سورة لقمان

معنى السورة : لقمان : هو لقمان بن باعورا ابن أخت أيوب أو ابن خالته .. كان من أولاد آزر وقد عاش ألف سنة وأدرك داود ـ عليه‌السلام ـ وأخذ منه العلم. كان لقمان يفتي قبل مبعث داود فلما بعث قطع الفتوى .. فسئل عن ذلك؟ فقال : ألا أكتفي إذا كفيت. وقيل : كان قاضيا. وأكثر الأقاويل أنه كان حكيما ولم يكن نبيا. وكان داود ـ عليه‌السلام ـ كثير التعبد أورث ابنه سليمان النبوة والملك دون سائر بنيه وكانوا تسعة عشر فكان سليمان شاكرا لنعمة الله. وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : لقمان لم يكن نبيا ولا ملكا ولكن كان راعيا أسود فرزقه الله العتق ورضي قوله ووصيته فقص أمره في القرآن لتمسكوا بوصيته. وقال عكرمة الشعبي : كان نبيا. وعن ابن المسيب : كان لقمان أسود من سودان مصر خياطا. وعن مجاهد : كان عبدا أسود غليظ الشفتين متشقق القدمين. وقيل : كان نجارا. وقيل : كان راعيا. وقيل : كان يحتطب لمولاه كل يوم حزمة. وعنه أنه قال لرجل ينظر إليه : إن كنت تراني غليظ الشفتين فإنه يخرج من بينهما كلام رقيق وإن تراني أسود فقلبي أبيض. وروي أن رجلا وقف عليه في مجلسه فقال : ألست الذي ترعى معي في كذا؟ قال : بلى. قال : ما بلغ بك ما أرى؟ قال : صدق الحديث والصمت عما لا يعنيني. وعن سعيد بن المسيب أنه قال لأسود : لا تحزن فإنه كان من خير الناس ثلاثة من السودان : بلال ومهجع ـ مولى عمر ـ ولقمان. واسم ابنه : أنعم. وقال الكلبي : أشكم. وقيل : كان ابنه وامرأته كافرين ما زال بهما حتى أسلما. وقيل إذا أطلقت كلمة «الحكيم» فإنما تنصرف إلى لقمان.

تسمية السورة : فقد خصه القرآن الكريم بسورة من سوره الكريمة فسماها باسمه أي إن الله تعالى كرم «لقمان» بذلك وذكر اسمه في آيتين كريمتين .. قال عزوجل : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما

يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) والآية الكريمة الأخرى هي قوله سبحانه : (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) صدق الله العظيم.

فضل قراءة السورة : عن نبي الإنسانية رسولنا الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنه قال : «من قرأ سورة «لقمان» كان له لقمان رفيقا يوم القيامة وأعطي من الحسنات عشرا بعدد من عمل بالمعروف ونهى عن المنكر» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

إعراب آياتها

(الم) (١)

هذه الأحرف الكريمة في هذه الآية الكريمة شرحت في سورة «يوسف».

(تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) (٢)

(تِلْكَ آياتُ) : تي : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف بتقدير : هذه تلك. اللام للبعد والكاف للخطاب أو تكون اللفظة كلها اسم إشارة مبنيا على الفتح في محل رفع أو يكون اسم الإشارة في محل رفع خبر «الم» أي آيات هذا المؤلف من الحروف المبسوطة تلك. آيات : بدل من «تلك» مرفوع بالضمة أو تكون «تلك» في محل رفع مبتدأ. وخبره الجملة الاسمية «هي آيات» في محل رفع وتكون «آيات» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هي بمعنى : هذه الآيات المذكورة في هذه السورة هي آيات القرآن المتصف بالحكمة.

(الْكِتابِ الْحَكِيمِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. الحكيم : صفة ـ نعت ـ للكتاب مجرور مثله وعلامة جره الكسرة بمعنى : الكتاب الظاهر إعجازه وحكمته المتصف بالحكمة.

(هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ) (٣)

(هُدىً وَرَحْمَةً) : حال من «الآيات» بمعنى : أنزلناها هدى أو يكون العامل فيها ما في اسم الإشارة «تلك» من معنى .. منصوب وعلامة نصبه الفتحة

المقدرة للتعذر على آخره ـ الألف المقصورة ـ قبل تنوينها ونونت الألف لأن الكلمة اسم مقصور ثلاثي نكرة. ورحمة : معطوفة بالواو على «هدى» منصوبة مثله وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة في آخرها بمعنى : أنزلناها هدى ورحمة للمحسنين قولا وعملا.

(لِلْمُحْسِنِينَ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «رحمة» أو بما فيها «تلك» من معنى الإشارة وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) (٤)

(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة ـ نعت ـ للموصوف «المحسنين» أو يكون منصوبا بفعل محذوف ـ أي في محل نصب ـ بفعل محذوف على المدح تقديره أعني الذين. يقيمون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الصلاة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى الذين يتقنون أركان الصلاة.

(وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) : معطوفة بالواو على جملة (يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) وتعرب إعرابها بمعنى : ويؤدون الزكاة.

(وَهُمْ بِالْآخِرَةِ) : الواو عاطفة. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. بالآخرة : جار ومجرور متعلق بخبر «هم».

(هُمْ يُوقِنُونَ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «هم» أو تكون «هم» مكررة للتوكيد وتكون الجملة الفعلية «يوقنون» في محل رفع خبر المبتدأ الأول «هم». يوقنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : يصدقون.

(أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٥)

(أُولئِكَ عَلى هُدىً) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. على هدى : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ

وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر قبل تنوينها لأنه اسم مقصور ثلاثي نكرة.

(مِنْ رَبِّهِمْ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «هدى» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : على طريق هدى من ربهم هم المهتدون بهداية ربهم أي على نور منهج ربهم.

(وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) : معطوف بالواو على «أولئك» ويعرب إعرابه. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ثان وحرك آخره بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ المفلحون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والجملة الاسمية (هُمُ الْمُفْلِحُونَ) في محل رفع خبر «أولئك».

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٦)

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ) : الواو استئنافية. من الناس : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر.

(يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. لهو : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الحديث : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) : اللام حرف جر للتعليل. يضل : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عن سبيل : جار ومجرور متعلق بيضل. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة والجملة الفعلية «يضل عن سبيل الله» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار

والمجرور متعلق بيشتري أي يختار حديث الباطل على حديث الحق .. وسبيل الله : هو الاسلام. أو دين الاسلام أو القرآن.

(بِغَيْرِ عِلْمٍ) : جار ومجرور متعلق بحال من ضمير «يشتري» أي يشتري بما له جهلا بالإثم أو غير عالم بالتجارة أي يشتري بغير بصيرة بالتجارة حيث يستبدل الضلال بالهدى. علم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(وَيَتَّخِذَها هُزُواً) : معطوفة بالواو على «يضل» وتعرب إعرابها. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به يعود على السبيل لأنها مؤنثة. هزوا : حال من الضمير «ها» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي استهزاء وسخرية.

(أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف للخطاب. والجملة الاسمية بعده في محل رفع خبره. لهم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. عذاب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. مهين : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع مثله بالضمة المنونة.

** (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة. أي أولئك الصادقون أو الموصوفون بما ذكر .. على طريق هدى أي هداية من ربهم .. فحذف النعت أو البدل المشار إليه «الصادقون» اختصارا لأن ما قبله دال عليه وحذف المضاف «طريق» وأقيم المضاف إليه «هدى» مقامه.

** (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة وفيه حذف مفعول «يضل» اختصارا. التقدير والمعنى : ليصد الناس عن دين الاسلام أو عن القرآن .. أي وبعض الناس من يشتري الأحاديث الملهية. وأضاف «اللهو» إلى «الحديث» أي إضافة الشيء إلى ما هو منه للتبيين كقولك : هذا باب ساج. بمعنى : من يشتري اللهو من الحديث لأن اللهو يكون من الحديث وغيره .. بمعنى : ما يلهي من الكلام .. كالأساطير وفضول الكلام والحكايات التي لا قيمة لها ليصد أو ليمنع الناس عن دين الله. وثمة احتمال آخر هو أن تكون الإضافة بمعنى «من» التبعيضية كأنه قيل : ومن الناس من يشتري بعض الحديث الذي هو اللهو منه. جاء في الحديث : الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش. والمراد بالحديث هنا : الحديث المنكر. وجاء الفعلان «يشتري» و «يضل» والفعل «يتخذ» أيضا .. مفرده على لفظ «من» وجيء بصيغة الجمع في قوله «أولئك لهم» على معنى «من» لأن «من» مفردة لفظا مجموع معنى.

** (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة .. و «البشارة» هنا بالشر لأنها مقيدة بمعناه وهو العذاب وإنما قال «فبشره» من باب التهكم .. وقوله (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) : كناية عن صممه عن سماع آيات الله بمعنى : كأن في أذنيه ثقلا ولا ثقل «وقر» فيهما. يقال : وقرت أذنه ـ تقر ـ وقرا : بمعنى : ثقلت عن السمع. والفعل من باب «فهم» و «الوقر» بفتح الواو وكسرها : هو الثقل في الأذن .. وقيل : بفتح الواو : هو الثقل في الأذن .. وبكسر الواو : هو الحمل. وقد وقرت أذنه : أي صمت.

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في رجل من قريش هو النضر بن الحارث اشترى جارية مغنية وكان يرسلها لتغني لكل من يريد الإسلام لصرفه عن ذلك .. وفي رواية : نزلت هاتان الآيتان الكريمتان ـ السادسة والسابعة ـ في بعض الناس .. اشترى كتبا فارسية فيها من خرافات الأقدمين وكان يقرؤها على الناس ويقول : يحدثكم محمد عن الأولين وأنا أفعل مثله. فنزلت الآيتان.

** (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العاشرة. المعني : وأوجد في الأرض جبالا رواسي أي رواسخ ثابتات فحذف الموصوف وحلت الصفة محله.

** (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً) : أي وأنزلنا من جهة السماء من السحاب مطرا فحذف المضاف «جهة» وأقيمت كلمة «السماء» أي أقيم المضاف إليه مقام المضاف.

** (هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية عشرة .. أي هذا الشيء المشاهد .. أو ما ذكر من مخلوقاته سبحانه هو خلق الله .. فحذف النعت ـ الصفة ـ أو البدل «المشار إليه» الشيء المشاهد .. ما ذكر كما حذف اسم الفاعلين «الظالمين» اختصارا لأن المعنى : الظالمون أنفسهم بسبب كفرهم.

** (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الثانية عشرة المعنى : ولقد أعطينا أو منحنا لقمان العلم وفقه الدين .. وقيل : لقد خير «لقمان» بين النبوة والحكمة .. فاختار الحكمة. وهذه العبارة الأخيرة لفتت انتباه أحد الأئمة فقال : وفي هذا بعد .. وذلك أن الحكمة داخلة في النبوة وقطرة من بحرها .. وأعلى درجات الحكمة تنحط عن أدنى درجات النبوة أو وأعلى درجات الحكماء تنحط عن أدنى درجات الأنبياء بما لا يقدر قدره. وليس من الحكمة اختيار الحكمة المجردة من النبوة.

** (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة وفيه حذف مفعول «لا تشرك» أي لا تشرك بالله أحدا من خلقه.

** (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الرابعة عشرة المعنى وأمرنا الإنسان وألزمناه أن يبر بوالديه. وعن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : إن أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه. قيل : يا رسول الله كيف يلعن الرجل والديه؟ قال : يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه. يدلنا هذا الحديث على أنه إذا كان التسبب في لعن الوالدين وسبهما من أكبر الكبائر فالتصريح بلعنهما وسبهما أشد. أما الفعل «يعظ» فهو مضارع الفعل «وعظ» والفعل «وصى» مضارعه : يوصي. يقال : أوصى له بشيء وأوصى إليه : بمعنى : جعله وصيه .. والاسم منه «الوصاية» بفتح الواو وكسرها و «أوصاه» مثل «وصاه توصية» وتواصى القوم : أن أوصى بعضهم بعضا. والوصي ـ فعيل بمعنى : مفعول وجمعه : أوصياء .. وأوصيته

بولده : بمعنى : استعطفته عليه. وأوصيته بالصلاة : بمعنى : أمرته بها. ولفظ التوصية مشترك بين التذكير والاستعطاف وبين الأمر فيتعين حمله على الأمر في معناه.

(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٧)

(وَإِذا تُتْلى) : الواو استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق ـ منصوب ـ بجوابه. تتلى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.

(عَلَيْهِ آياتُنا) : جار ومجرور متعلق بتتلى. آيات : نائب فاعل مرفوع بالضمة و «نا» ضمير الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «تتلى عليه آياتنا» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد إذا.

(وَلَّى مُسْتَكْبِراً) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. مستكبرا : حال من ضمير «ولى» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : وإذا قرأت عليه آياتنا أعرض عنها متكبرا لا يعبأ بها.

(كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من فاعل اسم الفاعل «مستكبرا» بمعنى : تشبه حاله حال من لم يسمعها وهو سامع أو تكون الجملة استئنافية لا محل لها. كأن : حرف مشبه بالفعل مخفف من «كأن» واسمه ضمير شأن محذوف والجملة الفعلية بعده «لم يسمعها» في محل رفع خبر كأن. وقد فصل بين «كأن» المخففة وخبرها بفاصل هو «لم» الجازمة الفعل المضارع لأن الخبر جملة فعلية فعلها متصرف. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يسمع : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من جملة «لم يسمعها» أو تكون استئنافية لا محل لها. كأن : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» يفيد التشبيه. في أذنيه : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «كأن» المقدم وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى وحذفت نونه للإضافة ـ أصله : أذنين ـ والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة. وقرا : اسم «كأن» المؤخر منصوب بالفتحة المنونة.

(فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) : الفاء سببية. بشره : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به. بعذاب : جار ومجرور متعلق ببشره. أليم : صفة ـ نعت ـ لعذاب مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة.

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ) (٨)

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : آمنوا بالله ورسوله وكتبه.

(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : معطوفة بالواو على «آمنوا» وتعرب إعرابها. الصالحات : مفعول به منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.

(لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن» اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. جنات : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. النعيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٩)

(خالِدِينَ فِيها) : حال من ضمير الغائبين في «لهم» أي من المؤمنين منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. فيها : جار ومجرور متعلق بخالدين.

(وَعْدَ اللهِ حَقًّا) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف تقديره : وعدهم الله بذلك وعدا وعلامة نصبه الفتحة لأنه مضاف. وهو مصدر مؤكد لنفسه. حقا : مصدر مؤكد لغيره لأن قوله : «لهم جنات النعيم» في معنى : وعدهم الله جنات النعيم فأكد معنى الوعد. وأما «حقا» فدال على معنى الثبات أكد به معنى الوعد ومؤكدهما جميعا قوله تعالى : «لهم جنات النعيم» وهو منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة لانقطاعه عن الاضافة ولفظ الجلالة : «الله» مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) : الواو استئنافية. هو : ضمير منفصل ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. العزيز الحكيم : خبران بالتتابع .. أي خبر بعد خبر للمبتدإ «هو» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة. أو يكون «الحكيم» صفة ـ نعتا ـ للعزيز أو يكون «الحكيم» خبر مبتدأ محذوف تقديره : وهو الحكيم.

(خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) (١٠)

(خَلَقَ السَّماواتِ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله سبحانه العزيز الحكيم. السموات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.

(بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «السموات» بمعنى : كائنة أو ثابتة في الفضاء أو علقها في الفضاء بغير أعمدة تسندها. عمد : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة وهي جمع «عمود» أو «عامود». ترونها : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ لعمد بمعنى : بغير عمد مرئية. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ) : معطوفة بالواو على جملة «خلق» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر. في الأرض : جار ومجرور متعلق بألقى.

(رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون آخرها لأنها اسم ممنوع من الصرف بمعنى : جبالا رواسخ. بمعنى خشية أو كراهة أن تميل بكم أو لئلا تضطرب أو تميل بكم أو بمعنى : لا. و «أن» حرف مصدري ناصب. تميد : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي. بكم : جار ومجرور متعلق بتميد والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «تميد بكم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر متعلق بمفعول لأجله محذوف بتقدير : كراهة ميدها أي ميلها بكم أو لئلا تميد بكم. وفي هذا التقدير زيدت اللام لإرادة الميل أو الميد أي اللام الأولى من «لئلا» بمعنى : إرادة أن لا تميد بكم. الأول هو قول البصريين أي «كراهة أن تميد بكم» والثاني هو قول الكوفيين أي «لئلا تميد بكم».

(وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «ألقى في الأرض» وتعرب إعراب «خلق» فيها من كل : جاران ومجروران متعلقان بالفعل «بث». دابة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ) : الواو عاطفة. أنزل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. «من السماء» : جار ومجرور متعلق بأنزلنا.

(ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. فأنبتنا : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على جملة «أنزلنا» وتعرب إعرابها. فيها : جار ومجرور متعلق بأنبتنا. أي في الأرض.

(مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) : جار ومجرور متعلق بصفة لمفعول «أنبتنا» المحذوف بتقدير : فأنبتنا نباتا من كل زوج كريم مثل قوله تعالى :

«وأرسلنا إلى أمم من قبلك» أي أرسلنا رسلا .. ويحتمل أن تكون «من» زائدة على لغة الكوفيين أو للبيان على لغة البصريين مثل قولنا : أكثرنا من الأكل والمفعول محذوف بتقدير : أكثرنا الفعل من الأكل. وهذا التقدير ينطبق أيضا على القول الكريم (وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ) بمعنى ونشر في الأرض من كل ما دب في الأرض من إنسان وحيوان. و «دابة» اسم فاعل من «دب» فهو داب. والهاء للمبالغة مثل «علامة». زوج : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. كريم : صفة ـ نعت ـ لزوج مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى من كل صنف كريم من النباتات.

(هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١١)

(هذا خَلْقُ اللهِ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. خلق : خبر «هذا» مرفوع بالضمة أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. والجملة الاسمية «هو خلق» في محل رفع خبر «هذا». الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور بالإضافة للتعظيم وعلامة الجر الكسرة بمعنى هذا الخلق هو خلق الله و «الخلق» هو المخلوق.

(فَأَرُونِي ما ذا) : الفاء استئنافية. أروني : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون نون الوقاية لا محل لها والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ في محل نصب مفعول به والجملة الاسمية بعده في محل نصب مفعول به ثان للفعل «أروا» المتعدي إلى مفعولين. ما ذا : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «خلق» لأن أسماء الاستفهام لها الصدارة في الكلام ويعمل فيها ما بعدها لا ما قبلها وثمة أوجه في إعراب «ما ذا» منها : أن تكون «ما» اسم استفهام مبنيا على السكون في محل رفع مبتدأ و «ذا» بمعنى «الذي» مبني على السكون في محل رفع خبر «ما» ويحتمل أن تعرب «ما» في محل نصب مفعولا به بالفعل «خلق» وتكون «ذا» مزيدة ـ زائدة ـ.

(خَلَقَ الَّذِينَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح وأعربت الجملة صلة الموصول في حالة إعراب «ذا» بمعنى «الذي». الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : ما الذي خلقه الذين.

(مِنْ دُونِهِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «الذين» و «من» حرف جر بياني التقدير : الذين تعبدونهم أي آلهتكم حالة كونهم من غير الله والهاء في «من دونه» يعود على لفظ الجلالة. أو يكون الجار والمجرور «من دونه» متعلقا بمحذوف تقديره : تعبدون. والجملة الفعلية «تعبدون من دونه» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضميرا محذوفا خطا واختصارا منصوبا محلا لأنه مفعول به. التقدير : تعبدونهم من دونه والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(بَلِ الظَّالِمُونَ) : حرف اضراب للاستئناف وكسر آخره لالتقاء الساكنين. الظالمون : مبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ. مبين : صفة ـ نعت ـ لضلال مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة.

(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) (١٢)

(وَلَقَدْ آتَيْنا) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. آتى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) : مفعولا «آتينا» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة ولم ينصرف «لقمان» أي لم ينون آخره لأنه اسم ممنوع من الصرف للمعرفة ولأنه منته بألف ونون زائدتين .. مثل «سليمان».

(أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) : حرف تفسير لا عمل له بمعنى : أي لأن إيتاء الحكمة في معنى القول بتقدير : آتيناه الحكمة أي قلنا له : اشكر الله وحرك نون «أن» الكسر لالتقاء الساكنين : اشكر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. لله : جار ومجرور للتعظيم متعلق باشكر بمعنى : اشكر الله ولكنه تعدى باللام وهو أفصح من تعدية الفعل بنفسه والجملة الفعلية «اشكر لله» تفسيرية لا محل لها أو على معنى : ألهمناه بأن اشكر.

(وَمَنْ يَشْكُرْ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. والجملة من فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ «من». يشكر : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والجملة الفعلية «يشكر» صلة الموصول لا محل لها والشكر هو الثناء على الله تعالى وطاعته.

(فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) : الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط. إنما : كافة ومكفوفة. يشكر : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لنفسه جار ومجرور متعلق بيشكر والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة بمعنى نفع الشكر راجع إليه.

(وَمَنْ كَفَرَ) : معطوف بالواو على «من» ويعرب إعرابه. كفر : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بمن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والجملة الفعلية «كفر» صلة الموصول لا محل لها.

(فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) : الجملة جواب شرط جازم مسبوق بإن مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. غني حميد : خبرا «إن» ـ خبر بعد خبر ـ مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة المنونة بمعنى : غني عن شكره أي غير محتاج إلى الشكر محمود أي جدير بالحمد بمعنى محمود بذاته.

(وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (١٣)

(وَإِذْ قالَ) : الواو استئنافية. إذ : اسم مبني على السكون في محل نصب بفعل محذوف تقديره : واذكر. قال : فعل ماض مبني على الفتح والجملة الفعلية «قال لقمان» في محل جر بالإضافة.

(لُقْمانُ لِابْنِهِ) : فاعل مرفوع بالضمة. لابنه : جار ومجرور متعلق بقال والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة.

(وَهُوَ يَعِظُهُ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. يعظه : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هو» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به.

(يا بُنَيَ) : أداة نداء. بني : منادى مضاف منصوب بأداة النداء وعلامة نصبه الفتحة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء وهو مضاف والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة وفتحت الياء اقتصارا عليه من الألف المبدلة من ياء الإضافة في قولك : يا بنيا وسقطت الياء والألف لالتقاء الساكنين وهي تصغير «ابن» وقرئ بفتح الياء وكسرها وهما لغتان .. مثل : يا أبت ويا أبت. والجملة الفعلية بعده «لا تشرك بالله» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(لا تُشْرِكْ بِاللهِ) : ناهية جازمة. تشرك : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية. وعلامة جزم الفعل سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بلا تشرك.

(إِنَّ الشِّرْكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل دال هنا على التعليل. الشرك : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة. ظلم : خبر «إن» مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة. عظيم : صفة ـ نعت ـ للموصوف «ظلم» مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة المنونة أيضا.

(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (١٤)

(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) : الواو اعتراضية والجملة الفعلية جملة اعتراضية لا محل لها أي اعترضت بين الآية الكريمة الثالثة عشرة والآية الكريمة السادسة عشرة أي من قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) إلى قوله عزوجل (فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) والجملة الفعلية (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) تعرب إعراب (آتَيْنا لُقْمانَ).

(بِوالِدَيْهِ) : جار ومجرور متعلق بوصينا. وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة ـ أصله : والدين ـ والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الكسر في محل جر بالإضافة.

(حَمَلَتْهُ أُمُّهُ) : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. أمه : فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «حملته أمه وما بعدها» في عامين «اعتراضية» بين المفسر «وصينا» والمفسر «أن أشكر ..».

(وَهْناً عَلى وَهْنٍ) : حال من «الأم» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. على وهن : جار ومجرور متعلق بحملت أو بصفة محذوفة من «وهنا» بمعنى : حملته في بطنها وهي تضعف ضعفا فوق ضعف أي يتزايد ضعفها ويتضاعف لأن الحمل كلما ازداد وعظم ازدادت هي ثقلا وضعفا ويجوز أن يكون «وهنا» منصوبا على المصدر ـ المفعول المطلق ـ بفعل من جنس المصدر بمعنى حملته تهن وهنا ..

(وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. فصاله : أي فطامه مبتدأ مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب

ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة. في عامين : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(أَنِ اشْكُرْ لِي) : أعرب في الآية الكريمة الثانية عشرة والجملة مفسرة لوصينا ويجوز أن تكون «أن» التفسيرية مصدرية مقدرا قبلها حرف جر بتقدير : ووصينا الإنسان بأن يشكر الله على خلقه أي بشكر الله فتكون «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلقا بوصينا وجملة «اشكر» صلة حرف مصدري لا محل لها والوجه الأول من الإعراب أصح.

(وَلِوالِدَيْكَ) : الواو عاطفة. لوالديك : جار ومجرور متعلق باشكر وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى وحذفت النون ـ أصله : والدين ـ للاضافة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.

(إِلَيَّ الْمَصِيرُ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم والياء ضمير الواحد المطاع سبحانه. المصير : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.

(وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٥)

(وَإِنْ جاهَداكَ) : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم. جاهداك : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن. الألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل والكاف ضمير المخاطب في محل نصب مفعول به.

(عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي) : حرف جر. أن : حرف مصدري ناصب. تشرك : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. بي : جار ومجرور متعلق بتشرك والجملة الفعلية «تشرك بي» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بجاهداك أي على الشرك بي.

(ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. ليس : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. لك : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «ليس» المقدم. به : جار ومجرور متعلق باسم «ليس». علم : اسم «ليس» مرفوع بالضمة المنونة والجملة الفعلية «ليس لك به علم» صلة الموصول لا محل لها.

(فَلا تُطِعْهُما) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم مقترن بالفاء مسبوق بنهي في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. لا : ناهية جازمة. تطعهما : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت ياء الفعل ـ أصله : تطيع ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين. الهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. و «ما» علامة التثنية.

(وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا) : الواو استئنافية. صاحب : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «هما» أعرب في «تطعهما». في الدنيا : جار ومجرور متعلق بصاحب وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر.

(مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ) : صفة ـ نعت ـ لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف تقديره : صحابا معروفا منصوب بالفتحة المنونة بمعنى صحابا فيه عطف واحتمال. واتبع : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «صاحب» وتعرب إعرابها.

(سَبِيلَ مَنْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. من : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(أَنابَ إِلَيَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إلي : جار ومجرور للتعظيم متعلق بأناب والياء ضمير الواحد المطاع سبحانه بمعنى : من تاب إلي.

(ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) : حرف عطف للتراخي. إلي : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر مقدم والياء ضمير الواحد المطاع سبحانه.

مرجعكم : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. الكاف ضمير المخاطبين في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(فَأُنَبِّئُكُمْ بِما) : الفاء استئنافية. أنبئ : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. الباء حرف جر .. و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بأنبئكم بمعنى فأخبركم بالذي.

(كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة الجمع. تعملون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : بما كنتم تعملونه أو تكون «ما» مصدرية فتكون «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلقا بأنبئ. التقدير : فأخبركم بعملكم فأجازيكم به.

(يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (١٦)

(يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ) : أعرب في الآية الكريمة الثالثة عشرة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» بمعنى إن الخصلة أو الفعلة من الإساءة أو الإحسان والجملة الشرطية من فعل الشرط وجوابه ـ جزائه ـ في محل رفع خبر «إن». إن : حرف شرط جازم.

(تَكُ مِثْقالَ) : فعل مضارع مجزوم بإن لأنه فعل الشرط وعلامة جزمه سكون آخره ـ أصله : تكون .. حذفت النون تخفيفا وهذا الحذف جائز

وحذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين وهذا الحذف واجب واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي. مثقال : خبر «تكن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف أي إن تكن هذه الخصلة وزن.

(حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. من خردل : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «حبة» و «من» حرف جر بياني بمعنى مثلا في الصغر و «الخردل» اسم نبات غاية في الصغر.

(فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على جملة «تكن» وتعرب إعرابها. في صخرة : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «تكن» بمعنى : مستقرة أو موجودة أو وجدت في صخرة. أو : حرف عطف للتخيير.

(فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ) : الجاران والمجروران معطوفان على «في صخرة» ويعربان إعرابه. أو الجار والمجرور «في الأرض» يكون معطوفا على «في السموات». يأت : فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء.

(بِهَا اللهُ) : جار ومجرور متعلق بيأت. الله لفظ الجلالة فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة والجملة الفعلية «يأت بها الله» جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها بمعنى : يأت بها الله يوم القيامة فيحاسب بها عاملها.

(إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة. والاسمان «لطيف خبير» : خبرا «إن» خبر بعد خبر مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة المنونة أي يعلم كل خفي عالم بسره.

** (وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الخامسة عشرة .. أي وإن جاهدك والداك أي وإن بذلا الجهد وحاولا حملك على الشرك في العبادة ما ليس بشيء يريد الأصنام من الآلهة أو بمعنى ما ليس بإله فيكون لك علم بالإلهية .. أي هو بحالة نفي المعلوم عبر عنه بنفي العلم.

** (فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) : أي فلا تطعهما فيما حاولا لأن الشرك ظلم ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق واعطف عليهما واحتملهما أي وصاحبهما صحابا معروفا فيه عطف واحتمال يقال : صحبه ـ يصحبه ـ صحابة ـ بفتح الصاد ـ من باب «سلم» وصحبة أيضا فهو صاحب ـ اسم فاعل ـ وجمعه : صحب ـ بفتح الصاد وسكون الحاء ـ وصحاب ـ بكسر الصاد ـ والأصحاب : جمع «صحب» و «الصحابة» هم الأصحاب. وهي في الأصل مصدر ولم يجمع «فاعل» على فعالة» إلا هذا الاسم فقط ويجمع «الأصحاب» على «أصاحيب» ويقال في النداء : يا صاح : أي يا صاحبي ولا يجوز ترخيم المضاف إلا في هذا وحده لأنه سمع من العرب مرخما وهذا النوع من الترخيم أي «يا صاح» بكسر الحاء يسمى لغة من ينتظر لأنه أبقي على كسر الحاء على الأصل وحذف الباء فقط. وسمي النبي يونس بن متى : ذا النون : أي صاحب الحوت. وقيل : كان لأبي الأسود الدؤلي امرأتان إحداهما عجوز طيبة العشرة .. حسنة التدبير تدعى أم عوف وهي التي يقول الشاعر فيها :

أبى القلب إلا أم عوف وحبها

عجوزا ومن يعشق عجوزا يفند

والامرأة الثانية لأبي الأسود الدؤلي شابة مليحة الوجه ولكنها متمردة تدعى فاطمة بنت دعمى .. تزوجها فتجنت عليه فهجاها بقوله :

تعاتبني عرسي على أن أطيعها

لقد كذبتها نفسها ما تمنت

وظنت بأني كل ما رضيت به

رضيت به يا جهلها كيف ظنت

وصاحبتها ما لو صحبت بمثله

على ذعرها أروية لاطمأنت

وقد غرها مني على الشيب والبلى

جنوني بها جنت حيالي وحنت

و «حنت» كلمة تقال اتباعا لجنت وتأكيدا لها. و «الأورية» هي أنثى «الوعل».

** (يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة عشرة وفيه حذف مفعول «أؤمر» أي وأمر الناس بالمعروف أي بالأمر الحسن.

** (وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) : أي واصبر على ما أصابك أي على المصائب والشدائد إن ذلك الامتثال لهذه الوصايا مما عزمه الله سبحانه من الأمور : أي قطعه .. فحذف النعت أو البدل المشار إليه «الامتثال لهذه الوصايا» لأن ما قبله يدل عليه وعزم الأمور : أصله : من معزومات الأمور أي مقطوعها ومفروضاتها وهو من تسمية المفعول بالمصدر وقيل : يجوز أن يكون مصدرا في معنى الفاعل. أصله : من عازمات الأمور أو من عزم أصحاب الأمور فحذف المضاف إليه الأول «أصحاب» وبقي المضاف إليه الثاني «الأمور».

** (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة .. المعنى : ولا تمل جانب خدك كما يفعل المتكبرون أو لا تعرض بوجهك عن الناس تكبرا عليهم أو لا تمل صدغك للناس وتلو صفحة خدك .. وقيل : أصل «الصعر» بفتح الصاد والعين .. هو داء يعتري البعير فيلوي عنقه. أو هو ميل ـ بفتح الياء ـ في العنق وانقلاب الوجه إلى أحد الشدقين والاسم «الصعر» مصدر الفعل «صعر» وهو من باب «تعب» والعبارة «تصعر خدك» كناية عن التكبر والمختال : هو المتبختر الكثير الخيلاء والفخور : الكثير الفخر. من صيغ المبالغة ـ فعول بمعنى فاعل ـ أي المباهي بالمال أو الشرف أو القوة والمرح : هو شدة الفرح والبطر وهو من باب «فرح» وزنا ومعنى وقيل : هو أشد من الفرح واسم الفاعل هو مرح.

** (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) : وتوسط أو واعتدل في مشيتك واخفض من صوتك. وقد وحد صوت الحمير ولم يقل : أصوات على الجمع لأن المراد أن كل جنس من الحيوان الناطق له صوت هذا الجنس وهو الحمير فوجب توحيده ولأن المراد ليس صوت كل واحد من آحاد هذا الجنس وهو الحمير حتى يجمع .. ويقال : قصد ـ يقصد ـ قصدا في الأمر : أي توسط من باب «ضرب» وصوت الحمير هو أنكر الأصوات : بمعنى : أقبح الأصوات لأن أوله زفير وآخره شهيق.

** (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة العشرين .. بمعنى يجادل في توحيد الله ـ وحدانيته ـ ووجوده بغير علم مستند إليه ولا هدى من الله أي أن أهل مكة قديما يجادل في وجود الله بغير دليل علمي وغيره ولا هداية من رسول وبغير كتاب منزل من الله ينير الطريق فحذف المضاف «توحيد» كما حذف مفعول اسم الفاعل «منير» وهو «الطريق».

** (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية والعشرين .. المعنى : فقد تمسك بحبل الله أو بالعهد الأوثق الموصول إلى رضوان الله. والعروة من الكوز : مقبضه وكل حلقة يقبض عليها. وجمعها : عرى. وقوله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «ذلك أوثق عرى الإيمان» على التشبيه بالعروة التي يستمسك بها ويستوثق.

** (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) : في هذا القول الكريم الوارد في آخر الآية الكريمة الخامسة والعشرين حذف مفعول «يعلمون» أي لا يعلمون ما لزوم الحجة.

(يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (١٧)

(يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ) : أعرب في الآية الكريمة الثالثة عشرة. أقم : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. وحرك الميم بالكسر لالتقاء الساكنين كما حذفت الياء ـ أصله : أقيم ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين. الصلاة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ) : الجملتان الفعليتان معطوفتان بواوي العطف على جملة «أقم» وتعربان إعرابها وعلامة بناء «اؤمر» السكون الظاهر وعلامة بناء «إنه» حذف آخره ـ حرف العلة الألف المقصورة ـ والجار والمجرور «بالمعروف» متعلق بالفعل «اؤمر» والجار والمجرور «عن المنكر» متعلق بالفعل «إنه» وكسر آخر «عن» لالتقاء الساكنين.

(وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ) : معطوفة بالواو على «أقم» وتعرب مثلها وعلامة بناء الفعل «أصبر» السكون الظاهر. على : حرف جر. ما : اسم موصول

مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق باصبر. أصابك : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.

(إِنَّ ذلِكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام للبعد والكاف للخطاب.

(مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن». الأمور : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) (١٨)

(وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تصعر : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. خدك : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. للناس : جار ومجرور متعلق بتصعر.

(وَلا تَمْشِ) : معطوفة بالواو على جملة «لا تصعر» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل حذف آخره ـ حرف العلة ـ الياء.

(فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) : جار ومجرور متعلق بلا تمش. مرحا : مصدر في موقع الحال من الضمير المستتر في «تمش» أي مرحا بكسر الراء أو هو مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل مضمر من جنسه أي ولا تمرح مرحا وعلامة نصبه الفتحة المنونة ويجوز أن يكون مفعولا لأجله بمعنى : ولا تمش لأجل المرح والبطر.

(إِنَّ اللهَ لا يُحِبُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل دال هنا على التعليل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. لا : نافية لا عمل لها. يحب : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر

فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «لا يحب كل مختال فخور» في محل رفع خبر «إن».

(كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. مختال : مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة المنونة. فخور : صفة ـ نعت ـ لمختال مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة.

(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) (١٩)

(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) : الواو عاطفة. اقصد : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والجار والمجرور «في مشيك» متعلق باقصد والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.

(وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) : الجملة معطوفة بالواو على جملة «اقصد في مشيك» وتعرب إعرابها.

(إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. أنكر : اسم «إن» منصوب بالفتحة. الأصوات : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ صوت : خبر «إن» مرفوع بالضمة. الحمير : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) (٢٠)

(أَلَمْ تَرَوْا) : الألف ألف تقرير معنى بلفظ استفهام لم : حرف نفي وجزم وقلب. تروا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(أَنَّ اللهَ سَخَّرَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «أن» منصوب للتعظيم بالفتحة. سخر : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى «ذلل» والجملة الفعلية «سخر»

وما بعدها في محل رفع خبر «أن» و «أن» وما بعدها بتأويل مصد سد مسد مفعولي «تروا».

(لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ) : جار ومجرور متعلق بسخر والميم علامة جمع الذكور. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. في السموات : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد .. استقر أو ما هو مستقر في السموات من الشمس والقمر والنجوم وغير ذلك. والجملة الفعلية «وجد في السموات» صلة الموصول لا محل لها.

(وَما فِي الْأَرْضِ) : معطوف بالواو على «ما في السموات» ويعرب إعرابه أي ما وجد في الأرض من البحار والأنهار والدواب.

(وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «سخر لكم» وتعرب إعرابها والجار والمجرور «عليكم» متعلق بأسبغ. نعمه : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة بمعنى : وأتم ..

(ظاهِرَةً وَباطِنَةً) : حال من «النعم» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وباطنة : معطوفة بالواو على «ظاهرة» وتعرب مثلها.

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ) : الواو استئنافية. من الناس : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر والجملة الفعلية بعده «يجادل ..» صلة الموصول لا محل لها.

(يُجادِلُ فِي اللهِ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. في الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بيجادل.

(بِغَيْرِ عِلْمٍ) : جار ومجرور في محل نصب حال من ضمير «يجادل» بمعنى : جاهلا أو غير عالم أي جاهلا لا يسند جداله بينة. علم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(وَلا هُدىً) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد جهله. هدى : معطوف على «علم» مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المقدرة للتعذر على آخره ـ الألف

المقصورة ـ قبل تنوينها لأنه اسم نكرة مقصور ثلاثي بمعنى غير مهدي من الله.

(وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) : يعرب إعراب «ولا هدى» وعلامة جر الاسم الكسرة المنونة الظاهرة. منير : صفة ـ نعت ـ لكتاب مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : لا هدى من الله عنده ولا كتاب ينور بصيرته.

(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) (٢١)

(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ) : الواو استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط. قيل : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقيل.

(اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ) : الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل للفعل «قيل» وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. أنزل : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة والجملة الفعلية «أنزل الله» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : اتبعوا ما أنزله الله على رسوله الكريم.

(قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بل : حرف اضراب للاستئناف. نتبع : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن والجملة الفعلية «بل نتبع ما وجدنا» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(ما وَجَدْنا عَلَيْهِ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. وجد : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل أي قالوا رافضين ذلك متمسكين بتقاليد آبائهم أي إننا نتبع ما وجدنا عليه آباءنا. عليه : جار ومجرور متعلق بوجدنا أو بمفعوله الثاني المقدر.

(آباءَنا أَوَلَوْ كانَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. الألف ألف استنكار وتعجيب. الواو حالية والجملة بعدها في محل نصب حال. لو : حرف شرط غير جازم. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح وجواب الشرط ـ جواب «لو» محذوف لتقدم معناه أي أيتبعون آباءهم في حال دعاء الشيطان لهم بالعذاب أو يكون حذفه على تقدير : لا تبعوا الشيطان.

(الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ) : اسم «كان» مرفوع بالضمة. يدعوهم : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) : جار ومجرور متعلق بيدعو. السعير : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أي النار المتقدة المتأججة.

(وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) (٢٢)

(وَمَنْ يُسْلِمْ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». يسلم : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «يسلم وجهه ..» صلة الموصول لا محل لها.

(وَجْهَهُ إِلَى اللهِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة والجار والمجرور للتعظيم «إلى الله» متعلق بيسلم بمعنى ومن يستسلم إليه سبحانه أو يتوكل عليه ويفوضه أمره.

(وَهُوَ مُحْسِنٌ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال من ضمير «يسلم» هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. محسن : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة.

(فَقَدِ اسْتَمْسَكَ) : الجملة جواب شرط جازم مسبوق بقد مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. قد : حرف تحقيق كسر آخره لالتقاء الساكنين. استمسك : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو.

(بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) : جار ومجرور متعلق باستمسك بمعنى فقد تمسك. الوثقى : صفة ـ نعت ـ للعروة مجروره مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر وهي مؤنث «الأوثق» أي الأحكم.

(وَإِلَى اللهِ) : الواو استئنافية. إلى الله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر مقدم.

(عاقِبَةُ الْأُمُورِ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. الأمور : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٢٣)

(وَمَنْ كَفَرَ) : الواو عاطفة. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». كفر : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بمن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «كفر» صلة الموصول لا محل لها.

(فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ) : الجملة جواب شرط جازم مسبوق بنهي مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. لا : ناهية جازمة. يحزنك : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه سكون آخره والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم. كفره : فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة.

(إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ) : حرف جر و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل جر بإلى والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. مرجع : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.

(فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) : الفاء استئنافية. ننبئ : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بننبئ. عملوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : بما عملوه أو تكون «ما» مصدرية وجملة «عملوا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير : فنخبرهم بأعمالهم.

(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة. عليم : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى عليم بما يدور في صدورهم وبما تضمره.

(بِذاتِ الصُّدُورِ) : جار ومجرور متعلق بعليم. الصدور : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ) (٢٤)

(نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى نمتع الكافرين. قليلا : صفة ـ نعت ـ لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف. التقدير : نمتعهم تمتيعا قليلا منصوب بالفتحة المنونة.

(ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ) : حرف عطف للتراخي. نضطرهم : الجملة الفعلية معطوفة على جملة «نمتعهم» وتعرب إعرابها بمعنى ثم نلجئهم.

(إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ) : جار ومجرور متعلق بنضطر. غليظ : صفة ـ نعت ـ لعذاب مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة.

(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٢٥)

(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) : الواو استئنافية. اللام موطئة للقسم ـ اللام المؤذنة. إن : حرف شرط جازم. سألت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «إن سألتهم» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه لا محل لها.

(مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ثان للفعل «سألت» ويجوز أن تكون في محل جر بحرف جر مقدر أي عمن خلق. ويكون الجار والمجرور متعلقا بسألت. من : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. خلق : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. السموات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة والجملة الفعلية (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) في محل رفع خبر «من».

(لَيَقُولُنَّ اللهُ) : الجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم أو يكون جواب القسم سادا مسد الجوابين. اللام واقعة في جواب القسم المقدر. يقولن : فعل مضارع مبني على حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة وحذفت واو الجماعة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع فاعل ونون التوكيد لا محل لها وسبب بناء الفعل على حذف النون اتصاله بنون التوكيد الثقيلة. الله لفظ الجلالة خبر مبتدأ محذوف تقديره هو مرفوع للتعظيم بالضمة أو يكون لفظ الجلالة مبتدأ وخبره محذوف. التقدير : الله خلقهن. أو يكون فاعلا لفعل محذوف يفسره ما قبله ولأنه إجابة عن استفهام بتقدير : خلقهن الله وهذا الوجه أكثر صوابا. والجملة بأوجه إعرابها الثلاثة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ) : فعل أمر مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ـ أصله : قول ـ حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين. الحمد : مبتدأ مرفوع بالضمة. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ. التقدير والمعنى : الحمد مختص لله على إلزامكم بالإقرار بذلك. والجملة الاسمية «الحمد لله» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بل : حرف إضراب للاستئناف.

(أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) : مبتدأ مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : بل أكثر الناس يجهلون ذلك أي إلزامهم بذلك الإقرار. لا : نافية لا عمل لها. يعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وجملة «لا يعلمون» في محل رفع خبر «أكثرهم».

(لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (٢٦)

(لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر مقدم. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. في السموات : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد ..

كان .. استقر أو هو مستقر والاسم المجرور «والأرض» معطوف على «في السموات» ويعرب إعرابه. والجملة الفعلية «وجد في السموات والأرض» صلة الموصول لا محل لها.

(إِنَّ اللهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن» هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الغني الحميد : خبرا «هو» خبر بعد خبر بالتتابع مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة بمعنى الغني عن شكرهم هو المحمود بذاته.

(وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٢٧)

(وَلَوْ أَنَّ ما) : الواو استئنافية. لو : حرف شرط غير جازم. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسم «أن» و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل لفعل محذوف تقديره : ثبت. أو كان. التقدير : ولو ثبت كون الأشجار أقلاما.

(فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد والجملة الفعلية «وجد في الأرض» صلة الموصول لا محل لها. من شجرة : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما» و «من» حرف جر بياني. التقدير : ولو ثبت أن ما في الأرض حالة كونه من شجرة. ولأن الاسم الموصول قبله مبهم وقد جرت كلمة «شجرة» بمن وعلامة جرها الكسرة المنونة.

(أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ) : خبر «أن» مرفوع بالضمة المنونة. والبحر : معطوف بالواو على محل «ان» مع اسمها وخبرها بتقدير : وثبت كون البحر ممدودا أو تكون الجملة الاسمية «والبحر يمده» ابتدائية أو استئنافية أو حالية. البحر : مبتدأ مرفوع بالضمة. يمده : فعل مضارع مرفوع بالضمة والهاء

ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم. والجملة الفعلية «يمده .. سبعة» في محل رفع خبر المبتدأ «البحر» والجملة الاسمية «والبحر يمده سبعة أبحر» في محل نصب حال أو لا محل لها لأنها مستأنفة وجاءت الجملة حالية على الرغم من عدم وجود ضمير راجع إلى صاحب الحال لأن هناك من الأحوال التي حكمها حكم الظروف مثل قولنا : جئنا والقوم جالسون. ويجوز أن يكون المعنى : وبحر الأرض على سعته مداد أي حبر ممدود.

(مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) : جار ومجرور متعلق بيمد والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. سبعة : فاعل «يمد» مرفوع بالضمة. أبحر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها أو يكون المعنى : لنفدت مياه البحر ولم تنفد كلمات الله. ما : نافية لا عمل لها. نفدت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها بمعنى : ما فنيت. كلمات : فاعل مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة أي حكم الله وآياته.

(إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) : حرف مشبه بالفعل حرف نصب وتوكيد. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. عزيز حكيم : خبرا «إن» مرفوعان بالضمة المنونة. ويجوز أن تكون «حكيم» صفة لعزيز.

(ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (٢٨)

(ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ) : نافية لا عمل لها. خلقكم : مبتدأ مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. ولا بعثكم : معطوف بالواو على «ما خلقكم» ويعرب إعرابه.

(إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) : أداة حصر لا عمل لها. الكاف اسم بمعنى «مثل» يفيد التشبيه مبني على الفتح في محل رفع خبر المبتدأ «خلقكم». نفس :

مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. واحدة : صفة ـ نعت ـ لنفس وتعرب مثلها.

(إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة أي يسمع كل صوت ويبصر كل مبصر. واللفظتان من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل.

** (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والعشرين .. المعنى : ولو أن ما في الأرض من الشجر أقلام أي صارت كل الأشجار أقلاما للكتابة والبحر على سعته مداد أي حبر ممدود بسبعة أبحر مثله كلها مداد أي حبر فكتبت بها كلمات الله المشتملة على أمره وعلمه لنفد ماء الأبحر ولم تنفد أي تفن معلومات الله .. فأغنى بكلمة «مده» عن ذكر المداد لأنه من مد الدواة وأمدها أي وضع فيها المداد وهو الحبر أي ما قنيت حكم الله وآياته .. وقد جاءت كلمة «شجرة» على التوحيد ـ أي الإفراد ـ دون اسم الجنس الذي هو شجر يقول الزمخشري في تفسير ذلك : أريد تفصيل الشجر وتقصيها شجرة شجرة حتى لا يبقى من جنس الشجر ولا واحدة إلا قد بريت أقلاما. وعن ورود «كلمات الله» وهي جمع قلة والموضع موضع تكثير لا التقليل فلما ذا لم يقل «كلم الله»؟ قال : معناه : إن كلمات الله لا تفيء بكتبتها البحار .. فكيف بكلمه؟ يقال : مددت الدواة ـ أمدها ـ مدا .. من باب «قتل» بمعنى : جعلت فيها المداد بكسر الميم وهو ما يكتب به أي الحبر وأمددتها أيضا لغة فيه و «المدة» هي غمس القلم في الدواة مرة للكتابة ومد البحر مدا : أي زاد ومده غيره مدا : أي زاده وأمد وأمده غيره .. أي يستعمل الفعلان الثلاثي والرباعي لازمين ومتعديين ويقال للسيل : مد .. لأنه زيادة فكأنه تسمية بالمصدر.

** سبب نزول الآية : نزلت الآية الكريمة حينما قال اليهود للرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : في التوراة تبيان كل شيء فقال الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : هي في علم الله قليل .. فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة.

** (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة والعشرين المعنى : وما خلقكم من العدم ولا بعثكم يوم الصيحة إلا كخلق نفس واحدة وبعثها أي سواء في قدرته .. فحذف المضاف «خلق» وأقيم المضاف إليه «نفس» مقامه.

** سبب نزول الآية : نزلت الآية الكريمة في جماعة من قريش أنكروا البعث.

** (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة والعشرين .. المعنى : يدخل الليل في النهار ويدخل النهار في الليل وذلل الشمس والقمر .. وجعلهما كل يجري في فلكه. و «القمر» سمي بذلك لبياضه .. لأنه يقال : ليلة مقمرة : بمعنى : ليلة بيضاء .. وليلة قمراء : أي مضيئة .. ومنه القول : أقمرت ليلتنا : أي أضاءت. ويقال : أقمرنا : بمعنى : طلع علينا القمر وجاء في المصادر : القمر يستمد نوره من الشمس فينعكس على الأرض فيرفع ظلمة الليل وهو قمر بعد ثلاث ليال إلى آخر الشهر وأما قبل ذلك فهو هلال. والهلال : هو على الأكثر : القمر

في حالة خاصة. قال الأزهري : ويسمى القمر لليلتين من أول الشهر هلالا وفي ليلة ست وعشرين وسبع وعشرين أيضا هلالا وما بين ذلك يسمى قمرا .. وقال الفارابي وتبعه في الصحاح الهلال : لثلاث ليال من أول الشهر هو قمر بعد ذلك. وقيل : الهلال هو الشهر بعينه. وقيل : في القمر ضياء والشمس أضوأ منه. و «القمران» هما الشمس والقمر.

** (كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) : أي كل منهما أي من الشمس والقمر أو كل واحد من الشمس والقمر .. وبعد حذف المضاف إليه «واحد» نون المضاف «كل» لانقطاعه عن الاضافة يجري إلى موعد مقرر وقيل هو يوم القيامة.

** (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) : ورد هذا القول في بداية الآية الكريمة الثلاثين .. المعنى : ذلك الموصوف من عجائب قدرته من العلم المطلق والقدرة والابداع الأعلى واختصاص الله بما ذكر بسبب أن الله هو الحق الثابت الواجب الوجود فحذف المشار إليه ـ الصفة ـ النعت ـ وهو «الموصوف» اختصارا لأن ما قبله دال عليه .. كما حذف المضاف «سبب» وحل المضاف إليه «بيان» أن الله .. محله.

** (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) : ورد هذا القول الكريم في نهاية الآية الكريمة الحادية والثلاثين المعنى : إن في ذلك الفضل المذكور من نعم الله لدلائل لكل صبار على بلائه شكور لنعمائه .. وهما صفتان للمؤمن .. وهما من صيغ المبالغة أي الكثير الصبر الكثير الشكر «فعال وفعول بمعنى فاعل» وحذف النعت أو البدل المشار إليه اختصارا «الفضل» لأن ما قبله دال عليه.

** (وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة الثانية والثلاثين المعنى : وإذا غطاهم موج مرتفع كالجبال أو السحاب يظلهم .. و «الظلل» جمع «ظلة» بضم الضاد وهو كل ما يظلك من شجر وسحاب وغيرهما. وتأتي جمع «ظل» أيضا ويجمع «الظل» أيضا على «ظلال».

** (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الثالثة والثلاثين .. المعنى : لا يغرنكم أي ولا يخدعنكم الشيطان الكثير التغرير والتضليل بوساوسه .. يقال : غره الشيطان ـ يغره ـ غرورا وغرته الدنيا ـ تغره ـ غرورا ـ بضم الغين .. من باب «قعد» بمعنى : خدعته بزينتها فهي غرور ـ بفتح الغين ـ اسم فاعل ـ للمبالغة. ويقال : ما غرك بفلان؟ من باب «قتل» أي كيف اغتررت به ولم تتحفظ.

** (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الرابعة والثلاثين .. أي عنده علم وقت قيام الساعة أي القيامة .. فحذف المضاف إليه الأول «وقت» والمضاف إليه الثاني «قيام» اختصارا وبقي المضاف إليه الثالث «الساعة».

** سبب نزول الآية : نزلت الآية الكريمة في بدوي هو الحارث بن عمرو حينما طلب من النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إخباره عما تلد امرأته الحامل وعن وقت نزول الغيث ـ المطر ـ وعن وقت موته .. فأنزل الله تعالى هذه الآية في مفاتيح الغيب الخمسة.

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (٢٩)

(أَلَمْ تَرَ) : الألف ألف استفهام لفظا ومعناه : التقرير. لم : حرف نفي وجزم وقلب. تر : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة ـ الألف المقصورة ـ وبقيت الفتحة دالة على حذف الألف والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. ويجوز أن يكون المخاطب من لم ير ولم يسمع لأن هذا الكلام جرى مجرى المثل في التعجيب وفي هذه الحالة يكون الفاعل ضميرا مستتر جوازا تقديره : هو.

(أَنَّ اللهَ يُولِجُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «أن» منصوب للتعظيم بالفتحة. يولج : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «أن» مع ما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «ترى».

(اللَّيْلَ فِي النَّهارِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. في النهار : جار ومجرور متعلق بيولج بمعنى يدخل هذا في هذا.

(وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يولج الليل في النهار» وتعرب إعرابها أي يزيد من هذا في ذلك.

(وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) : الواو استئنافية. سخر : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله سبحانه بمعنى وذلل. الشمس : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والقمر : معطوف بالواو على «الشمس» ويعرب إعرابها بمعنى وسخر القمر أيضا أي وذلل القمر.

(كُلٌّ يَجْرِي) : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة لأنه اسم نكرة ولانقطاعه عن الإضافة. يجري : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «يجري» في محل رفع خبر «كل».

(إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) : جار ومجرور متعلق بيجري. مسمى : صفة ـ نعت ـ لأجل مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المقدرة على آخره على الألف المقصورة للتعذر قبل تنوينها لأنه اسم مقصور خماسي نكرة.

(وَأَنَّ اللهَ بِما) : معطوف بالواو على «أن الله» ويعرب إعرابه. الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبير .. والجملة الفعلية بعده «تعملون» صلة الموصول لا محل لها.

(تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : بما تعملونه أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «تعملون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبر «أن» التقدير : بأعمالكم. خبير : خبر «أن» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : وأن الله عالم بكنه كل شيء أي بخفايا واسرار كل شيء من أعمالكم.

(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (٣٠)

(ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف حرف خطاب أي ذلك الموحى إليك من هذه الآيات. الباء حرف جر. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «أن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبر المبتدأ بتقدير : ليعلموا أن الله هو الحق أو بسبب بيان الله هو الحق.

(هُوَ الْحَقُّ وَأَنَ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «أن». هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الحق : خبر «هو» مرفوع بالضمة. الواو عاطفة. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.

(ما يَدْعُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسم «أن». يدعون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب

محلا لأنه مفعول به. التقدير : ما يدعونه بمعنى ما يعبدونه أي ما يعبده المشركون من الأصنام.

(مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ) : جار ومجرور متعلق بيدعون أو بحال محذوفة من «ما» والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. الباطل : خبر «أن» مرفوع بالضمة بمعنى وأن إلها غيره سبحانه باطل الالهية لأنه جماد والله هو الحق الثابت الإلهية. والتقدير : هو الباطل : أي المعدوم الزائل وعلى هذا التقدير تكون الجملة الاسمية «هو الباطل» في محل رفع خبر «إن» ويكون الباطل خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. وقد حذف المبتدأ «هو» اختصارا لأنه معلوم دل عليه ما قبله فأقيم خبره «الباطل» مقامه.

(وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) : القول الكريم معطوف على «أن الله هو الحق» ويعرب إعرابه. الكبير : خبر ثان للضمير «هو» مرفوع بالضمة بمعنى : الكبير عن أن يشرك به أي إن الله هو العلي الشأن الكبير السلطان.

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (٣١)

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي) : أعرب في الآية الكريمة التاسعة والعشرين وعلامة جر «تجري» الضمة المقدرة على الياء للثقل.

(فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ) : جاران ومجروران متعلقان بتجري. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة أي برحمته وفضله.

(لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ) : اللام حرف جر للتعليل. يريكم : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول وحذف مفعول «يري» الثاني لأن «من» التبعيضية في «من آياته» تدل عليه. والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «يريكم من آياته» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق

بتجري. من آياته : جار ومجرور متعلق بيري والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة بمعنى ليظهر لكم ما يشاهد من آثار قدرته سبحانه.

(إِنَّ فِي ذلِكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. في : حرف جر ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بفي اللام للبعد والكاف حرف خطاب والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن» المقدم.

(لَآياتٍ لِكُلِ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ آيات : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. لكل : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «آيات».

(صَبَّارٍ شَكُورٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. شكور : صفة ـ نعت ـ لصبار مجرور مثله بالكسرة المنونة.

(وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ) (٣٢)

(وَإِذا غَشِيَهُمْ) : الواو استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون متضمن معنى الشرط مبني على السكون في محل نصب خافض لشرطه منصوب بجوابه. غشي : فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم والجملة الفعلية (غَشِيَهُمْ مَوْجٌ) في محل جر بالإضافة.

(مَوْجٌ كَالظُّلَلِ) : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح يفيد التشبيه في محل رفع صفة ـ نعت ـ لموج. الظلل : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(دَعَوُا اللهَ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة ولفظ الجلالة «الله» مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) : حال من ضمير «دعوا» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. له : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «مخلصين». الدين : مفعول به منصوب باسم الفاعلين «مخلصين» الذي يعمل عمل فعله المتعدي إلى المفعول وعلامة نصبه الفتحة.

(فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ) : الفاء عاطفة. لما : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. نجاهم : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. إلى البر : جار ومجرور متعلق بنجاهم أو يكون متعلقا بحال محذوف من الضمير «هم» في «نجاهم» بمعنى : نجاهم موصلين أو سالمين إلى البر وجواب «لما» محذوف اختصارا .. التقدير : فحين نجاهم الله سبحانه وأوصلهم إلى البر سالمين عادوا إلى ما كانوا عليه.

(فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) : الفاء استئنافية. من : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. مقتصد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : فمنهم معتدل أي بقي على الطريق المستقيم .. وفي القول حذف بمعنى : ومنهم من رجع إلى ضلالته بمعنى : صاروا فريقين أو جماعتين فريق يوفي بما عاهد الله عليه في البحر من إخلاص الدين له سبحانه وقسم ناكر خائن لا يوفي بعهده.

(وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. يجحد : فعل مضارع مرفوع بالضمة بمعنى يكفر والفاعل هو «كل» بآيات : جار ومجرور متعلق بيجحد و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ) : أداة حصر لا عمل لها. كل : فاعل «يجحد» مرفوع بالضمة وهو مضاف. ختار : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : غدار. كفور : صفة ـ نعت ـ لختار ويعرب مثله.

(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) (٣٣)

(يا أَيُّهَا النَّاسُ) : أداة نداء. أي : اسم منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» زائدة للتنبيه. الناس : بدل من «أي» أو عطف بيان منها لأنها غير متصرفة ـ جامدة غير مشتقة ـ مرفوعة على لفظ «أي» لا محلها وعلامة رفعها الضمة.

(اتَّقُوا رَبَّكُمْ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ربكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(وَاخْشَوْا يَوْماً) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «اتقوا الرب» وتعرب إعرابها ونكر «يوما» لعظمته.

(لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «يوما». لا : نافية لا عمل لها. يجزي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. والد : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. عن ولده : جار ومجرور متعلق بلا يجزي والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة. التقدير : لا يجزي فيه فحذف الجار «الصلة».

(وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. مولود : معطوف على «والد» مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى : لا يغني أو لا ينفع أو لا يشفع والد عن ولده ولا مولود أي ولا ولد عن والده أو يكون «ولا مولود» معطوفا بالواو على «والد عن ولده» بمعنى ولا يجزي مولود عن

والده فحذف الفعل «يجزي» اختصارا اكتفاء بذكره أول مرة. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. جاز : خبر «هو» مرفوع بالضمة المقدرة أو الظاهرة على الياء المحذوفة من الاسم لأنه اسم منقوص نكرة. والجملة الاسمية «هو جاز» في محل رفع صفة ـ نعت ـ للموصوف «مولود».

(عَنْ والِدِهِ شَيْئاً) : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «جاز» على تأويل فعله والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة. شيئا : مفعول به منصوب باسم الفاعل الذي يعمل عمل فعله وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. وعد : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. حق : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.

(فَلا تَغُرَّنَّكُمُ) : الفاء استئنافية حرف دال على التعليل. لا : ناهية جازمة. تغرنكم : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم بلا الناهية ونون التوكيد لا محل لها. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور بمعنى : فلا تضلنكم.

(الْحَياةُ الدُّنْيا) : فاعل مرفوع بالضمة. الدنيا : صفة ـ نعت ـ للحياة مرفوعة مثلها بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.

(وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «ولا تغرنكم الحياة» وتعرب إعرابها. بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بلا يغرنكم. و «الغرور» هو الشيطان الكثير التغرير والتضليل.

(إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (٣٤)

(إِنَّ اللهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة.

(عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن». عنده : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بخبر مقدم وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. علم : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو مضاف. الساعة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) : الواو عاطفة. ينزل : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله جلت قدرته. الغيث : أي المطر : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وعطفت الجملة الفعلية على الجملة الاسمية على معناها : أي يعلم وقت قيام الساعة وينزل الغيث أو على معنى : متى قيام الساعة ومتى نزول المطر في وقته. ويجوز أن تكون الجملة استئنافية.

(وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على الجملة الفعلية «ينزل» وتعرب إعرابها. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. في الأرحام : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : استقر أو هو مستقر في الأرحام بمعنى ما تحمله الأرحام أذكرا أم أنثى والجملة الفعلية «استقر في الأرحام» صلة الموصول «ما» لا محل لها من الإعراب.

(وَما تَدْرِي نَفْسٌ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. تدري : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل. نفس : فاعل مرفوع بالضمة المنونة.

(ما ذا تَكْسِبُ غَداً) : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «تكسب» أو يكون اسم الاستفهام في محل رفع مبتدأ وتكون الجملة الفعلية بعده «تكسب غدا» في محل رفع خبره أو تكون «ما اسم استفهام مبنيا على السكون في محل رفع مبتدأ و «ذا» اسما

موصولا بمعنى «الذي» مبنيا على السكون في محل رفع خبر «ما» والجملة الفعلية «تكسب» صلة الموصول «ما» لا محل لها .. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : ما الذي تكسبه .. تكسب : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. غدا : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة المنونة متعلق بتكسب بمعنى في المستقبل وأصله : غدو حذفت اللام ـ أي الواو ـ وجعلت الدال حرف إعراب بمعنى : تكسب من خير أو شر.

(وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِ) : هذا القول الكريم أعرب. بأي : جار ومجرور متعلق بتدري ولم تلحق الاسم «أي» هاء التأنيث لأنه اسم يستعمل بلفظ واحد للمذكر والمؤنث وقد يطابق التذكير والتأنيث.

(أَرْضٍ تَمُوتُ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. تموت : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي.

(إِنَّ اللهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(عَلِيمٌ خَبِيرٌ) : خبرا «إن» خبر بعد خبر مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة المنونة ويجوز أن يكون «خبير» صفة ـ نعتا ـ لعليم بمعنى أن الله تعالى : واسع العلم بكل الأمور ذو اطلاع على كل الأمور ما خفي منها وما ظهر والاسمان من صيغ المبالغة «فعيل بمعنى فاعل».

***

سورة السجدة

معنى السورة : السجدة : بفتح السين هي اسم السورة الكريمة .. يقال : سجد ـ يسجد ـ سجودا من باب «خضع» ومنه سجود الصلاة : وهو وضع الجبهة على الأرض وبابه «دخل» والاسم منه «السجدة» بكسر السين و «السجود» لله تعالى في الشرع : هو عبارة عن هيئة مخصوصة .. والفعل «سجد» من باب «خضع» وزنا ومعنى. وعن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : لا خير في دين ليس فيه ركوع وسجود. قال ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ذلك حين نزلت الآية الكريمة الثامنة والأربعون من سورة «المرسلات» : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ) أي وإذا قيل لهم : صلوا لله لا يصلون .. أي اخشعوا لله وتواضعوا له بقبول وحيه واتباع دينه لا يخشعون والمراد بالركوع في الآية الكريمة : الصلاة .. وكثيرا ما عبر الله سبحانه عن الصلاة بأركانها. أي اخشعوا واطرحوا هذا الاستكبار لا يقبلون ذلك ويصرون على استكبارهم.

تسمية السورة : خص الله تبارك وتعالى إحدى سور الكتاب الكريم بسورة سميت «السجدة» لعظم معناها ودلالتها ولكونها أحد أركان الصلاة والعبادة والطاعة لله سبحانه فقال تعالى في الآية الكريمة الخامسة عشرة من هذه السورة الشريفة : (إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) صدق الله العظيم. وقيل : إن إسرافيل ـ وهو من الملائكة المقربين ـ هو أول من سجد لآدم أوكله الله تعالى النفخ في الصور يوم القيامة لحشر الناس ساعة الحساب وسميت السجدة لأنه يسجد فيها سجدة واحدة إذا قرئ قوله تعالى (وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) في الآية المذكورة آنفا.

فضل قراءة السورة : قال الرسول الأمين محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ» الم .. ألف لام ميم .. تنزيل الكتاب «في بيته لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام» صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وجاء في الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : كان النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يقرأ في الفجر يوم الجمعة : (الم (١) تَنْزِيلُ

الْكِتابِ) و (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ) وعن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنه قال : أمرت أن أسجد على سبعة آراب «جمع إرب .. أي عضو» وهي الجبهة والأنف واليدان والركبتان والقدمان وسميت أعضاء السجود : المساجد إضافة إلى كون المساجد هي جمع «مسجد» وهو بيت الصلاة. وقيل : هو أيضا موضع السجود من بدن الإنسان.

إعراب آياتها

(الم) (١)

هذه الأحرف الكريمة وأمثالها شرحت في سورة «يوسف».

(تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٢)

(تَنْزِيلُ الْكِتابِ) : خبر «الم» على أنها اسم سورة مرفوع بالضمة. الكتاب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : إنزال الكتاب. وإن جعلت «الم» تعديدا للحروف وليست اسما للسورة أعرب «تنزيل» على أنه خبر مبتدأ محذوف بتقدير : المتلو عليكم تنزيل الكتاب. أو يكون «تنزيل الكتاب» مبتدأ وخبره : ما في محل «لا ريب فيه» في محل رفع. وثمة وجه آخر لإعراب «تنزيل الكتاب» وهو أن يكون مبتدأ وخبره : شبه الجملة الجار والمجرور «من رب العالمين» في محل رفع.

(لا رَيْبَ فِيهِ) : أداة نافية للجنس تعمل عمل «إن». ريب : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبر «لا» النافية للجنس محذوف وجوبا. فيه : جار ومجرور متعلق بخبر «لا» المحذوف. بمعنى : لا شك فيه أي لا شك في ذلك أي لا شك في كونه منزلا من رب العالمين بمعنى لا ريب في تنزيله من الله تعالى.

(مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ. العالمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) (٣)

(أَمْ يَقُولُونَ) : حرف إضراب بمعنى «بل» وهو حرف عطف وهي أم المنقطعة لأنها غير مسبوقة بهمزة تسوية أو استفهام وهمزتها إنكار لقولهم وتعجيب منه لظهور أمره في عجز بلغائهم عن مثل ثلاث آيات منه و «يقولون» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(افْتَراهُ بَلْ هُوَ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى اختلقه أي اختلق محمد القرآن حسب قول المشركين. بل : حرف إضراب للاستئناف أي التحول من الإنكار إلى الإثبات. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. والجملة الاسمية «هو الحق» استئنافية لا محل لها.

(الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) : خبر «هو» مرفوع بالضمة. من ربك : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من الحق أو يكون متعلقا بخبر ثان للمبتدإ أو في محل رفع بدل من «الحق» والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ في محل جر بالإضافة.

(لِتُنْذِرَ قَوْماً) : اللام لام التعليل حرف جر. تنذر : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. قوما : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والجملة الفعلية «تنذر قوما» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بالمصدر «تنزيل» على تأويل فعله بمعنى الحق الثابت المنزل من ربك لتنذر.

(ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوما». ما : نافية لا عمل لها. أتى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. من : حرف جر زائد لتأكيد النفي. نذير : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه فاعل «أتى».

(مِنْ قَبْلِكَ) : جار ومجرور في محل جر صفة ـ نعت ـ لنذير على اللفظ وفي محل رفع على المحل. والكاف ضمير المخاطب في محل جر بالإضافة.

(لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «لعل». يهتدون : تعرب إعراب «يقولون» والجملة الفعلية «يهتدون» في محل رفع خبر «لعل».

(اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) (٤)

(اللهُ الَّذِي خَلَقَ) : لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر المبتدأ أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. والجملة الاسمية «هو الذي» في محل رفع خبر المبتدأ «لفظ الجلالة». خلق : الجملة الفعلية وما بعدها صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» منصوب مثلها وعلامة نصبها الفتحة.

(وَما بَيْنَهُما) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب لأنه معطوف على منصوب «السموات والأرض» بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بفعل محذوف تقديره :

وجد. والجملة الفعلية «وجد بينهما» صلة الموصول لا محل لها والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة و «ما» علامة التثنية لا محل لها.

(فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَ) : جار ومجرور متعلق بخلق. أيام : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. ثم : حرف عطف.

(اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) : الجملة الفعلية معطوفة على جملة «خلق» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل «استوى» الفتحة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر. على العرش : جار ومجرور متعلق باستوى.

(ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ) : نافية لا عمل لها. لكم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم والميم علامة جمع الذكور. من دونه : جار ومجرور متعلق بحال مقدم من «ولي» والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ) : حرف جر زائد لتأكيد النفي. ولي : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر. الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. شفيع : معطوف على «ولي» ويعرب إعرابه بمعنى ما لكم من ناصر ينصركم ولا شفيع يشفع لكم إذا خذلكم الله.

(أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) : الألف ألف استفهام لفظا وتوبيخ معنى. الفاء زائدة ـ تزيينية. لا : نافية لا عمل لها. تتذكرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : أفلا تتعظون بمواعظه.

** (ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة الثالثة .. المعنى : ما أرسل إلى ذرية العرب في زمان الرسول الكريم إذ لم يبعث إليهم نذير معاصر فلطف الله سبحانه بهم وبعث فيهم رسولا منهم هو محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أي ما جاءهم منذر من قبلك يا محمد يحذرهم من العذاب لأجل أن يهتدوا بإنذارك إلى الحق والإيمان.

** (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة .. المعنى : هو الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما من العوالم في ستة أوقات أو أدوار أو طبقات الله أعلم بقدرها لأن الأيام لم تكن قد خلقت قبل خلق السموات بعد .. ثم استوى على العرش أعظم المخلوقات استواء يليق بجلاله دون حصر ولا كيف ولا تحديد بجهة معينة. المعنى اللغوي هو : ثم جلس أو استقر على كرسي الملك .. وبما أن هذا المعنى محال عليه سبحانه وتعالى لأنه ـ جلت قدرته ـ منزه

عن كونه جسما فيكون التعبير كناية عن استيلائه على الملك يدبر أمر الكون بمقتضى حكمته .. وبما أنه عزوجل ليس بجسم فلا يجوز أن يؤخذ هذا الكلام على ظاهره بل يجب تأويله .. وقد سلك علماء السنة هذا المسلك فقالوا إن الاستواء على العرش صفة لله بلا كيف .. أي إن له تعالى استواء على العرش على الوجه الذي عناه منزها سبحانه عن الاستقرار والتمكن .. وقالوا : العرش : هو الجسم المحيط بسائر الأجسام.

** (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة .. ونكر «يوم» وهو يوم الحساب للتفخيم والتهويل لعظمته .. والمعنى : يدبر سبحانه أمر الأرض من سماء جلاله من يوم وجودها إلى ساعة تلاشيها ثم يصعد إليه الأمر كله في يوم القيامة ـ الحساب ـ ليحكم فيه أو نازلة آثارها إلى الأرض ثم يصعد الأمر ويرجع إلى ذلك اليوم .. واليوم هنا : مدة من الزمان الله أعلم بها واليوم عند الله سبحانه في الدنيا كألف سنة بحساب أهلها .. أما يوم الآخرة فمقداره خمسون ألف سنة .. يقال عرج في السلم ـ يعرج ـ بمعنى ارتقى .. وهو من باب «دخل» و «المعراج» هو السلم وجمعه : معارج ومعاريج. قال الأخفش : إن شئت جعلت الواحد ـ أي المفرد ـ مِعرج ومَعرج ـ بكسر الميم وفتحها .. والمعارج : تعني أيضا المصاعد و «الدرج» بفتح الدال والراء وجمعه : أدراج : هو مراتب بعضها فوق بعض .. أما درج السلم فهو ما يتخطى عليه من الأدنى إلى الأعلى في الصعود .. يقال : رقي الرجل ـ يرقى ـ رقيا ورقيا ورقي في الجبل وإليه ـ من باب تعب ـ بمعنى : صعد. ومثله : ارتقى في السلم : أي ترقى إليه بمعنى صعد ويقال : ارتقى الخطيب المنبر ـ بكسر الميم : أي صعده. يروى أن عبد الملك بن مروان سأله ولده ما الذي شيبك؟ فقال له : يا بني شيبني ارتقاء المنابر ومخافة اللحن ـ أي الخطأ ـ و «سنة» في الآية الكريمة المذكورة آنفا جمعها «سنون .. سنوات» أي أن الجمع يعرب بالحروف والحركات يروى أن الشاعر المعروف «الحطيئة» أراد سفرا .. فلما قدم راحلته قالت له امرأته : متى ترجع؟ فقال :

عدي السنين لغيبتي وتصبري

ودعي الشهور فإنهن قصار

فقالت :

اذكر صبابتنا إليك وشوقنا

وارحم بناتك إنهن صغار

في البيت الأول أعربت «السنين» بالحروف فهي منصوبة بعدي وعلامة نصبها الياء لأنها ملحقة بجمع المذكر السالم ويقال في حالة الرفع : مرت سنون كثيرة والاعراب الثاني لهذه اللفظة يكون بالحركات فيقال : مرت سنوات كثيرة .. وقضيت سنينا كثيرة .. وجرى ذلك منذ سنين كثيرة.

** (ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة .. المعنى : ذلك المدبر الخالق هو الله عالم ما بطن وما غاب من الأمور وما ظهر منها أي وعالم المحسوسات وحذف النعت أو البدل المشار إليه «المدبر .. الخالق» لأن ما قبله دال عليه.

** (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة .. المعنى : الذي أحكم وأتقن خلق كل شيء وبدأ تكوين الانسان الأول أي آدم ـ عليه‌السلام ـ وهو أبو البشر .. فحذف مفعول «أحسن» وهو «خلق» وحل المضاف إليه «كل» محله ولأن ما بعده «خلقه» يفسره.

** (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة .. المعنى : ثم جعل ذريته خارجة من سلالة أي من نطفة من ماء ممتهن .. وسميت «نسلا» لأنها تنسل منه أي تنفصل منه. و «النسل» بفتح النون وسكون السين هو الولد وتناسلوا : أي ولد بعضهم من بعض.

** (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ) : في هذا القول الكريم الوارد في بداية الآية الكريمة التاسعة تكون الجملة الفعلية «نفخ فيه من روحه» كناية عن بعث الحياة في الانسان ـ الوارد ذكره في الآية الكريمة السابقة. وانتقل سبحانه من الغيبة في «نفخ» و «جعل» إلى المخاطبة في «لكم» و «تشكرون» وأضاف ذلك إلى نفسه تكريما للانسان وتشريفا له.

** (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) : المعنى : وأوجد لكم السمع ـ أي الأسماع ـ والأبصار والقلوب ولكنكم قليلا ما تشكرون الله على هذه النعم ولم يذكر مفعول «تشكرون» وهو لفظ الجلالة لأنه معلوم. وتعدى الفعل «جعل» إلى مفعول واحد لأنه هنا بمعنى «أوجد» أو «خلق» وليس بمعنى «صير» وجاءت لفظة «السمع» مفردة لأنها مصدر أو هي مفردة بمعنى الجمع .. مثل «من» و «الفلك».

** (وَلَوْ شِئْنا) : في هذا القول الكريم الوارد في بداية الآية الكريمة الثالثة عشرة حذف مفعول «شئنا» اختصارا أي ولو شئنا هداية الناس.

** (فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ) : في هذا القول الكريم الوارد في بداية الآية الكريمة الرابعة عشرة حذف مفعول «ذوقوا» أي فذوقوا العذاب بسبب نسيانكم.

(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (٥)

(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير الفعل «خلق» في قوله (اللهُ الَّذِي خَلَقَ) في الآية الكريمة السابقة أو في محل رفع خبر لفظ الجلالة إذا أعرب «الذي» في محل رفع صفة ـ نعتا ـ للفظ الجلالة أو تكون الجملة الفعلية في محل رفع خبرا ثانيا ـ خبرا بعد خبر ـ للمبتدإ «لفظ الجلالة». يدبر : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الأمر : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «الأمر» أي المأمور به من الطاعات وبمعنى : ينزله مدبرا من السماء إلى الأرض.

(مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الأمر» بمعنى : ينزل الأمر مدبرا من السماء. والجار والمجرور «إلى الأرض» يعرب إعراب «من السماء» بمعنى : «نازلا إلى الأرض».

(ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ) : حرف عطف. يعرج : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الأمر. إليه : جار ومجرور متعلق بيعرج بمعنى ثم يصعد إليه الأمر ليحكم فيه.

(فِي يَوْمٍ كانَ) : جار ومجرور متعلق بيعرج. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح والجملة الفعلية «كان» مع اسمها وخبرها في محل جر صفة ـ نعت ـ ليوم. أو بمعنى ويثبت علمه في يوم.

(مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) : اسم «كان» مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. ألف : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. سنة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(مِمَّا تَعُدُّونَ) : أصلها : من : حرف جر و «ما» المدغمة بنون «من» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن. تعدون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : مما تعدونه. أو تكون «ما» مصدرية وجملة «تعدون» صلتها لا محل لها وتكون «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بمن والجار والمجرور متعلقا بحال محذوف من المقدار.

(ذلِكَ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (٦)

(ذلِكَ عالِمُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. أي ذلك المدبر. عالم : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة أو خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. والجملة الاسمية «هو عالم» في محل رفع خبر «ذلك».

(الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والشهادة : معطوفة بالواو على «الغيب» وتعرب مثله.

(الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) : الاسمان الكريمان بدلان من المبدل منه «عالم الغيب» أو خبران متتابعان للمبتدإ المحذوف «هو» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة.

(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) (٧)

(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع بدل من «عالم الغيب» أو خبر آخر للمبتدإ المقدر «هو» والجملة الفعلية «أحسن» مع المفعول صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. كل : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف بمعنى أجاد كل شيء.

(شَيْءٍ خَلَقَهُ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. خلقه : تعرب إعراب «أحسن» والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «خلقه» في محل جر صفة ـ نعت ـ لشيء.

(وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «أحسن كل شيء» وتعرب إعرابها بمعنى أجاد وبدأ تكوين الانسان.

(مِنْ طِينٍ) : جار ومجرور متعلق بحال من «الإنسان» بمعنى : في حالة كونه من طين. أو الذي أصله : طين أو هو من طين أي من تراب وهو آدم أبو البشر. و «من» حرف جر بياني.

(ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) (٨)

(ثُمَّ جَعَلَ) : حرف عطف. جعل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه أي ذريته. من سلالة : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «النسل» بمعنى : حالة كونه من سلالة أي من نطفة و «من» حرف جر بياني أو بمعنى جعل نسله خارجا منه.

(مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) : جار ومجرور متعلق بصفة ـ نعت ـ محذوف من «سلالة» و «من» حرف جر بياني. مهين : صفة ـ نعت ـ لماء مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة أي من نطفة والأصح أن يكون الجار والمجرور «من ماء» متعلقا بحال من «النسل» لأنه بدل من «سلالة» لأن معناهما واحد.

(ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) (٩)

(ثُمَّ سَوَّاهُ) : حرف عطف. سواه : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به يعود على الماء المهين.

(وَنَفَخَ فِيهِ) : الواو عاطفة. نفخ : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. فيه : جار ومجرور متعلق بنفخ.

(مِنْ رُوحِهِ) : جار ومجرور متعلق بنفخ أو بمفعول لأجله والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة بمعنى وبعث فيه الحياة.

(وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ) : الواو عاطفة. جعل لكم : تعرب إعراب «نفخ فيه» والميم علامة جمع الذكور والجار والمجرور «لكم» متعلق بجعل وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. السمع : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) : الاسمان معطوفان بواوي العطف على «السمع» ويعربان إعرابه بمعنى لتروا فيها ولتتدبروا وتعلموا.

(قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) : صفة ـ نعت ـ نائب عن مصدر ـ مفعول مطلق محذوف منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. ما : زائدة مهملة بتقدير : ولكنكم شكرا قليلا تشكرون. تشكرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وحذف مفعول «تشكرون» اختصارا لأنه معلوم بمعنى : تشكرون الله أو بمعنى ولكن تشكرونه سبحانه شكرا على نعمه عليكم أو تكون قليلا النائبة عن المصدر سادة مسد مفعول «تشكرون».

(وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ) (١٠)

(وَقالُوا أَإِذا) : الواو استئنافية. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الشرطية بعدها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الهمزة همزة تعجيب واستنكار بلفظ استفهام. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن مبني على السكون متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه. والجملة الفعلية بعده «ضللنا ..» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «إذا».

(ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا) : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المخاطبين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. في الأرض : جار ومجرور متعلق بضللنا بمعنى : صرنا ترابا وذهبنا مختلطين بتراب الأرض أي ضاعت أجسادنا وتلاشت فصارت رميما بعد موتنا .. أي لا نتميز من التراب وحذف جواب الشرط أو يكون ما بعده دالا عليه. الهمزة أعربت. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن».

(لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة. في خلق : جار ومجرور متعلق بخبر «إن». جديد : صفة لخلق مجرور وعلامة جرهما : الكسرة المنونة. والجملة الاستفهامية دالة على جواب «إذا» بمعنى : أنبعث؟ أو أيجدد خلقنا.

(بَلْ هُمْ بِلِقاءِ) : حرف اضراب للاستئناف. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. بلقاء : جار ومجرور متعلق بخبر «هم» بمعنى ولكنهم بلقاء و «لقاء» مضاف ومعنى «لفي خلق جديد» لمخلوقون من جديد.

(رَبِّهِمْ كافِرُونَ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة الجر الكسرة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان. كافرون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (١١)

(قُلْ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت واوه ـ أصله : قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين.

(يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى : قل لهم يا محمد نعم. يتوفاكم : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. وقدم المفعول به على الفاعل. ملك : فاعل مرفوع بالضمة. الموت : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة ـ نعت ـ للملك. وكل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بكم : جار ومجرور متعلق بوكل والميم علامة جمع الذكور.

(ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) : حرف عطف. إلى ربكم : جار ومجرور متعلق بترجعون. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. ترجعون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. ووكل بكم بمعنى : وكل بقبض أرواحكم.

(وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ) (١٢)

(وَلَوْ تَرى) : الواو استئنافية. لو : حرف للتمني لا عمل له أو يكون حرف شرط غير جازم ـ حرف امتناع لامتناع ـ وجوابها محذوف بتقدير : لرأيت أمرا فظيعا أو لرأيت أسوأ حال ترى. ترى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم

ـ أو تكون المخاطبة لأي كان دون إرادة مخاطب بعينه. ولم يتعد الفعل إلى مفعول لأنه بمعنى «ولو تكون منك الرؤية» والحرفان «لو» و «إذ» كلاهما للمضي وإنما جاز ذلك لأن المترقب من الله بمنزلة الموجود المقطوع به في تحققه والتمني لرسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ليراهم على تلك الحال المزرية من الخزي ليشمت بهم.

(إِذِ الْمُجْرِمُونَ) : اسم مبني على السكون ظرف زمان في محل نصب متعلق بترى وحرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين وهو مضاف. المجرمون : مبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ) : خبر المبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وحذفت النون للاضافة ـ أصله : ناكسون ـ والجملة الاسمية «المجرمون ناكسو رءوسهم» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف. رءوس : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان.

(عِنْدَ رَبِّهِمْ) : ظرف مكان متعلق باسم الفاعل «ناكسو» منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه ثان أي يوم يلقونه.

(رَبَّنا أَبْصَرْنا) : الجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لفعل محذوف تقديره : يقولون أو قائلين .. رب : منادى بأداة نداء محذوفة التقدير : يا ربنا منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. ويجوز أن يتعلق الظرف «عند» بحال محذوف بتقدير : مستغيثين عند ربهم أو ويستغيثون عند ربهم بقولهم ربنا أبصرنا. أبصر : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون

في محل رفع فاعل وحذف مفعول «أبصرنا» اختصارا .. أي أبصرنا صدق وعدك ووعيدك .. ويجوز أن يكون لازما أي غير متعد إلى مفعول بمعنى : كنا عميا وصما فأبصرنا بأعيننا.

(وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «أبصرنا» وتعرب إعرابها .. وحذف مفعوله اختصارا بمعنى : وسمعنا منك تصديق رسلك أو ما أنكرناه وهو الوعيد أو يكون لازما غير متعد إلى مفعول مثل «أبصرنا» بمعنى : وكنا صما وسمعنا. الفاء استئنافية. ارجع : فعل تضرع ودعاء مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت بمعنى : فأعدنا إلى الدنيا.

(نَعْمَلْ صالِحاً) : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة جزمه سكون آخره أي عملا صالحا. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. صالحا مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(إِنَّا مُوقِنُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ المدغم بنون «إن» مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». موقنون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.

(وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) (١٣)

(وَلَوْ شِئْنا) : الواو عاطفة. لو : حرف شرط غير جازم. شئنا : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي تعرب إعراب «شئنا» واللام واقعة في جواب «لو». كل : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. نفس : مضاف إليه مجرور

بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. هدى : مفعول «آتى» الثاني المتعدي إلى مفعولين منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(وَلكِنْ حَقَ) : الواو زائدة. لكن : حرف عطف للاستدراك مخفف مهمل. حق : فعل ماض مبني على الفتح أي ثبت ووجب.

(الْقَوْلُ مِنِّي) : فاعل مرفوع بالضمة. مني : جار ومجرور متعلق بحق والياء ضمير الواحد المطاع في محل جر بمن.

(لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) : اللام لام التوكيد ـ الابتداء ـ أملأن : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ونون التوكيد لا محل لها. جهنم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكلمة معربة ممنوعة من الصرف للمعرفة والتأنيث.

(مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) : جار ومجرور متعلق بأملأن. والناس : معطوفة بالواو على «الجنة» وتعرب مثلها بمعنى من الجن والإنس. أجمعين : توكيد للجنة والناس مجرور مثلهما وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من حركة المفرد واللفظة جمع «أجمع» و «أجمع» مفرد في معنى الجمع ومؤنثه جمعاء.

(فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنَّا نَسِيناكُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٤)

(فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ) : الفاء عاطفة على محذوف تقديره : فنقول لهم ذوقوا. ذوقوا : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الباء حرف جر. ما : مصدرية. نسيتم : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم

علامة جمع الذكور و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء التقدير : بسبب نسيانكم والجار والمجرور متعلق بذوقوا.

(لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) : مفعول «نسيتم» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. يومكم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه ثان والميم علامة جمع الذكور. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ لليوم بمعنى مصير يومكم هذا ويجوز أن يكون «نسيتم» غير متعد فيكون «لقاء» منصوبا على الظرفية ومتعلقا بنسيتم.

(إِنَّا نَسِيناكُمْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». نسينا : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل نصب مفعول به والميم علامة الجمع.

(وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ) : الواو عاطفة. ذوقوا : أعربت. عذاب : مفعول به منصوب بالفتحة. الخلد : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بذوقوا والجملة الفعلية «كنتم» مع خبرها صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. تعملون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : بما كنتم تعملونه. أو تكون «ما»

مصدرية فتكون «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير : بما كنتم تعملونه. أو تكون «ما» مصدرية فتكون «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير : بسبب أعمالكم.

(إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) (١٥)

(إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا) : كافة ومكفوفة. يؤمن : فعل مضارع مرفوع بالضمة والجار والمجرور «بآيات» متعلق بيؤمن و «نا» ضمير الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : إنما يصدق بمعجزاتنا أو ببراهيننا.

(الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. أو تكون «ما» في «إنما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية «يؤمن بآياتنا» صلة الموصول لا محل لها ويكون الاسم الموصول «الذين» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم. والجملة الاسمية «هم الذين» في محل رفع خبر «إن» ولكن الوجه الأول من الاعراب في «إنما» أي كافة ومكفوفة هو السائد والأصح. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط ذكروا : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «إذا» وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة.

(بِها خَرُّوا سُجَّداً) : جار ومجرور متعلق بذكروا. خروا : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. سجدا : حال من ضمير «خروا» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : سقطوا ساجدين.

(وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) : معطوفة بالواو على «خروا سجدا» وتعرب إعرابها. بحمد : جار ومجرور متعلق بحال من ضمير «سبحوا» أي حامدين. رب :

مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه ثان أي نزهوا ربهم حامدين نعمه.

(وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. لا : نافية لا عمل لها. يستكبرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «لا يستكبرون» في محل رفع خبر «هم» بمعنى : وهم لا يأنفون عن العبادة والطاعة لله سبحانه.

(تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (١٦)

(تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير «لا يستكبرون» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر. جنوب : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. عن المضاجع : جار ومجرور متعلق بتتجافى أي تتباعد أو ترتفع جنوبهم عن الفرش.

(يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال ثانية وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. رب : مفعول به منصوب بالفتحة و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر مضاف إليه.

(خَوْفاً وَطَمَعاً) : حال من ضمير «يدعون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وطمعا : معطوف بالواو على «خوفا» ويعرب مثله بتقدير : خائفين وطامعين أو يكونان مفعولين لأجلهما بمعنى : من أجل الخوف والطمع.

(وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) : الواو حالية والجملة بعدها في محل نصب حال لأنها معطوفة على جملة حالية وهي «يدعون ربهم» بتقدير : يدعون ربهم وينفقون مما رزقناهم. مما : أصلها : من : حرف جر و «ما» اسم موصول

مبني على السكون في محل جر بمن وقد أدغمت نون «من» بما والجار والمجرور متعلق بينفقون. رزق : فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. ينفقون : تعرب إعراب «يدعون» والجملة الفعلية «رزقناهم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بينفقون أي من رزق الله.

(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٧)

(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ) : الفاء استئنافية. لا : نافية لا عمل لها. تعلم : فعل مضارع مرفوع بالضمة. نفس : فاعل مرفوع بالضمة المنونة.

(ما أُخْفِيَ لَهُمْ) : اسم موصول مبني على السكون بمعنى «الذي» في محل نصب مفعول به. أخفي : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بأخفي بمعنى ما أخفاه الله لهم أو لا تدري نفس الذي ادخره الله لأهل الجنة.

(مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما» بمعنى حالة كونه من قرة أعين و «من» حرف جر بياني والجملة الفعلية «أخفي لهم» صلة الموصول لا محل لها. والاسم الموصول «ما» مبهم «بين بقرة أعين» أعين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة أي من سرور قلوبهم وارتياح نفوسهم.

(جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) : مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو يكون منصوبا على المصدر بفعل محذوف التقدير : وما سيجازون به جزاء لهم. الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.

الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يعملون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «كانوا يعملون» صلة الموصول لا محل لها وحذف الضمير العائد المنصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : بما كانوا يعملونه.

** (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة عشرة .. المعنى : يدعون ربهم خائفين من غضبه وعقابه طامعين في رحمته وجنته .. يقال : طمع الرجل ـ يطمع ـ طمعا في الشيء .. من باب «طرب» و «سلم» ومصدره : طمعا وطماعة فهو طمع ـ فعل بمعنى فاعل ـ وطامع ـ اسم فاعل ـ قال القيومي : وقد يستعمل فيما يقرب حصوله وقد يستعمل بمعنى «الأمل» ومن كلامهم : طمع في غير مطمع .. إذا أمل ما يبعد حصوله لأنه قد يقع كل واحد موقع الآخر لتقارب المعنى. وطمع : بمعنى حرص على الشيء .. والطمع : هو الشيء المطموع فيه وجمعه : أطماع. و «الطمع» صفة ملازمة لابن آدم مجبول عليها .. قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «لو أن لابن آدم واديين من ذهب لابتغى إليها ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب» وقال أبو العلاء المعري :

ومن كان ذا جود وليس بمكثر

فليس بمحسوب من الكرماء

ومن الذين اشتهروا بالطمع رجل اسمه : أشعب .. وهو أحد ظرفاء أهل المدينة عمر طويلا كان حسن الصوت شديد الطمع .. وضرب به المثل في الطمع .. وتناقلت كتب الأدب أخبارا كثيرة عن طمعه وتذكر المصادر أنه مر برجل يعمل طبقا فقال له : أحب أن تزيد فيه طوقا ـ أي عنقا مستدير الشكل ـ فقال له : لم؟ قال : عسى أن يهدى إلي فيه شيء. فسار مضرب الأمثال فقيل عن الطامع أطمع من أشعب. وقال الشاعر :

وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن

بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل

** (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة عشرة. وأنث الفعل «تعلم» مع فاعله «النفس» على معنى «الروح» كقوله تعالى في سورة «النساء» : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) وإن أريد بالنفس الشخص فهي مذكر .. «والنفس» هي اسم لجملة الانسان والحيوان قوامها بالدم ومنه قولهم : لا نفس له سائلة : أي لا دم له يجري وسمي الدم نفسا. وذكر الضمير العائد إلى «نفس» وجمع في «لهم» وكانوا يعملون على معنى «النفس» أي الإنسان بمعنى جنس الإنسان. الذي يفيد التذكير والجمع لأنه المراد به الجنس بمعنى فلا يعلم إنسان ما أخفي لأهل الجنة على حسن أعمالهم أي ما خبئ لهم من الأجر والثواب الذي تقر به أعينهم وتسر .. يقال : قر بالشيء عينا .. يقر ـ قرا .. كضرب ـ يضرب ـ وعلم يعلم. وقرت عينه ـ تقر ـ بكسر القاف وفتحها : ضد سخنت .. ويقال : أقر الله عينه : أي أعطاه حتى تقر فلا تطمح إلى الذي هو فوقه ويقال : حتى تبرد ولا تسخن .. فللسرور دمعة باردة وللحزن دمعة حارة. ويقال : هو قرة عيني : أي ما تقر به عيني وتسر. ويقال : قرت عين من مات في سبيل الله وفي الدفاع عن الوطن : أي بردت عينه سرورا وجف دمعها أو رأت ما كانت متشوقة

إليه .. فهو قرير العين .. وعينه قريرة. و «قرة الأعين» أي موجبة للسرور على تأويل أن تكون لفظة «قرة» مشتقة إما من القرار فيكون المعنى : إن ذلك الشيء تسكن إليه العين سرورا به .. وإما من القر : أي البرد فيكون برود العين كناية عن السرور أي سرور صاحبها وارتياحه وقيل : مشتقة من «القرار» لأن العين تقر على ما يسرها : أي تثبت عليه وتستقر وإما من «القر» وهو البرد لأن دمعة السرور تكون باردة. روي أن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ رأى على عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قميصا فقال له : أجديد قميصك أم لبيس؟ قال عمر : بل لبيس يا رسول الله. فقال له النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : البس جديدا وعش حميدا ومت شهيدا وليعطك الله قرة عين في الدنيا والآخرة». وكان عمر يسأل الله شهادة في سبيله ووفاة في بلد نبيه .. وقد استجاب الله تعالى له فمات شهيدا في مدينة الرسول على يد قاتل مجوسي .. وقد قتل عمر في أحب الأوقات إليه بل في أحب الأوقات إلى الله عزوجل وهو الوقت الذي تؤدى فيه صلاة الفجر .. ويروى أن عمر سقط وهو يقول : وكان أمر الله قدرا مقدورا.

** (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة .. المعنى أفمن كان مؤمنا بالله ورسله كمن كان خارجا عن حدود الشرع أي عن الايمان والطاعة لا. لا يستوون عند الله يوم القيامة. وقد أفرد «كان» على لفظ «من» وجمع الفعل «يستوون» على معنى «من» أي إن الجملتين محمولتان على لفظ «من» ومعناها لأن «من» مفردة لفظا مجموعة معنى.

** (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة العشرين .. المعنى وأما الذين خرجوا عن طاعة الله فمنزلهم ـ مسكنهم ـ أو مستقرهم النار وسميت «النار» مأوى استهزاء وسخرية بهم. و «النار» موجود قائم بنفسه مضيء ومحرق وجمعه : نيران. والكلمة مؤنثة وقد تذكر. قال أبو زيد : وجمعت على «نور» وقيل : مثل «ساحة» وجمعها : سوح .. والنائرة ـ اسم فاعل ـ مشتقة من «النار» وهي العداوة والشحناء .. نحو : بينهم نائرة .. وسعيت في إطفاء النائرة : أي في تسكين الفتنة .. وتصغر «النار» على «نويرة» ومن أسمائها الشهيرة : جهنم التي يعذب بها الكفار واللفظة «جهنم» ممنوعة من الصرف للمعرفة والتأنيث وهي دار العقاب الأبدي .. ومن أسمائها أيضا : سقر وهو كذلك اسم علم لجهنم وممنوع من الصرف أيضا لسبب نفسه و «سقر» مأخوذ من «سقرته النار» و «صقرته» بمعنى : لوحته. ومن أسمائها : السعير .. الخ.

** (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة الحادية والعشرين .. و «لعل» تفيد الترجي. والترجي هنا محال وممتنع عن الله سبحانه وإنما هو ترجي المخاطبين أي لعلهم يرجعون إلى رشدهم.

** (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ) : ورد هذا القول الكريم في نهاية الآية الكريمة السادسة والعشرين المعنى : إن في ذلك المذكور لدلائل وعلامات على قدرتنا أفلا يسمعون القول سماع تدبر واتعاظ أو فيتعظوا .. وحذف مفعول يسمعون «القول» كما حذف المشار إليه البدل أو النعت «المذكور».

** (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والعشرين. الفعل الرباعي منه «انظر» نحو : أنظره : أي أمهله.

** سبب نزول الآية : قال قتادة : قال الصحابة : إن لنا يوما يوشك أن نستريح فيه وننعم فقال المشركون : متى هذا الفتح إن كنتم صادقين؟ فنزلت هذه الآية الكريمة.

(أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) (١٨)

(أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً) : الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام دخلت على الفاء لانكار أن تقع شبهة. الفاء زائدة ـ تزيينية ـ من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. مؤمنا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والجملة الفعلية «كان مؤمنا» صلة الموصول لا محل لها بمعنى أفمن كان مؤمنا بالله ورسله.

(كَمَنْ كانَ) : الكاف اسم مبني على الفتح بمعنى «مثل» في محل رفع خبر المبتدأ «من» الأولى. من : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة ويجوز أن تكون الكاف حرف جر للتشبيه و «من» في محل جر بالكاف والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ «من» الأولى. كان : تعرب إعراب «كان» الأولى.

(فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ) : يعرب إعراب «مؤمنا». لا : نافية لا عمل لها. يستوون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة جواب الاستفهام لا محل لها بمعنى : كلا. لا يستوون.

(أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٩)

(أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) : حرف شرط وتفصيل وسميت حرف شرط لأن جوابها مقترن بفاء لا تفارقها. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. آمنوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها.

(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب إعرابها. الصالحات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا

من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم بمعنى وعملوا صالح الأعمال أو الأعمال الصالحة فحذف الموصوف «الأعمال» اختصارا وحلت الصفة «الصالحات» محله أو هي من الصفات التي جرت مجرى الأسماء.

(فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» الفاء واقعة في جواب «أما» اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. جنات : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. المأوى : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر بمعنى فلهم جنات المسكن الدائم لأنها المأوى الحقيقي أما الدنيا فهي منزل مترحل.

(نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) : يعرب إعراب «جزاء بما كانوا يعملون» الوارد في الآية الكريمة السابعة عشرة.

(وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (٢٠)

(وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ) : معطوف بالواو على «أما الذين آمنوا فلهم جنات» في الآية الكريمة السابقة ويعرب إعرابه. مأوى : مبتدأ مرفوع بالضمة وقدرت على الألف للتعذر و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة حرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ النار : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.

(كُلَّما أَرادُوا أَنْ) : اسم منصوب على نيابة الظرفية الزمانية متعلق بشبه جواب الشرط «أعيدوا» وهو مضاف. ما : مصدرية. أرادوا : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. و «ما» وما بعدها في تأويل مصدر في محل جر بالإضافة. أن : حرف مصدري ونصب.

(يَخْرُجُوا مِنْها) : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الافعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. منها : جار ومجرور متعلق بيخرجوا. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل «أرادوا».

(أُعِيدُوا فِيها) : الجملة الفعلية لا محل لها لأنها مشبهة لجواب الشرط وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. فيها : جار ومجرور متعلق بأعيدوا.

(وَقِيلَ لَهُمْ) : الواو عاطفة. قيل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بقيل والجملة الفعلية «ذوقوا» في محل رفع نائب فاعل.

(ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. عذاب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. النار : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(الَّذِي كُنْتُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للعذاب. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «كنتم به تكذبون» صلة الموصول لا محل لها.

(بِهِ تُكَذِّبُونَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان». تكذبون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٢١)

(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ) : الواو استئنافية. اللام واقعة في جواب قسم مقدر. نذيق : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به ونون التوكيد الثقيلة «لنذيقنهم» جواب القسم المقدر لا محل لها.

(مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى) : جار ومجرور متعلق بنذيقن و «من» حرف جر للتبعيض وحذف مفعول «نذيقن» الثاني لأن «من» التبعيضية دالة عليه. الأدنى : صفة ـ نعت ـ للعذاب مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر بمعنى : لننزل بهم شيئا من العذاب الأقل وهو عذاب الدنيا من القتل وغيره .. وقيل : عذاب القبر.

(دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بنذيقن وهو مضاف. العذاب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. الأكبر : صفة ـ نعت ـ للعذاب مجرور مثله وعلامة جره الكسرة بمعنى أقرب من العذاب الأكبر أي قبل عذاب الآخرة أو بمعنى : نذيقنهم عذاب الدنيا قبل أن يصلوا إلى الآخرة.

(لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «لعل». يرجعون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى لعلهم يتوبون عن الكفر.

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) (٢٢)

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ) : الواو استئنافية. من : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أظلم : خبر «من» مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه

ممنوع من الصرف ـ صيغة تفضيل ومن وزن الفعل ـ وبوزن أفعل بمعنى لا أحد أشد ظلما لنفسه. ممن : أصلها : من : حرف جر و «من» الاسم الموصول المدغم بنون «من» مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأظلم. والجملة الفعلية بعده «ذكر بآيات ربه» صلة الموصول لا محل لها.

(ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ) : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بآيات : جار ومجرور متعلق بذكر. ربه : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى بمعجزات ربه ثم صد عنها.

(ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها) : حرف عطف. أعرض : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عنها : جار ومجرور متعلق بأعرض.

(إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مدغم بنون «إن» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». من المجرمين : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. منتقمون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد «منتقم» وهو اسم فاعل.

(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) (٢٣)

(وَلَقَدْ آتَيْنا) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. آتى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(مُوسَى الْكِتابَ) : مفعولا «آتينا» منصوبان وعلامة نصب الأول الفتحة المقدرة على الألف للتعذر وعلامة نصب الثاني الفتحة الظاهرة في آخره بمعنى ولقد منحنا موسى كتاب التوراة.

(فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ) : الفاء استئنافية ويجوز أن تكون وما بعدها اعتراضية بين الجملتين «آتينا» و «جعلناه» لا محل للجملة الفعلية الاعتراضية من الإعراب. لا : ناهية جازمة. تكن : فعل مضارع ناقص مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت واوه ـ أصله : تكون ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين ـ واسم «تكن» ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. في مرية : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «تكن» بمعنى في شك.

(مِنْ لِقائِهِ) : جار ومجرور متعلق بلا تكن أو بصفة محذوفة من «مرية» والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة بمعنى : من لقائك الكتاب أي القرآن أو بمعنى آتينا موسى التوراة فلا تكن في شك من تلقيه ما أوتي.

(وَجَعَلْناهُ هُدىً) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آتينا» وتعرب إعرابها والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به أول. هدى : مفعول به ثان منصوب بآتى المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر.

(لِبَنِي إِسْرائِيلَ) : جار ومجرور متعلق بجعلنا أو بصفة محذوفة من «هدى» بمعنى وجعلنا الكتاب مرشدا وهاديا لبني إسرائيل وعلامة جر الاسم الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت نونه ـ أصله بنين ـ للإضافة. إسرائيل : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف.

(وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) (٢٤)

(وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً) : الواو عاطفة. جعل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. من : حرف جر و «هم» ضمير

الغائبين مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بجعلنا أو في مقام المفعول به الثاني للفعل «جعل» المتعدي إلى مفعولين أو إن المفعول به الثاني محذوف لدلالة «من» التبعيضية عليه. أئمة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى قادة في الدين وهم الأنبياء.

(يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ لأئمة وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وحذف مفعوله لأنه معلوم بمعنى يرشدون الناس ويهدونهم إلى عبادة الله الواحد الأحد. بأمر : جار ومجرور متعلق بيهدون و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(لَمَّا صَبَرُوا) : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالجواب وجوابه محذوف لتقدم معناه. صبروا : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد «لما» وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) : الواو عاطفة. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. بآيات : جار ومجرور متعلق بيوقنون و «نا» أعرب في «أمرنا» والجملة الفعلية «يوقنون» في محل نصب خبر «كان» وتعرب إعراب «يهدون».

(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٢٥)

(إِنَّ رَبَّكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربك : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير المخاطب في محل جر مضاف إليه.

(هُوَ يَفْصِلُ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن». هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. يفصل : الجملة الفعلية في

محل رفع خبر «هو» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أو يكون «هو» ضمير فصل أو عمادا لا محل له فتكون الجملة الفعلية «يفصل» في محل رفع خبر «إن» بمعنى : يحكم.

(بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيفصل وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. يوم : مفعول فيه ـ ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بيفصل وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. القيامة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(فِيما كانُوا) : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بيفصل. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة.

(فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) : جار ومجرور متعلق بكانوا أو بخبرها «يختلفون» والجملة الفعلية (كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) صلة الموصول لا محل لها. يختلفون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ) (٢٦)

(أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ) : الألف ألف إنكار بلفظ استفهام لا محل له. الواو عاطفة على معطوف عليه من جنس المعطوف. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يهد : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره ـ الياء ـ حرف العلة وبقيت الكسرة دالة عليها بمعنى : ألم يتبين. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والضمير يعود لهؤلاء الكفار ـ من أهل مكة ـ والجار والمجرور متعلق بيهدي وفاعل «يهدي» الجملة الفعلية بعده بمعناها ومضمونها أي ما دل عليه «كم أهلكنا» التقدير : أولم يتبين لهم كثرة إهلاكنا ولا يجوز أن يكون فاعل الفعل

«يهد» الاسم «كم» لأن «كم» استفهام خبري له الصدارة في الكلام ولا يعمل فيه ما قبله إذ لا يقال : جاءني كم رجل ويجوز أن يكون الفاعل من معنى الفعل وهو التبيين أو يكون على الحكاية أي الكلام كما هو بمضمونه ومعناه كقولنا : تقع سرمن رأى بالعراق. وقيل : يجوز أن يكون فيه ضمير لفظ الجلالة بدلالة القراءة بالنون «أو لم نهد» أو يكون المعنى أولم يتبين لهم.

(كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ) : خبرية تفيد التكثير مبنية على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «أهلك» أهلك : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. من قبل : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «كم» التقدير : حال كونهم من قبلهم و «من» حرف جر بياني و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(مِنَ الْقُرُونِ) : جار ومجرور في محل نصب بيان للاسم «كم» الخبرية وتمييز لها كما يميز العدد بالجنس يعني عادا وثمودا وقرونا بين ذلك كثيرا بمعنى من الأمم والجار والمجرور متعلق بحال من «كم» أيضا. التقدير : عددا كبيرا حالة كونه من القرون أي الأمم أهلكنا.

(يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال بمعنى : هم الآن يمشون في مساكن الأمم التي أهلكناها ويرون آثارهم وما تركوا وراءهم. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. في مساكن : جار ومجرور متعلق بيمشون و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(إِنَّ فِي ذلِكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. في : حرف جر. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بفي. اللام للبعد والكاف للخطاب والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن» المقدم.

(لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ آيات : اسم «إن» مؤخر منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه

ملحق بجمع المؤنث السالم. الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. الفاء زائدة ـ تزيينية ـ لا : نافية لا عمل لها. يسمعون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف مفعول الفعل اختصارا لأنه معلوم بمعنى أفلا يسمعون القول فيتعظوا.

(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ) (٢٧)

(أَوَلَمْ يَرَوْا) : أعرب في الآية الكريمة السابقة. يروا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة المؤولة من «أن» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ليروا لأن المعنى : ألم يبصروا وهو من رؤية العين الذي يتعدى إلى مفعول واحد.

(أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» المدغم بنون «إن» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل نصب اسم «أن». نسوق : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. الماء : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ) : جار ومجرور متعلق بنسوق. الجرز : صفة ـ نعت ـ للأرض مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة.

(فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «نسوق الماء» وتعرب إعرابها. به : جار ومجرور متعلق بنخرج بمعنى : نسوق الماء إلى الأرض المقطوعة النبات القاحلة أي اليابسة فنخرج بالماء زرعا.

(تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «زرعا» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة. منه : جار ومجرور متعلق بتأكل أي تأكل من الزرع. أنعام : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير

متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة أي بهائمهم وهي جمع «نعم».

(وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ) : معطوفة بالواو على «أنعامهم» وتعرب مثلها بمعنى ويأكلون من الزرع أيضا هم أنفسهم أفلا يبصرون هذا فيعلمون قدرة الله الخلاق. أفلا يبصرون : تعرب إعراب «أفلا يسمعون» في الآية الكريمة السابقة.

(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢٨)

(وَيَقُولُونَ مَتى) : الواو استئنافية. يقولون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. متى : اسم استفهام في محل نصب ظرف زمان منصوب بفعل محذوف تقديره : يكون أي يقول المشركون : في أي وقت يكون هذا النصر أو الفصل في الحكم الذي تعدوننا بأن الله سيحكم بيننا فيه أو يكون «متى» في محل رفع متعلقا بخبر مقدم بمعنى : متى زمان هذا الفتح.

(هذَا الْفَتْحُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. الفتح : بدل من اسم الإشارة مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة.

(إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) : حرف شرط جازم. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور والفعل «كان» في محل جزم لأنه فعل الشرط. صادقين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه. التقدير : إن كنتم صادقين في دعواكم فأخبرونا متى هذا الفتح.

(قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) (٢٩)

(قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت واوه ـ أصله قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ يوم : مفعول فيه ـ

ظرف زمان ـ منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بلا ينفع وهو مضاف. الفتح : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(لا يَنْفَعُ الَّذِينَ) : نافية لا عمل لها. ينفع : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم.

(كَفَرُوا إِيمانُهُمْ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. إيمان : فاعل «ينفع» مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه.

(وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ينظرون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى ولا هم يمهلون إلى وقت آخر.

(فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) (٣٠)

(فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ) : الفاء عاطفة. أعرض : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. عن : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بأعرض الواو عاطفة. انتظر : الجملة الفعلية معطوفة على جملة «أعرض» وتعرب إعرابها بمعنى وانتظر يا محمد يوم الفتح وتحقيق الوعيد بهلاكهم أو وانتظر الغلبة عليهم يوم الفصل ـ يوم الفتح.

(إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين المتصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». منتظرون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد «منتظر» وهو اسم فاعل يعمل عمل فعله المتعدي إلى المفعول بمعنى إنهم ينتظرون الغلبة عليكم وهلاككم في ذلك اليوم أي يوم الفصل ـ يوم الفتح ـ.

سورة الأحزاب

معنى السورة : الأحزاب : جمع «حزب» وهم القوم الذين يجتمعون في أمر حزبهم : أي أصابهم للنظر في إيجاد مخرج منه .. وقيل : الأحزاب : هم طائفة من الناس .. ومنها القول : تحزب القوم : بمعنى : صاروا أحزابا وتجمعوا .. وسمي «يوم الخندق» : يوم الأحزاب وقيل : الأحزاب : هي الطوائف التي تجتمع على محاربة الأنبياء ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقيل : هي جمع «حزب» أي القسم من القرآن وغيره. ولفظة «حزب» وردت في الكتاب الكريم سبع مرات.

تسمية السورة : وردت كلمة «الأحزاب» ثماني مرات في القرآن الكريم وثلاث مرات أخرى في سورة سميت بها أي سورة «الأحزاب» وفيها آية سميت «آية الحجاب» وهي الآية الكريمة الثالثة والخمسون .. التي نزلت بعد رجاء عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقد كان عمر يحب ضرب الحجاب على نساء الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ محبة شديدة وقال : يا رسول الله .. يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المسلمين أو المؤمنين بالحجاب. فنزلت الآية الكريمة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ) إلى أن يقول : (وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ..) إلى آخر الآية الكريمة و «متاعا» بمعنى : شيئا مما ينتفع به .. ومن وراء حجاب : بمعنى : من وراء حاجز. ولما نزلت هذه الآية الكريمة ـ آية الحجاب ـ قال الآباء والأبناء والأقارب : يا رسول الله أو نكلمهن نحن أيضا من وراء حجاب؟ فنزل قوله تعالى : (لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ) صدق الله العظيم. بمعنى : لا إثم عليهم. وقيل سميت هذه السورة الشريفة «سورة الأحزاب» لاشتمالها على

وقائع غزوة الخندق أو الأحزاب الذين تجمعوا حول المدينة من مشركي قريش وغطفان بالتواطؤ مع المنافقين ويهود بني قريظة لحرب المسلمين.

فضل قراءة السورة : قال الرسول الهادي إلى الصراط المستقيم النبي محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «الأحزاب» وعلمها أهله وما ملكت يمينه أعطي الأمان من عذاب القبر» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

إعراب آياتها

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) (١)

(يا أَيُّهَا النَّبِيُ) : أداة نداء. أي : اسم منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» زائدة للتنبيه. النبي : صفة ـ نعت ـ لأي مرفوع على لفظ «أي» لا على المحل وعلامة رفعه الضمة. والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

(اتَّقِ اللهَ) : فعل أمر مبني على حذف آخره .. حرف العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة عليها. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تطع : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين وحذفت ياؤه ـ أصله : تطيع ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. الكافرين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والمنافقين : معطوف بالواو على الكافرين ويعرب مثله.

(إِنَّ اللهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(كانَ عَلِيماً حَكِيماً) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره

هو. عليما حكيما : خبران لكان منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة بمعنى كان عالما بما تدعوهم إليه عليما بما يضمره الكافرون ويظهره المنافقون ويبطنونه أو يكون «حكيما» صفة لعليم.

(وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (٢)

(وَاتَّبِعْ ما يُوحى) : الواو عاطفة. اتبع : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يوحى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والجملة الفعلية «يوحى إليك» صلة الموصول لا محل لها بمعنى : القرآن.

(إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) : جار ومجرور متعلق بيوحى. من ربك : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما» لأن «ما» مبهمة و «من» حرف جر بياني. التقدير حال كونه منزلا من ربك والكاف ضمير المخاطب في محل جر مضاف إليه.

(إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة السابقة. الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بكان أو بخبرها. تعملون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. خبيرا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : بما تعملونه. أو تكون «ما» مصدرية فتكون الجملة الفعلية «تعملون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير والمعنى إن الله مطلع على أعمالكم.

** (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى .. المعنى : تحل بالتقوى وواظب عليها أي على تقوى الله وليتق الله المؤمنون الذين أنت قدوتهم .. والمنادى هو النبي الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ولم يناده سبحانه وتعالى باسمه تكريما له أي ترك سبحانه وتعالى نداء الرسول الكريم باسمه كرامة له وتشريفا وربما تنويها بفضله. و «النبي» محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ هو أبو المؤمنين في الدين ولذلك قيل : إنما المؤمنون إخوة. قال مجاهد : كل نبي هو أبو أمته ولذلك صار المؤمنون إخوة. وقد شبه سبحانه وتعالى أزواج النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بالأمهات في بعض الأحكام وهو وجوب تعظيمهن واحترامهن في قوله عزوجل و «أزواجه أمهاتهم» وحرم سبحانه زواجهن في آية أخرى : (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) وهن فيما وراء ذلك بمنزلة الأجنبيات .. ولذلك قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : «لسنا أمهات النساء» تعني : أنهن إنما كن أمهات الرجال لكونهن محرمات عليهم كتحريم أمهاتهم .. والدليل على ذلك أن هذا التحريم لم يتعد إلى بناتهن وكذلك يثبت لهن سائر أحكام الأمهات.

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة حين طلب بعض أهل مكة من النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أن يرجع عن قوله على أن يعطوه شطر أموالهم.

** (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة .. يقال : كفى الشيء يكفي كفاية فهو كاف ـ اسم فاعل ـ إذا حصل به الاستغناء عن غيره .. ويقال : اكتفيت بالشيء : أي استغنيت به أو قنعت به وكل شيء ساوى شيئا حتى صار مثله فهو مكافئ له والكفىء ـ بوزن فعيل ـ والكفوء ـ بوزن فعول ـ والكفء ـ بوزن قفل ـ كلها بمعنى المماثل.

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة عند ما عرض أبو سفيان وعكرمة بن أبي جهل وأبو الأعور السلمي على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أن يرفض ذكر آلهتهم بسوء وأن يقول إن لها شفاعة وهم يدعونه وربه.

** (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) : في هذا القول الكريم الوارد في بداية الآية الكريمة الرابعة جاء ردا على بعض العرب إذ كانوا يزعمون أن كل لبيب له قلبان. وقولهم : فلان نقي الجيب : معناه : نقي القلب .. والجيب أيضا : هو طوق القميص. وكان الحبيب المصطفى محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إذا نظر إلى السماء قال : ربنا ما خلقت هذا باطلا .. يا مصرف القلوب ثبت قلبي على دينك.

** (وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ) : تظاهرون : بمعنى : تعاملونهن بالظهار وهو قول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي فلا يحل له أن يقربها .. وكان هذا يحدث في الجاهلية وهو يعتبر طلاقا فعند ما لا يحل له أن يقرب زوجته لا يحل له أن يقرب أمه فبين الله تعالى أن الزوجة ليست أما .. ونحوه في العبارة عن اللفظ : لبى المحرم : إذا قال لبيك .. وأفف الرجل : إذا قال أف. والتنكير في كلمة «رجل» في قوله (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) وإدخال «من» الاستغراقية على القلبين للتأكيد هما تأكيدان لما قصد من المعنى .. بتقدير : ما جعل الله لأمة الرجال ولا لواحد منهم قلبين أبدا في جوفه .. أي في صدره. ويقال : ظاهر الرجل من امرأته ظهارا .. مثل «قاتل قتالا» وتظهر : أي قال لها : أنت علي كظهر أمي .. قيل : إنما خص ذلك بذكر الظهر من باب الاستعارة. وكان «الظهار» طلاقا

في الجاهلية فنهوا عنه ـ أي عن الطلاق ـ بلفظ الجاهلية. و «تظاهرون» من «أظاهر» بمعنى : تظاهر وقد عدي الفعل بمن لأنهم في الجاهلية كانوا يتجنبون المرأة المظاهر منها كما يتجنبون المطلقة فكان قولهم : تظاهر منها : تباعد منها بجهة الظهار وتظهر منها : أي تحرز منها .. وظاهر منها : أي حاذر منها وظهر منها : خلص منها. ويقال : فلان نازل بين ظهرانيهم : أي في معظمهم ووسطهم. تلفظ كلمة «ظهرانيهم» بفتح النون. قال ابن فارس : ولا تكسر. وقال جماعة : الألف والنون زائدتان للتأكيد .. وبين ظهريهم وبين أظهرهم .. كلها بمعنى : بينهم. وفائدة إدخاله في الكلام ـ كما يقول الفارابي ـ أن إقامته بينهم على سبيل الاستظهار بهم والاستناد إليهم. وكأن المعنى أن ظهرا منهم قدامه وظهرا وراءه فكأنه مكنوف ـ مستور ـ من جانبيه. هذا أصله ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم وإن كان غير مكنوف بينهم. وقولهم : دخلت صلاة الظهر. أنثت اللفظة لأنها مضمومة إلى الصلاة. ويجوز التأنيث والتذكير في حالة عدم الإضافة فالتأنيث على معنى ساعة الزوال .. والتذكير على معنى الوقت والحين. فيقال : حان الظهر وحانت الظهر ويقال هذا على بقية أوقات الصلوات. ويقال : أظهر القوم : بمعنى : دخلوا في وقت الظهر أو الظهيرة .. واتخذت كلامه ظهريا : أي نسيا منسيا والكلمة منسوبة إلى الظهر والكسر من تغييرات النسب.

** (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) : الأدعياء : هم الملتحقون بنسبكم .. ومفردها : دعي .. وهو فعيل بمعنى مفعول .. جمع على «أفعلاء» وهذا بابه ما كان منه بمعنى «فاعل» مثل «تقي ـ أتقياء ـ وشقي وجمعه : أشقياء. و «الدعي» هو الذي يدعي ولدا ليس له أي من تبناه.

** (ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) : أي ذلكم النسب أو الادعاء أو الظهار والتبني .. هو مجرد قول أنتم قلتموه لا حقيقة له فلا تحرم الزوجة بالظهار ولا يثبت نسب بالتبني .. فحذف النعت أو البدل المشار إليه لأن ما قبله دال عليه.

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في رجل من بني فهر قال إن في جوفي لقلبين أعقل بكل واحد منهم أفضل من عقل محمد. أو في الوليد ابن المغيرة الذي كان يقول : لي قلبان أعقل في أحدهما ما لا أعقل في الآخر ونزلت آية الظهار في خولة بنت ثعلبة زوجة أوس بن الصامت كما سيأتي في سورة «المجادلة» ونزلت آية «إبطال التبني في زيد بن حارثة الذي كان عند الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ثم أعتقه وتبناه قبل الوحي.

** (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخامسة .. المعنى : ليس عليكم ذنب .. و «الذنب» هو «الخط» تسمية بالمصدر. قال أبو عبيدة : خطئ وأخطأ : بمعنى واحد لمن يذنب على غير عمد. وقال غيره : خطئ الرجل في الدين وأخطأ في كل شيء عامدا كان أو غير عامد. وقيل : خطئ : إذا تعمد ما نهي عنه فهو خاطئ ـ اسم فاعل ـ وأخطأ : إذا أراد الصواب فصار إلى غيره فإن أراد غير الصواب وفعله قيل : قصده أو تعمده .. هذا ما ذكره الفيومي. وقالت العرب : من الخواطئ سهم صائب أي يخطئ مرارا ويصيب مرة. و «الخواطئ» هي التي تخطئ القرطاس وهي من «خطئت» : أي أخطأت قال أبو الهيثم : وهي لغة رديئة. قال : ومثل العامة في هذا : «رب رمية من غير رام» وأنشد الشاعر :

رمتني يوم ذات الغمر سلمى

بسهم مطعم للصيد لام

فقلت لها أصبت حصاة قلبي

وربة رمية من غير رام

ويقال : أخطأه السهم : أي تجاوزه ولم يصبه. ويقال : خطأت الرجل أي قلت له أخطأت أو جعلته مخطئا.

** (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة المعنى : أزواج النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بمنزلة أمهات المؤمنين أو كأمهاتهم تعظيمهن واحترامهن وتحريم زواجهن واجب وفي هذا القول الكريم تأكيد لمنزلة الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ عند ربه جلت قدرته ـ. وقوله «النبي أولى بالمؤمنين» معناه : أحرص بهم في كل شيء من أمور الدين والدنيا أو أرأف وأنفع لهم وأحق .. وأخرج البخاري عن أبي هريرة عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : «ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة اقرءوا إن شئتم : «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم» فأيما مؤمن ترك مالا فلترثه عصبته من كانوا فإن ترك دينا أو ضياعا ـ عيالا ـ فليأتني فأنا مولاه».

** (إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة. المعنى حين جاءتكم ملائكة لإبادتكم أو الأحزاب للقضاء عليكم في وقعة الخندق سنة خمس هجرية حين جاءتكم جنود الأحزاب الكثيفة لغزو المدينة من قريش وغطفان واليهود ـ يهود بني قريظة والنضير وكانوا زهاء اثني عشر ألفا. وأرسلنا عليهم ريحا قلعت خيامهم وبعثرتهم وأثارت خيولهم ومواشيهم وأرسلنا كذلك جنودا من الملائكة لم تروها التي قلعت الأوتاد وأثارت الرعب فيهم وقد أنث الفعل «جاءت» مع الفاعل «جنود» لفصله عن فاعله أو على اللفظ لا المعنى.

** سبب نزول الآية : نزلت في وقعة الأحزاب بقيادة أبي سفيان وكان المنافقون ـ وهم الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر إما ضعفا وإما قصد الإفساد ـ كان هؤلاء المنافقون ـ يستأذنون النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قائلين : إن بيوتنا عورة ـ أي غير حصينة يخشى عليها من الأعداء ـ فضربتهم ريح الصبا العاصفة وهم يقولون : الرحيل الرحيل.

(وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (٣)

(وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) : الواو عاطفة. توكل : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والجار والمجرور للتعظيم «على الله» متعلق بتوكل بمعنى واعتمد على الله وفوض أمرك إليه.

(وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) : الواو عاطفة. كفى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر. الباء حرف جر زائد. الله لفظ الجلالة : اسم مجرور لفظا مرفوع للتعظيم محلا لأنه فاعل «كفى». وكيلا : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو يكون حالا من لفظ الجلالة بمعنى : فالله كافيك ولا تخش الكافرين لأنه إلى الله توكل الأمور جميعا.

(ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللاَّئِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) (٤)

(ما جَعَلَ اللهُ) : نافية لا عمل لها. جعل : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.

(لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ) : جار ومجرور متعلق بجعل بمعنى لإنسان أي ما أوجد لإنسان قلبين. من : حرف جر زائد للتأكيد أي دخلت توكيدا كما يقال رأيت زيدا نفسه. قلبين : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به للفعل «جعل» وعلامة الجر أو النصب الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي ما جمع الله قلبين.

(فِي جَوْفِهِ) : جار ومجرور متعلق بجعل أو بصفة محذوفة من «قلبين» والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب في محل جر بالإضافة أي في صدره.

(وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ) : الجملة الفعلية معطوفة على جملة «ما جعل الله» وتعرب إعرابها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله سبحانه. أزواجكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور بمعنى زوجاتكم.

(اللَّائِي تُظاهِرُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للأزواج بمعنى اللواتي مفردها «التي» تظاهرون : الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ) : حرف جر و «هن» ضمير الإناث الغائبات ـ مبني على الفتح في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «اللائي» و «من» حرف جر بياني. أمهات : مفعول به ثان منصوب بجعل المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم و «كم» أعرب في «أزواجكم».

(وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) : يعرب إعراب «وما جعل أزواجكم أمهاتكم» وعلامة نصب «أبناءكم» الفتحة.

(ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد. الكاف للخطاب والميم علامة الجمع. قولكم : خبر «ذلكم» مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور أو يكون «قولكم» خبر مبتدأ «ذلكم» وحسن تقدير «هو» دفعا للالتباس أي لبس إعراب «قولكم» بدلا من «ذلكم» لأن المعرفة بعد اسم الإشارة تكون بدلا منه أو نعتا ـ صفة ـ له.

(بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ) : جار ومجرور متعلق بقولكم و «كم» أعرب في «أزواجكم» الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع بالضمة.

(يَقُولُ الْحَقَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الحق : صفة ـ نعت ـ للمصدر ـ المفعول به ـ المحذوف منصوب بالفتحة أي يقول القول الحق.

(وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) : معطوف بالواو على «والله يقول الحق» ويعرب إعرابه و «هو» ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ .. يعود إلى الله سبحانه بمعنى يهدي إلى السبيل وهو السبيل الحق بمعنى يهدي إلى طريق الحق فحذف الجار وعدي الفعل «يهدي» إلى المجرور «السبيل» فانتصب على المفعولية وعلامة رفع الفعل «يهدي» الضمة المقدرة على الياء للثقل.

(ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٥)

(ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

لآباء : جار ومجرور متعلق بادعوهم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة أي انسبوهم ..

(هُوَ أَقْسَطُ) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. أقسط : خبر «هو» مرفوع بالضمة بمعنى ذلك النسب أعدل والكلمة ممنوعة من الصرف على وزن «أفعل» صيغة تفضيل ومن وزن الفعل.

(عِنْدَ اللهِ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بأقسط وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر الكسرة.

(فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا) : الفاء استئنافية. إن : حرف شرط جازم. لم : حرف نفي وجزم وقلب. تعلموا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والفعل في محل جزم بإن لأنه فعل الشرط والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى فإن لم تعرفوا.

(آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. الفاء واقعة في جواب الشرط. إخوانكم : خبر مبتدأ محذوف تقديره هم مرفوع بالضمة الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور والجملة الاسمية «فهم إخوانكم» جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم.

(فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ) : جار ومجرور متعلق بإخوانكم على تأويل فعله بمعنى : تآخيتم في الدين. ومواليكم : معطوف بالواو على «إخوانكم» ويعرب إعرابه وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل بمعنى وأولياؤكم في الدين فحذفت الصلة ـ الجار والمجرور ـ في الدين اكتفاء بذكرها أول مرة.

(وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) : الواو عاطفة. ليس : فعل ماض ناقص من أخوات «كان». عليكم : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «ليس»

المقدم والميم علامة جمع الذكور. جناح : اسم «ليس» المؤخر مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة بمعنى : ذنب.

(فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ) : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بجناح أو بصفة محذوفة منه بمعنى بسبب ما أخطأتم. أخطأتم : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. به : جار ومجرور متعلق بأخطأتم.

(وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) : الواو زائدة. لكن : حرف عطف. يفيد الاستدراك لأنه مخفف. ما : معطوف على «فيما» أي ولكن فيما .. تعمدت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. قلوب : فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف و «كم» أعرب في «إخوانكم» ويجوز أن تكون «ما» في محل رفع مبتدأ والخبر أي خبر «ما» محذوفا لأن ما قبله دال عليه. التقدير : ولكن ما تعمدت قلوبكم فيه الجناح بمعنى : لا إثم عليكم فيما فعلتموه من ذلك مخطئين جاهلين قبل ورود النهي ولكن الاثم فيما تعمد بعد النهي .. أي ولكن التبعة تقع عليكم فيما تعمدت قلوبكم.

(وَكانَ اللهُ) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : اسم «كان» مرفوع للتعظيم بالضمة.

(غَفُوراً رَحِيماً) : خبرا «كان» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة ويجوز أن يكون «رحيما» صفة ـ نعتا ـ للموصوف «غفورا» بمعنى : يعفو عن الخطأ وعن العمد إذا تاب العامد.

(النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) (٦)

(النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ) : مبتدأ مرفوع بالضمة. أولى : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر. بالمؤمنين : جار ومجرور

متعلق بأولى وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته «المؤمن» وهو اسم فاعل. أي المؤمنين بالله ورسله.

(مِنْ أَنْفُسِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بأولى و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) : الواو عاطفة. أزواجه : مبتدأ مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. أمهات : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(وَأُولُوا الْأَرْحامِ) : الواو عاطفة. أولو : مبتدأ مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم بمعنى «ذوو» وهو جمع لا واحد ـ مفرد ـ له. وقيل هو اسم جمع مفرده : ذو بمعنى صاحب. الأرحام : مضاف إليه مجرور بالكسرة بمعنى الأقرباء.

(بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ الأول «أولو الأرحام». بعض : مبتدأ ثان مرفوع بالضمة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. أولى : خبر المبتدأ الثاني «بعضهم» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر. ببعض : جار ومجرور متعلق بأولى ويجوز أن يكون «بعضهم» بدلا من «أولو الأرحام» ويكون «أولى» خبر «أولو ..».

(فِي كِتابِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بأولى. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة بمعنى : في اللوح المحفوظ أو بمعنى : فيما أوحى الله إلى نبيه .. أو في أمر الوراثة.

(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «أولي الأرحام» بتقدير : في حال كونهم من المؤمنين وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والمهاجرين : معطوف بالواو على «المؤمنين».

(إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا) : أداة استثناء. أن : حرف مصدري ناصب. تفعلوا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «تفعلوا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما تلاها بتأويل مصدر في محل نصب مستثنى بإلا «استثناء منقطعا» أو هو استثناء من أعم العام في معنى النفع والإحسان.

(إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً) : جار ومجرور متعلق بتفعلوا وعدي الفعل «تفعلوا» بإلى لأن المعنى : تسدوا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. والمراد بالأولياء : المؤمنون والمهاجرون للولاية في الدين. معروفا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة بمعنى إلا أن تسدوا معروفا فتوصوا لهم بشيء. وقيل : المراد بكلمة «معروفا» هنا : الوصية.

(كانَ ذلِكَ) : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع اسم «كان» اللام للبعد والكاف حرف خطاب والإشارة إلى ما ذكر في الآيتين الكريمتين جميعا أي الحكم والميثاق.

(فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان». مسطورا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ذلك كله ثابت فيما مر آنفا أو في اللوح المحفوظ أو في القرآن مدونا بالأسطر.

(وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (٧)

(وَإِذْ أَخَذْنا) : الواو استئنافية. إذ : اسم مبني على السكون في محل نصب مفعول به بفعل محذوف تقديره اذكر أو هو ظرف بمعنى «حين». أخذنا : الجملة الفعلية وما بعدها في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ) : جار ومجرور متعلق بأخذنا وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. ميثاق : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. والميثاق : هو العهد المؤكد وجمعه : مياثيق.

(وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ) : جار ومجرور معطوف على «من النبيين» متعلق بأخذنا بمعنى : وأخذنا مثله عليك. الواو عاطفة. من نوح : جار ومجرور معطوف على الضمير ـ ضمير المخاطب ـ في «منك» ويعرب مثله وحسن تكرار حرف العطف وحرف الجر لأنه معطوف على ضمير في محل جر بمعنى وأخذنا العهد من نوح.

(وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى) : الأسماء معطوفة بواوات العطف على «نوح» مجرورة مثله وعلامة جرها الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأن الأسماء ممنوعة من الصرف وقدرت الحركة على الاسمين «موسى» و «عيسى» منع من ظهورها التعذر وظهرت على «إبراهيم» ولم يمنع «نوح» من الصرف رغم عجمته شأنه شأن الأسماء التالية بعده وذلك لخفته ولأنه اسم ثلاثي أوسطه ساكن.

(ابْنِ مَرْيَمَ) : بدل من «عيسى» أو صفة ـ نعت ـ له مجرور مثله وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. مريم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للمعرفة والتأنيث.

(وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) : الواو عاطفة وما بعدها أعرب. غليظا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «ميثاقا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة أيضا أي أخذنا منهم ميثاقا مؤكدا أو شديدا بتبليغ الرسالة.

(لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً) (٨)

(لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ) : اللام حرف جر للتعليل. يسأل : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى : ليسألهم الله يوم القيامة. الصادقين : مفعول به منصوب

وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والجملة الفعلية «يسأل الصادقين» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بأخذنا أو فعلنا بمعنى الذين صدقوا عهدهم ووفوا به.

(عَنْ صِدْقِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بيسأل. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : يسألهم عن عهدهم وشهادتهم أو ليسأل المصدقين للأنبياء عن تصديقهم أولئك الأنبياء الصادقين.

(وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ) : الواو عاطفة. أعد : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. للكافرين : جار ومجرور متعلق بأعد وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والجملة الفعلية معطوفة على «أخذنا من النبيين» أو على ما دل عليه «ليسأل الصادقين» بمعنى : فأثاب للمؤمنين وأعد للكافرين عذابا مؤلما.

(عَذاباً أَلِيماً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. أليما : صفة ـ نعت ـ للموصوف «عذابا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة أيضا.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) (٩)

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) : أداة نداء. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» للتنبيه. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب عطف بيان من «أي» لأن الكلمة «الذين» جامدة. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(اذْكُرُوا نِعْمَةَ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. نعمة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.

(اللهِ عَلَيْكُمْ) : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. عليكم : جار ومجرور متعلق بالنعمة على تأويل الفعل بمعنى التي أنعم الله بها عليكم والميم علامة جمع الذكور أو يكون الجار والمجرور متعلقا بحال محذوفة من «النعمة».

(إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ) : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بالنعمة بمعنى «حين». جاءتكم : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور. جنود : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. والجملة الفعلية «جاءتكم جنود» في محل جر مضاف إليه لوقوعها بعد الظرف «إذ».

(فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ) : الفاء سببية. أرسل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعلى. والجار والمجرور متعلق بأرسلنا.

(رِيحاً وَجُنُوداً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وجنودا : معطوف بالواو على «ريحا» ويعرب إعرابه.

(لَمْ تَرَوْها) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت للموصوف «جنودا». لم : حرف نفي وجزم وقلب. تروا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى وجنودا من الملائكة غير مرئية.

(وَكانَ اللهُ) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض مبني على الفتح وهو فعل ناقص. الله لفظ الجلالة : اسم «كان» مرفوع للتعظيم بالضمة.

(بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الثانية.

(إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) (١٠)

(إِذْ جاؤُكُمْ) : بدل من «إذ جاءتكم جنود» ويعرب إعرابه. جاءوكم : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «جاءوكم» في محل جر بالإضافة.

(مِنْ فَوْقِكُمْ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير «جاءوا» الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) : جار ومجرور معطوف بالواو على «من فوقكم» ويعرب إعرابه وعلامة جر «أسفل» الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل» ومن وزن الفعل. منكم : جار ومجرور متعلق بأسفل والميم علامة جمع الذكور بمعنى : جاءتكم الأحزاب من أعلى الوادي ومن أسفله.

(وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ) : الواو عاطفة. إذ : أعرب. زاغت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها وحركت بالكسر لالتقاء الساكنين. الأبصار : فاعل مرفوع بالضمة.

(وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «زاغت الأبصار» وتعرب إعرابها. الحناجر : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) : الواو عاطفة. تظنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بتظنون. الظنونا : مصدر في موضع المفعول منصوب وعلامة نصبه الفتحة والألف ألف الإطلاق زائدة ثبتت

وجيء بها ليتفق الكلام مع فواصل الآيات ـ رءوس الآيات ـ كما تزاد في قوافي الشعر.

(هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً) (١١)

(هُنالِكَ ابْتُلِيَ) : اسم إشارة للزمان مبني على السكون في محل نصب ظرف زمان متعلق بابتلي. اللام للبعد والكاف للخطاب بمعنى في ذلك الوقت. ابتلي : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح بمعنى : اختبر ..

(الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا) : نائب فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. وزلزلوا : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «ابتلي المؤمنون» وتعرب مثلها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة.

(زِلْزالاً شَدِيداً) : مصدر ـ مفعول مطلق ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. شديدا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «زلزالا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى هزوا هزا شديدا أو رجوا رجا شديدا.

(وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً) (١٢)

(وَإِذْ يَقُولُ) : الواو عاطفة. إذ : اسم مبني على السكون في محل نصب مفعول به بفعل محذوف تقديره واذكر أو يكون ظرف زمان بمعنى «حين». يقول : فعل مضارع مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «يقول المنافقون» في محل جر بالإضافة.

(الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ) : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. الواو حرف عطف. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع لأنه معطوف على مرفوع «المنافقون».

(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) : الجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها. في قلوب : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم و «هم» ضمير متصل

ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. مرض : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.

(ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ما : نافية لا عمل لها. وعد : فعل ماض مبني على الفتح و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم ولفظ الجلالة «الله» فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. الواو عاطفة. رسوله : فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة بمعنى وما وعدنا رسوله.

(إِلَّا غُرُوراً) : أداة حصر لا عمل لها. غرورا : صفة ـ نعت ـ لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف تقديره : إلا وعدا غرورا أي وعدا خادعا باطلا. منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً) (١٣)

(وَإِذْ قالَتْ) : معطوف بالواو على «إذ» في الآية الكريمة السابقة ويعرب إعرابه. قالت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. والجملة الفعلية «قالت طائفة ..» في محل جر بالإضافة.

(طائِفَةٌ مِنْهُمْ) : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. من : حرف جر بياني و «هم» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «طائفة».

(يا أَهْلَ يَثْرِبَ) : أداة نداء. أهل : منادى : مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة. يثرب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية ومن وزن الفعل.

(لا مُقامَ لَكُمْ) : الجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لا : نافية للجنس تعمل عمل «إن». مقام : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبر «لا» محذوف وجوبا. لكم : جار ومجرور متعلق بخبر «لا»

المحذوف والميم علامة جمع الذكور بمعنى : لا موضع إقامة لكم. و «يثرب» اسم المدينة المنورة.

(فَارْجِعُوا) : الفاء سببية. ارجعوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : فعودوا إلى الكفر أي إلى الشرك لأنه لا يصح أن تقيموا على هذا الدين.

(وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ) : الواو عاطفة. يستأذن : فعل مضارع مرفوع بالضمة. فريق منهم : يعرب إعراب «طائفة منهم».

(النَّبِيَّ يَقُولُونَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. يقولون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «يقولون» في محل نصب حال من «فريق» بمعنى : قائلين. وجاءت حالا من «فريق» بعد وصفه. والجملة بعدها «إن بيوتنا ..» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول.

(إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. بيوت : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. عورة : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.

(وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ) : الواو حالية والجملة بعدها في محل نصب حال أو تكون الواو اعتراضية والجملة بعدها اعتراضية لا محل لها. ما : نافية بمنزلة «ليس» بلغة الحجاز «ما .. الحجازية» ونافية لا عمل لها بلغة بني تميم. هي : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل نصب اسم «ما» على اللغة الأولى مبتدأ على اللغة الثانية. الباء حرف جر زائد لتأكيد النفي. عورة : خبر «ما» أي اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر «ما» أو مرفوع محلا على أنه خبر «هي» على اللغة الثانية وعلامة نصبه أو رفعه فتحة أو ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد بمعنى يستأذنونه للرجوع إلى بيوتهم.

(إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً) : نافية بمعنى «ما» لا عمل لها لأنها مخففة. يريدون : تعرب إعراب «يقولون». إلا : أداة حصر لا عمل لها. فرارا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى لا يعنون قولهم وإنما أرادوا الهرب.

(وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلاَّ يَسِيراً) (١٤)

(وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ) : الواو استئنافية. لو : حرف شرط غير جازم. دخلت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي تعلق به الجار والمجرور «عليهم» بمعنى : ولو دخلت عليهم المدينة أو اقتحمت عليهم المدينة وقيل بيوتهم. من قولك : دخلت على فلان داره.

(مِنْ أَقْطارِها) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من نائب الفاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه بمعنى : من جوانبها أو بمعنى لو دخل الكفار عليهم بيوتهم من جميع أطرافها فحذف نائب الفاعل المظهر وأقيم المضمر.

(ثُمَّ سُئِلُوا) : حرف عطف. سئلوا : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة بمعنى : ثم سئلوا عند ذلك الفزع وتلك الرجفة.

(الْفِتْنَةَ لَآتَوْها) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكلمة هنا بمعنى : الردة بمعنى لو طلب إليهم مقاتلة المؤمنين وهم في تلك الحالة. اللام واقعة في جواب «لو» والجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها. أتوا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(وَما تَلَبَّثُوا بِها) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. تلبثوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع

فاعل والألف فارقة. بها : جار ومجرور متعلق بتلبثوا بمعنى لأعطوا الفتنة أي لاستجابوا للكفار وانضموا إليهم وما لبثوا بالمدينة بعد ارتدادهم أو وما تباطئوا عن إعطائها.

(إِلَّا يَسِيراً) : أداة حصر لا عمل لها. يسيرا : صفة ـ نعت ـ لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف. التقدير : إلا لبثا يسيرا بمعنى إلا وقتا يسيرا أي وما أبطئوا إلا فترة الطلب والاستجابة وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً) (١٥)

(وَلَقَدْ كانُوا) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة.

(عاهَدُوا اللهَ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة.

(مِنْ قَبْلُ) : حرف جر. قبل : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بعاهدوا.

(لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ) : نافية لا عمل لها. يولون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الأدبار : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى لا ينهزمون أمام الأعداء.

(وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً) : الواو عاطفة. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. عهد : اسم «كان» مرفوع بالضمة وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. مسئولا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي مسئولا عنه بمعنى : مسئولا عن الوفاء به يوم القيامة.

(قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً) (١٦)

(قُلْ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت الواو ـ أصله : قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة الفعلية بعده (لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ) : حرف نصب ونفي واستقبال. ينفعكم : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. والميم علامة جمع الذكور حرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الفرار : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : لن ينفعكم الفرار حين فررتم أي هربتم.

(إِنْ فَرَرْتُمْ) : حرف شرط جازم. فررتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.

(مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ) : جار ومجرور متعلق بفررتم. أو : حرف عطف كسر آخره لالتقاء الساكنين. القتل : معطوف على «الموت» مجرور مثله وعلامة جره الكسرة وحذف جواب الشرط «إن» لتقدم معناه بتقدير : فلن ينجيكم الفرار.

(وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ) : الواو عاطفة بمعنى : وإن نفعكم الفرار مثلا أي نجاكم مثلا فمتعتم بالتأخير ظاهرا. إذا : حرف جواب مهمل لا عمل له أو هو دال على الجزاء بمعنى فلا تمتعون بتأخير يومكم أو فلم يكن ذلك التمتيع إلا زمانا قليلا أو تمتعا قليلا. لا : نافية لا عمل لها. تمتعون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى لا تتمتعون في الدنيا بعد فراركم.

(إِلَّا قَلِيلاً) : أداة حصر لا عمل لها. قليلا : صفة نائبة عن المصدر المحذوف ـ المفعول المطلق ـ وعلامة نصبه الفتحة المنونة. التقدير : إلا زمانا قليلا أو إلا تمتعا قليلا.

** (إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة العاشرة .. المعنى : حين جاءتكم غطفان من أعلى الوادي جهة المشرق وقريش من أسفله جهة المغرب .. يقال : سفل ـ يسفل ـ سفلا ـ بضم السين وكسرها وسفولا ـ من باب «قعد» و «السفالة» بضم السين : ضد العلو وبكسر السين أيضا بمعنى : صار أسفل من غيره و «الأسفل» خلاف «الأعلى» وابن قتيبة يمنع الضم في «السفالة» أما الفعل «سفل» من باب «قتل» نحو : سفل في خلقه والاسم : السفل ـ بضم السين بمعنى : رذل.

** (وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ) : المعنى : مالت الأبصار أو كلت أي أعيت نتيجة ميلها عن مستوى النظر من الحيرة والخوف والفزع ـ يقال : زاغ البصر ـ يزيغ ـ زيغا .. من باب «باع» بمعنى مال والزيغ بفتح الزاي وسكون الياء هو الميل ومثله القول : زاغت الشمس : أي مالت وذلك إذا فاء الفيء.

** (وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) : هذا القول الكريم كناية عن شدة وهو الفزع والرعب وهو مثل «زاغت الأبصار» كناية عن الحيرة والخوف والجبن المعنى : بلغت القلوب الحناجر خفقانا واضطرابا فإن الخائف يخفق قلبه حتى يخيل له أنه قد بلغ إلى حنجرته وهي منتهى الحلقوم ومثله في الكناية : يقلب كفيه : أي يتندم.

** (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) : أصله : الظنون أي تظنون بالله ظنا والألف زيدت وهي ألف الإطلاق تمشيا مع رءوس الآيات .. بصيرا .. شديدا .. غرورا .. وهذه الألف كثيرا ما تستعمل في القافية أي في آخر بيت الشعر. قال الأعشى :

وأنكرتني وما كان الذي نكرت

من الحوادث إلا الشيب والصلعا

الألف في «الصلعا» لضرورة القافية وهي زائدة للإطلاق كزيادتها في الآية الكريمة المذكورة آنفا وقوله تعالى في السورة نفسها : (فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) والفعل «أنكرت» في بيت الشعر ورد في صدر البيت رباعيا وثلاثيا «نكرت» يقال : أنكرت الرجل : إذا كنت من معرفته في شك .. ونكرته إذا لم تعرفه. وفي نسبة هذا البيت للأعشى حكاية .. قال أبو عبيدة : كنت حاضرا عند بشار بن برد وقد أنشد شعر الأعشى فلما سمع هذا البيت أنكره وقال هذا بيت مصنوع وما يشبه كلام الأعشى فعجبت من فطنة بشار وصحة قريحته وجودة نقده للشعر. وقال الفرزدق يمتدح الشيب :

تفاريق شيب في الشباب لوامع

وما حسن ليل ليس فيه نجوم

وقال البحتري في المعنى نفسه :

وسواد العيون لو لم يكمل

ببياض ما كان بالمرموق

أي ليل يبهى بغير نجوم

وسماء تندى بغير بروق

و «القلوب» في الآية الكريمة المذكورة جمع «قلب» وهو الفؤاد وجمعه : أفئدة. وقيل : إن الأفئدة هي أوساط القلوب وقوله عزوجل في سورة «الهمزة» : (نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) معناه : تعلو أوساط القلوب وتغليها وتشتمل عليها. وقيل : لا شيء في بدن الإنسان ألطف من الفؤاد ولا أشد تألما منه بأدنى أذى يمسه وهي مواطن الإيمان وتكون مواطن الكفر والعصيان والذين يملئون القلوب والعيون جلالة وجمالا هم الملأ وهم جماعات من الإشراف. وقال الشاعر :

قولي لطيفك ينثني

عن مضجعي وقت الرقاد

كي أستريح وتنطفي

نار تأجج في الفؤاد

أي تتأجج بمعنى : اشتد حرها وحذفت إحدى التاءين تخفيفا. وجاء ذكر «الفؤاد» في بيت الشعر التالي للمتنبي :

ما لاح برق أو ترنم طائر

إلا انثنيت ولي فؤاد شيق

و «شيق» بمعنى : مشتاق .. ومنه القول «قلب شيق» وفعله : شاقه الشيء ـ يشوقه ـ شوقا : بمعنى : هيج شوقه .. واشتاقه واشتاق إليه اشتياقا : بمعنى : نزعت نفسه إليه فهو شائق والشيء مشوق وشوقه تشويقا : أي هيج شوقه .. ومنه : حديث شائق : أي داع إلى الشوق وأنا مشوق إليه ولا يقال : حديث شيق لأنه لا يصح أن يكون الحديث مشتاقا!

** (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية عشرة .. وفيه نون آخر «مرض» لانقطاعه عن الإضافة لأن المعنى مرض الشك والريبة كما حذف الموصوف المصدر «وعدا» وأقيم النعت «غرورا» مقامه. والمنافقون هم الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر قالوا قولهم هذا حين ضرب النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ في أثناء حفر الخندق صخرة بالفأس فطارت منها قطعتان .. فقال ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : إن الله وعدني ملك فارس والروم فقال بعض المنافقين : يعدنا ملك كسرى وقيصر وأحدنا يخاف أن يذهب لقضاء حاجته.

** (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة عشرة. المعنى : كانوا قد عاهدوا الله لا ينهزمون أمام العدو أبدا من بعد موقعة بدر وقبل غزوة الأحزاب أي لا يفرون ولا ينهزمون من المعركة وبعد حذف المضاف إليه «غزوة» بني المضاف «قبل» على الضم لانقطاعه عن الإضافة وقوله «يولون الأدبار» كناية عن الهزيمة.

** (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة عشرة .. و «هلم» اسم فعل أمر لا فعل أمر ويستعمل لازما نحو : هلم إلينا : أي أقبل .. ومتعديا نحو : هلم شهداءكم : أي أحضروهم وهي في لغة أهل الحجاز التي جاء بها التنزيل الحكيم تلزم طريقة واحد لا يختلف لفظها بحسب من هي مسندة إليه لأنها وإن كانت دالة على الطلب لكنها لا تقبل ياء المخاطبة وهي هنا للدعاء إلى الشيء بمعنى : ائتوا إلينا وهي فعل أمر بمعنى احضروا أو ائتوا أو تعالوا لدلالتها على الطلب وقبولها ياء المخاطبة وهذا هو قول بني تميم وهم يقولون : هلم يا رجل وهلمي يا امرأة وهلما يا رجلان وهلموا يا رجال وهلممن يا نساء. أي يجعلونها فعلا فيلحقونها الضمائر أما أهل الحجاز فهم يسوون فيه بين الواحد والجماعة والمذكر والمؤنث. وقيل : هي صوت سمي به فعل متعد مثل «احضر» نحو قوله تعالى : هلم شهداءكم.

(قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (١٧)

(قُلْ مَنْ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة. من : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ أي قل لهم ..

(ذَا الَّذِي) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع خبر «من». الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع بدل من اسم الإشارة أو عطف بيان منه ويجوز أن يكون صفة ـ نعتا ـ لاسم الإشارة والجملة الاسمية (مَنْ ذَا الَّذِي) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول.

(يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. من الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بيعصمكم أي ينقذكم منه.

(إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً) : حرف شرط جازم. أراد : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. بكم : جار ومجرور متعلق بأراد والميم علامة جمع الذكور. سوءا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه.

(أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً) : الجملة الفعلية معطوفة بحرف العطف «أو» على جملة (إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً) وتعرب إعرابها وفي الكلام اختصار بمعنى : أو يصيبكم بسوء إن أراد بكم رحمة أو يبقى الكلام كما هو أي حمل القول الثاني على القول الأول أي عطف عليه لما في العصمة من معنى المنع.

(وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. يجدون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية معطوفة على جملة محذوفة واقعة في جواب الاستفهام. التقدير : لا يقدر أحد أن يعصمهم ولا يجدون أي

وإنهم لا يجدون ويجوز أن تكون الواو حالية بمعنى وحال هؤلاء أنهم لا يجدون. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بلا يجدون.

(مِنْ دُونِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق أو بحال مقدم من «وليا». الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.

(وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. نصيرا : معطوف على «وليا» ويعرب إعرابه أو يكون التقدير ولا يجدون نصيرا فحذفت الجملة الفعلية «يجدون» اختصارا واكتفاء بذكرها أول مرة. المعنى : لا يجدون من دونه سبحانه وليا يحميهم ولا ناصرا يكف الأذى عنهم.

(قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً) (١٨)

(قَدْ يَعْلَمُ اللهُ) : حرف تحقيق لأن المضارع بعده بمعنى الماضي مثل قوله تعالى في سورة النور (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً) بمعنى : قد علم الله. يعلم : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.

(الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. منكم : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «المعوقين» والميم علامة جمع الذكور التقدير : حال كونهم منهم و «من» حرف جر بياني بمعنى : المثبطين عن المنازلة.

(وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ) : معطوف بالواو على «المعوقين» ويعرب إعرابه. لإخوان : جار ومجرور متعلق بالقائلين و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة أي لساكني المدينة.

(هَلُمَّ إِلَيْنا) : الجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي مفعول اسم الفاعلين «القائلين» وهي اسم فعل أمر مبني على الفتح بمعنى : ائتوا

أو تعالوا أو احضروا. إلى : حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر بإلى. والجار والمجرور متعلق بهلم.

(وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ) : الواو عاطفة بتقدير ولا الآتين. لا : نافية لا عمل لها. يأتون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. البأس : مفعول به منصوب بالفتحة.

(إِلَّا قَلِيلاً) : أداة حصر لا عمل لها. قليلا : صفة لمصدر مفعول مطلق ـ محذوف. التقدير : إلا إتيانا قليلا منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى ولا يأتون المنازلة أو القتال وهو شدة الحرب إلا إتيانا قليلا.

(أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) (١٩)

(أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) : حال من ضمير «يأتون البأس» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وعامل نصبه «يأتون» بتقدير : يأتون البأس أشحة أي أضناء بكم في وقت الحرب وهي جمع «شحيح» بمعنى : بخيل أو ضنين. عليكم : جار ومجرور متعلق بأشحة والميم علامة جمع الذكور أي أضناء بالمعونة.

(فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ) : الفاء استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه. جاء : فعل ماض مبني على الفتح. الخوف : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «جاء الخوف» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «إذا» بمعنى : فإذا جاء الخوف في وقت الحرب.

(رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. ينظرون : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير الغائبين

«هم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. إليك : جار ومجرور متعلق بينظرون.

(تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب لأنها بدل من جملة «ينظرون إليك» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة. أعين : فاعل مرفوع بالضمة «وهم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى ينظرون إليك فزعين خائفين وأعينهم تدور في محاجرها هلعا وفرقا ـ أي وخوفا ـ.

(كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ) : الكاف حرف جر للتشبيه. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالكاف والجار والمجرور متعلق بمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف أو بصفة له بتقدير : تدور أعينهم دورانا كدوران عين الذي يغشى فحذف المضاف والمضاف إليه الأول وبقي المضاف إليه الثاني معربا بإعراب المضاف إليه والجملة الفعلية «يغشى» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر ونائب الفاعل ضمير مستتر في جوازا تقديره هو. عليه : جار ومجرور متعلق بيغشى بمعنى : مثل الذي ألم به ما غشي فهمه وأفقده الحس والحركة فوقع مغشيا عليه.

(مِنَ الْمَوْتِ) : جار ومجرور في محل نصب تمييز و «من» حرف جر بياني مفسر أي لتفسير الحالة أو كونه بتقدير للموت.

(فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ) : معطوف على (فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ) ويعرب إعرابه. سلقوكم : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) : جار ومجرور متعلق بسلقوا. حداد : صفة ـ نعت ـ لألسنة مجرور مثلها وعلامة جرهما الكسرة المنونة بمعنى : يؤذونكم بأشد القول بألسنتهم وهم يريدون أن تنالهم حصة من الغنائم.

(أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ) : يعرب إعراب «أشحة عليكم». أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف للخطاب.

(لَمْ يُؤْمِنُوا) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أولئك». لم : حرف نفي وجزم وقلب. يؤمنوا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ) : الفاء سببية. أحبط : فعل ماض مبني على الفتح بمعنى : أبطل. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. أعمال : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.

(وَكانَ ذلِكَ) : الواو عاطفة. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع اسم «كان» اللام للبعد والكاف للخاطب.

(عَلَى اللهِ يَسِيراً) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر «كان». يسيرا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلاَّ قَلِيلاً) (٢٠)

(يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية وما بعدها في محل نصب لأنها بدل من جملة «تدور أعينهم» في الآية السابقة. الأحزاب : مفعول به منصوب بالفتحة.

(لَمْ يَذْهَبُوا) : حرف نفي وجزم وقلب. يذهبوا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير «يحسبون» أو تكون مفعولا ثانيا أي في محل نصب مفعول

«يحسبون» الثاني بتقدير : غير ذاهبين بمعنى يظنون الأحزاب لم يغادروا المدينة أي ما زالوا يحاصرونها.

(وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ) : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم. يأت : فعل مضارع مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة والفعل «يأت» فعل الشرط. الأحزاب : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى وإن يأتوا مرة أخرى أي كرة ثانية.

(يَوَدُّوا) : فعل مضارع جواب الشرط ـ جزاؤه ـ مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «يودوا» جواب شرط غير مقترن بالفاء لا محل لها.

(لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ) : حرف مصدري لا محل لها. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «أن». بادون : خبر «أن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته و «لو» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول «يودوا» التقدير يتمنوا إقامتهم في البادية بمعنى : تمنوا لخوفهم مما أصابهم من مجيء الأحزاب ثانية أنهم خارجون إلى البدو.

(فِي الْأَعْرابِ) : جار ومجرور متعلق ببادون ويجوز أن يتعلق بحال محذوفة من ضمير «بادون» بتقدير : كائنين.

(يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير «بادون» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل متصل في محل رفع فاعل. عن أنبائكم : جار ومجرور متعلق بيسألون. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور أي عن أخباركم.

(وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ) : الواو استئنافية. لو : حرف شرط غير جازم. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير

متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. فيكم : جار ومجرور متعلق بخبر كان والميم علامة جمع الذكور بمعنى : ولو كانوا معكم في أثناء القتال ولم يرجعوا.

(ما قاتَلُوا) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. ما : نافية لا عمل لها. قاتلوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(إِلَّا قَلِيلاً) : أداة حصر لا عمل لها. قليلا : صفة ـ نعت ـ لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف. بتقدير : إلا قتالا قليلا أو يكون صفة لظرف زمان محذوف بتقدير : إلا وقتا أو زمانا قليلا بمعنى لم يقاتلوا إلا تعلة أي تلهية من باب الرياء والسمعة.

(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) (٢١)

(لَقَدْ كانَ لَكُمْ) : اللام للابتداء والتوكيد وقيل : هي لام القسم. قد : حرف تحقيق. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. لكم : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» المقدم في محل نصب. والميم علامة جمع الذكور والمخاطبون هم المؤمنون.

(فِي رَسُولِ اللهِ) : جار ومجرور في محل نصب بدل من «لكم». الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) : اسم «كان» المؤخر مرفوع بالضمة المنونة. حسنة : صفة ـ نعت ـ لأسوة مرفوعة مثلها بالضمة المنونة بمعنى قدوة حسنة لكم في محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو ثابت الجنان في القتال أو في تحليه بالصبر.

(لِمَنْ كانَ) : اللام حرف جر. من : اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل نصب بدل من «لكم». كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجملة «كان يرجو» صلة الموصول لا محل لها.

(يَرْجُوا اللهَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة والجملة الفعلية (يَرْجُوا اللهَ) في محل نصب خبر «كان».

(وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) : الواو عاطفة. اليوم : مفعول به منصوب بيرجون وعلامة نصبه الفتحة. الآخر : صفة ـ نعت ـ لليوم منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة بمعنى أيام الله أو يرجو الفوز في ذلك اليوم.

(وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) : الواو عاطفة. ذكر : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الله لفظ الجلالة : أعرب. كثيرا : صفة ـ نعت ـ لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف بتقدير : وذكر الله ذكرا كثيرا منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلاَّ إِيماناً وَتَسْلِيماً) (٢٢)

(وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ) : الواو استئنافية. لما : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالجواب. رأى : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة. وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. المؤمنون : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. الأحزاب : مفعول به منصوب بالفتحة.

(قالُوا هذا ما وَعَدَنَا) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الاسمية بعدها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الهاء للتنبيه. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر المبتدأ. وعد : فعل ماض مبني على الفتح و «نا» ضمير

متصل ـ ضمير المتكلمين في محل نصب مفعول به مقدم وجملة «وعدنا الله» صلة الموصول لا محل لها.

(اللهُ وَرَسُولُهُ) : لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. ورسوله : معطوف بالواو على لفظ الجلالة مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه بمعنى ووعدنا رسوله والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل وهو الهاء لأنه مفعول به ثان أو تكون «ما» مصدرية فتكون «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع خبر «هذا» وحذفت الصلة أي في أن الفوز للعباد الصابرين.

(وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما) : الواو عاطفة وما بعدها يعرب إعراب «وعد الله ورسوله» الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها.

(زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً) : فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم وحذف الفاعل لأنه معلوم أي ما زادهم الحصار أو هول ما رأوا. إلا : أداة حصر لا عمل لها. إيمانا : مفعول به للفعل «زاد» وهو مفعول ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وتسليما : معطوف بالواو على «إيمانا» ويعرب إعرابه أي إيمانا بالله وتسليما لأقداره.

** (فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة عشرة .. المعنى : ضربوكم بألسنة حادة أي يؤذونكم بأشد القول بألسنتهم وهم يريدون أن تنالهم حصة من الغنائم .. مأخوذة من سلقه بالرمح ـ يسلقه ـ سلقا : بمعنى : طعنه وهو من باب «قتل» وسلقه بلسانه : أي خاطبه بما يكره .. ومنه القول : سلقت الشاة سلقا : بمعنى : نحيت شعرها بالماء الحميم ـ الحار ـ وسلقت البقل : أي طبخته بالماء بحتا قال الأزهري : هكذا سمعته من العرب قال : وهكذا البيض يطبخ في قشره بالماء. و «حداد» بمعنى : حادة .. يقال : حد السيف ـ يحده ـ حدا ـ من باب «ضرب» فهو حديد وحاد : أي قاطع ماض وسكين حاد وحديد .. وأحددت إليه النظر : بمعنى : نظرت متأملا.

** (أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) : أي أولئك الأشحة ـ جمع شحيح ـ أي بخيل لم يؤمنوا فأبطل الله أعمالهم وكان ذلك الإحباط أو الإبطال على الله سهلا فحذف المشار إليه «النعت أو البدل» اختصارا لأن ما قبله دال عليه وهو «الأشحاء» وحذف أيضا «الإحباط» للسبب نفسه.

** (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العشرين .. المعنى : يظنون أن الأحزاب لم يغادروا المدينة أي ما زالوا يحاصرونها وإن يأتوا مرة أخرى أي كرة ثانية يتمنوا أو تمنوا لخوفهم مما أصابهم من مجيء الأحزاب ثانية أنهم خارجون إلى البدو أي حاصلين بين أعراب البادية وقد ذكر الفعل «يأت» على معنى الأحزاب لا على اللفظ و «بادون» اسم فاعلين بمعنى : إنهم في البادية مع الأعراب بمعنى : خارجون إلى البدو أي أن يكونوا في بادية الأعراب غير المدينة وهي جمع «البادي» أي ساكن البادية يقال بدا ـ يبدو ـ إلى البادية بداوة ـ بفتح الباء وكسرها بمعنى خرج إليها من باب «عدا» وبدا الأمر : أي ظهر .. من باب «سما» و «البدو» بفتح الباء : خلاف الحضر والنسبة إلى «البادية» هي بدوي على غير قياس. والبوادي : جمع «البادية» و «يودوا» بمعنى : يتمنوا وماضيه : ود نحو ود الشيء يوده ودا ـ بضم الواو وفتحها : أي أحبه والاسم منه : المودة. «ووددت الشيء» بكسر الدال الأولى من باب «تعب» بمعنى : تمنيته أي أردته. وحكى الكسائي : وددت ـ بفتح الدال الأولى وهو غلط عند البصريين .. وقال الزجاج : لم يقل الكسائي إلا ما سمع ولكنه سمعه ممن لا يوثق بفصاحته .. أما «تودد» إليه : فمعناه : تحبب وهو ودود : أي محب. يقال : هو ودود وهي ودود : أي كثير الحب .. ويقال : بودي أن يكون كذا أو أن يتحقق ما أرجوه : بمعنى : أحب تحقيقه أما «الأعراب» فهي جمع «أعرابي» بفتح الهمزة أي من أهل البدو وهم العرب إما الإعرابي بكسر الهمزة فهو منسوب إلى الإعراب وهو الذي يعرب الكلام : أي يحسنه ويفصح واسم الفاعل منه هو معرب .. يقال : أعرب الكلمة يعربها إعرابا : أي بين وجهها من الإعراب واوضحها و «الأعرابي» أيضا : هو الجاهل من العرب .. و «العرب» بضم العين وسكون الراء ـ والعرب ـ بفتح العين والراء ـ وجمعها : أعرب وعروب فهم جيل من الناس وهم خلاف العجم أي كل من ليس من العرب ويقال : هؤلاء عرب عرباء وعاربة : بمعنى : هم الصرحاء الخلص أما العرب المتعربة والمستعربة : فهم الدخلاء الذين هم ليسوا بخلص وعند قولنا : قالت العرب .. أنث الفعل على اللفظة وليس على المعنى أو على تأويل الطائفة مثل أقتت الرسل.

** (يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ) : المعنى : يسألون الأعراب أو يسألون كل آت منهم من المدينة عن أخباركم ، وحذف مفعول «يسألون» وهو «الأعراب .. أو كل آت» اختصارا للعلم به أي لأنه معلوم.

** (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية والعشرين .. المعنى لقد كان لكم قدوة حسنة في محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو ثابت الجنان في القتال أو في تحليه بالصبر على معاناة الشدائد أي في مواقف رسول الله البطولية وتضحياته وصبره وحذف المضاف «مواقف» وبقي المضاف إليه «رسول».

** (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) : أي لمن كان يرجو مغفرة الله أو ثوابه وإحسانه أو أيام الله والفوز أي يرجو الفوز في ذلك اليوم وبمعنى : يطمع في رضوان الله ويرجو الفوز بالنجاة في اليوم الآخر .. فحذف مفعول «يرجو» وهو «مغفرة» وهو مضاف وبقي المضاف إليه لفظ الجلالة وانتصب للتعظيم بيرجو.

** (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية والعشرين .. وفيه حذف من باب الاختصار .. المعنى : وحين رأى المؤمنون الأحزاب قادمين لمقاتلتهم والمحذوف هو مفعول «رأى» الثاني على معنى «علموا» أي هي «رأى» القلبية بمعنى : علموا بقدموهم أما إذا كان الفعل «رأى» بمعنى البصرية فالجملة المحذوفة أو المقدرة في محل نصب حال بمعنى : ولما أبصروهم يتقدمون ..

** (وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً) : الفاعل ـ فاعل زاد ـ محذوف اختصارا لأنه معلوم أو لأن ما قبله يدل عليه وهو رؤية المؤمنين الأحزاب بمعنى : وما زادهم هول الرؤية أو حصار المدينة أو يكون الفاعل «الرؤية» نفسها وقد ذكر الفعل «زاد» مع الفاعل «الرؤية» لأنه فصل عن فاعله بفاصل وهو «هم». وقد حذفت صلتا المعطوف «تسليما» والمعطوف عليه «إيمانا» اختصارا بمعنى : إلا إيمانا بالله وتسليما لأقداره.

** (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) : في هذا القول الكريم الوارد في الآية الكريمة الثالثة والعشرين وفيه حذف مفعول «ينتظر» اختصارا لأن ما قبله يدل عليه أي فمنهم من مات مجاهدا أو شهيدا بعد أن قضى مدته ووقته ومنهم من ينتظر الشهادة والمفعول المحذوف هو «الشهادة» كما حذف للسبب نفسه مفعول «بدلوا» بمعنى : وما بدلوا العهد ولا غيره تبديلا أي تغييرا. وقيل : أصل النحب : هو النذر فجعلوه كناية عن الموت .. يقال : نحب الرجل ـ ينحب ـ نحبا ـ من باب «ضرب» بمعنى بكى والاسم : هو النحيب .. ونحب ـ ينحب ـ نحبا .. من باب «قتل» بمعنى : نذر وقضى نحبه : بمعنى : مات أو قتل في سبيل الله وأصله الوفاء بالنذر.

** سبب نزول الآية : نزلت الآية الكريمة في أنس بن النضر الذي غاب عن بدر فعاهد الله على القتال في مشهد آخر فشهد يوم أحد فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة وطعنة ورمية ومنهم من استشهد في سبيل الله ومنهم من ينتظر الشهادة كعثمان وطلحة وما بدلوا العهد تبديلا.

** (فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة الثامنة والعشرين : المعنى : أقبلن بإرادتكن أعطكن متعة الطلاق وأطلقكن طلاقا بالسنة أي من غير ضرار عليكن .. والفعل هنا جاء بفتح اللام وقد خالف الزمخشري الشاعر أبا فراس الحمداني الذي أورد الفعل بكسر اللام في قصيدته الشهيرة وهو أسير في بلاد الروم. وأبو فراس الحمداني هو ابن عم سيف الدولة الحمداني ممدوح الشاعر الكبير المتنبي.

أقول وقد ناحت بقربي حمامة

أيا جارتا لو تشعرين بحالي

معاذ الهوى ما ذقت طارقة النوى

وما خطرت منك الهموم ببالي

أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا

تعالي أقاسمك الهموم تعالي

أورد الشاعر الفعل «تعالي» بكسر اللام مماشاة لأهل مكة الذين يقولون : تعالي ـ بكسر اللام ـ للمرأة وقد جوزوا قول الشاعر هذا الفعل بكسر اللام وخالفه الزمخشري في ذلك وقال : إن الوجه الصحيح هو فتح اللام لأنها عين الفعل كالعين في «تصاعدي» وقال : لام الفعل التي كان حقها أن تكسر قد سقطت لأن الأصل : تعاليي : وتقول في النداء : يا رجل

تعاله. فإذا وصلت طرحت الهاء كقولك : تعال يا رجل وتعاليا يا رجلان وتعالوا يا رجال ويقال للمرأتين : تعاليا وللنسوة : تعالين. وأورد مصدر آخر الفعل الأول «تعالي» بفتح اللام والفعل الثاني بكسر اللام. وقال إن كسر اللام الثانية جاء لضرورة شعرية بدليل أن الأول جاء بفتح اللام وقيل عن الشاعر «أبي فراس الحمداني» : أبو فراس صاحب هذه الأبيات شاعر مجيد مطبوع ـ أي يأتي بالشعر من دون تكلف ـ ولكنه لا يستشهد بشعره في اللغة وقواعد النحو والصرف وذلك لأنه من الشعراء المولدين الذين جاءوا بعد ما فسدت الألسنة وكثر الدخيل وفشا اللحن .. وقد حكم علماء اللغة على هذا الشاعر بأنه لحن في هذا البيت «أي أخطأ» وخالف وجه الصواب حيث نطق «تعالي» بكسر اللام .. والمعروف عن العرب أنهم يفتحون لام هذه الكلمة في كل حال من أحوالها سواء أأسندت إلى الضمير المستتر أم إلى الضمير البارز لواحدة أو لاثنين أو للجمع ؛ فيكون هذا الشاعر قد خالف لغة العرب. ومن يخالف لغة العرب في كلامه العربي يعتبر لاحنا. إلا أن ثمة ـ هناك ـ من اعتبر هذا القول غير مسلم به .. وذلك لأن العلماء قد نصوا في هذه الكلمة على أن للعرب في استعمالها وجهين .. الأول : التزام فتح لامها في كل الأحوال ؛ فيكون شأن هذه الكلمة كشأن غيرها من الأفعال المعتلة الآخر بالألف والوجه الثاني : أن يفتحوا اللام إذا أسند إلى ضمير الواحد المذكر أو الاثنين أو جمع النسوة .. ويكسروا اللام إذا أسند إلى ضمير الواحدة ويضم اللام إذا أسند إلى جماعة الذكور ـ واو الجماعة ـ وقيل : إن الوجه بكسرها أقل في الاستعمال العربي من الوجه بفتح اللام .. ولكن لا يلزم من كونه قليلا أن يكون المتكلم به لاحنا. وعلى ذلك قول أبي فراس غير لحن ولكنه جار على لغة ضعيفة قليلة الاستعمال يصف الشاعر حاله في بعده عن أهله وخلانه ووقوعه بين أيدي الأعداء أسيرا ويبث ما يلاقي من آلام الشوق .. ويصور ذلك في صورة أنه رأى حمامة تغرد في مكان قريب منه فشكا إليها ما به ؛ وقال : إنك تغردين لأنك لا تشعرين بمثل شعوري .. فأنت طليقة وأنا أسير .. وأنت على مقربة من فراخك وأنا بعيد عن صحبي وذوي قرباي .. ثم طلب إليها أن تحضر إليه لكي تقاسمه ما يجده من آلام. فالنوى : هو البعد والفراق .. وطارقته : أي ما يطرق منه ويحدث و «جارتا» أصله : جارتي والألف منقلبة عن الياء.

** سبب نزول الآية : نزلت الآية الكريمة حينما سألت زوجات النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ثياب الزينة وزيادة .. فبدأ بعائشة فخيرها .. فاختارت الله ورسوله ثم اختارت الباقيات اختيارها فشكر الله لهن ذلك في قوله تعالى : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) قالت عائشة : خيرنا رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فاخترناه .. فلم يعد طلاقا. أي إن الله تعالى أمر نبيه الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أن يخيرهن بين الإصرار على طلبهن التزين وزيادة النفقة وبين البقاء مع رسوله فاخترن كلهن البقاء مع رسوله وأقلعن عن طلبهن.

** (يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الثانية والثلاثين و «أحد» اسم لمن يعقل يستوي فيه الواحد والجمع .. وقد جاءت كلمة «أحد» وأصلها : وحد وهو الواحد مذكرة لأنها وضعت في النفي العام فاستوى فيها المذكر والمؤنث والواحد وما وراءه.

** (إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) : أي مرض الشك والكفر والنفاق وبعد حذف المضاف إليه نون آخر «مرض» لانقطاعه عن الإضافة .. يقال : طمع ـ يطمع ـ طمعا في الشيء .. من باب «طرب وسلم» أو من بابي «طرب وفرح» وهو مثل الفعل «بخل» في يزان الصرفي .. أي رغب في الشيء وحرص عليه. و «طمع» بضم الميم طماعة : أي صار كثير الطمع فهو طماع ـ بتشديد الميم .. فعال بمعنى فاعل ـ من صيغ المبالغة واسم الفاعل من الفعل «طمع» بكسر الميم هو طامع وطمع ـ بكسر الميم .. قال الفيومي : وأكثر ما يستعمل فيما يقرب حصوله ـ حصول المطموع فيه ـ وقد يستعمل بمعنى الأمل .. ومن كلامهم طمع في غير مطمع ـ وهو ما يطمع فيه ويرغب ـ أي إذا أمل ما يبعد حصوله لأنه قد يقع كل واحد موقع الآخر لتقارب المعنى .. والجشع : مثل الطمع وزنا ومعنى إلا أنه أسوأ من الطمع وأسوأ أنواعه .. والحرص : هو الجشع والبخل .. والشراهة : هي اشتداد الميل إلى الشيء. قال الشاعر :

والناس إذا شبعت بطونهم

فعيونهم في ذاك لا تشبع

والأفعال الثلاثة «شره .. جشع .. طمع ..» بوزن واحد وكذلك اسم الفاعل : شره .. جشع .. وطمع.

(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (٢٣)

(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. رجال : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.

(صَدَقُوا ما عاهَدُوا) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لرجال وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به أو يكون في محل جر بحرف جر مقدر بمعنى : صدقوا أي أوفوا بما عاهدوا فحذف الجار «الباء» وأوصل الفعل والجار والمجرور متعلق بصدقوا. عاهدوا : تعرب إعراب «صدقوا» والجملة الفعلية «عاهدوا الله» صلة الموصول.

(اللهَ عَلَيْهِ) : لفظ الجلالة مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. عليه : جار ومجرور متعلق بعاهدوا.

(فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) : الفاء استئنافية. من : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. قضى : الجملة الفعلية مع المفعول صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر. نحبه : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة.

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) : الجملة الاسمية معطوفة بالواو على جملة «منهم من» وتعرب إعرابها. ينتظر : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. بدلوا : تعرب إعراب «صدقوا». تبديلا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بالفعل المسلط عليه من جنسه «بدلوا» وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) (٢٤)

(لِيَجْزِيَ اللهُ) : اللام حرف جر للتعليل. يجزي : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. والجملة الفعلية (لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بمحذوف دل عليه ما قبله في الآية الكريمة السابقة (قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ) أي وعد الله المؤمنين بذلك ليجزيهم بصدقهم أي بسبب صدقهم فحذف المضا «سبب» وأقيم المضاف إليه «صدقهم» مقامه.

(الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. بصدق : جار ومجرور متعلق بيجزي و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ) : معطوفة بالواو على (لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ) وتعرب إعرابها وفاعل «يعذب» ضمير مستتر جوازا تقديره هو أي الله.

(إِنْ شاءَ) : حرف شرط جازم. شاء : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه والجملة الشرطية من فعل الشرط وجوابه اعتراضية لا محل لها بمعنى : إن شاء ذلك أي تعذيبهم أو بمعنى إن شاء جزى المؤمنين بسبب صدقهم وعذب المنافقين بسبب كفرهم إذا لم يتوبوا.

(أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) : معطوفة بأو على «يعذب» وتعرب إعرابها. عليهم : جار ومجرور متعلق بيتوب و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعلى. بمعنى : إن شاء تاب عليهم بسبب توبتهم إذا تابوا أي يقبل توبتهم إن شاء.

(إِنَّ اللهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(كانَ غَفُوراً رَحِيماً) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن». كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. غفورا رحيما : خبرا «كان» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة أو يكون «رحيما» صفة للموصوف «غفورا» والوجه الأول من الإعراب أفصح لأن المعنى كان غفورا وكان رحيما.

(وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً) (٢٥)

(وَرَدَّ اللهُ) : الواو استئنافية. رد : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.

(الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل

رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : رد الكفار الأحزاب عن المدينة بعد حصارهم لها. بغيظ : جار ومجرور متعلق بحال من «الكافرين» أي من ضمير «كفروا» بمعنى مغيظين خائبين و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.

(لَمْ يَنالُوا خَيْراً) : الجملة الفعلية في محل نصب حال ثانية بالتداخل أو بالتعاقب بتأويل أو بمعنى : ردهم خاسرين أو غير ظافرين. لم : حرف نفي وجزم وقلب. ينالوا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. خيرا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة ويجوز أن تكون الجملة الفعلية (لَمْ يَنالُوا خَيْراً) بيانا للجملة الأولى قبلها.

(وَكَفَى اللهُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «رد الله» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل «كفى» الفتحة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ منع من ظهورها التعذر.

(الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) : مفعول به أول منصوب بكفى المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. القتال : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(وَكانَ اللهُ) : الواو عاطفة. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة اسم «كان» مرفوع للتعظيم بالضمة.

(قَوِيًّا عَزِيزاً) : خبرا «كان» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة.

(وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً) (٢٦)

(وَأَنْزَلَ الَّذِينَ) : الواو عاطفة. أنزل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية بعده «ظاهروهم» صلة الموصول لا محل لها.

(ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى : عاونوهم أو استعانوا بهم وهم بنو قريظة من اليهود. من أهل : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «الذين» التقدير : حال كونهم من أهل الكتاب لأن «من» حرف جر بياني «من .. البيانية». الكتاب : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(مِنْ صَياصِيهِمْ) : جار ومجرور متعلق بأنزل و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة بمعنى : من حصونهم مفردها : صيصة.

(وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) : تعرب إعراب «وأنزل». في قلوب : جار ومجرور متعلق بقذف و «هم» ضمير الغائبين في محل جر مضاف إليه وحرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الرعب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(فَرِيقاً تَقْتُلُونَ) : مفعول به منصوب بتقتلون تقدم على عامله أي الفعل وعلامة نصبه الفتحة المنونة. تقتلون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : فقتلتم طائفة منهم.

(وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة (فَرِيقاً تَقْتُلُونَ) وتعرب إعرابها بمعنى : وأسرتم منهم طائفة.

(وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) (٢٧)

(وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ) : الواو عاطفة. أورثكم : فعل ماض مبني على الفتح. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول والميم علامة جمع الذكور. أرض : مفعول به ثان منصوب بأورث المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.

(وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً) : الأسماء معطوفة بواوات العطف على «أرضهم» وتعرب إعرابها ونون «أرضا» لانقطاعه عن الإضافة والجملة الفعلية بعدها «لم تطئوها» في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «أرضا».

(لَمْ تَطَؤُها) : حرف نفي وجزم وقلب. تطأوا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل في محل نصب مفعول به بمعنى غير مداسة بأرجلكم.

(وَكانَ اللهُ) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : اسم «كان» مرفوع للتعظيم بالضمة.

(عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان». شيء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة و «قديرا» خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وهو من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ.

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) (٢٨)

(يا أَيُّهَا النَّبِيُ) : أداة نداء. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» للتنبيه. النبي : عطف بيان من «أي» مرفوع على لفظ «أي» لا محله وعلامة رفعه الضمة.

(قُلْ لِأَزْواجِكَ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت الواو ـ أصله قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين. لأزواجك : جار ومجرور متعلق بقل والكاف ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.

(إِنْ كُنْتُنَ) : الجملة الشرطية وجوابها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف شرط جازم. كنتن : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن.

التاء ضمير متصل ـ ضمير الإناث ـ المخاطبات مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والنون علامة جمع الإناث ـ نون الإناث ـ.

(تُرِدْنَ الْحَياةَ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة. وحذفت الياء تخفيفا ولالتقاء الساكنين والنون نون النسوة ـ الإناث المخاطبات ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل. الحياة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(الدُّنْيا وَزِينَتَها) : صفة ـ نعت ـ للحياة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. وزينة : معطوفة بالواو على «الحياة» وتعرب إعرابها و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. تعالين : فعل أمر مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ونون النسوة ضمير متصل ـ ضمير الإناث المخاطبات ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل بمعنى أقبلن بإرادتكن واختياركن لأحد أمرين ولم يرد نهوضهن إليه بأنفسهن. أمتعكن : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبات ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والنون علامة جمع الإناث بمعنى : أعطكن متعة الطلاق.

(وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «أمتعكن» وتعرب إعرابها. سراحا : اسم في موضع المفعول المطلق ـ المصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. جميلا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «سراحا» منصوب مثله بالفتحة المنونة بمعنى : أطلقكن طلاقا بالسنة من غير ضرار عليكن.

(وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) (٢٩)

(وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ) : معطوف بالواو على «إن كنتن تردن الحياة الدنيا» ويعرب إعرابه الواو عاطفة. رسوله : مفعول به منصوب بتردن أيضا وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة بمعنى وإن كنتن تردن رضا الله سبحانه والبقاء مع رسوله. والدار : معطوف بالواو على «رسوله» ويعرب إعرابه بمعنى وتردن الدار. الآخرة : صفة ـ نعت ـ للدار منصوبة وعلامة نصبها الفتحة ـ.

(فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ) : الجملة المؤولة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. أعد : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «أعد ..» في محل رفع خبر «إن» والفاء رابطة لجواب الشرط.

(لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَ) : جار ومجرور متعلق بأعد. منكن : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «المحسنات» التقدير في حالة كونهم منكن لأن «من» حرف جر بياني والنون في «منكن» نون الإناث ـ علامة جمع الإناث.

(أَجْراً عَظِيماً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. عظيما : صفة ـ نعت ـ للموصوف «أجرا» منصوب بالفتحة المنونة.

(يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) (٣٠)

(يا نِساءَ النَّبِيِ) : أداة نداء. نساء : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة. النبي : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَ) : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». يأت : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على «من» وقد ذكر الفعل على لفظ «من» لا معناه

والجملة الفعلية «يأت» أي ترتكب صلة الموصول لا محل لها. منكن : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من اسم الشرط ـ الاسم الموصول ـ من : التقدير حالة كونه منكن لأن «من» حرف جر بياني ـ من .. البيانية ـ والنون علامة جمع الإناث.

(بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) : الباء حرف جر زائد. فاحشة : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به بمعنى : من ترتكب منكن فاحشة .. مثل قوله : ولا تلقوا بأيديكم .. مبينة : صفة ـ نعت ـ لفاحشة مجرورة مثلها على اللفظ وعلامة جرهما الكسرة المنونة. والفاحشة بتقدير فعلة فاحشة وهي من الصفات التي جرت مجرى الأسماء كالسيئة.

(يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها وهي فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره والفعل مبني للمجهول. لها : جار ومجرور متعلق بيضاعف. العذاب : نائب فاعل مرفوع بالضمة.

(ضِعْفَيْنِ) : نائب عن المصدر ـ المفعول المطلق ـ لبيان العدد منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) : أعرب في الآية الكريمة التاسعة عشرة بمعنى وكان ذلك التضعيف على الله سهلا.

(وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً) (٣١)

(وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَ) : يعرب إعراب (مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ) في الآية الكريمة السابقة وعلامة جزم «يقنت» السكون.

(لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بيقنت. الواو عاطفة. رسوله : اسم مجرور باللام أيضا لأنه معطوف على لفظ الجلالة وعلامة جره الكسرة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(وَتَعْمَلْ صالِحاً) : الواو عاطفة. تعمل : فعل مضارع مجزوم لأنه معطوف على مجزوم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي وهنا أنث الفعل لأنه أعقب نون الإناث في «منكن». صالحا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. التقدير : عملا صالحا فحذف المفعول به الموصوف وحلت صفته محله.

(نُؤْتِها أَجْرَها) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها وهي فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة عليها والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن و «ها» ضمير متصل ـ ضمير الغائبة ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. أجر : مفعول به ثان منصوب بنؤتي المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل ـ ضمير الغائبة ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا) : نائب عن المصدر لبيان العدد أو صفة ـ نعت ـ للمصدر المحذوف. التقدير : نؤتها أجرها إتيانين مرتين مثل قوله : نعذبهم مرتين بمعنى : عذابين. وهو منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. الواو استئنافية. أعتد : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(لَها رِزْقاً كَرِيماً) : جار ومجرور متعلق بأعتدنا. رزقا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. كريما : صفة ـ نعت ـ للموصوف «رزقا» منصوب مثله بالفتحة المنونة.

(يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (٣٢)

(يا نِساءَ النَّبِيِ) : أداة نداء. نساء : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة. النبي : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ) : فعل ماض ناقص من أخوات «كان» مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك .. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبات ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «ليس» والنون علامة جمع الإناث. الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب خبر «ليس». أحد : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى لستن كجماعة واحدة من جماعات النساء أو بمعنى ليست واحدة منكن كأحد أي كواحدة.

(مِنَ النِّساءِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «أحد» لأن «من» حرف جر بياني أي مثل أحد من النساء.

(إِنِ اتَّقَيْتُنَ) : حرف شرط جازم كسرت نونه لالتقاء الساكنين. اتقيتن : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبات ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والنون علامة جمع الإناث بمعنى : إن أردتن التقوى وإن كنتن متقيات.

(فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) : الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء ومسبوق بنهي في محل جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط. لا : ناهية جازمة. تخضعن : فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة في محل جزم بلا الناهية والنون نون الإناث ـ النسوة المخاطبات ـ ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. بالقول : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة بمعنى فلا تجبن بقولكن خاضعا : أي لينا.

(فَيَطْمَعَ الَّذِي) : الفاء سببية. يطمع : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء وعلامة نصبه الفتحة. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل بمعنى : لكيلا يطمع الذي. والجملة الفعلية «يطمع الذي» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر معطوف على مصدر منتزع من الكلام السابق. التقدير : ليكن منكن عدم خضوع بالقول فعدم طمع الذي.

(فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) : الجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها. في قلبه : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة. مرض : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.

(وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) : الواو عاطفة. قلن : فعل أمر مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة والنون ضمير متصل ـ ضمير الإناث المخاطبات ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل. قولا : مصدر ـ مفعول مطلق ـ سد مسد مفعول «قلن» أي ـ مقول القول ـ معروفا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قولا» منصوب بالفتحة المنونة.

(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٣٣)

(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) : الواو عاطفة. قرن : فعل أمر مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة. والنون ضمير متصل ـ ضمير الإناث المخاطبات ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل بمعنى : وامكثن. في بيوتكن : جار ومجرور متعلق بقرن أو متعلق بحال محذوفة من نون النسوة بتقدير : وامكثن كائنات في بيوتكن. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبات الإناث ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والنون علامة جمع الإناث لا محل لها.

(وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تبرجن : فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة والنون ضمير متصل ـ ضمير الإناث المخاطبات ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل والفعل في محل جزم بلا الناهية. وأصله : تتبرجن فحذفت إحدى التاءين تخفيفا : تبرج : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف بمعنى : ولا تبدين زينتكن.

(الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. الأولى : صفة ـ نعت ـ للجاهلية مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر.

(وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «قرن» وتعرب إعرابها. الصلاة : مفعول به منصوب بالفتحة بمعنى وأدين الصلاة.

(وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ) : الجملتان الفعليتان تعربان إعراب «وأقمن الصلاة».

(وَرَسُولَهُ إِنَّما) : مفعول به منصوب بأطعن والواو عاطفة وعلامة نصبه الفتحة وهو معطوف على لفظ الجلالة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. إنما : كافة ومكفوفة.

(يُرِيدُ اللهُ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم وعلامة الرفع الضمة.

(لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) : اللام زائدة أي أن يذهب : يذهب : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام الزائدة وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عنكم : جار ومجرور متعلق بيذهب والميم علامة جمع الذكور حرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. الرجس : مفعول به منصوب بيذهب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : الدنس. والجملة الفعلية (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة بعد اللام الزائدة وما بعدها بتأويل مصدر مجرور لفظا باللام الزائدة منصوب محلا على أنه مفعول به للفعل «يريد» أو تكون «ما» في «إنما» اسما موصولا مبنيا على السكون بمعنى «الذي» في محل نصب اسم «إن» وتكون الجملة الفعلية «يريد الله» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضميرا محذوفا خطا واختصارا منصوبا محلا لأنه مفعول به. التقدير : إن الذي يريده الله ويكون المصدر المؤول من (لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) في محل رفع خبر «إن».

(أَهْلَ الْبَيْتِ) : منادى مضاف منصوب بأداة نداء محذوفة. التقدير : يا أهل وعلامة نصبه الفتحة. البيت : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة ويجوز أن يكون منصوبا على المدح بفعل محذوف تقديره : أعني أهل ..

(وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يذهب» وتعرب إعرابها. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. تطهيرا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ مؤكد منصوب بالفتحة المنونة.

(وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً) (٣٤)

(وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى) : الواو عاطفة. اذكرن : فعل أمر مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة والنون ضمير متصل ـ ضمير الإناث المخاطبات ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يتلى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «يتلى ..» صلة الموصول لا محل لها بمعنى : ما يقرأ.

(فِي بُيُوتِكُنَ) : جار ومجرور متعلق بيتلى. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبات ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والنون علامة جمع الإناث.

(مِنْ آياتِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما» لأنه مبهم و «من» حرف جر بياني بتقدير : حالة كونه من آيات الله. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(وَالْحِكْمَةِ) : معطوفة بالواو على «آيات الله» مجرورة مثلها وتعرب إعرابها وعلامة جرها الكسرة.

(إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الرابعة والعشرين.

** (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة والثلاثين. بمعنى : وامكثن واستقررن من وقر ـ يقر ـ وقارا .. أو من قر ـ يقر ـ قرا .. من باب «ضرب» بمعنى : استقر بالمكان والاسم : القرار وحذفت الراء الأولى من «أقررن» وهو لغة في «قر ـ يقر» ولا تبدين زينتكن والتبرج : مأخوذ من برح العين وهو إحاطة بياضها بسوادها. التقدير : تبرج نساء الجاهلية الأولى فحذف المضاف «نساء» وحل المضاف إليه «الجاهلية» محلها والمراد بها : الجاهلية القديمة التي يقال لها : الجاهلية الجهلاء. و «الجاهلية» هي حالة الجهل .. وهي أيضا : الوثنية في بلاد العرب قبل الإسلام. والجاهلية الأولى .. هي الزمن الذي ولد فيه إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ وقيل : ما بين آدم ونوح .. وقيل : بين إدريس ونوح .. وقيل : زمن داود وسليمان .. وهناك الجاهلية الأخرى : وهي ما بين عيسى ومحمد ـ عليهما الصلاة والسلام ـ ويجوز أن تكون الجاهلية الأولى جاهلية الكفر قبل الإسلام .. والجاهلية الأخرى : جاهلية الفسوق والفجور في الإسلام .. وقيل : الجاهلية : هي حقبة تاريخ العرب قبل الإسلام .. كانت حضارتهم بدوية وعيشتهم بسيطة ونفسيتهم تتصف بحب القبيلة والصبر والحزم وحب الحرية والكرم وحسن الضيافة والشجاعة ـ والثأر .. وبرز فيهم الشعراء الفطاحل .. منهم «الصعاليك» وأصحاب المعلقات وشعراء البلاط .. والشعراء الفرسان. روي أن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال وهو على المنبر : أيها الناس عليكم بديوانكم لا تضلوا. قالوا : وما ديواننا؟ قال : شعر الجاهلية فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم. و «تبرجن» أصله : تتبرجن .. حذفت إحدى التاءين تخفيفا. قال الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : لا يزال الرجل عالما ما طلب العلم فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل.

** (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) : استعار سبحانه للذنوب الرجس وللتقوى : الطهر. و «أهل البيت» المراد : أهل بيت النبوة.

** (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) : هذا القول الكريم هو مستهل الآية الكريمة الخامسة والثلاثين .. المسلم هو الداخل في السلم بعد الحرب المنقاد الذي لا يعاند .. أو المفوض أمره إلى الله المتوكل عليه من أسلم وجهه إلى الله وبقية الأسماء معانيها على التوالي : المنقادين لله. والمؤمنين : به حق الإيمان أما «القانتين» فمعناه : المواظبون على طاعته أي العابدين المطيعين و «الصادقين» أي الصادقين في القول والعمل و «الصابرين» أي الصابرين عن المعاصي «والخاشعين» أي المتواضعين لله الخائفين منه و «المتصدقين والصائمين» أي والمتصدقين بالمال وغيره والصائمين في رمضان والمتعففين والذاكرين الله كثيرا رجالا ونساء أي إن الجامعين والجامعات لهذه الطاعات .. ويقال : صام ـ يصوم صوما .. من باب «قال» وصياما أيضا فهو صائم ـ اسم فاعل ـ وهم صائمون وصوم ـ بضم الصاد وتشديد الواو ـ وصيم ـ بضم الصاد وتشديد الياء ـ ورجل صومان : أي صائم. قال الخليل : الصوم : قيام بلا عمل. والصوم أيضا : الإمساك عن الطعم وقال أبو عبيدة : كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير فهو صائم والصوم أيضا في قوله تعالى في سورة «مريم» : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : صمتا. وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ : إن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : من مات وعليه صيام صام عنه وليه وقال الإمام الغزالي : كم من صائم مفطر وكم من مفطر صائم فالمفطر الصائم هو الذي يحفظ جوارحه من الآثام ويأكل ويشرب والصائم المفطر هو الذي يجوع ويعطش ويطلق

جوارحه. والجوارح جمع «جارحة» وهو العضو من الإنسان ولا سيما اليد لأنها تكتسب. روي أن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وصف القيامة يوما لأصحابه فأشبع الكلام في الإنذار فرقوا واجتمعوا في بيت عثمان بن مطعون واتفقوا على أن لا يزالوا صائمين قائمين وأن لا يناموا على الفرش ولا يأكلوا اللحم والودك «بضم الواو والدال أي الدسم ـ من اللحم والشحم» ولا يقربوا النساء والطيب ويرفضوا الدنيا ويلبسوا المسوح ويسيحوا في الأرض. فبلغ ذلك رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقال لهم : إني لم أؤمر بذلك إن لأنفسكم عليكم حقا فصوموا وأفطروا وقوموا وناموا فإني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللحم والدسم وآتي النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني. وفي حديث : «من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له» أي من لم يعزم عليه فينويه.

** سبب نزول الآية : أخبر الترمذي عن أم عمارة الأنصارية أنها أتت النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقالت : ما أرى كل شيء إلا للرجال .. وما أرى النساء يذكرن بشيء. فنزلت الآية الكريمة : «إن المسلمين والمسلمات».

** (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة والثلاثين .. بمعنى : وما يصح .. وذكر الله لتعظيم أمر النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ والإشعار بإن قضاءة قضاء الله .. وقد ذكر الفعل «يكون» مع اسمه «الخيرة» وهو لفظة مؤنثة لأنه فصل عن اسمه بفاصل أو لأن «الخيرة» بمعنى : الاختيار .. كما جاء الضمير جمعا في «لهم» و «أمرهم» لأنه راجع على المعنى لا اللفظ لأنهما وقعا تحت النفي فعما كل مؤمن ومؤمنة.

** سبب نزول الآية : خطب النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ زينب بنت جحش لزيد بن حارثة الذي تبناه بعد أن أعتقه فأبت ذلك .. وقالت : أنا خير منه حسبا. فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة وقبلت الزواج بزيد بعد أن استجابت لأمر النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فالحكم وإن كان عاما إلا أن المراد به زينب وزيد. وزينب بنت جحش هي ابنة عمة الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وقد رفضت هي وأخوها ما قرره رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ من تزويجها بمعتوقه «زيد بن حارثة» فقال الله تعالى كما تذكر الآية الكريمة : ما صح لمؤمن ولا المؤمنة إذا قرر الله ورسوله أمرا يختص بأشخاصهم أن يختاروا على اختيارهما بل يجب عليهم التسليم بما اختاراه لهم والآية الكريمة التالية أيضا نزلت ـ كما قال أنس ـ في زينب بنت جحش وزيد بن حارثة. وتذكر الرواية : إن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ رآها فوقعت في نفسه فقال : سبحان الله مقلب القلوب فذكرت «زينب» هذا لزوجها «زيد» فكلم النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ في طلاقها محتجا بأنها تتكبر عليه لشرف نسبها فنهاه عن تطليقها .. وذكر الله تعالى ذلك فقال عزّ من قائل : وإذ تقول للذي أنعم الله عليه بالإسلام وأنعمت عليه بالعتق احتفظ بزوجك وخف الله وتخفي في نفسك من نية التزوج بها لو طلقها زيد ما الله مظهره ومبديه وتخشى تعيير الناس إياك به والله أحق أن تخشاه .. فلما قضى زيد منها حاجة في نفسه بحيث ملها وآثر فراقها زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين ضيق في التزوج بمطلقات الملتحقين بهم في النسب إذا قضوا حاجتهم منهن وكان أمر الله كائنا لا محالة.

** (وَتَخْشَى النَّاسَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة والثلاثين .. المعنى : وتخفي خاشيا قالة الناس أو تعبير الناس إياك به .. فحذف المفعول به المضاف «قالة ..» وحل المضاف إليه «الناس» محله.

** (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ) : و «الأدعياء» جمع «دعي» وهو الملتحق بنسب غيره .. أما «الادعاء» فهو مصدر الفعل «ادعى» يقال : ادعيت الشيء : بمعنى : تمنيته وادعيته أي طلبته لنفسي والاسم : الدعوى. قال ابن فارس : الدعوة : هي اسم المرة وبعض العرب يؤنثها بالألف فيقول : الدعوى وجمعها : الدعاوى ـ بكسر الواو وفتحها. قال الفيومي : قال بعضهم : الفتح أولى لأن العرب آثرت التخفيف ففتحت وحافظت على ألف التأنيث التي بني عليها المفرد وقال بعضهم : الكسر أولى وهو المفهوم من كلام سيبويه لانه ثبت أن ما بعد ألف الجمع لا يكون إلا مكسورا وما فتح منه فمسموع لا يقاس عليه لأنه خارج عن القياس وقال ابن السراج : الفتح والكسر سواء في الدعاوى ومثله : الفتوى ـ والفتاوى. وقال اليزيدي : يقال : لي في هذا الأمر دعوى ودعاوى : أي مطالب وهي مضبوطة في بعض النسخ بفتح الواو وكسرها معا. وقد يتضمن الادعاء معنى الإخبار فتدخل الباء جوازا .. يقال : فلان يدعي بكرم فعاله : أي يخبر بذلك عن نفسه .. وادعى فلان في بني هاشم : إذا انتسب إليهم .. وادعى عنهم : إذا عدل بنسبه عنهم كما يقال : رغب فيه .. ورغب عنه. قال الشاعر بشامة بن حزن النهشلي :

إنا بني نهشل لا ندعي لأب

عنه ولا هو بالأبناء يشرينا

المعنى : إنا لا ننتسب إلى أب غير أبينا رغبة عنه ولا هو يستبدل غيرنا رغبة عنا وهذا البيت من أبيات الشاعر المذكور منها :

تكفيه إن نحن متنا أن يسب بنا

وهو إذا ذكر الآباء يكفينا

وليس يهلك منا سيد أبدا

إلا افتلينا غلاما سيدا فينا

لو كان في الألف منا واحد فدعوا

من فارس خالهم إياه يعنونا

** (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) : هذا القول الكريم ورد في الآية الكريمة الأربعين .. المعنى : ما كان محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بأب حقيقي لأحد من رجالكم لأن كل رسول أبو أمته فيما يرجع إلى وجوب التوقير والتعظيم له عليهم لا في سائر الأحكام الثابتة بين الآباء والأبناء ثم إن أولاده الأربعة لم يعيشوا حتى عهد الرجولة .. وإذا كان محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قد تبنى زيد بن حارثة الذي زوجه ابنة عمه فإنه ما كان أباه على الحقيقة فيثبت بينه وما بين الوالد وولده من حرمة المصاهرة وغيرها ولكنه رسول الله وخاتم الأنبياء وهو أبو أمته. وعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال النبي محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : مثلي ومثل الأنبياء كرجل بنى دارا فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة فجعل الناس يدخلونها ويتعجبون ويقولون : لو لا موضع اللبنة ـ أي لو لا موضع اللبنة لكان بناء الدار كاملا ـ وزاد : وأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء فبعث ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ليتمم مكارم الأخلاق ويقيم صروح الفضائل ويحث على الآداب. وقوله «خاتم النبيين» معناه : أنه لو كان له ولد بالغ مبلغ الرجال لكان نبيا ولم يكن هو خاتم الأنبياء كما يروى أنه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال في ابنه «إبراهيم» حين توفي : لو عاش لكان نبيا. وقد أخرج أولاده ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ الطاهر .. الطيب .. القاسم .. وإبراهيم من حكم النفي بقوله تعالى : «من رجالكم» من وجهين : أحدهما ـ كما يقول الزمخشري ـ أن هؤلاء لم يبلغوا مبلغ الرجال. والثاني : أنه قد أضاف الرجال إليهم وهؤلاء رجاله لا رجالهم. أما «الحسن» و «الحسين» اللذان كان ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أبا لهما فلم يبلغا مبلغ الرجال حينئذ .. وهما أيضا من رجاله لا من رجالهم. وشيء آخر وهو أنه سبحانه

إنما قصد ولده خاصة لا ولد ولده لقوله تعالى : (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) ومعنى كونه آخر الأنبياء أنه لا ينبأ أحد بعده ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أما من ينزل آخر الزمان فيكون ممن نبئ قبله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

** سبب نزول الآية : قالت عائشة : لما تزوج النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ زينب قالوا : تزوج حليلة ابنه. فأنزل الله الآية.

** (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة الثالثة والأربعين. قيل : اختلف العلماء حول معنى صلاة الملائكة .. قال الزمخشري : هي قولهم : اللهم صل على المؤمنين جعلوا لكونهم مستجابي الدعوة كأنهم فاعلون الرحمة والرأفة .. وفي الوقت الذي جعل الصلاة من الله تعالى حقيقة ومن الملائكة مجازا لأنه حملها على الرحمة فإن غيره حملها على الدعاء وجعلها من الملائكة حقيقة ومن الله مجازا والله أعلم.

** سبب نزول الآية : قال أبو بكر لما نزلت آية الصلاة على النبي : ما أعطاك الله تعالى من خير إلا أشركنا فيه. فنزلت الآية.

** (وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة والأربعين .. المعنى : وداعيا إلى عبادة الله .. فحذف المضاف «عبادة» اختصارا لأنه معلوم.

(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (٣٥)

(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ) : إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. المسلمين اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته و «المسلمات» معطوفة بالواو على «المسلمين» منصوبة بمثلها وعلامة نصبها الكسرة بدلا من الفتحة لأن اللفظة جمع مؤنث سالم والأسماء بعدها معطوفات بواوات العطف عليهما وتعرب إعرابهما.

(فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ) : مفعول به منصوب باسم الفاعلين «الحافظين» وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة والواو حرف عطف. الحافظات : معطوف

على «الحافظين» منصوب مثله وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم وحذف مفعول «الحافظات» لأن الظاهر يدل عليه والتقدير : الحافظاته.

(وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ) : تعربان إعراب «الحافظين والحافظات» الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم باسم الفاعلين «الذاكرين» وعلامة النصب الفتحة. كثيرا : صفة لمفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف أو نائبة عنه بتقدير : ذكرا كثيرا. وعلامة نصبها الفتحة المنونة وحذف مفعول «الذاكرات» لأن الظاهر سبحانه يدل عليه. التقدير : والذاكراته أي الذاكرات الله ـ جلت قدرته ـ.

(أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ) : الجملة الفعلية مع مفعولها في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بأعد. بمعنى : هيأ الله لهم.

(مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) : مفعول به منصوب بأعد وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وأجرا : معطوف بالواو على «مغفرة» ويعرب مثلها. عظيما : صفة ـ نعت ـ للموصوف «أجرا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : مغفرة من لدنه سبحانه وثوابا عظيما.

(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (٣٦)

(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. كان : فعل ماض تام مبني على الفتح. لمؤمن : جار ومجرور متعلق بكان. وفاعل «كان» المصدر المؤول من «أن يكون لهم الخيرة» بمعنى وما صح لرجل مؤمن .. وإذا جاز إعراب «كان» فعلا ناقصا فيكون الجار والمجرور «لمؤمن» في محل نصب متعلقا بخبر «كان» المقدم ويكون الاسم المؤخر هو المصدر المؤول من «أن يكون لهم الخيرة» في محل رفع.

(وَلا مُؤْمِنَةٍ) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. مؤمنة : معطوفة على «مؤمن» وتعرب مثله.

(إِذا قَضَى اللهُ) : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون متضمن معنى الشرط ـ أداة شرط غير جازمة ـ خافض لشرطه متعلق بجوابه وجوابه محذوف لتقدم معناه. والظرف مع شرطه وجوابه لا محل له لأنه اعتراض بين فاعل «كان» أو اسمها وخبرها. قضى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.

(وَرَسُولُهُ أَمْراً) : معطوف بالواو على لفظ الجلالة مرفوع مثله بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. أمرا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. والجملة الفعلية «قضى الله ..» في محل جر بالإضافة.

(أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) : حرف مصدري ناصب. يكون : فعل مضارع ناقص منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل نصب متعلق بخبر «يكون» المقدم. الخيرة : اسم «يكون» مؤخر مرفوع بالضمة. والجملة الفعلية «يكون لهم الخيرة» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل «كان» أو اسمها.

(مِنْ أَمْرِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بالمصدر «الخيرة» على تأويل فعله و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : ما صح أن يختاروا من أمرهم ما شاءوا بل من حقهم أن يجعلوا رأيهم تبعا لرأيه واختيارهم تلوا لاختياره لهم.

(وَمَنْ يَعْصِ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». يعص : فعل مضارع مجزوم بمن لأنه فعل الشرط وعلامة جزمه حذف آخره ـ الياء .. حرف العلة ـ وبقيت الكسرة دالة عليها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.

(اللهُ وَرَسُولُهُ) : لفظ الجلالة مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة. ورسوله : معطوف بالواو على لفظ الجلالة منصوب بيعص أيضا وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية (يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ) لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول «من».

(فَقَدْ ضَلَ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم مسبوق بقد مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. قد : حرف تحقيق. ضل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو.

(ضَلالاً مُبِيناً) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. مبينا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «ضلالا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (٣٧)

(وَإِذْ تَقُولُ) : الواو استئنافية. إذ : اسم مبني على السكون في محل نصب مفعول به بفعل مضمر تقديره واذكر أيها النبي حين .. تقول : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. والجملة الفعلية «تقول» وما بعدها : في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «إذ».

(لِلَّذِي أَنْعَمَ) : اللام حرف جر. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بتقول. أنعم : فعل ماض مبني على الفتح والجملة الفعلية «أنعم الله عليه» صلة الموصول لا محل لها.

(اللهُ عَلَيْهِ) : لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. عليه : جار ومجرور متعلق بأنعم بمعنى أنعم عليه بالإسلام.

(وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) : الجملة الفعلية لا محل لها لأنها معطوفة على صلة الموصول وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك

والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل. عليه : جار ومجرور متعلق بأنعمت بمعنى : أنعمت عليه بما وفقك الله فيه والمقصود : زيد بن حارثة الذي أنعمت عليه بالعتق.

(أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. عليك : جار ومجرور متعلق بأمسك. زوجك : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة بمعنى : احتفظ بزوجتك.

(وَاتَّقِ اللهَ) : الواو عاطفة. اتق : فعل أمر مبني على حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة عليها والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة والجملة الفعلية في محل نصب أيضا ـ مقول القول ـ لأنها معطوفة على «أمسك عليك زوجك».

(وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ) : الواو حالية والجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير «تقول» بمعنى : تقول لزيد أمسك عليك زوجك مخفيا في نفسك إرادة أن لا يمسكها أو تكون الواو عاطفة بمعنى : وإذ تجمع بين قولك أمسك إخفاء خلافه. تخفي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. في نفسك : جار ومجرور متعلق بتخفي والكاف ضمير المخاطب في محل جر بالإضافة.

(مَا اللهُ مُبْدِيهِ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. مبديه : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة وكلمة «مبديه» اسم فاعل مضاف إلى مفعوله والجملة الاسمية «الله مبديه» صلة الموصول لا محل لها أي مظهره.

(وَتَخْشَى النَّاسَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «تخفي» وتعرب إعرابها وعلامة رفع الفعل الضمة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر. الناس : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى وخاشيا ..

(وَاللهُ أَحَقُ) : الواو عاطفة على ما قبلها والجملة في محل نصب حال أيضا بمعنى : وتخفي خاشيا قالة الناس وحقيقا في ذلك بأن تخشى الله أو عاطفة بمعنى : وإذ تجمع بين قولك أمسك وإخفاء خلافه وخشية الناس والله أحق بالخشية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. أحق : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف صيغة تفضيل بوزن «أفعل» ومن وزن الفعل.

(أَنْ تَخْشاهُ) : حرف مصدرية ونصب. تخشاه : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر. أي بأن تخشاه بتقدير : بالخشية والجار والمجرور متعلق بأحق.

(فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ) : الفاء استئنافية. لما : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. قضى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر. زيد : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. والجملة الفعلية «قضى زيد منها وطرا» في محل جر مضاف إليه.

(مِنْها وَطَراً) : جار ومجرور متعلق بقضى أو بحال مقدمة من «وطرا». وطرا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : فحين قضى زيد حاجة في نفسه وآثر فراق زوجته «زينب».

(زَوَّجْناكَها) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند للواحد

المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول و «ها» ضمير متصل ـ ضمير الغائبة ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان بمعنى : زوجناك إياها فأوصل الضمير الثاني ضمير الغائبة.

(لِكَيْ لا يَكُونَ) : اللام حرف جر للتعليل. كي : حرف مصدرية ونصب. لا : نافية لا عمل لها. يكون : فعل مضارع ناقص منصوب بكي وعلامة نصبه الفتحة والجملة الفعلية «لا يكون حرج» صلة حرف مصدري لا محل لها. و «كي» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بزوجنا.

(عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ) : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر مقدم ليكون وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. حرج : اسم «يكون» المؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى ضيق.

(فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «حرج». أدعياء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى حتى لا يتضايق المؤمنون في التزوج بمطلقات الملتحقين بهم في النسب.

(إِذا قَضَوْا) : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون متضمن معنى الشرط ـ أداة شرط غير جازمة ـ خافض لشرطه متعلق بجوابه. قضوا : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المقصورة المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه.

(مِنْهُنَّ وَطَراً) : حرف جر و «هن» ضمير الغائبات مبني على الفتح في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بحال مقدمة من «وطرا» بمعنى : حاجة. مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. أمر : اسم «كان» مرفوع بالضمة وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة. مفعولا : خبر «كان» منصوب بالفتحة المنونة.

(ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) (٣٨)

(ما كانَ عَلَى النَّبِيِ) : نافية لا عمل لها. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. على النبي : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» المقدم.

(مِنْ حَرَجٍ) : حرف جر زائد لتوكيد النفي. حرج : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه اسم «كان» المؤخر بمعنى : ضيق.

(فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) : حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «حرج». فرض : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. له : جار ومجرور متعلق بفرض. والجملة الفعلية (فَرَضَ اللهُ لَهُ) صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير فيما فرضه الله له .. بمعنى : أوجبه أي أحله والضمير العائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ساقط من اللفظ ثابت في المعنى.

(سُنَّةَ اللهِ) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ مؤكد لقوله تعالى : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ) بتقدير : سن الله ذلك سنة منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.

(فِي الَّذِينَ) : حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بالفعل المقدر «سن».

(خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح للتعذر على الألف الممدودة المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. وبقيت الفتحة دالة على الألف المحذوفة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. من : حرف جر. قبل : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بخلوا أو بصلة محذوفة من «الذين» بمعنى في الذين مضوا أو سبقوا من الأنبياء.

(وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) : أعرب في الآية الكريمة السابقة. مقدورا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قدرا» أو توكيد له منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي مقضيا مقطوعا به.

(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) (٣٩)

(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر على الوصف للأنبياء في قوله «الذين خلوا من قبل» لأن المعنى : الأنبياء الماضين الذين يبلغون أو يكون «الذين» بدلا من «الذين» الأول أو يكون في محل رفع خبرا لمبتدإ محذوف تقديره : هم الذين .. أو في محل نصب على المدح بفعل محذوف تقديره : أعني الذين يبلغون. والجملة الفعلية (يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ) صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. ويخشونه : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «يبلغون» وتعرب إعرابها. والهاء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى ويبلغون رسالات الله إلى العباد ويخشون الله سبحانه.

(وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. يخشون : أعربت. أحدا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(إِلَّا اللهَ) : أداة استثناء. الله لفظ الجلالة مستثنى بإلا منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة أو تكون «إلا» أداة حصر ويكون لفظ الجلالة بدلا من «أحدا» بمعنى ولا يخافون غيره سبحانه.

(وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) : أعرب في الآية الكريمة الثالثة بمعنى : وكفى الله محاسبا على الصغيرة والكبيرة ..

(ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٤٠)

(ما كانَ مُحَمَّدٌ) : نافية لا عمل لها. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. محمد : اسم «كان» مرفوع بالضمة المنونة.

(أَبا أَحَدٍ) : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. أحد : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(مِنْ رِجالِكُمْ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «أحد» الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) : الواو عاطفة. لكن : مخففة مهملة حرف استدراك لا عاطفة لوجود الواو. رسول : خبر «كان» المحذوف اختصارا لوجود ما يدل عليه قبله منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى ولكن كان رسول الله. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) : معطوف بالواو على «رسول الله» ويعرب إعرابه بمعنى : ولكن كان خاتم النبيين. وعلامة جر «النبيين» الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَكانَ اللهُ بِكُلِ) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : اسم «كان» مرفوع للتعظيم وعلامة الرفع الضمة. بكل : جار ومجرور متعلق بخبر «كان».

(شَيْءٍ عَلِيماً) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. عليما : خبر «كان» منصوب بالفتحة المنونة.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً) (٤١)

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) : أداة نداء. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» للتنبيه. الذين : اسم موصول مبني على الفتح عطف بيان من «أي». آمنوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها.

(اذْكُرُوا اللهَ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(ذِكْراً كَثِيراً) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. كثيرا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «ذكرا» منصوب مثله.

(وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (٤٢)

(وَسَبِّحُوهُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «اذكروا الله» وتعرب إعرابها والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.

(بُكْرَةً وَأَصِيلاً) : ظرف زمان منصوب على الظرفية الزمانية وعلامة نصبه الفتحة المنونة متعلق بسبحوه بمعنى أكثروا من ذكر الله ونزهوه في كل الأوقات لأن التسبيح من جملة الذكر. وأصيلا : معطوف بالواو على «بكرة» ويعرب إعرابه. وهما صلاة الفجر والعشاءين أو هما أول النهار وآخره.

(هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) (٤٣)

(هُوَ الَّذِي) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الذي : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر «هو».

(يُصَلِّي عَلَيْكُمْ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عليكم : جار ومجرور متعلق بيصلي والميم علامة جمع الذكور بمعنى يترحم عليكم ويترأف أو يرحمكم لأن الصلاة من الله معناها الرحمة.

(وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ) : الواو عاطفة. ملائكته : فاعل لفعل مضمر يفسره ما قبله مرفوع بالضمة بمعنى وتدعو لكم ملائكته والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. اللام لام التعليل حرف جر. يخرجكم : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «يخرجكم ..» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بيصلي.

(مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) : جاران ومجروران متعلقان بيخرجكم و «من» حرف جر لابتداء الغاية و «إلى» حرف جر لانتهاء الغاية بمعنى من ظلمات المعصية إلى نور الطاعة.

(وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. بالمؤمنين : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. رحيما : خبر «كان» منصوب بالفتحة المنونة.

(تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً) (٤٤)

(تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ) : مبتدأ مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل «ضمير الغائبين» مبني على السكون في محل جر بالإضافة وهي مصدر أضيف إلى المفعول

لأن المعنى يحيونه يوم لقائه بسلام ويجوز أن يعظمهم الله سبحانه بسلامه عليهم. وقيل : هو سلام ملك الموت والملائكة معه عليهم وبشارتهم بالجنة وقيل : سلام الملائكة لهم عند نشورهم .. وقيل : عند دخولهم الجنة. يوم : مفعول فيه ـ ظرف زمان ـ منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيحيون وهو مضاف والجملة الفعلية «يلقونه» في محل جر مضاف إليه.

(يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. سلام : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة.

(وَأَعَدَّ لَهُمْ) : الواو استئنافية. أعد : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بأعد.

(أَجْراً كَرِيماً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. كريما : صفة ـ نعت ـ للموصوف «أجرا» منصوب مثله بالفتحة المنونة بمعنى : هيأ لهم سبحانه الجنة.

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) (٤٥)

(يا أَيُّهَا النَّبِيُ) : أداة نداء. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» للتنبيه. النبي : عطف بيان من «أي» مرفوع بالضمة على لفظ «أي» لا محله. ويجوز أن يكون صفة ـ نعتا ـ للمنادى «أي» إذا اعتبرت كلمة «النبي» اسما مشتقا.

(إِنَّا أَرْسَلْناكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». أرسلناك : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه المبني على السكون في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.

(شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) : حال من ضمير المخاطب في «أرسلناك» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والكلمتان «مبشرا ونذيرا» معطوفتان بواوي العطف على «شاهدا» وتعربان إعرابه بمعنى شاهدا على أمتك يوم القيامة ومبشرا أياهم أي من صدقك بالرياض ومخوفا من كذبك بجهتم لتهاونهم.

(وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً) (٤٦)

(وَداعِياً إِلَى اللهِ) : معطوف بالواو على «شاهدا» ويعرب إعرابه. إلى الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق باسم الفاعل «داعيا».

(بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً) : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «داعيا» والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة بمعنى داعيا بأمره لنشر الرسالة. الواو عاطفة. وسراجا : معطوف على ضمير المخاطب الكاف في «أرسلناك» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. منيرا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «سراجا» منصوب مثله بالفتحة المنونة بمعنى : ذا سراج منير أي مصباح يضيء يستنار بضوئه .. أو وتاليا سراجا منيرا أي أرسلناك مبشرا وتاليا. إذا فسر «السراج المنير» بالقرآن الكريم أي منورا.

(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً) (٤٧)

(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) : الواو عاطفة على محذوف بتقدير أرسلناك وقلنا لك بشر. بشر : فعل أمر مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. المؤمنين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والجملة الفعلية «بشر المؤمنين» في محل نصب مفعول به بالفعل المقدر «قلنا» أي مقول القول ـ.

(بِأَنَّ لَهُمْ) : الباء حرف جر وهي الباء السببية. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر «أن» المقدم و «أن» وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر

في محل جر بالباء .. التقدير بسبب أن لهم فحذف المجرور المضاف وأقيم المضاف المؤول مقامه و «أن» حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.

(مِنَ اللهِ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق باسم «أن» أو بحال مقدمة من «فضلا» لأنه صفة له قدمت عليه.

(فَضْلاً كَبِيراً) : اسم «أن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. كبيرا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «فضلا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : فضلا عظيما على جميع الأمم بما معهم من كتابه المجيد.

(وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (٤٨)

(وَلا تُطِعِ) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تطع : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت الياء ـ أصله : «تطيع» تخفيفا ولالتقاء الساكنين وحرك آخر الفعل بالكسر لالتقاء الساكنين أيضا والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت.

(الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والمنافقين : معطوف بالواو على «الكافرين» ويعرب إعرابه.

(وَدَعْ أَذاهُمْ) : الواو عاطفة. دع : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. أذى : مفعول به منصوب بدع وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) : الجملة الفعلية معطوفة على جملة «دع» وتعرب إعرابها. على الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بتوكل.

(وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) : أعرب في الآية الكريمة الثالثة بمعنى : وكفى الله وكيلا يتصرف بذلك كما يشاء ..

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) (٤٩)

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) : أداة نداء. أي : منادى مفرد مبني على الضم في محل نصب. و «ها» للتنبيه. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب عطف بيان لأي. آمنوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها.

(إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ) : ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط. نكحتم : الجملة الفعلية وما بعدها في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف بمعنى تزوجتم وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الضم ـ ضمير المخاطبين في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. المؤمنات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.

(ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَ) : حرف عطف. طلقتم : الجملة الفعلية معطوفة على «نكحتم المؤمنات» وتعرب إعرابها والواو لإشباع الميم و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الإناث الغائبات ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.

(مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) : جار ومجرور متعلق بطلقتم. أن : حرف مصدري ناصب. تمسوا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الإناث الغائبات ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «تمسوهن» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالإضافة. التقدير من قبل مسهن أي من قبل الدخول بهن.

(فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَ) : الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها. الفاء واقعة في جواب الشرط. ما : نافية لا عمل لها. لكم : جار ومجرور في

محل رفع متعلق بخبر مقدم والميم علامة جمع الذكور. على : حرف جر و «هن» ضمير الإناث الغائبات ـ مبني على الفتح في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بحال مقدمة من «عدة».

(مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) : حرف جر زائد لتأكيد النفي. عدة : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر. تعتدون : الجملة الفعلية في محل رفع صفة لعدة على المحل وفي محل جر على اللفظ وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَ) : الفاء سببية لأنها بدل من فاء «فما لكم». متعوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. و «هن» أعرب في «طلقتموهن». وسرحوهن : معطوفة بالواو على جملة «متعوهن» وتعرب إعرابها بمعنى : فأعطوهن متعة الطلاق وطلقوهن طلاقا بالسنة.

(سَراحاً جَمِيلاً) : اسم في موضع المفعول المطلق ـ المصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. جميلا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «سراحا» منصوب مثله بالفتحة المنونة بمعنى : طلاقا بالسنة من غير ضرارا عليهن.

** (وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة والأربعين .. بمعنى : واترك أذاهم أي إيذاءهم إياك أو تجنب إيذاءهم وضمير الغائبين «هم» يحتمل الفاعل والمفعول بمعنى : ودع أن تؤذيهم بضرر أو قتل وخذ بظاهرهم وحسابهم على الله في باطنهم أو ودع ما يؤذونك به ولا تجازهم عليه حتى تؤمر .. أي وأعرض عن أذاهم والإضرار بهم ولا تبال بهم. والفعل «دع» مضارعه : يدع .. يقال : ودعته ـ أدعه ـ ودعا .. بمعنى تركته. قال الفيومي : قال بعض المتقدمين وزعمت النحاة أن العرب أماتت ماضي «يدع» ومصدره واسم الفاعل وقد قرأ مجاهد وعروة ومقاتل وابن أبي عبلة ويزيد النحوي «ما ودعك ربك» بتخفيف الدال ـ وفي الحديث «لينتهين قوم عن ودعهم الجمعات» أي عن تركهم. فقد رويت هذه الكلمة عن أفصح العرب ونقلت عن طريق القراء فكيف يكون إماتة وقد جاء الماضي في بعض الأشعار وما هذه سبيله فيجوز القول بقلة الاستعمال ولا يجوز القول بالإماتة. وقال الجوهري : وقولهم : دع ذا : أي اتركه وأصله : ودع وقد أميت ماضيه فلا يقال : ودعه وإنما يقال : تركه ولا وادع ـ اسم فاعل ـ ولكن تارك وربما جاء في ضرورة الشعر ودع.

** (أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخمسين .. وكلمة «اللاتي» جمع «التي» وهي مؤنث «الذي» ومثناها اللتان «في حالة الرفع» و «اللتين» في حالتي النصب والجر وجمعها : اللاتي ـ كما في الآية الكريمة المذكورة ـ واللائي واللواتي. وتصغر «التي» فيقال : اللتيا. وإذا جمع بينهما في جملة أدتا معنى آخر نحو قولنا : وقع فلان في اللتيا والتي .. بمعنى : وقع في الصغيرة والكبيرة من الدواهي .. ويكنى بهما عن الشدة لأنهما اسمان من أسماء الداهية المتناهية وقيل : هما تصغير «التي» و «اللاتي» ويراد بالتصغير : التكثير. وقيل : إن «التي» هي الكبيرة و «اللتيا» هي الصغيرة : الداهية الكبيرة والداهية الصغيرة. وقيل : إن أصلهما ورد على لسان رجل من «جديس» تزوج امرأة صغيرة فقاسى منها الشدائد وكان يعبر عنها بالتصغير .. ثم تزوج امرأة طويلة فقاسى منها ضعف ما قاسى من الصغيرة فطلقها هي الأخرى وقال : بعد اللتيا والتي لا أتزوج أبدا. وقد اختلف النحاة في حركة لام «اللتيا» فقد قال بنصبها كل من «الصحاح» والحريري في درة الغواص .. قال عن ضم اللام : إنه لحن فاحش وغلط شائن ـ اسم فاعل للفعل «شان» ولا نقول : مشين .. لأن هذه اللفظة اسم فاعل للفعل الرباعي «أشان» الذي لم يرد في مصادر اللغة إلا ثلاثيا «شان» وقال ابن خالويه : أجمع النحويون على فتح لام «اللتيا» إلا أن الأخفش أجاز ضمها .. وقال بالفتح كل من الزمخشري في «الأساس» وابن منظور في «لسان العرب» وقال «تاج العروس» : الضم : لغة جائزة إلا أنها قليلة .. وقال بضم اللام فقط كل من ابن سيده وابن السكيت. و «السكيت» من صيغ المبالغة «فعيل بمعنى فاعل» أي الكثير السكوت ومثله أيضا : الساكوت : أي الدائم السكوت. وقيل : إن المثل المذكور آنفا هو كناية عن «الحية» وكنى عن الكبيرة بلفظ التصغير تشبيها بالحية فإنها إذا كثر سمها صغرت ؛ لأن السم يأكل جسدها. و «السم» هو مادة قاتلة لأنها إذا دخلت جوف الإنسان عطلت الأعمال الحيوية أو أوقفتها تماما. واللفظة تنطق بفتح السين على الأكثر وجمعها : سموم ـ بضم السين ـ وتنطق بضم السين لأنه لغة لأهل العالية وبكسر السين لغة لبني تميم. ومنه قيل سممت الطعام سما : بمعنى : جعلت فيه السم. وتطلق لفظة «سم» على ثقب الإبرة ملفوظة بضم السين وفتحها وكسرها .. والأشهر فتحها لأنها وردت في كتاب الله العظيم بفتح السين في قوله عزوجل في سورة «الأعراف» : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) صدق الله العظيم. بمعنى : يستحيل عليهم دخول الجنة كاستحالة أن يدخل الجمل «البعير» في ثقب الإبرة. السم : الثقب .. والخياط : الإبرة. ذكر سبحانه ذلك التشبيه لكونه غاية في الضيق. ومن هذه اللفظة اشتقت كلمة «مسام البدن» وهي ثقبة ـ جمع ثقب ـ التي يبرز عرقه وبخار باطنه منها.

** (إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) : المعنى : أحللناها لك إن وهبت لك نفسها وأنت تريد أن تتزوجها لأن إرادته هي قبول الهبة وما به تتم. وقد حول سبحانه القول من المخاطبة «الخطاب» إلى الغيبة في قوله للنبي : «إن أراد النبي» ثم عاد جلت قدرته إلى المخاطبة في قوله عزّ من قائل ـ : «لك .. وعليك» والسبب هو الإيذان بأنه مما خص به وأثر ومجيؤه على لفظ النبي للدلالة على أن الاختصاص تكرمة له لأجل النبوة وتكريره تفخيم له وتقرير لاستحقاقه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ الكرامة لنبوته.

** سبب نزول الآية : قالت أم هانئ بنت أبي طالب : خطبني رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فاعتذرت إليه فعذرني. فأنزل الله تعالى : (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ ..).

** (ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية والخمسين .. المعنى والتقدير : ذلك التخيير في صحبتهن أو «التفويض ..» فحذف المشار إليه «التخيير ...» اختصارا لأن ما قبله دال عليه.

** (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الثانية والخمسين .. وقد ذكر الفعل «يحل» مع فاعله المؤنث «النساء» لأن تأنيث الجمع «النساء» غير حقيقي ـ تأنيث مجازي ـ ولفصله عن الفاعل وقد بني الاسم «بعد» على الضم لانقطاعه عن الإضافة أي بعد حذف المضاف إليه التقدير : من بعد النساء المقررات لك أو من بعد الزوجات التسع اللاتي هن معك. والمحذوف هو «النساء».

** (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) : المعنى : إلا ما ملكت يدك والقول الكريم كناية عن الإماء ـ جمع أمة ـ أي الرقيقات. و «الحسن» كما قال الجوهري ـ هو ضد «القبح» وجمعه : محاسن .. على غير قياس كأنه جمع «محسن» ويقال : رجل حسن وامرأة حسنة وقالوا : امرأة حسناء ولم يقولوا : رجل أحسن وهو اسم أنث من غير تذكير ويقال : حسن الشيء : أي جعله حسنا بمعنى : زينه. وحسان : اسم رجل إن جعلته من صيغ المبالغة «فعالا» من الحسن أجريته ـ أي صرفته بمعنى نونت آخره ـ وإن جعلته فعلان .. من «الحس» وهو القتل أو الحس أي بفتح الحاء وكسرها لم تجره ـ أي لم تصرفه بمعنى لم تنون آخره .. ويقال : حسن الشيء ـ بضم السين ـ أي جمل أو صار جميلا. وقال الفيومي : حسن الشيء فهو حسن وسمي به وبمصغره والأنثى : حسنة وبها سمي أيضا ومنه : شرحبيل بن حسنة ويقال : أحسن الشيء : أي أتقنه. ويقال للرجل : أحسنت : أي فعلت الحسن كما قيل : أجاد لمن فعل الجيد. وقيل : الجمال والحسن لفظتان تؤدي إحداهما معنى الأخرى. والجمال : أرق من الحسن. قال سيبويه : الجمال هو رقة الحسن والأصل : جمالة .. من «جمل جمالة» مثل «صبح صباحة» لكنهم حذفوا الهاء تخفيفا لكثرة الاستعمال .. ومن اشتقاقاته : تجملت المرأة تجملا : أي تزينت وتحسنت : أي اجتلبت البهاء والإضاءة. واشتق منه الفعل «جامل» وهو فعل مزيد نحو : جامل صاحبك مجاملة : بمعنى أحسن معاملته وعشرته .. وحسن الرجل مثل جمل. وجمل الرجل : أي حسن خلقا وخلقا وهي جميلة.

** سبب نزول الآية .. قال عكرمة : لما خير رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أزواجه اخترن الله ورسوله فأنزل الله : «لا يحل لك ..».

** (فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة والخمسين وفيه حذف المشار إليه بعد ذلكم اختصارا لأن ما قبله يدل عليه. التقدير : إن ذلكم التصرف كان يؤلم الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ والمحذوف «التصرف» هو صفة ـ نعت ـ لاسم الإشارة أو بدل منه وقوله «يستحي منكم» معناه : يخجل من إخراجكم فحذف المضاف وأوصل حرف الجر «من» بالمضاف إليه «كاف المخاطبين» فصار «منكم» والفعل «يستحي» جاء بلغتين .. الأولى : وهي لغة الحجاز التي أنزل بها القرآن الكريم أي بياءين .. واللغة الثانية بياء واحدة وهي

لغة بني تميم .. أما المعنى فهو أن النبي يخجل من إخراجكم من بيته أما قوله (وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ) فمعناه : والله لا يمتنع منه ولا يتركه لأن الخجل محال إطلاقه على الله جلت قدرته وفي هذا القول الكريم أدب الله سبحانه به الثقلاء وجاء تأديبا لخلقه وهداية لهم إلى الفضائل. والفعل يتعدى بنفسه فيقال : استحييته وبالحرف فيقال : استحييت منه.

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللاَّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٥٠)

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ) : أعرب في الآية الكريمة الخامسة والأربعين. لك : جار ومجرور متعلق بأحللنا.

(أَزْواجَكَ اللَّاتِي) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. اللاتي : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للأزواج.

(آتَيْتَ أُجُورَهُنَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل. أجور. مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الغائبات الإناث ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به أول. التقدير : آتيتهن.

(وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به بأحللنا. ملكت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. يمينك : فاعل مرفوع بالضمة. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «ملكت يمينك» أي يدك صلة الموصول لا محل

لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : وما ملكته يمينك.

(مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ) : أصلها : من : حرف جر و «ما» المدغمة بنون «من» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من «ما» في «ما ملكت يمينك» التقدير حال كونه مما أفاء الله عليك و «من» حرف جر بياني. أفاء : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. عليك : جار ومجرور متعلق بأفاء وحذفت الصلة العائدة بمعنى : مما أفاء الله عليك من السبي في الحرب. أي الغنيمة والخراج.

(وَبَناتِ عَمِّكَ) : معطوف بالواو على «أزواجك» أي وأحللنا لك بنات عمك» منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم. عمك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان.

(وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ) : الأسماء المعطوفة بالواو تعرب إعراب «وبنات عمك».

(اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ) : أعرب. هاجرن : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة. النون ضمير متصل ـ ضمير الإناث الغائبات ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل. معك : ظرف مكان متعلق بهاجرن وهو مضاف يدل على الاجتماع والمصاحبة وقيل : هو اسم بدليل حركة آخره مع تحرك ما قبله وقيل : هو اسم بمعنى الظرف أو حرف جر مبني على الفتح والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة أو في محل جر بحرف الجر «مع» والجملة الفعلية «هاجرن معك» صلة الموصول لا محل لها.

(وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً) : الواو عاطفة. امرأة : مفعول به منصوب بأحللنا وعلامة نصبه الفتحة المنونة. مؤمنة : صفة ـ نعت ـ لامرأة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المنونة.

(إِنْ وَهَبَتْ) : حرف شرط جازم. وهبت : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي وجواب الشرط محذوف التقدير : فستحل له.

(نَفْسَها لِلنَّبِيِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «ها» ضمير متصل ـ ضمير الغائبة ـ في محل جر بالإضافة. للنبي : جار ومجرور متعلق بوهبت.

(إِنْ أَرادَ النَّبِيُ) : يعرب إعراب «إن وهب». النبي : فاعل مرفوع بالضمة وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه لأنه أي الشرط تقييد للشرط الأول شرط في الإحلال هبتها نفسها للنبي بتقدير أحللنا لك إن وهبت لك نفسها وأنت تريد أن تتزوجها لأن إرادته هي قبول الهبة وما به تتم.

(أَنْ يَسْتَنْكِحَها) : حرف مصدري ناصب. يستنكح : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «ها» ضمير متصل ـ ضمير الغائبة ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. والجملة «يستنكحها» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما تلاها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل أراد. التقدير : إن أراد النبي استنكاحها أي التزوج بها.

(خالِصَةً لَكَ) : مصدر مؤكد ـ مفعول مطلق ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. لك : جار ومجرور متعلق بخالصة. التقدير : خلص لك إحلال ما أحللنا لك خالصة بمعنى خلوصا أو تكون خالصة صفة ـ نعت ـ لامرأة وعند هذه الحالة تكون هذه المرأة خالصة من دونهم.

(مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) : جار ومجرور متعلق بخالصة أو بحال محذوفة من «امرأة» بعد وصفها. المؤمنين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(قَدْ عَلِمْنا) : حرف تحقيق. علم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. والجملة من «قد علمنا» إلى «ملكت أيمانهم» اعتراضية لا محل لها.

(ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. فرضنا : تعرب إعراب «علمنا». على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بفرضنا بمعنى ما فرضنا على الرجال. والجملة الفعلية (فَرَضْنا عَلَيْهِمْ) صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : ما فرضناه.

(فِي أَزْواجِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بفرضنا أو بحال محذوفة من مفعول «فرضنا» التقدير : كائنا في أزواجهم أي زوجاتهم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بفي لأنه معطوف على «الأزواج» أي ما فرضنا في ما ملكت أيمانهم بمعنى في الزواج بما ملكت أيمانهم أي أيديهم والمراد : الإماء المملوكات. ملكت أيمان : أعربت و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة أي في رقيقاتهم من شروط العقود.

(لِكَيْلا يَكُونَ) : اللام حرف جر. كي : حرف مصدرية ونصب. لا : نافية لا عمل لها. يكون : فعل مضارع ناقص منصوب بكي وعلامة نصبه الفتحة. والجملة الفعلية «لا يكون عليك حرج» صلة «كي» الحرف المصدري لا محل لها و «كي» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بأحللنا أو بمعنى وسعنا عليك في التحليل لكي لا يكون عليك ضيق ومشقة.

(عَلَيْكَ حَرَجٌ) : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «يكون» المقدم. حرج : اسم «يكون» المؤخر مرفوع بالضمة المنونة.

(وَكانَ اللهُ) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : اسم «كان مرفوع للتعظيم بالضمة.

(غَفُوراً رَحِيماً) : خبرا «كان» منصوبان وعلامة نصبها الفتحة المنونة بمعنى غفورا للواقع في الحرج إذا تاب رحيما بالتوسعة على عباده. ويجوز أن يكون «رحيما» صفة للموصوف «غفورا».

(تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً) (٥١)

(تُرْجِي مَنْ تَشاءُ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء غير المهموزة منع من ظهور الضمة الثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والمخاطب هو الرسول الكريم بمعنى ويجوز لك يا محمد أن تترك وتؤخر. من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. تشاء : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والجملة الفعلية «تشاء» صلة الموصول لا محل لها بمعنى من تريد من زوجاتك وحذف مفعول «تشاء» اختصارا بمعنى : ولك أن تترك أو تؤخر من تريد تأخيره أو تطلق من تشاء.

(مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي) : حرف جر بياني و «هن» ضمير الإناث الغائبات مبني على الفتح في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «من» التقدير حال كونها منهن. وتؤوي : معطوفة بالواو على «ترجي» وتعرب إعرابها.

(إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) : جار ومجرور متعلق بتؤوي. من تشاء : أعربا بمعنى : وتضم أو وتسكن أو وتمسك من تشاء.

(وَمَنِ ابْتَغَيْتَ) : معطوف بالواو على «من تشاء» بمعنى : وتراجع من أردت بعد الطلاق وكسرت نون «من» لالتقاء الساكنين. ابتغيت : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : من ابتغيتها أي طلبت مراجعتها.

(مِمَّنْ عَزَلْتَ) : جار ومجرور متعلق بابتغيت و «من» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن. عزلت : تعرب إعراب «ابتغيت» بمعنى : ممن أبعدت عنك من نسائك ممن تجنبت وأبعدتها عن ليلتها.

(فَلا جُناحَ عَلَيْكَ) : الفاء استئنافية للتعليل. لا : نافية للجنس تعمل عمل «إن». جناح : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبر «لا» محذوف وجوبا. عليك : جار ومجرور معلق بخبر «لا» المحذوف.

(ذلِكَ أَدْنى) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ اللام للبعد والكاف للخطاب. أدنى : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر بمعنى : أقرب.

(أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَ) : حرف مصدرية ونصب. تقر : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. أعين : فاعل مرفوع بالضمة و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الإناث الغائبات ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية (تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر. التقدير : أقرب إلى قرة عيونهن والجار والمجرور متعلق بأدنى.

(وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. يحزن : معطوفة على «تقر» وهي فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك ـ نون النسوة ـ والنون «نون الإناث الغائبات» مبني على الفتح في محل رفع فاعل بتقدير : أن لا يحزن أي ذلك أقرب إلى عدم حزنهن أي حزن من ترجئها. ويرضين : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على (تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ) وتعرب إعراب «يحزن» التقدير وأن يرضين أي ذلك أقرب إلى رضاهن.

(بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَ) : الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. آتيت : تعرب إعراب «ابتغيت» و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الإناث الغائبات ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به والجار والمجرور «بما» متعلق بيرضين. كل : تأكيد لنون النسوة في «يرضين» و «هن» ضمير الإناث الغائبات مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.

(وَاللهُ يَعْلَمُ) : الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. يعلم : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(ما فِي قُلُوبِكُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. في قلوبكم : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره يعتمل وجملة «يعتمل في قلوبكم» صلة الموصول لا محل لها. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً) : أعرب في الآية الكريمة الخمسين بمعنى : عليما بذات الصدور حليما لا يتعجل بالعقاب.

(لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً) (٥٢)

(لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ) : نافية لا عمل لها. يحل : فعل مضارع مرفوع بالضمة. لك : جار ومجرور متعلق بلا يحل والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ النساء : فاعل مرفوع بالضمة و «لا» النافية هنا معناها النهي.

(مِنْ بَعْدُ) : حرف جر. بعد : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بلا يحل.

(وَلا أَنْ تَبَدَّلَ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. أن : حرف مصدري ناصب. تبدل : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. والجملة الفعلية «تبدل ..» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع لأنه معطوف على مرفوع هو النساء بمعنى : ولا يحل لك التبديل والفعل أصله : تتبدل حذفت إحدى تاءيه تخفيفا.

(بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ) : الباء حرف جر و «هن» ضمير الإناث الغائبات مبني على الفتح في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بتبدل بمعنى ولا أن

تستبدل بنسائك المقررات لك أخر. من : حرف جر زائد لتأكيد النفي وفائدته استغراق جنس الأزواج بالتحريم. أزواج : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول تبدل بمعنى لا تحل لك نساء من بعد النساء .. أي لا تطلق واحدة منهن وتتزوج بأخرى بدلا منها.

(وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) : الواو حالية. لو : مصدرية. أعجبك : فعل ماض مبني على الفتح والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم. حسن : فاعل مرفوع بالضمة و «هن» ضمير متصل ضمير الإناث الغائبات في محل جر بالإضافة وجملة «أعجبك حسنهن» صلة حرف مصدري لا محل لها و «لو» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب حال من ضمير «تبدل» التقدير : مع إعجابك بهن أو مفروضا إعجابك بهن.

(إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) : أداة استثناء. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مستثنى بإلا وهو استثناء مما حرم عليه أو تكون «إلا» أداة حصر لا عمل لها و «ما» في محل رفع بدلا من «النساء». ملكت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. يمينك : فاعل مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. والجملة الفعلية «ملكت يمينك» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به التقدير ما ملكته يمينك.

(وَكانَ اللهُ عَلى كُلِ) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الله : اسم «كان» مرفوع للتعظيم بالضمة. على كل : جار ومجرور متعلق بخبر كان.

(شَيْءٍ رَقِيباً) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. رقيبا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً) (٥٣)

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ) : أعرب في الآية الكريمة التاسعة والأربعين. لا : ناهية جازمة. تدخلوا فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بيوت : مفعول به منصوب بالفتحة.

(النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. إلا : أداة استثناء. أن : حرف مصدرية ونصب.

(يُؤْذَنَ لَكُمْ) : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. لكم : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل والميم علامة جمع الذكور. و «أن» المصدرية وما تلاها بتأويل مصدر في محل نصب مستثنى بإلا استثناء منقطعا بمعنى : وقت أن يؤذن لكم أي إلا وقت الإذن لكم فحذف المضاف المستثنى «وقت» وأقيم المصدر المؤول المضاف إليه «الإذن لكم» مقامه.

(إِلى طَعامٍ) : جار ومجرور متعلق بيؤذن بمعنى : إلا أن يدعوكم إلى طعام أو بمعنى بأن تدعوا إلى طعام.

(غَيْرَ ناظِرِينَ) : حال من ضمير «تدخلوا» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. وقد وقع الاستثناء على الحال والوقت معا بتقدير : لا تدخلوا بيوت النبي إلا وقت الإذن ولا تدخلوها إلا غير ناظرين وهو مضاف. ناظرين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والكلمة اسم فاعلين بمعنى : غير منتظرين و «غير» هنا بمعنى : لا. أي لا ناظرين.

(إِناهُ وَلكِنْ) : مفعول به منصوب باسم الفاعلين «ناظرين» بتأويل فعله لأنه يعمل عمل فعله المتعدي وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة بمعنى : نضجه وإدراكه وقيل : وقته أي غير منتظرين وقت الطعام وساعة أكله. الواو زائدة. لكن : حرف استدراك لا عمل له لأنه مخفف.

(إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا) : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط ـ أداة شرط غير جازمة ـ دعيتم : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل والميم علامة جمع الذكور. فادخلوا : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. الفاء واقعة في جواب الشرط ـ جزائه ـ ادخلوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وحذفت الصلة أو المفعول اختصارا أي إذا دعيتم إلى دخول البيوت بعد الإذن فادخلوها.

(فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا) : معطوف بالفاء على (إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا) ويعرب إعرابه والفعل «طعم» مبني للمعلوم والتاء في محل رفع فاعل بمعنى فإذا أكلتم فتفرقوا.

(وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. مستأنسين : معطوف على «ناظرين» ويعرب إعرابه أو معطوف على «غير» منصوب مثله على الحال بتقدير : ولا تدخلوها مستأنسين. لحديث : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «مستأنسين» بمعنى : ولا طالبين الائتناس بحديث أهل البيت أو بحديث بعضكم لبعض.

(إِنَّ ذلِكُمْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام للبعد والكاف حرف خطاب

والميم علامة الجمع. والجملة الفعلية بعده «كان يؤذي النبي» في محل رفع خبر «إن».

(كانَ يُؤْذِي النَّبِيَ) : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. يؤذي : الجملة الفعلية مع مفعولها في محل نصب خبر «كان» واسم «كان» ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «يؤذي» فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل .. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على «ذلكم». النبي : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ) : الفاء استئنافية. يستحيي : تعرب إعراب «يؤذي» والجملة لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ منكم : جار ومجرور متعلق بيستحي والميم علامة جمع الذكور.

(وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ) : الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. لا : نافية لا عمل لها والجملة الفعلية (يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ) في محل رفع خبر المبتدأ وتعرب إعراب «يستحيي منكم» بمعنى لا يمتنع منه.

(وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَ) : الواو عاطفة. إذا : أعرب. سألتم : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل الميم علامة جمع الذكور. الواو لإشباع الميم و «هن» ضمير متصل «ضمير الإناث الغائبات» في محل نصب مفعول به أول.

(مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَ) : مفعول به ثان منصوب بسأل المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : حاجة. فاسألوا : تعرب إعراب «فادخلوا» و «هن» أعرب وحذف المفعول به الثاني لأن ما قبله دال عليه أي المتاع.

(مِنْ وَراءِ حِجابٍ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الضمير «هن» أو من ضمير «سألتم». حجاب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : من خلف سائر أو حاجز بينكم وبينهن.

(ذلِكُمْ أَطْهَرُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد. الكاف للخطاب والميم علامة الجمع. أطهر : خبر «ذلكم» مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف صيغة تفضيل على وزن أفعل ومن وزن الفعل.

(لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَ) : جار ومجرور متعلق بأطهر. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. وقلوبهن : معطوف بالواو على «قلوبكم» ويعرب مثله و «هن» ضمير الغائبات في محل جر بالإضافة.

(وَما كانَ لَكُمْ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. كان فعل ماض ناقص مبني على الفتح. لكم : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان» المقدم والميم علامة جمع الذكور.

(أَنْ تُؤْذُوا) : حرف مصدري ناصب. تؤذوا : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع اسم «كان» المؤخر التقدير : إيذاء ويجوز أن تكون «كان» فعلا تاما فيكون المصدر المؤول «إيذاء» في محل رفع فاعلها بمعنى وما صح لكم إيذاء.

(رَسُولَ اللهِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.

(وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ) : معطوف بالواو على «أن تؤذوا» ويعرب إعرابه. أزواجه : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة بمعنى ولا يحل لكم الزواج بنسائه و «لا» زائدة لتأكيد النفي.

(مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) : جار ومجرور متعلق بتنكحوا والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. أبدا : ظرف زمان منصوب على الظرفية للتأكيد في المستقبل يدل على الاستمرار متعلق بتنكحوا أي من بعد وفاته أبدا.

(إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ) : أعرب. عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بخبر «كان» وهو مضاف.

(اللهِ عَظِيماً) : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. عظيما : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : كان ذنبا عظيما.

(إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٥٤)

(إِنْ تُبْدُوا) : حرف شرط جازم. تبدوا : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. أو : حرف عطف. تخفوه : الجملة الفعلية معطوفة على جملة (تُبْدُوا شَيْئاً) وتعرب إعرابها والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به يعود على شيئا بمعنى : وإن تظهروا شيئا من زواجهن على ألسنتكم أو تخفوه في صدوركم.

(فَإِنَّ اللهَ) : الجملة المؤولة من «إن» وما في حيزها من اسمها وخبرها جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة ويجوز أن تكون الفاء على التفسير تعليلية بعد تقدير جواب الشرط ـ الجزاء ـ أي إن تبدوا شيئا من ذلك النكاح أو تخفوه يحاسبكم الله عليه لأنه كان .. والجواب المحذوف هو يحاسبكم.

(كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن». كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بكل : جار ومجرور متعلق بخبر «كان». شيء : مضاف إليه مجرور بالكسرة المنونة. عليما : خبر «كان» منصوب بالفتحة المنونة.

(لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) (٥٥)

(لا جُناحَ عَلَيْهِنَ) : نافية للجنس تعمل عمل «إن». جناح : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف وجوبا. على : حرف جر و «هن» ضمير النساء الغائبات» مبني على الفتح في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بخبر «لا».

(فِي آبائِهِنَ) : جار ومجرور متعلق بمحذوف و «هن» ضمير النساء الغائبات» يعود على نساء النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة بمعنى في أن لا يحتجبن من آبائهن أي في مقابلة آبائهن وجها لوجه.

(وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَ) : معطوفان بواوي العطف على «آبائهن» ويعربان إعرابه و «لا» زائدة لتأكيد النفي.

(وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَ) : معطوف بالواو على ما قبله. إخوان : مضاف إليه مجرور بالكسرة و «هن» أعرب في «آبائهن».

(وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَ) : يعرب إعراب (وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ.) الواو عاطفة. نسائهن : يعرب إعراب «آبائهن».

(وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) : أعربا. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر لأنه معطوف على مجرور. ملكت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. أيمان : فاعل مرفوع بالضمة و «هن» أعرب. والجملة الفعلية (مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ) صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما ملكته أيمانهن أي أيديهن وهو كناية عن الإماء بمعنى لا إثم في مقابلة كل هؤلاء من دون حجاب.

(وَاتَّقِينَ اللهَ) : الواو استئنافية. اتقين : فعل أمر مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة والنون ضمير متصل ـ ضمير الإناث المخاطبات ـ

مبني على الفتح في محل رفع فاعل. الله لفظ الجلالة مفعول به للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) : أعرب في الآية الكريمة السابقة بمعنى : إن الله كان شاهدا بكل شيء من الشر والعلن وظاهر الحجاب وباطنه.

(إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٥٦)

(إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة وحذف خبر «إن» لدلالة «يصلون» عليه التقدير : إن الله يصلي بمعنى يترحم لأن الصلاة من الله تعالى بمعنى : الرحمة ومن غيره ـ جلت قدرته ـ تعني الدعاء ومن الملائكة أي صلاة الملائكة هنا التماس وتوسل. الواو عاطفة. ملائكته : معطوف على اسم «إن» بتقدير : وإن ملائكته منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. التقدير : إن الله يصلي وإن ملائكته يصلون.

(يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. على النبي : جار ومجرور متعلق بيصلون.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ) : أعرب في الآية الكريمة الحادية والأربعين. عليه : جار ومجرور متعلق بصلوا.

(وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «صلوا» وتعرب إعرابها وحذفت صلة «سلموا» أي الجار والمجرور «عليه» اكتفاء بذكره في «على النبي» أي وسلموا عليه. تسليما : مفعول مطلق ـ مصدر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والجملة الفعلية «صلوا عليه» في محل نصب مفعل به بفعل محذوف التقدير : قولوا الصلاة والسلام على الرسول أو اللهم صل على محمد بمعنى الدعاء من الله بأن يترحم عليه ويسلم.

(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) (٥٧)

(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن». يؤذون : الجملة الفعلية وما بعدها صلة الموصول لا محل لها. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(اللهَ وَرَسُولَهُ) : لفظ الجلالة مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الواو عاطفة. رسوله : مفعول به منصوب بيؤذون وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية (لَعَنَهُمُ اللهُ) في محل رفع خبر «إن».

(لَعَنَهُمُ اللهُ) : فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.

(فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) : جار ومجرور متعلق بلعنهم وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. والآخرة : معطوفة بالواو على «الدنيا» مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة الظاهرة في آخرها والجملة الفعلية بعدها «أعد لهم ..» محلها الرفع لأنها معطوفة على «لعنهم ..».

(وَأَعَدَّ لَهُمْ) : الواو عاطفة. أعد : فعل ماض مبني على الفتح. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لهم : جار ومجرور متعلق بأعد.

(عَذاباً مُهِيناً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. مهينا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «عذابا» منصوب مثله بالفتحة المنونة.

** (ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة والخمسين .. المعنى : ذلك التصرف أدعى لطهارة ونقاء قلوبكم وقلوبهن فحذف النعت ـ البدل ـ المشار إليه اختصارا لأن ما قبله دال عليه كما حذف من قوله (ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً) المعنى : إن ذلكم النكاح ـ الزواج ـ من زوجات النبي بعد وفاته كان ذنبا عظيما فحذف المشار إليه الصفة ـ النعت ـ أو البدل «النكاح» اختصارا لأن ما قبله «ولا أن

تنكحوا أزواجه» دال عليه .. كما حذف المضاف إليه «وفاة» وأوصل المضاف «بعد» بالمضاف إليه ـ الهاء ـ ضمير الغائب فصار وفاته وحذف الموصوف «ذنبا» اختصارا وحلت الصفة «عظيما» محله. وقيل المعنى : إن ذلكم الإيذاء كان ذنبا.

** سبب نزول الآية : نزلت الآية الكريمة بسبب دعوة النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ صحابته إلى طعام عند زواجه بزينب بنت جحش .. ثم طعموا .. وجلسوا يتحدثون وقام النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ والصحابة وبقي ثلاثة ثم أخبره أنس بخروجهم فعاد وألقى الحجاب بين أنس وبين نسائه. وفي رواية أخرى : نزلت هذه الآية الكريمة التي سميت «آية الحجاب» بعد رجاء عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بأن يأمر أمهات المؤمنين بالحجاب. وقيل : نزلت بعد مرور بن الخطاب بنساء النبي الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهن في المسجد وقيل : إن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ كان يطعم معه بعض أصحابه فأصابت يد رجل منهم يد عائشة ـ رضي الله عنها ـ فكره النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ذلك فنزلت آية الحجاب. وذكر أن بعضهم قال : أننهى أن نكلم بنات عمنا إلا من وراء حجاب؟ لئن مات محمد لأتزوجن عائشة. فأعلم الله تعالى أن ذلك محرم كما ورد في الآية الكريمة المذكورة. وروي أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ دخل على نساء الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهن مع النساء في المسجد فقال : لئن احتجبتن فإن لكن على النساء فضلا كما أن لزوجكن على الرجال الفضل. فقالت زينب ـ رضي الله عنها ـ يا ابن الخطاب إنك لتغار علينا والوحي ينزل في بيوتنا. فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى نزلت الآية الكريمة المذكورة آنفا ـ آية الحجاب ـ.

** (وَاتَّقِينَ اللهَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخامسة والخمسين .. والمخاطبات هن نساء النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ المعنى : واتقين الله يا نساء النبي بالتزام حدوده .. وفي هذا القول الكريم نقل الكلام من الغيبة في «لا جناح عليهن» وما بعده إلى المخاطبة في قوله «واتقين».

** (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة والخمسين وفيه وفي الآية الكريمة التالية تبيان لمنزلة الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ نبيه محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم عند الله تعالى خالق الكون العظيم وفيهما تعظيم لشأنه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فاجتمع الثناء على النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ من أهل الأرض والسلام. وأكد سبحانه التسليم دون الصلاة لاستغنائها عن التأكيد بكونها يفعلها الله سبحانه وملائكته الأطهار لأن الصلاة من الله عزوجل هي الرحمة والرضوان ومن الملائكة : الدعاء والاستغفار ومن المؤمنين : الدعاء والتعظيم. وفي القول الكريم كرامة للرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وتجلت منزلته ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ عند الله سبحانه في قوله تعالى في الآية الكريمة التالية : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ..) وقوله تعالى : (يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) معناه : يعتنون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه فاعتنوا أنتم أيها المؤمنون بذلك وقولوا : اللهم صل على محمد وقولوا السلام عليك يا أيها النبي. والصلاة : اسم يوضع موضع المصدر يروى أنه قيل : يا رسول الله أرأيت قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) فقال ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ هذا من العلم المكنن ولو لا أنكم سألتموني عنه ما أخبرتكم به. إ الله وكل بي ملكين فلا أذكر عند عبد مسلم فيصلي علي إلا قال ذانك الملكان : غفر الله لك. وقال الله تعالى وملائكته جوابا لذينك الملكين : آمين. ولا أذكر عند عبد مسلم فلا يصلي علي إلا قال ذانك الملكان : لا غفر الله لك. وقال الله وملائكته لذينك الملكين آمين»

والصلاة على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : هي الدعاء والثناء عليه. وصلى الله عليه : معناه : بارك عليه وأحسن عليه الثناء. وعن الصلاة على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ هل هي واجبة أم مندوب إليها؟ قيل : هي واجبة. وقد اختلفوا في حال وجوبها .. فمنهم من أوجبها كلما جرى ذكره. وفي الحديث : «من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار فأبعده الله» ومنهم من قال : تجب في كل مجلس مرة وإن تكرر ذكره وكذلك في كل دعاء في أوله وآخره. ومنهم من أوجبها مرة في العمر وكذا قال في إظهار الشهادتين والذي يقتضيه الاحتياط : الصلاة عليه عند كل ذكر لما ورد في الأخبار.

** سبب نزول الآية .. نزلت الآية الكريمة في الذين طعنوا بالنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ حين اتخذ صفية بنت حيي زوجة له أو بسبب قذف عائشة ـ رضي الله عنها ـ كما قال ابن عباس : أنزلت في عبد الله بن أبي وناس معه قذفوا عائشة ـ رضي الله عنها ـ فقال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من يعذرني من رجل يؤذيني ويجمع في بيته من يؤذيني» وقال مقاتل : نزلت الآية الكريمة في علي كان بعض المنافقين. يؤذونه.

** (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة والخمسين وهي ـ كما قيل ـ آية الحجاب .. أي يرخين عليهن بعض جلابيبهن ويغطين بها وجوههن وأبدانهن. وقيل : إن معنى التبعيض هو أن يتجلببن ببعض ما لهن من الجلاليب ـ جمع جلباب ـ وهو الرداء .. وثمة معنى آخر : هو أن ترخي المرأة بعض جلبابها تتقبع به حتى تتميز عن الأمة لمعرفتهن فلا يساء إليهن بأذى عند خروجهن من بيوتهن. وقيل : الجلباب : هو ثوب أوسع من الخمار أي هو الرداء. وقال ابن فارس : الجلباب : هو ما يغطى به من ثوب وغيره .. ويقال : تجلببت المرأة : أي لبست الجلباب أي الملحفة.

** (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ) : ذلك الإدناء أي إدناء الجلابيب أقرب إلى أن يميزن بأنهن حرائر وحذف المشار إليه «الإدناء» الصفة.

** سبب نزول الآية : قال أبو مالك : كانت نساء المؤمنين يخرجن بالليل إلى حاجاتهن .. وكان المنافقون يتعرضون لهن ويؤذونهن فنزلت هذه الآية الكريمة.

** (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الستين. المعنى : لئن لم يقلع المنافقون عن عداوتهم وكيدهم والذين في قلوبهم مرض الشك وهم أهل الفجور والمروجون عما يؤلفون من أخبار السوء حتى يضطرب الناس منها. وبعد حذف المضاف إليه «الشك» نون آخر المضاف «مرض» لأنه نكرة بعد انقطاعه عن الإضافة.

** (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلاً) : أي لنسلطنك عليهم بالقتل والتشريد أو لنأمرنك بأن تفعل بهم الأفعال التي تسوؤهم ثم بأن تضطرهم إلى طلب الجلاء عن المدينة وبأن تضطرهم إلى أن لا يساكنوك فيها إلا زمنا قليلا فحذف الظرف المستثنى «زمانا أو زمنا» وحلت صفته «قليلا» محله لأنه صفة للمستثنى الحقيقي فسمي ذلك القول إغراء وهو التحرش على سبيل المجاز وقيل : عطفت الجملة بثم لأن الجلاء عن الأوطان كان أعظم عليهم وأعظم من جميع ما أصيبوا به فتراخت حاله عن حال المعطوف عليه.

** (يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة والستين المعنى : يسألك المشركون يا محمد على سبيل الهزؤ استعجالا عن وقت قيام الساعة أي القيامة فحذف المضاف «وقت» والمضاف إليه الأول «قيام» وأقيم المضاف إليه الثاني «الساعة» مقامه.

** (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) : أي وما يعلمك بها يا محمد؟ أي أنت لا تعلمها لعلها تكون قريبا ربما توجد القيامة في وقت قريب وفي القول تهديد للمستعجلين أو بمعنى : شيئا قريبا وذكر خبر «تكون» وهو «قريبا» لأنه صفة لموصوف محذوف «شيئا» أو لأن الساعة في معنى اليوم أو في زمان قريب ويجوز أن يكون تقدير الساعة بالمسافة الزمينة والمسافة كما يقول الفراء تذكر وتؤنث.

** (وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والستين. وزيدت الألف في آخر «السبيل» لإطلاق الصوت وجعلت فواصل للآيات الكريمة السابقة لها والتالية وفائدتها الوقف والدلالة على أن الكلام قد انقطع وإن ما بعده استئناف.

** (رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والستين .. المعنى : آتهم مثل عذابنا مرتين : عذاب الكفر وعذاب الإضلال. وفي هذا القول الكريم تقدمت الصفة على الموصوف. التقدير : آتهم من العذاب عذابين مضاعفين أو عذابين ضعفين أي أنزل بهم مثلي عذابنا.

** (لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة والستين بمعنى : آذوه بالتهم بما هو منه براء كتحريض قارون امرأة على قذفه بنفسها فعصمه الله أو باتهامه بقتل هارون وكان عند الله ذا وجاهة وجاه وقدر رفيع.

(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (٥٨)

(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ) : الواو استئنافية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. أو يكون معطوفا على «الذين» في الآية الكريمة السابقة فيكون في محل نصب أيضا. يؤذون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «يؤذون المؤمنين ..» صلة الموصول لا محل لها.

(الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والمؤمنات : معطوفة بالواو على «المؤمنين» منصوبة وعلامة نصبها الكسرة بدلا من الفتحة لأنها جمع مذكر سالم.

(بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) : جار ومجرور متعلق بحال من المؤمنين والمؤمنات بمعنى وهم غير مكتسبين جناية أو استحقاق للأذى. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة وجملة «اكتسبوا» صلة الموصول لا محل لها و «اكتسبوا» فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : بغير ما اكتسبوه أو تكون «ما» مصدرية والجملة الفعلية «اكتسبوا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالإضافة بتقدير : بغير اكتساب جناية جنوها.

(فَقَدِ احْتَمَلُوا) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» الفاء واقعة في جواب شرط مقدر لأن الاسم الموصول «الذين» متضمن معنى الشرط. قد : حرف تحقيق. احتملوا : تعرب إعراب «اكتسبوا».

(بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وإثما : معطوف على «بهتانا» ويعرب إعرابه. مبينا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «إثما» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى فقد حملوا أنفسهم ظلما أو باطلا وذنبا كبيرا واضحا.

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٥٩)

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ) : أعرب في الآية الكريمة الخامسة والأربعين. قل : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. أصله : قول. حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين. لأزواجك : جار ومجرور متعلق بقل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.

(وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ) : معطوفان بواوي العطف على «أزواجك» ويعربان إعرابه. المؤمنين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع

مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته ومقول القول جملة محذوفة محلها النصب حذفت لأن ما بعدها يفسرها أو يدل عليها. أي قل لنسائك ادنين أي غطين.

(يُدْنِينَ عَلَيْهِنَ) : فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة في محل جزم لأنه جواب الطلب المقدر «ادنين» أو يكون جواب «قل» بمعنى : أؤمر. والنون نون النسوة ضمير متصل ـ ضمير الإناث الغائبات ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل. التقدير : إن تقل لهن أو إن تأمرهن يدنين. على : حرف جر و «هن» ضمير الإناث الغائبات مبني على الفتح في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بيدنين.

(مِنْ جَلَابِيبِهِنَ) : جار ومجرور متعلق بيدنين. أو تكون «من» للتبعيض. وجلابيب : اسما مجرورا بمن وعلامة جره الكسرة و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الإناث الغائبات ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة وحذف مفعول «يدنين» لأن «من» التبعيضية تدل عليه.

(ذلِكَ أَدْنى) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. أدنى : خبر «ذلك» مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر بمعنى : أقرب.

(أَنْ يُعْرَفْنَ) : حرف مصدرية ونصب. يعرفن : فعل مضارع مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة في محل نصب بأن. ونون النسوة ضمير متصل ـ ضمير الإناث الغائبات ـ مبني على الفتح في محل رفع نائب فاعل والجملة الفعلية «يعرفن» صلة حرف مصدري لا محل لها «وأن» المصدرية وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر أي لأن يعرفن. التقدير : لمعرفتهن أي لتميزهن عن الإماء والجار والمجرور متعلق بأدنى.

(فَلا يُؤْذَيْنَ) : الفاء سببية. لا : نافية لا عمل لها. يؤذين : تعرب إعراب «يعرفن» بمعنى فلا يساء إليهن بأذى.

(وَكانَ اللهُ) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : اسم «كان» مرفوع للتعظيم بالضمة.

(غَفُوراً رَحِيماً) : خبرا «كان» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة ويجوز أن يكون «رحيما» صفة للموصوف «غفورا».

(لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاَّ قَلِيلاً) (٦٠)

(لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ) : اللام موطئة ـ للقسم ـ اللام المؤذنة ـ إن : حرف شرط جازم. لم : حرف نفي وجزم وقلب. ينته : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة عليها والفعل في محل جزم بإن لأنه فعل الشرط. المنافقون : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. وجملة «إن لم ينته المنافقون» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه لا محل لها.

(وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع لأنه معطوف على مرفوع وهو المنافقون والجار والمجرور «في قلوب» في محل رفع لأنه متعلق بخبر مقدم. و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة والجملة الاسمية (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) صلة الموصول لا محل لها. والمرجفون : معطوف بالواو على «المنافقون» ويعرب إعرابه وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم أو جواب القسم سد مسد الجوابين : أي جواب الشرط وجواب القسم.

(فِي الْمَدِينَةِ) : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «المرجفون» بتأويل فعله.

(لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) : اللام واقعة في جواب القسم المقدر. نغرينك : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. ونون التوكيد لا محل لها والكاف ضمير متصل

ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. الباء حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بنغرين وجملة (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) جواب القسم المقدر لا محل لها.

(ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ) : حرف عطف للتراخي. لا : نافية لا عمل لها. يجاورونك : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف : ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.

(فِيها إِلَّا قَلِيلاً) : جار ومجرور متعلق بلا يجاورونك بمعنى بأن تضطرهم إلى أن لا يساكنوك فيها أي عدم مجاورتك. إلا : أداة استثناء. قليلا : مستثنى منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وقيل في كلمة «قليلا» هي منصوبة على الحال بمعنى : لا يجاورونك إلا أقلاء أذلاء. والجملة الفعلية (لا يُجاوِرُونَكَ) معطوفة على (لَنُغْرِيَنَّكَ) لأنه يجوز أن تكون جواب القسم على تقدير : لئن لم ينتهوا لا يجاورونك.

(مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) (٦١)

(مَلْعُونِينَ أَيْنَما) : حال من المنافقين والمرجفين منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى : لا يجاورونك إلا ملعونين أي يصبحون ملعونين وقد دخل حرف الاستثناء على الظرف في «إلا زمانا قليلا» وعلى الحال في «ملعونين» معا .. كما مر في قوله تعالى. (إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) ولا يصح أن ينتصب «ملعونين» عن «أخذوا» لأن ما بعد كلمة الشرط لا يعمل فيما قبلها. أين : اسم شرط جازم مبني على الفتح في محل نصب ظرف مكان متعلق بجوابه والجملة الفعلية «ثقفوا» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «أين» و «ما» زائدة بمعنى أين ما صودفوا.

(ثُقِفُوا أُخِذُوا) : فعل ماض مبني على للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة في محل جزم بأين لأنه فعل الشرط والواو ضمير متصل في

محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. أخذوا : تعرب إعراب «ثقفوا» والفعل «أخذ» في محل جزم لأنه جواب الشرط ـ جزاؤه ـ والجملة الفعلية «أخذوا» جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء فلا محل لها.

(وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) : معطوفة بالواو على «أخذوا» وتعرب إعرابها. تقتيلا : مفعول مطلق ـ مصدر منصوب بالفتحة المنونة.

(سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) (٦٢)

(سُنَّةَ اللهِ) : مفعول مطلق ـ مصدر مؤكد منصوب بفعل مضمر تقديره : سن الله وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة أي في المنافقين الذين ينافقون الأنبياء أن يقتلوا حيثما ثقفوا أي أين ما وجدوا بمعنى : سن الله ذلك العقاب لهم.

(فِي الَّذِينَ خَلَوْا) : حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بسن. خلوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة وبقيت الفتحة دالة على الألف المحذوفة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى في الأمم الماضية.

(مِنْ قَبْلُ) : جار ومجرور متعلق بخلوا أي مضوا. والاسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بمن.

(وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ) : الواو استئنافية. لن : حرف نفي ونصب واستقبال. تجد : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. لسنة : جار ومجرور متعلق بتجد أو بمفعوله.

(اللهِ تَبْدِيلاً) : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. تبديلا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.

(يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) (٦٣)

(يَسْئَلُكَ النَّاسُ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم. الناس : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى يسألك المشركون يا محمد.

(عَنِ السَّاعَةِ قُلْ) : جار ومجرور متعلق بيسألك وكسر نون «عن» لالتقاء الساكنين. قل : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. أصله : قول. حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين.

(إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إنما : كافة ومكفوفة. علم : مبتدأ مرفوع بالضمة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. وشبه الجملة «عند الله» في محل رفع خبر المبتدأ بمعنى : علم ذلك استأثر الله به لم يطلع عليه ملكا ولا نبيا ـ.

(وَما يُدْرِيكَ) : الواو استئنافية. ما : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يدريك : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «ما» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.

(لَعَلَّ السَّاعَةَ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن». الساعة : اسم «لعل» منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(تَكُونُ قَرِيباً) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع ناقص مرفوع بالضمة واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. قريبا : خبر «تكون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً) (٦٤)

(إِنَّ اللهَ لَعَنَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة. لعن : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «لعن الكافرين» في محل رفع خبر «إن».

(الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. وأعد : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «لعن» وتعرب إعرابها.

(لَهُمْ سَعِيراً) : اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بأعد. سعيرا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.

(خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (٦٥)

(خالِدِينَ فِيها) : حال من الكافرين منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. فيها : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «خالدين» أي خالدين في السعير أي جهنم.

(أَبَداً لا يَجِدُونَ) : ظرف زمان للمستقبل يدل على الاستمرار منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة المنونة متعلق بخالدين. لا : نافية لا عمل لها. يجدون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية (لا يَجِدُونَ) في محل نصب حال ثان من الكافرين. وحذفت صلة «يجدون» وهي حرف الجر لأن ما قبله دال عليه أي لا يجدون فيها أي اكتفاء بذكره أول مرة.

(وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. أو يكون معطوفا على «لا» الأولى وحذف الفعل «يجدون» اكتفاء بذكره أو مرة بتقدير : ولا يجدون نصيرا. نصيرا : معطوف على «وليا» وتعرب إعرابه.

(يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا) (٦٦)

(يَوْمَ تُقَلَّبُ) : مفعول به منصوب بفعل محذوف تقديره اذكر يوم وعلامة نصبه الفتحة. تقلب : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة والجملة الفعلية (تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ) في محل جر بالإضافة.

(وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) : نائب فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة. في النار : جار ومجرور متعلق بتقلب.

(يَقُولُونَ يا لَيْتَنا) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير الغائبين في «وجوههم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وما بعده ـ الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ يا : حرف تنبيه أو نداء والمنادى هنا محذوف بتقدير : يا هؤلاء مثلا. ليت : حرف تمن مشبه بالفعل من أخوات «إن» و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل نصب اسم «ليت» والجملة الفعلية (أَطَعْنَا اللهَ) في محل رفع خبر «ليت».

(أَطَعْنَا اللهَ) : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة (أَطَعْنَا اللهَ) وتعرب إعرابها والألف للإطلاق مراعاة لفواصل الآي.

(وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا) (٦٧)

(وَقالُوا رَبَّنا) : الواو استئنافية. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. رب : منادى بأداة نداء محذوفة بتقدير : يا ربنا وهو منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(إِنَّا أَطَعْنا) : الجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا»

ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ المدغم بنون «إن» مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية «أطعنا» في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(سادَتَنا وَكُبَراءَنا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» أعرب في المنادى «ربنا» الواو حرف عطف. كبراءنا : معطوف على «سادتنا» ويعرب إعرابه. وهم الرؤساء والقادة والعلماء.

(فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا) : الفاء سببية. أضلوا : تعرب إعراب «قالوا» و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. السبيل : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مفعول به ثان للفعل «أضل» المتعدي إلى مفعولين والألف زائدة ـ ألف الإطلاق ـ لا محل لها.

(رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) (٦٨)

(رَبَّنا آتِهِمْ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة. آت : فعل تضرع ودعاء بصيغة طلب مبني على حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة عليها. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول.

(ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ) : مفعول به ثان منصوب بالفعل «آت» المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. من العذاب : جار ومجرور متعلق بصفة لضعفين أو متعلق بآتهم.

(وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آتهم» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل السكون الظاهر. لعنا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. كبيرا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «لعنا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) (٦٩)

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ) : أعرب في الآية الكريمة الحادية والأربعين. لا : ناهية جازمة تكونوا : فعل مضارع ناقص مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «تكون» والألف فارقة. الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب خبر «تكون». الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة بمعنى : كاليهود الذين.

(آذَوْا مُوسى) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والفتحة دالة على الألف المحذوفة. موسى : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف للعجمة بمعنى : آذوا موسى نبيهم بقذفه بالتهم الباطلة.

(فَبَرَّأَهُ اللهُ) : الفاء سببية. برأه : فعل ماض مبني على الفتح والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. أي برأ الله سبحانه نبيه موسى ـ عليه‌السلام ـ.

(مِمَّا قالُوا) : جار ومجرور متعلق ببرأه أي مما نسب إليه من التهم. وهي مكونة من «من» حرف جر و «ما» الاسم الموصول المدغم بنون «من» مبني على السكون في محل جر بمن. قالوا : تعرب إعراب «آمنوا» والجملة الفعلية «قالوا» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : مما قالوه أو تكون «ما» مصدرية فتكون «قالوا» صلتها لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بمن ويكون الجار والمجرور متعلقا ببرأه.

التقدير : من قولهم أو من مقولهم والمراد بالقول أو المقول مؤداه ومضمونه وهو الأمر المعيب.

(وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «عند» ظرف مكان متعلق بكان أو بخبرها منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. وجيها : خبر «كان» منصوب بالفتحة المنونة.

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (٧٠)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الحادية والأربعين. وقولوا : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «اتقوا» وتعرب إعرابها. قولا : مصدر ـ مفعول مطلق ـ في موضع المفعول به ـ مقول القول ـ منصوب بالفتحة المنونة. سديدا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قولا» منصوب مثله بالفتحة المنونة بمعنى خافوا أو احذروا عقاب الله فحذف المفعول به المضاف «عقاب» لأنه معلوم.

(يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) (٧١)

(يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب ـ الأمر ـ في جواب «اتقوا الله» وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لكم : جار ومجرور متعلق بيصلح والميم علامة جمع الذكور. أعمالكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) وتعرب إعرابها.

(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». يطع : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة.

(وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ) : الواو عاطفة. رسوله : منصوب بيطع وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة الفاء واقعة في جواب الشرط. قد : حرف تحقيق. فاز : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو والجملة الفعلية «فقد فاز ..» جواب شرط جازم مسبوق بقد مقترن بالفاء في محل جزم.

(فَوْزاً عَظِيماً) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب ـ وعلامة نصبه الفتحة المنونة. عظيما : صفة ـ نعت ـ للموصوف «فوزا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة وحذفت الياء من «يطع» لأن أصله : يطيع. وذلك تخفيفا ولالتقاء الساكنين كما حذف مفعول «يطع» وحل المضاف إليه لفظ الجلالة محله لأن المعنى ومن يطع أوامر الله.

(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (٧٢)

(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». عرضنا : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الأمانة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : الطاعة.

(عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) : جار ومجرور متعلق بعرضنا. والأرض والجبال : معطوفان بواوي العطف على «السموات» ويعربان إعرابها.

(فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها) : الفاء عاطفة للتسبيب. أبين : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنون الإناث والنون ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. أن : حرف مصدري ناصب. يحملن : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع منصوب بأن أو في محل نصب بأن لأنه مبني على السكون لاتصاله بنون الإناث والنون ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. بمعنى : عرضنا الأمانة أي الطاعة وطلبنا إليها الحفاظ عليها وحملها فاستعفين وخفن من حملها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر «حملها» في محل نصب مفعول به لأبين أو يكون في محل جر بحرف جر مقدر أي من حملها بمعنى من تبعات حملها فحذف المضاف «تبعات» وحل المصدر محله.

(وَأَشْفَقْنَ مِنْها) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «أبين» وتعرب إعرابها. منها : جار ومجرور متعلق بأشفقن بمعنى : فأبين إلا أن يؤدينها وأبى الإنسان إلا أن يكون محتملا لها لا يؤديها.

(وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) : الواو استئنافية. حمل : فعل ماض مبني على الفتح و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. الإنسان : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى وحملها آدم ـ عليه‌السلام ـ أبو البشر وكذلك الجن.

(إِنَّهُ كانَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.

(ظَلُوماً جَهُولاً) : خبران لكان منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة والجملة الفعلية (كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) في محل رفع خبر «إن» والاسمان من صيغ المبالغة ـ فعول بمعنى فاعل ـ أي كثير الظلم لنفسه كثير الجهل بربه.

(لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٧٣)

(لِيُعَذِّبَ اللهُ) : اللام لام التعليل حرف جر والتعليل هنا جاء مجازا لأن التعذيب نتيجة حمل الأمانة المعنى : ليعذب الله حامل الأمانة ويتوب على غيره ممن لم يحملها. يعذب : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. المعنى : حملها الإنسان ليصير مآله ـ مصيره ـ أن يعذب الله أهل النفاق. والجملة الفعلية (لِيُعَذِّبَ اللهُ ..) صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام. والجار والمجرور متعلق بحمل ـ في الآية الكريمة السابقة.

(الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والمنافقات : معطوف بالواو على «المنافقين» منصوب مثله وعلامة نصبه الكسرة لأنه جمع مؤنث سالم.

(وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ) : الكلمتان معطوفتان بواوي العطف على «المنافقين والمنافقات» وتعربان إعرابها.

(وَيَتُوبَ اللهُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على (لِيُعَذِّبَ اللهُ) وتعربان إعرابها.

(عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) : جار ومجرور متعلق بيتوب وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. والمؤمنات : معطوف بالواو على «المؤمنين» مجرور مثله وعلامة جره الكسرة لأنه جمع مؤنث سالم. واللفظتان اسما فاعلين.

(وَكانَ اللهُ) : الواو استئنافية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : اسم «كان» مرفوع للتعظيم بالضمة.

(غَفُوراً رَحِيماً) : خبران لكان منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة ويجوز أن يكون «رحيما» صفة ـ نعتا ـ للموصوف «غفورا» بمعنى وكان الله كثير المغفرة لذنوب التائبين رحيما بهم لأدائهم الأمانة .. أي الطاعة والعبادة وغيرهما والاسمان من صيغ المبالغة ـ فعول وفعيل بمعنى فاعل ـ.

سورة سبأ

معنى السورة : سبأ : في الأصل : اسم رجل من قحطان بن يعرب بن قحطان .. واسمه : عبد شمس و «سبأ» لقب له .. وإنما لقب به لأنه أول من سبأ وولد له عشرة أولاد .. تيامن ستة منهم ـ أي سكنوا اليمن ـ وقيل أيضا : بنو سبأ : هم أولاد يشجب بن يعرب من قبائل اليمن .. وسميت سبأ باسم بانيها ـ باني البلدة ـ و «سبأ» اسم يقع للتذكير والتأنيث .. والتذكير ـ كما يقول سيبويه ـ أولى لأنه الأصل والأخف وهو اسم يصرف ـ أي ينون آخره ـ وقيل : الاسم يمنع من الصرف إلا أن الاختيار عند سيبويه هو الصرف.

تسمية السورة : لقد خص الله تعالى هذا الاسم وكرمه بتسمية إحدى سور التنزيل الكريم به وهو قوله تعالى في سورة «سبأ» (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) صدق الله العظيم. و «جنتان» بمعنى : جماعتان من البساتين. وقد وردت هذه اللفظة مرتين في القرآن الكريم مرة في هذه السورة الشريفة وهي في الآية الكريمة المذكورة آنفا فيها ومرة في سورة «النمل» وقد ورد قوله تعالى في هذه السورة الكريمة على لسان هدهد سليمان : (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) أي يا نبي الله ـ يقصد سليمان ـ جئتك من بني سبأ بخبر يقين. (إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ) أي تملك بني سبأ ـ يقصد بلقيس بنت شرحبيل ـ وكانت ملكة سبأ أرسل لها النبي سليمان كتابا جاء فيه : من عبد الله سليمان بن داود إلى بلقيس ملكة سبأ .. السلام على من اتبع الهدى .. أما بعد ، فلا تعلوا علي وأتوني مسلمين. وكانت كتب الأنبياء ـ عليهم‌السلام ـ جملا لا يطيلون ولا يكثرون. وطبع الكتاب بالمسك وختمه بخاتمه. وكانت بلقيس هي وقومها مجوسا يعبدون الشمس .. وكان أبوها ملك أرض اليمن ولم يكن له ولد غيرها.

فضل قراءة السورة : قال النبي المصلح محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «سبأ» لم يبق نبي ولا رسول إلا كان له يوم القيامة رفيقا ومصافحا» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

إعراب آياتها

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) (١)

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي) : مبتدأ مرفوع بالضمة. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ. التقدير : مختص لله. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ للفظ الجلالة : أو بدل منه سبحانه.

(لَهُ ما فِي السَّماواتِ) : الجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها. له : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. في السموات : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد استقر أو هو مستقر أو كائن في السموات والجملة الفعلية «استقر في السماوات» صلة الموصول لا محل لها.

(وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) : معطوف بالواو على (ما فِي السَّماواتِ) ويعرب إعرابه. الواو عاطفة. له : أعرب. الحمد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. في الآخرة : جار ومجرور متعلق بالحمد بتأويل فعله.

(وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) : الواو عاطفة. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الحكيم الخبير : خبران للمبتدإ «هو» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة. ويجوز أن يكون «الخبير» صفة للموصوف «الحكيم».

(يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) (٢)

(يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير لفظ الجلالة (هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل

ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يلج : تعرب إعراب «يعلم» والجملة الفعلية «يلج ..» صلة الموصول لا محل لها. في الأرض : جار ومجرور متعلق بيلج.

(وَما يَخْرُجُ مِنْها) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على (ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) وتعرب إعرابها بمعنى يعلم ما يدخل في الأرض من المطر وغيره وما يخرج منها من الشجر والنبات وماء العيون. والجار والمجرور «منها» متعلق بيخرج.

(وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها) : الواو عاطفة وما بعدها : يعرب إعراب (ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها) بمعنى : ما ينزل من السماء من الامطار والثلوج والأرزاق وغير ذلك وما يصعد من الملائكة وأعمال العباد. والجار والمجرور «من السماء» متعلق بينزل والجار والمجرور «فيها» متعلق بيعرج.

(وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة.

** (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الأولى .. التقدير : في الدار الآخرة .. فحذف الموصوف «الدار» وأقيمت الصفة «الآخرة» مقامه وحذف الموصوف هنا لأنه لا يلبس وقد وردت كثيرا في كتاب الله الكريم «الآخرة» وفي آيات أخر «الدار الآخرة».

** (قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة .. المعنى : قل قسما بربي لتأتينكم الساعة أي القيامة وهو جواب على قول الكافرين (لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ) أي نفوا البعث وأنكروا مجيء القيامة على سبيل الهزؤ والسخرية و «بلى» معناها : نعم وهي حرف تصديق وحرف جواب لا عمل له يجاب به على النفي ويقصد به الإيجاب وأكثر ما تقع بعد الاستفهام وهو مثل قوله تعالى في سورة «الأعراف» (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ..) المعنى : شهدنا على أنفسنا بأنك أنت ربنا المستحق للعبادة. ولو قالوا : نعم لكان كفرا لأن المعنى سيكون : لست ربنا! وقال الشعر أبو الأسود الدؤلي :

ألست حقيقا بتوديعه

واتباع ذلك صرما طويلا

فقالوا بلى والله يا أبا الأسود. وقال الشاعر هذا البيت ضمن أبيات قالها في حضور قوم. ولها قصة أخرجها أبو الفرج في «الأغاني» قال : كان أبو الأسود يجلس إلى فناء امرأة بالبصرة فيتحدث إليها وكانت برزة جميلة ـ أي تفوق النساء فضلا أو شجاعة فقالت له : يا أبا الأسود هل لك أن أتزوجك فإني صناع الكف حسنة التدبير قانعة بالميسور؟ فقال : نعم .. فجمعت أهلها وتزوجته فوجد عندها خلاف ما قدر وأسرعت في إتلاف ماله ومدت يدها إلى خيانته وأفشت سره وشكته إلى من حضر تزويجه إياها فسألهم أن يجتمعوا عنده ففعلوا. فقال لهم :

رأيت امرأ كنت لم أبله

أتاني فقال اتخذني خليلا

فخاللته ثم أكرمته

فلم أستفد من لدنه فتيلا

فألفيته حين جربته

كذوب الحديث سروقا بخيلا

فذكرته ثم عاتبته

عتابا رقيقا وقولا جميلا

فألفيته غير مستعتب

ولا ذاكر الله إلا قليلا

ألست حقيقا بتوديعه

واتباع ذلك صرما طويلا

فقالوا : بلى والله يا أبا الأسود. قال : تلكم صاحبتكم وقد طلقتها. وأبو الأسود الدؤلي شاعر ينسب إليه أصول النحو العربي وهو أول من وضع النحو بأمر من علي بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ وهو أول من نقط المصاحف النقط الأولى على الإعراب. ويحكى أن أبا الأسود كان يمشي في موكب خلف نعش فقال له رجل : من المتوفي؟ ـ بكسر الفاء ـ فقال : الله تعالى. فقال الرجل له : سألتك عن المتوفي؟ فقال له : وأنا أجبتك. أراد السائل معرفة المتوفى ـ بفتح الفاء ـ وهو اسم مفعول من توفاه الله .. فالله المتوفي ـ بكسر الفاء ـ لأنه اسم فاعل والآخر : متوفى .. أي استوفى ملك الموت حياته. وكان ذلك أحد الأسباب الباعثة لعلي ـ رضي الله عنه ـ على أن أمر أبا الأسود بأن يضع كتابا في النحو تناقضه هذه القراءة.

** (وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ) : المعنى : لا يخفى عليه ولا يغيب عنه ثقل ذرة تافهة ولا أصغر من ذلك المثقال ولا أكبر منه أي من ذلك فحذفت الصفة المشار إليها «المثقال» لأنه مر ذكره قبل الإشارة.

** (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) : أي إلا مثبتا في اللوح المحفوظ والمراد بمثقال ذرة هو مقدار وزن أو ثقل ذرة من هباء .. وفي عطف (وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ) على (مِثْقالُ ذَرَّةٍ) رأي مخالف للزمخشري حيث أبى ذلك وقال : إن عطف الكلمتين على (مِثْقالُ ذَرَّةٍ) يأباه حرف الاستثناء إلا إذا جعلت الضمير في «عنه» أو جعلت الغيب اسما للخفيات قبل أن تكتب في اللوح لأن إثباتها في اللوح نوع من البروز عن الحجاب على معنى أنه لا ينفصل عن الغيب شيء ولا يزال عنه إلا مسطورا في اللوح المحفوظ.

** (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة وقوله (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) هو علة إتيان الساعة ليجزي المؤمنين بالثواب الحسن. أي وعملوا الأعمال الصالحات فحذف الموصوف المفعول وحلت صفته «الصالحات» محله كما حذف النعت أو البدل المشار إليه اختصارا لأن ما قبله دال عليه أي أولئك المؤمنون.

** (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ) : المعنى : والذين سعوا أي عملوا وتسببوا في إبطال آياتنا عاملين ذلك بكل طاقتهم مسابقين لنا محاولين تعجيزنا لكي يفوتونا فحذف المضاف «إبطال» اختصارا من هذا القول الكريم الوارد في الآية الكريمة الخامسة.

** (وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة. المعنى : ويعلم أهل العلم أي علماء أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأصحابه بالدين السماوي الذي أنزل إليك من ربك وهو القرآن ويهدي الناس أي يرشدهم إلى الدين الإسلامي فحذف مفعول «يهدي» اختصارا وهو «الناس».

** (أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) : في هذا القول الكريم الوارد في بداية الآية الكريمة الثامنة تكون كلمة «جنة» بمعنى : أم به جنون يوهمه بذلك .. والكلمة جمع «جني» ومؤنثه. جنية .. وهو مخلوق مزعوم بين الإنس والأرواح سمي بذلك لاستتاره واختفائه عن الأبصار. وقيل : هي الجن. ومنه قوله تعالى في سورة «هود» : (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) وهي أيضا الجنون : أي زوال العقل وفساده كما في الآية الكريمة «أم به جنة».

** (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة التاسعة .. المعنى : إن في ذلك المرئي لعلامة ودلالة لكل عبد راجع أو تائب إلى الله .. فحذف النعت أو البدل المشار إليه «المرئي» اختصارا لأن ما قبله يدل عليه.

** (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية عشرة .. بمعنى : أي وأوحينا له أي لداود وقلنا له دروعا سابغات أي طويلات فحذف المفعول به الموصوف «دروعا» وحلت الصفة «سابغات» محله كما حذف الموصوف «عملا» أيضا وحلت صفته «صالحا» محله. وبمعنى وجهنا داود أن يعمل دروعا و «سابغات» جمع «سابغة» : وهي الدرع الضافية الوثيقة النسج .. ووردت هذه اللفظة في قول النابغة في وصف جيش :

فيه الرماح وفيه كل سابغة

جدلاء محكمة من نسج سلام

قال أحد الأدباء : فساد المعنى ـ أي اللفظ الذي أخل فساده بمعناه ـ متأت من كون الذي لان الحديد له حتى نسج الدروع منه هو داود ـ عليه‌السلام ـ كما في الآية الكريمة السابقة فانحرف الشاعر عنه إلى سليمان وانحرف عن سليمان إلى سلام وكل ذلك من جناية القافية. وعلى ذكر سليمان وسلام وتغير الأسماء يحكى أن رجلا استأذن على سليمان بن وهب ليعزيه عن أمه فأذن له وقال :

لأم سليمان علينا مصيبة

مغلقة مثل السيوف البواتر

وكنت سراج البيت يا أم سالم

فأضحى سراج البيت وسط المقابر

فاشتد الكرب «الحزن والغم ـ بسليمان .. حتى قال لمن حوله : ما لقيت من هذا الرجل! رثى أمي بهذا البيت أو القول وغير اسمي من سليمان إلى سالم.

** (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الثانية عشرة .. المعنى : جريها أو ذهابها بالغداة ـ وهي من الفجر إلى طلوع الشمس ـ مسيرة شهر فحذف الخبر المضاف «مسيرة» وحل المضاف إليه «شهر» محله وارتفع ارتفاعه. ويجمع «الشهر» ـ جمع قلة ـ أي من ثلاثة إلى تسعة على أشهر ومن العشرة فما فوق : شهور أي جمع كثرة .. ويقال : شهر الرجل سلاحه أو سيفه ولا يقال : أشهر سلاحه أو سيفه لأن المعنى يختلف فالثلاثي «شهر» بمعنى : رفع أو استل في حين أن الفعل الرباعي «أشهر» معناه : دخل في الشهر وجاء في الحديث الشريف : «ليس منا من شهر علينا السلاح ـ أي من سله وانتضاه ورفعه علينا أما الفعل الرباعي لهذا المعنى فغير منقول. وأشهر الرجل إشهارا أي أتى عليه شهر كما يقال : أحال : بمعنى أتى عليه حول ـ أي عام ـ يقال : أفشيت الشيء فاشتهر وهو مشهور ـ اسم مفعول ـ مثل : غمره فهو مغمور. وقيل : قد يظلم البريء لأنه مغمور ويبرأ الظالم لأنه مشهور.

(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٣)

(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) : الواو استئنافية. قال : فعل ماض مبني على الفتح. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية بعدها (لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ) : نافية لا عمل لها. تأتي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. الساعة : فاعل مرفوع بالضمة.

(قُلْ بَلى) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت واوه ـ أصله قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بلى : حرف جواب لا عمل له يجاب به عن النفي ويقصد به الإيجاب وهو هنا جاء ردا لنفي مجيء الساعة.

(وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ) : الواو واو القسم حرف جر. ربي : مقسم به مجرور للتعظيم بواو القسم والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف. لتأتينكم : الجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها. اللام واقعة في جواب القسم. تأتينكم : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي أي الساعة ـ القيامة ـ ونون التوكيد لا محل لها والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(عالِمِ الْغَيْبِ) : صفة ـ نعت ـ للرب مجرور وعلامة جره الكسرة. الغيب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ) : الجملة الفعلية في محل جر صفة ثانية للرب أو تكون في محل نصب حالا منه بعد وصفه أول مرة في «عالم الغيب». وإضافة إلى ياء المتكلم لا : نافية لا عمل لها. يعزب : فعل مضارع مرفوع بالضمة. عنه : جار ومجرور متعلق بلا يعزب. مثقال : فاعل مرفوع بالضمة. ذرة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «ذرة» الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. في الأرض : معطوفة على (فِي السَّماواتِ) وتعرب إعرابها.

(وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ) : الواو عاطفة. لا : أعربت. من : حرف جر. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بمن. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. أما «أصغر» فمعطوف على (مِثْقالُ ذَرَّةٍ) مرفوع مثله بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف صيغة أفعل وبوزن الفعل والجار والمجرور (مِنْ ذلِكَ) متعلق بأصغر.

(وَلا أَكْبَرُ) : معطوف بالواو على (وَلا أَصْغَرُ) ويعرب إعرابه وحذفت الصلة اختصارا لأن ما قبلها يدل عليها أي ولا أكبر من ذلك.

(إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) : أداة استثناء ملغاة لا عمل لها تفيد النفي. في كتاب : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «المثقال» بتقدير : إلا محفوظا في كتاب مبين أي في اللوح المحفوظ. مبين : صفة ـ نعت ـ لكتاب مجرور مثله وعلامة جرهما : الكسرة المنونة.

(لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٤)

(لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) : اللام حرف جر للتعليل. يجزي : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «يجزي» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل

والجار والمجرور متعلق بتأتينكم. لأنه تعليل له. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب مثلها. الصالحات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.

(أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. والجملة الاسمية بعده «لهم مغفرة» في محل رفع خبر «أولئك» اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. مغفرة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.

(وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) : معطوف بالواو على مغفرة مرفوع مثلها بالضمة المنونة. كريم : صفة ـ نعت ـ لرزق مرفوع بالضمة المنونة.

(وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) (٥)

(وَالَّذِينَ سَعَوْا) : الواو استئنافية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ والجملة الاسمية (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ) في محل رفع خبره. سعوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف المحذوفة هي الألف الفارقة وبقيت الفتحة دالة عليها وحذفت الألف خطا من الآية الكريمة وخط القرآن الكريم سنة تتبع.

(فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ) : جار ومجرور متعلق بسعوا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. معاجزين : حال من ضمير «سعوا» منصوب وعلامة

نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي مسابقين بمعنى محاولين تعجيزنا لكي يفوتونا واللفظة جمع «معاجز» وهو اسم فاعل.

(أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة. من رجز : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «عذاب» لأن «من» حرف جر بياني ـ من .. البيانية ـ أليم : صفة ـ نعت ـ لرجز مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة بمعنى لهم عذاب من العقاب أو هو العذاب لأن الكلمة مضارعة للعذاب.

(وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (٦)

(وَيَرَى الَّذِينَ) : الواو استئنافية. يرى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى ويعلم أو تكون الواو عاطفة والفعل معطوفا على «ليجزي» في الآية الكريمة الرابعة منصوبا مثله وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.

(أُوتُوا الْعِلْمَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. العلم : مفعول به منصوب بأوتوا وعلامة نصبه الفتحة.

(الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. أنزل : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على «الذي» أي القرآن الكريم. إليك : جار ومجرور متعلق بأنزل.

(مِنْ رَبِّكَ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «الذي» التقدير : حال كونه منزلا إليك من ربك و «من» حرف جر بياني والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.

(هُوَ الْحَقَ) : ضمير فصل أو عماد لا محل له. الحق : مفعول به ثان منصوب بيرى المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة.

(وَيَهْدِي إِلى صِراطِ) : الواو عاطفة. يهدي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إلى صراط : جار ومجرور متعلق بيهدي والفعل هنا عدي إلى مفعوله باللام.

(الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. الحميد : صفة ـ نعت ـ للعزيز مجرور مثله وعلامة جره الكسرة والجملة الفعلية (يَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) في محل نصب معطوفة على الحق.

(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) (٧)

(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ) : أعرب في الآية الكريمة الثالثة. هل : حرف استفهام لا محل له أي قال بعضهم لبعض وهم يسخرون.

(نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. على رجل : جار ومجرور متعلق بندل.

(يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ) : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ لرجل وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «كم» أعرب في «ندلكم» يعنون برجل الرسول الكريم محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ تجاهلوه وكأنهم لا يعرفونه بمعنى يخبركم بأمر عجيب هو إذا مزقتم. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه متعلق بجوابه مضمن معنى الشرط ـ أداة شرط غير جازمة ـ وجواب «إذا» محذوف أو ما دل عليه القول بعده بمعنى : إذا مزقت أجسادكم عدتم للحياة. مزقتم : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «إذا» وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء

ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل والميم علامة جمع الذكور.

(كُلَّ مُمَزَّقٍ) : مفعول مطلق ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. ممزق : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة والكلمة اسم مفعول بمعنى المصدر وهي أصلا مصدر «مزق» أي كل تمزيق فيكون «كل» نائبا عن المفعول المطلق بمعنى هل ندلكم على رجل يحدثكم بأعجوبة من الأعاجيب ويقول بعد أن يمزق أجسادكم البلى كل ممزق أي يفرقكم بمعنى يبدد أجزاءكم كل تبديد.

(إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» والميم علامة جمع الذكور. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ في خلق : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن». جديد : صفة ـ نعت ـ لخلق مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة بمعنى ستعودون إلى الحياة من جديد.

(أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ) (٨)

(أَفْتَرى عَلَى اللهِ) : الهمزة همزة إنكار وتعجيب بلفظ استفهام وقد طرحت ـ أسقطت ـ الهمزة الثانية همزة الفعل وهي همزة الوصل لدخول همزة الاستفهام عليها. افترى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. على الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بأفترى بمعنى أأختلق أو هو مفتر على الله كذبا فيما ينسب إليه من ذلك.

(كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. أم : حرف عطف وهي «أم» المتصلة لأنها مسبوقة بهمزة استفهام. به : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. جنة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة والجملة الاسمية (بِهِ جِنَّةٌ) معطوفة على جملة (أَفْتَرى عَلَى اللهِ

كَذِباً) المؤولة بتأويل أهو مفتر على الله أم به جنة والجملة لا محل لها لأن الجملة المعطوف عليها ابتدائية لا محل لها.

(بَلِ الَّذِينَ) : حرف استئناف للإضراب لا عمل له. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ وكسر آخر «بل» لالتقاء الساكنين.

(لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. لا : نافية لا عمل لها. يؤمنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بالآخرة : جار ومجرور متعلق بلا يؤمنون.

(فِي الْعَذابِ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ «الذين» التقدير والمعنى : بل هؤلاء الكافرون القائلون ذلك القول واقعون في العذاب أي عذاب النار أي قال سبحانه : ليس محمد من الافتراء والجنون في شيء وهو مبرأ منهما. وبعد حذف المضاف إليه «النار» عوض المضاف «عذاب» عن ذلك بالألف واللام.

(وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ) : معطوف بالواو على «العذاب» ويعرب مثله. البعيد : صفة ـ نعت ـ للضلال مجرور بالكسرة.

(أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) (٩)

(أَفَلَمْ يَرَوْا) : الهمزة همزة استفهام. الفاء زائدة ـ تزيينية ـ لم : حرف نفي وجزم وقلب. يروا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى أفلم ينظروا فيروا ما يحيط بهم من آيات الله أهي أشد أي ما يحيط بالسماء والأرض أم هم؟

(إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) : حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بإلى والجار والمجرور متعلق بيروا. بين : ظرف مكان منصوب

على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق بفعل محذوف تقديره استقر أو هو مستقر أي محيط بهم أمامهم والجملة الفعلية «استقر بين أيديهم» صلة الموصول لا محل لها. أيدي : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الياء للثقل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى : إلى ما هو أمامهم.

(وَما خَلْفَهُمْ) : معطوف بالواو على ما قبله ويعرب إعرابه و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول لأن «ما» مبهمة و «من» حرف جر بياني ـ من .. البيانية ـ والأرض : معطوفة بالواو على «السماء» وتعرب إعرابها بمعنى : ومن الأرض.

(إِنْ نَشَأْ) : حرف شرط جازم. نشأ : فعل مضارع مجزوم بإن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن وحذف مفعول «نشأ» اختصارا وهو محذوف في أغلب الآيات.

(نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها. نخسف : تعرب إعراب «نشأ» الباء حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالباء حرك بالضم للوصل و «بهم» الجار والمجرور متعلق بنخسف. الأرض : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً) : الجملة الفعلية معطوفة بحرف العطف «أو» على جملة (نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ) وتعرب إعرابها.

(مِنَ السَّماءِ) : جار ومجرور متعلق بنسقط أو متعلق بصفة محذوفة من «كسفا» بمعنى قطعا من السماء كافية لتدميرهم.

(إِنَّ فِي ذلِكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. في : حرف جر. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام للبعد والكاف للخطاب. والجار والمجرور (فِي ذلِكَ) في محل رفع متعلق بخبر «إن» المقدم.

(لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة. آية : اسم «إن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى لعلامة ودلالة على قدرة الله تعالى لمن ينظر إلى السماء والأرض ويتفكر فيهما وما يدلان عليه. لكل : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «آية». عبد : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره : الكسرة المنونة. منيب : صفة ـ نعت ـ لعبد مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة.

(وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) (١٠)

(وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. آتى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. داود : مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون لأنه اسم ممنوع من الصرف للعجمة.

(مِنَّا فَضْلاً) : حرف جر و «نا» ضمير الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بآتينا. فضلا : مفعول به ثان منصوب بآتى المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : فضلا على سائر الناس وهو النبوة والزبور والملك.

(يا جِبالُ أَوِّبِي) : الجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي وقلنا : يا جبال رجعي معه تسبيحه. يا : أداة نداء. جبال : منادى مفرد مبني على الضم في محل نصب لأنه نكرة مقصودة. أوبي : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(مَعَهُ وَالطَّيْرَ) : ظرف مكان يدل على الاجتماع والمصاحبة متعلق بأوبي منصوب على الظرفية وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة. والطير : معطوف بالواو على «فضلا» بمعنى : وسخرنا له الطير منصوب وعلامة نصبه الفتحة أو معطوف

على «جبال» محلا لا لفظا .. ويجوز أن تكون الواو واو المعية و «الطير» مفعولا معه منصوبا وعلامة نصبه الفتحة.

(وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آتينا» وتعرب إعرابها. له : جار ومجرور متعلق بألنا. الحديد : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (١١)

(أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ) : حرف تفسير لا عمل له. والفعل بعده يفسر القول المقدر أي وأوحينا له وقلنا اعمل أو تكون «أن» مصدرية والجملة الفعلية «اعمل» وما بعدها تفسيرية لا عمل لها أو صلة حرف مصدري على الوجه الثاني من الإعراب لا محل لها أيضا وهي فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر مقدر أي بعمل والجار والمجرور متعلق بألنا له الحديد. التقدير بعمل الدروع. سابغات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.

(وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «اعمل» وتعرب إعرابها. في السرد : جار ومجرور متعلق بقدر بمعنى واعمل دروعا طويلات ودبر في النسيج أي نسج الدروع.

(وَاعْمَلُوا صالِحاً) : الواو عاطفة. اعملوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. صالحا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي عملا صالحا فحذف الموصوف «عملا» وحلت الصفة «صالحا» محله.

(إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق ببصير. تعملون : الجملة الفعلية صلة

الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بصير : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف ـ ساقط ـ خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : بما تعملونه. أو تكون «ما» مصدرية وجملة «تعملون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق ببصير. التقدير بعملكم.

(وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ) (١٢)

(وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ) : الواو عاطفة. لسليمان : جار ومجرور متعلق بمحذوف لم يذكر لأن ما قبله أي ما سبقه دال عليه. على تقدير : وسخرنا لسليمان الريح مثل وسخرنا له الطير .. وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه اسم ممنوع من الصرف لأنه منته بألف ونون زائدتين. الريح : مفعول به منصوب بالفتحة.

(غُدُوُّها شَهْرٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال من «الريح». غدو : مبتدأ مرفوع بالضمة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. شهر : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة.

(وَرَواحُها شَهْرٌ) : الجملة الاسمية معطوفة بالواو على (غُدُوُّها شَهْرٌ) وتعرب إعرابها.

(وَأَسَلْنا لَهُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «سخرنا لسليمان» وتعرب إعرابها.

(عَيْنَ الْقِطْرِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. القطر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ) : الواو عاطفة. من الجن : جار ومجرور متعلق بسخرنا أي وذللنا من الجن. من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية (يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ) صلة الموصول لا محل لها.

(يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيعمل وهو مضاف. يديه : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه ثان.

(بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ) : جار ومجرور متعلق بيعمل. ربه : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه ثان. الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من» وجملة (يَزِغْ مِنْهُمْ) صلة الموصول لا محل لها.

(يَزِغْ مِنْهُمْ) : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. من : حرف جر بياني و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بحال محذوف من الاسم الموصول «من» بتقدير : حال كونه منهم بمعنى ومن ينحرف أي يمل منهم.

(عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ) : جار ومجرور متعلق بيزغ و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل جر بالإضافة. نذقه : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها وهي فعل مضارع مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به أو تكون الواو في (وَمَنْ يَزِغْ) اعتراضية والجملة بعدها لا محل لها لأنها جملة اعتراضية وحذفت الياء من «نذقه» أصله : نذيقه كما حذفت من «يزغ» أصله : يزيغ تخفيفا ولالتقاء الساكنين وحذف مفعول «نذق» الثاني لأن «من» التبعيضية دلت عليه.

(مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ) : جار ومجرور متعلق بنذق و «من» للتبعيض. السعير : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) (١٣)

(يَعْمَلُونَ لَهُ ما) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية لا محل لها لأنها من صلة الموصول «يعمل» في الآية الكريمة السابقة و (مِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ) وجاءت «يعملون» جمعا على معنى «من» له : جار ومجرور متعلق بيعملون. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. من محاريب : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «ما» المبهمة. التقدير حالة كونه من محاريب. و «من» بيانية.

(وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ) : معطوفة بالواو على «محاريب» وتعرب إعرابها. وعلامة جر الاسمين الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنهما على وزن «مفاعيل» ممنوعان من الصرف أو لأنهما نهاية الجموع ثالث حروفهما ألف وبعد الألف حرفان أو ثلاثة. وجفان : معطوفة بالواو على «محاريب وتماثيل» وتعرب إعرابهما وعلامة جرها الكسرة المنونة.

(كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل جر صفة لجفان. الجواب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الياء المحذوفة خطا واكتفاء بالكسرة. وقدور : تعرب إعراب «جفان». راسيات : صفة ـ نعت ـ لقدور مجرورة مثلها وعلامة جرهما الكسرة المنونة.

(اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي حكاية ما قيل لآل داود. آل : منادى بأداة نداء محذوفة. التقدير : يا آل وهو منادى

منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. داود : مضاف إليه مجرور بالفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة. شكرا : مصدر ـ مفعول مطلق ـ منصوب بفعل محذوف تقديره اشكروا وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو يكون مفعولا لأجله على معنى اعملوا لله واعبدوه على وجه الشكر لنعمائه أو على الحال أي اعملوا شاكرين ونصب على المصدر لأن الفعل «اعملوا» فيه معنى «اشكروا» أو يكون مفعولا به منصوبا باعملوا.

(وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) : الواو استئنافية. قليل : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة وجاز الابتداء بالنكرة لأنه وصف. من عبادي : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «قليل» والياء ضمير متصل ضمير الواحد المطاع سبحانه في محل جر بالإضافة وفتحت الياء لالتقاء الساكنين وللوصل. الشكور : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو والجملة الاسمية «هو الشكور» في محل رفع خبر «قليل».

** (وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) : المعنى : وأنبعنا له النحاس المذاب من عينه أي من معدنه .. والقطر بكسر القاف هو الحديد أو النحاس المذاب .. يقال : قطر الماء يقطره ـ قطرا ـ من باب «قتل» وقطرانا ـ بفتح القاف والطاء وقطرته أي إن الفعل لازم ومتعد هذا قول الأصمعي. وقال أبو زيد : لا يتعدى الفعل بنفسه بل بالألف فيقال أقطرته. والقطرة هي النقطة وتقاطر الشيء : أي سال قطرة قطرة وقطرته تقطيرا مثل «قطرت وأقطرت والقطار ـ بكسر القاف ـ من الإبل ـ هو عدد على نسق واحد والجمع : قطر ـ بضم القاف والطاء .. أما بسكون الطاء فيعني : الجانب والناحية ويجمع على أقطار والقطر ـ بفتح القاف هو المطر ومن معاني «القطر» بضم القاف وسكون الطاء هو الإقليم أيضا وجمعه أقاليم .. وسمي إقليما لأنه مقلوم ـ أي مقطوع ـ من الأقاليم التي تتاخمه .. أما أقاليم الدنيا فهي جهاتها الأربع.

** (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ) : في هذا القول الكريم حذف مفعول «يعمل» أي ومن يعمل المصنوعات.

** (وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ) : وجاء الفعل «يزغ» وقبله الفعل «يعمل» مفردا على لفظ «من» وبصيغة الجمع في «منهم» على معنى «من» لأن «من» مفردة لفظا مجموع معنى. بدليل قوله في الآية الكريمة التالية «يعملون».

** (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة عشرة .. والمحاريب : هي القصور الحصينة أو المساجد مفردها : محراب سميت بذلك لأنها يحارب من أجلها ويدافع عنها والتماثيل : هي الصور المجسمة ـ جمع تمثال ـ أما الجفان فهي جمع جفنة وهي الصحاف : جمع صحفة : أي القصعة الكبيرة أو المناقع الصغيرة للماء. والجواب : جمع جابية أي الحوض الذي يجبى فيه الماء للإبل أي يجمع واللفظة من الصفات الجارية مجرى الأسماء.

** (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة الرابعة عشرة الغيب : هو كل ما غاب عنك وجمعه : غيوب وفعله غاب ـ يغيب ـ غيبا وغيبة وغيبوبة وغيوبا وغيابا ـ بفتح الغين ـ ومغيبا فهو غائب ـ اسم فاعل ـ والغيبة ـ بكسر الغين ـ هي أن يتكلم خلف إنسان بما يغمه لو سمعه فإن كان صدقا سمي غيبة وإن كان كذبا سمي بهتانا. ولا يعلم الغيب إلا الله سبحانه ومن الأخطاء الشائعة إن المنجمين يقرءون الطالع ويعلمون الغيب فقيل عنهم : صدق المنجمون ولو كذبوا. وسبب ذلك أنهم ليسوا من الغيب. في شيء إنما دلالاتهم النجومية التي يتحدثون عنها هي ظنون حدسية وتخمينات مبنية على التأثيرات النجومية وهؤلاء ليست لهم مدارك غيبية بل هم يستخدمون ذكاءهم وفراستهم أو يستفيدون من كلمة أو حركة يأتيها من يطلبون منهم الكشف لهم عن الغيب ويستدرجونهم فيبدءون بحثهم على السرد يوهمونهم بأنهم يعرفون مستقبلهم وما فيهم والمنجمون تخيب تخميناتهم دائما. وما قصة فتح عمورية ـ المدينة البيزنطية ـ التي فتحها العرب على أيام المعتصم ـ ببعيدة عن الأذهان حين صاحت امرأة عربية قبض على معصمها أحد العلوج : وا معتصماه! و «العلوج» جمع «علج» وهو الرجل الضخم القوي من الكفار. وحين بلغ الخليفة المعتصم الخبر قرر أن يهاجم عمورية بجيش على خيول بلق كما قال ذلك العلج مستهزئا : سوف يأتيك المعتصم على خيول بلق ـ جمع أبلق ـ أي ما كان في لونه سواد وبياض. فقال المنجمون للخليفة : إنه سيخسر الحرب إذا غزا في ذلك الوقت فأبى الخليفة إلا أن يستجيب لنداء المرأة .. وتم له فتح عمورية. فقال أبو تمام يعرض بالمنجمين ويمدح الخليفة في قصيدته التي مطلعها :

السيف أصدق إنباء من الكتب

في حده الحد بين الجد واللعب

** (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ) : هذا القول الكريم ورد في الآية الكريمة الخامسة عشرة .. التقدير : لأهل سبأ بدليل قوله «مسكنهم» وهو مثل «اسألوا القرية» فحذف المضاف «أهل» وأقيم المضاف إليه «سبأ» مقامه. أو بمعنى لبني سبأ وهم أولاد يشجب بن يعرب من قبائل اليمن الشهيرة في مأرب على بعد ثلاثة أيام من صنعاء. وقوله تعالى : «عن يمين وشمال» التقدير والمعنى عن يمين واديهم وعن شماله فحذف المضاف إليه واديهم» فنون آخر المضاف «يمين» لانقطاعه عن الإضافة وكذلك «شمال» وحذف الجار من «شمال» لأن التقدير : وعن شمال حذف اكتفاء بذكره أول مرة ويجوز أن يكون في «مسكنهم» بتقدير : في مواضع مسكنهم أي سكناهم فحذف المضاف «مواضع» وحل المضاف إليه محله.

** (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) : قال أبو الفرج : هي مدينة السلام بل مدينة الإسلام .. وقيل : كان بعضهم ـ إذا ذكر بغداد ـ يقرأ قوله تعالى : «بلدة طيبة ورب غفور» وقيل : إن المأمون كان قد قال عنها : عين العراق بغداد والعراق عين الدنيا. وقال الجاحظ : الصناعة في البصرة .. والفصاحة في الكوفة .. والخير في بغداد. وقال الشاعر العراقي المعروف معروف الرصافي أيام حكم العثمانيين لبغداد أبياتا من الشعر تعبر عن وطنية أهل بغداد :

إليك إليك يا بغداد عني

فإني لست منك ولست مني

ولكني وإن كبر التجني

يعز علي يا بغداد أني

أراك على شفا هول شديد

تتابعت الخطوب عليك تترى

وبدل منك صفو العيش مرا

فهلا تنجبين فتى أغرا

أراك عقمت لا تلدين حرا

وكنت لمثله أزكى ولود

ولمدينة بغداد صفات كثيرة .. منها : جنة الأرض .. مدينة السلام .. قبة الإسلام .. مجمع الرافدين غرة البلاد .. عين العراق .. دار الخلافة .. مجمع المحاسن والطيبات .. معدن الظرائف واللطائف .. حاضرة الدنيا .. سكة الدنيا .. أم الدنيا .. سيدة البلاد .. مدينة العلم .. ينبوع الآداب. المحارة .. وصدف الدر : وهو غشاؤه.

** (فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ) : هذا القول الكريم ورد في الآية الكريمة السادسة عشرة .. المعنى : فأرسلنا عليهم سيلا عارما دمر الله به سد مأرب الذي أقيم بين جبلين للتحكم في ماء المطر فأغرق الأراضي .. وهو السيل الذي لا يطاق لقوته وشدته وقيل : العرم : هو السيل .. وقيل : هو اسم واد وقيل : هو المطر الشديد فأضيف الموصوف إلى صفته أو يكون من باب إضافة الشيء إلى نفسه لاختلاف اللفظين .. أو بمعنى : سيلا عارما : بمعنى شديدا .. أو بتقدير : سيل الأمر العرم أي الأمر الصعب فحذف المضاف إليه الموصوف «الأمر» وحلت صفته ـ العرم ـ محله. يقال : عرم الشيء ـ يعرم ـ عرما : أي شرس وهو من بابي «ضرب» وقتل .. فهو عارم ـ اسم فاعل ـ وعرم ـ يعرم ـ عرما .. من باب «تعب» فهو عرم ـ فعل بمعنى فاعل ـ والعرم ـ بفتح العين وكسر الراء هو جمع «عرمة» مثل «كلم وكلمة» وهو السد وقيل : السيل الذي لا يطاق ..

** (وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ) : وقد سمي البدل جنتين لأجل المشاكلة وفي القول الكريم ضرب من التهكم.

** (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة عشرة المعنى : ذلك التبديل أو الجزاء جزاؤهم بسبب كفرهم أو كفرانهم النعمة .. فحذف النعت أو البدل المشار إليه «الجزاء .. البدل» اختصارا .. كما حذف المضاف «سبب» وحل المصدر المضاف إليه محله.

** (فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة التاسعة عشرة .. التقدير : بين منازل أسفارنا .. وهي القرى التي كانوا ينزلون فيها ظهرا ومساء من اليمن إلى الشام فحذف المضاف «منازل» وأقيم المضاف إله «أسفارنا» مقامه.

** (وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة التاسعة عشرة .. المعنى : ومزقناهم في البلاد غاية التمزيق حتى ضرب بهم المثل الشهير : تفرقوا أيدي سبأ .. إن في ذلك العقاب لدلالات وعلامات فحذف البدل أو النعت المشار إليه «العقاب» لأن ما قبله دال عليه .. و «صبار شكور» من صيغ المبالغة ـ فعال وفعول بمعنى فاعل. أو بمعنى وفرقناهم كل تفريق .. وصبار شكور : أي الكثير الصبر على الطاعات الكثير الشكر لنعم الله.

** (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية والعشرين أي قل يا محمد للمشركين في مكة أو مشركي قومك أدعوا الأصنام الذين زعمتم أي ادعيتم أنهم آلهة لكشف الضر عنكم فحذف مفعول «ادعوا» أي نادوا وهو «الأصنام» وحلت صفته الاسم الموصول محله كما حذف مفعول «زعمتم» وهو المصدر المؤول من «أنهم آلهة» أو يكون مفعولا صريحا بمعنى الذين زعمتموهم آلهة من الأصنام.

(فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) (١٤)

(فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ) : الفاء استئنافية. لما : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. قضينا : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. عليه : جار ومجرور متعلق بالفعل «قضى». الموت : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى فحين انقضى أجله مات.

(ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ) : الجملة الفعلية مع الفاعل جواب شرط غير جازم لا محل لها. ما : نافية لا عمل لها. دل فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. على موته : جار ومجرور متعلق بدل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب في محل جر بالإضافة.

(إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ) : أداة حصر لا عمل لها. دابة : فاعل مرفوع بالضمة. الأرض : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهي الدويبة التي يقال لها : السرفة والأرض فعلها فأضيفت إليه يقال أرضت الخشبة أرضا : إذا أكلتها الأرضة.

(تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الدابة» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. منسأته : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة بمعنى : تقرض عصاه.

(فَلَمَّا خَرَّ) : أعرب. خر : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «خرّ» في محل جر بالإضافة.

(تَبَيَّنَتِ الْجِنُ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها حركت

بالكسر لالتقاء الساكنين. الجن : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى فحين سقط سليمان علمت الجن.

(أَنْ لَوْ كانُوا) : حرف مشبه بالفعل مخفف واسمه ضمير الشأن بتقدير : أنهم والجملة من الشرط وجوابه في محل رفع خبر «أن» و «أن» مع اسمها وخبرها في محل رفع بدل من الجن ـ بدل اشتمال ـ لو : حرف شرط غير جازم. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسمها والألف فارقة.

(يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الغيب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(ما لَبِثُوا) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. ما : نافية لا عمل لها. لبثوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : ما مكثوا.

(فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) : جار ومجرور متعلق بحال من واو الجماعة في «لبثوا». المهين : صفة ـ نعت ـ للعذاب مجرور مثله وعلامة جره الكسرة.

(لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) (١٥)

(لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ) : اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. لسبأ : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان» المقدم ونونت الكلمة ولم تمنع من الصرف لأنها اسم للحي.

(فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ) : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «آية» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. آية : اسم «كان» المؤخر مرفوع بالضمة المنونة.

(جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ) : بدل من «آية» مرفوع مثلها وعلامة الرفع الألف لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. أو تكون خبر مبتدأ

محذوف تقديره : هي جنتان أو بتقدير : الآية جنتان بمعنى مجموعتان من البساتين والجار والمجرور «عن يمين» متعلق بصفة محذوفة من الموصوف «جنتان». وشمال : معطوف على «يمين» ويعرب مثله.

(كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ حكاية لما قال لهم أنبياء الله عزوجل المبعوثون إليهم أو هم أحقاء بأن يقال لهم ذلك وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. من رزق : جار ومجرور متعلق بكلوا و «من» للتبعيض. ربكم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه ثان والميم علامة جمع الذكور وحذف مفعول «كلوا» لأن «من» دالة عليه.

(وَاشْكُرُوا لَهُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «كلوا» وتعرب إعرابها. له : جار ومجرور متعلق باشكروا بمعنى واشكروه ولكن الفعل عدي باللام وهو الأفصح.

(بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هذه البلدة التي فيها رزقكم بلدة. طيبة : صفة لبلدة مرفوعة وعلامة رفعهما الضمة المنونة.

(وَرَبٌّ غَفُورٌ) : الواو عاطفة. رب : خبر مبتدأ محذوف تقديره : وربكم الذي غفر لكم ورزقكم وطلب شكركم رب غفور مرفوع بالضمة المنونة. غفور : صفة ـ نعت ـ لرب مرفوع مثله بالضمة المنونة أي غفور لمن شكره.

(فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ) (١٦)

(فَأَعْرَضُوا) : الفاء استئنافية. أعرضوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : فصدوا عن شكر الله.

(فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ) : الفاء سببية. أرسل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بأرسلنا.

(سَيْلَ الْعَرِمِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. العرم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَبَدَّلْناهُمْ) : معطوفة بالواو على جملة «أرسلنا» وتعرب إعرابها «وهم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.

(بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ) : جار ومجرور متعلق بالفعل بدل وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى وحذفت نونه أصله : جنتين للإضافة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. جنتين : مفعول به ثان منصوب ببدل وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ) : صفة ـ نعت ـ لجنتين منصوب مثلها وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى «ذات» وذات مؤنث «ذو» والجمع : ذوات وحذفت النون ـ أصله : ذواتين ـ للإضافة. أكل : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. وأصله : أكل أكل خمط فحذف المضاف «أكل» وأقيم المضاف إليه «أكل» مقامه. خمط : صفة ـ نعت ـ لأكل مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة أو تكون كلمة «أكل» على ما هي عليه وصفت بالخمط بمعنى : ذواتي أكل بشع ويجوز أن تكون «خمط» بدلا من «أكل» لأن الكلمتين يتقارب معناهما.

(وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ) : معطوف بالواو على «أكل» لا على «خمط» لأن الأثل لا أكل له. الواو عاطفة. شيء : معطوف على «أكل» أيضا .. والكلمتان مجرورتان وعلامة جرهما الكسرة المنونة.

(مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «شيء» و «من» حرف جر بياني .. من .. البيانية ـ لإبهام «شيء» بمعنى وشيء حالة كونه من سدر. قليل : صفة ـ نعت ـ لسدر مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : وشيء من شجر النبق و «الأثل» شجر وهو نوع من الطرفاء مفردة أثلة.

(ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ) (١٧)

(ذلِكَ جَزَيْناهُمْ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به بفعل يفسره «جزيناهم» بمعنى عاقبناهم ذلك. اللام للبعد والكاف للخطاب. أو يكون الاسم «ذلك» في محل رفع مبتدأ حذف الخبر اختصارا ولأن «جزيناهم» يفسره. التقدير : ذلك الجزاء جزاؤهم. جزى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(بِما كَفَرُوا) : الباء حرف جر و «ما» مصدرية. كفروا : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء التقدير بكفرهم أي بسبب كفرهم والجار والمجرور متعلق بجزى. كفروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(وَهَلْ نُجازِي) : الواو استئنافية .. تفيد التعليل هنا. هل : حرف استفهام لا عمل له بمعنى «لا» هنا. نجازي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن بمعنى لا أو ما نجازي.

(إِلَّا الْكَفُورَ) : أداة حصر لا عمل لها. الكفور : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكلمة من صيغ المبالغة ـ فعول بمعنى فاعل ـ أي الشديد أو الكثير الكفر بمعنى المبالغ في كفران النعم والرسل.

(وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) (١٨)

(وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ) : الواو عاطفة على المقدر في «كلوا» أي قلنا لهم كلوا من رزق ربكم : جعل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بجعلنا وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(وَبَيْنَ الْقُرَى) : معطوف بالواو على «بينهم» ويعرب إعرابه. وعلامة جر «القرى» الكسرة المقدرة على الألف للتعذر.

(الَّتِي بارَكْنا فِيها) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ للقرى. باركنا : تعرب إعراب «جعلنا» والجملة الفعلية «باركنا» صلة الموصول لا محل لها. فيها : جار ومجرور متعلق بباركنا.

(قُرىً ظاهِرَةً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر قبل تنوينها ونونت لأنها اسم مقصور ثلاثي نكرة. ظاهرة : صفة ـ نعت ـ لقرى منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المنونة أي متصلة ببعضها.

(وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «جعلنا» وتعرب إعرابها. فيها : جار ومجرور متعلق بقدرنا. السير : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والجملة الفعلية بعدها «سيروا فيها» في محل نصب مفعول به أي وقلنا لهم سيروا.

(سِيرُوا فِيها) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. فيها : جار ومجرور متعلق بسيروا.

(لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ) : ظرف زمان ـ مفعول فيه ـ منصوب على الظرفية الزمانية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بسيروا ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن «مفاعل». وأياما : معطوفة بالواو على «ليالي» منصوبة مثلها أيضا

وعلامة نصبها الفتحة المنونة. آمنين : حال من ضمير «سيروا» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (١٩)

(فَقالُوا رَبَّنا) : الفاء عاطفة. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ربنا : منادى بأداة نداء محذوفة التقدير : يا ربنا منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية بعدها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا) : فعل دعاء وتضرع بصيغة طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية المكانية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. أسفار : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. أي مضاف إليه ثان والظرف «بين» متعلق بباعد أو بمفعوله لأنه يقال عند وقوع الفعل أو إسناده إلى الظرف : بوعد بين أسفارنا فتصبح الجملة كقولنا : سير فرسخان.

(وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) : تعرب إعراب «فقالوا». أنفس : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. أي ظلموا أنفسهم بسبب كفرهم.

(فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ) : الفاء سببية. جعل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. أحاديث : مفعول به ثان منصوب بجعلنا أي بالفعل «جعل» المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن «مفاعيل» أي فصيرناهم أصحاب أحاديث بين الناس تتناقل أخبارهم بينهم.

(وَمَزَّقْناهُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «جعلناهم» وتعرب إعرابها بمعنى وفرقناهم.

(كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) : هذا القول الكريم أعرب في الآيتين الكريمتين السابعة والتاسعة و «آيات» اسم «إن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.

(وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢٠)

(وَلَقَدْ صَدَّقَ) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. صدق : فعل ماض مبني على الفتح.

(عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بصدق. إبليس : فاعل مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والعلمية. ظنه : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة أي ولقد حقق على أهل سبأ أو بني آدم ظنه. أو وجدوه صادقا حين أغواهم إبليس فاتبعه أهل سبأ أو بنو آدم.

(فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا) : الفاء سببية. اتبعوه : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به. إلا : أداة استثناء لا محل لها.

(فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) : مستثنى بإلا منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. من المؤمنين : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «فريقا» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ) (٢١)

(وَما كانَ لَهُ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل له. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. له : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر كان.

(عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بحال مقدم من «سلطان». من : حرف جر زائد للتوكيد. سلطان : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه اسم «كان» المؤخر.

(إِلَّا لِنَعْلَمَ) : أداة حصر لا عمل لها. اللام لام التعليل حرف جر. نعلم : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. والجملة الفعلية «نعلم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بسلطان أو بفعل محذوف بتقدير : ولكن ابتليناهم بوسوسته لنظهر من يؤمن علل ذلك التسليط بالعلم والمراد ما تعلق به العلم و «سلطان» بمعنى : تسلط أو حجة.

(مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يؤمن : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بالآخرة : جار ومجرور متعلق بيؤمن أي بالحياة الآخرة فحذف الموصوف «الحياة» وحلت الصفة «الآخرة» محلها.

(مِمَّنْ هُوَ) : جار ومجرور متعلق بنعلم «ومن» اسم موصول مدغم بنون «من» مبني على السكون في محل جر بمن. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. والجملة الاسمية «هو منها في شك» صلة الموصول لا محل لها.

(مِنْها فِي شَكٍ) : جار ومجرور متعلق بحال من «شك». في شك : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «هو».

(وَرَبُّكَ عَلى كُلِ) : الواو استئنافية. ربك : مبتدأ مرفوع بالضمة والكاف ضمير المخاطب في محل جر بالإضافة. على كل : جار ومجرور متعلق بحفيظ.

(شَيْءٍ حَفِيظٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. حفيظ : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة.

(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ) (٢٢)

(قُلِ ادْعُوا) : فعل أمر مبني على السكون وحذفت الواو ـ أصله : قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت بمعنى قل يا محمد للمشركين في مكة. ادعوا : الجملة الفعلية وما بعدها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. زعمتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «زعمتم» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : زعمتموهم أي عبدتموهم أي نادوهم لكشف الضر عنكم.

(مِنْ دُونِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «الذين» أو من مفعول «زعمتم» الأول أو متعلق بصفة محذوفة من مفعول «زعمتم» الثاني المحذوف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة أي من غير الله من الأصنام والملائكة وسميتموهم باسمه ادعوهم لينصروكم.

(لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «لا» نافية لا

عمل لها. مثقال : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والجملة الاسمية هي إجابة الله عنهم بقوله (لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) استئنافية لا محل لها من الإعراب. ذرة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(فِي السَّماواتِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من ذرة أو متعلق بيملكون. أي لا يملكون وزن ذرة من خير أو شر.

(وَلا فِي الْأَرْضِ) : معطوف بالواو على «في السموات» ويعرب مثله. و «لا» زائدة لتأكيد النفي.

(وَما لَهُمْ فِيهِما) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. فيهما : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «شرك» والهاء ضمير متصل في محل جر بفي. الميم علامة الجمع والألف علامة التثنية أو «ما» علامة التثنية بمعنى في هذين الجنسين : جنس السموات وجنس الأرض.

(مِنْ شِرْكٍ) : حرف جر زائد للتأكيد. شرك : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر أي من شركة في الخلق ولا في الملك.

(وَما لَهُ مِنْهُمْ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. له : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم أي وما لله. من : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بحال مقدمة من «ظهير».

(مِنْ ظَهِيرٍ) : يعرب إعراب «من شرك» بمعنى : من معين.

(وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (٢٣)

(وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. تنفع : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الشفاعة : فاعل مرفوع بالضمة.

(عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بتنفع وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. إلا : أداة حصر لا عمل لها. لمن : جار ومجرور متعلق بحال محذوف من «الشفاعة» التقدير : إلا كائنة لمن أذن له من الشافعين ومطلقة له و «من» اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام أو بمعنى إلا كائنة لمن أذن له أي لشفيعه والجملة الفعلية «أذن له» صلة الموصول لا محل لها أي لأجل شفيعه.

(أَذِنَ لَهُ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. له : جار ومجرور متعلق بأذن.

(حَتَّى إِذا فُزِّعَ) : حرف غاية وابتداء. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان مضمن معنى الشرط مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه. فزع : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح.

(عَنْ قُلُوبِهِمْ) : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. بمعنى : كشف عنها الفزع أي كشف الله الفزع عن قلوبهم أي قلوب الشافعين والمشفوع لهم.

(قالُوا) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة بعدها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(ما ذا قالَ رَبُّكُمْ) : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «قال». قال : فعل ماض مبني على الفتح و «ربكم» فاعل مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(قالُوا الْحَقَ) : أعربت. الحق : مفعول به منصوب بفعل مضمر دل عليه ما قبله أي قالوا قال الحق بمعنى تساءلوا قائلين بعضهم لبعض ما ذا قال

ربكم في الشفاعة قالوا قال الحق أي القول الحق وهو الإذن بالشفاعة لمن ارتضى. فحذف المنصوب الموصول «القول» وأقيمت صفته «الحق» مقامه. وجملة «قالوا الحق» استئنافية لا محل لها. وجملة «قال الحق» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بقالوا.

(وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) : الواو استئنافية. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. العلي الكبير : خبرا المبتدأ خبر بعد خبر أي خبران متتابعان للمبتدإ «هو» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة ويجوز أن يكون «الكبير» صفة ـ نعتا ـ للعلي.

** (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة والعشرين .. المعنى : حتى إذا كشف الله الفزع أي الخوف عن قلوبهم أي قلوب الشافعين ـ اسم فاعلين ـ والمشفوع لهم ـ اسم مفعولين ـ تساءلوا فيما بينهم ما ذا قال ربكم قالوا قال القول الحق وهو الإذن بالشفاعة لمن ارتضى من المؤمنين فحذف المفعول المنصوب الموصوف «القول» وأقيمت صفته «الحق» مقامه. يقال : شفع ـ يشفع شفعا .. من باب «نفع» أو قطع بمعنى : سعى له وشفع له أو فيه إلى فلان شفاعة : طلب منه أن يعاونه.

** (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والعشرين .. وكلمتا «بشيرا ونذيرا» من صيغ المبالغة «فعيل بمعنى فاعل» بمعنى : مبشرا للمؤمنين ومنذرا للكافرين أي مبشرا يا محمد من أطاعك بالفردوس ومخوفا من عصاك بالنار فحذف مفعولا اسمي الفاعلين «بشيرا ونذيرا» وهما «من أطاعك .. ومن عصاك ..» كما حذف مفعول «يعلمون» أي لا يعملون ذلك أي ما عند الله من النفع لهم وقوله «كافة للناس» معناه : جامعا للناس أي إلا إرسالة عامة لهم محيطة بهم بمعنى : إذا عمتهم فقد كفتهم أن يخرج أحد منهم والتاء على هذا هي للمبالغة كتاء «الراوية» والعلامة والنابغة. ولفظة «كافة» قدمت لفظا وأخرت معنى أو تكون «كافة» حالا من «الناس» قدمت عليها .. يقال : كفه عن الأمر أو الشيء يكفه ـ كفا .. من باب «رد» : أي صرفه ومنعه .. وكف عنه : أي انصرف وامتنع وكف ماء وجهه بمعنى : صانه ومنعه عن بذل السؤال فالفعل لازم ومتعد ويقال : تكفف الناس : بمعنى : مد كفه إليهم يستعطي .. وتكفف الرجل : أي أخذ الشيء بكفه .. وسميت «الكف» بهذا الاسم لأنها تكف الأذى عن صاحبها. والكاف ـ اسم فاعل ـ هو من كف نفسه عن الشيء .. أما «الكافة» فهي مؤنث «الكاف» وبمعنى الجماعة كما في الآية الكريمة المذكورة بمعنى للناس جميعا. وقال الفراء في «معاني القرآن» : نصبت لأنها بمعنى المصدر ولذلك لم تدخل العرب فيها الألف واللام لأنها آخر الكلام مع معنى المصدر وهي مثل قولك : قاموا معا وقاموا جميعا فلا يدخلون الألف واللام على «معا» و «جميعا» إذا كانت بمعناها أيضا. وقال الأزهري أيضا : كافة : منصوبة على الحال وهي مصدر على «فاعلة» كالعافية والعاقبة ولا يثنى ولا يجمع كما لو قلت : قاتلوا المشركين عامة أو خاصة لا يثنى ذلك ولا يجمع

ومن حكم «كافة» أن تأتي متعقبة ففي الآية معناها : كاف وإلحاق الهاء للمبالغة. وأما تصديرها في الآية الكريمة فقيل : إنه مما قدم لفظه وأخر معناه وإن تقدير الكلام : وما أرسلناك إلا جامعا بالإنذار والبشارة للناس كافة. ومثل هذه اللفظة في الحكم والإعراب لفظتا «عامة» و «قاطبة» بمعنى : جميعا أي كلهم. وقيل : إن الألفاظ «كل» و «عامة» و «أجمع» يؤكد بها فيقال جاء القوم عامة. وأغفلها جميع النحاة. و «العام» ضد «الخاص» وهو اسم فاعل وفعله : عم ـ يعم .. بمعنى : شمل وهو من باب «قعد» ومصدره : «عموما» وهو أيضا جمع «عم» أي أخو الأب والجمع الثاني : أعمام. ومؤنث «العم» : عمة وجمعها : عمات ويقال ـ كما قال الجوهري ـ : هما ابنا عم وابنا خالة ولا يقال : هما ابنا عمة ولا ابنا خال ولا ابنا أخت. و «قاطبة» تأتي حالا مؤكدة لعاملها ولصاحبها وتأتي «عامة» توكيدا وقيل : حالا. ويقال : تعمم الرجل واعتم واستعم : بمعنى : لبس العمامة : وهي ما يلف على الرأس وجمعها : عمائم. وقيل : العمائم تيجان العرب. و «العمامة» هي نوع من الملابس الخاصة بالرأس وقد غلب إطلاقها على اللفة التي تلف الرأس.

** (وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة والثلاثين .. المعنى : لم يكن إجرامنا هو الذي صدنا كما تقولون بل تصديكم لنا بالمكر علينا ليلا ونهارا .. فاتسع في الظرف بإجرائه مجرى المفعول به وإضافة المكر إليه أو جعل ليلهم ونهارهم ماكرين على الإسناد المجازي. و «استضعفوا» بمعنى : استضعفهم الكفار في الدنيا.

** (وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والثلاثين التقدير : في أهل قرية فحذف المضاف «أهل» وحل المضاف إليه «قرية» محله.

** سبب نزول الآية : نزلت الآية الكريمة في رجل سأل شريكه عن أتباع محمد فقال له : إنه لم يتبعه أحد من قريش إلا رذالة الناس ومساكينهم فعرف بذلك أنه نبي حق فآمن به فنزلت هذه الآية الكريمة فقال له النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «إن الله قد أنزل تصديق ما قلت».

** (وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة والثلاثين المعنى المقصود : وما جماعة أموالكم ولا جماعة أولادكم بالتي وذلك إن جمع التكسير يستوي في تأنيثه العقلاء وغير العقلاء .. وقيل : يجوز أن تكون «التي» هي التقوى وهي المقربة عند الله زلفى وحدها أي ليست أموالكم بتلك التي أي الموضوعة للقربى. وإذا كان ثمة أقوال في القرآن الكريم تحتمل المعنى واللفظ فإن أفعالها تتأثر بها فتجيء تارة مذكرة مع الاسم المذكر ومؤنثة مع الاسم المؤنث تارة أخرى وتأتي ضمائرها في الحالتين كلتيهما عائدة على الاسم المذكر وهي مؤنثة ويراعى في ذلك المعنى وليس اللفظ أو العكس إذا كان ذلك واردا فحري أن يتم معرفة ذلك وهو أن تأنيث الفعل أي فعل الفاعل يجوز في حالات .. منها : إذا كان الفاعل اسما ظاهرا مؤنثا تأنيثا حقيقيا منفصلا عن الفعل نحو حضر اليوم أو حضرت اليوم فاطمة. أو إذا كان الفاعل اسما ظاهرا مجازي التأنيث نحو طلعت الشمس أو طلع الشمس وإذا كان جمع تكسير .. نحو : جاء الغلمان أو جاءت الغلمان .. أجاد الخطباء أو أجادت الخطباء لأن الجمع المكسر عقلاؤه وغير عقلائه سواء في حكم التأنيث كما جاء في الآية الكريمة المذكورة.

(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢٤)

(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. والجملة الاسمية بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وحذفت الواو من «قل» أصله : قول تخفيفا ولالتقاء الساكنين. من : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يرزقكم : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «من» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور بمعنى : اسألهم من يرزقكم من السماء بالمطر ومن الأرض بالثمر.

(مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بيرزق. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها.

(قُلِ اللهُ) : أعرب وكسر آخر الفعل لالتقاء الساكنين. الله لفظ الجلالة : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو مرفوع للتعظيم بالضمة والجملة الاسمية «هو الله» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وجملة «قل» استئنافية لا محل لها.

(وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» المدغمة بنون «إن» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». أو : حرف عطف تفيد هنا الإبهام. إيا : معطوف على «نا» مبني على السكون في محل نصب لأنه معطوف على منصوب. الكاف للخطاب والميم علامة الجمع.

(لَعَلى هُدىً) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ على هدى : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن» وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة للتعذر على الألف قبل تنوينها لأن الاسم «هدى» مقصور ثلاثي نكرة.

(أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) : أو : حرف عطف. في ضلال : معطوف على «على هدى» ويعرب إعرابه وعلامة جر الاسم الكسرة المنونة الظاهرة في آخره. مبين : صفة ـ نعت ـ لضلال مجرور مثله بالكسرة المنونة. التقدير والمعنى : إن أحد الفريقين لعلى هدى والثاني لفي ضلال مبين وعرف المعنى أو استدل به من سياق النص الكريم.

(قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (٢٥)

(قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا) : أعرب في الآية الكريمة السابقة. لا : نافية لا عمل لها. تسألون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والجملة الفعلية «تسألون» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ عما : جار ومجرور متعلق بتسألون و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعن.

(أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ) : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل بمعنى : عما أذنبنا والجملة الفعلية «أجرمنا» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به التقدير : عما أجرمنا بمعنى عما اقترفناه أي ارتكبناه من إثم ويجوز أن تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «أجرمنا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعن والجار والمجرور متعلقا بتسألون. الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها معطوفة على «لا» الأولى. نسأل : فعل مضارع مرفوع بالضمة وهو مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن.

(عَمَّا تَعْمَلُونَ) : أعرب. تعملون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «تعملون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما المصدرية» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعن. التقدير عن عملكم أو تكون «ما» اسما

موصولا مبنيا على السكون في محل جر بعن والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. أي عما تعملونه.

(قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) (٢٦)

(قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا) : أعرب. يجمع : فعل مضارع مرفوع بالضمة. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بالفعل «يجمع» وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. رب : فاعل مرفوع بالضمة. و «نا» أعرب في «بيننا» بمعنى يجمع بيننا يوم القيامة.

(ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِ) : معطوف بثم على «يجمع بيننا ربنا» ويعرب إعرابه وفاعل «يفتح» ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو يعود على الرب سبحانه بمعنى : ثم يحكم بيننا. بالحق : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير «يفتح» أي هاديا بالحق أو متعلق بصفة محذوفة بمعنى : يفتح بيننا فتحا ملتبسا بالحق.

(وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) : الواو استئنافية تفيد هنا التعليل. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الفتاح العليم خبران للمبتدإ «هو» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة أي هو الحاكم العليم ويجوز أن يكون «العليم» صفة للفتاح.

(قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢٧)

(قُلْ أَرُونِيَ) : سبق إعرابها. أروني : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون نون الوقاية لا محل لها والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به أول للفعل «أرى» المتعدي إلى مفعولين وفتحت الياء للوصل ـ التقاء الساكنين ـ.

(الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به ثان. ألحقتم : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : ألحقتموهم. به : جار ومجرور للتعظيم متعلق بألحق أي بالله سبحانه.

(شُرَكاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ) : حال من الضمير الهاء في «به» منصوب بالفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن «فعلاء» بمعنى : أروني من ألحقتموهم بالله شركاء لأرى كيف وجدتم هذه الأصنام تستحق العبادة. كلا : حرف ردع وزجر أي ردع لهم عن قولهم هذا أي ارتدعوا وانزجروا عن هذا الادعاء وهو المشاركة. بل : حرف إضراب للاستئناف. هو : ضمير منفصل عائد إلى الله سبحانه مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ أو يكون ضمير الشأن والجملة الاسمية استئنافية لا محل لها مثل قوله تعالى : قل هو الله أحد.

(اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) : لفظ الجلالة : خبر «هو» أو مرفوع للتعظيم على المدح أي هو الله وعلامة الرفع الضمة. وفي حالة إعراب «هو» ضمير الشأن تكون الجملة الاسمية «الله العزيز الحكيم» هي الشأن. العزيز : بدل من لفظ الجلالة أو صفة ـ نعت ـ له سبحانه مرفوع بالضمة. الرحيم : صفة ثانية للفظ الجلالة مرفوع بالضمة. ويجوز أن يكون لفظ الجلالة بدلا من «هو» وخبر «هو» العزيز الرحيم.

(وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٢٨)

(وَما أَرْسَلْناكَ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. أرسل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع

و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.

(إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) : أداة حصر لا عمل لها. كافة : حال من كاف المخاطب في «أرسلناك» منصوب بالفتحة المنونة بمعنى : كافا للناس. للناس : جار ومجرور متعلق بكافة على تأويل فعله.

(بَشِيراً وَنَذِيراً) : حال ثانية من كاف المخاطب منصوب بالفتحة المنونة. ونذيرا : معطوف على «بشيرا» ويعرب مثله.

(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) : الواو استدراكية. لكن : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن». أكثر : اسم «لكن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الناس : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(لا يَعْلَمُونَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لكن». لا : نافية لا عمل لها. يعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف مفعوله اختصارا أي لا يعلمون ذلك.

(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢٩)

(وَيَقُولُونَ مَتى) : الواو استئنافية. يقولون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. متى : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب ظرف مكان متعلق بفعل محذوف تقديره يتحقق.

(هذَا الْوَعْدُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع فاعل للفعل المحذوف اختصارا وهو ما دل عليه ما قبله بتقدير متى يتم أو يتحقق هذا الوعد بنزول العذاب. الوعد : بدل من اسم الإشارة «هذا» مرفوع وعلامة رفعه الضمة ويجوز أن يعرب اسم الإشارة مبتدأ وخبره محذوفا بتقدير : متى هذا الوعد حاصل. والجملة بعد «يقولون» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) : حرف شرط جازم. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والفعل «كان» في محل جزم بإن لأنه فعل الشرط والميم علامة جمع الذكور. صادقين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وجواب الشرط محذوف دل عليه معنى ما تقدمه. التقدير : فأخبرونا. المعنى : ويقول المشركون بتهكم أي ساخرين متى وقت هذا الوعد أي قيام الساعة إن كنتم صادقين فيه فأخبرونا.

(قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ) (٣٠)

(قُلْ لَكُمْ مِيعادُ) : سبق إعرابه. لكم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. ميعاد : مبتدا مؤخر مرفوع بالضمة أي وعد.

(يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة وأضيف «ميعاد» له للتبيين. لا : نافية لا عمل لها. تستأخرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية (لا تَسْتَأْخِرُونَ ..) في محل رفع صفة ـ نعت ـ لميعاد بمعنى لا تتأخرون.

(عَنْهُ ساعَةً) : جار ومجرور متعلق بتستأخرون. ساعة : ظرف زمان متعلق بتستأخرون منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة المنونة. والجملة الاسمية (لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ ..) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(وَلا تَسْتَقْدِمُونَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة (لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً) وتعرب إعرابها بمعنى ولا تتقدمون عليه وحذفت صلة الفعل «الجار» والظرف «ساعة» اختصارا لأن ما قبله يدل عليه. والسين في «تستأخرون» و «تستقدمون» زيدت للمبالغة.

(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) (٣١)

(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) : الواو استئنافية. قال : فعل ماض مبني على الفتح. الذي : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رف فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(لَنْ نُؤْمِنَ) : حرف نفي ونصب واستقبال. نؤمن : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن.

(بِهذَا الْقُرْآنِ) : الباء حرف جر. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالباء. القرآن : بدل من اسم الإشارة مجرور مثله وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بنؤمن.

(وَلا بِالَّذِي) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي أو تكون نافية بتقدير : ولا نؤمن بالذي فحذف الفعل «نؤمن» اختصارا ولعلم السامع واكتفاء بذكره أول مرة. بالذي : جار ومجرور متعلق بنؤمن و «الذي» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجملة الفعلية المقدرة بعد صلته لا محل لها.

(بَيْنَ يَدَيْهِ) : ظرف مكان منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق بفعل محذوف تقديره : استقر أو هو مستقر. يديه : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة لأن أصله : يدين. وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى ما نزل قبل القرآن من كتب الله كالتوراة والإنجيل. وقيل : ما تقدمه من الكتب الإلهية السابقة له وقيل : هو يوم القيامة.

(وَلَوْ تَرى) : الواو استئنافية. لو : حرف شرط غير جازم. ترى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على آخره الألف المقصورة للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وجواب «لو» محذوف تقديره : ولو ترى في الآخرة موقفهم لرأيت العجيب.

(إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ) : اسم مبني على السكون في محل نصب ظرف زمان متعلق بترى وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين. الظالمون : مبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. موقوفون : خبر المبتدأ مرفوع مثله بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد والجملة الاسمية (الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ) في محل جر بالإضافة بمعنى حين يقف الكافرون.

(عِنْدَ رَبِّهِمْ) : ظرف زمان متعلق بموقوفين منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. رب : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى : حين يقفون أمامهم ربهم يوم القيامة.

(يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة. بعض : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «يرجع بعضهم القول» في محل نصب حال من «الظالمين».

(إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ) : جار ومجرور متعلق بيرجع. القول : مفعول به منصوب بالفتحة بمعنى : يتلاومون بعضهم يرد على بعض ويحمله التبعة. و «بعض» نون آخره لانقطاعه عن الإضافة. التقدير : إلى بعضهم.

(يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) : الجملة الفعلية في محل نصب حال لأنها بدل من الجملة الحالية «يرجع بعضهم القول». يقول : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. استضعفوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة بمعنى الذين استضعفهم الكفار في الدنيا.

(لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) : اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيقول والجملة الفعلية

«استكبروا» صلة الموصول لا محل لها تعرب إعراب «كفروا» بمعنى للذين أضلوهم بالكفر.

(لَوْ لا أَنْتُمْ) : الجملة وما بعدها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لو لا : حرف شرط غير جازم ـ حرف امتناع لوجود ـ أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وخبره محذوف وجوبا بمعنى لو لا أنكم أغويتمونا بالكفر التقدير : لو لا غوايتكم إيانا بالكفر حاصلة.

(لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) : اللام واقعة في جواب «لو لا». كنا : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان». مؤمنين : خبر «كنا» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي لو لا أنكم صددتمونا عن الهدى أو الإيمان لكنا مؤمنين : أي مصدقين بالله ورسوله.

(قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ) (٣٢)

(قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) : يعرب إعراب (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) الوارد في الآية الكريمة السابقة.

(لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) : اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقال والجملة الفعلية «استضعفوا» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة.

(أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الهمزة حرف إنكار بلفظ استفهام. نحن : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. صدد : فعل ماض مبني

على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «صددناكم» في محل رفع خبر «نحن».

(عَنِ الْهُدى) : جار ومجرور متعلق بالفعل «صد» وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر وكسر آخره «عن» لالتقاء الساكنين بمعنى : أنحن منعناكم عن الهدى.

(بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ) : ظرف زمان متعلق بصددنا منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. إذ : اسم مبني على السكون في محل جر وهو مضاف أيضا. و «إذ» أيضا من الظرف وقد وقعت مضافا إليها من باب الاتساع في الزمان فأضيف إليها ظرف الزمان كما يضاف إلى الجمل. جاء : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو «وكم» أعرب في «صددناكم» وجملة «جاءكم» في محل جر بالإضافة.

(بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ) : حرف إضراب للاستئناف بمعنى : لا بل كنتم مصرين على الكفر. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. مجرمين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم .. والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٣٣)

(وَقالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) : أعرب في الآية الكريمة الحادية والثلاثين. الواو عاطفة. قال : فعل ماض مبني على الفتح.

(بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) : حرف إضراب للاستئناف. مكر : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو مكر أو سبب ذلك مكركم في الليل والنهار أو يكون مبتدأ وخبره محذوفا بتقدير : مكركم في الليل والنهار سبب ذلك. الليل : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والنهار : معطوف بالواو على «الليل» ويعرب إعرابه.

(إِذْ تَأْمُرُونَنا) : ظرف للزمن مبني على السكون في محل نصب متعلق بما قبله : تأمرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «تأمروننا» في محل جر بالإضافة.

(أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ) : حرف مصدرية ونصب. نكفر : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بنكفر وجملة «نكفر» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير : بالكفر بالله أو تحملوننا على الكفر بالله والجار والمجرور متعلق بتأمرون.

(وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً) : معطوف بالواو على جملة (نَكْفُرَ بِاللهِ) وتعرب إعرابها. أندادا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى نظراء من الآلهة الخيالية مشابهة أو مماثلة له سبحانه.

(وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ) : الواو عاطفة. أسروا : تعرب إعراب «كفروا». الندامة : مفعول به منصوب بالفتحة أي وأخفوا الندامة في نفوسهم.

(لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه. رأوا : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء

الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. العذاب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ) : الواو استئنافية. جعل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الأغلال : مفعول به منصوب بالفتحة.

(فِي أَعْناقِ الَّذِينَ) : جار ومجرور متعلق بجعل أو يكون في مقام المفعول الثاني للفعل «جعل». الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية بعده «كفروا» صلة الموصول لا محل لها.

(كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ) : أعربت. هل : حرف استفهام لا محل له فيه معنى النفي أي لا يجزون أو ما يجزون. يجزون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.

(إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) : أداة حصر لا عمل لها. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به أو يكون نائبا عن المصدر ـ المفعول المطلق ـ أي هل يجزون إلا جزاء على أعمالهم. فتكون «ما» مضافا إليها أقيمت مقام المصدر المضاف على تقدير إلا جزاء ما كانوا أو بما كانوا أي جزاء على أعمالهم. كانوا : أقيمت مقام المصدر المضاف على تقدير إلا جزاء ما كانوا أو بما كانوا أي جزاء على أعمالهم. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة والجملة الفعلية «يعملون» في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية صلة الموصول أو صلة «ما» المصدرية لا محل لها.

(وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) (٣٤)

(وَما أَرْسَلْنا) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. أرسل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ) : جار ومجرور متعلق بالفعل «أرسل». من : حرف جر زائد. نذير : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به.

(إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) : أداة حصر لا عمل لها. قال : فعل ماض مبني على الفتح. مترفو : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وحذفت نونه للإضافة ـ أصله : مترفون ـ و «ها» ضمير متصل في محل جر بالإضافة بمعنى متنعموها.

(إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ) : الجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل نصب «إن» الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبر «إن» أرسلتم : فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «أرسلتم به» صلة الموصول لا محل لها. به : جار ومجرور متعلق بأرسلتم.

(كافِرُونَ) : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) (٣٥)

(وَقالُوا) : الواو عاطفة. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(نَحْنُ أَكْثَرُ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ نحن : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على الضم في محل رفع

مبتدأ. أكثر : خبر «نحن» مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن أفعل ـ صيغة تفضيل ـ ومن وزن الفعل أي يقول المترفون الكافرون نحن في الدنيا أكثر من المؤمنين أموالا وهذا مما يشفع لنا في الآخرة.

(أَمْوالاً وَأَوْلاداً) : تمييز منصوب بالفتحة المنونة. أولادا : معطوف بالواو على «أموالا» ويعرب إعرابه.

(وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) : الواو عاطفة. ما : بمنزلة «ليس» في لغة أهل الحجاز «ما .. الحجازية» ونافية لا عمل لها بلغة بني تميم. نحن : ضمير منفصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على الضم في محل رفع مبتدأ على اللغة الثانية واسم «ما» على اللغة الأولى. الباء حرف جر زائد لتأكيد النفي. معذبين : اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر «ما» على اللغة الأولى ومرفوع محلا على أنه خبر المبتدأ على اللغة الثانية وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع «معذب» والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد «معذب» اسم الفاعل.

(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٣٦)

(قُلْ إِنَّ رَبِّي) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت الواو ـ أصله : قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين. والجملة بعده المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة. و «رب» اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة.

(يَبْسُطُ الرِّزْقَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الرزق : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) : جار ومجرور متعلق بيبسط و «من» اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام. يشاء : تعرب إعراب «يبسط» والجملة الفعلية «يشاء» صلة الموصول لا محل لها. ويقدر : معطوفة بالواو على «يبسط» وتعرب إعرابها بمعنى ويضيق الرزق على من يشاء فحذف مفعول «يقدر» اختصارا مع صلته لأن ما قبله دال عليه.

(وَلكِنَّ أَكْثَرَ) : الواو استدراكية. لكن : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن». أكثر : اسم «لكن» منصوب بالفتحة.

(النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. لا : نافية لا عمل لها. يعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية (لا يَعْلَمُونَ) في محل رفع خبر «لكن» وحذف مفعول الفعل اختصارا. التقدير : لا يعلمون ذلك أي الحقائق.

(وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) (٣٧)

(وَما أَمْوالُكُمْ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. أموالكم : مبتدأ مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. أولادكم : معطوف على «أموالكم» وتعرب إعرابها. الباء حرف جر. التي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ.

(تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. عند : ظرف مكان متعلق بالفعل «تقرب»

منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل جر بالإضافة. زلفى : مفعول مطلق ـ مصدر أو لأنه مرادف للمصدر بمعنى : تقربكم قربة والكلمة اسم المصدر «إزلافا» منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر.

(إِلَّا مَنْ آمَنَ) : أداة استثناء. من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مستثنى من ضمير المخاطبين في «تقربكم». آمن : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والجملة الفعلية «آمن» صلة الموصول لا محل لها.

(وَعَمِلَ صالِحاً) : معطوفة بالواو على «آمن» وتعرب مثلها. صالحا : مفعول به منصوب بالفتحة بمعنى عملا صالحا فحذف الموصوف وحل النعت محله.

(فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ) : الفاء استئنافية. تفيد التعليل هنا. أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. جزاء : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. الضعف : مضاف إليه مجرور بالكسرة والجملة الاسمية «لهم ضعف الجزاء» في محل رفع خبر «أولئك» وقد أضيف المصدر إلى المفعول لأن أصل الكلام : فأولئك لهم أن يجازوا الضعف ثم جزاء الضعف أي أضعافا مضاعفة.

(بِما عَمِلُوا) : الباء حرف جر و «ما» مصدرية. عملوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وجملة «عملوا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء أو تكون «ما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل جر بالباء وجملة «عملوا» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : بما عملوه أي بسبب ما عملوه فحذف المضاف المجرور «سبب» وأقيم المصدر المضاف إليه مقامه والجار والمجرور

متعلق بالمضمر المقدر وهو «يجازون» والمعنى على جعل «ما» مصدرية أو تقدير الجملة بعملهم أي على أعمالهم.

(وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) : الواو عاطفة. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. في الغرفات : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «هم» أي في حجرات الجنان فحذف المضاف إليه «الجنان» وعوض المضاف «غرفات» عن هذا الحذف بالألف واللام فصار في «الغرفات». آمنون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ) (٣٨)

(وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ) : الواو استئنافية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. يسعون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ) : جار ومجرور متعلق بيسعون و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل جر بالإضافة. معاجزين : حال من واو الجماعة في «يسعون» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.

(أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين». أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ ثان والكاف حرف خطاب. في العذاب : جار ومجرور متعلق بالخبر. محضرون : خبر «أولئك» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى مسابقين لأنبيائنا أو يحضر عذابهم الملائكة أو مقعدون يحضرهم ملائكة العذاب.

(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (٣٩)

القسم الأول من هذه الآية الكريمة أعرب في الآية الكريمة السادسة والثلاثين. من عباده : جار ومجرور متعلق بحال محذوف من الاسم الموصول «من» لأن «من عباده» فيه حرف جر بياني للمبهم في «من يشاء» التقدير : حال كونه من عباده والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. له : جار ومجرور متعلق بيقدر.

(وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ) : الواو استئنافية. ما : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل أنفق الذي لم يستوف مفعوله و «ما» بمعنى : أي شيء. أنفقتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع الا متحرك التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور. من شيء : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من اسم الشرط «ما» المبهم. و «من» حرف جر بياني. التقدير : أي شيء أنفقتموه حالة كونه من الأشياء.

(فَهُوَ يُخْلِفُهُ) : الجملة الاسمية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. والفعل «أنفق» فعل الشرط في محل جزم. يخلفه : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «يخلفه» في محل رفع خبر «هو» بمعنى : فالله يعوضه لكم أو بمعنى وما كان من خلف فهو منه.

(وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) : الواو عاطفة. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. خير : خبر «هو» مرفوع بالضمة وهو مضاف. الرازقين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد «الرازق» وهو اسم فاعل.

(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) (٤٠)

(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) : الواو استئنافية. يوم : مفعول به منصوب بفعل محذوف تقديره واذكر منصوب وعلامة نصبه الفتحة. يحشر : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. جميعا : توكيد لضمير الغائبين «هم» في «يحشرهم» بمعنى : كلهم أو يكون حالا من الضمير المذكور منصوب بالفتحة المنونة.

(ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ) : حرف عطف. يقول : معطوفة على «يحشر» وتعرب إعرابه. للملائكة : جار ومجرور متعلق بيقول.

(أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الهمزة تقرير بلفظ استفهام. هؤلاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. وخبره : الجملة الفعلية بعده «كانوا يعبدونكم» في محل رفع. إيا : ضمير منفصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «يعبد» الكاف حرف خطاب والميم علامة الجمع.

(كانُوا يَعْبُدُونَ) : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يعبدون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : أهؤلاء كانوا يعبدونكم من دوني؟

(قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) (٤١)

(قالُوا) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(سُبْحانَكَ) : مفعول مطلق ـ مصدر لفعل محذوف تقديره : نسبح وهو مضاف والكاف ضمير متصل مبني على الفتح في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «نسبح سبحانك» في محل نصب مفعول «قالوا» أي مقول القول.

(أَنْتَ وَلِيُّنا) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. ولي : خبر «أنت» مرفوع بالضمة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. والجملة الاسمية «أنت ولينا» تعليلية لا محل لها من الإعراب بمعنى ننزهك سبحانك أنت الذي نواليك دون غيرك.

(مِنْ دُونِهِمْ) : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «ولي» على تأويل فعله و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.

(بَلْ كانُوا) : حرف إضراب للاستئناف. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة بمعنى يريدون الشياطين حيث أطاعوهم في عبادة غير الله.

(يَعْبُدُونَ الْجِنَ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الجن : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) : الجملة الاسمية تفسيرية لا محل لها من الإعراب. أكثر : مبتدأ مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. الباء حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بالخبر. مؤمنون : خبر المبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من الحركة والتنوين في الاسم المفرد.

** (بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة والثلاثين .. المعنى : بالأمور التي تقربكم .. فحذف الموصوف «الأمور» وحلت الصفة «التي» محله كما حذف الموصوف «عملا» وأقيمت صفته مقامه لأن المعنى : وعمل عملا صالحا. و «الزلفى» بمعنى : «القربة» جاءت أيضا لتأكيد «تقربكم».

** (وَالَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والثلاثين المعنى : والذين يجتهدون في محاربة أو إبطال آياتنا فحذف المضاف «محاربة» وحل المضاف إليه «آياتنا» محله. و «معاجزين» اسم فاعلين ومحضرون : بمعنى : مقودون أيضا أو يحضر عذابهم الملائكة وهي مثل قولنا : فلان محتضر ـ بفتح الضاد

وليس بكسرها لأنه اسم مفعول .. وليس اسم فاعل لأن فعله : احتضر ـ بضم التاء وكسر الضاد ـ بمعنى : حضرته الوفاة أو ملك الموت.

** (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة التاسعة والثلاثين وهو مكرر وقد ورد في الآية الكريمة السادسة والثلاثين .. وقيل إن الفرق بين القولين الكريمين في الآيتين الكريمتين المذكورتين أن الآية الكريمة هنا لبيان أن الرزق بيد الله وحده وهناك أي في الآية الكريمة السابقة للرد على من زعم أن الرزق علامة رضا الله وأن البسط والتضييق هنا لشخص واحد في وقتين أو حالين وهناك لتعدد الأشخاص ..

** (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأربعين .. ويكون الكلام موجها للملائكة ـ لقد قيل : عبدت أمم كثيرة الملائكة باعتبار أنهم بنات الله وخاصته المقربون عنده ـ وفيه تقريع ـ أي تأنيب وتوبيخ ـ للكفار لأن الله سبحانه عليم بكون الملائكة الأطهار براء مما وجه إليهم من السؤال الوارد على طريق التقرير و «يحشرهم» بمعنى ويوم يجمع الله الكفار جميعا للحساب .. العابد والمعبود والمتكبر والضعيف والخطاب موجه للملائكة والمراد به المشركين أي توبيخ المشركون فأجاب الملائكة : تنزيها لك يا رب عن الشريك ـ وهذا ما ورد في الآية الكريمة التالية ـ بل كانوا يعبدون الجن أي الشياطين ولم نكن معبودين لهم. ونبرأ إليك سبحانك من فعلهم. فأنت الذي نواليك دون غيرك يا رب العالمين.

** (فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية والأربعين .. أي يقول الله تعالى : فاليوم ـ أي يوم القيامة ـ لا يملك المعبودون للعابدين جلب نفع من شفاعة ونجاة .. ولا دفع ضر من عذاب وهلاك فحذف مفعول «يملك» وهو «دفع» المضاف وحل المضاف إليه «ضر» محله وانتصب انتصابه على المفعولية كذلك حذف المفعول المضاف «جلب» وحل المضاف إليه «نفع» محله.

** (وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي) : هنا حذف مفعول «ظلموا» اختصارا لأنه معلوم. أي للذين ظلموا أنفسهم.

** (وَقالُوا ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة والأربعين .. المعنى : ما هذا القرآن إلا كذب مختلق فحذف النعت أو البدل «القرآن».

** (فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الخامسة والأربعين. التقدير والمعنى : فانظروا كيف كان إنكاري عليهم تكذيبهم ألم أهلكهم جميعا و «نكيري» مصدر حذف مفعوله اختصارا «تكذيبهم» وحذفت الياء مراعاة لفواصل الآيات «أي رأس آية».

** (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والأربعين و «علام» من صيغ المبالغة ـ فعال بمعنى فاعل ـ أي كثير العلم. ويقال : هذا رجل عالم وذاك رجل علامة. فالعالم : اسم فاعل للفعل «علم» و «عليم» من صيغ المبالغة أيضا ـ فعيل بمعنى فاعل ـ وعلامة فيها مبالغة في العلم أكثر من «علام» إلا أن اللفظة «علام الغيوب» خلت من التاء دفعا لشبهة التأنيث إجلالا وإكراما وإن كان عزوجل منزها عن هذه الصفات أي التذكير والتأنيث و «علامة» مثل «راوية» نحو : روى الرجل الحديث أو الشعر أو الحدث يرويه رواية : بمعنى نقله وذكره فهو راو ـ اسم فاعل ـ وهم رواة وراوون .. والحديث مروي ـ اسم مفعول ـ والتاء في «رواية» للمبالغة بمعنى : الكثير

الرواية ومثله فهامة .. نسابة .. علامة. وجمع «عليم» هو علماء .. مثل : نبيه ـ نبهاء .. أي فعيل يجمع على فعلاء إذا لم يكن في مفرده حرف مكرر وإذا كان فيه حرف مكرر .. مثل «طبيب» فيجمع على «أفعلاء» أي أطباء. و «علماء» جمع «عالم» أي جمع تكسير ويجمع جمع مذكر سالما ـ عالمون ـ أما «العالم» بفتح اللام فمعناه : أصناف الخلق وجمعه : عوالم. فعلام الغيوب : بمعنى : العالم جدا بالأسرار و «الغيوب» جمع «غيب» وهو السر أو ما غاب واستتر ولا يجوز إلحاق الهاء بالصفات الإلهية تنزيها لله سبحانه عما يدل على التأنيث وذلك احترازا من علامة التأنيث. وقيل : إن «علماء» أصله : على الماء. يقال : علماء بنو فلان : أي على الماء بنو فلان قال الشاعر :

غداة طغت علماء بكر بن وائل

وعاجت صدور الخيل شطر تميم

المعنى : أنهم علوا في المنزلة والعز بحيث لا يعلوهم أحد كما أن الميتة تطفو على الماء وتعلو عليه .. وخصومهم رسبوا. و «عاج» أي مال وعدل. و «بكر بن وائل» اسم قبيلة و «شطر تميم» أي نحوهم. يقال في التفضيل : الله أعلم : أي أعلم من كل عالم. قال الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ العلماء أمناء الله على خلقه. ويقال : علام .. وهي كلمة مركبة من حرف الجر «على» و «ما» الاستفهامية وحذفت ألف «ما» لورودها بعد حرف جر ومثلها : فيم .. إلام .. بم. إلخ.

** (قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ) : ورد هذا القول الكريم في نص الآية الكريمة التاسعة والأربعين المراد بالحق : القرآن. والمراد بالباطل الذاهب هنا : الكفر .. والإبداء : هو فعل الشيء أولا وإعادة فعله ثانيا .. المعنى : جاء الحق وهلك الباطل .. والباطل : هو إبليس أي وما ينشئ خلقا ولا يعيده صاحب الباطل كما يقال صاحب الحق .. فحذف مفعول «يبدئ» وهو «خلقا» كما حذف الفاعل المضاف «صاحب» وحل محله المضاف إليه «الباطل» وقيل عن معنى «وما يبدئ الباطل» أي ما يحدث أو ما يخلق أو ما يحيي.

** (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخمسين. يقال : ضل الرجل ـ يضل طريقه وضل عنه ضلالا وضلالة : بمعنى : زل عنه فلم يهتد إليه واسم الفاعل هو ضال هذه هي لغة «نجد» كما يقول الفيومي وهي الفصحى وبها جاء قوله تعالى في الآية الكريمة المذكورة أي إن الفعل من باب «ضرب» وفي لغة لأهل العالية من باب «تعب» أي ضل ـ يضل ـ بفتح الضاد والأصل في الضلال : الغيبة ومنه قيل للحيوان الضائع : ضالة ـ للذكر والأنثى ـ ويقال لغير الحيوان ضائع ولقطة. قال الأزهري : يقال : أضللت الشيء : إذا ضاع منك فلم تعرف موضعه كالدابة والناقة وما أشبههما فإن أخطأت موضع الشيء الثابت كالدار قلت : ضللته ولا تقل : أضللته ويقال : ضل البعير : أي غاب واختفى أو وخفي موضعه. وأضللته : بمعنى : فقدته وأضعته. واسم الفاعل هو الضال يطلق على الإنسان ويطلق على الحيوان الضائع لفظ «الضالة» وقيل : من ضل عن الحق وقع في الباطل.

** (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والخمسين .. المعنى : حين يفزعون عند الصيحة أي البعث فلا مهرب لهم أو تحصن. قال الزمخشري : لو .. وإذ .. والأفعال : فزعوا .. أخذوا .. حيل بينهم كلها للماضي والمراد بها الاستقبال لأن ما الله فاعله في المستقبل بمنزلة ما قد كان ووجد لتحققه.

** (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ) : في هذا القول الكريم الوارد في الآية الكريمة الرابعة والخمسين يكون المعنى : وحجز بينهم وبين ما يشتهون من النجاة كما فعل بأشباههم من الكفرة من قبلهم من كفار الأمم الماضية وبعد حذف المضاف إليه ضمير الغائبين «هم» بني المضاف «قبل» على الضم لانقطاعه عن الإضافة.

(فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) (٤٢)

(فَالْيَوْمَ) : الفاء استئنافية أو تكون عاطفة على «يوم يحشرهم». اليوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بالفعل «يملك» بمعنى فيوم الحساب لا يتمكن بعضكم نفع بعض أو جلب نفع لبعضكم.

(لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ) : نافية لا عمل لها. يملك : فعل مضارع مرفوع بالضمة. بعضكم : فاعل مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(لِبَعْضٍ نَفْعاً) : جار ومجرور متعلق بيملك أو بحال مقدمة من «نفعا». نفعا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.

(وَلا ضَرًّا) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. ضرا : معطوف على «نفعا» ويعرب إعرابه أو الواو عاطفة «ولا ضرا» معطوفة على «لا يملك نفعا» فحذف الفعل «يملك» تجنبا للتكرار بذكره أول مرة.

(وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) : معطوف بالواو على «لا يملك» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بنقول. ظلموا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. عذاب :

مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. النار : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(الَّتِي كُنْتُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ للنار. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور.

(بِها تُكَذِّبُونَ) : جار ومجرور متعلق بتكذبون ويجوز أن يتعلق بكنتم. تكذبون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ) (٤٣)

(وَإِذا تُتْلى) : الواو استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون ـ أداة شرط غير جازمة ـ خافض لشرطه متعلق بجوابه. تتلى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر.

(عَلَيْهِمْ آياتُنا) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بتتلى. آيات : نائب فاعل مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «تتلى عليهم آياتنا» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «إذا» بمعنى : وإذا تقرأ.

(بَيِّناتٍ قالُوا) : حال من «الآيات» منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنها ملحقة بجمع المؤنث السالم بمعنى : واضحات. قالوا : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي

فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(ما هذا إِلَّا رَجُلٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ما : نافية لا عمل لها. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدا. إلا : أداة حصر لا عمل لها. رجل : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة والإشارة إلى الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

(يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لرجل. وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أن : حرف مصدري ناصب. يصدكم : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور بمعنى : يمنعكم والجملة الفعلية «يصدكم ..» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل «يريد» التقدير : صدكم.

(عَمَّا كانَ) : أصلها : عن : حرف جر و «ما» المدغمة بنون «عن» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بيصد. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على ما.

(يَعْبُدُ آباؤُكُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة. آباء : فاعل مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميمي علامة جمع الذكور. والجملة الفعلية (يَعْبُدُ آباؤُكُمْ) صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : عما كان يعبده آباؤكم من الآلهة أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «كان يعبد آباؤكم» صلة حرف مصدري لا

محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعن. التقدير : عن عبادة آبائكم الأصنام والأوثان.

(وَقالُوا ما هذا إِلَّا إِفْكٌ) : معطوف بالواو على (قالُوا ما هذا إِلَّا رَجُلٌ) ويعرب إعرابه.

(مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ) : صفة ـ نعت ـ لإفك مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة المقدرة للتعذر على الألف المقصورة قبل تنوينها ونونت لأن اللفظة اسم مقصور خماسي نكرة مذكر بمعنى : إلا كذب مختلف. الواو عاطفة. قال : فعل ماض مبني على الفتح. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل والجملة الفعلية بعده صلة الموصول لا محل لها.

(كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا) : تعرب إعراب «قالوا». للحق : جار ومجرور متعلق بقال. لما : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية متعلق والجملة الفعلية بعده «جاءهم» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد «لما».

(جاءَهُمْ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به.

(إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) : يعرب إعراب (ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً) لأن «إن» مهملة بمعنى «ما» لأنها مخففة. و «مبين» مرفوع بالضمة المنونة الظاهرة في آخره. والجملة الاسمية (إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) (٤٤)

(وَما آتَيْناهُمْ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. آتي : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها) : جار ومجرور متعلق بآتى أو يكون في محل نصب قائما مقام المفعول به الثاني للفعل «آتى» لأن «من» للتبعيض. يدرسون : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ لكتب وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ) : معطوف بالواو على «ما آتينا» ويعرب إعرابه. إليهم : جار ومجرور متعلق بالفعل «أرسل».

(قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) : ظرف زمان متعلق بأرسل منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. من : حرف جر زائد لتأكيد النفي. نذير : اسم مجرور لفظا بحرف الجر منصوب محلا لأنه مفعول به للفعل «أرسل» بمعنى : منذرا.

(وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) (٤٥)

(وَكَذَّبَ الَّذِينَ) : الواو عاطفة. كذب : فعل ماض مبني على الفتح. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.

(مِنْ قَبْلِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : مضوا. و «هم» ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «مضوا من قبلهم» صلة الموصول لا محل لها وحذف مفعول «كذب» اختصارا لأنه معلوم. المعنى : وكذب الذين تقدموهم من الأمم والقرون الخالية رسلهم.

(وَما بَلَغُوا مِعْشارَ) : الواو حرف عطف. ما : نافية لا عمل لها. بلغوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والألف فارقة بمعنى : وما بلغ هؤلاء المكذبون عشر أو بعض ما منحناهم. معشار : مفعول به منصوب بالفتحة.

(ما آتَيْناهُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة. آتي : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «آتيناهم» صلة الموصول لا محل لها وحذف مفعول «آتى» الثاني أوصلته اختصارا بمعنى : ما منحناهم من طول الأعمار وكثرة الأموال والجاه وقوة الأجرام.

(فَكَذَّبُوا رُسُلِي) : معطوفة بالفاء على جملة «بلغوا» وتعرب مثلها. رسلي : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. أو تكون الفاء سببية أي إن تكذيب الرسل مسبب عن إقدام الذين من قبلهم على التكذيب.

(فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) : الفاء استئنافية للتعليل أي فأهلكناهم فكيف .. كيف : اسم استفهام على الفتح في محل نصب خبر «كان» المقدم. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. نكير : اسم «كان» المؤخر مرفوع بالضمة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة خطا واختصارا ولأنها رأس آية وبقيت الكسرة دالة عليها والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : إنكاري.

(قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ) (٤٦)

(قُلْ إِنَّما) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت واوه تخفيفا ولالتقاء الساكنين. إنما : كافة ومكفوفة.

(أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا

تقديره أنا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. بواحدة : جار ومجرور متعلق بالفعل «أعظ» بمعنى : بخصلة واحدة.

(أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ) : حرف مصدرية ونصب. تقوموا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى تتفرقوا. لله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بتقوموا. الجملة الفعلية (تَقُومُوا لِلَّهِ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر «القيام» في محل جر بدل من «واحدة» أو عطف بيان لها. لأن الجملة مفسرة بمعنى لوجه الله خالصا فحذف المضاف «وجه» اختصارا كما الموصوف «خصلة» وأقيمت الصفة «واحدة» مقامه.

(مَثْنى وَفُرادى) : الكلمتان منصوبتان على الحال لأنهما معدولتان عن عدد مكرر بمعنى متفرقين اثنين اثنين وواحدا واحدا بتقدير : معدودين اثنين اثنين وواحدا واحدا وهما ممنوعتان من الصرف وعلامة نصبهما الفتحة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر و «فرادى» معطوف على «مثنى» بالواو ويعرب إعرابه.

(ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا) : حرف عطف. تتفكّروا : معطوفة على «تقوموا» وتعرب إعرابها والجملة بعدها استئنافية لا محل لها.

(ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) : هذه الجملة وردت تنبيها من الله سبحانه على طريقة النظر في أمر رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أو تكون في محل نصب مفعولا به بفعل محذوف بمعنى : ثم تتفكروا في أمر محمد فتعلموا أنه ليس به جنون يحمله على دعوتكم إلى الحق. ما : نافية لا عمل لها. بصاحبكم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. من : حرف جر زائد لتأكيد النفي. جنة : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ.

(إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ) : مهملة لأنها مخففة بمعنى «ما» النافية. هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. إلا : أداة حصر لا عمل لها. نذير : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة. لكم : جار ومجرور متعلق بنذي ر ـ اسم الفاعل ـ على تأويل فعله أو بصفة محذوفة من «نذير» أي منذر والميم علامة جمع الذكور.

(بَيْنَ يَدَيْ) : ظرف مكان متعلق بنذير منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. يدي : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى وحذفت النون ـ أصله : يدين ـ للإضافة بمعنى أمام عذاب شديد.

(عَذابٍ شَدِيدٍ) : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. شديد : صفة ـ نعت ـ لعذاب ويعرب مثله .. أي عذاب شديد قادم عليكم.

(قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٤٧)

(قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ) : أعربت. ما : اسم شرط جازم مبني على السكون بمعنى : أي شيء في محل رفع مبتدأ في حالة تعدي الفعل بعده «سأل» إلى مفعوله واحد حيث يكون الفعل المذكور قد استوفى مفعوله وهو ضمير المخاطبين وتكون جملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «ما» أما إذا تعدى الفعل «سأل» إلى مفعولين فتكون «ما» في محل نصب مفعولا به مقدما للفعل «سأل». سألتكم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بما. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(مِنْ أَجْرٍ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من اسم الشرط «ما» التقدير : أي شيء سألتكم حالة كونه من أجر و «من» حرف جر بياني. وعلامة جر الاسم الكسرة المنونة.

(فَهُوَ لَكُمْ إِنْ) : الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم والشرط محذوف تقديره : فإن طلبته فهو لكم وليس لي. الفاء رابطة لجواب الشرط. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. لكم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «هو» والميم علامة جمع الذكور. إن : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية لا محل لها.

(أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) : مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء ـ ياء المتكلم ـ منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة. والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. وفتحت الياء لالتقاء الساكنين. إلا : أداة حصر لا عمل لها. على الله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ.

(وَهُوَ عَلى كُلِ) : الواو استئنافية. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. على كل : جار ومجرور متعلق بشهيد.

(شَيْءٍ شَهِيدٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. شهيد : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة.

(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) (٤٨)

(قُلْ إِنَّ رَبِّي) : أعربت. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ربي : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة و «إن» وما في حيزها من اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(يَقْذِفُ بِالْحَقِ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بالحق : جار ومجرور متعلق بيقذف بمعنى يرمي به الباطل فيدمغه ويزهقه ومفعول يقذف محذوف اختصارا لأنه معلوم. التقدير : يقذف بالحق الباطل ويجوز أن تكون الباء زائدة. و «الحق» مفعول «يقذف» مثل : ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة بمعنى يلقي الحق وينزله إلى أنبيائه.

(عَلَّامُ الْغُيُوبِ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. مرفوع بالضمة. أو يكون مرفوعا لأنه محمول على محل «إن» واسمها أو على المستكن في «يقذف» أو بدل من الجملة الفعلية «يقذف» ويجوز أن يكون خبرا ثانيا لإن .. أي خبران متعاقبان لها. الغيوب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ) (٤٩)

(قُلْ جاءَ الْحَقُ) : أعربت. جاء : فعل ماض مبني على الفتح. الحق : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «جاء الحق» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى : جاء القرآن. وقيل : المعنى : جاء الإسلام.

(وَما يُبْدِئُ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. يبدئ : فعل مضارع مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «يبدئ الباطل» معطوفة على جملة «جاء الحق» بمعنى : جاء الحق وهلك الباطل أو تكون الواو استئنافية. وحذف المفعول اختصارا بتقدير : ما ينشئ خلقا ولا يعيده صاحب الباطل ويجوز أن تكون «ما» في محل نصب مفعولا به مقدما للفعل «يبدئ ..» والوجه الأول من إعراب «ما» وهو كونها نافية هو الأصح.

(الْباطِلُ وَما يُعِيدُ) : فاعل مرفوع بالضمة. وما يعيد : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على (ما يُبْدِئُ الْباطِلُ) وتعرب إعرابها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على «الباطل».

(قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) (٥٠)

(قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ) : أعربت : إن : حرف شرط جازم. ضللت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل.

(فَإِنَّما أَضِلُ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم مسبوق بإن مقترن بالفاء في محل جزم بإن. الفاء واقعة في جواب الشرط. إنما : كافة ومكفوفة. أضل : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا.

(عَلى نَفْسِي) : جار ومجرور متعلق بأضل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم في محل جر بالإضافة بمعنى فإن وبال ضلالي على نفسي.

(وَإِنِ اهْتَدَيْتُ) : معطوفة بالواو على «إن ضللت» وتعرب إعرابها وكسرت نون «إن» لالتقاء الساكنين.

(فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) : الفاء رابطة لجواب الشرط. الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء أي فبسبب ما .. فحذف المضاف «سبب» اختصارا وحل المضاف إليه «المصدر» محله. يوحي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. إلي : جار ومجرور متعلق بيوحي. ربي : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه والجملة الفعلية (يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : فبما يوحيه إلي ربي أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة (يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالياء والجار والمجرور متعلق باهتديت. والجملة (فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم بإن بمعنى فبما يوحي إلي ربي من القرآن.

(إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل تفيد التعليل هنا والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». سميع قريب : خبرا «إن» خبر بعد خبر مرفوعان بالضمة المنونة ويجوز أن يكون «قريب» صفة لسميع.

(وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) (٥١)

(وَلَوْ تَرى) : الواو استئنافية. لو : حرف شرط غير جازم. ترى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف المقصورة منع من ظهورها التعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت وجواب «لو» محذوف

اختصارا. التقدير والمعنى : ولو ترى يا محمد حين فزعوا أي لو عانيت وشاهدت لرأيت أمرا عظيما وحالا هائلة أو لرأيت العجب.

(إِذْ فَزِعُوا) : ظرف للزمان مبني على السكون بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بترى أو تكون اسما مبنيا على السكون في محل نصب مفعولا به للفعل «ترى». فزعوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وجملة «فزعوا» في محل جر بالإضافة.

(فَلا فَوْتَ) : الفاء استئنافية. تفيد التعليل هنا. لا : نافية للجنس تعمل عمل «إن». فوت : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبر «لا» محذوف وجوبا. التقدير : فلا فوت كائن لهم بمعنى لا يفوتون الله ولا يسبقونه.

(وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) : الجملة معطوفة بالواو على جملة «فزعوا» أو على «لا فوت» على معنى : إذا فزعوا فلم يفوتوا وأخذوا. أخذوا : فعل ماض للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة. من مكان : جار ومجرور متعلق بأخذوا. قريب : صفة ـ نعت ـ لمكان مجرور مثله .. وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة بمعنى : وأخذوا من وقفتهم يوم الفزع الأكبر إلى النار.

(وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) (٥٢)

(وَقالُوا آمَنَّا بِهِ) : الواو استئنافية. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. آمنا : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. به : جار ومجرور متعلق بآمن أي بمحمد.

(وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ) : الواو استئنافية. أنى : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب ظرف مكان بمعنى : ومن أين .. أو وكيف متعلق بخبر مقدم محذوف. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام وحرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ والجار والمجرور متعلق

بالخبر المحذوف. التناوش : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. بمعنى : ومن أين لهم تناول الإيمان في الآخرة وقد كفروا به في الدنيا.

(مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) : جار ومجرور متعلق بالتناوش بتأويل فعله. بعيد : صفة ـ نعت ـ لمكان مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة بمعنى تناول الإيمان الذي بعد عنهم ولا نفع فيه.

(وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) (٥٣)

(وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ) : الواو حالية والجملة الفعلية في محل نصب حال. قد : حرف تحقيق. كفروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. به : جار ومجرور متعلق بكفروا.

(مِنْ قَبْلُ) : جار ومجرور متعلق بكفروا و «قبل» اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بمن.

(وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ) : الواو عاطفة. يقذفون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية معطوفة على (قَدْ كَفَرُوا) على حكاية الحال الماضية. بالغيب : جار ومجرور متعلق بيقذفون أو بحال من ضمير «يقذفون» ويجوز أن يتعلق بقوله : وقالوا آمنا به بمعنى : وكانوا يتكلمون بالغيب ويأتون به. أو ويرجعون بالظن أي الشيء الغائب بمعنى ظنا بالغيب.

(مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) : جار ومجرور متعلق بيقذفون أو يكون متعلقا بحال محذوفة بمعنى : ويأتون بالغيب من مكان بعيد .. ويجوز أن يكون في محل جر صفة ـ نعتا ـ للغيب. بعيد : صفة لمكان وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف الكسرة المنونة.

(وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) (٥٤)

(وَحِيلَ بَيْنَهُمْ) : الواو استئنافية. حيل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح يراد به الاستقبال كما في الآية الكريمة الحادية والخمسين.

بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية في محل رفع نائب فاعل للفعل «حيل» و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.

(وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) : معطوف بالواو على «بين» الأول ويعرب إعرابه بمعنى : حال الله بينهم وبين .. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة. يشتهون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير وبين ما يشتهونه من النجاة ويجوز أن تكون «ما» مصدرية فتكون «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالإضافة.

(كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب صفة لمصدر محذوف بمعنى وحيل بينهم حولا أو حئولا أو حيلولة مثل .. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة. فعل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والجملة من الفعل ونائب الفاعل : صلة الموصول لا محل لها ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بأشياع : جار ومجرور متعلق بفعل و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة بمعنى بأشباههم من الكفرة وهي جمع «شيعة» أي حزب أو طائفة.

(مِنْ قَبْلُ) : جار ومجرور متعلق بفعل أو في محل جر صفة ـ نعت ـ للأشياع. وبني «قبل» على الضم لانقطاعه عن الإضافة.

(إِنَّهُمْ كانُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «إن». كانوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة وهو فعل ناقص والألف فارقة والجملة الفعلية (كانُوا فِي شَكٍّ) في محل رفع خبر «إن» أما اسم «كان» فهو واو الجماعة في «كانوا» مبني على السكون في محل رفع.

(فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان». مريب : صفة ـ نعت ـ لشك مجرور مثله وعلامة جرهما «الصفة والموصوف» الكسرة المنونة بمعنى : في شك في التوحيد يشك فيه أي موقع في الريبة وهي الشك.

سورة فاطر

معنى السورة : كلمة «فاطر» اسم فاعل وفعله : فطر ـ يفطر ـ فطرا ـ من باب «نصر» نحو : فطر الله الخلق : بمعنى : خلقهم وابتدأهم فهو خالق ـ اسم فاعل ـ والله تعالى هو الخالق لكل شيء والاسم : هو الفطرة ـ بكسر الفاء ـ قال تعالى : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) وقوله عليه الصلاة والسلام : «كل مولود يولد على الفطرة» قيل : معناه : الفطرة الإسلامية والدين الحق .. ومن معاني الفعل أيضا يقال : فطرت الصائم ـ بتشديد الطاء ـ معناه : أعطيته فطورا ـ بفتح الفاء ـ أو أفسدت عليه صومه فأفطر والفطور ـ بفتح الفاء ـ هو ما يفطر عليه والفطور ـ بضم الفاء ـ هو المصدر والاسم : الفطر ـ بكسر الفاء ـ وقوله : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته. أي بعد رؤيته مثل دلوك الشمس أي بعده.

تسمية السورة : خص سبحانه وتعالى إحدى سور الكتاب الكريم بسورة سميت باسم الخالق .. وتسمى سورة «فاطر» أيضا سورة «الملائكة» أيضا لأن اللفظتين تضمنتهما الآية الكريمة الأولى من هذه السورة .. قال تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) صدق الله العظيم. قال ابن عباس ـ رضي الله تعالى عنه ـ : كنت لا أدري ما فاطر السماء حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها : أي ابتدأتها. والملائكة : جمع ملك وهو أحد الأرواح السماوية وهو مخفف «ملأك» وجمع «الملك» هو ملائكة وملائك. أما «الملكوت» فهو الملك والسلطان .. وقيل : إن رسل الله تعالى على ضربين ـ أي نوعين ـ ملائكة .. وبشر. وقيل : إن «الملائكة» تتولى تقسيم أمر العباد .. فجبرائيل ـ عليه‌السلام ـ أو جبريل للغلظة .. و «ميكائيل : للرحمة .. و «ملك الموت» : لقبض الأرواح .. وإسرافيل : للنفخ .. وقيل : إن الملائكة تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرها.

فضل قراءة السورة : قال الرسول الأمين محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة الملائكة ـ فاطر ـ دعته ثمانية أبواب الجنة أن ادخل من أي باب شئت» وقد وردت كلمة «فاطر» ست مرات في القرآن الكريم وبضمنها سورة «فاطر».

إعراب آياتها

(الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١)

(الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ) : مبتدأ مرفوع بالضمة. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ. التقدير : الحمد مختص لله. فاطر : صفة ـ نعت ـ للفظ الجلالة أو بدل منه سبحانه واللفظة اسم فاعل و «فاطر» مضاف.

(السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها بمعنى : مبتدئها أي السموات والأرض.

(جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) : صفة ثانية للفظ الجلالة مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف وهو اسم فاعل أضيف إلى مفعوله «الملائكة» وعند إضافته إلى الملائكة تعدى إلى المفعول به الثاني «رسلا». الملائكة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. رسلا : مفعول به منصوب باسم الفاعل المضاف «جاعل» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي رسلا بينه سبحانه وبين أنبيائه.

(أُولِي أَجْنِحَةٍ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «رسلا» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وهو مضاف. أجنحة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) : صفات ـ نعوت ـ لأجنحة أي أولي أجنحة اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة وهذه الألفاظ أو الصيغ ممنوعة من الصرف لتكرر العدل فيها لأنها معدولة عن ألفاظ الأعداد كما عدل «عمر» عن «عامر» أي

من صيغ إلى صيغ أخرى وعن تكرير إلى غير تكرير وأما الوصفية فلا يفترق الحال فيما بين المعدولة والمعدول عنها إذ تقول مررت بنسوة أربع وبرجال ثلاثة وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة بدلا من الفتحة المنونة وقدرت الفتحة للتعذر على ألف «مثنى» أو يكون محلهن النصب على الحال بتقدير : معدودات لو كان الموصوف معرفة نحو قوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) والجملة الفعلية بعدها «يزيد في الخلق» في محل نصب حال والأجنحة جمع «جناح».

(يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. في الخلق : جار ومجرور متعلق بيزيد الله.

(ما يَشاءُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يشاء : تعرب إعراب «يزيد» والجملة الفعلية «يشاء» صلة الموصول لا محل لها وحذف العائد إلى الموصول وهو ضمير منصوب المحل لأنه مفعول به أي ما يشاؤه بمعنى ما تقتضيه مشيئته وحكمته من زيادة في خلق الأجنحة وقيل : الأصل : الجناحان لأنهما بمنزلة اليدين.

(إِنَّ اللهَ عَلى كُلِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة. على كل : جار ومجرور متعلق بقدير.

(شَيْءٍ قَدِيرٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. قدير : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.

** (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ) : هذا القول الكريم هو مستهل الآية الكريمة الأولى وفيه اسم الفاعل «فاطر» أضيف إلى مفعوله «السموات» ولهذا حذف التنوين من آخره ولو كان «فاطر» معرفا بالألف واللام لانتصبت كلمة «السموات» على المفعولية لاسم الفاعل «فاطر» الذي يعمل عمل فعله المتعدي ومثل «فاطر» أيضا اسم الفاعل «جاعل» و «أولي» تكتب بواو ولا تلفظ وقيل : زيدت الواو للتفريق بين الكلمة وبين «إلى» وهي جمع بمعنى : ذوو لا واحد له. وقيل : هي اسم جمع واحده : ذو : بمعنى : صاحب. وقال المصحف المفسر : لعل المراد من أجنحة الملائكة القوى الروحانية التي متعها الله بها وكثيرا ما يشبه المعنوي بالمادي في اللغة العربية .. بل هذا من بلاغات لغتنا العربية.

** (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية وقد استعير الفتح للإطلاق والإرسال .. يعني أي شيء يطلق الله من نعمة رزق أو مطر أو صحة أو غير ذلك من النعم .. ونكرت «رحمة» لأنها مبهمة بتقدير : من أية رحمة كانت سماوية أو أرضية .. وقيل المعنى : من باب رحمة .. فعلى هذا المعنى يكون المضاف «باب» محذوفا حلت محله «رحمة». وأنث الضمير العائد إلى «ما» وهو «ها» في «لها» لأنه على معنى الرحمة بمعنى فلا مانع لها وذكر الضمير «الهاء» في «له» في قوله «وما يمسك فلا مرسل له» لأن لفظ المرجوع إليه لا تأنيث فيه ولأن الأول أي الضمير المؤنث في «لها» فسر بالرحمة فحسن اتباع التفسير .. ولم يفسر الثاني فترك على أصل التذكير .. ولم يفسر الثاني لدلالة الأول عليه. أما القول «من بعده» فمعناه : من بعد إمساكه وبعد حذف المضاف إليه «إمساك» اختصارا لأن ما قبله دل عليه أوصل المضاف «بعد» إلى المضاف إليه الثاني «الهاء» فصار من بعده بمعنى : وما يمنع عنهم من خير.

** (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة المعنى : وفكروا : هل من خالق غير الله؟ أي لا خالق غير الله .. و «غير» بمعنى «سوى» هنا .. وهي كلمة يوصف بها ويستثنى فإن وصفت بها أتبعتها إعراب ما قبلها وإن استثنيت بها أعربتها بالإعراب الذي يجب للاسم الواقع بعد «إلا» وذلك أن أصل «غير» صفة والاستثناء عارض. ولا تدخل «أل» التعريف على «غير» لأن المقصود من إدخال الألف واللام على النكرة هو تخصيصها بشيء معين ولهذا نقول : الرجل غير المدافع عن وطنه ليس مواطنا صالحا ولا نقول : الرجل الغير مدافع لأن «غيرا» عند إضافتها إلى المعرفة تعامل معاملتها ولهذا توصف المعرفة بلفظة «غير» وقولهم : فلان فعل هذا الأمر غير مرة معناه : فعله أكثر من مرة واحدة.

** (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة وقد أنث الفعل «كذبت» مع نائب الفاعل «رسل» المذكر ـ جمع رسول ـ على اللفظ لا المعنى أو المراد جماعة الرسل .. وقد جاء جزاء الشرط سابقا للشرط لأن المعنى : وإن يكذبوك فتأس بتكذيب الرسل من قبلك فوضع (فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ) موضع «فتأس» استغناء بالسبب عن المسبب : أي بالتكذيب عن التأسي.

** (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة الخامسة .. المعنى : ولا يغرنكم بحلم الله وإمهاله الشيطان الكثير التغرير بكم فحذف المضاف «حلم» اختصارا .. وقرئ الغرور ـ بضم الغين ـ على أنه مصدر : غره ـ يغره ـ من باب «قتل .. أو يكون بتلك القراءة أي بضم الغين .. على معنى أنه جمع «غار» بمعنى «مغرر .. كقعود ـ جمع قاعد ـ.

** (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) : ورد هذا القول الكريم في مطلع الآية الكريمة الثامنة .. المعنى : أفمن زين له سوء عمله من هذين الفريقين كمن لم يزين له أي أفمن حسن له الشيطان عمله القبيح كمن آمن ولم يزين له الشيطان؟ لا .. إنهما لا يتساويان. وذكر الزمخشري : قال الزجاج : إن المعنى : أفمن زين له سوء عمله ذهبت نفسك عليهم حسرة فحذف الجواب لدلالة «فلا تذهب نفسك عليهم ـ عليه أو أفمن زين له سوء عمله كمن هداه الله فحذف أيضا لدلالة (فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وحذف مفعول «يشاء» أي يشاء هدايته في (يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وحذف مفعول «يشاء» الأول في (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) المعنى والتقدير : من يشاء إضلاله. المعنى : إن الله تعالى وفق المؤمن حتى ميز بين الحسن والقبيح.

** سبب نزول الآية : قال ابن عباس : أنزلت هذه الآية «أفمن زين ..» حيث قال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ اللهم أعز دينك بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل هشام فهدى الله عمر وأضل أبا جهل ففيهما أنزلت.

** (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة وفيه جيء بالفعل «سقناه» والفعل «أحيينا» معدولا بهما عن لفظ الغيبة في «أرسل» إلى ما هو أدخل في الاختصاص وأدل عليه وهو التكلم.

** (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العاشرة .. والصعود إلى الله عزوجل مجاز عن قبوله سبحانه التوحيد : أي القول : لا إله إلا الله وقبوله العمل الصالح .. وقيل : الرافع هو الكلم والمرفوع هو العمل الصالح لأنه لا يقبل عمل إلا من موحد. وقيل : الرافع : هو الله تعالى والمرفوع : هو العمل. والكلم الطيب : كل كلام طيب من ذكر الله ودعاء وتلاوة قرآن يرفعه الله ويقبله.

** (وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) : الإشارة إلى الذين مكروا تلك المكرات السيئات. أي ومكر أولئك المتآمرين الذين يعملون السيئات في الدنيا على وجه المكر والخديعة وكيدهم للمسلمين يفسد مكرهم ولا ينفد ولهم عذاب شديد .. فحذف النعت أو البدل «المتآمرين» المشار إليه لأن ما قبله يفسره ويدل عليه.

(ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢)

(ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ) : اسم شرط جازم مبني على السكون بمعنى : أي شيء .. في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «يفتح» وهو اسم مبهم. يفتح : فعل مضارع مجزوم بما لأنه فعل الشرط وعلامة جزمه سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. للناس : جار ومجرور متعلق بيفتح.

(مِنْ رَحْمَةٍ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوف من اسم الشرط «ما» التقدير : حال كونه من رحمة و «من» حرف جر بياني.

(فَلا مُمْسِكَ لَها) : الجملة جواب شرط جازم مسبوق بنفي مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط و «لا» نافية للجنس تعمل عمل «إن». ممسك : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبر «لا» محذوف وجوبا. لها : جار ومجرور متعلق بخبر «لا» النافية للجنس المحذوف بمعنى فلا مانع لها.

(وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ) : معطوف بالواو على ما قبله ويعرب إعرابه وفاعل «يمسك» ضمير مستتر جوازا تقديره هو.

(مِنْ بَعْدِهِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «مرسل» والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) : الواو استئنافية. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. العزيز الحكيم : خبرا «هو» بالتتابع ـ خبر بعد خبر ـ مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة ويجوز أن يكون «الحكيم» صفة ـ نعتا للعزيز.

(يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (٣)

(يا أَيُّهَا النَّاسُ) : أداة نداء. أي : اسم منادى مبني على الضم في محل نصب و «ها» زائدة للتنبيه. الناس : بدل من «أي» أو عطف بيان لأن اللفظة غير متصرفة ـ جامدة ـ أي غير مشتقة مرفوعة على لفظ «أي» لا محلها وعلامة رفعها الضمة.

(اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. نعمة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.

(عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «نعمة» والميم علامة جمع الذكور بمعنى : المنعم بها عليكم. هل : حرف استفهام لا عمل له ولا محل له. من : حرف جر زائد لأنه مسبوق باستفهام. خالق : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ بمعنى : ما خالق إلا الله. و «خالق» اسم فاعل.

(غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ) : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة بمعنى : سوى. ويجوز أن تكون «غير» صفة ـ نعتا ـ لخالق على المحل لا اللفظ وفي هذه الحالة تكون الجملة الفعلية «يرزقكم» في محل رفع خبر المبتدأ «خالق». الله لفظ

الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة .. ويجوز أن يكون «خالق» فاعلا لفعل محذوف يفسره ما بعده .. بتقدير : هل يرزقكم خالق غير الله فتكون جملة «يرزقكم» تفسيرية لا محل لها وهذا الوجه من الإعراب والتقدير هو الأصح لأن المعنى : إن الخالق لا يطلق على غير الله تعالى. يرزقكم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بالفعل «يرزق». والأرض : معطوفة بالواو على «السماء» وتعرب مثلها.

(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : الجملة لا محل لها لأنها تفسيرية مثل «يرزقكم». لا : نافية للجنس تعمل عمل «إن». إله : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبر «لا» محذوف وجوبا. إلا : أداة استثناء. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع بدل من موضع «لا إله» بمعنى أي لا رب يعبد أو معبود إلا هو.

(فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) : الفاء استئنافية. أنى : اسم استفهام بمعنى «من أين» مبني على السكون في محل نصب ظرف مكان. والجملة الفعلية «تؤفكون» فعل مضارع مبني على للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. بمعنى : فمن أي وجه تصرفون عن التوحيد إلى الشرك.

(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (٤)

(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ) : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم. يكذبوك : فعل مضارع مجزوم بأن وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة فعل الشرط. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. الفاء واقعة في جواب الشرط. قد : حرف تحقيق.

(كُذِّبَتْ رُسُلٌ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم مسبوق بقد مقترن بالفاء في محل جزم. كذبت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. رسل : نائب فاعل مرفوع بالضمة المنونة.

(مِنْ قَبْلِكَ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «رسل» والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ في محل جر بالإضافة.

(وَإِلَى اللهِ) : الواو استئنافية. إلى الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بترجع لأن المعنى : الأمور مردها إلى الله.

(تُرْجَعُ الْأُمُورُ) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. الأمور : نائب فاعل مرفوع بالضمة.

(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) (٥)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الثالثة والثلاثين من سورة «لقمان».

(إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ) (٦)

(إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الشيطان : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. لكم : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «عدو» والميم علامة جمع الذكور. عدو : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.

(فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) : الفاء سببية أو استئنافية للتعليل. اتخذوه : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. عدوا : مفعول به ثان منصوب بالفعل «اتخذ» المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ) : كافة ومكفوفة. يدعو : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.

حزبه : مفعول به منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة.

(لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ) : اللام حرف جر للتعليل. يكونوا : فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «يكون» والألف فارقة. من أصحاب : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «يكون». السعير : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة والجملة الفعلية (لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ) صلة حرف مصدري لا محل لها. و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بالفعل «يدعوا».

(الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (٧)

(الَّذِينَ كَفَرُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. كفروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الفعلية «كفروا» صلة الموصول لا محل لها.

(لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر مبتدأ «الذين» اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. عذاب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. شديد : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة المنونة.

(وَالَّذِينَ آمَنُوا) : معطوف بالواو على (الَّذِينَ كَفَرُوا) ويعرب إعرابه بمعنى : والذين آمنوا بربهم.

(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب إعرابها. الصالحات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم بمعنى الأعمال الصالحات

فحذف الموصوف «الأعمال» وحلت الصفة «الصالحات» محله .. وقيل إن «الصالحات» من الصفات التي جرت مجرى الأسماء.

(لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) : يعرب إعراب «لهم عذاب» مع الفارق في المعنى. وأجر : معطوف بالواو على «مغفرة» مرفوع مثلها وعلامة رفعه الضمة المنونة. كبير : صفة ـ نعت ـ لأجر مرفوع مثله بالضمة المنونة.

(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ) (٨)

(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) : الهمزة حرف استفهام لفظا وحرف إنكار للنفي معنى. الفاء تزيينية. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ خبره محذوف بمعنى : أفمن زين له سوء عمله من هذين الفريقين كمن لم يزين له. زين : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. له : جار ومجرور متعلق بزين. سوء : نائب فاعل مرفوع بالضمة. وهو مضاف. عمله : مضاف إليه مجرور بالكسرة. والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه ثان.

(فَرَآهُ حَسَناً) : الفاء استئنافية للتسبيب. رآه : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول. حسنا : مفعول به ثان منصوب بالفعل «رأى» المتعدي إلى مفعولين لأن معناه هنا : فتخيله ـ أي فظنه ـ وهي ليست «رأى» البصرية التي تتعدى إلى مفعول به ويكون الثاني حالا. وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(فَإِنَّ اللهَ) : الفاء استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة.

(يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يشاء : تعرب إعراب «يضل» وجملة «يشاء» صلة الموصول لا محل لها بمعنى من يشاء إضلاله.

(وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة (يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) وتعرب إعرابها وعلامة رفع الفعل «يهدي» الضمة المقدرة على الياء للثقل بمعنى ويهدي من يشاء هدايته.

(فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ) : الفاء واقعة في جواب «من» لأنها مضمنة معنى الشرط. لا : ناهية جازمة. تذهب : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره. نفسك : فاعل مرفوع بالضمة والكاف ضمير المخاطب في محل جر بالإضافة.

(عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بتذهب. حسرات : مفعول له ـ لأجله ـ منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم بمعنى : للحسرات ويجوز أن تكون حالا ـ مصدرا في موضع الحال ـ من نفسك كأنها كلها صارت حسرات لفرط التحسر.

(إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل للاستئناف. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة. عليم : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.

(بِما يَصْنَعُونَ) : الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بعليم .. والجملة الفعلية «يصنعون» لا محل لها لأنها صلة الموصول والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : بما يصنعونه. أو تكون «ما» مصدرية وجملة «يصنعون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بعليم. أي بصنعهم.

(وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ) (٩)

(وَاللهُ الَّذِي) : الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ

محذوف تقديره : هو الذي والجملة الاسمية «هو الذي» في محل رفع خبر المبتدأ الأول.

(أَرْسَلَ الرِّياحَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. الرياح : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(فَتُثِيرُ سَحاباً) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الرياح» الفاء حالية. تثير : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي. سحابا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى تحركه بعد سكون.

(فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ) : الفاء عاطفة. سقناه : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به. إلى بلد : جار ومجرور متعلق بالفعل «ساق». ميت : صفة ـ نعت ـ لبلد مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة.

(فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على جملة «سقناه» وتعرب إعرابها. به : جار ومجرور متعلق بأحيا. الأرض : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : إلى أرض ليس بها نبات فأحيينا به أرض البلد الميت.

(بَعْدَ مَوْتِها) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بالفعل «أحيا» وهو مضاف. موت : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان.

(كَذلِكَ النُّشُورُ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة. اللام للبعد والكاف للخطاب. والإشارة إلى ما قبله بمعنى : مثل تلك الكيفية أي

مثل إحياء الموات نشور الأموات. النشور : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة بمعنى إحياء الأموات وبعثهم أو مثل إحياء الأرض بعد موتها إحياء الأموات أي يحيى الله الأموات بعد موتهم.

(مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) (١٠)

(مَنْ كانَ) : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه ـ جزائه ـ في محل رفع خبر «من». كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بمن واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره : هو.

(يُرِيدُ الْعِزَّةَ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. العزة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والجملة الفعلية «كان يريد العزة» صلة الموصول «من» لا محل لها.

(فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) : الجملة الاسمية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. أو تكون الفاء استئنافية تفيد التعليل ويكون جواب الشرط محذوفا. التقدير والمعنى : من كان يريد العزة أي الشرف فإنها له سبحانه يهبها لمن يطيعه أي فليطلبها من الله فلله العزة كلها. الفاء رابطة لجواب الشرط على الوجه الأول من إعراب الجملة الاسمية أو استئنافية. على الوجه الثاني من الإعراب. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر مقدم. العزة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. جميعا : حال من «العزة» أو توكيد للعزة بمعنى «كلها» في الدنيا والآخرة.

(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال. إليه : جار ومجرور متعلق بيصعد. يصعد : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الكلم : فاعل مرفوع بالضمة وهو جمع «كلمة». الطيب : صفة ـ نعت ـ للكلم مرفوع مثله بالضمة.

(وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) : الواو استئنافية. والجملة استئنافية لا محل لها. العمل : مبتدأ مرفوع بالضمة. الصالح : صفة ـ نعت ـ للعمل مرفوع مثله بالضمة. يرفعه : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.

(وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ) : الواو استئنافية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. يمكرون : الجملة الفعلية صلة لموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. السيئات : صفة ـ نعت ـ لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف بتقدير : يمكرون المكرات السيئات أو أصناف المكر السيئات ولم تجىء «السيئات» مفعولا به لأن الفعل «مكر» فعل لازم غير متعد إلا إذا أريد معنى «يعملون السيئات» فتكون منصوبة على المفعولية بمعنى : المنكرات. وقيل : يجوز أن تكون الواو في «والعمل الصالح يرفعه» عاطفة. و «العمل» فاعلا لفعل محذوف جوازا هو من جنس الفعل الموجود بعده وحذف الفعل لأن «يرفعه» يفسره ويدل عليه.

(لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. عذاب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. شديد : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة المنونة.

(وَمَكْرُ أُولئِكَ) : الواو عاطفة. مكر : مبتدأ مرفوع بالضمة. أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل جر بالإضافة والكاف للخطاب.

(هُوَ يَبُورُ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ الأول «مكر». هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ ثان. يبور : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هو» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. ويجوز أن يكون «هو» ضمير فصل أو

عمادا لا محل له أي زائدا فتكون الجملة الفعلية «يبور» في محل رفع خبر المبتدأ «مكر» بمعنى : لله مكر أولئك يفسد أو يبطل أو ومكر أولئك هو خاصة يكسد دون مكر الله.

(وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) (١١)

(وَاللهُ خَلَقَكُمْ) : الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. خلقكم : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر في جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل نصب مفعول به والميم علامة الجمع.

(مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) : جار ومجرور في محل نصب تمييز لأنه بيان لضمير المخاطبين في «خلقكم». ثم : حرف عطف للتراخي. من نطفة : معطوف على الجار والمجرور «من تراب» ويعرب إعرابه وعلامة جر الاسمين «تراب» و «نطفة» الكسرة المنونة.

(ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً) : أعرب. جعلكم : معطوفة على «خلقكم» وتعرب إعرابها. أزواجا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. تحمل : فعل مضارع مرفوع بالضمة. من : حرف جر زائدة لتأكيد النفي. أنثى : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه فاعل وعلامة الرفع أو الكسر مقدرة على الألف المقصورة للتعذر أي في بطنها.

(وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. تضع : معطوفة على «تحمل» وتعرب مثلها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. إلا : أداة حصر لا عمل لها. بعلمه : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة بتقدير إلا معلوما له أو إلا مقرونا بعلمه والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة أو إلا عالما به.

(وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ) : الجملة معطوفة بالواو على «ما تحمل من أنثى» وتعرب إعرابها. والفعل مبني للمجهول و «معمر» اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه نائب فاعل بمعنى وما يمد في عمر أحد أو ما يعمر من أحد بتأويل ولا يطول عمر إنسان.

(وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ) : معطوفة بالواو على «ما يعمر من معمر» وتعرب إعرابها والهاء ضمير الغائب في محل جر بالإضافة.

(إِلَّا فِي كِتابٍ) : أداة حصر لا عمل لها. في كتاب : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة بتقدير : إلا هو مقدر في كتاب أي في لوح محفوظ ويجوز أن تكون «إلا» أداة استثناء والمستثنى محذوف دل عليه المعنى أي إلا تعميرا أو نقصا مقررا في كتاب.

(إِنَّ ذلِكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام للبعد والكاف حرف خطاب.

(عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بيسير .. يسير : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : سهل أو قليل أو هين.

** (وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) : هذا القول الكريم هو مطلع الآية الكريمة الحادية عشرة المعنى : والله خلق أباكم سيد البشر من طين .. وبعد حذف المضاف «أبا» مفعول «خلق» عدي الفعل إلى الكاف ضمير المخاطبين «كم» فصار «خلقكم». أو بمعنى : خلق أصلكم وهو آدم فحذف «أصل» أي خلقكم بخلق آدم من تراب مباشرة ثم من الماء القليل والمراد به هنا ماء الرجل ثم صيركم أزواجا أي ذكرا وأنثى أو أصنافا من الذكران والإناث أي زوج بعضكم بعضا.

** (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) : المعنى : وما تحمل أنثى في بطنها ولا تلد ما تحمله ـ حملها ـ من جنين ـ في بطنها إلا بعلمه سبحانه فحذف مفعول «تضع» اختصارا لأنه معلوم وهو «حملها».

** (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) : المعنى : وما يعمر من أحد .. وإنما سماه معمرا بما هو سائر إليه وما تقبض من روحه قبل الوقت المقرر إلا تعميرا أو نقصا مقررا في كتاب إن علم ذلك المذكور كله على الله سهل أو قليل أو هين فحذف المشار إليه ـ النعت أو البدل «المذكور» اختصارا لأن ما قبله دال عليه كما حذف اسم «إن» المضاف «علم» وأقيم مقامه المضاف إليه «ذلك» اسما لإن. أو بمعنى إن ذلك على شمول علم الله قليل. وقال الفيومي .. التقدير ما يطول من عمر واحد ولا ينقص من عمر

آخر وهذا قول سعيد بن جبير أو بتأويل ولا تنقص من عمر ذلك الشخص و «معمر» اسم مفعول ـ شدد للمبالغة ـ وهو الذي أبقاه الله أو أطال عمره يقال : فلان أعمر من نسر ـ صيغة ـ أفعل ـ أي أطول عمرا منه وهو العيش زمنا طويلا وتزعم العرب أن النسر يعيش خمسمائة سنة .. فضربوا المثل به. وتأتي الصيغة بصيغة اسم فاعل فيقال : هذا رجل معمر ـ بكسر الميم المشددة وهو اسم فاعل للفعل «عمر» أي عاش زمنا طويلا .. ومثله في المعنى القول : عمره الله ـ يعمره ـ تعميرا : أي أطال عمره أو طول عمره. أما الفعل الثلاثي «عمر» فيأتي لازما نحو : عمر الرجل ـ يعمر ـ عمرا ـ بضم عين المصدر وفتحها ـ بمعنى : عاش زمنا طويلا وهو من باب «فهم». و «العمر» بفتح العين يستعمل في القسم فقط نحو : لعمر الله .. وعمر : مبتدأ خبره محذوف تقديره : قسمي أو ما أقسم به. وقيل : لا يطول عمر إنسان ولا يقصر إلا في كتاب وصورته أن يكتب في اللوح إن حج فلان أو غزا فعمره : أربعون سنة وإن حج وغزا فعمره : ستون سنة فإذا جمع بينهما فبلغ الستين فقد عمر .. وإذا أفرد أحدهما فلم يتجاوز به الأربعون فقد نقص من عمره الذي هو الغاية وهو الستون. وقد استفاض على الألسنة قولهم : أطال الله بقاءك وفسح في مدتك وما أشبه ذلك. وعن قتادة ب رضي الله عنه ـ : المعمر من بلغ ستين سنة والمنقوص من عمره : من يموت قبل ستين سنة ولتأكيد القول بأن عمر الإنسان مكتوب في اللوح المحفوظ هو الآية الكريمة المذكورة آنفا.

** (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية عشرة. وضرب فيه سبحانه البحرين العذب والملح مثلين للمؤمن والكافر أو بمعنى لا يتساوى الإسلام والكفر وفي القول الكريم تشبيه واضح وهو أحد ضروب البلاغة العربية قال الشاعر :

فساغ لي الشراب وكنت قبلا

أكاد أغص بالماء الفرات

وقيل : إن صحة روايته ورود آخر البيت بالماء الحميم بدلا من «الفرات» والفرات : هو الشديد العذوبة بمعنى : يكسر العطش لأنه عذب وحلو سهل الإنحدار في الحلق و «سائغ» بمعنى : يسهل انحداره وعلى العكس منه «ملح أجاج» أي ماء مشبه بالملح يحرق بملوحته .. ومعنى قول الشاعر : أنه بعد أن أدرك ثأره ونال في عدوه ما كان يشتهي طاب له الشراب وقد كان قبل أن يصل إلى هذه الحقيقة أو الأمنية إذا أراد أن يشرب الماء لم يستطع أن يسيغه : أي لا يحس بحلاوته وحلاوة مذاقه وطيب شربه وسهولة مروره في حلقه. أما الفعل «أغص» فهو من الغصص : وهو وقوف الطعام واعتراضه في الحلق.

** (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) : أي ومن كل واحد من البحرين تأكلون لحما طريا أي السمك سمي طريا لأنه سريع الفساد .. وتستخرجون حلية أي لؤلؤا ومرجانا من البحر الملح .. وبعد حذف المضاف إليه اختصارا «واحد» نون آخر المضاف «كل».

** (لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) : المعنى لتطلبوا من فضل الله بالتجارة وإن لم يجر له سبحانه ذكر في الآية الكريمة لدلالة المعنى عليه ـ جلت قدرته ـ وحرف الرجاء «لعل» مستعار هنا لمعنى الإرادة وسلك به سبحانه مسلك لام التعليل فجاء على تقدير لتبتغوا ولتشكروا وحذف مفعول «تشكرون» وهو «نعمته وعطاءه».

** (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة عشرة .. المعنى : ذلكم الجاعل والخالق والصانع والفاعل لذلك كله هو الله ربكم فحذف النعت أو البدل المشار إليه «الجاعل» لأن ما قبله يدل عليه كما حذف أيضا في الآية الكريمة السابعة عشرة في قوله (وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) أي وما ذلك الإذهاب والإفناء والإتيان بآخرين غيركم على الله بصعب أو غير ممكن.

** (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة عشرة .. المعنى : ولا تحمل يوم القيامة نفس آثمة إثم نفس أخرى وإن تطلب أي وإن تناد نفس مثقلة بالأوزار أي بالذنوب نفسا أخرى إلى تخفيف حملها .. فحذف الموصوف الفاعل «نفس» وحلت صفته «وازرة» محله .. وحذف أيضا المضاف إليه الموصوف «نفس» وحلت الصفة «أخرى» محله أي لا تؤخذ نفس بذنب نفس ولا تأثم آثمة .. يقال : وزر ـ يزر ـ وزرا .. من باب «وعد» أي حمل الإثم «والوزر» بكسر الواو : الإثم .. الثقل وجمعه : أوزار.

** (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة عشرة .. المعنى : وما يتساوى الأعمى والبصير وفيه تشبيه ظاهر أي ضرب عزوجل الأعمى والبصير مثلين .. للمؤمن «البصير» والكافر «الأعمى» ولا الجاهل والعالم. لأن الكافر كالأعمى الذي لا يهتدي إلى الطريق وهو ليس كالرجل السوي الصحيح البصر الماشي في الطريق المهتدي له أو يراد في الآية بالأعمى : الصنم وبالبصير الله عزوجل الذي يبصر أعمال العباد وما تخفيه قلوبهم.

(وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١٢)

(وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. يستوي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. البحران : فاعل مرفوع بالألف لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(هذا عَذْبٌ فُراتٌ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. عذب : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة. فرات : صفة ـ نعت ـ أو بدل من «عذب» مرفوع مثله بالضمة المنونة والجملة الاسمية «هذا عذب» في محل رفع صفة للبحرين.

(سائِغٌ شَرابُهُ) : الجملة الاسمية بدل من «عذب فرات». سائغ : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة. شرابه : فاعل لاسم الفاعل «سائغ» بتأويل

فعله مرفوع بالضمة المنونة أو يكون «سائغ» مبتدأ وشرابه فاعل اسم الفاعل «سائغ» سد مسد خبر «سائغ» والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) : معطوف بالواو على «هذا عذب فرات» ويعرب إعرابه.

(وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً) : الواو استئنافية. من كل : جار ومجرور متعلق بتأكلون. تأكلون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. لحما : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «لحما» منصوب مثله بالفتحة المنونة. وتستخرجون : معطوف على «تأكلون» وتعرب مثلها.

(حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) : تعرب إعراب «لحما». تلبسون : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ لحلية وتعرب إعراب «تأكلون» و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى : تلبسها نساؤكم.

(وَتَرَى الْفُلْكَ) : الواو استئنافية. ترى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر. الفلك : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى «السفن» وفاعل «ترى» ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(فِيهِ مَواخِرَ) : جار ومجرور متعلق بترى. مواخر : حال من «الفلك» منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف لأنه صيغة منتهى الجموع ثالث حروفه ألف بعده حرفان وهي جمع «ماخرة» وهذه اللفظة اسم فاعل بمعنى : وترى السفن جواري في الملح شاقات المياه بمقدمها.

(لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) : اللام حرف جر للتعليل. تبتغوا : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. من فضله : جار ومجرور متعلق بتبتغوا والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية

«تبتغوا من فضله» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بما قبله من نعمة الله سبحانه وعطائه أو يكون المصدر في محل نصب مفعولا لأجله.

(وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) : الواو عاطفة لأن المعنى بتقدير : لتبتغوا ولتشكروا. لعل : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» الكاف ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور. تشكرون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وتعرب إعراب «تأكلون».

(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) (١٣)

(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذلِكُمُ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة التاسعة والعشرين من سورة «لقمان». ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد. الكاف حرف خطاب والميم علامة الجمع والجملة الاسمية «هو الله» في محل رفع خبر المبتدأ «ذلكم».

(اللهُ رَبُّكُمْ) : لفظ الجلالة خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. مرفوع للتعظيم بالضمة. ربكم : خبر ثان مرفوع بالضمة الكاف ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور أو تكون كلمة «ربكم» بدلا من لفظ الجلالة بتقدير : هو ربكم. ويجوز أن يكون لفظ الجلالة صفة ـ نعتا لاسم الإشارة «ذلكم» أو بدلا منه وتكون كلمة «ربكم» خبرا لاسم الإشارة «ذلكم» وهذا هو حكم الإعراب إلا أن المعنى يأباه فالوجه الأول من الإعراب أصح. والجملة الاسمية بعده «له الملك» في محل رفع خبر ثالث لاسم الإشارة .. أخبار مترادفة.

(لَهُ الْمُلْكُ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. الملك : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة بمعنى ملك الكون كله.

(وَالَّذِينَ تَدْعُونَ) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدا. تدعون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : الذين تدعونهم بمعنى الذين تعبدونهم أيها المشركون من الأصنام والأوثان من غير الله.

(مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ) : جار ومجرور متعلق بتدعون أو بحال محذوفة من «الذين» لأن «من» حرف جر بياني والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة بتقدير : حال كونهم من غير الله. ما : نافية لا عمل لها. يملكون : تعرب إعراب «تدعون» والجملة الفعلية «ما يملكون من قطمير» في محل رفع خبر المبتدأ «الذين».

(مِنْ قِطْمِيرٍ) : حرف جر زائد لتأكيد النفي. قطمير : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به بمعنى لا يملكون شيئا. و «القطمير» هي القشرة الرقيقة للنواة. وقيل : هي النقطة البيضاء في ظهر النواة.

(إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) (١٤)

(إِنْ تَدْعُوهُمْ) : حرف شرط جازم. تدعوا : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها. لا : نافية لا عمل لها. يسمعوا : فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. دعاء : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. لأنها جماد وهم صم.

(وَلَوْ سَمِعُوا) : الواو عاطفة. لو : حرف شرط غير جازم. سمعوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى ولو سمعوا دعاءكم أو ولو سمعوه على سبيل الفرض لأنها جمادات.

(مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها بمعنى ولو سمعوه لما أجابوكم لتبرئهم منكم. وحذفت اللام الواقعة في جواب «لو». استجابوا : تعرب إعراب «سمعوا». لكم : جار ومجرور متعلق باستجابوا والميم علامة جمع الذكور و «ما» نافية لا عمل لها.

(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) : الواو استئنافية. يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بيكفرون وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. القيامة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجار والمجرور «بشرك» متعلق بيكفرون. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور بمعنى : ويكفرون بإشراككم إياهم.

(وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) : الواو استئنافية. لا : نافية لا عمل لها. ينبئ : فعل مضارع مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم بمعنى ولا يخبرك بالأمر. مثل : فاعل مرفوع بالضمة. خبير : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى مخبر مثل خبير عالم به.

(يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (١٥)

(يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ) : أعرب في الآية الكريمة الثالثة. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل رفع مبتدأ وحرك بالضم للوصل.

(الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ) : خبر «أنتم» مرفوع بالضمة. إلى الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بصفة محذوفة من «الفقراء» التقدير : أنتم الفقراء المحتاجون إلى فضل الله وحذف المضاف «فضل» اختصارا للعلم به.

(وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) : الواو عاطفة. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. هو : ضمير منفصل ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ ثان. الغني الحميد : خبران للمبتدإ «هو» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة. والجملة الاسمية (هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) في محل رفع خبر المبتدأ الأول «لفظ الجلالة» ويجوز أن يكون «هو» ضمير فصل أو عمادا لا محل له فيكون (الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) خبرين للفظ الجلالة. المعنى هو الغني عنكم وعن شكركم المحمود لأنه جدير بذلك. ويجوز أن يكون «الحميد» صفة ـ نعتا ـ للغني.

(إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) (١٦)

(إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) : حرف شرط جازم. يشأ : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله سبحانه. يذهبكم : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها. وهي فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط ـ جزاؤه وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور بمعنى : إن يريد الله إهلاككم يهلككم.

(وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يذهب» وتعرب إعرابها وعلامة جزم الفعل حذف آخره ـ حرف العلة الياء ـ لأن أصله : يأتي وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة. بخلق : جار ومجرور متعلق بيأتي. جديد : صفة ـ نعت ـ لخلق مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة بمعنى : ويأت بقوم آخرين بدلا منكم يكونون أكثر طاعة منكم.

(وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) (١٧)

(وَما ذلِكَ) : الواو استئنافية. ما : نافية بمنزلة «ليس» عند الحجازيين ـ ما .. الحجازية .. ونافية لا عمل لها عند بني تميم. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع اسم «ما» على اللغة الأولى ومبتدأ على اللغة الثانية. اللام للبعد والكاف للخطاب.

(عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بالخبر. الباء حرف جر زائد للتأكيد. عزيز : اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر «ما» ومرفوع محلا على أنه خبر المبتدأ «ذلك» أي على اللغة الثانية.

(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (١٨)

(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ) : الواو استئنافية. لا : نافية لا عمل لها. تزر : فعل مضارع مرفوع بالضمة. وازرة فاعل مرفوع بالضمة المنونة.

(وِزْرَ أُخْرى) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أخرى : مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على الألف للتعذر.

(وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ) : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم. تدع : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الواو ـ وبقيت الضمة دالة على الواو المحذوفة. مثقلة : فاعل مرفوع بالضمة المنونة وهو صفة للفاعل الموصوف المحذوف بمعنى نفس مثقلة.

(إِلى حِمْلِها) : جار ومجرور متعلق بتدعو و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى إلى تخفيف حملها فحذف المضاف «تخفيف» وأقيم المضاف إليه «حملها» مقامه كما حذف مفعول «تدعو» اختصارا.

(لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ) : الجملة جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها. لا : نافية لا عمل لها. يحمل : فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم

بإن لأنه جواب الشرط وعلامة جزمه سكون آخره. منه : جار ومجرور متعلق بيحمل. شيء : نائب فاعل مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : لا يحمل أحد منه شيئا عنها.

(وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) : الواو حالية. لو : مصدرية. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو يعود على معنى «أحد» أي إن «كان» أسند إلى المدعو المفهوم من قوله تعالى : «وإن تدع مثقلة» والمعنى : إذا دعت أحدا إلى حملها أحدا لا يحمل منه شيء ولو كان مدعوها ذا قربى. ذا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. قربى : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر بمعنى : ولو كان المدعو قريبا لها لأن كل إنسان مشغول بنفسه. والجملة الفعلية «كان ذا قربى» صلة حرف مصدري لا محل لها و «لو» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب حال من المسند إلى «كان» وهو الإنسان المدعو. التقدير : مفروضا كونه ذا قربى.

(إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ) : كافة ومكفوفة. تنذر : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.

(يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. رب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. بالغيب : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير «يخشون» بمعنى : يخشون ربهم غائبين ـ وهم غائبون ـ عن عذابه أو غائبين عن الناس في خلوتهم.

(وَأَقامُوا الصَّلاةَ) : الواو عاطفة. أقاموا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

الصلاة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وقد عطف الماضي على المضارع لأنه محمول على المعنى. لأن المعنى : الذين خشوا ربهم وأقاموا الصلاة أو على تقدير وقد أقاموا الصلاة فتكون الواو عاطفة على حال والجملة الفعلية بعدها في محل نصب حال والوجه الثاني من الإعراب أصح لأنه معطوف على حال أي خلوا مع أنفسهم وأقاموا الصلاة.

(وَمَنْ تَزَكَّى) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». تزكى : فعل ماض فعل الشرط في محل جزم بمن مبني على الفتح المقدر على الألف المقصورة للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو بمعنى ومن تطهر بفعل الطاعات وترك المعاصي. والجملة الفعلية «تزكى» صلة الموصول «من» لا محل لها من الإعراب.

(فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ) : الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط. إنما : كافة ومكفوفة. يتزكى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لنفسه : جار ومجرور متعلق بيتزكى والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه.

(وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) : الواو استئنافية. إلى الله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر مقدم. المصير : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة والجملة الاسمية (إِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) استئنافية لا محل لها من الإعراب.

(وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) (١٩)

(وَما يَسْتَوِي) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. يستوي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل.

(الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر. والبصير : معطوف بالواو على «الأعمى» ويعرب إعرابه وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

(وَلا الظُّلُماتُ وَلا النُّورُ) (٢٠)

هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها بمعنى ولا تستوي الظلمات والنور و «لا» زائدة لتأكيد النفي بمعنى لا يتساوى.

(وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ) (٢١)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة السابقة ـ الآية العشرين ـ والحرور : ريح السموم.

(وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلا الْأَمْواتُ إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (٢٢)

(وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ إِنَ) : يعرب إعراب الآية الكريمة العشرين. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل.

(اللهَ يُسْمِعُ) : لفظ الجلالة اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. يسمع : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(مَنْ يَشاءُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يشاء : تعرب إعراب «يسمع» والجملة الفعلية يشاء صلة الموصول لا محل لها وحذف مفعوله اختصارا بمعنى : من يشاء إسماعه أو من يشاء أن يسمعهم فيهديهم.

(وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ) : الواو عاطفة. ما : نافية بمنزلة «ليس» عند أهل الحجاز ـ ما .. الحجازية ـ ونافية لا عمل لها في لغة بني تميم. أنت : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع اسم «ما» على اللغة الأولى ومبتدأ على اللغة الثانية. الباء حرف جر زائد لتأكيد النفي. مسمع : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه خبر «ما» ومرفوع محلا لأنه خبر المبتدأ «أنت» وعلامة نصبه أو رفعه فتحة أو ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. واللفظة اسم فاعل.

(مَنْ فِي الْقُبُورِ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به لاسم الفاعل مسمع» الذي يعمل عمل فعله المتعدي إلى المفعول. في القبور : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : سكن. والجملة الفعلية «سكن في القبور» صلة الموصول «من» لا محل لها من الإعراب.

(إِنْ أَنْتَ إِلاَّ نَذِيرٌ) (٢٣)

(إِنْ أَنْتَ) : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. أنت : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.

(إِلَّا نَذِيرٌ) : أداة حصر لا عمل لها. نذير : خبر «أنت» مرفوع بالضمة المنونة وهو من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ.

(إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ) (٢٤)

(إِنَّا أَرْسَلْناكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مدغم بنون «إن» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». أرسلناك : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.

(بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة مؤولة من ضمير الواحد المطاع «نا» بمعنى : محقين. أو يكون حالا من ضمير المخاطب ـ الكاف ـ في أرسلناك .. بمعنى : محقا : أو متعلقا بصفة محذوفة من مصدر محذوف. التقدير : أرسلناك إرسالا مصحوبا بالحق. أو بصلة لبشير ونذير. التقدير بشيرا بالوعد الحق أو نذيرا بالوعيد الحق لأن الكلمتين «بشير» و «نذير» من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ بمعنى مبشرا للمؤمنين ومنذرا للكافرين. بشيرا : حال من ضمير المخاطب «الكاف» في «أرسلناك» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. ونذيرا : معطوف بالواو على «بشيرا» ويعرب إعرابه.

(وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ) : الواو استئنافية. إن : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. من : حرف جر زائد لتأكيد النفي. أمة : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده بمعنى : وما خلت أمة بمعنى جماعة أي وما مضت أمة والأصح أن تكون «أمة» اسما مجرورا لفظا مرفوعا محلا على أنه مبتدأ وجاز الابتداء بالنكرة لأن فيها التخصيص. والجملة الفعلية بعدها (خَلا فِيها نَذِيرٌ) في محل رفع خبر المبتدأ.

(إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) : أداة حصر لا عمل لها. خلا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر بمعنى مضى. فيها : جار ومجرور متعلق بالفعل «خلا». نذير : فاعل مرفوع بالضمة المنونة بمعنى إلا مضى أو أرسل فيها منذر ومنه القول : السنون الخالية بمعنى : السنون الماضية.

(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) (٢٥)

(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم. يكذبوك : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

(فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ) : الجملة الفعلية جواب شرط جازم مسبوق بقد مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. قد : حرف تحقيق : كذب : فعل ماض مبني على الفتح. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.

(مِنْ قَبْلِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : مضوا أو كانوا. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «مضوا من قبلهم» صلة الموصول لا محل لها.

(جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ) : الجملة الفعلية تعليلية لا محل لها أو هي في محل نصب من المفعول المحذوف أو تكون لا محل لها .. لأنها بدل من صلة

الموصول وهي فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. رسل : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ) : جار ومجرور متعلق بجاءت بمعنى بالآيات البينات. وبالزبر : جار ومجرور معطوف بالواو على الجار والمجرور «بالبينات» ويعرب مثله أو تكون الباء للتوكيد ويجوز أن يكون المعنى والتقدير : وجاءتهم بالزبر فحذف الفعل لأن ما قبله يدل عليه أي اكتفاء بذكره أول مرة بمعنى بالكتاب.

(وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) : يعرب إعراب «وبالزبر». المنير : صفة ـ نعت ـ للكتاب مجرور مثله وعلامة جره الكسرة أي الكتاب النير.

(ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) (٢٦)

(ثُمَّ أَخَذْتُ) : حرف عطف للتراخي. أخذت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل بمعنى ثم أهلكت الكافرين.

(الَّذِينَ كَفَرُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) : الفاء استئنافية. كيف : اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر «كان» المقدم. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. نكير : اسم «كان» مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء المحذوفة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء والياء المحذوفة خطا واختصارا واتباعا لرءوس الآي الشريف «فواصل الآيات» ضمير متصل

ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ في محل جر بالإضافة بمعنى إنكاري عليهم وعقابي لهم. والكسرة دالة على الياء المحذوفة من «نكيري».

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ) (٢٧)

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ) : الألف ألف تقرير وتعجيب بلفظ استفهام. لم : حرف نفي وجزم وقلب. تر : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الألف المقصورة ـ وبقيت الفتحة دالة عليها بمعنى : ألم تعلم والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. ويجوز أن يكون المخاطب من لم ير ولم يسمع لأن الكلام جرى مجرى المثل في التعجيب .. وفي هذه الحالة يكون الفاعل ضميرا مستترا فيه جوازا تقديره : هو. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة اسم «أن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «ترى».

(أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن» وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. من السماء : جار ومجرور متعلق بأنزل. ماء : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ) : الفاء عاطفة. أخرج : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل رفع فاعل. به : جار ومجرور متعلق بالفعل «أخرج». ثمرات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.

(مُخْتَلِفاً أَلْوانُها) : صفة ـ نعت ـ لثمرات منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المنونة واللفظة اسم فاعل. ألوان : فاعل لاسم الفاعل «مختلفا» بتأويل فعله أي يختلف ألوانها مرفوع بالضمة و «ها» ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ) : الواو استئنافية. من الجبال : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. جدد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.

(بِيضٌ وَحُمْرٌ) : تعرب إعراب «جدد». وحمر : معطوفة بالواو على «بيض» مرفوعة مثلها بالضمة المنونة.

(مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها) : صفة ـ نعت ـ لحمر مرفوعة مثلها بالضمة المنونة. ألوانها : أعربت.

(وَغَرابِيبُ سُودٌ) : معطوفة بالواو على «بيض» أو على «جدد» مرفوعة بالضمة المنونة. سود : مؤكد مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.

(وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (٢٨)

(وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ) : الواو عاطفة. من الناس : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. والدواب والأنعام : معطوفتان بواوي العطف على «من الناس» وتعربان إعرابها. وحذف المبتدأ المؤخر اختصارا لأنه معلوم من السياق أي خلق.

(مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف المبتدأ المؤخر المحذوف «خلق» مرفوع مثله بالضمة أي خلق أو صنف يختلف ألوانه. و «ألوانه» فاعل لاسم الفاعل «مختلف» مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(كَذلِكَ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب صفة ـ نعت ـ لمصدر محذوف تقديره : يختلف ألوانه اختلافا مثل اختلاف الثمرات والجبال. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة. اللام للبعد والكاف حرف خطاب.

(إِنَّما يَخْشَى اللهَ) : كافة ومكفوفة. يخشى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم بالفتحة أي مفعول به قدم على الفاعل أو تكون «إنما» مكونة من «إن» حرف

النصب والتوكيد المشبه بالفعل و «ما» الاسم الموصول المبني على السكون في محل نصب اسم «إن» والجملة «يخشى الله العلماء» صلة الموصول.

(مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «العلماء» لأن «من» حرف جر بياني. التقدير : حالة كون العلماء من بين عباده أو يكون متعلقا بحال من «ما» المبهمة. العلماء : فاعل مرفوع بالضمة في حالة إعراب «إنما» كافة ومكفوفة وفي حالة إعراب «إنما» حرفا مشبها بالفعل و «ما» اسمها فتكون كلمة «العلماء» خبر «إن» ويكون فاعل «يخشى» ضميرا مستترا جوازا تقديره : هو.

(إِنَّ اللهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة و «إن» هنا يفيد التعليل لوجوب الخشية لدلالته على عقوبة العصاة وإثابة أهل الطاعة والعفو عنهم.

(عَزِيزٌ غَفُورٌ) : خبران لإن مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة المنونة ويجوز أن يكون «غفور» صفة ـ نعتا ـ لعزيز.

** (وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة العشرين المعنى : ولا تتساوى ظلمات الكفر ولا نور الإيمان وبعد حذف المضاف إليهما «الكفر .. الإيمان» عوض المضافان عن حذف المضاف إليهما بالألف واللام فصارا : الظلمات .. النور .. وفي القول الكريم تشبيه ظاهر أيضا حيث ضرب سبحانه الظلمات والنور مثلين : للباطل «الكفر» وللحق «النور». ومثله في التشبيه القول الكريم في الآية الكريمة الحادية والعشرين «ولا الظل ولا الحرور» وهما مثلان أيضا للحق والباطل بمعنى ولا يتساوى أيضا ظل الجنة وحر النار أي وريح السموم .. وقيل : ريح السموم تهب ليلا والسموم : يهب نهارا.

** (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ) : جاء هذا القول في الآية الكريمة الثانية والعشرين .. وفيه شبه سبحانه حال الذين دخلوا في الإسلام بالأحياء والذين لم يدخلوا فيه وأصروا على الكفر بالأموات أي ولا يتساوى أحياء القلوب وهم المؤمنون ولا الأموات أي وأموات النفوس وهم الكافرون وبعد حذف المضاف إليهما «القلوب .. النفوس» عوض المضافان «أحياء .. أموات» بالألف واللام. والكلمتان «الأحياء» و «الأموات» مثلهما مثل «البصير والأعمى» لأن الكافر كالأعمى الذي لا يهتدي إلى الطريق وهو ليس كالرجل السوي الصحيح البصر الماشي في الطريق المهتدي له. وقيل : للكافر أمنيتان : يقول في الدنيا : ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى ويقول في الآخرة : يا ليتني كنت ترابا. وهذه العبارة «يا ليتني» تستعمل كثيرا في اللغة العربية و «يا» حرف نداء والمنادى به محذوف تقديره : يا هؤلاء مثلا أو تكون «يا» حرف تنبيه .. و «ليت» هنا ليست مناداة بل هي حرف تمن ونصب من

أخوات «إن» والقول «يا ليتني» إذا كان المنادى فيه محذوفا فإن القول الآخر الشهير «ليت شعري هل ننجح» يكون فيه خبر «ليت» محذوفا وتكون الجملة «هل ننجح» في محل نصب مفعولا به للمصدر «شعري» أي شعوري.

** (إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والعشرين .. المعنى : ما أنت إلا منذر : أي مخوف من عصاك بالنار فحذف مفعول اسم الفاعل «منذر» أي مخوف وهو «من» لأن كلمة «نذير» من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ أي منذر ومثله في التقدير ما جاء في الآية الكريمة الرابعة والعشرين (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً) بمعنى مبشرا للمؤمنين .. ومنذرا للكافرين أي مبشرا بالجنة من أطاعك ومحذرا بالنار من عصاك.

** (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الخامسة والعشرين .. والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ المعنى : وإن يكذبك يا محمد كفار قومك فقد كذب الذين سبقوهم رسلهم أو أنبياءهم .. وفي القول الكريم تسرية للرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وحذف مفعول «كذب» اختصارا وهو «رسلهم .. أنبياءهم» لأن ما قبله «يكذبوك» دال عليه.

** (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) : أنث الفعل «جاءت» مع فاعله المذكر «رسل .. جمع رسول» وذلك على اللفظ لا المعنى .. أي جماعة الرسل .. فلا تحزن أيها النبي. والمراد بالبينات أي بالآيات البينات : بمعنى بالبراهين والحجج .. فحذف الموصوف «الآيات» وأقيم النعت ـ الصفة ـ وهو «البينات» مقامه .. و «الزبر» جمع «زبور» يقال : زبرت الكتاب ـ أزبره ـ زبرا .. بمعنى : كتبته فهو زبور ـ فعول بمعنى : مفعول ـ والفعل من باب «قتل» ويقال : زبره ـ يزبره ـ زبرا : أي زجره ونهره وبمصغر المصدر «زبر» سمي ومنه : الزبير بن العوام وهو أحد الصحابة العشرة المبشرين بالجنة .. و «الزبور» هو كتاب داود ـ عليه‌السلام ـ وزبير ـ بوزن كريم ـ يقال : هو اسم الجبل الذي كلم الله تعالى موسى ـ عليه‌السلام ـ وبه سمي أيضا .. ومنه عبد الرحمن بن الزبير ـ صحابي ـ و «الزبير» مصدر الفعل «زبر» أيضا الكتابة وهو من بابي «ضرب» و «نصر» والكتاب المنير : هو الصحف والكتب النيرة وفيه شرائع وأحكام .. كالتوراة والإنجيل والكتب الإلهية المكتوبة كصحف إبراهيم وموسى ..

** (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة والعشرين .. وفيه ما يسمى بعلم البلاغة : الالتفات أي جيء بالفعل «أخرجنا» معدولا به عن «أنزل» لفظ الغيبة إلى ما هو أدخل في الاختصاص وأدل عليه وهو المتكلم في «أخرجنا».

** (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ) : المعنى : ومن الجبال مخطط ذو جدد أي خطط وطرائق ومنها ما هو على لون واحد. وقد حذف المضاف ولا بد من تقديره ـ كما يقول الزمخشري ـ أي تقديره في قوله تعالى : (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ) بمعنى : ومن الجبال ذو جدد .. حتى يتفق مع قوله تعالى : «ثمرات مختلفا ألوانها» مع تقدير في «ومن الجبال ذو جدد : أي ومن الجبال مختلف ألوانه. ولم ينون آخر «غرابيب» لأنه نهاية الجموع ثالث حروفه ألف وبعد الألف ثلاثة أحرف .. وسود مؤكد مؤخر لأن كلمة «غرابيب» توكيد للمؤكد «سود» وجاء التوكيد متقدما وهو يصح لغة على خلاف القياس .. لأننا نقول : أسود غربيب : أي حالك السواد أو هو الذي أبعد في السواد وأغرب فيه ومنه

الغراب. وبما أن التأكيد من حقه أن يتبع المؤكد كقولنا : أصفر فاقع فإن تفسير ذلك أو تقديره أن يضمر المؤكد قبله ويكون الذي بعده تفسيرا لما أضمر وذلك لزيادة التوكيد حيث يدل على المعنى الواحد من طريقي الإظهار والإضمار جميعا. يقال : غرب ـ يغرب ـ بمعنى : بعد فهو غريب ـ فعيل بمعنى فاعل ـ أما الغارب فهو الذي يلقي عليه خطام البعير : أي الحبل الذي يوضع في أنفه ليقاد به .. إذا أرسل ليرعى حيث شاء ثم استعير للمرأة وجعل كناية عن طلاقها .. فقيل : حبلك على غاربك : أي اذهبي حيث شئت. وقولهم : اغرب عني : معناه : تباعد عني.

(إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) (٢٩)

(إِنَّ الَّذِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن».

(يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. كتاب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(وَأَقامُوا الصَّلاةَ) : الواو عاطفة. أقاموا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الصلاة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وعطف الفعل الماضي على المضارع «يتلون» على المعنى أي إن الذين تلوا كتاب الله وأقاموا الصلاة .. أو تكون واو «وأقاموا» حالية بمعنى : وقد أقاموا ويجوز أن تكون استئنافية.

(وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «أقاموا» وتعرب إعرابها. مما : أصلها : من حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأنفقوا. رزق : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل

و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «رزقناهم» صلة الموصول لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بمن ـ في حالة كون «ما» مصدرية وتكون جملة «رزقناهم» صلة حرف مصدري لا محل لها ويكون المصدر المؤول بتقدير : من رزقنا إياهم على الفقراء والمساكين والجار والمجرور متعلق بأنفقوا أيضا ويجوز أن تكون «من» في «مما» للتبعيض ويكون مفعول «أنفقوا» محذوفا لدلالة «من» التبعيضية عليه.

(سِرًّا وَعَلانِيَةً) : حالان من ضمير «أنفقوا» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة لأن «وعلانية» معطوف بالواو على «سرا» ويعرب إعرابه بمعنى : ذوي سر وعلانية أي مسرين ومعلنين .. أو يكونا منصوبين على الظرفية بمعنى : وقتي سر وعلانية وجاء نصبهما على النيابة المصدرية على معنى : أنفقوا إنفاق سر وإنفاق علانية.

(يَرْجُونَ تِجارَةً) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» الوارد في صدر الآية الكريمة وتعرب إعراب «يتلون كتابا».

(لَنْ تَبُورَ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ لتجارة. لن : حرف نفي ونصب واستقبال. تبور : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي. بمعنى : لن تكسد.

(لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) (٣٠)

(لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ) : اللام حرف جر للتعليل. يوفي : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. أجور : مفعول به ثان منصوب بيوفي المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية

(لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بتبور بمعنى : يطمعون في تجارة غير كاسدة لأجل أن يوفيهم أجور أعمالهم وعلى هذا المعنى يكون المضاف إليه «أعمال» محذوفا وأوصل المضاف «أجور» إلى المضاف إليه الثاني «هم».

(وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «يوفيهم» وتعرب إعرابها. من فضله : جار ومجرور متعلق بالفعل «يزيد» والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم إن. غفور شكور : خبران لإن على التتابع ـ خبر بعد خبر ـ مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة المنونة وهما من صيغ المبالغة ـ فعول بمعنى فاعل ـ بمعنى : كثير الغفران لمن أذنب أي غفور لهم كثير الشكر لأعمالهم.

(وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ) (٣١)

(وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) : الواو استئنافية. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أوحى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. إليك : جار ومجرور متعلق بأوحى والجملة الفعلية (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ساقط لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : أوحيناه إليك.

(مِنَ الْكِتابِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «من» حرف جر بياني .. من البيانية ـ أي للتبيين. التقدير : أوحيناه إليك حالة كونه من الكتاب أي القرآن الكريم.

(هُوَ الْحَقُ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذي». هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ ثان. الحق : خبر «هو» مرفوع بالضمة.

(مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) : حال مؤكدة للحق منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وجاءت الحال مؤكدة لأن الحق لا ينفك عن هذا التصديق. اللام حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق باسم الفاعل «مصدقا». بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بفعل محذوف تقديره : كان .. استقر .. أو هو مستقر وهو مضاف. يديه : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة «أصله : يدين» والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه ثان بعد إضافة «يدي» إليه. والجملة الفعلية «كان بين يديه» صلة الموصول «ما» لا محل لها بمعنى : والذي أوحيناه إليك من القرآن هو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه مصدقا لما تقدمه من الكتب السماوية.

(إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوبة للتعظيم بالفتحة. بعباده : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ) : اللام لام التوكيد المزحلقة. خبير بصير : خبرا «إن» مرفوعان بالضمة المنونة ويجوز أن يكون بصير صفة لخبير.

(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) (٣٢)

(ثُمَّ أَوْرَثْنَا) : حرف عطف. أورث : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ضمير الواحد المطاع في محل رفع فاعل.

(الْكِتابَ الَّذِينَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به ثان أي القرآن.

(اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها بمعنى ثم أورثنا القرآن من بعدك الذين اخترناهم وهي أي جملة «اصطفينا» تعرب إعراب «أورثنا» والعائد إلى الموصول أي الساقط من اللفظ الثابت في المعنى ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : الذين اصطفيناهم. من عباد : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول لأن «من» حرف جر بياني. التقدير : في حالة كونهم من عبادنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل جر بالإضافة أي العلماء.

(فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) : الفاء استئنافية. من : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. ظالم : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. لنفسه : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «ظالم» الذي يعمل عمل فعله المتعدي وتعدى هنا باللام إلى مفعوله والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه.

(وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) : الجملتان الاسميتان معطوفتان بواوي العطف على (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) وتعربان إعرابها بمعنى سباق للخيرات أي الأعمال الصالحة ومنهم معتدل ومتوسط.

(بِإِذْنِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «سابق». الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ ثان. الفضل : خبر المبتدأ «هو» مرفوع بالضمة. الكبير : صفة ـ نعت ـ للفضل مرفوع مثله بالضمة. والجملة الاسمية (هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) في محل رفع خبر المبتدأ الأول «ذلك». بمعنى : ذلك السبق .. والتوريث للقرآن والاصطفاء أي اختيار العلماء والحكماء أورثناهم الكتب الإلهية.

(جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) (٣٣)

(جَنَّاتُ عَدْنٍ) : بدل من «الفضل الكبير» مرفوع بالضمة المنونة أو يكون مبتدأ وخبره الجملة الفعلية «يدخلونها» في محل رفع. عدن : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى جنات الإقامة الدائمة الاستقرار.

(يَدْخُلُونَها) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية بعدها «يحلون ..» في محل نصب حال من واو الجماعة في يدخلون :

(يُحَلَّوْنَ فِيها) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. فيها : جار ومجرور متعلق بيحلون. أو تكون الجملة الفعلية «يحلون» في محل رفع خبرا ثانيا للمبتدإ «جنات عدن» وحذف مفعول «يحلون» لأن «من» التبعيضية في «من أساور» دالة عليه.

(مِنْ أَساوِرَ) : حرف جر داخلة للتبعيض بمعنى : يحلون بعض أساور. أساور : اسم مجرور لفظا بمن منصوب محلا بيحلون وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف على وزن «مفاعل» أو هو جمع ثالث أحرفه ألف بعده حرفان وهي جمع «أسورة» أو جمع «سوار» الحلية المعروفة توضع في المعصم.

(مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «أساور». ولؤلؤا : معطوف بالواو على محل «أساور» وهو النصب على المفعولية لا لفظها وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : يحلون لؤلؤا.

(وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر آخر للمبتدإ «جنات عدن» أي أخبار مترادفة ـ خبر بعد خبر ـ الواو عاطفة. لباس :

مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. فيها : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. حرير : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة والجملة الاسمية «فيها حرير» في محل رفع خبر المبتدأ «لباسهم» أو تكون حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال.

(وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) (٣٤)

(وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ) : الواو استئنافية. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الحمد : مبتدأ مرفوع بالضمة. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ.

(الَّذِي أَذْهَبَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ للفظ الجلالة. أذهب : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية (أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) صلة الموصول لا محل لها.

(عَنَّا الْحَزَنَ) : حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر بعن. الحزن : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والجار والمجرور «عنا» متعلق بالفعل «أذهب» أي هم الدنيا والمراد به الخوف من العاقبة أو الهم من أجل العيش.

(إِنَّ رَبَّنا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. رب : اسم «إن» منصوب بالفتحة و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(لَغَفُورٌ شَكُورٌ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة. غفور شكور : خبرا «إن» مرفوعان بالضمة المنونة وهما من صيغ المبالغة ـ فعول بمعنى فاعل ـ.

(الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) (٣٥)

(الَّذِي أَحَلَّنا) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. أو يكون في محل نصب صفة ـ نعتا ـ للموصوف «ربنا» في الآية الكريمة السابقة أو في محل جر بدلا من الاسم الموصول «الذي» في الآية الكريمة السابقة. أحل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «أحلنا دار ..» صلة الموصول لا محل لها.

(دارَ الْمُقامَةِ) : مفعول به ثان منصوب بأحل المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. المقامة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : أحلنا دار الإقامة.

(مِنْ فَضْلِهِ) : جار ومجرور متعلق بالفعل «أحل» والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير المتكلمين في «أحلنا». لا : نافية لا عمل لها. يمس : فعل مضارع مرفوع بالضمة و «نا» أعرب في «أحلنا». فيها : جار ومجرور متعلق بيمس. نصب : فاعل مرفوع بالضمة المنونة.

(وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة (لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ) وتعرب إعرابها بمعنى لا يمسنا تعب وإعياء.

(وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) (٣٦)

(وَالَّذِينَ كَفَرُوا) : الواو استئنافية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ وخبره الجملة الاسمية (لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ) في محل رفع. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ) : اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. نار : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. جهنم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف.

(لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الكافرين». لا : نافية لا عمل لها. يقضى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر. على : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور في محل رفع نائب فاعل. الفاء سببية. يموتوا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وجملة «يموتوا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر معطوف على مصدر منتزع من الكلام السابق. التقدير : لا قضاء عليهم فلا موت بمعنى لا يقضى عليهم بموت آخر فينتهوا ويستريحوا بعد تلاشيهم.

(وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «لا يقضى عليهم» وتعرب إعرابها وعلامة رفع الفعل «يخفف» الضمة الظاهرة و «عنهم» متعلق بيخفف ونائب الفاعل دلت عليه «من» التبعيضية. من : حرف جر للتبعيض. عذاب : اسم مجرور لفظا بمن مرفوع محلا لأنه نائب فاعل و «ها» ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) : الكاف اسم بمعنى مثل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية «نجزي ..» في محل رفع خبره التقدير مثل ذلك الجزاء نجزي. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة. اللام للبعد والكاف للخطاب. نجزي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. كل : مفعول به منصوب بالفتحة. كفور : مضاف إليه مجرور

بالكسرة المنونة أو تكون الكاف في محل نصب صفة لمصدر محذوف أو نائبة عنه بتقدير : نجزي جزاء مثل ذلك الجزاء.

** (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة والعشرين وكلمة «علمؤا» كتبت في المصحف الكريم بواو قبل الهمزة على لغة من يفخم الألف قبل الهمزة فيمليها إلى الواو وخص سبحانه العلماء بخشيتهم منه جلت قدرته لأنهم يتأملون في الوجود ويرون آثار القدرة الإلهية فيدركون دقة صنع الخالق جل وعلا فيعظمونه سبحانه حق التعظيم فيرجون مغفرته ويخافونه. و «علماء» جمع «عالم» وهو اسم فاعل. وقد قيل : إذا زل عالم .. بكسر اللام ـ زل بزلله عالم ـ بفتح اللام ـ ويجمع «عالم» جمع مذكر سالما «عالمون» وجمع تكسير «علماء» والأفصح أن يكون «عالمون» جمع «عالم» و «علماء» جمع «عليم» وهو بصيغة فعيل بمعنى فاعل. وفعيل يجمع على فعلاء مثل ـ كريم ـ كرماء .. نديم : ـ ندماء .. لئيم : ـ لؤماء .. والعليم هو المتصف بالعلم. والمراد في الآية الكريمة المذكورة آنفا : العلماء به .. أي به سبحانه فحذف الجار لأنه معلوم أي العلماء الذين علموه بصفاته وعدله وتوحيده .. وقد قدم المفعول وهو لفظ الجلالة وأخر الفاعل «العلماء» لأن المعنى : إن الذين يخشون الله من بين عباده هم العلماء دون غيرهم .. أما إذا قدم «العلماء» وأخر اسم لفظ الجلالة انقلب المعنى فيصبح : إنهم لا يخشون إلا الله وهما معنيان مختلفان ـ هذا ما ذكره الزمخشري ـ أما القراءة الثانية التي قرأها عمر بن عبد العزيز فوجه هذه القراءة : إن الخشية في هذه القراءة استعارة .. والمعنى : إنما يجلهم ويعظمهم كما يجل المهوب ـ أي الذي يهاب ـ المخشي من الرجال بين الناس من بين جميع عباده. وشبيه هذه الآية الكريمة في تقديم المفعول قوله تعالى في سورة «البقرة» : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ) وقد يجب تأخير المفعول في نحو قولك : ضرب يحيى مصطفى لانتفاء الدلالة على فاعلية أحدهما ومفعولية الآخر .. فلو وجدت قرينة معنوية نحو : أرضعت الصغرى الكبرى .. وأكل التفاحة مرتضى أو وجود قرينة لفظية كقولك : ضربت مصطفى سلمى .. وضرب يحيى الحكيم ـ بضم الميم ـ مصطفى .. جاز تقديم المفعول على الفاعل وتأخيره لانتفاء اللبس في ذلك.

** (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثلاثين يقال : زاد الشيء وزاده غيره فهو لازم ومتعد والفعل من باب «باع» وقولهم : زاد المال دينارا تكون كلمة «دينارا» تمييزا وفي الآية الكريمة جاء الفعل «يزيد» وماضيه : ثلاثي «زاد» متعديا إلى ضمير الغائبين «هم» أما الفعل الرباعي «أزاد ـ يزيد ـ بضم الياء ـ فهو ليس من الزيادة في شيء وإنما له معنى آخر .. نقول : أزاده : أي أعطاه الزاد ومثله : زوده .. والفعل المزيد «تزود» بمعنى اتخذ الزاد .. في حين إن الفعل الثلاثي «زاد» من معانيه : نما .. نحو : زاد الشيء : أي نما. وزاد الرجل الشيء : بمعنى : أنماه .. وزاد فلان : أي أعطى الزيادة واستزاده : أي طلب منه الزيادة وهي ما يزاد.

** (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والثلاثين .. الذهب : معدن ـ بكسر الدال ـ ثمين تصنع منه السبائك والحلي والنقود .. وجمعه : أذهاب وذهوب ـ بضم الذال ـ ومنه القول ذهب

الرجل ـ بكسر الهاء ـ يذهب : أي وجد الذهب وانتابته الدهشة وكأنه زال عقله لأننا نقول : ذهب به : أي أزاله من مكانه. وذهب الرجل ـ بفتح الهاء ـ في الأرض أو في سبيله : أي مضى وسار. ومصدره : ذهاب ـ بفتح الذال ـ ولا يلفظ بكسر الذال لأن «الذهاب» : جمع «ذهبة» ـ بفتح الذال والهاء ـ وهي قطعة من الذهب وتعني أيضا : التبر وهو بدوره : «تبرة» : وهو تراب معدن الذهب أو كل ما له علاقة بالذهب قبل ضربه وصوغه .. وقولهم : أذهب الشيء : معناه : موهه بالذهب .. وموه الشيء بماء الذهب أو الفضة : بمعنى : طلاه .. ومن معاني «موه» محو : موه عليه الخبر أو الأمر : أي زوره عليه وبلغه خلاف ما هو : أي عكس حقيقة الأمر. والفعل «ذهب» فعل لازم ويعدى بالهمزة نحو قوله تعالى في سورة «البقرة» : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ) بمعنى : أعمالهم وتعدى الفعل «ذهب» هنا بواسطة الباء وقامت الباء مقام الهمزة فمعناه أذهب الله نورهم .. ولأنه لا يجمع بين الهمزة والباء وهذه الباء تسمى : باء المعاقبة للهمزة في تصيير الفاعل مفعولا فهي والهمزة متعاقبتان فلا تجتمعان. نحو : ذهبت بزيد : أي أذهبته فلا تقول أذهب بزيد. ومن أمثال العرب الشهيرة : اذهب إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم .. وهو اسم ناقة ألقت رحلها في النار فسارت مثلا «ورحلها» ما كان موضوعا على ظهرها ومنه القول كناية : حط رحله وألقى رحله : بمعنى : أقام .. وعاد إلى رحله : أي رجع إلى منزله ومأواه. ويقال : فض اللؤلؤة : أي خرقها. وفي الحديث : «لا يفضض الله فاك» أي فمك .. وهو قول في الدعاء ومثله : لا فض فوك : أي فمك ـ بمعنى : لا نثرت أسنانك ولا فرقت .. يقال هذا القول استحسانا لمن أجاد في القول والكلام وعلى الضد من هذا الدعاء قولهم : فض الله جمعهم : أي فرقهم .. وفض الله فاه.

** (الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والثلاثين .. المعنى هو الذي أنزلنا الجنة دار الإقامة الأبدية ..

** سبب نزولها : نزلت الآية الكريمة حينما سئل النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ عن النوم في الجنة والراحة فقال : «ليس فيها لغوب كل أمرهم راحة» واللغوب ـ بضم اللام والغين ـ هو التعب والإعياء يقال لغب ـ يلغب ـ لغوبا .. من باب دخل.

** (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة السابعة والثلاثين .. المعنى : وهم يتصارخون في جهنم مستغيثين .. أي يفتعلون .. من الصراخ استعمل في الاستغاثة لجهر المستغيث صوته أو يستغيثون يقال : صرخ ـ يصرخ ـ صرخا وصراخا .. من باب «قتل» فهو صارخ ـ اسم فاعل وصريخ : إذا صاح .. وصرخ فهو صارخ أيضا : إذا استغاث ويقال : استصرخته فأصرخني : أي استغثت به فأغاثني فهو صريخ : أي مغيث ـ فعيل بمعنى فاعل ـ ومصرخ على القياس .. وقال الجوهري : اصطرخ مثل صرخ والتصرخ هو تكلف الصراخ ويقال : التصرخ بالعطاس حمق والصريخ أيضا الصارخ وهو أيضا المغيث والمستغيث وهو من الأضداد.

** (إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والثلاثين .. أي إنه سبحانه يعلم بما يجيش في الصدور ويخطر في القلوب أي بمضمرات الصدور وهو أخفى ما يكون فمن علم بذلك فهو حري بأن يعلم كل غيب في الكون والعالم. وقد ورد هذا القول الكريم كثيرا في آيات الله البينات. وإذا كان

الفعل «علم» بمعنى «اليقين» تعدى إلى مفعولين وإذا كان بمعنى المعرفة تعدى إلى مفعول واحد وقد يضمن معنى «شعر» فتدخل الباء .. فيقال : علمته وعلمت به وأعلمته الخبر وأعلمته به وقالت العرب في أمثالها : العلم في الصدور لا في السطور وجاء اسم الفاعل «عالم» غير منون لأنه أضيف إلى مفعوله فلو كان منونا لانتصبت كلمة «غيب» على المفعولية أي مفعولا به لاسم الفاعل. وبما أن اسم الفاعل غير منون فهو يعني أن العلم يكون للماضي والمستقبل والحال .. ومثله : هذا الرجل حاج بيت الله بإضافة «حاج» إلى البيت أي عدم تنوينها أي تنوين اسم الفاعل «حاج» معناه : أنه قد حج لأنه فعل ماض أما القول : حاج بيت الله .. أي بتنوين «حاج» ونصب البيت مفعولا به لاسم الفاعل فمعناه لم يحج بعد لأن الفعل يدل على المستقبل ومن أدب المجالس يحكى أن الكسائي ـ وهو أبو الحسن علي بن حمزة ـ وأحد النحاة الكوفيين عهد إليه هارون الرشيد بتأديب ولديه : الأمين والمأمون ضمه مجلس في حضرة هارون الرشيد مع الفقيه القاضي أبي يوسف ـ وهو يعقوب بن إبراهيم الكوفي ـ وكان يدعى قاضي القضاة وتولى القضاء في بغداد في عهد الخلفاء : المهدي .. الهادي .. والرشيد. فسأل الكسائي أبا يوسف ما تقوله في رجل قال لرجل : أنا قاتل غلامك ـ بتنوين ـ قاتل ـ وقال آخر : أنا قاتل غلامك ـ بإضافة قاتل إلى الغلام ـ أيهما كنت تأخذ به؟ قال : آخذ بهما جميعا. فقال هارون : أخطأت ـ وكان له علم بالعربية ـ فاستحيى أبو يوسف وقال : كيف ذلك؟ فقال هارون : الذي يؤخذ بقتل الغلام هو الذي قال : أنا قاتل غلامك ـ بالإضافة ـ لأنه فعل ماض. فأما الذي قال : أنا قاتل غلامك ـ من غير إضافة ـ فإنه لا يؤخذ لأنه مستقبل لم يكن بعد.

** (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة والثلاثين .. التقدير : فعليه جزاء كفره فحذف المضاف المبتدأ المؤخر «جزاء» وأقيم المضاف إليه «كفره» مقامه وارتفع ارتفاعه أو بمعنى فعليه وبال أو ضرر كفره. وقوله «هو الذي» معناه : هو الله تعالى الذي جعلكم خلفاء في الأرض .. يقال : خلفت فلانا على أهله وماله خلافة .. من باب «كتب» بمعنى : صرت خليفته .. واستخلفته : أي جعلته خليفة .. قال الفيومي : فخليفة يكون بمعنى فاعل وبمعنى مفعول .. وأما الخليفة بمعنى : السلطان الأعظم فيجوز أن يكون فاعلا لأنه خلف من قبله أي جاء بعده ويجوز أن يكون مفعولا لأن الله تعالى جعله خليفة أو لأنه جاء بعد غيره كما في الآية الكريمة المذكورة آنفا. قال بعضهم : ولا يقال : خليفة الله بالإضافة إلا لآدم وداود لورود النص بذلك وقيل : يجوز وهو القياس لأنه تعالى جعله خليفة كما جعله سلطانا وقد سمع : سلطان الله وجنود الله وحزب الله وخيل الله والإضافة تكون بأدنى ملابسة وعدم السماع لا يقتضي عدم الاطراد مع وجود القياس ولأنه نكرة تدخله الألف واللام للتعريف فيدخله ما يعاقبها وهو الإضافة كسائر أسماء الأجناس. والخليفة : أصله : خليف بغير هاء لأنه ـ فعيل بمعنى فاعل ـ والهاء للمبالغة مثل «علامة» ويكون وصفا للرجل خاصة ومنهم من يجمعه باعتبار الأصل فيقول الخلفاء مثل شريف وشرفاء وهذا الجمع مذكر فيقال ثلاثة خلفاء ومنهم من يجمع باعتبار اللفظ فيقول الخلائف ويجوز تذكير العدد وتأنيثه في هذا الجمع فيقال : ثلاثة خلائف وثلاث خلائف وهما لغتان فصيحتان وقال الجوهري : والخليفة : السلطان الأعظم وقد يؤنث وجمعه : خلائف مثل كريمة ـ كرائم وقالوا أيضا : خلفاء من

أجل أنه لا يقع إلا على مذكر وفيه الهاء فجمعوه على إسقاط الهاء كظريف وظرفاء لأنه فعيلة لا يجمع على فعلاء. وأنشد الفراء :

أبوك خليفة ولدته أخرى

وأنت خليفة ذاك الكمال

«والخليفي» بكسر الخاء واللام وتشديد اللام : الخلافة. وقال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : «لو أطيق الأذان مع الخليفي لأذنت».

** (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) : هذا القول الكريم هو نهاية الآية الكريمة الحادية والأربعين و «حليم» من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ يقال : حلم ـ بضم اللام حلما ـ بكسر الحاء : بمعنى : صفح وستر فهو حليم وحلمته .. ـ بتشديد اللام ـ أي نسبته إلى الحلم وباسم الفاعل سمي الرجل ومنه محلم بن جثامة وهو الذي قتل رجلا بذحل الجاهلية ـ أي بثأرها وحقدها ـ بعد ما قال لا إله إلا الله فقال عليه‌السلام : اللهم لا ترحم محلما فلما مات ودفن لفظته الأرض ثلاث مرات. يحكى أن المهلب بن أبي صفرة تعرض لشتم أحدهم فسكت عنه. فقيل له : حلمت عنه؟ قال : لم أعرف مساوئه وكرهت أن أبهته ـ أي افتري عليه ـ بما ليس فيه. وفي إحدى خطب الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ وصف حال قوم وقال : إنهم لا تلتقي الشفتان بذمهم استصغارا لشأنهم. ويروى أن أحد سفهاء قريش تهدد يوما أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ وقال له : لأسبنك سبا يدخل معك قبرك! فرد عليه الخليفة : معك والله يدخل لا معي.

** (فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً) : ورد في الآية الثانية والأربعين. و «النذير» أي المنذر والمراد به الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ والجملة إسناد مجازي لأنه هو السبب في أن زادوا أنفسهم نفورا عن الحق وابتعادا عنه يقال : نفر ـ ينفر ـ نفورا .. من باب «قعد» لغة وقرئ بمصدرها في قوله تعالى في الآية الكريمة المذكورة آنفا .. ونفر ـ ينفر ـ نفرا .. من باب «ضرب» في اللغة العالية وبها قرأ السبعة أي أعرضوا وصدوا و «النفير» مثل «النفور» والاسم : النفر ـ بفتح النون والفاء ـ وهو من الثلاثة إلى التسعة. وقيل : النفر : جماعة الرجال من ثلاثة إلى عشرة وقيل : إلى سبعة. ولا يقال : نفر .. فيما زاد على العشرة .. وكذا «النفير» والنفير : تطلق على القوم المسرعين إلى الحرب أو غيرها وقد سموا بالمصدر.

** سبب نزول الآية : نزلت بعد أن كانت قريش تقول : لو أن الله بعث نبيا منا ما كانت أمة من الأمم أطمع لخالقها ولا أسمع لنبيها ولا أشد تمسكا بكتابها منا. فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة.

(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) (٣٧)

(وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها) : الواو حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال من ضمير الغائبين «هم» في قوله «لهم نار جهنم» في الآية الكريمة السابقة. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في

محل رفع مبتدأ. يصطرخون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. فيها : جار ومجرور متعلق بيصطرخون بمعنى وهم يستغيثون.

(رَبَّنا أَخْرِجْنا) : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة وحذفت أداة النداء أصله : يا ربنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى ويدعون ربهم قائلين. أخرجنا : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل دعاء وتضرع وتوسل بصيغة طلب مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. وحذف الجار والمجرور صلة الفعل لأنه معلوم أي أخرجنا من نار جهنم.

(نَعْمَلْ صالِحاً) : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر في وجوبا تقديره : نحن. صالحا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى عملا صالحا فحذف الموصوف وحلت الصفة محله.

(غَيْرَ الَّذِي) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «صالحا» أو بدل منه ويجوز أن يكون صفة ثانية للموصوف المحذوف «عملا» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(كُنَّا نَعْمَلُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان». نعمل : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر في وجوبا تقديره : نحن. والجملة الفعلية «نعمل» في محل نصب خبر «كان» والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : كنا نعمله.

(أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ) : الجملة الفعلية الاستفهامية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى فيقول لهم أو فنقول لهم : ألم نمد في عمركم. الهمزة همزة توبيخ من الله سبحانه لهم بلفظ استفهام. الواو عاطفة على محذوف و «لم» حرف نفي وجزم وقلب. نعمركم : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ) : اسم موصول مبني على السكون بمعنى «الذي» في محل جر بحرف جر محذوف. بتقدير : ألم نمد في عمركم إلى الذي يتذكر فيه القابل للتذكر أي إلى القدر الذي يتذكر فيه. يتذكر : فعل مضارع مرفوع بالضمة والجار والمجرور «فيه» متعلق بيتذكر. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(يَتَذَكَّرُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) : الواو عاطفة. وما بعدها : معطوف على معنى : أولم نعمركم لأن اللفظ لفظ استخبار ومعناه معنى إخبار بتقدير : قد عمرناكم وجاءكم النذير. جاءكم : فعل ماض مبني على الفتح الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع حرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ النذير : فاعل مرفوع بالضمة وهو من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ أي المنذر ينذركم من العاقبة.

(فَذُوقُوا) : الفاء سببية. ذوقوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وحذف مفعوله لعلم السامع .. أي فذوقوا العذاب الذي تستحقون : أي عذاب النار.

(فَما لِلظَّالِمِينَ) : الفاء استئنافية للتعليل. ما : نافية لا عمل لها. للظالمين : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم في محل رفع وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(مِنْ نَصِيرٍ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. نصير : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر أي نصير ينقذهم.

(إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٣٨)

(إِنَّ اللهَ عالِمُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة. عالم : خبر «إن» مرفوع بالضمة.

(غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. السموات : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها.

(إِنَّهُ عَلِيمٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل والهاء ضمير متصل في محل نصب اسم «إن». عليم : خبرها مرفوع بالضمة المنونة.

(بِذاتِ الصُّدُورِ) : جار ومجرور متعلق بعليم. الصدور : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَساراً) (٣٩)

(هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو». جعلكم : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول والميم علامة جمع الذكور.

(خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ) : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون آخره لأنه ممنوع الصرف لأنه جمع ثالث أحرفه ألف بعده حرفان مفرده :

خليفة. في الأرض : جار ومجرور متعلق بالفعل «جعل» أو يكون الجار والمجرور في محل نصب لأنه في مقام المفعول به الثاني للفعل جعل أو يكون متعلقا بصفة محذوفة من «خلائف».

(فَمَنْ كَفَرَ) : الفاء استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». كفر : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بمن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) : الجملة الاسمية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط. عليه : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. كفره : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه.

(وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ) : الواو استئنافية. لا : نافية لا عمل لها. يزيد : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الكافرين : مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) : فاعل «يزيد» مرفوع بالضمة «وهم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه. عند : ظرف مكان متعلق بيزيد منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. رب : مضاف إليه مجرور بالاضافة وعلامة الجر الكسرة وهو مضاف. و «هم» ضمير الغائبين المتصل في محل جر مضاف إليه ثان.

(إِلَّا مَقْتاً) : أداة حصر لا عمل لها. مقتا : مفعول به ثان منصوب بيزيد وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي بغضا شديدا.

(وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَساراً) : معطوف بالواو على ما قبله ويعرب إعرابه بمعنى إلا خسارة للآخرة.

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً) (٤٠)

(قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت واوه .. ـ أصله : قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة الفعلية بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الهمزة همزة تعجب بلفظ استفهام. رأيتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور بمعنى : أخبروني. شركاءكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة الجمع.

(الَّذِينَ تَدْعُونَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة ـ نعت ـ للشركاء. تدعون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : الذين تعبدون. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به التقدير : الذين تعبدونهم أو تدعونهم شركاء لأن ما قبله يدل على المفعول الثاني «شركاء» ولأن الفعل تدعون يتعدى إلى مفعولين .. الأول هو الضمير العائد والثاني هو «شركاء» أي الأصنام والأوثان.

(مِنْ دُونِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بتدعون أو بحال محذوف من مفعول «تدعون» أي «هم» أي الشركاء وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(أَرُونِي) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون نون الوقاية لا محل لها والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «أروني» وما بعدها في محل نصب لأنها بدل من «أرأيتم» بمعنى أخبروني عن هؤلاء الشركاء وعما استحقوا به

الألوهية والجملة الاستفهامية بعده «ما ذا خلقوا ..» في محل نصب مفعول به ثان لأروا.

(ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «خلقوا». خلقوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. من : حرف جر بياني للتعجب. الأرض : اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بخلقوا. والجملة الاستفهامية في محل نصب مفعول به ثان لأروني أو تكون متعلقة بأروني على معنى «أخبروني» لأن «أروني» بدل من «أرأيتم» بمعنى : أخبروني أيضا. وفي هذه الحالة يجوز أن تكون «ما» اسم استفهام مبنيا على السكون في محل رفع مبتدأ و «ذا» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل رفع خبر «ما» والجملة الفعلية (خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ) صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما ذا أي ما الذي خلقوه من الأرض بمعنى أي جزء من أجزاء الأرض خلقوه من دون الله.

(أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ) : حرف عطف وهي «أم» المتصلة لأنها مسبوقة بهمزة استفهام. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. شرك : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى شراكة مع الله والجملة الاسمية معطوفة بأم على «ما خلقوا».

(فِي السَّماواتِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «شرك» أي في خلق السموات. فحذف المضاف «خلق» وأقيم المضاف إليه «السموات» مقامه.

(أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً) : أم : أعربت. آتى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني

على السكون في محل نصب مفعول به أول. كتابا : مفعول به ثان منصوب بالفتحة المنونة بمعنى أم آتينا هؤلاء كتابا من عندنا.

(فَهُمْ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْهُ) : الفاء استئنافية للتعليل. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. على بينة : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «هم». منه : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «بينة» بمعنى : أم معهم كتاب من عند الله ينطق بأنهم شركاء فهم على حجة وبرهان من ذلك الكتاب.

(بَلْ إِنْ يَعِدُ) : حرف إضراب للاستئناف. إن : مخففة من «إن» مهملة بمعنى «ما» النافية. يعد : فعل مضارع مرفوع بالضمة.

(الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ) : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. بعض : أي الرؤساء : بدل من الظالمين مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة أي الأتباع.

(بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. إلا : أداة حصر لا عمل لها. غرورا : مفعول به ثان منصوب بيعد المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ما يعدونهم إلا بالباطل وهو قولهم : هؤلاء شفعاؤنا عند الله ويجوز أن تكون «غرورا» منصوبة على المصدر ـ المفعول المطلق ـ بفعل محذوف تقديره : وما يعد بعضهم بعضا أي يغرون بعضهم غرورا أو تكون حالا بمعنى : إلا مغرورين.

(إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (٤١)

(إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة. يمسك : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى يمنع.

(السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنها ملحقة بجمع المؤنث السالم. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة بمعنى : يحفظهما.

(أَنْ تَزُولا) : حرف مصدرية ونصب. تزولا : فعل مضارع منصوب بإن وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «تزولا» صلة حرف مصدري لا محل لها. و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب متعلق بمفعول لأجله. التقدير : كراهة أن تزولا ثم حذف أو يكون المصدر المؤول في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير : يمنعهما من الزوال لأن الإمساك منع والجار والمجرور متعلق بيمسك.

(وَلَئِنْ زالَتا) : الواو استئنافية. اللام موطئة للقسم ـ اللام المؤذنة. إن : حرف شرط جازم. زالتا : فعل ماض مبني على الفتح. التاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفعل في محل جزم بإن لأنه فعل الشرط والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. وجملة «إن زالتا» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه فلا محل لها بمعنى : ولو زالتا.

(إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ) : الجملة الفعلية جواب القسم سد مسد الجوابين : جواب الشرط وجواب القسم. إن : حرف مهمل بمعنى «ما» النافية لا عمل له. أمسكهما : فعل ماض مبني على الفتح والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم. و «ما» علامة التثنية بمعنى : ما منعهما من الزوال. من : حرف جر زائد لتأكيد النفي. أحد : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه فاعل أمسك بمعنى ما منعهما من الزوال أحد.

(مِنْ بَعْدِهِ) : جار ومجرور في محل جر صفة ـ نعت ـ لأحد على اللفظ وفي محل رفع على المحل والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة أي من بعد إمساكه لهما وبعد حذف المضاف إليه الأول «إمساك» أوصل المضاف «بعد» إلى الهاء.

(إِنَّهُ كانَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «كان حليما ..» في محل رفع خبر إن.

(حَلِيماً غَفُوراً) : خبران لكان منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة ويجوز أن يكون «غفورا» صفة للموصوف حليما.

(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً) (٤٢)

(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ) : الواو استئنافية. أقسموا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بأقسموا.

(جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) : مصدر مؤكد ـ مفعول مطلق ـ منصوب بفعل محذوف تقديره : يجهدون جهدا وبعد إضافته حذف التنوين. إيمان : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة ـ مضاف إليه ثان ـ بمعنى : حلفوا قبل مبعث النبوة.

(لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ) : اللام موطئة للقسم ـ اللام المؤذنة ـ إن : حرف شرط جازم. جاء : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. نذير : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. والجملة «إن جاءهم نذير» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه لا محل لها.

(لَيَكُونُنَّ أَهْدى) : الجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم أو يكون جواب القسم قد سد مسد الجوابين. اللام واقعة في جواب القسم. يكونن : فعل مضارع ناقص مبني على حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة وسبب بنائه على حذف النون

اتصاله بنون التوكيد الثقيلة وواو الجماعة المحذوفة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع اسم «يكون» ونون التوكيد لا محل لها. أهدى : خبر «يكون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر ولم تنون الألف ـ وهو اسم نكرة ـ لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعل التفضيل» ومن وزن الفعل.

(مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ) : جار ومجرور متعلق بأهدى وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر. الأمم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى من بعض الأمم أو واحدة من الأمم أو من الأمة التي يقال لها إحدى الأمم تفضيلا لها على غيرها في الهدى والاستقامة.

(فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ) : الفاء استئنافية. لما : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقة بالجواب. جاءهم نذير : أعربت. وجملة (جاءَهُمْ نَذِيرٌ) في محل جر بالإضافة أي منذر وهو الرسول محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

(ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً) : الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها. ما : نافية لا عمل لها. زاد : فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به والفاعل محذوف اختصارا لأن ما قبله يدل عليه .. أي ما زادهم مجيؤه ـ مجيء النذير ـ إلا : أداة حصر لا عمل لها. نفورا : مفعول به ثان منصوب بالفعل «زاد» المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : إلا إعراضا وصدا عن الحق.

(اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) (٤٣)

(اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ) : بدل من «نفورا» في الآية الكريمة السابقة أو مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة على معنى : فما زادهم إلا نفورا استكبارا وعلوا أو تكون حالا بمعنى : مستكبرين وماكرين برسول

الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ والمؤمنين في الأرض : جار ومجرورا متعلق بالمصدر «استكبارا» بالرسالة تكبرا.

(وَمَكْرَ السَّيِّئِ) : معطوف بالواو على «استكبارا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة. السيئ : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة ويجوز أن يكون «مكر السيئ» معطوفا على «نفورا» وأصله وأن مكروا السيئ أي المكر السيئ ثم حذف الموصوف «المكر». استغناء بوصفه ثم بدل «أن» مع الفعل بالمصدر ثم أضيف إلى السيئ. والمراد بالمصدر هو «أن مكروا» فتقدير : مكر والدليل قوله تعالى : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ).

(وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ) : الواو استئنافية. تفيد التعليل. لا : نافية لا عمل لها. يحيق : فعل مضارع مرفوع بالضمة أي ولا يحيط وبال المكر السيئ أي لا ينزل .. المكر : فاعل مرفوع بالضمة. السيئ : صفة ـ نعت ـ للمكر مرفوع مثله بالضمة.

(إِلَّا بِأَهْلِهِ) : أداة حصر لا عمل لها. بأهله : جار ومجرور متعلق بيحيق. والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا) : الفاء استئنافية. هل : حرف استفهام لا محل لها. ينظرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. إلا : أداة حصر لا عمل لها.

(سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الأولين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى إنما ينظرون إنزال العذاب أو العقاب على الذين كذبوا برسلهم من الأمم قبلهم أي الكفار الأولين أو إلا أن تجيئهم سنة الله فيهم أي طريقته سبحانه في أخذ الأولين وتعذيبهم وأصل «الأولين» صفة لموصوف محذوف أقيمت مقامه.

(فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ) : الفاء استئنافية. لن : حرف نفي ونصب واستقبال. تجد : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. لسنة : جار ومجرور متعلق بالفعل «تجد».

(اللهِ تَبْدِيلاً) : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. تبديلا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.

(وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) : معطوف بالواو على (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً) ويعرب إعرابه.

(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ اللهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً) (٤٤)

(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَما كانَ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة التاسعة من سورة «الروم» الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح.

(اللهُ لِيُعْجِزَهُ) : لفظ الجلالة اسم «كان» مرفوع للتعظيم بالضمة. اللام لام الجحود ـ النفي ـ يعجزه : فعل مضارع بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم.

(مِنْ شَيْءٍ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. شيء : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه فاعل «يعجز» والجملة الفعلية «يعجزه شيء» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة بعد لام الجحود «وهي حرف جر يؤكد النفي الواقع على الفعل الناقص «كان» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «كان» المحذوف بتقدير : وما كان الله مريدا أن يعجزه شيء أي وما كان شيء قادرا لإعجازه سبحانه بمعنى : لا يفوته شيء.

(فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «شيء» وهو في محل جر على لفظ «شيء» وفي محل رفع على محل «شيء» الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. في الأرض : معطوف على «في السموات» ويعرب مثله.

(إِنَّهُ كانَ عَلِيماً قَدِيراً) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية بعده (كانَ عَلِيماً قَدِيراً) في محل رفع خبر «إن». كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. عليما قديرا : خبرا «كان» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المنونة ويجوز أن يكون «قديرا» صفة للموصوف «عليما».

(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً) (٤٥)

(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ) : الواو استئنافية. لو : حرف شرط غير جازم. يؤاخذ : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة بمعنى : ولو يعجل الله العذاب للناس على ذنوبهم.

(النَّاسَ بِما كَسَبُوا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. كسبوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «كسبوا» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : بما كسبوه أي ما اقترفوه من معاصيهم وآثامهم أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «كسبوا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بيؤاخذ. التقدير والمعنى : بسبب كسبهم المعاصي والآثام فحذف المضاف «سبب» وحل المصدر محله.

(ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها) : الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها. ما : نافية لا عمل لها. ترك : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي لفظ الجلالة : على ظهر : جار ومجرور متعلق بترك و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى على ظهر البسيطة أي الأرض وإن لم يرد لها ذكر لأنها معلومة.

(مِنْ دَابَّةٍ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. دابة : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به للفعل «ترك».

(وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ) : الواو زائدة. لكن : حرف استدراك عاطف لا يعمل لأنه مخفف وهو في الأصل حرف مشبه بالفعل. يؤخر : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أي ولكنه يؤخرهم.

(إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) : جار ومجرور متعلق بالفعل «يؤخر». مسمى : صفة ـ نعت ـ لأجل مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة المقدرة للتعذر على آخره ـ الألف المقصورة ـ قبل تنوينها لأنها اسم مقصور نكرة رباعي مضعف أي مشدد.

(فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) : الفاء استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون مضمن معنى الشرط خافض لشرط متعلق بجوابه. جاء : فعل ماض مبني على الفتح. أجل : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «جاء أجلهم» في محل جر بالإضافة.

(فَإِنَّ اللهَ كانَ) : الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها أي الجملة المؤولة من «إن» وما في حيزها من اسمها وخبرها. الفاء واقعة في جواب الشرط. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «كان بعباده بصيرا» في محل رفع خبر «إن» وبمعنى ولكن الله يؤخر عقابهم فإذا جاء وقتهم المحدد فإن الله كان ..

(بِعِبادِهِ بَصِيراً) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» بصيرا» والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. بصيرا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : عالما بأحوال عباده فيجازيهم على أعمالهم يوم القيامة.

سورة يس

معنى السورة : قيل : إن الكلمة مثلها كمثل : الم ـ ألف لام ميم ـ وكهيعص ـ كاف ها يا عين صاد ـ أي من الأحرف التي تبدأ بها بعض السور .. أي : يا سين. وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ معناها : يا إنسان في لغة طيئ والله أعلم بصحته وإن صح فوجهه أن يكون أصله : يا أنيسين .. فكثر النداء به على ألسنتهم حتى اقتصروا على شطره كما قالوا في القسم : «م الله» في «أيمن الله» وقيل : أصله : ياسينين.

تسمية السورة : خص الله سبحانه إحدى سور القرآن الكريم فسماها بهذا الاسم وقد وردت لفظة «ياسين» مرة واحدة في بداية السورة الشريفة المسماة بها. وكان حبيب النجار ـ وهو من الحواريين ـ هو صاحب ياسين .. جاء ذكره في السورة نفسها في قوله تعالى : (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى) وكرر في سورة «القصص» : في قوله عزوجل : «وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى» في سورة «يس» قدم شبه الجملة «من أقصى المدينة» وأخر الفاعل «رجل» أما في سورة «القصص» فحصل العكس.

فضل قراءة السورة : قال النبي الطاهر الداعي إلى الإحسان والمعروف محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إن في القرآن سورة يشفع لقارئها ويغفر لمستمعها ألا وهي سورة «يس» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : «كنت لا أعلم ما روي في فضائل «يس» وقراءتها كيف خصت بذلك فإذا أنه لهذه قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : إن لكل شيء قلبا وإن قلب القرآن «يس» من قرأ «يس» يريد بها وجه الله غفر الله تعالى له وأعطي من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتين وعشرين مرة وأيما مسلم قرئ عنده ـ إذا نزل ملك الموت ـ سورة «يس» نزل بكل حرف منها عشرة أملاك ـ جمع ملك ـ يقومون بين يديه صفوفا يصلون عليه ويستغفرون له ويشهدون غسله ويتبعون جنازته ويصلون عليه ويشهدون دفنه .. وأيما مسلم قرأ «يس»

وهو في سكرات الموت لم يقبض ملك الموت روحه حتى يحييه «رضوان» خازن الجنة بشربة من شراب الجنة يشربها وهو على فراشه .. فيقبض ملك الموت روحه وهو ريان ويمكث في قبره وهو ريان ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء حتى يدخل الجنة وهو ريان» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

إعراب آياتها

(يس) (١)

(يس) : قيل إن الكلمة من الأحرف التي تبدأ بها بعض السور ـ وقد شرح ذلك بإسهاب ـ في سورة «يوسف» ومنعت من الصرف لأنها ليست اسما للسورة أو للتأنيث والعلمية .. وقرئت بالفتح كأين وكيف .. أو بالنصب على أنها مفعول بمحذوف تقديره : اتل .. أو بالضم كحيث .. وبالكسر على الأصل .. كجير. وفخمت الألف وأميلت وقرئت بالرفع خبرا لمبتدإ محذوف تقديره : هذه يس. وجاز قراءة الكلمة مبنية على الوقف إن أريدت الحكاية .. ومثله : حم .. طس. ويقال قرأت «يس» ويعرب إعراب ما لا ينصرف ـ أي ممنوعا من الصرف ـ إن جعل اسما للسورة لأن وزن «فاعيل» ليس من أبنية العرب فهو بمنزلة هابيل وقابيل ويجوز أن يمتنع من الصرف للتأنيث والعلمية وجاز أن يكون مبنيا على الفتح لالتقاء الساكنين واختير الفتح لخفته كما في «أين» و «كيف» ويبنى على الوقف إن أريدت الحكاية ومثله في التقديرات : حم .. وطس .. كما أشير آنفا.

(وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) (٢)

(وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) : الواو حرف جر ـ واو القسم ـ القرآن : اسم مقسم به مجرور بالواو وعلامة جره الكسرة .. والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف .. التقدير : أحلف بالقرآن الحكيم. وقد أبدلت الواو من الباء. الحكيم : صفة ـ نعت ـ للقرآن ـ مجرور مثله وعلامة جره الكسرة.

(إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (٣)

(إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن» اللام واقعة في جواب القسم المحذوف. من المرسلين : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته واللام في «لمن ..» هي نفسها لام التوكيد أكدت الجملة المقسم عليها التي هي جوابها و «إن» وما بعدها لا محل لها لأنها جواب القسم.

(عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٤)

(عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) : جار ومجرور في محل رفع خبر ثان لإن. أو متعلق بالمرسلين أي صلة للمرسلين على تأويل فعل اسم المفعولين. مستقيم : صفة ـ نعت ـ لصراط مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة بمعنى : على طريق قويم.

** (وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية المعنى : وحق القرآن المحكم بنظمه وبديع ألفاظه ومعانيه وحذف المقسم به المضاف «حق» وحل المضاف إليه «القرآن» محله والقسم أكد أن الرسول محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ هو نبي مبعوث من الله سبحانه.

** سبب نزول الآية : نزلت الآية الكريمة حينما هم ناس من قريش أن يأخذوا الرسول ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ الذي أوذوا من قراءته سورة السجدة فجمعت أيديهم إلى أعناقهم فقالوا : ننشدك الله والرحم يا محمد .. فدعا حتى ذهب ذلك عنهم فنزلت هذه الآية الكريمة والآيات التي بعدها إلى الآية العاشرة.

** (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة .. المعنى إنك يا محمد رسول من جملة المرسلين إلى الناس لهدايتهم وحثهم على اتباع الحق وإنك مرسل على الطريق القويم طريق من سبقك من الأنبياء. ونكر «صراط لإفادته التفخيم والتعظيم وأصله : السراط.

** (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة .. المعنى : تنزيل الله العزيز الرحيم أي منزل من عند العزيز الرحيم .. ولم يذكر اسم لفظ الجلالة الموصوف لأنه معلوم وأقيمت صفتاه جلت قدرته.

** (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة .. المعنى : لقد وجب القول أو ثبت على أكثرهم بالعذاب ويعني قوله (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) يقال : حق الشيء ـ يحق ـ حقا .. بمعنى : وجب من بابي «ضرب وقتل» وحقت القيامة .. من باب «قتل» بمعنى : أحاطت بالخلائق فهي حاقة ـ اسم فاعل ـ ومن هنا قيل : حقت الحاجة : إذا نزلت واشتدت.

** (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة .. المعنى : إنا جعلنا في أعناق الكافرين قيودا فهي مرتفعة إلى أذقانهم فهم رافعون رءوسهم والمراد من الآية الكريمة : جعلنا في أعناقهم وفي أيديهم القيود والأغلال لأن كلمة «مقمحون» تدل على ذلك لأن ضغط اليد مع العنق في القيد يوجب الإقماح. وقال المفسر : أي رافعون رءوسهم غاضون أبصارهم. أصله : قمح البعير : رفع رأسه .. وأقمحت البعير : أي شددت رأسه إلى خلف وقوله تعالى : مقمحون : تشبيه لهم بالبعير المشدود رأسه إلى خلف.

** سبب نزول الآية : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا لأفعلن. فأنزل الله تعالى هذه الآية وما بعدها فكانوا يقولون : هذا محمد فيقول : أين هو أين هو؟ لأنه صار لا يبصر.

** (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة .. المعنى : فغطينا على أعينهم أي فأغشينا أبصارهم فهم لا يبصرون الرشاد أو الهداية فحذف مفعول «يبصرون» لأنه معلوم وهو «الرشاد .. الهداية» كما حذف مفعول «أغشينا» المضاف «أبصار» فأوصل الفعل «أغشى» أو تعدى إلى المضاف إليه «هم» فصار أغشيناهم.

** (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية عشرة .. المعنى : ونسجل آثارهم وكل شيء دوناه وضبطناه في اللوح المحفوظ. و «الآثار» هي جمع «أثر» ومن اشتقاقات اللفظة : المأثور وهو اسم مفعول نحو : هذا حديث مأثور : أي منقول والمأثرة : أي المكرمة سميت بذلك لأنها تنقل بين الناس ويتحدث عنها .. يقال : أثر الخطيب في المستمعين ولا نقول على المستمعين بمعنى ترك فيهم أثرا وهو الشيء الذي يرى ويشاهد ولهذا قيل في الأمثال أصبح أثرا بعد عين .. يضرب هذا المثل لمن ترك شيئا يراه وتراخى عنه حتى يفوته ثم تبع أثره بعد فوت عينه وصار يسعى في طلبه. أما الأثرة بفتح الهمزة والثاء فهي لفظة تدل على شيء من الأنانية لأن المرء يخص نفسه بأحسن الأشياء دون غيره .. وفيها حب النفس المفرط وهو ما يعرف بالأنانية لأن الأناني يسعى دائما لتحقيق صالحه ليستريح ولكنه في الوقت نفسه لصالح غيره يستبيح .. سئل الحطيئة عن أشعر الناس؟ فذكر زهيرا والنابغة ثم قال : ولو شئت لذكرت الثالث ـ أراد نفسه ـ ولو قال : ولو شئت لذكرت نفسي لم يفخم أمره. وفي هذا الإبهام من تفخيم الفضل وإعلاء القدر ما لا يخفى لما فيه من الشهادة على أنه العلم الذي لا يشتبه والمتميز الذي لا يلتبس .. ويقال للرجل : من فعل هذا؟ فيقول : أحدكم أو بعضكم. يريد به الذي تعرف واشتهر بنحوه من الأفعال فيكون أفخم من التصريح به وأنوه بصاحبه. ويروى أن غلاما جلس إلى الشاعر المعروف أبي العلاء المعري وابتدره قائلا : من أنت يا شيخ؟ فعرفه بنفسه فرد عليه : أنت القائل :

فإني وإن كنت الأخير زمانه

لآت بما لم تستطعه الأوائل

قال أبو العلاء : نعم. قال الغلام : إن الأوائل رتبوا ثمانية وعشرين حرفا للهجاء فهل لك أن تزيد عليها حرفا؟ فدهش أبو العلاء من ذلك وقال : إن هذا الغلام لن يعيش طويلا لشدة حذقه وتوقد فؤاده. والأنانية مأخوذة من «الإنانة» بإضافة ياء النسب إليها وهي في قولك : أنا. وهي تمدح النفس أو الانسان بما ليس عنده إعجابا بنفسه.

** (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة عشرة .. المعنى : حين أرسلنا إليهم رسولين اثنين فيكون المفعول المؤكد «رسولين» قد حذف وأقيم التوكيد «اثنين» مقامه. أرسلهما عيسى ـ عليه‌السلام ـ بأمر الله فقويناهما أو أيدناهما بثالث وقد ترك مفعول «عززنا» لأن المراد ذكر المعزز به وهو ثالث.

** (قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة عشرة .. المعنى : لرسل مرسلون فحذف الموصوف «رسل» وحلت الصفة «مرسلون» محله. والفرق بين هذه الآية الكريمة والآية الكريمة الرابعة عشرة أن الأولى ابتدائية فيها إخبار والثانية جاءت جوابا عن إنكارهم ولهذا وقعت اللام في «لمرسلون» وكأنها واقعة في جواب القسم الذي جاء في الجملة الاسمية «ربنا يعلم» لأن هذا القول جار مجرى القسم في التوكيد .. مثل قولهم : شهد الله .. وعلم الله.

** (قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة .. المعنى : إنا تشاءمنا منكم .. أصله : التفاؤل بالطير ثم أطلق استعماله. ونرجمنكم : أي نقتلنكم رميا بالحجارة .. يقال : رجمه ـ يرجمه ـ رجما .. من باب «نصر» أي قتله و «الرجم» القتل وأصله : الرمي بالحجارة فهو مرجوم ـ اسم مفعول ـ ورجيم ـ فعيل بمعنى مفعول ـ أي مرجوم بالحجارة أيضا.

(تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) (٥)

(تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) : اسم منصوب على المدح أي أعني وعلامة نصبه الفتحة أو منصوب على المصدر بفعل من جنسه محذوف بتقدير : نزل تنزيل أي مفعول مطلق وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف بمعنى منزل من عند الله. العزيز : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. الرحيم : صفة ـ نعت ـ للعزيز مجرور مثله وعلامة جره الكسرة .. بمعنى : تنزيل الله العزيز الرحيم.

(لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ) (٦)

(لِتُنْذِرَ قَوْماً) : اللام حرف جر للتعليل. تنذر : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. قوما : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. والجملة الفعلية «تنذر قوما» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بالفعل المضمر في «المرسلين» التقدير : أرسلناك يا محمد لإنذارهم.

(ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) : نافية لا عمل لها. أنذر : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. آباء : نائب فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. والجملة الفعلية (ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوما» بمعنى : لتنذر قوما غير منذر آباؤهم ويجوز أن تكون «ما» على تفسير إثبات الانذار فتجعل مصدرية وجملة (أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) صلة «ما» المصدرية وتكون «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعولا مطلقا منصوبا على المصدر. التقدير : لتنذر قوما إنذار آبائهم أو تكون «ما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل نصب مفعولا ثانيا لتنذر فتكون الجملة (أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : لتنذر قوما ما أنذره آباؤهم من العذاب أي تكون منصوبة بنزع الخافض «الباء» التقدير بما أنذره آباؤهم من العذاب فتعدى الفعل «تنذر» إلى «ما» بعد إسقاط حرف الجر.

(فَهُمْ غافِلُونَ) : الفاء سببية متعلق على التفسير الأول بالنفي. أي لم ينذروا فهم غافلون على أن عدم إنذارهم هو سبب غفلتهم. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. غافلون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أو تكون الفاء للتعليل استئنافية على التفسير الثاني بقوله (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) أي لتنذر قوما فإنهم غافلون.

(لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٧)

(لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ) : اللام لام الابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. حق : فعل ماض مبني على الفتح. القول : فاعل مرفوع بالضمة.

(عَلى أَكْثَرِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بحق و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. لا : نافية لا عمل لها.

يؤمنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «لا يؤمنون» في محل رفع خبر المبتدأ «هم» والجملة استئنافية «هم لا يؤمنون» لا محل لها.

(إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ) (٨)

(إِنَّا جَعَلْنا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». جعل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل وجملة «جعلنا ..» في محل رفع خبر «إن».

(فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً) : جار ومجرور متعلق بمفعول «جعل» الثاني و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. أغلالا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ) : الفاء عاطفة للتعقيب. هي : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. إلى الأذقان : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ «هي» بمعنى : فالأغلال واصلة إلى الأذقان ملزوقة إليها أو مرتفعة إلى أذقانهم.

(فَهُمْ مُقْمَحُونَ) : يعرب إعراب «فهم غافلون» في الآية الكريمة السادسة بمعنى رافعون رءوسهم.

(وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) (٩)

هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها و «هم» في «من بين أيديهم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة. فأغشينا : معطوفة على «جعلنا» وتعرب إعرابها وجملة (فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) تعرب إعراب (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) في الآية الكريمة السابعة بمعنى وجعلنا أمامهم سدا فغطينا على أعينهم و «من خلفهم» معطوف بالواو على

(مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) ويعرب مثله. و «هم» في «أغشيناهم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (١٠)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة السادسة من سورة «البقرة».

(إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) (١١)

(إِنَّما تُنْذِرُ) : كافة ومكفوفة. تنذر : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت.

(مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به حرك بالكسر لالتقاء الساكنين. اتبع : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الذكر : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والجملة الفعلية «اتبع الذكر» صلة الموصول لا محل لها.

(وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «اتبع الذكر» وتعرب إعرابها والجار والمجرور «بالغيب» متعلق بحال من الفاعل الضمير في «خشي» بمعنى : خشي الرحمن أي عذاب الرحمن أي غائبا عن عذاب الرحمن خشيه في سريرته أو متعلق بحال من «الرحمن» أي خشي عذاب الرحمن غائبا عنه.

(فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ) : الفاء استئنافية. بشر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به. بمغفرة : جار ومجرور متعلق بالفعل «بشر».

(وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) : معطوف بالواو على «مغفرة» ويعرب إعرابها. كريم : صفة ـ نعت ـ لأجر مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة.

(إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) (١٢)

(إِنَّا نَحْنُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» وحذفت إحدى النونين تخفيفا. نحن : ضمير منفصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على الضم في محل نصب توكيد للضمير «نا» أو يكون ضمير فصل أو عمادا.

(نُحْيِ الْمَوْتى) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. الموتى : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر ،

(وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا) : معطوفة بالواو على «نحيي» وتعرب إعرابها وعلامة رفع الفعل الضمة الظاهرة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. قدموا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : ما قدموه من أعمال الخير أي ونسجل عليهم ذكر ما قدموا وعلى هذا التفسير يكون المفعول المضاف محذوفا «ذكر» وحل المضاف إليه «ما» محله.

(وَآثارَهُمْ وَكُلَ) : معطوف بالواو على «ما» بتقدير : ونكتب أو ونسجل آثارهم منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. الواو عاطفة. كل : مفعول به منصوب بفعل محذوف يفسره ما بعده منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف بمعنى وأحصينا كل شيء.

(شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. أحصيناه : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ لشيء وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع سبحانه و «نا»

ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.

(فِي إِمامٍ مُبِينٍ) : جار ومجرور متعلق بالفعل «أحصى» مبين : صفة ـ نعت ـ لإمام مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة.

(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ) (١٣)

(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً) : الواو استئنافية. اضرب : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق باضرب. مثلا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى واذكر لهم مثلا.

(أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) : بدل من «مثلا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة بمعنى واضرب لهم مثلا مثل أصحاب القرية أو يكون مفعولا به منصوبا بفعل محذوف تقديره : اجعل أصحاب القرية مثلا أو يكون منصوبا باضرب بمعنى واضرب أصحاب القرية مثلا أي اجعلهم مثلا بمعنى : اذكر لهم قصة عجيبة قصة أصحاب القرية والمثل الثاني بيان للأول. القرية : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة و «مثلا» في تقدير «واجعل أصحاب القرية مثلا» حذف اختصارا لأن ما قبله دال عليه.

(إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ) : اسم مبني على السكون في محل نصب بدل من «أصحاب القرية» جاءها : الجملة الفعلية مع الفاعل في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على الفتح و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم بمعنى : إذ جاء أهل القرية. المرسلون : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) (١٤)

(إِذْ أَرْسَلْنا) : بدل من «إذ» السابقة. أرسل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على

السكون في محل رفع فاعل والجملة الفعلية (أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ) في محل جر بالإضافة.

(إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام حرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين والجار والمجرور متعلق بالفعل «أرسل» اثنين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى والنون علامة التثنية.

(فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا) : الفاء استئنافية. كذبوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به و «ما» علامة التثنية لا محل لها. الفاء سببية والجملة الفعلية «عززنا» تعرب إعراب «أرسلنا» بمعنى : فقوينا.

(بِثالِثٍ فَقالُوا) : جار ومجرور متعلق بعززنا. الفاء استئنافية ويجوز أن تكون عاطفة على محذوف بتقدير فجاءوهم فقالوا. قالوا : تعرب إعراب «كذبوا» والجملة المؤولة بعدها من «إن» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ المدغم بنون «إن» مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». إليكم : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» والميم علامة جمع الذكور. مرسلون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(قالُوا ما أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ) (١٥)

(قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الاسمية بعده (ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ما : نافية لا عمل لها. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. إلا : أداة حصر لا عمل لها بمعنى : لستم ملائكة.

(بَشَرٌ مِثْلُنا) : خبر «أنتم» مرفوع بالضمة المنونة. مثل : صفة ـ نعت ـ لبشر مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. أنزل : فعل ماض مبني على الفتح. الرحمن : فاعل مرفوع بالضمة.

(مِنْ شَيْءٍ) : حرف جر زائد لتأكيد النفي. شيء : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به أي ما أنزل الله شيئا من الوحي.

(إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ) : تعرب إعراب «ما أنتم» لأن «إن» مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. إلا : أداة تحقيق بعد النفي. تكذبون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) (١٦)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الرابعة عشرة. رب : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. يعلم : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الاسمية (رَبُّنا يَعْلَمُ) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ و «إن» وما بعدها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «يعلم» أو يكون مفعول «يعلم» على معنى «يعلم صدقنا».

(وَما عَلَيْنا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (١٧)

(وَما عَلَيْنا) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. علينا : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم و «نا» ضمير المتكلمين في محل جر بعلى.

(إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) : أداة حصر لا عمل لها. البلاغ : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. المبين : صفة ـ نعت ـ للبلاغ مرفوع مثله بالضمة.

(قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٨)

(قالُوا إِنَّا) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة المؤولة بعده من «إن» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ المدغم بنون «إن» مبني على السكون في محل نصب اسم «إن».

(تَطَيَّرْنا بِكُمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» بمعنى تشاءمنا منكم وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. بكم : جار ومجرور متعلق بتطير والميم علامة جمع الذكور.

(لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا) : اللام موطئة للقسم ـ اللام المؤذنة ـ إن : حرف شرط جازم. لم : حرف نفي وجزم وقلب. تنتهوا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة فعل الشرط في محل جزم بإن. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «إن لم تنتهوا» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه لا محل لها من الإعراب بمعنى : لئن لم تقلعوا عن دعواتكم.

(لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ) : الجملة جواب القسم المقدر لا محل لها وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم أو يكون جواب القسم سد مسد الجوابين. اللام واقعة في جواب القسم المقدر. نرجمنكم : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. ونون التوكيد لا محل لها. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. وليمسنكم : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «لنرجمنكم» وتعرب إعرابها وفاعلها ظاهر صريح.

(مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) : حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين المدغم بنون «إن» مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بالفعل

«يمس» بمعنى : ليصيبنكم» عذاب : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. أليم : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع بالضمة المنونة.

(قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) (١٩)

(قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الاسمية بعده : في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ طائركم : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. مع : اسم بمعنى الظرف يدل على الاجتماع والمصاحبة أو ظرف مكان متعلق بخبر المبتدأ وهو مضاف و «كم» أعرب في «طائركم» المعنى : سبب شؤمكم معكم وهو ملازم لكم .. أي كفرهم.

(أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ) : الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. إن : حرف شرط جازم وفي القول الكريم حذف بعد الهمزة بمعنى : أتطيرون إن ذكرتم بمعنى وعظتم. ذكرتم : فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل والميم علامة جمع الذكور وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه بمعنى : أإن ذكرتم اطيرتم أي أإن وعظتم ـ تشاءمتم.

(بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) : حرف إضراب لا عمل له للاستئناف. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. قوم : خبر «أنتم» مرفوع بالضمة المنونة. مسرفون : صفة ـ نعت ـ لقوم مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى مفرطون أي متجاوزون الحد في العصيان.

(وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) (٢٠)

(وَجاءَ مِنْ أَقْصَا) : الواو استئنافية. جاء : فعل ماض مبني على الفتح. من أقصى : جار ومجرور متعلق بجاء وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة للتعذر.

(الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. رجل : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. يسعى : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لرجل وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو.

(قالَ يا قَوْمِ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «قال ..» في محل رفع صفة ثانية لرجل. يا : أداة نداء. قوم : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء المحذوفة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة والياء المحذوفة خطا واختصارا ولفظا ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة وبقيت الكسرة دالة عليها والجملة بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. المرسلين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

** (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة العشرين .. المعنى : وجاء من أبعد مكان في المدينة رجل يسرع وقيل : هو حبيب بن موسى النجار كان قد آمن برسل عيسى ـ عليه‌السلام ـ وهما يوحنا ـ وبولس من حواري عيسى وثالثهم هو شمعون. والرجل المؤمن «حبيب النجار» هو من الحواريين أيضا .. والحواريون : هم أصحاب عيسى ـ عليه‌السلام ـ سموا بذلك لأنهم كانوا قصارين أي مبيضي الثياب .. وهو جمع «حواري» وقيل «الحواري» : هو الناصر. وقال النبي محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «الزبير ابن العوام ابن عمتي وحواري من أمتي» قال لهم حبيب النجار يا قومي اتبعوا هؤلاء الرسل المرسلين وحذف الموصوف «الرسل» وحلت صفته «المرسلين» محله .. وقيل : كان حبيب النجار مقيما بينهم ولم يكن منهم .. وقيل : كانوا قومه : أي أقرباءه .. وقوم الرجل : هم أقرباؤه الذين يجتمعون معه في جد واحد .. وقد يقيم الرجل بين الأجانب فيسميهم قومه مجازا للمجاورة. والقوم : تعني الرجال دون النساء وهي لا واحد لها ـ

مفرد ـ من لفظها. والقوم : تذكر وتؤنث لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت للآدميين تذكر وتؤنث .. ومثلها : الرهط .. النفر .. وجاء في الصحاح : قال زهير :

وما أدري ولست إخال أدري

أقوم آل حصن أم نساء

وقال الفيومي : القوم : جماعة الرجال ليس فيهم امرأة. مفرده : رجل وامرؤ من غير لفظه .. وجمعه : أقوام سموا بذلك لقيامهم بالعظائم والمهمات. وقال الصغاني : وربما دخل النساء تبعا لأن قوم كل نبي رجال ونساء .. وتذكر اللفظة وتؤنث فيقال : قام القوم وقامت القوم.

** (اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والعشرين وجاء الضمير في «لا يسأل» وهو عائد على «من» جاء مفردا على لفظ «من» وجاء الضمير جمعا في «هم مهتدون» على معنى «من» لأن «من» مفردة لفظا مجموع معنى.

** (إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والعشرين اسمعوا إيماني وبعد حذف المفعول المضاف «إيمان» عدي الفعل إلى المضاف إليه ـ الياء .. ضمير المتكلم ـ فصار : اسمعوني ومثله أيضا ما جاء في الآية الكريمة الثامنة والعشرين : «من بعده» أي من بعد وفاته أو رفعه.

** (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) : هذا القول هو نص الآية الكريمة التاسعة والعشرين .. وفي هذا القول الكريم في هذه الآية الكريمة والآية الكريمة الثالثة والخمسين يكون القياس والاستعمال على تذكير الفعل لأن المعنى : ما وقع شيء إلا صيحة إلا أن بلاغة القرآن العظيم جاءت على ظاهر اللفظ وأن الصيحة في حكم فاعل الفعل. و «صيحة» وردت هنا اسما وتأتي مصدرا أيضا مثل «نفخة» بمعنى فإذا هم ميتون هامدون لا حس لهم كما تخمد النار فتعود رمادا .. ونقول طفئت النار .. وانطفأت النار : أي ذهب لهبها ولا نقول : خمدت النار .. إذا لم يبق للنار لهب ولم يبق في جمرها حرارة لأن معنى «خمدت النار» : هو سكن لهبها ولم يطفأ جمرها بخلاف الفعل «همد» فقولنا : همدت النار : معناه : طفئت وذهبت تماما.

** (لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والثلاثين .. المعنى : ليأكلوا مما خلقه الله من الثمر .. وأصله : من ثمرنا .. كما قال سبحانه : وجعلنا .. وفجرنا .. فنقل الكلام من التكلم إلى الغيبة وهو ما يسمى في علم البلاغة طريقة الالتفات وقيل يجوز أن يرجع الضمير إلى النخيل .. ويجوز أن يكون من ثمر المذكور وهو الجنات .. وقد حذف مفعول «يشكرون» اختصارا لأنه معلوم. المعنى أفلا يشكرون نعم الله هذه والجار والمجرور «من ثمره» متعلق بيأكلوا على معنى ليرتزقوا من ثمره أو بمعنى : ليطعموا من ثمره .. وإذا كان من الأكل بمعنى «البلع .. والمضغ» فيكون مفعول «يأكلوا» محذوفا دلت عليه من التبعيضية أي ليأكلوا بعض ثمره .. ومما صنعته أيديهم.

** (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والثلاثين .. المعنى : ومن آياتنا لهم : الليل نكشف منه النهار فإذا هم داخلون في الظلام وفيه استعير هذا الفعل لإزالة الضوء وكشفه عن مكان الليل وملقى ظله. وهو مستعار من سلخ الجلد .. يقال : سلخ الشاة ـ يسلخها ـ سلخا : من باب «قطع ونصر».

** (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والثلاثين .. المعنى : تجري لأجلها المقرر ذلك الجري على ذلك التقدير والحساب الدقيق تقدير الله العزيز العليم. وحذف النعت أو البدل المشار إليه «الجري» لأن ما قبله «تجري» دال عليه. ولم يذكر الموصوف لفظ الجلالة لأنه معلوم وقد حلت الصفتان «العزيز العليم» محله سبحانه.

** (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والثلاثين .. المعنى : والقمر جعلنا له منازل ينتقل فيها في جريه حول الأرض أو في منازل ينزل بها كل يوم وليلة في كل شهر وهي ثمانية وعشرون منزلا فإذا كان في آخر منازله دق وعاد : أي رجع بعد تمامه فصار كالشمراخ القديم أي معوجا مثله. والعرجون : أصله : العذق الذي يعوج ويقطع منه الشماريخ فيبقى على النخل يابسا. والعذق : وهو من التمر : كالعنقود من العنب.

(اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (٢١)

(اتَّبِعُوا مَنْ) : الجملة الفعلية في محل نصب لأنها بدل من «اتبعوا المرسلين» في الآية الكريمة السابقة وتعرب مثلها و «من» اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. لا : نافية لا عمل لها. يسأل : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. أجرا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وهو مفعول به ثان منصوب بالفعل «يسأل» الذي يتعدى إلى مفعولين.

(وَهُمْ مُهْتَدُونَ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال من الاسم الموصول «من» أو من فاعل «يسأل» على معنى «من» أي الجمع بتقدير : لا يسألونكم أجرا. الواو حالية. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. مهتدون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.

(وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٢٢)

(وَما لِيَ لا أَعْبُدُ) : الواو استئنافية. والجملة الاسمية لا محل لها لأنها مستأنفة وهي رد عليهم أو إجابة عن سؤالهم أي سؤال قومه له : هل أنت على دينهم؟ فأجابهم : نعم. وما لي غير عابد؟ ما : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ يفيد الانكار والاستبعاد لعدم العبادة. لا : نافية لا عمل لها. أعبد : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا أما خبر «ما» فهو الجار والمجرور «لي» في محل رفع والجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير المتكلم بمعنى : وما لي غير عابد.

(الَّذِي فَطَرَنِي) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. فطرني : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. النون نون الوقاية لا محل لها والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى : الذي خلقني.

(وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) : الواو حالية والجملة الفعلية في محل نصب حال. إليه : جار ومجرور بترجعون. ترجعون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل أو تكون الجملة الفعلية «ترجعون» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : أنتم. التقدير : وأنتم إليه ترجعون وعلى هذا الوجه من الاعراب تكون الجملة الاسمية في محل نصب حالا من المخاطبين.

(أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ) (٢٣)

(أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) : الهمزة همزة إنكار وتعجيب ونفي بمعنى : لن أتخذ بلفظ استفهام. أتخذ : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا. من دونه : جار ومجرور في محل نصب لأنه في مقام المفعول الثاني والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. آلهة : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة بمعنى : أصناما أعبدها.

(إِنْ يُرِدْنِ) : حرف شرط جازم. يردن : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه سكون آخره الدال. وحذفت الياء ـ أصله : يريد ـ تخفيفا وتخلصا من التقاء الساكنين. النون نون الوقاية لا محل لها والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم وحذفت الياء خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة الدالة عليها.

(الرَّحْمنُ بِضُرٍّ) : فاعل مرفوع بالضمة. بضر : جار ومجرور متعلق بيريد بمعنى بإلحاق ضرر بي.

(لا تُغْنِ عَنِّي) : الجملة الفعلية مع الفاعل جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء فلا محل لها من الإعراب. لا : نافية لا عمل لها. تغن : فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة عليها. عني : جار ومجرور متعلق بتغني في محل نصب لأنه في مقام المفعول به المقدم بمعنى لا تنفعني.

(شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً) : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. شيئا : مفعول مطلق أو مفعول به في موضع المصدر منصوب بالفتحة المنونة أي إغناء شيئا.

(وَلا يُنْقِذُونِ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. ينقذون : فعل مضارع مجزوم بإن لأنه معطوف على «تغن» وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون نون الوقاية لا محل لها والياء المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة الدالة عليها ولأنها رأس آي في محل نصب مفعول به.

(إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢٤)

(إِنِّي إِذاً) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل نصب اسم إن و «إذا» حرف جواب قسم محذوف أو شرط محذوف بتقدير : إذا أشركت بالله واتخذت من دونه أصناما أكون قد انحرفت انحرافا واضحا عن جادة الحق.

(لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ في ضلال : جار ومجرور متعلق بخبر «إن». مبين : صفة ـ نعت ـ لضلال مجرورة مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة.

(إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ) (٢٥)

(إِنِّي آمَنْتُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية «آمنت» في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل.

(بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ) : جار ومجرور متعلق بآمن. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة. الميم علامة جمع الذكور. الفاء استئنافية. اسمعون : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون نون الوقاية لا محل لها والياء المحذوفة خطا واختصارا ومراعاة لفواصل الآيات ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة بمعنى فاسمعوا إيماني تشهدوا لي به .. فقتلوه. وفي القول الكريم حذف مفعول «اسمعوا» المضاف «إيمان» وعدي الفعل إلى المضاف إليه ضمير المتكلم.

(قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ) (٢٦)

(قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ) : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. والجملة الفعلية «ادخل الجنة» في محل رفع نائب فاعل لأنها مقول القول حلت محل القائل وهم الملائكة .. أي لما قتل قيل له ـ أي قالت له الملائكة تكريما له بعد استشهاده وموته : ادخل الجنة. والجملة الفعلية «قيل ادخل الجنة» استئنافية لا محل لها وفي القول الكريم اختصار أي حذف من باب الاختصار .. التقدير : كيف كان لقاء ربه بعد ذلك التصلب في نصرة دينه؟ فكان الجواب : قيل

له ادخل الجنة. ادخل : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. الجنة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(قالَ يا لَيْتَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. وما بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ يا : حرف تنبيه لأنها سبقت بليت ويجوز أن تكون حرف نداء والمنادى هنا محذوف وإنما حذف المنادى به على تقدير : يا هؤلاء مثلا. ليت : حرف مشبه بالفعل من أخوات إن يفيد التمني والجملة الفعلية «قال وما بعدها» استئنافية أيضا لا محل لها لأن فيها حذفا أي جاءت جوابا عن سؤال بتقدير : ما وجد عند ذلك الفوز العظيم فتمنى علم قومه بحاله بالنعيم الذي وجده في الجنة.

(قَوْمِي يَعْلَمُونَ) : اسم «ليت» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المأتي بها من أجلها والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه. يعلمون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «ليت» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف مفعول الفعل اختصارا لأنه معلوم بمعنى : ليتهم يعلمون حالي وما أنا فيه من النعيم فيثوبوا إلى رشدهم ويتوبوا عن الكفر ليكتسبوا مثل ما أصابه في دار النعيم أو يكون الفعل لازما غير متعد إلى مفعول بمعنى : حصلت لهم حقيقة العلم بحاله.

(بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) (٢٧)

(بِما غَفَرَ لِي) : الباء حرف جر. ما : مصدرية. غفر : فعل ماض مبني على الفتح. لي : جار ومجرور متعلق بغفر.

(رَبِّي وَجَعَلَنِي) : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المأتي بها من أجل الياء والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. وجعلني : معطوفة بالواو على «غفر» وتعرب إعرابها والفاعل ضمير مستتر

فيه جوازا تقديره هو. النون للوقاية والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(مِنَ الْمُكْرَمِينَ) : جار ومجرور متعلق بمفعول «جعل» الثاني ، بتقدير : جعلني عنده مكرما من المكرمين وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ) (٢٨)

(وَما أَنْزَلْنا) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. أنزل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ) : جار ومجرور متعلق بالفعل «أنزل» والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة والجار والمجرور «من بعده» متعلق بحال من «القوم» والهاء أعرب بمعنى من بعد وفاته.

(مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. جند : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به والجار والمجرور «من السماء» متعلق بصفة ـ نعت ـ لجند. بمعنى : للانتصار له وإهلاك قومه.

(وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. كنا : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل رفع اسم «كان». منزلين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وحذف مفعول اسم الفاعلين «منزلين» لأن ما قبله يدل عليه. التقدير : منزلين إياهم أو منزليهم.

(إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) (٢٩)

(إِنْ كانَتْ إِلَّا) : مخففة من «إن» مهملة بمعنى «ما» النافية لا عمل لها. كانت : فعل ماض مبني على الفتح وهو فعل ناقص. والتاء تاء التأنيث

الساكنة لا محل لها واسم «كانت» محذوف لأن ما بعدها يدل عليه. التقدير : ما كانت الأخذة أو العقوبة. وفي القول الكريم على التفسير حذف .. المعنى بل أرسلنا عليهم ملكا ـ هو جبريل ـ عليه‌السلام ـ فصاح بهم صيحة لأنه ما كان يصح في حكمتنا أن ننزل في إهلاكهم جندا من السماء. إلا : أداة حصر لا عمل لها.

(صَيْحَةً واحِدَةً) : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. واحدة صفة ـ نعت ـ لصيحة منصوب بالفتحة المنونة.

(فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) : الفاء سببية. إذا : فجائية ـ حرف فجاءة ـ هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. خامدون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٣٠)

(يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) : أداة نداء. حسرة : منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة لأنه نكرة مقصودة والجار والمجرور «على العباد» متعلق بفعل المنادى في «يا» بمعنى : أنادي عليهم .. أي هو نداء للحسرة عليهم بتقدير : تعالي يا حسرة وهم أحقاء بأن يتحسر عليهم المتحسرون.

(ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «العباد» ما : نافية لا عمل لها. يأتي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. من : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. رسول : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه فاعل «يأتي».

(إِلَّا كانُوا بِهِ) : حرف تحقيق بعد النفي. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. به : جار ومجرور متعلق بالفعل «كان» أو بخبره.

(يَسْتَهْزِؤُنَ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : ما كان يأتيهم رسول يدعوهم إلى الايمان إلا سخروا به وكذبوا برسالته.

(أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) (٣١)

(أَلَمْ يَرَوْا) : الألف ألف إنكار بلفظ استفهام. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يروا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(كَمْ أَهْلَكْنا) : خبرية تفيد التكثير مبنية على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «أهلك» أهلك : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل بمعنى كثيرا من القرون أهلكنا أو تكون الألف في «ألم» ألف تقرير بلفظ استفهام.

(قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ) : ظرف زمان متعلق بأهلك منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. من القرون : جار ومجرور بيان للاسم «كم» الخبرية وتمييز لها كما يميز العدد بالجنس يعني عادا وثمودا وقرونا بين ذلك كثيرا بمعنى من أمم التقدير : عددا كثيرا لكونهم من القرون أهلكنا لأن مميز «كم» الخبرية مجرور بمن. وقيل إن «من» بيانية لإبهامها لأن كل عصر قرن لمن بعدهم. المعنى : ألم يعلم مشركو مكة والاستفهام يفيد التقرير هنا بمعنى اعترفوا وأكدوا أنكم علمتم أننا أهلكنا كثيرا من الأمم السابقة قبلكم.

(أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «أن» و «أن» مع اسمها وخبرها في محل نصب بدل من «كم أهلكنا» على المعنى لا اللفظ

التقدير : ألم يروا كثرة إهلاكنا القرون من قبلهم كونهم غير راجعين إليهم بمعنى : ألم يعلموا وعلق عمل «يروا» في «كم» لأنه لا يعمل فيها عامل قبلها لأن لها الصدارة في الكلام. إلى : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بإلى. والجار والمجرور متعلق بخبر «أن» لا : نافية لا عمل لها. يرجعون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «لا يرجعون» في محل رفع خبر «أن».

(وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) (٣٢)

(وَإِنْ كُلٌ) : الواو استئنافية. إن : مخففة مهملة جوازا هنا لدخولها على جملة اسمية ولزمت اللام في خبرها وهي عند سيبويه غير عاملة وأكد أن اللام تلزم خبرها لئلا تلتبس بإن النافية. كل : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة والتنوين فيه عوض من المضاف إليه بمعنى : كلهم.

(لَمَّا جَمِيعٌ) : اللام فارقة و «ما» زائدة. وهي عند الكوفيين : إن مخففة واللام بمعنى : إلا. كما يقال : نشدتك الله لما فعلت. وقال الفراء : إن «لما» أصله : لمن ما. وقيل : يجوز أن يكون أصله : لمن من قلبت النون ميما فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت إحداهن وهي الميم الوسطى فبقيت «لما». جميع : توكيد لكل. ويجوز أن يكون خبر «كل» أي الخبر الأول مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة.

(لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) : لدى : ظرف زمان أو مكان حسب المعنى. لأن المعنى يوم القيامة وبمعنى عندنا مبني على السكون في محل نصب على الظرفية متعلق بجميع لأن المعنى : كلهم مجموعون عندنا يوم القيامة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة و «محضرون» خبر «كل» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : معذبون. وهم اسم مفعولين .. أو يكون المعنى : تحضرهم الملائكة للعذاب.

(وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) (٣٣)

(وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ) : الواو استئنافية. آية : خبر مقدم مرفوع بالضمة المنونة. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام حرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ والجار والمجرور متعلق بصفة الآية. الأرض : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. ويجوز أن تكون «آية» مبتدأ وخبره الجملة الاسمية (الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها) إلا أن الوجه الأول من الإعراب أصح.

(الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها) : صفة ـ نعت ـ للأرض وقراءة «الميتة» بتخفيف الياء أكثر شيوعا لسلاستها. أحيي : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. وجملة «أحييناها» في محل نصب حال من الأرض أي أحييناها بالغيث ـ أي المطر ـ ويجوز أن تكون بيانية لكون الأرض الميتة آية للاستئناف لا محل لها. ويجوز أن تكون في محل رفع صفة ـ نعتا ـ لأنه أريد بها الجنس مطلقا لا أرض بعينها فعوملت معاملة النكرة. لكن الوجه الأول وهو الحالية أصح لأنها صفة لمعرفة وإن كان جنسا وليس الغرض منه معينا.

(وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «أحيينا» وتعرب إعرابها. منها : جار ومجرور متعلق بالفعل «أخرج». حبا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) : الفاء سببية. منه : جار ومجرور متعلق بيأكلون وقدم على الفعل لأهميته لأن فيه عيش الناس وارتزاقهم. يأكلون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ) (٣٤)

(وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ) : معطوفة بالواو على «أحيينا» وتعرب إعرابها. فيها : جار ومجرور متعلق بجعل أو يكون بمقام المفعول به الثاني للفعل «جعل». جنات : مفعول به منصوب بالكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.

(مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ) : جار ومجرور في محل نصب صفة ـ نعت ـ لجنات. وأعناب : معطوفة بالواو على «نخيل» وتعرب إعرابها.

(وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ) : معطوفة بالواو على (جَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ) وتعرب إعرابها و «من» للتبعيض وحذف مفعول «فجرنا» لأن «من» التبعيضية تدل عليه بمعنى : وأنبعنا فيها عيونا لسقي الأرض.

(لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ) (٣٥)

(لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ) : اللام حرف جر للتعليل. يأكلوا : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. من ثمره : جار ومجرور متعلق بيأكلوا والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. والجملة الفعلية (لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية المضمرة وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بجعل.

(وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر لأنه معطوف على مجرور .. أي ومن ما عملته أيديهم. عملته : فعل ماض مبني على الفتح. التاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم. أيدي : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. ويجوز أن تكون «ما» نافية لا عمل لها بمعنى إن الثمر خلقه الله ولم تعمله أي تصنعه أيدي الناس ولا يقدرون عليه. وعلى الوجه الأول من إعراب «ما» تكون الجملة الفعلية «عملته

أيديهم» صلة الموصول «ما» لا محل لها. والعائد ـ الصلة ـ وهو الجار والمجرور محذوف .. التقدير : ومما عملته أيديهم منه بمعنى مما عملوه من الصناعة المختلفة أو من الغرس والسقي والآبار وغير ذلك من الأعمال.

(أَفَلا يَشْكُرُونَ) : الهمزة همزة إنكار أو توبيخ بلفظ استفهام. الفاء زائدة ـ تزيينية ـ لا : نافية لا عمل لها والجملة الفعلية «يشكرون» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) (٣٦)

(سُبْحانَ الَّذِي) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ لفعل محذوف تقديره : أسبح وهو مضاف. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية بعده «خلق الأزواج» صلة الموصول لا محل لها.

(خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الأزواج : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى الأجناس والأصناف أي أنواع الكائنات. كل : توكيد للأزواج منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) : أصلها : من : حرف جر و «ما» اسم موصول مدغم بنون «إن» مبني على السكون في محل جر بمن. والجملة الفعلية «تنبت الأرض» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة. الأرض : فاعل مرفوع بالضمة والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به .. التقدير : مما تنبته الأرض والجار والمجرور «مما ..» متعلق بخلق.

(وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بخلق بمعنى وخلق الأزواج من أنفسهم و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.

(وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) : الواو عاطفة. مما : أعرب. بمعنى ومن أزواج لم يطلعهم الله عليها وما توصلوا إلى معرفتها أو ومن أسباب يجهلونها. لا : نافية لا عمل لها. يعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى وخلق أصنافا من التي لا يعرفونها والجملة الفعلية «لا يعلمون» صلة الموصول لا محل لها. والعائد إلى الموصول ضمير ساقط من اللفظ منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : لا يعلمونها.

(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) (٣٧)

(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ) : يعرب إعراب (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ) في الآية الكريمة الثالثة والثلاثين. نسلخ : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن والجملة الفعلية «نسلخ وما بعدها» في محل نصب حال من الليل.

(مِنْهُ النَّهارَ) : جار ومجرور متعلق بنسلخ. النهار : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى نكشف منه النهار.

(فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) : الفاء استئنافية والجملة الاسمية بعدها استئنافية لا محل لها. إذا حرف فجاءة .. فجائية .. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. مظلمون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته بمعنى نزيل ضوء النهار فإذا هم داخلون في الظلام.

(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (٣٨)

(وَالشَّمْسُ تَجْرِي) : تعرب إعراب (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ) في الآية الكريمة الثالثة والثلاثين .. أي وآية لهم الشمس أو من آياته لهم : الشمس تجري .. أو تكون الواو استئنافية. الشمس : مبتدأ مرفوع بالضمة. تجري : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «الشمس» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي.

(لِمُسْتَقَرٍّ لَها) : جار ومجرور متعلق بتجري. لها : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «مستقر» أي لحد لها مؤقت مقدر.

(ذلِكَ تَقْدِيرُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ اللام للبعد والكاف للخطاب. تقدير : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة.

(الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. العليم : صفة ـ نعت ـ للعزيز مجرور مثله وعلامة جره الكسرة. المعنى ذلك الحساب الدقيق تقدير الله العزيز العليم فتكون الكلمتان «العزيز العليم» صفتين للفظ الجلالة.

(وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) (٣٩)

(وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى) : الواو عاطفة. القمر : مفعول به منصوب بفعل محذوف يفسره «قدرناه» لأن «قدرناه» استوفى مفعوله. قدر : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى قدرنا مسيره منازل أي جعلنا له منازل لأنه لا بد من تقدير مضاف أي جعلنا له منازل ينتقل فيها في جريه حول الأرض. منازل : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ مفاعل ـ أو صيغة منتهى الجموع ثالث أحرفه ألف بعده حرفان. حتى : حرف غاية وابتداء.

(عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب حال من ضمير «عاد» العرجون : مضاف إليه مجرور بالكسرة. القديم : صفة للعرجون مجرور مثله بالكسرة.

(لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٤٠)

(لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها) : نافية لا عمل لها. الشمس : مبتدأ مرفوع بالضمة. ينبغي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل

والجار والمجرور «لها» متعلق بينبغي. والجملة الفعلية «ينبغي لها مع الفاعل» في محل رفع خبر المبتدأ.

(أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) : حرف مصدري ناصب. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل «ينبغي» تدرك : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. القمر : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والجملة الفعلية «تدرك القمر» صلة حرف مصدري لا محل لها.

(وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) : الواو عاطفة. الليل : معطوف على «الشمس» مرفوع بالضمة على الابتداء أي مبتدأ. سابق : خبر المبتدأ «الليل» مرفوع بالضمة. النهار : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. أما «لا» فهي نافية لا عمل لها وقد تكررت «لا» وجوبا لدخولها على جملة اسمية.

(وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) : الواو استئنافية. كل : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة لانقطاعه عن الاضافة والجار والمجرور «في فلك» متعلق بيسبحون أي بخبر «كل». يسبحون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ «كل» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والضمير ـ الواو ـ للشموس والأقمار. وجاز الابتداء بالنكرة «كل» لأن أصله «كلهم» فصار معرفة.

** (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأربعين .. و «لا» هنا هي «لا» النافية للجنس واسمها يكون نكرة وبما أن الاسم «الشمس» معرفة فهي مهملة لم تعمل ووجب تكرارها كما في الآية الكريمة المذكورة ومثله قولنا : لا زيد في الدار ولا عمرو. أما «لا» النافية للجنس فاسمها نكرة مبني على الفتح في قولنا : لا رجل في الدار .. في محل نصب. فلا هنا في الآية الكريمة غير عاملة فهي نافية فقط .. وتهمل «لا» النافية للجنس إذا اتصل اسمها بها وفصل بفاصل ولا تعمل ووجب تكرارها كقوله تعالى في سورة «الصافات» : (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) ونحو : لا في الدار رجل ولا امرأة .. وتسمى «لا» النافية للجنس : «لا التبرئة» لأنها حين تنفي الجنس كأنها تتبرأ منه ، والأصل فيها : أن لا تعمل لأنها من الحروف المشتركة في الدخول على الاسم تارة وعلى الفعل أخرى. ولكنهم خرجوا بها عن هذا الأصل فأعملوها في النكرات عمل «ليس» تارة وهو قليل وعمل «إن» أخرى وهو كثير و «لا» حرف نفي

للمستقبل شأنها شأن الحرف «لن» والفرق بين الحرفين أن «لن» حرف نفي ونصب واستقبال وفيها تأكيد وتشديد ليس في «لا» وتأتي «لا» عاملة عمل «ليس» بشرط أن يكون اسمها وخبرها نكرتين وألا يتقدم خبرها عليها أو على اسمها وألا يفصل بينها وبين اسمها فاصل. وحول الآية الكريمة المذكورة آنفا ثمة سؤال : من يتبع من؟ هل النهار يتبع الليل أم العكس؟ يجيب الإمام أحمد عن هذا السؤال بقوله : النهار .. تابع لليل .. وهو المذهب المعروف للفقهاء .. وبيان ذلك قوله تعالى في الآية الكريمة المذكورة .. أي لا ينبغي للشمس أن تلحق القمر بالنزول في فلكه ولا الليل يسبق النهار فيفوته ولكنه يخلفه. وقد جعل سبحانه الشمس التي هي آية النهار غير مدركة للقمر الذي هو آية الليل وإنما نفى الإدراك لأنه هو الذي يمكن أن يقع وذلك يستدعي تقدم القمر وتبعية الشمس فإنه لا يقال : أدرك السابق اللاحق لكن أدرك اللاحق السابق فالليل إذا متبوع والنهار تابع. فإن قيل : هل يلزم على هذا أن يكون الليل سابق النهار وقد صرحت الآية بأنه ليس سابقا؟ فالجواب : إن هذا مشترك الإلزام وبيانه أن الأقسام المحتملة ثلاثة : إما تبعية النهار الليل وهو مذهب الفقهاء أو عكسه وهو المنقول عن طائفة من النحاة أو اجتماعهما فهذا القسم الثالث منفي باتفاق فلم يبق إلا تبعية النهار لليل وعكسه وهذا السؤال وارد عليهما جميعا لأن من قال : إن النهار : سابق الليل لزمه أن يكون مقتضى البلاغة أن يقال : ولا الليل يدرك النهار فإن المتأخر إذا نفي إدراكه كان أبلغ من نفي سابقه مع أنه يتناءى عن مقتضى قوله : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) تنائيا لا يجمع شمل المعنى باللفظ وقال الزمخشري : فإن قلت : لم جعلت الشمس غير مدركة والقمر غير سابق؟ قلت : لأن الشمس لا تقطع فلكها إلا في سنة والقمر يقطع فلكه في شهر فكانت الشمس جديرة بأن توصف بالإدراك لتباطؤ سيرها عن سير القمر والقمر خليقا بأن يوصف بالسبق لسرعة سيره.

** (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) : المعنى : كلهم .. وبعد حذف المضاف إليه «هم» ـ ضمير الغائبين ـ نون آخر المضاف «كل» لانقطاعه عن الإضافة. و «الفلك» بمعنى : السفينة وهذا اللفظ يستعمل مفردا وجمعا بصيغة واحدة وقيل : هو مفرد وجمعه : أفلاك ويجوز أن يجمع على فلك ـ بضم الفاء ـ

** (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والأربعين .. المعنى ومن دلائل قدرتنا أننا حملنا أولادهم في المركب أو السفينة المملوءة بالبضائع التجارية .. وقيل : المراد به : سفينة نوح ـ عليه‌السلام ـ وذكر المشحون لأن موصوفه «الفلك» بمعنى : المركب. أو أن اللفظة «الفلك» وهو السفينة يأتي مفردا وجمعا ومذكرا ومؤنثا بصيغة واحدة ففي الآية الكريمة المذكورة أفرد «الفلك» وذكر وفي قوله تعالى في سورة «البقرة» : (وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ) أنثت اللفظة .. وفي قوله تعالى في سورة «يونس» : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ) جاءت اللفظة بصيغة الجمع. قال الجوهري : وكأنه يذهب بها إذا كانت واحدة إلى «المركب» فيذكر وإلى «السفينة» فيؤنث. وكان سيبويه يقول : «الفلك» التي هي جمع تكسير «للفلك» التي هي واحد ـ مفرد ـ وليس مثل «الطفل» الذي هو واحد ـ مفرد ـ وجمع. لأن «فعلا ـ بضم الفاء وسكون العين .. وفعلا .. بفتح الفاء والعين ـ يشتركان في شيء واحد مثل العرب ـ بضم العين وسكون الراء .. والعرب ـ بفتح العين والراء ـ والعجم والعجم فلما جاز أن يجمع «فعل مثل أسد»

على فعل مثل أسد لم يمتنع أن يجمع «فعل» على «فعل» أما الفيومي فقد قال : الفلك ـ مثل قفل ـ أي بضم الفاء وسكون اللام بمعنى السفينة يكون واحدا ـ مفردا ـ فيذكر وجمعا فيؤنث. و «الذرية» بمعنى : الأولاد .. وقيل : هم صغار الأولاد ثم استعملت في الصغار والكبار وذرية الرجل : بمعنى : ولده ونسله وجمعها : ذريات وذراري .. وقيل : إن أصل ذلك من الذر : أي التفريق. وقال الفيومي : الذرية : من الذر وهو النسل. وهم الصغار وأطلقت على الآباء أيضا مجازا وبعضهم يجعل «الذرية» مأخوذة من «ذرأ الله تعالى الخلق» من باب «نفع» ذرءا : أي خلقهم خلقا وفي لفظ الذال ثلاث لغات : أفصحها : الضم وبها قرأ السبعة .. والثانية : كسر الذال ويروى ذلك عن زيد بن ثابت .. والثالثة : فتح الذال مع تخفيف الراء ـ على وزن كريمة ـ وبها قرأ أبان بن عثمان.

** (ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والأربعين .. المعنى : ما ينتظرون إلا صرخة واحدة تهلكهم وهم يتخاصمون أي يتجادلون في شئونهم الدنيوية .. و «يخصمون» قرأها حمزة : يخصمون .. جعله من باب «ضرب» وهو شاذ وقياسه أن يكون من باب «نصر» لما يعرف في الأصل. وأما من قرأ «يخصمون» كما في الآية الكريمة فقد أراد : يختصمون .. فقلبت التاء صادا وأدغمت ونقلت حركته إلى الخاء. ومنهم من لا ينقل ويكسر الخاء لاجتماع الساكنين .. لأن الساكن إذا حرك حرك بالكسر .. ومن أخطائهم الشائعة قول بعضهم : أنت خصمي .. ويعني به : أنت عدوي .. في حين أن ثمة تفاوتا بين المعنيين وليسا بمعنى واحد. يقال : خصم الرجل يخصم .. من باب «تعب» إذا أحكم الخصومة فهو خصم وخصيم وخاصمه مخاصمة وخصاما فخصمه يخصمه ـ بضم الصاد ـ لأنه من باب «نصر» ويقرأ ـ يخصمه .. من باب «ضرب» وهو شاذ وقياسه أن يكون من باب «نصر» لما يعرف في الأصل بمعنى : غلبه في الخصومة أو نازعه وجاد له .. واختصم القوم وتخاصموا : أي خاصم بعضهم بعضا و «الخصم» يقع على المفرد وغيره والذكر والأنثى بلفظ واحد وفي لغة يطابق في التثنية والجمع ويجمع على خصوم وخصام. وقال الجوهري : إن «الخصم» في الأصل مصدر ولذلك يستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع .. أما «العدو» وإن كان يتطابق مع «الخصم» في وقوعه بلفظ واحد في الواحد المذكر والمؤنث والمجموع إلا أن معناه مختلف فهو الظالم وضد الصديق والمخاصم. وان قيل : سمع عن العرب قولهم : هن وليات الله وعدوات الله وأولياؤه وأعداؤه. قال الأزهري : إذا أريد الصفة قيل : عدوة .. وينظرون في الآية الكريمة وردت بمعنى : ينتظرون. ويقال : نظر ـ ينظر .. بمعنى : تأمل الشيء بالعين. والنظر : هو تأمل الشيء بالعين .. ونظير الشيء : هو مثيله ومساويه والنظر مصدر الفعل «نظر» نحو : نظرت إليه ونظرته : بمعنى : ابصرته فيتعدى الفعل بنفسه وبالحرف ونظرت في الأمر : أي تدبرته وفكرت فيه. وقولهم : دارنا تنظر داره وتناظرها : بمعنى : تقابلها. وناظره مناظرة : بمعنى : جادله مجادلة أو صار نظيرا له .. وقولك : نظرت في الكتاب : معناه : نظرت المكتوب في الكتاب .. فحذف مفعول «نظرت» فالفعل «نظر» يتعدى إلى المبصرات بنفسه وإلى المعاني بحرف الجر ويأتي الفعل «نظر» بمعنى : انتظر كما في الآية المذكورة آنفا.

** (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والخمسين .. المعنى : ونفخ في البوق أو في القرن وهو كناية عن استدعاء الناس

ليوم الحشر وهي النفخة الثانية التي ينفخها الملك «إسرافيل» للبعث فإذا هم في قبورهم يسرعون إلى ربهم للحساب بعد أن نفخ النفخة الأولى أي الصيحة الشديدة والصرخة الهائلة ذات الصوت الشديد .. وقيل : إن الفترة الزمنية بين النفختين هي أربعون سنة. و «ينسلون» بمعنى يسرعون يقال : نسل الذئب ـ ينسل ـ نسلا .. من باب «ضرب» أي أسرع .. ونسل الطائر ريشه : من باب «ضرب ونصر» ونسل الريش بنفسه من باب «دخل» فالفعل يأتي متعديا ولازما ومثله الفعل الرباعي «أنسل» ونسل الريش : معناه : سقط. ومنه أيضا : نسل الرجل ـ ينسل ـ نسلا .. من باب «ضرب» بمعنى : كثر نسله.

** (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والستين .. المعنى : ولقد أغوى الشيطان منكم خلقا أفلم تكونوا تفهمون عداوة الشيطان وإضلاله لكم الذي أدى إلى هلاككم؟ وحذف فاعل «أضل» اختصارا وهو الشيطان لورود ذكره في الآية الكريمة الستين .. كما حذف مفعول «تعقلون» لأن ما قبله دال عليه. و «الجبلة» الخلقة» يقال : جبله الله : بمعنى خلقه وجبله الله على كذا .. من باب «قتل» أي فطره عليه بمعنى : خلقه. ومن معاني «الجبلة» : الطبيعة .. الخليفة .. الغريزة .. يقال : هذا شيء جبلي منسوب إلى «الجبلة» كما يقال : طبيعي : أي ذاتي .. ولفظة «جبلة» قرئت بأوزان مختلفة.

(وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) (٤١)

(وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا) : أعرب في الآية الكريمة الثالثة والثلاثين. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل نصب اسم «أن».

(حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن» و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع خبر «آية» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. ذرية : مفعول به منصوب بالفتحة و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) : جار ومجرور متعلق بحملنا. المشحون : صفة ـ نعت ـ للفلك مجرور مثله وعلامة جره الكسرة.

(وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ) (٤٢)

(وَخَلَقْنا لَهُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «حملنا» وتعرب إعرابها. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون فى محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخلقنا.

(مِنْ مِثْلِهِ) : جار ومجرور متعلق بخلقنا والهاء ضمير متصل يعود على «الفلك» في محل جر بالإضافة أي الإبل .. وغيرها.

(ما يَرْكَبُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يركبون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير ساقط من اللفظ خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : وخلقنا لهم ما يركبونه من مثل المركب من الإبل وهي سفائن البر أو بمعنى مراكب مماثلة.

(وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) (٤٣)

(وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ) : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم. نشأ : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. نغرق : فعل مضارع جواب الشرط يعرب إعراب «نشأ» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به وحذف مفعول «نشأ» اختصارا بمعنى : وإن نرد اغراقهم وجملة «نغرقهم» جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها.

(فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) : الفاء استئنافية. لا : نافية للجنس تعمل عمل «إن». صريخ : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبر «لا» محذوف وجوبا بمعنى فلا مغيث يغيثهم. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «لا» المحذوف.

(وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ينقذون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى ولا هم ينجون من الموت بالغرق.

(إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) (٤٤)

(إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا) : أداة استثناء. رحمة : مستثنى بإلا منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. من : حرف جر و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «رحمة» أو تكون «إلا» أداة حصر لا عمل لها و «رحمة» مفعولا لأجله بمعنى لرحمة منا.

(وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) : معطوف بالواو على «رحمة منا» ويعرب إعرابه بمعنى وتمتيع إلى أجل مقدر محدد.

(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٤٥)

(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ) : الواو استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن متضمن معنى الشرط مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه. قيل : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف وهي فعل ماض مبني على الفتح مبني للمجهول. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقيل وجواب «إذا» محذوف اختصارا لأن ما بعده يدل عليه. التقدير : أعرضوا أي صدوا.

(اتَّقُوا ما بَيْنَ) : الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل للفعل «قيل» لأنها مقول القول .. وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بفعل محذوف تقديره استقر وهو مضاف والجملة الفعلية «استقر» أو كان ما بين أيديكم صلة الموصول لا محل لها أي أمامكم من النكبات.

(أَيْدِيكُمْ وَما خَلْفَكُمْ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المقدرة على الياء للثقل وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة ـ مضاف إليه ثان والميم علامة جمع الذكور. الواو عاطفة. ما خلفكم : معطوف على «ما بين أيديكم» ويعرب إعرابه بمعنى : وما وراءكم من النكبات في الآخرة.

(لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور. ترحمون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى لتكونوا على رجاء رحمة الله.

(وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ) (٤٦)

(وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. تأتي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. من : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. آية : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه فاعل «تأتي».

(مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «آية». رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان.

(إِلَّا كانُوا) : أداة تحقيق بعد النفي. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة.

(عَنْها مُعْرِضِينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان». معرضين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٤٧)

(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا) : معطوف بالواو على (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا) في الآية الكريمة الخامسة والأربعين ويعرب إعرابه.

(مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) : الأصل : من : حرف جر للتبعيض. و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأنفقوا وحذف مفعول «أنفقوا» لأن «من» التبعيضية دالة عليه بمعنى ابذلوا بعض ما رزقكم الله في أعمال البر. رزق : فعل ماض مبني على الفتح. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور حرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. والجملة الفعلية «رزقكم الله» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : ما رزقكموه الله.

(قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(لِلَّذِينَ آمَنُوا) : اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقال. آمنوا : تعرب إعراب «كفروا» والجملة الفعلية بعده «أنطعم من ..» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(أَنُطْعِمُ مَنْ) : الهمزة همزة استهزاء وإنكار بلفظ استفهام. نطعم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ) : الجملة الشرطية وما بعدها صلة الموصول «من» لا محل لها. لو : حرف شرط غير جازم. يشاء : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. أطعمه : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل

مبني على الضم في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «أطعمه» جواب شرط غير جازم لا محل لها بمعنى لأطعمه بإسقاط اللام.

(إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا) : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. إلا : أداة حصر.

(فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «أنتم» : مبين : صفة ـ نعت ـ لضلال مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة.

(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٤٨)

(وَيَقُولُونَ مَتى هذَا) : الواو استئنافية. يقولون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. متى : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب ظرف زمان متعلق بفعل محذوف تقديره يتحقق. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع فاعل للفعل المحذوف اختصارا وهو ما دل عليه ما قبله بتقدير : متى يتم أو يتحقق هذا الوعد بنزول العذاب والجملة «متى يتحقق هذا الوعد» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي قول المشركين بتهكم ساخرين متى وقت هذا الوعد أي قيام الساعة إن كنتم صادقين فيه ويجوز أن يعرب اسم الإشارة «هذا» مبتدأ وخبره محذوف بتقدير : متى هذا الوعد حاصل.

(الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) : بدل من اسم الإشارة «هذا» مرفوع بالضمة. إن : حرف شرط جازم. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. صادقين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وجواب الشرط محذوف دل عليه معنى ما تقدمه : أي فأخبرونا.

(ما يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) (٤٩)

(ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً) : نافية لا عمل لها. ينظرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الافعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. إلا : أداة حصر لا عمل لها. صيحة : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.

(واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ) : صفة ـ نعت ـ لصيحة منصوب مثلها وعلامة نصبها الفتحة المنونة. تأخذ : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ثانية لصيحة وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به أي تهلكهم.

(وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) : الواو حالية. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يخصمون : تعرب إعراب «ينظرون» والجملة الفعلية «يخصمون» في محل رفع خبر «هم» والجملة الاسمية «هم يخصمون» في محل نصب حال من ضمير الغائبين «هم» في «تأخذهم» بمعنى يخاصم بعضهم بعضا.

(فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) (٥٠)

(فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً) : الفاء سببية. لا : نافية لا عمل لها. يستطيعون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. توصية : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.

(وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. إلى أهل : جار ومجرور متعلق بيرجعون و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. يرجعون : تعرب إعراب «يستطيعون».

(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) (٥١)

(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) : الواو استئنافية. نفخ : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. في الصور : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل.

(فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ) : الفاء استئنافية. إذا : حرف فجاءة لا محل له. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. من الأجداث : جار ومجرور متعلق بخبر «هم» أي من القبور مفرده : جدث.

(إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) : جار ومجرور متعلق بالخبر «ينسلون» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. ينسلون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : يسرعون. والجملة الفعلية «ينسلون» في محل رفع خبر «هم».

(قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) (٥٢)

(قالُوا يا وَيْلَنا) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ يا : أداة نداء. ويل : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة ويجوز أن تكون الكلمة منصوبة على معنى المصدر على إضمار فعل ويكون المنادى محذوفا مثل قولنا : يا ليتني بحذف المنادى. وقيل : إن «الويل» في الأصل : مصدر لا فعل له معناه : تحسر وهلك لأنه لا يشتق منه فعل فينصب نصب المصادر ثم يرفع رفعها لأن «الويل» اسم بمعنى «الهلاك».

(مَنْ بَعَثَنا) : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. بعثنا : الجملة الفعلية : في محل رفع خبر «من» وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به أي قالوا من شدة الفزع والهول من أيقظنا؟

(مِنْ مَرْقَدِنا) : جار ومجرور متعلق ببعث. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لأنها جواب عن سؤال بتقدير قال لهم الملائكة مجيبين عن سؤالهم .. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هذا». وعد : فعل ماض مبني على الفتح. الرحمن : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية (وَعَدَ الرَّحْمنُ) صلة الموصول لا محل لها. والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : هذا ما وعدكم به الرحمن أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة (وَعَدَ الرَّحْمنُ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع خبر المبتدأ «هذا» التقدير : هذا وعد الرحمن. ويجوز أن يكون اسم الإشارة «هذا» في محل جر صفة ـ نعتا ـ للمرقد. وفي هذا التقدير أو الإعراب تكون (ما وَعَدَ الرَّحْمنُ) خبرا لمبتدإ محذوف تقديره : هو وعد الرحمن أو يكون المصدر (ما وَعَدَ الرَّحْمنُ) مبتدأ محذوف الخبر. التقدير : وعد الرحمن وصدق المرسلين حق.

(وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة (وَعَدَ الرَّحْمنُ) وتعرب إعرابها وعلامة رفع الاسم الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد ويكون معنى الكلام وتقديره في حالة إعراب «ما» مصدرية : هذا وعد الرحمن وصدق المرسلين .. على تسمية الموعود والمصدوق فيه بالوعد والصدق .. وفي حالة إعراب «ما» اسما موصولا يكون التقدير هذا الذي وعده الرحمن والذي صدقه المرسلون بمعنى والذي صدق فيه المرسلون أي الأنبياء المرسلون وبعد حذف الموصوف «الأنبياء» أقيمت الصفة «المرسلون» مقامه.

(إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) (٥٣)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة التاسعة والعشرين. جميع : خبر «هم» مرفوع بالضمة المنونة. لدى : ظرف مكان أو زمان على المعنى لأن هناك معنى يحضرون يوم القيامة مبني على السكون في محل نصب

على الظرفية وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. محضرون : صفة ـ نعت ـ للموصوف «جميع» مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٥٤)

(فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ) : الفاء استئنافية. اليوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بالفعل «تظلم» وقد قدم الظرف على عامله للأهمية. لا : نافية لا عمل لها. تظلم : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة.

(نَفْسٌ شَيْئاً) : نائب فاعل مرفوع بالضمة المنونة. شيئا : نائب عن المصدر ـ المفعول المطلق ـ منصوب بالفتحة المنونة.

(وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. تجزون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. إلا : أداة حصر لا عمل لها.

(ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. تعملون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «كنتم تعملون» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما كنتم تعملونه. أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «كنتم تعملون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به. التقدير : ولا تجزون إلا عملكم.

(إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) (٥٥)

(إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. أصحاب : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الجنة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ) : ظرف زمان ـ مفعول فيه ـ منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة. في شغل : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من أصحاب الجنة بمعنى : متنعمين بما هم فيه. فاكهون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : متلذذون.

(هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ) (٥٦)

(هُمْ وَأَزْواجُهُمْ) : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ويجوز أن يكون تأكيدا للضمير في «شغل» وفي «فاكهون» على أن أزواجهم أي زوجاتهم يشاركنهم في ذلك الشغل والتفكه الواو عاطفة. أزواج : معطوف على «هم» أو على الضمير في «شغل» وفي «فاكهون» مرفوع بالضمة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ) : جار ومجرور متعلق بحال من ضمير الغائبين «هم» بمعنى : مستظلين. على الأرائك : جار ومجرور متعلق بخبر «هم» متكئون .. بمعنى : على الأسرة .. ومفردها : أريكة : أي سرير.

(مُتَّكِؤُنَ) : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) (٥٧)

(لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ) : اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر

مقدم. فيها : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «فاكهة». فاكهة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.

(وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) : الجار والمجرور معطوف بالواو على الجار والمجرور «لهم» ويعرب مثله. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر. يدعون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والعائد إلى الموصل ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما يدعونه بمعنى : ما يتمنونه وأصله : يفتعلون من الدعاء أي يدعون به لأنفسهم ويجوز أن يكون بمعنى : يتداعون.

(سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) (٥٨)

(سَلامٌ قَوْلاً) : بدل من «ما يدعون» بتقدير : لهم سلام .. مرفوع بالضمة المنونة ويجوز أن يكون «ما ..» مبتدأ وخبره : سلام بمعنى : ولهم ما يدعون سلام خالص لا شائبة فيه. قولا : مصدر مؤكد ـ مفعول مطلق ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي عدة من رب رحيم وهو مصدر لقوله تعالى : (وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ سَلامٌ) بمعنى : يقول الله لهم قولا كائنا من جهته والأوجه أن يكون نصبه على الاختصاص وهو أعني قولا.

(مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) : جار ومجرور في محل نصب صفة للموصوف «قولا». رحيم : صفة ـ نعت ـ لرب مجرور وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة أي ينزل من جهة رب رحيم فحذف المضاف «جهة» وبقي الموصوف «رب».

(وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) (٥٩)

(وَامْتازُوا الْيَوْمَ) : الواو استئنافية. امتازوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. اليوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بامتازوا بمعنى : وانفردوا اليوم عن المؤمنين والجملة الفعلية

«امتازوا» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي يقول لهم .. وعلى هذا التقدير تكون الواو عاطفة على الفعل المضمر في «قولا» الوارد في الآية الكريمة السابقة .. أي ويقول لهم قولا .. ويقول لهم امتازوا ..

(أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) : اسم منادى بأداة نداء محذوفة .. التقدير : يا أيها .. مبني على الضم في محل نصب و «ها» زائدة للتنبيه. المجرمون : صفة ـ نعت ـ لأي على لفظ «أي» لا على محلها. وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (٦٠)

(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ) : الألف ألف توبيخ وتقرير بلفظ استفهام. لم : حرف نفي وجزم وقلب. أعهد : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. إليكم : جار ومجرور متعلق بأعهد والميم علامة جمع الذكور بمعنى : ألم أوصكم؟ أي : قد عهدت إليكم.

(يا بَنِي آدَمَ) : أداة نداء. بني : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت النون ـ أصله : بنين ـ للإضافة. آدم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للمعرفة ولأنه على وزن ـ أفعل ـ ومن وزن الفعل.

(أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) : حرف تفسير لا عمل له والجملة الفعلية بعده لا محل لها لأنها مفسرة أو يكون حرف التفسير «أن» حرفا مصدريا مجرورا بحرف جر مقدر أي بأن وفي هذه الحالة تكون الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها. لا : ناهية جازمة. تعبدوا : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الشيطان : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بأعهد أي بعدم عبادة الشيطان.

(إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» وحرف النصب يفيد هنا التعليل. لكم : جار ومجرور متعلق بعدو والميم علامة جمع الذكور. عدو خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. مبين : صفة ـ نعت ـ لعدو مرفوع مثله بالضمة المنونة.

(وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) (٦١)

(وَأَنِ اعْبُدُونِي) : الواو عاطفة. أن : معطوف على «أن» في الآية الكريمة السابقة ويعرب إعرابه .. وكسرت نونه لالتقاء الساكنين. اعبدوني : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون نون الوقاية لا محل لها والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «اعبدوني» صلة «أن» المصدرية لا محل لها و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف الجر المقدر ـ الباء ـ والجار والمجرور متعلق بأعهد التقدير والمعنى : ألم أوصكم بعبادتي أنا .. أي وأمرتكم أن توحدوني وتطيعوني.

(هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ .. والإشارة إلى ما عهد إليهم بمعصية وطاعة الرحمن. صراط : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة. مستقيم : صفة ـ نعت ـ لصراط مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى : وهذا طريق قويم لا صراط أقوم منه.

(وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) (٦٢)

(وَلَقَدْ أَضَلَ) : الواو استئنافية .. تفيد التعليل هنا. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. أضل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى : لقد أغوى.

(مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً) : جار ومجرور متعلق بأضل والميم علامة جمع الذكور. جبلا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. كثيرا : صفة ـ نعت ـ للموصوف «جبلا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) : الهمزة همزة للتوبيخ بلفظ استفهام. الفاء ـ تزيينية ـ لم : حرف نفي وجزم وقلب. تكونوا : فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. تعقلون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «تكونوا» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل .. وفي القول تأكيد بمعنى : قد كنتم تعقلون أي تفهمون أن الشيطان أغوى خلقا كثيرا فأهلكهم.

(هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (٦٣)

(هذِهِ جَهَنَّمُ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. جهنم : خبر «هذه» مرفوع بالضمة ولم تنون لأنها اسم ممنوع من الصرف للمعرفة والتأنيث.

(الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة ـ نعت ـ لجهنم. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. توعدون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والجملة الفعلية «كنتم توعدون» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول محذوف خطا واختصارا ـ ساقط من اللفظ منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : التي كنتم توعدونها .. بمعنى : يعدكم بها رسلكم أو وعدتم بها في الدنيا على ألسنة الرسل.

** (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والستين .. ولفظة «جهنم» ممنوعة من الصرف للمعرفة والتأنيث وهي من أسماء النار التي يعذب بها الله الكافرين .. وقال الجوهري : هو فارسي معرب.

** (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والستين .. المعنى : اليوم أي في يوم القيامة أو الآخرة نختم

أي نطبع وكلاهما بمعنى نغلق .. لأن الشيء لا يطبع ولا يختم إلا إذا أغلق .. ويخلق الله تعالى بقدرته لهذه الأعضاء قدرة الكلام فكل عضو ينطق بما صدر منه أي من أصحاب الأعضاء بما كانوا يقترفون من المعاصي.

** (وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة والستين .. المعنى : لو أردنا لمسحنا أعينهم حتى تصير ممسوحة فاستبقوا بمعنى : فتسابقوا لسلوك الطريق التي اعتادوها فكيف يبصرون الطريق أو سلوك الطريق .. فحذف مفعول «يبصرون» اختصارا وهو «الطريق» يقال : طمس الكتابة ـ يطمسها ـ طمسا .. من باب «ضرب» بمعنى : محاها .. والفعل يأتي متعديا كما في المثل المذكور ويأتي لازما نحو : طمس الطريق يطمس ـ طموسا .. أي امحى ودرس وهو من باب «دخل» و «جلس» وانطمس أيضا مثله .. ودرس : بمعنى : محيت آثاره.

** (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والستين .. وما علمنا النبي محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ الشعر وما يصح له الشعر أي أن يكون شاعرا وسمى الأقدمون «الموحي بالشعر للشاعر» : شيطان الشعر لأنهم كانوا يعتقدون أن لكل شاعر شيطانا يوحي إليه بالشعر .. ومن أمثالهم : ركب شيطانه : أي غضب. و «الشاعر» اسم فاعل .. و «الشعر» هو قول عربي على شكل أبيات منظومة موزونة .. أو هو كلام يقصد به الوزن والتقفية ويسمى قائله : شاعرا .. واللفظة مأخوذة من «شعرت» أي فطنت وعلمت .. وسمي الرجل شاعرا لفطنته وعلمه والقول الذي يخلو من تلك القيود أو من بعضها لا يسمى شعرا ولا سمي قائله شاعرا. ويقال في التفضيل : هذا البيت أشعر من هذا : أي أحسن منه .. وجمع «الشاعر» هو «شعراء» على غير قياس .. وجمع «الشعر» هو أشعار .. أما المتشاعر فهو الذي يتعاطى قول الشعر .. وقولهم «شيطان الشعر» شبيه بأمثالهم : أعذب الشعر وأكذبه. اعتقادا بأن الشعر مقر الكذب. ومن الشعراء من يستشهد بشعره عند الخلاف حول بعض القواعد اللغوية ومنهم من لم يستشهد بشعره .. ومن الشعراء بعض منهم من المؤمنين وبعضهم من غير المؤمنين .. وقد مر الشعراء في عصور مختلفة .. وقد وصف القرآن الكريم بأن منهم من يقولون ما لا يفعلون .. ومنهم من آمنوا وعملوا الصالحات ومن الشعراء المؤمنين الذين عناهم سبحانه بأنهم مؤمنون : حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وكعب بن زهير .. كان هؤلاء شعراء وكانوا يردون على الشعراء الكافرين بقصائد طنانة أي شهيرة.

** (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والسبعين .. المعنى والتقدير : من عملنا .. وعمل الأيدي : استعارة من عمل من يعملون بالأيدي.

** (وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والسبعين المعنى : وسخرنا الأنعام لهم فمن منافعها مركوبهم أي مطاياهم لأن الركوب والركوبة هي المطية وبعد حذف المضاف «منافع» أوصل حرف الجر «من» إلى المضاف إليه «ها» فصار : منها. يقال : ركبت الدابة وركبت عليها ركوبا ومركبا .. قال الفيومي : ثم استعير للدين فقيل : ركبت الدين وارتكبته إذا أكثرت من أخذه ويسند الفعل إلى الدين أيضا فيقال : ركبني الدين وارتكبني .. وركب الشخص رأسه : بمعنى : مضى على وجهه بغير

قصد .. وراكب الدابة جمعه : ركب ـ بفتح الراء وسكون الكاف ـ وركبان. والركوبة ـ بفتح الراء : الناقة تركب ثم استعير في كل مركوب. وقال الجوهري : قال ابن السكيت : يقال مر بنا راكب : إذا كان على بعير خاصة .. فإذا كان على فرس قيل مر بنا فارس والركب ـ بفتح الراء وسكون الكاف ـ هم أصحاب الإبل في السفر دون الدواب وهم العشرة فما فوقها .. والركبان ـ بضم الراء وسكون الكاف ـ هم الجماعة منهم. والركاب ـ بكسر الراء ـ الإبل التي يسار عليها .. الواحدة : راحلة ولا واحد لها من لفظها والركوب ـ بفتح الراء ـ كما في الآية الكريمة المذكورة آنفا والركوبة ـ بفتح الراء فيهما ـ هو ما يركب ..

** (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والسبعين .. المعنى : أولم يعلم الإنسان ـ أي إنسان ـ أنا خلقناه من ماء مهين أي من ماء الرجل .. وأصل «النطفة» هو الماء القليل فإذا هو مخاصم عنيد واضح الخصومة.

** سبب نزول الآية : قال ابن عباس : جاء العاص بن وائل إلى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بعظم حائل ففته فقال : يا محمد أيبعث هذا بعد ما أرم؟ قال : نعم. يبعث الله هذا ثم يميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم. فنزلت هذه الآية الكريمة وما بعدها.

** (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والسبعين .. المعنى : وضرب لنا مثلا وتجاهل خلقنا إياه من ماء حقير وقال من الذي يحيي العظام وهي بالية؟ وعلى هذا التفسير يكون خبر «من» محذوفا وهو الاسم الموصول «الذي» وتكون جملة «يحيي العظام» صلة الموصول «الذي» لا محل لها. و «الرميم» هو اسم لما يلي ولم يؤنث «رميم» أي لم يقل : رميمة .. مراعاة للفظ «العظام» لا المعنى .. لأنه على وزن ـ فعيل ـ يستوي فيه المذكر والمؤنث ومثله صيغة «فعول» أيضا .. يقال : رم العظم ـ يرم ـ رما ـ من باب «ضرب» بمعنى : بلي. و «الرمة» بضم الراء : هي قطعة من الجبل بالية وبها سمي الشاعر : ذو الرمة .. ومنه قولهم : دفع إليه الشيء برمته .. وأصله : أن رجلا دفع إلى رجل بعيرا بحبل في عنقه ..

** (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثمانين والضمير في «منه» يعود على الشجر الأخضر على معنى : من العفار : وهو شجر تقدح منه النار ولم يقل : منها لأنه ليس المقصود النار حيث إن النار مؤنث فالمقصود : العفار وهذا من بدائع خلقه سبحانه وهو انقداح النار من الشجر الأخضر مع مضادة النار الماء وانطفائها به.

(اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) (٦٤)

(اصْلَوْهَا الْيَوْمَ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. اليوم : ظرف زمان ـ مفعول فيه ـ منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق باصلوا بمعنى : أدخلوها اليوم أي ادخلوا جهنم.

(بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) : الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. تكفرون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «كنتم تكفرون» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به أو صلة له. التقدير : بما كنتم تكفرونه أو تكفرون به أي بسبب ما كنتم تكفرون فحذف المضاف «سبب» وحل المضاف إليه الاسم الموصول «ما» محله. أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «كنتم تكفرون» صلة حرف مصدري لا محل لها. و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء .. التقدير : بسبب كفركم .. والجار والمجرور متعلق باصلوا بمعنى جزاء لكم على كفركم بالله.

(الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٦٥)

(الْيَوْمَ نَخْتِمُ) : مفعول فيه ـ ظرف زمان ـ متعلق بنختم منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وقد قدم على متعلقة «نختم» بمعنى نطبع. نختم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن.

(عَلى أَفْواهِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بنختم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ) : الواو عاطفة. تكلم : فعل مضارع مرفوع بالضمة. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. أيدي : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : تنطق أيديهم.

(وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ) : الواو عاطفة. تشهد أرجلهم : تعرب إعراب «تكلم أيديهم» وعلامة رفع الفعل الضمة الظاهرة.

(بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة أي يعرب مثله واسم «كان» الواو الضمير المتصل في محل رفع.

(وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) (٦٦)

(وَلَوْ نَشاءُ) : الواو عاطفة. لو : حرف شرط غير جازم. نشاء : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. وحذف مفعول «نشاء» اختصارا لأن ما بعده يفسره ويدل عليه.

(لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام واقعة في جواب «لو». طمس : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. على أعين : جار ومجرور متعلق بالفعل «طمس» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : لمسحنا أعينهم أي أعميناهم عقابا لهم.

(فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ) : الفاء سببية. استبقوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الصراط : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة ويجوز أن يكون المعنى فتسابقوا إلى الصراط .. فحذف الجار صلة الفعل وأوصل الفعل بالاسم المجرور فنصب على المفعولية.

(فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) : الفاء استئنافية. أنى : اسم استفهام مبني على السكون بمعنى «كيف» في محل نصب متعلق بحال وهو في الأصل منصوب على الظرفية الزمانية أو المكانية فقدر تعلقه بالحال على معنى «كيف» و «يبصرون» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ) (٦٧)

(وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ) : يعرب إعراب «ولو نشاء لطمسنا على أعينهم» الوارد في الآية الكريمة السابقة و «هم» في «مسخناهم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. على مكانتهم : جار ومجرور في محل نصب متعلق بحال محذوفة بمعنى : ولو نشاء لغيرنا صورهم كائنين في مكانتهم أي جامدين في مواضعهم.

(فَمَا اسْتَطاعُوا) : الفاء سببية. ما : نافية لا عمل لها. استطاعوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى فما استطاعوا ذهابا بمعنى : هلكوا وذلوا.

(مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها و «يرجعون» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وقد عطف المضارع «يرجعون» على الماضي «استطاعوا» وذلك على المعنى أي على تضمين فما استطاعوا رجوعا.

(وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ) (٦٨)

(وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ. نعمره : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. ننكسه : تعرب إعراب «نعمره» والجملة الفعلية «ننكسه» جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها بمعنى ومن نطل عمره نقلبه على رأسه أي نرجعه هزيلا أي إلى عكس ما كان عليه.

(فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ) : جار ومجرور متعلق بننكس. الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. الفاء تزيينية. لا : نافية لا عمل لها. يعقلون : فعل مضارع

مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) (٦٩)

(وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ) : الواو استئنافية والجملة الاستئنافية لا محل لها وهي جواب ورد على من وصف الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بأنه شاعر. ما : نافية لا عمل لها. علمناه : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول. الشعر : مفعول «علم» الثاني منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(وَما يَنْبَغِي لَهُ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. ينبغي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. له : جار ومجرور متعلق بينبغي بمعنى : ولا يصح له ولا يتطلب لو طلبه ويجوز أن يكون فاعل «ينبغي» محذوفا اختصارا دل عليه ما قبله أي لا يصح الشعر.

(إِنْ هُوَ) : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.

(إِلَّا ذِكْرٌ) : أداة حصر لا عمل لها. ذكر : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : فما هذا القرآن إلا موعظة.

(وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) : معطوف بالواو على «ذكر» مرفوع مثله بالضمة المنونة. مبين : صفة ـ نعت ـ لقرآن مرفوع مثله بالضمة المنونة. بمعنى : وكتاب سماوي واضح المعاني أي ذكر من الله يوعظ به الإنس والجن.

(لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ) (٧٠)

(لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا) : اللام لام التعليل وهي حرف جر. ينذر : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي القرآن أو الرسول. من : اسم موصول مبني

على السكون في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «يندر من ..» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بصفة ثانية لقرآن. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. حيا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والجملة الفعلية «كان حيا» صلة الموصول لا محل لها بمعنى يقظا عاقلا فاهما.

(وَيَحِقَّ الْقَوْلُ) : الواو عاطفة. يحق : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وعلامة نصبه الفتحة. القول : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : لينذر من كان عاقلا متأملا وتجب كلمة العذاب.

(عَلَى الْكافِرِينَ) : جار ومجرور متعلق بيحق. وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ) (٧١)

(أَوَلَمْ يَرَوْا) : الهمزة همزة تقرير بلفظ استفهام. الواو حرف عطف على معطوف عليه منوي من جنس المعطوف. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يروا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : أولم يعلم المشركون ..

(أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ) : أن مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به أو يكون المصدر المؤول قد سد مسد مفعولي «يروا» أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع مبني على السكون في محل نصب اسم «أن» والجملة بعدها «خلقنا» في محل رفع خبر «أن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بفعل «خلقنا».

(مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا) : مكونة من «من» حرف جر و «ما» المدغمة بنون «من» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن. عملت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. أيدي : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «عملت أيدينا» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف اختصارا منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : مما عملته أيدينا والجار والمجرور متعلق بخلق. أو تكون «ما» مصدرية وجملة «عملت أيدينا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما تلاها في تأويل مصدر في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بخلق .. التقدير : من عملنا أي من صنعتنا.

(أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : بهائم مفردها : نعم. الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. مالكون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والكلمة جمع «مالك» وهو اسم فاعل وحذف مفعوله لأن الجار والمجرور «لها» يدل عليه. و «لها» جار ومجرور متعلق بالخبر.

(وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ) (٧٢)

(وَذَلَّلْناها لَهُمْ) : معطوف على «خلقنا لهم» في الآية الكريمة السابقة ويعرب إعرابه و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به أي البهائم. ويجوز أن يكون المعنى فمن منافعها ركوبهم.

(فَمِنْها رَكُوبُهُمْ) : الفاء استئنافية. منها : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. ركوب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة أي مركوبهم.

(وَمِنْها يَأْكُلُونَ) : الواو عاطفة. منها : جار ومجرور متعلق بفعل «يأكلون». يأكلون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو

ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف لأنه معلوم ولأن ما قبله يدل عليه. التقدير : فمنها مطاياهم ومنها بهائم يأكلون.

(وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ) (٧٣)

(وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ) : الواو عاطفة. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. فيها : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «منافع». منافع : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن «مفاعل» ومن الجموع المنتهية بألف بعده حرفان.

(وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ) : معطوف بالواو على «منافع» ويعرب إعرابه. الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. الفاء تزيينية لا عمل لها. لا : نافية لا عمل لها يشكرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل أي أفلا يشكرون هذه النعم؟ أو أفلا يشكرون الله على نعمه.

(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ) (٧٤)

(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ) : الواو استئنافية. اتخذوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. من دون : جار ومجرور متعلق باتخذوا وهو في مقام المفعول به الثاني.

(اللهِ آلِهَةً) : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. آلهة : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.

(لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «لعل». ينصرون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل

في محل رفع نائب فاعل أي رجاء أن تنصرهم تلك الآلهة المزعومة بمعنى : رجاء أن ينصروهم أو رجاء أن ينتصروا فلا يستطيعون لهم نصرا.

(لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ) (٧٥)

(لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ لآلهة. لا : نافية لا عمل لها. يستطيعون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. نصر : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(وَهُمْ لَهُمْ) : الواو حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بحال مقدمة من «جند» بمعنى وهم لآلهتهم وبعد حذف المضاف «آلهة» أوصل حرف الجر إلى المضاف إليه «هم».

(جُنْدٌ مُحْضَرُونَ) : خبر «هم» مرفوع بالضمة المنونة. محضرون : صفة ـ نعت ـ لجند مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد بمعنى والكفار لآلهتهم جنود معدون لحفظهم أي يدفعون عنهم.

(فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) (٧٦)

(فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) : الفاء استئنافية. لا : ناهية جازمة. يحزنك : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه سكون آخره والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم والمخاطب هو الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ. قول : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين المتصل في محل جر بالإضافة أي قولهم : إنهم آلهتنا.

(إِنَّا نَعْلَمُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل نصب

اسم «إن». نعلم : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره نحن.

(ما يُسِرُّونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يسرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «يسرون» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : ما يسرونه بمعنى : ما يخفونه أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «يسرون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به بتقدير : إسرارهم أي اخفاءهم أو سرهم.

(وَما يُعْلِنُونَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «ما يسرون» وتعرب إعرابها بمعنى أو نعلم كتمانهم وعلانيتهم وحذف مفعول المصدر «قولهم» أي مقول القول اختصارا. التقدير والمعنى : لا يكدرك قول المشركين إن آلهتهم شركاء لله في العبادة.

(أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) (٧٧)

(أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ) : أعرب في الآية الكريمة الحادية والسبعين و «ير» علامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة ـ الألف المقصورة ـ وبقيت الفتحة دالة عليها. الإنسان : فاعل مرفوع بالضمة والهاء في «خلقناه» ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به.

(مِنْ نُطْفَةٍ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير الغائب ـ الهاء في «خلقناه» لأن «من» حرف جر بياني .. التقدير : خلقناه حالة كونه من نطفة.

(فَإِذا هُوَ) : الفاء استئنافية. إذا : حرف فجاءة ـ فجائية ـ لا محل له. هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.

(خَصِيمٌ مُبِينٌ) : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة. مبين : صفة ـ نعت ـ لخصيم مرفوع مثله بالضمة المنونة واللفظة «خصيم» من صيغ المبالغة ـ فعيل ـ بمعنى فاعل ـ بمعنى مخاصم أي كثير الخصومة.

(وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) (٧٨)

(وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً) : الواو استئنافية. ضرب : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الانسان المخاصم المجادل. لنا : جار ومجرور متعلق بضرب. مثلا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.

(وَنَسِيَ خَلْقَهُ) : الواو عاطفة. نسي خلقه تعرب إعراب «ضرب مثلا» والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة بمعنى : ونسي أو تجاهل خلقنا إياه من نطفة .. وقال من الذي يحيي.

(قالَ مَنْ يُحْيِ) : تعرب إعراب «ضرب» والجملة الاسمية بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي فقال بزهو واستهزاء .. من : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يحيي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «يحيي العظام» في محل رفع خبر «من».

(الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال من «العظام» هي : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. رميم : خبر «هي» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى بالية.

(قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) (٧٩)

(قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي) : فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه ـ أصله : قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين ـ والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. يحيي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. الذي :

اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «يحييها الذي» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وجملة «أنشأها» صلة الموصول لا محل لها.

(أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «ها» أعرب. أول : ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بأنشأ وهو مضاف أو يكون حالا من ضمير «أنشأها» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. مرة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(وَهُوَ بِكُلِ) : الواو استئنافية. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. بكل : جار ومجرور متعلق بعليم.

(خَلْقٍ عَلِيمٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. عليم : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة.

(الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) (٨٠)

(الَّذِي جَعَلَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. جعل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «جعل مع مفعوليها» صلة الموصول لا محل لها.

(لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ) : جار ومجرور متعلق بالفعل «جعل» والميم علامة جمع الذكور. من الشجر : جار ومجرور مقامه مقام المفعول الثاني.

(الْأَخْضَرِ ناراً) : صفة ـ نعت ـ للشجر مجرور مثله وعلامة جره الكسرة أي من الشجر المشبع بالماء. نارا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى هو الذي أوجد لكم أي بأن يضرب منهما عودان على بعضهما فتنقدح منهما النار.

(فَإِذا أَنْتُمْ) : الفاء استئنافية. إذا : حرف فجاءة لا عمل له. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

(مِنْهُ تُوقِدُونَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «أنتم». توقدون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أنتم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى تشعلون نارا.

(أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ) (٨١)

(أَوَلَيْسَ الَّذِي) : الهمزة همزة إنكار دخلت على النفي فرجع إلى معنى التقرير. الواو استئنافية. ليس : فعل ماض ناقص مبني على الفتح من أخوات «كان». الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع اسم «ليس».

(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. السموات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها وعلامة نصبها الفتحة.

(بِقادِرٍ عَلى) : الباء حرف جر زائد للتأكيد. قادر : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه خبر «ليس». على : حرف جر أي على إعادة خلق بشر.

(أَنْ يَخْلُقَ) : حرف مصدري ونصب. يخلق : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «يخلق مثلهم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعلى والجار والمجرور «على خلق» متعلق بقادر ـ اسم فاعل ـ على تأويل فعله «يقدر».

(مِثْلَهُمْ بَلى) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : أن يخلق مثل مثلهم في الصغر إضافة إلى السموات والأرض أو على معنى أن يعيدهم. بلى : حرف جواب لا عمل له. يجاب به عن النقي ويقصد به الإيجاب أي يأتي جوابا لسؤال منفي.

(وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) : الواو عاطفة. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الخلاق العليم : خبران للضمير «هو» ـ خبر بعد خبر ـ مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة ويجوز أن يكون «العليم» صفة ـ نعتا للخلاق أي نعم هو قادر.

(إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٨٢)

(إِنَّما أَمْرُهُ) : كافة ومكفوفة. أمره : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة بمعنى أمر الله ..

(إِذا أَرادَ شَيْئاً) : ظرف لما يستقبل من الزمن متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه وجوابه محذوف دل عليه ما قبله. والجملة الشرطية اعتراضية بين المبتدأ وخبره لا محل لها. أراد : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. شيئا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة وجملة «أراد شيئا» في محل جر بالإضافة.

(أَنْ يَقُولَ لَهُ) : حرف مصدري ناصب. يقول : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو. له : جار ومجرور متعلق بيقول. وجملة «يقول له ..» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر «قوله» في محل رفع خبر المبتدأ «أمره» بمعنى : شأنه. والجملة الفعلية «كن» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(كُنْ فَيَكُونُ) : فعل أمر تام مبني على السكون وحذفت واوه ـ أصله : كون ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين ـ وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. الفاء استئنافية. يكون : فعل مضارع تام مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «يكون» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو أي فهو يكون بمعنى : فيحصل أو فيوجد ويجوز أن تكون الفاء عاطفة فتكون الجملة الاسمية «فهو يكون» معطوفة على الجملة الاسمية «أمره القول ـ قوله» بمعنى أن يكون من غير توقف فيحدث أي فهو كائن موجود لا محالة بمعنى إذا أراد إيجاد شيء قال له كن فيكون.

(فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٨٣)

(فَسُبْحانَ الَّذِي) : الفاء استئنافية. سبحانه : مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره : أسبح بمعنى أنزه الله سبحانه عن النقائص تسبيحا أي تنزيها وهو مضاف. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(بِيَدِهِ مَلَكُوتُ) : الجملة الاسمية متعلقة بصلة الموصول لا محل لها. بيده : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. ملكوت : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وهو مضاف بمعنى بيده ملك كل شيء.

(كُلِّ شَيْءٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. شيء : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) : الواو استئنافية. إليه : جار ومجرور متعلق بفعل «ترجعون». ترجعون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. ويجوز أن تكون جملة «ترجعون» في محل رفع خبرا لمبتدإ محذوف اختصارا لأنه معلوم من سياق القول الكريم بتقدير : وأنتم إليه راجعون.

***

سورة الصافات

معنى السورة : الصافات : مؤنث الصافين .. ومفردهما : الصافة .. الصاف .. وهاتان اللفظتان اسما فاعلين للفعل «صف» نحو : صف القائد جنده ـ يصفهم ـ صفا .. من باب «رد» بمعنى : أقامهم صفوفا «جمع صف» وصف الإمام المصلين .. مثله .. أي أقيموا صفوفا في الحرب والجامع .. و «المصف» بفتح الميم والصاد : هو الموقف في الحرب وجمعه : المصاف .. وصفت الإبل قوائمها تصفها .. صفا : أي وضعتها صفا .. وصف الطائر جناحيه : بمعنى : بسطهما ولم يحركهما. وصف القوم : أي أقامهم صفوفا فاصطفوا واصطف الجند : أي قاموا صفوفا فهم مصطفون .. وهن مصطفات .. لاسم المفعول وهم صافون ـ اسم فاعلين ـ وهن صافات وصواف ـ اسم فاعلات. فالفعل «صف» يأتي متعديا .. نحو : صففت الشيء فهو مصفوف ويأتي لازما نحو : صففتهم فصفوا هم .. وعن صف الطائر جناحيه أي بسطهما في طيرانه ولم يحركهما ذكر في حديث «كل ما دف ودع ما صف أي يؤكل ما يحرك جناحيه في طيرانه كالحمام ولا يؤكل ما صف جناحيه كالنسر والصقر.

تسمية السورة : خص سبحانه وتعالى الملائكة الأطهار بسورة من سور كتابه العزيز وسماها بصفتهم «الصافات» بمعنى : المصطفين .. وأقسم تعالى بطوائف الملائكة المصطفين للعبادة صفا أو الصافين أي المصطفين في العبودية لله عزوجل أو بنفوسهم الصافات أقدامها في الصلاة أو أجنحتها في الهواء واقفة منتظرة لأمر الله سبحانه. وجاءت كلمة «الصافات» صفة أقيمت مقام الموصوف «الملائكة» المحذوف اختصارا لأنه معلوم وقال الصافات أي التي نظمت صفوفها طولا مستويا ولم يقل «الصافين» لأن «الملائكة» لفظة مؤنثة لفظا مذكرة معنى لأنها جمع «ملك» ومثلها كثير في القرآن الكريم نحو قوله تعالى في سورة «المرسلات» : (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ) وجاءت اللفظة مذكرة في آية أخرى : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ).

فضل قراءة السورة : قال الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ والصافات» أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد كل جني وشيطان وتباعدت عنه مردة الشياطين وبريء من الشرك وشهد له حافظاه يوم القيامة أنه كان مؤمنا بالمرسلين» صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمردة : جمع : مارد : وهو بمعنى العاتي : أي الجبار أو المستكبر المتجاوز للحدود سمي بذلك كأنه تجرد من كل خير. و «حافظاه» هما الملكان اللذان يكتبان حسنات الناس وسيئاتهم.

إعراب آياتها

(وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) (١)

(وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) : الواو واو القسم .. حرف جر. الصافات : مقسم به مجرور بواو القسم وعلامة جره الكسرة .. والواو بدل من الباء لأن الأصل : برب الصافات أي الملائكة الصافين أي المصطفين في العبودية لله والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف بتقدير : أقسم أو أحلف. صفا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ لاسم الفاعلات «الصافات» منصوب بفعل المصدر وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو بفعل من جنسه.

(فَالزَّاجِراتِ زَجْراً) (٢)

(فَالزَّاجِراتِ زَجْراً) : معطوف بالفاء على «الصافات صفا» ويعرب إعرابه بمعنى فالزاجرات أي الملائكة التي تسوق السحاب سوقا أو فالزاجرين الشياطين زجرا.

(فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) (٣)

(فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) : يعرب إعراب الآية الكريمة السابقة بمعنى : فالقارئات ذكر الله أو يكون «ذكرا» مفعولا به منصوبا باسم الفاعلات «التاليات» وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ) (٤)

(إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «إن» مع اسمها وخبرها لا محل لها لأنها جواب القسم المقدر. إله : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. اللام لام التوكيد المزحلقة. واحد : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة أو يكون توكيدا لخبر «إن» المحذوف اختصارا ولأن ما قبله يدل عليه. التقدير : إن إلهكم لإله واحد.

(رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ) (٥)

(رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : خبر ثان لإن مرفوع بالضمة أو خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. السموات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها.

(وَما بَيْنَهُما) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة لأنه معطوف على مجرور أي ورب ما بينهما. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بفعل محذوف تقديره : استقر .. وجد. أو كان. وهو مضاف. والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة و «ما» علامة التثنية وجملة «استقر بينهما» صلة الموصول لا محل لها.

(وَرَبُّ الْمَشارِقِ) : معطوف بالواو على «رب السموات ..» ويعرب إعرابه.

** (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى .. المعنى : أقسم برب الملائكة الصافات أي الملائكة الصافين أو بنفوس الملائكة الصافات أقدامها في الصلاة أو أجنحتها في الهواء فحذف الموصوف «الملائكة» وحلت الصفة «الصافات» محلها وجيء بالصفة مؤنثة على لفظ «الملائكة» أي جماعة الملائكة وليس على المعنى المذكر أي الصافين. وحذف مفعول اسم الفاعلات «الصافات» وهو «أقدامها .. أجنحتها».

** (فَالزَّاجِراتِ زَجْراً) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية .. وينطبق تقدير الآية الكريمة الأولى على هذه الآية الكريمة أيضا .. المعنى : الملائكة الزاجرات السحاب زجرا أي سوقا أي الزاجرين الشياطين عن بني آدم أو الناس عن المعاصي فحذف مفعول اسم الفاعلات «الزاجرات» وهو «الشياطين» واصطفاف الملائكة المراد به : وقوفهم منتظرين أمر الله سبحانه وهو كما جاء في سورة «الفجر» في قوله عزوجل ـ : (كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) أي وحضرت الملائكة صفوفا أو ينزل ملائكة كل سماء.

فيصطفون صفا بعد صف محدقين بالجن والإنس وقوله (وَجاءَ رَبُّكَ) معناه : وظهرت آيات قدرة الله ومعنى إسناد المجيء لله هو تشبيه لظهور آيات اقتداره سبحانه وتبيين آثار قهره وسلطانه شبهت الحالة في ذلك بحال الملك إذا حضر بنفسه ظهر بحضوره من آثار الهيبة ما لا يظهر بحضور خواصه عن بكرة «أبيهم» أي جميعهم.

** (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة .. التقدير : ورب المشارق والمغارب .. مثل ورب السموات والأرض فحذف «والمغارب» اختصارا لأنه معلوم أو اكتفى بالمشارق لأنها أدل على قدرته سبحانه. أي مشارق الكواكب. وبعد حذف المضاف إليه «الكواكب» عوض المضاف «مشارق» بالألف واللام عن حذف المضاف إليه.

** (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة .. المعنى إنا زينا السماء القربى بزينة الكواكب .. والكواكب : بدل من «زينة» وهو بدل المعرفة من النكرة وكما يجوز بدل النكرة من المعرفة كما في قوله تعالى في سورة «البقرة» : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) فإن «قتال» هو اسم نكرة جاء بدلا من المعرفة «الشهر» فكذلك يجوز إبدال المعرفة «الكواكب» من النكرة «زينة».

** (دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة .. المعنى : ويطردون طردا وإبعادا قويا وهو مصدر «دحر» يقال : دحره ـ يدحره ـ دحورا .. من باب «خضع» يخضع خضوعا .. بمعنى : طرده وأبعده .. والمعنى في الآية : يقذفون قذفا لأن القذف والطرد متقاربان في المعنى ونقول : دحرنا القوات المعتدية دحورا : أي طردناها وأبعدناها فالقوات المعتدية مدحورة ـ اسم مفعول ـ ونحن داحرون ـ اسم فاعل ـ ولا نقول : اندحرت القوات فهي مندحرة لأن هذا الفعل «دحر» لم يأت منه الفعل المطاوع ـ اندحر ـ مثل الفعل «كسر» نحو : كسرنا الزجاج فانكسر.

** (وَقالُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة عشرة ..

المعنى : وقالوا : ما هذا الذي تأتينا به ـ أي القرآن ـ أو الذي نراه .. فحذف النعت أو البدل المشار إليه «القرآن» اختصارا لأنه معلوم وإن ما قبله دال عليه.

** (قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة .. أي قل لهم يا محمد نعم تبعثون جميعا وأنتم صاغرون ذليلون ـ أذلاء ـ لأن صيغة ـ فعيل ـ تجمع على ـ فعلاء ـ إذا كان فيها حرف مكرر فذليل فيها حرف اللام مكرر. يقال : دخر ـ يدخر ـ دخورا : أي ذل وهان. و «نعم» مثل «أجل» وزنا ومعنى أي حرف جواب لا محل له ومثله أيضا الحرف «جير» بفتح الجيم وسكون الياء وكسر الراء قال الأخفش : إن «أجل» أحسن من «نعم» في التصديق و «نعم» أحسن منه في الاستفهام. ويأتي «أجل» اسما ويطلق على عمر الإنسان وعلى الموت الذي ينتهي إليه الإنسان .. ويطلق أيضا على الغاية والأمد. قال تعالى في سورة «الطلاق» : (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) قال الشاعر :

كل حي مستكمل مدة العم

ر ومود إذا انتهى أجله

و «مود» : اسم فاعل بمعنى : هالك. فعله : أودى ـ يودي ـ إيداء : أي هلك وأودى به الموت : أي ذهب وأجل الشيء : هو مدته ووقته الذي يحل فيه وهو مصدر الفعل «أجل» من باب «تعب» ويجمع على آجال .. أما «الآجل» على وزن ـ فاعل ـ فهو خلاف «العاجل» و «الآجلة» ضد «العاجلة» أي المسرع والمسرعة.

** (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والعشرين المعنى : يسأل بعضهم موبخا بعضهم الآخر أي يوبخ الضالون من أضلوهم .. وقيل : المعنى : يشربون ويتحادثون على الشراب على عادة الشرب وفيه لذتهم .. ولقد أحسن القائل في هذا المعنى حيث قال الأصمعي :

يوشك من فر من منيته

يوما على علة يوافقها

من لم يمت عبطة يمت هرما

للموت كأس والمرء ذائقها

و «عبطة» في البيت معناها : شابا صحيحا. ورويت الموت كأس لا بد ذائقها على أنها الشراب بعينه.

** (فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والثلاثين المعنى : فوجبت علينا كلمة العذاب أي وعيد الله ولو حكي الوعيد كما هو لقال : إنكم لذائقون عذابه أو العذاب ولكنه عدل به إلى لفظ المتكلم لأنهم متكلمون بذلك عن أنفسهم .. ويقال : قال المحلف للحالف : احلف لأخرجن ولتخرجن .. الهمزة لحكاية اللفظ ـ لفظ الحالف ـ اسم فاعل. والتاء لإقبال المحالف على المحلف كقوله تعالى في الآية المذكورة. وحذف مفعول اسم الفاعلين «ذائقين» أي ذائقوه. أي العذاب. قال الشاعر :

إني حلفت برافعين أكفهم

بين الحطيم وبين حوضي زمزم

التقدير : بقوم رافعين فحذف الموصوف وأقيمت الصفة «رافعين» مقام «قوم» و «الحطيم» اسم لحجر البيت الحرام في مكة وزمزم : اسم لبئر معروفة في مكة بجوار البيت الحرام.

(إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) (٦)

(إِنَّا زَيَّنَّا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». زينا : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(السَّماءَ الدُّنْيا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الدنيا : صفة ـ نعت ـ للسماء منصوبة وعلامة نصبها الفتحة المقدرة للتعذر.

(بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) : جار ومجرور متعلق بزين. الكواكب : بدل من «زينة» وبدل المبدل منه المجرور مجرور مثله وعلامة جره الكسرة.

(وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) (٧)

(وَحِفْظاً مِنْ كُلِ) : الواو عاطفة. حفظا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف معطوف على «زينا» بتقدير وحفظنا السماء حفظا أو محمول

على معنى : إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء وحفظا من الشياطين منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. من كل : جار ومجرور متعلق بالفعل المضمر فعل «حفظنا».

(شَيْطانٍ مارِدٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. مارد : صفة ـ نعت ـ لشيطان مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : متمرد خارج عن الطاعة.

(لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ) (٨)

(لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ) : نافية لا عمل لها. يسمعون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وأصله لا يتسمعون فأدغمت التاء في السين فشددت السين. إلى الملأ : جار ومجرور متعلق بيسمعون.

(الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ) : صفة ـ نعت ـ للملإ مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر. الواو عاطفة. يقذفون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى لا يمكنهم السماع رغم استراقهم السمع إلى الملائكة أو هم الكتبة من الملائكة.

(مِنْ كُلِّ جانِبٍ) : جار ومجرور متعلق بفعل «يقذفون». جانب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : ويقذفون متى أرادوا التسمع من جميع جوانب السماء من أي جهة صعدوا للاستراق.

(دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) (٩)

(دُحُوراً وَلَهُمْ) : مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ويقذفون للدحور وهو الطرد أو يكون حالا بمعنى : مدحورين. أو مفعولا مطلقا ـ مصدرا ـ منصوبا بفعل محذوف بتقدير يدحرون «دحورا». الواو استئنافية. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم.

(عَذابٌ واصِبٌ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. واصب : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع مثله بالضمة المنونة أي دائم.

(إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) (١٠)

(إِلَّا مَنْ خَطِفَ) : أداة حصر لا عمل لها. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع بدل من الضمير في «لا يسمعون» أي لا يسمعون إلا الشيطان أي لا يسمع الشياطين إلا الشيطان الذي خطف الخطفة. خطف : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والجملة الفعلية «خطف» صلة الموصول لا محل لها.

(الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ) : مصدر ـ مفعول مطلق ـ واقع موقع المفعول به بمعنى : إلا من استرق أو اختلس الاستراقة من كلام الملائكة. الفاء سببية. أتبعه : فعل ماض مبني على الفتح والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به مقدم.

(شِهابٌ ثاقِبٌ) : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. ثاقب : صفة ـ نعت ـ لشهاب مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى فانقض عليه كوكب يثقب ما ينزل عليه. والشهاب : هو ما يرى كأنه كوكب منقض. وثاقب : أي يثقب ما ينزل عليه.

(فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ) (١١)

(فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ) : الفاء سببية للتعقيب. استفت : فعل أمر مبني على حذف آخره ـ حرف العلة ـ الياء وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به بمعنى : فاستخبر يا محمد مشركي قريش. الهمزة همزة تقرير بلفظ استفهام. هم : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.

(أَشَدُّ خَلْقاً) : خبر «هم» مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعل ـ التفضيل ومن وزن الفعل. خلقا : تمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : أأصعب على الله خلقا؟

(أَمْ مَنْ خَلَقْنا) : حرف عطف وهي «أم» المتصلة لأنها مسبوقة بهمزة استفهام. من : اسم موصول بمعنى «الذين» مبني على السكون في محل رفع معطوف على «هم». خلق : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «خلقنا» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : خلقناهم بمعنى : أهم أصعب على الله خلقا أم الذين خلقناهم من الملائكة والسموات والأرض.

(إِنَّا خَلَقْناهُمْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». خلقناهم : أعربت. والجملة الفعلية «خلقناهم» في محل رفع خبر «إن» أي خلقنا أباهم «آدم».

(مِنْ طِينٍ لازِبٍ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير الغائبين «هم» التقدير حال كونهم من طين. لازب : صفة ـ نعت ـ لطين مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة بمعنى لازق أي متماسك.

(بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) (١٢)

(بَلْ عَجِبْتَ) : حرف إضراب للاستئناف. عجبت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل بمعنى بل عجبت يا محمد من قدرة الله على هذه الخلائق.

(وَيَسْخَرُونَ) : الواو حالية. يسخرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «يسخرون» في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف تقديره : هم. أي وهم يسخرون أي يستهزءون من تعجبك ومنك ومما تريهم من آثار قدرة الله .. والجملة الاسمية «هم يسخرون» في محل نصب حال من ضمير الغائبين والمعنى لا تسألهم فهم معاندون.

(وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ) (١٣)

(وَإِذا ذُكِّرُوا) : الواو استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن متضمن معنى الشرط مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه. ذكروا : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف. وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والألف فارقة أي وإذا وعظوا.

(لا يَذْكُرُونَ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. لا : نافية لا عمل لها. يذكرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذف مفعول «يذكرون» اختصارا لأن ما قبله دال عليه .. التقدير : لا يذكرون قدرة الله على خلق هذه الخلائق.

(وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ) (١٤)

الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. رأوا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لاتصالها بواو الجماعة ولالتقاء الساكنين. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. آية : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى يبالغون في السخرية منها.

(وَقالُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ) (١٥)

(وَقالُوا) : الواو عاطفة. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(إِنْ هذا) : مخففة مهملة لا عمل لها بمعنى «ما» النافية. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

(إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) : أداة حصر لا عمل لها. سحر : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة. مبين : صفة ـ نعت ـ لسحر مرفوع بالضمة المنونة.

(أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) (١٦)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الثانية والثمانين من سورة «المؤمنون».

(أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) (١٧)

(أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) : حرف عطف. آباء : معطوف على محل «إن» واسمها أو على الضمير في «مبعوثون» في الآية الكريمة السابقة مرفوع بالضمة وجاز العطف لأن الجملة مفصولة بهمزة الاستفهام و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة أي أن الواو في «أو» حرف عطف مسبوقة بهمزة استفهام. الأولون : صفة ـ نعت ـ للآباء مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : آباؤنا الأقدمون .. أي أو يبعث أيضا آباؤنا الأقدمون؟

(قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ) (١٨)

(قُلْ نَعَمْ) : فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه ـ أصله : قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين ـ والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. نعم : حرف جواب لا عمل له ولا محل له. المعنى : نعم تبعثون. والجملة الفعلية «نعم تبعثون» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(وَأَنْتُمْ داخِرُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال من ضمير «تبعثون» أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. داخرون : خبر «أنتم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : نعم تبعثون وأنتم صاغرون ذليلون.

(فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ) (١٩)

(فَإِنَّما هِيَ) : الفاء واقعة في جواب شرط مقدر تقديره : إذا كان ذلك فما هي إلا زجرة واحدة بمعنى : صيحة واحدة و «إنما» كافة ومكفوفة. أو أداة حصر لا عمل لها. هي : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ والضمير «هي» لا يرجع إلى شيء إنما هو مبهم موضحه خبره ويجوز أن يكون المعنى : فإنما البعثة وهي النفخة الثانية.

(زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) : خبر «هي» مرفوع بالضمة المنونة. واحدة : صفة ـ نعت ـ لزجرة مرفوعة مثلها بالضمة المنونة.

(فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ) : الفاء استئنافية. إذا : حرف فجاءة ـ فجائية ـ لا محل لها. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. وخبر «هم» محذوف اختصارا تقديره : أحياء أي فإذا هم أحياء. ينظرون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر ثان للمبتدإ «هم» أو في محل رفع صفة ـ نعت ـ لخبر «هم» المحذوف أي صفة لأحياء أو تكون في محل نصب حالا من ضمير الغائبين المبتدأ «هم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : يبصرون الساعة أو العذاب .. فحذف المفعول اختصارا.

(وَقالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ) (٢٠)

(وَقالُوا يا وَيْلَنا) : الواو عاطفة. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ يا : أداة نداء. ويل : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة والنداء يقع هنا على المبالغة والكلمة تدعو بها العرب عند الهلاك. ويجوز أن تكون «يا» حرف تنبيه أو حرف نداء والمنادى به محذوفا مثل : يا ليتنا وكلمة «ويل» في الأصل مصدر لا فعل له معناه : تحسر وهلك وهي هنا منصوبة على المفعولية المطلقة لأنها مضافة على تقدير : ألزمنا أو أهلكنا الهلاك.

(هذا يَوْمُ الدِّينِ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. يوم : خبر «هذا» مرفوع بالضمة. الدين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة .. بمعنى : هذا يوم الحساب بمعنى فيقولون هذا يوم الحساب.

(هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) (٢١)

(هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) : الجملة الاسمية في محل نصب لأنها بدل من جملة (هذا يَوْمُ الدِّينِ) وتعرب إعرابها بمعنى يوم الفصل في أمور الناس.

(الَّذِي كُنْتُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة ـ نعت ـ لليوم يوم الفصل ـ أو في محل جر صفة ـ نعت ـ للفصل. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور.

(بِهِ تُكَذِّبُونَ) : جار ومجرور متعلق بتكذبون. تكذبون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية (كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) صلة الموصول لا محل لها من الإعراب بمعنى : قالت الملائكة هذا يوم الحكم والقضاء بين الخلائق.

(احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ) (٢٢)

(احْشُرُوا الَّذِينَ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي يقول الله سبحانه لملائكته اجمعوا الظالمين وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.

(ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. وحذف مفعول الفعل اختصارا لأنه معلوم بمعنى ظلموا أنفسهم. وأزواج : معطوف بالواو على الاسم الموصول «الذين» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(وَما كانُوا يَعْبُدُونَ) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب معطوف على الاسم الموصول «الذين» و «ما» اسم موصول لغير العاقل. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو

الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يعبدون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية (كانُوا يَعْبُدُونَ) صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : وما كانوا يعبدونهم أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة (كانُوا يَعْبُدُونَ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به. التقدير : واحشروا معبوديهم.

(مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) (٢٣)

(مِنْ دُونِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بفعل «يعبدون» أو يكون متعلقا بحال محذوفة من الضمير العائد في «يعبدون» لأن «من» حرف جر بياني .. بمعنى : وما كانوا يعبدونهم من الآلهة حالة كونهم من دون الله. الله لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر : الكسرة بمعنى : من الله.

(فَاهْدُوهُمْ) : الفاء عاطفة للتسبيب. اهدوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى فدلوهم.

(إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) : جار ومجرور متعلق بفعل «اهدوا» بتعدية الفعل بحرف الجر إلى مفعول الثاني. الجحيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى فدلوهم أو ارشدوهم أو فقودوهم على طريق جهنم أي النار العظيمة.

(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) (٢٤)

(وَقِفُوهُمْ) : معطوفة بالواو على «اهدوهم» وتعرب إعرابها بمعنى : وقفوهم أمامنا لأنهم كانوا مسئولين عما كانوا يعملونه.

(إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) : حرف نصب وتوكيد يفيد هنا التعليل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». مسئولون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ) (٢٥)

(ما لَكُمْ لا) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به منصوب بفعل محذوف اختصارا لأنه معلوم أي يقول لهم سبحانه أي مقول القول. ما : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. لكم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ. والميم علامة جمع الذكور. لا : نافية لا عمل لها بمعنى : ما لكم اليوم لا ينصر بعضكم بعضا؟

(تَناصَرُونَ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. وأصله : لا تتناصرون .. حذفت إحدى التاءين تخفيفا بمعنى : كيف لا تتناصرون اليوم أي لا ينصر بعضكم بعضا .. وقيل حذفت إحدى التاءين لتواليهما تخفيفا. والجملة الفعلية (لا تَناصَرُونَ) في محل نصب حال من ضمير المخاطبين أي غير متناصرين.

(بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ) (٢٦)

(بَلْ هُمُ) : حرف إضراب للاستئناف. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ

(الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بخبر «هم». مستسلمون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) (٢٧)

(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ) : الواو استئنافية. أقبل : فعل ماض مبني على الفتح. بعض : فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) : جار ومجرور متعلق بأقبل والتنوين عوض عن حذف المضاف إليه لأن التقدير على بعضهم. يتساءلون : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير المخاطبين في «بعضهم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : يسأل بعضهم موبخا بعضهم الآخر أي يوبخ الضالون من أضلوهم.

(قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ) (٢٨)

(قالُوا إِنَّكُمْ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة بعده المؤولة من «إن» وما بعدها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» والميم علامة جمع الذكور.

(كُنْتُمْ تَأْتُونَنا) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. تأتون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(عَنِ الْيَمِينِ) : جار ومجرور متعلق بتأتون وكسرت نون «عن» لالتقاء الساكنين. أي يقول الضالون لمضليهم وهم يؤنبونهم يوم القيامة إنكم كنتم تأتوننا من قبل الدين فتزيغون لنا ضلالتنا لأنهم كانوا يتفاءلون بالطير إذا أطاروه فجاءهم من جهة اليمين أي تأتوننا من أحب الجهات إلينا.

(قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (٢٩)

(قالُوا بَلْ لَمْ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة. بل : حرف إضراب للاستئناف. لم : حرف نفي وجزم وقلب.

(تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) : فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. مؤمنين : خبر «تكون» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد وحركته.

(وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ) (٣٠)

(وَما كانَ لَنا) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. لنا : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان».

(عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «سلطان» والميم علامة جمع الذكور. من : حرف جر زائد للتوكيد أي لتأكيد معنى النفي الواقع على «سلطان». سلطان : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه اسم «كان» بمعنى : تسلط.

(بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ) : حرف إضراب للاستئناف. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. قوما : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. طاغين : صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوما» منصوب مثله وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض عن تنوين المفرد.

(فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ) (٣١)

(فَحَقَّ عَلَيْنا) : الفاء سببية. حق : فعل ماض مبني على الفتح. على : حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بحق.

(قَوْلُ رَبِّنا) : فاعل مرفوع بالضمة. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل «ضمير المتكلمين» مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى فلزم أو فوجبت علينا كلمة العذاب وعيد الله.

(إِنَّا لَذائِقُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ ذائقون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ) (٣٢)

(فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا) : الفاء سببية. أغوى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. و «إن» حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن».

(كُنَّا غاوِينَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان». غاوين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى إنا تسببنا في جركم إلى الغي لتكونوا مثلنا.

** (فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والثلاثين .. المعنى : دعوناكم لتكونوا على الحال التي كنا عليها أي تسببنا في جركم إلى الغي .. يقال : غوى ـ يغوي ـ غيا .. من باب «ضرب» بمعنى : انهمك في الجهل وهو ضد الرشد والاسم منه هو الغواية ـ بفتح الغين. وغوى أيضا : بمعنى : خاب وضل فهو غاو .. ـ اسم الفاعل ـ وجمعه : غواة ـ بضم الغين ـ ويتعدى الرباعي منه إلى المفعول فيقال : أغواه : أي أضله ومن تخريجاته : الغاية : أي المدى وجمعها : غاي وغايات. والغاية أيضا الراية وغايتك أن تفعل كذا : أي نهاية طاقتك وعملك. واسم المفعول من الرباعي «أغوى» هو غوي ـ صيغة فعيل ـ قال الأصمعي : ولا يقال غيره.

** (وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة والثلاثين : يقال : شعر الرجل ـ يشعر .. من باب «قتل» بمعنى فطن وعلم وهو شاعر ـ اسم فاعل ـ وسمي شاعرا لفطنته وعلمه ـ هذا ما ذكره الفيومي ـ وأضاف : فإذا لم يقصده فكأنه لم يشعر به .. والشعر العربي هو النظم الموزون وحده ما تركب تركبا متعا ضدا وكان مقفى

موزونا مقصودا به ذلك فما خلا من هذه القيود أو من بعضها فلا يسمى شعرا ولا يسمى قائله شاعرا ولهذا ما ورد في الكتاب أو السنة موزونا فليس بشعر لعدم القصد أو التفقية وكذلك ما يجري على ألسنة بعض الناس من غير قصد لأنه ماخوذ من شعرت إذا فطنت وعلمت .. وجمع «الشاعر» شعراء وجمع «فاعل» على «فعلاء» نادر ومثله : عاقل ـ عقلاء .. صالح ـ صلحاء. قال ابن خالويه : وإنما جمع «شاعر» على «شعراء» لأن من العرب من يقول : شعر ـ بضم العين فقياسه أن تجيء الصفة على «فعيل» نحو : شرف ـ بضم الراء ـ فهو شريف فلو قيل كذلك لالتبس بشعير الذي هو الحب فقالوا شاعر ولمحوا في الجمع بناءه الأصلي وأما نحو «علماء» و «حكماء» فجمع «عليم» و «حكيم» ومنه القول : شعرت بالشيء ـ اشعر ـ شعورا .. من باب «قعد» بمعنى : علمت. وقولهم : ليت شعري : معناه ليتني علمت. وقال الأخفش : الشاعر مثل لابن وتامر أي صاحب شعر وما كان شاعرا فشعر ـ من باب ظرف ـ وهو يشعر .. أما المتشاعر فهو الذي يتعاطى قول الشعر .. ويسمى الشعراء الذين أدركوا الجاهلية والإسلام : المخضرمين .. كحسان ولبيد : وهم طبقة من طبقات الشعراء الذين يسمون الجاهليين كامرئ القيس وزهير .. والمتقدمين من أهل الاسلام .. كالفرزدق وجرير .. وهؤلاء يستشهد بأشعارهم والمحدثين كالبحتري وأبي تمام وهم لا يستشهد بشعرهم.

** (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والأربعين .. المعنى : من شراب معين أو من نهر معين : وهو الجاري على وجه الأرض الظاهر للعيون .. وصف بما يوصف به الماء لأنه يجري في الجنة في أنهار كما يجري الماء .. أي يطاف عليهم بكؤوس من خمر نابعة كأنها نهر ومن معين : أي من شراب معين .. فحذف الموصوف «شراب» وحلت صفته «معين» محله أو من نهر معين. أي ظاهر أو نابع من العيون .. يقال : عان الماء ـ يعين ـ عينا .. من باب «باع» بمعنى : جرى أو بلغ العيون والماء معين ومعيون وصف بها خمر الجنة لأنها تجري كالماء. والكأس : تلفظ ساكنة ويجوز تخفيفها .. وقيل : الكأس هي القدح مملوءا من الشراب والقدح هو إناء معروف وجمعه : أقداح : أي آنية يشرب فيها .. وقيل لا يقال : قدح إلا إذا كان فارغا. فإذا كان فيه شراب قيل له : كأس. والكأس : لفظة مؤنثة وجمعها : كئوس .. و «القدح» لفظة مذكرة .. نقول : ملأت القدح الفارغ .. وقال الجوهري : قال ابن الأعرابي : لا تسمى الكأس كأسا إلا وفيها الشراب ولهذا لا يصح القول : ملأت الكأس الفارغة. وقد أيد قول ابن الأعرابي معظم المصادر اللغوية وأورد «الصحاح» و «المصباح المنير» و «المعجم الوسيط» هذا أيضا إلا أن «تاج العروس» قال : الكأس والإناء : يشرب فيه .. أو ما دام الشراب فيه وجاراه في ذلك «متن اللغة» و «المحيط» و «محيط المحيط» يقال : قدح فلان في فلان ـ يقدحه ـ قدحا .. من باب «قطع» بمعنى : عابه وتنقصه وقدح في نسبه : أي طعن .. وفي عدالته .. أي عيبه وذكر ما يؤثر في انقطاع النسب ورد الشهادة .. ويقال : أضئ لي أقدح لك. أي كن لي أكن لك. ودليل تأنيث «كأس» هو قوله تعالى في الآية الكريمة التالية (بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) أي وصفت بصفة مؤنثة وهي «بيضاء» و «لذة» أما أن توصف الكأس «باللذة» كأنها نفس اللذة وعينها أو هي تأنيث «اللذ» .. يقال : لذ الشيء ـ يلذ ـ لذا .. ولذذت الشيء : أو وجدته لذيذا .. من باب «سلم» ومثله : التذ به وتلذذ به واستلذه : أي عده لذيذا فهو لذيذ ولذ كقولك : رجل طيب .. وجاءت لفظة «كأس» مؤنثة في قول الأعشى :

وكأس شربت على لذة

وأخرى تداويت منها بها

يقول الشاعر : رب كاس شربت لطلب اللذة .. وكأس شربت للتداوي من خمارها .. كما قيل : ذهب الخمار بلذة الخمر. ومن معنى البيت قوله :

تداويت من ليلى بليلى من الهوى

كما يتداوى شارب الخمر بالخمر

وقيل : يقال للزجاجة فيها خمر : كأس .. وتسمى الخمر نفسها كأسا. وعن الأخفش : كل كأس في القرآن فهي الخمر .. وكذا في تفسير ابن عباس .. وهو مجاز شائع.

** (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والأربعين .. المعنى : وهذه الخمر لا تسكر ولا تغتال العقول .. من أنزف الشارب .. أي ذهب عقله أي إن هذا الكأس أي الخمر لا غائلة فيها : بمعنى : لا تغتال العقل : أي تذهب به بمعنى : تأخذه غيلة أي خلسة وهو غافل أو على معنى : غائلة : وهي الصداع. من غاله ـ يغوله ـ غولا .. من باب «قال» واغتاله : إذا أخذه من حيث لم يدر .. وفي الآية الكريمة المعنى : ليس فيها صداع أو غائلة الصداع لأنه سبحانه قال في آية كريمة تالية : (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها) و «الغول» بفتح الغين : الذي يغتال العقول .. أما الغول .. بضم الغين فهو من السعالي ـ أي تلفظ بالياء المنقوصة والألف المقصورة وجمعه أغوال وغيلان وكل ما اغتال الانسان فأهلكه فهو غول .. وأطلق على «الغضب» : غول الحلم لأنه يغتاله ويذهب به حيث قيل : أية غول أغول من الغضب .. واغتاله ـ غيلة : أي قتله. والغول : أحد المستحيلات الثلاثة. وقد اختلف في وجوده .. فمنهم من ينكر وجوده أصلا والعرب تسمي كل داهية غولا. وقال الكسائي : الغوائل ـ جمع غول ـ هي الدواهي .. وأراد الشاعر تأبط شرا أن يثبت وجود «الغول» بقوله :

بأني قد لقيت الغول تهوي

بسهب كالصحيفة صحصحان

يقول الشاعر : لقيت الغول تهبط بسهب أي بفضاء بعيد في الأرض والصحيفة : هي الكتاب والتصحيف : هو الخطأ في الصحيفة .. وقاع صحصحان وصعصعان : أي قاع مستو كأنه بلغ من السهب لما فيه من مبالغة الصحة وهي استواء واعتدال .. أما «ينزفون» في الآية الكريمة المذكور فمعناه ولا هم عنها تنزف عقولهم وهو فعل مضارع مبني للمجهول قياسا وللمعلوم سماعا لأنه من الأفعال التي سمعت عن العرب ملازمة للمجهول أي ملازمة للبناء للمجهول سماعا ويعربون المرفوع بعده فاعلا على السماع.

** (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والأربعين. و «عين» جمع «عيناء» مؤنث «أعين» و «الأعين» هو من عنده عين ـ بفتح العين والياء ـ وهو كبر سواد العين مع سعة .. و «الطرف» هو العين. ولا يجمع لأنه في الأصل مصدر فيكون واحدا وجمعا قال تعالى في سورة «إبراهيم» : (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) و «الحور» بفتح الحاء والواو مثل «الطرف» له صلة بالعين أيضا وهو مثله مصدر .. وفعله : حور .. من باب «فرح» أو «تعب» نحو : حورت العين ـ تحور ـ حورا : أي اشتد بياض بياضها وسواد سوادها فالعين : حوراء وصاحبها أحور وجمعه : حور .. ويقال : الحور هو اسوداد المقلة كلها كعيون الظباء. قالوا : وليس في الإنسان حور وإنما قيل ذلك في النساء على التشبيه .. وفي مختصر العين : ولا يقال للمرأة : حوراء إلا للبيضاء مع حورها ويقال : احورت العين احورارا : بمعنى : حورت وبمعنى : ابيضت نحو احورّ الشيء : أي ابيض ـ وزنا ومعنى ـ وقال الأصمعي : ما أدري ما الحور في العين. وقال أبو عمرو : الحور هو أن تسود العين كلها مثل أعين الظباء والبقر قال : وليس في بني آدم حور وإنما قيل للنساء : حور العيون تشبيها بالظباء والبقر. و «الحور» جمع «حوراء» ومنه هذه امرأة حوراء أي بينة الحور.

** (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والأربعين .. المعنى : كأن القاصرات الطرف في نقائهن كبيض النعام مصون من الغبار واللمس .. وبيض : جمع : «بيضة» وفي هذه اللفظة ضربت الأمثال في الكناية .. نحو قولهم : انفلقت بيضة بني فلان عن هذا الرأي .. يقال هذا المثل عن القوم إذا اجتمعوا على رأي واحد.

(فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) (٣٣)

(فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. إذ : اسم مبني على السكون الذي حرك بالكسر تخلصا من التقاء الساكنين : سكونه وسكون التنوين في محل جر بالإضافة وقد نونت الكلمة لمزيتها حيث إن الأسماء لا تضاف إلى الحروف. و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن».

(فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «إن». مشتركون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم. والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) (٣٤)

(إِنَّا كَذلِكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب صفة ـ نعت ـ للمصدر المحذوف بتقدير : إنا نفعل فعلا مثل ذلك الفعل. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة اللام للبعد والكاف للخطاب.

(نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. بالمجرمين : جار ومجرور متعلق بنفعل وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى : نفعل مثل ذلك الفعل بكل مجرم.

(إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ) (٣٥)

(إِنَّهُمْ كانُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب «إن». كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. والجملة الفعلية «كانوا» مع خبرها في محل رفع خبر «إن» ونائب الفاعل لقيل محذوف تقديره : إذا قيل لهم قولوا ..

(إِذا قِيلَ لَهُمْ) : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه متضمن معنى الشرط .. وجوابه محذوف أو يكون خبر «كان» يستكبرون قد سد مسد الجواب. ويجوز أن تكون «إذا» هنا لحكاية الحال فلا يراد بها المستقبل فهي ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب. قيل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل هو الجملة الاسمية «لا إله إلا الله» في محل رفع على الحكاية لأن موضع «لا» وما عملت فيه رفع بالابتداء. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقيل والجملة الفعلية «قيل لهم» في محل جر بالإضافة.

(لا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ) : نافية للجنس تعمل عمل «إن». إله : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب. إلا : أداة استثناء. الله لفظ الجلالة : بدل من موضع «لا إله» في محل رفع وخبر «لا» محذوف وجوبا أي كائن أو موجود بمعنى لا إله معبود إلا الله. يستكبرون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) (٣٦)

(وَيَقُولُونَ أَإِنَّا) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «يستكبرون» وتعرب إعرابها. الهمزة همزة إنكار وتعجيب. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن».

(لَتارِكُوا آلِهَتِنا) : اللام لام الابتداء ـ المزحلقة ـ تاركو : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وأصله : لتاركون حذفت النون تخفيفا وللإضافة فأضيف اسم الفاعلين إلى مفعوله. والجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ آلهة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «تاركو» على تأويل فعله. مجنون : صفة ـ نعت ـ للموصوف «شاعر» مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة. المعنى : لقول شاعر مجنون فحذف المضاف «قول» وحل المضاف إليه «شاعر» محله .. المعنى : أنترك آلهتنا لقول شاعر مجنون؟

(بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) (٣٧)

(بَلْ جاءَ بِالْحَقِ) : حرف إضراب للاستئناف بمعنى : ليس هو بشاعر ولا مجنون بل هو رسول من رب العالمين. جاء : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بالحق : جار ومجرور متعلق بجاء أي بالقرآن.

(وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «جاء» وتعرب إعرابها. المرسلين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي وآمن بمن سبقه من المرسلين.

(إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ) (٣٨)

(إِنَّكُمْ لَذائِقُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» والميم علامة جمع الذكور. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ ذائقو : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وحذفت النون تخفيفا للاضافة ـ الأصل : ذائقون.

(الْعَذابِ الْأَلِيمِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. وهو في الأصل مفعول به لاسم الفاعلين «ذائقون» في حالة تثبيت النون وعند حذفها أضيف إلى مفعوله. الأليم : صفة ـ نعت ـ لعذاب مجرور مثله بالكسرة.

(وَما تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٣٩)

(وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. تجزون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. إلا : أداة حصر لا عمل لها بمعنى وما تجزون في الآخرة إلا عملكم.

(ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى : إلا مثل ما كنتم فحذف المفعول به المضاف «مثل» وحل المضاف إليه «ما» محله. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. تعملون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية (كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : ما كنتم تعملونه بمعنى : مثل ما عملتم جزاء سيئا بعمل سيئ.

(إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (٤٠)

(إِلَّا عِبادَ) : أداة استثناء. عباد : مستثنى بإلا استثناء منقطعا بمعنى ولكن وعلامة نصبه الفتحة.

(اللهِ الْمُخْلَصِينَ) : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. المخلصين : صفة ـ نعت ـ للعباد منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته واللفظة اسم مفعولين بمعنى : الذين أخلصهم الله لعبادته.

(أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ) (٤١)

(أُولئِكَ لَهُمْ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم والجملة الاسمية «لهم رزق» في محل رفع خبر «أولاء» والكاف للخطاب.

(رِزْقٌ مَعْلُومٌ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. معلوم : صفة ـ نعت ـ لرزق مرفوع مثله بالضمة المنونة.

(فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ) (٤٢)

(فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ) : بدل من «رزق» أي تفسير للرزق المعلوم مرفوع مثله بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف. الواو حالية والجملة الاسمية بعدها في محل نصب حال. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. مكرمون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.

(فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (٤٣)

(فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير الغائبين «هم» بتقدير : كائنين في جنات ملؤها النعيم و «جنات» مضاف. النعيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (٤٤)

(عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوف بتقدير : جالسين على سرر بمعنى : أسرة ـ جمع سرير ـ متقابلين : حال ثان منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) (٤٥)

(يُطافُ عَلَيْهِمْ) : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة. عليهم : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل.

(بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) : جار ومجرور متعلق بيطاف بمعنى : من خمر لا تسكر. من معين : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من كأس لأن «من» حرف جر بياني أي من شراب معين.

(بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) (٤٦)

(بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) : صفتان لكأس مجرورتان مثلها وعلامة جر الأولى الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنها ممنوعة من الصرف للتأنيث والوصف ولانتهائها بالألف الممدودة ومذكرها أبيض وعلامة جر الثانية «لذة» الكسرة المنونة بمعنى : لذيذ أي هي اللذة بعينها أو تكون بمعنى : ذات لذة : مؤنث «لذ» والجار والمجرور «للشاربين» متعلق بلذة ـ بتأويل فعله ـ وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) (٤٧)

(لا فِيها غَوْلٌ) : الجملة الاسمية في محل جر صفة أخرى لكأس بمعنى ليس فيها غول. لا : نافية مهملة غير عاملة لأنها مفصولة عن اسمها. فيها : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم. غول : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.

(وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. عنها : جار ومجرور متعلق بينزفون. والجملة الفعلية «ينزفون» في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مبني للمجهول قياسا وللمعلوم سماعا مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ) (٤٨)

(وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ) : الواو حرف عطف. عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة في محل رفع متعلق بخبر مقدم وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. قاصرات : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة وأصله : صفة لموصوف

محذوف تقديره : وعندهم حور أو زوجات فحذف الموصوف المبتدأ المؤخر «حور .. أو زوجات» وأقيمت الصفة «قاصرات» محله وهو مضاف.

(الطَّرْفِ عِينٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : لا يمددن عيونهن لغير بعولتهن أي أزواجهن. عين : صفة ـ نعت ـ للموصوف المحذوف «زوجات» أي صفة ثانية مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة المنونة بمعنى : واسعات العيون سوداواتها.

(كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) (٤٩)

(كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» يفيد التشبيه و «هن» ضمير متصل ـ ضمير الاناث ـ الغائبات ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «كأن». بيض : خبر «كأن» مرفوع بالضمة المنونة. مكنون : صفة ـ نعت ـ لبيض مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى : كأنهن أي القاصرات الطرف في النظافة والنقاء بيض مصون : أي محفوظ.

(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) (٥٠)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة السابعة والعشرين وهي معطوفة على «يطاف عليهم» في الآية الكريمة الخامسة والأربعين. وجيء بالفعل «أقبل» ماضيا لأن الله سبحانه أخبر بذلك المعنى : يشربون فيتحادثون فيقبل بعضهم على بعض يسأل بعضهم بعضا عما جرى لهم وعليهم في الدنيا.

(قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ) (٥١)

(قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ) : فعل ماض مبني على الفتح. قائل : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. من : حرف جر بياني .. من .. البيانية .. و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «قائل».

(إِنِّي كانَ) : الجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء

ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» وحذفت نون الوقاية تخفيفا من «إن» فكسر نون «إن» وأصله : إنني ـ كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح.

(لِي قَرِينٌ) : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان» المقدم. قرين : اسم «كان» المؤخر مرفوع بالضمة المنونة والجملة الفعلية «كان لي قرين» في محل رفع خبر «إن» بمعنى : كان لي صاحب.

(يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) (٥٢)

(يَقُولُ أَإِنَّكَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «يقول» في محل رفع صفة ـ نعت ـ لقرين. الوارد ذكره في الآية الكريمة السابقة. الهمزة همزة إنكار واستهزاء بلفظ استفهام والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن» والجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ و «إن» حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والجار والمجرور «من المصدقين» في محل رفع خبر «إن» أي يقول القرين الكافر ساخرا أإنك.

(لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) : اللام لام التوكيد المزحلقة. من المصدقين : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى من المصدقين بيوم القيامة؟

(أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ) (٥٣)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الثانية والثمانين من سورة «المؤمنون» و «لمدينون» : بمعنى : لمجزيون. التقدير : أتصدق بأنا مدينون وحذفت الباء وكسرت همزة «إن» واقترن خبرها باللام وجواب «إذا» محذوف. التقدير : أإذا متنا وصرنا ترابا رجعنا أحياء.

(قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) (٥٤)

(قالَ هَلْ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. هل : حرف استفهام لا محل له.

(أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. مطلعون : خبر «أنتم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد بمعنى : هل تطلعون معي إلى النار لأريكم ذلك القرين المستهزئ بيوم البعث؟

(فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) (٥٥)

(فَاطَّلَعَ فَرَآهُ) : الفاء استئنافية. اطلع : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. فرآه : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على جملة «اطلع» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل الفتح المقدر على الألف للتعذر والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى فاطلع ذلك المؤمن على النار.

(فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير الغائب في «رآه» التقدير والمعنى : فنظر فأبصره كائنا في وسط الجحيم. الجحيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى فوجد قرينه الكافر ..

(قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ) (٥٦)

(قالَ تَاللهِ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية ـ جملة القسم ـ في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ التاء حرف جر للقسم. الله لفظ الجلالة : مقسم به مجرور للتعظيم بتاء القسم بمعنى : والله. والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف. أي أقسم أو أحلف بالله قال ذلك موبخا.

(إِنْ كِدْتَ) : مخففة من «إن» الثقيلة لا عمل لها لدخولها على جملة فعلية. كدت : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع اسم «كاد».

(لَتُرْدِينِ) : اللام فارقة بين «إن» المخففة من الثقيلة و «إن» النافية. تردين : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. النون نون الوقاية. والياء المحذوفة خطا واختصارا ومراعاة لفواصل الآيات ـ رأس آية ـ ضمير متصل ـ ضمير المتكلم في محل نصب مفعول به. وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة. والجملة الفعلية «ترديني» في محل نصب خبر «كاد» الذي هو من أخوات «كان» بمعنى : والله لقد كدت أي قاربت أو أوشكت أن تسقطني أو توقعني في الجحيم فتهلكني.

(وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) (٥٧)

(وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي) : الواو استئنافية. لو لا : حرف شرط غير جازم. نعمة : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف وخبر «لو لا» محذوف وجوبا. ربي : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل جر مضاف إليه ثان.

(لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام واقعة في جواب «لو لا». كنت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان». من المحضرين : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : محضرا ـ اسم مفعول ـ من المحضرين بمعنى الذين تحضرهم ملائكة العذاب.

(أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ) (٥٨)

(أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ) : الهمزة همزة استفهام. الفاء عاطفة على معطوف عليه محذوف بمعنى : أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين ولا معذبين أو غير ميتين. ما : نافية بمنزلة «ليس» عند أهل الحجاز ـ ما .. الحجازية ـ ونافية لا عمل لها عند بني تميم. نحن : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «ما» أو مبتدأ على اللغتين. الباء

حرف جر زائد. ميتين : خبر «ما» أو خبر «نحن» وهو اسم مجرور لفظا منصوب محلا على اللغة الأولى ومرفوع محلا على اللغة الثانية وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.

(إِلاَّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) (٥٩)

(إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى) : أداة استثناء. موتة : مستثنى بإلا استثناء منقطعا منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. الأولى : صفة ـ نعت ـ للموتة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر ويجوز أن تكون «الموتة» مفعولا مطلقا منصوبة على المصدر والعامل فيها اسم الفاعلين «ميتين» بتأويل فعله. وفي هذا الوجه من الإعراب تكون «إلا» أداة حصر لا عمل لها.

(وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) : معطوف بالواو على «ما نحن بميتين» في الآية الكريمة السابقة ويعرب إعرابه.

(إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٦٠)

(إِنَّ هذا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» أي إن هذا الأمر الذي نحن فيه. وقيل : يجوز أن يكون من قول الله سبحانه تقريرا لقولهم وتصديقا له.

(لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الفوز : خبر «هو» مرفوع بالضمة. العظيم : صفة ـ نعت ـ للفوز مرفوع مثله بالضمة.

(لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) (٦١)

(لِمِثْلِ هذا) : جار ومجرور متعلق بيعمل. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة أي لمثل هذا الهدف.

(فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) : الفاء استئنافية. اللام لام الأمر. يعمل : فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين. العاملون : فاعل مرفوع بالضمة لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.

(أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) (٦٢)

(أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً) : الهمزة همزة استفهام. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. خير : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة المنونة بعد حذف الألف ـ أصله : أخير طلبا للفصاحة. نزلا : تمييز منصوب بالفتحة المنونة ويجوز أن يكون «نزلا» منصوبا على الحال بمعنى : في كونه نزلا.

(أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) : حرف عطف. شجرة : معطوفة على «ذلك» مرفوعة مثله على الابتداء وخبرها محذوف تقديره : خير. الزقوم : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

** (أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والستين .. المعنى : أذلك الرزق خير حاصلا .. لأن أصل «النزل» الفضل والريع في الطعام وما يقدم للضيف فاستعير للحاصل من الشيء وحاصل الرزق المعلوم اللذة والسرور وحاصل شجرة الزقوم الألم أو أذلك المذكور لأهل الجنة خير وكرامة وتقدمة من الله لعبده يوم القيامة أفضل أم الشجرة المعدة لأهل النار ذات الثمر المر الكريه الرائحة الذي هو مقر ضيافتهم! وهي شجرة أو اسم شجرة في تهامة صغيرة الورق مرة المذاق. والمراد بهذه العبارة استعارة عن البلع بصعوبة لمرارة الشجرة الشديدة .. وقد حذف المشار إليه بعد ذلك وهو «الرزق» اختصارا لأن ما قبله دال عليه وموقعه أي موقع المشار إليه هو الرفع لأنه بدل من اسم الإشارة.

** (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والستين .. المعنى : حملها لأن الطلع للنخلة يشبه رءوس الشياطين. والطلع للنخلة فاستعير لما طلع من شجرة الزقوم من حملها أما استعارة لفظية أو معنوية.

** (ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والستين المعنى : ثم إن لهم على هذه الشجرة لشرابا مخلوطا أي خراجه أي مخلوطا بماء حار. والشوب : مصدر الفعل «شاب» يشوب ـ شوبا .. نحو : شاب الشراب أو غيره : أي خلطه .. والفعل من باب «قال» و «الشائبة» جمعها : شوائب : وهي الأقذار والأدناس. وقال الفيومي : والعرب تسمي العسل شوبا لأنه عندهم مزاج للأشربة وقولهم : ليس فيه شائبة يجوز أن يكون مأخوذا من هذا ومعناه ليس فيه شيء مختلط به وإن قل كما قيل ليس له

فيه علقة ولا شبهة وأن تكون فاعلة بمعنى مفعولة .. مثل عيشة راضية هكذا استعمله الفقهاء ولم أجد فيه نصا نعم قال الجوهري : الشائبة : واحدة الشوائب وهي الأدناس والأقذار. وخلط اللبن بالماء معناه : شوب اللبن بالماء فهو مشوب.

** (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ) : هذا القول هو نص الآية الكريمة الثانية والسبعين .. المعنى : ينذرونهم العذاب إذا ظلوا كافرين لأن «منذرين» جمع «منذر» وهو اسم فاعل يعمل عمله فعله المتعدي إلى المفعول.

** (وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة والسبعين .. المعنى : ونجينا نوحا ونجينا معه أهله المؤمنين من الغم الشديد أي من الغرق وكان عددهم ثمانين شخصا فحذف الموصوف «المؤمنين» وبقيت الصفة «أهله» يقال : كربه الغم ـ يكربه ـ كربا .. من باب «نصر» بمعنى : اشتد عليه. و «الكربة» بضم الكاف هي الغم الذي يأخذ بالنفس ومثله : الكرب بفتح الكاف وسكون الراء.

** (ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والثمانين .. المعنى : ثم أغرقنا كفار قومه الآخرين فحذف مفعول «أغرق» وهو الكفار وحلت صفة الموصوف المحذوف محله.

** (فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والثمانين .. والقول الكريم جاء على لسان إبراهيم لقومه : فما ظنكم بمن هو جدير بالعبادة حتى تركتم عبادته أو حتى أشركتم به سبحانه. وقيل لرجل : ما ظنك بجارك؟ قال : ظني بنفسي .. أي إن الرجل يظن بالناس ما يعلم من نفسه إن خيرا فخير وإن شرا فشر .. وقال أبو الفتح محمد بن التعاويذي للوزير عضد الدين :

قضيت شطرا لعمر في مدحكم

ظنا بكم أنكم أهله

وعدت أفنيه هجاء لكم

فضاع فيكم عمري كله

** (فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التسعين .. في هذا القول الكريم كناية عن الهرب بمعنى : فخافوا منه لأن قوله «إني سقيم» في الآية الكريمة السابقة يجوز أن يكون بمعنى : إني مريض بالطاعون فخافوا منه وهربوا لأنهم كانوا كثيرا ما يصابون بالطاعون قال ذلك موهما إياهم حتى ينفرد بآلهتهم وحتى لا يخرج معهم في عيدهم فانصرفوا عنه وذهبوا إلى عيدهم.

** (ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والتسعين .. المعنى : بعد أن تركوه دخل خلسة على آلهتهم وكان أمامهم طعام وقال لهم مستهزئا : ألا تأكلون؟ ولما لم يجيبوه ـ لأنهم جمادات ـ قال إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ ما لكم لا تنطقون وتجيبونني؟ وفي الآية الكريمة التالية قال تعالى : (فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ) أي فمال عليهم أو إليهم فضربهم ضربا لأن «راغ عليهم» معناه : ضربهم أو فراغ عليهم يضربهم ضربا بمعنى : ضاربا .. وإنما قيد الضرب باليمين ـ أي بيده اليمنى ـ دلالة على شدة الضرب وقوته لأن اليد اليمنى أقوى الجارحتين وأشدهما قوة ومتانة .. وقيل : قوله باليمين : معناه : بسبب اليمين التي كان قد حلفها بقوله : تالله لأكيدن أصنامكم.

** (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والتسعين .. المعنى : أقبلوا إليه مسرعين أو يزف بعضهم بعضا .. يقال : زف القوم ـ يزفون زفا في مشيهم : بمعنى : أسرعوا. وهو من باب «ضرب» والاسم منه : الزفيف .. أما زف العروس ـ يزفها ـ زفا إلى زوجها فهو من باب «رد» والمصدر «زفا» بفتح الزاي. والزفاف ـ بكسر الزاي ـ وهو الطواف بالعروس اظهارا للزينة وللسرور وهو إهداء العروس إلى زوجها. ولقد التبس الأمر على بعضهم في معرفة مصدر الفعل «زف» فيقولون : الليلة تتم زفة العروس .. وهذا الاسم أو المصدر لفظة عامية .. ويقال : زفت فلانة إلى فلان .. ولا يصح أن يقال العكس. أي زف فلان إلى فلانة. والعروس .. والعريس في معنى واحد .. والعرس «بضم العين هو الزفاف» بكسر الزاي .. ولا يقال العرس .. بكسر العين لأن معناه : المرأة نحو قولهم : هذه عرس الرجل : أي امرأته وجمعها : أعراس. ويقال : أقيم عرس كبير ـ بضم العين ـ وأقيمت عرس كبيرة لأن هذه اللفظة تذكر وتؤنث .. وهو أيضا طعام الزفاف وهو هنا مذكر لأنه اسم للطعام. وقيل : يقال للمرأة : عروسة أيضا دفعا للالتباس. ومن أخطائهم الشائعة المعروفة تسمية «العريس» للجنسين : العريس والعريسة ـ بتشديد الراء ـ لأن هاتين اللفظتين تعنيان : مأوى الأسد .. ويعنيان أيضا اسم فاعل لعرس للمبالغة بمعنى نزل المسافر للراحة ثم يرتحل.

(إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) (٦٣)

(إِنَّا جَعَلْناها) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية «جعلنا» وما بعدها في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل في محل نصب مفعول به.

(فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ) : مفعول به ثان منصوب بجعل وعلامة نصبه الفتحة المنونة. للظالمين : جار ومجرور متعلق بالمصدر «فتنة» بتأويل فعله أو بالفعل «جعل» ويجوز أن يكون متعلقا بصفة محذوفة من «فتنة» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ) (٦٤)

(إِنَّها شَجَرَةٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». شجرة : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة والجملة الفعلية بعدها «تخرج ..» في محل رفع صفة ـ نعت ـ لشجرة.

(تَخْرُجُ فِي أَصْلِ : الْجَحِيمِ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. ويجوز أن تكون الجملة الفعلية «تخرج ..» في محل رفع خبرا ثانيا لإن. في أصل : جار ومجرور متعلق بتخرج. الجحيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى تنبت في قاع النار.

(طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ) (٦٥)

(طَلْعُها كَأَنَّهُ) : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. كأنه : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» يفيد التشبيه والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «كأن». والجملة المؤولة من «كأنه رءوس ..» في محل رفع خبر المبتدأ.

(رُؤُسُ الشَّياطِينِ) : خبر «كأن» مرفوع بالضمة. الشياطين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) (٦٦)

(فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها) : الفاء سببية لأن أكلهم منها بسبب الجوع الشديد. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ آكلون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. منها : جار ومجرور متعلق بآكلون ـ بتأويل فعله ـ أي من الشجرة أي من طلعها و «من» للتبعيض. وحذف مفعول اسم الفاعلين «آكلون» لأن فعله متعد .. حذف المفعول لأن «من» التبعيضية دالة عليه.

(فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) : معطوف بالفاء على «آكلون منها» ويعرب إعرابه. البطون : مفعول به لاسم الفاعلين «مالئون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى يملئون بطونهم منها لما يغلبهم من الجوع الشديد أو يقسرون على أكلها وإن كرهوا طعمها ليعذبوا والجار والمجرور متعلق باسم الفاعلين «مالئون».

(ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ) (٦٧)

(ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ) : حرف عطف للتراخي .. أي للدلالة على تراخي حال الشراب عن حال الطعام. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «إن» المقدم.

(عَلَيْها لَشَوْباً) : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «شوبا» أي على هذا الأكل من تلك الشجرة. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة. شوبا : اسم «إن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى لشرابا مخلوطا.

(مِنْ حَمِيمٍ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «شوبا» و «من» حرف جر بياني بمعنى من ماء حار يشوي الوجوه ويقطع المعي.

(ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ) (٦٨)

(ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ) : حرف عطف للتراخي. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. مرجع : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين المتصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(لَإِلَى الْجَحِيمِ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ إلى الجحيم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن» أي جهنم وجحمة النار : تأججها.

(إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ) (٦٩)

(إِنَّهُمْ أَلْفَوْا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». ألفوا : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والالف فارقة.

(آباءَهُمْ ضالِّينَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير الغائبين المتصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. ضالين : مفعول به ثان منصوب بألفى المتعدي إلى مفعولين بمعنى وجدوا

وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته «ضال» وهو اسم فاعل.

(فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ) (٧٠)

(فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ) : الفاء سببية. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. على آثار : جار ومجرور متعلق بفعل «يهرعون» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(يُهْرَعُونَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ بمعنى فهم يترسمون خطى آبائهم وهي فعل مضارع مبني للمجهول قياسا وللمعلوم سماعا مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى يسرعون.

(وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) (٧١)

(وَلَقَدْ ضَلَ) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. ضل : فعل ماض مبني على الفتح.

(قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بضل وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. أكثر : فاعل مرفوع بالضمة. الأولين : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم.

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ) (٧٢)

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) : أعرب. أرسل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع في محل رفع فاعل.

(فِيهِمْ مُنْذِرِينَ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بأرسل. منذرين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) (٧٣)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الثالثة والسبعين من سورة «يونس» وفي سور أخرى. المعنى : كيف كان مصير أو مآل الكافرين المنذرين أهلكناهم جميعا فحذف الموصوف «الكافرين».

(إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (٧٤)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الأربعين بمعنى : أهلكناهم جميعا إلا عباد الله الذين أخلصهم لعبادته وطاعته والاستثناء هنا من ضمير الغائبين في «أهلكناهم».

(وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) (٧٥)

(وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ) : أعرب. نادى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. نوح : فاعل مرفوع بالضمة المنونة بمعنى دعانا لما يئس من عناد قومه واستغاث بنا فأجبنا دعاءه وأهلكنا قومه بالطوفان.

(فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) : الفاء استئنافية. اللام واقعة في جواب قسم محذوف. نعم : فعل ماض مبني على الفتح لانشاء المدح. المجيبون : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والمخصوص بالمدح محذوف تقديره : نحن أي فو الله لنعم المجيبون نحن. والجملة جواب القسم المحذوف لا محل لها.

(وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) (٧٦)

(وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ) : الواو سببية بمعنى فأجبنا دعاءه ونجيناه. نجى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به. وأهله : معطوف بالواو على ضمير الغائب ـ الهاء ـ في «نجيناه» منصوب

وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة أي ونجينا أهله.

(مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) : جار ومجرور متعلق بنجى. العظيم : صفة ـ نعت ـ للكرب مجرور مثله وعلامة جره الكسرة أي من الغرق.

(وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) (٧٧)

(وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ) : الواو عاطفة. جعل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. ذريته : مفعول به منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة.

(هُمُ الْباقِينَ) : ضمير فصل أو عماد لا محل له من الإعراب وحرك آخره بالضمة للوصل ـ التقاء الساكنين. الباقين : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) (٧٨)

(وَتَرَكْنا عَلَيْهِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «جعلنا» وتعرب إعرابها. عليه : جار ومجرور متعلق بترك ومفعول «تركنا» محذوف تقديره : ثناء. أو تكون الآية التالية في محل نصب على الحكاية مفعول ترك أو يكون المفعول به المحذوف قولهم : سلام على نوح فتكون الآية الكريمة «سلام على نوح» منصوبة على الحكاية أي مقولا للقول ـ أي المصدر «قولهم».

(فِي الْآخِرِينَ) : جار ومجرور متعلق بالمفعول به المحذوف «ثناء» أو بالفعل «ترك» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى في الآخرة أو في الأمم المتأخرة.

(سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) (٧٩)

(سَلامٌ عَلى نُوحٍ) : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة وجاز الابتداء بالنكرة لأنه موصوف على المعنى وحذفت صفته بمعنى : سلام من الله. على نوح : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ بمعنى : سلام من الله على نوح.

(فِي الْعالَمِينَ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «نوح» بمعنى : داعين له في العالمين ومسلمين عليه وعلامة جر الاسم الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى :

داعين له في العالمين .. فعلق الجار والمجرور باسم الفاعل «داعين» لفظ التفخيم له سبحانه.

(إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (٨٠)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الرابعة والثلاثين وعلامة رفع الفعل المضارع «نجزي» الضمة المقدرة على الياء للثقل. المحسنين : مفعول به منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. مع الفارق في المعنى بين الآيتين بمعنى مثل ذلك الجزاء الحسن الذي جازيناه نجزيهم.

(إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) (٨١)

(إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». من عباد : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن». المؤمنين : صفة ـ نعت ـ للعباد مجرور مثله وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) (٨٢)

(ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) : حرف عطف للتراخي. أغرق : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. الآخرين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى ثم أغرقنا كفار قومه الآخرين.

(وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) (٨٣)

(وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ) : الواو استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. من شيعته : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر إن المقدم والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب في محل جر بالإضافة.

(لَإِبْراهِيمَ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ إبراهيم : اسم «إن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والتعريف.

(إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (٨٤)

(إِذْ جاءَ رَبَّهُ) : ظرف زمان مبني على السكون بمعنى «حين» متعلق بما في «الشيعة» من معنى المشايعة .. بمعنى : وإن ممن شايعه على دينه وتقواه حين جاء ربه بقلب سليم لإبراهيم أو يكون اسما مبنيا على السكون في محل نصب مفعولا به بفعل محذوف تقديره : اذكر. جاء : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ربه : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة.

(بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) : جار ومجرور متعلق بجاء أو بحال محذوفة بتقدير : جاء ربه غير مشرك. سليم : صفة ـ نعت ـ لقلب مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة.

(إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ) (٨٥)

(إِذْ قالَ لِأَبِيهِ) : يعرب إعراب «إذ جاء» لأبيه : جار ومجرور متعلق بقال وعلامة جر الاسم الياء لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة بمعنى واذكر حين قال إبراهيم لأبيه موبخا بسبب عبادتهم الأصنام أي شيء تعبدون ألا تعقلون؟ وجملة «ما ذا تعبدون» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول.

(وَقَوْمِهِ ما ذا تَعْبُدُونَ) : معطوف بالواو على «لأبيه» ويعرب إعرابه بمعنى وقال لقومه. ما ذا : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أو تكون «ما» اسم استفهام مبنيا على السكون في محل رفع مبتدأ. و «ذا»

بمعنى «الذي» مبني على السكون في محل رفع خبر «ما» والجملة الفعلية «تعبدون» صلة الموصول لا محل لها. أو يكون «ما ذا» اسم استفهام مبنيا على السكون في محل نصب مفعولا به لفعل «تعبدون» بمعنى : أي شيء تعبدون لأن «ما ذا» يستفهم بها لغير العاقل. تعبدون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ) (٨٦)

(أَإِفْكاً آلِهَةً) : الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. إفكا : مفعول لأجله منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. آلهة : مفعول به مقدم على الفعل منصوب بتريدون وعلامة نصبه الفتحة المنونة بتقدير : أتريدون آلهة من دون الله إفكا وقد قدم المفعول على الفعل للعناية وقدم المفعول له على المفعول به لأنه كان الأهم عنده أن يكافحهم لأنهم على إفك وباطل في شركهم ويجوز أن يكون «إفكا» مفعولا به بمعنى : أتريدون به إفكا ثم فسر الإفك بقوله : آلهة من دون الله على أنها إفك في أنفسها وهو أسوأ الكذب ويجوز أن تكون «آلهة» بدلا من «إفكا» ويحتمل أن تكون «إفكا» حالا من ضمير «تريدون» بمعنى : أتريدون آلهة من دون الله آفكين.

(دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بتريدون وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. تريدون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : هل يصح لكم اتخاذ آلهة غير الله لا لسبب إلا للكذب.

(فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٨٧)

(فَما ظَنُّكُمْ) : الفاء استئنافية. ما : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ظنكم : خبر «ما» مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(بِرَبِّ الْعالَمِينَ) : جار ومجرور متعلق بظن ـ على تأويل فعله ـ العالمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى فما ظنكم برب الكون إذا لقيتموه.

(فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ) (٨٨)

(فَنَظَرَ نَظْرَةً) : الفاء عاطفة. نظر : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. نظرة : مفعول به سمي بالمصدر ويجوز أن يكون نائبا عن المصدر ـ المفعول المطلق ـ ويكون المفعول به محذوفا بتقدير : فنظر نظرة المكتوب في النجوم أي «المكتوب» هو المفعول به بمعنى فنظر نظرة تأمل وتفكر عميق وبعد حذف المضاف إليه «تأمل» نون آخر المضاف «نظرة» بعد انقطاعه عن الإضافة.

(فِي النُّجُومِ) : جار ومجرور متعلق بنظر أو بمفعول «نظر» المحذوف أي بالمكتوب بمعنى : فنظر نظرة المكتوب في علم النجوم أو في كتابها أو في أحكامها فحذف المضاف «علم» وأقيم المضاف إليه «النجوم» مقامه. وعلى هذا التقدير يكون الجار والمجرور «في النجوم» متعلقا أو في محل رفع نائب فاعل لاسم المفعول المحذوف «المكتوب».

(فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) (٨٩)

(فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) : يعرب إعراب «فنظر». إني : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». سقيم : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة والجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى : إني سقيم النفس لكفركم وبعد حذف المضاف إليه «النفس» نون آخر المضاف «سقيم» لانقطاعه عن الاضافة.

(فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ) (٩٠)

(فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ) : الفاء سببية. تولوا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة.

وبقيت الفتحة دالة على الألف المحذوفة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. عنه : جار ومجرور متعلق بفعل «تولوا». مدبرين : حال من ضمير «تولوا» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى فهربوا منه لأن قوله ـ إني سقيم ـ يجوز أن يكون بمعنى : إني مريض بالطاعون ـ لأنهم كانوا يخشون هذا المرض ـ فخافوا وهربوا ـ وقال هذا حتى ينفرد بآلهتهم.

(فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ) (٩١)

(فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ) : الفاء استئنافية. راغ : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إلى آلهة : جار ومجرور متعلق براغ و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى فمال أو فأقبل.

(فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ) : معطوف على «فراغ» ويعرب مثله والجملة الفعلية بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الهمزة همزة استهزاء وسخرية بلفظ استفهام. لا : نافية لا عمل لها. تأكلون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وحذفت صلة الفعل اختصارا لأن المعنى معلوم أي من هذا الطعام.

(ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ) (٩٢)

(ما لَكُمْ) : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. لكم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «ما» والميم علامة جمع الذكور بمعنى : فسكتوا فقال لهم ما لكم لا تجيبونني. والجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(لا تَنْطِقُونَ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير المخاطبين بمعنى : أي شيء لكم أي أصابكم غير ناطقين. لا : نافية لا عمل لها. تنطقون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ) (٩٣)

(فَراغَ عَلَيْهِمْ) : معطوف بالفاء على «فراغ إلى آلهتهم» ويعرب إعرابه بمعنى : فمال عليهم أي فضربهم بقوة.

(ضَرْباً بِالْيَمِينِ) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل «ضرب» الدال عليه معنى «راغ عليهم» وعلامة نصبه الفتحة المنونة. باليمين : جار ومجرور متعلق بصفة ـ نعت ـ للمصدر على معنى : ضربا قويا.

(فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ) (٩٤)

(فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ) : الفاء سببية. أقبلوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. إليه : جار ومجرور متعلق بأقبلوا بمعنى : فرجع إليه قومه يسرعون.

(يَزِفُّونَ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير «أقبلوا» بمعنى : يسرعون أو يزف بعضهم بعضا وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. مأخوذ من زفيف النعام.

(قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) (٩٥)

(قالَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ

(أَتَعْبُدُونَ) : الهمزة همزة إنكار وتوبيخ بلفظ استفهام. تعبدون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(ما تَنْحِتُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى أتعبدون أصناما أنتم تنحتونها وجملة «تنحتون» تعرب إعراب «تعبدون» وهي صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : ما تنحتونه بأيديكم وأدواتكم أو تكون «ما» مصدرية فتكون «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول «تعبدون».

(وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (٩٦)

(وَاللهُ خَلَقَكُمْ) : الواو استئنافية تفيد هنا التقرير والتعليل. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. خلقكم : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(وَما تَعْمَلُونَ) : الواو عاطفة. ما تعملون : تعرب إعراب «ما تنحتون» بمعنى وخلق الذي تصنعونه أو وخلق أعمالكم.

(قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ) (٩٧)

(قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ابنوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. له : جار ومجرور متعلق بفعل «ابنوا» أي قالوا غاضبين ابنوا له بنيانا. بنيانا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء السببية على جملة «ابنوا» وتعرب إعرابها والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به. في الجحيم : جار ومجرور متعلق بفعل «ألقوا» بمعنى فاجعلوا في البنيان نارا متأججة وارموه فيها جزاء له على استهانته ..

(فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ) (٩٨)

(فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً) : الفاء استئنافية. أرادوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. به : جار ومجرور متعلق بفعل «ارادوا». كيدا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة أي مكرا وخديعة.

(فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ) : الفاء سببية. جعل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول. الأسفلين : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وحرك ميم «هم» بالضم للوصل.

(وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) (٩٩)

(وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ) : الواو استئنافية. قال : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». ذاهب : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.

(إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ) : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «ذاهب» بتأويل فعله والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة. السين حرف استقبال ـ تسويف ـ للقريب. يهدين : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. النون نون الوقاية. والياء المحذوفة خطا واختصارا ومراعاة لفواصل الآيات ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به وبقيت الكسرة دالة عليها أي يرشدني ويعصمني.

** (فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والتسعين .. المعنى : فأرادوا بإلقائه في النار .. وبعد حذف المضاف «إلقاء» أوصل حرف الجر بالهاء ـ ضمير الغائب ـ فصار : به. والأسفلين : أي الأذلين بإبطال كيدهم .. يقال : سفل ـ يسفل ـ سفولا .. من باب «دخل» فهو سافل : أي ضد العالي .. والأسفل : نقيض الأعلى وقوله تعالى في سورة «التين» : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) معناه : رددناه إلى أرذل حالة وصيرناه أسفل من سفل.

** (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية بعد المائة .. المعنى : فلما بلغ معه الحد الذي يقدر فيه على السعي أو السن التي يسعى فيها معه في أعماله .. وشبه الجملة «معه» لا يخلو ـ كما قال الزمخشري ـ إما أن

يتعلق ببلغ أو بالسعي أو بمحذوف فلا يصح تعلقه ببلغ لاقتضائه بلوغهما معا حد السعي. ولا بالسعي لأن صلة المصدر لا تتقدم عليه فبقي أن يكون بيانا كأنه لما قال فلما بلغ السعي قيل مع من؟ فقال مع أبيه. ورؤيا الأنبياء حق ووحي .. وقال المصحف المفسر : الرؤيا التي رآها إبراهيم تتعلق بابنه اسماعيل فهو الملقب بالذبيح .. وقال بعضهم : بل الرؤيا تتعلق بابنه إسحاق. والقول الأول أرجح وعليه جمهور المسلمين. و «الفعل» في الآية الكريمة المذكورة في «فانظر ما ذا ترى» جاء هنا من الرأي على وجه المشاورة وقرئ ما ذا ترى؟ أي ما ذا تبصر من رأيك وما تبديه وما ذا ترى ـ على البناء للمفعول أي ما ذا تريك نفسك من الرأي. قال الشاعر :

إن الفقير وإن أفاد غنى

لترى عليه مخايل الفقر

وهي جمع «مخيلة» بفتح الميم بمعنى : مظنة ـ بفتح الميم وكسر الظاء مع تشديد النون : أي موضع وقال الشاعر زهير بن أبي سلمى :

رأيت المنايا خبط عشواء من تصب

تمته ومن تخطي يعمر فيهرم

ومن لم يصانع في أمور كثيرة

يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم

يقول الشاعر : رأيت المنايا تصيب الناس على غير نسق وترتيب وبصيرة .. كما أن هذه الناقة تطأ على غير بصيرة .. ثم قال : من أصابته المنايا أهلكته ومن أخطأته أبقته فبلغ الهرم. و «العشواء» تأنيث «الأعشى» وهو الذي لا يبصر بالليل ويبصر بالنهار وسميت الناقة عشواء لأنها لا تبصر ليلا .. والخبط : هو الضرب باليد .. ومنه المثل : يخبط خبط عشواء .. بمعنى قد ركب رأسه في الضلالة ولا يهتم لعاقبته كالناقة التي لا تبصر ليلا فتخبط بيديها على عمى.

** (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة بعد المائة .. المعنى : فلما استسلما لأمر الله أي انقادا وخضعا أو بمعنى : أسلم هذا ابنه وهذا نفسه .. وتله للجبين معناه : صرعه على وجهه ليذبحه أي حول وجهه للقبلة .. وهو كالقول : كبه لوجهه ومنه الفعل «تلتل» نحو : تلتله : أي زعزعه وأقلعه وزلزله. وتله ـ يتله ـ تلا .. من باب «قتل» أي صرعه.

** (قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة بعد المائة .. المعنى : قد حققت يا إبراهيم ما طلب منك في الرؤيا لعزمك على التنفيذ وعده سبحانه مصدقا بمجرد عزمه على ذلك وإن لم يتم ذبحه. يقال : رأى الرجل في منامه رؤيا .. بدون تنوين الألف لأنها على وزن «فعلى» وينون آخر جمعها «رؤى» ويقال : فلان مني بمرأى ومسمع : أي حيث أراه وأسمع قوله. و «الرؤيا» بالألف : هي ما يرى في المنام أما «الرؤية» فهي النظر بالعين أو بالقلب وجمعها : رؤى أيضا. وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت : أول ما بدئ به رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح : أي مثل ضيائه ثم حبب إليه الخلاء «أي الخلوة» وكان يخلو بغار «حراء» وهو جبل بينه وبين مكة ثلاثة أميال على يسار المسافر من مكة إلى «منى» يحكى أن رجلا أهوى برمحه حتى جعله بين عيني امرأة وهي نائمة فاستيقظت فلما رأته فزعت وأغمضت عينيها وقالت : كن حلما كنه. أي ليكن حلما من الأحلام ولا يتحقق. قال الشاعر :

وإني لاهوى النوم في غير حينه

لعل خيالا في المنام يكون

تحدثني الأحلام أنى أراكم

فيا ليت أحلام المنام يقين

والرواء ـ بضم الراء هو المنظر أو حسن المنظر .. ويقال : روى الحديث والشعر يرويهما رواية فهو راو ـ اسم فاعل ـ ورواية للشعر .. والهاء للمبالغة .. أما «الروي» بفتح الراء وتشديد الياء فهو حرف القافية .. يقال : هاتان قصيدتان على روي واحد. ويقابل «الروي» الإقواء .. نحو : أقوى الشاعر شعره : بمعنى : خالف قوافيه برفع بيت وجر آخر.

** (أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والعشرين بعد المائة : المعنى : أتعبدون الصنم بعلا ـ هو علم لصنم كان لهم كهبل ـ وتتركون عبادة أحسن الخالقين؟ وقيل : بعل : بلغة اليمن : الرب. وهو اسم صنم من ذهب. وهذا القول الكريم أورده تعالى على لسان النبي «إلياس» إلى قومه و «إلياس» هو أحد أنبياء بني إسرائيل من نسل هارون .. وقيل : كان هذا الصنم المسمى بعلا وهو عندهم كمناة وهبل والمصنوع من الذهب يبلغ طوله عشرين ذراعا وله أربعة أوجه فتنوا به وعظموه حتى أخدموه أربعمائة سادن ـ أي خادم بيت هذا الصنم ـ وجعلوهم أنبياءه! فكان الشيطان يدخل في جوف «بعل» ويتكلم بشريعة الضلالة والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس وهم أهل بعلبك من بلاد الشأم وبه سميت مدينتهم «بعلبك» ويقال هو بلغة أهل اليمن : الرب فيقال : من بعل هذه الدار؟ أي من ربها؟ ويعني أيضا الزوج والزوجة : بعل وبعلة .. مثل زوج وزوجة.

** (سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثلاثين بعد المائة .. وكلمة «إل ياسين» وردت منفصلة وفي معناها وإعرابها إشكال .. وقد اختلف العلماء في أقوالهم .. وقرئ على الياسين وإدريسين على أنها لغات في الياس وإدريس ولعل لزيادة الياء والنون في السريانية معنى. وقيل : إن «الياسين» اسم مثل إبراهيم. وقيل : هي جمع «إلياس» والمقصود بها : قوم ياسين .. وقيل المراد به : إلياس .. أضيفت إليه ياء ونون لأنه أعجمي مثل «طور سيناء» و «طور سينين» ومع ذلك فعلمها عند الله تعالى وحده.

(رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) (١٠٠)

(رَبِ) : منادى مضاف وحذفت أداة النداء اكتفاء بالمنادى وأصله : يا ربي .. وهو منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء المحذوفة منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المأتي بها من أجل الياء والكسرة دالة على ياء المتكلم الضمير المتصل في محل جر بالإضافة وحذفت الياء خطا واختصارا ولفظا.

(هَبْ لِي) : فعل تضرع ودعاء بصيغة طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. لي : جار ومجرور متعلق بهب أو بمفعول «هب» وحذف مفعول «هب» لأن «من» التبعيضية دالة عليه.

(مِنَ الصَّالِحِينَ) : جار ومجرور متعلق بهب و «من» للتبعيض بمعنى : هب لي بعض الصالحين ويجوز أن يكون الجار والمجرور متعلقا بصفة محذوفة

من مفعول «هب» المقدر .. أي هب لي صالحا أو ولدا من الصالحين .. وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) (١٠١)

(فَبَشَّرْناهُ) : الفاء سببية أو عاطفة على فعل مسبب بمعنى فاستجبنا لدعائه فبشرناه بغلام أي بصبي سيكون حليما. بشر : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به.

(بِغُلامٍ حَلِيمٍ) : جار ومجرور متعلق ببشر. حليم : صفة ـ نعت ـ لغلام مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة. المعنى : بصبي ذكر هو اسماعيل ـ عليه‌السلام ـ وهو الذبيح لأن إسحاق بشر به بعده.

(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (١٠٢)

(فَلَمَّا بَلَغَ) : الفاء استئنافية. لما : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالجواب. بلغ : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو يعود على ابنه والجملة الفعلية (بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ) في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد «لما».

(مَعَهُ السَّعْيَ) : ظرف مكان يدل على الاجتماع والمصاحبة وقيل : هو اسم بمعنى الظرف لأنه مفتوح العين أو حرف جر والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة. السعي : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى : الحد الذي يقدر فيه على السعي أو السن التي يسعى فيها معه في أعماله.

(قالَ يا بُنَيَ) : الجملة الفعلية وما بعدها جواب شرط غير جازم لا محل لها. وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي قال له. والجملة المؤولة من «إن» في «إني أرى ..» مع اسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ يا : أداة نداء .. بني : منادى مضاف وهو تصغير «ابن» والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة وقرئ بفتح الياء اقتصارا عليه من الألف المبدلة من ياء الاضافة في قولك : يا بنيا .. وسقطت الياء والألف لالتقاء الساكنين.

(إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل وحذفت نون الوقاية تخفيفا فكسر نون «إن» لأن نون الوقاية تقيه من الكسر والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». أرى : الجملة الفعلية وما بعدها : في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر .. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا. في المنام : جار ومجرور متعلق بأرى.

(أَنِّي أَذْبَحُكَ) : أعرب. أذبحك : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «أرى» لأن «أرى» من «الرؤيا» أي رأى الحلمية أو التي بمعنى الحلم تحمل على معنى «علم» فيتعدى إلى مفعولين. وياء المتكلم ـ اسم «أن» مع خبر «أن» جملة لا محل لها لأنها صلة «أن» المعنى : حلمت أن أذبحك قربانا لله.

(فَانْظُرْ ما ذا تَرى) : الفاء سببية. انظر : فعل طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والجملة بعده في محل نصب مفعول به للفعل «انظر». ما ذا : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به لترى والفعل هنا من الرأي والمشورة وهي ليست من رؤية العين أي ليست «رأي» البصرية. ترى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة

على الألف المقصورة للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. وقدم المفعول «ما ذا» على فعله «ترى» لأنه اسم استفهام له الصدارة في الكلام ويجوز أن تكون «ما ذا» مكونة من «ما» اسم استفهام في محل رفع مبتدأ و «ذا» بمعنى الذي في محل رفع خبر «ما» وتكون الجملة الاسمية «ما ذا» أي ما الذي .. في محل نصب مفعول «انظر» أيضا وتكون الجملة الفعلية «ترى» صلة الموصول لا محل لها أي من الرأي على وجه المشاورة.

(قالَ يا أَبَتِ) : أعرب. يا : أداة نداء. أبت : منادى منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والتاء منقلبة عن ياء المتكلم في محل جر بالإضافة أي التاء تعويض عن المضاف إليه ـ ضمير المتكلم .. الياء ـ ولا يجوز أن يقال : يا أبتي .. أي باظهار الياء لأنه لا يجمع بين العوض والمعوض عنه في «يا أبتي».

(افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) : فعل طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. تؤمر : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت بمعنى : افعل ما يأمرك الله به وجملة «تؤمر» صلة الموصول لا محل لها وحذفت صلة الفعل «الجار» أي ما تؤمر به. ويجوز أن تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «تؤمر» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعولا به. التقدير : افعل أمرك أي على إضافة المصدر إلى المفعول وتسمية المأمور به أمرا.

(سَتَجِدُنِي) : السين حرف استقبال ـ تسويف ـ للقريب. تجدني : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. النون للوقاية والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به أول.

(إِنْ شاءَ اللهُ) : الجملة الشرطية لا محل لها لأنها اعتراضية بين مفعولي «تجد». إن : حرف شرط جازم. شاء : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة وحذف جواب الشرط لتقدم معناه.

(مِنَ الصَّابِرِينَ) : جار ومجرور في محل نصب متعلق بمفعول «تجد» الثاني أو في محل نصب صفة للمفعول به الثاني المحذوف اختصارا. المعنى : ولدا أو صابرا من الصابرين وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته «الصابر» هو اسم فاعل.

(فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) (١٠٣)

(فَلَمَّا أَسْلَما) : أعرب في الآية الكريمة السابقة «فلما بلغ» والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل بمعنى فحين استسلما لأمر الله أي انقادا وخضعا أو بمعنى : أسلم هذا ابنه وهذا نفسه وجواب «لما» محذوف تقديره : فلما أسلما كان ما كان مما تنطق به الحال من استبشارهما وحمدهما الله ..

(وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) : الواو عاطفة. تله : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به. للجبين : جار ومجرور متعلق بتل.

(وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ) (١٠٤)

(وَنادَيْناهُ) : الواو عاطفة. نادى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به أي وناديناه من جهة الجبل.

(أَنْ يا إِبْراهِيمُ) : حرف تفسير لمفعول به محذوف لأن المناداة فيها معنى القول بتقدير : وناديناه وقلنا له يا إبراهيم أو ناديناه قائلين يا إبراهيم. يا : أداة نداء. إبراهيم : منادى مبني على الضم في محل نصب.

(قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (١٠٥)

(قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول «قلنا له ..» أو قائلين له قد صدقت الرؤيا ـ أي مقول القول أو تكون في محل رفع خبر

«أن» المخففة إذا أعربت «أن» في «أن يا إبراهيم» مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن المحذوف لفظا. قد : حرف تحقيق. صدقت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل. الرؤيا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : قد حققت الرؤيا التي جعلتها صادقة بفعلك ما أمرت به في الحلم.

(إِنَّا كَذلِكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» الكاف اسم مبني على الفتح في محل نصب نائب عن المفعول المطلق ـ المصدر ـ أو صفة للمصدر المحذوف بمعنى إنا نجزي جزاء مثل ذلك الجزاء الذي جزيناك المحسنين لأنفسهم المطيعين. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة. اللام للبعد والكاف حرف خطاب.

(نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. المحسنين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) (١٠٦)

(إِنَّ هذا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «إن».

(لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. البلاء : خبر «هو» مرفوع بالضمة. والجملة الاسمية «هو البلاء ..» في محل رفع خبر «إن». المبين : صفة ـ نعت ـ للبلاء مرفوع مثله بالضمة وكتبت كلمة «البلاء» بواو قبل الهمزة على لغة أو لفظ من يفخم الألف قبل الهمزة فيميلها إلى الواو أي أن هذا الذبح المأمور به فحذف المشار إليه اختصارا وهو «الذبح».

(وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) (١٠٧)

(وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) : تعرب إعراب «وناديناه» في الآية الكريمة الرابعة بعد المائة. بذبح : جار ومجرور متعلق بفعل «فديناه» و «عظيم» صفة ـ نعت ـ لذبح مجرور مثله وعلامة جرهما ـ الصفة والموصوف ـ الكسرة المنونة بمعنى بكبش يذبح بدله. الذبح : بكسر الذال ـ هو ما يذبح بدل الانسان.

(وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) (١٠٨)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الثامنة والسبعين. ومفعول «تركنا» محذوف تقديره : ثناء. أو يكون المحذوف تقديره : قولهم. أي وتركنا عليه في الأمم المتأخرة قولهم سلام على إبراهيم بمعنى وأبقينا على إبراهيم ثناء حسنا في الأجيال اللاحقة أو قولهم سلام على إبراهيم.

(سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ) (١٠٩)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة التاسعة والسبعين «سلام على نوح» وعلامة جر الاسم «إبراهيم» الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والتعريف ـ العلمية ـ.

(كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (١١٠)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الخامسة بعد المائة.

(إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) (١١١)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الحادية والثمانين.

(وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) (١١٢)

(وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ) : الواو عاطفة. بشر : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به. بإسحاق : جار ومجرور متعلق ببشر. وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والمعرفة.

(نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) : حال مقدرة على تقدير مضاف محذوف أي بوجود إسحاق نبيا أي بأن يوجد إسحاق مقدرة نبوته والعامل بالحال الوجود لا فعل البشارة أو بمعنى يكون نبيا وهو منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. من الصالحين : جار ومجرور في محل نصب متعلق بحال ثانية على سبيل الثناء بتقدير : مقدرا كونه من الصالحين لأن كل نبي لا بد أن يكون من الصالحين. وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ) (١١٣)

(وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ) : يعرب إعراب «بشرنا باسحاق» في الآية الكريمة السابقة. عليه : جار ومجرور متعلق ببارك.

(وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما) : الواو استئنافية. من ذرية : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. الهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة و «ما» علامة التثنية بمعنى : وجعلنا أكثر الأنبياء من نسلهما مثل أيوب وشعيب.

(مُحْسِنٌ وَظالِمٌ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى من هو محسن. وظالم معطوف بالواو على «محسن» ويعرب مثله.

(لِنَفْسِهِ مُبِينٌ) : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «ظالم» بتأويل فعله. مبين : صفة ـ نعت ـ لظالم مرفوع بالضمة المنونة.

(وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ) (١١٤)

(وَلَقَدْ مَنَنَّا) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. من : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع مبني على السكون في محل رفع فاعل بمعنى تفضلنا.

(عَلى مُوسى وَهارُونَ) : جار ومجرور متعلق بمن وعلامة جر الاسم الفتحة المقدرة على الألف للتعذر بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والتعريف. وهارون : معطوف بالواو على «موسى» ويعرب مثله وعلامة جره الفتحة الظاهرة.

(وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) (١١٥)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة السادسة والسبعين و «ما» في «نجيناهما» و «قومهما» علامة التثنية.

(وَنَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ) (١١٦)

(وَنَصَرْناهُمْ فَكانُوا) : الواو عاطفة. نصر : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى ونصرناهم على القوم الكافرين. الفاء سببية. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة.

(هُمُ الْغالِبِينَ) : ضمير فصل أو عماد لا محل له. الغالبين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لانه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وحرك ميم «هم» بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين.

(وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ) (١١٧)

(وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «نصرناهم» وتعرب مثلها والألف علامة التثنية لا محل لها. الكتاب : مفعول به ثان منصوب بآتى المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة. المستبين : صفة ـ نعت ـ لكتاب منصوب مثله بالفتحة بمعنى : البليغ في بيانه.

(وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) (١١٨)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة السابقة بمعنى وهديناهما طريق أهل الاسلام.

(وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ) (١١٩)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الثامنة والسبعين و «ما» علامة التثنية ومفعول «تركنا» محذوف تقديره : ثناء وقيل : قولهم : سلام على موسى وهارون.

(سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ) (١٢٠)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة التاسعة والسبعين. وهارون : معطوف بالواو على «موسى» ويعرب إعرابه والاسمان ممنوعان من الصرف مجروران بالفتحة بدلا من الكسرة المنونة وقدرت على الألف للتعذر.

(إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (١٢١)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الخامسة بعد المائة بمعنى : نجزي المحسنين المطيعين لله تعالى. واللفظة جمع «محسن» وهو اسم فاعل.

(إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) (١٢٢)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الحادية والثمانين و «ما» علامة التثنية لا محل لها من الاعراب.

(وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (١٢٣)

(وَإِنَّ إِلْياسَ) : الواو استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. إلياس : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والمعرفة بمعنى : كان من المرسلين.

(لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ من المرسلين : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته ـ المرسل ـ وهو اسم مفعول.

(إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ) (١٢٤)

(إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب بمعنى «حين» أو اسم مبني على السكون في محل نصب مفعول به بفعل محذوف تقديره : اذكر. قال : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لقومه : جار ومجرور متعلق بقال والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «قال لقومه ..» في محل جر بالإضافة. والجملة الفعلية بعده «ألا تتقون» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(أَلا تَتَّقُونَ) : الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. لا : نافية لا عمل لها. تتقون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : ألا تتقون الله فتعبدونه وتتركون عبادة الأصنام أي وتتركون الشرك .. والهمزة في «إلا» تفيد الإنكار أيضا.

(أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ) (١٢٥)

(أَتَدْعُونَ بَعْلاً) : الهمزة بدل من همزة «ألا تتقون». تدعون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بعلا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى أتعبدون الصنم.

(وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «تدعون» وتعرب إعرابها. أحسن : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الخالقين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.

(اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) (١٢٦)

(اللهَ رَبَّكُمْ) : لفظ الجلالة بدل من «أحسن الخالقين» في الآية الكريمة السابقة منصوب للتعظيم بالفتحة. ربكم : صفة ـ نعت ـ للفظ الجلالة أو بدل منه منصوب بالفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) : معطوف بالواو على «ربكم» ويعرب مثله. آبائكم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه ثان والميم علامة جمع الذكور. الأولين : صفة ـ نعت ـ للآباء مجرور مثله وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.

(فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) (١٢٧)

(فَكَذَّبُوهُ) : الفاء عاطفة على فعل محذوف. كذبوه : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى فكذبوا دعوته.

(فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) : الفاء استئنافية تفيد التسبيب. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ محضرون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته واللفظة اسم مفعولين بمعنى يحضرون للعذاب.

(إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (١٢٨)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الأربعين.

(وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) (١٢٩)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الثامنة والسبعين والمفعول محذوف تقديره : ثناء وقيل : تركنا عليه قولهم سلام على إل ياسين.

(سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) (١٣٠)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة التاسعة والسبعين.

(إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (١٣١)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الخامسة بعد المائة.

(إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) (١٣٢)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الحادية والثمانين.

(وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (١٣٣)

تعرب إعراب الآية الكريمة الثالثة والعشرين بعد المائة وصرف «لوطا» لخفته ولأنه ثلاثي أوسطه ساكن.

** (وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والثلاثين بعد المائة .. المعنى : وإن لوطا بن هادان أخي إبراهيم من فئة الأنبياء المرسلين إلى أهل سدوم .. وحذف الموصوف «الأنبياء» اختصارا لأنه معلوم وحلت الصفة «المرسلين» محله.

** (إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والثلاثين بعد المائة .. المعنى : إلا امرأة لوط ـ عليه‌السلام ـ العجوز إنها بقيت مع الهالكين أو في الباقين مع الهالكين. يقال : غبر ـ يغبر ـ غبورا ـ من باب «دخل» دخولا بمعنى : بقي وغبر أيضا بمعنى : مضى. فهو من الأضداد أي من الأفعال التي لها معنيان متضادان واسم الفاعل من الفعل هو أغبر. و «الغبرة» لون «الأغبر» وهو شبيه بالغبار والغبراء : هي الأرض والغبيراء : شراب تتخذه الحبش من الذرة يسكر وفي الحديث : «إياكم والغبيراء فإنها خمر العالم» بمعنى : وتجنبوا الغبيراء .. و «العجوز» هي المرأة الكبيرة من عجزت المرأة تعجز عجوزا ـ من باب «دخل» بمعنى : صارت عجوزا أي مسنة قال ابن السكيت : ولا يؤنث بالهاء أي عجوزة ـ وقال غيره : العجوزة ـ تعبير عامي. في حين قال ابن الأنباري أيضا : عجوزة بالهاء لتحقيق التأنيث .. وروي عن يونس أنه قال : سمعت العرب تقول : عجوزة .. بالهاء. والجمع : عجائز .. وقد وردت لفظة «عجوز» أربع مرات في القرآن الكريم من غير هاء.

** (ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة والثلاثين بعد المائة .. المعنى : ثم أهلكنا كفار القوم الآخرين .. فحذف الموصوف «القوم» اختصارا وأقيمت الصفة «الآخرين» مقامه.

** (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والثلاثين بعد المائة. المعنى : وإنكم لتمرون على آثار بيوتهم المدمرة أي أطلال منازلهم بسدوم في طريق الشام وأنتم داخلون في الصباح في أثناء مسيركم في تجارتكم. فحذف المضاف «آثار» والمضاف إليه «البيوت» وأوصل حرف الجر «على» بضمير الغائبين «هم» أي المضاف إليه الثاني فصار : عليهم.

** (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والثلاثين بعد المائة المعنى : وإن يونس بن متى وهو ذو النون ـ أي صاحب الحوت ـ من أنبياء بني إسرائيل أو من جماعة أو فئة الأنبياء المرسلين إلى قومه ـ أهل نينوى .. فحذف الموصوف «الأنبياء» وحلت الصفة «المرسلين» محله.

** (إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأربعين بعد المائة. المعنى : إذ يئس من هداية قومه فهرب منهم قبل أن يأذن الله تعالى أي ذهب غاضبا منهم ملتجئا إلى المركب ـ أو السفينة ـ المملوء ركابا وأمتعة وقد سمي هربه من قومه بغير إذن ربه إباقة مجازا.

** (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والأربعين بعد المائة وفي معناه تفسيران ذكرهما «الوجيز» التفسير الوجيز و «المصحف المفسر» والقول الأول هو فاقترع يونس مع ركاب السفينة ـ حين أشرفت على الغرق ـ بإلقاء بعضهم في البحر ـ ليخف حملها فكان «يونس» من المغلوبين في القرعة فألقي في البحر .. والتفسير الثاني : حين وقفت السفينة ولم تتحرك قال ركابها إن هنا عبدا هرب من سيده فاقترعوا فخرجت القرعة على «يونس» فقال : نعم. أنا العبد «الآبق ـ أي الهارب» ورمى بنفسه في الماء.

** (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والأربعين بعد المائة المعنى : فألقيناه في بطن الحوت أو فلفظناه بأن حملنا الحوت على لفظه من جوفه إلى ساحل البحر إلى الأرض الخالية من النبات أو المكان البري الخالي من الشجر والنبات. وقيل : إن يونس ـ عليه‌السلام ـ بقي في بطن الحوت بعض يوم .. وقيل : ثلاثة أيام .. وقيل : سبعة أيام وقيل عشرين يوما وقيل : أربعين يوما. يقال : نبذه ـ ينبذه ـ نبذا من باب «ضرب» بمعنى : ألقاه .. وهو سقيم بمعنى مريض نتيجة بقائه في بطن الحوت .. يقال : سقم ـ يسقم ـ سقما ـ بفتح القاف بمعنى : مرض وهو من باب طرب طربا .. و «السقام : المرض» بفتح القاف ـ ومثله «السقم ـ بضم السين وسكون القاف» و «السقم» بفتح السين والقاف .. مثل «الحزن» بضم الحاء وسكون الزاي .. والحزن ـ بفتح الحاء والزاي ـ.

** (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والأربعين بعد المائة .. المعنى : فاسألهم يا محمد موبخا إياهم عن هذه القسمة الجائرة التي قسموها حيث جعلوا لله الإناث ولأنفسهم الذكور في قولهم : الملائكة بنات الله مع كراهيتهم الشديدة لهن وو أدهن واستنكافهم من ذكرهن مع أن الملائكة أكرم خلق الله عليه.

** (وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) : هذا هو نص الآية الكريمة الثانية والخمسين بعد المائة بمعنى : ولد الله ـ حين زعموا كاذبين أن الملائكة بنات الله ـ تبا لهم إنهم لكاذبون في قولهم وزعمهم هذا وقد قال سبحانه في سورة «الإخلاص» : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) قيل : قالت قريش : يا محمد صف لنا ربك؟ فنزلت سورة «الإخلاص» وآياتها أربع هي (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) اللهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) صدق الله العظيم. أي قل لهم يا محمد : الله واحد لا شريك له.

** (إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والستين بعد المائة قال الزمخشري وهو يفسر القول الكريم «صال الجحيم» : فيها ثلاثة أوجه : أحدها أن يكون جمعا لأن «من» موحد اللفظ مجموع المعنى. وسقطت واوها «أي من «صالوا» لالتقاء الساكنين : سكونها وسكون لام التعريف وحذفت النون للاضافة فحمل «هو» على لفظ «من» و «الصالون» على معنى «من» والوجه الثاني : أن يكون أصلها : صائلا ـ على القلب ـ ثم يقال : «صال» في «صائل» كقولهم : شاك في «شائك» والوجه الثالث : أن تحذف لام «صال» تخفيفا ويجري الاعراب على عينه ـ أي اللام ـ ونظيره : قراءة من قرأ «وله الجوار المنشآت».

** (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والستين بعد المائة .. وجاء على لسان الملائكة الأطهار .. وقيل : كان الناس يصلون متبددين .. أي متفرقين فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة. فأمرهم النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أن يصفوا ـ أي يصطفوا صفوفا ـ وقيل : إن المسلمين أخذوا يصطفون في الصلاة منذ نزلت هذه الآية الكريمة. وقيل : ليس يصطف أحد من أهل الملل في صلاتهم غير المسلمين مذعنين خاضعين مسبحين ممجدين وهو ما يفعله الملائكة الأطهار كما تخبرنا الآية الكريمة أي نحن معشر الملائكة منتظرون ما نؤمر لأداء الطاعة.

** (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والسبعين بعد المائة .. المعنى : ولقد وعدنا عبادنا المرسلين بالنصر .. و «كلمتنا» المراد بها : قوله تعالى : (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) وقد سماها كلمة وهي عدة كلمات لأنها لما انتظمت في معنى واحد كانت في حكم كلمة مفردة على تقدير : وعدنا لهم بالنصر والغلبة.

** (أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة والسبعين بعد المائة .. المعنى : أيستعجلون عذابنا بقولهم : متى يحدث هذا العذاب أي عذاب الآخرة وفي القول تهديد لهم.

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة حين قال المشركون : يا محمد أرنا العذاب الذي تخوفنا به .. عجله لنا! فنزل قول الله تعالى تعنيفا وتوبيخا لهم في هذه الآية الكريمة.

** (فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والسبعين بعد المائة .. الصباح : ضد ـ خلاف المساء ـ و «الصبح» هو الفجر .. والأصبوحة : بضم الهمزة هي ضد «الأمسية» بضم الهمزة وتشديد الياء وليس بتخفيفها. أما الأمسية بتخفيف الياء فمعناها : جمع «مساء» وتلفظ «أمسية» بفتح الهمزة وتخفيف الياء. ويقال : أمسينا وأصبحنا بمعنى : دخلنا في المساء والصباح وتستعمل هاتان اللفظتان مركبتين فيقال : صباحا ومساء وهو يشبه قولنا : ليل نهار وقال ابن القوطية : المساء : هو ما بين الظهر إلى المغرب. ونظير «أمسية» بتشديد الياء هو أمنية وأحجية : وهي اللغز أي الكلام الغامض المغلق يتحاجى الناس فيها : أي يتغالبون في الفطنة ومثله أيضا : الأثفية : وهي الحجر التي توضع عليها القدر ومنه القول : رماه الله بثالثة الأثافي : أي بالشر كله ومثله أيضا : الأغنية.

** (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثمانين بعد المائة. وقد أضيف «الرب» سبحانه إلى العزة لاختصاصه جلت قدرته بها بمعنى : ذو العزة عن الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ). (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).

** (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والثمانين بعد المائة .. المعنى : وسلام من الله على الأنبياء المرسلين .. فحذف الموصوف «الأنبياء» وحلت الصفة «المرسلين» محله.

(إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ) (١٣٤)

(إِذْ نَجَّيْناهُ) : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون متعلق بما في خبر «إن» وهو لمن المرسلين» في الآية الكريمة السابقة أو يكون اسما في محل نصب مفعولا به بفعل مضمر تقديره : اذكر. نجيناه : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «إذ» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به.

(وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ) : معطوف بالواو على ضمير الغائب في «نجيناه» منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في

محل جر بالإضافة. أجمعين : توكيد معنوي للوط وأهله منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من الحركة في المفرد «أجمع».

(إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ) (١٣٥)

(إِلَّا عَجُوزاً) : أداة استثناء. عجوزا : مستثنى بإلا منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي إلا امرأته العجوز.

(فِي الْغابِرِينَ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «عجوزا» بمعنى : بقيت مع الهالكين. وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) (١٣٦)

(ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) : حرف عطف للتراخي. دمر : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع مبني على السكون في محل رفع فاعل. الآخرين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ) (١٣٧)

(وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ) : الواو استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» والميم علامة جمع الذكور. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ تمرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «تمرون» في محل رفع خبر «إن».

(عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بفعل «تمرون» بمعنى : لتمرون على آثار بيوتهم المدمرة وأطلالهم. مصبحين : حال من واو الجماعة منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : داخلين أو وأنتم داخلون في الصباح.

(وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١٣٨)

(وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) : الجار والمجرور معطوف بالواو على معنى «مصبحين» متعلق بفعل «تمرون» بمعنى تمرون على أطلالهم في الصباح وفي الليل. الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. الفاء تزيينية. لا : نافية لا عمل لها. تعقلون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : أفلا تتعظون. أو أفلا تعقلون ما حل بهم من الدمار فتتعظوا؟

(وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (١٣٩)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الثالثة والعشرين بعد المائة.

(إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) (١٤٠)

(إِذْ أَبَقَ) : سبق إعرابه. أبق : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) : جار ومجرور متعلق بفعل «أبق» والجملة الفعلية (أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «إذ». المشحون : صفة ـ نعت ـ للفلك مجرور مثله وعلامة جره الكسرة بمعنى إلى السفينة الملأى بالناس وحاجاتهم أي إلى المركب المليء بالناس. ويجوز أن يكون الجار والمجرور متعلقا بحال محذوفة من ضمير «أبق» المعنى : ملتجئا إلى الفلك.

(فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) (١٤١)

(فَساهَمَ فَكانَ) : الفاء استئنافية أو عاطفة على محذوف بمعنى : فاقترع الركاب فيما بينهم لمعرفة من الهارب فقارع يونس. ساهم : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الفاء استئنافية و «كان» فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.

(مِنَ الْمُدْحَضِينَ) : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. «المدحض» وهو اسم مفعول بمعنى من المغلوبين في القرعة.

(فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ) (١٤٢)

(فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ) : الفاء عاطفة على محذوف اختصارا بمعنى : ورمى بنفسه في الماء فالتقمه الحوت أي فابتلعه و «التقمه» فعل ماض مبني على الفتح والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به مقدم. الحوت : فاعل مرفوع بالضمة.

(وَهُوَ مُلِيمٌ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال من ضمير الغائب ـ الهاء ـ هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. مليم : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : داخل في الملامة.

(فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) (١٤٣)

(فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. لو لا : حرف شرط غير جازم ـ حرف امتناع لوجود ـ أنه : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب اسم «أن» والجملة الفعلية «كان وخبرها» في محل رفع خبر «أن». كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. و «أن» وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع مبتدأ بتقدير فلو لا كونه من المسبحين وخبر المبتدأ محذوف اختصارا أو سد مسده جواب «لو لا» المحذوف وجوبا.

(مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان» وعلامة جر الاسم اسم الفاعلين «المسبحين» الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : من المصلين أي من الذاكرين الله كثيرا المنزهين له سبحانه.

(لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (١٤٤)

(لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ) : اللام واقعة في جواب «لو لا». لبث : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. في بطنه : جار ومجرور متعلق بلبث والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة بمعنى لبقي في بطن الحوت. والجملة الفعلية «لبث في بطنه» جواب شرط غير جازم لا محل لها.

(إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) : جار ومجرور متعلق بلبث. يبعثون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والجملة الفعلية «يبعثون» في محل جر بالإضافة. أو يكون الجار والمجرور متعلقا بحال من ضمير «ليث» المعنى : لمكث مقبورا في بطن الحوت إلى يوم القيامة.

(فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ) (١٤٥)

(فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ) : الفاء سببية. نبذ : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به. بالعراء : جار ومجرور متعلق بنبذ بمعنى بالأرض الجرداء الخالية من النبات.

(وَهُوَ سَقِيمٌ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. سقيم : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : وهو مريض نتيجة بقائه في بطن الحوت.

(وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ) (١٤٦)

(وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ) : الواو عاطفة. أنبت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. عليه : جار ومجرور متعلق بأنبت بمعنى وأنبتنا فوقه مظلة له لتغطيه.

(شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. و «من» حرف جر بياني. يقطين : اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة المنونة والجار والمجرور متعلق بصفة من «شجرة» وهو شجر من القرع.

(وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) (١٤٧)

(وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ) : الواو عاطفة. أرسلنا : تعرب إعراب «أنبتنا» والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به. إلى مائة : جار ومجرور متعلق بأرسل. ألف : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة وكلمة «ألف» في الأصل : تمييز جر بالإضافة لأنه أتى بعد «مائة» وهي من ألفاظ العقود.

(أَوْ يَزِيدُونَ) : حرف عطف يفيد الإبهام في مرأى الناظر والغرض : الوصف بالكثرة. يزيدون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «يزيدون» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : أو هم يزيدون على ذلك عند الناس بمعنى : وأرسلناه إلى أهل نينوى من أرض الموصل.

(فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) (١٤٨)

(فَآمَنُوا) : الفاء استئنافية. آمنوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) : الفاء سببية. متع : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. إلى حين : جار ومجرور متعلق بمتع بمعنى إلى أجل مسمى أي إلى وقت انقضاء آجالهم.

(فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ) (١٤٩)

(فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على جملة «استفتهم» الواردة في الآية الكريمة الحادية عشرة وإن جاءت بعيدة عنها وتعرب

إعرابها بمعنى : فاسألهم يا محمد معنفا إياهم. الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. لربك : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ في محل جر بالإضافة.

(الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. الواو عاطفة. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ البنون : مبتدأ مؤخر مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ) (١٥٠)

(أَمْ خَلَقْنَا) : حرف اضراب بمعنى : بل وهي حرف عطف. خلق : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(الْمَلائِكَةَ إِناثاً) : مفعول منصوب وعلامة نصبه الفتحة. إناثا : حال من «الملائكة» منصوب بالفتحة المنونة.

(وَهُمْ شاهِدُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. شاهدون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد أي وهم حاضرون بمعنى كيف جعلوا الملائكة إناثا ولم يكونوا حاضرين عند خلقنا لهم؟

(أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ) (١٥١)

(أَلا إِنَّهُمْ) : حرف استفتاح للتنبيه .. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «إن».

(مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ) : جار ومجرور متعلق بيقولون .. أو متعلق بحال محذوفة من ضمير الغائبين بتقدير : ليقولن كاذبين ويجوز أن يتعلق بمفعول لأجله بتقدير : نتيجة إفكهم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني

على السكون في محل جر بالإضافة. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ يقولون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «ليقولون» في محل رفع خبر «إن» المعنى : لا. إنهم من كذبهم ليقولون ..

(وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (١٥٢)

(وَلَدَ اللهُ) : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. والفعل «ولد» فعل بمعنى : مفعول أي الملائكة ولده والجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) : الواو استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ كاذبون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم النون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ) (١٥٣)

(أَصْطَفَى الْبَناتِ) : الهمزة همزة استفهام على طريق الإنكار والتوبيخ والاستبعاد. اصطفى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المقصورة للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. البنات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم وأصل «اصطفى» هو أاصطفى.

(عَلَى الْبَنِينَ) : جار ومجرور متعلق باصطفى وعلامة جر الاسم الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : هل اختار لنفسه البنات على البنين؟ أو يتعلق الجار والمجرور بمحذوف .. بمعنى : وفضلهن على البنين؟

(ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (١٥٤)

(ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) : اسم استفهام يفيد التوبيخ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. لكم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «ما»

والميم علامة جمع الذكور. كيف : اسم استفهام يفيد الإنكار مبني على الفتح في محل نصب حال من ضمير المخاطبين. تحكمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة هي العامل في «كيف» بمعنى : ما ذا أصابكم أي كيف تحكمون بما لا يقبله عقل بمعنى هذا الحكم الباطل.

(أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (١٥٥)

(أَفَلا تَذَكَّرُونَ) : الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام. الفاء تزيينية. لا : نافية لا عمل لها. تذكرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وأصله : تتذكرون حذفت إحدى التاءين .. تخفيفا واختصارا كما حذف مفعول الفعل اختصارا لأنه معلوم بمعنى : أفلا تتفكرون؟

(أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ) (١٥٦)

(أَمْ لَكُمْ) : حرف عطف وهي «أم» المتصلة لأنها مسبوقة بهمزة استفهام. لكم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم والميم علامة الجمع.

(سُلْطانٌ مُبِينٌ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. مبين : صفة ـ نعت ـ لسلطان مرفوع مثله بالضمة المنونة أي تسلط ..

(فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١٥٧)

(فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ) : الفاء واقعة في جواب شرط مقدر على معنى : إن كان عندكم حجة واضحة من كتاب أنزل عليكم فأتوا به. ائتوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بكتاب : جار ومجرور متعلق بائتوا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور أي بكتابكم الذي أنزل عليكم في ذلك.

(إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) : حرف شرط جازم. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل ـ ضمير

المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور والفعل «كان» في محل جزم لأنه فعل الشرط. صادقين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وجواب الشرط محذوف لتقدم معناه.

(وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) (١٥٨)

(وَجَعَلُوا بَيْنَهُ) : الواو استئنافية. جعلوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى وأوجدوا. بين : مفعول فيه ـ ظرف مكان ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة متعلق بجعلوا وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير لفظ الجلالة ـ في محل جر بالإضافة بمعنى وأوجد المشركون ..

(وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) : معطوف بالواو على «بينه» ويعرب إعرابه. الجنة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. نسبا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى وأوجدوا بين الله وبين الجنة أي الملائكة مصاهرة وهو زعمهم أنهم بناته سبحانه. وقيل : المراد بالجنة : الشياطين لاستتارهم عن الأعين.

(وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. علمت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة حركت بالكسر لالتقاء الساكنين لا محل لها. الجنة : فاعل مرفوع بالضمة.

(إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل وكسرت الهمزة لأن في خبر «إن» اللام ولأنها في موضع المبتدأ. و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ محضرون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والضمير «هم» يعود على الكفرة بمعنى : إنهم محضرون النار معذبون بما يقولون. وإذا فسر «الجنة» بالشياطين أو الجن يجوز أن يكون الضمير في «إنهم» لمحضرون لهم. و «إن» مع اسمها وخبرها في موضع الجملة الاسمية في محل نصب سد مسد مفعولي «علمت»

بمعنى لقد علمت الملائكة أن هؤلاء الكفار يحضرون عذاب النار وقيل يراد بالجنة : الجن لأنهم قالوا إن الله صاهر الجن فخرجت الملائكة.

(سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (١٥٩)

(سُبْحانَ اللهِ) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف تقديره : أسبح. وهو بمعنى تنزيها لله. الله لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر الكسرة.

(عَمَّا يَصِفُونَ) : مكونة من «عن» حرف جر و «ما» المصدرية. يصفون : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ما» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعن. والجار والمجرور متعلق بسبحان. التقدير : سبحان الله عن وصفهم. أو تكون «ما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل جر بعن فتكون جملة «يصفون» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضميرا محذوفا منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : عما يصفونه. المعنى تنزيها لله سبحانه عن وصفهم أو عما يصفونه به سبحانه من الولد والنسب.

(إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (١٦٠)

(إِلَّا عِبادَ) : أداة استثناء. عباد : مستثنى بإلا منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف وهو مستثنى استثناء منقطعا من المحضرين بمعنى ولكن العباد المخلصين ناجون وتكون «سبحان الله» اعتراضية بين الاستثناء وبين ما وقع منه لا محل له. ويجوز أن يكون المستثنى من ضمير «يصفون» أي عما يصفه هؤلاء بذلك ولكن العباد المخلصين براء من أن يصفوه سبحانه بذلك وينزهونه عن هذا الوصف.

(اللهِ الْمُخْلَصِينَ) : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. المخلصين : صفة ـ نعت ـ للعباد منصوب مثله وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ) (١٦١)

(فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ) : الفاء استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «إن» والميم علامة جمع الذكور. الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب معطوف على اسم «إن». تعبدون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : وما تعبدونهم أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «تعبدون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب معطوفا على اسم «إن» التقدير : فإنكم ومعبوديكم وخبر «إن» هو الجملة الاسمية في الآية الكريمة التالية بمعنى : فإنكم ومعبوديكم لستم أنتم وهم جميعا بفاتنين على الله. ويجوز أن تكون (وَما تَعْبُدُونَ) قد سدت مسد خبر «إن» إذا عدت الواو في (وَما تَعْبُدُونَ) بمعنى «مع» مثل قولنا : كل رجل وضيعته. على معنى فإنكم مع ما تعبدون أي فإنكم مع آلهتكم بتأويل فإنكم قرناؤهم وأصحابهم لا تبرحون تعبدونها.

(ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ) (١٦٢)

(ما أَنْتُمْ) : نافية بمنزلة «ليس» عند أهل الحجاز «ما .. الحجازية» ونافية لا عمل لها عند بني تميم. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع اسم «ما» على اللغة الأولى ومبتدأ على اللغة الثانية بمعنى ما أنتم أيها الكفرة.

(عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ) : جار ومجرور متعلق بفاتنين .. على تأويل فعله. الباء حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. فاتنين : اسم مجرور لفظا وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. منصوب محلا على أنه خبر «ما» على اللغة الأولى أو مرفوع محلا على

اللغة الثانية أي على أنه خبر «أنتم» بمعنى على الله بمفسدين بالإغواء أي بمضلين أحدا أو إلا من قدر الله عليه أن يضل.

(إِلاَّ مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) (١٦٣)

(إِلَّا مَنْ هُوَ) : أداة حصر لا عمل لها. من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به لاسم الفاعلين «فاتنين» والجملة الاسمية بعده «هو صال ..» صلة الموصول لا محل لها. هو : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.

(صالِ الْجَحِيمِ) : خبر «هو» مرفوع بالضمة المقدرة للثقل على الياء المحذوفة وبقيت الكسرة دالة عليها لأن اللفظة أصلها : صالي الجحيم .. حذفت الياء لالتقاء الساكنين أو بمعنى صالو وحذفت الواو .. الجحيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : داخلو أو داخل الجحيم.

(وَما مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) (١٦٤)

(وَما مِنَّا) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. منا : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم وحذف المبتدأ المؤخر اختصارا لأنه معلوم. التقدير : وما منا أحد أي ملك والقول على لسان الملائكة.

(إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) : أداة حصر لا عمل لها. له : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. مقام : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. معلوم : صفة ـ نعت ـ لمقام مرفوع مثله بالضمة المنونة أي مقام معلوم في المعرفة والعبادة.

(وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) (١٦٥)

(وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ نحن : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على الضم في محل رفع مبتدأ. الصافون : خبر «نحن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد

والجملة الاسمية «لنحن الصافون» في محل رفع خبر «إن» أو تكون «نحن» ضمير الفصل ـ عند البصريين ـ وضمير العماد ـ عند الكوفيين ـ وهو لا محل له عند المدرستين .. وتكون كلمة «الصافون» خبر «إن» المعنى : المصطفون أو الصافون أقدامنا في الصلاة أو الصافون أجنحتنا في الهواء منتظرين ما نؤمر فحذف مفعول اسم الفاعلين «الصافون» وهو «أقدامنا .. أجنحتنا».

(وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) (١٦٦)

هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها أي المذعنون لعبادته الخاضعون الممجدون المنزهون له سبحانه.

(وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ) (١٦٧)

(وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ) : الواو استئنافية. إن : مخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة بينها وبين «إن» النافية. ولما دخلت «ان» على الجملة الفعلية أهملت وهي عند الكوفيين نافية لا عمل لها. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. والجملة الفعلية بعدها «ليقولون» في محل نصب خبر «كان» اللام فارقة. يقولون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. أو تكون الواو حالية والجملة في محل نصب حالا بمعنى وإن حال كفار قريش إذا عيروا بالجهل يقولون.

(لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ) (١٦٨)

(لَوْ أَنَّ عِنْدَنا) : حرف شرط غير جازم ـ حرف امتناع لامتناع ـ أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة في محل رفع متعلق بخبر «إن» المقدم وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ) : اسم «أن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى «كتابا» و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل

لفعل محذوف تقديره : ثبت. التقدير : لو ثبت ذكر معنا بمعنى : لو أنزل علينا كتاب. من الأولين : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «ذكر» و «من» حرف جر بياني وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى كتابا من كتب الأمم السابقة والقول ورد على لسان المشركين.

(لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (١٦٩)

(لَكُنَّا عِبادَ) : الجملة الفعلية وما بعدها جواب شرط غير جازم فلا محل لها. اللام واقعة في جواب «لو» و «كنا» فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان». عباد : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.

(اللهِ الْمُخْلَصِينَ) : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. المخلصين : صفة ـ نعت ـ للعباد منصوب مثله وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : الذين أخلصهم الله سبحانه لنفسه واللفظة اسم مفعولين ـ جمع مخلص ـ اسم مفعول.

(فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (١٧٠)

(فَكَفَرُوا بِهِ) : الفاء عاطفة على محذوف اختصارا لأنه مفهوم من سياق النص الكريم بمعنى : فجاءهم الرسول الكريم بالذكر أي بالكتاب وهو القرآن الكريم فكفروا به. كفروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. به : جار ومجرور متعلق بكفروا.

(فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) : الفاء استئنافية للتسبيب. سوف : حرف تسويف ـ استقبال ـ يعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى فسوف يعلمون مغبة تكذيبهم وكفرهم وما يحل بهم.

(وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ) (١٧١)

(وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. سبقت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. كلمة : فاعل مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ) : جار ومجرور متعلق بسبقت. و «نا» أعرب في «كلمتنا». المرسلين : صفة ـ نعت ـ لعباد مجرور مثله وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) (١٧٢)

(إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين في محل رفع مبتدأ وحرك الميم بالضم لاشباع الميم أو للوصل ـ التقاء الساكنين ـ المنصورون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والجملة الاسمية «هم المنصورون» في محل رفع خبر «إن» ويجوز أن تكون «هم» ضمير فصل ـ عند البصريين ـ وعمادا عند الكوفيين ـ لا محل لها من الإعراب والمنصورون : خبر «إن».

(وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) (١٧٣)

هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة السابقة وتعرب إعرابها. جند : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. و «نا» ضمير الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ) (١٧٤)

(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. تول : فعل أمر مبني على حذف آخره ـ حرف العلة .. الألف المقصورة ـ وبقيت الفتحة دالة عليها.

والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. عن : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر بعن. والجار والمجرور متعلق بتول بمعنى فأعرض عنهم.

(حَتَّى حِينٍ) : حرف غاية وجر. حين : اسم مجرور بحتى وعلامة جره الكسرة المنونة والجار والمجرور متعلق بتول بمعنى : وتحمل أذاهم إلى مدة يسيرة وهي مدة الكف عن القتال حتى يتحقق الوعد بنصرك وقيل إلى يوم القيامة ونون آخر «حين» لانقطاعه عن الإضافة ويجوز أن يتعلق الجار والمجرور بحال محذوفة من ضمير «تول» بمعنى : مبتعدا عنهم إلى حين أو صابرا عليهم إلى أن يحين موعد نصرك يا محمد عليهم.

(وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) (١٧٥)

(وَأَبْصِرْهُمْ) : الواو عاطفة. أبصر : فعل أمر مبني على سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به بمعنى وانظر إلى ما سيلاقون من العذاب النازل بهم وفي قوله «فسوف يبصرون» تهديد ووعيد.

(فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) : الفاء استئنافية. سوف : حرف استقبال ـ تسويف ـ يبصرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والفاعل هو الواو ـ الضمير المتصل ـ في محل رفع بمعنى يبصرون العذاب النازل بهم ويبصرون نصرك عليهم.

(أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) (١٧٦)

(أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) : الهمزة همزة إنكار وتهكم. الفاء حرف عطف دخلت عليه همزة الإنكار. بعذاب : جار ومجرور متعلق بتستعجلون. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. وفي القول الكريم تعنيف لهم أي كيف يستعجل العذاب من هو معرض لعذاب. يستعجلون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ) (١٧٧)

(فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ) : الفاء استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن متضمن معنى الشرط مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه. والجملة الفعلية بعده «نزل ..» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «إذا» نزل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي العذاب الذي يستعجلون وقد أسند إلى الجار والمجرور. بساحته : جار ومجرور متعلق بنزل و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.

(فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. الفاء واقعة في جواب الشرط. ساء : فعل ماض مبني على الفتح لانشاء الذم لأنها من معاني «بئس». صباح : فاعل «ساء» مرفوع بالضمة وهو مضاف وحذف المخصوص بالذم لوجود ما يدل عليه. التقدير : فقد ساء صباح المنذرين صباحهم واللام في «المنذرين» مبهم من جنس من أنذروا لأن «ساء» يقتضي ذلك. المعنى : فإذا نزل العذاب أي فإذا حل بفنائهم فبئس صباحهم. المنذرين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته «المنذر» وهو اسم مفعول وهم الكفار.

(وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ) (١٧٨)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الرابعة والسبعين بعد المائة وقد ثنى سبحانه هذا القول الكريم ليكون تأكيدا لوقوع الميعاد إلى تأكيد بمعنى : حتى يجيء الوعد.

(وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) (١٧٩)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الخامسة والسبعين بعد المائة ومفعول «أبصر» عذاب الدنيا لهم وقد كرر القول للتأكيد والدلالة على أنهم سيبصرون ما ذكر .. ومفعول «يبصرون» عذاب الآخرة.

(سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) (١٨٠)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة التاسعة والخمسين بعد المائة. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ في محل جر بالإضافة. رب العزة : بدل من «ربك» وقد أضيف «الرب» إلى «العزة» لاختصاصه سبحانه بها بمعنى ذو العزة.

(وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) (١٨١)

(وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) : الواو استئنافية. سلام : خبر مبتدأ محذوف بتقدير : هو سلام مرفوع بالضمة المنونة أو أمري سلام أو يكون مبتدأ لأنه نكرة موصوفة على المعنى وحذفت صفته بمعنى : سلام من الله. على المرسلين : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته «المرسل» وهو اسم مفعول.

(وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٨٢)

(وَالْحَمْدُ لِلَّهِ) : الواو عاطفة. الحمد : مبتدأ مرفوع بالضمة. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ. أي الحمد مختص لله.

(رَبِّ الْعالَمِينَ) : صفة ـ نعت ـ للفظ الجلالة أو بدل منه سبحانه مجرور بالكسرة. العالمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

***

سورة ص

معنى السورة : هذه السورة وأمثالها من السور الشريفة التي تبدأ بالحرف الواحد أو الأحرف المتقطعة أو المقطعة سبق شرحها .. وفيما يتعلق بمعنى «صاد» في قراءتها بالكسر هو من المصادة وهي المعارضة والمعادلة .. ومنها الصدى وهو ما يعارض الصوت في الأماكن الخالية من الأجسام الصلبة والمقصود بقراءة الكسر على معنى المصاداة هو صادي القرآن بعملك أي اتله وتعرض لقراءته واعمل بأوامره وانته عن نواهيه. و «الصدى» هو الذي يجيبك بمثل صوتك في الجبال وغيرها ونحوه : أصدى الجبل فهو صادي «صاد» تحذف ياؤه لأنه اسم منقوص نكرة وجمع «الصدى» هو أصداء ومنه قولهم : أسرع من رجع الصدى.

تسمية السورة : سميت هذه السورة الشريفة بسورة «صاد» تبعا لمطلع آيتها الكريمة الأولى التي يقول تعالى فيها : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) صدق الله العظيم. أي أقسم سبحانه بحق القرآن الكريم الحافل بالذكر والمواعظ. والشرف الرفيع لما فيه من تبيان كل شيء .. والحلف بالقرآن الكريم ومن قبل رب العزة هو تنويه برفعة قدر هذا الكتاب الكريم .. وقيل : إن صاد هو أحد الحروف الهجائية للتنبيه والتحدي كما قيل في سور أخرى وشرح ذلك في سورة «يوسف» وفي هذه السورة الشريفة وردت إحدى قصص النبي داود ـ عليه‌السلام ـ تقول الحكاية : إن النبي «داود» هوي امرأة فاستنزل زوجها عنها وتزوجها وكان له تسع وتسعون زوجة وقيل : أخذ يكثر من إرسال زوجها إلى الحروب ويقدمه فيها حتى قتل. فأرسل الله تعالى له ملكين يتحاكمان إليه ليتنبه إلى ما صنع كما تروي ذلك الآيات الشريفة من الآية العشرين إلى الآية الخامسة والعشرين .. ولما دخل الملكان على «داود» خاف منهما إذ هبطا إليه من فوق فذكرا له أنهما خصمان .. وقص عليه أحد الملكين أمر النعاج المائة فتنبه داود ـ عليه‌السلام ـ لذنبه فاستغفر ربه وسقط راكعا ورجع إلى ربه فغفر الله ـ جلت قدرته ـ ذنبه.

فضل قراءة السورة : قال الرسول المنير ـ محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «ص» كان له بوزن كل جبل سخره الله لداود عشر حسنات وعصمه أن يصر عن ذنب صغير أو كبير» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

إعراب آياتها

(ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) (١)

(ص) : في هذا الحرف الكريم قراءات ومعان عديدة ومذاهب مختلفة فهو إضافة لما شرح في سورة «يوسف» عن هذه الحروف الكريمة الواردة في أوائل السور الشريفة فقد قيل : أكثر القراءة على الوقف .. وقرئ بالكسر والفتح لالتقاء الساكنين ويجوز أن ينتصب بحذف حرف القسم وايصال فعله كقولهم : الله لأفعلن كذا بالنصب .. أو بإضمار حرف القسم والفتح في موضع الجر كقولهم الله لأفعلن .. بالجر. وامتناع الصرف للتعريف والتأنيث لأنها بمعنى السورة. وقد صرفها من قرأ «ص» بالجر والتنوين على تأويل الكتاب والتنزيل. والقراءة بالفتح أي اتل صاد.

(وَالْقُرْآنِ) : الواو واو القسم حرف جر القرآن : مقسم به مجرور بواو القسم وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف. وواو القسم بدل من الباء لأن التقدير : أقسم بالقرآن.

(ذِي الذِّكْرِ) : صفة ـ نعت ـ للقرآن مجرور مثله وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف و «الذكر» مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وجواب القسم محذوف دل عليه ما قبله .. وقيل إن جواب القسم تقديره : إن محمدا لصادق. وقيل : يجوز أن تكون «ص» خبر مبتدأ محذوف على أنها اسم للسورة بتقدير : هذه «ص» يعني هذه السورة التي أعجزت العرب والقرآن ذي الذكر أي هي صاد. أما إذا جعلت «ص» مقسما بها و «القرآن ذي الذكر» معطوفا عليها فيجوز أن يراد بالقرآن : التنزيل كله ويراد بالسورة بعينها بمعنى : أقسم بالسورة الشريفة .. والقرآن

ذي الذكر .. أي ذي الشرف والشهرة أو ذي الذكرى والموعظة أو يكون جواب القسم في الآية التالية.

(بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ) (٢)

(بَلِ الَّذِينَ) : حرف استئناف للاضراب وكسر آخره لالتقاء الساكنين. قال الأخفش : بل هنا : بمعنى «إن» فلذلك صار القسم عليها. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.

(كَفَرُوا) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة أي بالله ورسوله أو هم في خلاف لله ورسوله.

(فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ «الذين». وشقاق : معطوف بالواو على «عزة» ويعرب إعرابها بمعنى إن الكافرين لم يصدوا عن هذا القرآن لعلة فيه بل في عزة واستكبار عن الإذعان له .. والشقاق : هو الخلاف والعداوة بمعنى في استكبار وهو عزة الجاهلية أي أنفتها.

** (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) : أي التقدير في هذه الآية الكريمة الأولى هو وحق القرآن .. فحذف المقسم به المضاف «حق» وأقيم المضاف إليه «القرآن» مقامه.

** (فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) : هذا القول الكريم ورد في الآية الكريمة الثالثة وحذف مفعول «نادوا» اختصارا لأنه معلوم أي فنادوا ربهم ليغيثهم بعد أن رأوا العذاب وليس الحين أو الوقت وقت مناص أي مخلص بمعنى وقت خلاص وفرار ونجاة وهذا وعيد للكافرين على كفرهم واستكبارهم وعلى هذا التفسير أي ولما رأوا العذاب تكون الفاء في «فنادوا» عاطفة على فعل محذوف .. ويقال ناص ـ ينوص ـ نوصا ومناصا أيضا من باب «قال» بمعنى فر وراغ. المعنى : وليس وقت تأخر وفرار. وفي الآية الكريمة السابقة ـ أي الثانية نكرت الكلمتان «عزة وشقاق» دلالة على شدتهما وتفاقمهما.

** (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة .. وفيه حذف المشار إليه البدل أو الصفة من اسم الإشارة «هذا» أي هذا الرجل يريدون به محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ساحر ببيانه كثير الكذب بزعمه أنه رسول الله .. ويقال عجبت وتعجبت من هذا الشيء .. من باب «طرب» ومثله أيضا استعجبت .. وقيل الفعل الثلاثي «عجب» يعبر به عن الذم والإنكار كما في الآية الكريمة والفعل الرباعي «أعجب» يعبر به عن الاستحسان نحو : أعجبني هذا القول بمعنى : راقني .. ولا نقول : راق لي هذا الكتاب لأن الفعل «راق» يتعدى إلى مفعوله بنفسه وليس بحرف جر فالكتاب رائق ـ اسم فاعل ـ وأما مروق فهو ـ اسم مفعول ـ.

** (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة .. المعنى : إن هذا الأمر لشيء بليغ في العجب. أو لأمر متناه في العجب وقد حذف المشار إليه أيضا اختصارا لأنه معلوم والمشار إليه «الأمر» بدل أو صفة لاسم الإشارة. و «العجب» و «العجاب» هو الأمر الذي يتعجب منه. قال الجوهري : والعجاب ـ بتشديد الجيم ـ وهو أكثر وكذا الأعجوبة ولا يجمع «عجيب» ولا «عجب» وقيل : جمع «عجيب» هو «عجائب» وقولهم : أعاجيب كأنه جمع «أعجوبة» مثل «أحدوثة» وأحاديث. ومعنى قولهم في الآية الكريمة المذكورة آنفا : كيف صير محمد الآلهة إلها واحدا؟ تعجبوا لأنه لكل قبيلة إله.

** سبب نزول الآية : نزلت الآية الكريمة حينما تعجبت قريش من دعوة محمد وقالوا : إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب.

** (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة .. أي إن هذا الأمر هائل يراد بكم .. فحذف المشار إليه «الأمر» أي صفة اسم الإشارة أو بدل منه كما حذف في الآية الكريمة التالية (إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ) وفي بداية هذه الآية أيضا (ما سَمِعْنا بِهذا) أي بهذا الأمر أو على معنى ما سمعنا بهذا التوحيد في الديانة الأخيرة التي كان عليها آباؤنا.

** (جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية عشرة .. المعنى : فلا تكترث بقولهم يا محمد فهناك كفار مكة المقاومون لدعوتك هم جند مهزوم أو محكوم عليهم بالهزيمة والانكسار والمراد بالأحزاب : الذين تحزبوا على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهم من أحزاب إبليس. وجاءت الكلمة «مهزوم» وهي لفظة مفردة على لفظ «جند» لا على معناها لأن معناها جمع أي بمعنى جيش من الكفار .. وقد خسأهم الله بقوله الكريم هذا.

** (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية عشرة .. وقد أنث الفعل «كذبت» مع الفاعل «قوم» على معنى «الجماعة» ولفصله عن فعله. و «ذو الأوتاد» معناه : ذو الملك المثبت بالأوتاد وأصله : من ثبات البيت المطنب بأوتاده فاستعير لثبات العز واستقامه الأمر وحذف مفعول «كذبت» دل عليه في الآية الكريمة الرابعة عشرة بقوله (إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ) ولقد ذكر سبحانه تكذيبهم أولا في الجملة الخبرية على وجه الإبهام ثم جاء بالجملة الاستثنائية فأوضح فيها بأن كل واحد من الأحزاب كذب الرسل أو جميعهم لأنهم إذا كذبوا واحدا منهم فقد كذبوهم جميعا. وفي تكرار التكذيب وايضاحه بعد إبهامه والتنويع في تكريره بالجملة الخبرية أولا وبالاستثنائية ثانيا وما في الاستثنائية من الوضع على وجه التوكيد والتخصيص أنواع من المبالغة المسجلة عليهم باستحقاق أشد العذاب وأبلغه. وعاد : أي بنو عاد. وبعد حذف المضاف «بنو» ارتفع المضاف إليه «عاد».

** (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة عشرة .. المعنى : واذكر قصة عبدنا داود ذي القوة : أي الصلابة في الدين وبعد حذف المفعول المضاف «قصة» حل المضاف إليه «عبدنا» محله فانتصب انتصابه .. و «ذا الأيد» أي ذا القوة .. ومنه القول : أيده : بمعنى قواه. وقد اختلف حول كلمة «الأيد» فقد قيل : إنها جمع «يد» بحذف الياء من الجمع «أيدي» واليد هي القوة. وقد قيل : هي مصدر من الفعل : آد ـ يئيد ـ أيدا .. إذا قوي وليس جمع «يد» وقد أجمع علماء اللغة والتفسير على القول الثاني أي على القوة.

** (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة .. أي ذللنا الجبال معه يسبحن أي ينزهن الله مع تسبيحه عند طلوع الشمس وعند غروبها وكان داود ـ عليه‌السلام ـ يفهم تسبيحها بمعنى : مسبحات. قال الزمخشري : فإن قلت : هل من فرق بين «يسبحن» و «مسبحات» قلت : نعم. وما اختير «يسبحن» على «مسبحات» إلا لذلك وهو الدلالة على حدوث التسبيح من الجبال شيئا بعد شيء وحالا بعد حال وكأن السامع محاضر تلك الحال يسمعها تسبح. ومثله قول الأعشى : إلى ضوء نار في يفاع تحرق. ولو قال : محرقة لم يكن شيئا. أما قوله تعالى : «الإشراق» بدلا من «الشروق» فلأن «الإشراق» هو الوقت : أي وقت الإشراق : وهو حين تشرق الشمس : أي تضيء ويصفو شعاعها أو نورها .. وهي وقت الضحى وأما «شروقها» فهو طلوعها. يقال : شرقت الشمس ولما تشرق. فالعشي : ظرف فلو حمل «الإشراق» على الدخول في وقت الشروق لكان مصدرا مع أن المراد به الظرف لأنه فعل الشمس وصفتها التي تستعمل ظرفا كالطلوع والغروب وشبههما.

** (وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة عشرة .. وقوله «محشورة» في مقابل «يسبحن» لأنه لم يكن في الحشر ما كان في التسبيح من إرادة الدلالة على الحدوث شيئا فشيئا أي شيئا بعد شيء. وعقب الإمام أحمد بقوله : ولهذه النكتة ـ أي النقطة أو المسألة الدقيقة التي أخرجت بدقة ونظر وإمعان فكر ـ فرق سحنون ـ عبد السلام سحنون ـ وهو فقيه مالكي بين «أنا محرم يوم أفعل كذا بصيغة اسم الفاعل» وبين «أحرم» بصيغة المضارع .. فرأى أن المعلق بصيغة اسم الفاعل يكون محرما بوجود صيغة التعليق .. ولا كذلك المعلق بصيغة الفعل المضارع فإنه لا يكون محرما حتى يحرم ويقال له : أحرم .. فكأنه رأى أن صيغة الفعل خصوصية في الدلالة على حدوثه ولا كذلك اسم الفاعل وإن كان متأخرا وقال : واختلفوا في معنى هذا القول ـ قول سحنون ـ في اسم الفاعل يكون محرما يوم يفعل. فمنهم من قال : أراد النور فينشئ إحراما ومنهم من قال : يكون محرما في الحال بالتعليق الأول ولا يجدد شيئا. ومذهب «مالك» هو التسوية بين صيغتي اسم الفاعل والفعل في هذا المقام وحقق الزمخشري في هذا القول الفرق بين اسم الفاعل والفعل فقال : لما كان الواقع حشر الطير دفعة واحدة وكان ذلك أدل على القدرة لم يكن لاستعمال الفعل الدال على الحدوث شيئا فشيئا معنى فاستعمل فيه اسم المفعول على خلاف استعمال الفعل في الأول «والطير محشورة» وقوله «محشورة» في مقابلة «يسبحن» إلا أنه لما لم يكن في الحشر ما كان في التسبيح جيء به اسما لا فعلا وذلك أنه لو قيل : وسخرنا الطير يحشرن على أنه الحشر يوجد من حاشرها شيئا بعد شيء. والحاشر هو الله عزوجل لكان خلفا لأن حشرها جملة واحدة أدل على القدرة. و «العشي» في الآية الكريمة الثامنة عشرة .. جمع «عشية» وهي من بعد الظهر إلى المغرب والكلمة تدل على الظرفية و «الإشراق» أي وقت الاشراق وهو وقت أي حين تشرق الشمس .. بمعنى : تضيء ويصفو نورها وذلك وقت الضحى .. والمراد بالإشراق في الآية الكريمة : الظرف مثل «العشي» لأن الإشراق هو فعل الشمس وصفتها التي تستعمل ظرفا كالطلوع والغروب ونحوهما ويكون وقت المغرب بعد ظهور الشفق وهو الحمرة التي ترى في المغرب بعد سقوط الشمس وبسقوطه يخرج وقت المغرب ويدخل وقت العتمة عند عامة العلماء إلا ما يروى عن أبي حنيفة ـ رضي الله عنه ـ في إحدى الروايتين أنه البياض. وروي عن أسد بن عمرو بذلك لرقته. ومنه : الشفقة على الانسان : أي رقة القلب عليه.

(كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) (٣)

(كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) : هذا القول الكريم أعرب في كثير من السور تراجع الآية السادسة من سورة «الأنعام» والآية الحادية والثلاثون من سورة «يس» وفي القول الكريم وعيد لذوي العزة والشقاق.

(فَنادَوْا) : الفاء استئنافية أو عاطفة على محذوف بمعنى : وقد رأوا العذاب فنادوا بالتوبة أو فدعوا واستغاثوا أي نادوا ربهم ليغيثهم. نادوا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين واتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) : الواو استئنافية. لات : حرف نفي يعمل عمل «ليس» واسمها ضمير مستتر يدل عليه الخبر أو يكون اسمها محذوفا تقديره : الحين. وقيل : هي «لا» المشبهة بليس زيدت عليها تاء التأنيث كما زيدت على «رب» و «ثم» للتوكيد فتغير بذلك حكمها حيث لم تدخل إلا على الأحيان ولم يبرز إلا أحد مقتضييها أما الاسم وأما الخبر وامتنع بروزهما جميعا وهذا مذهب الخليل وسيبويه وهي عند الأخفش «لا» النافية للجنس زيدت عليها التاء وخصت بنفي الأحيان واضمروا فيها اسم الفاعل. والمعنى : ليس وقت تأخر وفرار. حين : خبر «لات» منصوب بالفتحة. مناص : مضاف إليه مجرور بالكسرة المنونة وهي بمعنى الملجأ والفرار. وقيل : الأصل : حين مناصهم وقد نزل قطع المضاف إليه من «مناص» منزلة قطعة من «حين» لاتحاد المضاف والمضاف إليه وجعل تنوينه عوضا من الضمير المحذوف ثم بني «الحين» لكونه مضافا إلى غير متمكن. ويوقف على «لات» بالتاء كما يوقف على الفعل الذي يتصل به تاء التأنيث. أما «الكسائي» فيقف عليها بالهاء كما يقف على الأسماء المؤنثة.

(وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ) (٤)

(وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ) : الواو استئنافية. عجبوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف

فارقة. أن : حرف مصدري. جاء : فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم. والجملة الفعلية «جاءهم منذر» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف. التقدير : وعجبوا من مجيء منذر منهم والجار والمجرور متعلق بعجبوا بمعنى رسول منهم.

(مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. من : حرف جر بياني و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «منذر» بمعنى : ورسول من أنفسهم.

(وَقالَ الْكافِرُونَ) : الواو عاطفة. قال : فعل ماض مبني على الفتح. الكافرون : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والجملة الاسمية بعده «هذا ساحر» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ساحر : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة. كذاب : صفة ـ نعت ـ لساحر مرفوع بالضمة المنونة و «كذاب» من صيغ المبالغة ـ فعال بمعنى فاعل ـ.

(أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) (٥)

(أَجَعَلَ الْآلِهَةَ) : الهمزة إنكار وتعجيب بلفظ استفهام. جعل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. الآلهة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(إِلهاً واحِداً) : مفعول «جعل» الثاني منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. واحدا : توكيد للمؤكد «إلها» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(إِنَّ هذا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» أي إن هذا الأمر.

(لَشَيْءٌ عُجابٌ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ شيء : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. عجاب : صفة ـ نعت ـ للموصوف «شيء» مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى : لشيء بليغ في العجب.

(وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ) (٦)

(وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ) : الواو استئنافية. انطلق : فعل ماض مبني على الفتح. الملأ : فاعل مرفوع بالضمة. من : حرف جر بياني و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من «الملأ» التقدير حال كونهم منهم.

(أَنِ امْشُوا) : حرف تفسير لا عمل لها لأنها مخففة هنا بمعنى أي. وكسر نونه لالتقاء الساكنين. امشوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية «امشوا» تفسيرية لا محل لها ويجوز أن تكون «أن» مصدرية بعد تقدير حرف جر قبلها لو كانت مسبوقة بأمر أو نهي والمعنى هنا انطلقت ألسنة الملأ قائلين بعضهم لبعض امشوا وأن وما بعدها في محل نصب مفعول به بفعل القول المقدر على المعنى أي قائلين : امشوا واصبروا فلا حيلة لكم في دفع أمر محمد.

(وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «امشوا» وتعرب إعرابها. على آلهة : جار ومجرور متعلق باصبروا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور أي اثبتوا وحافظوا.

(إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة. يراد : الجملة الفعلية في محل رفع صفة للموصوف «شيء» وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى إن هذا الأمر الذي يدعو إليه محمد شيء يريده الله أو ما يريده محمد بنا وبآلهتنا لشيء مطلوب أن نكون أتباعه.

(ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلاَّ اخْتِلاقٌ) (٧)

(ما سَمِعْنا بِهذا) : نافية لا عمل لها. سمع : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. بهذا : جار ومجرور متعلق بفعل «سمعنا» و «هذا» اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالباء أي بهذا الأمر والفعل «سمع» يتعدى بنفسه نحو سمعنا هذا. ويتعدى بالحرف أي بهذا الأمر.

(فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من اسم الإشارة «هذا» التقدير : كائنا في الملة الآخرة. الآخرة : صفة ـ نعت ـ للملة مجرورة مثلها وعلامة جرهما الكسرة بمعنى في ديانة آبائنا الأولين.

(إِنْ هذا) : مخففة من «إن» مهملة بمعنى «ما» النافية. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

(إِلَّا اخْتِلاقٌ) : أداة حصر لا عمل لها. اختلاق : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى إن ما دعا إليه محمد افتعال وكذب.

(أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) (٨)

(أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) : الهمزة همزة تعجب بلفظ استفهام. أنزل : فعل ماض مبني على الفتح مبني للمجهول. عليه : جار ومجرور متعلق بأنزل. الذكر : نائب فاعل مرفوع بالضمة بمعنى أأنزل القرآن على محمد.

(مِنْ بَيْنِنا) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير «عليه» بتقدير : مختارا من بيننا أي من وسطنا وفينا من هو أجدر منه في الملأ و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(بَلْ هُمْ فِي شَكٍ) : حرف إضراب للاستئناف. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. في شك : جار ومجرور متعلق بخبر «هم».

(مِنْ ذِكْرِي بَلْ) : جار ومجرور متعلق بشك والياء ضمير الواحد المطاع في محل جر بالإضافة أي من القرآن. بل : أعرب.

(لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) : حرف نفي وجزم وقلب. يذوقوا : فعل مضارع مجزوم بلما وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ووردت «لما» في موقع الجواب. عذاب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة والياء المحذوفة خطا واختصارا ومراعاة لفواصل الآيات ـ رأس آية ـ ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل جر بالإضافة وبقيت الكسرة دالة عليها بمعنى : لم يذوقوا عذابي بعد.

(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ) (٩)

(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ) : حرف عطف بمعنى «بل» للاضراب أم المنقطعة. عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة في محل رفع متعلق بخبر مقدم وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. خزائن : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة ولم ينون آخر اللفظة لأنها ممنوعة من الصرف. التقدير : بل أعندهم خزائن بمعنى : ما هم بمالكي خزائن الرحمة أي مفاتيح نعم ربك.

(رَحْمَةِ رَبِّكَ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. ربك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة لأنه مضاف إليه ثان وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ في محل جر مضاف إليه ثالث.

(الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ) : صفتان ـ نعتان ـ متتابعان للرب سبحانه مجروران وعلامة جرهما الكسرة.

(أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) (١٠)

(أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ) : يعرب إعراب «أم عندهم خزائن الرحمة» في الآية الكريمة السابقة و «لهم» جار ومجرور متعلق بالخبر المقدم.

(وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها بمعنى أم عندهم هذه الأشياء حتى يتكلموا في الأمور الربانية. الواو

عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر معطوف على السموات والأرض. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بصفة محذوفة تقديره استقر وهو مضاف. الهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة و «ما» علامة التثنية لا محل لها والجملة الفعلية «استقر بينهما» صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. والأسباب جمع «سبب» وهو الوصلة التي يوصل بها الحبل.

(فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) : الفاء واقعة في جواب شرط مقدر أي إن كان لهم ملك هذا الوجود فليرتقوا بمعنى فليصعدوا فيما يوصلهم إلى الارتقاء في أعالي السموات ليتدبروا أمر الكون. اللام لام الأمر. يرتقوا : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. في الأسباب : جار ومجرور متعلق بيرتقوا بمعنى في الوسائل التي ترتقي بهم إلى السماء لينزلوا الوحي على من يريدون ويختارون.

(جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ) (١١)

(جُنْدٌ ما) : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة وجاز الابتداء بالنكرة لأنها موصوفة. ما : مزيدة فيها معنى الاستعظام إلا أنه على سبيل الهزؤ بمعنى : ما هم إلا جيش من الكفار .. أو تكون «ما» للتوكيد.

(هُنالِكَ مَهْزُومٌ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بخبر المبتدأ. اللام للبعد والكاف حرف خطاب والإشارة إلى حيث وضعوا أنفسهم من الانتداب لمثل ذلك القول العظيم من قولهم لمن ينتدب لأمر ليس من أهله. لست هناك. مهزوم : صفة ـ نعت ـ لجند مرفوعة مثلها بالضمة المنونة.

(مِنَ الْأَحْزابِ) : جار ومجرور متعلق بصفة ثانية محذوفة من «جند» بمعنى المتحزبين.

(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ) (١٢)

(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ) : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. قبل : ظرف زمان على المعنى منصوب على الظرفية متعلق بكذبت وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(قَوْمُ نُوحٍ) : فاعل «كذبت» مرفوع بالضمة. نوح : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ) : الاسمان معطوفان بواوي العطف على «قوم» مرفوعان وعلامة رفع الأول الضمة المنونة وصرف «عاد» أي لم يمنع من الصرف لأنه بتأويل الأهل والقوم وليس القبيلة وعلامة رفع الثاني «فرعون» الضمة ومنع من الصرف لأنه اسم ممنوع من الصرف للعجمة والمعرفة وأصله قوم عاد وفرعون وبعد حذف المضاف «قوم» اختصارا اكتفاء بذكره أول مرة ارتفع المضاف إليه «عاد» و «فرعون» فاعلين للفعل «كذبت» وصرف «نوح» رغم عجمته لخفته ولأنه ثلاثي أوسطه ساكن.

(ذُو الْأَوْتادِ) : صفة ـ نعت ـ لفرعون مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف و «الأوتاد» مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ) (١٣)

(وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ) : هذا القول الكريم معطوف بواوات العطف على ما ورد في الآية الكريمة السابقة. الأيكة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة و «أصحاب الأيكة» هم قوم شعيب.

(أُولئِكَ الْأَحْزابُ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. والكاف حرف خطاب. الأحزاب : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم مرفوع بالضمة والجملة الاسمية «هم الأحزاب» في محل رفع خبر «أولئك» بمعنى إن الأحزاب الذين جعل الجند المهزوم منهم هم هم وإنهم هم الذين وجد منهم التكذيب و «ثمود» أي بنو ثمود.

(إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ) (١٤)

(إِنْ كُلٌّ إِلَّا) : مخففة مهملة بمعنى «ما». كل : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. إلا : أداة حصر لا عمل لها.

(كَذَّبَ الرُّسُلَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الرسل : مفعول به منصوب بالفتحة.

(فَحَقَّ عِقابِ) : الفاء سببية. حق : فعل ماض مبني على الفتح بمعنى : فثبت أو فوجب. عقاب : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء المحذوفة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة والياء المحذوفة خطا واختصارا ومراعاة لفواصل الآي ـ رأس آية ـ ضمير الواحد المطاع في محل جر بالإضافة وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة.

(وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً ما لَها مِنْ فَواقٍ) (١٥)

(وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. ينظر : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الهاء للتنبيه. أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع فاعل. والإشارة إلى جميع الأحزاب بمعنى وما ينتظر هؤلاء.

(إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) : أداة حصر لا عمل لها. صيحة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. واحدة : صفة ـ نعت ـ لصيحة منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة المنونة بمعنى إلا نفخة غاضبة واحدة.

(ما لَها مِنْ فَواقٍ) : الجملة في محل نصب صفة ثانية لصيحة أو في محل نصب حال من «صيحة» بعد أن وصفت و «ما» نافية لا عمل لها. لها : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. من : حرف جر زائد للتوكيد. فواق : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر بمعنى ما لهم نظرة وراحة وإفاقة و «فواق» هو ما بين الحلبتين.

(وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) (١٦)

(وَقالُوا رَبَّنا) : الواو استئنافية. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

رب : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر بالإضافة. أصله : يا ربنا. حذفت أداة النداء توقيرا لمكانته سبحانه.

(عَجِّلْ لَنا قِطَّنا) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل تضرع ودعاء بصيغة طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. اللام حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بعجل. قط : مفعول به منصوب بالفتحة و «نا» أعرب في «ربنا».

(قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بعجل. يوم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الحساب : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى عجل لنا نصيبنا من العذاب.

(اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (١٧)

(اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والمخاطب هو الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ على : حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق باصبر والجملة الفعلية «يقولون» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : على ما يقولونه أو تكون «ما» مصدرية فتكون «يقولون» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق باصبر التقدير : اصبر يا محمد على قولهم.

(وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «اصبر» وتعرب إعرابها. عبد : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «نا» ضمير

الواحد المطاع مبني على السكون في محل جر بالإضافة. داود : عطف بيان لعبدنا منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والمعرفة.

(ذَا الْأَيْدِ) : صفة ـ نعت ـ لداود منصوب مثله وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. الأيد : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(إِنَّهُ أَوَّابٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب اسم «إن». أواب : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى إنه تواب رجاع إلى الله تعالى أو هو تعليل لذي الأيد.

(إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) (١٨)

(إِنَّا سَخَّرْنَا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». سخر : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(الْجِبالَ مَعَهُ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. والجملة الفعلية (سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ) في محل رفع خبر «إن» معه : اسم منصوب على الظرفية المكانية متعلق بفعل «سخرنا» يدل على الاجتماع والمصاحبة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة ويجوز أن يكون حرف جر والهاء ضمير متصل في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلق أيضا بفعل «سخرنا».

(يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الجبال» بمعنى : مسبحات وهي فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بضمير الإناث والنون ضمير الإناث الغائبات يعود على لفظ الجبال لا على معناها وهي جمع «جبل» في محل رفع فاعل. بالعشي : جار ومجرور متعلق بيسبحن. والإشراق : معطوف بالواو على «العشي» ويعرب إعرابه.

(وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) (١٩)

(وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً) : معطوف بالواو على «الجبال» منصوب أيضا بمعنى : وسخرنا الطير وعلامة نصبه الفتحة. محشورة : حال من «الطير» منصوبة وعلامة نصبها الفتحة المنونة بمعنى : مجموعة.

(كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة لانقطاعه عن الإضافة لأن أصله : كل واحد من الجبال والطير. له : جار ومجرور متعلق بأواب بمعنى لأجل تسبيحه مسبح أي كل من داود والجبال والطير لله أواب ووضع «أواب» موضع «مسبح». أواب : خبر «كل» مرفوع بالضمة المنونة أي تواب رجاع إلى الله تعالى.

(وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ) (٢٠)

(وَشَدَدْنا مُلْكَهُ) : الواو عاطفة. شدد : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. ملكه : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة بمعنى وقوينا ملكه.

(وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «شددنا ملكه» وتعرب إعرابها والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به أول. الحكمة : مفعول به ثان منصوب بآتى وعلامة نصبه الفتحة.

(وَفَصْلَ الْخِطابِ) : معطوف بالواو على «الحكمة» وهو منصوب مثلها بالفتحة. الخطاب : مضاف إليه مجرور بالكسرة أي فصل الخصام.

(وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) (٢١)

(وَهَلْ أَتاكَ) : الواو استئنافية. هل : حرف استفهام لا عمل له ولا محل له وقيل : ظاهرها الاستفهام ومعناها الدلالة على أنه من الأنباء العجيبة التي يتشوق إلى استماعها. أتاك : فعل ماض مبني على الفتح

المقدر على الألف للتعذر والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم.

(نَبَأُ الْخَصْمِ) : فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف. الخصم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب بمعنى «حين» متعلق بالخصم لما فيه من معنى الخصومة. أو متعلق بمحذوف تقديره : نبأ تحاكم الخصوم ولا يتعلق بأتاك لأن إتيان النبأ رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ لا يقع إلا في عهده لا في عهد داود ولا يتعلق بالنبإ لأن النبأ الواقع في عهد داود لا يصح إتيانه رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ. تسوروا : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «إذ» وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. المحراب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى حين تصعدوا سور نزلوا إليه.

** (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والعشرين .. المعنى : هل أتاك نبأ الخصوم أو الخصماء حين تسلقوا سور غرفته .. أي المتخاصمين لأن «الخصم» يقع على المفرد والجمع لأنه في أصله مصدر .. نقول خصمه ـ يخصمه ـ خصما .. من باب «ضرب» وخاصمه فخصمه : بمعنى غلبه في الخصومة وهو شاذ وقياسه أن يكون من باب «نصر» لما يعرف في الأصل ويقال أيضا : اختصم القوم وتخاصموا : أي تنازعوا. و «الخصم» يستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع لأنه مصدر .. ومن العرب من يثنيه ويجمعه فيقول : خصمان وخصوم. ويؤكد هذا القول ورود اللفظة في الآية الكريمة التالية : (قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ ..) و «الخصم» كالضيف يقع على المفرد والجمع .. فإن قيل : هذا جمع في الآية الكريمة المذكورة (نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) وهو مثنى في الآية الكريمة التالية (قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ) فكيف استقام ذلك؟ الجواب هو أن كلمة «خصمان» معناها : فريقان خصمان والدليل عليه قراءة من قرأ : خصمان بغى بعضهم على بعض. ونحوه قوله تعالى في سورة «الحج» : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) وقال الزجاج : عنى المؤمنين والكافرين وكل واحد من الفريقين خصم .. و «الخصم» صفة وصف بها الفوج أو الفريق فكأنه قيل : هذان فريقان أو فوجان وقوله سبحانه (هذانِ) للفظ و «اختصموا» للمعنى كقوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا) ولو قيل : هؤلاء خصمان أو اختصما لجاز ذلك لأنه يراد : المؤمنون والكافرون : أي فريق مؤمن وفريق كافر. وعن زينب بنت أم سلمة «أن أمها ـ أم سلمة ـ أخبرتها عن رسول الله

ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنه سمع خصومة بباب حجرته فخرج إليهم فقال : إنما أنا بشر وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صدق فأقضي له بذلك. وكلمة «أبلغ» معناها : أفصح ببيان حجته. ويقال : بلغ بلاغة فهو بليغ ـ فعيل بمعنى فاعل ـ وقال الزجاج : أي كان يبلغ بعبارة لسانه كنه ما في قلبه. وقال غيره : البلاغة : إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ. وقال آخر : البليغ : هو أسهلهم لفظا وأحسنهم بديهة. وقال الإمام علي ـ رضي الله عنه ـ ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده. و «خصمان» في الآية الكريمة المذكورة آنفا هما في الحقيقة ملكان أي المشهور أنهما ملكان وقيل : الأقرب أنهما بشران عاديان.

** (فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية والعشرين .. المعنى : ولا تجر في الحكم .. من أشط : أي جار .. وشط ـ يشط ـ شطا مثله والمصدر أيضا .. شططا وشطوطا والفعل من بابي «ضرب» و «قتل» وكلاهما مشتق من «الشطط» وهو البعد عن الحقيقة. أما الفعل «هدى» في «اهدنا» فقد تعدى هنا إلى مفعوله بحرف الجر وفي آيات أخرى تعدى بنفسه إلى المفعول وفي بعض منها تعدى باللام. كان الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يقول عند قيامه من فراشه : رب اغفر لي وارحم واهد للسبيل الأقوم. من هذا يتبين أن حرف الجر «إلى» يسقط في آية ويذكر في أخرى وأن الفعل «هدى» يتعدى إلى مفعولين .. وأنه يتعدى إلى المفعول الثاني منهما : إلى .. واللام. قالت العرب : إنك لا تهدي المتضال ومعناه : من ركب الضلال على عمد لم تقدر على هدايته وصار هذا القول مثلا يضرب لمن أتى أمرا على عمد وهو يعلم أن الرشاد في غيره. قال الشاعر :

وما لي فيه سوى أنني

أراه هدى وافق المقصدا

وأرجو الثواب يكتب الصلاة

على السيد المصطفى أحمدا

وكان داود ـ عليه‌السلام ـ يسرد الدرع : أي ينسجها .. وقد لين الله له الحديد كالطين. وصادف أن يدخل عليه لقمان الحكيم فأراد أن يسأل داود ـ عليه‌السلام ـ عما يصنع فأدركته الحكمة .. فسكت وهو المشهور ـ أي لقمان ـ بعدم التدخل فيما لا يعنيه وهو الذي سأله رجل : ألست الذي ترعى معي في مكان كذا؟ قال لقمان : بلى. قال : ما بلغ ما أرى؟ قال لقمان : صدق الحديث والصمت عما لا يعنيني. وهذا الذي حدا به أن يمسك نفسه عن سؤال داود : ما ذا يصنع؟ فلما أتم داود نسج الدرع لبسها وقال : نعم لبوس الحرب أنت. فقال : الصمت حكمة وقليل فاعله. فقال له داود : بحق ما سميت حكيما. وعلى ذكر حكمة «لقمان» روي أن مولاه أمره بذبح شاة وبأن يخرج منها أطيب مضغتين فأخرج اللسان والقلب .. ثم أمره بمثل ذلك بعد أيام وأن يخرج أخبث مضغتين فأخرج اللسان والقلب .. فسأله عن ذلك فقال : هما أطيب ما فيها إذا طابا وأخبث ما فيها إذا خبثا.

** (وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة والعشرين وفيه «ما» زائدة للإبهام أي مبهمة والتعجب من قلتهم أما الفعل «ظن» فمعناه : علم .. أيقن .. وقد استعيرت لفظة «ظن» لمعنى «علم» لأن «الظن» الغالب يداني العلم أو تكون «ما» لتأكيد قلتهم لأن المعنى : وقليل هؤلاء. قال ابن مسعود : من علم علما فليقل به ومن لم يعلم فليقل : الله أعلم. فإن من علم الرجل أن يقول لشيء لا يعلمه : الله أعلم. ويقال في المدح والإعجاب والاستحسان : ما أعلمه وما أصوب رأيه! ويقابله في الدعاء على الشخص بصيغة المدح قولهم : هبلته أمه .. وثكلته أمه ومثله : قاتله الله ما أشجعه!

** (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والثلاثين .. أي اغفر لي ما صدر عني من الذنب. ومن عادة الأنبياء والصالحين أنهم يقدمون أمر دينهم على أمور دنياهم كما في الآية الكريمة .. قدم الاستغفار على استيهاب الملك.

(إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ) (٢٢)

(إِذْ دَخَلُوا) : بدل من «إذ» الأولى .. وتعربان إعراب «إذ تسوروا» الواردة في الآية الكريمة السابقة.

(عَلى داوُدَ) : جار ومجرور متعلق بدخلوا وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف.

(فَفَزِعَ مِنْهُمْ) : الفاء سببية. فزع : أي ذعر أو خاف فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. من : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بفزع.

(قالُوا لا تَخَفْ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية بعده «لا تخف» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لا : ناهية جازمة. تخف : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. وحذفت الألف ـ أصله : تخاف ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين.

(خَصْمانِ بَغى) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : نحن مرفوع بالألف لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. أو يكون فاعلا لفعل محذوف تقديره : يقول خصمان. بغى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف المقصورة للتعذر والجملة الفعلية (بَغى بَعْضُنا) في محل رفع صفة لخصمين.

(بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ) : فاعل مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. على بعض : جار ومجرور متعلق ببغى بمعنى ظلم وجار بعضنا على بعضنا فحذف ضمير

المتكلمين «نا» المضاف إليه لأن ما قبله يدل عليه فنون آخر المضاف «بعض» لانقطاعه عن الإضافة.

(فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِ) : الفاء استئنافية. احكم : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق باحكم. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. بالحق : جار ومجرور متعلق بصفة لمصدر محذوف تقديره : حكما ملتبسا بالحق.

(وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا) : الواو عاطفة. لا تشطط : تعرب إعراب «لا تخف» بمعنى ولا تظلم أو ولا تكن جائرا في حكمك. واهد : معطوفة بالواو على «احكم» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل حذف آخره ـ حرف العلة ـ الياء ـ وبقيت الكسرة دالة عليها. و «نا» ضمير المتكلمين في محل نصب مفعول به وارشدنا.

(إِلى سَواءِ الصِّراطِ) : جار ومجرور متعلق بفعل «اهدنا» الصراط : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى إلى العدل وقد تعدى الفعل «اهد» هنا إلى مفعوله بحرف الجر وليس بنفسه.

(إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) (٢٣)

(إِنَّ هذا أَخِي) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». أخي : خبرها مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها الحركة المأتي بها من أجل الياء والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة.

(لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) : الجملة الاسمية في محل نصب حال من «أخي». له : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم و «تسع» مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. وتسعون : معطوف بالواو على «تسع» مرفوع مثله

وعلامة رفعه الواو لأنه من ألفاظ العقود ملحق بجمع المذكر السالم. نعجة : تمييز منصوب بالفتحة المنونة.

(وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ) : الجملة الاسمية معطوفة بالواو على الجملة الاسمية وتعرب إعراب «له تسع». واحدة : توكيد لنعجة مرفوع بالضمة المنونة أيضا.

(فَقالَ أَكْفِلْنِيها) : الفاء استئنافية. قال : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية بعده «اكفلنيها» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. النون نون الوقاية. والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم و «ها» ضمير الغائبة في محل نصب مفعولا «اكفل» وجيء بضمير المفعولين متصلين جميعا بمعنى فقال لي ملكنيها : أي النعجة.

(وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) : الواو عاطفة على فعل محذوف. عزني : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. النون نون الوقاية لا محل لها. والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به. في الخطاب : جار ومجرور متعلق بفعل «عز» بمعنى فغلبني في المخاطبة لأن الخطاب : هو مصدر خاطبه.

(قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ) (٢٤)

(قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ اللام واقعة في جواب قسم محذوف. قد : حرف تحقيق. ظلمك : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به والجملة المقدرة : أقسم مفعول «قال» والجملة الفعلية بعد فعل القسم جواب قسم محذوف لا محل لها من الإعراب.

(بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ) : جار ومجرور متعلق بفعل «ظلم». نعجتك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه ثان.

(إِلى نِعاجِهِ) : جار ومجرور متعلق بمصدر محذوف تقديره وضمها إلى نعاجه والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة.

(وَإِنَّ كَثِيراً) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. كثيرا : اسم «إن» منصوب بالفتحة المنونة.

(مِنَ الْخُلَطاءِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «كثيرا» و «من» حرف جر بياني «من .. البيانية».

(لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ) : الجملة الفعلية جواب قسم محذوف سد مسد خبر «إن» اللام واقعة في جواب القسم المحذوف. التقدير : والله ليبغين فحذفت نون التوكيد. يبغي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. بعض : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(عَلى بَعْضٍ) : جار ومجرور متعلق بفعل «يبغي» أي على بعضهم وحذف المضاف إليه ضمير الغائبين اختصارا لأن ما قبله «بعضهم» يدل عليه ونون آخر المضاف «بعض» بعد انقطاعه عن الإضافة.

(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) : أداة استثناء. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مستثنى بإلا. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : معطوفة بالواو على «آمنوا» وتعرب إعرابها. الصالحات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. المعنى : صالح الأعمال أو الأعمال

الصالحات فحذف الموصوف مفعول «عملوا» وهو «الأعمال» وحلت صفته «الصالحات» محله.

(وَقَلِيلٌ ما هُمْ) : الواو استئنافية. قليل : خبر مقدم مرفوع بالضمة المنونة. ما : زائدة للابهام ـ مبهمة و «هم» مبتدأ مؤخر وهو ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع ويجوز أن تكون الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حالا.

(وَظَنَّ داوُدُ) : الواو استئنافية. ظن : فعل ماض مبني على الفتح. داود : فاعل مرفوع بالضمة. ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والعلمية والجملة المؤولة بعده سدت مسد مفعولي «ظن».

(أَنَّما فَتَنَّاهُ) : كافة ومكفوفة تفيد الحصر. فتن : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به.

(فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ) : الفاء سببية. استغفر : تعرب إعراب «قال». ربه : مفعول به منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة بمعنى : ظن أننا ابتليناه فاستغفر ربه بعد أن تنبه لذنبه.

(وَخَرَّ راكِعاً) : معطوفة على «استغفر» وتعرب إعرابها. راكعا : حال من ضمير «خر» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : وسقط ساجدا ويجوز أن يكون المعنى : وخر للسجود راكعا : أي مصليا.

(وَأَنابَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «استغفر» وتعرب إعرابها بمعنى ورجع بالتوبة والمغفرة إلى الله.

(فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) (٢٥)

(فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ) : الفاء سببية. غفر : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل. له : جار ومجرور متعلق بغفر. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

اللام للبعد والكاف حرف خطاب بمعنى فغفرنا له ذنبه أو ذلك الظن السيئ بالرجلين فحذف البدل المشار إليه لأن ما قبله دال عليه.

(وَإِنَّ لَهُ) : الواو استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. له : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر إن المقدم.

(عِنْدَنا لَزُلْفى) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف متعلق بحال مقدمة من «زلفى» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ زلفى : اسم «إن» المؤخر منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : لقربى. و «نا» في «عندنا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل جر بالإضافة.

(وَحُسْنَ مَآبٍ) : معطوف بالواو على «زلفى» ويعرب إعرابها وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره وهو مضاف. مآب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : وحسن مرجع.

(يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) (٢٦)

(يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ) : أداة نداء. داود : اسم علم منادى مفرد مبني على الضم في محل نصب. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». جعلناك : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول.

(خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) : مفعول به ثان منصوب بالفتحة المنونة. في الأرض : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «خليفة».

(فَاحْكُمْ بَيْنَ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. احكم : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق باحكم وهو مضاف.

(النَّاسِ بِالْحَقِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. بالحق : جار ومجرور متعلق باحكم بمعنى فاحكم بحكم الله تعالى أو يكون الجار والمجرور متعلقا بصفة لمصدر محذوف بتقدير : حكما متلبسا بالحق.

(وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى) : الواو عاطفة. لا : ناهية جازمة. تتبع : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه سكون آخره حرك بالكسر لالتقاء الساكنين. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. الهوى : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر أي هوى النفس.

(فَيُضِلَّكَ) : الفاء سببية بمعنى لكي لا يضلك وهي حرف عطف. يضلك : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «يضلك» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر معطوف على مصدر منتزع من الكلام السابق .. بمعنى : فيكون الهوى سببا لضلالك التقدير : عدم اتباع الهوى فعدم الاضلال.

(عَنْ سَبِيلِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بفعل «يضل». الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة أي عن طريق الحق.

(إِنَّ الَّذِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن».

(يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. عن سبيل الله : أعرب بمعنى : يزيغون عن الحق والجار والمجرور متعلق بفعل يضلون.

(لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن» اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور في محل

رفع متعلق بخبر مقدم. عذاب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. شديد : صفة لعذاب مرفوع بالضمة المنونة.

(بِما نَسُوا) : الباء حرف جر. ما : مصدرية. نسوا : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم الظاهر على الياء المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بفعل «نسوا» التقدير : بنسيانهم أي بسبب نسيانهم وهو ضلالهم عن سبيل الله.

(يَوْمَ الْحِسابِ) : مفعول فيه ـ ظرف زمان ـ منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بعذاب وهو مضاف أو يكون مفعول «نسوا» على معنى : بنسيانهم يوم الحساب. الحساب : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) (٢٧)

(وَما خَلَقْنَا) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. خلق : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل مبني على السكون وهو ضمير الواحد المطاع سبحانه.

(السَّماءَ وَالْأَرْضَ) : مفعول به منصوب بالفتحة. والأرض : معطوفة بالواو على «السماء» وتعرب إعرابها.

(وَما بَيْنَهُما باطِلاً) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب لأنه معطوف على (السَّماءَ وَالْأَرْضَ) بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد أو استقر أو كان وهو مضاف. الهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة و «ما» علامة التثنية. والجملة الفعلية «وجد بينهما» صلة الموصول لا محل لها. باطلا : صفة ـ لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف بتقدير : خلقا باطلا أو يكون حالا منصوبا بالفتحة المنونة بتقدير : ما خلقنا الكون مبطلين عابثين

أي ذوي باطل أو يكون بمعنى «عبثا» فوضع «باطلا» موضعه ويجوز أن يكون مفعولا له ـ لأجله ـ بتقدير : ما خلقناهم للعبث واللعب ولكن خلقناهم للحق المبين.

(ذلِكَ ظَنُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. وهو إشارة إلى خلقها باطلا. ظن : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة وهو مضاف.

(الَّذِينَ كَفَرُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. و «ظن» بمعنى : المظنون : أي خلقها للعبث لا للحكمة وهو مظنون الكافرين. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ) : الفاء سببية. ويل : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر «ويل» المحذوف.

(كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) : أعربت. من النار : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «ويل» والويل : اسم بمعنى الهلاك للكافرين من النار وهو أي «الويل» لا يشتق منه فعل لأنه اسم معنى كالهلاك أي أنه في الأصل : مصدر لا فعل له كالتحسر والهلاك. وقيل : هو واد في جهنم.

(أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (٢٨)

(أَمْ نَجْعَلُ) : حرف عطف وهي «أم» المتصلة للاضراب بمعنى «بل» ومعنى الاستفهام فيها للإنكار. نجعل : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن بمعنى أفنسوي بين المؤمنين والمفسدين.

(الَّذِينَ آمَنُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني

على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : معطوفة بالواو على «آمنوا» وتعرب إعرابها. الصالحات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم بمعنى وعملوا صالح الأعمال أو الأعمال الصالحات وحذف الموصوف «الأعمال» وحلت الصفة «الصالحات» محله وقيل : الصالحات : من الأسماء التي جرت مجرى الصفات.

(كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ) : الكاف اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل نصب مفعول به ثان. المفسدين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. في الأرض : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «المفسدين» على تأويل فعله.

(أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) : أعرب. المتقين : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. كالفجار : يعرب إعراب كالمفسدين وعلامة جر الاسم «الفجار» الكسرة.

(كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٢٩)

(كِتابٌ أَنْزَلْناهُ) : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هذا. مرفوع بالضمة المنونة. أنزلناه : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لكتاب وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به.

(إِلَيْكَ مُبارَكٌ) : جار ومجرور متعلق بفعل «أنزلنا» مبارك : صفة ثانية لكتاب مرفوع بالضمة المنونة. ويجوز أن يكون «كتاب» مبتدأ وجاز الابتداء بالنكرة لأنها موصوفة والجملة الفعلية «أنزلناه» في محل رفع خبره.

(لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ) : الأصل : ليتدبروا بمعنى ليتفكروا فأدغمت التاء في الدال فشدد الدال. اللام حرف جر وهي لام التعليل. يدبروا : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. آياته : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. والجملة الفعلية «يدبروا آياته» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بأنزل.

(وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) : الواو عاطفة. ليتذكر : معطوفة على «ليدبروا» وتعرب إعرابها وعلامة نصب الفعل الفتحة الظاهرة في آخره. أولو : فاعل مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وهو مضاف والكلمة تكتب بواو ولا تلفظ وهي جمع بمعنى : ذوو لا واحد له وقيل : الكلمة اسم جمع مفرده : صاحب. الألباب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة والمصدر المؤول من «ليتذكر» معطوف على مصدر «ليدبروا ..».

(وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (٣٠)

(وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ) : الواو عاطفة. وهب : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. لداود : جار ومجرور في مقام مفعول «وهب» الأول وقد تعدى إلى مفعوله باللام. سليمان : مفعول «وهب» الثاني وقد تعدى هنا إلى مفعوله بنفسه وعلامة جر الاسم «داود» الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة ولم ينون «سليمان» لأنه اسم علم منته بألف ونون زائدتين.

(نِعْمَ الْعَبْدُ) : الجملة الفعلية أو الاسمية على وجهي إعرابها في أسلوب المدح في محل نصب حال من «سليمان» نعم : فعل ماض مبني على الفتح لانشاء المدح. العبد : فاعل «نعم» مرفوع بالضمة والمخصوص بالمدح محذوف أي نعم العبد سليمان.

(إِنَّهُ أَوَّابٌ) : حرف نصب وتوكيد يفيد هنا التعليل وهو مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب اسم «إن». أواب : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة وعلل كونه ممدوحا بكونه رجاعا إلى الله بالتوبة.

(إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ) (٣١)

(إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ) : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بنعم العبد أو يكون للتعليل بدلا من جملة «إنه أواب» أو هو اسم مبني على السكون في محل نصب مفعول به بفعل محذوف تقديره اذكر والجملة الفعلية بعده «عرض ..» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد «إذ». عرض : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. عليه : جار ومجرور متعلق بعرض بمعنى عرض عليه الصافن من الخيل الذي يقوم على طرف سنبك يد أو رجل.

(بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ) : جار ومجرور متعلق بعرض والباء معناها الظرفية الزمانية. الصافنات : نائب فاعل مرفوعة بالضمة. الجياد : صفة ـ نعت ـ للصافنات مرفوعة مثلها بالضمة. و «العشي» جمع «عشية».

(فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) (٣٢)

(فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ) : الفاء عاطفة على فعل مضمر بمعنى : فعرضت عليه في أثناء صلاته ففرغ من صلاته فقال و «قال» فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة بعدها المؤولة من «إن» مع اسمها وخبرها : في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». أحببت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والجملة الفعلية «أحببت» في محل رفع خبر «إن».

(حُبَّ الْخَيْرِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الخير : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) : جار ومجرور متعلق بحال من ضمير «أحببت» التقدير : مؤثرا حب الخير عن ذكر ربي من العبادة أي الخيل أو منصرفا عن ذكر ربي. قال ذلك وهو يتألم. ربي : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر مضاف إليه ثان أو ناشئا عن أمر ربي بالعناية بها.

(حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) : حرف غاية وابتداء. توارت : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المقصورة المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصال الفعل بتاء التأنيث الساكنة والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود على الشمس مجازا في غروبها لمرور ذكر العشي. وقيل : الضمير للصافنات أي حتى احتجبت بحجاب الليل أي الظلام. بالحجاب : جار ومجرور متعلق بتوارت.

(رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) (٣٣)

(رُدُّوها عَلَيَ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به بفعل محذوف تقديره : قال. فأضمر الفعل وأضمر ما هو جواب له أي أضمر السؤال المقدر كأن قائلا قال : فما ذا قال سليمان؟ وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. علي : جار ومجرور متعلق بردوا لأنها سببت الهاءه عن صلاة العصر.

(فَطَفِقَ مَسْحاً) : الفاء عاطفة. طفق : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. مسحا : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف تقديره فجعل يمسح مسحا وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) : جار ومجرور متعلق بفعل المصدر «مسحا» أي بيمسح أي بقطعها وهو جمع «ساق» الواو عاطفة. الأعناق : معطوفة على «السوق» وتعرب إعرابها .. أي فعل ذلك استحسانا وإعجابا بها.

(وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ) (٣٤)

(وَلَقَدْ فَتَنَّا) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. فتن : فعل ماض مبني على السكون و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا) : مفعول به منصوب بالفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف. وألقينا : معطوفة بالواو على «فتنا» وتعرب مثلها.

(عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً) : جار ومجرور متعلق بفعل «ألقينا» والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة. جسدا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.

(ثُمَّ أَنابَ) : حرف عطف. أناب : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي فرجع إلى الله تعالى.

(قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (٣٥)

(قالَ رَبِ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. رب : منادى بأداة نداء محذوفة اكتفاء بالمنادى سبحانه على سبيل التوقير وأصله : يا رب. منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة. والياء المحذوفة خطا واختصارا ضمير المتكلم في محل جر بالإضافة.

(اغْفِرْ لِي) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل تضرع ودعاء مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. لي : جار ومجرور متعلق بفعل «اغفر» الذي تعدى إلى مفعوله باللام.

(وَهَبْ لِي مُلْكاً) : الجملة معطوفة بالواو على جملة «اغفر لي» وتعرب إعرابها وقد تعدى الفعل «هب» إلى مفعوله الأول باللام وإلى الثاني «ملكا» بنفسه وعلامة نصبه الفتحة المنونة أو يكون مفعول «اغفر» هو ما صدر مني.

(لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ) : الجملة الفعلية في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «ملكا» لا : نافية لا عمل لها. ينبغي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. لأحد : جار ومجرور متعلق بفاعل «ينبغي» المحذوف أي لا يكون ولا يتسهل مثله لأحد.

(مِنْ بَعْدِي) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «أحد» والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة.

(إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل نصب اسم «إن». أنت : ضمير منفصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ مبني على الفتح في محل نصب توكيد للضمير «الكاف» الوهاب : خبر «إن» مرفوع بالضمة.

(فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ) (٣٦)

(فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ) : الفاء سببية. سخر : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. له : جار ومجرور متعلق بفعل «سخرنا» أو بالمفعول. الريح : مفعول به منصوب بالفتحة.

(تَجْرِي بِأَمْرِهِ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الريح» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. بأمره : جار ومجرور متعلق بتجري أو بحال محذوفة من الضمير في «تجري» بتقدير : تجري مأمورة بأمره والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة.

(رُخاءً حَيْثُ أَصابَ) : حال ثانية منصوبة وعلامة نصبها الفتحة المنونة بمعنى : تجري لينة لا تزعزع وقيل طيعة. حيث : اسم مبني على الضم في محل نصب على الظرفية متعلق بتجري وهو مضاف. أصاب : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «أصاب» في محل جر بالإضافة بمعنى : حيث أراد من قوله : أصاب الصواب فأخطأ الجواب .. أي أراد الصواب فأخطأه.

(وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) (٣٧)

(وَالشَّياطِينَ كُلَ) : معطوف بالواو على «الريح» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة بمعنى وسخرنا لسليمان الشياطين. كل : بدل من «الشياطين» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.

(بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. وغواص : معطوف بالواو على «بناء» ويعرب مثله. بمعنى يبنون له ما يشاء من الأبنية ويغوصون في البحر لاستخراج الدر واللؤلؤ.

(وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) (٣٨)

(وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ) : معطوف بالواو على «كل» أي داخل في حكم البدل وهو بدل الكل من الكل وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من حركة المفرد. مقرنين : صفة ـ نعت ـ لآخرين منصوبة مثلها وتعرب إعرابها بمعنى مقيدين في الأصفاد بمعنى : وشياطين آخرين قيدهم وحبسهم منعا لشرهم.

(فِي الْأَصْفادِ) : جار ومجرور متعلق باسم المفعولين «مقرنين» بمعنى في القيود بمعنى : أقرن بعضهم إلى بعض وهو جمع صفد.

(هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٣٩)

(هذا عَطاؤُنا) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. عطاء : خبر «هذا» مرفوع بالضمة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. والجملة الاسمية «هذا عطاؤنا» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ المعنى : وقلنا له هذا عطاؤنا أي هذا العطاء الذي طلبته هو عطاؤنا.

(فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ) : الفاء استئنافية. امنن : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. أو : حرف عطف. أمسك : الجملة معطوفة على «امنن» وتعرب إعرابها بمعنى فأعط من شئت أو امنع كما تشاء.

(بِغَيْرِ حِسابٍ) : جار ومجرور متعلق بحال من ضمير «امنن وامسك» بمعنى غير محاسب. حساب : مضاف إليه مجرور بالكسرة المنونة.

(وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) (٤٠)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الخامسة والعشرين بمعنى وحسن مرجع أي الجنة.

** (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والثلاثين .. المعنى : ولقد امتحنا سليمان عند ما رزق مولودا شغفه حبا قتلته الشياطين ورمت به على كرسيه جثة هامدة .. وفي رواية أخرى : شيطانا بهيئة جسد فأدرك سليمان أن الله اختبره به فرجع إلى الله تعالى .. والمعروف عن سليمان أنه علم لغة الطير وغيره ولقب بالحكيم وعرف بتكليم النملة له .. حتى سميت نملة سليمان .. وعن قتادة : أن سليمان دخل الكوفة فالتف عليه الناس فقال : سلوا عما شئتم. وكان بين الحاضرين عالم جليل على الرغم من حداثة سنه وهو بصير باللغة متضلع منها .. فقال : سلوه عن نملة سليمان ـ أي النملة التي كلمته والتي نادت يا معشر النمل .. ويقال : سمع سليمان كلامها من ثلاثة أميال ـ قال سلوه عن هذه النملة أكانت ذكرا أم أنثى؟ فسألوه فأفحم ـ أي فسكت ولم يستطع جوابا ـ فقال ذلك الرجل : كانت أنثى. فقيل له : من أين عرفت؟ قال من كتاب الله وهو قوله : «قالت نملة» ولو كانت ذكرا لقال : قال نملة وذلك أن «النملة» مثل الحمامة والشاة في وقوعها على الذكر والأنثى. فيميز بينهما بعلامة نحو قولهم : حمامة ذكر وحمامة أنثى .. وهو حمامة وهي حمامة. وقيل : إن القول ليس كذلك ومن المشكوك فيه نسبته إلى ذلك الرجل الجليل وهو لا تخفى عليه هذه القاعدة اللغوية وهي أن النملة يمكن أن تؤنث لأجل لفظها وإن كانت واقعة على ذكر بل هذا هو الفصيح المستعمل فحينئذ قوله تعالى : «وقالت نملة» روعي فيه تأنيث الضمير وأما المعنى فيحتمل على حد سواء فهي كالحمامة والشاة تقع على الذكر وعلى الأنثى لأنه اسم جنس. فلفظها مؤنث ومعناه محتمل. ومثل «النملة» و «الشاة» و «الحمامة» لفظة «النعامة» من الطير يذكر ويؤنث و «النعام» اسم جنس مثل حمام وحمامة.

** (وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والأربعين .. المعنى : واذكر يا محمد عبدنا الصابر أيوب بن أموص بن أروم إذ ابتليناه بالمرض الذي احتمله سنين فدعانا بعد هذه السنين من حسن احتماله فدعانا متضرعا بأني أصابني الشيطان بضر ومشقة وألم بمعنى وسوس إلي بالشر والبلاء فمرضت نتيجة ذلك والقول الكريم هو حكاية لكلامه الذي نادى ربه بسببه ولو لم يحل لقال بأنه مسه لأنه غائب ولحكمة أيوب فقد نسب ما يؤلم إلى الشيطان تأدبا مع الله سبحانه .. أما الخير فينسبه إلى الله تعالى. ويحكى أن امرأة النبي أيوب ـ عليه‌السلام ـ الذي ضرب المثل بصبره على مرضه الذي امتحنه الرب فيه فاحتمل وصبر على مرضه وهلاك أولاده وذهاب ماله .. قالت له يوما : لو دعوت الله. فقال لها : كم كانت مدة الرخاء؟ فقالت ثمانين سنة فقال أنا أستحي من الله أن أدعوه وما بلغت مدة بلائي مدة رخائي. وكان «أيوب» روميا من ولد إسحاق بن إبراهيم ـ عليهم‌السلام ـ وقد استنبأه الله وبسط عليه الدنيا وكثر أهله وماله .. وكان له سبعة بنين وسبع بنات وله أصناف البهائم وخمسمائة فدان يتبعها خمسمائة عبد لكل عبد امرأة وولد ونخيل فابتلاه الله ـ أي امتحنه ـ بذهاب ولده .. انهدم عليهم البيت فهلكوا وبذهاب ماله .. وبالمرض في بدنه ثماني عشرة سنة .. وعن قتادة : ثلاث عشر سنة .. وعن مقاتل : سبعا وسبعة أشهر وسبع ساعات .. فلما كشف الله عنه أحيا ولده ورزقه مثلهم ونوافل ـ أي زيادات ـ منهم .. وكان ذلك رحمة من الله سبحانه لأيوب وتذكرة لغيره من العابدين ليصبروا كما صبر حتى يثابوا كما أثيب في الدنيا والآخرة.

** (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والأربعين .. المعنى : وخذ بيدك حزمة صغيرة من الحشيش فاضرب امرأتك فحذف مفعول «اضرب» اختصارا لأنه معلوم وهو «امرأتك» وقيل إن «أيوب» عليه‌السلام قد حلف ليضربن امرأته مائة سوط فقال له تعالى : خذ بيدك حزمة فيها مائة عود واضربها بها ضربة فلا تقع يمينك. بمعنى اعمل بذلك ولا تخلف يمينك ـ أي قسمك يقال : حنث في يمينه ـ يحنث ـ حنثا بمعنى اخلف ولم يف بموجبها فهو حانث ـ اسم فاعل ـ و «الحنث» بكسر الحاء وسكون النون ـ هو الخلف في اليمين .. وللفعل معان أخرى إذا زيد نحو تحنث بمعنى تعبد واعتزل الأصنام مثل «تحنف» وتحنث من كذا أيضا : أي تأثم به و «الحنث» أيضا : الإثم والذنب .. وحنّثته : بمعنى جعلته حانثا قال ابن فارس : والتحنث : التعبد ومنه كان النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يتحنث في غار حراء ـ بمعنى : يتعبد. وقيل : الحنث : هو الوقوع في الذنب بسبب عدم فعل المحلوف عليه. وكان أيوب كما ذكر في التفسير الوجيز : قد حلف في مرضه إن شفاه الله أن يضرب امرأته مائة جلدة لذنب ارتكبته وهو بطؤها في قضاء حاجته .. فقال تعالى : إنا وجدناه صابرا .. أي رجلا صابرا على البلاء فحذف الموصوف «رجلا».

** (وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والأربعين .. يروى أن النبي يعقوب ـ عليه‌السلام ـ وجه الكتاب التالي إلى عزيز مصر ـ أي ملك مصر ـ وهو لا يدري أن ولده ملك على مصر : من يعقوب بن إسحاق .. ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله إلى عزيز مصر ؛ أما بعد .. فإنا أهل بيت موكل بنا البلاء .. أما جدي فشدت يداه ورجلاه ورمي به في النار ليحرق فنجاه الله وجعلت النار عليه بردا وسلاما وأما أبي فوضع السكين على قفاه ليقتل ففداه الله .. وأما أنا فكان لي ابن أحب أولادي إلي فذهب به إخوته إلى البرية ثم أتوني بقميصه ملطخا بالدم وقالوا قد أكله الذئب فذهبت عيناي من بكائي عليه .. ثم كان لي ابن وكان أخاه من أمه وكنت أتسلى به فذهبوا به ثم رجعوا فقالوا : إنه سرق وإنك حبسته. لذلك وإنا أهل بيت لا نسرق ولا نلد سارقا فإن رددته علي وإلا دعوت عليك دعوة تبلغ السابع من ولدك والسلام. فلما قرأ «يوسف» الكتاب بكى وكتب الجواب : اصبر كما صبروا تظفر كما ظفروا. وقيل : لما قرأ «يوسف» لم يتمالك وعيل صبره ـ أي لم يتماسك وغلب ـ وروي أن «يعقوب» أقام مع يوسف أربعا وعشرين سنة ثم مات وأوصى أن يدفن بالشأم إلى جنب أبيه «إسحاق» فمضى بنفسه ودفنه ثم عاد إلى مصر وعاش بعد أبيه ثلاثا وعشرين سنة ـ أي عاش مائة وخمسا وعشرين وجعله أهل مصر في صندوق من مرمر ودفنوه في النيل وقد توارثت الفراعنة من العماليق بعده ملك مصر.

** (وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والأربعين .. المعنى واذكر يا محمد اسماعيل بن إبراهيم جد العرب .. واليسع بن أخطوب الذي استخلفه إلياس على بني إسرائيل .. وقد أثير جدل حول هذا الاسم «اليسع» من حيث لفظه وتعريفه وتنكيره وطريقة قراءته .. وذا الكفل : أي وصاحب الكفل وهو ابن عم اليسع من أنبياء بني إسرائيل .. وقيل : اختلف في نبوته.

** (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والخمسين .. المعنى : وعندهم في الجنة نساء لا ينظرن إلى غير أزواجهن لدات ـ جمع لدة ـ أي متساويات في السن والجمال .. و «الطرف» هو العين .. يقال : طرفت عينه تطرف طرفا : بمعنى : أصابها

شيء فدمعت فهي مطروفة ـ اسم مفعول ـ أي أصيب طرفها بشيء .. أما الطارف ـ اسم الفاعل ـ نحو : طرف الرجل عينه ـ طرفا ـ فمعناه : أصابها بشيء فدمعت .. ومن معاني «الطارف» : المال الحديث الكثير .. ومنه المثل العربي : جاء بطارفة عين : أي جاء بشيء تتحير له العين من كثرته. و «الطارفة» مؤنث «الطارف» أو بمعنى : جاء بمال كثير يبهر عين من نظر إليه. ويقال : طرف بصره ـ يطرفه ـ طرفا ـ من باب «ضرب» بمعنى : أطبق أحد جفنيه على الآخر واسم المرة منه هو «طرفة» ومنه القول : هذا الشيء أسرع من طرفة عين والمصدر واسم المرة «طرفة» بتسكين الراء .. أما بفتحها «طرفة» فهي مفرد شجر الطرفاء وبه سمي طرفة بن العبد.

** (هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والخمسين .. و «صالو» أصلها : صالون : أي داخلون فحذفت النون للإضافة ولو كانت النون مثبتة لانتصب ما بعدها وهو النار على المفعولية أي مفعولا به لاسم الفاعلين «صالون» وجاءت صفة «فوج» وهي «مقتحم» مفردة على لفظ «فوج» وكذلك اسم الإشارة .. وجيء بضمير الغائبين «هم» في «إنهم» و «صالو النار» بصيغة الجمع على معنى «فوج» وهو الجماعة أو الجمع المسرعون و «مرحبا» لفظة ترحيب ومثلها لفظة «مرحى» فلفظة «مرحى» تقال للرامي الذي يصيب هدفه تعجبا وافتخارا وزهوا نحو : مرح الرجل ـ يمرح ـ مرحا .. من باب «طرب» أي اشتد فرحه ونشاطه وتبختر فهو مرح ـ فعل بمعنى فاعل ـ وهم مرحى. وقيل الفعل «مرح» مثل «فرح» وزنا ومعنى .. وقيل : هو أشد من الفرح .. أما لفظة «مرحبا» فهي لفظة ترحيب .. نحو : مرحبا بك : أي لاقيت سعة ـ بفتح السين وكسرها ـ ورحبا و «الرحب» بضم الراء : هو السعة ومنه فلان رحب الصدر .. وقولهم : مرحبا وأهلا معناه أتيت سعة وأتيت أهلا فاستأنس ولا تستوحش ومثله أهلا بك وعلى الرحب والسعة وهو مثل الفعل «رحب» نحو : رحب به ـ يرحب ـ ترحيبا : أي قال له : مرحبا. أما لفظة «مرحبا» في الآية الكريمة فقد جاءت مسبوقة بنفي وهو «لا» الحرف الدال على الدعاء .. وهنا يدل على دعاء السوء منهم على أتباعهم فأصبح المعنى : لا أصابوا رحبا و «مرحبا» اسم منصوب على المصدر ـ المفعول المطلق ـ بمعنى : أتيت سعة والأصل : نزلت مكانا واسعا وفي الآية المعنى : لا أصابوا رحبا : أي سعة و «مرحبا» بيان للمدعو عليهم : أي لا نرحب بهم. حكى الزبير بن بكار أنه عامل الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب وكان الفضل أشد الناس اقتضاء وذكر أنه لزم بيت عقرب زمانا فلم يعطه شيئا فقال فيه هذه الأبيات :

قد تجرت في سوقنا عقرب

لا مرحبا بالعقرب التاجره

كل عدو يتقى مقبلا

وعقرب يخشى من الدابرة

إن عادت العقرب عدنا لها

وكانت النعل لها حاضره

يقال إن أول من قال «مرحبا» هو سيف بن ذي يزن .. قال ذلك لعبد المطلب جد النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ حين وفد عليه ليهنئه برجوع الملك إليه فقال : مرحبا وأهلا وناقة ورحلا ومناخا وسهلا ومليكا رجلا يعطي عطاء جزلا. يقال على غرار : «مرحبا» أهلا وسهلا .. وهاتان اللفظتان منصوبتان أيضا على المصدر وهما كلمتا ترحيب .. على تقدير : حللت أهلا ونزلت سهلا .. أي لاقيت أو صادفت أهلا لا غرباء .. ونزلت أو وطئت سهلا لا وعرا أي لا مكانا صلبا .. ومنه القول : مرحبك الله ومسهلك : أي أنزلك في رحب وسهل .. ويقال : لقي الرجل ترحابا ـ بفتح التاء أي دعي إلى الرحب ومثله : رحب به : أي أحسن وفده ودعاه إلى الرحب وقال له : مرحبا ومثله : مرحبه.

(وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) (٤١)

(وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ) : يعرب إعراب «واذكر عبدنا داود» الوارد في الآية الكريمة السابعة عشرة.

(إِذْ نادى رَبَّهُ) : اسم مبني على السكون في محل نصب بدل اشتمال من «أيوب» بمعنى حين دعا ربه متضرعا .. والجملة الفعلية «نادى ..» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد «إذ» وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ربه : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة.

(أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». مسني : فعل ماض مبني على الفتح. النون نون الوقاية والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به مقدم و «الشيطان» فاعل مرفوع بالضمة بمعنى : بأني مسني أي أصابني الشيطان.

(بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) : جار ومجرور متعلق بمس. وعذاب : معطوف بالواو على «بنصب» ويعرب مثله و «أن» مع ما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير : بأني .. المعنى والتقدير أصابني الشيطان بضر ومشقة وألم أي ومرض أي مرضت بوسوسة الشيطان إلي.

(ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ) (٤٢)

(ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. برجلك : جار ومجرور متعلق باركض والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «اركض» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى : وقلنا له اضرب برجلك الأرض والقول إجابة أيوب على طلبه بمعنى : اضرب برجلك الأرض ينبع لك منها ماء والجملة الفعلية المؤولة «ينبع لك منها ماء» جواب الطلب.

(هذا مُغْتَسَلٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى : وقلنا له هذا ماء بارد يغتسل به فاغتسل واشرب منه يذهب مرضك ففعل فبرأ من مرضه والمغتسل : اسم مفعول أي للغسل أو ما يغتسل به. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. مغتسل : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة.

(بارِدٌ وَشَرابٌ) : صفة ـ نعت ـ لمغتسل مرفوع مثله بالضمة المنونة. وشراب : معطوف بالواو على «مغتسل» وهو مرفوع مثله بالضمة المنونة بمعنى : وشراب تشرب منه.

(وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) (٤٣)

(وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ) : الواو عاطفة. وهب : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. له : جار ومجرور متعلق بوهب وهو في مقام مفعول «وهب» الأول الذي تعدى إليه باللام. أهله : مفعول «وهب» الثاني تعدى إليه بنفسه منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة.

(وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) : معطوف بالواو على مفعولي «وهب» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة بمعنى وأعطينا له ما كان له من أهل الدنيا وأعطيناه مثل أهله في الآخرة و «مع» ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بمثلهم وهو يدل على الاجتماع والمصاحبة والظرف متعلق بالمصدر «مثل» على تأويل فعله وهو مضاف و «هم» أعرب في «مثلهم».

(رَحْمَةً مِنَّا) : مفعول لأجله ـ له ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة و «من» حرف جر و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «رحمة» أي أن وهبتنا له كانت للرحمة له.

(وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) : معطوفة بالواو على «رحمة» وتعرب إعرابها ولم ينون آخرها لأنها اسم ممنوع من الصرف لأنه اسم مقصور رباعي مؤنث وقدرت الفتحة على الألف للتعذر بمعنى وتذكيرا. لأولي : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «ذكرى» وعلامة جر الاسم الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وهو مضاف. الألباب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى لأصحاب العقول.

(وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (٤٤)

(وَخُذْ بِيَدِكَ) : معطوف بالواو على (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) في الآية الكريمة الثانية والأربعين ويعرب إعرابه.

(ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. فاضرب به : تعرب إعراب «خذ بيد».

(وَلا تَحْنَثْ) : الواو عاطفة بمعنى : اعمل بذلك القسم ولا تخلف يمينك. لا : ناهية جازمة. تحنث : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم إن والجملة الفعلية «وجدناه» في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به أول. صابرا : مفعول به ثان منصوب بوجد وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى علمناه صابرا.

(نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) : أعرب في الآية الكريمة الثلاثين والمخصوص بالمدح مستغنى عنه لأن ما قبله يدل عليه. أي نعم العبد أيوب إنه رجاع إلى الله بالتوبة والطاعة.

(وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ) (٤٥)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ) في الآية الكريمة السابعة عشرة وعلامة نصب «أولي» الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة و «إسحاق ويعقوب» معطوفان بواوي العطف على «إبراهيم» ويعربان إعرابه. الأبصار : معطوف بالواو على «الأيدي» ويعرب مثله بمعنى : أصحاب الأعمال والفكر أو أصحاب القوة في الطاعة والبصائر في الدين أي جمع «بصيرة» وهي معرفة أسرار الدين وغيره.

(إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) (٤٦)

(إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية «أخلصناهم» في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به.

(بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) : جار ومجرور متعلق بفعل «أخلصنا» بمعنى : بخصلة خالصة لا شوب فيها. ذكرى : بدل من «خالصة» مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. الدار : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. أي فسر «خالصة» بذكرى الدار شهادة لذكرى الدار بالخلوص والصفاء .. أي أخلصناهم بسبب هذه الخصلة وجعلناهم من أهل الدار الآخرة.

(وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) (٤٧)

(وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب اسم «إن». عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بخبر «إن» وهو مضاف و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة والظرف «عند» متعلق باسم المفعولين «المصطفين» وعلامة نصبه الفتحة.

(لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ من المصطفين : جار ومجرور في محل رفع خبر «إن» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. الأخيار : صفة ـ نعت ـ للمصطفين مجرور مثله وعلامة جره الكسرة بمعنى : لمن المختارين من أبناء جنسهم الخيرين.

(وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ) (٤٨)

(وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ) : الواو عاطفة. اذكر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. اسماعيل : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو ممنوع من الصرف للعجمة.

(وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ) : معطوف بالواو على «اسماعيل» ويعرب مثله. الواو عاطفة. ذا : اسم معطوف على اسماعيل منصوب مثله وعلامة نصبه الألف لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. الكفل : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ) : الواو استئنافية. كل : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة لانقطاعه عن الإضافة لأن أصله وكلهم فعوض التنوين عن حذف المضاف إليه «هم». من الأخيار : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «كل».

(هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ) (٤٩)

(هذا ذِكْرٌ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ذكر : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة. بمعنى : هذا نوع من الذكر وهو القرآن الكريم. أو ما تقدم هو ذكر لهؤلاء الأخيار أي شرف لهم.

(وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ) : الواو استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. للمتقين : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» المقدم وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(لَحُسْنَ مَآبٍ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ حسن : اسم «إن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. مآب : مضاف إليه مجرور

بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى وإن للمتقين مع هذا القرآن في الدنيا حسن مرجع.

(جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) (٥٠)

(جَنَّاتِ عَدْنٍ) : عطف بيان لحسن مآب منصوب مثله وعلامة نصبه الكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم وحذف التنوين من آخره للإضافة وثبتت في «عدن» أي جنات إقامة وخلود.

(مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) : حال من «الجنات» منصوبة بالفتحة المنونة. والعامل فيها ما في «المتقين» من معنى الفعل. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بحال مقدمة من الأبواب أو بما في «مفتحة» من معنى الفعل وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الأبواب : بدل من الضمير تقديره : مفتحة هي الأبواب وهو بدل اشتمال أو بدل بعض من كل مرفوع بالضمة أو نائب فاعل لاسم المفعول «مفتحة» وقيل : نائب الفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هي بمعنى تفتح الملائكة لهم أبواب الجنة ليدخلوها.

(مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ) (٥١)

(مُتَّكِئِينَ فِيها) : حال من «المتقين» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. فيها : جار ومجرور متعلق بمتكئين بمعنى يجلسون في الجنات مرتاحين.

(يَدْعُونَ فِيها) : الجملة الفعلية في محل نصب حال ثانية وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. فيها : جار ومجرور متعلق بيدعون بمعنى : متكئين فيها داعين فيها.

(بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ) : جار ومجرور متعلق بيدعون. كثيرة : صفة ـ نعت ـ لفاكهة مجرور مثلها وعلامة جر الصفة والموصوف الكسرة المنونة. وشراب : معطوف بالواو على «فاكهة» ويعرب إعرابها.

(وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ) (٥٢)

(وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ) : الواو عاطفة. أو تكون حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال أخرى من «المتقين» عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بخبر مقدم وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة. قاصرات : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة وهو في الاصل صفة لموصوف لمحذوف اختصارا لأنه معلوم بمعنى : وعندهم حور قاصرات فحلت الصفة محل الموصوف .. وهو مضاف.

(الطَّرْفِ أَتْرابٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. أتراب : صفة ثانية للموصوف «حور» مرفوع مثلها وعلامة رفعه الضمة المنونة بمعنى : هن أتراب لأزواجهن أي بسنهم وعلى هذا التفسير تكون كلمة «أتراب» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هن. وتكون الجملة الاسمية «هن أتراب» في محل رفع صفة ثانية للموصوف المحذوف «حور».

(هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ) (٥٣)

(هذا ما تُوعَدُونَ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو ما. والجملة الاسمية «هو ما توعدون» في محل رفع خبر «هذا» توعدون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.

(لِيَوْمِ الْحِسابِ) : جار ومجرور متعلق بتوعدون. والجملة الفعلية (تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ) صلة الموصول «ما» لا محل لها. الحساب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : لأجل يوم الحساب فحذف المضاف «أجل» وأقيم المضاف إليه «يوم» مقامه. أو يكون المشار إليه محذوفا اختصارا لأن ما قبله دال عليه ومحله الصفة أو البدل من اسم الإشارة «هذا» التقدير : يقال لهم هذا الجزاء هو الذي توعدون. وعلى هذا المعنى تكون الجملة الاسمية «هذا الجزاء هو الذي ..» في محل رفع نائب فاعل ليقال.

(إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ) (٥٤)

(إِنَّ هذا لَرِزْقُنا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ رزق : خبر «إن» مرفوع بالضمة و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : إن هذا الذي يوعد به المتقون لعطاؤنا فحذف المشار إليه «الذي» الصفة أو البدل من اسم الإشارة ..

(ما لَهُ مِنْ نَفادٍ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال من «الرزق» ما : نافية لا عمل لها. له : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. من : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. نفاد : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر بمعنى : إن رزقنا هذا لا ينفد بمعنى : لا يفنى.

(هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) (٥٥)

(هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره الأمر هذا أو مبتدأ خبره محذوف بتقدير : هذا كما ذكر. أو هذا جزاء المتقين. الواو استئنافية. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. للطاغين : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» المقدم وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته واللفظة اسم فاعلين.

(لَشَرَّ مَآبٍ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ شر : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. مآب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : شر مآل أو مصير.

(جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ) (٥٦)

(جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها) : بدل من «شر مآب» منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم تنون اللفظة لأنها ممنوعة من الصرف للمعرفة والتأنيث. يصلون : الجملة الفعلية في محل نصب حال من «الطاغين» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت

النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(فَبِئْسَ الْمِهادُ) : الفاء استئنافية. بئس : فعل ماض جامد مبني على الفتح لانشاء الذم. المهاد : فاعل مرفوع بالضمة والمخصوص بالذم محذوف لأن ما قبله دال عليه. التقدير : فبئس المهاد مهادهم أي فراشهم.

(هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) (٥٧)

(هذا فَلْيَذُوقُوهُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وخبره : حميم أي هذا حميم بمعنى الماء الحار .. أو يكون في محل رفع خبرا لمبتدإ محذوف تقديره : العذاب هذا فليذوقوه أو يكون «هذا» في محل نصب مفعولا به بفعل محذوف يفسره ما بعده أي ليذوقوا هذا فليذوقوه وهو بمنزلة أو كقوله تعالى : (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. اللام لام الأمر. يذوقوه : فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه حذف النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.

(حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة أو خبر مبتدأ محذوف تقديره : هذا حميم. وغساق : معطوف بالواو على «حميم» مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة المنونة بمعنى وصديد سائل من أجساد المعذبين.

(وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ) (٥٨)

(وَآخَرُ) : معطوف بالواو على (حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعل ـ أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : وعذاب آخر أو ومذاق آخر من مثله في الشدة.

(مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «آخر» والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة أي من شكل هذا العذاب أو المذوق من مثله في الشدة والفظاعة. أزواج : صفة ـ نعت ـ لآخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى أنواع شتى كثيرة.

(هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) (٥٩)

(هذا فَوْجٌ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. فوج : خبر «هذا» مرفوع بالضمة المنونة. والجملة الاسمية في محل رفع نائب فاعل لفعل محذوف تقديره : يقال لزعماء المشركين الداخلين النار هؤلاء جماعة مسرعون ..

(مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ) : صفة ـ نعت ـ لفوج مرفوع مثله بالضمة المنونة. مع : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بمقتحم أو بفعله لأنه اسم فاعل بمعنى قد اقتحم معكم والظرف مضاف وهو يدل على الاجتماع والمصاحبة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور أي جمع كثيف اقتحم النار في صحبتكم.

(لا مَرْحَباً بِهِمْ) : الجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي قال القادة لا ترحيب بهم ولا تكريم. لا : حرف دال على الدعاء وهو حرف نفي وهنا يدل على دعاء السوء منهم على أتباعهم. مرحبا : منصوب على المصدر بمعنى : أتيت سعة. والأصل : نزلت مكانا واسعا وقال له مرحبا أي رحب به ترحيبا أما هنا فجاء مسبوقا بنفي فأصبح بمعنى : لا أصابوا رحبا أي سعة. لهم : جار ومجرور متعلق بمرحبا وهو بيان للمدعو عليهم أي لا نرحب بهم. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالباء.

(إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب اسم «إن» و «صالو» خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم وحذفت النون ـ أصله : صالون ـ للإضافة. النار : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى انهم داخلون النار بسبب أعمالهم مثلنا واضيف اسم الفاعل لمفعوله.

(قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ) (٦٠)

(قالُوا بَلْ أَنْتُمْ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الاسمية بعده «بل

أنتم ..» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بل : حرف إضراب للاستئناف. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية المشتقة بعده (لا مَرْحَباً بِكُمْ) في محل رفع خبر «أنتم» بمعنى : لا ترحيب بكم ولا كرامة لكم أي لا نرحب بكم.

(لا مَرْحَباً بِكُمْ) : يعرب إعراب (لا مَرْحَباً بِهِمْ) في الآية الكريمة السابقة والقول هو رد الفريق الاتباع على القادة.

(أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا) : أعرب. قدمتموه : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور والواو لاشباع الميم والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. اللام حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بفعل «قدمتم» والجملة الفعلية (قَدَّمْتُمُوهُ لَنا) أي قدمتم لنا العذاب أو دخول النار في محل رفع خبر «أنتم».

(فَبِئْسَ الْقَرارُ) : الفاء استئنافية. بئس : فعل ماض جامد مبني على الفتح لانشاء الذم. القرار : فاعل «بئس» مرفوع بالضمة والمخصوص بالذم محذوف لوجود ما يدل عليه قبله المعنى : فبئس المقر جهنم.

(قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) (٦١)

(قالُوا رَبَّنا) : أعرب في الآية السابقة. رب : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة وحذفت أداة النداء توقيرا. الأصل : يا ربنا. و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(مَنْ قَدَّمَ لَنا) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». قدم : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بمن. اللام حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقدم. والجملة الفعلية (قَدَّمَ لَنا هذا) صلة الموصول «من» لا محل لها.

(هذا فَزِدْهُ عَذاباً) : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب مفعول به أي هذا العذاب بسبب إغوائنا .. فحذف البدل أو الصفة المشار إليه «العذاب» لأن ما قبله دال عليه. الفاء رابطة لجواب الشرط. زده : فعل تضرع ودعاء مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به وحذفت الياء ـ أصله : زيده ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة الفعلية «فزده عذابا» جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. عذابا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى من أوردنا هذا العذاب فزده عذابا ضعفا في النار.

(ضِعْفاً فِي النَّارِ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «عذابا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة. في النار : جار ومجرور متعلق بفعل «زده» أو بصفة محذوفة من «ضعفا» ومعناه : ذا ضعف والمراد عذابه فيكون عذابين.

(وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ) (٦٢)

(وَقالُوا) : الواو عاطفة. قالوا : أعرب. والجملة الاسمية بعده «ما لنا ..» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(ما لَنا لا نَرى) : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «ما» بمعنى : كيف لنا و «ما» يفيد الانكار والتعجيب. لا : نافية لا عمل لها. نرى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن.

(رِجالاً كُنَّا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. والجملة الفعلية (لا نَرى رِجالاً) في محل نصب حال من ضمير المتكلمين. كنا : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل رفع اسم «كان» والجملة الفعلية «كنا نراهم» في محل نصب صفة للموصوف «رجالا».

(نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. من الأشرار : جار ومجرور متعلق بمفعول «نعد» الثاني .. التقدير : معدودين من الأشرار.

(أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) (٦٣)

(أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا) : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. سخريا : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : هل اتخذناهم هزؤا وقرئت اتخذناهم بلفظ الإخبار على أنها في محل نصب صفة ثانية للموصوف «رجالا» أي بقراءة همزته للوصل أو تكون الجملة الاستفهامية على الأصل مثل : ما لنا .. أي مسبوقة بهمزة استفهام محذوفة ويكون معناها مع همزة الاستفهام إنكارا على أنفسهم وتأنيبا لها في الاستسخار منهم بمعنى هل كنا نهزأ منهم في الدنيا؟

(أَمْ زاغَتْ) : حرف عطف وهي «أم» المنقطعة بمعنى «بل» على قراءة «اتخذناهم» بالوصل ومن دون همزة استفهام أو تكون «أم» المتصلة بقراءة «اتخذناهم» بهمزة استفهام ساقطة أو محذوفة وهو الأوجه أن تكون «أم» المنقطعة التي معناها : بل المسبوقة بهمزة استفهام مقدرة أي أبل؟ زاغت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. بمعنى : أم مالت عنهم أبصارنا؟

(عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ والجار والمجرور متعلق بزاغت. الأبصار : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى هل هزؤنا بهم خطأ أم هم معنا في النار؟

(إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) (٦٤)

(إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» اللام للبعد والكاف حرف خطاب. اللام لام التوكيد المزحلقة. حق : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. بمعنى : إن ذلك الذي حكيناه عنها لا بد أن يتكلموا به أو إن ذلك المذكور من تخاصم أهل النار فيها لحق ثابت لا تصوير خيال.

(تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) : بدل من «حق» مرفوع مثله بالضمة أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو تخاصم أهل النار أي بين سبحانه أن الذي حكيناه عنهم لا بد أن يكون حديثهم هو تخاصم أهل النار ويجوز أن يكون «تخاصم» خبرا ثانيا لإن ـ أي خبرا بعد خبر ـ على التتابع. أهل : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. النار : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (٦٥)

(قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت الواو ـ أصله ـ قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين والمخاطب هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ والجملة الاسمية بعده «أنا منذر» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إنما : كافة ومكفوفة. أنا : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. منذر : خبر «أنا» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى ما أنا إلا مخوف لكم أي قل لهم ذلك القول أو بمعنى ما أنا إلا رسول منذر أنذركم عذاب الله للمشركين فحذف خبر «أنا» الموصوف «رسول» وأقيمت الصفة «منذر» مقامه.

(وَما مِنْ إِلهٍ) : الواو استئنافية ويجوز أن تكون عاطفة على محذوف على التفسير أي وأقول لكم إن الدين الحق توحيد الله تعالى وليس من إله إلا الله. ما : نافية لا عمل لها. من : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. إله : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ.

(إِلَّا اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) : أداة حصر لا عمل لها. الله لفظ الجلالة : خبر مرفوع للتعظيم بالضمة. الواحد القهار : صفتان ـ نعتان للفظ الجلالة مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة بمعنى الواحد لا ند ولا شريك له القاهر لكل شيء.

(رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) (٦٦)

(رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : صفة أو بدل للفظ الجلالة مرفوع بالضمة. السموات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب إعرابها بمعنى له الملك والربوبية في العالم كله.

(وَما بَيْنَهُمَا) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر لأنه معطوف على (السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بين : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد .. استقر .. الهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة و «ما» علامة التثنية لا محل لها والجملة الفعلية «وجد بينهما» صلة الموصول لا محل لها.

(الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) : صفتان للرب مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة بمعنى العزيز الذي لا يغلب إذا عاقب الغفار لذنوب من يلجأ إليه.

** (قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والستين .. القهار من صيغ المبالغة ـ فعال بمعنى فاعل ـ يقال قهره ـ يقهره ـ قهرا .. بمعنى : غلبه .. والفعل من باب «قطع» فهو قاهر ـ اسم فاعل .. أما «القهقرى» فهي الرجوع إلى خلف نحو : رجع القهقرى : أي رجع الرجوع المعروف بهذا الاسم لأن القهقرى ضرب ـ أي نوع ـ من الرجوع .. وقال الكسائي : كهره .. وقهره .. بمعنى واحد. و «الكهر» هو الانتهار وقرأ عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قوله تعالى في سورة «الضحى» : «فأما اليتيم فلا تكهر» ويقال : أقهرته : أي وجدته مقهورا وأقهر الرجل : بمعنى صار إلى حال يقهر فيها .. ويقال أيضا : كهر الرجل صاحبه ـ يكهره ـ كهرا : بمعنى : استقبله بوجه عابس تهاونا به فهو كهرور : أي متعبس ومنه الحديث : «فبأبي وأمي هو ما كهرني» ومنه القول : فلان ذو كهرورة : أي عابس الوجه. ومعنى : فلا تكهر على قراءة ابن مسعود هو فلا تعتبس في وجهه .. ومعنى : «لا تقهر» هو فلا تغلبه على ماله وحقه لضعفه. أما الفعل «عبس» فهو من باب «جلس» نحو : عبس الرجل ـ يعبس ـ عبوسا ـ مثل جلس يجلس جلوسا .. بمعنى : كلح كلوحا : أي تكشر تكشيرا في عبوس .. ويقال أيضا بتشديد الباء : عبس وجهه ـ شدد للمبالغة ـ والتعبس هو التجهم .. ويوم عبوس : أي شديد.

** (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والسبعين .. وفي الآية الكريمة التالية : (قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أي فأمهلني إلى يوم يبعثون .. بمعنى إلى وقت بعث الخلق من قبورهم يوم الحساب أي إلى يوم الدين .. والجملتان أو القولان بمعنى واحد .. ولكن خولف بين العبارات سلوكا بالكلام طريقة البلاغة.

** (قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) : هذا هو نص الآية الكريمة الثانية والثمانين .. المعنى : فبعزة سلطانك وقهرك وفي ورود القسم بهذه الصورة ومثله «فو ربك» أي في إقسام الله تعالى باسمه ـ تقدست أسماؤه ـ كما في «فو ربك» مضافا إلى رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ في كاف المخاطب تفخيم لشأن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ والآية الأولى «فبعزتك» ورد على لسان «إبليس» ومعناه : فبحق سلطانك وقهرك.

** (قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والثمانين .. والمراد بالحق : اسمه عزوجل كما في قوله سبحانه : (أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) أو يكون «الحق» الذي هو نقيض الباطل عظمه الله تعالى بإقسامه به. وقال الزمخشري : وقرئ الحق الأول منصوبا مثل الثاني على أن الأول مقسم به كالله في «إن عليك الله أن تبايعا» وجوابه لأملأن جهنم و «الحق الأول» : جملة اعتراضية بين المقسم به والمقسم عليه ومعناه لا أقول إلا الحق وقرئا مرفوعين : الأول مبتدأ وخبره محذوف والحق أقوله مثل «كله لم أصنع» وقرئا مجرورين على أن الأول مقسم به وقرئ برفع الأول وجره مع نصب الثاني كما في الآية وهو الأصل والأصوب.

(قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ) (٦٧)

(قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ) : أعرب في الآية الكريمة الخامسة والستين. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. نبأ : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة. عظيم : صفة ـ نعت ـ لنبأ مرفوع مثله بالضمة المنونة والجملة الاسمية (هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى : قل لهم يا محمد القرآن خبر عظيم الشأن أو ذلك الذي أخبرتكم به وهو كوني رسولا نذيرا إليكم وأنه سبحانه واحد قهار خبر عظيم.

(أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) (٦٨)

(أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) : الجملة الاسمية في محل رفع صفة أخرى لنبأ وفي القول الكريم توبيخ لهم. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. عنه : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «معرضون» بمعنى أنتم عنه غافلون. معرضون : خبر «أنتم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ) (٦٩)

(ما كانَ لِي) : نافية لا عمل لها. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. لي : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان» المقدم.

(مِنْ عِلْمٍ) : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. علم : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه اسم «كان» المؤخر بمعنى ما كان لي بهم علم.

(بِالْمَلَإِ الْأَعْلى) : جار ومجرور متعلق بعلم ـ بتأويل فعله ـ أو متعلق بصفة محذوفة من «علم» الأعلى : صفة ـ نعت ـ للملإ مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى بكلام الملأ فحذف المضاف «كلام» وحل المضاف إليه «الملأ» محله. والملأ الأعلى : هم عالم الملائكة وأرواح الأنبياء والصديقين .. وأصل «الملأ» : الأشراف يملئون العين مهابة بمعنى ما كان لي علم بكلامهم حين يتجادلون.

(إِذْ يَخْتَصِمُونَ) : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب بمعنى «حين» وهو مضاف. يختصمون : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والظرف «إذ» متعلق بكلام. بمعنى حين اختصموا في شأن آدم الذي أخبرهم الله بخلافته في الأرض.

(إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٧٠)

(إِنْ يُوحى إِلَيَ) : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. يوحى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر. إلي : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل للفعل «يوحى» أو يكون متعلقا بيوحى ونائب الفاعل محذوف تقديره : ما يوحى إلي إلا هذا وهو أن أنذر وأبلغ أي ما أؤمر إلا بهذا الأمر وحده وليس لي غير ذلك او يكون نائب الفاعل المصدر المؤول من «أنما أنا نذير ..».

(إِلَّا أَنَّما) : أداة حصر لا عمل لها. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل واسمها محذوف .. التقدير : أنني ما أنا إلا نذير مبين وخبره

الجملة الاسمية وتكون «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع نائب فاعل أو يكون بتقدير : لأنما ومعناه : ما يوحى إلي إلا للإنذار فحذف اللام وانتصب بافضاء يوحى إليه.

(أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. نذير : خبر أنا مرفوع بالضمة المنونة. مبين : صفة لنذير يعرب مثله.

(إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) (٧١)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الثامنة والعشرين من سورة «الحجر» و «بشرا» أي آدم وذريته.

(فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) (٧٢)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة التاسعة والعشرين من سورة «الحجر» بمعنى : فإذا عدلت خلقته وسويت أجزاءه فاسجدوا له سجود تحية وتكريم لا سجود عبادة.

(فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) (٧٣)

أعربت هذه الآية الكريمة في سورة «الحجر» في الآية الكريمة الثلاثين بمعنى : سجدوا له مجتمعين سجود تحية وتكريم.

(إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) (٧٤)

(إِلَّا إِبْلِيسَ) : أداة استثناء. إبليس : مستثنى بإلا منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والعلمية والتعريف.

(اسْتَكْبَرَ وَكانَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «استكبر» في محل نصب حال من «ابليس» الواو سببية. كان : فعل ماض مبني على الفتح وهو فعل ناقص واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أو تكون الواو عاطفة والجملة الفعلية (كانَ مِنَ الْكافِرِينَ) محلها النصب على الحال لأنها معطوفة على الجملة الحالية «استكبر».

(مِنَ الْكافِرِينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» التقدير : وكان معدودا أو كافرا من الكافرين وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) (٧٥)

(قالَ يا إِبْلِيسُ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي قال الله تعالى. يا : أداة نداء. إبليس : منادى مبني على الضم في محل نصب والجملة الاسمية بعده «ما منعك» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(ما مَنَعَكَ) : اسم استفهام يفيد التوبيخ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. منعك : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «ما» وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ في محل نصب مفعول به.

(أَنْ تَسْجُدَ) : حرف مصدري ناصب. تسجد : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به. التقدير ما منعك السجود بمعنى : ما منعك أن تحقق السجود وتلزمه نفسك؟ أو يكون المصدر في محل جر بحرف محذوف أي من السجود والجار والمجرور متعلق بمنعك.

(لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) : اللام حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام. خلقت : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : لما خلقته. بيدي : جار ومجرور متعلق بخلق والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ) : الهمزة همزة توبيخ بلفظ استفهام وتفيد التقرير. وقرئ «استكبرت» بحذف حرف الاستفهام لأن «أم» تدل عليه أو يكون بمعنى الإخبار. استكبرت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل. أم : حرف عطف وهي «أم» المتصلة على قراءة «استكبرت» بهمزة الاستفهام أو تكون منقطعة على قراءة «استكبرت» بمعنى الإخبار. كنت : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ في محل رفع اسم «كان».

(مِنَ الْعالِينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته .. بمعنى أم كنت من المستحقين التفوق؟ أي هل تكبرت أم كنت ممن علا واستحق التفوق.

(قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (٧٦)

(قالَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي ابليس والجملة الاسمية بعده «أنا خير» في محل نصب مفعول به لقال.

(أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. خير : خبر «أنا» مرفوع بالضمة المنونة وأصله : أخير .. بوزن أفعل ممنوع من الصرف لأنه صيغة أفعل التفضيل وبوزن الفعل وبعد حذف الألف طلبا للفصاحة نون آخره. منه : جار ومجرور متعلق بخير بمعنى أفضل منه.

(خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ) : الجملة الفعلية بيان من الجملة الاسمية (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) أي للبيان والايضاح وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل. النون نون الوقاية والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به. من نار : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير المتكلم. التقدير : خلقتني حالة كوني من نار و «من» حرف جر بياني ـ من .. البيانية ـ.

(وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) : معطوفة بالواو على (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ) وتعرب إعرابها والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به.

(قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) (٧٧)

(قالَ فَاخْرُجْ مِنْها) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي قال الله تعالى مخاطبا ابليس والجملة الفعلية بعده (فَاخْرُجْ مِنْها) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. اخرج : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. منها : جار ومجرور متعلق باخرج بمعنى فاخرج من الجنة أو فاخرج من السماء .. والهاء عائد إلى السماء وان لم يجر لها ذكر لأنها معلومة.

(فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) : الفاء استئنافية تفيد التعليل. إنك : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ في محل نصب اسم إن. رجيم : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى فأنت مطرود من رحمتي واللفظة ـ فعيل بمعنى مفعول ـ وأصل «الرجم» الرمي بالحجارة.

(وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ) (٧٨)

(وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي) : الواو حرف عطف. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. عليك : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» المقدم. و «لعنتي» اسم «إن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل جر بالإضافة.

(إِلى يَوْمِ الدِّينِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «اللعنة» التقدير : كائنة أو منصبة إلى يوم الدين ويوم مضاف. الدين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (٧٩)

(قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. رب : منادى مضاف حذفت أداة النداء. التقدير : يا ربي

وهو منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء المحذوفة خطا واختصارا منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المأتي بها من أجل الياء والياء المحذوفة ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة وبقيت الكسرة دالة عليها. الفاء عاطفة على فعل محذوف. أنظرني : فعل دعاء وتضرع مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. النون نون الوقاية لا محل لها والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به بمعنى فأمهلني. والجملة الفعلية «أنظرني» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول.

(إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) : جار ومجرور متعلق بأنظر. يبعثون : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.

(قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) (٨٠)

(قالَ فَإِنَّكَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الفاء عاطفة على فعل محذوف. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن».

(مِنَ الْمُنْظَرِينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» التقدير : كائن أو معدود وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى من الممهلين ولفظة «المنظرين» اسم مفعولين. و «إن» وما في حيزها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) (٨١)

(إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) : جار ومجرور متعلق بالمنظرين على تأويل فعله. الوقت : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. المعلوم : صفة ـ نعت ـ للوقت مجرور مثله وعلامة جره الكسرة.

(قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (٨٢)

(قالَ فَبِعِزَّتِكَ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الفاء واقعة في جواب شرط محذوف بتقدير : إن كان الأمر كذلك فبعزتك أي أقسم بعزتك أو بحق سلطانك وقهرك لأن عزة الله هي سلطانه وقهره. الباء حرف جر للقسم. عزتك : مقسم به مجرور بباء القسم وعلامة جره الكسرة والكاف ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة والجار والمجرور متعلق بفعل القسم المحذوف.

(لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) : الجملة الفعلية جواب القسم المقدر لا محل لها. اللام واقعة في جواب القسم. أغوين : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. ونون التوكيد لا محل لها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به بمعنى لأضلنهم. أجمعين : توكيد معنوي لضمير الغائبين «هم» في «أغوينهم» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من حركة المفرد «أجمع» و «أجمع» واحد ـ مفرد في معنى الجمع لا مفرد له من لفظه.

(إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٨٣)

(إِلَّا عِبادَكَ) : أداة استثناء. عبادك : مستثنى بإلا وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.

(مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) : حرف جر بياني و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن وحرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين – والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من «المخلصين» مقدمة عليها. التقدير : في حالة كونهم منهم. المخلصين : صفة ـ نعت ـ للعباد منصوب مثله وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته واللفظة اسم مفعولين .. بمعنى : إلا العباد الذين أخلصهم الله لنفسه أو لطاعته.

(قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ) (٨٤)

(قالَ فَالْحَقُ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أي قال الله تعالى. الفاء استئنافية. الحق : مبتدأ مرفوع بالضمة وخبره محذوف تقديره : فالحق قسمي كقولنا : لعمرك أي فالحق قسمي لأملأن جهنم .. أو فالحق مني أو أقسم بالحق.

(وَالْحَقَّ أَقُولُ) : الواو عاطفة. الحق : مفعول به مقدم منصوب بأقول وعلامة نصبه الفتحة بمعنى ولا أقول إلا الحق أو غير الحق. أقول : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا.

(لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) (٨٥)

(لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ) : اللام واقعة في جواب القسم المقدر في قوله تعالى : «فالحق» قسمي. أملأن : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ونون التوكيد لا محل لها. جهنم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ومنعت من الصرف للمعرفة والتأنيث. منك : جار ومجرور متعلق بأملأن.

(وَمِمَّنْ تَبِعَكَ) : الواو عاطفة. ممن : أصلها : من : حرف جر و «من» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن بمعنى من جنسك وهم الشياطين وممن تبعك من ذرية آدم والجار والمجرور متعلق بأملأن لأنه معطوف على «منك» والجملة الفعلية «تبعك» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.

(مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) : من : حرف جر بياني و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بحال من الاسم الموصول بتقدير في حالة كونهم منهم. أجمعين : توكيد معنوي للضمير في «منهم» أو الكاف في «منك» مع من تبعك. وهو منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم

والنون عوض من حركة المفرد أي لأملأن جهنم من المتبوعين والتابعين أجمعين أو بمعنى لأملأها من الشياطين وممن تبعهم من الناس جميعا.

(قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) (٨٦)

(قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت واوه ـ أصله : قول ـ للوصل ـ التقاء الساكنين والجملة الفعلية بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ما : نافية لا عمل لها. أسأل : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما) : جار ومجرور متعلق بأسأل بمعنى على القرآن أو الوحي. من : حرف جر زائد. أجر : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه مفعول به ثان للفعل «أسأل» الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها معطوفة على «ما» الأولى.

(أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. من المتكلفين : جار ومجرور متعلق بخبر «أنا» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى من المتصنعين علم ما لا علم لي.

(إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) (٨٧)

(إِنْ هُوَ إِلَّا) : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية. هو : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ بمعنى ما هذا القرآن. إلا : أداة حصر لا عمل لها.

(ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة. للعالمين : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «ذكر» وعلامة جر الاسم الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (٨٨)

(وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. تعلمن : فعل مضارع مبني على حذف النون لاتصاله بنون التوكيد وواو الجماعة المحذوفة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد في محل رفع فاعل. نبأه :

مفعول به منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(بَعْدَ حِينٍ) : ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بتعلمن. حين : مضاف إليه مجرور بالكسرة المنونة بمعنى ولتعرفن خبر ما في القرآن من الوعد والوعيد أو ما يأتيكم عند الموت أو يوم القيامة أو لتعرفن صدقه. وفي القول الكريم صيغة تهديد لهم.

***

سورة الزمر

معنى السورة : الزمر ـ بضم الزاي وفتح الميم ـ جمع «زمرة» والزمر : هي الأفواج المتفرقة بعضها من أثر بعض وقد تزمروا .. وتأتي «الزمر» أيضا : بمعنى الجماعات .. ومن تخريجات اللفظة يقال : زمر الرجل ـ يزمر ـ زمرا ـ من بابي «ضرب» و «نصر» بمعنى : بث .. صوت .. غنى .. أذاع ومضارعه بكسر الميم لأنه من باب «ضرب» وجاء بضم الميم أي من باب «نصر» في لغة حكاها أبو زيد ومن معاني الفعل والمصدر والاسم يقال : زمر ـ زمرا ـ وزميرا : أي غنى بالنفخ في القصب ونحوه فهو زمار ـ اسم فاعل ـ ولا يقال : زامر وذلك خلافا للقاعدة وجاء اسم الفاعل للفعل المشدد «زمر» الذي هو أيضا بمعنى «زمر» فهو زمار في حين تطلق لفظة «زامرة» على المرأة ولا يقال زمارة. و «المزمار» هو آلة الزمر التي يزمر فيها ومثلها : البوق : وهو الذي ينفخ فيه ويسمى أيضا الصور .. وقد ورد ذكره في الآية الكريمة الثامنة والستين : «ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون .. وقيل : إن إسرافيل ينفخ في بوق يوم القيامة فيموت كل حي ثم ينفخ فيه نفخة أخرى فيبعثون ليوم الحساب.

تسمية السورة : سميت السورة بهذه التسمية لورود الكلمة مرتين في القرآن الكريم ضمتهما الآيتان الكريمتان الحادية والسبعون والثالثة والسبعون وقد تحدثنا عن طائفتين من الذين سيقوا إلى النار .. وإلى الجنة .. أي عن طائفة الكفرة ومثواهم النار وطائفة المتقين الذي خلدوا في الجنة .. جاء قوله تعالى في الآية الحادية والسبعين : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) وفي الآية الثالثة والسبعين قال تعالى :

(وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) صدق الله العظيم.

فضل قراءة السورة : قال نبي الله المؤتمن محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «الزمر» لم يقطع رجاؤه يوم القيامة وأعطاه الله ثواب الخائفين الذين خافوا» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

ـ أخرج النسائي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : كان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يصوم حتى نقول : ما يريد أن يفطر ويفطر حتى نقول : ما يريد أن يصوم وكان يقرأ في كل ليلة بني إسرائيل «أي الإسراء» والزمر.

إعراب آياتها

(تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (١)

(تَنْزِيلُ الْكِتابِ) : مبتدأ مرفوع بالضمة. الكتاب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أو يكون «تنزيل» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هذا تنزيل الكتاب بمعنى تنزيل القرآن.

(مِنَ اللهِ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر المبتدأ «تنزيل» على إعرابه على الوجه الأول أو يكون الجار والمجرور متعلقا بتنزيل على إعرابه على الوجه الثاني أي خبر مبتدأ محذوف. أو يكون الجار والمجرور في محل رفع خبرا ثانيا للتنزيل ـ خبرا بعد خبر ـ أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : هذا. أي هذا تنزيل الكتاب هذا من الله وثمة وجه آخر لإعراب الجار والمجرور هو جعله حالا من التنزيل في محل نصب والعامل في الحال معنى الإشارة مثل قوله : إن هذه أمتكم أمة واحدة.

(الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) : صفتان ـ نعتان ـ للفظ الجلالة مجروران وعلامة جرهما الكسرة ويجوز أن يكون «العزيز» موصوفا بالحكيم.

(إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) (٢)

(إِنَّا أَنْزَلْنا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» المدغمة بنون «إن» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». أنزل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والجملة الفعلية (أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ) في محل رفع خبر «إن».

(إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) : جار ومجرور متعلق بأنزل. الكتاب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. بالحق : جار ومجرور متعلق بصفة ـ نعت ـ لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف تقديره : أنزلناه إنزالا متلبسا بالحق أو بحال من «الكتاب» بمعنى : ومعه الحق أو بحال من ضمير «أنزلنا» بتقدير : ومعنا الحق.

(فَاعْبُدِ اللهَ) : الفاء سببية. اعبد : فعل أمر مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة.

(مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) : حال من ضمير «اعبد» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والكلمة اسم فاعل يعمل عمل فعله المتعدي إلى المفعول. له : جار ومجرور متعلق بالفعل المشتق من اسم الفاعل «مخلصا» أي تخلص له .. الدين : مفعول به لاسم الفاعل «مخلصا» منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

** (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية .. المعنى : إنا أنزلنا إليك يا محمد الكتاب ملازما للحق أو مقترنا بالحق أو متلبسا بالحق أو بسبب إظهار الحق وإثباته فاعبد الله وحده مخلصا له العبادة والطاعة. و «مخلصا» اسم فاعل للفعل «أخلص» نحو : أخلص له القول ـ يخلصه ـ إخلاصا فهو مخلص : أي خلصه من الغش .. ومنه أيضا : أخلص المؤمن لله العمل وأخلص الطاعة وفي الطاعة : بمعنى : ترك الرياء فيها. و «الإخلاص» يأتي اسما أيضا وفي القرآن الكريم سورة اسمها : سورة «الإخلاص» وهي (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) و (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) في سورة «الكافرون» سميت هاتان السورتان سورتي «الإخلاص» والفعل الثلاثي «خلص» له معان كثيرة .. نحو : خلص الشيء ـ يخلص ـ خلوصا وخلاصا ومخلصا من التلف : بمعنى : سلم ونجا .. وهو من باب «دخل» وخلص إليه الشيء : أي وصل. وخلاصة ـ بضم الخاء ـ الشيء : هو ما خلص منه ومثله خلاصته ـ بكسر الخاء ـ أي ما صفا منه مأخوذ من خلاصة السمن وهو ما يلقى فيه تمر أو غيره ليخلص به من بقايا اللبن.

وخلصته : أي ميزته من غيره .. واسم المفعول من الفعل الرباعي هو «مخلص» بفتح اللام .. وقد ورد في القرآن الكريم مرة واحدة في سورة «مريم» : (إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) بمعنى : أخلصه الله لنفسه أي لطاعته وجمعه : مخلصون .. وقد وردت هذه اللفظة ثماني مرات في التنزيل الحكيم .. أما اسم الفاعل «مخلص» فقد جاء ذكره في القرآن الكريم ثلاث مرات ذكرت في سورة «الزمر» وإن إخلاص العبادة لله شرط في النجاة لأنه لا إله غيره ولا شريك له سبحانه.

** (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة .. و «أولياء» أي أنصارا ومعبودات من الأصنام المعبودة وكل طاغوت معبود من غير الله .. يقولون إننا ما نعبد هؤلاء إلا ليقربونا إلى الله قربة من طريق التوسل إليه. يقال : زلف ـ يزلف ـ زلفا : أي تقدم وتقرب. و «الزلفة ـ بضم الزاي» و «الزلفى : أي القربة .. ومنه : أزلفه بمعنى قربه فازدلف. وأصله : ازتلف فأبدل من التاء دالا ومنه «مزدلفة» لاقترابها إلى عرفات .. وقال الفيومي : وأزلفت الشيء : بمعنى : جمعته .. وقيل سميت «مزدلفة» من هذا لاجتماع الناس بها وهي اسم علم على البقعة لا يدخلها ألف ولام إلا لمحا للصفة في الأصل كدخولها في «الحسن» و «العباس» ويقال : ازدلف السهم إلى كذا : أي اقترب.

** (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة. ولاصطفى : أي لاختار ما يشاء من خلقه وهم ملائكته ولكن ذلك لم يصح لكونه محالا .. سبحانه : أي نزه ذاته ـ جلت قدرته ـ عن أن يكون له أحد من الأولاد والأولياء .. و «اصطفى» مشتق من الصفوة ـ صفوة الشيء ـ أي خلاصته. و «الواحد» أي المتصف بالوحدانية لا شريك له ومثله «الأحد» كما في سورة «الإخلاص» : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) هنا بدل من لفظ الجلالة وإن كانت اللفظة غير معرفة لأن النكرة قد تبدل من المعرفة .. والأصل في «أحد» : وحد : أي واحد .. فقلبت الواو ألفا. وعن ابن عباس : قالت قريش : يا محمد صف لنا ربك الذي تدعونا إليه. فنزلت هذه الآية الكريمة .. يعني أن الذي سألتموني وصفه هو الله وروي أن عبد الله وأبي قرءا «هو الله أحد» بغير «قل».

** (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخامسة. المعنى : يلف الليل على النهار حتى يذهب ضوؤه كما يقال : يكور العمامة أي يلفها .. المعنى يلف الليل على النهار لف اللابس من قبل اللباس أي لف اللباس للابس أو يغيبه كما يغيب الملفوف باللفافة ويلف النهار على الليل حتى تزول ظلمته .. والقول الكريم كناية عن طول أحدهما وقصر الآخر .. و «كل» نون آخرها لانقطاعها عن الإضافة لأن المعنى : كل واحد منهما لأن الاسم «كل» لا يستعمل إلا مضافا لفظا أو تقديرا. قال الأخفش معنى الآية الكريمة : كله يجري كما تقول كل منطلق : أي كلهم منطلق وعلى هذا فهو في تقدير المعرفة وقالت العرب : مررت بكل قائما نصب على الحال والتقدير : بكل أحد ولهذا لا يدخلها الألف واللام عند الأصمعي ومثله كلمة «بعض» ولفظه واحد ومعناه جمع فيجوز أن يعود الضمير على اللفظ تارة وعلى المعنى أخرى فيقال : كل القوم حضر وحضروا.

** (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ :) ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة ـ المراد بظلمات ثلاث : البطن .. الرحم .. المشيمة. وهي جمع «ظلمة» أي ظلام وقيل هي : الصلب .. الرحم والبطن.

** (وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة. يقال : شكره يشكره ويشكر له .. وهو بتعديته باللام أفصح. قال الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : الحمد رأس الشكر ما شكر الله عبد لم يحمده. فالحمد باللسان وحده فهو إحدى شعب الشكر وإنما جعله رأس الشكر لأن ذكر النعمة باللسان والثناء على موليها أشيع لها وأدل على مكانها. والحمد : نقيضه : الذم. والشكر : نقيضه : الكفران. وقال النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : التحدث بالنعمة شكر وتركها كفر. وقالت العرب في حكمها : لا يشكر الله من لا يشكر الناس. وعن الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنه قال من أودع معروفا فلينشره فإن شكره وإن كتمه فقد كفره. و «الشكر» هو الثناء على المحسن بما أولاه من المعروف .. وقولهم : شكر الله سعيك : معناه : أثابك.

(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ) (٣)

(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) : حرف استفتاح لا عمل له. لله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر مقدم. الدين : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. الخالص : صفة ـ نعت ـ للدين مرفوع مثله بالضمة بمعنى : الدين المنزه عن الشوائب.

(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا) : الواو استئنافية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. اتخذوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) : جار ومجرور في مقام المفعول الثاني للفعل «اتخذ» والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية (اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ) صلة الموصول لا محل لها. أولياء : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى نصراء من غير الله ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن «أفعلاء».

(ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به بفعل مضمر تقديره : قالوا. والجملة الفعلية «قالوا ما نعبدهم» في محل رفع خبر «الذين» ويجوز أن تكون الجملة «إن الله يحكم» في محل رفع خبر «الذين» فتكون

جملة القول المضمر «قالوا ما نعبدهم» في محل نصب حالا بمعنى : قائلين ما نعبدهم أو تكون جملة القول المضمر «قالوا ما نعبدهم» بدلا من «اتخذوا» لا محل لها. وفي هذه الحالة تكون الجملة (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ) في محل رفع خبر «الذين». ما : نافية لا عمل لها. نعبد : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. إلا : حرف تحقيق بعد النفي لا عمل لها.

(لِيُقَرِّبُونا) : اللام لام التعليل ـ حرف جر ـ يقربوا : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. والجملة الفعلية «يقربونا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بنعبد أو متعلق بحال محذوفة من ضمير الغائبين «هم» في «نعبدهم» بتقدير : إلا مقربين لنا ويجوز أن يتعلق بمفعول لأجله ـ له ـ بتقدير : إلا تقربا.

(إِلَى اللهِ زُلْفى) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بيقربوا. زلفى : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل مضمر تقديره يقربونا تقربا أي منصوب على معنى المصدر لأن «زلفى» بمعنى «قربة» أو «تقربا» أي تقربا للتوسل إلى الله سبحانه.

(إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. يحكم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «يحكم بينهم ..» في محل رفع خبر «إن» بمعنى إن الله يحكم بينهم يوم القيامة فيما هم يختلفون فيه من أمر الدين.

(بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بيحكم وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة. في : حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بفي والجار

والمجرور «في ما» متعلق بيحكم. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وخبره (فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) في محل رفع.

(فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) : جار ومجرور متعلق بيختلفون. والجملة الاسمية (هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) صلة الموصول لا محل لها و «يختلفون» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي) : يعرب إعراب (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ) وعلامة رفع الفعل «يهدي» الضمة المقدرة على الياء للثقل. لا : حرف نفي لا عمل له.

(مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. هو : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. كاذب : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة. كفار : خبر ثان للمبتدإ «هو» مرفوع بالضمة المنونة. ويجوز أن يكون صفة لكاذب. والجملة الاسمية (هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ) صلة الموصول لا محل لها و «كفار» من صيغ المبالغة .. ـ فعال بمعنى فاعل ـ بمعنى : شديد أو كثير الكفران.

(لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (٤)

(لَوْ أَرادَ اللهُ) : حرف شرط غير جازم ـ حرف امتناع لامتناع ـ أراد : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.

(أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) : أن : حرف مصدرية ونصب. يتخذ : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. ولدا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والجملة الفعلية «يتخذ ولدا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل «أراد».

(لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام واقعة في جواب «لو». اصطفى : فعل ماض مبني على الفتح

المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى لاختار. مما : أصلها : من : حرف جر و «ما» المدغمة بنون «من» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بفعل «اصطفى». يخلق : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «يخلق» صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : مما يخلقه والأفصح أن تكون «ما» مصدرية وجملة «يخلق» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق باصطفى أيضا. بمعنى لاختار سبحانه من خلقه ما يشاء وهم ملائكة ولكن ذلك لم يصح لكونه محالا.

(ما يَشاءُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يشاء : تعرب إعراب «يخلق» وحذف مفعول «يشاء» اختصارا. التقدير : ما يشاء اصطفاءه أي اختياره من مخلوقاته.

(سُبْحانَهُ هُوَ اللهُ) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ لفعل محذوف تقديره : أسبحه أي أسبح سبحانه بمعنى أنزهه وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة. أي أنزه ذاته عن أن يكون له أحد من الأولاد والأولياء. هو : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. الله لفظ الجلالة : خبر «هو» مرفوع للتعظيم بالضمة.

(الْواحِدُ الْقَهَّارُ) : صفتان ـ نعتان ـ للفظ الجلالة مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة.

(خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) (٥)

(خَلَقَ السَّماواتِ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر ثان للمبتدإ «هو» في الآية السابقة أو تكون خبر «هو» ولفظ الجلالة بدلا من «هو». خلق :

فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على لفظ الجلالة. السموات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.

(وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) : معطوفة بالواو على «السموات» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة. بالحق : جار ومجرور متعلق بصفة ـ نعت ـ لمفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف. التقدير : خلقا ملتبسا بالحق أو متعلق بحال محذوف من (السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) بتقدير : خلقهما متلبستين بالحق.

(يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر ثالث للمبتدإ «هو» أو في محل نصب حال من ضمير خلق وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الليل : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. على النهار : جار ومجرور متعلق بيكور بمعنى : يلف أو يغيب هذا على ذاك.

(وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) : الجملتان معطوفتان بواو العطف على «يكور الليل على النهار وخلق السماوات والأرض» وتعربان إعرابهما.

(كُلٌّ يَجْرِي) : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة لانقطاعه عن الإضافة لأن المعنى : كل واحد منهما فحذف المضاف إليه «واحد» فنون آخر المضاف «كل». يجري : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «كل» وهو فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(لِأَجَلٍ مُسَمًّى) : جار ومجرور متعلق بيجري. مسمى : صفة ـ نعت ـ للموصوف «أجل» مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة المقدرة للتعذر على الألف المقصورة قبل تنوينها لأن الاسم مقصور نكرة وبمعنى إلى موعد مقدر.

(أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) : حرف استفتاح أو تنبيه لا محل له. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. العزيز الغفار : خبران بالتتابع

ـ خبر بعد خبر ـ للمبتدإ «هو» مرفوعان بالضمة و «الغفار» من صيغ المبالغة ـ فعال بمعنى فاعل ـ أي كثير الغفران.

(خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (٦)

(خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر آخر للمبتدإ «هو» وهي من جملة الآيات التي عددها سبحانه دالا على وحدانيته وقدرته عزوجل. خلق : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. من نفس : جار ومجرور متعلق بخلق. واحدة : صفة ـ نعت ـ لنفس مجرورة مثلها وعلامة جرهما الكسرة المنونة بمعنى : خلقكم من روح واحدة هي آدم ـ عليه‌السلام ـ ثم جعل أي ثم خلق منها حواء من جنس آدم.

(ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها) : حرف عطف يفيد أو بمعنى التراخي. جعل : يعرب إعراب «خلق». منها : جار ومجرور متعلق بجعل. زوج : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة أي اشتق منها.

(وَأَنْزَلَ لَكُمْ) : الواو عاطفة. أنزل لكم : تعرب إعراب «جعل منها» والميم علامة جمع الذكور بمعنى وخلق لكم.

(مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) : جار ومجرور متعلق بأنزل. ثمانية : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أزواج : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى وخلق لكم من البهائم ذكرا وأنثى لأن الذكر والأنثى يشكلان زوجا واحدا أو كل من الذكر والأنثى يكون زوجا للآخر والأنعام جمع «نعم» تطلق على الغنم والبقر والإبل والماعز.

(يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) : فعل ماض مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «كم» أعرب في «خلقكم». في بطون : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من ضمير المخاطبين بمعنى متدرجين في بطون. أمهاتكم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ) : مصدر في موضع الحال أو يبقى منصوبا على المصدر أي مفعولا مطلقا منصوبا بيخلق وعلامة نصبه الفتحة المنونة. من بعد : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «خلقا». خلق : مضاف إليه مجرور بالإضافة .. وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى متدرجين من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى آخر مراحل التكوين.

(فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) : جار ومجرور في محل نصب حال ثانية من ضمير المخاطبين في «خلقكم» أو يكون بدلا من الجار والمجرور «في بطون». ثلاث : صفة ـ نعت ـ لظلمات مجرورة مثلها وعلامة جرهما الكسرة المنونة.

(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف حرف خطاب والميم علامة الجمع والإشارة إلى الله سبحانه أي ذلكم الذي هذه قدرته هو الله. الله لفظ الجلالة : خبر مبتدأ محذوف تقديره هو مرفوع للتعظيم بالضمة. والجملة الاسمية «هو الله» في محل رفع خبر «ذلكم» أو يكون لفظ الجلالة بدلا من «ذلكم» و «ربكم» خبر «ذلكم». ربكم : صفة ـ نعت ـ أو بدل من لفظ الجلالة مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(لَهُ الْمُلْكُ) : الجملة الاسمية في محل رفع صفة ـ نعت ـ للرب. له : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. الملك : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.

(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : الجملة الاسمية في محل رفع صفة ثانية للرب سبحانه. لا : أداة نافية للجنس تعمل عمل إن. إله : اسم «لا» مبني على

الفتح في محل نصب وخبر «لا» محذوف وجوبا تقديره : كائن أو موجود أو معبود. إلا : أداة استثناء. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع بدل من موضع «لا إله» لأن موضع «لا إله» وما عملت فيه «لا» رفع بالابتداء بمعنى : لا إله يعبد بحق سواه تعالى وحده.

(فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) : الفاء استئنافية. أنى : اسم استفهام مبني على السكون بمعنى «كيف» في محل نصب حال والعامل فيه جملة «تصرفون» أي فكيف يعدل بكم عن عبادته إلى عبادة غيره. تصرفون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى كيف يصرفكم الشيطان إلى عبادة غير الله.

(إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٧)

(إِنْ تَكْفُرُوا) : حرف شرط جازم. تكفروا : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) : الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. غني : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. عنكم : جار ومجرور متعلق بغني والميم علامة جمع الذكور بمعنى عن إيمانكم.

(وَلا يَرْضى) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. يرضى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر .. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو أي لا يرضى الكفر لهم رحمة لهم لأنه قد يوقعهم في الهلكة.

(لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) : جار ومجرور متعلق بيرضى والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. الكفر : مفعول به منصوب بالفتحة.

(وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) : الجملة معطوفة بالواو على «إن تكفروا» وتعرب إعرابها. يرضه : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها. وهي فعل مضارع مجزوم بإن لأنه جواب الشرط وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة ـ الألف المقصورة ـ وبقيت الفتحة دالة عليها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. لكم : جار ومجرور متعلق بيرضى والميم علامة جمع الذكور بمعنى وإن تشكروا الله يرض الشكر لكم.

(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : أعرب في الآية الكريمة الرابعة والستين بعد المائة من سورة الأنعام.

(إِنَّهُ عَلِيمٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل في محل نصب اسم «إن» عليم : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.

(بِذاتِ الصُّدُورِ) : جار ومجرور متعلق بعليم. الصدور : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) (٨)

(وَإِذا مَسَ) : الواو استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه. مس : فعل ماض مبني على الفتح والجملة الفعلية (مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ) في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف.

(الْإِنْسانَ ضُرٌّ) : مفعول به مقدم منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ضر : فاعل مرفوع بالضمة المنونة.

(دَعا رَبَّهُ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. دعا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر

فيه جوازا تقديره هو. ربه : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة.

(مُنِيباً إِلَيْهِ) : حال من ضمير «دعا» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. إليه : جار ومجرور متعلق باسم الفاعل «منيبا» أي تائبا.

(ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ) : حرف عطف. إذا : أعرب. خوله : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به بمعنى : منحه أو أعطاه. والجملة الفعلية «خوله» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف.

(نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ) : مفعول ثان منصوب بخول وعلامة نصبه الفتحة المنونة. منه : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «نعمة». نسي : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو.

(ما كانَ يَدْعُوا) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. يدعو : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «كان يدعو إليه» صلة الموصول لا محل لها.

(إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ) : جار ومجرور متعلق بيدعو. من : حرف جر. قبل : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بيدعو بمعنى : نسي ما كان يدعو الله أي نسي الضر الذي كان يدعو الله إلى كشفه وقيل : نسي ربه الذي كان يتضرع إليه.

(وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً) : معطوفة بالواو على «نسي» وتعرب إعرابها. لله : جار ومجرور متعلق بجعل أو متعلق بمفعول «جعل» الثاني بمعنى : جعل نظراء يعبدهم من غير الله. أندادا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) : اللام حرف جر للتعليل. يضل : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عن سبيله : جار ومجرور متعلق بيضل. والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة بمعنى ليضل الناس عن طريقه القويم وجملة «يضل» صلة حرف مصدري لا محل لها. و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل .. والجار والمجرور متعلق بجعل. أي عن سبيل الحق وهو الإسلام وعبادة الله وحده.

(قُلْ تَمَتَّعْ) : فعل أمر مبني على السكون وأصله : قول : حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. تمتع : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت.

(بِكُفْرِكَ قَلِيلاً) : جار ومجرور متعلق بتمتع والجملة الفعلية (تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ والكاف في «كفرك» ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة. قليلا : صفة ـ نعت ـ لمصدر ـ مفعول مطلق ـ موصوف محذوف. التقدير : تمتع بكفرك تمتعا قليلا بمعنى استمتع بكفرك أيها الكافر استمتاعا قليلا.

(إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن». من أصحاب : جار ومجرور متعلق بخبر «إن» بمعنى معدود من أهل النار يوم القيامة. النار : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٩)

(أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ) : أصلها : «أم» المتصلة وهي حرف عطف عطفت الجملة الاسمية على الآية الكريمة السابقة. و «من» اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف بتقدير : أهذا أفضل أم من هو قانت. أو تكون «أم» منقطعة بمعنى «بل» للإضراب أدخلت على «من»

وهي اسم موصول في محل رفع مبتدأ وخبره محذوف تقديره : أم من هو قانت كغيره؟ أو أهذا أفضل أم من هو كافر؟ كما في الآية السابقة وقد حذف الخبر لأن ما قبله يدل عليه وهو ذكر الكافرين وبعده هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. قانت : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى طائع والجملة الاسمية «هو قانت» صلة الموصول لا محل لها.

(آناءَ اللَّيْلِ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بقانت أو بما تضمنه من فعل بمعنى يواظب على الطاعة ساعات الليل وهو مضاف. الليل : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(ساجِداً وَقائِماً) : حال من ضمير «يواظب» منصوب بالفتحة. وقائما : معطوف بالواو على «ساجدا» ويعرب إعرابه.

(يَحْذَرُ الْآخِرَةَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر ثان للمبتدإ «هو» أو في محل نصب حال ثانية بعد «ساجدا». يحذر : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الآخرة : مفعول به منصوب بالفتحة أي يخاف عذاب الآخرة.

(وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة (يَحْذَرُ الْآخِرَةَ) وتعرب إعرابها. وعلامة رفع الفعل «يرجو» الضمة المقدرة على الواو للثقل. ربه : مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه ثان.

(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت واوه ـ أصله : قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين. هل : حرف استفهام لا محل له. يستوي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل.

(الَّذِينَ يَعْلَمُونَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل والجملة الفعلية (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ ..) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ

يعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل وجملة «يعلمون» صلة الموصول لا محل لها.

(وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) : معطوف بالواو على (الَّذِينَ يَعْلَمُونَ) ويعرب إعرابه. و «لا» نافية لا عمل لها بمعنى هل يتساوى الذين يعلمون الحق والذين لا يعلمونه .. أو هل يتساوى القانت والعاصي. كلا لا يستويان أي لا يتساويان.

(إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) : كافة ومكفوفة. يتذكر : فعل مضارع مرفوع بالضمة بمعنى ينتفع به أو يتعظ. أولو : فاعل مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وهو مضاف. الألباب : مضاف إليه مجرور بالكسرة بمعنى ذوو أي أصحاب العقول؟

** (نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة .. والتقدير : من قبل ذلك وبعد حذف المضاف إليه «ذلك» بني المضاف «قبل» على الضم لانقطاعه كما حذف مفعول «يضل» اختصارا وهو «الناس».

** (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة المعنى : قل هل يتساوى العلماء والجهلاء؟ أي الذين يعلمون الحق والذين لا يعلمونه أو هل يتساوى القانت المطيع والعاصي الكافر؟ قال الفراء : يقال هذا الشيء لا يساوي كذا ولم يعرف هذا لا يسوى كذا. وهذا لا يساويه أي لا يعادله. وفي الحديث : «إذا تساووا هلكوا» وقال الأزهري قولهم : لا يزال الناس بخير ما تباينوا فإذا تساووا هلكوا أصله أن الخير في النادر من الناس فإذا استووا في الشر ولم يكن فيهم ذو خير كانوا من الهلكى. ولم يذكر أن القول المذكور آنفا هو حديث. وقال السموأل :

سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم

فليس سواء عالم وجهول

يقول الشاعر : إن كنت تجهلين قدرنا فاسألي الناس عنا وعن الذين تقارنينهم بنا. فإذا سألت عرفت .. وذلك لأن العالم والجاهل لا يستويان كما في الآية الكريمة المذكورة آنفا. و «سواء» في شعر السموأل هنا معناها : مستو .. وهو أي الشاعر قدم هنا خبر «ليس» على «اسم ليس» وهو «عالم» وهذا جائز بدليل قوله تعالى في سورة «البقرة» : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) بنصب «البر» على أنه خبر «ليس» تقدم اسمه واسمه هو المصدر المنسبك من «أن» المصدرية الناصبة وما دخلت عليه وتقديره : ليس توليكم وجوهكم قبل المشرق والمغرب البر. وفي هذا التقدير والتأخير قال شاعر آخر :

لا طيب للعيش ما دامت منغصة

لذاته بادكار الموت والهرم

أي إن الإنسان لا يهنأ باله ولا تستريح خواطره ولا يطيب له العيش إذا كان كثير التذكر للموت وما يصيبه من الكبر والضعف .. وهنا أيضا قدم الشاعر خبر «ما دام» وهو «منغصة» على اسمه وهو «لذاته» أما «ادكار» فمعناه : تذكر. وأصله : اذتكار ثم قلبت التاء

دالا فصار «اذدكار» ثم قلبت الذال المعجمة مهملة فصار «اددكار» ثم أدغمت الدال في الدال. و «الهرم» هو الشيخوخة وكبر السن. وقال بعضهم : لا تمار جاهلا ولا عالما فإن العالم يحاجك فيغلبك والجاهل يلاحيك. فيغضبك .. و «تماري» بمعنى تجادل وتنازع .. ويحاجك : بمعنى يغلبك بالحجة والبرهان أما «يلاحيك» فمعناه : ينازعك. ومنه المثل : من لا حاك فقد عاداك. وحذفت الياء من «تماري» لأنه فعل مجزوم بلا الناهية.

** (اتَّقُوا رَبَّكُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العاشرة .. المعنى : اتقوا عذاب ربكم فحذف المفعول المضاف «عذاب» كما حذف الموصوف في قوله «حسنة» أي مثوبة حسنة في الآخرة وهي الجنة فحذف الموصوف «مثوبة».

** (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) : المعنى : عذاب يوم عظيم الهول وهو يوم القيامة وبعد حذف المضاف إليه «الهول» نون آخر المضاف «عظيم» لانقطاعه عن الإضافة.

** (قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخامسة عشرة .. و «أهليهم» أصلها : أهلين وهي جمع «أهل» ويقال : أهل المكان ـ يأهل ـ أهولا من باب «قعد» بمعنى عمر بأهله فهو آهل ـ اسم فاعل ـ وقرية آهلة : أي عامرة .. وأهل الرجل مثله أي من باب «قعد» أيضا بمعنى تزوج ومثله تأهل. وتطلق لفظة «الأهل» على الزوجة والأهل أهل البيت وأصله القرابة وقد أطلقت على الأتباع ويقال : أهل البلد : أي من استوطنه .. وأهل العلم : هم المتصفون به وأهل الثناء والمجد .. وهو أهل للإكرام : بمعنى مستحق له وتجمع لفظة «الأهل» على أهال وأهلون ـ في حالة الرفع ـ وفي حالتي النصب والجر : أهلين .. كما في الآية الكريمة المذكورة. وربما قيل : الأهالي. وفي حالة الرفع قالها الشاعر :

وما المال والأهلون إلا ودائع

ولا بد يوما أن ترد الودائع

** (ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة عشرة .. المعنى : ذلك العذاب هو الذي يخوف الله به عباده فحذف النعت أو البدل «العذاب» المشار إليه لأن ما قبله يفسره.

** (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ) : جاء هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة عشرة .. و «الطاغوت» هو كل ما عبد من دون الله من الأوثان وهو مشتق من الطغيان وهو تجاوز الحد .. يقال : طغا ـ يطغو ـ طغوا .. من باب «قال» وطغي ـ يطغى ـ طغى .. من باب «تعب» ومن باب «نفع» لغة أيضا فيقال طغيت .. وفي التهذيب ما يوافقه قال الطاغوت .. تاؤها زائدة وهي مشتقة من «طغا». والطاغوت : يذكر ويؤنث والاسم هو الطغيان وهو مجاوزة الحد وكل شيء جاوز المقدار والحد في العصيان فهو طاغ ومنه : طغا السيل : بمعنى ارتفع حتى جاوز الحد في الكثرة .. والطاغوت هو الشيطان وجمعه : طواغيت.

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يقولون : لا إله إلا الله .. وهم زيد بن عمرو بن نفيل وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي .. فبشر أيها النبي عبادي بذلك.

** (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة عشرة .. المعنى : يبتغون أحسن ما يؤمرون به ويعملون بأكثره ثوابا.

** سبب نزول الآية : قال جابر : لما نزلت الآية الكريمة الرابعة والأربعون من سورة «الحجر» : (لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ) أتى رجل من الأنصار النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقال : يا رسول الله إني لي سبعة مماليك وإني قد أعتقت لكل منها مملوكا .. فنزلت الآيتان الكريمتان السابعة عشرة والثامنة عشرة .. و (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ ..).

** (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة عشرة وكلمة العذاب : هي قوله تعالى في الآية الكريمة الثامنة عشرة من سورة الأعراف» : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) وذكر الفعل «حق» لأن «كلمة» بمعنى العذاب.

(قُلْ يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) (١٠)

(قُلْ يا عِبادِ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وحذفت واوه ـ أصله قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين. يا : أداة نداء. عباد : منادى مضاف منصوب وعلامة نصه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي الحركة الدالة على الياء المحذوفة والياء المحذوفة خطا واختصارا ضمير الواحد المطاع في محل جر بالإضافة أي قل يا محمد قولي هذا. فيكون «قولي» مفعول «قل».

(الَّذِينَ آمَنُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة ـ نعت ـ للعباد. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(اتَّقُوا رَبَّكُمْ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ربكم : مفعول به منصوب بالفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) : اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. أحسنوا : تعرب إعراب «آمنوا».

(فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ) : حرف جر. هذه : اسم إشارة مبني على الكسر في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بأحسنوا. الدنيا : بدل من اسم الإشارة «هذه» مجرور وعلامة جره الكسرة المقدرة على الألف للتعذر. حسنة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. بمعنى الذين أحسنوا في هذه الدنيا فلهم حسنة في الآخرة وهي دخول الجنة. ويجوز أن يتعلق شبه الجملة .. الظرف .. أي في هذه الدنيا بحسنة بمعنى إن الحسنة هي الصحة والعافية وتعلق الجار والمجرور بحسنة هو بيان لمدح الله للمحسنين.

(وَأَرْضُ اللهِ واسِعَةٌ) : الواو استئنافية. أرض : مبتدأ مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. واسعة : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة.

(إِنَّما يُوَفَّى) : كافة ومكفوفة. يوفى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.

(الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ) : نائب فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. أجر : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.

(بِغَيْرِ حِسابٍ) : جار ومجرور متعلق بيوفى. أو متعلق بحال محذوفة من «الصابرين» بمعنى : غير مطالبين بشيء أو غير محاسبين على شيء. حساب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) (١١)

(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ) : أعرب في الآية السابقة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». أمرت : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل والجملة المؤولة من «إني أمرت» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(أَنْ أَعْبُدَ اللهَ) : حرف مصدري ناصب. أعبد : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة والجملة الفعلية «أعبد الله» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير : أمرت بعبادة الله والجار والمجرور متعلق بفعل «أمرت».

(مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) : حال من ضمير المتكلم منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. له : جار ومجرور متعلق بالفعل العامل في اسم الفاعل «مخلصا» بمعنى أن أخلص له. الدين : مفعول به منصوب باسم الفاعل «مخلصا» على تأويل فعله .. أخلص له الدين وعلامة نصبه الفتحة. التقدير : أمرت بعبادة الله وبإخلاص الدين له.

(وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) (١٢)

(وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ) : معطوفة بالواو على «أمرت» الأولى وتعرب إعرابها. اللام حرف جر للتعليل. أن : حرف مصدرية ونصب بمعنى لأجل أن أكون أو تكون اللام زائدة لا عمل لها. أكون : فعل مضارع ناقص منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة واسمها ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنا. وجملة «أكون أول ..» صلة حرف مصدري لا محل لها.

(أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) : خبر «أكون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. «وأن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بفعل أمرت. التقدير : لكوني أول .. المسلمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٣)

(قُلْ إِنِّي أَخافُ) : يعرب إعراب «قل إني أمرت» الواردة في الآية الكريمة الحادية عشرة وتعرب إعرابها والفعل «أخاف» فعل مضارع مبني للمعلوم والضمير فيه في محل رفع فاعل. أي قل لهم إني أخاف ..

(إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) : أعرب في الآية الكريمة الخامسة عشرة من سورة «الأنعام».

(قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي) (١٤)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الحادية عشرة ورفع الفعل «أعبد» بالضمة لتجرده عن الناصب والجازم ولفظ الجلالة قدم على الفعل وهو منصوب للتعظيم بالفعل والياء في «ديني» ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة وكسرت لام «قل» لالتقاء الساكنين.

(فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) (١٥)

(فَاعْبُدُوا ما شِئْتُمْ) : الفاء استئنافية. اعبدوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الألف فارقة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. شئتم : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.

(مِنْ دُونِهِ قُلْ) : جار ومجرور متعلق باعبدوا أو بصفة محذوفة من مفعول «شئتم» المحذوف أي ما شئتم عبادته من دون الله بمعنى : ما أردتم. أو بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما» التقدير : حال كونهم من دون الله فتكون «من» حرف جر بيانيا والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. قل : سبق إعرابها. وفي القول الكريم تهديد له وتوبيخ.

(إِنَّ الْخاسِرِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الخاسرين : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(الَّذِينَ خَسِرُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر «إن» أو خبر مبتدأ محذوف تقديره هم والجملة الاسمية «هم الذين» في محل رفع

خبر «إن». خسروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والجملة الفعلية (خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ..) صلة الموصول لا محل لها.

(أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة الواو عاطفة. أهلي : معطوف على «أنفسهم» منصوب مثله وعلامة نصبه الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت النون ـ أصله : أهلين ـ للإضافة. و «هم» أعرب في «أنفسهم».

(يَوْمَ الْقِيامَةِ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بخسروا وعلامة نصبه الفتحة. القيامة : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(أَلا ذلِكَ) : حرف استفتاح أو تنبيه لا محل له. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب.

(هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «ذلك». هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ ثان. الخسران : خبر «هو» مرفوع بالضمة. المبين : صفة ـ نعت ـ للخسران مرفوع مثله بالضمة.

(لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ) (١٦)

(لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ) : اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. من فوق : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «ظلل» لأنه في الأصل متعلق بصفة محذوفة من «ظلل» قدمت عليها. و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة. والجملة الاسمية (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ) في محل نصب حال من الخاسرين.

(ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ) : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى فوق رءوسهم أطباق من النار .. جمع «ظلة». من النار : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «ظلل» و «من» حرف جر بياني لبيان جنس الظل وتمييز لها ..

أي التي هي النار لأن «ظلل» مبهمة تبينت بمعنى النار بمعنى : طبقات تظللهم من النيران.

(وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) : معطوف بالواو على (مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ) ويعرب إعرابه وحذف الجار والمجرور «من النار» اكتفاء بذكره أول مرة.

(ذلِكَ يُخَوِّفُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب أي ذلك العذاب. يخوف : الجملة الفعلية من الفعل والفاعل والمفعول في محل رفع خبر «ذلك» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة.

(اللهُ بِهِ عِبادَهُ) : لفظ الجلالة فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. به : جار ومجرور متعلق بيخوف. عباده : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. وفيه تهديد ووعيد أي يتوعد الله عباده بالعذاب ويخوفهم ليجتنبوا ما يوقعهم في العذاب.

(يا عِبادِ فَاتَّقُونِ) : أداة نداء. عباد : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي الحركة الدالة على الياء المحذوفة خطا واختصارا والياء المحذوفة ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع في محل جر بالإضافة وبقيت الكسرة دالة عليها. الفاء سببية أو عاطفة على محذوف بمعنى : ولا تؤتوا ما يغضبني بل اتعظوا وخافوني. اتقون : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون نون الوقاية لا محل لها والكسرة دالة على الياء المحذوفة مراعاة لفواصل الآيات ـ راس آية ـ.

(وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ) (١٧)

(وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا) : الواو استئنافية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. اجتنبوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. أن : حرف مصدري ناصب. يعبدوا : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «يعبدوها» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب بدل اشتمال من «الطاغوت» المعنى اجتنبوا عبادة الشيطان.

(وَأَنابُوا إِلَى اللهِ) : معطوفة بالواو على «اجتنبوا» وتعرب إعرابها. إلى الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بأنابوا بمعنى وتابوا ..

(لَهُمُ الْبُشْرى) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم وحركت الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. البشرى : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى : لهم البشرى بالثواب.

(فَبَشِّرْ عِبادِ) : الفاء استئنافية. بشر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. عباد : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي الحركة الدالة على الياء المحذوفة والساقطة خطا واختصارا ومراعاة لفواصل الآيات ـ رأس آية ـ ضمير متصل ضمير الواحد المطاع في محل جر بالإضافة.

(الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) (١٨)

(الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة ـ نعت ـ للعباد أو يكون في محل رفع مبتدأ وخبره الجملة الاسمية (أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ) في محل رفع. يستمعون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. القول : مفعول به منصوب بالفتحة وجملة (يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ) صلة الموصول لا محل لها.

(فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) : معطوفة على (يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ) وتعرب إعرابها والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(أُولئِكَ الَّذِينَ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. والكاف حرف خطاب. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم. والجملة الاسمية «هم الذين» في محل رفع خبر المبتدأ «أولئك» ويجوز أن يكون «أولئك» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم ويكون «الذين» في محل رفع بدلا من اسم الإشارة «أولئك» والجملة الاسمية «هم أولئك» في محل رفع خبر المبتدأ «الذى يستمعون».

(هَداهُمُ اللهُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم. وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة وحذفت الصلة اختصارا أي هداهم الله إلى طريقه القويم.

(وَأُولئِكَ هُمْ) : معطوف بالواو على «أولئك» الأول ويعرب إعرابه. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ ثان والجملة الاسمية (هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) في محل رفع خبر «أولئك».

(أُولُوا الْأَلْبابِ) : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وهو مضاف. الألباب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : ذوو الألباب أي أصحاب العقول ويجوز أن يكون «هو» ضمير فصل أو عمادا لا محل لها فتكون كلمة (أُولُوا الْأَلْبابِ) خبر المبتدأ أولئك.

(أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) (١٩)

(أَفَمَنْ حَقَ) : الهمزة همزة إنكار تفيد النفي بمعنى هل أنت تملك التصرف في الناس؟ وفي القول الكريم تسرية الهموم عن رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ الذي كان حريصا على إيمان قومه. الفاء عاطفة على محذوف يدل عليه الخطاب التقدير : أأنت يا محمد مالك أمرهم فمن حق عليه العذاب فأنت تنقذه لأن

أصل الكلام : أمن حق عليه كلمة العذاب فأنت تنقذه والهمزة الثانية في «أفأنت» هي نفسها الهمزة الأولى في «أفمن» كررت لتوكيد معنى الإنكار والاستبعاد فالآية الكريمة على هذا جملة واحدة. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». حق : فعل ماض مبني على الفتح. فعل الشرط في محل جزم بمن.

(عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ) : جار ومجرور متعلق بحق. كلمة : فاعل مرفوع بالضمة. العذاب : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ) : الهمزة مكررة للتوكيد. الفاء واقعة في جواب الشرط. أنت : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطب مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. تنقذ : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أنت» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والجملة الاسمية (أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ ..) جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم.

(مَنْ فِي النَّارِ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. في النار : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره استقر أو أدخل والجملة الفعلية «استقر في النار» صلة الموصول لا محل لها. وثمة وجه آخر لإعراب الآية الكريمة وهو أن تكون الآية جملتين : أفمن حق عليه العذاب فأنت تخلصه؟ أفأنت تنقذ من في النار؟ وجاز حذف «فأنت تخلصه» لأن جملة «أفأنت تنقذ» دلت عليه.

(لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعادَ) (٢٠)

(لكِنِ الَّذِينَ) : حرف استدراك لا عمل له لأنه مخفف وكسر آخره لالتقاء الساكنين. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ والجملة الفعلية بعده «اتقوا ربهم» صلة الموصول لا محل لها.

(اتَّقَوْا رَبَّهُمْ) : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في

محل رفع فاعل والألف فارقة. وبقيت الفتحة دالة على الألف المحذوفة. رب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(لَهُمْ غُرَفٌ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. غرف : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة أي لهم في الآخرة غرف.

(مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ) : الجملة الاسمية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لغرف. من فوق : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. غرف : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة.

(مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي) : صفة ـ نعت ـ لغرف مرفوعة مثلها بالضمة المنونة بمعنى : من فوقها حجرات مبنية ـ وهي جمع «غرفة» أي حجرة. تجري : فعل مضارع مرفوع بالضم المقدرة على الياء للثقل.

(مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) : جار ومجرور متعلق بتجري أو بحال محذوفة من «الأنهار» أي تجري الأنهار كائنة تحتها. و «ها» ضمير متصل في محل جر بالإضافة. الأنهار : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «تجري الأنهار» في محل رفع صفة ثانية لغرف.

(وَعْدَ اللهِ) : مصدر مؤكد ـ مفعول مطلق ـ لأن قوله تعالى (لَهُمْ غُرَفٌ) في معنى وعد الله ذلك .. والمصدر منصوب بفعل محذوف تقديره : وعد وعدا وحذف تنوين آخره بعد إضافته. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(لا يُخْلِفُ اللهُ الْمِيعادَ) : الجملة الفعلية استئنافية تفيد التعليل لا محل لها. لا : نافية لا عمل لها. يخلف : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. الميعاد : مفعول به منصوب بالفتحة.

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) (٢١)

(أَلَمْ تَرَ) : الهمزة همزة تقرير بلفظ استفهام. لم : حرف نفي وجزم وقلب. تر : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الألف المقصورة ـ وبقيت الفتحة دالة على الألف والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. ويجوز أن يكون المخاطب من لم ير ولم يسمع لأن هذا الكلام جرى مجرى المثل في التعجيب وفي هذه الحالة يكون الفاعل ضميرا مستترا فيه جوازا تقديره هو والوجه الأول أصح لأن بعده : فتراه ..

(أَنَّ اللهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «أن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن» وما بعدها من اسمها وخبرها بتأويل مصدر سد مسد مفعولي «ترى». أنزل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. من السماء : جار ومجرور متعلق بأنزل. ماء : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ) : معطوفة بالواو على «أنزل» وتعرب إعرابها والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. ينابيع : حال من الضمير «الهاء» منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن «مفاعيل» وهو بصيغة منتهى الجموع ثالث أحرفه ألف بعدها أكثر من حرفين بمعنى فأدخله على حالة ينابيع.

(فِي الْأَرْضِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «ينابيع».

(ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً) : حرف عطف للتراخي. يخرج : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. به : جار ومجرور متعلق بيخرج. زرعا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) : صفة ـ نعت ـ للموصوف «زرعا» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. ألوانه : فاعل لاسم الفاعل «مختلفا» مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة على تأويل تختلف ألوانه.

(ثُمَّ يَهِيجُ) : حرف عطف يفيد التراخي. يهيج : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. أي الزرع بمعنى ثم يجف والجملة الفعلية «يهيج» في محل نصب لأنها معطوفة على جملة في محل نصب «يختلف».

(فَتَراهُ مُصْفَرًّا) : الفاء استئنافية. تراه : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. مصفرا : حال من مفعول «تراه» أي من الهاء منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : فيصفر بعد جفافه.

(ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً) : تعرب إعراب «ثم يخرج» والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. حطاما : مفعول به ثان منصوب بيجعل وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ثم يصيره فتاتا مهشما.

(إِنَّ فِي ذلِكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. في : حرف جر. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بفي. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر «إن» المقدم بمعنى : في ذلك التقلب ..

(لَذِكْرى) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة. ذكرى : اسم «إن» المؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر ولم ينون آخر الكلمة لأنها ممنوعة من الصرف اسم مقصور رباعي مؤنث مصدر.

(لِأُولِي الْأَلْبابِ) : جار ومجرور متعلق بذكرى أو بصفة محذوفة من «ذكرى» وعلامة جر الاسم الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والكلمة تكتب بواو ولا تلفظ وهي جمع بمعنى «ذوو» لا واحد له وقيل هي اسم

جمع واحده ذو .. بمعنى صاحب. الألباب : مضاف إليه مجرور بالكسرة بمعنى إنه في ذلك التقلب لموعظة لأصحاب العقول أو تذكيرا لهم.

(أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢٢)

(أَفَمَنْ) : الهمزة همزة استفهام لفظا ومعناه الإنكار والنفي. الفاء عاطفة على محذوف بمعنى : هل من عرف الله أنه من أهل اللطف فلطف به حتى شرح صدره. من : اسم موصول بمعنى «الذي» مبني على السكون في محل رفع مبتدأ بمعنى : هل الذي .. وخبر «من» محذوف يفسر ما بعده معناه : كمن لا لطف له فهو حرج الصدر قاسي القلب وهو نظير قوله في الآية الكريمة التاسعة «أمن هو قانت» في حذف الخبر.

(شَرَحَ اللهُ) : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة والجملة الفعلية (شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ) صلة الموصول لا محل لها.

(صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. للإسلام : جار ومجرور متعلق بشرح بمعنى وسع صدره للإسلام بمعنى لقبول الإسلام فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه «الإسلام» مقامه.

(فَهُوَ عَلى نُورٍ) : الفاء استئنافية للتعليل أو واقعة في جواب «من» لأنها متضمنة معنى الشرط. هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. على نور : جار ومجرور متعلق بخبر «هو».

(مِنْ رَبِّهِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «نور» والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة.

(فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) : الفاء استئنافية. ويل : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة وهو في الأصل مصدر لا فعل له معناه : تحسر وهلك وقيل : هو واد في جهنم وقيل هو اسم معنى كالهلاك. للقاسية : جار ومجرور متعلق بخبر «ويل» المحذوف. قلوب : فاعل لاسم الفاعل «القاسية» مرفوع بالضمة

و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة بمعنى : المتصلبة قلوبهم.

(مِنْ ذِكْرِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بفعل مضمر تقديره : قست بتأويل «القاسية قلوبهم» أي للذين قست قلوبهم عن ذكر الله. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة بمعنى من أجل ذكر الله.

(أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) : اسم إشارة للقاسية قلوبهم مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. والكاف حرف خطاب. في ضلال : جار ومجرور متعلق بخبر «أولئك». مبين : صفة ـ نعت ـ للموصوف «ضلال» مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة.

(اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) (٢٣)

(اللهُ نَزَّلَ) : لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. نزل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو والجملة الفعلية (نَزَّلَ أَحْسَنَ ..) في محل رفع المبتدأ.

(أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الحديث : مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو القرآن الكريم.

(كِتاباً مُتَشابِهاً) : بدل من (أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة ويجوز أن يكون حالا من (أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) متشابها : صفة ـ نعت ـ للموصوف «كتابا» منصوب مثله بالفتحة المنونة بمعنى مطلقا في مشابهة بعضه بعضا أو تتشابه به آياته في الإعجاز وتناسب ألفاظه.

(مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ) : صفة ثانية للموصوف «كتابا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة ويجوز أن يكون تمييزا من «متشابها» بمعنى : متشابهة مثانية أو يكون لفظ «مثاني» صفة لموصوف وأصله : كتابا متشابها فصولا مثاني فترك

الموصوف إلى الصفة والكلمة لم تنون لأنها ممنوعة من الصرف لأنها معدولة من عدد مكرر بمعنى كتاب معانيه مثنى مثنى أو هي جمع «مثنى» بمعنى مردد ومكرر لما ثني من قصصه وأحكامه ووعده ووعيده .. وقد جاء بمعنى جمع «مثنى» أي وصف المفرد «كتابا» بجمع على أن الكتاب جملة ذات تفاصيل .. وتفاصيل الشيء : جملته. تقشعر : فعل مضارع مرفوع بالضمة بمعنى ترتعد لسماعه جلودهم وتتغير ألوانها. والجملة الفعلية «تقشعر منه جلود ..» في محل نصب صفة أخرى للموصوف «كتابا».

(مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ) : جار ومجرور متعلق بتقشعر. جلود : فاعل مرفوع بالضمة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.

(يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. رب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.

(ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ) : حرف عطف. تلين جلود : تعرب إعراب «تقشعر جلود» و «هم» أعرب.

(وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ) : معطوف بالواو على «جلودهم» ويعرب مثله. إلى ذكر : جار ومجرور متعلق بتلين. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(ذلِكَ هُدَى اللهِ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. والإشارة إلى الكتاب أي وهو. هدى : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.

(يَهْدِي بِهِ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. به : جار ومجرور متعلق بيهدي والجملة الفعلية «يهدي به من ..» في محل نصب حال من الكتاب.

(مَنْ يَشاءُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. يشاء : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «يشاء» صلة الموصول لا محل لها بمعنى يوفق به من يشاء هدايته من عباده.

(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. يضلل : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة بمعنى ومن يخذله من الفساق على أن «من» بمعنى الاسم الموصول وهي نفسها اسم الشرط.

(فَما لَهُ مِنْ هادٍ) : الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. ما : نافية لا عمل لها. له : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. من : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. هاد : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر والحركة مقدرة على الياء المحذوفة قبل تنوينها وحذفت الياء لأن الكلمة اسم منقوص نكرة. بمعنى : فلا هادي له من بعد الله سبحانه بمعنى : لا يستطيع غير الله هدايته.

** (مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة الثانية والعشرين .. المعنى فهلاك للمتصلبة قلوبهم من أجل ذكر الله أولئك القساة القلوب في ضلال واضح بين .. حذف المضاف «أجل» وبقي المضاف إليه «ذكر» كما حذف النعت أو البدل «القساة القلوب» المشار إليه لأن ما قبله دال عليه وحذف المضاف «معرفة» وحل المضاف إليه «ربه».

** (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة والعشرين أي نزل الله تعالى القرآن الكريم تتشابه آياته في الإعجاز ومعانيه مثنى مثنى كالأوامر والنواهي والترغيب والترهيب .. إلخ .. وسماه حديثا لأن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ كان يحدث به قومه ويخبرهم بما أنزل الله عليه.

** سبب نزول الآية : قال سعد بن أبي وقاص : نزل على النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ القرآن فتلاه عليهم زمانا فقالوا : يا رسول الله لو حدثتنا؟ فنزل قوله تعالى : «الله نزل أحسن الحديث».

** (وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الرابعة والعشرين .. المعنى وقيل للظالمين أنفسهم ذوقوا وبال أو جزاء ما اقترفتم في دنياكم من الكفر والعصيان والمخاطبون هم المشركون وكفار مكة وغيرها وفيه حذف «أنفسهم» وهو مفعول اسم الفاعلين «الظالمين» كما حذف مفعول «ذوقوا» وهو «وبال .. جزاء» وأقيمت «ما» الاسم الموصول أي حذف المضاف وحل المضاف إليه محله.

** (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة التاسعة والعشرين. المعنى : بين الله مثلا رجلا عبدا مملوكا يملكه عدد من الشركاء المختلفين المتنازعين لأن «التشاكس» و «التشاخص» هما الاختلاف والتنازع ورجلا عبدا مملوكا ملكية خاصة لرجل لا شريك فيه هل يتساوى هذان العبدان؟ لا. لا يتساويان .. وضرب المثل المراد به : هو تشبيه حال غريبة بحال غريبة أخرى مثلها.

** (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثلاثين .. المعنى الكل سواء ميتون والقول الكريم رد على الذين استبطئوا موت الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يقال : مات الإنسان ـ يموت ـ موتا ومات ـ يمات .. من باب «خاف» لغة أيضا .. ومت «بكسر الميم أموت .. لغة ثالثة وهي من باب تداخل اللغتين ـ كما يقول الفيومي ـ فهو ميت ـ بتشديد الياء ـ ويأتي «ميت» بسكون الياء تخفيفا وقد جمعهما الشاعر فقال :

ليس من مات فاستراح بميت

إنما الميت ميت الأحياء

وأما «الحي» فميت بتشديد الياء ـ لا غير وعليه قوله تعالى في الآية المذكورة أي سيموتون ويعدى بالهمزة فيقال : أماته الله .. و «الموتة» أخص من «الموت» ويقال في الفرق : مات الإنسان ونفقت الدابة وتنبل البعير. ومات : يصلح في كل ذي روح وتنبل عند ابن الأعرابي كذلك. وماتت الأرض موتانا ومواتا : بمعنى : خلت من العمارة والسكان فهي موات ـ تسمية بالمصدر ـ وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : يتبع : الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى معه واحد .. يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله. ومن معاني الفعل «مات» هو الفعل «توفي» ببنائه للمجهول أي بضم التاء وكسر الفاء يقال : توفي الرجل : بمعنى قبضت روحه ومات فالقابض ـ أي «المتوفي» هو الله تعالى أي اسم فاعل بكسر الفاء والرجل هو المتوفى ـ بفتح الفاء ـ اسم مفعول فأصل الكلام : توفى الله الرجل : أي أماته. يحكى أن أبا الأسود الدؤلي كان يمشي خلف جنازة فقال له رجل : من المتوفي ـ بكسر الفاء ـ فقال : الله تعالى. وكان هذا الجهل أحد الأسباب الباعثة لعلي ـ رضي الله عنه ـ على أن أمره بأن يضع كتابا في النحو يناقض هذه القراءة. وكانت العرب تسمي النوم موتا وتسمي الانتباه حياة.

** (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والثلاثين .. المعنى ثم إنك يا محمد وإياهم .. فغلب ضمير المخاطب الغائبين في قوله «تختصمون» أي تتجادلون. وجاء الفعل بمعنى «يتنازعون» ويتخاصمون في سور أخرى كما في سورة «الحج» : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) أي هذان فريقان مختصمان وهم المؤمنون والكفرة اختلفوا في ذات الله وصفاته.

** (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والثلاثين .. المعنى لا أحد أكثر ظلما ممن كذب على الله فزعم أن له شريكا أو ولدا أو صاحبة. و «الصدق» هو ضد «الكذب» يقال : صدق الرجل في الحديث ـ يصدق ـ صدقا. وهو خلاف كذب والمتصدق ـ بكسر الدال وتشديدها ـ هو الذي يعطي الصدقة .. يقال مررت برجل يسأل ولا تقل : يتصدق والعامة تقوله وإنما المتصدق هو الذي يعطي .. و «المصدق» هو اسم فاعل للفعل «صدق» وقيل : الصديق : هو من صدقك لا من صدقك. قال الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «عليكم

بإخوان الصدق فإنهم زينة في الرخاء وعصمة في البلاء» وسمي «الصديق» صديقا لصدقه. وقال الامام علي ـ رضي الله عنه ـ لابنه الحسن : يا بني الغريب من ليس له حبيب. ومن أسماء «الصديق» الخل وهو الود والصديق. وقال «ثعلب» اللغوي : إنما سمي الخليل خليلا لأن محبته تتخلل القلب .. فلا تدع فيه خللا إلا ملأته. وقال لقمان : لا قرين أزين من العقل. وقال عدي بن زيد في أبيات شعر له عن الأصحاب :

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه

فكل قرين بالمقارن يقتدي

إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم

ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي

** (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والثلاثين أي والذي جاء بالقرآن وهو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وصدق به وهم المؤمنون وقد جاء الفعل «جاء» مفردا على لفظ «الذي» وجاءت الإشارة والضمير والاسم (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) على معنى «الذي» لأن «الذي» مثل «من» الاسم الموصول وهو مفرد لفظا مجموع معنى أو يكون الجمع على معنى : وصدق به الصديق ـ رضي الله عنه ـ والصحابة الكرام.

(أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) (٢٤)

(أَفَمَنْ يَتَّقِي) : الهمزة همزة استفهام. الفاء عاطفة على محذوف. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وخبره محذوف اختصارا لأنه معلوم من السياق بمعنى هل من يجعل وجهه وقاية له من العذاب كمن أمن العذاب أي كمن هو آمن من كل مكروه سالم من كل سوء لدخوله الجنة. يتقي : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ) : جار ومجرور متعلق بيتقي والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة. سوء : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. العذاب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(يَوْمَ الْقِيامَةِ) : مفعول فيه ـ ظرف زمان ـ منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيتقي وهو مضاف و «القيامة» مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ) : الواو استئنافية. قيل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. للظالمين : جار ومجرور متعلق بقيل .. وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(ذُوقُوا ما) : الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل ـ مقول القول ـ وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية بعده «كنتم تكسبون» صلة الموصول لا محل لها.

(كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «تكسبون» في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : تعملون والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : تكسبونه.

(كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) (٢٥)

(كَذَّبَ الَّذِينَ) : فعل ماض مبني على الفتح. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل بمعنى الذين كانوا قبل أهل مكة.

(مِنْ قَبْلِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره مضوا أو كانوا و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «مضوا من قبلهم» صلة الموصول لا محل لها بمعنى الذين سبقوهم كذبوا رسلهم ..

(فَأَتاهُمُ الْعَذابُ) : الفاء سببية. أتى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على

السكون الذي حرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ في محل نصب مفعول به مقدم. العذاب : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى فجاءهم العذاب من جهة لم تخطر لهم على بال.

(مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) : حرف جر. حيث : اسم مبني على الضم في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأتى و «حيث» ظرف مكان مساو لحين في الزمان وهو مبني على السكون وحرك آخره لالتقاء الساكنين. لا : نافية لا عمل لها. يشعرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «لا يشعرون» في محل جر بالإضافة.

(فَأَذاقَهُمُ اللهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (٢٦)

(فَأَذاقَهُمُ اللهُ) : الفاء عاطفة. أذاق : فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.

(الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. في الحياة : جار ومجرور متعلق بأذاق. الدنيا : صفة ـ نعت ـ للحياة مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف للتعذر أي أذاقهم العار.

(وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء للتوكيد. عذاب : مبتدأ مرفوع بالضمة. الآخرة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. أكبر : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف على وزن أفعل.

(لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) : حرف شرط غير جازم ـ حرف امتناع لامتناع ـ وجوابها محذوف اختصارا ولأن ما قبله دال عليه. التقدير : لو كانوا يعلمون شدة هذا العذاب لما كذبوا الرسل كما حذف مفعول «يعلمون» وهو «شدة العذاب» كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يعلمون :

الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (٢٧)

(وَلَقَدْ ضَرَبْنا) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد ويجوز أن تكون واقعة في جواب قسم مقدر قد : حرف تحقيق. ضرب : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(لِلنَّاسِ فِي هذَا) : جار ومجرور متعلق بضرب. في : حرف جر و «هذا» اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بضرب.

(الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) : بدل من اسم الإشارة مجرور مثله وعلامة جره الكسرة. من كل : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من مفعول «ضربنا» المقدر. مثل : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى بكل مثل.

(لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل نصب اسم «لعل» والجملة الفعلية «يتذكرون» في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى لعلهم يتعظون. ومعنى (لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ) هو لقد مثلنا لهم من كل مثل أو بينا وجعلنا أي جعلنا لهم الأمثال والأخبار من الأمم السابقة.

(قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (٢٨)

(قُرْآناً عَرَبِيًّا) : حال مؤكد منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة .. أو منصوب على المدح بفعل محذوف تقديره أعني ويجوز أن يكون توكيدا و «عربيا» هي الحال أو يكون حالا جامدة موصوفة و «عربيا» صفته أو تكون «عربيا» : حالا من ضمير الغائب المحذوف بتقدير : أنزلناه عربيا أي بلسان عربي منصوب بالفتحة المنونة.

(غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) : بدل من «عربيا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. ذي : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. عوج : مضاف إليه ثان مجرور بالكسرة المنونة.

(لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) : يعرب إعراب (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) في الآية الكريمة السابقة بمعنى لعلهم يخافون الله فيرعووا. أو ليتقوا الكفر والمعاصي.

(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٢٩)

(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. مثلا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.

(رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ) : مفعول به ثان منصوب بالفتحة المنونة بمعنى جعله مثلا على معنى ضرب رجلا مثلا ويجوز أن يكون «مثلا» مفعولا به بضرب و «رجلا» مفعولا به بفعل محذوف تقديره جعل رجلا والقول الكريم لبيان وصف حال الموحد والمشرك. فيه : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. شركاء : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن «فعلاء» والجملة الاسمية (فِيهِ شُرَكاءُ) في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «رجلا».

(مُتَشاكِسُونَ) : صفة ـ نعت ـ لشركاء مرفوع مثله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : مختلفون أو متخاصمون.

(وَرَجُلاً سَلَماً) : معطوف بالواو على «رجلا» الأول ويعرب إعرابه. سلما : صفة ـ نعت ـ للموصوف «رجلا» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : ذا سلامة أي ذا خلوص من الشركة.

(لِرَجُلٍ هَلْ) : جار ومجرور متعلق بالمصدر «سلما» أي خالصا له لا يشاكسه فيه أحد. هل : حرف استفهام لا محل له.

(يَسْتَوِيانِ مَثَلاً) : فعلا مضارع مرفوع بثبوت النون والألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. مثلا : صفة ـ على التمييز منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى هل تتساوى صفتاهما وحالاهما؟

(الْحَمْدُ لِلَّهِ) : مبتدأ مرفوع بالضمة. لله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر المبتدأ. التقدير : الحمد مختص لله.

(بَلْ أَكْثَرُهُمْ) : حرف إضراب للاستئناف. أكثر : مبتدأ مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(لا يَعْلَمُونَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. لا : نافية لا عمل لها. يعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : لا يعلمون الحق فيشركون بالله لجهلهم.

(إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (٣٠)

(إِنَّكَ مَيِّتٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ في محل نصب اسم «إن». ميت : خبر إن مرفوع بالضمة المنونة.

(وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب اسم «إن». ميتون : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) (٣١)

(ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ) : حرف عطف للتراخي. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل نصب اسم «إن» والميم علامة جمع الذكور. يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية بالفتحة متعلق بخبر «إن» وهو مضاف.

(الْقِيامَةِ عِنْدَ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية بالفتحة متعلق بخبر «إن» وهو مضاف.

(رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل جر مضاف إليه ثان والميم علامة جمع الذكور. تختصمون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) (٣٢)

(فَمَنْ أَظْلَمُ) : الفاء استئنافية. من : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أظلم خبر «من» مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن أفعل ومن وزن الفعل بمعنى فمن أظلم من رجل كذب.

(مِمَّنْ كَذَبَ) : أصلها : من : حرف جر و «من» اسم موصول مدغم بنون «من» مبني على السكون في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بأظلم. كذب : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي لا أحد أكثر ظلما.

(عَلَى اللهِ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بكذب. والجملة الفعلية (كَذَبَ عَلَى اللهِ) صلة الموصول لا محل لها فزعم أن له شريكا.

(وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة (كَذَبَ عَلَى اللهِ) وتعرب إعرابها بمعنى وكذب بالحق.

(إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ) : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بكذب. جاءه : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به. الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام أدخلت على نفي فرجع إلى معنى التقرير. ليس : فعل ماض ناقص مبني على الفتح.

(فِي جَهَنَّمَ) : حرف جر. جهنم : اسم مجرور بفي وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للمعرفة والتأنيث. والجار والمجرور في محل نصب متعلق بخبر «ليس» المقدم وفي القول معنى إثبات الثواء في جهنم.

(مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) : اسم «ليس» المؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر وقدرت الحركة على الألف قبل تنوينها ونون آخر الكلمة لأنها اسم مقصور رباعي نكرة. للكافرين : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «مثوى» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى بلى إن جهنم هي مكان إقامتهم.

(وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (٣٣)

(وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) : الواو استئنافية. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. جاء : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بالصدق : جار ومجرور متعلق بجاء.

(وَصَدَّقَ بِهِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة (جاءَ بِالصِّدْقِ) وتعرب إعرابها بمعنى جاء بالحق وهو القرآن الكريم ..

(أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذي». أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. والكاف حرف خطاب. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ ثان وحرك آخره بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين. المتقون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والجملة الاسمية (هُمُ الْمُتَّقُونَ) في محل رفع خبر المبتدأ الأول «أولئك» بمعنى المتقون الشرك والعذاب.

(لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) (٣٤)

(لَهُمْ ما يَشاؤُنَ) : اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية «لهم ما» في محل رفع بدل من الجملة الاسمية «هم المتقون» في الآية الكريمة السابقة أو تكون خبرا ثانيا للمبتدإ «أولئك». يشاءون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : ما يشاءونه بمعنى ما يريدونه أو يكون المفعول به محذوفا.

(عِنْدَ رَبِّهِمْ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيشاءون وهو مضاف. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه ثان.

(ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب. جزاء : خبر «ذلك» مرفوع بالضمة. المحسنين : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. ويجوز أن تكون «جزاء» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. فتكون الجملة الاسمية «هو جزاء المحسنين» في محل رفع خبر «ذلك».

(لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (٣٥)

(لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ) : اللام لام التعليل حرف جر. يكفر : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. عن : حرف جر و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بيكفر. والجملة الفعلية (لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ ..) صلة حرف مصدري لا محل لها بمعنى ليمحو الله عنهم.

(أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا) : مفعول به منصوب بالفتحة و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بجزاء المحسنين. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة. عملوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمر متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : الذي عملوه.

(وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ) : معطوف بالواو على «يكفر» ويعرب إعرابه والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول. أجر : مفعول به ثان منصوب بيجزي وعلامة نصبه الفتحة. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(بِأَحْسَنِ الَّذِي) : جار ومجرور متعلق بيجزي. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة وكسر آخر «أحسن» لإضافته.

(كانُوا يَعْمَلُونَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يعملون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : الذي كانوا يعملونه في دنياهم بمعنى بأعمالهم التي كانوا يأتونها.

** (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والثلاثين .. المعنى ذلك الجزاء هو جزاء فحذف البدل أو الصفة ـ الجزاء ـ المشار إليه اختصارا لأن «جزاء المحسنين» دال عليه.

** (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة والثلاثين .. وبما أن الهمزة في «أليس» همزة إنكار أدخلت على نفي فأفيد بالقول معنى إثبات الكفاية وتقريرها فيكون الجواب : بلى. أي إن الله تعالى كاف عبده حافظا إياه من السوء والمراد بعبده هو الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وفيه تتبين منزلة النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ عند رب العالمين.

** سبب نزول الآية : نزلت آية «ويخوفونك» حينما قال مشركو قريش للرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : إنك يا محمد لتعيب آلهتنا فلتكفن عن شتم آلهتنا وإنا لنخاف أن تخبلنك! فطمأن الله سبحانه عبده ونبيه بأنه كافيه من كل شر حافظه من كل سوء.

** (إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة والثلاثين .. المعنى : إن أراد الله أن يصيبني بضرر كالمرض وغيره هل تستطيع آلهتكم أن تحميني وتنجيني منه أو أراد سبحانه أن ينفحني ويشملني برحمته هل تستطيع آلهتكم أن تمنع ذلك عني وهو قول الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال مقاتل : سألهم النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ذلك؟ فسكتوا فنزل هذا القول الكريم وفيه أضيف اسم الفاعلات «كاشفات» إلى المفعول «ضره» و «ممسكات» إلى «رحمته» ولهذا حذف تنوين آخرهما للإضافة ولو كانت اللفظتان «كاشفات» و «ممسكات» منونتين لانتصبت كلمتا «ضره» و «رحمته» على المفعولية لاسم الفاعلات لأن اسم الفاعل يعمل عمل فعله إذا كان فعلا متعديا.

** (مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأربعين .. المعنى : فسوف تعلمون من يأتيه عذاب أي من الذي يأتيه عذاب يهينه ويذله في الدنيا وهو عذاب حل بهم في معركة بدر حيث حقق الله وعده فنصر رسوله وأذل أعداءه وثل عرشهم وأورثه أرضهم دونهم .. يقال : خزي ـ يخزى ـ خزيا ـ بمعنى ذل وهان وقال ابن السكيت : أي وقع في بلية. والفعل من باب «علم» ويتعدى الرباعي «أخزى» إلى المفعول نحو : أخزاه الله : بمعنى : أذله وأهانه.

** (وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الحادية والأربعين .. المعنى ومن ضل أو انحرف عن الهدى فإنما ضرر ضلاله أو وبال ضلاله على نفسه أي عائد إليه. يقال : ضل ـ يضل ضلالا : أي ضاع وهلك وضل الرجل الطريق ـ يضله وضل عنه .. من باب «ضرب» بمعنى : زل عنه ولم يهتد إليه فهو ضال ـ اسم فاعل ـ قال الفيومي : والمصدر : ضلالا وضلالة .. وهذه لغة «نجد» وهي الفصحى وبها جاء القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة «سبأ» : (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي) وفي لغة لأهل العالية : الفعل من باب «تعب» واسم الفاعل «ضال» بتشديد اللام .. قال تعالى في سورة «الضحى» : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) أي فآواك وضالا فعلمك وهداك .. و «ضالا» معناه : الضلال عن علم الشرائع وما طريقه السمع كقوله تعالى في سورة «الشورى» : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ) وقيل : ضل ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ في صباه في بعض شعاب مكة فرده أبو جهل إلى عبد المطلب .. وقيل أضلته ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ حليمة عند باب مكة حين فطمته وجاءت به لترده على عبد المطلب. وقيل : ضل ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ في طريق الشأم حين خرج أبو طالب. ومن أقوال الرسول الكريم ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إذا خرج من البيت : «بسم الله .. توكلت على الله. اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل» ويقال هذا رجل ضليل : بمعنى ضال جدا واللفظة من صيغ المبالغة ـ فعيل بمعنى فاعل ـ ومثله في المعنى : رجل مضلل ـ اسم مفعول ـ ومن أمثال العرب قولهم : ضل بن ضل ـ بكسر الضاد الأولى وضم الضاد الثانية ـ يضرب هذا المثل لمن لا يعرف هو ولا أبوه .. وهو مثل قولهم : طامر بن طامر .. قال أبو عمرو : أي بعيد ابن بعيد. من قولهم : طمر إلى بلد كذا : إذا ذهب إليها .. يضرب لمن يثب على الناس وليس له أصل ولا قديم .. وهو مثل قولهم أيضا : صلمعة بن قلمعة ..

** (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) : هذا القول الكريم هو مستهل الآية الكريمة الثانية والأربعين .. المعنى : الله يقبض الأرواح حين موت أجسادها ويقبض الأرواح التي لم تمت في نومها بمعنى يتوفاها حين تنام أي حين نومها تشبيها للنائمين بالموتى حيث لا يميزون ولا يتصرفون كما أن الموتى كذلك .. وبعد حذف المضاف إليه الثاني «أجساد» أوصل المضاف إليه الأول «موت» إلى المضاف إليه الثالث الضمير «ها» فصار : موتها كما حذف الموصوف «الأنفس» مفعول «يتوفى» وحل محله الاسم الموصول «التي» الصفة وحذف الموصوف «الأنفس» اختصارا لأن ما قبله دال عليه وكرر هذا الحذف أيضا في قوله «فيمسك التي» أي فيمسك الأنفس التي «قضى عليها بالموت ..» أي الموت الحقيق فلا يردها في وقتها حية أي فيمسكها عنده سبحانه ولا يردها لجسدها حية كما حذف الموصوف «الأنفس» وأقيمت الصفة «الأخرى» مقامه في قوله : ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى .. أي إلى وقت ضربه لموتها وقيل : المعنى : فيمسك الروح التي قضى على صاحبها الموت ويرسل روح النفس الأخرى وهي النائمة إلى بدن صاحبها. و «النفس» و «الروح» شيء واحد في رأي جماعة .. وهما شيئان مختلفان في رأي آخرين.

** (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والأربعين .. المعنى : انقبضت صدور الكافرين ونفرت قلوبهم .. وأصل الاشمئزاز : أن يمتلئ الإنسان غما حتى ينقبض وإذا ذكر الأوثان والأصنام امتلأت قلوبهم سرورا حتى تنبسط له بشرة وجوههم. وأين هؤلاء الكفار من نبي الله إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ حين نزل عليه ملك بصورة رجل وقد كان إبراهيم يرعى الغنم فسمع صوت الملاك يقول : الله. فانتشى إبراهيم لسماعه هذه اللفظة العذبة فأحب أن يسمعها منه ثانية فقال له : ما ذا تعطيني؟ فقال : أعطيك نصف غنمي ففعل وطلب إبراهيم من الملك أن يقولها مرة أخرى ففعل وأعطاه النصف الآخر وعند ما طلب أن يسمع هذه اللفظة الجليلة «الله» قال له الملاك : ما ذا تعطيني ولم يبق معك غنم؟ فقال له : أرعى غنمك!.

(أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) (٣٦)

(أَلَيْسَ اللهُ) : الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام مبالغة في الإثبات أي أدخلت. على نفي فأفيد معنى إثبات الكفاية وتقريرها. ليس : فعل ماض ناقص من أخوات «كان» مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : اسم «ليس» مرفوع بالضمة.

(بِكافٍ عَبْدَهُ) : الباء حرف جر زائد لتأكيد معنى إثبات الكفاية. كاف : اسم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه خبر ليس وهو اسم فاعل. عبده : مفعول به منصوب باسم الفاعل «كاف» بتأويل فعله والهاء ضمير متصل في

محل جر بالإضافة وعلامة نصب «عبده» الفتحة بمعنى : كافيا عبده محمدا حافظا إياه من السوء.

(وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ) : الواو استئنافية. يخوفونك : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. الباء حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بيخوفون.

(مِنْ دُونِهِ) : جار ومجرور متعلق بمحذوف تقديره : اتخذوها والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «اتخذوها من دونه» صلة الموصول لا محل لها. أي الأوثان التي اتخذوها آلهة من دون الله سبحانه.

(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) : أعرب في الآية الكريمة الثالثة والعشرين بمعنى فماله هاد يهديه من بعده.

(وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ) (٣٧)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآيتين الثالثة والعشرين والسادسة والثلاثين. ذي : صفة ـ نعت ـ لعزيز مجرور مثله على اللفظ وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. انتقام : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : غالب ينتقم من أعدائه وبمعنى لا يستطيع أحد أن يضله.

(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) (٣٨)

(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) : الواو استئنافية. اللام موطئة للقسم ـ اللام المؤذنة ـ إن : حرف شرط جازم. سألت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك فعل الشرط في محل جزم بإن. التاء ضمير متصل ـ

ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به وجملة «إن سألتهم» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه لا محل لها وجملة القسم المحذوفة ابتدائية لا محل لها.

(مَنْ خَلَقَ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول به ثان أو في محل جر بحرف جر محذوف. التقدير : عمن خلق .. والجار والمجرور متعلق بسألت. من : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. خلق : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية (خَلَقَ السَّماواتِ ..) في محل رفع خبر «من».

(السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» منصوبة مثلها وعلامة نصبها الفتحة أي أبدعهما وأوجدهما.

(لَيَقُولُنَّ اللهُ) : الجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها .. وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم أو جواب القسم سد مسد الجوابين. اللام واقعة في جواب القسم المقدر. يقولن : فعل مضارع مبني على حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة وسبب بنائه على حذف النون اتصاله بنون التوكيد الثقيلة وواو الجماعة المحذوفة لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد الثقيلة في محل رفع فاعل ونون التوكيد لا محل لها. الله لفظ الجلالة : خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. مرفوع للتعظيم بالضمة والجملة الاسمية «هو الله» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ والأفصح أن يكون لفظ الجلالة فاعلا لفعل محذوف اختصارا ولأن ما قبله «خلق» دال عليه. أي خلقهن الله فتكون الجملة الفعلية «خلقهن الله» في محل نصب مفعولا به ـ مقولا للقول ـ.

(قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وأصله : قول .. حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين

والجملة بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الهمزة استفهام تفيد التقرير الفاء عاطفة على محذوف. رأيتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل .. ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور بمعنى : أخبروني أو يكون المعنى : الله خلقهما قل أخبروني.

(ما تَدْعُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به برأيتم أي أخبرونيه أو منصوب بتدعون قدم على عامله. تدعون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية «تدعون» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول أي المفعول على الوجه الأول محذوف أي ما تدعونها.

(مِنْ دُونِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من مفعول «تدعون» الثاني أي ما تدعونها آلهة من غير الله ولفظ الجلالة «الله» مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة بمعنى أخبروني عمن تعبدون من غيره.

(إِنْ أَرادَنِيَ) : حرف شرط جازم. أرادني : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن. النون للوقاية والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ حرك بالفتح للوصل ـ التقاء الساكنين ـ في محل نصب مفعول به مقدم.

(اللهُ بِضُرٍّ) : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. بضر : جار ومجرور متعلق بأراد بمعنى إن أراد أن يصيبني بضر.

(هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ) : الجملة الاسمية مسبوقة باستفهام غير مقترن بالفاء لا محل لها. هل : حرف استفهام لا عمل لها له. هن : ضمير منفصل ـ ضمير الإناث الغائبات ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. كاشفات : خبر «هن» مرفوع بالضمة وهو مضاف ـ من إضافة اسم الفاعل إلى معموله ـ ضره : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه ثان أي فهل تستطيع آلهتكم أن تحميني منه؟

(أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) : القول معطوف بأو حرف العطف على الجملة قبله ويعرب إعرابه وفاعل «أرادني» ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود على الله سبحانه. الجواب : كلا.

(قُلْ حَسْبِيَ اللهُ) : أعرب. حسبي : مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة وحركت بالفتح للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الله : خبر «حسبي» مرفوع للتعظيم بالضمة بمعنى كفاني الله في جلب الخير ودفع الشر والجملة الاسمية «حسبي الله» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) : جار ومجرور متعلق بيتوكل وقدم على الفعل للتأكيد على المتوكل عليه وهو الله سبحانه والفعل «يتوكل» فعل مضارع مرفوع بالضمة. المتوكلون : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد.

(قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٣٩)

(قُلْ يا قَوْمِ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. وحذفت الواو ـ أصله : قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين. يا : أداة نداء. قوم : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء المحذوفة منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المأتي بها من أجل الياء والياء المحذوفة خطا واختصارا ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة.

(اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. على مكانتكم : جار ومجرور متعلق باعملوا الكاف ضمير متصل ـ ضمير

المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور أي على حالكم التي أنتم عليها.

(إِنِّي عامِلٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». عامل : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة وحذفت صلة اسم الفاعل «عامل» اختصارا لأن ما قبله دال عليه أي إني عامل على قدر استطاعتي.

(فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) : الفاء واقعة في جواب الطلب «اعملوا» التقدير : إن تعملوا على مكانتكم فسوف تعلمون. السين : حرف تسويف ـ استقبال ـ تعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. أي تعلمون سوء مصيركم وخير عاقبتي أو يكون المفعول في الآية التالية.

(مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ) (٤٠)

(مَنْ يَأْتِيهِ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به بتعلمون. يأتيه : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به مقدم وجملة (يَأْتِيهِ عَذابٌ ..) صلة الموصول لا محل لها.

(عَذابٌ يُخْزِيهِ) : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. يخزيه : تعرب إعراب «يأتيه» والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي العذاب. والجملة الفعلية «يخزيه» في محل رفع صفة ـ نعت ـ لعذاب .. بتقدير : عذاب مخز له.

(وَيَحِلُّ عَلَيْهِ) : الواو عاطفة. يحل : فعل مضارع مرفوع بالضمة. عليه : جار ومجرور متعلق بيحل بمعنى وينزل عليه.

(عَذابٌ مُقِيمٌ) : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. مقيم : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع مثله بالضمة المنونة أي عذاب دائم وهو عذاب النار.

(إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) (٤١)

(إِنَّا أَنْزَلْنا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب اسم «إن». أنزلنا : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا. و «نا» ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(عَلَيْكَ الْكِتابَ) : جار ومجرور متعلق بفعل «أنزلنا». الكتاب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(لِلنَّاسِ بِالْحَقِ) : جار ومجرور متعلق بفعل «أنزلنا» بمعنى أنزلناه عليك لأجل الناس أي لأجل حاجتهم إليه. بالحق : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من المصدر ـ المفعول المطلق ـ المحذوف بمعنى : ملتبسا بالحق أو يكون الجار والمجرور في محل نصب حالا من «الكتاب» بمعنى : ومعه الحق. أو من الضمير «نا» بمعنى : محقين.

(فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الثامنة بعد المائة من سورة «يونس» بمعنى : فمن اختار الهدى فقد نفع نفسه ومن اختار الضلالة فقد ضرها.

(اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (٤٢)

(اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ) : لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. يتوفى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الأنفس : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والجملة الفعلية (يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ) في محل رفع خبر المبتدأ بمعنى : يقبض الأرواح.

(حِينَ مَوْتِها) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بيتوفى وهو مضاف. موت : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة

جره الكسرة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ) : الواو عاطفة. التي : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب لأنه معطوف على «الأنفس» بمعنى ويتوفى الأنفس التي .. لم : حرف نفي وجزم وقلب. تمت : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. وحذفت الواو ـ أصله : تموت ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة الفعلية «لم تمت ..» صلة الموصول لا محل لها.

(فِي مَنامِها) : جار ومجرور متعلق بتمت. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(فَيُمْسِكُ الَّتِي) : الفاء استئنافية. يمسك التي : يعرب إعراب «يتوفى التي» وعلامة رفع الفعل الضمة الظاهرة في آخره.

(قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عليها : جار ومجرور متعلق بقضى. الموت : مفعول به منصوب بالفتحة.

(وَيُرْسِلُ الْأُخْرى) : معطوف على «يمسك» ويعرب إعرابه. الأخرى : مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر.

(إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) : جار ومجرور متعلق بيرسل. مسمى : صفة ـ نعت ـ لأجل مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المقدرة للتعذر على الألف قبل تنوينها ونون آخر الاسم لأنه اسم مقصور مذكر نكرة أي إلى موعد مقرر لموتها.

(إِنَّ فِي ذلِكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. في : حرف جر. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بفي. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. والجار والمجرور متعلق بخبر «إن» المتقدم أي إن في

توفي الأنفس وإمساكها .. وإرسالها إلى أجل مسمى لا تتأخر عنه ولا تتقدم أي إلى وقت ضربه سبحانه لموتها.

(لَآياتٍ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة. آيات : اسم «إن» المؤخر منصوب بالكسرة المنونة بدلا من الفتحة المنونة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.

(لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «آيات». يتفكرون : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ للموصوف «قوم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى يتفكرون في الحياة والموت.

(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ) (٤٣)

(أَمِ اتَّخَذُوا) : حرف إضراب بمعنى «بل» ومعناها هل اتخذ المشركون والهمزة للإنكار والتوبيخ هنا وكسر آخرها ـ الميم ـ لالتقاء الساكنين. اتخذوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى بل اتخذت قريش لهم وسطاء يشفعون لهم عند الله؟

(مِنْ دُونِ اللهِ) : جار ومجرور في مقام المفعول الثاني لاتخذ. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.

(شُفَعاءَ قُلْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن «فعلاء» بمعنى : وسطاء يشفعون لهم عند الله. قل : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ـ أصله : قول ـ حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة بعده مفعول به ـ مقول القول ـ.

(أَوَلَوْ كانُوا) : الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام. الواو عاطفة على محذوف بتقدير : أيشفعون لكم ولو كانوا .. أو تكون الواو حالية بمعنى

أيشفعون مع كونهم لا يملكون شيئا. لو : مصدرية. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة.

(لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» والجملة الفعلية (كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً) صلة حرف مصدري لا محل لها و «لو» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب حال من ضمير «اتخذوا». لا : نافية لا عمل لها. يملكون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. شيئا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : لا يملكون شفاعة.

(وَلا يَعْقِلُونَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على (لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً) وتعرب إعرابها أي لا يعقلون شيئا بمعنى لا يدركون.

(قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٤٤)

(قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ) : أعرب في الآية الكريمة السابقة. لله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بخبر مقدم. الشفاعة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.

(جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ) : توكيد للشفاعة أي كلها بمعنى جميعها وبإسقاط الضمير «ها» نونت اللفظة أو تكون حالا من الشفاعة منصوب بالفتحة المنونة بمعنى «مجتمعة». له : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. ملك : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.

(السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : مضاف إليه مجرور بالكسرة. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها.

(ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) : حرف عطف يدل على الترتيب. إليه : جار ومجرور متعلق بترجعون. ترجعون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى ثم تردون إليه يوم القيامة.

(وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (٤٥)

(وَإِذا ذُكِرَ) : الواو عاطفة. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمن متضمن معنى الشرط مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه. ذكر : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والجملة الفعلية «ذكر الله» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف.

(اللهُ وَحْدَهُ) : نائب فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. وحده : مصدر سد مسد الحال .. أصله : يحد وحده بمعنى واحدا وحده وقد اختلف في إعرابه فهو منصوب عند الكوفيين على الظرفية وعند البصريين على المصدر بتقدير أوحدته إيحادا ثم وضع «وحده» هذا الموضع أو ذكر الله منفردا انفرادا ثم وضع «وحده» موضعه ونصب على الحال أي منفردا ولا يضاف إلا في قولهم : فلان نسيج وحده وهو على المدح كأنك قلت : نسيج إفراد فلما وضعت وحده موضع مصدر مجرور جررته. والكلمة «وحده» لا تثنى ولا تجمع.

(اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. قلوب : فاعل مرفوع بالضمة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.

(لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. لا : نافية لا عمل لها. يؤمنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بالآخرة : جار ومجرور متعلق بيؤمنون.

(وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ) : معطوف بالواو على «إذا ذكر» ويعرب إعرابه. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع نائب فاعل.

(مِنْ دُونِهِ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : عبدوا. والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «عبدوا من دونه» صلة الموصول لا محل لها وهم آلهتهم من الأوثان أي الأصنام.

(إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) : حرف فجاءة ـ فجائية ـ سادة مسد الفاء في المجازاة والعامل فيها تقديره وقت ذكر الذين من دونه فاجئوا وقت الاستبشار. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. يستبشرون : تعرب إعراب «يؤمنون» والجملة الفعلية «يستبشرون» في محل رفع خبر «هم» والجملة الاسمية (هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) جواب شرط غير جازم لا محل لها بمعنى : امتلأت قلوبهم سرورا فرحا بذكر آلهتهم.

(قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٤٦)

(قُلِ اللهُمَ) : فعل أمر مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ـ وأصله : قول ـ حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين والجملة بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول. اللهم : لفظ الجلالة مبني على الضم في محل نصب لأنه منادى بأداة نداء محذوفة والميم المشددة عوض عن أداة النداء المحذوفة وحذفت أداة النداء لأنه لا يجمع بين العوض والمعوض عنه.

(فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : بدل من المنادى «اللهم» المنصوب محلا وبدل المنصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف أو يكون منصوبا بأداة نداء محذوفة. التقدير : يا فاطر وحذفت أداة النداء اكتفاء بالمنادى من باب التوقير. السموات : مضاف إليه مجرور بالكسرة. والأرض : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها.

(عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) : يعرب إعراب (فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بمعنى : عالم الظاهر والباطن من أمور الكون.

(أَنْتَ تَحْكُمُ) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. تحكم : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. والجملة الفعلية «تحكم ..» في محل رفع خبر «أنت» بمعنى تحكم بينهم يوم القيامة.

(بَيْنَ عِبادِكَ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بتحكم وهو مضاف. عباد : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل جر مضاف إليه ثان.

(فِي ما كانُوا) : حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بفي والجار والمجرور متعلق بتحكم. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة.

(فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) : جار ومجرور متعلق بيختلفون. والجملة الفعلية (كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) صلة الموصول لا محل لها. يختلفون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل أي يختلفون في أمور الدين.

(وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) (٤٧)

(وَلَوْ أَنَ) : الواو استئنافية. لو : حرف شرط غير جازم. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل لفعل محذوف تقديره : ثبت. التقدير : لو ثبت تملكهم كل ما في الأرض لافتدوا به.

(لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) : اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بخبر «أن» المقدم. ظلموا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسم «أن» المؤخر. في الأرض : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : استقر أو وجد والجملة الفعلية «وجد في الأرض» صلة الموصول

لا محل لها. جميعا : توكيد للمؤكد «ما» ويجوز أن يكون حالا من الاسم الموصول «ما» وهو منصوب بالفتحة المنونة بمعنى «كله» على الوجه الأول و «مجتمعين» على الوجه الثاني.

(وَمِثْلَهُ مَعَهُ) : معطوف بالواو على «ما» منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. التقدير : وإن لهم مثله. معه : ظرف مكان متعلق بحال محذوفة من «مثله» التقدير : كائنا أو موازيا منصوب على الظرفية وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(لَافْتَدَوْا بِهِ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها. اللام واقعة في جواب «لو». افتدوا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المقصورة المحذوفة لاتصاله بواو الجماعة ولالتقاء الساكنين. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. به : جار ومجرور متعلق بفعل «افتدوا» بمعنى : لبذلوا كل ما ملكوا لفداء أنفسهم به أي تعدى الفعل بحرف الجر لأن التقدير : لافتدوه. أو يكون المفعول محذوفا. التقدير لفدوا به أنفسهم أو لجعلوه فدية لهم.

(مِنْ سُوءِ الْعَذابِ) : جار ومجرور متعلق بمفعول له محذوف بتقدير : لتحاموا به من سوء العذاب أي توقيا أو تجنبا من شدة العذاب بمعنى : خوفا من شدته. العذاب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(يَوْمَ الْقِيامَةِ) : مفعول فيه ـ ظرف زمان ـ منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بفعل «افتدوا» وهو مضاف. القيامة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَبَدا لَهُمْ) : الواو عاطفة. بدا : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. اللام حرف جر و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق ببدا بمعنى ولظهر أو تبين لهم.

(مِنَ اللهِ ما) : جار ومجرور للتعظيم متعلق ببدا بمعنى من عذاب الله. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يكونوا : فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «يكون» والألف فارقة. والجملة الفعلية «يحتسبون» في محل نصب خبر «يكون» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير :

يحتسبونه. بمعنى : ما لم يكن يخطر لهم على بال جزاء ما اقترفوه.

(وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٤٨)

(وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على (بَدا لَهُمْ) في الآية السابقة. سيئات : فاعل مرفوع بالضمة.

(ما كَسَبُوا) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة. كسبوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير ما كسبوه أي سيئات أعمالهم التي جنوها أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «كسبوا» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالإضافة. التقدير : سيئات كسبهم.

(وَحاقَ بِهِمْ) : الواو عاطفة. حاق : فعل ماض مبني على الفتح. الباء حرف جر و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بحاق بمعنى وأحاط بهم أو نزل بهم.

(ما كانُوا) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل

في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. والجملة الفعلية (كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) صلة الموصول لا محل لها أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة (كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل «حاق» التقدير ونزل بهم أو أحاط بهم جزاء هزئهم فحذف الفاعل المضاف «جزاء» وحلت محله «ما» أي الاسم الموصول المضاف إليه.

(بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) : جار ومجرور متعلق بيستهزءون بمعنى : يسخرون به من الفرائض. يستهزءون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

** (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ) : في هذا القول الكريم الوارد في الآية الكريمة السابعة والأربعين حذف مفعول «ظلموا» اختصارا .. المعنى لو ملك الذين ظلموا أنفسهم بالشرك والمعصية كل ما في الأرض لهان عليهم أن يبذلوه لفداء أنفسهم به.

** (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والأربعين .. المعنى : وظهرت لهم قبائح ما اجترموه من الأعمال الشنيعة أو وظهرت أو بانت لهم سيئات أعمالهم التي جنوها أي أنواع العذاب التي يجازون فيها على ما اقترفوا من آثام .. وقد ذكر الفعل «بدا» مع فاعله المؤنث «سيئات» لفصله عن فاعله بفاصل أو لأن «سيئات» بمنزلة الذنب والإثم.

** (فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والأربعين .. المعنى إذا أصاب الإنسان ضرر من مرض وغيره استغاث بنا لكشف الضر عنه ثم إذا منحناه نعمة من عندنا شمخ بأنفه مترفعا وزعم بتكبر أنه أوتي تلك النعمة على علم وخبرة منه أو بعلم خاص عنده أو ادعى أنه منحها لاستحقاقه إياها وذكر الضمير في «أوتيته» وهو للنعمة ذهابا به إلى المعنى لأن قوله «نعمة منا» معناه : منحناه شيئا من النعم وقسما منها أو الضمير عائد على الاسم الموصول «ما» على معنى إن الذي أوتيته .. وبعد أن ذكر الضمير ثم أنث في قوله «بل هي فتنة» حملا على المعنى أولا وعلى اللفظ آخرا ولما كان الخبر «فتنة» مؤنثا ساغ تأنيث المبتدأ «هي» لأجله لأنه في معناه ويلاحظ أن هذه الآية الكريمة عطفت بالفاء والآية الكريمة الخامسة والأربعين عطفت بالواو لأن هذه الآية وقعت مسببة عن قوله : (وَإِذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ ..) على معنى أنهم يشمئزون عن ذكر الله ويستبشرون بذكر الآلهة فإذا مس أحدهم ضر دعا من اشمأز من ذكره دون من استبشر بذكرها ـ أي الأصنام ـ وما بين الآيتين من الآيات اعتراض .. وأما الآية الكريمة الخامسة والأربعون فلم تقع مسببة بل هي ناسبت ما قبلها فعطفت بالواو. وحذف مفعول «يعلمون» أي لا يعملون ذلك أي إن منحهم النعمة هو ابتلاء لهم أي استدراج لهم من الله واختبار.

** (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثالثة والخمسين المعنى : لا تيأسوا من رحمة الله .. يقال : قنط ـ يقنط ـ قنوطا .. بمعنى يئس .. وهو من بابي : ضرب .. وتعب و «القنوط» بضم القاف : اليأس من رحمة الله تعالى .. فهو قانط ـ اسم فاعل ـ و «قنوط» وقال الفيومي : وحكى الجوهري لغة ثالثة من باب «قعد» وقال الجوهري : وقنط اسم فاعل أيضا ـ بفتح القاف وكسر النون ـ فأما «قنط ـ يقنط ـ بفتح النون فيهما ـ وقنط ـ يقنط ـ بكسر النون فيهما ـ فإنما هو على الجمع بين اللغتين.

** سبب نزول الآية : قال ابن عباس : إن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا ثم أتوا محمدا ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن .. أو تخبرنا أن لنا توبة. فنزل قوله تعالى في هذه الآية الكريمة.

** (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والخمسين .. المعنى : وارجعوا أو وتوبوا إلى ربكم واستسلموا له .. يقال : أسلم المؤمن أمره إلى الله أو لله بمعنى : سلمه وأسلم : أي دخل في السلم ـ بفتح السين واللام ـ وهو الاستسلام وسلم المسافر ـ يسلم ـ سلما .. من باب «تعب» وسلامة بمعنى : خلص ونجا من الآفات فهو سالم ـ اسم فاعل وبه سمي .. أما «السلام» فهو اسم من «سلم عليه» وهو أيضا من أسماء الله الحسنى. قال السهيلي و «سلام» : اسم رجل لا يوجد بالتخفيف ـ أي تخفيف اللام ـ إلا عبد الله بن سلام وأما اسم غيره من المسلمين فلا يوجد إلا بالتثقيل ـ أي تشديد اللام ـ و «السلم» بكسر السين وفتحها هو الصلح ويذكر ويؤنث. ويقال : سلم إليه الشيء فتسلمه : أي أخذه .. وتسلم الشيء : بمعنى : تناوله وقبضه ويتعدى إلى مفعولين نحو : سلمه الشيء : بمعنى : أعطاه إياه. أما الفعل «استلم» فمعناه : لمس .. وقد اختص بالحجر الأسود فيقال : استلم الحاج الحجر الأسود : أي لمسه .. إما بالتقبيل أو باليد وربما استعمل في غير ذلك نحو : استلم يده : أي مسحها أو قبلها ويقال سلم الرجل الوديعة لصاحبها أي أوصلها فتسلم ذلك ومنه قيل : سلم الدعوى : إذا اعترف بصحتها فهو إيصال معنوي.

** (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة والخمسين .. وفيه نكرت «نفس» لأن المراد بها الأنفس وهي نفس الكافر ويجوز أن يراد التكثير والمعنى ارجعوا خوف أن تقول نفس يا حسرتي وندامتي على ما أضعت في جانب الله أي في ذاته. وفي القول الكريم كناية حسنة وفيه يقدر مضاف محذوف سواء ذكر الجنب أو لم يذكر بمعنى فرطت في طاعة الله.

** (أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والخمسين .. و «كرة» بمعنى : رجعة .. يقال : كر ـ يكر ـ كرا ـ بمعنى : رجع .. وهو من باب «رد» و «الكر» أيضا : اسم بمعنى الرجوع والفعل يتعدى بنفسه نحو : كره. ولا يتعدى نحو كر بنفسه ومنه الفعل المضعف «كرر» نحو : كرر الشيء ـ يكرره تكريرا وتكرارا ـ بفتح التاء أيضا وهو مصدر وبكسر التاء وهو الاسم. قال ابن الرومي :

ما أنسى لا أنسى خبازا مررت به

يدحو الرقاقة وشك اللمح بالبصر

ما بين رؤيتها في كفه كرة

وبين رؤيتها قوراء كالقمر

** (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة والستين .. المعنى : بيده مفاتيح خير السموات والأرض .. والكلام من باب الكناية لأن حافظ الخزائن ومدبر أمرها هو الذي يملك مقاليدها .. أي مفاتيحها وهو جمع «مقلاد» أو «مقليد» أو «إقليد» على الشذوذ أي مفتاح.

** (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والستين. والجاهلون جمع جاهل ـ اسم فاعل.

** سبب نزول الآية : قال المشركون للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أتضلل آباءك وأجدادك يا محمد؟ وكانوا أيضا طلبوا منه ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أن يزور آلهتهم فيتبعونه ويؤمنون به بعدئذ.

(فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٤٩)

(فَإِذا) : الفاء استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان متضمن معنى الشرط مبني على السكون خافض لشرطه متعلق بجوابه.

(مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ) : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف وهي فعل ماض مبني على الفتح. الإنسان : مفعول به مقدم منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ضر : فاعل مرفوع بالضمة المنونة.

(دَعانا) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «نا» ضمير متصل مبني على السكون ضمير الواحد المطاع في محل نصب مفعول به.

(ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ) : حرف عطف. إذا : أعرب. خول : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به.

(نِعْمَةً مِنَّا قالَ) : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة والجملة الفعلية (خَوَّلْناهُ نِعْمَةً) في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف. من : حرف جر و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل جر

بمن والجار والمجرور متعلق بصفة محذوفة من «نعمة». قال : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «قال» وما بعدها جواب شرط غير جازم لا محل لها.

(إِنَّما أُوتِيتُهُ) : الجملة المؤولة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إنما : كافة ومكفوفة أو تكون «إن» حرفا مشبها بالفعل حرف نصب وتوكيد و «ما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل نصب اسم «إن» ويكون شبه الجملة «على علم» في محل رفع خبر «إن». أوتيته : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.

(عَلى عِلْمٍ) : جار ومجرور في محل نصب حال من ضمير المتكلم في «أوتيته» بتقدير : عالما بأني سأعطاه لما في من فضل واستحقاق هذا الإعراب يكون في حالة إعراب «إنما» كافة ومكفوفة. وعلى الوجه الثاني من إعراب «إنما» وهو إعراب «إن» حرف نصب وتوكيد يكون شبه الجملة ـ الجار والمجرور .. على علم ـ متعلقا بخبر «إن» بمعنى : إن الذي أعطيته أنا على علم أو كنت على علم بأني سأعطاه لما في من فضل واستحقاق ..

(بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ) : حرف إضراب للاستدراك بمعنى الإنكار لقوله بمعنى : ما منحناك من النعمة لما تقول بل هي اختبار أو امتحان أو ابتلاء لك أن تشكر أو تكفر. هي : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. فتنة. خبر «هي» مرفوع بالضمة المنونة.

(وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) : الواو استدراكية. لكن : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن». أكثر : اسم «لكن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «لا يعلمون» في محل رفع خبر «لكن».

(لا يَعْلَمُونَ) : نافية لا عمل لها. يعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٥٠)

(قَدْ قالَهَا) : حرف تحقيق. قال : فعل ماض مبني على الفتح و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم أي قال هذه الكلمة وهي قوله (إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) لأنها جملة من القول أو كلمة.

(الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. من : حرف جر. قبل : اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة والجار والمجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : وجدوا .. والجملة الفعلية «وجدوا من قبلهم» صلة الموصول لا محل لها بمعنى الذين سبقوهم.

(فَما أَغْنى عَنْهُمْ) : الفاء عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. أغنى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. عن : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بأغنى وهو في مقام المفعول به المقدم أي فما نفعهم أو أفادهم.

(ما كانُوا يَكْسِبُونَ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. يكسبون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والجملة الفعلية (كانُوا يَكْسِبُونَ) صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : يكسبونه بمعنى : ما كانوا يربحونه أو ينتفعون به نفعا قليلا في الدنيا. أو تكون «ما» مصدرية فتكون (كانُوا يَكْسِبُونَ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل «أغنى» التقدير : فما أغناهم كسبهم.

(فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) (٥١)

(فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) : يعرب إعراب (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) الوارد في الآية الكريمة الثامنة والأربعين .. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم بمعنى : بل أصابهم جزاء سيئات فعلهم أو كسبهم.

(وَالَّذِينَ ظَلَمُوا) : الواو استئنافية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. ظلموا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وجملة «ظلموا» صلة الموصول لا محل لها.

(مِنْ هؤُلاءِ) : حرف جر بياني. هؤلاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «الذين» بتقدير : حالة كونهم من هؤلاء المشركين أي مشركي قومك يا محمد.

(سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) : الجملة الفعلية من الفعل والفاعل في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» السين حرف تسويف ـ استقبال ـ يصيب : فعل مضارع مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم. سيئات ما كسبوا : أعرب في الآية الكريمة الثامنة والأربعين.

(وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) : الواو استئنافية. ما : نافية بمنزلة «ليس» في لغة الحجاز ـ من .. الحجازية ـ ولا عمل لها في لغة تميم. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع اسم «ما» على اللغة الأولى ومبتدأ على اللغة الثانية. الباء حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. معجزين : اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر «ما» ومرفوع محلا على أنه خبر «هم» وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى فائتين .. من أعجزه الشيء : بمعنى : فاته والكلمة

اسم فاعلين حذف مفعوله اختصارا ولأنه معلوم بمعنى بفائتين الله لا يمكنهم الإفلات منه سبحانه.

(أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٥٢)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة السابعة والثلاثين من سورة «الروم» بمعنى ويضيق الرزق على من يشاء من عباده أو ويضيق عليه إن في ذلك البسط والتضييق لدلالات لقوم يؤمنون بالله.

(قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٥٣)

(قُلْ يا عِبادِيَ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. وأصله : قول. حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين. يا : أداة نداء. عبادي : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء المناسبة والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع في محل جر بالإضافة ومفعول «قل» أي مقول القول محذوف تقديره : قل قولي هذا يا عبادي .. لا تقنطوا .. وفتحت الياء للوصل.

(الَّذِينَ أَسْرَفُوا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب صفة ـ نعت ـ للعباد. أسرفوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(عَلى أَنْفُسِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بأسرفوا و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(لا تَقْنَطُوا) : ناهية جازمة. تقنطوا : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بتقنطوا. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة أي لا تيأسوا.

(إِنَّ اللهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الذنوب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى يغفرها لمن تاب أي بشرط التوبة. جميعا : توكيد للذنوب أي كلها ويجوز أن يكون حالا منها بتقدير مجتمعة وهو منصوب بالفتحة المنونة.

(إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب اسم «إن». هو : ضمير فصل أو عماد لا محل له و (الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) خبرا «إن» مرفوعان بالضمة أو يكون «هو» توكيدا للضمير ـ الهاء ـ في «إنه» ويجوز أن يكون ضميرا منفصلا في محل رفع مبتدأ و (الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) خبري «هو» والجملة الاسمية (هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) في محل رفع خبر «إن».

(وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) (٥٤)

(وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ) : الواو عاطفة. أنيبوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. إلى ربكم : جار ومجرور متعلق بأنيبوا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور بمعنى : وتوبوا وارجعوا إلى ربكم.

(وَأَسْلِمُوا لَهُ) : معطوفة بالواو على جملة «أنيبوا» وتعرب إعرابها. له : جار ومجرور متعلق بأسلموا بمعنى واستسلموا له.

(مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ) : جار ومجرور متعلق بأسلموا. أن : حرف مصدري ناصب. يأتيكم : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) : فاعل مرفوع بالضمة وجملة (يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالإضافة. ثم : حرف عطف. لا : نافية لا عمل لها. تنصرون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.

(وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (٥٥)

(وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ) : الجملة معطوفة بالواو على «أنيبوا» وتعرب إعرابها. أحسن : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة. أنزل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إليكم : جار ومجرور متعلق بأنزل والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية (أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) صلة الموصول لا محل لها أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «أنزل إليكم» صلة حرف مصدري لا محل لها. و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالإضافة. التقدير : اتبعوا أحسن المنزل إليكم.

(مِنْ رَبِّكُمْ) : حرف جر بياني. ربكم : اسم مجرور بمن وعلامة الجر الكسرة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور والجار والمجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما» التقدير حال كونه من ربكم.

(مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً) : أعرب في الآية الكريمة السابقة. بغتة : حال من «العذاب» أو مصدر ـ مفعول مطلق ـ في موضع الحال أي يباغتكم العذاب بغتة بمعنى : فجأة وهو منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال من ضمير المخاطبين في «يأتيكم». أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل رفع مبتدأ. لا : نافية لا عمل لها. تشعرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية (لا تَشْعُرُونَ) في محل رفع خبر المبتدأ «أنتم».

(أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) (٥٦)

(أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ) : حرف مصدري ناصب. تقول : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة. نفس : فاعل مرفوع بالضمة المنونة وجملة (تَقُولَ نَفْسٌ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما تلاها بتأويل مصدر في محل نصب متعلق بمفعول لأجله محذوف. التقدير : كراهة أن تقول أي كراهة قولها.

(يا حَسْرَتى) : أداة نداء. حسرتا : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة والألف منقلبة عن ياء المتكلم في محل جر بالإضافة والجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(عَلى ما فَرَّطْتُ) : حرف جر ما : مصدرية. فرطت : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعلى وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم مبني على الضم في محل رفع فاعل. التقدير : يا حسرتي على ما أضعت أي على تفريطي والجار والمجرور متعلق بحسرة.

(فِي جَنْبِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بفرطت. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة المعنى : في جانب الله أي في حق الله بمعنى : في ذات الله.

(وَإِنْ كُنْتُ) : الواو حالية. إن : وصلية بمعنى : «لو» واعتبرت «إن» وصلية وهي في الأصل حرف شرط جازم لأن الجواب لا يتوقف فيها على الشرط أو تكون «إن» مخففة من الثقيلة لا عمل لها وذلك لوجود اللام الفارقة في الجواب. كنت : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» و «إن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف والجار متعلق بحال محذوفة. التقدير : فرطت في طاعة الله في حال سخريتي أي وأنا ساخر أو وإني ساخر بمعنى مستهزئ.

(لَمِنَ السَّاخِرِينَ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ من الساخرين : جار ومجرور متعلق بخبر كان» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (٥٧)

(أَوْ تَقُولَ) : معطوفة بأو على (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ) في الآية السابقة وتعرب إعرابها واستتر الفاعل لأنه معلوم.

(لَوْ أَنَّ اللهَ) : حرف شرط غير جازم. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «أن» منصوب للتعظيم وعلامة نصبه الفتحة و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل لفعل محذوف تقديره لو ثبت هداية الله لي.

(هَدانِي لَكُنْتُ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن» وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر. النون نون الوقاية لا محل لها والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به.

اللام واقعة في جواب «لو». كنت : فعل ماض ناقص مبني على السكون

لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والجملة الفعلية (لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) جواب شرط غير جازم لا محل لها.

(مِنَ الْمُتَّقِينَ) : جار ومجرور متعلق بخبر «كان» بمعنى : معدودا أو محسوبا من المتقين وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي ممن يتقي الشرك والمعاصي.

(أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٥٨)

(أَوْ تَقُولَ حِينَ) : أعربت في الآية الكريمة السابقة. حين : ظرف زمان منصوب على الظرفية متعلق بتقول.

(تَرَى الْعَذابَ) : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي. العذاب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى حين ترى العذاب حالا أو نازلا بها.

(لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً) : الجملة المؤولة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لو : حرف للتمني لا عمل له. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. لي : جار ومجرور متعلق بخبر «أن» المقدم. كرة : اسم «أن» المؤخر منصوب بالفتحة المنونة بمعنى : رجعة. و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع فاعل لفعل محذوف تقديره : لو ثبت رجوعي .. أي ليت لي رجعة إلى الدنيا.

(فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) : الفاء حرف عطف للتسبيب. أكون : فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة بعد الفاء وعلامة نصبه الفتحة واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا والجملة الفعلية (فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) صلة حرف مصدري لا محل لها. من المحسنين : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «أكون» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم

والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والمصدر المؤول من «أن» المضمرة وما بعدها معطوف على مصدر منتزع من الكلام السابق.

(بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) (٥٩)

(بَلى قَدْ) : حرف يجاب به عن النفي ويقصد به الإيجاب وجاء هنا ردا على قوله تعالى على لسان النفس (لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي) لأن فيه معنى النفي .. أي ما هديت. قد : حرف تحقيق.

(جاءَتْكَ آياتِي) : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم. آياتي : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة وضمير المخاطب ـ الكاف ـ يعود على النفس والنفس هنا بمعنى الإنسان .. والياء ضمير الواحد المطاع في محل جر بالإضافة بمعنى جاءتك آياتي تبطل منك كل اعتذار وتعلل.

(فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ) : الفاء عاطفة. كذبت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل. بها : جار ومجرور متعلق بكذبت. واستكبرت : معطوفة بالواو على (فَكَذَّبْتَ بِها) وتعرب إعرابها .. بمعنى وتكبرت عليها.

(وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) : الواو عاطفة. كنت : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع اسم «كان». من الكافرين : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) (٦٠)

(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) : الواو استئنافية. يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بترى وهو مضاف. القيامة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(تَرَى الَّذِينَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.

(كَذَبُوا عَلَى اللهِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. على الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بكذبوا بادعاء الشريك لله.

(وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) : الجملة الاسمية في محل نصب حال من الاسم الموصول «الذين» إذا اعتبرت «رأى» بصرية وفي محل نصب مفعول به ثان للفعل «ترى» إن كانت الرؤية قلبية. وجوه : مبتدأ مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة. مسودة : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة المنونة واللفظة اسم مفعول.

(أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الثانية والثلاثين. المعنى : بلى. إن في جهنم مثوى أي مكان للمتكبرين على الله تعالى.

(وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٦١)

(وَيُنَجِّي اللهُ) : الواو استئنافية. ينجي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة بمعنى ينجي الله المتقين من عذاب جهنم .. أي المتقين الخائفين ربهم بترك الشرك والمعصية.

(الَّذِينَ اتَّقَوْا) : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. اتقوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني

على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وبقيت الفتحة دالة على الألف المحذوفة.

(بِمَفازَتِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بينجي و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة بمعنى بفلاحهم أو بفوزهم.

(لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ) : نافية لا عمل لها. يمس : فعل مضارع مرفوع بالضمة و «هم» ضمير الغائبين في محل نصب مفعول به مقدم. السوء : فاعل مرفوع بالضمة.

(وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) : الواو عاطفة. لا : نافية لا عمل لها. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. يحزنون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية (لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ) وما بعدها لا محل لها لأنها تفسيرية للمفازة ـ أي الجنة جزاء طاعتهم ـ وهو كلام مستأنف .. بمعنى ينجيهم بنفي السوء والحزن أو بسبب منجاتهم أي بمنجاة ويجوز بسبب فلاحهم وتكون الجملة الفعلية (لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ) على التفسير الثاني في محل نصب حالا.

(اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (٦٢)

(اللهُ خالِقُ) : لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. خالق : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة وهو اسم فاعل أضيف إلى مفعوله ولهذا لم ينون.

(كُلِّ شَيْءٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. شيء : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(وَهُوَ عَلى كُلِ) : الواو عاطفة. هو : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. على كل : جار ومجرور متعلق بوكيل.

(شَيْءٍ وَكِيلٌ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. وكيل : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة.

(لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٦٣)

(لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر ثان للفظ الجلالة في الآية السابقة. له : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. مقاليد : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. السموات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى بيده مفاتيح خزائن السموات.

(وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ) : معطوفة بالواو على «السموات» وتعرب مثلها بمعنى خزائن الأرض أي الكون كله. الواو استئنافية. أو هو متصل بقوله (وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا) الوارد في الآية الكريمة الحادية والستين. أي ينجي الله المتقين .. بمفازتهم والذين كفروا هم الخاسرون وما بين الآيتين الكريمتين جمل اعتراضية. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.

(كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بكفروا. أما الجملة الفعلية (كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) فهي صلة الموصول لا محل لها. كفروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.

(أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين». أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ .. والكاف حرف خطاب. هم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين في محل رفع مبتدأ ثان وحرك بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الخاسرون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى الخاسرون أنفسهم.

(قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ) (٦٤)

(قُلْ) : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت أصله ـ قول ـ حذفت الواو تخفيفا ولالتقاء الساكنين.

(أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي) : الجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الهمزة همزة إنكار بلفظ استفهام. الفاء زائدة ـ تزيينية ـ وهمزة الاستفهام دون الفعل الذي هو «أعبد» لأن الإنكار في عبادة غير الله فكان أولى بالتقديم. غير : مفعول به منصوب بأعبد وعلامة نصبه الفتحة وتكون الجملة الفعلية «تأمروني» اعتراضية بين المفعول وفعله ومعناه أفغير الله أعبد بأمركم. الله : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة الجر الكسرة أو تكون كلمة «غير» منصوبة بما تدل عليه جملة قوله (تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) لأنه في معنى تعبدونني وتقولون لي أعبد والأصل : تأمرونني أن أعبد فحذف «أن» ورفع الفعل وهو مثل القول : أفغير الله تقولون لي أعبده وأ فغير الله تقولون لي أعبد فكذلك أفغير الله تأمرونني أن أعبده وأ فغير الله تأمرونني أن أعبد. تأمروني : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون المدغمة بنون الوقاية ولهذا شددت. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به.

(أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. أي : منادى مبني على الضم في محل نصب والأصل يا أيها حذفت أداة النداء اكتفاء بالمنادى و «ها» زائدة للتنبيه. الجاهلون : صفة ـ نعت ـ لأي مرفوع على لفظ «أي» لا محله وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٦٥)

(وَلَقَدْ أُوحِيَ) : الواو استئنافية. اللام للابتداء. قد : حرف تحقيق. أوحي : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح.

(إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ) : جار ومجرور متعلق بأوحي أو هو في محل رفع نائب فاعل للفعل «أوحي» الواو عاطفة. إلى : حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بإلى والجار والمجرور في محل رفع أيضا لأنه معطوف على «إليك».

(مِنْ قَبْلِكَ) : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره وجدوا .. أو كانوا. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «وجدوا من قبلك» صلة الموصول لا محل لها بمعنى الذين سبقوك.

(لَئِنْ أَشْرَكْتَ) : اللام موطئة للقسم ـ اللام المؤذنة ـ إن : حرف شرط جازم. أشركت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل وحذفت الصلة اختصارا لأنها معلومة بمعنى لئن أشركت بالله والجملة الفعلية «إن أشركت» اعتراضية بين القسم المحذوف وجوابه لا محل لها. والفعل «أشرك» فعل الشرط في محل جزم بإن. وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم.

(لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) : الجملة الفعلية جواب القسم المقدر لا محل لها أو يكون جواب القسم قد سد مسد الجوابين جواب الشرط وجواب القسم. اللام واقعة في جواب القسم المقدر. يحبطن : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ونون التوكيد لا محل لها. عملك : فاعل مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ في محل جر بالإضافة.

(وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) : الواو عاطفة. اللام أعربت. تكونن : فعل مضارع ناقص مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والنون لا محل لها واسمها ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنت. من الخاسرين : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «تكون» بمعنى : تكونن محسوبا أو معدودا في الآخرة من جملة الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (٦٦)

(بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ) : حرف إضراب للاستئناف وكسر آخره لالتقاء الساكنين. وفي القول الكريم حذف على سبيل الاختصار بتقدير لا تعبد ما أمروك

بعبادته بل إن كنت عاقلا فاعبد الله فحذف الشرط وجعل تقديم المفعول عوضا منه. وقيل : إن مقتضى كلام سيبويه أن الأصل فيه : فاعبد الله ثم حذفوا الفعل الأول اختصارا فلما وقعت الفاء أولا استنكروا الابتداء بها ومن شأنها التوسط بين المعطوف والمعطوف عليه فقدموا المفعول وصارت متوسطة ودالة على أن هناك محذوفا اقتضى وجودها ولتعطف عليه ما بعدها ويضاف إلى هذه الغاية في التقديم فائدة الحصر كما تقدم من إشعار التقديم بالاختصاص. الله لفظ الجلالة : مفعول به مقدم منصوب للتعظيم بالفتحة. اعبد : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت.

(وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) : الواو عاطفة. كن : فعل أمر ناقص مبني على السكون وحذفت واوه ـ أصله : كون ـ لالتقاء الساكنين واسمه ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. من الشاكرين : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كن» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

** (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والستين .. المعنى لقد أوحينا إليك وإلى الرسل الذين تقدموك لئن أشركت بعد الذي جاءك أو لئن أشركت بالله أحدا على سبيل الفرض ليبطلن عملك ولتكونن من الخاسرين بسبب حبوط العمل أو لتكونن في الآخرة من جملة الخاسرين الذين خسروا أنفسهم .. فحذف الموصوف «الرسل» اختصارا لأنه معلوم وحلت الصفة «الذين» الاسم الموصول محله كما حذف مفعول «أشركت» وصلته «بالله أحدا» و «الخاسرون» جمع «خاسر» وهو اسم فاعل يعمل عمل فعله المتعدي فحذف مفعوله وهو «أنفسهم» وقد جاءت كلمة «أشركت» للمخاطب المفرد والموحى إليهم جمع .. لأن المعنى : أوحي إليك لئن أشركت ليحبطن عملك وإلى الذين أي الرسل الذين من قبلك أي الذي سبقوك أو تقدموك مثلها .. أو أوحي إليك وإلى كل واحد منهم لئن أشركت.

** (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة والستين .. المعنى : وما عظم المشركون الله تعالى حق تعظيمه حين جعلوا له شركاء والأرض مقبوضة في يده .. وأصل «القبضة» : المرة من القبض .. أطلقت بمعنى الشيء المقبوض باليد .. والمراد بالأرض جمعها أي الأرضون بدليل قوله «جميعا» وقوله «والسموات» وقبضته : بمعنى : ملكه .. أو ذوات قبضته يقبضهن قبضة واحدة.

** سبب نزول الآية : قال ابن مسعود : أتى النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ رجل من أهل الكتاب فقال : يا أبا القاسم بلغك أن الله يحمل الخلائق على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على اصبع والثرى على إصبع؟ فضحك رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ حتى بدت نواجذه .. فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة .. والمعنى أن الله تعالى يقدر على حمل السموات والأرضين كقدرة أحدنا ما يحمله بإصبعه.

** (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والستين .. بمعنى : ونفخ يوم القيامة بالبوق وهو كناية عن حلول يوم القيامة ونشور البعث .. أي ونفخ في البوق النفخة الأولى فمات من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله سبحانه إبقاءهم أحياء وإماتتهم بعد ذلك .. قيل : هم حملة العرش وقيل : هم جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فإنهم يموتون فيما بعد .. وقيل : الأصح : أنه لا دليل على تعيينهم. وقد جاء الفعل «صعق» بمعنى مات أو خر ميتا أو مغشيا عليه .. وأصله : الموت بالصاعقة .. يقال صعقته الصاعقة ـ تصعقه ـ صعقا .. من باب «قطع» بمعنى : نزلت عليه الصاعقة وهي نار تسقط من السماء في رعد شديد فأهلكته .. والصاعقة أيضا هي صيحة العذاب وفي الآية الكريمة جاء الفعل «صعق» بكسر العين بمعنى : مات .. وهو من باب «تعب» والصعقة لا تصيب شيئا إلا دكته وأحرقته.

** (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها) : هذا القول الكريم هو مطلع الآية الكريمة التاسعة والستين ..

المعنى : وأشرقت الأرض بعدل ربها وقد استعار سبحانه وتعالى النور للحق والقرآن لأنه إضافة إلى اسمه ـ تقدست أسماؤه ـ وهو عزوجل الحق العدل .. وشرفها بإضافة اسمه إليها لأنه يزينها بنشره فيها عدله .. أي أشرقت الأرض بما يقيمه جلت قدرته فيها من الحق والعدل ويبسطه من القسط في الحساب ووزن الحسنات والسيئات وفي إضافة اسمه ـ تبارك وتعالى ـ إلى الأرض معناها أن رب الأرض وخالقها هو الذي يعدل فيها .. وجاءت لفظة «أشرقت» مع «الأرض» هنا وهي في آيات أخرى تلازم الشمس أيضا والسموات والأرض .. كما في قوله ـ عزوجل ـ في سورة «الرحمن» (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) وقد فسر القول الكريم على معنى : رب مشرقي الشتاء والصيف ومغربيهما .. و «المشرقان» مثنى «المشرق» وجمعه : المشارق .. كما أن جمع «المغرب» هو المغارب .. كقوله تعالى في سورة «الصافات» : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ) أي مشارق الكواكب .. وقد اكتفى سبحانه بالمشارق عن المغارب لأنها أدل على القدرة ويقال : تشع الشمس ـ بضم التاء وكسر الشين ـ مثل الفعل «تشرق» بمعنى : تنشر أشعتها والمصدر هو «إشعاع» مثل «إشراق» وشعاع الشمس : هو ما يرى من ضوئها أو نورها. ولا يقال : تشع الشمس ـ بفتح التاء وضم الشين ـ بمعنى : تنشر شعاعها .. بل هو بمعنى : أسرع .. فرق .. تفرق للفعل «شع».

** (وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة الحادية والسبعين .. وجبت كلمة العذاب والمراد قوله تعالى في الآية الكريمة الثالثة عشرة من سورة «السجدة» : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) بمعنى : ثبت قضائي وسبق لأملأن جهنم من الجن والإنس أجمعين لاختيارهم الضلال.

** (وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) : و «سلام» هنا بمعنى : سلامة لكم من كل مكروه ونكرت اللفظة لأن العرب اعتادت أن تبدأ بهذه اللفظة نكرة ثم تختم بتعريفها وذلك في أثناء مكاتباتها أي تنكر في البداية وتعرف في النهاية .. ومن الكتب التي نكر فيها السلام في البداية وعرف في النهاية : كتاب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص الذي استهل : سلام عليك أما بعد .. فما تبالي يا عمرو إذا شبعت أنت ومن معك أن أهلك أنا ومن معي .. والسلام. و «من» في قوله «أنت ومن معك» و «أنا ومن معي» هي اسم موصول مبني على السكون في محل رفع لأنه معطوف على الضمير المستتر وجوبا في «شبعت» و «أهلك» وتقديره : أنت في الأول وأنا في الثاني وقد أكد الضمير المذكوران في الفعلين المذكورين بالضميرين المنفصلين «أنت» و «أنا» لأنه لا يصح العطف على الضمير المستتر المرفوع إلا بعد توكيده وكما في قوله تعالى في سورة «البقرة» : (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) صدق الله العظيم.

(وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٦٧)

(وَما قَدَرُوا اللهَ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. قدروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(حَقَّ قَدْرِهِ) : نائب عن المصدر ـ المفعول المطلق ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة. قدره : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى : ما عظم هؤلاء المشركون الله حق تعظيمه حين جعلوا أو تخيلوا له سبحانه شركاء.

(وَالْأَرْضُ جَمِيعاً) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. الأرض : مبتدأ مرفوع بالضمة. جميعا : بمعنى مجتمعة منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. والمراد : الأرضون كلها.

(قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. القيامة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ) : معطوفة بالواو على «الأرض قبضته» وتعرب إعرابها أي مبتدأ وخبر وعلامة رفع الخبر الضمة المنونة.

(بِيَمِينِهِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «السموات» بمعنى مجموعات أو مفنيات بقدرته أو مفنيات بقسمه لأنه سبحانه أقسم أن يفنيها. وبيمينه : أي بقدرته.

(سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الثامنة عشرة من سورة يونس. بمعنى : تقدس ونزه سبحانه وتعاظم عما يشركون معه من الولد أو الشريك أو الصاحبة.

(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (٦٨)

(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) : الواو استئنافية. نفخ : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. في الصور : جار ومجرور متعلق بنائب الفاعل المحذوف اختصارا لأنه معلوم أي ونفخ في الصور نفخة واحدة وحذفت نفخة لدلالة أخرى عليها.

(فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ) : الفاء سببية. صعق : فعل ماض مبني على الفتح. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. في السموات : جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد والجملة الفعلية «وجد في السماوات» صلة الموصول لا محل لها.

(وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) : معطوف بالواو على (مَنْ فِي السَّماواتِ) ويعرب إعرابه. (إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) : أداة استثناء. من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مستثنى بإلا. شاء : فعل ماض مبني على الفتح. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة والجملة الفعلية «شاء الله» صلة الموصول لا محل لها وحذف مفعول «شاء» اختصارا وهو كثير الحذف مع «شاء» في القرآن الكريم .. التقدير والمعنى : إلا من شاء الله إبقاءه حيا وإماتته أو وإماتتهم فيما بعد.

(ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى) : معطوفة بثم على (نُفِخَ فِي الصُّورِ) وتعرب إعرابها. أخرى : نائب فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر أو تكون اللفظة صفة ـ نعتا ـ لنائب الفاعل المحذوف أي نفخة أخرى.

(فَإِذا هُمْ) : الفاء استئنافية والجملة الاسمية «هم قائمون» استئنافية لا محل لها. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. أما «إذا» فهي حرف فجاءة ـ فجائية ـ لا محل لها.

(قِيامٌ يَنْظُرُونَ) : خبر «هم» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : فإذا هم أحياء أي جميع الخلائق الموتى. ينظرون : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لقيام أو في محل رفع خبر ثان للمبتدإ «هم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى قائمون على أرجلهم من قبورهم ينتظرون ما يفعل بهم.

(وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٦٩)

(وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ) : الواو عاطفة. أشرقت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة حركت بالكسر لالتقاء الساكنين. الأرض : فاعل مرفوع بالضمة أي أضاءت أرض المحشر بعد النفخة الثانية بعدل ربها.

(بِنُورِ رَبِّها) : جار ومجرور متعلق بأشرقت. رب : مضاف إليه مجرور بالكسرة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل في محل جر مضاف إليه ثان.

(وَوُضِعَ الْكِتابُ) : الواو عاطفة. وضع : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. الكتاب : نائب فاعل مرفوع بالضمة أي كتاب الحساب.

(وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ) : معطوف بالواو على «وضع» ويعرب مثله. بالنبيين : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل للفعل «جيء» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والشهداء : معطوف بالواو على «النبيين» ويعرب إعرابه وعلامة جره الكسرة والشهداء أي الذين يشهدون للأمم وعليها من الملائكة والناس .. وقيل :

هم الشهود من الملائكة والمؤمنين والذين استشهدوا في سبيل الله ومنهم المؤمنون من أمة الرسول الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

(وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ) : يعرب إعراب «وجيء». بين : ظرف مكان في محل رفع نائب فاعل وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة. بالحق : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من المصدر ـ المفعول المطلق ـ المحذوف. التقدير : قضاء ملتبسا بالحق. أو يكون «بين» ظرف مكان منصوبا على الظرفية متعلقا بقضي ويكون الجار والمجرور «بالحق» في محل رفع نائب فاعل للفعل «قضي».

(وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال من ضمير الغائبين «هم» في «بينهم». هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. لا : نافية لا عمل لها. يظلمون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. والجملة الفعلية (لا يُظْلَمُونَ) في محل رفع خبر «هم».

(وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ) (٧٠)

(وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ) : الواو عاطفة. وفيت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها و «كل» نائب فاعل مرفوع بالضمة. نفس : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(ما عَمِلَتْ) : مصدرية. عملت : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به. التقدير : وفيت عملها. و «عملت» فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي.

(وَهُوَ أَعْلَمُ) : الواو استئنافية. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. أعلم : خبر «هو» مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن أفعل ـ صيغة تفضيل ـ ومن وزن الفعل.

(بِما يَفْعَلُونَ) : الباء حرف جر. ما : مصدرية. يفعلون : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بأعلم. ويجوز أن تعرب «ما» اسما موصولا مبنيا على السكون في محل جر بالباء ويكون الجار والمجرور متعلقا بأعلم أيضا وجملة «يفعلون» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : بما يفعلونه.

(وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ) (٧١)

(وَسِيقَ الَّذِينَ) : الواو عاطفة. سيق : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع نائب فاعل والجملة الفعلية بعده «كفروا» صلة الموصول لا محل لها.

(كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. إلى حرف جر. جهنم : اسم مجرور بإلى وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للتأنيث والمعرفة.

(زُمَراً حَتَّى إِذا) : حال من ضمير «كفروا» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى جماعات والجار والمجرور إلى جهنم متعلق بسيق. حتى : حرف غاية للابتداء. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه والجملة الفعلية بعده «جاءوها» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف.

(جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني

على السكون في محل نصب مفعول به. فتحت : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. أبواب : نائب فاعل مرفوع بالضمة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة .. والجملة الفعلية «فتحت أبوابها» جواب شرط غير جازم لا محل لها بمعنى أبوابها السبعة ليدخلوها.

(وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) : الواو عاطفة. قال : فعل ماض مبني على الفتح. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقال. خزنة : فاعل مرفوع بالضمة و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ) : الجملة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الهمزة همزة تقريع ـ تعنيف ـ بلفظ استفهام. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يأتكم : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور. رسل : فاعل مرفوع بالضمة المنونة.

(مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «رسل» والميم علامة جمع الذكور. يتلون : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ثانية لرسل أو في محل نصب حال من «رسل» بعد وصفها تكون قد اكتسبت التعريف وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. عليكم : جار ومجرور متعلق بيتلون والميم علامة جمع الذكور وهو قول خزنة جهنم الملائكة الزبانية قالوا لهم موبخين ألم يأتكم رسل منكم أي من جنسكم أو من أنفسكم.

(آياتِ رَبِّكُمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم. ربكم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر مضاف إليه ثان والميم علامة جمع الذكور.

(وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ) : معطوفة على جملة «يتلون» وتعرب إعرابها. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول والميم علامة جمع الذكور. لقاء : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. ويجوز أن يكون «لقاء» منصوبا على الظرفية الزمانية أو على المصدر بتقدير : وينذرونكم حين تلتقون ..

(يَوْمِكُمْ هذا) : يعرب إعراب «ربكم». هذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر صفة لليوم.

(قالُوا بَلى) : تعرب إعراب «كفروا» والجملة استئنافية لا محل لها لأنها جواب عن استفهام التقدير قالوا نعم جاءوا أي جاءتنا أي أتانا الرسل. بلى : حرف جواب لا عمل له بمعنى نعم لأنه يجاب به عن النفي ويقصد به الإيجاب.

(وَلكِنْ حَقَّتْ) : الواو زائدة. لكن : حرف استدراك لا عمل له لأنه مخفف. حقت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث لا محل لها.

(كَلِمَةُ الْعَذابِ) : فاعل مرفوع بالضمة. العذاب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى وجبت كلمة العذاب.

(عَلَى الْكافِرِينَ) : جار ومجرور متعلق بحقت وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) (٧٢)

(قِيلَ ادْخُلُوا) : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. ادخلوا : الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وأصل الجملة ـ مقول القول ـ أي قالت لهم ملائكة العذاب : ادخلوا.

(أَبْوابَ جَهَنَّمَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. جهنم : مضاف إليه مجرور بالفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف.

(خالِدِينَ فِيها) : حال من ضمير «ادخلوا» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. فيها : جار ومجرور متعلق بخالدين .. أي في جهنم وجيء بضمير «ها» المؤنث لأن اللفظة «جهنم» مؤنثة.

(فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) : الفاء استئنافية. بئس : فعل ماض جامد مبني على الفتح لإنشاء الذم. مثوى : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر. المتكبرين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والمخصوص بالذم محذوف لأن ما قبله «جهنم» دال عليه. التقدير والمعنى : فساء المأوى أو المكان الدائم جهنم بمعنى : ساء محل إقامة أو منزل المترفعين عن اتباع الرسل واللام في المتكبرين هي لام الجنس لأن فاعل «بئس» اسم معرف بلام الجنس أو مضاف إلى مثله.

(وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) (٧٣)

هذه الآية الكريمة تعرب إعراب الآية الكريمة الحادية والسبعين مع الفارق بين الذين سيقوا هنا والذين سيقوا هناك. رب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة. والواو في «وفتحت» يجوز أن تكون زائدة لتكون الجملة الفعلية (فُتِحَتْ أَبْوابُها) جواب «إذا» إلا أن الأصح كونها عاطفة وجواب «إذا» محذوف وإنما حذف لأنه في صفة ثواب أهل الجنة فدل بحذفه على أنه شيء لا يحيط به الوصف. التقدير : حتى إذا جاءوها جاءوها وفتحت أبوابها أي مع فتح أبوابها. وبتقدير : حتى إذا جاءوها وقد فتحت أبوابها وفي هذا التقدير تكون الواو حالية والجملة في محل نصب حالا.

(سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ) : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة. عليكم : جار ومجرور متعلق بخبر المبتدأ والميم علامة جمع الذكور أي سلام من الله

عليكم بمعنى : السلامة. وجاز الابتداء بالنكرة لأنها موصوفة بمن الله على التفسير .. والجملة الاسمية «سلام عليكم» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ طبتم : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور بمعنى : طهرتم من دنس المعاصي وخبث الخطايا .. وبمعنى : اطمئنوا فلن يصيبكم بعد اليوم ما تكرهون.

(فَادْخُلُوها خالِدِينَ) : الفاء سببية. ادخلوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. خالدين : حال من ضمير «ادخلوا» الواو منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أي جعل دخول الجنة مسببا عن الطيب والطهارة والنقاء.

(وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) (٧٤)

(وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ) : الواو عاطفة حرف عطف والمعطوف عليه محذوف اختصارا لأنه معلوم ولأن جملة «ادخلوا» دال عليه. التقدير : ودخلوا الجنة وقالوا. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والجملة الاسمية بعده «الحمد لله» في محل نصب مفعول به .. ـ مقول القول ـ الحمد : مبتدأ مرفوع بالضمة. لله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بالخبر. التقدير الحمد مختص لله.

(الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة ـ نعت ـ للفظ الجلالة. صدق : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به أول. وعده : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء

ضمير متصل في محل جر بالإضافة بمعنى : حقق لنا وعده الذي وعدنا به الرسل الكرام.

(وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «صدقنا وعده» وتعرب إعرابها بمعنى : أرض الجنة.

(نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير المتكلمين في «صدقنا» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. من الجنة : جار ومجرور متعلق بنتبوأ بمعنى نسكن أو ننزل من الجنة.

(حَيْثُ نَشاءُ) : اسم مبني على الضم في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بنتبوأ وهو مضاف. نشاء : تعرب إعراب «نتبوأ» والجملة الفعلية «نشاء» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف.

(فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) : الفاء استئنافية. نعم : فعل ماض جامد لإنشاء المدح مبني على الفتح. أجر : فاعل «نعم» مرفوع بالضمة وهو مضاف. العاملين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. والمخصوص بالمدح محذوف تقديره : فنعم أجر أي ثواب العاملين الجنة أي طاب أجرهم.

(وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٧٥)

(وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ) : الواو استئنافية. ترى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. الملائكة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. حافين : حال من «الملائكة» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) : جار ومجرور متعلق بحافين بمعنى محيطين بالعرش .. و «من» هنا : مزيدة ـ زائدة ـ العرش : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والمخاطب هو الإنسان التقي السعيد.

(يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال ثانية من «الملائكة» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى ينزهون الله سبحانه من الشوائب ويقدسونه جلت قدرته. بحمد : جار ومجرور متعلق بيسبحون أو في محل نصب حال أخرى بمعنى حامدين إياه سبحانه. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر مضاف إليه ثان.

(وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِ) : أعرب في الآية الكريمة التاسعة والستين .. المعنى : وقضى الله سبحانه بين الخلق بالحق.

(وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ) : الواو عاطفة. قيل : فعل ماض مبني على الفتح بمعنى وقال المؤمنون الحمد لله. الحمد : مبتدأ مرفوع بالضمة. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ. المعنى : الحمد مختص لله .. والجملة الاسمية «الحمد لله» في محل رفع نائب فاعل للفعل «قيل» لأن أصل الجملة «مقول القول».

(رَبِّ الْعالَمِينَ) : صفة ـ نعت ـ للفظ الجلالة مجرور وعلامة جره الكسرة ويجوز أن يكون بدلا من لفظ الجلالة وهو مضاف. العالمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والأصح أن يكون ملحقا بجمع المذكر السالم لأنه مفتوح اللام ـ جمع ـ عالم ـ ولو كان بكسر اللام لكان جمع مذكر سالما لأنه جمع «عالم» وهو اسم فاعل.

***

سورة غافر

معنى السورة : غافر : اسم فاعل للفعل «غفر» نحو : غفر الله له ـ يغفر ـ غفرا ـ وغفرانا ـ من باب «ضرب» بمعنى : صفح عنه فهو غافر والاسم منه هو «المغفرة» ويقال : استغفرت الله : بمعنى سألته سبحانه المغفرة. ومنه أيضا : اغتفرت : للجاني ما صنع .. وأصل «الغفر» هو الستر والتغطية .. ويقال أيضا : استغفر الله لذنبه ومن ذنبه فغفر سبحانه له. والله هو الغافر والغفور والغفار ـ وهما من صيغ المبالغة ـ فعول وفعال بمعنى فاعل ـ أي الكثير الغفران ويقال : غفر الله له الذنب : أي عفا عنه وغطى عليه .. وغفر الرجل صاحبه : بمعنى : قال غفر الله له وتغافر القوم : أي دعا كل واحد لصاحبه بالمغفرة. والغفور والغفار : هما من أسماء الله تعالى الحسنى .. ومعناهما : الساتر لذنوب عباده المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم.

تسمية السورة : سميت السورة بهذا الاسم الكريم لورود كلمة «غافر» في آيتها الكريمة الثالثة (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) صدق الله العظيم. وتسمى السورة أيضا سورة «المؤمن» لذكر قصة مؤمن آل فرعون في قوله عزوجل : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) وقد وردت كلمة «مؤمن» كثيرا في سور أخرى من التنزيل الحكيم وجمعها مؤمنون ومؤنثها : مؤمنة وجمعها : مؤمنات. كما سميت السورة أيضا سورة «الطول» لورودها في الآية الكريمة المذكورة آنفا (ذِي الطَّوْلِ) : بمعنى : ذي الفضل .. والمراد بمؤمن آل فرعون : أي من أقرباء آل فرعون الذي قال أتريدون قتل رجل لقوله : (رَبِّيَ اللهُ) ويعني بالرجل النبي موسى ـ عليه‌السلام ـ أما قوله تعالى في آية أخرى من السورة نفسها : (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) فهو أي «المؤمن» هنا تعني رجلا مؤمنا بالله ورسله

وكتبه واليوم الآخر. وقيل إن الرجل المؤمن من أقرباء آل فرعون كان ابن عمه وصاحب شرطته يخفي إيمانه خوفا من فرعون.

فضل قراءة السورة : قال الرسول الناصح محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «من قرأ سورة «المؤمن» لم يبق روح نبي ولا صديق ولا شهيد ولا مؤمن إلا استغفر له وصلى عليه» صدق رسول الله .. صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

إعراب آياتها

(حم) (١)

هذه الأحرف ومثيلاتها التي تبدأ بها السور الشريفة سبق شرحها بإسهاب في سورة «يوسف» وعن قراءة «حم» قال الزمخشري : قرئ بإمالة ألف «حاء» وتفخيمها وبتسكين الميم وفتحها ووجه الفتح التحريك لالتقاء الساكنين وإيثار أخف الحركات .. نحو : أين وكيف .. أو النصب بإضمار فعل تقديره : أقرأ ومنع الصرف للتأنيث والتعريف وأنها على وزن أعجمي نحو قابيل وهابيل.

(تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (٢)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الأولى من سورة «الزمر».

(غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) (٣)

(غافِرِ الذَّنْبِ) : صفة ـ نعت ـ للفظ الجلالة مجرور بالكسرة لأنه معرفة بعد إضافته إلى معرف بألف ولام. الذنب مضاف إليه مجرور بالكسرة بمعنى الغافر للذنب أي قد غفر الذنب. وقيل : الكلمة «غافر ـ اسم فاعل ـ نكرة وليست معرفة بمعنى يغفر الذنب فتكون بدلا من لفظ الجلالة مثل «يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه».

(وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ) : يعرب إعراب (غافِرِ الذَّنْبِ) على وجهي إعرابه : النعت والبدل ما عدا (شَدِيدِ الْعِقابِ) فهو بدل لأنه نكرة

تقديره : شديد عقابه لأنه من باب الصفة المشبهة و «ذي» مجرور بالياء لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. وقيل عن الواو في «وقابل» : فيها نكتة ـ أي مسألة دقيقة ـ وهي إفادة الجمع للمذنب التائب بين رحمتين بين أن يقبل توبته فيكتبها له طاعة من الطاعات وأن يجعلها محاءة للذنوب كأنه لم يذنب كأنه قال : جامع المغفرة والقبول. أما كلمة «التوب» فهي التوبة وهي مصدر الفعل «تاب» و «الطول» بمعنى : الفضل.

(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : نافية للجنس تعمل عمل «إن». إله : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب. إلا : أداة استثناء و «هو» ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع بدل من موضع «لا إله» لأن موضع «لا» وما عملت فيه الرفع على الابتداء وخبر «لا» محذوف وجوبا تقديره : كائن أو موجود وفي الآية الكريمة. يكون التقدير والمعنى : لا إله معبود أو يعبد إلا هو أي لا أحد يستحق العبادة إلا الله سبحانه.

(إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. المصير : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة بمعنى إليه مرجع الكائنات جميعا والجملتان الاسميتان (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) و (إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) صفتان أخريان للفظ الجلالة.

** (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الثالثة .. و «التوب» بمعنى : التوبة. والتوبة : هي الرجوع عن الذنب .. يقال : تاب ـ يتوب ـ توبة .. من باب «قال» وقال الأخفش : التوب : جمع «توبة» ومن معاني «التوبة» المتاب ـ بفتح الميم ـ ويقال : تاب الله عليه : أي وفقه لها. وفي كتاب «سيبويه : التتوبة : هي التوبة وقال الفيومي : التوبة والتوب والمتاب : مصادر للفعل «تاب» وقيل : التوبة هي التوب ولكن الهاء لتأنيث المصدر .. وقيل : التوبة : واحدة كالضربة فهو تائب ـ اسم فاعل ـ وتاب الله عليه : معناه : غفر له وأنقذه من المعاصي فهو تواب ـ فعال بمعنى فاعل ـ من صيغ المبالغة.

** (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخامسة. وفيه أنث الفعل «كذبت» مع فاعله «قوم» اللفظة المذكرة وذلك لأن الفعل فصل عن فاعله بفاصل. ولأن الفاعل «قوم» بمعنى «أمم» كأنما قال : كذبت أمم .. كما حذف مفعول «كذبت» اختصارا لأنه معلوم وهو «الرسل» أو على معنى : كذبت بالرسل قبل قومك يا محمد قريش قوم نوح والأحزاب أي والجماعات الذين تحزبوا على الرسل من بعدهم كعاد وثمود وفرعون وغيرهم .. كما أنث الفعل «همت» مع فاعله المذكر «كل» لأن «كل» بعد إضافته إلى المؤنث «أمة» اكتسب من هذه الإضافة

التأنيث .. وجاء الضمير «هم» في «رسولهم» بصيغة الجمع وكذلك في «يأخذوه» على المعنى لا اللفظ لأن «أمة» في اللفظ مفرد وفي المعنى جماعة أما التذكير فهو على معنى «أمة» الأهل .. كأنما قال : هم كل أهل برسولهم ليأخذوه بمعنى عزموا على إيذاء رسولهم كما حذف مفعول «جادلوا» اختصارا أيضا المعنى : وجادلوا رسلهم بالباطل أي بالقول الذي لا حقيقة له.

** (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة العاشرة. و «المقت» هو أشد الغضب أي إن غضب الله عليكم أكبر .. وقيل : المعنى : لمقت أي لغضب الله عليكم الآن أكبر من مقت بعضكم لبعض .. والمقت : أشد أنواع البغض فوضع في موضع أبلغ الإنكار وأشده والتقدير : لمقت الله أنفسكم أكبر من مقتكم أنفسكم فاستغنى عن المفعول «أنفسكم» اكتفاء بذكره مرة واحدة. ومن معاني «المقت» : الحقد .. البغض .. الكراهية قيل في الأمثال : العتاب خير من مكتوم الحقد .. ويروى : من مكنون الحقد أو ظاهر العتاب خير من باطن الحقد .. أو كثرة العتاب تورث البغضاء .. يقال : مقته ـ مقتا .. من باب «نصر» بمعنى : أبغضه فهو مقيت ـ فعيل بمعنى مفعول ـ وممقوت. وقيل المعنى في الآية الكريمة أيضا : لبغض الله إياكم وكراهيته لكم أكبر من مقتكم أنفسكم أي من كراهيتكم أنفسكم اليوم إذ عاينتم النار .. وقيل : المقت : هو أشد البغض عن أمر قبيح .. أما لفظة «الحقد» فهي الانطواء على العداوة والبغضاء.

(ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ) (٤)

(ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ) : نافية لا عمل لها. يجادل : فعل مضارع مرفوع بالضمة. في آيات : جار ومجرور متعلق بيجادل. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) : أداة حصر لا عمل لها. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(فَلا يَغْرُرْكَ) : الفاء استئنافية. لا : ناهية جازمة. يغررك : فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه سكون آخره والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم بمعنى فلا يغررك إمهالهم وتركهم.

(تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ) : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة. في البلاد : جار ومجرور متعلق بتقلب. بمعنى : تنقلهم في البلاد بالتجارة والكسب وجمع المال.

(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) (٥)

(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ) : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها. قبل : ظرف زمان متعلق بكذبت منصوب على الظرفية و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(قَوْمُ نُوحٍ) : فاعل مرفوع بالضمة. نوح : مضاف إليه مجرور بالكسرة المنونة ونون آخره لأنه ثلاثي أوسطه ساكن.

(وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ) : معطوف بالواو على «القوم» ويعرب إعرابه. من بعد : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الأحزاب و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ) : معطوف بالواو على (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ) ويعرب إعرابه. برسول : جار ومجرور متعلق بهمت و «هم» أعرب في «بعدهم».

(لِيَأْخُذُوهُ) : اللام حرف جر للتعليل. يأخذوه : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «يأخذوه» صلة حرف مصدري لا محل لها. و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بهمت.

(وَجادَلُوا بِالْباطِلِ) : الواو عاطفة. جادلوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بالباطل : جار ومجرور متعلق بصفة لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف بتقدير : وجادلوا جدالا مقترنا أو ملتبسا بالباطل أو بحال من ضمير «جادلوا» بمعنى : وهم مبطلون أو مبطلين كل حجة أو برهان.

(لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ) : تعرب إعراب «ليأخذوا». به : جار ومجرور متعلق بيدحضوا. الحق : مفعول به منصوب بالفتحة أي ليبطلوا به.

(فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ) : الفاء سببية. أخذت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل «وهم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أي فأهلكتهم. الفاء استئنافية. كيف : اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر «كان» المقدم.

(كانَ عِقابِ) : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. عقاب : اسم «كان» مرفوع بالضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي الحركة الدالة على الياء المحذوفة خطا واختصارا والياء المحذوفة ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل جر بالإضافة وحذفت الياء لأنه أي كلمة «عقاب» رأس آية أي حذفت وبقيت الكسرة دالة عليها مراعاة لفواصل الآي الشريف. وفي الاستفهام تقرير فيه معنى التعجيب.

(وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ) (٦)

هذه الآية الكريمة أعربت في الآية الكريمة الثالثة والثلاثين من سورة «يونس». أصحاب : خبر «أن» مرفوع بالضمة. النار : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة و «أن» وما في حيزها من اسمها وخبرها في محل رفع بتأويل مصدر بدل من «كلمة ربك» أي مثل ذلك الوجوب وجب على الكفرة كونهم من أصحاب النار أو يكون في محل نصب بحذف لام التعليل. وتلك الكلمة «كلمة ربك» لكونهم مستحقي النار.

(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) (٧)

(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. يحملون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع

مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. العرش : مفعول به منصوب بالفتحة.

(وَمَنْ حَوْلَهُ) : الواو عاطفة. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع لأنه معطوف على مرفوع «الذين». حوله : ظرف مكان منصوب على الظرفية متعلق بفعل محذوف تقديره : استقر والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «استقر من حوله» صلة الموصول لا محل لها. وهم الملائكة الذين يحملون العرش ومن حوله منهم.

(يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى ينزهون ربهم عن كل شائبة وحذف مفعول «يسبحون» اختصارا لأنه معلوم. بحمد : جار ومجرور متعلق بيسبحون أو بحال من ضمير «يسبحون» بتقدير : حامدين. رب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(وَيُؤْمِنُونَ بِهِ) : معطوفة بالواو على «يسبحون» وتعرب إعرابها. به : جار ومجرور متعلق بيؤمنون أي حامدين له نعمه ويؤمنون.

(وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) : تعرب إعراب «يؤمنون» اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام .. والجار والمجرور متعلق بيستغفرون. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(رَبَّنا وَسِعْتَ) : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة وحذفت أداة النداء «يا» اكتفاء بالمنادى على سبيل التعظيم و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة وجملة النداء «ربنا» في محل نصب بفعل محذوف ـ مقول القول ـ أي يقولون ربنا .. والجملة الفعلية «يقولون ربنا ..» في محل رفع معطوفة على جملة «يستغفرون» أو

تكون لا محل لها لأنها جملة تفسيرية أو تكون في محل نصب حالا من واو الجماعة في «يستغفرون» بمعنى : قائلين ربنا .. وسعت : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. شيء : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى : وسعت رحمتك كل شيء. رحمة : تمييز منصوب بالفتحة. والأصل : وسع كل شيء رحمتك وعلمك فأسند الفعل إلى صاحب الرحمة والعلم ونصب الاسمان على التمييز كأنه ذاته سبحانه رحمة وعلم.

(وَعِلْماً فَاغْفِرْ) : معطوف بالواو على «رحمة» ويعرب إعرابها. الفاء سببية. اغفر : فعل تضرع ودعاء بصيغة طلب مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت أي فاغفر للذين تابوا من الشرك ذنوبهم.

(لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ) : يعرب إعراب (لِلَّذِينَ آمَنُوا). واتبعوا : معطوفة بالواو على جملة «تابوا» وتعرب إعرابها والجار والمجرور «للذين» متعلق باغفر. سبيلك : مفعول به منصوب بالفتحة والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) : معطوفة بالواو على «اغفر» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول. عذاب : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الجحيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٨)

(رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ) : يعرب إعراب «ربنا ... وقهم عذاب الجحيم» الوارد في الآية الكريمة السابقة وعلامة بناء الفعل «أدخل» سكون آخره

وعلامة نصب «جنات» الكسرة بدلا من الفتحة لأنها ملحقة بجمع المؤنث السالم. و «عدن» بمعنى : الإقامة. والقول الكريم هو دعاء الملائكة.

(الَّتِي وَعَدْتَهُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ للجنات. وعدت : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أي وعدتهم بها.

(وَمَنْ صَلَحَ) : الواو عاطفة. من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب لأنه معطوف على ضمير الغائبين «هم» في «أدخلهم» أو «وعدتهم». صلح : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «صلح» صلة الموصول لا محل لها وحذفت الصلة ـ الجار ـ اختصارا لأنه معلوم أي ومن صلح لها أي الجنات.

(مِنْ آبائِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوف من الاسم الموصول «من» التقدير : حالة كونهم من آبائهم و «من» حرف جر بياني و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة بمعنى وأدخل معهم كل من صلح من آبائهم ..

(وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) : معطوفتان بواوي العطف على «آبائهم» وتعربان إعرابها.

(إِنَّكَ أَنْتَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والكاف ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن». أنت : ضمير منفصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على الفتح في محل نصب توكيد للضمير ـ الكاف ـ في «إنك».

(الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) : خبرا «إن» على التتابع ـ خبر بعد خبر ـ مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة.

(وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٩)

(وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) : الفاء عاطفة. ق : فعل تضرع ودعاء بصيغة طلب مبني على حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء ـ والكسرة دالة على الياء المحذوفة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول بمعنى واحمهم. السيئات : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم بمعنى العقوبات أو بمعنى جزاء السيئات فحذف المفعول المضاف وحل المضاف إليه «السيئات» محله.

(وَمَنْ تَقِ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «تقي» لأن الفعل المتعدي إلى مفعولين بعده لم يستوف مفعوله الثاني. تق : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت.

(السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ) : أعربت بمعنى ومن تحمه أو تصرف عنه جزاء السيئات. يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. إذ : اسم مبني على السكون في محل جر بالإضافة وحرك السكون الظاهر بالكسرة المنونة تخلصا من التقاء الساكنين : سكونه وسكون التنوين وهو مضاف والجملة المحذوفة المعوض عنها بالتنوين في محل جر بالإضافة. التقدير : يومئذ تقيه السيئات .. أي يوم القيامة بمعنى الأعمال السيئات.

(فَقَدْ رَحِمْتَهُ) : الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. قد : حرف تحقيق. رحمته : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على الفتح في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به.

(وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) : الواو استئنافية. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف حرف خطاب. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ ثان. الفوز : خبر «هو» مرفوع بالضمة. العظيم : صفة ـ نعت ـ للفوز مرفوع مثله بالضمة والجملة الاسمية «هو الفوز العظيم ـ في محل رفع خبر المبتدأ الأول «ذلك».

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ) (١٠)

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن». كفروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(يُنادَوْنَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون. والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى : ينادى عليهم يوم القيامة .. ويقال لهم.

(لَمَقْتُ اللهِ) : الجملة الاسمية في محل رفع نائب فاعل للفعل «يقال لهم» اللام لام الابتداء والتوكيد. مقت : مبتدأ مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر الكسرة ولأن المناداة بمعنى القول.

(أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ) : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن ـ أفعل ـ صيغة تفضيل ومن وزن الفعل. من مقتكم : جار ومجرور متعلق بأكبر. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ) : مفعول به منصوب بالمصدر «مقت» بتأويل فعله وعلامة نصبه الفتحة. و «كم» أعرب في «مقتكم». إذ : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بمقت الله. تدعون : تعرب إعراب «ينادون».

(إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ) : جار ومجرور متعلق بتدعون بمعنى إلى الدخول في الإيمان والجملة الفعلية (تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ) في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف. الفاء عاطفة. تكفرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون .. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : فترفضون الدعوة.

(قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) (١١)

(قالُوا رَبَّنا) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. رب : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة وأصله : يا ربنا حذفت أداة النداء على سبيل التعظيم واكتفاء بالمنادى و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل مبني على الفتح في محل رفع فاعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. اثنتين : نائب عن المصدر ـ المفعول المطلق ـ المحذوف أو توكيد له .. بتقدير : إماتتين اثنتين وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد ـ من غير لفظه ـ وحركته.

(وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة (أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ) وتعرب إعرابها بمعنى : إماتتين وإحياءتين أو موتتين وحياتين بمعنى : خلقهم أمواتا أولا وإماتتهم عند انقضاء آجالهم وإحياءتين : أي إحياؤهم الإحياءة الأولى وإحياءة البعث.

(فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا) : الفاء عاطفة. اعترف : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. بذنوب : جار ومجرور متعلق بفعل «اعترفنا» و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ في محل جر بالإضافة.

(فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. هل : حرف استفهام لا محل لها. إلى خروج : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم.

(مِنْ سَبِيلٍ) : حرف جر زائد للتأكيد. سبيل : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر فهل إلى خروج من النار من طريق تيسره لنا.

(ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) (١٢)

(ذلِكُمْ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب والميم علامة الجمع أي ذلكم الذي أنتم أي ذلك العذاب الذي أنتم فيه بسبب كفركم. أو يكون اسم الإشارة في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره الغرض ذلكم.

(بِأَنَّهُ) : الباء حرف جر. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل في محل نصب اسم «أن» و «أن» مع اسمها وخبرها ما في الجملة الشرطية بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبر المبتدأ «ذلكم» بمعنى ذلكم الذي أنتم فيه وإن لا سبيل لكم إلى خروج أبدا بسبب كفركم بتوحيد الله .. وإيمانكم بالإشراك به بمعنى : بأنكم كنتم .. أو بسبب أنه إذا دعي وعبد الله في الدنيا أو ذلكم. بأنكم كنتم ..

(إِذا دُعِيَ) : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه. دعي : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح والجملة الفعلية (دُعِيَ اللهُ) في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف.

(اللهُ وَحْدَهُ) : لفظ الجلالة نائب فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. وحده : مصدر سد مسد الحال .. أصله يحد وحده بمعنى : واحدا وحده وقيل منصوب على الظرف عند أهل الكوفة وعلى المصدر عند أهل البصرة وقيل نصب على الحال بمعنى منفردا دون غيره.

(كَفَرْتُمْ وَإِنْ) : الجملة جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك التاء ضمير متصل

مبني على الضم ـ ضمير المخاطبين ـ في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور أي كفرتم به فحذفت صلة الفعل «الجار والمجرور» اختصارا لأنه معلوم أو بمعنى كفرتم بتوحيد الله. الواو عاطفة. إن : حرف شرط جازم.

(يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا) : فعل مضارع مبني للمجهول فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه سكون آخره. به : جار ومجرور متعلق بيشرك. تؤمنوا : الجملة الفعلية جواب شرط جازم غير مقترن بالفاء لا محل لها. وهي فعل مضارع مجزوم بإن لأنه جواب الشرط وعلامة جزمه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة .. بمعنى آمنتم بشركائكم أي تصدقوا بالإشراك به.

(فَالْحُكْمُ لِلَّهِ) : الفاء استئنافية. الحكم : مبتدأ مرفوع بالضمة. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ.

(الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) : صفتان ـ نعتان ـ للفظ الجلالة مجروران وعلامة جرهما الكسرة.

(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً وَما يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَنْ يُنِيبُ) (١٣)

(هُوَ الَّذِي) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو».

(يُرِيكُمْ آياتِهِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول والميم علامة جمع الذكور. آياته : مفعول به ثان منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(وَيُنَزِّلُ لَكُمْ) : معطوفة بالواو على «يرى» وتعرب إعرابها وعلامة رفع الفعل الضمة الظاهرة في آخره. لكم : جار ومجرور متعلق بينزل والميم علامة جمع الذكور.

(مِنَ السَّماءِ رِزْقاً) : جار ومجرور متعلق بينزل. رزقا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة أي ينزل لكم من السحاب مطرا لأنه سببه.

(وَما يَتَذَكَّرُ إِلَّا) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. يتذكر : فعل مضارع مرفوع بالضمة بمعنى وما يتعظ. إلا : أداة حصر لا عمل لها.

(مَنْ يُنِيبُ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل. ينيب : تعرب إعراب «ينزل» والجملة الفعلية «ينيب» صلة الموصول لا محل لها بمعنى وما يعتبر بآيات الله إلا من يتوب من الشرك ويرجع إلى الله.

(فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (١٤)

(فَادْعُوا اللهَ) : الفاء استئنافية. ادعوا : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. الله لفظ الجلالة : مفعول به منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) : حال من ضمير «ادعوا» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. له : جار ومجرور متعلق بمخلصين. الدين : مفعول به منصوب باسم الفاعلين «مخلصين» وعلامة نصبه الفتحة أي من الشرك.

(وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) : الواو حالية. لو : مصدرية. كره : فعل ماض مبني على الفتح. الكافرون : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والجملة الفعلية (كَرِهَ الْكافِرُونَ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «لو» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف التقدير : حتى مع كره الكافرين والجار والمجرور متعلق بحال من الضمير في اسم الفاعلين «مخلصين» أو على معنى وإن غاظ ذلك أعداءكم ممن ليسوا على دينكم وحذف مفعول «كره» بمعنى ولو كرهوا ذلك.

(رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) (١٥)

(رَفِيعُ الدَّرَجاتِ) : خبر ثان للمبتدإ «هو» في قوله (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ) في الآية الكريمة الثالثة عشرة مرفوع بالضمة أو خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو أي الله رفيع الدرجات. الدرجات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أي درجات الكمال.

(ذُو الْعَرْشِ) : خبر ثالث مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. أو يعرب إعراب (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ).

(يُلْقِي الرُّوحَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر رابع أو خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الروح : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(مِنْ أَمْرِهِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «الروح» والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة أي مبعوثا بأمره وعلى معنى حال من «الروح» يكون التقدير : حالة كونه من أمره و «من» حرف جر بياني.

(عَلى مَنْ يَشاءُ) : حرف جر. من : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بيلقي. يشاء : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو والجملة الفعلية «يشاء» صلة الموصول لا محل لها.

(مِنْ عِبادِهِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة أي حال كونهم من عباده.

(لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) : اللام لام التعليل وهي حرف جر. ينذر : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بيلقي. يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية بالفتحة. متعلق بيلقي وهو مضاف. التلاق : مضاف إليه مجرور بالكسرة

المقدرة على الياء المحذوفة خطا واختصارا واكتفاء بالكسرة الدالة على الياء المحذوفة بمعنى يوم القيامة لأن الخلائق تلتقي فيه وقيل يلتقي فيه أهل السماء والأرض وقيل : المعبود والعابد.

(يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (١٦)

(يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ) : بدل من «يوم التلاقي» في الآية الكريمة السابقة. هم : ضمير بارز منفصل في محل رفع مبتدأ والجملة الاسمية (هُمْ بارِزُونَ) في محل جر بالإضافة. بارزون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته «بارز» وهو اسم فاعل بمعنى : يوم يخرجون من أجداثهم ـ قبورهم ـ.

(لا يَخْفى عَلَى اللهِ) : نافية لا عمل لها. يخفى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. على الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بيخفى.

(مِنْهُمْ شَيْءٌ) : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بيخفى. شيء : فاعل مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : لا يخفى على الله سبحانه من أعمالهم وأحوالهم فحذف المضاف «أعمال .. أحوال» وأوصل حرف الجر «من» بالمضاف إليه «هم» ضمير الغائبين فصار : منهم. أو يكون الجار والمجرور «منهم» متعلقا بحال مقدم من «شيء».

(لِمَنِ الْمُلْكُ) : الجملة الاسمية في محل نصب مفعول ـ مقول القول ـ المعنى : ينادي مناد فيقول : لمن الملك اليوم؟ اللام حرف جر و «من» اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام وحرك النون بالكسر لالتقاء الساكنين والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. الملك : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة أي ويقول حينئذ لمن الملك المطلق يوم القيامة؟

(الْيَوْمَ لِلَّهِ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بالملك. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر لمبتدإ محذوف تقديره : هو لله .. أو الملك لله. فحذف المبتدأ «الملك» اختصارا لأن ما قبله يدل عليه أو حذف اكتفاء بذكره أول مرة. والجملة الاسمية «الملك لله»

في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ المعنى : فيجيب الله سبحانه قائلا هو لله الواحد القهار لخلقه أو فيجيب أهل المحشر قائلين هو لله.

(الْواحِدِ الْقَهَّارِ) : صفتان ـ نعتان ـ للفظ الجلالة مجروران وعلامة جرهما الكسرة أو يكون «الواحد» توكيدا للفظ الجلالة «الله» و «القهار» صفة للواحد.

(الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (١٧)

(الْيَوْمَ تُجْزى كُلُ) : ظرف زمان متعلق بتجزى منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة. تجزى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. كل : نائب فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف.

(نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. الباء حرف جر. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء. والجار والمجرور متعلق بتجزى. كسبت : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي بما عملت من خير أو شر والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : بما كسبته أي بما عملته أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة «كسبت» صلة حرف مصدري لا محل لها و «ما» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء. التقدير : تجزى كل نفس جزاء كسبها أي عملها.

(لا ظُلْمَ الْيَوْمَ) : نافية للجنس تعمل عمل «إن». ظلم : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف وجوبا تقديره : كائن أو موجود. اليوم : أعرب. أي لا ظلم في هذا اليوم والجملة في محل نصب حال من «اليوم» الأول. أي اليوم لا ظلم فيه.

(إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. سريع : خبر «إن» مرفوع بالضمة. الحساب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) (١٨)

(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ) : الواو استئنافية. أنذر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به أول. يوم : مفعول به ثان منصوب بأنذر المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الآزفة : مضاف إليه مجرور بالكسرة بمعنى خوفهم عذاب يوم القيامة.

(إِذِ الْقُلُوبُ) : اسم مبني على السكون الذي حرك بالكسر لالتقاء الساكنين .. في محل نصب ظرف زمان متعلق بأنذر أو تكون «إذ» بدلا من (يَوْمَ الْآزِفَةِ) ٠ القلوب : مبتدأ مرفوع بالضمة والجملة الاسمية (الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ) في محل جر بالإضافة.

(لَدَى الْحَناجِرِ) : ظرف مكان مبني على السكون متعلق بخبر المبتدأ وهو مضاف. الحناجر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : حيث تبلغ القلوب الحناجر من شدة الهلع والفزع وهول ذلك اليوم.

(كاظِمِينَ) : حال من «أصحاب القلوب» على المعنى منصوبة بالياء لأنها جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته أو حال من «القلوب» وقد جمعت الكلمة جمع مذكر سالما لأنها موصوفة بالكظم الذي هو من أفعال العقلاء أي القلوب كاظمة على غم وكرب فيها ويجوز أن يكون حالا عن قوله «وأنذرهم» مشارفين الكظم.

(ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ) : نافية لا عمل لها. للظالمين : جار ومجرور في محل رفع خبر مقدم وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. من : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. حميم : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ مؤخر.

(وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد النفي. شفيع : معطوف على «حميم» ويعرب مثله. يطاع : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت

ـ لشفيع على اللفظ وفي محل رفع على الموضع ـ المحل ـ وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى ليس للظالمين قريب يعطف عليهم ولا شفيع تفيد شفاعته لهم عند ربهم.

(يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) (١٩)

(يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر آخر من أخبار «هو» في قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ) الوارد في الآية الكريمة الثالثة عشرة. وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. خائنة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الأعين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : يعلم نظراتهم الخائنة المحرمة .. أو خيانة الأعين : وهي استراق النظر إلى ما لا يحل النظر إليه.

(وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) : الواو عاطفة. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب لأنه معطوف على منصوب «خائنة» أي ويعلم ما تخفيه الصدور. تخفي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل. الصدور : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية (تُخْفِي الصُّدُورُ) صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : وما تخفيه صدورهم بمعنى ما تكتمه الضمائر وتسره القلوب.

** (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الخامسة عشرة .. المعنى : الله رفيع درجات الكمال وبعد حذف المضاف إليه «الكمال» عوض المضاف «درجات» بالألف واللام .. ينزل الوحي بأمره لأن المراد بالروح الذي هو سبب الحياة يريد به الوحي الذي أمر بالخير وبعث عليه فاستعار له الروح .. وسمي الوحي روحا لأنه كالروح للجسد.

** (لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) : سمي هذا اليوم وهو يوم القيامة بيوم التلاقي لأنه تتلاقى فيه الأرواح والأجساد وأهل السماء وأهل الأرض .. وله أسماء كثيرة أخرى .. منه «يوم الآزفة» في الآية الكريمة الثامنة عشرة .. سمي بالآزفة لأزوفه أي قربه .. يقال : أزفت الساعة ـ تأزف ـ أزوفا .. من باب «طرب» بمعنى قربت أو دنت تدنوا دنوا .. ومن أسماء ذلك اليوم المهول : القارعة كقوله تعالى في سورة «الحاقة» (كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ) أي كذبوا

بالحالة التي تقرع الناس بالذعر وتقرع الأجرام السماوية بالانفطار : أي التشقق والانتشار. وسميت «القيامة» العمامة .. لأنها تعم الناس .. وسميت القيامة في سورة «عبس» : الصاخة في قوله عزوجل : (فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ) : أي الصيحة التي تصم لشدتها من سمعها وهي نفخة إسرافيل في الصور التي تهلع النفوس منها .. قال تعالى في سورة «القمر» (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) و «الداعي» هو إسرافيل و «نكر» أي فظيع .. ويوم القيامة شيء فظيع تنكره النفوس وتخافه لهوله. وسمي أيضا : يوم الزحام .. عن علي بن أبي طالب ـ عليه‌السلام ـ قبل يوم القيامة يأتي دخان من السماء يدخل في أسماع الكفرة حتى يكون رأس الواحد منهم كالرأس الحنيذ ـ أي الساخن ـ ويعتري المؤمن منه كهيئة الزكام وتكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه ليس فيه خصاص.

** (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة عشرة المعنى : حيث ترتفع القلوب من أماكنها حتى تلحق بالحناجر أي تصير القلوب خوفا عند الحناجر ـ الحلوق وهو كناية عن شدة الهلع والخوف والهول والضيق والفزع من ذلك اليوم أي من يوم القيامة .. و «كاظمين» جمع «كاظم» اسم فاعل .. يقال : كظم الرجل غيظه ـ يكظمه ـ كظما ـ من باب «ضرب» بمعنى : اجترعه أي بلعه بمرة بمعنى حبسه وأمسك على ما في نفسه منه .. عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رجلا قال للنبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : أوصني. قال : لا تغضب فردد مرارا قال : لا تغضب : أي اجتنب أسباب الغضب ولا تتعرض لما يجلبه. وقيل : اصبر على كظم الغيظ فإنه يورث الراحة ويؤمن الساحة.

** (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة عشرة .. يقال خان الرجل ـ يخون ـ خونا وخيانة ومخانة .. من باب «قتل» ورجل خائن ـ اسم فاعل ـ وخائنة أيضا والهاء للمبالغة مثل علامة وقوم خونة .. ومعنى «خانه ـ خونا» هو كان به ضعف وفي نظره فترة ـ أي انكسار وضعف. وخانته رجلاه : معناه : لم يقدر على المشي. والخائن : هو من ينقض العهد أو الأمانة و «الخائنة» إضافة لكونه اسم فاعل للمذكر للمبالغة فهو اسم فاعل أيضا للمؤنث .. وفي الآية الكريمة سميت «الأعين» خائنة لمسارقتها النظر إلى محرم .. أي هي النظرة المحرمة .. أو نظراتهم الخائنة قال امرؤ القيس :

وما ذرفت عيناك إلا لتضربي

بسهميك في أعشار قلب مقتل

استعار الشاعر هنا للحظ عينيها ودمعهما اسم السهم لتأثيرهما في القلوب وجرحهما إياه كما أن السهام تجرح الأجسام وتؤثر فيها. و «المقتل» هو المذلل غاية التذليل. ومعنى البيت هو ما بكيت إلا لتملكي قلبي كله وتفوزي بجميع أعشاره وتذهبي بكله. وقالت العرب : ليس لعين ما رأت ولكن ليد ما أخذت .. وهو حكم بحق رجلين أبصر الأول شيئا مطروحا فلم يأخذه ورآه آخر فأخذه فقال الذي لم يأخذه : أنا رأيته قبلك. فتحاكما ..

فصدر الحكم المذكور الذي صار مثلا.

** (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثانية والعشرين .. المعنى ذلك الإهلاك بسبب أنهم فحذف المشار إليه الصفة أو البدل «الإهلاك» لأن ما قبله دال عليه .. وأنث الفعل «كانت» و «تأتيهم» مع اسم «كان» المذكر «رسلهم» لأنه فصل عن فاعله أو أنث على لفظ الرسل الذي يدل على الجماعة لا على المعنى ـ وهو جمع رسول ـ.

** (إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الرابعة والعشرين .. المعنى : أرسلناه إلى فرعون ـ حاكم مصر ـ وهامان ـ كبير وزراء فرعون ـ وقارون ـ الثري من قوم موسى ـ وهو رأس الكافرين .. و «كذاب» من صيغ المبالغة ـ فعال بمعنى فاعل ـ سموا السلطان المبين سحرا.

** (قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ) : ورد قول الله تعالى على لسانهم في الآية الكريمة الخامسة والعشرين .. المعنى : أعيدوا قتل أبناء الذين. قال المصحف المفسر : هذه الآية الكريمة تشعر أن أمر فرعون بقتل أبناء بني إسرائيل واستبقاء نسائهم حدث بعد بعثة موسى مع أن نص الكتاب دل على أنه كان قبله حتى إن موسى نفسه لما ولد نجا بتدبير إلهي. والحقيقة أن فرعون بعد سماعه قول موسى أمر بإعادة تلك المجزرة لإذلال بني إسرائيل وإبادتهم. واستحيوا نساءهم. معناه : أبقوهن حيات ومن معاني الفعل «استحيا» احتشم .. نحو : استحيا فلان ـ يستحيي واستحى ـ يستحي : أي احتشم .. يقال : استحيت ـ بياء واحدة وأصله : استحييت ـ بياءين ـ فأعلوا الياء الأولى حركتها على الحاء فقالوا استحيت لما كثر في كلامهم. وقال الأخفش : استحى ـ بياء واحدة ـ لغة بني تميم وبياءين لغة أهل الحجاز وهو الأصل وإنما حذفوا الياء لكثرة استعمالهم لهذه الكلمة كما قالوا : لا أدر في لا أدري وفي الآية الكريمة المعنى : واستبقوا نساءهم. و «الحياء» بالألف الممدودة معناه : الاستحياء ووردت هذه اللفظة في شعر المتنبي :

وزائرتي كأن بها حياء

فليس تزور إلا في الظلام

وقيل : إن الحياء المانع من طلب العلم مذموم أما إذا كان الحياء على جهة التوقير فهو حسن. والخجل كالاستحياء وفعله : خجل ـ يخجل ـ خجلا .. من باب «تعب» أي اضطرب من الحياء فهو خجل ـ فعل بمعنى فاعل ـ وأخجله وخجله : بمعنى : قال له : خجلت أو جعله يخجل. و «الخجل» هو أيضا : التحير والدهش من الاستحياء ومن معاني «الخجل» : سوء احتمال الغنى وفي الحديث : «إذا شبعتن خجلتن» أي بطرتن وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ قال : «الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان» البضع : من أربع إلى تسع شعب. ووردت لفظة «الحياء» أيضا في قول الشاعر :

وإذا صحبت فاصحب ماجدا

ذا حياء وعفاف وكرم

قوله للشيء لا إن قلت لا

وإذا قلت نعم قال نعم

وعن أبي مسعود قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : إن مما أدرك الناس من كلام النبوة : إذا لم تستح فاصنع ما شئت. صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

** (وَقالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة والعشرين .. المعنى : إني استجرت أو لجأت إلى ربي وربكم من شرك كل متعظم .. وحذف المضاف «شر» وبقي المضاف إليه «كل» والمراد بالمتكبر هنا : فرعون وغيره من الجبابرة لتعميم الاستعاذة والتعريض الذي هو أبلغ من التصريح .. ويوم الحساب : هو يوم القيامة الذي يحاسب فيه الناس جميعا بسرعة كقوله تعالى في آية سابقة (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) أي جميع الناس بسرعة تقدر بنصف يوم من أيام الدنيا لأن علمه سبحانه محيط بكل شيء.

** (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الثامنة والعشرين أي قال هذا الرجل المؤمن وهو من رجال فرعون وقيل : من أقربائه .. وقد أخفى إيمانه عن فرعون احتاج ـ كما يقول الزمخشري ـ في مقاولة خصوم موسى إلى ملاومتهم ومداراتهم ويسلك معهم طريق الإنصاف في القول ويأتيهم من جهة المناصحة وهو كلام المنصف في مقاله غير المشتط فيه ليسمعوا منه ولا يردوا عليه .. وتقديم الكاذب على الصادق من هذا القبيل.

** (وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) : يفهم من الآية الكريمة أن التنكير في «بعض الذي» مثلما يعطي معنى التكثير وهو في معنى البعضية فكذلك هو الحال إذا صرح بالبعضية ـ أي بذكر لفظة بعض ـ حيث قال : بعض الذي يعدكم وهو نبي صادق ـ أي النبي موسى ـ عليه‌السلام. لا بد لما يعدهم أن يصيبهم كله لا بعضه. وقال الفيومي .. إن قوله تعالى (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) جاء على التقديم والتأخير والأصل : يكتم من آل فرعون إيمانه يقال : كتمت زيدا الحديث ـ أكتمه ـ كتما ..

من باب «قتل» وكتمانا ـ بكسر الكاف ـ يتعدى الفعل إلى مفعولين ويجوز زيادة «من» في المفعول الأول فيقال : كتمت من زيد الحديث .. مثل قولنا : بعته الدار وبعت منه الدار ومنه عند بعضهم. ويقال هذا حديث مكتوم ـ اسم مفعول ـ وبه كنيت المرأة فقيل : أم مكتوم ويقال : هذا سر كاتم بمعنى «مكتوم» ومكتم ـ بتشديد التاء ـ أي بولغ في كتمانه.

(وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (٢٠)

(وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِ) : الواو استئنافية. الله لفظ الجلالة : مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. يقضي : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بالحق : جار ومجرور متعلق بصفة لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف. بتقدير : قضاء مقترنا أو ملتبسا بالحق.

(وَالَّذِينَ يَدْعُونَ) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. يدعون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير والذين يدعونهم أي يعبدونهم من الأصنام والأوثان.

(مِنْ دُونِهِ) : جار ومجرور متعلق بصفة لموصوف محذوف بتقدير : والذين يدعونهم آلهة من دونه أو متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول بتقدير حالة كونهم من دونه والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «الذين» لا : نافية لا عمل لها. يقضون : تعرب إعراب «يدعون». بشيء : جار ومجرور متعلق بيقضون بمعنى : لا يحكمون بشيء لأنهم جمادات لا يعلمون شيئا ولا يقدرون عليه.

(إِنَّ اللهَ هُوَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم بالفتحة. هو : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.

(السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) : خبر «هو» مرفوع بالضمة. البصير : خبر ثان للمبتدإ «هو» ويجوز أن يكون صفة للسميع والجملة الاسمية (هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) في محل رفع خبر «إن» و «إن» وما بعدها جاء تقريرا لقوله : يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ) (٢١)

(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) : هذا القول الكريم سبق إعرابه في الآية الكريمة التاسعة من سورة «الروم» والآية الكريمة الرابعة والأربعين من سورة «فاطر».

(وَآثاراً فِي الْأَرْضِ) : معطوف بالواو على «قوة» ويعرب مثله بمعنى وأكثر آثارا. في الأرض : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «آثارا».

(فَأَخَذَهُمُ اللهُ) : الفاء سببية. أخذ : فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة بمعنى فأهلكهم الله.

(بِذُنُوبِهِمْ) : جار ومجرور متعلق بحال من ضمير الغائبين «هم» في «أخذهم» بمعنى : ملتبسين أو هم ملتبسون بذنوبهم .. أو متعلق بمفعول له .. بتقدير : أهلكهم بسبب ذنوبهم أي نتيجة ذنوبهم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(وَما كانَ لَهُمْ) : الواو عاطفة. ما : نافية لا عمل لها. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. لهم : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «كان» المقدم.

(مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ) : جار ومجرور للتعظيم متعلق بحال مقدمة من «واق». من : حرف جر زائد لتأكيد معنى النفي. واق : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا لأنه اسم «كان» ولم تظهر علامة الجر لأنها حذفت مع الياء المحذوفة لأن الاسم منقوص نكرة حذفت ياؤه وبقي تنوينها.

(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢٢)

(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف للخطاب والإشارة إلى الإهلاك الباء حرف جر و «أن» حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب اسم «أن» و «أن» مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبر «ذلك» التقدير : ذلك الإهلاك الذي قضاه الله عليه مستحق عليهم بسبب كفرهم.

(كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن» وهي فعل ماض ناقص مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها وحذف اسمها وهو «رسلهم» لأن ما بعده دال عليه أو بسبب تقديم خبر «كان» جملة (تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ) وتأخير اسمها «رسلهم» والجملة الفعلية (تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ) في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا) : جار ومجرور متعلق بفعل «تأتيهم» الفاء سببية. كفروا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى كفروا بما جاءوهم به.

(فَأَخَذَهُمُ اللهُ) : الفاء سببية. أخذ : فعل ماض مبني على الفتح و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة أي فأهلكهم الله.

(إِنَّهُ قَوِيٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل في محل نصب اسم «إن». قوي : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.

(شَدِيدُ الْعِقابِ) : خبر ثان لإن مرفوع بالضمة وهو مضاف وهو من إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها أي شديد عقابه. العقاب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. المعنى : قوي البطش شديد العقاب.

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٢٣)

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) : الواو استئنافية. اللام لام الابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. أرسل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(مُوسى بِآياتِنا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر. بآيات : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «موسى» التقدير : أرسلناه معززا بمعجزاتنا و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) : معطوف بالواو على «الآيات» مجرور مثلها ويعرب إعرابها. مبين : صفة ـ نعت ـ لسلطان مجرور مثله بالكسرة المنونة بمعنى وعززناه بحجة واضحة.

(إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ) (٢٤)

(إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ) : جار ومجرور متعلق بأرسل وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والمعرفة. وهامان وقارون : الاسمان معطوفان بواوي العطف على «فرعون» ويعربان مثله.

(فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ) : الفاء عاطفة على فعل محذوف يفسره المعنى. قالوا : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ساحر : خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو أو هذا ساحر كذاب : صفة ـ نعت ـ لساحر مرفوع مثله بالضمة المنونة والجملة الاسمية (هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ أي سموا السلطان المبين سحرا وكذبا.

(فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ) (٢٥)

(فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِ) : الفاء استئنافية. لما : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالجواب. جاءهم : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به. بالحق : جار ومجرور متعلق بجاء بمعنى فحين جاءهم موسى بالنبوة بمعنى فلما جاءهم موسى بمعجزاته كبر عليهم أن يقبلوه.

(مِنْ عِنْدِنا) : جار ومجرور متعلق بحال محذوف من «الحق» و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(قالُوا اقْتُلُوا) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. اقتلوا : الجملة الفعلية في محل نصب

مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(أَبْناءَ الَّذِينَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.

(آمَنُوا مَعَهُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وتعرب إعراب «قالوا». معه : ظرف مكان يدل على المصاحبة والاجتماع متعلق بآمنوا وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه.

(وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «اقتلوا أبناء ..» وتعرب إعرابها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة بمعنى : واستبقوا نساءهم حيات.

(وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. كيد : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. الكافرين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(إِلَّا فِي ضَلالٍ) : أداة حصر لا عمل لها. في ضلال : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ بمعنى في ضياع.

(وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) (٢٦)

(وَقالَ فِرْعَوْنُ) : الواو عاطفة. قال : فعل ماض مبني على الفتح. فرعون : فاعل مرفوع بالضمة والجملة بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل النون نون الوقاية لا محل لها من الإعراب والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به بمعنى دعوني أو اتركوني. أقتل : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب ـ الأمر ـ وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر

فيه وجوبا تقديره أنا. موسى : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف للتعذر.

(وَلْيَدْعُ رَبَّهُ) : الواو استئنافية. اللام لام الأمر. يدع : فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الواو ـ وبقيت الضمة دالة عليها والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ربه :

مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة بمعنى وليناد ربه لنجدته.

(إِنِّي أَخافُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». أخاف : الجملة الفعلية وما بعدها في محل رفع خبر «إن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا.

(أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ) : حرف مصدري ناصب. يبدل : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. دينكم : مفعول به منصوب بالفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية (يُبَدِّلَ دِينَكُمْ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به للفعل «أخاف» أي إن لم أقتله.

(أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) : حرف عطف للتخيير وما بعده معطوف على (أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ) ويعرب إعرابه. والجار والمجرور (فِي الْأَرْضِ) متعلق بيظهر بمعنى : أن يفسد عليكم دينكم بدعوتكم إلى دينه أو يفسد عليكم دنياكم.

(وَقالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ) (٢٧)

(وَقالَ مُوسى) : الواو استئنافية. قال : فعل ماض مبني على الفتح. موسى : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر أو تكون الواو

عاطفة على محذوف بمعنى وبعد أن سمع قول فرعون قال موسى لقومه إني استجرت بربي.

(إِنِّي عُذْتُ) : الجملة المؤولة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إني : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». عذت : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع فاعل أي إني لجأت.

(بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ) : جار ومجرور متعلق بفعل «عذت» والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة. وربكم : معطوف بالواو على «ربي» ويعرب إعرابه. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ) : جار ومجرور متعلق بفعل «عذت». متكبر : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ) : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ لمتكبر. لا : نافية لا عمل لها. يؤمن : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. بيوم : جار ومجرور متعلق بيؤمن. الحساب : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) (٢٨)

(وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ) : الواو عاطفة. قال : فعل ماض مبني على الفتح. رجل : فاعل مرفوع بالضمة المنونة. مؤمن : صفة ـ نعت ـ لرجل مرفوع بالضمة المنونة.

(مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) : جار ومجرور في محل رفع صفة ثانية لرجل أو يكون صلة ليكتم .. أي يكتم إيمانه من آل فرعون : بمعنى : أهله وأقربائه

وهو مضاف. فرعون : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والمعرفة.

(يَكْتُمُ إِيمانَهُ) : الجملة الفعلية في محل رفع صفة ثالثة لرجل وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إيمانه : مفعول به منصوب بالفتحة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة.

(أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الهمزة همزة إنكار وتعجيب بلفظ استفهام و «تقتلون» فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. رجلا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة.

(أَنْ يَقُولَ) : حرف مصدري ونصب. يقول : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية «يقول» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما تلاها في محل نصب مفعول له بتقدير : لأن يقول وهذا إنكار منه عظيم وتبكيت شديد بمعنى : أترتكبون الفعلة الشنعاء التي هي قتل نفس محرمة وما لكم علة قط في ارتكابها إلا كلمة الحق التي نطق بها وهي قوله «ربي الله» وهو ربكم أيضا ويجوز أن تكون «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر مضافا إليه والمضاف محذوف بتقدير : وقت أن يقول بمعنى : أتقتلونه ساعة سمعتم منه هذا القول. والجملة الاسمية «ربي الله» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(رَبِّيَ اللهُ) : مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة. الله لفظ الجلالة : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة.

(وَقَدْ جاءَكُمْ) : الواو حالية والجملة الفعلية في محل نصب حال من «رجل» لأنه صار بمنزلة المعرفة بعد أن وصف أو من الضمير المستكن في

«يكتم». قد : حرف تحقيق. جاءكم : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ) : جار ومجرور متعلق بجاء. من ربكم : جار ومجرور متعلق بحال من «البينات» بتقدير : حالة كونها موحاة من ربكم. والميم علامة جمع الذكور بمعنى : بالآيات البينات أي بالمعجزات فحذف الموصوف «الآيات».

(وَإِنْ يَكُ كاذِباً) : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم. يك : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه سكون آخره ـ النون المحذوفة تخفيفا كما حذفت الواو ـ أصله : يكون ـ أيضا لالتقاء الساكنين واسمها ضمير مستتر جوازا تقديره : هو. كاذبا : خبر «يكن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وبقيت ضمة الواو.

(فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ) : الجملة الاسمية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. عليه : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. كذبه : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة بمعنى : وإن يكن كاذبا لم يوح إليه شيء فعليه إثم أو وبال كذبه وضرره وحده ولا يضرنا منه شيء.

(وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ) : معطوفة بالواو على (إِنْ يَكُ كاذِباً) وتعرب إعرابها. يصب : فعل مضارع جواب الشرط ـ جزاؤه ـ مجزوم بإن وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت الياء ـ أصله : يصيبكم ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور. بعض : فاعل مرفوع بالضمة.

(الَّذِي يَعِدُكُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة. يعد : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع

بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «كم» أعرب في «يصبكم» وحذفت صلة الفعل اختصارا بمعنى الذي يعدكم به من العذاب أي ينذركم به.

(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة والجملة الفعلية «لا يهدي ..» في محل رفع خبر «إن». لا : نافية لا عمل لها. يهدي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) : الجملة الاسمية صلة الموصول لا محل لها. هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. مسرف كذاب : خبرا «هو» خبر بعد خبر مرفوعان بالضمة المنونة ويجوز أن يكون «مسرف» خبر «هو» و «كذاب» صفة لمسرف .. و «كذاب» من صيغ المبالغة ـ فعال بمعنى فاعل ـ أي كثير الكذب.

(يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلاَّ ما أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشادِ) (٢٩)

(يا قَوْمِ) : أداة نداء. قوم : منادى مضاف منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي الحركة الدالة على الياء المحذوفة والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة وحذفت خطا ولفظا.

(لَكُمُ الْمُلْكُ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم وحركت الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الملك : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.

(الْيَوْمَ ظاهِرِينَ) : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة. ظاهرين : حال من ضمير المخاطبين منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : إنكم أصحاب الملك اليوم عالين متغالبين.

(فِي الْأَرْضِ فَمَنْ) : جار ومجرور متعلق بظاهرين. الفاء استئنافية أو رابطة لجواب شرط متقدم. من : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

(يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «من» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب مفعول به. من بأس : جار ومجرور متعلق بينصر. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة الجر الكسرة .. بمعنى فمن هو ذلك الذي ينصرنا.

(إِنْ جاءَنا) : حرف شرط جازم. جاء : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي بأس الله بمعنى عذاب الله. و «نا» أعرب في «ينصرنا» وحذف جواب الشرط لتقدم معناه.

(قالَ فِرْعَوْنُ) : فعل ماض مبني على الفتح. فرعون : فاعل مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والمعرفة.

(ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ ما : نافية لا عمل لها. أريكم : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. إلا : أداة حصر لا عمل لها. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان. أرى : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. أي إلا ما أراه.

(وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ) : معطوفة بالواو على (ما أُرِيكُمْ إِلَّا) وتعرب إعرابها. سبيل : مفعول به منصوب بالفتحة. الرشاد : مضاف إليه مجرور

بالكسرة بمعنى ما أشير عليكم برأي إلا بما أرى من قتله أي لا أستصوب إلا قتله وما أرشدكم بهذا الرأي إلا طريق الصواب.

(وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ) (٣٠)

(وَقالَ الَّذِي) : الواو عاطفة. قال : فعل ماض مبني على الفتح. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. يا : أداة نداء. قوم : أعرب في الآية الكريمة السابقة. إني أخاف : أعرب في الآية الكريمة السادسة والعشرين.

(عَلَيْكُمْ مِثْلَ) : جار ومجرور متعلق بفعل «أخاف» والميم علامة جمع الذكور. مثل : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(يَوْمِ الْأَحْزابِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. الأحزاب : مضاف إليه ثان مجرور بالكسرة.

(مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) (٣١)

(مِثْلَ دَأْبِ) : عطف بيان من «مثل» الوارد في الآية الكريمة السابقة وهو مضاف. دأب : مضاف إليه مجرور بالكسرة المنونة.

(قَوْمِ نُوحٍ) : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. نوح : مضاف إليه ثالث مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو المنونة ولم يمنع من الصرف رغم عجمته لأنه ثلاثي أوسطه ساكن.

(وَعادٍ وَثَمُودَ) : معطوف بالواو على «قوم» مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة وصرف آخره أي لم يمنع من الصرف أيضا لأن المراد اسم الحي أو الأهل وليس القبيلة. وثمود : معطوف بالواو على «عاد» مجرور مثله وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للتأنيث والمعرفة والمراد اسم القبيلة.

(وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر لأنه معطوف على مجرور. من بعد : جار ومجرور متعلق بمحذوف تقديره : مضوا. و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «مضوا من بعدهم» صلة الموصول لا محل لها ودأب بمعنى : عادة .. يقال : هذا دأبي أي هذه عادتي.

(وَمَا اللهُ يُرِيدُ) : الواو استئنافية. ما : نافية بمنزلة «ليس» عند أهل الحجاز ما .. الحجازية .. ونافية لا عمل لها عند بني تميم. الله لفظ الجلالة : اسم «ما» مرفوع للتعظيم بالضمة أو مبتدأ على اللغة الثانية. مثل قوله تعالى : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ولكن القول الأول أبلغ إذ جعل المنفي إرادة الظلم لأن من كان عن إرادة الظلم بعيدا فهو عن الظلم أبعد. يريد : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والجملة الفعلية (يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) في محل نصب خبر «ما» أو في محل رفع خبر المبتدأ على اللغة الثانية .. ونكر «ظلما» لأنه نفى أن يريد أي ظلم لعباده.

(ظُلْماً لِلْعِبادِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. للعباد : جار ومجرور متعلق بظلما أو بصفة محذوفة من ظلما.

(وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ) (٣٢)

هذه الآية الكريمة معطوفة بالواو على الآية الكريمة الثلاثين .. وحذفت الياء من «التنادي» خطا واختصارا ولأنها رأس آية ـ أي مراعاة لفواصل الآي الشريف ـ وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة. بمعنى يوم الآخرة ـ القيامة ـ أي يوم يتنادى الناس من هول الفزع أي ينادي بعضهم بعضا.

** (وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثلاثين .. المعنى : إني أخاف عليكم إن تعرضتم له أن يصيبكم مثل ما أصاب الأمم السابقة أي مثل أيامهم واقتصر على المفرد «يوم» لأن المضاف إليه «الأحزاب» أغنى عن ذلك .. يعني مثل وقائعهم .. كما يقال أيام العرب .. ويراد وقائعها في الجاهلية. والأحزاب جمع «حزب» وهم الجماعات .. والمراد بهم : الذين تحزبوا على إبطال أمر الأنبياء.

** (وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الرابعة والثلاثين .. المعنى ولقد جاءكم يوسف من قبل موسى بالآيات البينات أي المعجزات الواضحات .. وبعد حذف المضاف إليه «موسى» بني المضاف «قبل» على الضم بسبب انقطاعه عن الإضافة كما حذف الموصوف «الآيات» وأقيمت الصفة «البينات» مقامه .. فما زلتم في شك والمخاطبون هم المصريون بمعنى ولقد جاءكم أيها المصريون نبي الله يوسف بن يعقوب ـ عليهما‌السلام ـ فما زلتم شاكين مما جاءكم به من الأدلة على صدقه فلم تؤمنوا به حتى إذا مات قلتم لن يبعث الله رسولا من بعده و «هلك» بمعنى : مات. يقال : هلك ـ يهلك ـ هلاكا وهلوكا ومهلكا ـ بفتح اللام وكسرها وضمها وتهلكة ـ بضم اللام ـ وقال اليزيدي ـ التهلكة : هي ـ من نوادر المصادر ليست مما يجري على القياس. وهلكه بمعنى : أهلكه في لغة تميم وهو من باب «ضرب» والهلاك هو الخسران والتباب. يقال : تبت يداه وتبا له : منصوب على المصدر بإضمار فعل أي ألزمه الله هلاكا وخسرانا .. واستتب الأمر : بمعنى تهيأ واستقام .. وعلى ذكر «تبت يداه» فقد ورد هذا القول في سورة «اللهب» : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) وتسمى أيضا سورة «المسد» نسبة إلى آيتها الخامسة : (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) بمعنى : هلكت نفس أبي لهب وقد هلك.

** (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الخامسة والثلاثين .. المعنى وكما ختم الله على قلوب هؤلاء المجادلين أي أغلق قلوبهم فكذلك يختم الله على قلوب جميع المتكبرين عقابا لهم .. وقيل : متى تكبر القلب تكبر صاحبه وعلى هذا التفسير يكون التقدير والمعنى : كذلك يطبع الله على كل ذي قلب متكبر أي بجعل الصفة لصاحب القلب .. ويطبع ويختم : بمعنى واحد هو الإغلاق لأن الشيء لا يطبع ولا يختم إلا إذا أغلق لأنهم يجادلون في آيات الله بالباطل أي بالطعن عليها بغير حجة لديهم إلا ليبطلوها .. ومن أسماء القلب : الجنان ـ بفتح الجيم ـ وقالت العرب في أمثالها : إذا فرح الجنان بكت العينان وهو كقولهم : البغض تبديه لك العينان .. ومن أسمائه أيضا : الروع ـ بضم الراء ـ وهو موضع الفزع من القلب أو سواده وتأتي هذه اللفظة أيضا بمعنى : الذهن والعقل وبمعنى النفس والخلد والبال ومنه القول : راعه ـ يروعه ـ روعا أو روعة : بمعنى أفزعه أو أعجبه واسم الفاعل هو رائع ومنه القول : هذا أمر رائع ولا نقول : مريع لأن لفظة «مريع» اسم فاعل للفعل «أراع» الذي خلت منه المصادر بهذا المعنى. والريع : هو الأفضل والأول من كل شيء فريع كل شيء وريعانه : هو أوله وأفضله ومنه ريعان الشباب .. قال الشاعر :

قد يلهيك ريعان الشباب وقد

ولى الشباب وهذا الشيب منتظر

أما «الأروع» فهو الرجل الكريم ذو الفضل والسؤدد والجميل الذي يعجب حسنه الناس.

** (وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) : هذا هو نص الآية الكريمة السادسة والثلاثين .. المعنى : وقال فرعون ملك الأقباط في مصر لوزيره : يا هامان ابن لي بناء عاليا لعلي أبلغ أي أصل إلى الطريق المؤدية أو الموصلة إلى المطلوب .. ولعل يفيد الرجاء وهو طلب شأنه شأن التمني هنا : وهو أي التمني شيء محبوب لا يرجى حصوله لاستحالته أو لبعد تحقيقه و «الأسباب» جمع «سبب» والصرح هو البناء العالي أو القصر وجمعه : صروح.

** (أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) : هذا هو مستهل الآية الكريمة السابعة والثلاثين .. وفيه توضيح الأسباب المبهمة في الآية الكريمة السابقة بأسباب السموات الموضحة هنا تفخيم لشأنها وفي قول فرعون هذا تهكم بموسى ـ عليه‌السلام ـ.

** (وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ) : أي وصد الشيطان فرعون عن سبيل الرشاد أي السداد وبعد حذف المضاف إليه «الرشاد» عوض المضاف «سبيل» بالألف واللام. يقال : صده ـ يصده ـ صدا .. من باب «رد» بمعنى منعه وصرفه وكفه أو يكون المعنى : ومنع أي منعه الشيطان عن سلوك طريق الهداية والاستقامة والرشاد .. وما تدبير فرعون إلا في خسار وهلاك أي تدبيره لإبطال رسالة موسى. و «التباب» شأنه شأن «التب» مصدر الفعل «تب» قال الشاعر :

اذهبي إن كل دنيا ضلال

والأماني عقرها للتباب

لا يروقنك صائر لفناء

كل دنيا مصيرها للتراب

(يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) (٣٣)

(يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ) : بدل من «يوم التناد» في الآية الكريمة السابقة. تولون : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف «يوم» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. مدبرين : حال من ضمير «تولون» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : منصرفين عن موقف الحساب إلى النار أو فارين عن النار غير معجزين.

(ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) : أعرب في الآية الكريمة السادسة والعشرين من سورة «يونس».

(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) : أعرب في الآية الكريمة الثالثة والعشرين من سورة «الزمر».

(وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) (٣٤)

(وَلَقَدْ جاءَكُمْ) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. جاءكم : فعل ماض مبني على الفتح الكاف ضمير متصل ـ ضمير

المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم والميم علامة جمع الذكور.

(يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ) : فاعل مرفوع بالضمة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف. من : حرف جر. قبل : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بجاء أي من قبل موسى فحذف المضاف إليه موسى.

(بِالْبَيِّناتِ فَما) : جار ومجرور متعلق بجاء. أي بالآيات البينات بمعنى بالمعجزات الواضحات. الفاء استئنافية. ما : نافية لا عمل لها.

(زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا) : فعل ماض ناقص من أخوات «كان» مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «ما زال» والميم علامة جمع الذكور. في شك : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «ما زلتم». مما : أصلها : من حرف جر و «ما» اسم موصول مدغم بنون «من» مبني على السكون في محل جر بمن. والجار والمجرور متعلق بشك أو بصفة محذوفة من «شك».

(جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى) : أعربت. به : جار ومجرور متعلق بجاء والجملة الفعلية «جاءكم به» صلة الموصول لا محل لها. حتى : حرف غاية وابتداء.

(إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ) : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه. هلك : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى مات أو قبض. قلتم : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين مبني على الضم في محل رفع فاعل والميم علامة جمع الذكور.

(لَنْ يَبْعَثَ اللهُ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ لن : حرف نصب واستقبال يبعث : فعل مضارع منصوب بلن وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.

(مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً) : جار ومجرور متعلق بيبعث أو بحال مقدمة من «رسولا» والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة. رسولا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة.

(كَذلِكَ يُضِلُ) : الكاف اسم مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. التقدير : مثل هذا الإضلال يضل الله أو يكون في محل نصب صفة ـ نعتا ـ لمصدر ـ مفعول مطلق ـ محذوف بتقدير : يضل الله من هو مسرف مرتاب إضلالا مثل هذا الإضلال أي مثل هذا الخذلان المبين. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة. اللام للبعد والكاف للخطاب. يضل : فعل مضارع مرفوع بالضمة وجملة «يضل ..» في محل رفع خبر المبتدأ ـ الكاف ـ على الوجه الأول من إعرابه.

(اللهُ مِنْ) : لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. من : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. مسرف : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة والجملة الاسمية «هو مسرف ..» صلة الموصول لا محل لها. وحذفت صلة «مسرف» بمعنى : من هو أو كل مسرف في عصيانه. مرتاب : خبر ثان للمبتدإ «هو» أي خبر بعد خبر وحذفت صلته أيضا بمعنى : مرتاب أي شاك في دينه. ومنه «الريبة» بمعنى : الشك. أو شاك في وحدانية الله ووعده.

(الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) (٣٥)

(الَّذِينَ يُجادِلُونَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ على تأويل حذف مضاف بتقدير : جدال الذين فأقيم المضاف إليه مقامه. يجادلون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(فِي آياتِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بيجادلون. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر الكسرة .. والجملة الفعلية (يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ) صلة الموصول لا محل لها.

(بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ) : جار ومجرور متعلق بيجادلون. سلطان : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى بغير دليل أو برهان أي بالباطل وعلى هذا المعنى يجوز أن يتعلق الجار والمجرور بحال مقدرة بمعنى : يجادلون في آيات الله باطلين أو غير محقين أو وهم على باطل فالحال المقدرة هي لضمير الغائبين في «يجادلون». أتاهم : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ لسلطان وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به.

(كَبُرَ مَقْتاً) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه تقديره هو يعود إلى مصدر الفعل المتقدم «يجادلون» بتقدير : كبر جدالهم. مقتا : تمييز منصوب بالفتحة المنونة.

(عِنْدَ اللهِ) : ظرف مكان منصوب على الظرفية بالفتحة متعلق بكبر وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.

(وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا) : الواو عاطفة. عند : معطوف على «عند» ويعرب إعرابه. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : ما أكبر ما يمقت الله والمؤمنون جدالهم.

(كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ) : يعرب إعراب (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ) الوارد في الآية الكريمة السابقة بمعنى كذلك يختم الله.

(عَلى كُلِّ قَلْبِ) : جار ومجرور متعلق بيطبع. قلب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.

(مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) : مضاف إليه ثان مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. جبار : صفة ـ نعت ـ لمتكبر مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة أو يكون التقدير : على كل ذي قلب متكبر أي بجعل الصفة لصاحب القلب.

(وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) (٣٦)

(وَقالَ فِرْعَوْنُ) : الواو عاطفة. قال : فعل ماض مبني على الفتح. فرعون : فاعل مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف.

(يا هامانُ) : أداة نداء. هامان : اسم منادى مفرد علم مبني على الضم في محل نصب والجملة الفعلية بعده في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(ابْنِ لِي صَرْحاً) : فعل أمر مبني على حذف آخره ـ حرف العلة .. الياء ـ وبقيت الكسرة دالة عليها. والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. لي : جار ومجرور متعلق بابن. صرحا : مفعول به منصوب بالفتحة المنونة بمعنى بناء عاليا.

(لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) : حرف مشبه بالفعل يفيد الرجاء من أخوات «إن» والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «لعل». أبلغ : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. الأسباب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى الوسائل.

(أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبابٍ) (٣٧)

(أَسْبابَ السَّماواتِ) : بدل من «الأسباب» في الآية الكريمة السابقة. السموات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) : الفاء سببية لأنها جواب «لعل». أطلع : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا والجملة الفعلية «أطلع ..» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر معطوف على مصدر منتزع من الكلام السابق. إلى إله : جار ومجرور متعلق باطلع. موسى : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف ومنع من ظهور الحركة التعذر بمعنى فأنظر إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا في ادعائه بأن له إلها غيري.

(وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن» اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ أظنه : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول. كاذبا : مفعول به ثان منصوب بأظن المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة المنونة والجملة الفعلية (لَأَظُنُّهُ كاذِباً) في محل رفع خبر «إن».

(وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ) : الواو استئنافية. كذلك : أعرب في الآية الكريمة الرابعة والثلاثين. زين : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. لفرعون : جار ومجرور متعلق بزين وعلامة جر الاسم الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف.

(سُوءُ عَمَلِهِ) : نائب فاعل مرفوع بالضمة. عمله : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر مضاف إليه ثان بمعنى : زين الشيطان لفرعون سوء عمله.

(وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ) : معطوف بالواو على «زين» ويعرب مثله ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عن السبيل : جار ومجرور متعلق بصد بمعنى : ومنع أو وكف الشيطان فرعون عن سبيل الرشاد.

(وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. كيد : مبتدأ مرفوع بالضمة. فرعون : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والعلمية.

(إِلَّا فِي تَبابٍ) : أداة حصر لا عمل لها. في تباب : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ بتقدير : كائن في خسار وهلاك.

(وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) (٣٨)

(وَقالَ الَّذِي) : الواو عاطفة. قال : فعل ماض مبني على الفتح. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(آمَنَ يا قَوْمِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. يا قوم : أعرب في الآية الكريمة التاسعة والعشرين والجملة الفعلية «اتبعون» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. النون نون الوقاية لا محل لها والكسرة دالة على الياء المحذوفة خطا واختصارا والياء المحذوفة ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. أهدكم : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب ـ الأمر ـ وعلامة جزمه حذف الياء ـ حرف العلة ـ وبقيت الكسرة دالة على الياء المحذوفة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(سَبِيلَ الرَّشادِ) : مفعول به ثان منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الرشاد : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : أهدكم إلى سبيل الرشاد أي طريق السداد فحذف الجار وأوصل الفعل.

(يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ) (٣٩)

(يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ) : أعرب في الآية الكريمة التاسعة والعشرين. إنما : كافة ومكفوفة. هذه : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ.

(الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ) : بدل من اسم الإشارة مرفوع بالضمة. الدنيا : صفة ـ نعت ـ للحياة مرفوعة مثلها وعلامة رفعها الضمة المقدرة على الألف للتعذر. متاع : خبر المبتدأ «هذه» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى تمتع يسير زائل.

(وَإِنَّ الْآخِرَةَ) : الواو عاطفة. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الآخرة : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(هِيَ دارُ الْقَرارِ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن». هي : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. دار : خبر «هي» مرفوع بالضمة وهو مضاف. القرار : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى هي دار الاستقرار والبقاء الأبدي.

(مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) (٤٠)

(مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً) : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ وجملتا فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر «من». عمل : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. سيئة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وهو في الأصل صفة أقيمت مقام موصوف محذوف. التقدير : من عمل فعلة سيئة.

(فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) : الجملة جواب شرط جازم مسبوق بنفي مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط. لا : نافية لا عمل لها. يجزى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. إلا : أداة حصر لا عمل لها. مثل : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى إلا عقوبة

مثلها .. فحذف المفعول به الموصوف «عقوبة» وحلت الصفة «مثلها» محله وجملة «عمل سيئة» صلة الموصول لا محل لها.

(وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً) : معطوف بالواو على (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً) ويعرب إعرابه بمعنى : ومن عمل عملا صالحا.

(مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من اسم الشرط «من» التي هي الموصولة نفسها. التقدير حالة كونه من ذكر و «من» حرف جر بياني. أو : حرف عطف. أنثى : معطوفة على «ذكر» وتعرب إعرابه وقدرت الكسرة المنونة على آخر الكلمة للتعذر ولم ينون آخر الكلمة لأنه اسم مقصور مؤنث رباعي.

(وَهُوَ مُؤْمِنٌ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال من ضمير «عمل». هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. مؤمن : خبر «هو» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى مؤمن بالله ورسله وكتبه.

(فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) : الجملة الاسمية جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء واقعة في جواب الشرط. أولاء : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. يدخلون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ «أولئك» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الجنة : مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة.

(يُرْزَقُونَ فِيها) : الجملة الفعلية في محل نصب حال وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. فيها : جار ومجرور متعلق بيرزقون.

(بِغَيْرِ حِسابٍ) : جار ومجرور متعلق بحال من ضمير «يرزقون» بمعنى : يرزقون فيها غير محاسبين أو يكون متعلقا بصفة ـ نعت ـ لمصدر ـ مفعول

مطلق ـ محذوف بتقدير : يرزقون رزقا غير قليل. حساب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ) (٤١)

(وَيا قَوْمِ ما لِي) : أعربت في الآية الكريمة التاسعة والعشرين. والواو عاطفة. ما : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ يفيد الإنكار. لي : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ «ما» بمعنى : ما بالي؟

(أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير المتكلم وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. إلى النجاة : جار ومجرور متعلق بفعل «أدعو».

(وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ) : معطوفة بالواو على (أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ) وتعرب إعرابها والفعل مرفوع بثبوت النون. النون الثانية نون الوقاية لا محل لها والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به أما الواو فهي ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) (٤٢)

(تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ) : الجملة الفعلية مفسرة لجملة «تدعونني» الواردة في الآية الكريمة السابقة وتعرب مثلها اللام لام التعليل حرف جر. أكفر : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنا. بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بأكفر. والجملة الفعلية (لِأَكْفُرَ بِاللهِ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بتدعون.

(وَأُشْرِكَ بِهِ ما) : معطوفة بالواو على (لِأَكْفُرَ بِاللهِ) وتعرب إعرابها. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

(لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض ناقص مبني على الفتح من أخوات «كان» والجار والمجرور «لي» في محل نصب متعلق بخبر «ليس» المقدم. به : جار ومجرور متعلق بحال مقدمة من «علم». علم : اسم «ليس» المؤخر مرفوع بالضمة المنونة بمعنى تدعونني لأشرك به سبحانه آلهة لا وجود لها ولا علم لي بها. الواو عاطفة. أنا : ضمير منفصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

(أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أنا» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور. إلى العزيز : جار ومجرور متعلق بأدعو. الغفار : صفة ـ نعت ـ للعزيز مجرور مثله بالكسرة.

(لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ) (٤٣)

(لا جَرَمَ) : هي في الأصل بمعنى «لا بد» ولا محالة ثم كثر استعمالها فحولت إلى معنى القسم وصارت بمعنى حقا وسياقه على مذهب البصريين ـ كما ذكر الزمخشري ـ أن يجعل «لا» ردا لما دعاه إليه قومه. و «جرم» فعل بمعنى «حق» و «أن» في «أنما» مع ما في حيزه : فاعل «حق» أي حق ووجب بطلان دعوته أو بمعنى «كسب» أي كسب ذلك الدعاء إليه بطلان دعوته. ويجوز أن يقال إن (لا جَرَمَ) نظير «لا بد» فعل من الجرم وهو القطع كما أن «بد» فعل من التبديد وهو التفريق .. فكما أن معنى «لا بد» أنك تفعل كذا : بمعنى : لا بد لك من فعله فكذلك (لا جَرَمَ) أن لهم

النار .. أي لا قطع لذلك بمعنى : أنهم أبدا يستحقون النار ولا قطع لبطلان دعوة الأصنام أي لا تزال باطلة لا ينقطع ذلك فينقلب حقا.

(أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل نصب اسم «أن» بمعنى : أن الذي أي الشيء الذي. تدعونني : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل .. النون نون الوقاية لا محل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به والجملة الفعلية «تدعونني إليه» صلة الموصول لا محل لها. إليه : جار ومجرور متعلق بتدعون.

(لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «أن» وهي فعل ماض ناقص ـ من أخوات «كان» مبني على الفتح. له : جار ومجرور في محل نصب متعلق بخبر «ليس» المقدم. دعوة : اسم «ليس» المؤخر مرفوع بالضمة المنونة.

(فِي الدُّنْيا) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «دعوة» وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على الألف للتعذر بمعنى ليس له دعوة إلى نفسه قط مستجابة في الدنيا.

(وَلا فِي الْآخِرَةِ) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد معنى النفي. في الآخرة : معطوفة على «في الدنيا» ويعرب مثله وعلامة جر الاسم «الآخرة» الكسرة الظاهرة ..

(وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ) : الواو عاطفة. أن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. مرد : اسم «أن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. إلى الله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر «أن» أي وأن مرجعنا أو مصيرنا إلى الله أي إلى لقاء الله بعد الموت.

(وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ) : أعرب. اسم «أن» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(هُمْ أَصْحابُ النَّارِ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «أن». هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ و «أصحاب» خبر «هم» مرفوع بالضمة. النار : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة أي المكثرين في الضلال.

(فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) (٤٤)

(فَسَتَذْكُرُونَ) : الفاء استئنافية. أو واقعة في جواب شرط مقدر على المعنى .. أي إن أصررتم على ضلالكم فستذكرون قولي. السين حرف تسويف ـ استقبال. تذكرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(ما أَقُولُ لَكُمْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. أقول : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. لكم : جار ومجرور متعلق بأقول والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية (أَقُولُ لَكُمْ) صلة الموصول لا محل لها والعائد ـ الراجع ـ إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : ما أقوله لكم أو تكون «ما» مصدرية فتكون جملة (أَقُولُ لَكُمْ) صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» وما تلاها بتأويل مصدر في محل نصب مفعول به لتذكرون. التقدير : فستذكرون قولي لكم.

(وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ) : الواو عاطفة. أفوض : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا و «أمري» مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل الياء منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المأتي بها من أجل الياء والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة. إلى الله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بأفوض.

(إِنَّ اللهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة. بالعباد : جار ومجرور متعلق ببصير بمعنى : مطلع على أحوال العباد.

** (وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) : هذا القول الكريم هو آخر الآية الكريمة الثانية والأربعين .. المعنى : إلى توحيد الله العزيز الغفار فحذف المضاف «توحيد» والمضاف إليه لفظ الجلالة الموصوف وبقيت الصفتان (الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) لأنهما في الأصل صفتان لموصوف غير مذكور لأنه معلوم.

** (لا جَرَمَ) : هذه اللفظة وردت في بداية الآية الكريمة الثالثة والأربعين وشرحت وأعربت .. وهي بفتح الجيم والراء وتأتي اللفظة فعلا ماضيا نحو : جرم الرجل بمعنى : أذنب وهو من باب «ضرب» و «الجرم» بكسر الجيم معناه : الجسد .. و «الجرم» بضم الجيم هو الذنب ومثله الجريمة وفعله : أجرم واجترم .. و «الجرم» بكسر الجيم أيضا هو أحد الأجرام الفلكية أو السماوية وجمعه : أجرام ولهذا نقول هذا جرم سماوي ولا نقول جرم سماوي ـ بضم الجيم ـ لأن هذه اللفظة تعني الخطأ والذنب والأجرام الفلكية تطلق أيضا على النجوم. قال المتنبي :

إذا غامرت في شرف مروم

فلا تقنع بما دون النجوم

فطعم الموت في أمر حقير

كطعم الموت في أمر عظيم

يتحدث الشاعر الكبير في هذين البيتين عن الطموح. و «المروم» اسم مفعول بمعنى : المراد أو المطلوب .. و «النجمة» أخص من «النجم» وتطلق لفظة «النجوم» في عصرنا الحاضر على المشهورين أو الممتازين أو المبرزين في عالم الفن والأدب والشعر وشاع إطلاق هذا اللقب على الممثلين. وقال الشاعر :

قالوا لنابليون ذات عشية

إذ كان يرقب في السماء الأنجما

هل بعد فتح الأرض من أمنية

فأجاب : انظر كيف افتتح السما

وثمة ـ هناك : ـ مجموعتان من النجوم تسميان : الدب الأكبر والدب الأصغر .. وسميتا بهاتين التسميتين .. لأنهما أي لأن نجوم إحدى المجموعتين تشكل مع نجوم مجاورة أخرى شكلا شبيها بالدب لو تم توصيلها بخط وهمي ويتضح ذلك جليا واضحا لو نظرنا إلى السماء في ليالي الصيف الصافية علما بأن كل مجموعة تتكون من سبعة نجوم .. وتسميان أيضا : بنات نعش الكبرى .. وبنات نعش الصغرى.

** (وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة التاسعة والأربعين .. ويكون المعنى : للقوام ـ أي القائمين ـ بتعذيب أهلها والمخاطبون هم الملائكة خزنة جهنم القائمون بتعذيب أهل النار ولم يقل سبحانه : لخزنتها .. أي لخزنة النار وذلك للتفخيم لأن في ذكر جهنم تهويلا ولهذا وضع الظاهر «جهنم» موضع المضمر «ها» في «خزنتها» لأن جهنم أفظع من النار وأشد منها. و «خزنة» جمع «خازن» وهم القائمون أو المكلفون بتدبير أمرها.

** (إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة السابعة والأربعين .. المعنى : كنا لكم أتباعا وكلمة «تبع» مصدر يستوي فيه المفرد والجمع أي ذوي تبع بمعنى : أتباع وبمعنى متابعين لكم في الدنيا ونصيبا من النار» معناه :

جزءا من عذاب النار فحذف المضاف «عذاب» وحل المضاف إليه «النار» محله. و «مغنون» بمعنى : دافعون أو متحملون.

** (قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة الخمسين. المعنى : ألم يأتكم رسلكم بالآيات البينات أي الواضحات؟ قالوا نعم أتونا بها فكذبناهم .. وحذف الموصوف «الآيات» وأقيمت الصفة «البينات» مقامه .. وأنث الفعل «تأتي» مع الفاعل المذكر «الرسل» وذلك على معنى «جماعة» أي على اللفظ لا المعنى .. و «بلى» حرف جواب لا محل له يأتي جوابا لاستفهام منفي كما في الآية الكريمة ويأتي ردا لنفي نحو القول : ما عهدنا مثل ذلك قط فيرد عليك مجادلك قائلا : بلى قد عهدتموه.

** (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والخمسين .. والأشهاد : جمع «شاهد» وهم الحفظة من الملائكة والأنبياء والمؤمنين من أمة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ ليكونوا شهداء على الناس يوم القيامة. و «الشاهد» و «الشهيد» لفظتان مع كونهما تؤديان معنى واحدا إلا أنهما تختلفان في جمعهما وفي معاني كل لفظة عن معاني اللفظة الأخرى وقد ورد هذا الاختلاف في سور كثيرة من القرآن الكريم وفي مصادر اللغة فأطلقت كل لفظة على معناها الخاص والمشهورة به. فلفظة «الشاهد» اسم فاعل للفعل «شهد» نحو شهدت الشيء : أي اطلعت عليه .. من باب «سلم» فأنا شاهد وجمعه : أشهاد وشهود .. وشهيد وجمعه : شهداء إلا أن «الشهيد» هو من قتله الكفار في المعركة وهو بصيغة «فعيل» بمعنى : مفعول .. لأن الملائكة ـ ملائكة الرحمة ـ شهدت غسله أو شهدت نقل روحه إلى الجنة ولأن الله تعالى شهد له بالجنة ومنه يقال : استشهد ـ بضم التاء وكسر الهاء ـ أي ببنائه للمفعول ـ للمجهول ـ بمعنى : قتل شهيدا وجمعه : شهداء ويقال : أشهدته الشيء تعدى بالهمزة إلى مفعولين ويتعدى إلى مفعول واحد نحو شهدت العيد : أي أدركته وشاهدت الشيء مشاهدة : بمعنى : عاينته معاينة ـ وزنا ومعنى ـ وشهدت على الرجل بكذا وشهدت له به وأشهدته : أي جعلت منه شاهدا وشهدت المجلس : أي حضرته فأنا شاهد وشيهد أيضا ـ كما يقول الفيومي ـ وقولهم : صلينا صلاة الشاهد : أي صلاة المغرب لأن الغائب لا يقصرها بل يصليها كالشاهد والشاهد يرى ما لا يرى الغائب أي الحاضر يعلم ما لا يعلمه الغائب و «الأشهاد» في الآية الكريمة جمع «شاهد» أي يكونون شهداء على الناس.

** (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والخمسين .. المعنى : لا ينفع الظالمين عذرهم .. وقد ذكر الفعل «ينفع» مع فاعله المؤنث «معذرة» لأنه فصل عن فاعله بفاصل ولأن «معذرتهم» على معنى عذرهم أو اعتذارهم. ولهم سوء دار الآخرة وهو عذابها وبعد حذف المضاف إليه «الآخرة» عوض المضاف «دار» بالألف واللام .. يقال : عذره يعذره ـ عذرا .. من باب «ضرب» بمعنى : رفع عنه اللوم فهو معذور ـ اسم مفعول ـ بمعنى غير ملوم والاسم منه «العذر» بسكون الذال وتضم اتباعا لحركة العين وجمعه : أعذار والمعذرة ـ بكسر الذال هي العذر واعتذر عن فعله : بمعنى : أظهر عذره والمعتذر ـ اسم فاعل ـ يكون محقا وغير محق ويقال عذر الرجل وأعذر : أي صار ذا عيب وفساد .. وفي الحديث «لن يهلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم» أي حتى تكثر ذنوبهم .. وأعذر في الأمر : أي بالغ فيه وفي المثل المعروف

«أعذر من أنذر» بفتح الهمزة في «أعذر» وليس بضمها .. يقال ذلك لمن يحذر أمرا يخاف سواء حذر أو لم يحذر .. يحكى أن أحمد الخليل الفراهيدي كان يوما منهمكا في كتابة شعر فلامه ابنه على صنعه وسأله مستنكرا عن ذلك وكان يجهل الشعر ونظمه وعروضه فخاطب الفراهيدي ابنه قائلا :

لو كنت تعلم ما أقول عذرتني

أو كنت تعلم ما تقول عذرتك

لكن جهلت مقالتي فعذلتني

وكنت أعلم أنك جاهل فعذرتك

وقوله تعالى في الآية الكريمة (وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ) معناه : ولهم لعنة الله .. أي البعد من رحمته سبحانه وبعد عدم ذكر المضاف إليه لفظ الجلالة لأنه معلوم عوض المضاف «لعنة» بالألف واللام.

** (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والخمسون .. ضرب سبحانه وتعالى الأعمى والبصير مثلا للمحسن والمسيء و «الأعمى» كناية عن الكافر وهو الذي لا يهتدي إلى شيء والبصير هو المؤمن الذي يرى كل شيء .. أي لا يتساوى الكافر والمؤمن والجاهل والعالم والغافل والمتبصر ولا يتساوى المحسن الذي آمن. والكافر الذي لا يؤمن.

** (إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة التاسعة والخمسين المعنى : إن القيامة لآتية لا ريب في مجيئها أو في حصولها وبعد حذف المضاف «حصول» أوصل حرف الجر «في» إلى المضاف إليه «ها» فصار : فيها بمعنى لا بد من مجيئها.

** (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الستين .. المعنى : اسألوني ما تحتاجون إليه .. وقيل المراد بقوله «ادعوني» هو اعبدوني بدليل قوله بعده : إن الذين يستكبرون عن عبادتي. وإن كان الوجه الأول هو الأرجح فيكون معنى العبادة في هذه الآية الدعاء فإنه من أبوابها .. ولأن الدعاء بمعنى العبادة أيضا ويجوز أن يراد الدعاء والاستجابة على ظاهرهما ويراد بعبادتي : دعائي لأن الدعاء من أفضل أبواب العبادة. قال ابن عباس : العبادة الدعاء. وقيل المراد بالدعاء هنا : السؤال بطلب النفع ودفع الضر وهو في ذاته عبادة لأن الدعاء : مخ العبادة. و «داخرين» بمعنى صاغرين ذليلين ـ أذلاء ـ وهذا وعيد لكل من تكبر عن عبادة الله ودعائه. ويقال هذا رجل دعاء ـ بتشديد العين ـ فعال بمعنى فاعل ـ من صيغ المبالغة أي كثير الدعاء. ومن معاني «الدعاء» : المدعاة وهو الدعاء إلى الطعام ومنه أيضا : الدعوة .. نحو : كنا في دعوة فلان : أي في ضيافته وطعامه ويقال : دعاه فلانا وبفلان : بمعنى : سماه. وتأتي كلمة «دعاء» بمعنى التسمية لا بمعنى النداء تقول دعوته زيدا ويترك المفعول الأول أي أحد المفعولين فيقال : دعوت زيدا.

(فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ) (٤٥)

(فَوَقاهُ اللهُ) : الفاء سببية. وقاه : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. الله لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة.

(سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم وهو مفعول به ثان منصوب بوقى المتعدي إلى مفعولين. ما : مصدرية. مكروا : صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة .. و «ما» وما تلاها بتأويل مصدر في محل جر بالإضافة. التقدير : سيئات مكرهم بمعنى شدائد مكرهم.

(وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ) : الواو عاطفة. حاق : فعل ماض مبني على الفتح. بآل : جار ومجرور متعلق بحاق بمعنى وأحاط بأهل فرعون و «آل» مضاف. فرعون : مضاف إليه مجرور الإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة والمعرفة بمعنى وأحاط بآل فرعون العذاب السيئ بالغرق في الدنيا والنار في الآخرة.

(سُوءُ الْعَذابِ) : فاعل مرفوع بالضمة وهو مضاف. العذاب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) (٤٦)

(النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها) : بدل من «سوء العذاب» مرفوع مثله بالضمة أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. أو يكون مبتدأ وخبره الجملة الفعلية (يُعْرَضُونَ عَلَيْها) في محل رفع. يعرضون : الجملة الفعلية في محل نصب حال من (آلَ فِرْعَوْنَ) في حالة إعراب «النار» بدلا أو خبر مبتدأ محذوف. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل. عليها : جار ومجرور متعلق بيعرضون أي تعرض أرواحهم. والفعل «يعرضون» مبني للمجهول.

(غُدُوًّا وَعَشِيًّا) : مصدر «غدا» يغدو ـ غدوا في موضع ظرف الزمان منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة وقد عبر بالفعل عن الوقت أي وقت الغداة. وعشيا : معطوف بالواو على «غدوا» ويعرب إعرابه و «غدوا» من

الفجر إلى طلوع الشمس .. و «عشيا» جمع عشية وهي الوقت من بعد الظهر إلى المساء أو المغرب. والظرف «غدوا» متعلق بيعرضون أيضا بمعنى يعرضون على النار صباح مساء.

(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ) : الواو استئنافية. يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة. تقوم : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الساعة : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية «تقوم الساعة» في محل جر بالإضافة بمعنى : فإذا قامت الساعة ـ القيامة ـ يقال : أدخلوا أي يقول الله تعالى : أيها الملائكة أدخلوا آل فرعون.

(أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. آل : مفعول به أول منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. فرعون : مضاف إليه مجرور بالفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف.

(أَشَدَّ الْعَذابِ) : مفعول به ثان منصوب بأدخلوا المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. العذاب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى أدخلوهم جهنم .. ليذوقوا أشد عذابها.

(وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ) (٤٧)

(وَإِذْ يَتَحاجُّونَ) : الواو استئنافية. إذ : اسم مبني على السكون في محل نصب مفعول به بفعل محذوف تقديره اذكر. يتحاجون : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى واذكر يا محمد حين يتخاصم أهل النار فيها ويتجادلون.

(فِي النَّارِ) : جار ومجرور متعلق بيتحاجون بمعنى وقت يتجادلون في النار بمعنى : وهم في النار.

(فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ) : الفاء عاطفة. يقول : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الضعفاء : فاعل مرفوع بالضمة بمعنى الأتباع.

(لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) : اللام حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بيقول. استكبروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى للقادة رؤساء الكفر الذين تكبروا عن الإيمان.

(إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً) : الجملة المؤولة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» وأصلها : إننا فحذفت إحدى النونين تخفيفا والجملة الفعلية بعدها (كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً) في محل رفع خبر «إن». كنا : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان». لكم : جار ومجرور متعلق بفعل «كنا» ويجوز أن يتعلق بحال مقدمة من «تبعا» والميم علامة جمع الذكور. تبعا : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : إنا كنا في الدنيا أتباعا لكم نأتمر بأمركم أو متابعين لآرائكم.

(فَهَلْ أَنْتُمْ) : الفاء استئنافية. هل : حرف استفهام لا محل لها. أنتم : ضمير منفصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

(مُغْنُونَ عَنَّا) : خبر «أنتم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. عن : حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق باسم الفاعلين «مغنون».

(نَصِيباً مِنَ النَّارِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. من النار : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من نصيبا.

(قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ) (٤٨)

(قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) : فعل ماض مبني على الفتح. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. استكبروا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(إِنَّا كُلٌّ فِيها) : الجملة المؤولة في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» أصله : إننا. حذفت إحدى النونين تخفيفا. كل : مبتدأ مرفوع بالضمة المنونة والتنوين عوض من المضاف إليه لأن المعنى : كلنا. فيها : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «كل» والجملة الاسمية (كُلٌّ فِيها) في محل رفع خبر «إن» أي في النار.

(إِنَّ اللهَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة.

(قَدْ حَكَمَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن». قد : حرف تحقيق. حكم : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو.

(بَيْنَ الْعِبادِ) : ظرف زمان أو مكان على حسب المعنى منصوب على الظرفية متعلق بحكم وهو مضاف. العباد : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ) (٤٩)

(وَقالَ الَّذِينَ) : الواو استئنافية. قال : فعل ماض مبني على الفتح. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل.

(فِي النَّارِ) : جار ومجرور متعلق بمحذوف تقديره : استقروا. والجملة الفعلية «استقروا في النار» صلة الموصول لا محل لها.

(لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ) : جار ومجرور متعلق بقال. جهنم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه اسم ممنوع من الصرف للمعرفة والتأنيث والجملة الفعلية بعده (ادْعُوا رَبَّكُمْ) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(ادْعُوا رَبَّكُمْ) : فعل توسل والتماس بصيغة طلب مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة .. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ربكم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(يُخَفِّفْ عَنَّا) : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عن : حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بيخفف.

(يَوْماً مِنَ الْعَذابِ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. من العذاب : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «يوما».

(قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ) (٥٠)

(قالُوا) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(أَوَلَمْ تَكُ) : الجملة وما بعدها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ الهمزة همزة توبيخ وإلزام للحجة بلفظ استفهام. الواو عاطفة على محذوف. لم : حرف نفي وجزم وقلب. تك : فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره ـ النون ـ المحذوفة جوازا وتخفيفا وحذفت الواو وجوبا لالتقاء الساكنين.

(تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ) : الجملة في محل نصب خبر «تكون» وقد أعربت في الآية الكريمة الثانية والعشرين والكاف ضمير المخاطبين.

(قالُوا بَلى قالُوا) : أعربتا في بداية هذه الآية. بلى : حرف جواب يجاب به عن النفي ويقصد به الإيجاب. المعنى : نعم أتتنا رسلنا بالبينات والجملة الجوابية «نعم أتتنا رسلنا» في محل نصب مفعول به لقالوا ـ مقول القول ـ.

(فَادْعُوا) : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. والفاء حرف استئناف. والجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) : أعرب في الآية الكريمة الخامسة والعشرين.

(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) (٥١)

(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل نصب اسم «إن» وحذفت إحدى النونين تخفيفا. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ ننصر : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. رسل : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة وجملة (لَنَنْصُرُ رُسُلَنا) في محل رفع خبر إن.

(وَالَّذِينَ آمَنُوا) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب لأنه معطوف على منصوب «رسلنا» والجملة الفعلية «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) : جار ومجرور متعلق بننصر. الدنيا : صفة ـ نعت ـ للحياة مجرورة مثلها وعلامة جرها الكسرة المقدرة على الألف للتعذر.

(وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) : الواو عاطفة. يوم : ظرف زمان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة متعلق بننصر وهو مضاف. يقوم : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الأشهاد : فاعل مرفوع بالضمة. والجملة الفعلية «يقوم الأشهاد» في محل جر بالإضافة.

(يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (٥٢)

(يَوْمَ لا يَنْفَعُ) : بدل من «يوم» في الآية الكريمة السابقة منصوب مثله ويعرب إعرابه. لا : نافية لا عمل لها. ينفع : فعل مضارع مرفوع بالضمة.

(الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ) : مفعول به مقدم منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. معذرة : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية .. (لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ) في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف.

(وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ) : الواو استئنافية. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام وحرك الميم بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. اللعنة : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.

(وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) : معطوف بالواو على «لهم اللعنة» ويعرب إعرابه. الدار : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ) (٥٣)

(وَلَقَدْ آتَيْنا) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. آتي : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(مُوسَى الْهُدى) : مفعولا «آتى» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة المقدرة على الألف للتعذر.

(وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ) : معطوف بالواو على «آتينا موسى الهدى» ويعرب إعرابه وعلامة نصب المفعول به الأول «بني» الياء لأنه

ملحق بجمع المذكر السالم وحذفت نونه للإضافة ـ أصله : بنين ـ وعلامة نصب المفعول به الثاني «الكتاب» الفتحة الظاهرة. إسرائيل : مضاف إليه مجرور بالفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف للعجمة.

(هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) (٥٤)

(هُدىً وَذِكْرى) : مفعول لأجله ـ له ـ منصوب وعلامة نصبه الفتحة المقدرة للتعذر على الألف المقصورة قبل تنوينها ونونت لأن الاسم ثلاثي مقصور نكرة بمعنى : إرشادا أو هداية أي لأجل الهداية أو يكون منصوبا لأنه مفعول مطلق ـ مصدر ـ بفعل محذوف بمعنى : يهديهم هدى .. أو يكون حالا من «الكتاب» بمعنى هاديا. وذكرى : معطوفة على «هدى» وتعرب إعرابه ولم ينون آخر «ذكرى» لأنه اسم ممنوع من الصرف لأنه اسم مقصور رباعي على وزن «فعلى» وهو مصدر منته بألف تأنيث مقصورة.

(لِأُولِي الْأَلْبابِ) : جار ومجرور متعلق بالعامل في مصدر «هدى» و «ذكرى» أو يكون متعلقا بصفة محذوفة منهما وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والكلمة تكتب بواو ولا تلفظ وهي جمع بمعنى : ذوي لا واحد له. وقيل : هي اسم جمع واحده ـ مفرد ـ : ذو بمعنى صاحب وهو مضاف. الألباب : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة بمعنى : لأصحاب العقول.

(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) (٥٥)

(فَاصْبِرْ) : الفاء استئنافية. اصبر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت أي فاصبر يا محمد على أذى قومك.

(إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. وعد : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة. حق : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة.

(وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) : معطوفة بالواو على «اصبر» وتعرب إعرابها. لذنبك : جار ومجرور متعلق باستغفر والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة بمعنى : إن وعد الله بنصرك يا محمد وإن العاقبة لك واستغفر الله ..

(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) : تعرب إعراب «واستغفر» بمعنى ونزه ربك عن النقائص والشوائب. بحمد : جار ومجرور متعلق بسبح أو بحال من ضمير المخاطب بمعنى : حامدا ربك على نعمه وهو مضاف. ربك : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة ـ مضاف إليه ثان ـ.

(بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) : جار ومجرور متعلق باستغفر. والإبكار : معطوف بالواو على «العشي» ويعرب إعرابه .. بمعنى : وداوم على التسبيح في المساء والصباح .. والإبكار : اسم للبكرة وهي من الفجر إلى طلوع الشمس وقيل هما صلاتا العصر والفجر.

(إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (٥٦)

(إِنَّ الَّذِينَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن».

(يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. في آيات : جار ومجرور متعلق بيجادلون. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.

(بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ) : أعرب في الآية الكريمة الخامسة والثلاثين. إن : مخففة مهملة بمعنى «ما» النافية.

(فِي صُدُورِهِمْ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين في محل جر بالإضافة.

(إِلَّا كِبْرٌ) : أداة حصر لا عمل لها. كبر : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة والجملة الاسمية (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ) في محل رفع خبر «إن» بمعنى فما ذلك إلا تكبر منهم عن قبول الحق واتباعه.

(ما هُمْ بِبالِغِيهِ) : الجملة الاسمية في محل رفع صفة ـ نعت ـ لكبر. ما : نافية لا عمل لها. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل رفع مبتدأ. ببالغيه : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «هم» وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم وحذفت النون للإضافة ـ أصله : بالغين ـ والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة وهو من إضافة العامل ـ اسم الفاعل ـ إلى مفعوله .. بمعنى : ببالغي موجب الكبر أي ببالغي إربهم منه.

(فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) : الفاء استئنافية تفيد هنا التعليل. استعذ : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق باستعذ بمعنى فالجأ إلى الله من شرورهم.

(إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والهاء ضمير متصل في محل نصب اسم «إن». هو : ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. السميع البصير : خبرا «هو» خبر بعد خبر للمبتدإ مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة والجملة الاسمية (هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) في محل رفع خبر «إن» ويجوز أن يكون «هو» ضمير فصل أو عمادا لا محل له فيكون (السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) خبري «إن» ويجوز أن يكون «البصير» صفة للسميع والوجه المتعلق بإعرابهما خبري «إن» هو الأصوب المعنى : السميع لأقوالهم .. البصير بأفعالهم.

(لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٥٧)

(لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : اللام لام الابتداء والتوكيد. خلق : مبتدأ مرفوع بالضمة وهو مضاف. السموات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. والأرض : معطوفة بالواو على السموات» وتعرب إعرابها.

(أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) : خبر المبتدأ مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف بصيغة «أفعل» التفضيل ومن وزن الفعل. من خلق : جار ومجرور متعلق بأكبر. الناس : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَلكِنَّ أَكْثَرَ) : الواو استدراكية. لكن : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن». أكثر : اسم «لكن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

(النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) : أعربت. لا : نافية لا عمل لها. يعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والجملة الفعلية (لا يَعْلَمُونَ) في محل رفع خبر «لكن» بمعنى لا يعلمون بما عليه قدرة الله.

(وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ) (٥٨)

(وَما يَسْتَوِي) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. يستوي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل.

(الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. والبصير : معطوف على «الأعمى» بالواو مرفوع بالضمة الظاهرة.

(وَالَّذِينَ آمَنُوا) : الواو عاطفة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع لأنه معطوف على مرفوع (الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) أي ولا يستوي الذين. آمنوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة.

(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : معطوفة بالواو على جملة «آمنوا» وتعرب إعرابها. الصالحات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.

(وَلَا الْمُسِيءُ) : الواو عاطفة. لا : زائدة لتأكيد معنى النفي. المسيء : مرفوع بالضمة لأنه معطوف على مرفوع .. أي ولا يستوي المسيء الذي يعمل السيئات.

(قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ) : صفة نائبة عن المصدر ـ المفعول المطلق ـ بتقدير : تذكرا قليلا يتذكرون منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. ما : زائدة مهملة. تتذكرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) (٥٩)

(إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الساعة : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ آتية : خبر «إن» مرفوع بالضمة المنونة بمعنى : إن يوم القيامة لآت لا بد من مجيئه.

(لا رَيْبَ فِيها) : نافية للجنس تعمل عمل «إن». ريب : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف وجوبا تقديره كائن أو موجود. فيها : جار ومجرور متعلق بخبر «لا» والجملة (لا رَيْبَ فِيها) في محل رفع خبر ثان لإن.

(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) : أعرب في الآية الكريمة السابعة والخمسين بمعنى : لا يؤمنون بذلك.

(وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) (٦٠)

(وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي) : الواو استئنافية. قال : فعل ماض مبني على الفتح. ربكم : فاعل مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. ادعوني : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة.

الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون نون الوقاية لا محل لها والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ في محل نصب مفعول به.

(أَسْتَجِبْ لَكُمْ) : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب ـ الأمر ـ وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ـ أصله : استجيب ـ حذفت الياء تخفيفا ولالتقاء الساكنين ـ لكم : جار ومجرور متعلق باستجب والميم علامة جمع الذكور.

(إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي) : يعرب إعراب (إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ) الوارد في الآية الكريمة السادسة والخمسين.

(سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» السين حرف استقبال ـ تسويف ـ يدخلون : يعرب إعراب «يستكبرون». جهنم : مفعول به منصوب بالفتحة ولم ينون لأنه ممنوع من الصرف للتأنيث والمعرفة. داخرين : حال من ضمير «يدخلون» منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته التقدير : إلى جهنم فحذف الجار «إلى» وأوصل الفعل.

(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) (٦١)

(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة السابعة والستين من سورة «يونس».

(إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. اللام لام التوكيد ـ المزحلقة ـ ذو : خبر «إن» مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف. فضل : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. على الناس : جار ومجرور متعلق بفضل.

(وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) : أعرب في الآية الكريمة السابعة والخمسين بمعنى لا يشكرون هذه النعم بمعنى أوجد لكم الليل مظلما

لتستريحوا فيه وهو من السكون أي إبطال الحركة وحذف مفعول يشكرون وهو هذه النعم.

(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (٦٢)

(ذلِكُمُ اللهُ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد والكاف حرف خطاب والميم علامة الجمع والإشارة بمعنى : المعلوم المتميز بالأفعال الخاصة التي لا يشاركه فيها أحد هو الله. الله لفظ الجلالة : خبر مبتدأ محذوف تقديره هو مرفوع للتعظيم بالضمة والجملة الاسمية «هو الله» في محل رفع خبر «ذلكم».

(رَبُّكُمْ خالِقُ) : خبر ثان للمبتدإ مرفوع بالضمة. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور. خالق : خبر ثالث للمبتدإ مرفوع بالضمة وهي أخبار مترادفة أي هو الجامع لهذه الأوصاف من الإلهية والربوبية وخلق كل شيء وإنشائه وهو الواحد الأحد لا ثاني له.

(كُلِّ شَيْءٍ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. شيء : مضاف إليه ثان مجرور بالكسرة المنونة أي خالق كل شيء من العدم.

(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) : أعرب في الآية الكريمة الثالثة من سورة «فاطر» بمعنى فكيف تصرفون عن عبادة الله إلى عبادة غيره من الأصنام وهو خالق كل شيء من العدم.

(كَذلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كانُوا بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) (٦٣)

(كَذلِكَ) : اسم بمعنى «مثل» مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. التقدير مثل إفك هؤلاء وانصرافهم عن عبادة الله إلى عبادة الأصنام يؤفك الجاحدون. وتكون الجملة الفعلية (يُؤْفَكُ الَّذِينَ ..) في محل رفع خبر المبتدأ أو يكون الكاف في محل نصب نائبا عن مفعول مطلق ـ مصدر ـ محذوف بتقدير : يؤفك الجاحدون بآيات الله إفكا مثل إفك هؤلاء

الكافرين. ذا : اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة. اللام للبعد والكاف للخطاب.

(يُؤْفَكُ الَّذِينَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع نائب فاعل لأن الفعل مبني للمجهول.

(كانُوا بِآياتِ) : الجملة الفعلية مع خبر «كان» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة. بآيات : جار ومجرور متعلق بفعل «كانوا» أو بخبرها.

(اللهِ يَجْحَدُونَ) : لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور للتعظيم وعلامة الجر الكسرة. يجحدون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى يكفرون أي حقا إن الذين يكفرون بآيات الله جديرون أن يصرفوا عنها مثل هذا الصرف لأنهم جاحدون.

(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٦٤)

(اللهُ الَّذِي) : لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر المبتدأ ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره هو. والجملة الاسمية «هو الذي» في محل رفع خبر المبتدأ لفظ الجلالة.

(جَعَلَ لَكُمُ) : الجملة الفعلية وما بعدها صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لكم : جار ومجرور متعلق بجعل والميم علامة جمع الذكور وحرك الميم بالضم للوصل ..

(الْأَرْضَ قَراراً) : مفعولا «جعل» منصوبان وعلامة نصب الأول الفتحة والثاني الفتحة المنونة على معنى «صير» أما على معنى «خلق» فتكون «الأرض» مفعول «جعل» و «قرارا» حالا من «الأرض» بمعنى مكانا تستقرون عليه.

(وَالسَّماءَ بِناءً) : معطوفة بالواو على (الْأَرْضَ قَراراً) وتعرب إعرابها بمعنى غطاء إقامة فوقكم.

(وَصَوَّرَكُمْ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «جعل» وتعرب مثلها. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) : معطوفة بالفاء على «صور» وتعرب إعرابها. صوركم : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور.

(وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) : تعرب إعراب «وصوركم». من الطيبات : جار ومجرور متعلق بفعل «رزق» ويجوز أن تكون «من» تبعيضية دلت على المفعول به الثاني للفعل «رزق» بمعنى : بعض الطيبات أي اللذائذ.

(ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ) : أعرب في الآية الكريمة الثانية والستين. الفاء استئنافية. تبارك : فعل ماض مبني على الفتح.

(اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) : لفظ الجلالة : فاعل مرفوع للتعظيم بالضمة. رب : صفة ـ نعت ـ أو بدل من لفظ الجلالة مرفوع بالضمة. العالمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد.

(هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٦٥)

(هُوَ الْحَيُ) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الحي : خبر «هو» مرفوع بالضمة.

(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) : الجملة في محل رفع خبر ثان للمبتدإ «هو» بمعنى هو الحي الواحد لا ثاني له. لا : نافية للجنس تعمل عمل «إن». إله : اسم «لا» مبني على الفتح في محل نصب وخبرها محذوف وجوبا تقديره : كائن أو موجود أو معبود. إلا : أداة استثناء. هو : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع بدل من موضع «لا إله ..» لأن موضع «لا» وما عملت فيه رفع على الابتداء بمعنى لا إله معبود إلا هو.

(فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ) : الفاء سببية. ادعوه : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به بمعنى فاعبدوه. مخلصين : حال من ضمير «ادعوا» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(لَهُ الدِّينَ) : جار ومجرور متعلق بمخلصين. الدين : مفعول به منصوب باسم الفاعلين «مخلصين» وعلامة نصبه الفتحة أي الطاعة.

(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) : مبتدأ مرفوع بالضمة. لله : جار ومجرور للتعظيم في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ. بتقدير : مختص لله. رب : صفة أو نعت للفظ الجلالة أو بدل منه سبحانه مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف. العالمين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والجملة في محل نصب مقول القول.

** (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) : هذا القول الكريم ورد في الآية الكريمة الرابعة والستين .. وخلقكم في أحسن صورة ورزقكم من لذائذ الأطعمة أو من طيبات الرزق ولذائذه وبعد حذف المضاف إليه «الرزق» عوض المضاف «طيبات» عن هذا الحذف بالألف واللام .. والقول الكريم يدلنا على أن الله سبحانه وتعالى لم يخلق حيوانا أحسن صورة من الإنسان .. أي لم يخلقهم منكوسين كالبهائم بل خلقهم منتصبي القامة وكقوله عزوجل في سورة «التين» : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) بمعنى : خلقنا الإنسان في أحسن تعديل بانتصاب قامته وحسن صورته غير منكب. فإن قيل : كم من دميم مشوه سمج الخلقة تقتحمه العيون .. قيل : لا سماجة .. ثم ـ أي هناك ـ ولكن الحسن كغيره من المعاني على طبقات ومراتب .. قالت الحكماء : شيئان لا غاية لهما : الجمال والبيان.

** (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) : المعنى : ذلكم المبدع الرازق هو الله ربكم فزاد أو كثر خيره ونما بره هو رب الكون كله وقد حذف المشار إليه المبدع .. الرازق» الصفة أو البدل من اسم الإشارة لأن ما قبله دال عليه ويفسره.

** (لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة والستين وذكر الفعل «جاء» مع الفاعل «البينات» المؤنث وذلك على تقدير «البينات» بمعنى «البيان» وهو لفظة مذكرة وقد حذف الموصوف اختصارا وهو «الآيات» بمعنى المعجزات وحلت الصفة «البينات» محلها بمعنى الواضحات.

** (وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) : المعنى وأمرت أن استسلم لله رب العالمين أي الخلائق أجمعين ولم يذكر الموصوف لفظ الجلالة اختصارا لأنه معلوم ـ لا يلبس ـ وأقيمت الصفة أو البدل «الرب» مقامه.

** سبب نزول الآية : أخرج جويبر عن ابن عباس : إن الوليد بن المغيرة وشيبة بن ربيعة قالا : يا محمد ارجع عما تقول بدين آبائك فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة.

** (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة والستين بمعنى : ومنكم من يتوفى قبل الشيخوخة وبعد حذف المضاف إليه «الشيخوخة» بني المضاف «قبل» على الضم لانقطاعه عن الإضافة. ووردت كلمة «طفلا» وهي بمعنى «أطفالا» لأن هذه اللفظة يستوي فيها المفرد والجمع بمعنى ويخرج كل واحد منكم طفلا من بطون أمهاتكم. و «أشدكم» بمعنى : غاية نموكم .. ولفظة «أشد» لفظة مفردة على وزن الجمع. و «الأجل المسمى» هو يوم القيامة .. وقيل : هو الموت ووردت كلمة «أجل» مجرورة بالحرف «إلى» نحو قوله تعالى : (كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي كل واحد من الشمس والقمر يجري في فلكه ويقطعه في وقت معلوم : الشمس إلى آخر السنة والقمر إلى آخر الشهر وفي سور أخرى وردت كلمة «أجل» مجرورة باللام «لأجل مسمى». قال الزمخشري : فإن قلت : لأجل .. وإلى أجل .. أهو من تعاقب الحرفين؟ فالجواب : كلا .. ولكن المعنيين .. أعني الانتهاء والاختصاص كل واحد منهما ملائم لصحة الغرض لأن القول : يجري إلى أجل مسمى .. معناه : يبلغه وينتهي إليه .. والقول : يجري لأجل مسمى .. يراد به : يجري لإدراك أجل مسمى .. بجعل الجري مختصا بإدراك أجل مسمى .. ألا ترى أن جري الشمس مختص بآخر السنة وجري القمر مختص بآخر الشهر. وفي الآية الكريمة المذكورة آنفا وردت لفظة «شيوخا» في قوله تعالى : (لِتَكُونُوا شُيُوخاً) وهي جمع «شيخ» ويجمع أيضا على «أشياخ» وشيخة وشيخان ويقال : شاخ ـ يشيخ ـ شيخوخة .. والشيخ فوق الكهل .. و «المشيخة» جمع أو اسم جمع للشيخ وفي «الشيب» يقال : شاب يشيب ـ شيبا فالرجل أشيب على غير قياس وجمعه : شيب ـ بكسر الشين ـ وشيبان : مشتق من ذلك وبه سمي .. أما المشيب ـ بفتح الميم ـ فهو الدخول في حد الشيب وقد يستعمل «المشيب» بمعنى «الشيب» وهو ابيضاض الشعر المسود .. قال الشاعر أبو العتاهية :

ألا ليت الشباب يعود يوما

فأخبره بما فعل المشيب

الشاعر هنا يتحسر على شبابه الماضي ويأسف على ما صار إليه في صورة أنه يتمنى أن يعود إليه شبابه ليحدثه عما يلاقيه من أوجاع الشيخوخة وآلامها .. و «الشباب» هو تدفق القوة وشبوب الحرارة وأبو العتاهية : شاعر من شعراء العصر العباسي .. كان متصلا بقصر

هارون الرشيد ولا يحتج بشعره على قواعد النحو ولا على مفردات اللغة .. و «العتاهية» مصدر الفعل «عته» يقال : عته الرجل يعته ـ عتها ـ وعتاهة : من باب «تعب» بمعنى : نقص عقله من غير جنون أو دهش وفيه لغة فاشية ـ «عته» ببنائه للمجهول فهو معتوه ـ اسم مفعول ـ أي بين العته أي ناقص العقل وقيل : إذا المرء شاب شعره احترمه الناس .. ويروى أن عبد الملك بن مروان سأله ولده ذات يوم عن شيبه؟ فأجابه يا بني شيبني ارتقاء المنابر ومخافة اللحن .. أي الخطأ لأن اللحن في قولهم كان قاسيا على سمع العرب وذوقهم وقلوبهم.

** (هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثامنة والستين وفيه حذف مفعولا الفعلين «يحيي» و «يميت» اختصارا أي يحيي الأموات ويميت الأحياء.

** (فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية والسبعين .. المعنى .. في الماء الشديد الحرارة يحرقون من سجر التنور ـ يسجره ـ سجرا .. من باب «نصر» بمعنى أحماه وملأه بالوقود.

** (وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) : ورد هذا القول الكريم في آخر الآية الكريمة الخامسة والسبعين. يقال : مرح ـ يمرح ـ مرحا من باب «تعب» بمعنى فرح فرحا شديدا فهو مرح ـ بكسر الراء .. فعل بمعنى فاعل ـ والمرح : هو شدة الفرح والنشاط.

(قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٦٦)

(قُلْ إِنِّي نُهِيتُ) : فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه ـ أصله : قول ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والجملة المؤولة بعده من «إن» وما تلاها في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب اسم «إن». نهيت : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «إن» وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك والتاء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ مبني على الضم في محل رفع نائب فاعل بمعنى نهاني ربي بمعنى : قل يا محمد للمشركين إني نهاني الله ..

(أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ) : حرف مصدري ناصب. أعبد : الجملة الفعلية وما بعدها صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع منصوب بأن

وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف بتقدير عن عبادة والجار والمجرور متعلق بنهيت. والجملة الفعلية (تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) صلة الموصول لا محل لها.

(تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به. التقدير : تدعونهم بمعنى تعبدونهم من الأصنام. من دون : جار ومجرور متعلق بتدعون أو بحال محذوفة من الاسم الموصول. التقدير حال كونهم من دون الله لأن «من» حرف جر بياني ويجوز أن يتعلق الجار والمجرور بصفة لمفعول «تدعون» المحذوف بمعنى : آلهة من دون الله بمعنى من غير الله. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ) : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بأعبد ويجوز أن يكون اسم شرط غير جازم ويكون جواب الشرط محذوفا لتقدم معناه. جاءني : فعل ماض مبني على الفتح. النون نون الوقاية لا محل لها. والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل نصب مفعول به مقدم. البينات : فاعل مرفوع بالضمة والجملة الفعلية (جاءَنِي الْبَيِّناتُ) في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد «لما».

(مِنْ رَبِّي) : جار ومجرور متعلق بجاء أو بصفة محذوفة من «البينات» والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة.

(وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة (نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ) وتعرب إعرابها.

(لِرَبِّ الْعالَمِينَ) : جار ومجرور متعلق بأسلم. العالمين : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم والنون عوض من تنوين المفرد.

(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٦٧)

(هُوَ الَّذِي) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو».

(خَلَقَكُمْ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به والميم علامة جمع الذكور.

(مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الخامسة من سورة «الحج» والمصدر المؤول «لتبلغوا» متعلق بمحذوف تقديره ثم يبقيكم لتبلغوا.

(ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً) : حرف عطف. لتكونوا : تعرب إعراب «لتبلغوا» وهي فعل مضارع ناقص والواو ضمير متصل في محل رفع اسم «تكون». شيوخا : خبر «تكون» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. وتبلغوا : بمعنى لتدركوا ..

(وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى) : أعرب في الآية الكريمة الخامسة من سورة «الحج». من : حرف جر. قبل : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بيوفى. ولتبلغوا أجلا. أعربت في (لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) وهي معطوفة بالواو على محذوف بتقدير : ونفعل ذلك لتبلغوا. مسمى : صفة ـ نعت ـ لأجل منصوب مثله وعلامة نصبه الفتحة المنونة المقدرة للتعذر على الألف قبل تنوينها ونون آخر الكلمة لأنها اسم مقصور نكرة خماسي بمعنى : أجلا محددا وهو الموت وقيل : هو يوم القيامة.

(وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) : الواو عاطفة. لعل : حرف مشبه بالفعل يفيد هنا التعليل والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب اسم «لعل» والميم علامة جمع الذكور. تعقلون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «لعل» بمعنى لعلكم تعقلون ما في ذلك من العبر والحجج.

(هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٦٨)

(هُوَ الَّذِي) : ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر «هو».

(يُحْيِي وَيُمِيتُ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. ويميت : معطوفة بالواو على جملة «يحيي» وتعرب إعرابها.

(فَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة السابعة عشرة بعد المائة من سورة «البقرة».

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ) (٦٩)

(أَلَمْ تَرَ) : الألف ألف استفهام لفظا ومعناه التعجيب. لم : حرف نفي وجزم وقلب. تر : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف آخره ـ حرف العلة .. الألف المقصورة ـ وبقيت الفتحة دالة على الألف المحذوفة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. ويجوز أن يكون المخاطب من لم ير ولم يسمع لأن هذا الكلام جرى مجرى المثل في التعجيب وفي هذه الحالة يكون الفاعل ضميرا مستترا جوازا تقديره : هو بمعنى : ألم تنظر؟

(إِلَى الَّذِينَ) : حرف جر. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بإلى. والجار والمجرور متعلق بفعل «ترى».

(يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ) : أعرب في الآية الكريمة الخامسة والثلاثين.

(أَنَّى يُصْرَفُونَ) : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب ظرف مكان بمعنى «أين». يصرفون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت

النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل بمعنى : أين يصرفون عن الإيمان بالله سبحانه؟ والجملة الفعلية «يصرفون» في محل جر بالإضافة.

(الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٧٠)

(الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ أو يكون في محل جر بدلا من الاسم الموصول «الذين» في الآية الكريمة السابقة أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : هم. كذبوا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بالكتاب : جار ومجرور متعلق بكذبوا.

(وَبِما أَرْسَلْنا) : الواو عاطفة. الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء بمعنى وكذبوا بالذي والجار والمجرور متعلق بكذبوا وهو معطوف على «الكتاب». أرسلنا : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(بِهِ رُسُلَنا) : جار ومجرور متعلق بأرسل. رسل : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة.

(فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) : الفاء واقعة في جواب «الذي» لأنها بمعنى «من» الشرطية. سوف : حرف تنفيس أو تسويف ـ استقبال ـ يعلمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير في محل رفع فاعل والجملة الفعلية (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» وحذف مفعول «يعلمون» لأنه معلوم أي فسوف يعلمون جزاء تكذيبهم.

(إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ) (٧١)

(إِذِ الْأَغْلالُ) : اسم مبني على السكون في محل نصب ظرف متعلق بيعلمون وحرك آخره بالكسر لالتقاء الساكنين بمعنى «حين». الأغلال :

مبتدأ مرفوع بالضمة. والجملة الاسمية (الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف.

(فِي أَعْناقِهِمْ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بالخبر المحذوف و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ) : معطوف بالواو على «الأغلال» مرفوع مثله بالضمة بمعنى حين تكون القيود والسلاسل في رقابهم. يسحبون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل والجملة الفعلية في محل نصب حال من ضمير الغائبين «هم» بمعنى : وهم يسحبون أي مسحوبين.

(فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) (٧٢)

(فِي الْحَمِيمِ ثُمَ) : جار ومجرور متعلق بيسحبون بمعنى : يجرون في الماء الشديد الحرارة. ثم : حرف عطف للتعقيب.

(فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) : يعرب إعراب (يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ) والجار والمجرور (فِي النَّارِ) متعلق بيسجرون. المعنى : ثم يحرقون في النار أي النار محيطة بهم وهم محرقون بها مملوءة بها أجوافهم ـ أي بطونهم ـ.

(ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ) (٧٣)

(ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ) : حرف عطف. قيل : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر باللام والجار والمجرور متعلق بقيل. والجملة الاسمية بعده (أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ) في محل رفع نائب فاعل.

(أَيْنَ ما) : اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب على الظرفية متعلق بخبر مقدم. ما : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر.

(كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. كنتم : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير

متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور. تشركون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والعائد إلى الموصول ضمير محذوف منصوب المحل لأنه مفعول به التقدير : كنتم تشركونها .. المعنى ثم يقال لهم بصورة التوبيخ أي الأصنام التي كنتم تعبدونها وتشركونها مع الله؟

(مِنْ دُونِ اللهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) (٧٤)

(مِنْ دُونِ اللهِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما» في الآية الكريمة السابقة بتقدير : حال كونها من دون الله و «من» حرف جر بياني. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) : فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. ضلوا : تعرب إعراب «قالوا». عن : حرف جر و «نا» ضمير المتكلمين مبني على السكون في محل جر بعن والجار والمجرور متعلق بضلوا وجملة (ضَلُّوا عَنَّا) في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ بمعنى : غابوا عن عيوننا.

(بَلْ لَمْ نَكُنْ) : حرف إضراب للاستئناف. لم : حرف نفي وجزم وقلب. نكن : فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره وحذفت الواو ـ أصله : نكون ـ تخفيفا ولالتقاء الساكنين واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن.

(نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «نكن» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الواو للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن. من : حرف جر. قبل : اسم مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بندعو.

شيئا : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. بمعنى : تبين لنا أنهم لم يكونوا شيئا وما كنا نعبد بعبادتهم شيئا.

(كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) : أعرب في الآية الكريمة الرابعة والثلاثين. الكافرين : مفعول به منصوب بالياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى مثل إضلال هؤلاء المكذبين يضل الله الكافرين أو مثل ضلال آلهتهم عنهم يضلهم الله عن آلهتهم.

(ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) (٧٥)

(ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. اللام للبعد. الكاف حرف خطاب والميم علامة الجمع. الباء حرف جر. ما : مصدرية. كنتم : صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل رفع اسم «كان» والميم علامة جمع الذكور و «ما» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بخبر المبتدأ «ذلكم» بمعنى ذلكم الإضلال أصابكم بسبب ما كان لكم من الفرح أي البطر والتكبر .. أو ذلكم العذاب ..

(تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ) : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. في الأرض : جار ومجرور متعلق بتفرحون.

(بِغَيْرِ الْحَقِ) : جار ومجرور متعلق بتفرحون بمعنى تفرحون بما ليس بحق أو متعلق بحال محذوف من ضمير المخاطبين في «تفرحون» بمعنى : غير محقين بل بالشرك والطغيان وعبادة الأوثان أو إن «غير الحق» هو الشرك بعينه. الحق : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) : معطوف بالواو على (بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ) ويعرب إعرابه بمعنى ما لكم من مرح أي تتوسعون في الفرح والحبور.

(ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) (٧٦)

(ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ) : الجملة الفعلية في محل رفع نائب فاعل للفعل المقدر «قيل» أي قيل لهم ادخلوا .. وهي فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. أبواب : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. جهنم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الفتحة بدلا من الكسرة المنونة لأنه ممنوع من الصرف.

(خالِدِينَ فِيها) : حال من ضمير المخاطبين في «ادخلوا» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته. فيها : جار ومجرور متعلق باسم الفاعلين «خالدين».

(فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) : الفاء استئنافية. بئس : فعل ماض جامد لإنشاء الذم مبني على الفتح. مثوى : فاعل «بئس» مرفوع بالضمة المقدرة على الألف المقصورة للتعذر. المتكبرين : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته وحذف المخصوص بالذم لأن ما قبله دال عليه. التقدير : فبئس مثوى المتكبرين عن الحق المستخفين به مثواكم أو جهنم بمعنى فساءت دار إقامة الكافرين.

(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) (٧٧)

(فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) : أعرب في الآية الكريمة الخامسة والخمسين بمعنى فاصبر يا محمد إن وعد الله بإهلاك الكافرين حق.

(فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ) : الفاء استئنافية. إما : أصله : إن : أداة شرط جازمة و «ما» مزيدة لتأكيد معنى الشرط ولذلك ألحقت نون التوكيد بالفعل. نرينك : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل نصب مفعول به أول ونون التوكيد لا محل لها.

(بَعْضَ الَّذِي) : مفعول به ثان منصوب بالفعل «نري» المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية بعده «نعدهم» صلة الموصول لا محل لها.

(نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : نحن و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به بمعنى : نعدهم من العذاب. أو : حرف عطف. نتوفينك : معطوفة على جملة «نرينك» وتعرب إعرابها بمعنى أو نتوفينك قبل أن ترى ذلك.

(فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) : الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. إلى : حرف جر و «نا» ضمير الواحد المطاع مبني على السكون في محل جر بإلى. والجار والمجرور متعلق بمبتدإ محذوف تقديره : فهم إلينا يرجعون. يرجعون : الجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ المقدر «هم» أو يتعلق الجار والمجرور بيرجعون. وهي فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير في محل رفع نائب فاعل بمعنى : يردون إلينا يوم القيامة لنجازيهم بأعمالهم أي فننتقم منهم.

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ) (٧٨)

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. أرسل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الواحد المطاع و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. من قبلك : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «رسلا» الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة أي أرسلنا إلى الأمم.

(مِنْهُمْ مَنْ) : الجملة الاسمية في محل نصب صفة ـ نعت ـ للموصوف «رسلا» من : حرف جر و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بمن والجار والمجرور متعلق بخبر مقدم. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر.

(قَصَصْنا عَلَيْكَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. قصصنا : تعرب إعراب «أرسلنا». عليك : جار ومجرور متعلق بفعل قصصنا.

(وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) : الجملة الاسمية معطوفة بالواو على (مِنْهُمْ مَنْ) وتعرب مثلها. لم : حرف نفي وجزم وقلب. نقصص : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره نحن. عليك : جار ومجرور متعلق بنقصص. وحذف مفعولا الفعلين بمعنى منهم من روينا لك أخباره ومنهم من لم نرو لك عنه شيئا.

(وَما كانَ لِرَسُولٍ) : الواو استئنافية. ما : نافية لا عمل لها. كان : فعل ماض ناقص مبني على الفتح. لرسول : جار ومجرور متعلق بخبر كان المقدم.

(أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ) : حرف مصدرية واستقبال ونصب. يأتي : الجملة الفعلية صلة حرف مصدري لا محل لها وهي فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو بمعنى وما كان لواحد من الرسل أن يأتي. بآية : جار ومجرور متعلق بيأتي و «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل رفع اسم «كان» المؤخر .. ويجوز أن تكون «كان» تامة وليست ناقصة بمعنى فلا ينبغي ولا يصح فيكون المصدر المؤول في محل رفع فاعل «كان».

(إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) : أداة حصر لا عمل لها. بإذن : جار ومجرور متعلق بيأتي. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالكسرة.

(فَإِذا جاءَ) : الفاء استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق بجوابه. جاء :

فعل ماض مبني على الفتح والجملة الفعلية (جاءَ أَمْرُ اللهِ) في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد الظرف.

(أَمْرُ اللهِ) : فاعل مرفوع بالضمة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة بمعنى جاء أمر الله بالعذاب.

(قُضِيَ بِالْحَقِ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح. بالحق : جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل بمعنى : قضى الله بالنجاة للمحق أو قضي بإنجاء الحق وإهلاك المبطل.

(وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ) : الواو عاطفة. خسر : فعل ماض مبني على الفتح. هنا : اسم إشارة للمكان مبني على السكون في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بخسر. اللام للبعد أو تكون زائدة للتوكيد والكاف حرف خطاب وهنالك استعير للزمان بمعنى وقت مجيء أمر الله أو وقت القضاء بالحق. المبطلون : فاعل مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته بمعنى : قضى الله بإهلاك الباطل الذي يتمسك به أصحابه.

** (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة الثامنة والسبعين وفيه حذف مفعولا «قصصنا» اختصارا بمعنى منهم من روينا لك يا محمد أخبارهم ومنهم من لم نرو لك عنهم شيئا .. أرسلناهم إلى أمم من قبلك .. قيل : مائة وأربعة وعشرين ألف رسول.

** (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثمانين. وجاءت عبارة «على الفلك» بمعنى على السفن لتطابق «وعليها» للمزاوجة وعليها : بمعنى : على ظهورها وبعد حذف المضاف «ظهور» أوصل حرف الجر «على» بالمضاف إليه «ها» فصار : عليها.

** (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية والثمانين وجاءت كلمة «أي» مذكرة وأضيفت إلى الاسم المؤنث «آيات» لأنها جاءت اسم استفهام .. لأن من الأفصح استعمال لفظة «أي» في الشرط والاستفهام بلفظ واحد في المذكر والمؤنث أي لا تلحق «أي» «ها» التأنيث الفارقة بين المذكر والمؤنث كما في قولنا : أيها الرجال كونوا أمناء وأيتها النساء اغرسن في أطفالكن حب الوطن. والكلمتان هنا مبنيتان على الضم في محل نصب وهما في الغالب معربتان ومثله أي مجيئها بلفظ

واحد قولنا : أي رجل جاء وأي امرأة حضرت. وللاسم «أي» عدة معان واستعمالات والإضافة لازمة لها لفظا أو معنى .. وتأتي أيضا ظرف زمان وظرف مكان أما إذا كانت موصولة فالأحسن استعمالها بلفظ واحد وهو الأفصح وتجوز المطابقة نحو مررت بأيهم قام وبأيتهن قامت وقد تطابق في التذكير والتأنيث نحو : أي رجل وأية امرأة. وفي الشاذ القول : بأية أرض تموت وقد وردت بالتذكير في سورة «لقمان» : (وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) وقد وردت بالتذكير والتأنيث في قول الشاعر :

بأي كتاب أم بأية سنة

ترى حبهم عارا علي وتحسب

يشيرون بالأيدي إلي وقولهم

ألا خاب هذا والمشيرون أخيب

وجاءت «أي» في الآية المذكورة آنفا على اللغة المستفيضة والقول : «فأي آيات الله تنكرون» استعمال قليل لأن التفرقة بين المذكر والمؤنث في الأسماء غير الصفات غريب .. وهي في «أي» أغرب لإبهامه. عن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله .. لا يعلم أحد ما يكون في غد .. ولا يعلم أحد ما يكون في الأرحام .. ولا تعلم نفس ما ذا تكسب غدا من خير أو شر .. وما تدري نفس بأي أرض تموت .. وما يدري أحد متى يجيء المطر» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

** (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الخامسة والثمانين .. وقد دخل الفعل «يك» في هذه الآية الكريمة ولم يقل : فلم ينفعهم إيمانهم للمبالغة في نفي الفعل الداخلة عليه بتعديد وجهتي نفيه عموما باعتبار الكون وخصوصا اعتباره في هذه الآية كأنه نفي مرتين. وحذف الواو من «يك» وأصله : يكون .. هو حذف واجب وأما حذف النون من الفعل «يكن» فهو حذف جائز وقيل : أجري نون الفعل مجرى حرف العلة الذي يحذف عند الجزم.

(اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (٧٩)

(اللهُ الَّذِي) : لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع للتعظيم بالضمة. الذي : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر لفظ الجلالة أو يكون لفظ الجلالة مبتدأ. والاسم الموصول «الذي» في محل رفع خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو والجملة الاسمية «هو الذي» في محل رفع خبر لفظ الجلالة. ويجوز أن يكون لفظ الجلالة خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو الله ويكون الاسم الموصول «الذي» في محل رفع صفة ـ نعتا للفظ الجلالة.

(جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لكم : جار ومجرور متعلق بجعل والميم علامة جمع الذكور وحرك بالضم

للوصل ـ التقاء الساكنين ـ الأنعام : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى الإبل والبقر والغنم وهي جمع «نعم».

(لِتَرْكَبُوا مِنْها) : اللام حرف جر للتعليل والغرض. تركبوا : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. منها : جار ومجرور متعلق بتركبوا والجملة الفعلية (لِتَرْكَبُوا مِنْها) صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار والمجرور متعلق بجعل أي للركوب أو متعلق بمفعول لأجله بمعنى خلق لأجلكم الأنعام لتركبوا.

(وَمِنْها تَأْكُلُونَ) : الواو عاطفة. منها : جار ومجرور متعلق بتأكلون. تأكلون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. بمعنى : لتركبوا بعضها وتأكلوا بعضها الآخر .. وجعل هنا بمعنى : خلق ..

(وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) (٨٠)

(وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ) : الواو استئنافية. لكم : جار ومجرور متعلق بخبر مقدم. فيها : جار ومجرور متعلق بمنافع أو بحال مقدمة منها لأنه صفة لمنافع قدمت عليها. ويجوز أن يتعلق الجار والمجرور «لكم» بحال مقدمة من «منافع» والميم علامة جمع الذكور وفي هذه الحالة يكون الجار والمجرور «فيها متعلقا بخبر مقدم. منافع : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة ولم ينون آخره لأنه ممنوع من الصرف على وزن «مفاعل» بمعنى منافع أخرى غير الركوب كاللبن والجلود والوبر والصوف وغير ذلك.

(وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها) : الواو عاطفة. لتبلغوا عليها : معطوفة على (لِتَرْكَبُوا مِنْها) وتعرب إعرابها والواردة في الآية الكريمة السابقة.

(حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. في صدوركم : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «حاجة» الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة والميم علامة جمع الذكور بمعنى : لتقضوا على ظهورها حاجاتكم في أثناء أسفاركم وترحالكم.

(وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) : الواو عاطفة. عليها : جار ومجرور متعلق بتحملون. وعلى الفلك : جار ومجرور معطوف بالواو على الجار والمجرور «عليها» ويعرب مثله أي بإعادة عامل الجر معها. تحملون : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل.

(وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) (٨١)

(وَيُرِيكُمْ آياتِهِ) : الواو استئنافية. يري : فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله سبحانه. الكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطبين ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به أول والميم علامة جمع الذكور. آياته : مفعول به ثان منصوب بالفعل «يري» المتعدي إلى مفعولين وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة.

(فَأَيَّ آياتِ) : الفاء استئنافية. أي : اسم استفهام منصوب بتنكرون لأن له الصدارة في الكلام ولهذا تقدم على الفعل وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف. آيات : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.

(اللهِ تُنْكِرُونَ) : لفظ الجلالة مضاف إليه ثان مجرور للتعظيم وعلامة الجر الكسرة. تنكرون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٨٢)

القسم الأكبر من الآية الكريمة أعرب في الآية الكريمة التاسعة من سورة «الروم» وفي الآية الكريمة الرابعة والأربعين من سورة «فاطر» وفيه حذف تمييز «أكثر» اختصارا بمعنى : كانوا أكثر منهم عددا. كما حذف خبر «كان» المعطوف على «أشد قوة» أي كانوا أبقى آثارا في الأرض من قصور وتماثيل ..

(فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الرابعة والثمانين من سورة «الحجر» بمعنى : فما نفعهم مكسوبهم أو كسبهم أو فما دفع عنهم العذاب ما كسبوه من ثروات.

(فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٨٣)

(فَلَمَّا جاءَتْهُمْ) : الفاء استئنافية. لما : اسم شرط غير جازم بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بالجواب. جاءت : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم. والجملة الفعلية (جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ) في محل جر بالإضافة.

(رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة. بالبينات : جار ومجرور متعلق بجاء أي بالآيات البينات بمعنى بالمعجزات الواضحات فحذف الموصوف «الآيات» وحلت الصفة محله.

(فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها بمعنى كفروا. الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بفعل «فرحوا». عند : ظرف مكان منصوب على الظرفية وعلامة نصبه الفتحة بمعنى لديهم وهو مضاف متعلق بفعل محذوف تقديره : وجد أو استقر أو ما هو مستقر أي كائن لديهم و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «استقر عندهم» صلة الموصول لا محل لها بمعنى : غرهم ما عندهم.

(مِنَ الْعِلْمِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «ما» بتقدير : حال كونه من العلم و «من» حرف جر بياني.

(وَحاقَ بِهِمْ) : الواو عاطفة. حاق : فعل ماض مبني على الفتح. الباء حرف جر و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بحاق بمعنى وأحاط بهم العذاب.

(ما كانُوا) : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل «حاق». كانوا : فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» والألف فارقة والجملة الفعلية (كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) صلة الموصول لا محل لها.

(بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) : جار ومجرور متعلق بيستهزئ. يستهزءون : الجملة الفعلية في محل نصب خبر «كان» وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل.

(فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ) (٨٤)

(فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا) : أعرب في الآية الكريمة السابقة و «قالوا» تعرب إعراب «فرحوا». رأوا : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد «لما» وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على آخره الألف المقصورة المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة وبقيت الفتحة دالة على الألف المحذوفة. بأس : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى شدة عذابنا.

(آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ) : الجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ وهي فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بنا و «نا» ضمير متصل ـ ضمير المتكلمين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل. بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بآمن. وحده : مصدر أقيم مقام الحال وهو قول

سيبويه من وحد ـ يحد ـ حدة : أي انفرد .. التقدير : آمنا بالله منفردا لا شريك له. وهو منصوب على الظرف عند أهل الكوفة وعند أهل البصرة على الحال.

(وَكَفَرْنا بِما كُنَّا) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على جملة «آمنا» وتعرب إعرابها. الباء حرف جر و «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلق بكفرنا. كنا : فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بضمير المتكلمين و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع اسم «كان».

(بِهِ مُشْرِكِينَ) : جار ومجرور متعلق بمشركين. والجملة الفعلية (كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ) صلة الموصول لا محل لها. مشركين : خبر «كان» منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في المفرد.

(فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) (٨٥)

(فَلَمْ يَكُ) : الفاء عاطفة تفيد هنا الترتيب والتعقيب. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يك : فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره ـ النون ـ المحذوفة جوازا خطا واختصارا ـ أصله : يكون ـ وحذفت الواو وجوبا لالتقاء الساكنين. واسمها محذوف اختصارا وهو «إيمانهم» لأن ما بعده يدل عليه وتكون الجملة الفعلية (يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ) في محل نصب خبر «يكن» ويجوز أن يكون الفعل «يك» تاما بمعنى : فلم يصح ولم يستقم ويكون الفاعل ضميرا مستتر فيه جوازا تقديره هو أي إيمانهم ودخول الفعل «يك» على الجملة الفعلية مبالغة في نفي الفعل الداخلة عليه بتعديد جهتي نفيه.

(يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ) : فعل مضارع مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل نصب مفعول به مقدم. إيمان : فاعل مرفوع بالضمة و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ في محل جر بالإضافة.

(لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا) : ظرف زمان بمعنى «حين» مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل «ينفع» أو تكون اسم شرط غير جازم بمعنى «حين» مبنيا على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلقا بالجواب وحذف جوابه لتقدم معناه وهو قوله (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ) وفي هذه الحالة تكون الفاء رابطة لجواب الشرط المتقدم. رأوا : الجملة الفعلية في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد «لما» وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المقصورة المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة. بأس : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف و «نا» ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة. وتعدى الفعل «رأى» هنا إلى مفعول به واحد لأنه من الرؤية البصرية ويتعدى إلى الثاني فيكون حالا وقد حذف اختصارا. التقدير : حين رأوا بأسنا أي عذابنا نازلا بهم. وينطبق هذا التقدير أيضا على «رأوا» في الآية الكريمة السابقة.

(سُنَّتَ اللهِ) : مفعول مطلق ـ مصدر مؤكد ـ منصوب بفعل محذوف تقديره : سن الله ذلك سنة بمنزلة وعد الله وعدا وما أشبه وعلامة نصبه الفتحة. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(الَّتِي قَدْ خَلَتْ) : اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة ـ نعت ـ لسنة الله بمعنى طريقة الله التي .. قد : حرف تحقيق و «خلت» فعل ماض مبني على الفتح المقدر للتعذر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ولاتصاله بتاء التأنيث الساكنة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي وتاء التأنيث لا محل لها وجملة «قد خلت» صلة الموصول لا محل لها.

(فِي عِبادِهِ) : جار ومجرور متعلق بخلت والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.

(وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) : هذا القول الكريم أعرب في الآية الكريمة الثامنة والسبعين بمعنى وخسروا وقت رؤية البأس أي العذاب.

الفهرس

سورة لقمان..................................................................... ٥

سورة السجدة.................................................................. ٤٨

سورة الأحزاب.................................................................. ٨١

سورة سبأ.................................................................... ١٨٦

سورة فاطر................................................................... ٢٥٧

سورة يس.................................................................... ٣١٨

سورة الصافات............................................................... ٣٨٢

سورة ص.................................................................... ٤٦٢

سورة الزمر................................................................... ٥٢٥

سورة غافر................................................................... ٦١٧

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ٨

المؤلف: بهجت عبدالواحد الشيخلي
الصفحات: 707
  • سورة لقمان 5
  • سورة السجدة 48
  • سورة الأحزاب 81
  • سورة سبأ 186
  • سورة فاطر 257
  • سورة يس 318
  • سورة الصافات 382
  • سورة ص 462
  • سورة الزمر 525
  • سورة غافر 617