


سورة فصلت
معنى
السورة : فعل ماض
مبني للمجهول .. بمعنى : ميزت نحو فصلت آيات الكتاب : أي ميزت وجعلت تفاصيل في
معان مختلفة .. ويقال : فصلت الشيء ـ أفصله ـ تفصيلا : بمعنى : جعلته فصولا
متمايزة .. ومنه جزء المفصل ـ بفتح الصاد .. اسم مفعول ـ سمي بذلك لكثرة فصوله وهي
السور الشريفة و «الفصول» جمع «الفصل» ويقال : فصل الكلام : أي بينه وهو ضد أجمله.
تسمية
السورة : سميت إحدى
سور القرآن الكريم بالفعل «فصلت» والتسمية مأخوذة من الآية الكريمة الثالثة من هذه
السورة الكريمة التي جاء بها قوله تعالى : (كِتابٌ فُصِّلَتْ
آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) وفي الآية الكريمة السابعة والثلاثين قال تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ
وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا
لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) وبسبب هذه الآية الكريمة سميت سورة «فصلت» أيضا سورة «السجدة»
وسميت فصلت لورود قوله تعالى في آية أخرى في الآية الرابعة والأربعين : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً
أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ
هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ ..) صدق الله العظيم. وفي الآية الكريمة المذكورة آنفا (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ ..) بمعنى : وضحت بعض آياته عن بعضها الآخر باختلاف الفواصل
والمعاني. وقوله (قُرْآناً عَرَبِيًّا
لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) معناه : لقوم يعرفون درجته من السمو ومنزلته من الفصاحة
والبيان والإعجاز. وكلمة «أعجمي» في قوله تعالى (وَلَوْ جَعَلْناهُ
قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ ..) منسوبة إلى «الأعجم» وهو الذي لا يفصح ولا يبين كلامه
وإن كان من العرب أي في لسانه عجمة .. أي لو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا أقرآن
أعجمي ومخاطب عربي؟ فهلا وضحت آياته وبينت بلسان نفقهه .. أي نفهمه؟
فضل
قراءة السورة : قال نبي الله العادل محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ «فصلت» أعطاه الله بكل حرف عشر حسنات» صدق
رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ. أخرج عبد بن حميد وأبو يعلى والبغوي : إن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قرأها على عتبة بن ربيعة إلى قوله تعالى : (فَإِنْ أَعْرَضُوا) ـ الآية الثالثة عشرة ـ وكانت قريش قد أرسلته مندوبا
عنها ليفاوض النبي في ترك دعوته ويقدموا له المال والنساء وغيرهما فعاد عتبة قائلا
عن القرآن : والله ما هو بشعر ولا كهانة.
إعراب آياتها
(حم)
(١)
هذه الأحرف
وأمثالها التي تبدأ بها السور الشريفة شرحت بصورة مفصلة في سورة «يوسف».
(تَنْزِيلٌ مِنَ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(٢)
(تَنْزِيلٌ مِنَ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) : خبر «حم» مرفوع بالضمة المنونة إن جعلت «حم» في موضع
رفع مبتدأ على أنها اسم للسورة. وإن جعلت «حم» تعديدا للحروف كان «تنزيل» خبر
مبتدأ محذوف تقديره : هذا القرآن تنزيل. من الرحمن : جار ومجرور في محل رفع متعلق
بتنزيل أو بصفة محذوفة منه. الرحيم : صفة ـ نعت ـ للرحمن مجرور مثله وعلامة جره
الكسرة بمعنى من الله الرحمن الرحيم. فأقيمت الصفة مقام الموصوف وعلى هذا التقدير
يكون «الرحمن الرحيم» صفتين ـ نعتين ـ للفظ الجلالة سبحانه.
(كِتابٌ فُصِّلَتْ
آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)
(٣)
(كِتابٌ فُصِّلَتْ
آياتُهُ) : خبر ثان للمبتدإ «حم» أي خبر بعد خبر إن جعلت «حم»
اسما للسورة وإن جعلت «حم» تعديدا للحروف أعرب «كتاب» بدلا من «تنزيل» أو خبرا
ثانيا للمبتدإ المحذوف وهو مرفوع بالضمة المنونة أو يكون «كتاب» خبر مبتدأ محذوف
تقديره هذا كتاب أو يكون «تنزيل» مبتدأ وخبره «كتاب» وجاز الابتداء بتنزيل وهو اسم
نكرة
لأنه عرف بعد تخصصه بالصفة. فصلت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح
والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. آياته : نائب فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف
والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «فصلت آياته»
في محل رفع صفة ـ نعت لكتاب.
(قُرْآناً عَرَبِيًّا) : مفعول به منصوب على المدح والاختصاص أي أراد بهذا
الكتاب المفصل قرآنا من صفته كذا وكذا ويجوز أن يكون منصوبا على الحال أي فصلت
آياته في حال كونه قرآنه عربيا وعلامة نصبه الفتحة المنونة. عربيا : صفة ـ نعت ـ للموصوف
«قرآنا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة ويجوز أن يكون «قرآنا عربيا» حالين
«وقرآنا» حالا موطئة أي موصوفة بمعنى بينت أحكامه حال كونه قرآنا عربيا في ألفاظه.
(لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) : جار ومجرور متعلق بتنزيل أو بفصلت بمعنى لقوم عرب
يعرفون أي تنزيل من الله لأجلهم أو فصلت آياته لهم. والأجود أن يكون الجار
والمجرور متعلقا بصفة مثل ما قبله وما بعده بمعنى قرآنا عربيا كائنا لقوم عرب.
يعلمون : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوم» وهي فعل مضارع مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى يعرفون ما نزل عليهم من
الآيات المفصلة المبينة بلسانهم العربي المبين لا يلتبس عليهم شيء منه.
** (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً
عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة .. و «كتاب»
هو اسم من أسماء كتاب الله الكريم «القرآن» كالتنزيل والذكر والكتاب بمعنى ميزت
آياته أي بينت أحكامه من حلال أو حرام ووضحت معانيه وجعلت تفاصيل في معان مختلفة
من أحكام وأمثال ومواعظ ووعيد وغير ذلك أي بينت ولخصت بلسان عربي يفقه ـ أي يفهم ـ
وقرآنا منصوب على الاختصاص مفعولا به بفعل محذوف تقديره أعني وأخص .. وبمعنى :
أريد بهذا الكتاب المفصل قرآنا من صفته كيت وكيت. أو جاء نصبه حالا بتقدير فصلت
آياته في حال كونه قرآنا عربيا لقوم يعلمون قدره فحذف مفعول «يعلمون» وهو «قدره»
اختصارا لأنه معلوم.
** (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ
يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) : جاء هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة
المعنى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين : إنما أنا بشر مثلكم ولست ملكا أو جنيا لا
يمكنكم مقابلته ومجادلته .. عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال : كان رسول
الله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذا نزل عليه الوحي يسمع عنده دوي كدوي النحل فمكثنا
ساعة فاستقبل القبلة ورفع يده وقال : اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا
وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وارض عنا وأرضنا.
وعن أبي سعيد
الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ فشق عليهم
ذلك وقالوا : أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : الله الواحد الصمد : ثلث القرآن باعتبار معانيه
لأنه أحكام وأخبار وتوحيد وقد اشتملت هي على الثلث.
ويقال : الله
واحد : وهو وصف الباري تعالى. فيقال : هو الواحد وهو الأحد لاختصاصه بالأحدية فلا
يشركه فيها غيره .. ولهذا لا ينعت به غير الله تعالى. وقول المؤذن : الله أكبر
الله أكبر في دعوته الناس للصلاة .. تكون الجملة الاسمية الثانية لا نشاء تكبير
ثان وليست تأكيدا للجملة الأولى بخلاف قوله : «قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة»
والقول الثاني «الله أكبر» في محل رفع خبر ثان للمبتدإ «لفظ الجلالة جيء به لتأكيد
الخبر الأول. قال الشاعر :
فلست أبالي
حين أقتل مسلما
|
|
على أي جنب
كان لله مصرعي
|
وذلك في ذات
الإله وإن يشأ
|
|
يبارك على
أوصال شلو ممزع
|
«الشلو» وجمعه : أشلاء : بمعنى :
أعضاء اللحم ومن الإنسان : أعضاء جسمه بعد التفرق. وممزع : بمعنى مقطع.
** (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة وفيه
حذف الموصوف «الأعمال» وحلت الصفة «الصالحات» محله وقيل : إن الصالحات من الصفات
التي تجري مجرى الأسماء .. و «ممنون» بمعنى : أجر غير ممتن به عليهم .. وبمعنى :
مقطوع .. مأخوذ من «من الحبل ـ يمنه منا ـ من باب «قتل» بمعنى : قطعه. ومثله : من
عليه بالشيء وامتن عليه به أيضا بمعنى : أنعم عليه به والاسم منه «المنة» بكسر
الميم. ومننت عليه منا : بمعنى عددت له ما فعلت له من الصنائع مثل أن تقول له : أعطيتك
وفعلت لك وهو تعيير وتكدير تنكسر منه القلوب فلهذا نهى الشارع عنه بقول تعالى : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ
وَالْأَذى) صدق الله العظيم. و «المن» هو القطع ومن هنا يقال :
المن أخو المن أي الامتنان بتعديد الصنائع أخو القطع والهدم .. فإنه يقال : مننت
الشيء منا أيضا : إذا قطعته فهو ممنون والمنون ـ بفتح الميم ـ هو المنية اسم مؤنث
وكأنها اسم فاعل من «المن» وهو القطع لأنها تقطع الأعمار والمدد وتنقص العدد وتأتي
لفظة «المنية» مفردة وجمعا وفي قوله تعالى «أجر غير ممنون» بمعنى غير مقطوع أو غير
منقوص. ولهذا اعتبر من الأخطاء الشائعة قول بعضهم لصاحبه : أنا ممنون أو ممتن لك
.. لأن هاتين اللفظتين تعبير عامي بالنسبة للمراد أي لا يصح القول بهما في مجال
الشكر لأن معناهما شرح آنفا والصحيح أن يقال أنا شاكر لك بمعنى : مديون لك أو
لمعروفك وإحسانك إلي.
** (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ
بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة ..
المعنى قل يا محمد للمشركين من قومك معنفا وموبخا أتكفرون بالله الذي خلق الأرض
قائمة في مدة يومين أو في مقدار يومين .. ولم يذكر الموصوف لفظ الجلالة لأنه معلوم
بل ذكرت الصفة الاسم الموصول .. كما حذف المضاف «مدة .. أو مقدار» وأقيم المضاف
إليه «يومين» مقامه.
** (ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ) : أي ذلك المتصف بما ذكر أي ذلك القادر الخالق هو موجد
جميع الكائنات .. فحذف النعت أو البدل المشار إليه «القادر .. الخالق ـ اختصارا
لأن ما قبله دال عليه.
** (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي
أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العاشرة. بمعنى
وقدر في الأرض أقوات عمارها في تتمة أربعة أيام وبعد حذف المضاف إليه الأول «عمار»
أوصل المضاف «أقوات» إلى المضاف إليه الثاني «ها» فصار : «أقواتها» كما حذف المضاف
«تتمة» وحل المضاف إليه «أربعة» محله .. و «السائلين» هم المتساءلون وهي جمع «سائل
.. يقال سأل ـ يسأل ـ سؤالا ومسألة نحو : سألت الله العافية : بمعنى طلبتها وسألته
عن كذا : بمعنى استعلمته .. ومن تخريجات الفعل : تسأل وتسول بمعنى : استعطى ومن
معاني «السائل ـ اسم الفاعل ـ المستعطي .. و «السائلة» مؤنث «السائل» عن حكيم بن
حزام ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «اليد العليا خير من اليد السفلى» بمعنى : اليد
المنفقة خير من اليد السائلة .. وقيل : وما رأينا في تاريخ الأبطال الميل إلى ذل
السؤال والبطالة والكسل. ومن جوامع كلمه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : لا تسأل الناس شيئا ولو سقط سيفك أو سوطك. وقد كان
أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ راكبا ناقته فسقط سوطه وحوله جمع كبير فأناخ
ناقته. وقال رضي الله عنه : سمعت حبي محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : لا تسأل الناس شيئا ولو سقط سوطك.
** (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ
دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا
طائِعِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية عشرة
.. ثم قصد سبحانه إلى السماء أي توجهت إرادته لها أو عمد إلى خلق السماء فحذف
المضاف «خلق» وحل المضاف إليه «السماء» محله .. وهي كتلة غازية ـ أي سديم ـ تشبه
الدخان فقال للسماء والأرض ائتيا في الوجود طائعتين أو مكرهتين وقيل : المراد من
هذا التعبير تصوير تأثير قدرته سبحانه فيهما وتأثرهما بالذات عنها وتمثيلها بالأمر
المطاع وإجابة المطيع لأمر الخالق وفي كلمة «طائعين» جيء بهم في موضع «طائعات»
وجاء الجمع بصيغة من يعقلون ـ أي بانتهائه بالياء والنون ـ لتناسب في رءوس الآي
الشريف وعلى تأويل السموات والأرض بالأفلاك مثلا وما في معناه من المذكر ثم تغليب
المذكر على المؤنث .. وتمثيلهما بالأمر المطاع وإجابة المطيع .. وتهيئتها للانتفاع
بهما.
** (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي
يَوْمَيْنِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الثانية
عشرة .. المعنى : فخلقهن أي أتم خلقهن سبع سماوات في فترة أو مدة يومين .. فحذف
المضاف «مدة» وحل المضاف إليه «يومين» محله. فيكون تمام خلق السموات والأرض في ستة
أيام كما أشارت هذه الآية الكريمة والآية الكريمة العاشرة .. وفي قوله تعالى في
هذه الآية : وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح ..» حول الكلام
من الغيبة في «أوحى» إلى التكلم في «زينا» لفتا لنظر السامع لبديع ما يذكر بعده ..
وحذف المشار إليه النعت أو البدل في «ذلك تقدير ..» أي ذلك الخلق هو تقدير العزيز
..
** (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ
أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة
.. والمراد بالصاعقة : كناية عن العذاب الشديد الشبيه بنزول الصاعقة وأصله أنذرتكم
بصاعقة فحذف الحرف الجار فأوصل الفعل .. و «مثل» تستعمل بمعنى «الشبه» وبمعنى :
نفس الشيء.
* (إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ
أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة عشرة
بمعنى : وحين جاءتهم الرسل من قبلهم ومن بعدهم .. أي المتقدمون والمتأخرون وطلبوا
منهم ناصحين ألا يعبدوا غير الله وحده .. أي جاءوهم من جميع جوانبهم ناصحين إياهم.
وأنث الفعل «جاءت» مع فاعله المذكر «الرسل» على اللفظ لا المعنى لأن اللفظ بمعنى «جماعة»
والمعنى الحقيقي هو جمع «رسول» وهو مذكر.
(بَشِيراً وَنَذِيراً
فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ)
(٤)
(بَشِيراً وَنَذِيراً) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قرآنا» منصوب وعلامة نصبه
الفتحة المنونة وهو فعيل بمعنى فاعل. ونذيرا : معطوف بالواو على «بشيرا» ويعرب
مثله بمعنى مبشر بما يسر للمؤمنين الصالحين ومنذر بسوء العاقبة للكافرين.
(فَأَعْرَضَ
أَكْثَرُهُمْ) : الفاء استئنافية. أعرض : فعل ماض مبني على الفتح.
أكثر : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة
وحذفت صلة الفعل بمعنى : فتولى أو فصد أكثرهم عنه أي عن قبوله.
(فَهُمْ لا
يَسْمَعُونَ) : الفاء استئنافية. تفيد التعليل هنا. هم : ضمير منفصل
ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. لا : نافية لا عمل لها. يسمعون : فعل مضارع
مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «لا يسمعون»
في محل رفع خبر «هم» بمعنى : فهم لا يقبلون ولا يطيعون.
(وَقالُوا قُلُوبُنا
فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا
وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ)
(٥)
(وَقالُوا قُلُوبُنا) : الواو عاطفة. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله
بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. قلوب : مبتدأ مرفوع
بالضمة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر
مضاف إليه والجملة الاسمية «قلوبنا في أكنة» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي
كفار قريش.
(فِي أَكِنَّةٍ) : جار ومجرور في محل رفع خبر المبتدأ بمعنى : في أغطية
على شكل حاجز لا يخترقه إليها ما تقوله يا محمد.
(مِمَّا تَدْعُونا
إِلَيْهِ) : أصلها : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على
السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأكنة. تدعو : الجملة الفعلية صلة
الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على
السكون في محل نصب مفعول به. إليه : جار ومجرور متعلق بفعل «تدعو» أو تكون «ما»
مصدرية فتكون جملة «تدعونا إليه» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها
بتأويل مصدر في محل جر بمن بتقدير من دعوتك إيانا إلى التوحيد.
(وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) : الواو عاطفة. في آذان : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. و
«نا» أعرب في «قلوبنا». وقر : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : وفي آذاننا
ثقل أو صمم عن سماع ما تقوله وتدعونا إليه.
(وَمِنْ بَيْنِنا
وَبَيْنِكَ حِجابٌ) : يعرب إعراب «وفي آذاننا وقر» الواو عاطفة. بينك :
معطوف على «بيننا» ويعرب إعرابه والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ و «الحجاب» هو
الحاجز للتفاهم بين الجانبين أو لشدة كرهنا لك لا نتبع رسالتك.
(فَاعْمَلْ إِنَّنا
عامِلُونَ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. اعمل : فعل أمر
مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت بمعنى فاعمل على دينك أو
في إبطال أمرنا. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
المتكلمين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». عاملون : خبر «إن» مرفوع بالواو
لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى : عاملون
على ديننا أو في إبطال أمرك.
(قُلْ إِنَّما أَنَا
بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا
إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ)
(٦)
القسم الأول من
هذه الآية الكريمة أعرب في الآية الكريمة العاشرة بعد المائة من سورة «الكهف».
(فَاسْتَقِيمُوا
إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. استقيموا : فعل
أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل والألف فارقة. إليه : جار ومجرور متعلق باستقيموا. بمعنى فاستووا إليه
بالتوحيد والعبادة إليه. واستغفروه : معطوفة بالواو على «استقيموا» وتعرب إعرابها
والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى وتوبوا إليه من شرككم
واطلبوا غفرانه متوجهين إليه في أعمالكم.
(وَوَيْلٌ
لِلْمُشْرِكِينَ) : الواو استئنافية. ويل : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. للمشركين
: جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ المحذوف وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر
سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وويل : بمعنى الهلاك والعذاب أصلها : مصدر
لا فعل له معناه : تحسر .. وقيل : هو اسم معنى كالهلاك وقيل هو واد في جهنم.
(الَّذِينَ لا
يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ)
(٧)
(الَّذِينَ لا
يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة ـ نعت ـ للمشركين
ـ في الآية الكريمة السابقة. لا : نافية لا عمل لها. يؤتون : فعل مضارع مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الزكاة : مفعول به منصوب وعلامة
نصبه الفتحة. والجملة الفعلية «لا يؤتون الزكاة» صلة الموصول لا محل لها.
(وَهُمْ بِالْآخِرَةِ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هم :
ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. والجار والمجرور «بالآخرة» متعلق
بخبر «هم» كافرون أو يكون «الذين» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هم الذين.
(هُمْ كافِرُونَ) : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين في محل رفع بدل من ضمير
الغائبين «هم» الأول. كافرون : خبر «هم» الأول مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم
والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)
(٨)
(إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني
على الفتح في محل نصب اسم «إن». آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها
وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة.
(وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب
إعرابها. الصالحات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق
بجمع المؤنث السالم بمعنى الأعمال الصالحات.
(لَهُمْ أَجْرٌ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن» اللام حرف جر و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم.
أجر : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.
(غَيْرُ مَمْنُونٍ) : صفة ـ نعت ـ لأجر مرفوع مثله بالضمة وهو مضاف. ممنون
: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : غير مقطوع أولهم
أجر ليست فيه منة عليهم أي لا يمن به.
(قُلْ أَإِنَّكُمْ
لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ
أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ)
(٩)
(قُلْ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره أنت وحذفت واوه ـ أصله : قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين.
(أَإِنَّكُمْ
لَتَكْفُرُونَ) : الجملة المؤولة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الألف
ألف توبيخ بلفظ استفهام. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في
محل نصب اسم «إن» والميم علامة جمع الذكور. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ
تكفرون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى أتكفرون بالله ..
(بِالَّذِي خَلَقَ
الْأَرْضَ) : الباء حرف جر. الذي : اسم موصول مبني على السكون في
محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بتكفرون والجملة الفعلية «خلق الأرض» صلة
الموصول لا محل لها. خلق : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. الأرض : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى بالله الذي فحذف
الموصوف وبقي النعت.
(فِي يَوْمَيْنِ) : جار ومجرور متعلق بخلق أو متعلق بحال محذوفة من «الأرض»
بمعنى : خلقها قائمة في مدة يومين وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته.
(وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «تكفرون»
وتعرب مثلها. له : جار ومجرور متعلق بتجعلون أو بحال مقدمة من «أندادا» أو يكون في
محل نصب في مقام المفعول به الثاني لتجعلون. أندادا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه
الفتحة المنونة بمعنى : أشباها أو نظراء أي تتخيلون له أربابا مثله.
(ذلِكَ رَبُّ
الْعالَمِينَ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف للخطاب أي ذلك الذي قدر على خلق الأرض في يومين. رب : خبر مبتدأ
محذوف تقديره هو مرفوع بالضمة وهو مضاف. العالمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد
وحركته. والجملة الاسمية «هو رب العالمين» في محل رفع خبر المبتدأ «ذلك» بمعنى رب
الخلائق جميعا.
(وَجَعَلَ فِيها
رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ
أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ)
(١٠)
(وَجَعَلَ فِيها
رَواسِيَ) : الواو عاطفة. جعل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. فيها : جار ومجرور متعلق بجعل والجملة الفعلية «جعل
فيها رواسي» لا محل لها لأنها داخلة ضمن صلة الموصول لعطفها على جملة «خلق الأرض».
رواسي : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف
بمعنى : رواسخ أي ووضع في الأرض جبالا رواسي أي رواسخ ثابتات. أي مرفوعة فوقها.
(مِنْ فَوْقِها) : جار ومجرور متعلق بصفة أخرى للموصوف المحذوف «جبال» و
«ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
(وَبارَكَ فِيها
وَقَدَّرَ فِيها) الجملتان الفعليتان معطوفتان بواوي العطف على جملة «جعل
فيها» وتعربان إعرابها بمعنى وزاد فيها.
(أَقْواتَها فِي
أَرْبَعَةِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «ها» ضمير
متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى : أرزاق أهلها ومعايشهم وما
يصلحهم. في أربعة : جار ومجرور متعلق بجعل أو بقدر أي وضع هذا وذلك.
(أَيَّامٍ سَواءً
لِلسَّائِلِينَ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة
بمعنى : في تتمة أو مقدار أربعة أيام. سواء : حال من «أربعة» منصوب وعلامة نصبه
الفتحة المنونة وهو حال من نكرة أي وصاحب الحال نكرة إلا أنه قرب شبهه بالمعرفة
بعد تخصيصه بالإضافة. أو يكون منصوبا على المصدر ـ المفعول المطلق ـ بفعل محذوف
تقديره استوت سواء بمعنى استواء. للسائلين : جار ومجرور متعلق بقدر وعلامة جر
الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد
بمعنى مستوية لمن سأل عن مدة خلق الأرض.
(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى
السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً
قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ)
(١١)
(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى
السَّماءِ) : حرف عطف. استوى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على
آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إلى
السماء : جار ومجرور متعلق باستوى بمعنى قصد.
(وَهِيَ دُخانٌ) : الواو حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال من
السماء. هي : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. دخان : خبر «هي» مرفوع
بالضمة المنونة.
(فَقالَ لَها
وَلِلْأَرْضِ) : معطوفة بالفاء على جملة «استوى إلى السماء» وتعرب
إعرابها وعلامة بناء الفعل «قال» الفتحة الظاهرة على آخره والجار والمجرور «لها»
متعلق بقال. وللأرض : معطوف بالواو على «لها» وهو متعلق بقال.
(ائْتِيا طَوْعاً أَوْ
كَرْهاً) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي
فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة والألف ضمير متصل ـ ضمير
الاثنين المخاطبين ـ المثنى ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. طوعا : حال من
ضمير «ائتيا» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. أو : حرف عطف للتخيير. كرها :
معطوف على «طوعا» ويعرب إعرابه بمعنى طائعتين أو مكرهتين.
(قالَتا أَتَيْنا
طائِعِينَ) : فعل ماض مبني على الفتح. التاء تاء التأنيث الساكنة
لا محل لها والألف ضمير متصل ـ ضمر الغائبتين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل.
أتينا : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل ماض على
السكون لاتصاله بضمير المتكلمين «ونا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل «طائعين»
: حال من ضمير المتكلمين منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض
من تنوين المفرد وحركته.
(فَقَضاهُنَّ سَبْعَ
سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا
السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَحِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)
(١٢)
(فَقَضاهُنَّ سَبْعَ
سَماواتٍ) : الفاء عاطفة. قضى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر
على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هن» ضمير متصل ـ ضمير
الإناث ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به بمعنى فمنعهن وقدرهن والضمير يرجع
إلى السماء على المعنى كما قال «طائعين» ويجوز أن يكون ضميرا مبهما مفسرا بسبع
سماوات. سبع : حال من ضمير الإناث منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. سماوات :
مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة منصوب محلا لأنه تمييز جاء
بعد عدد.
(فِي يَوْمَيْنِ
وَأَوْحى) : أعرب في الآية الكريمة التاسعة. وأوحى : الجملة
الفعلية معطوفة بالواو على «قضى» وتعرب مثلها.
(فِي كُلِّ سَماءٍ
أَمْرَها) : جار ومجرور متعلق بأوحى. سماء : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة و «أمر» مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و
«ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
(وَزَيَّنَّا
السَّماءَ الدُّنْيا) : الواو عاطفة. زين : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. السماء :
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الدنيا : صفة للسماء منصوبة مثلها.
(بِمَصابِيحَ
وَحِفْظاً) : جار ومجرور متعلق بفعل «زينا» وعلامة نصب «الدنيا»
الفتحة المقدرة على الألف للتعذر وعلامة جر «مصابيح» الفتحة بدلا من الكسرة
المنونة لأنه اسم ممنوع من الصرف على وزن ـ مفاعيل ـ وهو صيغة منتهى الجموع بعد
ألفه أكثر من حرفين. حفظا : مفعول مطلق «مصدر» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة
والعامل محذوف تقديره وحفظناها حفظا. والواو حرف عطف. والجملة الفعلية «حفظناها
حفظا» معطوفة بالواو على «زينا السماء» ويجوز أن يكون «حفظا» مفعولا له ـ لأجله ..
أو من أجله ـ على معنى : وخلقنا المصابيح زينة وحفظا.
(ذلِكَ تَقْدِيرُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف للخطاب. تقدير : خبر «ذلك» مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف. أي
تقدير الله ..
(الْعَزِيزِ
الْعَلِيمِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. العليم
: صفة ـ نعت ـ للعزيز مجرور مثله وعلامة جره الكسرة أو يكونان صفتين للفظ الجلالة
أي تقدير الله العزيز العليم.
(فَإِنْ أَعْرَضُوا
فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ)
(١٣)
(فَإِنْ أَعْرَضُوا
فَقُلْ) : الفاء استئنافية. إن : حرف شرط جازم. أعرضوا : فعل
ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة فعل الشرط في محل جزم بإن. الواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الفاء رابطة لجواب الشرط. قل : فعل أمر مبني
على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. أصله : قول ـ حذفت الواو
تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة الفعلية «فقل ..» جواب شرط جازم مقترن بالفاء في
محل جزم بمعنى : فإن صدوا أو تولوا عنك فقل لهم .. والجملة الفعلية بعده «أنذرتكم
..» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(أَنْذَرْتُكُمْ
صاعِقَةً) : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع
المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل. الكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع
الذكور. صاعقة : مفعول به ثان منصوب بأنذر وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(مِثْلَ صاعِقَةِ) : صفة ـ نعت ـ لصاعقة منصوب مثلها وعلامة نصبه الفتحة
وهو مضاف. صاعقة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة وحذف
التنوين للإضافة.
(عادٍ وَثَمُودَ) : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة
المنونة ونون آخر اللفظة لأنه ليس المراد بها اسم القبيلة. وثمود : معطوف
بالواو على «عاد» مجرور مثله بالفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من
الصرف لأنها بتأويل القبيلة ومنع صرفها للتأنيث والتعريف ولم يمنع «عاد» لأنه يراد
به هنا اسم الأب وليس اسم القبيلة وهو اسم رجل سميت به القبيلة وهم قوم هود.
(إِذْ جاءَتْهُمُ
الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ
اللهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ
بِهِ كافِرُونَ)
(١٤)
(إِذْ جاءَتْهُمُ
الرُّسُلُ) : اسم مبني على السكون بمعنى «حين» في محل نصب مفعول به
بفعل محذوف تقديره اذكر. جاءت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث
الساكنة لا محل لها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ حرك بالضم ـ للوصل التقاء
الساكنين ـ الرسل : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» في محل نصب مفعول به مقدم.
(مِنْ بَيْنِ
أَيْدِيهِمْ) : جار ومجرور متعلق بجاء. أيدي : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الياء للثقل وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين في محل جر مضاف إليه ثان وجملة «جاءتهم الرسل ..» في محل جر مضاف إليه.
(وَمِنْ خَلْفِهِمْ) : معطوف بالواو على «من بين أيديهم» ويعرب إعرابه
وعلامة جر «خلف» الكسرة الظاهرة على آخره بمعنى جاءوهم من جميع الجوانب ناصحين
إياهم.
(أَلَّا تَعْبُدُوا) : أصله : أن بمعنى «أي» وهي مفسرة و «لا» ناهية جازمة. تعبدوا
: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة. ويجوز أن تكون «أن» مخففة من «أن» الثقيلة أصله : بأنه لا تعبدوا
واسم «أن» المخففة ضمير شأن مستتر تقديره : أنه. بمعنى قلنا لا تعبدوا أو على معنى
بأن الشأن والحديث قولنا لكم لا تعبدوا وتكون جملة «لا تعبدوا» على الوجه الأول من
إعراب «أن» المفسرة جملة تفسيرية لا محل لها وعلى الوجه الثاني تكون في محل رفع
خبر «أن» و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور
متعلق بقلنا.
(إِلَّا اللهَ قالُوا) : أداة حصر لا محل لها. الله لفظ الجلالة : مفعول به
منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو
الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(لَوْ شاءَ رَبُّنا) : الجملة الشرطية وجوابها في محل نصب مفعول به ـ مقول
القول ـ لو : حرف شرط غير جازم. شاء : فعل ماض مبني على الفتح. رب : فاعل مرفوع
بالضمة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
(لَأَنْزَلَ
مَلائِكَةً) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام
واقعة في جواب الشرط. أنزل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. ملائكة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي لأرسل ..
(فَإِنَّا بِما
أُرْسِلْتُمْ) : الفاء استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و
«نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» الباء حرف
جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبر «إن»
أي «كافرون». أرسلتم : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني
للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل والميم علامة الجمع.
(بِهِ كافِرُونَ) : جار ومجرور متعلق بأرسل. كافرون : خبر «إن» مرفوع
بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : إنا بما
تزعمون أنكم أرسلتم به إلينا كافرون.
(فَأَمَّا عادٌ
فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا
قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ
قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ)
(١٥)
(فَأَمَّا عادٌ) : الفاء استئنافية. أما : حرف شرط وتفصيل للابتداء. عاد
: مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة أي بنو عاد ..
(فَاسْتَكْبَرُوا فِي
الْأَرْضِ) : الفاء واقعة في جواب «أما» استكبروا : فعل ماض مبني
على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. في
الأرض : جار ومجرور متعلق باستكبروا .. بمعنى تكبروا في الأرض. والجملة الفعلية «استكبروا
في الأرض» في محل رفع خبر المبتدأ «عاد» بمعنى تكبروا على أهل الأرض.
(بِغَيْرِ الْحَقِ) : جار ومجرور متعلق باستكبروا أو متعلق بمصدر ـ مفعول
مطلق ـ محذوف بتقدير : استكبارا بغير الحق. الحق : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة أو بحال من ضمير «استكبروا» أي غير محقين.
(وَقالُوا مَنْ
أَشَدُّ) : معطوفة بالواو على «استكبروا» وتعرب إعرابها. من : اسم
استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أشد : خبر «من» مرفوع بالضمة ولم ينون
آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعل ـ ومن وزن الفعل.
(مِنَّا قُوَّةً) : حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل
جر بمن والجار والمجرور متعلق بأشد. قوة : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة. والجملة الاسمية «من أشد منا قوة» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(أَوَلَمْ يَرَوْا) : الهمزة همزة إنكار وتوبيخ بلفظ استفهام وهو رد على
سؤالهم الإنكاري «من أشد منا قوة» بمعنى لا أحد أشد منا قوة. الواو عاطفة على فعل
محذوف. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يروا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون
الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(أَنَّ اللهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة اسم «أن»
منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. وأن مع اسمها وخبرها
بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «يروا» والجملة الاسمية «هو أشد ..» في محل رفع
خبر أن.
(الَّذِي خَلَقَهُمْ
هُوَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للفظ
الجلالة. خلق : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في
محل نصب مفعول به. هو : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ ويجوز أن يكون ضمير فصل أو
عمادا لا محل له.
(أَشَدُّ مِنْهُمْ
قُوَّةً) : خبر «هو» على الوجه الأول من إعراب «هو» وخبر المبتدأ
مرفوع بالضمة أو يكون خبر «أن» على الوجه الثاني من إعراب «هو» أي ضمير فصل. من :
حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأشد. قوة : أعرب.
(وَكانُوا بِآياتِنا
يَجْحَدُونَ) : الواو عاطفة. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. بآيات
: جار ومجرور متعلق بيجحدون و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على
السكون في محل جر بالإضافة. يجحدون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : يكفرون.
والجملة الفعلية «يجحدون» معطوفة مع فعلها «وكانوا ..» على جملة «استكبروا» بمعنى
كانوا يعرفون أن آياتنا حق ولكنهم جحدوها لكونهم كفرة فسقة.
** (فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي
الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الخامسة
عشرة .. المعنى : فأما قوم عاد ـ جماعة هود ـ فقد تكبروا على أهل الأرض بغير
استحقاق وبعد حذف المضاف «قوم» حل المضاف إليه «عاد» محله وارتفع على الابتداء.
** (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً
صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ
الدُّنْيا) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة عشرة
.. المعنى : فأرسلنا عليهم ريحا شديدة البرودة والصوت في أيام ثمانية .. مشئومات
عليهم .. ونحسات : جمع «نحسة من نحس الشيء ـ ينحس ـ
نحسا ـ من باب «فهم» فهو نحس ـ بكسر الحاء .. بمعنى : ضد سعد ـ يسعد .. و «النحس»
بفتح النون وسكون الحاء : عكس السعد. أما «الريح الصرصر» فهي ريح باردة تهلك بشدة
بردها .. و «صرصر» مشتق من «الصر» وهو البرد الذي يصر أي يجمع .. وقيل : صرصر : معناه
: شديدة الصوت في هبوبها مشتق من الصرير وهو التصويت. وقيل هي الريح التي لها
صرصرة. وقال عزوجل في سورة «الحاقة» : (وَأَمَّا عادٌ
فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ) أي ريح باردة كأنها التي كرر فيها البرد وكثر فهي تحرق
لشدة بردها .. أما «عاتية» فمعناها : عتت على عاد فما قدروا على ردها بحيلة من
استتار ببناء أو لياذ بجبل أو اختفاء في حفرة فإنها كأنها تنزعهم من مكامنهم
وتهلكهم .. وقوله تعالى (عَذابَ الْخِزْيِ) أضاف «العذاب» إلى «الخزي» على أنه وصف للعذاب بمعنى :
عذاب خزي كما يقال : فعل السوء .. المراد : الفعل السيئ وهو من الإسناد المجازي
ووصف العذاب بالخزي أبلغ من وصفهم به .. وقيل : ألا ترى إلى البون «أي الفرق» بين
قولك : هو شاعر .. وله شعر شاعر.
** (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ
فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ
بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة عشرة
.. المعنى وأما قوم ثمود ـ جماعة صالح ـ فدللناهم على طريقي الضلالة والرشد
فاختاروا وآثروا طريق الضلالة على طريق الرشد واستعمال الهدى هنا مجازا. وبعد حذف
المضاف «قوم» أو «بنو» أقيم المضاف إليه «ثمود» مقامه وارتفع ارتفاعه على
الابتداء. أما «الهون» فمعناه : الهوان .. وصف به العذاب مبالغة أو أبدل منه وقوله
تعالى (فَاسْتَحَبُّوا
الْعَمى عَلَى الْهُدى) كناية عن الكفر والإيمان .. والمعروف أن «العمى» و «الجهل»
يولدان الضيق والحرج وقد أزالهما الله تعالى من صدر نبيه الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في قوله عزوجل في سورة «الشرح» : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ
صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) أي استفهم سبحانه عند انتفاء الشرح على وجه الإنكار
فأفاد إثبات الشرح وإيجابه .. فكأنما قيل : شرحنا لك صدرك ولذلك عطف عليه «وضعنا»
اعتبارا للمعنى ومعنى «شرحنا لك صدرك» فسحناه حتى وسع هموم النبوة وأزلنا عنه
الضيق والحرج اللذين يكونان مع الجهل والعمى.
** (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى
النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة عشرة
.. المعنى : ويوم يجمع ويساق أعداء الله بعنف إلى نار جهنم فهم يحبس أولهم على
آخرهم لئلا يتفرقوا .. مأخوذ من وزعه ـ يزعه ـ وزعا .. من باب «وهب» بمعنى منعه
وهنا في الآية الكريمة بمعنى حبس.
** (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ
عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية
والعشرين .. المعنى : وقالوا لجلودهم ـ المراد بجلودهم جميع جوارحهم .. أي جميع
أعضائهم ـ والقائلون هم أعداء الله : لم شهدتم علينا وأنتم منا وستنالون ما ينالنا
من العذاب؟ والفعل الرباعي «أنطق» فعل متعد .. أما الفعل اللازم فهو الثلاثي «نطق»
نحو : نطق الرجل بعد أن كان ساكتا .. والفعل من باب «ضرب» فهو ناطق ـ اسم فاعل ـ أي
تكلم فهو متكلم .. ولفظة «ساكت» اسم فاعل للفعل «سكت» ويتعدى الفعل «نطق» عند
تشديد الطاء نحو : نطقه : أي جعله ينطق ويقال : انتطق الرجل وتمنطق : أي تعاطى علم
المنطق .. أما الفعل المزيد «استنطقه» فمعناه كلمه وطلب منه النطق ومصدره : «استنطاق»
ويأتي اسما أيضا .. وناطقه : بمعنى كلمه وقد ورد هذا الفعل في
قول مريم العذراء عند ما أشارت إلى المولود «عيسى» وطلبت من أهلها أن
يناطقوه أي يكلموه .. وقيل : كان المستنطق لعيسى زكريا ـ عليهالسلام ـ ويروى أن «يوسف النجار» احتمل مريم وابنها إلى غار
فلبثوا فيه أربعين يوما حتى تعلت من نفاسها ثم جاءت تحمله فكلمها عيسى في الطريق
.. وقال : يا أمي أبشري فإني عبد الله ومسيحه .. فلما دخلت به علي قومها وهم أهل
بيت صالحون تباكوا وقالوا ما قالوا .. وقيل : هموا برجمها حتى تكلم عيسى ـ عليهالسلام ـ فتركوها .. فأشارت إليه ـ أي هو الذي يجيبكم إذا
ناطقتموه .. وعن السدي : لما أشارت إليه غضبوا .. وقالوا : لسخريتها بنا أشد علينا
من زناها! وروي أنه كان يرضع فلما سمع ذلك ترك الرضاع وأقبل عليهم بوجهه واتكأ على
يساره وأشار بسبابته .. وقيل : كلمهم بذلك ثم لم يتكلم بعد ذلك حتى بلغ مبلغا
يتكلم فيه الصبيان. وكلمة «جلودهم» في الآية المذكورة آنفا : جمع «جلد» والفرق بين
جلد الإنسان وجسمه هو أن «الجلد» ظاهر البشرة وهو ما يغطي غشاء الجسد وقد يجمع «الجلد»
إضافة إلى «الجلود» على «أجلاد» ومن هذا الجمع قيل : ما أشبه أجلاد فلان بأجلاد أبيه
وأجلاد الإنسان وتجاليده : هي جسم الإنسان وأعضاؤه والجليد : هو كالصقيع يقال منه
: جلدت الأرض ـ بالبناء للمجهول ـ إذا أصابها الجليد فهي مجلودة ـ اسم مفعول ـ ويجوز
أن يؤتى بالفعل مبنيا للمعلوم فيقال جلدت الأرض ـ تجلد ـ جلدا وأجلدت : أي أصابها
الجليد وتأتي لفظة «جليد» صفة لمن اتصف بالقوة والصبر فيقال : هذا رجل جليد : ذو
قوة وصبر مأخوذ من جلد الرجل ـ يجلد ـ جلادة : أي كان ذا صلابة وقوة وشدة.
** (وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا
يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الثانية
والعشرين المعنى : ولكن ظننتم توهما أن الله لا يعمل كثيرا مما ترتكبونه من
المعاصي .. قال صاحب «التفسير الوجيز» وهذا إما من كلام الله أو من كلام الملائكة
أو من كلام جلودهم التي أنطقها الله تعالى.
** سبب نزول
الآية : نزلت الآية الكريمة في ثلاثة من القرشيين تساءلوا عن سماع الله كلامهم ..
فقال أحدهم : إنا إذا رفعنا أصواتنا سمعها وإذا لم نرفعها لم يسمعها وقال آخر : إن
سمع منها شيئا سمعه كله.
(فَأَرْسَلْنا
عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ
الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا
يُنْصَرُونَ)
(١٦)
(فَأَرْسَلْنا
عَلَيْهِمْ) : الفاء استئنافية تفيد التسبيب والتعليل هنا. أرسل :
فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على
السكون في محل رفع فاعل. على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين المتصل في محل جر
بعلى.
(رِيحاً صَرْصَراً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. صرصرا :
صفة ـ نعت للموصوف «ريحا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة والجار والمجرور «عليهم»
متعلق بأرسل.
(فِي أَيَّامٍ
نَحِساتٍ) : جار ومجرور متعلق بأرسل. نحسات : صفة ـ نعت ـ لأيام
مجرورة مثلها وعلامة جرهما الكسرة المنونة.
(لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ
الْخِزْيِ) : اللام حرف جل للتعليل. نذيق : فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد لام التعليل وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره
نحو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول. عذاب : مفعول به
ثان منصوب بنذيق المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الخزي : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة والجملة الفعلية «نذيقهم عذاب الخزي» صلة
حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر «إذاقة» في محل جر
بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بأرسل.
(فِي الْحَياةِ
الدُّنْيا) : جار ومجرور متعلق بنذيق. الدنيا : صفة ـ نعت ـ للحياة
مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على آخرها ـ الألف الممدودة .. الألف
اللينة ـ للتعذر.
(وَلَعَذابُ
الْآخِرَةِ أَخْزى) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. عذاب
: مبتدأ مرفوع بالضمة. الآخرة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. أخزى
: خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى أذل لهم من خزي
الدنيا.
(وَهُمْ لا
يُنْصَرُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هم :
ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. لا : نافية لا عمل لها. ينصرون :
فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل
والجملة الفعلية «لا ينصرون» في محل رفع خبر «هم».
(وَأَمَّا ثَمُودُ
فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ
الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)
(١٧)
(وَأَمَّا ثَمُودُ
فَهَدَيْناهُمْ) : الواو عاطفة. أما : حرف شرط وتفصيل حرف ابتداء. ثمود
: مبتدأ مرفوع بالضمة ولم تنون الكلمة لأنها ممنوعة من الصرف على تأويل القبيلة أي
للتأنيث والمعرفة. الفاء واقعة في جواب أما والجملة الفعلية «هديناهم» في محل رفع
خبر المبتدأ «ثمود» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا .. و «نا» ضمير متصل
ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب مفعول به وحذف المفعول الثاني اختصارا لأنه معلوم بمعنى :
فهديناهم طريقي الضلالة والرشد وأصله إلى الطريق فحذف الجار وأوصل الفعل. وبمعنى :
فدللناهم على طريقي الضلالة والرشد.
(فَاسْتَحَبُّوا
الْعَمى) : الفاء استئنافية. استحبوا : فعل ماض مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. العمى :
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر.
(عَلَى الْهُدى) : جار ومجرور متعلق باستحبوا وعلامة جر الاسم الكسرة
المقدرة على الألف المقصورة للتعذر.
(فَأَخَذَتْهُمْ
صاعِقَةُ) : الفاء عاطفة للتسبيب. أخذت : فعل ماض مبني على الفتح
والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل
نصب مفعول به مقدم. صاعقة : فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف.
(الْعَذابِ الْهُونِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. الهون :
صفة ـ نعت ـ للعذاب مجرور مثله بالكسرة.
(بِما كانُوا
يَكْسِبُونَ) : الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في
محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بأخذت. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يكسبون
: الجملة الفعلية في محل
نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل. والجملة الفعلية «كانوا يكسبون» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى
الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : بما كانوا يكسبونه أي
يعملونه أو يقترفونه من المعاصي. التقدير بسبب ما كانوا يرتكبون أو تكون «ما»
مصدرية فتكون جملة «كانوا يكسبون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها
بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير بسبب كفرهم وتكذيبهم أو يتعلق الجار
والمجرور بمفعول له ـ لأجله ـ محذوف بتقدير : جزاء لهم على ما كانوا يكسبون.
(وَنَجَّيْنَا
الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ)
(١٨)
(وَنَجَّيْنَا
الَّذِينَ آمَنُوا) : الواو عاطفة. نجى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الذين : اسم موصول مبني
على الفتح في محل نصب مفعول به. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها
وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة.
(وَكانُوا يَتَّقُونَ) : الواو عاطفة. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يتقون
: الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى الذين آمنوا منهم وهم صالح ومن آمن برسالته
واتقوا.
(وَيَوْمَ يُحْشَرُ
أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ)
(١٩)
(وَيَوْمَ يُحْشَرُ) : الواو استئنافية. يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية
والعامل فيه «بما كانوا يكسبون» وعلامة نصبه الفتحة أو يكون مفعولا به بفعل محذوف
تقديره : واذكر يوم. يحشر : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة.
(أَعْداءُ اللهِ) : نائب فاعل مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة : مضاف
إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.
(إِلَى النَّارِ) : جار ومجرور متعلق بيحشر والجملة الفعلة «يحشر أعداء
الله إلى النار» في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف.
(فَهُمْ يُوزَعُونَ) : الفاء استئنافية للتعليل أي لكثرتهم فهو يوزعون. هم :
ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. يوزعون : الجملة الفعلية في محل
رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في
محل رفع نائب فاعل أي يحبسون.
(حَتَّى إِذا ما
جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا
يَعْمَلُونَ)
(٢٠)
(حَتَّى إِذا) : حرف غاية وابتداء. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن
مبني على السكون متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه.
(ما جاؤُها) : زائدة للتأكيد بمعنى إن وقت مجيئهم النار لا بد أن
يكون وقت الشهادة عليهم. جاءوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.
الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل يعود على النار مبني على السكون
في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «جاءوها» في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد
الظرف.
(شَهِدَ عَلَيْهِمْ
سَمْعُهُمْ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل
ماض مبني على الفتح. على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار
والمجرور متعلق بشهد. سمع : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ
في محل جر مضاف إليه.
(وَأَبْصارُهُمْ
وَجُلُودُهُمْ) : معطوفان بواوي العطف على «سمعهم» ويعربان إعرابه
بمعنى أسماعهم وأبصارهم وجلودهم.
(بِما كانُوا
يَعْمَلُونَ) : يعرب إعراب «بما كانوا يكسبون» في الآية الكريمة
السابعة عشرة.
(وَقالُوا
لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي
أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)
(٢١)
(وَقالُوا
لِجُلُودِهِمْ) : الواو عاطفة. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله
بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. لجلود : جار ومجرور
متعلق بقالوا و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(لِمَ شَهِدْتُمْ
عَلَيْنا) : الجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لم : مؤلفة
من اللام حرف الجر و «ما» الاستفهامية التي سقطت ألفها لدخول حرف الجر عليها وبقيت
الفتحة دالة عليها. و «ما» اسم استفهام مبني على السكون في محل جر باللام والجار
والمجرور متعلق بشهد. شهدتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع
المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل
والميم علامة جمع الذكور. على : حرف جر و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني
على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بشهد.
(قالُوا أَنْطَقَنَا
اللهُ) : أعربت. أنطق : فعل ماض مبني على الفتح و «نا» ضمير
متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. الله لفظ
الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة وجملة «أنطقنا الله» في محل نصب مفعول به ـ مقول
القول ـ.
(الَّذِي أَنْطَقَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة ـ نعت ـ للفظ
الجلالة. أنطق : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو
والجملة الفعلية «أنطق كل شيء» صلة الموصول لا محل لها.
(كُلَّ شَيْءٍ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. شيء : مضاف إليه
مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
(وَهُوَ خَلَقَكُمْ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هو : ضمير
منفصل في محل رفع مبتدأ مبني على الفتح. خلقكم : فعل ماض
مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ
ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور
والجملة الفعلية «خلقكم» في محل رفع خبر «هو».
(أَوَّلَ مَرَّةٍ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بخلق وعلامة نصبه
الفتحة وهو مضاف. مرة : تعرب إعراب «شيء».
(وَإِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ) : الواو عاطفة. إليه : جار ومجرور متعلق بترجعون. ترجعون
: الجملة الفعلية في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : أنتم. وهي فعل مضارع مبني
للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والجملة الاسمية
«أنتم إليه ترجعون» في محل نصب حال لأنها معطوفة على الجملة الاسمية الحالية «هو
خلقكم» المعنى : وهو خلقكم بدءا من العدم وأنتم إليه تردون يوم القيام للحساب.
(وَما كُنْتُمْ
تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا
جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا
تَعْمَلُونَ)
(٢٢)
(وَما كُنْتُمْ
تَسْتَتِرُونَ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. كنتم : فعل
ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور والجملة
الفعلية «تستترون» في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل.
(أَنْ يَشْهَدَ) : حرف مصدري ناصب. يشهد : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة
نصبه الفتحة. والجملة الفعلية «يشهد عليكم سمعكم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن»
المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب بنزع الخافض. التقدير : من أن تشهد
عليكم أعضاؤكم أي من شهادة أعضائكم عليكم بمعنى لن تتمكنوا أيها الناس عند
اقترافكم الآثام أن تستتروا عن أعضائكم ظنا بأنها لن تشهد عليكم يوم القيامة.
(عَلَيْكُمْ
سَمْعُكُمْ) : جار ومجرور متعلق بيشهد والميم علامة جمع الذكور. سمعكم
: فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم
في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور.
(وَلا أَبْصارُكُمْ
وَلا جُلُودُكُمْ) : معطوفان بواوي العطف على «سمعكم» ويعربان إعرابه و «لا»
زائدة للتأكيد.
(وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ) : الواو زائدة. لكن : حرف عطف للاستدراك مهمل لأنه
مخفف. ظننتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير
متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.
(أَنَّ اللهَ لا
يَعْلَمُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «أن»
منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. لا : نافية لا عمل لها. يعلم : فعل مضارع
مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «لا يعلم»
وما بعدها في محل رفع خبر «أن» و «أن» وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر
سد مسد مفعولي ظن.
(كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. مما :
أصلها : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار
والمجرور متعلق بالمفعول «كثيرا». تعملون : تعرب إعراب «تستترون» والجملة الفعلية «تعملون»
صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل
لأنه مفعول به. التقدير : مما كنتم تعملونه أي ترتكبونه من المعاصي والآثام أو
تكون «ما» مصدرية فيكون «ما» وما بعده بتأويل مصدر في محل جر بمن. التقدير : من
أعمالكم من الآثام والمعاصي.
(وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ
الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ)
(٢٣)
(وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ) : الواو استئنافية. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في
محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف حرف خطاب والميم علامة الجمع. ظنكم : خبر «ذلكم»
مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف
إليه والميم علامة جمع الذكور بمعنى : وذلكم الظن السيئ بربكم بأن الله لا يعلم
كثيرا مما تقترفونه ظنكم.
(الَّذِي ظَنَنْتُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة ـ نعت ـ للظن.
ظننتم : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون
لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم
في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير
محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ظننتموه. بمعنى : ظنكم السيئ الذي
ظننتموه.
(بِرَبِّكُمْ
أَرْداكُمْ) : جار ومجرور متعلق بفعل «ظننتم» والكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور. أرداكم :
فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به
والميم علامة جمع الذكور بمعنى : أهلككم. والجملة الفعلية «أرداكم» في محل رفع خبر
ثان للمبتدإ «ذلكم» أو تكون «ظنكم» في محل رفع بدلا من «ذلكم» وتكون جملة «أرداكم»
في محل رفع خبر «ذلكم».
(فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ
الْخاسِرِينَ) : الفاء سببية. أصبحتم : فعل ماض ناقص من أخوات «كان»
مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ
مبني على الضم في محل رفع اسم «أصبح» والميم علامة جمع الذكور. من الخاسرين : جار
ومجرور متعلق بخبر «أصبح» بتقدير : فأصبحتم معدودين من الخاسرين وعلامة جر الاسم
الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى من
الخاسرين أنفسهم.
(فَإِنْ يَصْبِرُوا
فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ)
(٢٤)
(فَإِنْ يَصْبِرُوا) : الفاء استئنافية. إن : حرف شرط جازم. يصبروا : فعل
مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل والألف فارقة بمعنى فإن يصبروا على العذاب.
(فَالنَّارُ مَثْوىً
لَهُمْ) : الجملة الاسمية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل
جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. النار : مبتدأ مرفوع بالضمة. مثوى : خبره مرفوع
بالضمة المقدرة للتعذر على الألف قبل تنوينها ونونت الكلمة لأنها اسم مقصور مذكر
نكرة. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق
بمثوى أو بصفة محذوفة منه.
(وَإِنْ
يَسْتَعْتِبُوا) : معطوفة بالواو على «إن يصبروا» وتعرب إعرابها بمعنى :
وإن يطلبوا العتبى أي الاسترضاء من الله أي رضاه عنهم.
(فَما هُمْ مِنَ
الْمُعْتَبِينَ) : الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء
رابطة لجواب الشرط. ما : نافية لا عمل لها. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في
محل رفع مبتدأ. من المعتبين : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «هم» وعلامة جر
الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : فليسوا
هم المرضي عنهم أي لم ينالوا رضى الله تعالى.
(وَقَيَّضْنا لَهُمْ
قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ
عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ
وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ)
(٢٥)
* (وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ) : الواو عاطفة. قيض : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. اللام حرف جر و «هم» ضمير
الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقيضنا. قرناء : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن «فعلاء» بمعنى
وقدرنا لهم يعني لمشركي مكة أصحابا أو وأتحنا لهم أو وجئنا لهم أخدانا أو أصحابا.
(فَزَيَّنُوا لَهُمْ) : الفاء عاطفة للتسبيب. زينوا : فعل ماض مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. لهم : أعرب.
والجار والمجرور متعلق بزينوا.
(ما بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. بين
: ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق بصلة الموصول
المحذوفة. أيدي : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الياء
للثقل وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه ثان.
(وَما خَلْفَهُمْ) : معطوف بالواو على «ما بين أيديهم» ويعرب إعرابه و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى ما تقدم من أعمالهم وما هم
عازمون عليها أو ما بين أيديهم من أمر الدنيا وما خلفهم من أمر العاقبة.
(وَحَقَّ عَلَيْهِمُ
الْقَوْلُ) : الواو عاطفة. حق : فعل ماض مبني على الفتح. على : حرف
جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بحق وحرك الميم
بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ القول : فاعل مرفوع بالضمة أي فوجبت عليهم كلمة
العذاب.
(فِي أُمَمٍ قَدْ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير الغائبين في «عليهم»
بتقدير : حق عليهم القول كائنين في جملة أمم. قد : حرف تحقيق.
(خَلَتْ مِنْ
قَبْلِهِمْ) : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ لأمم وهي فعل
ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصال
الفعل بتاء التأنيث الساكنة والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هي. من قبل : جار ومجرور متعلق بخلت و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى مع أمم أي مع جملة أمم قد مضت أي سبقتهم.
(مِنَ الْجِنِّ
وَالْإِنْسِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «قرناء» و «من» حرف
جر بياني. والإنس : معطوف بالواو على «الجن» ويعرب إعرابه بمعنى أصحابا من
الشياطين : شياطين الإنس والجن.
(إِنَّهُمْ كانُوا
خاسِرِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في
محل نصب اسم «إن» الذي يفيد التعليل هنا لاستحقاقهم العذاب. كانوا : فعل ماض ناقص
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف
فارقة. خاسرين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض
من تنوين المفرد وحركته. والجملة الفعلية «كانوا خاسرين» في محل رفع خبر «إن» بسبب
تكذيبهم الرسل وآثامهم.
** (وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي
أُمَمٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخامسة
والعشرين .. المعنى : فوجبت عليهم كلمة العذاب كائنين في جملة أمم فحذف المضاف «جملة»
وحل المضاف إليه محله.
** (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا
تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة
والعشرين .. المعنى : وقال الكافرون لا تنصتوا لتلاوة هذا القرآن وعارضوه بالكلام
اللغو الذي لا معنى له ولا يعتد به أي وشوشوا في أثناء قراءته بالصياح واللغط لكي
تمنعوا تأثير قراءته أي القرآن الكريم في نفوس سامعيه من الناس أو لكي تغلبوا محمدا
بتشويشكم عليه حتى يسكت هو وصحبه. وقد حذف المضاف «تلاوة .. أو قراءة» وحل المضاف
إليه «هذا القرآن» محله كما حذف مفعول «تغلبون» من باب الاختصار لأنه معلوم.
** (رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا
مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) : ورد هذا القول في الآية الكريمة التاسعة والعشرين .. المعنى
: قال الكافرون أرنا شياطين الفريقين : شياطين الجن وشياطين الإنس العاملين على
إضلال الناس .. لأن الشيطان : على ضربين ـ أي نوعين ـ جني وإنسي .. وقيل : معناه :
أعطنا اللذين أضلانا لندوسهما بأقدامنا. وقيل : إن «إبليس» هو علم جنس للشيطان ..
ولهذا قيل : إن الشيطان : على ضربين : جني وإنسي .. وقيل : هما إبليس وقابيل في
قوله تعالى في الآية الكريمة المذكورة آنفا لأنهما سنا الكفر والقتل بغير حق. وفي
سورة «الناس» سمي إبليس بالشيطان «الوسواس» و «الخناس» لأنه يخنس إذا سمع الإنسان
يذكر ربه .. أي ينقبض.
** (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ
ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا
تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثلاثين ..
المعنى الذين قالوا ربنا الله وحده لا شريك له ثم داوموا على الاستقامة في عملهم
الصالح وتوحيد الله أولئك تنزل عليهم ملائكة الرحمة بتؤدة تبشرهم بما يذهب عنهم
الخوف والحزن ومما يدل على أن هذا يكون في الدنيا قوله تعالى في الآية الكريمة
التالية : (نَحْنُ
أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ..) أي نحن متولو أموركم في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
** سبب نزول
الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ الذي قال :
ربنا الله وحده لا شريك له ومحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عبده ورسوله فاستقام. وقال المشركون : ربنا الله
والملائكة بناته وهؤلاء شفعاؤنا عند الله فلم يستقيموا.
** (نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية
والثلاثين .. المعنى : نزلا من رب غفور رحيم ولم يذكر الموصوف «رب» لأنه معلوم
وحلت صفتاه سبحانه «غفور رحيم» محله وهما من صيغ المبالغة «فعول» بمعنى فاعل «وفعيل»
بمعنى فاعل أي الكثير المغفرة الكثير الرحمة لذنوب عباده.
** (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا
إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة
والثلاثين .. المعنى : لا أحد أحسن قولا ممن دعا إلى توحيد الله أو عبادة الله
وحده وعمل عملا صالحا فحذف المضاف «توحيد .. أو عبادة ..» وبقي المضاف إليه سبحانه
لفظ الجلالة كما حذف الموصوف «عملا» وحلت الصفة «صالحا» محله. نزلت الآية الكريمة في
رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأصحابه.
** (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا
السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة
والثلاثين .. المعنى : ولا تتساوى الفعلة الحسنة ولا الفعلة السيئة فإذا اعترضتك
سيئة فادفع بها أو فادفعها بخصلة أو فادفع بالخصلة الحسنة التي هي أحسن الخصال .. فحذف
الموصوف الفعلة وأقيمت صفتها «الحسنة» مقامها ومثلها «السيئة» أي حذف الموصوف «الفعلة»
وحلت صفتها «السيئة» محلها كما حذف الموصوف «الخصلة» وحل النعت «التي» الاسم
الموصول محلها وحذف المضاف إليه «الخصال» وبقي المضاف «أحسن» وهذه الحكمة لا يوفق
إليها إلا الصابرون كما تشير الآية الكريمة التالية (وَما يُلَقَّاها
إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) بمعنى وما يؤتاها ويتقبلها ويحتمل هذه السجية أو الخصلة
الحسنة إلا ذو أي صاحب الحظ العظيم. أي كل ذي حظ من السعادة عظيم. وفي الآية
الكريمة وضع سبحانه «التي هي أحسن» موضع «الحسنة» ليكون أبلغ في الدفع بالحسنة لأن
من دفع بالحسنى كان الدفع عليه أهون أي هان عليه الدفع بما هو دونها. وعن ابن عباس
ـ رضي الله عنه ـ : بالتي هي أحسن : أي بالصبر عند الغضب .. والحلم عند الجهل
والعفو عند الإساءة. وقيل : السيئة : هي العقوبة .. والحسنة : هي التوبة. وقال
أكثم بن صيفي : الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة وإفراط الأنس مكسبة لقرناء السوء.
قال أبو عبيد : يريد أن الاقتصاد في الأمور أدنى إلى السلامة أي في توسط الأمور
بين الغلو والتقصير وقد أجاد الشاعر في المقارنة بين الغلو والتقصير في هذين
البيتين :
إن كنت
منبسطا سميت مسخرة
|
|
أو كنت
منقبضا قالوا به ثقل
|
وإن أعاشرهم
قالوا لهيبتنا
|
|
وإن أجانبهم
قالوا به ملل
|
** سبب نزولها : نزلت الآية
الكريمة المذكورة آنفا في أبي سفيان بن حرب .. كان معاديا للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فصار له وليا ـ أي صديقا قريبا ـ بعد أن كان عدوا له
فصافاه بالمصاهرة التي حدثت بينهما.
** (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ
عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة
والثلاثين .. المعنى : فإن استكبر البشر عن السجود لله فالملائكة الذين لهم منزلة
وكرامة عند ربك قائمون على التنزيه مداومون على التسبيح له سبحانه دون ملل. فحذف
الموصوف «الملائكة» وحلت الصفة «الذين» محله يقال : سئم من الشيء ـ يسأمه ـ سأما
.. من باب «طرب» بمعنى : مله. والسأم ـ بفتح السين والهمزة هو الملل.
** (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي
آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ
يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الأربعين ..
المعنى : إن الذين يميلون عن الاستقامة .. وقد استعير للانحراف في تأويل آيات
القرآن عن جهة الصحة والاستقامة.
(وَقالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ
تَغْلِبُونَ)
(٢٦)
(وَقالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا) : الواو عاطفة. قال : فعل ماض مبني على الفتح. الذين :
اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا
محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل والألف فارقة.
(لا تَسْمَعُوا لِهذَا
الْقُرْآنِ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لا
: ناهية جازمة. تسمعوا : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. اللام حرف جر. هذا : اسم إشارة مبني على
السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بتسمعوا بمعنى لا تصغوا. القرآن :
بدل من اسم الإشارة «هذا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة.
(وَالْغَوْا فِيهِ) : الواو عاطفة. الغوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن
مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. فيه :
جار ومجرور متعلق بالغوا بمعنى وشوشوا فيه.
(لَعَلَّكُمْ
تَغْلِبُونَ) : حرف مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ
مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور. تغلبون : الجملة
الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل
في محل رفع فاعل بمعنى لعلكم تمنعون تأثير قراءة القرآن في النفوس أو في الناس.
(فَلَنُذِيقَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا
يَعْمَلُونَ)
(٢٧)
(فَلَنُذِيقَنَ) : الفاء استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. نذيقن
: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره نحن ونون التوكيد لا محل لها من الإعراب.
(الَّذِينَ كَفَرُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول.
كفروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «كفروا» صلة الموصول لا محل لها.
(عَذاباً شَدِيداً) : مفعول به ثان منصوب بنذيق المتعدي إلى مفعولين وعلامة
نصبه الفتحة المنونة. شديدا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «عذابا» منصوب مثله وعلامة نصبه
الفتحة المنونة أيضا لأن الاسمين نكرتان.
(وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ
أَسْوَأَ) : معطوفة بالواو على جملة «لنذيقن الذين» وتعرب إعرابها
و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به أول. أسوأ : مفعول «نجزي»
الثاني» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.
(الَّذِي كانُوا
يَعْمَلُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل
رفع اسم «كان» والألف فارقة. يعملون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي
فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «كانوا
يعملون» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه
مفعول به. التقدير : كانوا يعملونه.
(ذلِكَ جَزاءُ
أَعْداءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا
بِآياتِنا يَجْحَدُونَ)
(٢٨)
(ذلِكَ جَزاءُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف للخطاب. جزاء : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة.
(أَعْداءِ اللهِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو
مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه ثان مجرور وعلامة الجر الكسرة.
(النَّارُ لَهُمْ
فِيها دارُ) : عطف بيان للجزاء مرفوع مثله بالضمة أو يكون خبر مبتدأ
محذوف تقديره : هو أي هو النار. اللام حرف جر و «هم» ضمير
الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. فيها : جار
ومجرور متعلق بالخلد. دار : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو مضاف بمعنى : دار الخلود.
أو أن النار في نفسها دار الخلد.
(الْخُلْدِ جَزاءً
بِما) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. جزاء :
مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني
على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بجزاء. والجملة الاسمية «لهم
فيها دار الخلد» في محل نصب حال من «الأعداء».
(كانُوا بِآياتِنا
يَجْحَدُونَ) : أعرب في الآية الكريمة الخامسة عشرة بمعنى : جزاء على
ما كانوا يلغون فيها أو يكفرون.
(وَقالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ
نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ)
(٢٩)
(وَقالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا رَبَّنا) : أعربت في الآية الكريمة السادسة والعشرين. رب : منادى
مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني
على السكون في محل جر بالإضافة وأصله : يا ربنا .. حذفت أداة النداء اكتفاء
بالمنادى سبحانه اختصارا وتوقيرا.
(أَرِنَا الَّذَيْنِ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي
فعل دعاء وتضرع مبني على حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة عليها
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني
على السكون في محل نصب مفعول به أول. الذين : اسم موصول منصوب لأنه مفعول به ثان
للفعل المتعدي إلى مفعولين «أر» وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى بمعنى : أعطنا.
(أَضَلَّانا مِنَ
الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الفتح والألف ضمير متصل ـ ضمير الغائبين الاثنين ـ مبني على السكون في
محل رفع فاعل و «نا» أعرب. من الجن : جار
ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول و «من» حرف جر بياني .. التقدير
: حالة كونهما من الجن والإنس. الواو حرف عطف. الإنس : معطوف على «الجن» ويعرب
مثله.
(نَجْعَلْهُما تَحْتَ
أَقْدامِنا) : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب ـ أي الدعاء والتضرع
ـ وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. الهاء ضمير
متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به و «ما» علامة التثنية. تحت : ظرف مكان
منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بمفعول «نجعل» الثاني وهو مضاف. أقدام
: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
المتكلمين ـ في محل جر مضاف إليه ثان.
(لِيَكُونا مِنَ
الْأَسْفَلِينَ) : اللام حرف جر للتعليل. يكونا : فعل مضارع ناقص منصوب
بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين ـ مبني
على الفتح في محل رفع اسم «يكون». من الأسفلين : جار ومجرور متعلق بخبر «يكون»
وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم وجملة «يكونا من الأسفلين» صلة حرف
مصدري لا محل لها و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل. والجار
والمجرور متعلق بالفعل «نجعل».
(إِنَّ الَّذِينَ
قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ
أَلاَّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ
تُوعَدُونَ)
(٣٠)
(إِنَّ الَّذِينَ
قالُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني
على الفتح في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية «قالوا» صلة الموصول لا محل لها
وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة والجملة الاسمية «ربنا الله» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(رَبُّنَا اللهُ) : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. الله لفظ
الجلالة : خبر المبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة أو يكون خبر مبتدأ محذوف
تقديره هو وجملة «هو الله» في محل رفع خبر المبتدأ «ربنا».
(ثُمَّ اسْتَقامُوا) : حرف عطف يفيد التراخي أي تراخي الاستقامة عن الإقرار.
استقاموا : معطوفة على «قالوا» وتعرب مثلها.
(تَتَنَزَّلُ
عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع
مرفوع بالضمة. على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور
متعلق بتتنزل وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ و «الملائكة» فاعل مرفوع
بالضمة بمعنى تتنزل الملائكة عند الموت بالبشرى.
(أَلَّا تَخافُوا) : أصلها : أن : بمعنى «أي» وهي حرف تفسير لا عمل له و «لا»
ناهية جازمة. تخافوا : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة «لا تخافوا» تفسيرية لا محل لها أو
تكون «أن» مخففة من الثقيلة وهي حرف مشبه بالفعل واسمه ضمير شأن مستتر تقديره :
أنه وأصله بأنه فتكون الجملة الفعلية «لا تخافوا» في محل رفع خبر أن المخففة و «أن»
مع اسمها وخبرها في محل نصب بنزع الخافض.
(وَلا تَحْزَنُوا) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «تخافوا» وتعرب
إعرابها و «لا» زائدة للتوكيد.
(وَأَبْشِرُوا
بِالْجَنَّةِ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي
تقول لهم الملائكة .. أبشروا : الواو عاطفة. أبشروا : فعل أمر مبني على حذف النون
لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والألف فارقة.
بالجنة : جار ومجرور متعلق بأبشروا.
(الَّتِي كُنْتُمْ
تُوعَدُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ للجنة.
كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير
متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على
الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. توعدون : الجملة
الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والجملة الفعلية «كنتم توعدون» صلة الموصول
لا محل لها بمعنى التي وعدتموها في الدنيا. والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير
محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به أو يكون العائد ـ الصلة ـ جارا ومجرورا بمعنى : توعدونها
أو وعدتم بها.
(نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ
فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي
أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ)
(٣١)
(نَحْنُ
أَوْلِياؤُكُمْ) : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلمين ـ أي هو قول الملائكة
مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. أولياؤكم : خبر «نحن» مرفوع بالضمة. الكاف ضمير
متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع
الذكور.
(فِي الْحَياةِ
الدُّنْيا) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «أولياء». الدنيا :
صفة ـ نعت ـ للحياة مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف للتعذر
والجملة الاسمية «نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا» في محل نصب مفعول به .. ـ مقول
القول ـ أي تقول لهم الملائكة هذا القول .. أي نحن أنصاركم في الآخرة أيضا.
(وَفِي الْآخِرَةِ) : معطوف بالواو على «في الحياة الدنيا» التقدير : في
الحياة فحذف الموصوف «الحياة» اختصارا وأقيمت الصفة «الآخرة» مقامه.
(وَلَكُمْ فِيها) : الواو عاطفة. لكم : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. والميم
علامة جمع الذكور. فيها : جار ومجرور متعلق بتشتهي.
(ما تَشْتَهِي
أَنْفُسُكُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر.
تشتهي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. أنفس : فاعل مرفوع
بالضمة. و «كم» أعرب في «أوليائكم» والجملة الفعلية
«تشتهي أنفسكم» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول
ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به أي ما تشتهيه أنفسكم.
(وَلَكُمْ فِيها ما
تَدَّعُونَ) : الواو عاطفة. لكم فيها ما : أعرب والجار والمجرور «فيها»
متعلق بتدعون بمعنى ما تطلبون أو ما تتمنون. تدعون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «تدعون» صلة الموصول لا محل لها
والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به بتقدير : ما
تدعونه أي ترجونه.
(نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ
رَحِيمٍ)
(٣٢)
(نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ
رَحِيمٍ) : حال من ضمير المخاطبين في «تدعون» منصوب وعلامة نصبه
الفتحة المنونة بمعنى : نازلين مكرمين أو يكون مفعولا مطلقا ـ مصدرا ـ منصوبا بفعل
محذوف تقديره : انزلوا نزلا .. بمعنى ما يهيأ للنزيل لأن «النزيل» هو الضيف. من
غفور : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «نزلا» بمعنى نزلا معدا من رب غفور رحيم
فيكون «غفور» صفة لموصوف لم يذكر اختصارا لأنه معلوم وهو «رب». رحيم : صفة ثانية
للموصوف «رب» وعلامة جر الصفتين الكسرة المنونة.
(وَمَنْ أَحْسَنُ
قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ
الْمُسْلِمِينَ)
(٣٣)
(وَمَنْ أَحْسَنُ
قَوْلاً) : الواو استئنافية. من : اسم استفهام يفيد النفي مبني
على السكون في محل رفع مبتدأ بمعنى لا أحد أحسن قولا. أحسن : خبر «من» مرفوع
بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعل ـ صيغة تفضيل ومن وزن الفعل.
قولا : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(مِمَّنْ دَعا) : أصلها : من : حرف جر و «من» اسم موصول مبني على
السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأحسن. دعا : فعل ماض مبني على الفتح
المقدر على الألف للتعذر وجملة «دعا إلى الله» صلة الموصول لا محل لها وفاعل «دعا»
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.
(إِلَى اللهِ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بدعا بمعنى إلى توحيد الله
وحده لا شريك له أو عبادة الله أو دين الله.
(وَعَمِلَ صالِحاً
وَقالَ) : الجملتان الفعليتان معطوفتان بواوي العطف على جملة «دعا»
وتعربان إعرابها وعلامة نصب الفعلين : «عمل .. قال» الفتحة الظاهرة على آخره.
صالحا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : وعمل عملا صالحا. فحذف
الموصوف «عملا» وحلت الصفة «صالحا» محله.
(إِنَّنِي مِنَ
الْمُسْلِمِينَ) : الجملة المؤولة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى
: أنا من المسلمين أي من المنقادين لأمر الله. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل
والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن» والنون نون الوقاية لا محل
لها. من المسلمين : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» بمعنى مسلم من المسلمين أو واحد من
المسلمين وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة
في الاسم المفرد.
(وَلا تَسْتَوِي
الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي
بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)
(٣٤)
(وَلا تَسْتَوِي
الْحَسَنَةُ) : الواو استئنافية. لا : نافية لا عمل لها. تستوي : فعل
مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل. الحسنة : فاعل مرفوع
بالضمة بمعنى لا تتساوى الفعلة الحسنة.
(وَلَا السَّيِّئَةُ) : معطوفة بالواو على «الحسنة وتعرب مثلها» و «لا» زائدة
للتأكيد أي والفعلة السيئة فهما متفاوتتان.
(ادْفَعْ بِالَّتِي) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره أنت بمعنى فخذ. الباء حرف جر. التي : اسم موصول مبني على السكون في
محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بادفع. والجملة الفعلية «ادفع» استئنافية لا
محل لها أو تكون جواب شرط محذوف مقدر
بمعنى : فإذا اعترضتك حسنتان فخذ بالحسنة التي هي أحسن من أختها فادفع بها
السيئة التي ترد عليك من بعض أعدائك بمعنى ادفع بالخصلة التي .. وحذف مفعول «ادفع»
لأنه معلوم أي فادفع بالخصلة التي هي أحسن الخصلة السيئة.
(هِيَ أَحْسَنُ) : الجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها. هي : ضمير
منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. أحسن : خبر «هي» مرفوع بالضمة بمعنى بالتي
هي أحسن من الحسنة الثانية ولم ينون آخر «أحسن» لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل»
صيغة تفضيل ومن وزن الفعل.
(فَإِذَا الَّذِي) : الفاء استئنافية. إذا : حرف فجاءة ـ فجائية ـ لا محل
لها. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
(بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ
عَداوَةٌ) : الجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها. ظرف مكان
منصوب على الظرفية متعلق بخبر مقدم وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني
على الفتح في محل جر مضاف إليه. وبينه : معطوف بالواو على «بينك» ويعرب إعرابه
والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه. عداوة :
مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة.
(كَأَنَّهُ وَلِيٌّ
حَمِيمٌ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ «الذي» أو
يكون خبر «الذي» محذوفا لدلالته على مطلق الوجود وتقديره موجود لأن الاسم الموصول
وقع بعد «إذا» الفجائية فتكون الجملة الفعلية في محل نصب حالا بمعنى فاجعله أو
فنجعله كأنه ولي حميم. كأنه : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» يفيد التشبيه والهاء
ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «كأن». ولي : خبرها مرفوع
بالضمة المنونة. حميم : صفة ـ نعت ـ لولي مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى ناصر أو
صديق قريب لك.
(وَما يُلَقَّاها
إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ)
(٣٥)
(وَما يُلَقَّاها) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. يلقى : فعل
مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر و «ها» ضمير
متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم أي لا يوفق لهذه الحكمة.
(إِلَّا الَّذِينَ
صَبَرُوا) : أداة حصر لا عمل لها. الذين : اسم موصول مبني على
الفتح في محل رفع نائب فاعل. صبروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي
فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة.
(وَما يُلَقَّاها
إِلَّا ذُو) : معطوفة بالواو على ما قبلها وتعرب إعرابها. ذو : فاعل
مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف.
(حَظٍّ عَظِيمٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
عظيم : صفة ـ نعت لحظ مجرور مثله بالكسرة المنونة.
(وَإِمَّا
يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
(٣٦)
هذه الآية
الكريمة أعربت في الآية الكريمة المائتين من سورة «الأعراف» و «هو» ضمير فصل أو
عماد لا محل له أو يكون ضميرا منفصلا مبنيا على الفتح في محل رفع مبتدأ. و «السميع
العليم» خبراه والجملة الاسمية «هو السميع العليم» في محل رفع خبر «إن» بمعنى :
وإن صرفك الشيطان بوسواسه عما وصيت به من الدفع بالتي هي أحسن فالتجئ إلى الله من
شر الشيطان ولا تطعه.
(وَمِنْ آياتِهِ
اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا
لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ
تَعْبُدُونَ)
(٣٧)
(وَمِنْ آياتِهِ) : الواو استئنافية. من آياته : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم والهاء ضمير
متصل في محل جر مضاف إليه.
(اللَّيْلُ
وَالنَّهارُ) : مبتدأ مرفوع بالضمة. والنهار : معطوف بالواو على «الليل»
ويعرب إعرابه بمعنى ومن دلائل عظمته سبحانه تعاقب الليل
والنهار أو خلق الليل بظلامه للسكون والنهار بضيائه للعمل وبعد حذف المضاف
المبتدأ «تعاقب .. خلق ..» أقيم المضاف إليه «الليل» مقامه وارتفع ارتفاعه على
الابتداء ومثله النهار.
(وَالشَّمْسُ
وَالْقَمَرُ) : معطوفان بواوي العطف على «الليل والنهار» ويعربان
إعرابهما بمعنى الأول بضيائها والثاني بنوره.
(لا تَسْجُدُوا) : ناهية جازمة. تسجدوا : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة
جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(لِلشَّمْسِ وَلا
لِلْقَمَرِ) : جار ومجرور متعلق بتسجدوا. الواو عاطفة. لا : زائدة
للتأكيد. للقمر : جار ومجرور يعرب إعراب للشمس أو يكون التقدير ولا تسجدوا للقمر
بتكرار العامل الذي حذف اكتفاء بذكره أول مرة بمعنى فلا تسجدوا لهما لأنهما من
مخلوقات الله وليسا شريكين لله جلت قدرته ولا شريك له.
(وَاسْجُدُوا لِلَّهِ) : الواو استئنافية. اسجدوا : فعل أمر مبني على حذف
النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. لله : جار ومجرور للتعظيم متعلق باسجدوا.
(الَّذِي خَلَقَهُنَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ للفظ
الجلالة. خلقهن : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على
الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الإناث
الغائبات ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به وهو ضمير مبهم أو يعود لليل
والنهار والشمس والقمر لأن حكم جماعة ما لا يعقل حكم المؤنث أو الإناث ولما قال
سبحانه : ومن آياته .. كن في معنى «الآيات» فقيل : خلقهن.
(إِنْ كُنْتُمْ) : حرف شرط جازم. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون
لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن.
التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان»
والميم علامة جمع الذكور.
(إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان. إيا : ضمير
منفصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم والهاء حرف يعود عليه سبحانه.
ويجوز أن تكون الكلمة «إياه» كلها مبنية على الضم في محل نصب مفعولا به مقدما.
تعبدون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وجواب
الشرط «إن» محذوف لتقدم معناه.
(فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا
فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُمْ لا
يَسْأَمُونَ)
(٣٨)
(فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا) : الفاء استئنافية. إن : حرف شرط جازم وكسر آخره لالتقاء
الساكنين. استكبروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والفعل «استكبر» فعل الشرط في محل جزم بإن
بمعنى فإن تكبروا عن السجود.
(فَالَّذِينَ عِنْدَ
رَبِّكَ) : الفاء واقعة في جواب الشرط. الذين : اسم موصول مبني
على الفتح في محل رفع مبتدأ أي الملائكة والجملة الاسمية «فالذين ..» مع خبره جواب
شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. عند : ظرف مكانة ومنزلة وكرامة منصوب على
الظرفية متعلق بفعل محذوف تقديره يكرمون وهو مضاف. ربك : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في
محل جر مضاف إليه ثان والجملة الفعلية «يكرمون عند ربك» صلة الموصول لا محل لها من
الإعراب.
(يُسَبِّحُونَ لَهُ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل مضارع
مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. له
: جار ومجرور متعلق بيسبحون بمعنى : ينزهونه.
(بِاللَّيْلِ
وَالنَّهارِ) : جار ومجرور متعلق بيسبحون. والنهار : معطوف بالواو
على «الليل» ويعرب مثله.
(وَهُمْ لا
يَسْأَمُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هم :
ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. لا : نافية لا عمل لها. يسأمون :
فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «لا
يسأمون» في محل رفع خبر «هم» ويجوز أن يتعلق الجار والمجرور «بالليل والنهار» بحال
محذوفة من ضمير «يسبحون» بتقدير : قائمين بالليل ..
(وَمِنْ آياتِهِ
أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ
وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ)
(٣٩)
(وَمِنْ آياتِهِ) : الواو عاطفة. من آياته : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم والهاء ضمير متصل
مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.
(أَنَّكَ تَرَى) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «أن». ترى : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه
الضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والجملة
الفعلية «ترى الأرض خاشعة» في محل رفع خبر «أن» و «أن» وما في حيزها من اسمها
وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع مبتدأ مؤخر.
(الْأَرْضَ خاشِعَةً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. خاشعة : حال من
«الأرض» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(فَإِذا أَنْزَلْنا) : الفاء استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان
مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط ـ أداة شرط غير جازمة ـ
أنزلنا : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «إذا» وهي فعل ماض
مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في
محل رفع فاعل.
(عَلَيْهَا الْماءَ) : جار ومجرور متعلق بفعل «أنزلنا». الماء : مفعول به
منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل
ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفاعل ضمير مستتر
جوازا تقديره : هي. بمعنى : تحركت. وربت : معطوفة بالواو على «اهتزت» وتعرب
إعرابها وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على الألف للتعذر وحذفت الألف لالتقاء
الساكنين ولاتصاله بتاء التأنيث الساكنة.
(إِنَّ الَّذِي
أَحْياها) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذي : اسم موصول مبني
على السكون في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية «أحيا» صلة الموصول لا محل لها
وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
(لَمُحْيِ الْمَوْتى) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ محيي : خبر «إن»
مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل وهي اسم فاعل أضيف إلى معموله. الموتى : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر.
(إِنَّهُ عَلى كُلِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني
على الضم في محل نصب اسم «إن». على كل : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» أي باسم
الفاعل «قدير».
(شَيْءٍ قَدِيرٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
قدير : خبر «ن» مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة وهو من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى
فاعل ـ.
** (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ
خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) : هذا القول الكريم ورد في الآية الكريمة التاسعة
والثلاثين .. المعنى : ومن دلائل قدرته أنك ترى الأرض قحفة يابسة لا نبات فيها
فإذا أنزلنا عليها المطر تحركت ونمت وانتفخت بالنبات أي زادت ونمت بظهور النبات
على سطحها .. يقال : ربا الشيء ـ يربو ـ ربوا ـ من باب «عدا» بمعنى : زاد ومنه
الرابية وهو ما ارتفع من الأرض وكذا الربوة ـ ثلاثية الراء .. أي بضمها وفتحها
وكسرها .. وفي القول الكريم تصوير للأرض الميتة بصورة الحي المتحرك. واستعير
الخشوع وهو التذلل لحال الأرض ..
** (أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ
أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الأربعين المعنى : أفمن يلقى في
جهنم لكفره وعصيانه خير أم من يأتي آمنا من عذاب الله يوم القيامة لإيمانه بالله
ورسوله. و «خير» أصله : أخير فحذف الألف طلبا للفصاحة و «أخير» ممنوع من الصرف على
وزن «أفعل» صيغة تفضيل ومن وزن الفعل وبعد حذف ألفه نون آخره .. وقيل في أمثال
العرب خل من قل خيره لك في الناس غيره .. ومثل لفظة «خير» في حذف الألف كلمة «شر»
وأصله أيضا : أشر وحذف ألفه أفصح من إبقائها .. وقيل : خير الغنى القنوع وشر الفقر
الخضوع المراد بالقنوع : السؤال والتذلل للمسألة وهو مصدر الفعل «قنع» والفقير :
هو من لا مال له ولا كسب يكفيه كمن يحتاج إلى عشرة ويكسب ثلثها ويقابله في الحاجة
بصورة أقل : المسكين وهو من يقدر على مال أو كسب ولا يكفيه كمن يحتاج إلى عشرة
وعنده سبعة. وعن «القنوع» قال لبيد :
فمنهم سعيد
آخذ بنصيبه
|
|
ومنهم شقي
بالمعيشة قانع
|
وقال أهل العلم
: القنوع : بمعنى الرضا .. و «القانع» هو الراضي.
** (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً
أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة
والأربعين. المعنى : ولو جعلنا القرآن بغير لغة العرب لقال المشركون من العرب :
هلا بينت آياته ولخصت بلسان نفقهه ولقالوا أيضا منكرين : أقرآن أعجمي ورسول عربي
أو المرسل إليه عربي يقال : أعجم الكلام أو الكتاب : أي أزال إبهامه وعجمته ـ بضم
العين ـ وهو عدم الإفصاح نحو : أزلت عجمة الكتاب : بمعنى : أعربته أو أعجمت الحرف
: أي أزلت عجمته بما يميزه عن غيره بالنقط والشكل إذا استعجم : أي إذا استبهم .. و
«المعجم» بضم الميم وفتح الجيم هو مصدر ميمي يعنى بمفردات اللغة أو هو كتاب اللغة
الذي اصطلح على تسميته القاموس وجمع الأول : معجمات .. وجمع الثاني : قواميس
واللفظتان تكادان تكونان بمعنى واحد .. فالمعجم شرح معناه. أما القاموس : فهو كتاب
لغة مرادف كلمة «معجم» من قمس الشيء في الماء : بمعنى : غاص .. وسمي «القاموس»
كناية بذلك لاتساعه وبعد غوره لأن من معانيه أيضا : البحر .. ومنه قاموس البحر :
أي وسطه ومعظمه .. أو أبعده غورا : أي قعرا ومن هذه اللفظة كنوا الإنسان المتعمق
النظر بقولهم : فلان بعيد الغور وعرفت غوره : أي حقيقته .. والمقصود بالتقعر هو
التعمق وهذه الصفة تطلق على نوع أو مستوى من اللغات فقد قيل : للغة مستويات .. منها
لغة الأدب : وهي لغة ذاتية ولغة العلم : وهي لغة تتسم بالجفاف أي اليبس .. وثمة ـ وهناك
ـ لغة المكاتبات الرسمية .. أما لغة الصحافة فهي لغة تتميز بالوضوح والسلاسة بعيدا
عن الذاتية والتقعر والجفاف. وعلم اللغة ـ كما تقول المراجع ـ هو معرفة أوضاع
المفردات .. وقد يطلق هذا العلم على جميع أقسام العلوم العربية أما كتب اللغة فهي
المعجمات .. أي ما يعرفونه بالقواميس ـ جمع قاموس ـ وأهل اللغة : هم العاملون بها.
وعن «العجمة» قال الفيومي : العجمة في اللسان هي لكنة ـ بضم اللام ـ وعدم فصاحة
وعجم ـ بضم الجيم ـ عجمة فهو أعجم والمرأة عجماء وهو أعجمي ـ على النسبة للتوكيد ـ
بمعنى : غير فصيح وإن كان عربيا وعلى هذا فلو قيل لعربي : يا أعجمي لم يكن قذفا
لأنه نسبه إلى العجمة وهي موجودة في العرب وكأنه قال : يا غير فصيح .. أما العجم ـ
بفتح العين والجيم ـ فهم خلاف العرب.
** (أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ
بَعِيدٍ) : المعنى : أولئك بعيدون عن الإيمان به بعدهم عمن ينادى
من مكان بعيد فلا يسمع .. ويجمع «مكان» جمع قلة على «أمكنة» بمعنى : مواضع .. وجمع
كثرة على أماكن .. والمكان : بصيغة «مفعل» من الكون .. ومنه القول : هذا الشيء
مكان هذا : بمعنى : بدله .. وفلان من العلم بمكان : أي له في العلم مقدرة ومنزلة.
أما «المكانة» وجمعها : مكانات : فمعناها المنزلة ورفعة الشأن. ويقال : فلان يفتش
الأمكنة باحثا عن فلان بمعنى سأل عنه. وعلى ذكر هذا المثل يقال يفتش عن فلان أفصح
من قولنا : فلان يفتش على فلان لأن الفعل «فتش» يعدى بعن ويعدى بنفسه نحو فتشت
الشيء : أي تحريته وتصفحته أما فتشت عن الشيء : فمعناه : سألت عنه واستقصيت في
الطلب واسم الفاعل هو المفتش ـ بكسر التاء ـ وهو الذي يعهد إليه بالتفتيش.
** (لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ
الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة
والأربعين .. المعنى لا يمل الإنسان من دعاء الخير .. وقد أضيف المصدر «دعاء» إلى
مفعوله «الخير» بغير ذكر الفاعل. فإن دعاء مضاف إلى مفعوله وهو الخير ويكون المصدر
قد فارق فعله وجواز حذف فاعله أي فاعل الدعاء إذ لم يقل من دعائه الخير .. أما
«يئوس قنوط» فهما من صيغ المبالغة ـ فعول بمعنى فاعل ـ أي كثير اليأس والقنوط ..
وجاءت المبالغة في التعبير من جهة بناء فعول ومن جهة التكرير لأن الكلمتين بمعنى
واحد.
** (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ
أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية
والخمسين .. المعنى : وإذا أنعمنا على الإنسان انصرف عن شكر المنعم وتكبر وتجبر
وتباعد عن قبول الحق وإذا أصابه الضر والفقر أقبل على دوام الدعاء وأخذ في
الابتهال والتضرع وقد استعير العرض لكثرة الدعاء .. و «نأى» بمعنى : بعد .. يقال :
نأى عن الشيء ـ ينأى ـ نأيا .. من باب «نفع» وأنأيته عنه : بمعنى : أبعدته عنه
وانتوى : أي نوى .. ومنه يقال : انتوى القوم منزلا بموضع كذا : بمعنى قصدوه. و «البعد»
ضد القرب .. مأخوذ من بعد الشيء ـ يبعد ـ بعدا فهو بعيد. وما أنت عنا ببعيد وما
أنتم منا ببعيد .. يستوي فيه الواحد والجمع والفعل «بعد» عكس «قرب» يقرب فهو قريب
ويكون الفعل الرباعي «أبعد» لازما ومتعديا كما قال ابن قتيبة. فالفعل اللازم بمعنى
: تباعد نحو : أبعد الرجل عن المنزل .. والفعل المتعدي : أبعدته عن المنزل .. أما
استبعدته فمعناه : عددته بعيدا. ويقال : بعدا له : أي دعاء عليه بمعنى أبعده الله
.. واسم الفاعل من الفعل «نأى» هو ناء : أي بعيد. قال الشاعر طرفة بن العبد وهو
يجمع بين النأي والبعد لضرب من التوكيد : متى أدن منه ينأ عني ويبعد .. وقد جمع شاعر
آخر بين اللفظتين في قوله :
أمقطوعة منك
الحبائل يا ليلى
|
|
ومبعدة عنا
فمهلا بنا مهلا
|
سهرنا وما
معذورة أنت عندنا
|
|
لقد هدنا من
فرط نأيك ما أبلى
|
تعالي إلينا
إن وصلك نعمة
|
|
ألا إنما
المحبوب من أسعد الوصلا
|
** (مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ
هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة الثانية
والخمسين .. المعنى : من يكون أضل منكم وأنتم في خلاف شديد والجملة موضوعة موضع
«منكم» بيانا لحالهم وصفتهم. أي لا أحد أشد ضلالا منكم. يقال : ضل الرجل الطريق
وضل عنه ـ يضل ـ ضلالا وضلالة .. من باب «ضرب» بمعنى : زل عنه فلم يهتد إليه فهو
ضال ـ اسم فاعل ـ قال الفيومي : هذه لغة نجد وهي الفصحى وبها جاء القرآن في قوله
تعالى في سورة «سبأ» : (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ
فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي) وفي لغة لأهل العالية : الفعل من باب «تعب».
** (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي
أَنْفُسِهِمْ) : جاء هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة
والخمسين .. المعنى : سنري هؤلاء الكفار دلائل صدق آياتنا في أقطار السموات والأرض
وفي كل النواحي وهي جمع «أفق» وفي خلق أنفسهم .. وبعد حذف المضاف «خلق» حل المضاف
إليه «أنفسهم» محله وقيل : المعنى : وفي مجتمعهم.
(إِنَّ الَّذِينَ
يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ
خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ
إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
(٤٠)
(إِنَّ الَّذِينَ
يُلْحِدُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني
على الفتح في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية «يلحدون» صلة الموصول لا محل لها
وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
(فِي آياتِنا) : جار ومجرور متعلق بيلحدون و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
الواحد المطاع .. مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
(لا يَخْفَوْنَ
عَلَيْنا) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن». لا : نافية لا
عمل لها. يخفون : تعرب إعراب «يلحدون». على : حرف جر و «نا» ضمير الواحد المطاع
مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بيخفون.
(أَفَمَنْ يُلْقى) : الهمزة همزة استفهام. الفاء زائدة ـ تزيينية ـ من :
اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يلقى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع
وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر ونائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره
هو. والجملة الفعلية «يلقى في النار» صلة الموصول لا محل لها.
(فِي النَّارِ خَيْرٌ) : جار ومجرور متعلق بيلقى. خير : خبر «من» مرفوع بالضمة
المنونة.
(أَمْ مَنْ يَأْتِي) : حرف عطف. من : معطوف على «من» ويعرب إعرابه. يأتي : الجملة
الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة
المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وخبر «من»
محذوف اختصارا لأن ما قبله دال عليه بتقدير : أم من يأتي آمنا خير؟
(آمِناً يَوْمَ
الْقِيامَةِ) : حال من ضمير «يأتي» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيأتي وهو مضاف.
القيامة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
(اعْمَلُوا ما
شِئْتُمْ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال
الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ما : اسم موصول مبني على
السكون في محل نصب مفعول به. شئتم : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي
فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور والعائد ـ الراجع
ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما شئتموه أو يكون
مفعوله المحذوف صريحا بمعنى : ما شئتم عمله. أو يكون الاسم الموصول «ما» في محل جر
بحرف جر محذوف بتقدير : بما والجار والمجرور متعلق باعملوا.
(إِنَّهُ بِما
تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني
على الضم في محل نصب اسم «إن». الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في
محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق ببصير. تعملون : تعرب إعراب «يلحدون». بصير :
خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب
المحل لأنه مفعول به. التقدير : بما تعملونه. أو تكون «ما» مصدرية فتكون «ما» وما
بعدها بتأويل مصدر «بعملكم» في محل جر بالباء.
(إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ)
(٤١)
(إِنَّ الَّذِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني
على الفتح في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية بعده «كفروا بالذكر»
صلة الموصول لا محل لها وخبر «إن» محذوف تقديره : لجاهلون أغبياء لأنهم
كفروا بأعظم معجز أنزله الله سبحانه عليهم أو يكون خبر «إن» جملة فعلية في محل رفع
تقديرها : سيجازون بكفرهم أو يكون الخبر الجملة الفعلية «لا يأتيه الباطل ..» في
الآية الكريمة التالية.
(كَفَرُوا بِالذِّكْرِ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بالذكر : جار ومجرور متعلق بكفروا أي
بالقرآن والجملة «إن الذين كفروا بالذكر» بدل من جملة «إن الذين يلحدون في آياتنا»
الواردة في الآية الكريمة السابقة لأنهم لكفرهم به طعنوا فيه وحرفوا تأويله.
(لَمَّا جاءَهُمْ) : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب
متعلق بكفروا. جاء : الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف وهي
فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل
ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به.
(وَإِنَّهُ لَكِتابٌ
عَزِيزٌ) : الواو استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل
والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة.
كتاب : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. عزيز : صفة ـ نعت ـ لكتاب مرفوع مثله
بالضمة المنونة.
(لا يَأْتِيهِ
الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ
حَمِيدٍ)
(٤٢)
(لا يَأْتِيهِ
الْباطِلُ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» في الآية الكريمة
السابقة أو صفة ـ نعت ـ للموصوف «كتاب». لا : نافية لا عمل لها. يأتيه : فعل مضارع
مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل والهاء ضمير متصل يعود على «كتاب»
مبني على الكسر في محل نصب مفعول به مقدم. الباطل : فاعل مرفوع بالضمة.
(مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) : جار ومجرور متعلق بيأتي. يديه : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في
محل جر مضاف إليه ثان وحذفت النون أصله : يدين ـ للإضافة.
(وَلا مِنْ خَلْفِهِ) : الواو حرف عطف. لا : زائدة لتأكيد معنى النفي. من
خلفه : جار ومجرور متعلق بيأتي لأنه معطوف على «من بين يديه» والهاء ضمير متصل
مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه بمعنى من أي جهة من جهاته.
(تَنْزِيلٌ مِنْ
حَكِيمٍ حَمِيدٍ) : صفة ـ نعت ـ لكتاب أو خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو
تنزيل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة. من حكيم : جار ومجرور متعلق بتنزيل أو
بصفة محذوفة من موصوف غير مذكور لأنه معلوم أي من إله حكيم حميد و «حميد» صفة
ثانية لإله مجرور وعلامة جر الصفتين الكسرة المنونة وهما من صيغ المبالغة ـ فعيل
بمعنى فاعل ـ.
(ما يُقالُ لَكَ
إِلاَّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ
وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ)
(٤٣)
(ما يُقالُ لَكَ) : نافية لا عمل لها. يقال : فعل مضارع مبني للمجهول
مرفوع وعلامة رفعه الضمة. لك : جار ومجرور متعلق بيقال بمعنى ما يقول لك كفار قومك
أي كفار قريش من وصفك بالسحر والكذب والجنون ..
(إِلَّا ما قَدْ) : أداة حصر لا عمل لها. ما : اسم موصول مبني على السكون
في محل رفع نائب فاعل بمعنى إلا مثل ما قد .. فحذف المضاف نائب الفاعل «مثل» وحل محله
المضاف إليه الاسم الموصول «ما». قد : حرف تحقيق.
(قِيلَ لِلرُّسُلِ) : الجملة الفعلية «قد قيل للرسل ..» صلة الموصول لا محل
لها. قيل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره هو. للرسل : جار ومجرور متعلق بقيل ونائب الفاعل المستتر يعود على «ما»
أو على «مثل» بمعنى قيل مثله للرسل. ويجوز أن تكون «إن» وما في حيزها من اسمها
وخبرها «إن ربك لذو مغفرة» في محل رفع نائب فاعل ـ مقول القول ـ على معنى : ما
يقول لك الله إلا مثل ما قال للرسل من قبلك : إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم. وعلى
التقدير الأول يكون المعنى ما يقول لك يا محمد كفار قومك إلا مثل ما قال للرسل
كفار قومهم من الكلمات المؤذية والمطاعن في الكتب المنزلة.
(مِنْ قَبْلِكَ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الرسل» التقدير حال
كونهم من قبلك و «من» حرف جر بياني والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على
الفتح في محل جر مضاف إليه. أي ما قالته الأمم للرسل الذين سبقوك.
(إِنَّ رَبَّكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربك اسم «إن» منصوب
وعلامة نصبه الفتحة والكاف أعرب في «قبلك».
(لَذُو مَغْفِرَةٍ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ ذو : خبر «إن» مرفوع
وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. مغفرة : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة فاصبر على الأذى كما صبروا إن ربك لذو مغفرة
للمؤمنين التائبين.
(وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) : معطوف بالواو على «ذو مغفرة» ويعرب مثله. أليم : صفة
ـ نعت ـ لعقاب مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى لذو مغفرة ورحمة
لأنبيائه وذو عقاب أليم لأعدائه.
(وَلَوْ جَعَلْناهُ
قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ
وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا
يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ
مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ)
(٤٤)
(وَلَوْ جَعَلْناهُ) : الواو استئنافية. لو : حرف شرط غير جازم. جعل : فعل
ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني
على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول.
(قُرْآناً
أَعْجَمِيًّا) : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. أعجميا
: صفة ـ نعت ـ للموصوف «قرآنا» منصوب مثله.
(لَقالُوا) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام
واقعة في جواب الشرط. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو
الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة أي المشركون العرب.
(لَوْ لا فُصِّلَتْ
آياتُهُ) : الجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لو لا : حرف
تحضيض بمعنى : هلا. فصلت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء
التأنيث الساكنة لا محل لها. آياته : نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة والهاء
ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه.
(ءَ أَعْجَمِيٌّ
وَعَرَبِيٌ) : الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام بمعنى : لأنكروا
وقالوا أقرآن أعجمي ورسول عربي .. أعجمي : خبر مبتدأ محذوف تقديره : أهو قرآن أو
كلام أعجمي ورسول عربي. وحذف الخبر الموصوف «قرآن» وأقيمت صفته «أعجمي» مقامه كما
حذف الموصوف «رسول» وحلت صفته «عربي» محله لأن «وعربي» معطوف بالواو على «أعجمي»
وحذف الموصوف لأن ما قبله يدل عليه والكلمتان مرفوعتان وعلامة رفعهما الضمة
المنونة.
(قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره أنت. وأصله : قول .. حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين. هو : ضمير
رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني
على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بالخبر والجملة الاسمية «هو
للذين آمنوا هدى» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول والجملة الفعلية بعده «آمنوا»
صلة الموصول لا محل لها أي قل لهم هو ..
(آمَنُوا هُدىً
وَشِفاءٌ) : تعرب إعراب «قالوا». هدى : خبر «هو» مرفوع بالضمة
المقدرة للتعذر على الألف المقصورة قبل تنوينها ونونت الألف لأنه اسم مقصور نكرة
ثلاثي. وشفاء : معطوف بالواو على «هدى» مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة المنونة
الظاهرة على آخره بمعنى هو أي القرآن إرشاد إلى الحق وشفاء لما في الصدور من الشك.
(وَالَّذِينَ لا
يُؤْمِنُونَ) : الواو عاطفة. الذين : معطوف على «الذين» الأول وهو في
محل جر مثله بمعنى هو للذين آمنوا هدى وشفاء وهو للذين لا يؤمنون في آذانهم وقر
وفيه عطف على عاملين. أو يكون الاسم الموصول «الذين» في محل رفع مبتدأ وخبره الجملة
الاسمية «في آذانهم وقر» في محل رفع. لا : نافية لا عمل لها. يؤمنون : فعل مضارع
مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «لا يؤمنون»
صلة الموصول لا محل لها.
(فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ) : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. وقر : مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة
المنونة بمعنى في آذانهم ثقل عن سماع القرآن وفهم معانيه.
(وَهُوَ عَلَيْهِمْ
عَمًى) : الواو عاطفة. هو عمى : يعرب إعرابه «هو هدى». على :
حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بالخبر بمعنى :
عمى عن رؤية الحق أي القرآن على قلوبهم معمى لا يفهمونه لتعاميهم ..
(أُولئِكَ يُنادَوْنَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف
حرف خطاب. ينادون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أولئك» وهي فعل مضارع مبني
للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.
(مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) : جار ومجرور متعلق بينادون. بعيد : صفة ـ نعت ـ لمكان
مجرور مثله وعلامة جرهما الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة بمعنى بعيدون عن الإيمان
به. وهم متعامون عن آيات الله.
(وَلَقَدْ آتَيْنا
مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ
لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ)
(٤٥)
هذه الآية
الكريمة أعربت في الآية الكريمة العاشرة بعد المائة من سورة «هود».
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً
فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ)
(٤٦)
(مَنْ عَمِلَ) : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. عمل
: فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بمن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ «من».
(صالِحاً فَلِنَفْسِهِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو صفة لموصوف
محذوف مفعول «عمل» حلت الصفة «صالحا» محله بتقدير : من عمل عملا صالحا وهو من
الصفات الغالبة التي تجري مجرى الأسماء. الفاء واقعة في جواب الشرط. لنفسه : جار ومجرور
في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف تقديره : فنفعه أو فعمله لنفسه أي فنفسه نفع. والهاء
ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه والجملة الاسمية «فنفعه
لنفسه» جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم.
(وَمَنْ أَساءَ
فَعَلَيْها) : الجملة الاسمية معطوفة بالواو على «من عمل صالحا
فلنفسه» وتعرب إعرابها بمعنى ومن أساء فإساءته على نفسه أي فنفسه ضر بمعنى : ومن
أساء عمله فإساءته على نفسه.
(وَما رَبُّكَ) : الواو استئنافية. ما : نافية تعمل عمل «ليس» عند أهل
الحجاز «ما .. الحجازية» ونافية لا عمل لها عند بني تميم. ربك : اسم «ما» الحجازية
ومبتدأ على اللغة الثانية مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
(بِظَلَّامٍ
لِلْعَبِيدِ) : الباء حرف جر زائد واقع على الخبر المنفي توكيدا
للنفي. ظلام : اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر «ما» الحجازية ومرفوع محلا
على أنه خبر «ربك» على اللغة الثانية. للعبيد : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «ظلام»
بمعنى لا يعذب غير المسيء.
(إِلَيْهِ يُرَدُّ
عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ
مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي
قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ)
(٤٧)
* (إِلَيْهِ يُرَدُّ) : جار ومجرور متعلق بيرد. يرد : فعل مضارع مبني للمجهول
مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
(عِلْمُ السَّاعَةِ) : نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف. الساعة
: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : إلى من يسأل عن قيام الساعة
إليه يرد علم قيامها دون غيره سبحانه.
(وَما تَخْرُجُ مِنْ
ثَمَراتٍ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. تخرج : فعل
مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة. من : حرف جر زائد لتوكيد النفي. ثمرات : اسم مجرور
لفظا مرفوع محلا لأنه فاعل «تخرج» بمعنى وما تخرجه الأشجار.
(مِنْ أَكْمامِها) : جار ومجرور متعلق بتخرج و «ها» ضمير متصل مبني على
السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى من أوعيتها أو أغطيتها.
(وَما تَحْمِلُ مِنْ
أُنْثى) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «ما تخرج من
ثمرات» وتعرب إعرابها وعلامة جر «أنثى» الكسرة المقدرة على الألف المقصورة منع من
ظهورها التعذر بمعنى وما تحمل الإناث في بطونها.
(وَلا تَضَعُ) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. تضع : معطوفة
على «تحمل» وتعرب مثلها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على «أنثى»
أي وما تضعه من الأولاد ..
(إِلَّا بِعِلْمِهِ) : أداة حصر لا عمل لها. بعمله : جار ومجرور متعلق بحال
محذوف بمعنى إلا مقرونا بعلمه أو إلا عالما به. أي إلا وهو عالم به والهاء ضمير
متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.
(وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ) : الواو استئنافية. يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية
وعلامة نصبه الفتحة أو يكون مفعولا به لفعل مضمر ـ محذوف ـ تقديره : واذكر يوم.
ينادي : الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه وهي فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه
الضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب
مفعول به أي ينادي الله تعالى المشركين يوم القيامة ..
(أَيْنَ شُرَكائِي) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بتقدير
: قائلا أي شركائي؟ أضافهم إليه تعالى على زعمهم وفيه تهكم وتوبيخ بمعنى : أين
شركائي الذين كنتم تزعمون؟ أين : اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب ظرف مكان
متعلق بخبر مقدم. شركائي : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع
من ظهورها تجانس ياء المتكلم ـ مجانسة لياء المتكلم وهو مضاف والياء ضمير متصل ـ ضمير
الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى الذين أشركتموه
وعبدتموهم من الأصنام ..
(قالُوا آذَنَّاكَ) : الجملة الفعلية استئنافية لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. آذناك : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل ماض
مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على
السكون في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على الفتح
في محل نصب مفعول به بمعنى : أعلمناك يا ربنا ..
(ما مِنَّا مِنْ
شَهِيدٍ) : نافية لا عمل لها. من : حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين
مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. من : حرف جر
زائد لتوكيد معنى النفي وتقويته. شهيد : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ
مؤخر بمعنى : ليس فينا شاهد لهم بإشراك أحد معك. و «شهيد» من صيغ المبالغة ـ فعيل
بمعنى فاعل ـ.
(وَضَلَّ عَنْهُمْ ما
كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ)
(٤٨)
(وَضَلَّ عَنْهُمْ ما) : الواو استئنافية. ضل : فعل ماض مبني على الفتح. عن :
حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن والجار والمجرور
متعلق بضل بمعنى وغاب عنهم. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع
فاعل.
(كانُوا يَدْعُونَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان»
والألف فارقة. يدعون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول
ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما كانوا يدعونه بمعنى يعبدونه
في الدنيا من الأوثان.
(مِنْ قَبْلُ) : حرف جر. قبل : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة
في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بيدعون.
(وَظَنُّوا) : الواو عاطفة. ظنوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله
بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى وأيقنوا
والجملة بعدها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «ظن» أو تكون لا محل لها لأنها مسبوقة
بحرف لا عمل له فلم تعمل فيه «ظن» بمعنى : واعتقدوا أنه ..
(ما لَهُمْ مِنْ
مَحِيصٍ) : نافية لا عمل لها. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين
في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. من : حرف جر زائد لتأكيد
معنى النفي. محيص : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر بمعنى وأيقنوا أن
لا مهرب لهم أو لاخلاص لهم من عذاب الله.
(لا يَسْأَمُ
الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ)
(٤٩)
(لا يَسْأَمُ
الْإِنْسانُ) : نافية لا عمل لها. يسأم : فعل مضارع مرفوع بالضمة.
الإنسان : فاعل مرفوع بالضمة.
(مِنْ دُعاءِ
الْخَيْرِ) : جار ومجرور متعلق بيسأم وعدي الفعل إلى مفعوله بحرف
الجر. الخير : مضاف إليه مجرور بالكسرة.
(وَإِنْ مَسَّهُ
الشَّرُّ) : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم. مسه : فعل ماض
مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني
على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. الشر : فاعل مرفوع بالضمة أي وإن أصابه الفقر
والضيقة.
(فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) : الجملة الاسمية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل
جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط. يئوس : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. قنوط : صفة ـ نعت
ـ ليئوس مرفوع وعلامة رفعهما «الموصوف والصفة» الضمة المنونة بمعنى : فهو كثير اليأس
والقنوط.
(وَلَئِنْ أَذَقْناهُ
رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما
أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ
لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ
مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ)
(٥٠)
(وَلَئِنْ أَذَقْناهُ
رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة العاشرة من
سورة «هود» و «من» حرف جر و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل جر
بمن والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من رحمة.
(هذا لِي) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ هذا
: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ لي : جار ومجرور في محل رفع خبر «هذا»
بمعنى هذا حقي أو هذا لي لا يزول عني أي أستحقه.
(وَما أَظُنُ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. أظن : فعل مضارع
مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا.
(السَّاعَةَ قائِمَةً) : مفعولا «أظن» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة بمعنى ولا
أظن القيامة آتية.
(وَلَئِنْ رُجِعْتُ) : الواو استئنافية. اللام موطئة للقسم ـ اللام المؤذنة
ـ إن : حرف شرط جازم. رجعت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون
لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على
الضم في محل رفع نائب فاعل وجملة «إن رجعت» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه لا
محل لها بمعنى وإن رددت. والفعل «رجع» فعل الشرط في محل جزم بإن.
(إِلى رَبِّي) : جار ومجرور متعلق بفعل «رجعت» وعلامة الجر الكسرة
الظاهرة على آخر الاسم والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه
بمعنى : وإن أتت وأرجعت إلى ربي ..
(إِنَّ لِي عِنْدَهُ
لَلْحُسْنى) : الجملة جواب القسم المقدر لا محل لها وجواب الشرط
محذوف دل عليه جواب القسم أو يكون جواب القسم قد سد مسد الجوابين. إن : حرف نصب
وتوكيد مشبه بالفعل. لي : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» المقدر. عنده : ظرف مكان
منصوب على الظرفية متعلق باسم «إن» وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني على الضم في
محل جر مضاف إليه. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ الحسنى : اسم «إن» المؤخر منصوب
وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر بمعنى المثوبة
الحسنى وهو مؤنث «الأحسن» بمعنى وما أظن الساعة تكون فإن كانت على سبيل التوهم فإن
لي عند ربي أي الله الحسنى.
(فَلَنُنَبِّئَنَّ
الَّذِينَ) : الفاء استئنافية. اللام لام التوكيد. ننبئن : فعل
مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا
تقديره نحن. ونون التوكيد لا محل لها. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل
نصب مفعول به.
(كَفَرُوا بِما
عَمِلُوا) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار
والمجرور متعلق بننبئ. عملوا : تعرب إعراب «كفروا» والعائد إلى الموصول ضمير محذوف
منصوب المحل لأنه
مفعول به. التقدير : بما عملوه أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «عملوا» صلة
حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير :
بعملهم.
(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ) : معطوفة بالواو على «ننبئن» وتعرب إعرابها و «هم» ضمير
متصل ـ ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
(مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) : جار ومجرور متعلق بنذيق. و «من» تبعيضية. وحذف مفعول
«نذيقن» الثاني لدلالة «من» التبعيضية عليه بمعنى لنذيقنهم بعض عذاب غليظ. غليظ :
صفة ـ نعت ـ لعذاب مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة ..
أو لنذيقنهم شيئا من عذاب شديد.
(وَإِذا أَنْعَمْنا
عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو
دُعاءٍ عَرِيضٍ)
(٥١)
هذه الآية
الكريمة أعربت في الآية الكريمة الثالثة والثمانين من سورة «الإسراء».
(فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) : الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها. الفاء رابطة
لجواب الشرط. ذو : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء
الخمسة وهو مضاف. دعاء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
عريض : صفة ـ نعت ـ لدعاء مجرورة مثله بالكسرة المنونة أي كثير.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ
إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي
شِقاقٍ بَعِيدٍ)
(٥٢)
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره أنت ـ أصله : قول ـ حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين. والجملة
الفعلية بعده «أرأيتم» بمعنى : «أخبروني» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الألف
ألف تعجب بلفظ استفهام. رأيتم : فعل ماض مبني على
السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني
على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.
(إِنْ كانَ) : حرف شرط جازم. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح فعل
الشرط في محل جزم بإن واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره : هو أي إن كان القرآن بمعنى
قل لهم يا محمد أخبروني إن كان هذا القرآن.
(مِنْ عِنْدِ اللهِ) : جار ومجرور في محل نصب خبر «كان». الله لفظ الجلالة :
مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.
(ثُمَّ كَفَرْتُمْ
بِهِ) : حرف عطف. كفرتم : تعرب إعراب «رأيتم». به : جار
ومجرور متعلق بكفرتم وجواب الشرط محذوف بتقدير : إن كان هذا القرآن من عند الله ثم
كفرتم به هل أنتم أيها المشركون محقون في عملكم هذا؟ بمعنى : فما أنكرتم أن يكون
حقا وقد كفرتم به. أو يكون جواب الشرط «من أضل ممن هو في شقاق بعيد» بمعنى : فمن
يكون أضل منكم وأنتم في خلاف فيه شديد أي لا أحد أشد ضلالا منكم.
(مَنْ أَضَلُ) : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أضل :
خبر «من» مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه على وزن ـ أفعل ـ ومن وزن الفعل.
(مِمَّنْ هُوَ) : أصلها : من : حرف جر و «من» اسم موصول مبني على
السكون في محل جر بمن وقد أدغم بنون «من» والجار والمجرور متعلق بأضل. هو : ضمير
منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.
(فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) : جار ومجرور في محل رفع خبر «هو» والجملة الاسمية «هو
في شقاق بعيد» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. بعيد : صفة ـ نعت ـ لشقاق مجرور
مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة بمعنى : في خلاف شديد.
والجملة موضوعة موضع «منكم» بيانا لحالهم وصفتهم.
(سَنُرِيهِمْ آياتِنا
فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ
يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)
(٥٣)
(سَنُرِيهِمْ آياتِنا) : السين حرف تسويف ـ استقبال ـ نري : فعل مضارع مرفوع
وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره : نحن و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به أول.
آيات : مفعول به ثان منصوب بنري المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الكسرة بدلا من
الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد
المطاع ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
(فِي الْآفاقِ) : جار ومجرور متعلق بنري أو بحال محذوفة من الآيات
بمعنى ساطعة في آفاق الدنيا أي في نواحيها.
(وَفِي أَنْفُسِهِمْ) : معطوف بالواو على «في الآفاق» ويعرب مثله و «هم» ضمير
متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(حَتَّى يَتَبَيَّنَ
لَهُمْ) : حرف غاية وجر. يتبين : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد
«حتى» وعلامة نصبه الفتحة اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام
والجار والمجرور متعلق بيتبين. وجملة «يتبين لهم أنه الحق» صلة حرف مصدري لا محل
لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحتى والجار والمجرور متعلق
بنري.
(أَنَّهُ الْحَقُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني
على الضم في محل نصب اسم «أن». الحق : خبر «أن» مرفوع بالضمة و «أن» وما في حيزها
من اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل «يتبين» بمعنى أن دين الإسلام هو
الحق.
(أَوَلَمْ يَكْفِ
بِرَبِّكَ) : الألف ألف تعجب بلفظ استفهام الواو عاطفة لفعل محذوف.
لم : حرف نفي وجزم وقلب. يكف : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف
العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة
عليها. الباء حرف جر زائد لتوكيد النفي. ربك : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا
على أنه فاعل «يكفي» والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر
مضاف إليه.
(أَنَّهُ عَلى كُلِّ
شَيْءٍ) : أعرب. و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع
بدل من «ربك» على المحل لا اللفظ بتقدير أو لم يكفهم أن ربك مطلع مهيمن يستوي عنده
غيبه وشهادته فيكفيهم ذلك دليلا على أنه حق وأنه من عند الله أو تكون الجملة
المؤولة من «أن» وما بعدها في محل جر بدلا من «ربك» على اللفظ لا المحل. على كل :
جار ومجرور متعلق بشهيد. شيء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة
المنونة.
(شَهِيدٌ) : خبر «أن» مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة ـ صيغة
فعيل بمعنى فاعل ـ أي شاهد.
(أَلا إِنَّهُمْ فِي
مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ)
(٥٤)
(أَلا إِنَّهُمْ) : حرف تنبيه ـ استفتاح ـ للتوكيد لا محل له ولا عمل له.
إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم إن.
(فِي مِرْيَةٍ مِنْ
لِقاءِ رَبِّهِمْ) : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» بمعنى في شك. من لقاء :
جر ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «مرية» رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره
الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه ثان.
(أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ
شَيْءٍ مُحِيطٌ) : يعرب إعراب «إنه على كل شيء شهيد» في الآية الكريمة السابقة. ألا : أعرب
وكرر للتوكيد ولقاء ربهم : أي من لقاء ربهم في الدار الآخرة إذ لا يعتقدون بالبعث.
***
سورة الشورى
معنى
السورة : الشورى :
اسم من «التشاور» يقال : شاوره في الأمر واستشاره بمعنى واحد أي طلب منه المشورة
أي النصيحة وهذه اللفظة «المشورة» تلفظ بسكون الشين وبضمها و «الشورى» أيضا هي
الاسم من «أشار عليه» أي نصحه ودله على وجه الصواب .. وقولهم : ترك عمر الخلافة
شورى : معناه : تركها متشاورا فيها .. ويقال : تشاور القوم : أي شاور بعضهم بعضا
.. المصدر : تشاورا .. والاسم : الشورى .. ومن تخريجات هذه اللفظة يقال : أشار
إليه بيده إشارة وشور بيده تشويرا : أي أومأ بمعنى : لوح بشيء يفهم من النطق ..
فالإشارة ترادف النطق في فهم المعنى كما لو استأذنت صاحبك في شيء فأشار بيده أو
رأسه أن يفعل أو لا يفعل فيقوم مقام النطق .. أما الفعل «شاور» فمعناه استشاره نحو
: شاورته في كذا واستشرته .. يكون الفعلان بمعنى واحد وهما يعنيان : راجعته لأرى
رأيه فيه فأشار علي بكذا .. أي أراني ما عنده فيه من المصلحة.
تسمية
السورة : سميت إحدى
سور القرآن الكريم بسورة «الشورى» لورود الآية الكريمة الثامنة والثلاثين والتي
يقول الله تعالى فيها : (وَالَّذِينَ
اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ
وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) صدق الله العظيم. أي والذين أطاعوا ربهم عند دعوة رسوله
الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إياهم للإيمان ويعني بهم الأنصار .. وأقاموا الصلاة
وهم ذوو شورى .. أي أسسوا أمرهم على مبدأ التشاور فيما بينهم فلا يبتون أمرا ما
حتى يأخذ بعضهم رأي بعض في هذا الأمر .. وقوله تعالى : (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) معناه : لا يستأثر أحد بشيء أو أمر دون أن يأخذ رأي
غيره .. أي الأنصار أسسوا أمرهم على مبدأ التشاور فيما بينهم .. وعلى الضد ـ أي
العكس ـ من ذلك : أمرهم فوضى بينهم.
فضل
قراءة السورة : قال رسول الله المجتبى محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ حم عسق ـ حاميم عين سين قاف ـ كان ممن تصلي
عليه الملائكة ويستغفرون له ويسترحمون له صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
إعراب آياتها
(حم)
(١)
هذه الأحرف
وأمثالها شرحت في سورة «يوسف».
(عسق)
(٢)
هذه الرموز
الالهية أيضا سبق شرحها في السورة المذكورة.
(كَذلِكَ يُوحِي
إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
(٣)
(كَذلِكَ يُوحِي
إِلَيْكَ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع
مبتدأ. المعنى : مثل ذلك الإيحاء لسائر الأنبياء يوحى إليك يا محمد أو مثل ما في
هذه السورة من الآيات يوحي الله إليك وتكون الجملة الفعلية «يوحى إليك» في محل رفع
خبر المبتدأ أو تكون الكاف في محل نصب صفة ـ نعتا ـ لمصدر محذوف بتقدير : يوحي
الله إليك يا محمد إيحاء مثل ذلك الإيحاء أو مثل ذلك الوحي أو الكتاب. ذا : اسم
إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. اللام للبعد والكاف للخطاب. يوحي : فعل
مضارع مرفوع لتجرده من الناصب والجازم وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف
للتعذر. إليك : جار ومجرور متعلق بالفعل «يوحي».
(وَإِلَى الَّذِينَ) : الواو حرف عطف. إلى : حرف جر. الذين : اسم موصول مبني
على الفتح في محل جر بإلى والجار والمجرور معطوف على الجار والمجرور «إليك» ويعرب
إعرابه بمعنى ويوحي إلى الذين بمعنى إلى الرسل الذين ..
(مِنْ قَبْلِكَ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره وجدوا أو كانوا
والجملة الفعلية «وجدوا من قبلك» صلة الموصول لا محل لها والكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه بمعنى الذين سبقوك.
(اللهُ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ) : لفظ الجلالة فاعل «يوحي» مرفوع للتعظيم بالضمة. العزيز
الحكيم : صفتان ـ نعتان ـ للفظ الجلالة مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة.
(لَهُ ما فِي
السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)
(٤)
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ) : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. ما : اسم موصول مبني
على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. في السموات : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف
تقديره وجد. والجملة الفعلية «وجد في السموات» صلة الموصول لا محل لها.
(وَما فِي الْأَرْضِ) : معطوفة بالواو على الجملة الاسمية «له ما في السموات»
وتعرب إعرابها.
(وَهُوَ الْعَلِيُّ
الْعَظِيمُ) : الواو عاطفة. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل
رفع مبتدأ. العلي العظيم : خبرا «هو» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة.
** (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة ..
وفيه حذف الموصوف «الرسل» لأن المعنى وإلى الرسل الذين ..
** (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ
فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخامسة ..
المعنى : يكدن «أي السموات» يتفطرن أي يتشققن من علو شأن الله وعظمته يدل عليه
مجيؤه بعد «العلي العظيم» في الآية الكريمة السابقة وقيل : من دعائهم ـ أي دعاء
الكافرين ـ له ولدا كقوله تعالى : «تكاد السموات ينفطرن منه» وذكر الفعل وجمع جمع
مذكر سالما في «يسبحون» وهو عائد على «الملائكة» كما ذكر الضمير العائد إليهم في «ربهم»
وذلك على معنى «الملائكة» لا اللفظ.
** (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ
حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة .. و
«أم القرى» هي مكة .. أي لتخوف أهل أم القرى فحذف المضاف وهو «أهل» وحل المضاف
إليه «أم القرى» محله مثل قوله : «واسأل القرية» بمعنى : واسأل أهل القرية .. وسميت
مكة المكرمة «أم القرى» لأنها البقعة المقدسة وهي كالأم وبقية القرى تابعون لها
كأولادها .. وجاء التقدير أهل أم القرى بدليل قوله : فريق في الجنة وفريق في
السعير .. ومن المعلوم أن القرآن الكريم .. ذكرها بأسماء ثلاثة : هي مكة .. وبكة
.. وأم القرى. قال الأصمعي : إنها مأخوذة أي «مكة» من تمكك الرجل العظم بمعنى :
أخرج مخه لأنها تمك ـ أي تخرج ـ الفاجر عنها .. أما «بكة» فمعناها : جاء أو سميت
كذلك لأن الناس يبك بعضهم بعضا فيها : أي يتدافعون ويتزاحمون .. ومن ذلك قول
الشاعر :
إذا الشريب
أخذته أكه
|
|
فخله حتى يبك
بكه
|
يقال : بك ـ يبك
ـ بكا .. من باب «رد» بمعنى : زحم والمصدر «البك» بمعنى : الدق .. ومنه القول : بك
عنقه : أي دقها. وقال الجوهري : سميت مكة ببكة لازدحام الناس .. وقيل : سميت بذلك
لأنها كانت تبك أعناق الجبابرة .. وتطلق لفظة «بكة» على البقعة المقدسة وقيل : هي
اسم بطن مكة .. وقال الفيومي : مكة التي شرفها الله تعالى قيل فيها :
بكة على البدل وقيل : بالباء : البيت. وبالميم : ما حوله .. وقيل : بالباء
: بطن مكة .. أما كلمة القريتين في قوله تعالى في سورة «الزخرف» : «على رجل من
القريتين عظيم» فهي مكة والطائف.
** (ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العاشرة بمعنى
: ذلك الحاكم في كل شيء هو الله ربي .. فحذف النعت أو البدل المشار إليه «الحاكم»
اختصارا لأن ما قبله «فحكمه إلى الله» دال عليه.
** (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية عشرة
.. وقد تباينت آراء العلماء حول كلمة «كمثله» منهم من قال : بزيادة الكاف ومنهم من
نفى زيادتها وآخر قال إن المعنى : ليس كوصفه شيء أوليس مثل ذاته شيء.
** (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية عشرة
بمعنى له مفاتيح خزائن السموات والأرض يوسع الرزق لمن يشاء من عباده ويضيقه على من
يشاء من خلقه. فحذف المضاف إليه «خزائن» وأضيف المضاف «مقاليد» إلى المضاف إليه
الثاني «السموات» كما حذف مفعول «يقدر».
(تَكادُ السَّماواتُ
يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ
وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ)
(٥)
(تَكادُ السَّماواتُ) : فعل مضارع ناقص من أخوات «كان» مرفوع بالضمة. السموات
: اسم «تكاد» مرفوع بالضمة.
(يَتَفَطَّرْنَ مِنْ
فَوْقِهِنَ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «تكاد» وهي فعل مضارع
مبني على السكون لاتصاله بضمير الاناث والنون ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع
فاعل. من فوق : جار ومجرور متعلق بفعل «يتفطرن» و «هن» ضمير الإناث مبني على الفتح
في محل جر مضاف إليه بمعنى من جهتهنّ الفوقانية وقيل من فوق الأرضين.
(وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. الملائكة
: مبتدأ مرفوع بالضمة. يسبحون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى ينزهونه سبحانه
عن النقص وعن أن يكون له ولد.
(بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) : جار ومجرور متعلق بيسبحون أو بحال محذوفة من ضمير «يسبحون»
بتقدير : حامدين ربهم. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر
مضاف إليه ثان.
(وَيَسْتَغْفِرُونَ
لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يسبحون»
وتعرب إعرابها. اللام حرف جر و «من» اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام
والجار والمجرور متعلق بيستغفرون. في الأرض : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره
: استقر والجملة الفعلية «استقر في الأرض» صلة الموصول لا محل لها بمعنى : لأهل
الأرض.
(أَلا إِنَّ اللهَ) : حرف تنبيه للتوكيد. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.
الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة.
(هُوَ الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن». هو : ضمير منفصل
مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الغفور الرحيم : خبرا «هو» خبر بعد خبر مرفوعان
وعلامة رفعهما الضمة.
(وَالَّذِينَ
اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَما أَنْتَ
عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ)
(٦)
(وَالَّذِينَ
اتَّخَذُوا) : الواو استئنافية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح
في محل رفع مبتدأ. اتخذوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة أي اتخذوا لهم.
(مِنْ دُونِهِ
أَوْلِياءَ) : جار ومجرور متعلق باتخذوا أو بمفعول «اتخذوا» الثاني
أو متعلق بحال مقدمة من «أولياء» والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف
إليه. أولياء : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف
على وزن ـ أفعلاء ـ بمعنى جعلوا له شركاء وأندادا من الأصنام يعبدونها.
(اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين». الله
لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. حفيظ : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة
المنونة. عليهم : جار ومجرور متعلق بحفيظ و «هم» ضمير الغائبين
في محل جر بعلى أي رقيب أو حافظ عليهم أعمالهم ليحاسبهم عليها يوم القيامة
أو رقيب على أحوالهم وأعمالهم.
(وَما أَنْتَ) : الواو عاطفة. ما : نافية بمنزلة «ليس» في لغة الحجاز «ما
.. الحجازية» ونافية لا عمل لها في لغة تميم. أنت : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني
على الفتح في محل رفع اسم «ما» أو مبتدأ.
(عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) : أعرب. الباء حرف جر زائد لتأكيد النفي. وكيل : اسم
مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه خبر «أنت» على اللغة الثانية ومنصوب محلا على أنه
خبر «ما» الحجازية بمعنى فلست عليهم يا محمد بموكول إليك أمرهم فالله يحاسبهم.
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا
إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها
وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ
فِي السَّعِيرِ)
(٧)
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا) : الواو حرف عطف. الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح
في محل رفع مبتدأ بمعنى ومثل ذلك الإيحاء للأنبياء السابقين أوحينا إليك وتكون
الجملة الفعلية (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ
قُرْآناً عَرَبِيًّا) في محل رفع خبر المبتدأ أو يكون الكاف في محل نصب صفة
لمصدر محذوف بتقدير : أوحينا إليك قرآنا عربيا إيحاء مثل ذلك الإيحاء للأنبياء
السابقين قبلك أو يكون في محل نصب مفعول «أوحينا» و «قرآنا» حالا من المفعول به أي
أوحيناه إليك وهو قرآن عربي وهي حال موطئة ـ أي موصوفة ـ بمعنى وهو قرآن عربي لا
لبس فيه عليك لتفهم ما يقال لك ولا تتجاوز حد الإنذار. ذا : اسم إشارة مبني على
السكون في محل جر بالإضافة. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. أوحى : فعل ماض مبني على
السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
(إِلَيْكَ قُرْآناً
عَرَبِيًّا) : جار ومجرور متعلق بأوحينا. قرآنا : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة المنونة. عربيا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قرآنا» منصوب مثله وعلامة
نصبه الفتحة المنونة بمعنى : عربيا بلسانك.
(لِتُنْذِرَ أُمَّ
الْقُرى) : اللام حرف جر للتعليل. تنذر : فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. أم
: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. القرى : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر. والجملة الفعلية «تنذر أم
القرى» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر «لإنذار»
في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بأوحينا بمعنى مكة.
(وَمَنْ حَوْلَها) : الواو عاطفة. من : اسم موصول مبني على السكون في محل
نصب لأنه معطوف على منصوب «أم القرى» حول : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بفعل
محذوف تقديره : وجد و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه والجملة
الفعلية «وجد حولها» صلة الموصول لا محل لها بمعنى ومن وجد في الجهات المحيطة بها
من العرب.
(وَتُنْذِرَ يَوْمَ
الْجَمْعِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «تنذر أم
القرى» وتعرب إعرابها وعلامة جر «الجمع» الكسرة الظاهرة وتعدى الفعل إلى مفعوله
بعد حذف حرف الجر وحذف مفعول «تنذر» لأن المعنى وتخوف الناس بيوم الجمع وهو يوم
القيامة أي تخوفهم عاقبة إنكارهم سمي بذلك لأن الخلائق تجمع فيه وقيل : يجمع بين
الأرواح والأجساد.
(لا رَيْبَ فِيهِ) : الجملة اعتراضية لا محل لها. لا : نافية للجنس تعمل
عمل «إن». ريب : اسم «لا» النافية للجنس مبني على الفتح في محل نصب وخبر «لا»
محذوف وجوبا. فيه : جار ومجرور متعلق بخبر «لا» بمعنى : لا شك فيه.
(فَرِيقٌ فِي
الْجَنَّةِ) : خبر لمبتدإ محذوف مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة
والخبر المحذوف شبه جملة ـ جار ومجرور تقديره : منهم فريق وهو خبر مقدم و «فريق»
مبتدأ مؤخر. في الجنة : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة
من «فريق» ويجوز أن يكون «فريق» مبتدأ وجاز الابتداء بالنكرة لأنه موصوف
على المعنى أي فريق منهم ويكون شبه الجملة ـ الجار والمجرور ـ في الجنة : في محل
رفع خبر «فريق».
(وَفَرِيقٌ فِي
السَّعِيرِ) : الجملة الاسمية معطوفة بالواو على «فريق في الجنة»
وتعرب إعرابها.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ
لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ
وَالظَّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ)
(٨)
(وَلَوْ شاءَ اللهُ
لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الثالثة
والتسعين من سورة «النحل».
(وَلكِنْ يُدْخِلُ) : الواو زائدة. لكن : حرف مهمل لأنه مخفف للعطف
والاستدراك. يدخل : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره
هو بمعنى : ولكنه قضى لحكمة هو يعلمها أن يدخل بعضهم في رحمته.
(مَنْ يَشاءُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يشاء
: تعرب إعراب «يدخل» والجملة الفعلية «يشاء» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع
ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : من يشاؤه أو يكون
المفعول به الظاهر محذوفا اختصارا لأن ما قبله يدل عليه أي يشاء إدخاله.
(فِي رَحْمَتِهِ) : جار ومجرور متعلق بيدخل والهاء ضمير متصل مبني على
الكسر في محل جر مضاف إليه.
(وَالظَّالِمُونَ) : الواو استئنافية. الظالمون : مبتدأ مرفوع بالواو لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(ما لَهُمْ مِنْ
وَلِيٍ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الظالمون» ما
: نافية لا عمل لها. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر
باللام والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. من : حرف جر زائد لتوكيد
النفي. ولي : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر وعلامة جره الكسرة
المنونة.
(وَلا نَصِيرٍ) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد معنى النفي. نصير : معطوف
على «ولي» ويعرب إعرابه.
(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ
دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
(٩)
(أَمِ اتَّخَذُوا) : حرف اضراب للعطف بمعنى «بل» والهمزة فيها إنكار وكسر
الميم لالتقاء الساكنين. اتخذوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.
الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى بل اتخذ المشركون.
(مِنْ دُونِهِ
أَوْلِياءَ) : جار ومجرور متعلق باتخذوا ويجوز أن يكون بمقام مفعول
اتخذوا الثاني والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة ويجوز أن يكون
الجار والمجرور «من دونه» متعلقا بحال مقدمة من أولياء. أولياء : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعلاء».
(فَاللهُ هُوَ
الْوَلِيُ) : الجملة الاسمية جواب شرط جازم مقدر ـ محذوف في محل
جزم. التقدير والمعنى : إن أرادوا وليا بحق فالله هو الولي ولا ولي سواه. الفاء
واقعة في جواب الشرط المقدر. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. هو :
ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ ثان. الولي : خبر «هو» مرفوع بالضمة
والجملة الاسمية «هو الولي» في محل رفع خبر المبتدأ الأول لفظ الجلالة.
(وَهُوَ يُحْيِ
الْمَوْتى) : الواو عاطفة. هو : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في
محل رفع مبتدأ. يحيي : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هو» وهي فعل مضارع مرفوع
بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر
فيه جوازا تقديره هو. الموتى : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة
على الألف المقصورة للتعذر.
(وَهُوَ عَلى كُلِ) : الواو عاطفة. هو : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في
محل رفع مبتدأ. على كل : جار ومجرور متعلق بقدير.
(شَيْءٍ قَدِيرٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
قدير : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة.
(وَمَا اخْتَلَفْتُمْ
فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ
تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)
(١٠)
(وَمَا اخْتَلَفْتُمْ
فِيهِ) : الواو استئنافية. ما : اسم شرط جازم مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «ما». اختلفتم : الجملة
الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع
المتحرك فعل الشرط في محل جزم. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم
في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. فيه : جار ومجرور متعلق باختلفتم بمعنى
: في شيء من أمور الدنيا والدين.
(مِنْ شَيْءٍ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوف من الضمير في «فيه»
بتقدير : حالة كونه شيئا مختلفا فيه. و «من» حرف جر بياني.
(فَحُكْمُهُ إِلَى
اللهِ) : الجملة الاسمية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل
جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. حكمه : مبتدأ مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل مبني
على الضم في محل جر مضاف إليه. إلى الله : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ التقدير
: فحكمه مردود إلى الله بمعنى : وما اختلفتم فيه أنتم والمشركون فالله يفصل فيه
بينكم.
(ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف حرف خطاب. الله لفظ الجلالة خبر مبتدأ محذوف تقديره هو مرفوع للتعظيم
وعلامة الرفع الضمة. ربي : بدل من لفظ الجلالة
أو صفة ـ نعت ـ له سبحانه مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على ما قبل
الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة ـ حركة أو كسرة تجانس الياء
والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه والجملة الاسمية «هو الله
ربي» في محل رفع خبر «ذلكم» والميم في «ذلكم» علامة الجمع حرك بالضم للوصل ..
(عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) : جار ومجرور متعلق بتوكلت. توكلت : فعل ماض مبني على
السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك .. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على
الضم في محل رفع فاعل بمعنى عليه سبحانه فوضت أمري في رد كيد الأعداء.
(وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) : الواو عاطفة. إليه : جار ومجرور متعلق بأنيب. أنيب : فعل
مضارع مرفوع بالضمة وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا
بمعنى : وإليه سبحانه أرجع في كفاية شرهم.
(فاطِرُ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ
أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْبَصِيرُ)
(١١)
(فاطِرُ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ) : خبر ثان للمبتدإ «ذلكم» في الآية الكريمة السابقة
مرفوع بالضمة وهو مضاف أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو فاطر بمعنى : خالق.
السموات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض : معطوفة بالواو
على «السموات» وتعرب إعرابها.
(جَعَلَ لَكُمْ) : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر آخر للمبتدإ
«ذلكم» أو في محل رفع صفة ـ نعت ـ لفاطر على وجه إعرابه الثاني وهو كونه خبر مبتدأ
محذوف. جعل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لكم
: جار ومجرور متعلق بجعل والميم علامة جمع الذكور بمعنى : خلق لكم.
(مِنْ أَنْفُسِكُمْ
أَزْواجاً) : جار ومجرور متعلق بجعل بمعنى من جنسكم من الناس.
الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في
محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور. أزواجا : مفعول به منصوب وعلامة
نصبه الفتحة المنونة أي إناثا.
(وَمِنَ الْأَنْعامِ
أَزْواجاً) : معطوف بالواو على من «الأنفس أزواجا» ويعرب مثله
بمعنى وخلق من جنس الأنعام إناثا.
(يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به
والميم علامة جمع الذكور. فيه : جار ومجرور متعلق بيذرأ بمعنى يكثركم بهذا
التزاوج.
(لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ) : فعل ماض ناقص من أخوات «كان» مبني على الفتح. الكاف
حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. مثله : اسم مجرور لفظا بالكاف منصوب محلا على أنه
خبر «ليس» المقدم. والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه. شيء : اسم «ليس» المؤخر
مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : ليس مثل الله شيء في ذاته وصفاته.
(وَهُوَ السَّمِيعُ
الْبَصِيرُ) : الواو عاطفة. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل
رفع مبتدأ. السميع البصير : خبرا «هو» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة. أو يكون «البصير»
خبر مبتدأ محذوف اختصارا دل عليه ما قبله بتقدير وهو البصير ويجوز أن يكون صفة ـ نعتا
ـ للسميع.
(لَهُ مَقالِيدُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
(١٢)
(لَهُ مَقالِيدُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. مقاليد : مبتدأ مؤخر
مرفوع بالضمة أي مفاتيح. السموات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها.
(يَبْسُطُ الرِّزْقَ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير «له» وهي فعل
مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الرزق : مفعول به
منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(لِمَنْ يَشاءُ
وَيَقْدِرُ) : جار ومجرور متعلق بيبسط. و «من» اسم موصول مبني على
السكون في محل جر باللام. يشاء : تعرب إعراب «يبسط» والجملة الفعلية «يشاء» صلة
الموصول لا محل لها وجملة «ويقدر» معطوفة بالواو على «يبسط» وتعرب إعرابها.
(إِنَّهُ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيمٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل في محل
نصب اسم «إن». بكل : جار ومجرور متعلق بعليم. شيء : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة المنونة. عليم : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.
(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ
الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا
بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا
فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي
إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ)
(١٣)
(شَرَعَ لَكُمْ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو أي الله سبحانه. لكم : جار ومجرور متعلق بشرع والميم علامة جمع الذكور
والمخاطبون هم الناس.
(مِنَ الدِّينِ ما
وَصَّى بِهِ نُوحاً) : جار ومجرور متعلق بشرع. ما : اسم موصول مبني على
السكون في محل نصب مفعول به. وصى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف
للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو به : جار ومجرور متعلق بوصى أو
بمفعوله. نوحا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة ونون الاسم على الرغم
من عجميته لأنه اسم ثلاثي أوسطه ساكن مثل هود .. لوط .. هند. وجملة «وصى به نوحا»
صلة الموصول لا محل لها.
(وَالَّذِي أَوْحَيْنا
إِلَيْكَ) : الواو عاطفة. الذي : اسم موصول مبني على السكون في
محل نصب لأنه معطوف على «ما» أوحى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا»
ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. إليك : جار ومجرور متعلق بفعل «أوحينا»
وجملة «أوحينا
إليك» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير منصوب
المحل لأنه مفعول به. التقدير : والذي أوحيناه أي من دين نوح ومحمد ومن بينهما من
الرسل.
(وَما وَصَّيْنا بِهِ
إِبْراهِيمَ) : معطوف بالواو على «الذي أوحينا إليك» ويعرب مثله.
إبراهيم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(وَمُوسى وَعِيسى) : معطوفان بواوي العطف على «إبراهيم» ويعربان إعرابه
وعلامة نصبهما الفتحة المقدرة على الألف للتعذر ولم ينون آخر الأسماء الثلاثة
لأنها ممنوعة من الصرف للعجمة.
(أَنْ أَقِيمُوا
الدِّينَ) : حرف مصدري. أقيموا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن
مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الدين :
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والجملة الفعلية «أقيموا الدين» صلة حرف مصدري
لا محل لها و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب بدل من مفعول «شرع» والمعطوف
عليه.
(وَلا تَتَفَرَّقُوا
فِيهِ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تتفرقوا : فعل مضارع
مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
فيه : جار ومجرور متعلق بتتفرقوا.
(كَبُرَ عَلَى
الْمُشْرِكِينَ) : فعل ماض مبني على الفتح. على المشركين : جار ومجرور
متعلق بكبر وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين
والحركة في الاسم المفرد بمعنى عظم على المشركين.
(ما تَدْعُوهُمْ
إِلَيْهِ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. تدعو :
الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على
الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. إليه : جار ومجرور متعلق بفعل «تدعو» بمعنى من
إقامة دين الله والتوحيد ونبذ الأوثان أو تكون «ما» مصدرية وجملة «تدعوهم إليه»
صلة حرف
مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل «كبر»
بمعنى : عظم على المشركين دعوتك إياهم إلى التوحيد.
(اللهُ يَجْتَبِي
إِلَيْهِ) : لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. يجتبي : فعل
مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره
هو أي الله سبحانه. إليه : جار ومجرور متعلق بيجتبي. والجملة الفعلية «يجتبي إليه
من يشاء» في محل رفع خبر المبتدأ بمعنى : يختار ويصطفي إليه.
(مَنْ يَشاءُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يشاء
: الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هو وحذف مفعول يشاء أي يشاء اختياره.
(وَيَهْدِي إِلَيْهِ
مَنْ يُنِيبُ) : هذا القول الكريم معطوف بالواو على «يجتبي إليه من
يشاء» بمعنى يصطفي أو يختار لنفسه من ينفع فيهم توفيقه ويجري عليهم لطفه ويرشد إلى
الحق من يعود إليه أي إلى نفسه.
(وَما تَفَرَّقُوا
إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ
سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ
الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ)
(١٤)
(وَما تَفَرَّقُوا) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. تفرقوا :
فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة بمعنى : وما تفرق أهل الكتاب بعد أنبيائهم.
(إِلَّا مِنْ بَعْدِ
ما) : أداة حصر لا عمل لها. من بعد : جار ومجرور متعلق
بتفرقوا. ما : مصدرية.
(جاءَهُمُ الْعِلْمُ) : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل
نصب مفعول به مقدم. وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. العلم :
فاعل مرفوع بالضمة. و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالإضافة بمعنى : إلا
من بعد العلم بمبعث الرسول أو إلا من بعد علمهم بالدين الحق الذي أرسل به الرسل.
(بَغْياً بَيْنَهُمْ) : مصدر في موضع المفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بالمصدر «بغيا»
وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(وَلَوْ لا كَلِمَةٌ
سَبَقَتْ) : الواو استئنافية. لو لا : حرف شرط غير جازم ـ حرف
امتناع لوجود. كلمة : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة وخبره : محذوف وجوبا. سبقت :
الجملة الفعلية في محل رفع صفة لكلمة وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هي والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها.
(مِنْ رَبِّكَ) : جار ومجرور متعلق بسبقت والكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه بمعنى ولو لا وعد سبق من ربك بتأخير
عذابهم ليوم القيامة والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) : جار ومجرور متعلق بسبقت. مسمى : صفة ـ نعت ـ لأجل
مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المقدرة للتعذر على آخره ـ الألف المقصورة ـ قبل
تنوينها لأنه اسم مقصور خماسي نكرة بمعنى إلى وقت محدد.
(لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) : اللام واقعة في جواب «لو لا». قضي : فعل ماض مبني
للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل محذوف بتقدير : لقضي الأمر بإهلاكهم وإنجاء
المؤمنين. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بقضي وهو
مضاف أو يكون الظرف نائبا عن نائب الفاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في
محل جر مضاف إليه.
(وَإِنَّ الَّذِينَ) : الواو استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين
: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن».
(أُورِثُوا الْكِتابَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها والجملة
الفعلية «قضي بينهم» جواب شرط غير جازم لا محل لها. أورثوا : فعل ماض مبني للمجهول
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف
فارقة. الكتاب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(مِنْ بَعْدِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بأورثوا و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(لَفِي شَكٍ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ في شك : جار ومجرور
في محل رفع خبر «إن».
(مِنْهُ مُرِيبٍ) : جار ومجرور متعلق بشك. مريب : صفة ـ نعت ـ لشك مجرور
مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة بمعنى : لفي ارتياب منه من
كتابهم لا يؤمنون به حق الإيمان.
(فَلِذلِكَ فَادْعُ
وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِما
أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللهُ رَبُّنا
وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا
وَبَيْنَكُمُ اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ)
(١٥)
(فَلِذلِكَ فَادْعُ) : الفاء استئنافية. اللام حرف جر. ذا : اسم إشارة مبني
على السكون في محل جر باللام. اللام للبعد والكاف حرف خطاب والجار والمجرور متعلق
بادع بمعنى فلأجل التفرق ولما حدث بسببه. وقيل : يجوز أن تكون اللام بمعنى «إلى»
أو على معنى للذي أوحاه الله إليك من ترك التفرق في إقامة الدين ولما حدث بسببه أو
تكون على معنى : فإلى ذلك الذي تقدم. الفاء سببية. ادع : فعل أمر مبني على حذف
آخره ـ حرف العلة .. الواو ـ الذي بقيت الضمة دالة عليه والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره أنت.
(وَاسْتَقِمْ كَما
أُمِرْتَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «ادع» وتعرب
إعرابها وعلامة بناء الفعل السكون. وحذفت ياؤه ـ أصله : استقيم ـ تخفيفا ولالتقاء
الساكنين بمعنى : فادع يا محمد إلى الاتفاق أو الدعوة واستقم على دعوتك. الكاف اسم
بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب نائب عن مفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف أو صفة
له بتقدير : استقم استقامة مثل ما أمرت. ما : مصدرية. أمرت : الجملة الفعلية صلة
حرف مصدري لا محل لها. أو تكون الكاف حرف جر للتشبيه و «ما» اسما موصولا مبنيا على
السكون في محل جر بالكاف والجار والمجرور متعلق بفعل «استقم» وأمرت : فعل ماض مبني
على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني
على الفتح في محل رفع نائب فاعل لأن الفعل «أمر» مبني للمجهول والجملة الفعلية «أمرت»
صلة الموصول لا محل لها.
(وَلا تَتَّبِعْ
أَهْواءَهُمْ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تتبع : فعل مضارع
مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت.
أهواء : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في
محل جر مضاف إليه بمعنى : أهواءهم الباطلة.
(وَقُلْ آمَنْتُ بِما) : الواو : عاطفة. قل : فعل أمر مبني على السكون والفاعل
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وأصله : قول .. حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء
الساكنين. آمنت : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل ماض
مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني
على الضم في محل رفع فاعل. بما : جار ومجرور متعلق بفعل «آمنت» و «ما» اسم موصول
مبني على السكون في محل جر بالباء.
(أَنْزَلَ اللهُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم وعلامة الرفع
الضمة والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول
به أي بما أنزله الله.
(مِنْ كُتُبٍ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما» و
«من» حرف جر بياني بمعنى بأي كتاب صح أن الله أنزله.
(وَأُمِرْتُ
لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «آمنت» وتعرب
إعرابها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك.
التاء ضمير متصل .. ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل اللام لام
التعليل وهي حرف جر. أعدل : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه
الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل
مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بفعل «أمرت» وهو أي الجار
والمجرور في محل نصب مفعول لأجله لأنه بتأويل مصدر ولكونه مذكورا للتعليل وجملة
«أعدل» صلة حرف مصدري لا محل لها. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بأعدل
وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه
والميم علامة جمع الذكور.
(اللهُ رَبُّنا
وَرَبُّكُمْ) : لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. رب : خبر
المبتدأ مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل
جر مضاف إليه. ورب : معطوف بالواو على «ربنا» مرفوع مثله بالضمة و «كم» أعرب في «بينكم».
(لَنا أَعْمالُنا) : اللام حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون
في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. أعمال : مبتدأ مؤخر مرفوع
بالضمة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر
مضاف إليه.
(وَلَكُمْ
أَعْمالُكُمْ) : الجملة الاسمية معطوفة بالواو على جملة «لنا أعمالنا».
لكم : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. والميم علامة جمع الذكور. أعمال : مبتدأ مؤخر
مرفوع بالضمة وهو مضاف و «كم» أعرب في «بينكم».
(لا حُجَّةَ بَيْنَنا) : نافية للجنس تعمل عمل «إن». حجة : اسم «لا» مبني على
الفتح في محل نصب وخبر «لا» النافية للجنس محذوف وجوبا. بين : ظرف مكان منصوب على
الظرفية متعلق بخبر «لا» المحذوف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على
السكون في محل جر مضاف إليه.
(وَبَيْنَكُمُ) : معطوف بالواو على «بيننا» ويعرب إعرابه و «كم» أعرب
بمعنى لا مجال أو لا محل للخصومة بيننا وبينكم بعد ظهور الحق.
(اللهُ يَجْمَعُ
بَيْنَنا) : لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. يجمع : فعل
مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بيننا : أعرب والظرف
متعلق بيجمع. والجملة الفعلية «يجمع بيننا» في محل رفع خبر المبتدأ لفظ الجلالة ..
بمعنى : يجمع بيننا يوم القيامة فيفصل بيننا.
(وَإِلَيْهِ
الْمَصِيرُ) : الواو عاطفة. إليه : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم.
المصير : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.
** (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى
بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ
وَمُوسى وَعِيسى) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة عشرة
.. المعنى شرع لكم الله تعالى ما أمر به نوحا وشرع القرآن الذي أوحيناه إليك أي
شرع من الدين دين نوح ومحمد وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى .. بمعنى وشرع لكم
من بين نوح ومحمد من الأنبياء .. والفعل «وصى» بمعنى : أمر .. يقال : وصى توصية
وأوصى إيصاء والاسم : الوصاية ـ بكسر الواو ـ وبفتحها لغة أيضا .. وفي السبعة «فمن
خاف من موص» بضم الميم وتخفيف الصاد وبفتح الواو وتشديد الصاد وهو اسم فاعل. قال
الفيومي : يقال : هو وصي .. فعيل بمعنى مفعول وجمعه : أوصياء .. ويقال : أوصيت
إليه بمال : أي جعلته له وأوصيته بولده : بمعنى استعطفته عليه .. وأوصيته بالصلاة
: أمرته بها وعليه قوله تعالى في سورة «الأنعام» : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ
بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وقوله في سورة «النساء» (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي
أَوْلادِكُمْ) أي يأمركم .. وفي حديث خطب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأوصى بتقوى الله .. معناه : فأمر .. فيعم الأمر بأي
لفظ كان نحو : اتقوا الله وأطيعوا الله.
** (فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما
أُمِرْتَ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الخامسة
عشرة .. المعنى : فلأجل ما ذكر ادع يا محمد الناس إلى توحيد الله واستقم على
الدعوة كما أمرك الله فحذف مفعول «ادع» وهو الناس.
** (لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) : المعنى : لنا جزاء أعمالنا ولكم جزاء أعمالكم .. فحذف
المضاف المبتدأ وحل محله المضاف إليه «أعمالنا»
** (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ
بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة عشرة
.. المعنى : والذين يجادلون في دين الله أو يخاصمون في دينه من بعد ما استجاب له
الناس .. بالدخول فيه حجتهم باطلة عند ربهم. فحذف المضاف «دين» وبقي المضاف إليه
لفظ الجلالة.
** (وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذابٌ
شَدِيدٌ) : يقال : غضب عليه ـ يغضب ـ غضبا ومغضبة .. من باب «طرب»
بمعنى أبغضه وأحب الانتقام منه والاسم منه أيضا : الغضب واسم الفاعل : غاضب وغضبان
.. وعن سهل بن هارون : إن الحاسد والغضبان والحاقد والعياب إذا استنفدوا العيوب
استتلوا قول الزور .. والتمسوا ما شاكل الحق وقاربه وكثرة الشهود عليه. وعلى ذكر
الحاسد ـ اسم الفاعل ـ فقد قال معاوية : يمكنني أن أرضي الناس كلهم إلا حاسد نعمة
فإنه لا يرضيه منها إلا زوالها.
** (اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ
وَالْمِيزانَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة عشرة
.. المعنى : الله هو الذي أنزل القرآن وكل الكتب السماوية لأن المراد بالكتاب :
جنس الكتاب وأنزل الميزان أي العدل أو الشرع الذي هو بمنزلة الميزان في كتبه
السماوية المنزلة وفيها قواعد العدل التي توزن به الحقوق ليحكم به بين الناس .. وقيل
: سمي ميزانا أي سمي العدل ميزانا لأنه آلة الحفاظ على الحقوق بالقسطاس وهو آلة
الإنصاف وجاءت الصفة «قريب» مذكرة لأن الساعة هنا بمعنى : البعث أو على معنى لعل
الساعة أي القيامة قريب إتيانها. فحذف فاعل الصفة المشبهة «قريب» وهو إتيانها أو
حدوثها .. أو على معنى لعل الساعة شيء قريب .. أو لعل مجيء الساعة قريب فحذف اسم «لعل»
المضاف «مجيء» وأقيم محله المضاف إليه «الساعة» وبمعنى : لعل الساعة ذات قرب ..
والمراد بإنزال الميزان هو الارشاد للعمل به.
** (أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي
السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة الثامنة
عشرة المعنى : إن الذين يجادلون في وقوع أو قيام القيامة وينكرون ذلك لفي ضلال
بعيد من الحق .. واللفظة «يمارون» مأخوذة ـ كما قال المصحف المفسر ـ من مريت
الناقة : إذا مسحت ضرعها بشدة للحلب .. وهذا التشبيه ينطبق على ذلك لأن كلا من
المتجادلين يحاول أن يستخرج ما عند صاحبه بشدة. وقال الفيومي : يقال : ماريته ـ أماريه
ـ مماراة ـ ومراء : أي جادلته أي إذا أريد بالجدال الحق أو الباطل .. ويقال :
ماريته أيضا : إذا طعنت في قوله تزييفا للقول وتصغيرا للقائل ولا يكون المراء إلا
اعتراضا بخلاف الجدال فإنه يكون ابتداء واعتراضا .. وامترى في أمره : بمعنى : شك
والاسم : المرية ـ بكسر الميم ـ أي الشك.
** (مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ
نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها
وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة العشرين ..
المعنى : من كان يريد بأعماله ثواب الآخرة تضاعف له حسناته إلى سبعمائة ضعف ومن
كان يريد بعمله لذات الدنيا وشهواتها نعطه منها. و «الحرث» بمعنى : الزرع والمراد
به هنا : الثواب .. وسمى سبحانه ما يعمله العامل مما يبغي به الفائدة والزكاء حرثا
.. على المجاز.
** (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الثالثة
والعشرين المعنى : ذلك الثواب أو ذلك التبشير يبشر الله به عباده المؤمنين .. فحذف
النعت أو البدل المشار إليه وهو «الثواب .. التبشير» لأن ما قبله وما بعده يدلان
عليه كما حذف في الآية الكريمة السابقة في «ذلك هو الفضل» أي ذلك النعيم أو ذلك
التكريم .. و «الصالحات» بمعنى الأعمال الصالحات وهي التي أمر الله بها وترك ما
نهى عنه أي صالح الأعمال .. والصالحات : من الأسماء التي تجري مجرى الأسماء
كالحسنات والطيبات.
** (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً
إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها
حُسْناً) : و «إلا» هنا أداة استثناء والاستثناء هنا استثناء
منقطع لأن المستثنى من غير جنس المستثنى منه إذ لو كان الاستثناء متصلا لكانت
المودة مسئولة أجرا وليس الحال كذلك بل المعنى هو : لكن افعلوا المودة للقربى
فيكم. والقربى : مصدر كالزلفى والبشرى .. بمعنى : القرابة. والمراد بالقربى هنا : في
أهل القربى .. فحذف المضاف «أهل» وأقيم المضاف إليه «القربى» مقامه كما حذف
الموصوف «فعلة» في قوله : ومن يقترف حسنة .. وحلت الصفة «حسنة» محله لأن المعنى :
ومن يكتسب فعلة حسنة نضاعفها له أو نزد له في الثواب أجرا حسنا .. فالمعنى : إلا
المودة ثابتة في القربى ومتمكنة منها .. أي إلا أن تودوني في القربى أي في حق
القربى ومن أجلها بمعنى : لقرابتي منكم أو تودوا قرابتي لأن القربى هي القرابة ..
كما تقول : الحب في الله والبغض في الله .. بمعنى : في حقه سبحانه ومن أجله ..
وقيل : القربى : هي التقرب إلى الله تعالى أي إلا أن تحبوا الله ورسوله في تقربكم
إليه بالطاعة والعمل الصالح.
** سبب نزول
الآية : قال قتادة : قال المشركون : لعل محمدا فيما يتعاطاه يطلب أجرا. فنزلت هذه
الآية الكريمة ليحثهم على مودته ورعاية قرابته.
** (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الرابعة
والعشرين .. المعنى أن الله سبحانه واسع العلم بما يختلج في صدور الناس من الهواجس
والنيات .. أو عالم بنفس الصدور : أي ببواطنها وخفياتها ويكنى بالصدور عن القلوب
.. لأنها في داخل الصدور.
** (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ
عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة
والعشرين .. المعنى : والله هو الذي يتقبل التوبة من عباده إذا تابوا ويعفو عن
السيئات أي عن الأفعال السيئة التي اقترفوها .. فيكون «هو» خبرا للفظ الجلالة أو
يكون «هو» ضمير رفع في محل رفع مبتدأ ثانيا ويكون الاسم الموصول «الذي» في محل رفع
خبر «هو» والجملة الاسمية «هو الذي» في محل رفع خبر المبتدأ لفظ الجلالة كما حذف
الموصوف «الأفعال» وحلت الصفة «السيئات» محلها.
** (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة السادسة
والعشرين المعنى : ويستجيب الله للذين آمنوا بالله ورسله دعاءهم فحذف المفعول به
«دعاءهم» لأنه معلوم أو يكون المعنى : ويجيب الله دعاء الذين آمنوا بالله ورسله
وعملوا الأعمال الصالحات فحذف الموصوف «الأعمال».
** (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ
لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة
والعشرين : ولو وسع الله الرزق وأفاضه على عباده لبطروا معيشتهم وطلبوا الفساد في
الأرض ولكن ينزل الرزق بتقدير معين بمقتضى حكمته ما يشاء أن ينزله منه عليهم بقدر
معلوم فحذف مفعول «ينزل» وهو «الرزق».
** سبب نزول
الآية : قال الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ نزلت هذه الآية الكريمة في أصحاب الصفة
.. وذلك أنهم قالوا : لو أن لنا فتمنوا الدنيا والغنى.
** (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ
مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة
والعشرين .. المعنى : والله هو الذي ينزل المطر ليغيثهم به من بعد يأسهم .. سمي
المطر غيثا : لأنه يغيث من الجدب .. يقال : غاث الله البلاد غيثا .. من باب «ضرب»
بمعنى : أنزل بها الغيث أي المطر فالأرض مغيثة ـ بفتح الميم ـ فعيل بمعنى مفعول ـ ومغيوثة
وسمي النبات غيثا تسمية باسم السبب.
(وَالَّذِينَ
يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ
عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ)
(١٦)
(وَالَّذِينَ
يُحَاجُّونَ) : الواو استئنافية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح
في محل رفع مبتدأ. يحاجون : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «يحاجون» صلة الموصول لا محل لها.
(فِي اللهِ مِنْ
بَعْدِ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بيحاجون بمعنى يجادلون في
دين الله. من بعد : جار ومجرور متعلق بيحاجون.
(ما اسْتُجِيبَ لَهُ) : مصدرية. استجيب : فعل ماض مبني للمجهول مبني على
الفتح. له : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل بمعنى من بعد ما استجاب الناس له.
والجملة الفعلية «استجيب له» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل
مصدر في محل جر مضاف إليه بمعنى : من بعد استجابة الناس له ودخولهم في الاسلام.
(حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» حجة :
مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف
إليه. داحضة : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة بمعنى باطلة.
(عِنْدَ رَبِّهِمْ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
باسم الفاعل «داحضة» وهو مضاف. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة
وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه ثان.
(وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ) : الواو عاطفة. على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في
محل جر بعلى والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. غضب :
مبتدأ مؤخر
مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة.
(وَلَهُمْ عَذابٌ
شَدِيدٌ) : الجملة الاسمية معطوفة بالواو على جملة «عليهم غضب»
وتعرب إعرابها. شديد : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع بالضمة المنونة.
(اللهُ الَّذِي
أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ
قَرِيبٌ)
(١٧)
(اللهُ الَّذِي) : لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. الذي : اسم
موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. والجملة الاسمية «هو
الذي» في محل رفع خبر المبتدأ «لفظ الجلالة».
(أَنْزَلَ الْكِتابَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو أي الله سبحانه. الكتاب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والجملة
الفعلية «أنزل الكتاب» صلة الموصول لا محل لها بمعنى الكتب.
(بِالْحَقِّ
وَالْمِيزانَ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «لفظ الجلالة» بمعنى
أنزل الكتاب ومعه الحق أو يكون حالا من «الكتاب» أو يكون الجار والمجرور متعلقا
بصفة محذوفة من المصدر أو نائبا عن المفعول المطلق بتقدير أنزل الكتاب إنزالا
متلبسا بالحق مقترنا به بعيدا من الباطل.
والميزان : معطوف بالواو على «الكتاب» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة بمعنى
: وأنزل الميزان أي العدل في كتبه المنزلة.
(وَما يُدْرِيكَ) : الواو استئنافية. ما : اسم استفهام مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ. يدريك : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «ما» وهي فعل مضارع
مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو
يعود على «ما» والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول
به.
(لَعَلَّ السَّاعَةَ
قَرِيبٌ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن». الساعة : اسم «لعل»
منصوب وعلامة نصبه الفتحة. قريب : خبر «لعل» مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة.
(يَسْتَعْجِلُ بِهَا
الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها
وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ
لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)
(١٨)
(يَسْتَعْجِلُ بِهَا
الَّذِينَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة وقد عدي إلى مفعوله بالباء.
بها : جار ومجرور متعلق بيستعجل. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع
فاعل والجملة الفعلية بعده «لا يؤمنون بها» صلة الموصول لا محل لها. والجملة
الفعلية «يستعجل بها الذين» في محل نصب حال من «الساعة».
(لا يُؤْمِنُونَ بِها) : نافية لا عمل لها. يؤمنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت
النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بها : جار ومجرور متعلق بيؤمنون بمعنى لا
يؤمنون بمجيء الساعة أي يوم القيامة. وهم يستعجلونها من باب الاستهزاء.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا) : الواو استئنافية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح
في محل رفع مبتدأ. آمنوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «آمنوا» صلة الموصول لا
محل لها.
(مُشْفِقُونَ مِنْها) : خبر المبتدأ «الذين» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم
والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. منها : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «مشفقون»
على تأويل فعله بمعنى خائفون منها بمعنى من مجيئها.
(وَيَعْلَمُونَ
أَنَّهَا الْحَقُ) : الواو عاطفة. يعلمون : تعرب إعراب «يؤمنون». أن : حرف
نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «أن».
الحق : خبر «أن» مرفوع بالضمة. و «أن» وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر
سد مسد مفعولي «يعلمون».
(أَلا إِنَّ الَّذِينَ) : حرف تنبيه للتوكيد. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.
الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم إن.
(يُمارُونَ فِي
السَّاعَةِ) : تعرب إعراب «يؤمنون بها» بمعنى يجادلون في الساعة أي
في يوم القيامة.
(لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ في ضلال : جار ومجرور
في محل رفع خبر «إن». بعيد : صفة ـ نعت ـ لضلال مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة
والموصوف ـ الكسرة المنونة بمعنى في انحراف عن الحق بعيد عن الصواب.
(اللهُ لَطِيفٌ
بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)
(١٩)
(اللهُ لَطِيفٌ
بِعِبادِهِ) : لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. لطيف : خبر
المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. بعباده : جار ومجرور متعلق بلطيف وهو مضاف والهاء
ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.
(يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر ثان للفظ الجلالة وهي
فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. من : اسم موصول
مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يشاء : تعرب إعراب «يرزق» والجملة الفعلية «يشاء»
صلة الموصول لا محل لها وحذف مفعولها اختصارا بمعنى : ويرزق الله تعالى من يشاء
رزقه من العباد.
(وَهُوَ الْقَوِيُّ
الْعَزِيزُ) : الواو عاطفة. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل
رفع مبتدأ ، القوي العزيز : خبرا «هو» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة.
(مَنْ كانَ يُرِيدُ
حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا
نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ)
(٢٠)
(مَنْ كانَ يُرِيدُ) : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ
وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر ولجملة الفعلية «كان يريد» وما بعدها صلة
الموصول لا محل لها. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بمن.
يريد : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
(حَرْثَ الْآخِرَةِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الآخرة
: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والجملة الفعلية «يريد حرث الآخرة»
في محل نصب خبر «كان».
(نَزِدْ لَهُ فِي
حَرْثِهِ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء فلا
محل لها وهي فعل مضارع جواب الشرط وجزاؤه مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن ـ أصله نزيد ـ حذفت الياء تخفيفا ولالتقاء
الساكنين. له : جار ومجرور متعلق بنزد وقد عدي الفعل إلى مفعوله باللام لأن المعنى
: نزده منه. في حرثه : جار ومجرور متعلق بنزد والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في
محل جر مضاف إليه.
(وَمَنْ كانَ يُرِيدُ
حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) : هذا القول الكريم معطوف بالواو على ما قبله ويعرب
إعرابه وعلامة جر المضاف إليه «الدنيا» الكسرة المقدرة على الألف للتعذر وعلامة
جزم الفعل «نؤته» حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء وبقيت الكسرة المجانسة للياء دالة
عليها والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الكسر في محل نصب مفعول به.
(وَما لَهُ فِي
الْآخِرَةِ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. له : جار
ومجرور في محل رفع خبر مقدم. في الآخرة : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «نصيب»
لأنه متعلق بصفة لنصيب قدمت عليه.
(مِنْ نَصِيبٍ) : حرف جر زائد لتأكيد النفي. نصيب : اسم مجرور لفظا
مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر.
(أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ
شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ وَلَوْ لا كَلِمَةُ
الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)
(٢١)
(أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ) : حرف اضراب بمعنى «بل» وهي حرف عطف وهي هنا «أم»
المنقطعة وليست «أم المتصلة» وهي بمعنى همزة الاستفهام الانكاري المفيد للنفي
بمعنى ليس الأمر كما يفعلون. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام
والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. شركاء : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة بدلا من الضمة
المنونة لأنه ممنوع من الصرف على وزن «فعلاء» بمعنى : شياطينهم الذين زينوا لهم
الشرك وقيل أوثانهم.
(شَرَعُوا لَهُمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لشركاء وهي
فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة. لهم : أعرب والجار والمجرور متعلق بشرعوا بمعنى سنوا.
(مِنَ الدِّينِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «ما» التقدير : حال
كونه من الدين و «من» حرف جر بياني.
(ما لَمْ يَأْذَنْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. لم :
حرف نفي وجزم وقلب. يأذن : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره. والجملة
الفعلية «يأذن به الله» صلة الموصول لا محل لها.
(بِهِ اللهُ) : جار ومجرور متعلق بيأذن. الله لفظ الجلالة : فاعل
مرفوع للتعظيم بالضمة. وقدم الجار والمجرور «من الدين» على الاسم الموصول
«ما» الذي محله الحال منه بتقدير : سنوا لهم شيئا حالة كونه من الدين لم
يعلم به الله أو يأمر به.
(وَلَوْ لا كَلِمَةُ
الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الرابعة
عشرة. الفصل : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. الظالمين : اسم «إن»
منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في
الاسم المفرد بمعنى ولو لا كلمة القضاء السابق بتأجيل العذاب لقضي بين الكافرين
والمؤمنين أو بين المشركين وشركائهم بإهلاك أباطيلهم وعجلت العقوبة لهم.
(لَهُمْ عَذابٌ
أَلِيمٌ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن». لهم عذاب : تعرب
إعراب «لهم شركاء» أليم : صفة لعذاب مرفوع بالضمة المنونة.
(تَرَى الظَّالِمِينَ
مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ
هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ)
(٢٢)
(تَرَى الظَّالِمِينَ
مُشْفِقِينَ) : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على آخره
ـ الألف المقصورة ـ للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. الظالمين :
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من الحركة
والتنوين في الاسم المفرد. مشفقين : حال من «الظالمين» منصوب وعلامة نصبه الياء
أيضا لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وأعرب حالا ولم يعرب
مفعولا به ثانيا للفعل «ترى» لأن «ترى» هنا بصرية وليست قلبية بمعنى : تبصر وتعرف
بمعنى خائفين.
(مِمَّا كَسَبُوا) : أصله : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون
في محل جر بمن المدغمة بها «ما» كسبوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها
وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة. والعائد ـ
الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : مما
كسبوه بمعنى : ترى الظالمين في الآخرة خائفين مما اقترفوه من السيئات والجار
والمجرور متعلق باسم الفاعلين «مشفقين» على تأويل فعله بمعنى جزاء ما كسبوا في
الدنيا من السيئات.
(وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هو :
ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ بمعنى : والجزاء. واقع : خبر «هو»
مرفوع بالضمة المنونة. الباء حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالباء والجار
والمجرور متعلق باسم الفاعل «واقع» بمعنى وجزاء ذلك أو ووباله واقع بهم أي واصل
إليهم.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في
محل نصب لأنه معطوف على منصوب أي على «الظالمين» بمعنى : وترى الذين آمنوا : أي
وترى المؤمنين. آمنوا : الجملة الفعلية تعرب إعراب «كسبوا».
(وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب
إعرابها. الصالحات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق
بجمع المؤنث السالم أي الأعمال الصالحة أو صالح الأعمال.
(فِي رَوْضاتِ
الْجَنَّاتِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «الذين»
بمعنى منعمين في روضات الجنات. الجنات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره
الكسرة أو تكون الواو استئنافية والاسم الموصول «الذين» في محل رفع مبتدأ وخبره
شبه الجملة «في روضات الجنات» في محل رفع أي في أطيب مساكن الجنان.
(لَهُمْ ما يَشاؤُنَ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال ثانية على تقدير : وترى
الذين .. أو محل رفع خبر ثان للاسم الموصول «الذين» في حال إعرابه مبتدأ. اللام
حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام
والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. ما : اسم موصول مبني على السكون في
محل رفع مبتدأ مؤخر. يشاءون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد ـ الراجع ـ إلى
الموصول ساقط لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : ما يشاءونه.
(عِنْدَ رَبِّهِمْ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو
مضاف متعلق بيشاءون. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و
«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه ثان.
(ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ
الْكَبِيرُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف حرف خطاب. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ ثان.
الفضل : خبر «هو» مرفوع بالضمة. الكبير : صفة ـ نعت ـ للفضل مرفوع مثله بالضمة.
والجملة الاسمية «هو الفضل الكبير» في محل رفع خبر المبتدأ الأول «ذلك».
(ذلِكَ الَّذِي
يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا
أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ
يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ)
(٢٣)
(ذلِكَ الَّذِي) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف حرف خطاب. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ
محذوف تقديره : هو. والجملة الاسمية «هو الذي» في محل رفع خبر «ذلك» ويجوز أن يكون
اسم الإشارة «ذلك» في محل رفع بدلا من اسم الإشارة «ذلك» في الآية الكريمة السابقة
فيكون الاسم الموصول «الذي» في محل رفع صفة لاسم الإشارة «ذلك» والجملة الفعلية «يبشر
الله عباده» صلة الموصول لا محل لها.
(يُبَشِّرُ اللهُ
عِبادَهُ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة : فاعل
مرفوع للتعظيم بالضمة. عباده : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة
وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه. وحذفت صلة
الفعل بمعنى ذلك الثواب الذي يبشر به الله عباده فحذف الجار «به» صلة الفعل
اختصارا لأنه معلوم.
(الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة لعباده وما
بعده أعرب في الآية الكريمة السابقة.
(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره أنت وأصله : قول .. حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين. لا : نافية
لا عمل لها. أسألكم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره
أنا الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم
علامة جمع الذكور أي لا أطلب منكم على تبليغ الرسالة.
(عَلَيْهِ أَجْراً) : جار ومجرور متعلق بأسأل. أجرا : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة المنونة وجملة «لا أسألكم ..» في محل نصب مفعول به.
(إِلَّا الْمَوَدَّةَ) : أداة استثناء. المودة : مستثنى بإلا منصوب وعلامة
نصبه الفتحة وهو استثناء متصل أي لا أسألكم أجرا إلا هذا وهو أن تودوا قرابتي
ويجوز أن يكون استثناء منقطعا أي لا أسألكم أجرا قط ولكنني أسألكم أن تودوا قرابتي
الذين هم قرابتكم ولا تؤذوهم.
(فِي الْقُرْبى) : جار ومجرور في محل نصب حال من «المودة» بمعنى إلا
المودة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها و «القربى» مصدر بمعنى : القرابة أي في أهل
القربى بمعنى : إلا أن تودوني في حق القربى .. وقيل : القربى : هي التقرب إلى الله
وعلامة جر الاسم «القربى» الكسرة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر.
(وَمَنْ يَقْتَرِفْ
حَسَنَةً) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». يقترف : فعل مضارع
فعل الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون
آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. حسنة : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة المنونة والجملة الفعلية «يقترف حسنة» صلة الموصول «من» لا محل
لها.
(نَزِدْ لَهُ فِيها
حُسْناً) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء فلا
محل لها. نزد : فعل مضارع جواب الشرط ـ جزاؤه ـ مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره
وحذفت ياؤه ـ أصله : نزيد تخفيفا ولالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا
تقديره : نحن. له : جار ومجرور متعلق بنزد. فيها : جار ومجرور في مقام المفعول به
الثاني. حسنا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(إِنَّ اللهَ غَفُورٌ
شَكُورٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن»
منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. غفور شكور : خبرا «إن» خبر بعد خبر على
التتابع مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة.
(أَمْ يَقُولُونَ
افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ
اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ
الصُّدُورِ)
(٢٤)
(أَمْ يَقُولُونَ) : حرف عطف للاضراب بمعنى «بل» وهي «أم» المنقطعة. يقولون
: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل ومعنى الهمزة في «أم»
للتوبيخ بمعنى : بل أيقول المشركون.
(افْتَرى عَلَى اللهِ
كَذِباً) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به مقول القول ـ وهي
فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المقصورة للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره هو. على الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بافترى. كذبا : مفعول به
منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى اختلق على الله كذبا وادعى أي محمد
النبوة.
(فَإِنْ يَشَإِ اللهُ) : الفاء استئنافية. إن : حرف شرط جازم. يشأ : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم
بإن وعلامة جزمه سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين. الله لفظ الجلالة :
فاعل مرفوع للتعظيم وعلامة الرفع الضمة.
(يَخْتِمْ عَلى
قَلْبِكَ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء فلا
محل لها من الإعراب وهو فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه سكون آخره وقد
تعدى الفعل إلى مفعوله «قلبك» بحرف جر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
على قلبك : جار ومجرور متعلق بيختم والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على
الفتح في محل جر مضاف إليه بمعنى إن الله يغلق قلبك على الفهم لو ارتكبت ما لا
يرضيه سبحانه ويجوز أن يكون المخاطب عاما مثل «ألم تر».
(وَيَمْحُ اللهُ
الْباطِلَ) : الواو استئنافية غير عاطفة. يمح : فعل مضارع مرفوع
وعلامة رفعه الضمة المقدرة للثقل على الواو الساقطة كما سقطت في قوله تعالى : (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ) وقوله عزوجل : (سَنَدْعُ
الزَّبانِيَةَ) وهي مثبتة في بعض المصاحف. وقيل : حذفت الواو على اللفظ
مثل «أو لو الفضل» تكتب ولا تلفظ لالتقائها ساكنة مع لام الاسم بعدها. الله لفظ
الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. الباطل : مفعول به منصوب بالفتحة.
(وَيُحِقُّ الْحَقَّ
بِكَلِماتِهِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يمح الله
الباطل» وتعرب إعرابها وعلامة رفع «يحق» الضمة الظاهرة على آخره والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هو. بكلماته : جار ومجرور متعلق بيحق والهاء ضمير متصل
مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه بمعنى : بوحيه أو بقضائه أي يظهره سبحانه
بوحيه أي الإسلام.
(إِنَّهُ عَلِيمٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني
على الضم في محل نصب اسم «إن». عليم : خبرها مرفوع بالضمة المنونة.
(بِذاتِ الصُّدُورِ) : جار ومجرور متعلق بعليم وهو مضاف. الصدور : مضاف إليه
مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
(وَهُوَ الَّذِي
يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما
تَفْعَلُونَ)
(٢٥)
(وَهُوَ الَّذِي) : الواو استئنافية. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في
محل رفع مبتدأ. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو».
(يَقْبَلُ التَّوْبَةَ) : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هو. التوبة : مفعول به منصوب بالفتحة.
(عَنْ عِبادِهِ) : جار ومجرور متعلق بيقبل والهاء ضمير متصل في محل جر
مضاف إليه والجملة الفعلية (يَقْبَلُ التَّوْبَةَ
عَنْ عِبادِهِ) صلة الموصول لا محل لها.
(وَيَعْفُوا
عَنِ السَّيِّئاتِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يقبل» وتعرب
إعرابها. وعلامة رفع الفعل «يعفو» الضمة المقدرة على الواو للثقل. عن السيئات :
جار ومجرور متعلق بيعفو.
(وَيَعْلَمُ ما
تَفْعَلُونَ) : الواو عاطفة. يعلم : تعرب إعراب «يقبل» والجملة
الفعلية «يعلم ..» لا محل لها لأنها معطوفة على صلة الموصول. ما : اسم موصول مبني
على السكون في محل نصب مفعول به. تفعلون : الجملة الفعلية صلة الموصول «ما» لا محل
لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد ـ الراجع
ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما تفعلونه أو
تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «تفعلون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها
بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل «يعلم» بتقدير : ويعلم أفعالكم من خير أو
شر.
(وَيَسْتَجِيبُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ
وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ)
(٢٦)
(وَيَسْتَجِيبُ
الَّذِينَ) : الواو عاطفة. يستجيب : فعل مضارع مرفوع بالضمة
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل
نصب مفعول به. وأصله : للذين فحذف اللام وتعدى الفعل بنفسه إلى المجرور ناصبا إياه
على المفعولية كما حذف في قوله تعالى : (وَإِذا كالُوهُمْ) وأصله : كالوا لهم.
(آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل والألف فارقة. وعملوا : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على
جملة «آمنوا» وتعرب إعرابها. الصالحات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا
من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم أي وعملوا الأعمال الصالحات أو صالح
الأعمال وقيل الكلمة من الصفات التي تجري مجرى الأسماء.
(وَيَزِيدُهُمْ مِنْ
فَضْلِهِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يستجيب»
وتعرب مثلها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. من فضله :
جار ومجرور متعلق بيزيد والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.
(وَالْكافِرُونَ) : الواو استئنافية. الكافرون : مبتدأ مرفوع بالواو لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(لَهُمْ عَذابٌ
شَدِيدٌ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ. اللام حرف جر
و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. عذاب
: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. شديد : صفة لعذاب مرفوع بالضمة المنونة.
(وَلَوْ بَسَطَ اللهُ
الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما
يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ)
(٢٧)
(وَلَوْ بَسَطَ) : الواو استئنافية. لو : حرف شرط غير جازم ـ حرف امتناع
لامتناع ـ بسط : فعل ماض مبني على الفتح.
(اللهُ الرِّزْقَ
لِعِبادِهِ) : لفظ الجلالة فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. الرزق : مفعول
به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. لعباده : جار ومجرور متعلق ببسط والهاء ضمير متصل
مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.
(لَبَغَوْا فِي
الْأَرْضِ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام
واقعة في جواب «لو» بغوا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر
للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة وبقيت
الفتحة دالة على الألف المحذوفة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
في الأرض : جار ومجرور متعلق ببغوا : بمعنى : ولو وسع الله الرزق لعباده لبطروا
معيشتهم وطلبوا الفساد.
(وَلكِنْ يُنَزِّلُ) : الواو زائدة. لكن : حرف عطف واستدراك غير عامل لأنه
مخفف. ينزل : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو.
(بِقَدَرٍ ما يَشاءُ) : جار ومجرور متعلق بينزل. ما : اسم موصول مبني على
السكون في محل نصب مفعول به. يشاء : تعرب إعراب «ينزل» والجملة الفعلية «يشاء» صلة
الموصول لا محل لها وحذف مفعوله اختصارا أي ما يشاء تنزيله.
(إِنَّهُ بِعِبادِهِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني
على الضم في محل نصب اسم «إن». بعباده : جار ومجرور متعلق بخبير والهاء ضمير متصل
مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.
(خَبِيرٌ بَصِيرٌ) : خبرا «إن» على التتابع ـ خبر بعد خبر ـ مرفوعان
وعلامة رفعهما الضمة المنونة.
(وَهُوَ الَّذِي
يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ
الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)
(٢٨)
(وَهُوَ الَّذِي) : الواو عاطفة. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل
رفع مبتدأ. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو».
(يُنَزِّلُ الْغَيْثَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع
مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الغيث : مفعول
به منصوب وعلامة نصبه الفتحة أي المطر أي والله هو الذي ينزل.
(مِنْ بَعْدِ ما
قَنَطُوا) : جار ومجرور متعلق بينزل. ما : مصدرية. قنطوا : الجملة
الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض مبني على
الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
و «ما» وما تلاها في تأويل مصدر في محل جر مضاف إليه بمعنى : هو الذي نزل المطر
ليغيثهم من بعد قنوطهم أي يأسهم من نزوله.
(وَيَنْشُرُ
رَحْمَتَهُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «ينزل الغيث»
وتعرب إعرابها والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه بمعنى : وينشر
بركات الغيث ومنافعه وما يحصل به من الخصب أو رحمته في كل شيء.
(وَهُوَ الْوَلِيُّ
الْحَمِيدُ) : معطوف بالواو على الضمير الأول «هو» ويعرب إعرابه.
الولي الحميد : خبرا «هو» خبر بعد خبر مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة و «الحميد» من
صيغ المبالغة حميد بمعنى محمود ـ فعيل بمعنى مفعول ـ بمعنى وهو المتولي الصالحين
من عباده بالإحسان المحمود أبدا على ذلك يحمده أهل طاعته. بكل لسان.
(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ
إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ)
(٢٩)
(وَمِنْ آياتِهِ) : الواو استئنافية. من آياته : جار ومجرور في محل رفع
خبر مقدم والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.
(خَلْقُ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ) : مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مبتدأ مؤخر وهو
مضاف. السموات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض : معطوفة
بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها بمعنى : إيجاد السموات والأرض.
(وَما بَثَ) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
رفع لأنه معطوف على «خلق» بمعنى ومن آياته ما بث .. أو يكون في محل جر بالإضافة
بتقدير : ومن آياته خلق ما بث .. بث : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر
فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «بث فيهما ..» صلة الموصول لا محل لها
والعائد إلى الموصول ضمير
محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما بثه فيهما بمعنى : ما نشره
في السموات والأرض.
(فِيهِما مِنْ دابَّةٍ) : جار ومجرور متعلق ببث و «ما» علامة التثنية. من دابة
: جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «ما» و «من» حرف جر بياني. التقدير : حالة كونه
من دابة .. أي من الكائنات الحية.
(وَهُوَ عَلى
جَمْعِهِمْ) : الواو استئنافية. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في
محل رفع مبتدأ. على جمع : جار ومجرور متعلق بقدير و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى على حشرهم يوم القيامة.
(إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب على الظرفية.
يشاء : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. قدير :
خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة ومفعول «يشاء» محذوف اختصارا بمعنى : وهو على جمعهم
في أي وقت إذا شاء ذلك قادر تام القدرة.
** (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة
والعشرين .. المعنى : ومن دلائل قدرته جلت قدرته إيجاد السموات والأرض وإيجاد ما
نشر وفرق فيهما من الكائنات الحية .. وحذف المبتدأ المؤخر «إيجاد» المضاف وحل
المضاف إليه «ما» محله وارتفع ارتفاعه على الابتداء .. ويراد بالدابة : كل نسمة
تدب على ظهر الأرض أي المقصود بها : بنو آدم أي الإنسان وغيره وقال سبحانه : فيهما
.. أي في السموات والأرض والدواب في الأرض وحدها. قال الزمخشري : سبب ذكر السموات
أيضا لأنه نسب الشيء إلى جميع المذكور وإن كان ملتبسا ببعضه كما يقال : بنو تميم
فيهم شاعر مجيد أو شجاع بطل وإنما هو في فخذ من أفخاذهم أو فصيلة من فصائلهم.
** (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ
فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ
شَكُورٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة
والثلاثين .. المعنى إن أراد الله سبحانه يجعل الريح المحركة للسفن الشراعية فتصير
سواكن ثوابت على ظهر البحر إن في ذلك الجري فوق سطح الماء وتوقفها بمشيئة الله
لدلالات على قدرته سبحانه لكل كثير الصبر كثير الشكر لأن كلمتي «صبار شكور» من صيغ
المبالغة ـ فعال فعول بمعنى فاعل .. وحذف النعت أو البدل المشار إليه «الجري ..»
لأن ما قبله يدل عليه. أي لكل صابر على بلاء الله شاكر لنعمائه وهما صفتا المؤمن
المخلص فجعلهما سبحانه كناية للمؤمن .. و «رواكد» جمع «راكدة» وهو اسم
فاعلة .. يقال : ركد الماء في الحوض ـ يركد ـ ركودا وركدت الريح والسفينة
أيضا بمعنى : سكن أي ثبت ولم يجر .. والفعل من باب «دخل ـ يدخل ـ دخولا» وركدت
السفينة بمعنى : وقفت فلا تجري والفعل الرباعي «أركد» يتعدى إلى المفعول : نحو أركدتها
: بمعنى أوقفتها. وقبل هذه الآية الكريمة : (وَمِنْ آياتِهِ
الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) فجمعت «جارية» وهي اسم فاعلة جمع تكسير وهناك جمع آخر
للفظة «جارية» وهو : جاريات ومثلها كلمة «رواكد» جمع «راكدة» جاء جمع تكسير وثمة
جمع آخر لها هو راكدات أي أن للفظتين : جمعين : جمع تكسير وجمعا ملحقا بجمع المؤنث
السالم والأصل في الآية الكريمة هو : السفن الجوار فحذف الموصوف «السفن» لأنه
مفهوم من سياق النص الكريم وحلت الصفة «الجوار» محله أما «الأعلام» فهي جمع «علم»
وهو الراية وهنا جاء بمعنى : الجبل .. ومنه المثل الشهير : نار على علم .. وفي
الآية المذكورة آنفا تحرم الإطلاق فإن الريح المذكورة هنا ـ أي في هذه الآية
الكريمة ـ هي نعمة ورحمة إذ بواسطتها يسير الله تعالى السفن في البحر حتى لو سكنت
لركدت ـ أي لتوقفت ـ السفن. ولا ينكر أن الغالب من ورودها ـ أي الريح ـ مفردة ما
ذكروه ـ أي قولهم : إن الريح لم ترد في القرآن الكريم إلا عذابا بخلاف الرياح ـ وأما
اطراده فلا. وما ورد في الحديث الشريف فلأجل الغالب في الاطلاق والله أعلم. ويسمى
هيجان الرياح وتصاعدها إلى السماء : زوبعة وجمعها : زوابع .. وقيل في الأمثال :
إذا رأيت عاصفة فتطأمن .. بمعنى : إذا رأيت الأمر غالبا فاخضع له .. و «الزوابع»
تعني أيضا : الدواهي ـ جمع داهية ـ وهي المصيبة العظيمة والأمر العظيم .. ومنه
القول : أصابته دواهي الدهر : أي نوائبه .. وأصابتهم داهية دهياء : بمعنى : مصيبة
شديدة ويقال أيضا : هذا رجل داهية : أي صاحب دهاء وهو الجودة في الرأي والمهارة
وأصله : داه .. أي داهي .. حذفت الياء لأنه اسم منقوص نكرة وإنما قالوا : داهية
فالتاء للمبالغة أي كثير الدهاء مثل «علامة» أي كثير العلم وهم دهاة. قال عمر بن
الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : لو كنت تاجرا لما اخترت شيئا على العطر إن فاتني ربحه
لم يفتني ريحه. وقوله تعالى في الآية الكريمة المذكورة (فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ) معناه : يبقين على ظهر الماء أو البحر .. يقال : الظهر
: ضد البطن أو ما يقابل البطن واللفظة تكتب بالظاء ـ أخت الطاء ـ ويقابلها : الضهر
بالضاد أخت الصاد ـ فاللفظتان متفقتان وزنا مختلفتان معنى ورسما .. فالثانية «الضهر»
تعني : القمة من الشيء أي الجماد نحو : صعدت إلى ضاهر الجبل أو التل : أي صعدت إلى
أعلاهما لأن «الضاهر» تعني : الضهر .. وقيل يجوز أن تطلق لفظة «الضهر» على ما
يقابل بطن الحيوان .. نحو : اعتلى الفارس ضهر الحصان .. واللفظة أيضا من مسميات «السلحفاة»
و «الظهر» أيضا من الدابة : هو موضع الركوب .. وفعله «ظهر» من باب «خضع» له عدة
معان .. منها : ظهر الأمر : أي تبين واسم الفاعل منه هو ظاهر. وظهر الشيء ـ يظهر ـ
ظهورا : بمعنى : برز ـ يبرز ـ بروزا بعد الخفاء. ومنه قيل : ظهر لي رأي : أي علمت
ما لم تكن علمته .. وظهر الرجل على عدوه : بمعنى : غلبه .. وقولهم : ظهر الحمل :
معناه بين وجوده. قال الفيومي : يروى أن عمر بن عبد العزيز سأل أهل العلم من
النساء عن ظهور الحمل؟ فقلن : لا يتبين الولد دون ثلاثة أشهر. وجمع «الظهر» هو
أظهر وظهور مثل أشهر وشهور .. أما «الظهيرة» فهي الهاجرة وذلك حين تزول الشمس وهي
نصف النهار في القيظ أو عند زوال الشمس إلى العصر لأن الناس يستكنون في بيوتهم
كأنهم قد هاجروا من شدة الحر.
** (فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ
الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة
والثلاثين .. المعنى : فما أعطيتم من شيء فهو تمتع قليل زائل وما عند الله من
الثواب خير من متاع الدنيا.
** سبب نزول
الآية : قال الإمام علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ نزلت هذه الآية الكريمة حين
تصدق أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ بماله كله فلامه جمع. فنزل قوله تعالى في
هذه الآية الكريمة.
** (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ
الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة
والثلاثين .. المعنى : الذين يبتعدون عن ارتكاب كبريات الذنوب والفواحش : أي
الأمور المنكرة .. يقال : فحش ـ يفحش ـ فحشا ـ بمعنى : قبح أشد القبح وهو كل شيء
جاوز حده سمي فاحشا .. والفعل «فحش» نحو : فحش الشيء ـ يفحش ـ فحشا ـ مثل : قبح
قبحا وزنا ومعنى وفي لغة هو من باب «قتل» وأفحش الرجل : أي أتى بالفحش وهو القول
السيئ.
** (وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ
وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ
يُنْفِقُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة
والثلاثين .. المعنى : والذين أجابوا ربهم وأطاعوه لما دعاهم رسوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ للإيمان وأدوا الصلاة أي وأتموا الصلوات الخمس وأمرهم
شورى بينهم وهي مصدر بمعنى التشاور.
** سبب نزول
الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في الأنصار حين دعاهم الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى الإيمان بالله فاستجابوا لربهم أي أجابوا ربهم
سبحانه إلى ما دعاهم إليه من التوحيد والعبادة وإطاعة الرسل. قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : بني الاسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله .. وإقام الصلاة .. وإيتاء الزكاة .. والحج .. وصوم رمضان.
وعن جرير بن عبد الله : بايعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة .. والنصح لكل مسلم.
** (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها
فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأربعين ..
المعنى : وجزاء سيئة أي وجزاء السيئة فعلة سيئة مثلها فحذف الموصوف «فعلة» وحلت
صفته «سيئة» محله .. فمن عفا عن ظالمه وأصلح ما بينه وبين عدوه من عداوة .. فحذف
مفعول «أصلح» وهو «ما» وسمي جزاء السيئة جزاء للمشاكلة والازدواج ـ أي ازدواج
الكلام ـ و «سيئة» الثانية بمعنى «قصاص» أو عقوبة وليست بمعنى : سيئة كالأولى
بمعنى : وجزاء فعلة سيئة أو قبيحة عقوبة مماثلة لها وسمي بذلك لمشابهة الجريمة في
الصورة أو الظاهر.
** سبب نزول
الآية : نزلت هذه الآية الكريمة مع ما بعدها في أبي بكر الصديق وقد شتمه بعض
الأنصار فرد عليه ثم أمسك ومن صنوف المشاكلة والازدواج وهو من فصيح الكلام ورد
الكثير منه في القرآن الكريم كما في الآية الكريمة المذكورة آنفا وكما في قوله
تعالى في سورة «آل عمران» : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ
اللهُ) ونظيره قوله سبحانه في سورة «هود» : (فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما
تَسْخَرُونَ) أي نسخر منكم في المستقبل كما تسخرون منا الساعة وقيل :
معناه : إن تستجهلونا فيما نصنع فإنا نستجهلكم فيما أنتم عليه من الكفر .. أي
فأنتم أولى منا بالاستجهال سمى سخريتهم استجهالا لأن السخرية في مثل هذا المقام من
باب السفه
والجهل لأنها تعرض لسخط الله تعالى وعذابه .. وهو من إطلاق اسم المسبب على
السبب .. وجاء في سورة «البقرة» قوله تعالى : (فَمَنِ اعْتَدى
عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) والاعتداء الثاني قصاص ـ عقوبة ـ وليس بعدوان كما في
جزاء سيئة سيئة مثلها.
** (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ
فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية
والأربعين وجاء الفعل «انتصر» والضمير ـ الهاء ـ في «ظلمه» على لفظ «من» وبصيغة
الجمع في «أولئك» على معناها لأن «من» مفردة لفظا مجموعة معنى.
** (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) : حذف النعت أو البدل المشار إليه في هذا القول الوارد
في الآية الكريمة الثانية والأربعين. المعنى أولئك الظالمون ..
(وَما أَصابَكُمْ مِنْ
مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ)
(٣٠)
(وَما أَصابَكُمْ) : الواو استئنافية. ما : اسم شرط جازم مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «ما». أصابكم : فعل ماض
مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بما والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم
علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «أصابكم» صلة الموصول لا محل لها.
(مِنْ مُصِيبَةٍ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من اسم الشرط. التقدير
: حالة كونه من مصيبة ومن : حرف جر بياني. بمعنى : أي شيء أصابكم حالة كونه من
المصائب من بلية أو شدة أو غيرهما.
(فَبِما كَسَبَتْ
أَيْدِيكُمْ) : الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء
واقعة في جواب الشرط. الباء : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر
بالباء والجار والمجرور متعلق بخبر لمبتدإ محذوف تقديره فهو بما أي فهو بسبب ما ..
كسبت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. أيدي فاعل
مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور. والجملة
الفعلية «كسبت أيديهم» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول
ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : كسبته أيديكم أي جنته.
(وَيَعْفُوا عَنْ
كَثِيرٍ) : الواو استئنافية. يعفو : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه
الضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله
سبحانه والجملة الفعلية «يعفو ..» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. المعنى
: والله يعفو. عن كثير : جار ومجرور متعلق بيعفو بمعنى ويعفو عن كثير من الذنوب.
(وَما أَنْتُمْ
بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا
نَصِيرٍ)
(٣١)
هذه الآية
الكريمة أعربت في الآية الكريمة الثانية والعشرين من سورة «العنكبوت».
(وَمِنْ آياتِهِ
الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ)
(٣٢)
(وَمِنْ آياتِهِ) : الواو عاطفة. من آياته : جار ومجرور في محل رفع خبر
مقدم. والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.
(الْجَوارِ فِي
الْبَحْرِ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة للثقل على الياء
المحذوفة خطا اكتفاء بالكسرة بمعنى السفن الجواري فحذف الموصوف «السفن» وحلت صفته «الجواري»
محله. في البحر : جار ومجرور متعلق بالجواري ـ اسم الفاعل ـ بتأويل فعله .. أو
متعلق بحال محذوفة من السفن بتقدير : حالة كونها جارية في البحر.
(كَالْأَعْلامِ) : جار ومجرور متعلق بحال ثانية من السفن أو تكون الكاف
اسما مبنيا على الفتح بمعنى «مثل» في محل نصب حالا وهو مضاف. الأعلام : مضاف إليه
مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : مثل الجبال وهي جمع «علم» وهو الجبل.
(إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ
الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ
صَبَّارٍ شَكُورٍ)
(٣٣)
(إِنْ يَشَأْ) : حرف شرط جازم. يشأ : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن
وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وأصله : يشاء حذفت
الألف تخفيفا ولالتقاء الساكنين.
(يُسْكِنِ الرِّيحَ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء فلا
محل لها. يسكن : تعرب إعراب «يشأ» والفعل جواب الشرط ـ جزاؤه ـ الريح : مفعول به
منصوب وعلامة نصبه الفتحة وكسر آخر الفعل لالتقاء الساكنين.
(فَيَظْلَلْنَ
رَواكِدَ) : الفاء عاطفة للتسبيب. يظللن : معطوف على «يسكن» وهو
فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بضمير الإناث في محل جزم لأنه معطوف على مجزوم
ونون الإناث ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع اسم «يظل» بمعنى : فيصرن ثوابت.
رواكد : خبر «يظل» منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى لا تجري.
(عَلى ظَهْرِهِ) : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلات «رواكد» بتأويل فعله
والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه أي على ظهر البحر وإن لم يجر
له ذكر إلا أن ما قبله يفسره ويدل عليه بمعنى على سطحه أو يكون الجار والمجرور «على
ظهره» متعلقا بفعل محذوف على المعنى أي متعلق بلا تجري.
(إِنَّ فِي ذلِكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. في : حرف جر. ذا : اسم
إشارة مبني على السكون في محل جر بفي. اللام للبعد والكاف للخطاب وحذف النعت أو
البدل المشار إليه لأن ما قبله يدل عليه بمعنى إن في ذلك الجري على سطح الماء أو
التوقف عن الجريان لدلالات على قدرة الله تعالى.
(لَآياتٍ لِكُلِ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة. آيات : اسم «إن»
المؤخر منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع
المؤنث السالم. لكل : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «آيات».
(صَبَّارٍ شَكُورٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
شكور : صفة ـ نعت ـ لصبار مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة واللفظتان من صيغ
المبالغة ـ فعال .. فعول .. بمعنى فاعل ..
(أَوْ يُوبِقْهُنَّ
بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ)
(٣٤)
(أَوْ يُوبِقْهُنَ) : حرف عطف. يوبق : فعل مضارع مجزوم لأنه معطوف على فعل
مجزوم «يسكن» في الآية الكريمة السابقة وعلامة جزمه السكون والفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره هو و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الإناث ـ مبني على الفتح في محل نصب
مفعول به بمعنى أو يهلكهن أي يهلك السفن فيهلك ناسها بعد أن يرسل عليها ريحا
عاصفة.
(بِما كَسَبُوا) : الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
جر بالباء والجار والمجرور متعلق بيوبق. كسبوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا
محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : بما اقترفوا من الذنوب. أو تكون «ما» مصدرية فتكون
جملة «كسبوا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر
بالباء بتقدير بذنوبهم ..
(وَيَعْفُ عَنْ
كَثِيرٍ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «يوبق» وتعرب
إعرابها وعلامة جزم الفعل حذف آخره ـ حرف العلة .. الواو لأنه معتل الآخر ـ وبقيت
الضمة دالة على الواو المحذوفة. وجزم الفعل «يعف» وعطف على «يوبق» وأدخل في حكم
الإيباق لأن المعنى : أو إن يشأ يهلك ناسا وينج ناسا على طريق العفو عنهم. عن كثير
: جار ومجرور متعلق بيعفو بمعنى وينج ناسا كثيرين بالعفو والصفح عنهم.
(وَيَعْلَمَ الَّذِينَ
يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ)
(٣٥)
(وَيَعْلَمَ الَّذِينَ) : الواو حرف عطف. يعلم : فعل مضارع معطوف على فعل معلل
مقدر أي على تعليل محذوف تقديره : لينتقم منهم ويعلم الذين وعلامة نصبه الفتحة
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى ويعلم الله سبحانه الكفار. الذين :
اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية بعده «يجادلون ..»
صلة الموصول لا محل لها.
(يُجادِلُونَ فِي
آياتِنا) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل. في آيات : جار ومجرور متعلق بيجادلون و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد
المطاع ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى يجادلون في القرآن بالباطل.
(ما لَهُمْ مِنْ
مَحِيصٍ) : نافية لا عمل لها. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين
في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. من : حرف جر زائد لتأكيد
معنى النفي. محيص : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر بمعنى : ما لهم من
محيد عن عقابه أو ما لهم مهرب من عذابه سبحانه.
(فَما أُوتِيتُمْ مِنْ
شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى
لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)
(٣٦)
(فَما أُوتِيتُمْ) : الفاء استئنافية. ما : اسم شرط جازم مبني على السكون
في محل نصب مفعول به للفعل «أوتي» أوتيتم : فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون
لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بما. التاء ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل والميم علامة جمع الذكور بمعنى
فما أعطيتم.
(مِنْ شَيْءٍ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «ما» التقدير : أي
شيء أوتيتم حالة كونه من الأشياء و «من» حرف جر بياني والجملة الفعلية «أوتيتم من
شيء» صلة الموصول لا محل لها.
(فَمَتاعُ الْحَياةِ
الدُّنْيا) : الجملة الاسمية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل
جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. متاع : خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. مرفوع وعلامة
رفعه الضمة وهو مضاف. الحياة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
الدنيا : صفة ـ نعت ـ للحياة مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف
للتعذر بمعنى : فهو تمتع أي فما أعطيتموه من شيء فهو متاع أو تمتع قليل يتمتع به
ثم يزول وينتهي.
(وَما عِنْدَ اللهِ) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول بمعنى «الذي» مبني على
السكون في محل رفع مبتدأ. عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة
وهو مضاف متعلق بفعل محذوف تقديره يجازى والجملة الفعلية يجازى به عند الله صلة
الموصول لا محل لها. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر
الكسرة بمعنى وما عند الله سبحانه من ثواب الطاعات أو من ثواب الآخرة.
(خَيْرٌ وَأَبْقى) : خبر المبتدأ «ما» مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة
ونون آخر الكلمة بعد حذف ألفها طلبا للفصاحة ـ أصله أخير ـ وهذه اللفظة «أخير»
ممنوعة من الصرف على وزن ـ أفعل ـ صيغة تفضيل ـ ومن وزن الفعل. وأبقى : معطوف
بالواو على «خير» ويعرب مثله وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى :
خير من متاع الدنيا وأبقى أثرا لديمومته.
(لِلَّذِينَ آمَنُوا) : اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في
محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بأبقى. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول
لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل والألف فارقة.
(وَعَلى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال من ضمير «آمنوا»
على رب : جار ومجرور متعلق بيتوكلون. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل جر
مضاف إليه. يتوكلون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم
بمعنى : وهم على ربهم يتوكلون وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل
في محل رفع فاعل.
(وَالَّذِينَ
يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ
يَغْفِرُونَ)
(٣٧)
(وَالَّذِينَ
يَجْتَنِبُونَ) : الاسم الموصول معطوف بالواو على «الذين» في الآية
الكريمة السابقة ويعرب إعرابه. يجتنبون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها
وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى يبتعدون
عن.
(كَبائِرَ الْإِثْمِ
وَالْفَواحِشَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الإثم :
مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والفواحش : معطوف بالواو على «الكبائر»
ويعرب مثله بمعنى كبريات الذنوب والفواحش.
(وَإِذا ما غَضِبُوا) : الواو استئنافية. إذا : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني
على السكون في محل نصب متعلق بيغفرون وقد خرج هنا عن تضمن معنى الشرط. ما : زائدة
لورودها بعد «إذا» غضبوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «غضبوا» في محل جر مضاف
إليه.
(هُمْ يَغْفِرُونَ) : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. يغفرون
: تعرب إعراب «يجتنبون» والجملة الفعلية «يغفرون» في محل رفع خبر المبتدأ «هم»
بمعنى هم الأخصاء بالغفران في حالة الغضب. أي تجاوزوا عن الذنوب وكظموا الغيظ.
(وَالَّذِينَ
اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ
وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ)
(٣٨)
(وَالَّذِينَ
اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ) : معطوف بالواو على «الذين آمنوا» في الآية الكريمة
السادسة والثلاثين. لرب : جار ومجرور متعلق باستجابوا و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين
ـ في محل جر مضاف إليه .. المعنى : أجابوا ربهم وأطاعوه لما دعاهم رسوله للايمان
.. المراد بهم الأنصار وهو على المعنى مفعول الفعل الذي تعدى إليه باللام.
(وَأَقامُوا الصَّلاةَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «استجابوا»
وتعرب إعرابها. الصلاة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى وأتموا الصلوات
الخمس. أي وأدوها.
(وَأَمْرُهُمْ شُورى) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. أمر : مبتدأ
مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. شورى : خبر
المبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.
(بَيْنَهُمْ وَمِمَّا) : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بشورى وهو مضاف و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. الواو استئنافية. مما : أصلها :
من : حرف جر و «ما» اسم موصول مدغم بنون «من» مبني على السكون في محل جر بمن
والجار والمجرور متعلق بينفقون. والجملة الفعلية بعده «رزقناهم» صلة الموصول لا
محل لها.
(رَزَقْناهُمْ
يُنْفِقُونَ) : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير
متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. ينفقون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل و «من» في «مما» تبعيضية وحذف مفعول «ينفقون» لأن «من»
التبعيضية دالة عليه بمعنى يتصدقون بعض ما رزقناهم أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة
«رزقناهم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بمن.
التقدير : ومن رزقنا إياهم ينفقون أي يتصدقون والجار والمجرور متعلق بينفقون.
(وَالَّذِينَ إِذا
أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ)
(٣٩)
هذه الآية
الكريمة أعربت في الآية الكريمة السابعة والثلاثين. أصاب : فعل ماض مبني على الفتح
و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم وحرك الميم بالضم
للوصل ـ التقاء الساكنين. البغي : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى والذين إذا نالهم الظلم
أو الحيف.
(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ
سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لا
يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)
(٤٠)
(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ) : الواو استئنافية. جزاء : مبتدأ مرفوع بالضمة. سيئة : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
(سَيِّئَةٌ مِثْلُها) : خبر المبتدأ «جزاء» مرفوع بالضمة المنونة. مثل : صفة
ـ نعت ـ لسيئة مرفوع مثلها بالضمة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في
محل جر مضاف إليه.
(فَمَنْ عَفا
وَأَصْلَحَ) : الفاء استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ ومجموع جملتي الشرط ـ فعل الشرط وجوابه ـ في محل رفع خبر «من»
عفا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «عفا» صلة الموصول لا محل لها والفعل «عفا» في
محل جزم بمن لأنه فعل الشرط بمعنى عفا عن عدوه أو ظالمه. وأصلح : الجملة الفعلية
معطوفة بالواو على جملة «عفا» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل «أصلح» الفتحة
الظاهرة على آخره بمعنى وأصلح بالعفو والسماح.
(فَأَجْرُهُ عَلَى
اللهِ) : الجملة الاسمية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل
جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط. أجره : مبتدأ مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل ـ ضمير
الغائب ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه. على الله : جار ومجرور للتعظيم في
محل رفع خبر.
(إِنَّهُ لا يُحِبُّ
الظَّالِمِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني
على الضم في محل نصب اسم «إن». لا : نافية لا عمل لها. يحب : فعل مضارع مرفوع
بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الظالمين : مفعول به منصوب وعلامة
نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والجملة الفعلية
«لا يحب الظالمين» في محل رفع خبر «إن».
(وَلَمَنِ انْتَصَرَ
بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ)
(٤١)
(وَلَمَنِ انْتَصَرَ) : الواو عاطفة. اللام لام الابتداء والتوكيد. من انتصر
: معطوف على «من عفا» الوارد في الآية الكريمة السابقة ويعرب إعرابه وكسر آخر «من»
لالتقاء الساكنين وعلامة بناء الفعل «انتصر» الفتحة الظاهرة على آخره.
(بَعْدَ ظُلْمِهِ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بانتصر وهو مضاف. ظلمه : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف
والهاء ضمير متصل ـ مبني على الكسر في محل
جر مضاف إليه ثان أي انتصر لنفسه بمعنى انتقم لنفسه ممن ظلمه أي بعد ما
ظلم. والكلمة مصدر أضيف إلى المفعول.
(فَأُولئِكَ ما
عَلَيْهِمْ) : الجملة الاسمية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل
جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. أولاء : اسم الإشارة مبني على الكسر في محل رفع
مبتدأ. والكاف حرف خطاب. ما : نافية لا عمل لها. على : حرف جر و «هم» ضمير
الغائبين في محل جر بعلى. والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم.
(مِنْ سَبِيلٍ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. سبيل : اسم مجرور
لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية «ما عليهم سبيل» في محل رفع
خبر المبتدأ الأول «أولئك» بمعنى : فأولئك لا سبيل إلى معاتبتهم أو معاقبتهم أبدا.
(إِنَّمَا السَّبِيلُ
عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ
الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)
(٤٢)
(إِنَّمَا السَّبِيلُ) : كافة ومكفوفة. السبيل : مبتدأ مرفوع بالضمة بمعنى
إنما العتاب أو العقاب.
(عَلَى الَّذِينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ بمعنى : يقع أو واقع
على الذين .. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بعلى.
(يَظْلِمُونَ النَّاسَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع
مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الناس : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة.
(وَيَبْغُونَ فِي
الْأَرْضِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يظلمون»
وتعرب إعرابها. في الأرض : جار ومجرور متعلق بيبغون.
(بِغَيْرِ الْحَقِ) : جار ومجرور متعلق بحال من ضمير «يبغون» بمعنى :
يفسدون في الأرض غير محقين أو يكون متعلقا أو صلة ليبغون بمعنى يفسدون بما ليس
بحق. الحق : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
(أُولئِكَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف
حرف خطاب والاشارة إلى الظالمين والمفسدين.
(لَهُمْ عَذابٌ
أَلِيمٌ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «أولئك» اللام حرف جر و
«هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. عذاب :
مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. أليم : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع مثله وعلامة
رفعه الضمة المنونة بمعنى لهم عذاب مؤلم.
(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ
إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)
(٤٣)
(وَلَمَنْ صَبَرَ
وَغَفَرَ) : الواو عاطفة. اللام لام الابتداء والتوكيد. من : اسم
شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ومجموع جملتي فعل الشرط وجوابه في محل
رفع خبر «من». صبر : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره
هو. والجملة الفعلية «صبر» صلة الموصول «من» لا محل لها. وغفر : الجملة الفعلية
معطوفة بالواو على جملة «صبر» وتعرب إعرابها بمعنى : ومن صبر على الظلم والأذى
وغفر للمسيء ذنبه. والفعل «صبر» في محل جزم بمن لأنه فعل الشرط.
(إِنَّ ذلِكَ) : الجملة من «إن» مع اسمها وخبرها جواب شرط جازم غير
مقترن بالفاء لا محل لها. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ذا : اسم إشارة مبني
على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام للبعد والكاف حرف خطاب.
(لَمِنْ عَزْمِ
الْأُمُورِ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ من عزم : جار ومجرور
في محل رفع خبر «إن». الأمور : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى
إن ذلك الصبر .. المغفرة من الأمور المؤكدة المعزومة أو من عزم أصحاب الأمور.
(وَمَنْ يُضْلِلِ
اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا
الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ)
(٤٤)
(وَمَنْ يُضْلِلِ
اللهُ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون
في محل نصب مفعول به مقدم لأن الفعل بعده لم يستوف مفعوله. يضلل : فعل مضارع فعل
الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره حرك بالكسر لالتقاء الساكنين. الله لفظ
الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة بمعنى ومن يخذل الله من الفساق.
(فَما لَهُ مِنْ
وَلِيٍ) : الجملة جواب شرط جازم مسبوق بنفي مقترن بالفاء في محل
جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. ما : نافية لا عمل لها. له : جار ومجرور في محل
رفع خبر مقدم. من : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. ولي : اسم مجرور لفظا مرفوع
محلا على أنه مبتدأ مؤخر بمعنى : من ناصر يتولاه من بعد خذلانه.
(مِنْ بَعْدِهِ) : جار ومجرور متعلق بولي ـ اسم الفاعل ـ على تأويل فعله
أو متعلق بصفة محذوفة من «ولي». والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر
بالإضافة.
(وَتَرَى
الظَّالِمِينَ) : الواو استئنافية. ترى : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه
الضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت.
الظالمين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته بمعنى الكافرين المكذبين بيوم القيامة بمعنى يهديه من بعده
وترى ..
(لَمَّا رَأَوُا) : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب بمعنى «حين»
متعلق بترى. رأوا : الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه وهي فعل ماض مبني على
الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة.
الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وبقيت الفتحة على الألف دالة على
الألف المقصورة المحذوفة.
(الْعَذابَ يَقُولُونَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. يقولون : الجملة
الفعلية في محل نصب حال من ضمير «رأوا» وهي فعل مضارع
مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وتعدى الفعل إلى مفعول
واحد لأن رأى هنا بصرية وليست بمعنى الظن أو رأى القلبية ويجوز أن تكون الجملة
الفعلية «يقولون» لا محل لها إذا اعتبرت «لما» الحينية اسم شرط غير جازم في محل
نصب على الظرفية الزمانية متعلقا بالجواب.
(هَلْ إِلى مَرَدٍّ) : حرف استفهام لا عمل له يفيد هنا التمني بمعنى «ليت»
إلى مرد : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم أي إلى رجعة ..
(مِنْ سَبِيلٍ) : حرف جر زائد للتأكيد. سبيل : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا
على أنه مبتدأ مؤخر بمعنى هل إلى رجعة إلى الدنيا من وسيلة أو طريق لنتوب ونعمل
عملا صالحا ومعنى التمني في «هل» هو طلب شيء محبوب لا يرجى حصوله لاستحالته أو
لبعد تحقيقه. قالوا ذلك حين رأوا النار وعذابها.
(وَتَراهُمْ
يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ
وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ
وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ)
(٤٥)
(وَتَراهُمْ
يُعْرَضُونَ) : الواو عاطفة. ترى : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه
الضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. يعرضون : الجملة الفعلية في محل
نصب حال من ضمير الغائبين وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.
(عَلَيْها خاشِعِينَ) : جار ومجرور متعلق بيعرضون. خاشعين : حال ثانية منصوبة
وعلامة نصبها الياء لانها جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم
المفرد بمعنى خاضعين خائفين.
(مِنَ الذُّلِ) : جار ومجرور في محل نصب تمييز بمعنى مما لحقهم من الذل
و «من» حرف جر بياني. ويجوز أن يتعلق بينظرون ويوقف على خاشعين بمعنى : وهم خاشعون
من الذل.
(يَنْظُرُونَ مِنْ
طَرْفٍ خَفِيٍ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال آخر وهي فعل مضارع
مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى ينظرون إليها أي إلى
النار من طرف : جار ومجرور متعلق بينظرون. خفي : صفة ـ نعت ـ لطرف مجرور مثله
وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة بمعنى : يسترقون أو يختلسون النظر
إلى النار هلعا. و «من طرف» بمعنى : بطرف.
(وَقالَ الَّذِينَ
آمَنُوا) : الواو عاطفة. قال : فعل ماض مبني على الفتح. الذين :
اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا
محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل والألف فارقة. والجملة بعدها «إن الخاسرين الذين ..» في محل نصب مفعول به
ـ مقول القول ـ.
(إِنَّ الْخاسِرِينَ
الَّذِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الخاسرين : اسم «إن»
منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هم والجملة
الاسمية «هم الذين» في محل رفع خبر «إن» والجملة بعدها «خسروا أنفسهم» صلة الموصول
لا محل لها.
(خَسِرُوا
أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ) : الجملة الفعلية تعرب إعراب جملة «آمنوا». أنفس :
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر
مضاف إليه. وأهليهم : معطوف بالواو على «أنفسهم» ويعرب مثله وعلامة نصبه الياء
لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وأصله : أهلين حذفت النون للاضافة بمعنى : ضيعوهما.
(يَوْمَ الْقِيامَةِ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بخسروا ـ على تقدير وقوع قول المؤمنين في الدنيا ـ وهو مضاف. القيامة : مضاف إليه
مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أو يكون «يوم»
متعلقا بقال ـ على تقدير قول المؤمنين يوم القيامة ـ أي يقولون إذا رأوهم
على تلك الحال أو الصفة.
(أَلا إِنَّ
الظَّالِمِينَ) : أداة تنبيه واستفتاح للتوكيد. إن الظالمين : تعرب
إعراب «إن الخاسرين» أي الظالمين أنفسهم.
(فِي عَذابٍ مُقِيمٍ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن». مقيم : صفة ـ
نعت ـ لعذاب مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف الكسرة المنونة بمعنى : في
عذاب دائم مؤلم وحذف مفعول «الخاسرين» أي المضيعين أنفسهم.
(وَما كانَ لَهُمْ
مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما
لَهُ مِنْ سَبِيلٍ)
(٤٦)
(وَما كانَ لَهُمْ
مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة العشرين من
سورة «هود». ينصرون : الجملة الفعلية في محل جر على اللفظ صفة لأولياء وفي محل رفع
على المحل صفة لأولياء وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به
بمعنى : ينقذونهم من العذاب غير الله تعالى.
(وَمَنْ يُضْلِلِ
اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ) : أعرب في الآية الكريمة الرابعة والأربعين. بمعنى فما
له إلى النجاة من طريق بمعنى : ومن يخذله الله فما له إلى النجاة من طريق إلى
الهدى .. أي النجاة من العذاب.
(اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ
مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ ما لَكُمْ مِنْ
مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ)
(٤٧)
(اسْتَجِيبُوا
لِرَبِّكُمْ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال
الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. لربكم : جار ومجرور متعلق
باستجيبوا وهو على معنى مفعول الفعل الذي تعدى إليه باللام بمعنى وأطيعوا ربكم
وأجيبوا دعوة الرسول إياكم للايمان.
الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه
والميم علامة جمع الذكور .. أي أجيبوا أيها الناس داعي الله.
(مِنْ قَبْلِ أَنْ
يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الثالثة
والأربعين من سورة «الروم». ما : نافية لا عمل لها. لكم : جار ومجرور متعلق بخبر
مقدم والميم علامة جمع الذكور. من : حرف جر زائد لتأكيد النفي. ملجأ : اسم مجرور
لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر و «من الله» من صلة «لا مرد» بمعنى لا يرده
الله بعد ما حكم به أو من صلة «يأتي» بمعنى : من قبل أن يأتي من الله يوم لا يقدر
أحد على رده.
(وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ) : معطوف بالواو على «ما لكم من ملجأ» ويعرب إعرابه
بمعنى وما لكم من إنكار ما اقترفتموه من الذنوب.
** (وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها
خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخامسة
والأربعين .. المعنى : وتراهم يعرضون على النار خاضعين خائفين مما لحقهم من الذل
ينظرون إليها اختلاسا ذعرا منها ناظرين إليها نظرة يسترقونها بتحريك خفيف لأجفانهم
نظر المحكوم عليه لآلة تنفيذ الحكم بحقه خفي معظمها تحت الجفن من شدة الخوف.
والطرف هو العين قالت العرب : رد الطرف من الظرف. و «الظرف» هو الكياسة ـ أي حسن
الفهم والأدب ـ والحذق : أي المهارة والبراعة. ويقال : أطرق الرجل : بمعنى : أرخى
عينيه إلى الأرض .. وأطرق رأسه : أي خفضه وأرخى عينيه ينظر إلى الأرض. ويقال : لحظ
الرجل صاحبه ـ يلحظه ـ لحظا وإلى صاحبه بالعين : بمعنى نظر إليه بمؤخر العين عن
يمين ويسار أو راقبه .. واللحظة : هي المرة من اللحظ .. وهي وقت كقدر لحظة العين.
واللحاظ ـ بفتح اللام وكسرها ـ : هو مؤخر العين مما يلي الصدغ. أما «اللحظ» فهو
باطن العين .. ومنه قيل : لحظ أصدق من لفظ وقد أبدع من قال :
مرض الحبيب
فعدته
|
|
فمرضت من
حذري عليه
|
شفي الحبيب
فعادني
|
|
فشفيت من
نظري إليه
|
روي عن النبي
داود ـ عليهالسلام ـ : اللهم إني أعوذ بك من جار عينه تراني وقلبه يرعاني
إن رأى حسنة كتمها وإن رأى سيئة نشرها.
** (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما
قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة الثامنة
والأربعين .. وجاء الضمير في «تصبهم» للجماعة وهو عائد على الانسان لأن «الانسان»
اسم جنس يدل على المفرد والجمع .. وبما قدمت أيديهم : أي بسبب ما اقترفته أيديهم
وغيرها .. وعبر بالأيدي لأن أكثر الأعمال والأفعال تزاول بها.
** (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ
اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ
بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والخمسين
.. أي إلا عن طريق الوحي بأن يخلق في قلبه ما يشاء إلقاءه إليه و «الوحي» كلام
يدرك بسرعة وهو كلام خفي.
** سبب نزول
الآية : نزلت هذه الآية الكريمة حينما قال اليهود للنبي محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبيا كما كلمه
موسى؟ فنزلت هذه الآية الكريمة وقال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : لم ينظر موسى إلى الله تعالى. وقوله عزوجل : أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه : معناه : أو يرسل إليه
رسولا من الملائكة ـ كجبريل ـ عليهالسلام ـ و «رسولا» منصوب بأن .. ومثله : القول : وتقر عيني ..
قال سيبويه : التقدير : وأن تقر عيني .. وهذا البيت واحد من أبيات قصيدة الشاعرة
ميسون بنت بحدل الكلبية زوجة معاوية بن أبي سفيان وأم ابنه يزيد وكانت بدوية الأصل
فضاقت نفسها لما تسرى عليها فعذلها عن ذلك معاوية وقال لها : أنت في ملك عظيم وما
تدرين قدره وكنت قبل اليوم في العباءة فقالت :
للبس عباءة
وتقر عيني
|
|
أحب إلي من
لبس الشفوف
|
وقبله :
وبيت تخفق
الأرواح فيه
|
|
أحب إلي من
قصر منيف
|
وبعده :
فما أبغي سوى
وطني بديلا
|
|
فحسبي ذاك من
وطن شريف
|
(فَإِنْ
أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ
وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ
تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ)
(٤٨)
(فَإِنْ أَعْرَضُوا) : الفاء استئنافية. إن : حرف شرط جازم. أعرضوا : فعل
ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة فعل الشرط في محل جزم بإن. الواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل بمعنى : فإن صدوا عنك. أي عن الإجابة.
(فَما أَرْسَلْناكَ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل
جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. ما : نافية لا عمل لها. أرسل : فعل ماض مبني على
السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في
محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول
به.
(عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار
والمجرور متعلق بأرسلنا. حفيظا : حال. من ضمير المخاطب منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة بمعنى رقيبا أو محاسبا.
(إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا
الْبَلاغُ) : مخففة مهملة بمعنى : ما .. النافية. عليك : جار
ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم ، إلا : أداة حصر لا عمل لها. البلاغ : مبتدأ مؤخر
مرفوع بالضمة بمعنى وما عليك إلا التبليغ أي تبليغ الرسالة.
(وَإِنَّا إِذا
أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ
بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة السادسة
والثلاثين من سورة «الروم» والجملة الشرطية من فعلها وجوابها في محل رفع خبر «إن».
من : حرف جر و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل جر بمن والجار
والمجرور متعلق بأذقنا.
(فَإِنَّ الْإِنْسانَ
كَفُورٌ) : الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء
واقعة في جواب الشرط. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الإنسان : اسم «إن» منصوب
وعلامة نصبه الفتحة. كفور : خبر «إن» مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة بمعنى كثير
الكفران لأن «كفور» من صيغ المبالغة ـ فعول ـ بمعنى فاعل.
(لِلَّهِ مُلْكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً
وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ)
(٤٩)
(لِلَّهِ مُلْكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر مقدم. ملك : مبتدأ
مؤخر مرفوع بالضمة. السموات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض
: معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها.
(يَخْلُقُ ما يَشاءُ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من لفظ الجلالة وهي
فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ما : اسم موصول
مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
يشاء : تعرب إعراب «يخلق» والجملة الفعلية «يشاء» صلة الموصول لا محل لها
وحذف المفعول به أو العائد إلى الموصول اختصارا وهو منصوب المحل لأنه مفعول به.
بمعنى : ما يشاؤه أو ما يشاء خلقه بمعنى ما تقتضيه حكمته سبحانه.
(يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ
إِناثاً) : تعرب إعراب «يخلق» اللام حرف جر و «من» اسم موصول مبني
على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيهب أو هو في مقام مفعول «يهب»
الأول الذي تعدى إليه باللام لأن الفعل «وهب» من الهبة بمعنى : يعطي. يشاء :
أعربت. إناثا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(وَيَهَبُ لِمَنْ
يَشاءُ الذُّكُورَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «يهب لمن يشاء
إناثا» وتعرب إعرابها بمعنى لمن يريد أي يعطي لمن يريد ذرية إناثا. ويعطي لمن يريد
ذرية ذكورا.
(أَوْ يُزَوِّجُهُمْ
ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)
(٥٠)
(أَوْ يُزَوِّجُهُمْ
ذُكْراناً) : حرف عطف. يزوج : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول
به. ذكرانا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(وَإِناثاً وَيَجْعَلُ) : معطوف بالواو على «ذكرانا» ويعرب إعرابه. ويجعل : معطوف
على «يزوج» ويعرب إعرابه.
(مَنْ يَشاءُ عَقِيماً) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يشاء
عقيما : تعرب إعراب «يزوج ذكرانا» والجملة الفعلية «يشاء» صلة الموصول لا محل لها
والعائد إلى الموصول محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : من يشاؤه بمعنى :
أو يجعلهم اناثا وذكورا أي يجعلهم ذكرا وأنثى ويجعل من يريد بلا ذرية.
(إِنَّهُ عَلِيمٌ
قَدِيرٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني
على الضم في محل نصب اسم «إن». عليم قدير : خبرا «إن» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة
المنونة بمعنى عليم بصالح العباد قدير على تكوين ما يصلحهم.
(وَما كانَ لِبَشَرٍ
أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ
رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)
(٥١)
(وَما كانَ لِبَشَرٍ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. كان : فعل
ماض تام بمعنى : وما صح لأحد من البشر والجار والمجرور «لبشر» متعلق بكان. ولو
أعربت «كان» ناقصة لكان الجار والمجرور «لبشر» في محل نصب متعلقا بخبرها المقدم
ويكون المصدر المؤول «أن يكلمه الله» في محل رفع اسمها المؤخر والمراد ببشر :
الإنسان.
(أَنْ يُكَلِّمَهُ
اللهُ) : حرف مصدري ناصب. يكلمه : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة
نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به
مقدم. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة والجملة الفعلية «يكلمه الله»
صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما تلاها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل «كان»
أو اسمها المؤخر على الوجهين من إعراب «كان» التقدير : تكليم الله له.
(إِلَّا وَحْياً) : أداة حصر لا عمل لها. وحيا : مصدر واقع موقع الحال
منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة ويجوز أن يكون موضوعا موضع «كلاما» أو «تكليما»
لأن «الوحي» كلام خفي في سرعة ويجوز أن يكون مفعولا مطلقا منصوبا على المصدر من
وحى ـ يحي ـ وحيا .. بمعنى : أوحى يوحي إيحاء.
(أَوْ مِنْ وَراءِ
حِجابٍ) : حرف عطف. من وراء : جار ومجرور ـ شبه جملة ـ في محل
نصب واقع موقع الحال أيضا بمعنى : وما صح أن يكلم أحدا إلا موحيا أو مسمعا من وراء
.. حجاب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى من وراء ستار
كما كلم موسى ـ عليهالسلام ـ.
(أَوْ يُرْسِلَ
رَسُولاً) : حرف عطف. يرسل : تعرب إعراب «أن يكلم» والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هو بتقدير أن يرسل. رسولا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه
الفتحة المنونة و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب حال أخرى تعرب إعراب «وحيا»
لأن المصدر المؤول «أن يرسل» معطوف على «وحيا» وهو اسم صريح إذا وقع المضارع موقع
المصدر و «أن» مضمرة بعد عاطف على اسم غير شبيه بالفعل ولأن «أن يرسل» في معنى :
إرسالا وبتقدير الحال : مرسلا بمعنى أو يرسل ملكا يبلغه مراده كجبريل ..
(فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ) : الفاء عاطفة للتسبيب. يوحي : تعرب إعراب «يرسل» بإذنه
: جار ومجرور متعلق بيوحي والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه
بمعنى : بأمر الله تعالى. أي فيلقي إلى المرسل إليه بأمره.
(ما يَشاءُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يشاء
: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية
«يشاء» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه
مفعول به. التقدير : ما يشاؤه أو بمعنى ما يشاء إيحاءه.
(إِنَّهُ عَلِيٌّ
حَكِيمٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني
على الضم في محل نصب اسم «إن». علي حكيم : خبرا «إن» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة
المنونة بمعنى : إنه سبحانه علي عن صفات المخلوقين حكيم : أي يجري أفعاله على موجب
الحكمة.
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا
إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ
وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ
لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)
(٥٢)
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا
إِلَيْكَ) : الواو استئنافية. الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على
الفتح في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية «أوحينا إليك ..» في محل رفع
خبر المبتدأ. المعنى ومثل إيحائنا إلى غيرك من الرسل أوحينا إليك .. ذا : اسم
إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. أو تكون
الكاف في محل نصب صفة أو نائبة عن مفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف بمعنى : وأوحينا إليك
إيحاء مثل ذلك الإيحاء إلى غيرك من الرسل. أوحى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل.
إليك : جار ومجرور متعلق بأوحينا.
(رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. من أمر :
جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «روحا» و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني
على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى القرآن.
(ما كُنْتَ تَدْرِي) : الجملة الفعلية وما بعدها في محل نصب حال من ضمير
المخاطب في «إليك». ما : نافية لا عمل لها. كنت : فعل ماض ناقص مبني على السكون
لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في
محل رفع اسم «كان». تدري : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء
للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والجملة الفعلية «تدري ما الكتاب»
في محل نصب خبر «كان» أي ما كنت تعرف.
(مَا الْكِتابُ وَلَا
الْإِيمانُ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به للفعل «تدري». ما
: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. الكتاب : خبر «ما» مرفوع بالضمة.
ولا الإيمان : معطوف بالواو على ما الكتاب ويعرب مثله بمعنى وما الإيمان. أو تكون «لا»
زائدة لتأكيد معنى النفي. و «الإيمان» معطوف على «الكتاب» مرفوع مثله بالضمة أي ما
القرآن قبل الوحي إليك.
(وَلكِنْ جَعَلْناهُ
نُوراً) : الواو زائدة. لكن : حرف مخفف مهمل غير عامل يفيد
الاستدراك. جعلنا : تعرب إعراب «أوحينا» والهاء ضمير متصل مبني
على الضم في محل نصب مفعول به يعود على «الكتاب». نورا : مفعول به ثان
منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(نَهْدِي بِهِ) : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء
للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. به : جار ومجرور متعلق بنهدي
والجملة الفعلية نهدي به من نشاء في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «نورا» أي نهدي
به إلى الدين الحق.
(مَنْ نَشاءُ مِنْ
عِبادِنا) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. نشاء
: تعرب إعراب «نهدي» وعلامة رفعه الضمة الظاهرة وجملة «نشاء» صلة الموصول لا محل
لها وحذف العائد إلى الموصول المنصوب المحل على المفعولية. التقدير : من نشاؤه أو
يكون مفعول «نشاء» هو المحذوف بتقدير : من نشاء هدايته. من عبادنا : جار ومجرور
متعلق بحال محذوف من الاسم الموصول «ما» و «من» حرف جر بياني. التقدير : حال كونه
من عبادنا و «نا» أعربت في «أمرنا».
(وَإِنَّكَ لَتَهْدِي) : الواو استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل
والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن» اللام لام
التوكيد ـ المزحلقة ـ تهدي : تعرب إعراب «تدري» والجملة الفعلية «تهدي ..» في محل
رفع خبر «إن».
(إِلى صِراطٍ
مُسْتَقِيمٍ) : جار ومجرور متعلق بتهدي. مستقيم : صفة ـ نعت ـ لصراط
مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة أي ترشد إلى سبيل قويم أي لترشد الناس ..
(صِراطِ اللهِ الَّذِي
لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ)
(٥٣)
(صِراطِ اللهِ الَّذِي) : بدل من «صراط» في الآية الكريمة السابقة مجرور مثله
وعلامة جره الكسرة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة
الجر الكسرة. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ للفظ
الجلالة أو بدل منه.
(لَهُ ما فِي
السَّماواتِ) : الجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها. له : جار
ومجرور في محل رفع خبر مقدم. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ
مؤخر. في السموات : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : استقر .. وجد وجملة «وجد
في السموات» صلة الموصول لا محل لها.
(وَما فِي الْأَرْضِ) : معطوف بالواو على «له ما في السموات» ويعرب إعرابه. و
«صراط الله» بمعنى : دين الله.
(أَلا إِلَى اللهِ) : حرف استفتاح وتنبيه للتأكيد. إلى الله : جار ومجرور
للتعظيم متعلق بتصير بمعنى : ترجع الأمور إليه سبحانه.
(تَصِيرُ الْأُمُورُ) : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة. الأمور : فاعل
مرفوع وعلامة رفعه الضمة بمعنى : إن مصير الأمور كلها يرجع إليه عزوجل ليجازي من آمن وأحسن ويعاقب من أساء.
***
سورة الزخرف
معنى
السورة : الزخرف ـ بضم
الزاي والراء ـ بمعنى : الذهب .. الزينة .. وقيل : ثم يشبه به كل مموه مزور ..
والمزخرف ـ بضم الميم وفتح الراء ـ اسم مفعول ـ بمعنى المزين. وفعله : زخرف .. نحو
: زخرف الشيء ـ يزخرفه ـ زخرفة : بمعنى : حسنه وزينه وزخرف كلامه : أي موهه بالكذب
.. والزخرف : جمعه : زخارف .. ومنه القول : تزخرف الرجل : بمعنى : تزين وهذا الفعل
فعل مزيد .. وتطلق اللفظة على الكلام .. فيقال : زخرف الكلام : أي أباطيله .. وذكر
المنجد أيضا : زخرف الأرض : بمعنى : ألوانها ويطلق الجمع «الزخارف» على السفن
وبهذين المعنيين .. أي الذهب والزينة ورد ذكرهما في كتاب الله الكريم ففي سورة «الاسراء»
جاءت اللفظة بمعنى «الذهب» في قوله تعالى : (أَوْ يَكُونَ لَكَ
بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) بمعنى : بيت من ذهب وجاءت بمعنى «الزينة» في قوله تعالى
في سورة «الزخرف» : (وَلِبُيُوتِهِمْ
أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا
مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) وسررا جمع «سرير» و «زخرفا» هنا بمعنى : زينة. وجاء
بالمعنى نفسه في سورة «يونس» : (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ
الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ) بمعنى : حتى إذا بلغت الأرض كامل زينتها عن طريق
النباتات المختلفة .. أما قوله تعالى في سورة «الأنعام» : (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ
الْقَوْلِ) فمعناه : زخارف من الأباطيل وهي من زخرف الكلام : أي
موهه بالكذب .. ويقال : زخرف الرجل المعدن ـ بكسر الدال ـ بمعنى : حسنه وزينه
فالمعدن مزخرف ـ اسم مفعول ـ بمعنى : مزين والرجل مزخرف ـ بكسر الراء .. اسم فاعل
ـ بمعنى : مزين ـ بكسر الياء ـ.
تسمية
السورة : وردت لفظة «الزخرف»
في القرآن الكريم أربع مرات .. ثلاث منها في السور الكريمة المذكورة آنفا .. وهي
الإسراء .. يونس .. والأنعام .. والمرة الرابعة في سورة خصها الله تعالى بهذا
الاسم أي في سورة «الزخرف» في الآية الكريمة المذكورة آنفا.
فضل
قراءة السورة : قال رسول الله المختار محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «من قرأ سورة «الزخرف» كان ممن يقال له يوم القيامة :
يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون ادخلوا الجنة بغير حساب» صدق رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
إعراب آياتها
(حم)
(١)
هذه الأحرف
الكريمة وأمثالها شرحت بصورة مسهبة في سورة «يوسف».
(وَالْكِتابِ
الْمُبِينِ)
(٢)
(وَالْكِتابِ
الْمُبِينِ) : الواو واو القسم. حرف جر. الكتاب : مقسم به مجرور
بواو القسم وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف. المبين :
صفة ـ نعت ـ للكتاب مجرور مثله وعلامة جره الكسرة أي وحق الكتاب أي القرآن البين
أو الواضح للمتدبرين.
(إِنَّا جَعَلْناهُ
قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
(٣)
(إِنَّا جَعَلْناهُ) : الجملة جواب القسم لا محل لها. إن : حرف نصب وتوكيد
مشبه بالفعل و «نا» المدغمة بنون «إن» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على
السكون في محل نصب اسم «إن». جعل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا»
ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع
فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول والجملة الفعلية «جعلناه
قرآنا عربيا» في محل رفع خبر «إن».
(قُرْآناً عَرَبِيًّا) : مفعول به ثان منصوب بالفعل «جعل» المتعدي إلى مفعولين
لأن معناه : صيرناه أو بيناه وعلامة نصبه الفتحة المنونة. عربيا : صفة ـ نعت ـ للموصوف
«قرآنا» منصوب مثله .. وعلامة نصبه الفتحة المنونة .. أي جعلناه عربيا حتى تفهموا
معانيه.
(لَعَلَّكُمْ
تَعْقِلُونَ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن». الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور. تعقلون
: الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : لكي تفهموا معانيه فتتعقلوها.
(وَإِنَّهُ فِي أُمِّ
الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ)
(٤)
(وَإِنَّهُ فِي أُمِّ
الْكِتابِ) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء
ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». في أم : جار ومجرور متعلق بعلي.
الكتاب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
(لَدَيْنا) : ظرف مكان مبني على السكون في محل نصب متعلق بعلي وهو
مضاف و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل
جر مضاف إليه بمعنى وإن هذا القرآن المثبت في اللوح المحفوظ عندنا.
(لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ علي : خبر «إن» مرفوع
بالضمة المنونة. حكيم : خبر ثان لإن أو صفة لعلي مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى
: رفيع الشأن في الكتب لكونه معجزا من بينها ذو حكمة بالغة صفتاه هكذا في اللوح
المحفوظ.
** (وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية الأصل
: وحق الكتاب أي القرآن وأصل واو القسم الباء أي بالكتاب أي أقسم بالكتاب فأبدلت
بالواو لأن المعنى : وحق الكتاب .. وهو من الأيمان الحسنة البديعة لتناسب القسم
والمقسم عليه وكونهما أي الكتاب والقرآن من واد واحد وبعد حذف المضاف المقسم به «حق»
حل المضاف إليه «الكتاب» محله و «المبين» هو البين وقيل : الواضح للمتدبرين .. أو
بمعنى الواضح البين على أنه هداية للبشرية فنزل بلسان عربي .. أو الذي أبان طريق
الهدى من طريق الضلالة وأبان ما تحتاج إليه الأمة في أبواب الديانة وقيل : لقد عظم
القرآن الكريم من أربعة أوجه .. أولها : أنه كلام موجد الكون رب العزة جلت قدرته
وثانيهما : إسناد إنزاله إلى الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وجعله مختصا به دون غيره .. والثالث : أنه جاء بضميره
دون اسمه الظاهر شهادة له بالنباهة والاستغناء عن التنبيه عليه. والوجه
الرابع : الرفع من مقدار الوقت الذي أنزل فيه .. روي أن القرآن الكريم أنزل جملة
واحدة في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا وأملاه جبريل ـ عليهالسلام ـ على السفرة ثم كان ينزله على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ نجوما في ثلاث وعشرين سنة. وهذا الكتاب العظيم يحتوي
على مائة وأربع عشرة سورة تشتمل على ستة آلاف ومائتين وست وثلاثين آية وتحوي سبعة
وسبعين ألفا وأربعمائة وتسعا وثلاثين كلمة.
** (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا
لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة .. المراد
بأم الكتاب : اللوح المحفوظ فإنه أصل الكتب السماوية وهو كناية عن علم الله القديم
بمعنى وإن هذا القرآن المثبت في اللوح المحفوظ عندنا لرفيع الشأن في الكتب وذو
حكمة بالغة أي منزلته عالية عندنا.
** (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ
صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة ..
وكلمة «صفحا» مصدر من غير لفظه بمعنى : أفنضرب عنكم الذكر ضربا .. ومعنى «ضرب عنه
الذكر» أي أبعده وهو مصدر الفعل «صفح» نحو : صفح عنه ـ يصفح ـ صفحا .. من باب «قطع»
بمعنى أعرض عن ذنبه .. وضرب عنه صفحا : أعرض عنه وتركه أو ولاه صفحة عنقه كناية عن
إهماله وتركه ومنه القول : صفحة الشيء : بمعنى : جانبه وناحيته .. أما «صفح الجبل»
فمعناه : سفحه .. قال الجوهري : تصفح الشيء : بمعنى : نظر في صفحاته .. والمصافحة
والتصافح : الأخذ باليد. والتصفيح مثل التصفيق .. وفي الحديث : التسبيح للرجال
والتصفيح للنساء. ويروى بالقاف أيضا. ويقال صفحت عن ذنب صديقي : بمعنى عفوت عنه ..
وقال الفيومي : يقال : صفحت الكتاب وتصفحته : أي قلبت صفحاته وهي وجوه الأوراق ..
وصفحت القوم : بمعنى : رأيت صفحات وجوههم. و «صفحا» في الآية الكريمة المذكورة
آنفا : معناه : إعراضا والمراد هنا : معرضين أي المقصود : إنكار أن يكون الأمر على
خلاف المطلوب من إنزال القرآن بلغتهم ليفهموه.
** (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا
كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة .. المعنى
: ما أتاهم نبي يدعوهم إلى الإيمان وطاعة الله ورسله إلا سخروا به وكذبوه .. وقول
الله تعالى فيه تسلية ـ أو تسرية ـ لرسوله الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن استهزاء قومه به. أي ليسري الله عنه بسبب استهزاء
قومه .. يقال : انسرى الهم عنه : أي انكشف وسري ـ بضم السين وتشديد الراء ـ مثله.
ويقال أيضا : سلاه من همه تسلية : بمعنى كشف الهم عنه.
** (فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً
وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة ..
المعنى : فأهلكنا قوما أشد منهم أي من المسرفين على أنفسهم تجبّرا وعنفا فحذف
الموصوف «قوما» وأقيمت الصفة «أشد» مقامه. وكلمة «أشد» ممنوعة من الصرف على وزن
«أفعل» ومن وزن الفعل. والبطش : هو التجبر والأخذ بعنف .. يقال بطش به ـ يبطش ـ بطشا
.. من بابي «ضرب» و «نصر» بمعنى : فتك به وأخذه بصولة وشدة .. وبطش عليه : أي سطا
وانقض عليه .. والبطشة : هي السطوة. وقال الفيومي : الفعل «بطش» من باب «ضرب» وبها
قرأ السبعة وفي لغة من باب «قتل» وقرأ بها الحسن البصري وأبو جعفر المدني .. وبطشت
اليد : إذا عملت فيه فهي باطشة ـ اسم فاعلة.
** (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ
مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة العاشرة .. في
هذه الآية الكريمة وما بعدها الكلام فيها مجزأ بعضه من قولهم ـ أي المخاطبين ـ وبعضه
من قول الله عزوجل .. فالذي جاء على لسانهم قولهم : خلقهن وما بعده من
قوله سبحانه. قال الزمخشري : وصف الله تعالى ذاته الكريمة بهذه الصفات .. ولما سيق
الكلام كله سياقة واحدة حذف الموصوف من كل منهم وأقيمت الصفات المذكورة في كلام
الله مقامه كأنه كلام واحد فلما وقع الانتقال من كلامهم ـ أي على لسانهم ـ إلى
كلام الله عزوجل على ما عرف من الافتنان في البلاغة فجاء أوله على لفظ
الغيبة وآخره على الانتقال منها إلى التكلم في قوله تعالى في الآية الكريمة التالية
: فأنشرنا به : أي فأحيينا بالماء .. كل ذلك افتنان من أفنان البلاغة.
** (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً
إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة عشرة.
المعنى : قالوا : الملائكة : بنات الله فجعلوهم جزءا له وبعضا منه سبحانه وتعالى
عن ذلك فهو عزوجل لم يلد ولم يولد. قال الزمخشري : ومن بدع التفاسير : تفسير
الجزء بالإناث. وادعاء أن «الجزء» في لغة العرب هو اسم للإناث .. وما هو إلا كذب
على العرب ووضع مستحدث ولم يقنعهم ذلك حتى اشتقوا منه فعلا فقالوا : أجزأت المرأة
.. ثم صنعوا تأكيدا لقولهم بيتا من الشعر :
إن أجزأت حرة
يوما فلا عجب
|
|
قد تجزئ
الحرة المذكار أحيانا
|
أجزأت المرأة :
إذا ولدت بنتا. وفي رواية : إن أجزأت حرة وهو اسم امرأة. أما «المذكار» فمعناه
المرأة التي عادتها ولادة الذكور وكذلك الرجل. وقولهم : الملائكة : بنات الله :
جعلوهم جزءا له سبحانه وبعضا منه كما يكون الولد بضعة من والده وجزءا له وهي صفات
المخلوقين لا يجوز وصف الخالق ـ جلت قدرته ـ بها. فإن الانسان القائل بذلك لشديد
الكفر.
** (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ
لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة عشرة
.. أي وإذا بشر أحدهم بأنثى ولدت له صار وجهه مسودا من الغم بمعنى : كان أحدهم إذا
قيل له : قد ولدت لك بنت اغتم واربد وجهه غيظا وتأسفا وهو مملوء من الكرب ويمسك
على الخبر ولا يبيحه. و «كظيم» من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ بمعنى : ممسك
على الغم لا ينشره. من قولهم : كظم الرجل على القربة ـ يكظمها ـ كظما .. من باب
«ضرب» بمعنى : شد فمها بالكظام وهو الرباط .. ومثله : كظم غيظه : أي اجترعه فهو
كظيم والغيظ مكظوم ـ اسم مفعول ـ وربما قيل : كظمت على الغيظ وكظمني الغيظ فأنا
كظيم ومكظوم. و «ظل» بمعنى : صار كما يستعمل أكثر الأفعال الناقصة بمعناها. وعن
بعض العرب أن امرأته وضعت أنثى فهجر البيت الذي فيه المرأة فقالت :
ما لأبي حمزة
لا يأتينا
|
|
يظل في البيت
الذي يلينا
|
غضبان أن لا
نلد البنينا
|
|
ليس لنا من
أمرنا ماشينا
|
وإنما
نأخذ ما أعطينا
|
والقول الكريم «بما
ضرب للرحمن مثلا» معناه : بالجنس الذي ضربه للرحمن مثلا أي الولد فإنه لا بد أن
يماثل أباه .. المراد : بأنثى ولدت له. ولفظة «مسودا» اسم مفعول من
الفعل : اسود : أي صار أسود ومصدره : اسوداد ومثله : سود ـ يسود ـ سوادا ..
من باب «تعب» فهو أسود ويصغر الأسود على أسيد ـ على القياس ـ وعلى «سويد» أيضا على
غير قياس وبه سمي .. والسواد : هو العدد الكثير والعرب تسمي الأخضر أسود لأنه يرى
كذلك على بعد ومنه سواد العراق لخضرة أشجاره وزروعه وكل شخص من إنسان وغيره يسمى
سوادا .. وساد القوم ـ يسودهم ـ سيادة .. والاسم هو السودد بفتح الدال وعدم همز
الواو أما بهمز الواو فتكون اللفظة بضم الدال الأولى. وسواد القلب وسوداؤه
وسويداؤه هو حبته. وكان الأصمعي يتأول بالسواد الذي أطلق على العراق أنه سمي بذلك
لكثرته قال أبو عبيدة : وأما أنا فأحسبه سمي بذلك للخضرة التي في النخل والشجر
والزرع لأن العرب قد تلحق لون الخضرة بالسواد فتضع أحدهما موضع الآخر .. ووصف ذو
الرمة بشعره «الليل» وسماه أخضر لظلمته وسواده ونقول : هذه مسودة الكتاب ـ بضم
الميم وفتح السين وتشديد الواو ـ مأخوذة من الفعل «سود» بتشديد الواو ولا يقال :
مسودة الكتاب ـ بضم الميم وتسكين السين وفتح الواو وتشديد الدال لأنه من الفعل «اسود»
أي صار أسود والفرق بين المعنيين واضح.
** (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ
هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ
وَيُسْئَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة عشرة
.. المعنى قالوا : الملائكة بنات الله هل حضروا خلقهم حتى يحكموا بأنهم إناث؟
** سبب نزول
الآية : قال قتادة : قال ناس من المنافقين : إن الله صاهر الجن فخرجت من بينهم الملائكة!
فنزلت فيهم هذه الآية.
(أَفَنَضْرِبُ
عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ)
(٥)
(أَفَنَضْرِبُ
عَنْكُمُ الذِّكْرَ) : الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام بمعنى «هل» الفاء
عاطفة على محذوف تقديره : أنهملكم فنضرب. نضرب : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. عنكم : جار ومجرور متعلق بنضرب والميم علامة جمع
الذكور. الذكر : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : القرآن.
(صَفْحاً) : مصدر في موضع المفعول لأجله من صفح عنه : إذا أعرض
بمعنى أفنعزل عنكم إنزال الذكر وإلزام الحجة به إعراضا عنكم أو مصدر في موضع الحال
بمعنى صافحين أو يكون منصوبا على الظرف بمعنى الجانب على معنى أفننحيه عنكم جانبا.
ويجوز أن يكون مفعولا مطلقا منصوبا على المصدر من غير فعله على معنى «نضرب» أي
نعرض أو يكون بتأويل «نضرب» على معنى «نصفح».
(أَنْ كُنْتُمْ) : حرف مصدري. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون
لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم
في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «كنتم قوما مسرفين»
صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر أي
لأن كنتم ـ لكونكم ـ والجار والمجرور متعلق أو في محل نصب مفعول لأجله.
(قَوْماً مُسْرِفِينَ) : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. مسرفين
: صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوما» وعلامة نصبه الياء لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض
من تنوين المفرد وحركته بمعنى مسرفين على أنفسكم.
(وَكَمْ أَرْسَلْنا
مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ)
(٦)
(وَكَمْ أَرْسَلْنا) : الواو استئنافية. كم : خبرية مبنية على السكون في محل
نصب مفعول به مقدم للفعل «أرسل». أرسل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا»
ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
(مِنْ نَبِيٍ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «كم» و «من» حرف جر
بياني ـ من .. البيانية للاسم «كم» و «نبي» مميز «كم» مجرور لفظا بمن. التقدير :
عددا كثيرا حال كونه من الأنبياء أرسلنا من قبلك يا محمد.
(فِي الْأَوَّلِينَ) : جار ومجرور متعلق بأرسلنا وعلامة جر الاسم الياء لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد أي في الأقدمين.
(وَما يَأْتِيهِمْ
مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)
(٧)
(وَما يَأْتِيهِمْ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. يأتي : فعل
مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم بمعنى وما أتاهم أي الحالة مستمرة.
(مِنْ نَبِيٍ) : حرف جر زائد لتأكيد ـ توكيد معنى النفي. نبي : اسم
مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه فاعل «يأتي».
(إِلَّا كانُوا بِهِ) : أداة حصر لا عمل لها. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على
الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة.
به : جار ومجرور متعلق بيستهزءون.
(يَسْتَهْزِؤُنَ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع
مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل .. وهذا القول الكريم بمعنى :
سخروا به وكذبوا رسالته.
(فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ
مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ)
(٨)
(فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ) : الفاء استئنافية. أهلك : فعل ماض مبني على السكون
لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. أشد : مفعول به
منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(مِنْهُمْ بَطْشاً) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار
والمجرور متعلق بأشد. بطشا : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والضمير «هم»
يعود للقوم المسرفين.
(وَمَضى مَثَلُ
الْأَوَّلِينَ) : الواو عاطفة. مضى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر
على الألف للتعذر. مثل : فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف. الأولين : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في
الاسم المفرد بمعنى وسلف في القرآن في غير موضع منه ذكر قصتهم التي سارت مثلا.
(وَلَئِنْ
سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ
الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ)
(٩)
(وَلَئِنْ
سَأَلْتَهُمْ) : الواو استئنافية. اللام موطئة للقسم ـ اللام المؤذنة
ـ إن : حرف شرط جازم. سألت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك
فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في
محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب
مفعول به. والجملة الفعلية «إن سألتهم ..» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه فلا
محل لها من الإعراب وجواب الشرط محذوف لأن جواب القسم دل عليه أو يكون جواب
القسم قد سد مسد الجوابين.
(مَنْ خَلَقَ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ من
: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية «خلق» وما بعدها
في محل رفع خبر «من» وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره
هو.
(السَّماواتِ
وَالْأَرْضَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة
لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» منصوبة مثلها
وعلامة نصبها الفتحة.
(لَيَقُولُنَّ
خَلَقَهُنَ) : الجملة الفعلية جواب القسم المقدر لا محل لها. اللام
واقعة في جواب القسم المقدر. يقولن : فعل مضارع مبني على حذف النون لأنه من
الأفعال الخمسة وسبب بنائه على حذف النون اتصاله بنون التوكيد الثقيلة وواو
الجماعة المحذوفة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع فاعل ونون
التوكيد لا محل لها. خلقهن : الجملة الفعلية وما بعدها في محل نصب مفعول به ـ مقول
القول ـ وهي فعل ماض مبني على الفتح و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الإناث ـ مبني على
الفتح في محل نصب مفعول به مقدم.
(الْعَزِيزُ
الْعَلِيمُ) : فاعل مرفوع بالضمة وهو في الأصل صفة لفاعل «خلق»
الموصوف. المعنى : خلقهن الله العزيز العليم .. و «العليم» صفة ثانية للموصوف لفظ
الجلالة وهو مرفوع بالضمة.
(الَّذِي جَعَلَ
لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)
(١٠)
(الَّذِي جَعَلَ
لَكُمُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة أخرى للفظ
الجلالة أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. جعل : فعل ماض مبني على الفتح
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
لكم : جار ومجرور متعلق بجعل والميم علامة جمع الذكور حرك بالضم للوصل ـ التقاء
الساكنين.
(الْأَرْضَ مَهْداً) : مفعولا «جعل» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة ونون آخر
الثاني «مهدا» لأنه نكرة. والجملة الفعلية (جَعَلَ لَكُمُ
الْأَرْضَ مَهْداً) صلة الموصول لا محل لها وعدي الفعل «جعل» إلى المفعولين
لأنه على معنى «صير» أما إذا أريد بالفعل «جعل» معنى «خلق» فتكون «الأرض» مفعولا
به و «مهدا» حالا من «الأرض» أي يتعدى الفعل على هذا المعنى إلى مفعول واحد.
والوجه أن يكون الفعل على معنى «صير».
(وَجَعَلَ لَكُمْ
فِيها سُبُلاً) : الجملة الفعلية معطوفة بواو العطف على جملة (جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) وتعرب إعرابها. فيها : الجار والمجرور في محل نصب لأنه
في مقام مفعول «جعل» الثاني بمعنى جعل لكم الأرض فرشا وجعل لكم فيها طرقا. أو يكون
الجار والمجرور على الوجه الثاني من إعراب «جعل» في محل نصب حالا مقدمة من «سبلا».
(لَعَلَّكُمْ
تَهْتَدُونَ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور. تهتدون
: الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل.
(وَالَّذِي نَزَّلَ
مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ
تُخْرَجُونَ)
(١١)
(وَالَّذِي نَزَّلَ
مِنَ السَّماءِ ماءً) : هذا القول الكريم معطوف بالواو على (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ) الوارد في الآية السابقة ويعرب مثله.
(بِقَدَرٍ
فَأَنْشَرْنا بِهِ) : جار مجرور متعلق بصفة محذوفة من «ماء» أي بمقدار معين
بمعنى : مقدرا بقدر أي بقدر الحاجة. الفاء استئنافية. أنشر : فعل ماض مبني على
السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. به : جار
ومجرور متعلق بأنشر بمعنى : فأحيينا بالماء بمعنى بالمطر النازل من السحاب.
(بَلْدَةً مَيْتاً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. ميتا : صفة
ـ نعت ـ لبلدة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المنونة. ولم يقل : ميتة لأن «ميتا»
يستوي فيه المذكر المؤنث.
(كَذلِكَ تُخْرَجُونَ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع
مبتدأ بمعنى مثل ذلك أي على هذا الشكل من الإحياء تخرجون من قبوركم والجملة
الفعلية «تخرجون» في محل رفع خبر المبتدأ أو تكون الكاف في محل نصب صفة ـ لمصدر ـ مفعول
مطلق ـ محذوف بتقدير : تخرجون خروجا من قبوركم مثل ذلك الإحياء. ذا : اسم إشارة
مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. تخرجون : فعل
مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل
بمعنى على هذا النحو تخرجون من قبوركم.
(وَالَّذِي خَلَقَ
الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ)
(١٢)
(وَالَّذِي خَلَقَ
الْأَزْواجَ) : معطوف بالواو على «الذي جعل الأرض» في الآية الكريمة
العاشرة ويعرب إعرابه.
(كُلَّها) : توكيد للأزواج منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة و «ها»
ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ
الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ) : يعرب إعراب (وَجَعَلَ لَكُمْ
فِيها) الوارد في الآية الكريمة العاشرة ويعرب مثله. والأنعام
: معطوفة بالواو على «الفلك» ويعرب إعرابه بمعنى : وخلق الأصناف كلها وجعل لكم من
السفن والبهائم.
(ما تَرْكَبُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. تركبون
: الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها .. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف
منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما تركبونه على لفظ «ما» وعلى المعنى :
التقدير ما تركبونها.
(لِتَسْتَوُوا عَلى
ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ
وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ)
(١٣)
(لِتَسْتَوُوا عَلى
ظُهُورِهِ) : اللام حرف جر للتعليل. تستووا : فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة بمعنى لتجلسوا. على ظهره : جار ومجرور متعلق بتستووا والهاء ضمير متصل في
محل جر مضاف إليه يعود على لفظ «ما» والجملة الفعلية «تستووا على ظهوره» صلة حرف
مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل
والجار والمجرور متعلق بجعل.
(ثُمَّ تَذْكُرُوا) : حرف عطف. تذكروا : الجملة الفعلية معطوفة على جملة «تستووا»
وتعرب إعرابها.
(نِعْمَةَ رَبِّكُمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. ربكم :
مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه ثان والميم علامة جمع الذكور.
(إِذَا اسْتَوَيْتُمْ
عَلَيْهِ) : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بتذكروا
وهو هنا لحكاية الحال فلا يراد به المستقبل بمعنى : حين. استويتم : الجملة الفعلية
في محل جر مضاف إليه وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك.
التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة
جمع الذكور. عليه : جار ومجرور متعلق باستويتم وذكر الضمير في «عليه» لأنه عائد
على لفظ «ما».
(وَتَقُولُوا) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «تذكروا»
وتعرب إعرابها وما بعدها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(سُبْحانَ الَّذِي) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف تقديره : نسبح.
الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. والجملة الفعلية «سخر لنا
هذا» صلة الموصول لا محل لها.
(سَخَّرَ لَنا هذا) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو ، اللام حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر باللام
والجار والمجرور متعلق بسخر. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به
يعود على «ما» بمعنى : ذلل لنا هذا المركوب وجملة «سبحان الذي ..» بمعنى التحميد
أي الحمد لله.
(وَما كُنَّا لَهُ
مُقْرِنِينَ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. كنا : فعل
ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني
على السكون في محل رفع اسم «كان». له : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» و «مقرنين» خبر
«كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد
بمعنى مطيقين. بمعنى وما كنا قادرين لتسخيره وركوبه.
(وَإِنَّا إِلى
رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ)
(١٤)
(وَإِنَّا) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا»
ضمير مدغم بنون «إن» مبني على السكون في محل نصب اسم «إن».
(إِلى رَبِّنا
لَمُنْقَلِبُونَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ منقلبون
: خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في
الاسم المفرد بمعنى : لراجعون.
(وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ
عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ)
(١٥)
(وَجَعَلُوا لَهُ) : الواو عاطفة. جعلوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله
بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. له : جار ومجرور
متعلق بجعلوا.
(مِنْ عِبادِهِ
جُزْءاً) : جار ومجرور في محل نصب بمقام المفعول الثاني لجعلوا
والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه. جزءا : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة المنونة. والقول متصل بقوله تعالى : ولئن سألتهم ـ أي ولئن
سألتهم عن خالق السموات والأرض ليعترفن به وقد جعلوا له مع ذلك الاعتراف من عباده
جزءا فوصفوه بصفات المخلوقين بمعنى : إن له ولدا وإن الملائكة بناته فجعلوهم جزءا
له وبعضا منه.
(إِنَّ الْإِنْسانَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الإنسان : اسم «إن»
منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(لَكَفُورٌ مُبِينٌ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ كفور : خبر «إن»
مرفوع بالضمة المنونة. مبين : صفة ـ نعت ـ لكفور مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة
المنونة بمعنى : لشديد الكفر وهو من صيغ المبالغة ـ فعول بمعنى فاعل ـ.
(أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا
يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ)
(١٦)
(أَمِ اتَّخَذَ) : حرف عطف للإضراب بمعنى «بل» وكسر آخره لالتقاء
الساكنين والهمزة في «أم» للانكار وهي مقدرة تجهيلا لهم وتعجيبا من شأنهم. اتخذ :
فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى فهل اتخذ.
(مِمَّا يَخْلُقُ
بَناتٍ) : أصله : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مدغم بنون «من»
ولهذا شدد مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق باتخذ. يخلق : فعل
مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بنات :
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه جمع مؤنث
سالم والجملة الفعلية «يخلق بنات» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى
الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : مما يخلقه أو تكون «ما»
مصدرية فتكون جملة «يخلق بنات» صلة حرف مصدري لا
محل لها و «ما» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بمن. التقدير : من خلقه.
والجار والمجرور متعلق باتخذ. أو من مخلوقاته. بنات لنفسه.
(وَأَصْفاكُمْ
بِالْبَنِينَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «اتخذ» وتعرب
إعرابها وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور بمعنى :
واختصكم. بالبنين : جار ومجرور متعلق بأصفى وعلامة جر الاسم الياء لانه ملحق بجمع
المذكر السالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.
(وَإِذا بُشِّرَ
أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ
كَظِيمٌ)
(١٧)
(وَإِذا بُشِّرَ) : الواو استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان
خافض لشرطه متعلق بجوابه مبني على السكون متضمن معنى الشرط. بشر : فعل ماض مبني
للمجهول مبني على الفتح والجملة الفعلية «بشر أحدهم» في محل جر مضاف إليه.
(أَحَدُهُمْ بِما
ضَرَبَ) : نائب فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون
في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق ببشر. ضرب : فعل ماض مبني على الفتح
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «ضرب للرحمن مثلا» صلة
الموصول لا محل لها.
(لِلرَّحْمنِ مَثَلاً
ظَلَ) : جار ومجرور متعلق بضرب بمعنى وإذا بشر أحد المشركين
بولادة بنت له. مثلا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. ظل : فعل ماض
ناقص من أخوات «كان» بمعنى : صار مبني على الفتح.
(وَجْهُهُ مُسْوَدًّا) : اسم «ظل» مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل ـ ضمير
الغائب ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه. مسودا : خبر «ظل»
منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والجملة الفعلية «ظل وجهه مسودا» جواب
شرط غير جازم لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول
به. التقدير بما ضربه للرحمن مثلا وعلى هذا التقدير تكون كلمة «مثلا» تمييزا وعلى
المعنى مفعولا به ثانيا لأن المعنى بما ضربه أي بالجنس الذي جعله للرحمن مثلا أي
شبها بمعنى بأنثى ولدت له أي لأحدهم.
(وَهُوَ كَظِيمٌ) : الواو حالية. والجملة الاسمية في محل نصب حال من ضمير
«وجهه». هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. كظيم :
خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة وهو من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ أي ظل
وجهه مسودا من الغيظ والغم وهو ممسك على غمه مخفيا إياه.
(أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا
فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ)
(١٨)
(أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا) : الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام. الواو عاطفة على فعل
مضمر بتقدير : أو يجعل للرحمن من الولد من ينشأ في الحلية. من : اسم موصول مبني
على السكون في محل نصب مفعول به بالفعل المقدر. ينشأ : فعل مضارع مرفوع بالضمة
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «ينشأ ..» صلة الموصول
لا محل لها.
(فِي الْحِلْيَةِ) : جار ومجرور متعلق بينشأ بمعنى من يربى في الزينة
والنعمة أي البنات أي جعلوا له حصة منهن.
(وَهُوَ فِي الْخِصامِ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هو :
ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. في الخصام : جار
ومجرور متعلق بالخبر بمعنى وهو عاجز عن إظهار حجته في الجدال.
(غَيْرُ مُبِينٍ) : خبر «هو» مرفوع بالضمة. مبين : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى غير فصيح.
(وَجَعَلُوا
الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ
سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ)
(١٩)
(وَجَعَلُوا
الْمَلائِكَةَ) : الواو عاطفة. جعلوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله
بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الملائكة : مفعول به
منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : وسموا الملائكة ..
(الَّذِينَ هُمْ
عِبادُ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة ـ نعت ـ للملائكة.
هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. عباد : خبر «هم» مرفوع
بالضمة وهو مضاف والجملة الاسمية «هم عباد الرحمن» صلة الموصول لا محل لها.
(الرَّحْمنِ إِناثاً) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. إناثا :
مفعول به ثان منصوب بجعلوا وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى وسموهم إناثا. وقيل :
المعنى : واعتقدوا .. وقد تعدى إلى مفعولين أو واعتبروا ..
(أَشَهِدُوا
خَلْقَهُمْ) : الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام. شهدوا : تعرب إعراب «جعلوا».
خلق : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى هل حضروا إيجادهم؟
(سَتُكْتَبُ
شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) : السين حرف تسويف ـ استقبال ـ للقريب. تكتب : فعل
مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة. شهادة : نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه
الضمة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة. الواو
عاطفة. يسألون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في
محل رفع نائب فاعل بمعنى ويسالون عن هذا القول أو الشهادة يوم القيامة وفيه وعيد
لهم.
(وَقالُوا لَوْ شاءَ
الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ
يَخْرُصُونَ)
(٢٠)
(وَقالُوا) : الواو حرف عطف. قالوا : فعل ماض مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(لَوْ شاءَ) : الجملة الشرطية مع الجواب في محل نصب مفعول به ـ مقول
القول ـ لو : حرف شرط غير جازم. شاء : فعل ماض مبني على الفتح بمعنى : لو أراد
الرحمن أي الله.
(الرَّحْمنُ ما
عَبَدْناهُمْ) : فاعل مرفوع بالضمة. ما : نافية لا عمل لها. عبد : فعل
ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في
محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به والجملة
الفعلية «ما عبدناهم» جواب شرط غير جازم فلا محل لها من الإعراب بمعنى ما عبدنا
الملائكة.
(ما لَهُمْ بِذلِكَ) : نافية لا عمل لها. اللام حرف جر «هم» ضمير الغائبين
في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. الباء حرف جر. ذا :
اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالباء. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. والجار
والمجرور متعلق بعلم بمعنى ما لهم بما يقولونه أو بقولهم علم أو بما يدعون من علم
أي دليل علمي مقبول.
(مِنْ عِلْمٍ إِنْ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. علم : اسم مجرور لفظا
مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر. إن : مخففة مهملة بمعنى «ما».
(هُمْ إِلَّا
يَخْرُصُونَ) : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. إلا
: أداة حصر لا عمل لها. يخرصون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم» وهي فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : يكذبون.
(أَمْ آتَيْناهُمْ
كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ)
(٢١)
(أَمْ آتَيْناهُمْ) : حرف عطف بمعنى «بل» والهمزة المقدرة معناها التعجيب
بلفظ استفهام أي هل أعطيناهم. آتى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا»
ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون
في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به أول
.. أو بمعنى هل أنزلنا إليهم كتابا يؤيد ما قالوه ويجيز لهم عبادة الأصنام ..
المراد : لا لم يقع ذلك.
(كِتاباً مِنْ
قَبْلِهِ) : مفعول به ثان منصوب بآتى وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
من قبله : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «كتابا» والهاء ضمير متصل مبني على
الكسر في محل جر مضاف إليه بمعنى من قبل القرآن يؤيد مذهبهم.
(فَهُمْ بِهِ
مُسْتَمْسِكُونَ) : الفاء سببية أو استئنافية للتعليل. هم : ضمير منفصل ـ
ضمير الغائبين في محل رفع مبتدأ. به : جار ومجرور متعلق بخبر «هم» مستمسكون : خبر «هم»
مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.
(بَلْ قالُوا إِنَّا
وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ)
(٢٢)
(بَلْ قالُوا) : حرف إضراب للاستئناف. قالوا : فعل ماض مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(إِنَّا وَجَدْنا
آباءَنا) : الجملة المؤولة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن
: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على
السكون في محل نصب اسم «إن» وحذفت إحدى النونين تخفيفا. وجدنا : الجملة الفعلية
وما بعدها في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير
المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. آباء : مفعول به
منصوب بالفتحة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ في محل جر مضاف إليه.
(عَلى أُمَّةٍ) : جار ومجرور متعلق بحال من «الآباء» بمعنى : على طريقة
أو على دين بمعنى : لا لم يأتهم كتاب يؤيد مذهبهم بل قالوا.
(وَإِنَّا عَلى
آثارِهِمْ) : معطوف بالواو على «إنا» ويعرب إعرابه. على آثار : جار
ومجرور متعلق باسم الفاعلين «مهتدون» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى مهتدون في سيرنا نتبع طريقة آبائنا
ونسلك طريقهم.
(مُهْتَدُونَ) : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض
من تنوين المفرد وحركته بمعنى : سائرون.
(وَكَذلِكَ ما
أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها
إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ)
(٢٣)
(وَكَذلِكَ) : الواو استئنافية. الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على
الفتح في محل رفع مبتدأ وخبره محذوف بتقدير ومثل ذلك أي ومثل حال الكاذبين حال
مترفيهم أو مثل ذلك القول الذي ساقه المشركون قال المترفون المنعمون فتكون الجملة
الفعلية «قال المترفون» في محل رفع خبر المبتدأ. ذا : اسم إشارة مبني على السكون
في محل جر مضاف إليه. اللام للبعد والكاف حرف خطاب.
(ما أَرْسَلْنا) : نافية لا عمل لها. أرسل : فعل ماض مبني على السكون
لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
(مِنْ قَبْلِكَ) : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «نذير» والكاف ضمير
متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
(فِي قَرْيَةٍ) : جار ومجرور متعلق بأرسل وأصله : في أهل قرية فحذف
المضاف وأقيم المضاف إليه «قرية» مقامه.
(مِنْ نَذِيرٍ) : حرف جر زائد لتأكيد النفي. نذير : اسم مجرور لفظا
منصوب محلا لأنه مفعول «أرسل».
(إِلَّا قالَ
مُتْرَفُوها) : أداة حصر لا عمل لها. قال : فعل ماض مبني على الفتح.
مترفو : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وحذفت النون ـ أصله مترفون ـ للاضافة
و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
(إِنَّا وَجَدْنا
آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة السابقة.
(قالَ أَوَلَوْ
جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ
بِهِ كافِرُونَ)
(٢٤)
(قالَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو أي الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ
بِأَهْدى) : الجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الهمزة
همزة استفهام داخلة على واو عطف على معطوف محذوف بتقدير : أتتبعون آباءكم ولو
جئتكم .. لو : حرف شرط غير جازم بمعنى «إن» وحذف جوابه لتقدم معناه. جئت : فعل ماض
مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني
على الضم في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في
محل نصب مفعول به. والميم علامة جمع الذكور بأهدى : جار ومجرور متعلق بفعل «جئت»
وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر ولم ينون آخره لأنه اسم
ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعل ـ صيغة تفضيل ـ ومن وزن الفعل بمعنى : بدين أهدى من
دينكم أي أهدى إلى طريق الحق من دين آبائكم .. ويجوز أن تكون الألف في «أولم» الف
إنكار بلفظ استفهام والواو حالية و «لو» مصدرية وتكون جملة «جئتكم ..» صلة حرف
مصدري لا محل لها وتكون «لو» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر أي حتى
مع مجيء أي حتى مع مجيئكم من قبلي بدين أهدى من دين آبائكم ويكون الجار والمجرور
متعلقا بحال محذوفة من ضمير المخاطبين.
(مِمَّا وَجَدْتُمْ) : أصله : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مدغم بنون «من»
فشدد الميم .. مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأهدى. وجدت :
تعرب إعراب «جئت» والميم علامة جمع الذكور وجملة «وجدتم ..» صلة الموصول لا محل
لها.
(عَلَيْهِ آباءَكُمْ) : جار ومجرور متعلق بوجد أو في مقام المفعول به الثاني
للفعل بمعنى وجدتموهم كائنين عليه. آباءكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة
وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه
والميم علامة جمع الذكور والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول
به. التقدير : وجدتموهم كائنين عليه.
(قالُوا إِنَّا بِما
أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة والجملة المؤولة بعدها في محل نصب مفعول
به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» وحذفت إحدى النونين تخفيفا الباء
حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق
باسم الفاعلين «كافرون» الجملة الفعلية «أرسلتم» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل
ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ
ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل والميم علامة جمع الذكور. به
: جار ومجرور متعلق بأرسلتم والضمير عائد إلى الاسم الموصول «ما». كافرون : خبر «إن»
مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من الحركة والتنوين في الاسم المفرد.
(فَانْتَقَمْنا
مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)
(٢٥)
(فَانْتَقَمْنا
مِنْهُمْ) : الفاء سببية. انتقم : فعل ماض مبني على السكون
لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على
السكون في محل رفع فاعل. من : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار
والمجرور متعلق بفعل «انتقمنا» بمعنى : فانتقمنا منهم بقلعهم .. أي إهلاكهم
واستئصالهم.
(فَانْظُرْ كَيْفَ
كانَ) : الفاء استئنافية. انظر : فعل أمر مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والجملة بعدها في محل نصب مفعول به. كيف
: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر «كان» المقدم. كان : فعل ماض ناقص
مبني على الفتح وذكر الفعل واسمه «عاقبة» لأن «العاقبة» مؤنث غير حقيقي أو بمعنى
مصير.
(عاقِبَةُ
الْمُكَذِّبِينَ) : اسم «كان» المؤخر مرفوع بالضمة. المكذبين : مضاف إليه
مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين
والحركة في الاسم المفرد.
(وَإِذْ قالَ
إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ)
(٢٦)
(وَإِذْ قالَ
إِبْراهِيمُ) : الواو عاطفة. إذ : ظرف زمان مبني على السكون بمعنى «حين»
متعلق بفعل محذوف تقديره : واذكر يا محمد حين. قال : فعل ماض مبني على الفتح أو
يكون «إذ» اسما مبنيا على السكون في محل نصب مفعولا به بفعل محذوف تقديره : اذكر.
إبراهيم : فاعل مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه اسم ممنوع من الصرف للعجمة والجملة
الفعلية «قال إبراهيم ..» في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد «إذ».
(لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ) : جار ومجرور متعلق بقال وعلامة جر الاسم الياء لأنه من
الأسماء الخمسة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الكسر في محل
جر مضاف إليه وقومه : معطوف بالواو على «أبيه» ويعرب إعرابه وعلامة جره الكسرة.
(إِنَّنِي بَراءٌ) : الجملة المؤولة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن
: حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن».
براء : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.
(مِمَّا تَعْبُدُونَ) : جار ومجرور متعلق ببراء وهو مكون من «من» حرف جر و «ما»
اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن. تعبدون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا
محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا
منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : مما تعبدونه أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة
«تعبدون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بمن
بتقدير : إنني ذو براء من معبودكم .. من الأصنام. أي بريء ..
(إِلاَّ الَّذِي
فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ)
(٢٧)
(إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) : أداة استثناء. الذي : اسم موصول مبني على السكون في
محل نصب مستثنى بإلا وهو استثناء منقطع بتقدير لكن الذي فطرني وهو الله هو الذي
أعبده أو يكون في محل جر بدلا من الاسم الموصول «ما» في «مما» في الآية الكريمة
السابقة بمعنى : إلا الذي. والتقدير على التفسير «إنهم قالوا كانوا يعبدون الله مع
أوثانهم» وأن تكون «إلا» صفة بمعنى «غير» على أن تكون «ما» في «ما تعبدون» موصوفة
بتقدير : إنني براء من آلهة تعبدونها غير الذي فطرني. فطرني : الجملة الفعلية صلة
الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. النون للوقاية لا محل لها والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل
نصب مفعول به بمعنى : خلقني.
(فَإِنَّهُ
سَيَهْدِينِ) : الفاء استئنافية تفيد التعليل. إن : حرف نصب وتوكيد
مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» السين حرف تسويف
ـ استقبال ـ للقريب. يهدين : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. النون نون الوقاية لا محل لها والياء
المحذوفة خطا ومراعاة لرءوس الآيات ـ أي فواصل الآي ـ ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في
محل نصب مفعول به والكسرة دالة على الياء المحذوفة والجملة الفعلية «سيهديني» في
محل رفع خبر «إن» بمعنى : سيرشدني إلى الطريق القويم والدين الحق.
(وَجَعَلَها كَلِمَةً
باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)
(٢٨)
(وَجَعَلَها كَلِمَةً) : الواو استئنافية. جعل : فعل ماض مبني على الفتح
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل
نصب مفعول به أول. كلمة : مفعول به ثان منصوب بجعل المتعدي إلى مفعولين وعلامة
نصبه الفتحة المنونة بمعنى : وجعل إبراهيم كلمة التوحيد التي تكلم بها وهي قوله : (إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ
إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي).
(باقِيَةً فِي
عَقِبِهِ) : صفة ـ نعت ـ لكلمة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة
المنونة وقيل إن «ها» في جعلها بمعنى : جعلها الله كلمة باقية. في عقبه : جار
ومجرور متعلق باسم الفاعلة «باقية» بتأويل الفعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب
مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه بمعنى : في ذريته.
(لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب اسم «لعل» والجملة الفعلية «يرجعون» في محل رفع خبر «لعل»
وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : لكي
يرجع إلى كلمة التوحيد المشركون أو يعودون إلى الله بالتوبة فيتعظوا ..
** (وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ
فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة
والعشرين .. المعنى : ما أرسلنا من قبلك يا محمد في أهل قرية نذيرا إلا قال
المترفون المنعمون ـ اسم مفعول ـ ممن أبطرتهم النعمة ونعمتهم وهم الزعماء في الأمم
السابقة وحذف المضاف «أهل» وأقيم المضاف إليه «قرية» مقامه.
** سبب نزول
الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في الوليد بن المغيرة وأبي سفيان وأبي جهل وعتبة
وشيبة ـ ابني ربيعة من قريش.
** (قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى
مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة
والعشرين أي قال لهم رسولهم أتتبعون آباءكم ولو جئتكم بشيء هو أهدى لكم أو بدين
أهدى لكم إلى طريق الحق من دين آبائكم فحذف الموصوف «دين» وحلت صفته «أهدى» محله.
** (بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ
حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والعشرين
.. المعنى : بل متعت هؤلاء المعاصرين لك يا محمد من أهل مكة أو هؤلاء المشركين
ومتعت آباءهم قبلهم في الدنيا ليزدادوا إثما حتى جاءهم القرآن أو كلمة التوحيد أو
دعوة التوحيد ورسول مبين لهم التوحيد بالحجج والآيات وهو محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فحذف المشار إليه الصفة أو البدل «المعاصرين» كما حذف
مفعول اسم الفاعل «مبين» وهو «التوحيد» كما حذف المشار إليه بعد «هذا» في الآية
الكريمة التالية «قالوا هذا» أي هذا الذي جاء به محمد.
** (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا
الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية
والثلاثين .. المعنى : هلا أنزل هذا القرآن على رجل من أهل مكة أو من أهل الطائف
يكون عظيما : أي ذا وجاهة وثروة .. قال المصحف المفسر : وأما محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فهو وإن كان من أشرفهم نسبا وأرفعهم بيتا إلا أنه كان
فقيرا معتزلا .. ويعنون سيدا في قومه من عظماء مكة وساداتها أو من الطائف.
** (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ) : هذا القول الكريم ورد في بداية الآية الكريمة الثانية
والثلاثين .. المعنى أهم أي المشركون يقسمون نبوة ربك على حسب أهوائهم والمراد بقولهم
في الآية الكريمة السابقة «على رجل من القريتين عظيم» هو من إحدى القريتين وحذف
المضاف «احدى» وحل المضاف إليه محله بمعنى : على رجل من أهل مكة ورجل من أهل
الطائف أي من رجلي القريتين و «هذا القرآن» ذكر له على وجه الاستهانة.
** سبب نزول
الآية : نزلت هذه الآية الكريمة ردا على المشركين الذين طلبوا جعل النبوة في أحد
عظيمين ـ على حسب قولهم ـ وذكر ابن عباس : أن العرب قالوا : وإذا كان النبي بشرا
فغير محمد كان أحق بالرسالة .. واللذان طلبهما المشركون : هما الوليد بن المغيرة
من مكة وعروة بن مسعود الثقفي من الطائف. فجاء قول الله تعالى ردا عليهم : أهم
يقسمون النبوة حسب مزاجهم؟
(بَلْ مَتَّعْتُ
هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ)
(٢٩)
(بَلْ مَتَّعْتُ) : حرف إضراب للاستئناف. متعت : فعل ماض مبني على السكون
لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على
الضم في محل رفع فاعل بمعنى : متعتهم بالمد في العمر والنعمة.
(هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل نصب مفعول به. وآباء
: معطوف بالواو على «هؤلاء» بمعنى ومتعت آباءهم منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(حَتَّى جاءَهُمُ
الْحَقُ) : حرف غاية وابتداء. جاء : فعل ماض مبني على الفتح و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء
الساكنين ـ الحق : فاعل مرفوع بالضمة أي القرآن أي فاغتروا حتى جاءهم.
(وَرَسُولٌ مُبِينٌ) : معطوف بالواو على «الحق» مرفوع مثله وعلامة رفعه
الضمة المنونة. مبين : صفة ـ نعت ـ لرسول مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى : ورسول
موضح للتوحيد.
(وَلَمَّا جاءَهُمُ
الْحَقُّ قالُوا هذا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كافِرُونَ)
(٣٠)
(وَلَمَّا جاءَهُمُ
الْحَقُ) : الواو استئنافية. لما : اسم شرط غير جازم مبني على
السكون في محل نصب على الظرفية متعلق بجوابه. جاء : فعل ماض مبني على الفتح و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء
الساكنين. الحق : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «جاءهم الحق» في محل جر مضاف
إليه.
(قالُوا هذا سِحْرٌ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل
ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف
فارقة والجملة الاسمية بعده «هذا سحر» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ هذا :
اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. سحر : خبر «هذا» مرفوع بالضمة
المنونة.
(وَإِنَّا بِهِ
كافِرُونَ) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا»
ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». به : جار ومجرور متعلق باسم
الفاعلين «كافرون» كافرون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض
من تنوين المفرد وحركته.
(وَقالُوا لَوْ لا
نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)
(٣١)
(وَقالُوا) : الواو عاطفة. قالوا : أعربت في الآية الكريمة
السابقة. والجملة بعدها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(لَوْ لا نُزِّلَ هذَا) : حرف تحضيض بمعنى «هلا» نزل : فعل ماض مبني للمجهول
مبني على الفتح. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع فاعل نائب فاعل
(الْقُرْآنُ عَلى
رَجُلٍ) : بدل أو عطف بيان لاسم الإشارة «هذا» مرفوع بالضمة.
على رجل : جار ومجرور متعلق بنزل ..
(مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ
عَظِيمٍ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «رجل» و «من» حرف جر
بياني. وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى والنون عوض
من تنوين المفرد وحركته. عظيم : صفة ـ نعت ـ لرجل مجرور مثله وعلامة جرهما
الكسرة المنونة.
(أَهُمْ يَقْسِمُونَ
رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ
الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ
بَعْضاً سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)
(٣٢)
(أَهُمْ يَقْسِمُونَ) : الهمزة همزة إنكار وتعجيب من اعتراضهم بلفظ استفهام.
هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية «يقسمون» وما
بعدها في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل.
(رَحْمَتَ رَبِّكَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. ربك :
مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى : نبوة ربك.
(نَحْنُ قَسَمْنا) : ضمير منفصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع
مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. قسمنا : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر
«نحن» وهي فعل ماض مبني على السكون و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل.
(بَيْنَهُمْ
مَعِيشَتَهُمْ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بقسمنا وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه. معيشة :
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» أعرب في «بينهم».
(فِي الْحَياةِ
الدُّنْيا) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «المعيشة» الدنيا :
صفة ـ نعت ـ للحياة مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف للتعذر.
(وَرَفَعْنا
بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ) : معطوف بالواو على «قسمنا بينهم معيشتهم» ويعرب
إعرابه. و «بعض» مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة لانقطاعه عن
الاضافة.
(دَرَجاتٍ) : تمييز منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من
الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم بمعنى : إلى درجات .. فحذف الجار
وأوصل الفعل ويجوز أن تكون «درجات» مفعول «رفعنا» الثاني.
(لِيَتَّخِذَ
بَعْضُهُمْ) : اللام حرف جر للتعليل. يتخذ : فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة. بعض : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(بَعْضاً سُخْرِيًّا) : مفعولا «يتخذ» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة.
والجملة الفعلية «يتخذ» وما بعدها : صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما
بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق برفعنا ..
التقدير لاتخاذ بعضهم بعضا سخريا.
(وَرَحْمَتُ رَبِّكَ
خَيْرٌ) : الواو استئنافية. رحمة : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو
مضاف. ربك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير
متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان. خير : خبر المبتدأ
مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة بعد حذف ألفه طلبا للفصاحة ـ أصله أخير ـ.
(مِمَّا يَجْمَعُونَ) : أصله : من حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون
في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بخير. يجمعون : تعرب إعراب «يقسمون» والجملة
الفعلية «يجمعون» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب
المحل لانه مفعول به. التقدير : مما يجمعونه. المعنى : ونبوة ربك أحسن وأفضل مما
يجمعه هؤلاء من حطام الدنيا أو من الأموال أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «يجمعون»
صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بمن. التقدير :
من جمعهم.
(وَلَوْ لا أَنْ
يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ
لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ)
(٣٣)
(وَلَوْ لا أَنْ
يَكُونَ) : الواو استئنافية. لو لا : حرف شرط غير جازم ـ حرف
امتناع لوجود ـ أن : حرف مصدري ناصب. يكون : فعل مضارع ناقص منصوب بأن وعلامة نصبه
الفتحة والجملة الفعلية «يكون الناس أمة ..» صلة حرف مصدري لا محل لها.
(النَّاسُ أُمَّةً
واحِدَةً) : اسم «يكون» مرفوع بالضمة. أمة : خبر «يكون» منصوب
بالفتحة المنونة. واحدة : صفة ـ نعت ـ لأمة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة
المنونة. و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع مبتدأ وخبره محذوف
وجوبا بمعنى : ولو لا كراهة أن يجتمعوا على الكفر أو أن اجماعهم على الكفر مانع من
بسط الدنيا. والجملة الفعلية «جعلنا» وما بعدها جواب شرط غير جازم لا محل لها أي
جواب لو لا ـ.
(لَجَعَلْنا لِمَنْ) : اللام واقعة في جواب «لو لا». جعل : فعل ماض مبني على
السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في
محل رفع فاعل. لمن : جار ومجرور في محل نصب لأنه في مقام المفعول به الثاني للفعل «جعل»
و «من» اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام.
(يَكْفُرُ
بِالرَّحْمنِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع
مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بالرحمن : جار
ومجرور متعلق بيكفر أي يكفر بالله سبحانه.
(لِبُيُوتِهِمْ
سُقُفاً) : جار ومجرور في محل نصب بدل اشتمال من قوله «لمن يكفر»
سقفا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو على معنى : لجعلنا لبيوت من
كفروا بالله سقفا ـ جمع سقف ـ.
(مِنْ فِضَّةٍ
وَمَعارِجَ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «سقفا» و «من» حرف
جر بياني. ومعارج : معطوف بالواو على «فضة» ويعرب إعرابه وعلامة جر «فضة» الكسرة
المنونة وعلامة جر «معارج» الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه اسم ممنوع من الصرف
على وزن ـ مفاعل ـ وصيغة جمع بعد ألفه حرفان بمعنى : مصاعد.
(عَلَيْها يَظْهَرُونَ) : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ لمعارج. عليها
: جار ومجرور متعلق بيظهرون. يظهرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل
في محل رفع فاعل بمعنى على المصاعد يظهرون اي يعلون على السطوح لحقارة الدنيا.
(وَلِبُيُوتِهِمْ
أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ)
(٣٤)
هذه الآية
الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعراب «لبيوتهم سقفا ..
عليها يظهرون» الواو عاطفة. سررا : معطوفة على «أبوابا» وتعرب مثلها بمعنى : أسرة
ـ جمع سرير ـ يجلسون متكئين.
(وَزُخْرُفاً وَإِنْ
كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ
لِلْمُتَّقِينَ)
(٣٥)
(وَزُخْرُفاً) : معطوف بالواو على «سقفا» ويعرب مثله بمعنى : ولجعلنا
لهم زخرفا أي زينة في كل شيء ويجوز أن يكون الأصل سقفا من فضة وزخرف .. يعني بعضها
من فضة وبعضها من ذهب فنصب على العطف على محل «من فضة».
(وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ) : الواو استئنافية. إن : مخففة من الثقيلة لا عمل لها. كل
: مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف
إليه. اللام للبعد والكاف حرف خطاب.
(لَمَّا مَتاعُ) : حرف استثناء بمعنى «إلا» لأنها مشددة .. أو تكون
اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ وهي نفسها اللام الفارقة بين «إن» المخففة و «إن»
النافية. و «ما» زائدة للتوكيد كقوله تعالى «مثلا ما بعوضة» أي إذا كان إعراب «ان»
نافية كانت «لما» بمعنى : إلا وإن كان إعراب «إن» مخففة من «ان» الثقيلة كانت
اللام لام التوكيد الفارقة و «ما» زائدة. متاع : خبر «كل» مرفوع بالضمة المنونة
بمعنى تمتع.
(الْحَياةِ الدُّنْيا) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. الدنيا
: صفة ـ نعت ـ للحياة مجرور مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة
على الألف للتعذر. أو تكون «إن» بمعنى «ما» النافية لأنها مخففة وبمعنى :
ولكن.
(وَالْآخِرَةُ عِنْدَ) : الواو استئنافية. الآخرة : مبتدأ مرفوع بالضمة. عند :
ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بصفة محذوفة من «الآخرة» وهو
مضاف بمعنى وجزاء الآخرة عند ربك. وحذف المضاف «جزاء».
(رَبِّكَ
لِلْمُتَّقِينَ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو
مضاف. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان.
للمتقين : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر
سالم والنون عوض من الحركة والتنوين في الاسم المفرد بمعنى : مكتوبة للمتقين الشرك
والمعاصي.
(وَمَنْ يَعْشُ عَنْ
ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)
(٣٦)
(وَمَنْ يَعْشُ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من» يعش : فعل مضارع
فعل الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الواو ـ وبقيت الضمة
دالة عليها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى ومن يتعام أو ومن يعرض
أو يعم عن القرآن.
(عَنْ ذِكْرِ
الرَّحْمنِ) : جار ومجرور متعلق بيعش. الرحمن : مضاف إليه مجرور
بالكسرة وجملة «يعش عن ذكر الرحمن» صلة الموصول لا محل لها.
(نُقَيِّضْ لَهُ
شَيْطاناً) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء فلا
محل لها من الإعراب وهي فعل مضارع جواب الشرط وجزاؤه مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون
آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. له : جار ومجرور متعلق بنقيض.
شيطانا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى نقدر له شيطانا أو نتح
له شيطانا.
(فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. هو : ضمير منفصل ـ
ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. له : جار ومجرور متعلق بالخبر.
قرين : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى فهو يظل له صاحبا ملازما لا يفارقه.
(وَإِنَّهُمْ
لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ)
(٣٧)
(وَإِنَّهُمْ
لَيَصُدُّونَهُمْ) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم»
ضمير الغائبين في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ والجملة
الفعلية «ليصدون» في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول
به بمعنى يمنعونهم.
(عَنِ السَّبِيلِ
وَيَحْسَبُونَ) : جار ومجرور متعلق بيصدون. الواو حالية والجملة
الفعلية «يحسبون وما بعدها» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم. والجملة
الاسمية «وهم يحسبون» في محل نصب حال بمعنى ويظنون وتعرب إعراب يصدون.
(أَنَّهُمْ
مُهْتَدُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في
محل نصب اسم «أن» مهتدون : خبر «أن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض
من تنوين المفرد وحركته و «أن» مع ما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد
مفعولي «يحسبون» أي يظنون ذلك بسبب وسوسة الشيطان لهم.
(حَتَّى إِذا جاءَنا
قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ)
(٣٨)
(حَتَّى إِذا جاءَنا) : حرف غاية وابتداء. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن
خافض لشرطه متعلق بجوابه مبني على السكون متضمن معنى الشرط ـ أداة شرط غير جازمة ـ
جاء : الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف «إذا» وهي فعل ماض
مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «نا» ضمير متصل مبني على
السكون في محل نصب
مفعول به. والجملة الفعلية «قال» وما بعدها جواب شرط غير جازم لا محل لها
بمعنى حتى إذا جاءنا العاشي.
(قالَ يا لَيْتَ) : تعرب إعراب «جاء» بمعنى : قال العاشي أي المتعامي عن
ذكر الله لشيطانه. والجملة بعد «قال» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ يا : حرف
تنبيه .. أو حرف نداء والمنادى محذوف وقد حذف المنادى اختصارا كما تحذف أداء
النداء .. التقدير : يا هؤلاء مثلا. ليت : حرف تمن ونصب مشبه بالفعل من أخوات «إن».
(بَيْنِي وَبَيْنَكَ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة
المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة تجانس ـ تناسب ـ الياء
متعلق بخبر «ليت» المقدم وهو مضاف والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر
بالإضافة. وبينك : معطوف بالواو على «بيني» ويعرب إعرابه وعلامة النصب الفتحة
الظاهرة في آخره والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف
إليه.
(بُعْدَ
الْمَشْرِقَيْنِ) : اسم «ليت» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.
المشرقين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته.
(فَبِئْسَ الْقَرِينُ) : الفاء استئنافية. بئس : فعل ماض جامد لانشاء الذم
مبني على الفتح. القرين : فاعل «بئس» مرفوع بالضمة وحذف المخصوص بالذم اختصارا
لأنه معلوم. التقدير فبئس القرين أنت يعود على العاشي.
(وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ
الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ)
(٣٩)
(وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ) : الواو استئنافية. لن : حرف نصب ونفي واستقبال. ينفع :
فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني
على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور.
(الْيَوْمَ إِذْ
ظَلَمْتُمْ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بينفع. إذ : حرف تعليل لا محل له أو يكون اسما مبنيا على السكون في محل نصب بدلا
من «اليوم» ظلمتم : الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه في حالة إعراب «إذ» بدلا
من «اليوم» وفي حالة إعرابه حرف تعليل تكون جملة «ظلمتم» اعتراضية بين الفعل
وفاعله لا محل لها .. وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك.
التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة
جمع الذكور وحذف مفعول الفعل اختصارا .. التقدير : ظلمتم أنفسكم.
(أَنَّكُمْ فِي
الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «أن» والميم علامة جمع الذكور. مشتركون
: خبر «أن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
أما الجار والمجرور «في العذاب» فمتعلق بخبر «أن» و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل
مصدر في محل رفع فاعل «ينفع» التقدير : لن ينفعكم اشتراككم في العذاب. أو يكون
الفاعل بمعنى لن ينفعكم ما أنتم عليه من التمني أي ندمكم يوم القيامة وقد صح انكم
ظلمتم أنفسكم في الدنيا بتعاميكم عن القرآن.
(أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ
الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)
(٤٠)
(أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ
الصُّمَ) : الهمزة حرف استفهام يراد به حمل السامع على التعجب.
أدخلت على المسمع أو المهدي دون فعله دليلا على أن الله وحده هو القادر على ذلك
على سبيل الإلجاء والقسر. أنت : ضمير رفع منفصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح
في محل رفع مبتدأ. تسمع : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا
تقديره أنت. الصم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والجملة الفعلية «تسمع الصم»
في محل رفع خبر «أنت».
(أَوْ تَهْدِي
الْعُمْيَ) : حرف عطف. تهدي العمي : معطوفة على جملة «تسمع الصم»
وتعرب إعرابها وعلامة رفع الفعل الضمة المقدرة على الياء للثقل.
(وَمَنْ كانَ) : الواو عاطفة. من : اسم موصول مبني على السكون في محل
نصب مفعول به لأنه معطوف على منصوب أي على «الصم .. العمي». كان : فعل ماض ناقص
مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
(فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان». مبين : صفة ـ نعت ـ لضلال
مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة. والجملة الفعلية «كان
في ضلال مبين» صلة الموصول لا محل لها بمعنى مغموسا في ضلال.
(فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ
بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ)
(٤١)
(فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ
بِكَ) : الفاء استئنافية. إما : مكونة من «إن» حرف شرط جازم و
«ما» الزائدة وهي بمنزلة لام القسم وقد أدغمت نون «إن» بما فحصل تشديد «ما». نذهبن
: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد في محل جزم بإن لأنه فعل الشرط
والنون المؤكدة لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. بك : جار
ومجرور متعلق بنذهب. وتعدى إلى مفعوله بالباء بمعنى فإن قبضناك قبل أن ننصرك عليهم
ونشفي صدور المؤمنين منهم.
(فَإِنَّا مِنْهُمْ
مُنْتَقِمُونَ) : الجملة المؤولة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل
جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» المدغمة
ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «ان» والجار
والمجرور «منهم» متعلق بالخبر «منتقمون» و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن.
منتقمون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين
والحركة في الاسم المفرد وجاءت اللفظة بصيغة الجمع للتفخيم والتعظيم بمعنى : سننتقم
منهم أشد الانتقام في الآخرة.
** (حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ
بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة
والثلاثين .. المراد بقوله «بعد المشرقين» تباعدهما وهما : المشرق والمغرب ..
والأصل : بعد المشرق من المغرب وبعد المغرب من المشرق فغلب المشرق على المغرب .. و
«ليت» من أخوات «ان» تفيد التمني وحذف المنادى بعد «يا» اكتفاء بأداة النداء كما
حذف في سورة «الفجر» : (يَقُولُ يا لَيْتَنِي
قَدَّمْتُ لِحَياتِي) فالتمني مصحوب بحسرة ولوعة فيا ليته قدم خيرا أو عملا
صالحا في حياته في الدنيا أو لحياة آخرته .. وقيل المنادى محذوف تقديره : يا هؤلاء
.. مثلا. وقيل : نودي «ليت» وهو غير عاقل للتعجب والأمر الشديد .. وقد وردت هذه
اللفظة في قول الشاعر :
يا ليتني
وأنت يا لميس
|
|
في بلدة ليس
بها أنيس
|
وقال آخر وهو
يرخم اسم امرأة اسمها : لميس :
تنكرت منا
بعد معرفة لمي
|
|
وبعد التصافي
والشباب المكرم
|
تنكرت منا :
يريد : أنكرتنا وصددت عنا. و «لمي» يريد : يا لميس. يقول الشاعر : إنك يا لميس قد
أنكرتنا في الكبر والشيخوخة بعد المعرفة التي كانت بيننا زمن الشباب. وقد رخم
الشاعر الاسم بقوله : لمي بحذف آخر الاسم وحده أي السين .. وكثيرا ما تعقب «ليت»
لفظة «شعري» فيقال : ليت شعري : أي ليتني أشعر وقد وردت هذه اللفظة كثيرا في شعر
الشعراء وغيرهم. قال المتنبي : يذكر حمى كانت تغشاه :
وزائرتي كأن
بها حياء
|
|
فليس تزور
إلا في الظلام
|
أي ورب زائرة
لي .. يريد الحمى وكانت تأتيه ليلا .. يقول كأنها حبيبة كانت لا تزور إلا في دجنات
الظلام وعلى ذكر «الحمى» يقال : كان «بلال» مؤذن الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يرفع عقيرته ـ أي صوته ـ عند ما تزول عنه الحمى ويقول
:
ألا ليت شعري
هل أبيتن ليلة
|
|
بواد وحولي
إذخر وخليل
|
وهل أردن
يوما مياه مجنة
|
|
وهل يبدون لي
شامة وطفيل
|
«مجنة» موضع على أميال يسيرة من
مكة. و «شامة وطفيل» : جبلان على أميال يسيرة من مكة أيضا و «إذخر» هو نبات طيب
الرائحة وبمعنى الحشيش الأخضر وجاءت «خليل» غير منونة لحركة الروي.
** (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ
ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة
والثلاثين و «إذ» هنا بدل من «اليوم» وإن كانت «إذ» تفيد الماضي و «اليوم» ليس
بماض فقيل في تعليل ذلك : إن الدنيا والآخرة متصلتان وهما سواء في حكم الله تعالى
وعليه فتكون «إذ» بدلا من «اليوم» حتى كأنها مستقبلية أو كأن اليوم ماض. وقيل : المعنى
: إن ثبوت ظلمهم عندهم يكون يوم القيامة فكأنه قال : ولن ينفعكم اليوم إذ صح ظلمكم
عندكم فهو بدل من اليوم أيضا وقال آخرون : التقدير بعد إذ ظلمتم أنفسكم فحذف
المضاف «بعد» وحذف مفعول «ظلمتم» وهو «أنفسكم» للعلم بهما.
** (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ
تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأربعين ..
المعنى : أفأنت يا محمد تسمع الطرش عن سماع الحق أو تهدي
العمي عن إبصار الصواب و «الصم» جمع «أصم» أي أطرش .. والعمي : جمع «أعمى»
وقد وردت هذه اللفظة في قول الشاعر رؤبة التميمي :
ومهمه أطرافه
من مهمه
|
|
أعمى الهدى
بالجاهلين العمه
|
يقال : مهمه
فلان فلانا بمعنى : زجره بقوله : مه مه : أي انكفف بمعنى : اترك .. و «العمه» مصدر
الفعل «عمه ـ يعمه ـ عمها» بمعنى : تحير في أمره وتردد في الضلال .. أما لفظة «الأصم»
فمؤنثه : صماء .. وقيل فيها : لله در القائل : أذن الكرام عن الفحشاء صماء .. ولي
أذن عن الفحشاء صماء .. ومن اللائق بمن ابتلي ببعض الأفعال أن يتمثل بهذا القول أي
عن سماع الريبة والتهمة والفاحش من الكلام ومساوئ الناس الذين دأب بعضهم على ستر
الافعال الحميدة ودفنها ونشر غيرها .. وقد أحسن من قال :
مستنجد بجميل
الصبر مكتئب
|
|
على بني زمن
أفعالهم عجب
|
إن يسمعوا
الخير أخفوه وإن سمعوا
|
|
شرا أشاعوه
وإن لم يسمعوا كذبوا
|
** سبب نزول الآية : نزلت الآية
الكريمة المذكورة آنفا لأن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان يتعب نفسه في دعاء قومه وهم لا يزيدون إلا غيا.
فقال تعالى : أتسمع الطرش يا محمد أو تهدي العمي؟
** (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا
إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة
والأربعين .. وآياتنا : بمعنى : معجزاتنا .. وملئه : أي وأشراف قومه .. وجمعه :
أملاء وهم الأشراف الذين يملئون العين مهابة .. و «العالمين» جمع «عالم» بفتح
اللام ولهذا كان الجمع ملحقا بجمع المذكر السالم على عكس : العالم ـ بكسر اللام
وجمعه : عالمون وهو جمع مذكر سالم ويجمع على «علماء» وإن كانت هذه اللفظة هي جمع «عليم»
أيضا لأن صيغة «فعيل» تجمع على «فعلاء» مثل كريم ـ كرماء .. نبيل ـ نبلاء .. عظيم
عظماء. ورب العالمين : بمعنى : مربيهم وموصلهم إلى درجة الكمال و «عالم» هو «الخلق»
وكل صنف من أصناف الخلق يسمى : عالما .. كعالم النبات .. عالم الحيوان.
** (وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ
لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة
والأربعين .. نادوا موسى ـ عليهالسلام ـ بالساحر لفرط عنادهم وشدة حماقتهم أو لأنهم كانوا
يطلقون هذا الاسم على كل عالم .. وهو لقب تشريف عندهم.
** (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ
مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة
والخمسين .. و «الأسورة» هي جمع «سوار» وذكر الفعل «ألقي» ونائب الفاعل «أسورة»
لفصله عن فعله بفاصل أو لأن تأنيثه غير حقيقي كما ذكر الفعل «جاء» مع فاعله «الملائكة»
على المعنى لا اللفظ .. ويقال تسور الرجل الحائط وعلى الحائط : أي صعد عليه. والسور
جمعه : أسوار ومنه أقيم سور للمدينة : أي بناء محيط بها كما يحيط المعصم بالسوار
.. وسور الخاطب المرأة : بمعنى : ألبسها سوارا وهو حلية وجمعه : أسورة .. أساور ـ أساورة.
(أَوْ نُرِيَنَّكَ
الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ)
(٤٢)
(أَوْ نُرِيَنَّكَ) : معطوفة بأو على «نذهبن» في الآية الكريمة السابقة
وتعرب مثلها والكاف ضمير المخاطب ـ في محل نصب مفعول به.
(الَّذِي وَعَدْناهُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان.
وعدنا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون
لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ
ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به بمعنى وان اردنا أن ننجز في حياتك يا محمد ما
وعدناهم به من العذاب النازل بهم وهو يوم بدر فهم تحت ملكتنا وقدرتنا لا يفوتوننا.
(فَإِنَّا عَلَيْهِمْ
مُقْتَدِرُونَ) : يعرب إعراب «فإنا منهم منتقمون» الوارد في الآية
الكريمة السابقة أي قادرون عليهم.
(فَاسْتَمْسِكْ
بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)
(٤٣)
(فَاسْتَمْسِكْ
بِالَّذِي) : الفاء استئنافية. استمسك : فعل أمر مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. بالذي : جار ومجرور متعلق باستمسك و «الذي»
اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء.
(أُوحِيَ إِلَيْكَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. إليك
: جار ومجرور متعلق بأوحي أي فتمسك بالذي أوحيناه إليك.
(إِنَّكَ عَلى صِراطٍ
مُسْتَقِيمٍ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل والكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن». على صراط : جار
ومجرور متعلق بخبر «إن». مستقيم : صفة ـ نعت ـ لصراط مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف
والصفة ـ الكسرة المنونة بمعنى : لأنك على طريق قويم.
(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ
لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ)
(٤٤)
(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء
ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ ذكر
: خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.
(لَكَ وَلِقَوْمِكَ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «ذكر» بمعنى وإن هذه
الحال أي إن الذي أوحي اليك كشرف كبير لك. ولقومك : جار ومجرور معطوف بالواو على «لك»
ويعرب مثله والكاف ضمير المخاطب في محل جر مضاف إليه.
(وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) : الواو عاطفة. سوف : حرف ـ تسويف ـ استقبال ـ يفيد
التوكيد بتقدير : ولسوف. تسألون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل أي تسالون عنه يوم القيامة.
(وَسْئَلْ مَنْ
أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً
يُعْبَدُونَ)
(٤٥)
(وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا) : الواو حرف عطف. اسأل : فعل أمر مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. من : اسم موصول مبني على السكون في محل
نصب مفعول به. أرسلنا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني
على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير :
من أرسلناهم أي الذين أرسلناهم .. وهذا التقدير خاص بوجه الاعراب وهو يتعارض مع
التفسير والمعنى .. إذ كيف يتسنى للرسول الكريم محمد هذا السؤال؟ وفي هذا القول
الكريم حذف من باب الاختصار كما جاء في سورة «يوسف» : «واسأل القرية» التقدير :
واسأل أهل القرية. وإذا جاز التقدير هناك فإنه يجوز هنا أيضا فيكون التقدير :
واسأل يا محمد قبائل من قد أرسلنا إليهم رسلا من رسلنا أو أمم الرسل الذين بعثناهم
قبلك .. فحذف مفعول «اسأل» وهو «قبائل» وهو مضاف وحل المضاف إليه الاسم الموصول «من»
محله .. أما مفعول «أرسلنا» وهو «رسلا» فقد حذف لأن «من» البيانية أو التبعيضية في
«من رسلنا» دالة عليه.
(مِنْ قَبْلِكَ) : جار ومجرور متعلق بأرسل أو بصفة محذوفة من مفعول «أرسلنا»
المقدر والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
(مِنْ رُسُلِنا) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «من»
التقدير : حالة كونهم رسلا من رسلنا و «من» حرف جر بياني أو تكون «من» للتبعيض
دالة على مفعول «أرسلنا» و «نا» ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
(أَجَعَلْنا مِنْ
دُونِ) : الهمزة همزة إنكار للنفي بلفظ استفهام. جعلنا : تعرب
إعراب «أرسلنا» من دون : جار ومجرور متعلق بجعلنا أو هو في مقام المفعول به الثاني
لجعلنا والجملة الفعلية «أجعلنا» وما بعدها : في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لأن
كلمة «اسأل» بمعنى : القول.
(الرَّحْمنِ آلِهَةً
يُعْبَدُونَ) : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة
بمعنى من غير الله. آلهة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. يعبدون :
الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ لآلهة وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا
مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ
الْعالَمِينَ)
(٤٦)
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. قد :
حرف تحقيق. أرسل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على
السكون في محل رفع فاعل.
(مُوسى بِآياتِنا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف
للتعذر. بآيات : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «موسى» بتقدير : أرسلناه معززا
بآياتنا أي بمعجزاتنا و «نا» ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
(إِلى فِرْعَوْنَ
وَمَلَائِهِ) : جار ومجرور متعلق بأرسلنا وعلامة جر الاسم الفتحة
بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والعلمية. وملئه : معطوف
بالواو على «فرعون» والمعطوف على المجرور مجرور مثله وعلامة جره الكسرة الظاهرة
على آخره وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه.
(فَقالَ إِنِّي
رَسُولُ) : الفاء حرف عطف على فعل محذوف بمعنى فأتاهم مطيعا
صادعا لأمرنا فقال لهم. قال : فعل ماض معطوف على الفعل المحذوف «أتى» مبني على
الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل
والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». رسول : خبر «إن» مرفوع
بالضمة والجملة المؤولة من «ان» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول
ـ.
(رَبِّ الْعالَمِينَ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو
مضاف. العالمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة ـ مضاف إليه ثان ـ وعلامة جره الياء
لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : فأتاهم
مطيعا معززا بآياتنا أي بمعجزاتنا التسع فقال لهم إني رسول رب العالمين إليكم
بمعنى : رب الكون كله.
(فَلَمَّا جاءَهُمْ
بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ)
(٤٧)
(فَلَمَّا جاءَهُمْ
بِآياتِنا) : الفاء استئنافية. لما : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين»
مبني على السكون في محل نصب متعلقة بالجواب. جاء : الجملة الفعلية في محل جر مضاف
إليه لوقوعها بعد «لما» وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول
به. بآيات : جار ومجرور متعلق بجاء و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني
على السكون في محل جر مضاف إليه.
(إِذا هُمْ مِنْها
يَضْحَكُونَ) : حرف فجاءة ـ فجائية ـ لا عمل لها سادة مسد الفاء في
المجازاة أو لأن فعل المفاجأة معها مقدر وهو عامل النصب في محلها بتقدير : فلما
جاءهم بآياتنا أي بمعجزاتنا بمعنى وأراهم آياتنا التي أرسلنا موسى بها فاجئوا وقت
ضحكهم أي فلما رأوها إذا هم منها يهزءون والجملة الاسمية جواب شرط غير جازم فلا
محل لها. هم : ضمير رفع منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع
مبتدأ. منها : جار ومجرور متعلق بيضحكون. يضحكون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم»
وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل.
(وَما نُرِيهِمْ مِنْ
آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ)
(٤٨)
(وَما نُرِيهِمْ مِنْ
آيَةٍ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. نري : فعل
مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره
نحن. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. من : حرف جر زائد
لتأكيد معنى النفي وإثباته. آية : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به ثان
للفعل «نري».
(إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ) : أداة حصر لا عمل لها. هي : ضمير منفصل مبني على الفتح
في محل رفع مبتدأ. أكبر : خبر «هي» مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على
وزن ـ أفعل ـ صيغة تفضيل ومن وزن الفعل.
(مِنْ أُخْتِها) : جار ومجرور متعلق بأكبر و «ها» ضمير متصل مبني على
السكون في محل جر مضاف إليه والجملة الاسمية «هي أكبر ..» في محل نصب صفة لآية على
المحل وفي محل جر على اللفظ.
(وَأَخَذْناهُمْ
بِالْعَذابِ) : الواو استئنافية. أخذ : فعل ماض مبني على السكون
لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ
ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. بالعذاب : جار ومجرور متعلق بأخذنا.
(لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» و «هم» ضمير الغائبين
في محل نصب اسم «لعل». يرجعون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : ليرجعوا إلى
ربهم بالتوبة عن الكفر والضلال.
(وَقالُوا يا أَيُّهَا
السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ)
(٤٩)
(وَقالُوا يا أَيُّهَا
السَّاحِرُ) : الواو استئنافية. قالوا : فعل ماض مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. يا : أداة
نداء. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» زائدة للتنبيه وحذفت الألف ـ ألفها
ـ للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الساحر : صفة ـ نعت ـ لأي على اللفظ لا المحل مرفوعة
بالضمة.
(ادْعُ لَنا رَبَّكَ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي
فعل طلب مبني على حذف آخره ـ حرف العلة ـ الواو ـ وبقيت الضمة دالة عليه والفاعل
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. اللام حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون
في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بادع. ربك : مفعول به منصوب وعلامة نصبه
الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
(بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) : الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في
محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بادع. عهد : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه
الفتحة متعلق بعهد وهو مضاف والكاف : أعرب. والجملة الفعلية «عهد عندك» صلة
الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه
مفعول به. التقدير : بما عهده عندك أي دليل من النبوة بمعنى : بما عهده إليك من
النبوة أن يكشف العذاب عنا أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «عهد عندك» صلة حرف
مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في
محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بادع أي بعهده عندك بمعنى : بما
أخبرتنا من عهده إليك من النبوة.
(إِنَّنا
لَمُهْتَدُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ مهتدون
: خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
وجملة «إننا لمهتدون» لا محل لها لأنها جواب قسم إذا جاز اعتبار الباء في «بما عهد»
للقسم.
(فَلَمَّا كَشَفْنا
عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ)
(٥٠)
(فَلَمَّا كَشَفْنا) : الفاء عاطفة على محذوف بمعنى : فدعا لهم موسى أي تضرع
إلى ربه أن يكشف عنهم العذاب أي رفعه عنهم. لما : اسم شرط غير جازم مبني على
السكون بمعنى «حين» في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالجواب. كشف : فعل ماض
مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
(عَنْهُمُ الْعَذابَ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن وحرك
الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين والجار والمجرور متعلق بكشفنا. العذاب :
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والجملة الفعلية «كشفنا عنهم العذاب» في محل جر
مضاف إليه.
(إِذا هُمْ
يَنْكُثُونَ) : هذا القول الكريم يعرب إعراب «إذا هم يضحكون» الوارد
في الآية الكريمة السابعة والأربعين. بمعنى : ينقضون عهدهم فيرجعون إلى الكفر وحذف
مفعول «ينكثون» وهو «عهدهم».
(وَنادى فِرْعَوْنُ
فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ
تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ)
(٥١)
(وَنادى فِرْعَوْنُ) : الواو استئنافية. نادى : فعل ماض مبني على الفتح
المقدر على الألف للتعذر. فرعون : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة ولم ينون آخره
لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والتعريف .. بمعنى وأعلن فرعون ..
(فِي قَوْمِهِ) : جار ومجرور متعلق بنادى والهاء ضمير متصل ـ ضمير
الغائب ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى وأعلن فرعون بين قومه أي صاح فيهم وإذا كان
على معنى «دعاهم» فيكون بمنزلة مفعول «نادى» تعدى إليه بفي.
(قالَ يا قَوْمِ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو والجملة الفعلية «قال» في محل نصب حال من «فرعون» بمعنى : قائلا.
والجملة الفعلية بعده «أليس لي ملك مصر» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ يا :
أداة نداء. قوم : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من
ظهورها اشتغال المحل بحركة ياء المتكلم أي كسرة تجانس الياء وتناسبها والياء
المحذوفة خطا واختصارا ولفظا واكتفاء بالكسرة الدالة عليها ضمير متصل ـ ضمير
المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه.
(أَلَيْسَ لِي مُلْكُ
مِصْرَ) : الهمزة همزة إنكار دخلت على المنفي فرجع إلى معنى التقرير
أو هو استفهام إنكار للنفي مبالغة في الإثبات. ليس : فعل ماض ناقص مبني على الفتح
من أخوات «كان» لي : جار ومجرور في محل نصب خبر «ليس» المقدم. ملك : اسم «ليس»
مرفوع بالضمة وهو مضاف. مصر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من
الكسرة المنونة لأنه اسم ممنوع من الصرف على التعريف والتأنيث.
(وَهذِهِ الْأَنْهارُ) : الواو عاطفة. هذه : اسم إشارة مبني على الكسر في محل
رفع لأنه معطوف على «ملك». الأنهار : بدل من اسم الاشارة مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
ويعني بها : أنهار النيل.
(تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الأنهار» وهي فعل
مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. من تحتي :
جار ومجرور متعلق بتجري أو متعلق بخبر المبتدأ «هذه» في حالة إعراب الواو حالية
والجملة الاسمية «هذه الأنهار تجري من تحتي» في محل نصب حال .. المعنى : وهذه
الأنهار بين يدي أي بتصرفي بمعنى :
تجري من تحت قصري وبعد حذف المضاف إليه «قصر» أوصل المضاف «تحت» بالمضاف
إليه الثاني ـ ياء المتكلم ـ فصار : من تحتي.
(أَفَلا تُبْصِرُونَ) : الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام أو تكون همزة تقرير. الفاء
زائدة ـ تزيينية ـ لا : نافية لا محل لها. تبصرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف المفعول به اختصارا بمعنى : أفلا تبصرون
قوة وعظمة سلطاني؟
(أَمْ أَنَا خَيْرٌ
مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ)
(٥٢)
(أَمْ أَنَا خَيْرٌ) : حرف عطف .. وهي «أم» المتصلة لأنها مسبوقة بهمزة
استفهام على معنى «أفلا تبصرون» أم تبصرون إلا أنه وضع قوله «أنا خير» موضع «تبصرون»
لأنهم إذا قالوا له : أنت خير فهم عنده بصراء .. فهذا من إنزال السبب منزلة المسبب
.. ويجوز أن تكون «أم» المنقطعة وهي تساوي في المعنى حرف الاضراب «بل» بمعنى : بل
أنا خير .. والهمزة للتقرير بمعنى : ثبت عندكم واستقر أني خير وهذه حالي .. أي أنا
خير من موسى الذي هو ضعيف. أنا : ضمير رفع منفصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ. خير : خبر «أنا» مرفوع بالضمة المنونة بعد حذف ألفه ـ أصله أخير
ـ طلبا للفصاحة. و «أخير» ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعل ـ صيغة تفضيل ومن وزن
الفعل.
(مِنْ هذَا الَّذِي) : حرف جر. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر
بمن. والجار والمجرور متعلق بخير. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة
ـ نعت ـ أو بدل من اسم الإشارة «هذا».
(هُوَ مَهِينٌ) : الجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها. هو : ضمير
منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. مهين : خبر «هو» مرفوع
وعلامة رفعه الضمة المنونة بمعنى : من هذا الضعيف.
(وَلا يَكادُ يُبِينُ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. يكاد : فعل مضارع ناقص من أخوات «كان»
مرفوع وعلامة رفعه الضمة واسمه ضمير مستتر
فيه جوازا تقديره هو. يبين : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «يكاد» وهي فعل
مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى :
ولا يكاد يبين الكلام بمعنى : ولا يكاد يوضح الكلام لوجود لثغة في لسانه. واللثغة
ـ بضم اللام ـ هي نطق الراء غينا أو لاما والسين ثاء ويقال : هو ألثغ وهي لثغاء
فحذف مفعول «يبين» اختصارا وهو «الكلام».
(فَلَوْ لا أُلْقِيَ
عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ)
(٥٣)
(فَلَوْ لا أُلْقِيَ
عَلَيْهِ) : الفاء استئنافية. لو لا : حرف تحضيض بمعنى «هلا» لا
عمل له. ألقي : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. عليه : جار ومجرور متعلق
بألقي بمعنى هلا ألقي عليه أسورة ذهبية إن كان عظيما.
(أَسْوِرَةٌ مِنْ
ذَهَبٍ) : نائب فاعل مرفوع بالضمة المنونة. من ذهب : جار ومجرور
متعلق بصفة محذوفة من «أسورة» و «من» حرف جر بياني بمعنى : أساور ذهب جمع «سوار».
(أَوْ جاءَ مَعَهُ) : حرف عطف للتخيير. جاء : فعل ماض مبني على الفتح. معه
: ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بجاء وهو مضاف يدل على الاجتماع والمصاحبة أو
هو اسم بمعنى الظرف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر
مضاف إليه. ويجوز أن يكون «مع» حرف جر والهاء في محل جر بمع والجار والمجرور متعلق
بجاء.
(الْمَلائِكَةُ
مُقْتَرِنِينَ) : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة. مقترنين : حال من «الملائكة»
منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته
بمعنى مقرونين به لتصديقه أي شاهدين له بالنبوة.
(فَاسْتَخَفَّ
قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ)
(٥٤)
(فَاسْتَخَفَّ
قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ) : الفاء عاطفة. استخف : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي فرعون. قومه : مفعول
به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني
على الضم في محل جر مضاف إليه بمعنى فاستخف بعقل قومه وبعد حذف المضاف «عقل» أقيم
المضاف إليه «قومه» مقامه فتعدى الفعل إليه. الفاء سببية. أطاعوه : فعل ماض مبني
على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل
ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى : فأطاعوا أمره وبعد حذف
المضاف مفعول «أطاعوا» عدي الفعل إلى المضاف إليه ضمير الغائب.
(إِنَّهُمْ كانُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل و «هم»
ضمير الغائبين في محل نصب اسم «إن». كانوا : الجملة الفعلية مع خبرها في محل رفع
خبر «إن» وهي فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل
في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة.
(قَوْماً فاسِقِينَ) : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. فاسقين
: صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوما» منصوب مثله وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم
والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(فَلَمَّا آسَفُونا
انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ)
(٥٥)
(فَلَمَّا آسَفُونا) : الفاء استئنافية. لما : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين»
مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية خافض لشرطه متعلق بجوابه. آسفوا
: الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد «لما» وهي فعل ماض مبني على
الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «نا»
ضمير متصل في محل نصب مفعول به.
(انْتَقَمْنا مِنْهُمْ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل
ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع
فاعل. من : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق
بانتقم.
(فَأَغْرَقْناهُمْ
أَجْمَعِينَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على جملة «انتقمنا»
وتعرب إعرابها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. أجمعين :
توكيد للضمير «هم» في «أغرقناهم» منصوب مثله وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع
المذكر السالم والنون عوض من حركة المفرد واللفظة جمع «أجمع» و «أجمع» واحد في
معنى جمع لا مفرد له من لفظه.
(فَجَعَلْناهُمْ
سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ)
(٥٦)
(فَجَعَلْناهُمْ
سَلَفاً) : معطوفة بالفاء على جملة «أغرقناهم» في الآية الكريمة
السابقة وتعرب إعرابها. سلفا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة
بمعنى : قدوة لمن يأتي بعدهم وهو جمع «سالف».
(وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ) : معطوف بالواو على «سلفا» ويعرب مثله بمعنى وعظة
للمتأخرين أي لمن بعدهم. للآخرين : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «مثلا» وعلامة
جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من حركة المفرد.
(وَلَمَّا ضُرِبَ
ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)
(٥٧)
(وَلَمَّا ضُرِبَ) : الواو استئنافية. لما : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين»
مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. ضرب : فعل ماض
مبني للمجهول مبني على الفتح والجملة الفعلية «ضرب ابن مريم» في محل جر مضاف إليه.
(ابْنُ مَرْيَمَ) : نائب فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف. مريم : مضاف إليه
مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه اسم ممنوع من الصرف
للتعريف والتأنيث.
(مَثَلاً إِذا
قَوْمُكَ) : حال منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة قام مقام مفعول
«ضرب» الثاني أي ضرب مثلا المعنى ولما جعل الله تعالى عيسى ابن مريم مثلا أي حجة
وبرهانا. إذا : حرف فجاءة ـ فجائية سادة مسد
الفاء في المجازاة. قومك : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ
ضمير المخاطب ـ في محل جر مضاف إليه.
(مِنْهُ يَصِدُّونَ) : جار ومجرور متعلق بيصدون بمعنى : من هذا المثل. يصدون
: الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الاسمية «قومك منه يصدون» جواب شرط غير جازم
فلا محل لها.
(وَقالُوا أَآلِهَتُنا
خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ)
(٥٨)
(وَقالُوا) : الواو عاطفة. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله
بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(أَآلِهَتُنا خَيْرٌ) : الهمزة همزة استفهام لا محل لها. آلهة : مبتدأ مرفوع
بالضمة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر
مضاف إليه. خير : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة بعد حذف ألفه ـ أصله أخير طلبا
للفصاحة.
(أَمْ هُوَ) : حرف عطف وهي «أم» المتصلة لأنها مسبوقة بهمزة
استفهام. هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع معطوف على «آلهتنا»
والضمير يعود على عيسى ابن مريم ـ عليهالسلام ـ وغرضهم بالموازنة بينه وبين آلهتهم السخرية
والاستهزاء بمعنى : أألهتنا خير عندك أم هو أي أم عيسى خير منها؟
(ما ضَرَبُوهُ لَكَ) : نافية لا عمل لها. ضربوا : تعرب إعراب «قالوا»
والجملة الاسمية «أألهتنا خير» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ والهاء ضمير
متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به. لك : جار ومجرور متعلق
بضربوا ..
(إِلَّا جَدَلاً) : أداة حصر لا عمل لها. جدلا : مفعول لأجله منصوب
وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ما ضرب المشركون لك هذا المثل إلا
لأجل الجدل والغلبة في القول أي طلبا للجدل والخصومة بالباطل لا للحق ويجوز
أن يكون «جدلا» حالا من ضمير الغائبين في «ضربوه» بمعنى : جدلين .. أو مجادلين
بمعنى فرد الله عليهم بهذا القول.
(بَلْ هُمْ قَوْمٌ
خَصِمُونَ) : حرف اضراب للاستئناف. هم : ضمير منفصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. قوم : خبر «هم» مرفوع بالضمة المنونة. خصمون : صفة ـ
نعت ـ لقوم مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين
المفرد وحركته بمعنى : بل هم قوم مجادلون بالباطل شديد والخصومة.
(إِنْ هُوَ إِلاَّ
عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ)
(٥٩)
(إِنْ هُوَ إِلَّا
عَبْدٌ) : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. هو : ضمير منفصل ـ ضمير
الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. إلا : أداة حصر لا عمل لها. عبد : خبر «هو»
مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : وما عيسى ـ عليهالسلام ـ إلا عبد كسائر عباد الله.
(أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لعبد وهي فعل
ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع
فاعل. عليه : جار ومجرور متعلق بأنعمنا بمعنى : أنعمنا عليه بالنبوة.
(وَجَعَلْناهُ مَثَلاً
لِبَنِي إِسْرائِيلَ) : معطوفة بالواو على جملة «أنعمنا» وتعرب مثلها والهاء
ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به أول. مثلا : مفعول به ثان منصوب
وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى وصيرناه مثلا. لبني : جار ومجرور متعلق بصفة
محذوفة من «مثلا» وعلامة جر الاسم الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت النون
للاضافة وهو مضاف. إسرائيل : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من
الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة.
** (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً
إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة
والخمسين .. المعنى : ولما جعل عيسى ابن مريم حجة وبرهانا إذا قومك يا محمد من
كفار قريش يضجون بالضحك ويصيحون فرحين بذلك معتقدين أنهم أحرجوا الرسول الكريم
محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بهذا المثل .. وقد حذف نائب الفاعل «عيسى» وحل محله
البدل «ابن مريم» لأنه معلوم. يقال : صده يصده صدا ـ من باب «رد» عن الأمر : بمعنى
: منعه وصرفه عنه .. وصد ـ يصد ـ بكسر الصاد وضمها ـ بمعنى : ضج أي صاح إن جزع من
شيء وغلب مأخوذ من الفعل أضج القوم ـ إضجاجا : بمعنى : جلبوا وصاحوا .. وفي الآية
المذكورة ورد الفعل «يصدون» بكسر الصاد لأنه من باب «ضرب» بمعنى : يضحكون.
** سبب نزول
الآية : جادل ابن الزبعري رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال له : إنك تقول : إنكم وما تعبدون حصب جهنم ..
فيكون عيسى في جهنم أيضا. فضج المشركون فرحا لظنهم أنه قد لزمته الحجة وغاب عنهم
أن «ما» لغير العاقل فلا يشمل هذا القول عيسى ـ عليهالسلام ـ والمقصود بقول المشركين الذين جادلوا فيه هو قول الله
تعالى في سورة «الأنبياء» : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ
مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) وفي رواية أخرى .. قال المشركون : أليست النصارى يعبدون
المسيح واليهود عزيرا وبنو مليح الملائكة؟
** (وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ
إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية
والستين المعنى لا يصرفنكم الشيطان بوساوسه عن اتباع الحق .. إنه لكم عدو ظاهر
العداوة .. والعدو لفظة يستوي فيها المفرد والجمع وقد حذر أبو بكر الصديق ـ رضي
الله عنه ـ خالد بن الوليد من أخذ الحيطة والاستبسال عند لقائه عدوه فقد كتب إليه
يقول : اعلم أن عليك عيونا من الله ترعاك وتراك فإذا لقيت العدو فاحرص على الموت
توهب لك السلامة ولا تغسل الشهداء من دمائهم فإن دم الشهيد يكون له نورا يوم
القيامة وعلى ذكر الشهيد والشهادة يحكى أنه لما قتل المفضل بن المهلب دخل ثابت
قطنة العتكي .. وهو شاعر إسلامي أموي من فرسان الشعراء .. ولقب بقطنة لأن سهما
أصابه في إحدى عينيه فذهب بها فكان يغشيها بقطنة .. دخل هذا الشاعر على هند بنت
المهلب ـ وهي ابنة القائد الأموي العظيم المهلب بن أبي صفرة وكانت أفصح نساء عصرها
تزوجها الحجاج بن يوسف الثقفي وكانت أكرم نسائه عليه ـ دخل عليها هذا الشاعر والناس
حولها جلوس يعزونها فأنشدها شعرا يبكي به فقيدها. فقالت له : اقعد يا ثابت فقد
قضيت الحق وما من المرزئة ـ المصيبة بد. وكم من ميتة ميت أشرف من حياة حي وليست
المصيبة في قتل من استشهد .. ذابا عن دينه مطيعا لربه وإنما المصيبة فيمن قلت
بصيرته وخمل ذكره بعد موته وأرجو أن لا يكون المفضل عند الله خاملا.
** (وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ
قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة
والستين .. المعنى : ولما جاء عيسى ـ عليهالسلام ـ بني إسرائيل بالآيات البينات أي بالمعجزات الواضحات
وآيات الإنجيل قال لهم قد جئتكم بالنبوة .. فحذف مفعول «جاء» وهو «بني إسرائيل»
كما حذف الموصوف «الآيات» وحلت صفته «البينات» محله.
** (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ
بَيْنِهِمْ) : جاء هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الخامسة
والستين .. المعنى : فاختلفت الفرق المتحزبة فيما بينهم .. وقد ذكر الفعل «اختلف»
على معنى «الأحزاب» لا على لفظها.
** (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة
والستين .. المعنى : الأصحاب والأصدقاء المحبون المختالون في الدنيا يوم القيامة
بعضهم أعداء لبعضهم الآخر إلا خلة المتقين .. وردت كلمة «عدو» بالإفراد وهي خبر
جمع لأن هذه اللفظة يستوي فيها المفرد والجمع وحذف المضاف المستثنى «خلة» وأقيم
المضاف إليه «المتقين» مقامه. وقد استثنى سبحانه المتقين لأن صداقتهم لا تنقطع
ولأن تحابهم كان لله سبحانه. وهم بمعنى الأحباء أو الأصدقاء جمع «خليل» وهو صيغة
فعيل تجمع على «فعلاء» إلا إذا كان في المفرد حرف مكرر فيجمع على صيغة «أفعلاء»
لأن لفظة «خليل» فيها لام مكررة وهي مثل «ذليل ـ أذلاء ـ طبيب ـ أطباء» أما «كريم
ـ كرماء ـ فيجمع على «فعلاء» لأنه ليس فيه حرف مكرر .. وقيل : سمي الخليل خليلا
لأن محبته تتخلل القلب فلا تدع فيه خللا إلا ملأته .. وقيل في الأمثال : أشد
العذاب مفارقة الأحباب ولأن فراق الأحباب مر المذاق.
** سبب نزول
الآية : نزلت الآية في أمية بن خلف الجمحي وعقبة بن أبي معيط اللذين كانا خليلين
واتفقا على إيذاء النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقتلا يوم بدر.
** (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ
وَأَكْوابٍ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الحادية
والسبعين بمعنى يطاف على المتقين في الجنة بأطباق من ذهب .. و «الطبق» هو صحن
الأكل أو ما يؤكل عليه .. كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذا أكل الطعام قال : الحمد لله الذي أطعمنا فأشبعنا
وسقانا فأروانا وجعلنا مسلمين. صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ و «القصعة» لفظة عربية وقيل : هي معربة وجمعها : قصع
وقصاع وقصعات .. وتكون على شكل صحفة وهي منبسطة تشبع الخمسة وجمعها : صحاف. ويقال
تناولت هذا اليوم أكلة دسمة في الصباح ومثلها بعد الظهر وأخرى في العشاء .. أي أن
لفظة «أكلة» تطلق على كل مرة نتناول فيها الطعام وثمة من يلحن فيقول : تناولت
اليوم ثلاث وجبات أي وجبة في الصباح وأخرى في الظهيرة وثالثة في المساء. والحال أن
الفعل «أوجب» الرجل وتوجب أي أكل مرة واحدة في اليوم أو الليلة أي إن «الوجبة» هي
الأكلة الوحيدة ولذلك نقول : يجب أن نقوم بهذا العمل أو يتحتم علينا القيام به
بدلا من قولنا يتوجب علينا القيام به لأن الفرق بين الفعلين واضح بين.
(وَلَوْ نَشاءُ
لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ)
(٦٠)
(وَلَوْ نَشاءُ) : الواو استئنافية. لو : حرف شرط غير جازم ـ حرف امتناع
لامتناع ـ نشاء : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا
تقديره نحن.
(لَجَعَلْنا مِنْكُمْ
مَلائِكَةً) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام
واقعة في جواب «لو». جعل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل
مبني على السكون في محل رفع فاعل. منكم : جار ومجرور في مقام المفعول الثاني لجعل
والميم علامة جمع الذكور. ملائكة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(فِي الْأَرْضِ
يَخْلُفُونَ) : جار ومجرور متعلق بيخلفون. يخلفون : الجملة الفعلية
في محل نصب صفة ـ نعت ـ لملائكة وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل
في محل رفع فاعل بمعنى لجعلنا بدلا منكم أو بدلكم ملائكة يخلفونكم في الأرض أو
يكون الجار والمجرور «في الأرض» متعلقا بصفة محذوفة من «ملائكة» أي بدلا منكم في
الأرض والجملة الفعلية «يخلفون» صفة ثانية أو تكون الجملة في محل نصب حالا من «ملائكة»
بعد اكتسابها المعرفة عند وصفها وحذف مفعول «يخلفون» لأنه معلوم من السياق.
(وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ
لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ)
(٦١)
(وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ
لِلسَّاعَةِ) : الواو استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل
والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة
ـ علم : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. للساعة : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من
«علم» وقيل : المعنى وإن عيسى وقيل إن الضمير للقرآن أي به تعلم الساعة لأن فيه ـ أي
في القرآن ـ الإعلام بالساعة وقيل : المعنى أن خروج المسيح ـ عليهالسلام ـ لعلامة على قيام الساعة لكونه من أماراتها : أي من
علاماتها أي بنزوله إلى الأرض.
(فَلا تَمْتَرُنَّ
بِها) : الفاء استئنافية. لا : ناهية جازمة. تمترن : فعل
مضارع مبني على حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة في محل جزم بلا وسبب بنائه على
حذف النون اتصاله بنون التوكيد الثقيلة ونون التوكيد لا محل لها وواو الجماعة
المحذوفة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع فاعل. بها : جار
ومجرور متعلق بتمترن فلا تشكن وهي من «المرية» أي الشك.
(وَاتَّبِعُونِ) : الواو استئنافية. اتبعون : فعل أمر مبني على حذف النون
لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون نون
الوقاية لا محل لها والياء المحذوفة خطا واختصارا اكتفاء بالكسرة الدالة عليها
ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به.
(هذا صِراطٌ
مُسْتَقِيمٌ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. صراط :
خبر «هذا» مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة. مستقيم : صفة ـ نعت ـ لصراط مرفوع
مثله بالضمة المنونة بمعنى : هذا الذي أدعوكم إليه أو هذا القرآن ـ ان جعل الضمير
في إنه للقرآن ـ طريق قويم موصل إلى مرضاة الله أي إلى الجنة.
(وَلا يَصُدَّنَّكُمُ
الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)
(٦٢)
(وَلا يَصُدَّنَّكُمُ
الشَّيْطانُ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. يصدنكم : فعل مضارع
مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم بلا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور.
الشيطان : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : فلا يصرفكم أو فلا يمنعكم الشيطان.
(إِنَّهُ لَكُمْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل ويفيد هنا التعليل والهاء
ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». لكم : جار ومجرور
متعلق بعدو والميم علامة جمع الذكور.
(عَدُوٌّ مُبِينٌ) : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. مبين : صفة ـ نعت ـ لعدو
مرفوع مثله بالضمة المنونة.
(وَلَمَّا جاءَ عِيسى
بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ
الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ)
(٦٣)
(وَلَمَّا جاءَ) : الواو استئنافية. لما : اسم شرط غير جازم مبني على
السكون في محل نصب على الظرفية متعلق بجوابه بمعنى : حين. جاء : فعل ماض مبني على
الفتح والجملة الفعلية «جاء عيسى ..» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد لما.
(عِيسى بِالْبَيِّناتِ) : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. بالبينات
: جار ومجرور متعلق بجاء.
(قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل
ماض مبني على الفتح والجملة الفعلية بعده «قد جئتكم ..» في محل نصب مفعول به ـ مقول
القول ـ قد : حرف تحقيق. جئتكم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع
المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل. الكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع
الذكور. وفاعل «قال» ضمير مستتر جوازا تقديره هو.
(بِالْحِكْمَةِ
وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ) : جار ومجرور متعلق بجئت. الواو عاطفة. اللام حرف جر
للتعليل. أبين : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. لكم : جار ومجرور متعلق بأبين والميم علامة جمع
الذكور والجملة الفعلية «أبين لكم بعض ..» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن»
المضمرة وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بجئت
أي لأوضح لكم.
(بَعْضَ الَّذِي) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الذي
اسم موصول مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
(تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع
مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. فيه : جار ومجرور متعلق
بتختلفون.
(فَاتَّقُوا اللهَ
وَأَطِيعُونِ) : الفاء استئنافية للتسبيب. اتقوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه
من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. الله لفظ
الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة والجملة الفعلية «وأطيعون» معطوفة
بالواو على «اتقوا» وتعرب مثلها. النون نون الوقاية لا محل لها والياء المحذوفة
خطا واختصارا ومراعاة لفواصل الآيات ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول
به وبقيت الكسرة دالة عليها.
(إِنَّ اللهَ هُوَ
رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ)
(٦٤)
(إِنَّ اللهَ هُوَ
رَبِّي) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن»
منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع
مبتدأ. ربي : خبر «هو» مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها
اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة .. المأتي بها من أجل الياء والياء ضمير متصل ـ
ضمير المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه.
(وَرَبُّكُمْ
فَاعْبُدُوهُ) : معطوف بالواو على «ربي» مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة
الظاهرة على آخره. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر
مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور والجملة الاسمية «هو ربي وربكم» في محل رفع خبر
«إن» ويجوز أن يكون «هو» ضمير فصل أو عمادا لا محل له فيكون «ربي» خبر «إن» الفاء
استئنافية للتسبيب. اعبدوه : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال
الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل
نصب مفعول به.
(هذا صِراطٌ
مُسْتَقِيمٌ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. صراط :
خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة. مستقيم : صفة ـ نعت ـ لصراط مرفوع مثله بالضمة
المنونة بمعنى هذا الذي أدعوكم إليه هو الطريق القويم الموصل إلى الجنة.
(فَاخْتَلَفَ
الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ
أَلِيمٍ)
(٦٥)
(فَاخْتَلَفَ
الْأَحْزابُ) : الفاء استئنافية. اختلف : فعل ماض مبني على الفتح.
الأحزاب : فاعل مرفوع بالضمة.
(مِنْ بَيْنِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الأحزاب» و «هم»
ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه.
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ) : الفاء استئنافية. ويل : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. اللام
حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق
بخبر «ويل» والجملة الفعلية بعده «ظلموا» صلة الموصول لا محل لها.
(ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجار والمجرور «من عذاب» متعلق بصفة
محذوفة من «ويل».
(يَوْمٍ أَلِيمٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
أليم : صفة ـ نعت ـ ليوم مجرور مثله بالكسرة المنونة.
(هَلْ يَنْظُرُونَ
إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ)
(٦٦)
(هَلْ يَنْظُرُونَ) : حرف استفهام لا محل له. ينظرون : فعل مضارع مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
(إِلَّا السَّاعَةَ) : أداة حصر لا عمل لها. الساعة : مفعول به منصوب وعلامة
نصبه الفتحة بمعنى هل ينتظرون إلا قيام أو إتيان الساعة أي القيامة .. وحرف
الاستفهام معناه الانكار ويفيد النفي بمعنى : لا ينتظرون إلا قيام الساعة أو
إتيانها فحذف المفعول به المضاف «قيام» وأقيم المضاف إليه «الساعة» مقامه وانتصب
انتصابه.
(أَنْ تَأْتِيَهُمْ
بَغْتَةً) : حرف مصدري ناصب. تأتي : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري
لا محل لها وهي فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره هي و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. بغتة :
مصدر في موضع الحال منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بتقدير : تباغتهم الساعة أي
القيامة بغتة بمعنى : فجأة. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب بدل من «الساعة».
(وَهُمْ لا
يَشْعُرُونَ) : الواو حالية. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني
على السكون في محل رفع مبتدأ. لا : نافية لا عمل لها. يشعرون :
تعرب إعراب «ينظرون» وجملة «لا يشعرون» في محل رفع خبر «هم» والجملة
الاسمية «وهم لا يشعرون» في محل نصب حال من ضمير الغائبين في «تأتيهم» بمعنى وهم
لا يشعرون بها أي وهم غافلون عنها.
(الْأَخِلاَّءُ
يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ)
(٦٧)
(الْأَخِلَّاءُ
يَوْمَئِذٍ) : مبتدأ مرفوع بالضمة. يوم : اسم منصوب بعدو وعلامة
نصبه الفتحة وهو مضاف بمعنى : تنقطع في ذلك اليوم كل خالة بين المتخالين في غير
ذات الله وتنقلب عداوة ومقتا و «إذ» اسم مبني على السكون الظاهر على آخره حرك
بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين سكونه وسكون التنوين وهو في محل جر مضاف إليه وهو
مضاف أيضا والجملة المحذوفة المعوض عنها بالتنوين في محل جر مضاف إليه ثان التقدير
والمعنى : يومئذ تنقطع في ذلك اليوم كل خالة.
(بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ
عَدُوٌّ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الأخلاء»
ويجوز أن يكون «بعضهم» في محل رفع بدلا من «الإخلاء» وتكون «عدو» خبر «الإخلاء».
بعض : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر
مضاف إليه. لبعض : جار ومجرور متعلق بعدو. عدو : خبر «بعضهم» مرفوع بالضمة المنونة
ونون آخر «بعض» لانقطاعه عن الإضافة لأن التقدير : بعضهم عدو لبعضهم.
(إِلَّا الْمُتَّقِينَ) : أداة استثناء. المتقين : مستثنى بإلا منصوب وعلامة
نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(يا عِبادِ لا خَوْفٌ
عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ)
(٦٨)
(يا عِبادِ) : أداة نداء. عباد : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه
الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء أي كسرة
تجانس الياء. والياء المحذوفة خطا واختصارا ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في
محل جر بالإضافة وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة.
(لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ
الْيَوْمَ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بفعل
محذوف بمعنى : يقول الله تعالى للمؤمنين يوم القيامة يا عبادي لا خوف عليكم .. لا
: نافية لا عمل لها. خوف : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. عليكم : جار ومجرور متعلق
بصفة محذوفة من «خوف» والميم علامة جمع الذكور حرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين.
اليوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بخوف وحذف خبر «خوف»
بتقدير : كائن أو تعلق الجار والمجرور «عليكم» بخبر «خوف» بمعنى : لا خوف كائن
عليكم اليوم من مكروه.
(وَلا أَنْتُمْ
تَحْزَنُونَ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. أنتم : ضمير رفع
منفصل ـ ضمير المخاطبين مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. تحزنون : الجملة
الفعلية في محل رفع خبر «أنتم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل
في محل رفع فاعل بمعنى : ولا أنتم تحزنون على ما فاتكم في الدنيا.
(الَّذِينَ آمَنُوا
بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ)
(٦٩)
(الَّذِينَ آمَنُوا
بِآياتِنا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة ـ نعت ـ لعبادي
أو منصوب على المدح بفعل محذوف تقديره : أعني. أو يكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف
تقديره : هم بمعنى هؤلاء المؤمنون هم الذين. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول
لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : صدقوا. بآيات : جار ومجرور متعلق بآمنوا. و «نا»
ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل جر
مضاف إليه.
(وَكانُوا مُسْلِمِينَ) : الواو عاطفة. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. مسلمين
: خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع
مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى كانوا منقادين وخاضعين
طائعين لله. وجملة «كانوا مسلمين» لا محل لها لأنها معطوفة على «آمنوا».
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ
أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ)
(٧٠)
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) : الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف
بتقدير أو بمعنى : يقال لهم ادخلوا الجنة .. وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن
مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الجنة :
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(أَنْتُمْ
وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ) : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في
محل رفع توكيد للضمير في «ادخلوا» الواو عاطفة. وأزواجكم : معطوف على الضمير في «ادخلوا»
مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف
إليه والميم علامة جمع الذكور. مثل قوله تعالى : «اسكن أنت وزوجك». تحبرون :
الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير المخاطبين وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى : تسرون وتنعمون أو تكون
الجملة الفعلية «تحبرون» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : أنتم. والجملة
الاسمية «وأنتم تحبرون» في محل نصب حال بمعنى : وأنتم محبرون .. أي مسرورون.
(يُطافُ عَلَيْهِمْ
بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ
الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ)
(٧١)
(يُطافُ عَلَيْهِمْ) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. عليهم : جار
ومجرور في محل رفع نائب فاعل و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى.
(بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ) : جار ومجرور متعلق بيطاف. من ذهب : جار ومجرور متعلق
بصفة محذوفة من «صحاف» و «من» حرف جر بياني بمعنى ويطاف عليهم فيها بأطباق أو
بطعام من صحاف ـ قصاع وطباق ـ من ذهب.
(وَأَكْوابٍ وَفِيها
ما) : معطوف بالواو على «صحاف» وتعرب مثلها. الواو استئنافية.
فيها : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
رفع مبتدأ مؤخر والجملة الفعلية بعده «تشتهيه الأنفس» صلة الموصول لا محل لها.
(تَشْتَهِيهِ
الْأَنْفُسُ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل
والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم. الأنفس : فاعل مرفوع بالضمة.
(وَتَلَذُّ
الْأَعْيُنُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «تشتهي الأنفس»
وتعرب إعرابها وعلامة رفع الفعل الضمة الظاهرة على آخره بمعنى : وتلتذ به الأعين
أو بمنظره الأعين.
(وَأَنْتُمْ فِيها
خالِدُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. أنتم :
ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. فيها : جار
ومجرور متعلق باسم الفاعلين «خالدون» خالدون : خبر «أنتم» مرفوع بالواو لأنه جمع
مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(وَتِلْكَ الْجَنَّةُ
الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
(٧٢)
(وَتِلْكَ الْجَنَّةُ) : الجملة الاسمية في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف
تقديره : ويقال لهم تلك الجنة .. الواو عاطفة. تي : اسم إشارة مبني على السكون في
محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. الجنة : بدل أو نعت لاسم الإشارة «تلك»
مرفوع بالضمة والاشارة إلى الجنة المذكور في الآية الكريمة السبعين.
(الَّتِي
أُورِثْتُمُوها) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ
محذوف تقديره : هي. والجملة الاسمية «هي التي» في محل رفع خبر المبتدأ «تلك» أو تكون
«الجنة» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هي .. فتكون الجملة الاسمية «هي الجنة» في محل
رفع خبر المبتدأ «تلك» فيكون
الاسم الموصول «التي» في محل رفع صفة للجنة. والجملة الفعلية «أورثتم» صلة
الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع
المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل
والميم علامة جمع الذكور والواو لإشباع الميم و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في
محل نصب مفعول به يعود على الجنة.
(بِما كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ) : الباء حرف جر ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
جر بالباء والجار والمجرور متعلق بأورثتم. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون
لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم
في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. تعملون : الجملة الفعلية في محل نصب
خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
بمعنى بسبب ما كنتم فحذف المضاف «سبب» وحل المضاف إليه «ما» محله والجملة الفعلية «كنتم
تعملون» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب
المحل لأنه مفعول به. التقدير : بما كنتم تعملونه أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «كنتم
تعملون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء
التقدير : بسبب عملكم في الدنيا.
(لَكُمْ فِيها
فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ)
(٧٣)
(لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ) : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «فاكهة» فيها : جار
ومجرور في محل رفع خبر مقدم. فاكهة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة ويجوز أن
يكون اسم الإشارة «تلك» في الآية الكريمة السابقة في محل رفع مبتدأ و «الجنة» بدلا
منه أو صفة له ويكون خبر «تلك» هو الجملة الاسمية «لكم فيها فاكهة» في محل رفع.
(كَثِيرَةٌ مِنْها
تَأْكُلُونَ) : صفة ـ نعت ـ لفاكهة مرفوع مثلها بالضمة المنونة. منها
: جار ومجرور متعلق بتأكلون .. و «من» حرف جر للتبعيض. تأكلون :
فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف مفعوله
لأن «من» التبعيضية دالة عليه بمعنى : لا تأكلون إلا بعضها وأعقابها باقية في
شجرها مزينة بالثمار أبدا أو يكون المفعول بتقدير : تأكلون منها ما لذ وطاب.
والجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير المخاطبين في «لكم» بمعنى : وأنتم تأكلون
منها.
** (لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها
تَأْكُلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة
والسبعين .. المعنى : ولكم في الجنة فاكهة كثيرة الأنواع تأكلون منها ما لذ وطاب
.. وبعد حذف المضاف إليه «الأنواع» نون آخر المضاف «كثيرة» ويقال : تفكه بالشيء :
بمعنى تمتع به. ومنه «الفاكهة» أي ما يتفكه به بمعنى : يتمتع بأكله رطبا كان أو
يابسا كالتين والبطيخ والزبيب والرطب والرمان وقوله تعالى في سورة «الرحمن» (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) قال أهل اللغة : إنما : خص ذلك بالذكر لأن العرب تذكر
الأشياء مجملة ثم تخص منها شيئا بالتسمية تنبيها على فضل فيه ومنه قوله تعالى في
سورة «الأحزاب» (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ
النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى
ابْنِ مَرْيَمَ) فكما أن إخراج محمد ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى من
النبيين .. وإخراج جبريل وميكال من الملائكة في قوله تعالى في سورة «البقرة» : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ
وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) ممتنع كذلك إخراج النخل والرمان من الفاكهة ممتنع قال
الأزهري : ولم أعلم أحدا من العرب قال : النخل والرمان ليسا من الفاكهة ومن قال ذلك
من الفقهاء فلجهله بلغة العرب وبتأويل القرآن وكما يجوز ذكر الخاص بعد العام
للتفضيل كذلك يجوز ذكر الخاص قبل العام للتفضيل. قال تعالى في سورة «الحجر» : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ
الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ).
** (وَنَادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا
رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة
والسبعين وفيه حذف مفعول «نادوا» اختصارا لأن ما بعده يدل عليه. التقدير : ونادوا
مالكا قائلين : يا مالك خازن النار : سل ربك أن يقضي علينا أي يميتنا تخلصا من هذا
العذاب أي يقضي علينا بالموت ليريحنا من العذاب لأن القضاء علينا بالفناء أولى لنا
من هذا العذاب الدائم فأجابهم مالك وقيل أجابهم الله تعالى : إنكم في العذاب باقون
لابثون أو مقيمون أبدا. روي أنه قيل لابن عباس : إن ابن مسعود قرأ الآية الكريمة :
«ونادوا يا مال» أي بترخيم اسم «مالك» فقال ابن عباس : ما كان أشغل أهل النار عن
الترخيم .. وفي رواية : ما كان أغنى أهل النار عن الترخيم! والترخيم مأخوذ من رخم
الصوت أو الاسم : بمعنى : صيره رخيما أي رقيقا ولينا .. ومن أحكام المنادى «الترخيم»
وهو حذف آخره تخفيفا وهو تسمية قديمة. وقال مجاهد : ما كنا ندري معنى «يا مالك»
حتى سمعنا في قراءة عبد الله «ونادوا يا مال» وهذا على الترخيم. والعرب ترخم «مالكا»
فتقول : يا مال أقبل .. ومن العرب من يقول : يا مال أقبل فيجعلون ما بقي اسما على
حاله .. فالأول يسمى : لغة من ينتظر والوجه الثاني لغة من لا ينتظر .. والشعراء
تناولوا الترخيم :
يا ناق لا
تسأمي أو تبلغي ملكا
|
|
تقبيل راحته
والركن سيان
|
متى تحطي
إليه الرحل سالمة
|
|
تستجمعي
الخلق في تمثال إنسان
|
قصد الشاعر أبو
نواس في ندائه : يا ناقة فحذف آخره وجعل ما بقي اسما على حاله وهو ما سمي لغة من
لا ينتظر .. ومنه أيضا قول الشاعر «عمرو بن كلثوم» في معلقته :
قفي قبل
التفرق يا ظعينا
|
|
نخبرك اليقين
وتخبرينا
|
أراد : يا
ظعينة .. فرخم. و «الظعينة» هي المرأة في الهودج .. سميت بذلك لظعنها مع زوجها فهي
فعيلة بمعنى فاعلة .. ثم كثر استعمال هذا الاسم للمرأة حتى يقال : ظعينة وهي في
بيت زوجها يقول الشاعر لها : قفي مطيتك أيتها الحبيبة والظاعنة نخبرك بما قاسينا
بعدك وتخبرينا بما لاقيت بعدنا. وقال حاتم الطائي وهو شاعر فارس ضربت بجوده
الأمثال يخاطب امرأته «ماوية» وكانت قد هجرته لاحتكام السخاء به حتى لم يبق على ماله
:
أماوي ما هذا
التجنب والهجر
|
|
وق. عذرتني
في طلابكم العذر
|
أماوي إن
المال غاد ورائح
|
|
ويبقى من
المال الأحاديث والذكر
|
أماوي إني لا
أقول لسائل
|
|
إذا جاء يوما
حل في مالي الندر
|
أماوي ما
يغني الثراء عن الفتى
|
|
إذا حشرجت
يوما وضاق بها الصدر
|
الضمير الفاعل
في «حشرجت» يرجع إلى الروح .. فحذف الحرف الأخير من «ماوية» للترخيم.
** (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا
مُبْرِمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة
والسبعين .. المعنى : أم اعتزم مشركو مكة أمرا من كيدهم لرسول الله .. أي بل أأحكموا
تدبير أمر في قتل النبي وإبطال دعوته فإنا مبرمون كيدنا كما أبرموا كيدهم .. وكيد
الله سبحانه بمعنى : مجازاتهم وإهلاكهم.
** سبب نزول
الآية : قال مقاتل : نزلت هذه الآية الكريمة في تدبيرهم في المكر بالنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في دار الندوة.
** (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ
سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثمانين ..
المعنى أم يظنون أنا لا نسمع حديثهم أي حديث الخفية مع النفس وتناجيهم فيما
يتهامسون به بينهم أي محادثة بعضهم لبعض بلى أي نعم نسمع ذلك أي سرهم وتناجيهم
ونعلم به لأن الملائكة الحفظة يكتبون ذلك لهم أي جميع ما يقولون وما يصدر عنهم من
أقوال وأفعال فحذف مفعول «يكتبون».
** سبب نزول
الآية : نزلت الآية الكريمة في ثلاثة بين الكعبة وأستارها وهم قرشيان وثقفي قال
واحد منهم : ترون الله يسمع كلامنا؟ وقال آخر إذا جهرتم سمع وإذا أسررتم لم يسمع.
فنزلت الآية.
** (سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية
والثمانين .. و «العرش» كما يقول «المصحف المفسر» العرش : أصله : سرير الملك. واصطلاحا
هو جرم كبير محيط بالكون منه تتنزل التدبيرات الالهية.
** (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ
فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة
والثمانين المعنى فأعرض عن دعواهم. وأصل «الصفح» أن تولي الإنسان صفحة وجهك معرضا
عنه. والفعل من باب «قطع».
(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ
فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ)
(٧٤)
(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. المجرمين : اسم «إن»
منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته
بمعنى : إن الكافرين ..
(فِي عَذابِ جَهَنَّمَ
خالِدُونَ) : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «خالدون» بمعنى
ماكثون. جهنم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة
المنونة لأنه ممنوع من الصرف للمعرفة والتأنيث. خالدون : خبر «إن» مرفوع بالواو
لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(لا يُفَتَّرُ
عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ)
(٧٥)
(لا يُفَتَّرُ
عَنْهُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «المجرمين» ويجوز
أن تكون في محل رفع خبرا ثانيا لإن. لا : نافية لا عمل لها. يفتر : فعل مضارع مبني
للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة بمعنى لا يخفف. عن : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين
في محل جر بعن. والجار والمجرور في محل رفع نائب فاعل. أي لا يخفف عنهم العذاب
فترة.
(وَهُمْ فِيهِ
مُبْلِسُونَ) : الواو عاطفة. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين في محل
رفع مبتدأ. فيه : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «مبلسون» بمعنى وهم في العذاب
ساكتون من الغم أي آيسون ـ يائسون ـ من النجاة وعلى التفسير يكون نائب الفاعل «العذاب»
محذوفا اختصارا ويكون الجار والمجرور «عنهم» متعلقا بيفتر. مبلسون : خبر «هم»
مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(وَما ظَلَمْناهُمْ
وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ)
(٧٦)
(وَما ظَلَمْناهُمْ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. ظلم : فعل
ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع
فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به.
(وَلكِنْ كانُوا) : الواو زائدة. لكن : مهملة لأنها مخففة وهي حرف
استدراك. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير
متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة بمعنى وما ظلمناهم بإدخالهم النار .. أو
وما ظلمناهم شيئا بمعنى لا نعذبهم بغير ذنب اقترفوه ولكنهم ظلموا أنفسهم بالكفر
والمعصية.
(هُمُ الظَّالِمِينَ) : ضمير فصل ـ عند البصريين ـ وعماد ـ عند الكوفيين ـ لا
محل له من الإعراب وهو في الأصل ضمير الغائبين حرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين.
الظالمين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته أي وما ظلمناهم بتعذيبهم ولكن كانوا الظالمين أنفسهم بالكفر.
(وَنادَوْا يا مالِكُ
لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ)
(٧٧)
(وَنادَوْا يا مالِكُ) : الواو استئنافية. نادوا : فعل ماض مبني على الفتح
المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. وبقيت
الفتحة دالة على الألف المحذوفة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
يا : أداة نداء. مالك : اسم علم منادى مفرد مبني على الضم في محل نصب.
(لِيَقْضِ عَلَيْنا
رَبُّكَ) : الجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لاسم
فاعلين محذوف بمعنى قائلين .. اللام لام الطلب في مقام الدعاء وهي جازمة. يقض :
فعل مضارع مجزوم باللام وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء ـ وبقيت كسرة
مجانسة الياء. على : حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر بعلى
والجار والمجرور متعلق بيقضي. ربك : فاعل مرفوع بالضمة. والكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطب ـ في محل جر مضاف إليه.
(قالَ إِنَّكُمْ
ماكِثُونَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو وقيل : إن الله سبحانه هو الذي أجابهم. إن : حرف
نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم
في محل نصب اسم «إن» والميم علامة جمع الذكور والجملة المؤولة من «إن» مع اسمها
وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ماكثون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(لَقَدْ جِئْناكُمْ
بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ)
(٧٨)
(لَقَدْ جِئْناكُمْ
بِالْحَقِ) : الجملة في محل نصب لأنها واقعة أيضا في مقول القول
وهو قول الله تعالى لهم أي للكفار. اللام لام الابتداء للتوكيد. قد : حرف تحقيق.
جئنا : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم
المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. بالحق :
جار ومجرور متعلق بجئنا بمعنى لقد آتيناكم أيها الكفرة بالحق الثابت وأنذرناكم في
كتبنا المنزلة القرآن وما سبقه على لسان الرسل فلم ترعووا.
(وَلكِنَّ
أَكْثَرَكُمْ) : الواو استدراكية. لكن : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن»
أكثر : اسم «لكن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني
على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور.
(لِلْحَقِّ كارِهُونَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «لكن» كارهون : خبر «لكن»
مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد «كاره»
وهو اسم فاعل.
(أَمْ أَبْرَمُوا
أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ)
(٧٩)
(أَمْ أَبْرَمُوا
أَمْراً) : حرف إضراب بمعنى «بل» وهي «أم» المنقطعة. أبرموا : فعل
ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل والألف فارقة. أمرا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة.
(فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. إن : حرف نصب
وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» وحذفت
إحدى النونين اختصارا. مبرمون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون
عوض من تنوين المفرد وحركته.
(أَمْ يَحْسَبُونَ
أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ
يَكْتُبُونَ)
(٨٠)
(أَمْ يَحْسَبُونَ) : حرف عطف وهي «أم» المتصلة لأنها مسبوقة بهمزة استفهام
مقدرة. يحسبون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
بمعنى : يظنون. أو تكون «أم» بمعنى «بل».
(أَنَّا لا نَسْمَعُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني
على السكون في محل نصب اسم «أن». لا : نافية لا عمل لها. نسمع : فعل مضارع مرفوع وعلامة
رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. والجملة الفعلية «لا نسمع
سرهم ..» في محل رفع خبر «أن» و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «يحسبون».
(سِرَّهُمْ
وَنَجْواهُمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. نجواهم : معطوف بالواو على «سرهم»
ويعرب مثله وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر.
(بَلى وَرُسُلُنا) : حرف جواب بمعنى : نعم لا محل لها أي نسمع سرهم
ونجواهم ونطلع عليهما. الواو استئنافية. رسل : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف و «نا»
ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
(لَدَيْهِمْ
يَكْتُبُونَ) : ظرف مكان بمعنى «عندهم» مبني على السكون في محل نصب
متعلق بالخبر وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين
ـ في محل جر مضاف إليه. يكتبون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ
وتعرب إعراب «يحسبون». أو تكون الواو حالية والجملة الاسمية «رسلنا لديهم يكتبون»
في محل نصب حالا من ضمير «نسمع».
(قُلْ إِنْ كانَ
لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ)
(٨١)
(قُلْ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره أنت وحذفت الواو ـ أصله : قول ـ لالتقاء الساكنين والجملة الشرطية
بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(إِنْ كانَ) : حرف شرط جازم. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح فعل
الشرط في محل جزم بإن.
(لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ) : جار ومجرور في محل نصب خبر «كان» المقدم. ولد : اسم «كان»
المؤخر مرفوع بالضمة المنونة. بمعنى : إن ثبت أن وجد لله ولد كما تزعمون وتفترون.
(فَأَنَا أَوَّلُ
الْعابِدِينَ) : الجملة الاسمية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل
جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط. أنا ضمير منفصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ. أول : خبر «أنا» مرفوع بالضمة وهو مضاف. العابدين : مضاف إليه
مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد
وحركته.
(سُبْحانَ رَبِّ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ)
(٨٢)
(سُبْحانَ رَبِ) : مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف تقديره أسبح. رب : مضاف
إليه مجرور بالكسرة بمعنى تنزيها لرب ..
(السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ) : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها.
(رَبِّ الْعَرْشِ
عَمَّا يَصِفُونَ) : بدل من «رب السموات» ويعرب مثله. عما : مركبة من «عن»
حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل
جر بعن والجار والمجرور متعلق بسبحان ـ بتأويل فعله ـ يصفون : الجملة
الفعلية صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه
مفعول به. التقدير : عما يصفونه بمعنى : أنزه رب السموات والأرض تنزيها عما يصفونه
به من الولد والنسب. أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «يصفون» صلة حرف مصدري لا محل
لها و «ما» المصدرية وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بعن. التقدير سبحان الله رب
السموات والأرض عن وصفهم سبحانه بالولد أو النسب.
(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا
وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ)
(٨٣)
(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا) : الفاء استئنافية. ذر : فعل أمر مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل
نصب مفعول به بمعنى فدعهم أو فاتركهم. يخوضوا : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب
وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(وَيَلْعَبُوا حَتَّى) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يخوضوا»
وتعرب إعرابها بمعنى : دعهم يخوضوا في باطلهم ويلعبوا أي ويلهوا في دنياهم. حتى :
حرف غاية وجر بمعنى : إلى أن ..
(يُلاقُوا يَوْمَهُمُ) : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل
مضارع منصوب بأن مضمرة بعد «حتى» وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل والألف فارقة. و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر «ملاقاة» في محل جر
بحتى والجار والمجرور متعلق بيخوضوا. يوم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو
مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه وحرك الميم بالضم
للوصل ـ التقاء الساكنين.
(الَّذِي يُوعَدُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ لليوم.
يوعدون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي
فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع
نائب فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير :
يوعدونه. أو يكون العائد مجرورا بحرف جر بتقدير : يوعدون به بمعنى : الذي وعدوا
به.
(وَهُوَ الَّذِي فِي
السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ)
(٨٤)
(وَهُوَ الَّذِي) : الواو استئنافية. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في
محل رفع مبتدأ. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو» وشبه الجملة
«في السماء» متعلق بصلة الموصول لا محل له بمعنى والله هو الإله في السماء ..
(فِي السَّماءِ إِلهٌ) : جار ومجرور متعلق بصلة الموصول المحذوفة وهو أي الجار
والمجرور ليس معناه الاستقرار وفيه نفي للآلهة التي كانت تعبد في الأرض. إله : خبر
مبتدأ محذوف تقديره هو مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة. والجملة الاسمية «هو إله»
بيان للصلة أي أن كونه سبحانه في السماء على سبيل الالهية والربوبية.
(وَفِي الْأَرْضِ
إِلهٌ وَهُوَ) : معطوف بالواو على «في السماء إله» ويعرب إعرابه.
الواو عاطفة. هو : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.
(الْحَكِيمُ
الْعَلِيمُ) : خبر ان للمبتدإ «هو» على التتابع .. أي خبر بعد خبر
مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة.
(وَتَبارَكَ الَّذِي
لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَعِنْدَهُ عِلْمُ
السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)
(٨٥)
(وَتَبارَكَ الَّذِي) : الواو عاطفة. تبارك : فعل ماض مبني على الفتح. الذي :
اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.
(لَهُ مُلْكُ) : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. ملك : مبتدأ مؤخر
مرفوع بالضمة وهو مضاف.
(السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض
: معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها. والجملة الاسمية «له ملك السموات
والأرض» صلة الموصول لا محل لها بمعنى تعظم الله الذي ..
(وَما بَيْنَهُما) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
جر لأنه معطوف على مجرور «السموات» بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه
الفتحة وهو مضاف متعلق بفعل محذوف تقديره : استقر أو وجد. والهاء ضمير متصل مبني
على الضم في محل جر مضاف إليه و «ما» علامة التثنية والجملة الفعلية «استقر أو وجد
بينهما» صلة الموصول «ما» لا محل لها.
(وَعِنْدَهُ عِلْمُ
السَّاعَةِ) : الواو عاطفة. عنده : ظرف مكان منصوب على الظرفية
وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف وشبه الجملة «عنده» متعلق بخبر مقدم. علم : مبتدأ
مؤخر مرفوع بالضمة. الساعة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
(وَإِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ) : الواو عاطفة. إليه : جار ومجرور متعلق بترجعون ويجوز
أن يكون المعنى : وأنتم إليه ترجعون فتكون الجملة الفعلية «ترجعون» في محل رفع خبر
مبتدأ محذوف. ترجعون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل
في محل رفع نائب فاعل بمعنى : تردون للمحاسبة. وعلم الساعة : علم قيام الساعة.
(وَلا يَمْلِكُ
الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ
وَهُمْ يَعْلَمُونَ)
(٨٦)
(وَلا يَمْلِكُ
الَّذِينَ) : الواو استئنافية. لا : نافية لا عمل لها. يملك : فعل
مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل
والجملة الفعلية بعده «يدعون ..» صلة الموصول لا محل لها.
(يَدْعُونَ مِنْ
دُونِهِ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل. من دونه : جار ومجرور متعلق بيدعون والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف
إليه والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير :
يدعونهم بمعنى ولا تملك الآلهة التي يدعونها بمعنى يعبدونها من غير الله سبحانه.
(الشَّفاعَةَ إِلَّا
مَنْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. إلا : أداة
استثناء. من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مستثنى بإلا .. والجملة
الفعلية «شهد بالحق» صلة الموصول لا محل لها. أو تكون «إلا» بمعنى ولكن.
(شَهِدَ بِالْحَقِ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. بالحق : جار ومجرور متعلق بشهد بمعنى : الذي شهد بأن الله هو الحق.
(وَهُمْ يَعْلَمُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هم : ضمير
منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. يعلمون : تعرب إعراب «يدعون» والجملة
الفعلية «يعلمون» في محل رفع خبر «هم».
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ
مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ)
(٨٧)
هذه الآية
الكريمة أعربت في الآية الكريمة التاسعة و «هم» في «خلقهم» ضمير الغائبين في محل
نصب مفعول به.
(اللهُ فَأَنَّى
يُؤْفَكُونَ) : لفظ الجلالة فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة وقد حذف الفعل
لأن ما بعده يدل عليه. التقدير : خلقهم الله. أو يكون لفظ الجلالة مبتدأ وخبره
محذوفا وهو جملة اسمية في محل رفع خبر المبتدأ. التقدير : الله هو خالقهم. الفاء
استئنافية. أنى : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب ظرف مكان بمعنى : أين أو
كيف. يؤفكون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع نائب فاعل بمعنى : فكيف يصرفون عن الايمان بالله سبحانه أو عن عبادته إلى
عبادة غيره؟.
(وَقِيلِهِ يا رَبِّ
إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ)
(٨٨)
(وَقِيلِهِ يا رَبِ) : معطوف بالواو على «الساعة» في الآية الكريمة الخامسة
والثمانين مجرور مثلها وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب
ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : وقوله أي وقول الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وعطف على «علم الساعة» على تقدير حذف مضاف معناه :
وعنده علم الساعة وعلم قيله. وقيل : هذا التقدير ليس بقوي في المعنى مع وقوع الفصل
بين المعطوف والمعطوف عليه بما لا يحسن اعراضا ومع تنافر النظم .. وأقوى من ذلك
وأوجه أن يكون الجر على إضمار حرف القسم بتقدير : وأقسم بقيله يا رب وحذف حرف
القسم ويكون قوله «إن هؤلاء قوم ..» جواب القسم. يا : أداة نداء. رب : منادى مضاف
منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة
التي هي الحركة الدالة على الياء والياء المحذوفة خطا واختصارا ولفظا ضمير متصل ـ ضمير
المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه. والقيل والقال والقول : بمعنى واحد ..
(إِنَّ هؤُلاءِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هؤلاء : اسم إشارة مبني
على الكسر في محل نصب اسم «إن».
(قَوْمٌ لا
يُؤْمِنُونَ) : خبر ثان» مرفوع بالضمة المنونة. لا : نافية لا عمل
لها. يؤمنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والجملة الفعلية «لا يؤمنون» في محل رفع صفة ـ نعت ـ لقوم.
(فَاصْفَحْ عَنْهُمْ
وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)
(٨٩)
(فَاصْفَحْ عَنْهُمْ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. اصفح : فعل أمر
مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. عن : حرف جر و «هم»
ضمير الغائبين في محل جر بعن. والجار والمجرور متعلق باصفح بمعنى أجاب الله تعالى
فاعف عن المشركين.
(وَقُلْ سَلامٌ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «اصفح» وتعرب
إعرابها وحذفت الواو ـ أصله : قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين. والجملة الاسمية
بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ سلام : خبر مبتدأ محذوف تقديره : أمري
سلام بمعنى تسلم منكم ومتاركة لا سلام تحية مرفوع بالضمة المنونة. أو يكون مبتدأ
ويكون خبره محذوفا بتقدير : سلام عليكم أي سلام اهمال لا سلام تحية وجاز الابتداء
بالنكرة لأنه بمعنى الدعاء.
(فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) : الفاء استئنافية. سوف : حرف تسويف ـ استقبال ـ يعلمون
: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى فسوف
يعلمون أن وعدنا لهم بالعذاب حق. أو فسوف يعلمون عاقبة كفرهم وفي القول الكريم
وعيد ـ تهديد ـ من الله تعالى للمشركين وتسلية لرسوله الحبيب ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
***
سورة الدخان
معنى
السورة : الدخان :
اسم معروف يلفظ بتخفيف الخاء وأكثر ما يلازم النار فيقال تصاعد دخان النار .. ونحو
دخنت النار : أي ارتفع دخانها والفعل من بابي دخل وخضع وجمعه دواخن على غير قياس
ومثل عنان ـ بضم العين وجمعه : عوائن ولا نظير لهما ويقال : دخنت النار ـ تدخن ـ دخنا
.. من باب «تعب» إذا ألقيت عليها حطبا فأفسدتها حتى يهيج لذلك دخان. ويقال أيضا
دخنت ـ تدخن ـ دخونا النار أي ارتفع دخانها.
تسمية
السورة : ذكرت لفظة «الدخان»
في القرآن الكريم مرتين مرة في سورة «فصلت» في قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ
دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا
طائِعِينَ) بمعنى : وهي كتلة غازية «وهي السديم» تشبه الدخان : أي
ما ارتفع من لهب النار ومرة آخرة في سورة من سور القرآن الكريم التي كرمها الله
فسمى إحدى سوره بهذه اللفظة .. أي سورة «الدخان» : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ
تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) صدق الله العظيم .. بمعنى : فانتظر يوم تجيء السماء
بدخان بسبب حدوث كوارث أو لأن الدخان إشارة أو علامة من علامات يوم القيامة. قال
حذيفة : يا رسول الله وما الدخان؟ فتلا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الآية المذكورة آنفا والآية التي بعدها : (يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ) أي يغطي الناس فيقولون هذا عذاب مؤلم. وقال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يملأ ما بين الشرق والمغرب يمكث أربعين يوما وليلة ..
أما المؤمن فيصيبه كهيئة الزكمة .. وأما الكافر فهو كالسكران يخرج الدخان من
منخريه وأذنيه .. وجاء في المصحف المفسر : أي فانتظر يوم شدة ومجاعة لأن الهواء
يظلم عام القحط لقلة الأمطار وكثرة الغبار أو لأن العرب تسمي الشر المتفاقم دخانا.
وقيل : سمي «الدخان» نحاسا في قوله تعالى في سورة «الرحمن» : (يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ
وَنُحاسٌ) صدق الله العظيم.
فضل
قراءة السورة : قال رسول الله البشير محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ حاميم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون
ألف ملك» وعنه ـ عليه أفضل الصلاة والسلام : «من قرأ حم التي يذكر فيها الدخان في
ليلة جمعة أصبح مغفورا له» صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
إعراب آياتها
(حم)
(١)
حم : هذه
الأحرف الكريمة وأمثالها شرحت وفسرت بصورة مفصلة في سورة «يوسف».
(وَالْكِتابِ
الْمُبِينِ)
(٢)
(وَالْكِتابِ
الْمُبِينِ) : الواو حرف جر للقسم. الكتاب : مقسم به مجرور بواو
القسم وعلامة جره الكسرة. والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف. والأصل :
بالكتاب فأبدلت بالواو بمعنى وحق الكتاب أي القرآن وهو من الأيمان الحسنة البديعة
لتناسب القسم والمقسم عليه وكونهما أي الكتاب والقرآن من واد واحد. المبين : صفة ـ
نعت ـ للكتاب مجرور مثله ويعرب إعرابه بمعنى البين أو الواضح للمتدبرين.
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ)
(٣)
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل وكسرت همزتها لأنها جاءت
بعد فعل قسم غير ظاهر أي وقعت جوابا للقسم و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في
محل نصب اسم «إن». أنزلناه : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني
على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء
ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به يعود على «الكتاب» وهو القرآن و «إن»
وما في حيزها من اسمها وخبرها جواب القسم المقدر لا محل لها من الإعراب.
(فِي لَيْلَةٍ
مُبارَكَةٍ) : جار ومجرور متعلق بأنزلنا. مباركة : صفة ـ نعت ـ لليلة
مجرورة مثلها وعلامة جرهما الكسرة المنونة.
(إِنَّا كُنَّا
مُنْذِرِينَ) : أعرب والجملة الفعلية بعده «كنا منذرين» في محل رفع
خبر «إن». كنا : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني
على السكون في محل رفع اسم «كان». منذرين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والجملة مستأنفة لا محل لها
لأنها بيان لجملة القسم.
(فِيها يُفْرَقُ كُلُّ
أَمْرٍ حَكِيمٍ)
(٤)
(فِيها يُفْرَقُ كُلُ) : جار ومجرور متعلق بيفرق. يفرق : فعل مضارع مبني
للمجهول مرفوع بالضمة. كل : نائب فاعل مرفوع بالضمة.
(أَمْرٍ حَكِيمٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
حكيم : صفة ـ نعت ـ لأمر مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة والجملة الفعلية
استئنافية أيضا مثل سابقتها لا محل لها من الإعراب لأنها مفسرة لجواب القسم الذي
هو قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ).
** (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ
مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة .. المعنى
: إنا أنزلنا القرآن في ليلة كثيرة الخيرات وهي ليلة القدر .. وقيل : هي ليلة
النصف من شعبان .. ولها أربعة أسماء : الليلة المباركة .. ليلة البراءة .. ليلة
الصك .. وليلة الرحمة. وقيل : بينها وبين ليلة القدر أربعون ليلة .. وقيل في
تسميتها ليلة البراءة والصك أن البندار إذا استوفى الخراج «أي الإتاوة» من أهله
كتب لهم البراءة كذلك فإن الله سبحانه يكتب لعباده المؤمنين البراءة في هذه الليلة
.. وقيل : هي مختصة بخمس خصال : تفريق كل أمر حكيم وفضيلة العبادة فيها. قال رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من صلى في هذه الليلة مائة ركعة أرسل الله إليه
مائة ملك ثلاثون يبشرونه بالجنة وثلاثون يؤمنونه من عذاب النار وثلاثون يدفعون عنه
آفات الدنيا وعشرة يدفعون عنه مكايد الشيطان» ونزول الرحمة .. قال ـ عليه الصلاة
والسلام ـ «إن الله يرحم أمتي في هذه الليلة بعدد شعر أغنام بني كلب» وحصول
المغفرة .. قال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «إن الله تعالى يغفر لجميع المسلمين في تلك الليلة
إلا لكاهن أو ساحر أو مشاحن أو مدمن خمر أو عاق للوالدين أو مصر على الزنا» صدق
رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وليلة القدر في أكثر الأقاويل في شهر رمضان. وقيل :
سبب إنزال القرآن الكريم في هذه الليلة هو أنه أنزل جملة واحدة من السماء السابعة
إلى السماء الدنيا وأمر السفرة الكرام بانتساخه في ليلة القدر .. وكان جبريل ـ عليهالسلام ـ ينزل على رسول الله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ نجوما نجوما. وعن الشعبي : المعنى : إنا ابتدأنا
إنزاله في ليلة القدر واختلفوا في وقتها ؛ فأكثرهم على أنها في شهر رمضان في العشر
الأواخر في أوتارها وأكثر القول على أنها في شهر رمضان في السابعة والعشرين منها
ولعل الداعي إلى إخفائها هو أن يحيي من يزيدها الليالي الكثيرة طلبا لموافقتها
فتكثر عبادته ويتضاعف ثوابه وأن لا يتكل الناس عند إظهارها على إصابة الفضل فيها
فيفرطوا في غيرها. وقيل : إن معنى «ليلة القدر» هو ليلة تقدير الأمور وقضائها من
قوله تعالى : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ
أَمْرٍ حَكِيمٍ) وقوله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما
لَيْلَةُ الْقَدْرِ) معناه : ولم تبلغ درايتك غاية فضلها ومنتهى علو قدرها
ثم بين له ذلك بأنها خير من ألف شهر .. وسبب ارتقاء فضلها إلى هذه الغاية ما يوجد
فيها من المصالح الدينية التي ذكرها من تنزيل الملائكة والروح وفصل كل أمر حكيم ..
وذكر في تخصيص هذه المدة أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ذكر رجلا من قوم موسى ـ عليهالسلام ـ لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر فعجب المؤمنون من
ذلك وتقاصرت إليهم أعمالهم فأعطوا ليلة هي خير من مدة ذلك الغازي. وقيل : إن الرجل
فيما مضى ما كان يقال له : عابد حتى يعبد الله ألف شهر فأعطوا ليلة إن أحيوها
كانوا أحق بأن يسموا عابدين من أولئك العباد. وقيل : سميت ليلة القدر بذلك لخطرها
وشرفها على سائر الليالي.
** (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة ..
المعنى : في هذه الليلة يفصل ويقضى كل أمر محكم .. أو كل شأن ذي حكمة أي مفعول ما
تقتضيه الحكمة وهو من الإسناد المجازي لأن الحكيم صفة صاحب الأمر على الحقيقة ووصف
الأمر بها مجاز.
** (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ
بِدُخانٍ مُبِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة العاشرة المعنى
: فانتظر يوم حلول الساعة يوم تأتي السماء بظلمة تغطي الناس والجو وهو من علامات
قيام الساعة أو لأن الظلام يحل وذلك عام القحط والشدة لقلة الأمطار وكثرة الغبار
فيرى المكروب ظلمة الجو كأنها دخان واضح .. أو لأن العرب تسمي الشر المتفاقم دخانا
.. وقد اختلف في «الدخان» وعن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «أول الآيات الدخان ونزول عيسى ابن مريم ونار تخرج
من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر» ويروى أنه قيل لابن مسعود : إن قاصا عند أبواب
كندة يقول : إنه دخان يأتي يوم القيامة فيأخذ بأنفاس الخلق فقال : من علم علما
فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله أعلم فإن من علم الرجل أن يقول لشيء لا يعلمه
الله أعلم. ومن أسماء يوم القيامة : الواقعة لأنها تقع بالخلق فتغشاهم. وعن الحسن
: ما من يوم يمر إلا وينادي : إني يوم جديد وإني على ما يعمل شهيد ـ أي شاهد ـ فاغتنمني
.. فلو غابت شمسي لم تدركني إلى يوم القيامة.
** سبب نزول
الآية : أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود : أن قريشا لما استعصت على رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأبطئوا عن الإسلام قال : «اللهم أعني عليهم بسبع
كسبع يوسف ..» فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى
ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجوع .. فأنزل الله : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ) فأتي النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقيل : يا رسول الله استسق الله لمضر .. فاستسقى لهم
فسقوا.
** (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ
إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة
المعنى : سلموا لي بني إسرائيل ليخرجوا معي من مصر أو بمعنى : أدوا إلي حق الله من
الايمان وقبول الدعوة التي بعثت بها. و «الأمين» تعني : الآمن .. وهو من «الأمن»
وفعله :
أمن .. نحو : أمن زيد الأسد أمنا .. وأمن منه .. مثل «سلم منه» وزنا ومعنى.
والأصل : أن يستعمل في سكون القلب .. يتعدى بنفسه وبالحرف ويعدى إلى ثان بالهمزة
نحو آمنته منه وأمنته عليه وائتمنته عليه فأنا مؤتمن ـ بكسر الميم الثانية .. اسم
فاعل ـ وهو أمين ـ اسم مفعول ـ ولهذا قيل : وهب الأمين ما لا يملك وهو أصح من
القول الشائع : وهب الأمير ما لا يملك لأن المعنى الأول : ائتمن على شيء لا يملكه
ومعنى الثاني : أن الأمير أعطى ما لا يملك بلا عوض .. أي إذا أريد الأمانة فهو
القول الأول وإذا أريد الهبة فهو القول الثاني. ويجوز أن يكون «الأمين» اسم فاعل
بمعنى : المؤتمن إضافة إلى كونه «المؤتمن» بفتح الميم الثانية وهو بذلك شبيه بمعنى
«المأمون» أي الموثوق به. والأمين هو الموثوق به أيضا أي المأمون الثقة ..
** (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ
وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة
والعشرين .. والقول الكريم مجاز من عدم الاكتراث بهلاكهم وفي القول : تهكم بحالهم
المنافية من يعظم فقده أو بمعنى : فما بكى عليهم الملائكة والمؤمنون يعني فما بكى
عليهم أهل السماء وأهل الأرض فحذف الفاعل المضاف «أهل» وحل المضاف إليه «السماء ..
والأرض» محله أي وما كانوا ممهلين إلى الآخرة بل عجل لهم الهلاك في الدنيا. وقيل
هذا القول الكريم على سبيل التمثيل والتخييل مبالغة .. وفيه تهكم بهم أي كان أهل
السماء وأهل الأرض مسرورين بهلاكهم. يروى أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان في مأتم فبكى النساء فانتهرهن عمر ـ رضي الله عنه
ـ فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : دعهن يا عمر فإن النفس مصابة والعين دامعة
والعهد قريب. و «المأتم» عند العرب : نساء يجتمعن في الخير والشر وجمعه : مآتم ..
وعند العامة يعني : المصيبة .. يقولون : كنا في مأتم فلان والصواب هو : كنا في
مناحة فلان .. أي في موضع النوح : وهو مكان اجتماع الناس للحزن. و «النوح» و «النياح»
هو البكاء بصياح وعويل وجزع. قال المعري :
غير مجد في ملتي
واعتقادي
|
|
نوح باك أو
ترنم شاد
|
واسم الفاعل
للفعل «ناح» هو نائح وجمعه : نائحون ولكن الفعل مختص بالإناث فاسم الفاعل للمؤنث
هو نائحة وجمعه : نائحات ـ جمع مؤنث سالم ـ ويجمع جمع تكسير فيقال : نوح ـ بضم
النون وتشديد الواو ـ ونوح. قال الشاعر :
لا أنت زاحمت
عن ملك فتمنعه
|
|
ولا مددت إلى
قوم بأسباب
|
ما شق جيب
ولا ناحتك نائحة
|
|
ولا بكتك
جياد عند أسلاب
|
وإذا كان الفعل
«ناح» قد اختص بالإناث ـ أي النساء ـ فقد استعير ليطلق على الطير أيضا مع فارق وهو
أن قولنا : ناح الطير أو ناحت الحمامة : يعني غرد أو غردت لأن «ناحت» تعني : بكت
وبكاء الحمام هو تغريده كما جاء في شعر أبي فراس الحمداني :
أقول وقد
ناحت بقربي حمامة
|
|
أيا جارتا لو
تشعرين بحالي
|
وقال الشاعر
جميل بن عبد الله العذري صاحب «بثينة» :
وما زلتم يا
بثن حتى لو أنني
|
|
من الشوق
أستبكي الحمام بكى ليا
|
وأنت التي إن
شئت كدرت عيشتي
|
|
وإن شئت بعد
الله أنعمت باليا
|
و «بثن» منادى
مرخم. والألف في «ليا» و «باليا» للاطلاق وقد جاء الفعل «بكى» مزيدا وهو استبكي
فتعدى إلى المفعول.
(أَمْراً مِنْ
عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ)
(٥)
(أَمْراً مِنْ عِنْدِنا) : مفعول به منصوب على الاختصاص أو المدح بتقدير : أعني
بهذا أمرا أو يكون حالا من «أمر» بعد أن خصص بوصف وسوغ تنكير صاحب الحال «أمر»
اعتماده على الوصف أي يكون أمرا من ضمير المفعول .. أي أنزلناه في حالة كونه أمرا
ويجوز أن يكون منصوبا على المصدر أي يوضع موضع «فرقانا» الذي هو مصدر «يفرق» لأن
معنى الأمر والفرقان واحد من حيث إنه إذا أحكم الشيء وكتبه فقد أمر به وأوجبه. من
عند : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «أمرا» بمعنى أمرا صادرا أو حاصلا منا و «نا»
ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه أو بمعنى كائنا من لدنا.
(إِنَّا كُنَّا
مُرْسِلِينَ) : يعرب إعراب «إنا كنا منذرين» الوارد في الآية الكريمة
الثالثة وهو بدل منه أو يكون تعليلا ليفرق.
(رَحْمَةً مِنْ
رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
(٦)
(رَحْمَةً مِنْ
رَبِّكَ) : مفعول لأجله ـ من أجله .. أو له ـ على معنى : إنا
أنزلنا القرآن لأن من شأننا إرسال الرسل بالكتب إلى عبادنا لأجل الرحمة عليهم
ويجوز أن تكون مفعولا به وقد وصف الرحمة بالإرسال والأصل : إنا كنا مرسلين رحمة
منا فوضع الظاهر وهو «من ربك» موضع الضمير وهو «منا» ويكون نصبه باسم الفاعل «مرسلين»
ويجوز أن تكون بدلا من «أمرا» من ربك : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «رحمة»
والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
(إِنَّهُ هُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني
على الضم في محل نصب اسم «إن» هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.
السميع : خبر «هو» مرفوع بالضمة. العليم : صفة ـ نعت ـ للسميع مرفوع مثله بالضمة.
والجملة الاسمية «هو السميع العليم» في محل رفع خبر «إن» أو يكون «هو» ضمير فصل أو
عمادا زائدا لا محل له ويكون «السميع» خبر «إن» بمعنى : السميع لأقوال
الناس العليم بأحوالهم.
(رَبِّ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ)
(٧)
(رَبِّ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ) : بدل من «ربك» في الآية الكريمة السابقة ويعرب إعرابه
والمضاف إليه «السموات» مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره. والأرض :
معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها.
(وَما بَيْنَهُما) : الواو حرف عطف. ما : اسم موصول مبني على السكون في
محل جر بالإضافة لأنه معطوف على مجرور بمعنى : ورب ما بينهما أي ما بين السموات
والأرض. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق بفعل
محذوف تقديره : استقر .. وجد .. كان .. والجملة الفعلية «استقر بينهما» صلة
الموصول لا محل لها. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه و «ما»
علامة التثنية لا محل لها.
(إِنْ كُنْتُمْ
مُوقِنِينَ) : حرف شرط جازم. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون
لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. موقنين
: خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين
المفرد وحركته وحذف جواب الشرط لتقدم معناه. التقدير والمعنى إن كان إقراركم عن
علم وإيقان فإن هذا الرب هو السميع العليم الذي أنتم مقرون به ومعترفون بأنه رب
السموات والأرض لأنهم كانوا يقرون بأن للسماوات والأرض ربا وخالقا فقيل لهم هذا
القول الكريم.
(لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ
يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ)
(٨)
(لا إِلهَ) : أداة نافية للجنس تعمل عمل «إن». إله : اسم «لا» مبني
على الفتح في محل نصب وخبر «لا» محذوف وجوبا تقديره معبود.
(إِلَّا هُوَ) : أداة استثناء. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل
رفع بدل من موضع «لا إله» لأن موضع «لا» وما عملت فيه رفع بالابتداء ولو كان
المستثنى منصوبا لقال إلا إياه بمعنى لا إله يعبد بحق إلا الله.
(يُحْيِي وَيُمِيتُ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من الضمير «هو» أو في
محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. يحيي ويميت : فعل مضارع مرفوع بالضمة
المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ويميت : الجملة
الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يحيي» وتعرب إعرابها وعلامة رفع الفعل «يميت»
الضمة الظاهرة على آخره بمعنى : يحيي الأموات ويميت الأحياء أو يحيي بعضا أو قرنا
ويميت بعضا أو قرنا.
(رَبُّكُمْ وَرَبُ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره هو مرفوع بالضمة. الكاف ضمير
متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع
الذكور. ورب : معطوف بالواو على «رب» في قوله «ربكم» ويعرب مثله.
(آبائِكُمُ
الْأَوَّلِينَ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة و «كم»
أعرب. الأولين : صفة ـ نعت ـ للموصوف «آبائكم» مجرور مثله وعلامة جره الياء لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي وخالقهم.
(بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ
يَلْعَبُونَ)
(٩)
(بَلْ هُمْ) : حرف اضراب للاستئناف. هم : ضمير منفصل مبني على
السكون في محل رفع مبتدأ بمعنى : بل المشركون في شك من البعث.
(فِي شَكٍّ
يَلْعَبُونَ) : جار ومجرور في محل رفع خبر «هم» بمعنى : إن إقرارهم
غير صادر عن علم وتيقن ولا عن جد وحقيقة بل قول مخلوط بهزؤ ولعب. يلعبون : الجملة
الفعلية في محل رفع خبر ثان للمبتدإ «هو» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل أو بمعنى يهزءون بالنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بفعلهم هذا.
(فَارْتَقِبْ يَوْمَ
تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ)
(١٠)
(فَارْتَقِبْ يَوْمَ) : الفاء استئنافية. ارتقب : فعل أمر مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. يوم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه
الفتحة بمعنى فانتظر يوم .. أو يكون مفعول «ارتقب» محذوفا تقديره فارتقب ما يحل
بهؤلاء المشركين المستهزئين ويكون «يوم» ظرف زمان منصوبا على الظرفية وعلامة نصبه
الفتحة متعلقا بارتقب والجملة الفعلية بعده «تأتي السماء بدخان» في محل جر مضاف
إليه.
(تَأْتِي السَّماءُ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. السماء
: فاعل مرفوع بالضمة.
(بِدُخانٍ مُبِينٍ) : جار ومجرور متعلق بتأتي. مبين : صفة ـ نعت ـ لدخان
مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة.
(يَغْشَى النَّاسَ هذا
عَذابٌ أَلِيمٌ)
(١١)
(يَغْشَى النَّاسَ) : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ لدخان وهي فعل
مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره هو. الناس : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بمعنى : بدخان ظاهر
يشمل الناس ـ يغطيهم ـ ويلبسهم من كل جانب.
(هذا عَذابٌ أَلِيمٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ والعامل
محذوف أي فيقولون : هذا عذاب مؤلم. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع
مبتدأ. عذاب : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة. أليم : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع
مثله بالضمة المنونة والجملة الفعلية «يقولون أي يقول الناس هذا عذاب أليم» في محل
نصب حال من «الناس» بتقدير : قائلين هذا عذاب أليم.
(رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا
الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ)
(١٢)
(رَبَّنَا اكْشِفْ) : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة وحذفت أداة
النداء اختصارا أو توقيرا واكتفاء بالمنادى و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني
على السكون في محل جر مضاف إليه. اكشف : فعل دعاء وتضرع مبني على السكون والفاعل
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والجملة في محل نصب ـ مقول القول ـ أي يقولون.
(عَنَّا الْعَذابَ) : حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل
جر بعن وحذفت إحدى النونين تخفيفا فحصل التشديد والجار والمجرور متعلق باكشف.
العذاب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(إِنَّا مُؤْمِنُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» المدغمة بنون «إن»
ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». مؤمنون : خبر «إن»
مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : إنا
مصدقون بك يا ربنا وبنبيك فاكشف عنا العذاب.
(أَنَّى لَهُمُ
الذِّكْرى وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ)
(١٣)
(أَنَّى لَهُمُ
الذِّكْرى) : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب ظرف مكان
متعلق بخبر مقدم بمعنى : من أين لهم وكيف يتعظون. اللام حرف جر و «هم» ضمير
الغائبين في محل جر باللام وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين والجار
والمجرور متعلق بالخبر المحذوف. الذكرى : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على
الألف للتعذر والقول الكريم جاء جوابا على قولهم «إنا مؤمنون» أي كيف يذكرون ويفون
بما وعدوه من الايمان عند كشف العذاب.
(وَقَدْ جاءَهُمْ) : الواو حالية والجملة الفعلية بعدها في محل نصب حال من
ضمير الغائبين في «لهم» قد : حرف تحقيق. جاء : فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير
متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم.
(رَسُولٌ مُبِينٌ) : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. مبين : صفة ـ نعت ـ لرسول
مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى يبين لهم ما هو أخطر من الدخان وأعظم.
(ثُمَّ تَوَلَّوْا
عَنْهُ وَقالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ)
(١٤)
(ثُمَّ تَوَلَّوْا) : حرف عطف. تولوا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر
للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى ثم أعرضوا عنه.
(عَنْهُ وَقالُوا) : جار ومجرور متعلق بتولوا. وقالوا : الجملة الفعلية
معطوفة بالواو على جملة «تولوا» وتعرب إعرابها.
(مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ معلم
: خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو مرفوع بالضمة المنونة واللفظة اسم مفعول بمعنى : قد
علم أن يدعي بالوحي. مجنون : صفة ـ نعت ـ لمعلم مرفوع مثله بالضمة المنونة أو
بمعنى وقالوا : هو مجنون.
(إِنَّا كاشِفُوا
الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ)
(١٥)
(إِنَّا كاشِفُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني
على السكون في محل نصب اسم «إن» وأصله إننا .. حذفت إحدى التاءين تخفيفا. كاشفو :
خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وأصله : كاشفون حذفت النون للإضافة وبعد
حذفها أضيف إلى مفعوله لأنه اسم فاعل يعمل عمل فعله ولو كانت النون مثبتة لانتصبت
كلمة «العذاب» مفعولا به لاسم الفاعلين «كاشفون» على تأويل فعله المتعدي.
(الْعَذابِ قَلِيلاً) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. قليلا :
صفة ـ نعت ـ لمصدر محذوف أو نائب عنه التقدير : كشفا قليلا منصوب وعلامة نصبه
الفتحة المنونة بمعنى : كاشفوا العذاب بدعاء النبي زمنا قليلا.
(إِنَّكُمْ عائِدُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» والميم علامة جمع الذكور. عائدون :
خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد بمعنى :
ولكنكم عائدون إلى الكفر.
(يَوْمَ نَبْطِشُ
الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ)
(١٦)
(يَوْمَ نَبْطِشُ) : بدل من «يوم» الوارد في الآية الكريمة العاشرة ويعرب
إعرابه بمعنى فانتظروا يوم نبطش أو يكون منصوبا بما دل عليه «إنا منتقمون» وهو
ننتقم وعلامة نصبه الفتحة ويجوز أن يكون مفعولا به بفعل مضمر ـ محذوف تقديره :
اذكروا. نبطش : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن.
(الْبَطْشَةَ
الْكُبْرى) : مصدر فيه معنى التوكيد منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
الكبرى : صفة ـ نعت ـ للبطشة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف
للتعذر بمعنى يوم نأخذكم الأخذة الكبرى للانتقام منكم. والجملة الفعلية «نبطش
البطشة الكبرى» في محل جر بالإضافة.
(إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) : يعرب إعراب «إنا مؤمنون» الوارد في الآية الكريمة
الثانية عشرة أي إنا منتقمون منكم يوم القيامة.
(وَلَقَدْ فَتَنَّا
قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ)
(١٧)
(وَلَقَدْ فَتَنَّا) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف
تحقيق. فتنا : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على
السكون في محل رفع فاعل بمعنى لقد اختبرنا.
(قَبْلَهُمْ قَوْمَ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بفتنا وهو مضاف. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. قوم :
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.
(فِرْعَوْنَ
وَجاءَهُمْ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من
الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والتعريف. الواو عاطفة. جاء : فعل ماض
مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم.
(رَسُولٌ كَرِيمٌ) : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. كريم : صفة ـ نعت ـ لرسول
مرفوع مثله بالضمة المنونة.
(أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ
عِبادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)
(١٨)
(أَنْ أَدُّوا إِلَيَ) : حرف تفسير لا عمل له والجملة الفعلية بعده جملة
تفسيرية لا محل لها. أدوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال
الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. إلى : جار ومجرور متعلق
بأدوا و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لفعل مضمر
تقديره قائلا لهم : أن أدوا إلي : بمعنى : أعطوا أوردوا إلي لأن مجيء الرسول من
بعث إليهم متضمن المعنى لأنه لا يجيئهم إلا مبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله أو تكون «أن»
مخففة من «أن» الثقيلة وهي حرف مشبه بالفعل واسمه ضمير شأن مستترا تقديره : أنه
بمعنى : وجاءهم بأن الشأن والحديث أدوا إلي وتكون جملة «أدوا إلي» في محل رفع خبر «أن»
المخففة واسم «أن» وخبرها صلة «أن» لا محل لها من الإعراب. وعلى الوجه الثاني تكون
«أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلقا بجاء.
(عِبادَ اللهِ) : مفعول به منصوب بأدوا وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الله
لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة وهم بنو صهيون
أي يقول النبي موسى : أدوهم لي وأرسلوهم معي. ويجوز أن يكون «عباد» منادى مضافا
منصوبا بأداة نداء محذوفة اكتفاء بالمنادى لتضمنه معنى الخطاب أي يا عباد الله
بمعنى : أدوا إلي يا عباد الله ومفعول «أدوا» على هذا الوجه محذوف اختصارا لأنه
معلوم بمعنى : أدوا إلي عباد الله ما هو واجب لي عليكم من الايمان لي.
(إِنِّي لَكُمْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير
المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». لكم : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» والميم علامة
جمع الذكور.
(رَسُولٌ أَمِينٌ) : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. أمين : صفة ـ نعت ـ لرسول
مرفوع مثله بالضمة المنونة أي مؤتمن. على ما أرسلته به إليكم وأوحي إلي به من رب
العالمين.
(وَأَنْ لا تَعْلُوا
عَلَى اللهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ)
(١٩)
(وَأَنْ لا تَعْلُوا) : معطوف بالواو على «أن أدوا» في الآية الكريمة السابقة
ويعرب إعرابه على الوجهين. لا : ناهية جازمة. تعلوا : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة
جزمه حذف النون بمعنى لا تستكبروا على الله بالاستهانة برسوله ووحيه.
(عَلَى اللهِ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بتعلوا بمعنى لا تستكبروا
على الله ولا تتكبروا على نبي الله.
(إِنِّي آتِيكُمْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير
المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». آتيكم : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء
للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين
ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. والجملة الفعلية «آتيكم
بسلطان مبين» في محل رفع خبر «إن» ويجوز أن تكون «آتيكم» اسم فاعل خبر «إن» مرفوعا
بالضمة المقدرة على الياء للثقل بمعنى : إني أرسلت إليكم أو آت إليكم ويكون الكاف
ضميرا متصلا في محل جر مضافا إليه ـ إضافة اسم الفاعل لمفعوله.
(بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) : جار ومجرور متعلق بآت. مبين : صفة ـ نعت ـ لسلطان
مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة أي بحجة بينة.
(وَإِنِّي عُذْتُ
بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ)
(٢٠)
(وَإِنِّي عُذْتُ) : الواو عاطفة. إني : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل
والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم في محل نصب اسم «إن». عذت : الجملة الفعلية وما
بعدها في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع
المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل بمعنى :
وإني عائذ أو ملتجئ أو معتصم ومتحصن ..
(بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ) : جار ومجرور متعلق بعذت والياء ضمير متصل ـ ضمير
المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه. وربكم : معطوف بالواو على «ربي» ويعرب إعرابه.
وعلامة جره الكسرة الظاهرة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين في محل جر مضاف إليه
والميم علامة جمع الذكور.
(أَنْ تَرْجُمُونِ) : حرف مصدري ناصب. ترجمون : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة
نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون نون الوقاية لا محل لها
والكسرة دالة على ياء المتكلم وهي ضمير متصل في محل نصب مفعول به وحذفت الياء خطا
واختصارا وتناسبا مع رءوس ـ فواصل ـ الآيات وبقيت الكسرة دالة عليها. والجملة
الفعلية «ترجمون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل
جر بحرف جر محذوف بتقدير : من رجمي والجار والمجرور متعلق بعذت بمعنى : استجرت من
إيذائي أو إني التجأت واستجرت بربي وربكم من رجمي أي من قتلي رميا بالحجارة.
(وَإِنْ لَمْ
تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ)
(٢١)
(وَإِنْ لَمْ
تُؤْمِنُوا) : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم. لم : حرف نفي
وجزم وقلب. تؤمنوا : فعل مضارع مجزوم بلم فعل الشرط في محل جزم بإن وعلامة جزمه
حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(لِي فَاعْتَزِلُونِ) : جار ومجرور متعلق بتؤمنوا. فاعتزلون : الجملة جواب
شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم الفاء واقعة في جواب الشرط. اعتزلون : فعل أمر
مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والنون نون الوقاية لا محل لها والياء المحذوفة ضمير متصل ـ ضمير المتكلم في محل
نصب مفعول به وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة خطا واختصارا ومراعاة لرءوس
الآي الشريف بمعنى : وان لم تصدقوا برسالتي فاتركوني وخلوا سبيلي ولا تؤذوني.
(فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ
هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ)
(٢٢)
(فَدَعا رَبَّهُ) : الفاء عاطفة على فعل محذوف يفيد التسبيب بتقدير : فلم
يؤمنوا به اي فكفروا به فدعا ربه و «دعا» فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف
للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بمعنى : فنادى. ربه : مفعول به
منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
(أَنَّ هؤُلاءِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هؤلاء : اسم إشارة مبني
على الكسر في محل نصب اسم «أن» بمعنى بأن و «أن» وما بعدها من اسمها وخبرها بتأويل
مصدر في محل جر بحرف الجر المقدر والجار والمجرور متعلق بدعا.
(قَوْمٌ مُجْرِمُونَ) : خبر «أن» مرفوع بالضمة المنونة. مجرمون : صفة ـ نعت ـ
لقوم مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد
وحركته بمعنى : إن فرعون وقومه قوم كافرون لا يقبلون الإيمان.
(فَأَسْرِ بِعِبادِي
لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ)
(٢٣)
(فَأَسْرِ بِعِبادِي
لَيْلاً) : الفاء سببية. أسر : فعل أمر مبني على حذف آخره ـ حرف
العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة عليها والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره
أنت. بعبادي : جار ومجرور متعلق بأسر والياء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه. ليلا
: ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة المنونة متعلق بأسر والجملة
الفعلية «أسر بعبادي ليلا» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي بفعل محذوف
تقديره فقال : أسر .. أو تكون الفاء واقعة في جواب شرط محذوف بتقدير : إن كان
الأمر كما تقول فأسر .. وتكون الجملة الفعلية على هذا التقدير : جواب شرط جازم
مقترنا بالفاء في محل جزم.
(إِنَّكُمْ
مُتَّبَعُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل. الكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب
اسم «إن» والميم علامة جمع الذكور. متبعون خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع
مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى معقبون ملاحقون من قبل فرعون
وجنده.
(وَاتْرُكِ الْبَحْرَ
رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ)
(٢٤)
(وَاتْرُكِ الْبَحْرَ
رَهْواً) : الواو عاطفة. اترك : فعل أمر مبني على سكون آخره الذي
حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. البحر :
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. رهوا : حال من البحر منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة بمعنى : اتركه ساكنا كما هو إنهم جند محكوم عليهم بالغرق.
(إِنَّهُمْ جُنْدٌ
مُغْرَقُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في
محل نصب اسم «إن». جند : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. مغرقون : صفة ـ نعت ـ لجند
مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد
بمعنى : اترك البحر مفتوحا ذا فجوة واسعة بعد أن يضربه بالعصا فينفلق له ويدخل فيه
فرعون وجنده.
(كَمْ تَرَكُوا مِنْ
جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)
(٢٥)
(كَمْ تَرَكُوا) : خبرية مبنية على السكون في محل نصب مفعول به مقدم
للفعل «تركوا» تركوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى فهلكوا تاركين شيئا كثيرا ..
(مِنْ جَنَّاتٍ
وَعُيُونٍ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «كم» التقدير : عددا
كثيرا من الجنات والعيون حال كونهم تركوا. وعيون : معطوفة بالواو على «جنات» وتعرب
إعرابها وعلامة جرهما الكسرة المنونة.
(وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ
كَرِيمٍ)
(٢٦)
هذه الآية
الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب مثلها. كريم : صفة ـ نعت ـ
لمقام .. مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة. أي تركوا كثيرا من الحدائق
والعيون الجارية والزروع والقصور العالية.
(وَنَعْمَةٍ كانُوا
فِيها فاكِهِينَ)
(٢٧)
(وَنَعْمَةٍ كانُوا) : معطوفة بالواو على «جنات» وتعرب إعرابها. كانوا : فعل
ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان»
والألف فارقة بمعنى : كانوا فيها متنعمين.
(فِيها فاكِهِينَ) : جار ومجرور متعلق بفاكهين. فاكهين : خبر «كان» منصوب
وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والجملة
الفعلية «كانوا فيها فاكهين» في محل جر صفة لنعمة على اللفظ وفي محل نصب على المحل
بمعنى : متنعمين متلذذين طيبي النفس مزاحين.
(كَذلِكَ
وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ)
(٢٨)
(كَذلِكَ
وَأَوْرَثْناها) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع خبر
مبتدأ محذوف. التقدير : الأمر كذلك. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر
مضاف إليه. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. الواو عاطفة. أورث : فعل ماض مبني على
السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «ها» ضمير
متصل في محل نصب مفعول به.
(قَوْماً آخَرِينَ) : مفعول به ثان منصوب بأورث وعلامة نصبه الفتحة
المنونة. آخرين : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوما» منصوب مثله وعلامة نصبه الياء لأنه
ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من الحركة في المفرد.
(فَما بَكَتْ
عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ)
(٢٩)
(فَما بَكَتْ) : الفاء استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. بكت : فعل
ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين
ولاتصاله بتاء التأنيث الساكنة وبقيت الفتحة دالة على الألف المحذوفة
والتاء تاء التأنيث لا محل لها.
(عَلَيْهِمُ السَّماءُ
وَالْأَرْضُ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار
والمجرور متعلق ببكت وحركت الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. السماء : فاعل
مرفوع بالضمة. والأرض : معطوفة بالواو على «السماء» وتعرب مثلها.
(وَما كانُوا
مُنْظَرِينَ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. كانوا منظرين : يعرب
إعراب «كانوا فاكهين» الوارد في الآية الكريمة السابعة والعشرين .. بمعنى : مهملين
أي لما جاء وقت إهلاكهم لم ينظروا إلى وقت آخر ولم يمهلوا إلى الآخرة بل عجل لهم.
(وَلَقَدْ نَجَّيْنا
بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ)
(٣٠)
(وَلَقَدْ نَجَّيْنا
بَنِي إِسْرائِيلَ) : يعرب إعراب «ولقد فتنا قوم فرعون» الوارد في الآية
الكريمة السابعة عشرة وعلامة نصب «بني» الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت
النون للاضافة ـ أصله : بنين ـ.
(مِنَ الْعَذابِ
الْمُهِينِ) : جار ومجرور متعلق بنجينا. المهين : صفة ـ نعت ـ للعذاب
مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة.
** (وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ
مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثلاثين .. المعنى
: نجيناهم من الذل والاستعباد وقتل أبنائهم بإغراق عدوهم فرعون .. والمهين : اسم
فاعل للفعل الرباعي «أهان» أما الفعل الثلاثي «هان» فمن معانيه ذل .. احتقر وحقر
وهو ضد «عز» يقال : هان ـ يهون ـ هونا وهوانا ومهانة. وقيل في الأمثال : إذا عز
أخوك وتعظم فتذلل وتواضع .. وقولهم : هون عليك : معناه : خفف ولا تبال : أي ولا
تهتم.
وأصله : لا
تبالي فحذفت الياء لأنه فعل مضارع مجزوم بلا الناهية. قال المتنبي :
من يهن يسهل
الهوان عليه
|
|
ما لجرح بميت
إيلام
|
وأصله : يهون.
بتسكين النون لأنه فعل الشرط مجزوم بمن وحذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين.
** (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ
مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة
والثلاثين .. المعنى : فيا محمد أهؤلاء المشركون أفضل وخير في القوة والمنعة
والمال والجاه أم قوم تبع الحميري أفضل؟ المراد : ليس كفار قريش من قومك أقوى من
قوم تبع الحميري ملك اليمن الذي جيش الجيوش وفتح المدن وكان مؤمنا وقومه كافرون.
** (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى
شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية
والأربعين .. المعنى : لا ينفع في ذلك اليوم أي يوم الفصل أي يوم القيامة مولى أي
لا يدفع أحد عن أحد شيئا وسمي يوم القيامة يوم الفصل لأنه يفصل فيه بين الحق
والباطل ويسمى أيضا يوم الحساب في قوله تعالى في سورة «الأنبياء» : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ) أي اقترب يوم القيامة وحان وقوفهم للحساب في ذلك اليوم
المهول .. وللمولى : عدة معان .. فيطلق على السيد ويطلق على العبد .. ويطلق على
ابن العم .. ويطلق على الحليف الناصر.
** (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة
والأربعين .. وهذه الشجرة هي شجرة خبيثة ذات ثمر مر تنبت في بلاد العرب وقيل :
تنبت أيضا في قعر ـ أصل ـ الجحيم.
وهي طعام
المذنب الفاجر .. يقال : زقم الأكل : أي لقمه وابتلعه وزقمه زقما : بمعنى أطعمه
الزقوم وتطلق هذه اللفظة على طعام قاتل. وتزقم : أي تلقم ـ بمعنى ابتلع ـ أي أكله
بسرعة.
** (طَعامُ الْأَثِيمِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة
والأربعين .. المعنى : إن شجرة الزقوم هي طعام الفاجر الكثير الإثم .. لأن «الأثيم»
من صيغ المبالغة ـ فعيل .. بمعنى فاعل ..
** سبب نزول
الآية : قال أبو مالك : إن أبا جهل كان يأتي بالتمر والزبد فيقول : تزقموا بهذا
الزقوم الذي يعدكم به محمد. فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة.
وعلى ذكر
الطعام يقال : جعلت الطعام حلوا حامضا .. بمعنى : جعلته جامعا للطعمين .. لهذا قيل
: إذا نصبت ثلاثة مفاعيل بالفعل «جعل» يكون حكم المفعولين الآخرين حكم الواحد.
وعلى ذكر الأكل قيل في الأمثلة : فلان يعلم من أين ـ أو من حيث ـ تؤكل الكتف ..
يضرب هذا المثل للرجل الداهية .. قال بعضهم : تؤكل الكتف من أسفلها. أما من أعلاها
فيشق أكلها عليك. وذلك لأن المرقة تجري بين لحم الكتف من أسفلها. أما من أعلاها أي
أما إذا أخذتها من أعلى انصبت عليك المرقة الجارية بين لحم الكتف والعظم. وإذا
أخذتها من أسفل انقشرت عن عظمها وبقيت المرقة ثابتة مكانها أو كأنها ثابتة. وإضافة
إلى ضرب المثل بذلك فقد ورد أيضا في قول الشاعر :
إني على ما
ترين من كبري
|
|
أعرف من أين
تؤكل الكتف
|
ويقال : إن كل
مجرم أو كافر ما له إلا الأكل والتمتع أياما قلائل ثم البقاء في الهلاك أبدا.
** (ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ
عَذابِ الْحَمِيمِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة
والأربعين المعنى : ثم صبوا فوق رأسه عذابا هو الماء الحار جدا أي الشديد الحرارة
والقول الكريم فيه استعارة لأن ذكر العذاب معلقا به الصب مستعار له ليكون أهول
وأهيب.
** (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ
الْكَرِيمُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة
والأربعين .. وفيه تهكم بالأثيم وتوبيخ له حيث يقال له ذق العذاب إنك كنت تدعي أنك
المنيع الكريم أي المتعزز المكرم في زعمك.
** سبب نزول
الآية : قال عكرمة : لقي رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أبا جهل فقال : إن الله أمرني أن أقول لك : أولى لك
فأولى ثم أولى لك فأولى فنزع يده من يده وقال : ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء
لقد علمت أني أمنع أهل البطحاء وأنا العزيز الكريم فقتله الله يوم بدر وأذله وعيره
بكلمته. ونزل فيه قوله تعالى : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ).
** (يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ
وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة
والخمسين .. السندس : هو ما رق من الديباج .. و «الإستبرق» هو ما غلظ من الديباج. أما
: «الديباج» فهو ثوب سداه ولحمته إبريسم .. يقال : سدى ـ يسدي ـ الثوب سديا : بمعنى
: سداه أي ما مد من خيوطه وهو خلاف «اللحمة» وهي ما مد به بين سدى الثوب : أي ما
نسج عرضا و «استبرق» هو تعريب «استبر» فإن قيل : كيف ساغ أن يقع في القرآن الكريم
العربي المبين لفظ أعجمي ـ أي غير عربي ـ فالجواب : بعد أن عرب خرج من كونه أعجميا
.. لأن معنى التعريب أن يجعل عربيا بالتصرف فيه وتغييره عن منهاجه وإجرائه على وجه
الإعراب ويصغر على «أبيرق».
(مِنْ فِرْعَوْنَ
إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ)
(٣١)
(مِنْ فِرْعَوْنَ) : جار ومجرور متعلق بنجينا وهو بدل من «العذاب المهين»
كأنه في نفسه كان عذابا مهينا لإفراطه في تعذيبهم وإهانتهم ويجوز أن يكون الجار
والمجرور متعلقا بحال محذوفة من «العذاب المهين» بتقدير : واقعا من جهة فرعون
وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة
والمعرفة.
(إِنَّهُ كانَ عالِياً) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير
الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح
واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عاليا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه
الفتحة المنونة والجملة الفعلية «كان عاليا» في محل رفع خبر «إن».
(مِنَ الْمُسْرِفِينَ) : جار ومجرور في محل رفع خبر ثان لإن التقدير والمعنى :
إنه كان متكبرا مسرفا منهم في التكبر أي إنه كان متكبرا مسرفا وعلامة جر الاسم الياء
لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته المعنى : ونجيناهم من طغيان
فرعون وتعذيبه إنه كان متعاليا على الناس من المكثرين في التكبر والمتجاوزين الحد.
(وَلَقَدِ
اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ)
(٣٢)
(وَلَقَدِ
اخْتَرْناهُمْ) : معطوف بالواو على «ولقد نجينا» في الآية الكريمة
الثلاثين. اللام لام الابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. اختر : فعل ماض
مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع
فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به بمعنى ولقد اخترنا
بني إسرائيل.
(عَلى عِلْمٍ) : جار ومجرور متعلق بحال من «نا» بمعنى : ونحن عالمون
بأنهم سيزيغون.
(عَلَى الْعالَمِينَ) : جار ومجرور متعلق باخترنا وعلامة جر الاسم الياء لأنه
ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من حركة المفرد.
(وَآتَيْناهُمْ مِنَ
الْآياتِ ما فِيهِ بَلؤُا مُبِينٌ)
(٣٣)
(وَآتَيْناهُمْ مِنَ
الْآياتِ) : الجملة معطوفة بالواو على جملة «اخترناهم» وتعرب
مثلها. من الآيات : جار ومجرور متعلق بآتينا أو تكون «من» للتبعيض ويجوز أن يتعلق
الجار والمجرور بحال مقدمة من «ما» بمعنى آتيناهم على يد موسى.
(ما فِيهِ بَلؤُا
مُبِينٌ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان
للفعل «آتى» فيه : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. بلاء : مبتدأ مؤخر مرفوع
بالضمة المنونة. مبين : صفة ـ نعت ـ لبلاء مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة المنونة.
والجملة الاسمية «فيه بلاء مبين» صلة الموصول لا محل لها بمعنى وآتينا بني إسرائيل
على يد موسى بعض المعجزات ما فيه نعمة جليلة أو عظيمة أو ما فيه اختبار ظاهر ويجوز
أن يكون مفعول «آتينا» الثاني محذوفا دلت عليه «من» التبعيضية وتكون «ما» اسما
موصولا صفة ـ في محل نصب للمفعول ـ الذي نابت عنه «من» التبعيضية.
(إِنَّ هؤُلاءِ
لَيَقُولُونَ)
(٣٤)
(إِنَّ هؤُلاءِ
لَيَقُولُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هؤلاء : اسم إشارة مبني
على الكسر في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ يقولون : فعل مضارع
مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل
في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «ليقولون ..» في محل رفع خبر «إن»
والإشارة إلى كفار قريش والمشركين.
(إِنْ هِيَ إِلاَّ
مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ)
(٣٥)
(إِنْ هِيَ) : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية لا عمل لها. هي :
ضمير رفع منفصل أي الموتة مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.
(إِلَّا مَوْتَتُنَا
الْأُولى) : أداة حصر لا عمل لها. موتة : خبر «هي» مرفوع بالضمة
وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف
إليه. الأولى : صفة ـ نعت ـ للموتة مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة المقدرة على
الألف للتعذر بمعنى : سوى الموتة الواحدة والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول
القول ـ.
(وَما نَحْنُ
بِمُنْشَرِينَ) : الواو استئنافية. ما : نافية بمنزلة «ليس» عند أهل
الحجاز «ما .. الحجازية» ونافية لا عمل لها عند بني تميم. نحن : ضمير منفصل ـ ضمير
المتكلمين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «ما» أو مبتدأ على اللغة الثانية. الباء
حرف جر زائد لتأكيد النفي. منشرين : اسم مجرور لفظا منصوب محلا على اللغة الأولى
خبر «ما» ومرفوع محلا على أنه خبر «نحن» على اللغة الثانية وعلامة جر الاسم الياء
لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى وما نحن بمبعوثين بعد
الموت.
(فَأْتُوا بِآبائِنا
إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)
(٣٦)
(فَأْتُوا بِآبائِنا) : الفاء واقعة في جواب شرط محذوف بتقدير : إن كنا ننشر
أي نبعث بعد الموت فأتوا بآبائنا الذين ماتوا قبلنا أي أرجعوهم إلينا أو تكون
واقعة في جواب شرط مقدم بمعنى : إن صدقتم في اعتقاد البعث أي في الإحياء أي فيما
تقولون فأتوا بآبائنا بمعنى فعجلوا لنا إحياء من مات من آبائنا بسؤالكم ربكم ذلك.
ائتوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل
في محل رفع فاعل والألف فارقة. بآباء : جار ومجرور متعلق بائتوا و «نا» ضمير
المتكلمين في محل جر مضاف إليه.
(إِنْ كُنْتُمْ
صادِقِينَ) : حرف شرط جازم. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون
لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. صادقين
: خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين
المفرد وحركته وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه.
(أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ
قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا
مُجْرِمِينَ)
(٣٧)
(أَهُمْ خَيْرٌ) : الهمزة همزة استفهام لا محل لها. هم : ضمير منفصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. خير : خبر «هم» مرفوع بالضمة المنونة.
(أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ) : حرف عطف وهي «أم» المتصلة. قوم : معطوف على ضمير
الغائبين «هم» مرفوع بالضمة المنونة. وقد حذف خبره اختصارا لأن ما قبله يدل عليه
بمعنى أهم أفضل مالا وجاها أم قوم تبع أفضل؟ تبع : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة المنونة.
(وَالَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في
محل رفع مبتدأ. من قبل : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : جاءوا و «هم» ضمير
متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه وجملة «جاءوا من قبلهم» صلة الموصول
لا محل لها من الإعراب بمعنى : من الكفار كعاد وثمود بمعنى : وكذلك الذين سبقوهم
أهلكناهم بسبب معاصيهم.
(أَهْلَكْناهُمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «الذين» وهي فعل ماض
مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و
«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به بمعنى أهلكناهم بسبب
ذنوبهم.
(إِنَّهُمْ كانُوا
مُجْرِمِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في
محل نصب اسم «ان». كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.
الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان»
والألف فارقة. مجرمين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر
سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والجملة الفعلية «كانوا مجرمين» في محل
رفع خبر «إن» بمعنى : لأنهم كانوا كافرين.
(وَما خَلَقْنَا
السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ)
(٣٨)
هذه الآية
الكريمة أعربت في سورة «الأنبياء» الآية السادسة عشرة بمعنى وما خلقنا الوجود ..
(ما خَلَقْناهُما
إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)
(٣٩)
(ما خَلَقْناهُما
إِلَّا بِالْحَقِ) : معطوفة بالواو على «ما خلقنا» في الآية الكريمة
السابقة وتعرب مثلها. الهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به و «ما»
علامة التثنية. إلا : أداة حصر لا عمل لها. بالحق : جار ومجرور متعلق بصفة نائبة
عن مصدر محذوف بتقدير : إلا خلقا ملتبسا بالحق أو ملازما للحق أو متعلق بحال من
الضمير بمعنى ملتبسين بالحق أو من الفاعل على معنى : خلقناهما ومعنا الحق.
(وَلكِنَّ
أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) : الواو استئنافية. لكن : حرف مشبه بالفعل من أخوات
«إن». أكثر : اسم «لكن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. لا : نافية لا عمل لها. يعلمون : فعل مضارع مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى لا يعلمون أو بل لا يعلمون
ذلك أي خلقنا الكون بالحق والجملة الفعلية «لا يعلمون ذلك» في محل رفع خبر «لكن».
(إِنَّ يَوْمَ
الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ)
(٤٠)
(إِنَّ يَوْمَ
الْفَصْلِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. يوم : اسم «إن» منصوب بالفتحة.
الفصل : مضاف إليه مجرور بالكسرة.
(مِيقاتُهُمْ
أَجْمَعِينَ) : خبر «إن» مرفوع بالضمة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : ميعاد حسابهم
وجزائهم. أجمعين : توكيد لضمير الغائبين «هم» في «ميقاتهم» مجروره مثله
وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من حركة المفرد وهو جمع
«أجمع» الذي هو واحد في معنى جمع وليس له أي لكلمة «أجمع» مفرد من لفظه. وهو من
ألفاظ التوكيد المحضة.
(يَوْمَ لا يُغْنِي
مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ)
(٤١)
(يَوْمَ لا يُغْنِي) : بدل من «يوم الفصل» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة. لا
: نافية لا عمل لها. يغني : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء
للثقل. والجملة الفعلية «يغني مولى ..» في محل جر بالإضافة.
(مَوْلًى عَنْ مَوْلًى
شَيْئاً) : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة للتعذر على
الألف المقصورة قبل تنوينها. عن مولى : جار ومجرور متعلق بيغني وعلامة جر الاسم
الكسرة المقدرة للتعذر على الألف المقصورة قبل تنوينها ونونت الكلمة لأنها اسم
مقصور مذكر نكرة. شيئا : مفعول به منصوب بيغني وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى لا
ينفع أحد أو يدفع أحد عن أحد شيئا أي لا يغني الذين يتولى بعضهم بعضا في الدنيا
شيئا في الآخرة. أو يكون الجار والمجرور في مقام مفعول «يغني» وتكون «شيئا» مفعولا
مطلقا في موضع المصدر أو صفة لمصدر محذوف بتقدير : إغناء شيئا أي لا ينفع أي مولى
كان من قرابة وغيرها عن أي مولى كان.
(وَلا هُمْ
يُنْصَرُونَ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. هم : ضمير منفصل
ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. ينصرون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم»
وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.
وجاء الضمير بصيغة الجمع لأن «المولى» في المعنى كثير لتناول اللفظ على الإبهام كل
مولى.
(إِلاَّ مَنْ رَحِمَ
اللهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ)
(٤٢)
(إِلَّا مَنْ رَحِمَ
اللهُ) : أداة حصر لا عمل لها. من : اسم موصول مبني على السكون
في محل رفع بدل من الضمير ـ الواو ـ في «ينصرون» أي لا يمنع
من العذاب إلا من رحم الله بمعنى : ولكن من رحمهالله بالعفو عنه. رحم : فعل ماض مبني على الفتح. والجملة
الفعلية «رحم الله» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول محذوف وهو منصوب
المحل لأنه مفعول به. التقدير : إلا من رحمهالله. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
(إِنَّهُ هُوَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني
على الضم في محل نصب اسم «إن». هو : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.
(الْعَزِيزُ
الرَّحِيمُ) : خبرا «هو» مرفوعان بالضمة ـ خبر بعد خبر ـ أي خبران
على التتابع والجملة الاسمية «هو العزيز الرحيم» في محل رفع خبر «إن» أو يكون «هو»
ضمير فصل أو عمادا لا محل له فيكون «العزيز الرحيم» خبري «إن».
(إِنَّ شَجَرَةَ
الزَّقُّومِ)
(٤٣)
(إِنَّ شَجَرَةَ
الزَّقُّومِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. شجرة : اسم «إن» منصوب
وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «الزقوم» مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره
الكسرة.
(طَعامُ الْأَثِيمِ)
(٤٤)
(طَعامُ الْأَثِيمِ) : خبر «إن» مرفوع بالضمة وهو مضاف. الأثيم : مضاف إليه
مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. أو يكون «طعام» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هي
والجملة الاسمية «هي طعام الأثيم» في محل رفع خبر «إن».
(كَالْمُهْلِ يَغْلِي
فِي الْبُطُونِ)
(٤٥)
(كَالْمُهْلِ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع خبر
ثان لإن. المهل : مضاف إليه مجرور بالكسرة.
(يَغْلِي فِي
الْبُطُونِ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «المهل» وهي فعل
مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره : هو. في البطون : جار ومجرور متعلق بيغلي
أي في بطونهم المعنى : كدردي الزيت أي عكارته أو هو ما يمهل في النار حتى
يذوب كسائر المعادن من الذهب والفضة والنحاس.
(كَغَلْيِ الْحَمِيمِ)
(٤٦)
(كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب حال
من ضمير «يغلي» أو صفة ـ نعت ـ لمصدر محذوف تقديره : يغلي غليانا مثل غلي الحميم.
غلي : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الحميم : مضاف إليه
ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى مثل غليان الماء الحار جدا.
(خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ
إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ)
(٤٧)
(خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى
: يقول الله تعالى للزبانية : خذوا المجرم .. الأثيم. وهي فعل أمر مبني على حذف
النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير
متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به. فاعتلوه : الجملة
الفعلية معطوفة بالفاء على «خذوه» وتعرب إعرابها أي فجروه بعنف وقسوة إلى وسط
الجحيم .. أي النار.
(إِلى سَواءِ
الْجَحِيمِ) : جار ومجرور متعلق باعتلوه. الجحيم : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة .. أي خذوه فقعدوه بعنف إلى وسط النار ومعظمها.
(ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ
رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ)
(٤٨)
(ثُمَّ صُبُّوا) : حرف عطف. صبوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن
مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(فَوْقَ رَأْسِهِ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بصبوا وهو مضاف. رأسه
: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير
الغائب ـ في محل جر مضاف إليه ثان.
(مِنْ عَذابِ
الْحَمِيمِ) : جار ومجرور متعلق بصبوا. الحميم : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة و «من» حرف. جر تفيد التبعيض وحذف مفعول «صبوا» لأن «من»
التبعيضية دالة عليه.
(ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)
(٤٩)
(ذُقْ) : فعل أمر مبني على سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره أنت ـ أصله : ذوق ـ حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين وحذف مفعوله
اختصار لأن ما قبله يدل عليه بمعنى : ذق العذاب. والجملة الفعلية «ذق العذاب» في
محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى : وقولوا له : ذق العذاب.
(إِنَّكَ أَنْتَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن». أنت : ضمير منفصل مبني على الفتح ـ
ضمير المخاطب ـ في محل رفع مبتدأ والجملة الاسمية «أنت العزيز الكريم» في محل رفع
خبر «إن» و «العزيز الكريم» خبرا المبتدأ «أنت» خبر بعد خبر ـ على التتابع. أو
يكون «أنت» في محل نصب توكيدا لضمير المخاطب ـ الكاف ـ في «إنك» ويكون «العزيز
الكريم» خبري «إن».
(الْعَزِيزُ
الْكَرِيمُ) : خبرا «أنت» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة أو خبري «إن»
على الوجه الثاني من الإعراب.
(إِنَّ هذا ما
كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ)
(٥٠)
(إِنَّ هذا ما) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هذا : اسم إشارة مبني
على السكون في محل نصب اسم «إن» والإشارة إلى العذاب أي إن هذا العذاب. ما : اسم
موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هو والجملة الفعلية «كنتم
به تشكون» صلة الموصول لا محل لها. والجملة الاسمية «هو ما ..» في محل رفع خبر «إن».
(كُنْتُمْ بِهِ
تَمْتَرُونَ) : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع
المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان»
والميم علامة جمع الذكور. به : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» تمترون : الجملة
الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل
في محل رفع فاعل بمعنى : تشكون أي تتلاجون وتتمارون بمعنى تتجادلون فيه.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ
فِي مَقامٍ أَمِينٍ)
(٥١)
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. المتقين : اسم «إن»
منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.
(فِي مَقامٍ أَمِينٍ) : جار ومجرور متعلق بخبر «إن». أمين : صفة ـ نعت ـ لمقام
مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة.
(فِي جَنَّاتٍ
وَعُيُونٍ)
(٥٢)
(فِي جَنَّاتٍ
وَعُيُونٍ) : جار ومجرور متعلق بخبر ثان لإن. وعيون : معطوفة
بالواو على «جنات» وتعرب مثلها وعلامة جرهما الكسرة المنونة بمعنى : ينتقلون في
بساتين وعيون ماء.
(يَلْبَسُونَ مِنْ
سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقابِلِينَ)
(٥٣)
(يَلْبَسُونَ مِنْ
سُندُسٍ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر ثان لإن في «إن
المتقين» في الآية الكريمة الحادية والخمسين ويجوز أن تكون في محل نصب حالا وحذف
المفعول اختصارا لأنه معلوم من سياق القول الكريم. بمعنى : يلبسون ثيابا ويجوز أن
يكون المفعول به محذوفا دلت عليه «من» التبعيضية في «من سندس» وهي فعل مضارع مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. من سندس : جار ومجرور متعلق بصفة
محذوفة من المفعول المقدر بمعنى : يلبسون في الجنة ثيابا من رقيق الديباج .. أي ما
رق من الحرير.
(وَإِسْتَبْرَقٍ
مُتَقابِلِينَ) : معطوف بالواو على «سندس» مجرور مثله وعلامة جرهما
الكسرة المنونة بمعنى ما غلظ من الديباج ـ الحرير ـ أي من غليظه أو سميكه.
متقابلين : حال من ضمير «يلبسون» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم
والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى يقابل بعضهم بعضا في مقامهم آمنين.
(كَذلِكَ
وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ)
(٥٤)
(كَذلِكَ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع خبر
مبتدأ محذوف تقديره : الأمر كذلك أو يكون في محل نصب مفعولا به أو صفة نائبة عن
المصدر ـ المفعول المطلق ـ بتقدير أثبناهم مثل ذلك الثواب أو أثبناهم إثابة مثل
ذلك الثواب بمعنى : جزيناهم. أو يكون في محل رفع مبتدأ وخبره محذوف. التقدير : مثل
ذلك الثواب أثبناهم. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. اللام
للبعد والكاف حرف خطاب.
(وَزَوَّجْناهُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على الجملة الفعلية
المقدرة «أثبناهم» الواو حرف عطف. زوج : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا»
ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في
محل نصب مفعول به.
(بِحُورٍ عِينٍ) : جار ومجرور متعلق بزوجنا بمعنى وقرناهم بنساء حور. عين
: صفة ـ نعت ـ لحور مجرور مثلها وعلامة جرهما الكسرة المنونة .. واللفظة جمع «عيناء»
أي واسعة العين مع شدة البياض وشدة السواد. أما «حور» فهي جمع «حوراء» فالعيناء هي
الواسعة العين والحوراء هي التي في عينها حور أي شدة بياضها مع شدة سواد.
(يَدْعُونَ فِيها
بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنِينَ)
(٥٥)
هذه الآية
الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الثالثة والخمسين. و «فاكهة» مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة والجار والمجرور «فيها» متعلق بيدعون بمعنى
يطلبون في الجنات كل أنواع الفاكهة.
(لا يَذُوقُونَ فِيهَا
الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى وَوَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ)
(٥٦)
(لا يَذُوقُونَ فِيهَا
الْمَوْتَ) : نافية لا عمل لها. يذوقون : فعل مضارع مرفوع بثبوت
النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. فيها : جار ومجرور متعلق بيذوقون. الموت
: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(إِلَّا الْمَوْتَةَ
الْأُولى) : أداة استثناء. الموتة : مستثنى بإلا منصوب وعلامة
نصبه الفتحة. الأولى : صفة ـ نعت ـ للموتة منصوبة مثلها وعلامة نصبه الفتحة
المقدرة على الألف المقصورة للتعذر وهو من الاستثناء المنقطع على طريقة الحجازيين
أو تكون «إلا» أداة حصر لا عمل لها و «الموتة الأولى» بدلا من «الموت».
(وَوَقاهُمْ عَذابَ
الْجَحِيمِ) : الواو عاطفة. وقى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر
على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول. عذاب : مفعول به ثان منصوب بوقى المتعدي إلى
مفعولين. الجحيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
(فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ
ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
(٥٧)
(فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ) : مفعول لأجله ـ من أجله ـ التقدير : أعطوا تلك النعم
تفضيلا أو تفضلا وإحسانا منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو يكون مفعولا مطلقا
منصوبا بفعل محذوف تقديره : تفضل الله أو أفضل الله عليهم بتلك النعم تفضلا أو
فضلا. من ربك : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «فضلا» والكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
(ذلِكَ هُوَ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف حرف خطاب. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. والجملة
الاسمية «هو الفوز العظيم» في محل رفع خبر «ذلك» بمعنى ذلك الفوز هو الفوز العظيم.
(الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) : خبر «هو» مرفوع بالضمة. العظيم : صفة ـ نعت ـ للفوز
مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة بمعنى لا فوز بعده.
(فَإِنَّما
يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)
(٥٨)
(فَإِنَّما يَسَّرْناهُ
بِلِسانِكَ) : القول الكريم هو مجمل ما فصل في هذه السورة ومعناها :
ذكرهم بالكتاب المبين فإنما يسرناه الفاء استئنافية للتعليل. إنما : كافة ومكفوفة.
يسرناه : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون
في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل يعود على الكتاب أي القرآن الكريم ضمير مبني على
الضم في محل نصب مفعول به. بلسانك : جار ومجرور متعلق بيسرنا وعلامة جر الاسم
الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف
إليه أو يكون الجار والمجرور متعلقا بحال محذوفة من الهاء في «يسرناه» بمعنى :
فإنما سهلناه حيث أنزلناه عربيا بلسانك أي بلغتك حتى يسهل فهمه.
(لَعَلَّهُمْ
يَتَذَكَّرُونَ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب اسم «لعل». يتذكرون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل»
وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى ليفهموه
ويتعظوا بآياته.
(فَارْتَقِبْ
إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ)
(٥٩)
(فَارْتَقِبْ) : الفاء استئنافية. ارتقب : فعل أمر مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت بمعنى فانتظر ما يحل بهم ..
(إِنَّهُمْ
مُرْتَقِبُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في
محل نصب اسم «إن». مرتقبون : خبرها مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته بمعنى إنهم منتظرون ما يحل بك من سوء أو موتك أو غيره من المصائب
أو بمعنى : فانتظر ما وعدناك من النصر عليهم وإهلاكهم إن لم يؤمنوا إنهم منتظرون
ما يحل بك يا محمد متربصون بك.
سورة الجاثية
معنى
السورة : الجاثية :
مؤنث «الجاثي» وهو اسم فاعل للفعل «جثا ـ يجثو ـ جثوا .. من باب «علا» وجثا ـ يجثي
ـ جثيا .. من باب «رمى» نحو : جثا الرجل على ركبتيه يجثي جثيا فهو جاث ـ اسم فاعل.
بمعنى : برك على ركبتيه فهو بارك وهم جثي .. قال تعالى في سورة «مريم» : (وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) أي ونتركهم. قال عزوجل في آية أخرى من السورة نفسها : (ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ
جَهَنَّمَ جِثِيًّا) أي باركين على ركبهم.
تسمية
السورة : وردت لفظة «الجاثية»
اسم فاعلة مرة واحدة في القرآن الكريم وسميت إحدى سوره الشريفة بها تبعا للآية
الكريمة الثامنة والعشرين من السورة المذكورة. قال تعالى : (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ
أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) صدق الله العظيم. المعنى : مجتمعة أي باركة على ركبها.
فضل
قراءة السورة : قال هادي الإنسانية إلى الإيمان بالله الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «من قرأ «حم» حاميم ـ الجاثية ـ ستر الله عورته وسكن
روعته يوم الحساب» صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وروعته : بمعنى : فزعته وهي مؤنث «الروع» بفتح الراء
ـ أي الفزع .. من راعه ـ يروعه ـ روعا : بمعنى : أفزعه : أي أخافه وأذعره. ويأتي «الفزع»
وهو في الأصل مصدر بمعنى : الإغاثة. ومنه قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ للأنصار : «إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع»
فالإفزاع : مصدر الفعل الرباعي «أفزع» وهو الإخافة والإغاثة أيضا .. ومنه : فزع
إليه يفزع فأفزعه : بمعنى : لجأ إليه فأغاثه وفزع عنه بمعنى ، كشف عنه الخوف ويأتي
الفعل الثلاثي «ذعر» متعديا أيضا نحو : ذعره أي أفزعه. والاسم منه : الذعر وقد ذعر
فهو مذعور. أما «الروع» بضم الراء فهو القلب والعقل .. ومنه القول : وقع الشيء في
روعي : بمعنى : وقع في خلدي وبالي ومنه الحديث الشريف «إن الروح الأمين ـ أي جبريل
ـ نفث في روعي» ويقال : راعه الشيء بمعنى : أعجبه. والأروع اسم تفضيل .. نحو : هذا
الرجل هو الأروع.
إعراب آياتها
(حم)
(١)
(حم) : شرحت هذه الأحرف الكريمة وغيرها من الأحرف التي تبدأ
بها السور الشريفة في سورة «يوسف».
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ
مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)
(٢)
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ) : خبر «حم» مرفوع بالضمة وهو مضاف. الكتاب : مضاف إليه
مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بتقدير : تنزيل حم تنزيل الكتاب وقد حذف المضاف
المبتدأ «تنزيل» وحل المضاف إليه «حم» محله.
(مِنَ اللهِ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بتنزيل أو تكون «حم» تعديدا
للحروف فيكون «تنزيل» مبتدأ ويكون الجار والمجرور للتعظيم «من الله» شبه جملة
متعلقا بالخبر في محل رفع.
(الْعَزِيزِ
الْحَكِيمِ) : صفتان ـ نعتان ـ للفظ الجلالة مجروران وعلامة جرهما
الكسرة.
(إِنَّ فِي
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ)
(٣)
(إِنَّ فِي
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. في السموات : جار ومجرور
في محل رفع خبر «إن» المقدم. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها
أو يكون المعنى على حذف المضاف المجرور بتقدير : إن في خلق السموات والأرض بدليل
الآية الكريمة التالية «وفي خلقكم» فحذف المضاف «خلق» لأن ما بعده يدل عليه.
(لَآياتٍ
لِلْمُؤْمِنِينَ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ آيات : اسم «إن»
المؤخر منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة. للمؤمنين : جار
ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «آيات» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم
والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : لأدلة وبراهين على قدرته للمصدقين به.
(وَفِي خَلْقِكُمْ
وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)
(٤)
(وَفِي خَلْقِكُمْ) : الواو عاطفة. في خلقكم : جار ومجرور في محل رفع خبر
مقدم وهو معطوف على «في السموات والأرض» أو في خلق السموات والأرض .. الكاف ضمير
متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع
الذكور.
(وَما يَبُثُ) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
جر معطوف على «خلق». يبث : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو والجملة الفعلية «يبث ..» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول
ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : وما يبثه.
(مِنْ دابَّةٍ آياتٌ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما»
التقدير : وما يبثه حالة كونها من الدواب بمعنى : وما ينشر في الأرض من مخلوقات
تدب عليها. آيات : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.
(لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «آيات». يوقنون : فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «يوقنون»
في محل جر صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوم».
** (وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ
دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة .. وفي
خلق الله لكم في أطوار مختلفة وما يبث فيها أي في الأرض من دابة أي كل ما دب ـ أي
مشى ـ على الأرض من إنسان وغيره لدلائل على قدرته سبحانه لقوم يتيقنون أي يصدقون
بقدرته ـ جلت قدرته ـ يقال : بث الخبر ـ يبثه ـ بثا .. من باب «رد» وأبثه : بمعنى
: نشره وأذاعه. والفعل الرباعي «أبث» نحو : أبثه سره : بمعنى : أظهره له. وبث الله
تعالى الخلق ـ يبثهم ـ بثا .. من باب «رد» أو من باب «قتل» بمعنى : خلقهم. وقال
ابن فارس : بث السر وأبثه أيضا.
** (وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ
مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخامسة
المعنى وفي إنزال المطر فأحيا به الأرض بالإنبات بعد موتها أي بعد جدبها وسمي «المطر»
رزقا .. لأنه سبب الرزق .. وتسمى السحابة الشديدة المطر : رويا .. ويسمى السحاب
الذي لا مطر فيه : خلبا ـ بضم الخاء وتشديد اللام ـ ومنه قالت العرب : إنما هو
كبرق الخلب .. يضرب هذا المثل لمن يعد ثم يخلف ولا ينجز .. ويقال : هذا برق خلب
ـ صفة لبرق ـ وبرق خلب ـ بالإضافة ـ بمعنى : لا غيث ـ لا مطر ـ معه. كأنه
خادع. فإذا قيل : هذا برق الخلب فمعناه هذا برق السحاب الخلب بحذف الموصوف «السحاب»
وإقامة الصفة «الخلب» مقامه. قال جرير يمدح عمر بن عبد العزيز بهذه الأبيات :
إنا لنرجو
إذا ما الغيث أخلفنا
|
|
من الخليفة
ما نرجو من المطر
|
أأذكر الجهد
والبلوى التي نزلت
|
|
أم قد كفاني
الذي بلغت من خبري
|
ويسمى القليل
من المطر : رشاشا ـ بتخفيف الشين ـ مأخوذا من : رشت السماء : أي أمطرت .. ويقال
أرشت السماء أيضا ويقال أرذت السماء : أي أمطرت الرذاذ : وهو المطر الضعيف. ويقال
مطرت السماء من باب «نصر» وأمطرت أيضا : بمعنى : نزل مطرها ومطرت السماء القوم
وأمطرتهم : بمعنى : أصابتهم بالمطر وأمطر الله السماء وقد مطرنا : أي نزل علينا
المطر وأصابنا المطر .. ويقال : أمطر الرجل بمعنى : عرق جبينه ومنه قالوا : كلمته
فأمطر واستمطر : أي فأطرق وعرق جبينه. و «المطر» هو ماء السحاب .. أما «النوء»
وجمعه : أنواء فهو المطر أيضا. قال الجوهري في صحاحه : النوء : هو سقوط نجم من
المنازل في المغرب مع الفجر ورقيبه من المشرق يقابله من ساعته كل ثلاثة عشر يوما
ما خلا الجبهة فلها أربعة عشر يوما .. وكانت العرب تضيف الأمطار والرياح والحر
والبرد إلى الساقط منها وقيل : إلى الطالع منها لأنه في سلطانه.
** (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ) : المعنى : وتوجيهها إلى جهات مختلفة وفي الاتجاهات
الأربعة أو وفي تغيير اتجاهاتها من جهة إلى جهة .. وهي جمع «ريح» ومن الأمثلة
الشائعة قولهم : ذهب دمه درج الرياح ويروى : أدراج الرياح .. وهي جمع «درج» وهي
طريقها .. يقال هذا في الدم إذا كان هدرا ـ بفتح الهاء والدال ـ لا طالب له. بمعنى
: لم يؤخذ بثأره ويقال : رجعت أدراجي : أي في الطريق الذي جئت منه أو بمعنى : في
أدراجي فحذف الجار «في» وأوصل الفعل بمعنى : رجعت عودي على بدئي ويقال : رجع
أدراجه : أي طريقه الذي جاء منه. ويقال : تدرج إلى الشيء : أي تقدم إليه شيئا
فشيئا واستدرج الرجل خصمه : بمعنى : خدعه واستدرجه إلى كذا أي قربه إليه. واستدرج
الرجل عامله : أي رقاه من درجة إلى درجة. وقيل : الدرجة أوثق من السلم. وقيل في
أمثال العرب عن الرجل الخائف : لا يجد في السماء مصعدا ولا في الأرض مقعدا. وعلى
ذكر السلم فقد قال الشاعر :
المحبة ثمن
كل شيء وإن غلا
|
|
وسلم إلى كل
شيء وإن علا
|
وقال زهير بن
أبي سلمى :
ومن هاب أسباب
المنايا ينلنه
|
|
وإن يرق
أسباب السماء بسلم
|
و «المنايا»
جمع «المنية» وهي الموت لأنه قدر علينا. من «المنى» وهو الموت أيضا وبمعنى القصد
.. ويعني أيضا : قدر الله .. نحو : أنا راض بمنى الله : أي أنا راض بقدره سبحانه
.. أما «أسباب» فهي جمع «سبب» وهو بمعنى : الذريعة .. الطريق .. الحياة .. نحو :
قطع الله به السبب : أي الحياة .. وتقطعت بين القوم الأسباب : بمعنى : الوصل ـ بضم
الواو وفتح الصاد ـ والمودات.
** (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ
بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة ..
المعنى : تلك الأدلة والآيات القرآنية آيات الله فحذف المشار إليه ـ
الأدلة ـ اختصارا لأن ما قبله دال عليه وهو صفة ـ نعت ـ لاسم الاشارة «تلك»
أو بدل منه. نقصها عليك بالحق والجار والمجرور «بالحق» إضافة إلى ما ذكر في إعرابه
يجوز أن يكون متعلقا بحال محذوفة من الضمير «ها» بتقدير : متصفة بالحق فبأي كلام
بعد كلام الله وأدلته يؤمنون فحذف المضاف «كلام» اختصارا أو بمعنى بعد آيات الله
يؤمنون وتقديم اسم الله تعالى على آياته للمبالغة والتعظيم .. يقال : تلا المؤمن
القران ـ يتلوه ـ تلاوة .. من باب «سما» بمعنى قرأه وتلوت الرجل أتلوه تلوا بمعنى
: تبعته وعقبته وهو من باب «سما».
** (يَسْمَعُ آياتِ اللهِ تُتْلى عَلَيْهِ
ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة ..
والبشارة هنا فيها تهكم بالأفاك الأثيم المتكبر والمراد بالقول الانذار والتخويف
هنا.
** سبب نزول
الآية : نزلت الآية الكريمة في النضر بن الحارث الذي كان يشتري أحاديث الأعاجم
ويشغل بها الناس عن سماع القرآن.
** (وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً
اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة.
المعنى : وإذا عرف هذا المتكبر الساخر شيئا من آياتنا جعله موضع هزء وسخرية
والضمير «ها» يعود للآيات .. أولئك الأفاكون الساخرون لهم عذاب مذل وحذف الصفة ـ النعت
ـ أو البدل المشار إليه الأفاكون .. الساخرون .. المتكبرون .. لأن ما قبله دال
عليه وجاءت الإشارة بصيغة الجمع وهي تعود على مفرد لأن الإشارة هي إلى كل أفاك
أثيم لشموله الأفاكين. وقيل : الضمير المؤنث «ها» فيه وجهان : أحدهما : إنه عائد
على «آياتنا» وهي كلمة مؤنثة بمعنى : جعلها .. والثاني : أنه يعود على «شيء» بمعنى
: جعله وإن كان مذكرا لأن المعنى : آية واللفظ مذكر وغلب المعنى على اللفظ كقول
أبي العتاهية :
نفسي بشيء من
الدنيا معلقة
|
|
الله والقائم
المهدي يكفيها
|
إني لأيأس
منها ثم يطمعني
|
|
فيها احتقارك
للدنيا وما فيها
|
الشاعر أراد
بشيء : جارية يقال لها : عتبة .. كانت للمهدي من حظاياه وكان أبو العتاهية يهواها
؛ أهدى إلى المهدي في إحدى المناسبات برنية ـ إناء من خزف ـ فيها ثوب في حواشيه
البيتان المذكوران .. فهم المهدي بدفعها إليه. فقالت : أتدفعني إلى رجل جرار ـ بائع
الجرار أو صانعها ـ جمع «جرة» وهي إناء من الخزف ـ قبيح الوجه متكسب بالتعشق
والشعر؟ فانصرف عن ذلك وأمر أن تملأ البرنية مالا وتدفع إليه. فقال أبو العتاهية
للخزان : إنما أمر لي بدنانير فقالوا نعطيك دراهم ونراجع .. فإن كان دنانير
قاصصناك فاختلفوا في ذلك سنة. فقالت : «عتبة» : لو كان عاشقا كما يصف لما فرق
بينهما ولما صرف همته إليها.
** (مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ) : هذا القول الكريم ورد في مطلع الآية الكريمة العاشرة
.. المعنى : من قدامهم جهنم أي تنتظرهم جهنم أو يكون بمعنى : أمامهم لأنهم في
الدنيا لأن الوراء اسم للجهة التي يواريها الشخص من خلف أو قدام وهي هاهنا بمعنى :
قدامهم.
** (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا
لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا
يَكْسِبُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة عشرة
.. المعنى : قل يا محمد للذين آمنوا بالله ورسالتك اغفروا للذين لا يتوقعون عذاب
الله أو وقائع الله بأعدائه ليجزي قوما بما كسبوه من الثواب العظيم بكظمهم الغيظ
تجاه أعدائهم.
** سبب نزول
الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في كافر شتم عمر فهم أن يبطش به فأمره الله بالعفو
عنه .. وقيل : الشاتم لعمر ـ رضي الله عنه ـ وللمؤمنين هو عبد الله بن أبي فاشتمل
عمر سيفه يريد التوجه إليه فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة في بدء الإسلام قبل
إنزال آيات الجهاد فرضخ عمر لأمر الله تعالى.
** (ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ
الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة عشرة.
يقال إن الإسلام شريعة سمحة ولا يقال : سمحاء .. لأن «سمحاء» مؤنث «أسمح» وهذه
الصيغة غير واردة في اللغة .. أما «سمحة» فهي مؤنث «سمح» وهن نساء سماح .. بمعنى :
من أهل الجود والسماحة : أي التساهل والعطاء.
(وَاخْتِلافِ
اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا
بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)
(٥)
(وَاخْتِلافِ
اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) : الواو عاطفة. وما بعده : معطوف على «في خلق السموات
والأرض» في الآية السابقة ويعرب مثله.
(وَما أَنْزَلَ اللهُ) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون لأنه
معطوف على مجرور بمعنى وفي اختلاف الليل والنهار وخلق ما أنزل الله. أنزل : فعل
ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة والجملة
الفعلية «أنزل الله» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب
المحل لأنه مفعول به. التقدير : وما أنزله الله بمعنى وفي اختلاف الليل والنهار
طولا وقصرا وتعاقبهما ..
(مِنَ السَّماءِ مِنْ
رِزْقٍ) : جار ومجرور متعلق بأنزل. من رزق : يعرب إعراب «من
دابة» الوارد في الآية الكريمة السابقة.
(فَأَحْيا بِهِ
الْأَرْضَ) : الفاء عاطفة. أحيا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر
على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. به : جار ومجرور
متعلق بأحيا. الأرض : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(بَعْدَ مَوْتِها) : ظرف زمان متعلق بأحيا منصوب على الظرفية وعلامة نصبه
الفتحة وهو مضاف. موت : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «ها»
ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان.
(وَتَصْرِيفِ
الرِّياحِ) : معطوف بالواو على «اختلاف الليل» ويعرب إعرابه.
(آياتٌ لِقَوْمٍ
يَعْقِلُونَ) : يعرب إعراب «آيات لقوم يوقنون» الوارد في الآية
الكريمة السابقة.
(تِلْكَ آياتُ اللهِ
نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ
يُؤْمِنُونَ)
(٦)
(تِلْكَ آياتُ اللهِ) : تي : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف حرف خطاب. آيات : خبر «تلك» مرفوع بالضمة وهو مضاف. الله لفظ الجلالة
: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة أو تكون «آيات» خبر مبتدأ
محذوف تقديره : هي فتكون الجملة الاسمية «هي آيات الله» في محل رفع خبر «تلك» أي
تلك الآيات هي آيات الله.
(نَتْلُوها عَلَيْكَ
بِالْحَقِ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الآيات» ويجوز أن
تكون «آيات الله» في محل رفع بدلا من اسم الإشارة «تلك» وتكون الجملة الفعلية «نتلوها
..» في محل رفع خبر «تلك» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في
محل نصب مفعول به. عليك : جار ومجرور متعلق بنتلو. بالحق : جار ومجرور متعلق بصفة
لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف بتقدير : تلاوة ملتبسة بالحق ويجوز أن يكون في محل نصب
حالا من الضمير الفاعل في «نتلو» بتقدير : نتلوها محقين أو من الضمير المخاطب ـ الكاف
ـ في «عليك» بتقدير : وأنت محق أو ومعك الحق.
(فَبِأَيِّ حَدِيثٍ) : الفاء استئنافية. بأي : جار ومجرور متعلق بيؤمنون. حديث
: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
(بَعْدَ اللهِ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بصفة محذوفة من «حديث» وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم
وعلامة الجر الكسرة.
(وَآياتِهِ
يُؤْمِنُونَ) : معطوفة بالواو على لفظ الجلالة مجرورة بالإضافة
وعلامة جرها الكسرة والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه ثان
بمعنى : بعد الله وبعد آياته أو يكون العطف على «الحديث» بتقدير : بعد حديث الله
وآياته. يؤمنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
(وَيْلٌ لِكُلِّ
أَفَّاكٍ أَثِيمٍ)
(٧)
(وَيْلٌ لِكُلِ) : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة وجاز الابتداء بالنكرة
لأنها متضمنة معنى الفعل بدعاء. لكل : جار ومجرور متعلق بخبر «ويل» المحذوف أو
يكون «ويل» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هذا ويل أي عذاب وهلاك.
(أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة
بمعنى : كذاب. أثيم : صفة ـ نعت ـ لأفاك مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة
بمعنى : الكثير الإثم .. ـ فعيل بمعنى فاعل ـ من صيغ المبالغة.
(يَسْمَعُ آياتِ اللهِ
تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ
بِعَذابٍ أَلِيمٍ)
(٨)
(يَسْمَعُ آياتِ اللهِ) : الجملة الفعلية في محل جر صفة ثانية لأفاك وهي فعل
مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. آيات : مفعول به
منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم وهو مضاف.
الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر الكسرة.
(تُتْلى عَلَيْهِ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الآيات» وهي فعل
مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفعل مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره هي. عليه : جار ومجرور متعلق بتتلى بمعنى تقرأ عليه.
(ثُمَّ يُصِرُّ
مُسْتَكْبِراً) : حرف عطف. يصر : معطوفة على «يسمع» وتعرب إعرابها.
مستكبرا : حال من ضمير «يصر» منصوب بالفتحة المنونة بمعنى : ثم يثبت على كفره
مستكبرا عن الإيمان بالآيات معجبا بما عنده.
(كَأَنْ لَمْ
يَسْمَعْها) : مخففة من «كأن» والأصل : كأنه واسمها ضمير الشأن في
محل نصب وخبرها جملة فعلية فعلها متصرف فصلت بلم. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يسمع :
فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره
هو و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «لم
يسمعها» في محل رفع خبر «كأن» والجملة الفعلية «كأن لم يسمعها» في محل نصب حال
ثانية من ضمير «يصر» بمعنى : يصر على كفره مثل غير السامع.
(فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ
أَلِيمٍ) : الفاء استئنافية. بشره : فعل أمر مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني
على الضم في محل نصب مفعول به. بعذاب : جار ومجرور متعلق ببشر. اليم : صفة ـ نعت ـ
لعذاب مجرور مثله وعلامة جرهما «الموصوف والصفة» الكسرة المنونة بمعنى : فأخبره
بأنه ينتظره عذاب مؤلم يوم القيامة.
(وَإِذا عَلِمَ مِنْ
آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ)
(٩)
(وَإِذا عَلِمَ) : الواو عاطفة. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على
السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط. علم : فعل ماض مبني على الفتح
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.
(مِنْ آياتِنا شَيْئاً) : جار ومجرور متعلق بعلم أو بحال مقدمة من «شيئا» شيئا
: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والجملة الفعلية «علم من آياتنا شيئا»
في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني
على السكون في محل جر مضاف إليه.
(اتَّخَذَها هُزُواً) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل
ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «ها» ضمير متصل مبني
على السكون في محل نصب مفعول به يرجع إلى الآيات ويجوز أن يرجع على «شيء» وأنث
الضمير على أن «شيئا» بمعنى
الآية. هزوا : مفعول به ثان منصوب بالفعل «اتخذ» المتعدي إلى مفعولين
وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(أُولئِكَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف
حرف خطاب والجملة الاسمية بعده في محل رفع خبر «أولئك».
(لَهُمْ عَذابٌ
مُهِينٌ) : اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام
والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم أي في الآخرة و «عذاب» مبتدأ مؤخر مرفوع
بالضمة المنونة. مهين : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع مثله بالضمة المنونة.
(مِنْ وَرائِهِمْ
جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ
دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)
(١٠)
(مِنْ وَرائِهِمْ
جَهَنَّمُ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر ثان لاسم الإشارة «أولئك»
من وراء : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في
محل جر مضاف إليه بمعنى من قدامهم. جهنم : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة ولم ينون الاسم
لأنه ممنوع من الصرف للتأنيث والمعرفة.
(وَلا يُغْنِي
عَنْهُمْ) : الواو استئنافية. لا : نافية لا عمل لها. يغني : فعل
مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. عن : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في
محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بيغني وهو في مقام المفعول به المقدم.
(ما كَسَبُوا شَيْئاً) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل بمعنى :
لا يجزي عنهم أي لا ينفعهم. كسبوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي
فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة. شيئا : مفعول به منصوب بيغني وعلامة نصبه الفتحة أو يكون منصوبا على
المصدر كونه صفة أو نائبا عن مفعول مطلق محذوف بتقدير : إغناء شيئا والعائد إلى
الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به
التقدير : ما كسبوه من الأموال وغيرها بمعنى لا ينجيهم من عذاب الله شيئا
ما كسبوه من أموال الدنيا.
(وَلا مَا اتَّخَذُوا) : معطوفة بالواو على جملة «ما كسبوا» وتعرب إعرابها و «لا»
زائدة لتوكيد النفي أي اتخذوهم.
(مِنْ دُونِ اللهِ
أَوْلِياءَ) : جار ومجرور متعلق باتخذوا. الله لفظ الجلالة : مضاف
إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. أولياء : مفعول به منصوب بالفتحة
ولم ينون لأنه على وزن «أفعلاء» بمعنى من الأوثان.
(وَلَهُمْ عَذابٌ
عَظِيمٌ) : الواو استئنافية وما بعدها أعرب في الآية الكريمة
السابقة.
(هذا هُدىً
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ)
(١١)
(هذا هُدىً) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. هدى : خبر
«هذا» مرفوع بالضمة المقدرة للتعذر على الألف المقصورة والإشارة إلى القرآن الكريم
يدل عليه قوله «والذين كفروا بآيات ربهم» لأن آيات ربهم هي القرآن .. فالمعنى :
هذا القرآن كامل في الهداية ونون آخر «هدى» لأنه ثلاثي مقصور نكرة.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في
محل رفع مبتدأ. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني
على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(بِآياتِ رَبِّهِمْ) : جار ومجرور متعلق بكفروا. رب : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل جر
مضاف إليه ثان.
(لَهُمْ عَذابٌ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «الذين» اللام حرف جر و
«هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. عذاب :
مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.
(مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «عذاب» و «من» حرف
جر بياني لبيان جنس العذاب وتمييز له أي الذي هو رجز وهو أشد العذاب. أليم : صفة ـ
نعت ـ لرجز مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة.
(اللهُ الَّذِي
سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا
مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
(١٢)
القسم الأول من
هذه الآية الكريمة أعرب في الآية الكريمة الثانية والثلاثين من سورة «إبراهيم»
والقسم الثاني أعرب في الآية الكريمة الثالثة عشرة من سورة «فاطر» و «لتبتغوا»
بمعنى : لتشكروا الله على هذه النعم.
(وَسَخَّرَ لَكُمْ ما
فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ
لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
(١٣)
(وَسَخَّرَ لَكُمْ ما) : معطوفة بالواو على جملة «سخر لكم» وهي فعل ماض مبني
على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. لكم : جار ومجرور متعلق
بسخر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
(فِي السَّماواتِ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد .. استقر
.. والجملة الفعلية «وجد في السموات» صلة الموصول لا محل لها بمعنى وذلل لكم ما في
السموات ..
(وَما فِي الْأَرْضِ) : معطوف بالواو على «ما في السموات» ويعرب إعرابه.
(جَمِيعاً مِنْهُ) : حال من الاسم الموصول «ما» أو توكيد له منصوب وعلامة
نصبه الفتحة المنونة. منه : جار ومجرور متعلق بحال ثانية بتقدير : كائنة منه بمعنى
: وذلل هذه الأشياء أي جميع ما في السموات وما في الأرض كائنة منه وحاصلة من عنده
ويجوز أن يكون «ما» في محل رفع مبتدأ وتكون جملة «سخر لكم» تأكيدا لقوله تعالى : «سخر
لكم» ثم ابتدئ قوله : «ما في السموات وما في الأرض» هو جميعا منه. فيكون خبر «ما»
هو الجملة «هو جميعا منه» في محل رفع.
(إِنَّ فِي ذلِكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. في : حرف جر ذا : اسم
إشارة مبني على السكون في محل جر بفي. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. والجار
والمجرور «في ذلك» في محل رفع خبر «إن» المقدم بمعنى إن في ذلك التسخير.
(لَآياتٍ لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ آيات : اسم «إن» مؤخر
منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة والجار والمجرور «لقوم» متعلق بصفة محذوفة من «آيات».
يتفكرون : الجملة الفعلية في محل جر صفة للموصوف «قوم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت
النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى يتفكرون في صنائع الله.
(قُلْ لِلَّذِينَ
آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً
بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)
(١٤)
(قُلْ لِلَّذِينَ
آمَنُوا) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره أنت ـ أصله : قول ـ حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين. اللام حرف
جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق
بقل. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(يَغْفِرُوا
لِلَّذِينَ) : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب طلب محذوف تقديره : اغفروا
يغفروا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
وعلى هذا التقدير تكون الجملة المقدرة «اغفروا» في محل نصب مفعولا به ـ مقولا
للقول ـ للذين : اعرب. والجار والمجرور «للذين» متعلق بيغفروا.
(لا يَرْجُونَ
أَيَّامَ اللهِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. لا : نافية
لا عمل لها. يرجون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل. أيام : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو
مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة جره
الكسرة بمعنى : لا يتوقعون وقائع الله بأعدائه .. وقيل : لا يأملون الأوقات التي
وقتها الله لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز فيها.
(لِيَجْزِيَ قَوْماً) : اللام حرف جر للتعليل أي تعليل للأمر بالمغفرة. يجزي
: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره هو. قوما : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والجملة الفعلية «يجزي
قوما» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر
بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بالفعل المقدر «اغفروا».
(بِما كانُوا
يَكْسِبُونَ) : الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
جر بالباء والجار والمجرور متعلق بيجزي. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يكسبون
: الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول
به. التقدير : بما كانوا يكسبونه من الثواب العظيم بكظمهم الغيظ واحتمال المكروه.
(مَنْ عَمِلَ صالِحاً
فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ)
(١٥)
(مَنْ عَمِلَ) : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ
وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». عمل : فعل ماض مبني على الفتح فعل
الشرط في محل جزم بمن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
(صالِحاً فَلِنَفْسِهِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي عملا
صالحا فحذف المفعول «عملا» وأقيمت الصفة «صالحا» مقامه أو بمعنى من عمل صالح
الأعمال. الفاء واقعة في جواب الشرط والجار
والمجرور «لنفسه» في محل رفع خبر مقدم وحذف المبتدأ المؤخر بتقدير : فلنفسه
الأجر والثواب والجملة الاسمية «فلنفسه الأجر والثواب» جواب شرط جازم مقترن بالفاء
في محل جزم أو بمعنى عاد نفعه عليه.
(وَمَنْ أَساءَ
فَعَلَيْها) : الجملة الاسمية معطوفة بالفاء على جملة «من عمل صالحا
فلنفسه» وتعرب إعرابها .. التقدير : فعلى نفسه وزر أو تبعة عمله أو بمعنى ومن أساء
بالمعصية وقع ضرر إساءته عليها. والجملة الفعلية «عمل صالحا» صلة الموصول لا محل
لها من الاعراب وجاء الفعل «عمل .. أساء» الضمير في نفسه على لفظ «من» لا معناها.
(ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ
تُرْجَعُونَ) : حرف عطف. إلى ربكم : جار ومجرور متعلق بترجعون. الكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع
الذكور. ترجعون : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير المخاطبين وهي فعل مضارع
مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. ويجوز أن
تكون الجملة الفعلية «ترجعون» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : أنتم ترجعون
وجاء الضمير بصيغة الجمع على معنى «من» لا لفظها.
(وَلَقَدْ آتَيْنا
بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ
الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلَى الْعالَمِينَ)
(١٦)
(وَلَقَدْ آتَيْنا) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. قد :
حرف تحقيق. آتى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على
السكون في محل رفع فاعل بمعنى أعطيناهم التوراة.
(بَنِي إِسْرائِيلَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع
المذكر السالم وحذفت النون للإضافة ـ أصله : بنين ـ إسرائيل : مضاف إليه مجرور
بالفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف.
(الْكِتابَ
وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ) : مفعول به ثان منصوب بالفتحة. والحكم والنبوة :
معطوفان بواوي العطف على «الكتاب» ويعربان مثله.
(وَرَزَقْناهُمْ مِنَ
الطَّيِّباتِ) : معطوفة بالواو على «آتينا» وتعرب مثلها. و «هم» ضمير
متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. من الطيبات : جار ومجرور متعلق
برزقنا ويجوز أن تكون «من» للتبعيض في مقام مفعول «رزق» الثاني.
(وَفَضَّلْناهُمْ
عَلَى الْعالَمِينَ) : تعرب إعراب «ورزقناهم» على العالمين : جار ومجرور
متعلق بفضلنا وعلامة جر الاسم الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته. و «الطيبات» بمعنى : الأغذية الطيبات .. وهذه من الصفات التي
جرت مجرى الأسماء .. مثل .. الصالحات .. والحسنات .. والسيئات.
(وَآتَيْناهُمْ
بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ
الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ
الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)
(١٧)
هذه الآية
الكريمة أعربت في الآية الكريمة الثالثة والتسعين من سورة «يونس».
(بَيِّناتٍ مِنَ
الْأَمْرِ) : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا
من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. من الأمر : جار ومجرور متعلق بصفة
محذوفة من «بينات» بمعنى وآتيناهم آيات أي معجزات واضحات من أمر الدين.
(إِلَّا مِنْ بَعْدِ
ما) : أداة حصر لا عمل لها. من بعد : جار ومجرور متعلق
باختلفوا. ما : مصدرية.
(بَغْياً بَيْنَهُمْ) : مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي
للبغي أو يكون مصدرا في موضع الحال. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه
الفتحة متعلق بالمصدر «بغيا» وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل
جر مضاف إليه بمعنى : وكان ذلك الخلاف منهم عداوة وحسدا.
(ثُمَّ جَعَلْناكَ
عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا
يَعْلَمُونَ)
(١٨)
(ثُمَّ جَعَلْناكَ) : حرف عطف. جعل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا.
و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.
(عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ
الْأَمْرِ) : جار ومجرور في محل نصب في مقام المفعول الثاني للفعل «جعل»
من الأمر : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «شريعة» بمعنى : على طريقة ومنهاج من
أمر الدين.
(فَاتَّبِعْها) : الفاء سببية للاستئناف. اتبع : فعل أمر مبني على
السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «ها» ضمير متصل في محل نصب
مفعول به.
(وَلا تَتَّبِعْ
أَهْواءَ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تتبع : فعل مضارع
مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. أهواء
: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.
(الَّذِينَ لا
يَعْلَمُونَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. لا :
نافية لا عمل لها. والجملة الفعلية «لا يعلمون» صلة الموصول لا محل لها. يعلمون :
فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : لا يعلمون
ـ أي كفار قريش ـ شرائع الله .. فحذف المفعول لأن «شريعة» تدل عليه.
(إِنَّهُمْ لَنْ
يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ
بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ)
(١٩)
(إِنَّهُمْ لَنْ
يُغْنُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب اسم «إن». لن : حرف نصب ونفي واستقبال. يغنوا : فعل مضارع
منصوب بلن وعلامة نصبه حذف النون.
الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «لن يغنوا
..» في محل رفع خبر إن.
(عَنْكَ مِنَ اللهِ
شَيْئاً) : جار ومجرور متعلق بيغنوا. من الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بحال مقدمة
من «شيئا» المعنى : لن يدفعوا عنك من مؤاخذة الله أي من عذابه شيئا. شيئا : مفعول
به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو يكون نائبا عن مصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف.
التقدير : إغناء شيئا.
(وَإِنَّ
الظَّالِمِينَ) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الظالمين
: اسم إن» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد
وحركته.
(بَعْضُهُمْ
أَوْلِياءُ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن» بعض : مبتدأ
مرفوع بالضمة. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. أولياء :
خبر «بعضهم» مرفوع بالضمة وهو مضاف.
(بَعْضٍ وَاللهُ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة
وأصله : بعضهم وبعد حذف المضاف إليه ضمير الغائبين «هم» اختصارا نون المضاف «بعض»
الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة.
(وَلِيُّ
الْمُتَّقِينَ) : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. المتقين : مضاف إليه مجرور
بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(هذا بَصائِرُ
لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)
(٢٠)
(هذا بَصائِرُ
لِلنَّاسِ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. بصائر :
خبر «هذا» مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف. للناس : جار ومجرور متعلق
بصفة محذوفة من «بصائر» والإشارة جاءت بصيغة التذكير لأنها عائدة على القرآن أي
هذا القرآن فيه آيات تبصر وهدى من الضلال ورحمة أي ونعمة من الله.
(وَهُدىً وَرَحْمَةٌ) : معطوفان بواوي العطف على «بصائر» مرفوعان أيضا بالضمة
وقدرت للتعذر على ألف «هدى» قبل تنوينها.
(لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) : جار ومجرور متعلق بهدى أو برحمة ـ على تأويل الفعل ـ أو
بصفة محذوفة من «رحمة». يوقنون : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوم»
وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
** (هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً
وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة العشرين وحذف المشار
إليه الصفة أو البدل من اسم الإشارة «هذا» اختصارا لأنه معلوم أي هذا القرآن فيه
دلائل تبصر الناس وجوه النجاة وتنير القلوب «وبصائر» جمع «بصيرة» بمعنى : علم
وخبرة وحجة وإنما جاء الخبر بصورة التأنيث والمبتدأ مذكر على معنى هذا القرآن ذو
بصيرة أو هذا القرآن استبصار لأن لفظة «استبصار» بمعنى «البصيرة» أو على معنى هو
البصائر كما في قوله تعالى في سورة «القيامة» : (بَلِ الْإِنْسانُ
عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) قال الأخفش : جعله هو البصيرة كما تقول للرجل : أنت حجة
على نفسك بمعنى شاهد على نفسه.
** (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا
السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية
والعشرين .. المعنى : أبل ظن الذين اكتسبوا الأعمال السيئات أن نصيرهم مثل الذين
آمنوا بالله ورسله وكتبه وعملوا الأعمال الصالحات أو صالح الأعمال فحذف المفعولان
الموصوفان «الأعمال» وحلت الصفة «السيئات» محلها و «الأعمال». وأقيمت الصفة «الصالحات»
مقامها أو تكون الكلمتان «السيئات» و «الصالحات» من الصفات التي جرت مجرى الاسماء
ولفظة «اجترحوا» بمعنى «جرحوا» أي اكتسبوا مأخوذة من «الجارحة» وهي العضو وجمعها :
جوارح أي الأعضاء أو بمعنى اسم الفاعل الذي يجرح فجوارح السباع والطير : هي ذوات
الصيد وجوارح الإنسان : أي أعضاؤه التي يكتسب بها.
** سبب نزول
الآية : نزلت في ثلاثة من المشركين : عتبة وشيبة والوليد بن عتبة .. قالوا لثلاثة
من المؤمنين : حالنا في الآخرة أفضل من حالكم كما أنا أفضل حالا منكم في الدنيا
فنزلت هذه الآية الكريمة.
** (وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا
الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ
مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة
والعشرين. وفيه حذف مفعول «يظنون» اختصارا لأن المعنى وما هم إلا يظنون ذلك بلا
دليل .. و «الدهر» بمعنى : مرور الأيام وهو في الأصل : مدة بقاء العالم وقال
الجوهري : الدهر : الزمان وجمعه : دهور .. وقيل : الدهر : الأبد. وفي الحديث : «لا
تسبوا الدهر فإن الدهر هو الله» وفي رواية : فإن الله وحده هو الدهر لأنهم كانوا
يضيفون النوازل إليه فقيل لهم لا تسبوا فاعل ذلك بكم فإن ذلك هو الله تعالى. وقال
الفيومي : الدهر عند العرب يطلق على الزمان وعلى الفصل من فصول السنة وأقل من ذلك
ويقع على مدة الدنيا كلها. وعن الحديث المذكور آنفا روي بشكل آخر : عن أبي هريرة ـ
رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : قال الله تعالى : يؤذيني ابن آدم ـ أي
يخاطبني من القول بما يتأذى به من يجوز التأذي عليه والله تعالى منزه عن أن
يصير في حقه الأذى إذ هو محال عليه سبحانه .. إذ هو يراد به : أن من وقع ذلك منه
تعرض لسخط الله عزوجل ـ يسب الدهر وأنا الدهر أي أنا خالق الدهر وأنا الدهر
المصرف المدبر المقدر لما يحدث» ومن معاني «الدهر» : النازلة : وهي المصيبة
الشديدة وجمعها : نوازل .. ومن معانيه : الأمد المحدود والزمان الطويل والغلبة
والعادة والغاية .. يقال : لا آتيه دهر الداهرين : أي أبدا ويقال : ما ذاك بدهري :
أي عادتي .. وما دهري بكذا : أي وما غايتي ويقال : دهر القوم وبالقوم يدهرهم دهرا
أمر مكروه : بمعنى : نزل بهم .. والزمن الذي يعيش فيه الانسان يسمى دهر الانسان ..
والزمن يجمع على «أزمان» و «أزمن» في حين يجمع «الزمان» على «أزمنة» وأزمنة السنة
هي فصولها الأربعة ومنه القول : أصيب فلان بمرض مزمن وهو اسم فاعل للفعل «أزمن»
بمعنى بمرض عتق .. وأتت عليه أزمنة .. ونقول : مضى زمن قصير أفصح من قولنا : مضى
ردح ـ بفتح الراء والدال ـ لأن «الردح» هو المدة الطويلة .. كما يقال : أقام فلان
في هذا البلد ردحا من الدهر : أي فترة طويلة وعن ابن عيينة : الدهر عند الله يومان
: أحدهما : اليوم الذي هو مدة عمر الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهي والإماتة
والإحياء والإعطاء والمنع والآخر : هو يوم القيامة فشأنه الجزاء والحساب. وقال
أكثم بن صيفي : من عتب على الدهر معتبته : أي عتبه .. بمعنى : من غضب على الدهر
طال غضبه لأن الدهر لا يخلو من «أذى» وقيل : نعم المؤدب الدهر. وجاءت لفظة «الدهر»
في قول الشاعر :
هل الدهر إلا
ليلة ونهارها
|
|
وإلا طلوع الشمس
ثم غيابها
|
ومن أمثال
العرب الشهيرة قولهم : هذا رجل أكل عليه الدهر وشرب .. يضرب هذا المثل لمن طال
عمره .. يريدون : أكل وشرب دهرا طويلا وبهذا المعنى أيضا قيل الكثير من الشعر ومن
ذلك هذا البيت من الشعر :
كم رأينا من
أناس قبلنا
|
|
شرب الدهر
عليهم وأكل
|
وقال الشاعر :
وقالت لقد
أزرى بك الدهر بعدنا
|
|
فقلت معاذ
الله بل أنت لا الدهر
|
وقال آخر :
لكل امرئ من
دهره ما تعودا
|
|
وعادات سيف
الدولة الطعن في العدا
|
و «الدهارير»
هي أول «الدهر» في الزمان الماضي ولا واحد له ويعني أيضا الدواهي : «جمع داهية» ويعني
كذلك : نوائب الدهر. و «الداهية» هي المصيبة والأمر العظيم. ويقال أصابتهم داهية
دهياء أي شديدة مثل قولهم : هذه ليلة ليلاء : أي شديدة السواد وطويلة الوقت.
والنوائب : جمع نائبة وهي أيضا بمعنى المصيبة. قال الشاعر :
ومن يتهيب
صعود الجبال
|
|
يعش أبد
الدهر بين الحفر
|
وقال طرفه بن
العبد :
أرى العيش
كنزا ناقصا كل ليلة
|
|
وما تنقص
الأيام والدهر ينفد
|
وقال أكثم بن
صيفي وهو أحد حكماء العرب من تميم :
إذا ما الدهر
جر على أناس
|
|
كلاكله أناخ
بآخرينا
|
فقل للشامتين
بنا أفيقوا
|
|
سيلقى
الشامتون كما لقينا
|
وقيل : إن هذا
الشعر للشاعر ذي الإصبع العدواني .. وقيل : هو لفروة بن مسيك المرادي وهو صحابي
مخضرم. المعنى كما في المثل القائل : الشماتة لؤم. أي لا يفرح بنكبة الإنسان إلا
من لؤم أصله. وفي حديث أيوب ـ عليهالسلام ـ أنه لما خرج من البلاء الذي كان فيه قيل له : أي شيء
كان أشد عليك من جملة ما مر بك؟ قال : شماتة الأعداء. قال الشاعر :
سواي يهاب
الموت أو يرهب الردى
|
|
وغيري يهوى
أن يعيش مخلدا
|
ولكني لا
أرهب الدهر إن سطا
|
|
ولا أحذر
الموت والزؤام إذا عدا
|
ولو مد نحوي
الدهر كفه
|
|
لحدثت نفسي
أن أمد له يدا
|
يقال : تدهور
الشيء ـ يتدهور ـ تدهورا : بمعنى : سقط من أعلى إلى أسفل وهو مأخوذ من تدهور الرمل
: إذا انهال وسقط أكثره .. ودهور الرجل كلامه : بمعنى : أدخل بعضه في اثر بعض قال
الشاعر :
ما مر بؤس
ولا نعيم
|
|
إلا ولي فيها
نصيب
|
نوائب الدهر
أدبتني
|
|
وإنما يوعظ
الأديب
|
وقيل : إذا
أدبر الدهر عند قوم كفى عدوهم. أي إذا ساعدهم كفاهم أمر عدوهم.
** سبب نزول
الآية : قال أبو هريرة : كان أهل الجاهلية يقولون : إنما يهلكنا الليل والنهار .. فأنزل
الله تعالى هذه الآية الكريمة والآية التي بعدها.
** (فِيهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا
يَعْلَمُونَ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة السادسة
والعشرين .. المعنى : لا يعلمون ذلك أي أن الله يحييهم ويميتهم ثم يجمعهم إلى يوم
القيامة لقلة تفكرهم وقصر نظرهم وإدراكهم فحذف مفعول «يعلمون» اختصارا لأن ما قبله
يدل عليه أي لا يعلمون أن الله قادر على إحيائهم مرة أخرى.
** (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ
أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة
والعشرين وجاءت المخاطبة «تجزون ما كنتم تعملون» والمخاطبون «أمة» لفظه مؤنثة وذلك
لأن المراد : أهل أمة. فحدث التذكير على لفظ «أهل».
** (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ
بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة
والعشرين .. المعنى : نستكتب الملائكة الكتبة بتدوين أعمالكم وحفظها في صحيفة
أعمالكم. وقد أضاف سبحانه في قوله : هذا كتابنا صحائف أعمالهم إلى نفسه لأنه
سبحانه هو الذي أمر الكتبة بكتابتها.
** (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الخامسة
والثلاثين .. المعنى : ولا يطلب منهم أن يعتبوا ربهم أي أن يرضوه .. يقال : عتب
عليه ـ يعتب ـ عتبا .. من بابي «ضرب» و «قتل» بمعنى لامه في تسخط وهو عاتب وعتاب ـ
من صيغ المبالغة ـ فعال بمعنى فاعل ـ وأعتبني : أي أزال الشكوى والعتاب .. واستعتب
: بمعنى : طلب الإعتاب .. وأعتبه أيضا بمعنى : أرضاه بإزالة ما لامه من أجله
والاسم منه : العتبى ـ بضم العين «أي الرضا».
(أَمْ حَسِبَ
الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ)
(٢١)
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ) : حرف عطف وهي «أم المنقطعة» بمعنى «بل» حرف اضراب. حسب
: فعل ماض مبني على الفتح بمعنى : أبل ظن. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في
محل رفع فاعل والجملة الفعلية بعده «اجترحوا ..» صلة الموصول لا محل لها.
(اجْتَرَحُوا
السَّيِّئاتِ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. السيئات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه
الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.
(أَنْ نَجْعَلَهُمْ) : حرف مصدري ونصب. نجعل : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة
نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول والجملة الفعلية «نجعلهم ..» صلة حرف مصدري لا
محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «حسب» ونجعلهم :
بمعنى : نصيرهم.
(كَالَّذِينَ آمَنُوا) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب
مفعول به ثان. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. أو تكون
الكاف حرف جر للتشبيه و «الذين» في محل جر بالكاف والجار والمجرور متعلقان بنجعل.
آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وتعرب إعراب «اجترحوا».
(وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب
مثلها. الصالحات : تعرب إعراب «السيئات».
(سَواءً مَحْياهُمْ
وَمَماتُهُمْ) : الجملة بدل من الكاف في «كالذين» لأن الجملة تقع
مفعولا به ثانيا فكانت في حكم المفرد على تقدير : أن نجعلهم سواء محياهم ومماتهم
بمعنى : مستويا محياهم ومماتهم أي نسوي بينهم وبين الذين آمنوا في حياتهم ومماتهم
بمعنى أنجعلهم مستوين في الحساب أي نسوي بين المسيئين والمحسنين في حياتهم وبعد
مماتهم. محيا : فاعل
لاسم الفاعل «سواء» على معنى «مستويا» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف
للتعذر و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه. ومماتهم : معطوف
بالواو على «محياهم» ويعرب مثله وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.
(ساءَ ما يَحْكُمُونَ) : فعل ماض مبني على الفتح لإنشاء الذم لأنه بحكم «بئس»
ومعناها. ما : نكرة تامة بمعنى «شيء» في محل نصب تمييز أي بئس شيئا وهي مبنية على
السكون. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي ساء حكمهم وفي القول الكريم
معنى التعجب أي فما أسوأ حكمهم وأبعده عن التحقيق! أو تكون «ما» اسما موصولا مبنيا
على السكون في محل رفع فاعل «ساء» والجملة الفعلية «يحكمون» صلة الموصول لا محل
لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والمخصوص
بالذم محذوف لوجود ما يدل عليه والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب
المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما يحكمونه بالتسوية بين الفريقين.
(وَخَلَقَ اللهُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَهُمْ
لا يُظْلَمُونَ)
(٢٢)
(وَخَلَقَ اللهُ) : الواو عاطفة. خلق : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ
الجلالة فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة بمعنى أوجد.
(السَّماواتِ وَالْأَرْضَ
بِالْحَقِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة
لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها
وعلامة نصبها الفتحة. بالحق : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «السموات والأرض»
بتقدير خلق الكون أو الوجود ملتبسا بالحق أو يكون الجار والمجرور متعلقا بصفة
نائبة عن مصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف بتقدير : خلقهما خلقا ملتبسا بالحق ليدل على
قدرته.
(وَلِتُجْزى كُلُّ
نَفْسٍ) : الواو عاطفة. اللام لام التعليل حرف جر. تجزى : فعل
مضارع مبني للمجهول منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه
الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. كل : نائب فاعل مرفوع بالضمة. نفس : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. والجملة الفعلية «تجزى كل نفس»
صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر معطوف على «بالحق»
لأنه فيه معنى التعليل أو على معلل محذوف تقديره : خلق السموات والأرض ليدل بهما
على قدرته ولتجزى كل نفس أو لنبين بذلك قدرتنا ولتجزى كل نفس فعلنا ذلك.
(بِما كَسَبَتْ) : الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
جر بالباء والجار والمجرور متعلق بتجزى. كسبت : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل
لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي والتاء
تاء التأنيث الساكنة والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه
مفعول به. التقدير : ما كسبته والأصل : بسبب ما كسبت فحذف المضاف «سبب» وأقيم
الاسم الموصول «ما» المضاف إليه مقامه ويجوز أن تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «كسبت»
صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار
والمجرور «بكسبها» متعلق بتجزى.
(وَهُمْ لا
يُظْلَمُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هم :
ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين في محل رفع مبتدأ. لا : نافية لا عمل لها. يظلمون :
فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل
والجملة الفعلية «لا يظلمون» في محل رفع خبر «هم».
(أَفَرَأَيْتَ مَنِ
اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ
وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلا
تَذَكَّرُونَ)
(٢٣)
(أَفَرَأَيْتَ مَنِ
اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الثالثة
والأربعين من سورة «الفرقان»؟
(وَأَضَلَّهُ اللهُ) : الواو عاطفة. أضله : فعل ماض مبني على الفتح والهاء
ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. الله لفظ
الجلالة فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة بمعنى : أخبرني من الكافر الذي جعل إلهه هواه أي
يعبد ما يهواه من الأصنام ولم يعبد الإله الحق؟
(عَلى عِلْمٍ) : جار ومجرور متعلق بحال بتقدير : عالما أو وهو عالم
بأن ذلك لا يجدي عليه.
(وَخَتَمَ عَلى
سَمْعِهِ) : الواو عاطفة. ختم : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. على سمعه : جار ومجرور متعلق بختم والهاء ضمير
متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : وأغلق سمعه عن السمع.
(وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ) : معطوف بالواو على «سمعه» ويعرب مثله بمعنى وأغلق قلبه
عن الفهم. وجعل : يعرب إعراب «وختم».
(عَلى بَصَرِهِ
غِشاوَةً) : جار ومجرور متعلق بجعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير
الغائب في محل جر مضاف إليه. غشاوة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة
بمعنى : حجابا يغطيه عن النظر.
(فَمَنْ يَهْدِيهِ) : الفاء استئنافية. من : اسم استفهام مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ. يهديه : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «من» وهي فعل مضارع
مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو
والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه.
(مِنْ بَعْدِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بيهدي. الله لفظ الجلالة مضاف إليه
مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. بمعنى من بعد إضلال الله له فحذف
المضاف إليه الأول «إضلال» اختصارا لأن ما قبله يدل عليه.
(أَفَلا تَذَكَّرُونَ) : الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. الفاء زائدة ـ تزيينية.
لا : نافية لا عمل لها. تذكرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل بمعنى : أفلا تتعظون.
(وَقالُوا ما هِيَ
إِلاَّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ
وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ)
(٢٤)
(وَقالُوا) : الواو عاطفة. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله
بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(ما هِيَ إِلَّا
حَياتُنَا الدُّنْيا) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ما
: نافية لا عمل لها. هي : ضمير منفصل ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. إلا :
أداة حصر لا عمل لها. حياة : خبر «هي» مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. الدنيا : صفة ـ نعت ـ لحياتنا
مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.
(نَمُوتُ وَنَحْيا) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا
تقديره نحن. والجملة الفعلية في محل نصب حال. ونحيا : معطوفة بالواو على «نموت»
وتعرب إعرابها وعلامة رفع الفعل الضمة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : وزعموا أن
وجودهم مقصور على حياتهم الدنيا أو وقالوا ذلك أي نموت ونحيا كما تزعمون.
(وَما يُهْلِكُنا) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. يهلك : فعل
مضارع مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ في محل نصب مفعول به
مقدم.
(إِلَّا الدَّهْرُ) : أداة حصر لا عمل لها. الدهر : فاعل مرفوع بالضمة
بمعنى : مر الزمان وطول العمر.
(وَما لَهُمْ بِذلِكَ) : الواو استئنافية. ما : أعربت. اللام حرف جر و «هم»
ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. الباء حرف
جر ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بحال
مقدم من «علم» اللام للبعد والكاف للخطاب.
(مِنْ عِلْمٍ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. علم : اسم مجرور لفظا
مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر.
(إِنْ هُمْ إِلَّا
يَظُنُّونَ) : حرف مخفف مهمل بمعنى «ما» النافية. هم : ضمير منفصل ـ
ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. إلا : أداة حصر لا عمل لها. يظنون : الجملة
الفعلية في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل.
(وَإِذا تُتْلى
عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتُوا
بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)
(٢٥)
(وَإِذا تُتْلى
عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الثالثة
والأربعين من سورة «سبأ».
(ما كانَ حُجَّتَهُمْ) : الجملة الفعلية وما بعدها جواب شرط غير جازم لا محل
لها. ما : نافية لا عمل لها. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. حجة : خبر «كان»
مقدم منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل جر مضاف
إليه.
(إِلَّا أَنْ قالُوا) : أداة حصر لا عمل لها. أن : حرف مصدري. قالوا : فعل
ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة والجملة الفعلية «قالوا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما تلاها بتأويل
مصدر في محل رفع اسم «كان» المؤخر بتقدير : إلا قولهم : هاتوا آباءنا الذين ماتوا
قبلنا ..
(ائْتُوا بِآبائِنا
إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة السادسة
والثلاثين من سورة «الدخان».
(قُلِ اللهُ
يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا
رَيْبَ فِيهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)
(٢٦)
(قُلِ) : فعل أمر مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء
الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وأصله : قول .. حذفت الواو
للوصل ـ التقاء الساكنين بمعنى قل لهم يا محمد .. والجملة الاسمية بعده «الله
يحييكم» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ
(اللهُ يُحْيِيكُمْ) : لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. يحييكم : الجملة
الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء
للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين
ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور بمعنى : رد عليهم
بقولك الله يحييكم من العدم.
(ثُمَّ يُمِيتُكُمْ
ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ) : حرف عطف للتراخي. يميتكم : معطوفة بالواو على جملة «يحييكم»
وتعرب إعرابها وعلامة رفع الفعل الضمة الظاهرة على آخره. ثم يجمعكم : تعرب إعراب «ثم
يميتكم».
(إِلى يَوْمِ
الْقِيامَةِ) : جار ومجرور متعلق بيجمع. القيامة : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
(لا رَيْبَ فِيهِ) : الجملة في محل نصب حال من «يوم القيامة» لا : نافية
للجنس تعمل عمل «إن». ريب : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبر «لا» محذوف
وجوبا بمعنى : شك كائن فيه. فيه : جار ومجرور متعلق بخبر «لا» للمحذوف.
(وَلكِنَّ أَكْثَرَ) : الواو للاستدراك. لكن : حرف مشبه بالفعل. أكثر : اسم «لكن»
منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(النَّاسِ لا
يَعْلَمُونَ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. لا : نافية
لا عمل لها. يعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل والجملة الفعلية «لا يعلمون ..» في محل رفع خبر «لكن».
(وَلِلَّهِ مُلْكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ
الْمُبْطِلُونَ)
(٢٧)
(وَلِلَّهِ مُلْكُ
السَّماواتِ) : الواو استئنافية. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل
رفع خبر مقدم. ملك : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو مضاف. السموات : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
(وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ) : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها. الواو
استئنافية. يوم : ظرف زمان منصوب وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيخسر وهو مضاف أي أن
عامل النصب فيه «يخسر» والجملة الفعلية بعده «تقوم الساعة» في محل جر مضاف إليه.
(تَقُومُ السَّاعَةُ
يَوْمَئِذٍ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الساعة : فاعل مرفوع بالضمة.
يومئذ : بدل من «يوم تقوم» ويعرب إعرابه و «إذ» اسم مبني على السكون الظاهر على
آخره حرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين : سكونه وسكون التنوين وهو في محل جر
مضاف إليه وهو مضاف والجملة المحذوفة المعوض عنها بالتنوين في محل جر بالإضافة.
التقدير : ويومئذ تقوم الساعة يخسر المبطلون بمعنى : يخسر أهل الباطل أنفسهم
لكفرهم في الدنيا.
(يَخْسَرُ
الْمُبْطِلُونَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة. المبطلون : فاعل مرفوع بالواو
لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي يخسرون أنفسهم في ذلك
اليوم لتماديهم في الضلال في الدنيا.
(وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ
جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ)
(٢٨)
(وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ) : الواو عاطفة. ترى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة
على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. كل : مفعول به منصوب
بالفتحة. أمة : مضاف إليه مجرور بالكسرة المنونة.
(جاثِيَةً كُلُّ
أُمَّةٍ) : حال منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. كل : مبتدأ
مرفوع بالضمة. أمة : أعربت.
(تُدْعى إِلى
كِتابِهَا) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ «كل» وهي فعل
مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر ونائب الفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره : هي. إلى كتاب : جار ومجرور متعلق بتدعى و «ها» ضمير متصل
مبني على السكون في محل جر مضاف
إليه بمعنى وترى كل أمة باركة على ركبها خشوعا وخضوعا منتظرة أوامر الله
فيها وكل أمة تدعى إلى صحائف أعمالها فاكتفى باسم جنس «الكتاب».
(الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ
ما) : الجملة في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف بتقدير : ويقال
لهم : اليوم تجزون. اليوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بتجزون. تجزون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في
محل رفع نائب فاعل. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به وأصله بما
فحذف الجار ونصب بنزع الخافض والجملة الفعلية بعده «كنتم تعملون» صلة الموصول لا
محل لها.
(كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع
المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل رفع اسم كان والميم علامة جمع
الذكور. تعملون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت
النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير
محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : ما كنتم تعملونه أو تكون «ما» مصدرية
فتكون جملة «كنتم تعملون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر
في محل نصب مفعولا به بنزع الخافض. التقدير : تجزون بعملكم أي تجزون عملكم.
(هذا كِتابُنا
يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ)
(٢٩)
(هذا كِتابُنا) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. كتاب : خبر
«هذا» مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في
محل جر مضاف إليه.
(يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ
بِالْحَقِ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الكتاب» وهي فعل
مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عليكم : جار ومجرور
متعلق بينطق والميم علامة جمع الذكور.
ويجوز أن يكون «كتابنا» بدلا من اسم الإشارة فتكون الجملة الفعلية «ينطق
عليكم بالحق» في محل رفع خبر «هذا». بالحق : جار ومجرور متعلق بحال ثانية من «كتابنا»
ينطق عليكم وهو محق بمعنى : يشهد عليكم ومعه الحق أو يكون متعلقا بصفة نائبة عن
مفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف بتقدير : ينطق عليكم نطقا ملتبسا بالحق من غير زيادة
ولا نقصان.
(إِنَّا كُنَّا
نَسْتَنْسِخُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني
على السكون في محل نصب اسم «إن». كنا : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا.
و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان». نستنسخ : الجملة الفعلية
في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا
تقديره نحن والجملة الفعلية «كنا نستنسخ ..» في محل رفع خبر «إن».
(ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة.
(فَأَمَّا الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ
هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ)
(٣٠)
(فَأَمَّا الَّذِينَ) : الفاء استئنافية. أما : حرف شرط وتفصيل لا عمل لها. الذين
: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.
(آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. وعملوا : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب إعرابها.
الصالحات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع
المؤنث السالم.
(فَيُدْخِلُهُمْ
رَبُّهُمْ) : الفاء واقعة في جواب «أما» والجملة الفعلية في محل
رفع خبر «الذين». يدخل : فعل مضارع مرفوع بالضمة والضمير «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم. رب : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى آمنوا بربهم وعملوا الصالحات في دنياهم
يدخلهم ربهم.
(فِي رَحْمَتِهِ) : جار ومجرور متعلق بيدخل والهاء ضمير متصل في محل جر
مضاف إليه بمعنى : في جنته.
(ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ
الْمُبِينُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف للخطاب. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ ثان. الفوز
: خبر «هو» مرفوع بالضمة. المبين : صفة ـ نعت ـ للفوز مرفوع مثله بالضمة والجملة
الاسمية «هو الفوز المبين» في محل رفع خبر المبتدأ الأول «ذلك».
(وَأَمَّا الَّذِينَ
كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ
قَوْماً مُجْرِمِينَ)
(٣١)
(وَأَمَّا الَّذِينَ
كَفَرُوا) : معطوف بالواو على «أما الذين آمنوا» الوارد في الآية
الكريمة السابقة ويعرب إعرابه وحذف جواب «أما» اختصارا والتقدير : فيقال لهم على
وجه التوبيخ : ألم تكن آياتي تتلى عليكم؟
(أَفَلَمْ تَكُنْ
آياتِي) : الهمزة همزة توبيخ وإنكار دخلت على المنفي المعطوف
عليه المحذوف اختصارا فرجع إلى معنى التقرير أو هو استفهام إنكاري للنفي مبالغة في
الإثبات في قوله «ألم يأتكم رسلي أفلم تكن آياتي تتلى عليكم»؟ الفاء عاطفة. لم :
حرف نفي وجزم وقلب. تكن : فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره وأصله :
تكون حذفت الواو لالتقاء الساكنين. آياتي : اسم «كان» مرفوع بالضمة المقدرة على ما
قبل الياء منع من ظهورها كسرة تجانس الياء وتناسبها والياء ضمير متصل ـ ضمير
الواحد المطاع ـ في محل جر مضاف إليه.
(تُتْلى عَلَيْكُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «تكن» وهي فعل مضارع
مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره هي. عليكم : جار ومجرور متعلق بتتلى والميم علامة جمع الذكور.
(فَاسْتَكْبَرْتُمْ
وَكُنْتُمْ) : الفاء استئنافية. استكبرتم : فعل ماض مبني على السكون
لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني
على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور بمعنى فاستكبرتم عن
قبولها. الواو حرف عطف. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع
المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان»
والميم علامة جمع الذكور.
(قَوْماً مُجْرِمِينَ) : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. مجرمين
: صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوما» منصوب مثله وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم
والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(وَإِذا قِيلَ إِنَّ
وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا
السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ)
(٣٢)
(وَإِذا قِيلَ) : الواو استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني
على السكون متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه. قيل : فعل ماض مبني للمجهول
مبني على الفتح والجملة المؤولة بعده «إن» وما في حيزها من اسمها وخبرها في محل
رفع نائب فاعل وجملة «قيل إن وعد الله حق» في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف.
(إِنَّ وَعْدَ اللهِ
حَقٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. وعد : اسم «إن» منصوب
وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم
بالإضافة وعلامة جره الكسرة. حق : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.
(وَالسَّاعَةُ لا
رَيْبَ فِيها) : الواو استئنافية أو عاطفة على موضع «إن» وهو الرفع
على الابتداء. الساعة : مبتدأ مرفوع بالضمة. لا : نافية للجنس تعمل عمل «إن». ريب
: اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبر «لا» محذوف وجوبا. فيها : جار ومجرور
متعلق بخبر «لا» بمعنى : وإذا قيل لكم إن وعد الله حق والساعة آتية لا شك في
وقوعها .. وحذف خبر المبتدأ «الساعة» اختصارا وهو «آتية» كما حذفت صلة «قيل» وهي
جار ومجرور أي إذا قيل لكم .. وخبر «لا» المحذوف تقديره : كائن أو موجود وعلى هذا
المعنى تكون الجملة «لا ريب فيها» في محل نصب حالا من «الساعة» أو في محل رفع خبرا
ثانيا للساعة.
(قُلْتُمْ ما نَدْرِي) : الجملة الفعلية وما بعدها جواب شرط غير جازم لا محل
لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. ما : نافية
لا عمل لها. ندري : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير
مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. والجملة الفعلية «ما ندري ما الساعة» في محل نصب
مفعول به ـ مقول القول ـ.
(مَا السَّاعَةُ) : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. الساعة
: خبر «ما» مرفوع بالضمة. والجملة الاسمية «ما الساعة» في محل نصب مفعول به للفعل «ندري».
(إِنْ نَظُنُ) : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. نظن : تعرب إعراب «ندري»
وعلامة رفع الفعل الضمة الظاهرة على آخره.
(إِلَّا ظَنًّا) : أداة استثناء ملغاة أو أداة حصر لا عمل لها. ظنا :
مفعول مطلق ـ مصدر ـ فيه معنى التوكيد أصله : نظن ظنا ومعناه إثبات الظن فحسب
فأدخل حرف النفي والاستثناء ليفاد إثبات الظن مع نفي سواه أي ما نقول ذلك إلا من
قبيل الظن أي ما نظن وقوع الساعة إلا ظنا بمعنى : نتوهم توهما وهو منصوب وعلامة
نصبه الفتحة المنونة.
(وَما نَحْنُ
بِمُسْتَيْقِنِينَ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها لتوكيد نفي ما
سوى الظن وذلك في لغة بني تميم ونافية بمنزلة «ليس» في لغة أهل الحجاز «ما ..
الحجازية» نحن : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على الضم في محل رفع مبتدأ
على اللغة الأولى واسم «ما» على اللغة الثانية. الباء حرف جر زائد. مستيقنين : اسم
مجرور لفظا بالباء وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين
المفرد وحركته مرفوع محلا على أنه خبر «نحن» أو منصوب محلا على أنه خبر «ما» على
اللغة الثانية.
(وَبَدا لَهُمْ
سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)
(٣٣)
هذه الآية
الكريمة أعربت في الآية الكريمة الثامنة والأربعين من سورة «الزمر» بمعنى وظهر لهم
جزاء أعمالهم.
(وَقِيلَ الْيَوْمَ
نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما
لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ)
(٣٤)
(وَقِيلَ الْيَوْمَ
نَنْساكُمْ) : الواو استئنافية. قيل : فعل ماض مبني للمجهول مبني
على الفتح أي وقيل لهم. اليوم : مفعول فيه ـ ظرف زمان ـ متعلق بننسى منصوب على
الظرفية وعلامة نصبه الفتحة. ننساكم : الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل للفعل «قيل»
وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره نحن. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب
مفعول به والميم علامة جمع الذكور.
(كَما نَسِيتُمْ) : الكاف حرف جر للتشبيه. ما : مصدرية. نسيتم : الجملة
الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير
الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل
والميم علامة جمع الذكور و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالكاف والجار
والمجرور متعلق بمفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف ـ التقدير : ننساكم نسيانا كنسيانكم
بمعنى : نهملكم إهمالا كإهمالكم لقاء يومكم هذا .. والمخاطبون هم الكفار.
(لِقاءَ يَوْمِكُمْ
هذا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. يومكم :
مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه ثان والميم علامة جمع الذكور. هذا
: اسم إشارة مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ ليومكم. وقيل : المعنى أو
الأصل هو نسيتم لقاء الله في يومكم هذا ولقاء جزائه.
(وَمَأْواكُمُ
النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الخامسة
والعشرين من سورة «العنكبوت».
(ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ
اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ
لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ)
(٣٥)
(ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد. والكاف حرف خطاب والميم علامة الجمع. الباء حرف جر والكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» والميم علامة جمع الذكور و «أن»
وما بعدها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق
بخبر «إن» المحذوف. التقدير : ذلك العذاب مستحق عليكم بسبب اتخاذكم آيات الله أو
ذلكم العذاب واقع بكم أما «أن» فهو حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.
(اتَّخَذْتُمْ آياتِ) : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر «أن» وهي
فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. آيات : مفعول
به أول منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.
(اللهِ هُزُواً) : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة
الجر الكسرة. هزوا : مفعول به ثان منصوب بالفعل «اتخذ» المتعدي إلى مفعولين وعلامة
نصبه الفتحة المنونة بمعنى : مهزوءا بها أي استهزأتم بها.
(وَغَرَّتْكُمُ
الْحَياةُ الدُّنْيا) : الواو عاطفة. غرتكم : فعل ماض مبني على الفتح والتاء
تاء التأنيث الساكنة لا محل لها .. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على
الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور حرك بالضم للوصل ـ التقاء
الساكنين ـ الحياة : فاعل مرفوع بالضمة. الدنيا : صفة ـ نعت ـ للحياة مرفوعة
بالضمة المقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر بمعنى وخدعتكم الحياة الدنيا
بزخارفها ونسيتم الآخرة.
(فَالْيَوْمَ لا
يُخْرَجُونَ مِنْها) : الفاء استئنافية. اليوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية
وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيخرجون. لا : نافية لا عمل لها. يخرجون : فعل مضارع
مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. منها :
جار ومجرور متعلق بيخرجون بمعنى لا يخرجون من النار.
(وَلا هُمْ
يُسْتَعْتَبُونَ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. هم : ضمير منفصل
ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. يستعتبون : تعرب إعراب «يخرجون» والجملة
الفعلية «يستعتبون» في محل رفع خبر «هم» بمعنى ولا يطلب إليهم أن يسترضوا ربهم
بالتوبة والطاعة.
(فَلِلَّهِ الْحَمْدُ
رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ)
(٣٦)
(فَلِلَّهِ الْحَمْدُ) : الفاء استئنافية. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل
رفع خبر مقدم. الحمد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.
(رَبِّ السَّماواتِ) : بدل من لفظ الجلالة ويجوز أن يكون صفة له سبحانه
مجرور أيضا وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. السموات : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة بمعنى خالق السموات.
(وَرَبِّ الْأَرْضِ) : معطوف بالواو على «رب السموات» ويعرب إعرابه بمعنى
وخالق الأرض أي وخالق الكون كله.
(رَبِّ الْعالَمِينَ) : توكيد لرب السموات ورب الأرض ويعرب إعرابه. وعلامة جر
المضاف إليه «العالمين» الياء. لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين
المفرد وحركته.
(وَلَهُ الْكِبْرِياءُ
فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
(٣٧)
(وَلَهُ الْكِبْرِياءُ) : الواو عاطفة. له : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. الكبرياء
: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة بمعنى العظمة المطلقة.
(فِي السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «الكبرياء». والأرض
: معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها بمعنى وله السلطان في الأرض.
والكبرياء أي العظمة وهي من الله ممدوحة لأنه عظيم وليس من تكبر الناس.
(وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ) : الواو عاطفة. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل
رفع مبتدأ. العزيز الحكيم : خبران للمبتدإ «هو» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة أي
خبر بعد خبر بمعنى وهو الحكيم أي القوي الغالب الحكيم في قضائه.
سورة الأحقاف
معنى
السورة : الأحقاف :
جمع «حقف» بكسر الحاء وسكون القاف وهو رمل مستدير مرتفع فيه انحناء .. من احقوقف
الشيء : بمعنى : اعوج. وحقف الشيء .. يحقف ـ حقوفا .. من باب «قعد» بمعنى اعوج
أيضا فهو حاقف ـ اسم فاعل. ويقال : هذا ظبي حاقف : تطلق على الذي انحنى وتثنى من
جرح أو غيره .. ويقال للرمل المعوج : حقف وجمعه : أحقاف .. وحقاف ـ بكسر الحاء
أيضا. وقال الجوهري : وفي الحديث : «أنه مر بظبي حاقف في ظل شجرة» وهو الذي انحنى
وتثنى في نومه أي تمايل في نومه .. أما المراد من معنى «الأحقاف» في السورة
الشريفة فهو ديار عاد.
تسمية
السورة : وردت لفظة «الأحقاف»
مرة واحدة في القرآن الكريم وقد خص الله سبحانه إحدى سور كتابه الكريم بها فسميت
بها وقد وردت هذه اللفظة في إحدى آياتها في قوله عزوجل : (وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ
أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ
وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ
يَوْمٍ عَظِيمٍ) صدق الله العظيم. والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والمراد بقوله تعالى : (أَخا عادٍ) هو هود ـ عليهالسلام ـ حين حذر قومه بالأحقاف : وهو إضافة لمعناه المذكور
آنفا واد باليمن فيه منازل عاد بين عمان ومهرة .. وهي رمال بلاد الشحر ـ بكسر
الشين ـ باليمن في حضرموت .. وكانت عاد أصحاب عمد يسكنون بين رمال مشرقين على
البحر بأرض يقال لها : الشحر من بلاد اليمن. والشحر بكسر الشين وفتحها ـ هو الشط
ومنه شحر عمان : وهو ساحل البحر بين عمان وعدن. أما «عاد» فهي قبيلة وهم قوم هود ـ
عليهالسلام ـ وهي مثل «ثمود» وهي أيضا اسم قبيلة لا يصرف ـ لا ينون
ـ بتأويل القبيلة أي التأنيث والتعريف ويصرف ـ أي وينون ـ للذهاب إلى الحي أو
الأهل لأنه اسم أبيهم الأكبر.
فضل
قراءة السورة : قال النبي الصادق الأمين محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ سورة «الأحقاف» كتب له عشر حسنات بعدد كل
رملة في الدنيا» صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
إعراب آياتها
(حم)
(١)
هذه الأحرف
الكريمة وأمثالها الواردة في بداية السور الشريفة شرحت شرحا وافيا في سورة «يوسف».
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ
مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ)
(٢)
هذه الآية
الكريمة أعربت في الآية الكريمة الثانية من السورة السابقة سورة «الجاثية».
(ما خَلَقْنَا السَّماواتِ
وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ
كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ)
(٣)
(ما خَلَقْنَا
السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ) : نافية لا عمل لها. خلق : فعل ماض مبني على السكون
لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. السموات : مفعول
به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض
: معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة. الواو
عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب بخلق لأنه معطوف على منصوب
قبله. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بفعل محذوف
تقديره : استقر .. وجد .. وهو مضاف. الهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف
إليه و «ما» علامة التثنية. والجملة الفعلية «وجد بينهما» صلة الموصول لا محل لها.
إلا : أداة حصر لا عمل لها بالحق : جار ومجرور متعلق بحال من الضمير «نا» بتقدير :
ما خلقنا الكون إلا ومعنا الحق أو يكون متعلقا بصفة لمفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف.
بتقدير : إلا خلقا ملتبسا بالحق أي بالحكمة والغرض الصحيح.
(وَأَجَلٍ مُسَمًّى) : معطوف بالواو على «بالحق» مجرور مثله وعلامة جره
الكسرة المنونة. مسمى : صفة ـ نعت ـ لأجل مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة
المقدرة للتعذر على الألف قبل تنوينها لأنها اسم مقصور مذكر نكرة بمعنى : وبتقدير
أجل مسمى ينتهى إليه وهو يوم القيامة وحذف المضاف «تقدير» وحل المضاف إليه محله.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا) : الواو استئنافية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح
في محل رفع مبتدأ. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة.
(عَمَّا أُنْذِرُوا
مُعْرِضُونَ) : أصله : عن : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون
في محل جر بعن. والجار والمجرور متعلق باسم الفاعلين «معرضون». أنذروا : الجملة
الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله
بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. معرضون : خبر «الذين»
مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. ويجوز أن
تكون «ما» مصدرية فتكون «أنذروا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها
بتأويل مصدر «إنذارهم» في محل جر بعن بمعنى : أنذروا من ذلك اليوم الذي لا بد لكل
خلق من انتهائه إليه.
** (وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا
مُعْرِضُونَ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الثالثة
واللفظة جمع «معرض» وهو اسم فاعل للفعل الرباعي «أعرض» بمعنى صد يقال : عرض الشيء
فأعرض : بمعنى : أظهره فظهر وهو كقولهم : كبه فأكب وهو من النوادر والفعل الثلاثي «عرض»
الشيء من باب «ضرب» وهو فعل ثلاثي تعدى إلى مفعوله والرباعي «أعرض» لم يتعد إلى
المفعول.
** (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ
دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ
دُعائِهِمْ غافِلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة.
المعنى : لا أحد أشد ضلالة من المشرك الذي يعبد من دون الله سبحانه من لا يستجيب
له دعاءه وحذف مفعول «يستجيب» اختصارا «دعاءه» أي من لا يجيب دعاءه لأنه جماد لا
يعقل ولا يسمع وفي القول الكريم يكون الضمير «هم» في «دعائهم» عائدا إلى الأصنام
وإنما أسند إلى من يعقل لأن المشركين
كانوا يصفونهم بالتمييز جهلا وغباوة وجاء وصفهم بترك الاستجابة والغفلة من
باب التهكم أي الاستهزاء بالأصنام. وجاء الخبر «أضل» غير منون لأنه على وزن أفعل ـ
صيغة تفضيل ومن وزن الفعل ولهذا لم ينون آخره .. وجاء الفعل يستجيب بصيغة الإفراد
على لفظ «من» الاسم الموصول وبصيغة الجمع في «هم عن دعائهم غافلون» على معنى «من»
لا على لفظه لأن «من» مفرد لفظا مجموع معنى. وقوله : غافلون .. أي والأصنام غافلون
عن دعائهم أي دعاء المشركين وعبادتهم لأن الأصنام جمادات لا تعي ولا تدرك ولا تسمع
وهذه الجملة جاءت تعليلا لما قبلها.
** (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ
وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة
المعنى : قل لهم يا محمد لست أنا أول رسول لا مثيل له أو لا مثال له في العالم أي
لم يسبقني غيري من الرسل لكل أمة حتى تستغربوا رسالتي أو لم يتقدمني رسول قال مثل
قولي أو مبدعا أي قلت ما لم يقله غيري وما أدري ما ذا يفعل الله بي في الدنيا ولا
ما يفعل بكم. والأصل وما يفعل بكم فحذف الموصول وصلته لذكره أول مرة لأن الجملة
الثانية لو عطفت على صلة الأولى لم يكن لدخول حرف النفي معنى .. ومنه قول الشاعر
حسان بن ثابت :
فمن يهجو
رسول الله منكم
|
|
ويمدحه
وينصره سواء
|
أي ومن يمدحه
وينصره وهذا البيت من الشعر الذي حذف الاسم الموصول «من» في شطره هو مثل من يشير
إلى بيت الفرزدق :
فقلت له لما
تكشر ضاحكا
|
|
وقائم سيفي
من يدي بمكان
|
تعال فإن
عاهدتني لا تخونني
|
|
نكن مثل من
يا ذئب يصطحبان
|
و «تكشر» بمعنى
أبدى أنيابه وكشف عن أسنانه ولله در أبي الطيب المتنبي حيث يقول :
إذا رأيت
نيوب الليث بارزة
|
|
فلا تظنن أن
الليث يبتسم
|
وصف الفرزدق
ذئبا أتاه وهو في القفر «الخلاء من الأرض» ووصف حاله معه وأنه أطعمه وألقى إليه ما
يأكله. وقوله : «وقائم سيفي من يدي بمكان» أي مكان وأي مكان .. أراد أن يظهر تجلده
وشجاعته وتصلبه وحماسته ولكن اتفق له كثيرا عدم مساعدة القدر .. وفي رواية : تعش
الخطاب للذئب : أي كل العشاء وهو طعام الليل فإن عاهدتني بعد أن تتعشى على أن لا
تخونني كنا مثل رجلين يصطحبان. وثناه على معنى «من».
** (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ
عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العاشرة ..
وعلى مثله : أي على حالة كون القرآن الكريم من عند الله فصدق به وتكبرتم .. أي
وشهد شاهد من علماء بني إسرائيل على وجود مثل معاني القرآن المصدقة له في التوراة
على أن القرآن حق يدعو إلى التوحيد فحذف المضاف «علماء» وحل محله المضاف إليه «بني»
وهذا الشاهد هو من كبار أحبار اليهود وهو عبد الله بن سلام وأسلم وشهد أن القرآن
حق .. ومن هذا القول الكريم انطلق المثل الشهير «وشهد شاهد من أهلها» يروى أن رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لما قدم المدينة نظر عبد الله بن سلام إلى وجه الرسول
الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فعلم أنه ليس بوجه كذاب ـ كما زعم المشركون ـ لعنهم
الله وتأمله فتحقق أنه هو النبي المنتظر وقال له : إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن
إلا نبي : ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ وما بال الولد ينزع
ـ إلى أبيه ـ أي يشبهه ـ أو
إلى أمه؟ فقال عليه الصلاة والسلام : أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من
المشرق إلى المغرب وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت .. وأما الولد
فإذا سبق ماء الرجل نزعه وإن سبق ماء المرأة نزعته ـ أي أشبهته ـ فقال : أشهد أنك
رسول الله حقا ثم قال : يا رسول الله إن اليهود قوم بهت فإن علموا بإسلامي قبل أن
تسألهم عني بهتوني عندك. فجاءت اليهود فقال لهم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : أي رجل عبد الله فيكم؟ فقالوا : خيرنا وابن خيرنا
وسيدنا وابن سيدنا وأعلمنا وابن أعلمنا. قال : أرأيتم إن أسلم عبد الله؟ قالوا :
أعاذه الله من ذلك .. فخرج إليهم عبد الله فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد
أن محمدا رسول الله .. فقالوا : شرنا وابن شرنا وانتقصوه. قال : هذا ما كنت أخاف
يا رسول الله وأحذر. قال سعد بن أبي وقاص : ما سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول لأحد يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد
الله بن سلام.
** سبب نزول
الآية : أخرج البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص : أن هذه الآية الكريمة نزلت في
عبد الله بن سلام «وشهد شاهد من بني إسرائيل».
** (وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً
عَرَبِيًّا) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة عشرة
.. المعنى : وهذا القرآن كتاب مصدق لكتاب موسى ـ عليهالسلام ـ ذو لسان عربي .. وسمي «اللسان» المقول .. بكسر الميم
وفتح ما قبل آخره على صيغة اسم الآلة الذي يكون مكسور الأول ومفتوح ما قبل الآخر
.. قال الشريف الرضي :
ما مقامي على
الهوان وعندي
|
|
مقول صارم
وأنف حمي
|
وقيل عن اللسان
الكثير من الأمثال .. منها : إياك وأن يضرب لسانك عنقك : أي إياك أن تلفظ بما فيه
هلاكك ونسب الضرب إلى اللسان لأنه السبب. قال سفيان بن عبد الله الثقفي : قلت يا
رسول الله ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بلسان نفسه فقال : هذا. وقيل : طعن اللسان كوخز
السنان. قال الشاعر :
وباه تميما
بالغنى إن للغنى
|
|
لسانا به
المرء الهيوبة ينطق
|
فإن جميع
الناس إما مكذب
|
|
يقول بما
يهوى وإما مصدق
|
يقولون
أقوالا ولا يعلمونها
|
|
فإن قيل
هاتوا حققوا أو لم يحققوا
|
(قُلْ
أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ
الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا
أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)
(٤)
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما
تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ
شِرْكٌ فِي السَّماواتِ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الأربعين من
سورة «فاطر» وجملة «ائتوني» تعرب إعراب «أروني».
(ائْتُونِي بِكِتابٍ) : أعربت. بكتاب : جار ومجرور متعلق بائتوا أو يكون في
مقام المفعول به الثاني للفعل لأن الباء صلة للتأكيد كقوله تعالى : «ولا تلقوا
بأيديكم إلى التهلكة».
(مِنْ قَبْلِ هذا) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «كتاب» هذا : اسم
إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه أي من قبل هذا الكتاب وهو القرآن بمعنى
: بكتاب منزل من قبل هذا القرآن شاهد بصحة ما أنتم عليه من عبادة غير الله. المراد
: ليس عندكم أي حجة أو دليل أو أقل علم مما تدعون باستحقاقهم العبادة.
(أَوْ أَثارَةٍ مِنْ
عِلْمٍ) : معطوف بأو على «كتاب من قبل هذا» ويعرب إعرابه بمعنى
أو بقية من علم بقيت عليكم من علوم الأولين.
(إِنْ كُنْتُمْ
صادِقِينَ) : حرف شرط جازم. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون
لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. صادقين
: خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين
المفرد وحركته وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه.
(وَمَنْ أَضَلُّ
مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ
الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ)
(٥)
(وَمَنْ أَضَلُ) : الواو عاطفة. من : اسم استفهام مبني على السكون في
محل رفع مبتدأ. أضل : خبر «من» مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف
على وزن «أفعل» وبوزن الفعل.
(مِمَّنْ يَدْعُوا) : أصله : من حرف جر و «من» اسم موصول مبني على السكون
في محل جر بمن وقد أدغم بنون «من» فحصل التشديد. والجار والمجرور متعلق بأضل. يدعو
: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها بمعنى ممن يعبد ..
(مِنْ دُونِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بيدعو أو بحال مقدمة من الاسم
الموصوف «من» في «من لا يستجيب» الله لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم
بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.
(مَنْ لا يَسْتَجِيبُ
لَهُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. لا :
نافية لا عمل لها. يستجيب : تعرب إعراب «يدعو» وعلامة رفع الفعل الضمة الظاهرة على
آخره. له : جار ومجرور متعلق بيستجيب.
(إِلى يَوْمِ
الْقِيامَةِ) : جار ومجرور متعلق بيستجيب. القيامة : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة. بمعنى لا يجيب دعاءه إلى يوم القيامة.
(وَهُمْ عَنْ
دُعائِهِمْ غافِلُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال من ضمير
«يستجيب» هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. عن دعاء : جار
ومجرور متعلق باسم الفاعلين «غافلون» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل
جر مضاف إليه. غافلون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته.
(وَإِذا حُشِرَ
النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ)
(٦)
(وَإِذا حُشِرَ
النَّاسُ) : الواو استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني
على السكون متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه. حشر : فعل ماض مبني للمجهول
مبني على الفتح. الناس : نائب فاعل مرفوع بالضمة. والجملة الفعلية «حشر الناس» في
محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف أي جمعوا يوم القيامة.
(كانُوا لَهُمْ
أَعْداءً) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل
ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان»
والألف فارقة. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار
والمجرور متعلق بكانوا أو بحال مقدمة من «أعداء» أعداء : خبر «كان» منصوب بالفتحة
المنونة.
(وَكانُوا
بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «كانوا لهم أعداء»
وتعرب مثلها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه وعلامة جر «كافرين»
الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(وَإِذا تُتْلى
عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ
هذا سِحْرٌ مُبِينٌ)
(٧)
(وَإِذا تُتْلى) : الواو عاطفة. إذا : أعرب في الآية الكريمة السابقة.
تتلى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والجملة
الفعلية «تتلى عليهم آياتنا» في محل جر مضاف إليه.
(عَلَيْهِمْ آياتُنا
بَيِّناتٍ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار
والمجرور متعلق بتتلى. آيات : نائب فاعل مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل مبني على
السكون في محل جر مضاف إليه. بينات : حال من «الآيات» منصوب وعلامة نصبه الكسرة
المنونة بدلا من الفتحة المنونة.
(قالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل
ماض مبني على الفتح. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. كفروا :
الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو
الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : كذبوا بالله
ورسوله.
(لِلْحَقِّ لَمَّا
جاءَهُمْ) : جار ومجرور متعلق بقال. بمعنى : لأجل الحق والمراد به
: الآيات. لما : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب بمعنى «حين» متعلق بقال. جاء
: الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف. وهي فعل ماض مبني على
الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ
في محل نصب مفعول به.
(هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ هذا
: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. سحر : خبر «هذا» مرفوع بالضمة
المنونة. مبين : صفة ـ نعت ـ لسحر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : إن الآيات آيات
القرآن الكريم ـ حسب زعمهم ـ في خدع النفوس كالسحر الظاهر.
(أَمْ يَقُولُونَ
افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً هُوَ
أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
(٨)
(أَمْ يَقُولُونَ) : حرف عطف بمعنى «الاضراب» أي إضراب عن ذكر تسميتهم
الآيات إلى ذكر قولهم : إن محمدا افتراه ومعنى الهمزة فيها : الإنكار والتعجيب
بمعنى : دع هذا واسمع قولهم المستنكر العجيب و «يقولون» فعل مضارع مرفوع بثبوت
النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : بل أيقولون ..
(افْتَراهُ قُلْ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي
فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره : هو. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به يعود على «الحق»
والمراد به : الآيات. قل : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا
تقديره أنت ـ أصله : قول ـ حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة بعده : في
محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(إِنِ افْتَرَيْتُهُ) : حرف شرط جازم كسر آخره لالتقاء الساكنين. افتريته :
فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن.
التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل
مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى : فإن افتريته على سبيل الفرض أي اختلقت
القرآن من عند نفسي.
(فَلا تَمْلِكُونَ لِي) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل
جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. لا : نافية لا عمل لها. تملكون : تعرب إعراب «يقولون»
لي : جار ومجرور متعلق بتملكون بمعنى فلا تقدرون على دفع شيء عني.
(مِنَ اللهِ شَيْئاً) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بحال مقدمة من «شيئا»
المعنى : لن تدفعوا عني شيئا من عقوبة الله إن عاجلني بعقوبة الافتراء عليه. شيئا
: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو يكون نائبا عن مصدر ـ مفعول مطلق
ـ محذوف أو صفة له يقدر من المعنى بمعنى من عذاب الله إن عاقبني عقابا.
(هُوَ أَعْلَمُ) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. أعلم : خبر
«هو» مرفوع بالضمة ولو ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» صيغة تفضيل ومن
وزن الفعل بمعنى الله أعلم بما تقولون في القرآن ..
(بِما تُفِيضُونَ
فِيهِ) : الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في
محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بأعلم. تفيضون : تعرب إعراب «يقولون» فيه :
جار ومجرور متعلق بتفيضون. والجملة الفعلية «تفيضون فيه» صلة الموصول لا محل لها
بمعنى : بالذي تزيدون في القدح بآياته. ويجوز أن تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «تفيضون»
صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. المعنى
: هو أعلم باندفاعكم في ذلك.
(كَفى بِهِ شَهِيداً) : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. الباء
حرف جر زائد. والهاء ضمير متصل في محل جر لفظا مرفوع محلا على أنه فاعل «كفى».
شهيدا : تمييز منصوب بالفتحة المنونة.
(بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة
المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها كسرة تجانس الياء متعلق باسم الفاعل «شهيدا»
وهو مضاف والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه. الواو عاطفة.
بينكم : معطوف على «بيني» ويعرب مثله وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. الكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع
الذكور بمعنى : كفى به سبحانه شاهدا لي بالصدق والبلاغ وشاهدا عليكم بالكذب
والجحود.
(وَهُوَ الْغَفُورُ
الرَّحِيمُ) : الواو عاطفة. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل
رفع مبتدأ. الغفور الرحيم : خبرا «هو» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة ـ خبر بعد خبر
ـ ويجوز أن يكون «الرحيم» صفة ـ نعتا ـ للغفور.
(قُلْ ما كُنْتُ
بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ
إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ)
(٩)
(قُلْ ما كُنْتُ
بِدْعاً) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره أنت ـ أصله : قول ـ حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة
الفعلية بعده : في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ما : نافية لا عمل لها. كنت :
فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير
المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» بدعا : خبرها منصوب وعلامة نصبه
الفتحة المنونة بمعنى : بديعا.
(مِنَ الرُّسُلِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الضمير في «كنت» و «من»
حرف جر بياني. التقدير : حال كوني رسولا من الرسل بمعنى : ما كنت بديعا أي مبتدعا
أي ما أنا أول من جاء بالوحي بل أرسل الله تعالى الرسل قبلي مبشرين ومنذرين فأنا
مثلهم .. وفي القول الكريم معنى التعجب.
(وَما أَدْرِي ما) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. أدري : فعل
مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره
: أنا. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
(يُفْعَلُ بِي) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ونائب الفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. بي : جار ومجرور متعلق بيفعل والجملة الفعلية «يفعل
بي ..» صلة الموصول لا محل لها. أو تكون «ما» اسم استفهام مبنيا على السكون في محل
رفع مبتدأ والجملة الفعلية «يفعل بي» في محل رفع خبر «ما».
(وَلا بِكُمْ) : الواو عاطفة. لا : أداة نافية. بكم : جار ومجرور معطوف
على «بي» ويعرب مثله لأنه متعلق بصلة موصول محذوف معطوف على موصول مثله. بتقدير :
ولا ما يفعل بكم والميم علامة جمع الذكور أو يكون الجار والمجرور «بي» في محل رفع
نائب فاعل للفعل «يفعل».
(إِنْ أَتَّبِعُ) : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. أتبع : فعل مضارع
مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا.
(إِلَّا ما يُوحى
إِلَيَ) : أداة حصر لا عمل لها. ما : اسم موصول مبني على السكون
في محل نصب مفعول به للفعل «أتبع». يوحى إلي : تعرب إعراب «يفعل بي» على وجه إعراب
«ما» اسما موصولا وعلامة رفع الفعل الضمة المقدرة على الألف للتعذر.
(وَما أَنَا) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. أنا : ضمير
منفصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
(إِلَّا نَذِيرٌ
مُبِينٌ) : أداة حصر لا عمل لها. نذير : خبر «أنا» مرفوع بالضمة
المنونة. مبين : صفة ـ نعت ـ لنذير مرفوع مثله بالضمة المنونة.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ
إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي
إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
(١٠)
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ
إِنْ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره أنت أصله : قول ـ حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين. والجملة
الفعلية بعده : في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الهمزة همزة توبيخ بلفظ
استفهام. رأيتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع
الذكور بمعنى : قل لهم يا محمد أخبروني أيها المشركون. إن : حرف شرط جازم. أي
أخبروني عن حالكم إن كان هذا القرآن ..
(كانَ مِنْ عِنْدِ
اللهِ) : فعل ماض ناقص فعل الشرط مبني على الفتح في محل جزم
بإن واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أي القرآن. من عند : جار ومجرور في محل
نصب متعلق بخبر «كان». الله لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة
الجر الكسرة وجواب الشرط محذوف اختصارا يدل عليه قوله تعالى : إن الله لا يهدي
القوم الظالمين. التقدير : إن كان هذا القرآن من عند الله وكفرتم به ألستم ظالمين؟
(وَكَفَرْتُمْ بِهِ) : الواو استئنافية. كفرتم : تعرب إعراب «رأيتم» به :
جار ومجرور متعلق بكفرتم.
(وَشَهِدَ شاهِدٌ) : الواو عاطفة. شهد : فعل ماض مبني على الفتح. شاهد :
فاعل مرفوع بالضمة المنونة.
(مِنْ بَنِي
إِسْرائِيلَ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «شاهد» وعلامة جر
الاسم الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت النون للإضافة ـ أصله : بنين ـ إسرائيل
: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع
من الصرف للعجمة وجملة «شهد شاهد ..» معطوفة على «كان من عند الله».
(عَلى مِثْلِهِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة بتقدير : حالة كونه من
عند الله أي على نحو ذلك والهاء ضمير متصل يعود على اسم «كان» وهو القرآن مبني على
الكسر في محل جر مضاف إليه.
(فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ) : الفاء عاطفة للتسبيب. آمن : فعل ماض مبني على الفتح
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي فصدق به والضمير يعود على «شاهد» لأن
إيمانه كان نتيجة شهادته عليه واعترافه بأنه من جنس الوحي. الواو عاطفة. استكبرتم
: تعرب إعراب «كفرتم» أو «رأيتم» وهي معطوفة على «شهد شاهد».
(إِنَّ اللهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن»
منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.
(لا يَهْدِي الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن». لا : نافية لا
عمل لها. يهدي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هو. القوم : مفعول به منصوب بالفتحة. الظالمين : صفة للقوم
منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم. والنون عوض من تنوين الاسم المفرد وحركته.
(وَقالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ
يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ)
(١١)
(وَقالَ الَّذِينَ) : الواو استئنافية. قال : فعل ماض مبني على الفتح.
الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
(كَفَرُوا لِلَّذِينَ
آمَنُوا) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار
والمجرور متعلق بقال بمعنى : عن الذين أو لأجل الذين. آمنوا : تعرب أعراب «كفروا».
(لَوْ كانَ خَيْراً) : الجملة وما بعدها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ
لو : حرف شرط غير جازم. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر جوازا
تقديره هو أي لو كان القرآن. خيرا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة
بمعنى : لو كان هذا القرآن خيرا مما وجدنا عليه آباءنا.
(ما سَبَقُونا
إِلَيْهِ) : الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها. ما : نافية لا
عمل لها. سبقوا : تعرب إعراب «كفروا» و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني
على السكون في محل نصب مفعول به. إليه : جار ومجرور متعلق بسبقوا بمعنى : لما
سبقنا العامة من فقراء الناس إلى الإيمان به.
(وَإِذْ لَمْ
يَهْتَدُوا بِهِ) : الواو عاطفة. إذ : ظرف زمان مبني على السكون في محل
نصب متعلق بعامل محذوف .. تقديره : وإذا لم يهتدوا به ظهر عنادهم فسيقولون وقد حذف
العامل اختصارا لدلالة الكلام عليه أو على معنى ولأنهم لم يهتدوا إليه سيقولون أي
أن الظرف يفيد التعليل هنا. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يهتدوا : فعل مضارع مجزوم بلم
وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. به : جار
ومجرور متعلق بيهتدوا. والجملة الفعلية «لم يهتدوا به» في محل جر مضاف إليه
لوقوعها بعد الظرف.
(فَسَيَقُولُونَ) : الفاء سببية عن العامل المضمر في «إذ». يقولون : فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والسين حرف تسويف ـ للقريب
ـ والجملة الاسمية بعده «هذا إفك» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. إفك :
خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة. قديم : صفة ـ نعت ـ لإفك مرفوع مثله وعلامة رفعه
الضمة المنونة بمعنى : هذا اختلاف من أساطير الأولين.
(وَمِنْ قَبْلِهِ
كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا
لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ)
(١٢)
(وَمِنْ قَبْلِهِ) : الواو استئنافية. من قبله : جار ومجرور متعلق بخبر
مقدم والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
(كِتابُ مُوسى) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. موسى : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الفتحة المقدرة للتعذر على الألف بدلا من الكسرة المنونة لأنه
ممنوع من الصرف للعجمة.
(إِماماً وَرَحْمَةً) : حال من «كتاب موسى» منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة. الواو عاطفة. رحمة : معطوف على «إماما» ويعرب مثله بمعنى : إماما للناس
أي الذي يؤتم. ورحمة بهم.
(وَهذا كِتابٌ
مُصَدِّقٌ) : الواو عاطفة. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل
رفع مبتدأ. كتاب : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة. مصدق : صفة ـ نعت ـ لكتاب
مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى : مصدق لكتاب موسى ـ عليهالسلام ـ.
(لِساناً عَرَبِيًّا) : حال من ضمير الكتاب في «مصدق» والعامل فيه مصدق منصوب
وعلامة نصبه الفتحة المنونة .. ويجوز أن يكون حالا من «كتاب» لتخصصه بالصفة ويعمل
فيه معنى الاشارة ويجوز أن يكون مفعولا به منصوبا باسم الفاعل «مصدق» بتأويل فعله
بمعنى : يصدق ذا لسان عربي
وهو الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ويجوز أن يكون منصوبا بالمدح على الاختصاص. عربيا :
صفة ـ نعت ـ للموصوف ـ المنعوت ـ لسانا منصوب بالفتحة المنونة.
(لِيُنْذِرَ الَّذِينَ
ظَلَمُوا) : اللام حرف جر للتعليل. ينذر : فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «ينذر
الذين ..» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل
جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بمفعول لأجله أي من أجل الإنذار أو إنذارا
للظالمين. ظلموا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على
الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(وَبُشْرى
لِلْمُحْسِنِينَ) : معطوفة بالواو على المصدر المؤول من «لينذر» أي
إنذارا وبشرى وهو منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر ولم ينون آخرها لأنها
ممنوعة من الصرف على وزن «فعلى» اسم مقصور رباعي مؤنث منته بألف تأنيث مقصورة
ويجوز أن تكون مرفوعة بالضمة المقدرة على الألف للتعذر لأنها معطوفة على «كتاب» أو
تكون منصوبة على المصدر بفعل محذوف تقديره : يبشر بشرى. للمحسنين : جار ومجرور
متعلق بصفة محذوفة من «بشرى» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض
من تنوين المفرد وحركته.
(إِنَّ الَّذِينَ
قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ
يَحْزَنُونَ)
(١٣)
(إِنَّ الَّذِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني
على الفتح في محل نصب اسم «إن».
(قالُوا رَبُّنَا
اللهُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل والألف فارقة والجملة الاسمية بعده «ربنا الله» في محل نصب مفعول
به ـ مقول القول ـ رب : مبتدأ مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني
على السكون في محل جر مضاف إليه. الله لفظ الجلالة : خبر المبتدا مرفوع للتعظيم
بالضمة.
(ثُمَّ اسْتَقامُوا
فَلا خَوْفٌ) : حرف عطف. استقاموا : معطوفة على «قالوا» وتعرب مثلها
الفاء واقعة في جواب شرط على معنى «الذين» أي «من» المتضمنة معنى الشرط. لا :
نافية لا عمل لها. خوف : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة.
(عَلَيْهِمْ) : جار ومجرور متعلق بخبر «خوف» المحذوف. التقدير فلا
خوف كائن عليهم و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى.
(وَلا هُمْ
يَحْزَنُونَ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. هم : ضمير
الغائبين المنفصل في محل رفع مبتدأ. يحزنون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم»
وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
** (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ
ثُمَّ اسْتَقامُوا) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة عشرة
.. المعنى : قالوا ربنا الله وحده لا شريك له ثم استقاموا على أحكام الشريعة ..
يقال : استقام الرجل ـ يستقيم ـ استقامة : أي اعتدل اعتدالا والفعل «استقام» من
الأفعال المزيدة وفعله المجرد هو «قام» ومنه «القوم» وهذه اللفظة تعني الرجال دون
النساء ولا مفرد لها من لفظها وجمع «القوم» هو أقوام. قال الجوهري : القوم : يذكر
ويؤنث لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كان للآدميين يذكر ويؤنث
مثل «الرهط» و «النفر» و «القوم» قال تعالى : «وكذب به قومك» في هذا القول الكريم
ذكر «القوم» فقال «كذب» وفي آية أخرى أنثت اللفظة «كذبت قوم نوح».
** (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ
إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الخامسة
عشرة .. المعنى : وأمرناه أن يحسن إليهما إحسانا حملته أمه كرها أي بمشقة وولدته
بمشقة .. يقال : كره الشيء ـ يكرهه ـ كراهية .. من باب «سلم» والمصدر «كراهية»
يلفظ بتخفيف الياء فهي شيء كريه ومكروه ـ فعيل بمعنى مفعول ـ قال الفراء : الكره ـ
بضم الكاف ـ هو المشقة وبفتحها هو الإكراه. نحو : قام على كره ـ بضم الكاف ـ أي
على مشقة .. وأقامه فلان على كره ـ بفتح الكاف ـ أي أكرهه على القيام. وقال
الكسائي : هما لغتان بمعنى واحد. وقيل هما مثل «الفقر» و «الفقر» بفتح الفاء
وضمها. أي يكون «الكره» بضم الكاف هو الاسم وبفتحها هو المصدر كما قال الفراء.
ويقال أكرهه على كذا : بمعنى : حمله عليه كرها فهو مكره ـ اسم مفعول ـ بفتح الراء
.. ومنه القول
الشهير أو المثل العربي المعروف : مكره أخوك لا بطل .. فأخوك هنا نائب فاعل
لاسم المفعول «مكره» مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الخمسة ويجوز أن يكون «أخوك»
مبتدأ مؤخرا قدم عليه خبره «مكره» ومن الأخطاء الشائعة قولهم : مكره أخاك لا بطل ـ
بنصب «أخاك» وقيل : هذا الخطأ جاء على لسان الأعراب «أهل البادية» وسبب خطئهم هو
رفعهم الأسماء الخمسة بالألف. والصحيح ـ كما هو معلوم ـ رفع الأسماء الخمسة بالواو
ونصبها وجرها بالألف والياء أي يقال : أخاك في حالة النصب وبالياء «أخيك» في حالة
الجر .. ومعنى المثل : أن أخاك محمول على ذلك لأنه ليس في طبعه شجاعة يضرب لمن
يحمل ما ليس من شأنه و «لا» هنا حرف نفي وعطف وهي عاملة هنا لأن ما بعدها عكس ما
قبلها لأن «بطل» وردت ضد ما قبلها الذي ليس فيه نوع من البطولة وإنما الإكراه على
عمل شيء بعيد عن البطولة وهذا هو أحد شروط عمل «لا» النافية العاطفة فكلمة «بطل»
مرفوعة لأنها معطوفة على مرفوع ومثله : مزق الطالب الكتاب لا الدفتر.
** (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ
شَهْراً) : بمعنى : ومدة حمله وفطامه ثلاثون شهرا وحذف المبتدأ
المضاف «مدة» وحل محله المضاف إليه «حمله» فارتفع ارتفاعه .. وفي القول الكريم
دليل على أن أقل الحمل ستة أشهر لأن مدة الرضاعة إذا كانت حولين ـ أي عامين ـ لقوله
تعالى في سورة «البقرة» : (وَالْوالِداتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ
الرَّضاعَةَ) بقيت للحمل ستة أشهر والحول مصدر الفعل حال : أي مضى
وتم.
** (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ
أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي
أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ
لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) : المعنى : حتى إذا بلغ غاية نموه وإدراكه .. والأشد :
مفرد جاء على وزن الجمع.
** سبب نزول
الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ ولم يكن أحد
أسلم أبوه وأمه سواه وقد أسلم رضي الله عنه وصدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو ابن ثمان وثلاثين سنة حيث بعث النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو ابن أربعين سنة فلما بلغ أبو بكر أربعين سنة قال (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ
نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ)
** (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ
عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة عشرة
.. المعنى : أولئك الشاكرون القائلون هذا القول هم الذين نتقبل منهم أحسن أعمالهم
ونصفح عن ذنوبهم فحذف المشار إليه الصفة أو البدل «الشاكرون .. القائلون» اختصارا
لأن ما قبله يدل عليه.
** (فَيَقُولُ ما هذا إِلَّا أَساطِيرُ
الْأَوَّلِينَ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة السابعة
عشرة .. المعنى فيقول هذا العاق ما هذا القول بالبعث إلا أكاذيب الأولين وأساطيرهم
التي سطروها في الكتب فحذف المشار إليه «القول» الصفة أو البدل من اسم الإشارة
اختصارا لأن سياق النص الكريم يدل عليه.
** سبب نزول
الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه .. هذا ما
ذكره المصحف المفسر وقال صاحب التفسير الوجيز : نزلت هذه الآية الكريمة في عبد
كافر عاق لوالديه وليس في عبد الرحمن بن أبي بكر كما في بعض الروايات لأن عبد
الرحمن أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه.
** (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا
وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة عشرة
.. المعنى : لكل من الجنسين أي لكل من الفريقين : المؤمن والكافر مراتب ومنازل
وقيل : إن الجنة درجات والنار دركات. وقيل في الآية الكريمة المذكورة آنفا : درجات
مع القول الجنة درجات والنار دركات لأنه يجوز أن يقال ذلك على وجه التغليب لاشتمال
«كل» على الفريقين وعن عمران بن حصين ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : يخرج قوم من النار بشفاعة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيدخلون الجنة يسمون : الجهنميين. وقيل : إن الجنة هي
ظهر السماء السابعة تحت العرش في قوله تعالى في سورة «الذاريات» (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما
تُوعَدُونَ) صدق الله العظيم. وقوله : وليوفيهم أعمالهم معناه :
وليوفيهم الله جزاء أعمالهم فحذف المفعول به المضاف «جزاء» وحل المضاف إليه محله.
** (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا
عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا
وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العشرين ..
وعرضهم على النار : معناه : تعذيبهم بها أي تعرض النار عليهم بمعنى : تكشف لهم.
وقال المصحف المفسر : المعنى : تعرض النار عليهم أي تكشف لهم فقلب للمبالغة. وقيل
: عرض الكافرين على النار معناه : تعذيبهم بها كما يقال : عرض بنو فلان على السيف
: إذا قتلوا به وهذا هو معنى ما جاء في الآية الكريمة المذكورة .. قال ابن عباس ـ رضي
الله عنه ـ يجاء بهم إليها فيكشف لهم عنها. وقيل : الأمر في الآية الكريمة على
ظاهره .. كقولك : عرضت الأسرى على الأمر. وموضوع القلب وارد في ركن من أركان
البلاغة العربية وهو التشبيه. نحو قولنا : الأسد كأخيك في الشجاعة .. سمي هذا
التشبيه تشبيها مقلوبا .. أما القول : أنت كالأسد في الشجاعة فيسمى تشبيها تام
الأركان أي ذكرت أركانه الأربعة وهي : المشبه .. أداة التشبيه .. المشبه به ..
ووجه الشبه. وإذا اقترن التشبيه بأداة التشبيه سمي التشبيه مرسلا نحو : أنت كالأسد
وإذا حذفت الأداة سمي التشبيه مؤكدا نحو : أنت أسد في الشجاعة وإذا اقترن التشبيه
بوجه الشبه سمي تشبيها مفصلا نحو : أنت أسد في الشجاعة ـ أي مثل التشبيه الموكد ـ وإذا
حذف وجه الشبه سمي التشبيه مجملا نحو : أخوك كالأسد .. أما إذا حذف وجه الشبه
وأداة التشبيه فيسمى التشبيه بليغا قال المتنبي :
من يهن يسهل
الهوان عليه
|
|
ما الجرح
بميت إيلام
|
وهذا نوع من
التشبيه يسمى تشبيها ضمنيا كما في بيت الشعر المذكور وفي هذا التشبيه لا تظهر أداة
التشبيه ولم يأت على صورة التشبيه العادي أي لم يتطرق إلى التصريح بالتشبيه ولكنه
لمح إليه تلميحا وأتى به ضمنا.
** (وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ
قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ
خَلْفِهِ) : جاء هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية
والعشرين .. المعنى : واذكر يا محمد أخا بني عاد في النسب لا في الدين ويعني هودا
ـ عليهالسلام ـ فحذف المضاف إليه «بني» وأقيم المضاف إليه الثاني «عاد»
مقامه. وقد أنث الفعل «خلت» مع الفاعل المذكر «النذر» لأنه جمع «نذير» بمعنى
«المنذر» جاء التأنيث على لفظ «النذر» لا على المعنى. ومن أخطائهم الشائعة قول
بعضهم : لقد أعذر من أنذر .. بلفظ «أعذر» بضم أوله وكسر ما قبل آخره أي بنائه
للمجهول والصحيح القول : أعذر ـ بفتح الهمزة في الفعلين وإيرادهما مبنيين للمعلوم
لأن المعنى : صار ذا عذر .. أي إن من حذرك ما يحل بك فقد أعذر إليك : أي صار
معذورا عندك مأخوذ من الفعل عذر ـ يعذر ـ عذرا من باب «ضرب» نحو عذرته فيما
صنع : أي رفعت عنه اللوم فهو معذور ـ أي غير ملوم ـ والاسم منه هو العذر ـ بضم
الذال اتباعا لضمة العين وجمعه : أعذار .. أما «المعذرة» فمعناها : العذر تلفظ
بكسر الذال وفتحها. والكسر أفصح. والمراد بقوله : من بين يديه ومن خلفه : قبله
وبعده .. أي كثرت النذر قبله وحوله في أمم شتى وقيل المعنى : قبل إرساله وبعد
إرساله في زمانه. بمعنى : الرسل الذين بعثوا قبل هود والذين بعثوا في زمانه وعلى
هذا التفسير يكون المعنى ومن بعد إنذاره.
(أُولئِكَ أَصْحابُ
الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)
(١٤)
(أُولئِكَ أَصْحابُ
الْجَنَّةِ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر ثان لإن. أولاء : اسم
إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. أصحاب : خبر «أولئك»
مرفوع بالضمة وهو مضاف. الجنة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أو
تكون «أصحاب» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم والجملة الاسمية «هم أصحاب الجنة» في
محل رفع خبر المبتدأ الأول «أولئك» بمعنى : هم أهل الجنة.
(خالِدِينَ فِيها
جَزاءً) : حال من «أصحاب الجنة» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. فيها : جار ومجرور متعلق
بخالدين. جزاء : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف تقديره : يجازون جزاء
وعلامة نصبه الفتحة المنونة. أو يكون «جزاء» مفعولا من أجله.
(بِما كانُوا
يَعْمَلُونَ) : الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في
محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بجزاء. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يعملون
: الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «كانوا يعملون» صلة الموصول لا محل
لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : بما
كانوا يعملونه أي بسبب ما كانوا يعملونه أو تكون «ما»
مصدرية فتكون جملة «كانوا يعملون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما
بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بجزاء أو بالعامل في «جزاء»
التقدير بسبب أعمالهم.
(وَوَصَّيْنَا
الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ
كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ
وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ
الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ
وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ
الْمُسْلِمِينَ)
(١٥)
(وَوَصَّيْنَا
الْإِنْسانَ) : الواو استئنافية. وصى : فعل ماض مبني على السكون
لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الإنسان : مفعول
به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى وأمرناه أن يحسن إليهما.
(بِوالِدَيْهِ
إِحْساناً) : جار ومجرور متعلق بوصى. وعلامة جر الاسم الياء لأنه
مثنى وحذفت نونه ـ أصله والدين ـ للإضافة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني
على الكسر في محل جر مضاف إليه. إحسانا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف
تقديره : أحسن إحسانا وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(حَمَلَتْهُ أُمُّهُ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الانسان» وهي فعل
ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والهاء ضمير متصل ـ ضمير
الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. أمه : فاعل مرفوع بالضمة والهاء
ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه.
(كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ
كُرْهاً) : حال من ضمير «حملت» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة
بمعنى : ذات كره أي مشقة أو يكون صفة لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف. بتقدير : حملا
ذا كره. ووضعته كرها : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «حملته كرها» وتعرب إعرابها
وفاعل «وضعته» ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي.
(وَحَمْلُهُ
وَفِصالُهُ) : الواو استئنافية. حمله : مبتدأ مرفوع بالضمة. والهاء
ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه. وفصاله : معطوف
بالواو على «حمله» ويعرب مثله بمعنى : وفطامه.
(ثَلاثُونَ شَهْراً
حَتَّى) : خبر «حمله وفصاله» مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع
المذكر السالم ـ من ألفاظ العقود ـ شهرا : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة. حتى : حرف غاية وابتداء.
(إِذا بَلَغَ
أَشُدَّهُ) : ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه متعلق بجوابه
متضمن معنى الشرط. بلغ : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. أشده : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ
ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه وجملة «بلغ أشده» في محل جر مضاف
إليه.
(وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ
سَنَةً) : معطوفة على «بلغ أشده» وتعرب إعرابها وعلامة نصب «أربعين»
الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وهو من ألفاظ العقود. سنة : تعرب إعراب «شهرا».
(قالَ رَبِّ
أَوْزِعْنِي) : الجملة الفعلية وما بعدها جواب شرط غير جازم لا محل
لها. قال : تعرب إعراب «بلغ» رب : منادى بأداة نداء محذوفة اكتفاء بالمنادى من باب
التوقير والتعظيم وأصله : يا ربي منصوب وعلامة نصبه الفتحة منع من ظهورها كسر
تجانس الياء وتناسبها وهو مضاف وياء المتكلم المحذوفة خطا واختصارا ضمير متصل في
محل جر مضاف إليه وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة. أوزعني : الجملة الفعلية
في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل تضرع ودعاء بصيغة طلب مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. النون نون الوقاية لا محل لها والياء
ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : ألهمني.
(أَنْ أَشْكُرَ
نِعْمَتَكَ) : حرف مصدري ناصب. أشكر : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة
نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. نعمتك : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر مضاف
إليه. والجملة الفعلية «أشكر نعمتك» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما بعدها
بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به ثان للفعل «أوزع» التقدير والمعنى : ألهمني شكر
نعمتك أي نعمة التوحيد.
(الَّتِي أَنْعَمْتَ
عَلَيَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للنعمة.
أنعمت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير
الواحد المطاع ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل. علي : جار ومجرور متعلق بأنعمت.
والجملة الفعلية «أنعمت علي» صلة الموصول لا محل لها بمعنى : أنعمت علي بها.
(وَعَلى والِدَيَ) : معطوف بالواو على «علي» والياء ضمير متصل ـ ضمير
المتكلم في محل جر مضاف إليه وحذفت النون ـ أصله : والدين ـ للإضافة وعلامة جر
الاسم الياء لأنه مثنى.
(وَأَنْ أَعْمَلَ
صالِحاً) : معطوف بالواو على «أن أشكر نعمتك» ويعرب مثله وعلامة
نصبه الفتحة المنونة.
(تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ
لِي) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة للموصوف «عملا» أو
«صالحا» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر
فيه وجوبا تقديره أنت والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى :
تقبله مني. وأصلح : معطوف بالواو على «أوزع» ويعرب مثله. لي : جار ومجرور متعلق
بأصلح بمعنى : ووفقني أن أعمل عملا صالحا ترضاه وأصلح لي ..
(فِي ذُرِّيَّتِي) : جار ومجرور متعلق بأصلح أو بصفة محذوفة من المصدر على
تقدير : هب لي الصلاح أو صلاحا في ذريتي وأوقعه فيهم والياء ضمير متصل ـ ضمير
المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه.
(إِنِّي تُبْتُ
إِلَيْكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل للتعليل أو للاستئناف
والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم في محل نصب اسم «إن». تبت : الجملة الفعلية في
محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء
ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل. إليك : جار ومجرور
متعلق بتبت بمعنى : رجعت إليك.
(وَإِنِّي مِنَ
الْمُسْلِمِينَ) : معطوف بالواو على «إني» ويعرب مثله. من المسلمين : جار
ومجرور متعلق بخبر «إن» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته أي من المخلصين.
(أُولئِكَ الَّذِينَ
نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي
أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ)
(١٦)
(أُولئِكَ الَّذِينَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف
حرف خطاب. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره :
هم. والجملة الاسمية «هم الذين» في محل رفع خبر «أولئك».
(نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع
مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. عن : حرف جر بمعنى «من» و
«هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بنتقبل.
(أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ما : مصدرية. عملوا
: الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله
بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة و «ما» وما بعدها :
بتأويل مصدر في محل جر مضاف إليه بمعنى : أحسن أعمالهم الصالحة في الدنيا. ويجوز
أن تكون «ما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل جر مضافا إليه والجملة الفعلية
«عملوا» صلة
الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به أي
ما عملوه.
(وَنَتَجاوَزُ عَنْ
سَيِّئاتِهِمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «نتقبل عنهم» وتعرب
مثلها و «هم» ضمير الغائبين المتصل في محل جر مضاف إليه.
(فِي أَصْحابِ
الْجَنَّةِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير الغائبين. التقدير
: كائنين في أصحاب الجنة معدودين فيهم أو كائنين في جملة أو عداد أهل الجنة. الجنة
: مضاف إليه مجرور بالكسرة.
(وَعْدَ الصِّدْقِ) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ مؤكد لنفسه بمعنى إنجازا لصادق
وعدنا الذي كنا وعدناهم به أو وعدوا ذلك على ألسنة الرسل في الدنيا وعدا صادقا لأن
قوله : يتقبل ويتجاوز هو وعد من الله سبحانه بالتقبل والتجاوز والمصدر منصوب
وعلامة نصبه الفتحة. الصدق : مضاف إليه مجرور بالكسرة.
(الَّذِي كانُوا
يُوعَدُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للوعد
وفي محل جر صفة ـ نعت ـ للصدق. كانوا : الجملة الفعلية وما بعدها صلة الموصول لا
محل لها وهي فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في
محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يوعدون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان»
وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب
فاعل. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير :
يوعدونه أو تكون الصلة حرف جر أي يوعدون به.
(وَالَّذِي قالَ
لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ
مِنْ قَبْلِي وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ
فَيَقُولُ ما هذا إِلاَّ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)
(١٧)
(وَالَّذِي قالَ
لِوالِدَيْهِ) : الواو عاطفة. الذي : اسم موصول مبني على السكون في
محل رفع مبتدأ. وخبره : الجملة الاسمية الواردة في بداية الآية الكريمة التالية «أولئك
الذين ..» في محل رفع. والمراد بالذي قال :
الجنس القائل ذلك القول ولذلك وقع الخبر مجموعا. قال : الجملة الفعلية وما
بعدها : صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر
فيه جوازا تقديره هو. لوالديه : جار ومجرور متعلق بقال وعلامة جر الاسم الياء لأنه
مثنى ـ أصله : والدين ـ حذفت النون للإضافة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في
محل جر مضاف إليه.
(أُفٍّ لَكُما) : الجملة الفعلية على المعنى : في محل نصب مفعول به ـ مقول
القول ـ أف : اسم فعل مضارع بمعنى أتضجر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا.
لكما : جار ومجرور متعلق بمعنى «أف» وقيل : اللام هنا للبيان بمعنى : هذا التأفيف
لكما خاصة ولأجلكما دون غيركما و «ما» علامة التثنية.
(أَتَعِدانِنِي أَنْ
أُخْرَجَ) : الهمزة همزة توبيخ وإنكار بلفظ استفهام. تعدانني : فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون. النون للوقاية والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل
نصب مفعول به. أن : حرف مصدري ونصب. أخرج : فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن
وعلامة نصبه الفتحة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. والجملة
الفعلية «أخرج» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما بعدها : بتأويل مصدر في محل
جر بحرف جر محذوف. التقدير : بأن أخرج أي بالخروج من الأرض والبعث من جديد والجار
والمجرور متعلق بتعدان.
(وَقَدْ خَلَتِ
الْقُرُونُ) : الواو حالية والجملة الفعلية في محل نصب حال. قد :
حرف تحقيق. خلت : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة
لاتصاله بتاء التأنيث ولالتقاء الساكنين والتاء تاء التأنيث الساكنة حركت بالكسر
لالتقاء الساكنين. القرون : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى قال لهما ذلك حين طلبا منه
الإيمان بالله.
(مِنْ قَبْلِي) : جار ومجرور متعلق بخلت والياء ضمير متصل ـ ضمير
المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى وقد مضى أهل القرون.
(وَهُما يَسْتَغِيثانِ
اللهَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هما :
ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. والألف علامة التثنية. يستغيثان :
الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هما» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والألف ضمير
متصل ـ ضمير الاثنين الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. الله لفظ
الجلالة مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة بمعنى : يقولان : الغياث بالله
منك ومن قولك وهو استعظام لقوله أو على معنى : وهما يسألان الله أن يوفق ولدهما
إلى الإيمان.
(وَيْلَكَ آمِنْ) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وهو مضاف والكاف ضمير متصل
ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه والكلمة مصدر لا فعل له
والمراد : الحث والتحريض على الإيمان وهو دعاء عليه بالثبور أي الهلاك والعذاب له
دون إرادة حقيقة الهلاك والجملة على المعنى : في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي
قائلين له : ويلك وبمعنى : ويحك هلكت. آمن : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير
مستتر فيه وجوبا تقديره أنت بمعنى : آمن بالله وبالبعث.
(إِنَّ وَعْدَ اللهِ
حَقٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. وعد : اسم «إن» منصوب
وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم
بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. حق : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : إن وعد
الله بإنزال العذاب بالكافرين ومعاقبتهم وعد حق.
(فَيَقُولُ ما هذا) : الفاء استئنافية. يقول : فعل مضارع مرفوع بالضمة
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الاسمية بعده في محل نصب مفعول به
ـ مقول القول ـ ما : نافية لا عمل لها. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل
رفع مبتدأ.
(إِلَّا أَساطِيرُ
الْأَوَّلِينَ) : أداة حصر لا عمل لها. أساطير : خبر «هذا» مرفوع
بالضمة وهو مضاف. الأولين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع
مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(أُولئِكَ الَّذِينَ
حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ
وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ)
(١٨)
(أُولئِكَ الَّذِينَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف
حرف خطاب. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره :
هم. والجملة الاسمية «هم الذين» في محل رفع خبر «أولئك» والجملة الاسمية «أولئك هم
الذين» في محل رفع خبر المبتدأ «الذي» الوارد في الآية الكريمة السابقة. أو يكون «الذي»
في الآية الكريمة السابقة في محل رفع مبتدأ محذوف الخبر التقدير : وفيما يتلى
عليكم خبر الذي قال .. فيكون شبه الجملة من الجار والمجرور «فيما يتلى عليكم» في
محل رفع خبرا مقدما ويكون «خبر» مبتدأ مؤخرا محذوفا أقيم مقامه المضاف إليه الاسم
الموصول «الذي» وعلى هذه التقديرات تكون الجملة الاسمية «أولئك هم الذين» بدلا من
الجملة الاسمية المذكورة والمقدرة في الآية الكريمة السابقة ..
(حَقَّ عَلَيْهِمُ
الْقَوْلُ) إلى نهاية الآية : أعرب في الآية الكريمة الخامسة
والعشرين من سورة «فصلت» أي وجب عليهم العذاب.
(وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ
مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)
(١٩)
(وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ) : الواو استئنافية. لكل : جار ومجرور في محل رفع خبر
مقدم. درجات : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : ولكل من الجنسين درجات أي
مراتب ومنازل. أو لكل من الفريقين : المؤمن والكافر.
(مِمَّا عَمِلُوا) : مكونة من : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مدغم بنون «من»
مبني على السكون في محل جر بمن والجملة الفعلية «عملوا» صلة الموصول لا محل لها
وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير
: مما عملوه بمعنى : من جزاء ما عملوه من الخير والشر أو من أجل ما عملوا
منهما أو تكون «ما» مصدرية فتكون الجملة الفعلية «عملوا» صلة حرف مصدري لا
محل لها و «ما» وما بعدها في تأويل مصدر في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق
بدرجات أو بصفة محذوفة منها والوجه الثاني من إعراب «ما» أي كونها مصدرية أوجه
بدليل : وليوفيهم أعمالهم.
(وَلِيُوَفِّيَهُمْ
أَعْمالَهُمْ) : الواو عاطفة على معلل محذوف لدلالة الكلام عليه
بتقدير : لا يظلمهم حقوقهم. اللام حرف جر للتعليل. يوفي : فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد لام التعليل وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو
و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول. أعمال : مفعول به
ثان منصوب بيوفي المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير
متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه والجملة الفعلية «يوفيهم أجورهم» صلة
حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام
التعليل والجار والمجرور متعلق بدرجات على معنى : يتفاوتون.
(وَهُمْ لا
يُظْلَمُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هم : ضمير
منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. لا : نافية لا عمل لها. يظلمون : فعل
مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل
بمعنى : لا يظلمون شيئا بنقص ثواب أو زيادة عقاب والجملة الفعلية «لا يظلمون ..»
في محل رفع خبر «هم».
(وَيَوْمَ يُعْرَضُ
الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ
الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما
كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ
تَفْسُقُونَ)
(٢٠)
(وَيَوْمَ يُعْرَضُ) : الواو استئنافية. يوم : مفعول به منصوب بفعل محذوف
تقديره واذكر يا محمد يوم وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. يعرض : فعل مضارع
مبني للمجهول مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «يعرض الذين ..» في محل جر مضاف إليه.
(الَّذِينَ كَفَرُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع نائب فاعل. كفروا
: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : كفروا بالله ورسوله. وجملة «كفروا»
صلة الموصول لا محل لها.
(عَلَى النَّارِ) : جار ومجرور متعلق بيعرض بمعنى : يعذبون فيها .. أو
بها.
(أَذْهَبْتُمْ
طَيِّباتِكُمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف
تقديره يقال أي يقال لهم على وجه التوبيخ : أأذهبتم طيباتكم : بمعنى : لذائذكم.
الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. أذهبتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير
الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل
والميم علامة جمع الذكور : بمعنى : ضيعتم. طيباتكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه
الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور. أي ضيعتم
لذائذكم واستنفدتموها.
(فِي حَياتِكُمُ
الدُّنْيا) : جار ومجرور متعلق بأذهبتم. و «كم» أعرب في «طيباتكم»
الدنيا : صفة ـ نعت ـ للحياة مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف
للتعذر.
(وَاسْتَمْتَعْتُمْ
بِها) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «أذهبتم»
وتعرب مثلها بمعنى وتمتعتم. بها : جار ومجرور متعلق باستمتعتم.
(فَالْيَوْمَ
تُجْزَوْنَ) : الفاء استئنافية. اليوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية
وعلامة نصبه الفتحة متعلق بتجزون و «تجزون» فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.
(عَذابَ الْهُونِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الهون : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أي الذل.
(بِما كُنْتُمْ
تَسْتَكْبِرُونَ) : الباء حرف جر. ما : مصدرية. كنتم : فعل ماض ناقص مبني
على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل
ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع
الذكور. تستكبرون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «كنتم تستكبرون»
صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار
والمجرور متعلق بتجزون. التقدير : بسبب استكباركم بمعنى : بسبب تكبركم.
(فِي الْأَرْضِ
بِغَيْرِ الْحَقِ) : جار ومجرور متعلق بتستكبرون. بغير : جار ومجرور متعلق
بحال محذوف من ضمير «تستكبرون» بمعنى : تتكبرون في الأرض ظلما أو ظالمين غير
محقين. الحق : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أي بغير وجه حق.
(وَبِما كُنْتُمْ
تَفْسُقُونَ) : معطوف بالواو على «بما كنتم تستكبرون» ويعرب إعرابه
بتقدير : وبسبب فسقكم أي خروجكم عن الحدود أو تجاوزكم عن طاعة الله تعالى
وارتكابكم المعاصي.
(وَاذْكُرْ أَخا عادٍ
إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ
يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ
عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)
(٢١)
(وَاذْكُرْ أَخا عادٍ) : الواو عاطفة. اذكر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. أخا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الألف نيابة
عن الفتحة لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. عاد : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة المنونة ونون لأنه اسم للحي أو للرجل وليس للقبيلة.
(إِذْ أَنْذَرَ) : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب بمعنى «حين»
متعلق باذكر أو يكون اسما مبنيا على السكون في محل نصب بدل اشتمال من «أخا عاد»
أنذر : الجملة الفعلية وما بعدها في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف وهي فعل
ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
(قَوْمَهُ
بِالْأَحْقافِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والهاء
ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه. بالأحقاف : جار
ومجرور متعلق بحال محذوفة من القوم. التقدير : أنذرهم وهم كائنون بالأحقاف أي في
ديارهم التي سكنتها عاد.
(وَقَدْ خَلَتِ
النُّذُرُ) : الواو حالية والجملة الفعلية في محل نصب حال. قد :
حرف تحقيق. خلت : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة
لاتصاله بتاء التأنيث الساكنة ولالتقاء الساكنين والتاء تاء التأنيث الساكنة لا
محل لها وحركت بالكسر لالتقاء الساكنين. النذر : فاعل مرفوع بالضمة.
(مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) : جار ومجرور متعلق بخلت. يديه : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى ـ أصله : يدين ـ حذفت النون للإضافة والهاء
ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى من قبله.
(وَمِنْ خَلْفِهِ) : الواو عاطفة. من خلفه : جار ومجرور متعلق بخلت والهاء
ضمير متصل ـ ضمير الغائب في محل جر مضاف إليه بمعنى من بعده.
(أَلَّا تَعْبُدُوا
إِلَّا اللهَ) : أصله : أن : مصدرية مدغمة بلا و «لا» ناهية جازمة. تعبدوا
: فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة. وجملة «لا تعبدوا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما بعدها
بتأويل مصدر في محل نصب. التقدير : أمركم عدم عبادة غير الله أو تكون «أن» مفسرة بمعنى
: أي لا تعبدوا إلا الله ويجوز أن يقدر لأن التفسيرية حرف جر قبلها بعد اعتبارها
مصدرية أي بأن لا تعبدوا. إلا : أداة حصر لا عمل لها. الله لفظ الجلالة : مفعول به
منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.
(إِنِّي أَخافُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل والياء
ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». أخاف : فعل
مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا بمعنى : إني
أخشى ..
(عَلَيْكُمْ عَذابَ) : جار ومجرور متعلق بأخاف والميم علامة جمع الذكور. عذاب
: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(يَوْمٍ عَظِيمٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
عظيم : صفة ـ نعت ـ ليوم مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة والجملة الفعلية «أخاف
عليكم عذاب يوم عظيم» في محل رفع خبر «إن» إن عبدتم غير الله.
(قالُوا أَجِئْتَنا
لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ
الصَّادِقِينَ)
(٢٢)
(قالُوا) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(أَجِئْتَنا
لِتَأْفِكَنا) : الهمزة همزة إنكار وتعجيب بلفظ استفهام. جئت : فعل
ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب
ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على
السكون في محل نصب مفعول به اللام حرف جر للتعليل. تأفك : فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «نا»
أعرب في «جئتنا» بمعنى لتصرفنا والجملة الفعلية «تأفكنا» صلة حرف مصدري لا محل
لها. و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار
والمجرور متعلق بجئت بمعنى : لتصرفنا عن عبادة آلهتنا.
(عَنْ آلِهَتِنا) : جار ومجرور متعلق بتأفك. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
(فَأْتِنا بِما
تَعِدُنا) : الفاء واقعة في جواب شرط مقدم. والجملة الفعلية وما
بعدها جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. ائت : فعل أمر مبني
على حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء وبقيت الكسرة دالة عليها والفاعل ضمير
مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «نا» أعرب في «تأفكنا» بمعنى : فجئنا. الباء حرف جر
و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بائت.
تعد : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «نا» أعرب في «تأفكنا» التقدير والمعنى : بما
تعدنا به. أي بما توعدنا به من معاجلة العذاب على الشرك.
(إِنْ كُنْتَ) : حرف شرط جازم. كنت : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله
بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني
على الفتح في محل رفع اسم «كان» وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه.
(مِنَ الصَّادِقِينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» التقدير : إن كنت صادقا
أو معدودا من الصادقين في وعدك وفي إنذارك وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر
سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(قالَ إِنَّمَا
الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّي أَراكُمْ
قَوْماً تَجْهَلُونَ)
(٢٣)
(قالَ إِنَّمَا
الْعِلْمُ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. إنما : كافة ومكفوفة. العلم : مبتدأ مرفوع بالضمة والجملة الاسمية «إنما
العلم عند الله» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى فقال لهم لا علم لي
بوقت عذابكم.
(عِنْدَ اللهِ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بخبر المبتدأ. وهو مضاف. الله لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر
الكسرة .. والقول الكريم جاء جوابا لقولهم «فأتنا بما تعدنا» فقال لهم حكمة ذلك
وعلمه عند الله سبحانه.
(وَأُبَلِّغُكُمْ ما
أُرْسِلْتُ بِهِ) : الواو عاطفة. أبلغكم : الجملة الفعلية في محل رفع خبر
مبتدأ محذوف تقديره : وإنما أنا أبلغكم وهي فعل مضارع مرفوع
بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. ما : اسم
موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان. أرسلت : الجملة الفعلية صلة
الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع
المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل.
به : جار ومجرور متعلق بأرسلت بمعنى : ما أرسلني ربي به إليكم.
(وَلكِنِّي أَراكُمْ) : الواو استدراكية. لكني : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن»
حذفت إحدى نونيه تخفيفا والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «لكن».
أراكم : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر «لكن» وهي فعل مضارع مرفوع
بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. والكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع
الذكور.
(قَوْماً تَجْهَلُونَ) : مفعول به ثان منصوب بأرى المتعدي إلى مفعولين على
معنى : أجدكم. أو يكون حالا من ضمير المخاطبين على معنى : أبصركم. تجهلون : الجملة
الفعلية في محل نصب ـ صفة ـ للموصوف «قوما» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : قوما جاهلين وحذف المفعول اختصارا بمعنى
تجهلون أن الرسل منذرون فقط أي ينذرون بمعنى يخوفون المشركين من عذاب الآخرة
ويهدونهم إلى التوحيد وليسوا مقترحين العذاب بهم.
(فَلَمَّا رَأَوْهُ
عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا
اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ)
(٢٤)
(فَلَمَّا رَأَوْهُ
عارِضاً) : الفاء استئنافية. لما : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين»
مبني على السكون في محل نصب على الظرفية متعلق بالجواب. رأوه : الجملة الفعلية وما
بعدها في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد
«لما» وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة
لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء
ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به. عارضا : حال من الضمير «الهاء» في
«رأوه» أي رأوا السحاب معترضا أفق السماء منصوب بالفتحة المنونة.
(مُسْتَقْبِلَ
أَوْدِيَتِهِمْ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «عارضا» منصوب مثله بالفتحة وهو
مضاف إضافة مجازية غير معرفة مضافة إلى معرفة. أودية : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين المتصل في محل جر مضاف إليه ثان.
(قالُوا هذا عارِضٌ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل
ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. عارض : خبر «هذا» مرفوع
بالضمة المنونة.
(مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ) : صفة ـ نعت ـ لعارض مرفوع بالضمة وهو مضاف إضافة
مجازية و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه
بمعنى : ممطر لنا. بل : حرف إضراب ـ حرف عطف ـ هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في
محل رفع مبتدأ.
(مَا اسْتَعْجَلْتُمْ
بِهِ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو»
والجملة الاسمية «هذا عارض ممطرنا» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي ظنوا
هذا العارض سحابا وكذلك الحال بالنسبة إلى الجملة الاسمية الثانية «هو ما ..»
محلها النصب على المفعولية ـ أي مقول القول ـ لأن القول قبلها مضمر بمعنى : قال
هود : لا بل هو ما .. والجملة الفعلية «استعجلتم» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل
ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع
الذكور. به : جار ومجرور متعلق باستعجلتم والهاء يعود على «ما» بمعنى : بل
هو العذاب الذي عجلتم به .. وقيل يصح أن يكون هذا من قول الله تعالى لهم.
(رِيحٌ فِيها عَذابٌ
أَلِيمٌ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هي. أي هي ريح مرفوع بالضمة
المنونة جملة «هي ريح» بدلا من «هو ما استعجلتم» على معنى : بل هو العذاب الذي
استعجلتم به هي ريح أو يكون «هو» ضمير فصل أو عمادا لا محل له فتكون «ما» في محل
رفع مبتدأ وخبره الجملة الاسمية «هي ريح» في محل رفع. فيها : جار ومجرور في محل
رفع خبر مقدم. عذاب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. أليم : صفة ـ نعت ـ لعذاب
مرفوع مثله بالضمة المنونة والجملة الاسمية «فيها عذاب أليم» في محل رفع صفة ـ نعت
ـ لريح.
** (قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ
آلِهَتِنا) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية
والعشرين : المعنى أجئتنا يا هود لتصرفنا عن عبادة آلهتنا؟ فحذف المضاف «عبادة»
وحلت كلمة «آلهتنا» المضاف إليه محله.
** (قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ
وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة
والعشرين .. المعنى : قال هود لهم : لا علم لي بوقت عذابكم وإنما حكمة ذلك وعلمه
عند الله سبحانه وأبلغكم ما أرسلني به إليكم ولكني أراكم قوما جاهلين .. يقال :
جهل ـ يجهل ـ الشيء جهلا .. من باب «فهم وسلم» والجهل : هو ضد العلم. وتجاهل :
بمعنى : أرى من نفسه ذلك وليس به. والقول الكريم (وَلكِنِّي أَراكُمْ
قَوْماً تَجْهَلُونَ) ورد أيضا في سورة «هود» بمعنى : تتسافهون على المؤمنين
وتدعونهم أراذل. قال الشاعر :
ألا لا يجهلن
أحد علينا
|
|
فنجهل فوق
جهل الجاهلينا
|
المعنى : لا
يسفه أحد علينا فنسفه فوق سفه السفهاء. وقد سمى سبحانه سخريتهم في قوله في سورة
هود : (فَإِنَّا نَسْخَرُ
مِنْكُمْ) استجهالا .. ونص الآية الكريمة هو (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّما مَرَّ
عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا
فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ) أي سخر قوم نوح منه .. والكلمات : تسخروا .. تسخر ..
تسخرون .. هي من صنوف المشاكلة والازدواج وهو من فصيح الكلام وورد الكثير منه في
كتاب الله العظيم ومنه قوله في سورة «الشورى» : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ
سَيِّئَةٌ مِثْلُها) وقوله عزوجل في سورة «آل عمران» : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ
اللهُ) ونظيره قوله سبحانه في سورة «هود» آنفا .. المعنى :
فإنا نسخر منكم في المستقبل كما تسخرون الساعة. وقيل : معناه : إن تستجهلونا فيما
نصنع فإنا نستجهلكم فيما أنتم عليه من الكفر فأنتم أولى بالاستجهال منا سمى
سخريتهم استجهالا لأن السخرية في مثل هذا المقام من باب السفه والجهل لأنها تعرض
لسخط الله تعالى وعذابه وهو من
إطلاق اسم المسبب على السبب وفي قوله (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ
سَيِّئَةٌ مِثْلُها) فسمي جزاء الجهل جهلا للمشاكلة أو لازدواج الكلام. وصف
رجل عند الحجاج ذات يوم بالجهل وكانت له إليه حاجة فقال في نفسه : لأختبرنه .. ثم
قال له حين دخل عليه : أعصامي أنت أم عظامي؟ يريد أشرفت بنفسك أم تفتخر بآبائك
الذين صاروا عظاما؟ فقال الرجل : أنا عصامي وعظامي! فقال الحجاج : هذا أفضل الناس
.. وقضي حاجته وزاده ومكث عنده مدة ثم ناقشه فوجده أجهل الناس فقاله له : تصدقني
وإلا قتلتك. قال له : قل ما بدا لك وأصدقك. قال : كيف أجبتني بما أجبت لما سألتك
عما سألتك؟ قال له : والله لم أعلم أعصامي خير أم عظامي فخشيت أن أقول أحدهما
فأخطئ فقلت : أقول كليهما فإن ضرني أحدهما نفعني الآخر. وكان الحجاج ظن أنه أراد
أنا أفتخر بنفسي لفضلي وبآبائي لشرفهم. فقال الحجاج عند ذلك : المقادير تصير العي
خطيبا. و «العي» اسم فاعل للفعل «عيي» نحو : عيي الرجل في النطق يعيى عيا : أي حصر
: بمعنى : ضاق واستحيا.
** (فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا
أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ) : هذا القول الكريم ورد في الآية الكريمة السادسة
والعشرين .. المعنى : فما نفعهم سمعهم .. أي أسماعهم وقد جاء بصيغة الافراد لأنه
مصدر يستوي فيه الواحد والجمع .. يقال : غني ـ يغنى ـ غنى .. من باب «صدي» بمعنى :
كثر ماله وكان ذا وفر وأغنى الرجل : إغناء : بمعنى : جعله غنيا وأغنى عنه : كفاه
ويقال ما يغني عنك هذا : بمعنى ما يجدي عنك هذا أي ما ينفع. وأغناه : بمعنى : جعله
غنيا قال تعالى في سورة «الضحى» : (وَوَجَدَكَ عائِلاً
فَأَغْنى) بمعنى فوجدك فقيرا فأغناك وقد حذف الكاف ـ ضمير المخاطب
ـ وهو مفعول «أغنى» استغناء بذكره من قبل ومراعاة لفواصل الآيات. قال الشاعر :
عطائي عطاء
المكثرين تجملا
|
|
ومالي ـ كما
قد تعلمين ـ قليل
|
وكيف أخاف
الفقر أو أحرم الغنى
|
|
ورأي أمير
المؤمنين جميل
|
سأل رسول الله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أصحابه يوما قال : أتدرون من المفلس؟ قالوا : المفلس
فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة
وصيام ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من سيئاته
فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار «صدق
رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
** (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ
الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة
والعشرين .. المعنى : ولقد أهلكنا ما كان جواركم يا أهل مكة من أهل القرى ـ بدليل
قوله «لعلهم يرجعون» وكررنا الآيات على وجوه شتى ليثوبوا إلى الله فلم يفعلوا وحذف
المضاف «أهل» وأقيم المضاف إليه «مقامه».
** (فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ
اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ) : جاء هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة
والعشرين .. القربان : هو كل ما يتقرب به إلى الله تعالى من ذبيحة وغيرها. وهو
يجمع على قرابين .. يقال : قربت إلى الله قربانا. وهو مثل «القربة» بضم القاف. قال
أبو عمرو بن العلاء : للقريب في اللغة معنيان : أحدهما : قريب قرب فيستوي فيه
المذكر والمؤنث .. نحو : زيد قريب منك وهند قريب منك لأنه من قرب المكان والمسافة
فكأنه قيل : هند موضعها قريب كقوله تعالى في سورة «الأعراف» : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ
قَرِيبٌ
مِنَ الْمُحْسِنِينَ») والثاني قريب قرابة فيطابق فيقال : هند قريبة وهما
قريبتان وقال الخليل ـ كما ذكر الفيومي ـ : القريب والبعيد يستوي فيهما المذكر
والمؤنث والجمع. وقال ابن الأنباري قريب : مذكر موحد. تقول : هند قريب والهندات
قريب لأن المعنى : الهندات مكان قريب وكذلك بعيد ويجوز أن يقال : قريبة وبعيدة
لأنك تبنيهما على «قربت» و «بعدت» وفي قوله تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ
قَرِيبٌ) لا يجوز حمل التذكير على معنى أن فضل الله لأنه صرف
اللفظ عن ظاهره بل لأن اللفظ وضع للتذكير والتوحيد. وجعله الأخفش على التأويل فقال
: المعنى : إن نظر الله. وزيد قريبي وهم الأقرباء والأقارب والأقربون وهند قريبتي
وهن القرائب وقال الصحاح عن الآية الكريمة المذكورة آنفا : لم يقل قريبة لأنه
سبحانه أراد بالرحمة : الإحسان وقال الفراء : القريب : في معنى المسافة يذكر ويؤنث
وفي معنى النسب يؤنث بلا خلاف. تقول : هذه المرأة قريبتي : أي ذات قرابتي.
** (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ
الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة
والعشرين المعنى : واذكر يا محمد حين وجهنا إليك جماعة أو طائفة من الجن لاستماع
القرآن الكريم. و «النفر» جماعة الرجال من ثلاثة إلى عشرة وقيل : إلى سبعة ولا
يقال : نفر فيما زاد على العشرة.
** سبب نزول
الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في تسعة من الجن هبطوا على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة فلما سمعوه «قالوا :
أنصتوا» وهذا دليل واضح على أن الرسول الكريم محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان مرسلا من الله تبارك وتعالى إلى الثقلين : أي
الإنس والجن.
** (وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ
بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي
ضَلالٍ مُبِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية
والثلاثين .. وفيه جاء الفعل «يجب» بصيغة الإفراد على لفظ «من» وكذلك ما بعده «ليس»
و «معجز» والضمير في «له من دونه» في حين جاء اسم الإشارة «أولئك» بصيغة الجمع على
معنى «من» لأن الاسم «من» مفرد لفظا مجموع معنى كما حذف النعت أو البدل المشار
إليه بعد اسم الإشارة اختصارا لأن ما قبله دال عليه. المعنى : أولئك المعرضون أو
المنصرفون عن الداعي أي غير المجيبين.
** (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا
عَلَى النَّارِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة
والثلاثين. المعنى : يوم تعرض النار على الكافرين أي يعذبون بها وقد شرح المعنى في
الآية الكريمة العشرين.
** (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا
الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) : جاء هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الخامسة
والثلاثين سمي بعض الرسل أولي العزم : أي أصحاب الجد والثبات أي أصحاب الشرائع
الذين تحملوا العناء والمشاق في سبيل تأسيسها ومن جملتهم الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عند مخاطبته سبحانه لنبيه الحبيب بقوله : فاصبر. وقيل
: يراد بأولي العزم : بعض الأنبياء ؛ قيل : هم «نوح» صبر على أذى قومه كانوا
يضربونه حتى يغشى عليه. و «إبراهيم» : على النار وذبح ولده. و «إسحاق» : على الذبح
و «يعقوب» : على فقد ولده وذهاب بصره. و «يوسف» : على الجب والسجن. و «أيوب» على
الضر. و «داود» : بكى على خطيئته أربعين سنة. و «موسى» قال له قومه : إنا لمدركون
أي لملحقون. وقيل أولو العزم صفة الرسل كلهم.
(تُدَمِّرُ كُلَّ
شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلاَّ مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ
نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ)
(٢٥)
(تُدَمِّرُ كُلَّ
شَيْءٍ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هي. كل : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. شيء : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. والجملة الفعلية «تدمر كل ..» في محل رفع صفة
لريح.
(بِأَمْرِ رَبِّها) : جار ومجرور متعلق بتدمر أو متعلق بحال من ضمير «تدمر»
بمعنى : مأمورة أو مسيرة بأمر. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسر
وهو مضاف و «ها» ضمير متصل في محل جر مضاف إليه ثان.
(فَأَصْبَحُوا لا يُرى) : الفاء سببية. أصبحوا : فعل ماض ناقص من أخوات «كان»
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «أصبح»
والألف فارقة. لا : نافية لا عمل لها. يرى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة
المقدرة على الألف للتعذر والجملة الفعلية «لا يرى إلا مساكنهم» في محل نصب خبر
أصبح.
(إِلَّا مَساكِنُهُمْ) : أداة حصر لا عمل لها. مساكن : نائب فاعل مرفوع بالضمة
و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه وجاء الفعل بصيغة التذكير
لأنه مفصول عن اسمه بفاصل بمعنى فأصبحوا هلكى لا يرى من آثارهم شيء سوى مساكنهم
الخالية وأما هم فقد هلكوا بها.
(كَذلِكَ نَجْزِي) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع
مبتدأ. التقدير : مثل ذلك الجزاء الذي جزيناهم نجزي القوم المجرمين أي الكافرين.
والجملة الفعلية «نجزي القوم المجرمين» في محل رفع خبر المبتدأ أو تكون في محل نصب
صفة أو نائبة عن مفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف. التقدير : نجزي القوم المجرمين جزاء
مثل جزاء القوم الجاهلين. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. اللام
للبعد والكاف حرف خطاب. نجزي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن.
(الْقَوْمَ
الْمُجْرِمِينَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. المجرمين : صفة ـ
نعت ـ للقوم منصوب مثله وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين
المفرد وحركته.
(وَلَقَدْ
مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً
وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا
أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ وَحاقَ بِهِمْ
ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)
(٢٦)
(وَلَقَدْ
مَكَّنَّاهُمْ) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف
تحقيق. مكن : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على
السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به.
(فِيما إِنْ) : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر
بفي والجار والمجرور متعلق بمكن. إن : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية و «إن» صلة «ما»
لا محل لها. وقيل : إن : شرطية محذوفة الجواب. التقدير : ولقد مكناهم من الثروة
والقوة فيما إن مكناكم فيه كان بغيكم أشد من بغيهم وعلى الوجه الأول من إعراب «ما»
نافية يكون المعنى : ولقد مكناهم بمعنى : أمددناهم ومكناهم في المال وغيره فيما لم
نمكنكم فيه من الثروة والقوة يا أهل مكة وبمقدار لم تبلغوا مثله.
(مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) : أعربت. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على
الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. فيه : جار ومجرور متعلق بمكن.
(وَجَعَلْنا لَهُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «مكنا» الأولى
وتعرب مثلها. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام.
(سَمْعاً وَأَبْصاراً
وَأَفْئِدَةً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. والجار
والمجرور «لهم» متعلق بجعلنا. وأبصارا وأفئدة : معطوفان بواوي العطف على «سمعا»
ويعربان إعرابه بمعنى : وجعلنا لهم أسماعا ..
(فَما أَغْنى عَنْهُمْ) : الفاء استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. أغنى : فعل
ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. عن : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في
محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بأغنى وهو في مقام المفعول به المقدم بمعنى فما
نفعهم.
(سَمْعُهُمْ وَلا
أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ) : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين
ـ في محل جر مضاف إليه وكلمتا «أبصارهم» و «أفئدتهم» معطوفتان بواوي العطف على «سمعهم»
وتعربان إعرابها و «لا» زائدة لتأكيد معنى النفي.
(مِنْ شَيْءٍ) : حرف جر زائد لتأكيد النفي. شيء : اسم مجرور لفظا
منصوب محلا لأنه مفعول به بتقدير : شيئا. ويجوز أن يكون الجار والمجرور «من شيء»
متعلقا بحال محذوفة من «ما» في «فما أغنى عنهم» إذا أعربت «ما» اسم استفهام مبنيا
على السكون في محل نصب مفعولا به لأغنى لأن «من» حرف جر بياني بمعنى : من شيء من
الاغناء وهو القليل منه.
(إِذْ كانُوا
يَجْحَدُونَ) : ظرف للزمن مبني على السكون في محل نصب متعلق بأغنى
وقد جرى هنا مجرى التعليل لأن المعنى لأنهم كانوا يكفرون. كانوا : فعل ماض ناقص
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف
فارقة. يجحدون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت
النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «كانوا يجحدون ..» في محل
جر مضاف إليه.
(بِآياتِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بيجحدون. الله لفظ الجلالة : مضاف
إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.
(وَحاقَ بِهِمْ) : الواو عاطفة. حاق : فعل ماض مبني على الفتح. بهم : جار
ومجرور متعلق بحاق و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالباء.
(ما كانُوا بِهِ
يَسْتَهْزِؤُنَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. كانوا
يستهزءون : تعرب إعراب «كانوا يجحدون» والجملة الفعلية
«كانوا به يستهزءون» صلة الموصول لا محل لها و «به» جار ومجرور متعلق
بيستهزءون.
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا
ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)
(٢٧)
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا) : الواو عاطفة. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف
تحقيق. أهلك : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل.
(ما حَوْلَكُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. حول
: ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد .. كان .. استقر. وهو
مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم
علامة جمع الذكور والمخاطبون هم أهل مكة. والجملة الفعلية «كان حولكم» صلة الموصول
لا محل لها بمعنى : ما كان جواركم.
(مِنَ الْقُرى) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما»
التقدير : حالة كونها من القرى و «من» حرف جر بياني. وعلامة جر الاسم الكسرة
المقدرة على الألف للتعذر كحجر ثمود وقرى قوم لوط وعاد ..
(وَصَرَّفْنَا
الْآياتِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «أهلكنا»
وتعرب إعرابها. الآيات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة لأنه
ملحق بجمع المؤنث السالم بمعنى : وكررنا الآيات على وجوه شتى.
(لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ) : حرف مشبه بالفعل وهو من أخوات «إن» و «هم» ضمير
الغائبين المتصل في محل نصب اسم «لعل». يرجعون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل»
وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى ليرجعوا
إلى الله أو ليثوبوا إلى الله فلم يفعلوا.
(فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ
الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ
وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ)
(٢٨)
(فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ) : الفاء استئنافية. لو لا : حرف توبيخ وتنديم بمعنى :
هلا. نصر : فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم.
(الَّذِينَ اتَّخَذُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. اتخذوا :
الجملة الفعلية وما بعدها صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والعائد إلى
الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : اتخذوهم والضمير هو
المفعول به الأول للفعل «اتخذ» بمعنى : فهلا نصرهم الذين اتخذوهم آلهة ليقربوهم
إلى الله ويشفعوا لهم عنده باعتبار أنهم شفعاؤهم إليه أو فهلا نصرتهم آلهتهم التي
عبدوها وفي القول الكريم تهكم وسخرية بهم.
(مِنْ دُونِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «آلهة» الله لفظ
الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
(قُرْباناً آلِهَةً) : حال من ضمير الآلهة في «اتخذوها» منصوب وعلامة نصبه
الفتحة أو يكون مفعولا من أجله بمعنى : للتقرب بهم إلى الله تعالى. آلهة : مفعول
به ثان منصوب باتخذ المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى :
اتخذوها شفعاء متقربا بها إلى الله. وقيل : يجوز أن يكون «آلهة» عطف بيان أو بدلا
من «قربانا» وقال الزمخشري : لا يصح أن يكون «قربانا» مفعولا ثانيا و «آلهة» بدلا
منه للإخلال بالمعنى أو فيه فساد المعنى وخالفه الإمام أحمد.
(بَلْ ضَلُّوا
عَنْهُمْ) : حرف استئناف للاضراب وهو لابطال ما قبله وإثبات ما
بعده. ضلوا : تعرب إعراب «اتخذوا» عن : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين المتصل في محل
جر بعن والجار والمجرور متعلق بضلوا بمعنى : بل غابوا عن نصرتهم.
(وَذلِكَ إِفْكُهُمْ) : الواو استئنافية. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في
محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. إفك : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. بمعنى : وذلك اختلاقهم وكذبهم
أي عدم نفع آلهتهم لهم سببه كذبهم وافتراؤهم بأن لله شركاء .. والإشارة إلى امتناع
نصرة آلهتهم لهم وضلالهم عنهم.
(وَما كانُوا
يَفْتَرُونَ) : الواو عاطفة. ما : مصدرية كانوا : فعل ماض ناقص مبني
على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف
فارقة. يفترون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت
النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «كانوا يفترون» صلة حرف
مصدري لا محل لها و «ما» وما تلاها بتأويل مصدر في محل رفع لأنه معطوف على مرفوع «إفكهم»
التقدير : وافتراؤهم الأباطيل.
(وَإِذْ صَرَفْنا
إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ
قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ)
(٢٩)
(وَإِذْ صَرَفْنا) : الواو استئنافية. إذ : اسم مبني على السكون في محل
نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره واذكر. صرف : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل بمعنى وإذ أملنا. وجملة «صرفنا
..» في محل جر بالإضافة.
(إِلَيْكَ نَفَراً
مِنَ الْجِنِ) : جار ومجرور متعلق بصرفنا. نفرا : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة المنونة. من الجن : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «نفرا»
بمعنى طائفة أو جماعة من الجن.
(يَسْتَمِعُونَ
الْقُرْآنَ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الجن» أو من «نفر»
بعد تخصصها. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
القرآن : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(فَلَمَّا حَضَرُوهُ
قالُوا) : تعرب إعراب «فلما رأوه .. قالوا» الواردة في الآية
الكريمة الرابعة والعشرين بمعنى يستمعون إليه وأنت تقرأه فلما حضروا تلاوته أو
حضروا تلاوته وأنت تقرأه قال بعضهم لبعض : أنصتوا.
(أَنْصِتُوا فَلَمَّا) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي
فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : أصغوا إليه أي اسكتوا مستمعين. فلما : أعرب.
(قُضِيَ وَلَّوْا) : الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد «لما»
وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. ولوا : تعرب إعراب «قالوا» بمعنى فحين أتممت قراءته أي فرغت من قراءته
ذهبوا.
(إِلى قَوْمِهِمْ
مُنْذِرِينَ) : جار ومجرور متعلق بولوا. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. منذرين : حال من ضمير «ولوا» منصوب وعلامة نصبه
الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : ينذرون قومهم
العذاب أي يخوفونهم من العذاب إذا لم يؤمنوا به أو مخوفيهم من ترك قبول الحق.
(قالُوا يا قَوْمَنا
إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ
يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ)
(٣٠)
(قالُوا يا قَوْمَنا) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. يا : أداة نداء. قوم : منادى مضاف منصوب
وعلامة نصبه الفتحة و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. بمعنى
: قالوا لهم يا قومنا والجملة بعده «إنا سمعنا كتابا» في محل نصب مفعول به ـ مقول
القول ـ
(إِنَّا سَمِعْنا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» المدغمة بنون «إن»
أصله : إننا .. حذفت إحدى النونين تخفيفا واختصارا ولكثرة الاستعمال
ضمير متصل مبني على السكون ـ ضمير المتكلمين ـ في محل نصب اسم «إن». سمعنا
: الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل.
(كِتاباً أُنْزِلَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. أنزل : الجملة
الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «كتابا» وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني
على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
(مِنْ بَعْدِ مُوسى) : جار ومجرور متعلق بأنزل. موسى : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه اسم ممنوع من الصرف
للعجمة وقدرت الحركة على الألف المقصورة للتعذر.
(مُصَدِّقاً لِما) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «كتابا» وعلامة نصبه الفتحة
المنونة. اللام حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار
والمجرور متعلق باسم الفاعل «مصدق» على تأويل فعله.
(بَيْنَ يَدَيْهِ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بفعل محذوف تقديره
: وجد .. كان وهو مضاف والجملة الفعلية «وجد بين يديه» صلة الموصول لا محل لها.
يديه : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى وأصله : يدين .. حذفت
النون للإضافة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الكسر في محل
جر مضاف إليه ثان. بمعنى : للكتب التي سبقته أو تقدمته أي لما تقدمه من الكتب
المنزلة.
(يَهْدِي إِلَى
الْحَقِ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إلى الحق : جار ومجرور متعلق بيهدي وهو
مفعول الفعل الذي تعدى إليه بحرف جر والجملة الفعلية «يهدي إلى الحق» في محل نصب
صفة أخرى للموصوف «كتابا» ويجوز أن يكون في محل نصب حالا من «كتابا» لأنه تخصص أي
اسم
نكرة موصوف. بمعنى : يرشد إلى الدين الحق. وبعد حذف الموصوف «الدين» حلت
صفته «الحق» محله.
(وَإِلى طَرِيقٍ
مُسْتَقِيمٍ) : معطوف بالواو على «إلى الدين الحق» ويعرب إعرابها و «مستقيم»
صفة ـ نعت ـ لطريق مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة
بمعنى : ويهدي إلى طريق قويم.
(يا قَوْمَنا
أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ
وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ)
(٣١)
(يا قَوْمَنا
أَجِيبُوا) : أعرب في الآية الكريمة السابقة وهو تتمة قول الجن
لقومهم. أجيبوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(داعِيَ اللهِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الله لفظ
الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة بمعنى : الداعي
إلى الله وهو الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(وَآمِنُوا بِهِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «أجيبوا»
وتعرب إعرابها. به : جار ومجرور متعلق بآمنوا أي وصدقوا به.
(يَغْفِرْ لَكُمْ) : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب ـ الأمر ـ وعلامة
جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لكم : جار ومجرور متعلق
بيغفر والميم علامة جمع الذكور.
(مِنْ ذُنُوبِكُمْ) : جار ومجرور متعلق بيغفر و «من» حرف جر للتبعيض. الكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع
الذكور وحذف مفعول «يغفر» لأن «من» التبعيضية دالة عليه بمعنى يغفر لكم بعض ذنوبكم
.. أي ما كان منها يخص الله تعالى بمعنى المتعلقة بحقوق الله تعالى أما حقوق
العباد فلا تغفر بالإيمان وإنما تسقط برضا أصحابها ـ هذا ما جاء في تفسير «التفسير
الوجيز».
(وَيُجِرْكُمْ مِنْ
عَذابٍ أَلِيمٍ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يغفر» وتعرب
إعرابها وعلامة جزم الفعل سكون آخره ـ أصله : يجيركم ـ حذفت الياء تخفيفا ولالتقاء
الساكنين والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به.
والميم علامة جمع الذكور. من عذاب : جار ومجرور متعلق بيجير. أليم : صفة ـ نعت ـ لعذاب
مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة.
(وَمَنْ لا يُجِبْ
داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ
أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)
(٣٢)
(وَمَنْ لا يُجِبْ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». لا : نافية لا عمل
لها. يجب : فعل مضارع مجزوم بمن لأنه فعل الشرط وعلامة جزمه سكون آخره ـ أصله :
يجيب ـ حذفت الياء تخفيفا ولالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره
هو يعود على «من» والجملة الفعلية «لا يجب داعي الله» صلة الموصول لا محل لها.
(داعِيَ اللهِ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة. المعنى : ومن لا
يستجيب لدعوة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى الله والإسلام.
(فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل
جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. ليس : فعل ماض ناقص مبني على الفتح «من أخوات كان»
واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. الباء حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. معجز :
اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر «ليس» وهو اسم فاعل يعمل عمل فعله المتعدي
وحذف مفعوله اختصارا لأنه معلوم التقدير والمعنى فليس معجزا الله أي بمفلت منه أو
من عقابه.
(فِي الْأَرْضِ
وَلَيْسَ لَهُ) : جار ومجرور متعلق بمعجز. الواو عاطفة. ليس : أعرب. له
: جار ومجرور متعلق بخبر «ليس» المقدم.
(مِنْ دُونِهِ
أَوْلِياءُ) : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «أولياء» لأنه صفة له
قدم عليه والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه. أولياء : اسم
«ليس» المؤخر مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعلاء
ـ أي نصراء.
(أُولئِكَ فِي ضَلالٍ
مُبِينٍ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف
حرف خطاب. في ضلال : جار ومجرور متعلق بخبر «أولئك». مبين : صفة ـ نعت ـ لضلال
مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة.
(أَوَلَمْ يَرَوْا
أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ
بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
(٣٣)
(أَوَلَمْ يَرَوْا) : الهمزة همزة إنكار وتعجيب وتقرير بلفظ استفهام. الواو
عاطفة على محذوف. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يروا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه
حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : ألم يعلم منكرو
البعث.
(أَنَّ اللهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «أن»
منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.
(الَّذِي خَلَقَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للفظ
الجلالة. خلق : الجملة الفعلية وما بعدها صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني
على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «أن» وما في حيزها من اسمها
وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «يروا».
(السَّماواتِ
وَالْأَرْضَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة
لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» منصوبة مثلها
وعلامة نصبه الفتحة.
(وَلَمْ يَعْيَ) : الواو عاطفة. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يعي : فعل
مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة ـ الألف المقصورة وبقيت الفتحة
دالة على الألف المحذوفة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بمعنى : لم يعجز
أو من : عييت بالأمر : إذا لم تعرف وجهه.
(بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ) : جار ومجرور متعلق بيعي و «هن» ضمير الإناث مبني على
الفتح في محل جر مضاف إليه. الباء حرف جر زائد لتأكيد النفي. قادر : اسم مجرور
لفظا مرفوع محلا لأنه خبر «أن».
(عَلى أَنْ يُحْيِيَ
الْمَوْتى) : حرف جر. أن : حرف مصدري ونصب. يحيي : فعل مضارع منصوب
بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الموتى : مفعول
به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر والجملة الفعلية «يحيي
الموتى» صلة حرف مصدري لا محل لها. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعلى
والجار والمجرور متعلق باسم الفاعل «قادر» التقدير : قادر على إحياء الموتى.
(بَلى إِنَّهُ) : حرف جواب لا عمل له يجاب به عن النفي ويقصد به
الإيجاب أي يبطل النفي ويثبت المنفي وهو هنا جواب الاستفهام منفي. المعنى : نعم هو
قادر على ذلك. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل والهاء ضمير متصل
مبني على الضم في محل نصب اسم «إن».
(عَلى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ) : جار ومجرور متعلق بقدير. شيء : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. قدير : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة وهو من
صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ أي كثير القدرة.
(وَيَوْمَ يُعْرَضُ
الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا
قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ)
(٣٤)
(وَيَوْمَ يُعْرَضُ
الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة العشرين.
(أَلَيْسَ هذا
بِالْحَقِ) : الهمزة همزة إنكار دخلت على المنفي فرجع إلى معنى
التقرير وهو ليس استفهاما أو هو استفهام إنكار للنفي مبالغة في الإثبات. ليس : فعل
ماض ناقص مبني على الفتح من أخوات «كان» هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل
رفع اسم «ليس» وهو إشارة إلى العذاب بدليل قوله : فذوقوا العذاب وفي القول الكريم
تهكم بهم وتوبيخ
لهم على استهزائهم بوعد الله ووعيده وقولهم : وما نحن بمعذبين. الباء حرف
جر زائد لتأكيد معنى النفي. الحق : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه خبر «ليس»
والجملة الفعلية «أليس هذا بالحق» في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف بتقدير : يقال
لهم أليس هذا العذاب بحق؟
(قالُوا بَلى) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بلى : أعرب وشرح في الآية الكريمة
السابقة. المعنى : قالوا نعم هو حق علينا أو حق الله ربنا إنه أي العذاب الحق.
(وَرَبِّنا قالَ) : الواو واو القسم حرف جر رب : مقسم به مجرور بواو
القسم وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف و «نا» ضمير
متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى : وحق ربنا
فحذف المضاف المقسم به «حق» وأقيم المضاف إليه «ربنا» مقامه. قال : فعل ماض مبني
على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية بعده «فذوقوا
العذاب» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(فَذُوقُوا الْعَذابَ) : الفاء سببية. ذوقوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن
مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. العذاب
: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة أي قال الله تعالى.
(بِما كُنْتُمْ
تَكْفُرُونَ) : الباء حرف جر. ما : مصدرية. كنتم : فعل ماض ناقص مبني
على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني
على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. تكفرون : الجملة الفعلية
في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل والجملة الفعلية «كنتم تكفرون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما
بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بذوقوا. التقدير : بسبب
كفركم بالله وبهذا العذاب في الدنيا.
(فَاصْبِرْ كَما
صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ
يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ
فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ)
(٣٥)
(فَاصْبِرْ كَما
صَبَرَ أُولُوا) : الفاء استئنافية. اصبر : فعل أمر مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. الكاف حرف جر للتشبيه. ما : مصدرية. صبر
: فعل ماض مبني على الفتح. أولو : فاعل مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم
وهو مضاف والكلمة تكتب بواو ولا تلفظ وهي جمع بمعنى : ذوو لا واحد له وقيل : هو
اسم جمع مفرده ذو بمعنى : صاحب. والجملة الفعلية «صبر أولو العزم» صلة حرف مصدري
لا محل لها و «ما» المصدرية وما بعدها : بتأويل مصدر في محل جر بالكاف والجار
والمجرور متعلق بمفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف. التقدير : فاصبر يا محمد على أذى قومك
صبرا مثل صبر أولي العزم أي كصبرهم أو تكون الكاف اسما مبنيا على الفتح في محل نصب
صفة لمصدر محذوف أو نائبا عنه. التقدير : فاصبر صبرا كصبر أي مثل صبر أولي العزم
والجملة الفعلية «اصبر» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي قال تعالى : فاصبر
يا محمد ..
(الْعَزْمِ مِنَ
الرُّسُلِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. من
الرسل : جار ومجرور متعلق بحال محذوف من «أولي العزم» بمعنى : حالة كونهم رسلا من
الرسل أو تكون «من» للتبعيض والمراد بأولي العزم بعض الأنبياء ويجوز أن تكون «من»
بيانية فيكون أولو العزم صفة الرسل كلهم.
(وَلا تَسْتَعْجِلْ
لَهُمْ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تستعجل : فعل مضارع
مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. اللام
حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بتستعجل
بمعنى : ولا تستعجل لكفار قريش بالعذاب أي لا تدع لهم بتعجيله فإنه نازل بهم وإن
تأخر.
(كَأَنَّهُمْ يَوْمَ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» و «هم» ضمير الغائبين
المتصل في محل نصب اسم «كأن» يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية
وعلامة نصبه الفتحة متعلق بلم يلبثوا. والجملة الفعلية بعده «يرون» في محل
جر مضاف إليه.
(يَرَوْنَ ما
يُوعَدُونَ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يوعدون : الجملة
الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب
المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما يوعدونه أو يكون العائد ـ الصلة ـ حرف جر
محذوفا. التقدير : ما يوعدون به من العذاب.
(لَمْ يَلْبَثُوا) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «كأن». لم : حرف نفي
وجزم وقلب. يلبثوا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل
في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى لم يمكثوا في ظنهم إلا مقدار ساعة في الدنيا.
(إِلَّا ساعَةً مِنْ
نَهارٍ) : أداة حصر لا عمل لها. ساعة : مفعول به منصوب وعلامة
نصبه الفتحة المنونة ويجوز أن يكون منصوبا على الظرفية الزمانية ـ مفعولا فيه ـ متعلقا
بيلبثوا. من نهار : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من ساعة.
(بَلاغٌ فَهَلْ
يُهْلَكُ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هذا بمعنى : هذا بلاغ أي
تبليغ من الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أي تبليغ لهم أو بمعنى : هذا الذي وعظتم به كفاية في
الموعظة أي تبليغ من الله أو بمعنى : هذه السورة بلاغ أي كفاية وتبليغ ويجوز أن
يكون «بلاغ» مبتدأ محذوف الخبر .. أي بلاغ من الرسول لهم. الفاء استئنافية. هل :
حرف استفهام يفيد النفي بمعنى لا يهلك. يهلك : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع
وعلامة رفعه الضمة.
(إِلَّا الْقَوْمُ
الْفاسِقُونَ) : أداة حصر لا عمل لها. القوم : نائب فاعل مرفوع
بالضمة. الفاسقون : صفة ـ نعت ـ للقوم مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر
سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : فهل يهلك إلا الخارجون عن الاتعاظ
به والعمل بموجبه.
سورة محمد
معنى
السورة : محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هو محمد بن عبد الله نبي الله الكريم ورسوله الأمين
وهو من بني هاشم ولد في مكة بعد وفاة أبيه عبد الله بأشهر قليلة دعا إلى دين الله
دين الاسلام وإلى التوحيد ونبذ الشرك وأمه آمنة بنت وهب توفيت وتركته طفلا وقد
كفله جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب .. تزوج خديجة بنت خويلد وهو في الخامسة
والعشرين من عمره بدأ دعوته في مكة هاديا الناس إلى الإيمان بالله ودينه القويم
فاضطهده أهله فهاجر إلى المدينة «يثرب» حيث اجتمع حوله عدد من الأنصار فصارت سنة
٦٢٢ «تاريخ هجرته» بدء التاريخ الهجري انتصر على المشركين في بدر الثانية من
الهجرة ـ ٦٢٤ ميلادية ـ وغلب في معركة أحد في السنة الثالثة للهجرة ـ ٦٢٥ للميلاد
ـ غير أنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عاد وانتصر على مشركي قريش في معركة الخندق في السنة
الخامسة للهجرة ـ ٦٢٧ للميلاد ـ وكان انتصاره الحاسم يوم فتح مكة فدخلها ظافرا في
السنة الثامنة للهجرة سنة ثلاثين وستمائة ميلادية ولحق بالرفيق الأعلى بعد أن حج
حجة الوداع. وأولاده ـ صلىاللهعليهوسلم ـ سبعة هم : القاسم .. زينب .. رقية .. فاطمة .. أم
كلثوم .. عبد الله .. وإبراهيم. وكلهم من خديجة إلا إبراهيم فمن مارية القبطية.
وقيل : سمي الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بمحمد لكثرة خصاله المحمودة لأن اللفظة «محمد» اسم
مفعول أي مفعل .. مشتق من «الحمد» وقيل : مفعل ومفعل صفة تلزم من كثر منه فعل ذلك
الشيء فمحمد : مفعل لأنه حمد مرة بعد مرة كما تقول كرمته وهو مكرم وعظمته وهو معظم
: إذا فعلت به ذلك مرارا.
تسمية
السورة : خص الله جلت
قدرته إحدى سور كتابه الكريم فسماها باسم نبيه وحبيبه ورسوله كيف لا وهو سبحانه
وتعالى خاطبه في معظم آيات الكتاب العظيم .. وما قوله تعالى «فو ربك» وهو إقسام
الله تعالى باسمه الكريم جلت أسماؤه مضافا إلى ضمير المخاطب «الكاف» أي إلى رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلا تفخيم لشأن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وبيان منزلته عنده
سبحانه ورفع منه كما رفع من شأن السموات والأرض في قوله عزوجل : «فو رب السموات والأرض إنه لحق» صدق الله العظيم.
فضل
قراءة السورة : قال الرسول المبشر محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ سورة «محمد» صلىاللهعليهوسلم كان حقا على الله أن يسقيه من أنهار الجنة» صدق رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ. وأخرج الطبراني في «الأوسط» عن ابن عمر ـ رضي الله
عنهما ـ أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان يقرأ سورة «محمد» في صلاة المغرب. وسميت هذه
السورة الشريفة أيضا : سورة «القتال».
إعراب آياتها
(الَّذِينَ كَفَرُوا
وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ)
(١)
(الَّذِينَ كَفَرُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. كفروا : فعل
ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة والجملة الفعلية «كفروا» صلة الموصول لا محل لها بمعنى : كفروا بالله
ورسوله.
(وَصَدُّوا عَنْ
سَبِيلِ اللهِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «كفروا» وتعرب
إعرابها بمعنى وأعرضوا أو وامتنعوا عن الدخول في الاسلام أو يكون فعلا متعديا
محذوف المفعول بمعنى : وصدوا غيرهم أو ومنعوا الناس والجار والمجرور «عن سبيل»
متعلق بصدوا. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر الكسرة
وسبيل الله هو الإسلام.
(أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» وهي
فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الله
سبحانه. أعمال : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين
المتصل في محل جر مضاف إليه بمعنى : أبطل أعمالهم وأحبطها. أي جعلها كالضالة في
الإبل أي المضيعة والمراد بضمير الغائبين هؤلاء الكافرين الصادين الناس عن الإسلام
وهم كفار قريش من أهل مكة.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ
مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ)
(٢)
(وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا) : معطوف بالواو على «الذين كفروا وصدوا» في الآية
الكريمة السابقة ويعرب إعرابه.
(الصَّالِحاتِ
وَآمَنُوا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة
لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. وآمنوا : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «عملوا»
وتعرب مثلها بمعنى والذين صدقوا بالله ورسوله وعملوا صالح الأعمال.
(بِما نُزِّلَ عَلى
مُحَمَّدٍ) : الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في
محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بآمنوا. نزل : الجملة الفعلية صلة الموصول لا
محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره هو والجار والمجرور «على محمد» متعلق بنزل بمعنى وصدقوا بالقرآن الذي
أنزله الله تعالى على نبيه الكريم.
(وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ
رَبِّهِمْ) : الواو اعتراضية والجملة الاسمية بعدها جملة اعتراضية
لا محل لها فيها تأكيد للإيمان بالمنزل على الرسول الكريم. هو : ضمير منفصل مبني
على الفتح في محل رفع مبتدأ. الحق : خبر «هو» مرفوع بالضمة. من رب : جار ومجرور
متعلق بحال من «الحق» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(كَفَّرَ عَنْهُمْ
سَيِّئاتِهِمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «الذين آمنوا» كفر : فعل
ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عن : حرف جر و «هم»
ضمير الغائبين في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بكفر. سيئات : تعرب إعراب «الصالحات»
و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «كفر سيئاتهم»
وتعرب مثلها وعلامة نصبه «بال» الفتحة أي حالهم.
** (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ
رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية و «بالهم»
بمعنى : حالهم. يقال : ما بالك؟ أي ما حالك وما شأنك؟ ومحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هو الرسول الكريم نزل عليه الحق أي القرآن .. وسمي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بهذا الاسم وهو اسم مفعول فعله «حمد» لكثرة خصاله
المحمودة ولهذا قيل : خير الأسماء ما حمد وعبد. يقال حمد العبد ربه : بمعنى : أثنى
عليه المرة بعد المرة وقال : الحمد لله. يقال : حمده ـ بفتح الميم ـ أي شكره وحمده
ـ بكسر الميم ـ ضد «ذمه» ومصدر «حمد» بفتح الميم وكسرها : حمدا .. ومصدر «حمد»
بتشديد الميم : تحميدا. والتحميد : أبلغ من «الحمد» و «الحمد» : أعم من الشكر.
يحكى أن رجلا قال للرشيد : الحمد لله عليك. فقال له : ما معنى هذا الكلام؟ قال :
أنت نعمة حمدت الله عليها. وقيل : أول من سمي باسم النبي محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في الإسلام هو محمد بن حاطب. حين ولد بأرض الحبشة في
الهجرة الأولى. و «النبي» جمعه : أنبياء وعن النبي محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه سئل عن عدد الأنبياء فقال : مائة ألف وأربعة
عشرون ألفا. قيل : فكم الرسل منهم؟ قال : ثلاثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا وقيل :
الفرق بينهما أن الرسول من الأنبياء هو من جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه
والنبي غير الرسول : هو من لم ينزل عليه كتاب وإنما أمر أن يدعو الناس إلى شريعة
من قبله. وقيل : إن جميع أسماء الأنبياء أعجمية إلا أربعة : محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وصالح وشعيب وهود ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ أجمعين.
وقيل : بل هم خمسة .. بإضافة اسماعيل ـ عليهالسلام ـ أما «يوسف» فقد اختلف حول كونه اسما عربيا أم غير
عربي. وعن عائشة أنها قالت : لقد أعطيت تسعا ما أعطيتهن امرأة : لقد نزل جبريل ـ عليهالسلام ـ بصورتي في راحته حين طلب من رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يتزوجني ولقد تزوجني بكرا ولقد توفي وإن رأسه لفي
حجري ولقد قبر في بيتي ولقد حفته الملائكة في بيتي وإن الوحي لينزل عليه في أهله
فيتفرقون عنه وإنه كان ينزل عليه وأنا معه في لحافه وإني لابنة خليفته وصديقه ولقد
نزل عذري من السماء ولقد خلقت طيبة عند طيب ولقد وعدت مغفرة ورزقا كريما. وقيل :
لم يجمع الله تعالى اسمين من أسمائه عزوجل لأحد غير رسول الله محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في قوله تعالى في سورة «التوبة» (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ
عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ
رَحِيمٌ) والاسمان هما : رءوف رحيم وهما من أسمائه سبحانه ـ جلت
أسماؤه ـ أي من أسماء الله الحسنى يروى أنه قيل : يا رسول الله أرأيت قوله تعالى :
(إِنَّ اللهَ
وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) فقال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : هذا من العلم المكنون ولو لا أنكم سألتموني عنه ما
أخبرتكم به .. إن الله وكل بي ملكين فلا أذكر عند عبد مسلم فيصلي علي إلا قال ذانك
الملكان : غفر الله لك وقال الله تعالى وملائكته جوابا لذينك الملكين : آمين. ولا
أذكر عند عبد مسلم فلا يصلي علي إلا قال ذانك الملكان : لا غفر الله لك وقال الله
تعالى وملائكته لذينك الملكين آمين «صدق رسول الله صلىاللهعليهوسلم».
** (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا
فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة ..
المعنى فإذا صادفتم أو واجهتم الكافرين في أثناء القتال أو الحرب فاقتلوهم .. أصله
: فاضربوا الرقاب ضربا فحذف الفعل وقدم المصدر وحذف تنوينه بعد إضافته إلى الرقاب
حتى إذا أغلظتم في قتلهم أي جعلتموه ثخينا غليظا أو حتى إذا أوهنتموهم أي
أضعفتموهم بالقتل والجرح أو أكثرتم فيهم القتل وقهرتموهم فأسروهم
وأحكموا وثاقهم ـ وهو ما يوثق به أي ما يربط ـ أو رباطهم أي شدهم بالحبال
أو القيود لئلا يهربوا. وقوله «شدوا الوثاق» هو كناية عن الأسر.
** (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً
حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) : أي فإذا انتهى القتال فإما تمنون عليهم منا باطلاقهم
بغير مقابل أو تفادوهم فداء بمبادلة الأسرى بالنفس أو المال أو منوا عليهم منا
بالطلاق أو خذوا منهم الفدية أي تفدونهم فداء حتى تضع الحرب أوزارها. وهذا القول
الكريم كناية عن انتهاء الحرب أي حتى تضع الحرب أثقالها .. أي كناية عن انقضاء
الحرب. والتقدير : حتى يضع أهل الحرب أثقالهم. وأوزار : جمع «وزر» أي «ثقل» وفي
القول الكريم حذف المضاف «أهل» فأسند الفعل إلى الحرب مجازا .. وسميت الأوزار :
أثقالا لأن السلاح يسمى وزرا لثقله على لابسه .. وقال الفيومي : واشتقاق «الوزير»
من ذلك لأنه يحمل عن الملك ثقل التدبير يقال وزر للسلطان ـ يزر ـ وزرا ـ من باب «وعد»
فهو وزير وعلى ذكر «الحرب» ثمة خطأ شائع هو قولهم : إن الدولة تحارب أو تكافح ضد
الجهل والفقر والمرض .. والصواب أن يقال : تحارب الجهل والفقر والمرض. لأن الذي
يحارب ضد الشيء يكون مؤيدا ومحاربا في جبهته.
** (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها
لَهُمْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة ..
المعنى : ويدخلهم إلى الجنة التي عرفها لهم فحذفت الصفة «التي» وبقي الموصوف «الجنة»
ولما حذف حرف الجر «إلى» انتصب المجرور «الجنة» انتصاب المفعول به أي عدي الفعل «يدخل»
إليه مباشرة فصار مفعولا به ثانيا وعرفها : بمعنى : أعلمها لهم وبينها أو طيبها
لهم .. من العرف وهو طيب الرائحة. بفتح العين ـ و «العرف» هو الرائحة مطلقا وأكثر
استعماله في الطيبة .. يقال : ما أطيب عرفه : أي رائحته .. ويقال هذه أرض معروفة :
أي طيبة العرف.
** (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ
وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة ..
وتعسا : معناها : هلاكا .. أي فعثارا لهم وسقوطا .. ونقيضها : لعا وهو دعاء بعدم
العثار وعدم السقوط قال الفيومي : فعله من بابي «تعب» و «نفع» يقال : تعس ـ يتعس ـ
تعسا ـ من باب «نفع» بمعنى أكب على وجهه فهو تاعس ـ اسم فاعل ـ وتعس ـ يتعس ـ تعسا
ـ من باب «تعب» لغة فهو تعس مثل تعب ـ فعل بمعنى فاعل ـ ويتعدى هذا الفعل بالحركة
وبالهمزة فيقال : تعسه الله وأتعسه .. وفي الدعاء : تعسا له. وفلان تعس ونكس.
فالتعس : أن يخر لوجهه والنكس ـ بضم النون ـ أن لا يستقل بعد سقطته حتى يسقط ثانية
وهي أشد من الأولى. والتعس ـ بفتح التاء وسكون العين ـ هو الهلاك وأصله : الكب وهو
ضد الانتعاش ويقال : تعسا لفلان : أي ألزمه الله هلاكا وعكسه القول : لعا لك. وهو
دعاء يقال للعاثر : أي دعاء له بمعنى : أنعشك الله وأقامك من عثرتك .. وتلفظ
بتخفيف عين «لعا» أي من دون تشديد العين .. ويقال : لا لعا لك .. وهو أيضا دعاء
عليه بمعنى : لا أنعشك الله : أي لا رفعك وأقامك من عثرتك .. وتعسا له وبعدا له ..
ونحوهما : منصوبان أبدا والمعنى مثل معنى «ويلك» أي ألزمه الله هلاكا وفي الآية
الكريمة المذكورة آنفا يكون المعنى : فعثارا لهم وسقوطا وقوله : لعا لك : دعاء بأن
ينتعش أي ينتهض من سقطته وينشط رافعا رأسه. ومثل هذه اللفظة : ويك .. ويب .. ويح
.. ويلا. وقيل عن «الويل» وهو الهلاك : إنه اسم واد في جهنم لو أرسلت فيه الجبال
لماعت من حره. ولفظة «ويب» مثل «ويل» وزنا ومعنى وكذلك لفظة «ويح» وإن كان من
معانيها أيضا : كلمة رحمة وويل كلمة عذاب.
** (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ
وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية عشرة
وفيه شبه سبحانه وتعالى الكافرين بأنهم يأكلون غافلين غير مفكرين في العاقبة كما
تأكل البهائم في معالفها غافلة عما ينتظرها والنار محل إقامة لهم .. فالمؤمن يقل
حرصه وشرهه على الطعام ويبارك الله له فيشبع بالقليل .. ووردت في حديث لرسول الله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لفظة «معى» مذكرة .. والحديث هو «المؤمن يأكل في معى
واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء» المعنى : لأن المؤمن لا يأكل إلا من الحلال ويتوقى
الحرام والشبهة والكافر لا يبالي ما أكل ومن أين أكل وكيف أكل ـ ويؤكد هذا الحديث
الشريف قوله تعالى في الآية المذكورة آنفا .. وجاءت لفظة «معى» وجمعها : أمعاء ..
مذكرة لأن من معانيها المصير وجمعه مصران فالتقدير في مصير واحد وسبعة مصران ومن
هذا المعنى من الصواب أن نقول أجريت لفلان عملية استئصال المصير الأعور ـ أي
الزائدة الدودية ـ ولا نقول : المصران الأعور .. كما هو شائع لأن لفظة «مصران» جمع
«مصير» وجمع الجمع : مصارين. وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : ما عاب
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ طعاما قط. أي لا يقول : مالح .. غير ناضج .. إلخ إن
اشتهاه أكله. وإن كرهه تركه كان قدم له ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ضب فرفع يده عنه وقال : لم يكن بأرض قومي فأجدني
أعافه. أي أجد نفسي تكرهه. وهذا من حسن الأدب كما قال ابن بطال. لأن المرء قد لا
يشتهي الشيء ويشتهيه غيره وكل مأذون فيه من جهة الشرع لا عيب فيه وكذلك أكل من معه
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من هذا الضب. يروى أن أول من فطر الناس من جيرانه في
شهر رمضان المبارك هو عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب وهو أول من حمل الطعام
على رءوس الناس لكثرته. وقيل : لم يغص أحد في اللبن قط. قال الشاعر :
وساغ لي
الشراب وكنت قبلا
|
|
أكاد أغص
بالماء الفرات
|
** سبب نزول الآية : قال قتادة :
نزلت الآية الكريمة الحادية عشرة يوم أحد والنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في الشعب إذ صاح المشركون : يوم بيوم .. لنا العزى
ولا عزى لكم. فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : قولوا الله مولانا ولا مولى لكم.
(ذلِكَ بِأَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا
الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ)
(٣)
(ذلِكَ بِأَنَ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف حرف خطاب. الباء حرف جر و «أن» حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «أن» مع
اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبر «ذلك»
التقدير : ذلك الأمر وهو إضلال أعمال أحد الفريقين وتكفير سيئات الثاني كائن أو
مستحق بسبب اتباع هؤلاء الباطل وهؤلاء الحق. أو يكون «ذلك» في محل رفع خبر مبتدأ
محذوف تقديره الأمر ذلك بهذا السبب فيكون محل الجار والمجرور المؤول في محل نصب
مفعولا لأجله.
(الَّذِينَ كَفَرُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «أن». كفروا
: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
والألف فارقة. والجملة الفعلية «كفروا» صلة الموصول لا محل لها.
(اتَّبَعُوا الْباطِلَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن». اتبعوا : تعرب
إعراب «كفروا» الباطل : مفعول به منصوب بالفتحة.
(وَأَنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَ) : هذا القول الكريم معطوف بالواو على «أن الذين كفروا
اتبعوا الباطل» ويعرب مثله مع الفارق في المعنى.
(مِنْ رَبِّهِمْ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الحق» و «هم» ضمير
متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. أي القرآن المنزل من الله.
(كَذلِكَ يَضْرِبُ
اللهُ) : الكاف اسم مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. وخبره
الجملة الفعلية «يضرب الله للناس أمثالهم» في محل رفع أو يكون الكاف في محل نصب
صفة لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف أو نائبا عنه. التقدير : يضرب الله للناس ضربا مثل
ذلك الضرب بمعنى : يبين الله للناس بيانا لأحوال الكافرين والمؤمنين مثل ذلك
البيان. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. اللام للبعد والكاف
حرف خطاب. يضرب : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة بمعنى : يبين. الله لفظ
الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
(لِلنَّاسِ
أَمْثالَهُمْ) : جار ومجرور متعلق بيضرب بمعنى لأجل الناس. أمثال : مفعول
به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف
إليه يعود على الناس أو على المذكورين من الفريقين على معنى أنه يضرب أمثالهم لأجل
الناس. أي يبين أحوال المؤمنين والكافرين.
(فَإِذا لَقِيتُمُ
الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا
الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ
أَوْزارَها ذلِكَ وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا
بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ
أَعْمالَهُمْ)
(٤)
(فَإِذا لَقِيتُمُ) : الفاء استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني
على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط. لقيتم : فعل ماض مبني على
السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على
الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور حرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين.
(الَّذِينَ كَفَرُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. والجملة
الفعلية «لقيتم الذين كفروا» في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف «إذا» ولقيتم
: من اللقاء وهو الحرب. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل
ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة.
(فَضَرْبَ الرِّقابِ) : الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها. الفاء واقعة في
جواب الشرط. ضرب : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف وقد حذف عامله لأنه وقع
بدلا من اللفظ بالفعل وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف وأصله : فاضربوا الرقاب ضربا
فحذف الفعل وقدم المصدر «ضربا» فأنيب منابه مضافا إلى المفعول .. وفيه اختصار مع
إعطاء معنى التوكيد بمعنى : فاقتلوهم. الرقاب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة
جره الكسرة.
(حَتَّى إِذا
أَثْخَنْتُمُوهُمْ) : حرف غاية وابتداء. إذا : أعرب. أثخنتموهم : تعرب
إعراب «لقيتم» والواو لاشباع الميم.
(فَشُدُّوا الْوَثاقَ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. الفاء
واقعة في جواب الشرط. شدوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال
الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الوثاق : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : فإذا أكثرتم قتلهم وأغلظتموه فأسروهم.
(فَإِمَّا مَنًّا
بَعْدُ) : الفاء استئنافية. إما : حرف تفصيل لا عمل له ومعناه
هنا : التخيير. منا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعله المضمر بتقدير : فإما
تمنون منا أو ثم منوا عليهم منا. وعلامة نصبه الفتحة المنونة. بعد : ظرف
زمان مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل نصب بمعنى : ثم منوا عليهم بعد
إطلاقهم وهو تفصيل لما تقدم من قوله : فشدوا الوثاق وقد حذف الفعل لدلالة المصدر
عليه.
(وَإِمَّا فِداءً) : معطوف بالواو على «إما منا» ويعرب إعرابه بمعنى :
وإما تفدون فداء أو خذوا منهم الفدية.
(حَتَّى تَضَعَ) : حرف جر بمعنى : إلى أن. تضع : فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد «حتى» وعلامة نصبه الفتحة.
(الْحَرْبُ أَوْزارَها) : فاعل مرفوع بالضمة. أوزار : مفعول به منصوب وعلامة
نصبه الفتحة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. والجملة
الفعلية «تضع الحرب أوزارها» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما بعدها بتأويل
مصدر في محل جر بحتى والجار والمجرور متعلق بتفدون.
(ذلِكَ وَلَوْ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ
محذوف تقديره : الأمر ذلك أو يكون في محل نصب مفعولا به بفعل محذوف تقديره :
افعلوا ذلك الأمر أو الحكم أو يكون مبتدأ محذوف الخبر التقدير : ذلك الحكم هو حكم
قتال الكفار المعتدين. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. الواو استئنافية. لو : حرف
شرط غير جازم بمعنى ولو شاء ..
(يَشاءُ اللهُ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الله : لفظ الجلالة : فاعل
مرفوع للتعظيم بالضمة.
(لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام
واقعة في جواب «لو». انتصر : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. منهم : جار ومجرور متعلق بانتصر و «هم» ضمير الغائبين المتصل في محل جر
مضاف إليه أي لانتقم.
(وَلكِنْ لِيَبْلُوَا) : الواو زائدة. لكن : حرف استدراك لا عمل له لأنه مخفف.
اللام حرف جر للتعليل. يبلو : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه
الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «يبلو بعضكم ..»
صلة حرف مصدري. و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل
والجار والمجرور متعلق بفعل محذوف. التقدير : ولكن أمركم بالقتال ليبلو بعضكم ..
(بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع
الذكور. ببعض : جار ومجرور متعلق بيبلو بمعنى ليبلو المؤمنين بالكافرين ..
(وَالَّذِينَ قُتِلُوا) : الواو استئنافية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح
في محل رفع مبتدأ. قتلوا : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو
الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة.
(فِي سَبِيلِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بقتلوا. الله لفظ الجلالة : مضاف
إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة والجملة الفعلية «قتلوا في سبيل
الله» صلة الموصول لا محل لها.
(فَلَنْ يُضِلَّ
أَعْمالَهُمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «الذين» الفاء واقعة
في جواب «الذين» المتضمن معنى الشرط أي بمعنى «من» لن : حرف نصب ونفي واستقبال.
يضل : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. أعمال : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل
ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : فلن يضيع أعمالهم.
(سَيَهْدِيهِمْ
وَيُصْلِحُ بالَهُمْ)
(٥)
(سَيَهْدِيهِمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر ثان للمبتدإ «الذين
قتلوا» في الآية الكريمة السابقة. السين حرف تسويف ـ استقبال للقريب .. يهدي :
فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به بمعنى
سيهديهم الله إليه أو سيهدي من بقي حيا إلى طريق الجنة.
(وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يهدي» وتعرب
إعرابها وعلامة رفع الفعل الضمة الظاهرة على آخره. بال : مفعول به منصوب وعلامة
نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
بمعنى : وسيصلح الله تعالى حالهم وشأنهم أي حال الذين قتلوا في سبيله سبحانه
فيتجاوز عن سيئاتهم.
(وَيُدْخِلُهُمُ
الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ)
(٦)
(وَيُدْخِلُهُمُ
الْجَنَّةَ) : تعرب إعراب «ويصلح بالهم» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول حرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. و «الجنة»
مفعول «يدخل» الثاني. الأصل : ويدخلهم إلى الجنة فلما حذف حرف الجر انتصب المجرور
مفعولا به للفعل «يدخل» أي عدي إليه مباشرة.
(عَرَّفَها لَهُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الجنة» أو تكون لا
محل لها لأنها صلة موصول محذوف. التقدير : الجنة التي عرفها لهم وهي فعل ماض مبني
على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «ها» ضمير متصل مبني على
السكون في محل نصب مفعول به. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين المتصل في محل جر
باللام والجار والمجرور متعلق بعرف.
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ)
(٧)
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا) : أداة نداء. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها»
زائدة للتنبيه. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب بدل من «أي» أو عطف
بيان لها أي لأي. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني
على الضم لاتصاله بواو
الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أي آمنوا بالله
ورسوله.
(إِنْ تَنْصُرُوا) : حرف شرط جازم. تنصروا : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم
بإن وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى
إن تنصروا دين الله ورسوله بالدفاع عنه.
(اللهَ يَنْصُرْكُمْ) : لفظ الجلالة مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب
الفتحة. ينصركم : فعل مضارع مجزوم بإن لأنه جواب الشرط وعلامة جزمه سكون آخره
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني
على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «ينصركم»
جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها بمعنى ينصركم على عدوكم ويفتح لكم.
(وَيُثَبِّتْ
أَقْدامَكُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «ينصركم» وتعرب
إعرابها. أقدامكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور بمعنى :
ويثبت أقدامكم في مواطن الحرب.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا
فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ)
(٨)
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا) : الواو حرف عطف. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في
محل رفع مبتدأ. والجملة الفعلية «تعسا لهم» في محل رفع خبر «الذين» على تأويل :
فقضى الله تعسا لهم» ويجوز أن يكون «الذين» في محل نصب مفعولا به بالفعل الذي
يفسره «تعسا» بتقدير : أتعس الله الذين كفروا. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول
لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل والألف فارقة.
(فَتَعْساً لَهُمْ) : الفاء واقعة في جواب «الذين» المتضمن معنى «من»
الشرطية. تعسا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف من جنس
المصدر أي أتعسهم الله تعسا. أو يكون مفعولا به بفعل محذوف تقديره فقضى
الله تعسا لهم. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار
والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «تعسا».
(وَأَضَلَّ
أَعْمالَهُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على الجملة الفعلية
التي نصب «تعسا» بفعلها على معنى فقال لهم تعسا أو فقضى تعسا لهم وأضل أعمالهم أي
وأحبط أعمالهم. أضل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره
هو أي الله سبحانه. أعمال : مفعول به منصوب بالفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ
كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ)
(٩)
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ
كَرِهُوا) : ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ
بمعنى : ذلك الإضلال. اللام للبعد والكاف للخطاب. الباء حرف جر و «أن» حرف نصب
وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «أن». كرهوا : الجملة
الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر «أن» وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو
الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. و «أن» مع اسمها وخبرها
بتأويل مصدر في محل رفع متعلق بخبر «ذلك» التقدير : ذلك الاضلال كائن بسبب
كراهتهم. أو ذلك الإهلاك ..
(ما أَنْزَلَ اللهُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. أنزل
: فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة والجملة
الفعلية «أنزل الله» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير
محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما أنزله الله أي القرآن وما أنزل
الله فيه من الأحكام.
(فَأَحْبَطَ
أَعْمالَهُمْ) : الفاء سببية. أحبط : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أعمال : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا
فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها)
(١٠)
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا) : الهمزة همزة تأنيب وتقرير بلفظ استفهام. الفاء عاطفة
على محذوف. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يسيروا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف
النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى ألم يسيحوا ..
(فِي الْأَرْضِ
فَيَنْظُرُوا) : جار ومجرور متعلق بيسيروا. فينظروا : معطوفة بالفاء
على جملة «يسيروا» وتعرب إعرابها.
(كَيْفَ كانَ) : الجملة وما بعدها في محل نصب مفعول به للفعل «ينظر». كيف
: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر «كان» المقدم. كان : فعل ماض ناقص مبني
على الفتح بمعنى فيتأكدوا بأنفسهم كيف كان مصير الذين سبقوهم.
(عاقِبَةُ الَّذِينَ) : اسم «كان» مرفوع بالضمة. الذين : اسم موصول مبني على
الفتح في محل جر مضاف إليه.
(مِنْ قَبْلِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : استقروا .. مضوا
.. كانوا و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه والجملة الفعلية
«مضوا من قبلهم» صلة الموصول لا محل لها بمعنى فيروا آثار المدمر من عاد وثمود
وقوم لوط وغيرهم من الأمم المتجبرة.
(دَمَّرَ اللهُ
عَلَيْهِمْ) : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل
مرفوع للتعظيم بالضمة. على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى. والجار
والمجرور متعلق بدمر وحذف المفعول اختصارا لأن ما قبله يدل عليه بمعنى : دمر ما
اختص بهم من أنفسهم وأموالهم وأولادهم بمعنى استأصل ذلك المختص بهم من أهليهم
وأنفسهم وأموالهم.
(وَلِلْكافِرِينَ
أَمْثالُها) : الواو استئنافية. للكافرين : جار ومجرور متعلق بخبر
مقدم وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين
المفرد وحركته. أمثال : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة و «ها» ضمير متصل ـ مبني
على السكون في محل جر مضاف إليه يعود للعاقبة المذكورة أو للهلكة لأن التدمير يدل
عليها.
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ
مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ)
(١١)
(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف حرف خطاب. الباء حرف جر أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ
الجلالة : اسم «أن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة و «أن» مع اسمها وخبرها
بتأويل مصدر مجرور بالباء والجار والمجرور متعلق بخبر المبتدأ. التقدير : ذلك
التدمير واقع بسبب أن الله.
(مَوْلَى الَّذِينَ
آمَنُوا) : خبر «أن» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر
بمعنى : ناصر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. آمنوا :
الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو
الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(وَأَنَّ الْكافِرِينَ) : الواو عاطفة. أن : اعرب. الكافرين : اسم «أن» منصوب
بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.
(لا مَوْلى لَهُمْ) : الجملة في محل رفع خبر «أن». لا : نافية للجنس تعمل
عمل «إن» مولى : اسم «لا» مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر في محل نصب وخبر
«لا» محذوف وجوبا. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار
والمجرور متعلق بخبر «لا» المحذوف بمعنى لا ناصر لهم.
(إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ
الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ)
(١٢)
(إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن»
منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. يدخل : فعل مضارع مرفوع
بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «يدخل
الذين» في محل رفع خبر «إن».
(الَّذِينَ آمَنُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. آمنوا
: الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو
الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة أي بالله ورسوله.
(وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب
إعرابها. الصالحات : مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه
ملحق بجمع المؤنث السالم. جنات : مفعول به ثان للفعل «يدخل» يعرب إعراب الصالحات.
(تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ لجنات وهي فعل
مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. من تحت : جار ومجرور متعلق بتجري أو
بحال محذوفة من «الأنهار» التقدير : تجري الأنهار كائنة تحتها و «ها» ضمير متصل
مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. الأنهار : فاعل مرفوع بالضمة أي من تحت
بساتينها وغرفها.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا) : الواو استئنافية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح
في محل رفع مبتدأ. كفروا : تعرب إعراب «آمنوا».
(يَتَمَتَّعُونَ
وَيَأْكُلُونَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» وهي
فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : ينتفعون
بمتاع الحياة الدنيا أياما قلائل. ويأكلون : معطوفة بالواو على «يتمتعون» وتعرب
مثلها.
(كَما تَأْكُلُ
الْأَنْعامُ) : الكاف حرف جر. ما : مصدرية. تأكل : فعل مضارع مرفوع
بالضمة. الأنعام : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «تأكل الأنعام» صلة حرف
مصدري لا محل لها. و «ما» المصدرية وما بعدها
بتأويل مصدر في محل جر بالكاف والجار والمجرور متعلق بمفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف.
التقدير : يأكلون أكلا مثل أكل الأنعام.
(وَالنَّارُ مَثْوىً
لَهُمْ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال من
الكافرين. النار : مبتدأ مرفوع بالضمة. مثوى : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة
على الألف قبل تنوينها ونونت الكلمة لأنها اسم مقصور مذكر نكرة. لهم : جار ومجرور متعلق
بصفة محذوفة من «مثوى» و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام.
(وَكَأَيِّنْ مِنْ
قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ
أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ)
(١٣)
(وَكَأَيِّنْ مِنْ
قَرْيَةٍ) : الواو استئنافية. كأين : اسم بمعنى «كم» الخبرية وهي
كناية عن عدد مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ لأن الفعل بعدها استوفى مفعوله.
من : حرف جر بياني. قرية : تمييز «كأين» مجرور بمن. والجار والمجرور متعلق بحال
محذوفة من «كأين» والمراد بالقرية : أهل قرية بدليل «أهلكناهم» فحذف المضاف «أهل»
وأقيم المضاف إليه «قرية» مقامه بتقدير : وكم من قوم هم أشد قوة من قومك الذين
أخرجوك ..
(هِيَ أَشَدُّ) : الجملة الاسمية في محل جر صفة ـ نعت ـ لقرية. هي : ضمير
منفصل في محل رفع مبتدأ. أشد : خبر «هي» مرفوع بالضمة.
(قُوَّةً مِنْ
قَرْيَتِكَ) : تمييز منصوب بالفتحة المنونة. من قريتك : جار ومجرور
متعلق بأشد والكاف ضمير المخاطب المتصل في محل جر مضاف إليه.
(الَّتِي أَخْرَجَتْكَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة للقرية ـ قريتك
ـ أخرجتك : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح
والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي
والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به بمعنى
أخرجك قومها والقرية هي «مكة» و «أخرجوك» بمعنى كانوا سببا في خروجك.
(أَهْلَكْناهُمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «كأين» وهي فعل ماض
مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني
على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول
به.
(فَلا ناصِرَ لَهُمْ) : الفاء استئنافية. لا : نافية للجنس تعمل عمل «إن». ناصر
: اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب اسمها وخبرها محذوف وجوبا تقديره : موجود.
لهم : جار ومجرور متعلق بخبر «لا» المحذوف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام.
(أَفَمَنْ كانَ عَلى
بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ)
(١٤)
(أَفَمَنْ كانَ) : الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام. الفاء تزيينية. من :
اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح
واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «كان على بينة» صلة الموصول
لا محل لها.
(عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ
رَبِّهِ) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان». من ربه : جار ومجرور
متعلق بصفة محذوفة من «بينة» والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف
إليه بمعنى على حجة ظاهرة من ربه.
(كَمَنْ زُيِّنَ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع خبر
المبتدأ «من» من : اسم موصول مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. زين : فعل ماض
مبني للمجهول مبني على الفتح والجملة الفعلية «زين له سوء عمله» صلة الموصول لا
محل لها.
(لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) : جار ومجرور متعلق بزين. سوء : نائب فاعل مرفوع بالضمة
وهو مضاف. عمله : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء
ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى من زين الشيطان له سوء
عمله.
(وَاتَّبَعُوا
أَهْواءَهُمْ) : الواو عاطفة. اتبعوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله
بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أهواء : مفعول به
منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف
إليه.
** (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ
قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْناهُمْ فَلا ناصِرَ لَهُمْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة.
المعنى : كم من أهل قرية هم أشد قوة من أهل قريتك أي من قومك الذين أخرجوك أو
كانوا سببا في خروجك من مكة أهلكناهم فلا ناصر ينصرهم وحذف المضاف «أهل» الذي لا
بد من تقديره بسبب قوله : أهلكناهم فلا ناصر لهم.
** سبب نزول
الآية : قال ابن عباس : لما خرج رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ تلقاء الغار نظر إلى مكة فقال أنت أحب بلاد الله إلي
ولو لا أن أهلك أخرجوني منك لم أخرج منك. فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة.
** (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ
رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة عشرة
.. المعنى : أفمن كان على حجة ظاهرة من ربه وهي القرآن كمن زين أي حسن الشيطان له
قبيح عمله كعبادة الأوثان واتبع هواه الباطل في عبادة الأصنام وجاء الفعل للمجموع
في «اتبعوا» والضمير أيضا في «أهوائهم» محمولا على معنى «من» لا لفظها وفي الفعل «كان»
والضمائر في «ربه» و «له» و «عمله» محمولا على لفظ «من» لا معناها لأن «من» مفردة
لفظا مجموعة معنى.
** (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ
الْمُتَّقُونَ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الخامسة
عشرة .. المعنى والتقدير : أمثل الجنة أي صفة الجنة العجيبة الشأن .. وفي القول
الكريم تأويل لا يخلو من الطلاوة ذكره الزمخشري أدرجه هنا للاستمتاع والفائدة ..
التقدير : أمثل الجنة وهو كلام في صورة الإثبات ومعنى النفي والإنكار ودخوله في
حيز كلام مصدر بحرف الإنكار وانخراطه في سلكه لانطوائه تحت حكمه وهو قوله تعالى في
الآية الكريمة السابقة : (أَفَمَنْ كانَ عَلى
بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) بتقدير : أمثل الجنة كمن هو خالد في النار؟ حرف الإنكار
زيادة تصوير المكابرة من يسوي بين المتمسك بالبينة والتابع لهواه وأنه بمنزلة من
يثبت التسوية بين الجنة التي تجري فيها تلك الأنهار وبين النار التي يسقى أهلها
الماء الحميم.
** (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ
حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا
قالَ آنِفاً) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة عشرة
.. المعنى : ومن الكفار منافقون يستمعون إلى كلامك يا محمد حتى إذا خرجوا من مجلسك
الذي تعظ فيه وتخطب سألوا صحابتك مستهزءين ما ذا قال النبي الساعة أي قبل قليل.
وبعد حذف المضاف «كلام» أوصل حرف الجر «إلى» إلى المضاف إليه ـ ضمير المخاطب ـ الكاف
ـ فصار : إليك .. وجاء الفعل «يستمع» بصيغة الإفراد على لفظ «من» لا معناها وبصيغة
الجمع في «خرجوا .. قالوا .. أولئك» على معنى «من» لا لفظها لأن «من» مفردة لفظا
مجموعة معنى .. أما لفظة «آنفا» فتعني الزمن الماضي القريب وهو ظرف بمعنى وقتا
مؤتنفا أي مبتدأ فيه منذ أقرب وقت أي أول وقت يقرب منا أي منذ ساعة وهو مأخوذ من
قولهم : أنف الشيء لما تقدم منه مستعار من
الجارحة ـ العضو .. أي الأنف ـ واللفظة «آنفا» منصوبة على الظرفية ولا تضاف
أو تعرف بالألف واللام أي من الصحيح أن يقال : إن الموضوع المذكور آنفا .. أو قبل
هذا الوقت أفصح من قولنا : إن الموضوع آنف الذكر أو الآنف الذكر لأن لفظة «المذكور»
تكون صفة للموضوع ولأن لفظة «آنفا» يجب أن تكون نكرة منونة. ويقال : أنف الرجل من
الشيء يأنف ـ أنفا .. والاسم «الأنفة» بمعنى : استنكف وترفع وتنزه عنه فهو أنوف ـ فعول
بمعنى فاعل. والفعل من باب «طرب» وهو أنف أيضا وهذه اللفظة تطلق على البعير الذي
يشكو أنفه من البرة أي الحلقة وجاء في الحديث : «المؤمن كالجمل الأنف إن قيد انقاد
وإن أنيخ على صخرة استناخ» نقله الجوهري وذلك للوجع الذي به فهو ذلول ـ فعول بمعنى
مفعول ـ منقاد. ومثل «آنفا» سالفا. وعلى ذكر «الأنف» يقال : دس فلان أنفه في الشيء
.. كناية عن معنى : أدخله فيه وأخفاه .. من أسماء الأنف : المعطس ـ بفتح الميم
وكسر الطاء ـ و «المنخر» بفتح الميم وكسرها وفتح الخاء وكسرها .. وهو حاسة الشم أو
عضو حاسة الشم. و «الأنفة» عزة النفس .. ويقال : مات الرجل حتف أنفه : أي موتا
طبيعيا.
** (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى
قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) : المعنى : أغلق الله قلوبهم عن الفهم والإدراك والطبع
على الشيء والختم عليه بمعنى واحد والشيء لا يختم إلا بعد إغلاقه.
** سبب نزول
الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في شأن المنافقين الذين كانوا يسمعون كلام النبي ـ
صلىاللهعليهوسلم ـ فلا يعونه ـ أي يدركونه أو يفهمونه ـ فإذا خرجوا
سألوا المؤمنين : ما ذا قال آنفا؟
** (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ
الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة العشرين و
«أولى لهم» على وزن ـ أفعل ـ من الولي : وهو القريب ومعناه : فويل لهم أي الدعاء
عليهم بأن يليهم المكروه وفي الكلمة وعيد وتهديد وهي لفظة تهديد عند العرب معناها
: فهلاك قريب الحصول لهم .. أي أصابهم الله بالمكروه واللفظة مشتقة من «الولى» وهو
القريب فيكون دعاء عليهم بأن يقرب منهم المكروه أو مشتقة من «آل» فيكون دعاء عليهم
بأن يؤول أمرهم إلى المكروه.
** (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا
عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية
والعشرين .. المعنى : فإذا جد الأمر .. والعزم والجد لأصحاب الأمر وإنما يسندان
إلى الأمر إسنادا مجازيا بمعنى : فإذا عزم أصحاب الأمر مثل قوله تعالى : (إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) أي من عزم أصحاب الأمور.
** (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ
أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية
والعشرين وفيه نقل الكلام من الغيبة في الآية الكريمة السابقة «فلو صدقوا الله ..»
إلى الخطاب «عسيتم .. توليتم .. تفسدوا .. تقطعوا أرحامكم» على طريقة الالتفات ـ وهو
ضرب من ضروب البلاغة العربية ـ ليكون أبلغ في التوكيد بمعنى : هل يتوقع منكم؟
** (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ
فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والعشرين وفيه حذف النعت
أو البدل المشار إليه أي «أولئك» المفسدون الظالمون المتخلفون عن الجهاد المقطعون
الأرحام هم الذين لعنهم الله فأصم آذانهم عن استماع الحق.
(مَثَلُ الْجَنَّةِ
الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ
مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ
لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ
الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ
وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ)
(١٥)
(مَثَلُ الْجَنَّةِ
الَّتِي) : مبتدأ مرفوع بالضمة. الجنة : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة. التي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت
ـ للجنة والجملة الفعلية بعده «وعد المتقون فيها» صلة الموصول لا محل لها.
(وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني للمجهول مبني على الفتح. المتقون : نائب فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر
سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى التي وعد الله بها المتقين.
(فِيها أَنْهارٌ) : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. أنهار : مبتدأ مؤخر
مرفوع بالضمة المنونة والجملة الاسمية «فيها أنهار» لا محل لها من الإعراب لأنها
داخلة في حكم الصلة كالتكرير لها بتقدير : التي فيها أنهار ويجوز أن تكون في محل
رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هي فيها أنهار ويجوز أن تكون في محل نصب حالا بتقدير
مستقرة فيها أنهار.
(مِنْ ماءٍ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «أنهار» بمعنى :
جارية من ماء و «من» حرف جر بياني لبيان جنس الأنهار وتمييز له. ماء : اسم مجرور
بمن وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : فيها أنهار هي ماء ..
(غَيْرِ آسِنٍ) : صفة ـ نعت ـ لماء مجرور مثله وعلامة جره الكسرة. آسن
: مضاف إليه مجرور بالكسرة المنونة بمعنى غير متغير طعمه.
(وَأَنْهارٌ مِنْ
لَبَنٍ) : الجملة الاسمية معطوفة بالواو على جملة «فيها أنهار
من ماء» وتعرب إعرابها.
(لَمْ يَتَغَيَّرْ
طَعْمُهُ) : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ للبن. لم : حرف
نفي وجزم وقلب. يتغير : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره. طعمه : فاعل
مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
(وَأَنْهارٌ مِنْ
خَمْرٍ لَذَّةٍ) : تعرب إعراب «وأنهار من لبن» لذة : صفة ـ نعت ـ لخمر
بمعنى : لذيذة مجرورة مثلها وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ
الكسرة المنونة أو تكون «لذة» وصفا بالمصدر أي ذات لذة. مؤنث «لذ» أي لذيذ.
(لِلشَّارِبِينَ) : جار ومجرور متعلق بلذة .. بتأويل فعله «لذت» أو بصفة
محذوفة من «لذة» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين
والحركة في الاسم المفرد «الشارب» وهو اسم فاعل.
(وَأَنْهارٌ مِنْ
عَسَلٍ مُصَفًّى) : معطوفة على جملة «أنهار من ماء غير آسن» وتعرب
إعرابها. وعلامة جر الصفة «مصفى» الكسرة المنونة المقدرة للتعذر على الألف
المقصورة قبل تنوينها ونونت لأن الاسم منقوص نكرة مذكر.
(وَلَهُمْ فِيها) : الواو عاطفة. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في
محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. فيها : جار ومجرور متعلق بحال
مقدمة من المبتدأ المؤخر لأنه صفة له قدمت عليه.
(مِنْ كُلِّ
الثَّمَراتِ) : حرف جر زائد. كل : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه
مبتدأ مؤخر. الثمرات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. ويجوز أن يكون
الجار والمجرور «من كل الثمرات» متعلقا بصفة محذوفة لمبتدإ مؤخر محذوف اختصارا لأن
ما بعده يدل عليه. التقدير : فيها ثمر من كل الثمرات.
(وَمَغْفِرَةٌ مِنْ
رَبِّهِمْ) : معطوف بالواو على «ثمر من كل الثمرات» أي فيها ثمر من
كل الثمرات وفيها مغفرة من ربهم أو بمعنى : ولهم مغفرة من ربهم و «هم» ضمير متصل ـ
ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(كَمَنْ هُوَ خالِدٌ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع خبر
المبتدأ «مثل الجنة» من : اسم موصول مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. هو :
ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. خالد : خبر «هو»
مرفوع بالضمة المنونة. والجملة الاسمية «هو خالد في النار» صلة الموصول لا محل
لها. المعنى : أمثل
أهل الجنة على هذه الصفات كمثل جزاء من هو خالد في النار. الجواب : لا ..
لا يستوي الفريقان.
(فِي النَّارِ
وَسُقُوا) : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «خالد» الواو عاطفة. سقوا
: فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو
الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة.
(ماءً حَمِيماً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. حميما : صفة
ـ نعت ـ للموصوف «ماء» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ماء شديد
الحرارة.
(فَقَطَّعَ
أَمْعاءَهُمْ) : الفاء عاطفة للتسبيب. قطع : فعل ماض مبني على الفتح
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو لشدة حرارته وغليانه. أمعاء : مفعول به
منصوب بالفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(وَمِنْهُمْ مَنْ
يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ
أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى
قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ)
(١٦)
(وَمِنْهُمْ مَنْ) : الواو استئنافية. من : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين
في محل جر بمن والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. من : اسم موصول مبني على
السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر والجملة الفعلية بعده «يستمع إليك» صلة الموصول لا
محل لها.
(يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. إليك : جار ومجرور متعلق بيستمع.
(حَتَّى إِذا خَرَجُوا) : حرف غاية وابتداء. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن
مبني على السكون متضمن معنى الشرط ـ أداة شرط ـ غير جازمة ـ خافض لشرطه متعلق
بجوابه. خرجوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل والألف فارقة.
(مِنْ عِنْدِكَ) : جار ومجرور متعلق بخرجوا والكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والجار والمجرور «خرجوا من عندك» في محل جر مضاف إليه
بمعنى : تركوك.
(قالُوا لِلَّذِينَ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وتعرب
إعراب «خرجوا» اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام
والجار والمجرور متعلق بقالوا والجملة الفعلية بعدها «أوتوا العلم» صلة الموصول لا
محل لها.
(أُوتُوا الْعِلْمَ) : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم الظاهر على الياء
المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف
فارقة. العلم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وهم صحابة الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(ما ذا قالَ آنِفاً) : الجملة في محل نصب مفعول به بقالوا ـ مقول القول ـ ما
ذا : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «قال». قال :
فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. آنفا : ظرف زمان
منصوب على الظرفية متعلق بقال وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ما ذا قال محمد
منذ ساعة!؟
(أُولئِكَ الَّذِينَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف
حرف خطاب. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره :
هم. والجملة الاسمية «هم الذين» في محل رفع خبر المبتدأ «أولئك».
(طَبَعَ اللهُ) : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل
مرفوع للتعظيم بالضمة والجملة الفعلية «طبع الله» صلة الموصول لا محل لها.
(عَلى قُلُوبِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بطبع و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى أغلقها عن الفهم والإدراك.
(وَاتَّبَعُوا
أَهْواءَهُمْ) : الواو عاطفة. اتبعوا : تعرب إعراب «خرجوا» أهواء : مفعول
به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف
إليه والجملة الفعلية «اتبعوا أهواءهم» لا محل لها لأنها داخلة في حكم الصلة.
(وَالَّذِينَ
اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ)
(١٧)
(وَالَّذِينَ
اهْتَدَوْا) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في
محل رفع مبتدأ. اهتدوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني
على الفتح المقدر للتعذر على الألف المقصورة المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله
بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وبقيت الفتحة دالة
على الألف المحذوفة.
(زادَهُمْ هُدىً) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» وهي
فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله سبحانه. و
«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول لأن المعنى أعطاهم الله
هدى بالتوفيق. هدى : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة للتعذر على
الألف المقصورة قبل تنوينها لأنها اسم مقصور ثلاثي نكرة.
(وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «زادهم هدى» وتعرب
إعرابها وعلامة بناء الفعل «آتى» الفتحة المقدرة على الألف للتعذر و «هم» في «تقواهم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه أي يبين لهم ما يخافون به الله.
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ
إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى
لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ)
(١٨)
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ) : الفاء استئنافية. هل : حرف استفهام لا عمل له يفيد
النفي هنا بمعنى : ما. ينظرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل بمعنى : ما ينتظرون. المراد بهم : أهل مكة.
(إِلَّا السَّاعَةَ) : أداة حصر لا عمل لها. الساعة : مفعول به منصوب
بينظرون وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : إلا القيامة.
(أَنْ تَأْتِيَهُمْ
بَغْتَةً) : حرف مصدري ناصب. تأتي : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة
نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. بغتة : مصدر في موضع الحال منصوب وعلامة نصبه
الفتحة المنونة بمعنى ما ينتظر أهل مكة إلا أي غير مجيء الساعة أي القيامة تباغتهم
بغتة أي فجأة وهم على حالهم من النفاق والكفر والجملة الفعلية «تأتيهم بغتة» صلة
حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما تلاها في تأويل مصدر في محل نصب مفعول
به لأنه بدل اشتمال من «الساعة».
(فَقَدْ جاءَ
أَشْراطُها) : الفاء حرف استئناف يفيد التعليل هنا. قد : حرف تحقيق.
جاء : فعل ماض مبني على الفتح. أشراط : فاعل مرفوع بالضمة و «ها» ضمير متصل مبني
على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى : فقد جاءت علاماتها وهي جمع «شرط» أي
علامة. بفتح الشين والراء.
(فَأَنَّى لَهُمْ) : الفاء واقعة في جواب شرط متقدم. أنى : اسم استفهام
مبني على السكون في محل نصب ظرف مكان متعلق بخبر مقدم بمعنى : فكيف أو من أين.
اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق
بالذكرى.
(إِذا جاءَتْهُمْ) : الجملة الشرطية لا محل لها لأنها اعتراضية وقعت بين
الخبر المقدم «أنى» والمبتدأ المؤخر «ذكراهم» بمعنى : فكيف لهم أو من أين لهم
تذكرهم واتعاظهم إذا جاءتهم الساعة فجأة؟ إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على
السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط. جاءت : الجملة الفعلية في محل
جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف. وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر
فيه جوازا تقديره هي والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب مفعول به وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه.
(ذِكْراهُمْ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر و
«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا
إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ
وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ)
(١٩)
(فَاعْلَمْ) : الفاء واقعة في جواب شرط مقدم تقدم في آيات سابقة
بمعنى : إذا علمت أن الأمر كما ذكر من سعادة المؤمنين وشقاوة الكافرين فاثبت على ما
أنت عليه من العلم بوحدانية الله. اعلم : فعل أمر مبني على سكون آخره والفاعل ضمير
مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «أن» في «أنه» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد
مفعولي «أعلم».
(أَنَّهُ لا إِلهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير
الشأن ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «أن» أي أن الشأن .. والجملة «لا إله إلا
الله» في محل رفع خبر «أن». لا : نافية للجنس تعمل عمل «إن» إله : اسم «لا» مبني
على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف وجوبا تقديره : كائن أو موجود أو معبود.
(إِلَّا اللهُ) : أداة استثناء لا عمل لها. الله لفظ الجلالة : بدل من
موضع «لا إله» لأن موضع «لا» وما عملت فيه رفع بالابتداء وهو مرفوع للتعظيم وعلامة
الرفع الضمة.
(وَاسْتَغْفِرْ
لِذَنْبِكَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «اعلم» وتعرب
إعرابها. لذنبك : جار ومجرور متعلق باستغفر والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني
على الفتح في محل جر مضاف إليه وحذف مفعول استغفر اختصارا لأنه معلوم أي استغفر
الله لذنبك.
(وَلِلْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِناتِ) : الجار والمجرور معطوف بالواو على «لذنبك» متعلق
باستغفر المعنى : واستغفر الله لذنوب المؤمنين والمؤمنات. وعلامة جر الاسم الياء
لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والمؤمنات : معطوفة بالواو
على «المؤمنين» وتعرب مثلها وعلامة جرها الكسرة.
(وَاللهُ يَعْلَمُ) : الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع
للتعظيم بالضمة. يعلم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو والجملة الفعلية «يعلم متقلبكم» في محل رفع خبر المبتدأ ـ لفظ الجلالة.
(مُتَقَلَّبَكُمْ
وَمَثْواكُمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع
الذكور. ومثواكم : معطوف بالواو على «متقلبكم» ويعرب مثله بمعنى : أماكن انتقالكم
في أعمالكم أو في حياتكم ومحل إقامتكم من الجنة والنار.
(وَيَقُولُ الَّذِينَ
آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ
فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ
نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ)
(٢٠)
(وَيَقُولُ الَّذِينَ
آمَنُوا) : الواو استئنافية. يقول : فعل مضارع مرفوع بالضمة.
الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «آمنوا» صلة
الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : آمنوا بالله ورسوله. والجملة الفعلية
بعدها «لو لا نزلت سورة» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(لَوْ لا نُزِّلَتْ
سُورَةٌ) : حرف تحضيض بمعنى «هلا» لا عمل له. نزلت فعل ماض مبني
للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. سورة : نائب فاعل
مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : هلا أنزلت سورة تأمرنا بالجهاد ..
(فَإِذا أُنْزِلَتْ
سُورَةٌ) : الفاء استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني
على السكون أداة شرط غير جازمة خافض لشرطه متعلق بجوابه. أنزلت سورة : تعرب إعراب «نزلت
سورة» والجملة الفعلية «أنزلت سورة» في محل جر بالإضافة.
(مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ) : صفة ـ نعت ـ لسورة مرفوعة مثلها بالضمة المنونة. الواو
عاطفة. ذكر : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح بمعنى : فإذا أنزلت سورة محكمة
أي واضحة لما أرادوا وأمروا فيها بما تمنوا هابوا وترددوا. ومحكمة : أي غير
متشابهة.
(فِيهَا الْقِتالُ
رَأَيْتَ) : جار ومجرور متعلق بذكر. القتال : نائب فاعل مرفوع
بالضمة. رأيت : الجملة الفعلية وما بعدها جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل
ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب
ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
(الَّذِينَ فِي
قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. في
قلوب : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل
جر مضاف إليه. مرض : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة والجملة الاسمية «في قلوبهم
مرض» صلة الموصول لا محل لها بمعنى : في قلوبهم مرض الخوف والتردد والنفاق.
(يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير الغائبين أي
من الاسم الموصول «الذين» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل. إليك : جار ومجرور متعلق بينظرون.
(نَظَرَ الْمَغْشِيِّ
عَلَيْهِ) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة لبيان
نوع الفعل وهو مضاف. المغشي : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. عليه :
جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل لاسم المفعول «المغشي» الذي يعمل عمل فعله المبني
للمجهول بمعنى : المغمى عليه.
(مِنَ الْمَوْتِ) : جار ومجرور في محل نصب تمييز و «من» حرف جر بياني
وتفسيري والعامل في الجار والمجرور الفعل من اسم المفعول «المغشي» وهو مثل «وتفيض
أعينهم من الدمع» على تقدير : تفيض دمعا أو هو مثل «أفديه من رجل» أو يكون الجار
والمجرور متعلقا بمفعول لأجله محذوف بتقدير : خوفا من الموت في القتال.
(فَأَوْلى لَهُمْ) : الفاء استئنافية. أولى : مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة
على الألف للتعذر. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار
والمجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ.
(طاعَةٌ وَقَوْلٌ
مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ)
(٢١)
(طاعَةٌ وَقَوْلٌ
مَعْرُوفٌ) : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة وخبره محذوف تقديره : خير
لهم بمعنى : أحسن وأمثل لهم وقيل : هي حكاية قولهم .. أي قالوا : طاعة وقول معروف
أمرنا بمعنى : طاعة مخلصة. وقول : معطوف بالواو على «طاعة» ويعرب مثلها وعلامة
رفعه الضمة المنونة. معروف : صفة ـ نعت ـ لقول مرفوع مثله بالضمة المنونة وجاز
الابتداء بنكرة بعد تخصصها أي أنها موصوفة ويجوز على قلب الحكاية أن تكون «طاعة»
خبر مبتدأ محذوف تقديره : أمرنا أو أمرهم طاعة وقول معروف .. أي واستجابة لأمر
الله تعالى .. ولرسوله الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقول كريم طيب يدل على إيمانهم.
(فَإِذا عَزَمَ
الْأَمْرُ) : الفاء استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني
على السكون متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه. عزم : فعل ماض مبني على
الفتح. الأمر : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : جد .. والجملة الفعلية «عزم الأمر» في
محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف بمعنى فإذا عزم أصحاب الأمر على الجهاد.
(فَلَوْ صَدَقُوا
اللهَ) : الفاء عاطفة. لو : حرف شرط غير جازم. صدقوا : فعل ماض
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة بمعنى :
فلو صدقوا الله فيما زعموا من الحرص على الإيمان وحذف جواب «إذا» دل عليه جواب
الشرط الثاني «لكان خيرا لهم» ويجوز أن تكون الجملة الشرطية الثانية من الشرط
والجزاء جوابا لإذا لا محل لها.
(لَكانَ خَيْراً
لَهُمْ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام
واقعة في جواب «لو» كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح بمعنى فلو صدقوا في إيمانهم
لكان ذلك الصدق أو الحرص على الجهاد خيرا لهم واسم «كان» ضمير مستتر فيه جوازا تقديره
هو. خيرا : خبر «كان» منصوب بالفتحة المنونة. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين
في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «كان» خيرا.
(فَهَلْ عَسَيْتُمْ
إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ)
(٢٢)
(فَهَلْ عَسَيْتُمْ) : الفاء استئنافية. عسيتم : فعل ماض ناقص من أخوات «كان»
مبني على السكون وهو فعل جامد التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم
في محل رفع اسم «عسى» والميم علامة جمع الذكور بمعنى فهل يتوقع منكم لأن الفعل «عسى»
معناه : يتوقع أو يرجى. و «هل» حرف استفهام لا محل له.
(إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) : حرف شرط جازم. توليتم : فعل ماض فعل الشرط في محل جزم
بإن مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور وجواب الشرط
محذوف لتقدم معناه وحذف مفعول «توليتم» لأنه معلوم بمعنى إن توليتم أمور الناس.
(أَنْ تُفْسِدُوا) : حرف مصدري ناصب. تفسدوا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة
نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «تفسدوا
في الأرض» صلة حرف مصدري لا محل لها.
(فِي الْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بتفسدوا. و «أن» المصدرية وما بعدها
بتأويل مصدر في محل نصب خبر «عسى» المعنى : فلعلكم إن أعرضتم عن القتال والايمان
أو إن توليتم أمور الناس يتوقع وينتظر منكم الإفساد في الأرض وتقطيع الأرحام وقتال
الأقارب ومحاربتهم.
(وَتُقَطِّعُوا
أَرْحامَكُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «تفسدوا» وتعرب
إعرابها. أرحامكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور.
(أُولئِكَ الَّذِينَ
لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ)
(٢٣)
(أُولئِكَ الَّذِينَ) : اسم الإشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف
حرف خطاب. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره :
هم. والجملة الاسمية «هم الذين» في محل رفع خبر «أولئك».
(لَعَنَهُمُ اللهُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم وحرك
الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم
بالضمة.
(فَأَصَمَّهُمْ
وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على «لعنهم» وتعرب
مثلها وفاعل «أصم» ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والاشارة إلى المذكورين
المفسدين المقطعين الأرحام حرمهم الله نعمه وخذلهم فأصم آذانهم. الواو عاطفة. أعمى
: معطوفة على «أصم» وتعرب مثلها وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على الألف
للتعذر. أبصار : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(أَفَلا
يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها)
(٢٤)
(أَفَلا
يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) : الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام. الفاء تزيينية. لا :
نافية لا عمل لها. يتدبرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل. القرآن : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى أفلا يتفهمون القرآن
ليدركوا معانيه.
(أَمْ عَلى قُلُوبٍ
أَقْفالُها) : حرف عطف للاضراب بمعنى «بل» وهمزة التقرير للتسجيل
عليهم بأن قلوبهم مقفلة لا يتوصل إليها ذكر. على قلوب : جار ومجرور متعلق بخبر
مقدم. أقفال : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة و «ها» ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
(إِنَّ الَّذِينَ
ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى
الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ)
(٢٥)
(إِنَّ الَّذِينَ
ارْتَدُّوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني
على الفتح في محل نصب اسم «إن». ارتدوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو
الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة والجملة الفعلية «ارتدوا
..» صلة الموصول لا محل لها.
(عَلى أَدْبارِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بارتدوا و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : نكصوا.
(مِنْ بَعْدِ ما
تَبَيَّنَ) : جار ومجرور متعلق بارتدوا. ما : مصدرية. تبين : فعل
ماض مبني على الفتح وجملة «تبين لهم الهدى» صلة حرف مصدري لا محل لها.
(لَهُمُ الْهُدَى) : جار ومجرور متعلق بتبين و «هم» ضمير الغائبين في محل
جر باللام. الهدى : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر و «ما» وما بعدها
بتأويل مصدر في محل جر بالإضافة. التقدير من بعد تبيين طريق الهدى إليهم وحرك ميم «لهم»
بالضم لالتقاء الساكنين.
(الشَّيْطانُ سَوَّلَ
لَهُمْ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن» الشيطان : مبتدأ
مرفوع بالضمة. سول : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل ماض مبني على
الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لهم : جار ومجرور متعلق بسول و «هم»
ضمير الغائبين في محل جر باللام.
(وَأَمْلى لَهُمْ) : الجملة معطوفة بالواو على «سول لهم» وتعرب إعرابها
وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى مد لهم الآمال.
** (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ
عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة
والعشرين .. المعنى : أفلا يتأملون أو يتفهمون القرآن ليدركوا معانيه ومواعظه بل
أي أم قلوبهم مغلقة بالأقفال بمعنى : لها مغاليق لا تفتح فلا يفهمونه وهمزة
التقرير في «أم» للتسجيل عليهم بأن قلوبهم مقفلة لا يتوصل إليها ذكر وقد نكرت «قلوب»
لأن المراد : قلوب قاسية مبهم أمرها في ذلك .. أو يراد بعض القلوب وهي قلوب
المنافقين وأضيفت الأقفال إليها فالمراد : الأقفال المختصة بها وهي أقفال الكفر
التي استغلقت فلا تنفتح.
** (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى
أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ
لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة
والعشرين و (ارْتَدُّوا عَلى
أَدْبارِهِمْ) كناية عن نكوصهم أي إحجامهم ورجوعهم من بعد ما ظهر لهم
طريق الهدى .. الشيطان زين لهم خطاياهم أي سهل لهم ركوب العظائم أي اقتراف الكبائر
ومد لهم في الآمال أي وخدعهم بالأمل والأماني أو يكون المعنى : وأمهلهم الله و «سول
لهم» من «السول» وهو الاسترخاء .. المعنى : كيد الشيطان سول لهم أي زين لهم على
تقدير حذف المضاف «كيد» المبتدأ وإقامة المضاف إليه «الشيطان» مقامه. وكان رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذا أتى أهله قال : اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان
ما رزقتنا.
** (وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ
فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ
يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثلاثين ..
المعنى : ولو شئنا لعرفناك يا محمد أي لأعلمناك برؤساء المنافقين حتى تعرفهم ولا
يخفون عليك بعلامتهم التي يعلمون بها ولعرفتهم في لحن القول أي ولتكونن علامتهم
البارزة هي انحراف قولهم عن الصواب أي ميله عن الصواب وقيل : في فحوى القول ومعناه
.. وقيل : لحن القول : هو أسلوبه وإمالته إلى جهة .. ومنه قيل للمخطئ : لاحن ـ اسم
فاعل ـ لأنه يميل بالكلام عن الصواب .. يقال : وسمه ـ يسمه ـ وسما وسمة .. من باب «وعد»
بمعنى : أثر فيه بسمة أي علامة وكي .. والسيما : هي العلامة أيضا .. أما الفعل «وسم
ـ وسامة» من باب «ظرف» فمعناه : جمل جمالا ويجوز حذف الهاء من مصدر «وسامة» فيكون
: وساما مثل جمل جمالا فهو وسيم ـ فعيل بمعنى : جميل أو حسن الوجه .. والميسم ..
بكسر الميم وفتح السين : معناه : الجمال. ويقال : توسمت فيه الخير : أي تفرست فيه
الخير أي تبين فيه آثره .. واتسم الرجل .. بمعنى : جعل لنفسه سمة أي علامة يعرف بها.
ولحن القول : يقال فيه : عرفته في معراض كلامه وفي لحن كلامه وفحوى كلامه بمعنى :
عرضت له وعرضت به تعريضا إذا قلت قولا وأنت تعنيه ومنه «المعراض» أي التورية وهي
أي التورية ضرب من ضروب البلاغة وتعني خلاف التصريح وقال القيومي : التعريض : خلاف
التصريح من القول كما إذا سألت رجلا هل رأيت فلانا وقد رآه ويكره أن يكذب فيقول :
إن فلانا ليرى فيجعل كلامه معراضا فرارا من الكذب وهذا معنى المعاريض في الكلام
ومنه قولهم : إن في المعاريض لمندوحة ـ أي سعة وفسحة عن الكذب. ويقال : عرفته في
معرض كلامه ـ بكسر الميم وفتح الراء ـ أي بحذف الألف .. قال بعض العلماء : هذا
استعارة في المعرض وهو الثوب الذي تجلى فيه الجواري وكأنه قيل في هيئته وزيه
وقالبه وهذا لا يطرد في جميع أساليب الكلام.
** (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى
السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ
أَعْمالَكُمْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة
والثلاثين .. في هذا القول الكريم شبه سبحانه إضاعة عمل العامل
وتعطيل ثوابه بوتر الواتر .. وهو من وترت الرجل : إذا قتلت له قتيلا من ولد
أو أخ أي أفردته من قريبه أو ماله .. والأصل فيه ـ كما يقول الجوهري ـ : في
أعمالكم .. كقولكم : دخلت البيت أي في البيت .. وقيل : المعنى ولن يضيع ثواب
أعمالكم بحذف المفعول به المضاف «ثواب» وإقامة المضاف إليه «أعمالكم» مقامه. وعلى
ذكر «تدعوا» يقال : دعا ـ يدعو ـ الله دعاء : بمعنى : ابتهل إليه سبحانه بالسؤال
ورغب فيما عنده من الخير .. ودعا زيدا : أي ناداه وطلب إقباله ودعا المؤذن الناس
إلى الصلاة فهو داعي الله ودعوت الولد زيدا ويزيد : أي سميته بهذا الاسم .. ويقال
عن الداعي ـ اسم فاعل ـ : النبي داعي الخلق إلى التوحيد وعن أبي هريرة ـ رضي الله
عنه ـ أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «لكل نبي دعوة يدعو بها وأريد أن أختبئ دعوتي
شفاعة لأمتي في الآخرة» والدعاء : من أشرف أنواع الطاعات .. وفي حديث أنس بن مالك
عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيما يرويه عن ربه عزوجل : «وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعلي الإجابة».
** (إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ
تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة
والثلاثين .. المعنى : إن يسألكم أي يطلب إليكم إنفاق جميع أموالكم في سبيله
فيجهدكم تبخلوا بها فيخرج أي فيظهر أو يبرز أحقادكم على الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والاحفاء : هو المبالغة وبلوغ الغاية في كل شيء ..
يقال : أحفى وألحف في طلب الشيء : بمعنى : بالغ في تقاضيه وأفرط. ومنه الفعل
الثلاثي «حفي» في قولهم : حفي به يحفى ـ حفاوة ـ بفتح الحاء .. من باب «صدي» بمعنى
بالغ في إكرامه وألطافه والعناية بأمره.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ
قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ
وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ)
(٢٦)
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ
قالُوا) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف حرف خطاب. الباء حرف جر. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم»
ضمير الغائبين في محل نصب اسم «أن». قالوا : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن»
وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والالف فارقة و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور
متعلق بخبر «ذلك». التقدير : ذلك الضلال وذلك الارتداد كائن بسبب قول المنافقين
للمشركين أو يكون «ذلك» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره الأمر ذلك فيكون الجار
والمجرور المؤول في محل نصب مفعولا لأجله .. التقدير : بسبب قولهم.
(لِلَّذِينَ كَرِهُوا) : جار ومجرور متعلق بقالوا و «الذين» اسم موصول مبني
على الفتح في محل جر باللام. كرهوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها ..
وتعرب إعراب «قالوا» والجملة الفعلية «سنطيعكم» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول
ـ.
(ما نَزَّلَ اللهُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول «كرهوا».
نزل : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
والعائد إلى الموصول ضمير منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير ما نزله الله على
نبيه الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والجملة الفعلية «نزل الله» صلة الموصول لا محل لها.
(سَنُطِيعُكُمْ فِي
بَعْضِ الْأَمْرِ) : السين حرف استقبال ـ تسويف ـ نطيعكم : فعل مضارع
مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور والجار
والمجرور «في بعض» متعلق بنطيع. الأمر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره
الكسرة أي في التخلف عن الجهاد.
(وَاللهُ يَعْلَمُ
إِسْرارَهُمْ) : الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع
للتعظيم بالضمة. يعلم : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل
مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إسرار : مفعول به
منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف
إليه.
(فَكَيْفَ إِذا
تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوه َهُمْ وَأَدْبارَهُمْ)
(٢٧)
(فَكَيْفَ إِذا) : الفاء استئنافية. كيف : اسم استفهام مبني على الفتح
في محل نصب حال والعامل فيه محذوف تقديره : كيف يصنعون أو فكيف تكون حالهم. إذا :
ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون أداة شرط غير جازمة خافض لشرطه متعلق
بجوابه.
(تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ) : الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد
الظرف وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لاتصاله بتاء
التأنيث الساكنة والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها وجيء بالفعل بصيغة التأنيث
على لفظ «الملائكة» أي جماعة لا على المعنى. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في
محل نصب مفعول به مقدم وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الملائكة :
فاعل مرفوع بالضمة بمعنى إذا قبضت أرواحهم.
(يَضْرِبُونَ
وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير الغائبين في «توفتهم»
وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى وهم
يضربون. وجوه : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. وأدبارهم : معطوف بالواو على «وجوههم» ويعرب
إعرابه بمعنى : وهم يضربون وجوههم وظهورهم بقطع حديد فانتزعوا أرواحهم بعد ضربهم
بشدة وعنف.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمُ
اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ)
(٢٨)
(ذلِكَ بِأَنَّهُمُ
اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ) : هذا القول الكريم يعرب إعراب القول الكريم (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا) الوارد في الآية الكريمة السادسة والعشرين والإشارة إلى
التوفي أي توفيهم من قبل الملائكة على هذا الشكل. ما : اسم موصول مبني على السكون
في محل نصب مفعول «اتبعوا» أسخط : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره هو. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة
بمعنى ما أغضب الله والجملة الفعلية «أسخط الله» صلة الموصول لا محل لها.
(وَكَرِهُوا
رِضْوانَهُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «اتبعوا»
وتعرب إعرابها. رضوانه : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو
مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه بمعنى وكرهوا الإيمان برسول
الله أي التصديق به.
(فَأَحْبَطَ
أَعْمالَهُمْ) : الفاء سببية. أحبط : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل
ضمير مستتر جوازا تقديره هو. أعمال : مفعول به منصوب بالفتحة و «هم» ضمير متصل في
محل جر مضاف إليه.
(أَمْ حَسِبَ
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ)
(٢٩)
(أَمْ حَسِبَ
الَّذِينَ) : حرف عطف للإضراب. حسب : فعل ماض مبني على الفتح.
الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) : الجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها. في قلوب :
جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر
مضاف إليه. مرض : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى أم ظن الذين في قلوبهم
مرض النفاق.
(أَنْ لَنْ يُخْرِجَ) : مخففة من «أن» الثقيلة وهي حرف مشبه بالفعل واسمه
ضمير مستتر ـ ضمير الشأن ـ التقدير : أنه أي أن الشأن. لن : حرف نصب ونفي
واستقبال. يخرج : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة.
(اللهُ أَضْغانَهُمْ) : لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. أضغان : مفعول
به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف
إليه. والجملة الفعلية «لن يخرج الله أضغانهم أي أحقادهم في محل رفع خبر «أن»
المخفف بمعنى : أحقادهم على النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والمؤمنين ليراها المؤمنون وإظهارهم على نفاقهم
وعداوتهم لهم واسم «أن» وخبرها صلة «أن» لا محل لها. و «أن» مع اسمها وخبرها
بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «حسب» ويجوز أن تكون «أن» ملغاة لا عمل لها لأنه إذا
اجتمع حرفان عاملان ألغي أحدهما.
(وَلَوْ نَشاءُ
لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ
الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ)
(٣٠)
(مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ) : صفة ـ نعت ـ لسورة مرفوعة مثلها بالضمة المنونة. الواو
عاطفة. ذكر : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح بمعنى : فإذا أنزلت سورة محكمة
أي واضحة لما أرادوا وأمروا فيها بما تمنوا هابوا وترددوا. ومحكمة : أي غير
متشابهة.
(فِيهَا الْقِتالُ
رَأَيْتَ) : جار ومجرور متعلق بذكر. القتال : نائب فاعل مرفوع
بالضمة. رأيت : الجملة الفعلية وما بعدها جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل
ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب
ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
(الَّذِينَ فِي
قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. في
قلوب : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل
جر مضاف إليه. مرض : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة والجملة الاسمية «في قلوبهم
مرض» صلة الموصول لا محل لها بمعنى : في قلوبهم مرض الخوف والتردد والنفاق.
(وَلَوْ نَشاءُ
لَأَرَيْناكَهُمْ) : الواو استئنافية. لو : حرف شرط غير جازم. نشاء : فعل
مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن وحذف مفعوله
اختصارا. اللام واقعة في جواب «لو». أريناك : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بضمير الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل
الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به ثان وقد أوصل والجملة الفعلية «لأريناكهم»
جواب شرط غير جازم لا محل لها بمعنى لعرفناك عليهم أي لأطلعناك عليهم فتأكدت منهم
بما وسمناهم من علامات.
(فَلَعَرَفْتَهُمْ
بِسِيماهُمْ) : اللام معطوفة بالفاء على لام «لأريناكهم» عرفت : فعل
ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير
متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير متصل ـ
ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. بسيما : جار ومجرور متعلق بعرفت و «هم» ضمير
متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه وعلامة جر الاسم «سيما» الكسرة
المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : حتى تعرفهم بأعيانهم لا يخفون عليك أي بعلامتهم
التي يعلمون بها.
(وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ
فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) : الواو استئنافية. اللام واقعة مع النون في جواب قسم
محذوف. تعرفن : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ونون التوكيد لا محل لها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. في لحن : جار ومجرور متعلق بتعرف. القول : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : في فحوى القول ومعناه.
(وَاللهُ يَعْلَمُ
أَعْمالَكُمْ) : أعرب في الآية الكريمة السادسة والعشرين والكاف ضمير
متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع
الذكور.
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا
أَخْبارَكُمْ)
(٣١)
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) : الواو استئنافية. اللام واقعة في جواب قسم محذوف. نبلونكم
: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ونون التوكيد لا محل لها
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني
على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور بمعنى ولنختبرنكم أو
ولنمتحنكم.
(حَتَّى نَعْلَمَ
الْمُجاهِدِينَ) : حرف جر للتعليل بمعنى : لكي. نعلم : فعل مضارع منصوب
بأن مضمرة بعد «حتى» وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن.
المجاهدين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته والجملة الفعلية «نعلم المجاهدين» صلة حرف مصدري لا محل
لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحتى والجار والمجرور
متعلق بنبلو.
(مِنْكُمْ
وَالصَّابِرِينَ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «المجاهدين» بتقدير
: حالة كونهم منكم والميم علامة جمع الذكور و «من» حرف جر بياني. والصابرين :
معطوف بالواو على «المجاهدين» ويعرب مثله بمعنى والصابرين على الشدائد.
(وَنَبْلُوَا
أَخْبارَكُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «نعلم» وتعرب
إعرابها. أخباركم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور بمعنى
ونختبر أعمالكم.
(إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما
تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ)
(٣٢)
(إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني
على الفتح في محل نصب اسم «إن». كفروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو
الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى كفروا بالله ورسوله.
(وَصَدُّوا عَنْ
سَبِيلِ اللهِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «كفروا» وتعرب
إعرابها والجملة الفعلية «كفروا» صلة الموصول لا محل لها. عن سبيل : جار ومجرور
متعلق بصدوا. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر
الكسرة بمعنى : ومنعوا وكفوا الناس عن سبيل الحق أو عن الاسلام واتباع الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أو ومنعوهم من الدخول في الإسلام.
(وَشَاقُّوا
الرَّسُولَ) : تعرب إعراب «وصدوا» الرسول : مفعول به منصوب وعلامة
نصبه الفتحة بمعنى ونازعوا الرسول.
(مِنْ بَعْدِ ما
تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى) : جار ومجرور متعلق بشاقوا. ما : مصدرية. تبين : فعل
ماض مبني على الفتح. الهدى : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والجملة
الفعلية «تبين الهدى» صلة حرف مصدري لا محل لها .. و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر
في محل جر مضاف إليه. التقدير : من بعد تبيين الهدى أي من بعد علمهم أنه نبي من
عند الله أما الجار والمجرور «لهم» فمتعلق بتبين و «هم» ضمير الغائبين في محل جر
باللام. وحرك الميم بالضم لالتقاء الساكنين.
(لَنْ يَضُرُّوا) : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر «إن». لن : حرف
نصب ونفي واستقبال. يضروا : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه حذف النون. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(اللهَ شَيْئاً) : لفظ الجلالة مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب
الفتحة. شيئا : صفة ـ لمفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف أو نائبة عنه. التقدير : ضررا
شيئا منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى لن يضروا الله بكفرهم شيئا.
(وَسَيُحْبِطُ
أَعْمالَهُمْ) : الواو عاطفة. السين حرف استقبال ـ تسويف ـ للقريب.
يحبط : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أعمال :
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر
مضاف إليه بمعنى وسيبطل جزاء أعمالهم الأخرى أي ثواب أعمالهم الحسنة الأخرى بسبب
كفرهم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ)
(٣٣)
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ) : أعرب في الآية الكريمة السابعة. أطيعوا : فعل أمر
مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.
(وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ) : الواو عاطفة. أطيعوا الرسول : تعرب إعراب «أطيعوا
الله» بمعنى : أطيعوا أوامر الله وأطيعوا أوامر الرسول.
(وَلا تُبْطِلُوا
أَعْمالَكُمْ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تبطلوا : فعل مضارع
مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
أعمالكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ
مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور بمعنى : ولا تبطلوها
بمعصية الرسول.
(إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ
يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ)
(٣٤)
(إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الثانية
والثلاثين. ثم : حرف عطف للتراخي والجملة الفعلية «ماتوا» تعرب إعراب «كفروا».
(وَهُمْ كُفَّارٌ
فَلَنْ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال من ضمير «ماتوا»
هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. كفار : خبر «هم» مرفوع بالضمة
المنونة. الفاء واقعة في جواب «الذين» المتضمن معنى «من» اسم الشرط وقد دخلت الفاء
خبر «إن». لن : حرف نفي ونصب واستقبال والجملة الفعلية «فلن يغفر الله لهم» في محل
رفع خبر «إن».
(يَغْفِرَ اللهُ
لَهُمْ) : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ الجلالة
: فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام
والجار والمجرور متعلق بيغفر بمعنى : فلن يعفو الله عنهم. أو فلن يغفر ذنوبهم بل
يعذبهم لكفرهم.
(فَلا تَهِنُوا
وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ
يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ)
(٣٥)
(فَلا تَهِنُوا) : الفاء استئنافية. لا : ناهية جازمة. تهنوا : فعل
مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون الواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل والألف فارقة بمعنى فلا تضعفوا في أثناء القتال. أو ولا تذلوا للعدو
وأصله : توهنوا ..
(وَتَدْعُوا إِلَى
السَّلْمِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «تهنوا» وتعرب
مثلها. إلى السلم : جار ومجرور متعلق بتدعوا أي الصلح.
(وَأَنْتُمُ
الْأَعْلَوْنَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال من ضمير «تهنوا».
أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل رفع مبتدأ وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء
الساكنين ـ الأعلون : خبر «أنتم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
حركة المفرد بمعنى : فلا تذلوا للعدو وتدعوا الكفار إلى الصلح وأنتم العالون : أي
الغالبون فحذف مفعول «تدعوا» وهو «الكفار» لأنه مفهوم من سياق النص الكريم.
(وَاللهُ مَعَكُمْ) : الواو عاطفة. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع بالضمة.
مع : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بخبر المبتدأ وهو مضاف. الكاف ضمير متصل في
محل جر مضاف إليه ـ ضمير المخاطبين ـ والميم علامة جمع الذكور بمعنى والله ناصركم.
(وَلَنْ يَتِرَكُمْ) : الواو عاطفة. لن : حرف نفي ونصب وتوكيد واستقبال. بتركم
: فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره
هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم
علامة جمع الذكور بمعنى والله يمدكم ويؤيدكم ولن يضيع عليكم ثواب أعمالكم. أو لن
ينقصكم أعمالكم.
(أَعْمالَكُمْ) : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «كم» أعرب
في «معكم» التقدير : في أعمالكم مثل قولنا : دخلت الدار أي في الدار فحذف الجار «في»
وأوصل الفعل.
(إِنَّمَا الْحَياةُ
الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ
وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ)
(٣٦)
(إِنَّمَا الْحَياةُ
الدُّنْيا) : كافة ومكفوفة. الحياة : مبتدأ مرفوع بالضمة. الدنيا :
صفة ـ نعت ـ للحياة مرفوعة مثلها بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.
(لَعِبٌ وَلَهْوٌ) : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. ولهو : معطوف
بالواو على «لعب» مرفوع مثله بالضمة المنونة.
(وَإِنْ تُؤْمِنُوا) : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم. تؤمنوا : فعل
مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل والألف فارقة بمعنى : وإن تؤمنوا بالله ..
(وَتَتَّقُوا
يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «تؤمنوا»
وتعرب إعرابها بمعنى : وتتقوه أي وتتقوا الله بالتزام أوامره واجتناب نواهيه. يؤتكم
: فعل مضارع جواب الشرط وجزاؤه مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة ـ الياء
ـ وبقيت الكسرة دالة عليها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير
متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول والميم علامة جمع
الذكور. أجوركم : مفعول به ثان منصوب بالفعل «يؤتي» المتعدي إلى مفعولين وعلامة
نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف
إليه والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «يؤتكم أجوركم» جواب شرط جازم غير
مقترن بالفاء لا محل لها.
(وَلا يَسْئَلْكُمْ
أَمْوالَكُمْ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. يسألكم أموالكم
: الجملة الفعلية معطوفة على جملة «يؤتكم أجوركم» وتعرب إعرابها. وعلامة جزم الفعل
«يسأل» سكون آخره بمعنى ولا يطلب إليكم جميع أموالكم بل يطلب جزءا قليلا تزكون به.
(إِنْ يَسْئَلْكُمُوها
فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ)
(٣٧)
(إِنْ يَسْئَلْكُمُوها) : حرف شرط جازم. يسألكم : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم
بإن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير
متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في
محل نصب مفعول به أول والميم علامة جمع الذكور والواو لاشباع الميم و «ها»
ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان وقد أوصل مع الضمير الأول و «ها»
يعود على الأموال أي إن يسألكم إياها لانفاقها في سبيله عزوجل.
(فَيُحْفِكُمْ
تَبْخَلُوا) : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على جملة «يسألكم» وتعرب
إعرابها وعلامة جزم الفعل حذف آخره ـ حرف العلة ـ بمعنى : فيجهدكم ويطلبها كلها.
تبخلوا : فعل مضارع جواب الشرط وجزاؤه مجزوم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : تبخلوا بها وتمتنعوا عن أدائها.
والجملة الفعلية «تبخلوا» جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء فلا محل لها من الإعراب.
(وَيُخْرِجْ
أَضْغانَكُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «تبخلوا» والفعل
مجزوم بإن لأنه داخل في حيز جواب الشرط وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر
فيه جوازا تقديره هو. أضغانكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير
متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع
الذكور بمعنى : فيظهر أو يبزر أحقادكم على الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ
تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ
يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ
الْفُقَراءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا
يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ)
(٣٨)
(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ) : للتنبيه لا عمل لها. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. الهاء للتنبيه. أولاء : اسم إشارة
مبني على الكسر في محل رفع خبر «أنتم».
(تُدْعَوْنَ
لِتُنْفِقُوا) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير المخاطبين أو
تكون في محل رفع بدلا من اسم الإشارة «هؤلاء» أو تكون في محل رفع خبرا ثانيا
للمبتدإ «أنتم» وهي فعل مضارع مبني للمجهول
مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. اللام حرف جر
للتعليل. تنفقوا : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون.
الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «تنفقوا» صلة حرف
مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار
والمجرور متعلق بتدعون. التقدير والمعنى : يطلب إليكم الإنفاق بالزكاة.
(فِي سَبِيلِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بتنفقوا. الله لفظ الجلالة : مضاف
إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.
(فَمِنْكُمْ مَنْ
يَبْخَلُ) : الفاء استئنافية. منكم : جار ومجرور في محل رفع خبر
مقدم والميم علامة جمع الذكور. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ
مؤخر. يبخل : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى من يبخل بها أي بالزكاة والصدقات
بمعنى فمنكم ناس يبخلون بها.
(وَمَنْ يَبْخَلْ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». يبخل : فعل مضارع
فعل الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره
هو والجملة الفعلية «يبخل» صلة الموصول لا محل لها. المعنى : فمنكم ناس يبخلون به
أو بها على معنى الزكاة لأن القول «تنفقوا في سبيل الله» معناه : النفقة في الغزو
أو الزكاة.
(فَإِنَّما يَبْخَلُ
عَنْ نَفْسِهِ) : الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء
رابطة لجواب الشرط. إنما : كافة ومكفوفة. يبخل : أعرب. عن نفسه : جار ومجرور متعلق
بيبخل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه. و «عن» هنا حرف جر
للاستعلاء بمعنى «على» أي ومن يبخل بالصدقة وأداء الفريضة فلا يتعداه ضرره ..
بمعنى فإنما يعود وبال بخله على نفسه لا غيره.
(وَاللهُ الْغَنِيُ) : الواو استئنافية تفيد التعليل هنا. الله لفظ الجلالة
: مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. الغني : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة بمعنى الغني عن
إنفاقكم أو يكون «الغني» خبر مبتدأ محذوف تقديره هو والجملة الاسمية «هو الغني» في
محل رفع خبر المبتدأ.
(وَأَنْتُمُ
الْفُقَراءُ) : الواو عاطفة. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ في
محل رفع مبتدأ وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. الفقراء : خبر «أنتم»
مرفوع بالضمة بمعنى وأنتم الفقراء إلى الله مهما بلغت ثروتكم.
(وَإِنْ تَتَوَلَّوْا) : الواو عاطفة. إن : حرف شرط جازم. تتولوا : فعل مضارع
فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة. والجملة معطوفة بالواو على جملة «وإن تؤمنوا» الواردة في الآية
الكريمة السادسة والثلاثين بمعنى : وإن تعرضوا عن الدين أو عن طاعة الله سبحانه.
(يَسْتَبْدِلْ قَوْماً
غَيْرَكُمْ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا
محل لها وهي فعل مضارع جواب الشرط ـ جزاؤه ـ مجزوم بإن وعلامة جزمه سكون آخره
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى : يخلق أو يجعل بدلكم أو يخلق قوما
سواكم راغبين في الإيمان والتقوى. قوما غيركم : مفعولا «يستبدل» منصوبان وعلامة
نصبهما الفتحة ونون آخر «قوما» لأنه اسم نكرة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ
مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور وقد تعدى الفعل بنفسه
إليهما لأنه بمعنى : يجعل ويصير أي ينحي الأول ويجعل الثاني مكانه أي يقيم مقامكم
غيركم بمعنى قوما آخرين.
(ثُمَّ لا يَكُونُوا
أَمْثالَكُمْ) : حرف عطف. لا : نافية لا عمل لها. يكونوا : فعل مضارع
ناقص مجزوم لأنه معطوف على مجزوم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل
رفع اسم «يكون» والألف فارقة. أمثال : خبر «يكون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو
مضاف. كم : أعرب في «غيركم» بمعنى لا يكونوا مثلكم معرضين عن الدين وعن طاعة الله
والإنفاق في سبيله.
سورة الفتح
معنى
السورة : المراد
بالفتح : هو فتح مكة وبمعنى نصر الله تعالى رسوله الكريم محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ نصرا مؤزرا على المشركين في صلح الحديبية وقد وعده
سبحانه وتعالى عند مرجعه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن مكة عام الحديبية عدة ـ أي وعدا ـ له بالفتح وجيء
الفعل «فتح» على لفظ الماضي .. وذلك على طريقة رب العزة سبحانه في إخباره لأنها في
تحققها وتيقنها بمنزلة الكائنة الموجودة وفي ذلك من الفخامة والدلالة على علو شأن
المخبر ما لا يخفى .. وللفعل «فتح» معان كثيرة .. ومنها : فتح الله على نبيه :
بمعنى : نصره .. ويقال : فتح الرجل الباب يفتح الباب فتحا .. من باب «قطع» وهو
خلاف : أغلق. وفتح ـ بتشديد التاء ـ بمعنى : فتح ـ أيضا وشدد للكثرة والفتاح ـ فعال
بمعنى فاعل ـ ويأتي بمعنى : الحاكم أيضا نقول : افتح بيننا : أي احكم .. و «الفتح»
هو النصر ومنه «الاستفتاح» أي الاستنصار.
تسمية
السورة : لقد حقق
الله تعالى رؤيا رسوله الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ التي رآها وقيل : رأى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فتح مكة .. ورؤيا الأنبياء وحي .. رأى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه وأصحابه دخلوا مكة آمنين قد حلق بعضهم رءوسهم
وقصر بعضهم شعورهم .. وفتحا قريبا : هو فتح خيبر .. وسميت إحدى سور هذا الكتاب
العظيم ـ كتاب الله الكريم ـ بهذا الفتح المبين الذي وعد الله جلت قدرته نبيه
الكريم ـ محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ به مستهلا السورة الشريفة بآيتها الأولى : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) وهذا القول الكريم الجليل وعد منه سبحانه لرسوله بفتح
مكة .. أي إنا قررنا يا محمد أن نفتح لك أي ننصرك نصرا واضحا بينا هو غلبك وتمكنك
من مكة وإزالة الكفر عن أهلها ودعوتهم إلى الطريق القويم المستقيم واتباع صراط
الله الحق ونصرة دينه الحنيف وسبيله الحنيف وهو الإسلام.
فضل
قراءة السورة : قال رسول الله الشافع محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ سورة «الفتح» فكأنما كان ممن شهد مع محمد ـ
صلىاللهعليهوسلم ـ فتح مكة» صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ روى أحمد والبخاري وغيرهما عن عمر أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «نزلت علي البارحة سورة هي أحب إلي من الدنيا
وما فيها : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ
فَتْحاً مُبِيناً) وقيل نزلت سورة «الفتح» بين مكة والمدينة في شأن
الحديبية من أولها إلى آخرها.
إعراب آياتها
(إِنَّا فَتَحْنا لَكَ
فَتْحاً مُبِيناً)
(١)
(إِنَّا فَتَحْنا لَكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» المدغمة ضمير متصل
مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». فتحنا : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن»
وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل
مبني على السكون في محل رفع خبر «إن». لك : جار ومجرور متعلق بفتحنا.
(فَتْحاً مُبِيناً) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة. مبينا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «فتحا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة
المنونة بمعنى : يسرنا لك فتح مكة ونصرناك على عدوك.
(لِيَغْفِرَ لَكَ
اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ
وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً)
(٢)
(لِيَغْفِرَ لَكَ) : اللام حرف جر للتعليل أو بمعنى «كي» يغفر : فعل مضارع
منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة. لك : جار ومجرور متعلق بيغفر.
والجملة الفعلية «يغفر الله» صلة حرف مصدري لا محل لها. وأن المضمرة وما بعدها
بتأويل مصدر في محل جر باللام ـ لام كي ـ التعليلية والجار والمجرور متعلق بفتحنا.
(اللهُ ما تَقَدَّمَ) : لفظ الجلالة فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. ما : اسم
موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية
«تقدم» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هو.
(مِنْ ذَنْبِكَ وَما
تَأَخَّرَ) : جار ومجرور متعلق بتقدم والكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. وما تأخر : معطوف بالواو على «ما
تقدم» ويعرب إعرابه بمعنى قبل الفتح وبعده.
(وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ
عَلَيْكَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يغفر» وتعرب
إعرابها. نعمته : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل مبني على
الضم في محل جر مضاف إليه. عليك : جار ومجرور متعلق بيتم أي بإعلاء الدين.
(وَيَهْدِيَكَ صِراطاً
مُسْتَقِيماً) : الجملة الفعلية تعرب إعراب «ويتم النعمة». مستقيما :
صفة ـ نعت ـ للموصوف «صراطا» منصوب مثله وعلامة نصبهما ـ الموصوف والصفة ـ الفتحة
المنونة. وفاعل «يتم» ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف في «يهديك» ضمير متصل
ـ ضمير المخاطب ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. والفعل «يهدي»
هنا تعدى بنفسه إلى مفعوله وكما في قوله تعالى في سورة «الفاتحة» (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) والفعل «هدى» ورد في القرآن الكريم على ثلاثة أوجه :
معدى بنفسه كما في الآيتين المذكورتين وفي سورة البلد (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) ومعدى باللام مثل قوله تعالى في سورة «يونس» (قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ) ومعدى بإلى كقوله تعالى في سورة «ص» : (وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ).
(وَيَنْصُرَكَ اللهُ
نَصْراً عَزِيزاً)
(٣)
(وَيَنْصُرَكَ اللهُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يتم» في
الآية الكريمة السابقة وتعرب إعراب «يهديك» لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم
بالضمة.
(نَصْراً عَزِيزاً) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة. عزيزا : صفة للموصوف «نصرا» منصوب بالفتحة المنونة أي فيه عز.
** (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى وفيه
جاء الفعل «فتح» على لفظ الماضي للدلالة على شأن المخبر وعلوه في ما لا يخفى ..
والماضي في إخبار الله سبحانه بمنزلة الكائن الموجود .. المعنى : يسرنا لك يا محمد
فتح مكة ونصرناك على عدوك.
** (الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ
عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة ..
المعنى المنافقون والمنافقات والمشركون والمشركات الذين يظنون أن الله لا ينصر
رسوله أي ظن الأمر السوء فحذف المضاف إليه الموصوف «الأمر» وحلت الصفة «السوء»
محله. عليهم دائرة السوء أي عليهم ما يظنونه ويتوقعونه أو دائرة ظنهم السيئ
بالمؤمنين وقيل : هي الداهية التي تحيط بهم بمعنى : عليهم الهزيمة والشر .. يقال :
ساءه ما قلت له : بمعنى : أحزنه وهو عكس «سره» والاسم منه : السوء ـ بضم السين ـ ويقال
هذا رجل سوء ـ بفتح السين ـ فذكرت الكلمتان بضم السين وفتحها والفرق بينهما أن
مفتوح السين غلب في أن يضاف إليه ما يراد ذمه من كل شيء ـ كما أضيف رجل إلى سوء ـ أما
مضموم السين فهو جار مجرى الشر الذي هو نقيض الخير .. يقال : أراد به السوء ـ بضم
السين ـ أو أراد به الخير ولذلك أضيف الظن إلى مفتوح السين لكونه مذموما كما في
الآية الكريمة المذكورة. قال رجل لعائشة ـ رضي الله عنها ـ : يا أم المؤمنين متى
أعلم أني مسيء؟ قالت : إذا علمت أنك محسن.
** (لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ
وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والجمل
الفعلية فيه جاءت بصيغة المخاطبين .. الجمع .. وجاءت المخاطبة في الآية الكريمة
السابقة بصيغة المفرد (إِنَّا أَرْسَلْناكَ
شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) وهنا جاءت المخاطبة للناس لأن مخاطبة الرسول هي مخاطبة
لأمته والمراد بتعزيز الله : تقوية دينه ورسوله.
** (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العاشرة ..
والمراد بهذا القول الكريم : يد رسول الله التي تعلو أيدي المبايعين هي يد الله
لأن الله تعالى منزه عن الجوارح ـ أي الأعضاء ـ وعن صفات الأجسام فحذف المضاف إليه
«رسول» وبقي المضاف إليه الثاني لفظ الجلالة بمعنى إنه تعالى مطلع على مبايعتهم أي
عهدهم وهذا تأكيد للبيعة. ولفظة «يد» لفظة مؤنثة .. وللإنسان يدان ـ مثنى يد ـ وتجمع
على «أيد» ـ جمع قلة ـ وعلى «أياد» وهو جمع كثرة .. واليد : هي من المنكب ـ بفتح
الميم وكسر الكاف ـ إلى أطراف الأصابع والمقصود بالمنكب كونه عونا يعتمد عليه لأن
أصله : نكب الرجل قومه نكابة ـ بكسر النون ـ فهو منكب : أي كان منكبا لهم : بمعنى
: عونا لهم يعتمدون عليه .. ومنه القول : تنكب المقاتل سلاحه : أي ألقاه على منكبه
ومنكب الرجل : هو مجتمع رأس العضد والكتف. ومثل هذا القول الكريم قوله تعالى في
سورة «المائدة» : «بل يداه مبسوطتان» وفيه أيضا كناية عن الجود بمعنى هو جواد ـ أي
سخي كريم ـ من غير تصور يد ولا بسط لأن الله ـ كما ذكر ـ منزه عن الجوارح ـ جمع
جارحة أي عضو ـ سميت بذلك لأنها تكتسب مأخوذة من الفعل «جرح» الرجل : بمعنى :
اكتسب .. فهو جارح ـ اسم فاعل ـ.
** (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ
الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية عشرة
.. سيقول لك يا محمد الذين تخلفوا عن نصرتك ولم يخرجوا معك إلى الحديبية أو إلى
مكة للعمرة .. والأعراب : هم سكان البادية خاصة والنسبة إليهم : أعرابي وليست كلمة
«الأعراب» جمعا لكلمة «العرب» بل هي اسم جنس .. والعرب : هم جيل
من الناس والنسبة إليهم : عربي وهم أهل الأمصار ولغتهم هي اللغة العربية و
«العرب» بفتح العين والراء .. والعرب ـ بضم العين وسكون الراء ـ بمعنى واحد كلفظة «العجم»
و «العجم» وشغلتنا : بمعنى : ألهتنا .. يقال : شغل عنه بكذا بمعنى : التهى به عنه
وشغله بكذا : بمعنى : جعله مشغولا به .. وشغله الأمر ـ يشغله ـ شغلا .. من باب «نفع»
فالأمر شاغل ـ اسم فاعل ـ وهو مشغول ـ اسم مفعول ـ ويقال أشغلته فاشتغل مثل أحرقته
فاحترق أي جاء الفعل هنا مطاوعا وقد هجر ـ ترك ـ استعمال الفعل الرباعي «أشغل» في
فصيح الكلام .. أي يقال : شغله ولا يقال أشغله لأنه ـ أي الفعل الرباعي ـ لغة
رديئة وقولهم : هو في شغل شاغل .. توكيد له كليل لائل. وقال أحدهم : نفسك إذا لم
تشغلها بالحق شغلتك بالباطل .. ويقال : فلان اشتغل قلبه .. وهو كناية عن تشويش
أفكاره واضطرابها .. وقالت العرب في أمثالها : شغلني الشعير عن الشر والبر ـ بضم
الباء ـ وعن البر ـ بكسر الباء ـ البر ـ بضم الباء هنا بمعنى القمح .. والبر ـ بكسر
الباء ـ بمعنى الطاعة والصدق وقد ورد الفعل «شغل» في قول الشاعر :
الأم مدرسة
إذا أعددتها
|
|
أعددت شعبا
طيب الاعراق
|
الأم روض إن
تعهده الحيا
|
|
بالري أورق
أيما إيراق
|
الأم أستاذ
الأساتذة الأولى
|
|
شغلت مآثرهم
مدى الآفاق
|
وردت هذه
الأبيات في قول الشاعر حافظ إبراهيم عن منزلة «الأم».
** (فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ
بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) : المعنى فاستغفر لنا ربك يا محمد قالوا ذلك ناطقين
بألسنتهم نفاقا .. وألسنة : جمع «لسان» وقد يكنى به عن الكلمة فيؤنث حينئذ فمن
ذكره قال : ثلاثة ألسنة ومن أنثه قال : ثلاث ألسن .. ويقال : هذا الرجل لسان القوم
: بمعنى : المتكلم عنهم .. قال أبو حاتم : تذكير اللسان «أي ألسنة» هو الأكثر وهو
في القرآن الكريم كله مذكر .. واللسان : هو اللغة فيؤنث وقد يذكر باعتبار أنه لفظ
فيقال : لسانه فصيح وفصيحة أي نطقه فصيح ولغته فصيحة .. وقيل : المرء بأصغريه قلبه
ولسانه .. فلفظة «قلبه» هي جزء من لفظة «أصغريه» لأن الأصغرين هما القلب واللسان
.. وسويداء القلب : هي حبته وقيل ثمرته .. وسواد القلب وأسوده وسوداؤه : كلها مثل «سويدائه».
** (وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) : هذا القول الكريم هو نهاية الآية الكريمة الثانية
عشرة .. المعنى : وكنتم قوما هلكى. وهو جمع «بائر» ولغة لا جمع لبائر مثل «بشر»
ولذلك وصف به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث.
(هُوَ الَّذِي
أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ
إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً
حَكِيماً)
(٤)
(هُوَ الَّذِي) : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الذي
: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو».
(أَنْزَلَ
السَّكِينَةَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. السكينة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(فِي قُلُوبِ
الْمُؤْمِنِينَ) : جار ومجرور متعلق بأنزل. المؤمنين : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته
والجملة الفعلية «أنزل السكينة ..» صلة الموصول لا محل لها أي أوجد الطمأنينة.
(لِيَزْدادُوا إِيماناً) : اللام حرف جر للتعليل. يزدادوا : فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. إيمانا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : زادوا إيمانا
لأنفسهم زيادة على ما كان في أنفسهم من إيمان. أو يكون «إيمانا» تمييزا منصوبا
بالفتحة المنونة. والجملة الفعلية «يزدادوا إيمانا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن»
المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق
بأنزل بمعنى أنزل الثبات في وسط المخاوف في قلوبهم ليزدادوا.
(مَعَ إِيمانِهِمْ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بصفة محذوفة من «إيمانا»
وهو مضاف. إيمان : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه ثان.
(وَلِلَّهِ جُنُودُ) : الواو استئنافية. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل
رفع خبر مقدم. جنود : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.
(السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض
: معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها.
(وَكانَ اللهُ) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح.
الله لفظ الجلالة : اسم «كان» مرفوع للتعظيم بالضمة.
(عَلِيماً حَكِيماً) : خبرا «كان» على التتابع ـ خبر بعد خبر ـ منصوبان
وعلامة نصبهما الفتحة المنونة أي بأحوال خلقه حكيما في صنعه وتدبيره.
(لِيُدْخِلَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ
خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ
فَوْزاً عَظِيماً)
(٥)
(لِيُدْخِلَ
الْمُؤْمِنِينَ) : اللام حرف جر للتعليل. يدخل : فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
المؤمنين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته والجملة الفعلية «يدخل المؤمنين ..» صلة حرف مصدري لا محل لها
و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور
متعلق بأنزل .. والأفصح أن يكون الجار والمجرور متعلقا بفعل محذوف على معنى «لله
جنود» أي يبتلي الله بجنوده من يشاء ليدخل ..
(وَالْمُؤْمِناتِ
جَنَّاتٍ) : معطوف بالواو على «المؤمنين» منصوب مثله وعلامة نصبه
الكسرة بدلا من الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم. جنات : مفعول به ثان منصوب بيدخل
وعلامة نصبه الكسرة المنونة نيابة عن الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث
السالم.
(تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ لجنات وهي فعل
مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل. من تحت : جار ومجرور
متعلق بتجري أو بحال محذوفة من «الأنهار» بتقدير : تجري الأنهار كائنة تحتها و «ها»
ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. الأنهار : فاعل مرفوع بالضمة.
(خالِدِينَ فِيها) : حال من المؤمنين والمؤمنات منصوب وعلامة نصبه الياء
لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. فيها : جار ومجرور متعلق
باسم الفاعلين «خالدين» ويمحو عنهم أعمالهم السيئة التي يسترها.
(وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ
سَيِّئاتِهِمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «ليدخل جنات» وتعرب
إعرابها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. عن : حرف جر و «هم»
ضمير الغائبين في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بيكفر.
(وَكانَ ذلِكَ) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح.
ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع اسم «كان» اللام للبعد والكاف حرف خطاب
بمعنى وكان ذلك الوعد بالجنة.
(عِنْدَ اللهِ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وهو مضاف متعلق بحال
محذوفة من «فوزا» لأنه صفة له قدمت عليه. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور
للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.
(فَوْزاً عَظِيماً) : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. عظيما : صفة ـ نعت
ـ للموصوف «فوزا» منصوب بالفتحة المنونة.
(وَيُعَذِّبَ
الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ
بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ
وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً)
(٦)
(وَيُعَذِّبَ
الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ) : معطوف بالواو على «يدخل المؤمنين والمؤمنات» في الآية
الكريمة السابقة ويعرب مثله.
(وَالْمُشْرِكِينَ
وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ) : معطوف بالواو على «المنافقين والمنافقات» ويعرب
إعرابه و «الظانين» صفة ـ نعت ـ للأسماء الموصوفة قبله ويعرب إعراب «المؤمنين».
بالله : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «الظانين».
(ظَنَّ السَّوْءِ) : مصدر ـ مفعول مطلق ـ لبيان النوع في موضع المفعول
لاسم الفاعلين «الظانين» وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. السوء : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة وأضيف الظن إلى السوء المفتوحة السين للذم.
(عَلَيْهِمْ دائِرَةُ
السَّوْءِ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار
والمجرور في محل رفع خبر مقدم. دائرة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو مضاف. السوء :
أعرب. بمعنى : عليهم دائرة ظن ما يظنونه من ظنهم السيئ.
(وَغَضِبَ اللهُ
عَلَيْهِمْ) : الواو استئنافية. غضب : فعل ماض مبني على الفتح. الله
لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. عليهم : جار ومجرور متعلق بغضب. و «هم»
ضمير الغائبين في محل جر بعلى بمعنى وسخط الله عليهم وطردهم من رحمته وهيأ لهم
جهنم.
(وَلَعَنَهُمْ
وَأَعَدَّ) : الفعلان معطوفان بواوي العطف على «غضب» ويعربان
إعرابه وفاعل «لعن» ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «أعد» يعرب إعراب «لعن» و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به.
(لَهُمْ جَهَنَّمَ) : جار ومجرور متعلق بأعد و «هم» ضمير الغائبين في محل
جر باللام. جهنم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(وَساءَتْ مَصِيراً) : الواو عاطفة. ساءت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء
تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفعل «ساءت» لانشاء الذم لأنه بمعنى «بئست» والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي أي جهنم. مصيرا : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة بمعنى : مآلا.
(وَلِلَّهِ جُنُودُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً)
(٧)
هذه الآية
الكريمة أعربت في آخر الآية الكريمة الرابعة. وجنود السموات : هم الملائكة وجنود
الأرض : هم الكوارث كالطوفان والزلازل والصواعق.
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ
شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً)
(٨)
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني
على السكون في محل نصب اسم «إن». أرسل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير
الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل
ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «أرسلناك
..» في محل رفع خبر «إن».
(شاهِداً وَمُبَشِّراً
وَنَذِيراً) : حال من الكاف ـ ضمير المخاطب ـ منصوب وعلامة نصبه
الفتحة المنونة بمعنى : أرسلناك يا محمد شاهدا على أمتك بتبليغ الرسالة. ومبشرا
ونذيرا : معطوفان بواوي العطف على اسم الفاعل «شاهدا» ويعربان مثله بمعنى ومبشرا
على الطاعة ومحذرا على المعصية أو يكون مفعولا اللفظتين محذوفين اختصارا وهما
يعملان عمل فعلهما المتعدي إلى المفعول. التقدير : مبشرا بالجنة من صدقك ومخوفا
بالنار من عصاك.
(لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ
وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً)
(٩)
(لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ
وَرَسُولِهِ) : اللام حرف جر للتعليل. تؤمنوا : فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بتؤمنوا. الواو عاطفة. رسوله : جار
ومجرور متعلق بتؤمنوا بمعنى ولتصدقوا برسوله والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه
والجملة الفعلية «تؤمنوا بالله ورسوله» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة
وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بأرسلنا وفي
القول الكريم مخاطبة الناس لأن مخاطبة الرسول هي مخاطبة لأمته. ويجوز أن تكون
اللام لام الأمر ويكون الفعل مجزوما بلام الأمر وعلامة جزمه حذف النون.
(وَتُعَزِّرُوهُ
وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ) : الجمل الفعلية معطوفة بواوات العطف على جملة «تؤمنوا»
وتعرب إعرابها. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى :
وتقووه بالنصرة .. والمراد بتعزير الله : تقوية دينه ورسوله .. وتعظموه وتنزهوه عن
كل شائبة أي عما لا يليق به سبحانه.
(بُكْرَةً وَأَصِيلاً) : مفعول فيه ـ ظرف زمان ـ منصوب على الظرفية وعلامة
نصبه الفتحة المنونة متعلق بتسبحوه بمعنى : صباحا. وأصيلا : معطوف بالواو على «بكرة»
ويعرب مثله بمعنى ومساء أو وقت صلاة الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء.
(إِنَّ الَّذِينَ
يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ
نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ
اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)
(١٠)
(إِنَّ الَّذِينَ
يُبايِعُونَكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني
على الفتح في محل نصب اسم «إن». يبايعونك : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها
وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير
متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به بمعنى : يعاهدونك على
البقاء معك نصرة للإسلام.
(إِنَّما يُبايِعُونَ
اللهَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» ويجوز أن تكون
الجملة الفعلية لا محل لها أكدها سبحانه فتكون الجملة الاسمية «يد الله فوق أيديهم»
في محل رفع خبر «إن». إنما : كافة ومكفوفة. يبايعون : أعربت. الله لفظ الجلالة :
مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة بمعنى يعاهدونه سبحانه على مقارعة أعدائه.
(يَدُ اللهِ فَوْقَ
أَيْدِيهِمْ) : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف
إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. فوق : ظرف مكان منصوب على
الظرفية متعلق بخبر المبتدأ وهو مضاف. أيدي : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره
الكسرة المقدرة على الياء للثقل وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في
محل جر مضاف إليه ثان بمعنى : إن الله مطلع على عهدهم.
(فَمَنْ نَكَثَ) : الفاء استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ. وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من» نكث : فعل ماض
مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بمن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو
بمعنى : فمن نقض العهد منهم أو البيعة. والجملة الفعلية «نكث» صلة الموصول لا محل
لها.
(فَإِنَّما يَنْكُثُ) : الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء
رابطة لجواب الشرط. إنما : كافة ومكفوفة. ينكث : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
(عَلى نَفْسِهِ) : جار ومجرور متعلق بينكث والهاء ضمير متصل ـ ضمير
الغائب ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : فإنما ضرر ذلك النكث عائد عليه.
(وَمَنْ أَوْفى) : معطوف بالواو على «من نكث» ويعرب إعرابه وعلامة بناء
الفعل الفتحة المقدرة على الألف للتعذر.
(بِما عاهَدَ) : الباء حرف جر. ما : مصدرية. عاهد : تعرب إعراب «نكث»
والجملة الفعلية «عاهد عليه الله» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها
بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بأوفى بمعنى ومن وفى بعهده
لله ..
(عَلَيْهُ اللهَ) : جار ومجرور متعلق بعاهد. الله لفظ الجلالة : مفعول به
منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة وحرك الهاء بالضم على الأصل لأن ما قبله حرف
ساكن ولم يتبع حركة الياء مثل «منه» والأصل في الضمائر الشبيهة المتصلة بأحرف الجر
المنتهية بالياء أو بالألف مثل «على» المنقلبة ياء لارتباط الضمير بها مثل «عليه»
الأصل في هذه الضمائر أن تبنى على الكسر مراعاة واتباعا للياء إلا أن الضمير هنا
في «عليه» جيء مضموما على لغة من يبقي حرف الجر «على» كما هي عند ارتباط الضمير به
فيقول : علاه. ومع هذا فخط المصحف سنة تتبع.
(فَسَيُؤْتِيهِ
أَجْراً عَظِيماً) : الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء
رابطة لجواب الشرط. السين : حرف تسويف ـ استقبال للقريب ـ يؤتيه : فعل مضارع مرفوع
بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء
ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به أول. أجرا : مفعول به ثان منصوب
بيؤتي المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة المنونة. عظيما : صفة ـ نعت ـ
للموصوف «أجرا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة. بمعنى : سيعطيه
ثوابا عظيما في الدنيا والآخرة. وجاء جواب الشرط «ينكث» مرفوعا لأنه سبق بإنما
فتكون الجملة في محل جزم ومثله «فسيؤتيه» لأنه اقترن بسين الاستقبال.
(سَيَقُولُ لَكَ
الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرابِ شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا
فَاسْتَغْفِرْ لَنا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ
فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ
بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً)
(١١)
(سَيَقُولُ لَكَ
الْمُخَلَّفُونَ) : السين حرف تسويف ـ استقبال ـ للقريب. يقول : فعل
مضارع مرفوع بالضمة. لك : جار ومجرور متعلق بيقول. المخلفون : فاعل مرفوع بالواو لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي الذين تخلفوا عن نصرتك حين
دعوتهم للحرب.
(مِنَ الْأَعْرابِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «المخلفون» و «من»
حرف جر بياني.
(شَغَلَتْنا
أَمْوالُنا وَأَهْلُونا) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي
فعل ماض مبني على الفتح. التاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها و «نا» ضمير متصل ـ
ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. أموال : فاعل مرفوع
بالضمة. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف
إليه. وأهلونا : معطوفة على «أموالنا» وتعرب إعرابها وعلامة رفع الاسم الواو لأنه
ملحق بجمع المذكر السالم ـ أصله : أهلوننا ـ حذفت النون الأولى للإضافة.
(فَاسْتَغْفِرْ لَنا) : الفاء استئنافية تفيد هنا التسبيب. استغفر : فعل طلب
مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. اللام حرف جر و «نا»
ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق باستغفر
أي فاستغفر لنا ربنا على التخلف عن الخروج معك.
(يَقُولُونَ
بِأَلْسِنَتِهِمْ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل. بألسنة : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير المتكلمين بتقدير :
ناطقين بألسنتهم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(ما لَيْسَ فِي
قُلُوبِهِمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. ليس
: فعل ماض ناقص مبني على الفتح من أخوات «كان» واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره :
هو. في قلوب : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «ليس» التقدير : ما ليس كائنا في
قلوبهم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه بمعنى يقولون ذلك
نفاقا.
(قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره أنت ـ أصله : قول ـ حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة
الاسمية بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الفاء واقعة في جواب شرط مقدم.
من : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يملك : فعل مضارع مرفوع
بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «يملك» وما بعدها
في محل رفع خبر «من».
(لَكُمْ مِنَ اللهِ
شَيْئاً) : جار ومجرور متعلق بيملك والميم علامة جمع الذكور. من
الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بحال مقدمة من «شيئا». شيئا : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وجاءت صيغة الاستفهام في «من» بمعنى النفي أي لا أحد
يملك لكم شيئا بمعنى : لا أحد يمنعكم من إرادته سبحانه.
(إِنْ أَرادَ) : حرف شرط جازم. أراد : فعل ماض مبني على الفتح فعل
الشرط في محل جزم بإن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله سبحانه
بمعنى : إن شاء وحذف جواب الشرط لتقدم معناه.
(بِكُمْ ضَرًّا) : جار ومجرور متعلق بأراد والميم علامة جمع الذكور. ضرا
: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(أَوْ أَرادَ بِكُمْ
نَفْعاً) : حرف عطف للتخيير. أراد بكم نفعا : معطوفة على جملة «أراد
بكم ضرا» وتعرب إعرابها .. بمعنى : ومن يحرمكم النفع إن أراد بكم نفعا؟
(بَلْ كانَ اللهُ) : حرف استئناف للإضراب. كان : فعل ماض ناقص مبني على
الفتح. الله لفظ الجلالة : اسم «كان» مرفوع للتعظيم بالضمة.
(بِما تَعْمَلُونَ
خَبِيراً) : الباء حرف جر ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
جر بالباء. تعملون : تعرب إعراب «يقولون» والجملة الفعلية «تعملون» صلة الموصول لا
محل لها. خبيرا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والعائد ـ الراجع ـ إلى
الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : بما تعملونه أو تكون «ما»
مصدرية فتكون جملة «تعملون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها في تأويل
مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق باسم الفاعل «خبيرا» التقدير والمعنى
كان بأعمالكم خبيرا.
(بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ
لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ
ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً)
(١٢)
(بَلْ ظَنَنْتُمْ) : حرف إضراب للاستئناف. ظننتم : فعل ماض مبني على
السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على
الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور بمعنى : بل خيل لكم.
(أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ) : مخففة من الثقيلة وهي حرف مشبه بالفعل واسمها ضمير
شأن محذوف تقديره : أنه أي الشأن وخبرها : الجملة الفعلية بعدها في محل رفع و «أن»
وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «ظن» ويجوز أن تكون «أن»
ملغاة لأن العرب إذا جمعت بين حرفين عاملين ألغت أحدهما. لن : حرف نفي ونصب
واستقبال. ينقلب : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة بمعنى لن يرجع.
(الرَّسُولُ
وَالْمُؤْمِنُونَ) : فاعل مرفوع بالضمة. والمؤمنون : معطوف بالواو على «الرسول»
مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد
وحركته بمعنى بل أحسبتم أن الرسول والمؤمنين لن يرجعوا.
(إِلى أَهْلِيهِمْ
أَبَداً) : جار ومجرور متعلق بينقلب وعلامة جر الاسم الياء لأنه
ملحق بجمع المذكر السالم ـ أصله : أهلين ـ حذفت النون للإضافة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. أبدا : ظرف زمان للمستقبل يدل على الاستمرار وهو
منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة لانقطاعه عن الاضافة متعلق بينقلب.
(وَزُيِّنَ ذلِكَ) : الواو عاطفة. زين : فعل ماض مبني للمجهول مبني على
الفتح. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع نائب فاعل. اللام للبعد والكاف
للخطاب بمعنى : وزين الشيطان ذلك الامتناع من الخروج مع النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(فِي قُلُوبِكُمْ) : جار ومجرور متعلق بزين. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور.
(وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ
السَّوْءِ) : معطوفة بالواو على «ظننتم» الأولى وتعرب إعرابها. ظن
: مفعول مطلق ـ مصدر ـ لبيان النوع منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. السوء :
مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى وظننتم ظنا سيئا ما ذكر أي تخلي
الله عن نصرة نبيه. وأضيف الظن إلى السوء للذم.
(وَكُنْتُمْ قَوْماً
بُوراً) : الواو عاطفة. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون
لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم
في محل رفع اسم «كان». قوما : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والميم
في «كنتم» علامة جمع الذكور. بورا : صفة ـ نعت ـ للموصوف ـ المنعوت ـ قوما منصوب
بالفتحة المنونة.
(وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ
بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً)
(١٣)
(وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبره. لم : حرف نفي وجزم
وقلب. يؤمن : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره فعل الشرط في محل جزم بمن
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «لم يؤمن بالله ورسوله»
صلة الموصول لا محل لها.
(بِاللهِ وَرَسُولِهِ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بيؤمن. الواو عاطفة. رسوله
: اسم مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
(فَإِنَّا أَعْتَدْنا) : الجملة المؤولة وما بعدها جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم بمن.
الفاء واقعة في جواب الشرط. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل
مدغم بنون «إن» مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». أعتدنا : الجملة الفعلية في
محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل بمعنى : إنا هيأنا.
(لِلْكافِرِينَ
سَعِيراً) : جار ومجرور متعلق بأعتدنا وعلامة جر الاسم الياء لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. سعيرا : مفعول به منصوب وعلامة
نصبه الفتحة المنونة.
(وَلِلَّهِ مُلْكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ
اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)
(١٤)
(وَلِلَّهِ مُلْكُ) : الواو استئنافية. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل
رفع خبر مقدم. ملك : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو مضاف.
(السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض
: معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها.
(يَغْفِرُ لِمَنْ
يَشاءُ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من لفظ الجلالة وهي
فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. اللام حرف جر و «من»
اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيغفر. يشاء :
تعرب إعراب «يغفر» والجملة الفعلية «يشاء» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى
الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : لمن يشاؤه من عباده أو
يكون المفعول به المحذوف اختصارا اسما صريحا بمعنى : يغفر الذنوب أي يسترها لمن
يشاء مغفرته وفي هذا المعنى يكون مفعول «يغفر» محذوفا أيضا وهو «الذنوب» من باب
الاختصار والعلم به.
(وَيُعَذِّبُ مَنْ
يَشاءُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «يغفر لمن يشاء»
وتعرب مثلها و «من» اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به للفعل «يعذب»
وحذف مفعول «يشاء» المعنى : من يشاء تعذيبه.
(وَكانَ اللهُ
غَفُوراً رَحِيماً) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح.
الله لفظ الجلالة : اسم «كان» مرفوع للتعظيم بالضمة. غفورا رحيما : خبرا «كان»
منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة أي غفورا لمن تاب رحيما بعباده.
** (وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ
وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة
وقد جاء الفعل «يؤمن» بصيغة الإفراد على لفظ «من» وجيء بلفظة «الكافرين» بصيغة
الجمع على معنى «من» لأن «من» مفردة لفظا مجموعة معنى. و «أعتدنا» بمعنى : هيأنا
مشتق من العتاد وهو الآلة .. وسعيرا : بمعنى : نارا متقدة ونكرت الكلمة لأنها نار
مخصوصة. أي متسعرة بمعنى متوقدة.
** (فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخامسة عشرة
.. يقال : حسده على النعمة ـ يحسده ـ حسدا .. من باب «دخل» وحسده النعمة حسدا ـ بفتح
السين أكثر من سكونها يتعدى الفعل إلى المفعول الثاني بنفسه وبالحرف .. بمعنى :
كرهها عنده وتمنى زوالها عنه وأما الحسد على الشجاعة ونحو ذلك فقد قال الفيومي فهو
الغبطة وفيه معنى التعجب وليس فيه تمني زوال ذلك على المحسود فإن تمناه فهو القسم
الأول وهو حرام والفاعل حاسد وحسود ـ فعول بمعنى فاعل ـ والجمع : حساد وحسدة
والفعل «حسد» من باب «دخل» وقال الأخفش : وبعضهم يقول يحسده بكسر السين. وقيل :
إذا كان هناك أبشع من الحسد فهو اغتباط المرء بأن يكون محسودا أما «الغبطة» بكسر
الغين
فهو اسم من غبطته ـ أغبطه ـ من باب «ضرب» بمعنى تمنيت مثل حال المغبوط ـ اسم
مفعول ـ من غير أن أريد زوال الحال أو النعمة عنه وهو ليس بحسد. قال أبو سعيد : الاسم
: الغبطة وهي حسن الحال ومنه قولهم : اللهم غبطا لا هبطا ـ بفتح الغين والهاء
بمعنى نسألك الغبطة ونعوذ بك أن نهبط عن حالنا. والغابط ـ اسم فاعل ـ وهو عكس
الحاسد وقد وردت هذه اللفظة في قول الشاعر :
كضرائر
الحسناء قلن لوجهها
|
|
حسدا وبغضا
إنه لدميم
|
بمعنى : قلن عن
وجهها .. ودميم : بمعنى : قبيح المنظر .. و «ضرائر» جمع «ضرة» وهي امرأة زوجها
وقال شاعر آخر :
ذل من يغبط
الذليل بعيش
|
|
رب عيش أخف
منه الحمام
|
يقال : امرأة
حسود وهي حسود ولا يقال : امرأة حسودة شأنها في ذلك شأن «صبور» لأن صيغة «فعول»
هنا بمعنى الفاعل وذلك لوجود الموصوف «امرأة» وقد شذت «عدوة» إذ قالوا فلانة عدوة
الله .. ويجب التفريق بين المذكر والمؤنث بالتاء إذا كان الموصوف غير معروف نحو
قولنا : الحسودة تؤذي نفسها لأنهم قالوا : يكفيك من الحاسد أنه يغتم عند سرورك ..
وقيل أيضا : الحسد داء لا يبرأ. وقيل : ليس للحاسد إلا ما حسد .. أي لا يحصل على
شيء إلا على الحسد فقط. يروى أن رجلا من أهل البصرة كان بذيئا شريرا يؤذي جيرانه
بحديثه ويشتمهم فأتاه رجل ونهاه عن ذلك وسأله لما ذا يشتكي جيرانه منه؟ فقال :
إنهم يحسدونني! قال له الرجل : وعلى أي شيء يحسدونك؟ قال : على الصلب! فسأله وكيف
ذلك؟ قال البصري : أقبل معي فأخذه إلى جيرانه وقد بدا متحازنا .. فقال الجيران :
ما لك؟ قال : جاء الليلة كتاب من معاوية بصلبي وصلب مالك بن المنذر وفلان وفلان من
أشراف البصرة! فوثب الجيران عليه وقالوا له : يا عدو الله أنت تصلب مع هؤلاء
الأشراف؟ وأنت لا كرامة ولا شرف لك. فالتفت البصري إلى الرجل وقال له : أرأيت كيف
يحسدونني على الصلب!؟
** (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا
عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة عشرة
.. المعنى : ليس على هؤلاء إثم ومؤاخذة في التخلف عن الجهاد لوجود أعذارهم معهم
فهم عاجزون وغير متمكنين من خوض القتال .. ويقال : عمي الرجل ـ يعمى ـ عميا .. من
باب «صدي» بمعنى : ذهب بصره فهو أعمى وهم عمي .. والعمى هو ذهاب البصر وفي قولهم :
عمي عليه الأمر معناه التبس وهذا الرجل عمي القلب : كناية عن جهله. أما الأعرج
ففعله «عرج» نحو عرج ـ يعرج الرجل .. من باب «دخل» إذا أصابه شيء في رجله فمشى
مشية العرجان .. أما إذا كانت العاهة خلقت معه فباب الفعل هو «طرب» فنقول : عرج ـ بكسر
الراء ـ فهو أعرج .. ويقال في التعجب : ما أشد عرجه! ولا نقول ما أعرجه! لأن ما
كان لونا أو خلقة في الجسد لا يقال منه التعجب ما أفعله! أي من الفعل بل يقال ذلك
مع «أشد» ونحوه .. والفعل «مرض» من الباب نفسه ـ باب عرج ـ وهو طرب .. نحو : مرض
.. يمرض مرضا .. والمرض هو السقم ويقال في الفعل المزيد فلان يتمارض : بمعنى :
تظاهر أو أرى من نفسه المرض وليس به مرض .. وقال الفيومي : يقال : مرض الحيوان
مرضا ـ من باب «تعب» والمرض حالة خارجة عن الطبع ضارة بالفعل ويعلم من هذا أن
الآلام والأورام أعراض عن المرض وقال
ابن فارس : المرض : كل ما خرج به الإنسان عن حد الصحة من علة أو نفاق أو
تقصير في أمر ومرض مرضا لغة قليلة الاستعمال قال الأصمعي : قرأت على أبي عمرو ابن
العلاء في قلوبهم مرض فقال لي مرض ـ بسكون الراء ـ يا غلام والفاعل من الأولى مريض
وجمعه : مرضى ومن الثانية : مارض .. ومرضته تمريضا : بمعنى تكفلت بمداواته.
** سبب نزول
الآية : قال ابن عباس : لما نزلت (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا
كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ) أي الآية الكريمة السابقة قال أهل الزمانة : كيف بنا يا
رسول الله؟ فأنزل الله تعالى : (لَيْسَ عَلَى
الْأَعْمى حَرَجٌ ..) ولفظة «الزمانة» معناها : مرض يدوم زمانا طويلا .. يقال
: زمن الشخص ـ يزمن ـ زمنا وزمانة .. من باب «تعب» بمعنى دام مرضه زمانا طويلا فهو
زمن وهم زمنى ـ مثل مرضى وأزمنه الله فهو مزمن.
** (إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ
فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ
فَتْحاً قَرِيباً) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة عشرة
.. المعنى : لقد رضي الله عن المؤمنين إذ عاهدوك يا محمد تحت الشجرة فعلم ما في
قلوبهم من الإيمان والإخلاص فأنزل الطمأنينة والثبات وجعل ثوابهم فتح خيبر بعد
انصرافهم وقبل فتح مكة.
** سبب نزولها
: لما نزل الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الحديبية سنة ست وهي قرب مكة وكان قصده أن يعتمر فبعث
بخراش بن أمية الخزاعي إلى أهل مكة فهموا بقتله فحماه بعضهم فرجع فبعث النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عثمان بن عفان فحبسوه فدعا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أصحابه وكانوا ألفا وثلاثمائة أو ألفا وأربعمائة أو
ألفا وخمسمائة وبايعهم على أن يقاتلوا قريشا ولا يفروا منهم ـ بيعة الرضوان ـ وكان
جالسا تحت الشجرة ـ شجرة سمرة أو سدرة في الحديبية وهي الشجرة المذكورة في الآية
الكريمة.
** (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العشرين بمعنى
: ومنع أيدي أهل خيبر أن تصيبكم بسوء .. يقال : كف عن الشيء ـ يكف ـ كفا .. من باب
«قتل» بمعنى : تركه وكففته كفا : بمعنى : منعته فكف هو .. الفعل يتعدى ولا يتعدى
إلى المفعول. قال الأزهري : الكف : هي الراحة ـ راحة اليد ـ مع الأصابع سميت بذلك
لأنها تكف الأذى عن البدن .. وتكفف الرجل الناس واستكفهم بمعنى : مد كفه إليهم
بالمسألة. قال الشاعر :
لمست بكفي
كفه أبتغي الغنى
|
|
ولم أدر أن
الجود من كفه يعدي
|
فلا أنا منه
ما أفاد ذوو الغنى
|
|
أفدت وأعداني
فاتلفت ما عندي
|
و «الكف» من
الإنسان وغيره لفظة مؤنثة. قال ابن الأنباري : وزعم من لا يوثق به أن الكف مذكر
ولا يعرف تذكيرها من يوثق بعلمه .. وأما قولهم : هذا كف مخضب فهو على معنى : ساعد
مخضب وجمعه كفوف وأكف .. وقولهم : تكفف فلان .. إضافة إلى معنى : مد كفه إليهم
بالسؤال فمعناه أيضا : أخذ الشيء بكفه.
** (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ
عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة
والعشرين المعنى : وهو الذي أي الله سبحانه منع أيدي المشركين كفار مكة أن تصل
إليكم بأذى أو تنالكم بمكروه ببطن مكة أي بوادي الحديبية القريب من مكة .. ومكة
ويطلق عليها : أم القرى هي مكان أول بيت وضع للناس ولأنها قبلة أهل القرى كلهم
ومحجهم ولأنها أعظم القرى شأنا ومنزلة لدى المسلمين قاطبة وروت أم هانئ «أنه لما
فتح باب
الكعبة صلى ـ عليه الصلاة والسلام ـ صلاة الضحى ثماني ركعات وتشتهر مكة
المكرمة ببئر زمزم ذات المياه المباركة التي تفجرت مياهها عند ما عطشت السيدة «هاجر»
وابنها سيدنا اسماعيل ـ عليهالسلام ـ ومعنى «الزمزم» هو المياه التي طعمها بين الملح
والعذب.
** (مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ
عَلَيْهِمْ) : المعنى : من بعد أن أفلحكم عليهم .. وقد تعدى الفعل
الرباعي «أظفر» إلى المفعول في حين أن الفعل الثلاثي «ظفر» وهو من باب «طرب» فعل
لازم ومتعد أيضا نحو : ظفر الرجل بعدوه يظفر ظفرا : بمعنى : فاز به يفوز فوزا
وظفره أيضا .. مثل لحق به ولحقه فالفعل يتعدى بالباء وبالمفعول الصريح واسم الفاعل
منه هو : ظفر .. مثل «تعب» ويقال : أظفر الرجل مطلوبه : أي فاز به وبمطلوبه وعليه
: أي فاز به وغلب .. وظفره الله وأظفره بعدوه : بمعنى : جعله يظفر به فهو رجل مظفر
ـ اسم مفعول : أي صاحب دولة في الحرب أي لا يحاول أمرا إلا ظفر به.
** سبب نزول
الآية : أخرج مسلم وغيره عن أنس قال : لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ثمانون رجلا من جبل التنعيم يريدون غرة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأخذوا فأعتقهم فنزلت هذه الآية الكريمة. أما الفعل «ضفر»
فهو من باب «ضرب» يقال : ضفر الرجل ـ يضفر ـ ضفرا : بمعنى : وثب في عدوه ومنه
القول : تضافر القوم : أي تعاونوا لأنه سعي. والضفائر : جمع «ضفيرة» وهي الخصلة من
الشعر.
(سَيَقُولُ
الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا
نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا
كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا
لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً)
(١٥)
(سَيَقُولُ
الْمُخَلَّفُونَ) : السين حرف استقبال ـ تسويف ـ يقول : فعل مضارع مرفوع
بالضمة. المخلفون : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض
من تنوين المفرد وحركته بمعنى المتخلفون عن الحديبية.
(إِذَا انْطَلَقْتُمْ) : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون أداة شرط
غير جازمة ـ متضمن معنى الشرط ـ خافض لشرطه متعلق ـ منصوب ـ بجوابه. انطلقتم : فعل
ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور والجملة
الفعلية «انطلقتم ..» في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف والجملة الشرطية مع
جوابها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(إِلى مَغانِمَ
لِتَأْخُذُوها) : جار ومجرور متعلق بانطلقتم وعلامة جر الاسم الفتحة
بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف على وزن «مفاعل» ولانقطاعه عن
الإضافة. المعنى : إلى مغانم خيبر أي غنائم خيبر جمع «مغنم» أي غنيمة. اللام حرف
جر للتعليل. تأخذوا : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون.
الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب
مفعول به. والجملة الفعلية «تأخذوها» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما
بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بانطلقتم.
(ذَرُونا
نَتَّبِعْكُمْ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل
طلب مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به
بمعنى : اتركونا أو دعونا. نتبعكم : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة جزمه
سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور بمعنى :
اتركونا أو دعونا نتبعكم لنأخذ منها.
(يُرِيدُونَ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل والجملة الفعلية «يريدون» في محل نصب حال.
(أَنْ يُبَدِّلُوا) : حرف مصدري ناصب. يبدلوا : فعل مضارع منصوب وعلامة
نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى أن يغيروا.
والجملة الفعلية «يبدلوا كلام الله» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما تلاها
بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به ليريدون.
(كَلامَ اللهِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ الجلالة
: مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة بمعنى وعد الله.
(قُلْ لَنْ
تَتَّبِعُونا) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره أنت ـ أصله : قول ـ حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة
الفعلية بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لن : حرف نصب ونفي واستقبال.
تتبعوا : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
(كَذلِكُمْ قالَ اللهُ) : الكاف اسم مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ بمعنى «مثل»
والجملة الفعلية «قال الله» في محل رفع خبر المبتدأ. التقدير : مثل ذلك القول قال
الله بمعنى : مثل ذلك الإخبار أخبرنا الله أن غنيمة خيبر تؤول لمن شهد الحديبية.
أو تكون الكاف في محل نصب صفة لمفعول مطلق ـ مصدر ـ أو نائبا عنه. التقدير : قال
الله قولا مثل ذلك القول بمعنى : أخبرنا الله إخبارا مثل ذلك الإخبار. ذا : اسم
إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. اللام للبعد. الكاف حرف خطاب والميم
علامة الجمع. قال : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع
للتعظيم بالضمة.
(مِنْ قَبْلُ
فَسَيَقُولُونَ) : حرف جر. قبل : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة
في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بقال. الفاء استئنافية للتسبيب. السين حرف
تسويف ـ استقبال ـ للقريب. يقولون : تعرب إعراب «يريدون» والجملة الفعلية بعدها في
محل نصب مفعول به.
(بَلْ تَحْسُدُونَنا) : حرف عطف للاضراب .. معناه : رد أن يكون حكم الله أن
لا يتبعوهم وإثبات الحسد. تحسدون : تعرب إعراب «يريدون» و «نا» أعرب في «تتبعونا»
بمعنى فسيقول المنافقون بل تمنعوننا من الخروج معكم حسدا منكم لنا.
(بَلْ كانُوا لا
يَفْقَهُونَ) : حرف عطف للإضراب عن وصفهم بإضافة الحسد إلى المؤمنين
وقلة الفقه إلى وصفهم بما هو أكثر منه وهو الجهل. كانوا :
فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل
رفع اسم «كان» والألف فارقة. لا يفقهون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» لا
: نافية لا عمل لها. يفقهون : تعرب إعراب «يقولون» أو «يريدون» بمعنى لا يفهمون.
(إِلَّا قَلِيلاً) : أداة حصر لا عمل لها. قليلا : صفة ـ نعت ـ لمفعول
مطلق ـ مصدر ـ محذوف. بمعنى : إلا فهما قليلا وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(قُلْ
لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ
شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ
أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ
يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً)
(١٦)
(قُلْ
لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ) : أعربت في الآية الكريمة السابقة. للمخلفين : جار
ومجرور متعلق بقل وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين
المفرد وحركته. من الأعراب : جار ومجرور متعلق بحال من «المخلفين» و «من» حرف جر
بياني بمعنى قل يا محمد للمتخلفين عن نصرتك من سكان البادية. جمع : أعرابي وهو ليس
العربي الذي يكون جنسه عربيا كرر سبحانه هذا القول مبالغة في ذمهم لتخلفهم عن
الحديبية.
(سَتُدْعَوْنَ إِلى
قَوْمٍ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ السين
حرف استقبال ـ تسويف. تدعون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. إلى قوم : جار ومجرور متعلق بتدعون بمعنى : إلى
منازلة أو قتال قوم فحذف المضاف «منازلة» وحل المضاف إليه محله.
(أُولِي بَأْسٍ
شَدِيدٍ) : صفة ـ نعت ـ لقوم مجرور مثله وعلامة جره الياء لأنه
ملحق بجمع المذكر السالم والواو تكتب ولا تلفظ والكلمة لا مفرد لها من لفظها وقيل
: مفردها : ذو وهي اسم جمع بمعنى «ذوو» أي أصحاب. بأس : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى ذوي أي أصحاب شدة في الحرب. شديد : صفة ـ نعت ـ لبأس
مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة قيل هم بنو ثقيف وبنو هوازن.
(تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ
يُسْلِمُونَ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير المخاطبين في
«تدعون» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. أو : حرف عطف للتخيير. يسلمون :
الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «تقاتلونهم» وتعرب إعراب «تقاتلون» أي يكون
أحد الأمرين إما مقاتلتهم أو إسلامهم لا ثالث لهما.
(فَإِنْ تُطِيعُوا) : الفاء استئنافية. إن : حرف شرط جازم. تطيعوا : فعل
مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل والألف فارقة أي فإن تطيعوا الله ورسوله ..
(يُؤْتِكُمُ اللهُ
أَجْراً) : الجملة الفعلية وما بعدها جواب شرط جازم غير مقترن
بالفاء فلا محل لها وهي فعل مضارع جواب الشرط مجزوم وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف
العلة ـ الياء ـ وبقيت الكسرة المجانسة للياء دالة عليها. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول مقدم والميم علامة جمع الذكور.
الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. أجرا : مفعول به ثان منصوب بيؤتي
وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(حَسَناً وَإِنْ
تَتَوَلَّوْا) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «أجرا» منصوب مثله وعلامة نصبه
الفتحة المنونة. الواو عاطفة. إن تتولوا : معطوف على «إن تطيعوا» ويعرب مثله بمعنى
وإن تعرضوا أو تبتعدوا أي تتخلفوا.
(كَما تَوَلَّيْتُمْ) : الكاف حرف جر. ما : مصدرية. توليتم : فعل ماض مبني
على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني
على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. والجملة الفعلية «توليتم» صلة
حرف مصدري لا محل لها و «ما» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالكاف
والجار والمجرور متعلق بمفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف. التقدير : وإن تتولوا تولية
كتوليتكم بمعنى وإن تتخلفوا تخلفا كتخلفكم من قبل هذه التولية عن غزوة الحديبية.
(مِنْ قَبْلُ
يُعَذِّبْكُمْ) : حرف جر. قبل : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة
في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بتوليتم أي من قبل هذه التولية. يعذب : فعل
مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره : هو. و «كم» أعرب في «يؤتكم» وجملة «يعذبكم» جواب الشرط الجازم غير مقترن
بالفاء لا محل لها.
(عَذاباً أَلِيماً) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة. أليما : صفة ـ نعت ـ للموصوف «عذابا» منصوب بالفتحة المنونة.
(لَيْسَ عَلَى
الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ
وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً)
(١٧)
(لَيْسَ عَلَى
الْأَعْمى حَرَجٌ) : فعل ماض ناقص من أخوات «كان» مبني على الفتح. على
الأعمى : جار ومجرور في محل نصب خبر «ليس» المقدم. حرج : اسم «ليس» المؤخر مرفوع
بالضمة المنونة وعلامة جر الاسم المجرور «الأعمى» الكسرة المقدرة على الألف
المقصورة للتعذر بمعنى ليس عليه وعليهم إثم في التخلف عن الجهاد.
(وَلا عَلَى
الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) : معطوفان بواوي العطف على «ليس على الأعمى حرج»
ويعربان إعرابه وعلامة جر «الأعرج» و «المريض» الكسرة الظاهرة على آخرهما و «لا»
زائدة لتأكيد معنى النفي.
(وَمَنْ يُطِعِ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ. يطع : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه حذف آخره الذي
حرك بالكسر لالتقاء الساكنين وأصله : يطيع .. حذفت الياء الثانية تخفيفا ولالتقاء
الساكنين أيضا وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من».
(اللهَ وَرَسُولَهُ) : لفظ الجلالة مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب
الفتحة. الواو عاطفة. رسوله : مفعول به منصوب بيطع وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير
متصل في محل جر مضاف إليه والجملة الفعلية «يطع
الله ورسوله» صلة الموصول «من» لا محل لها بمعنى ومن يطع الله في كل ما أمر
به ونهى عنه.
(يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء فلا
محل لها وهي فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط ـ جزاؤه ـ وعلامة جزمه سكون آخره
والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على
الضم في محل نصب مفعول به أول. جنات : مفعول به ثان منصوب بيدخل المتعدي إلى
مفعولين وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث
السالم.
(تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ لجنات وهي فعل
مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. من تحت : جار ومجرور متعلق بتجري أو
بحال محذوف من «الأنهار» التقدير : كائنة تحتها و «ها» ضمير متصل مبني على السكون
في محل جر مضاف إليه. الأنهار : فاعل مرفوع بالضمة.
(وَمَنْ يَتَوَلَ) : معطوف بالواو على «من يطع» ويعرب إعرابه وعلامة جزم
الفعل حذف آخره ـ حرف العلة الألف المقصورة.
(يُعَذِّبْهُ عَذاباً
أَلِيماً) : أعرب في نهاية الآية الكريمة السابقة والهاء ضمير متصل
ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به.
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ
عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي
قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً)
(١٨)
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ) : اللام لام الابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. رضي :
فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
(عَنِ الْمُؤْمِنِينَ) : جار ومجرور متعلق برضي وعلامة جر الاسم الياء لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(إِذْ يُبايِعُونَكَ) : حرف للتعليل لا محل لها أو ظرف لما مضى من الزمن مبني
على السكون في محل نصب بمعنى «حين» متعلق برضي. يبايعونك : فعل مضارع مرفوع بثبوت
النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني
على الفتح في محل جر مضاف إليه والجملة الفعلية فعلها ماض محلا لا لفظا وهي في محل
جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف.
(تَحْتَ الشَّجَرَةِ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بيبايعون وهو مضاف.
الشجرة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أو يكون الظرف متعلقا بحال
محذوف من ضمير الغائبين في «يبايعونك» التقدير : كائنين تحت الشجرة.
(فَعَلِمَ ما فِي
قُلُوبِهِمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على جملة «رضي» وتعرب
إعرابها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله سبحانه. ما : اسم موصول
مبني على السكون في محل نصب مفعول به. في قلوب : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف
تقديره : اعتمل .. كان .. استقر و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر
مضاف إليه والجملة الفعلية «اعتمل في قلوبهم» صلة الموصول لا محل لها بمعنى ما
فيها من الإيمان والصدق ..
(فَأَنْزَلَ
السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ) : تعرب إعراب «فعلم» السكينة : مفعول به منصوب وعلامة
نصبه الفتحة. على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى. والجار والمجرور
متعلق بأنزل بمعنى فأنزل الطمأنينة وسكون النفس عليهم.
(وَأَثابَهُمْ فَتْحاً
قَرِيباً) : تعرب إعراب «فعلم» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين
ـ في محل نصب مفعول به أول. فتحا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة. قريبا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «فتحا» منصوب بالفتحة المنونة.
(وَمَغانِمَ كَثِيرَةً
يَأْخُذُونَها وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً)
(١٩)
(وَمَغانِمَ كَثِيرَةً) : معطوفة بالواو على «فتحا قريبا» في الآية الكريمة
السابقة وتعرب إعرابها بمعنى وأثابهم أي جزاهم أو أعطاهم غنائم كثيرة أيضا ولم
ينون آخر «مغانم» لأنه اسم ممنوع من الصرف على وزن «مفاعل».
(يَأْخُذُونَها وَكانَ
اللهُ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ثانية لمغانم وهي فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني
على السكون في محل نصب مفعول به. الواو عاطفة. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح.
الله لفظ الجلالة : اسم «كان» مرفوع للتعظيم وعلامة الرفع الضمة.
(عَزِيزاً حَكِيماً) : خبر «كان» على التتابع منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة
المنونة.
(وَعَدَكُمُ اللهُ
مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ
النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً
مُسْتَقِيماً)
(٢٠)
(وَعَدَكُمُ اللهُ) : فعل ماض مبني على الفتح. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور حرك
بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم وعلامة
الرفع الضمة.
(مَغانِمَ كَثِيرَةً
تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة. فعجل : معطوف بالفاء
على «وعد» ويعرب مثله والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لكم : جار ومجرور
متعلق بعجل والميم علامة جمع الذكور بمعنى وغنائم كثيرة تأخذونها من أعدائكم.
(هذِهِ وَكَفَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل نصب مفعول به أي هذه
الغنائم أي غنائم خيبر. وكف : معطوفة بالواو على الجملة الفعلية «عجل» وتعرب مثلها
بمعنى : ومنع أيدي الناس أي أهل خيبر وحلفائهم أن تمسكم بسوء.
(أَيْدِيَ النَّاسِ
عَنْكُمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الناس :
مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. عنكم : جار ومجرور متعلق بكف والميم
علامة جمع الذكور.
(وَلِتَكُونَ آيَةً
لِلْمُؤْمِنِينَ) : الواو اعتراضية والجملة بعدها اعتراضية لا محل لها.
اللام حرف جر للتعليل. تكون : فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة
نصبه الفتحة واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هي أي غنائم خيبر المعجلة. آية : خبر «تكون»
منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى دليلا على ما وعدكم الله به ووعد رسوله.
والجملة الفعلية «تكون آية» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها
بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بفعل محذوف تقديره :
فعل. أي فعل ذلك لتكون غنائم خيبر أو ولتكون الكفة آية أي دلالة على صدق الرسول
الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ويجوز أن يكون الجار والمجرور متعلقا بفعل مضمر
معطوفا عليه بالواو بمعنى : وعدكم المغانم فعجل هذه الغنيمة وكف الأعداء عنكم
لينفعكم بها ولتكون آية للمؤمنين فتكون الواو في «ولتكون» على هذا التقدير والمعنى
عاطفة وليست اعتراضية. للمؤمنين : جار ومجرور متعلق بتكون أو بصفة محذوفة من «آية»
وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً
مُسْتَقِيماً) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «ينفعكم»
المقدرة أو على «لتكون» وهي فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام ـ لام التعليل ـ وعلامة
نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «كم» أعرب في «وعدكم»
صراطا : مفعول به ثان منصوب بيهدي وعلامة نصبه الفتحة المنونة. مستقيما : صفة ـ نعت
ـ للموصوف «صراطا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة. المعنى : ليهديكم بهذه
الدلالة طريقا قويما لطاعته سبحانه. والأصل : إلى صراط فحذف حرف الجر وأوصل الفعل
متعديا إليه.
(وَأُخْرى لَمْ
تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيراً)
(٢١)
(وَأُخْرى لَمْ
تَقْدِرُوا عَلَيْها) : الواو عاطفة. أخرى : معطوفة على «هذه» أي فجعل أو
فعجل لكم هذه المغانم ومغانم أخرى فحذف الموصوف «مغانم» وحلت الصفة «أخرى» محله
وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة للتعذر أو يكون معطوفا على «وعدكم»
أي ووعدكم غنيمة أخرى أو غنائم أخرى ويجوز أن تكون الكلمة منصوبة بفعل محذوف يفسره
«قد أحاط الله بها» التقدير : وقضى الله أخرى قد أحاط بها. لم : حرف نفي وجزم
وقلب. تقدروا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل والألف فارقة. عليها : جار ومجرور متعلق بتقدروا بمعنى وغنيمة أخرى
لم تقدروا على أخذها وبعد حذف المضاف «أخذ» أوصل حرف الجر «على» بالضمير «ها»
المضاف إليه فصار : عليها. وقيل : المعنى : ووعدكم أيضا فتوحات وغنائم أخرى هي
مغانم فارس والروم وهوازن وثقيف يوم حنين. والجملة الفعلية «لم تقدروا عليها» في
محل نصب صفة لأخرى. وعلى هذا التقدير يجوز أن تكون «أخرى» مبتدأ مرفوعا على
الابتداء وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر وتكون الجملة الفعلية «قد
أحاط الله بها» في محل رفع خبر «أخرى».
(قَدْ أَحاطَ اللهُ
بِها) : حرف تحقيق. أحاط : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ
الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. بها : جار ومجرور متعلق بأحاط.
(وَكانَ اللهُ عَلى
كُلِ) : الواو عاطفة. الله لفظ الجلالة اسم «كان» مرفوع
للتعظيم بالضمة. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. على كل : جار ومجرور متعلق
بقدير.
(شَيْءٍ قَدِيراً) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
قديرا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(وَلَوْ قاتَلَكُمُ
الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا
نَصِيراً)
(٢٢)
(وَلَوْ قاتَلَكُمُ) : الواو استئنافية. لو : حرف شرط غير جازم. قاتل : فعل
ماض مبني على الفتح. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب
مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور حرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين.
(الَّذِينَ كَفَرُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. كفروا :
فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة. والجملة الفعلية «كفروا» صلة الموصول لا محل لها أي الكفار القرشيون
بالحديبية.
(لَوَلَّوُا
الْأَدْبارَ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام
واقعة في جواب «لو» ولوا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المحذوفة
لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. الأدبار : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والفتحة فوق اللام دالة على
الألف المقصورة المحذوفة بمعنى لانهزموا .. (ثُمَّ لا يَجِدُونَ) : حرف عطف للتراخي. لا : نافية لا عمل لها. يجدون : فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
(وَلِيًّا وَلا
نَصِيراً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. الواو
عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. نصيرا : معطوف على «وليا» منصوب مثله بالفتحة
المنونة بمعنى : معينا يدفع عنهم الهزيمة .. وولوا الأدبار : جمع «دبر» وهو كناية
عن الهزيمة.
(سُنَّةَ اللهِ
الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً)
(٢٣)
(سُنَّةَ اللهِ) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف تقديره : سن
الله غلبة أنبيائه سنة بمعنى : عادة الله وطريقته في تدبير الخلق و «سنة» في موضع
المصدر المؤكد. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
(الَّتِي قَدْ خَلَتْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ لسنة.
قد : حرف تحقيق. خلت : فعل ماض مبني على الفتح
المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بتاء التأنيث
التي لا محل لها والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي.
(مِنْ قَبْلُ) : حرف جر. قبل : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة
في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بخلت والجملة الفعلية «قد خلت من قبل» صلة
الموصول لا محل لها بمعنى : قد مضت في كل الأمم من قبل.
(وَلَنْ تَجِدَ
لِسُنَّةِ) : الواو استئنافية. لن : حرف نفي ونصب واستقبال. تجد : فعل
مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.
لسنة : جار ومجرور متعلق بتجد أو بمفعوله المصدر «تبديلا».
(اللهِ تَبْدِيلاً) : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر
الكسرة. تبديلا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي تحويلا.
(وَهُوَ الَّذِي كَفَّ
أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ
أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً)
(٢٤)
(وَهُوَ الَّذِي) : الواو استئنافية. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في
محل رفع مبتدأ أو يكون خبر مبتدأ محذوف اختصارا لأنه معلوم بتقدير والله هو. الذي
: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو» وتكون الجملة الاسمية «هو الذي»
في محل رفع خبر «الله» على الوجه الثاني.
(كَفَّ أَيْدِيَهُمْ
عَنْكُمْ) : أعربت في الآية الكريمة العشرين و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه والجملة «كف أيديهم» صلة الموصول لا محل لها.
(وَأَيْدِيَكُمْ
عَنْهُمْ) : معطوفة بالواو على «كف أيديهم عنكم» وتعرب إعرابها
والكاف ضمير المخاطبين في محل جر مضاف إليه بمعنى ومنع أيديكم عنهم.
(بِبَطْنِ مَكَّةَ
مِنْ بَعْدِ) : جاران ومجروران متعلقان بكف. مكة : مضاف إليه مجرور
بالفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه اسم معرفة ومؤنث ممنوع من الصرف.
(أَنْ أَظْفَرَكُمْ
عَلَيْهِمْ) : حرف مصدري ناصب. أظفركم : الجملة الفعلية صلة حرف
مصدري لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل نصب مفعول به. عليهم : جار
ومجرور متعلق بأظفر و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر مضاف إليه
بمعنى : أفلحكم عليهم.
(وَكانَ اللهُ بِما
تَعْمَلُونَ بَصِيراً) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة التاسعة من
سورة «الأحزاب».
** (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ
عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الخامسة
والعشرين .. المعنى : المشركون هم الذين كفروا بالله ورسوله ومنعوكم عن دخول
المسجد الحرام والطواف بالبيت الحرام .. يقال : سجد ـ يسجد ـ سجودا .. بمعنى «خضع»
وهو من باب «دخل» و «المسجد» بكسر الجيم وفتحها وهو المكان الذي يسجد فيه وكل موضع
يتعبد فيه فالمفعل منه بفتح العين اسما كان أو مصدرا .. تقول : دخل ـ يدخل ـ مدخلا
وهذا مدخله .. إلا أحرفا من الأسماء ألزموها كسر العين ـ أي الجيم ـ ومنها المسجد
والمطلع ـ بفتح اللام وكسرها ـ والفتح في كله جائز وإن لم يسمع ومنها المغرب
والمشرق والمسقط وغيرها .. أما «المسجدان» فهما مسجد مكة ومسجد المدينة وفي مسجد
المدينة المنورة : المسجد النبوي الشريف الذي يضم الجسم الطاهر لنبي الإنسانية
ورسول البشرية محمد بن عبد الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وعن زيد بن أسلم : الحرمات : خمس : الكعبة الحرام ..
المسجد الحرام .. البلد الحرام .. الشهر الحرام .. والمحرم حتى يحل. وعن رسول الله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : رجب : شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر
أمتي .. وقالوا في تثنية «رجب» و «شعبان» : رجبان. للتغليب أي تغليب «رجب» على «شعبان»
ويقال : رجبته مثل «عظمته» وزنا ومعنى. ومنه سمي «رجب» لأنهم كانوا يعظمونه في
الجاهلية بترك القتال فيه وسمي «شعبان» بذلك لتشعب العرب فيه : أي تفرقهم في طلب
المياه. ويجمع «الشهر» جمع قلة على «أشهر» وجمع «كثرة» على «شهور» مثل «الآلف» و «ألوف».
** سبب نزول الآية : قال أبو جعفر حبيب بن سبع : قاتلت النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أول النهار كافرا وقاتلت معه آخر النهار مسلما وكنا
ثلاثة رجال وسبع نسوة وفينا نزلت هذه الآية الكريمة في قوله (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ ..).
** (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ
الرُّؤْيا بِالْحَقِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة السابعة
والعشرين المعنى : لقد حقق الله تعالى رؤيا رسوله التي رآها بدخوله مكة ولم يكذبه
.. تعالى الله عن الكذب وعن كل قبيح علوا كبيرا .. وقيل : رأى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فتح مكة في منامه ورؤيا الأنبياء ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وحي .. يقال : رأى في منامه رؤيا ـ بلا تنوين ـ بمعنى
: حلم وجمعها «رؤى» تلفظ بالتنوين وفلان مني بمرأى ومسمع أي حيث أراه وأسمع.
قوله .. ويقال
: تراءى لي أن الأمر كيت وكيت : بمعنى : ظهر لي .. وارتأيت الأمر : أي نظرت فيه
وتدبرته. ومنه القول : رأيي كذا : بمعنى : اعتقادي .. وقال علي بن أبي طالب ـ رضي
الله عنه ـ في خطبته التي يعاتب فيها أصحابه : لا رأي لمن لا يطاع. أما الفعل «رأى»
بالعين فمصدره : الرؤية .. ويتعدى إلى مفعول واحد ويكون مفعوله الثاني حالا وإذا
كان بمعنى العلم والظن تعدى إلى مفعولين. وقيل في الأمثال : سوف ترى إذا انجلى
الغبار أفرس تحتك أم حمار. يضرب لمن ينهى عن شيء فيأبى إلا فعله.
** (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ
إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) : المعنى محلقين شعور رءوسكم ومقصرين شعور رءوسكم فحذف
المفعول به المضاف «شعور» وبقي المضاف إليه «رءوسكم» حالا محله كما حذف مفعول اسم
الفاعلين «مقصرين» وهو «شعوركم» أو شعور رءوسكم لأن ما قبله دال عليه. ومحلقون :
جمع «محلق» بمعنى : حالق ـ اسم فاعل ـ وجمع حالق هو «حالقون» جمع مذكر سالم ويجمع
جمع تكسير حلقة ـ بفتح اللام ولهذا لا يصح أن يقال : هذا الرجل يدور في كلامه في
حلقة مفرغة ـ بفتح اللام أو تقدم لكم حلقة من هذا الموضوع لأن هذه اللفظة تتنافى
مع المعنى أو المقصود وهو حلقة ـ بسكون اللام ـ وهي الدائرة المستديرة. أي كل شيء
استدار ومنها حلقة القوم : أي دائرتهم وقولهم : سأله عن حلقته : بمعنى : وهو بين
طلبته المحيطين به كالحلقة ومنه أيضا حلقة الباب وهي دائرة مفرغة تعلق بها ليقرع
بها. وقال ثعلب : كلهم يجيز ـ حلقة ـ بفتح اللام على ضعفه .. وقال أبو عمر
الشيباني : ليس في الكلام حلقة ـ بفتح اللام ـ إلا في قولهم : هؤلاء قوم حلقة ..
للذين يحلقون الشعر .. وقولهم : تحلق القوم : معناه جلسوا حلقة حلقة وهي على وزن «فعلة»
وتجمع على «فعلات» أي حلقات .. أما لفظة «الحالق» فتأتي أيضا بمعنى : المنيف
المرتفع الشاهق واللفظة مأخوذة من حلق الطائر في طيرانه.
** (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى
وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها) : جاء هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة
والعشرين .. المعنى : وألزم المؤمنين أي أمرهم بكلمة التقوى ووفقهم إليها ومعنى
إضافة «الكلمة» إلى «التقوى» أنها سبب التقوى وأساسها أي الثبات والوفاء بالعهد
وقيل : كلمة التقوى فحذف المضاف إليه الأول «أهل» وحل المضاف إليه الثاني «التقوى»
محله. وقيل : كلمة التقوى هي : لا إله إلّا الله محمد رسول الله.
** سبب نزول
الآية : قال مجاهد : أري النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو بالحديبية أنه يدخل مكة هو وأصحابه آمنين محلقين
رءوسهم ومقصرين فنزلت هذه الآية الكريمة السابعة والعشرون .. أي صدق الله تعالى
رسوله الكريم.
** (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ
مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً
سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ
مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة
والعشرين .. وفي هذه الآية الكريمة وحدها دون سواها من آيات القرآن الكريم المليء
بالمعجزات والإعجاز والفصاحة والبلاغة إعجاز جديد غريب فريد يندر حدوثه ألا وهو أن
هذه الآية الكريمة جمعت جميع حروف اللغة العربية الأبجدية كاملة فتبارك الله
العظيم .. وهذا سر من أسراره العجيبة تجلت قدرته وعظم شأنه. و «سيماهم» بمعنى
علامتهم وفيه ثلاث لغات : سيما .. سيماء .. وسيمياء. والمراد بها : السمة التي
تحدث في جبهة السجود من كثرة
السجود وقوله : «من أثر السجود» يفسرها أي من التأثير الذي يؤثره السجود.
وكذا عن سعيد بن جبير : هي السمة في الوجه .. وقيل : هي صفرة الوجه من خشية الله
.. وعن الضحاك : ليس بالندب في الوجوه ولكنه صفرة وعن عطاء استنارت وجوههم من طول
ما صلوا بالليل كقوله : من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار وهذا يحدث في جبهة
الساجد الذي لا يسجد إلا لوجه الله .. وعن سعيد بن المسيب : ندى الطهور وتراب
الأرض.
(هُمُ الَّذِينَ
كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ
يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ
تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ
لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً)
(٢٥)
(هُمُ الَّذِينَ
كَفَرُوا) : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ حرك
الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل
رفع خبر «هم». كفروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «كفروا» صلة الموصول لا محل
لها أي هم الذين أي المشركون كفروا بالله ورسوله.
(وَصَدُّوكُمْ عَنِ
الْمَسْجِدِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «كفروا» وتعرب
إعرابها. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به
والميم علامة جمع الذكور. عن المسجد : جار ومجرور متعلق بصدوا بمعنى ومنعوكم ..
(الْحَرامِ
وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً) : صفة ـ نعت ـ للمسجد مجرور بالكسرة. والهدي : معطوف
بالواو على ضمير المخاطبين في «صدوكم» بمعنى : منعوكم عن دخول المسجد الحرام
والطواف في البيت الحرام ومنعوا الهدي أي وصول الهدي أي الذي يهدى للبيت من
الذبائح من الإبل وغيرها. معكوفا : حال من «الهدي» منصوب بالفتحة المنونة أي
محبوسا.
(أَنْ يَبْلُغَ
مَحِلَّهُ) : حرف مصدري ونصب. يبلغ : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة
نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء في محله ضمير متصل
مبني على الضم في محل جر مضاف إليه. والجملة
الفعلية «يبلغ محله» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها
بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به بصدوا. التقدير : منعوا بلوغه محله أو يكون
المصدر المؤول في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير : عن بلوغه محله والجار والمجرور عن
بلوغه محله متعلق بصدوا أي منحره بمعنى المحل الذي يحل فيه نحره و «محله» مفعول به
منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. أي في محله فحذف الحرف «في» وعدي الفعل إلى
المجرور «محله» فانتصب مفعولا به للفعل يبلغ بمعنى المكان الذي يحل أي يجب فيه
نحره.
(وَلَوْ لا رِجالٌ) : الواو استئنافية. لو لا : حرف شرط غير جازم. رجال : مبتدأ
مرفوع بالضمة المنونة وخبره محذوف وجوبا تقديره : موجودون .. بمعنى : ولو لا وجود
رجال مبثوثين أي منتشرين بينهم أي قوم من المسلمين في مكة مختلطين بالمشركين غير
متميزين ولا معروفي الأماكن وحذف جواب «لو لا» لدلالة الكلام عليه أي لما كف أيديكم
عنهم.
(مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ
مُؤْمِناتٌ) : صفة ـ نعت ـ لرجال مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. ونساء مؤمنات : معطوف بالواو
على «رجال مؤمنون» ويعرب مثله وعلامة رفع «مؤمنات» الضمة.
(لَمْ تَعْلَمُوهُمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة للرجال والنساء جميعا.
لم : حرف نفي وجزم وقلب. تعلموا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون.
الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
(أَنْ تَطَؤُهُمْ) : حرف مصدري ونصب. تطئوا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة
نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «تطئوهم» صلة حرف مصدري لا محل
لها و «أن» المصدرية وما تلاها
بتأويل مصدر في محل رفع بدل اشتمال من «رجال» التقدير والمعنى : ولو لا
وطؤكم رجالا مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعرفوهم أي تهلكوا أناسا مؤمنين بين ظهراني
المشركين وأنتم غير عارفين بهم فيصيبكم بإهلاكهم مكروه ومشقة لأمرناكم بقتالهم ..
أو يكون المصدر «وطؤكم» إياهم في محل نصب بدلا من الضمير المنصوب في «تعلموهم» أو
يكون بتقدير : ولو لا كراهة أن تطئوهم أي كراهة وطئكم إياهم فيكون المصدر المؤول
في محل نصب نائبا عن المفعول لأجله بمعنى : لئلا تهلكوهم وتوقعوا بهم وتبيدوهم
وتقتلوهم أي تدوسوهم .. ويجوز أن يكون «لو تزيلوا» تكرارا للو لا رجال لمرجعهما
إلى معنى واحد فيكون جواب «لو لا» لعذبنا.
(فَتُصِيبَكُمْ
مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ) : الفاء سببية. تصيب : فعل مضارع منصوب لأنه معطوف على «تطأوا»
وعلامة نصبه الفتحة. و «كم» أعرب في «صدوكم». من : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في
محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بتصيب بمعنى : لكيلا يصيبكم بإهلاكهم. معرة :
فاعل مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : مكروه ومشقة.
(بِغَيْرِ عِلْمٍ) : جار ومجرور متعلق بتطئوا أو بحال مقدر بمعنى : غير
عالمين بهم. علم : مضاف إليه مجرور بالكسرة المنونة.
(لِيُدْخِلَ اللهُ) : اللام حرف جر للتعليل .. أي تعليل لما دلت عليه الآية
الكريمة وسيقت له من كف الأيدي عن أهل مكة والمنع من قتلهم صونا لما بين أظهرهم من
المؤمنين. يدخل : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة. الله
لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة والجملة الفعلية «يدخل الله ..» صلة حرف
مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل
والجار والمجرور متعلق بالمعلل المقدر أي كان الكف ومنع التعذيب ليدخل الله.
(فِي رَحْمَتِهِ مَنْ
يَشاءُ) : جار ومجرور متعلق بيدخل والهاء ضمير متصل في محل جر
مضاف إليه بمعنى في توفيقه أو في الإسلام و «من» اسم موصول
مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يشاء : الجملة الفعلية صلة الموصول
لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : من يشاؤه من
مؤمنيهم وغيرهم أو يكون المفعول به المحذوف صريحا بتقدير : من يشاء إدخاله في
الإسلام من رغب فيه من مشركيهم.
(لَوْ تَزَيَّلُوا) : حرف شرط غير جازم. تزيلوا : تعرب إعراب «كفروا» بمعنى
: لو تفرقوا أو مازوا أي ماز بعضهم عن بعض.
(لَعَذَّبْنَا
الَّذِينَ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام
واقعة في جواب «لو» عذب : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل
مبني على السكون في محل رفع فاعل. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب
مفعول به.
(كَفَرُوا مِنْهُمْ) : أعربت. من : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر
بمن البيانية والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة بتقدير حالة كونهم منهم.
(عَذاباً أَلِيماً) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة. أليما : صفة للموصوف «عذابا» منصوب بالفتحة المنونة.
(إِذْ جَعَلَ
الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ
فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ
وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللهُ
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)
(٢٦)
(إِذْ جَعَلَ
الَّذِينَ) : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون متعلق بعذبنا
أو بصدوا عن المسجد الحرام في ذلك الوقت أو يكون اسما مبنيا على السكون في محل نصب
مفعولا به بفعل محذوف تقديره : اذكر .. جعل : فعل ماض مبني على الفتح والجملة
الفعلية «جعل الذين» في محل جر بالإضافة .. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل
رفع فاعل.
(كَفَرُوا فِي
قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. في قلوب : جار ومجرور متعلق بمفعول «جعل» الثاني بتقدير منصبة في قلوبهم
على معنى «جعل» صير أو يكون «جعل» بمعنى «أوجد» فيكون الجار والمجرور متعلقا بحال
محذوفة مقدمة من «الحمية» لأنه متعلق بصفة من «الحمية» قدم عليها. و «هم» ضمير
متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : الأنفة .. و «الحمية» مفعول
به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(حَمِيَّةَ
الْجاهِلِيَّةِ) : بدل من «الحمية» منصوبة مثلها بالفتحة. الجاهلية : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أي أنفة الجاهلية التي تمنع عن الإذعان
للحق هذه الأنفة بمعنى غرور هؤلاء الكفار المشركين حين منعوا المسلمين من دخول
المسجد بسبب شعورهم بالعظمة الكاذبة.
(فَأَنْزَلَ اللهُ
سَكِينَتَهُ) : الفاء سببية. أنزل : فعل ماض مبني على الفتح. الله
لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. سكينته : مفعول به منصوب وعلامة نصبه
الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه بمعنى : طمأنينته.
(عَلى رَسُولِهِ) : جار ومجرور متعلق بأنزل والهاء ضمير متصل في محل جر
مضاف إليه.
(وَعَلَى
الْمُؤْمِنِينَ) : الجار والمجرور معطوف بالواو على «على الرسول» وعلامة
جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.
(وَأَلْزَمَهُمْ
كَلِمَةَ) : الواو عاطفة. ألزم : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب
مفعول به أول. كلمة : مفعول به ثان منصوب بالفتحة وهو مضاف.
(التَّقْوى وَكانُوا) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة
على الألف المقصورة للتعذر. الواو حالية والجملة الفعلية «كانوا أحق ..» في محل
نصب حال وهي فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في
محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. أو تكون الواو استئنافية والجملة الفعلية
استئنافية لا محل لها.
(أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها) : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون لأنه
ممنوع من الصرف ـ التنوين ـ على وزن ـ أفعل ـ صيغة تفضيل ومن وزن الفعل. بها : جار
ومجرور متعلق بأحق. الواو عاطفة. أهل : معطوف على «أحق» منصوب مثله وعلامة نصبه
الفتحة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
(وَكانَ اللهُ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيماً) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الحادية
والعشرين. وأحق بها : بمعنى أحق بها من غيرهم.
(لَقَدْ صَدَقَ اللهُ
رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ
اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما
لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً)
(٢٧)
(لَقَدْ صَدَقَ اللهُ) : اللام لام الابتداء والتوكيد أو واقعة في جواب قسم
مقدر. قد : حرف تحقيق. صدق : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل
مرفوع للتعظيم بالضمة بمعنى لقد حقق الله رؤيا رسوله.
(رَسُولَهُ الرُّؤْيا) : مفعولا «صدق» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة وقدرت
الفتحة على آخر الرؤيا للتعذر والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه بمعنى لقد
أنفذ وحقق الله رؤيا رسوله التي رآها بدخول مكة ولم يكذبه تعالى الله عن الكذب وعن
كل قبيح علوا كبيرا فحذف الجار وأوصل الفعل فتعدى بنفسه إلى المفعول الثاني.
(بِالْحَقِ) : جار ومجرور متعلق بصدق أي صدقه فيما رأى وفي كونه
وحصوله صدقا ملتبسا بالحق فيكون متعلقا بصفة لمصدر ـ مفعول مطلق ـ
محذوف ويجوز أن يتعلق بالرؤيا حالا منها أي صدقه الرؤيا ملتبسة بالحق على
معنى أنها لم تكن من أضغاث الأحلام ويجوز أن يكون «بالحق» قسما إما بالحق الذي هو
نقيض الباطل أو بالحق الذي هو من أسماء الله تعالى الحسنى وجوابه : لتدخلن.
(لَتَدْخُلُنَّ
الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) : الجملة جواب القسم المقدر المحذوف. اللام واقعة في
جواب القسم. تدخلن : فعل مضارع مبني على حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة وسبب
بنائه على حذف النون اتصاله بنون التوكيد الثقيلة وواو الجماعة المحذوفة لالتقائها
ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع فاعل ونون التوكيد لا محل لها. المسجد :
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الحرام : صفة ـ نعت ـ للمسجد منصوب بالفتحة
بمعنى : لتدخلن يا محمد وصحبك المسجد الحرام.
(إِنْ شاءَ اللهُ) : حرف شرط جازم. شاء : فعل ماض مبني على الفتح فعل
الشرط في محل جزم بإن. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة وحذف جواب
الشرط لتقدم معناه : إن شاء الله دخولكم المسجد الحرام لتدخلنه بمشيئة الله ولم
يمت منكم أحدا.
(آمِنِينَ
مُحَلِّقِينَ) : حال من ضمير «تدخلن» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. محلقين : حال ثانية تعرب إعراب «آمنين».
(رُؤُسَكُمْ
وَمُقَصِّرِينَ) : مفعول به لاسم الفاعلين «محلقين» منصوب وعلامة نصبه
الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه
والميم علامة جمع الذكور. والأصل : شعور رءوسكم فحذف المفعول به المضاف وأقيم
المضاف إليه مقامه بمعنى : قد حلق بعضكم جميع شعور رءوسهم. ومقصرين : معطوف بالواو
على «محلقين رءوسكم» ويعرب إعرابه وحذف مفعول اسم الفاعلين «مقصرين» وهو «شعورهم»
لأنه معلوم ولأن ما قبله دال عليه بمعنى وقصر آخرون بعض شعورهم.
(لا تَخافُونَ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال ثان. لا : نافية لا
عمل لها. تخافون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
أو تكون الجملة الفعلية في محل نصب بدلا من الحال الأول «آمنين».
(فَعَلِمَ ما لَمْ
تَعْلَمُوا) : الفاء استئنافية. علم : فعل ماض مبني على الفتح
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
نصب مفعول به. لم : حرف نفي وجزم وقلب. تعلموا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه
حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «لم
تعلموا» صلة الموصول لا محل لها بمعنى : فعلم ما لم تعلموا من حكمة تأخير دخوله.
(فَجَعَلَ مِنْ دُونِ
ذلِكَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على جملة «علم» وتعرب
مثلها. من دون : جار ومجرور متعلق بجعل. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر
مضاف إليه. اللام للبعد والكاف للخطاب بمعنى من قبل ذلك أي قبل فتح مكة أو من قبل
دخول المسجد وفتح مكة وهو في مقام مفعول «جعل» الأول.
(فَتْحاً قَرِيباً) : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. قريبا
: صفة ـ نعت ـ للموصوف «فتحا» منصوب مثله بالفتحة المنونة بمعنى : قريبا حصوله وهو
فتح خيبر فحذف «حصوله» وهو فاعل الصفة المشبهة قريبا.
(هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ
كُلِّهِ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً)
(٢٨)
(هُوَ الَّذِي) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الذي :
اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو» والجملة الاسمية «هو الذي» في محل
رفع خبر مبتدأ غير مذكور لأنه معلوم. التقدير : الله هو الذي ..
(أَرْسَلَ رَسُولَهُ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. رسوله : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر
مضاف إليه والجملة الفعلية «أرسل رسوله ..» صلة الموصول لا محل لها.
(بِالْهُدى وَدِينِ
الْحَقِ) : جار ومجرور متعلق بأرسل أو بحال محذوفة من «الرسول»
بتقدير : أرسل رسوله مبعوثا أو مؤيدا بالهدى أو بمعنى : متلبسا بالهدى أي بالإسلام
أو بالقرآن وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. ودين : معطوف بالواو
على «الهدى» ويعرب إعرابه وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الحق : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : ودين الإسلام الحق فحذف الموصوف «الإسلام»
وحلت صفته «الحق» محله.
(لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ) : اللام حرف جر للتعليل. يظهره : فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو
والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. على الدين : جار ومجرور متعلق
بيظهر. كله : توكيد للدين مجرور مثله وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل
مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه والجملة الفعلية «يظهره على الدين كله» صلة
حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام
التعليل والجار والمجرور متعلق بأرسل بمعنى : ليغلبه أو ليعليه على الأديان كلها
لأن «الدين» هنا لفظة مفردة ومعناها الجمع لأن الألف واللام للجنس بمعنى : المراد
جنس الأديان.
(وَكَفى بِاللهِ
شَهِيداً) : الواو استئنافية. كفى : فعل ماض مبني على الفتح
المقدر على الألف للتعذر. الباء حرف جر زائد. الله لفظ الجلالة : مجرور للتعظيم
لفظا بالباء مرفوع للتعظيم محلا لأنه فاعل «كفى». شهيدا : تمييز منصوب وعلامة نصبه
الفتحة المنونة ويجوز أن يكون حالا من لفظ
الجلالة .. المعنى : كفى الله سبحانه شاهدا على نبوة رسوله و «شهيد» صيغة «فعيل
بمعنى فاعل».
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ
اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ
تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ
فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ
وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ
فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ
الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ
مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)
(٢٩)
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ
اللهِ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو محمد لتقدم قوله تعالى :
(هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ ..) مرفوع بالضمة المنونة. رسول : عطف بيان لمحمد مرفوع
مثله وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم
بالإضافة وعلامة الجر الكسرة أو يكون «محمد» مبتدأ. ورسول الله : خبره أو يكون
رسول الله خبر مبتدأ محذوف تقديره .. هو فتكون الجملة الاسمية «هو رسول الله» في
محل رفع خبر المبتدأ «محمد».
(وَالَّذِينَ مَعَهُ) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في
محل رفع مبتدأ. معه : ظرف مكان منصوب على الظرفية يدل على المصاحبة والاجتماع
متعلق بخبر لمبتدإ محذوف بتقدير : الذين هم معه والجملة الاسمية «هم معه» صلة
الموصول لا محل لها والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى
وأصحاب محمد ـ المؤمنون.
(أَشِدَّاءُ عَلَى
الْكُفَّارِ) : خبر المبتدأ «الذين» مرفوع وعلامة رفعه الضمة ولم
ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعلاء ـ على الكفار : جار ومجرور متعلق
بأشداء بتأويل فعله.
(رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) : خبر ثان للمبتدإ مرفوع وعلامة رفعه الضمة ولم ينون
لأنه ممنوع من الصرف على وزن «فعلاء» بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق
برحماء وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(تَراهُمْ رُكَّعاً) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر ثالث للمبتدإ «الذين»
أو تكون في محل نصب حالا من ضمير الغائبين وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على
الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. ركعا : حال من ضمير الغائبين «هم» في «تراهم»
منصوب بالفتحة المنونة.
(سُجَّداً يَبْتَغُونَ
فَضْلاً) : حال ثانية منصوبة وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى
تراهم راكعين ساجدين أي تبصرهم حال كونهم كثيري الركوع والسجود والفعل «ترى» هنا
بصري ولهذا تعدى إلى مفعول واحد وليس بمعنى الظن أو العلم. يبتغون : الجملة
الفعلية في محل نصب حال أخرى وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل بمعنى : يطلبون. فضلا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(مِنَ اللهِ
وَرِضْواناً) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بيبتغون ويجوز أن يكون
متعلقا بصفة محذوفة من «فضلا». الواو عاطفة. ورضوانا : معطوف على «فضلا» ويعرب
مثله وقد أخر عن المعطوف عليه وقدم اسم لفظ الجلالة للأهمية.
(سِيماهُمْ فِي
وُجُوهِهِمْ) : مبتدا مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر وهو
مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. في وجوه : جار
ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ. و «هم» أعرب بمعنى علامتهم وهي السمة التي
تحدث في جبهة السجاد من كثرة السجود. مأخوذة من : سامه : إذا علمه.
(مِنْ أَثَرِ
السُّجُودِ) : جار ومجرور متعلق بحال من «سيماهم» أي حالة كونها من
أثر السجود أي من التأثير الذي يؤثره السجود أو يكون تفسيرا لسيماهم. السجود :
مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى من كثرة السجود في الصلاة.
(ذلِكَ مَثَلُهُمْ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف للخطاب. بمعنى : ذلك الوصف. مثل : خبر «ذلك» مرفوع
بالضمة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه
بمعنى : وصفهم العجيب في الكتابين جميعا.
(فِي التَّوْراةِ
وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «مثلهم». ومثلهم في
الإنجيل : معطوف بالواو على «مثلهم في التوراة» ويعرب مثله.
(كَزَرْعٍ أَخْرَجَ
شَطْأَهُ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع خبر
مبتدأ محذوف تقديره : هم كزرع. زرع : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة
المنونة. وإذا كان «في التوراة» تمام الكلام تكون الواو في «ومثلهم» استئنافية و «مثلهم»
مبتدأ وخبره «كزرع» ويجوز أن تكون «ذلك» إشارة مبهمة أوضحت بقوله «كزرع أخرج شطأه»
ويجوز أن تكون الكاف حرف جر للتشبيه ويكون الجار والمجرور «كزرع» في محل رفع
متعلقا بخبر مبتدأ تقديره : هم كزرع أو في محل رفع خبر «مثلهم». أخرج : فعل ماض
مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. شطأه : مفعول به منصوب
بالفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه والجملة الفعلية «أخرج شطأه» في محل
جر صفة ـ نعت ـ لزرع بمعنى فراخه أو سنابله.
(فَآزَرَهُ
فَاسْتَغْلَظَ) : الفاء حرف عطف للتراخي والجملتان الفعليتان بعده
معطوفتان على «أخرج» وتعربان إعرابها والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به بمعنى
فقواه من الدقة إلى الغلظة أي فاستحال بمعنى فصار من الدقة إلى الغلظة.
(فَاسْتَوى عَلى
سُوقِهِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على جملة «استغلظ»
وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. على سوقه : جار
ومجرور متعلق باستوى والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه بمعنى فاستقام على
قصبه.
(يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) : الجملة الفعلية في محل جر صفة ثانية لزرع أو في محل
نصب حال من الضمير في «سوقه» جمع «ساق» وهي فعل مضارع مرفوع
بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الزراع : مفعول به منصوب
بالفتحة بمعنى يعجب الزراع به.
(لِيَغِيظَ بِهِمُ
الْكُفَّارَ) : اللام حرف جر للتعليل. يغيظ : فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
الباء حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بيغيظ
وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الكفار : مفعول به منصوب والجملة
الفعلية «يغيظ بهم الكفار» صلة حرف مصدري لا محل لها وأن المضمرة وما بعدها بتأويل
مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بما دل عليه تشبيههم بالزرع من
نمائهم وترقيهم في الزيادة والقوة ويجوز أن يتعلق أو يعلل به «وعد الله الذين
آمنوا» لأن ما أعد الله لهم في الآخرة يغيظ الكفار.
(وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ) : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل
مرفوع للتعظيم بالضمة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.
(آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. وعملوا : معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب إعرابها. الصالحات : مفعول
به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم بمعنى :
الأعمال الصالحات أو صالح الأعمال.
(مِنْهُمْ مَغْفِرَةً) : حرف جر بياني و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن
والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من «الذين» وهو لبيان الجنس المبهم «الذين»
بتقدير : حالة كونهم منهم أي الذين هم منهم. مغفرة : مفعول به ثان منصوب بوعد
وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(وَأَجْراً عَظِيماً) : معطوفة بالواو على «مغفرة» ويعرب إعرابها. عظيما : صفة
ـ نعت ـ للموصوف «أجرا» منصوب بالفتحة المنونة.
سورة الحجرات
معنى
السورة : الحجرات :
جمع «حجرة» وهي غرفة سميت بذلك لأنها تحجر الإنسان النائم .. أو هي رقعة أو قطعة
من الأرض المحجورة بحائط يحوط عليها. يقال : حجر القاضي عليه ـ يحجر ـ حجرا من باب
«نصر» بمعنى : منعه عن التصرف في ماله .. و «الحجر» بكسر الحاء وضمها وفتحها بمعنى
الحرام والكسر أفصح .. والحجرة ـ بضم الحاء بمعنى : حظيرة الإبل ومنه حجرة الدار
ومنه القول : احتجر حجرة بمعنى اتخذ حجرة وجمعها : حجر كغرفة وغرف وحجرات ـ بضم
الحاء والجيم ـ واسم المفعول من حجر عليه أي منعه التصرف هو محجور عليه والفقهاء
يحذفون الصلة تخفيفا لكثرة الاستعمال ويقولون محجور وهو سائغ ويقال : فلان في حجر
فلان ـ بكسر الحاء وفتحها بمعنى : في كنفه وحمايته. وقيل : الحجرة تعني البيت
أيضا.
تسمية
السورة : قال زيد بن
أرقم : جاء ناس من العرب إلى حجر «حجرات ـ النبي محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فجعلوا ينادون : يا محمد يا محمد فأنزل الله تعالى آية
كريمة ردا على هؤلاء الذين لا يتعقلون ما ينبغي مراعاته من الأدب والاحترام لرسول
الله ونبيه الكريم .. فقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ
يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) صدق الله العظيم وقد جاءت هذه الآية الكريمة التي ذكرت
فيها «الحجرات» في سورة مشرفة من سور القرآن سميت بها أي سورة «الحجرات» وفي رواية
أخرى : لقد نزلت هذه الآية الكريمة بعد أن وفد على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عيينة بن حصن والأقرع بن حابس في سبعين رجلا من بني
تميم وقت الظهيرة وهو ـ صلىاللهعليهوسلم ـ راقد فصاحا : يا محمد اخرج إلينا! فتأذى صلىاللهعليهوسلم من ذلك وقد فاتهم أن هذا التصرف منهم مخالف لأمر الله عزوجل بأن لا يدعو الرسول الكريم محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ باسمه في قوله تعالى في سورة «النور» : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ
بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) صدق الله العظيم .. أي لا تجعلوا
تسميته ونداءه بينكم كما يسمي بعضكم بعضا ويناديه باسمه الذي سماه به أبواه
.. ولا تقولوا يا محمد .. ولكن قولوا : يا نبي الله ويا رسول الله مع التوقير
والتعظيم والصوت المخفوض والتواضع كقوله تعالى في آية كريمة سابقة من سورة «الحجرات»
: (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا
تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ) أي لا تخاطبوه باسمه وكنيته واجعلوا أصواتكم اخفض من
صوته تأدبا ..
فضل
قراءة السورة : قال رسول الله محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ سورة «الحجرات» أعطي من الأجر بعدد من أطاع
الله وعصاه» صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
إعراب آياتها
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا
اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
(١)
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا) : أداة نداء. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها»
زائدة للتنبيه. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع عطف بيان لأي أو بدل
منه على اللفظ وفي محل نصب على الموضع. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل
لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل والألف فارقة.
(لا تُقَدِّمُوا
بَيْنَ يَدَيِ اللهِ) : ناهية جازمة. تقدموا : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة
جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى لا تقدموا
أمرا أي لا تقدموا على التلبس بهذا الفعل فحذف مفعول «تقدموا» اختصارا ولكي يذهب
الوهم إلى كل ما يمكن والمحذوف هو «أمرا» أي لا تقطعوا أمرا بمعنى لا تقرروا في
مسألة حكما قبل أن يحكم الله ورسوله. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق
بتقدموا وهو مضاف. يدي : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى ـ أصله
: يدين ـ حذفت النون للإضافة .. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم
بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.
(وَرَسُولِهِ
وَاتَّقُوا اللهَ) : الواو حرف عطف. رسوله : اسم مجرور بالإضافة أي بين
يدي رسوله وعلامة جره الكسرة والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه. الواو عاطفة.
اتقوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الله : مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة.
(إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن»
منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. سميع عليم : خبرا «إن» مرفوعان وعلامة رفعهما
الضمة المنونة أي سميع لما تقولون عليم بما تعملونه.
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا
تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ
أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ)
(٢)
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة. أصواتكم : مفعول به
منصوب بالفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل جر مضاف إليه والميم
علامة جمع الذكور. فوق : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بترفعوا وهو مضاف.
(صَوْتِ النَّبِيِّ
وَلا تَجْهَرُوا) : مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو مضاف. النبي : مضاف إليه
ثان مجرور بالكسرة. ولا تجهروا : معطوفة على «لا ترفعوا» وتعرب مثلها.
(لَهُ بِالْقَوْلِ) : جار ومجرور متعلق بتجهروا. بالقول : جار ومجرور في
مقام مفعول «تجهروا» الذي تعدى إليه بالباء أي لا تظهروا له القول.
(كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ
لِبَعْضٍ) : الكاف اسم مبني على الفتح في محل نصب أو حرف جر
للتشبيه والجار والمجرور متعلق بصفة لمفعول مطلق محذوف بتقدير : جهرا مثل جهر
بعضكم لبعض أو جهرا كجهر بعضكم. بعض : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة
وهو مضاف. و «كم» أعرب في «أصواتكم». لبعض : جار ومجرور متعلق بالمصدر «جهرا»
بمعنى اخفضوا أصواتكم وأنتم في حضرته تأدبا ولا تقولوا له يا محمد يا أحمد
وخاطبوه بالنبوة ولا تخاطبوه مخاطبة مثل مخاطبة بعضكم لبعض.
(أَنْ تَحْبَطَ
أَعْمالُكُمْ) : حرف مصدري ناصب. تحبط : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة
نصبه الفتحة بمعنى لئلا تحبط. أعمال : فاعل مرفوع بالضمة و «كم» أعرب في «أصواتكم»
والجملة الفعلية «تحبط أعمالكم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما
بعدها بتأويل مصدر في محل نصب نائب عن مفعول لأجله محذوف أي على تقدير حذف مضاف
بتقدير : كراهة حبوط أعمالكم بمعنى : بطلانها وهو متعلق بمعنى النهي .. أي انتهوا
عما نهيتم عنه لحبوط أعمالكم أو لخشية حبوطها أو متعلق بنفس الفعل أي نهوا عن
الفعل ..
(وَأَنْتُمْ لا
تَشْعُرُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال من ضمير
المخاطبين قبلها. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل رفع مبتدأ. لا :
نافية لا عمل لها. تشعرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل والجملة الفعلية «لا تشعرون» في محل رفع خبر «أنتم» بمعنى وأنتم لا
تشعرون أن أعمالكم قد بطلت.
(إِنَّ الَّذِينَ
يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ
قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)
(٣)
(إِنَّ الَّذِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني
على الفتح في محل نصب اسم «إن».
(يَغُضُّونَ
أَصْواتَهُمْ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع
مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. أصوات : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بيغضون وهو مضاف.
رسول الله : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو
مضاف. الله لفظ الجلالة مضاف إليه ثان مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر
الكسرة بمعنى : يخفضون أصواتهم في حضرة رسول الله تأدبا وإجلالا له والجملة
الاسمية بعده «أولئك الذين ..» في محل رفع خبر إن.
(أُولئِكَ الَّذِينَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. الذين : اسم
موصول مبني على الفتح خبر في محل رفع مبتدأ محذوف تقديره : هم. والجملة الاسمية «هم
الذين» في محل رفع خبر «أولئك» أو يكون «الذين» بدلا من «أولئك» فتكون الجملة «لهم
مغفرة» في محل رفع خبره.
(امْتَحَنَ اللهُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.
(قُلُوبَهُمْ
لِلتَّقْوى) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل
ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. للتقوى : جار ومجرور متعلق بامتحن بمعنى :
مرن أي أخلص قلوبهم للتقوى أو يكون متعلقا بمحذوف بتقدير : عرف الله أن قلوبهم أهل
للتقوى أي جرب قلوبهم ومرنها عليها أو عرف قلوبهم أنها أهل للتقوى أو متعلق بمبتدإ
محذوف خبره بتقدير : هم صبر على التقوى أو هم للتقوى كائنون لها ومختصون بها أو
يكون الجار والمجرور في محل نصب حالا .. التقدير : كائنين للتقوى ومختصين بها
وعلامة جر الاسم «التقوى» الكسرة المقدرة على الألف للتعذر.
(لَهُمْ مَغْفِرَةٌ
وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) : اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام
والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. مغفرة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.
وأجر : معطوف بالواو على «مغفرة» ويعرب إعرابها. عظيم : صفة ـ نعت ـ لأجر مرفوع
مثله بالضمة المنونة. والجملة الاسمية «لهم مغفرة ..» متضمنة جواب الشرط لأن «الذين»
يتضمنه على معنى «من».
** (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الأولى .. المعنى
: يا أيها المؤمنون لا تقدموا أمرا أي لا تقدموا على التلبس بهذا الفعل وحذف مفعول
«تقدموا» وهو «أمرا» لكي يذهب الوهم إلى كل ما يمكن أو لا تقطعوا أمرا ولا تقرروا
في مسألة حكما قبل أن يحكم الله ورسوله أما قوله «بين يدي الله» فهو من ضروب
المجاز .. يقال : جلس فلان بين يدي فلان : بمعنى : جلس من جهتي يمينه وشماله : أي
قريبا منه.
** سبب نزول
الآية : أخرج البخاري وغيره عن عبد الله بن الزبير قال : «قدم ركب من بني تميم على
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال أبو بكر : أمر القعقاع بن معبد وقال عمر : أمر
الأقرع بن حابس فقال أبو بكر : ما أردت إلا خلافي .. فقال عمر : ما أردت خلافك ..
فتماريا ـ أي فتجادلا ـ حتى ارتفعت أصواتهما فأنزل الله تعالى هذه الآية.
** (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ
بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية ..
المعنى : خفضوا أصواتكم وأنتم في حضرة النبي ـ محمد ـ تأدبا ولا تقولوا له : يا
محمد يا أحمد بل خاطبوه بالنبوة ـ أي يا نبي الله ـ أو بالرسالة ـ أي يا رسول الله
ولا تخاطبوه مخاطبة بعضكم لبعض .. في هذا القول الرباني تتجلى منزلة الرسول الكريم
محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لدى خالق الكائنات جلت قدرته. و «أصوات» نصبت بالفتحة
على الرغم من أن لفظها يدل على الملحق بجمع المؤنث السالم مثل «اجتماعات» «اقتراحات»
وسبب ذلك هو أن مفردها مذكر ثلاثي و «الصوت» هو جرس الكلام ـ بفتح الجيم وسكون
الراء ـ و «الجرس» هو الكلام الخفي .. يقال : فلان لا يسمع له جرس ولا همس ..
وسمعت جرس الطير : بمعنى صوت مناقيرها على شيء تأكله .. وفي الحديث : «فيسمعون جرس
طير الجنة» و «الجرس» بفتح الجيم وسكون الراء وكسر الجيم أيضا .. أما «الجرس» بفتح
الجيم والراء فهو الذي يعلق فوق الباب أو في عنق البعير .. يقال : جرس ـ بفتح
الجيم والراء ـ المطرب الغناء وجرس الرجل الكلام : بمعنى : نغم به. والصوت هو لفظة
مذكرة. أما قول الشاعر رويشد بن كثير الطائي :
يا أيها
الراكب المزجي مطيته
|
|
سائل بني أسد
ما هذه الصوت
|
فإنما أنث «الصوت»
ذهابا إلى معنى «الاستغاثة» أو «الصيحة» أي ما هذه الصيحة؟ قال الفيومي : كثيرا ما
تفعل العرب مثل ذلك إذا ترادف المذكر والمؤنث على معنى واحد أو مسمى واحد فتقول :
أقبلت العشاء على معنى : أقبلت العشية .. وفي هذه العشية : على معنى : في هذا
العشاء .. وفعله : صات يصوت ـ صوتا .. من باب «قال» وصوت تصويتا : أي أحدث صوتا ..
وبمعنى : نادى .. ومنه القول : صوت الناخبون في الانتخابات : أي أعطوا أصواتهم
للمرشح الذي يختارونه واسم الفاعل للفعل «صات» هو صائت .. وللفعل «صوت» هو مصوت ..
ويقال له : صائت : إذا أطلق صيحة : أي إذا صاح .. و «الصيت» هو الذكر الجميل في
الناس .. و «الصيت» بتشديد الياء من صيغ المبالغة «فعيل بمعنى فاعل ـ نحو : هذا
رجل صيت : بمعنى : قوي الصوت شديده.
** (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ
أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ
قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة .. أي
ان الذين يخفضون أصواتهم في حضرة رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أولئك هم الذين عرف الله تعالى أن قلوبهم جديرة
بالتقوى وهذا القول الكريم فيه تأديب لفظ كرامة الوحي والموحى إليه. و «التقوى» هي
الاسم من الفعل «وقى» نحو : وقاه الله
السوء ـ يقيه ـ وقاية .. أي حفظه. و «التقوى» مثل «التقى» و «التقية» ومنه
القول : اتقيت الله : بمعنى خفته سبحانه .. وخشيت الله .. وقولهم : وقاه الله
السوء ومن السوء : معناه : صانه وستره عن الأذى.
** سبب نزول
الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في ثابت ابن قيس الذي جلس يبكي في الطريق خشية أن
يرفع صوته فوق صوت النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لأنه كان صيتا رفيع الصوت فدعاه رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقال له : أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل
الجنة؟ قال : رضيت ولا أرفع صوتي أبدا على صوت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأنزل الله تعالى قوله الكريم : «إن الذين يغضون ..».
** (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ
جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة ..
وفاسق : اسم فاعل للفعل «فسق ـ يفسق ـ عن أمر ربه فسوقا» بمعنى خرج عن الطاعة وهو
من باب «قعد» ويأتي المضارع «يفسق» بكسر السين أيضا وهو لغة حكاها الأخفش وجمع «فاسق»
هو فساق .. قال الفيومي : قال ابن الأعرابي : ولم يسمع فاسق في كلام الجاهلية ولا
في شعرهم وهذا عجب وهو كلام عربي أي أنه عربي فصيح ونطق به الكتاب العزيز ويقال :
أصله : خروج الشيء من الشيء على وجه الفساد يقال فسقت الرطبة : إذا خرجت من قشرها.
** سبب نزول
الآية : نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط بعثه رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى بني المصطلق ليتعرف أحوالهم ومصدقا ـ أي يأخذ
الزكوات والغنم ـ فلما سمعوا به ركبوا إليه فخافهم ورجع وقال : إن القوم هموا
بقتلي ومنعوا صدقاتهم .. فهم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بغزوهم .. فجاء وفدهم وقالوا : يا رسول الله سمعنا
برسولك فخرجنا نكرمه ونؤدي إليه ما قبلنا من الصدقة وقيل وبعث ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إليهم خالد بن الوليد فوجدهم مقيمين على الإسلام.
** (وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ
الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ
وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة ..
المعنى : حسن إليكم الإيمان وغرسه في قلوبكم وبغض إليكم الكفر والكذب والمعصية ..
الفعل «كره» هنا جاء على معنى «بغض» وهو على هذا التأويل عدي إلى مفعوله الأول
بحرف جر لأن «بغض» منقول من : بغض إليه الشيء فهو بغيض إليه كقولنا : حبب إليه
الشيء فهو حبيب إليه .. وقد جاء الفعل «كره» متعديا إلى مفعول واحد وعدي إلى
الثاني بالحرف اتباعا لما قبله «حبب إليكم الايمان» وهو ما يسمى في علم البلاغة
العربية : التقابل .. أو المقابلة لأن الفعل «كره» بتخفيف الراء يتعدى إلى مفعول
واحد .. نحو : كرهت الشيء ـ أكرهه ـ كراهية ـ بتخفيف الياء ـ من باب «سلم» فهو شيء
كريه ـ فعيل بمعنى مفعول ـ ومكروه .. فإذا ثقل الراء ـ أي شدد ـ استدعى زيادة
مفعول ولم يعد بحرف الجر «إلى» لأن القياس تعدي الفعل بنفسه.
** (فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى
الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة .. و
«تفيء إلى أمر الله» بمعنى : ترجع إلى الحق .. أي كتاب الله .. يقال : فاء ـ يفيء
ـ فيئا من باب «باع» بمعنى : رجع .. وأفاء ـ الفعل الرباعي يتعدى إلى المفعول ..
نحو : أفاء الله علينا مال الكفار يفيء ـ إفاءة بمعنى : جعله فيئا لنا أي غنيمة ..
ويقال : فاء الظل ـ يفيء ـ فيئا : بمعنى : تحول أي رجع من جانب المغرب إلى جانب
المشرق .. والفيء ما بعد الزوال من الظل سمي فيئا لرجوعه من جانب إلى جانب ..
وقيل : سميت الغنيمة فيئا لرجوعها من الكفار إلى المسلمين .. والظل يسمى
فيئا لرجوعه بعد إزالة الشمس له .. وكما أن الظل سمي فيئا فإن الجهة التي يواريها
عنك الشخص بظله من خلف أو قدام تسمى وراء وتأتي لفظة «وراء» بمعنى «أمام» كقوله
تعالى في سورة «الجاثية» : «ومن ورائهم جهنم» أي أمامهم لأنهم في الدنيا .. ويقال
: ظل زيد قائما : بمعنى أتى عليه النهار وهو قائم وبات نائما : إذا أتى عليه الليل
وهو نائم.
** سبب نزول
الآية : نزلت هاتان الآيتان الكريمتان التاسعة والعاشرة في طائفتين من بني الأوس
والخزرج من سكان المدينة اقتتلوا عقب نزاع فكره الله منهم ذلك ونصحهم هذه النصيحة
.. وفي رواية أن الآية الكريمة التاسعة نزلت في رجلين من الأنصار تنازعا في حق
بينهما واستعان كل منهما بعشيرته فتدافعا فتناول بعضهم بعضا بالأيدي والجريد
والنعال لا بالسيوف.
** (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية عشرة
.. و «خيرا» بمعنى «أفضل» وهي بمعنى التفضيل لأن أصلها : أخير فحذف الألف طلبا
للفصاحة ولأنها بمعنى التفضيل فإنها لا تثنى ولا تجمع ويستوي فيها المذكر والمؤنث
فنقول فلان خير الناس وهما خير الناس وهم وهن خير الناس وفلانة خير الناس ولا يقال
: خيرة الناس ولا أخيرهم ويؤكد ذلك قوله تعالى في الآية الكريمة المذكورة ..
وتعلمنا الآية فتقول : ينبغي أن يعتقد الناس أن المسخور منه ربما كان عند الله
خيرا من الساخر .. لأن الناس لا يطلعون إلا على ظواهر الأحوال ولا علم لهم
بالخفيات .. وإنما الذي يزن عند الله تعالى هو خلوص الضمائر وتقوى القلوب .. ولذلك
وكما أمرتنا الآية الكريمة ينبغي أن لا يجترئ أحد على الاستهزاء بمن تقتحمه عينه
إذا رآه رث الثياب أو الحال أو ذا عاهة في بدنه أو كان غير لبق ـ يعني غير لين ـ في
محادثته فلعله أخلص ضميرا وأتقى قلبا ممن هو على ضد صفته فيظلم نفسه بتحقير من وقره
الله عزوجل والاستهانة بمن عظمه الله تعالى. وعن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه خطب فرفع صوته حتى أسمع العواتق في خدورهن قال :
يا معشر من آمن بلسانه ولم يخلص الإيمان إلى قلبه لا تتبعوا عورات المسلمين فإن من
تتبع عورات المسلمين يتتبع الله عورته حتى يفضحه ولو في جوف بيته. «صدق رسول الله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ».
وقد جاء في
الشعر العربي قول الشاعر بهذا المعنى :
لسانك لا
تذكر به عورة امرئ
|
|
فكلك عورات
وللناس ألسن
|
وقد بلغ بالسلف
الصالح إفراط توقيهم وتصونهم من السخرية والاستهزاء بالآخرين أن عمرو بن شرحبيل
قال : لو رأيت رجلا يرضع عنزا فضحكت منه خشيت أن أصنع مثل الذي صنعه. وقوله تعالى
: (وَلا نِساءٌ مِنْ
نِساءٍ») على سبيل التتبع لأن قوم كل نبي رجال ونساء.
** سبب نزول
الآية : نزلت الآية الكريمة في وفد بني تميم الذين نزلت السورة بشأنهم استهزءوا
بفقراء الصحابة لما رأوا رثاثة حالهم فنزلت في الذين آمنوا منهم.
** (وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا
تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) : المعنى : لا يعب أو يطعن بعضكم بعضا ولا تتعايروا
بألقاب السوء .. أي ويطعن بعضكم بلسانه بعضا ويدع بعضكم بعضا بلقب السوء. و «اللقب»
هو النبز ومنه : نبزه ـ ينبزه ـ نبزا .. من باب «ضرب» بمعنى : لقبه .. واللقب :
جمعه : ألقاب وقد يجعل اللقب علما من غير نبز فلا يكون حراما ـ كما يقول الفيومي ـ
ومنه تعريف بعض الأئمة المتقدمين بالأعمش والأخفش والأعرج ونحوه .. لأنه لا يقصد
بذلك
نبز ولا تنقيص بل هو محض تعريف مع رضا المسمى به والأعمش هو الذي تعمش عينه
: أي يسيل دمعها في أكثر الأوقات مع ضعف البصر فالرجل أعمش والمرأة عمشاء .. أما «الأخفش»
فهو أيضا من فيه ضعف بصر في عينيه مع صغرهما وتكون هذه الحالة خلقة وهي علة لازمة
وصاحبها يبصر بالليل أكثر من النهار وهو من «خفش ـ يخفش ـ خفشا» وهو مثل «عمش» من
باب «تعب» أيضا فهو أخفش وهي خفشاء. ويقال : لقب فلانا بكذا : بمعنى : جعله لقبا
له وتلقب بكذا : صار له لقبا. واللقب : هو اسم يسمى به الإنسان سوى اسمه الأول
ويشعر بمدح أو ذم باعتبار معناه الأصلي وهناك أسماء أيضا مثل «الأخطل» وهو الطويل
الأذنين المسترخيهما .. و «الأصمعي» مشتق من «الأصمع» وهو صغر في الأذنين كما يطلق
على السيف القاطع. وأبو العتاهية أي أبو الجنون .. و «الحطيئة» وهو القصير صاحب
الوجه القبيح .. و «المقفع» وهو صاحب الرأس المنكس باستمرار .. قالت العرب : الكنى
منبهة والأسامي منقصة .. و «الكنى» جمع «كنية» و «الأسامي» جمع «اسم» ومنبهة بمعنى
: منوهة أي مادحة ومعظمة. و «الكنية» : اسم يطلق على الشخص للتعظيم نحو أبي الحسن
.. أو علامة له وهي أيضا الاسم العلم المصدر بألفاظ : الأب .. الابن .. الأم ..
البنت. يقال : كناه واكناه أبا محمد يكنيه تكنية : بمعنى : سماه .. ومصدر «اكناه»
هو «إكناء» روي عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من حق المؤمن على أخيه أن يسميه بأحب أسمائه إليه»
ولهذا كانت التكنية من السنة والأدب الحسن. وقال عمر ـ رضي الله عنه ـ : أشيعوا
الكنى فإنها منبهة». أي معرفة أو إشعار بصاحبها وتعظيم له. وقد لقب «أبو بكر»
بالعتيق : أي الكريم .. وبالصديق : أي الكثير الصدق ـ فعيل بمعنى فاعل .. من صيغ
المبالغة ـ ولقب «عمر» بالفاروق : أي الذي يفرق أو يفصل بين الأمور .. ولقب «حمزة»
بأسد الله : أي جمع بين الدين والشجاعة. ولقب «خالد» بسيف الله : أي جمع بين الدين
والقتال .. بمعنى : انتفع بهما في الدين كما انتفع بهما في الشجاعة والقتال. وقل
من المشاهير في الجاهلية والإسلام من ليس له لقب .. ولم تزل هذه الألقاب الحسنة في
الأمم كلها من العرب وغيرهم تجري في مخاطبتهم ومكاتباتهم. وليس طريق التعظيم
باللقب كطريق التعظيم بالكنية لأن التعظيم باللقب إنما هو بمعنى اللفظ كما تقول :
زين العابدين .. وسيف الدولة .. أما التعظيم بالكنية فإنه بواسطتها بعدم التصريح
باسم لا بمعنى الكنية .. أما إذا اجتمع الاسم مع اللقب فالأفصح تقديم الاسم وتأخير
اللقب .. أما «الكناية» فهي أن يتكلم بشيء يستدل به عن المكني عنه .. أي ذكره ليدل
به على غيره أو تكلم بالشيء وهو يريد غيره. فقولنا : فلان كثير الرماد : هو كناية
عن كرمه.
** (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ
أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية عشرة.
وفي هذا الاستفهام أسلوب فيه تصوير لما يناله المغتاب من عرض المغتاب على أفظع وجه
وأفحشه وأشنع صورة .. قال الزمخشري : في القول الكريم مبالغات شتى .. منها
الاستفهام الذي معناه التقرير .. ومنها جعل ما هو في الغاية من الكراهة موصولا
بالمحبة .. ومنها إسناد الفعل إلى أحدكم والإشعار بأن أحدا من الأحدين لا يحب ذلك
.. ومنها إن لم يقتصر على تمثيل الاغتياب بأكل لحم الانسان حتى جعل الإنسان أخا ..
ومنها إن لم يقتصر على أكل لحم الأخ حتى جعل ميتا. وماضي «يغتب» هو اغتاب .. يقال
: غابه واغتابه غيبا واغتيابا والاسم منه «الغيبة» بكسر الغين.
بمعنى : عابه
بما فيه من السوء .. أي تكلم خلفه وهو غائب بما يغمه لو سمعه فإن كان قوله صدقا
سمي غيبة وإن كان كذبا سمي بهتانا. قال النبي الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من اغتاب خرق ومن استغفر رفأ» وأصل القول من نصح
الثوب : أي خاطه ومنه «التوبة النصوح» وهي التوبة الصادقة.
** (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ
تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي
قُلُوبِكُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة عشرة
.. وفيه أنث الفعل «قالت» مع الفاعل المذكر «الأعراب» ومثله القول : قالت العرب
أفصح من القول : قال العرب .. لأن «العرب» جيل من الناس فيكون المعنى : طائفة منهم
ولهذا كان اللفظ مؤنثا.
** سبب نزول
الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في نفر من بني أسد بن خزيمة قدموا المدينة في سنة
جدبة وأظهروا الشهادتين ولم يؤمنوا في السر.
(إِنَّ الَّذِينَ
يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ)
(٤)
(إِنَّ الَّذِينَ
يُنادُونَكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني
على الفتح في محل نصب اسم «إن». ينادونك : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها
وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير
متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أي إن المناداة نشأت من
وراء حجراتك.
(مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) : جار ومجرور متعلق بينادون. الحجرات : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة و «من» حرف جر لابتداء الغاية وأن المناداة جرت من
وراء حجرات الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أي من خلف أو خارج غرفات بيتك وقت راحتك وهي جمع «حجرة»
وهي القطعة المحجورة بحائط. والجملة الاسمية «أكثرهم لا يعقلون» في محل رفع خبر «إن».
(أَكْثَرُهُمْ لا
يَعْقِلُونَ) : مبتدأ مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين
ـ في محل جر مضاف إليه. لا : نافية لا عمل لها. يعقلون : تعرب إعراب «ينادون»
والجملة الفعلية «لا يعقلون» في محل رفع خبر «أكثرهم» بمعنى لا يدركون خطأهم أو
قبح عملهم هذا.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ
صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ)
(٥)
(وَلَوْ أَنَّهُمْ
صَبَرُوا) : الواو استئنافية. لو : حرف شرط غير جازم ـ حرف امتناع
لامتناع ـ أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «أن»
و «أن» مع اسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل رفع فاعل لفعل محذوف تقديره : ثبت.
التقدير لو ثبت صبرهم. صبروا : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن» وهي فعل ماض
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة بمعنى انتظروا.
(حَتَّى تَخْرُجَ
إِلَيْهِمْ) : حرف غاية وجر تخرج : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد «حتى»
وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. إلى : حرف جر و «هم»
ضمير الغائبين في محل جر بإلى والجار والمجرور متعلق بتخرج. والجملة الفعلية «تخرج
إليهم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر
بحتى والجار والمجرور متعلق بصبروا. التقدير : حتى خروجك إليهم.
(لَكانَ خَيْراً
لَهُمْ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم فلا محل لها. اللام
واقعة في جواب «لو» كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا
تقديره هو. أي لكان الصبر لأنه يعود على ضمير فاعل الفعل المضمر بعد «لو» أو على
مصدر «صبروا». خيرا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. اللام حرف جر و
«هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «خيرا»
أي خيرا لهم من استعجالهم.
(وَاللهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ) : الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع
للتعظيم بالضمة. غفور رحيم : خبرا لفظ الجلالة مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة
المنونة بمعنى : يغفر لهم سوء تصرفهم لأنهم لم يتعمدوا ذلك.
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا
قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِين)
(٦)
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ) : أعرب في الآية الكريمة الأولى. إن : حرف شرط جازم.
جاء : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور.
فاسق : فاعل مرفوع بالضمة المنونة.
(بِنَبَإٍ
فَتَبَيَّنُوا) : جار ومجرور متعلق بجاء بمعنى بخبر. الفاء واقعة في
جواب الشرط والجملة الفعلية «تبينوا» وما بعدها جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل
جزم وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى فتعرفوا حقيقته أو فتطلبوا بيان الأمر
وانكشاف الحقيقة.
(أَنْ تُصِيبُوا) : حرف مصدري ناصب. تصيبوا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة
نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «تصيبوا
قوما» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب
نائب عن مفعول لأجله محذوف تقديره كراهة إصابتكم قوما أي بحذف المضاف المفعول
لأجله وهو «كراهة» وإقامة المضاف إليه «إصابتكم» محله.
(قَوْماً بِجَهالَةٍ
فَتُصْبِحُوا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. بجهالة :
جار ومجرور متعلق بحال من ضمير المخاطبين في «تصيبوا» التقدير : جاهلين بحقيقة
الأمر وكنه القصة أي وأنتم جاهلون بحالهم المعنى : فتبينوا قبل أن تبنوا عليه عملا
خشية أن تصيبوا قوما أبرياء بسوء أو مكروه. الفاء سببية عاطفة. تصبحوا : فعل مضارع
ناقص معطوف على «تصيبوا» منصوب مثله وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في
محل رفع اسم «تصبح» والألف فارقة بمعنى : فتصيروا ..
(عَلى ما فَعَلْتُمْ
نادِمِينَ) : حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر
بعلى والجار والمجرور متعلق بتصبحوا أو بنادمين. فعلتم :
الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون
لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم
في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب
المحل لأنه مفعول به. التقدير : على ما فعلتموه أي ما فعلتم من الخطأ .. أو تكون «ما»
مصدرية فتكون جملة «فعلتم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر
في محل جر بعلى. التقدير : على فعلكم. نادمين : خبر «تصبح» منصوب بالياء لأنه جمع
مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.
(وَاعْلَمُوا أَنَّ
فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ
وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ
وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ
الرَّاشِدُونَ)
(٧)
(وَاعْلَمُوا أَنَّ
فِيكُمْ) : الواو استئنافية. اعلموا : فعل أمر مبني على حذف
النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. فيكم : جار ومجرور متعلق بخبر «أن»
المقدم و «أن» وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «اعلموا»
والميم علامة جمع الذكور.
(رَسُولَ اللهِ) : اسم «أن» المقدم منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ
الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.
(لَوْ يُطِيعُكُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من أحد الضميرين
المستتر المرفوع أو البارز المجرور. لو : حرف شرط غير جازم دخلت على الفعل المضارع
«يطيع» فصرف إلى معنى المضي في هذه الآية. يطيع : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه
الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين
ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور بمعنى لو يطيعكم في
كثير من الأمور غير الحقيقية التي تخبرونه بها.
(فِي كَثِيرٍ مِنَ
الْأَمْرِ) : جار ومجرور متعلق بيطيع. من الأمر : جار ومجرور متعلق
بصفة محذوفة من «كثير».
(لَعَنِتُّمْ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام
واقعة في جواب «لو». عنتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك.
التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة
جمع الذكور بمعنى : لوقعتم في العنت أي المشقة والهلاك.
(وَلكِنَّ اللهَ) : الواو استدراكية. لكن : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن»
الله لفظ الجلالة : اسم «لكن» منصوب للتعظيم بالفتحة.
(حَبَّبَ إِلَيْكُمُ
الْإِيمانَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لكن» وهي فعل ماض
مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إليكم : جار ومجرور متعلق
بحبب والميم علامة جمع الذكور وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين بمعنى :
إلى بعضكم إلا أن صفتهم المفارقة لصفة غيرهم أغنت عن ذكر البعض وهذا من إيجازات
القرآن الكريم. الإيمان : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : حسن إليكم
الإيمان وغرسه في قلوبكم.
(وَزَيَّنَهُ فِي
قُلُوبِكُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «حبب إليكم»
وتعرب إعرابها والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به والكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور والجار
والمجرور متعلق بزين ..
(وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ
الْكُفْرَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «حبب إليكم
الإيمان» وتعرب إعرابها.
(وَالْفُسُوقَ
وَالْعِصْيانَ) : معطوفان بواوي العطف على «الكفر» ويعربان إعرابه.
(أُولئِكَ هُمُ
الرَّاشِدُونَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف
حرف خطاب. المعنى : أولئك المتبينون. هم : ضمير منفصل ـ
ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ ثان وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء
الساكنين ـ الراشدون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته والجملة الاسمية «هم الراشدون» في محل رفع خبر المبتدأ الأول «أولئك».
(فَضْلاً مِنَ اللهِ
وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
(٨)
(فَضْلاً مِنَ اللهِ
وَنِعْمَةً) : مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى
فعل بكم ذينك التحبيب والتكريه تفضلا منه أو يكون مفعولا مطلقا منصوبا على المصدر
من غير فعله يوضع موضع «رشدا» لأن «رشدهم» من «الراشدون» فضل من الله لكونهم
موفقين فيه والفضل والنعمة بمعنى : الافضال والإنعام أي تفضل عليكم. من الله : جار
ومجرور للتعظيم متعلق بصفة محذوفة من «فضلا» ونعمة : معطوفة بالواو على «فضلا»
وتعرب مثلها بمعنى : ونعمة منه لكم أو وأنعم نعمة.
(وَاللهُ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ) : الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع
للتعظيم بالضمة. عليم حكيم : خبرا المبتدأ مرفوعان بالضمة المنونة.
(وَإِنْ طائِفَتانِ
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ
إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى
أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا
إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)
(٩)
(وَإِنْ طائِفَتانِ) : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم. طائفتان : فاعل
لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور بعده التقدير : وإن اقتتلت طائفتان لأن «إن»
الشرطية لا تدخل على الجمل الاسمية فإذا وليها الاسم المرفوع كان فاعلا لفعل محذوف
يفسره المذكور بعده وعلامة رفع «طائفتان» الألف لأنه مثنى والنون عوض من حركة
المفرد.
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
اقْتَتَلُوا) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «طائفتين» وعلامة جر
الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته اقتتلوا : فعل
ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.
الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وجاء الفعل على الجمع لأنه
محمول على معنى الطائفتين دون لفظهما أي في معنى القوم والناس أو لأن الطائفة
لفظها مفرد ومعناها جمع.
(فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُما) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل
جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط. أصلحوا فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من
الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بين : مفعول فيه ـ
ظرف مكان ـ منصوب على الظرفية متعلق بأصلحوا وهو مضاف. الهاء ضمير متصل في محل جر
مضاف إليه و «ما» علامة التثنية بمعنى وإن تقاتلت طائفتان فأصلحوا بينهما بالنصح
والإرشاد.
(فَإِنْ بَغَتْ
إِحْداهُما) : الفاء استئنافية. إن : حرف شرط جازم. بغت : فعل ماض
مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بتاء
التأنيث الساكنة فعل الشرط في محل جزم بإن والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها.
إحدى : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر و «هما» أعرب في «بينهما»
بمعنى فإن اعتدت إحداهما.
(عَلَى الْأُخْرى
فَقاتِلُوا) : جار ومجرور متعلق ببغت وعلامة جر الاسم الكسرة
المقدرة على الألف للتعذر. فقاتلوا : تعرب إعراب «فأصلحوا».
(الَّتِي تَبْغِي) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. تبغي
: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هي. والجملة الفعلية «تبغي» صلة الموصول لا محل لها.
(حَتَّى تَفِيءَ) : حرف جر للتعليل بمعنى : إلى أن وتصلح أيضا لمعنى «كي».
تفيء : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر
فيه جوازا تقديره هي والجملة الفعلية «تفيء ..» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن»
المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحتى والجار والمجرور متعلق بقاتلوا.
(إِلى أَمْرِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بتفيء. الله لفظ الجلالة : مضاف
إليه مجرور للتعظيم بالكسرة أي حتى ترجع إلى الحق.
(فَإِنْ فاءَتْ
فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) : تعرب إعراب «فإن بغت» وعلامة بناء الفعل الفتحة
الظاهرة. فأصلحوا بينهما : أعربت. والجملة الفعلية جواب شرط جازم مثل «فأصلحوا»
الأولى. وفاعل «فاءت» ضمير مستتر جوازا تقديره : هي.
(بِالْعَدْلِ
وَأَقْسِطُوا) : جار ومجرور متعلق بأصلحوا أو بحال محذوفة من ضمير «أصلحوا»
بمعنى : عادلين. وأقسطوا : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «أصلحوا» وتعرب
إعرابها بمعنى وأنصفوا. وحذفت صلة «فاءت» اختصارا لأن ما قبله دال عليه أو اكتفاء
بذكره أول مرة. التقدير : فإن فاءت إلى أمر الله.
(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ
الْمُقْسِطِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم
«إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. يحب : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع
خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
المقسطين : مفعول به منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.
(إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)
(١٠)
(إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) : كافة ومكفوفة. المؤمنون : مبتدأ مرفوع بالواو لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. إخوة : خبر المبتدأ مرفوع
بالضمة المنونة بمعنى : إخوة في الدين والعقيدة.
(فَأَصْلِحُوا بَيْنَ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. أصلحوا : فعل أمر
مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل والألف فارقة. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بأصلحوا وهو مضاف.
(أَخَوَيْكُمْ
وَاتَّقُوا اللهَ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى
وهو مضاف. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على
الضم في محل جر مضاف إليه ثان والميم علامة جمع الذكور ـ وأصله : أخوين
حذفت النون للإضافة. والمراد بالأخوين : طائفتا الأوس والخزرج. واتقوا : معطوفة
بالواو على «أصلحوا» وتعرب مثلها. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم
وعلامة النصب الفتحة بمعنى وأصلحوا بينهما عند منازعتهما وخافوا لله.
(لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور. ترحمون
: الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت
النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى : لكي ترحموا.
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً
مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا
تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ
بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
(١١)
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ) : أعرب في الآية الكريمة الأولى. لا : ناهية جازمة.
يسخر : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه السكون.
(قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. من قوم : جار ومجرور
متعلق بيسخر بمعنى لا يستهزئ قوم بقوم أو بمعنى لا يستخف قوم رجال من قوم آخرين
لأن «القوم» هم الرجال خاصة واختصاصهم بالرجال صريح في الآية الكريمة لأنهم القوام
على النساء. و «لا» الناهية والمضارع المجزوم المقرون بها من صيغ الأمر وكذلك في «لا
تلمزوا ..» «لا تجسسوا ..» و «لا يغتب ..».
(عَسى أَنْ يَكُونُوا) : الجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها وردت مورد جواب
المستخبر عن العلة الموحية لما جاء النهي عنه. عسى : فعل ماض مبني على الفتح
المقدر على الألف للتعذر. أن : حرف مصدري ونصب. يكونوا : فعل مضارع ناقص منصوب بأن
وعلامة نصبه حذف النون. الواو
ضمير متصل في محل رفع اسمها والألف فارقة. والجملة الفعلية «يكونوا خيرا
منهم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل :
أي كونهم.
(خَيْراً مِنْهُمْ) : خبر «يكون» منصوب بالفتحة المنونة. من : حرف جر و «هم»
ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بخير أو بصفة محذوفة من «خيرا»
بمعنى : عسى أن يكون المهزوء بهم عند الله أفضل من الهازئين. و «عسى» بمعنى ربما
هي هنا فعل تام.
(وَلا نِساءٌ مِنْ
نِساءٍ) : معطوف بالواو على «لا يسخر قوم من قوم» ويعرب إعرابه
وحذف الفعل «يسخر» اختصارا لأنه معلوم.
(عَسى أَنْ يَكُنَّ
خَيْراً مِنْهُنَ) : تعرب إعراب «عسى أن يكونوا خيرا منهم» ونون النسوة ـ الإناث
الغائبات في «يكن» ضمير متصل في محل رفع اسم «تكون» والفعل مبني على السكون
لاتصاله بنون النسوة. ونون النسوة في «منهن» في محل جر بمن.
(وَلا تَلْمِزُوا
أَنْفُسَكُمْ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تلمزوا : فعل مضارع
مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
أنفسكم : مفعول به منصوب بالفتحة والكاف ضمير المخاطبين في محل جر مضاف إليه
والميم علامة جمع الذكور.
(وَلا تَنابَزُوا
بِالْأَلْقابِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «لا تلمزوا»
وتعرب إعرابها وأصله : «تتنابزوا» حذفت إحدى التاءين اختصارا وتخفيفا. بالألقاب :
جار ومجرور متعلق بتنابزوا بمعنى لا يعب أو يطعن بعضكم بعضا ولا تتعايروا.
(بِئْسَ الِاسْمُ
الْفُسُوقُ) : فعل ماض جامد مبني على الفتح لانشاء الذم. الاسم :
فاعل مرفوع بالضمة. الفسوق : المخصوص بالذم مبتدأ مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «بئس
الاسم» في محل رفع خبر مقدم أو يكون «الفسوق» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو بمعنى :
ساء تسمية أحد فاسقا ـ خارجا عن حدود الطاعة ـ أي كافرا.
(بَعْدَ الْإِيمانِ) : ظرف زمان ـ مفعول فيه ـ منصوب على الظرفية وعلامة
نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق ببئس. أو متعلق بحال محذوفة من «الاسم» بمعنى : بعد
اتصافه بالإيمان. أي بعد أن يكون مؤمنا. الإيمان : مضاف إليه مجرور بالكسرة.
(وَمَنْ لَمْ يَتُبْ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبره. لم : حرف نفي وجزم
وقلب. يتب : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره هو. والفعل «يتب» في محل جزم بمن لأنه فعل الشرط ـ أصله : يتوب ـ حذفت
الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة الفعلية «لم يتب» صلة الموصول لا محل لها
بمعنى ومن لم يتب عما نهى الله عنه.
(فَأُولئِكَ هُمُ
الظَّالِمُونَ) : الجملة الاسمية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل
جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط. أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع
مبتدأ. والكاف حرف خطاب. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ ثان.
الظالمون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد
وحركته والجملة الاسمية «هم الظالمون» في محل رفع خبر «أولئك» وجاء الفعل «يتب»
بصيغة الافراد على لفظ «من» واسم الإشارة بعده بصيغة الجمع على معنى «من».
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ
إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ
أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ
اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)
(١٢)
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً) : أعرب في الآية الكريمة الأولى. اجتنبوا : فعل أمر
مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل والألف فارقة. كثيرا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.
(مِنَ الظَّنِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «كثيرا» و «من» حرف
جر بياني بمعنى : ابتعدوا وتجنبوا ..
(إِنَّ بَعْضَ
الظَّنِّ إِثْمٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. بعض : اسم «إن» منصوب
وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الظن : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
إثم : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.
(وَلا تَجَسَّسُوا) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تجسسوا : فعل مضارع
مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة
وأصله : تتجسسوا .. حذفت إحدى التاءين تخفيفا.
(وَلا يَغْتَبْ
بَعْضُكُمْ بَعْضاً) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. يغتب : فعل مضارع
مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره ـ أصله : يغتاب ـ حذفت الألف لالتقاء الساكنين
بمعنى ولا يتجسس بعضكم على بعض ولا يذكر أحد غيره بما يكره. بعضكم : فاعل مرفوع
بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه
والميم علامة جمع الذكور. بعضا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.
(أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ) : الهمزة همزة استفهام تفيد التقرير. يحب : فعل مضارع
مرفوع بالضمة. أحدكم : تعرب إعراب «بعضكم».
(أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ) : حرف مصدري ناصب. يأكل : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة
نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «يأكل لحم ..»
صلة حرف مصدري لا محل لها. لحم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «أن»
المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل «يحب».
(أَخِيهِ مَيْتاً
فَكَرِهْتُمُوهُ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه من
الأسماء الخمسة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه.
ميتا : حال من «اللحم» أو من «الأخ» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى وهو
ميت. الفاء فيه أي في القول رابطة
لجواب شرط محذوف لأن المعنى فقد كرهتموه وفيه معنى الشرط .. أي إن صح هذا
فكرهتموه. كرهتموه : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع
الذكور والواو لإشباع الميم والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به
أي فكرهتم أكله.
(وَاتَّقُوا اللهَ
إِنَّ اللهَ) : الواو عاطفة. اتقوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن
مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الله
لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة. إن : أعرب. الله : اسم «إن» منصوب
للتعظيم بالفتحة.
(تَوَّابٌ رَحِيمٌ) : خبرا «إن» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة المنونة بمعنى
كثير التوبة لمن يتوب عليه من عباده رحيم بالتائبين.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ
لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ
خَبِيرٌ)
(١٣)
(يا أَيُّهَا النَّاسُ) : أداة نداء. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها»
زائدة للتنبيه. الناس : بدل من «أي» مرفوع بالضمة على لفظ أي.
(إِنَّا خَلَقْناكُمْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مدغم
بنون «إن» مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». خلق : فعل ماض مبني على السكون
لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. الكاف ضمير
متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع
الذكور.
(مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) : جار ومجرور متعلق بخلقنا. وأنثى : معطوف بالواو على «ذكر»
مجرور مثله وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المقدرة على الألف المقصورة لأنه
ممنوع من الصرف على وزن «فعلى» مؤنث مقصور رباعي وقدرت الحركة على الألف للتعذر
والجملة الفعلية «خلقناكم من ذكر
وأنثى» في محل رفع خبر «إن» بمعنى من آدم وحواء أو من أب وأم وهما من أصل
واحد أي آدم وحواء.
(وَجَعَلْناكُمْ
شُعُوباً وَقَبائِلَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «خلقناكم»
وتعرب إعرابها. شعوبا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وقبائل :
معطوفة بالواو على «شعوبا» منصوبة مثلها بالفتحة ولم ينون آخر اللفظة لأنها ممنوعة
من الصرف.
(لِتَعارَفُوا إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ) : اللام حرف جر للتعليل. تعارفوا : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام
وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة .. أصله :
لتتعارفوا حذفت إحدى التاءين لتوالي التاءين تخفيفا والجملة الفعلية «تعارفوا» صلة
حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام
التعليل والجار والمجرور متعلق بجعلنا بمعنى خلقناكم لأجل التعارف لا لتتقاتلوا
وتتعادوا وتتفاخروا بينكم بالأنساب ولكن لتتعارفوا وتتحابوا. إن : حرف نصب وتوكيد
مشبه بالفعل. أكرمكم : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه. والميم علامة جمع الذكور بمعنى :
فليس بعضكم أفضل من بعض بانتسابه لجنس أو قبيلة بل إن أفضلكم بالعمل الصالح.
(عِنْدَ اللهِ
أَتْقاكُمْ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وهو مضاف متعلق بأكرم. الله
لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. أتقى : خبر «إن»
مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر و «كم» أعرب.
(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ
خَبِيرٌ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة.
(قالَتِ الْأَعْرابُ
آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ
الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ
مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
(١٤)
(قالَتِ الْأَعْرابُ) : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة
لا محل لها وحركت بالكسر لالتقاء الساكنين. الأعراب : فاعل مرفوع بالضمة وقد أنث
الفعل مع فاعله «الأعراب» على اللفظ لا المعنى أي بتقدير جماعة الأعراب.
(آمَنَّا) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي
فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على
السكون في محل رفع فاعل بمعنى : صدقنا بما جئت به يا محمد.
(قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره أنت. أصله : قول ـ حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين بمعنى قل
لهم. لم : حرف نفي وجزم وقلب. تؤمنوا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف
النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وجملة «لم تؤمنوا» في محل
نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(وَلكِنْ قُولُوا
أَسْلَمْنا) : الواو زائدة. لكن : حرف ابتداء أو عطف للاستدراك لا
عمل له مهمل لأنه مخفف. قولوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال
الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أسلمنا : تعرب إعراب «آمنا»
بمعنى : قل لهم : لا تقولوا آمنا ولكن قولوا أعلنا إسلامنا ظاهرا فقط.
(وَلَمَّا يَدْخُلِ
الْإِيمانُ) : الواو حالية والجملة الفعلية بعدها في محل نصب حال من
ضمير المخاطبين في «قولوا». لما : حرف نفي وجزم وقلب ـ نفيها يستمر حتى زمن التكلم
ـ أي إن نفيها يستمر ويسري على الحال وما في «لما» من معنى التوقع دال على أن
هؤلاء قد آمنوا فيما بعد. يدخل : فعل مضارع مجزوم بلما وعلامة جزمه سكون آخره الذي
حرك بالكسر لالتقاء الساكنين. الإيمان : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : ولم يدخل
الايمان في قلوبكم إلى الآن.
(فِي قُلُوبِكُمْ) : جار ومجرور متعلق بيدخل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور.
(وَإِنْ تُطِيعُوا
اللهَ) : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم. تطيعوا : فعل
مضارع مجزوم بإن لأنه فعل الشرط وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل والألف فارقة. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة.
(وَرَسُولَهُ لا
يَلِتْكُمْ) : الواو عاطفة. رسوله : مفعول به منصوب بتطيعوا وعلامة نصبه الفتحة والهاء
ضمير متصل في محل جر مضاف إليه. لا : نافية لا عمل لها. يلتكم : فعل مضارع مجزوم
لأنه جواب الشرط وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت الياء لالتقاء الساكنين لأن أصله :
يليت .. من «لات ـ يليت ـ بمعنى : ينقص». وبقيت كسرة مجانسة الياء دالة على الياء
المحذوفة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور والجملة
الفعلية «لا يلتكم ..» جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها.
(مِنْ أَعْمالِكُمْ
شَيْئاً) : جار ومجرور متعلق بيليت و «كم» أعرب في «قلوبكم» شيئا
: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : لا ينقصكم من أجور أعمالكم
فحذف المضاف «أجور» وأقيم المضاف إليه «أعمالكم» مقامه أو يكون مفعولا مطلقا في
موضع المصدر بتقدير : لا يلتكم من أعمالكم ليتا شيئا.
(إِنَّ اللهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن»
منصوب للتعظيم بالفتحة. غفور رحيم : خبرا «إن» مرفوعان بالضمة المنونة.
(إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا
وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ
الصَّادِقُونَ)
(١٥)
(إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ) : كافة ومكفوفة. المؤمنون : مبتدأ مرفوع بالواو لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(الَّذِينَ آمَنُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع صفة ـ نعت ـ للمؤمنين.
آمنوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «آمنوا ..» صلة الموصول لا محل لها.
(بِاللهِ وَرَسُولِهِ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بآمنوا. الواو عاطفة. رسوله
: اسم مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف
إليه والجار والمجرور متعلق بآمنوا.
(ثُمَّ لَمْ
يَرْتابُوا) : حرف عطف للتراخي. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يرتابوا :
فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة. والجملة الفعلية «لم يرتابوا» لا محل لها من الإعراب لأنها داخلة
ضمن صلة الموصول لعطفها على الجملة الفعلية «آمنوا» وقد عطفت هذه الجملة على جملة «آمنوا»
بحرف التراخي على الرغم من أن عدم الارتياب يجب أن يكون مقارنا للإيمان لأنه وصف
فيه لإفادة الإيمان معنى الثقة والطمأنينة إشعارا باستقرار الإيمان في الأزمنة
المتراخية ولذلك تم العطف بكلمة التراخي .. و «لم يرتابوا» بمعنى : لم يشكوا في
ذلك أي في شيء من الإيمان.
(وَجاهَدُوا
بِأَمْوالِهِمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب
إعرابها والجار والمجرور «بأموالهم» متعلق بجاهدوا.
(وَأَنْفُسِهِمْ فِي
سَبِيلِ اللهِ) : معطوف بالواو على «أموالهم» وتعرب إعرابها بمعنى
وجاهدوا بأنفسهم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. في سبيل
: جار ومجرور متعلق بجاهدوا. الله لفظ
الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة بمعنى : في
طاعة الله ورضوانه.
(أُولئِكَ هُمُ
الصَّادِقُونَ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ الأول «المؤمنون».
أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. والكاف حرف خطاب. هم : ضمير
منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء
الساكنين ـ الصادقون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته. والجملة الاسمية «هم الصادقون» في محل رفع خبر «أولئك» بمعنى
هم الصادقون بحق في إيمانهم لا من قالوا آمنا وهم غير مؤمنين أي ولم تؤمن قلوبهم
حقيقة بل كان إيمانهم ظاهرا فقط.
(قُلْ أَتُعَلِّمُونَ
اللهَ بِدِينِكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ
وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
(١٦)
(قُلْ أَتُعَلِّمُونَ) : سبق إعرابها. الهمزة همزة إنكار وتجهيل لهم بلفظ
استفهام. تعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والجملة الفعلية «أتعلمون الله ..» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(اللهَ بِدِينِكُمْ) : لفظ الجلالة مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب
الفتحة. بدين : جار ومجرور متعلق بتعلمون. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني
على الضم ـ في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور بمعنى : قل لهم أتعلمون
علي بدينكم بقولكم آمنا؟
(وَاللهُ يَعْلَمُ) : الواو استئنافية أو حالية. الله لفظ الجلالة مبتدأ
مرفوع للتعظيم وعلامة الرفع الضمة. يعلم : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع
خبر المبتدأ وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو
والجملة الاسمية «الله يعلم» لا محل لها لأنها استئنافية أو تكون في محل نصب حالا.
(ما فِي السَّماواتِ
وَما فِي الْأَرْضِ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. في
السموات : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره كان .. وجد .. استقر. والجملة
الفعلية «وجد في السموات» صلة الموصول لا محل لها. وما في الأرض : معطوفة بالواو
على «ما في السموات» وتعرب مثلها.
(وَاللهُ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيمٌ) : الواو عاطفة. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم
بالضمة. بكل : جار ومجرور متعلق بعليم. شيء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره
الكسرة المنونة. عليم : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة.
(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ
أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ
عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)
(١٧)
(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل. عليك : جار ومجرور متعلق بيمنون.
(أَنْ أَسْلَمُوا) : حرف مصدري. أسلموا : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا
محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل والألف فارقة. و «أن» المصدرية وما تلاها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول
به بيمنون. التقدير : يمنون عليك إسلامهم أو يكون المصدر في محل جر بحرف جر محذوف
بتقدير بأن أسلموا أي بإسلامهم بمعنى : يعدون إسلامهم منه عليك فحذف الجار وعدي
الفعل إلى مفعوله ـ المصدر ـ.
(قُلْ لا تَمُنُّوا) : سبق إعرابها. لا : ناهية جازمة. تمنوا : فعل مضارع
مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة
والجملة الفعلية «لا تمنوا علي إسلامكم» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ
(عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ) : جار ومجرور متعلق بتمنوا. إسلامكم : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر
مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور بمعنى : ولا تعدوا إسلامكم علي منة أو بإسلامكم
مثل «بإسلامهم».
(بَلِ اللهُ يَمُنُ) : حرف إضراب لا عمل له للاستئناف وكسر آخره لالتقاء
الساكنين. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. يمن : الجملة الفعلية
في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره : هو.
(عَلَيْكُمْ أَنْ
هَداكُمْ) : جار ومجرور متعلق بيمن. والميم علامة جمع الذكور. أن
: حرف مصدري. هداكم : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض مبني
على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.
الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم
علامة جمع الذكور و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل «يمن»
أي يمن عليكم هديكم أو يكون المصدر في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير : بأن هداكم ..
أي بهديكم فحذف الجار وعدي الفعل إلى المصدر.
(لِلْإِيمانِ إِنْ
كُنْتُمْ صادِقِينَ) : جار ومجرور متعلق بهدى. إن : حرف شرط جازم. كنتم :
فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم
بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان»
والميم علامة جمع الذكور وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه أي لدلالة ما قبله عليه
بمعنى : إن كنتم صادقين في ادعائكم الإيمان فلله المنة عليكم. صادقين : خبر «كان»
منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ
غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)
(١٨)
(إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ
غَيْبَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن»
منصوب للتعظيم بالفتحة. يعلم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «يعلم غيب ..» في محل رفع خبر «إن». غيب : مفعول
به منصوب بالفتحة.
(السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض
: معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها.
(وَاللهُ بَصِيرٌ) : الواو عاطفة. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم
بالضمة. بصير : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة.
(بِما تَعْمَلُونَ) : الباء حرف جر. ما : مصدرية. تعملون : الجملة الفعلية
صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور
متعلق ببصير بمعنى مطلع على أعمالكم أو بصير بأعمالكم أو تكون «ما» اسما موصولا
مبنيا على السكون في محل جر بالباء فيكون العائد إلى الموصول ضميرا منصوب المحل
لأنه مفعول به أي بما تعملونه.
***
سورة ق
معنى
السورة : القاف حرف
من حروف الأبجدية العربية .. واشتق منه الفعل الثلاثي «قاف» بمعنى : تبع .. نحو :
قاف أثره ـ يقوف ـ قوفا ـ من باب «قال» بمعنى : تبعه .. وهو قائف ـ اسم فاعل : أي
الذي يعرف الآثار ويتتبعها .. وهم قافة «جمع قائف» وقاف بمعناه مثل الفعل الثلاثي
«قفا» نحو : قفا ـ يقفو أثره ـ قفوا : أي اتبعه وهو من باب «عدا» و «سما» قال
الجوهري : قفى على أثره بفلان : أي أتبعه إياه ومنه قوله تعالى في سورة «الحديد» :
(قَفَّيْنا عَلى
آثارِهِمْ بِرُسُلِنا) ومنه أيضا الكلام المقفى ـ اسم مفعول ـ ومنه : قوافي
الشعر .. سميت بذلك لأن بعضها يتبع إثر بعض. وهي جمع «قافية» والقافية أيضا :
القفا ـ وهو العنق .. يذكر ويؤنث ـ وقيل : هو مؤخر العنق وجمعه : قفي ـ بضم القاف وتشديد
الياء ـ وأقفاء وأقفية وفي الحديث : «يعقد الشيطان على قافية أحدكم» ويقال : قفوت
الرجل ـ قفوا : إذا قذفته بفجور صريحا وفي الحديث : «لا حد إلا في القفو البين»
ويأتي من الفعل المجرد «قفا» الفعل المزيد : نحو : اقتفى أثره وتقفاه : بمعنى
تبعه. وقيل : القفا : يذكر ويؤنث وجمعه على التذكير هو أقفية وعلى التأنيث :
أقفاء. قاله ابن السراج وقال الفيومي : وقد يجمع على قفي. قال الزجاج : التذكير
أغلب وقال ابن السكيت : القفا : مذكر وقد يؤنث وألفه واو ولهذا يثنى على قفوين.
تسمية
السورة : سميت إحدى
سور القرآن الكريم بهذا الحرف الذي تصدر الآية الكريمة الأولى من سورها وشأنها في
ذلك شأن بقية السور الشريفة التي تصدرتها أو تصدرت آياتها الكريمة مثل هذا الحرف
الكريم وقد تم شرحها وتفسيرها في سورة «يوسف» وتبقى هذه الأحرف الكريمة أسرارا
محجوبة لا يعلم كنهها إلا الله تعالى.
فضل
قراءة السورة : قال نبي الله المكرم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ سورة «ق» هون الله عليه تارات الموت
وسكراته» صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ
و «تارات» جمع «تارة» وهي الحين والمرة وأصلها : تأرة .. خففت الألف بترك
الهمزة لكثرة الاستعمال ومنه القول : قال تارة هذا وتارة قال ذاك. أما «السكرات»
فهي جمع «سكرة» ومعناها : شدة الموت أو الهم وغشيته. وأخرج مسلم وأبو داود
والبيهقي وابن ماجة عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قال : ما أخذت «ق .. والقرآن
المجيد» إلا على لسان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس.
إعراب آياتها
(ق وَالْقُرْآنِ
الْمَجِيدِ)
(١)
(ق) : فيه قراءات شأنه في ذلك شأن (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) وهو حرف هجاء يدل على خطورة ما بعده أي ما يتلى بعده
وهو القسم بالقرآن المجيد أي الرفيع ذي المجد والشرف الرفيع القدر والحرف الكريم «ق»
شرح في سورة «يوسف» وأعرب بعدة أوجه في سورة «ص».
(وَالْقُرْآنِ
الْمَجِيدِ) : الواو واو القسم حرف جر و «القرآن» مقسم به مجرور
بواو القسم وعلامة جره الكسرة وواو القسم بدل من الباء لأن التقدير اقسم بالقرآن
والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف. المجيد : صفة ـ نعت ـ للقرآن مجرور
مثله وعلامة جره الكسرة .. وقيل : يجوز أن تكون «ق» خبر مبتدأ محذوف على أنها اسم
للسورة بتقدير : هذه «ق» يعني هذه السورة التي أعجزت العرب والقرآن المجيد .. أما
إذا جعلت «ق» مقسما بها و «القرآن المجيد» معطوفا عليها فيجوز أن يراد بالقرآن التنزيل
كله ويراد السورة بعينها بمعنى : أقسم بالسورة الشريفة والقرآن المجيد. وجواب
القسم محذوف بتقدير : لتبعثن. ويجوز أن يكون جواب القسم كما في سورة «ص» يكمن في «بل»
الواردة في الآية التالية بمعنى : (بَلْ عَجِبُوا أَنْ
جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ).
(بَلْ عَجِبُوا أَنْ
جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ)
(٢)
(بَلْ عَجِبُوا) : حرف استئناف للاضراب. عجبوا : فعل ماض مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وفي القول
الكريم إنكار لتعجبهم مما ليس بعجب.
(أَنْ جاءَهُمْ) : حرف مصدري. جاء : فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير
متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم.
(مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. من : حرف جر بياني و «هم»
ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «منذر» والجملة
الفعلية «جاءهم منذر منهم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر
في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير : من مجيء أو لمجيء منذر والجار والمجرور متعلق
بعجبوا.
(فَقالَ الْكافِرُونَ) : الفاء عاطفة للتسبيب. قال : فعل ماض مبني على الفتح.
الكافرون : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد
وحركته ووضع «الكافرون» موضع الضمير في «عجبوا» تأكيدا على أنهم مقدمون على الكفر
العظيم والجملة الاسمية بعده «هذا شيء عجيب» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. والاشارة
إلى المنذر الذي أنذرهم بالبعث أو خوفهم وحذرهم من البعث يوم القيامة. شيء : خبر «هذا»
مرفوع بالضمة المنونة. عجيب : صفة ـ نعت ـ لشيء مرفوع بالضمة المنونة.
** (بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ
فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية .. و «منذر»
اسم فاعل يعمل عمل فعله «أنذر» المتعدي إلى المفعول به فحذف مفعول اسم الفاعل «منذر»
اختصارا لأنه معلوم. المعنى : مخوف أو محذر من عقاب الله من عصاه والمفعول المحذوف
هو «من» كما حذف النعت أو البدل المشار إليه بعد «هذا» وهو «الرجع» أو «الإنذار»
أو «المنذر» الذي أنذرهم بالبعث أو خوفهم وحذرهم من البعث يوم القيامة .. التقدير
: هذا الرجع شيء عجيب وقد تكرر الحذف في الآية الكريمة التالية في قوله (ذلِكَ رَجْعٌ ..) أي ذلك البعث .. أو الرجوع بعد الموت رجع ـ أي رجوع
بعيد الحصول عليه لا يصدقه العقل وبعد حذف المضاف إليه «الحصول» نون آخر المضاف
«بعيد» لانقطاعه عن الإضافة. وفي القول الكريم وضع الظاهر «الكافرون» موضع
الضمير في «عجبوا» تأكيدا على أنهم مقدمون على الكفر العظيم أي لم يقل فقالوا ..
** (بَلْ كَذَّبُوا
بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ)
: هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة. وجاء فيه الحرف «بل» وهو حرف
إضراب .. والإضراب هنا دليل على أنهم جاءوا بما هو أفظع من تعجبهم وهو التكذيب
بالنبوة أو بالنبي محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والقرآن حين جاءهم فهم في أمر
مضطرب قلق في شأن القرآن الكريم فتارة يقولون : إنه سحر أو إنه ـ أي الرسول محمد ـ
صلىاللهعليهوسلم ـ ساحر وتارة يقولون إنه شاعر وتارة إنه كاهن ولفظة «مريج»
مأخوذة من «مرج الخاتم في الإصبع» يمرج ـ مرجا : بمعنى : قلق .. وهو من باب «طرب»
ومثله : مرج الأمر والدين : أي اختلط وهو مريج ـ فعيل بمعنى فاعل ـ أي قلق أو
مختلط.
** (رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ
بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية عشرة
وفيه جاءت الصفة «ميتا» لفظة مذكرة والموصوف «بلدة» لفظة مؤنثة. والصفة تتبع
الموصوف تذكيرا وتأنيثا والسبب في ذلك أن «بلدة» و «بلد» بمعنى واحد أو لأن «ميتا»
يستوي فيه المذكر والمؤنث.
** (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ
وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية عشرة
وفيه أنث الفعل «كذبت» مع فاعله المذكر «قوم» لأنه فصل عن فاعله بفاصل ولأن لفظة «القوم»
هنا أريد بها معنى «الجماعة» وكذلك الأسماء المعطوفات على «قوم» على معنى «جماعات»
المعنى كذبت قبل قريش بالبعث والنبوة أو كذبت رسلها .. و «أصحاب الرس» أي أصحاب
البئر وقيل : الرس : بئر كانت لبقية من ثمود رس أي رس قوم ثمود نبيهم فيها .. و «ثمود»
هم قوم «صالح» ولفظة «ثمود» لم تنون لأنها بتأويل القبيلة وينون آخر اللفظة إذا
أريد بها : الحي أو الأهل ..
** (وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة
.. المعنى : وكذبت بالبعث أو الرسل قبيلة عاد ـ قوم هود ـ وفرعون ملك مصر وقومه
وإخوان لوط أي وقوم لوط .. وسموا إخوانه لأنهم كانوا أصهاره ونون آخر «عاد» لأنه
أريد به اسم رجل من العرب الأولى وبه سميت القبيلة قوم هود.
** (وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ
تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة عشرة
.. المعنى : وكذبت بالبعث أو الرسل أصحاب الأيكة : وهي واحدة الشجر الكثيف الملتف
وجمعها : أيك. والمراد بهم : قوم شعيب وقوم تبع الحميري ملك اليمن .. كل هؤلاء
كذبوا رسلهم .. وبعد حذف المضاف إليه «هؤلاء» نون آخر المضاف «كل» لانقطاعه عن
الإضافة ووحد الضمير والفعل في «كذب» أي لم يقل «كذبوا» على لفظ «كل» لا على
معناه.
** (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ
بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة عشرة
.. المعنى : أفعجزنا أي أعجزنا بابتداء الخلق فنعجز بإحيائكم بعد أن تبلى أجسادكم
وتستحيل ترابا؟ كلا لم نعجز بل هم في خلط وشبهة والتباس فإذا لم يعي الله تعالى
بالخلق الأول على عظمته فالخلق الجديد أولى أن لا يعيا به. واللبس ـ بفتح اللام ـ بمعنى
: الخلط والشبهة .. ويأتي مصدر الفعل «لبس» بفتح الباء ومضارعه : يلبس ـ بكسر
الباء لأنه من باب «ضرب» نحو : لبس علينا الأمر : أي اختلط أما الفعل «لبس» بكسر
الباء ومضارعه يلبس ـ بكسر الباء ـ فمصدره «لبسا» بضم اللام نحو : لبست
الثوب ـ ألبسه ـ لبسا : بمعنى : استترت به ووضعته على جسمي وهو من باب «تعب»
أو «فرح» ويأتي الفعل الرباعي متعديا أيضا نحو : ألبسته : بمعنى : سترته وغطيته
ويأتي متعديا إلى مفعولين .. نحو : ألبست الفقير ثوبا : بمعنى : جعلته يلبسه مثل
أعطيته ثوبا أي منحته إياه.
** (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ
وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة عشرة
الوسوسة : هي الصوت الخفي .. ومنه : وسواس الحلي .. ووسوسة النفس : هي ما يخطر
ببال الإنسان ويهجس في ضميره من حديث النفس. والباء في «توسوس به نفسه» هي مثلها
في القول : صوت بكذا وهمس به ويجوز أن تكون الباء للتعدية والضمير للإنسان : أي ما
تجعله موسوسا و «ما» مصدرية .. لأنهم يقولون : حدث نفسه بكذا .. كما يقولون :
حدثته نفسه به. وفي الآية الكريمة المذكورة عدي الفعل «وسوس» بالباء وفي قوله
تعالى في سورة «طه» : (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ
الشَّيْطانُ) عدي الفعل بإلى وعدي باللام في قوله عزوجل في سورة «الأعراف» : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا
الشَّيْطانُ) فالفعل «وسوس» إذا عدي بإلى فمعناه : الإنهاء .. فمعنى «وسوس
إليه» هو أنهى إليه الوسوسة .. كحدث إليه وأسر إليه .. أما إذا عدي باللام نحو «وسوس
لهما» فمعناه : لأجلهما. ووسوسة الشيطان : كولولة الثكلى ووعوعة الذئب ووقوقة
الدجاجة في أنها حكايات للأصوات وحكمها : حكم صوت أو جرس. وقوله تعالى : (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ) معناه : وسوس إليهما. والعرب توصل بهذه الأحرف الفعل
ومصدر الفعل «وسوس» هو «وسواسا» بكسر الواو .. ووسواس ـ بفتح الواو هو الاسم وهو
بمعنى «الوسوسة» وهي حديث النفس .. والوسوسة أيضا مصدر مثل «وسواس» فإذا بني الفعل
«وسوس» للمجهول قيل : هذا موسوس إليه وهؤلاء موسوس إليهم .. مثل «المغضوب عليهم».
** (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ
الْوَرِيدِ) : الوريد : هو العرق ويضرب به المثل في القرب .. وقيل :
سمي وريدا لأن الروح ترده .. وهو عرقان مكتنفان لصفحتي العنق .. والمراد بقوله
تعالى : قرب علمه سبحانه منه وإنه يتعلق بمعلومه منه ومن أحواله تعلقا لا يخفى
عليه شيء من خفياته فكأن ذاته تعالى قريبة منه .. كما يقال : الله في كل مكان. وقد
جل سبحانه عن الأمكنة و «الحبل» هو «العرق» شبه بواحد الحبال ؛ وأضيف «الحبل» إلى «الوريد»
وقيل : إن الشيء لا يضاف إلى نفسه .. وفي ذلك وجهان : أحدهما : أن تكون الإضافة
للبيان وثانيهما : أن يراد حبل العاتق والعاتق : هو ما بين المنكب والعنق. فيضاف
إلى الوريد كما يضاف إلى العاتق لاجتماعهما في عضو واحد كما لو قيل : حبل العلياء
مثلا. والعاتق : هو موضع الرداء من المنكب والحبل : هو الوريد.
** (وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ
ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة عشرة
المعنى : وجاءت شدة الموت ملتبسة أو مقترنة بحقيقة الأمر ذلك الموت هو ما كنت تهرب
منه .. روي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنه لما احتضر أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ احتضر
ـ بضم التاء وكسر الضاد ـ أي ببنائه للمجهول بمعنى : حضره الموت فهو محتضر ـ اسم
مفعول ـ ولا نقول : احتضر ـ بفتح الضاد ـ قيل لما احتضر أبو بكر قالت عائشة :
لعمري ما يغني الثراء عن الفتى. قال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ لا تقولي هذا يا
بنية .. وقولي : «وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد» وما قالته عائشة
مأخوذ من بيت الشعر الذي قاله حاتم :
أماوي ما
يغني الثراء عن الفتى
|
|
إذا حشرجت
يوما وضاق بها الصدر
|
وفاعل «حشرجت»
ضمير يعود للنفس وإن لم يجر لها ذكر لأنه مفهوم كالضمير في قوله تعالى في سورة «القيامة»
: (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ
التَّراقِيَ) بمعنى : الروح .. ومثله قول العرب : أرسلت. يريدون :
جاء المطر ولا تكاد تسمعهم يذكرون السماء. و «الحشرجة» هي تردد صوت النفس ـ بفتح
النون والفاء ـ والتراقي : أعالي الصدر و «ماوي» : هو اسم المرأة وهي في اللغة :
المرآة .. شبهت بالماء لصفائها. والنسبة إلى «الماء» ماوي ومائي .. كما يقال في
النسبة إلى الكساء : كسائي وكساوي. أما الثراء فهو الغنى والثروة ومنه القول ثري
الرجل ـ يثرى ـ ثراء وأثرى إثراء : أي كثر ماله فهو ثري : أي غني كثير المال ..
والثراء أيضا : كثرة المال أو القوم. قال الشاعر :
بكيت على
الشباب بدمع عيني
|
|
فلم يغن
البكاء ولا النحيب
|
ألا ليت
الشباب يعود يوما
|
|
فأخبره بما
صنع المشيب
|
أما «الثرى»
بفتح الثاء فهو ندى الأرض. يقال : أثرت الأرض : بمعنى : كثر ثراها .. والثرى أيضا
: التراب الندي فإن لم يكن نديا فهو تراب ولا يقال حينئذ : ثرى.
(أَإِذا مِتْنا
وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ)
(٣)
(أَإِذا مِتْنا) : الهمزة همزة إنكار واستبعاد بلفظ استفهام. إذا : ظرف
لما يستقبل من الزمن مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط
بمعنى : أحين نموت. متنا : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا»
ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «متنا ..» في محل جر مضاف إليه لوقوعها
بعد الظرف.
(وَكُنَّا تُراباً) : الواو عاطفة. كنا : فعل ماض ناقص مبني على السكون
لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل رفع اسم «كان».
ترابا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وحذف جواب الشرط اختصارا لأن
ما بعده يدل عليه. التقدير : أنرجع إلى الحياة؟ أي أنبعث بعد الموت للحساب؟
(ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) : اسم الإشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف للخطاب. رجع : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة المنونة. بعيد : صفة ـ نعت ـ لرجع
مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى ذلك رجوع مستبعد مستنكر.
(قَدْ عَلِمْنا ما
تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ)
(٤)
(قَدْ عَلِمْنا ما) : حرف تحقيق. علم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بضمير الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. ما
: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به والقول رد لاستبعادهم الرجع.
(تَنْقُصُ الْأَرْضُ
مِنْهُمْ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع
مرفوع بالضمة. الأرض : فاعل مرفوع بالضمة. من : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في
محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بتنقص بمعنى : ما تنقصه من أجسادهم في أثناء
تحللها والعائد إلى الموصول ضمير منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما تنقصه
أي ما تأكله ..
(وَعِنْدَنا كِتابٌ
حَفِيظٌ) : الواو استئنافية. عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية
وعلامة نصبه الفتحة متعلق بخبر مقدم وهو مضاف و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في
محل جر مضاف إليه. كتاب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : ولدينا كتاب
حافظ يحصي كل التفاصيل. حفيظ : صفة ـ نعت ـ لكتاب مرفوع بالضمة المنونة أي اللوح
المحفوظ.
(بَلْ كَذَّبُوا
بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ)
(٥)
(بَلْ كَذَّبُوا
بِالْحَقِ) : حرف إضراب للاستئناف. كذبوا : فعل ماض مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بالحق : جار
ومجرور متعلق بكذبوا بمعنى : كذبوا بالنبي والإضراب دليل على أنهم جاءوا بما هو
أفظع من تعجبهم وهو التكذيب بالنبوة والقرآن.
(لَمَّا جاءَهُمْ) : ظرف زمان بمعنى «حين» أو «عند ما» مبني على السكون في
محل نصب على الظرفية متعلق بكذبوا. جاء : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف
إليه والجملة الفعلية «جاءهم» في محل جر مضاف إليه بمعنى : عند مجيئه.
(فَهُمْ فِي أَمْرٍ
مَرِيجٍ) : الفاء استئنافية للتعليل. هم : ضمير منفصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. والجار والمجرور «في أمر» متعلق بخبر «هم» مريج :
صفة ـ نعت ـ لأمر مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة
بمعنى : فهم في أمر مضطرب قلق.
(أَفَلَمْ يَنْظُرُوا
إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ
فُرُوجٍ)
(٦)
(أَفَلَمْ يَنْظُرُوا) : الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام. الفاء تزيينية. لم :
حرف نفي وجزم وقلب. ينظروا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة أي ألم يبصروا حين كفروا بالبعث.
(إِلَى السَّماءِ
فَوْقَهُمْ) : جار ومجرور متعلق بينظروا. فوق : ظرف مكان منصوب على
الظرفية متعلق بينظروا وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر
مضاف إليه بمعنى : أفلم يبصروا إلى السماء فوقهم على هذه الصورة العجيبة.
(كَيْفَ بَنَيْناها) : اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال. بنى :
فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل
رفع فاعل و «ها» ضمير متصل ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
(وَزَيَّنَّاها وَما
لَها) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «بنيناها»
وتعرب إعرابها بمعنى وزينا السماء بالنجوم. الواو استئنافية. ما : نافية لا محل
لها. لها : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم.
(مِنْ فُرُوجٍ) : حرف جر زائد لتأكيد النفي. فروج : اسم مجرور لفظا
مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر بمعنى : من شقوق وفتوق.
(وَالْأَرْضَ
مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ
بَهِيجٍ)
(٧)
هذه الآية
الكريمة أعربت في الآية الكريمة التاسعة عشرة من سورة «الحجر».
(تَبْصِرَةً وَذِكْرى
لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ)
(٨)
(تَبْصِرَةً وَذِكْرى) : حال منصوبة بفعل مضمر بمعنى : خلقناها تبصرة أي أن
العامل في الحال هو فعل محذوف أو يكون مفعولا مطلقا ـ مصدرا ـ بفعل محذوف تقديره :
لنبصركم تبصرة أو يكون مفعولا لأجله وهو منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وذكرى
: معطوفة بالواو على «تبصرة» وتعرب إعرابها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف
للتعذر ولم ينون آخر الكلمة لأنها ممنوعة من الصرف لأنها اسم رباعي مؤنث.
(لِكُلِّ عَبْدٍ
مُنِيبٍ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «ذكرى» عبد : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. منيب : صفة ـ نعت ـ لعبد مجرور
مثله وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : راجع إلى ربه تائبا.
(وَنَزَّلْنا مِنَ
السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ)
(٩)
(وَنَزَّلْنا مِنَ
السَّماءِ ماءً) : الواو عاطفة. نزل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. من السماء : جار ومجرور
متعلق بنزل. ماء : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي مطرا.
(مُبارَكاً
فَأَنْبَتْنا بِهِ) : صفة ـ نعت ـ لماء. منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة
المنونة. والجملة الفعلية «فأنبتنا» معطوفة بالفاء على جملة «أنزلنا» وتعرب مثلها.
به : جار ومجرور متعلق بأنبتنا.
(جَنَّاتٍ وَحَبَّ
الْحَصِيدِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من
الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. وحب : معطوف بالواو على «جنات»
منصوب مثلها وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الحصيد : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة بمعنى حب الزرع المحصود.
(وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ
لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ)
(١٠)
(وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ) : الواو عاطفة. النخل : مفعول به منصوب لأنه معطوف على
منصوب بمعنى وأنبتنا النخل وعلامة نصبه الفتحة. باسقات : حال من «النخل» منصوب
وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم
بمعنى : طوالا أو حوامل من أبسقت الشاة : إذا حملت وأبسقت النخلة : أي طالت.
(لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال ثانية من «النخل» لها
: جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. طلع : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. نضيد :
صفة ـ نعت ـ لطلع مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى منضود ـ فعيل بمعنى مفعول ـ أي
موضوع بعضه فوق بعض .. وطلع : بمعنى : ثمر.
(رِزْقاً لِلْعِبادِ
وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ)
(١١)
(رِزْقاً لِلْعِبادِ) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بأنبتنا أي من غير فعله أو
لأن الإنبات في معنى الرزق أو يكون منصوبا على أنه مفعول لأجله بمعنى أنبتناها
لنرزقهم وعلامة نصبه الفتحة المنونة والجار والمجرور «للعباد» متعلق بالمصدر «رزقا»
أو بصفة محذوفة منه أي من «رزقا» أو جعلناه رزقا.
(وَأَحْيَيْنا بِهِ
بَلْدَةً مَيْتاً) : الواو عاطفة. أحيي : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. بلدة : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة المنونة. ميتا : صفة ـ نعت ـ لبلدة وهو منصوب بالفتحة المنونة
بمعنى وأحيينا بذلك الماء بلدة قاحلة. والجار والمجرور «به» متعلق بأحيينا.
(كَذلِكَ الْخُرُوجُ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع
مبتدأ. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. اللام للبعد والكاف
للخطاب. الخروج : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة بمعنى : مثل ذلك الإحياء إحياء البلدة
الميتة وخروجكم أحياء بعد موتكم أو على معنى خروجكم من القبور أحياء مثل إحياء هذه
الأرض الميتة وعلى هذا التفسير يكون «الخروج» مبتدأ مؤخرا ويكون «الكاف» في محل
رفع خبرا مقدما.
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ
قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ)
(١٢)
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ) : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة
لا محل لها. قبل : ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بكذبت وهو مضاف و «هم» ضمير
متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(قَوْمُ نُوحٍ) : فاعل مرفوع بالضمة. نوح : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة المنونة وصرف لأنه ثلاثي أوسطه ساكن.
(وَأَصْحابُ الرَّسِّ
وَثَمُودُ) : معطوف بالواو على «قوم نوح» ويعرب مثله. وثمود : فاعل
«كذبت» لأنه معطوف بالواو على «قوم نوح» وعلامة رفعه الضمة. ومنع من الصرف للتأنيث
والمعرفة ولأنه بتأويل القبيلة.
(وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ
وَإِخْوانُ لُوطٍ)
(١٣)
هذه الآية
الكريمة معطوفة بواوات العطف على الآية الكريمة السابقة والمراد بفرعون فرعون وقومه
لأنه معطوف على «قوم نوح» و «لوط» يعرب إعراب «نوح».
(وَأَصْحابُ
الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ)
(١٤)
(وَأَصْحابُ
الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ) : معطوفتان بواوي العطف على «قوم نوح» وتعربان إعرابها.
(كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ) : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة لانقطاعه عن الإضافة
المعنى : كل واحد منهم أو كلهم بمعنى جميعهم وحذف المضاف إليه اختصارا لأنه معلوم
فنون آخر المضاف. كذب : الجملة الفعلية مع المفعول في محل رفع خبر «كل» وهي فعل
ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الرسل : مفعول به
منصوب وعلامة نصبه الفتحة ووحد الضمير في «كذب» على لفظ «كل» دون معناه.
(فَحَقَّ وَعِيدِ) : الفاء سببية. حق : فعل ماض مبني على الفتح. وعيد : فاعل
مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها تجانس
حركة الياء وتناسبها والياء المحذوفة خطا واختصارا ومراعاة لرءوس الآيات
ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى فوجب وحل وعيدي وهو
كلمة العذاب.
(أَفَعَيِينا
بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ)
(١٥)
(أَفَعَيِينا
بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ) : الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام. الفاء عاطفة على فعل
من جنس المعطوف. عيي : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني
على السكون في محل رفع فاعل. بالخلق : جار ومجرور متعلق بعيينا. الأول : صفة ـ نعت
ـ للخلق مجرور مثله وعلامة جره الكسرة بمعنى أفعجزنا بابتداء الخلق فنعجز بإحيائكم
بعد أن تبلى أجسادكم؟
(بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ) : حرف إضراب للاستئناف بمعنى : لم نعجز بل هم في خلط
وشبهة. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. في لبس : جار ومجرور
في محل رفع خبر «هم».
(مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) : جار ومجرور متعلق بمضمر يفسره «عيينا». جديد : صفة ـ نعت
ـ لخلق مجرور مثله وعلامة جرهما «الموصوف والصفة» الكسرة المنونة بمعنى إذا لم يعي
تعالى بالخلق الأول على عظمته فالخلق الجديد أولى أن لا يعيا به أي لا يتعب ويعجز.
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا
الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ
مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)
(١٦)
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا
الْإِنْسانَ) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد أو
تكون واقعة في جواب قسم محذوف بتقدير وتالله لقد أوجدنا. قد : حرف تحقيق. خلق :
فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل
رفع فاعل. الإنسان : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(وَنَعْلَمُ ما
تُوَسْوِسُ) : الواو استئنافية. نعلم : فعل مضارع مرفوع بالضمة
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
نصب مفعول به. توسوس : فعل مضارع مرفوع بالضمة.
(بِهِ نَفْسُهُ) : جار ومجرور متعلق بتوسوس. نفسه : فاعل مرفوع بالضمة
والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه. والجملة الفعلية «توسوس به
نفسه» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه
مفعول به. التقدير : ما توسوسه به نفسه بمعنى : ما تحدثه به سرا. أي ما يخطر ببال
الإنسان ويهجس في ضميره من حديث النفس ويجوز أن تكون «ما» مصدرية والجار والمجرور «به»
متعلقا بمفعول «توسوس» والضمير للإنسان وجملة «توسوس به نفسه» صلة حرف مصدري لا
محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به لنعلم أي نعلم ما تجعله
موسوسا.
(وَنَحْنُ أَقْرَبُ
إِلَيْهِ) : الواو عاطفة. نحن : ضمير منفصل ـ ضمير التفخيم المسند
إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. أقرب : خبر «نحن» مرفوع
بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» ومن وزن الفعل. إليه :
جار ومجرور متعلق بأقرب.
(مِنْ حَبْلِ
الْوَرِيدِ) : جار ومجرور متعلق بأقرب. الوريد : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
(إِذْ يَتَلَقَّى
الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ)
(١٧)
(إِذْ يَتَلَقَّى) : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون متعلق بأقرب أو
يكون في محل نصب مفعولا به بفعل محذوف تقديره : اذكر حين. يتلقى : فعل مضارع مرفوع
بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.
(الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ
الْيَمِينِ) : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى والنون عوض
من تنوين المفرد وحركته والجملة الفعلية «يتلقى المتلقيان ..» في محل جر مضاف
إليه. وهما الملكان الحفيظان. عن اليمين : جار ومجرور في محل رفع لأنه متعلق بخبر
مقدم والمبتدأ المؤخر محذوف اختصارا لدلالة الثاني عليه واكتفاء بذكره بعد عن
الشمال.
(وَعَنِ الشِّمالِ
قَعِيدٌ) : الجملة الاسمية معطوفة بالواو على جملة «عن اليمين
قعيد» وتعرب إعرابها. و «قعيد» مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى مجالس ..
لأن لفظة «قعيد» مثل «جليس» ومجالس أي يتلقى الملكان الحفيظان الموكلان بالإنسان
ما يتحدث به ويثبتانه بمعنى يأخذانه و «قعيد» يطلق على المفرد وأكثر بمعنى : إن
الملك القعيد عن يمينه يسجل أو يكتب حسناته بعد أن يأخذ ما يتحدث به والملك القعيد
عن يساره يسجل سيئاته.
(ما يَلْفِظُ مِنْ
قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)
(١٨)
(ما يَلْفِظُ) : نافية لا عمل لها. يلفظ : فعل مضارع مرفوع بالضمة
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الإنسان.
(مِنْ قَوْلٍ) : جار ومجرور متعلق بيلفظ بمعنى ما يلفظ من قول فيتكلم
به.
(إِلَّا لَدَيْهِ) : أداة حصر لا عمل لها. لديه : ظرف مكان بمعنى عنده
مبني على السكون متعلق بخبر مقدم والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
(رَقِيبٌ عَتِيدٌ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. عتيد : صفة ـ نعت ـ
لرقيب مرفوع مثله بالضمة المنونة والجملة الاسمية في محل نصب حال من فاعل «يلفظ»
بتقدير : إلا كائنا عنده رقيب عتيد بمعنى : ملك حاضر يرقب عمله وقوله.
(وَجاءَتْ سَكْرَةُ
الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ)
(١٩)
(وَجاءَتْ سَكْرَةُ) : الواو استئنافية. جاءت : فعل ماض مبني على الفتح
والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. سكرة : فاعل مرفوع بالضمة.
(الْمَوْتِ بِالْحَقِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. بالحق :
جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من السكرة بمعنى : ملتبسة بالحق بمعنى وجاءت شدة
الموت المذهلة بحقيقة الأمر.
(ذلِكَ ما كُنْتَ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف للخطاب بمعنى ذلك الموت. ما : اسم موصول مبني على
السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. كنت : فعل ماض ناقص مبني على
السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على
الفتح في محل رفع اسم «كان» والجملة الاسمية «هو ما كنت ..» في محل رفع خبر «ذلك»
والجملة الفعلية «كنت منه تحيد» صلة الموصول لا محل لها.
(مِنْهُ تَحِيدُ) : جار ومجرور متعلق بكنت أو بخبره. تحيد : فعل مضارع
مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت بمعنى : تهرب. والجملة
الفعلية «منه تحيد» في محل نصب خبر «كان».
(وَنُفِخَ فِي
الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ)
(٢٠)
(وَنُفِخَ فِي
الصُّورِ) : الواو عاطفة. نفخ : فعل ماض مبني للمجهول مبني على
الفتح. في الصور : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل.
(ذلِكَ يَوْمُ
الْوَعِيدِ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف للخطاب بمعنى وقت ذلك اليوم أو النفخ. يوم : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة.
الوعيد : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
(وَجاءَتْ كُلُّ
نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ)
(٢١)
(وَجاءَتْ كُلُّ
نَفْسٍ) : الواو عاطفة. جاءت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء
تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. كل : فاعل مرفوع بالضمة. نفس : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
(مَعَها سائِقٌ
وَشَهِيدٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال من «كل» لتعرفه
بالإضافة إلى ما هو في حكم المعرفة. مع : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بخبر
مقدم وهو يدل على المصاحبة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر
مضاف إليه. سائق : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. وشهيد : معطوف بالواو على «سائق»
ويعرب مثله بمعنى وجاءت كل نفس في ذلك اليوم إلى المحشر ومعها من يسوقها إلى
المحشر ويشهد عليها.
(لَقَدْ كُنْتَ فِي
غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)
(٢٢)
(لَقَدْ كُنْتَ) : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع نائب فاعل لفعل
محذوف تقديره : يقال للكافر : لقد كنت .. اللام لام الابتداء والتوكيد. قد : حرف
تحقيق. كنت : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء
ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع اسم «كان».
(فِي غَفْلَةٍ مِنْ
هذا) : جار ومجرور متعلق بخبر «كنت» ومحله النصب. التقدير :
غافلا. من : حرف جر. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بمن. والجار
والمجرور متعلق بغفلة أو بفعله بمعنى من هذا الذي تشاهده اليوم.
(فَكَشَفْنا عَنْكَ
غِطاءَكَ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. كشف : فعل ماض
مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
عنك : جار ومجرور متعلق بكشفنا. غطاء : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
(فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ
حَدِيدٌ) : الفاء استئنافية للتسبيب. بصرك : مبتدأ مرفوع بالضمة.
والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. اليوم :
ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بالبصر ـ بتأويل فعله ـ بمعنى
: تبصر به اليوم ما كنت تنكره في الدنيا. حديد : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة
المنونة.
(وَقالَ قَرِينُهُ هذا
ما لَدَيَّ عَتِيدٌ)
(٢٣)
(وَقالَ قَرِينُهُ) : الواو استئنافية. قال : فعل ماض مبني على الفتح.
قرينه : فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه
أي وقال الملك الموكل به وقيل هو الشيطان الذي يلازمه.
(هذا ما لَدَيَّ
عَتِيدٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ هذا
: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ما : اسم موصول مبني على السكون في
محل رفع خبر «هذا». لدي : ظرف مكان مبني على السكون في محل نصب على الظرفية
المكانية متعلق بفعل محذوف بمعنى ما أحمل عندي من كتاب أعمالك. والياء ضمير متصل ـ
ضمير المتكلم المدغم بألف «لدى» ففتح لالتقاء الساكنين في محل جر مضاف إليه
والجملة الفعلية «أحمل ..» صلة الموصول لا محل لها. عتيد : خبر ثان للمبتدإ «هذا»
مرفوع بالضمة المنونة أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره هو ويجوز أن يكون بدلا من
الاسم الموصول بمعنى : وقال الملك الموكل به هذا الذي لدي مهيأ لجهنم.
(أَلْقِيا فِي
جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ)
(٢٤)
(أَلْقِيا فِي
جَهَنَّمَ كُلَ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال
الخمسة والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين ـ المخاطبين مبني على السكون في محل رفع
فاعل بمعنى : ارميا أيها الملكان ـ وهما السائق والشهيد ـ والجملة الفعلية في محل
نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي يقول الله تعالى لهما : ارميا. في : حرف جر. جهنم
: اسم مجرور بمن وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للمعرفة
والتأنيث. والجار والمجرور «في جهنم» متعلق بألقيا. كل : مفعول به منصوب وعلامة
نصبه الفتحة وهو مضاف.
(كَفَّارٍ عَنِيدٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
عنيد : صفة ـ نعت ـ لكفار مجرور مثله بالكسرة المنونة.
(مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ
مُعْتَدٍ مُرِيبٍ)
(٢٥)
(مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ
مُعْتَدٍ مُرِيبٍ) : صفات أخرى للموصوف «كفار» مجرورات مثله وعلامة جرها
الكسرة المنونة. للخير : جار ومجرور متعلق بمناع. وعلامة جر «معتد» الكسرة المقدرة
للثقل على الياء المحذوفة من آخر الاسم لأنه
اسم منقوص نكرة بمعنى كثير المنع للخير متجاوز للحدود شاك في الله وفي دينه
.. ومتعد : على الناس.
** (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ
الْوَعِيدِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريم العشرين ..
الصور : هو البوق .. قيل : إن إسرافيل ينفخ يوم القيامة في بوق فيموت كل حي ثم
ينفخ فيه نفخة ثانية فيحيا الناس للبعث. والنفخ في البوق : كناية عن موعد مجيء
موعدي الإماتة والإحياء.
** (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ
وَشَهِيدٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية
والعشرين .. وفيه أنث الفعل «جاءت» وفاعله «كل» مذكر لأن المعنى : وجاءت النفوس ..
فأنث الفعل على لفظ «النفوس» دون معناه أو لأن «كل» أضيف إلى «نفس» وهي لفظة مؤنثة
والسائق والشهيد هما ملكان أحدهما يسوقه إلى المحشر والآخر يشهد عليه بعمله أو هما
ملك واحد جامع بين الأمرين بمعنى معها ملك يسوقها ويشهد عليها. وقيل : السائق هو
ملك كاتب السيئات والشهيد أي الشاهد هو كاتب الحسنات وسائق : اسم فاعل وفعله «ساق»
نحو : ساق الماشية ـ يسوقها سوقا ـ من باب «قال» فهو سائق وساق السيارة ـ سوقا
وسياقة : بمعنى : جلس وراء مقودها وهو عكس قادها. قال الفيومي : يقال : قاد الرجل
الفرس ـ يقوده ـ أو يقودها ـ قودا وقيادا وقيادة .. قال الخليل : القود : أن يكون
الرجل أمام الدابة آخذا بقيادها .. السوق : أن يكون خلفها فإن قادها لنفسه قيل :
اقتادها ويطلق على الخيل التي تقاد بمقاودها ـ جمع مقود ـ ولا تركب. قال الأزهري :
أما «المقود» على وزن «مفعل» اسم آلة فقد أطلقته العرب على الحبل الذي يقاد به. و
«القياد» مثل «المقود» ويستعمل بمعنى الطاعة والإذعان .. ومنه القول : انقاد فلان
للأمر وأعطي القياد : إذا أذعن طوعا أو كرها .. والأشياء التي تساق هي مسوقة ـ فعولة
.. اسم مفعول ـ واسم الفاعل «السائق» يجمع على «سواق» جمع تكسير وساقة .. وعلى «سائقين»
أي جمع مذكر سالما .. والفعل «ساق» استعمل في معان أخرى منها القول : ساق المحدث
الحديث : بمعنى : سرده : أي أجاد سياقه أو قرأه بسرعة وتسوق : بمعنى باع واشترى.
** (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ
عَنِيدٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة
والعشرين وهو خطاب الله تعالى للملكين السابقين : السائق والشهيد : أي ارميا ويجوز
أن يكون خطابا للواحد على وجهين ـ ذكرهما الزمخشري ـ أحدهما : قول المبرد : إن
تثنية الفاعل نزلت منزلة تثنية الفعل لاتحادهما كأنه قيل : ألق ألق للتأكيد. والثاني
: أن العرب أكثر ما يرافق الرجل منهم اثنان فكثر على ألسنتهم أن يقولوا : خليلي
وصاحبي .. حتى خاطبوا الواحد خطاب الاثنين .. وقرأ الحسن «ألقين» بالنون الخفيفة.
ويجوز أن تكون الألف في «ألقيا» بدلا من النون إجراء للوصل مجرى الوقف.
** سبب نزول
الآية : نزلت الآيات : الرابعة والعشرون والخامسة والعشرون والسادسة والعشرون ..
في الوليد بن المغيرة الذي منع بني أخيه عن الخير .. وهو الإسلام.
** (ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ
الْخُلُودِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة
والثلاثين .. المعنى : ادخلوا الجنة سالمين .. أو مسلما عليكم .. أي يسلم الله
عليكم وملائكته. وعن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا سأل النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : أي الإسلام خير؟ قال : «تطعم الطعام وتقرأ السلام
على من عرفت ومن لم تعرف وقد روي عن سعد أن النبي ـ
صلىاللهعليهوسلم ـ جاء وهو في بيته فسلم فلم يجبه! ثم سلم ثانيا فلم
يجبه ثم سلم ثالثا فانصرف. فخرج سعد وتبعه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقال : يا رسول الله قد سمعت بإذني تسليمك .. ولكن
أردت أن أستكثر من بركة تسليمك. وعن أبي أيوب الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ أن رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ قال : «لا يحل لرجل أن يهجر أخاه في الإسلام ثلاث
ليال يلتقيان فيعرض هذا عن أخيه ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ أخاه بالسلام» وعن
عبد الرحمن بن أبي ليلة قال : لقيني كعب بن عجرة فقال : ألا أهدي لك هدية .. أن
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خرج علينا فقلنا : يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم
عليك فكيف نصلي عليك؟ قال : قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على
إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما
باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد» والصلاة من الله تعالى : هي
الرحمة.
** (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ
قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ
مَحِيصٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة
والثلاثين .. القرن في اللغة : ثمانون سنة .. وفي الاصطلاح : مائة سنة. المعنى :
أهلكنا كثيرا قبلهم أي قبل كفار قريش من الأمم والجماعات المقترنين في زمن واحد
كعاد وثمود وغيرهما من أشد منهم قوة فطوفوا في البلاد .. ويجوز أن يراد : فنقب أهل
مكة في أسفارهم في بلاد القرون وتصرفوا فيها .. وأصل التنقيب : التنقير عن الشيء
والبحث عنه. ومن معاني «نقبوا» : جالوا.
** (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ
لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة
والثلاثين .. وكلمة «شهيد» بمعنى : حاضر بفطنته لأن من لا يحضر ذهنه فكأنه غائب
وقوله «له قلب» معناه : له قلب واع لأن من لا يعي قلبه فكأنه لا قلب له. أما إلقاء
السمع فمعناه : الإصغاء .. وقوله «وهو شهيد» إما أن يكون من الشهود بمعنى الحضور
والمراد : التفطن لأن غير المتفطن منزل منزلة الغائب فجاز أن يكون من استعارة وإما
أن يكون من الشهادة وصفا للمؤمن لأنه شهد على صحة المنزل وكونه وحيا من الله
فيبعثه على حسن الإصغاء. فهو كناية أيضا. والقلب والفؤاد : لفظتان مترادفتان ـ أي
متشابهتان ـ في المعنى. فلفظة «الفؤاد» تطلق على القلب وهو مذكر وجمعه : أفئدة.
والقلب من الفؤاد : هو أهم أعضاء الحركة الدموية. وقلب كل شيء : هو لبه وجمعه :
قلوب .. ويطلق القلب على العقل أيضا أي يعبر به. قال الفراء : «قلب» في الآية
الكريمة بمعنى : لمن كان له عقل. وسمي القلب بذلك لتقلبه : ومنه : قلبت الأمر ظهرا
لبطن : بمعنى اختبرته ونظرت في عواقبه.
** (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ
وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة
والثلاثين .. و «لغوب» بمعنى : تعب أو إعياء .. يقال : لغب ـ يلغب ـ لغوبا ..
بمعنى : تعب وأعيا. وهو من باب «دخل» أما «لغب» بكسر الغين فهو لغة ضعيفة. ولغب ـ لغبا
ـ من باب «قتل» أيضا وقال الفيومي : ويأتي الفعل «لغب» لغبا .. من باب «تعب» لغة
أيضا في حين قال الجوهري : بالكسر لغة ضعيفة و «ستة أيام» يجوز أن يراد به :
الأيام وقيل : المعنى : في ستة أدوار.
** سبب نزول
الآية : نزلت الآية الكريمة للرد على اليهود الذين زعموا أن الله استراح في اليوم
السابع بعد خلق السموات والأرض .. وهو يوم السبت. فكذبهم الله تعالى بقوله عزوجل : (وَما مَسَّنا مِنْ
لُغُوبٍ).
** (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ
وَأَدْبارَ السُّجُودِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأربعين ..
المعنى : وسبحه بعض الليل وسبحه أدبار ـ جمع دبر ـ السجود بمعنى : عشاء أو أعقاب
الصلاة. يقال : سجد ـ يسجد ـ سجودا .. بمعنى : خضع .. من باب «دخل» ومنه سجود
الصلاة : وهو وضع الجبهة على الأرض .. قال تعالى في سورة «الفتح» : (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ
السُّجُودِ) عن بعض المتقدمين : كنا نصلي فلا يرى بين أعيننا شيء
ونرى أحدنا الآن يصلي فيرى بين عينيه ركبة البعير .. فما ندري أثقلت الأرؤس أم
خشنت الأرض؟ وإنما أراد بذلك من تعمد ذلك للنفاق والرياء كقوله تعالى في سورة «النساء»
: (يُراؤُنَ النَّاسَ
وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً) وقوله تعالى : (سِيماهُمْ فِي
وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) أي علامتهم يعني بهم المؤمنين حقا لا بعض المرائين
الذين ذمهم الله تعالى ورسوله الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقد جاء عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «لا تعلبوا صوركم» بمعنى : لا تخروا وجوهكم
وتوسموها وتؤثروا فيها وتخدشوها وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : «أنه رأى رجلا
قد أثر في وجهه السجود فقال له : إن صورة وجهك أنفك فلا تعلب وجهك ولا تشن صورتك».
المقصود بذلك : من اعتمد بجبهته على الأرض لتحدث فيه تلك السمة فذلك رياء ونفاق
يستعاذ بالله منه. إنما الذين عناهم الله تعالى بقوله هم أصحاب الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الذين كانوا يسجدون مبتغين فضل الله وأحدهم لا يسجد
إلا خالصا لوجه الله سبحانه وتعالى .. ولا يكون الرجل مرائيا بإظهار العمل الصالح
إن كان فريضة. فمن حق الفرائض الإعلان عنها أو بها وتشهيرها لقوله عليه الصلاة
والسلام ـ : «ولا غمة في فرائض الله» لأنها أعلام الإسلام وشعائر الدين ولأن
تاركها يستحق الذم والمقت فوجب إحاطة التهمة بالإظهار وإن كان تطوعا فحقه أن يخفى
لأنه مما لا يلام بتركه ولا تهمة فيه فإن أظهره قاصدا للاقتداء به كان جميلا.
وإنما الرياء أن يقصد بالإظهار أن تراه الأعين فيثنى عليه بالصلاح. وعن بعضهم أنه
رأى رجلا في المسجد قد سجد سجدة الشكر وأطالها فقال له : ما أحسن هذا لو كان في
بيتك. وإنما قال هذا لأنه توسم فيه الرياء والسمعة. على أن اجتناب الرياء صعب إلا
على المرتاضين بالإخلاص ومن ثم قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «الرياء أخفى من دبيب النملة السوداء في الليلة
المظلمة على المسح الأسود» أي البساط الأسود.
** (يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ
قَرِيبٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية
والأربعين .. والمنادي هو إسرافيل ينادي الناس أو الموتى بالقيام للبعث في النفخة
الثانية أو هو جبريل ينادي أهل المحشر : هلموا للحساب .. وهذا يدل على أن النفخ في
الصور ـ أي البوق ـ كناية عن الإماتة والإحياء فيسمعون نداءه على السواء وحذف مفعول
«ينادي» اختصارا لأنه معلوم وهو «الناس .. أو الموتى».
(الَّذِي جَعَلَ مَعَ
اللهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ)
(٢٦)
(الَّذِي جَعَلَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مضمن
معنى الشرط ولذلك أجيب بالفاء في «فألقياه» وتكون الجملة الفعلية «فألقياه ..» في
محل رفع خبر «الذي» والفاء واقعة في جواب «الذي» ويجوز أن يكون الاسم الموصول في
محل نصب بدلا من «كل كفار»
وتكون الجملة الفعلية «فألقياه» مكررة للتوكيد وتكون الفاء عاطفة. جعل : فعل
ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
(مَعَ اللهِ) : ظرف مكان متعلق بجعل يدل على المصاحبة والمشاركة
والاجتماع في محل نصب على الظرفية وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور
للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة والجملة الفعلية «جعل ..» صلة الموصول لا محل
لها ويجوز أن يكون «مع» في محل نصب قام مقام المفعول به الثاني للفعل «جعل» أو
يكتفي الفعل «جعل» بمفعول واحد على معنى «أوجد» ويكون «مع» في محل نصب حالا مقدمة
من «إله» لأنه متعلق بصفة لإله مقدمة عليه بمعنى : جعل إلها آخر كائنا مع الله أي
شريكا.
(إِلهاً آخَرَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. آخر : صفة
ـ نعت ـ للموصوف «إلها» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة بدلا من الفتحة المنونة
لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل».
(فَأَلْقِياهُ فِي
الْعَذابِ الشَّدِيدِ) : الجملة تعرب إعراب «ألقيا في جهنم» في الآية الكريمة
الرابعة والعشرين والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به. الشديد :
صفة ـ نعت ـ للعذاب مجرور مثله بالكسرة.
(قالَ قَرِينُهُ
رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ)
(٢٧)
(قالَ قَرِينُهُ
رَبَّنا) : فعل ماض مبني على الفتح. قرينه : فاعل مرفوع بالضمة
والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه. رب : منادى بأداة نداء
محذوفة أصله : يا ربنا وهو مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «نا» ضمير متصل مبني
على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى فيقول الكافر المحكوم عليه يا رب هو أطغاني
أي قد أطغاني قريني هذا بمعنى جعلني طاغيا متجاوزا الحدود في الطغيان ويعني به
الشيطان الملازم له. والجملة الفعلية المقدرة «أطغاني قريني» في محل نصب مفعول به
ـ مقول القول ـ.
(ما أَطْغَيْتُهُ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به أيضا ـ مقول
القول ـ أي قال قرينه أي شيطانه الذي أضله يا ربنا ما أطغيته أي رد عليه بهذا
القول بمعنى ما جعله طاغيا وإنما أوقعته في الطغيان. ما : نافية لا عمل لها. أطغيته
: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير
المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب في محل
نصب مفعول به.
(وَلكِنْ كانَ) : الواو زائدة أو تكون استئنافية للاضراب بمعنى «بل».
كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. أما «لكن»
فهو حرف استدراك أو حرف ابتداء للاستدراك لا عمل له ـ مهمل ـ لأنه مخفف.
(فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان» بعيد : صفة ـ
نعت ـ لضلال مجرور مثله وعلامة جرهما : الكسرة المنونة.
(قالَ لا تَخْتَصِمُوا
لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ)
(٢٨)
(قالَ لا تَخْتَصِمُوا
لَدَيَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو أي الله سبحانه. لا : ناهية جازمة. تختصموا : فعل مضارع مجزوم بلا
وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة
الفعلية «لا تختصموا لدي» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى قال الله لهما
: لا تتجادلوا أو تتخاصموا عندي. لدي : ظرف مكان مبني على السكون في محل نصب متعلق
بتختصموا وهو مضاف والياء المدغمة بالألف ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل
جر مضاف إليه بمعنى لا تختصموا في دار الجزاء وموقف الحساب فلا فائدة في اختصامكم
..
(وَقَدْ قَدَّمْتُ) : الواو حالية والجملة وما بعدها في محل نصب حال. قد : حرف
تحقيق. قدمت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير
متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل بمعنى وقد أسلفت لكم التهديد.
(إِلَيْكُمْ
بِالْوَعِيدِ) : جار ومجرور متعلق بقدمت والميم علامة جمع الذكور. الباء
حرف جر زائد. الوعيد : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به لقدمت. مثل «ولا
تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» بمعنى : وقد أوعدتكم بعذابي على الطغيان في كتبي وعلى
ألسنة رسلي .. وقد فسر الزمخشري هذا القول الكريم بقوله : يجوز أن تكون الباء
معدية بقدمت على معنى «قدم» يطاوع معنى «تقدم» ويجوز أن يقع الفعل على جملة قوله
تعالى (ما يُبَدَّلُ
الْقَوْلُ لَدَيَّ) في الآية الكريمة التالية ولأن «بالوعيد» متعلق بحال
محذوفة أي قدمت إليكم هذا ملتبسا بالوعيد مقترنا به .. أو قدمته إليكم موعدا لكم
به. وبما أن قوله (وَقَدْ قَدَّمْتُ
إِلَيْكُمْ) واقع موقع الحال من (لا تَخْتَصِمُوا) والتقديم بالوعيد في الدنيا والخصومة في الآخرة
واجتماعهما في زمان واحد واجب فيكون المعنى : لا تختصموا وقد صح عندكم أي قدمت
إليكم بالوعيد وصح ذلك عندهم في الآخرة.
(ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ
لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ)
(٢٩)
(ما يُبَدَّلُ
الْقَوْلُ لَدَيَ) : نافية لا عمل لها. يبدل : فعل مضارع مرفوع بالضمة وهو
فعل مبني للمجهول. القول : نائب فاعل مرفوع بالضمة. لدي : أعرب في الآية الكريمة
السابقة .. بمعنى لا يتبدل القول عندي.
(وَما أَنَا) : الواو استئنافية. ما : نافية بمنزلة «ليس» في لغة أهل
الحجاز «ما .. الحجازية» ونافية لا عمل لها عند بني تميم. أنا : ضمير منفصل ـ ضمير
الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع اسم «ما» أو على الابتداء ـ مبتدأ.
(بِظَلَّامٍ
لِلْعَبِيدِ) : الباء حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. ظلام : اسم
مجرور لفظا منصوب محلا لأنه خبر «ما» على اللغة الأولى ومرفوع محلا لأنه خبر «أنا»
على اللغة الثانية. للعبيد : جار ومجرور متعلق بظلام.
(يَوْمَ نَقُولُ
لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ)
(٣٠)
(يَوْمَ نَقُولُ
لِجَهَنَّمَ) : مفعول فيه ـ ظرف زمان ـ منصوب على الظرفية وعلامة
نصبه الفتحة متعلق بظلام أو يكون منصوبا بفعل محذوف تقديره : اذكر وأنذر ويجوز أن
يتعلق بنفخ بتقدير : ونفخ في الصور ـ يوم نقول لجهنم ـ نقول : الجملة الفعلية في
محل جر مضاف إليه وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره
نحن. لجهنم : جار ومجرور متعلق بنقول وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة
المنونة لأنه ممنوع من الصرف للمعرفة والتأنيث.
(هَلِ امْتَلَأْتِ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ هل
: حرف استفهام لا محل له وحرك آخره بالكسر لالتقاء الساكنين. امتلأت : فعل ماض
مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبة ـ مبني
على الكسر في محل رفع فاعل .. بمعنى : هل امتلأت بالمعذبين؟
(وَتَقُولُ هَلْ مِنْ
مَزِيدٍ) : الواو استئنافية. تقول : فعل مضارع مرفوع بالضمة
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي. والجملة الاسمية بعده في محل نصب مفعول
به ـ مقول القول ـ هل : أعرب. من : حرف جر زائد داخل على المبتدأ النكرة ومسبوق
بحرف استفهام. مزيد : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ وخبره محذوف تقديره :
ثمة مزيد بمعنى : هل هناك مزيد منهم أي من هؤلاء الذين حقت عليهم كلمة العذاب؟
(وَأُزْلِفَتِ
الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ)
(٣١)
(وَأُزْلِفَتِ
الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ) : الواو استئنافية. أزلفت : فعل ماض مبني للمجهول مبني
على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها حركت بالكسر لالتقاء الساكنين.
الجنة : نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة بمعنى وقربت والجار والمجرور «للمتقين»
متعلق بأزلفت وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين
المفرد.
(غَيْرَ بَعِيدٍ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بأزلفت وهو مضاف. بعيد : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره
الكسرة المنونة بمعنى غير بعيدة عنهم بل يشاهدونها أمامهم أو يكون «غير»
حالا من «الجنة» وذكر لأنه على زنة المصدر كالزئير والصليل والمصادر يستوي في الوصف
بها المذكر والمؤنث أو يكون على حذف موصوف كما حذف في التقدير : أي مكانا غير بعيد
بمعنى : شيئا غير بعيد ومعناه التوكيد كما نقول : هو قريب غير بعيد وعزيز غير
ذليل.
(هذا ما تُوعَدُونَ
لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ)
(٣٢)
(هذا ما تُوعَدُونَ) : الجملة الاسمية في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف
بمعنى : يقال لهم هذا هو الجزاء أو الثواب الذي وعدكم به الرسل. هذا : اسم إشارة
مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر
مبتدأ محذوف تقديره : هو. والجملة الاسمية «هو ما توعدون» في محل رفع خبر «هذا»
والجملة الفعلية ـ بعد تقدير الفعل ـ يقال لهم هذا ما توعدون ـ لا محل لها لأنها
اعتراضية بين الجار والمجرور «للمتقين» وبين (لِكُلِّ أَوَّابٍ
حَفِيظٍ). توعدون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي
فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع
نائب فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير :
ما توعدونه أو يكون العائد جارا. التقدير : ما توعدون به والاشارة إلى إزلاف ـ قرب
ـ الجنة أو إلى الثواب.
(لِكُلِّ أَوَّابٍ
حَفِيظٍ) : جار ومجرور بدل من «للمتقين» بتكرير حرف الجر. أواب :
مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : رجاع إلى الله. حفيظ
: صفة ـ نعت ـ لأواب مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى حافظ لحدوده أو
للشرائع واللفظتان من صيغ المبالغة ـ فعال بمعنى ـ فاعل ـ
(مَنْ خَشِيَ
الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ)
(٣٣)
(مَنْ خَشِيَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر لأنه بدل من «للمتقين»
بدل بعد بدل تابع لكلمة «كل» في الآية الكريمة السابقة ويجوز
أن يكون «من» بدلا عن الموصوفين «أواب» و «حفيظ» ولا يجوز أن يكون في حكم «أواب»
و «حفيظ» لأن «من» لا يوصف به من بين الموصولات إلا بالذي وحده. خشي : فعل ماض
مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «خشي» وما
بعدها صلة الموصول لا محل لها ويجوز أن يكون «من» اسم شرط جازما في محل رفع مبتدأ و
«خشي» فعل ماض فعل الشرط في محل جزم بمن. وتكون الجملة الفعلية «يقال لهم ادخلوها
بسلام» جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل
رفع خبر «من» وجاء الجواب جمعا في «ادخلوها» لأن «من» في معنى الجمع وجاء الفعل «خشي»
بالافراد على لفظ «من» لأن «من» مفردة لفظا مجموعة معنى. ويجوز أن يكون «من» مبنيا
على السكون في محل نصب على النداء وحذف حرف النداء «يا» التقدير : يا من خشي ..
وحذف حرف النداء «يا» للتقريب.
(الرَّحْمنَ
بِالْغَيْبِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بالغيب : جار
ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الرحمن» بمعنى : خشيه وهو غائب لم يعرفه وكونه
معاقبا إلا بطريق الاستدراك أو يكون الجار والمجرور «بالغيب» متعلقا بصفة لمصدر
محذوف للفعل «خشي» بتقدير : خشيه ـ خشية ملتبسة بالغيب حيث خشي عقابه وهو غائب
ويجوز أن يتعلق بخشي أي خشيه بسبب الغيب الذي أوعده به من عذابه.
(وَجاءَ بِقَلْبٍ
مُنِيبٍ) : معطوفة بالواو على جملة «خشي» وتعرب إعرابها. بقلب :
جار ومجرور متعلق بجاء. منيب : صفة ـ نعت ـ لقلب مجرور مثله وعلامة جرهما «الموصوف
والصفة» الكسرة المنونة بمعنى : راجعا إلى الله تائبا.
(ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ
يَوْمُ الْخُلُودِ)
(٣٤)
(ادْخُلُوها بِسَلامٍ) : الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف
تقديره : يقال لهم ادخلوها .. وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن
مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير
متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. بسلام : جار ومجرور متعلق بحال من ضمير
المخاطبين في «ادخلوها» بمعنى : ادخلوا الجنة سالمين من العذاب وزوال النعم أو
مسلما عليكم يسلم الله وملائكته.
(ذلِكَ يَوْمُ
الْخُلُودِ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف حرف خطاب. وحذف المشار إليه اختصارا لأن ما بعده دال عليه. أي ذلك
اليوم هو يوم تقدير الخلود. يوم : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. الخلود : مضاف
إليه مجرور بالكسرة والجملة الاسمية «هو يوم الخلود» في محل رفع خبر «ذلك».
(لَهُمْ ما يَشاؤُنَ
فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ)
(٣٥)
(لَهُمْ ما يَشاؤُنَ
فِيها) : اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام
والجار والمجرور «لهم» في محل رفع لأنه متعلق بخبر مقدم. ما : اسم موصول مبني على
السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. يشاءون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها
وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. فيها : جار
ومجرور متعلق بيشاءون والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به.
التقدير : ما يشاءونه فيها بمعنى لهم أي لهؤلاء المتقين ما يشتهونه من النعيم.
(وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) : الواو عاطفة. لدى : ظرف مكان منصوب على الظرفية
والأفصح مبني على السكون في محل نصب وهو مضاف و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في
محل جر مضاف إليه وشبه الجملة «لدينا» في محل رفع لأنه متعلق بخبر مقدم. مزيد :
مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : وعندنا زيادة نعيم.
(وَكَمْ أَهْلَكْنا
قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ
هَلْ مِنْ مَحِيصٍ)
(٣٦)
(وَكَمْ أَهْلَكْنا) : الواو استئنافية. كم : خبرية مبنية على السكون في محل
نصب مفعول به للفعل «أهلك». أهلك : فعل ماض مبني على السكون
لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل بمعنى :
وكثيرا ما أهلكنا قبلهم أي قبل كفار قريش هؤلاء من الأمم كعاد وثمود وغيرهما.
(قَبْلَهُمْ مِنْ
قَرْنٍ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بأهلك وهو مضاف و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. من قرن : جار ومجرور متعلق بحال
محذوفة من «كم» التقدير : عددا كثيرا قبلهم أهلكنا حال كونهم من أهل قرن فحذف
المضاف «أهل» وحل المضاف إليه «قرن» محله ولا بد من تقدير مضاف لأن ما بعده «هم
أشد منهم ..» والقرن لغة هو ثمانون سنة واصطلاحا : مائة سنة .. وقيل : القرن : هم
الجماعة المقترنون في زمن واحد كعاد وثمود وغيرهما.
(هُمْ أَشَدُّ) : الجملة الاسمية في محل جر صفة ـ نعت ـ لقرن ـ أو لأهل
ويجوز أن تكون في محل نصب حالا من المضاف المحذوف «أهل» بعد إضافته وتخصصه وإن
أضيف إلى نكرة فصار شبه معرفة. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع
مبتدأ. أشد : خبر «هم» مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعل
ـ صيغة تفضيل ومن وزن الفعل بمعنى : هم أشد من قريش قوة.
(مِنْهُمْ بَطْشاً) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار
والمجرور متعلق بأشد. بطشا : تمييز منصوب بالفتحة المنونة.
(فَنَقَّبُوا فِي
الْبِلادِ) : الفاء سببية وجاء الفاء للتسبيب عن القول (هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً) أي شدة بطشهم قوتهم على التنقيب. نقبوا : فعل ماض مبني
على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. في
البلاد : جار ومجرور متعلق بنقبوا بمعنى : طوفوا في البلاد.
(هَلْ مِنْ مَحِيصٍ) : حرف استفهام لا محل له. من : حرف جر زائد داخل على
المبتدأ النكرة ومسبوق بحرف استفهام. محيص : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ
وخبره محذوف تقديره : هل من الله تعالى أو من الموت مهرب.
(إِنَّ فِي ذلِكَ
لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)
(٣٧)
(إِنَّ فِي ذلِكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. في : حرف جر. ذا : اسم
إشارة مبني على السكون في محل جر بفي. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. والجار
والمجرور «في ذلك» في محل رفع متعلق بخبر «إن» المقدم بمعنى إن في ذلك المذكور في
هذه السورة ومن قصة هؤلاء أي في إهلاكنا القرون ..
(لَذِكْرى لِمَنْ) : اللام لام التوكيد. ذكرى : اسم «إن» المؤخر منصوب
وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر ولم ينون آخر اللفظة لأنها ممنوعة من
الصرف ـ على وزن فعلى ـ اسم مقصور رباعي مؤنث. اللام حرف جر و «من» اسم موصول مبني
على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «ذكرى».
(كانَ لَهُ قَلْبٌ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. كان : فعل
ماض ناقص مبني على الفتح. له : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان» المقدم.
قلب : اسم «كان» المؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى أن في إهلاكنا القرون لموعظة
لمن كان له قلب واع للحق وقد يعبر به عن العقل أي لمن كان له عقل يعي الحق أي يدرك
به الحق.
(أَوْ أَلْقَى
السَّمْعَ) : حرف عطف. ألقى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على
الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. السمع : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : أو أصغى لسماعه أي سماع المواعظ.
(وَهُوَ شَهِيدٌ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هو : ضمير
منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. شهيد : خبر «هو» مرفوع
بالضمة المنونة بمعنى : وهو حاضر بذهنه ليفهم معانيه.
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا
السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ
لُغُوبٍ)
(٣٨)
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. قد :
حرف تحقيق. خلق : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل.
(السَّماواتِ
وَالْأَرْضَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة
لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» منصوبة مثلها
وعلامة نصبها الفتحة.
(وَما بَيْنَهُما) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
نصب معطوف على منصوب. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بفعل محذوف وهو مضاف
بمعنى وما وجد أو استقر بينهما. الهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه و «ما» علامة
التثنية والجملة الفعلية «وجد بينهما» صلة الموصول لا محل لها بمعنى وما بينهما من
المخلوقات.
(فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) : جار ومجرور متعلق بخلقنا. أيام : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى في ستة أدوار ..
(وَما مَسَّنا) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. مس : فعل ماض
مبني على الفتح و «نا» ضمير متصل ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل نصب
مفعول به مقدم بمعنى : وما لحقنا.
(مِنْ لُغُوبٍ) : حرف جر زائد لتأكيد النفي. لغوب : اسم مجرور لفظا
مرفوع محلا لأنه فاعل «مس» بمعنى : تعب.
(فَاصْبِرْ عَلى ما
يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ
الْغُرُوبِ)
(٣٩)
(فَاصْبِرْ عَلى ما
يَقُولُونَ) : الفاء استئنافية. اصبر : فعل أمر مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. على : حرف جر. ما : اسم موصول مبني على
السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور
متعلق باصبر. يقولون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى فاصبر يا محمد
على ما يقولون من إنكار البعث أي ما يقول المشركون من إنكارهم البعث ودعوتك إلى
التوحيد. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما
يقولونه أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «يقولون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما»
وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعلى التقدير : على قولهم. والجار والمجرور متعلق
باصبر.
(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «اصبر» وتعرب
مثلها. بحمد : جار ومجرور في محل نصب حال من ضمير «سبح» بمعنى : حامدا ربك بمعنى :
ونزه ربك حامدا إياه سبحانه على نعمه. والتسبيح محمول على ظاهره أي التنزيه أو على
الصلاة. ربك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره للتعظيم الكسرة وهو مضاف
والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان.
(قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بسبح وهو مضاف.
طلوع : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الشمس : مضاف إليه
ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : في الفجر أي صلاة الفجر.
(وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) : معطوف بالواو على «قبل الطلوع» ويعرب إعرابه بمعنى
وقبل غرب الشمس أي الظهر والعصر.
(وَمِنَ اللَّيْلِ
فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ)
(٤٠)
(وَمِنَ اللَّيْلِ) : معطوف بالواو على «قبل الغروب» ويعرب مثله و «من»
للتبعيض بمعنى وسبحه بعض الليل بصلاتي المغرب والعشاء.
(فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ
السُّجُودِ) : معطوفة بالفاء على جملة «سبح» وتعرب إعرابها والهاء
ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. الواو عاطفة. وأدبار السجود : يعرب
إعراب «قبل الغروب» بمعنى : وسبحه أي نزهه عشاء .. أو وأعقاب الصلاة. ومعنى الآية
الكريمة : وسبح بحمد ربك في هذه الأوقات كلها.
(وَاسْتَمِعْ يَوْمَ
يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ)
(٤١)
(وَاسْتَمِعْ يَوْمَ) : الواو عاطفة. استمع : فعل أمر مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية
وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق بفعل مضمر دل عليه ذلك الخروج أي يوم ينادي
المنادي يخرجون من الأجداث يوم القيامة.
(يُنادِ الْمُنادِ) : الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه وهي فعل مضارع
مرفوع بالضمة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة خطا وبقيت الكسرة المناسبة للياء
وجاء الحذف أيضا لكثرة الاستعمال. المناد : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة للثقل على
الياء المحذوفة وعلة حذفها هي نفسها المعتل بها في الفعل «يناد».
(مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) : جار ومجرور متعلق بينادي. قريب : صفة ـ نعت ـ لمكان
مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة.
(يَوْمَ يَسْمَعُونَ
الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ)
(٤٢)
(يَوْمَ يَسْمَعُونَ) : الجملة بدل من «يوم ينادي» وتعرب مثلها و «يسمعون»
فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى يسمع الناس
أي الموتى النداء.
(الصَّيْحَةَ
بِالْحَقِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة أي النفخة
الثانية. بالحق : جار ومجرور متعلق بحال من «الصيحة» أي مقترنة بالحق والمراد :
البعث والحشر للجزاء للناس على السواء.
(ذلِكَ يَوْمُ
الْخُرُوجِ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف للخطاب. يوم : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. والجملة الاسمية «هو يوم
الخروج» في محل رفع خبر «ذلك». الخروج : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره
الكسرة أي الخروج من القبور عند الصيحة الثانية.
(إِنَّا نَحْنُ
نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ)
(٤٣)
(إِنَّا نَحْنُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «نا» ضمير متصل مدغم
بنون «إن» مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». نحن : ضمير منفصل ـ ضمير التفخيم
المسند إلى الواحد المطاع مبني على الضم في محل نصب توكيد للضمير «نا».
(نُحْيِي وَنُمِيتُ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع
مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا
تقديره : نحن. وحذف مفعول الفعل اختصارا لأنه معلوم .. بمعنى : نحيي الموتى ونميت
الأحياء أو نحيي جيلا أو قرنا ونميت جيلا أو قرنا. ونميت : الجملة الفعلية معطوفة بالواو
على جملة «نحيي» وتعرب إعرابها وعلامة رفع الفعل الضمة الظاهرة على آخره.
(وَإِلَيْنَا
الْمَصِيرُ) : الواو عاطفة. إلى : حرف جر و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل جر بإلى والجار والمجرور في محل رفع متعلق
بخبر مقدم. المصير : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة بمعنى وإلينا مرجع الخلق جميعا.
(يَوْمَ تَشَقَّقُ
الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ)
(٤٤)
(يَوْمَ تَشَقَّقُ
الْأَرْضُ) : ظرف زمان ـ مفعول فيه ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة
والعامل فيه «إلينا المصير» وهو مضاف. تشقق : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
الأرض : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «تشقق الأرض» في محل جر مضاف إليه
بمعنى : تتصدع وأصله : تتشقق ..
حذفت إحدى التاءين اختصارا ـ لتوالي التاءات ـ وتتشقق : بمعنى : تنشق. ويجوز
أن ينتصب «يوم» مفعولا به بفعل محذوف تقديره : اذكر يوم ..
(عَنْهُمْ سِراعاً) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن والجار
والمجرور متعلق بتشقق. سراعا : حال من ضمير الغائبين في «عنهم» بمعنى : مسرعين ..
وهو منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : يخرجون من الأرض سراعا أي مسرعين
فيكون الحال على هذا المعنى من ضمير الغائبين في الفعل المقدر «يخرجون» وهي جمع «سريع»
أي مسرع أو يخرجون من قبورهم مسرعين في الخروج إلى المحشر عند سماعهم المنادي.
(ذلِكَ حَشْرٌ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف حرف خطاب. حشر : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : ذلك يوم
جمعهم للحساب وقدم الظرف «علينا» دليلا على الاختصاص أي لا يتيسر إلا على القادر.
(عَلَيْنا يَسِيرٌ) : حرف جر و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في
محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بيسير و «يسير» صفة ـ نعت ـ لحشر مرفوع مثله
بالضمة المنونة بمعنى : وذلك أمر هين سهل علينا.
(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما
يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ
وَعِيدِ)
(٤٥)
(نَحْنُ أَعْلَمُ) : ضمير منفصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع
ـ مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. أعلم : خبر «نحن» مرفوع بالضمة.
(بِما يَقُولُونَ) : الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في
محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بأعلم. والجملة الفعلية «يقولون» صلة الموصول
لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
بمعنى : بما يقولونه من الكفر أي من الافتراء والتكذيب بيوم البعث. والعائد إلى
الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : بما يقولونه. أو تكون «ما»
مصدرية فتكون جملة «يقولون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها
بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير : بقولهم.
(وَما أَنْتَ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. أنت : ضمير
منفصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.
(عَلَيْهِمْ
بِجَبَّارٍ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى. والجار
والمجرور متعلق بالخبر. بجبار : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «أنت» بمعنى :
بمتسلط تجبرهم على الإيمان.
(فَذَكِّرْ
بِالْقُرْآنِ مَنْ) : الفاء استئنافية. ذكر : فعل أمر مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. بالقرآن : جار ومجرور متعلق بذكر. من
: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
(يَخافُ وَعِيدِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع
مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. وعيد : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها كسرة تجانس الياء
والياء المحذوفة خطا واختصارا ومراعاة لفواصل الآيات ـ رأس آية ـ ضمير متصل ـ ضمير
الواحد المطاع سبحانه ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : تهديدي لمن خالف أمري. و «الكسرة»
دالة على الياء المحذوفة.
***
سورة الذاريات
معنى
السورة : الذاريات :
جمع «الذارية» والذارية : اسم فاعلة وهي مؤنث : الذاري .. وفعله «ذرا» فعل متعد
إلى مفعول. يقال : ذروت الشيء ـ أذروه ذروا : بمعنى : طيرته وأذهبته وهو من باب «عدا
ـ يعدو ـ عدوا» ويقال : ذرت الريح التراب وغيره من الباب نفسه أي باب «عدا» وباب
«رمى» بمعنى : سفته أن نسفته ومنه القول : ذرى الناس الحنطة فالريح ذارية والرياح
ذاريات .. أي مطيرات ومفرقات التراب وغيره. فالذاريات : أصلا صفة لموصوف محذوف
تقديره : الرياح الذاريات فحذف الموصوف وأقيمت صفته «الذاريات» مقامه. والمصدر «ذروا»
للفعل «ذرا ـ يذرو» وقد جاء الفعل المضارع مذكورا مرة واحدة في القرآن الكريم في
قوله تعالى في سورة «الكهف» : (وَاضْرِبْ لَهُمْ
مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ
نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللهُ عَلى
كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) صدق الله العظيم. بمعنى : فاضرب لهم أيها النبي مثلا
هذه الحياة في سرعة زوالها بنبات قد نما والتف بعضه ببعض بسبب ماء نزل عليه من
السماء فما لبث أن صار مهشوما لأن «هشيما» صيغة ـ فعيل بمعنى مفعول ـ تثيره الرياح
وتفرقه إلى كل جهة. و «الذرى» بضم الذال : جمع ذروة ـ بكسر الذال ـ هو كل ما يستتر
به الشخص .. أما «الذروة» بكسر الذال ـ من كل شيء .. فهي أعلاه.
تسمية
السورة : وردت لفظة «الذاريات»
مرة واحدة في القرآن الكريم وسميت بها إحدى سوره الشريفة .. وتصدرت آيتها الأولى :
(وَالذَّارِياتِ
ذَرْواً) أي وحق الرياح الذاريات التي تذرو التراب وغيره وحذف
مفعول اسم الفاعلات «الذاريات» وهو «التراب» لأنه معلوم وجاء فعلها الثلاثي متعديا
إلى المفعول والفعل الرباعي «أذرى» بمعنى : أطار وفرق ونسف .. ويأتي الفعل المشدد
منه أيضا متعديا نحو : ذريت الطعام تذرية : إذا خلصته من تبنه .. والطعام هنا
المقصود به الحنطة .. ومن تسمية إحدى سور القرآن الكريم بهذه التسمية تتبين أهمية
الرياح عند الله لأنها تكون
أحيانا سببا في رزق ومعيشة الناس لأنه عن طريق نقله للتراب من مكان لآخر
حتى يتطاير وينشر الأبخرة في الجو حتى تنعقد سحابا ومن ثم مطرا يجلب الخير والنماء
للإنسان والزرع.
فضل
قراءة السورة : قال رسول الله الحكيم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ سورة «الذاريات» أعطاه الله عشر حسنات بعدد
كل ريح هبت وجرت في الدنيا» صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
إعراب آياتها
(وَالذَّارِياتِ
ذَرْواً)
(١)
(وَالذَّارِياتِ
ذَرْواً) : الواو واو القسم حرف جر. الذاريات : مقسم به مجرور
بواو القسم وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف. التقدير
: ورب الذاريات أو وحق الذاريات والأصل الرياح الذاريات فحذف الموصوف المقسم به «الرياح»
وأقيمت الصفة «الذاريات» مقامه كما حذف مفعول اسم الفاعلات «الذاريات» وهو «الغبار»
لأن المعنى : والرياح السافنات ـ المطيرات ـ الغبار والتراب وغيرهما بمعنى تنقله
من مكان إلى آخر فيتطاير. ذروا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة. والعامل فيه هو «الذاريات» وفعل القسم المحذوف تقديره : أقسم برب
الذاريات.
(فَالْحامِلاتِ
وِقْراً)
(٢)
(فَالْحامِلاتِ
وِقْراً) : معطوف بالفاء على (وَالذَّارِياتِ
ذَرْواً) ويعرب إعرابه على إيقاع «وقرا» موقع أو معنى «حملا»
بمعنى : فالسحب الحاملات أثقال الأمطار حملا أي الماء الذي تحمله السحب حملا ثقيلا.
(فَالْجارِياتِ
يُسْراً)
(٣)
(فَالْجارِياتِ
يُسْراً) : يعرب إعراب «فالحاملات وقرا» بمعنى فبالرياح الجاريات
أي تقل السحاب فتجري في الجو باسطة له جريا ذا يسر أي سهلا أو جريا
يسرا أو الرياح الجاريات في مهابها والكواكب التي تجري في منازلها .. وقيل
: المعنى : فبالسفن الجاريات في البحر أي على سطح الماء جريا سهلا و «يسرا» صفة ـ نعت
ـ للمصدر «جريا» المحذوف والعامل فيه هو «الجاريات» وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(فَالْمُقَسِّماتِ
أَمْراً)
(٤)
(فَالْمُقَسِّماتِ
أَمْراً) : معطوف بالفاء أيضا على ما قبله ويعرب إعرابها. بمعنى
: فالملائكة المقسمات الأمطار والأرزاق وغيرها المأمورات أمرا و «أمرا» مفعول به
منصوب باسم الفاعلات «المقسمات» وعلامة نصبه الفتحة المنونة. أو يكون منصوبا على
المصدر ـ المفعول المطلق ـ والعامل فيه اسم المفعولات «المأمورات».
(إِنَّما تُوعَدُونَ
لَصادِقٌ)
(٥)
(إِنَّما تُوعَدُونَ
لَصادِقٌ) : الجملة جواب القسم المحذوف لا محل لها. إن : حرف نصب
وتوكيد مشبه بالفعل واقعة في جواب القسم. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
نصب اسم «إن». توعدون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مبني
للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والعائد إلى
الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما توعدونه أو تكون
الصلة حرف جر محذوفا بتقدير : ما توعدون به بمعنى إن الذي توعدون به من البعث
والحشر والحساب لمحقق. اللام لام التوكيد المزحلقة. صادق : خبر «إن» مرفوع وعلامة
رفعه الضمة المنونة.
(وَإِنَّ الدِّينَ
لَواقِعٌ)
(٦)
(وَإِنَّ الدِّينَ
لَواقِعٌ) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الدين
: اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة. واقع : خبر «إن»
مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة بمعنى وإن الجزاء لحاصل.
(وَالسَّماءِ ذاتِ
الْحُبُكِ)
(٧)
(وَالسَّماءِ ذاتِ
الْحُبُكِ) : الواو واو القسم حرف جر. السماء : مقسم به مجرور
وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف. ذات : صفة ـ نعت ـ للسماء
مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الحبك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره
الكسرة بمعنى : ذات الطرائق أو الطرق لسير الكواكب جمع «حبيكة» أي طريقة.
(إِنَّكُمْ لَفِي
قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ)
(٨)
(إِنَّكُمْ لَفِي
قَوْلٍ) : الجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها جواب قسم
مقدر لا محل لها. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» والميم علامة جمع الذكور. اللام
لام التوكيد المزحلقة. في قول : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن».
(مُخْتَلِفٍ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قول» مجرور مثله وعلامة جرهما ـ
الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة بمعنى : إنكم في القرآن أو في محمد لمتناقضون أي
في أقوال مختلفة فمنكم من يقول إنه ساحر ومنكم من يقول إنه شاعر وآخر يقول كاهن
وتقولون : إن الله خالق الكون ثم تعبدون الأصنام.
(يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ
أُفِكَ)
(٩)
(يُؤْفَكُ عَنْهُ) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. عنه : جار
ومجرور متعلق بيؤفك بمعنى : يصرف عنه أي عن القرآن.
(مَنْ أُفِكَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع نائب فاعل
والجملة الفعلية (يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ
أُفِكَ) في محل جر صفة ـ نعت ـ للموصوف «قول» والأفصح أن تكون
بيانية أو تعليلية لا محل لها. أفك : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب
الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والجملة الفعلية «أفك» صلة الموصول لا
محل لها بمعنى من
صرف عن محمد أو القرآن أو يصرف عن الدين أو الايمان صرفا أي صرفه الشيطان
عن الهداية فصرف عن الايمان بالرسول والقرآن.
** (فَالْحامِلاتِ وِقْراً) : هذا القول الكريم. هو نص الآية الكريمة الثانية ..
المعنى : فالسحب الحاملات أثقال الأمطار حملا أي الماء الذي تحمله السحب. يقال :
وقرت الأذن ـ توقر ـ وقرا ـ بفتح الواو بمعنى : ثقل سمعها والفعل من بابي «وعد» و
«تعب» وقرها الله وقرا من باب «وعد» فالفعل يستعمل لازما ومتعديا ومن الباب نفسه
أي «وعد» يقال : وقر الرجل ـ يقر فهو وقور ـ فعول بمعنى فاعل ـ والمرأة وقور أيضا
مثل : صبور وشكور ومن باب «وعد» أيضا يقال : وقر الرجل بمعنى : جلس بوقار ـ بفتح
الواو ـ وهو الحلم والعظمة والرزانة ويأتي «الوقار» مصدرا للفعل «وقر» بضم القاف.
** (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠) الَّذِينَ هُمْ فِي
غَمْرَةٍ ساهُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآيتين الكريمتين العاشرة
والحادية عشرة بمعنى : قتل الكذابون الذين هم غافلون في جهل يغمرهم. و «ساهون»
أصله : ساهيون فحذفت الياء لسكونها وسكون الواو بعد حذف الضمة التي كانت على الياء
للثقل وقال تعالى في سورة «الماعون» : (الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلاتِهِمْ ساهُونَ) بمعنى : غافلون غير ملتفتين إليها. وقرأ ابن مسعود
لاهون. والمراد بالماعون : الزكاة. ومن معانيه أيضا : المعروف .. المطر .. الماء.
وكل ما ينتفع به وقامت لفظة «المصلين» مقام ضمير (الَّذِي يُكَذِّبُ
بِالدِّينِ) في الآية الكريمة الأولى وهو مفرد إلا أن معناه الجمع
لأن المراد به : الجنس. وقال تعالى : (عَنْ صَلاتِهِمْ) ولم يقل : «في صلاتهم» لأن معنى «عن» أنهم ساهون عن
الصلاة سهو ترك لها وقلة التفات إليها وذلك فعل المنافق أو الفسقة أما «في صلاتهم»
فمعناه : أن السهو يعتريهم فيها بوسوسة شيطان أو حديث نفس وذلك لا يكاد يخلو منه
أحد. وقد أثبت الفقهاء باب سجود السهو في كتبهم. وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ : الحمد
لله على أن لم يقل : في صلاتهم. وقيل : الغلط في اللسان والنسيان في الجنان. أي في
القلب. قالت العرب : قلما يخلو إنسان من نسيان وقلم من طغيان .. وكثيرا ما يصاب
المرء في لحظة من اللحظات بالسهو أو النسيان وهذا بدوره يسبب لهم حرجا ويضعهم في
مواقف لا يحسدون عليها إلا أن قلة من هؤلاء عند ما يمرون بهذه يعوضونها بتصرف
مناسب ينقذهم من تلك الورطة وهو ما يسمى بسرعة البديهة.
** (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما
تُوعَدُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية
والعشرين المعنى : أسباب رزقكم وهو المطر لأنه سبب الأقوات وما توعدون به في
العقبى بمعنى : ما ترزقونه في الدنيا وما توعدونه له كله مقدر مكتوب في السماء أو
ما توعدون به من ثواب الجنة. عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «وتحاجت الجنة والنار ـ أي تخاصمتا ـ بلسان المقال
أو الحال فقالت النار : أوثرت أي اختصصت ـ بالمتكبرين والمتجبرين ـ» المتكبر :
المتعاظم بما ليس فيه والمتجبر : الممنوع الذي لا يوصل إليه أو الذي لا يكترث بأمر
ضعفاء الناس وقالت الجنة : ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس «سموا بذلك لتواضعهم
لربهم» قال الله تبارك وتعالى للجنة : أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي وقال
للنار : أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي .. ولكل واحدة منهما ملؤها فأما النار
فلا تمتلئ حتى يضع رجله ـ أي قدمه ـ فتقول النار : قط قط قط ـ حسبي
حسبي حسبي. قد اكتفيت» صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الرجل والقدم في هذا الحديث ـ كما يقول الزمخشري ـ هما
من الصفات المنزهة عن التكييف والتشبيه فالإيمان بها : فرض والامتناع عن الخوض
فيها : واجب. فالمهتدي من سلك فيها طريق التسليم والخائض فيها : زائغ والمنكر :
معطل والمكيف : مشبه ليس كمثله سبحانه شيء وبمعنى إن رب العزة يذللها من وضعها تحت
القدم.
** (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ
إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة
والعشرين. المعنى : فو الله رب الكون إن قولنا : (وَفِي السَّماءِ
رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) لحق ثابت لا شك فيه مثل نطقكم فهل تشكون في نطقكم؟
فينبغي أن لا تشكوا كذلك في أن رزقكم في السماء وما توعدون. يقال : نطق الرجل ـ ينطق
ـ منطقا ـ من باب : ضرب .. بمعنى تكلم. والنطق : اسم منه قال المتنبي في المدح :
لا خيل عندك
تهديها ولا مال
|
|
فليسعد النطق
إن لم تسعد الحال
|
قالت العرب :
الكلام ذكر والجواب أنثى ولا بد من النتاج عند الازدواج. ويقال : أنطقه : أي جعله
ينطق .. ويقال : نطق لسانه .. كما يقال : نطق الرجل. ونطق الكتاب : بمعنى : بين
وأوضح. والمنطق ـ بكسر الميم وفتح الطاء ـ هو ما يشد به وسط الانسان ومثله :
النطاق. وأطلق على «أسماء» بنت أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ : ذات النطاقين .. قيل
لأنها كانت تطاق نطاقا على نطاق وقيل كان لها نطاقان تلبس أحدهما وتحمل في الآخر
الزاد للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حين كان في الغار قال الأزهري : وهذا أصح القولين ..
ويقال : ناطقه واستنطقه بمعنى : كلمه. وقولهم : ما له صامت ولا ناطق فالناطق :
الحيوان والصامت ما سواه. وقيل : الصامت : الذهب والفضة والناطق : الإبل والغنم أي
ليس له شيء .. أما المنطيق فهو البليغ .. ويطلق على المكثر من الكلام لفظ «المتفيهق»
من «فهق الإناء» بمعنى : امتلأ ومنه الحديث : إنه قام إلى باب الجنة فانفهقت له»
أي فانفتحت واتسعت .. ومنه اسم الفاعل «المتفيهق» أما «الفقه» فهو فهم الشيء. قال
ابن فارس : وكل علم لشيء فهو فقه .. ومنه فقه الرجل يفقه ـ فقها .. من باب «تعب» إذا
علم ومثله : فقه ـ من باب «ظرف» وقيل : فلان لا يفقه : أي لا يفهم. وهذا رجل نقه
وفقه : أي فاهم وعالم بالفقه أو هو شديد العلم والفهم ذكي.
** (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ
الْمُكْرَمِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة
والعشرين و «المكرمين» جمع «مكرم» وهو اسم مفعول بمعنى : مكرمين عند ربهم و «ضيف»
بمعنى : ضيوف واللفظة تطلق على الواحد والجماعة لأنها في الأصل مصدر «ضافه ـ يضيفه
ـ ضيفا» من باب «باع» إذا نزل عنده وجعلهم ضيفا وهم الملائكة لأنهم كانوا في صورة
الضيف حيث أضافهم فظنهم آدميين. و «الضيف» هو النزيل ويقال : أضافه وضيفه أيضا :
بمعنى : أنزله عليه ضيفا أي أنزله منزلة الأضياف. وقيل : الأضياف وهي جمع «ضيف»
شأنها في ذلك شأن «ضيوف» و «ضيفان» فمع كون لفظة «ضيف» للمفرد وغيره إلا أنه تجوز
المطابقة معها فيقال : هذا ضيف وهذه ضيفة وهؤلاء أضياف وضيوف. والآية الكريمة
المذكورة تحدثنا عن ضيف إبراهيم وهم في الحقيقة أكثر من ضيف واحد فجاءت اللفظة
مفردة ومعناها : الجمع .. وضيوف إبراهيم هم في الحقيقة ملائكة فظنهم وهم يدخلون
عليه آدميين فقدم إليهم عجلا سمينا ولما رآهم لم يأكلوا منه خاف منهم فهدءوا روعه وبشروه
باسحاق وكانوا اثني عشر ملكا وقيل : تسعة عاشرهم : جبريل ـ عليه
السلام ـ وقيل : ثلاثة : جبريل وميكائيل وملك معهما. وقيل : هم بعض من جنود
الله تعالى وهم كثيرون لا يعلمهم أحد أو يعرف عددهم إلا الله تعالى. إذ قال سبحانه
في سورة «المدثر» : (وَما يَعْلَمُ
جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) صدق الله العظيم. وفي هذه الآية الكريمة علمنا القرآن
الكريم أدب الضيافة في قوله تعالى في الآية الكريمة السادسة والعشرين التالية.
** (فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ
سَمِينٍ) : أي فذهب في خفية من ضيوفه لأن من أدب المضيف ـ اسم
فاعل ـ أن يخفي أمره وأن يبادر بالقرى من غير أن يشعر به الضيف حذرا من أن يكفه
ويعذره. قال أبو عبيد : لا يقال : راغ .. إلا ذهب على خفية. وقوله تعالى في الآية
الكريمة السابقة : (فَقالُوا سَلاماً
قالَ سَلامٌ ..) حسن الابتداء بالنكرة لأن فيه معنى الدعاء. وجاء قوله :
سلام أي عليكم سلام للدلالة على ثبات السلام كأنه قال أي قصد أن يحييهم بأحسن مما
حيوه به أخذا بأدب الله تعالى وهذا أيضا من إكرامه لهم وجاء في الحديث : «السلام
تحية لملتنا وأمان لذمتنا» وقيل : السلام : هو علم الإسلام. والقول الكريم في آخر
الآية الكريمة (قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) هو إنكاره لهم لأنهم ليسوا من معارفه أو من جنس الناس
الذين عهدهم لأن لهم حالا وشكلا خلاف الناس وشكلهم. كأنه قال : أنتم قوم غير
معروفين فعرفوني من أنتم؟.
** (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ
فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة
والعشرين المعنى فجاءت امرأة «إبراهيم» وهي «سارة» في صرة : أي صائحة والكلمة من
صر الباب أو القلم ـ يصر صريرا بمعنى : صوت .. وضج فلطمت ببسط يديها وقيل : فضربت
بأطراف أصابعها جبهتها متعجبة أي كناية عن التعجب وقالت ألد وأنا عجوز كبيرة السن
عاقر لم ألد قط؟ وكلمة «عجوز» تطلق على المرأة الهرمة وعلى الرجل أيضا. وقال
الأزهري : يقال لامرأة الرجل ـ وإن كانت شابة ـ هي : عجوزة ويقال للزوج ـ وإن كان
حدثا ـ : هو شيخها. ويقال : هذا رجل عجوز : بمعنى : عاجز وهو ـ فعول بمعنى : فاعل
ـ وقال الشاعر :
أضحى يمزق
أثوابي ويضربني
|
|
إذ بعد شيبتي
يبغي عندي الأدبا؟
|
أراد الشاعر
هنا بالأدب محاسن الأخلاق وهو أدب النفس ومعنى البيت : يقول : إن هذا الرجل قد
صارت حاله إلى أن يعتدي علي ويهينني بتمزيق ثوبي وبضربي ؛ وإني قد كبرت فلا قدرة لي
على تأديبه وردعه. وقد يكون المعنى إنه يحاول تأديبي من بعد أن جاوزت السن الذي
يصلح فيه التأديب .. وهذا المعنى أظهر من المعنى الأول. وأصل نظم الكلام : أيبغي
عندي الأدب بعد شيبي؟ وقال شاعر آخر يصف نفسه في حالي شبابه وشيبه :
نزل المشيب
فما له تحويل
|
|
ومضى الشباب
فما إليه سبيل
|
ولقد أراني
والشباب يقودني
|
|
ورداؤه حسن
علي جميل
|
** (فَما وَجَدْنا فِيها
غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة
والثلاثين .. المعنى : فأخرجنا من كان في قرية لوط ـ عليهالسلام ـ من المؤمنين إنقاذا لهم من الهلاك فما وجدنا في قرية
لوط من المسلمين إلا بيتا أو إلا بيتا من المسلمين أو على معنى غير بيت واحد من
بيوت المسلمين وهو بيت لوط فقط فأهلكناها وتركنا بيت لوط. و «البيت» هو المسكن
وجمعه : بيوت وأبيات وأباييت عن سيبويه مثل أقوال وأقاويل. والبيت أيضا : عيال
الرجل وتضاف كلمة «بيت» إلى «الشعر» فيقال : أعجبني بيت الشعر هذا .. وهو ما يشتمل
على أجزاء معلومة وتسمى : أجزاء التفعيل سمي بذلك على الاستعارة بضم الأجزاء
بعضها إلى بعض على نوع خاص كما تضم أجزاء البيت في عمارته على نوع خاص وبيت
العرب : هو شرفها يقال : بيت تميم في حنظلة : أي شرفها. ومن اشتقاقاته : بيت الأمر
: أي دبره ليلا وبيت النية : إذا عزم عليها ليلا فهي مبيتة ـ اسم مفعول وجمعها :
نيات .. ولا يقال : نوايا. وتضاف كلمة «بيت» إلى «الشعر» بفتح الشين ـ فيقال :
يسكن البدو في بيوت الشعر .. ولهذا البيت قصة مع ميسون بنت بحدل الكلبية زوجة
معاوية بن أبي سفيان وأم ابنه «يزيد» كانت بدوية الأصل فضاقت نفسها لما تسرى عليها
فعذلها عن ذلك معاوية وقال لها : أنت في ملك عظيم وما تدرين قدره وكنت قبل اليوم
في العباءة فقالت :
للبس عباءة
وتقر عيني
|
|
أحب إلي من
لبس الشفوف
|
كانت الشاعرة
من أهل البادية وقد تزوجها معاوية ونقلها إلى الحاضرة .. فكانت تكثر الحنين إلى
أهلها ويشتد بها الوجد إلى حالتها الأولى حيث تقول : إن الذي كنت فيه عند أهلي
أشهى إلى نفسي وأجلب إلى السرور مما أنا فيه مع أن الذي كانت فيه هناك ـ عند أهلها
ـ هو المعيشة الخشنة وقد كان لباس عباءة من صوف غليظ و «الشفوف» هي الرقاق من
الثياب و «الشف» من الستور : هو ما يرى ما خلفه.
(قُتِلَ
الْخَرَّاصُونَ)
(١٠)
(قُتِلَ
الْخَرَّاصُونَ) : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. الخراصون :
نائب فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من الحركة والتنوين في
المفرد. بمعنى : قتل الكذابون أصحاب هذا القول المتناقض ولعنهم الله.
(الَّذِينَ هُمْ فِي
غَمْرَةٍ ساهُونَ)
(١١)
(الَّذِينَ هُمْ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع صفة ـ نعت ـ للموصوف
«الخراصون». هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. والجملة الاسمية
«هم في غمرة ساهون» صلة الموصول لا محل لها.
(فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «هم». ساهون : خبر «هم» مرفوع
بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : الذين هم
غافلون في جهل غامر لهم لاهون عما أمروا به وأصل «الغمرة» الماء الكثير.
(يَسْئَلُونَ أَيَّانَ
يَوْمُ الدِّينِ)
(١٢)
(يَسْئَلُونَ أَيَّانَ) : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون والواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل بمعنى يسألون النبي قائلين أو يسألون فيقولون فحذف المفعول
به اختصارا لأنه معلوم والجملة الاسمية بعدها في محل نصب مفعول به ليقولون ـ مقول
القول ـ أيان : اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب ظرف زمان متعلق بخبر مقدم
محذوف بمعنى متى.
(يَوْمُ الدِّينِ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو مضاف. الدين : مضاف إليه
مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة والأصل في معناه : أيان وقوع يوم الدين فحذف
المضاف المبتدأ «وقوع» وحل المضاف إليه «يوم» محله. بمعنى : يسألون مستهزءين متى
يوم الجزاء أو متى يوم البعث الذي كذبوا به؟
(يَوْمَ هُمْ عَلَى
النَّارِ يُفْتَنُونَ)
(١٣)
(يَوْمَ هُمْ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية الزمانية منصوب وعلامة
نصبه الفتحة متعلق بفعل محذوف دل عليه السؤال في الآية الكريمة السابقة أي يقع
ويجوز أن يكون مبنيا على الفتح لاضافته إلى جملة غير معربة والجملة واقعة في جواب
السؤال والمراد من «يوم» هو يوم القيامة. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني
على السكون في محل رفع مبتدأ. والجملة الاسمية «هم على النار يفتنون» في محل جر
مضاف إليه وجاز إضافة «يوم» أي يوم القيامة وهو مستقبل إلى الجملة الاسمية لأنه
محقق الوقوع فينزل منزلة الماضي.
(عَلَى النَّارِ
يُفْتَنُونَ) : جار ومجرور متعلق بيفتنون بمعنى : يحرقون ويعذبون
بعرضهم على النار. يفتنون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع
مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.
(ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ
هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ)
(١٤)
(ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال والعامل فيه اسم
المفعول المحذوف بتقدير : مقولا لهم. هذا القول أو تكون في محل رفع
نائب فاعل على المعنى بتقدير : يقال لهم : ذوقوا فتنتكم بمعنى عذابكم. ذوقوا
: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الافعال الخمسة. الواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل والألف فارقة. فتنتكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع
الذكور.
(هذَا الَّذِي
كُنْتُمْ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ بمعنى :
هذا العقاب. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره
: هو. والجملة الاسمية «هو الذي» في محل رفع خبر «هذا» أو تكون «هذا» بدلا من «فتنتكم»
أي في محل نصب بمعنى : ذوقوا هذا العذاب الذي فتكون كلمة «الذي» صفة ـ نعتا
للموصوف المقدر وهو «العذاب» أي تكون «الذي» بدلا من «هذا» أي في محل رفع على معنى
: ذوقوا فتنتكم ـ على معناها أي عذابكم ـ الذي. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على
السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على
الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «كنتم به
تستعجلون» صلة الموصول لا محل لها.
(بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) : جار ومجرور متعلق بفعل «كنتم» أو بخبره. تستعجلون : الجملة
الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل
في محل رفع فاعل بمعنى : كنتم تتعجلون وقوعه وأنتم مستهزءون.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ
فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)
(١٥)
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. المتقين : اسم «إن»
منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته
وهو جمع «المتقي» وهو اسم فاعل عمل فعله فيتعدى إلى المفعول به وحذف مفعوله
اختصارا لأنه معلوم بمعنى إن المتقين أي المطيعين ما أمر الله به المجتنبين
المعصية.
(فِي جَنَّاتٍ
وَعُيُونٍ) : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» المحذوف. وعيون : معطوفة
بالواو على «جنات» مجرورة مثلها وعلامة جرهما ـ المعطوف عليه والمعطوف ـ الكسرة
المنونة أي يرتعون في جنات تجري فيها عيون من الماء العذب.
(آخِذِينَ ما آتاهُمْ
رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ)
(١٦)
(آخِذِينَ ما آتاهُمْ) : حال من ضمير الغائبين في خبر «المتقين» أي يرتعون في
بساتين وعيون جارية آخذين .. منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون
عوض من تنوين المفرد وحركته. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به
لاسم الفاعلين «آخذين» آتى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم والجملة الفعلية «آتاهم
ربهم» صلة الموصول لا محل لها.
(رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ
كانُوا) : فاعل مرفوع بالضمة. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين
ـ في محل جر مضاف إليه. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل بمعنى لأنهم
يستحقون ذلك النعيم و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «إن». كانوا : فعل ماض
ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان»
والألف فارقة.
(قَبْلَ ذلِكَ
مُحْسِنِينَ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بكانوا وهو مضاف.
ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. اللام للبعد والكاف للخطاب.
محسنين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته والجملة الفعلية «كانوا قبل ذلك محسنين» في محل رفع خبر «إن»
بمعنى لأنهم كانوا قبل ذلك اليوم أي كانوا في دنياهم محسنين أعمالهم.
(كانُوا قَلِيلاً مِنَ
اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ)
(١٧)
(كانُوا قَلِيلاً) : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. قليلا : ظرف زمان منصوب على الظرفية
وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى كانوا يهجعون أي ينامون طائفة قليلة من الليل أو
يكون صفة ـ نعتا ـ لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف أي كانوا يهجعون هجوعا قليلا أي
نوما يسيرا.
(مِنَ اللَّيْلِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «قليلا» لأن «من»
حرف جر بياني.
(ما يَهْجَعُونَ) : مزيدة للتوكيد. يهجعون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «يهجعون» في محل نصب خبر «كان»
ويجوز أن تكون «ما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل رفع فاعلا لكلمة «قليلا»
بمعنى : كانوا قل من الليل الذي يهجعون فيه لأنهم كانوا يصلون أكثر الليل فتكون
جملة «يهجعون» صلة الموصول لا محل لها والراجع إلى الموصول ـ أي صلته ـ وهو الجار
محذوف أي «فيه» ولا يجوز أن تكون «ما» نافية لأن «ما» النافية لا يعمل ما بعدها
فيما قبلها .. نقول : زيدا لم أضرب ولا نقول : زيدا ما ضربت ولأن التقدير على «ما»
النافية يصبح المعنى «كانوا ما يهجعونه قليلا من الليل» فيه خلل من حيث المعنى
أيضا فإن طلب قيام جميع الليل غير مستنثى من الهجوع وإن قل غير ثابت في الشرع ولا
معهود ـ هذا ما جاء في تفسير الزمخشري ـ أما إذا جعلت «ما» مصدرية فتكون «ما» وما
بعدها بتأويل مصدر في محل رفع فاعلا .. أي قل هجوعهم وفي هذه الحالة لا يستقيم أن
يكون «من الليل» صفة لقليل ولا بيانا له ولا يستقيم أن يكون من صلة المصدر لأنه
تقدم عليه.
(وَبِالْأَسْحارِ هُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ)
(١٨)
(وَبِالْأَسْحارِ) : الواو عاطفة. بالأسحار : جار ومجرور متعلق بيستغفرون
بمعنى في آخر الليل يستغفرون الله أي قبل الفجر.
(هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. يستغفرون
: الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : يرجون المغفرة من الله سبحانه.
(وَفِي أَمْوالِهِمْ
حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)
(١٩)
(وَفِي أَمْوالِهِمْ
حَقٌ) : الواو عاطفة. في أموال : جار ومجرور في محل رفع خبر
مقدم. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. حق : مبتدأ مؤخر
مرفوع بالضمة المنونة بمعنى وفي أموالهم نصيب.
(لِلسَّائِلِ
وَالْمَحْرُومِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «حق» والمحروم :
معطوف بالواو على «السائل» ويعرب مثله بمعنى : للمستعطي الفقير أي المتعفف والعاجز
عن كسب عيشه.
(وَفِي الْأَرْضِ
آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ)
(٢٠)
(وَفِي الْأَرْضِ
آياتٌ) : الواو استئنافية. في الأرض : جار ومجرور في محل رفع
خبر مقدم. آيات : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.
(لِلْمُوقِنِينَ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «آيات» وعلامة جر
الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد
بمعنى : وفي الأرض دلائل من أنواع الكائنات تدل الموحدين على قدرة الله.
(وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا
تُبْصِرُونَ)
(٢١)
(وَفِي أَنْفُسِكُمْ) : الواو عاطفة. في أنفسكم : جار ومجرور في محل رفع خبر
مقدم وحذف المبتدأ المؤخر اختصارا اكتفاء بذكره أول مرة في الآية الكريمة السابقة
بمعنى : وفي أنفسكم آيات أي وفي تركيب أنفسكم وخلقكم دلائل وعبر على توحيد الله
ووجوده سبحانه. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف
إليه والميم علامة الجمع.
(أَفَلا تُبْصِرُونَ) : الهمزة همزة تأنيب بلفظ استفهام الفاء تزيينية. لا :
نافية لا عمل لها. تبصرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل بمعنى : أفلا تنظرون في أنفسكم أو أفلا تتفكرون وتتأملون في دليل وجود
الخالق؟
(وَفِي السَّماءِ
رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ)
(٢٢)
(وَفِي السَّماءِ
رِزْقُكُمْ) : الواو عاطفة. في السماء : جار ومجرور في محل رفع خبر
مقدم. رزقكم : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني
على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور أي أسباب رزقكم.
(وَما تُوعَدُونَ) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
رفع لأنه معطوف على مرفوع وهو «رزقكم» والجملة الفعلية «توعدون» صلة الموصول لا
محل لها وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع نائب فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير
: توعدونه أو يكون العائد ـ الصلة ـ حرف جر بتقدير : ما توعدون به في العقبى بمعنى
ما ترزقونه في الدنيا وما توعدون به في الآخرة من الثواب والعقاب كله مقدر مكتوب
في السماء.
(فَوَ رَبِّ السَّماءِ
وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ)
(٢٣)
(فَوَ رَبِّ السَّماءِ
وَالْأَرْضِ) : الفاء استئنافية. الواو واو القسم حرف جر. رب : مقسم
به سبحانه مجرور للتعظيم بواو القسم وعلامة الجر الكسرة. السموات : مضاف إليه
مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب
مثلها والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف بمعنى : فو حق رب السموات والأرض
أو فو الله رب.
(إِنَّهُ لَحَقٌ) : الجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها جواب القسم
لا محل لها. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني
على الضم في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ حق : خبر «إن»
مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : إن هذا الأمر أي ما توعدون به من البعث والجزاء
والرزق لحق ثابت ..
(مِثْلَ ما أَنَّكُمْ) : صفة ـ نعت ـ لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف بتقدير : لحق
حقا مثل .. منصوب وعلامة نصبه الفتحة أو يكون حالا من النكرة «حق» على خلاف
القاعدة أو هو مبني على الفتح لاضافته إلى غير متمكن ـ معرب ـ ما : زائدة لا محل
لها. أن : حرف مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في
محل نصب اسم «أن» والميم علامة جمع الذكور.
(تَنْطِقُونَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن» وهي فعل مضارع
مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. و «أن» مع اسمها وخبرها
بتأويل مصدر في محل جر مضاف إليه. بتقدير : مثل نطقكم وضمير المخاطبين ـ الكاف ـ مع
الجملة الفعلية «تنطقون» صلة «أن» لا محل لها بمعنى : فهل تشكون في نطقكم؟ فينبغي
أن لا تشكوا كذلك في أن رزقكم في السماء وما توعدون.
(هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ
ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ)
(٢٤)
(هَلْ أَتاكَ) : حرف استفهام لا عمل لها. أتاك : فعل ماض مبني على
الفتح المقدر على الألف للتعذر والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح
في محل نصب مفعول به مقدم. بمعنى : هل علمت يا محمد بقصة ..
(حَدِيثُ ضَيْفِ) : فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف. ضيف : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.
(إِبْراهِيمَ
الْمُكْرَمِينَ) : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا
من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والمعرفة. المكرمين : صفة ـ نعت ـ لضيف
مجرور مثله وعلامة جره الياء لأنه جمع
مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : ضيوف إبراهيم من
الملائكة المكرمين من الله تعالى؟.
(إِذْ دَخَلُوا
عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ)
(٢٥)
(إِذْ دَخَلُوا
عَلَيْهِ) : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب
متعلق باسم المفعولين «المكرمين» على تفسير إكرام إبراهيم لهم أو متعلق بما في «ضيف»
من معنى الفعل أو يكون اسما في محل نصب مفعولا به بفعل محذوف تقديره : اذكر إذ.
دخلوا : الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد «إذ» وهي فعل ماض مبني
على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
عليه : جار ومجرور متعلق بدخلوا.
(فَقالُوا سَلاماً) : معطوفة بالفاء على «دخلوا» وتعرب إعرابها. سلاما :
مصدر ـ مفعول مطلق ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة ساد مسد الفعل مستغن به عنه
وأصله : نسلم عليك سلاما ويجوز أن يكون مفعول «قالوا».
(قالَ سَلامٌ) : الجملة الفعلية استئنافية لا محل لها. قال : فعل ماض
مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. سلام : مبتدأ مرفوع بالضمة
المنونة لأنه اسم نكرة وجاز الابتداء بنكرة لأن فيه معنى الدعاء ولأنه معدول به
إلى الرفع على الابتداء وخبره محذوف معناه : سلام عليكم .. أي فأجابهم إبراهيم :
سلام عليكم والجملة الاسمية «سلام عليكم» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لأن
المعنى : فقال : سلام عليكم ويجوز أن يكون التقدير : عليكم سلام .. أي بتقديم
الخبر المحذوف وتأخير المبتدأ الصريح.
(قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : أنتم قوم مرفوع بالضمة
المنونة. منكرون : صفة ـ نعت ـ لقوم مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر
سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى غير معروفين.
(فَراغَ إِلى أَهْلِهِ
فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ)
(٢٦)
(فَراغَ إِلى أَهْلِهِ) : الفاء عاطفة على محذوف. راغ : فعل ماض مبني على الفتح
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجار والمجرور «إلى أهله» متعلق براغ
والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه.
(فَجاءَ بِعِجْلٍ
سَمِينٍ) : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على جملة «راغ» وتعرب
مثلها. بعجل : جار ومجرور متعلق بجاء. سمين : صفة ـ نعت ـ لعجل مجرور مثله وعلامة
جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة بمعنى : بعجل مشوي وحذف مفعول «جاء»
اختصارا أي جاء ضيوفه بعجل ..
(فَقَرَّبَهُ
إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ)
(٢٧)
(فَقَرَّبَهُ
إِلَيْهِمْ) : الفاء عاطفة. قربه : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول
به. إلى : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بإلى والجار والمجرور متعلق
بقرب.
(قالَ أَلا
تَأْكُلُونَ) : تعرب إعراب «قرب» والجملة بعدها في محل نصب مفعول به
ـ مقول القول ـ الهمزة همزة ترغيب بلفظ استفهام أو تكون همزة إنكار أي أنكر عليهم
ترك الأكل بعد أن وضعه بين أيديهم ولم يجيبوا عن سؤاله. لا : نافية لا عمل لها. أو
تكون «ألا» حرف تنبيه أو للحث على الأكل. تأكلون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل ـ في محل رفع فاعل بمعنى : ألا تأكلون منه أي من الأكل؟
(فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ
خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ)
(٢٨)
(فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ
خِيفَةً) : الفاء سببية. أوجس : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. من : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن
والجار والمجرور متعلق بأوجس. خيفة : مفعول به
منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : فأضمر منهم خيفة أي خاف منهم عند
ما رآهم لم يأكلوا العجل وبعد ذلك صرح بخوفه.
(قالُوا لا تَخَفْ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة أي قالوا له لا تخف منا والجملة الفعلية «لا
تخف» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لا : ناهية جازمة. تخف : فعل مضارع مجزوم
بلا الناهية وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت
الألف ـ أصله «تخاف» تخفيفا لالتقاء الساكنين بمعنى : لا تخف منا إنا رسل الله
مبعوثون لنبشرك ..
(وَبَشَّرُوهُ
بِغُلامٍ عَلِيمٍ) : معطوفة بالواو على «قالوا» وتعرب مثلها والهاء ضمير
متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به. بغلام : جار ومجرور
متعلق ببشروا. عليم : صفة ـ نعت ـ لغلام مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة
ـ الكسرة المنونة بمعنى : بشروه بغلام كثير العلم هو إسحاق ـ عليهالسلام ـ
(فَأَقْبَلَتِ
امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ)
(٢٩)
(فَأَقْبَلَتِ
امْرَأَتُهُ) : الفاء سببية للاستئناف. أقبلت : فعل ماض مبني على
الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها وحركت بالكسر لالتقاء الساكنين.
امرأته : فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه
بمعنى فجاءت امرأته.
(فِي صَرَّةٍ) : جار ومجرور في محل نصب حال من «امرأته» بتقدير : صارة
أي صائحة.
(فَصَكَّتْ وَجْهَها
وَقالَتْ) : الجملتان الفعليتان معطوفتان بواوي العطف على «أقبلت
امرأته» وتعربان إعرابها وفاعل «صكت» و «قالت» ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي.
وجه : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «ها» ضمير متصل ـ ضمير الغائبة ـ مبني
على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى
فلطمت ببسط
يديها أو فضربت بأطراف أصابعها جبهتها متعجبة. والجملة الاسمية بعدها «عجوز عقيم»
في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(عَجُوزٌ عَقِيمٌ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : أنا. عقيم : صفة ـ نعت ـ لعجوز
مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى عجوز عاقر فكيف ألد.
(قالُوا كَذلِكَ قالَ
رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ)
(٣٠)
(قالُوا كَذلِكَ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في
محل رفع مبتدأ. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. اللام للبعد
والكاف حرف خطاب. والجملة الفعلية «قال ربك» في محل رفع خبر «كذلك» بمعنى مثل ذلك
الذي قلنا وأخبرنا به قال ربك.
(قالَ رَبُّكِ) : فعل ماض مبني على الفتح. ربك : فاعل مرفوع بالضمة
والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبة ـ مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه. والجملة
الاسمية «كذلك قال ربك» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي فلا تشكي بقدرته.
(إِنَّهُ هُوَ
الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل والهاء
ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». هو : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح
في محل رفع مبتدأ. الحكيم العليم : خبرا المبتدأ «هو» أي خبر بعد خبر .. مرفوعان
وعلامة رفعهما الضمة والجملة الاسمية «هو الحكيم العليم» في محل رفع خبر «إن»
ويجوز أن يكون «هو» في محل نصب تأكيدا للضمير في «إنه» فيكون «العليم الحكيم»
خبرين لإن.
(قالَ فَما خَطْبُكُمْ
أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ)
(٣١)
(قالَ فَما خَطْبُكُمْ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو أي إبراهيم. والجملة الاسمية بعده في محل نصب
مفعول به ـ مقول القول ـ الفاء استئنافية. ما : اسم استفهام مبني على
السكون في محل رفع مبتدأ. خطبكم : خبر «ما» مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور.
(أَيُّهَا
الْمُرْسَلُونَ) : اسم مفرد مبني على الضم في محل نصب وأصله : يا أيها
حذف أداة النداء «يا» اكتفاء بالمنادى و «ها» زائدة للتنبيه. المرسلون : صفة ـ نعت
ـ لأي مرفوع على لفظ «أي» لا محلها وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون
عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : فالتفت إبراهيم إلى ضيوفه وقال : فما شأنكم
وما طلبكم الذي جئتم له أيها المرسلون؟
(قالُوا إِنَّا
أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ)
(٣٢)
(قالُوا إِنَّا
أُرْسِلْنا) : الجملة استئنافية لا محل لها لأنها واقعة في جواب
الاستفهام وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة المؤولة بعدها من «إن» مع اسمها وخبرها في محل
نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» وقد أدغم بنون «إن» أو حذفت إحدى
النونين تخفيفا ولكثرة الاستعمال. أرسل : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي
فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل
مبني على السكون في محل رفع نائب فاعل.
(إِلى قَوْمٍ
مُجْرِمِينَ) : جار ومجرور متعلق بأرسلنا. مجرمين : صفة ـ نعت ـ لقوم
مجرور مثله وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد
وحركته بمعنى إلى قوم كافرين هم قوم لوط ـ عليهالسلام ـ.
(لِنُرْسِلَ
عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ)
(٣٣)
(لِنُرْسِلَ
عَلَيْهِمْ) : اللام حرف جر للتعليل. نرسل : فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا
تقديره : نحن. على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار
والمجرور متعلق بنرسل والجملة الفعلية «نرسل» وما بعدها صلة حرف مصدري لا محل لها و
«أن» المضمرة وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق
بأرسلنا بمعنى : لنسقط أو لنمطر عليهم حجارة. التقدير : لإرسال بمعنى لإسقاط حجارة
..
(حِجارَةً مِنْ طِينٍ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. من طين :
جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «حجارة» ومن : حرف جر بياني بمعنى : لنرجمهم
بحجارة من طين متحجر نتيجة إجرامهم وكفرهم وأعمالهم.
(مُسَوَّمَةً عِنْدَ
رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ)
(٣٤)
(مُسَوَّمَةً) : صفة ثانية لحجارة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة
المنونة بمعنى : مرسلة من سيمت الماشية : أي أرسلت.
(عِنْدَ رَبِّكَ
لِلْمُسْرِفِينَ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بمسومة ـ اسم
المفعول ـ بتأويل فعله أي معلمة .. من «السومة» وهي العلامة. وهو مضاف. ربك : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب
ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان. للمسرفين : جار ومجرور متعلق بمسومة أو
بصفة محذوفة من «مسومة» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته بمعنى : للمتجاوزين الحدود أي للمعتدين.
(فَأَخْرَجْنا مَنْ
كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
(٣٥)
(فَأَخْرَجْنا مَنْ
كانَ) : الفاء عاطفة. أخرج : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. من : اسم
موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح
واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «كان ..» صلة الموصول لا
محل لها.
(فِيها مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ) : جار ومجرور في محل نصب خبر «كان» والضمير للقرية أي
من كان في القرية وإن لم يجر لها ذكر إلا أنها معلومة من سياق النص الكريم. من
المؤمنين : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «من» التقدير : حالة
كونهم من المؤمنين. و «من» حرف جر بياني .. وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر
سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي أخرجنا المؤمنين من قرى قوم لوط حتى لا
يهلكوا.
(فَما وَجَدْنا فِيها
غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)
(٣٦)
(فَما وَجَدْنا فِيها) : الفاء استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. وجد : فعل
ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في
محل رفع فاعل. فيها : جار ومجرور متعلق بوجدنا وهو قول الملائكة للوط.
(غَيْرَ بَيْتٍ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بيت : مضاف إليه
مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
(مِنَ الْمُسْلِمِينَ) : جار ومجرور متعلق بوجدنا أو بصفة محذوفة من «بيت»
وعلامة جر الاسم الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته
بمعنى فما وجدنا في قرية لوط من المسلمين إلا بيتا أو إلا بيتا من المسلمين أو على
معنى «غير بيت واحد من بيوت المسلمين وهو بيت لوط فقط إلا امرأته».
(وَتَرَكْنا فِيها
آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ)
(٣٧)
(وَتَرَكْنا فِيها
آيَةً) : الواو عاطفة على فعل مضمر ـ محذوف ـ تقديره : فأهلكنا
وتركنا أي فأهلكناها تاركين فيها علامة. تركنا : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. فيها : جار
ومجرور متعلق بتركنا. أو بحال محذوفة من «آية» لأنها صفة لها قدمت عليها. آية :
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى وتركنا في قرية قوم لوط علامة.
(لِلَّذِينَ يَخافُونَ) : اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في
محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بتركنا ويجوز أن يتعلق بصفة محذوفة من «آية».
يخافون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
(الْعَذابَ الْأَلِيمَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الأليم : صفة ـ نعت
ـ للعذاب منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة. والجملة الفعلية «يخافون العذاب الأليم»
صلة الموصول لا محل لها.
(وَفِي مُوسى إِذْ
أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ)
(٣٨)
(وَفِي مُوسى) : الواو عاطفة. في موسى : جار ومجرور في محل رفع خبر
مقدم وحذف المبتدأ المؤخر لأن ما قبله دال عليه والجملة معطوفة على الجملة الاسمية
«وفي الأرض آيات» في الآية الكريمة العشرين أو على معنى وتركنا في قصة موسى أو
جعلنا في قصة موسى آية أي معجزة. وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة لأنه
ممنوع من الصرف قدرت للتعذر.
(إِذْ أَرْسَلْناهُ) : ظرف زمان مبني على السكون بمعنى «حين» في محل نصب
متعلق بجعلنا أو بتركنا. أرسلناه : الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه وهي فعل
ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع
فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم ـ ضمير الغائب في محل نصب مفعول به.
(إِلى فِرْعَوْنَ) : جار ومجرور متعلق بأرسلنا وعلامة جر الاسم الفتحة
بدلا من الكسرة المنونة لأنه اسم ممنوع من الصرف للعجمة والمعرفة بمعنى أرسلناه
إلى فرعون ملك مصر بحجة واضحة بينة.
(بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «ضمير الغائب .. الهاء
في» أرسلناه بمعنى : محتجا بحجة واضحة. مبين : صفة ـ نعت ـ لسلطان مجرور مثله
وعلامة جرهما «الموصوف والصفة» الكسرة المنونة.
(فَتَوَلَّى
بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ)
(٣٩)
(فَتَوَلَّى
بِرُكْنِهِ) : الفاء عاطفة على محذوف تقديره فجاءه فتولى .. تولى : فعل
ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره
هو بمعنى فأعرض عن الإيمان أو فازور وأعرض. بركنه : جار ومجرور متعلق بتولى والهاء
ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى : بجانبه الذي كان يتقوى به
مع جنوده وقومه متكبرا عن الإيمان بما جاء به موسى.
(وَقالَ ساحِرٌ) : الواو عاطفة. قال : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ساحر : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو بمعنى وقال
عن موسى هو ساحر والجملة الاسمية «هو ساحر» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ
(أَوْ مَجْنُونٌ) : حرف عطف للتخيير. مجنون : معطوف على «ساحر» ويعرب
مثله.
(فَأَخَذْناهُ
وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ)
(٤٠)
(فَأَخَذْناهُ
وَجُنُودَهُ) : الفاء سببية. أخذ : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بنا. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون
في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول
به. وجنوده : معطوف بالواو على ضمير الغائب منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير
متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة بمعنى فوجهناه هو وجنوده للحاق بموسى
وتعقبه لمنعه من الخروج.
(فَنَبَذْناهُمْ فِي
الْيَمِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «أخذناه»
وتعرب إعرابها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. في اليم :
جار ومجرور متعلق بنبذنا بمعنى فألقيناهم في البحر.
(وَهُوَ مُلِيمٌ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هو : ضمير
منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.
مليم : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى وفرعون آت بما يلام عليه من
كفره وعناده وإصراره على الإثم.
(وَفِي عادٍ إِذْ
أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ)
(٤١)
(وَفِي عادٍ) : الواو عاطفة. في عاد : جار ومجرور في محل رفع خبر
مقدم وحذف المبتدأ المؤخر اختصارا لأن ما قبله في الآية الكريمة العشرين «وفي
الارض آيات» يدل عليه لأن الجملة الاسمية «في عاد آيات» معطوفة عليها.
(إِذْ أَرْسَلْنا) : تعرب إعراب الآية الكريمة الثامنة والثلاثين «وفي
موسى إذ أرسلناه» بمعنى وتركنا في عاد آية حين أرسلنا عليهم الريح.
(عَلَيْهِمُ الرِّيحَ
الْعَقِيمَ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى والجار
والمجرور متعلق بأرسلنا. الريح : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. العقيم : صفة
ـ نعت ـ للريح منصوبة مثلها بالفتحة أي الريح غير النافعة أو الريح التي أهلكتهم
وقطعت دابرهم.
** (فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقالَ ساحِرٌ
أَوْ مَجْنُونٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة
والثلاثين .. المعنى : فأعرض فرعون بجانبه الذي كان يتقوى به مع جنوده وقومه وقال
: هو أي موسى ساحر أو مجنون .. يقال : ركن إليه ـ يركن ـ ركونا .. من باب «دخل»
بمعنى : مال إليه وسكن. قال تعالى في سورة «هود» : (وَلا تَرْكَنُوا
إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) وجاء المضارع بفتح الكاف. وحكى أبو عمرو : «ركن» من باب
«خضع» وهو على الجمع بين اللغتين أي البابين «دخل» و «خضع» وركن الشيء : جانبه
الأقوى .. ويقال : يأوي إلى ركن شديد : أي إلى عز ومنعة.
** (ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ
إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية
والأربعين : بمعنى وما تدع ولا تبقي تلك الريح العقيم التي أهلكت قوم عاد وقطعت
دابرهم شيئا أتت عليه إلا جعلته أي صيرته كالرماد .. مأخوذ من «الرم» يقال : رم
العظم ـ يرم ـ رما ـ من باب «ضرب» إذا بلي وتفتت فهو رميم .. ويأتي الفعل «رم»
متعديا بمعنى : أكل .. نحو : رمه : أي أكله .. وفي الحديث : «البقر ترم من كل شجر»
و «الرمة» بضم الراء : هي قطعة من الحبل بالية وبها سمي «ذو الرمة» ومنه القول :
دفع إليه الشيء برمته .. وأصله : أن رجلا دفع إلى رجل بعيرا بحبل في عنقه. فقيل
ذلك لكل من دفع شيئا بجملته .. والرمة .. بكسر الراء : هي العظام البالية. ويقال
عن العظام : رميم .. بدلا من «رميمة» لأن صيغة «فعيل» و «فعول» قد يستوي فيها
المذكر والمؤنث والجمع مثل «رسول وعدو وصديق» ويؤيد ذلك قوله تعالى في سورة «يس» :
(مَنْ يُحْيِ
الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) صدق الله العظيم.
** (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا
زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة
والأربعين المعنى : ومن كل شيء من الكائنات الحية خلقنا ذكرا وأنثى أي اثنين لكل
زوج. وعن الحسن : أي السماء والأرض والليل والنهار والشمس والقمر والبر والبحر
والموت والحياة فعدد أشياء وقال : كل اثنين منها زوج. والله تعالى فرد لا مثل له.
وأما قوله تعالى في سورة «طه» : (فَأَخْرَجْنا بِهِ
أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى) فيعني : أصنافا سميت بذلك لأنها مزدوجة ومقترنة بعضها
مع بعض. و «شتى» جمع «شتيت» أي مفرق ومشتت. وأما تسميتهم الواحد بالزوج فمشروط بأن
يكون معه آخر من جنسه. والرجل زوج المرأة وهي زوجه والجمع فيهما : أزواج. قال أبو
حاتم : وأهل نجد يقولون في المرأة : زوجة بالهاء وأهل الحرم يتكلمون بها وعكس ابن
السكيت فقال : وأهل الحجاز يقولون للمرأة : زوج ـ بغير هاء ـ وسائر العرب : زوجة
بالهاء. وجمعها : زوجات. والفقهاء يقتصرون عليها في الاستعمال للإيضاح وخوف لبس الذكر
بالأنثى إذ لو قيل : هذه تركة فيها زوج وابن لم يعلم أذكر هو أم أنثى؟
(ما تَذَرُ مِنْ
شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ)
(٤٢)
(ما تَذَرُ مِنْ
شَيْءٍ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الرياح». ما : نافية
لا عمل لها. تذر : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره هي بمعنى : لا تدع ولا تترك ولا تبقي. من : حرف جر زائد لتأكيد معنى
النفي. شيء : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به للفعل «تذر».
(أَتَتْ عَلَيْهِ) : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ لشيء على اللفظ
وفي محل نصب على الموضع ـ المحل ـ وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على
الألف المحذوفة لاتصاله بتاء التأنيث الساكنة ولالتقاء الساكنين والتاء تاء
التأنيث الساكنة لا محل لها. عليه : جار ومجرور متعلق بأتت.
(إِلَّا جَعَلَتْهُ
كَالرَّمِيمِ) : حرف تحقيق بعد النفي. جعلت : تعرب إعراب «أتت» وعلامة
بناء الفعل الفتحة الظاهرة على آخره والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول.
الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب مفعول به ثان. الرميم : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : إلا صيرته كالرماد ويجوز أن تكون
الكاف حرف جر للتشبيه فيكون الجار والمجرور متعلقا بالمفعول الثاني.
(وَفِي ثَمُودَ إِذْ
قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ)
(٤٣)
(وَفِي ثَمُودَ إِذْ
قِيلَ لَهُمْ) : يعرب إعراب «وفي عاد إذ» في الآية الكريمة الحادية
والأربعين بمعنى : وفي ثمود آيات أو وجعلنا في ثمود آية وجرت الكلمة بالفتحة نيابة
عن الكسرة المنونة لأنها ممنوعة من الصرف للمعرفة والتأنيث بتأويل القرية. قيل :
فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل
جر باللام والجار والمجرور متعلق بقيل بمعنى وتركنا في قصة ثمود قوم صالح آية أي
عبرة بعد عقرهم الناقة حين قيل لهم : استمتعوا في حياتكم أو تمتعوا في دياركم ..
وفي القول الكريم تهديد لهم.
(تَمَتَّعُوا حَتَّى
حِينٍ) : الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل وهي فعل أمر
مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل والألف فارقة. حتى حين : جار ومجرور متعلق بتمتعوا وحتى هنا : حرف غاية وجر
بمعنى تمتعوا في داركم إلى موعد انتهاء آجالكم.
(فَعَتَوْا عَنْ
أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ)
(٤٤)
(فَعَتَوْا عَنْ
أَمْرِ رَبِّهِمْ) : الفاء استئنافية. عتوا : فعل ماض مبني على الفتح
المقدر للتعذر على الالف المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة وبقيت
الفتحة دالة على الألف المحذوفة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة
بمعنى : فتكبروا. عن أمر : جار ومجرور متعلق بعتوا. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف
إليه ثان.
(فَأَخَذَتْهُمُ
الصَّاعِقَةُ) : الفاء سببية. أخذت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء
تاء التأنيث الساكنة لا محل لها و «هم» ضمير الغائبين المتصل في محل نصب مفعول به
مقدم وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. الصاعقة : فاعل مرفوع بالضمة.
(وَهُمْ يَنْظُرُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هم : ضمير
منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. ينظرون : الجملة الفعلية في محل رفع
خبر «هم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى
وهم يبصرونها أو ينظرون إليها لأنها كانت نهارا.
(فَمَا اسْتَطاعُوا
مِنْ قِيامٍ وَما كانُوا مُنْتَصِرِينَ)
(٤٥)
(فَمَا اسْتَطاعُوا) : الفاء سببية. ما : نافية لا عمل لها. استطاعوا : فعل
ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. بمعنى : فأصبحوا هالكين عاجزين.
(مِنْ قِيامٍ) : جار ومجرور متعلق باستطاعوا أو تكون «من» حرف جر
زائدا لتأكيد معنى النفي. و «قيام» اسما مجرورا لفظا منصوبا محلا لأنه مفعول به
بجعل الفعل متعديا أي ما أطاقوا النهوض.
(وَما كانُوا
مُنْتَصِرِينَ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. كانوا : فعل ماض
ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان»
والألف فارقة. منتصرين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم
والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى وما كانوا ممتنعين من العذاب.
(وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ
قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ)
(٤٦)
(وَقَوْمَ نُوحٍ) : الواو عاطفة. قوم : مفعول به منصوب بفعل محذوف تقديره
: وأهلكنا قوم نوح وحذف الفعل أو قدر لأن ما قبله يدل عليه وعلامة نصبه الفتحة
الظاهرة على آخره وهو مضاف ويجوز أن يكون منصوبا بفعل محذوف تقديره : اذكر. نوح :
مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة ونون على الرغم من عجمته لأنه
ثلاثي أوسطه ساكن.
(مِنْ قَبْلُ) : حرف جر. قبل : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الاضافة
في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأهلكنا بمعنى من قبل هذه الأمم.
(إِنَّهُمْ كانُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل و «هم»
ضمير الغائبين في محل نصب اسم «إن». كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله
بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة.
(قَوْماً فاسِقِينَ) : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. والجملة
الفعلية «كانوا قوما فاسقين» في محل رفع خبر «إن». فاسقين : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوما»
منصوب مثله وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة
في الاسم المفرد بمعنى : خارجين عن الطاعة.
(وَالسَّماءَ
بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)
(٤٧)
(وَالسَّماءَ
بَنَيْناها بِأَيْدٍ) : الواو عاطفة. السماء : مفعول به منصوب بفعل محذوف
يفسره ما بعده أي بنينا السماء بمعنى : رفعناها وعلامة نصبه الفتحة. بنى : فعل ماض
مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع «نا» و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد
المطاع مبني على السكون في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل
نصب مفعول به. بأيد : جار ومجرور متعلق ببنى وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى :
بقوة وهو مصدر «آد» أيدا.
(وَإِنَّا
لَمُوسِعُونَ) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا»
ضمير متصل مدغم بنون «إن» مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد
المزحلقة ـ موسعون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته بمعنى : قادرون من الوسع أي الطاقة.
(وَالْأَرْضَ
فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ)
(٤٨)
(وَالْأَرْضَ
فَرَشْناها) : معطوفة بالواو على «والسماء بنيناها» في الآية الكريمة
السابقة وتعرب إعرابها بمعنى مهدناها وأعددناها.
(فَنِعْمَ
الْماهِدُونَ) : الفاء استئنافية. نعم : فعل ماض مبني على الفتح
لإنشاء المدح. الماهدون : فاعل «نعم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض
من تنوين المفرد وحركته والمخصوص بالمدح محذوف تقديره : نحن. بمعنى : فنعم
الممهدون المسوون نحن.
(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ
خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
(٤٩)
(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ) : الواو عاطفة. من كل : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف
يفسره ما بعده أي وخلقنا من كل. شيء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة
المنونة بمعنى من كل شيء من الإنسان والنبات والحيوان.
(خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع و «نا»
ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. زوجين : مفعول
به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى :
ذكرا وأنثى أي وخلقنا من كل جنس من الأجناس صنفين اثنين لكل زوج من الكائنات.
(لَعَلَّكُمْ
تَذَكَّرُونَ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» والكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور. تذكرون
: الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من
الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع وأصله : تتذكرون حذفت إحدى التاءين
اختصارا بمعنى لتتذكروا هذه القدرة وتلك النعمة.
(فَفِرُّوا إِلَى
اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ)
(٥٠)
(فَفِرُّوا إِلَى
اللهِ) : الفاء استئنافية. فروا : فعل أمر مبني على حذف النون
لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة. إلى
الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بفروا بمعنى : فقل لهم يا محمد فاهربوا إلى الله
من عقابه بالإيمان وملازمة الطاعة أي إلى
طاعته وثوابه من معصيته وعقابه والجملة الفعلية «فروا إلى الله» في محل نصب
مفعول به ـ مقول القول ـ
(إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير
المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». لكم : جار ومجرور متعلق بنذير والميم علامة جمع
الذكور أو يكون في مقام مفعول اسم الفاعل «نذير» منه : جار ومجرور متعلق بنذير
بمعنى من عقابه.
(نَذِيرٌ مُبِينٌ) : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. مبين : صفة ـ نعت ـ لنذير
مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى منذر أي مخوف من عصاه.
(وَلا تَجْعَلُوا مَعَ
اللهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ)
(٥١)
(وَلا تَجْعَلُوا) : الواو استئنافية. لا : ناهية جازمة. تجعلوا : فعل
مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة بمعنى : ولا توجدوا ولا تشركوا أو ولا تتخذوا في عبادتكم.
(مَعَ اللهِ) : ظرف مكان يدل على الاجتماع والمصاحبة منصوب على
الظرفية متعلق بحال مقدمة من «إلها» وهو مضاف بمعنى : إلها آخر كائنا مع الله.
الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.
(إِلهاً آخَرَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. آخر : صفة
ـ نعت ـ للموصوف «إلها» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من
الصرف على وزن ـ أفعل ـ ومن وزن الفعل.
(إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ
نَذِيرٌ مُبِينٌ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة وكرر هذا القول
للتأكيد.
(كَذلِكَ ما أَتَى
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ)
(٥٢)
(كَذلِكَ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع
مبتدأ وخبره محذوف. التقدير : كذلك الأمر أو يكون الكاف في محل رفع خبر
مبتدأ محذوف تقديره : الأمر كذلك وهو أصل القول الكريم بمعنى أمر أمتك يا
محمد مثل أمر السابقين لك. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
اللام للبعد والكاف حرف خطاب والإشارة إلى تكذيبهم الرسول.
(ما أَتَى الَّذِينَ) : نافية لا عمل لها. أتى : فعل ماض مبني على الفتح
المقدر على الألف للتعذر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به
مقدم. والجملة الفعلية بعده «وجد من قبلهم» صلة الموصول لا محل لها.
(مِنْ قَبْلِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد أو كان من
قبلهم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(مِنْ رَسُولٍ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. رسول : اسم مجرور
لفظا مرفوع محلا لأنه فاعل «أتى».
(إِلَّا قالُوا) : حرف تحقيق بعد النفي. قالوا : فعل ماض مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(ساحِرٌ أَوْ
مَجْنُونٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ساحر
: خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. مرفوع بالضمة المنونة. أو حرف عطف. مجنون : معطوف
على «ساحر» ويعرب مثله بمعنى : قالوا عنه ساحر أو مجنون كما قالوها عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(أَتَواصَوْا بِهِ
بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ)
(٥٣)
(أَتَواصَوْا بِهِ) : الهمزة همزة تعجيب بلفظ استفهام كأنهم أوصى بعضهم
بعضا بهذا القول أي وصف الرسل بالسحر والكهانة والجنون وتكذيب رسالتهم. تواصوا :
فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين
واتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. به : جار
ومجرور متعلق بتواصوا والهاء
يعود على القول .. أي أتواصى الأولون والآخرون بهذا القول حتى قالوه جميعا
متفقين عليه؟
(بَلْ هُمْ قَوْمٌ) : حرف استئناف للإضراب لا عمل له بمعنى : لا لم يتواصوا
في الحقيقة بل هم قوم طغاة. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين في محل رفع مبتدأ.
قوم : خبر «هم» مرفوع بالضمة المنونة. والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها.
(طاغُونَ) : صفة ـ نعت ـ لقوم مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته ومفرده ينون آخره «طاغ» بعد حذف
الياء لأنه اسم منقوص تحذف ياؤه في حالتي الرفع والجر وتظهر ياؤه منونة في حالة
النصب «طاغيا» و «طاغون» جمع «طاغ» وجمع هنا جمع مذكر سالما وله جمع آخر ـ جمع
تكسير ـ أي طغاة بمعنى : متجاوزين الحد في مخالفة أمر الله.
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ
فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ)
(٥٤)
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) : الفاء استئنافية. تول : فعل أمر مبني على حذف آخره ـ حرف
العلة .. الألف المقصورة ـ وبقيت الفتحة دالة عليها. عن : حرف جر و «هم» ضمير
الغائبين في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بتول والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا
تقديره : أنت. بمعنى : فأعرض وصد عنهم ولا تجادلهم بعد أن لم يفد النصح معهم.
(فَما أَنْتَ
بِمَلُومٍ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. ما : نافية تعمل
عمل «ليس» بلغة الحجاز ـ ما .. الحجازية .. ونافية لا عمل لها بلغة تميم. أنت : ضمير
منفصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع اسم «ما» أو مبتدأ على اللغة
الثانية. الباء حرف جر زائد للتأكيد. ملوم : اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه
خبر «ما» أو مرفوع محلا على أنه خبر «أنت» والكلمة اسم مفعول بمعنى : لا أحد يلومك
يا محمد على إعراضك عنهم أو لا يصيبك لوم من ربك على ذلك لأنك أرشدتهم ونصحتهم.
(وَذَكِّرْ فَإِنَّ
الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ)
(٥٥)
(وَذَكِّرْ) : الواو عاطفة. ذكر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت بمعنى : وذكرهم أي وعظهم وداوم يا محمد على
التذكير والموعظة بالقرآن وحذف مفعول «ذكر» اختصارا لأنه معلوم.
(فَإِنَّ الذِّكْرى) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. إن : حرف نصب
وتوكيد مشبه بالفعل. الذكرى : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على
الألف للتعذر بمعنى : فإن الموعظة. والجملة الفعلية «تنفع المؤمنين» في محل رفع
خبر «إن».
(تَنْفَعُ
الْمُؤْمِنِينَ) : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هي. المؤمنين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع
مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(وَما خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)
(٥٦)
(وَما خَلَقْتُ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. خلقت : فعل
ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير الواحد
المطاع سبحانه ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
(الْجِنَّ وَالْإِنْسَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والإنس : معطوف
بالواو على «الجن» ويعرب مثله.
(إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) : حرف تحقيق بعد النفي. اللام حرف جر للتعليل. يعبدون :
فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. النون نون الوقاية لا
محل لها والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكسرة دالة على الياء المحذوفة خطا
واختصارا ومراعاة لفواصل الآيات ـ رأس آية ـ والياء المحذوفة ضمير متصل ـ ضمير
الواحد المطاع ـ في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «يعبدون» صلة حرف مصدري لا
محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل «لعبادتي»
والجار والمجرور متعلق بخلقت.
(ما أُرِيدُ مِنْهُمْ
مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ)
(٥٧)
(ما أُرِيدُ مِنْهُمْ) : نافية لا عمل لها. أريد : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. منهم : جار ومجرور متعلق بأريد.
(مِنْ رِزْقٍ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. رزق : اسم مجرور لفظا
منصوب محلا لأنه مفعول به أي ما أريد من الثقلين أي من الجن والإنس أي عباد الله
رزقا لي أي منفعة فأنا الرازق وما أريد إطعامي فأنا المطعم.
(وَما أُرِيدُ أَنْ
يُطْعِمُونِ) : الجملة الفعلية معطوفة على مثيلتها جملة «ما أريد»
وتعرب إعرابها. أن يطعمون : أعربت في الآية الكريمة السابقة جملة «أن يعبدون»
والمصدر المؤول من «أن يطعموني» في محل نصب مفعول به للفعل «أريد».
(إِنَّ اللهَ هُوَ
الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)
(٥٨)
(إِنَّ اللهَ هُوَ
الرَّزَّاقُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن»
منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. هو : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل
رفع مبتدأ. الرزاق : خبر «هو» مرفوع بالضمة والجملة الاسمية «هو الرزاق» في محل
رفع خبر «إن».
(ذُو الْقُوَّةِ
الْمَتِينُ) : خبر ثان لإن مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الخمسة وهو
مضاف. القوة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. وحذف مفعول اسم الفاعل
«الرزاق» المتعدي إلى المفعول اختصارا. التقدير : الرزاق مخلوقاته. و «رزاق» من
صيغ المبالغة ـ فعال بمعنى فاعل ـ المتين : صفة ـ نعت ـ لكلمة «ذو» مرفوع بالضمة
بمعنى : الشديد القوة أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو أو صفة للفظ الجلالة
على المحل .. أي على الابتداء.
(فَإِنَّ لِلَّذِينَ
ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ)
(٥٩)
(فَإِنَّ لِلَّذِينَ
ظَلَمُوا) : الفاء استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.
اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور
في محل رفع خبر «إن» مقدم. ظلموا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.
الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «ظلموا ..» صلة
الموصول لا محل لها وحذف مفعوله أي ظلموا رسول الله بالتكذيب من أهل مكة. أو ظلموا
أنفسهم نتيجة كفرهم وتكذيبهم الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(ذَنُوباً مِثْلَ) : اسم «إن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. مثل
: صفة ـ نعت ـ للموصوف «ذنوبا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. و «ذنوبا»
هو الدلو العظيم المملوء والمراد به هنا : إن لهم حصة من العذاب مثل ..
(ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو
مضاف. أصحاب : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه ثالث بمعنى نصيب أصحابهم .. أي
لهم نصيب من عذاب الله مثل نصيب أصحابهم ونظرائهم من القرون.
(فَلا يَسْتَعْجِلُونِ) : الفاء استئنافية. لا : ناهية جازمة. يستعجلون : فعل
مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون. والنون نون الوقاية لا محل لها
والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والكسرة دالة على الياء المحذوفة والياء
المحذوفة ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل نصب مفعول به وحذفت الياء خطا
واختصارا ومراعاة لفواصل الآي ـ رأس آية ـ بمعنى فلا يستعجلني الظالمون المستهزءون
بالعذاب إن أخر فهو آت.
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ)
(٦٠)
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ) : الفاء استئنافية. ويل : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة
وهو في الأصل مصدر لا فعل له معناه : تحسر .. وقيل : هو اسم بمعنى الهلاك وقيل هو
واد في جهنم و «ويل» يرفع رفع المصادر لافادة معنى الثبات .. فيقال : ويل له ..
كما يقال : سلام عليك. اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر
باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «ويل» المحذوف.
(كَفَرُوا مِنْ
يَوْمِهِمُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. من يوم : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «ويل» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ بمعنى
: من يوم القيامة .. وقيل : من يوم بدر.
(الَّذِي يُوعَدُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ لليوم.
يوعدون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والعائد ـ الراجع ـ إلى
الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : الذي يوعدونه أو يكون
العائد حرف جر بتقدير : يوعدون فيه بنزول العذاب وهو اليوم الذي وعدناهم به بذلك
وهو يوم القيامة.
***
سورة الطور
معنى
السورة : الطور : هو
جبل بمدين سمع فيه موسى ـ عليهالسلام ـ كلام ربه جلت قدرته .. وهو طور سنين .. وقد جاء ذكره
في سورة «التين» في قوله تعالى : (وَالتِّينِ
وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) وجاء ذكر «الطور» عشر مرات في القرآن يقال : عدا طوره :
أي جاوز حده و «الطور» بفتح الطاء هو «التارة» وقوله تعالى في سورة «نوح» : (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) قال الأخفش : طورا علقة وطورا مضغة. والكلمة جمع «طور»
أي أخياف على حالات شتى .. و «الأخياف» هي جمع «خيف» أي مختلف وفيه القول هذا فرس
أخيف : أي بين الخيف .. أي إذا كانت إحدى عينيه زرقاء والأخرى سوداء وكذلك هو من
كل شيء .. ومنه قيل : الناس أخياف : أي مختلفون وإخوة أخياف : إذا كانت أمهم واحدة
والآباء شتى. ومن معاني «الطور» بضم الطاء .. هو فناء الدار ـ بكسر الفاء ـ ويأتي
مثل الطور بفتح الطاء على معنى : ما كان على حد الشيء وبمعنى : القدر والحد نحو :
عدا طوره : أي حده. وجاوز طوره : بمعنى : قدره الذي يليق به.
تسمية
السورة : وقد سمى
سبحانه وتعالى إحدى سور القرآن الكريم باسم الجبل الذي ناجى عليه موسى تكرمة له
فقد أقسم سبحانه في آيتها الكريمة الأولى به في قوله عزّ من قائل : (وَالطُّورِ (١)
وَكِتابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي
رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣) وَالْبَيْتِ
الْمَعْمُورِ) (٤) صدق الله العظيم. أقسم سبحانه وتعالى به للتجلي الإلهي الذي حدث فيه
عند ما ناجى رب العالمين موسى ـ عليهالسلام ـ على هذا الجبل المقدس قال الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «سيد الجبال : الطور ـ طور سيناء» وقيل : الطور هو
جبل في فلسطين .. ومنه نودي موسى ـ عليهالسلام ـ ولذلك أقسم سبحانه وتعالى به .. ومعنى القسم بهذه
الأشياء هو الإبانة عن شرف البقاع المباركة وما ظهر فيها من الخير والبركة بسكنى
الأنبياء والصالحين .. و «الطور» تلفظ بضم الطاء وبفتح الطاء يعني : الحالة
والهيئة والتارة وجمعه أطوار.
فضل
قراءة السورة : قال المنذر رسول الله الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ سورة «الطور» كان حقا على الله أن يؤمنه من
عذابه وأن ينعمه في جنته» صدق رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
إعراب آياتها
(وَالطُّورِ)
(١)
(وَالطُّورِ) : الواو حرف جر ـ واو القسم ـ الطور : مقسم به مجرور
بواو القسم وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف وهو الجبل
الذي كلم الله تعالى عليه موسى وهو بمدين.
(وَكِتابٍ مَسْطُورٍ)
(٢)
(وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) : معطوف بالواو على «الطور» ويعرب مثله وعلامة جره
الكسرة المنونة. مسطور : صفة ـ نعت ـ لكتاب. مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة
بمعنى : مكتوب.
(فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ)
(٣)
(فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) : جار ومجرور متعلق باسم المفعول «مسطور» على تأويل
فعله بمعنى : وسطر وكتب على صحيفة أو جلد. منشور : صفة ـ نعت ـ لرق مجرور مثله
وعلامة جرهما «الموصوف والصفة» الكسرة المنونة.
(وَالْبَيْتِ
الْمَعْمُورِ)
(٤)
(وَالْبَيْتِ
الْمَعْمُورِ) : معطوف بالواو على «كتاب مسطور» ويعرب إعرابه بمعنى
والكعبة المعمورة بالحجاج ..
(وَالسَّقْفِ
الْمَرْفُوعِ)
(٥)
(وَالسَّقْفِ
الْمَرْفُوعِ) : يعرب إعراب «والبيت المعمور» بمعنى : والسماء
المرفوعة بلا عمد.
(وَالْبَحْرِ
الْمَسْجُورِ)
(٦)
(وَالْبَحْرِ
الْمَسْجُورِ) : معطوف بالواو على «والسقف المرفوع» ويعرب إعرابه
بمعنى والبحر المملوء بالمياه.
(إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ
لَواقِعٌ)
(٧)
(إِنَّ عَذابَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. واقع في جواب القسم
والجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها جواب قسم محذوف لا محل لها. عذاب : اسم «إن»
منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.
(رَبِّكَ لَواقِعٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف
والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان. اللام
لام التوكيد ـ المزحلقة ـ واقع : خبر «إن» مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة بمعنى
: لحاصل أو لكائن بالتأكيد.
** (وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية بمعنى
: وكتاب مكتوب .. ومسطور : اسم مفعول بمعنى : مكتوب من كتب ـ يكتب ـ الكتاب أو
الرسالة من باب «نصر» وكتابا وكتابة أيضا فهو كاتب ـ اسم فاعل ـ والكتاب : مكتوب ـ
اسم مفعول ومثله كلمة «مسطور» من سطر الكتاب ـ يسطره ـ سطرا ـ من باب «نصر» أيضا
فالكتاب : مسطور ـ اسم مفعول .. و «السطر» أيضا هو الصف من الشيء .. يقال : بنى
سطرا وغرس سطرا. والسطر أيضا هو الخط .. والكتابة وهو في الأصل : مصدر وجمع «السطر»
هو : أسطر وسطور. وقال الفيومي : السطر ـ بفتح الطاء في لغة بني عجل ويجمع على
أسطار مثل سبب ـ أسباب ـ ويسكن الطاء في لغة الجمهور فيجمع على أسطر وسطور مثل ـ فلس
ـ فلوس ـ والأساطير : هي الأباطيل وهي جمع «إسطارة وأسطورة» بكسر الهمزة وبضمها
ويقال : سطر فلان فلانا : بمعنى : جاءه بالأساطير .. و «كتاب مسطور» بمعنى : وكتاب
منضود ـ منضد ـ منظم وقيل : هو ما كتبه الله تعالى في اللوح المحفوظ أو ما كتبه
سبحانه في ألواح موسى وقيل : هو القرآن .. ونكر «كتاب» لأنه كتاب مخصوص من بين جنس
الكتب السماوية كالتوراة وألواح موسى والزبور والإنجيل .. روي عن أبي ذر ـ رضي
الله عنه ـ أنه سأل رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كم أنزل الله من كتاب؟ فقال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : مائة وأربعة كتب منها على آدم عشر صحف وعلى شيث
خمسون صحيفة وعلى أخنوخ وإدريس ثلاثون صحيفة وعلى إبراهيم عشر صحائف والتوراة
والإنجيل والزبور والفرقان. وفي «صحف إبراهيم» قيل : ينبغي للعاقل أن يكون حافظا
للسانه عارفا بزمانه مقبلا على شأنه. يقال : إن أنشر الصحف ونشرها : بمعنى واحد
كأنزله ونزله وتكون «الصحف» على الفعل الرباعي «أنشر» : منشرة ـ اسم مفعول ـ أي
بتخفيف الشين وهي اللغة التي قرأ بها سعيد بن جبير : «صحفا منشرة» للآية الكريمة
الثانية والخمسين من سورة «المدثر» : (بَلْ يُرِيدُ كُلُّ
امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً) أي قراطيس تنشر وتقرأ كالكتب التي يتكاتب بها أو كتبا
كتبت في السماء
ونزلت بها الملائكة ساعة كتبت منشرة على أيديها غضة رطبة لم تطو بعد. وتحذف
الياء من «صحيفة» إذا نسب إليها فيقال : صحفي لأن القاعدة : إذا أريد النسب إلى
الاسم وكانت الياء ثالثة وقبلها حرف صحيح لا حرف علة فإن الياء تحذف كذلك تاء
التأنيث الأخيرة ويؤتى بياء النسب ويكسر الحرف الذي قبلها فنقول في «مدينة» : مدني
.. قبيلة : قبلي. صحيفة : صحفي. حنيفة : حنفي. وقد تبقى الياء بشرط أن يكون الحرف
الذي بعدها تكرارا للحرف الذي قبلها .. مثل «حقيقة» : حقيقي.
** (فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة و «منشور»
مثل «مسطور» اسم مفعول بمعنى : وكتبت على صحيفة أو جلد كان يكتب عليه القدماء قبل
اختراع الورق وهو جلد رقيق .. وقيل : الرق : هو الصحيفة. والرق ـ بكسر الراء ـ هو
العبودية وقال الفيومي : الرق ـ بفتح الراء ـ هو الجلد كما في الآية الكريمة
المذكورة والكسر ـ أي كسر الراء ـ لغة قليلة فيه وقد قرأ بعضهم الآية المذكورة
بكسر الراء. والرق ـ بكسر الراء ـ العبودية.
** (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة ..
والمعمور : اسم مفعول أيضا شأنه في ذلك شأن «مسطور» و «منشور» والبيت المعمور : هو
الكعبة المشرفة وعمارتها بالحجاج والمجاورين والزوار أي معمورة بهم وهي موضع
عبادتهم الله فيه .. وقيل : هو البيت المعمور الذي في السماء واسمه الضراح يقابل
الكعبة في الأرض وعمرانه كثرة غاشيته من الملائكة.
** (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة. و «المسجور»
أيضا : اسم مفعول بمعنى : البحر المملوء بالمياه وقيل : ماؤه يوقد نارا يوم
القيامة .. يقال : سجر ـ يسجر ـ سجرا الحوض من باب «قتل» بمعنى : ملأه وسجرت
التنور : أي أوقدته فهو مسجور : أي موقد .. وقيل : معنى الآية الكريمة : والبحر
الموقد من قوله تعالى في سورة «التكوير» : (وَإِذَا الْبِحارُ
سُجِّرَتْ).
** (وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة العاشرة .. أي
وتنقل الجبال من أماكنها نقلا يقال : سار ـ يسير ـ سيرا .. من باب «باع» وتسيارا
ومسيرا أيضا يقال : بارك الله في مسيرك : أي في سيرك ويكون بالليل والنهار ويكون
الفعل «سار» لازما ومتعديا .. نحو : سار الرجل : أي ذهب وسار الجمل وسرته فهو مسير
ـ اسم مفعول ويتعدى المشدد منه «سير» نحو : سيرت الرجل فسار فهو مسير ـ اسم مفعول
ـ ويقال : سيرت الدابة فإذا ركبها صاحبها وأراد بها المرعى قيل : أسارها. ويقال :
سيره من مكانه : أي أخرجه وأجلاه .. وساير الرجل صاحبه : بمعنى : جاراه ويقال لمن
على الدابة : سار ـ يسير كما يقال للماشي كذلك. قالوا أبو نواس :
تقول التي من
بيتها خف مركبي
|
|
عزيز علينا
أن نراك تسير
|
قالت له : نراك
تسير وهو راكب : أي محمول على راحلته .. ويقال : مط رجله في أثناء سيره : بمعنى :
مدها والفعل «مط» من باب «رد» و «المطو» هو المد في السير ومنه «المطية» سميت بذلك
لأنها يركب مطاها ـ أي ظهرها وقيل : بل هي مشتقة من «المطو» وهو المد في السير.
** (اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا
تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة عشرة
.. وقد علل سبحانه في قوله (إِنَّما تُجْزَوْنَ
ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) استواء الصبر وعدمه لأن الصبر إنما يكون له مزية على
الجزع لنفعه في العاقبة بأن يجازى عليه الصابر جزاء الخير فأما الصبر على العذاب
الذي هو الجزاء ولا عاقبة له ولا منفعة فلا مزية له على الجزع.
** (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما
كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة عشرة
.. المعنى : يقال لهم : كلوا واشربوا .. أي أكلا وشربا هنيئا أو طعاما وشرابا
هنيئا : أي الذي لا تنغيص فيه بمعنى : سائغا. بمعنى : هنأكم الأكل والشرب أو هنأكم
ما كنتم تعملون : أي جزاء ما كنتم تعملون أو تكون كلمة هنيئا قائمة مقام المصدر أو
صفة لمصدر محذوف والباء مزيدة ـ حرف جر زائد ـ و «ما» اسم موصول في محل جر لفظا
وفي محل رفع محلا على أنه فاعل «هنيئا» التقدير : هنأكم ما كنتم تعملون. قال
الشاعر :
كل هنيئا وما
شربت مريئا
|
|
ثم قم صاغرا
وأنت ذميم
|
لا أحب
الصديق يومض بالعين
|
|
إذا ما خلا
بعرسي النديم
|
الشاعر هو أبو
العطاء السندي قال هذين البيتين من الشعر لصديقه وقد رآه يومئ لزوجته.
** (وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ
شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية
والعشرين المعنى : وما نقصناهم بهذا الإلحاق شيئا من ثواب عملهم كل إنسان بما كسبه
مرهون. يقال : مرؤ الرجل فهو مريء ـ مثل قرب فهو قريب ـ أي هو ذو مروءة .. والمروءة
: هي آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل
العادات. وقيل : تاج المروءة : التواضع. وقال الجوهري وقد تشدد كلمة «المروءة»
فيقال : المروة .. وقيل : أحسن الناس مروءة وأدبا من إذا احتاج نأى وإذا احتيج
إليه دنا. و «نأى» بمعنى : بعد. و «المرء» هو الرجل فإن جردت اللفظة من «أل»
التعريف قيل : امرؤ .. ومثناه : امرآن .. ويجمع على «رجال» من غير لفظه. وقيل : عز
المرء استغناؤه عن الناس. وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع» وعن «المرء»
قيل الكثير من الأمثال العربية ووردت اللفظة في شعر الشعراء قال شاعر :
بشاشة وجه
المرء خير من القرى
|
|
فكيف إذا جاء
القرى وهو ضاحك
|
وحكي عن عبد
الملك بن مروان أنه كان يحب النظر إلى كثير عزة .. فلما ورد عليه إذا هو حقير قصير
تزدريه العين .. فقال عبد الملك : تسمع بالمعيدي خير من أن تراه .. وفي رواية : أن
تسمع بالمعيدي .. وهو مصدر مؤول من «أن» والفعل فيسبك من أن المصدرية والجملة
بتقدير : سماعك .. فقال : مهلا أمير المؤمنين! فإنما المرء بأصغريه : قلبه ولسانه
.. إن نطق نطق ببيان وإن قاتل قاتل بجنان. وأنا الذي أقول :
وجربت الأمور
وجربتني
|
|
وقد أبدت
عريكتي الأمور
|
ترى الرجل
النحيف فتزدريه
|
|
وفي أثوابه
أسد زئير
|
وما عظم
الرجال لهم بزين
|
|
ولكن زينها
كرم وخير
|
وسمي القلب
واللسان بالأصغرين لصغر حجمهما .. أي إن قدر المرء يقاس عليهما. ومؤنث «امرؤ» هو
امرأة ولا تدخل «أل» التعريف على «امرئ» وتدخل نادرا على «امرأة» لأن الأفصح قولنا
: المرأة .. وفي لغة أخرى هي «مرأة» ويجوز نقل حركة الهمزة إلى الراء فتحذف وتبقى «مرة».
قال الكسائي : سمعت امرأة من فصحاء العرب تقول : أنا امرأ أريد الخير ـ لفظت بغير
هاء ـ وجمعها : نساء ونسوة من غير لفظها. وخوطبت المرأة الواحدة بخطاب الجمع
المذكر .. يقول الرجل عن أهله : فعلوا كذا. مبالغة في سترها حتى لا ينطق بالضمير
الموضوع لها.
** (يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ
فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة
والعشرين .. المعنى : يتجاذبون في الجنة خمرا لا لغو .. في شربها أي لا يتكلمون
بسقط الحديث ولا يفعلون ما يؤثم به فاعله .. كما يفعل المتنادمون في الدنيا على
الشراب وحديثهم بما لا طائل تحته في سفههم وعربدتهم .. وإنما يتكلمون في الجنة
بالحكم والكلام الحسن متلذذين بذلك لأن عقولهم ثابتة غير زائلة وهم حكماء علماء.
وعد سبحانه وتعالى الكذب والشتم والفواحش إثما في قوله «لا لغو فيها ولا تأثيم»
قال الشاعر :
شاتمني عبد
بني مسع
|
|
فصنت عنه
النفس والعرضا
|
ولم أجبه
لاحتقاري له
|
|
من ذا يعض
الكلب إن عضا
|
وقيل : الشتم :
مفتاح للشر لا ينفع معه ندم واعتذار. و «شاتمه» بمعنى : شتمه. ويقال : نادمني
بمعنى : جالسني على الشراب ومنه تنادم القوم على الشراب : أي تجالسوا. والنديم :
هو الرفيق والصاحب والمنادم على الشراب. قال الشاعر :
ألا رب يوم
قد تقضى بصاحب
|
|
يوازن حفظي
للقريض بحفظه
|
إذا لم تدر
كأس المدامة بيننا
|
|
أديرت كئوس
بين لفظي ولفظه
|
و «المدامة» هي
الخمر وهي مصدر الفعل «نادم» ويطلق على الخمر «أم ليلى» و «ليلى الخمر» هو نشوتها
وبدء سكرها أعاذنا الله تعالى من الخمرة ـ خمرة الدنيا» فهي شر البلايا وهي من
الفواحش والكبائر.
(ما لَهُ مِنْ دافِعٍ)
(٨)
(ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال من «العذاب». ما : نافية
لا عمل لها. له : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. من : حرف جر زائد لتأكيد معنى
النفي. دافع : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر.
(يَوْمَ تَمُورُ
السَّماءُ مَوْراً)
(٩)
(يَوْمَ تَمُورُ) : مفعول فيه ـ ظرف زمان ـ منصوب على الظرفية وعلامة نصبه
الفتحة والعامل فيه «دافع» وهو مضاف ويجوز أن يكون مفعولا به منصوبا بفعل محذوف
تقديره : اذكر. تمور : فعل مضارع مرفوع بالضمة.
(السَّماءُ مَوْراً) : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «تمور السماء» في
محل جر بالإضافة. مورا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة
بمعنى : يوم تضطرب السماء اضطرابا و «مار» بمعنى : تحرك وجاء وذهب و «المور» تردد
في ذهاب ومجيء. والمراد بذلك اليوم : هو يوم القيامة.
(وَتَسِيرُ الْجِبالُ
سَيْراً)
(١٠)
(وَتَسِيرُ الْجِبالُ
سَيْراً) : معطوف بالواو على «تمور السماء مورا» ويعرب إعرابه
بمعنى ويوم تنقل الجبال من أمكنتها نقلا.
(فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
لِلْمُكَذِّبِينَ)
(١١)
(فَوَيْلٌ) : الفاء استئنافية أو تكون واقعة في جواب شرط محذوف
بتقدير : إذا حدث ذلك كله فويل لهم يومئذ. ويل : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة بمعنى
: فهلاك وعذاب والكلمة في الأصل : مصدر لا فعل له معناه : تحسر .. وقيل : هو واد
في جهنم. وقيل : هو اسم معنى كالهلاك ويرفع رفع المصادر لإفادة معنى الثبات ..
وجاء المبتدأ نكرة لأن الكلمة متضمنة معنى الفعل بدعاء.
(يَوْمَئِذٍ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بويل وهو مضاف. إذ : اسم مبني على السكون الظاهر في محل جر مضاف إليه وحرك بالكسر
تخلصا من التقاء الساكنين : سكونه وسكون التنوين وهو مضاف أيضا والجملة المحذوفة
المعوض عنها بالتنوين في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى : يومئذ يحدث ذلك.
(لِلْمُكَذِّبِينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر و «يل» المحذوف وعلامة جر
الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى :
للمكذبين بالله ورسله واليوم الآخر.
(الَّذِينَ هُمْ فِي
خَوْضٍ يَلْعَبُونَ)
(١٢)
(الَّذِينَ هُمْ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة ـ نعت ـ للموصوف
«المكذبين». هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. والجملة الاسمية
«هم يلعبون» صلة الموصول لا محل لها.
(فِي خَوْضٍ) : جار ومجرور متعلق بيلعبون بمعنى في تردد بالباطل
يخوضون أي دخلوا في الباطل وتفاوضوا فيه.
(يَلْعَبُونَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع
مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : يلعبون ويلهون وهم في
غفلة عن مصيرهم.
(يَوْمَ يُدَعُّونَ
إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا)
(١٣)
(يَوْمَ يُدَعُّونَ) : بدل من «يومئذ» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة. يدعون
: فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب
فاعل والجملة الفعلية «يدعون» في محل جر مضاف إليه.
(إِلى نارِ جَهَنَّمَ
دَعًّا) : جار ومجرور متعلق بيدعون. جهنم : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للمعرفة
والتأنيث. دعا : مصدر في موضع الحال بمعنى : مدعوعين منصوب وعلامة نصبه الفتحة
بمعنى : يدفعون بشدة وعنف أي تدفعهم الملائكة دفعا إلى النار.
(هذِهِ النَّارُ
الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ)
(١٤)
(هذِهِ النَّارُ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال بتقدير : مقولا لهم
هذا القول وهو يقال لهم هذه النار .. أو تكون الجملة على المعنى الثاني في محل رفع
نائب فاعل للفعل «يقال ..» هذه : اسم إشارة مبني على الكسر في محل مبتدأ. النار :
خبر مبتدأ محذوف تقديره : هي. والجملة الاسمية «هي النار» في محل رفع خبر «هذه».
(الَّتِي كُنْتُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة ـ نعت ـ للنار.
كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير
متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع
الذكور. والجملة الفعلية «كنتم بها تكذبون» صلة الموصول لا محل لها.
(بِها تُكَذِّبُونَ) : جار ومجرور متعلق بتكذبون والجملة الفعلية «تكذبون»
في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل بمعنى كنتم تكذبون في الدنيا بوجودها.
(أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ
أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ)
(١٥)
(أَفَسِحْرٌ هذا) : الهمزة همزة تهكم وتوبيخ بلفظ استفهام. الفاء
استئنافية أو تكون عاطفة على محذوف من جنس المعطوف عليه بمعنى : كنتم تقولون للوحي
هذا سحر أتقولون عن هذا العذاب هو سحر أي هذا المصداق أيضا سحر؟ سحر : خبر مقدم
مرفوع بالضمة المنونة. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر أي
هذا العذاب الذي تشاهدونه اليوم والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول
ـ أي تقول الملائكة أسحر هذا الذي تشاهدونه اليوم أم أنتم لا تنظرون أو أنتم فاقدو
البصر لا ترون العذاب أيضا.
(أَمْ أَنْتُمْ) : حرف عطف وهي «أم» المتصلة. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
(لا تُبْصِرُونَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أنتم». لا : نافية لا
عمل لها. تبصرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والجملة الاسمية «أنتم لا تبصرون» معطوفة بأم على الجملة الابتدائية «أفسحر هذا»
لا محل لها والجملة بمعنى : أم أنتم عمي عن المخبر عنه كما كنتم عميا عن الخبر حين
كنتم لا تبصرون في الدنيا؟
(اصْلَوْها
فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ)
(١٦)
(اصْلَوْها
فَاصْبِرُوا) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال
الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل
نصب مفعول به بمعنى ادخلوا جهنم وقاسوا حرها والضمير يعود إلى جهنم الوارد ذكرها
في آية كريمة قبلها الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. اصبروا : تعرب إعراب «اصلوا»
والألف فارقة والجملة الفعلية «اصبروا» بتأويل مصدر في محل رفع مبتدأ.
(أَوْ لا تَصْبِرُوا) : حرف عطف للتخيير. لا : ناهية جازمة. تصبروا : فعل
مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة والجملة الفعلية «أو لا تصبروا» بتأويل مصدر معطوف على المصدر المؤول
في محل رفع أيضا. التقدير : صبركم أو عدم صبركم سواء عليكم بمعنى سواء عليكم الصبر
أي الجزع وعدمه أي ادخلوا جهنم على أي وجه شئتم من الصبر وعدمه.
(سَواءٌ عَلَيْكُمْ) : خبر المبتدأ المؤول قبل مرفوع بالضمة المنونة. عليكم
: جار ومجرور متعلق بسواء والميم علامة جمع الذكور.
(إِنَّما تُجْزَوْنَ
ما) : كافة ومكفوفة. تجزون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى : تجزون جزاء ما كنتم
تعملون. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به وعلى التقدير أي جزاء
ما .. حذف المفعول المضاف «جزاء» وأقيم المضاف إليه «ما» مقامه.
(كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور و «تعملون»
فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «تعملون»
في محل نصب خبر «كان» والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به.
أي ما كنتم تعملونه.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ
فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ)
(١٧)
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. المتقين : اسم «إن»
منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته
وحذف مفعول اسم الفاعلين «المتقين» المتعدي فعله إلى المفعول. المعنى إن المطيعين
ما أمر الله به المجتنبين المعصية في جنات ونعيم دائم في الآخرة.
(فِي جَنَّاتٍ
وَنَعِيمٍ) : جار ومجرور في محل خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم.
والجملة الاسمية «هم في جنات ..» في محل رفع خبر «إن». ونعيم : معطوف بالواو على «جنات»
مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة.
(فاكِهِينَ بِما
آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ)
(١٨)
(فَكِهِينَ) : حال من «المتقين» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع
مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي ملتذين.
(بِما آتاهُمْ
رَبُّهُمْ) : الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
جر بالباء والجار والمجرور متعلق بفاكهين. آتى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر
على الألف للتعذر و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. رب
: فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
والجملة الفعلية «آتاهم ربهم» صلة الموصول لا محل لها.
(وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ) : تعرب إعراب «آتاهم ربهم» والجملة الفعلية معطوفة على «في
جنات» ومحلها الرفع أو تكون الواو حالية والجملة الفعلية في محل نصب حال من «المتقين»
بعد إضمار «قد» بعد الواو أو تكون «ما» مصدرية وجملة «آتاهم ربهم» صلة حرف مصدري
لا محل لها و «ما» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير :
بإيتائهم ربهم وعلى هذا التقدير تكون الجملة الفعلية «ووقاهم ربهم» معطوفة بالواو
على «آتاهم ربهم» التقدير : ووقايتهم عذاب الجحيم بمعنى وحماهم ربهم وصرف عنهم ..
(عَذابَ الْجَحِيمِ) : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الجحيم : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.
(كُلُوا وَاشْرَبُوا
هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
(١٩)
(كُلُوا وَاشْرَبُوا
هَنِيئاً) : الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف
تقديره : يقال لهم كلوا .. وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال
الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. واشربوا : معطوفة بالواو
على جملة «كلوا» وتعرب إعرابها وحذف مفعولا الفعلين اختصارا بمعنى : كلوا طعاما
واشربوا شرابا أو يكون المصدر محذوفا. التقدير : كلوا أكلا واشربوا شربا. هنيئا :
صفة قائمة مقام المصدر أو استعملت استعمال المصدر أو هي صفة لمصدر محذوف منصوبة
وعلامة نصبها الفتحة المنونة.
(بِما كُنْتُمْ
تَعْمَلُونَ) : الباء حرف جر زائد. ما : اسم موصول مبني على السكون
في محل جر لفظا وفي محل رفع فاعل «هنيئا» المصدر القائم مقام الفعل التقدير :
هنأكم ما كنتم تعملون أي جزاء ما كنتم تعملون. كنتم تعملون : أعرب في الآية
السادسة عشرة.
(مُتَّكِئِينَ عَلى
سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ)
(٢٠)
(مُتَّكِئِينَ عَلى
سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ) : حال من «المتقين» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع
مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. على سرر : جار ومجرور متعلق
بمتكئين. مصفوفة : صفة ـ نعت ـ لسرر مجرورة مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة
المنونة بمعنى : على أسرة مصطفة متصلة ببعضها.
(وَزَوَّجْناهُمْ
بِحُورٍ عِينٍ) : الواو استئنافية. زوج : فعل ماض مبني على السكون
لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و
«هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. بحور :
جار ومجرور متعلق بزوجنا بمعنى :
وقرناهم بحور. عين : صفة ـ نعت ـ لحور مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف
والصفة ـ الكسرة المنونة بمعنى : بنساء حور وهي جمع «حوراء» أي المرأة البيضاء ذات
الحور في العين أي ذات العين التي اشتد بياض بياضها وسواد سوادها. و «عين» جمع «عيناء»
أي واسعة العين.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما
أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ)
(٢١)
(وَالَّذِينَ آمَنُوا) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في
محل جر معطوف على «حور عين» بمعنى قرناهم بالحور وبالذين آمنوا أي بالرفقاء
والجلساء منهم لمؤانستهم أو يكون في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية «ألحقنا بهم
ذريتهم» في محل رفع خبره وتكون الواو استئنافية. آمنوا : الجملة الفعلية صلة
الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(وَاتَّبَعَتْهُمْ
ذُرِّيَّتُهُمْ) : الواو اعتراضية بين المبتدأ وخبره والجملة الفعلية
بعدها جملة اعتراضية لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث
الساكنة لا محل لها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم.
ذرية : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف
إليه.
(بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا) : جار ومجرور متعلق باتبعت. أو يكون في محل نصب حالا من
«الذرية». ألحقنا : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «الذين» وهي فعل ماض مبني على
السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع
فاعل.
(بِهِمْ
ذُرِّيَّتَهُمْ) : الباء حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالباء
والجار والمجرور متعلق بألحقنا. ذرية : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم»
أعرب.
(وَما أَلَتْناهُمْ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. ألتنا : تعرب
إعراب «ألحقنا» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول بمعنى
: وما نقصناهم أي وما نقصنا آباءهم من ثواب عملهم بهذا الإلحاق.
(مِنْ عَمَلِهِمْ) : حرف جر للتبعيض في مقام المفعول الثاني لألتنا بمعنى
بعضا أي شيئا من ثوابهم. عمل : مجرور بمن وعلامة جره الكسرة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. أو يكون الجار والمجرور متعلقا بألتنا أو متعلقا
بحال مقدمة من «شيء» لأنه متعلق بصفة من «شيء» قدم عليه.
(مِنْ شَيْءٍ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. شيء : اسم مجرور لفظا
منصوب محلا لأنه مفعول به ثان.
(كُلُّ امْرِئٍ) : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. امرئ : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة أي كل إنسان.
(بِما كَسَبَ رَهِينٌ) : الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
جر بالباء والجار والمجرور متعلق برهين. كسب : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. رهين : خبر «كل» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى :
مرهون لأن الكلمة من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى مفعول ـ والجملة الفعلية «كسب» صلة
الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير
: بما كسبه أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «كسب» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما»
وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير : كسبه .. بمعنى : كل إنسان
مرهون بما اكتسبه أو مرتهن بكسبه أي عمله يوم القيامة.
(وَأَمْدَدْناهُمْ
بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ)
(٢٢)
(وَأَمْدَدْناهُمْ) : الواو عاطفة. أمدد : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بنا و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى : وأعطيناهم أو
وزودناهم بفاكهة منوعة ولحم كثير ..
(بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ) : جار ومجرور متعلق بأمددنا. ولحم : معطوف بالواو على «فاكهة»
مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة.
(مِمَّا يَشْتَهُونَ) : أصلها : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مدغم بنون «من»
فحصل تشديده مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأمددنا. يشتهون
: الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به.
التقدير مما يشتهونه أي تشتهيه أنفسهم أو يكون الجار والمجرور «مما» متعلقا بصفة
محذوفة من «فاكهة ولحم».
(يَتَنازَعُونَ فِيها
كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ)
(٢٣)
(يَتَنازَعُونَ فِيها
كَأْساً) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير الغائبين في «أمددناهم»
وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. فيها : جار
ومجرور متعلق بيتنازعون. كأسا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى
: يتجاذبون فيها خمرا أو كئوس الخمر شأن الجلساء المتحابين في الجنة.
(لا لَغْوٌ فِيها) : الجملة في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «كأسا». لا :
نافية لا عمل لها. لغو : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. فيها : جار ومجرور في محل
رفع خبر المبتدأ بمعنى : لا كلام باطل لا يعتد في شربها لأنها لا تسكر كما هي خمر
الدنيا.
(وَلا تَأْثِيمٌ) : معطوف بالواو على «لا لغو فيها» ويعرب مثله بمعنى لا
يتكلمون في الجنة بسقط الحديث ولا يفعلون ما يؤثم به فاعله.
(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ
غِلْمانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ)
(٢٤)
(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ) : الواو عاطفة. يطوف : فعل مضارع مرفوع بالضمة.
عليهم : جار
ومجرور متعلق بيطوف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى.
(غِلْمانٌ لَهُمْ) : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. لهم : جار ومجرور متعلق
بصفة محذوفة من «غلمان» بمعنى : مملوكان لهم مخصوصون بهم.
(كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ
مَكْنُونٌ) : الجملة في محل رفع صفة ثانية لغلمان. كأن : حرف مشبه
بالفعل من أخوات «إن» يفيد التشبيه و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على
السكون في محل نصب اسم «كأن». لؤلؤ : خبر «كأن» مرفوع بالضمة المنونة. مكنون : صفة
ـ نعت ـ للؤلؤ مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : لؤلؤ مخزون أو مصون في صدفته.
(وَأَقْبَلَ
بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ)
(٢٥)
(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ) : الواو استئنافية. أقبل : فعل ماض مبني على الفتح. بعض
: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف .. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني
على السكون في محل جر مضاف إليه.
(عَلى بَعْضٍ) : جار ومجرور متعلق بأقبل ونون آخره تعويضا عن حذف
المضاف إليه لأن التقدير : على بعضهم.
(يَتَساءَلُونَ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير الغائبين «هم»
في «بعضهم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل بمعنى : يسأل بعضهم بعضهم الآخر.
(قالُوا إِنَّا كُنَّا
قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ)
(٢٦)
(قالُوا إِنَّا) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا»
ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين مدغم بنون «إن» مبني على السكون في محل نصب اسم «إن»
والجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(كُنَّا قَبْلُ) : الجملة الفعلية مع خبر «كان» في محل رفع خبر «إن» وهي
فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على
السكون في محل رفع اسم «كان». قبل : ظرف زمان متعلق بكنا مبني على الضم لانقطاعه
عن الإضافة في محل نصب على الظرفية بمعنى : قبل ذلك أي في الدنيا.
(فِي أَهْلِنا
مُشْفِقِينَ) : جار ومجرور متعلق بكنا. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. مشفقين : خبر «كان» منصوب وعلامة
نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : خائفين
من العاقبة أو خائفين من عصيان الله أو من عذابه سبحانه وتعالى.
(فَمَنَّ
اللهُ عَلَيْنا وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ)
(٢٧)
(فَمَنَّ اللهُ
عَلَيْنا) : الفاء استئنافية. من : فعل ماض مبني على الفتح. الله
لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. على : حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين
مبني على السكون في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق بمن.
(وَوَقانا عَذابَ
السَّمُومِ) : الواو عاطفة. وقى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر
على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. عذاب : مفعول به ثان منصوب
وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. السموم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره
الكسرة.
(إِنَّا كُنَّا مِنْ
قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)
(٢٨)
(إِنَّا كُنَّا مِنْ
قَبْلُ) : أعرب في الآية الكريمة السادسة والعشرين. من : حرف
جر. قبل : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بمن.
(نَدْعُوهُ إِنَّهُ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع
مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن
والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى : إنا كنا من قبل لقاء
الله سبحانه يريدون : في الدنيا .. نعبده ونسأله الوقاية. إن : حرف نصب وتوكيد
مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» و «إن» وما بعدها
من اسمها وخبرها استئنافية لا محل لها.
(هُوَ الْبَرُّ
الرَّحِيمُ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن». هو : ضمير منفصل
مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. البر الرحيم : خبران للمبتدإ «هو» خبر بعد خبر ـ
على التتابع ـ مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة ويجوز أن يكون «هو» في محل نصب توكيدا
للضمير الهاء في «إنه» ويكون «البر الرحيم» : خبري «إن».
(فَذَكِّرْ فَما
أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ)
(٢٩)
(فَذَكِّرْ) : الفاء استئنافية. ذكر : فعل أمر مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت بمعنى فذكر يا محمد بالقرآن.
(فَما أَنْتَ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. ما : نافية لا عمل
لها. أنت : ضمير منفصل ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ بمعنى
فداوم يا محمد على وعظك للناس وتبليغ رسالتك لهم فلست ..
(بِنِعْمَةِ رَبِّكَ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير المخاطب بتقدير
حالة كونك حامدا ربك. وهو مضاف. ربك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة
والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان.
(بِكاهِنٍ وَلا
مَجْنُونٍ) : جار ومجرور في محل رفع خبر «أنت» ويجوز أن تكون «ما»
بمنزلة «ليس» أي ما .. الحجازية ونافية لا عمل لها بلغة تميم فتكون الباء حرف جر
زائدا و «كاهن» اسما مجرورا لفظا بالباء منصوبا
محلا على أنه خبر «ما» على اللغة الأولى ومرفوعا محلا على أنه خبر «أنت»
على اللغة الثانية. الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. مجنون : معطوف على «كاهن»
ويعرب إعرابه بمعنى فلست بإنعام ربك عليك بالنبوة بمدعي علم الغيب ولا مختل العقل
كما يزعم المشركون ويدعون.
(أَمْ يَقُولُونَ
شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ)
(٣٠)
(أَمْ يَقُولُونَ) : حرف عطف للإضراب بمعنى : بل. يقولون : فعل مضارع
مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
(شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ
بِهِ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ شاعر
: خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : أيقول المشركون هو
شاعر أي الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ و «أم» المنقطعة هنا مسبوقة بهمزة الاستفهام متضمنة
معنى الاستفهام الإنكاري الذي هو بمنزلة النفي. نتربص : الجملة الفعلية في محل رفع
صفة ـ نعت ـ لشاعر وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا
تقديره نحن. به : جار ومجرور متعلق بنتربص بمعنى : لا فائدة من اتباعه لأنه يذكر
لنا العذاب والموت وبمعنى ننتظر.
(رَيْبَ الْمَنُونِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. المنون : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة .. بمعنى : ننتظر به المنية أي الموت
والمنون : هو الدهر والمنية أي الموت من منه : أي قطعه.
(قُلْ تَرَبَّصُوا
فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ)
(٣١)
(قُلْ تَرَبَّصُوا) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره أنت وأصله : قول .. حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين. تربصوا :
فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «تربصوا» في محل نصب مفعول به ـ مقول
القول أي انتظروا.
(فَإِنِّي مَعَكُمْ) : الفاء استئنافية. إني : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل
والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». مع : ظرف مكان منصوب على
الظرفية متعلق بخبر «إن» يدل على المصاحبة والاشتراك أي المشاركة وهو مضاف. الكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع
الذكور.
(مِنَ
الْمُتَرَبِّصِينَ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن» بمعنى : قل
لهم انتظروا موتي فإني منتظر من المنتظرين موتكم وعلامة جر الاسم الياء لأنه مذكر
سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
** (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ
بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثلاثين .. المعنى
: أم يقولون محمد شاعر ننتظر به المنية أي الموت.
** سبب نزول
الآية : نزلت هذه الآية الكريمة حينما تآمرت قريش في دار الندوة على أن يقيدوا
النبي الكريم محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في وثاق حتى يموت. فأنزل الله تعالى هذه الآية
الكريمة بعد أن خيب تآمرهم وأخزاهم.
** (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ
يَكْتُبُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية
والأربعين .. المعنى أم عندهم علم الغيب وهو اللوح المحفوظ الذي فيه علم الغيب فهم
يكتبون ما فيه حتى يقولوا : وإن بعثنا لا نعذب .. أي فهم يحكمون منه؟ الفعل «كتب»
من باب «نصر» ومصدره : كتبا وكتبة وكتابا .. والاسم منه : الكتابة لأنها صناعة
كالنجارة وغيرها وتطلق الكتبة والكتاب على المكتوب ويطلق الكتاب على المنزل وعلى
ما يكتبه الشخص ويرسله. قال أبو عمرو : سمعت أعرابيا يمانيا يقول : فلان لغوب
جاءته كتابي فاحتقرها. فقلت : أتقول : جاءته كتابي؟ فقال : أليس بصحيفة؟ قلت : ما
اللغوب؟ قال : الأحمق. ومن معاني «كتب» حكم وقضى وأوجب نحو : كتب الله الصيام : أي
أوجبه .. وكتب القاضي بالنفقة : بمعنى : قضى وحكم. والكاتب ـ اسم فاعل ـ للفعل «كتب»
وهو عند العرب : العالم وهو ما تشير إلى معناه الآية الكريمة المذكورة.
** (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ
بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والأربعين
.. المعنى : واصبر يا محمد لحكمة ربك وداوم على تنزيه ربك حامدا إياه حين تقوم من
منامك أو من أي مكان قمت وأنت في حفظنا وتحت حراستنا ومرعى برعايتنا وحفظنا بحيث
نراك ونكلؤك وإضافة جمع «العين» وهو «أعيننا» لجمع الضمير مبالغة بكثرة أسباب
الحفظ. والله تعالى منزه عن الأعضاء ـ الجوارح ـ وهو هنا كناية عن الحفظ. و «أعين»
جمع «عين» وتجمع أيضا على عيون قال شوقي :
نامت الأعين
إلا مقلة
|
|
تسكب الدمع
وترعى مضجعك
|
ويقال : قرت
عين من مات في سبيل الله : أي بردت عينه سرورا وجف دمعها أو كانت متشوقة إلى شيء
فرأته. روي أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ رأى على عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه
ـ قميصا فقال له : أجديد قميصك أم لبيس؟ قال عمر : بل لبيس يا رسول الله.
فقال له النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ البس جديدا وعش حميدا ومت شهيدا وليعطك الله قرة عين
في الدنيا والآخرة. وكان عمر يسأل الله شهادة في سبيله ووفاة في بلد نبيه. وقد
استجاب الله له فمات شهيدا في مدينة الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على يد قاتل مجوسي. وقد قتل عمر في أحب الأوقات إليه
بل في أحب الأوقات إلى الله عزوجل وهو الوقت الذي تؤدى فيه صلاة الفجر ويروى أن عمر سقط
وهو يقول : كان أمر الله قدرا مقدورا.
** (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ
وَإِدْبارَ النُّجُومِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة
والأربعين .. المعنى : ونزه ربك بعض الليل وسبحه إذا أدبرت النجوم أي وقت إدبارها.
قال لبيد :
بلينا وما
تبلى النجوم الطوالع
|
|
وتبقى الجبال
بعدنا والمصانع
|
لعمرك ما
تدري الضوارب بالحصى
|
|
ولا زاجرت
الطير ما الله صانع
|
روى فلكي أجنبي
أنه جلس مرة مع شيخ عربي جليل وأفاض في وصف ما يكشفه المرقب ـ آلة لرصد النجوم
والفلك ـ من عجائب الفلك .. وحين انتهى التفت الشيخ إليه وقال : أنتم أيها الأجانب
ترون ملايين من النجوم ولا ترون شيئا وراءها. أما نحن العرب فلا نرى إلا نجوما
قليلة ثم نرى وراء هذه النجوم خالقها أي ربنا. ومن أسماء «النجم» : النوء وجمعه :
أنواء .. وقولهم : صدق النوء : معناه : كان فيه مطر ولم يخلف. وقيل النوء : معناه :
سقوط نجم من المنازل .. وكانت العرب في الجاهلية إذا سقط نجم وطلع آخر قالوا : لا
بد من أن يكون عند ذلك مطر أو رياح فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى النجم فيقولون
: مطرنا بنوء الثريا ومن قولهم في الأمثال : قد أخطأ نوؤه. يضرب هذا المثل لمن رجع
عن حاجته بالخيبة ولمن طلب حاجة ولم يقدر عليها قالوا : أخطأ نوؤك.
(أَمْ تَأْمُرُهُمْ
أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ)
(٣٢)
(أَمْ تَأْمُرُهُمْ) : حرف عطف للإضراب بمعنى «بل». تأمر : فعل مضارع مرفوع
بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به
مقدم بمعنى : بل تأمرهم عقولهم.
(أَحْلامُهُمْ بِهذا) : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين
ـ في محل جر مضاف إليه. الباء حرف جر. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر
بالباء والجار والمجرور متعلق بتأمر بمعنى : بل تأمرهم عقولهم وألبابهم بهذا
التناقض في الأقوال وهو قولهم : كاهن وشاعر ومجنون وهو تناقض لا يقوله عاقل.
(أَمْ هُمْ قَوْمٌ) : أعربت. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على
السكون في محل رفع مبتدأ. قوم : خبر «هم» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : بل هم على
تباين صفاتهم قوم.
(طاغُونَ) : صفة ـ نعت ـ لقوم مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : لم تأمرهم أحلامهم بهذا
القول المتناقض بل هم قوم متجاوزون الحد ..
(أَمْ يَقُولُونَ
تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ)
(٣٣)
(أَمْ يَقُولُونَ
تَقَوَّلَهُ) : أعرب في الآية الكريمة الثلاثين. تقوله : الجملة
الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول
به المعنى بل أيقول المشركون اختلق محمد القرآن ونسبه إلى الله.
(بَلْ لا يُؤْمِنُونَ) : حرف استئناف للإضراب. لا : نافية لا عمل لها. يؤمنون
: تعرب إعراب «يقولون» بمعنى : لا حجة لهم أي عندهم على اختلاق محمد القرآن بل هم
لم يؤمنوا ولذلك يطلقون هذه المزاعم جزافا.
(فَلْيَأْتُوا
بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ)
(٣٤)
(فَلْيَأْتُوا
بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ) : الفاء واقعة في جواب شرط مقدم. اللام لام الأمر. يأتوا
: فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل والألف فارقة. بحديث : جار ومجرور متعلق بيأتوا. مثله : صفة ـ نعت ـ لحديث
مجرور مثله وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه
بمعنى : إن كان هذا القرآن مما يختلق فليأتوا بكلام أو بقرآن مثله نظما ومعنى.
(إِنْ كانُوا
صادِقِينَ) : حرف شرط جازم. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. فعل الشرط في محل جزم بإن. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان»
والألف فارقة. صادقين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم
والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه .. بمعنى إن
كانوا صادقين في زعمهم أن محمدا اختلق القرآن من تلقاء نفسه فليأتوا بمثله.
(أَمْ خُلِقُوا مِنْ
غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ)
(٣٥)
(أَمْ خُلِقُوا) : حرف عطف وهي «أم» المنقطعة بمعنى «بل» للإضراب. لأنها
متضمنة معنى الاستفهام الإنكاري الذي هو بمنزلة النفي. خلقوا : فعل ماض مبني
للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب
فاعل والألف فارقة بمعنى : أخلقوا بدون خالق؟ لا ما خلقوا بدون خالق بل خلقهم
خالق.
(مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ) : جار ومجرور متعلق بخلقوا. شيء : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
(أَمْ هُمُ
الْخالِقُونَ) : أعربت. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع
مبتدأ وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الخالقون : خبر «هم» مرفوع
بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وهو «الخالق» وهو
اسم فاعل يعمل عمل فعله المتعدي إلى المفعول بمعنى : الخالقون أنفسهم حيث لا
يعبدون الخالق.
(أَمْ خَلَقُوا
السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ)
(٣٦)
(أَمْ خَلَقُوا) : أعربت. خلقوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو
الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(السَّماواتِ
وَالْأَرْضَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا ـ نيابة ـ من
الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات»
منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة.
(بَلْ لا يُوقِنُونَ) : حرف استئناف للإضراب لا عمل له. لا : نافية لا عمل لها.
يوقنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى :
إذا سئلوا من خلقكم وخلق السموات والأرض؟ قالوا الله. وهم شاكون فيما يقولون لا
يوقنون بذلك ولو تيقنوا ذلك لعبدوا الله خالق الكون وما فيه.
(أَمْ عِنْدَهُمْ
خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ)
(٣٧)
(أَمْ عِنْدَهُمْ) : أعربت. عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بخبر
مقدم وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه.
(خَزائِنُ رَبِّكَ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو مضاف. ربك : مضاف إليه
مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني
على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى : أو هل عندهم خزائن علم أو رزق ربك حتى
يختاروا لها من اختيارهم حكمة ومصلحة؟ أو هل عندهم خزائن رزق ربك حتى يرزقوا
النبوة من شاءوا.
(أَمْ هُمُ
الْمُصَيْطِرُونَ) : أعربت. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ حرك الميم
بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ المسيطرون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر
سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وهي لغة في «المسيطرون» بمعنى : الغالبون
على الأشياء يدبرونها على حسب أهوائهم ومشيئتهم.
(أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ
يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ)
(٣٨)
(أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ) : أعربت. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر
باللام والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. سلم : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة
المنونة بمعنى : أم لهم مرتقى منصوب إلى السماء.
(يَسْتَمِعُونَ فِيهِ) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لسلم وهي فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. فيه : جار ومجرور
متعلق بيستمعون بمعنى : يستمعون عليه كلام الملائكة أي صاعدين فيه إلى كلام الملائكة
وما يوحى إليهم من علم الغيب.
(فَلْيَأْتِ
مُسْتَمِعُهُمْ) : الفاء واقعة في جواب شرط محذوف بتقدير : إن كانوا
صادقين في قدرتهم على ذلك فليأت مستمعهم بحجة بينة على صدقه.
اللام لام الأمر يأت : فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف
العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة عليه. مستمع : فاعل مرفوع الضمة و «هم» ضمير
متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
(بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) : جار ومجرور متعلق بيأتي. مبين : صفة ـ نعت ـ لسلطان
مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة.
(أَمْ لَهُ الْبَناتُ
وَلَكُمُ الْبَنُونَ)
(٣٩)
(أَمْ لَهُ الْبَناتُ) : أعربت. له : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. البنات
: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو استفهام إنكاري أيضا.
(وَلَكُمُ الْبَنُونَ) : الجملة الاسمية معطوفة بالواو على الجملة الاسمية «له
البنات» وتعرب إعرابها والميم في «لكم» علامة جمع الذكور وعلامة رفع «البنون»
الواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. بمعنى :
أم له ـ لله سبحانه ـ البنات كما تزعمون من أن الملائكة بنات الله ولكم البنون أي
الذكور.
(أَمْ تَسْئَلُهُمْ
أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ)
(٤٠)
(أَمْ تَسْئَلُهُمْ) : أعربت. تسأل : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير
مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.
(أَجْراً فَهُمْ) : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
الفاء حالية. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ.
(مِنْ مَغْرَمٍ
مُثْقَلُونَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «هم». مثقلون : خبر «هم» مرفوع
بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى أم تسألهم
مالا على نصحك لهم فهم من غرامة مبهظون أي يثقل عليهم ويسبب لهم مشقة بمعنى :
يبهظهم ذلك فلا يقبلون على دعوتك بسبب ذلك. والجملة الاسمية «فهم مثقلون» في محل
نصب حال من ضمير الغائبين في «تسألهم».
(أَمْ عِنْدَهُمُ
الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ)
(٤١)
(أَمْ عِنْدَهُمُ
الْغَيْبُ) : يعرب إعراب «أم عندهم خزائن» الوارد ذكره في الآية الكريمة
السابعة والثلاثين.
(فَهُمْ يَكْتُبُونَ) : يعرب إعراب «فهم مثقلون» والجملة الفعلية «يكتبون» في
محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل بمعنى : فهم يكتبون ما فيه حتى يقولوا : وإن بعثنا لا نعذب فهم يحكمون منه أي
من الغيب بمعنى : علم الغيب وهو اللوح المحفوظ الذي فيه علم الغيب.
(أَمْ يُرِيدُونَ
كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ)
(٤٢)
(أَمْ يُرِيدُونَ
كَيْداً) : أعربت. يريدون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل. كيدا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة
بمعنى : أم يريدون بك يا محمد وبالمؤمنين كيدا : أي هلاكا ومذلة.
(فَالَّذِينَ كَفَرُوا) : الفاء استئنافية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح
في محل رفع مبتدأ. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة.
(هُمُ الْمَكِيدُونَ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «الذين كفروا»
والإشارة إليهم أو أريد بهم كل من كفر بالله. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في
محل رفع مبتدأ وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ المكيدون : خبر «هم»
مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى هم
المهلكون. أي الذين يحيق بهم مكرهم السيئ أي يحيق بهم الكيد الذي أضمروه للنبي
محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حين دبروا مكيدة وتآمروا عليه في دار الندوة.
(أَمْ لَهُمْ إِلهٌ
غَيْرُ اللهِ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ)
(٤٣)
(أَمْ لَهُمْ إِلهٌ
غَيْرُ اللهِ) : أعرب في الآية الكريمة الثامنة والثلاثين. غير : صفة
ـ نعت ـ لإله مرفوع مثله بالضمة المنونة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور
للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.
(سُبْحانَ اللهِ
عَمَّا يُشْرِكُونَ) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف تقديره : أسبح
وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر
الكسرة بمعنى : أنزه أو تنزه الله تنزيها. عما : مكونة من «عن» حرف جر و «ما»
المصدرية. وجملة «يشركون» صلة حرف مصدري لا محل لها. يشركون : فعل مضارع مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر «إشراكهم»
في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بسبحان ـ بتأويل فعله ـ المعنى : تعاظم وتقدس
الله عن إشراكهم.
(وَإِنْ يَرَوْا
كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ)
(٤٤)
(وَإِنْ يَرَوْا) : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم. يروا : فعل
مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى يظنوا لشدة كفرهم ..
(كِسْفاً مِنَ
السَّماءِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى «قطعا»
جمع «كسفة». من السماء : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «كسفا» ويجوز أن يتعلق
بحال مقدمة من «ساقطا».
(ساقِطاً يَقُولُوا) : صفة ـ نعت ـ للمفعول الموصوف «كسفا» منصوب مثله
وعلامة نصبه الفتحة المنونة ويجوز أن يكون حالا من «كسفا» بعد تخصصه ووصفه بالجار
والمجرور. يقولوا : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها وهي
فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط
وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
والجملة الاسمية بعده «سحاب مركوم» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.
(سَحابٌ مَرْكُومٌ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره هو أو هذا الكسف سحاب. مرفوع
بالضمة المنونة. مركوم : مرفوع بالضمة المنونة لأنه صفة لسحاب.
(فَذَرْهُمْ حَتَّى
يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ)
(٤٥)
(فَذَرْهُمْ حَتَّى) : الفاء استئنافية. ذر : فعل أمر مبني على سكون آخره
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في
محل نصب مفعول به بمعنى فدعهم أو فاتركهم. حتى : حرف غاية وجر بمعنى إلى أن.
(يُلاقُوا يَوْمَهُمُ) : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد «حتى» وعلامة نصبه حذف
النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. يوم : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف
إليه وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. والجملة الفعلية «يلاقوا يومهم»
صلة حرف مصدري لا محل لها. و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحتى
والجار والمجرور متعلق بذر بمعنى : فاتركهم يا محمد في ضلالهم حتى يلاقوا اليوم
الذي يقتلون فيه.
(الَّذِي فِيهِ
يُصْعَقُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ لليوم.
فيه : جار ومجرور متعلق بيصعقون. والجملة الفعلية «فيه يصعقون» صلة الموصول لا محل
لها. يصعقون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع نائب فاعل بمعنى : يهلكون أي تهلكهم الصاعقة.
(يَوْمَ لا يُغْنِي
عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ)
(٤٦)
(يَوْمَ لا يُغْنِي) : بدل «من يومهم» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة. لا : نافية
لا عمل لها. يغني : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والجملة
الفعلية «لا يغني عنهم كيدهم» في محل جر مضاف إليه.
(عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ
شَيْئاً) : جار ومجرور متعلق بيغني وهو في مقام مفعول «يغني»
بتقدير : يغنيهم بمعنى : ينفعهم و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن. كيد : فاعل
مرفوع بالضمة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.
شيئا : مفعول مطلق في موضع المصدر أي «إغناء» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو
يكون صفة ـ نعتا ـ لمصدر محذوف. التقدير : غنى أو إغناء شيئا.
(وَلا هُمْ
يُنْصَرُونَ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. هم : ضمير منفصل
ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. ينصرون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم»
وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والفعل مبني للمجهول والواو ضمير متصل في محل رفع
نائب فاعل بمعنى : لا ينفعهم مكرهم بالرسول ولا هم يمنعون من عقاب الله أو عذابه.
(وَإِنَّ لِلَّذِينَ
ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ)
(٤٧)
(وَإِنَّ لِلَّذِينَ) : الواو استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. اللام
حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق
بخبر «إن» المقدم. وجملة «ظلموا» صلة الموصول لا محل لها.
(ظَلَمُوا عَذاباً) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. عذابا : اسم «إن» المؤخر منصوب وعلامة
نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ظلموا أنفسهم بالكفر لهم عذاب.
(دُونَ ذلِكَ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية بمعنى «قبل» متعلق بصفة
محذوفة من «عذابا» وهو مضاف. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في
محل جر مضاف إليه. اللام للبعد والكاف للخطاب بمعنى قبل عذاب الآخرة ـ يوم
القيامة ـ وهو تغلب المؤمنين عليهم أو أقرب من عذاب يوم القيامة أو هو عذاب القبر.
(وَلكِنَّ
أَكْثَرَهُمْ) : الواو استدراكية. لكن : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن».
أكثر : اسم «لكن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين في محل جر مضاف إليه.
(لا يَعْلَمُونَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لكن». لا : نافية لا
عمل لها. يعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
بمعنى : لا يعلمون ما ينتظرهم من عذاب الآخرة.
(وَاصْبِرْ لِحُكْمِ
رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ)
(٤٨)
(وَاصْبِرْ لِحُكْمِ
رَبِّكَ) : الواو استئنافية. اصبر : فعل أمر مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. لحكم : جار ومجرور متعلق باصبر. رب :
مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى : لحكمة ربك.
(فَإِنَّكَ
بِأَعْيُنِنا) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. إن : حرف نصب
وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب
اسم «إن». بأعين : جار ومجرور في محل رفع خبر «إن» و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى في
حفظنا.
(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ
رَبِّكَ) : معطوف بالواو على «اصبر لحكم ربك» ويعرب إعرابه بمعنى
: ونزه ربك من كل شائبة أو يكون الجار والمجرور «بحمد ربك» متعلقا بحال من ضمير «سبح»
أي حامدا ربك أو وسبح ربك حامدا ..
(حِينَ تَقُومُ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بسبح. تقوم : الجملة
الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف وهي فعل
مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت بمعنى من أي
مكان قمت وقيل : من منامك :
(وَمِنَ اللَّيْلِ
فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ)
(٤٩)
(وَمِنَ اللَّيْلِ
فَسَبِّحْهُ) : الواو عاطفة. من الليل : جار ومجرور متعلق بسبح أو
تكون «من» للتبعيض .. بمعنى وسبحه بعض الليل. الفاء عاطفة. سبحه : فعل أمر مبني
على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والهاء ضمير متصل ـ ضمير
الواحد المطاع ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى وسبح الله ونزهه بقولك :
سبحان الله.
(وَإِدْبارَ
النُّجُومِ) : الواو عاطفة. إدبار : ظرف زمان متعلق بسبح منصوب
وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. النجوم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره
الكسرة بمعنى : وسبحه وقت إدبار النجوم أي إذا أدبرت النجوم بمعنى : عقب غروبها
آخر الليل أي وصل فيه صلاة الفجر.
***
سورة النجم
معنى
السورة : النجم : هو
الثريا .. وهو اسم غالب لها .. والعرب تسمي «الثريا» : النجم وهي سبعة ظاهرة وواحد
خفي .. وقيل : إن الثريا تخفى في السنة أربعين يوما لأن الشمس تطلع فلا ترى .. وعن
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إذا طلع النجم ارتفعت العاهات» قال قتادة : خلق
الله النجوم لثلاث : زينة للسماء .. ورجوما للشياطين .. وعلامات يهتدى بها و «النجوم»
جمع «نجم» وتجمع كلمة «نجم» جمعا آخر هو «أنجم» وتأتي لفظة «نجوم» مصدرا للفعل «نجم»
نحو : نجم كذا عن كذا ينجم نجوما .. بمعنى : نتج عنه وصدر وهو من باب «دخل» ونجم
الشيء : أي ظهر وطلع ومثله نجم السن : بمعنى : طلع ونجم النبت : بمعنى : طلع أيضا.
قال الجوهري : النجم : هو الوقت المضروب ومنه سمي «المنجم» بفتح الجيم ـ اسم مفعول
ـ والنجم من النبات : هو ما لم يكن على ساق. قال تعالى في سورة «الرحمن» : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) صدق الله العظيم. والنجم : الكوكب. والنجم : الثريا ..
وهو اسم علم لها كزيد وعمرو فإذا قالوا : طلع النجم : يريدون الثريا وإن أخرجت منه
الألف واللام تنكر. وقال الفيومي : النجم من النبات هو ما لا ساق له والشجر ما له
ساق يعظم ويقوم به. واستشهد بالآية الكريمة المذكورة.
تسمية
السورة : لقد كرم
الله سبحانه وتعالى «النجم» فسمى سبحانه إحدى سور القرآن الكريم بهذه اللفظة وقد
ذكرت لفظة «النجم» أربع مرات في القران الكريم وجاء اللفظ في الآية الكريمة الأولى
من سورة «النجم» في قوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا
هَوى) أي أقسم سبحان بحق النجم إذا سقط وغرب أي سقط من أعلى
إلى أسفل وغرب.
فضل
قراءة السورة : قال التقي المتقي محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ سورة «النجم» أعطاه الله عشر حسنات بعدد من
صدق بمحمد وجحد به بمكة» صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود
قال : أول سورة أنزلت فيها سجدة : والنجم. فسجد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وسجد الناس كلهم إلا رجلا رأيته أخذ كفا من تراب فسجد
عليه فرأيته بعد ذلك قتل كافرا وهو أمية بن خلف.
إعراب آياتها
(وَالنَّجْمِ إِذا
هَوى)
(١)
(وَالنَّجْمِ) : الواو واو القسم حرف جر. النجم : مقسم به مجرور بواو
القسم وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف .. التقدير :
وحق النجم أو ورب النجم فحذف المقسم به المضاف «حق» وحل المضاف إليه محله.
(إِذا هَوى) : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب
متعلق بحال محذوفة من النجم. التقدير : أقسم بالنجم كائنا إذا هوى. هوى : فعل ماض
مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
والجملة الفعلية «هوى» في محل جر مضاف إليه بمعنى : إذا غرب أو انتشر يوم القيامة.
أو وحق النجم الذي يرجم به انقض .. أو سقط وذهب ضوؤه.
(ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ
وَما غَوى)
(٢)
(ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ) : الجملة الفعلية جواب القسم المحذوف لا محل لها. ضل :
فعل ماض مبني على الفتح. صاحبكم : فاعل مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور بمعنى :
ما ضل محمد في عقيدته والخطاب موجه لقريش. وما أعتقد باطلا.
(وَما غَوى) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. غوى : فعل ماض
مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو
بمعنى : وما خاب والجملة الفعلية لا محل لها لأنها معطوفة على جملة جواب القسم.
(وَما يَنْطِقُ عَنِ
الْهَوى)
(٣)
(وَما يَنْطِقُ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. ينطق : فعل مضارع مرفوع بالضمة
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
(عَنِ الْهَوى) : جار ومجرور متعلق بينطق وعلامة جر الاسم الكسرة
المقدرة على الألف للتعذر وكسر آخر «عن» لالتقاء الساكنين. بمعنى : وما ينطق عن
هواه أي وما أتاكم به الرسول من القرآن ليس بمنطق يصدر عن هواه ويجوز أن يكون
الجار والمجرور متعلقا بصفة لمفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف بتقدير : نطقا صادرا عن
الهوى.
(إِنْ هُوَ إِلاَّ
وَحْيٌ يُوحى)
(٤)
(إِنْ هُوَ) : مخففة مهملة بمعنى : ما. النافية. هو : ضمير منفصل
مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. أي ما القرآن.
(إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) : أداة حصر لا عمل لها. وحي : خبر «هو» مرفوع بالضمة
المنونة. يوحى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر
ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والجملة الفعلية «يوحى» في محل
رفع صفة ـ نعت ـ لوحي بمعنى : إنما هو وحي من عند الله يوحى إليه. أي إلى محمد.
** (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى المعنى
: وحق النجم أو ورب النجم إذا غرب أو انتشر يوم القيامة أو النجم الذي يرجم به إذا
انقض. يروى عن عروة بن الزبير أن عتبة بن أبي لهب وكانت معه بنت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أراد الخروج إلى الشأم فقال : لآتين محمدا فلأوذينه
فأتاه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : يا محمد أنا كافر بالنجم إذا هوى وبالذي دنا
فتدلى .. ثم تجاسر ـ تطاول ـ على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ورد عليه ابنته وطلقها. فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم : اللهم سلط عليه كلبا من كلابك. وكان أبو طالب حاضرا
فوجم لها ـ أي حزن ـ وقال : ما كان أغناك يا ابن أخي عن هذه الدعوة! فرجع عتبة إلى
أبيه فأخبره ثم خرجوا إلى الشام فنزلوا منزلا فأشرف عليهم راهب من الدير فقال لهم
: هذه الأرض مسبعة «أي ذات سباع» فقال أبو لهب لأصحابه : أغيثونا يا معشر قريش هذه
الليلة فإني أخاف على ابني دعوة محمد فجمعوا جمالهم وأناخوها حولهم وأحدقوا بعتبة
فجاء الأسد يتشمم وجوههم حتى ضرب عتبة فقتله. والفعل «هوى» من باب «ضرب» وهو بمعنى
:
سقط وغرب ويأتي بمعنى : علا وصعد والمعنى يتبين أي الفرق بين المعنيين يعرف
من حركة الهاء في المصدر .. فالمصدر «هويا» بفتح الهاء للارتفاع .. و «هويا» بضم
الهاء : للانحدار أي السقوط.
** (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية ..
بمعنى : ما ضل محمد في عقيدته وما خاب. وضل في عقيدته من الغي وهو الضلال أيضا ..
يقال : ضل الشيء ـ يضل ـ بمعنى ضاع وهلك. والضلال : ضد الرشاد وقد ضل الرجل ـ يضل
ـ ضلالا وضلالة وضللت بفتح اللام الأولى هي لغة نجد وهي الفصيحة وأهل العالية
يقولون : ضللت ـ بكسر اللام في الماضي والمضارع أضل وضل ـ ضلالة من باب «ضرب»
بمعنى : زل عن الطريق ولم يهتد إليه ومثله الفعل «غوى» وهو من بابه أيضا ـ من باب «ضرب»
بمعنى : انهمك في الجهل وهو خلاف الرشد والاسم : الغواية ـ بفتح الغين وبمعنى :
خاب وضل وهو غاو ـ اسم فاعل ـ وجمعه : غواة .. يقال : هذا رجل هاو ولا يقال : غاو
لأن «غاو» بمعنى : منهمك في الباطل .. وتستعمل العرب أسلوب الدعاء على الإنسان وهي
تريد الدعاء له كقولهم : هوت أمه : أي سقطت وهي هاوية وهذا دعاء لا يراد به الوقوع
وإنما يقال عند التعجب والمدح كما يقال للديغ : سليم. واللديغ : بمعنى الملدوغ ـ فعيل
بمعنى مفعول ـ
** (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة.
المعنى : علم محمدا القرآن ملك شديد القوى أي شديدة قواه هو جبريل ـ عليهالسلام ـ وأضيف «شديد» وهو صفة مشبهة إلى فاعلها «القوى»
والإضافة غير حقيقة لأن المعنى : شديدة قواه .. أو بمعنى : علم جبريل ـ عليهالسلام ـ محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الوحي. ووصف الله تعالى الملك جبريل ـ عليهالسلام ـ بشدة قواه. ويروى عن قوة جبريل ـ عليهالسلام ـ أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء الأسود وحملها على
جناحه ورفعها إلى السماء وقلبها وصاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين .. وكان هبوطه على
الأنبياء وصعوده في أوحى ـ أسرع ـ من رجعة الطرف. ورأى إبليس يكلم عيسى ـ عليهالسلام ـ على بعض عقاب الأرض المقدسة فنفحه بجناحه نفحة فألقاه
في أقصى جبل بالهند.
** (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة ..
المعنى : ذو قوة أو ذو حصافة في عقله ورأيه فاستوى أي فاستقام للرسول الكريم محمد
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عند ما أحب أن يراه في صورته الحقيقية استقام له في
الأفق الأعلى وهو أفق الشمس عاليا فملأ الأفق .. وقد قيل في تفسير هذه الآية
الكريمة وفي قوله تعالى في سورة «التكوير» (إِنَّهُ لَقَوْلُ
رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ
ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ
أَمِينٍ) قيل : لقد ثبت طاعة الملائكة أيضا لنبينا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وورد أن جبريل ـ عليهالسلام ـ قال للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : إن الله يقرئك السلام وقد أمر ملك الجبال أن يطيعك
ـ عند ما آذته قريش ـ فسلم عليه الملك وقال : إن أمرتني أن أطبق عليهم الأخشبين ـ أي
الأرضين ـ فعلت. فصبر النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ واحتسب. وأعظم من ذلك وأشرف مقامه المحمود في الشفاعة
الكبرى يوم لا يتقدمه أحد إذ يقول الله تعالى له : «ارقع رأسك وقل يسمع لك وسل
تعطه واشفع تشفع» وقيل : ما رأى أحد من الأنبياء جبريل عليهالسلام ـ في صورته الحقيقية غير محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مرتين : مرة في الأرض ومرة في السماء.
** (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى .. فَكانَ قابَ
قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) : هذان القولان الكريمان هما نصا الآيتين الكريمتين
الثامنة والتاسعة .. المعنى : ثم قرب جبريل ـ عليهالسلام ـ من رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فتعلق به أو عليه في الهواء ليصعده إلى السماء وقيل :
ثم تدلى في الهواء أي إلى الأرض فكان منه على مقدار قوسين أو أقل .. جاء في الصحاح
: أراد قابي قوس أي قدري قوس فقلبه لأن لكل قوس قابين وقال الزمخشري : بمعنى :
مقدار قوسين عربيتين .. التقدير : فكان مقدار مسافة قربه منه قاب قوسين فحذفت هذه
المضافات .. والقاب والقيب والقاد والقيد والقيس : بمعنى المقدار وقد جاء التقدير
بالقوس والرمح والسوط والذراع والباع والخطوة والشبر والفتر والإصبع. وجاء في
الحديث «لقاب قوس أحدكم من الجنة وموضع قده خير من الدنيا وما فيها» وقيل «قاب
قوسين» هو كناية عن المعاهدة على لزوم الطاعة لأن الحليفين في عرف العرب إذا
تحالفا على الوفاء والصفاء ألصقا وترى قوسيهما.
** (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة العاشرة وفيه
تفخيم للوحي الذي أوحي إليه .. بمعنى : ما أراد الله أن يوحيه إليه. أي فأوحى الله
تعالى إلى عبده ـ عبد الله ـ وهو محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما أراد الله أن يوحيه إليه وإن لم يجر لاسمه عزوجل ذكر لأنه لا يلبس : أي لا يلتبس بمعنى : لا يخفى ولا
يشكل ولا يشتبه كقوله في سورة «فاطر» (ما تَرَكَ عَلى
ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ) أي على ظهر الأرض. وقيل : إن الجنة محرمة على الأنبياء
حتى يدخلها الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وعلى الأمم حتى تدخلها أمته ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو إشارة إلى ما جاء في الآية الكريمة المذكورة.
وقوله «ما أوحى» تفخيم للوحي الذي أوحي إليه والتفخيم لما فيه من الإبهام كأنه
أعظم من أن يحيط. وقيل : أوحي إليه : إن الجنة محرمة على الأنبياء حتى تدخلها وعلى
الأمم حتى تدخلها أمتك.
** (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) .. ومناة الثالثة الأخرى : هذان القولان الكريمان هما
نصا الآيتين الكريمتين التاسعة عشرة والعشرين .. اللات والعزى : اسمان لأشهر
الأصنام .. المعنى : أرأيتم آيات أوثانكم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى كما
رأى محمد آيات ربه؟ فالأصنام .. اللات : كانت لثقيف بالطائف وقيل كانت بنخلة
تعبدها قريش .. واللفظة «فعلة» من «لوى» لأنهم كانوا يلوون عليها : أي يطوفون
وزعموا أنه سمي برجل كان يلت عنده السمن بالزيت ويطعمه الحاج. وعن مجاهد : كان رجل
يلت السويق بالطائف : بمعنى : يبل السويق بشيء من الماء أو يخلطه بزيت أي بالسمن.
والسويق : هو دقيق ناعم من الحنطة والشعير .. وكانوا يعكفون على قبر ذلك الرجل
فجعلوه وثنا .. والعزى : كانت لغطفان وهي سمرة من شجر الطلح .. وأصله : مؤنث الأعز
وأصنام قريش كانت مؤنثات .. وقد بعث إليها رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خالد بن الوليد فقطعها فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها
داعية ويلها واضعة يدها على رأسها فجعل يضربها بالسيف حتى قتلها وهو يقول :
يا عز كفرانك
لا سبحانك
|
|
إني رأيت
الله قد أهانك
|
ورجع فأخبر
رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال عليه الصلاة والسلام : تلك العزى ولن تعبد أبدا.
أما «مناة» فهي صخرة كانت لهذيل وخزاعة .. وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : هي
لثقيف. و «مناة» «مفعلة» من «النوء» كأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء تبركا بها
وهناك أسماء أخرى لأصنام سيرد ذكرها مع شرحها في سورة «نوح».
** (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية عشرة
.. المعنى : ما كذب فؤاد محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ما رآه ببصره من صورة جبريل ـ عليهالسلام ـ أي ما قال فؤاده لما رآه : لم أعرفك لأنه عرفه بقلبه
كما رآه بصره ويؤيد ذلك أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ سئل : هل رأيت ربك؟ فقال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : رأيته بفؤادي .. وبمعنى ما كذب فؤاد محمد من عجائب
الملكوت ما رآه بصره منها لأنه كان عرفها قبل أن يراها أو ما كذب القلب البصر بما
حكاه له فإن العلويات تدرك أولا بالقلب ثم تنتقل منه إلى البصر.
** (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية
والعشرين والإشارة إلى القسمة الجائرة .. وعن هذا الحرف «إذا» و «إذن» ومعناه
وطريقة رسمه ـ رسم آخره ـ بعض الآراء واختلف في كتابته وهو في الآية الكريمة حرف
ملغى لأنه جاء في وسط الكلام. ويرى الفراء أن اللفظة تكتب بالألف وأنها منونة وقال
غيره من علماء اللغة تكتب بالنون لأنها مثل «لن» و «أن» ولا يدخل التنوين في
الحروف ويرى الزركشي وهو من المفسرين أن معنى «إذن» الجواب والجزاء في حين يرى
التنوخي وهو من البلاغيين أن معناها التقرير والتعليل. وقيل إذا كانت «إذن» متوسطة
في الكلام فهي ملغاة أي عدم نصبها الفعل المضارع وكتابتها بالألف «إذا» وإن كانت
في أول الكلام وكان الذي بعدها مستقبلا نصبت الفعل أما فيما يتعلق بكتابتها فقد نص
الرماني على أن اختيار البصريين هو أن تكتب «إذا» بالألف وأما اختيار الكوفيين فهو
كتابتها بالنون «إذن» وهذا خلاف ما ذكره ابن النحاس الذي قال بإلغائها في القرآن
الكريم ويجوز ذلك في كلام العرب في حين قال المبرد : أشتهي أن أكوي يد من يكتب «إذن»
بالألف لأنها مثل «لن» و «أن» ولا يدخل التنوين في الحروف. وعد حكي كتابتها بالنون
عند حذاق النحويين ونسب إلى الفراء كتابتها بالألف. و «ضيزى» بمعنى : جائرة وقد
أمر الله تعالى نبيه الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ باستفتاء قريش عن وجه القسمة الجائرة .. وقد كانت
قريش تكره البنات بشدة وتئدهن أي يدفنونهن وهن حيات وهي عادة جاهلية منعها الإسلام
بعد انتشاره. وكانت كندة تئد البنات وقال الفرزدق :
ومنا الذي
منع الوائدات
|
|
وأحيا الوئيد
فلم توأد
|
يعني الفرزدق
بشعره الذي قاله مفتخرا جده صعصعة .. قدم على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فعرض عليه الإسلام فأسلم فقال : وما عملت؟ قال :
أحييت ثلاثا وستين من الموءودة اشترى كل واحدة منهن بناقتين عشراوين وجمل ؛ فهل لي
في ذلك أجر؟ فقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : هذا من باب البر ولك أجره إذ من الله عليك
بالإسلام. و «الوئيد» في بيت الشعر بمعنى : الموءودة. كان الرجل منهم إذا ولدت له
بنت فأراد أن يستحييها ـ أن يتركها حية ـ ألبسها جبة من صوف أو شعر ترعى له الإبل
والغنم في البادية .. وإن أراد قتلها تركها حتى إذا كانت سداسية فيقول لأمها :
طيبيها وزينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها وقد حفر لها بئرا في الصحراء فيبلغ بها
البئر فيقول لها : انظري فيها ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب حتى تستوي
البئر بالأرض. يقال : وأد البنت يئدها .. من باب «وعد» بمعنى : دفنها حية فهي
موءودة ووئيدة ووئيد ـ فعيل بمعنى مفعول ـ وهو وائد ـ اسم فاعل ـ وقيل : الفعل
«وأد ـ يئد ـ مقلوب من «آد ـ يئود : إذا أثقل .. يقال : وأد فلانا : أي أثقله لأنه
إثقال بالتراب.
(عَلَّمَهُ شَدِيدُ
الْقُوى)
(٥)
(عَلَّمَهُ شَدِيدُ
الْقُوى) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية لوحي أو في محل
نصب حال من ضمير الغائب الهاء في «يوحى إليه» أي من محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهي فعل ماض مبني على الفتح والهاء ضمير متصل ـ ضمير
الغائب في محل نصب مفعول به أول مقدم وحذف المفعول به الثاني للفعل «علم» اختصارا
بمعنى : علمه إياه ملك شديد القوى أي علم محمدا القرآن ملك شديدة قواه وهو جبريل ـ
عليهالسلام ـ فحذف الموصوف «ملك» وأقيمت صفته «شديد» مقامه. شديد :
فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف. القوى : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة
المقدرة على الألف المقصورة للتعذر.
(ذُو مِرَّةٍ
فَاسْتَوى)
(٦)
(ذُو مِرَّةٍ
فَاسْتَوى) : صفة ثانية للموصوف المحذوف «ملك» مرفوع وعلامة رفعه
الواو لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. مرة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة
جره الكسرة المنونة. الفاء سببية و «استوى» فعل ماض مبني على الفتح المقدر على
الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
(وَهُوَ بِالْأُفُقِ
الْأَعْلى)
(٧)
(وَهُوَ بِالْأُفُقِ
الْأَعْلى) : الواو حالية والجملة الاسمية بعده في محل نصب حال. هو
: ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. بالأفق : جار
ومجرور متعلق بخبر «هو». الأعلى : صفة ـ نعت ـ للأفق مجرور مثله وعلامة جره الكسرة
المقدرة على الألف المقصورة للتعذر.
(ثُمَّ دَنا
فَتَدَلَّى)
(٨)
(ثُمَّ دَنا
فَتَدَلَّى) : حرف عطف. دنا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على
الألف للتعذر. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. فتدلى : الجملة الفعلية
معطوفة بالفاء على «دنا» وتعرب مثلها.
(فَكانَ قابَ
قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى)
(٩)
(فَكانَ قابَ) : الفاء عاطفة. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح
واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. قاب : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو
مضاف بمعنى فكان اقتراب جبريل ـ عليهالسلام ـ من محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مقدار.
(قَوْسَيْنِ أَوْ
أَدْنى) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى
والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وكلمة «أدنى» معطوفة بأو على «قاب» وتعرب مثلها
وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف للتعذر.
(فَأَوْحى إِلى
عَبْدِهِ ما أَوْحى)
(١٠)
(فَأَوْحى إِلى
عَبْدِهِ) : الفاء عاطفة. أوحى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر
على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إلى عبده : جار ومجرور
متعلق بأوحى والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
(ما أَوْحى) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. أوحى
: أعرب. والجملة الفعلية «أوحى» صلة الموصول لا محل لها بمعنى ما أراد الله أن
يوحيه إليه ..
(ما كَذَبَ الْفُؤادُ
ما رَأى)
(١١)
(ما كَذَبَ الْفُؤادُ) : نافية لا عمل لها. كذب : فعل ماض مبني على الفتح. الفؤاد
: فاعل مرفوع بالضمة أي فؤاد محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(ما رَأى) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. رأى
: الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على
الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والعائد إلى الموصول ضمير
محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. المعنى : ما رآه ببصره من صورة جبريل أي ما قال
فؤاده لما رآه : لم أعرفك .. أو بمعنى : ما أنكر فؤاد محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ البصر فيما رآه من صورة جبريل ـ عليهالسلام ـ.
(أَفَتُمارُونَهُ عَلى
ما يَرى)
(١٢)
(أَفَتُمارُونَهُ) : الهمزة همزة إنكار وتعجب بلفظ استفهام. الفاء
تزيينية. تمارونه : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى : أفتجادلونه
الجدال الباطل على ما يراه من آياته الله؟
(عَلى ما يَرى) : حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر
بعلى والجار والمجرور متعلق بتمارون. يرى : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها
وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر والفاعل ضمير مستتر
فيه جوازا تقديره هو. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به.
التقدير : على ما يراه أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «يرى» صلة حرف مصدري لا محل
لها و «ما» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعلى. التقدير : على رؤيته
..
(وَلَقَدْ رَآهُ
نَزْلَةً أُخْرى)
(١٣)
(وَلَقَدْ رَآهُ) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. قد :
حرف تحقيق. رآه : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هو. والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في
محل نصب مفعول به ويجوز أن تكون اللام واقعة في جواب قسم محذوف.
(نَزْلَةً أُخْرى) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة
المنونة متعلق برأى لأن «الفعلة» اسم للمرة من الفعل فكانت في حكمها أو تكون
مفعولا مطلقا نائبا عن المصدر بمعنى : نزل عليه جبريل نزلة أخرى أي مرة أخرى في
صورة نفسه فرآه عليها وذلك ليلة المعراج أو تكون في موضع الحال من ضمير الغائب ـ الهاء
ـ في «رآه» بمعنى : نازلا نزلة أخرى. أخرى : صفة ـ نعت ـ لنزلة منصوبة مثلها
وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر.
(عِنْدَ سِدْرَةِ
الْمُنْتَهى)
(١٤)
(عِنْدَ سِدْرَةِ
الْمُنْتَهى) : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق برأى وعلامة نصبه
الفتحة وهو مضاف. سدرة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.
المنتهى : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف
المقصورة للتعذر. السدرة هي شجرة النبق وسدرة المنتهى : هي التي ينتهي إليها علم
الخلائق أو أعمالهم وهي في السماء السادسة أي في أعلى مكان في السماء والله أعلم
بحقيقتها.
(عِنْدَها جَنَّةُ
الْمَأْوى)
(١٥)
(عِنْدَها جَنَّةُ
الْمَأْوى) : الجملة الاسمية في محل نصب حال من «السدرة». عند :
ظرف مكان أو زمان أيضا منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بخبر مقدم وهو
مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. جنة : مبتدأ مؤخر
مرفوع بالضمة وهو مضاف. المأوى : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة
المقدرة على الألف المقصورة للتعذر بمعنى الجنة التي يأوي أي ينزل إليها المؤمنون
الأتقياء.
(إِذْ يَغْشَى
السِّدْرَةَ ما يَغْشى)
(١٦)
(إِذْ يَغْشَى
السِّدْرَةَ) : اسم مبني على السكون في محل نصب ظرف زمان متعلق برأى.
والجملة الفعلية «يغشى ..» مع الفاعل في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد «إذ». يغشى
: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر أي يغطي. السدرة : مفعول به
منصوب وعلامة نصبه الفتحة وقدم المفعول على الفاعل.
(ما يَغْشى) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. يغشى : أعربت.
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «يغشى» صلة الموصول لا
محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما
يغشاها بمعنى : إذ يغطي السدرة ما يغطيها من الخلائق الدالة على عظمة الله وجلاله
مما لا يمكن التعبير عنه من أسرار الله تعالى وملائكته.
(ما زاغَ الْبَصَرُ
وَما طَغى)
(١٧)
(ما زاغَ الْبَصَرُ) : نافية لا عمل لها. زاغ : فعل ماض مبني على الفتح. البصر
: فاعل مرفوع بالضمة بمعنى ما مال بصر محمد عن الرؤية.
(وَما طَغى) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. طغى : فعل ماض
مبني على الفتح المقدر على الألف المقصورة للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو بمعنى وما جاوز أو تجاوز الحد أي ما جاوز ما أمر برؤيته.
(لَقَدْ رَأى مِنْ
آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى)
(١٨)
(لَقَدْ رَأى) : اللام لام الابتداء والتوكيد أو واقعة في جواب قسم
محذوف بتقدير : والله لقد رأى .. قد : حرف تحقيق. رأى : فعل ماض مبني على الفتح
المقدر على الألف المقصورة للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.
(مِنْ آياتِ رَبِّهِ) : جار ومجرور متعلق برأى أو بحال مقدمة من «الكبرى»
لأنها متعلقة بصفة لها قدمت عليها. ربه : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره
الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه.
(الْكُبْرى) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف
للتعذر أو تكون «من» للتبعيض قائمة مقام مفعول «رأى» بمعنى : رأى بعض آيات ربه
الكبرى. و «الكبرى» صفة للآيات مجرورة مثلها وعلامة الجر الكسرة المقدرة على الألف
للتعذر أو يكون المعنى : لقد رأى محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الآية الكبرى في ليلة المعراج من آيات ربه فحذف
الموصوف «الآية» وحلت الصفة «الكبرى» محلها.
(أَفَرَأَيْتُمُ
اللاَّتَ وَالْعُزَّى)
(١٩)
(أَفَرَأَيْتُمُ) : الهمزة همزة تأنيب وتهكم بلفظ استفهام. الفاء
تزيينية. رأيتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة
جمع الذكور.
(اللَّاتَ وَالْعُزَّى) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والعزى : معطوفة
بالواو على «اللات» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف المقصورة
للتعذر وهما اسما صنمين وهما مؤنثتان.
(وَمَناةَ
الثَّالِثَةَ الْأُخْرى)
(٢٠)
(وَمَناةَ
الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) : معطوفة بالواو على «اللات والعزى» منصوبة مثلهما وعلامة
نصبها الفتحة ولم تنون لأنها ممنوعة من الصرف. الثالثة : صفة ـ نعت ـ لمناة منصوبة
مثلها وعلامة نصبها الفتحة. الأخرى : صفة ثانية لمناة منصوبة مثلها وعلامة نصبها
الفتحة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر وجاءت الصفتان للذم. أو لتأكيد الذم.
والأخرى : بمعنى : المتأخرة الوضيعة القدر.
(أَلَكُمُ الذَّكَرُ
وَلَهُ الْأُنْثى)
(٢١)
(أَلَكُمُ الذَّكَرُ) : الجملة الاسمية في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف
بتقدير : قيل لهم : ألكم الذكر أي أتدعون لكم الذكر أي الولد الذكر وله الأنثى ..
أي ولله الإناث فتقولون إن الملائكة بنات الله وأنتم تكرهون أن تكون لكم البنات أي
لا ترضونهن لأنفسكم. الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام.
لكم : جار
ومجرور متعلق بخبر مقدم. الذكر : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. والميم في «لكم» علامة
جمع الذكور وحرك بالضم لالتقاء الساكنين.
(وَلَهُ الْأُنْثى) : الجملة الاسمية معطوفة بالواو على الجملة الاسمية «لكم
الذكر» وتعرب إعرابها وعلامة رفع «الأنثى» الضمة المقدرة على الألف المقصورة
للتعذر بمعنى كيف جعلتم الإناث اللائي تحتقروهن وكيف جعلتم الملائكة وهذه الأصنام
بنات لله وشركاء وأندادا له وتسمونهن آلهة وجعلتم الذكور. لكم وأنتم تفخرون بهم؟
(تِلْكَ إِذاً
قِسْمَةٌ ضِيزى)
(٢٢)
(تِلْكَ إِذاً) : تي : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.
اللام للبعد والكاف حرف خطاب والإشارة إلى القسمة. إذا : حرف جواب ملغاة لأنها في
وسط الكلام لا عمل لها.
(قِسْمَةٌ ضِيزى) : خبر «تلك» مرفوع بالضمة المنونة. ضيزى : صفة ـ نعت ـ لقسمة
مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر بمعنى : قسمة
جائرة. من ضازه ـ يضيزه .. إذا ضامه.
(إِنْ هِيَ إِلاَّ
أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ
سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ
جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى)
(٢٣)
(إِنْ هِيَ) : مخففة من «إن» لا عمل لها مهملة بمعنى «ما» النافية.
هي : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ يعود على الأصنام.
(إِلَّا أَسْماءٌ) : أداة حصر لا عمل لها. أسماء : خبر «هي» مرفوع بالضمة
المنونة بمعنى : مجرد أسماء ليس تحتها في الحقيقة مسميات أو تعود «الأسماء» على «اللات
والعزى ومناة».
(سَمَّيْتُمُوها
أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ) : أعرب في الآية الكريمة الحادية والسبعين من سورة «الأعراف».
(إِنْ يَتَّبِعُونَ) : أعربت. يتبعون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : ما يتبعون في هذه التسمية.
(إِلَّا الظَّنَ) : أداة حصر لا عمل لها. الظن : مفعول به منصوب بالفتحة
بمعنى : إلا توهم أن ما هم عليه حق.
(وَما تَهْوَى
الْأَنْفُسُ) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
نصب مفعول «يتبعون». تهوى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.
الأنفس : فاعل مرفوع بالضمة. والجملة الفعلية «تهوى الأنفس» صلة الموصول لا محل
لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به.
التقدير : وما تهواه نفوسهم أي وما تشتهيه نفوسهم و «ما» معطوف على «الظن».
(وَلَقَدْ جاءَهُمْ) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف
تحقيق. جاء : فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل
نصب مفعول به مقدم.
(مِنْ رَبِّهِمُ
الْهُدى) : جار ومجرور متعلق بجاء و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه أو يكون الجار والمجرور متعلقا بحال محذوفة مقدمة
من الهدى : الهدى : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر بمعنى :
جاءهم الدليل على أن دينهم باطل.
(أَمْ لِلْإِنْسانِ ما
تَمَنَّى)
(٢٤)
(أَمْ لِلْإِنْسانِ) : حرف عطف. وهي «أم» المنقطعة وهي بمعنى حرف الإضراب «بل»
والهمزة فيها للإنكار أي ليس للإنسان. للإنسان : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم
بمعنى هل ينال المرء كل ما يتمناه من أن الأصنام تشفع له؟
(ما تَمَنَّى) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. تمنى
: الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على
الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والعائد إلى الموصول ضمير
محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما تمناه.
(فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ
وَالْأُولى)
(٢٥)
(فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ) : الفاء استئنافية. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل
رفع خبر مقدم. الآخرة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.
(وَالْأُولى) : معطوفة بالواو على «الآخرة» مرفوعة مثلها وعلامة
رفعها الضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر بمعنى هو مالكهما فهو يعطي منهما
ما يشاء ويمنع ما يشاء.
(وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ
فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ
يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى)
(٢٦)
(وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ) : الواو استئنافية. كم : خبرية مبنية على السكون في محل
رفع مبتدأ. من ملك : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «كم» و «من» حرف جر بياني.
التقدير : عدد كثير حال كونه من الملائكة.
(فِي السَّماواتِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «ملك» التقدير : كائن
في السموات.
(لا تُغْنِي
شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «كم». لا : نافية لا
عمل لها. تغني : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. شفاعة : فاعل
مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه و «شيئا»
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو يكون مفعولا مطلقا في موضع المصدر
أي إغناء شيئا.
(إِلَّا مِنْ بَعْدِ
أَنْ) : أداة حصر لا عمل لها. من بعد : جار ومجرور متعلق
بتغني. أن : حرف مصدري ناصب.
(يَأْذَنَ اللهُ) : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل
مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة ولفظ الجلالة «الله» فاعل مرفوع للتعظيم
بالضمة و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر مضاف إليه.
(لِمَنْ يَشاءُ) : اللام حرف جر. من : اسم موصول مبني على السكون في محل
جر باللام والجار والمجرور متعلق بيأذن. يشاء : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «يشاء» صلة الموصول لا محل لها
بمعنى : لمن يشاء منهم.
(وَيَرْضى) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يشاء» وتعرب
إعرابها وعلامة بناء الفعل الضمة المقدرة على الألف للتعذر.
(إِنَّ الَّذِينَ لا
يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى)
(٢٧)
(إِنَّ الَّذِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني
على الفتح في محل نصب اسم «إن».
(لا يُؤْمِنُونَ
بِالْآخِرَةِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. لا : نافية
لا عمل لها. يؤمنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل. بالآخرة : جار ومجرور متعلق بيؤمنون بمعنى بالحياة في الدار الآخرة.
(لَيُسَمُّونَ
الْمَلائِكَةَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» اللام لام
التوكيد ـ المزحلقة ـ يسمون : تعرب إعراب «يؤمنون». الملائكة : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة بمعنى يطلقون على الملائكة أسماء الإناث.
(تَسْمِيَةَ الْأُنْثى) : مفعول به في موضع المصدر منصوب وعلامة نصبه الفتحة
وهو مضاف. الأنثى : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف
المقصورة للتعذر بمعنى ويزعمون أن الملائكة بنات الله أي يصف المشركون كل ملك
تسمية الأنثى.
(وَما لَهُمْ بِهِ
مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ
الْحَقِّ شَيْئاً)
(٢٨)
(وَما لَهُمْ بِهِ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. اللام حرف
جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم.
به : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة مقدمة من «علم» أي ما لهم بذلك أي بما يقولون.
(مِنْ عِلْمٍ) : حرف جر زائد لتوكيد معنى النفي. علم : اسم مجرور لفظا
مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر.
(إِنْ يَتَّبِعُونَ) : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. يتبعون : فعل مضارع
مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
(إِلَّا الظَّنَ) : أداة حصر لا عمل لها. الظن : مفعول به منصوب بالفتحة
بمعنى : ما يتبعون بهذه التسمية إلا الخيالات والظنون.
(وَإِنَّ الظَّنَّ لا
يُغْنِي) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الظن
: اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. لا : نافية لا عمل لها.
يغني : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر
فيه جوازا تقديره : هو. والجملة الفعلية «لا يغني ..» في محل رفع خبر «إن» بمعنى :
لا ينفع.
(مِنَ الْحَقِّ
شَيْئاً) : جار ومجرور متعلق بيغني أو بحال مقدمة من «شيئا». شيئا
: نائب عن مفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف أو صفة له منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة
بمعنى : إغناء شيئا.
(فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ
تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَياةَ الدُّنْيا)
(٢٩)
(فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ
تَوَلَّى) : الفاء استئنافية. أعرض : فعل أمر مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. عن : حرف جر. من : اسم موصول مبني على
السكون في محل جر بعن. والجار والمجرور متعلق بأعرض. تولى : الجملة الفعلية صلة
الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
(عَنْ ذِكْرِنا) : جار ومجرور متعلق بتولى. و «نا» ضمير متصل مبني على
السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى فأعرض عن دعوة من رأيته معرضا عن ذكر. وعلى هذا
التفسير يكون الجار والمجرور متعلقا بحال محذوفة من ضمير «تولى».
(وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا) : الواو عاطفة. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يرد : فعل
مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت الياء ـ أصله : يريد ـ تخفيفا
لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إلا : أداة حصر لا عمل
لها.
(الْحَياةَ الدُّنْيا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الدنيا : صفة ـ نعت
ـ للحياة منصوبة مثلها بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر.
(ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ
مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ
أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى)
(٣٠)
(ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف حرف خطاب. مبلغ : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل
ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه والإشارة إلى طلب الدنيا وزينتها وجاء
الضمير «هم» بصيغة الجمع وهو عائد على «من تولى» لأنه جاء هنا على معنى «من» لا
على لفظها.
(مِنَ الْعِلْمِ) : جار ومجرور متعلق بمبلغ ـ المصدر على تأويل فعله ـ أو
بصفة محذوفة من «مبلغهم» بمعنى طلبهم للحياة الدنيا غاية ما يبلغونه من العلم.
(إِنَّ رَبَّكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربك : اسم «إن» منصوب
وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر
مضاف إليه. والجملة الاسمية بعده «هو أعلم» في محل رفع خبر «إن».
(هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. أعلم :
خبر «هو» مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» ومن وزن
الفعل. بمن : جار ومجرور متعلق بأعلم و «من» اسم موصول مبني على السكون في محل جر
بالباء.
(ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. عن سبيله : جار ومجرور
متعلق بضل والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه بمعنى بمن انحرف عن دينه.
(وَهُوَ أَعْلَمُ
بِمَنِ اهْتَدى) : معطوف بالواو على «هو أعلم بمن ضل» ويعرب إعرابه وكسر
آخر «من» لالتقاء الساكنين وعلامة بناء الفعل «اهتدى» الفتحة المقدرة على الألف
المقصورة للتعذر بمعنى : اهتدى إلى الصواب.
(وَلِلَّهِ ما فِي
السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا
وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى)
(٣١)
(وَلِلَّهِ ما فِي
السَّماواتِ) : الواو استئنافية. الله : جار ومجرور للتعظيم في محل
رفع خبر مقدم. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. في السموات
: جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد .. استقر .. كان. والجملة الفعلية «وجد
في السموات» صلة الموصول لا محل لها بمعنى : له جميع ما في الكون من المخلوقات.
(وَما فِي الْأَرْضِ) : معطوف بالواو على «ما في الأرض» ويعرب إعرابه.
(لِيَجْزِيَ الَّذِينَ) : اللام لام التعليل وهي حرف جر. يجزي : فعل مضارع
منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية
«يجزي الذين ..» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة بعد اللام وما بعدها
بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بقوله «لا تغني شفاعته
شيئا» أو متعلق بقوله (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ
ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى) لأن نتيجة العلم بالضال والمهتدي جزاؤهما.
(أَساؤُا بِما
عَمِلُوا) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. الباء حرف جر. و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار
والمجرور متعلق بأساءوا. عملوا : تعرب إعراب «أساءوا» بمعنى بعقاب ما عملوا من
السوء أو بسبب ما عملوا من السوء والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه
مفعول به. التقدير : بما عملوه. أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «عملوا» صلة حرف
مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير : بعملهم
بمعنى على إساءتهم أي النار معدة للمسيئين.
(وَيَجْزِيَ الَّذِينَ
أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يجزي الذين
أساءوا» وتعرب إعرابها. بالحسنى : جار ومجرور متعلق
بيجزي وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر المعنى :
بالمثوبة الحسنى وهي الجنة أو بسبب الأعمال الحسنى بمعنى وللمحسنين أعمالهم جزاؤهم
الجنة.
** (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا
بِالْحُسْنَى) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة الحادية
والثلاثين .. المعنى : ويجزي المحسنين بالمثوبة الحسنى وهي الجنة أو بسبب الأعمال
.. فحذف الموصوف «المثوبة .. أو الأعمال» وأقيمت الصفة «الحسنى» مقامه وهي مؤنث :
الأحسن.
** (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ
الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الثانية
والثلاثين .. اللمم : هي صغائر الذنوب وأقلها .. يقال : ألم بالطعام : بمعنى : قل
منه أكله .. وألم بالمكان : إذا قل فيه لبثه ـ أي مكوثه ـ واللمم : بمعنى : المس
من الجنون واللوثة منه أيضا ويقول السدي : اللمم : الخطرة من الذنوب. وعن الكلبي :
هو كل ذنب لم يذكر الله عليه حدا ولا عذابا. وعن عطاء : هو عادة النفس الحين بعد
الحين .. وعن سعيد الخدري : اللمم : هي النظرة .. والغمزة .. والقبلة ـ بضم القاف
ـ.
** سبب نزول
الآية : أخرج الواحدي والطبراني وغيرهما عن ثابت بن الحارث قال : كانت اليهود تقول
إذا هلك لهم صبي صغير : هو صديق. فبلغ ذلك النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : كذبت اليهود .. ما من نسمة يخلقه الله في بطن
أمه إلا وهو يعلم أنه شقي أو سعيد .. فأنزل الله تعالى قوله الكريم : «هو أعلم بكم
..».
** (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ..
وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى) : هذان القولان هما نصا الآيتين الكريمتين الثالثة
والثلاثين والرابعة والثلاثين .. المعنى الذي أعرض عن اتباع الحق .. أي الإسلام
وأعطى قليلا من ماله وأمسك أي وقطع عطيته .. قال الزمخشري : أصله : إكداء الحافر
وهو أن تلقاه كدية وهي صلابة كالصخرة فيمسك عن الحفر .. ونحوه : أجبل الحافر .. ثم
استعير فقيل : أجبل الشاعر إذا أفخم.
** سبب نزول
الآية : نزلت هذه الآية الكريمة والآيات التي بعدها في الوليد بن المغيرة .. كان
قد أسلم فعيره صديق له من المشركين فأجابه بأنه يخشى عذاب الله فضمن له أن يتحمل
عنه العذاب إذا أعطاه بعض ماله .. فارتد وأعطى قليلا من ماله الذي شرط ووعد به
وبخل بالباقي. فنزلت الآيات .. يقال : أكدى الرجل : بمعنى : قل خيره وقيل : إن
عثمان ـ رضي الله عنه ـ كان يعطي ماله في الخير فقال له عبد الله بن سعد بن أبي
سرح ـ وهو أخوه من الرضاعة ـ : يوشك أن لا يبقى لك شيء. فقال عثمان : إن لي ذنوبا
وخطايا وإني أطلب بما أصنع رضا الله تعالى وأرجو عفوه ؛ فقال عبد الله أعطني ناقتك
برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن العطاء. وقوله تعالى
: وأكدى : فيه كناية عن التوقف عن العطاء.
** (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ
مُوسى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة
والثلاثين .. المعنى : ألم يخبر بما جاء في صحف موسى .. أي في أسفار التوراة ..
والصحف : جمع : صحيفة وستشرح بصورة أشمل في سورة «البينة».
** (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة
والأربعين .. المعنى : وأن الله تعالى هو خلق فعلي الضحك والبكاء أي أوجد أسبابهما
أو هو جلت قدرته أضحك المؤمنين وأبكى الكافرين وعلى هذا المعنى حذف مفعولا الفعلين
المتعديين «أضحك .. أبكى» اختصارا وهما «المؤمنين .. الكافرين» كما حذف مفعولا
الفعلين المتعديين الآخرين في الآية الكريمة التالية «وأنه هو أمات وأحيا» بمعنى :
أمات الأموات وأحيا الأجنة ـ جمع جنين أو أمات الأحياء وأحيا الأموات. الفعل
الرباعي «أضحك» يتعدى إلى المفعول به وكذلك الفعل «أبكى» أما الفعلان الثلاثيان
«ضحك .. بكى» فهما فعلان لازمان .. يقال : ضحك ـ يضحك ضحكا من زيد وضحك به : بمعنى
سخر منه أو عجب .. وضحك الرجل : أي انبسط وجهه وانشرح وطابت نفسه والضحك ـ بكسر
الحاء هو الاسم ويأتي مصدرا أيضا واسم الفاعل هو ضاحك وضحاك ـ بتشديد الحاء ـ من
صيغ المبالغة ـ فعال بمعنى فاعل ـ أي كثير الضحك وبه سمي .. ومنه الضحاك ابن مزاحم
: يقال : حملته أمه أربع سنين وقيل : ستة عشر شهرا وحكي عن أم الشاعر : «تأبط شرا»
أنها قالت فيه : إنه والله لشيطان ما رأيته قط ضاحكا ولا هم بشيء مذ كان صبيا إلا
فعله وقد حملت به في ليلة ظلماء وإن نطاقي لمشدود .. والنطاق هو ما تنتطق به
المرأة وتشد وسطها للعمل. ويقال : فلان ضحكة ـ بضم الضاد وفتح الحاء ـ بمعنى :
يكثر الضحك من الناس فهو صفة له .. وفلان ضحكة ـ بضم الضاد وسكون الحاء ـ بمعنى :
يكثر الناس الضحك منه فهو من صفات الناس .. ويأتي اسم الفاعل «الضاحك» و «الضاحكة»
تسمية للسن التي تلي الناب في فم الإنسان قال الشاعر :
أتاك الربيع
الطلق يختال ضاحكا
|
|
من الحسن حتى
كاد أن يتكلما
|
وقد نبه
النيروز في غسق الدجى
|
|
أوائل وردكن
بالأمس نوما
|
أما «الأضحوكة»
فهو ما يضحك منه وجمعه : أضاحيك .. وتجمع «الضاحكة» على «ضواحك» ومنه قيل : افتر
عن ضواحكه : أي عن أسنانه التي تبدو عند الضحك .. وتطلق «الكشرة» بكسر الكاف ـ على
كشف الأسنان عند الضحك وغيره .. ومنه تكشيرة الأسد .. ولهذا يقال : كشر فلان له :
أي تنمر له وأرعده كأنه أسد ويشدد الفعل للمبالغة فيقال : كشر .. أما «الابتسام»
فهو دون الضحك وفعله «بسم» وابتسم «وتبسم» بمعنى : ضحك قليلا من غير صوت .. أما
قولهم : تبسم ضاحكا : فمعناه : تبسم شارعا في الضحك وآخذا فيه يعني أنه قد تجاوز
حد التبسم إلى الضحك .. وكذلك ضحك الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ أما «البكاء» فيأتي أيضا مصدر الفعل «بكى» نحو : بكى
الرجل ـ يبكي ـ بكاء : بمعنى : صوت بالبكاء حزنا والبكى ـ بالألف المقصورة ـ مصدر
الفعل «بكى» أيضا .. ومعناه : سال دمعه حزنا. وقيل : البكاء بمد الألف : هو الصوت
.. والبكى ـ بقصر الألف ـ : هو الدموع وخروجها. والبكاء شأنه شأن «النحيب» الذي
يعني رفع الصوت بالبكاء. قال الشاعر :
لما تؤذن
الدنيا به من صروفها
|
|
يكون بكاء
الطفل ساعة يولد
|
وإلا فما
يبكيه منها وإنه
|
|
لأفسح مما
كان فيه وأرغد
|
إذا أبصر
الدنيا استهل كأنه
|
|
بما سوف يلقى
من أذاها يهدد
|
يقول الشاعر
ابن الرومي : إنما يكون بكاء الطفل ساعة الولادة لما يعلم أن الدنيا موضع الفتن
ومكان المحن وإلا فما يبكيه منها والحال أنه قد نجا من ضيق البطن والرحم وانفصل
إلى موضع هو أفسح وأرغد منه وبرواية أخرى :
لما تؤذن
الدنيا به من صروفها
|
|
يكون بكاء
الطفل ساعة يوضع
|
وإلا فما
يبكيه منها وإنها
|
|
لأروح مما
كان فيه وأوسع
|
إذا أبصر
الدنيا استهل كأنه
|
|
يرى ما سيلقى
من أذاها ويسمع
|
** (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ
الشِّعْرى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة
والأربعين .. الشعرى : هي كوكب في السماء مضيء خلف الجوزاء كانت خزاعة تعبدها وقيل
: تزعم العرب أنهما أختا سهيل .. وهما مرزم والجوزاء وهي التي تطلع وراءها وهما
شعريان : الغميصاء والعبور.
** (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة
والخمسين. المعنى : وأهوى أي وأسقط المؤتفكة وهي قرى قوم لوط ـ عليهالسلام ـ التي ائتفكت بأهلها : أي انقلبت بهم رفعها إلى السماء
ثم أهواها إلى الأرض فصار عاليها سافلها.
** (فَغَشَّاها ما غَشَّى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة
والخمسين .. المعنى : فغطاها من عذاب الله ما غطاها. وفيه تهويل لما صب عليها من
العذاب وأمطر عليها من الصخر المنضود.
** (وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ) .. وأنتم سامدون : هذان القولان الكريمان هما نصا
الآيتين الكريمتين الستين والحادية والستين. و «سامدون» بمعنى : شامخون مبرطمون
وقيل : لاهون لاعبون. أو مستكبرون من سمد البعير ـ يسمده ـ سمودا .. من باب «دخل»
دخولا : بمعنى : رفع رأسه ونصب صدره تكبرا وسمده : ألهاه والسامد : هو اللاهي ـ اسم
فاعل أو من السمود أيضا بمعنى الغناء أي مغنون .. لتشغلوا الناس عن الاستماع إلى
القرآن .. وفي هذه الآية الكريمة جمعت لفظتا «تضحكون .. وتبكون .. كما جمع الفعلان
: أضحك .. أبكى .. في الآية الثالثة والأربعين .. المعنى : وتضحكون استهزاء به ولا
تبكون على ما فرطتم والبكاء والخشوع حق عليكم ومن معاني «البكاء» أيضا : العويل ..
فهو البكاء والصراخ أو رفع الصوت بالبكاء .. يقال : أعول إعوالا .. وفي الحديث : «المعول
عليه يعذب» وهو اسم مفعول بمعنى الذي يعول عليه أي يصرخ ويبكي بصوت عال. يحكى أن
وفدا من اليمن قدم على أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ فقرأ عليهم القرآن فبكوا
.. فقال : هكذا كنا حتى قست القلوب. وجاء في مجمع الأمثال : وقال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «لكن حمزة لا بواكي له» البواكي : جمع «باكية» قال ـ
صلىاللهعليهوسلم ـ ذلك لما وجد نساء المدينة يبكين قتلاهن بعد أحد ..
فأمر سعد بن معاذ وأسيد بن حضير ـ رضي الله عنهما ـ نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن
فيبكين على عم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فلما سمع رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بكاءهن على حمزة خرج إليهن وهن على باب مسجده فقال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : ارجعن يرحمكن الله فقد أسأتن لأنفسكن وقال الشاعر :
بكيت كما
يبكي الحزين صبابة
|
|
وذبت من
الشوق والصد
|
بكيت كما
يبكي الوليد ولم تكن
|
|
جزوعا وأبديت
الذي لم تكن تبدي
|
ويقال :
اغرورقت العين : بمعنى : دمعت كأنها غرقت في دمعها .. ومن الأقوال الشهيرة
والمتداولة قولهم : دموع المرأة وغيرها كدموع التماسيح .. وفي هذا القول جناية أو
تجن وظلم على التمساح والمرأة معا! وأصل هذه التسمية ـ كما جاء في بحث علمي لأحد
الأطباء ـ هو أن الناس لاحظوا أن التماسيح تبكي بكاء مرا بدموع رقراقة غزيرة بعد
أن تكون قد افترست إحدى ضحاياها وكأنها حزينة على الفريسة التي التهمتها! لهذا
السبب أطلق الناس عبارة «دموع التماسيح» كناية عن الخدعة الكاذبة! وقد انجلى هذا
الغموض في الآونة الأخيرة عند ما تبين أن التماسيح تخلص نفسها من زيادة الملوحة
الممتصة مع الماء والطعام ـ الفريسة ـ وذلك عن طريق القناة الإخراجية للغدة
الملحية التي تفتح العين عند التمساح فهي عملية فسيولوجية وطبيعية.
(الَّذِينَ
يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ
واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ
وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ
هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى)
(٣٢)
(الَّذِينَ
يَجْتَنِبُونَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب بدل من «الذين
أحسنوا» الوارد في الآية الكريمة السابقة. يجتنبون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
(كَبائِرَ الْإِثْمِ
وَالْفَواحِشَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والجملة الفعلية
«يجتنبون كبائر ..» صلة الموصول لا محل لها. الإثم : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة. والفواحش : معطوف بالواو على «كبائر الإثم» ويعرب إعرابه. أي
إعراب «الكبائر» بمعنى ويجتنبون الفواحش .. وكبائر الإثم : هي ما كبر عقابه من
الذنوب والفواحش جمع فاحشة .. والكبائر كالشرك والفواحش هي الأعمال القبيحة.
(إِلَّا اللَّمَمَ) : أداة استثناء. اللمم : مستثنى بإلا منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو استثناء
منقطع بمعنى : إلا صغائر الذنوب بمعنى : ولكن اللمم يغفر باجتناب الكبائر ويجوز أن
تكون «اللمم» صفة الكبائر بمعنى : غير اللمم. أي إلا ما قل وصغر من الذنوب.
(إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ
الْمَغْفِرَةِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربك : اسم «إن» منصوب
وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ
ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. واسع : خبر «إن» مرفوع
بالضمة. المغفرة : مضاف إليه مجرور بالكسرة.
(هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر ثان لإن. هو : ضمير
منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. أعلم : خبر «هو» مرفوع بالضمة ولم ينون
لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» ومن وزن الفعل. بكم : جار ومجرور متعلق بأعلم
والميم علامة جمع الذكور بمعنى : هو أعلم بأحوالكم منكم وطبائع نفوسكم.
(إِذْ أَنْشَأَكُمْ) : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب
متعلق بأعلم. أنشأكم : الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه وهي فعل ماض مبني على
الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين
مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور بمعنى : خلقكم من تراب
الأرض أي من الطين.
(مِنَ الْأَرْضِ
وَإِذْ أَنْتُمْ) : جار ومجرور متعلق بأنشأ. الواو عاطفة. إذ : معطوف على
«إذ» الأولى وتعرب مثلها. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ والجملة «أنتم أجنة في بطون أمهاتكم» في محل جر مضاف إليه.
(أَجِنَّةٌ فِي
بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) : خبر «أنتم» مرفوع بالضمة المنونة. في بطون : جار
ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «أجنة» و «بطون» مضاف. أمهاتكم : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني
على الضم في محل جر مضاف إليه ثان والميم علامة جمع الذكور.
(فَلا تُزَكُّوا
أَنْفُسَكُمْ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. لا : ناهية جازمة.
تزكوا : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل والألف فارقة. أنفس : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة و «كم» أعرب في كلمة «أمهاتكم» بمعنى فلا تمدحوا أنفسكم
أي فلا تثنوا عليها وتبرئوها.
(هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ
اتَّقى) : يعرب إعراب «هو أعلم بمن اهتدى» الوارد في الآية
الكريمة الثلاثين.
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي
تَوَلَّى)
(٣٣)
(أَفَرَأَيْتَ) : الهمزة همزة تقرير وتنبيه بلفظ استفهام. الفاء
تزيينية. رأيت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير
متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل.
(الَّذِي تَوَلَّى) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. تولى
: الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على
الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى الذي أعرض عن اتباع
الحق أي الإسلام. والمخاطب في «رأيت» هو الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(وَأَعْطى قَلِيلاً
وَأَكْدى)
(٣٤)
(وَأَعْطى قَلِيلاً
وَأَكْدى) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «تولى» وتعرب
إعرابها. قليلا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وأكدى : الجملة
الفعلية معطوفة بالواو على «أعطى» وتعرب مثلها بمعنى : أعطى قليلا من ماله وقطع
عطيته أي وأمسك بمعنى : وبخل. واللفظة كناية عن التوقف عن العطاء.
(أَعِنْدَهُ عِلْمُ
الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى)
(٣٥)
(أَعِنْدَهُ عِلْمُ
الْغَيْبِ) : الهمزة همزة إنكار وتعجيب بلفظ استفهام. عنده : ظرف
مكان ويجوز أن يكون ظرف زمان على المعنى منصوبا على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة
متعلق بخبر محذوف مقدم وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم
في محل جر مضاف إليه. علم :
مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو مضاف. الغيب : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة.
(فَهُوَ يَرى) : الفاء استئنافية. هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني
على الفتح في محل رفع مبتدأ. يرى : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هو» وهي فعل
مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى فهو يعلم أن ما قاله «الذي تولى» من احتمال
أوزاره ـ أي ذنوبه ـ حق؟ أي تحمل ذنوبه وعذابه بدلا عنه في الآخرة.
(أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ
بِما فِي صُحُفِ مُوسى)
(٣٦)
(أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ) : حرف إضراب بمعنى «بل» وهي «أم» المنقطعة وهي حرف عطف.
لم : حرف نفي وجزم وقلب. ينبأ : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفعل
مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
(بِما فِي صُحُفِ
مُوسى) : الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في
محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بينبأ. في صحف : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف
تقديره : جاء. والجملة الفعلية «جاء في صحف موسى» صلة الموصول لا محل لها. موسى :
مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة المقدرة للتعذر على الألف بدلا من
الكسرة المنونة لأنه اسم ممنوع من الصرف للعجمة بمعنى : أم لم يخبر بما جاء في
أسفار التوراة؟
(وَإِبْراهِيمَ
الَّذِي وَفَّى)
(٣٧)
(وَإِبْراهِيمَ
الَّذِي وَفَّى) : معطوف بالواو على «موسى» ويعرب إعرابه أي وبما في صحف
إبراهيم وعلامة جر الاسم الفتحة الظاهرة على آخره بدلا من الكسرة المنونة لأنه
ممنوع من الصرف للعجمة. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ لإبراهيم.
وفى : الجملة
الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على
الألف للتعذر بمعنى : أتم ما أمر به.
(أَلاَّ تَزِرُ
وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)
(٣٨)
(أَلَّا تَزِرُ
وازِرَةٌ) : أصلها : أن : مخففة من «أن» الثقيلة واسمها ضمير
الشأن في محل نصب بتقدير : أنه و «لا» نافية لا عمل لها. والجملة الفعلية «لا تزور
وازرة» في محل رفع خبر «أن» و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بدل من «ما في
صحف موسى» التقدير : بعدم وزر وازرة أو يكون المصدر المؤول في محل رفع خبر مبتدأ
محذوف. التقدير : هو عدم وزر وازرة .. أو المكتوب في صحف موسى وإبراهيم عدم وزر
وازرة. تزر : فعل مضارع مرفوع بالضمة. وازرة : فاعل مرفوع بالضمة.
(وِزْرَ أُخْرى) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. أخرى :
مضاف إله مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة المقدرة على الألف المقصورة
للتعذر بمعنى لا تحمل أو تتحمل نفس آثمة فحذف الموصوف الفاعل «نفس» وحل النعت «وازرة»
محله أي لا تحمل عنها وزر وازرة أخرى أي إثم نفس أخرى فحذف الموصوف أيضا وهو مضاف
إليه وأقيمت الصفة مقامه وقيل : لا تحمل عنها حملها من الإثم. وقال الأخفش : لا تأثم
آثمة بإثم أخرى.
(وَأَنْ لَيْسَ
لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى)
(٣٩)
(وَأَنْ لَيْسَ
لِلْإِنْسانِ) : الواو عاطفة. أن : مخففة من «أن» الثقيلة داخلة على
فعل ماض متضمن الدعاء واسمها ضمير الشأن المحذوف وخبرها جملة فعلية فعلها جامد
بمعنى : أنه ليس للإنسان في الآخرة إلا سعيه. ليس : فعل ماض ناقص من أخوات «كان»
مبني على الفتح. للإنسان : جار ومجرور في محل نصب خبر «ليس» المقدم. والجملة
الفعلية «ليس للإنسان إلا سعيه» في محل رفع اسم «ليس».
(إِلَّا ما سَعى) : أداة حصر لا عمل لها. ما : مصدرية. سعى : الجملة
الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف
المقصورة للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. و «ما» المصدرية وما
بعدها بتأويل مصدر في محل رفع اسم «ليس» التقدير والمعنى : إلا سعيه أي ما عمله في
دنياه.
(وَأَنَّ سَعْيَهُ
سَوْفَ يُرى)
(٤٠)
(وَأَنَّ سَعْيَهُ) : الواو عاطفة. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. سعيه
: اسم «أن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني
على الضم في محل جر مضاف إليه بمعنى وأن عمله سوف يرى في صحيفة أعماله.
(سَوْفَ يُرى) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن». سوف : حرف تسويف
ـ استقبال ـ يرى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف
المقصورة للتعذر ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
(ثُمَّ يُجْزاهُ
الْجَزاءَ الْأَوْفى)
(٤١)
(ثُمَّ يُجْزاهُ) : حرف عطف. يجزاه : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع
وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به
بمعنى : ثم يجزى العبد سعيه ويجوز أن يكون الضمير للجزاء ثم فسر بالجزاء الأوفى أو
أبدل عنه.
(الْجَزاءَ الْأَوْفى) : مصدر ـ مفعول مطلق ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الأوفى
: صفة ـ نعت ـ للجزاء منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف المقصورة
للتعذر بمعنى ثم يجزي على عمله جزاء تاما.
(وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ
الْمُنْتَهى)
(٤٢)
(وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ
الْمُنْتَهى) : الواو عاطفة. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. إلى
ربك : جار ومجرور في محل رفع خبر «أن» المقدم والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني
على الفتح في محل جر مضاف إليه. المنتهى : اسم «أن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه
الفتحة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر بمعنى : الانتهاء والمنتهى : مصدر بمعنى
الانتهاء أي ينتهي إليه الخلق ويرجعون.
(وَأَنَّهُ هُوَ
أَضْحَكَ وَأَبْكى)
(٤٣)
(وَأَنَّهُ هُوَ) : الواو عاطفة. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء
ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «أن». هو : ضمير فصل ـ عماد ـ لا محل له
والجملة الفعلية «أضحك» في محل رفع خبر «أن» أو يكون «هو» ضميرا منفصلا مبنيا على
الفتح في محل نصب بدل من اسم «أن» الهاء في «أنه» أو يكون «هو» في محل رفع مبتدأ
فتكون الجملة الفعلية «أضحك» في محل رفع خبر «هو» والجملة الاسمية «هو أضحك ..» في
محل رفع خبر «أن».
(أَضْحَكَ وَأَبْكى) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. وأبكى : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «أضحك» وتعرب إعرابها
بمعنى خلق فعلي الضحك والبكاء.
(وَأَنَّهُ هُوَ
أَماتَ وَأَحْيا)
(٤٤)
هذه الآية
الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها بمعنى : أمات
الأموات وأحيا الأجنة ـ جمع جنين ـ أو أمات الأحياء وأحيا الأموات أي أنه سبحانه
خلق الموت والحياة للكائنات جمعيا.
(وَأَنَّهُ خَلَقَ
الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى)
(٤٥)
(وَأَنَّهُ خَلَقَ
الزَّوْجَيْنِ) : يعرب إعراب و «أنه أضحك». الزوجين : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : أوجد
الجنسين أو الصنفين.
(الذَّكَرَ
وَالْأُنْثى) : بدل من «الزوجين» لأن كلا منهما زوج لصاحبه وعلامة
نصبه الفتحة الظاهرة على آخره وقدرت على الألف المقصورة من «الأنثى» منع من ظهورها
التعذر و «الأنثى» معطوفة بالواو على «الذكر».
(مِنْ نُطْفَةٍ إِذا
تُمْنى)
(٤٦)
(مِنْ نُطْفَةٍ) : جار ومجرور متعلق بخلق بمعنى خلقهما من نطفة ماء
الرجل. قال الأخفش تخلق من مني الماني.
(إِذا تُمْنى) : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب
متعلق بخلق. تمنى : الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف وهي فعل
مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر
ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي بمعنى حين يقدر منها الولد ..
(وَأَنَّ عَلَيْهِ
النَّشْأَةَ الْأُخْرى)
(٤٧)
(وَأَنَّ عَلَيْهِ) : الواو عاطفة. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. عليه
: جار ومجرور في محل رفع خبر «أن» المقدم.
(النَّشْأَةَ
الْأُخْرى) : اسم «أن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الأخرى : صفة
ـ نعت ـ للنشأة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف المقصورة
للتعذر بمعنى : وأن على قدرته تدور النشأة الأخرى.
(وَأَنَّهُ هُوَ
أَغْنى وَأَقْنى)
(٤٨)
هذه الآية
الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الثالثة والأربعين وعلامة بناء الفعل «أغنى»
الفتحة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : أرضى أو أعطى ما يقتنى من المال أي أغنى
بعض العباد وأعطى بعضهم الآخر القنية وهو ما يغتنى من المال.
(وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ
الشِّعْرى)
(٤٩)
(وَأَنَّهُ هُوَ رَبُ) : الواو عاطفة. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء
ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «أن». هو :
ضمير فصل أو عماد لا محل له. رب : خبر «أن» مرفوع بالضمة أو يكون «هو»
ضميرا منفصلا مبنيا على الفتح في محل نصب بدلا من الضمير ـ الهاء ـ في «أنه» أو
يكون في محل رفع مبتدأ و «رب» خبره وتكون الجملة الاسمية «هو رب ..» في محل رفع
خبر «أن».
(الشِّعْرى) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة
على الألف المقصورة للتعذر.
(وَأَنَّهُ أَهْلَكَ
عاداً الْأُولى)
(٥٠)
(وَأَنَّهُ أَهْلَكَ) : الواو عاطفة. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء
ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «أن». أهلك : الجملة الفعلية في محل رفع
خبر «أن» وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.
(عاداً الْأُولى) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. الأولى :
صفة ـ نعت ـ للموصوف «عادا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف
للتعذر أي أهلك قوم عاد الأولى أي قوم هود أهلكوا بعد نوح وبعد حذف المضاف المنصوب
«قوم» أقيم المضاف إليه «عاد» مقامه وانتصب انتصابه.
(وَثَمُودَ فَما
أَبْقى)
(٥١)
(وَثَمُودَ) : معطوف بالواو على «عادا» ويعرب إعرابه وعلامة نصبه
الفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف للتأنيث والتعريف بتأويل القبيلة أي وأهلك
قوم ثمود أي قوم صالح وبعد حذف المضاف المنصوب «قوم» حل المضاف إليه «ثمود» محله.
(فَما أَبْقى) : الفاء استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. أبقى : فعل
ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره
: هو بمعنى : فما أبقى أحدا منهم.
(وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ
قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى)
(٥٢)
(وَقَوْمَ نُوحٍ) : الواو عاطفة. قوم : معطوف على «عادا» منصوب مثله
بالفعل «أهلك» وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. نوح : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة المنونة ولم يمنع من الصرف رغم عجمته لأنه ثلاثي أوسطه ساكن.
(مِنْ قَبْلُ) : حرف جر. قبل : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة
في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأهلك أي من قبلهم ..
(إِنَّهُمْ كانُوا) : حرف نصب وتوكيد يفيد هنا التعليل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب اسم «إن». كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو
الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة.
(هُمْ أَظْلَمَ
وَأَطْغى) : ضمير فصل ـ عماد ـ لا محل له أو يكون توكيدا للضمير ـ
ضمير الغائبين ـ في «كانوا». أظلم : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون
لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» ومن وزن الفعل بمعنى كانوا أظلم لأنفسهم من
هؤلاء أي أشد ظلما من عاد وثمود والجملة الفعلية «كانوا هم أظلم ..» في محل رفع
خبر «إن». وأطغى : معطوف بالواو على «أظلم» ويعرب إعرابه وعلامة نصبه الفتحة
المقدرة على الألف المقصورة منع من ظهورها التعذر بمعنى : وأشد تجاوزا في ظلمهم.
(وَالْمُؤْتَفِكَةَ
أَهْوى)
(٥٣)
(وَالْمُؤْتَفِكَةَ
أَهْوى) : الواو عاطفة. المؤتفكة : مفعول به منصوب بفعل مضمر
يفسره ما بعده أي وأهوى المؤتفكة بمعنى : وأهلك المؤتفكة وأسقطها. أهوى : الجملة
الفعلية تفسيرية لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المقصورة
للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.
(فَغَشَّاها ما غَشَّى)
(٥٤)
(فَغَشَّاها) : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على «أهوى» وتعرب
إعرابها و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
(ما غَشَّى) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان.
غشى : أعربت. والجملة الفعلية «غشى» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول
ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما غشاها .. بمعنى : ما غطاها.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكَ تَتَمارى)
(٥٥)
(فَبِأَيِّ آلاءِ) : الفاء استئنافية. بأي : جار ومجرور متعلق بتتمارى و «أي»
اسم استفهام مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. آلاء : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.
(رَبِّكَ تَتَمارى) : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو
مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثالث
تتمارى : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت بمعنى : فبأي نعم ربك تتشكك أيها الإنسان المكذب
.. من المماراة أي المجادلة والخطاب للإنسان على الإطلاق .. أو على معنى : قل يا
محمد لمن يتمارى : هذا القول ..
(هذا نَذِيرٌ مِنَ
النُّذُرِ الْأُولى)
(٥٦)
(هذا نَذِيرٌ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. نذير : خبر
«هذا» مرفوع بالضمة المنونة.
(مِنَ النُّذُرِ
الْأُولى) : جار ومجرور في محل رفع خبر ثان للمبتدإ «هذا» بمعنى :
هذا الرسول محمد نذير أي منذر من جنس المنذرين الذين أرسلناهم للأمم يحذركم من
عذاب الله لمن عصاه شأنه في ذلك شأن الرسل الذين سبقوه ـ النذر : جمع : نذير ـ الأولى
: صفة ـ نعت ـ للنذر مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر وقال «الأولى»
بالتأنيث على لفظ «النذر» دون معناها أي على تأويل جماعة النذر. أو على
معنى : هذا القرآن أو هذا الرسول أو هذا الذي أنذرتكم به إنذار من جنس الإنذارات
الأولى التي أنذر بها من قبلكم.
(أَزِفَتِ الْآزِفَةُ)
(٥٧)
(أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة
لا محل لها حركت بالكسر لالتقاء الساكنين بمعنى : قربت أو دنت. الآزفة : فاعل
مرفوع بالضمة بمعنى قربت الموصوفة بالقرب يعني : القيامة أو دنت الموصوفة بالدنو
والموصوفة بالدنو : هي الساعة أو القيامة و «الآزفة» اسم فاعلة من أزف الرحيل : أي
دنا.
(لَيْسَ لَها مِنْ
دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ)
(٥٨)
(لَيْسَ لَها) : فعل ماض ناقص مبني على الفتح من أخوات «كان». لها : جار
ومجرور في محل نصب خبر «ليس».
(مِنْ دُونِ اللهِ
كاشِفَةٌ) : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «كاشفة». الله لفظ
الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر الكسرة. كاشفة : اسم «ليس» المؤخر
مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : نفس كاشفة فحذف اسم «ليس» الموصوف «نفس» وحلت الصفة «كاشفة»
محله واللفظة «كاشفة» اسم فاعلة بمعنى : مبنية متى تقوم الساعة أو بمعنى : نفس
قادرة على كشف الآزفة ـ القيامة ـ أو العذاب. إذا قامت أو وقعت إلا الله والجملة
الفعلية «ليس لها من دون الله كاشفة» في محل نصب حال من «الآزفة».
(أَفَمِنْ هذَا
الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ)
(٥٩)
(أَفَمِنْ هذَا) : الهمزة همزة تأنيب وإنكار بلفظ استفهام. الفاء
تزيينية. من : حرف جر. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بمن. والجار
والمجرور متعلق بتعجبون.
(الْحَدِيثِ
تَعْجَبُونَ) : بدل أو نعت لاسم الإشارة «هذا» مجرور مثله وعلامة جره
الكسرة. تعجبون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
بمعنى أتعجبون من هذا القرآن؟
(وَتَضْحَكُونَ وَلا
تَبْكُونَ)
(٦٠)
(وَتَضْحَكُونَ وَلا
تَبْكُونَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «تعجبون»
وتعرب مثلها بمعنى وتضحكون استهزاء به. الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. تبكون
: معطوفة على «تضحكون» وتعرب إعرابها بمعنى ولا تبكون على حالكم أي ولا تبكون حزنا
على ما فرطتم؟ أي والبكاء والخشوع حق عليكم.
(وَأَنْتُمْ سامِدُونَ)
(٦١)
(وَأَنْتُمْ سامِدُونَ) : الواو حالية. والجملة الاسمية في محل نصب حال من ضمير
«تضحكون وتبكون» أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع
مبتدأ. سامدون : خبر «أنتم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين
المفرد وحركته بمعنى : وأنتم لاهون لاعبون.
(فَاسْجُدُوا لِلَّهِ
وَاعْبُدُوا)
(٦٢)
(فَاسْجُدُوا لِلَّهِ
وَاعْبُدُوا) : الفاء استئنافية. اسجدوا : فعل أمر مبني على حذف
النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. لله : جار ومجرور للتعظيم متعلق باسجدوا بمعنى : فاسجدوا لله وحده ولا
تسجدوا للآلهة المزعومة : أي الأوثان لأنها لا تغني لكم من عذاب الله شيئا. الواو
عاطفة. اعبدوا : معطوفة بالواو على «اسجدوا» وتعرب إعرابها وحذف المفعول اختصارا
لأن ما قبله دال عليه بمعنى : واعبدوه أي واعبدوا الله ولا تعبدوا أوثانكم وخصوه
بالعبادة وحده.
سورة القمر
معنى
السورة : القمر :
كوكب يستمد نوره من الشمس فينعكس على الأرض فيرفع ظلمة الليل .. وسمي القمر بذلك
لبياضه .. ومنه : هذه ليلة مقمرة : بمعنى : ليلة بيضاء وهذه ليلة مقمرة : أي ليلة
مضيئة ويقال : خسف القمر ـ يخسف ـ خسوفا : بمعنى : ذهب ضوؤه .. ومصدره : خسوفا .. وخسفا
.. من باب «ضرب» ومثله القول : خسف المكان : بمعنى : غار في الأرض .. وخسفه الله
.. فالفعل يأتي لازما ومتعديا. وقيل : أيضا خسف القمر : أي ذهب ضوؤه أو نقص وهو
الكسوف أيضا. وقال «ثعلب» : أجود الكلام : خسف القمر وكسفت الشمس. وقال أبو حاتم
في الفرق : إذا ذهب بعض نور الشمس فهو الكسوف وإذا ذهب جميعه فهو الخسوف .. ويقال
: أقمرت ليلتنا : أي أضاءت. وأقمرنا : بمعنى طلع علينا القمر. ويسمى القمر في حالة
خاصة هلالا. قال الأزهري : ويسمى القمر لليلتين من أول الشهر هلالا وفي ليلة ست وعشرين
وسبع وعشرين أيضا هلالا وما بين ذلك يسمى قمرا. وقال الفارابي وتبعه في الصحاح :
الهلال لثلاث ليال من أول الشهر ثم هو قمر بعد ذلك وقيل الهلال هو الشهر بعينه
ومنه قيل : استهل الشهر واستهللناه .. ففعله «استهل» يكون لازما ومتعديا. ومن
اشتقاق «القمر» يقال : قمر الشيء ـ يقمر ـ قمرا : بمعنى اشتد بياضه. والقمران هما
الشمس والقمر.
تسمية
السورة : ورد ذكر «القمر»
كثيرا في القرآن الكريم وقد كرم الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فسمى إحدى سور القرآن الكريم باسمه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وسمى معجزته ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ألا وهي القمر لإحدى سور الكتاب الكريم كما كرم جلت
قدرته الشمس والقيامة فسمى بعض سور التنزيل بهذه الأسماء وتكمن معجزة الرسول
الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إضافة إلى القرآن الكريم وهو أعظم المعجزات في انشقاق
القمر ـ تصدعه ـ الذي اعتبر من آياته ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ومعجزاته النيرة. قيل : إن المشركين سألوا رسول الله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ
آية فأشار إلى القمر فانشق : أي انصدع قال تعالى في الآية الكريمة الأولى
من السورة «الشريفة» ـ سورة «القمر» : (اقْتَرَبَتِ
السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) صدق الله العظيم. وقيل معناه : سوف ينشق يوم القيامة
وعن حذيفة أنه أي الرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خطب بالمدائن ثم قال : ألا إن الساعة قد اقتربت وإن
القمر قد انشق على عهد نبيكم.
فضل
قراءة السورة : قال الرسول الوفي محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ سورة «القمر» في كل ليلة بعثه الله يوم
القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر» صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم.
إعراب آياتها
(اقْتَرَبَتِ
السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)
(١)
(اقْتَرَبَتِ
السَّاعَةُ) : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة
لا محل لها حركت بالكسر لالتقاء الساكنين بمعنى : دنت. الساعة : فاعل مرفوع
بالضمة.
(وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «اقتربت الساعة»
وتعرب مثلها. والفعل خال من تاء التأنيث بمعنى : انشق القمر معجزة لرسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقيل : المعنى : سينشق يوم القيامة.
(وَإِنْ يَرَوْا آيَةً
يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ)
(٢)
(وَإِنْ يَرَوْا آيَةً) : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم. يروا : فعل
مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل والألف فارقة. آية : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.
(يُعْرِضُوا
وَيَقُولُوا) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا
محل لها وهي فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ويقولوا :
الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يعرضوا» وتعرب إعرابها والجملة
الاسمية بعدها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول.
(سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هذا. مستمر : صفة ـ نعت ـ لسحر
مرفوع مثله وعلامة رفعهما ـ الموصوف والصفة ـ الضمة المنونة بمعنى : دائم مطرد. و
«يعرضوا» بمعنى : يصدوا عن تأمل الآية أي المعجزة. أي يعرض المشركون عن التصديق
والإيمان بها.
(وَكَذَّبُوا
وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ)
(٣)
(وَكَذَّبُوا
وَاتَّبَعُوا) : الواو استئنافية. كذبوا : فعل ماض مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى :
وكذبوا ما رأوا. واتبعوا : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «كذبوا» وتعرب مثلها.
(أَهْواءَهُمْ وَكُلُ) : مفعول به منصوب بالفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل
جر مضاف إليه. الواو استئنافية. كل : مبتدأ مرفوع بالضمة.
(أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) : مضاف إليه مجرور بالكسرة المنونة. مستقر : خبر «كل»
مرفوع بالضمة المنونة. أو وكذبوا النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ومستقر : بمعنى : منته إلى غاية.
(وَلَقَدْ جاءَهُمْ
مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ)
(٤)
(وَلَقَدْ جاءَهُمْ) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد أو
واقعة في جواب قسم محذوف. قد : حرف تحقيق. جاء : فعل ماض مبني على الفتح و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم بمعنى جاء المشركين ..
(مِنَ الْأَنْباءِ ما) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما».
ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.
(فِيهِ مُزْدَجَرٌ) : الجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها. فيه : جار
ومجرور في محل رفع خبر مقدم. مزدجر : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة
واللفظة ـ اسم مفعول ـ بمعنى ولقد جاءهم من أنباء القرون الخالية ـ أخبار
الأولين ما فيه ازدجار لهم من تعذيب وغيره نتيجة تماديهم في الباطل.
** (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ
الْقَمَرُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى وفي
قراءة حذيفة «وقد انشق القمر» أي اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها أن القمر
قد انشق .. كما تقول : أقبل الأمير وقد جاء المبشر بقدومه. وعن حذيفة أنه خطب
بالمدائن ثم قال : ألا إن الساعة قد اقتربت وإن القمر قد انشق على عهد نبيكم.
** سبب نزول
الآية : أخرج البخاري ومسلم والترمذي عن أنس رضي الله عنه ـ أنه قال : سأل مشركو
مكة النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا هالة حمراء
بينهما فنزل قوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ
السَّاعَةُ ..) إلى قوله : (سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) وفي رواية أخرى مماثلة : إن الله سبحانه وتعالى أكرم
نبيه الكريم محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في مواقع ومواقف وأقوال وذلك لما ناله من تكريم
وتعظيم من الخالق العظيم ـ جلت قدرته ـ ففي شهر شعبان .. الشهر المفضل عند الله
سبحانه وتعالى .. المعظم عند رسوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لما وقع له ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيه من تكريم وتعظيم وتحقيق المعجزات .. ففي هذا
الشهر الكريم حقق الله تعالى أمنية عزيزة لنبيه وحبيبه محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقد كان النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والمسلمون يستقبلون في صلاتهم بيت المقدس وكان عليه
الصلاة والسلام يرجو أن تكون قبلته وقبلة أمته «الكعبة المشرفة» ويحكي القرآن
الكريم تشوق النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى تحقيق ذلك في قوله تعالى في سورة «البقرة» : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي
السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ
الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) صدق الله العظيم. والله سبحانه وتعالى أكرم نبيه محمدا
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في هذا الشهر الكريم ـ شهر شعبان ـ بمعجزة باهرة حيث
قال كفار قريش للرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : إن كنت رسولا من عند الله حقا فإنا نطلب منك دليلا
وبرهانا على أنك نبي مرسل وعلى صدق رسالتك وحددوا هم الدليل الذي أرادوه فقالوا :
نطلب منك أن ينشق القمر فرقتين فرقة تبقى في السماء وأخرى تنزل على الأرض ليكون
ذلك برهانا على صدقك. فأشار النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بيده الشريفة إلى السماء فانشق القمر نصفين حتى رأوا
جبل حراء بينهما والناس ينظرون. فكبر المسلمون أما الكفار فقالوا : سحر محمد
أعيننا فأنزل الله تعالى قوله الكريم : (اقْتَرَبَتِ
السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا
آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) صدق الله العظيم.
** (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا
وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية .. المعنى
: وإن ير مشركوا قريش معجزة يصدوا عنها ويقولوا : هذا سحر دائم مطرد .. و «مستمر»
اسم الفاعل للفعل «استمر» ومن أخطائهم الشائعة قولهم : استمرينا في عملنا أو
استمريت في عملي والصواب القول : استمررنا .. واستمررت لأن آخر الفعل «استمر» حرف
صحيح وليس حرف علة مثل الفعل «ربى» مثلا الذي يقال فيه : ربينا .. وربيت وأمثال
هذين الفعلين كثير في لغة الضاد لغة القرآن الكريم.
** (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما
فِيهِ مُزْدَجَرٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة .. المعنى
: ولقد جاءهم من أنباء القرون الخالية ـ أخبار الأولين ـ ما فيه ازدجار لأن اللفظة
اسم مفعول وحكم مصدر الفعل حكم اسم مفعوله له في التقدير لا في اللفظ .. يقال :
زجرته ـ ازجره ـ زجرا من باب «نصر» بمعنى : منعته ونهيته أو طردته صائحا به
فانزجر أي فامتنع وانتهى .. أما «الازدجار» فهو مصدر الفعل «ازدجر» بمعنى «انزجر»
وأصله : ازتجر وانزجر مطاوع «زجر» أي امتنع وانتهى. ويستعمل الفعل لازما ومتعديا
ويقال : تزاجروا عن المنكر .. بمعنى : زجر بعضهم بعضا والزجار «فعال بمعنى فاعل»
من صيغ المبالغة أي الكثير الزجر. ويقال : زجر الطير وغيرها بمعنى : طرقها بحصاة
حتى تتحرك فإن ولت ميامنها فهي سانحة وإن ولت مياسرها فهي بارحة.
** (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ
الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة
المعنى : فأعرض عنهم يا محمد فما تغن النذر ـ الآية الكريمة السابقة أي الخامسة ـ وأنث
الفعل «تغن» مع الفاعل «النذر» جمع «نذير» وذلك على معنى «جماعة النذر» أي على
اللفظ لا المعنى والداعي هو إسرافيل يدعو إلى شيء منكر فظيع تنكره النفوس وهو هول
يوم القيامة .. وحذفت الواو من الفعل «يدع» كما حذفت الياء من «الداعي» وحذف الياء
كثير في القرآن الكريم وسبب حذف الياء قال الخليل وسيبويه : إن حذف الياء
والاجتزاء عنها بالكسرة كثير في لغة هذيل .. وقال الكسائي : إن ذلك هو الوقف بغير
ياء كما يوقف على الفعل بغير ياء .. وقال الكسائي : إن الفعل السالم يوقف عليه
كالمجزوم فتحذف الياء كما تحذف الضمة وحكى الخليل وسيبويه أن هذه القراءة مثل
قولهم : لا أدر .. وما أدر وهو كثير في لغة هذيل .. ولوحظ أن الياء حذفت من كلمة «الداع»
في هذه الآية الكريمة في حالة الرفع وفي حالة الجر أيضا كما في الآية الكريمة
الثامنة «مهطعين إلى الداع ..» في حين ثبتت الياء في الاسم في حالة مجيئه منصوبا
في سورتي «طه» : (يَوْمَئِذٍ
يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ) والأحقاف : (يا قَوْمَنا
أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ).
** (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ
الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة ..
المعنى : أذلاء .. لأن خشوع الأبصار : كناية عن الذلة والانخذال لأن ذلة الذليل
وعزة العزيز تظهران في عيونهما. فالخشوع هو التذلل كما يقال : ذلت للشاعر القوافي
بمعنى :
سهلت وانقادت. و
«خشعا» جمع «خاشع» وهو اسم فاعل والمعنى : يخشعن أبصارهم على لغة «طيئ» أي بإيراد
فاعلين لفعل واحد .. ففاعل «يخشعن» الأول هو نون الإناث والفاعل الثاني هو «أبصارهم»
أي على لغة من يقول : أكلوني البراغيث .. هذا احتمال في معنى الآية الكريمة ويجوز
أن يكون في «خشعا» ضميرهم وتقع «أبصارهم» بدلا عنه. ويقال : أبصرته عيني. وهي جملة
تأكيدية لأن العين تبصر : أي ترى .. فالعين باصرة ـ اسم فاعلة ـ والباصرة : هي
العين وجمعها : بواصر .. والبصر : هو حاسة النظر وهو العين أيضا. يقال : أتيته بين
سمع الأرض وبصرها : المعنى : بأرض خلاء لا يبصرني ولا يسمع بي إلا هي.
** (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ
فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة ..
المعنى : كذبت قبل قومك يا محمد أي قريش قوم نوح فكذبوا عبدنا نوحا أي كذبوا
فكذبوا عبدنا أي كذبوه تكذيبا على عقد تكذيب .. أو على معنى : كذبت قوم نوح الرسل
فكذبوا عبدنا لأنه من جملة الرسل وقالوا هو مجنون وقد ازدجر أي وقد ازدجرته الجن
وذهبت بلبه وطارت بقلبه بمعنى : وزجر على التبليغ بأنواع الأذى وزجروه وكف عن
تبليغهم ودعوتهم. وقد أنث الفعل «كذبت» مع الفاعل المذكر «قوم» وذلك على تفسير «قوم»
بمعنى : أمم أو جماعة. وذكر الفعل «كذبوا» على معنى «قوم» لا على لفظها. وقال
الجوهري : القوم : يذكر ويؤنث لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها
إذا كان للآدميين يذكر ويؤنث مثل «الرهط» و «النفر» و «القوم». قال تعالى : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ) وقال : (كَذَّبَتْ قَوْمُ
نُوحٍ) والقوم : هم الرجال دون النساء لا واحد له من لفظه قال
زهير :
وما أدري
ولست إخال أدري
|
|
أقوم آل حصن
أم نساء
|
وجمع «القوم»
هو : أقوام وجمع الجمع : أقاوم وأقائم. قال تعالى : (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ
مِنْ قَوْمٍ) ثم قال : (وَلا نِساءٌ مِنْ
نِساءٍ) وربما دخل النساء فيه على سبيل التبع لأن قوم كل نبي
رجال ونساء.
** (وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ
بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة
والعشرين .. و «محتضر» اسم مفعول بمعنى : محضور أي يحضر الماء صاحبه في نوبته أي
نصيبه. ومن أقوال بعضهم التي تجانب الصواب قولهم : هذا الرجل يحتضر ـ بكسر الضاد ـ
أو هو محتضر ـ بكسر الضاد أيضا ـ والصواب أن يقال : يحتضر ـ بضم الياء وفتح الضاد
ـ وهو محتضر ـ بفتح الضاد ـ لأنه اسم مفعول وليس اسم فاعل .. المعنى : تحضره
الوفاة فالوفاة أو قابض الأرواح هو المحتضر ـ بكسر الضاد ـ لأنه اسم فاعل والرجل
اسم مفعول أي حضرته المنية بمعنى : يودع الحياة وهو في النزع الأخير .. من «نزع
المريض ينزع نزعا ..» من باب «ضرب» بمعنى : قلع .. وانتزع مثله .. فيصير المعنى
وكأن الحياة تنتزع منه .. ومنه القول : اللبن محتضر ومحضور فغط إناءك : أي إنه
كثير الآفة وإن الجن تحضره. ويقال : حضر يحضر حضورا : بمعنى : قدم من غيبته بضم
الضاد أما بفتحها فماضيه حضر فمعناه : شهد.
(حِكْمَةٌ بالِغَةٌ
فَما تُغْنِ النُّذُرُ)
(٥)
(حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) : بدل من «ما» أو خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو حكمة
مرفوع بالضمة المنونة. بالغة : صفة ـ نعت ـ لحكمة مرفوعة مثلها بالضمة المنونة
وحذف مفعول اسم الفاعل «بالغة» بمعنى : غايتها. أي هذا القرآن أو هذا الذي قدره
الله تعالى عليهم لتماديهم بالغة غايتها تامة لا خلل فيها.
(فَما تُغْنِ
النُّذُرُ) : الفاء استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. أو تكون
نكرة بمعنى : شيء .. في محل نصب بتغني أي فأي غناء أو إغناء تغني النذر. تغن : فعل
مضارع مرفوع بالضمة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء
بالكسرة الدالة عليها أو حذفت للوصل. النذر : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : المنذرون
جمع ـ نذير ـ وأنث الفعل «تغني» مع فاعله «النذر» على اللفظ لا المعنى أي على
تأويل جماعة النذر بمعنى : فما ينفعه المنذرون أو تكون كلمة «نذير» بمعنى «الإنذار»
أي فما تنفعهم الإنذارات.
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ
يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ)
(٦)
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) : الفاء استئنافية. تفيد هنا التعليل بمعنى فلا ينفعهم
النذر ـ المنذرون ـ فأعرض عنهم. تول : فعل أمر مبني على حذف آخره ـ حرف العلة ـ الألف
المقصورة ـ وبقيت الفتحة دالة عليها والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت.
عن : حرف جر و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بعن. والجار والمجرور
متعلق بتول.
(يَوْمَ يَدْعُ
الدَّاعِ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بيخرجون ـ الواردة في الآية الكريمة التالية ـ أو يكون مفعولا به منصوبا بفعل
محذوف تقديره : اذكر. يدع : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة للثقل على الواو
المحذوفة خطا واختصارا وللوصل وبقيت الضمة دالة عليها. الداع : فاعل مرفوع بالضمة
المقدرة للثقل على الياء المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة الدالة عليها
بمعنى : يوم يدعو إسرافيل عند النفخة الثانية للحياة والحساب بعد أن نفخ النفخة
الأولى التي أفنى بها الكائنات.
(إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) : جار ومجرور متعلق بيدعو. نكر : صفة ـ نعت ـ لشيء
مجرور مثله وعلامة جرهما «الموصوف والصفة» الكسرة المنونة بمعنى : إلى شيء منكر
فظيع تنكره النفوس وتهلع من هوله وهو يوم القيامة.
(خُشَّعاً
أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ)
(٧)
(خُشَّعاً
أَبْصارُهُمْ) : حال من ضمير «يخرجون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة. أبصار : فاعل مرفوع بفعل اسم الفاعلين «خشعا» لأنها جمع «خاشع» والخشوع :
هو التذلل بمعنى فيخرجون من قبورهم ذليلة أبصارهم أو على معنى : يخشعن أبصارهم ـ وهي
لغة طيئ ـ أي على لغة «أكلوني البراغيث» وذلك بإيراد فاعلين لفعل واحد ويجوز أن
يكون في «خشعا» ضميرهم وتكون «أبصارهم» بدلا عنه. و «هم» ضمير الغائبين .. المتصل
في محل جر مضاف إليه.
(يَخْرُجُونَ مِنَ
الْأَجْداثِ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال وهي فعل مضارع مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. من الأجداث : جار ومجرور متعلق
بيخرجون بمعنى : من القبور.
(كَأَنَّهُمْ جَرادٌ
مُنْتَشِرٌ) : الجملة في محل نصب حال ثانية من ضمير الغائبين في «يخرجون».
كأن : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» بمعنى التشبيه و «هم» ضمير الغائبين المتصل
في محل نصب اسم «كأن». جراد : خبرها مرفوع بالضمة المنونة. منتشر : صفة ـ نعت ـ لجراد
مرفوع مثله بالضمة المنونة.
(مُهْطِعِينَ إِلَى
الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ)
(٨)
(مُهْطِعِينَ إِلَى
الدَّاعِ) : حال من ضمير الغائبين في «يخرجون» حال أخرى منصوبة
وعلامة نصبها الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى :
مسرعين مادي أعناقهم أو ناظرين. إلى الداع : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «مهطعين»
بتأويل فعله والكسرة دالة على الياء المحذوفة خطا واختصارا.
(يَقُولُ الْكافِرُونَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الكافرون : فاعل مرفوع
بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.
(هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ هذا
: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يوم : خبر «هذا» مرفوع بالضمة
المنونة. عسر : صفة ـ نعت ـ ليوم مرفوع مثله بالضمة المنونة أي صعب.
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ
قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ)
(٩)
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ) : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة
لا محل لها. قبل : ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بكذبت وهو مضاف و «هم» ضمير
متصل ـ ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه بمعنى كذبت قبل قومك «قريش» يا محمد.
(قَوْمُ نُوحٍ) : فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف. نوح : مضاف إليه مجرور
بالكسرة المنونة ونون رغم عجمته لأنه ثلاثي أوسطه ساكن.
(فَكَذَّبُوا عَبْدَنا) : الفاء عاطفة للتعقيب. كذبوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله
بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. عبد : مفعول به
منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في
محل جر مضاف إليه بمعنى : عبدنا نوحا.
(وَقالُوا مَجْنُونٌ
وَازْدُجِرَ) : معطوفة بالواو على «قالوا» وتعرب مثلها. مجنون : خبر
مبتدأ محذوف تقديره : هو. والجملة الاسمية «هو مجنون» في محل نصب مفعول به ـ مقول
القول ـ وعلامة رفعه الضمة المنونة. الواو حالية بمعنى : وقد ازدجر أي زجر على
التبليغ بأنواع الأذى أي قال الكفار عن نوح ـ عليهالسلام ـ أنه مجنون .. وزجروه فازدجر وكف عن تبليغهم ودعوتهم.
ازدجر : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. وقيل : المعنى : وقد ازدجرته الجن وذهبت بلبه وطارت بقلبه.
(فَدَعا رَبَّهُ
أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ)
(١٠)
(فَدَعا رَبَّهُ) : الفاء استئنافية أو عاطفة للتسبيب. دعا : فعل ماض
مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
ربه : مفعول به منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
(أَنِّي مَغْلُوبٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير
المتكلم ـ في محل نصب اسم «أن» وحذفت إحدى النونين تخفيفا ولكثرة الاستعمال. مغلوب
: خبر «أن» مرفوع بالضمة المنونة. و «أن» مع اسمها وخبرها في محل جر بحرف جر محذوف
بتقدير : بأني مغلوب والمصدر المؤول متعلق بدعا بمعنى غلبني قومي فلم يسمعوا مني.
(فَانْتَصِرْ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. انتصر : فعل دعاء
وتضرع بصيغة طلب مبني على السكون .. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت أي
فانتقم منهم بعذاب تبعثه عليهم.
(فَفَتَحْنا أَبْوابَ
السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ)
(١١)
(فَفَتَحْنا أَبْوابَ
السَّماءِ) : الفاء عاطفة. فتح : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل
رفع فاعل والجملة الفعلية معطوفة على جملة محذوفة بتقدير : فاستجبنا لدعائه
ففتحنا. أبواب : مفعول به منصوب بالفتحة. السماء : مضاف إليه مجرور بالكسرة.
(بِماءٍ مُنْهَمِرٍ) : جار ومجرور متعلق بفتحنا. منهمر : صفة ـ نعت ـ لماء
مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة.
(وَفَجَّرْنَا
الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ)
(١٢)
(وَفَجَّرْنَا
الْأَرْضَ عُيُوناً) : معطوف على «فتحنا أبواب» ويعرب مثله. عيونا : تمييز
منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : وجعلنا أي وشققنا عيون الأرض بالمياه
وجعلناها كلها كأنها عيون تتفجر.
(فَالْتَقَى الْماءُ) : الفاء عاطفة سببية. التقى : فعل ماض مبني على الفتح
المقدر على الألف للتعذر. الماء : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : الماءان .. يعني مياه
السماء والأرض أي النوعان من الماء السماوي والأرضي.
(عَلى أَمْرٍ قَدْ
قُدِرَ) : جار ومجرور متعلق بالتقى. قد : حرف تحقيق. قدر : فعل
ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو
بمعنى على إحداث أمر قد قدره الله أو على حال قدرها الله كيف شاء أو على أمر قدر
في اللوح المحفوظ أنه يكون وهو هلاك قوم نوح بالطوفان وجملة «قد قدر» في محل جر
صفة لأمر.
(وَحَمَلْناهُ عَلى
ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ)
(١٣)
(وَحَمَلْناهُ عَلى
ذاتِ) : الواو عاطفة. حمل : فعل ماض مبني السكون لاتصاله بنا.
و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب
ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به. على ذات : جار ومجرور متعلق بحملنا ..
(أَلْواحٍ وَدُسُرٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة
بمعنى على سفينة ذات ألواح فحذف الموصوف «سفينة» وحلت الصفة «ذات» محلها وهي من
الصفات التي تقوم مقام الموصوفات فتنوب منابها وتؤدي مؤداها. ودسر : معطوفة بالواو
على «ألواح» وتعرب مثلها وهي جمع «دسار» وهو المسمار أي ومسامير تشد بها الألواح
المتكونة من الخشب أو الحديد.
(تَجْرِي بِأَعْيُنِنا
جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ)
(١٤)
(تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «السفينة» لأنها
عرفت بوصفها ذات ألواح .. وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. بأعين : جار ومجرور متعلق بتجري أي بمرأى
منا وبحفظنا أو بأمرنا أو يتعلق بحال محذوفة من «السفينة» بمعنى : تجري مأمورة منا
أو محفوظة بأعيننا أي برعايتنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على
السكون في محل جر مضاف إليه.
(جَزاءً لِمَنْ) : مفعول لأجله لما تقدم من فتح أبواب السماء وما بعده
أي فعلنا ذلك جزاء أي عقابا منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو يكون مفعولا
مطلقا منصوبا على المصدر بفعل محذوف تقديره : ونجزي جزاء .. اللام حرف جر و «من»
اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بجزاء.
(كانَ كُفِرَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره : هو. كفر :
الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل ماض مبني للمجهول ونائب
الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى وأغرقنا قوم نوح جزاء أي عقابا لمن
كان نعمة مكفورة.
(وَلَقَدْ تَرَكْناها
آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)
(١٥)
(وَلَقَدْ تَرَكْناها
آيَةً) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد أو تكون
واقعة في جواب قسم محذوف. قد : حرف تحقيق. ترك : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على
السكون في محل نصب مفعول به يعود على السفينة أو الفعلة. آية : حال من الضمير «ها»
منصوبة وعلامة نصبها الفتحة المنونة بمعنى ولقد أبقينا السفينة أو ما جرى لها عبرة
للناس.
(فَهَلْ مِنْ
مُدَّكِرٍ) : الفاء استئنافية. هل : حرف استفهام لا محل له. من : حرف
جر زائد للتوكيد. مدكر : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ وخبره محذوف :
التقدير والمعنى : فهل متذكر يتذكر أي فهل هناك معتبر يعتبر أو متعظ يتعظ فيكون
الخبر المقدر شبه الجملة «هناك» أو الجملة الفعلية «يعتبر» و «مدكر» اسم فاعل
بمعنى : مذكر وأصله : اذتكر فهو مذتكر فأدغم الذال في التاء فشدد الدال.
(فَكَيْفَ كانَ
عَذابِي وَنُذُرِ)
(١٦)
(فَكَيْفَ كانَ) : الفاء استئنافية. كيف : اسم استفهام مبني على الفتح
في محل نصب خبر «كان» المقدم. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح والجملة الاسمية «كيف
كان عذابي» في محل نصب مفعول به بفعل محذوف تقديره فانظر كيف.
(عَذابِي وَنُذُرِ) : اسم «كان» مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على ما
قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة والياء ضمير متصل ـ ضمير
الواحد المطاع ـ في محل جر مضاف إليه الواو عاطفة. نذر : معطوف على «عذابي» ويعرب
مثله بمعنى وانذاراتي ـ جمع نذير ـ
أي إنذار وحذفت الياء مراعاة لفواصل الآيات ـ رأس آية ـ وبقيت الكسرة دالة
عليها. وأصله : نذري.
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا
الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)
(١٧)
هذه الآية
الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الخامسة عشرة. للذكر : جار ومجرور متعلق بيسرنا
بمعنى سهلناه للاتعاظ.
(كَذَّبَتْ عادٌ
فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ)
(١٨)
(كَذَّبَتْ عادٌ) : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة
لا محل لها. عاد : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى بنو عاد أي كذب قوم هود نبيهم هودا ـ عليهالسلام ـ فحذف مفعول «كذبت» اختصارا لأنه معلوم وهو «نبيهم»
وبعد حذف الفاعل المضاف «بنو» أقيم المضاف إليه «عاد» مقامه وارتفع ارتفاعه وأنث
الفعل.
(فَكَيْفَ كانَ
عَذابِي وَنُذُرِ) : أعرب في الآية الكريمة السادسة عشرة.
(إِنَّا أَرْسَلْنا
عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ)
(١٩)
(إِنَّا أَرْسَلْنا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». أرسلنا : الجملة الفعلية في
محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل في
محل رفع فاعل.
(عَلَيْهِمْ رِيحاً) : جار ومجرور متعلق بأرسلنا و «هم» ضمير الغائبين في
محل جر بعلى. ريحا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.
(صَرْصَراً فِي يَوْمِ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «ريحا» منصوب مثله بالفتحة
المنونة. في يوم : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من صرصرا.
(نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
مستمر : صفة ـ نعت ـ لنحس مجرور مثله وعلامة جره الكسرة
المنونة. و «صرصر» بمعنى : باردة من «الصر» وهو البرد أو شديدة الهبوب من
الصرير أي الهبوب.
(تَنْزِعُ النَّاسَ
كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ)
(٢٠)
(تَنْزِعُ النَّاسَ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «ريحا»
أو في محل نصب حال لها لأنها نكرة مخصوصة وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هي. الناس : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى :
تقلع الناس من أماكنهم.
(كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ) : الجملة المشبهة في محل نصب حال بمعنى تقلعهم أمثال
جذوع نخل منقلع من مغارسه أي ساقط على الأرض. كأن : حرف نصب مشبه بالفعل للتشبيه
من أخوات «إن» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب اسم «كأن». أعجاز :
خبر «كأن» مرفوع بالضمة. وجاء في التفسير : تنزع الناس فتتركهم كأعجاز نخل فتكون
الكاف على هذا المعنى اسما مبنيا على الفتح في محل نصب حالا منهم والعامل فيه
الفعل تترك.
(نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
منقعر : صفة ـ نعت ـ لنخل مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة. وجاءت الصفة «منقعر»
بالتذكير على لفظ «نخل» لا معناها.
(فَكَيْفَ كانَ
عَذابِي وَنُذُرِ)
(٢١)
هذه الآية
الكريمة أعربت في الآية الكريمة السادسة عشرة بمعنى وكيف صدق نذري؟ وكررت الآية
الكريمة للتهويل.
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا
الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)
(٢٢)
هذه الآية
الكريمة كررت في الآية السابعة عشرة وأعربت في الآية الكريمة الخامسة عشرة وكررت
لتأكيد مواعظ القرآن.
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ
بِالنُّذُرِ)
(٢٣)
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ
بِالنُّذُرِ) : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة
لا محل لها. ثمود : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة بمعنى بنو ثمود.
وبعد حذف الفاعل المضاف «بنو» أقيم المضاف إليه «ثمود» مقامه وارتفع
ارتفاعه على الفاعلية وأنث الفعل على تأويل قبيلة لأن كلمة «ثمود» اسم قبيلة يمنع
من الصرف إذا أريد به القبيلة ولا يمنع من الصرف ـ أي ينون آخره ـ إذا أريد به اسم
الأب أو الجد بمعنى كذبت قبيلة ثمود نبيها صالحا ـ عليهالسلام ـ بالنذر : جار ومجرور متعلق بكذبت وهي جمع «نذير»
بمعنى إنذار أي بما جاءهم بها.
(فَقالُوا أَبَشَراً
مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ)
(٢٤)
(فَقالُوا أَبَشَراً
مِنَّا) : الفاء عاطفة. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله
بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الهمزة همزة إنكار
وتعجيب بلفظ استفهام. بشرا : مفعول به منصوب بفعل محذوف يفسره ما بعده «نتبعه»
بمعنى : أنتبع بشرا أي رجلا وعلامة نصبه الفتحة المنونة. من : حرف جر و «نا» ضمير
متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق
بصفة محذوفة من «بشرا» بمعنى من جملتنا.
(واحِداً نَتَّبِعُهُ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «بشرا» أو يكون الجار والمجرور
متعلقا بحال مقدمة من «واحدا» وعلامة نصب «واحدا» الفتحة المنونة. نتبعه : الجملة
الفعلية مفسرة لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه
وجوبا تقديره : نحن والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به.
(إِنَّا إِذاً) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير المتكلمين
مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». إذا : حرف جواب لا عمل له وشبه الجملة «إنا»
مع الخبر واقعة في جواب شرط محذوف بتقدير : إنا إذا اتبعنا صالحا لفي ضلال أي لفي
ضياع بمعنى : هلاك. وإنا : أصله : إننا .. حذفت إحدى النونين اختصارا ولكثرة
الاستعمال.
(لَفِي ضَلالٍ
وَسُعُرٍ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ في ضلال : جار ومجرور
في محل رفع خبر «إن» الواو عاطفة. سعر : معطوف على
«ضلال» مجرور مثله وعلامة جرهما ـ المعطوف عليه والمعطوف ـ الكسرة المنونة
بمعنى : وجنون ـ جمع سعير ـ ومن معاني «السعير» : النار. والعذاب والجنون بالنسبة
للسعر.
(أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ
عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ)
(٢٥)
(أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ
عَلَيْهِ) : الهمزة همزة إنكار وتعجيب بلفظ استفهام. ألقي : فعل
ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. الذكر : نائب فاعل مرفوع بالضمة. عليه : جار
ومجرور متعلق بألقي بمعنى : أأنزل عليه الوحي من السماء؟
(مِنْ بَيْنِنا) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الذكر» و «نا» ضمير
متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى : أأنزل عليه
الوحي من بيننا وفينا من هو أحق منه بالاختيار بالنبوة؟
(بَلْ هُوَ كَذَّابٌ
أَشِرٌ) : حرف إضراب للاستئناف لا عمل له بمعنى : لا .. لم ينزل
عليه الذكر بل هو كذاب. هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل
رفع مبتدأ. كذاب : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة. أشر : صفة ـ نعت ـ لكذاب مرفوع
مثله بالضمة المنونة بمعنى : كذاب حمله بطره على الترفع علينا.
(سَيَعْلَمُونَ غَداً
مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ)
(٢٦)
(سَيَعْلَمُونَ غَداً) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى
: قال الله سبحانه .. السين حرف استقبال ـ تسويف ـ يعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت
النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. غدا : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة
نصبه الفتحة المنونة متعلق بيعلمون بمعنى سيعلمون عند عقابهم يوم القيامة ..
(مَنِ الْكَذَّابُ
الْأَشِرُ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به بيعلمون. من :
اسم استفهام مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين في محل رفع مبتدأ.
الكذاب : خبر «من» مرفوع بالضمة. الأشر : صفة ـ نعت ـ للكذاب أي البطر مرفوع مثله
بالضمة أو يكون «الكذاب»
خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. والجملة الاسمية «هو الكذاب ..» في محل رفع خبر
«من».
(إِنَّا مُرْسِلُوا
النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ)
(٢٧)
(إِنَّا مُرْسِلُوا
النَّاقَةِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني
على السكون في محل نصب اسم «إن» وحذفت إحدى النونين اختصارا ولكثرة الاستعمال.
مرسلو : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وحذفت النون للإضافة ـ أصله :
مرسلون ـ الناقة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو من إضافة اسم
الفاعل إلى مفعوله ولو ثبتت النون لانتصبت كلمة «الناقة» مفعولا لاسم الفاعل «مرسلون».
(فِتْنَةً لَهُمْ) : مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو
تكون مفعولا مطلقا منصوبا بفعل محذوف التقدير : فتناهم بذلك فتنة أي ابتليناهم
ليعلموا من هو الكذاب ـ كثير الكذب ـ البطر ـ أنتم بني ثمود أم النبي صالح ـ عليهالسلام ـ؟ اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام
والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «فتنة».
(فَارْتَقِبْهُمْ
وَاصْطَبِرْ) : الفاء استئنافية للتسبيب. ارتقب : فعل أمر مبني على
السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. واصطبر : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «ارتقب»
وتعرب إعرابها. بمعنى : واصبر على أذاهم ولا تعجل.
(وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ
الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ)
(٢٨)
(وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ
الْماءَ) : الواو عاطفة. نبئ : فعل أمر مبني على السكون والفاعل
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب
مفعول به. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الماء : اسم «أن» منصوب وعلامة نصبه
الفتحة بمعنى : وأخبرهم أن ماء البئر التي كانوا يشربون منها.
(قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) : خبر «أن» مرفوع بالضمة المنونة. بين : ظرف مكان منصوب
على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق بقسمة ـ على تأويل الفعل ـ أو بصفة
محذوفة من «قسمة» و «هم» ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه بمعنى : مقسومة بينهم
للناقة شرب يوم ولهم شرب يوم. وقال «بينهم» تغليبا» للعقلاء.
(كُلُّ شِرْبٍ
مُحْتَضَرٌ) : مبتدأ مرفوع بالضمة. شرب : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة المنونة. محتضر : خبر «كل» مرفوع بالضمة المنونة واللفظة اسم
مفعول بمعنى «محضور» أي يحضره صاحبه في نوبته أي نصيبه.
(فَنادَوْا صاحِبَهُمْ
فَتَعاطى فَعَقَرَ)
(٢٩)
(فَنادَوْا صاحِبَهُمْ) : الفاء استئنافية. نادوا : فعل ماض مبني على الفتح
المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة دالة على الألف
المحذوفة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. صاحب : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى
فنادى بنو ثمود واحدا منهم.
(فَتَعاطى فَعَقَرَ) : الفاء سببية. تعاطى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر
على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. فعقر : الجملة الفعلية
معطوفة بالفاء على جملة «تعاطى» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل الفتحة الظاهرة
على آخره. وحذف مفعولا الفعلين «تعاطى .. عقر» بمعنى : فتعاطى السيف أو فتعاطى
الناقة بمعنى فتناول الناقة أو السيف فعقرها أي فذبحها. والتعاطي هو تناول الشيء
بتكلف.
(فَكَيْفَ كانَ
عَذابِي وَنُذُرِ)
(٣٠)
هذه الآية
الكريمة أعربت في الآية الكريمة السادسة عشرة بمعنى فانظر كيف كان عذابي لبني ثمود
وانذاراتي لهم بالعذاب.
(إِنَّا أَرْسَلْنا
عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ)
(٣١)
(إِنَّا أَرْسَلْنا
عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً) : يعرب إعراب «إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا» الوارد في
الآية الكريمة التاسعة عشرة.
(فَكانُوا كَهَشِيمِ
الْمُحْتَظِرِ) : الفاء سببية. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. الكاف
اسم مبني على الفتح في محل نصب خبر «كان». هشيم : مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو
مضاف. المحتظر : مضاف إليه ثان مجرور بالكسرة.
** (فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة
والعشرين .. أي فنادى بنو ثمود رجلا منهم طائشا اسمه : قدار بن سالف أحيمر ثمود
وطلبوا منه عقر الناقة أي قتلها فتعاطى الناقة أي فتناول الناقة فضرب قوائمها
بالسيف فذبحها وتعاطى أيضا بمعنى : تناول السيف. أو بمعنى فقام على أطراف أصابع
رجليه ثم رفع يديه بالسيف فضربها .. يقال فلان يتعاطى الشيء : بمعنى : يخوض فيه
ويتناوله والمعاطاة هي المناولة .. والفعلان «أعطى» و «أنطى» مثل بعضهما وزنا
ومعنى .. في لغة أهل اليمن والفعل «أنطى» لفظة عامية يتداولها أهل بغداد بمعنى
أعطى. وأعطى .. بمعنى : ناول والفعل الرباعي «أعطى» يتعدى إلى مفعولين نحو :
أعطيته مالا أعطيه عطاء أما الثلاثي فيتعدى إلى مفعول واحد نحو : عطا الرجل مالا
وعطا إليه المبلغ يعطوه عطوا بمعنى : تناوله وفلان يتعاطى الشيء بمعنى أقدم عليه
وفعله وبمعنى تناوله أيضا والفعل «انطى» ورد في قول الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في قراءته لقوله تعالى في سورة «الكوثر» : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) وفي قراءة رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ
..) و «الكوثر» على وزن «فوعل» من الكثرة وهو المفرط الكثرة .. قيل لأعرابية
رجع ابنها من السفر : بم آب ابنك؟ قالت : آب بكوثر.
** (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً
واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية
والثلاثين ـ نص الآية ـ والصيحة هي صيحة جبريل ـ عليهالسلام ـ بهم فكانوا كفتات الحشيش اليابس الذي يجمعه المحتظر ـ
اسم فاعل ـ أي صاحب الحظيرة لغنمه ـ ماشيته ـ في الشتاء والمحتظر أيضا : هو صانع
الحظيرة : وهي المكان الذي يجمعها فيه .. وقيل عن هشيم المحتظر : هو شجر أو حشيش
يابس تتوطؤه البهائم فيتهشم أي فيتكسر.
** (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً
إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة
والثلاثين .. المعنى : أرسلنا عليهم أي على قوم لوط ريحا حاصبا فحذف المفعول به
الموصوف «ريحا» وأقيمت الصفة «حاصبا» مقامه. وذكر «حاصبا» والموصوف «ريحا» لفظة
مؤنثة لأن التذكير جاء على معنى «ريح» وهو هنا بمعنى «هواء» وحاصبا : اسم فاعل
للفعل «حصب» نحو : حصبه ـ يحصبه ـ حصبا .. من باب «ضرب» بمعنى : رماه بالحصباء : وهي
الحصى وهنا معناها : الحجارة الصغيرة ومنه سمي موضع الجمار ـ جمع جمرة ـ بمعنى :
المحصب .. أما الحصب ـ بفتح الحاء والصاد ـ فهو ما تحصب به النار أي ترمي وكل ما
ألقيته في النار فقد حصبتها. وإلا آل لوط : معناه ولكن أهل لوط إلا امرأته.
** (أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ
مُنْتَصِرٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة
والأربعين .. المعنى : نحن جيش منتصر أو حي مجتمع منتصر وجاءت كلمة «منتصر» مفردة
على لفظ «جميع» لا معناها .. أي نحن جماعة أمرنا مجتمع منتصر.
** (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ
لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأربعين وقد
كررت هذه الآية الكريمة كما كررت الآية الكريمة التي قبلها «فذوقوا عذابي ونذر»
وحذفت الياء من «نذري» مراعاة لفواصل الآي .. والمعنى : وقلنا لهم : ذوقوا عذابي
وإنذارات نذري وهي جمع «نذير» وهو المخبر مع تخويف من العاقبة وحذف المضاف إنذارات
وأقيم المضاف إليه «نذري» مقامه. والفائدة من تكرير هذا القول الكريم ـ كما ذكر
الزمخشري ـ هي أن يحددوا عند استماع كل نبأ من أنباء الأولين ادكارا واتعاظا وأن
يستأنفوا تنبها واستيقاظا إذا سمعوا الحث على ذلك والبعث عليه وأن يقرع لهم العصا
مرات ويقعقع لهم الشن تارات لئلا يغلبهم السهو ولا تستولي عليهم الغفلة وهكذا حكم
التكرير كقوله تعالى في سورة «الرحمن» : (فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) عند كل نعمة عددها سبحانه وقوله (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) عند كل آية أوردها في سورة «المرسلات» وكذلك تكرير
الأنباء والقصص في أنفسها لتكون تلك العبر حاضرة للقلوب مصورة للأذهان مذكورة غير
منسية في كل أوان.
** (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ
الدُّبُرَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة
والأربعين .. و «الدبر» هو «الظهر» وهو في الآية الكريمة للجماعة أي يولون الأدبار
ـ جمع «دبر» والقول الكريم كناية عن الهرب بمعنى : ينهزمون. والجمع : هو جمع قريش
القوي الذين فروا وانهزموا وقد هزمهم الله يوم بدر.
** سبب نزول
الآية : قال المشركون يوم بدر : نحن جميع منتصر .. أي منتصرون على أعدائنا لكثرة عددنا
وقوتنا .. فنزلت الآية الكريمة (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ
وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) صدق الله العظيم.
** (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ
وَسُعُرٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة
والأربعين .. المعنى : إن الكفار والمشركين في هلاك أو في ضلال عن الحق في الدنيا
وسعر : جمع «سعير» أي في نيران متأججة في الآخرة.
** سبب نزول
الآية : أخرج مسلم والترمذي عن أبي هريرة قال : جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله
ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في القدر فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة إلى
قوله عزوجل : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ
خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ).
** (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى
وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة
والأربعين .. أي ويقال لهم : ذوقوا مس جهنم لأن «سقر» اسم علم كجهنم وهو ممنوع من
الصرف للتعريف والتأنيث من سقرته النار وصقرته : إذا لوحته أو سقرته الشمس : أي
لوحته وآذت دماغه بحرها ومثله الفعل «صقر» إلا أن هذا الفعل يأتي لازما نحو : صقرت
الشمس أو النار تصقر ـ صقرا : بمعنى : اشتد حرها واتقدت .. ويأتي متعديا نحو : صقرته
الشمس : بمعنى : آذته بحرها وصقر النار : أي أوقدها وصقر ـ بتشديد القاف ـ مثله
نحو صقر النار : بمعنى : أوقدها .. أما الفعل الرباعي «أصقر» فهو فعل لازم ـ خلافا
للقاعدة نحو : أصقرت الشمس أو النار : أي اشتد حرها واتقدت .. ومثله أيضا الفعل
المزيد : تصقرت النار واصطقرت .. وقوله تعالى : (ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) ومعناه : ذوقوا حر نار
جهنم وألمها هو كقولك : وجد مس الحمى وذاق طعم الضرب لأن النار إذا أصابتهم
بحرها ولفحتهم بإيلامها فكأنما تمسهم مسا بذلك كما يمس الحيوان ويباشر بما يؤذي
ويؤلم. وقيل : إن جهنم أفظع من النار إذ إن النار : مطلقة وجهنم : أشدها كقوله
تعالى في سورة «غافر» : (وَقالَ الَّذِينَ فِي
النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ) أي للقوام بتعذيب أهلها. ولم يقل : لخزنتها «أي بعودة
الضمير على النار» وإنما ذكر جهنم تهويلا وتفظيعا وتفخيما والتفخيم في ذلك من
وجهين : أحدهما : وضع الظاهر موضع المضمر والثاني : ذكره وهو شيء واحد بظاهر غير
الأول أفظع منه. وقيل : ويحتمل أن تكون جهنم هي أبعد النار قعرا .. من قولهم : بئر
جهنام : أي بعيدة القعر وقولهم في «النابغة» : جهنام تسمية بها لزعمهم أنه يلقي
الشعر على لسان المنتسب إليه فهو بعيد الغور في علمه بالشعر والوجه الأول أظهر
وأدق.
** (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ
وَنَهَرٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة
والخمسين .. وفيه عطف «النهر» وهو مفرد على «جنات» وهي جمع لأن المراد : الأنهار
فقد عبر بالواحد عن الجمع مكتفيا باسم الجنس. و «النهر» بسكون الهاء وفتحها ..
وعبر سبحانه بالواحد عن الجمع كما في قوله تعالى (وَيُوَلُّونَ
الدُّبُرَ) أي الأدبار .. يقال : نهر الفلاح النهر ـ نهرا : أي
حفره وهو من باب «قطع» ونهر الماء بمعنى : جرى في الأرض وجعل لنفسه نهرا .. من
هذين المثالين يتبين أن الفعل «نهر» يأتي لازما ومتعديا وكل كثير جرى فقد نهر الدم
: بمعنى : أرسله وأنهر الرجل : أي دخل في النهار ونهره وانتهره : بمعنى : زجره .. و
«النهار» ضد الليل ولا يجمع كما لا يجمع العذاب والسراب وإن جمعت قلت في القليل
أنهر وفي الكثير : نهر ـ بضم النون والهاء. قال ابن كيسان :
لو لا
الثريدان لمتنا بالضمر
|
|
ثريد ليل
وثريد بالنهر
|
و «الضمر»
بسكون الميم وضمها : هو الهزال ـ بضم الهاء ـ وخفة اللحم ومنه : فرس ضامر وناقة
ضامرة يروى أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مر بسعد وهو يتوضأ فقال : ما هذا السرف يا سعد! فقال
: وهل في الماء سرف؟ قال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : نعم وإن كنت على نهر جار. صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا
الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)
(٣٢)
هذه الآية
الكريمة أعربت في الآيتين الكريمتين : الخامسة عشرة والسابعة عشرة.
(كَذَّبَتْ قَوْمُ
لُوطٍ بِالنُّذُرِ)
(٣٣)
(كَذَّبَتْ قَوْمُ) : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة
لا محل لها. قوم : فاعل مرفوع بالضمة.
(لُوطٍ بِالنُّذُرِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
بالنذر : جار ومجرور متعلق كذبت أي بالإنذارات .. أي إنذارات نبيهم
لوط ـ عليهالسلام ـ وتخويفهم من عذاب الله وأنث الفعل على كون «قوم»
بمعنى : جماعة أو أمم.
(إِنَّا أَرْسَلْنا
عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ)
(٣٤)
(إِنَّا أَرْسَلْنا
عَلَيْهِمْ حاصِباً) : يعرب إعراب «إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا» في الآية
الكريمة التاسعة عشرة وهنا حذفت كلمة «ريحا» وهي الموصوف حذف اختصارا لأن ما قبله
دال عليه وأقيمت الصفة حاصبا مقامه.
(إِلَّا آلَ لُوطٍ) : أداة استثناء. آل : مستثنى بإلا منصوب وعلامة نصبه
الفتحة وهو مضاف. لوط : مضاف إليه مجرور بالكسرة المنونة.
(نَجَّيْناهُمْ
بِسَحَرٍ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «آل لوط» وهي فعل
ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني
على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول
به. بسحر : جار ومجرور متعلق بنجينا وصرفت الكلمة لأنها نكرة ولأنها لا تعني يوما
معينا وليست ظرفا ـ بمعنى : بقطع من الليل وهو السدس الأخير منه. وبمعنى : وقت
السحر.
(نِعْمَةً مِنْ
عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ)
(٣٥)
(نِعْمَةً مِنْ
عِنْدِنا) : مفعول لأجله ـ له ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة
والعامل فيه «نجينا» بمعنى : نجيناهم إنعاما عليهم. من عند : جار ومجرور متعلق
بصفة محذوفة من «نعمة» و «نا» ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.
(كَذلِكَ نَجْزِي) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع
مبتدأ وخبره الجملة الفعلية «نجزي من شكر» في محل رفع أو يكون الكاف في محل نصب
صفة لمفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف أو نائبا عنه. بمعنى نجزي من شكر جزاء مثل ذلك
الجزاء. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. اللام للبعد والكاف
حرف خطاب.
نجزي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر
فيه وجوبا تقديره نحن.
(مَنْ شَكَرَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. شكر
: الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره : هو. وحذف مفعول «شكر» اختصارا لأنه معلوم بمعنى : من شكر
نعمة الله بإيمانه وطاعته.
(وَلَقَدْ
أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ)
(٣٦)
(وَلَقَدْ
أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. قد : حرف
تحقيق. أنذر : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أي
خوفهم لوط ـ عليهالسلام ـ و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول
به أول. بطشة : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل
مبني على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى : أخذتنا بالعذاب.
(فَتَمارَوْا
بِالنُّذُرِ) : الفاء استئنافية. تماروا : فعل ماض مبني على الفتح
المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بالنذر : جار ومجرور متعلق بتماروا ..
بمعنى : فكذبوا أو فشككوا بالإنذارات أو يكون الجار والمجرور متعلقا بحال من ضمير «تماروا»
بمعنى متشاكين بالنذر.
(وَلَقَدْ راوَدُوهُ
عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ)
(٣٧)
(وَلَقَدْ راوَدُوهُ) : أعرب. راودوه : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو
الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني
على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى ولقد طالبوه بتسليمهم ضيوفه للفسق بهم.
(عَنْ ضَيْفِهِ) : جار ومجرور متعلق براودوا والهاء ضمير متصل ـ ضمير
الغائب في محل جر مضاف إليه بمعنى في ضيوفه وهم الملائكة.
(فَطَمَسْنا
أَعْيُنَهُمْ) : الفاء سببية. طمس : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. أعين : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى
: فمسحنا أعينهم وجعلناها كسائر الوجه أي فصاروا عميا لم يروا أحدا.
(فَذُوقُوا عَذابِي
وَنُذُرِ) : الفاء عاطفة على فعل محذوف بمعنى فقلنا لهم : ذوقوا.
ذوقوا : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل أمر مبني على
حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. أي فقلنا لهم على ألسنة الملائكة : ذوقوا .. عذابي : مفعول به منصوب
بالفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها الحركة المأتي بها من أجل الياء ـ
الكسرة المجانسة للياء ـ والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل جر مضاف
إليه. ونذر : معطوف بالواو على «عذابي» ويعرب إعرابه وحذفت الياء ـ أصله : ونذري ـ
حذفت مراعاة لفواصل الآيات ـ رأس آية ـ وبقيت الكسرة دالة عليها أي وإنذارات نذري.
(وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ
بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ)
(٣٨)
(وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ) : أعرب. صبح : فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل
ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم.
(بُكْرَةً عَذابٌ
مُسْتَقِرٌّ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة
المنونة متعلق بصبح وصرفت اللفظة لأنها نكرة ولا تعني يوما معينا بمعنى ولقد أتاهم
أول النهار ـ غدوة ـ عذاب : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. مستقر : صفة ـ نعت ـ لعذاب
مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى : استقر معهم إلى أن أوصلهم إلى النار.
(فَذُوقُوا عَذابِي
وَنُذُرِ)
(٣٩)
هذه الآية
الكريمة أعربت في الآية الكريمة السابعة والثلاثين وكررت للتأكيد.
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا
الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)
(٤٠)
هذه الآية
الكريمة مكررة عن الآية الكريمة السابعة عشرة وأعربت في الآية الكريمة الخامسة
عشرة.
(وَلَقَدْ جاءَ آلَ
فِرْعَوْنَ النُّذُرُ)
(٤١)
(وَلَقَدْ جاءَ) : الواو عاطفة. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف
تحقيق. جاء : فعل ماض مبني على الفتح.
(آلَ فِرْعَوْنَ
النُّذُرُ) : مفعول به مقدم منصوب بجاء وعلامة نصبه الفتحة وهو
مضاف. فرعون : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة
لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والعلمية. النذر : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : المنذرون
وهم موسى وهارون وغيرهما أو يكون بمعنى الإنذارات جمع «نذير» على لسان النبي موسى.
(كَذَّبُوا بِآياتِنا
كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ)
(٤٢)
(كَذَّبُوا بِآياتِنا
كُلِّها) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بآيات : جار ومجرور متعلق بكذبوا و «نا»
ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. كل : توكيد للآيات مجرور مثلها
وعلامة جره الكسرة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
(فَأَخَذْناهُمْ
أَخْذَ) : الفاء سببية. أخذ : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. أخذ : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه
الفتحة وهو مضاف بمعنى فأخذنا بالعذاب المكذبين.
(عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة
بمعنى : لا يغالب. مقتدر : صفة ـ نعت ـ لعزيز مجرور مثله وعلامة جره الكسرة
المنونة بمعنى : لا يعجزه شيء.
(أَكُفَّارُكُمْ
خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ)
(٤٣)
(أَكُفَّارُكُمْ
خَيْرٌ) : الهمزة همزة تأنيب وتقريع بلفظ استفهام. كفاركم :
مبتدأ مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ وهم المشركون من قريش ..
مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور. خير : خبر المبتدأ
مرفوع بالضمة المنونة بعد حذف ألفه ـ أصله أخير ـ وهو اسم تفضيل ممنوع من الصرف
حذفت ألفه للفصاحة.
(مِنْ أُولئِكُمْ) : حرف جر. أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل جر
بمن. والكاف للخطاب والميم علامة الجمع والجار والمجرور متعلق بخير بمعنى : أكفاركم
يا أهل مكة أفضل من هؤلاء الكفار المعدودين قوم نوح وهود وصالح ولوط وآل فرعون.
(أَمْ لَكُمْ) : حرف عطف وهي «أم» المتصلة. لكم : جار ومجرور في محل
رفع خبر مقدم والميم علامة جمع الذكور.
(بَراءَةٌ فِي
الزُّبُرِ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. في الزبر : جار
ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «براءة» بمعنى : أم نزلت عليكم يا أهل مكة براءة من
العذاب في الكتب المتقدمة. أي الكتب السماوية وهي جمع زبور.
(أَمْ يَقُولُونَ
نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ)
(٤٤)
(أَمْ يَقُولُونَ) : حرف عطف. يقولون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
(نَحْنُ جَمِيعٌ
مُنْتَصِرٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ نحن
: ضمير منفصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. جميع : خبر «نحن»
مرفوع بالضمة المنونة. منتصر : صفة ـ نعت ـ لجميع مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى
: أم يدعون قائلين : نحن جماعة أمرنا مجتمع منتصر على الأعداء؟
(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ
وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)
(٤٥)
(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ) : السين حرف تسويف ـ استقبال. يهزم : فعل مضارع مبني
للمجهول مرفوع بالضمة. الجمع : نائب فاعل مرفوع بالضمة.
(وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) : الواو عاطفة. يولون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الأدبار : مفعول به منصوب بالفتحة.
(بَلِ السَّاعَةُ
مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ)
(٤٦)
(بَلِ السَّاعَةُ
مَوْعِدُهُمْ) : حرف عطف للإضراب عن قول محذوف بتقدير : إنهم لا
يعتقدون بيوم بعثهم للحساب وكسر آخر «بل» لالتقاء الساكنين. الساعة : مبتدأ مرفوع
بالضمة. موعد : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر مضاف
إليه.
(وَالسَّاعَةُ أَدْهى
وَأَمَرُّ) : الواو عاطفة. الساعة أدهى : الجملة الاسمية معطوفة على
«الساعة موعدهم» وتعرب إعرابها وعلامة رفع «أدهى» الضمة المقدرة على الألف للتعذر
ولم ينون آخرها لأن اللفظة ممنوعة من الصرف على وزن «أفعل» ومن وزن الفعل بمعنى
وعذاب الساعة أي القيامة أشد وأفظع من هزيمتهم وبعد حذف المبتدأ المضاف «عذاب» حل
المضاف «عذاب» حل المضاف إليه «الساعة» محله وارتفع ارتفاعه على الابتداء الواو
عاطفة. أمر : معطوف على «أدهى» ويعرب إعرابه وعلامة رفعه الضمة الظاهرة ولم ينون
آخره شأنه شأن «أدهى» وللسبب نفسه. المعنى : وأشد إيلاما وأمر مذاقا من الهزيمة
والقتل والأسر .. والداهية : أمر فظيع لا يهتدى لدوائه.
(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ
فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ)
(٤٧)
(إِنَّ الْمُجْرِمِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. المجرمين : اسم «إن»
منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ) : جار ومجرور متعلق بخبر «إن». وسعر : معطوف بالواو على
«ضلال» مجرور مثله وعلامة جرهما «المعطوف عليه والمعطوف ـ الكسرة المنونة بمعنى في
هلاك أو في ضلال عن الحق في الدنيا.
(يَوْمَ يُسْحَبُونَ
فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ)
(٤٨)
(يَوْمَ يُسْحَبُونَ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة
الظاهرة على آخره متعلق بسعر أو يكون مفعولا به منصوبا بفعل محذوف تقديره : اذكر.
يسحبون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل
والجملة الفعلية «يسحبون ..» في محل جر مضاف إليه. والفعل مبني للمجهول.
(فِي النَّارِ عَلى
وُجُوهِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بيسحبون : على وجوه : جار ومجرور
متعلق بحال محذوفة من ضمير «يسحبون» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر
مضاف إليه.
(ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ) : الجملة في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف تقديره : يقال
لهم ذوقوا .. وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. مس : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
سقر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه
ممنوع من الصرف للتعريف والتأنيث والكلمة اسم علم لجهنم.
(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ
خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ)
(٤٩)
(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني
على السكون في محل نصب اسم «إن» وحذفت إحدى النونين ـ أصله : إننا ـ تخفيفا ولكثرة
الاستعمال. كل : مفعول به منصوب بفعل محذوف يفسره الظاهر أي ما بعده بتقدير : إنا
خلقنا كل شيء .. شيء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
(خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» ويجوز أن تكون
تفسيرية لا محل لها وتكون الجملة المقدرة «خلقنا كل شيء» في محل رفع خبر «إن».
بقدر : جار ومجرور متعلق بحال من ضمير «خلقناه» أي من الهاء بمعنى : خلقناه مقدرا
محكما أو مكتوبا في اللوح المحفوظ و «خلقناه» فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا
و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم
في محل نصب مفعول به.
(وَما أَمْرُنا إِلاَّ
واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ)
(٥٠)
(وَما أَمْرُنا) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. أمرنا :
مبتدأ مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
(إِلَّا واحِدَةٌ) : أداة حصر لا عمل لها. واحدة : خبر المبتدأ مرفوع
بالضمة المنونة بمعنى : إلا كلمة واحدة فحذف الموصوف الخبر «كلمة» وحلت الصفة «واحدة»
محله. والمراد بالكلمة الواحدة هو قوله تعالى :
كن فيكون أي
فيحصل.
(كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع صفة
ثانية للموصوف المحذوف «كلمة» أو يكون بدلا من «واحدة» أو يكون في محل نصب حالا من
«الأمر» والعامل فيه الفعل «يحصل» المقدر لمعنى «الكلمة». بالصبر : جار ومجرور
متعلق بصفة محذوفة من «لمح» بمعنى إذا أراد كون شيء حصل كلمح البصر أي امتداده أو
كسرعته ..
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا
أَشْياعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)
(٥١)
هذه الآية
الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الخامسة عشرة. أشياعكم : مفعول به منصوب وعلامة
نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف
إليه والميم علامة جمع الذكور بمعنى أشباهكم في الكفر والاستفهام فيه معنى الأمر
.. أي اذكروا واتعظوا بالعبر والمواعظ.
(وَكُلُّ شَيْءٍ
فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ)
(٥٢)
(وَكُلُّ شَيْءٍ
فَعَلُوهُ) : الواو استئنافية. كل : مبتدأ مرفوع بالضمة. شيء : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. فعلوه : فعل ماض مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على
الضم في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «فعلوه» في محل جر صفة لشيء أو في محل
رفع صفة لكل.
(فِي الزُّبُرِ) : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. المعنى : مسجل ومحفوظ
في دواوين الحفظة أي مسجل عليهم ..
(وَكُلُّ صَغِيرٍ
وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ)
(٥٣)
الآية الكريمة
معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب مثلها. وكبير : معطوف بالواو على «صغير»
ويعرب إعرابه. مستطر : خبر «كل» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى وكل صغير وكبير من
الأعمال ومن كل ما هو كائن مسطور في اللوح المحفوظ.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ
فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ)
(٥٤)
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. المتقين : اسم «إن»
منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(فِي جَنَّاتٍ
وَنَهَرٍ) : جار ومجرور متعلق بخبر «إن». ونهر : معطوف بالواو على
«جنات» ويعرب مثلها وعلامة جرهما ـ المعطوف عليه والمعطوف ـ الكسرة المنونة.
(فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ
عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)
(٥٥)
(فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) : شبه الجملة من الجار والمجرور في محل رفع خبر ثان
لإن. صدق : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. بمعنى : في مكان
مرضي بتقدير : في مقاعد صدق أي في مواضع قعود ..
(عِنْدَ مَلِيكٍ
مُقْتَدِرٍ) : ظرف مكان يدل على التشريف هنا أي شرف سبحانه وتعالى
المتقين بهذه المكانة والظرف منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق
بحال محذوفة من «المتقين» المعنى : مقربين عند ملك عظيم الملك. مليك : مضاف إليه
مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. مقتدر : صفة ـ نعت ـ لمليك مجرور
وعلامة جره الكسرة المنونة. و «مليك» بوزن «فعيل» وهو من صيغ المبالغة بمعنى :
عظيم ملكه .. وقوله تعالى : في مقعد صدق : بمعنى : لكل واحد من المتقين موضع قعود
أي في مواضع قعود فحذف المضاف «مواضع».
سورة الرحمن
معنى
السورة : الرحمن :
اسم مشتق من «الرحمة» والرحمة : هي الرقة والتعطف والمرحمة مثله وقد رحمه ـ بكسر
الحاء ـ يرحمه ـ رحمة ومرحمة وترحم عليه : بمعنى : رق له وشفق عليه وتعطف وغفر له.
ويقال : رحم وترحم عليه : بمعنى : قال : رحمهالله .. واسترحمه بمعنى استعطفه وتراحم القوم : أي رحم بعضهم
بعضا والراحم ـ اسم فاعل ـ هو من يرحم ومثله «الرحوم» فعول بمعنى فاعل وكذلك «الرحيم»
وجمعه «رحماء» لأن صيغة «فعيل» تجمع على «فعلاء» على أن لا يكون في المفرد حرف
مكرر مثل «لبيب» و «طبيب» ففي هذه الحالة يكون الجمع على وزن «أفعلاء» والرحيم ـ فعيل
بمعنى فاعل ـ و «الرحمن الرحيم» مثل «نديم وندمان» ويجوز تكرير الاسمين إذا اختلف
اشتقاقهما على وجه التأكيد كما يقال : فلان جاد مجد .. إلا أن «الرحمن» اسم مختص
بالله تعالى ولا يجوز أن يسمى به غيره ألا ترى أنه سبحانه وتعالى قال في سورة «الإسراء»
: (قُلِ ادْعُوا اللهَ
أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) فعادل به الاسم الذي لا يشركه فيه غيره. ولهذا قدم «الرحمن»
على الاسم الكريم الآخر «الرحيم» في قوله : بِسْمِ
اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ و «الرحيم» اسم مشترك .. نقول : هذا إنسان رحيم ولا نقول : هذا إنسان رحمن.
فقدم الخاص على العام وقيل : إن الرحمن والرحيم : اسمان رقيقان أحدهما أرق من
الآخر .. وقيل أيضا : الرحمن : أمدح والرحيم : أرق وبالتالي فالاسمان الكريمان
نعتان ـ صفتان ـ للفظ الجلالة يفيدان المدح وقيل : إن «الرحمن» اسم من أسماء الله
تعالى مذكور في الكتب المتقدمة ولم يكونوا يعرفونه وكان مسيلمة الكذاب يقال له :
رحمن اليمامة. و «الرحموت» من الرحمة أيضا يقال : رهبوت خير من رحموت. أي لأن ترهب
خير من أن ترحم. وكتبوا «الرحمن» بحذف الألف اختصارا ولا بد من إثباتها في اللفظ. وكانوا
يقولون : ما نعرف الرحمن إلا الذي باليمامة ويعنون به مسيلمة!
وكان يقال له : رحمن اليمامة! فقال تعالى في سورة «الفرقان» : (فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) أي فسل بهذا الاسم من يخبرك من أهل الكتاب حتى من ينكره
ـ وقوله تعالى على لسانهم : «وما الرحمن» يجوز أن يكون سؤالا عن معناه لأنهم لم
يستعملوه في كلامهم كما استعمل الرحيم أو لأنهم أنكروا إطلاقه على الله تعالى.
تسمية
السورة : سمى الله
تعالى إحدى سور القرآن الكريم بهذا الاسم الكريم «الرحمن» الذي ورد ذكره سبعا
وخمسين مرة.
فضل
قراءة السورة : قال الرسول المنصور محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ سورة «الرحمن» أدى شكر ما أنعم الله عليه»
صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان
حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله وبحمده وسبحان الله العظيم.
إعراب آياتها
(الرَّحْمنُ)
(١)
(الرَّحْمنُ) : مبتدأ مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «علم القرآن» في
محل رفع خبر المبتدأ أو يكون «الرحمن» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو والجملة الاسمية
«هو الرحمن» في محل رفع خبر مبتدأ مضمر التقدير : الله هو الرحمن بمعنى : المنعم
بعظيم النعم وتكون الجملة الفعلية «علم القرآن» في محل رفع خبرا ثانيا.
(عَلَّمَ الْقُرْآنَ)
(٢)
(عَلَّمَ الْقُرْآنَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر أول للمبتدإ «الرحمن»
وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. القرآن :
مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة وحذف المفعول به الأول اختصارا لأنه معلوم
ولأن ما بعده يدل عليه. المعنى : علم الإنسان القرآن أو علم نبيه محمدا القرآن
إيحاء لتبليغه للناس.
(خَلَقَ الْإِنْسانَ)
(٣)
(خَلَقَ الْإِنْسانَ) : تعرب إعراب «علم القرآن» والجملة الفعلية في محل رفع
خبر ثان ـ خبر بعد خبر ـ والمراد بالإنسان : هو آدم أي الجنس الإنساني أو الرسول
الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقد خلت هذه الأخبار من حروف العطف لمجيئها على نمط
التعديد وهي أخبار مترادفة للمبتدإ «الرحمن».
(عَلَّمَهُ الْبَيانَ)
(٤)
(عَلَّمَهُ الْبَيانَ) : تعرب إعراب «علم القرآن» والهاء ضمير متصل ـ ضمير
الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول. والجملة الفعلية في محل رفع خبر
ثالث بمعنى : علمه الإفصاح أي النطق الواضح عما في ضميره.
(الشَّمْسُ
وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ)
(٥)
(الشَّمْسُ
وَالْقَمَرُ) : مبتدأ مرفوع بالضمة. والقمر : معطوف بالواو على «الشمس»
مرفوع مثلها بالضمة.
(بِحُسْبانٍ) : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ «الشمس والقمر»
المحذوف بمعنى : يجريان بحساب مقدر في بروجهما ومنازلهما أي بحسبان معلوم وتقدير
سوي فيدلان على حساب الشهور والسنين.
(وَالنَّجْمُ
وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ)
(٦)
هذه الآية
الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. يسجدان : الجملة
الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والألف ضمير متصل
ـ ضمير الاثنين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. بمعنى : ينقادان لخالق الكون
فيما خلقه.
** (خَلَقَ الْإِنْسانَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة وفيه
تخصيص للإنسان بالذكر من بين ما يتناوله الخلق لأن التنزيل إليه وهو أشرف ما على
الأرض ويجوز أن يراد : الذي خلق الإنسان كما قال في سورة «العلق» : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ
(١) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) وهو كما قال سبحانه في سورة «الرحمن» : (الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسانَ) فقيل : جاء الذي خلق مبهما ثم فسره بقوله : (خَلَقَ الْإِنْسانَ) كما ورد في
سورة «العلق» وذلك تفخيما لخلق الإنسان ودلالة على عجيب فطرته ـ خلقه ـ وعلى
ذكر سورة «العلق» فقد قال سبحانه في السورة المذكورة : (مِنْ عَلَقٍ) وهي جمع «علقة» وإنما خلق الإنسان من علقة كما قال في
سورتي «الحج» و «غافر» : (خَلَقَكُمْ مِنْ
تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) والسبب هو أن الإنسان في معنى «الجمع» أو يراد به جنس
الإنسان وكما حذف المفعول الأول في الآية الكريمة الثانية من سورة «الرحمن» : (عَلَّمَ الْقُرْآنَ) أي علم الرسول أو الإنسان القرآن فقد حذف المفعول في
سورة «العلق» في قوله : (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) أي علم الإنسان الكتابة بالقلم فحذف المفعولان .. وفي
هذا القول دل سبحانه على كمال كرمه بأنه علم عباده ما لم يعلموا ونقلهم من ظلمة
الجهل إلى نور العلم ونبه على فضل علم الكتابة لما فيه من المنافع العظيمة التي لا
يحيط بها إلا هو وما دونت العلوم ولا قيدت الحكم ولا ضبطت أخبار الأولين ومقالاتهم
ولا كتب الله المنزلة إلا بالكتابة ولو لا الكتابة لما استقامت أمور الدين والدنيا
.. ولو لم يكن على دقيق حكمة الله ولطيف تدبيره دليل إلا أمر القلم والخط لكفى به.
** (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة ..
المعنى : ونوعا النباتات الصغيرة والنباتات الكبيرة ينقادان لله تعالى فيما خلقه.
وقيل : النجم أيضا : نجوم السماء ولأن النجم أيضا من معانيه : ما طال من النبات
وهو ما لا ساق له .. أما الشجر : فهو ما له ساق يعظم ويقوم به .. والنجم : هو
الكوكب وجمعه : أنجم ونجوم. قال الفيومي : كانت العرب تؤقت بطلوع النجوم لأنهم ما
كانوا يعرفون الحساب وإنما يحفظون أوقات السنة بالأنواء وكانوا يسمون الوقت الذي
يحل فيه الأداء نجما تجوزا لأن الأداء لا يعرف إلا بالنجم ثم توسعوا حتى سموا
الوظيفة نجما لوقوعها في الأصل في الوقت الذي يطلع فيه النجم .. واشتقوا منه
فقالوا : نجمت الدين : إذا جعلته نجوما. قال ابن فارس : النجم : وظيفة كل شيء وكل
وظيفة نجم وإذا أطلقت العرب النجم أرادوا : الثريا وهو علم عليها يقال : نجم
النبات وغيره ـ ينجم ـ نجوما .. من باب «دخل» دخولا بمعنى : طلع ونجم الشيء أيضا
بمعنى : طلع وظهر وفي الآية الكريمة المذكورة معناه : النبات لأن «النجم» من
النبات .. ومن معاني «الكوكب» : النجم وما طال من النبات .. وكوكب الروضة : هو
نورها. والكوكبة : هي الجماعة ومن أمثال العرب قولهم : طمس الله كوكبه .. يضرب لمن
ذهب رونق أمره وانهد ركنه. ولما كانت «الكوكبة» بمعنى : الجماعة فمثلها أيضا :
الفئة : وهي الجماعة ولا واحد لها من لفظها ومثلها كذلك : العصبة : وهي الجماعة من
الناس وعددها من العشرة إلى الأربعين .. والملأ وهم جماعة رجال ونساء .. أما «الشرذمة»
بكسر الشين والذال .. فهي القليل من الناس يقابلها في القلة : النفر والنفير : وهم
ما دون العشرة من الرجال .. و «الرهط» هو ما دون العشرة أيضا وما فيهم امرأة ..
وقيل : هم من ثلاثة إلى سبعة أو من سبعة إلى عشرة والقوم : هم الجماعة من الثلاثة
فصاعدا.
** (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية عشرة
.. الحب : هو الذي يتغذى ـ يقتات ـ به من ثمر النخل أو القمح ـ الحنطة ـ والشعير
وكل ما يقتات به والعصف : هو الورق اليابس وهو علف الأنعام ـ أي كالتبن ـ وقيل :
هو ساق الزرع والريحان : ورقه المعنى : وفيها : الريحان الذي يشم وهو مطعم الناس
أو الرزق لأنه يقال : خرجت أطلب ريحان الله .. وقد وردت لفظة «العصف» في قوله
تعالى في سورة «الفيل» :
(فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ
مَأْكُولٍ) أي كورق الشجر المأكول .. والمأكول : اسم مفعول يقابله
: المشروب. عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «طعام الاثنين كافي الثلاثة وطعام الثلاثة كافي
الأربعة» أي طعام الاثنين المشبع لهما كافي الثلاثة في القوت .. وطعام الثلاثة
كافي الأربعة لشبعهم لما ينشأ عن بركة الاجتماع فكلما كثر الجمع ازدادت البركة.
وعن نافع ـ مولى ابن عمر ـ قال : كان ابن عمر لا يأكل إلا ومعه مسكين يؤتى به
ليأكل معه. فأدخلت رجلا يأكل معه فأكل كثيرا. فقال : يا نافع لا تدخل هذا علي .. سمعت
النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يقول : المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة
أمعاء» قال الصحاح : لأن المؤمن لا يأكل إلا الحلال ويتوقى الحرام والشبهة والكافر
لا يبالي ما أكل ومن أين أكل وكيف أكل. ويؤكد هذا قوله تعالى في سورة «محمد» : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ
وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) صدق الله العظيم.
** (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة
.. والخطاب موجه للثقلين ـ الإنس والجن ـ بدلالة «الأنام» عليهما وقوله (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) بمعنى : سنتجرد لحسابكما ومجازاتكما أيها الإنس والجن
.. سميا «الثقلان» لأنهما مثقلان بالتكاليف أو لأنهما ثقيلان على الأرض .. وتكرر
قوله تعالى (فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) في هذه السورة الشريفة في هذه الآية وفي الآيات
التاليات .. وفائدة هذا التكرير لأن كل نعمة عدها سبحانه لتكون تلك النعم حاضرة
للقلوب مصورة للأذهان مذكورة غير منسية في كل أوان. وفي قوله تعالى : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) استعارة فيه معنى التهديد. ومعنى الآية : فبأي نعمة من
نعم ربكما معشر الجن والإنس تكذبان بمعنى : لا يمكنكما التكذيب. وقيل : السنة
تقتضي القول بعده : لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد.
** (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ
وَالْمَرْجانُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية
والعشرين المعنى : يخرج من أحد البحرين ـ البحر الملح ـ كبار الدر وصغاره أي الخرز
الأحمر .. وقال الجوهري : المرجان صغار اللؤلؤ وقد فسره الواحدي : بعظام اللؤلؤ
وأبو الهيثم : بصغار اللؤلؤ وقال آخرون ومنهم ابن مسعود : هو خرز أحمر .. وهذا
المعنى هو المشهور في عرف الناس .. وقال الطرطوشي في «تاج العروس» هو عروق حمر
تطلع في البحر كأصابع الكف .. أما «اللؤلؤ» فهو جمع «لؤلؤة» وهي الدرة وتجمع أيضا
على «لآلئ» وأما قوله تعالى في آية كريمة سابقة «مرج البحرين» فمعناه : خلاهما لا
يلتبس أحدهما بالآخر .. يقال : مرج الأمر والدين ـ يمرج ـ مرجا .. من باب «طرب»
بمعنى اختلط ومنه الهرج والمرج .. وتسكين «المرج» للازدواج. وأمر مريج ـ فعيل
بمعنى : فاعل ـ بمعنى مختلط.
** (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة
والعشرين .. و «ها» يعود على الأرض وإن لم يجر لها ذكر لأنه عند الفناء ليس هناك
حال القرار والتمكن .. و «فان» اسم فاعل للفعل «فني» الرجل أو الشيء أو المال ـ يفنى
ـ فناء .. من باب «تعب» بمعنى : هرم .. عدم. وأفناه بمعنى : أهلكه .. وكل مخلوق
صائر إلى الفناء ـ بفتح الفاء ـ أما «الفناء» بكسر الفاء : فهو ما امتد من جوانب
الدار وجمعه : أفنية .. ويقال : تفانوا .. بمعنى : أفنى بعضهم بعضا في الحرب. وقيل
للشيخ الهرم : فان .. لقربه ودنوه من الفناء. فالبقاء لله سبحانه وكل شيء أو مخلوق
صائر إلى الفناء أي إلى الهلاك .. وقيل عن «ها» في «عليها» عائد على الأرض التي
جرى ذكرها في الآية الكريمة العاشرة.
** (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ
وَالْإِكْرامِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة
والعشرين يقال : بقي ـ يبقى ـ بقاء .. من باب «تعب» بمعنى : دام وثبت. ومنه اسم
الفاعل «الباقي» بمعنى الثابت وهو من أسماء الله الحسنى .. ويقال فلان بقية قومه :
بمعنى : من خيارهم. قال الفيومي : وطيئ تبدل الكسرة في «بقي» فتحة فتنقلب الياء
ألفا فيصير : بقا. وكذلك كل فعل ثلاثي سواء كانت الكسرة والياء أصليتين نحو : بقي
ونسي وفني أو كان ذلك عارضا كما لو بني الفعل للمفعول فيقولون في هدي زيد وبني
البيت : هذا زيد وبنا البيت .. ويقال : بقي من الدين كذا : أي فضل وتأخر وتبقى :
مثله. والاسم هو البقية وجمعها : بقايا وبقيات مثل «عطية وعطايا وعطيات».
** (إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا
مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة
والثلاثين .. المعنى إن استطعتم النفاذ أي الخروج هاربين من عذاب الله فاخرجوا .. ولكنكم
لا تستطيعون ذلك يقال : نفد الشيء ـ ينفد ـ نفادا .. من باب «تعب» : فني وانقطع ..
ونفذ السهم ـ ينفذ ـ نفوذا .. من باب «قعد» أو «دخل» بمعنى : خرق الرمية وخرج منها
ونفذ الأمر والقول نفوذا ونفاذا : بمعنى : مضى وأمره نافذ : أي مطاع كأنه مستعار
من نفوذ السهم فإنه لا مرد له. ومع هذا الفرق هناك من يستعمل الفعلين واحدا بدل
الآخر.
(وَالسَّماءَ رَفَعَها
وَوَضَعَ الْمِيزانَ)
(٧)
(وَالسَّماءَ رَفَعَها) : الواو عاطفة. السماء : مفعول به منصوب على الاشتغال
بفعل محذوف يفسره ما بعده المعنى : ورفع السماء أي خلقها أو أوجدها مرفوعة فوق
رءوسكم بغير عمد. رفع : فعل ماض مبني على الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
(وَوَضَعَ الْمِيزانَ) : معطوفة بالواو على «رفعها» وتعرب مثلها و «الميزان»
مفعول به منصوب بالفتحة أي وضع لكم العدل.
(أَلاَّ تَطْغَوْا فِي
الْمِيزانِ)
(٨)
(أَلَّا تَطْغَوْا) : أصلها : أن : حرف تفسير لا عمل له و «لا» ناهية
جازمة. تطغوا : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «تطغوا في الميزان» تفسيرية لا محل
لها أو تكون «أن» مصدرية بتقدير : لئلا أو بألا .. وجملة «تطغوا في الميزان» صلة
حرف مصدري لا محل لها.
و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء المقدرة والجار والمجرور
متعلق بوضع بمعنى لكيلا تتجاوزوا الحد في الميزان أي الأحكام.
(فِي الْمِيزانِ) : جار ومجرور متعلق بتطغوا.
(وَأَقِيمُوا
الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ)
(٩)
(وَأَقِيمُوا
الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ) : الواو عاطفة. أقيموا : فعل أمر مبني على حذف النون
لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
الوزن : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بالقسط : جار ومجرور متعلق بأقيموا
بمعنى وقوموا الأمور أي وزن الأمور بالعدل أو يكون الجار والمجرور متعلقا بصفة
محذوفة لمصدر ـ مفعول مطلق ـ مقدر بمعنى : إقامة ملتبسة بالقسط أو في محل نصب حالا
من الضمير في «أقيموا» بمعنى : مقسطين .. أي عادلين.
(وَلا تُخْسِرُوا
الْمِيزانَ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تخسروا : فعل مضارع
مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
الميزان : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : ولا تنقصوا الميزان أي لا
تطففوا من أخسر البائع الميزان أي طففه وهو يبيع والمراد لا تنقصوا حقوق الناس.
(وَالْأَرْضَ وَضَعَها
لِلْأَنامِ)
(١٠)
الآية الكريمة
معطوفة بالواو على «السماء رفعها» في الآية الكريمة السابعة وتعرب مثلها. للأنام :
جار ومجرور متعلق بوضع المعنى : وخفضها مدحوة على الماء للخلق أو للمخلوقات ..
وقيل : الأنام : هو كل ذي روح.
(فِيها فاكِهَةٌ
وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ)
(١١)
(فِيها فاكِهَةٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال من «الأرض». فيها : جار
ومجرور في محل رفع خبر مقدم. فاكهة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى :
فيها ضروب مما يتفكه به.
(وَالنَّخْلُ ذاتُ
الْأَكْمامِ) : معطوفة بالواو على «فاكهة» وتعرب مثلها بمعنى : وفيها
النخل. ذات : صفة ـ نعت ـ للنخل مرفوع بالضمة وهو مضاف. الأكمام : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى ذات الأوعية الثمرية.
(وَالْحَبُّ ذُو
الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ)
(١٢)
(وَالْحَبُّ ذُو) : معطوف بالواو على «فاكهة» مرفوع مثلها بالضمة أي
وفيها الحب. ذو : صفة ـ نعت ـ للحب مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء
الخمسة وهو مضاف بمعنى : وفيها الحبوب كالقمح والشعير وكل ما يتغذى به.
(الْعَصْفِ
وَالرَّيْحانُ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والريحان
: معطوف على «الحب» مرفوع مثله بالضمة بمعنى : وذو الريحان فحذف المضاف «ذو»
اختصارا لأن ما قبله دال عليه وحلت كلمة «الريحان» المضاف إليه محله وقيل : المعنى
: والحب ذو الورق اليابس وهو علف الأنعام وقيل : العصف : ساق الزرع والريحان :
ورقه أي والحب الذي يتغذى به من ثمر النخل وفيها الريحان الذي يشم وهو مطعم الناس
.. وعلى هذا المعنى تكون «الريحان» معطوفة على «فاكهة» أي وفيها الرزق وهو اللب أو
معطوفة على الحب.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(١٣)
(فَبِأَيِّ آلاءِ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. الباء حرف جر. أي
: اسم استفهام بمعنى التقرير مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والجار
والمجرور متعلق بتكذبان. آلاء : مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو مضاف.
(رَبِّكُما
تُكَذِّبانِ) : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو
مضاف أيضا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين الاثنين ـ مبني على الضم في محل جر
مضاف إليه ثالث و «ما» علامة التثنية أو تكون الميم حرف عماد والألف حرفا دالا على
التثنية. تكذبان : الجملة الفعلية
ابتدائية لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون لأنه من
الأفعال الخمسة. والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين المخاطبين ـ مبني على السكون في
محل رفع فاعل والخطاب للثقلين ـ الإنس والجن ـ بدلالة «الأنام» عليهما وقوله (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) بمعنى : فبأي نعمة من نعم الله تكذبان أيها الثقلان؟
ومفردها : إلي وبما أن هذا القول الكريم أعرب وشرح في هذه الآية الكريمة وبغية
الاختصار سيكتفى بتدوين هذا القول الكريم المكرر في الآيات الكريمات التالية من
دون إعرابها.
(خَلَقَ الْإِنْسانَ
مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ)
(١٤)
(خَلَقَ الْإِنْسانَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. الإنسان : مفعول به منصوب بالفتحة.
(مِنْ صَلْصالٍ
كَالْفَخَّارِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الإنسان» بتقدير :
خلق الإنسان حالة كونه من صلصال أي الذي هو الصلصال و «من» حرف جر بياني أي لبيان
جنس الإنسان وتمييزه بمعنى : من طين يابس. كالفخار : الكاف حرف جر للتشبيه. الفخار
: اسم مجرور بالكاف وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بمفعول مطلق ـ مصدر ـ
محذوف. التقدير : خلقا كالفخار أو تكون الكاف اسما بمعنى «مثل» مبنيا على الفتح في
محل جر صفة لصلصال. و «الفخار» مضافا إليه مجرورا بالإضافة وعلامة جره الكسرة
بمعنى : يصوت كالفخار وعلى هذا المعنى يجوز أن تكون الكاف في محل نصب حالا من ضمير
الفعل «يصوت».
(وَخَلَقَ الْجَانَّ
مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ)
(١٥)
هذه الآية
الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. و «الجان» هو أبو
الجن وقيل : هو إبليس و «مارج» بمعنى : لهب صاف لا دخان فيه. من نار : جار ومجرور
متعلق بصفة محذوفة من «مارج» و «من» حرف جر بياني «من .. البيانية».
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(١٦)
هذه الآية
الكريمة سبق إعرابها وتكرار هذه الآية الكريمة في هذه السورة الشريفة فيه ادكار
واتعاظ عند كل نعمة عددها الله سبحانه من نعمه تنبيها عليها.
(رَبُّ
الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ)
(١٧)
(رَبُّ
الْمَشْرِقَيْنِ) : خبر مبتدأ محذوف مرفوع بالضمة وهو مضاف. أي هو رب أو
الله رب أو يكون بدلا من الضمير في «خلق». المشرقين : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد.
(وَرَبُّ
الْمَغْرِبَيْنِ) : معطوف بالواو على «رب المشرقين» ويعرب إعرابه بمعنى :
رب مشرقي الصيف والشتاء ورب مغربيهما أو رب مشرقي الشمس في الصيف والشتاء ورب
مغربيها في الصيف والشتاء.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(١٨)
سبق إعرابها أي
فبأي نعم ربكما تكذبان أيها الثقلان؟
(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ
يَلْتَقِيانِ)
(١٩)
(مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. البحرين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته.
(يَلْتَقِيانِ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «البحرين» وهي فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين ـ مبني على السكون في
محل رفع فاعل بمعنى : أرسل البحر الملح والبحر العذب يتجاوران دون حاجز.
(بَيْنَهُما بَرْزَخٌ
لا يَبْغِيانِ)
(٢٠)
(بَيْنَهُما بَرْزَخٌ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بخبر مقدم وهو مضاف. الهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه. و «ما»
علامة التثنية. برزخ : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.
(لا يَبْغِيانِ) : نافية لا عمل لها. يبغيان : تعرب إعراب «يلتقيان»
بمعنى : بين البحرين حاجز لا يتجاوزان حديهما ولكي لا يبغي أحدهما على الآخر
بالممازجة. والجملة الاسمية «بينهما برزخ» في محل نصب حال ثانية من البحرين.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٢١)
هذه الآية
الكريمة سبق إعرابها.
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا
اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ)
(٢٢)
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا) : فعل مضارع مرفوع بالضمة. منهما : جار ومجرور متعلق
بيخرج و «ما» علامة التثنية.
(اللُّؤْلُؤُ
وَالْمَرْجانُ) : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «يخرج منهما
اللؤلؤ والمرجان» في محل نصب حال أخرى من «البحرين». والمرجان : معطوف بالواو على «اللؤلؤ»
ويعرب مثله بمعنى يخرج من أحدهما الدر أو كبار الدر وصغاره أي من البحر الملح وقيل
: اللؤلؤ : هو كبار الدر وقيل : هو صغار الدر الموجود في الأصداف ـ جمع صدفة ـ والمرجان
: هو كبار الدر وقيل هو صغار الدر أي الخرز الأحمر.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٢٣)
هذه الآية
الكريمة أعربت.
(وَلَهُ الْجَوارِ
الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ)
(٢٤)
(وَلَهُ الْجَوارِ
الْمُنْشَآتُ) : الواو استئنافية. له : جار ومجرور في محل رفع خبر
مقدم. الجوار : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة خطا
واختصارا واكتفاء بالكسرة الدالة عليها ـ الكسرة المجانسة للياء ـ بمعنى : وله
السفن الجارية في البحر فحذف المبتدأ المؤخر الموصوف «السفن» وحلت الصفة «الجواري»
محله وهي جمع «جارية» أي سائرة. المنشآت : صفة ثانية للسفن مرفوعة مثلها وعلامة
رفعها الضمة بمعنى : المنشأة في البحر .. أي المرفوعات الشراع.
(فِي الْبَحْرِ
كَالْأَعْلامِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «السفن» التقدير :
حالة كونها جارية في البحر. كالأعلام : جار ومجرور يعرب إعراب «في البحر» أي متعلق
بحال ثانية من السفن .. أو يكون الكاف اسما مبنيا على الفتح بمعنى «مثل» في محل
نصب حالا. الأعلام : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. بمعنى : كالجبال
السابحة في البحر العالية المرتفعة وهو جمع «علم» بمعنى «جبل».
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٢٥)
هذه الآية الكريمة
سبق إعرابها.
(كُلُّ مَنْ عَلَيْها
فانٍ)
(٢٦)
(كُلُّ مَنْ عَلَيْها
فانٍ) : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. من : اسم موصول مبني
على السكون في محل جر مضاف إليه. عليها : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره :
وجد .. كان .. استقر أو هو كائن أو مستقر والجملة الفعلية «وجد عليها» صلة الموصول
لا محل لها. فإن : خبر «كل» مرفوع بالضمة المنونة المقدرة للثقل على الياء
المحذوفة لالتقاء الساكنين : سكون الياء لثقل الحركة عليها وسكون التنوين بعدها
ولأن الكلمة اسم منقوص نكرة تحذف ياؤه في حالتي الرفع والجر وتثبت في حالة النصب. بمعنى
: هالك زائل من جميع الأجناس :
(وَيَبْقى وَجْهُ
رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ)
(٢٧)
(وَيَبْقى وَجْهُ
رَبِّكَ) : الواو استئنافية. يبقى : فعل مضارع مرفوع بالضمة
المقدرة على الألف للتعذر. وجه : فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف. ربك : مضاف إليه
مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني
على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى ذات الله سبحانه فهو الموجود الحي الدائم
الحياة. (ذُو الْجَلالِ
وَالْإِكْرامِ) : صفة ـ نعت ـ لوجه ربك مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو
لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. الجلال : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والإكرام : معطوف بالواو على «الجلال» ويعرب
مثله.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٢٨)
هذه الآية
الكريمة سبق إعرابها.
(يَسْئَلُهُ مَنْ فِي
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ)
(٢٩)
(يَسْئَلُهُ مَنْ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل مبني على
الضم في محل نصب مفعول به مقدم. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.
بمعنى يسأله جميع من في الكون حاجاتهم لافتقارهم إليه سبحانه.
(فِي السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد .. كان ..
استقر أو هو كائن. والأرض : معطوفة بالواو على «في السموات» وتعرب مثلها والجملة
الفعلية «وجد في السموات والأرض» صلة الموصول لا محل لها وحذف مفعول «يسأل» الثاني
اختصارا لأنه معلوم بمعنى : يسأله سبحانه الخلق جميعا قضاء حاجاتهم.
(كُلَّ يَوْمٍ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو
مضاف متعلق بفعل محذوف بتقدير : كل وقت وحين يحدث أمورا ويجدد أحوالا. يوم : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
(هُوَ فِي شَأْنٍ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال من الهاء العائد إليه
سبحانه في «يسأله» ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. في شأن : جار
ومجرور متعلق بخبر «هو» بمعنى هو كل يوم في شأن جديد بمعنى : يخلق أشخاصا ويميت
آخرين.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٣٠)
هذه الآية
الكريمة أعربت .. بمعنى فبأي نعمة من نعم ربكما في تدبير أمر خلقه تكذبان أيها
الجن والإنس؟
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ
أَيُّهَ الثَّقَلانِ)
(٣١)
(سَنَفْرُغُ لَكُمْ) : السين حرف تسويف ـ استقبال ـ للقريب. نفرغ : فعل
مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. لكم : جار ومجرور
متعلق بنفرغ والميم علامة جمع الذكور.
(أَيُّهَ الثَّقَلانِ) : منادى بأداة نداء محذوفة اكتفاء بالمنادى لتضمنه معنى
الخطاب مبني على الضم في محل نصب و «ها» زائدة للتنبيه سقطت ألفها لالتقاء
الساكنين. الثقلان : صفة ـ نعت ـ لأي لأنها مشتقة وليست جامدة مرفوعة بالألف لأنها
مثنى وجاء رفعها على لفظ «أي» لا محلها. والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٣٢)
هذه الآية
الكريمة سبق إعرابها .. أي فبأي نعم ربكما أيها الإنس والجن تكذبان؟ والآلاء : جمع
«ألى» أو إلى.
(يا مَعْشَرَ الْجِنِّ
وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ)
(٣٣)
(يا مَعْشَرَ الْجِنِّ
وَالْإِنْسِ) : بدل ـ ترجمة ـ أي تفسير لقوله تعالى «أيه الثقلان».
يا :
أداة نداء. معشر
: منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الجن : مضاف إليه مجرور بالكسرة. والإنس :
معطوف بالواو على «الجن» ويعرب مثله.
(إِنِ اسْتَطَعْتُمْ) : حرف شرط جازم حرك آخره بالكسر لالتقاء الساكنين. استطعتم
: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن.
التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة
جمع الذكور والمصدر المؤول «أن تنفذوا» أي النفاذ في محل نصب مفعول به.
(أَنْ تَنْفُذُوا) : حرف مصدري ناصب. تنفذوا : فعل مضارع منصوب بأن علامة
نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «تنفذوا
..» صلة حرف مصدري لا محل لها.
(مِنْ أَقْطارِ
السَّماواتِ) : جار ومجرور متعلق بتنفذوا. السموات : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
(وَالْأَرْضِ
فَانْفُذُوا) : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها بمعنى : إن
استطعتم الخروج هاربين من الله الفاء واقعة في جواب الشرط. انفذوا : فعل أمر مبني
على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة. والجملة الفعلية «فانفذوا» جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم
بمعنى إن استطعتم الخروج من جوانب السموات والأرض هاربين من قضاء الله فاخرجوا
منها.
(لا تَنْفُذُونَ
إِلَّا بِسُلْطانٍ) : نافية لا عمل لها تفيد هنا الاستدراك بمعنى : ولكنكم
لا تقدرون أي لا تستطيعون النفاذ أي الخروج منها. إلا : أداة حصر لا عمل لها. بسلطان
: جار ومجرور متعلق بتنفذون .. بمعنى : إلا بحجة وسلطان وقوة وقهر ومن أين لكم ذلك؟
و «تنفذون» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٣٤)
هذه الآية
الكريمة سبق إعرابها.
(يُرْسَلُ عَلَيْكُما
شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ)
(٣٥)
(يُرْسَلُ عَلَيْكُما
شُواظٌ) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. عليك : جار
ومجرور متعلق بيرسل و «ما» علامة التثنية. شواظ نائب فاعل مرفوع بالضمة المنونة
بمعنى إن حاولتما الخروج يرسل عليكما لهب خالص لا دخان فيه.
(مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «شواظ» لأن «من» حرف
جر بياني. ونحاس : معطوف بالواو على «شواظ» مرفوع مثلها وعلامة رفعهما «المعطوف
عليه والمعطوف» الضمة المنونة بمعنى لهب خالص منبعث من نار ودخان. وقيل : شواظ :
هو دخان النار وحرها وحر الشمس .. والنحاس : هو الدخان.
(فَلا تَنْتَصِرانِ) : الفاء سببية ويجوز أن تكون واقعة في جواب شرط محذوف
بتقدير : إن حاولتما الخروج فلا تنتصران بمعنى : فلا تمتنعان أي فلا تقدران أو
تستطيعان أن تنتصرا لنفسيكما ولا تجدان من ينصركما من عذاب الله. لا : نافية لا
عمل لها. تنتصران : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين
ـ المخاطبين مبني على السكون في محل رفع فاعل.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٣٦)
هذه الآية
الكريمة أعربت.
(فَإِذَا انْشَقَّتِ
السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ)
(٣٧)
(فَإِذَا انْشَقَّتِ) : الفاء استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني
على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط. وجوابه في الآية الكريمة
التاسعة والثلاثين. انشقت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا
محل لها حركت بالكسر لالتقاء الساكنين والجملة الفعلية «انشقت السماء» في محل جر
مضاف إليه.
(السَّماءُ فَكانَتْ) : فاعل مرفوع بالضمة. الفاء عاطفة للتعقيب. كانت : فعل
ماض مبني على الفتح وهو فعل ناقص واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هي. والتاء تاء
التأنيث الساكنة لا محل لها بمعنى فصارت يوم القيامة.
(وَرْدَةً كَالدِّهانِ) : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى :
صارت حمراء كالأديم .. الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب صفة ـ نعت
ـ لوردة. الدهان : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أو تكون الكاف حرف
جر للتشبيه ويكون الجار والمجرور متعلقا بصفة محذوفة من وردة بمعنى كدهن الزيت وهو
دردي الزيت أي ما يبقى في أسفله أي أذيبت كالدهن.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٣٨)
هذه الآية
الكريمة سبق إعرابها.
(فَيَوْمَئِذٍ لا
يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ)
(٣٩)
(فَيَوْمَئِذٍ) : الفاء واقعة في جواب «إذا» في الآية الكريمة السابعة
والثلاثين. يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بلا يسأل
وهو مضاف و «إذ» اسم مبني على السكون الظاهر حرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين
: سكونه وسكون التنوين وهو في محل جر مضاف إليه وهو مضاف أيضا والجملة المحذوفة
المعوض عنها بالتنوين في محل جر مضاف إليه ثان. التقدير : يومئذ تنشق السماء لا
يسأل عن ذنبه إنس ولا جان.
(لا يُسْئَلُ عَنْ
ذَنْبِهِ) : نافية لا عمل لها. يسأل : فعل مضارع مبني للمجهول
مرفوع بالضمة. عن ذنبه : جار ومجرور متعلق بيسأل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ
مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.
(إِنْسٌ وَلا جَانٌ) : نائب فاعل مرفوع بالضمة المنونة. الواو عاطفة. لا : زائدة
لتأكيد معنى النفي. جان : معطوف بالواو على «إنس» ويعرب مثله.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٤٠)
هذه الآية
الكريمة مكررة سبق إعرابها.
(يُعْرَفُ
الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ)
(٤١)
(يُعْرَفُ
الْمُجْرِمُونَ) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. المجرمون : نائب
فاعل مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد
وحركته بمعنى يعرفون في أثناء خروجهم من القبور.
(بِسِيماهُمْ
فَيُؤْخَذُ) : جار ومجرور متعلق بيعرف وعلامة جر الاسم الكسرة
المقدرة على الألف للتعذر وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر
مضاف إليه. الفاء عاطفة. يؤخذ : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة.
(بِالنَّواصِي
وَالْأَقْدامِ) : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل للفعل «يؤخذ».
والأقدام : معطوف بالواو على «النواصي» ويعرب مثله وعلامة
جره الكسرة الظاهرة على آخره بمعنى يعرفون بهيئتهم وعلامتهم وهو سواد
الوجوه وزرقة العيون.
** (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ
إِنْسٌ وَلا جَانٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة
والثلاثين .. المعنى : فيومئذ تنشق السماء لا يسأل عن ذنبه بعض من الإنس ولا بعض
من الجن .. فوضع «الجان» الذي هو أبو الجن موضع «الجن» وإنما وحد ضمير الإنس في
قوله تعالى : (عَنْ ذَنْبِهِ) لكونه في معنى البعض والمعنى : لا يسألون لأنهم يعرفون
بسيما المجرمين.
** (فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخمسين ..
المعنى : فيهما نهران يجريان نابعين من عينين في الجنة .. وقيل : من عينين في
أعلاها وأسفلها .. تجريان من جبل من مسك وعن الحسن : تجريان بالماء الزلال إحداهما
: التسنيم .. والأخرى : السلسبيل.
** (مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها
مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة
والخمسين .. المعنى : مستندين على فرش ـ وسائد ـ بطائنها من ديباج ـ حرير ـ ثخين
وظهائرها : من سندس وثمر تينك الجنتين قريب يناله القائم والقاعد والنائم .. و «متكئين»
فيها مدح للخائفين مقام ربهم في الآية الكريمة السادسة والأربعين : «ولمن خاف مقام
ربه جنتان» وجاءت اللفظة «متكئين» جمعا لأنها على معنى «من» لا لفظها لأن «من»
مفردة لفظا مجموعة معنى. والعامل في «متكئين» محذوف بتقدير : يقيمون في الجنة
متكئين ويجوز أن يكون حالا مؤكدة لا تستدعي عاملا أي هم على هذه الحال. وكررت في
الآية السادسة والسبعين.
** (فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ
يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة
والخمسين .. المعنى : فيهن حور أو نساء قاصرات الطرف : أي قصرن أبصارهن على
أزواجهن فقط لا ينظرن إلى غيرهم .. يقال : فلان لغضيض الطرف : أي يغض بصره عن مال
غيره وفلان تقي الطرف : بمعنى : ليس بخائن. و «هن» ضمير مبهم للإناث يعود على
الآلاء ـ النعم ـ المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والفرش والجن أي في
الجنتين لاشتمالهما على أماكن وقصور ومجالس .. و «لم يطمثهن إنس» بمعنى : لم
يمسسهن إنس .. أي لم يطمث الإنسيات منهن أحد من الإنس ولا الجنيات أحد من الجن
وحذف المضاف إليه الظاهر وعوض عنه بمضاف إليه مضمر. وقيل : ولا جان .. أي لم
يمسسهن إنس ولا جن .. بمعنى أريد بالكلمة ولا جان : ولا جن بمعنى : ولا بعض من
الجن فوضع «الجان» موضع «الجن» كما يقال : هاشم ويراد به ولده وإنما وحد ضمير «الإنس»
في قوله عزوجل : «فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان» لكونه في بعض
منه .. بمعنى : لا يسألون لأنهم يعرفون بسيما المجرمين وهي سواد الوجوه وزرقة
العيون .. وقرأ الحسن وعمر بن عبيد : «ولا جأن» فرارا من التقاء الساكنين. ومعنى «لم
يطمثهن إنس قبلهم ولا جان» لم يمسس الإنسيات منهن أحد من الإنس ولا الجنيات أحد من
الجن قبل أصحاب الجنتين .. أو على معنى : إن الجن يطمثون كما يطمث الإنس وقيل : هن
في صفاء الياقوت وبياض المرجان وصغار الدر .. وقيل : إن الحواري تلبس سبعين حلة
فيرى مخ ساقها من ورائها كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء.
** (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السبعين ..
المعنى : في مشتملات هاتين الجنتين نساء كريمات الخلق والخلق أو حسان الوجوه جمع «خيرة»
جاءت في الآية الكريمة بتخفيف الياء وقرئت بتشديدها .. و «حسان» جمع : حسن ..
وحسناء وحسنة وتجمع على حسنات وفي المبالغة : حسان ـ بضم الحاء وتشديد السين. و «الحسن»
بضم الحاء وسكون السين : ضد القبح وجمعه : محاسن على غير قياس .. كأنه جمع «محسن»
وقالوا : هذه امرأة حسناء ولم يقولوا : هذا رجل أحسن وهو اسم أنث من غير تذكير كما
قالوا : غلام أمرد ولم يقولوا امرأة مرداء فذكروا من غير تأنيث .. و «حسان» بتشديد
السين : اسم رجل إن جعل فعالا من الحسن صرف وإن جعل على وزن «فعلان» من «الحس»
بفتح الحاء وهو القتل أو من الحس ـ بكسر الحاء ـ بالشيء لم يصرف. بمعنى إذا كان
مأخوذا من الحس بالشيء أي العلم به كان حرف النون زائدا وإذا كان من الحسن أي
الجمال كانت النون أصلية وعلى فهم المعنيين يبنى الصرف وعدمه.
** (فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة
والستين .. المعنى في الجنتين عينان فوارتان فياضتان بالماء .. يقال : نضخت الثوب
نضخا .. من باب «ضرب» وباب «نفع» وهو البل بالماء والرش ومثله الفعل «نضح» ينضح ..
ونضخ الرجل ثوبه : بمعنى بله أكثر من النضح وهو أبلغ من «نضح» ومنه : عين نضاحة :
أي فوارة غزيرة. قال الأصمعي : لا يتصرف فيه بفعل ولا باسم فاعل .. وقال أبو عبيد
: أصابني نضخ من كذا ولم يكن في فعل ولا يفعل منسوب إلى أحد .. ويقال : نضح الفرس
: بمعنى : عرق ونضح العرق : بمعنى : خرج .. ونضح البعير الماء : أي حمله من نهر أو
بئر لسقي الزرع فهو ناضح ـ اسم فاعل ـ سمي ناضحا لأنه ينضح العطش أي يبله بالماء
الذي يحمله. هذا أصله ـ كما قال الفيومي ـ ثم استعمل الناضح في كل بعير وإن لم
يحمل الماء. ونضحت القربة : أي رشحت.
** (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية
والسبعين .. وقد وردت هذه اللفظة «حور» أربع مرات في سور «الدخان» و «الطور» و «الرحمن»
و «الواقعة» متبوعة بكلمة «عين» ما عدا سورة «الرحمن» وعين : جمع «عيناء» و «حور»
جمع «حوراء» وهي المرأة البيضاء. و «في الخيام» بمعنى : في أماكن النعيم .. ولفظة «الخيام»
جاءت هنا على استعمال العرب لها كأماكن سكن وراحة.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٤٢)
هذه الآية
الكريمة المكررة سبق إعرابها.
(هذِهِ جَهَنَّمُ
الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ)
(٤٣)
(هذِهِ جَهَنَّمُ) : الجملة الاسمية في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف
تقديره : يقال لهم : هذه جهنم. أو مقولا لهم : هذه جهنم. هذه : اسم إشارة مبني على
الكسر في محل رفع مبتدأ. جهنم : خبر «هذه» مرفوع بالضمة.
(الَّتِي يُكَذِّبُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة ـ نعت ـ لجهنم.
يكذب : فعل مضارع مرفوع بالضمة.
(بِهَا الْمُجْرِمُونَ) : جار ومجرور متعلق بيكذب. المجرمون : فاعل مرفوع
بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والجملة الفعلية «يكذب
بها المجرمون» صلة الموصول لا محل لها.
(يَطُوفُونَ بَيْنَها
وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ)
(٤٤)
(يَطُوفُونَ بَيْنَها) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «المجرمين» وهي فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بين : ظرف مكان منصوب
على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيطوفون وهو مضاف و «ها» ضمير متصل يعود على
جهنم مبني على السكون في محل جر مضاف إليه أي بين نار جهنم.
(وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) : معطوف على «بين» الأول ويعرب مثله. حميم : مضاف إليه
مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. آن : صفة ـ نعت ـ لحميم مجرور مثله
وعلامة جره الكسرة المنونة المقدرة على الياء المحذوفة تخلصا من التقاء الساكنين
بمعنى : يترددون بين نار جهنم وبين ماء حار قد انتهى حره ونضجه .. من أنى الطعام ـ
يأنى ـ إنى .. بمعنى حان.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٤٥)
هذه الآية
الكريمة سبق إعرابها.
(وَلِمَنْ خافَ مَقامَ
رَبِّهِ جَنَّتانِ)
(٤٦)
(وَلِمَنْ خافَ مَقامَ) : الواو استئنافية. اللام حرف جر. من : اسم موصول مبني
على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. خاف : الجملة
الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر
فيه جوازا تقديره : هو. مقام : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.
(رَبِّهِ جَنَّتانِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف
والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه ثان. جنتان
: مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد
وحركته بمعنى : ولمن خاف موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب يوم القيامة بإطاعته
الأوامر واجتنابه المعاصي.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٤٧)
هذه الآية
الكريمة أعربت.
(ذَواتا أَفْنانٍ)
(٤٨)
(ذَواتا أَفْنانٍ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «جنتان» مرفوعة مثلها وعلامة
رفعها الألف لأنها مثنى «ذوات» وهي من ملحقات جمع المؤنث السالم وحذفت نونها
للإضافة التي تلازمها ـ أصلها : ذواتان ـ أفنان : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة
جره الكسرة المنونة بمعنى جنتان ذواتا أغصان كثيرة تتشعب من فروع الشجرة.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٤٩)
هذه الآية
الكريمة سبق إعرابها.
(فِيهِما عَيْنانِ
تَجْرِيانِ)
(٥٠)
(فِيهِما عَيْنانِ
تَجْرِيانِ) : الجملة الاسمية في محل رفع صفة ثانية للموصوف «جنتان».
فيهما : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم و «ما» علامة التثنية أو الميم حرف عماد
والألف علامة التثنية. عينان : مبتدأ مؤخر مرفوع بالألف لأنه مثنى والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته. تجريان : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ للموصوف «عينان»
وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين ـ مبني على
السكون في محل رفع فاعل بمعنى : في الجنتين نهران يجريان في الأعلى والأسفل.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٥١)
هذه الآية
الكريمة المكررة سبق إعرابها.
(فِيهِما مِنْ كُلِّ
فاكِهَةٍ زَوْجانِ)
(٥٢)
(فِيهِما مِنْ كُلِ) : الجملة الاسمية في محل رفع صفة ثالثة للموصوف «جنتان».
فيهما : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم و «ما» علامة التثنية. من كل : جار ومجرور
في محل نصب حال مقدمة من «زوجان».
(فاكِهَةٍ زَوْجانِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
زوجان : مبتدأ مؤخر مرفوع وعلامة رفعه الألف لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد
وحركته بمعنى : صنفان : رطب ويابس.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما
تُكَذِّبانِ)
(٥٣)
هذه الآية
الكريمة أعربت.
(مُتَّكِئِينَ عَلى
فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ)
(٥٤)
(مُتَّكِئِينَ عَلى
فُرُشٍ) : منصوب على المدح للخائفين مقام ربهم بمعنى أعني أو
حال منهم منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد
وحركته. والعامل فيه محذوف بتقدير : يقيمون في الجنة متكئين ويجوز أن يكون حالا
مؤكدة لا تستدعي عاملا أي هم على هذه الحال. على فرش : جار ومجرور متعلق باسم
الفاعلين «متكئين» بتأويل فعله بمعنى : مستندين ..
(بَطائِنُها مِنْ
إِسْتَبْرَقٍ) : الجملة الاسمية في محل جر صفة ـ نعت ـ لفرش. بطائن :
مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف
إليه. من إستبرق : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. بمعنى : بطائنها من ديباج ـ حرير
ـ ـ ثخين وظهائرها من سندس.
(وَجَنَى
الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) : الواو عاطفة. جنى : مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على
الألف للتعذر وهو مضاف. الجنتين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه
مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى وثمر تينك الجنتين. دان : خبر
المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة المقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين سكون
الياء وسكون التنوين بعدها ولأن الكلمة
اسم منقوص نكرة تحذف ياؤه في حالتي الرفع والجر وتثبت في حالة النصب بمعنى
: قريب يناله القائم والقاعد والنائم. وهو اسم بمعنى : المجنى.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٥٥)
أعربت في آية
كريمة سابقة.
(فِيهِنَّ قاصِراتُ
الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ)
(٥٦)
(فِيهِنَّ قاصِراتُ
الطَّرْفِ) : حرف جر و «هن» ضمير مبهم مبني على الفتح في محل جر
بفي والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم والضمير المبهم ـ ضمير الإناث ـ يعود على
النعم ـ الآلاء ـ المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والفرش والجن أي في
الجنتين لاشتمالهما على أماكن وقصور ومجالس. قاصرات : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو
مضاف. الطرف : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : حور قاصرات
الطرف فحذف الموصوف «حور» وحل النعت ـ الصفة ـ محله بمعنى قصرن أبصارهن على
أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم.
(لَمْ يَطْمِثْهُنَّ
إِنْسٌ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف
المبتدأ المؤخر المقدر «حور» أو «نساء» ويجوز أن تكون في محل نصب حالا منها بعد
تخصصها وتعريفها بالوصف. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يطمث : فعل مضارع مجزوم بلم
وعلامة جزمه سكون آخره و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الإناث الغائبات ـ مبني على الفتح
في محل نصب مفعول به مقدم. إنس : فاعل مرفوع بالضمة المنونة بمعن لم يمسسهن إنس ..
(قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بيطمث وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. الواو
عاطفة. لا : زائدة لتأكيد معنى النفي. جان : معطوف على «إنس» ويعرب مثله بمعنى لم
يطمث الإنسيات منهن أحد من الإنس ولا الجنيات أحد من الجن و «قبلهم» أي قبل أصحاب
الجنتين.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٥٧)
هذه الآية
الكريمة المكررة سبق إعرابها.
(كَأَنَّهُنَّ
الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ)
(٥٨)
(كَأَنَّهُنَّ
الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» يفيد التشبيه أي تشبيه
نساء الجنة و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الإناث الغائبات ـ مبني على الفتح في محل نصب
اسم «كأن». الياقوت : خبر «كأن» مرفوع بالضمة بمعنى : كأن هؤلاء ـ الحور ـ النساء
ـ في صفاء اللون وحمرته الياقوت : وهو الحجر الأملس الصافي. والمرجان : معطوف
بالواو على «الياقوت» ويعرب مثله بمعنى وكأنهن في حمرة الوجه وبياض البشرة وصفائها
اللؤلؤ وهو صغار الدر وقيل : هو الخرز الأحمر الذي يستخرج من البحر.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٥٩)
هذه الآية
الكريمة سبق إعرابها.
(هَلْ جَزاءُ
الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ)
(٦٠)
(هَلْ جَزاءُ
الْإِحْسانِ) : أداة استفهام متضمنة معنى النفي ـ النفي الضمني ـ بمعنى
: ما. جزاء : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. الإحسان : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة بمعنى هل جزاء الإحسان في العمل في الدنيا.
(إِلَّا الْإِحْسانُ) : أداة حصر لا عمل لها. الإحسان : خبر المبتدأ مرفوع
بالضمة بمعنى : إلا الإحسان في المكافأة أي الجنة في الآخرة.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٦١)
هذه الآية
الكريمة المكررة أعربت.
(وَمِنْ دُونِهِما
جَنَّتانِ)
(٦٢)
(وَمِنْ دُونِهِما
جَنَّتانِ) : الواو عاطفة. من دونه : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم
والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه و «ما» علامة التثنية.
جنتان : مبتدأ مؤخر مرفوع بالألف لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد
وحركته بمعنى : ومن دون تينك الجنتين الموعودتين للمقربين جنتان لمن دونهم من
أصحاب اليمين أو من تحتهما جنتان.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٦٣)
هذه الآية
الكريمة أعربت.
(مُدْهامَّتانِ)
(٦٤)
(مُدْهامَّتانِ) : صفة ـ نعت ـ لجنتين ـ الواردة في الآية الكريمة
الثانية والستين مرفوعة مثلها بالألف لأنها مثنى والنون عوض من تنوين المفرد
وحركته بمعنى : قد ادهامتا : أي ضربتا إلى السواد من شدة الخضرة والري أي خضراوان
.. يقال : ادهام لونه : أي ضرب إلى السواد من شدة اخضراره.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٦٥)
هذه الآية
الكريمة سبق إعرابها.
(فِيهِما عَيْنانِ
نَضَّاخَتانِ)
(٦٦)
هذه الآية
الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الثانية والستين.
نضاختان : صفة
ـ نعت ـ للموصوف «عينان» وتعرب مثلها بمعنى : فوارتان فياضتان بالماء.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٦٧)
هذه الآية
الكريمة أعربت.
(فِيهِما فاكِهَةٌ
وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ)
(٦٨)
(فِيهِما فاكِهَةٌ
وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. و «ما» علامة التثنية.
فاكهة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. و «نخل ورمان» معطوفتان بواوي العطف على
«فاكهة» وتعربان إعرابها.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٦٩)
هذه الآية
الكريمة سبق إعرابها.
(فِيهِنَّ خَيْراتٌ
حِسانٌ)
(٧٠)
هذه الآية
الكريمة تعرب إعراب «فيهن قاصرات» في الآية الكريمة السادسة والخمسين. حسان : صفة
لخيرات مرفوعة بالضمة المنونة.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٧١)
هذه الآية
الكريمة سبق إعرابها بمعنى : فبأي نعمة من نعم ربكما تكفران يا معشر الإنس والجن ـ
الثقلان ـ.
(حُورٌ مَقْصُوراتٌ
فِي الْخِيامِ)
(٧٢)
(حُورٌ مَقْصُوراتٌ) : بدل من «خيرات» في الآية الكريمة السبعين مرفوعة
مثلها بالضمة المنونة بمعنى : فيهن نساء حور أو تكون صفة لخيرات ـ صفة أخرى
والأفصح صفة أخرى لنساء. مقصورات : صفة ثانية لنساء مرفوعة بالضمة المنونة بمعنى :
مصونات في خيامهن .. مخدرات في الخيام وحور : جمع : حوراء وهي المرأة البيضاء.
(فِي الْخِيامِ) : جار ومجرور متعلق باسم المفعولات «مقصورات» على تأويل
فعله. أو متعلق بصفة لحور.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٧٣)
سبق إعراب هذه
الآية الكريمة.
(لَمْ يَطْمِثْهُنَّ
إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ)
(٧٤)
هذه الآية
الكريمة أعربت في الآية الكريمة السادسة والخمسين.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٧٥)
هذه الآية
الكريمة سبق إعرابها.
(مُتَّكِئِينَ عَلى
رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ)
(٧٦)
(مُتَّكِئِينَ عَلى
رَفْرَفٍ خُضْرٍ) : حال منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته. على رفرف : جار ومجرور متعلق
باسم الفاعلين «متكئين» على تأويل فعله. خضر : صفة ـ نعت ـ لرفرف مجرور
مثله بالكسرة المنونة.
(وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ) : معطوف بالواو على «رفرف خضر» ويعرب إعرابه بمعنى :
مستندين على وسائد خضر وأشياء نفيسة أخرى منقوشة ومزخرفة.
(فَبِأَيِّ آلاءِ
رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
(٧٧)
هذه الآية
الكريمة سبق إعرابها.
(تَبارَكَ اسْمُ
رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ)
(٧٨)
(تَبارَكَ اسْمُ
رَبِّكَ) : فعل ماض مبني على الفتح. اسم : فاعل مرفوع بالضمة. وهو
مضاف. ربك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة الجر الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير
متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه بمعنى : تعاظم وتنزه
اسم ربك أي ذاته سبحانه.
(ذِي الْجَلالِ
وَالْإِكْرامِ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «الرب» مجرور وعلامة جره الياء
لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. الجلال : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره
الكسرة. والإكرام : معطوف بالواو على «الجلال» مجرور بالإضافة أيضا وعلامة جره للتعظيم
الكسرة الظاهرة بمعنى صاحب العظمة والنعم على عباده.
***
سورة الواقعة
معنى
السورة : الواقعة :
اسم فاعل مؤنث .. ومذكره : الواقع من الفعل «وقع» يقع ـ وقوعا بمعنى : سقط ـ يسقط
ـ سقوطا. ويقال : وقع المطر ـ يقع ـ وقعا : بمعنى : نزل. قالوا : ولا يقال سقط المطر
.. ووقع الشيء : بمعنى : سقط وله معان أخرى منها : وقع فلان في فلان وقوعا ووقيعة
: بمعنى : سبه .. ووقعت بالقوم : أي قتلت وأثخنت .. وتميم تقول : أوقعت بهم ..
ووقع الطير وقوعا ويسمى موقع الغيث ـ المطر ـ موضعه الذي يقع فيه. وفي الحديث : «اتقوا
النار ولو بشق تمرة فإنها تقع من الجائع موقعها من الشبعان» أي أنها لا تغني
الشبعان فلا ينبغي له أن يبخل بها فإذا تصدق هذا بشق وهذا بشق وهذا حصل له ما يسد
جوعته ووقع موقعا من كفايته .. أي أغنى غنى. و «الوقعة» هي صدمة الحرب .. والواقعة
: هي القيامة. والوقيعة في الناس : الغيبة وتأتي بمعنى : القتال .. وجمعها :
وقائع.
تسمية
السورة : وردت لفظة «الواقعة»
مرتين في القرآن الكريم مرة في سورة «الحاقة» أي القيامة ومرة في سورة سميت باسمها
سمى الله تعالى إحدى سور كتابه الكريم بها لهولها وفظاعتها .. فالواقعة .. والحاقة
.. والآزفة .. هي من أسماء يوم القيامة .. قال تعالى في مستهل هذه السورة الشريفة
: (إِذا وَقَعَتِ
الْواقِعَةُ (١) لَيْسَ لِوَقْعَتِها
كاذِبَةٌ (٢) خافِضَةٌ رافِعَةٌ) صدق الله العظيم. المراد بالواقعة : القيامة .. أي إذا
حدثت القيامة فلا يكون حين حدوثها نفس تكذب على الله تعالى أو على نفسها .. وسميت «القيامة»
: الواقعة لتحقق وقوعها وخافضة : بمعنى تخفض قوما ورافعة : بمعنى : وترفع آخرين.
وحذف الموصوف اسم «ليس» المؤخر وهو «نفس» وحلت الصفة «كاذبة» محلها. أي وليس في
وقعة الواقعة نفس كاذبة بمعنى : تكذب في تكذيب الغيب أي لم تكن لها رجعة ولا
ارتداد. و «الواقعة» اشتق اسمها من الوقوع قطعا للشك فيها فهي واقعة لا محالة
لأنها بمعنى الساعة ووقوع القيامة.
فضل
قراءة السورة : قال حبيب الله محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ سورة «الواقعة» في كل ليلة لم تصبه فاقة
أبدا» وأخرج الإمام أحمد عن جابر بن سمرة يقول : كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يصلي الصلوات كنحو من صلاتكم التي تصلون اليوم ولكنه
كان يخفف كانت صلاته أخف من صلاتكم وكان يقرأ في الفجر : الواقعة ونحوها من السور.
إعراب آياتها
(إِذا وَقَعَتِ
الْواقِعَةُ)
(١)
(إِذا وَقَعَتِ
الْواقِعَةُ) : ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه متعلق بجوابه
مبني على السكون في محل نصب متضمن معنى الشرط. وقعت : فعل ماض مبني على الفتح
والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها حركت بالكسر لالتقاء الساكنين. الواقعة :
فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «وقعت الواقعة» في محل جر مضاف إليه لوقوعها
بعد الظرف. وجواب «إذا» هو الجملة الفعلية «ليس لوقعتها كاذبة» أي الآية الكريمة
التالية .. أو يكون جواب الشرط محذوفا تقديره إذا حدثت القيامة كان كذا وكذا أي
لرأيت أمرا هائلا.
(لَيْسَ لِوَقْعَتِها
كاذِبَةٌ)
(٢)
(لَيْسَ لِوَقْعَتِها
كاذِبَةٌ) : فعل ماض ناقص مبني على الفتح من أخوات «كان». لوقعتها
: جار ومجرور متعلق بخبر «ليس» المقدم. كاذبة : اسم «ليس» المؤخر مرفوع بالضمة
المنونة وهي صفة ـ نعت ـ حلت محل موصوف اسم «ليس» بتقدير : نفس كاذبة بمعنى : لا
تكون حين تقع القيامة وتحدث نفس كاذبة على الله ويكذب في تكذيب الغيب أي لم تكن
لها رجعة ولا ارتداد أو تكذب على نفسها و «ها» في «وقعتها» ضمير متصل مبني على
السكون في محل جر مضاف إليه.
(خافِضَةٌ رافِعَةٌ)
(٣)
(خافِضَةٌ رافِعَةٌ) : خبران على التتابع ـ خبر بعد خبر ـ لمبتدإ محذوف
تقديره : هي مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة المنونة وهما اسما فاعلتين تعملان عمل
فعليهما المتعديين إلى مفعولين بمعنى : خافضة أي تخفض أقواما بمعنى : تضع أقواما
بسبب كفرهم وعنادهم وترفع آخرين أي أقواما آخرين بسبب إيمانهم ..
(إِذا رُجَّتِ
الْأَرْضُ رَجًّا)
(٤)
(إِذا رُجَّتِ) : بدل من «إذا» في الآية الكريمة الأولى وتعرب إعرابها
ويجوز أن تنتصب بخافضة رافعة .. أي تخفض وترفع وقت رج الأرض ويجوز أن يكون الظرف «إذا»
متعلقا بوقعت الواقعة أي إذا حدثت الواقعة في هذا الوقت فتكون جملة «رجت الأرض»
على هذا المعنى جواب «إذا» الأول. رجت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح
والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها حركت بالكسر لالتقاء الساكنين.
(الْأَرْضُ رَجًّا) : نائب فاعل مرفوع بالضمة. رجا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب
بالفتحة المنونة بمعنى إذا حركت الأرض وزلزلت.
(وَبُسَّتِ الْجِبالُ
بَسًّا)
(٥)
هذه الآية
الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها بمعنى : وفتتت
الجبال تفتيتا أو سيقت مرتفعة في الهواء من قولهم : بس الغنم : بمعنى : ساقها.
** (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى. المعنى
: إذا حدثت أو قامت أو حصلت القيامة سميت القيامة : الواقعة لتحقق وقوعها أي إذا
وقعت لم يكن لها رجعة ولا ارتداد. و «الواقعة» اشتق اسمها من الوقوع قطعا للشك
فيها فهي واقعة لا محالة وجواب «إذا» هو الآية الكريمة التالية ـ الثانية ـ : (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) وذكر الفعل «ليس» مع اسمه المؤنث «كاذبة» لأن «كاذبة»
مصدر كالعاقبة بمعنى «التكذيب» وهو مؤنث لفظا مذكر معنى. وبمعنى : لا تكون حين تقع
وتحدث نفس كاذبة : أي تكذب على الله وتكذب في تكذيب الغيب أي ليس في وقعتها نفس
كاذبة فحذف اسم «ليس» الموصوف «نفس» وأقيمت الصفة «كاذبة» مقامه. وقيل : جواب «إذا»
محذوف. التقدير : كان كذا وكذا .. أي لرأيت أمرا هائلا وجرى القرآن الكريم على
سنته في حذف الجواب في مواطن التهويل
والترويع وحذف الجواب للسبب المذكور أو بتقدير : إذا وقعت الواقعة فسترون
ما يجل عن الوصف. ومنه القول : وقعت بالقوم وقيعة : بمعنى : قتلت وأثخنت. وتميم
تقول : أوقعت بهم. و «الوقعة» صدمة الحرب. والوقيعة : القتال. قال عنترة بن شداد
في معلقته :
يخبرك من شهد
الوقيعة أنني
|
|
أغشى الوغى
وأعف عند المغنم
|
والفعل «يخبرك»
جاء مجزوما لأنه جواب «هلا سألت الخيل .. الوارد في البيت السابق والوقعة والوقيعة
: اسمان من أسماء الحروب وجمعهما : وقعات ووقائع. و «الوغى» هو أصوات أهل الحرب ثم
استعير للحرب و «المغنم» و «الغنيمة» بمعنى واحد هو المكسب. يقول الشاعر : إن سألت
الفرسان عن حالي في الحرب يخبرك من حضر الحرب بأني كريم عالي الهمة آتي الحروب وأعف
ـ أي أكف وامتنع ـ عن اغتنام الأموال. ويسمي الكوفيون الفعل المتعدي : واقعا. ومن
معاني «الوقيعة» أيضا : الغيبة نحو : وقع في الناس وقيعة : أي اغتابهم واسم الفاعل
هو وقاع ووقاعة : أي يغتاب الناس .. ومن معانيها أيضا : موضع وقوع الطائر ..
ووقائع العرب : هي أيام حروبهم. وسميت «القيامة» الواقعة لأنها أيضا تقع بالخلق
فتغشاهم. و «الواقع» هو اسم فاعل ومؤنثه : الواقعة ويجمع «الواقع» على «وقع» بضم
الواو وتشديد القاف و «وقوع» ومن معانيه : الثابت .. نحو : وقع الحق : أي ثبت ووقع
القول عليهم : أي وجب فهو واقع أي واجب .. ووقع الكلام في نفسه : بمعنى أثر فيها
فهو مؤثر أما الفعل المزيد «توقع» فمعناه : انتظر حصول الأمر أو الشيء .. وكثيرا
ما تلازم لفظة «الواقع» الحقيقة في قول من يتصف بضعف في انتقاء الكلمات عند الحديث
أو في بطء بتفكير أو قصور في التعبير فنراه يستخدم هذه الازمة التي باتت رائجة
وشهيرة وهي قوله وهو يتحدث : في الحقيقة والواقع .. وقد يفقد المتحدث من دون أن
يدري قيمة حديثه عند تكراره لهذه اللفظة التي يحاول من خلالها استجماع أفكاره وصوغ
عباراته .. أما «الواقعي» فهو التابع لمذهب الواقعية وهي مذهب القائلين بحقيقة
المجردات في ذاتها .. والواقعية في الأدب : هي تصوير أو تمثيل الأشياء في حقيقتها
مع كل ما يمكن أن يكون فيها من بشاعة. ويقال : خاض المسلمون أكثر من ثلاث مواقع في
أكثر من ثلاثة مواقع .. ذكر العدد «ثلاث» لأن معدوده «مواقع» جمع «موقعة» وهي لفظة
مؤنثة والعدد يخالف المعدود من ثلاثة إلى عشرة وأنث العدد «ثلاثة» لأن معدوده «مواقع»
جمع «موقع» وهو لفظة مذكرة. وعودة إلى الآية الكريمة الأولى من سورة «الواقعة»
يروى أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ورد على لسانه جوابا على أصحابه حين قالوا له : لقد
أسرع منك الشيب؟ فقال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «شيبتني هود والواقعة» وعن ابن عباس ـ رضي الله
عنهما ـ قال : ما نزلت على رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في جميع القرآن آية كانت أشد ولا أشق عليه من هذه
الآية ولهذا قال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «شيبتني هود والواقعة وأخواتهما». ويروى عن بعضهم
قوله : رأيت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في النوم فقلت له : روي عنك أنك قلت : شيبتني هود؟
فقال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : نعم. فقلت : ما الذي شيبك فيها أقصص الأنبياء أم
هلاك الأمم؟ فقال : لا. بل قوله : استقم.
** (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة ..
المعنى : وفتتت الجبال تفتيتا وقيل : سيقت من قولهم : بس الإبل .. نحو : بس الإبل
ـ يبسها ـ بسا .. من باب «رد» أي ساقها أو زجرها أيضا .. و «البسوس» اسم امرأة من
العرب هاجت بسببها الحرب أربعين سنة بين العرب فضرب بها المثل في الشؤم فقالوا :
أشأم من البسوس .. وبها سميت حرب البسوس.
** (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة :
المعنى : إن السابقين من الأولين هم أمة من الناس الكثيرة وهم الأمم من لدن آدم ـ عليهالسلام ـ إلى الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والسابقون إلى الإيمان والطاعة أولئك هم المقربون في
جنات النعيم .. ووردت كلمة «ثلة» في ثلاث آيات فقط من سورة «الواقعة» وهي الأمة من
الناس الكثيرة وقوله ـ عزوجل ـ في الآية الكريمة التالية : (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) كفى به دليلا على الكثرة .. وهي من الثل وهو الكسر كما
أن الأمة من الأم وهو الشج كأنها جماعة كسرت من الناس وقطعت منهم ؛ وثمة من يخلط
بين «الشلة» و «الثلة» وهم يعنون طائفة من الناس أو جماعة قليلة أو كثيرة علما بأن
«الشلة» لم تذكرها المصادر أو المراجع بهذا المعنى .. بل ذكرت أن «الشلة ـ بفتح
الشين وضمها : تعني : الوجه الذي ينويه المسافر أو الأمر البعيد الذي تطلبه ..
والشلة ـ بكسر الشين ـ هي خصلة مطوية من خيوط الغزل ومن استخراجاتها : قولهم : شلت
يد الرجل وشلت ـ ببناء الفعل للمعلوم والمجهول ـ وأشلها الله : بمعنى : فسدت وأيبسها
الله فصار الرجل أشل ويده : شلاء .. ومنه قولهم : لا شلت يداك : بمعنى : لا يبست
واستعمال حرف النفي «لا» مع الفعل الماضي يفيد الدعاء وهذه العبارة تقال لمن أجاد
الرمي أو الطعن. وإذا أردنا جماعة من الناس قلنا : حضر ثلة منهم ـ بضم الثاء ـ لأن
لفظها بفتح الثاء يعني معنى آخر منه الصوف مجازا .. نحو : هذا كساء جيد الثلة وعند
اجتماع الصوف والشعر والوبر يطلق عليه أيضا : الثلة. ومن الأمثلة : فلان لا يفرق
ين «الثلة» و «الثلة» أي لا يفرق بين جماعة الناس وجماعة الأنعام. ويطلق هذا المثل
على من لا يجيد معاني اللغة وأسرارها ولا يدرك كنهها. أما «الثلة» بكسر الثاء
فتعني الهلكة. وشبيه المثل المذكور مثل آخر .. يقول : هذا لا يعرف الحو من اللو :
أي لا يفرق بين الحق والباطل. وقال بعضهم : الحو : سوق الإبل .. واللو. حبسها.
ويروى : ما يعرف الحي من اللي .. وقال سمر : الحو : نعم. واللو : لو. أي لا يعرف
هذا من هذا.
** (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة عشرة
.. المعنى : وقليل من الأمم الحديثة أي من أمة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وصفوا بالقلة بالنسبة لمجموع من كان قبلهم وهم
كثيرون.
** سبب نزول
الآية : أخرج أحمد وغيره عن أبي هريرة قال : لما نزلت (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ
الْآخِرِينَ) شق ـ أي صعب ـ ذلك على المسلمين فأنزل الله تعالى : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) و (وَثُلَّةٌ مِنَ
الْآخِرِينَ) على سرر منسوجة بالجواهر والذهب أو مشبكة بالدر ومطعمة
بخيوط الذهب.
** (بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ
مَعِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة
.. المعنى : يطوف على المؤمنين في الجنة ولدان خالدون بأقداح وهو القدح الذي لا
عروة له وأقداح لها عروة وخرطوم من خمر معين أي نابع أو عين نابعة من الأرض من خمر
جارية من منبع لا ينقطع خمره لا يصدعون عنها ولا ينزفون ـ الآية الكريمة التالية
أي لا يصدر صداعهم عنها وهو إحدى آفات خمر الدنيا ولا يسكرون أي لا تغتال عقولهم
كخمر الدنيا .. يقال : أنزف الرجل : بمعنى سكر وهي ليست كالخمر التي قال عنها
الشاعر :
تشابه دمعي
إذ جرى ومدامتي
|
|
فمن مثل ما
في الكأس عيني سكب
|
فو الله ما
أدري أيا الكأس أسبلت
|
|
دموعي أم من
عبرتي كنت أشرب
|
قائل هذين
البيتين هو الشاعر أبو إسحاق الصابي. و «المدامة» هي الخمر سميت بذلك لإدامتها في
الراقود ـ الذي يوضع أو يقعد في حفرة ـ فترة من الزمن حتى سكنت بعد فورانها عند
صنعها. وأسبلت : أي أرسلت وفي الآية الكريمة جمعت لفظتا «كأس» و «كوب» و «الكأس»
هي الزجاجة ما دام فيها الشراب فإن خلت منه فهي قدح وتطلق الكأس على الشراب وحده.
ووصف سبحانه الشراب بأنه من معين لطهره .. وصفائه ولذلك بقيت للخمرة نشوتها ولذتها
وحسن المسر عليها وذهب عنها خبثها وخمارها وشرود العقل منها لا كخمر الدنيا التي
تصيب متعاطيها بصداع الرأس ودواره ويدركهم ما يدركهم من نزف العقل وهو فقده
واستتاره .. وقد كنى سبحانه عن الخمر بأنها كأس من معين فأبان عن صفائها وطهرها
ونفى أذاها وخبثها .. فهناك الأكواب وهي الأقداح الكبائر والأباريق وهي تملأ من
الأكواب والكأس وهي تملأ من الأباريق .. وأفرد عزوجل الكأس وجمع الأكواب والأباريق لأن الشارب يشرب بكأس
واحدة فقط من أكواب متعددة.
** (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة
والثلاثين .. المعنى : وفرش مقربة لهم مرفوعة على الأرائك ـ الأسرة ـ جمع «أريكة»
أي سرير أي رفيعة القدر أو منضدة مرتفعة .. وقيل : الفرش : النساء .. ارتفاعها
أنها على الأرائك ويدل عليه قوله تعالى في الآية الكريمة التالية : (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) أي خلقنا نساء الجنة الحوريات خلقا جديدا من غير ولادة.
** (فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة
والثلاثين .. المعنى : فجعلناهن فتيات عذارى .. جمع «بكر» بكسر الباء وسكون الكاف
بمعنى : عذراء وتطلق على المرأة التي ولدت بطنا واحدا أيضا .. وبكرها : هو ولدها
والذكر والأنثى سواء. ونقول خرج الناس على بكرة أبيهم : بمعنى كلهم ولا نقول : عن
بكرة أبيهم. ونقول : بكر الرجل يبكر ـ بكورا .. من باب «دخل» بمعنى أسرع ومثله
القول : بكر إلى الشيء نحو : بكر المؤمن إلى الصلاة : أي أسرع إليها وصلاها لأول
وقتها ويقال : ابتكرت الشيء : بمعنى : أخذت أوله وعليه قول الرسول محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من بكر وابتكر .. أي من أسرع قبل الأذان وسمع أول
الخطبة. جاء في الحديث الشريف : كانت ضربات علي أبكارا : أي إذا اعتلى قد وإذا
اعترض قط .. بمعنى : شق طولا وقطع عرضا.
** (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية
والخمسين .. المخاطبون في هذا القول الكريم هم المكذبون الضالون .. وشجر الزقوم :
هو شجر له ثمر مر وكريه الطعم والمنظر والرائحة .. و «الزقوم» كلمة لا يعرفها
العرب وقد سألوا عنها وعن معناها بعض الوافدين عليهم من إفريقية فقالوا : إنها
الزبد والتمر. فقالت قريش : أبهذا يخوفنا محمد!؟ فوصفها الله تعالى في الآية
الرابعة والستين من سورة «الصافات» : (إِنَّها شَجَرَةٌ
تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ) وفي الآية التالية : (طَلْعُها كَأَنَّهُ
رُؤُسُ الشَّياطِينِ) أي إنها شجرة تنبت في قاع جهنم حملها ـ أي ثمرها ـ كأنه
رءوس الشياطين وورد ذكرها في سورة «الدخان» أيضا. وقيل : إن الزقوم : اسم شجرة في
تهامة صغيرة الورق مرة الطعم وهي شجرة خبيثة .. وهو نبت بشع الصورة يستمد طعمه
ومادته من أصل الجحيم فإذا اضطر أهل النار إلى أكله اضطرارا غلي في بطونهم كغلي
الحميم فإذا اشتد بهم غليل الظمأ لا يجدون إلا الماء البالغ أشد غايات الحرارة.
ويروى أن أبا جهل دعا بتمر وزبد فقال : تزقموا فإن هذا هو الذي يخوفكم به محمد!
(فَكانَتْ هَباءً
مُنْبَثًّا)
(٦)
(فَكانَتْ هَباءً
مُنْبَثًّا) : الفاء عاطفة. كانت : فعل ماض ناقص مبني على الفتح
والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره : هي. هباء
: خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. منبثا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «هباء»
منصوبة مثلها بالفتحة المنونة بمعنى فصارت غبارا منتشرا في الهواء.
(وَكُنْتُمْ أَزْواجاً
ثَلاثَةً)
(٧)
(وَكُنْتُمْ أَزْواجاً
ثَلاثَةً) : الواو عاطفة. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون
لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في
محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور بمعنى : وصرتم. أزواجا : خبر «كان»
منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. ثلاثة : صفة ـ نعت ـ للموصوف «أزواجا» منصوب
مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : أصنافا ثلاثة على حسب أعمالكم في الدنيا.
(فَأَصْحابُ
الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ)
(٨)
(فَأَصْحابُ
الْمَيْمَنَةِ) : الفاء استئنافية. أصحاب : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو
مضاف. الميمنة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : فأصحاب جهة
اليمين الذين يؤتون صحائف أعمالهم بأيمانهم لفوزهم بالجنة.
(ما أَصْحابُ
الْمَيْمَنَةِ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «أصحاب الميمنة» ما :
اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أصحاب : خبر «ما» مرفوع بالضمة.
الميمنة : أعربت. والقول الكريم تعجيب من حال أصحاب جهة اليمين بمعنى أي شيء هم.
(وَأَصْحابُ
الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ)
(٩)
هذه الآية
الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها وفي القول الكريم
تعجيب من حال الفريقين في السعادة والشقاوة والمعنى : أي شيء هم؟ بمعنى يؤتون
صحائف أعمالهم بشمائلهم.
(وَالسَّابِقُونَ
السَّابِقُونَ)
(١٠)
(وَالسَّابِقُونَ) : الواو عاطفة. السابقون : مبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع
مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(السَّابِقُونَ) : خبر المبتدأ مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع
مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره :
هم. والجملة الاسمية «هم السابقون» في محل رفع خبر المبتدأ الأول «السابقون»
المعنى : السابقون إلى الإيمان أو إلى طاعة الله هم السابقون إلى الجنة أو إلى
رحمة الله.
(أُولئِكَ
الْمُقَرَّبُونَ)
(١١)
(أُولئِكَ
الْمُقَرَّبُونَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف
حرف خطاب. المقربون : تعرب إعراب «السابقون» الثانية أي أولئك السابقون هم
المقربون. والجملة الاسمية «أولئك هم المقربون» في محل نصب حال من «السابقون» أو
تكون في محل رفع بدلا من «السابقون» الثانية بتقدير : السابقون هم أولئك المقربون
وعلى هذا التقدير يكون اسم الإشارة في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره وتكون «المقربون»
صفة ـ نعتا ـ من اسم الإشارة.
(فِي جَنَّاتِ
النَّعِيمِ)
(١٢)
(فِي جَنَّاتِ
النَّعِيمِ) : جار ومجرور متعلق باسم المفعولين «المقربون» بتأويل
الفعل. أو يكون في محل رفع خبرا ثانيا للمبتدإ «السابقون» الأولى. النعيم : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
(ثُلَّةٌ مِنَ
الْأَوَّلِينَ)
(١٣)
(ثُلَّةٌ مِنَ
الْأَوَّلِينَ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم مرفوع بالضمة المنونة.
من الأولين : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «ثلة» والجملة الاسمية «هم ثلة من
الأولين» في محل رفع خبر آخر للمبتدإ
«السابقون» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين
المفرد وحركته بمعنى : إن السابقين من الأولين هم أمة من الناس الكثيرة وهم الأمم
من لدن آدم ـ عليهالسلام ـ إلى نبينا محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(وَقَلِيلٌ مِنَ
الْآخِرِينَ)
(١٤)
هذه الآية
الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها بمعنى : وقليل من
الأمم الحديثة وهي أمة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(عَلى سُرُرٍ
مَوْضُونَةٍ)
(١٥)
(عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف يفسره ما بعده بمعنى :
جلسوا على أسرة ـ جمع سرير ـ و «موضونة» صفة ـ نعت ـ لسرر وهي مجرورة مثلها وعلامة
جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة بمعنى : على أسرة منسوجة بالجواهر والذهب
أو مشبكة بالدر.
(مُتَّكِئِينَ عَلَيْها
مُتَقابِلِينَ)
(١٦)
(مُتَّكِئِينَ
عَلَيْها مُتَقابِلِينَ) : حال من الضمير في معنى : على سرر وهو العامل فيه أي
استقروا عليها متكئين منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته أو بمعنى : يجلسون أو يضطجعون على تلك الأسرة. عليها : جار
ومجرور متعلق باسم الفاعلين «متكئين» متقابلين : حال ثانية من ضمير الغائبين في «جلسوا»
أو «استقروا» وتعرب إعراب «متكئين» بمعنى : يقابل بعضهم بعضا.
(يَطُوفُ عَلَيْهِمْ
وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ)
(١٧)
(يَطُوفُ عَلَيْهِمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال ثالثة وهي فعل مضارع
مرفوع بالضمة. على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى. والجار والمجرور
متعلق بيطوف.
(وِلْدانٌ
مُخَلَّدُونَ) : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. مخلدون : صفة ـ نعت ـ لولدان
مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد
وحركته بمعنى : يدور عليهم ولدان خالدون.
(بِأَكْوابٍ
وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ)
(١٨)
(بِأَكْوابٍ
وَأَبارِيقَ) : جار ومجرور متعلق بيطوف. وأباريق : معطوف بالواو على «أكواب»
مجرورة مثلها وعلامة جر «أكواب» الكسرة المنونة وعلامة جر «أباريق» الفتحة بدلا من
الكسرة المنونة لأنها ممنوعة من الصرف بمعنى بأقداح ـ جمع كوب ـ وهو القدح الذي لا
عروة له وأقداح لها عروة وخرطوم.
(وَكَأْسٍ مِنْ
مَعِينٍ) : معطوف بالواو على «أكواب» ويعرب إعرابه. من : حرف جر
بياني ـ من .. البيانية ـ أي لبيان جنس الكأس وتمييز له. معين : اسم مجرور بمن
وعلامة جره الكسرة المنونة والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «كأس» بمعنى من
خمر معين أي نابع أو عين نابعة من الأرض أي من خمر جارية من منبع لا ينقطع.
(لا يُصَدَّعُونَ
عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ)
(١٩)
(لا يُصَدَّعُونَ
عَنْها) : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ لكأس. لا : نافية
لا عمل لها. يصدعون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل
في محل رفع نائب فاعل. عنها : جار ومجرور متعلق بيصدعون.
(وَلا يُنْزِفُونَ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. ينزفون : فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : لا يصدعون
بسببها أي بسبب الخمر أي لا يصدر صداعهم عنها وهو إحدى آفات خمر الدنيا ولا يسكرون
أي لا تغتال عقولهم كخمر الدنيا يقال : أنزف الرجل : بمعنى : سكر.
(وَفاكِهَةٍ مِمَّا
يَتَخَيَّرُونَ)
(٢٠)
(وَفاكِهَةٍ مِمَّا
يَتَخَيَّرُونَ) : معطوفة بالواو على «أكواب» وتعرب مثلها. أي ويطوفون
عليهم بفاكهة. أصلها : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر
بمن وقد أدغمت النون بما فحصل التشديد. والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «فاكهة».
يتخيرون : الجملة
الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : يأخذون خيره وأفضله والعائد إلى الموصول ضمير
محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : يتخيرونه.
(وَلَحْمِ طَيْرٍ
مِمَّا يَشْتَهُونَ)
(٢١)
هذه الآية
الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها بمعنى : مما
يتمنونه أو مما تشتهيه أنفسهم : طير : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة
المنونة.
(وَحُورٌ عِينٌ)
(٢٢)
(وَحُورٌ عِينٌ) : معطوفة بالواو على «ولدان» مرفوعة مثلها بالضمة
المنونة أو تكون مبتدأ مؤخرا ويكون خبرها المقدم محذوفا اختصارا بمعنى : وفيها حور
عين أو ولديهم حور عين بمعنى ونساء حور .. فحذف الموصوف المبتدأ «نساء» وأقيمت
الصفة «حور» مقامه. أي شديدات سواد العيون وبياضها وهي جمع «حوراء» و «عين» جمع :
عيناء : بمعنى : واسعة العيون حسنتها. والرجل أعين.
(كَأَمْثالِ
اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ)
(٢٣)
(كَأَمْثالِ) : الكاف حرف جر للتشبيه. أمثال : اسم مجرور بالكاف
والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من حور صفة ثانية. أو يكون الكاف اسما بمعنى «مثل»
مبنيا على الفتح في محل رفع صفة لحور و «أمثال» مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة
جره الكسرة وهو مضاف بمعنى : هن في الحسن والصفاء كأمثال.
(اللُّؤْلُؤِ
الْمَكْنُونِ) : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. المكنون
: صفة ـ نعت ـ للؤلؤ مجرور مثله وعلامة جره الكسرة بمعنى : اللؤلؤ المصون في صدفه
الذي لم تمسه الأيدي.
(جَزاءً بِما كانُوا
يَعْمَلُونَ)
(٢٤)
(جَزاءً بِما) : مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة
والعامل محذوف اختصارا لأن ما قبله يفسره بمعنى : يفعل بهم ذلك كله جزاء .. أو
يكون مفعولا مطلقا ـ مصدرا ـ منصوبا بفعل محذوف من جنسه .. المعنى : جوزوا بذلك
كله جزاء. الباء حرف جر. ما : حرف مصدري.
(كانُوا يَعْمَلُونَ) : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض
ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان»
والألف فارقة. يعملون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في
محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بجزاء أو بفعله. التقدير : على أعمالهم
الطيبة.
(لا يَسْمَعُونَ فِيها
لَغْواً وَلا تَأْثِيماً)
(٢٥)
(لا يَسْمَعُونَ فِيها
لَغْواً) : أعربت في الآية الكريمة التاسعة عشرة «لا يصدعون عنها».
لغوا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.
(وَلا تَأْثِيماً) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد معنى النفي. تأثيما :
معطوفة على «لغوا» ويعرب إعرابه بمعنى لا يسمعون في الجنة تشويشا أو كلاما فارغا
باطلا لا يعتد به ولا ينسبهم أحد إلى الإثم.
(إِلاَّ قِيلاً
سَلاماً سَلاماً)
(٢٦)
(إِلَّا قِيلاً) : أداة استثناء. قيلا : مستثنى بإلا منصوب وعلامة نصبه
الفتحة المنونة بمعنى : إلا قولا أو تكون «إلا» أداة حصر لا عمل لها وتكون «قيلا»
بدلا من «لغوا» أي لا يسمعون في الجنة إلا قولا بمعنى لا يسمعون لغوا ولكن قولا
سلاما سلاما.
(سَلاماً سَلاماً) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قيلا» منصوب مثله بالفتحة
المنونة. سلاما : تأكيد للمؤكد «سلاما» منصوب مثله بالفتحة المنونة أو يكون صفة
للموصوف «سلاما» على معنى : سلاما مباركا. أو يكون «سلاما» الأول بدلا من «قيلا»
أي لا يسمعون في الجنة لغوا إلا أو لكن
سلاما أو يكون مفعولا به منصوبا بالمصدر «قيلا» بمعنى : لا يسمعون فيها إلا
أن يقولوا سلاما سلاما والمعنى : أنهم يفشون السلام بينهم فيسلمون سلاما بعد سلام
وعلى هذا التفسير يكون منصوبا على المصدر وهو سد مسد الفعل وأصله نسلم عليكم
سلاما.
(وَأَصْحابُ
الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ)
(٢٧)
هذه الآية
الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الثامنة.
(فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ)
(٢٨)
(فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : يتمتعون .. أو
يكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم. والجملة الفعلية «يتمتعون في سدر
مخضود» أو الجملة الاسمية «هم في سدر مخضود» في محل نصب حال من «أصحاب اليمين» أو
في محل رفع خبر ثان للمبتدإ «أصحاب اليمين». مخضود : صفة ـ نعت ـ لسدر مجرور مثله
وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة بمعنى : هم في حدائق من شجر نبق
مقطع الشوك كثير الأوراق والأغصان.
(وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ)
(٢٩)
الآية الكريمة
معطوفة بالواو على «سدر مخضود» وتعرب إعرابها بمعنى وفي شجر موز متراصف الثمر.
(وَظِلٍّ مَمْدُودٍ)
(٣٠)
هذه الآية الكريمة
معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعراب «في سدر مخضود» أي وهم في ظل
ممتد عليهم.
(وَماءٍ مَسْكُوبٍ)
(٣١)
معطوف بالواو
على «سدر مخضود» وتعرب مثلها بمعنى : وفي ماء منصب بين أيديهم. وهو اسم مفعول يقال
: سكب الماء ـ يسكبه ـ سكبا : بمعنى : صبه فهو مسكوب : أي مصبوب.
(وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ)
(٣٢)
معطوفة بالواو
على «وطلح منضود» في الآية الكريمة التاسعة والعشرين وتعرب إعرابها أي وفاكهة من
كل الأنواع والأجناس.
(لا مَقْطُوعَةٍ وَلا
مَمْنُوعَةٍ)
(٣٣)
(لا مَقْطُوعَةٍ) : نافية لا عمل لها. مقطوعة : صفة ـ نعت ـ لفاكهة
مجرورة مثلها بالكسرة المنونة أي لا تنقطع في أي وقت من الأوقات.
(وَلا مَمْنُوعَةٍ) : الواو عاطفة. لا ممنوعة : معطوفة على «لا مقطوعة»
وتعرب مثلها بمعنى : ولا تمنع عن متناولها.
(وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ)
(٣٤)
معطوفة بالواو
على «وطلح منضود» في الآية الكريمة التاسعة والعشرين وتعرب مثلها.
(إِنَّا
أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً)
(٣٥)
(إِنَّا
أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير
التفخيم المسند إلى الواحد المطاع مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» وحذفت إحدى
النونين اختصارا ولكثرة الاستعمال والجملة الفعلية «أنشأنا» في محل رفع خبر «إن»
وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ
مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الإناث الغائبات مبني
على الفتح في محل نصب مفعول به. إنشاء : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه
الفتحة المنونة.
(فَجَعَلْناهُنَّ
أَبْكاراً)
(٣٦)
(فَجَعَلْناهُنَّ
أَبْكاراً) : معطوفة بالفاء على «أنشأناهن» وتعرب مثلها. أبكارا : مفعول
به ثان منصوب بالفتحة المنونة.
(عُرُباً أَتْراباً)
(٣٧)
(عُرُباً أَتْراباً) : صفتان ـ نعتان ـ للموصوف «أبكارا» منصوبان مثله
وعلامة نصبهما الفتحة المنونة بمعنى متحببات إلى أزواجهن مستويات في السن أي هن
وأزواجهن في سن واحدة وهو سن الشباب. وهما جمعا : عروب ـ ترب.
(لِأَصْحابِ
الْيَمِينِ)
(٣٨)
(لِأَصْحابِ
الْيَمِينِ) : جار ومجرور متعلق بأنشأنا وجعلنا. اليمين : مضاف إليه
مجرور بالكسرة بمعنى : خلقناهن أي الزوجات لأهل اليمين.
(ثُلَّةٌ مِنَ
الْأَوَّلِينَ)
(٣٩)
أعربت في الآية
الكريمة الثالثة عشرة بمعنى : جماعة كثيرة من السابقين قبل نبينا الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(وَثُلَّةٌ مِنَ
الْآخِرِينَ)
(٤٠)
معطوفة بالواو
على الآية الكريمة السابقة «ثلة من الأولين» وتعرب إعرابها بمعنى وجماعة كثيرة من
أمة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(وَأَصْحابُ الشِّمالِ
ما أَصْحابُ الشِّمالِ)
(٤١)
هذه الآية
الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابعة والعشرين وتعرب إعرابها أو إعراب
الآية الثامنة.
(فِي سَمُومٍ
وَحَمِيمٍ)
(٤٢)
(فِي سَمُومٍ
وَحَمِيمٍ) : جار ومجرور متعلق بخبر لمبتدإ محذوف تقديره : هم.
وحميم : معطوف بالواو على «سموم» مجرور مثله وعلامة جرهما ـ المعطوف عليه والمعطوف
ـ الكسرة المنونة بمعنى : أما أصحاب الشمال فهم في حر نار ينفذ في المسام وفي ماء
حار جدا متناه في الحرارة.
(وَظِلٍّ مِنْ
يَحْمُومٍ)
(٤٣)
(وَظِلٍّ مِنْ
يَحْمُومٍ) : هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة
السابقة وتعرب إعرابها بمعنى : وفي ظل من دخان أسود بهيم دخان جهنم
شديد السواد والحرارة. من يحموم : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «ظل»
ومن : حرف جر بياني.
(لا بارِدٍ وَلا
كَرِيمٍ)
(٤٤)
(لا بارِدٍ) : نافية لا عمل لها. بارد : صفة ـ نعت ـ لظل مجرور مثله
بالكسرة المنونة.
(وَلا كَرِيمٍ) : الواو عاطفة. لا كريم : معطوف على «لا بارد» ويعرب
مثله والقول يفيد التهكم بمعنى لا بارد كسائر الظلال ولا كريم ينتفع به يدفع الأذى
أذى الحر عمن يأوي إليه بل هو ظل حار ضار.
(إِنَّهُمْ كانُوا
قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ)
(٤٥)
(إِنَّهُمْ كانُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين في
محل نصب اسم «إن». كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.
الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة.
(قَبْلَ ذلِكَ
مُتْرَفِينَ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بمترفين وهو مضاف.
ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. اللام للبعد والكاف للخطاب
بمعنى : كانوا في دنياهم. مترفين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع
مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى متنعمين غير مبالين بحساب
الآخرة والجملة الفعلية «كانوا قبل ذلك مترفين» في محل رفع خبر «إن».
(وَكانُوا يُصِرُّونَ
عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ)
(٤٦)
(وَكانُوا يُصِرُّونَ) : معطوفة بالواو على «كانوا» في الآية الكريمة السابقة
وتعرب مثلها. يصرون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
(عَلَى الْحِنْثِ
الْعَظِيمِ) : جار ومجرور متعلق بيصرون. العظيم : صفة ـ نعت ـ للحنث
مجرور مثله بالكسرة بمعنى على الذنب العظيم أي الشرك.
(وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا
مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ)
(٤٧)
(وَكانُوا يَقُولُونَ) : معطوفة بالواو على «كانوا يصرون» في الآية الكريمة
السابقة وتعرب إعرابها. والجملة بعدها في محل نصب مفعول به.
(أَإِذا مِتْنا) : الهمزة همزة تعجيب وإنكار واستبعاد بلفظ استفهام. إذا
: ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى
الشرط. متنا : الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف «إذا» وهي
فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني
على السكون في محل رفع فاعل بمعنى : أحين نموت وحذف جواب الشرط اختصارا لأن ما
بعده «مبعوثون» يدل عليه. التقدير : نبعث للحياة؟
(وَكُنَّا تُراباً) : الواو عاطفة. كنا : فعل ماض ناقص مبني على السكون
لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل رفع اسم «كان».
ترابا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(وَعِظاماً أَإِنَّا
لَمَبْعُوثُونَ) : معطوف بالواو على «ترابا» ويعرب مثله. الهمزة وما
بعدها بدل من «أإذا متنا» وهي همزة تعجيب واستبعاد وإنكار بلفظ استفهام. إن : حرف
نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في
محل نصب اسم «إن» وحذفت إحدى النونين تخفيفا ولكثرة الاستعمال. اللام لام التوكيد
ـ المزحلقة ـ مبعوثون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته بمعنى : مبعوثون من قبورنا أحياء؟
(أَوَآباؤُنَا
الْأَوَّلُونَ)
(٤٨)
(أَوَآباؤُنَا
الْأَوَّلُونَ) : معطوف بحرف العطف الواو على محل «إن» واسمها أو على
الضمير في «مبعوثون» وجاز العطف لأن الجملة مفصولة بهمزة الاستفهام وهي مبتدأ
مرفوع وعلامة رفعه الضمة وحذف خبره لأن ما قبله دال عليه. التقدير : أآباؤنا
مبعوثون .. أو يكون نائب فاعل بفعل
محذوف دل عليه اسم المفعولين «مبعوثون» التقدير : وهل يبعث آباؤنا الأقدمون؟
و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. الأولون
: صفة ـ نعت ـ للآباء مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض
من تنوين المفرد وحركته.
(قُلْ إِنَّ
الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ)
(٤٩)
(قُلْ) : فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه ـ أصله : قول ـ تخفيفا
ولالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.
(إِنَّ الْأَوَّلِينَ
وَالْآخِرِينَ) : الجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها في محل نصب
مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الأولين : اسم «إن»
منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من حركة المفرد. وخبر «إن»
في الآية الكريمة التالية. والآخرين : معطوف بالواو على «الأولين» ويعرب إعرابه
بمعنى : إن الأولين من الأمم والآخرين منهم وأنتم من جملتهم أيها الشاكون بالبعث.
(لَمَجْمُوعُونَ إِلى
مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ)
(٥٠)
(لَمَجْمُوعُونَ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ مجموعون : خبر «إن»
مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
(إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ
مَعْلُومٍ) : جار ومجرور متعلق بسام المفعولين «مجموعون» بتأويل
فعله. يوم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. معلوم : صفة ـ نعت
ـ ليوم مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : إلى ما وقتت به الدنيا من
يوم معلوم والإضافة هنا بمعنى «من» كقولنا : خاتم فضة.
(ثُمَّ إِنَّكُمْ
أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ)
(٥١)
(ثُمَّ إِنَّكُمْ) : حرف عطف. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» والميم علامة جمع
الذكور وخبر «إن» في الآية الكريمة التالية.
(أَيُّهَا
الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ) : أصله : يا أيها .. حذفت أداة النداء اختصارا واكتفاء
بالمنادى. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» زائدة للتنبيه. الضالون :
صفة ـ نعت ـ لأي مرفوعة على لفظ «أي» لا موضعها وعلامة رفعها الواو لأنها جمع مذكر
سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. المكذبون : صفة ـ نعت ـ للموصوف «الضالون»
وتعرب مثلها بمعنى : الضالون عن الهدى المكذبون بالبعث.
(لَآكِلُونَ مِنْ
شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ)
(٥٢)
(لَآكِلُونَ مِنْ
شَجَرٍ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ آكلون : خبر «إن»
مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. من شجر : جار
ومجرور متعلق باسم الفاعلين «آكلون» ومن : حرف جر لابتداء الغاية.
(مِنْ زَقُّومٍ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «شجر» ومن : حرف جر
بياني أي لبيان الشجر وتفسيره وهو تمييز له لأن «الشجر» مبهم تبين بمعنى «زقوم» أي
الذي هو زقوم وهو شجر له ثمر مر.
(فَمالِؤُنَ مِنْهَا
الْبُطُونَ)
(٥٣)
(فَمالِؤُنَ مِنْهَا
الْبُطُونَ) : معطوف بالواو على «آكلون من شجر» ويعرب إعرابه. و «ها»
في «منها» يعود على «شجر» وأنث ضمير الشجر على اللفظ أي بمعنى «الجماعة». البطون :
مفعول به منصوب باسم الفاعلين «مالئون» وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : بطونكم أيها
الضالون المكذبون. و «الشجر» وإن كان جمع «شجرة» وهي لفظة مؤنثة إلا أن لفظه مذكر
ومعناه مؤنث فيجوز أن يكون الضمير عائدا على معنى الشجر لا لفظه.
(فَشارِبُونَ عَلَيْهِ
مِنَ الْحَمِيمِ)
(٥٤)
(فَشارِبُونَ عَلَيْهِ) : معطوف بالواو على «آكلون من شجر» وذكر ضمير «الشجر»
في «عليه» على لفظه لا معناه أو على معنى «زقوم» ولفظه. بمعنى : فشاربون على هذا
الزقوم المأكول.
(مِنَ الْحَمِيمِ) : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «شاربون» بتأويل فعله
وهو الماء المتناهي في الحرارة لشدة عطشكم.
(فَشارِبُونَ شُرْبَ
الْهِيمِ)
(٥٥)
(فَشارِبُونَ شُرْبَ
الْهِيمِ) : أعرب. شرب : مفعول مطلق ـ مصدر ـ والعامل فيه اسم
الفاعلين «شاربون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والمصدر هنا لبيان النوع.
الهيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : شرب الإبل العطاش التي
بها داء الهيام وهو داء يشبه الاستسقاء جمع «أهيم» و «هيماء» تشرب منه الإبل فلا
تروى إلى أن تموت أو تمرض وحذف مفعول اسم الفاعلين «شاربون» وهو شاربون هذا
الشراب.
(هذا نُزُلُهُمْ
يَوْمَ الدِّينِ)
(٥٦)
(هذا نُزُلُهُمْ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. نزل : خبر
«هذا» مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه بمعنى
: هذا رزقهم. وفي القول الكريم تهكم بهم لأن النزل ما يقدم للضيف.
(يَوْمَ الدِّينِ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بفعل محذوف تقديره يقدم لهم يوم القيامة وهو مضاف. الدين : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
** (فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة
والخمسين وذكر الضمير في «عليه» وهو عائد على «الشجر» وذلك على اللفظ لا المعنى
المعنى : شاربون على شجر الزقوم ـ بعد أكله ـ من الماء المتناهي في الحرارة. وقد
جرت العادة عند العرب أنهم يسقون أضيافهم ـ ضيوفهم ـ بعد أن يطعموهم ولهذا قدمت
آية المطعوم على آية المشروب في قوله تعالى : (ثُمَّ إِنَّكُمْ
أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ) (٥١) (لَآكِلُونَ مِنْ
شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ) (٥٢) (فَمالِؤُنَ مِنْهَا
الْبُطُونَ) (٥٣) (فَشارِبُونَ عَلَيْهِ
مِنَ الْحَمِيمِ) (٥٤) (فَشارِبُونَ شُرْبَ
الْهِيمِ) صدق الله العظيم. و «الهيم» من الإبل جمع «أهيم» و «هيماء»
بمعنى : فشاربون شرب الإبل المصابة بداء الهيام وعن جعفر الصادق : أيام أكل وشرب ـ
بفتح الشين ـ وأما المكسور فمعناه : المشروب وقرئت «شرب الهيم» بالحركات الثلاث ..
أي ما يشربه الهيم أي الإبل المصابة بداء الهيام .. وهو داء تشرب منه فلا تروى. والمعنى
: أن يسلط عليهم من الجوع ما يضطرهم إلى أكل الزقوم الذي هو كالمهل : أي النحاس
المذاب أو ما يبقى في أسفل الزيت .. وقيل : هو القيح والصديد فإذا ملئوا منه
بطونهم يسلط عليهم من العطش ما يضطرهم إلى شرب الحميم الذي يقطع أمعاءهم فيشربونه
شرب الهيم. أما «العطاش» بضم العين فهو داء يصيب الإنسان فيشرب الماء ولا
يروى. وجاء في أمثال العرب قولهم : يصبح ظمآن وفي البحر فمه. يضرب لمن عاش بخيلا
مثريا.
** (لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً
فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة
والستين المعنى : لو شئنا لجعلنا ذلك الزرع أي صيرناه حطاما هشيما ـ فعيل بمعنى مفعول
ـ أي مكسورا لا نفع فيه فبقيتم وصرتم تعجبون أو تندمون و «ظلتم» أصله : ظللتم ـ حذفت
اللام الأولى المكسورة تخفيفا و «تفكهون» أصله : تتفكهون حذفت التاء الأولى تخفيفا
ومعناه : صرتم تتعجبون من سوء حال من هذا الزرع وما آل إليه .. وأصل «التفكه» :
التنقل بصنوف الفاكهة وقد استعير للتنقل بالحديث وفي سورة «يس» جاء بصيغة اسم
الفاعل في قوله تعالى : (إِنَّ أَصْحابَ
الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) أي متلذذون .. وشغل : بضم الشين والغين ويجوز تسكين
الغين تخفيفا وجمعه أشغال يقال : فلان في شغل شاغل .. من باب التوكيد مثل «ليل
لائل» أي هو في عمل كثير لأن في هذا القول مبالغة و «الشغل» هو العمل ونقيض الفراغ
.. ولهذا قيل : إن يكن الشغل مجهدة فإن الفراغ مفسدة .. وقوله تعالى : فاكهون ـ جمع
ـ فاكه ـ اسم فاعل مشتق من «الفكاهة» نحو : فكه الرجل ـ يفكه ـ فكاهة .. من باب «سلم»
فهو فكه بمعنى : طيب النفس مزاحا ضحاكا وهو بمعنى : البطر الأشر أيضا. والفكاهة ـ بضم
الفاء ـ هي المزاح ـ بكسر الميم ـ ومنها المفاكهة : أي الممازحة .. وتفكه بالشيء :
أي تمتع به أو تعجب وقيل : تندم كما في الآية المذكورة (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) و «فاكهون» مثل «فكهين» جمع «فكه ـ فعل بمعنى فاعل ـ أي مسرورون مازحون
متنعمون متلذذون ومنها اشتقت لفظة «الفاكهة» وهي ما يتفكه به : أي يتنعم ويتلذذ
ويتمتع به من الثمار عند الأكل رطبا كان أو يابسا ولأهميتها فقد وعد الله سبحانه
بجنات من هذه الأنواع من ثمار الفاكهة.
** (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي
تُورُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية
والسبعين .. أي تقدحون .. وقال تعالى بعدها : (أَأَنْتُمْ
أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) وشجرتها : هي الشجرة التي منها الزناد .. أي أفرأيتم
النار التي تقدحونها وتستخرجونها من الزناد .. وكانت العرب تقدح بعودين تحك أحدهما
على الآخر ويسمون العود الأعلى : الزند .. والعود الأسفل : الزندة .. شبهوهما
بالفحل والطروقة وكانوا يضربون أعواد الشجرة ببعضها فيخرج شرر النار نتيجة
الاحتكاك الشديد. والنار هي جوهر مضيء محرق وجمعها : أنور ونيران وهذا الجمع
الثاني هو جمع لكلمة «النور» إضافة إلى «أنوار» يقال : لهبت النار تلهب ـ لهبا
ولهبا : بمعنى : اشتعلت واتقدت من دون دخان.
** (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة
والسبعين .. يقال أقسمت بالله على أن أساعدك .. ولا يصح أن يقال : أقسمت .. بأن
أساعدك لأن المفهوم من القول : أقسمت بالله على مساعدتك وليست المساعدة قسما حتى
يقال : أقسمت بأن أساعدك ويجوز القول : أقسمت على أن أساعدك. المعنى : أقسمت بالله
على مساعدتك.
** (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ
تُكَذِّبُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية
والثمانين .. المعنى وتجعلون شكر رزقكم أي شكر ما يرزقكم الله من الغيث ـ المطر ـ أنكم
تكذبون بكونه من الله حيث تنسبونه إلى النجوم وتقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا أي
بسبب سقوط نجم كذا.
** سبب نزول
الآية : نزلت هذه الآية الكريمة والتي قبلها حينما مطر الناس فقال بعضهم : إنما
مطرنا بنوء كذا وكذا أي بسبب سقوط نجم كذا.
** (إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة
والتسعين .. المعنى : إن هذا الموحى إليك به يا محمد أي الذي أنزل في هذه السورة
لهو الخبر الحق الثابت الذي لا شك فيه. قال مجاهد : حق اليقين : بمعنى : حق الخبر
اليقين .. وقال أبو إسحاق : المعنى : إن هذا الذي قصصناه في هذه السورة يقين حق
اليقين وفي القول الكريم مبالغة في التوكيد .. وقال الزمخشري : المعنى : إن هذا
الذي أنزل في السورة لهو الحق الثابت من اليقين. وقيل : ومثل هذا القول الكريم
القول : هذا رجل عالم حق العلم واللفظتان متقاربتان في المعنى. وهذا ما يجيزه
الكوفيون وهو إضافة الشيء إلى نفسه والبصريون يقولون : إن الشيء يبين بغيره
والمضاف إليه يبين به.
(نَحْنُ خَلَقْناكُمْ
فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ)
(٥٧)
(نَحْنُ خَلَقْناكُمْ) : ضمير منفصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع
ـ مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. خلقناكم : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «نحن»
وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ
مبني على السكون في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على
الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.
(فَلَوْ لا
تُصَدِّقُونَ) : الفاء استئنافية. لو لا : بمعنى : هلا وهي حرف تحضيض
لا عمل له أي تحضيض على التصديق إما بالخلق لأنهم مكذبون به على الرغم من تصديقهم
وإما بالبعث. تصدقون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف المفعول به اختصارا لأنه معلوم. المعنى نحن
خلقناكم من عدم فهلا تصدقون وتوقنون أن من قدر على الإحياء قدر على البعث .. أي
الإحياء من العدم والبعث من القبور.
(أَفَرَأَيْتُمْ ما
تُمْنُونَ)
(٥٨)
(أَفَرَأَيْتُمْ) : الهمزة همزة تقرير بلفظ استفهام الفاء تزيينية. رأيتم
: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير
متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع
الذكور.
(ما تُمْنُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. تمنون
: الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول
به. التقدير : ما تمنونه. المعنى : تريقونه من أمنى : أي أراق والمراد وضع النطفة
..
(أَأَنْتُمْ
تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ)
(٥٩)
(أَأَنْتُمْ
تَخْلُقُونَهُ) : الهمزة همزة استفهام لفظا وهمزة تقرير صار نفيا لأنه
موجب معنى. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل
لفعل محذوف جوازا من جنس الفعل بعده تقديره : أتخلقونه أنتم تخلقونه أو يكون في
محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية بعده في محل رفع خبره ولكن كونه فاعلا لمحذوف أولى
.. من جهة همزة الاستفهام. تخلقونه : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير
متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب
مفعول به والضمير يعود على «ما تمنون» أي النطفة التي توضع في الرحم .. بمعنى : أأنتم
تقدرونه وتصورونه أي تجعلونه بشرا تام الخلقة.
(أَمْ نَحْنُ
الْخالِقُونَ) : حرف عطف وهي «أم» المتصلة هنا. نحن : ضمير منفصل ـ ضمير
الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. الخالقون : خبر «نحن»
مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته .. بمعنى : أم
نحن الجاعلون أي الخالقون لهذا البشر في بدء نشأته وخلقته.
(نَحْنُ قَدَّرْنا
بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ)
(٦٠)
(نَحْنُ قَدَّرْنا
بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) : يعرب إعراب «نحن خلقنا» في الآية السابعة والخمسين.
بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة
متعلق بقدرنا وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم
في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور. الموت : مفعول به منصوب بالفتحة.
(وَما نَحْنُ
بِمَسْبُوقِينَ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها في لغة بني تميم
ونجد وبمنزلة «ليس» عند أهل الحجاز .. «ما .. الحجازية» نحن : ضمير منفصل ـ ضمير
التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على الضم في محل رفع مبتدأ على اللغة
الأولى واسم «ما» على اللغة الثانية. الباء حرف جر زائد. مسبوقين : اسم مجرور لفظا
بالباء وعلامة جره الياء لأنه بصيغة الجمع للتعظيم والتفخيم ـ جمع المذكر السالم ـ
والنون عوض من تنوين «مسبوق» مرفوع محلا على اللغة الأولى خبر «نحن» ومنصوب محلا
خبر «ما» المعنى : نحن قدرنا عليكم الموت ولا مهرب منه ولسنا بمعجزين أي بعاجزين
بل نحن قادرون على ذلك.
(عَلى أَنْ نُبَدِّلَ
أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ)
(٦١)
(عَلى أَنْ نُبَدِّلَ) : حرف جر. أن : حرف مصدرية ونصب. نبدل : فعل مضارع
منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. والجملة
الفعلية «نبدل أمثالكم» صلة حرف مصدري لا محل لها.
(أَمْثالَكُمْ
وَنُنْشِئَكُمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع
الذكور بمعنى : أشباهكم. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعلى والجار
والمجرور متعلق بمسبوقين على معنى : لسنا عاجزين بل قادرون على تبديل أمثالكم : أي
أشباهكم من الخلق أي نبدل منكم ومكانكم خلقا مثلكم أو أحسن منكم. وننشئكم : معطوفة
بالواو على «نبدل» وتعرب مثلها. بمعنى : وعلى إنشائكم. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.
(فِي ما لا
تَعْلَمُونَ) : حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر
بفي. والجار والمجرور متعلق بننشئ. لا : نافية لا عمل لها. تعلمون : فعل مضارع
مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «لا تعلمون»
صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل
لأنه مفعول به. التقدير : في عالم أو خلق لا تعلمونه أو في صفات لا تعلمونها.
(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ
النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ)
(٦٢)
(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد ـ قد : حرف
تحقيق. علمتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير
متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.
(النَّشْأَةَ الْأُولى) : مفعول به منصوب بالفتحة. الأولى : صفة ـ نعت ـ للنشأة
منصوبة مثلها وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر.
(فَلَوْ لا
تَذَكَّرُونَ) : يعرب إعراب «فلو لا تصدقون» في الآية الكريمة السابعة
والخمسين وأصلها : تتذكرون حذفت إحدى التاءين.
(أَفَرَأَيْتُمْ ما
تَحْرُثُونَ)
(٦٣)
هذه الآية
الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الثامنة والخمسين. المعنى : ما تحرثونه من
الطعام أي تبذرون حبه وتعملون في فلاحة أرضه ويجوز أن تكون «ما» مصدرية فتكون جملة
«تحرثون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول «رأيتم»
التقدير : حرثكم أي زرعكم.
(أَأَنْتُمْ
تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ)
(٦٤)
هذه الآية
الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة التاسعة والخمسين بمعنى أأنتم تنبتونه وتردونه
نباتا أم نحن المنبتون؟
(لَوْ نَشاءُ
لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ)
(٦٥)
(لَوْ نَشاءُ) : حرف شرط جازم. نشاء : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن.
(لَجَعَلْناهُ حُطاماً) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام
واقعة في جواب «لو» للتوكيد. جعل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا»
ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل
نصب مفعول به أول بمعنى لو شئنا لصيرناه حطاما. حطاما : مفعول به ثان منصوب بجعل
المتعدي إلى مفعولين على معنى «صير» وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : هشيما.
(فَظَلْتُمْ
تَفَكَّهُونَ) : الفاء سببية. ظلتم : فعل ماض ناقص من أخوات «كان»
مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ
مبني على الضم في محل رفع اسم «ظل» والميم علامة جمع الذكور. وأصله : فظللتم بمعنى
: فبقيتم وصرتم وحذفت اللام الأولى المكسورة تخفيفا. تفكهون : الجملة الفعلية في
محل نصب خبر «ظل» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل وأصله : تتفكهون حذفت إحدى التاءين تخفيفا بمعنى : تعجبون أو تندمون.
(إِنَّا لَمُغْرَمُونَ)
(٦٦)
(إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني
على السكون في محل نصب اسم «إن» وحذفت إحدى النونين تخفيفا ولكثرة الاستعمال.
اللام لام التوكيد ـ المزحلقة. مغرمون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم
والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى لملزمون غرامة ما أنفقنا أو مهلكون لهلاك
رزقنا.
(بَلْ نَحْنُ
مَحْرُومُونَ)
(٦٧)
(بَلْ نَحْنُ
مَحْرُومُونَ) : حرف إضراب للاستئناف. نحن : ضمير منفصل ـ ضمير
المتكلمين ـ مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. محرومون : خبر «نحن»
مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى
: بل نحن قوم محرومون أي حرمنا رزقنا. فحذف الموصوف «قوم» وأقيمت صفته «محرومون»
مقامه.
(أَفَرَأَيْتُمُ
الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ)
(٦٨)
(أَفَرَأَيْتُمُ
الْماءَ) : أعرب في الآية الكريمة الثامنة والخمسين. الماء : مفعول
به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(الَّذِي تَشْرَبُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للماء.
تشربون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل
لأنه مفعول به. التقدير : تشربونه أي الماء العذب الصالح للشرب وحذف العائد مراعاة
لرءوس الآي الشريف.
(أَأَنْتُمْ
أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ)
(٦٩)
هذه الآية
الكريمة تعرب إعراب الآية الكرمة التاسعة والخمسين. أنزلتموه : فعل ماض مبني على
السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على
الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور والواو لإشباع الميم والهاء ضمير
متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. من المزن : جار ومجرور متعلق بأنزلتم أو
بحال محذوفة من الضمير. التقدير : أنزلتموه حال كونه ماء من المزن أي من السحاب
وهو جمع «مزنة» وقيل : هو السحاب الأبيض خاصة وهو أعذب ماء. أم نحن المنزلون له
بإرادتنا وقدرتنا.
(لَوْ نَشاءُ
جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ)
(٧٠)
(لَوْ نَشاءُ
جَعَلْناهُ أُجاجاً) : أعرب في الآية الكريمة الخامسة والستين بمعنى لجعلناه
ملحا. وحذفت اللام اختصارا.
(فَلَوْ لا
تَشْكُرُونَ) : أعرب في الآية الكريمة السابعة والخمسين. وحذف
المفعول اختصارا بمعنى فهلا تشكرون عدم جعله ملحا؟
(أَفَرَأَيْتُمُ
النَّارَ الَّتِي تُورُونَ)
(٧١)
تعرب إعراب
الآية الكريمة الثامنة والستين. وتورون : بمعنى : تقدحون .. أي تورونها.
(أَأَنْتُمْ
أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ)
(٧٢)
تعرب إعراب
الآية الكريمة التاسعة والخمسين. أنشأتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير
الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل
والميم علامة جمع الذكور. شجرة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «ها» ضمير
متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. أي التي منها الزناد.
(نَحْنُ جَعَلْناها
تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ)
(٧٣)
(نَحْنُ جَعَلْناها
تَذْكِرَةً) : أعرب في الآية الكريمة السابعة والخمسين. و «ها» ضمير
متصل في محل نصب مفعول به أول. تذكرة : مفعول به ثان منصوب بالفتحة المنونة.
(وَمَتاعاً
لِلْمُقْوِينَ) : معطوف بالواو على «تذكرة» ويعرب إعرابها بمعنى : نحن
جعلنا نار الزناد تذكيرا لكم بنار جهنم أو جعلناها حاضرة ينظرون إليها ويذكرون ما
أوعدوا به ومنفعة. للمقوين : جار ومجرور متعلق بجعلنا أو بصفة محذوفة من «متاعا»
وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته
بمعنى : للسائرين في القفار يقال : أقوى القوم : بمعنى : صاروا بالقواء وهو القفر
أو للجائعين.
(فَسَبِّحْ بِاسْمِ
رَبِّكَ الْعَظِيمِ)
(٧٤)
(فَسَبِّحْ بِاسْمِ) : الفاء استئنافية. سبح : فعل أمر مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. باسم : جار ومجرور متعلق
بسبح وهو مضاف بمعنى : فأحدث التسبيح بذكر اسم ربك أو فسبح ذكر ربك أي
الباء زائدة.
(رَبِّكَ الْعَظِيمِ) : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة وهو مضاف والكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ في محل جر مضاف إليه ثان. العظيم : صفة للرب مجرور
بالكسرة ..
(فَلا أُقْسِمُ
بِمَواقِعِ النُّجُومِ)
(٧٥)
(فَلا أُقْسِمُ) : الفاء استئنافية. لا : زائدة نافية أدخلت على فعل
القسم لتوكيده .. وقد اختلف العلماء حولها فقيل : هي صلة مثلها في «لئلا يعلم أهل
الكتاب» وقالوا : لا تزاد في أول الكلام وإنما تزاد في وسطه وأجيبوا بأن القرآن
الكريم في حكم سورة واحدة متصل بعضه ببعض. والوجه أن يقال : هي للنفي والمعنى في
ذلك : أنه لا يقسم بالشيء إلا إعظاما له كما قال الزمخشري وأضاف ويدلك على ذلك في
سورة «القيامة» لا أقسم بيوم القيامة وقوله تعالى : «فلا أقسم بمواقع النجوم»
فكأنه بإدخال حرف النفي يقول : إن إعظامي له بإقسامي به كلا إعظام .. يعني أنه
يستأهل أكثر أو فوق ذلك. وعن قوله «لا أقسم بيوم القيامة» يل : إن «لا» نفي لكلام
ورد له قبل القسم. كأنهم أنكروا البعث فقيل : لا. أي ليس الأمر كما ذكرتم ثم قيل :
أقسم بيوم القيامة. وقيل : إن «لا» التي قبل «أقسم» توطئة للنفي بعده وقدر المقسم
عليه المحذوف هاهنا منفيا تقديره : لا أقسم بيوم القيامة لا تتركون سدى. أقسم :
فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا.
(بِمَواقِعِ
النُّجُومِ) : الباء حرف جر للقسم. مواقع : مقسم به مجرور وعلامة
جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بأقسم وهو مضاف. النجوم : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : بمساقط النجوم.
(وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ
لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ)
(٧٦)
(وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ) : الواو اعتراضية والجملة بعدها من «إن» مع اسمها
وخبرها اعتراضية لا محل لها. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل
مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ قسم : خبر «إن»
مرفوع بالضمة المنونة. وقد اعترضت الجملة بين القسم وجوابه «إنه لقرآن كريم».
(لَوْ تَعْلَمُونَ
عَظِيمٌ) : حرف للتمني لا عمل له. تعلمون : فعل مضارع مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «لو تعلمون»
اعتراضية بين الموصوف وصفته لا محل لها. عظيم : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قسم» مرفوع
مثله بالضمة المنونة وحذف مفعول «تعلمون» اختصارا المعنى لو تعلمون قدره وعظمته.
(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ
كَرِيمٌ)
(٧٧)
(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ
كَرِيمٌ) : الجملة المؤولة جواب القسم لا محل لها وتعرب إعراب «إنه
لقسم عظيم» بمعنى أن الموحى إليك يا محمد لقرآن.
(فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ)
(٧٨)
(فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «قرآن». مكنون : صفة
ـ نعت ـ لكتاب مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الموصوف والصفة ـ الكسرة المنونة. بمعنى
: محفوظ مصون أي محفوظ في اللوح المحفوظ وقيل : الكتاب المكنون : هو اللوح
المحفوظ.
(لا يَمَسُّهُ إِلاَّ
الْمُطَهَّرُونَ)
(٧٩)
(لا يَمَسُّهُ) : نافية لا عمل لها. يمسه : فعل مضارع مرفوع بالضمة
والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والجملة الفعلية «لا
يمسه إلا المطهرون» في محل رفع صفة ـ نعت ـ لقرآن.
(إِلَّا
الْمُطَهَّرُونَ) : أداة حصر لا عمل لها. المطهرون : فاعل مرفوع بالواو
لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. أو تكون
الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعتا ـ لكتاب وعلى هذا التقدير
يكون المعنى : مصونا من غير المقربين من الملائكة لا يطلع عليه من سواهم
وهم المطهرون من جميع الأدناس : أدناس الذنوب وما سواها وإن جعلت الجملة صفة
للقرآن فالمعنى : لا ينبغي أن يمسه إلا ما هو على الطهارة من النار يعني مس المكتوب
منه ومن الناس من حمله على القراءة أيضا.
(تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ
الْعالَمِينَ)
(٨٠)
(تَنْزِيلٌ) : صفة أخرى للقرآن .. بمعنى : منزل أو وصف بالمصدر لأنه
نزل نجوما من بين سائر كتب الله تعالى فكأنه في نفسه تنزيل أو يكون خبر مبتدأ
محذوف تقديره هو أي القرآن منزل من الله تعالى على نبيه ـ صلىاللهعليهوسلم.
(مِنْ رَبِّ
الْعالَمِينَ) : جار ومجرور متعلق بتنزيل ـ على تأويل فعله ـ أو بصفة
محذوفة من «تنزيل» وعلامة رفع «تنزيل» الضمة المنونة. العالمين : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين
المفرد وحركته. ورب العالمين أقيم مقام الموصوف «الله» سبحانه أي رب العوالم كافة.
(أَفَبِهذَا
الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ)
(٨١)
(أَفَبِهذَا
الْحَدِيثِ) : الهمزة همزة إنكار وتوبيخ بلفظ استفهام. الفاء
تزيينية. الباء حرف جر. الهاء للتنبيه. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر
بالباء والجار والمجرور متعلق باسم الفاعلين «مدهنون» الحديث : بدل من «هذا» مجرور
مثله وعلامة جره الكسرة بمعنى : أبهذا القرآن.
(أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في
محل رفع مبتدأ. مدهنون : خبر «أنتم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض
من تنوين المفرد وحركته بمعنى : متهاونون غير متصلين.
(وَتَجْعَلُونَ
رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ)
(٨٢)
(وَتَجْعَلُونَ
رِزْقَكُمْ) : الواو عاطفة. تجعلون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون
والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. رزقكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على
الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور بمعنى : وتجعلون شكر
رزقكم أي المطر وحظكم ..
(أَنَّكُمْ
تُكَذِّبُونَ) : الجملة المؤولة من «أن» مع اسمها وخبرها في محل نصب
مفعول به ثان. التقدير : التكذيب أي تكذيبكم به أي وضعتم التكذيب موضع الشكر. أن :
حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في
محل نصب اسم «أن» والميم علامة جمع الذكور. تكذبون : تعرب إعراب «تجعلون» والجملة
الفعلية «تكذبون» في محل رفع خبر «أن».
(فَلَوْ لا إِذا
بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ)
(٨٣)
(فَلَوْ لا إِذا) : الفاء استئنافية. لو لا : حرف توبيخ بمعنى «هلا». إذا
: ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون في محل نصب خافض لشرطه متعلق بجوابه
متضمن معنى الشرط. وجواب الشرط «إذا» محذوف دل عليه جواب «إن» في الآية الكريمة
السادسة والثمانين أو يكون جواب «إن» جوابا لإذا وإن معا أو يكون جواب «إذا» جملة «فلو
لا ترجعونها» على معنى : فلو لا ترجعونها إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين.
(بَلَغَتِ
الْحُلْقُومَ) : الجملة الفعلية في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد
الظرف «إذا» وهي فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها
حركت بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي أو يكون
الفاعل محذوفا لأنه معلوم بمعنى : فما لكم لا ترجعون الروح إلى البدن بعد بلوغها
الحلق وهو معنى «الحلقوم». الحلقوم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة أي حلق
المحتضر ـ بفتح الضاد ـ عند النزع.
(وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ
تَنْظُرُونَ)
(٨٤)
(وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ
تَنْظُرُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال.
أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في
محل رفع مبتدأ. حين : ظرف زمان منصوب وعلامة نصبه الفتحة متعلق بتنظرون وهو
مضاف و «إذ» اسم مبني على السكون الظاهر على آخره وحرك بالكسرة تخلصا من التقاء
الساكنين : سكونه وسكون التنوين وهو في محل جر مضاف إليه والجملة المحذوفة المعوض
عنها بالتنوين في محل جر مضاف إليه ثان. التقدير : وحينئذ تبلغ الحلقوم ـ وهو أعلى
مجرى الطعام ـ تنظرون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أنتم» وهي فعل مضارع مرفوع
بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بمعنى تنظرون إليه والمخاطبون
الجالسون بجوار المحتضر.
(وَنَحْنُ أَقْرَبُ
إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ)
(٨٥)
(وَنَحْنُ أَقْرَبُ) : الواو استئنافية. نحن : ضمير رفع منفصل مبني على الضم
في محل رفع مبتدأ. أقرب : خبر «نحن» مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف
على وزن «أفعل» ومن وزن الفعل.
(إِلَيْهِ مِنْكُمْ
وَلكِنْ) : جاران ومجروران متعلقان بأقرب والميم علامة جمع
الذكور. الواو زائدة. لكن : حرف ابتداء أو عطف للاستدراك لا عمل له.
(لا تُبْصِرُونَ) : نافية لا عمل لها. تبصرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت
النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى تنظرون المحتضر ينازع ويعاني سكرات
الموت ولن تستطيعوا التخفيف عنه ولا ترون حقيقة الحالة.
(فَلَوْ لا إِنْ
كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ)
(٨٦)
(فَلَوْ لا إِنْ
كُنْتُمْ) : مكرر للتوكيد. إن : حرف شرط جازم. كنتم : فعل ماض
ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن.
التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم
علامة جمع الذكور وحذف جواب الشرط لتقدم معناه. التقدير : فلو لا ترجعون الروح إذا
بلغت الحلقوم إن كنتم غير مدينين أي غير ناجين بمعنى : غير مجزيين؟
(غَيْرَ مَدِينِينَ) : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. مدينين
: مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته.
(تَرْجِعُونَها إِنْ
كُنْتُمْ صادِقِينَ)
(٨٧)
(تَرْجِعُونَها إِنْ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به يعود على النفس
وهي الروح. إن : حرف شرط جازم.
(كُنْتُمْ صادِقِينَ) : أعربت في الآية السابقة. صادقين : خبر «كان» منصوب
وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. وجواب
الشرط محذوف لتقدم معناه. التقدير والمعنى : فما لكم لا ترجعون الروح إلى البدن
بعد بلوغها الحلقوم أم لم يكن هناك قابض إن كنتم صادقين في أباطيلكم.
(فَأَمَّا إِنْ كانَ
مِنَ الْمُقَرَّبِينَ)
(٨٨)
(فَأَمَّا إِنْ كانَ) : الفاء استئنافية. أما : حرف شرط وتفصيل لا عمل له. إن
: حرف شرط جازم. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن
واسمها محذوف لأنه معلوم مما قبله بمعنى : إن كان المتوفى ـ المحتضر ـ.
(مِنَ الْمُقَرَّبِينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» وعلامة جر الاسم الياء
لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي من السابقين المقربين.
(فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ
وَجَنَّةُ نَعِيمٍ)
(٨٩)
(فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ) : الفاء واقعة في جواب «إن» و «أما» أو تكون واقعة في
جواب «أما» لأنها لا تفارقها .. وجواب «إن» محذوف لأن ما بعده يدل عليه. روح :
مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة وخبره المقدم محذوف التقدير :
فله روح بمعنى فله استراحة. وريحان : معطوف بالواو على «روح» ويعرب مثله.
(وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) : معطوفة بالواو على «روح» وتعرب مثلها. وحذفت الضمة
المنونة الثانية للإضافة. نعيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة
المنونة بمعنى : فله الخلود والرزق الطيب والنعيم.
(وَأَمَّا إِنْ كانَ
مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ)
(٩٠)
معطوفة بالواو
على الآية الكريمة الثامنة والثمانين وتعرب إعرابها. اليمين : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
(فَسَلامٌ لَكَ مِنْ
أَصْحابِ الْيَمِينِ)
(٩١)
(فَسَلامٌ لَكَ) : الفاء واقعة في جواب «إن» و «أما» لأن الفاء لا تفارق
«أما» وجواب «إن» محذوف لأن ما بعده يدل عليه. سلام : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة.
لك : جار ومجرور متعلق بالخبر وجاز الابتداء بالنكرة لأنها موصوفة. أي تقول له
الملائكة عند الموت : سلام لك يا صاحب اليمين من إخوانك أصحاب اليمين.
(مِنْ أَصْحابِ
الْيَمِينِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «سلام». اليمين :
مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
(وَأَمَّا إِنْ كانَ
مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ)
(٩٢)
معطوفة بالواو
على الآية الكريمة الثامنة والثمانين وتعرب إعرابها. الضالين : صفة للمكذبين وتعرب
مثلها. المعنى : إن كان المتوفى من المكذبين بالله ورسوله وهم أصحاب الشمال.
(فَنُزُلٌ مِنْ
حَمِيمٍ)
(٩٣)
(فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ) : تعرب إعراب «فروح» في الآية الكريمة التاسعة
والثمانين بمعنى : فله نزل أي للمتوفي من المكذبين أو بمعنى : فنزله عندنا. من
حميم : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «نزل» و «من»
حرف جر بياني لبيان جنس «نزل» وتمييز له أي فنزله هو الحميم بمعنى الماء
المتناهي في الحرارة.
(وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ)
(٩٤)
(وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) : معطوفة بالواو على «نزل» وتعرب إعرابها. جحيم : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : وإدخال جحيم أي إحراقه في
النار.
(إِنَّ هذا لَهُوَ
حَقُّ الْيَقِينِ)
(٩٥)
(إِنَّ هذا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هذا : اسم إشارة مبني
على السكون في محل نصب اسم «إن».
(لَهُوَ حَقُّ
الْيَقِينِ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ هو : ضمير منفصل مبني
على الفتح في محل رفع مبتدأ. حق : خبر «هو» مرفوع بالضمة وهو مضاف. اليقين : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والجملة الاسمية «هو حق اليقين» في محل
رفع خبر «إن» بمعنى : الحق الثابت من اليقين أو يقين حق اليقين ..
(فَسَبِّحْ بِاسْمِ
رَبِّكَ الْعَظِيمِ)
(٩٦)
(فَسَبِّحْ بِاسْمِ) : الفاء استئنافية. سبح : فعل أمر مبني على السكون
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. باسم : جار ومجرور متعلق بسبح وهو
مضاف بمعنى : فأحدث التسبيح بذكر اسم ربك أي نزهه سبحانه عن النقص فحذف المضاف «ذكر»
وحل المضاف إليه «اسم» محله أو بمعنى : فسبح ذكر ربك أي الباء حرف جر زائد.
(رَبِّكَ الْعَظِيمِ) : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة
الظاهرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر
مضاف إليه ثان. العظيم : صفة ـ نعت ـ للرب مجرور وعلامة جره الكسرة.
سورة الحديد
معنى
السورة : المراد
بلفظة «الحديد» في هذه السورة الشريفة «القتال» وللحديد معان كثيرة .. وهو معدن
معروف ومنه الشديد الصلب واللين الرخو. قال الجوهري : الحد : هو الحاجز بين
الشيئين .. وحد الشيء : منتهاه .. ويقال : حد الدار ـ يحدها ـ حدا .. من باب «رد»
وحددها أيضا تحديدا : بمعنى : وضع لها حدا وحدد الأرض : أقام لها حدودا ويأتي «الحد»
بمعنى «المنع» ومنه قيل للبواب وللسجان أيضا : حداد .. إما لأنه يمنع عن الخروج أو
لأنه يعالج الحدود من القيود وسمي «الحديد» بهذه التسمية لأنه منيع. ومنه القول :
حد السيف ـ يحد ـ حدة .. بمعنى : صار حادا وحديدا.
تسمية
السورة : لقد كرم
الله تعالى هذه اللفظة فسمى إحدى سور كتابه الكريم بها وأراد سبحانه بها القتال
وجاء ذكرها في الآية الكريمة الخامسة والعشرين من هذه السورة .. قال تعالى : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا
بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ
بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ
وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ
عَزِيزٌ) صدق الله العظيم. الميزان : هو العدل. وليعلم الله
باستعمال الأسلحة في مجاهدة الكفار أعداء الدين أو استعمال السيوف والرماح وسائر
السلاح محاربة أعداء الله ودين الإسلام. و «بالغيب» أي باعتقاده بما وعده الله من
النصر ونعيم الجنة وهي أمور مغيبة .. ذكرت لفظة «الحديد» في القرآن الكريم خمس
مرات ووردت لفظة «حديد» بمعنى آخر في سورة «ق» : (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ
حَدِيدٌ) أي حاد نافذ وقوله تعالى : (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) معناه : خلقناه كقوله عزوجل في سورة «الزمر» : (وَأَنْزَلَ لَكُمْ
مِنَ الْأَنْعامِ) معناه : خلقنا لكم .. وقوله سبحانه (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) المراد به : القتال به. أما قوله عزوجل : (وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) فيعني به : منافع في مصالحهم ومعايشهم وصنائعهم فما من
صناعة إلا والحديد آلة فيها أو ما يعمل بالحديد. وعن النبي محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : إن الله تعالى أنزل أربع بركات من السماء
إلى الأرض .. أنزل الحديد والنار والماء والملح.
فضل
قراءتها : قال النبي
الرءوف محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من قرأ سورة «الحديد» كتب من الذين آمنوا بالله
ورسوله» صدق رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم.
وأخرج الإمام
أحمد وغيره عن عرباض بن سارية : أن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد وقال : إن فيهن آية
أفضل من ألف آية وهي قوله تعالى (هُوَ الْأَوَّلُ
وَالْآخِرُ) الآية الثالثة.
إعراب آياتها
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما
فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
(١)
(سَبَّحَ لِلَّهِ) : فعل ماض مبني على الفتح. لله : جار ومجرور للتعظيم
متعلق بسبح أو تكون اللام زائدة ولفظ الجلالة مفعول «سبح» منصوب للتعظيم وعلامة
النصب الفتحة.
(ما فِي السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل ويجوز أن
يكون معرفة تامة بمعنى «الشيء» أي ما يستحق منه التسبيح ويصح. في السموات : جار
ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره وجد أو استقر. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات»
وتعرب مثلها والجملة الفعلية «وجد في السموات والأرض» صلة الموصول لا محل لها من
الإعراب بمعنى وما في الأرض.
(وَهُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ) : الواو استئنافية. هو : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح
في محل رفع مبتدأ. العزيز الحكيم : خبرا المبتدأ «هو» مرفوعان وعلامة رفعهما
الضمة.
(لَهُ مُلْكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
(٢)
(لَهُ مُلْكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. ملك : مبتدأ مؤخر مرفوع
بالضمة. السموات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض : معطوفة
بالواو على «السموات» وتعرب مثلها.
(يُحْيِي وَيُمِيتُ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ويميت : الجملة الفعلية معطوفة بالواو
على جملة «يحيي» وتعرب إعرابها وعلامة رفع الفعل الضمة الظاهرة على آخره وحذف
مفعولا الفعلين «يحيي ويميت» اختصارا لأنهما معلومان. التقدير : يحيي الموتى يوم
القيامة ويميت الأحياء. والجملة الفعلية «يحيي ..» ابتدائية لا محل لها مثل جملة «له
ملك ..» أو تكون الجملة الفعلية في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو يحيي
ويميت أو في محل نصب حالا من الضمير ـ الهاء ـ في «له» والجار عامل فيه.
(وَهُوَ عَلى كُلِ) : الواو استئنافية على الوجه الأول من إعراب «يحيي» أو
عاطفة على الوجه الثاني من إعرابها. هو : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل
رفع مبتدأ. على كل : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «قدير».
(شَيْءٍ قَدِيرٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.
قدير : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة.
(هُوَ الْأَوَّلُ
وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
(٣)
(هُوَ الْأَوَّلُ
وَالْآخِرُ) : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ
الأول : خبر «هو» مرفوع بالضمة. والآخر : معطوف بالواو على «الأول» مرفوع مثله
بالضمة. أو يكون «هو» في محل رفع بدلا من مبدل منه بتقدير : الله هو ..
(وَالظَّاهِرُ
وَالْباطِنُ) : معطوفان بالواو على «هو الأول والآخر» ويعربان إعرابه
أي الظاهر بقدرته وهو أجل أن يرى بالعين.
(وَهُوَ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيمٌ) : يعرب إعراب «وهو على كل شيء قدير» في الآية الكريمة
السابقة. أو يكون الضمير «هو» مع خبره «عليم» في محل رفع خبر مبتدأ مقدر اختصارا
لأنه معلوم أي الله هو .. والجملة الاسمية «هو الأول والآخر» في محل رفع خبر لفظ
الجلالة.
** (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى .. المعنى
: نزه الله تعالى عن كل ما لا يليق به من نقص كل من في الكون. والفعل «سبح» هنا
تعدى باللام وأصله التعدي بنفسه كما في قوله تعالى في سورة «الأعراف». (وَيُسَبِّحُونَهُ) لأن معنى «سبحته» أبعدته عن السوء ونزهته عن النقص
فاللام لا تخلو إما أن تكون مثل اللام في «نصحته» و «نصحت له» وإما أن يراد «بسبح
الله» أحدث التسبيح لأجل الله سبحانه ولوجهه خالصا .. وقد جاء الفعل «سبح» في بعض
الفواتح على لفظ الماضي وفي بعضها على لفظ المضارع وكل واحد منهما معناه أن من شأن
من أسند إليه التسبيح أن يسبحه وذلك عادته وديدنه وقد عدي الفعل باللام تارة
وبنفسه تارة أخرى وقد ورد مفعول «سبح» في آيات من القرآن الكريم وحذف في آيات أخرى
إيجازا واختصارا أو لأن ما قبله أو ما بعده دال عليه. ومن أسماء الله تعالى وصفاته
: القدوس ـ بضم القاف وفتحها ـ بمعنى : البليغ في النزاهة عما يستقبح ونظيره :
السبوح .. وفي تسبيح الملائكة : سبوح قدوس رب الملائكة والروح.
** (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ
قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية عشرة
.. المعنى : من ذا الذي يسلف الله سلفا حسنا بإنفاق ماله في سبيل الله رجاء أن
يرده الله عليه أضعافا مضاعفة يوم القيامة أي يزيده أمثاله .. والقرض الحسن : هو
الإنفاق في سبيل الله شبه سبحانه ذلك بالقرض على سبيل المجاز لأنه إذا أعطى ماله
لوجه الله فكأنه أقرضه إياه ويرده له سبحانه أجرا عظيما يوم القيامة.
** (بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية عشرة
.. وهو قول الملائكة للمؤمنين يوم القيامة وهم يتلقونهم : لكم البشارة اليوم جنات
أي بساتين تجري من غرفها الأنهار ماكثين فيها أبدا ذلك النور .. وذلك التبشير أي
ذانك النور والبشرى .. وكثيرا ما أعقبت «جنات» عبارة «تجري من تحتها الانهار» أو
تجري تحتها الأنهار في كتاب الله العزيز .. وأشار الإسكافي في كتابه «درة التنزيل
وغرة التأويل» إلى أن كل موضع ذكر فيه «من تحتها» في آيات القرآن الكريم إنما هو
لقوم عام فيهم الأنبياء والموضع الذي لم يذكر فيه «من» إنما هو لقوم مخصوصين ليس
فيهم الأنبياء .. يروى أن رجلا قال لرسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : دلني على عمل يدخلني الجنة. فقال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : تعتق النسمة وتفك الرقبة. قال : أو ليسا سواء؟ قال
: لا إعتاقها : أن تنفرد بعتقها .. وفكها : أن تعين في تخليصها من قود ـ أي من
قصاص ـ أو غرم : أي ما يلزم أداؤه من مال .. والعتق والصدقة : من أفاضل الأعمال.
** (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ
وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة عشرة
.. المعنى : يوم القيامة يقول المنافقون والمنافقات للمؤمنين وهم مارون بهم في
طريقهم إلى الجنة : انتظرونا نستضىء بنوركم .. يقولون لهم : انتظرونا لأنهم يسرع
بهم إلى الجنة كالبروق الخاطفة على ركاب تسرع بهم وهؤلاء مشاة .. أو بمعنى :
انظروا إلينا لأنهم إذا نظروا إليهم استقبلوهم بوجوههم والنور بين أيديهم
فيستضيئون به.
** (يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ
قالُوا بَلى) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الرابعة
عشرة .. المعنى ينادي المنافقون المؤمنين قائلين لهم : ألم نوافقكم في الظاهر
قالوا لهم : بلى .. يعني نعم كنتم معنا و «بلى» حرف جواب يأتي جوابا لاستفهام منفي
كما في الآية الكريمة والهمزة همزة إنكار للنفي مبالغة في الإثبات نحو القول : إنك
لم تكن حاضرا فتقول : بلى
أي كنت حاضرا .. يروى أن صديقا للأصمعي طلب منه قرضا. فقال له : حبا وكرامة
ولكن سكن قلبي برهن. فقال له صديقه : ألا تثق بي؟ فأجابه الأصمعي : بلى. ولكن خليل
الله إبراهيم ـ عليهالسلام ـ كان واثقا بربه وهو يقول : (وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) فاقتنع الرجل بقوله. أجابه بالحرف «بلى» بعد قوله : ألا؟
وهو استفهام إنكاري بمعنى نعم أثق بك. وللحرف «نعم» معان ذكر قسما منها الفيومي
فقال : قولهم في الجواب : نعم تكون بمعنى التصديق إن وقعت بعد الفعل الماضي نحو :
هل قام زيد؟ فجوابه : نعم. أي قام زيد. وتأتي بمعنى الوعد إن وقعت بعد المستقبل ..
نحو : هل تقوم؟ قال سيبويه : نعم : عدة وتصديق أي عدة في الاستفهام وتصديق للإخبار
وقال النيلي : تبقي الكلام على ما هو عليه من إيجاب أو نفي لأنها وضعت لتصديق ما
تقدم من غير أن ترفع النفي وتبطله فإذا قال قائل : ما جاء زيد ـ ولم يكن قد جاء ـ وقلت
في جوابه : نعم. كان التقدير : نعم ما جاء فصدقت الكلام على نفيه ولم تبطل النفي
كما تبطله بلى .. وإن كان قد جاء قلت في الجواب : بلى. والمعنى قد جاء. فنعم تبقي
النفي على حاله ولا تبطله .. وقال الشاعر :
وإذا صحبت
فاصحب ماجدا
|
|
ذا حياء
وعفاف وكرم
|
قوله للشيء
لا إن قلت لا
|
|
وإذا قلت نعم
قال نعم
|
وقال شاعر آخر
:
لا تتبعن نعم
لا طائعا أبدا
|
|
فإن لا أفسدت
من بعد ما نعم
|
إن قلت يوما
نعم بدأ فتم بها
|
|
فإن إمضاءها
صنف من الكرم
|
(هُوَ
الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى
الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ
مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ
بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
(٤)
(هُوَ الَّذِي) : الجملة الاسمية هو «الذي» بدل من الجملة الاسمية «هو
الأول» في الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. الذي : اسم موصول مبني على السكون
في محل رفع خبر «هو» أي الله هو الذي ..
(خَلَقَ السَّماواتِ
وَالْأَرْضَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. السموات : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض : معطوفة
بالواو على «السموات» وتعرب مثلها وعلامة نصبها الفتحة.
(فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) : جار ومجرور متعلق بخلق. أيام : مضاف إليه مجرور بالإضافة
وعلامة جره الكسرة المنونة.
(ثُمَّ اسْتَوى عَلَى
الْعَرْشِ) : حرف عطف. استوى : معطوف على «خلق» ويعرب إعرابه
وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر. على العرش : جار
ومجرور متعلق باستوى بمعنى ثم استولى على الملك كله يدبره بحكمته.
(يَعْلَمُ ما يَلِجُ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير «خلق» وهي فعل
مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ما : اسم موصول مبني
على السكون في محل نصب مفعول به. يلج : تعرب إعراب «يعلم».
(فِي الْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بيلج بمعنى : ما يدخل والجملة
الفعلية «يلج في الأرض» صلة الموصول لا محل لها.
(وَما يَخْرُجُ مِنْها) : معطوفة بالواو على جملة «يعلم ما يلج في الأرض» وتعرب
إعرابها والجار والمجرور «منها» متعلق بيخرج.
(وَما يَنْزِلُ مِنَ
السَّماءِ) : معطوفة بالواو على جملة «يعلم ما يلج في الأرض» وتعرب
إعرابها والجار والمجرور «من السماء» متعلق بينزل بمعنى وما ينزل من الأمطار وما
يصعد إليها من طيبات الأعمال ودعوات العباد.
(وَما يَعْرُجُ فِيها) : معطوفة بالواو على جملة «ما ينزل من السماء» وتعرب
إعرابها والجار والمجرور «منها» متعلق بيعرج.
(وَهُوَ مَعَكُمْ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هو : ضمير
رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. مع : ظرف مكان منصوب على الظرفية
والعامل فيه محذوف على معنى : وهو حاضر معكم وهو يدل على الاجتماع والمصاحبة متعلق
بخبر «هو» وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر
مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور.
(أَيْنَ ما كُنْتُمْ) : اسم شرط جازم مبني على الفتح في محل نصب ظرف مكان
متعلق بخبر «كان» المقدم. ما : زائدة لا عمل لها. وحذف جواب
الشرط لتقدم معناه. التقدير : أينما تكونوا فهو معكم. كنتم : الجملة
الفعلية في محل جر مضاف إليه وهي فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير
الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان»
والميم علامة جمع الذكور والفعل «كان» فعل الشرط في محل جزم بأين. أو يكون «كنتم»
فعلا تاما والتاء ضميرا متصلا في محل رفع فاعلا بمعنى : أينما حللتم.
(وَاللهُ بِما
تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) : الواو عاطفة. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم
بالضمة. الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار
والمجرور متعلق ببصير. تعملون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بصير : خبر المبتدأ
مرفوع بالضمة المنونة والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به.
التقدير : بما تعملونه أو تكون «ما» مصدرية وجملة «تعملون» صلة حرف مصدري لا محل
لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير : بأعمالكم.
(لَهُ مُلْكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ)
(٥)
(لَهُ مُلْكُ
السَّماواتِ) : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. ملك : مبتدأ مؤخر مرفوع
بالضمة. السموات : مضاف إليه مجرور بالكسرة.
(وَالْأَرْضِ وَإِلَى
اللهِ) : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها. الواو
عاطفة. إلى الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بترجع.
(تُرْجَعُ الْأُمُورُ) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. الأمور : نائب
فاعل مرفوع بالضمة وجملة «ترجع الأمور» معطوفة على الجملة الاسمية الابتدائية «له
ملك السموات والأرض» لا محل لها. كرر القول «له ملك السموات والأرض» للتوكيد.
(يُولِجُ اللَّيْلَ
فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ
الصُّدُورِ)
(٦)
(يُولِجُ اللَّيْلَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. الليل : مفعول به منصوب بالفتحة.
(فِي النَّهارِ) : جار ومجرور متعلق بيولج. والجملة الفعلية «يولج الليل
..» ابتدائية لا محل لها أو تكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو يولج ..
أو في محل نصب حالا من الضمير «الهاء» في «له» والجار عامل فيه.
(وَيُولِجُ النَّهارَ
فِي اللَّيْلِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يولج الليل
في النهار» وتعرب إعرابها. بمعنى : يزيد من هذا في ذلك ومن ذلك في هذا.
(وَهُوَ عَلِيمٌ
بِذاتِ الصُّدُورِ) : تعرب إعراب «وهو على كل شيء قدير» في الآية الكريمة
الثانية والجار والمجرور «بذات» متعلق باسم الفاعل «عليم» بمعنى : عليم بنفس
الصدور أي ببواطنها. والصدور : يكنى بها عن القلوب. أي بما يهجس فيها ويجيش في
النفوس من النيات الخافية.
(آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ
وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ)
(٧)
(آمِنُوا بِاللهِ
وَرَسُولِهِ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال
الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بالله : جار ومجرور
للتعظيم متعلق بآمنوا. الواو عاطفة. رسوله : اسم مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة
وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه بمعنى : صدقوا بوجود الله وبرسالة
رسوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(وَأَنْفِقُوا مِمَّا) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب
مثلها. مما : أصلها : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن
وقد أدغمت بنون «من» فحصل التشديد. والجار والمجرور متعلق بأنفقوا و «من» هنا
للتبعيض وقد حذف مفعول «أنفقوا» لدلالة «من» التبعيضية عليه.
(جَعَلَكُمْ
مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول والميم علامة جمع الذكور.
مستخلفين : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض
من تنوين المفرد وحركته. فيه : جار ومجرور متعلق باسم المفعولين «مستخلفين» بمعنى
وابذلوا في سبيل الله بعض الأموال التي جعلكم خلفاء الذين سبقوكم عليها.
(فَالَّذِينَ آمَنُوا) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. الذين : اسم موصول
مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها
وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة بمعنى : فالذين آمنوا بالله ورسوله منكم.
(مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «الذين»
والميم علامة جمع الذكور. التقدير : حال كونهم منكم و «من» حرف جر بياني. وأنفقوا
: الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب مثلها.
(لَهُمْ أَجْرٌ
كَبِيرٌ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» اللام
حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم.
أجر : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. كبير : صفة ـ نعت ـ لأجر مرفوع بالضمة
المنونة.
(وَما لَكُمْ لا
تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ
أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)
(٨)
(وَما لَكُمْ) : الواو استئنافية. ما : اسم استفهام مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ يفيد الإنكار لعدم الإيمان. لكم : جار ومجرور متعلق بخبر «ما»
والميم علامة جمع الذكور بمعنى : أي شيء لكم؟ بمعنى لا مانع لكم من الإيمان.
(لا تُؤْمِنُونَ
بِاللهِ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير المخاطبين في «ما
لكم» أي من معنى الفعل في «ما لكم» بتقدير : وما لكم كافرين. لا : نافية لا عمل
لها. تؤمنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بتؤمنون وبمعنى : كيف تكفرون بالله؟
(وَالرَّسُولُ
يَدْعُوكُمْ) : الواو حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال
فهما حالان متداخلان. الرسول : مبتدأ مرفوع بالضمة. يدعوكم : الجملة الفعلية في
محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على
الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور بمعنى : يطالبكم بالتصديق.
(لِتُؤْمِنُوا
بِرَبِّكُمْ) : اللام حرف جر للتعليل. تؤمنوا : فعل مضارع منصوب بأن
مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف
فارقة. بربكم : جار ومجرور متعلق بتؤمنوا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني
على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «تؤمنوا
بربكم» صلة حرف مصدري لا محل لها. و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر
بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بيدعو. بمعنى : وأي عذر لكم في ترك الإيمان
والرسول يدعوكم إليه.
(وَقَدْ أَخَذَ
مِيثاقَكُمْ) : الواو حالية والجملة بعدها في محل نصب حال. قد : حرف
تحقيق. أخذ : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي
الله سبحانه. ميثاق مفعول به منصوب بالفتحة و «كم» أعرب في «بربكم».
(إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ) : حرف شرط جازم. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون
لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم
«كان» والميم علامة جمع الذكور. مؤمنين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه
الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وحذف جواب الشرط اختصارا
ولأن ما بعده يفسره بمعنى : إن كنتم مؤمنين لموجب ما فإن هذا الموجب لا مزيد عليه
بمعنى إن أردتم الإيمان فقد حان وقته بعد أن نبهكم الرسول عليه وتلا عليكم الكتاب
الناطق بالبراهين والحجج وأخذ الله العهد عليكم بإيجاد الدلائل لكم ..
(هُوَ الَّذِي
يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى
النُّورِ وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ)
(٩)
(هُوَ الَّذِي) : ضمير رفع منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الذي
: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبره.
(يُنَزِّلُ عَلى
عَبْدِهِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع
مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. على عبده : جار ومجرور
متعلق بينزل والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه. أي محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(آياتٍ بَيِّناتٍ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة
المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. بينات : صفة ـ نعت ـ لآيات منصوبة مثلها
بالكسرة المنونة للسبب نفسه.
(لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ
الظُّلُماتِ) : اللام لام التعليل حرف جر. يخرج : فعل مضارع منصوب
بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.
الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم
علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «يخرجكم ..» صلة حرف مصدري لا محل لها. من
الظلمات : جار ومجرور متعلق بيخرج و «أن» المضمرة وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر
بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بينزل بمعنى : من ظلمات الكفر والضلال.
(إِلَى النُّورِ) : جار ومجرور متعلق بيخرج بمعنى : إلى نور الإيمان
والحق.
(وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله
لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. بكم : جار ومجرور بخبر
«إن» والميم علامة جمع الذكور.
(لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ رءوف رحيم : خبرا «إن»
مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة.
(وَما لَكُمْ أَلاَّ
تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا
يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ
أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلاًّ
وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)
(١٠)
(وَما لَكُمْ) : الواو عاطفة. ما : اسم استفهام مبني على السكون في
محل رفع مبتدأ. لكم : جار ومجرور متعلق بخبر «ما» والميم علامة جمع الذكور.
(أَلَّا تُنْفِقُوا) : أصلها : أن : حرف مصدري ناصب و «لا» مدغمة بنون «أن»
فحصل التشديد وهي نافية لا عمل لها. تنفقوا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف
النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «تنفقوا»
صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب حال من
معنى الفعل في «ما لكم» بمعنى وأي غرض لكم مقترين غير باذلين أموالكم أو أي غرض
لكم في ترك الإنفاق فيكون المصدر المؤول في محل جر بحرف الجر المقدر «في».
(فِي سَبِيلِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بتنفقوا. الله لفظ الجلالة : مضاف
إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة وحذف مفعول «تنفقوا» اختصارا
وإيجازا لأنه معلوم من السياق بمعنى في أن لا تبذلوا بعض أموالكم في سبيل الله
بمعنى : المراد : الطلب منهم الإنفاق في سبيل إعلاء كلمة الله أي الإسلام.
(وَلِلَّهِ مِيراثُ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. لله :
جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. ميراث : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.
(السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض
: معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها.
(لا يَسْتَوِي
مِنْكُمْ) : نافية لا عمل لها. يستوي : فعل مضارع مرفوع بالضمة
المقدرة على الياء للثقل. منكم : جار ومجرور متعلق بيستوي والميم علامة جمع
الذكور.
(مَنْ أَنْفَقَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. أنفق : فعل
ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والجملة الفعلية «أنفق
..» صلة الموصول لا محل لها. وحذف مفعول «أنفق» اختصارا لأنه مفهوم بمعنى : من بذل
ماله منكم في سبيل الله.
(مِنْ قَبْلِ
الْفَتْحِ وَقاتَلَ) : جار ومجرور متعلق بأنفق. الفتح : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة. وقاتل : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «أنفق»
وتعرب إعرابها بمعنى : من قبل فتح مكة أي قبل عز الإسلام وقوة أهله ومن أنفق من بعد
الفتح فحذف لوضوح الدلالة أي بين التفاوت بين المنفقين منهم قبل الفتح وبعده.
(أُولئِكَ أَعْظَمُ
دَرَجَةً) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف
حرف خطاب. أعظم : خبر «أولئك» مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه على وزن «أفعل» صيغة
تفضيل ومن وزن الفعل. درجة : تمييز منصوب بالفتحة المنونة.
(مِنَ الَّذِينَ
أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ) : حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر
بمن والجار والمجرور متعلق بأعظم. أنفقوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها
وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة وحذف مفعول «أنفقوا» اختصارا. من بعد : جار ومجرور متعلق بأنفقوا
بمعنى من بعد الفتح.
(وَقاتَلُوا وَكُلًّا) : معطوفة بالواو على «أنفقوا» وتعرب مثلها. الواو
استئنافية. كلا : مفعول به مقدم منصوب بوعد وعلامة نصبه الفتحة المنونة لانقطاعه
عن الإضافة بمعنى : وكل واحد من الفريقين.
(وَعَدَ اللهُ
الْحُسْنى) : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل
مرفوع للتعظيم الضمة. الحسنى : مفعول به ثان منصوب بوعد وعلامة نصبه الفتحة
المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : المثوبة الحسنى وهي الجنة.
(وَاللهُ بِما
تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) : أعرب في الآية الكريمة الرابعة بمعنى : والله ذو خبرة
بعملكم أو خبير بأعمالكم.
(مَنْ ذَا الَّذِي
يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ)
(١١)
(مَنْ ذَا الَّذِي) : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ذا : اسم
إشارة مبني على السكون في محل رفع خبر «من». الذي : اسم موصول مبني على السكون في
محل رفع بدل من «ذا» أو صفة ـ نعت ـ له.
(يُقْرِضُ اللهَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.
والجملة الفعلية «يقرض الله ..» صلة الموصول لا محل لها.
(قَرْضاً حَسَناً) : مصدر ـ مفعول مطلق ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة ويجوز أن يكون مفعولا به على المعنى أي يسلفه مالا حسنا ـ تعبير مجازي ـ أو
هو مصدر في موضع المفعول. حسنا : صفة ـ نعت ـ للمصدر «قرضا» منصوب مثله وعلامة
نصبه الفتحة المنونة.
(فَيُضاعِفَهُ لَهُ) : الفاء سببية. يضاعفه : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد
الفاء الواقعة في جواب الاستفهام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. له : جار ومجرور
متعلق بيضاعف بمعنى فيعطيه أجره على إنفاقه مضاعفا أضعافا من فضله.
(وَلَهُ أَجْرٌ
كَرِيمٌ) : الواو استئنافية. له : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. أجر
: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. كريم : صفة ـ نعت ـ لأجر مرفوع مثله بالضمة
المنونة.
(يَوْمَ تَرَى
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ
وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
(١٢)
(يَوْمَ تَرَى) : ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بقوله «له أجر كريم»
وعلامة نصبه الفتحة أو يكون اسما مفعولا به بفعل محذوف تقديره : اذكر ـ تعظيما
لذلك اليوم ـ ترى : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الألف للتعذر
والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت بمعنى يوم القيامة ترى.
(الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِناتِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم
والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والجملة الفعلية «ترى المؤمنين ..» في محل جر
مضاف إليه. والمؤمنات : معطوف بالواو على «المؤمنين» منصوب مثله وعلامة نصبه
الكسرة بدلا من الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم.
(يَسْعى نُورُهُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال وهي فعل مضارع مرفوع
بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. نور : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه أي يضيء نور إيمانهم الطريق لهم.
(بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بيسعى وهو مضاف. أيدي : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على
الياء للثقل وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه ثان.
(وَبِأَيْمانِهِمْ) : معطوف بالواو على «بين أيديهم» وهو أيضا شبه جملة
متعلق بيسعى و «هم» أعرب أي وفي أيمانهم أو عن أيمانهم.
(بُشْراكُمُ الْيَوْمَ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي
يقول لهم الملائكة الذين يتلقونهم : بشراكم بمعنى : لكم البشارة. بشرى : مبتدأ
مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني
على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور وحرك بالضم للوصل ـ التقاء
الساكنين ـ اليوم : ظرف زمان متعلق بالبشرى منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(جَنَّاتٌ تَجْرِي) : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. تجري : فعل مضارع
مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل.
(مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهارُ) : جار ومجرور متعلق بتجري أو بحال محذوفة من «الأنهار»
بتقدير : كائنة تحتها و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
الأنهار : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «تجري الأنهار» في محل رفع صفة
لجنات.
(خالِدِينَ فِيها) : حال من ضمير المخاطبين منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه
جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. فيها : جار ومجرور متعلق باسم
الفاعلين «خالدين».
(ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام
للبعد والكاف حرف خطاب. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ ثان.
الفوز : خبر «هو» مرفوع بالضمة. العظيم : صفة ـ نعت ـ للفوز مرفوع مثله بالضمة
والجملة الاسمية «هو الفوز العظيم» في محل رفع خبر المبتدأ «ذلك» بمعنى : ذانك
النور والبشرى هما الفلاح والنجاح العظيم ..
(يَوْمَ يَقُولُ
الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ
نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ
لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ)
(١٣)
(يَوْمَ يَقُولُ) : يدل من «يوم» في الآية الكريمة السابقة ويعرب مثله.
يقول : فعل مضارع مرفوع بالضمة.
(الْمُنافِقُونَ
وَالْمُنافِقاتُ) : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من
تنوين المفرد وحركته. والمنافقات : معطوف بالواو على «المنافقون» مرفوع مثله
وعلامة رفعه الضمة والجملة الفعلية «يقول المنافقون ..» في محل جر مضاف إليه.
(لِلَّذِينَ آمَنُوا) : اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في
محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيقول. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول
لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية بعده «انظرونا» في محل نصب مفعول به ـ مقول
القول.
(انْظُرُونا
نَقْتَبِسْ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال
الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني
على السكون في محل نصب مفعول به. نقتبس : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة
جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن.
(مِنْ نُورِكُمْ) : جار ومجرور متعلق بنقتبس. الكاف ضمير متصل ـ ضمير
المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور بمعنى :
يقول المنافقون للمؤمنين وهم مارون بهم في طريقهم إلى الجنة انتظرونا نستضىء
بنوركم ..
(قِيلَ ارْجِعُوا) : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. ارجعوا : تعرب
إعراب «انظروا» والجملة الفعلية «ارجعوا» في محل رفع نائب فاعل وهو قول المؤمنين
للمنافقين طردا لهم وتهكما بهم : ارجعوا إلى الدنيا ..
(وَراءَكُمْ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بارجعوا وهو مضاف و «كم» أعرب في «نوركم».
(فَالْتَمِسُوا نُوراً) : معطوفة بالفاء على «ارجعوا» وتعرب مثلها. نورا :
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.
(فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ
بِسُورٍ) : الفاء عاطفة للتسبيب والمعطوف عليه محذوف بتقدير :
فرجعوا إلى موقف المؤمنين فحيل بينهم فضرب .. ضرب : فعل ماض مبني للمجهول مبني على
الفتح. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير
متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. بسور : جار ومجرور في محل رفع نائب
فاعل للفعل «ضرب» بمعنى فضرب بين المؤمنين والمنافقين بحائط حائل بين شق الجنة وشق
النار. والظرف «بين» متعلق بضرب.
(لَهُ بابٌ) : الجملة الاسمية في محل جر صفة ـ نعت ـ لسور على
اللفظ. له : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. باب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة
بمعنى لذلك السور باب لأهل الجنة يدخلون منه.
(باطِنُهُ فِيهِ
الرَّحْمَةُ) : الجملة الاسمية في محل جر صفة ثانية لسور على اللفظ
أو في محل رفع صفة لباب. باطنه : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف والهاء ضمير متصل
مبني على الضم في محل جر مضاف إليه يعود على السور أو على الباب بمعنى : باطن
السور أو باطن الباب وهو الشق الذي يلي الجنة. فيه : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم.
الرحمة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة والجملة الاسمية «فيه الرحمة» في محل رفع خبر «باطنه».
(وَظاهِرُهُ مِنْ
قِبَلِهِ الْعَذابُ) : معطوف بالواو على «باطنه فيه الرحمة» ويعرب مثله
والهاء في «قبله» في محل جر مضاف إليه بمعنى : وظاهر الباب من جهته النار أو ما
ظهر لأهل النار من عند الباب ومن جهته الظلمة والنار.
(يُنادُونَهُمْ أَلَمْ
نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ
وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ
اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ)
(١٤)
(يُنادُونَهُمْ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل
رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به.
(أَلَمْ نَكُنْ
مَعَكُمْ) : الجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي ينادي
المنافقون المؤمنين قائلين لهم هذا القول الهمزة همزة استفهام
للإنكار دخلت على المنفي فرجع إلى معنى التقرير بمعنى همزة إنكار للنفي
مبالغة في الإثبات. لم : حرف نفي وجزم وقلب. نكن : فعل مضارع ناقص مجزوم بلم
وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين ـ أصله : نكون ـ واسمها
ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. مع : ظرف مكان يدل على الاجتماع والمصاحبة متعلق
بخبر «نكن» وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر
مضاف إليه والميم علامة جمع الذكور أي يريدون موافقتهم في الظاهر.
(قالُوا بَلى) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو
ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بلى : حرف جواب لا عمل له للتحقيق بمعنى
: نعم كنتم معنا.
(وَلكِنَّكُمْ
فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) : الواو استدراكية. لكن : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن»
والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «لكن» والميم
علامة جمع الذكور. فتنتم : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لكن» وهي فعل ماض مبني
على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني
على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. أنفس : مفعول به منصوب وعلامة
نصبه الفتحة و «كم» أعرب في «معكم» بمعنى : فتنتموها بالنفاق وانتظرتم الدوائر
والدوائر هي بالمؤمنين وشككتم في الدين.
(وَتَرَبَّصْتُمْ
وَارْتَبْتُمْ) : الجملتان الفعليتان معطوفتان بواوي العطف على جملة «فتنتم»
وتعربان إعرابها بمعنى وانتظرتم وشككتم.
(وَغَرَّتْكُمُ
الْأَمانِيُ) : الواو عاطفة. غرتكم : فعل ماض مبني على الفتح والتاء
تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على
الضم في محل نصب مفعول به مقدم. والميم علامة جمع الذكور وحرك بالضم للوصل ـ التقاء
الساكنين ـ الأماني : فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره بمعنى : وخدعتكم الأماني
أي طول الأماني والطمع في امتداد العمر.
(حَتَّى جاءَ أَمْرُ
اللهِ) : حرف غاية وابتداء. جاء : فعل ماض مبني على الفتح. أمر
: فاعل مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر
الكسرة بمعنى : إلى أن جاءكم الموت والجملة الفعلية «جاء أمر الله» ابتدائية لا
محل لها.
(وَغَرَّكُمْ بِاللهِ
الْغَرُورُ) : معطوفة بالواو على جملة «غرتكم الأماني» وتعرب
إعرابها. بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بغر بمعنى : حتى خدعكم عن الله
والإيمان به الشيطان بأن الله لا يعذبكم. و «الغرور» هو لقب الشيطان.
(فَالْيَوْمَ لا
يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ
هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)
(١٥)
(فَالْيَوْمَ) : الفاء استئنافية. اليوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية
وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيؤخذ.
(لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ
فِدْيَةٌ) : نافية لا عمل لها. يؤخذ : فعل مضارع مبني للمجهول
مرفوع بالضمة. منكم : جار ومجرور متعلق بيؤخذ والميم علامة جمع الذكور. فدية :
نائب فاعل مرفوع بالضمة المنونة.
(وَلا مِنَ الَّذِينَ
كَفَرُوا) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها معطوفة على «لا
يؤخذ» بمعنى ولا يؤخذ. من : حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر
بمن والجار والمجرور متعلق بيؤخذ. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها
وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة.
(مَأْواكُمُ النَّارُ) : مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر وهو
مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه
والميم علامة جمع الذكور حرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ النار : خبر «مأواكم»
مرفوع بالضمة وحذف الفعل «يؤخذ» قبل «من الذين» اختصارا واكتفاء بذكره أول مرة.
(هِيَ مَوْلاكُمْ) : الجملة تفسيرية لا محل لها بمعنى : النار تتولى
أمركم. هي : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ و «مولى» خبر «هي» مرفوع
بالضمة المقدرة على الألف للتعذر و «كم» أعرب في «مأواكم».
(وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) : الواو عاطفة. بئس : فعل ماض جامد لإنشاء الذم مبني
على الفتح. المصير : فاعل «بئس» مرفوع بالضمة وحذف المخصوص بالذم اختصارا لأن ما
قبله يدل عليه بمعنى : وبئس المصير النار.
** (فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ
فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ
وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة عشرة
.. وفيه حذف المخصوص بالذم اختصارا لأن ما قبله يدل عليه أي وبئس المصير النار
وفيه أيضا ذكر الفعل «يؤخذ» مع نائب الفاعل «فدية» لأنه مفصول عنه بفاصل ولأن «فدية»
بمعنى «فداء» وهو ما يفتدى به من التعويض والبدل. وقوله : هي مولاكم : معناه : هي
أولى بكم أو مأمولكم ـ على سبيل الاستهزاء.
** (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ
وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ
أَجْرٌ كَرِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة
.. المعنى : المتصدقين والمتصدقات .. أدغمت التاء في الصاد فشدد الصاد وجملة «أقرضوا»
معطوفة بالواو على معنى الفعل في «المصدقين» لأن اللام بمعنى «الذين» واسم الفاعل «مصدقين»
بمعنى : تصدقوا بتقدير : إن الذين تصدقوا وأقرضوا وعطف الفعل هنا على الاسم لشبهه
بالفعل أي عطف الفعل الماضي على اسم الفاعل المصاحب لأل وذلك يدل على أن المقترن
بال يعمل بمعنى الماضي فقط .. أو يكون التقدير : والذين أقرضوا فحذف المعطوف «الذين»
المعنى : إن المتصدقين ـ المنفقين ـ أموالهم على المحتاجين إليها وأنفقوا شيئا
منها في سبيل الله يضاعف الله تعالى ما دفعوه وأنفقوه في الدنيا ولهم أجرهم العظيم
في الآخرة. و «المتصدق» اسم فاعل للفعل «تصدق» بمعنى : أعطى .. والمتصدق : هو
المعطي .. ومن الألفاظ التي تضعها العامة غير موضعها قولهم : فلان يتصدق ـ إذا سأل
الناس ـ قال ابن قتيبة : ذلك غلط. إنما المتصدق هو المعطي. قال تعالى في سورة «يوسف»
: (فَأَوْفِ لَنَا
الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) بمعنى : فأتم لنا الكيل وتصدق علينا : أي أعطنا ..
ومثله قوله تعالى في سورة «الحديد» أما «الصديق» فهو من صيغ المبالغة أي الكثير
التصديق والملازم للصدق الكامل في الصدق وهو لقب أبي بكر .. أحد الخلفاء الراشدين.
قال الرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «أصحابي بأيهم اقتديتم اهتديتم».
** (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ
أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة عشرة
.. و «الشهداء» هم الذي قتلوا في سبيل الله وتأتي بمعنى : القائمون بالشهادة على
الأمم. يوم القيامة .. والشهداء لهم المنزلة الثالثة عند الله تعالى .. جاء رجل
إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟
قال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : لا تعطه مالك. قال أرأيت إن قاتلني؟ قال : قاتله.
قال : أرأيت إن قتلني؟ قال : فأنت
شهيد. قال : أرأيت إن قتلته؟ قال : هو في النار. وقال ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في شهداء أحد : زملوهم بدمائهم ولا تغسلوهم فإنه ما
من جريح يجرح في سبيل الله إلا وهو يأتي يوم القيامة وأوداجه تشخب ـ تجري ـ دما.
اللون لون الدم والريح ريح المسك. والأوداج : جمع «ودج» وهو عرق يقطعه الذابح فلا
يبقى معه حياة .. ويقال في الجسد : عرق واحد حيثما قطع مات صاحبه وله في كل عضو
اسم فهو في العنق «الودج والوريد أيضا» وفي الظهر : النياط : وهو عرق ممتد فيه.
والأبهر : وهو عرق مستيطن الصلب والقلب متصل به و «الوتين» في البطن .. و «النسا»
في الفخذ و «الأبجل» في الرجل .. و «الأكحل» في اليد و «الصافن» في الساق. وقيل :
الوريد : عرق كبير يدور في البدن و «الودجان» : عرقان غليظان يكتنفان ثغرة النحر
يمينا ويسارا.
** (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا
لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ
وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العشرين .. و
«كمثل» معناه : مثلها كمثل مطر أعجب الزراع نباته وخضرته .. قال صاحب «التفسير
الوجيز» سمي الزراع كفارا لأنهم يسترون الحب في التراب كما يستر الكافر نور
الإيمان .. يقال : عجب منه ـ يعجب ـ عجبا .. من باب «طرب» والاسم هو العجب والعجب
.. بفتح العين وضمها مع تسكين الجيم .. والثاني أي «العجب : هو أصل الذنب ـ بفتح
النون ـ أما كلمة «العجب» بفتح العين والجيم فهي الأمر الذي يتعجب منه ومثله «العجاب»
و «الأعجوبة» وقيل : لا يجمع «عجب» ولا «عجيب» وقيل : جمع «عجيب» هو : عجائب ..
وقولهم : أعاجيب كأنه جمع «أعجوبة» مثل «أحدوثة» و «أحاديث» وقيل : جمع «عجيب» هو «عجائب»
وقال الشاعر :
ألا يا قوم
للعجب العجيب
|
|
وللغفلات
تعرض للأريب
|
الغفلات : جمع «غفلة»
وهي إهمال الأمر وترك الأخذ باليقظة والتنبه للحوادث .. والأريب : هو العاقل
المجرب العالم بعواقب الأمور .. ويكثر استعمال «الأريب» مع كلمة «الأديب».
** (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ
وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية
والعشرين .. العرض ـ بفتح العين : هو خلاف الطول يقال : عرض الشيء ـ عرضا وعراضة :
أي اتسع عرضه وهو تباعد حاشيته فهو عريض وجمعه : عراض. والعرض ـ بكسر العين ـ هو
ما يفتخر به الإنسان من حسب أو شرف أي ما يصونه من نفسه أو من يلزمه أمره. يقال :
أكرمت عنه عرضي : بمعنى : صنت عنه نفسي .. وفلان نقي العرض : أي بريء من العيب ..
أما «العرض» بفتح العين والراء ـ فهو ما يعرض للإنسان من مرض ومنه قولهم : فعله
عرضا : بمعنى : من دون روية أو قصد والتعريض هو خلاف التصريح .. يقال : عرضت له
وبه تعريضا : إذا قلت قولا وأنت تعنيه .. بمعنى : إذا سألت رجلا : هل رأيت فلانا
وقد رآه ويكره أن يكذب فيقول : إن فلانا ليرى .. فيجعل كلامه معراضا فرارا من
الكذب .. وهذا هو معنى المعاريض في الكلام .. ومنه قولهم : إن في المعاريض لمندوحة
عن الكذب .. أي سعة وفسحة ويسمى هذا النوع من الكلام في البلاغة : التورية.
** (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية
والعشرين .. بمعنى : ما أصابكم .. وقد ذكر الفعل «أصاب» مع الفاعل «مصيبة» لأنه
على معنى : مصاب.
** (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ
النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة
والعشرين .. يقال : بخل ـ يبخل ـ بخلا .. من بابي : تعب .. وقرب .. وقيل : من بابي
: فهم وطرب والاسم : البخل ـ على وزن فلس ـ فهو بخيل وجمعه : بخلاء .. والبخل : ضد
الجود والسخاء وبخيل ـ اسم فاعل .. فعيل بمعنى فاعل ـ أي باخل .. ومن مترادفات «البخل»
لفظتا «الضن» و «الشح» بكسر الضاد والشين وبضم الشين ويجوز فتح الضاد وقد جمع
الشاعر أبو تمام بين الفعل «ضن» وبين اسم الفاعل للفعل «بخل» بقوله :
وإن امرأ ضنت
يداه على امرئ
|
|
بنيل يد من
غيره لبخيل
|
** (وَأَنْزَلْنَا
الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخامسة
والعشرين المعنى تالله لقد أرسلنا رسلنا بالمعجزات إلى الأمم وأنزلنا معهم الكتب
السماوية وأنزلنا الميزان أي العدل وأوجدنا الحديد .. والمراد بالحديد في الآية
المذكورة هو استعمال الأسلحة في مجاهدة الكفار أعداء الدين أو استعمال السيوف
والرماح وسائر أنواع السلاح. قيل : نزل آدم من الجنة ومعه خمسة أشياء من حديد :
السندان والكلبتان والميقعة ـ أي المطرقة أو خشبة يدق عليها أو المسن الطويل الذي
يحدد به ـ والمطرقة والإبرة .. وروي : ومعه المر والمسحاة أي الحبل والمسحاة ..
وعن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : إن الله تعالى أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض
.. أنزل الحديد والنار والماء والملح. وقوله «أنزلنا الحديد» معناه : أوجدناه أو
خلقناه كقوله عزوجل في سورة «الزمر» : (وَأَنْزَلَ لَكُمْ
مِنَ الْأَنْعامِ) أما قوله تعالى : «فيه بأس شديد» فمعناه : القتال ..
وقوله «منافع للناس» معناه : منافع في مصالحهم ومعايشهم وصنائعهم فما من صناعة إلا
والحديد آلة فيها أو يعمل بالحديد. ونقول يسير القطار على «سكك حديد» ولا نقول على
«سكك حديدية» بل نقول على السكك الحديدية مع ياء النسب كما نقول : حجر الأساس
والحجر الأساسي ونقول سكة الحديد ولا نقول : ركب المسافر القطار أو عربات القطار
لأنه لا يركب القطار كله أو العربات كلها.
** (وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ
يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة
والعشرين. المعنى : وأن الفضل في ملكه وتصرفه سبحانه وقدرته لأن «اليد» تطلق على
القدرة نحو قوله تعالى في سورة «التوبة» : (حَتَّى يُعْطُوا
الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) بمعنى : عن قدرة عليهم وغلب كقولهم : أعطى بيده بمعنى :
انقاد واستسلم. ووردت لفظة «يد» في شعر أحمد شوقي في مديح جراح مصري شهير .. فقال
:
يد إبراهيم
لو جئت لها
|
|
بذبيح الطير
عاد الطيرانا
|
لو أتت قبل
نضوج الطب ما
|
|
وجد التنويم
عونا فاستعانا
|
ويقال : الدار
في يد فلان : بمعنى : هي في ملكه. والقوم يد على غيرهم : أي إنهم مجتمعون متفقون.
(أَلَمْ يَأْنِ
لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ
الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ
عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ)
(١٦)
(أَلَمْ يَأْنِ) : الهمزة همزة استفهام لفظا وهمزة تقرير معنى. لم : حرف
نفي وجزم وقلب. يأن : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة ..
الياء ـ وبقيت الكسرة دالة عليه .. بمعنى : ألم يجىء أو يحن .. من «أنى الأمر ـ يأني
.. كرمى يرمي .. إذا جاء إناه : أي وقته. بمعنى : حان.
(لِلَّذِينَ آمَنُوا) : اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في
محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيأني. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول
لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في
محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : ألم يأت الوقت للمؤمنين لأن تخشع قلوبهم ..
فيكون الفاعل محذوفا ..
(أَنْ تَخْشَعَ
قُلُوبُهُمْ) : حرف مصدري ناصب. تخشع : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة
نصبه الفتحة. قلوب : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل
جر مضاف إليه. والجملة الفعلية «تخشع قلوبهم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما
بعدها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل «يأني» أو في محل جر باللام.
(لِذِكْرِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بتخشع. الله لفظ الجلالة مضاف إليه
مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.
(وَما نَزَلَ مِنَ
الْحَقِ) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل
جر لأنه معطوف على مجرور أي لذكر الله ولما نزل من الحق وهو القرآن. نزل : فعل ماض
مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «نزل من
الحق» صلة الموصول لا محل لها. من الحق : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم
الموصول «ما» التقدير : حال كونه من الحق.
(وَلا يَكُونُوا
كَالَّذِينَ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. يكونوا : فعل
مضارع ناقص معطوف على «تخشع» منصوب مثله وعلامة نصبه حذف
النون. الواو ضمير متصل في محل رفع اسمه والألف فارقة. الكاف حرف جر
للتشبيه. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالكاف والجار والمجرور
متعلق بخبر «يكونوا» أو تكون الكاف اسما بمعنى «مثل» مبنيا على الفتح في محل نصب
خبر «يكون» والاسم الموصول «الذين» في محل جر مضاف إليه.
(أُوتُوا الْكِتابَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض
مبني للمجهول مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة.
الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. الكتاب : مفعول به منصوب
وعلامة نصبه الفتحة.
(مِنْ قَبْلُ) : حرف جر. قبل : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة
في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأوتوا أي من قبلهم.
(فَطالَ عَلَيْهِمُ
الْأَمَدُ) : الفاء استئنافية. طال : فعل ماض مبني على الفتح. على
: حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعلى .. والجار والمجرور متعلق بطال.
الأمد : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : طال عليهم الزمان بينهم وبين أنبيائهم.
(فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) : الفاء عاطفة للتسبيب. قست : فعل ماض مبني على الفتح
المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصال الفعل بتاء التأنيث
الساكنة والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الإعراب. قلوبهم : أعرب. بمعنى
: طال عليهم الدهر أو الزمان بينهم وبين أنبيائهم وصلبت قلوبهم ولم تلن لذكر الله.
(وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ
فاسِقُونَ) : الواو استئنافية. كثير : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة.
من : حرف جر بياني و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بصفة
محذوفة من «كثير». فاسقون : خبر المبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون
عوض من تنوين المفرد وحركته.
(اعْلَمُوا أَنَّ
اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ
لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
(١٧)
(اعْلَمُوا أَنَّ
اللهَ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال
الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه
بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «أن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة و «أن»
وما بعدها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «اعلموا».
(يُحْيِ الْأَرْضَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن» وهي فعل مضارع
مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. الأرض : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(بَعْدَ مَوْتِها) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق
بيحيي وهو مضاف. موت : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «ها»
ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان.
(قَدْ بَيَّنَّا) : حرف تحقيق. بين : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بالضمير «نا» و «نا» ضمير متصل ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع مبني على
السكون في محل رفع فاعل بمعنى : يحيي الأرض بالماء والنبات قد وضحنا ..
(لَكُمُ الْآياتِ) : جار ومجرور متعلق ببينا والميم علامة جمع الذكور حرك
بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الآيات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا
من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.
(لَعَلَّكُمْ
تَعْقِلُونَ) : حرف مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل بمعنى «لكي» وهو من
أخوات «إن» الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل»
والميم علامة جمع الذكور. تعقلون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل
مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.
(إِنَّ
الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ
لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ)
(١٨)
(إِنَّ
الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. المصدقين : اسم «إن»
منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.
أي المتصدقين والمتصدقات أدغمت التاء في الصاد فحصل التشديد ـ تشديد الصاد ـ والمصدقات
: معطوفة بالواو على «المصدقين» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الكسرة بدلا من الفتحة
لأنها جمع مؤنث سالم.
(وَأَقْرَضُوا اللهَ) : الواو عاطفة. أقرضوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله
بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الله لفظ الجلالة :
مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.
(قَرْضاً حَسَناً) : مصدر ـ مفعول مطلق ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة أو يكون مفعولا به على المعنى أي يسلفه مالا حسنا أو هو مصدر في موضع
المفعول. حسنا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قرضا» منصوب بالفتحة المنونة.
(يُضاعَفُ لَهُمْ) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ونائب الفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر
باللام والجار والمجرور متعلق بيضاعف. والجملة الفعلية «يضاعف لهم» في محل رفع خبر
«إن» بمعنى : يضاعف الله لهم ما دفعوه في الدنيا أضعافا مضاعفة.
(وَلَهُمْ أَجْرٌ
كَرِيمٌ) : الواو استئنافية. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين
في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع خبر مقدم. أجر : مبتدأ مؤخر مرفوع
بالضمة المنونة. كريم : صفة ـ نعت ـ لأجر مرفوع مثله بالضمة المنونة.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا
بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ
لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا
أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ)
(١٩)
(وَالَّذِينَ آمَنُوا) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في
محل رفع مبتدأ. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني
على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.
(بِاللهِ وَرُسُلِهِ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بآمنوا. الواو عاطفة. ورسله
: اسم مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني على الكسر
في محل جر مضاف إليه.
(أُولئِكَ هُمُ
الصِّدِّيقُونَ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين». أولاء
: اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. هم : ضمير منفصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ ثان وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. الصديقون
: خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته
والجملة الاسمية «هم الصديقون» في محل رفع خبر المبتدأ الأول «أولئك».
(وَالشُّهَداءُ عِنْدَ
رَبِّهِمْ) : معطوف بالواو على «الصديقون» مرفوع مثله وعلامة رفعه
الضمة. عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق
بالشهداء ـ على ـ تأويل فعله ـ بمعنى والشهداء يقومون بالشهادة على الأمم يوم
القيامة عند ربهم : رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم»
ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه ثان. ويجوز وقوف القول عند «الصديقون»
فتكون كلمة «الشهداء» مبتدأ وخبره الجملة الاسمية «لهم أجرهم» في محل رفع لأنهم
المضحون في سبيل الله وإعلاء دينه.
(لَهُمْ أَجْرُهُمْ
وَنُورُهُمْ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر ثان للمبتدإ «أولئك»
وعلى الوجه الثاني من إعراب «الشهداء» تكون الجملة الاسمية في محل نصب حالا من «الصديقين
والشهداء» اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور
متعلق بخبر مقدم.
أجر : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين
ـ في محل جر مضاف إليه. ونورهم : معطوف بالواو على «أجرهم» ويعرب إعرابه بمعنى :
لهم مثل أجر الصديقين والشهداء ومثل نورهم. أي ولهم نورهم الذي ينير لهم الطريق
إلى الجنة.
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا
وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) : معطوف بالواو على «الذين آمنوا بالله» ويعرب إعرابه
مع الفارق في المعنى. والجملة الفعلية «وكذبوا» معطوفة بالواو على جملة «كفروا»
وتعرب مثلها و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
(أُولئِكَ أَصْحابُ
الْجَحِيمِ) : يعرب إعراب «أولئك هم الصديقون» لأن «أصحاب» خبر
مبتدأ محذوف تقديره : هم.
(اعْلَمُوا أَنَّمَا
الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ
فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ
ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ
شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ
مَتاعُ الْغُرُورِ)
(٢٠)
(اعْلَمُوا أَنَّمَا) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال
الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أنما : كافة ومكفوفة
والجملة الاسمية بعدها سدت مسد مفعولي «اعلموا».
(الْحَياةُ الدُّنْيا) : مبتدأ مرفوع بالضمة. الدنيا : صفة ـ نعت ـ للحياة
مرفوعة مثلها بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.
(لَعِبٌ وَلَهْوٌ) : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. ولهو : معطوف
بالواو على «لعب» مرفوع مثله بالضمة المنونة.
(وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ
بَيْنَكُمْ) : معطوفان بواوي العطف على «لعب» مرفوعان مثله بالضمة
المنونة. بينكم : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق
بتفاخر. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه
والميم علامة جمع الذكور بمعنى : تفاخر بالأنساب بينكم.
(وَتَكاثُرٌ فِي
الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) : يعرب إعراب «تفاخر بينكم». في الأموال : جار ومجرور
متعلق بتكاثر أو بصفة محذوفة منها. والأولاد : معطوف بالواو على «الأموال» ويعرب
مثله.
(كَمَثَلِ غَيْثٍ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع صفة
ـ نعت ـ لتفاخر أو يكون في محل رفع أيضا خبرا ثانيا للحياة. مثل : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : مثل مطر نزل من السماء فأحيا الأرض :
غيث : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة أو يكون الكاف حرف خطاب
للتشبيه فيكون الجار والمجرور «كمثل» متعلقا بصفة محذوفة من «تفاخر» أو بخبر ثان
للحياة.
(أَعْجَبَ الْكُفَّارَ
نَباتُهُ) : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ لغيث وهي فعل
ماض مبني على الفتح. الكفار : مفعول به مقدم منصوب وعلامة نصبه الفتحة. نباته :
فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
(ثُمَّ يَهِيجُ) : حرف عطف يفيد التراخي. يهيج : فعل مضارع مرفوع بالضمة
والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي النبات.
(فَتَراهُ مُصْفَرًّا) : الفاء استئنافية. تراه : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه
الضمة المقدرة للتعذر على الألف والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والهاء
ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. مصفرا : حال من الضمير الهاء في «تراه»
منصوب بالفتحة المنونة بمعنى ثم يجف فيصفر بعد جفافه.
(ثُمَّ يَكُونُ
حُطاماً) : حرف عطف. يكون : فعل مضارع ناقص مرفوع بالضمة واسمه
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. حطاما : خبر «يكون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة
المنونة بمعنى ثم يكون فتاتا مهشما.
(وَفِي الْآخِرَةِ
عَذابٌ) : الواو استئنافية. في الآخرة : جار ومجرور متعلق بخبر
مقدم. عذاب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.
(شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ) : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع مثله بالضمة المنونة. ومغفرة
: معطوفة بالواو على «عذاب» مرفوعة مثله بالضمة المنونة بمعنى وفي الدار الآخرة
عذاب شديد لمن كفر بالله وعصى رسوله.
(مِنَ اللهِ
وَرِضْوانٌ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بمغفرة أو بصفة محذوفة
منها. ورضوان : معطوف بالواو على «مغفرة» بمعنى رضوان لمن آمن بالله ورسله واتبع
النور الذي أنزله إليه.
(وَمَا الْحَياةُ
الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. الحياة
الدنيا : أعرب في بداية الآية. إلا : أداة حصر لا عمل لها. متاع : خبر المبتدأ
مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف. الغرور : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره
الكسرة. بمعنى إلا تمتع فيه اغترار بالخديعة ثم يزول ويفنى.
(سابِقُوا إِلى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ
أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ
مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)
(٢١)
(سابِقُوا إِلى
مَغْفِرَةٍ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال
الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. إلى مغفرة : جار ومجرور
متعلق بسابقوا بمعنى وسارعوا من الله بالتوبة.
(مِنْ رَبِّكُمْ
وَجَنَّةٍ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «مغفرة» الكاف ضمير
متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم علامة جمع
الذكور. وجنة : معطوفة بالواو على «مغفرة» مجرورة بالكسرة المنونة.
(عَرْضُها كَعَرْضِ) : الجملة الاسمية في محل جر صفة ـ نعت ـ لجنة. عرض :
مبتدأ مرفوع بالضمة. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. الكاف
اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع خبر المبتدأ. عرض : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.
(السَّماءِ
وَالْأَرْضِ) : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض
: معطوفة بالواو على «السماء» وتعرب مثلها.
(أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ) : الجملة الفعلية في محل جر صفة ثانية لجنة أو في محل
نصب حال منها بعد وصفها فاختصت بالإضافة وهي فعل ماض مبني للمجهول والتاء تاء
التأنيث الساكنة لا محل لها ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. اللام
حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق
بأعدت.
(آمَنُوا بِاللهِ
وَرُسُلِهِ ذلِكَ) : أعرب في الآية الكريمة التاسعة عشرة. ذا : اسم إشارة
مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام زائدة للبعد. والكاف حرف خطاب بمعنى :
ذلك الموعود من المغفرة والجنة.
(فَضْلُ اللهِ) : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة : مضاف
إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.
(يُؤْتِيهِ مَنْ
يَشاءُ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الفضل» وهي فعل
مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه
جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل نصب مفعول به أول. من :
اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان. يشاء : الجملة الفعلية صلة
الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير من
يشاؤه من عباده المؤمنين.
(وَاللهُ ذُو) : الواو عاطفة. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم
بالضمة. ذو : خبر المبتدأ مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف.
(الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. العظيم
: صفة ـ نعت ـ لفضل مجرور مثله وعلامة جره الكسرة .. وفضل الله : هو عطاؤه. وهو
سبحانه صاحب العطاء العظيم.
(ما أَصابَ مِنْ
مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ
أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ)
(٢٢)
(ما أَصابَ مِنْ
مُصِيبَةٍ فِي) : نافية لا عمل لها. أصاب : فعل ماض مبني على الفتح. من
: حرف جر زائد لتأكيد النفي. مصيبة : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه فاعل.
(الْأَرْضِ وَلا فِي
أَنْفُسِكُمْ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «مصيبة» الواو
عاطفة. لا : زائدة لتأكيد معنى النفي. في أنفس : جار ومجرور معطوف على «في الأرض»
ويعرب مثله. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف
إليه والميم علامة جمع الذكور بمعنى : ما أصابكم من جدب في الأرض ومرض في أنفسكم.
(إِلَّا فِي كِتابٍ) : حرف تحقيق بعد النفي. في كتاب : جار ومجرور متعلق
بحال محذوفة من «مصيبة» بعد تعريفها .. بمعنى إلا مكتوبة في كتاب أي ما أصابكم من
مصيبة في الأرض كجدب وحرب ولا في أنفسكم كمرض وآفة إلا معلوم لدينا أو مكتوب في
اللوح المحفوظ من قبل أن نخلقها.
(مِنْ قَبْلِ أَنْ
نَبْرَأَها) : جار ومجرور متعلق بمكتوبة. أن : حرف مصدري ناصب. نبرأ
: فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره :
نحن و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. أي من قبل أن نخلق
الأنفس أو المصائب. والجملة الفعلية «نبرأها» صلة حرف مصدري لا محل لها. و «أن»
المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر مضاف إليه أي من قبل برئها.
(إِنَّ ذلِكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ذا : اسم إشارة مبني على
السكون في محل نصب اسم «إن» اللام للبعد والكاف للخطاب.
(عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر «إن». يسير : خبر «إن»
مرفوع بالضمة المنونة أي سهل وهين.
(لِكَيْلا تَأْسَوْا
عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ
فَخُورٍ)
(٢٣)
(لِكَيْلا تَأْسَوْا) : اللام حرف جر. كي : حرف مصدري ناصب بمنزلة «أن». تأسوا
: فعل مضارع منصوب بكي وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة. و «لا» في «لكيلا» نافية لا عمل لها. والجملة الفعلية «تأسوا» صلة
حرف مصدري لا محل لها و «كي» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام
والجار والمجرور متعلق بفعل مقدر على المعنى .. أي نقول لكم إن كل ما أصابكم مكتوب
عند الله معلوم لكي لا تأسوا بمعنى : حتى لا تحزنوا أي أنكم إذا علمتم ذلك قل
أساكم.
(عَلى ما فاتَكُمْ) : حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر
بعلى والجار والمجرور متعلق بتأسوا. فاتكم : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل
لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو الكاف
ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع
الذكور.
(وَلا تَفْرَحُوا بِما
آتاكُمْ) : معطوف بالواو على «لا تأسوا على ما فاتكم» ويعرب مثله
وعلامة بناء الفعل «آتى» الفتحة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : على الفائت من
نعيم الدنيا والآتي منها والجار والمجرور «بما» متعلق بتفرحوا.
(وَاللهُ لا يُحِبُ) : الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع
للتعظيم بالضمة. لا : نافية لا عمل لها. يحب : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل
ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «لا يحب كل ..» في محل رفع خبر
المبتدأ.
(كُلَّ مُخْتالٍ
فَخُورٍ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. مختال : مضاف
إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. فخور : صفة ـ نعت ـ لمختال مجرور
مثله وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى كل معجب بنفسه أو من يمشي متكبرا.
(الَّذِينَ
يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ
هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)
(٢٤)
(الَّذِينَ
يَبْخَلُونَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب بدل من «كل
مختال فخور» بتقدير : لا يحب الذين يبخلون أو يكون في محل نصب مفعولا به على الذم
بفعل محذوف تقديره : أذم أو يكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم الذين ..
أو يكون في محل رفع مبتدأ ويكون خبره محذوفا دلت عليه جملة الشرط وجوابه بما أفادت
من معنى. يبخلون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والجملة الفعلية «يبخلون» صلة الموصول لا محل لها بمعنى : يبخلون بما يجب عليهم.
(وَيَأْمُرُونَ
النَّاسَ بِالْبُخْلِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يبخلون»
وتعرب إعرابها. الناس : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بالبخل : جار ومجرور
متعلق بيأمرون.
(وَمَنْ يَتَوَلَ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون
في محل رفع مبتدأ. وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبره. يتول : فعل مضارع فعل
الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الألف المقصورة ـ وبقيت
الفتحة دالة على الألف المحذوفة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى :
ومن يعرض أو يصد عن أوامر الله ونواهيه. أو من يعرض عن الإنفاق.
(فَإِنَّ اللهَ) : الجملة مع خبر «إن» جواب شرط جازم مقترن بالفاء في
محل جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ
الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.
(هُوَ الْغَنِيُّ
الْحَمِيدُ) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الغني :
خبر «هو» مرفوع بالضمة. الحميد : صفة ـ نعت ـ للغني أو خبر ثان للمبتدإ «هو» مرفوع
بالضمة والجملة الاسمية «هو الغني الحميد» في
محل رفع خبر «إن» ويجوز أن يكون «هو» ضمير فصل ـ عمادا ـ زائدا لا محل لها
من الإعراب للتوكيد فيكون «الغني الحميد» خبري «إن» والحميد من صيغ المبالغة ـ فعيل
بمعنى مفعول ـ بمعنى : فإن الله غني عنه محمود.
(لَقَدْ أَرْسَلْنا
رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ
النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ
لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ
قَوِيٌّ عَزِيزٌ)
(٢٥)
(لَقَدْ أَرْسَلْنا) : اللام لام الابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. أرسل :
فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بالضمير «نا» و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم
المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل.
(رُسُلَنا
بِالْبَيِّناتِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «نا» ضمير متصل
مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. بالبينات : جار ومجرور متعلق بأرسلنا أو
متعلق بحال من «الرسل» بمعنى محتجين بالمعجزات والحجج الواضحات.
(وَأَنْزَلْنا
مَعَهُمُ الْكِتابَ) : معطوفة بالواو على «أرسلنا الرسل» وتعرب إعرابها. مع
: ظرف مكان ـ مفعول فيه ـ متعلق بأنزلنا يدل على المصاحبة والاجتماع وهو مضاف و «هم»
ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه بمعنى وأنزلنا معهم الوحي ..
(وَالْمِيزانَ
لِيَقُومَ) : معطوف بالواو على «الكتاب» ويعرب مثله. اللام حرف جر
للتعليل. يقوم : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام ـ لام كي ـ وعلامة نصبه
الفتحة. والجملة الفعلية «يقوم الناس» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة
وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بأنزلنا.
(النَّاسُ بِالْقِسْطِ) : فاعل مرفوع بالضمة. بالقسط : جار ومجرور متعلق بيقوم
بمعنى ليقوم عليه الناس بالعدل.
(وَأَنْزَلْنَا
الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) : الجملة الفعلية معطوفة على جملة «أنزلنا الكتاب»
وتعرب مثلها. فيه : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. بأس : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة
المنونة. شديد : صفة ـ نعت ـ لبأس مرفوع مثله بالضمة المنونة والجملة الاسمية «فيه
بأس شديد» في محل نصب حال من «الحديد».
(وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) : معطوف بالواو على «بأس» مرفوع مثله بالضمة ولم ينون
آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن «مفاعل». للناس : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة
من «منافع».
(وَلِيَعْلَمَ اللهُ
مَنْ) : الواو عاطفة. ليعلم الله : يعرب إعراب «ليقوم الناس».
من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
(يَنْصُرُهُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع
مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على
الضم في محل نصب مفعول به بمعنى : من ينصر دينه ورسله في حال غيبته عنهم في
الدنيا.
(وَرُسُلَهُ
بِالْغَيْبِ) : الواو عاطفة. رسله : معطوف على الضمير «الهاء» في «ينصره»
منصوب بيعلم وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف
إليه. بالغيب : جار ومجرور في محل نصب حال بمعنى غائبا عنهم أي معتقدا بما وعده
الله من النصر والجنة وهي أمور مغيبة.
(إِنَّ اللهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن»
منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.
(قَوِيٌّ عَزِيزٌ) : خبرا «إن» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا
نُوحاً وَإِبْراهِيمَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ
فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ)
(٢٦)
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا
نُوحاً) : يعرب إعراب «لقد أرسلنا رسلنا» في الآية الكريمة
السابقة بمعنى رسولا إلى قومه.
(وَإِبْراهِيمَ
وَجَعَلْنا) : معطوف على «نوحا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة ولم
ينون لأنه ممنوع من الصرف للعجمة وصرف «نوحا» لأنه اسم ثلاثي أوسطه ساكن. وجعلنا :
معطوفة بالواو على «أرسلنا» وتعرب مثلها.
(فِي ذُرِّيَّتِهِمَا
النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ) : جار ومجرور في مقام مفعول «جعلنا» الثاني أو يكون في
محل نصب حالا من النبوة والكتاب لأنه متعلق بصفة مقدمة منهما. الهاء ضمير متصل في
محل جر مضاف إليه و «ما» علامة التثنية. والكتاب : معطوف بالواو على «النبوة»
منصوب مثلها وعلامة نصبه الفتحة أي والكتب السماوية.
(فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ) : الفاء استئنافية. من : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين
في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم محذوف. مهتد : مبتدأ مؤخر مرفوع
بالضمة المنونة المقدرة على الياء المحذوفة تخلصا من التقاء الساكنين ولأنه اسم
منقوص نكرة بمعنى : مهتد إلى الإيمان.
(وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ
فاسِقُونَ) : الواو عاطفة. كثير : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة.
منهم : أعرب والجار والمجرور «منهم» متعلق بصفة محذوفة من «كثير» و «من» حرف جر
بياني. فاسقون : خبر المبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين
المفرد وحركته.
(ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى
آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ
الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً
وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ
اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ
أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ)
(٢٧)
(ثُمَّ قَفَّيْنا) : حرف عطف. قفى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله
بالضمير «نا» و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع
فاعل بمعنى : ثم أتبعناهم برسل أي أتبعنا رسولا برسول.
(عَلى آثارِهِمْ
بِرُسُلِنا) : جار ومجرور متعلق بقفينا. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير
الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه. برسل : جار ومجرور متعلق بقفى و «نا» ضمير متصل
مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.
(وَقَفَّيْنا بِعِيسَى) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «قفينا على الآثار»
وتعرب مثلها وعلامة جر الاسم «عيسى» الفتحة المقدرة على الألف للتعذر بدلا من
الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة بمعنى وعقبناهم بعيسى.
(ابْنِ مَرْيَمَ) : بدل من «عيسى» أو صفة له مجرور مثله وعلامة جره
الكسرة وهو مضاف. مريم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من
الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة أي وعقبناهم بعيسى.
(وَآتَيْناهُ
الْإِنْجِيلَ) : الجملة : تعرب إعراب «قفينا» الثانية والهاء ضمير
متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول. الإنجيل : مفعول به
ثان منصوب بآتى وعلامة نصبه الفتحة.
(وَجَعَلْنا فِي
قُلُوبِ) : الواو عاطفة. جعلنا : تعرب إعراب «قفينا». في قلوب :
جار ومجرور متعلق بجعلنا.
(الَّذِينَ
اتَّبَعُوهُ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه.
اتبعوه : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم
لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل
نصب مفعول به.
(رَأْفَةً وَرَحْمَةً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. ورحمة :
معطوفة بالواو على «رأفة» وتعرب مثلها.
(وَرَهْبانِيَّةً
ابْتَدَعُوها) : تعرب إعراب «ورحمة». ابتدعوها : الجملة الفعلية في
محل نصب صفة ـ نعت ـ لرهبانية وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.
الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب
مفعول به بمعنى : مبتدعة معنى : وأحدثوا رهبانية وهي المبالغة في العبادة مع
العزلة.
(ما كَتَبْناها
عَلَيْهِمْ) : الجملة الفعلية لا محل لها لأنها تفسيرية أو تكون في
محل نصب صفة ثانية لرهبانية ويجوز أن تكون في محل نصب حالا
لرهبانية بعد تخصيصها ـ تعريفها ـ بالوصف. ما : نافية لا عمل لها. كتبنا :
تعرب إعراب «قفينا» و «ها» أعرب في «ابتدعوها». على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين
في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بكتبنا.
(إِلَّا ابْتِغاءَ) : أداة استثناء. ابتغاء : مستثنى بإلا ـ استثناء منقطعا
ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف بمعنى : ولكنهم ابتدعوها ويجوز أن يكون بدلا
من الضمير «ها» في «كتبناها» أو تكون «إلا» أداة حصر لا عمل لها و «ابتغاء» مفعولا
لأجله ـ له ـ بمعنى : ما فرضناها نحن عليهم لعلة من العلل إلا ابتغاء رضوان الله.
(رِضْوانِ اللهِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو
مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.
(فَما رَعَوْها) : الفاء استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. رعوا : فعل
ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله
بواو الجماعة وبقيت الفتحة دالة على الألف المحذوفة والواو ضمير متصل في محل رفع
فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
(حَقَّ رِعايَتِها) : نائب عن المصدر ـ المفعول المطلق ـ منصوب وعلامة نصبه
الفتحة وهو مضاف. رعاية : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة الجر الكسرة وهو مضاف و
«ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان.
(فَآتَيْنَا الَّذِينَ) : الفاء عاطفة. آتينا : تعرب إعراب «قفينا». الذين :
اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.
(آمَنُوا مِنْهُمْ
أَجْرَهُمْ) : تعرب إعراب «اتبعوا رأفة» و «هم» في «أجرهم» ضمير
الغائبين في محل جر مضاف إليه. من : حرف جر بياني و «هم» ضمير الغائبين في محل جر
بمن والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من «الذين» أي حالة كونهم منهم.
(وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ
فاسِقُونَ) : أعرب في الآية السادسة والعشرين.
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ
مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
(٢٨)
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا) : أداة نداء. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها»
زائدة للتنبيه. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب بدل من «أي» على
الموضع أو في محل رفع على الحركة. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها
وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والألف فارقة.
(اتَّقُوا اللهَ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال
الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الله لفظ الجلالة : مفعول
به منصوب للتعظيم وعلامة نصبه الفتحة بمعنى اتقوه فيما نهاكم عنه.
(وَآمِنُوا
بِرَسُولِهِ) : معطوفة بالواو على «آمنوا» وتعرب مثلها. برسوله : جار
ومجرور متعلق بآمنوا والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
(يُؤْتِكُمْ
كِفْلَيْنِ) : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة جزمه حذف
آخره ـ حرف العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة المجانسة للياء دالة عليها والفاعل ضمير
مستتر فيه جوازا تقديره هو. أي الله سبحانه. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني
على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. كفلين : مفعول به ثان
منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : نصيبين
أو ضعفين نصيبا لإيمانكم بدينكم ونصيبا لإيمانكم بالإسلام.
(مِنْ رَحْمَتِهِ) : جار ومجرور متعلق بيؤتي ويجوز أن يكون متعلقا بصفة
محذوفة من «كفلين» والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه.
(وَيَجْعَلْ لَكُمْ) : معطوفة بالواو على «يؤت» وتعرب إعرابها وعلامة جزم
الفعل السكون. لكم : جار ومجرور متعلق بيجعل والميم علامة الجمع.
(نُوراً تَمْشُونَ
بِهِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. تمشون :
الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «نورا» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت
النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. به : جار ومجرور متعلق بتمشون بمعنى :
تمشون به يوم القيامة.
(وَيَغْفِرْ لَكُمْ) : معطوفة بالواو على «يجعل لكم» وتعرب إعرابها. بمعنى :
ويغفر لكم ما أسلفتم من الكفر والمعاصي أو يعف عنكم ما ارتكبتم من ذنوب.
(وَاللهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ) : الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع
للتعظيم وعلامة الرفع الضمة. غفور رحيم : خبرا المبتدأ مرفوعان وعلامة رفعهما
الضمة واللفظتان من صيغ المبالغة ـ فعول وفعيل بمعنى فاعل.
(لِئَلاَّ يَعْلَمَ
أَهْلُ الْكِتابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَأَنَّ
الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)
(٢٩)
(لِئَلَّا يَعْلَمَ) : أصلها. لأن لا. اللام حرف جر و «أن» حرف مصدري ناصب.
لا : زائدة مؤكدة لوجوب العلم و «يعلم» فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة.
والجملة الفعلية «يعلم أهل الكتاب» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما بعدها
بتأويل مصدر في محل جر باللام أي ليعلم أهل الكتاب وقرئ لكي يعلم ولكيلا يعلم ولأن
يعلم وليعلم .. وهذا دليل على زيادة «لا».
(أَهْلُ الْكِتابِ) : فاعل مرفوع بالضمة. الكتاب : مضاف إليه مجرور
بالإضافة وعلامة جره الكسرة.
(أَلَّا يَقْدِرُونَ) : أصلها : أن : المخففة من الثقيلة أي أنه بمعنى : أن
الشأن وفصل بين «أن» وبين الفعل الذي هو خبرها بحرف النفي و «أن» هنا ليست
ناصبة بل مخففة من «أن» الثقيلة وهي حرف مشبه بالفعل. لا : نافية لا عمل
لها. يقدرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل
والجملة الفعلية «لا يقدرون» في محل رفع خبر «أن» المخففة والجملة من اسم «أن»
وخبرها صلة «أن» لا محل لها و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل نصب سد مسد
مفعولي «يعلم».
(عَلى شَيْءٍ مِنْ
فَضْلِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بيقدرون. من فضل : جار ومجرور متعلق
بصفة محذوفة من «شيء». الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة
وعلامة الجر الكسرة بمعنى لا ينالون شيئا مما ذكر من فضل الله.
(وَأَنَّ الْفَضْلَ) : الواو عاطفة. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل الفضل
: اسم «أن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة.
(بِيَدِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بخبر «أن». الله لفظ الجلالة : مضاف
إليه مجرور للتعظيم بالكسرة أي في ملكه وتصرفه.
(يُؤْتِيهِ مَنْ
يَشاءُ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال وهي فعل مضارع مرفوع
بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والهاء
ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول. من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب
مفعول به ثان. يشاء : تعرب إعراب «يؤتي» وعلامة رفع الفعل الضمة الظاهرة في آخره.
والجملة الفعلية «يشاء» صلة الموصول لا محل لها بمعنى من يشاء ايتاءه الفضل من
عباده.
(وَاللهُ ذُو) : الواو عاطفة. الله لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع للتعظيم
وعلامة الرفع الضمة. ذو : خبر المبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء
الخمسة وهو مضاف.
(الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. العظيم
: صفة ـ نعت ـ للفضل مجرور مثله وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.
الفهرس
سورة
فصلت.................................................................... ٥
سورة الشورى.................................................................. ٧٠
سورة الزخرف................................................................. ١٣٥
سورة الدخان................................................................. ٢١٢
سورة الجاثية.................................................................. ٢٤٥
سورة الأحقاف............................................................... ٢٨٢
سورة محمد صلىاللهعليهوسلم.............................................................. ٣٣٦
سورة الفتح................................................................... ٣٨٤
سورة الحجرات................................................................ ٤٣٢
سورة ق..................................................................... ٤٦٢
سورة الذاريات................................................................ ٤٩٧
سورة الطور................................................................... ٥٣٤
سورة النجم.................................................................. ٥٦٥
سورة القمر................................................................... ٦٠٠
سورة الرحمن.................................................................. ٦٣٠
سورة الواقعة.................................................................. ٦٥٧
سورة الحديد.................................................................. ٦٩٣
|