى ، إن وجدوا له مفسّرا.
قال : وما فسّر
رسول الله؟ قال : بلى قد فسّره لرجل واحد وفسّر للامّة شأن ذلك الرجل هو عليّ بن
أبي طالب عليهالسلام.
قال السائل :
يا أبا جعفر كأنّ هذا أمر خاص لا يحتمله العامة؟
قال : أبى الله
أن يعبد إلّا سرّا حتّى يأتي أبان أجله الّذي يظهر فيه دينه ، كما أنّه كان
__________________
رسول الله صلىاللهعليهوآله مع خديجة عليهاالسلام مستترا حتّى أمره بالإعلان ، قال السائل : فينبغي لصاحب
هذا الدّين أن يكتم؟ قال : أو ما كتم عليّ بن أبي طالب يوم أسلم مع رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى أظهر أمره؟ قال : بلى ، قال : فكذلك أمرنا حتّى
يبلغ الكتاب أجله .
دلالة الآية على وجوب وجود إمام العصر عليهالسلام وحياته
٨٤٩ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن الحسن بن عبّاس بن الجريش ، عن أبي جعفر الثاني عليهالسلام ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : بينا أبي عليهالسلام يطوف بالكعبة إذا رجل معتجر ، قد قيّض له فقطع عليه
اسبوعه ، حتّى أدخله إلى دار جنب الصفا ، فأرسل إليّ وكنّا ثلاثة فقال : مرحبا بك
يا ابن رسول الله ، ثمّ وضع يده على رأسي وقال : بارك الله فيك يا أمين الله بعد
آبائه أبا جعفر ، إن شئت فأخبرني وان شئت أخبرتك ، وإن شئت سألتني وإن شئت سألتك ،
وإن شئت فأصدقني وإن شئت صدقتك.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : كلّ ذلك أشاء.
قال : فإيّاك
أن ينطلق لسانك عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره.
قال : إنّما
يفعل ذلك من في قلبه علمان يخالف أحدهما صاحبه ، وإنّ الله عزوجل أبى أن يكون له علم فيه اختلاف.
قال هذه مسألتي
وقد فسّرت طرفا منها ، أخبرني عن هذا العلم الّذي ليس فيه اختلاف من يعلمه؟
قال : أمّا
جملة العلم فعند الله جلّ ذكره ، وأمّا ما لا بدّ للعباد منه فعند الأوصياء.
قال : ففتح
الرجل عجيرته واستوى جالسا وتهلّل وجهه ، وقال : هذه أردت ولها أتيت ، زعمت أنّ
علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء ، فكيف يعلمونه؟
قال : كما كان
رسول الله صلىاللهعليهوآله يعلمه ، إلّا أنّهم لا يرون ما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يرى ، لأنّه كان نبيّا وهم محدّثون ، وأنّه كان يفد إلى
الله جلّ جلاله فيسمع الوحي وهم لا يسمعون.
قال : فقال :
صدقت يا ابن رسول الله سأسألك مسألة صعبة ، أخبرني عن هذا العلم ما له
__________________
لا يظهر كما كان يظهر مع رسول الله صلىاللهعليهوآله؟
قال : فضحك أبي
عليهالسلام وقال : أبى الله أن يطلع على علمه إلّا ممتحنا للإيمان
به ، كما قضى على رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يصبر على أذى قومه ، ولا يجاهدهم إلّا بأمره ، فكم
من اكتتام قد اكتتم به ، حتّى قيل له (فَاصْدَعْ بِما
تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) وأيم الله أن لو صدع قبل ذلك لكان آمنا ، ولكنّه إنّما
نظر في الطاعة وخاف الخلاف فلذلك كفّ ، فوددت أن يكون عينك مع مهديّ هذه الامّة ،
والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والأرض تعذّب أرواح الكفرة من الأموات وتلحق
بهم أرواح أشباههم من الأحياء ، ثمّ أخرج سيفا ثمّ قال : ها إنّ هذا منها.
قال : فقال أبي
: إي والّذي اصطفى محمّدا على البشر.
قال : فردّ
الرجل قال : أنا إلياس ما سألتك عن أمرك وبي منه جهالة : غير أنّي أحببت أن يكون
هذا الحديث قوّة لأصحابك ، وساخبرك بآية أنت تعرفها أن خصموا بها فلجوا.
قال : فقال لي
أبي : إن شئت أخبرتك بها؟
قال : قد شئت.
قال : إنّ
شيعتنا إن قالوا لأهل الخلاف لنا : إنّ الله عزوجل يقول لرسوله صلىاللهعليهوآله : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) إلى آخرها ، فهل كان رسول الله يعلم من العلم شيئا لا
يعلمه في تلك الليلة ، أو يأتيه به جبرئيل عليهالسلام في غيرها؟ فانّه سيقولون لا ، فقل لهم : فهل كان لما
علم بدّ من أن يظهر؟ فيقولون لا ، فقل لهم : كان فيما أظهر رسول الله صلىاللهعليهوآله من علم الله عزّ ذكره اختلاف؟ فان قالوا لا ، فقل لهم :
فمن حكم بحكم الله (كذا) فيه اختلاف فهل خالف رسول الله صلىاللهعليهوآله فيقولون نعم ، فإن قالوا : لا فقل قد نقضوا أوّل كلامهم
، فقل لهم : (ما يَعْلَمُ
تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) فإن قالوا : من الراسخون في العلم؟ فقل من لا يختلف في
علمه ، فإن قالوا : فمن هو ذاك؟ فقل : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله صاحب ذلك فهل بلغ أو لا؟ فإن قالوا : قد بلّغ ، فقل :
فهل مات رسول الله صلىاللهعليهوآله والخليفة من بعده يعلم علما ليس فيه اختلاف؟ فإن قالوا
لا ، فقل : إنّ خليفة رسول الله مؤيّد ولا يستخلف رسول الله صلىاللهعليهوآله إلّا من
__________________
يحكم بحكمه ، وإلّا من يكون مثله إلّا النبوّة ، وان كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يستخلف في علمه أحدا فقد ضيّع من في أصلاب الرجال
ممّن يكون بعده ، فإن قالوا لك : فإنّ علم رسول الله صلىاللهعليهوآله كان من القرآن ، فقل : (حم وَالْكِتابِ
الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا
مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا
كُنَّا مُرْسِلِينَ).
فإن قالوا لك :
لا يرسل الله عزوجل إلّا إلى نبيّ ، فقل : هذا الأمر الحكيم الّذي يفرق فيه
هو من الملائكة والروح ، الّتي تنزل من سماء إلى سماء ، أو من سماء إلى أرض ، فإن
قالوا من سماء إلى سماء ، فليس في السماء أحد يرجع من طاعته إلى معصيته ، فإن
قالوا من سماء إلى أرض وأهل الأرض أحوج الخلق إلى ذلك ، فقل : فهل لهم بدّ من سيّد
يتحاكمون إليه؟ فإن قالوا : فإنّ الخليفة هو حكمهم ، فقل : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا
يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا
أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ
أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).
لعمري ما في
الأرض ولا في السماء ولي لله عزوجل إلّا وهو مؤيّد ، ومن ايّد لم يخط ، وما في الأرض عدوّ
لله عزّ ذكره إلّا وهو مخذول ، ومن خذل لم يصب ، كما أنّ الأمر لا بدّ من تنزيله
من السماء يحكم به أهل الأرض ،
كذلك ولا بدّ
من وال ، فإن قالوا : لا نعرف هذا ، فقل لهم : قولوا ما أحببتم أبى الله بعد محمّد
صلىاللهعليهوآله أن يترك العباد ولا حجّة له عليهم. قال أبو عبد الله عليهالسلام ثمّ وقف ، فقال : هاهنا يا ابن رسول الله باب غامض ، أرأيت
ان قالوا حجّة الله القرآن؟
قال : إذا قل
لهم : إنّ القرآن ليس بناطق يأمر وينهى ، ولكنّ للقرآن أهل يأمرون وينهون ، وأقول
قد عرضت لبعض أهل الأرض مصيبة ما هي في السنّة والحكم الّذي ليس فيه اختلاف ،
وليست في القرآن ، أبى الله في علمه (لعلمه) بتلك الفتنة أن تظهر في الأرض وليس في
حكمه رادّ لها ومفرّج عن أهلها. فقال : هاهنا تفلجون يا ابن رسول الله ، أشهد أنّ
الله عزوجل ذكره قد علم بما يصيب الخلق من مصيبة في الأرض أو في
أنفسهم من الدّين أو غيره ، فوضع القرآن دليلا. قال ، فقال الرجل : هل تدري يا ابن
رسول الله القرآن
__________________
دليل ما هو؟
قال أبو جعفر عليهالسلام : نعم وفيه جمل الحدود وتفسيرها عند الحكم ، فقد أبى
الله أن يصيب عبدا بمصيبة في دينه أو في نفسه أو في ماله ليس في أرضه من حكمه قاض
بالصواب في تلك المصيبة.
قال : فقال
الرجل : أمّا في هذا الباب فقد فلجتم بحجّة ، إلّا أن يفتري خصمكم على الله فيقول
: ليس لله عزّ ذكره حجّة ، ولكن أخبرني عن تفسير : (لِكَيْلا تَأْسَوْا
عَلى ما فاتَكُمْ) ممّا خصّ به عليّ عليهالسلام (وَلا تَفْرَحُوا بِما
آتاكُمْ)؟ قال : في أبي فلان وأصحابه ، واحدة مقدّمة وواحدة
مؤخّرة ، لا تأسوا على ما فاتكم ممّا خصّ به عليّ ، ولا تفرحوا بما آتاكم من
الفتنة الّتي عرضت لكم بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فقال الرجل :
أشهد أنّكم أصحاب الحكم الّذي لا اختلاف فيه.
ثمّ قام الرجل
وذهب فلم أره .
الإمام المهديّ عليهالسلام صاحب ليلة القدر في عصرنا هذا
٨٥٠ ـ روى
العلّامة البحرانيّ قدسسره في «المحجّة» عن عليّ بن إبراهيم ، بإسناده عن عبد الله
بن مسكان ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله وأبي الحسن عليهمالسلام :
(حم وَالْكِتابِ
الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ) يعني القرآن (فِي لَيْلَةٍ
مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) وهي ليلة القدر أنزل الله القرآن فيها إلى البيت
المعمور جملة واحدة ، ثمّ نزل من البيت المعمور على النبيّ صلىاللهعليهوآله في طول ثلاث وعشرين سنة (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ
أَمْرٍ حَكِيمٍ) يعني في ليلة القدر (كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) أي يقدّر الله كلّ أمر من الحقّ ومن الباطل وما يكون في
تلك السنة ، وله فيها البداء والمشيئة يقدم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء من الآجال
والأرزاق والبلايا والأعراض والأمراض ويزيد فيها ما يشاء وينقص ما يشاء.
ويلقيه رسول
الله صلىاللهعليهوآله إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، ويلقيه أمير المؤمنين إلى الأئمّة عليهمالسلام حتّى ينتهي ذلك إلى صاحب الزمان عليهالسلام ، ويشرط له ما فيه البداء والمشيئة والتقديم
__________________
والتأخير .
٨٥١ ـ عليّ بن
إبراهيم ، بإسناده عن أبي المهاجر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : يا أبا المهاجر لا تخفى علينا ليلة القدر ، إنّ
الملائكة يطوفون بنا فيها .
٨٥٢ ـ روى
الطبرسيّ رحمهالله في «الاحتجاج» عن أمير المؤمنين عليهالسلام في حديث له ، قال عليهالسلام : وإنّما أراد الله بالحقّ إظهار قدرته وإبداء سلطانه
وتبيين براهين حكمته ، فخلق ما شاء كما شاء ، وأجرى فعل بعض الأشياء على أيدي من
اصطفى من امنائه ، فكان فعلهم فعله وأمرهم أمره ، كما قال : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ
اللهَ).
وجعل السماء
والأرض وعاء لمن يشاء من خلقه ليميز الخبيث من الطيّب مع سابق علمه بالفريقين من
أهلهما ، وليجعل ذلك مثالا لأوليائه وامنائه ، وعرّف الخليقة فضل منزلة أوليائه ،
وفرض عليهم من طاعتهم مثل الّذي فرضه منه لنفسه ، وألزمهم الحجّة بأن خاطبهم خطابا
يدلّ على انفراده وتوحيده ، وأبان لهم أولياء أجرى أفعالهم وأحكامهم مجرى فعله ،
فهم العباد المكرّمون الّذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، هم الّذين
أيّدهم بروح منه وعرّف الخلق اقتدارهم بقوله : (عالِمُ الْغَيْبِ
فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ).
وهم النعيم
الّذي يسأل عنه ، إنّ الله تبارك وتعالى أنعم بهم على من اتّبعهم من أوليائهم.
قال السائل :
من هؤلاء الحجج؟
قال : هم رسول
الله ومن حلّ محلّه من أصفياء الله ، قرنهم الله بنفسه وبرسوله ، وفرض على العباد
من طاعتهم مثل الّذي فرض عليهم منها لنفسه.
وهم ولاة أمر
الدّين الّذين قال الله فيهم : (أَطِيعُوا اللهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ).
وقال الله فيهم
: (وَلَوْ رَدُّوهُ
إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ
يَسْتَنْبِطُونَهُ
__________________
مِنْهُمْ).
قال السائل :
ما ذلك الأمر؟
قال عليهالسلام : الّذي به تنزّل الملائكة في الليلة الّتي يفرق فيه
كلّ أمر حكيم ، من خلق ورزق وأجل وعمل وحياة وموت وعلم غيب السموات والأرض ،
والمعجزات الّتي لا تنبغي إلّا لله وأصفيائه والسفرة بينه وبين خلقه.
وهم وجه الله
الّذي قال : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا
فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ).
هم بقيّة الله
يعني المهديّ عليهالسلام الّذي يأتي عند انقضاء هذه النظرة فيملأ الأرض عدلا كما
ملئت جورا ، ومن آياته الغيب والاكتتام عند عموم الطغيان وحلول الانتقام.
ولو كان هذا
الأمر الّذي عرّفتك نبأه للنبيّ صلىاللهعليهوآله دون غيره ، لكان الخطاب يدلّ على فعل ماض غير دائم ولا
مستقبل ، ولقال : نزلت الملائكة وفرق كلّ أمر حكيم ، ولم يقل : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ) و (يُفْرَقُ كُلُّ
أَمْرٍ حَكِيمٍ) ـ إلى آخر الحديث .
٨٥٣ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال الله عزوجل في ليلة القدر : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ
أَمْرٍ حَكِيمٍ) يقول فيها كلّ أمر حكيم ، والمحكم ليس بشيئين إنّما هو
شيء واحد ، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم الله عزوجل ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب فقد حكم بحكم
الطاغوت ، إنّه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الأمر تفسير الامور سنة سنة ، يؤمر
فيها في أمر نفسه بكذا وكذا وفي أمر الناس بكذا وكذا ، وإنّه ليحدث لوليّ الأمر
سوى ذلك كلّ يوم من علم الله عزّ ذكره الخاصّ والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل
في تلك الليلة من الأمر ، ثمّ قرأ : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي
الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ
أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
الآية الثانية
قوله تعالى : (يَوْمَ تَأْتِي
السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ).
__________________
٨٥٤ ـ وروى
عليّ بن إبراهيم في حديث له أنّ ذلك من علامات الساعة ويكون في الرجعة ، فقد روى
بإسناده عن أبي المهاجر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قوله : «فارتقب» أي اصبر (يَوْمَ تَأْتِي
السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) قال : قال ذلك إذا خرجوا في الرجعة من القبر .
قصة الدجّال وخروجه عند العامّة
روى الشيخ
الصدوق من طريق العامّة قصّة ابن الصيّاد الّذي اختلف العامّة في أنّه الدجّال أو
غيره ثمّ قال : إنّ أهل العناد والجحود يصدّقون بمثل هذا الخبر ، ويروونه في
الدجال وغيبته وطول بقائه المدّة الطويلة ، وبخروجه في آخر الزمان ، ولا يصدّقون
بأمر القائم عليهالسلام وأنّه يغيب مدّة طويلة ثمّ يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا
كما ملئت جورا وظلما بنصّ النبيّ والأئمّة بعده صلوات الله عليهم وعليه باسمه
وعينه ونسبه ، وبإخبارهم بطول غيبته ، إرادة لاطفاء نور الله ، وإبطالا لأمر وليّ
الله ، ويأبى الله الا أن يتمّ نوره ولو كره المشركون.
وأكثر ما
يحتجّون به في دفعهم لأمر الحجّة عليهالسلام أنّهم يقولون : لم نرو هذه الأخبار الّتي تروونها في
شأنه ولا نعرفها ، وكذا يقول من يجحد نبيّنا صلىاللهعليهوآله من الملحدين ، والبراهمة واليهود والنصارى : إنّه ما صح
عندنا شيء مما تروونه من معجزاته ودلائله ولا نعرفها ، فنعتقد بطلان أمره لهذه
الجهة ، ومتى لزمنا ما يقولون ، لزمهم ما يقوله هذه الطوائف وهو أكثر عددا منهم!
ويقولون أيضا :
ليس في موجب عقولنا أن يعمّر أحد في زماننا هذا عمرا يتجاوز عمر أهل الزمان ، فقد
تجاوز عمر صاحبكم على زعمكم عمر أهل الزمان.
فنقول لهم : أتصدّقون
على أنّ الدجّال في الغيبة يجوز أن يعمّر عمرا يتجاوز عمر أهل الزمان وكذلك إبليس
، ولا تصدّقون بمثل ذلك لقائم آل محمّد صلىاللهعليهوآله؟ مع النصوص الواردة فيه في الغيبة ، وطول العمر ،
والظهور بعد ذلك للقيام بأمر الله عزوجل ، وما روي في ذلك من الأخبار الّتي قد ذكرتها في هذا
الكتاب ، ومع ما صحّ عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : كلّ ما كان
__________________
في الأمم السالفة يكون في هذه الامّة مثله ، حذو النعل بالنعل والقذّة
بالقذّة ، وقد كان فيمن مضى من أنبياء الله عزوجل وحججه عليهمالسلام معمّرون.
أمّا نوح عليهالسلام فإنّه عاش ألفي سنة وخمسمائة سنة ، ونطق القرآن بأنّه
لبث في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاما ؛ وقد روي في الخبر الّذي قد أسندته في هذا
الكتاب أنّ في القائم سنّة من نوح ، وهي طول العمر ، فكيف يدفع أمره ولا يدفع ما
يشبهه من الأمور الّتي ليس شيء منها في موجب العقول ، بل لزم الاقرار بها لأنّها
رويت عن النبيّ صلىاللهعليهوآله.
وهكذا يلزم
الاقرار بالقائم عليهالسلام من طريق السمع. وفي موجب أيّ عقل من العقول أنّه يجوز
أن يلبث اصحاب الكهف ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا؟ هل وقع التصديق بذلك إلّا من
طريق السمع ، فلم لا يقع التصديق بأمر القائم عليهالسلام أيضا من طريق السمع؟!
وكيف يصدّقون
بما يرد من الأخبار عن وهب بن منبّه وعن كعب الأحبار في الحالات الّتي لا يصحّ
منها شيء في قول الرسول ، ولا في موجب العقول ، ولا يصدّقون بما يرد عن النبيّ
والأئمّة عليهمالسلام في القائم وغيبته ، وظهوره بعد شكّ أكثر الناس في أمره
، وارتدادهم عن القول به ، كما تنطق به الآثار الصحيحة عنهم عليهمالسلام ، هل هذا إلّا مكابرة في دفع الحقّ وجحوده؟
وكيف لا يقولون
: إنّه لمّا كان في الزمان غير محتمل للتعمير وجب أن تجري سنّة الأوّلين بالتعمير
في أشهر الاجناس تصديقا لقول صاحب الشريعة عليهالسلام ، ولا جنس أشهر من جنس القائم عليهالسلام لأنّه مذكور في الشرق والغرب على ألسنة المقرّين وألسنة
المنكرين له ، ومتى بطل وقوع الغيبة بالقائم الثاني عشر من الأئمّة عليهمالسلام مع الروايات الصحيحة عن النبيّ أنّه صلىاللهعليهوآله أخبر بوقوعها به عليهالسلام بطلت نبوّته ، لأنّه يكون قد أخبر بوقوع الغيبة بما لم
يقع به ، ومتى صحّ كذبه في شيء لم يكن نبيّا.
وكيف يصدق في
أمر عمّار أنّه تقتله الفئة الباغية ، وفي أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه تخضب لحيته من دم رأسه ، وفي الحسن بن عليّ عليهماالسلام أنّه مقتول بالسّم ، وفي الحسين بن عليّ عليهماالسلام أنّه مقتول بالسيف ، ولا يصدق فيما أخبر به من أمر
القائم ووقوع الغيبة به ، والنصّ عليه باسمه ونسبه؟ بل هو صلىاللهعليهوآله صادق في جميع أقواله مصيب في جميع أحواله ،
ولا يصح إيمان عبد حتّى لا يجد في نفسه حرجا مما قضى ويسلّم له في جميع
الأمور تسليما لا يخالطه شكّ ولا ارتياب ، وهذا هو الإسلام ، والإسلام هو
الاستسلام والانقياد (وَمَنْ يَبْتَغِ
غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ
الْخاسِرِينَ).
ومن أعجب العجب
أنّ مخالفينا يروون انّ عيسى ابن مريم عليهالسلام مرّ بأرض كربلاء فرأى عدّة من الظباء هناك مجتمعة
فأقبلت اليه وهي تبكي ، وأنّه جلس وجلس الحواريون ، فبكى وبكى الحواريون ، وهم لا
يدرون لم جلس ولم بكى؟
فقالوا : يا
روح الله وكلمته ما يبكيك؟ قال : أتعلمون أيّ أرض هذه؟ قالوا : لا ، قال : هذه أرض
يقتل فيها فرخ الرسول أحمد ، وفرخ الحرّة الطاهرة البتول شبيه أمّي ويلحد فيها ،
هي أطيب من المسك لأنّها طينة الفرخ المستشهد ، وهكذا تكون طينة الأنبياء وأولاد
الأنبياء ، وهذه الظباء تكلّمني وتقول إنّها ترعى في هذه الأرض شوقا إلى تربة
الفرخ المستشهد المبارك وزعمت أنّها آمنة في هذه الأرض.
ثمّ ضرب بيده
إلى بعر تلك الظباء فشمّها وقال : اللهم أبقها أبدا حتّى يشمّها أبوه فتكون له عزاء
وسلوة ، وأنّها بقيت إلى أيّام أمير المؤمنين عليهالسلام حتّى شمّها وبكى وأبكى ، وأخبر بقصتها لما مرّ بكربلاء.
فيصدّقون بأنّ
بعر تلك الظباء تبقى زيادة على خمسمائة سنة لم تغيّرها الأمطار والرياح ، ومرور
الأيام والليالي والسنين عليها ، ولا يصدّقون بأنّ القائم من آل محمّد عليهمالسلام يبقى حتّى يخرج بالسيف فيبير أعداء الله ويظهر دين الله
، مع الأخبار الواردة عن النبيّ والأئمّة صلوات الله عليهم بالنصّ عليه باسمه
ونسبه وغيبته المدّة الطويلة ، وجرى سنن الأوّلين فيه بالتعمير ، هل هذا إلّا عناد
وجحود للحق؟
__________________
سورة الجاثية
الآية الاولى
قوله عزوجل : (قُلْ لِلَّذِينَ
آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ).
٨٥٥ ـ روي عن
أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : أيّام الله المرجوّة ثلاثة : يوم قيام
القائم عليهالسلام ، ويوم الكرّة ، ويوم القيامة .
آل محمّد صلىاللهعليهوآله هم أيّام الله
٨٥٦ ـ روى أبو
جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمّيّ الصدوق طاب ثراه بإسناده عن الصقر
بن أبي دلف ، قال : لمّا حمل المتوكّل سيّدنا أبي الحسن عليهالسلام جئت لأسأل عن خبره ، قال : فنظر إليّ حاجب المتوكّل
فأمر أن ادخل إليه فادخلت إليه ، فقال : يا صقر ما شأنك؟ فقلت : خير أيّها الاستاذ
، فقال : اقعد ، قال الصقر : فأخذني ما تقدّم وما تأخّر وقلت : أخطأت في المجىء ،
قال : فوحى الناس عنه ، ثمّ قال : ما شأنك وفيم جئت؟ قلت : لخبر ما ، قال : لعلّك
جئت تسأل عن خبر مولاك؟ فقلت : ومن مولاي؟! مولاي أمير المؤمنين.
فقال : اسكت ،
مولاك هو الحقّ ، لا تتحشّمني فإنّي على مذهبك.
__________________
فقلت : الحمد
لله. فقال : أتحبّ أن تراه؟ فقلت : نعم. فقال : اجلس حتّى يخرج صاحب البريد ، قال
: فجلست ، فلمّا خرج قال لغلام له : خذ بيد الصقر فأدخله إلى الحجرة الّتي فيها
العلوي المحبوس وخلّ بينه وبينه.
قال : فأدخلني
الحجرة ، وأومأ إلى بيت ، فدخلت فإذا هو عليهالسلام جالس على صدر حصير وبحذاء قبر محفور ، قال : فسلّمت
فردّ عليّ السلام ثمّ أمرني بالجلوس فجلست ، ثمّ قال لي : يا صقر ما أتى بك؟ قلت :
يا سيّدي جئت أتعرّف خبرك قال : ثمّ نظرت إلى القبر وبكيت ، فنظر إليّ وقال : يا
صقر لا عليك لن يصلوا إلينا بسوء ، فقلت : الحمد لله.
ثمّ قلت : يا
سيّدي حديث يروى عن النبيّ صلىاللهعليهوآله لا أعرف معناه.
قال : فما هو؟
قلت : قوله صلىاللهعليهوآله : «لا تعادوا الأيّام فتعاديكم» ما معناه؟
فقال : نعم ،
الأيّام نحن ، بنا قامت السماوات والأرض ، فالسبت : اسم رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والأحد أمير المؤمنين ، والاثنين الحسن والحسين ،
والثلاثاء عليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ الباقر وجعفر بن محمّد الصادق ،
والأربعاء موسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وأنا ، والخميس ابني الحسن ،
والجمعة ابن ابني ، وإليه تجتمع عصابة الحقّ ، وهو الّذي يملأها قسطا وعدلا كما
ملئت جورا وظلما فهذا معنى الأيّام ، ولا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة.
ثمّ قال عليهالسلام : ودّع واخرج فلا آمن عليك .
__________________
سورة الأحقاف
الآية الاولى
قوله تعالى : (حم* تَنْزِيلُ
الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ* ما خَلَقْنَا السَّماواتِ
وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ
كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ* قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ
دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي
السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ
كُنْتُمْ صادِقِينَ* وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا
يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ*
وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ).
٨٥٧ ـ روى
العلّامة أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ قدسسره عن سعد بن عبد الله الأشعريّ ، عن الشيخ الصدوق ، عن
أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعريّ رحمهالله : أنّه جاء بعض أصحابنا يعلم أنّ جعفر بن عليّ كتب إليه
كتابا يعرّفه نفسه ، ويعلمه أنّه القيّم بعد أخيه ، وأنّ عنده من علم الحلال
والحرام ما يحتاج إليه ، وغير ذلك من العلوم كلّها.
قال أحمد بن
إسحاق : فلمّا قرأت الكتاب كتبت إلى صاحب الزمان عليهالسلام وصيّرت كتاب جعفر درجه ، فخرج إليّ الجواب في ذلك :
__________________
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أتاني كتابك
أبقاك الله والكتاب الّذي أنفذت درجه ، وأحاطت معرفتي بجميع ما تضمّنه على اختلاف
ألفاظه ، وتكرّر الخطأ فيه ، ولو تدبّرته لوقفت على بعض ما وقفت عليه منه والحمد
لله ربّ العالمين حمدا لا شريك له على إحسانه إلينا وفضله علينا ، أبى الله عزوجل للحقّ إلّا إتماما ، وللباطل إلّا زهوقا ، وهو شاهد
عليّ بما أذكره ، ولي عليكم بما أقوله ، إذا اجتمعنا اليوم الّذي لا ريب فيه ،
ويسألنا عمّا نحن فيه مختلفون.
وإنّه لم يجعل
لصاحب الكتاب على المكتوب إليه ولا عليك ولا على أحد من الخلق جميعا إمامة مفترضة
، ولا طاعة ولا ذمّة ، وسابيّن لكم جملة تكتفون بها إن شاء الله.
يا هذا يرحمك
الله ، إنّ الله تعالى لم يخلق الخلق عبثا ، ولا أهملهم سدى ، بل خلقهم بقدرته ، وجعل
لهم أسماعا وأبصارا وقلوبا وألبا ، ثمّ بعث النبيّين عليهمالسلام مبشّرين ومنذرين ، يأمرونهم بطاعته وينهونهم عن معصيته
، ويعرّفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم ، وأنزل عليهم كتابا وبعث إليهم
ملائكة ، وباين بينهم وبين من بعثهم إليهم بالفضل الّذي جعله لهم عليهم ، وما
آتاهم الله من الدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة ، والآيات الغالبة ، فمنهم : من
جعل النار عليه بردا وسلاما واتّخذه خليلا ، ومنهم : من كلّمه تكليما وجعل عصاه
ثعبانا مبينا ، ومنهم : من أحيا الموتى بإذن الله وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله
، ومنهم من علّمه منطق الطير واوتي من كلّ شيء.
ثمّ بعث محمّدا
صلىاللهعليهوآله رحمة للعالمين وتمّم به نعمته ، وختم به أنبياءه ،
وأرسله إلى الناس كافّة ، وأظهر من صدقه ما أظهره ، وبيّن من آياته وعلاماته ما
بيّن ، ثمّ قبضه صلىاللهعليهوآله حميدا فقيدا سعيدا ، وجعل الأمر من بعده إلى أخيه وابن
عمّه ووصيّه ووارثه عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، ثمّ إلى الأوصياء من ولده واحدا بعد واحد ، أحيا بهم
دينه ، وأتمّ بهم نوره ، وجعل بينهم وبين إخوتهم وبني عمّهم والأدنين فالأدنين من
ذوي أرحامهم فرقا بيّنا ، تعرف به الحجّة من المحجوج ، والإمام من المأموم ، بأن
عصمهم من الذنوب ، وبرّأهم من العيوب ، وطهّرهم من الدنس ، ونزّههم من اللبس ،
وجعلهم خزّان علمه ، ومستودع
حكمته ، وموضع سرّه ، وأيّدهم بالدلائل ، ولو لا ذلك لكان الناس على سواء ،
ولادّعى أمر الله عزوجل كلّ أحد ، ولما عرف الحقّ من الباطل ، ولا العلم من
الجاهل.
وقد ادّعى هذا
المبطل المدّعي على الله الكذب بما ادّعاه ، فلا أدري بأيّة حالة هي له ، رجا أن
يتمّ دعواه ، بفقه في دين الله؟ فو الله ما يعرف حلالا من حرام ولا يفرّق بين خطأ
وصواب ، أم بعلم؟! فما يعلم حقّا من باطل ، ولا محكما من متشابه ، ولا يعرف حدّ
الصلاة ووقتها ، أم بورع؟! فالله شهيد على تركه الصلاة الفرض (أربعين يوما) يزعم
ذلك لطلب الشعوذة ، ولعلّ خبره تأدّى إليكم ، وهاتيك ظروف مسكره منصوبة ، وآثار
عصيانه لله عزوجل مشهورة قائمة ، أم بآية فليأت بها ، أم بحجّة؟ فليقمها
، أم بدلالة؟ فليذكرها.
قال الله عزوجل في كتابه : (بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* حم* تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ
الْحَكِيمِ* ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا
بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا
مُعْرِضُونَ* قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا
خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ
مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* وَمَنْ
أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ
الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ* وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا
لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ).
فالتمس تولّى
الله توفيقك من هذا الظالم ما ذكرت لك ، وامتحنه واسأله عن آية من كتاب الله
يفسّرها ، أو صلاة يبيّن حدودها وما يجب فيها ، لتعلم حاله ومقداره ، ويظهر لك
عواره ونقصانه ، والله حسيبه.
حفظ الله الحقّ
على أهله ، وأقرّه في مستقرّه ، وأبى الله عزوجل أن يكون الإمامة في الأخوين إلّا في الحسن والحسين ،
وإذا أذن الله لنا في القول ظهر الحقّ واضمحلّ الباطل ، وانحسر عنكم ، وإلى الله
أرغب في الكفاية ، وجميل الصنع والولاية ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، وصلّى الله
على محمّد وآل محمّد .
قوله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ
قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ
يَحْزَنُونَ).
٨٥٨ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا
__________________
عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (الَّذِينَ قالُوا
رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) فقال عليهالسلام : استقاموا على الأئمّة واحدا بعد واحد تتنزّل عليهم
الملائكة ألّا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون .
__________________
سورة محمّد
الآية الاولى
قوله سبحانه : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا
زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ).
٨٥٩ ـ روى شرف
الدّين مرفوعا عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عيسى ، عن محمّد الحلبي ، قال : قرأ
أبو عبد الله عليهالسلام : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ
إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) وسلطتم وملكتم (أَنْ تُفْسِدُوا فِي
الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) ثمّ قال : نزلت هذه الآية في بني عمّنا بني عبّاس وبني
اميّة.
ثمّ قرأ : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ
فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) عن الوحي ، ثمّ قرأ : (إِنَّ الَّذِينَ
ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ) بعد ولاية عليّ (مِنْ بَعْدِ ما
تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ).
ثمّ قرأ : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا) بولاية عليّ عليهالسلام (زادَهُمْ هُدىً) حيث عرّفهم الأئمّة من بعده والقائم عليهالسلام من بعده (وآتاهم تقواهم) أمانا من النار .
الآية الثانية
قوله تعالى : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ
إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها).
__________________
أشراط الساعة
٨٦٠ ـ روى عليّ
بن إبراهيم بإسناده من طريق العامّة ، عن عطاء بن أبي رياح ، عن عبد الله بن عبّاس
، قال : حججنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله حجّة الوداع ، فأخذ بحلقة باب الكعبة ، ثمّ أقبل بوجهه
فقال : ألا أخبركم بأشراط الساعة؟ وكان أدنى الناس يومئذ سلمان رحمة الله عليه ،
فقالوا : بلى يا رسول الله ، فقال : من أشراط الساعة إضاعة الصلاة واتّباع الشهوات
والميل إلى الأهواء وتعظيم أصحاب المال ، وبيع الدّين بالدنيا ، فعندها يذاب قلب
المؤمن في جوفه كما يذاب الملح بالماء ممّا يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيّره.
قال : قال
سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : اي
والّذي نفسي بيده يا سلمان ، إنّ عنده أمراء جورة ، ووزراء فسقة ، وعرفاء ظلمة ،
وامناء خونة ، فقال سلمان : وإنّ ذلك لكائن يا رسول الله؟
فقال : اي
والّذي نفسي بيده يا سلمان ، إنّ عندها يكون المنكر معروفا والمعروف منكرا ويؤتمن
الخائن ، ويخون الأمين ويصدّق الكاذب ويكذّب الصادق. قال سلمان : وإنّ هذا لكائن
يا رسول الله؟ قال : اي والّذي نفسي بيده ، فعندها يكون امارة النساء ومشاورة
الإماء وقعود الصبيان على المنابر ، ويكون الكذب ظرفا (طرفا ـ خ) ، والزكاة مغرما
، والفيء مغنما ، ويجفو الرجل والديه ، ويبرّ صديقه ، ويطلع الكوكب المذنّب ، قال
سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : اي
والّذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها تشارك المرأة زوجها في التجارة ، ويكون المطر
قيظا ، وتغيظ الكرام غيظا ، ويحتقر الرجل المعسر ، فعندها لا تقارب الأسواق إلّا
إذا قال هذا لم أبع شيئا ، وقال هذا : لم أربح ، فلا ترى إلّا ذامّا لله.
فقال سلمان :
وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : اي
والّذي نفسي بيده يا سلمان ، فعندها تليهم أقوام إن تكلّموا قتلوهم ، وإن سكتوا
استباحوهم ، ليستأثرون بفيئهم ، وليطؤن حرمتهم ، وليسفكنّ دمائهم ، ولتملأنّ
قلوبهم دغلا ورعبا ، فلا تراهم إلّا وجلين خائفين مرعوبين مرهوبين.
قال سلمان :
وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : اي
والّذي نفسي بيده يا سلمان ، إنّ عندها يؤتى بشيء من المشرق وشيء من المغرب يلون
امّتي ، فالويل لضعفاء امّتي منهم ، فالويل لهم من الله ، لا يرحمون صغيرا ولا
يوقّرون كبيرا ولا يتجاوزون عن مسيء ، جثّتهم جثّة الآدميّين ، وقلوبهم قلوب
الشياطين.
قال سلمان :
وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : اي
والّذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها يكتفي الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء ،
ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية في بيت أهلها ، وتشبّه الرجال بالنساء ،
والنساء بالرجال ، ويركبن ذوات الفروج السروج ، فعليهنّ من امّتي لعنة الله.
قال سلمان :
وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : اي
والّذي نفسي بيده يا سلمان ، إنّ عندها تزخرف المساجد كما تزخرف البيع والكنائس ،
وتحلّى المصاحف ، وتطوّل المنارات ، وتكثر الصفوف بقلوب متباغضة وألسن مختلفة.
قال سلمان :
وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : اي
والّذي نفسي بيده يا سلمان ، إنّ عندها تحلّى ذكور امّتي بالذهب ، ويلبسون الحرير
والديباج ، ويتّخذون جلود النمور صفاقا.
قال سلمان :
وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : اي
والّذي نفسي بيده يا سلمان ، وإنّ عندها يظهر الربا ، ويتعاملون بالعينة والرشا ،
ويوضع الدّين وترفع الدنيا.
قال سلمان :
وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : اي
والّذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها يكثر الطلاق ، فلا يقام لله حدّ ، ولن يضرّ
الله شيء. قال سلمان : وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : أي
والّذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها تظهر القينات والمعازف ، ويليهم شرار امّتي.
قال سلمان :
وانّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : اي
والّذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها تحجّ أغنياء امّتي للنزهة ، وتحجّ
أوساطها للتجارة ، وتحجّ فقراؤها للرياء والسمعة ، فعندها يكون أقوام
يتعلّمون القرآن لغير الله ، فيتّخذونه مزامير ، ويكون أقوام يتفقّهون لغير الله ،
وتكثر أولاد الزنا ، يتغنّون بالقرآن ويتهافتون بالدنيا.
قال سلمان :
وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : اي
والّذي نفسي بيده يا سلمان ، ذلك إذا انتهكت المحارم واكتسبت المآثم ، وتسلّط
الأشرار على الأخيار ، ويفشو الكذب ، وتظهر اللجاجة ، ويغشي العاقل (وفي نسخة :
ويفشو الفاقة) ويتباهون في اللباس ، ويمطرون في غير أوان المطر ، ويستحسنون الكوبة
والمعازف ، وينكرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حتّى يكون المؤمن في ذلك
الزمان أذلّ من الامّة ، ويظهر قرّائهم وعبّادهم فيما بينهم التلاوم ، فاولئك
يدعون في ملكوت السماوات الأرجاس الأنجاس.
قال سلمان :
وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : اي
والّذي نفسي بيده يا سلمان ، فعندها لا يخشى الغنيّ إلّا الفقر ، حتّى إنّ السائل
يسأل فيما بين الجمعتين لا يصيب أحدا يضع في كفّه شيئا.
قال سلمان :
وإنّ هذا لكائن يا رسول الله؟
قال : اي
والّذي نفسي بيده يا سلمان ، وعندها يتكلّم الرويبضة.
قال سلمان :
وما الرويبضة يا رسول الله؟ فداك أبي وامّي.
قال : يتكلّم
في أمر العامة من لم يكن يتكلّم ، فلم يلبثوا إلّا قليلا حتّى تخور الأرض ، فلا
يظنّ كلّ قوم إلّا أنّها خارت في ناحيتهم ، فيمكثون ما شاء الله ، ثمّ يمكثون في
مكثهم فتلقي لهم الأرض أفلاذ كبدها ، قال : ذهب وفضّة ، ثمّ أومى بيده إلى
الأساطين فقال : مثل هذا ، فيومئذ لا ينفع ذهب ولا فضّة ، وهذا معنى قوله : (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها).
٨٦١ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : إذا رأيتم نارا من المشرق شبه الهردي العظيم تطلع ثلاثة أيّام أو سبعة أيّام فتوقّعوا فرج آل
محمّد عليهمالسلام
__________________
إن شاء الله عزوجل ، إنّ الله عزيز حكيم.
ثمّ قال :
الصيحة لا تكون إلّا في شهر رمضان شهر الله ، وهي صيحة جبرئيل إلى هذا الخلق.
ثمّ قال :
ينادي مناد من السماء باسم القائم عليهالسلام ، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب لا يبقى راقد إلّا
استيقظ ، ولا قائم إلّا قعد ، ولا قاعد إلّا قام على رجليه فزعا من ذلك الصوت ،
فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب ، فإنّ الصوت الأوّل هو صوت جبرئيل الروح
الأمين.
وقال عليهالسلام : الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين ،
فلا تشكّوا في ذلك واسمعوا وأطيعوا ، وفي آخر النهار صوت إبليس اللعين ينادي : ألا
انّ فلانا قتل مظلوما ، ليشكّك الناس ويفتنهم ، فكم ذلك اليوم من شاكّ متحيّر قد
هوى في النار. وإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكّوا أنّه صوت جبرئيل ، وعلامة
ذلك أنّه ينادي باسم القائم واسم أبيه حتّى تسمعه العذراء في خدرها فتحرّض أباها
وأخاها على الخروج.
وقال عليهالسلام : لا بدّ من هذين الصوتين قبل خروج القائم عليهالسلام : صوت من السماء وهو صوت جبرئيل ، وصوت من الأرض فهو
صوت إبليس اللعين ، ينادي باسم فلان أنّه قتل مظلوما يريد الفتنة ، فاتّبعوا الصوت
الأوّل ، وإيّاكم والأخير أن تفتتنوا به.
وقال عليهالسلام : لا يقوم القائم إلّا على خوف شديد من الناس ، وزلازل
، وفتنة ، وبلاء يصيب الناس ، وطاعون قبل ذلك ، وسيف قاطع بين العرب ، واختلاف
شديد بين الناس ، وتشتيت في دينهم ، وتغيير في حالهم ، حتّى يتمنّى المتمنّي الموت
صباحا ومساء ، من عظم ما يرى من كلب الناس وأكل بعضهم بعضا.
فخروجه عليهالسلام إذا خرج يكون عند اليأس والقنوط من أن يروا فرجا ، فيا
طوبى لمن أدركه وكان من أنصاره ، والويل لمن ناواه وخالفه ، وخالف أمره ، وكان من
أعدائه.
وقال عليهالسلام : يقوم بأمر جديد ، وكتاب جديد ، وسنّة جديدة ، وقضاء
جديد ، على العرب شديد ، وليس شأنه إلّا القتل ، لا يستبقي أحدا ، ولا يأخذه في
الله لومة لائم.
ثمّ قال عليهالسلام : إذا اختلف بنو فلان فيما بينهم ، فعند ذلك فانتظروا
الفرج ، وليس فرجكم إلّا في اختلاف بني فلان ، فإذا اختلفوا فتوقّعوا الصيحة في
شهر رمضان بخروج القائم ؛ إنّ الله يفعل ما يشاء ، ولن يخرج القائم ولا ترون ما
تحبّون حتّى يختلف بنو فلان فيما بينهم ، فإذا كان ذلك طمع الناس فيهم واختلفت
الكلمة وخرج السفياني.
وقال : لا بدّ
لبني فلان أن يملكوا ، فإذا ملكوا ثمّ اختلفوا تفرّق ملكهم وتشتّت أمرهم حتّى يخرج
عليهم الخراسانيّ والسفيانيّ ، هذا من المشرق وهذا المغرب ، يستبقان إلى الكوفة
كفرسي رهان : هذا من هنا ، وهذا من هنا ، حتّى يكون هلاك بني فلان على أيديهما ،
أما إنّهما لا يبقون منهم أحدا.
ثمّ قال عليهالسلام : خروج السفيانيّ واليمانيّ والخراسانيّ في سنة واحدة في
شهر واحد في يوم واحد ، ونظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضا ، فيكون اليأس من كلّ
وجه ، ويل لمن ناواهم.
وليس في
الرايات أهدى من راية اليمانيّ هي راية هدى لأنّه يدعو إلى صاحبكم ، فإذا خرج
اليماني حرّم بيع السلاح على الناس وكلّ مسلم ، وإذا خرج اليماني فانهض إليه ،
فانّ رايته راية هدى ، ولا يحلّ لمسلم أن يلتوي عليه ، فمن فعل فهو من أهل النار ،
لأنّه يدعو إلى الحقّ وإلى طريق مستقيم.
ثمّ قال لي :
إنّ ذهاب ملك بني فلان كقصع الفخار ، وكرجل كانت في يده فخارة وهو يمشي إذ سقطت من
يده وهو ساه عنها فانكسرت ، فقال حين سقطت : هاه ـ شبه الفزع ، فذهاب ملكهم هكذا
أغفل ما كانوا عن ذهابه. وقال أمير المؤمنين عليهالسلام على منبر الكوفة : إنّ الله عزوجل ذكره قدّر فيما قدّر وقضى بأنّه كائن لا بدّ منه ، أخذ
بني اميّة بالسيف جهرة ، وأن أخذ بني فلان بغتة.
وقال عليهالسلام : لا بدّ من رحى تطحن ، فإذا قامت على قطبها وثبتت على
ساقها ، بعث الله عليها عبدا عسفا خاملا أصله ، يكون النصر معه ، أصحابه الطويلة
شعورهم ، أصحاب السبال ، سود ثيابهم ، أصحاب رايات سود ، ويل لمن ناواهم يقتلونهم
هرجا.
والله لكأنّي
انظر إليهم وإلى أفعالهم ، وما يلقى من الفجّار منهم والأعراب الجفاة
يسلّطهم الله عليهم بلا رحمة ، فيقتلونهم هرجا على مدينتهم بشاطئ الفرات
البرية والبحرية جزاء بما عملوا ، وما ربّك بظلّام للعبيد .
٨٦٢ ـ روى
الطيالسيّ بإسناده عن قتادة ، عن أنس قال : حديثا سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوآله لا يحدّثكموه أحد سمعه من رسول الله صلىاللهعليهوآله بعدي ، سمعته يقول : إنّ من أشراط الساعة أن يرفع العلم
، ويظهر الجهل ، ويشرب الخمر ، ويظهر الزنا ، ويقلّ الرجال ويكثر النساء ، حتّى
يكون في خمسين امرأة القيّم الواحد .
٨٦٣ ـ روى
العلّامة ابن ميثم البحرانيّ مرسلا عن عليّ عليهالسلام من خطبة خطبها عليهالسلام في البصرة بعد ما فتحها ، روي أنّه لما فرغ من حرب
الجمل أمر مناديا ينادي في أهل البصرة أنّ الصلاة جامعة لثلاثة أيّام من غد إن شاء
الله ، ولا عذر لمن تخلّف إلّا من حجّة أو علّة ، فلا تجعلوا على أنفسكم سبيلا ،
فلمّا كان في اليوم الّذي اجتمعوا فيه ، خرج فصلّى في الناس الغداة في المسجد
الجامع ، فلمّا قضى صلاته قام فأسند ظهره إلى حائط القبلة عن يمين المصلّى فخطب
الناس ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وصلّى على النبيّ صلىاللهعليهوآله واستغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، ثمّ
قال : يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلاثا وعلى الله تمام الرابعة.
يا جند المرأة
وأعوان البهيمة ، رغا فأجبتم ، وعقر فهربتم (فانهزمتم) ، أخلاقكم دقاق ، وماؤكم
زعاق ، بلادكم أنتن بلاد الله تربة ، وأبعدها من السماء ، بها تسعة أعشار الشرّ ،
المحتبس فيها بذنبه ، والخارج منها بعفو الله ، كأنّي انظر إلى قريتكم هذه وقد
طبّقها الماء حتّى ما يرى منها إلّا شرف المسجد كأنّه جؤجؤ طير في لجّة بحر.
فقام إليه
الأحنف بن قيس فقال : يا أمير المؤمنين ومتى يكون ذلك؟
قال : يا أبا
بحر ، إنّك لن تدرك ذلك الزمان ، وإنّ بينك وبينه لقرونا ، ولكن ليبلّغ الشاهد
منكم الغائب عنكم لكي يبلّغوا إخوانهم إذا هم بلغوا البصرة قد تحوّلت أخصاصها دورا
وآجامها قصورا ، فالهرب الهرب فانّه لا بصيرة لكم يومئذ.
__________________
ثمّ التفت عن
يمينه فقال : كم بينكم وبين الأبلة؟
فقال له المنذر
بن الجارود : فداك أبي وامّي أربعة فراسخ.
قال له : صدقت
، فو الّذي بعث محمّدا وأكرمه بالنبوّة وخصّه بالرسالة وعجّل بروحه إلى الجنّة ،
لقد سمعت منه كما تسمعون منّي أن قال : يا عليّ هل علمت أنّ بين الّتي تسمّى
البصرة والّتي تسمّى الأبلة أربعة فراسخ ، وقد يكون في الّتي تسمّى الأبلة موضع
أصحاب العشور ، يقتل في ذلك الموضع من امّتي سبعون ألفا ، شهيدهم يومئذ بمنزلة
شهداء بدر.
فقال له المنذر
: يا أمير المؤمنين ومن يقتلهم فداك أبي وامّي؟
قال : يقتلهم
إخوان الجنّ ، وهم جيل كأنّهم الشياطين سود ألوانهم ، منتنة أرواحهم ، شديد كلبهم
، قليل سلبهم ، طوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه ، ينفر لجهادهم في ذلك الزمان قوم
فهم أذلّة عند المتكبّرين من أهل ذلك الزمان ، مجهولون في الأرض ، معروفون في
السماء ، تبكي السماء عليهم وسكّانها والأرض وسكّانها ، ثمّ هملت عيناه بالبكاء
ثمّ قال : ويحك يا بصرة من جيش لا هرج له ولا حسّ.
قال له المنذر
: يا أمير المؤمنين وما الّذي يصيبهم من قبل الغرق ممّا ذكرت ، وما الويح ، وما
الويل؟
فقال : هما
بابان ، فالويح باب الرحمة ، والويل باب العذاب ، يا ابن الجارود نعم ، ثارات
عظيمة ، منها عصبة يقتل بعضها بعضا ، ومنها فتنة تكون بها خراب منازل وخراب ديار
وانتهاك أموال ، وقتل رجال وسبي نساء يذبحن ذبحا ، يا ويل أمرهنّ ، حديث عجب ،
منها أن يستحلّ بها الدجّال الأكبر الأعور الممسوح العين اليمنى والاخرى كأنّها
ممزوجة بالدم ، لكأنّها في الحمرة علقة ، ناتئ الحدقة كهيئة حبّة العنب الطافية
على الماء ، فيتبعه من أهلها عدّة من قتل بالأبلة من الشهداء ، أنا جيلهم في
صدورهم ، يقتل من يقتل ، ويهرب من يهرب ، ثمّ رجف ، ثمّ قذف ، ثمّ خسف ، ثمّ مسخ ،
ثمّ الجوع الأغبر ، ثمّ الموت الأحمر وهو الغرق.
يا منذر ، إنّ
للبصرة ثلاثة أسماء سوى البصرة في الزبر الأوّل لا يعلمها إلّا العلماء ، منها
الخريبة ، ومنها تدمر ، ومنها المؤتفكة.
يا منذر ،
والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لو أشاء لأخبرتكم بخراب العرصات عرصة عرصة ، ومتى
تخرب ومتى تعمر بعد خرابها إلى يوم القيامة ، وانّ عندي من ذلك علما جمّا ، وان
تسألوني تجدوني به عالما لا أخطئ منه علما .
٨٦٤ ـ وروى
السيّد ابن طاوس رحمهالله من كتاب ثواب الأعمال ، بالإسناد عن حذيفة بن اليمان ،
عن جابر الأنصاريّ ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : أنّه كان ذات يوم جالسا بين أصحابه إذ هبط عليه
جبرئيل عليهالسلام ، فقال له : السلام يقرئك السلام ، ويخصّك بالتحيّة
والإكرام بالإسلام.
فقال له النبيّ
صلىاللهعليهوآله : يا أخي جبرئيل وما الإسلام؟
قال : هي الخمسة
الأنهر : سيحون وجيحون والفراتان ونيل مصر ، وقد جعلت هذه الخمسة الأنهر لك ولأهل
بيتك وشيعتك ، ويقول : وعزّتي وجلالي كلّ من شرب منها قطرة واحدة ، وقام الخلائق
للحساب يوم الحساب لن ادخل الجنّة أحدا إلّا من رضيت عنه وجعلته من مائها في حل ،
فعند ذلك تهلّل وجه النبيّ صلىاللهعليهوآله وقال : يا أخي لوجه ربّي الحمد والشكر.
فقال له جبرئيل
: ابشّرك يا رسول الله بالقائم من ولدك ، لا يظهر حتّى يملك الكفّار الخمسة الأنهر
، فعند ذلك ينصر الله أهل بيتك على أهل الضلال ، ولم يرفع لهم راية أبدا إلى يوم
القيامة ، فسجد النبيّ صلىاللهعليهوآله شكرا لله ، وأخبر المسلمين ، وقال لهم : بدأ الإسلام
غريبا وسيعود غريبا كما بدأ.
فسئل عن ذلك
فقال : هي الخمسة الأنهر الّتي جعلها الله لنا أهل البيت ، وهي : سيحون وجيحون
والفراتان ونيل مصر ، إذا ملكت الكفّار الخمسة الأنهر ، ملك الإسلام شرقا وغربا ،
وذلك الوقت ينصر الله أهل بيتي على أهل الضلال ، ولم يرفع الله لهم راية أبدا إلى
يوم القيامة .
٨٦٥ ـ روى في
إرشاد القلوب مرسلا ، قال : صلّى بنا رسول الله صلىاللهعليهوآله من غلس ، فنادى رجل : متى الساعة يا رسول الله؟ فزجره ،
حتّى إذا أسفرنا رفع طرفه إلى السماء فقال :
__________________
تبارك خالقها وواضعها وممهّدها ومحلّيها بالنبات ، ثمّ قال : أيّها السائل
عن الساعة ، تكون عند خبث الامراء ، ومداهنة القرّاء ، ونفاق العلماء ، وإذا صدّقت
امّتي بالنجوم وكذّبت بالقدر ، ذلك حين يتّخذون الأمانة مغنما ، والصدقة مغرما ،
والفاحشة إباحة ، والعبادة تكبّرا واستطالة على الناس .
٨٦٦ ـ رواه
الطبرانيّ بإسناده عن عوف بن مالك ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كيف أنت يا عوف إذا افترقت هذه الامّة على ثلاث
وسبعين فرقة ، واحدة في الجنّة وسائرهنّ في النار. قلت : ومتى ذلك يا رسول الله؟
قال : إذا كثرت الشرط وغلبت الإماء ، وقعدت الحملان على المنابر ، واتّخذ القرآن
مزامير ، وزخرفت المساجد ورفعت المنابر ، واتّخذ الفيء دولا ، والزكاة مغرما ،
والأمانة مغنما ، وتفقّه في الدّين لغير الله ، وأطاع الرجل امرأته وعقّ امّه
وأقصى أباه ، ولعن آخر هذه الامّة أوّلها ، وساد القبيلة فاسقهم ، وكان زعيم القوم
أرذلهم ، وأكرم الرجل اتّقاء شرّه ، فيومئذ يكون ذلك ، ويفزع الناس يومئذ إلى الشام
يعصمهم من عدوّهم. قلت : وهل يفتح الشام؟ قال : نعم وشيكا ، ثمّ تقع الفتن بعد
فتحها ، ثمّ تجىء فتنة غبراء مظلمة ، ثمّ يتبع الفتن بعضها بعضا ، حتّى يخرج رجل
من أهل بيتي يقال له المهديّ ، فإن أدركته فاتّبعه وكن من الشاكرين .
٨٦٧ ـ روى
الطيالسيّ بإسناده عن حذيفة بن أسيد الغفاري من أهل الصفّة ، قال : اطّلع علينا
رسول الله صلىاللهعليهوآله ونحن نتذاكر الساعة ، فقال : انّ الساعة لا تقوم حتّى
يكون عشر آيات : الدخان والدجّال والدابّة وطلوع الشمس من مغربها ، وثلاثة خسوف :
خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، ونزول عيسى ابن مريم ، وفتح
يأجوج ومأجوج ، ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر.
٨٦٨ ـ روى عنه صلىاللهعليهوآله أنّه قال : بعثت أنا والساعة كهاتين .
٨٦٩ ـ روى
الحافظ جلال الدّين السيوطيّ في الآية الكريمة ، قال : أخرج عبد ابن حميد وابن جرير
عن قتادة في قوله : (فَقَدْ جاءَ
أَشْراطُها) قال : دنت الساعة .
__________________
٨٧٠ ـ قال :
وأخرج البخاريّ عن سهل بن مسعود رضى الله عنه ، قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : باصبعيه هكذا ، الوسطى والّتي تليها : بعثت أنا
والساعة كهاتين .
٨٧١ ـ وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد والبخاريّ ومسلم وابن مردويه عن أنس ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إنّ من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويظهر
الجهل ، ويشرب الخمر ، ويظهر الزنا ويقلّ الرجال ويكثر النساء حتّى يكون على خمسين
امرأة قيّم واحد .
٨٧٢ ـ وأخرج
البخاري عن أبي هريرة : أنّ أعرابيا سأل رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : متى الساعة؟ فقال : إذا ضيّعت الأمانة فانتظر
الساعة ، قال : يا رسول الله وكيف إضاعتها؟ قال : إذا وسدّ الأمر إلى غير أهله
فانتظر الساعة .
٨٧٣ ـ وأخرج
ابن مردويه عن أبي هريرة ، قال : أتى رجل فقال : يا رسول الله متى الساعة؟ فقال :
ما السائل بأعلم من المسئول. قال : فلو علمتنا أشراطها. قال : تقارب الأسواق ، قلت
: وما تقارب الأسواق؟ قال : أن يشكو الناس بعضهم إلى بعض قلّة أصابتهم ، ويكثر ولد
البغي وتفشو الغيبة ، ويعظم ربّ المال ، وترتفع أصوات الفسّاق في المساجد ، ويظهر
أهل المنكر ، ويظهر البناء .
٨٧٤ ـ وأخرج
ابن مردويه والديلميّ عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من أشراط الساعة سوء الجوار وقطيعة الأرحام ، وأن
يعطّل السيف من الجهاد ، وأن ينتحل الدنيا بالدين .
٨٧٥ ـ وأخرج
أحمد عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لن تذهب الدنيا حتّى تصير للكع بن لكع .
٨٧٦ ـ وأخرج
أحمد والبخاريّ وابن ماجة عن عمرو بن تغلب ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إنّ من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما نعالهم
الشعر ، وانّ من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما عراض الوجوه كأنّ وجوههم المجان
المطرقة .
٨٧٧ ـ وأخرج
أحمد والبخاريّ ومسلم وابن ماجة عن ابن مسعود رضى الله عنه قال : سمعت
__________________
رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : يكون بين يديّ أيّام فيرفع فيها العلم ، وينزل
فيها الجهل ويكثر فيها الهرج .
٨٧٨ ـ وأخرج
عبد الرزاق في المصنّف عن عبد الله بن ربيب الجنديّ ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا أبا الوليد ، يا عبادة بن الصامت إذا رأيت الصدقة
كتمت وغلت ، واستؤجر في الغزو وعمر الخراب ، وخرب العامر ، والرجل يتمرّس بأمانته
كما يتمرّس البعير بالشجرة فانّك والساعة كهاتين ، وأشار باصبعه السبابة والّتي
تليها .
٨٧٩ ـ وأخرج
أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أنس ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : لا تقوم الساعة حتّى يتباهى الناس في المساجد .
٨٨٠ ـ وأخرج
أحمد والترمذيّ عن أنس : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : لا تقوم الساعة حتّى يتقارب الزمان فيكون السنة
كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كالساعة والساعة كالضرمة بالنار .
٨٨١ ـ وأخرج
البخاريّ ومسلم عن أبي هريرة ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : لا تقوم الساعة حتّى يقتتل فئتان عظيمتان يكون
بينهما مقتلة عظيمة ، دعواهما واحدة ، وحتّى يبعث دجّالون كذّابون قريب من ثلاثين
، كلّهم يزعم أنّه رسول الله ، وحتّى يقبض العلم وتكثر الزلازل ، ويتقارب الزمان ،
وتظهر الفتن ، ويكثر الهرج وهو القتل ، وحتّى يكثر فيكم المال فيفيض حتّى يهمّ ربّ
المال من يقبل صدقته ، وهو يعرضه فيقول الّذي يعرضه عليه : لا ارب لي به ، وحتّى
يتطاول الناس في البنيان ، وحتّى يمرّ الرجل بقبر الرجل فيقول : يا ليتني مكانه ،
وحتّى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون ، وذلك حين (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ
تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) ، ولتقومنّ الساعة وقد نشر الرجلان ثوبا بينهما ، فلا
يتبايعان ولا يطويانه ، ولتقومنّ الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ،
ولتقومنّ الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقى به ، ولتقومنّ الساعة وقد رفعت أكلته إلى
فيه فلا يطعمها .
__________________
٨٨٢ ـ وأخرج
الحاكم وصحّحه عن عبد الله بن عمرو ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : إنّ الله لا يحبّ الفاحش ولا المتفحّش ، والّذي
نفس محمّد بيده لا تقوم الساعة حتّى يظهر الفحش والتفحّش وسوء الجوار وقطيعة
الأرحام ، وحتّى يخوّن الأمين ويؤتمن الخائن ، ثمّ قال : إنّما مثل المؤمن مثل
النخلة وقعت فأكلت طيبا ولم تفسد ولم تكسر ، ومثل المؤمن كمثل القطعة الذهب الأحمر
ادخلت النار فنفخ عليها ولم تتغيّر ووزنت فلم تنقص .
٨٨٣ ـ وأخرج
أحمد عن أبي هريرة ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : سيكون في امّتي دجّالون كذّابون يأتونكم ببدع من
الحديث بما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم ، فإيّاكم وإيّاهم لا يفتنونكم .
٨٨٤ ـ وأخرج
أحمد عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ أيّام الدجّال سنين خدّاعة يكذّب فيها الصادق ،
ويصدّق فيها الكاذب ، ويخوّن فيها الأمين ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويتكلّم فيها
الرويبضة ، قيل : وما الرويبضة؟ قال : الفاسق يتكلّم في أمر العامّة .
٨٨٥ ـ وأخرج
ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : كان يقال : من اقتراب الساعة موت الفجأة .
٨٨٦ ـ وعن أبي
سعيد رضى الله عنه عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : لا تقوم الساعة حتّى لا يحجّ البيت .
٨٨٧ ـ وأخرج
الحاكم وصحّحه عن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : ستكون فتنة تحصل الناس منها كما يحصل الذهب في المعدن
، فلا تسبّوا أهل الشام وسبّوا ظلمتهم ، فإنّ فيهم الأبدال ، وسيرسل الله سيبا من
السماء فيغرقهم ، حتّى لو قاتلهم الثعالب غلبتهم ، ثمّ يبعث الله عند ذلك رجلا من
عترة الرسول عليه الصلاة والسلام في اثنى عشر ألفا إن قلّوا ، أو خمسة عشر ألفا إن
كثروا ، أمارتهم أن علامتهم أمت أمت ، على ثلاث رايات يقاتلهم أهل سبع رايات ، ليس
من صاحب راية إلّا وهو يطمع في الملك ، فيقتلون ويهزمون ، ثمّ يظهر الهاشميّ فيردّ
الله على الناس ألفتهم ونعمتهم فيكونون على ذلك حتّى يخرج الدجّال .
__________________
٨٨٨ ـ وأخرج
الحاكم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ينزل بامّتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم حتّى
تضيق عليهم الأرض ، فيبعث الله رجلا من عترتي فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت
ظلما وجورا ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ، لا تدّخر الأرض من بذرها شيئا
إلّا أخرجته ، ولا السماء شيئا من قطرها إلّا صبّته ، يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان
أو تسع .
٨٨٩ ـ وأخرج
ابن أبي شيبة عن مجاهد رضى الله عنه ، قال : حدّثني رجل من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّ المهديّ لا يخرج حتّى يقتل النفس الزكيّة ، فإذا
قتلت النفس الزكيّة غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض ، فأتى الناس المهديّ
فزفّوه كما تزفّ العروس إلى زوجها ليلة عرسها. وهو يملأ الأرض قسطا وعدلا ، وتخرج
الأرض نباتها ، وتمطر السماء مطرها ، وتنعم امّتي في ولايته نعمة لا تنعمها قطّ .
٨٩٠ ـ وأخرج
ابن أبي شيبة والبخاريّ وابن مردويه عن أنس : أنّ عبد الله بن سلام قال : يا رسول
الله ما أوّل أشراط الساعة؟ قال : نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب .
٨٩١ ـ روى
العلّامة القندوزيّ عن الإمام جعفر الصادق ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليّ
سلام الله عليهم في حديث طويل في وصيّته يذكر فيها أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : يا عليّ أعجب الناس إيمانا وأعظمهم يقينا قوم
يكونون في آخر الزمان ، لم يلحقوا النبيّ وحجبت عنهم الحجّة ، فآمنوا بسواد على
بياض. أي بالأحاديث الّتي كتبت على القرطاس .
٨٩٢ ـ روى
الحافظ أبو نعيم بإسناده عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من أشراط الساعة سوء الجوار ، وقطيعة الأرحام ،
وتعطيل السيف من الجهاد ، وأن تختل الدنيا بالدين .
٨٩٣ ـ روى
الخطيب البغداديّ بإسناده عن أبي الأسود الدؤلي ، قال :
قال عليّ بن
أبي طالب عليهالسلام : سمعت حبيبي محمّدا صلىاللهعليهوآله يقول :
__________________
سيكون لبني
عمّي مدينة من قبل المشرق ، بين دجلة ودجيل وقطربل والصراة ، يشيّد فيها بالخشب
والآجر والجصّ والذهب ، يسكنها شرار خلق الله وجبابرة امّتي ، أما إنّ هلاكها على
يد السفيانيّ ، كأنّي بها والله قد صارت خاوية على عروشها .
٨٩٤ ـ روى
البخاريّ بإسناده عن امّ الحرير ، قالت : سمعت مولاي يقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ من اقتراب الساعة هلاك العرب .
٨٩٥ ـ روى
الشيخ الطوسيّ بإسناده عن عبد الله بن الهذيل ، قال :
لا تقوم الساعة
حتّى يجتمع كلّ مؤمن بالكوفة .
٨٩٦ ـ روى
محمّد بن عليّ العلويّ بإسناده عن أبي سعيد الخدري ، قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يملك المهديّ تسعا أو عشرا ، أسعد الناس به أهل
الكوفة .
٨٩٧ ـ روى
الشيخ الصدوق بإسناده عن الحسن بن عبد الله بن محمّد بن العبّاس الرازي التميميّ
قال : حدّثني سيّدي عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدّثني أبي
جعفر بن محمّد ، قال : حدّثني أبي محمّد بن عليّ قال :
حدّثني أبي
عليّ بن الحسين ، قال : حدّثني أبي الحسين بن عليّ ، قال : حدّثني أبي عليّ بن أبي
طالب عليهالسلام قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوآله :
لا تقوم الساعة
حتّى يقوم قائم للحقّ منّا ، وذلك حين يأذن الله عزوجل له ، ومن تبعه نجا ومن تخلّف عنه هلك ، الله الله عباد
الله فأتوه ولو حبوا على الثلج ، فإنّه خليفة الله عزوجل .
٨٩٨ ـ روى
السّيد الأجل ابن طاوس رحمهالله ، قال : «لا يخرج المهديّ حتّى يكفر بالله جهرة .
٨٩٩ ـ روى
الطيالسيّ بإسناده عن النعمان بن بشير ، قال : صحبنا النبيّ صلىاللهعليهوآله فسمعناه يقول : إنّ بين الساعة فتن كأنّها قطع الليل
المظلم ، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ،
__________________
ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ، يبيع أقوام فيها خلاقهم بعرض من الدنيا قليل .
٩٠٠ ـ أمالي
الشجريّ : روى بإسناده عن حصين بن مخارق ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ،
عن عليّ عليهمالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : بعثت بين جاهليتين ، لاخراهما شرّ من اولاهما .
٩٠١ ـ روى
الشيخ الصدوق قدسسره بإسناده عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : سيأتي على امّتي زمان ، لا يبقى من القرآن إلّا رسمه
، ولا من الإسلام إلّا اسمه ، يسمّون به وهم أبعد الناس منه ، مساجدهم عامرة ، وهي
خراب من الهدى ، فقهاء ذلك الزمان شرّ فقهاء تحت ظلّ السماء ، منهم خرجت الفتنة
وإليهم تعود! .
٩٠٢ ـ روى
النعمانيّ رحمهالله بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : سمعت عليّا عليهالسلام يقول : انّ بين يدي القائم سنين خدّاعة ، يكذّب فيها
الصادق ، ويصدّق فيها الكاذب ، ويقرّب فيها الماحل ـ وفي حديث : وينطق فيها الرويبضة
ـ فقلت : وما الرويبضة وما الماحل؟ قال : أو ما تقرءون القرآن؟ قوله (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) قال : يريد المكر ، فقلت : وما الماحل؟ قال : يريد
المكّار .
٩٠٣ ـ أخرج أبو
محمّد الفضل بن شاذان في كتابه في الغيبة ، بإسناده عن الحسن بن رئاب عن أبي عبد
الله عليهالسلام حديثا طويلا عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال في آخره : ثمّ يقع التدابر والاختلاف بين امراء
العرب والعجم ، فلا يزالون يختلفون إلى أن يصير الأمر إلى رجل من ولد سفيان ...
ثمّ قال عليهالسلام : ثمّ يظهر أمير الأمرة وقاتل الكفرة السلطان المأمول ،
الّذي تحير في غيبته العقول ، وهو التاسع من ولدك يا حسين ، يظهر بين الركنين ،
يظهر على الثقلين ، ولا يترك في الأرض الأدنين (دمين) طوبى للمؤمنين الّذين أدركوا
زمانه ولحقوا أوانه ، وشهدوا أيّامه ، ولاقوا أقوامه .
٩٠٤ ـ روى
العلّامة البياضيّ رحمهالله عن عجائب البلدان مرسلا عن الصادق ، عن آبائه عليهمالسلام
__________________
أنّ عليّا عليهالسلام ، قال : إذا وقعت النار في حجازكم ، وجرى الماء بنجفكم
، فتوقّعوا ظهور قائمكم .
٩٠٥ ـ روى
الحافظ رجب البرسيّ مرسلا ، قال : ومن خطبة له عليهالسلام تسمّى التطنجيّة ، ظاهرها أنيق ، وباطنها عميق ، فليحذر
قارئها من سوء ظنّه ، فإنّ فيها من تنزيه الخالق ما لا يطيقه أحد من الخلائق ،
فقال فيها : يا جابر إذا صاح الناقوس ، وكبس الكابوس ، وتكلّم الجاموس ، فعند ذلك
عجائب وأيّ عجائب ، إذا أنارت النار ببصرى ، وظهرت الراية العثمانيّة بوادي سوداء
، واضطربت البصرة وغلب بعضهم بعضا ، وصبا كلّ قوم إلى قوم ، وتحرّكت عساكر خراسان
، ونبع شعيب بن صالح التميميّ من بطن الطالقان ، وبويع لسعيد السوسيّ بخوزستان ،
وعقدت الراية لعماليق كردان ، وتغلّبت العرب على بلاد الأرمن والسقلاب ، وأذعن
هرقل بقسطنطينة لبطارقة سينان ، فتوقّعوا ظهور مكلّم موسى من الشجرة على الطور ،
فيظهر هذا ظاهر مكشوف ، ومعاين موصوف ... ثمّ بكى صلوات الله عليه وقال : واها
للامم ، أما شاهدت رايات بني عتبة مع بني كنام السائرين أثلاثا ، المرتكبين جيلا
جيلا مع خوف شديد ، وبؤس عتيد ، ألا وهو الوقت الّذي وعدتم به ، لأحملنّهم على
نجائب ، تحفّهم مراكب الأفلاك ، كأنّي بالمنافقين يقولون : نصّ عليّ على نفسه
بالربّانية ، ألا فاشهدوا شهادة أسألكم بها عند الحاجة إليها ، إنّ عليا نور مخلوق
، وعبد مرزوق ، ومن قال غير هذا فعليه لعنة الله ولعنة اللاعنين. ثمّ نزل وهو يقول
: تحصّنت بذي الملك والملكوت ، واعتصمت بذي العزّة والجبروت ، وامتنعت بذي القدرة
والملكوت ، من كلّ ما أخاف وأحذر ، أيّها الناس ما ذكر أحدكم هذه الكلمات عند
نازلة أو شدّة إلّا وأزاحها الله عنه .
٩٠٦ ـ روى
الشيخ الطوسيّ رحمهالله بإسناده عن عباية بن ربعي الآمديّ ، قال : سمعت أمير
المؤمنين عليهالسلام يقول : كيف أنتم إذا بقيتم بلا إمام هدى ، ولا علم يرى
، يبرأ بعضكم من بعض .
__________________
٩٠٧ ـ روى ابن
حمّاد عمّن حدّثه عن عليّ عليهالسلام ، قال : لا يخرج المهديّ حتّى يبصق بعضكم في وجه بعض .
٩٠٨ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم ، قالا : سمعنا أبا
عبد الله عليهالسلام يقول : لا يكون هذا الأمر حتّى يذهب ثلث الناس.
فقيل له : إذا
ذهب الثلث فما يبقى؟ فقال عليهالسلام : أما ترضون أن تكونوا الثلث الباقي .
٩٠٩ ـ روى
الشيخ الصدوق بإسناده عن الضحّاك بن مزاحم ، عن النزال بن سبرة ، قال : خطبنا عليّ
بن أبي طالب عليهالسلام فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : سلوني أيّها الناس
قبل أن تفقدوني ـ ثلاثا ـ فقام إليه صعصعة بن صوحان ، فقال : يا أمير المؤمنين متى
يخرج الدجّال؟ فقال له عليّ عليهالسلام : اقعد فقد سمع الله كلامك وعلم ما أردت ، والله ما
المسئول عنه بأعلم من السائل ، ولكن لذلك علامات وهيئات يتبع بعضها بعضا كحذو
النعل بالنعل ، وإن شئت أنبأتك بها. قال : نعم يا أمير المؤمنين. فقال عليهالسلام : احفظ ، فإنّ علامة ذلك إذا أمات الناس الصلاة ،
وأضاعوا الأمانة ، واستحلّوا الكذب ، وأكلوا الربا ، وأخذوا الرشا ، وشيّدوا
البنيان ، وباعوا الدّين بالدنيا ، واستعملوا السفهاء ، وشاوروا النساء ، وقطعوا
الأرحام ، واتّبعوا الأهواء ، واستخفّوا بالدماء.
وكان الحلم
ضعفا ، والظلم فخرا ، وكانت الامراء فجرة ، والوزراء ظلمة ، والعرفاء خونة ،
والقرّاء فسقة ، وظهرت شهادات الزور ، واستعلن الفجور ، وقول البهتان ، والإثم
والطغيان.
وحلّيت المصاحف
، وزخرفت المساجد ، وطوّلت المنار ، وأكرم الأشرار ، وازدحمت الصفوف ، واختلفت
الأهواء ، ونقضت العقود ، واقترب الموعود ، وشارك النساء أزواجهنّ في التجارة حرصا
على الدنيا ، وعلت أصوات الفسّاق واستمع منهم ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، واتّقي
الفاجر مخافة شرّه ، وصدّق الكاذب ، واؤتمن الخائن ، واتّخذت القيان والمعازف ،
ولعن آخر هذه الامّة أوّلها ، وركب ذوات الفروج السروج ، وتشبّه النساء بالرجال ،
والرجال بالنساء ، وشهد شاهد من غير أن يستشهد ، وشهد الآخر قضاء لذمام
__________________
بغير حقّ عرفه ، وتفقّه لغير الدّين ، وآثروا عمل الدنيا على الآخرة ،
ولبسوا جلود الظأن على قلوب الذئاب ، وقلوبهم أنتن من الجيف ، وأمرّ من الصبر ،
فعند ذلك الوحا الوحا ، العجل العجل ، خير المساكن يومئذ بيت المقدس ، ليأتينّ على
الناس زمان يتمنّى أحدهم أنّه من سكّانه.
فقام إليه
الأصبغ بن نباتة فقال : يا أمير المؤمنين من الدجّال؟
فقال : إنّ
الدجّال صائد بن الصائد ، فالشقي من صدّقه ، والسعيد من كذّبه ، يخرج من بلدة يقال
لها أصبهان ، من قرية تعرف باليهودية ، عينه اليمنى ممسوحة ، والاخرى في جبهته
تضيء كأنّها كوكب الصبح ، فيها علقة كأنّها ممزوجة بالدم ، بين عينيه مكتوب «كافر»
يقرؤه كلّ كاتب وامّي.
يغوص البحار ،
وتسير معه الشمس ، بين يديه جبل من دخّان ، وخلفه جبل أبيض ، يري الناس أنّه طعام
، يخرج في قحط شديد ، تحته حمار أبيض خطوة حماره ميل ، تطوى له الأرض منهلا منهلا
، لا يمرّ بماء إلّا غار إلى يوم القيامة.
ينادي بأعلى
صوته يسمع ما بين الخافقين من الجنّ والإنس والشياطين ، يقول : إليّ أوليائي ، أنا
الّذي خلق فسوّى ، وقدّر فهدى ، أنا ربّكم الأعلى ؛ وكذب عدو الله إنّه أعور يطعم
الطعام ، ويمشي في الأسواق ، وانّ ربّكم عزوجل ليس بأعور ، ولا يطعم ولا يمشي ولا يزول ، تعالى الله
عن ذلك علوّا كبيرا.
ألا وانّ أكثر
أشياعه يومئذ أولاد الزنا وأصحاب الطيالسة الخضر ، يقتله الله عزوجل بالشام على عقبة تعرف بعقبة أفيق ، لثلاث ساعات من يوم
الجمعة ، على يدي من يصلّي المسيح عيسى ابن مريم خلفه.
ألا إنّ بعد
ذلك الطامّة الكبرى. قلنا : وما ذلك يا أمير المؤمنين؟
قال : خروج
دابّة من الأرض ، من عند الصفا ، معها خاتم سليمان بن داود ، وعصى موسى عليهماالسلام ، تضع الخاتم على وجه كلّ مؤمن ، فيطبع فيه : «هذا مؤمن
حقّا» ، وتضعه على وجه كلّ كافر فيكتب فيه : «هذا كافر حقّا» حتّى إنّ المؤمن
لينادي : الويل لك يا كافر ، وإنّ الكافر ينادي : طوبى لك يا مؤمن ، وددت أنّي
اليوم مثلك فأفوز فوزا ، ثمّ ترفع الدابة رأسها ،
فيراها من بين الخافقين بإذن الله عزوجل ، بعد طلوع الشمس من مغربها ، فعند ذلك ترفع التوبة فلا
توبة تقبل ، ولا عمل يرفع (لا يَنْفَعُ نَفْساً
إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً).
ثمّ قال عليهالسلام : لا تسألوني عمّا يكون بعد ذلك فإنّه عهد إليّ حبيبي عليهالسلام أن لا اخبر به غير عترتي.
فقال النزال بن
سبرة لصعصعة : ما عنى أمير المؤمنين بهذا القول؟
فقال صعصعة :
يا ابن سبرة إنّ الّذي يصلّي خلفه عيسى ابن مريم هو الثاني عشر من العترة ، التاسع
من ولد الحسين بن عليّ ، وهو الشمس الطالعة من مغربها ، يظهر عند الركن والمقام
يطهّر الأرض ، ويضع ميزان العدل فلا يظلم أحد أحدا ، فأخبر أمير المؤمنين عليهالسلام أنّ حبيبه رسول الله صلىاللهعليهوآله عهد إليه ألّا يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته الأئمّة
صلوات الله عليهم أجمعين .
٩١٠ ـ غيبة
الشيخ ، بإسناده عن عامر بن واثلة ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : عشر قبل الساعة لا بدّ منها : السفيانيّ والدجّال
والدّخان والدابّة وخروج القائم وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى عليهالسلام ، وخسف بالمشرق ، وخسف بجزيرة العرب ، ونار تخرج من قعر
عدن تسوق الناس إلى المحشر .
٩١١ ـ غيبة
الشيخ ، بإسناده عن عليّ بن محمّد الأوديّ ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : قال أمير
المؤمنين عليهالسلام بين يدي القائم موت أحمر وموت أبيض وجراد في غير حينه
أحمر كألوان الدم ، فأمّا الموت الأحمر فالسيف ، وأمّا الموت الأبيض فالطاعون .
٩١٢ ـ روى
النعمانيّ في الغيبة بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قلت له : جعلت فداك ، متى خروج القائم عليهالسلام؟ فقال : يا أبا محمّد إنّا أهل بيت لا نوقّت ، وقد قال
محمّد صلىاللهعليهوآله كذب الوقّاتون ، يا أبا محمّد إنّ قدّام هذا الأمر خمس
علامات : أوّلهنّ النداء في
__________________
شهر رمضان ، وخروج السفيانيّ ، وخروج الخراسانيّ ، وقتل النفس الزكيّة ،
وخسف بالبيداء.
ثمّ قال : يا
أبا محمّد إنّه لا بدّ أن يكون قدّام الطاعونان : الطاعون الأبيض والطاعون الأحمر.
قلت : جعلت
فداك ، أيّ شيء الطاعون الأبيض وأيّ شيء الطاعون الأحمر؟
قال : الطاعون
الأبيض الجارف ، والطاعون الأحمر السيف ، ولا يخرج القائم حتّى ينادى باسمه من جوف
السماء في ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان ليلة جمعة.
قلت : بم ينادى؟
قال : باسمه واسم أبيه : «ألا إنّ فلان بن فلان قائم آل محمّد ، فاسمعوا له
وأطيعوه» ، فلا يبقى شيء خلق الله فيه الروح إلّا سمع الصيحة فتوقظ النائم ، ويخرج
إلى صحن داره ، وتخرج العذراء من خدرها ، ويخرج القائم ممّا يسمع ، وهي صيحة
جبرئيل عليهالسلام .
٩١٣ ـ روى
البرسيّ بالإسناد عن علقمة بن قيس ، قال : خطبنا أمير المؤمنين عليهالسلام على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة فقال فيما قال في آخرها :
وإنّي ظاعن عن قريب ، ومنطلق إلى المغيب ، فارتقبوا الفتنة الامويّة ، والمملكة
الكسرويّة ، وإماتة ما أحياه الله ، وإحياء ما أماته الله ، واتّخذوا صوامعكم
بيوتكم ، وعضّوا على مثل جمر الغضا ، واذكروا الله كثيرا ، فذكره أكبر لو كنتم
تعلمون.
ثمّ قال :
وتبنى مدينة يقال لها الزوراء ، بين دجلة ودجيل والفرات ، فلو رأيتموها مشيّدة
بالجصّ والآجر ، مزخرفة بالذهب والفضّة ، واللازورد والمرمر والرخام ، وأبواب
العاج ، والخيم ، والقباب ، والستارات ، وقد عليت بالساج والعرعر والصنوبر والشب ،
وشيّدت بالقصور ، وتوالت عليها ملك بني شيصبان أربعة وعشرون ملكا ، فيهم السفّاح ،
والمقلاص ، والجموح ، والخدوع ، والمظفّر ، والمؤنّث ، والنظار ، والكبش ،
والمهتور ، والعثار ، والمصطلم ، والمستصعب ، والعلّام ، والرهبانيّ ، والخليع ،
والسيار ، والمترف ، والكديد ، والأكثب ، والمسرف ، والأكلب ، والوسيم ، والصيلام
، والعينوق.
__________________
وتعمل القبّة
الغبراء ، ذات الفلاة الحمراء ، وفي عقبها قائم الحقّ يسفر عن وجهه بين الأقاليم ،
كالقمر المضيئ بين الكواكب الدّريّة.
ألا وإنّ
لخروجه علامات عشرة : أوّلها طلوع الكوكب ذي الذنب ، ويقارب من الحادي ، ويقع فيه
هرج ومرج وشغب ، وتلك علامات الخصب.
ومن العلامة
إلى العلامة عجب ، فإذا انقضت العلامات العشرة إذ ذاك ، ظهر القمر الأزهر ، وتمّت
كلمة الإخلاص لله على التوحيد .
٩١٤ ـ روي في
التهذيب عن سالم أبي خديجة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سأله رجل وأنا أسمع فقال : إنّي أصلّي الفجر
ثمّ أذكر الله بكلّما اريد أن أذكره ممّا يجب عليّ ، فاريد أن أضع جنبي فأنام قبل
طلوع الشمس فأكره ذلك ، قال : ولم؟ قال : أكره أن تطلع الشمس من غير مطلعها ، قال
: ليس بذلك خفاء ، انظر من حيث يطلع الفجر ، فمن ثمّ تطلع الشمس ، ليس عليك من حرج
أن تنام إذا كنت قد ذكرت الله .
٩١٥ ـ وروي في
كتاب سرور أهل الإيمان عن السيّد عليّ بن عبد الحميد ، بإسناده عن جابر عن أبي عبد
الله عليهالسلام ، قال : الزم الأرض ولا تحرّك يدا ولا رجلا حتّى ترى
علامات أذكرها لك ، وما أراك تدرك ذلك : اختلاف بين العباد ، ومناد ينادي من
السماء ، وخسف في قرية من قرى الشام بالجابية ، ونزول الترك الجزيرة ، ونزول الروم
الرملة ، واختلاف كثير عند ذلك في كلّ أرض حتّى تخرب الشام ويكون سبب ذلك اجتماع
ثلاث رايات فيه : راية الأصهب ، وراية الأبقع ، وراية السفيانيّ .
__________________
سورة الفتح
الآية الاولى
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ
يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ).
البيعة للقائم عليهالسلام
٩١٦ ـ روى
المفضّل بن عمر في حديث ظهور الإمام الحجّة عليهالسلام ، قال الصادق عليهالسلام : يا مفضّل يسند القائم عليهالسلام ظهره إلى الحرم ، ويمدّ يده فترى بيضاء من غير سوء ،
ويقول : هذه يد الله ، وعن الله ، وبأمر الله ، ثمّ يتلو هذه الآية : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما
يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما
يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) الآية.
فيكون أوّل من
يقبّل يده جبرئيل عليهالسلام ، ثمّ يبايعه وتبايعه الملائكة ونجباء الجنّ ، ثمّ النقباء
، ويصبح الناس بمكّة فيقولون : من هذا الرجل الّذي بجانب الكعبة؟ وما هذا الخلق
الّذين معه؟ وما هذه الآية رأيناها الليلة ولم تر مثلها؟ ـ الحديث .
٩١٧ ـ أسند
المفيد في إرشاده إلى الصادق عليهالسلام : ينادى باسم القائم في ليلة ثلاث وعشرين ، ويقوم في يوم
عاشورا يوم السبت بين الركن والمقام ، جبرئيل عن يمينه ينادي : «البيعة لله تعالى»
فتصير إليه شيعته من أطراف الأرض ، تطوى لهم طيّا حتّى
__________________
يبايعوه فيملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما .
٩١٨ ـ روى
النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : يقوم القائم عليهالسلام في وتر من السنين ، تسع ، واحدة ، ثلاث ، خمس ـ إلى أن
قال عليهالسلام : ـ واختلف أهل الشرق وأهل الغرب نعم وأهل القبلة ،
ويلقى الناس جهد شديد ممّا يمرّ بهم من الخوف ـ فلا يزالون بتلك الحالة حتّى ينادي
مناد من السماء ، فإذا نادى فالنفر النفر. فو الله لكأنّي انظر إليه بين الركن
والمقام يبايع الناس ... الحديث .
٩١٩ ـ روى
السيّد الجليل ابن طاوس أعلى الله مقامه فيما ذكره نعيم بإسناده عن نوف البكاليّ ،
قال : في راية المهديّ مكتوب : البيعة لله .
٩٢٠ ـ روى
السيّد ابن طاوس رحمهالله بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : خطب أمير المؤمنين
عليّ عليهالسلام خطبة ، فذكر المهديّ وخروج من يخرج معه وأسمائهم ، فقال
له أبو خالد الكابليّ : صفه لنا يا أمير المؤمنين.
فقال عليّ عليهالسلام : ألا إنّه أشبه الناس خلقا وخلقا وحسنا برسول الله صلىاللهعليهوآله ، ألا أدلّكم على رجاله وعددهم؟ قلنا : بلى يا رسول
الله.
قال عليهالسلام : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : أوّلهم من البصرة ، وآخرهم من اليمامة ؛ وجعل
عليّ عليهالسلام يعدّد رجال المهديّ ، والناس يكتبون ، فقال : رجلان من
البصرة ... في حديث طويل في آخره : ورجل من اليمامة.
قال عليه
الصلاة والسلام : أحصاهم لي رسول الله صلىاللهعليهوآله ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا بعدد أصحاب بدر يجمعهم الله
من مشرقها إلى مغربها في أقلّ ممّا يتمّ الرجل عشاءه عند بيت الله الحرام ، فبينا
أهل مكّة كذلك فيقولون أهل مكّة : قد كبسنا السفيانيّ ، فيشرفون أهل مكّة. فينظرون
إلى قوم حول بيت الله الحرام ، وقد انجلى عنهم الظلام ولاح لهم الصبح وصاح بعضهم
ببعض النجاح ، وأشرف الناس ينظرون وقرّاؤهم يفكّرون.
قال أمير
المؤمنين عليهالسلام : كأنّي انظر إليهم والزيّ واحد ، والقدّ واحد ، والحسن
واحد ،
__________________
والجمال واحد ، واللباس واحد ، كأنّما يطلبون شيئا ضاع منهم ، فهم متحيّرون
في أمرهم ، حتّى يخرج إليهم من تحت ستارة الكعبة في آخرها رجل أشبه الناس برسول
الله صلىاللهعليهوآله خلقا وحسنا وجمالا ، فيقولون : أنت المهديّ؟ فيخرجهم
ويقول : أنا المهديّ ، فيقول : بايعوا على أربعين خصلة واشترطوا عشر خصال.
قال الأحنف :
بأبينا وما تلك الخصال؟
فقال أمير
المؤمنين عليه الصلاة والسلام : يبايعون على أن لا يسرقوا ، ولا يزنوا ، ولا
يقتلوا ، ولا ينتهكوا حريما ، ولا يشتموا مسلما ، ولا يهجموا منزلا ، ولا يضربوا
أحدا إلّا بالحقّ ، ولا يركبوا الخيل الهماليج ، ولا يتمنطقوا بالذهب ، ولا يلبسوا
الخزّ ، ولا يلبسوا الحرير ، ولا يلبسوا النعال الصرارة ، ولا يخرّبوا مسجدا ، ولا
يقطعوا طريقا ، ولا يظلموا يتيما ، ولا يخيفوا سبيلا ، ولا يحبسوا بكرا ، ولا
يأكلوا مال اليتيم ، ولا يفسقوا بغلام ، ولا يشربوا الخمر ، ولا يخونوا أمانة ،
ولا يخلفوا العهد ، ولا يكبسوا طعام من برّ أو شعير ، ولا يقتلوا مستأمنا ، ولا
يتّبعوا منهزما ، ولا يسفكوا دما ، ولا يجهزوا على جريح ، ويلبسون الخشن من الثياب
، ويوسّدون التراب على الخدود ، ويأكلون الشعير ، ويرضون بالقليل ، ويجاهدون في
الله حقّ جهاده ، ويشمّون الطيب ، ويكرهون النجاسة ؛ ويشرط لهم على نفسه : أن لا
يتّخذ حاجبا ، ويمشي حيث يمشون ، ويكون من حيث يريدون ، ويرضى بالقليل ، ويملأ
الأرض بعون الله عدلا كما ملئت جورا ، يعبد الله حقّ عبادته ، يفتح له خراسان ،
ويطيعه أهل اليمن ، وتقبل الجيوش أمامه من اليمن فرسان همدان وخولان ، وجدّه يمدّه
بالأوس والخزرج ، ويشدّ عضده بسليمان ، على مقدّمته عقيل ، وعلى ساقته الحارث ،
ويكثر الله جمعه بهم ، ويشدّ ظهره بمضر ، يسيرون أمامه الفتن ، وتحالفه بجيلة
وثقيف ونخع وعلاف ، ... الحديث .
الآية الثانية
قوله تعالى : (لَوْ تَزَيَّلُوا
لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً).
٩٢١ ـ الشيخ
الصدوق بإسناده عن محمّد بن أبي عمير ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قلت له : ما بال أمير المؤمنين عليهالسلام لم يقاتل فلانا وفلانا؟ قال : لآية في كتاب الله
__________________
عزوجل : (لَوْ تَزَيَّلُوا
لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً).
قال : قلت :
وما يعني بتزايلهم؟
قال : ودائع
مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ، وكذلك القائم عليهالسلام لن يظهر أبدا حتّى تخرج ودائع الله عزوجل ، فإذا خرجت ظهر على من ظهر من أعداء الله فقتلهم .
٩٢٢ ـ عنه
بإسناده عن إبراهيم الكرخيّ ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام وقال له رجل : أصلحك الله ألم يكن عليّ عليهالسلام قويّا في دين الله؟ قال : بلى ، قال : فكيف ظهر عليه
القوم ، وكيف لم يدفعهم ، وما منعه من ذلك؟ قال : آية في كتاب الله عزوجل منعته. قال : قلت : وأيّة آية؟ قال قوله : (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) إنّه كان لله عزوجل ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين ومنافقين ، فلم يكن
عليّ عليهالسلام ليقتل الآباء حتّى يخرج الودائع ، فلمّا خرج الودائع
ظهر على من ظهر فقاتله ، وكذلك قائمنا أهل البيت لن يظهر أبدا حتّى تظهر ودائع
الله عزوجل ، فإذا ظهرت ظهر على من ظهر فقتله .
٩٢٣ ـ وروى
عليّ بن إبراهيم بإسناده عن الكرخيّ ، قال : قال رجل لأبي عبد الله عليهالسلام : ألم يكن عليّ قويّا في بدنه قويّا بأمر الله؟ قال أبو
عبد الله عليهالسلام : بلى.
قال : فما منعه
أن يدفع أو يمتنع؟ قال : سألت فافهم الجواب ، منع عليّا من ذلك آية من كتاب الله ،
فقال : وأيّ آية؟ فقرأ : (لَوْ تَزَيَّلُوا
لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) إنّه كان لله ودائع مؤمنين في أصلاب قوم كافرين
ومنافقين ، فلم يكن عليّ عليهالسلام ليقتل الآباء حتّى تخرج الودائع ، فلمّا خرج ظهر على من
ظهر وقتله ، وكذلك قائمنا أهل البيت لم يظهر أبدا حتّى تخرج ودائع الله ، فإذا
خرجت ظهر على من ظهر فقتله .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ).
٩٢٤ ـ عليّ بن
إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليهالسلام ، قال : هو الإمام الّذي يظهره على الدّين كلّه ، فيملأ
الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، وهذا ممّا
__________________
ذكرنا أنّ تأويله بعد تنزيله .
٩٢٥ ـ وروى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الماضي عليهالسلام ، قال : قلت : (هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ) قال : هو الّذي أمر رسوله بالوصيّة ، والولاية هي دين
الحقّ.
قلت : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) قال : يظهر على جميع الأديان عند قيام القائم ، يقول
الله : والله متمّ ولاية القائم ولو كره الكافرون بولاية عليّ عليهالسلام .
__________________
سورة ق
الآية الاولى
قوله عزوجل : (يَوْمَ يَسْمَعُونَ
الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ).
٩٢٦ ـ روى عليّ
بن إبراهيم في تفسيره المنسوب إلى الصادق عليهالسلام ، قال : قال : ينادي المنادي صيحة القائم واسم أبيه عليهماالسلام ، قوله : (يَوْمَ يَسْمَعُونَ
الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) قال : باسم القائم عليهالسلام من السماء ، وذلك يوم الخروج .
٩٢٧ ـ وعن عليّ
بن إبراهيم : قوله : (يَوْمَ يَسْمَعُونَ
الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) قال : صيحة القائم من السماء ، وذلك يوم الخروج .
٩٢٨ ـ ثمّ قال
عليّ بن إبراهيم بإسناده عن جميل بن درّاج ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله : (يَوْمَ يَسْمَعُونَ
الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) قال : هي الرجعة.
(يَوْمَ تَشَقَّقُ
الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً) قال ، قال : في الرجعة.
قلت : (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ
مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ* يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ
الْخُرُوجِ) قال : هي الرجعة .
__________________
٩٢٩ ـ روى
الشيخ النعمانيّ رحمهالله بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهماالسلام أنّه قال : إذا رأيتم نارا من قبل المشرق شبه الهرديّ
العظيم تطلع ثلاثة أيّام أو سبعة أيّام ، فتوقّعوا فرج آل محمّد عليهمالسلام إن شاء الله عزوجل إنّ الله عزيز حكيم.
ثمّ قال :
الصيحة لا تكون إلّا في شهر رمضان شهر الله ، الصيحة فيه هي صيحة جبرئيل عليهالسلام إلى هذا الخلق.
ثمّ قال :
ينادي مناد من السماء باسم القائم عليهالسلام ، فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب ، لا يبقى راقد إلّا
استيقظ ، ولا قائم إلّا قعد ، ولا قاعد إلّا قام على رجليه فزعا من ذلك الصوت ،
فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب ، فإنّ الصوت الأوّل هو صوت جبرئيل الروح
الأمين عليهالسلام.
ثمّ قال عليهالسلام : يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث
وعشرين ، لا تشكّوا في ذلك ، واسمعوا وأطيعوا ، وفي آخر النهار صوت الملعون إبليس
ينادي : ألا إنّ فلانا قتل مظلوما ، ليشكّك الناس ويفتنهم ، فكم في ذلك اليوم من
شاكّ متحيّر قد هوى في النار ، فإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكّوا فيه أنّه
صوت جبرئيل ، وعلامة ذلك أنّه ينادي باسم القائم واسم أبيه حتّى تسمعه العذراء في
خدرها ، فتحرّض أباها وأخاها على الخروج.
وقال : لا بدّ
من هذين الصوتين قبل خروج القائم عليهالسلام : صوت من السماء وهو صوت جبرئيل باسم صاحب هذا الأمر
واسم أبيه ، والصوت الثاني من الأرض ، وهو صوت إبليس اللعين ينادي باسم فلان أنّه
قتل مظلوما ، يريد بذلك الفتنة ، فاتّبعوا الصوت الأوّل ، وإيّاكم والأخير أن
تفتنوا به .. الحديث .
__________________
سورة الذاريات
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَفِي السَّماءِ
رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ).
٩٣٠ ـ غيبة
الشيخ : روى بالإسناد عن ابن عبّاس في قول الله :
(وَفِي السَّماءِ
رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ
مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) قال :
قيام القائم عليهالسلام ، ومثله : (أَيْنَ ما تَكُونُوا
يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً) قال : أصحاب القائم يجمعهم الله في يوم واحد .
٩٣١ ـ غيبة
الشيخ : روى بالإسناد عن إسحاق بن عبد الله بن عليّ بن الحسين في هذه الآية : (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ
إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) قال : قيام القائم من آل محمّد ، وفيه نزلت : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي
ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً
يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) قال : نزلت في المهديّ .
__________________
٩٣٢ ـ غيبة
الشيخ : روى بالإسناد عن الكلبيّ ، عن أبي صالح عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما
تُوعَدُونَ) قال : هو خروج المهديّ .
٩٣٣ ـ روى
السيّد عليّ بن عبد الحميد في كتاب «الأنوار المضيئة» بإسناده عن محمّد بن أحمد
الأياديّ يرفعه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال : المستضعفون في الأرض المذكورون في الكتاب
الّذين يجعلهم الله أئمّة نحن أهل البيت يبعث الله مهديّهم فيعزّهم ويذلّ عدوّهم.
وبالإسناد
يرفعه إلى ابن عبّاس في قوله تعالى : (وَفِي السَّماءِ
رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) قال : هو خروج المهديّ .
__________________
سورة الطور
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَالطُّورِ* وَكِتابٍ
مَسْطُورٍ* فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ).
عهد من الله ورسوله وأمير المؤمنين للمهدي عليهالسلام
٩٣٤ ـ روى أبو
جعفر محمّد بن جرير الطبريّ بإسناده عن محمّد بن عليّ الهمدانيّ ، عن أبي عبد الله
عليهالسلام : الليلة الّتي يقوم فيها قائم آل محمّد عليهالسلام ينزل رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام وجبرائيل عليهالسلام على حراء فيقول له جبرائيل :
أجب ، فيخرج
رسول الله صلىاللهعليهوآله رقّا من حجزة ازاره فيدفعه إلى عليّ عليهالسلام ، فيقول له :
اكتب :
«بسم الله
الرحمن الرحيم ـ هذا عهد من الله ومن رسوله ومن عليّ بن أبي طالب لفلان بن فلان
باسمه واسم أبيه» وذلك قوله عزوجل في كتابه :
(وَالطُّورِ* وَكِتابٍ
مَسْطُورٍ* فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) وهو الكتاب الّذي أخرجه رسول الله صلىاللهعليهوآله من حجزة إزاره.
قلت : (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) وهو رسول الله صلىاللهعليهوآله؟
قال : نعم
المملي رسول الله والكاتب عليّ عليهالسلام .
__________________
سورة القمر
الآية الاولى
قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ
السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ).
٩٣٥ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن أبي الحسن عليّ بن موسى بن أحمد بن إبراهيم
بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي
طالب عليهمالسلام ، قال : وجدت في كتاب أبي رضى الله عنه بإسناده عن عليّ
بن إبراهيم بن مهزيار في حديث طويل في تشرّفه بخدمة صاحب الزمان عليهالسلام في غيبته ، جاء فيه قوله عليهالسلام :
يا ابن مهزيار
كيف خلّفت اخوانك في العراق؟
قلت : في ضنك
عيش وهناة ، قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان.
فقال : قاتلهم
الله أنّى يؤفكون ، كأنّي بالقوم قد قتلوا في ديارهم وأخذهم أمر ربّهم ليلا ونهارا.
فقلت : متى
يكون ذلك يا ابن رسول الله؟
قال : إذا حيل
بينكم وبين سبيل الكعبة بأقوام لا خلاق لهم والله ورسوله منهم براء ، وظهرت الحمرة
في السماء ثلاثا ، فيها أعمدة كأعمدة اللجين تتلألأ نورا ، ويخرج السروسي من
أرمنية وآذربيجان يريد وراء الري الجبل الأسود المتلاحم بالجبل الأحمر ،
__________________
لزيق جبل طالقان ، فيكون بينه وبين المروزيّ وقعة صيلمانيّة يشيب فيها
الصغير ، ويهرم منها الكبير ، ويظهر القتل بينهما ، فعندها توقّعوا خروجه إلى
الزوراء ، فلا يلبث بها حتّى يوافي باهات ، ثمّ يوافي واسط العراق ، فيقيم بها سنة
أو دونها ، ثمّ يخرج إلى كوفان ، فيكون بينهم وقعة من النجف إلى الحيرة إلى الغريّ
، وقعة شديدة تذهل منها العقول ، فعندها يكون بوار الفئتين ، وعلى الله حصاد
الباقين.
ثمّ تلا قوله
تعالى : (بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.* .. أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها
حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ).
فقلت : سيّدي
يا ابن رسول الله ، ما الأمر؟
قال : نحن أمر
الله وجنوده.
قلت : سيّدي يا
ابن رسول الله ، حان الوقت؟
قال : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ
الْقَمَرُ).
٩٣٦ ـ وروى
عليّ بن إبراهيم القمّي في تفسير قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ
السَّاعَةُ) قال : خروج القائم عليهالسلام .
٩٣٧ ـ وفي
رواية المفضّل بن عمر عن الصادق عليهالسلام ، قال : سألت سيّدي أبا عبد الله الصادق عليهالسلام : هل للمأمول المنتظر المهديّ عليهالسلام وقت مؤقّت تعلمه الناس؟
فقال : حاش لله
أن يوقّت له وقتا.
قال : قلت
مولاي ولم ذلك؟
قال : لأنّه
الساعة الّتي قال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ
السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها
لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ
إِلَّا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها
عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
قوله : (وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) ولم يقل انّها عند أحد دونه.
وقوله : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ
قَرِيبٌ* يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا
__________________
مُشْفِقُونَ
مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي
السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ).
قلت : يا مولاي
ما معنى يمارون؟
قال : يقولون :
متى ولد؟ ومن رآه؟ وأين هو؟ ومتى يظهر؟ كلّ ذلك استعجالا لأمره وشكّا في قضائه
وقدرته ، اولئك الّذين خسروا أنفسهم في الدنيا والآخرة ، وإنّ للكافرين لشرّ مآب ـ
الحديث ـ .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً
يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ).
٩٣٨ ـ روي
النعمانيّ بإسناده عن عبد الله بن سنان ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام فسمعت رجلا من همدان يقول : إنّ هؤلاء العامّة يعيّرونا
ويقولون لنا : انّكم تزعمون أنّ مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر.
وكان عليهالسلام متّكئا فغضب وجلس ، ثمّ قال : لا ترووه عنّي وارووه عن
أبي ولا حرج عليكم في ذلك ، أشهد أنّي قد سمعت أبي عليهالسلام يقول : والله إنّ ذلك في كتاب الله عزوجل لبيّن ، حيث يقول : (إِنْ نَشَأْ
نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلّا خضع وذلّت رقبته لها
، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء : «ألا إنّ الحقّ في عليّ بن أبي
طالب وشيعته».
قال : فإذا كان
من الغد ، صعد إبليس في الهواء حتّى يتوارى عن أهل الأرض ثمّ ينادي : ألا إنّ
الحقّ في عثمان بن عفّان وشيعته فإنّه قتل مظلوما ، فاطلبوا بدمه ، قال عليهالسلام : فيثبّت الله الّذين آمنوا بالقول الثابت على الحقّ
وهو النداء الأوّل ويرتاب الّذين في قلوبهم مرض والمرض والله عداوتنا ، فعند ذلك
يتبرّءون منّا ويتناولونا ويقولون إنّ المنادي الأوّل سحر من سحر أهل هذا البيت.
ثمّ تلا أبو عبد الله عليهالسلام قول الله عزوجل : (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً
يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ).
__________________
سورة الرحمن
الآية الاولى
قوله تعالى : (يُعْرَفُ
الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ).
٩٣٩ ـ روى
الشيخ المفيد بإسناده عن معاوية بن عمّار الدهني ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله تعالى : (يُعْرَفُ
الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ) فقال : يا معاوية ما يقولون في هذا؟
قلت : يزعمون
إنّ الله تبارك وتعالى يعرف المجرمين بسيماهم في القيامة ، فيأمر بهم فيؤخذ
بنواصيهم وأقدامهم فيلقون في النار.
فقال لي : وكيف
يحتاج الجبّار تبارك وتعالى إلى معرفة الخلق بسيماهم وهو خلقهم؟
قلت : فما ذاك
، جعلت فداك؟
فقال : ذلك لو
قام قائمنا أعطاه الله السيماء ، فيأمر بالكافر فيؤخذ بالنواصي والأقدام ثمّ يخبط
بالسيف خبطا .
٩٤٠ ـ وروى
المفيد بإسناده عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : إنّا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الإيمان
وبحقيقة النفاق .
__________________
٩٤١ ـ وروى
المفيد أيضا بإسناده عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : إنّ الله أخذ ميثاق شيعتنا من صلب آدم فنحن
نعرف بذلك حبّ المحبّ وإن أظهر خلاف ذلك بلسانه ، ونعرف بغض المبغض وإن أظهر حبّنا
أهل البيت .
٩٤٢ ـ وروى
النعمانيّ بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله تعالى : (يُعْرَفُ
الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ) قال : الله يعرفهم ولكن انزلت في القائم عليهالسلام ، يعرفهم بسيماهم فيخبطهم بالسيف هو وأصحابه خبطا .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَأَصْحابُ الشِّمالِ
ما أَصْحابُ الشِّمالِ* فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ).
٩٤٣ ـ روى
النعمانيّ رحمهالله بإسناده عن كعب الأحبار أنّه قال : إذا كان يوم القيامة
حشر الخلق على أربعة أصناف : صنف ركبان ، وصنف على أقدامهم يمشون ، وصنف مكبّون ،
وصنف على وجوههم ، صمّ بكم عمي فهم لا يعقلون ، ولا يكلّمون ، ولا يؤذن لهم
فيعتذرون ، اولئك الّذين تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون.
فقيل له : يا
كعب من هؤلاء الّذين يحشرون على وجوههم وهذه الحالة حالهم؟
فقال كعب :
اولئك كانوا في الضلال والارتداد والنكث ، فبئس ما قدّمت لهم أنفسهم إذا لقوا الله
بحرب خليفتهم ، ووصي نبيّهم ، وعالمهم وفاضلهم وحامل اللواء ، ووليّ الحوض ،
والمرتجى والرجا دون هذا العالم ، وهو العلم الّذي لا يجهل ، والحجّة الّتي من زال
عنها عطب ، وفي النار هوى.
ذاك عليّ وربّ
الكعبة أعلمهم علما ، وأقدمهم سلما ، وأوفرهم حلما.
عجب كعب ممّن
قدّم على عليّ غيره ، ومن يشكّ في القائم المهديّ الّذي يبدّل الأرض غير الأرض ،
وبه عيسى ابن مريم يحتجّ على نصارى الروم والصين ، إنّ القائم المهديّ من نسل عليّ
أشبه الناس بعيسى ابن مريم خلقا وخلقا وسيماء وهيئة ، يعطيه الله جلّ وعزّ ما أعطى
الأنبياء ، ويزيده ويفضّله.
__________________
إنّ القائم من
ولد عليّ له غيبة كغيبة يوسف ، ورجعة كرجعة عيسى ابن مريم ، ثمّ يظهر بعد غيبته مع
طلوع النجم الأحمر وخراب الزوراء ـ وهي الريّ ـ وخسف المزوّرة ـ وهي بغداد ـ وخروج
السفيانيّ ، وحرب ولد العبّاس مع فتيان أرمنيّة وآذربيجان.
تلك حرب يقتل
فيها الوف والوف ، كلّ يقبض على سيفه محلّى تخفق عليه رايات سود ، تلك حرب يستبشر
فيها الموت الأحمر والطاعون الأكبر .
__________________
سورة الحديد
الآية الاولى
قوله سبحانه : (وَلا يَكُونُوا
كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ
قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ).
٩٤٤ ـ روى
محمّد بن إبراهيم النعمانيّ بإسناده عن رجل من أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليهالسلام ، قال : سمعته يقول : نزلت هذه الآية في سورة الحديد (وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ
وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) من أهل زمان الغيبة. ثمّ قال : «اعلموا أنّ الله يحيي
الأرض بعد موتها قد بيّنا لكم الآيات لعلّكم تعقلون» وقال : إنّ الأمد أمد الغيبة .
٩٤٥ ـ الشيخ
الصدوق ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : نزلت هذه الآية في القائم.
٩٤٦ ـ الشيخ
المفيد بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام : نزلت هذه الآية : (وَلا يَكُونُوا
كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ) فتأويل هذه الآية جار في زمان الغيبة وأيّامها دون
غيرهم ، والأمد أمد الغيبة .
الآية الثانية
قوله عزوجل : (اعْلَمُوا أَنَّ
اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ
__________________
لَعَلَّكُمْ
تَعْقِلُونَ).
٩٤٧ ـ روى
العلّامة البحرانيّ قدسسره عن محمّد بن يعقوب بإسناده عن محمّد الحلبي أنّه سأل
أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (اعْلَمُوا أَنَّ
اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) قال عليهالسلام : العدل بعد الجور .
٩٤٨ ـ روى
الصدوق رحمهالله بإسناده عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل : (اعْلَمُوا أَنَّ
اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) قال : يحييها الله عزوجل بالقائم بعد موتها ، يعني بموتها كفر أهلها ، والكافر
ميّت .
٩٤٩ ـ روى
محمّد بن العبّاس ، بإسناده عن سلام بن المستنير ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله عزوجل : (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ
يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) كفر أهلها والكافر ميّت ، يحييها الله بالقائم عليهالسلام فيعدل فيها ، فيحيي الأرض ويحيي أهلها بعد موتهم .
٩٥٠ ـ روى
الشيخ الطوسيّ بإسناده من طريق العامّة عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس في قوله تعالى
: (اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ
يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) يعني يصلح الأرض بقائم آل محمّد عليهمالسلام (بَعْدَ مَوْتِها) يعني من بعد جور أهل مملكتها (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ) بقائم آل محمّد عليهمالسلام (لَعَلَّكُمْ
تَعْقِلُونَ).
٩٥١ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ بإسناده عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن أبي إبراهيم عليهالسلام في قول الله عزوجل : (يُحْيِ الْأَرْضَ
بَعْدَ مَوْتِها) قال : ليس يحييها بالقطر ، ولكن يبعث الله عزوجل رجالا فيحيون العدل ، فتحيى الأرض لإحياء العدل ،
ولإقامة الحدّ فيها أنفع في الأرض من القطر أربعين صباحا .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا
بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ
لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ).
٩٥٢ ـ روى شرف
الدّين النجفيّ رحمهالله بإسناده عن الحسين بن أبي حمزة ، عن أبيه ، قال :
__________________
قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : جعلت فداك قد كبر سنّي ودقّ عظمي واقترب أجلي ، وقد
خفت أن يدركني قبل هذا الأمر الموت. قال : فقال لي : يا أبا حمزة أو ترى الشهيد
إلّا من قتل؟ قلت : نعم جعلت فداك. فقال لي : يا أبا حمزة من آمن بنا وصدّق حديثنا
وانتظر أمرنا كان كمن قتل تحت راية القائم ، بل والله تحت راية رسول الله صلىاللهعليهوآله .
٩٥٣ ـ روى
العلّامة الطبرسيّ رحمهالله برواية العيّاشيّ عن الحرث بن المغيرة ، قال : كنّا عند
أبي جعفر عليهالسلام فقال : العارف منكم هذا الأمر ، المنتظر له ، المحتسب
فيه الخير ، كمن جاهد والله مع قائم آل محمّد عليهمالسلام بسيفه. ثمّ قال الثالثة : بل والله كمن استشهد مع رسول
الله صلىاللهعليهوآله في فسطاطه. وفيكم آية من كتاب الله ، قلت : وأيّ آية
جعلت فداك؟ قال : قول الله عزوجل : (وَالَّذِينَ آمَنُوا
بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ثمّ قال : صرتم والله صادقين شهداء عند ربّكم .
٩٥٤ ـ ومن كتاب
فضائل الشيعة : روى العلّامة البرقيّ رحمهالله بإسناده عن زيد بن أرقم ، عن الحسين بن عليّ عليهماالسلام قال : ما من شيعتنا إلّا صدّيق شهيد ، قال : قلت : جعلت
فداك أنّى يكون ذلك وعامّتهم يموتون على فراشهم؟ فقال : أما تتلو كتاب الله في
الحديد : (وَالَّذِينَ آمَنُوا
بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ). قال : فقلت : كأنّي لم أقرأ هذه الآية من كتاب الله عزوجل قطّ ، قال : لو كان الشهداء ليس إلّا كما تقول ، لكان
الشهداء قليلا .
٩٥٥ ـ وعنه
بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال ، قال لي : يا أبا محمّد إنّ الميّت منكم على هذا
الأمر شهيد. قلت : وإن مات على فراشه؟! قال : اي والله وإن مات على فراشه ، حيّ
عند ربّه يرزق .
٩٥٦ ـ وعنه
بإسناده عن منهال القصّاب ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ادع الله لي بالشهادة ، فقال : المؤمن لشهيد حيث مات
، أو ما سمعت قول الله في كتابه : (وَالَّذِينَ آمَنُوا
__________________
بِاللهِ
وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
٩٥٧ ـ عن أبان
بن تغلب ، قال : كان أبو عبد الله عليهالسلام إذا ذكر هؤلاء الّذين يقتلون في الثغور يقول : ويلهم ما
يصنعون بهذا؟ يتعجّلون قتلة في الدنيا وقتلة في الآخرة! والله ما الشهداء إلّا
شيعتنا وإن ماتوا على فراشهم .
٩٥٨ ـ وعنه
بإسناده عن مالك الجهنيّ ، قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : يا مالك إنّ الميّت منكم على هذا الأمر شهيد بمنزلة
الضارب في سبيل الله. وقال أبو عبد الله عليهالسلام : ما يضرّ رجلا من شيعتنا أيّة ميتة مات : أكله السبع ،
أو أحرق بالنار أو غرق ، أو قتل ، هو والله شهيد .
٩٥٩ ـ وعنه
بإسناده عن مالك بن أعين ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : من مات منكم على أمرنا هذا كان كمن استشهد مع رسول
الله صلىاللهعليهوآله .
٩٦٠ ـ وعنه
بإسناده عن العلاء بن سيابة ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : من مات منكم على أمرنا هذا فهو بمنزلة من ضرب فسطاطه
إلى رواق القائم عليهالسلام ، بل بمنزلة من يضرب معه بسيفه ، بل بمنزلة من استشهد
معه ، بل بمنزلة من استشهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآله .
٩٦١ ـ روى
الصدوق رحمهالله : في حديث لأبي عبد الله عليهالسلام قال فيه : يا مالك من مات منكم على هذا الأمر شهيد
بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله .
٩٦٢ ـ عن أمير
المؤمنين عليهالسلام ، قال : الزموا الأرض ، واصبروا على البلاء ، ولا
تحرّكوا بأيديكم وسيوفكم ، وهوى ألسنتكم ، ولا تستعجلوا بما لم يعجّله الله لكم ،
فانّه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة ربّه ، وحقّ رسوله وأهل بيته ، مات
شهيدا أوقع أجره على الله ، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله ، وقامت النيّة مقام
إصلاته بسيفه ، فإنّ لكلّ شيء مدّة وأجلا .
٩٦٣ ـ روى
الصدوق رحمهالله في «كمال الدّين» بإسناده عن عمّار الساباطي ، قال :
قلت
__________________
لأبي عبد الله عليهالسلام : العبادة مع الإمام منكم المستتر في السرّ في دولة
الباطل أفضل ، أم العبادة في ظهور الحقّ ودولته مع الإمام الظاهر منكم؟ فقال : يا
عمّار ، الصدقة في السرّ والله أفضل من الصدقة في العلانية ، وكذلك عبادتكم في
السرّ مع إمامكم المستتر في دولة الباطل أفضل ، لخوفكم من عدوّكم في دولة الباطل
وحال الهدنة ، ممّن يعبد الله في ظهور الحقّ مع الإمام الظاهر في دولة الحقّ ،
وليس العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة مع الأمن في دولة الحقّ.
اعلموا أنّ من
صلّى منكم صلاة فريضة وحدانا مستترا بها من عدوّه في وقتها فأتمّها ، كتب الله عزوجل له بها خمسة وعشرين صلاة فريضة وحدانية ، ومن صلّى منكم
صلاة نافلة في وقتها فأتمها ، كتب الله عزوجل له بها عشر صلوات نوافل ، ومن عمل منكم حسنة ، كتب الله
له بها عشرين حسنة ، ويضاعف الله تعالى حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله ، ودان
الله بالتقيّة على دينه ، وعلى إمامه وعلى نفسه ، وأمسك من لسانه ، أضعافا مضاعفة
كثيرة ، إنّ الله عزوجل كريم.
قال : فقلت :
جعلت فداك قد رغّبتني في العمل ، وحثثتني عليه ، ولكنّي احبّ أن أعلم : كيف صرنا
نحن اليوم أفضل أعمالا من أصحاب الإمام منكم الظاهر في دولة الحقّ ونحن وهم على
دين واحد ، وهو دين الله عزوجل؟
فقال : إنّكم
سبقتموهم إلى الدخول في دين الله وإلى الصلاة والصوم والحجّ وإلى كلّ فقه وخير ،
وإلى عبادة الله سرّا من عدوّكم مع الإمام المستتر ، مطيعون له ، صابرون معه ،
منتظرون لدولة الحقّ ، خائفون على إمامكم وعلى أنفسكم من الملوك ، تنظرون إلى حقّ
إمامكم وحقّكم في أيدي الظلمة ، قد منعوكم ذلك واضطرّوكم إلى جذب الدنيا وطلب
المعاش ، مع الصبر على دينكم ، وعبادتكم وطاعة ربّكم ، والخوف من عدوّكم ، فبذلك
ضاعف الله أعمالكم ، فهنيئا لكم هنيئا.
قال : فقلت :
جعلت فداك ، فما نتمنّى إذا أن نكون من أصحاب القائم عليهالسلام في ظهور الحقّ؟ ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل
أعمالا من أعمال أصحاب دولة الحقّ؟
فقال : سبحان
الله ، أما تحبّون أن يظهر الله عزوجل الحقّ والعدل في البلاد ويحسن
حال عامّة الناس ، ويجمع الله الكلمة ويؤلّف بين القلوب المختلفة ، ولا
يعصى الله في أرضه ، ويقام حدود الله في خلقه ، ويردّ الحقّ إلى أهله ، ويظهروه
حتّى لا يستخفي بشيء من الحقّ مخافة أحد من الخلق؟
أما والله يا
عمّار ، لا يموت منكم ميّت على الحال الّتي أنتم عليها ، إلّا كان أفضل عند الله عزوجل من كثير ممّن شهد بدرا واحدا ، فأبشروا .
٩٦٤ ـ روي
بالإسناد عن جابر ، قال : دخلنا على أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهماالسلام ونحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودّعناه وقلنا له :
أوصنا يا ابن رسول الله ، فقال : ليعن قويّكم ضعيفكم ، وليعطف غنيّكم على فقيركم ،
ولينصح الرجل أخاه النصيحة لأمرنا ، واكتموا أسرارنا ولا تحملوا الناس على أعناقنا
، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنّا ، فإن وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به ، وإن لم
تجدوه موافقا فردّوه ، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردّوه إلينا حتّى نشرح
لكم من ذلك ما شرح لنا ، وإذا كنتم كما أوصيناكم لم تعدوا إلى غيره فمات منكم قبل
أن يخرج قائمنا كان شهيدا ، ومن أدرك منكم قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين ،
ومن قتل بين يديه عدوّا لنا كان له أجر عشرين شهيدا .
٩٦٥ ـ كمال
الدّين بإسناده عن سيّد العابدين عليهالسلام أنّه قال : من ثبت على موالاتنا في غيبة قائمنا عليهالسلام أعطاه الله أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر واحد .
٩٦٦ ـ روى
الصدوق بإسناده عن مالك الجهنيّ ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : يا مالك أما ترضون أن تقيموا الصلاة وتؤدّوا
الزكاة ، وتكفّوا أيديكم وتدخلوا الجنّة؟ ثمّ قال : يا مالك ، إنّه ليس من قوم
ائتمّوا بإمام في دار الدنيا ، إلّا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلّا أنتم ،
ومن كان بمثل حالكم.
ثمّ قال : يا
مالك إنّ الميّت منكم على هذا الأمر شهيد بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل الله.
قال : وقال
مالك : بينما أنا عنده ذات يوم جالس وأنا احدّث نفسي بشيء من فضلهم ،
__________________
فقال لي وأنتم والله شيعتنا ، لا تظنّن أنّك مفرّط في أمرنا.
يا مالك انّه
لا يقدر على صفة الله ، فكما لا يقدر على صفة الله كذلك لا يقدر على صفة الرسول صلىاللهعليهوآله ، وكما لا يقدر على صفة الرسول فكذلك لا يقدر على صفتنا
، وكما لا يقدر على صفتنا فكذلك لا يقدر على صفة المؤمن.
يا مالك : انّ
المؤمن ليلقى أخاه فيصافحه ، فلا يزال الله ينظر إليهما والذنوب تتحاتّ عن وجوههما
حتّى يتفرّقا ، وإنّه لن يقدر على صفة من هو هكذا.
وقال : إنّ أبي
عليهالسلام كان يقول : لن تطعم النار من يصف هذا الأمر .
__________________
سورة المجادلة
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَأَيَّدَهُمْ
بِرُوحٍ مِنْهُ).
الروح القدس مع الحجّة والأئمّة الطاهرين عليهمالسلام
٩٦٧ ـ روى
العلّامة البيّاضيّ رحمهالله في حديث ولادة الإمام الحجّة عليهالسلام الّذي ترويه حكيمة وبالإسناد عن محمّد بن عبد الله
المطهّريّ ، قال : قصدت حكيمة أسألها عن الحجّة فقالت : لمّا حضرت نرجس الولادة
قال الحسن العسكريّ عليهالسلام : اقرئي عليها «إنّا أنزلناه» فقرأت فجاوبني الجنين
بمثل قراءتي ، وسلّم عليّ ففزعت ، فقال أبو محمّد : لا تعجبين من أمر الله إنّه
منطقنا بالحكمة صغارا ويجعلنا حجّة في الأرض كبارا.
فغيّبت عنّي
نرجس ، فصرخت إليه فقال : ارجعي فستجدينها ، فرجعت فإذا بها عليها نور غشيني ،
فإذا الصبيّ ساجدا لوجهه ، رافعا إلى السماء سبّابته ، ناطقا بتوحيد ربّه ، ورسالة
نبيّه وإمامة آبائه ، إلى أن بلغ إلى نفسه ، وقال : اللهمّ أنجز لي وعدي ، وأتمم
لي أمري ، ثمّ سلّم على أبيه فتناوله ، والطير يرفرف على رأسه فصاح طيرا منها ،
فقال : احمله واحفظه وردّه إلينا بعد أربعين يوما ، فطار به ، فبكت نرجس ، فقال :
سيعود إليك كما عاد
__________________
موسى إلى امّه.
قالت حكيمة :
فما هذا الطير؟
قال : روح
القدس الموكّل بالأئمّة ، يعلّمهم فيربّيهم.
فبعد الأربعين
ردّ الغلام ، فدخلت عليه فتعجّبت ، فقال أبوه : أولاد الأنبياء والأوصياء ينشئون
بخلاف غيرهم ، وإنّ الصبي منّا إذا أتى عليه شهر كان كمن يأتي عليه سنة. قالت : فما
زلت أراه بعد كلّ أربعين إلى أن رأيته رجلا قبل موت أبيه ، فقال لي : هذا خليفتي
بعدي ، وعن قليل تفقدوني ، فاسمعي له وأطيعي ، فمضى عليهالسلام وافترق الناس كما ترى ، فو الله انّي لأراه وأسأله
فيجيبني عن مسائلي ابتداء ، وقد أخبرني البارحة بمجيئك ، وأمرني أن أخبرك بالحقّ.
قال محمّد بن
عبد الله : فو الله لقد أخبرتني بما لم يطّلع عليه إلّا الله ، فحكمت على كلامها
بصدقها ، وعلمت أنّ الله أطلعهم على ما لم يطلع عليه أحدا من خلقه.
وهذا الحديث
رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي عن حكيمة بطريقين من رجاله وفيه مغايرة قليلة أحدهما
منتهيا إلى حنظلة بن زكريا ، والاخرى إلى مارية ونسيم خادم الحسن عليهالسلام .
٩٦٨ ـ وأسند
أبو جعفر بن بابويه إلى الحسن محمّد بن صالح البزاز أنّه سمع العسكريّ عليهالسلام يقول : إنّ ابني هو القائم من بعدي تجري فيه سنن
الأنبياء من التعمير والغيبة ، حتّى تقسو قلوب الناس لطول الأمد ، فلا يثبت على
القول بها إلّا من كتب الله في قلبه الإيمان ، وأيّده بروح منه .
٩٦٩ ـ عليّ بن
إبراهيم في تفسير قوله تعالى : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي
قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ) وهم الأئمّة عليهمالسلام وأيّده بروح منه قال : قال : الروح ملك أعظم من جبرئيل
وميكائيل كان مع رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو مع الأئمّة عليهمالسلام .
٩٧٠ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن الحسين بن خالد ، عن عليّ بن موسى
__________________
الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن
عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن عليّ ، عن أبيه أمير المؤمنين
عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام أنّه قال : التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحقّ ،
المظهر للدين ، والباسط للعدل ، قال الحسن عليهالسلام : فقلت له : يا أمير المؤمنين وانّ ذلك لكائن؟
فقال عليهالسلام : اي والّذين بعث محمّدا صلىاللهعليهوآله بالنبوّة ، واصطفاه على جميع البريّة ، ولكن بعد غيبة
وحيرة ، فلا يثبت فيها على دينه إلّا المخلصون المباشرون لروح اليقين ، الّذين أخذ
الله عزوجل ميثاقهم بولايتنا ، وكتب في قلوبهم الإيمان وأيّدهم
بروح منه .
__________________
سورة الممتحنة
الآية الاولى
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا
مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ).
٩٧١ ـ روى
محمّد بن العبّاس بإسناده عن أبي الجارود زياد بن المنذر عن من سمع عليّا عليهالسلام يقول :
العجب كلّ
العجب بين جمادى ورجب ، فقام رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما هذا العجب الّذي لا
تزال تعجب منه؟
قال : ثكلتك
امّك ، وأي عجب أعجب من أموات يضربون كلّ عدوّ لله ولرسوله ولأهل بيته؟ ... وذلك
تأويل هذه الآية : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا
مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) فإذا اشتدّ القتل قلتم :
مات وهلك ، وأي
واد سلك ، وذلك تأويل هذه الآية : (ثُمَّ رَدَدْنا
لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ
وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً).
__________________
سورة الصفّ
الآية الاولى
قوله تعالى : (يُرِيدُونَ
لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْكافِرُونَ).
٩٧٢ ـ روى
العلّامة الكراجكيّ في الكنز في قوله تعالى : (يُرِيدُونَ
لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ) تأويله ما روي عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال : لو تركتم هذا الأمر ما تركه الله.
ويؤيّده ما
رواه الشيخ محمّد بن يعقوب ، بإسناده عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسن الماضي عليهالسلام ، قال : سألته عن هذه الآية قلت : (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ) قال : (يُرِيدُونَ
لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ) : ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام ، (وَاللهُ مُتِمُّ
نُورِهِ) الإمامة لقوله عزوجل : (فَآمِنُوا بِاللهِ
وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا) والنور هو الإمام.
قلت له : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ
بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِ) قال : هو الّذي أمر الله رسوله بالولاية لوصيّه
والولاية هي دين الحقّ.
قلت : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) قال : على جميع الأديان عند قيام القائم ، لقول الله
__________________
تعالى : (وَاللهُ مُتِمُّ
نُورِهِ) بولاية القائم (وَلَوْ كَرِهَ
الْكافِرُونَ) بولاية عليّ ... الحديث .
٩٧٣ ـ روى عليّ
بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى : (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا
نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ) قال : بالقائم من آل محمّد صلوات الله عليهم إذا خرج
ليظهره على الدّين كلّه حتّى لا يعبد غير الله ، وهو قوله : يملأ الأرض قسطا وعدلا
كما ملئت ظلما وجورا .
قوله سبحانه : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ
بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْمُشْرِكُونَ).
٩٧٤ ـ روى
الصدوق رحمهالله بإسناده عن أبي بصير ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : (هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) فقال : والله ما نزل تأويلها بعد ، ولا ينزل تأويلها
حتّى يخرج القائم عليهالسلام. فإذا خرج القائم لم يبق كافر بالله العظيم ولا مشرك
بالإمام إلّا كره خروجه ، حتّى لو أنّ كافرا أو مشركا في بطن صخرة لقالت : يا مؤمن
في بطني كافر ، فاكسرني واقتله .
٩٧٥ ـ روى عليّ
بن إبراهيم في تفسيره قال : (يُرِيدُونَ
لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ) قال : القائم من آل محمّد عليهمالسلام إذا خرج يظهره الله على الدّين كلّه حتّى لا يعبد غير
الله ، وهو قوله صلىاللهعليهوآله : يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت جورا وظلما .
٩٧٦ ـ روى
العلّامة البحرانيّ رحمهالله بإسناده عن عباية بن ربعيّ ، أنّه سمع أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : (هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) أظهر ذلك بعد كلّا فلا والّذي نفسي بيده حتّى لا تبقى
قرية إلّا ونودي فيها بشهادة أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله ، بكرة
وعشيّا .
٩٧٧ ـ وعنه
بإسناده من طريق العامّة ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس في قوله عزوجل : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) قال : لا يكون ذلك حتّى لا يبقى يهوديّ ولا نصرانيّ ولا
صاحب ملّة إلّا صار إلى الإسلام ، حتّى تأمن الشاة والذئب
__________________
والبقرة والأسد والإنسان والحيّة ، حتّى لا تقرض فأرة جرابا ، وحتّى توضع
الجزية ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ، وهو قوله تعالى : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ
وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) وذلك يكون عند قيام القائم عليهالسلام .
٩٧٨ ـ محمّد بن
يعقوب وبإسناده عن أبي الفضيل ، عن أبي الحسن الماضي عليهالسلام ، قلت : (هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ) قال : هو أمر الله ورسوله بالولاية لوصيّه والولاية هي
دين الحقّ ، قلت : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ) قال : يظهره على جميع الأديان عند قيام القائم عليهالسلام .
٩٧٩ ـ روى
محمّد بن العبّاس ، بإسناده عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل في كتابه : (هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).
فقال عليهالسلام : والله ما نزل تأويلها بعد ، قلت : جعلت فداك ومتى
ينزل تأويلها؟
قال : حتّى
يقوم القائم عليهالسلام إن شاء الله تعالى ، فإذا خرج القائم لم يبق كافر ولا
مشرك إلّا كره خروجه ، حتّى لو أنّ كافرا أو مشركا في بطن صخرة لقالت الصخرة : يا
مؤمن في بطني كافر أو مشرك فاقتله ، فيجيئه فيقتله .
٩٨٠ ـ روى في
المحجّة عن الحسين بن حمدان الحضينيّ وبإسناده عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد
الله جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام في حديث طويل يذكر فيه أمر القائم عليهالسلام ، قال المفضّل : يا مولاي فكيف بدو ظهوره عليهالسلام؟ قال : يا مفضّل يظهر في سنة الستّين أمره ، ويعلو ذكره
، وينادى باسمه وكنيته ونسبه ، ويكثر ذكره في أفواه المحقّين والمبطلين ليلزمهم
الحجّة بمعرفتهم به ، على أنّا قصصنا ذلك ودللنا عليه ونسبناه وسمّيناه وكنّيناه
وقلنا سميّ جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله وكنيّه لئلّا تقول الناس ما عرفنا اسما ولا كنية ولا
نسبا ، فو الله ليحقّن الإفصاح به وباسمه وكنيته على ألسنتهم حتّى ليسمّيه بعضهم
لبعض ، كلّ ذلك للزوم الحجّة عليهم ، ويظهره كما وعده جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله في قول الله عزوجل :
__________________
(هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) قال : هو قوله : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى
لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ).
فو الله يا
مفضّل ليفقدنّ الملل والأديان والآراء والاختلاف ويكون الدّين كلّه لله كما قال
تعالى : (إِنَّ الدِّينَ
عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ)
(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ
دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ)
.
٩٨١ ـ ورواه
المجلسيّ في البحار وأضاف : قال المفضّل : يا مولاي فقوله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) ما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله ظهر على الدّين كلّه؟ قال : يا مفضّل لو كان رسول الله صلىاللهعليهوآله ظهر على الدّين كلّه ما كانت مجوسيّة ولا يهوديّة ولا
صابئية ولا نصرانية ، ولا فرقة ولا خلاف ولا شكّ ولا شرك ، ولا عبدة أصنام ولا
أوثان ، ولا اللّات والعزّى ، ولا عبدة الشمس والقمر ، ولا النجوم ، ولا النار ولا
الحجارة ، وإنّما قوله : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ) في هذا اليوم وهذا المهديّ وهذه الرجعة ، وهو قوله : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ
فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) ... الحديث .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَأُخْرى
تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ).
٩٨٢ ـ روى
القمّي في تفسير قوله تعالى : (وَأُخْرى
تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ) : يعني في الدنيا بفتح القائم عليهالسلام .
__________________
سورة التغابن
الآية الاولى
قوله تعالى : (زَعَمَ الَّذِينَ
كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ
لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ).
٩٨٣ ـ روى
السيّد ابن طاوس رحمهالله قال : ذكر أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ صاحب التأريخ
، وهو من علماء الجمهور ، بإسناده :
أنّ معاوية
أقبل يوما على بني هاشم ، فقال : أنّكم تريدون أن تستحقّوا الخلافة بما استحققتم
به النبوّة ولم تجتمعا لأحد ، ولعمري إنّ حجتكم في الخلافة مشتبهة على الناس ،
إنّكم تقولون : نحن أهل بيت الله ، فما بال محلّها ونبوّته في غيرنا ، وهذه شبهة
لها تمويه ، وإنّما سمّيت الشبهة شبهة ، لأنّها تشبه الحقّ حتّى تعرف ؛ وإنّما
الخلافة تتقلّب في أحياء قريش برضى العامّة وشورى الخاصّة ، فلم يقل الناس : ليت
بني هاشم ولونا ، ولو أنّ بني هاشم ولونا لكان خيرا لنا في ديننا ودنيانا ، فلا هم
اجتمعوا عليكم ، ولا هم إذا اجتمعوا على غيركم يمنعوكم ، ولو زهدتم فيها أمس لم
تقاتلونا عليها اليوم ، وقد زعمتم أنّ لكم ملكا هاشميّا ومهديا قائما ، والمهديّ
عيسى ابن مريم ، وهذا الأمر في أيدينا حتّى نسلّمه إليه ، ولعمري لئن ملكتم ما ريح
عاد ولا صاعقة ثمود بأهلك للناس منكم ،
__________________
ثمّ سكت!!
فقام فيهم عبد
الله بن عبّاس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أمّا قولك : إنّا لا نستحقّ
الخلافة بالنبوّة ، فإذا لم نستحقّ الخلافة بالنبوّة ، فبم نستحق؟
وأمّا قولك :
إنّ النبوّة والخلافة لم تجتمعا لأحد ، فأين قول الله عزوجل : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ
إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) ، فالكتاب : النبوّة ، والحكمة : السنّة ، والملك :
الخلافة ، نحن آل إبراهيم ، أمر الله فينا وفيهم واحد ، والسنّة فينا وفيهم جارية.
وامّا قولك :
إنّ حجّتنا مشتبهة فهي والله أضوأ من الشمس ، وأنور من القمر ، وإنّك لتعلم ذلك ،
ولكن ثنى عطفك ، وصعّر خدّك ، قتلنا أخاك وجدّك وعمّك وخالك!! فلا تبك على عظام
حائلة وأرواح زائلة في الهاوية! ولا تغضبنّ لدماء أحلّها الشرك ووضعها الإسلام.
فأمّا ترك
الناس أن يجتمعوا علينا ، فما حرموا منّا أعظم ممّا حرمنا منهم ، وكلّ أمر إذا حصل
حاصله ثبت حقّه وزال باطله.
وأمّا قولك : «إنّا
زعمنا أنّ لنا ملكا مهديّا» ، فالزعم في كتاب الله شكّ ، قال الله سبحانه وتعالى :
(زَعَمَ الَّذِينَ
كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَ) فكلّ يشهد أنّ لنا ملكا لو لم يبق من الدنيا إلّا يوم
واحد ملّكه الله فيه. وأنّ لنا مهديّا لو لم يبق إلّا يوم واحد ، بعثه لأمره يملأ
الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، لا يملكون يوما إلّا ملكنا يومين ، ولا
شهرا إلّا ملكنا شهرين ، ولا حولا إلّا ملكنا حولين.
وأمّا قولك :
إنّ المهديّ عيسى ابن مريم ، فإنّما ينزل عيسى على الدجّال ، فإذا رآه ذاب كما
تذوب الشحمة ، والإمام رجل منّا يصلّي عيسى خلفه لو شئت سمّيته.
وأمّا ريح عاد
وصاعقة ثمود ، فإنّها كانتا عذابا ، وملكنا رحمة.
وأضاف السيّد
ابن طاوس قائلا : ولم يذكر أنّ معاوية أقدم على ردّ عبد الله ابن عبّاس عن هذا
الجواب .
__________________
٩٨٤ ـ وروى
السيّد ابن طاوس رحمهالله قال : فيما نذكره أيضا من كتاب محمّد بن جرير الطبريّ ،
الّذي سمّاه عيون أخبار بني هاشم ، ومناظرة عبد الله بن عبّاس لمعاوية في إثبات أمر
المهديّ.
فقال ابن عبّاس
لمعاوية ما لفظه :
أقول : إنّه
ليس حيّ من قريش يفخرون بأمر ، إلّا وإلى جانبهم من يشركهم فيه ، إلّا بني هاشم ،
فانّهم يفخرون بالنبوّة الّتي لا يشاركون فيها ولا يساوون فيها ولا يدافعون عنها ،
وأشهد أنّ الله تعالى لم يجعل من قريش محمّدا إلّا وقريش خير البريّة ، ولم يجعله
من بني هاشم إلّا وهاشم خير قريش ، ولم يجعله من بني عبد المطّلب إلّا وهم خير بني
هاشم ، ولسنا نفخر عليكم إلّا بما تفخرون به على العرب ، وهذه امّة مرحومة ، فمنها
نبيّها ومهديّها ومهديّ آخرها من أوّلها ، لأنّ بنا فتح الأمر وبنا يختم ، ولكم
ملك معجّل ولنا ملك مؤجل ، فإن يكن ملككم قبل ملكنا ، فليس بعد ملكنا ملك ، لأنّا
أهل العاقبة ، والعاقبة للمتقين .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَأَطِيعُوا اللهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ
الْمُبِينُ).
٩٨٥ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن الحسين بن نعيم الصحّاف ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن قوله : (وَأَطِيعُوا اللهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ
الْمُبِينُ) فقال : أما والله ما هلك من كان قبلكم وما هلك من هلك
حتّى يقوم قائمنا عليهالسلام إلّا في ترك ولايتنا وجحود حقّنا ، وما خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله من الدنيا حتّى الزم رقاب هذه الامّة حقّنا ، والله
يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
__________________
سورة الطلاق
الآية الاولى
قوله سبحانه : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ
يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ* وَمَنْ
يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ
اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً).
٩٨٦ ـ روى
العلّامة البرقيّ رحمهالله بإسناده عن عبد الحميد الواسطيّ قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : أصلحك الله والله لقد تركنا أسواقنا انتظارا لهذا
الأمر ، حتّى أوشك الرجل منّا يسأل في يديه ، فقال :
يا عبد الحميد
، أترى من حبس نفسه على الله لا يجعل له مخرجا؟ بلى والله ليجعلنّ الله له مخرجا ،
رحم الله عبدا حبس نفسه علينا ، رحم الله عبدا أحيا أمرنا.
قال : فقلت :
فان متّ قبل أن أدرك القائم؟
فقال : القائل
منكم : إذا أدركت القائم من آل محمّد نصرته كالمقارع معه بسيفه ، والشهيد معه له
شهادتان .
__________________
سورة الملك
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ مَتى
هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
٩٨٧ ـ روى
الشيخ الصدوق أعلى الله مقامه بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ وبروايته عن
طريق العامة ، عن عبد الرحمن بن سليط ، قال : قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : منّا اثنا عشر مهديّا ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب ،
وآخرهم التاسع من ولدي ، وهو الإمام القائم بالحقّ ، يحيي الله به الأرض بعد موتها
، ويظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه ولو كره المشركون. له غيبة يرتدّ فيها أقوام
ويثبت فيها على الدّين آخرون ، فيؤذون ويقال لهم : (مَتى هذَا الْوَعْدُ
إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أما إنّ الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة
المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله .
الآية الثانية
قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ
إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ).
٩٨٨ ـ روى
الخزّاز بإسناده عن محمّد بن عمّار ، عن أبيه ، عن جدّه عمّار ، قال : كنت مع رسول
الله صلىاللهعليهوآله في بعض غزواته وقتل عليّ عليهالسلام أصحاب الألوية وفرّق جمعهم ، وقتل عمرو بن عبد الله
الجمحيّ ، وقتل شيبة بن نافع ، أتيت رسول الله صلىاللهعليهوآله فقلت له : يا رسول الله ،
__________________
إنّ عليّا قد جاهد في الله حقّ جهاده ، فقال : لأنّه منّي وأنا منه ، وإنّه
وارث علمي وقاضي ديني ومنجز وعدي والخليفة من بعدي ، ولولاه لم يعرف المؤمن المحض
بعدي ، حربه حربي ، وحربي حرب الله ، وسلمه سلمي ، وسلمي سلم الله ، ألّا إنّه أبو
سبطيّ ، والأئمّة من صلبه ، يخرج الله تعالى الأئمّة الراشدين من صلبه ، ومنهم
مهديّ هذه الامّة.
فقلت : بأبي
وامّي يا رسول الله؟ ومن المهديّ؟
قال : يا عمّار
إنّ الله تبارك وتعالى عهد إليّ أنّه يخرج من صلب الحسين أئمّة تسعة ، والتاسع من
ولده يغيب عنهم ، وذلك قوله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ
إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) يكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم ويثبت عليها آخرون ،
فإذا كان آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ، ويقاتل
على التأويل كما قاتلت على التنزيل ، وهو سميّي ، وأشبه الناس بي.
يا عمّار سيكون
بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك فاتبّع عليّا واصحبه ، فإنّه مع الحقّ والحقّ معه.
يا عمّار إنّك
ستقاتل بعدي على صنفين الناكثين والقاسطين ، ثمّ تقتلك الفئة الباغية.
قال : يا رسول
الله أليس ذلك على رضا الله ورضاك؟
قال : نعم ،
على رضاء الله ورضاي ، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه. فلمّا كان يوم
صفّين خرج عمّار بن ياسر إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال له : يا أخا رسول الله أتأذن لي في القتال؟ فقال
: مهلا رحمك الله. فلمّا كان بعد ساعة أعاد عليه الكلام فأجابه به بمثله ، فأعاد
عليه ثالثا ، فبكى أمير المؤمنين عليهالسلام ، فنظر إليه عمّار ، فقال : يا أمير المؤمنين إنّه
اليوم الّذي وصفه لي رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فنزل أمير
المؤمنين عليهالسلام عن بغلته وعانق عمّارا وودّعه ، ثمّ قال : يا أبا
اليقظان جزاك الله عن نبيّك وعنّي خيرا ، فنعم الأخ كنت ، ونعم الصاحب كنت.
ثمّ بكى عليهالسلام وبكى عمّار ، ثمّ قال : والله يا أمير المؤمنين ما
اتّبعتك إلّا ببصيرة ، فانّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول يوم خيبر : «يا عمّار ستكون بعدي فتنة ، فإذا كان
ذلك فاتّبع عليّا وحزبه ، فإنّه مع الحقّ والحقّ معه ، وستقاتل بعدي الناكثين
والقاسطين ، فجزاك الله
خيرا يا أمير المؤمنين عن الإسلام أفضل الجزاء ، فلقد أدّيت وأبلغت ونصحت.
ثمّ ركب وركب
أمير المؤمنين عليهالسلام ، ثمّ برز إلى القتال ثمّ دعا بشربة من ماء ، فقيل : ما
معنا ماء ، فقام إليه رجل من الأنصار وسقاه شربة من لبن فشربه ، ثمّ قال : هكذا
عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن ، ثمّ حمل على
القوم فقتل ثمانية عشر نفسا ، فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه وقتل رحمهالله.
فلمّا كان في
الليل طاف أمير المؤمنين عليهالسلام في القتلى فوجد عمّارا ملقى بين القتلى ، فجعل رأسه على
فخذه ثمّ بكى عليه ، وأنشأ يقول :
ألا أيّها
الموت الّذي ليس تاركي
|
|
أرحني فقد
أفنيت كلّ خليل
|
أيا موت كم
هذا التفرّق عنوة
|
|
فلست تبقي
خلّة لخليل
|
أراك بصيرا
بالذين احبّهم
|
|
كأنّك تمضي
نحوهم بدليل
|
٩٨٩ ـ روى البحرانيّ بإسناده عن
عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهالسلام ، قال : قلت له تأويل قول الله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ
إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) فقال : إذا فقدتم إمامكم فلم تروه ، فما ذا تصنعون؟ .
٩٩٠ ـ روى عليّ
بن إبراهيم بإسناده عن فضالة بن أيّوب ، قال : سأل الرضا عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ
إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) فقال عليهالسلام : ماؤكم أبوابكم أي الأئمّة ، والأئمّة أبواب الله بينه
وبين خلقه (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ
بِماءٍ مَعِينٍ) يعني بعلم الإمام .
٩٩١ ـ محمّد بن
يعقوب ، بإسناده عن عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى بن جعفر عليهالسلام ، في قول الله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ
إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) قال : إذا غاب عنكم إمامكم ، فمن يأتيكم بإمام جديد .
٩٩٢ ـ روى
الشيخ الصدوق ، بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، في قول الله عزوجل : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ
إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) قال : هذه نزلت في
__________________
القائم عليهالسلام يقول : إن أصبح إمامكم غائبا عنكم لا تدرون أين هو ،
فمن يأتيكم بإمام ظاهر يأتيكم بأخبار السماء والأرض وحلال الله جلّ وعزّ وحرامه ،
ثمّ قال : والله ما جاء تأويل الآية ، ولا بدّ أن يجيء تأويلها .
__________________
سورة القلم
الآية الاولى
قوله تعالى : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ
آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ).
٩٩٣ ـ روى
العلّامة الكراجكيّ رحمهالله في «كنز الفوائد» بإسناده عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله : (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ
آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) يعني تكذيبه بقائم آل محمّد عليهمالسلام إذ يقول له : لسنا نعرفك ولست من ولد فاطمة ، كما قال
المشركون لمحمّد صلىاللهعليهوآله .
__________________
سورة المعارج
الآية الاولى
قوله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ
بِعَذابٍ واقِعٍ* لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ* مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ).
٩٩٤ ـ روى
محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب «الغيبة» بإسناده عن جابر ، قال : قال أبو
جعفر عليهالسلام كيف تقرءون هذه السورة؟ قال : قلت : وأيّ سورة؟ قال : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ) فقال : ليس هو سأل سائل بعذاب واقع ، وإنّما هو : سأل
سائل بعذاب واقع (كذا) ، وهذه نار تقع بالثوية ثمّ تمضي إلى كناسة بني أسد ، ثمّ
تمضي إلى ثقيف ، فلا تدع وترا لآل محمّد إلّا أحرقته .
٩٩٥ ـ وعنه
أيضا بإسناده عن صالح بن سهل ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل : (سَأَلَ سائِلٌ
بِعَذابٍ واقِعٍ) فقال : تأويلها فيما يجيء عذاب يرتفع في الثوية ، يعني
نار تنتهي إلى كناسة بني أسد حتّى تمرّ بثقيف ، لا تدع وترا لآل محمّد إلّا أحرقته
، وذلك قبل خروج القائم عليهالسلام .
٩٩٦ ـ روى عليّ
بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى : (سَأَلَ سائِلٌ
بِعَذابٍ واقِعٍ) قال :
__________________
سئل أبو جعفر عليهالسلام عن معنى هذا فقال : نار تخرج من المغرب ، وملك يسوقها
من خلفها ، حتّى يأتي من جهة دار بني سعد بن همام عند مسجدهم ، فلا تدع دارا لبني
اميّة إلّا أحرقتها وأهلها ، ولا تدع دارا فيها وتر لآل محمّد إلّا أحرقتها ، وذلك
المهديّ عليهالسلام .
الآية الثانية
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ
يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ).
٩٩٧ ـ روى ثقة
الإسلام محمّد بن يعقوب الكلينيّ قدسسره بإسناده عن عاصم بن حميد ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله : (وَالَّذِينَ
يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) قال : بخروج القائم عليهالسلام .
الآية الثالثة
قوله عزوجل : (خاشِعَةً
أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ).
٩٩٨ ـ روى شرف
الدّين النجفيّ رحمهالله بإسناده عن يحيى بن ميسر ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله عزوجل : (خاشِعَةً
أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) قال : يعني يوم خروج القائم عليهالسلام .
__________________
سورة الجنّ
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ
لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً).
٩٩٩ ـ روى
محمّد بن يعقوب رحمهالله بإسناده عن محمّد بن الفضل ، عن أبي الحسن عليهالسلام في قوله : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ
لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) قال : هم الأوصياء .
١٠٠٠ ـ وروى
عليّ بن ابراهيم بإسناده عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : المساجد الأئمّة .
١٠٠١ ـ محمّد
بن العباس بإسناده عن عيسى بن داود النجار ، عن الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام في قوله عزوجل : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ
لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) قال : سمعت أبي جعفر بن محمّد عليهالسلام يقول : هم الأوصياء الأئمّة منا واحد فواحد فلا تدعوا
إلى غيرهم فتكونوا كمن دعا مع الله أحدا ـ الحديث .
الآية الثانية
قوله تعالى : (حَتَّى إِذا رَأَوْا
ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً).
__________________
١٠٠٢ ـ قال
عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله تعالى : (حَتَّى إِذا رَأَوْا
ما يُوعَدُونَ) قال : القائم وأمير المؤمنين عليهماالسلام (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ
أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً).
الآية الثالثة
قوله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ
فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ).
الإمام المهديّ عليهالسلام ينبئ بالغيب عن الله عزوجل
١٠٠٣ ـ وعن
عليّ بن إبراهيم في قوله : (وَأَنَّهُ لَمَّا
قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ) يعني رسول الله صلىاللهعليهوآله يدعوه كناية عن الله (كادُوا) يعني قريشا (يَكُونُونَ عَلَيْهِ
لِبَداً) أي أيدا ، قوله : (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ
أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً) قال : قال : هو قول أمير المؤمنين عليهالسلام لزفر : والله يا ابن صهّاك ، لو لا عهد من رسول الله
وكتاب من الله سبق لعلمت أيّنا أضعف ناصرا وأقلّ عددا ، قال : قال : فلمّا أخبرهم
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما يكون في الرجعة ، قالوا : متى يكون هذا؟
قال الله : قل
يا محمّد : (إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ
ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً) قوله : (عالِمُ الْغَيْبِ
فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ
يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) قال : قال : يخبر الله ورسوله الّذي يرتضيه ممّا كان
قبله من الأخبار وما يكون بعده من أخبار القائم عليهالسلام والرجعة والقيامة .
١٠٠٤ ـ غيبة
الشيخ : روى جماعة عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين الشيخ الصدوق ، قال :
حدّثني أبو محمّد الحسن بن أحمد المكتّب ، قال : كنت بمدينة السلام في السنة الّتي
توفّي فيها الشيخ أبو الحسن عليّ بن محمّد السمريّ قدّس الله روحه ، فحضرته قبل
وفاته بأيّام ، فأخرج إلى الناس توقيعا نسخته :
«بسم الله
الرحمن الرحيم ـ يا عليّ بن محمّد السمريّ ، أعظم الله أجر إخوانك فيك ، فإنّك
ميّت ما بينك وبين ستّة أيّام ، فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد
__________________
وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامّة ، فلا ظهور إلّا بعد إذن الله تعالى ذكره
، وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جورا ، وسيأتي شيعتي من يدّعي
المشاهدة ، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفيانيّ والصيحة فهو كذّاب مفتر ،
ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم».
قال : فنسخنا
هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلمّا كان اليوم السادس عدنا إليه وهو يجود بنفسه ،
فقيل له : من وصيّك من بعدك؟
فقال : لله أمر
هو بالغه ، وقضى ، فهذا آخر كلام سمع منه رضي الله عنه وأرضاه .
١٠٠٥ ـ روى
العلّامة الطبرسيّ بإسناده عن زيد بن وهب الجهنيّ ، قال :
لمّا طعن الحسن
بن عليّ عليهماالسلام بالمدائن أتيته وهو متوجّع ، فقلت : ما ترى يا ابن رسول
الله فإنّ الناس متحيّرون؟
فقال عليهالسلام : أرى والله أنّ معاوية خير لي من هؤلاء يزعمون أنّهم
لي شيعة ، ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي ، وأخذوا مالي ، والله لئن آخذ من معاوية
عهدا أحقن به دمي وأومن به في أهلي ، خير من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي وأهلي.
والله لو قاتلت
معاوية لأخذوا بعنقي حتّى يدفعوني إليه سلما!
والله لئن
اسالمه وأنا عزيز ، خير من أن يقتلني وأنا أسير ، أو يمنّ عليّ فيكون سنّة على بني
هاشم آخر الدهر لمعاوية لا يزال يمنّ بها وعقبه على الحيّ منّا والميّت.
قال : قلت :
تترك يا ابن رسول الله شيعتك كالغنم ليس لها راع؟
قال : وما أصنع
يا أخا جهينة ، إنّي والله أعلم بأمر قد أدّى به إلى ثقاته ، إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال لي ذات يوم وقد رآني فرحا : يا حسن أتفرح؟ كيف بك
إذا رأيت أباك قتيلا؟ كيف بك إذا ولي هذا الأمر بنو اميّة ، وأميرها الرحب البلعوم
، الواسع الأعفاج ، يأكل ولا يشبع ، يموت وليس له في السماء ناصر ، ولا في الأرض
عاذر ، ثمّ يستولي على غربها وشرقها ، يدين له العباد ويطول ملكه ، يستنّ بسنن أهل
البدع والضلال ، ويميت الحقّ وسنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، يقسّم المال في أهل ولايته ، ويمنعه من هو أحقّ به ،
ويذلّ في
__________________
ملكه المؤمن ، ويقوى في سلطانه الفاسق ، ويجعل المال بين أنصاره دولا ،
ويتّخذ عباد الله خولا ، يدرس في سلطانه الحقّ ، ويظهر الباطل ، ويقتل من ناواه على
الحقّ ، ويدين من والاه على الباطل ، فكذلك حتّى يبعث الله رجلا في آخر الزمان
وكلب من الدهر وجهل من الناس ، يؤيّده الله بملائكته ، ويعصم أنصاره ، وينصره
بآياته ، ويظهره على أهل الأرض حتّى يدينوا طوعا وكرها ، يملأ الأرض قسطا وعدلا
ونورا وبرهانا ، يدين له عرض البلاد وطولها ، لا يبقى كافر إلّا آمن به ، ولا طالح
إلّا صلح ، وتصطلح في ملكه السباع ، وتخرج الأرض نبتها ، وتنزل السماء بركتها ،
وتظهر له الكنوز ، يملك ما بين الخافقين أربعين يوما ، فطوبى لمن أدرك أيّامه وسمع
كلامه .
١٠٠٦ ـ روى أبو
الفرج الأصبهانيّ بإسناده عن الشعبيّ ، عن سفيان بن أبي ليلى ، قال : أتيت الحسن
بن عليّ حين بايع معاوية ، فوجدته بفناء داره وعنده رهط ، فقلت : السلام عليك يا
مذلّ المؤمنين ، فقال : عليك السلام يا سفيان ، انزل ، فنزلت فعقلت راحلتي ، ثمّ
أتيته فجلست إليه ، فقال : كيف قلت يا سفيان؟ فقلت : السلام عليك يا مذلّ المؤمنين!
فقال : ما جرّ هذا منك إلينا؟ فقال : أنت والله ، بأبي أنت وامّي ، أذللت رقابنا
حين أعطيت هذا الطاغية البيعة ، وسلّمت الأمر إلى اللعين ابن اللعين ابن آكلة
الأكباد ، ومعك مائة ألف ، كلّهم يموت دونك ، وقد جمع الله لك أمر الناس.
فقال : يا
سفيان ، إنّا أهل بيت إذا علمنا الحقّ تمسّكنا به ، وإنّي سمعت عليّا يقول :
سمعت رسول الله
صلىاللهعليهوآله يقول : لا تذهب الليالي والأيّام حتّى يجتمع أمر هذه
الأمّة على رجل واسع السرم ، ضخم البلعوم ، يأكل ولا يشبع ، لا ينظر الله إليه ، ولا
يموت حتّى لا يكون له في السماء عاذر ولا في الأرض ناصر ، وانّه لمعاوية ، وإنّي
عرفت أنّ الله بالغ أمره.
ثمّ أذّن
المؤذّن ، فقمنا على حالب يحلب ناقة ، فتناول الإناء فشرب قائما ثمّ سقاني ،
فخرجنا نمشي إلى المسجد ، فقال لي :
ما جاءنا بك يا
سفيان؟ قلت : حبّكم والّذي بعث محمّدا بالهدى ودين الحقّ. قال :
فأبشر يا سفيان
، فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : يرد عليّ الحوض أهل بيتي ومن
__________________
أحبّهم من أمّتي كهاتين ـ يعني السبّابتين ـ ولو شئت لقلت :
هاتين يعني
السبّابة والوسطى ، إحداهما تفضل على الاخرى. فأبشر يا سفيان فإنّ الدنيا تسع
البرّ والفاجر حتّى يبعث الله إمام الحقّ من آل محمّد صلىاللهعليهوآله .
١٠٠٧ ـ أخبر
الإمام المهديّ صلىاللهعليهوآله عليّ بن زياد أنّه يموت سنة ثمانين فمات فيها فبعث له
كفنا .
١٠٠٨ ـ عن بدر
غلام أحمد بن الحسن ، قال : لمّا مات يزيد بن عبد الملك أوصى إليّ أن أدفع الشهري
والسمند والسيف والمنطقة إلى مولاه ، فقوّمتها في نفسي بسبعمائة دينار ، ولم أطّلع
أحدا ، فإذا الكتاب من العراق : وجّه بالسبعمائة دينار الّتي لنا قبلك عن الشهري
والسمند والسيف والمنطقة .
١٠٠٩ ـ عن أبي
القاسم ، قال : حججت في السنة الّتي أمرت القرامطة فيها بردّ الحجر إلى مكانه ،
فكان أكبر همّي مشاهدة من يضعه ، فمرضت في الطريق ، فاستنبت معروف بن هشام ،
وأعطيته رقعة أسأله فيها عن مدّة عمري.
قال معروف :
فكلّما وضعه شخص لم يستقرّ ، فوضعه شاب أسمر فاستقرّ ، وانصرف فتبعته اخراه وهو
يمشي ولم ألحقه ، فالتفت إليّ وقال : هات الرقعة ، فناولته إيّاها فقال : ـ من غير
أن ينظر فيها ـ لا عليه من هذه العلّة بأس ، وسيكون ما لا بدّ منه بعد ثلاثين سنة
، فكان كما قال .
١٠١٠ ـ قال أبو
محمّد الدعجليّ : رأيته عليهالسلام بالموقف ، فقال : يوشك أن تذهب عينك هذه بعد أربعين
يوما ، فبعد الأربعين خرج فيها قرحة فذهبت .
١٠١١ ـ حمل
أحمد بن إسحاق إلى العسكريّ عليهالسلام جرابا فيه صرر ، فالتفت عليهالسلام إلى ابنه وقال : هذه هدايا موالينا ، فقال الغلام : لا
تصلح لأنّ فيها حلالا وحراما ، فأخرجت ، ففرّق بينها وأعلم بكميّة كلّ صرّة قبل
فتحها .
__________________
١٠١٢ ـ أخبر
الإمام عليهالسلام الأسترآباديّ بأنّ معه خرقة خضرة فيها ثلاثون دينارا
منها واحد شاميّ ، فقال : هاتها ، فأخرجها فكانت كما قال .
١٠١٣ ـ قال
العمريّ : أنفذ إليّ رجل مالا فردّه ، وقال : أخرج حقّ ولد عمّك منه ، وهو
أربعمائة ، فتعجّب الرجل ، وحسب فوجد ذلك فيه ، ثمّ قبله عليهالسلام .
١٠١٤ ـ وروى
عليّ بن إبراهيم في تفسير قوله : (عالِمُ الْغَيْبِ
فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً) قال : يخبر الله رسوله الّذي يرتضيه بما كان قبله من
الأخبار ، وما يكون بعده من أخبار القائم عليهالسلام ، والرجعة ، والقيامة .
__________________
سورة المدّثّر
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ).
١٠١٥ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن معلّى بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : إنّ عليّا عليهالسلام كان عندكم فأتى بني ديوان فاشترى ثلاثة أثواب بدينار ،
القميص إلى فوق الكعب ، والإزار إلى نصف الساق ، والرداء من بين يديه إلى ثدييه ،
ومن خلفه إلى أليتيه ، ثمّ رفع يده إلى السماء فلم يزل يحمد الله على ما كساه حتّى
دخل المنزل.
ثمّ قال : هذا
اللباس والّذي ينبغي للمسلمين أن يلبسوه ، قال أبو عبد الله عليهالسلام : ولكن لا يقدرون أن يلبسوا هذا اليوم ، ولو فعلنا
لقالوا مجنون ، ولقالوا : مراء ، والله تعالى يقول : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) قال : وثيابك ارفعها ولا تجرّها ، وإذا قام قائمنا كان
على هذا اللباس .
الآية الثانية
قوله تعالى : (فَإِذا نُقِرَ فِي
النَّاقُورِ* فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ* عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ).
١٠١٦ ـ محمّد
بن يعقوب ، بإسناده عن المفضّل بن عمر : عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله عزوجل : (فَإِذا نُقِرَ فِي
النَّاقُورِ) قال : إنّ منّا إماما مظفّرا مستترا ، فإذا أراد الله عزوجل
__________________
إظهار أمره ، نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر الله تعالى .
٢ ـ الشيخ
المفيد ، عن محمّد بن يعقوب رحمهالله بإسناده عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : انّه سئل عن قول الله عزوجل : (فَإِذا نُقِرَ فِي
النَّاقُورِ) قال : إنّ منّا إماما يكون مستترا ، فإذا أراد الله
إظهار أمره ، نكت في قلبه نكتة فنهض فقام بأمر الله عزوجل.
وفي حديث آخر
عنه عليهالسلام قال : إذا نقر في اذن القائم عليهالسلام ، اذن له في القيام .
٣ ـ وروى
بإسناده عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قوله عزوجل : (فَإِذا نُقِرَ فِي
النَّاقُورِ) قال : الناقور هو النداء من السماء : ألا إنّ وليّكم
الله وفلان بن فلان القائم بالحقّ ، ينادي به جبرئيل في ثلاث ساعات من ذلك اليوم (فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ*
عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) يعني بالكافرين المرجئة الّذين كفروا بنعمة الله
وبولاية عليّ بن أبي طالب عليهالسلام .
٤ ـ الشيخ
الصدوق بإسناده عن المفضّل بن عمر ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن تفسير جابر؟ قال : لا تحدّث به السفلة فيذيعوه ، أما
تقرأ في كتاب الله عزوجل : (فَإِذا نُقِرَ فِي
النَّاقُورِ) إنّ منّا إماما مستترا ، فإذا أراد الله عزوجل إظهار أمره ، نكت في قلبه نكتة فظهر وأمر بأمر الله عزوجل .
الآية الثالثة
قوله تعالى : (وَما جَعَلْنا
أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً).
١٠١٧ ـ شرف
الدّين النجفيّ في الحديث السابق ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قوله تعالى : (وَما جَعَلْنا
أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) قال : فالنار هو القائم عليهالسلام الّذي قد أنار ضوؤه وخروجه لأهل المشرق والمغرب ،
والملائكة هم الّذين يملكون علم آل محمّد صلوات الله عليهم أجمعين.
وقوله : (وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) قال : يعني المرجئة.
__________________
وقوله : (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتابَ) قال عليهالسلام : هم الشيعة وهم أهل الكتاب ، وهم الّذين اوتوا الكتاب
والحكم والنبوّة.
وقوله تعالى : (وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً
وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) أي لا يشكّ الشيعة وهم أهل الكتاب في شيء من أمر القائم
عليهالسلام.
وقوله : (وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ
لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) قال : يعني اليوم قبل خروج القائم عليهالسلام من شاء قبل الحق وتقدّم إليه ، ومن شاء تأخّر عنه.
وقوله : (وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) قال عليهالسلام : يعني بيوم الدّين خروج القائم عليهالسلام.
ثمّ قال الله
تعالى : (كَلَّا بَلْ لا
يَخافُونَ الْآخِرَةَ) قال : هي دولة القائم عليهالسلام ... الحديث .
الآية الرابعة
قوله تعالى : (وَكُنَّا نُكَذِّبُ
بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ).
١٠١٨ ـ روى
فرات الكوفيّ ، عن أبي القاسم العلويّ معنعنا عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِما
كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) قال : نحن وشيعتنا ، وقال أبو جعفر : همّ شيعتنا أهل
البيت (فِي جَنَّاتٍ
يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ
مِنَ الْمُصَلِّينَ) يعني لم يكونوا من شيعة عليّ بن أبي طالب ؛ (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ
وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ) فذاك يوم القائم عليهالسلام ؛ وهو يوم الدّين. (وَكُنَّا نُكَذِّبُ
بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ) يوم القائم (فَما تَنْفَعُهُمْ
شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) فما ينفعهم شفاعة مخلوق ولن يشفع لهم رسول الله يوم
القيامة .
__________________
سورة الإنسان
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا
أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً).
إشاءة الأئمّة عليهمالسلام من إشاءة الله عزوجل
١٠١٩ ـ جاء
كامل المدنيّ يسأل العسكريّ عن مقالة المفوّضة ، قال : فلمّا وصلت قلت في نفسي :
أرى انّه لن يدخل الجنّة إلّا أهل المعرفة ممّن عرف معرفتي ، فخرج فتى إلينا ابن
أربع سنين ونحوها ، فقال مبتدئا باسمي : جئت تسأل عن أنّه هل يدخل الجنّة إلّا من
قال بمقالتك؟ قلت : نعم ، قال : إذا يقلّ داخلها ، والله ليدخلنّها قوم يقال لهم
الحقّية يحلفون بحقّ عليّ ولا يعرفون حقّه ، وجئت تسأل عن مقالة المفوّضة ، كذبوا
بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله ، قال : فنظر إليّ العسكريّ عليهالسلام وقال : ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك الحجّة من بعدي. وأسند
ذلك جعفر بن محمّد إلى محمّد بن أحمد الأنصاريّ ، قال أبو نعيم : وحدّثني كامل
بذلك ، ورواه أيضا أحمد بن عليّ برجاله إلى أبي نعيم .
١٠٢٠ ـ روى سعد
بن عبد الله بإسناده عن أبي الحسن الثالث عليهالسلام ، قال : انّ الله تبارك وتعالى جعل قلوب الأئمّة موردا
لإرادته ، وإذا شاء شيئا شاؤه وهو قوله : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا
أَنْ يَشاءَ اللهُ).
__________________
سورة النازعات
الآية الاولى
قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ
السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها).
١٠٢١ ـ
وبالإسناد عن المفضّل بن عمر ، قال : سألت سيّدي الصادق عليهالسلام : هل للمأمور المنتظر المهديّ عليهالسلام من وقت مؤقت يعلمه الناس؟
فقال : حاش لله
أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا.
قلت : يا سيّدي
ولم ذاك؟
قال : لأنّه هو
الساعة الّتي قال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ
السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها
لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الآية ، وهو الساعة الّتي قال الله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ
مُرْساها) وقال : (عِنْدَهُ عِلْمُ
السَّاعَةِ) ولم يقل أنّها عند أحد ، وقال : (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ
أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) وقال : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ
وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) وقال : (ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ
السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً)
(يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا
يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا
الْحَقُّ* أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي
__________________
السَّاعَةِ
لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ).
قلت : فما معنى
يمارون؟
قال : يقولون
متى ولد؟ ومن رأى؟ وأين يكون؟ ومتى يظهر؟ وكلّ ذلك استعجالا لأمر الله ، وشكّا في
قضائه ، ودخولا في قدرته ، اولئك الّذين خسروا الدنيا ، وإنّ للكافرين لشرّ مآب ...
.
١٠٢٢ ـ
النعمانيّ : عن الرضا عليهالسلام ، قيل له : متى يقوم القائم؟ قال : أمّا متى فإخبار عن
الوقت ، ولقد حدّثني أبي عن أبيه ، عن آبائه عن ، عليّ عليهمالسلام : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قيل له : متى يخرج القائم من ذرّيتك؟ فقال ، مثله مثل
الساعة لا يجلّيها لوقتها إلّا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلّا بغتة .
١٠٢٣ ـ المحجّة
فيما نزل في القائم الحجّة عليهالسلام : محمّد بن العبّاس : بإسناده عن زرارة بن أعين ، قال :
سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (هَلْ يَنْظُرُونَ
إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً) قال : هي ساعة القائم عليهالسلام تأتيهم بغتة .
١٠٢٤ ـ محمّد
بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب الغيبة ، بإسناده عن أبي الصامت ، قال : قال أبو عبد
الله جعفر بن محمّد عليهماالسلام : الليل اثنتا عشرة ساعة ، والنهار اثنتا عشرة ساعة ،
والشهور اثنا عشر شهرا ، والأئمّة اثنا عشر إماما ، والنقباء اثنا عشر نقيبا ،
وانّ عليّا عليهالسلام ساعة من اثنى عشرة ساعة ، وهو قول الله عزوجل : (بَلْ كَذَّبُوا
بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً).
__________________
سورة التكوير
الآية الاولى
قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ
بِالْخُنَّسِ* الْجَوارِ الْكُنَّسِ).
١٠٢٥ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن امّ هانئ ، قالت : لقيت أبا جعفر محمّد بن
عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فسألته عن هذه الآية : (فَلا أُقْسِمُ
بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ) فقال : امام يخنس في زمانه عند انقضاء من علمه سنة
ستّين ومائتين ، ثمّ يبدو كالشهاب الوقّاد في ظلمة الليل ، فإن أدركت ذلك قرّت
عيناك .
١٠٢٦ ـ وروى
الكلينيّ أيضا بإسناده عن محمّد بن إسحاق ، عن امّ هاني ، قالت : سألت أبا جعفر
محمّد بن عليّ عليهماالسلام عن قول الله عزوجل : (فَلا أُقْسِمُ
بِالْخُنَّسِ* الْجَوارِ الْكُنَّسِ) قالت ، فقال : إمام يخنس سنة ستين ومائتين ، ثمّ يظهر
كالشهاب يتوقّد في الليلة الظلماء ، وإذا (فإن) أدركت زمانه قرّت عينك .
تفسير للمجلسيّ
قال البيضاوي :
«بالخنّس» بالكواكب الرواجع من خنس إذا تأخّر ، وهي ما سوى
__________________
التزيّن من السيارات ، الجوار «الكنس» أي السيارات الّتي تختفي تحت ضوء
الشمس ، من كنس الوحش إذا دخل كناسته ـ انتهى .
١٠٢٧ ـ روى
محمّد بن إبراهيم النعمانيّ في كتاب الغيبة ، بإسناده عن امّ هاني ، قالت : قلت
لأبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام : ما معنى قول الله عزوجل : (فَلا أُقْسِمُ
بِالْخُنَّسِ) فقال لي : يا امّ هاني ، إمام يخنس نفسه حتّى ينقطع عن
الناس علمه سنة ستّين ومائتين ، ثمّ يبدو كالشهاب الثاقب الواقد في الليلة الظلماء
، فان أدركت ذلك الزمان قرّت عينك .
قال مؤلّف هذا
الكتاب : سنة ستّين ومائتين سنة وفاة أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ أبي القائم
عليهماالسلام.
مولد المهديّ عليهالسلام برواية ابن حمزة
١٠٢٨ ـ روى
الفقيه عماد الدّين أبو جعفر محمّد بن عليّ الطوسي المعروف بابن حمزة ، بإسناده عن
حكيمة بنت محمّد عليهالسلام في حديث طويل ، قالت :
دخلت على أبي
محمّد صلوات الله عليه ، فلمّا أردت الانصراف قال : بيّتي الليلة عندنا ، فانّه
سيولد الليلة المولود الكريم على الله عزوجل ، الّذي يحيي الله عزوجل به الأرض بعد موتها ، قلت : ممّن يا سيّدي ، ولست أرى
بنرجس شيئا من الحبل؟ قال : من نرجس لا من غيرها.
قالت : فقمت
إليها فقلّبتها ظهرا وبطنا ، فلم أر بها أثر حبل ، فعدت إليه ، فأخبرته بما فعلته
، فتبسّم ، ثمّ قال : إذا كان وقت الفجر يظهر بها الحبل ، لأنّ مثلها مثل امّ موسى
لم يظهر بها الحبل ، ولم يعلم به أحد إلى وقت ولادتها ، لأنّ فرعون كان يشقّ بطون
الحبلى في طلب موسى ، وهذا نظير موسى صلوات الله عليهما.
قالت حكيمة :
فعدت إليها وأخبرتها. قالت : وسألتها عن حالها ، فقالت : يا مولاتي ، ما أرى بي
شيئا من هذا.
قالت حكيمة :
فلم أزل أرقبها إلى وقت طلوع الفجر ، وهي نائمة بين يدي تتقلّب
__________________
جنبا إلى جنب ، حتّى إذا كان آخر الليل ، وقت طلوع الفجر ، وثبت فزعة ،
فضممتها إلى صدري وسمّيت عليها ، فقلت لها : ما حالك؟ قالت : ظهر بي الأمر الّذي
أخبرك مولاي.
فصاح أبو محمّد
عليهالسلام : اقرئي عليها : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) فأقبلت أقرأ عليها كما أمرني ، فأجابني الجنين من بطنها
يقرأ بمثل ما أقرأ وسلّم عليّ.
قالت حكيمة :
ففزعت لما سمعت ، فصاح بي أبو محمّد صلوات الله عليه : لا تعجبي من أمر الله ، إنّ
الله ينطقنا بالحكمة صغارا ، ويجعلنا حججا في أرضه كبارا ، فلم يستتمّ الكلام حتّى
غيّبت عنّي نرجس ، فلم أرها ، كأنّما ضرب بيني وبينها حجاب ، فعدوت نحو أبي محمّد
صلوات الله عليه وأنا صارخة ، فقال لي : ارجعي يا عمّة فإنّك ستجدينها في مكانها.
قالت : فرجعت ،
فلم ألبث حتّى انكشف الغطاء الّذي بيني وبينها ، وإذا أنا بها وعليها من أثر النور
ما غشي بصري ، وإذا بالصبي ساجد بوجهه ، جاث على ركبتيه ، رافع سبّابتيه نحو
السماء ، وهو يقول : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ جدّي
رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنّ أبي أمير المؤمنين ، ثمّ عدّ إماما إماما إلى أن
بلغ إلى نفسه ، ثمّ صلّى عليهم ، ثمّ قال صلوات الله عليه : اللهمّ أنجز لي ما
ودعتني ، وتمّم لي أمري ، وثبّت وطأتي ، واملأ الأرض بي عدلا وقسطا ، فصاح بي أبو
محمّد وقال : يا عمّة تناوليه وهاتيه ، فتناولته وأتيت به نحوه ، فلمّا مثّلته بين
يدي أبيه ، وهو على يدي ، سلّم على أبيه ، فتناوله منّي والطير يرفرف على رأسه ـ
الحديث .
__________________
سورة الانشقاق
الآية الاولى
قوله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ
طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ).
١٠٢٩ ـ الشيخ
الصدوق رحمهالله بإسناده عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : إنّ للقائم منّا غيبة يطول أمدها ، فقلت له :
ولم ذاك يا ابن رسول الله؟ قال عليهالسلام : لأنّ الله عزوجل أبى إلّا أن يجري فيه سنن الأنبياء عليهمالسلام في غيباتهم وإنّه لا بدّ له يا سدير من استيفاء مدد
غيباتهم ، قال الله عزوجل : (لَتَرْكَبُنَّ
طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) أي على سنن من كان قبلكم .
١٠٣٠ ـ روى
السيّد ابن طاوس رحمهالله عن نعيم بإسناده عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : ستأخذ امّتي أخذ الامم قبلها شبرا بشبر ، فقال
رجل : كما فعلت فارس والروم؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : وهل الناس إلّا أولئك؟ .
١٠٣١ ـ وروى
أيضا من كتاب الفتن للسليليّ ، بإسناده عن أبي هريرة ، أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : لا تقوم الساعة حتّى تأخذ امّتي مأخذ الامم والقرون
الماضية قبلها شبرا بشبر وذراعا بذراع ، فقال رجل : يا رسول الله كما فعلت فارس
والروم؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : وهل الناس
__________________
إلّا اولئك؟ .
١٠٣٢ ـ ورواه
السليليّ بطريق آخر : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : لتتبعنّ سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع
، حتّى لو دخلوا جحر ضبّ لاتّبعتموهم ... الحديث .
١٠٣٣ ـ روى
السيّد ابن طاوس رحمهالله عن زكريّا بإسناده عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال
رسول الله صلىاللهعليهوآله : ليأتينّ على امّتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل
بالنعل ، حتّى لو كان من أتى امّه علانية لكان في امّتي من يصنع ذلك ، وإنّ بني
إسرائيل تفرّقت على ثنتين وسبعين فرقة ، وإنّ امّتي ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة ،
كلّهم في النار إلّا ملّة واحدة ... الحديث .
١٠٣٤ ـ وروى
السيّد ابن طاوس فيما ذكره زكريّا في كتاب الفتن ، بإسناده عن كثير بن عبد الله عن
أبيه ، عن جدّه قال : كنّا قعودا حول رسول الله صلىاللهعليهوآله في مسجده بالمدينة ، فقال : لتسلكنّ سنن من كان قبلكم حذو
النعل بالنعل ، ولتأخذنّ بمثل أخذهم ، إن شبرا فشبر ، وإن ذراعا فذراع ، وإن باعا
فباع ، حتّى لو دخلوا جحر ضبّ دخلتم فيه .
١٠٣٥ ـ محمّد
بن يعقوب : بإسناده عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قوله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ
طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) قال : يا زرارة أو لم تركب هذه الامّة بعد نبيّنا طبقا
عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان؟ .
١٠٣٦ ـ
الطبرسيّ في الاحتجاج : عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، قوله : (لَتَرْكَبُنَّ
طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) أي لتسلكن سبيل من كان قبلكم من الأمم في الغدر
بالأوصياء بعد الأنبياء .
__________________
سورة البروج
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ
الْبُرُوجِ).
١٠٣٧ ـ المفيد
في كتاب الاختصاص : بإسناده عن الأصبغ بن نباتة ، قال : سمعت ابن عبّاس يقول : قال
رسول الله صلىاللهعليهوآله : ذكر الله عزوجل عبادة ، وذكري عبادة ، وذكر عليّ عبادة ، وذكر الأئمّة
من ولده عبادة ، والّذي بعثني بالنبوّة وجعلني خير البريّة ، إنّ وصيّي لأفضل
الأوصياء ، وإنّه لحجّة الله على عباده وخليفته على خلقه ، ومن ولده الأئمّة
الهداة بعدي ، بهم يحبس الله العذاب عن أهل الأرض ، وبهم يمسك السماء أن تقع على
الأرض إلّا بإذنه ، وبهم يمسك الجبال أن تميد بهم ، وبهم يسقي خلقه الغيث ، وبهم
يخرج النبات ، اولئك أولياء الله حقّا وخلفاؤه صدقا ، عدّتهم عدّة الشهور وهي اثنا
عشر شهرا ، وعدّتهم عدّة نقباء موسى بن عمران ، ثمّ تلا هذه الآية : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ). ثمّ قال : أتقدر يا ابن عبّاس إنّ الله يقسم بالسماء
ذات البروج ويعني به السماء وبروجها؟ قلت : يا رسول الله فما ذاك؟ قال : فأمّا
السماء فأنا ، وأمّا البروج فالأئمّة بعدي ، أوّلهم عليّ وآخرهم المهديّ عليهالسلام .
الآية الثانية
قوله تعالى : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ
كَيْداً* وَأَكِيدُ كَيْداً* فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ
__________________
أَمْهِلْهُمْ
رُوَيْداً).
١٠٣٨ ـ عليّ بن
إبراهيم بإسناده عن ابن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير في قوله : (فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ) قال عليهالسلام : ما له قوّة يقوى بها على خالقه ، ولا ناصر من الله
ينصره إن أراد به سوءا.
قلت : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ
كَيْداً)؟
قال : كادوا
رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وكادوا عليّا عليهالسلام ، وكادوا فاطمة عليهاالسلام ، فقال الله يا محمّد : (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ
كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ) ـ يا محمّد ـ (أَمْهِلْهُمْ
رُوَيْداً) لوقت بعث القائم عليهالسلام ، فينتقم له من الجبابرة والطواغيت من قريش وبني اميّة
وسائر الناس .
__________________
سورة الغاشية
الآية الاولى
قوله تعالى : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ
الْغاشِيَةِ* وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ* عامِلَةٌ ناصِبَةٌ).
١٠٣٩ ـ محمّد
بن يعقوب بإسناده عن سهل ، عن محمّد ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قلت : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ
الْغاشِيَةِ)؟ قال عليهالسلام : يغشاهم القائم عليهالسلام بالسيف ، قال : قلت : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
خاشِعَةٌ)؟ قال : خاشعة لا تطيق الامتناع ، قال : قلت : (عامِلَةٌ)؟ قال : عملت بغير ما أنزل الله ، قال : قلت : (ناصِبَةٌ)؟ قال : نصبت غير ولاة الإمام ، قال : قلت : (تَصْلى ناراً حامِيَةً)؟ قال : تصلى نار الحرب في الدنيا على عهد القائم عليهالسلام ، وفي الآخرة نار جهنّم .
__________________
سورة الفجر
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَالْفَجْرِ*
وَلَيالٍ عَشْرٍ* وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ* وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ).
١٠٤٠ ـ شرف
الدّين النجفيّ رحمهالله بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : قوله عزوجل : (وَالْفَجْرِ) الفجر هو القائم عليهالسلام ، (وَلَيالٍ عَشْرٍ) الأئمّة عليهمالسلام من الحسن إلى الحسن ، (وَالشَّفْعِ) أمير المؤمنين وفاطمة عليهماالسلام ، (وَالْوَتْرِ) هو الله وحده لا شريك له ، (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ) هي دولة حبتر ، فهي تسري إلى دولة القائم عليهالسلام .
الآية الثانية
قوله سبحانه : (وَجاءَ رَبُّكَ
وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا).
١٠٤١ ـ روى
الثقة الصفّار خطبة لأمير المؤمنين عليهالسلام تسمّى المخزون ، وجاء فيها :
وتخرج لهم
الأرض كنوزها ، ويقول القائم عليهالسلام ، كلوا هنيئا بما أسلفتم في الأيّام الخالية ،
فالمسلمون يومئذ أهل صواب للدين أذن لهم في الكلام ، فيومئذ تأويل هذه الآية : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا
صَفًّا).
__________________
سورة الشمس
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَالنَّهارِ إِذا
جَلَّاها).
١٠٤٢ ـ روى شرف
الدّين النجفيّ في حديث له بإسناده عن الحلبيّ ، ورواه أيضا عليّ بن الحكم ، عن
المفضّل أبي العبّاس ، عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) الشمس أمير المؤمنين ، «وضحاها» قيام القائم لأنّ الله
سبحانه قال : (وَأَنْ يُحْشَرَ
النَّاسُ ضُحًى). (وَالْقَمَرِ إِذا
تَلاها) الحسن والحسين. (وَالنَّهارِ إِذا
جَلَّاها) قال : هو قيام القائم ... الحديث .
__________________
سورة الليل
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا
يَغْشى * وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى).
١٠٤٣ ـ
وبالإسناد عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله : (وَاللَّيْلِ إِذا
يَغْشى) قال : الليل في هذا الموضع : فلان ، غشى أمير المؤمنين عليهالسلام في دولته الّتي جرت له عليه ، وأمر أمير المؤمنين عليهالسلام أن يصبر في دولتهم حتّى تنقضي.
قال : (وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) قال : النهار هو القائم منّا أهل البيت عليهمالسلام ، إذا قام غلب دولة الباطل ، والقرآن ضرب فيه الأمثال
للناس ، وخاطب نبيّه صلىاللهعليهوآله به ونحن ، فليس يعلمه غيرنا .
الآية الثانية
قوله تعالى : (فَأَنْذَرْتُكُمْ
ناراً تَلَظَّى).
١٠٤٤ ـ روى شرف
الدّين النجفيّ في معنى السورة ، قال : جاء مرفوعا عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن
يزيد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله : (وَاللَّيْلِ إِذا
يَغْشى) قال : دولة إبليس لعنه الله إلى يوم القيامة ، وهو يوم
قيام القائم عليهالسلام (وَالنَّهارِ إِذا
تَجَلَّى) وهو القائم إذا قام.
وقوله : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى) أعطى نفسه الحقّ واتّقى الباطل.
__________________
(فَسَنُيَسِّرُهُ
لِلْيُسْرى) أي الجنّة.
(وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ
وَاسْتَغْنى) يعني بنفسه عن الحقّ ، واستغنى بالباطل عن الحقّ.
(وَكَذَّبَ
بِالْحُسْنى) بولاية عليّ بن أبي طالب والأئمّة عليهمالسلام من بعده.
(فَسَنُيَسِّرُهُ
لِلْعُسْرى) يعني النار.
وأمّا قوله : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) يعني أنّ عليّا عليهالسلام هو الهدى.
(وَإِنَّ لَنا
لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى * فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) قال : القائم عليهالسلام إذا قام للغضب فيقتل من كلّ الف تسعمائة وتسع وتسعين.
(لا يَصْلاها إِلَّا
الْأَشْقَى) قال : هو عدوّ آل محمّد عليهمالسلام.
(وَسَيُجَنَّبُهَا
الْأَتْقَى) قال : ذاك أمير المؤمنين عليهالسلام وشيعته .
__________________
سورة الضحى
الآية الاولى
قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ
فَلا تَقْهَرْ).
فضل تعليم الشيعة في غيبة الإمام المهديّ عليهالسلام
١٠٤٥ ـ روى
العلّامة أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ قدسسره ، بإسناده عن أبي يعقوب يوسف بن محمّد بن زياد وأبي
الحسن عليّ بن محمّد بن سيّار ـ وكانا من الشيعة الإماميّة ـ قالا : حدّثنا أبو
محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهماالسلام ، قال : حدّثني أبي ، عن آبائه عليهمالسلام ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : أشدّ من يتم اليتيم الّذي انقطع من امّه
وأبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ، ولا يدري كيف حكمه فيما
يبتلى به من شرائع دينه ، ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا ، وهذا الجاهل
بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره ، ألا فمن هداه وأرشده وعلّمه شريعتنا
كان معنا في الرفيق (الرفيع) الأعلى.
١٠٤٦ ـ وبهذا
الإسناد عن أبي محمّد الحسن العسكريّ عليهماالسلام قال : قال عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا فأخرج ضعفاء شيعتنا من
ظلمة جهلهم إلى
__________________
نور العلم الّذي حبوناه به ، جاء يوم القيامة على رأسه تاج من نور يضيء
لجميع أهل العرصات ، وحلّة لا تقوّم لأقلّ سلك منها الدنيا بحذافيرها ، ثمّ ينادي
مناد : يا عباد الله هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل محمّد ، ألا فمن أخرجه في
الدنيا من حيرة جهله ، فليتشبّث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزهة
الجنان ، فيخرج كلّ من كان علمه في الدنيا خيرا ، أو فتح عن قلبه من الجهل قفلا ،
أو أوضح له عن شبهة .
١٠٤٧ ـ وبهذا
الإسناد عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهماالسلام ، قال : قال الحسن ابن عليّ عليهماالسلام : فضل كافل يتيم آل محمّد المنقطع عن مواليه ، الناشب
في رتبة الجهل ، يخرجه من جهله ويوضّح له ما اشتبه عليه ، على فضل كافل يتيم يطعمه
ويسقيه كفضل الشمس على السماء .
١٠٤٨ ـ وبهذا
الإسناد عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهماالسلام ، قال : قال الحسين بن عليّ عليهماالسلام : من كفل لنا يتيما قطعته عنّا محنتنا باستتارنا ،
فواساه من علومنا الّتي سقطت إليه حتّى أرشده وهداه ، قال الله عزوجل : أيّها العبد الكريم المواسي لأخيه ، أنا أولى بالكرم
منك ، اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كلّ حرف علّمه ألف ألف قصر ، وضمّوا
إليها ما يليق بها من سائر النعيم .
١٠٤٩ ـ وبهذا
الإسناد عنه عليهالسلام ، قال : قال محمّد بن عليّ الباقر عليهماالسلام : العالم كمن معه شمعة تضيء للناس ، فكلّ من أبصر
بشمعته دعا بخير ، كذلك العالم معه شمعة تزيل ظلمة الجهل والحيرة ، فكلّ من أضاءت
له فخرج بها من حيرة ، أو نجا بها من جهل ، فهو من عتقائه من النار ، والله يعوّضه
عن ذلك بكلّ شعرة لمن أعتقه ما هو أفضل له من الصدقة بمائة ألف قنطار على الوجه
الّذي أمر الله عزوجل به ، بل تلك الصدقة وبال على صاحبها ، لكن يعطيه الله
ما هو أفضل من مائة الف ركعة يصلّيها من بين يدي الكعبة .
١٠٥٠ ـ وبهذا
الإسناد عنه عليهالسلام ، قال : قال جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام : علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الّذي يلي إبليس
وعفاريته ، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا وعن أن يتسلّط عليهم إبليس وشيعته
والنواصب ، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا ، كان
__________________
أفضل ممّن جاهد الروم والترك والخزر الف الف مرّة لأنّه يدفع عن أديان
محبّينا وذلك يدفع عن أبدانهم .
١٠٥١ ـ وعنه عليهالسلام بالإسناد المتقدّم ، قال : قال موسى بن جعفر عليهماالسلام : فقيه واحد ينقذ يتيما من أيتامنا المنقطعين عنّا وعن
مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه ، أشدّ على إبليس من ألف عابد (وفي نسخة : الف
الف عابد) لأنّ العابد همّه ذات نفسه فقط ، وهذا همّه مع ذات نفسه ذوات عباد الله
وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته ، فلذلك هو أفضل عند الله من ألف عابد وألف ألف
عابدة .
١٠٥٢ ـ وعنه عليهالسلام ، قال : قال عليّ بن موسى الرضا عليهماالسلام : يقال للعابد يوم القيامة : نعم الرجل كنت همّتك ذات
نفسك وكفيت مئونتك فادخل الجنّة ، ألا إنّ الفقيه من أفاض على الناس خيره ،
وأنقذهم من أعدائهم ، ووفّر عليهم نعم جنان الله تعالى ، وحصّل لهم رضوان الله
تعالى ، ويقال للفقيه : يا أيّها الكافل لأيتام آل محمّد ، الهادي لضعفاء محبّيهم
ومواليهم ، قف حتّى تشفع لكلّ من أخذ عنك أو تعلّم منك ، فيقف فيدخل الجنّة معه
فئاما وفئاما وفئاما ـ حتّى قال عشرا ـ وهم الّذين أخذوا عنه علومه ، وأخذوا عمّن أخذ
عنه ، وعمّن أخذ عنه إلى يوم القيامة ، فانظروا كم صرف ما بين المنزلتين .
١٠٥٣ ـ وعنه عليهالسلام ، قال : قال محمّد بن عليّ الجواد عليهماالسلام : من تكفّل بأيتام آل محمّد المنقطعين عن إمامهم ،
المتحيّرين في جهلهم ، الأسارى في أيدي شياطينهم وفي أيدي النواصب من أعدائنا ،
فاستنقذهم منهم ، وأخرجهم من حيرتهم ، وقهر الشياطين بردّ وساوسهم ، وقهر الناصبين
بحجج ربّهم ودلائل أئمّتهم ، ليحفظوا عهد الله على العباد بأفضل الموانع ، بأكثر
من فضل السماء على الأرض والعرش والكرسيّ والحجب على السماء ، وفضلهم على العباد كفضل
القمر ليلة البدر على أخفى كوكب في السماء .
١٠٥٤ ـ وعنه عليهالسلام ، قال : قال عليّ بن محمّد عليهماالسلام : لو لا من يبقى بعد غيبة قائمكم عليهالسلام من العلماء الداعين إليه ، والدالّين عليه ، والذابّين
عن دينه بحجج الله ، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ
النواصب ، لما بقى أحد إلّا ارتدّ عن دين الله ،
__________________
ولكنّهم الّذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة
سكّانها ، اولئك هم الأفضلون عند الله عزوجل .
١٠٥٥ ـ وعن
الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ عليهالسلام قال : يأتي علماء شيعتنا القوّامون بضعفاء محبّينا وأهل
ولايتنا يوم القيامة والأنوار تسطع من تيجانهم ، على رأس كلّ واحد منهم تاج بهاء ،
قد انبثّت تلك الأنوار في عرصات القيامة ودورها مسيرة ثلاثمائة الف سنة ، فشعاع
تيجانهم ينبثّ فيها كلّها ، فلا يبقى هناك يتيم قد كفلوه ومن ظلمة الجهل علّموه ،
ومن حيرة التيه أخرجوه إلّا تعلّق بشعبة من أنوارهم ، فرفعتهم إلى العلوّ حتّى
تحاذى بهم فوق الجنان ، ثمّ ينزلهم على منازلهم المعدّة في جوار استاديهم
ومعلّميهم ، وبحضرة أئمّتهم الّذين كانوا إليهم يدعون ، ولا يبقى ناصب من النواصب
يصيبه من شعاع تلك التيجان إلّا عميت عينه وأصمّت اذنه وأخرس لسانه وتحوّل عليه
أشدّ من لهب النيران ، فيحملهم حتّى يدفعهم إلى الزبانية فيدعّونهم إلى سواء
الجحيم .
١٠٥٦ ـ وقال
أيضا أبو محمّد الحسن العسكريّ عليهماالسلام : إنّ محبّي آل محمّد صلىاللهعليهوآله مساكين ، مواساتهم أفضل من مواساة مساكين الفقراء ، وهم
الّذين سكنت جوارحهم وضعفت قواهم من مقاتلة أعداء الله الّذين يعيّرونهم بدينهم
ويسفّهون أحلامهم ، ألا فمن قوّاهم بفقهه وعلمه حتّى أزال مسكنتهم ، ثمّ يسلّطهم
على الأعداء الظاهرين النواصب ، وعلى الأعداء الباطنين إبليس ومردته حتّى يهزموهم
عن دين الله يذودوهم عن أولياء آل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، حوّل الله تعالى تلك المسكنة إلى شياطينهم فأعجزهم عن
إضلالهم ، قضى الله تعالى بذلك قضاء حقّا على لسان رسول الله صلىاللهعليهوآله .
١٠٥٧ ـ وقال
أبو محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهماالسلام : قال عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : من قوّى مسكينا في دينه ضعيفا في معرفته ، على ناصب
مخالف فأفحمه ، لقّنه الله تعالى يوم يدلى في قبره أن يقول : الله ربّي ، ومحمّد
نبيّي ، وعليّ وليّي ، والكعبة قبلتي ، والقرآن بهجتي وعدّتي ، والمؤمنون إخواني.
فيقول الله : أدليت بالحجّة فوجبت لك أعالي درجات الجنّة ، فيتحوّل عليه قبره أنزه
رياض الجنّة .
__________________
١٠٥٨ ـ وقال
أبو محمّد عليهالسلام : قالت فاطمة عليهاالسلام وقد اختصم إليها امرأتان فتنازعتا في شيء من أمر الدّين
، إحداهما معاندة والاخرى مؤمنة ، ففتحت على المؤمنة حجّتها فاستظهرت على المعاندة
، ففرحت فرحا شديدا ، فقالت فاطمة : إنّ فرح الملائكة باستظهارك عليها أشدّ عليها
من فرحك ، وإنّ حزن الشيطان ومردته بحزنها عنك أشدّ من حزنها ، وانّ الله عزوجل قال للملائكة : أوجبوا لفاطمة بما فتحت على هذه
المسكينة الأسيرة من الجنان ألف ألف ضعف ممّا كنت أعددت لها ، واجعلوا هذه سنّة في
كلّ من يفتح على أسير مسكين فيغلب معاندا مثل ألف ألف ما كان له معدّا من الجنان .
١٠٥٩ ـ وقال
أبو محمّد عليهماالسلام : قال الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وقد حمل إليه رجل هدية فقال له : أيّما أحبّ إليك أن
أردّ عليك بدلها عشرين ضعفا ـ يعني عشرين ألف درهم ـ أو أفتح لك بابا من العلم
تقهر فلانا الناصبيّ في قريتك ، تنقذ به ضعفاء أهل قريتك؟ إن أحسنت الاختيار جمعت
لك الأمرين ، وان أسأت الاختيار خيّرتك لتأخذ أيّهما شئت. فقال : يا ابن رسول الله
فثوابي في قهري ذلك الناصب واستنقاذي لاولئك الضعفاء من يده قدره عشرون ألف درهم؟
قال : بل أكثر من الدنيا عشرين ألف ألف مرّة. قال : يا ابن رسول الله فكيف أختار
الأدون بل أختار الأفضل ، الكلمة الّتي أقهر بها عدوّ الله وأذوده عن أوليائه.
فقال الحسن بن
عليّ عليهماالسلام : قد أحسنت الاختيار ، وعلّمه الكلمة وأعطاه عشرين ألف
درهم ، فذهب فأفحم الرجل ، فاتّصل خبره به ، فقال له حين حضر معه : يا عبد الله ما
ربح أحد مثل ربحك ، ولا اكتسب أحد من الأودّاء مثل ما اكتسبت مودّة الله أوّلا
ومودّة محمّد وعليّ ثانيا ، ومودّة الطيّبين من آلهما ثالثا ، ومودّة ملائكة الله
تعالى المقرّبين رابعا ، ومودّة إخوانك المؤمنين خامسا ، واكتسبت بعدد كلّ مؤمن
وكافر ما هو أفضل من الدنيا ألف مرّة ، فهنيئا لك هنيئا .
١٠٦٠ ـ وقال
أبو محمّد عليهماالسلام : قال جعفر بن محمّد عليهماالسلام : من كان همّه في كسر النواصب عن المساكين من شيعتنا
الموالين حميّة لنا أهل البيت ، يكسرهم عنهم ، ويكشف عن
__________________
مخازيهم ، ويبيّن عوارهم ، ويفخّم أمر محمّد وآله ، جعل الله تعالى همّة
أملاك الجنان في بناء قصوره ودوره ، يستعمل بكلّ حرف من حروف حججه على أعداء الله
أكثر من عدد أهل الدنيا أملاكا ، قوّة كلّ واحد يفضل عن حمل السماوات والأرضين ،
فكم من بناء وكم من نعمة وكم من قصور لا يعرف قدرها إلّا ربّ العالمين .
١٠٦١ ـ وقال
أبو محمّد عليهماالسلام : قال عليّ بن موسى الرضا عليهماالسلام : أفضل ما يقدّمه العالم من محبّينا وموالينا أمامه
ليوم فقره وفاقته وذلّه ومسكنته أن يغيث في الدنيا مسكينا من محبّينا من يد ناصب
عدوّ لله ولرسوله ، يقوم من قبره والملائكة صفوف من شفير قبره إلى موضع محلّه من
جنان الله ، فيحملونه على أجنحتهم يقولون له : مرحبا طوباك طوباك يا دافع الكلاب
عن الأبرار ، ويا أيّها المتعصّب للأئمّة الأخيار .
١٠٦٢ ـ وقال
أبو محمّد عليهماالسلام لبعض تلامذته ـ لمّا اجتمع إليه قوم من مواليه
والمحبّين لآل محمّد رسول الله بحضرته ، وقالوا : يا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله إنّ لنا جارا من النصّاب يؤذينا ويحتجّ علينا في تفضيل
الأوّل والثاني والثالث على أمير المؤمنين عليهالسلام ، ويورد علينا حججا لا ندري كيف الجواب عنها والخروج
منها.
قال : مرّ
بهؤلاء إذا كانوا مجتمعين يتكلّمون فتستمع عليهم ، فسيستدعون منك الكلام ، فتكلّم
وأفحم صاحبهم واكسر عربه ، وفلّ حدّه ، ولا تبق له باقية.
فذهب الرجل
وحضر الموضع وحضروا وكلّم الرجل فأفحمه وصيّره لا يدري في السماء هو أو في الأرض.
قالوا : ووقع
علينا من الفرح والسرور ما لا يعلمه إلّا الله تعالى ، وعلى الرجل والمتعصّبين له
من الغمّ والحزن مثل ما لحقنا من السرور.
فلمّا رجعنا
إلى الإمام ، قال لنا : إنّ الّذين في السماوات لحقهم من الفرح والطرب بكسر هذا
العدوّ لله كان أكثر ممّا كان بحضرتكم ، والّذي كان بحضرة إبليس وعتاة مردته من
الشياطين من الحزن والغمّ أشدّ ممّا كان بحضرتهم ، ولقد صلّى على هذا العبد الكاسر
__________________
له ملائكة السماء والحجب والعرش والكرسي ، وقابلها الله تعالى بالإجابة ،
فأكرم إيابه وعظّم ثوابه ، ولقد لعنت تلك الأملاك عدوّ الله المكسورة ، وقابلها
الله بالإجابة فشدّد حسابه وأطال عذابه .
__________________
سورة القدر
الآية الاولى
قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ
رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ).
مقدّرات السنة تتنزّل على أئمّة أهل البيت عليهمالسلام
١٠٦٣ ـ محمّد
بن العبّاس رحمهالله بإسناده عن أبي يحيى الصنعانيّ ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سمعته يقول : قال لي أبي محمّد عليهالسلام : قرأ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) وعنده الحسن والحسين عليهماالسلام ، فقال له الحسين : يا أبتاه كأنّ بها من فيك حلاوة ،
فقال له : يا ابن رسول الله وابني ، إنّي أعلم فيها ما لا تعلم ، انّها لمّا انزلت
بعث إليّ جدّك رسول الله صلىاللهعليهوآله فقرأها عليّ ، ثمّ ضرب على كتفي الأيمن وقال : يا أخي
ووصيّي ووليّي على امّتي بعدي وحرب أعدائي إلى يوم يبعثون ، هذه السورة لك من بعدي
ولولدك من بعدك ، إنّ جبرئيل أخي عليهالسلام من الملائكة أحدث إليّ أحداث امّتي في سنتها ، والله
وإنّه ليحدث ذلك إليك كأحداث النبوّة ، ولها نور ساطع في قلبك وقلوب أوصيائك إلى
مطلع فجر القائم عليهالسلام .
__________________
١٠٦٤ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن أبي جعفر الثاني ، عن أبيه ، عن آبائه عليهمالسلام : أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال : سمعت رسول
الله صلىاللهعليهوآله يقول لأصحابه : آمنوا بليلة القدر ، إنّها تكون لعليّ
بن أبي طالب وولده الأحد عشر من بعده .
١٠٦٥ ـ روى
الثقة الصفّار رحمهالله بإسناده عن داود بن فرقد ، قال : سألته عن قول الله عزوجل : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) قال : نزل فيها ما يكون من السنة الى السنة من موت أو
مولد ، قلت له : الى من؟ فقال : إلى من عسى أن يكون؟ إنّ الناس في تلك الليلة في
صلاة ودعاء ومسئلة ، وصاحب هذا الأمر في شغل تنزّل الملائكة اليه بأمور السنة من
غروب الشمس الى طلوعها من كل أمر ، سلام هي له الى أن يطلع الفجر .
١٠٦٦ ـ وروى
بالإسناد عن عبد الله بن سنان ، قال : سألته من النصف من شعبان ، فقال : ما عندي
فيه شيء ، ولكن إذا كانت ليلة تسع عشر من شهر رمضان قسّم فيها الأرزاق ، وكتب فيها
الآجال ، وخرج فيها صكاك الحاجّ ، واطلع الله إلى عباده فغفر الله لهم إلّا شارب
الخمر ، فإذا كانت ليلة ثلاثة وعشرين فيها يرق كل أمر حكيم ، ثم ينهي ذلك ويمضي.
قال : قلت : الى من؟ قال : الى صاحبكم ، ولو لا ذلك لم يعلم .
١٠٦٧ ـ روى
بالإسناد عن ابن أبي عمير ، عمّن رواه عن هشام ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : قول الله تعالى في كتابه : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ).
قال : تلك ليلة
القدر يكتب فيها وفد الحاجّ وما يكون فيها من طاعة أو معصية أو موت أو حياة ،
ويحدث الله في الليل والنهار ما يشاء ، ثمّ يلقيه إلى صاحب الأرض.
قال الحرث بن
المغيرة البصري : قلت : ومن صاحب الأرض.
قال صاحبكم .
١٠٦٨ ـ وروى
بالإسناد عن أبي الهذيل ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال ، قال : يا أبا الهذيل إنا لا يخفى علينا ليلة
القدر ، إنّ الملائكة يطوفون بنا فيها .
__________________
١٠٦٩ ـ وروى
بإسناده عن بريدة ، قال :
كنت جالسا مع
رسول الله صلىاللهعليهوآله وعليّ عليهالسلام معه ، إذ قال : يا عليّ ألم أشهدك معي سبعة مواطن :
الموطن الخامس ليلة القدر خصّصنا ببركتها ليست لغيرنا .
١٠٧٠ ـ وروى
بالإسناد عن الحسن بن العبّاس بن الحريش ، قال : عرضت هذا الكتاب على أبي جعفر عليهالسلام فأقرّ به قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام :
قال عليّ عليهالسلام في صبح أوّل ليلة القدر الّتي كانت بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله : سلوني فو الله لأخبرنّكم بما يكون إلى ثلاثمائة وستين
يوما ، من الذرّ فما دونها فما فوقها ، ثمّ لأخبرنّكم بشيء من ذلك لا بتكلّف ولا
برأي ولا بادّعاء في علم إلّا من علم الله وتعليمه ، والله لا يسألني أهل التوراة
ولا أهل الانجيل ولا أهل الزبور ولا أهل الفرقان ، إلّا فرّقت بين كلّ أهل كتاب
بحكم ما في كتابهم.
قال : قلت لأبي
عبد الله عليهالسلام : أرأيت ما تعلمونه في ليلة القدر ، هل تمضي تلك السنة
وبقي منه شيء لم تتكلّموا به؟ قال لا والّذي نفسي بيده ، لو أنّه فيما علمنا في
تلك السنة : أن أنصتوا لأعدائكم ، لنصتنا ، فالنصت أشدّ من الكلام .
١٠٧١ ـ وروى
بالإسناد عن عمر بن يزيد ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أرأيت من لم يقرّ بما يأتكم في ليلة القدر كما ذكر ولم
يجحده؟
قال : أما إذا
قامت عليه الحجّة من يثق به في علمنا فلم يثق به ، فهو كافر ، وأمّا من لم يسمع
ذلك ، فهو في عذر حتى يسمع.
ثمّ قال عليهالسلام : يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين .
١٠٧٢ ـ وروى
الثقة الصفّار رحمهالله بإسناده عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : لمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله هبط جبرئيل ومعه الملائكة والروح الّذين كانوا يهبطون
في ليلة القدر ، قال : ففتح لأمير المؤمنين عليهالسلام بصره ، فرآهم في منتهى السماوات إلى الأرض يغسلون
النّبي صلىاللهعليهوآله معه ويصلّون معه عليه ويحفرون له ، والله ما حفر له
غيرهم ، حتّى إذا
__________________
وضع في قبره نزلوا مع من نزل فوضعوه ، فتكلّم وفتح لأمير المؤمنين عليهالسلام سمعه ، فسمعه يوصيهم به فبكى ، وسمعهم يقولون : لا
نألوه جهدا ، وإنّما هو صاحبنا بعدك إلّا أنّه ليس يعايننا ببصره بعد مرّتنا هذه.
حتّى إذا مات
أمير المؤمنين عليهالسلام رأى الحسن والحسين مثل ذلك الّذي رأى ، ورأيا النّبيّ صلىاللهعليهوآله أيضا يعين الملائكة مثل الّذي صنعوه بالنّبيّ ، حتى إذا
مات الحسن رأى منه الحسين مثل ذلك ، ورأى النبيّ صلىاللهعليهوآله وعليّا عليهالسلام يعينان الملائكة ، حتّى إذا مات الحسين رأى عليّ بن
الحسين منه مثل ذلك ، ورأى النّبيّ صلىاللهعليهوآله وعليّا والحسن يعينون الملائكة ، حتى إذا مات عليّ بن
الحسين رأى محمّد بن عليّ عليهالسلام مثل ذلك ، ورأى جعفر مثل ذلك ورأى النبيّ صلىاللهعليهوآله وعليّا عليهالسلام والحسن والحسين وعليّ بن الحسين يعينون الملائكة ، حتى
إذا مات جعفر ، رأى موسى منه مثل ذلك ، هكذا يجري إلى آخرها .
١٠٧٣ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال :
قال الله عزوجل في ليلة القدر : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ
أَمْرٍ حَكِيمٍ) يقول : ينزل فيها كل أمر حكيم ، والمحكم ليس بشيئين ،
إنّما هو شيء واحد ، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف ، فحكمه من حكم الله عزوجل ، ومن حكم بأمر فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب ، فقد حكم
بحكم الطاغوت ، إنّه لينزل في ليلة القدر إلى وليّ الأمر تفسير الأمور سنة سنة ،
يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا ، وفي أمر الناس بكذا وكذا ، وإنّه ليحدث لوليّ
الأمر سوى ذلك كل يوم علم الله عزوجل الخاصّ والمكنون العجيب المخزون مثل ما ينزل في تلك
السنة من الأمر ، ثمّ قرأ : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي
الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ
أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
١٠٧٤ ـ روى
عليّ بن إبراهيم القمّي في قوله : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) قال : فهو القرآن أنزل إلى البيت المعمور في ليلة القدر
جملة واحدة ، وعلى رسول الله صلىاللهعليهوآله في طول ثلاث وعشرين سنة.
(وَما أَدْراكَ ما
لَيْلَةُ الْقَدْرِ) ومعنى ليلة القدر أنّ الله يقدّر فيها الآجال والأرزاق
وكلّ
__________________
أمر يحدث من موت أو حياة أو خصب أو جدب أو خير أو شرّ ، كما قال الله :
(فِيها يُفْرَقُ كُلُّ
أَمْرٍ حَكِيمٍ) إلى سنة.
قوله : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ
فِيها) قال : تنزّل الملائكة وروح القدس على إمام الزمان
ويدفعون إليه ما قد كتبوه من هذه الأمور :
قوله : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ
شَهْرٍ) قال : رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله في نومه كأنّ قردة يصعدون منبره ، فغمّه ذلك ، فأنزل
الله ، (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) تملكه بنو أميّة ليس فيها ليلة القدر. قوله (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ) قال : تحيّة يحيّا بها الإمام إلى أن يطلع الفجر. وقيل
لأبي جعفر عليهالسلام : تعرفون ليلة القدر؟ فقال : وكيف لا نعرف والملائكة
تطوف بنا فيها .
١٠٧٥ ـ وروى
القمّيّ بإسناده عن حمران ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عمّا يفرق في ليلة القدر ، هل هو ما يقدّر الله فيها؟
قال : لا توصف
قدرة الله إلّا أنّه قال : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ
أَمْرٍ حَكِيمٍ) فكيف يكون حكيما إلّا ما فرق ، ولا توصف قدرة الله
سبحانه لأنّه يحدث ما يشاء ، وأمّا قوله : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) يعني فاطمة عليهاالسلام.
وقوله : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ
فِيها) والملائكة في هذا الموضع المؤمنون الّذين يملكون علم آل
محمّد عليهمالسلام : والروح روح القدس ، وهو في فاطمة عليهاالسلام (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ
سَلامٌ) يعني من كلّ أمر مسلمة (حَتَّى مَطْلَعِ
الْفَجْرِ) يعني حتّى يقوم القائم عليهالسلام .
١٠٧٦ ـ روي
العلّامة البحرانيّ رحمهالله بالإسناد عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : كان عليّ بن الحسين صلوات الله عليه يقول : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ
الْقَدْرِ) صدق الله عزوجل أنزل القرآن في ليلة القدر (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا أدري ، قال الله عزوجل :
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) ليس فيها ليلة القدر ، قال لرسول الله صلىاللهعليهوآله : وهل تدري لم هي خير من ألف شهر؟ قال : لا ، قال :
لأنّها (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ
فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) وإذا أذن الله عزوجل بشيء
__________________
فقد رضيه (سَلامٌ هِيَ حَتَّى
مَطْلَعِ الْفَجْرِ) يقول تسلّم عليك يا محمّد ملائكتي وروحي بسلامي من أوّل
ما يهبطون إلى مطلع الفجر.
ثمّ قال في بعض
كتابه : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً
لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) في إنّا أنزلناه في ليلة القدر ، وقال في بعض كتابه :
(وَما مُحَمَّدٌ
إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ
عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ
شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) يقول في الآية الاولى : إنّ محمّدا حين يموت يقول أهل
الخلاف لأمر الله عزوجل : مضت ليلة القدر مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فهذه فتنة أصابتهم خاصّة ، وبها ارتدّوا على أعقابهم
، لأنّهم إن قالوا لم تذهب ، فلا بدّ أن يكون لله عزوجل فيها أمر ، وإذا أقرّوا بالأمر لم يكن له من صاحب بدّ .
١٠٧٧ ـ وعن أبي
جعفر عليهالسلام ، قال : لقد خلق الله جلّ ذكره ليلة القدر أوّل ما خلق
الدنيا ، ولقد خلق فيها أوّل نبيّ يكون وأوّل وصيّ يكون ، ولقد قضى أن يكون في كلّ
سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الامور إلى مثلها من السنة المقبلة ، من جحد ذلك فقد
ردّ على الله عزوجل علمه لأنّه لا يقوم الأنبياء والرسل والمحدّثون إلّا أن
يكون عليهم حجّة بما يأتيهم في تلك الليلة مع الحجّة الّتي يأتيهم بها جبرئيل.
قلت :
والمحدّثون أيضا يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة؟
قال : أمّا
الأنبياء والرسل صلّى الله عليهم ، فلا شكّ ولا بدّ لمن سواهم من يوم خلقت الأرض
فيه إلى آخر فناء الدنيا أن يكون على ظهر الأرض حجّة ينزل ذلك في تلك الليلة إلى
من أحبّ من عباده ، وأيم الله لقد نزل الروح والملائكة بالأمر في ليلة القدر على
آدم ، وأيم الله ما مات آدم إلّا وله وصيّ ، وكلّ من بعد آدم من الأنبياء قد أتاه
الأمر فيها ووضع لوصيّه من بعده ، وأيم الله إن كان النّبي ليؤمر فيما يأتيه من
الأمر في تلك الليلة من آدم إلى محمّد صلىاللهعليهوآله أن أوص إلى فلان.
ولقد قال الله عزوجل في كتابه لولاة الأمر من بعد محمّد صلىاللهعليهوآله خاصّة : (وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ
__________________
آمَنُوا
مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ـ إلى قوله ـ (فَأُولئِكَ هُمُ
الْفاسِقُونَ).
يقول :
أستخلفكم لعلمي وديني وعبادتي بعد نبيّكم كما استخلف وصاة آدم من بعده حتّى يبعث
النّبي الّذي يليه (يَعْبُدُونَنِي لا
يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) يقول : يعبدونني بالايمان لا نبي بعد محمّد صلىاللهعليهوآله ، فمن قال غير ذلك (فَأُولئِكَ هُمُ
الْفاسِقُونَ) ، فقد مكّن ولاة الأمر بعد محمّد صلىاللهعليهوآله بالعلم ونحن هم ، فاسألونا فإن صدّقناكم فأقرّوا وما
أنتم بفاعلين.
أمّا علمنا
فظاهر ، وأمّا ابان أجلنا الّذي يظهر فيه الدّين منّا حتّى لا يكون بين الناس
اختلاف ، فإنّ له أجلا من ممرّ الليالي والأيّام ، إذا أتى ظهر وكان الأمر واحدا.
وأيم الله لقد قضي الأمر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف ، ولذلك جعلهم شهداء على
الناس ليشهد محمّد صلىاللهعليهوآله علينا ، ولنشهد على شيعتنا ، وليشهد شيعتنا على الناس.
أبى الله عزوجل أن يكون في حكمه اختلاف ، أو بين أهل علمه تناقض.
ثمّ قال أبو
جعفر عليهالسلام : فضل إيمان المؤمن بحمله إنّا أنزلناه وتفسيرها على من
ليس مثله في الإيمان بها ، كفضل الإنسان على البهائم ، وإنّ الله عزوجل ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا نكال
عذاب الآخرة لمن علم أنّه لا يتوب منهم ما يدفع بالمجاهدين على القاعدين ، ولا
أعلم أنّ في هذا الزمان جهادا إلّا الحجّ والعمرة والجوار.
قال : وقال رجل
لأبي جعفر عليهالسلام : يا ابن رسول الله لا تغضب عليّ ، قال : لما ذا؟ قال :
لما أريد أن أسألك عنه ، قال : قل ، قال : ولا تغضب؟ قال : ولا أغضب.
قال : أرأيت
قولك في ليلة القدر وتنزّل الملائكة والروح فيها إلى الأوصياء يأتونهم بأمر لم يكن
رسول الله صلىاللهعليهوآله قد علمه ، وقد علمت أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله مات وليس من علمه شيء إلّا وعليّ عليهالسلام له واع.
قال أبو جعفر عليهالسلام : ما لي ولك أيّها الرجل ومن أدخلك عليّ؟!
قال : أدخلني
عليك القضاء لطلب الدّين.
قال : فافهم ما
أقول لك : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا أسري به ولم يهبط حتّى أعلمه الله جلّ
__________________
ذكره علم ما قد كان وما سيكون ، وكان كثيرا من علم ذلك جملا يأتي تفسيرها
في ليلة القدر ، وكذلك كان عليّ بن أبي طالب عليهالسلام قد علم جمل العلم ويأتي تفسيره في ليالي القدر ، كما
كان مع رسول الله صلىاللهعليهوآله.
قال السائل :
أو ما كان في الجمل تفسيره؟
قال : بلى ،
ولكنّه إنّما يأتي بالأمر من الله تبارك وتعالى في ليالي القدر إلى النّبيّ صلىاللهعليهوآله وإلى الأوصياء : افعل كذا وكذا ، لأمر قد كانوا علموه
امروا كيف يعملون فيه.
قلت : فسّر لي
هذا.
قال : لم يمت
رسول الله صلىاللهعليهوآله إلّا حافظا لجملة العلم وتفسيره.
قلت : فالذي
كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو؟
قال : الأمر
واليسر فيما كان قد علم.
قال السائل :
فيما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا؟
قال : هذا مما
امروا بكتمانه ، ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلّا الله عزوجل.
قال السائل :
فهل يعلم الأوصياء ما لا يعلم الأنبياء؟
قال : لا ، قال
: وكيف يعلم وصيّ غير علم أوصي إليه؟
قال السائل :
فهل يسعنا أن نقول أنّ أحدا من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟
قال : لا ، لم
يمت نبيّ إلّا وعلمه في جوف وصيّه ، وإنّما تنزّل الملائكة والروح في ليلة القدر
بالحكم الّذي يحكم به بين العباد.
قال السائل :
وما كانوا علموا بذلك الحكم؟
قال : بلى قد
علموه ، ولكنّهم لا يستطيعون إمضاء شيء منه حتّى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون
إلى السنة المقبلة.
قال السائل :
يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا؟
قال أبو جعفر عليهالسلام : من أنكره فليس منّا!
قال السائل :
يا أبا جعفر ، أرأيت النبيّ ، هل كان يأتيه في ليالي القدر شيء لم يكن علمه؟
قال : لا يحلّ لك
أن تسأل عن هذا ، أمّا علم ما كان وما يكون ، فليس يموت نبيّ ولا وصيّ إلّا
والوصيّ الّذي بعده يعلمه ، أمّا هذا العلم الّذي تسأل عنه ، فإنّ الله عزوجل أبى أن يطلع الأوصياء عليه إلّا أنفسهم.
قال السائل :
يا ابن رسول الله ، كيف أعرف أنّ ليلة القدر تكون في كلّ سنة؟
قال : إذا أتى
شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كلّ ليلة مائة مرّة ، فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين ،
فانّك ناظر إلى تصديق الّذي سألت عنه.
قال : وقال أبو
جعفر عليهالسلام : لما ترون من بعثه الله عزوجل للشقاء على أهل الضلالة من أجناد الشياطين وأرواحهم
أكثر ممّا ترون مع خليفة الله الّذي بعثه للعدل والصواب من الملائكة.
قيل : يا أبا
جعفر ، وكيف يكون شيء أكثر من الملائكة؟
قال : كما يشاء
الله عزوجل.
قال السائل :
يا أبا جعفر ، إنّي لو حدّثت بعض أصحابنا الشيعة بهذا الحديث لأنكروه.
قال : كيف
ينكرونه؟
قال : يقولون :
إنّ الملائكة أكثر من الشياطين.
قال : صدقت ،
افهم عنّي ما أقول لك ، إنّه ليس من يوم ولا ليلة إلّا وجميع الجنّ والشياطين تزور
أئمّة الضلالة ، وتزور أئمّة الهدى عددهم من الملائكة ، حتّى إذا أتت ليلة القدر
فيهبط فيها من الملائكة إلى وليّ الأمر خلق الله ، أو قال : قيّض الله عزوجل من الشياطين بعددهم ، ثمّ زاروا وليّ الضلالة فأتوه
بالإفك والكذب ، حتّى لعلّه يصبح فيقول : رأيت كذا وكذا ، فلو سئل وليّ الأمر عن
ذلك ، لقال رأيت شيطانا أخبرك بكذا وكذا ، حتّى يفسّر له تفسيرا ويعلمه الضلالة
الّتي هو عليها.
وأيم الله إنّ
من صدّق بليلة القدر ليعلم أنّها لنا خاصّة ، لقول رسول الله صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام حين دنا موته : هذا وليّكم من بعدي ، فإن أطعتموه رشدتم
، ولكنّ من لا يؤمن بما في ليلة القدر منكر ، ومن آمن بليلة القدر ممّن على غير
رأينا فإنّه لا يسعه في الصدق إلّا أن يقول انّها لنا ، ومن لم يقل فإنّه كاذب ،
إنّ الله عزوجل أعظم من أن ينزّل الأمر مع الروح
والملائكة إلى كافر فاسق ، فإن قال إنّه ينزل إلى الخليفة الّذي هو عليها ،
فليس قولهم ذلك بشيء ، وإن قالوا : إنّه ليس ينزل إلى أحد فلا يكون أن ينزل شيء
إلى غير شيء ، وان قالوا وسيقولون : ليس هذا بشيء ، فقد ضلّوا ضلالا بعيدا .
نزول الملائكة على الأئمّة عليهمالسلام في كلّ عام
١٠٧٨ ـ روى أبو
القاسم عليّ بن محمّد الخزّاز القمّي الرازي من علماء القرن الرابع بإسناده من
طريق العامّة ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ ، عن آبائه عليهمالسلام : أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال لعبد الله بن
العبّاس : إنّ ليلة القدر في كلّ سنة ، وإنّه تتنزل في تلك الليلة أمر السنة ،
ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال ابن عبّاس : من هم؟ قال : أنا وأحد عشر من صلبي
أئمّة محدّثون .
١٠٧٩ ـ روى سعد
بن عبد الله ، بإسناده عن أبي بصير ، قال : كنت مع أبي عبد الله عليهالسلام فذكر شيئا من أمر الإمام إذا ولد ، فقال : استوجب زيادة
الروح في ليلة القدر ، فقلت له : جعلت فداك ، أليس الروح جبرئيل؟ فقال جبرئيل من
الملائكة ، والروح أعظم من الملائكة ، أليس أنّ الله عزوجل يقول : (تَنَزَّلُ
الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ).
١٠٨٠ ـ وعن أبي
جعفر عليهالسلام ، قال : يا معشر الشيعة خاصموا بسورة (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ
الْقَدْرِ) تفلجوا ، فو الله إنّها لحجّة الله تبارك وتعالى على
الخلق بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله وإنّها لسيّدة دينكم ، وإنّها لغاية علمنا ، يا معاشر
الشيعة خاصموا ب (حم وَالْكِتابِ
الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا
مُنْذِرِينَ) فإنّها لولاة الأمر خاصّة بعد رسول الله. يا معشر
الشيعة يقول الله : (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ
إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ). قيل : يا أبا جعفر عليهالسلام نذيرها رسول الله صلىاللهعليهوآله (محمّد)؟ فقال : صدقت ، فهل كان نذيرا وهو خلوّ (حيّ) من البعثة في أقطار
الأرض ، فقال السائل : لا ، قال أبو جعفر : أرأيت بعيثه أليس نذيره كما ان رسول
الله في
__________________
بعثته من الله نذير؟ فقال : بلى ، قال : فكذلك لم يمت محمّد إلّا وله بعيث
نذير.
قال : فإن قلت
لا فقد ضيّع الله من في أصلاب الرجال من أمته.
قال : وما
يكفيهم القرآن؟
قال : بلى ، إن
وجدوا له مفسّرا.
قال : وما فسّر
رسول الله؟
قال : بلى ، قد
فسّره لرجل واحد ، وفسّر للأمة شأن ذلك الرجل هو عليّ بن أبي طالب عليهالسلام.
قال السائل :
يا أبا جعفر ، كان هذا أمر خاصّ لا يحتمله العامّة؟
قال : أبى الله
أن يعبد إلّا سرّا حتّى يأتي أبان أجله الّذي يظهر فيه دينه ، كما انّه كان رسول
الله صلىاللهعليهوآله مع خديجة عليهاالسلام مستترا حتّى أمره بالاعلان.
قال السائل :
فينبغي لصاحب هذا الدّين أن يكتم؟
قال : أو ما
كتم عليّ بن أبي طالب يوم أسلم مع رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى أظهر أمره؟
قال : بلى ،
قال : فكذلك أمرنا حتّى يبلغ الكتاب أجله .
١٠٨١ ـ وعنه
بإسناده عن داود بن فرقد ، قال : حدّثني يعقوب :
قال : سمعت
رجلا يسأل أبا عبد الله عليهالسلام عن ليلة القدر ، فقال : أخبرني عن ليلة القدر كانت أو
تكون في كل عام؟
فقال : أبو عبد
الله عليهالسلام : لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن .
١٠٨٢ ـ روى
الكراجكيّ رحمهالله بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله عزوجل : (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ
شَهْرٍ) قال : هي ملك بني أميّة. قال : وقوله : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ
فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ) أي من عند ربّهم على محمّد وآل محمّد (مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ).
١٠٨٣ ـ روى
عليّ بن إبراهيم في معنى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) فهو القرآن أنزل إلى البيت المعمور في ليلة القدر جملة
واحدة ، وعلى رسول الله صلىاللهعليهوآله في
__________________
طول عشرين سنة ، (وَما أَدْراكَ ما
لَيْلَةُ الْقَدْرِ) ومعنى ليلة القدر أنّ الله تعالى يقدّر فيها الآجال
والأرزاق وكلّ أمر يحدث من موت أو حيوة أو خصب أو جدب أو خير أو شرّ كما قال الله
: (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ
أَمْرٍ حَكِيمٍ) إلى سنة.
قوله : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ
فِيها) قال ، قال : تنزّل الملائكة وروح القدس على إمام الزمان
، ويدفعون اليه ما قد كتبوه من هذه الأمور ... إلى أن قال :
وقيل لأبي جعفر
عليهالسلام : تعرفون ليلة القدر؟
فقال : وكيف لا
نعرف والملائكة تطوف بنا فيها .
نتيجة وفائدة مهمّة
أولا : اتّفق
علماء القرآن والمفسّرون قاطبة أنّ الآية : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ
رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) غير منسوخة ، وأنّ حكّمها جار مع دوام القرآن إلى يوم
القيامة.
ثانيا : اتّفق
علماء التفسير والمحدّثون كافة في تفسير الآية : أنّ الملائكة والروح كانت تنزل
على النبيّ صلىاللهعليهوآله بمقدّرات العالم كلّه من خير أو شر ، أو حياة وممات ،
أو يسر وعسر ، ومن كلّ أمر في ليلة القدر من كلّ سنة ، ولذا كان النبيّ صلىاللهعليهوآله يأمر المسلمين باحياء ليالي القدر بالصلاة والدعاء والتضرّع
إلى الله عزوجل.
ثالثا : تواترت
الأخبار عن أئمّتنا الأطهار وخلفاء رسول الله صلىاللهعليهوآله الاثني عشر ، في صحاحنا أنّ الملائكة والروح تتنزّل
عليهم بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآله في كلّ عام ، فبعد النبيّ صلىاللهعليهوآله تنزّلت على وصيّه وخليفته من بعده إمام الحقّ ، وقائد
الخلق أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، ومن بعده على وصيّه بالحقّ الإمام الحسن بن عليّ
السبط عليهالسلام ، ومن بعده على أخيه إمام الحقّ الحسين بن عليّ الشهيد عليهالسلام ، ومن بعده على وصيّه زين العابدين وسيّد الساجدين إمام
الحقّ عليّ بن الحسين عليهالسلام ، ومن بعده على وصيّه إمام الحقّ محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام ، ومن بعده على وصيّه إمام الحقّ جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام ، ومن بعده
__________________
على وصيّه إمام الحقّ موسى بن جعفر الكاظم عليهالسلام ، ومن بعده على وصيّه إمام الحقّ عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام ، ومن بعده على وصيّه إمام الحقّ محمّد بن عليّ الجواد عليهالسلام ومن بعده على وصيّه إمام الحقّ عليّ بن محمّد الهادي عليهالسلام ، ومن بعده على وصيّه إمام الحقّ الحسن بن عليّ
العسكريّ عليهالسلام ، ومن بعده على وصيّه الخلف الصالح الإمام المنتظر
الحجّة بن الحسن المهديّ صاحب الزمان عليهالسلام أرواحنا له الفداء.
إنّ ثبوت حكم
ليلة القدر جار مع بقاء القرآن المجيد وأنّها غير منسوخة ، وقد أخبر أئمّة أهل
البيت الصادقون أنّ الملائكة والروح تتنزّل عليهم في كلّ عام منذ وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله وحتّى الآن ، ولم يزعم أحد من المخالفين مطلقا بنزول
الملائكة والروح عليه في ليلة القدر.
سورة البيّنة
الآية الاولى
قوله تعالى : (وَما أُمِرُوا إِلَّا
لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ
وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ).
١٠٨٤ ـ روى ابن
أسباط عن ابن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله في قوله عزوجل : (دِينُ الْقَيِّمَةِ) قال : إنّما هو ذلك دين القائم عليهالسلام .
الآية الثانية
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ).
١٠٨٥ ـ أسند
عليّ بن محمّد الكرخيّ ، قال : دخل موسى وهو غلام على الصادق عليهالسلام فقبّله فقال : يا إبراهيم ، إنّه لصاحبك من بعدي ، فلعن
الله قاتله ، يخرج الله من صلبه خير أهل الأرض في زمانه تكملة اثنى عشر إماما
اختصّهم الله بكرامته ، المنتظر للثاني عشر كالشاهر سيفه بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله .
١٠٨٦ ـ وروى
الطبرسيّ : رفعه عن مقاتل بن سليمان ، عن الضحّاك ، عن ابن عبّاس في قوله : (هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ) قال : نزلت في عليّ وأهل بيته .
__________________
١٠٨٧ ـ روى
الشيخ المفيد رحمهالله بإسناده عن أبي حمزة الثماليّ ، عن عليّ بن الحسين ، عن
أبيه الحسين بن عليّ ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين ، قال : والله ما
برأ الله من بريّة أفضل من محمّد ومنّي ومن أهل بيتي ، وإنّ الملائكة لتضع أجنحتها
لطلبة العلم من شيعتنا .
__________________
سورة التكاثر
الآية الاولى
قوله سبحانه : (كَلَّا سَوْفَ
تَعْلَمُونَ* ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ* كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ
الْيَقِينِ* لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ* ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ*
ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ).
١٠٨٨ ـ روى
البرقيّ بإسناده عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قوله : (... لَوْ تَعْلَمُونَ
عِلْمَ الْيَقِينِ) قال : المعاينة .
المهديّ عليهالسلام هو النعيم الّذي يسأل عنه
١٠٨٩ ـ روى
الطبرسيّ عن العيّاشيّ بإسناده في حديث طويل ، قال : سأل أبا عبد الله عليهالسلام أبا حنيفة عن هذه الآية فقال له : ما النعيم عندك يا
نعمان؟ قال : القوت من الطعام والماء البارد ، فقال : لئن أوقفك الله يوم القيامة
بين يديه حتّى يسألك عن كلّ أكلة أكلتها أو شربة شربتها ، ليطولنّ وقوفك بين يديه.
قال : فما النعيم جعلت فداك؟ فقال : نحن أهل البيت الّذي أنعم الله بنا على العباد
، وبنا ائتلفوا بعد أن كانوا مختلفين ، وبنا ألّف الله بين قلوبهم وجعلهم إخوانا
بعد أن كانوا أعداء ، وبنا هداهم الله إلى الإسلام ، وهي النعمة الّتي لا تنقطع ،
__________________
والله سائلهم عن حقّ النعيم الّذي أنعم الله به عليهم وهو النبيّ وعترته .
١٠٩٠ ـ الشيخ
في أماليه بإسناده من طريق العامّة عن عمرو بن راشد أبي سليمان ، عن جعفر بن محمّد
عليهماالسلام في قوله : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ
يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) قال : نحن النعيم. وفي قوله : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً) قال : نحن الحبل .
١٠٩١ ـ عليّ بن
ابراهيم ، بإسناده عن جميل ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال ، قلت له : (لَتُسْئَلُنَّ
يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) قال : تسئل هذه الامّة عمّا أنعم الله عليها برسوله ثمّ
بأهل بيته .
١٠٩٢ ـ محمّد
بن يعقوب بإسناده عن أبي حمزة ، قال : كنّا عند أبي عبد الله عليهالسلام جماعة ، فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة وطيبا ،
وأتينا بتمر ننظر فيه أوجهنا من صفاته وحسنه ، فقال رجل : لتسألنّ عن هذا النعيم
الّذي تنعّمتم به عند ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : إنّ الله عزوجل أكرم وأجلّ أن يطعم طعاما فيسوّغكموه ثمّ يسألكم عنه ،
إنّما يسألكم عمّا أنعم عليكم بمحمّد وآل محمّد صلىاللهعليهوآله .
١٠٩٣ ـ وفي
حديث آخر عنه بنفس الإسناد ، فقال عليهالسلام : والله لا تسئل عن هذا الطعام أبدا ، ثمّ ضحك حتّى
افترّ ضاحكا ، وقال : أتدري ما النعيم؟ قلت : لا ، قال : نحن النعيم .
١٠٩٤ ـ روى
محمّد بن العباس ، بإسناده عن أبي حفص الصائغ ، عن الإمام جعفر بن محمّد عليهالسلام أنّه قال : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ
يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) والله ما هو الطعام والشراب ، ولكن ولايتنا أهل البيت .
١٠٩٥ ـ وعنه
بإسناده عن عبد الله بن نجيح اليماني ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما معنى قوله عزوجل : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ
يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) قال : النعيم الّذي أنعم الله به عليكم من ولايتنا وحبّ
محمّد وآله .
١٠٩٦ ـ وعنه ،
بإسناده عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبي الحسن موسى عليهالسلام في قوله
__________________
عزوجل : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ
يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) قال : نحن نعيم المؤمن وعلقم الكافر .
١٠٩٧ ـ وروى
الشيخ المفيد رحمهالله بإسناده من طريق العامة عن الكلبيّ ، قال : لما قدم
الصادق عليهالسلام العراق ونزل الحيرة ، فدخل عليه أبو حنيفة وسأله عن
مسائل وكان ممّا سأله أن قال له : جعلت فداك ، ما الأمر بالمعروف؟ فقال عليهالسلام : المعروف في أهل السماء المعروف في أهل الأرض ذاك أمير
المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : جعلت فداك ، فما المنكر؟ قال : اللّذان ظلماه
حقّه وابتزّاه أمره وحملا الناس على كتفه.
قال : ألا هو
أن ترى الرجل على معاصي الله فتنهاه عنها؟
فقال أبو عبد
الله عليهالسلام : ليس ذلك أمرا بالمعروف ولا نهيا عن المنكر ، إنّما
ذاك خير قدّمه.
قال أبو حنيفة
: أخبرني جعلت فداك عن قول الله عزوجل : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ
يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)؟ قال : فما عندك يا أبا حنيفة؟ قال : الأمن في السرب
وصحّة البدن والقوت الحاضر.
فقال : يا أبا
حنيفة لئن أوقفك الله يوم القيامة حتّى يسألك عن أكلة أكلتها وشربة شربتها ،
ليطولن وقوفك!
قال : فما
النعيم جعلت فداك؟
قال : النعيم
نحن الّذي أنقذ الناس بنا عن الضلالة ، وبصّرهم بنا من العمى ، وعلّمهم بنا من
الجهل. قال : جعلت فداك فكيف كان القرآن جديدا أبدا؟ قال : لأنّه لم يجعل لزمان
دون زمان فتخلقه الأيام ، ولو كان كذلك لفنى القرآن قبل فناء العالم .
__________________
سورة العصر
قوله تعالى : (وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي
خُسْرٍ).
١٠٩٨ ـ الشيخ
الصدوق بإسناده عن المفضّل بن عمر ، قال : سألت الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام عن قول الله عزوجل : (وَالْعَصْرِ إِنَّ
الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) قال : (الْعَصْرِ) عصر خروج القائم عليهالسلام ، (إِنَّ الْإِنْسانَ
لَفِي خُسْرٍ) يعني أعداءنا ، (إِلَّا الَّذِينَ
آمَنُوا) بآياتنا ، (وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ) يعني بمواساة الاخوان ، (وَتَواصَوْا
بِالْحَقِ) يعني بالإمامة ، (وَتَواصَوْا
بِالصَّبْرِ) يعني في الفترة (العسرة) .
__________________
سورة النصر
قوله تعالى : (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي
دِينِ اللهِ أَفْواجاً).
١٠٩٩ ـ روى
السيّد ابن طاوس رحمهالله بإسناده عن الأوزاعي ، قال : حدّثنا أبو عمّار ، قال : حدّثني
جار كان لجابر بن عبد الله قال :
قدمت من سفر
فسلّم عليّ ، فجعلت أحدّثه عن افتراق الناس وما أحدثوا ، فجعل جابر يبكي ، ثمّ قال
: سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إنّ الناس دخلوا في دين الله أفواجا ، وسيخرجون
منه أفواجا .
١١٠٠ ـ روى
السيّد ابن طاوس أيضا بإسناده عن سويد بن غفلة ، قال : قال سلمان يوم القادسية ـ
وأبصر كثرة الناس ـ : ترونهم يدخلون في دين الله أفواجا ، والّذي نفسي بيده
ليخرجنّ منه أفواجا كما دخلوا فيه أفواجا .
__________________
وظيفة الفرد المؤمن في عصر الغيبة
انتظار الفرج
١١٠١ ـ روى
الشيخ الصدوق بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهرويّ ، وبروايته عن طريق العامّة ،
عن عبد الرحمن بن سليط ، قال : قال الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : منّا اثنا عشر مهديّا ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب ،
وآخرهم التاسع من ولدي ، وهو الإمام القائم بالحقّ ، يحيي الله به الأرض بعد موتها
، ويظهر به دين الحقّ على الدّين كلّه ولو كره المشركون. له غيبة يرتدّ فيها أقوام
ويثبت فيها على الدّين آخرون ، فيؤذون ويقال لهم : (مَتى هذَا الْوَعْدُ
إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أما إنّ الصابر في غيبته على الأذى والتكذيب بمنزلة
المجاهد بالسيف بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله .
١١٠٢ ـ روى
العلّامة البرقيّ رحمهالله بإسناده عن عبد الحميد الواسطيّ ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : أصلحك الله ، والله لقد تركنا أسواقنا انتظارا لهذا
الأمر حتّى أوشك الرجل منّا يسأل في يديه ، فقال :
يا عبد الحميد
، أترى من حبس نفسه على الله لا يجعل له مخرجا؟ بلى والله ليجعلنّ الله له مخرجا ،
رحم الله عبدا حبس نفسه علينا ، رحم الله عبدا أحيا أمرنا.
__________________
قال : فقلت :
فإن متّ قبل أن أدرك القائم؟
فقال : القائل
منكم : إذا أدركت القائم من آل محمّد نصرته كالمقارع معه بسيفه ، والشهيد معه له
شهادتان .
١١٠٣ ـ روى شرف
الدّين النجفيّ رحمهالله بإسناده عن الحسين بن أبي حمزة ، عن أبيه ، قال : قلت
لأبي عبد الله عليهالسلام جعلت فداك قد كبر سنّي ودقّ عظمي واقترب أجلي ، وقد خفت
أن يدركني قبل هذا الأمر الموت. قال : فقال لي : يا أبا حمزة أو ترى الشهيد إلّا
من قتل؟ قلت : نعم جعلت فداك. فقال لي : يا أبا حمزة من آمن بنا وصدّق حديثنا
وانتظر أمرنا كان كمن قتل تحت راية القائم ، بل والله تحت راية رسول الله صلىاللهعليهوآله .
١١٠٤ ـ روى
العلّامة الطبرسيّ رحمهالله برواية العيّاشيّ عن الحرث بن المغيرة ، قال : كنّا عند
أبي جعفر عليهالسلام فقال : العارف منكم هذا الأمر ، المنتظر له ، المحتسب
فيه الخير ، كمن جاهد والله مع قائم آل محمّد عليهمالسلام بسيفه. ثمّ قال الثالثة : بل والله كمن استشهد مع رسول
الله صلىاللهعليهوآله في فسطاطه. وفيكم آية من كتاب الله ، قلت : وأيّ آية
جعلت فداك؟ قال : قول الله عزوجل : (وَالَّذِينَ آمَنُوا
بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ثمّ قال : صرتم والله صادقين شهداء عند ربّكم .
١١٠٥ ـ ومن
كتاب فضائل الشيعة : روى العلّامة البرقيّ رحمهالله بإسناده عن زيد بن أرقم ، عن الحسين بن عليّ عليهماالسلام ، قال : ما من شيعتنا إلّا صدّيق شهيد ، قال : قلت :
جعلت فداك أنّى يكون ذلك وعامّتهم يموتون على فراشهم؟ فقال : أما تتلو كتاب الله
في الحديد : (وَالَّذِينَ آمَنُوا
بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ). قال : فقلت : كأنّي لم أقرأ هذه الآية من كتاب الله عزوجل قطّ ، قال : لو كان الشهداء ليس إلّا كما تقول ، لكان
الشهداء قليلا .
١١٠٦ ـ وعنه
بإسناده عن منهال القصّاب ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ادع الله لي
__________________
بالشهادة ، فقال : المؤمن لشهيد حيث مات ، أو ما سمعت قول الله في كتابه : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ
أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
عن أبان بن تغلب
، قال : كان أبو عبد الله عليهالسلام إذا ذكر هؤلاء الّذين يقتلون في الثغور يقول : ويلهم ما
يصنعون بهذا؟ يتعجّلون قتلة في الدنيا وقتلة في الآخرة! والله ما الشهداء إلّا
شيعتنا وان ماتوا على فراشهم .
١١٠٧ ـ وعنه
بإسناده عن مالك الجهني ، قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : يا مالك ، إنّ الميّت منكم على هذا الأمر شهيد بمنزلة
الضارب في سبيل الله. وقال أبو عبد الله عليهالسلام : ما يضرّ رجلا من شيعتنا أيّة ميتة مات : أكله السبع ،
أو أحرق بالنار أو غرق ، أو قتل ، هو والله شهيد .
١١٠٨ ـ وعنه
بإسناده عن السندي ، عن جدّه ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما تقول فيمن مات على هذا الأمر منتظرا له؟ قال : هو
بمنزلة من كان مع القائم عليهالسلام في فسطاطه ، ثمّ سكت هنيئة ثمّ قال : هو كمن كان مع
رسول الله صلىاللهعليهوآله .
١١٠٩ ـ عن أمير
المؤمنين عليهالسلام ، قال : الزموا الأرض ، واصبروا على البلاء ، ولا
تحرّكوا بأيديكم وسيوفكم ، وهوى ألسنتكم ، ولا تستعجلوا بما لم يعجّله الله لكم ،
فإنّه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة ربّه ، وحقّ رسوله وأهل بيته ، مات
شهيدا أوقع أجره على الله ، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله ، وقامت النيّة مقام
إصلاته بسيفه ، فإنّ لكلّ شيء مدّة وأجلا .
١١١٠ ـ روى
الصدوق رحمهالله في «كمال الدّين» بإسناده عن عمّار الساباطيّ ، قال :
قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : العبادة مع الإمام منكم المستتر في السرّ في دولة
الباطل أفضل ، أم العبادة في ظهور الحقّ ودولته مع الإمام الظاهر منكم؟ فقال : يا
عمّار ، الصدقة في السرّ والله أفضل من الصدقة في العلانية ، وكذلك عبادتكم في
السرّ مع إمامكم المستتر في دولة الباطل أفضل ، لخوفكم من عدوّكم في دولة الباطل
وحال الهدنة ، ممّن يعبد الله في ظهور الحقّ مع
__________________
الإمام الظاهر في دولة الحقّ ، وليس العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل
العبادة مع الأمن في دولة الحقّ.
اعلموا أنّ من
صلّى منكم صلاة فريضة وحدانا مستترا بها من عدوّه في وقتها فأتمّها ، كتب الله عزوجل له بها خمسة وعشرين صلاة فريضة وحدانيّة ، ومن صلّى
منكم صلاة نافلة في وقتها فأتمها ، كتب الله عزوجل له بها عشر صلوات نوافل ، ومن عمل منكم حسنة ، كتب الله
له بها عشرين حسنة ، ويضاعف الله تعالى حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله ، ودان
الله بالتقيّة على دينه ، وعلى إمامه وعلى نفسه ، وأمسك من لسانه ، أضعافا مضاعفة
كثيرة ، إنّ الله عزوجل كريم.
قال : فقلت :
جعلت فداك قد رغّبتني في العمل ، وحثثتني عليه ، ولكنّي احبّ أن أعلم كيف صرنا نحن
اليوم أفضل أعمالا من أصحاب الإمام منكم الظاهر في دولة الحقّ ، ونحن وهم على دين
واحد ، وهو دين الله عزوجل؟
فقال : إنّكم
سبقتموهم إلى الدخول في دين الله ، وإلى الصلاة والصوم والحجّ وإلى كلّ فقه وخير ،
وإلى عبادة الله سرّا من عدوّكم مع الإمام المستتر ، مطيعون له ، صابرون معه ،
منتظرون لدولة الحقّ ، خائفون على إمامكم وعلى أنفسكم من الملوك ، تنظرون إلى حقّ
إمامكم وحقّكم في أيدي الظلمة ، قد منعوكم ذلك واضطرّوكم إلى جذب الدنيا وطلب
المعاش ، مع الصبر على دينكم ، وعبادتكم وطاعة ربّكم ، والخوف من عدوّكم ، فبذلك
ضاعف الله أعمالكم ، فهنيئا لكم هنيئا.
قال : فقلت :
جعلت فداك ، فما نتمنّى إذا أن نكون من أصحاب القائم عليهالسلام في ظهور الحقّ؟ ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل
أعمالا من أعمال أصحاب دولة الحقّ؟
فقال : سبحان
الله! أما تحبّون أن يظهر الله عزوجل الحقّ والعدل في البلاد ويحسن حال عامّة الناس ، ويجمع
الله الكلمة ، ويؤلّف بين القلوب المختلفة ، ولا يعصى الله في أرضه ، ويقام حدود
الله في خلقه ، ويردّ الحقّ إلى أهله ، ويظهروه حتّى لا يستخفي بشيء من الحقّ
مخافة أحد من الخلق؟
أما والله يا
عمّار ، لا يموت منكم ميّت على الحال الّتي أنتم عليها ، إلّا كان أفضل عند
الله عزوجل من كثير ممّن شهد بدرا واحدا ، فأبشروا .
١١١١ ـ روي بالإسناد
عن جابر ، قال : دخلنا على أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهماالسلام ونحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودّعناه وقلنا له :
أوصنا يا ابن رسول الله ، فقال : ليعن قويّكم ضعيفكم ، وليعطف غنيّكم على فقيركم ،
ولينصح الرجل أخاه النصيحة لأمرنا ، واكتموا أسرارنا ، ولا تحملوا الناس على
أعناقنا ، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنّا ، فإن وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به ،
وان لم تجدوه موافقا فردّوه ، وان اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردّوه إلينا ،
حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا ، وإذا كنتم كما أوصيناكم لم تعدوا إلى غيره فمات
منكم قبل أن يخرج قائمنا كان شهيدا ، ومن أدرك منكم قائمنا فقتل معه كان له
١١١٢ ـ أجر
شهيدين ، ومن قتل بين يديه عدوّا لنا كان له أجر عشرين شهيدا .
كمال الدّين
بإسناده عن سيّد العابدين عليهالسلام أنّه قال : من ثبت على ولايتنا في غيبة قائمنا عليهالسلام أعطاه الله أجر ألف شهيد مثل شهداء بدر واحد .
١١١٣ ـ غيبة
الطوسيّ : عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : من عرف هذا الأمر ثمّ مات قبل أن يقوم
القائم عليهالسلام ، كان له مثل أجر من قتل معه .
١١١٤ ـ روى
الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده عن زيد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهالسلام ، عن أبيه الحسين بن عليّ عليهالسلام ، عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام قال في حديث له : المؤمن على أيّ الحالات مات ، وفي أيّ
يوم وساعة قبض فهو صدّيق شهيد ، ولقد سمعت حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : لو أنّ المؤمن خرج من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل
الأرض ، لكان الموت كفّارة لتلك الذنوب ... الحديث .
١١١٥ ـ روى
الشيخ المفيد رحمهالله عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : نحن الشهداء على شيعتنا ، وشيعتنا شهداء على
الناس ، وبشهادة شيعتنا يجزون ويعاقبون .
١١١٦ ـ روى عبد
الله بن مغيرة ، قال : قال محمّد بن عبد الله للرضا عليهالسلام وأنا أسمع : حدّثني
__________________
أبي عن أهل بيته ، عن آبائه ، أنّه قال بعضهم : إنّ في بلادنا موضع رباط
يقال له قزوين ، وعدوّا يقال له الديلم ، فهل من جهاد ، أو هل من رباط؟
فقال الرضا عليهالسلام : عليكم بهذا البيت فحجّوه.
فأعاد عليه
الحديث فقال : عليكم بهذا البيت فحجّوه ، أما يرضى أحدكم أن يكون في بيته وينفق
على عياله من طوله ينتظر أمرنا ، فإن أدركه ، كان كمن شهد مع رسول الله صلىاللهعليهوآله بدرا ، وإن مات منتظرا لأمرنا ، كان كمن كان مع قائمنا
صلوات الله عليه ... الحديث .
١١١٧ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (الَّذِينَ قالُوا
رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا) فقال عليهالسلام : استقاموا على الأئمّة واحدا بعد واحد ، تتنزّل عليهم
الملائكة ألّا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنّة الّتي كنتم توعدون .
أقول : مرّت
أحاديث كثيرة في فضل الانتظار ، فراجع.
على العالم أن يظهر علمه
١١١٨ ـ روى
العلّامة أبو منصور أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسيّ قدسسره ، بإسناده عن أبي يعقوب يوسف بن محمّد بن زياد وأبي
الحسن عليّ بن محمّد بن سيّار ـ وكانا من الشيعة الإماميّة ـ قالا : حدّثنا أبو
محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهماالسلام ، قال : حدّثني أبي ، عن آبائه عليهمالسلام ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه قال : أشدّ من يتم اليتيم الّذي انقطع من امّه
وأبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه ولا يدري كيف حكمه فيما
يبتلى به من شرائع دينه ، ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا ، وهذا الجاهل
بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره ، ألا فمن هداه وأرشده وعلّمه شريعتنا
كان معنا في الرفيق (الرفيع) الأعلى .
١١١٩ ـ وبهذا
الإسناد عن أبي محمّد الحسن العسكريّ عليهماالسلام ، قال : قال عليّ بن أبي
__________________
طالب عليهالسلام : من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا ، فأخرج ضعفاء
شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الّذي حبوناه به ، جاء يوم القيامة على رأسه
تاج من نور يضيء لجميع أهل العرصات ، وحلّة لا تقوّم لأقلّ سلك منها الدنيا
بحذافيرها ، ثمّ ينادي مناد : يا عباد الله هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل محمّد
، ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله فليتشبّث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه
العرصات إلى نزهة الجنان ، فيخرج كلّ من كان علمه في الدنيا خيرا ، أو فتح عن قلبه
من الجهل قفلا ، أو أوضح له عن شبهة .
١١٢٠ ـ وبهذا
الاسناد عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهماالسلام قال ، قال الحسن بن عليّ عليهماالسلام : فضل كافل يتيم آل محمّد المنقطع عن مواليه ، الناشب
في رتبة الجهل ، يخرجه من جهله ويوضّح له ما اشتبه عليه ، على فضل كافل يتيم يطعمه
ويسقيه كفضل الشمس على السماء .
١١٢١ ـ وبهذا
الإسناد عن أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكريّ عليهماالسلام ، قال : قال الحسين بن عليّ عليهماالسلام : من كفل لنا يتيما قطعته عنّا محنتنا باستتارنا ،
فواساه من علومنا الّتي سقطت إليه حتّى أرشده وهداه ، قال الله عزوجل : أيّها العبد الكريم المواسي لأخيه ، أنا أولى بالكرم
منك ، اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كلّ حرف علّمه ألف ألف قصر ، وضمّوا
إليها ما يليق بها من سائر النعيم .
١١٢٢ ـ وبهذا
الإسناد عنه عليهالسلام ، قال : قال محمّد بن عليّ الباقر عليهماالسلام : العالم كمن معه شمعة تضيء للناس ، فكلّ من أبصر
بشمعته دعا بخير ، كذلك العالم معه شمعة تزيل ظلمة الجهل والحيرة ، فكلّ من أضاءت
له فخرج بها من حيرة أو نجا بها من جهل ، فهو من عتقائه من النار ، والله يعوّضه
عن ذلك بكلّ شعرة لمن أعتقه ما هو أفضل له من الصدقة بمائة ألف قنطار على الوجه
الّذي أمر الله عزوجل به ، بل تلك الصدقة وبال على صاحبها ، لكن يعطيه الله
ما هو أفضل من مائة ألف ركعة يصلّيها من بين يدي الكعبة .
١١٢٣ ـ وبهذا
الإسناد عنه عليهالسلام ، قال : قال جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام : علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الّذي يلي إبليس
وعفاريته ، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا ،
__________________
وعن أن يتسلّط عليهم إبليس وشيعته والنواصب ، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا
، كان أفضل ممّن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرّة ، لأنّه يدفع عن أديان
محبّينا ، وذلك يدفع عن أبدانهم .
١١٢٤ ـ وعنه عليهالسلام بالإسناد المتقدّم قال : قال موسى بن جعفر عليهماالسلام : فقيه واحد ينقذ يتيما من أيتامنا المنقطعين عنّا وعن
مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه ، أشدّ على إبليس من ألف عابد (وفي نسخة : الف
الف عابد) لأنّ العابد همّه ذات نفسه فقط ، وهذا همّه مع ذات نفسه ذوات عباد الله
وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته ، فلذلك هو أفضل عند الله من ألف عابد وألف ألف
عابدة .
١٢٥ ـ وعنه عليهالسلام ، قال : قال عليّ بن موسى الرضا عليهماالسلام : يقال للعابد يوم القيامة : نعم الرجل كنت همّتك ذات
نفسك وكفيت مئونتك فادخل الجنّة ، ألا إنّ الفقيه من أفاض على الناس خيره ،
وأنقذهم من أعدائهم ، ووفّر عليهم نعم جنان الله تعالى ، وحصّل لهم رضوان الله
تعالى ، ويقال للفقيه : يا أيّها الكافل لأيتام آل محمّد ، الهادي لضعفاء محبّيهم
ومواليهم : قف حتّى تشفع لكلّ من أخذ عنك أو تعلّم منك ، فيقف فيدخل الجنّة معه
فئاما وفئاما وفئاما ـ حتّى قال عشرا ـ وهم الّذين أخذوا عنه علومه وأخذوا عمّن
أخذ عنه وعمّن أخذ عنه إلى يوم القيامة ، فانظروا كم صرف ما بين المنزلتين .
١١٢٦ ـ وعنه عليهالسلام قال : قال محمّد بن عليّ الجواد عليهماالسلام : من تكفّل بأيتام آل محمّد المنقطعين عن إمامهم ،
المتحيّرين في جهلهم ، الأسارى في أيدي شياطينهم وفي أيدي النواصب من أعدائنا ،
فاستنقذهم منهم ، وأخرجهم من حيرتهم ، وقهر الشياطين بردّ وساوسهم ، وقهر الناصبين
بحجج ربّهم ودلائل أئمّتهم ، ليحفظوا عهد الله على العباد بأفضل الموانع ، بأكثر
من فضل السماء على الأرض والعرش والكرسيّ والحجب على السماء ، وفضلهم على العباد
كفضل القمر ليلة البدر على أخفى كوكب في السماء .
١١٢٧ ـ وعنه عليهالسلام ، قال : قال عليّ بن محمّد عليهماالسلام : لو لا من يبقى بعد غيبة قائمكم عليهالسلام من العلماء الداعين إليه ، والدالّين عليه ، والذابّين
عن دينه بحجج الله ، والمنقذين لضعفاء عباد
__________________
الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب ، لما بقى أحد إلّا ارتدّ عن
دين الله ، ولكنّهم الّذين يمسكون أزمّة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة
سكّانها ، اولئك هم الأفضلون عند الله عزوجل .
١١٢٨ ـ وعن
الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ عليهالسلام قال : يأتي علماء شيعتنا القوّامون بضعفاء محبّينا وأهل
ولايتنا يوم القيامة والأنوار تسطع من تيجانهم ، على رأس كلّ واحد منهم تاج بهاء ،
قد انبثّت تلك الأنوار في عرصات القيامة ودورها مسيرة ثلاثمائة الف سنة ، فشعاع
تيجانهم ينبثّ فيها كلّها ، فلا يبقى هناك يتيم قد كفلوه ومن ظلمة الجهل علّموه ،
ومن حيرة التيه أخرجوه ، إلّا تعلّق بشعبة من أنوارهم ، فرفعتهم إلى العلوّ حتّى
تحاذى بهم فوق الجنان ، ثمّ ينزلهم على منازلهم المعدّة في جوار استاديهم
ومعلّميهم ، وبحضرة أئمّتهم الّذين كانوا إليهم يدعون ، ولا يبقى ناصب من النواصب
يصيبه من شعاع تلك التيجان إلّا عميت عينه وأصمّت اذنه وأخرس لسانه وتحوّل عليه
أشدّ من لهب النيران ، فيحملهم حتّى يدفعهم إلى الزبانية فيدعّونهم إلى سواء
الجحيم .
١١٢٩ ـ وقال
أيضا أبو محمّد الحسن العسكريّ عليهماالسلام : إنّ محبّي آل محمّد صلىاللهعليهوآله مساكين مواساتهم أفضل من مواساة مساكين الفقراء ، وهم
الّذين سكنت جوارحهم وضعفت قواهم من مقاتلة أعداء الله الّذين يعيّرونهم بدينهم
ويسفّهون أحلامهم ، ألا فمن قوّاهم بفقهه وعلمه حتّى أزال مسكنتهم ثمّ يسلّطهم على
الأعداء الظاهرين النواصب ، وعلى الأعداء الباطنين إبليس ومردته حتّى يهزموهم عن
دين الله يذودوهم عن أولياء آل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، حوّل الله تعالى تلك المسكنة إلى شياطينهم فأعجزهم عن
إضلالهم ، قضى الله تعالى بذلك قضاء حقّا على لسان رسول الله صلىاللهعليهوآله .
١١٣٠ ـ روى ثقة
الإسلام الكلينيّ قدسسره بإسناده عن جابر ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول :
من قرأ
المسبّحات كلّها قبل أن ينام لم يمت حتّى يدرك القائم ، وإن مات كان في جوار محمّد
النبيّ صلىاللهعليهوآله .
__________________
الدعاء لتعجيل الفرج
من أدعية تعجيل
الفرج :
١ ـ دعاء
الصلوات
٢ ـ دعاء
القنوت
٣ ـ دعاء
الندبة
٤ ـ دعاء الفرج
٥ ـ دعاء
العشرات
١١٣١ ـ روى
السيد ابن طاوس قدسسره بإسناده عن محمّد بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن عليّ ،
عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهالسلام حديثا في فضل قراءة دعاء العشرات الّذي جاء فيه :
... وأشهد أنّ
عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد
وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وعليّ بن محمّد والحسن بن عليّ والخلف
الصالح الحجّة المنتظر صلواتك يا ربّ عليه وعليهم أجمعين ، هم الأئمّة الهداة
المهتدون ، غير الضالّين ولا المضلّين ، وانّهم أولياؤك المصطفون ، وحزبك الغالبون
وصفوتك من خلقك ، وخيرتك من بريتك ، ونجباؤك الّذين انتجبتهم لولايتك ، واختصصتهم
من خلقك ، واصطفيتهم على عبادك ، وجعلتهم حجّة على العالمين ، صلواتك عليهم
والسلام ورحمة الله وبركاته ... .
زيارته صلوات الله عليه
١١٣٢ ـ خرج
التوقيع من الناحية المقدّسة حرسها الله :
بسم الله الرحمن الرحيم
لا لأمره
تعقلون ، حكمة بالغة فما تغني النذر عن قوم لا يؤمنون.
__________________
السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين.
إذا أردتم
التوجّه إلى الله وإلينا ، فقولوا كما قال الله تعالى : (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ).
السلام عليك يا
داعي الله وربّاني آياته ، السلام عليك يا باب الله وديّان دينه ، السلام عليك يا
خليفة الله وناصر خلقه ، السلام عليك يا حجّة الله ودليل إرادته ، السلام عليك يا
تالي كتاب الله وترجمانه ، السلام عليك يا بقيّة الله في أرضه ، السلام عليك يا
ميثاق الله الّذي أخذه ووكّده ، السلام عليك يا وعد الله الّذي ضمنه ، السلام عليك
أيّها العلم المنصوب ، والعلم المصبوب ، والغوث والرحمة الواسعة وعدا غير مكذوب.
السلام عليك
حين تقعد ، السلام عليك حين تقوم ، السلام عليك حين تقرأ وتبيّن ، السلام عليك حين
تصلّي وتقنت ، السلام عليك حين تركع وتسجد ، السلام عليك حين تكبّر وتهلّل ، السلام
عليك حين تحمد وتستغفر ، السلام عليك حين تمسي وتصبح ، السلام عليك في الليل إذا
يغشى والنهار إذا تجلّى ، السلام عليك أيّها الإمام المأمون ، السلام عليك أيّها
المقدّم المأمول ، السلام عليك بجوامع السلام.
اشهدك يا مولاي
أنّي أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله لا حبيب
إلّا هو وأهله.
وأشهد أنّ أمير
المؤمنين حجّته ، والحسن حجّته ، والحسين حجّته ، وعليّ بن الحسين حجّته ، ومحمّد
بن عليّ حجّته ، وجعفر بن محمّد حجّته ، وموسى بن جعفر حجّته ، وعليّ بن موسى
حجّته ، ومحمّد بن عليّ حجّته ، وعليّ بن محمّد حجّته ، والحسن بن عليّ حجّته ،
وأشهد أنّك حجّة الله.
أنتم الأوّل
والآخر ، وأنّ رجعتكم حقّ لا شكّ فيها ، يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من
قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ، وأنّ الموت حقّ ، وأنّ ناكرا ونكيرا حقّ ، وأشهد
أنّ النشر والبعث حقّ ، وأنّ الصراط والمرصاد حقّ ، والميزان والحساب حقّ ،
والجنّة والنار حقّ ، والوعد والوعيد بهما حقّ.
__________________
يا مولاي شقي
من خالفكم ، وسعد من أطاعكم.
فأشهد على ما
أشهدتك عليه ، وأنا وليّ لله بريء من عدوّك ، فالحقّ ما رضيتموه والباطل ما
سخطتموه ، والمعروف ما أمرتم به ، والمنكر ما نهيتم عنه ، فنفسي مؤمنة بالله وحده
لا شريك له ، وبرسوله ، وبأمير المؤمنين ، وبأئمّة المؤمنين وبكم يا مولاي ،
أوّلكم وآخركم ، ونصرتي معدّة لكم ، فمودّتي خالصة لكم.
آمين آمين.
الدعاء عقيب هذا القول
بسم الله الرّحمن الرّحيم
اللهمّ إنّي
أسألك أن تصلّي على محمّد نبيّ رحمتك ، وكلمة نورك ، وأن تملأ قلبي نور اليقين ،
وصدري نور الإيمان ، وفكري نور الثبات ، وعزمي نور العلم ، وقوّتي نور العمل ،
ولساني نور الصدق ، وديني نور البصائر من عندك ، وبصري نور الضياء ، وسمعي نور وعي
الحكمة ، ومودّتي نور الموالاة لمحمّد وآله عليهمالسلام ، حتّى ألقاك وقد وفيت بعهدك وميثاقك ، فلتسعني رحمتك
يا ولي يا حميد.
اللهمّ صلّ على
حجّتك في أرضك ، وخليفتك في بلادك ، والداعي إلى سبيلك ، والقائم بقسطك ، والثائر
بأمرك ، ولي المؤمنين وبوار الكافرين ، ومجلي الظلمة ، ومنير الحقّ ، والساطع
بالحكمة والصدق ، وكلمتك التامّة في أرضك ، المرتقب الخائف ، والوليّ الناصح ،
سفينة النجاة ، وعلم الهدى ، ونور أبصار الورى ، وخير من تقمّص وارتدى ، ومجلي
العمى ، الّذي يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ، إنّك على كلّ شيء
قدير.
اللهمّ صلّ على
وليّك وابن أوليائك الّذين فرضت طاعتهم ، وأوجبت حقّهم وأذهبت عنهم الرجس وطهّرتهم
تطهيرا.
اللهمّ انصره
وانصر به أولياءك وأولياءه ، وشيعته وأنصاره واجعلنا منهم.
اللهمّ أعذه من
كلّ باغ وطاغ ، ومن شرّ جميع خلقك ، واحفظه من بين يديه ومن
خلفه ، وعن يمينه وعن شماله ، واحرسه وامنعه من أن يوصل إليه بسوء ، واحفظ
فيه رسولك وآل رسولك ، وأظهر به العدل وأيّده بالنصر ، وانصر ناصريه ، واخذل
خاذليه ، واقصم به جبابرة الكفرة ، واقتل به الكفّار والمنافقين ، وجميع الملحدين
حيث كانوا في مشارق الأرض ومغاربها ، برّها وبحرها ، واملأ به الأرض عدلا ، وأظهر
به دين نبيّك ، واجعلني اللهمّ من أنصاره وأعوانه وأتباعه وشيعته ، وأرني في آل
محمّد ما يأملون وفي عدوّهم ما يحذرون ، إله الحقّ آمين ، يا ذا الجلال والإكرام ،
يا أرحم الراحمين .
«زيارة الحجّة يوميّا بعد فريضة الصبح»
اللهمّ بلّغ
مولاي صاحب الزمان صلوات الله عليه عن جميع المؤمنين والمؤمنات في مشارق الأرض
ومغاربها وبرّها وبحرها وسهلها وجبلها ، حيّهم وميّتهم ، وعن والديّ وولدي وعنّي
من الصلوات والتحيّات زنة عرش الله ومداد كلماته ومنتهى رضاه وعدد ما أحصاه كتابه
وأحاط به علمه ، اللهمّ إنّي اجدّد له في هذا اليوم وفي كلّ يوم عهدا وعقدا وبيعة
في رقبتي. اللهمّ كما شرّفتني بهذا التشريف وفضّلتني بهذه الفضيلة وخصصتني بهذه
النعمة ، فصلّ على مولاي وسيّدي صاحب الزمان ، واجعلني من أنصاره وأشياعه
والذابّين عنه ، واجعلني من المستشهدين بين يديه طائعا غير مكره ، في الصفّ الّذي
نعتّ أهله في كتابك فقلت صفّا كأنّهم بنيان مرصوص ، على طاعتك وطاعة رسولك وآله عليهمالسلام ، اللهم هذه بيعة له في عنقي إلى يوم القيامة .
الاستغاثة بالحجّة صاحب العصر عليهالسلام
قال السيّد علي
خان في الكلم الطيّب : هذه استغاثة بالحجّة صاحب العصر صلوات الله عليه ، صلّ
أينما كنت ركعتين بالحمد وما شئت من السور ، ثمّ قف مستقبل القبلة تحت السماء وقل
:
سلام الله
الكامل التامّ الشامل العامّ ، وصلواته الدائمة وبركاته القائمة التامّة ، على
__________________
حجّة الله ووليّه في أرضه وبلاده ، وخليفته على خلقه وعباده ، وسلالة
النبوّة وبقيّة العترة والصفوة ، صاحب الزمان ، ومظهر الإيمان ، وملقّن أحكام
القرآن ، ومطهّر الأرض ، وناشر العدل في الطول والعرض ، والحجّة القائم المهديّ الإمام
المنتظر المرضيّ ، وابن الأئمّة الطاهرين ، الوصيّ بن الأوصياء المرضيّين ، الهادي
المعصوم ابن الأئمّة الهداة المعصومين ، السلام عليك يا معزّ المؤمنين المستضعفين
، السلام عليك يا مذلّ الكافرين المتكبّرين الظالمين ، السلام عليك يا مولاي يا
صاحب الزمان ، السلام عليك يا ابن رسول الله ، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين ،
السلام عليك يا ابن فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين ، السلام عليك يا ابن
الأئمّة الحجج المعصومين ، والإمام على الخلق أجمعين ، السلام عليك يا مولاي سلام
مخلص لك في الولاية ، أشهد أنّك الإمام المهديّ قولا وفعلا ، وأنت الّذي تملأ
الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا ، فعجّل الله فرجك ، وسهّل مخرجك ، وقرّب
زمانك ، وكثّر أنصارك وأعوانك ، وأنجز لك ما وعدك ، فهو أصدق القائلين (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ
اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ
الْوارِثِينَ) يا مولاي يا صاحب الزمان يا ابن رسول الله حاجتي ـ كذا
وكذا ـ فاشفع لي في نجاحها فقد توجّهت إليك بحاجتي لعلمي أنّ لك عند الله شفاعة
مقبولة ومقاما محمودا ، فبحقّ من اختصّكم بأمره وارتضاكم لسرّه ، وبالشأن الّذي
لكم عند الله بينكم وبينه ، سل الله تعالى في نجح طلبتي وإجابة دعوتي وكشف كربتي.
وسل ما تريد فإنّه يقضى إن شاء الله.
أقول : الأحسن
أن يقرأ بعد الحمد في الركعة الاولى من هذه الصلوات سورة إنّا فتحنا ، وفي الثانية
إذا جاء نصر الله والفتح .
مناجاة للتشرف برؤيا النبيّ صلىاللهعليهوآله أو الإمام الحجّة عليهالسلام في المنام
من أراد أن يرى
سيّد البريّات في المنام ، فليصلّ ركعتين بعد صلاة العشاء بأيّ سورة أراد ، ثمّ
يقرأ هذا الدعاء مائة مرّة : «بسم الله الرحمن الرحيم يا نور النور ، يا مدبّر
الامور ،
__________________
بلّغ عنّي روح محمّد وأرواح آل محمّد تحيّة وسلاما» .
١١٣٣ ـ عن
النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : من تطهّر ليلة النصف من شعبان فأحسن الطهر ولبس
ثوبين نظيفين ثمّ خرج إلى مصلّاه وصلّى العشاء الآخرة ، ثمّ صلّى بعدها ركعتين ،
يقرأ في أوّل ركعة الحمد وثلاث آيات من أوّل البقرة ، وآية الكرسي وثلاث آيات من
آخرها ، وفي الثانية الحمد مرّة وقل أعوذ بربّ الناس سبع مرّات والفلق سبع مرّات
والتوحيد سبع مرّات ، ثمّ يسلّم ويصلّي بعدها أربع ركعات يقرأ في أوّل ركعة يس ،
وفي الثاني حم الدخان ، وفي الثالث الم السجدة ، وفي الرابعة تبارك ، ثمّ يصلّي
بعدها مائة ركعة يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة والتوحيد عشر مرّات ، قضى الله تعالى
له ثلاث حوائج ، إمّا في عاجل الدنيا أو في آجل الآخرة ، ثمّ إن سأل الله أن يراني
من ليلته رآني .
١١٣٤ ـ وعن
الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام ، قال : من كانت له إلى الله حاجة وأراد أن يرانا وأن
يعرف موضعه من الله ، فليغتسل ثلاث ليال يناجي بنا ، فإنّه يرانا ويغفر له بنا ولا
يخفى عليه موضعه ... .
تهذيب النفس وتزكيتها للتشرّف بلقاء الإمام عليهالسلام
١١٣٥ ـ ومن
كتاب لمولانا صاحب الزمان عليهالسلام للشيخ المفيد ورد عليه سنة اثنتي عشرة وأربعمائة ، جاء
فيه :
بسم الله الرّحمن الرّحيم
... ونحن نعهد
إليك أيّها الوليّ المخلص المجاهد فينا الظالمين ، أيّدك الله بنصره الّذي أيّد به
السلف من أوليائنا الصالحين ، أنّه من اتّقى ربّه من إخوانك في الدّين ، وأخرج
ممّا عليه إلى مستحقّيه ، كان آمنا من الفتنة المبطلة ، ومحنها المظلمة المظلّة ،
ومن بخل منهم بما أعاده الله من نعمته على من أمره بصلته ، فإنّه يكون خاسرا بذلك
لاولاه وآخرته ، ولو
__________________
أنّ أشياعنا وفّقهم الله لطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد
عليهم ، لما تأخّر عنهم اليمن بلقائنا ، ولتعجّلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حقّ
المعرفة وصدقها منهم بها ، فما يحبسنا عنهم إلّا ما يتّصل بنا ممّا نكرهه ولا
نؤثره منهم ، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل ، وصلاته على سيّدنا البشير
النذير محمّد وآله الطاهرين وسلّم .
بشارة الإمام المهديّ عليهالسلام لشيعته ومواليه
١١٣٦ ـ ومن
كتاب ورد من الناحية المقدّسة حرسها الله تعالى إلى الشيخ المفيد أيضا وفيه :
بسم الله الرّحمن الرّحيم
... نحن وإن
كنّا ناوين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين ، حسب الّذي أراناه الله تعالى لنا
من الصلاح ، ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت الدنيا للفاسقين ، فإنّا نحيط علما
بأنبائكم ، ولا يعزب عنّا شيء من أخباركم ، ومعرفتنا بالذلّ الّذي أصابكم منذ جنح
كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعا ، ونبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم
كأنّهم لا يعلمون.
إنّا غير
مهملين لمراعاتكم ، ولا ناسين لذكركم ، ولو لا ذلك لنزل بكم اللأواء ، أو اصطلمكم
الأعداء ، فاتّقوا الله جلّ جلاله وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم ،
يهلك فيها من حمّ أجله ، ويحمى عنها من أدرك أمله ، وهي امارة لازوف حركتنا ،
ومباثتكم بأمرنا ونهينا ، والله متمّ نوره ولو كره المشركون.
اعتصموا
بالتقيّة من شبّ نار الجاهلية ، يحشّشها عصب اموية ، يهول بها فرقة مهديّة ، أنا
زعيم بنجاة من لم يرم فيها المواطن ، وسلك في الطعن منها السبل المرضيّة ، إذا حلّ
جمادى الاولى من سنتكم هذه فاعتبروا بما يحدث فيه ، واستيقظوا من رقدتكم لما يكون
في الّذي يليه.
__________________
ستظهر لكم من
السماء آية جليّة ، ومن الأرض مثلها بالسويّة ، ويحدث في أرض المشرق ما يحزن ويقلق
، ويغلب من بعد على العراق طوائف عن الإسلام مرّاق ، تضيق بسوء فعالهم على أهله
الأرزاق ، ثمّ تنفرج الغمّة من بعد ببوار طاغوت من الأشرار ، ثمّ يسرّ بهلاكه
المتّقون الأخيار ، ويتّفق لمريدي الحجّ من الآفاق ما يؤمّلونه منه على توفير عليه
منهم واتّفاق ، ولنا في تيسير حجّهم على الاختيار منهم والوفاق شأن يظهر على نظام
واتّساق.
فليعمل كلّ
امرئ منكم بما يقرب به من محبّتنا ، ويتجنّب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا ، فإنّ
أمرنا بغتة فجاءة حين لا تنفعه توبة ، ولا ينجيه من عقابنا ندم على حوبة .
كلمة أخيرة
أقول : ورد في
كتاب «مكيال المكارم» كلام في تكاليف عصر الغيبة ، ونشير إلى بعض ما جاء فيها
لفائدته :
١ ـ انتظار
الفرج.
٢ ـ تهذيب
النفس.
٣ ـ العزم على
التوبة النصوح ، وإعادة الحقوق إلى أصحابها.
٤ ـ تكذيب
مدّعي النيابة الخاصّة في عصر الغيبة الكبرى.
٥ ـ عدم
التوقيت.
٦ ـ الاقتداء
بالإمام والتأسّي بأخلاقه وسيرته.
٧ ـ الاستعانة
بالله تعالى للتعرّف على الإمام (دعاء : اللهمّ عرّفني نفسك ...).
٨ ـ العزم
القلبيّ على نصرة الإمام ، والتهيّؤ لذلك.
٩ ـ رعاية
الأدب عند ذكره.
١٠ ـ محبّته عليهالسلام وتحبيبه إلى الناس.
١١ ـ ذكر
فضائله ومناقبه عليهالسلام.
__________________
١٢ ـ زيارته
والتسليم عليه عليهالسلام.
١٣ ـ تجديد
البيعة له عند الفرائض وأيّام الجمعة.
١٤ ـ رعاية
حقوقه عليهالسلام.
١٥ ـ الصبر على
الأذى والتكذيب.
١٦ ـ الاهتمام
بأداء حقوق الإخوة في الإيمان.
١٧ ـ التصدّق
عن الإمام عليهالسلام والحجّ نيابة عنه.
١٨ ـ التوسّل
إلى الله تعالى به عليهالسلام.
١٩ ـ تجليل
الأماكن الّتي تشرّفت بحضوره عليهالسلام.
٢٠ ـ احترام
المقرّبين إليه والمنسوبين له.
٢١ ـ زيارة قبر
الإمام الحسين عليهالسلام والبكاء في مصابه.
٢٢ ـ التبرّي
من قتلة الحسين عليهالسلام ومن أعداء أهل البيت وظالميهم.
٢٣ ـ حضور
مجالس ذكر فضائل الإمام المنتظر عليهالسلام.
نسأله ـ عزّ من
مسئول ـ أن يمنّ علينا بمتابعته عليهالسلام ، وأن يعيننا على تهذيب أنفسنا وتزكيتها ، لنكون من
اللائقين بالتشرّف بلقائه ونصرته عليهالسلام ، وأن يعجّل فرجه وظهوره ، فيملأ به الأرض قسطا وعدلا ،
ويحقّق به وعده الّذي لا يخلف في إظهار الدّين ونصره ، إنّه أرحم الراحمين ، وآخر
دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
تمّ الكتاب
بحمد الله تعالى وتسديده.
الفهارس الفنيّة
فهرس
الآيات
فهرس
المصادر
فهرس
الموضوعات
فهرس الآيات
البقرة
١ : (الم) ١٥ ، ١٦ ، ١٧٠.
٢ : (ذلك الكتاب لا ريب فيه ،) ١٥ ، ١٦ ، ١٧ ، ٣٥ ، ١٧٠.
٣ : (الذين يؤمنون بالغيب ،) ١٥ ، ١٦ ، ٣٥ ، ١٧٠.
٣٠ : (إنّي جاعل في الأرض خليفة ،) ٢٨ ، ٢٩ ، ٣١ ، ٣٢ ، ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥.
٣٤ : (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا ،) ٣٧.
٣٧ : (فتلقّى آدم من ربه كلمات ،) ٤٠.
٤٤ : (أتأمرون الناس بالبرّ ،) ٣٤.
٥٥ : (وإذ قلتم يا موسى ،) ٤١ ، ٢٥٧.
٦٠ : (وإذ استسقى موسى لقومه ،) ٤١.
٨١ : (وإذ أخذ الله ميثاق النبيّين ،) ٥٣.
٩٣ : (قالوا سمعنا وعصينا ،) ٢٨٧.
|
|
١١٤ : (لهم في الدنيا خزي ،) ٤٢.
١١٥ : (فأينما تولّوا فثمّ وجه الله. ،) ٤٢ ، ٤٣٢.
١٢٤ : (وإذ ابتلى ابراهيم ربّه ،) ٤٢ ، ٤٣ ، ٢٨٤.
١٣٣ : (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب ،) ٤٣.
١٤٨ : (فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا ،) ٤٣ ، ٤٤ ، ٤٥ ، ٤٦ ، ٤٨ ، ١٨٣ ، ٣٢٥ ، ٣٢٧ ، ٤٧١.
١٥٧ : (اولئك عليهم صلوات من ربّهم ،) ٥٠.
١٩٣ : (وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنة ،) ٤٩٤.
٢١٠ : (هل ينظرون إلّا أن يأتيهم الله ،) ٥٢.
٢١٤ : (أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ،) ٥٢.
٢٤٣ : (ألم تر إلى الّذين خرجوا ،) ٥٢ ، ٧٤ ، ١٤٠ ، ٢٤٥ ، ٢٩٠.
٢٤٧ : (إنّ الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة ،) ٥٤ ، ٢٨٨.
|
__________________
٢٤٨ : (وقال لهم نبيّهم إنّ آية ملكه) ٥٤.
٢٤٩ : (فلمّا فصل طالوت بالجنود) ٥٥.
٢٥١ : (فهزموهم باذن الله وقتل داود) ٥٥.
٢٥٣ : (تلك الرّسل فضّلنا بعضهم) ٥٧.
٢٥٧ : (الله وليّ الّذين آمنوا ،) ٤٢٩.
٢٥٩ : (أو كالّذي مرّ على قرية) ٥٩.
٢٦٩ : (يؤتي الحكمة من يشاء) ٦٠ ، ٢٨٨.
٢٨٥ : (آمن الرسول بما أنزل إليه) ٦٠.
آل عمران
٧ : (وما يعلم تأويله إلّا الله) ٣٠٠ ، ٤٢٨.
١٨ : (شهد الله أنّه لا إله) ٢٥٠ ، ٣٧٣.
١٩ : (إنّ الدين عند الله الإسلام) ١٥٠ ، ٢٥٠ ، ٣٧٣ ، ٤٩٤.
٢٨ : (لا يتّخذ المؤمنون الكافرين) ٦٢.
٣٥ : (ومن يبتغ غير الإسلام دينا) ١٥٠.
٣٧ : (فتقبّلها ربّها بقبول حسن) ٦٤.
٤٦ : (ويكلّم الناس في المهد وكهلا) ٦٥.
٥٥ : (إذ قال الله يا عيسى إنّي متوفّيك) ٦٧ ، ١٠١.
٦٨ : (إنّ أولى الناس بإبراهيم) ٧٢ ، ٢٨٥.
٨١ : (وإذ أخذ الله ميثاق النبيّين) ٧٣ ، ١٤٠ ، ٢٤٥ ، ٣٠٥.
٨٣ : (أفغير دين الله يبغون) ٧٤ ، ٧٥ ، ١٥١.
٨٥ :(ومن يبتغ غير الإسلام) ٤٣٥، ٤٩٤.
٩٧ : (فيها آيات بيّنات مقام إبراهيم) ٧٥ ،
|
|
٣٧٨ ، ٣٨٠.
١٠٣ : (واذكروا نعمت الله عليكم ،) ٧٥.
١٠٤ : (ويأمرون بالمعروف وينهون ،) ٢٩٥.
١٢٣ : (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلّة) ٧٦.
١٢٥ : (بلى إن تصبروا وتتّقوا يمددكم) ٧٩.
١٤٠ : (وتلك الأيّام نداولها بين الناس) ٨٠.
١٤١ : (وليمحّص الله الّذين آمنوا ،) ٨٠.
١٤٢ : (أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ،) ٨١.
١٤٤ : (وما محمّد إلّا رسول) ٨٢ ، ٥٤٢.
٢٠٠ : (يا أيّها الّذين آمنوا اصبروا) ٨٢ ، ٨٣.
النساء
٤٧ : (يا أيها الّذين اوتوا الكتاب) ٨٤ ، ٨٥.
٥١ ـ ٥٧ : (ألم تر إلى الّذين اوتوا نصيبا) ٨٩.
٥٨ : (إنّ الله يأمركم أن تؤدّوا ،) ٩٠.
٥٩ : (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) ٨٥ ، ٨٨ ، ٨٩ ، ٩٠ ، ٩٤ ، ١٤٨ ، ٤٣١.
٦٥ : (فلا وربّك لا يؤمنون) ٢٤٩.
٦٩ : (ومن يطع الله والرسول) ٩٦ ، ٩٧.
٧٠ : (ذلك الفضل من الله وكفى) ٩٨.
٧٧ : (ألم تر إلى الّذين قيل لهم) ٩٨ ، ٢٠٦.
٨٠ : (من يطع الرسول فقد أطاع الله) ٩٩ ، ٤٣١.
١٠٥ : (ولا تكن للخائنين خصيما) ٣٤.
١١٣ : (وكان فضل الله عليك عظيما) ١١٣ ، ٢٨٨.
١٣٠ : (يغن الله كلّا من سعته ،) ٩٩.
|
١٥٣ : (فأخذتهم الصاعقة بظلمهم) ٢٥٧.
١٥٧ : (وقولهم إنّا قتلنا المسيح عيسى) ٢١ ، ٢٣٤ ، ٣٠٨.
١٥٨ : (بل رفعه الله إليه) ١٠٠.
١٥٩ : (وإن من أهل الكتاب إلّا ليؤمننّ) ١٠١ ، ١٠٢.
١٦٤ : (ورسلا قد قصصناهم عليك) ١٠٢.
المائدة
٣ : (اليوم يئس الّذين كفروا من دينكم) ١٠٤.
٥ : (اليوم أكملت لكم دينكم ،) ٢٨٤.
١٢ : (ولقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل) ١٠٤ ، ١٠٧.
١٤ : (ومن الّذين قالوا إنّا نصارى) ١٠٨.
٢٠ : (وإذ قال موسى لقومه) ١٠٨ ، ١٠٩.
٢٥ : (ربىّ إنّي لا أملك ،) ٤١٩.
٢٦ : (قال فإنّها محرّمة عليهم أربعين) ١٠٩.
٤١ : (يا أيّها الرسول لا يحزنك ،) ١١٤.
٥٤ : (يا أيّها الّذين آمنوا من يرتدّ ،) ١١٤ ، ١١٥ ، ١١٩.
٥٥ : (إنّما وليّكم الله والّذين آمنوا) ٩٤.
١٠١ : (يا أيّها الّذين آمنوا لا تسألوا) ١١٥.
١١٨ : (إن تعذّبهم فإنّهم عبادك) ١١٦.
الأنعام
٢ : (هو الّذي خلقكم من طين) ١١٧.
|
|
٢٣ : (والله ربّنا ما كنّا مشركين ،) ٢٤٠.
٣٧ : (وقالوا لو لا نزّل عليه آية) ١١٧ ، ١١٨ ، ٣٣٤.
٣٨ : (ما فرّطنا في الكتاب ،) ٢٨٤.
٤٤ ـ ٤٥ : (فلمّا نسوا ما ذكّروا به فتحنا ،) ١١٨ ، ١١٩ ، ١٧٦.
٦٥ : (قل هو القادر على أن يبعث ،) ١١٩.
٨٩ : (فإن يكفر بها هؤلاء) ١١٤ ، ١١٥ ، ١١٩.
١٥٨ : (هل ينظرون إلّا أن تأتيهم) ١١٩.
١٥٨ : (قل انتظروا إنّا منتظرون) ١١٩ ، ١٢٠
١٥٨ : (يوم ياتي بعض آيات ربّك ،) ١٦ ،
١٢١ ، ١٢٢ ،
٤٦١.
١٦٤ : (ولا تزر وازرة وزر أخرى ،) ٢٣٧.
الأعراف
١٢ : (أنا خير منه خلقتني من نار) ٣٧ ، ٣٧٩.
٢٧ : (يا بني آدم لا يفتننّكم الشيطان) ١٣٠.
٣٤ : (ولكلّ أمّة أجل ،) ١٣٠.
٥٣ : (هل ينظرون إلّا تأويله ،) ١٣٥.
٧١ : (فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين) ١٢٣ ، ١٩٠.
٧٣ : (وإلى ثمود أخاهم صالحا ،) ١٣٥.
٧٥ ـ ٧٦ : (قال الملأ الّذين استكبروا ،) ١٣٦.
١٠٧ : (فالقى عصاه فإذا هي ثعبان) ١٣٧.
١٢٨ : (قال موسى لقومه استعينوا بالله) ١٣٧ ، ١٣٨.
|
١٤٢ : (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة) ٣٦ ، ١٣٨.
١٥٥ : (واختار موسى قومه سبعين رجلا) ٥٣ ، ٧٤ ، ١٣٩ ، ١٤٠ ، ٢٤٥ ، ٢٥٧ ، ٢٩٠.
١٥٦ : (ورحمتي وسعت كلّ شيء ..) ١٤١ ، ١٨١.
١٥٧ : (الّذين يتّبعون النبيّ الأمّيّ) ١٤١ ، ١٨١ ، ٣٠٠ ، ٤٠٣.
١٥٩ : (ومن قوم موسى أمّة يهدون بالحق ،) ١٤٢.
١٧٢ : (وإذ أخذ ربّك من بني آدم) ١٤٢.
١٨١ : (وممّن خلقنا أمّة يهدون بالحقّ) ١٤٣.
١٨٧ : (يسألونك عن الساعة أيّان مرساها ،) ١٤٣ ، ١٤٤ ، ١٤٥ ، ١٤٦ ، ٣٧٥ ، ٤٧٥ ، ٥١٦.
الأنفال
٥ : (كما أخرجك ربّك من بيتك ،) ٢١٢.
٧ : (ويريد الله أن يحقّ الحقّ بكلماته) ١٤٧.
٢١ ـ ٢٣ : (قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ،) ٢٨٧.
٢٦ : (وأيدّكم بنصره ،) ٣٨٥.
٣٣ : (وما كان الله ليعذّبهم وأنت فيهم ،) ٨٩ ، ١٤٧ ، ١٤٨ ، ١٤٩.
٣٩ : (وقاتلوهم حتّى لا تكون فتنة) ١٥٠ ، ١٥١ ، ١٥٢ ، ١٦٢ ، ١٦٨ ، ٤٩٤.
|
|
٤١ : (واعلموا أنّما غنمتم من شيء) ١٦٩.
٧٥ : (والّذين آمنوا من بعد وهاجروا) ١٥٣.
التوبة
٣ : (وأذان من الله ورسوله إلى النّاس) ١٥٤.
١٦ : (أم حسبتم ان تتركوا ولمّا يعلم) ١٥٤.
٢٩ : (قاتلوا الّذين لا يؤمنون ،) ١٥٧.
٣٢ : (يريدون أن يطفئوا نور الله ،) ١٥٧.
٣٣ : (هو الّذي أرسل رسوله بالهدى) ١٥٠ ، ١٥٨ ، ١٥٩ ، ١٦٠ ، ١٦١ ، ١٦٢ ، ٢٩٥ ، ٤٢٢.
٣٤ : (والّذين يكنزون الذّهب والفضّة) ١٦٢ ، ١٦٣.
٣٦ : (إنّ عدّة الشهور عند الله اثنا عشر) ١٥١ ، ١٦٣ ، ١٦٤ ، ١٦٥ ، ١٦٦ ، ١٦٧.
٣٦ : (وقاتلوا المشركين كافة ،) ١٦٨.
٤٠ : (وكلمة الله هي العليا ،) ١٦٨.
٥٢ : (قل هل تربّصون بنا ،) ١٦٨ ، ١٦٩.
٩٣ : (طبع الله على قلوبهم ،) ٢٨٧.
١١١ : (إنّ الله اشترى من المؤمنين).
١١٩ : (اتّقوا الله وكونوا مع الصادقين) ١٦٩.
يونس
٢٠ : (ويقولون لو لا أنزل عليه آية ،) ١٥ ، ١٧٠ ، ١٧١.
|
٢٤ : (إنّما مثل الحياة الدّنيا كماء) ١١٨ ، ١٣٩ ، ١٧٥ ، ١٧٦ ، ٤٧٥.
٣٥ : (قل هل من شركائكم من يهدي) ١٧٧ ، ١٧٨ ، ٢٨٨.
٣٩ : (بل كذّبوا بما لم يحيطوا بعلمه) ١٧٩.
٤٠ : (ومنهم من يؤمن به ،) ١٧٩.
٤٦ ـ ٥١ : (وإمّا نرينّك بعض الّذي نعدهم) ١٨٠.
٤٨ : (ويقولون متى هذا الوعد) ١٨٠ ، ٥٥٧.
٦٢ : (ألا إنّ أولياء الله لا خوف عليهم) ١٨١.
٦٣ ـ ٦٤ :(الّذين آمنوا وكانوا يتّقون) ١٨١.
٩٨ : (فلو لا كانت قرية آمنت) ١٨٢.
هود
٨ : (ولئن أخّرنا عنهم العذاب) ٤٩ ، ١٨٣ ، ١٨٤ ، ١٨٥.
١٧ : (أفمن كان على بيّنة من ربّه) ٣٦ ، ١٤٣.
١٨ : (ألا لعنة الله على الظالمين) ١٨٥.
٢٥ : (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه) ١٨٥.
٣٧ : (واصنع الفلك بأعيننا ووحينا) ١٤٨.
٤٠ : (حتى إذا جاء أمرنا ،) ١٤٨.
٨٠ : (لو أنّ لي بكم قوّة) ١٨٧ ، ٤١٩.
٨١ : (موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) ١٨٨.
٨٣ : (مسوّمة عند ربّك.)
٨٤ : (فأمر بأهلك بقطع من الليل) ١٤٩.
|
|
٨٦ : (بقيّت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين ،) ١٨٨ ، ١٨٩ ، ١٩٠.
٩٣ : (وارتقبوا إنّي معكم رقيب ،) ١٢٣ ، ١٧٠ ، ١٩٠ ، ١٩١.
١١٠ : (ولقد آتينا موسى الكتاب ،) ١٩١ ، ٢٤٠.
١١٨ ـ ١١٩ : (ولا يزالون مختلفين إلّا من ،) ١٤١ ، ١٨١ ، ٤٠٢.
يوسف
٥٢ : (إنّ الله لا يهدي كيد الخائنين ،) ٣٤.
٨٧ : (يا بنيّ اذهبوا فتحسّسوا ،) ١٩٢.
٨٩ ـ ٩٠ : (قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف ،) ١٩٢ ، ١٩٣.
٩٤ : (إنّي لأجد ريح يوسف ،) ١٩٦.
١٠٨ : (قل هذه سبيلي ،) ٢٤٨.
١١٠ : (حتّى إذا استيأس الرسل ،) ٢٣ ، ١٩٦ ، ١٩٧ ، ٢٣٦ ، ٣١٠.
الرعد
٧ : (ويقول الّذين كفروا لو لا ،) ١٩٨.
١٣ : (وهو شديد المحال ،) ١٩٩.
٢٩ : (طوبى لهم وحسن مآب ،) ١٩٩.
٣١ : (ولو أنّ قرآنا سيّرت ،) ٣٨٧.
|
إبراهيم
٥ : (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا) ١٦ ، ٢٠٤ ، ٢٠٥.
٢٧ : (يثبّت الله الّذين آمنوا) ٢٠٥ ، ٣١٧.
٢٨ : (ألم تر إلى الّذين بدّلوا نعمت الله) ٢٠٦.
٤٤ : (وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب) ٢٠٦.
٤٥ : (وسكنتم في مساكن الّذين ظلموا) ٢٠٧.
٤٦ : (وقد مكروا مكرهم وعند الله) ٢٠٧.
الحجر
١٦ و ١٧ : (ولقد جعلنا في السماء بروجا) ٢٠٨.
٣٧ و ٣٨ : (قال فإنّك من المنظرين إلى يوم) ٢٠٨ ، ٢٠٩.
٧٥ و ٧٦ : (إنّ في ذلك لآيات للمتوسّمين) ٢٠٩ ، ٢١٠ ، ٢١١.
٩٤ : (اصدع بما تؤمر ،) ٤٢٨.
النحل
١ : (أتى أمر الله فلا تستعجلوه) ٢١٢ ، ٢١٣.
١٦ : (وعلامات وبالنجم هم يهتدون) ٢١٦.
٢٢ : (وإلهكم إله واحد ،) ٢١٨.
٣٣ و ٣٤ : (هل ينظرون إلّا أن تأتيهم الملائكة ،) ٢١٨.
٣٨ : (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) ٢١٩ ، ٢٢٠.
|
|
٣٩ ـ ٤٠ : (ليبيّن لهم الذي يختلفون فيه ،) ٢٢٠.
٤٥ ـ ٤٦ : (أفأمن الّذين مكروا السيّئات ،) ٢٢٠ ، ٢٢١.
٦٨ : (وأوحى ربّك إلى النحل) ٢٢١.
٨٣ : (ويوم نحشر من كلّ امّة) ٥٣.
الإسراء
١ : (سبحان الّذي أسرى بعبده ،) ٢٢٣.
٤ : (وقضينا إلى بني إسرائيل) ٢٢٨ ، ٢٣١.
٥ ـ ٦ : (فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا) ١٠٨ ، ٢٢٨ ، ٢٣١ ، ٢٣٢ ، ٣٣٨.
٧ : (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم) ٢٢٨ ، ٢٣١ ، ٢٣٢.
١٣ : (وكلّ إنسان ألزمناه طائره ،) ٢٠ ، ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، ٣٠٧.
٣٣ : (ولا تقتلوا النفس الّتي حرّم الله ،) ٢٣٧ ، ٢٣٨ ، ٢٣٩.
٧١ : (يوم ندعوا كلّ أناس بإمامهم) ٢٣٩.
٧٧ : (سنّة من قد أرسلنا قبلك) ١٠٣.
٨١ : (وقل جاء الحقّ وزهق الباطل) ٢٤٠ ، ٢٤١.
الكهف
٩ : (أم حسبت أنّ أصحاب الكهف ،) ٢٤٣ ، ٢٤٤.
|
١٠ : (إذ أوى الفتية إلى الكهف) ٢٤٤.
٢٥ : (ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين) ٢٤٤.
٤٧ : (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ،) ٥٣ ، ٧٣ ، ١٤٠ ، ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، ٢٤٦ ، ٢٩٠ ، ٣٣٣.
٦٥ : (فوجدا عبدا من عبادنا ،) ٢٤٦.
٨٣ : (ويسئلونك عن ذي القرنين) ٢٤٦.
٩٨ : (قال هذا رحمة من ربّي ،) ٢٤٧.
مريم
١ : (كهيعص ،) ٢٥٦.
١٢ : (وآتيناه الحكم صبيّا) ٢٤٨ ، ٢٤٩.
٢٩ ـ ٣٠ : (قالوا كيف نكلّم من كان) ٢٤٩.
٣٧ : (فاختلف الأحزاب من بينهم ،) ٢٦٠ ، ٢٦١ ، ٣١٦.
٤١ : (واذكر في الكتاب مريم ،) ٣٩.
٤٨ ـ ٤٩ : (وأعتزلكم وما تدعون ،) ١٤٩ ، ٢٦١ ، ٢٦٢.
٥١ ـ ٥٣ : (واذكر في الكتاب موسى) ٣٩ ، ٢٦١.
٥٤ ـ ٥٧ : (واذكر في الكتاب إسماعيل) ٣٩.
٥٧ : (ورفعناه مكانا عليّا ،) ٣٩.
٧٣ : (وإذا تتلى عليهم آياتنا) ٢٦٣.
٧٤ : (وكم أهلكنا قبلهم من قرن) ٢٦٣.
٧٥ : (حتّى إذا رأوا ما يوعدون) ٢٦٣ ، ٢٦٤.
|
|
٧٦ : (ويزيد الله الذين اهتدوا ،) ٢٦٤.
طه
١٢ : (فاخلع نعليك إنّك بالواد ،) ٢٥٥.
٣٨ ـ ٣٩ : (إذ أوحينا إلى امّك ،) ٢٦٥.
٥٩ : (وأن يحشر الناس ضحى ،) ٥٢٧.
٨٢ : (وإنّي لغفّار لمن آمن ،) ٢٧٣.
٨٨ : (هذا إلهكم وإله موسى ،) ١٧.
٩٠ ـ ٩١ : (يا قوم إنّما فتنتم به ،) ١٧.
١١٠ : (يعلم ما بين أيديهم وما ،) ٢٧٠.
١١٣ : (وكذلك أنزلناه قرآنا عربيّا ،) ٢٧١.
١١٥ : (ولقد عهدنا إلى آدم ،) ٢٧١.
١٢٣ : (فمن اتّبع هداي فلا يضلّ ،) ٢٧٢.
١٢٤ : (ومن أعرض عن ذكري ،) ٢٧٢.
١٣٥ : (فستعلمون من أصحاب الصراط ،) ٢٧٣.
الأنبياء
٣ : (وأسرّوا النجوى الّذين ،) ٤١٦.
١١ : (وكم قصمنا من قرية ،) ٢٧٤.
١٢ ـ ١٣ : (فلما أحسّوا بأسنا إذا هم منها ،) ١٧٧ ، ٢٧٤ ، ٢٧٥ ، ٢٧٦ ، ٢٧٧.
١٥ : (فما زالت تلك دعواهم حتّى ،) ٢٧٤ ، ٢٧٥ ، ٢٧٦ ، ٢٧٧.
٢٦ ـ ٢٧ : (بل عباد مكرمون* لا يسبقونه ،) ٣٣.
|
٣٨ : (ويقولون متى هذا الوعد ،) ٢٧٧.
٦٩ : (يا نار كوني بردا ،) ٣٩٨.
٧٢ : (ونجّيناه ولوطا إلى الأرض ،) ١٤٩.
٧٣ : (وجعلناهم أئمّة يهدون بأمرنا ،) ٢٧٧ ، ٢٧٨ ، ٢٨٥.
٨٤ : (وآتيناه أهله ومثلهم معهم ،) ٢٨٨.
٩٥ : (وحرام على قرية أهلكناها ،) ٥٣ ، ٧٣ ، ١٤٠ ، ٢٤٥ ، ٢٨٩ ، ٢٩٠.
١٠٥ : (ولقد كتبنا في الزبور ،) ٢٩٠ ، ٢٩١ ، ٣٢٤.
١٠٧ : (وما أرسلناك إلّا رحمة ،) ٣٢.
الحجّ
١٩ : (هذان خصمان اختصموا في ،) ٢٩٢.
٣٩ : (أذن للذين يقاتلون بأنّهم ظلموا ،) ٢٩٢ ، ٢٩٣.
٤١ : (الذين إن مكّناهم في الأرض ،) ٢٩٥.
٤٥ : (وبئر معطّلة وقصر مشيد ،) ٢٩٥.
٦٠ : (ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب ،) ٢٩٦.
٦٥ : (ويمسك السماء أن تقع ،) ٢٩٦.
٧٨ : (ليكون الرسول شهيدا عليكم ،) ١٤٣ ، ٤١٩.
المؤمنون
١ : (قد أفلح المؤمنون ،) ٢٩٨.
|
|
٥٠ : (وجعلنا ابن مريم وامّه آية ،) ١٦.
١٠١ : (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب ،) ٢٩٨.
النور
٣٥ : (الله نور السموات والأرض ،) ٢٩٩ ، ٣٠٠ ، ٣٠١.
٥٣ : (وأقسموا بالله جهد أيمانهم ،) ٣٠١.
٥٥ : (وعد الله الذين آمنوا منكم ،) ٣٠ ، ٥٣ ، ٧٣ ، ١٤٠ ، ٢٤٥ ، ٢٩٠ ، ٣٠١ ، ٣٠٢ ، ٣٠٣ ،
٣١٠ ، ٣١١ ، ٣١٢ ، ٤٧١ ، ٥٤٣.
الفرقان
١١ : (بل كذّبوا بالساعة وأعتدنا ،) ٣١٣ ، ٣١٤ ، ٥١٧.
٢٦ : (الملك يومئذ الحقّ للرحمن ،) ٣١٤.
٥٤ : (وهو الذي خلق من الماء بشرا ،) ٣١٤.
٦٣ ـ ٦٦ : (وعباد الرحمن الذين يمشون ،) ٣١٤ ، ٣١٥.
الشعراء
١ ـ ٢ : (طسم* تلك آيات الكتاب ،) ٣١٨.
٤ : (إن نشأ ننزّل عليهم من السماء ،) ٢٠٩ ، ٢٦٠ ، ٣١٦ ، ٣١٧ ، ٣١٨ ، ٣١٩ ، ٤٧٦.
٢١ : (ففررت منكم لما خفتكم) ٢٦ ، ٣٢١.
٢٠٥ ـ ٢٠٧ : (أفرأيت إن متعناهم سنين) ٣٢٢.
|
٢٧٧ : (وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ،) ١١٣ ، ٣٢٢ ، ٣٢٣.
النمل
١٥ : (ولقد آتينا داود وسليمان علما ،) ٢٩١ ، ٣٢٤.
٢٠ ـ ٢١ : (مالي لا أرى الهدهد) ٣٨٧.
٥٩ : (قل الحمد لله وسلام على عباده) ٣٢٤.
٦٢ : (أمّن يجيب المضطر إذا دعاه) ٤٤ ، ٤٩ ، ١٥١ ، ٣٢٥ ، ٣٢٦ ، ٣٢٧.
٧٥ : (وما من غائبة في السماء) ٣٨٧.
٨٢ : (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا) ٣٢٧ ، ٣٢٨ ، ٣٣٠ ، ٣٣٢ ، ٣٣٣.
٨٣ : (ويوم نحشر من كلّ أمة فوجا) ٧٣ ، ١٤٠ ، ٢٤٥ ، ٢٤٦ ، ٢٩٠ ، ٣٢٩ ، ٣٣٣.
٩٣ : (وقل الحمد لله سيريكم آياته) ٣٣٣.
القصص
٤ : (إنّ فرعون علا في الأرض) ٣٣٦.
٥ ـ ٦ : (ونريد أن نمنّ على الّذين ،) ٧٣ ، ١٠٨ ، ١٤٠ ، ٢٣٢ ، ٢٤٥ ، ٢٩٠ ، ٣١١ ، ٣٣٥ ، ٣٣٦
، ٣٣٧ ، ٣٣٨ ، ٣٤٠ ، ٣٤٢.
٨ : (فالتقطه آل فرعون ليكون) ١٠٢.
١٤ : (ولمّا بلغ أشدّه واستوى) ٢٤٩.
١٥ : (ودخل المدينة على حين غفلة) ٣٤٥ ،
|
|
٣٤٦.
١٨ : (فأصبح في المدينة خائفا يترقّب ،) ٣٤٢.
٢١ : (فخرج منها خائفا يترقّب ،) ٣٤٢.
٥٠ : (ومن أضلّ ممّن اتّبع هواه ،) ٢٨٨.
٦٨ : (وربّك يخلق ما يشاء ويختار ،) ٢٨٧ ، ٣٤٧.
٨٤ : (من جاء بالحسنة فله خير منها ،) ٤١٥.
٨٥ : (إنّ الذي فرض عليك القرآن ،) ٥٣ ، ٧٣ ، ١٤٠ ، ٢٤٥ ، ٢٩٠ ، ٣٥٠.
العنكبوت
١ ـ ٢ : (الم* أحسب الناس أن يتركوا ،) ٣٥١ ، ٣٥٢.
١٠ : (ولئن جاء نصر من ربّك ليقولنّ ،) ٣٥٢.
٤٩ : (بل هو آيات بيّنات في صدور ،) ٣٥٣.
الروم
١ ـ ٥ : (الم غلبت الروم ... بنصر الله ينصر ،) ٣٥٤.
لقمان
٢٠ : (وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ،) ٣٢ ، ٣٥٥.
٢٧ : (ولو أنّ ما في الأرض من شجرة ،) ٤٣٢.
٣٤ : (وما تدري نفس بأيّ أرض تموت ،) ٣٥٦ ، ٣٥٨ ، ٣٧٥ ، ٥١٦.
|
٥٦ : (وقال الّذين أوتوا العلم ،) ٢٨٥.
السجدة
٢١ : (ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى) ٣٦٠.
٢٧ : (أو لم يروا أنّا نسوق الماء إلى ،) ٣٦١.
٢٨ : (ويقولون متى هذا الفتح ،) ٣٦١.
٢٩ : (قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا ،) ٣٦١.
٣٠ : (فأعرض عنهم وانتظر ،) ٣٦١.
الأحزاب
٦ : (النبيّ أولى بالمؤمنين من ،) ٣٦٢ ، ٣٦٣.
١١ : (هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا ،) ٣٦٤.
٣٣ : (إنّما يريد الله ليذهب عنكم) ٣٦٤.
٣٦ : (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة ...) ٢٨٧
٤٠ : (ما كان محمّد أبا أحد ،) ٣٠.
٦١ ـ ٦٢ : (ملعونين أينما ثقفوا ... ولن تجد ،) ٣٤٧ ، ٣٧٥.
٦٣ : (يسئلك الناس عن الساعة) ٣٧٥ ، ٤١٢ ، ٥١٦.
سبأ
١٨ : (وجعلنا بينهم وبين القرى التي) ٣٧٧ ، ٣٧٨ ، ٣٨٠.
٢٩ : (ويقولون متى هذا الوعد إن) ٣٨٠.
٤٧ : (قل ما سألتكم من أجر ،) ٤١٥.
|
|
٥١ ـ ٥٤ : (ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت ،) ١٨٤ ، ٣٨٠ ، ٣٨٢ ، ٣٨٣ ، ٣٨٤.
فاطر
٢٤ : (وإن من امّة الّا خلا) ٤٢٦.
٣٢ : (ثمّ أورثنا الكتاب الذين اصطفينا ،) ٣٨٥ ، ٣٨٧ ، ٣٨٨.
٤١ : (إن الله يمسك السموات والأرض ،) ٣٨٨.
يس
٣٠ : (يا حسرة على العباد ما يأتيهم ،) ٣٩١.
٣٣ : (وآية لهم الأرض الميتة أحييناها ،) ٣٩٢.
الصافّات
١٠ : (إلّا من خطف الخطفة فاتبعه) ٣٩٣.
٨٣ : (وإنّ من شيعته لابراهيم) ٣ ، ٣٩٤.
١٣٠ : (سلام على إل ياسين) ٥.
ص
١٧ : (واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنّه) ٣٩٥.
٦٩ : (ما كان لي من علم بالملأ الأعلى) ٣٩٨.
٧١ : (إنّي خالق بشرا من) ٣٣.
٧٥ : (قال يا إبليس ما منعك أن) ٣١ ، ٣٢ ، ٣٨٥.
|
٧٧ : (قال فاخرج منها فإنّك رجيم ،) ٤٠٠.
٨٦ ـ ٨٧ : (قل ما أسألكم عليه من أجر ،) ٢٤٠ ، ٢٤١ ، ٤٠١ ، ٤١٦.
٨٨ : (ولتعلمنّ نبأه بعد حين ،) ٢٤٠ ، ٢٤١ ، ٤٠٠ ، ٤٠١.
الزمر
١٧ : (فبشّر عباد ،) ٤٠٢.
٥٤ : (أنيبوا إلى ربّكم وأسلموا له) ١٨٢.
٦٩ : (وأشرقت الأرض بنور ربّها) ٤٠٣.
٧٤ : (وقالوا الحمد لله الذي صدقنا) ٤٠٣ ، ٤٠٤.
غافر
٣٥ ، (كبر مقتا عند الله ،) ٢٨٨.
٥١ ، (إنا لننصر رسلنا والّذين) ٤٠٥ ، ٤٠٧.
٨٤ ـ ٨٥ ، (فلمّا رأوا بأسنا قالوا) ٣٥ ، ٢٥٢.
فصّلت
١٦ : (لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة ،) ١٨٢ ، ٤٠٨.
٣٠ : (إنّ الذين قالوا ربّنا الله ثمّ) ٤٠٨ ، ٤٠٩ ، ٥٦٢.
٣٤ : (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة) ٤٠٩ ، ٤١٠.
|
|
٤٣ : (ما يقال لك إلّا ما قد قيل ،) ١٠٣.
٤٥ : (ولقد آتينا موسى الكتاب ،) ٤١٠.
٥٣ : (سنريهم آياتنا في الآفاق ،) ٤١٠.
الشورى
١ ـ ٢ : (حم* عسق ،) ٤١١.
١٧ : (وما يدريك لعلّ الساعة قريب ،) ٤١١ ، ٤١٢ ، ٤٧٥ ، ٥١٧.
١٨ : (يستعجل بها الّذين لا يؤمنون ،) ٣٧٥ ، ٤١١ ، ٤١٢ ، ٤٧٥ ، ٥١٧.
٢٠ : (من كان يريد حرث الآخرة نزد ،) ٤١٢ ، ٤١٣.
٢١ : (ولو لا كلمة الفصل لقضي بينهم ،) ٢٤٠ ، ٤١٣.
٢٣ : (قل لا أسألكم عليه أجرا إلّا ،) ٤١٣ ، ٤١٤ ، ٤١٥.
٢٣ : (ومن يقترف حسنة نزد له فيها) ٤١٥.
٢٤ : (أم يقولون افترى على الله كذبا) ٤١٥ ، ٤١٦.
٤١ : (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك) ٤١٧.
٤٥ : (وتراهم يعرضون عليها خاشعين) ٤١٧.
الزخرف
٢٨ : (وجعلها كلمة باقية في عقبه ،) ٤٠ ، ٢٣٩ ، ٣٦٣ ، ٤١٨ ، ٤١٩ ، ٤٢٠.
|
٥٧ : (ولمّا ضرب ابن مريم مثلا ،) ٤٢١.
٦١ : (وإنّه لعلم للساعة) ٤٢١ ، ٤٢٢ ، ٥١٦.
٦٥ : (فاختلف الأحزاب من بينهم) ٤٢٣ ، ٤٢٤.
٦٦ : (هل ينظرون إلّا الساعة) ٤٢٤ ، ٥١٧.
٨٥ : (وعنده علم الساعة) ٤٧٥.
٨٦ : (إلّا من شهد بالحقّ) ١٨.
الدخان
١ ـ ٢ : (حم* والكتاب المبين) ٤٢٥ ، ٤٢٦ ، ٤٢٩ ، ٤٣٠.
٣ : (إنّا أنزلناه في ليلة مباركة) ٤٢٥ ، ٤٢٦.
٤ : (فيها يفرق كلّ) ٤٢٥ ، ٤٢٦ ، ٤٣٠ ، ٤٣٢ ، ٥٣٨ ، ٥٤٠ ، ٥٤١ ، ٥٤٨.
١٠ : (يوم تأتي السماء بدخان مبين) ٤٣٢ ، ٤٣٣.
الجاثية
١٤ : (قل للذين آمنوا يغفروا للذين) ٤٣٦.
الأحقاف
١ ـ ٦ : (حم* تنزيل الكتاب ،) ٩٤ ، ٤٣٨ ، ٤٤٠.
١٣ : (إنّ الذين قالوا ربّنا الله ،) ٤٤٠ ، ٤٤١ ، ٥٦٢.
١٤ : (حتّى إذا بلغ أشدّه ،) ٢٤٨.
|
|
محمّد
٨ : (فتعسا لهم وأضلّ أعمالهم ،) ٢٨٨.
١٧ : (والذين اهتدوا زادهم هدى ،) ٤٤٢.
١٨ : (فهل ينظرون إلّا الساعة أن ،) ٣٧٥ ، ٤٤٢ ، ٤٤٥ ، ٤٥١ ، ٥١٦.
٢٢ : (فهل عسيتم إن تولّيتم ،) ٤٤٢.
٢٤ : (أفلا يتدبّرون القرآن ،) ٢٨٧ ، ٣٤٦.
الفتح
١٠ : (إنّ الذين يبايعونك انما يبايعون ،) ٤٦٤.
٢٥ : (لو تزيلوا لعذّبنا الذين كفروا ،) ٤٦٦ ، ٤٦٧.
٢٨ : (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ،) ٤٦٧ ، ٤٦٨ ، ٤٩١.
ق
٤١ : (واستمع يوم يناد المناد ،) ٤٦٩.
٤٢ : (يوم يسمعون الصيحة بالحقّ ذلك ،) ٤٦٩.
٤٣ : (يوم تشقّق الأرض عنهم ،) ٤٦٩.
الذاريات
٢٢ : (وفي السماء رزقكم وما توعدون ،) ٤٨ ، ٤٧١ ، ٤٧٢.
٢٣ : (فوربّ السماء والأرض إنّه لحقّ ،) ٤٨ ،
|
٣٠٢ ، ٤٧١ ، ٤٧٢.
الطور
١ ـ ٣ : (والطور وكتاب مسطور في رقّ ،) ٤٧٣.
٤ : (والبيت المعمور ،) ٤٧٣.
القمر
١ : (اقتربت الساعة وانشقّ القمر ،) ١٧٦ ، ٤٧٤ ، ٤٧٥ ، ٥١٦.
٢ : (وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا ،) ٣١٧ ، ٤٧٦.
١٠ : (فدعا ربّه أنّي مغلوب ،) ٤١٩.
الرحمن
٤١ : (يعرف المجرمون بسيماهم) ٤٧٧.
الواقعة
٤١ : (وأصحاب الشمال ما أصحاب) ٤٧٨.
الحديد
١٦ : (ولا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب ،) ١٧ ، ٤٨٠.
١٧ : (اعلموا أنّ الله يحيى الأرض بعد ،) ٤٨٠ ، ٤٨١.
١٩ : (والّذين آمنوا بالله ورسوله اولئك ،) ٤٨١ ، ٤٨٢ ، ٤٨٣ ، ٥٥٨ ، ٥٥٩.
|
|
٢٣ : (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ،) ٤٣٠.
المجادلة
٢٢ : (وأيّدهم بروح منه ،) ١٦ ، ٣٠٤ ، ٤٨٧ ، ٤٨٨.
الحشر
١٣ : (لأنتم أشدّ رهبة في صدورهم ،) ٣١.
الممتحنة
١٣ : (لا تتولّوا قوما غضب الله عليهم ،) ٤٩٠.
الصفّ
٨ : (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ،) ١٦٠ ، ٤٩١ ، ٤٩٢.
٩ : (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ،) ١٥٠ ، ٤٩١ ، ٤٩٢ ، ٤٩٣ ، ٤٩٤.
١٣ : (وأخرى تحبّونها نصر من الله ،) ٤٩٤.
التغابن
٧ : (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا ،) ٤٩٥ ، ٤٩٦.
٨ : (فآمنوا بالله ورسوله والنور ،) ٣٠٠ ، ٤٩١.
١٢ : (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ،) ٤٩٧.
|
الطلاق
٢ ـ ٣ : (ومن يتّق الله يجعل له مخرجا ،) ٤٩٨.
التحريم
٦ : (لا يعصون الله ما أمرهم ،) ٣٣.
الملك
٢٥ : (ويقولون متى هذا الوعد إن ،) ٤٩٩.
٣٠ : (قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا ،) ٤٩٩ ، ٥٠٠ ، ٥٠١.
القلم
١٥ : (إذا تتلى عليه آياتنا قال ،) ٥٠٣.
٣٧ ـ ٤٢ : (ما لكم كيف تحكمون* أم لكم كتاب ،) ٢٨٧.
المعارج
١ ـ ٣ : (سأل سائل بعذاب واقع ... من الله) ٥٠٤.
٢٦ : (والذين يصدّقون بيوم الدّين) ٢٤٠ ، ٥٠٥.
٤٤ : (خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلّة) ٥٠٥.
|
|
نوح
١٠ ـ ١١ : (فقلت استغفروا ربّكم ،) ٣٢.
٢٦ ـ ٢٧ : (ربّ لا تذر على الأرض ،) ٢٧.
الجنّ
١٨ : (وأنّ المساجد لله فلا تدعوا مع ،) ٥٠٦.
١٩ : (وأنّه لمّا قام عبد الله ،) ٥٠٧.
٢٤ : (حتّى إذا رأوا ما يوعدون ،) ٢٦٤ ، ٥٠٦ ، ٥٠٧.
٢٥ : (إن أدري أقريب ،) ٥٠٧.
٢٦ : (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه ،) ٣٥٨ ، ٤٣١ ، ٥٠٧ ، ٥١١.
المدّثّر
٤ : (وثيابك فطهّر ،) ٥١٢.
٨ ـ ١٠ : (فإذا نقر في الناقور* فذلك) ٥١٢ ، ٥١٣.
٣١ : (وما جعلنا أصحاب النار) ٥١ ، ٥١٤.
٣٨ : (كلّ نفس بما كسبت ،) ٥١٤.
٤٨ : (وكنّا نكذّب بيوم الدين حتّى) ٥١٤.
الإنسان
٣٠ : (وما تشاؤون إلّا أن يشاء الله ،) ٥١٥.
|
النازعات
٤٢ : (يسألونك عن الساعة أيّان مرساها ،) ٣٧٥ ، ٥١٦.
التكوير
١٥ : (فلا أقسم بالخنس* الجوار الكنّس ،) ٥١٨ ، ٥١٩.
الانشقاق
١٩ : (لتركبنّ طبقا عن طبق ،) ٥٢١ ، ٥٢٢.
البروج
١ : (والسماء ذات البروج) ٣٩٠ ، ٥٢٣.
١٥ ـ ١٧ : (إنّهم يكيدون كيدا* واكيد كيدا ،) ٥٢٣ ، ٥٢٤.
الغاشية
١ ـ ٣ : (هل اتاك حديث الغاشية* وجوه) ٥٢٥.
الفجر
١ ـ ٤ : (والفجر وليال عشر* والشفع) ٥٢٦.
٢٢ : (وجاء ربّك والملك صفّا صفّا) ٣٦١ ، ٥٢٦.
|
|
الشمس
١ ـ ٢ : (والشمس وضحاها* والقمر ،) ٥٢٧.
٣ : (والنهار إذا جلّاها ،) ٥٢٧.
الليل
١ ـ ٢ : (والليل إذا يغشى* والنهار إذا تجلّى ،) ٥٢٨.
٥ ـ ١٣ : (فأمّا من أعطى واتّقى ،) ٥٢٩.
١٤ : (فأنذرتكم نارا تلظّى ،) ٥٢٨.
١٥ ـ ١٦ : (لا يصلاها الّا الأشقى ،) ٥٢٩.
الضحى
٩ : (فأمّا اليتيم فلا تقهر ،) ٥٣٠.
القدر
١ ـ ٢ : (إنا أنزلناه في ليلة القدر ،) ٤٢٨ ، ٥٢٠ ، ٥٣٧ ، ٥٣٨ ، ٥٤٠ ، ٥٤١ ، ٥٤٦ ، ٥٤٧.
٣ : (خير من ألف شهر ،) ٤٢٦ ، ٥٣٧ ، ٥٤١ ، ٥٤٨.
٤ : (تنزّل الملائكة والروح ،) ٤٢٦ ، ٥٣٧ ، ٥٤١ ، ٥٤٦.
٥ : (سلام هي حتّى ،) ٤٢٦ ، ٥٣٧ ، ٥٤١ ، ٥٤٢.
|
البيّنة
٥ : (وما أمروا إلّا ليعبدوا الله ،) ٥٥٠.
٧ : (إن الذين آمنوا وعملوا ،) ٥٥٠.
التكاثر
٣ ـ ٧ : (كلّا سوف تعلمون* ثمّ كلّا سوف ،) ٥٥٢.
٨ : (ثم لتسئلنّ يومئذ عن النعيم ،) ٥٥٢ ، ٥٥٣.
|
|
٥٥٤.
العصر
١ ـ ٢ : (والعصر* إن الإنسان لفي خسر ،) ٥٥٥.
النصر
٢ : (ورأيت الناس يدخلون ،) ٥٥٦.
|
فهرس المصادر
* القرآن الكريم.
* إحقاق الحق وإزهاق الباطل / للشهيد التستريّ.
* الاحتجاج / الطبرسيّ.
* الاختصاص / المفيد.
* الثاقب في المناقب / ابن حمزة الطوسي.
* الخصال / الصدوق.
* الصراط المستقيم / البيّاضيّ.
* الغيبة / الطوسيّ.
* الغيبة / للنعمانيّ.
* الكافي / الكلينيّ.
* المحجّة في ما نزل للقائم الحجّة عليهالسلام / البحراني.
* أمالي الشيخ الطوسيّ.
|
|
* بحار الأنوار / المجلسيّ.
* بصائر الدرجات / الصفّار.
* تأويل الآيات الظاهرة / شرف الدّين.
* تفسير البرهان / البحرانيّ.
* تفسير العيّاشيّ.
* تفسير عليّ بن إبراهيم القمّيّ.
* تفسير فرات بن إبراهيم الكوفيّ.
* دلائل الإمامة / الطبريّ.
* روضة الكافي / الكلينيّ.
* شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد.
* عيون أخبار الرضا عليهالسلام الصدوق.
* كمال الدّين / الصدوق.
* مصابيح الأنوار / السيد عبد الله شبّر.
* معاني الأخبار / الصدوق.
|
فهرس الموضوعات
الإهداء ........................................................................ ٥
شكر وتقدير ................................................................... ٦
المقدّمة ......................................................................... ٧
الاعتقاد بالمهديّ المنتظر عليهالسلام .................................................. ٧
القرآن الكريم والاعتقاد بالمهديّ المنتظر عليهالسلام ..................................... ٧
السّنّة والاعتقاد بالمهديّ المنتظر عليهالسلام ............................................ ٨
شبهات حول المهديّ عليهالسلام ..................................................... ٨
تمهيد ......................................................................... ١١
أصل الإمامة في الإسلام ..................................................... ١١
لا تخلو الأرض من حجّة ..................................................... ١١
الإمام المهديّ عليهالسلام خاتم الأئمّة عليهمالسلام ......................................... ١٢
مقدّمة المؤلّف ................................................................. ١٣
(سورة البقرة)
............................................................... ١٥
كلام الشيخ الصدوق في الغيبة ............................................... ١٧
وجوب معرفة المهديّ عليهالسلام ................................................... ١٨
إثبات الغيبة والحكمة فيها..................................................... ١٩
تحقيق للعلّامة الكراجكيّ في الغيبة وسببها....................................... ٢٣
كلام الشيخ الصدوق في الآية................................................. ٢٨
الخليفة قبل الخليقة ........................................................... ٢٨
وجوب طاعة الخليفة ......................................................... ٢٩
ليس لأحد ان يختار الخليفة إلّا الله عزوجل ..................................... ٣٣
وجوب وحدة الخليفة في كلّ عصر ............................................. ٣٣
لزوم وجود الخليفة ........................................................... ٣٤
وجوب عصمة الإمام ........................................................ ٣٤
المهديّ عليهالسلام كلمة من كلمات الله عزوجل ...................................... ٤٠
مع المهديّ عليهالسلام حجر موسى عليهالسلام ........................................... ٤١
الخزي لأعداء الله في عهد المهديّ عليهالسلام......................................... ٤٢
تأويل وجه الله تعالى بالمهديّ عليهالسلام............................................. ٤٢
المهديّ عليهالسلام يستخرج تابوت السّكينة.......................................... ٥٤
تشبيه غيبة المهديّ عليهالسلام بغيبة داود عليهالسلام....................................... ٥٥
مثل المهديّ عليهالسلام مثل العزير عليهالسلام............................................. ٥٩
الحكمة هي معرفة القائم عليهالسلام................................................. ٦٠
المهديّ عليهالسلام في ضحضاح من نور عن يمين العرش................................ ٦٠
(سورة آل عمران)
.......................................................... ٦٢
فضل التقيّة في عصر الغيبة.................................................... ٦٢
انّ الجفنة الّتي أنزلت على فاطمة عليهاالسلام من مواريث المهديّ عليهالسلام.............. ٦٤
المهديّ عليهالسلام يكلّم الناس في المهد.............................................. ٦٥
عيسى عليهالسلام يصلّي خلف المهديّ عليهالسلام......................................... ٦٧
الرجعة في زمن المهديّ عليهالسلام................................................... ٧٣
الإسلام يعمّ الأرض في زمان المهديّ عليهالسلام....................................... ٧٤
ولاية المهديّ عليهالسلام هي الحرم الآمن............................................. ٧٥
يؤلّف الله بين القلوب بالمهديّ عليهالسلام............................................ ٧٦
أصحاب المهديّ عليهالسلام بعدد أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله ببدر............................ ٧٦
ملائكة بدر ينصرون المهديّ عليهالسلام............................................. ٧٩
دولة القائم عليهالسلام دولة الله عزوجل.............................................. ٨٠
المرابطة في انتظار الإمام المهديّ عليهالسلام........................................... ٨٢
(سورة النساء)
.............................................................. ٨٤
تشبيه غيبة
المهديّ عليهالسلام بغيبات عيسى عليهالسلام ................................. ١٠٠
(سورة المائدة)
............................................................. ١٠٤
تيه المسلمين في غيبة المهديّ عليهالسلام كتيه بني إسرائيل............................. ١٠٩
خزي الكفّار على يد المهديّ عليهالسلام........................................... ١١٤
رجوع النصارى للتوحيد عند ظهور المهديّ عليهالسلام................................ ١١٦
(سورة الأنعام)
............................................................ ١١٧
خروج السفياني من المحتوم................................................... ١١٧
آية طلوع الشمس من مغربها عند ظهور المهديّ عليهالسلام............................ ١١٨
وقوع الفتن قبل ظهور المهديّ عليهالسلام........................................... ١١٩
آيات قبل ظهور المهديّ عليهالسلام................................................ ١٢٠
انتظار الفرج عبادة.......................................................... ١٢٢
(سورة الأعراف)
.......................................................... ١٣٠
وجه الشبه بين غيبة صالح عليهالسلام وغيبة المهديّ عليهالسلام
............................ ١٣٦
عصا موسى عليهالسلام من مواريث المهديّ عليهالسلام.................................... ١٣٧
إنّ دولة آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم آخر الدول...................................... ١٣٨
الشبه بين غيبة المهديّ عليهالسلام وغيبة موسى عليهالسلام................................ ١٣٩
دلالة الآية على الرجعة..................................................... ١٣٩
المهديّ عليهالسلام يضع الأغلال والآصار عن المؤمنين............................... ١٤١
المهديّ عليهالسلام هو الهادي إلى الحقّ والشاهد على
الناس........................... ١٤٣
مثل القائم عليهالسلام كمثل الساعة............................................... ١٤٤
النهي عن التوقيت
......................................................... ١٤٦
(سورة الأنفال)
............................................................ ١٤٧
المهديّ عليهالسلام أمان لاهل الأرض والسماء ..................................... ١٤٨
كلام للشيخ الصدوق ..................................................... ١٤٨
المهديّ عليهالسلام أولى في كتاب الله .............................................. ١٥٣
(سورة التوبة)
............................................................. ١٥٤
حتميّة التمحيص .......................................................... ١٥٤
المخالفون يعطون الجزية في زمان المهديّ عليهالسلام .................................. ١٥٧
المهديّ عليهالسلام نور الله في الأرض .............................................. ١٥٧
ظهور الإسلام على الأديان كلّها في زمن المهديّ عليهالسلام .......................... ١٥٨
استخراج كنوز الأرض في زمان المهديّ عليهالسلام ................................... ١٦٢
المهديّ عليهالسلام من الصادقين ................................................. ١٦٩
(سورة يونس).............................................................. ١٧٠
المهديّ عليهالسلام هو الوعد الحق ................................................ ١٨٠
المسخ لأعداء الله قبل ظهور المهديّ عليهالسلام ..................................... ١٨٢
(سورة هود)............................................................... ١٨٣
من علامات الظهور النداء من السماء ........................................ ١٨٥
شبه غيبة المهديّ عليهالسلام بغيبة نوح عليهالسلام ....................................... ١٨٦
المهديّ عليهالسلام بقيّة الله في الأرض ............................................. ١٨٨
(سورة يوسف)............................................................. ١٩٢
فضل انتظار ظهور المهديّ عليهالسلام ............................................. ١٩٢
شبه غيبة المهديّ عليهالسلام بيوسف عليهالسلام ........................................ ١٩٣
ظهور المهديّ عليهالسلام بعد اليأس ............................................... ١٩٧
(سورة الرعد).............................................................. ١٩٨
طوبى للمؤمنين بالمهديّ عليهالسلام في غيبته ....................................... ١٩٩
كلام للشيخ الصدوق في معنى الحديث ....................................... ٢٠٢
(سورة إبراهيم)............................................................. ٢٠٤
المهديّ عليهالسلام من نعم الله تعالى .............................................. ٢٠٦
(سورة الحجر) ............................................................. ٢٠٨
رجم الشيطان في عهد المهديّ عليهالسلام........................................... ٢٠٨
الوقت المعلوم يوم قيام القائم عليهالسلام............................................ ٢٠٨
المهديّ عليهالسلام من المتوسّمين................................................... ٢١٠
(سورة النحل)............................................................. ٢١٢
أمر الله هو ظهور المهديّ عليهالسلام .............................................. ٢١٢
وجوب الإيمان بالرجعة...................................................... ٢١٨
خروج المهديّ عليهالسلام هو أمر الله.............................................. ٢١٨
في رجعة الشيعة مع المهديّ عليهالسلام............................................. ٢١٩
المهديّ عليهالسلام يوحى إليه كما أوحي إلى مريم.................................... ٢٢١
(سورة الإسراء)............................................................ ٢٢٣
النصّ على المهديّ في إسراء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم................................... ٢٢٣
العباد المبعوثون في زمان المهديّ عليهالسلام في الكرّة.................................. ٢٢٨
سلمان من أنصار المهديّ عليهالسلام في الكرّة...................................... ٢٣٢
المهديّ عليهالسلام هو وليّ دم الحسين عليهالسلام المظلوم.................................. ٢٣٧
(سورة الكهف)............................................................ ٢٤٣
دلالة الآية على الرجعة في زمن المهديّ عليهالسلام .................................. ٢٤٥
شبه غيبة المهديّ بغيبة الخضر عليهماالسلام ........................................ ٢٤٦
انّ المهديّ عليهالسلام مثل ذي القرنين يظهر بعد غيبة ............................... ٢٤٧
(سورة مريم)............................................................... ٢٤٨
دلالة الآية على إمامة الحجّة عليهالسلام وهو صبيّ .................................. ٢٤٨
ذكر من شاهد القائم عليهالسلام ورآه وكلّمه وهو طفل .............................. ٢٥٠
شبه غيبة المهديّ عليهالسلام بغيبة إبراهيم عليهالسلام في اعتزاله ............................ ٢٦١
كلام الشيخ الصدوق ...................................................... ٢٦٢
(سورة طه)................................................................ ٢٦٥
شباهة مولد الحجّة بخفاء مولد موسى عليهماالسلام................................... ٢٦٥
أخذ ميثاق الأنبياء على الإقرار بالمهديّ عليهالسلام.................................. ٢٧١
خزي النّصّاب في الرجعة.................................................... ٢٧٢
(سورة الأنبياء)............................................................. ٢٧٤
هل يمكن للأمّة اختيار الإمام المعصوم......................................... ٢٨٤
في المهديّ عليهالسلام سنّة من أيّوب عليهالسلام.......................................... ٢٨٩
إثبات الرجعة في عهد المهديّ عليهالسلام........................................... ٢٩٠
المهديّ عليهالسلام وأصحابه يرثون الأرض.......................................... ٢٩١
(سورة الحجّ) .............................................................. ٢٩٢
المهديّ عليهالسلام أمان لأهل الأرض ............................................. ٢٩٧
(سورة المؤمنون)............................................................ ٢٩٨
(سورة النور)............................................................... ٢٩٩
أئمّة أهل
البيت عليهمالسلام هم المستضعفون في الأرض.............................. ٣٠١
(سورة الفرقان)............................................................. ٣١٣
(سورة الشعراء)............................................................ ٣١٦
بعض علامات
الظهور ..................................................... ٣١٦
(سورة النمل).............................................................. ٣٢٤
خروج دابّة
الأرض في آخر الزمان ............................................ ٣٢٨
(سورة القصص)........................................................... ٣٣٥
الإمام المهديّ عليهالسلام يقرأ الآية عند مولده الشريف............................... ٣٣٩
صورة ثانية لحديث المولد الشريف............................................. ٣٤١
كلام للمحدّث الجليل الشيخ حسين بن عبد الوهاب........................... ٣٤٥
(سورة العنكبوت).......................................................... ٣٥١
بيان للمجلسيّ ............................................................ ٣٥٢
(سورة الروم)............................................................... ٣٥٤
(سورة لقمان).............................................................. ٣٥٥
الإمام الغائب هو نعمة الله الباطنة............................................ ٣٥٥
الإمام المهديّ عليهالسلام يخبر بالغيب.............................................. ٣٥٦
(سورة السجدة) ........................................................... ٣٦٠
(سورة الأحزاب)........................................................... ٣٦٢
المهديّ عليهالسلام أولى بالمؤمنين من أنفسهم........................................ ٣٦٢
ابتلاء المؤمنين في غيبة المهديّ عليهالسلام .......................................... ٣٦٤
المهديّ من أهل البيت...................................................... ٣٦٥
مولد الإمام المهديّ عليهالسلام طاهرا مطهّرا......................................... ٣٧٣
(سورة سبأ)................................................................ ٣٧٧
الخسف بجيش
السفيانيّ .................................................... ٣٨٠
(سورة فاطر)............................................................... ٣٨٥
المهديّ عليهالسلام أمان لأهل السماء والأرض ..................................... ٣٨٨
(سورة يس)................................................................ ٣٩١
(سورة الصافّات)........................................................... ٣٩٣
(سورة ص)................................................................ ٣٩٥
(سورة الزمر).............................................................. ٤٠٢
(سورة غافر)............................................................... ٤٠٥
(سورة فصّلت)............................................................. ٤٠٨
الشيعة
الثابتون على القول بالامامة .......................................... ٤٠٩
(سورة الشورى)............................................................ ٤١١
المهديّ عليهالسلام ممّن نزلت فيه آية المودّة.......................................... ٤١٣
(سورة الزخرف)............................................................ ٤١٨
نزول عيسى عليهالسلام ......................................................... ٤٢١
(سورة الدخان)............................................................ ٤٢٥
دلالة الآية
على وجوب وجود إمام العصر عليهالسلام وحياته ......................... ٤٢٧
الإمام المهديّ عليهالسلام صاحب ليلة القدر في عصرنا هذا .......................... ٤٣٠
قصة الدجّال وخروجه عند العامّة ............................................ ٤٣٣
(سورة الجاثية)............................................................. ٤٣٦
آل محمّد صلىاللهعليهوآله هم أيّام الله ................................................. ٤٣٦
(سورة الأحقاف)........................................................... ٤٣٨
(سورة محمّد).............................................................. ٤٤٢
أشراط الساعة............................................................. ٤٤٣
(سورة الفتح).............................................................. ٤٦٤
البيعة للقائم عليهالسلام ......................................................... ٤٦٤
(سورة ق)................................................................. ٤٦٩
(سورة الذاريات)........................................................... ٤٧١
(سورة الطور).............................................................. ٤٧٣
عهد من الله
ورسوله وأمير المؤمنين للمهديّ عليهالسلام .............................. ٤٧٣
(سورة القمر).............................................................. ٤٧٤
(سورة الرحمن)............................................................. ٤٧٧
(سورة الحديد)............................................................. ٤٨٠
(سورة المجادلة)............................................................. ٤٨٧
الروح القدس مع
الحجّة والأئمّة الطاهرين عليهمالسلام ................................ ٤٨٧
(سورة الممتحنة)............................................................ ٤٩٠
(سورة الصفّ)............................................................. ٤٩١
(سورة التغابن)............................................................. ٤٩٥
(سورة الطلاق)............................................................ ٤٩٨
(سورة الملك).............................................................. ٤٩٩
(سورة القلم).............................................................. ٥٠٣
(سورة المعارج)............................................................. ٥٠٤
(سورة الجنّ)............................................................... ٥٠٦
الإمام المهديّ
عليهالسلام ينبئ بالغيب عن
الله عزوجل ................................ ٥٠٧
(سورة المدّثّر).............................................................. ٥١٢
(سورة الإنسان)............................................................ ٥١٥
إشاءة الأئمّة عليهمالسلام من إشاءة الله عزوجل ...................................... ٥١٥
(سورة النازعات)........................................................... ٥١٦
(سورة التكوير)............................................................ ٥١٨
تفسير للمجلسيّ........................................................... ٥١٨
مولد المهديّ عليهالسلام برواية ابن حمزة............................................ ٥١٩
(سورة الإنشقاق).......................................................... ٥٢١
(سورة البروج)............................................................. ٥٢٣
(سورة الغاشية)............................................................ ٥٢٥
(سورة الفجر)............................................................. ٥٢٦
(سورة الشمس)............................................................ ٥٢٧
(سورة الليل).............................................................. ٥٢٨
(سورة الضحى)............................................................ ٥٣٠
فضل تعليم
الشيعة في غيبة الإمام المهديّ عليهالسلام ................................ ٥٣٠
(سورة القدر).............................................................. ٥٣٧
مقدّرات السنة تتنزّل على أئمّة أهل البيت عليهمالسلام............................... ٥٣٧
نزول الملائكة على الأئمّة عليهمالسلام في كلّ عام.................................... ٥٤٦
نتيجة وفائدة مهمّة......................................................... ٥٤٨
(سورة البيّنة).............................................................. ٥٥٠
(سورة التكاثر)............................................................. ٥٥٢
المهديّ عليهالسلام هو النعيم الّذي يسأل عنه....................................... ٥٥٢
(سورة العصر)............................................................. ٥٥٥
(سورة النصر)............................................................. ٥٥٦
وظيفة الفرد
المؤمن في عصر الغيبة............................................ ٥٥٧
انتظار الفرج .............................................................. ٥٥٧
على العالم أن
يظهر علمه ................................................... ٥٦٢
الدعاء لتعجيل
الفرج ....................................................... ٥٦٦
زيارته صلوات
الله عليه ..................................................... ٥٦٦
الدعاء عقيب
هذا القول ................................................... ٥٦٨
«زيارة الحجّة
يوميّا بعد فريضة الصبح» ....................................... ٥٦٩
الاستغاثة
بالحجّة صاحب العصر عليهالسلام ....................................... ٥٦٩
مناجاة للتشرف
برؤيا النبيّ صلىاللهعليهوآله أو الإمام الحجّة عليهالسلام في المنام................... ٥٧٠
تهذيب النفس
وتزكيتها للتشرّف بلقاء الإمام عليهالسلام............................... ٥٧١
بشارة الإمام المهديّ
عليهالسلام لشيعته ومواليه...................................... ٥٧٢
كلمة أخيرة ............................................................... ٥٧٣
الفهارس
الفنيّة................................................................ ٥٧٥
فهرس الآيات.............................................................. ٥٧٧
فهرس المصادر............................................................. ٥٩٣
فهرس الموضوعات.......................................................... ٥٩٤
|