بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ )

النحل : ٦٤

( سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً )

الفتح : ٢٣

( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا )

الحشر : ٧

( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها. وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها )

الشمس : ٩ و١٠

( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ )

الحاقّة : ٤٠



تقديم

١

تأتي السنّة النبوية في الأهميّة بعد القرآن الكريم ، فلها دورها المشرق في بناء صرح الإسلام ، وإنشاء قواعده ، وتأسيس حضارته ... وهي منهج كامل لجميع ما يسعد به الإنسان نفسيا واجتماعيا ، فقد أقامت له قواعد الأخلاق ، واصول الآداب ، وما يتميّز به الإنسان من الصفات الحميدة ، والأوصاف الشريفة ، فقد عبّدت له الطريق وأوضحت له القصد ، وحرّرته من جميع الخلفيات التي تلقي به في قرار سحيق من مآثم هذه الحياة.

٢

وتكفّل القرآن الحكيم بتأسيس القواعد العامّة للتكاليف الشرعية من العبادات والمعاملات ، والعقود والايقاعات من دون أن يعرض إلى كيفيّاتها وكمياتها وأجزائها وشرائطها وموانعها ، إلاّ انّ السنّة قد تبنّت تفصيل ذلك ، وأوضحت جميع ما يرتبط بالتكاليف الشرعية ، فكانت بذلك عنصرا مهما في بناء العقيدة الإسلامية ، فقد ارتبطت بالقرآن الكريم ارتباط الجزء بالكلّ ، وكلاهما يعملان على تطوير حياة الإنسان ، وتهذيب سلوكه ، وإبعاده عن شرور هذه الحياة.


٣

ونعني بالسنّة النبوية قول النبيّ 6 وفعله وتقريره ، أمّا قوله : فهو ما يؤثر عنه من الأحكام الشرعية التكليفية والوضعية ، وفنون الآداب ومكارم الأخلاق. وأمّا فعله فهو أن يعمل شيئا ، وهو دليل على إباحته بالمعنى الأعم ولو كان غير مشروع لما جاز أن يعمله. وأمّا تقريره فهو أن يرى أحدا من المسلمين يعمل شيئا فأقرّه عليه ، وهو دليل على مشروعيته ؛ إذ لو كان محرّما لوجب عليه أن ينهاه ويصدّه عنه.

٤

وترى الشيعة أنّ من صميم السنّة النبوية قول أئمّة الهدى : وفعلهم وتقريرهم ، فإنّها امتداد ذاتي للسنة النبوية ، وهذا الرأي وثيق للغاية ، فإنّ من يلحظ سيرتهم يجدها تنبض بروح النبيّ 6 وهديه وسلوكه واتّجاهاته والتزامه بحرفية الإسلام ، فهم أوصياؤه وخلفاؤه وأرصدته التي أقامها لاصلاح امّته ، فقد قرنهم بمحكم التنزيل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وجعلهم سفن النجاة وأمن العباد ، فحديثهم حديث الرسول 6 ، وفعلهم فعله ، وتقريرهم تقريره ، وليس في ذلك خروج عن المناهج العلمية أو انحراف عن الطريق القويم.

٥

ولم يكتب للأحاديث النبوية أن تدوّن في عهد الرسول 6 ، وإنّما ظلّت محفوظة في


قلوب أهل بيته وأصحابه وطبعت في ضمائرهم ودخائل نفوسهم ، وبعد انتقال النبيّ 6 إلى حضيرة القدس ، رأى مفكّرو الصحابة ضرورة تدوين الأحاديث النبوية خوفا عليها من التلف والضياع والزيادة والنقصان ، وعرضوا ذلك على أبي بكر ومستشاره ووزيره عمر بن الخطاب ، فلم يستجيبا لهم بحجّة أنّها لو سجّلت في كتاب واحد لا نشغل بها المسلمون عن قراءة كتاب الله تعالى!؟ وهو اعتذار مهلهل ، والذي نراه بمزيد من التأمل الذي لا يخضع لهوى ولا لعاطفة أنّ السبب في ذلك هو أنّ كوكبة من الأخبار قد أشادت بفضل أهل البيت ، وألزمت المسلمين بمودّتهم وطاعتهم وترشيحهم لقيادة الامّة. الأمر الذي يتنافى مع احتلالهم لمركز الخلافة ، وإبعاد أهل البيت : عن قيادة الامّة ، وجعلهم بمعزل عن الحياة السياسية العامّة في البلاد.

٦

ولو دوّنت الأحاديث النبوية بإشراف الإمام عليّ 7 وغيره من كبار الصحابة لما مني الإسلام بكارثة الوضّاعين الذين لا يرجون لله وقارا ، فقد عمدوا إلى افتعال الأحاديث ونسبتها إلى الرسول 6 ، ومعظمها قد حملت معول الهدم على الأفكار الإسلامية المشرقة التي تدعو إلى تحرير الإنسان ، وسلامته من الانحطاط والتأخر.

ومن المؤسف جدا أنّ كثيرا من الأخبار الموضوعة قد دوّنت في الصحاح والسنن من دون دراية المؤلّفين لها بوضعها وافتعالها ، ونحن على ثقة أنّهم لو علموا زيفها لما سجّلوها في كتبهم ، وتبرّءوا منها.

٧

وتشكّلت لجان الوضع بصورة رسمية ومكشوفة في عهد معاوية عميد الاسرة


الأموية ، الذي لم يأل جهدا في محق الإسلام ، وإطفاء نوره وإخفاء معالمه ، وليس في هذا القول تجنّيا عليه أو انقيادا لعاطفة ، وإنّما الدراسة الواعية لأحداث التأريخ هي التي تدلّل على ذلك ، فقد تفجرت سياسته بكلّ ما خالف كتاب الله تعالى وسنّة نبيّه والتي منها إعدامه لأعلام الإسلام أمثال حجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي ، واغتياله لسبط رسول الله الإمام الحسن 7 وغير ذلك من الأحداث الجسام.

وعلى أي حال فقد عمد معاوية إلى عصابة من حزبه وعملائه إلى افتعال الحديث وتنسيقه ليعارض به الأحاديث النبوية البالغة حدّ الاعجاز في فصاحتها وبلاغتها ، وفعلا فقد وضعت الأحاديث ، وهي ذات ألوان متعدّدة بعضها في فضائل الصحابة ، وبعضها في ذمّ أهل البيت : دعاة العدل الاجتماعي ، وبعضها في الحطّ من قيمة الأنبياء :.

وقد عرض لزيفها الإمام شرف الدين ، والعلامة الكبير الشيخ محمود أبو رية في كتابه « أضواء على السنّة المحمّدية » وكانت بحوثهما عن الأحاديث الموضوعة مشرقة بالروح العلمية النزيهة التي لم تجنح لعاطفة ولا لتقليد.

٨

واستخدمت الحكومات القائمة في تلك العصور من الأمويين والعباسيين الأحاديث الموضوعة سلّما لسياساتهم القائمة على الظلم والجور ، وعلى إرغام الناس على ما يكرهون ، فقد تمسّكوا بما وضعه الوضّاعون من إعفاء زعيم الدولة عمّا يقترفه من السيّئات والآثام ، وأنّ الله تعالى لا يحاسبه عليها في الدار الآخرة ، وأنّه ليس كبقية الناس الذين يحاسبهم الله تعالى على ما صدر عنهم من شرّ وإثم في دار الدنيا. وعلى أي حال فإنّ الأحاديث الموضوعة قد ألقت المسلمين في شرّ عظيم ، وصدّت الكثير منهم عن الطريق القويم الذي رسمه الإسلام ليكونوا قادة الامم والشعوب.


٩

واستشف الرسول الأعظم 6 من وراء الغيب ما تقوم به بعض النفوس المريضة والضمائر الرخيصة من افتعال الحديث ونسبته إليه ، فحذّرهم وخوّفهم عقاب الله تعالى ، قال 6 : « من كذب عليّ متعمّدا (١) فليتبوّأ مقعده من النّار » (٢). ولكنّهم لم يحفلوا بتحذير النبيّ 6 ، وأصرّوا على غيّهم فعمدوا إلى افتعال الأحاديث ، ونسبتها إلى الرسول 6 ، ومعظمها تتنافى مع روح الإسلام وهديه ، وقد انتهكت بموضوعاتهم حرمة الإسلام الذي بني على الصدق وقول الحقّ.

وعلى أي حال فقد أحصى المحقّق الأميني عدد الوضّاعين (٦٢٠) (٣) وضاعا ، فالويل لهم على ما اقترفوه من الإثم ( فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) (٤).

١٠

ونعود للحديث عما اثر عن إمام المتقين الإمام أمير المؤمنين 7 من الأحاديث التي

__________________

(١) قال المحقق الكبير الشيخ محمود أبو رية ; : « وقد عنيت بالبحث عن حقيقة هذا الحديث حتى وصلت بعد طول السعي إلى أنّ كلمة ( متعمّدا ) لم تأت في روايات كبار الصحابة ... » ـ أضواء على السنّة المحمّدية : ص ٧.

(٢) الحديث متواتر صحيح.

(٣) الغدير ١٠ : ١٨٥ ـ ٢٣٦.

(٤) البقرة : ٧٩.


رواها عن أخيه وابن عمّه سيّد المرسلين النبيّ 6 ، فإنّ معظمها تتعلّق بالآداب وحسن السلوك ، وبناء شخصية الإنسان المسلم على اسس رفيعة متوازنة من الكمال وحسن الأخلاق ، وما يتعلّق بروابطه الاجتماعية ، من الاهتمام بالصالح العام ، وتبنّي قضايا مجتمعه وغير ذلك ممّا يتعلّق بتطوّر الحياة الإسلامية في جميع مناطق العالم الإسلامي. إنّ أحاديث النبيّ 6 التي يرويها وصيّه وباب مدينة علمه ، الإمام أمير المؤمنين 7 تتميّز بما تحمله من طاقات ندية خلاّقة ، تسمو بالمجتمع الإسلامي إلى أرقى مستويات الكمال والتهذيب ، وتحقّق له القيادة العامة لشعوب العالم.

١١

ألّف المؤرخ الكبير أبو جعفر الطبري كتابا أسماه « تهذيب الآثار وتفصيل الثابت عن رسول الله 6 من الأخبار » عرض فيه للأخبار النبوية التي رواها أعلام الصحابة ، وهو يقع في عدّة أجزاء ، نسب كل جزء منها إلى علم من أعلام الصحابة ، سجّل فيه ما رواه عن الرسول 6 بعنوان مسند الصحابي فلان ، ومن هذه المسانيد ( مسند عليّ ) ذكر فيه روايات عن الرسول 6 ، ومن مزايا هذا المسند أنّه دون الرواية التي يرويها الإمام 7 ثمّ ذكر لها مماثلا من طرق اخرى ، ثمّ ما ذكر بعد ذلك ما يعارضها من الروايات ، ويختار بعد ذلك ما يذهب إليه ، والكتاب طريف ومفيد للمعنيين بهذه البحوث ، وعدد ما جاء في مسنده عن الإمام 7 (٤٣) حديثا.

١٢

وأودّ أن أعرض إلى أنّ ما سجّلته في هذا الكتاب من روايات الإمام 7 عن النبيّ 6


ليست هي جميع رواياته عنه ، وإنّما هي جزء بسيط منها ، فإنّ الإمام 7 من ألصق الناس برسول الله 6 ، وهو باب مدينة علمه ، وقد وعى بصورة جازمة جميع أحاديثه ، وسجّلها في دخائل نفسه ، وأشاعها بين الناس ، فليس هذا الكتاب إلاّ بعض أحاديثه عنه ، والمتتبّع يجد أضعافها في مصادر الحديث والسنّة.

ومن الخطأ الواضح أن أدّعي الاحاطة التامّة والمستوعبة لجميع أحاديث الإمام 7 عن النبيّ 6 فإنّ ذلك أمر بعيد المنال ، وأستغفر الله تعالى إن صدرت عنّي دعوى ذلك.

إنّه تعالى وليّ التوفيق

النّجف الأشرف

باقر شريف القرشى

٢٥ / ذي القعدة / ١٤١٩ هـ



اضواء على

السّنّة المحمّديّة



وألقى الإمام 7 الأضواء بصورة موضوعية وشاملة على رواة الأحاديث النبوية ، وعرض بتحليل رائع لدوافع رواياتهم عن النبيّ 6 ، التي هي متباينة كأشدّ ما يكون التباين ، فقد عمد بعضهم إلى وضع الأحاديث وافتعالها ، وسها آخرون عن نصوص الأحاديث فرووا ما يغايرها ، إلى غير ذلك من الدوافع والأغراض ، ومن المؤكّد أنّ المسلمين لو علموا أو ميّزوا الأحاديث المفتعلة لتبرّؤا منها ، وما سجّلها الثقات في السنن والصحاح.

وعلى أي حال فيعتبر حديث الإمام 7 في هذا الموضوع من أروع الدراسات العلمية عن الأحاديث النبوية ، وقد روى ذلك الثقة الزكي سليم بن قيس الهلالي (١)

__________________

(١) سليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي ، من أصحاب أمير المؤمنين 7 ، وأصحاب الأئمّة : الحسن والحسين وعليّ بن الحسين : ، كما ذكر ذلك الشيخ الطوسي في رجاله ، وقد طلبه الحجّاج الطاغية الأثيم ليقتله فهرب منه ، وأوى إلى أبان بن أبي عيّاش ، فاستقام عنده ، ولمّا حضرته الوفاة دفع إليه كتابه الذي سجّل فيه الأحاديث المروعة التي وقعت بعد وفاة رسول الله 6 ، وعانى ويلاتها وكوارثها عترة رسول الله 6.

ويعتبر كتابه عند النعماني من أكبر كتب الاصول التي رواها أهل العلم ، وأنّ جميع ما فيه صحيح قد صدر من المعصوم عليه السلام ولا بدّ من تصديقه وقبول رواياته إلاّ أنّ الشيخ المفيد رحمه الله لم يوثق هذا الكتاب لأنّه قد حصل فيه خلط وتدليس.

وقد أطال السيّد الاستاذ الخوئي ; البحث في تحقيق هذا الكتاب ، ومدى صحّة الناقدين له ، وقد ناقش جملة من أقوال الناقدين ، وأنّها بعيدة عن الصحّة ، يراجع في ذلك معجم رجال الحديث ٨ : ٢١٨ ـ ٢٣٠.


قال : قلت لأمير المؤمنين : إنّي سمعت من سلمان الفارسي والمقداد وأبي ذرّ شيئا من تفسير القرآن ، وأحاديث عن النبيّ 6 غير ما في أيدي الناس ، ثمّ سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبيّ الله 6 أنتم تخالفونهم فيها ، وتزعمون أنّ ذلك كلّه باطل ، أفترى الناس يكذبون على رسول الله 6 متعمّدين ، ويفسّرون القرآن بآرائهم؟

لقد طلب سليم من الإمام 7 أن يوضّح له الحال في شأن بعض الأخبار ، وتفسير بعض آيات الذكر الحكيم التي ينقلها حماة الإسلام أمثال سلمان الفارسي وأبي ذرّ والمقداد ، والإمام يقرّها ، وهناك طائفة من الأخبار وتفسير بعض الآيات ، والإمام ينكرها ، فما هو الصحيح منهما؟

فأجابه الإمام بهذا الجواب الرائع قائلا :

« قد سألت فافهم الجواب ، إنّ في أيدي النّاس حقّا وباطلا ، وكذبا ، وناسخا ومنسوخا ، وعامّا وخاصّا ، ومحكما ومتشابها ، وحفظا ووهما ، وقد كذب على رسول الله 6 على عهده حتّى قام خطيبا ، فقال :

أيّها النّاس ، قد كثرت عليّ الكذّابة فمن كذب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار.

ثمّ كذب عليه من بعده. وإنّما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس :

رجل منافق يظهر الايمان ، متصنّع بالإسلام (١) ، لا يتأثّم ولا يتحرّج أن يكذب على رسول الله 6 متعمّدا ، فلو علم النّاس أنّه منافق كذّاب ، لم يقبلوا منه ولم يصدّقوه ، ولكنّهم قالوا : هذا قد صحب

__________________

(١) متصنع بالإسلام : أي مدلس به.


رسول الله 6 ورآه وسمع منه ... وأخذوا ـ أي الناس ـ عنه ، وهم لا يعرفون حاله ، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره ، ووصفهم بما وصفهم فقال عزّ وجلّ : ( وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ) (١) ، ثمّ بقوا بعده فتقرّبوا إلى أئمّة الضّلالة والدّعاة إلى النّار بالزّور والكذب والبهتان ، فولّوهم الأعمال ، وحملوهم على رقاب النّاس ، وأكلوا بهم الدّنيا ، وإنّما النّاس مع الملوك والدّنيا إلاّ من عصم الله ... ».

وحكى هذا المقطع من حديث الإمام عليّ 7 امورا بالغة الأهمّية وهي :

أولا : أنّ ما بأيدي الناس من الأحاديث التي يروونها عن رسول الله 6 متباينة لا يعرفون واقعها ، فبعضها صدق ، وبعضها كذب ، وهي بين عامّ وخاصّ ، ومحكم ومتشابه ، وناسخ ومنسوخ ، وقد جهلوا ذلك ، ولم يميّزوا بعضها عن بعض.

ثانيا : أنّ الكذب على رسول الله 6 لم يحدث بعد وفاته ، وإنّما كان في حياته ، ممّا دعا النبيّ 6 أن يحذّر الكاذبين ، وشدّد عليهم النكير ، وبشّرهم بنار جهنّم.

ثالثا : ذكر أنّ نقلة الحديث أربعة أشخاص ، وذكر القسم الأوّل وهم المنافقون الذين يظهرون الإسلام بألسنتهم وقلوبهم مطوية على الكفر والإلحاد ، وهؤلاء لا يتحرّجون من الكذب على رسول الله 6 وافتعال الأحاديث الباطلة ونسبتها له ، ولو علم الناس بافتعال أحاديثهم لما أخذوا بها واجتنبوها ، لقد اغترّ الناس بهم لأنّهم رأوا رسول الله 6 وصحبوه وسمعوا منه ، وظنّ الناس بهم خيرا ، ولم يعرفوا واقعهم أنّهم على ضلال ... وهؤلاء المنافقون أمثال سمرة بن جندب وعمرو بن العاص

__________________

(١) المنافقون : ٤.


ومروان بن الحكم وأشباههم من المنافقين.

رابعا : أنّ المنافقين من الرواة قد تقرّبوا إلى السلطة الأموية الظالمة ، وأخذوا ينشرون بين الناس الأحاديث المنكرة تقرّبا للأمويين ، فمنحتهم السلطة الوظائف المهمّة في الدولة ، وحملوهم على رقاب الناس ... وهؤلاء الصنف الأوّل من الرواة.

ثمّ يأخذ الإمام 7 في بيان بقية أصناف الرواة قائلا :

« ورجل سمع من رسول الله 6 شيئا لم يحمله على وجهه ووهم فيه ، ولم يتعمّد كذبا ، فهو في يده يقول به ، ويعمل به ، ويرويه ، ولو علم هو أنّه وهم لرفضه ... ».

وهذا الصنف الثاني من الرواة الذين سمعوا من رسول الله حديثه إلاّ أنّهم على غفلة ووهم ، فإنّهم لم يحملوا الحديث على وجهه وظاهره وأخذوا بالوهم منه ، وهؤلاء لم يتعمّدوا الكذب ولا افتعال الحديث فحديثهم مرفوض لأنّهم لم يأخذوا بظاهره وتأوّلوه ، ثمّ يأخذ الإمام في بيان الصنف الثالث من رواة الحديث قائلا :

« ورجل ثالث سمع من رسول الله 6 شيئا أمر به ثمّ نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ثمّ أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ النّاسخ ، ولو علم أنّه منسوخ لرفضه ، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه ... ».

الصنف الثالث من الرواة أنّهم سمعوا حديثا من رسول الله 6 قد أمر به ثمّ نهى عنه ، فحفظوا ما أمر به وأشاعوه بين الناس ، ولم يحفظوا ناسخه ، وهم كانوا على حسن نيّة لم يتعمّدوا الكذب وافتعال الحديث إلاّ أنّهم غافلون ، وهؤلاء ينبغي التوقّف في حديثهم وعدم الأخذ به.

ويستمر الإمام 7 في بيان الصنف الرابع من رواة الحديث قائلا :


« وآخر رابع لم يكذب على رسول الله 6 ، مبغض للكذب خوفا من الله وتعظيما لرسول الله 6 ، لم ينسه ـ أي الحديث ـ بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه ، ولم ينقص منه ، وعلم النّاسخ من المنسوخ ، فعمل بالنّاسخ ورفض المنسوخ ، فإنّ أمر النّبيّ 6 مثل القرآن ناسخ ومنسوخ ، وخاصّ وعامّ ، ومحكم ومتشابه ، قد يكون من رسول الله 6 الكلام له وجهان كلام عامّ ، وكلام خاصّ مثل القرآن ، وقال الله عزّ وجلّ في كتابه : ( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (١) فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله ».

الصنف الرابع من الرواة وهم المتحرّجون في دينهم الذين يخافون الله ولا يكذبون ، وهم الذين يحفظون الحديث على وجهه ، ويشيعونه بين الناس ، قد عرفوا الناسخ من المنسوخ ، والخاصّ من العامّ ، والمحكم من المتشابه ، وهؤلاء حديثهم من أرقى أصناف الحديث ، ومن أكثره صدقا ، ويجب الأخذ به.

ويستمر الإمام 7 في حديثه قائلا :

« وليس كلّ أصحاب رسول الله 6 كان يسأله عن الشّيء فيفهم ، وكان منهم من يسأله ، ولا يستفهمه ، حتّى أن كانوا ليحبّون أن يجيء الأعرابيّ ، والطّاري (٢) فيسأل رسول الله 6 حتّى يسمعوا ... ».

تحدّث الإمام 7 في هذه الكلمات عن أصحاب رسول الله 6 ، وأنّهم ليسوا على مستوى واحد من الإدراك والفهم ، فبعضهم يسأل عن الشيء فيجيبه

__________________

(١) الحشر : ٧.

(٢) الطّاري : الغريب.


الرسول 6 فيفهم الجواب ، والبعض الآخر يسأل ولا يعرف الجواب ، وأنّهم كانوا بشوق لمجيء أعرابي أو غريب ليسألا رسول الله 6 فيجيبهما ، فيقفوا على ما دار بينهما ويفهموا ما أراد الرسول 6. ويستمر الإمام في حديثه فيعرب عن سموّ منزلته وعظيم مكانته عند الرسول 6 قائلا :

« وقد كنت أدخل على رسول الله 6 كلّ يوم دخلة وكلّ ليلة دخلة فيخلّيني فيها أدور معه حيث دار ، وقد علم أصحاب رسول الله 6 أنّه لم يصنع ذلك بأحد من النّاس غيري ، فربّما كان في بيتي يأتيني رسول الله 6 أكثر ذلك.

وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله ، أخلاني ، وأقام عنّي نساءه فلا يبقى عنده غيري ، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة ، ولا أحد من بنيّ.

وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكتّ عنه ، وفنيت مسائلي ابتدأني.

فما نزلت على رسول الله 6 آية من القرآن إلاّ أقرأنيها وأملاها عليّ فاكتتبتها بخطّي ، وعلّمني تأويلها وتفسيرها ، وناسخها ومنسوخها ، ومحكمها ومتشابهها ، وخاصّها وعامّها ، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها فما نسيت آية من كتاب الله ، ولا علما أملاه عليّ وكتبته منذ دعا الله لي بما دعا.

وما ترك شيئا علّمه الله من حلال ولا حرام ، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ، ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية ، إلاّ علّمنيه وحفظته ، فلم أنس حرفا واحدا.


ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله أن يملأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا فقلت : يا نبيّ الله ، بأبي أنت وأمّي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا ، ولم يفتني شيء لم أكتبه أفتتخوّف عليّ النّسيان فيما بعد؟ فقال : لا لست أتخوّف عليك النّسيان والجهل » (١).

وأعرب الإمام 7 بهذه الكلمات عن شدّة اتّصاله بالنبيّ 6 ، وأنّه من ألصق الناس به وأقربهم إليه ، وأنّ الرسول 6 أفاض عليه علومه ومعارفه ، وأنّه قد دعا له بأن لا ينسى ما علّمه ، وقد استجاب الله دعاءه فكان الإمام 7 لا ينسى أي شيء عهد به النبيّ 6 إليه.

صحة هذا الحديث :

ونال هذا الحديث الدرجة القطعية من الصحّة ، فقد عرضه بنصّه أبان على الإمام أبي جعفر الباقر 7 بعد موت أبيه الإمام علي بن الحسين 8 ، فاغرورقت عينا الإمام ، وقال :

« صدق سليم ما قد أتى ـ يعني سليم ـ أبي بعد قتل جدّي الحسين 7 وأنا قاعد عنده فحدّثه بهذا الحديث بعينه ، فقال له أبي : صدقت ، قد حدّثني أبي وعمّي الحسن 8 بهذا الحديث عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعليهم ، فقالا له : صدقت قد حدّثك بذلك ونحن شهود » (٢).

وبهذا ينتهي بنا المطاف عن الأضواء التي ألقاها الإمام 7 على الأحاديث النبوية ، فقد عرض لها بصورة موضوعية وشاملة.

__________________

(١) اصول الكافي ١ : ٦٢ ـ ٦٤.

روي قريب من صدر الحديث في الامتاع والمؤانسة ٣ : ١٩٧.

(٢) رجال الكشيّ ١٠٥.



مسند الإمام



أمّا مسند الإمام أمير المؤمنين 7 فله أهمّيته البالغة في الأوساط الإسلاميّة وغيرها لأنّه يكشف عن مدى الصلة الفكرية والروحية بين الإمام 7 وبين الرسول 6 ، كما يكشف عن التراث الضخم للرسول 6 الذي نقله الإمام 7 الشامل لجميع جوانب الحياة ... ونحن ننقل نصوص رواياته عنه من دون أن نعرض لسندها ، فإنّ البحث عن ذلك يستدعي جهدا شاقّا ، ووقتا متّسعا ، ولا يتهيّأ لي ذلك.

وفيما يلي كوكبة من تلك الأخبار :

١

إصابة السّنّة

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« لا قول إلاّ بعمل ، ولا عمل إلاّ بنيّة ، ولا قول وعمل ونيّة إلاّ بإصابة السّنّة » (١).

إنّ القول إذا لم يكن مشفوعا بالعمل فلا أثر له ، كما أنّ العمل إذا لم يصدر عن نيّة فلا أثر له ، والقول والعمل والنيّة مشروطة بإصابتها للسنّة ، فإذا لم تصادفها فلا يترتّب عليه أي أثر وضعي.

__________________

(١) بحار الأنوار ٢ : ٢٦١.


٢

العمل بالسّنّة

قال 7 : سمعت رسول الله 6 يقول : « عليكم بسنّة ، فعمل قليل في سنّة خير من عمل كثير في بدعة » (١).

أنّ العمل بالسنّة والجري عليها أكثر عائدة على الإنسان من العمل في البدعة التي تجرّ إلى النار.

٣

العلم

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« العلم خزائن ومفتاحها السّؤال ، فاسألوا يرحمكم الله ؛ فإنّه يؤجر فيه أربعة : السّائل ، والمعلّم ، والمستمع ، والمجيب (٢) لهم » (٣).

تبنّى الإسلام بصورة إيجابية وشاملة قضايا العلم ، فقد حثّ الرسول 6 على إشاعته بين الناس ؛ لأنّه من العناصر الأساسية في نهضة الامّة وتطوّرها ، ولا يمكن بأي حال أن تنال مركزا كريما تحت الشمس وهي قابعة في الجهل ، وقد حثّ الرسول 6 في هذا الحديث على السؤال من العالم ، ووعده بالأجر الجزيل كما وعد بذلك العالم والمستمع والمجيب أو المحبّ.

__________________

(١) بحار الأنوار ٢ : ٢٦١.

(٢) في رواية : « والمحبّ ».

(٣) حلية الأولياء ٣ : ١٩٣.


٤

تعلّم وتعليم القرآن

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« خياركم من تعلّم القرآن وعلّمه » (١).

إنّ تعلّم القرآن وتعليمه للغير من أفضل الأعمال ، وأقربها إلى الله تعالى.

٥

طلب العلم

قال 7 : سمعت رسول الله 6 يقول :

« طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ؛ فاطلبوا العلم من مظانّه ، واقتبسوه من أهله ؛ فإنّ تعليمه لله حسنة ، وطلبه عبادة ، والمذاكرة به تسبيح ، والعمل به جهاد ، وتعليمه من لا يعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة إلى الله تعالى ؛ لأنّه معالم الحلال والحرام ، ومنار سبل الجنّة ، والمؤنس في الوحشة ، والصّاحب في الغربة والوحدة ، والمحدّث في الخلوة ، والدّليل على السّرّاء والضّرّاء ، والسّلاح على الأعداء ، والزّين عند الأخلاّء.

يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة تقتبس آثارهم ، ويهتدى بفعالهم ، وينتهى إلى رأيهم ، وترغب الملائكة في خلّتهم ، وبأجنحتها تمسحهم ، وفي صلاتها تبارك عليهم ، يستغفر لهم كلّ رطب ويابس ، حتّى حيتان البحر وهوامه ، وسباع البرّ وأنعامه.

__________________

(١) سنن الترمذي ٤ : ٥٣.


إنّ العلم حياة القلوب من الجهل ، وضياء الأبصار من الظّلمة ، وقوّة الأبدان من الضّعف ، يبلغ بالعبد منازل الأخيار ، ومجالس الأبرار ، والدّرجات العلى في الدّنيا والآخرة.

الذّكر فيه يعدل بالصّيام ، ومدارسته بالقيام ، به يطاع الرّبّ ويعبد ، وبه توصل الأرحام ، وبه يعرف الحلال والحرام.

العلم إمام العمل ، والعمل تابعه ، يلهمه السّعداء ، ويحرمه الأشقياء ، فطوبى لمن لم يحرمه الله منه حظّه » (١).

وحفل هذا الحديث الشريف بالدعوة الملحّة لطلب العلم الذي هو من العناصر الأساسية في بناء المجتمع الإسلامي ؛ فإنّه من المستحيل أن ينهض المسلمون في ظروف الجهل والتأخّر. وفي هذا الحديث تمجيد وثناء وتكريم لطالب العلم حتّى يقبل على الدراسة ، ويواصل البحث والجدّ في طلب العلم.

٦

طلب العلم عبادة

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« من خرج يطلب بابا من علم ليردّ به باطلا إلى حقّ ، أو ضلالة إلى هدى ، كان عمله ذلك كعبادة متعبّد أربعين عاما » (٢).

إنّ من طلب العلم ليشيع الحقّ ويناهض الباطل فهو من المجاهدين في سبيل الله تعالى.

__________________

(١) بحار الأنوار ١ : ١٧١.

(٢) المصدر السابق : ١٨٢.


٧

طلب العلم لله

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« من طلب العلم لله لم يصب منه بابا إلاّ ازداد في نفسه ذلاّ ، وفي النّاس تواضعا ، ولله خوفا ، وفي الدّين اجتهادا ، وذلك الّذي ينتفع بالعلم فليتعلّمه.

ومن طلب العلم للدّنيا ، والمنزلة عند النّاس ، والحظوة عند السّلطان ، لم يصب منه بابا إلاّ ازداد في نفسه عظمة ، وعلى النّاس استطالة ، وبالله اغترارا ، ومن الدّين جفاء ، فذلك لا ينتفع بالعلم ، فليكفّ وليمسك عن الحجّة على نفسه ، والنّدامة والخزي يوم القيامة » (١).

عرض هذا الحديث الشريف إلى طلب العلم ؛ فإن كان لله تعالى ولنفع الناس من غير أن يبتغي وسيلة مادية فإنّ الله تعالى يرفعه ، وإن كان طلبه للدنيا فلا خير فيه وإنّ أتعابه ستذهب أدراج الرياح ، أعاذنا الله تعالى من ذلك.

٨

طلب العلم لمجادلة العلماء

من الوصايا الرفيعة التي أوصى بها النبيّ 6 الإمام باب مدينة علمه

قوله :

« يا عليّ ، من تعلّم علما ليماري به السّفهاء ، أو يجادل به العلماء ،

__________________

(١) بحار الأنوار ٢ : ٣٤.


أو ليدعو النّاس إلى نفسه فهو من أهل النّار » (١).

إنّ طلب العلم ينبغي أن يكون لله تعالى ، ولتهذيب النفس وتنميتها ، فإذا كان مشفوعا بأغراض اخرى ، والتي منها ما أدلى به النبيّ 6 في وصيّته للإمام 7 ، فإنّه بالإضافة إلى حرمانه من الثواب فإنّ مصيره يكون إلى النار.

٩

مداد العلماء

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« إذا كان يوم القيامة وزن مداد العلماء بدماء الشّهداء ، فيرجح مداد العلماء على دماء الشّهداء » (٢).

إنّ مداد العلماء يضيء الطريق.

١٠

منهومان لا يشبعان

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« منهومان لا يشبعان : طالب دنيا ، وطالب علم ، فمن اقتصر من الدّنيا على ما احلّ له سلم ، ومن تناولها من غير حلّها هلك إلاّ أن يتوب أو يرجع ، ومن أخذ العلم من أهله وعمل به نجا ، ومن أراد به الدّنيا فهو حظّه » (٣).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ٤٤٤.

(٢) بحار الأنوار ٢ : ١٦.

(٣) المصدر السابق : ٣٤.


إنّ طالب العلم منهوم لا يشبع ، فهو كلّما درس وطالع يبغي المزيد لتنمية فكره ، وكذلك صاحب المال منهوم يطلب المزيد من المال.

١١

الفقيه

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« نعم الرّجل الفقيه في الدّين إن احتيج إليه نفع ، وإن لم يحتج إليه نفع نفسه » (١).

إنّ الفقهاء مصابيح الإسلام ، وهم في جميع أدوارهم مصدر إفاضة وعطاء للمجتمع ، كما أنّهم مصدر خير لأنفسهم إن لم يحتج إليهم الناس.

١٢

العالم المطاع

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« لا خير في العيش إلاّ لرجلين : عالم مطاع ، ومستمع واع » (٢).

العالم المطاع والمستمع الواعي هما من خيار المجتمع ومن سادات الناس ، ولا خير في العيش إلاّ لهما.

__________________

(١) بحار الأنوار ١ : ٢١٦.

(٢) المصدر السابق : ١٦٨.


١٣

فضل العقل

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« يا عليّ ، إذا تقرّب النّاس إلى خالقهم في أبواب البرّ فتقرّب إلى الله بأنواع العقل تسبقهم بالدّرجات والزّلفى عند النّاس في الدّنيا ، وعند الله في الآخرة ... » (١).

إنّ العقل من أفضل مخلوقات الله تعالى ، وهو حجّته ورسوله الباطني إلى عباده ـ كما في الحديث ـ فطاعته هدى ، ومخالفته شقاء ، وأفضل ما يتقرّب إلى الله تعالى بعبادة منشؤها التفكّر والتأمّل.

١٤

الجهل والعقل

قال رسول الله 6 للإمام أمير المؤمنين 7 :

« يا عليّ ، لا فقر أشدّ من الجهل ، ولا مال أعود من العقل » (٢).

أمّا الجهل فهو أعظم آفة مدمّرة للإنسان ، فإنّه يلقيه في شرّ عظيم ، ويبعد عنه كلّ خير ، وأمّا العقل فهو أساس النجاح في الدنيا والآخرة.

__________________

(١) حلية الأولياء ١ : ١٨.

(٢) وسائل الشيعة ٦ : ١٦٢.


١٥

العالم بين الجهّال

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« العالم بين الجهّال كالحيّ بين الأموات ، وإنّ طالب العلم ليستغفر له كلّ شيء حتّى حيتان البحر وهوامه ، وسباع البرّ وأنعامه ، فاطلبوا العلم فإنّه السّبب بينكم وبين الله عزّ وجلّ ، وإنّ طلب العلم فريضة على كلّ مسلم » (١).

ونعت هذا الحديث طالب العلم الذي يكون بين الجهال الذين لا يعرفون حقيقته فإنّه في محنة وشقاء ، كما حثّ الحديث على طلب العلم ، وأنّه فريضة على كلّ مسلم.

١٦

كتمان العلم

قال 7 : سمعت رسول الله 6 يقول :

« من سئل عن علم فكتمه حيث يجب إظهاره ، وتزول عنه التّقيّة جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار » (٢).

إنّ العالم يجب عليه أن يشيع العلم وينشره بين الناس ، فاذا كتم علمه في وقت يحتاجه الناس فإنّ الله تعالى يحاسبه ، ويخزيه.

__________________

(١) بحار الأنوار ١ : ١٧٢.

(٢) المصدر السابق ٢ : ٧٢.


١٧

الفتوى بغير علم

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« من أفتى النّاس بغير علم لعنته ملائكة السّماوات والأرض » (١).

إنّ الفتوى بغير علم فيها تحريم للحلال وتحليل للحرام ، وقد منع الإسلام كأشدّ ما يكون المنع من ذلك.

١٨

حقيقة الإيمان

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« لا يؤمن عبد حتّى يؤمن بأربعة :

حتّى يشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّي رسول الله بعثني بالحقّ.

وحتّى يؤمن بالبعث بعد الموت.

وحتّى يؤمن بالقدر » (٢).

إنّ حقيقة الإيمان واستكماله هو الإيمان بالله وبرسوله ، وبالبعث بعد الموت ، والإيمان بالقدر.

__________________

(١) المصدر السابق : ١١٦.

(٢) بحار الأنوار ٥ : ٨٧.


١٩

توحيد الله

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« التّوحيد ظاهره في باطنه ، وباطنه في ظاهره ، ظاهره موصوف لا يرى ، وباطنه موجود لا يخفى ، يطلب بكلّ مكان ، ولم يخل عنه مكان طرفة عين ، حاضر غير محدود ، وغائب غير مفقود » (١).

أدلى الشيخ المجلسي ببيان هذا الحديث قال : لعلّ المراد به أنّ كلّ ما يتعلّق بالتوحيد من وجود الباري تعالى وصفاته ، ظاهره مقرون بباطنه أي كلّ ما كان ظاهرا منه بوجه فهو باطن ومخفيّ بوجه آخر ، وكذا العكس.

ثمّ بيّن 6 ذلك بأنّ ظاهره موصوف بالوجود وسائر الكمالات بما أظهر من الآثار في الممكنات ، ولكنّه لا يرى فهو باطن عن الحواس ، وباطنه أنّه موجود خاصّ لا كالموجودات ولكنّه لا يخفى من حيث الآثار ، ثمّ ذكر وجها آخر لتفسير الحديث (٢).

٢٠

كلمة لا إله إلاّ الله

قال الإمام 7 : قال رسول الله 6 :

« يقول الله جلّ جلاله : لا إله إلاّ الله حصني ، فمن دخله أمن عذابي » (٣).

__________________

(١) المصدر السابق ٤ : ٢٦٤.

(٢) بحار الأنوار ٤ : ٢٦٤.

(٣) حياة الإمام الرضا 7 ٢ : ٢٨٩.


هذا الحديث الذهبي رواه الإمام الرضا 7 ، وقد سجّله العلماء بمحابر ذهبية.

وأضاف إليه الإمام قائلا :

« ولكن بشرطها وشروطها ، والّتي منها محبّتنا أهل البيت : » (١).

٢١

نعمة التوحيد

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« ما جزاء من أنعم الله عزّ وجلّ عليه بالتّوحيد إلاّ الجنّة » (٢).

إنّ نعمة التوحيد من أفضل نعم الله على عباده ؛ فإنّها تنقذه من خرافات الجاهلية ، وعبادة الأوثان والأصنام التي تبلغ بالإنسان إلى مستوى سحيق ما له من قرار من الجهل والانحطاط.

٢٢

طاعة الله

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« لا طاعة لبشر في معصية الله » (٣).

إنّ أي طاعة لمخلوق مهما كان فإنّها مرفوضة لا يجوز عملها إذا كانت فيها معصية لله تعالى خالق الكون وواهب الحياة.

__________________

(٢) بحار الأنوار ٣ : ٥.

(٣) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢١٢ ، رقم الحديث ١٠٩٨.


٢٣

حسن الظنّ بالله

قال 7 :

« إنّ رسول الله 6 قال على منبره : « والّذي لا إله إلاّ هو ، ما اعطي مؤمن قطّ خير الدّنيا والآخرة إلاّ بحسن ظنّه بالله ورجائه له ، وحسن خلقه ، والكفّ عن اغتياب المؤمنين.

والّذي لا إله إلاّ هو لا يعذّب الله مؤمنا بعد التّوبة والاستغفار إلاّ بسوء ظنّه بالله وتقصيره من رجائه له ، وسوء خلقه ، واغتياب المؤمنين.

والّذي لا إله إلاّ هو لا يحسن ظنّ عبد مؤمن بالله إلاّ كان الله عند ظنّ عبده المؤمن ، لأنّ الله كريم بيده الخير يستحي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظّنّ ثمّ يخلف ظنّه ورجاءه ، فأحسنوا بالله الظّنّ وارغبوا إليه » (١).

إنّ حسن الظنّ بالله تعالى من صميم الإيمان ، فمن لم يحسن الظنّ بخالقه فليس برشيد ، وليس له من الإسلام شيء.

٢٤

التمنّي لرضا الله

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« من تمنّى شيئا وهو لله عزّ وجلّ رضا لم يخرج من الدّنيا حتّى يعطاه » (٢).

__________________

(١) الوسائل ٦ : ١٨١ ، نقلا عن الاصول : ٣٤٤.

(٢) الخصال ١ : ٦.


إنّ من يتمنّى ما فيه رضا الله وطاعته ، فإنّه تعالى بفضله وفيضه يعطيه ذلك.

٢٥

ما يقرّب الإنسان إلى الله

قال 7 :

« قال رجل للنّبيّ 6 : علّمني عملا لا يحال بينه وبين الجنّة ، قال :

لا تغضب ، ولا تسأل النّاس شيئا ، وارض للنّاس ما ترضى لنفسك » (١).

إنّ من تحلّى بهذه الصفات الكريمة يستوجب رضا الله تعالى والفوز بالفردوس الأعلى.

٢٦

الله غفّار

روى الإمام 7 عن النبيّ 6 أنّه قال :

« مكتوب حول العرش قبل أن يخلق الدّنيا بأربعة آلاف عام : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى ) (٢) » (٣).

إنّ الله تعالى هو صاحب الفيض والعطاء الذي لا حدّ له ، قد جعل التوبة سببا لمغفرته ومرضاته.

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٤ : ١٢٣.

(٢) طه : ٨٢.

(٣) كنز العمّال ٤ : ٢٢٨.


٢٧

الرسول 6 يعمّم الإمام 7

قال 7 :

« عمّمني رسول الله 6 بعمامة سدلها خلفي ثمّ قال : إنّ الله عزّ وجلّ أمدّني في يوم بدر وحنين بملائكة يعتمّون هذه العمامة ... فقال :

إنّ العمامة حاجزة بين الكفر والإيمان » (١).

إنّ العمامة من شعار المؤمنين والصالحين ، وقد قلّدها الرسول 6 لوصيّه وجعلها وساما له.

٢٨

زيارة النبيّ 6 لعليّ 7

قال 7 :

« زارنا رسول الله 6 فبات عندنا والحسن والحسين نائمان فاستسقى الحسن ، فقام رسول الله 6 إلى قربة لنا فجعل يعصرها في القدح ثمّ يسقيه ، فتناول الحسين يشرب فمنعه ، وبدأ بالحسن ، فقالت فاطمة : يا رسول الله ، كأنّه ـ أي الحسن ـ أحبّهما إليك ، فقال : لا ، ولكنّه استسقى أوّل مرّة ، ثمّ قال رسول الله 6 : إنّي وإيّاك وهذين ، وهذا الرّاقد يعني عليّا يوم القيامة في مكان واحد » (٢).

إنّ أهل البيت سلام الله عليهم يحشرون في الفردوس الأعلى في مكان واحد

__________________

(١) سنن أبي داود ١ : ٢٣ ، رقم الحديث ١٥٤.

(٢) المصدر السابق : ٢٦ ، رقم الحديث ١٩٠.


وفي منزلة واحدة ، وإنّ الله تعالى أعدّ لهم المنزلة الكريمة التي لا ينالها أحد من أوليائه المقرّبين.

٢٩

وصية النبيّ 6 للإمام 7

قال النبيّ 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، اوصيك بوصيّة فاحفظها عنّي ، وكان من بنود وصيته :

إنّ اليقين أن لا ترضي أحدا بسخط الله ، ولا تحمد أحدا على ما آتاك الله ، ولا تذمّ أحدا على ما لم يؤتك الله ، فإنّ الرّزق لا يجرّه حرص حريص ، ولا يصرفه كراهية كاره ، إنّ الله بحكمه وفضله جعل الرّوح والفرج في اليقين والرّضى ، وجعل الهمّ والحزن في الشّكّ والسّخط.

يا عليّ ، لا فقر أشدّ من الجهل ، ولا مال أعود من العقل ، ولا وحدة أوحش من العجب ، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة ، ولا عقل كالتّدبير ، ولا ورع كالكفّ ـ يعني عن محارم الله ، ولا حسب كحسن الخلق ، ولا عبادة كالتّفكّر.

يا عليّ ، آفة الحديث الكذب ، وآفة العلم النّسيان ، وآفة العبادة الفترة ، وآفة السّماحة المنّ ، وآفة الشّجاعة البغي ، وآفة الجمال الخيلاء ، وآفة الحسب الفخر ...

يا عليّ ، إنّك لا تزال بخير ما حفظت وصيّتي ، أنت مع الحقّ والحقّ معك » (١).

__________________

(١) المحاسن ـ البرقي : ١٣.


وألمّ هذا الحديث الشريف بذخائر الأعمال التي تقرّب الإنسان زلفى إلى الله ، فقد أحاط بجميع مكارم الأخلاق ، ومحاسن الصفات التي هي من أغلى المبادئ والقيم التي تبنّاها الإسلام.

٣٠

وصية اخرى للنبيّ 6

قال رسول الله 6 :

« اوصيك يا عليّ في نفسك بخصال فاحفظها ـ اللهمّ أعنه ـ :

الاولى : الصّدق فلا يخرج من فيك كذب أبدا.

والثانية : الورع فلا تجترئ على خيانة أبدا.

والثالثة : الخوف من الله كأنّك تراه.

والرابعة : البكاء لله ، يبنى لك بكلّ دمعة بيتا في الجنّة.

والخامسة : بذلك مالك ودمك دون دينك.

السادسة : الأخذ بسنّتي في صلاتي وصومي وصدقتي.

فأمّا الصّيام فثلاثة أيّام في الشّهر ، الخميس أوّل الشّهر ، والأربعاء في وسط الشّهر ، والخميس في آخر الشّهر.

والصّدقة بجهدك ، حتّى تقول قد أسرفت ، ولم تسرف.

وعليك بصلاة اللّيل ، كرّر ذلك أربع مرات ، وعليك بصلاة الزّوال ، وعليك برفع يديك إلى ربّك وكثرة تقلّبها ، وعليك بتلاوة القرآن على كلّ حال ، وعليك بالسّواك لكلّ وضوء ، وعليك بمحاسن الأخلاق فارتكبها


وبمساوئ الأخلاق فاجتنبها ، فإن لم تفعل فلا تلومنّ إلاّ نفسك » (١).

إنّ في وصايا النبيّ 6 للإمام 7 من القيم التي تسمو بالإنسان إلى أرقى مستويات الأدب والكمال ، وتجعله المثل الأعلى لكلّ فضيلة.

٣١

من وصايا النبيّ 6 للإمام 7

قال 7 :

« لمّا بعثني رسول الله 6 إلى اليمن ، فقال وهو يوصيني :

يا عليّ ، ما حار من استخار ، ولا ندم من استشار.

يا عليّ ، عليك بالدّلجة (٢) ؛ فإنّ الأرض تطوى باللّيل ما لا تطوى بالنّهار.

يا عليّ ، اغد على اسم الله ، فإنّ الله تعالى بارك لامّتي في بكورها » (٣).

وهذه الوصايا من أغلى النصائح وأثمنها ، وهي ممّا تعين الإنسان في السلوك على أكثر الوسائل راحة وسعادة.

٣٢

من وصايا الرسول 6 للإمام 7 :

من وصايا الرسول 6 للإمام 7 :

__________________

(١) المحاسن : ١٣ ـ ١٤. الروضة : ٧٩.

(٢) الدلجة : آخر ساعة من الليل.

(٣) أمالي الطوسي ١ : ١٣٥.


« يا عليّ ، النّوم أربعة : نوم الأنبياء على أقفيتهم ، ونوم المؤمنين على أيمانهم ، ونوم الكفّار والمنافقين على أيسارهم ، ونوم الشّياطين على وجوههم » (١).

وعالج الإسلام جميع شئون الإنسان والتي منها نومه ، فقد دعاه إلى النوم الصحيح والسليم ، وهو ما عرض له الحديث الشريف.

٣٣

وصية النبيّ 6 لخالد

قال الإمام 7 :

« جاء خالد بن زيد إلى رسول الله 6 ، فقال :

يا رسول الله ، أوصني ، وأقلل لعلّي أحفظ ، فقال :

اوصيك بخمس : باليأس عمّا في أيدي النّاس ؛ فإنّه الغنى.

وإيّاك والطّمع ؛ فإنّه الفقر الحاضر.

وصلّ صلاة مودّع.

وإيّاك وما تعتذر منه.

وأحبّ لأخيك ما تحبّ لنفسك » (٢).

وحفلت هذه الوصية الذهبية بما يضمن للإنسان سلامته وراحته الفكرية ، وما ينفعه في آخرته.

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٤ : ٥٥.

(٢) وسائل الشيعة ٦ : ٣٢٢.


٣٤

الدّين قبل الوصيّة

قال 7 :

« قضى محمّد 6 إنّ الدّين قبل الوصيّة ، وأنتم تقرءون الوصيّة قبل الدّين ، وإنّ أعيان بني الامّ يتوارثون دون بني العلاّت » (١).

وحكى هذا الحديث حكمين :

الأول : إنّ الدّين قبل الوصية ، فليس للورثة أن يعطوا ما أوصى به الميّت قبل وفاء دينه ، بل لا بدّ من وفاء الدين أولا ثمّ العمل بما أوصى به.

الثاني : إنّه إذا توفّي الشخص وعنده إخوة من أبيه وامّه وإخوة من أبيه وهم المعبّر عنهم في الحديث ببني العلاّت ، فإنّ الذي يرثه هم إخوته من أبيه وأمه دون إخوته من أبيه.

٣٥

ترك الوصية

قال النبيّ 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، من لم يحسن وصيّته عند موته كان نقصا في مروّته ، ولم يملك الشّفاعة » (٢).

حثّ الإسلام وأكّد على ضرورة الوصيّة للإنسان ، وأنّه يستحبّ له أن يوصي

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٣٣ ، رقم الحديث ٥٩٥.

(٢) بحار الأنوار ٧٤ : ٤٦.


بما له وما عليه ، ومن الغريب جدا القول بأنّ النبيّ 6 توفّي ولم يوصي إلى أحد ، فإنّ ذلك طعن في شخصيّته المقدّسة.

٣٦

دعاء النبيّ 6 للإمام 7

قال 7 :

« كنت شاكيا فمرّ بي رسول الله 6 وأنا أقول : اللهمّ إن كان أجلي قد حضر فأرحني ، وإن كان آجلا فارفعني ، وإن كان بلاء فصبّرني.

قال : ما قلت؟ فأعدت عليه ، فضربني برجله فقال :

ما قلت؟

قال : فأعدت عليه.

فقال : اللهمّ عافه ، اللهمّ شافه ، فما اشتكيت ذلك الوجع بعد » (١).

لقد استجاب الله دعاء النبيّ 6 في الإمام ، فلم يشتك ألما ولا وجعا.

٣٧

دعاء النبيّ 6 في سفره

ـ قال 7 :

« كان النّبيّ 6 إذا أراد سفرا قال : بك اللهمّ أصول ، وبك أجول ، وبك أسير » (٢).

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٧٢ ، رقم الحديث ٨٤٣.

(٢) المصدر السابق : ٢٤٣ ، رقم الحديث ١٢٩٨.


ـ قال الإمام 7 :

« كان النّبيّ 6 إذا أراد أن يسير قال : اللهمّ بك أصول ، وبك أحلّ ، وبك أسير » (١).

إنّ الرسول 6 كان في معظم أوقاته يلهج بذكر الله تعالى ويمجّده في مسيره وجلوسه ، فهو داعيته في الأرض ، وحامل رسالته لعباده.

٣٨

دعاء للنبيّ 6

ـ قال 7 :

« علّمني رسول الله 6 إذا نزل بي كرب أن أقول : لا إله إلاّ الله الحليم الكريم ، سبحان الله وتبارك وتعالى الله ربّ العرش العظيم ، والحمد لله ربّ العالمين » (٢).

إنّ في أدعية النبيّ 6 وأدعية أئمّة الهدى : التعظيم الكامل ، والانقطاع إليه ، وهي بلسم للقلوب ، وغذاء روحي للنفوس.

ـ قال 7 :

« قال لي رسول الله 6 : ألا اعلّمك كلمات إذا قلتهنّ غفر لك ، على أنّه مغفور لك :

لا إله إلاّ الله الحليم الكريم ، لا إله إلاّ الله العليّ العظيم ، سبحان الله ربّ

__________________

(١) مسند الإمام عليّ 7 : ٩٠.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٥٢ ، رقم الحديث ٧٢٨.


السّماوات السّبع ، وربّ العرش العظيم ، الحمد لله ربّ العالمين » (١).

٣٩

دعاء النبيّ 6 في آخر الوتر

قال 7 :

« إنّ النّبيّ 6 كان يقول في آخر وتره : اللهمّ إنّي أعوذ برضاك من سخطك ، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا احصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك » (٢).

وحكى هذا الدعاء تضرّع الرسول 6 إلى الله تعالى وخشوعه له والتجائه إليه في جميع شئونه وأحواله.

٤٠

صلاة النبيّ 6

حكى الإمام 7 صلاة النبيّ قال :

« كان إذا استفتح الصّلاة يكبّر ، ثمّ يقول :

وجّهت وجهي للّذي فطر السّماوات والأرض حنيفا مسلما ، وما أنا من المشركين إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين لا شريك له ، وبذلك امرت ، وأنا من المسلمين ـ وقال أبو النصر : وأنا

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٤٦ ، رقم الحديث ٧٠٣.

(٢) المصدر السابق : ١٥٥ ، رقم الحديث ٧٥٣.


أوّل المسلمين ـ.

اللهمّ لا إله إلاّ أنت ، أنت ربّي وأنا عبدك ، ظلمت نفسي ، واعترفت بذنبي ، فاغفر لي ذنوبي جميعا ، لا يغفر الذّنوب إلاّ أنت ، واهدني لأحسن الأخلاق ، لا يهدي لأحسنها إلاّ أنت ، واصرف عنّي سيّئها لا يصرف عنّي سيّئها إلاّ أنت ، تباركت وتعاليت ، أستغفرك وأتوب إليك ...

وكان إذا ركع قال :

اللهمّ لك ركعت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، خشع لك سمعي وبصري ومخّي وعظامي وعصبي.

وإذا رفع رأسه عن الرّكعة قال :

سمع الله لمن حمده ، ربّنا ولك الحمد ملء السّماوات والأرض وما بينهما ، وملء ما شئت من شيء بعده.

وإذا سجد قال :

اللهمّ لك سجدت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت ، سجد وجهي للّذي خلقه فصوّره فأحسن صوره ، فشقّ سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين.

وإذا فرغ من الصّلاة وسلّم قال :

اللهمّ اغفر لي ما قدّمت ، وما أخّرت ، وما أسررت ، وما أعلنت ، وما أسرفت ، وما أنت أعلم به منّي ، أنت المقدّم ، وأنت المؤخّر ، لا إله إلاّ أنت » (١).

__________________

(١) المحلّى ٤ : ٩٥ ـ ٩٦. صحيح مسلم ١ : ٢١٥. مسند أبي عوانة ٢ : ١٠١.


وهذه الأذكار والأدعية ليست واجبة في الصلاة ، وإنّما هي مندوبة ، وكان الرسول 6 يصلّي أكمل صلاة.

وقد اقتدى به الأئمّة الطاهرون من ذرّيّته ، فكانت صلاتهم كصلاة جدّهم مقرونة بالخشوع لله وتعظيمه.

٤١

الصلاة الوسطى

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« الصّلاة الوسطى صلاة العصر » (١).

إنّ الصلاة الوسطى التي أمر القرآن بالمحافظة عليها ، قد اختلف في تحديدها فقيل : هي صلاة الظهر ، وعيّنت هذه الرواية أنّها صلاة العصر.

٤٢

تأخير النبيّ 6 للصلاة الوسطى

قال 7 :

« سمعت رسول الله 6 يقول يوم الأحزاب : شغلونا عن الصّلاة الوسطى ، ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا ، وصلاّها بين العشاءين » (٢).

إنّ النبيّ 6 أخّر صلاة العشاء لضرورة ملحّة ، فلم يستطع الصلاة خوفا على نفسه من العدوّ فلمّا أمن منه صلاّها قضاء.

__________________

(١) سنن أبي داود ١ : ٢٤ ، رقم الحديث ١٦٤.

(٢) مسند أبي عوانة ١ : ٣٥٦.


٤٣

ذكر النبيّ 6 في ركوعه

قال 7 :

« كان النّبيّ 6 إذا ركع قال :

اللهمّ لك ركعت ، وبك آمنت ، ولك أسلمت. أنت ربّي ، خشع سمعي وبصري ومخّي وعظمي وعصبي ، وما استقلّت به قدمي لله ربّ العالمين » (١).

وليس هذا الذّكر واجبا في الصلاة ، وإنّما هو مستحب وذلك لإظهار العبودية المطلقة لله ربّ العالمين.

٤٤

من أخلاق الرسول 6

قال النبيّ 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، لو اهدي إليّ كراع لقبلت ، ولو دعيت إلى ذراع لأجبت » (٢).

كان النبيّ 6 آية من آيات الله تعالى في سموّ أخلاقه وآدابه ، فلم يترفّع على أي أحد ، ويجيب من دعاه ، ولو على تناول ذراع من لحم شاة ، وقد مدحه الله تعالى ، فقال : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٣) ، وفي مدح الله تعالى له غنى عن مدح المادحين ، ووصف الواصفين.

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٩٩ ، رقم الحديث ٩٦٠.

(٢) بحار الأنوار ٧٤ : ٥٤.

(٣) القلم : ٤.


٤٥

ترحّم النبيّ 6 على خلفائه

قال الإمام 7 : قال رسول الله 6 :

« اللهمّ ارحم خلفائي ، قال ذلك ثلاثا.

قيل : يا رسول الله ، ومن خلفاؤك؟

قال : الّذين يتّبعون حديثي وسنّتي ، ثمّ يعلّمونها أمّتي » (١).

إنّ خلفاء الرسول هم الذين يتفقّهون في أحكام الدّين ، ثمّ يعلّمونها الناس.

٤٦

حوض النبيّ 6 وشفاعته

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« من لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي ، ومن لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي.

ثمّ قال :

إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي فأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل » (٢).

ورفع الله تعالى مكانة الرسول العظيم محمّد 6 وميّزه على بقيّة أنبيائه ومخلوقاته ، ومنحه الحوض والشفاعة في يوم القيامة.

__________________

(١) بحار الأنوار ٢ : ١٤٤.

(٢) أمالي الصدوق : ٦.


٤٧

تعويذ النبيّ 6 للمرضى

قال 7 :

« كان رسول الله 6 إذا عوّذ مريضا قال :

أذهب البأس ربّ النّاس ، أشف أنت الشّافي ، لا شفاء إلاّ شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما » (١).

إنّ جميع أعمال الرسول 6 مرتبطة بالله الواحد القهّار ، وعيادته للمرضى كانت مقرونة بدعائه لله تعالى بشفائهم بهذا الذّكر.

٤٨

ضمان دين النبيّ 6

قال النبيّ 6 لأصحابه :

« من يضمن عنّي ديني ، ويقضي عداتي ، ويكون معي في الجنّة؟ ».

فقال له الإمام أمير المؤمنين 7 : « أنا » (٢).

وتولّى الإمام 7 قضاء حوائج النبيّ 6 والقيام بخدمته ، وقد ضمن له قضاء دينه ، وإنجاز عداته من بعده ، وقد وفى له بذلك.

لقد كان الإمام عضد النبيّ 6 ، فقد وهب حياته لخدماته وقضاء حوائجه.

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢ ، رقم الحديث ٥٦٥.

(٢) مسند الإمام عليّ 7 : ٦٠.


٤٩

آخر كلام للنبيّ 6

قال 7 :

« كان آخر كلام النّبيّ 6 : الصّلاة الصّلاة ، اتّقوا الله فيما ملكت أيمانكم » (١).

أمّا الصلاة فهي من أهمّ الطقوس الدينية. وقد اهتمّ بها الإسلام اهتماما بالغا ، فهي عمود الدّين ، إن قبلت قبل ما سواها ، وإن ردّت ردّ ما سواها ـ كما في الحديث ـ ، وأما الرفق بالرقيق ، فهو من أوّليات التعاليم الإسلامية ، فقد أضفى عليهم الإسلام جميع ألوان البرّ والإحسان.

٥٠

أقرب الناس إلى النبيّ 6

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« إنّ أقربكم منّي غدا ، وأوجبكم عليّ شفاعة ، أصدقكم لسانا ، وآداكم للأمانة ، وأحسنكم خلقا ، وأقربكم من النّاس » (٢).

إنّ من اتّصف بهذه الصفات الكريمة والخصال الرفيعة ، فهو من أقرب الناس إلى رسول الله 6 ، وأنّه يفوز بشفاعته.

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٢٦ ، رقم الحديث ٥٨٦.

(٢) أمالي الصدوق : ٣٠٤.


٥١

أبعد الخلق عن النبيّ 6

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« ثلاث من لم تكن فيه فليس منّي ، ولا من الله عزّ وجلّ.

قيل : يا رسول الله ، وما هنّ؟

قال : حلم يردّ به جهل الجاهل ، وحسن خلق يعيش به في النّاس ، وورع يحجزه عن معاصي الله عزّ وجلّ » (١).

إنّ من لم يتحلّ بهذه الصفات الكريمة فليس هو قريبا من النبيّ 6 ، وأنّه لبعيد عنه.

٥٢

الكذب على النبيّ 6

روى الإمام عن النبيّ 6 أنّه قال :

« لا تكذبوا عليّ ، فإنّه من كذب عليّ فليلج النّار » (٢).

لقد استشفّ الرسول 6 خطورة العصابة التي تكذب عليه إرضاء للسلطات الحاكمة فوعدهم بالنار يوم القيامة.

__________________

(١) الخصال ١ : ٧١.

(٢) كنز العمّال ٣ : ٦٢٥.


٥٣

الأئمة الاثنا عشر

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« الأئمّة من بعدي اثنا عشر أوّلهم أنت يا عليّ ، وآخرهم القائم الّذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها » (١).

وهذا الحديث متواتر مشهور روته العامة والخاصة ، فان الأئمة الطاهرين مصابيح الإسلام وهداة هذه الأمة ، ومصدر فخرها وشرفها ، وآخرهم مهدي آل محمّد 7 الذي يقيم ما أعوج من نظام الدين والدنيا.

٥٤

الإمام المهدي 7

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« لو لم يبق من الدّنيا إلاّ يوم لبعث الله عزّ وجلّ رجلا منّا يملؤها عدلا كما ملئت جورا » (٢).

وأعلن الرسول 6 وأوصياؤه العظام عن حتمية ظهور الإمام المهدي 7 ليملأ الدنيا عدلا ، ويعيد للإنسانية الدور المشرق لحكومة النبيّ 6 في عدله ومساواته.

__________________

(١) أمالي الصدوق : ١٧٣.

(٢) سنن أبي داود ٤ : ١٧٤.


٥٥

مهدي آل محمّد 7

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« المهديّ منّا أهل البيت يصلحه الله في ليلة » (١).

إنّ الإمام المهدي 7 المصلح الأعظم الذي يقيم اعوجاج الدين والدنيا ، ويؤسّس معالم الحضارة الإسلامية في الأرض ، هو الإمام الثاني عشر من أوصياء الرسول 6.

٥٦

تسبيح الزهراء 3

قال 7 :

« اشتكت إليّ فاطمة 3 مجل يديها من الطّحن ، فأتينا النّبيّ 6 ، فقلت : يا رسول الله ، فاطمة تشتكي إليك مجل يديها من الطّحن ، وتسألك خادما.

فقال : ألا أدلّكما على ما هو خير لكما من خادم؟ فأمرنا عند منامنا بثلاث وثلاثين وثلاث وثلاثين ، وأربع وثلاثين من تسبيح وهو سبحان الله ، وتحميد وهو الحمد لله ، وتكبير وهو الله أكبر » (٢).

وتواترت الأخبار عن أئمّة الهدى : بالحثّ على هذا الذّكر خصوصا بعد

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٨٤ ، رقم الحديث ٦٤٥.

(٢) المصدر السابق : ٢١٤ ، رقم الحديث ٩٩٨.


أداء الصلاة ، وسمّي هذا الذّكر بتسبيح سيّدة نساء العالمين 3.

٥٧

أفضل آية

قال الإمام 7 لأصحابه :

« ألا اخبركم بأفضل آية في كتاب الله تعالى حدّثنا بها رسول الله 6 :

( وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ) (١).

وسأفسّرها لك يا عليّ : ما أصابكم من مرض ، أو عقوبة ، أو بلاء في الدّنيا ، فبما كسبت أيديكم ، والله تعالى أكرم من أن يثنّي عليهم العقوبة في الآخرة ، وما عفا الله تعالى عنه في الدّنيا ، فالله تعالى أحلم من أن يعود بعد عفوه » (٢).

إنّ الله تعالى إذا ابتلى عبده في الدنيا ببلاء فإنّه لا يثنّي عليه العقوبة في الدار الآخرة فهو أرحم وأولى بالعفو لعباده.

٥٨

فضل أبي ذرّ 2

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« ما أظلّت الخضراء ، ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من

__________________

(١) الشورى : ٣٠.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٨٥ ، رقم الحديث ٦٤٩.


أبي ذرّ » (١).

أما أبو ذر فهو من عمالقة الإسلام الذين عذبوا في الله ، فقد ثار على الحكم الأموي الأسود الذي اتخذ مال الله دولا وعباد الله خولا ، وقد وقف من الأمويين موقفا صلبا لم يخش من سلطانهم ، وراح يوقظ الجماهير ويحفزهم إلى الثورة ، وقد اعتقله عثمان عميد الاسرة الأموية في الربذة فمات فيها جائعا وفي بيوت الأمويين الملايين من أموال المسلمين يهبونها لعملائهم ، وينفقونها على شهواتهم.

٥٩

عمار بن ياسر 2

روى الإمام 7 عن النبيّ 6 بعض الأحاديث في فضل عمّار بن ياسر ، هذه بعضها :

ـ قال 7 :

« استأذن عمّار بن ياسر على النّبيّ 6 ، فقال :

ائذنوا له.

فلمّا دخل قال :

مرحبا بالطّيب المطيّب » (٢).

ـ دخل عمار على الإمام 7 : فقال له :

« مرحبا بالطّيّب المطيّب ، سمعت رسول الله 6 يقول : إنّ عمّارا ملئ

__________________

(١) مسند الإمام عليّ 7 : ١٥٨.

(٢) المصدر السابق : ١٥٦.


إيمانا إلى مشاشته » (١).

إنّ عمار بن ياسر في طليعة أصحاب رسول الله 6 ومن أبرز المساهمين في اقامة صرح الإسلام ، استشهد أبوه ياسر وأمه سمية في سبيل الدعوة الإسلامية ، وكان أثيرا عند النبيّ 6 ، كما كان من أخلص المسلمين للامام أمير المؤمنين 7 استشهد في صفين دفاعا عن الإمام وايمانا بقضيته.

٦٠

عبد الله بن مسعود 2

قال 7 :

« أمر رسول الله 6 عبد الله بن مسعود أن يصعد شجرة فيأتيه بشيء منها فنظر أصحابه إلى حموشة ساقه فضحكوا منها ، فقال النّبيّ 6 :

ما تضحكون لرجل عبد الله في الميزان أثقل من جبل احد » (٢).

إنّ عبد الله بن مسعود من ألمع أصحاب النبيّ 6 ومن أكثرهم ايمانا ، وقد أشاد النبيّ 6 بفضله في كثير من المناسبات.

٦١

مريم وخديجة 8

قال 7 : سمعت رسول الله 6 يقول :

« خير نسائها ـ أي نساء أهل الجنة ـ مريم بنت عمران ، وخير

__________________

(١) مسند الإمام عليّ 7 : ١٥٧.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٨٤ ، رقم الحديث ٩٢٢.


نسائها خديجة » (١).

وتواترت الأخبار عن النبيّ 6 أنّ سيّدات أهل الجنّة السيّدة الفاضلة مريم بنت عمران ، وأم المؤمنين خديجة بنت خويلد.

٦٢

مناجاة لموسى 7

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« إنّ موسى بن عمران لمّا ناجى ربّه ، قال :

يا ربّ ، أبعيد أنت منّي فاناديك ، أم قريب فاناجيك؟

فأوحى الله جلّ جلاله إليه :

أنا جليس من ذكرني.

فقال موسى : يا ربّ ، إنّي أكون في حال اجلّك أن أذكرك فيها.

فقال : يا موسى ، اذكرني على كلّ حال » (٢).

إنّ الله تعالى أقرب لعباده من حبل الوريد إليهم ، وهو حاضر وعالم بحالهم ، والرواية لا تخلو من وهن ؛ فإنّ قول موسى إلى الله تعالى : « أبعيد أنت منّي فاناديك ، أم قريب فاناجيك » لا تتّفق مع مركز النبوّة ؛ فإنّ موسى وغيره من أنبياء الله تعالى على علم ويقين من أنّ الله تعالى قريب من كلّ شيء.

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٣٥ ، رقم الحديث ٦٤١.

(٢) بحار الأنوار ٣ : ٣٢٩.


٦٣

الله مع بعض أنبيائه :

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« أوحى الله عزّ وجلّ إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه إليه :

وعزّتي وجلالي لأقطعنّ أمل كلّ مؤمّل غيري بالإياس ، ولأكسونّه ثوب المذلّة في النّار ، ولابعدنّه من فرجي وفضلي.

أيؤمّل عبدي في الشّدائد غيري ، والشّدائد بيدي.

أو يرجو سواي ، وأنا الغني الجواد ، بيدي مفاتيح الأبواب ، وهي مغلقة ، وبابي مفتوح لمن دعاني ، ألم يعلم أنّه ما أوهنته نائبة لم يملك كشفها عنه غيري ، فما لي أراه بأمله معرضا عنّي ، قد أعطيته بجودي وكرمي ما لم يسألني ، فأعرض عنّي ولم يسألني وسأل في نائبته غيري ، وأنا الله أبتدئ بالعطيّة قبل المسألة ، أفأسأل فلا اجيب. كلاّ ، أوليس الجود والكرم لي؟

أوليس الدّنيا والآخرة بيدي؟

فلو أنّ أهل سبع سماوات وأرضين سألوني جميعا فأعطيت كلّ واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكي مثل جناح بعوضة ، وكيف ينقص ملك أنا قيّمه ، فيا بؤسا لمن عصاني ولم يراقبني » (١).

إنّ جميع ما في هذا الوجود من الممكنات كلّها بيد الله تعالى ، فهو مصدر العطاء والفيض لجميع عباده ، وقد خاب وخسر من رجا غيره وتأمّل سواه.

__________________

(١) أمالي الطوسي ٢ : ١٩٤.


٦٤

من وحي الله لداود 7

روى الإمام عن النبيّ 6 أنّه قال :

« أوحى الله إلى داود : يا داود ، مثل الدّنيا كمثل جيفة اجتمعت عليها الكلاب يجرّونها أفتحبّ أن تكون كلبا مثلهم فتجرّ معهم.

يا داود ، طيب الطّعام ، ولين اللّباس ، والصّيت في النّاس ، وفي الآخرة الجنّة لا تجتمع أبدا » (١).

لقد اجتمع الناس منذ فجر تأريخهم حتى يرث الله الأرض ومن عليها على التفاني في حبّ الدنيا والإقبال عليها ، ولا ينجو منها إلاّ المتّقون والصالحون من عباد الله.

٦٥

وصف كامل للإسلام

روى خلاس بن عمر قال : كنّا جلوسا عند عليّ بن أبي طالب إذ أتاه رجل من خزاعة ، فقال :

يا أمير المؤمنين ، هل سمعت رسول الله 6 ينعت الإسلام؟

قال : نعم ، سمعت رسول الله 6 يقول :

« بني الإسلام على أربعة أركان :

على الصّبر واليقين ، والجهاد والعدل.

__________________

(١) كنز العمّال ٣ : ٢١٤.


وللصبر أربع شعب :

الشّوق ، والشّفقة ، والزّهادة ، والتّرقّب ، فمن اشتاق إلى الجنّة سلا عن الشّهوات ، ومن أشفق من النّار رجع عن المحرّمات ، ومن زهد في الدّنيا تهاون بالمصيبات ، ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات.

ولليقين أربع شعب :

تبصرة الفطنة ، وتأويل الحكمة ، ومعرفة العبرة ، واتّباع السّنّة ، فمن أبصر الفطنة تأوّل الحكمة ، ومن تأوّل الحكمة عرف العبرة ، ومن عرف العبرة اتّبع السّنّة ، ومن اتّبع السّنّة فكأنّما كان في الأوّلين.

وللجهاد أربع شعب :

الأمر بالمعروف ، والنّهي عن المنكر ، والصّدق في المواطن ، وشنآن الفاسقين ، فمن أمر بالمعروف شدّ ظهر المؤمن ، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق ، ومن صدق في المواطن قضى الّذي عليه وأحرز دينه ، ومن شنأ الفاسقين فقد غضب لله ، ومن غضب لله يغضب الله له.

وللعدل أربع شعب :

غوص الفهم ، وزهرة العلم ، وشرائع الحكم ، وروضة الحلم ؛ فمن غاص الفهم فسّر جمل العلم ، ومن رعى زهرة العلم عرف شرائع الحكم وورد روضة الحلم ، ومن ورد روضة الحلم لم يفرّط في أمره وعاش في النّاس وهم في راحة » (١).

وألمّ هذا الحديث بفلسفة الإسلام ، وأحاط بروائع أحكامه التي تهدف إلى سعادة الإنسان ، وإبعاده عن مآثم هذه الحياة.

__________________

(١) حلية الأولياء ١ : ٧٤ ـ ٧٥.


٦٦

عناصر الإسلام

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« إنّ الله خلق الإسلام فجعل له عرصة ، وجعل له نورا ، وجعل له حصنا وجعل له ناصرا.

فأمّا عرصته فالقرآن.

وأمّا نوره فالحكمة.

وأمّا حصنه فالمعروف.

وأمّا أنصاره فأنا وأهل بيتي وشيعتنا » (١).

إنّ هذه البنود التي أدلى بها الرسول 6 هي التي يتألف منها الإسلام ، ويقوم على سوقه عبل الذراع مفتول الساعد.

٦٧

الضرائب الإسلامية

روى محمّد بن الحنفيّة نجل الإمام أمير المؤمنين 7 أنّه سمع أباه يقول :

« سمعت رسول الله 6 يقول : إنّ الله عزّ وجلّ فرض للفقراء في أموال الأغنياء قدر ما يسعهم ، فإن منعوهم حتّى يجوعوا أو يعروا أو يجهدوا حاسبهم الله حسابا شديدا وعذّبهم عذابا نكرا ... » (٢).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ : ١٤١.

(٢) حلية الأولياء ٣ : ١٧٨.


عالج الإسلام بصورة موضوعية وشاملة جميع قضايا الإنسان وشئونه ، ومن أهمّ ما عنى به مكافحة الفقر ومطاردته ، ومن الوسائل التي اعتمد عليها في ذلك فرضه للحقوق المالية في أموال الأغنياء ، وإعطاؤها للفقراء ، وهي بصورة دقيقة تفي بحاجاتهم ، وتنفي عنهم البؤس والحاجة ، وشدّد الإسلام على الأغنياء بدفع ما عليهم من الضرائب إلى الفقراء فإذا لم يؤدّوها تعرّضت الامّة إلى النكبات والأزمات ، وأنّ الله تعالى يحاسبهم حسابا عسيرا على ذلك.

٦٨

أنواع الجهاد

روى الإمام 7 عن النبيّ 6 أنّه قال :

« الجهاد أربع : الأمر بالمعروف ، والنّهي عن المنكر ، والصّدق في مواطن الصّبر ، وشنآن الفاسق » (١).

إنّ هذه الأنواع من أفضل صور الجهاد ، فإنّها تدعو إلى نكران الذات.

٦٩

جهاد النفس

قال 7 :

« إنّ رسول الله 6 بعث سريّة فلمّا رجعوا قال : مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر.

فقيل : يا رسول الله ، وما الجهاد الأكبر؟

__________________

(١) كنز العمّال ٣ : ٦٤.


فقال : جهاد النّفس » (١).

إنّ جهاد النفس ومنع غرائزها الشريرة من الاستيلاء على الإنسان وصدّها عن تقوى الله من أفضل ألوان الجهاد ، إنّ النفس لأمّارة بالسوء ، وهي تعمل على هبوط الإنسان إلى مستوى سحيق من الرذائل والآثام ، وقانا الله شرّها.

٧٠

الجهاد في الفتنة

قال رسول الله 6 للإمام أمير المؤمنين 7 :

« يا عليّ ، إنّ الله تعالى قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي ، كما كتب عليهم الجهاد مع المشركين معي.

فقلت : يا رسول الله ، وما الفتنة الّتي كتب علينا فيها الجهاد.

قال : فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلاّ الله ، وأنّي رسول الله ، وهم مخالفون لسنّتي ، وطاعنون في ديني.

فقلت : فعلام نقاتلهم يا رسول الله وهم يشهدون أن لا إله إلاّ الله ، وأنّك رسول الله؟

فقال : على إحداثهم في دينهم وفراقهم لأمري واستحلالهم دماء عترتي » (٢).

إنّ هؤلاء الذين أمر النبيّ 6 بجهادهم ، ومناجزتهم قد مرقوا عن الدين ،

__________________

(١) المحاسن : ٢٧٩.

(٢) وسائل الشيعة ٦ : ٦١.


وخالفوا جماعة المسلمين ، واستحلوا ما حرم الله ، وحرموا ما حلل الله ، فكان اللازم على المسلمين مناجزتهم حتى يفيئوا إلى حكم الله.

٧١

المسالمة

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« سيكون بعدي اختلاف أو أمر فإن استطعت أن تكون السّلم فافعل » (١).

أمر النبيّ 6 الإمام بالسلم وهو المسالمة وعدم فتح باب الحرب مع المعتدين عليه حفظا لكلمة التوحيد ، وصيانة لدماء المسلمين.

٧٢

الحرب خدعة

كان الإمام 7 يقول :

« لأن يخطفني الطّير أحبّ إليّ من أن أقول على رسول الله 6 ما لم يقل ...

سمعت رسول الله 6 يقول يوم الخندق : الحرب خدعة » (٢).

من أهمّ وسائل الظفر بالحرب هي الخدعة ، وقد اندحر الجيش العراقي في صفّين بعد أن أشرف على الفتح بخديعة ابن العاص في رفع المصاحف ، وقد عرضنا لذلك في بحوث هذه الكتاب.

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٩٠ ، رقم الحديث ٦٩٥.

(٢) وسائل الشيعة ٦ : ١٠٢.


٧٣

الصبر

روى الإمام 7 عن النبيّ 6 :

« الصّبر من الإيمان بمنزلة الرّأس من الجسد » (١).

الصبر من أفضل الصفات الكريمة ، وقد حثّ الإسلام عليه ، وقد ذكر العرفاء أنواعه وما اثر عن النبيّ 6 فيه.

٧٤

علامة الصابر

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« إنّ علامة الصّابر في ثلاث :

أوّلها أن لا يكسل.

والثّانية أن لا يضجر.

والثّالثة أن لا يشكو من ربّه عزّ وجلّ لأنّه : إذا كسل فقد ضيّع الحقوق ، وإذا ضجر لم يؤدّ الشّكر ، وإذا شكا من ربّه فقد عصاه » (٢).

إنّ الصبر من أفضل النزعات النفسية ، وقد ذكر النبيّ 6 له ثلاث علامات ، يعرف بها الصابر.

__________________

(١) كنز العمّال ٣ : ٢٧١.

(٢) علل الشرائع : ١٩٦.


٧٥

الدنيا سجن المؤمن

جاء في وصيّة النبيّ 6 للإمام أمير المؤمنين 7 :

« يا عليّ ، إنّ الدّنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر.

يا عليّ ، أوحى الله إلى الدّنيا : اخدمي من خدمني ، وأتعبي من خدمك.

يا عليّ ، إنّ الدّنيا لو عدلت عند الله جناح بعوضة لما سقي الكافر منها شربة من ماء.

يا عليّ ، ما أحد من الأوّلين والآخرين إلاّ وهو يتمنّى يوم القيامة أنّه لم يعط من الدّنيا إلاّ قوتا » (١).

إنّ الدنيا لا قيمة لها عند الله ، فهي دار امتحان وبلاء ، ولو كان لها من الأهمية شيء لمّا تمتّع الكافر منها بالنّعم الجزيلة ، وما عانى منها أولياء الله وأحباؤه الخطوب والكوارث من ملوك عصورهم.

٧٦

مرض المؤمن

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« يا عليّ ، أنين المؤمن تسبيح ، وصياحه تهليل ، ونومه على الفراش عبادة ، وتقلّبه من جنب إلى جنب جهاد في سبيل الله ، فإن عوفي مشى في النّاس وما عليه من ذنب » (٢).

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ : ٣١٦.

(٢) المصدر السابق ٢ : ٣٣٨.


إنّ رعاية الله تعالى للمؤمن تصاحبه في جميع فترات حياته ، في صحته ، وفي سقمه.

٧٧

أنين المريض

روى الإمام عن النبيّ 6 : « يكتب أنين المريض ، فإن كان صابرا كان أنينه حسنات ، وإن كان أنينه جزعا كان هلوعا لا أجر له » (١).

إنّ من يصبر على ما ينزل به من آلام المرض ، ويوكّل ذلك إلى الله تعالى فإنّه يجزل له المزيد من الأجر ، أمّا من يجزع فلا أجر له.

٧٨

حقوق المسلم على المسلم

روى 7 عن النبيّ 6 : « إنّ للمسلم على أخيه المسلم من المعروف ستّا : يسلّم عليه إذا لقيه ، ويعوده إذا مرض ، ويسمّته إذا عطس ، ويشهده إذا مات ، ويجيبه إذا دعاه ، ويحبّ له ما يحبّ لنفسه ، ويكره له ما يكره لنفسه » (٢).

إنّ هذه الحقوق التي أعلنها الرسول توجب تماسك المسلمين ووحدتهم ، وتؤلّف بين عواطفهم وقلوبهم.

__________________

(١) كنز العمّال ٣ : ٣١١.

(٢) أمالي الطوسي ٢ : ٩٢.


٧٩

من حقوق المسلم على المسلم

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« للمسلم على أخيه ثلاثون حقّا ، لا براءة له منها إلاّ بالأداء أو العفو :

يغفر زلّته ، ويرحم عبرته ، ويستر عورته ، ويقيل عثرته ، ويقبل معذرته ، ويردّ غيبته ويديم نصيحته ، ويحفظ خلّته ، ويرعى ذمّته ، ويعود مرضته ، ويشهد ميته ، ويجيب دعوته ، ويقبل هديّته ، ويكافئ صلته ، ويشكر نعمته ، ويحسن نصرته ، ويحفظ حليلته ، ويقضي حاجته ، ويشفع مسألته ، ويسمّت عطسته ، ويرشد ضالّته ، ويردّ سلامه ، ويطيّب كلامه ، ويبرّ أنعامه ، ويصدّق أقسامه ، ويوالي وليّه ، ولا يعاديه ، وينصره ظالما ومظلوما.

فأمّا نصرته ظالما فيردّه عن ظلمه ، وأمّا نصرته مظلوما فيعينه على أخذ حقّه.

ولا يسلمه ولا يخذله ، ويحبّ له من الخير ما يحبّ لنفسه ، ويكره له من الشّرّ ما يكره لنفسه » (١).

وعنى الرسول 6 بترابط المسلمين ووحدتهم ، وإقامة المودّة فيما بينهم. ومن الطبيعي أنّ المبادئ التي أعلنها ممّا توجب شيوع الحبّ بينهم ، وإقصاء العداوة عنهم.

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٤ : ٢٣٦.


٨٠

حقوق في المال

قال 7 :

« قيل لرسول الله 6 : يا نبيّ الله ، أفي المال حقّ سوى الزّكاة؟

قال : نعم ، برّ الرّحم إذا أدبرت ، وصلة الجار المسلم ، فما آمن بي من بات شبعانا وجاره المسلم جائع.

ثمّ قال :

ما زال جبرائيل يوصيني بالجار حتّى ظننت أنّه سيورّثه » (١).

إنّ الإسلام قد تبنّى بصورة إيجابية وبجميع الوسائل إذابة الفقر وإقصاءه عن الحياة الاجتماعية فهو رديف الكفر ، ومصدر الشقاء في الأرض ، وقد وضع البرامج لذلك ، كان منها ما ذكره الرسول 6.

٨١

الكسب الحلال

روى الإمام 7 عن النبيّ 6 :

« إنّ الله تعالى يحبّ أن يرى عبده تعبا في طلب الحلال » (٢).

إنّ السعي في طلب الحلال والاجتناب من الكسب الحرام من أفضل الأعمال المقرّبة لله تعالى ، والمنمّية لرزق الإنسان.

__________________

(١) أمالي الطوسي ٢ : ١٣٤.

(٢) كنز العمّال ٤ : ٤.


٨٢

دعوات لا ترد

قال رسول الله 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، أربعة لا تردّ لهم دعوة : إمام عادل ، ووالد لولده ، والرّجل يدعو لأخيه بظهر الغيب ، والمظلوم. يقول الله جلّ جلاله : وعزّتي وجلالي لأنتصرنّ لك ولو بعد حين » (١).

إنّ الله تعالى يستجيب دعاء هؤلاء الأصناف ، ولو بعد حين ولا يردّ لهم دعاء.

٨٣

الدعاء عند لبس الثياب

أتى الإمام 7 إلى غلام فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم ولبسه وهو يقول :

« الحمد لله الّذي رزقني من الرّياش ما أتجمّل به في النّاس واواري به عورتي ».

فقيل له : هذا شيء ترويه عن نفسك أو عن نبيّ الله 6؟

قال :

« هذا شيء سمعته من رسول الله 6 يقوله عند الكسوة : الحمد لله الّذي رزقني من الرّياش ما أتجمّل به في النّاس واواري به عورتي » (٢).

إنّ ذكر الله تعالى مصاحب للرسول ولوصيّه في جميع تصرفاتهم وشئونهم

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٤ : ٤٧.

(٢) مجمع الزوائد ٥ : ١١٨. مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢٥٤ ، رقم الحديث ١٣٥٦.


ومراحل حياتهم حتّى في لبس الثياب.

٨٤

بناء المساجد

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« من بنى مسجدا بنى الله له بيتا في الجنّة » (١).

أمّا المساجد فانها من المراكز الحساسة في الإسلام ، ففيها العبادة ، واقامة شعائر الإسلام ، ومنها تنطلق الدعوة إلى الله تعالى ، فهي محل تبشير وعبادة.

٨٥

الجلوس في المصلّى

قال 7 : سمعت رسول الله 6 يقول :

« من صلّى الفجر ثمّ جلس في مصلاّه صلّت عليه الملائكة ، وصلاتهم عليه : اللهمّ اغفر له ، اللهمّ ارحمه.

ومن ينتظر الصّلاة صلّت عليه الملائكة وصلاتهم عليه : اللهمّ اغفر له ، اللهمّ ارحمه » (٢).

إنّ الجلوس في المصلّى وذكر الله تعالى موجب لمغفرة الله تعالى ، كما أنّه موجب لزيادة الرزق خصوصا بعد صلاة الصبح ، كما دلّت على ذلك كوكبة من الأخبار.

__________________

(١) حلية الأولياء ٢ : ١٨٠.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢٣٢ ، رقم الحديث ١٢٢٣.


٨٦

الفقراء أصدقاء الله

روى الإمام 7 عن رسول الله 6 أنّه قال :

« الفقراء أصدقاء الله ، والمرضى أحبّاء الله ، فمن مات على التّوبة فله الجنّة ، فتوبوا ولا تيأسوا فإنّ باب التّوبة مفتوح من قبل المغرب لا ينسدّ حتّى تطلع الشّمس منه » (١).

وفي هذا الحديث تكريم للفقراء فهم أصدقاء الله تعالى ، كما فيه تكريم للمرضى فهم أحبّاء الله ، وفيه الدعوة إلى التوبة والاقلاع عن الذنب فإنّ من تاب تاب الله عليه ، وغفر ذنبه.

٨٧

فقراء أهل الصّفة

روى الإمام 7 عن النبيّ 6 أنّه قال :

« لا اعطيكم وأدع أهل الصّفّة تلوّى بطونهم من الجوع » (٢).

أهل الصفّة : هم الفقراء الذين كانوا ينتشرون على ضفاف الجامع النبوي فيتصدّق عليهم المسلمون ، وكان منهم المحدّث الشهير أبو هريرة الدوسي شيخ المضيرة.

وكان جعفر الطيّار يأخذه من الشارع ويطعمه في بيته ، وكان أبو هريرة كثيرا ما يذكر ألطاف جعفر عليه.

__________________

(١) كنز العمّال ٤ : ٢٢٢.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٣٣ ، رقم الحديث ٥٩٦.


٨٨

المنازل الرفيعة في الجنة

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« إنّ في الجنّة غرفا يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، يسكنها من أمّتي من أطاب الكلام ، وأطعم الطّعام ، وأفشى السّلام ، وصلّى باللّيل والنّاس نيام.

فقال عليّ : يا رسول الله ، ومن يطيق هذا من أمّتك؟

فقال : يا عليّ ، أو تدري ما إطابة الكلام؟

من قال إذا أصبح وأمسى : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلاّ الله ، والله أكبر عشر مرّات.

وإطعام الطّعام نفقة الرّجل على عياله.

وأمّا الصّلاة والنّاس نيام فمن صلّى بالمغرب والعشاء الآخرة ، وصلّى الغداة في المسجد فكأنّما أحيى اللّيل كلّه.

وإفشاء السّلام أن لا يبخل بالسّلام على أحد من المسلمين » (١).

إنّ الله أعدّ في الجنة المنازل الكريمة لعباده الصالحين ، وهذه الخصال التي ذكرها الرسول 6 من سمات المتقين الذين يتبوّءون في الجنة حيث ما شاءوا.

__________________

(١) أمالي الصدوق : ١٩٨.


٨٩

الزهد في الدنيا

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« من زهد في الدّنيا علّمه الله بلا تعلّم ، وهداه بلا هداية ، وجعله بصيرا وكشف عنه العمى » (١).

إنّ الزهد في الدنيا وعدم الافتتان بمباهجها وزينتها له آثاره المهمّة والتي منها أنّ الله تعالى يضفي على الزاهد العلم ، ويجعله بصيرا في أحوال الدنيا.

٩٠

مكارم الأخلاق

روى الإمام الحسين 7 عن أبيه 7 قال :

« سمعت النّبيّ 6 يقول : بعثت بمكارم الأخلاق ومحاسنها » (٢).

إنّ الرسول الأعظم 6 الذي هو هبة من الله تعالى لعباده قد غيّر مجرى التاريخ ، وطوى حياة الجاهلية ، وذلك بسعة أخلاقه الرفيعة التي امتاز بها على سائر النبيّين.

ـ جاء في وصيّة النبيّ 6 للإمام أمير المؤمنين 7 :

« يا عليّ ، ثلاثة من مكارم الأخلاق في الدّنيا والآخرة : أن تعفو عمّن ظلمك ، وتصل من قطعك ، وتحلم عمّن جهل حقّك » (٣).

__________________

(١) كنز العمّال ٣ : ١٩٧.

(٢) أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٩.

(٣) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٥.


وهذه الامور من محاسن مكارم الأخلاق ، ومن امّهات الفضائل ، فهي من العناصر التي أقامها الإسلام في مجتمعه.

٩١

حسن الأخلاق

قال 7 : سمعت رسول الله 6 يقول :

« إنّكم لن تسعوا النّاس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم » (١).

إنّ السمت البارز في شخصية الرسول الأعظم 6 هي الأخلاق العظيمة التي امتاز بها على سائر النبيّين ، وقد رفع الدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات.

ـ قال رسول الله 6 للإمام أمير المؤمنين 7 :

« يا عليّ ، ألا اخبركم بأشبهكم بي خلقا؟

قال : بلى يا رسول الله.

قال : أحسنكم خلقا ، وأعظمكم حلما ، وأبرّكم بقرابته ، وأشدّكم من نفسه إنصافا » (٢).

إنّ حسن الخلق من أطيب الصفات وأجلها ، ومن اتّصف به وبالحلم والإنصاف كان من أشبه الناس برسول الله 6.

ـ من وصايا النبيّ 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، أحسن خلقك مع أهلك وجيرانك ومن تعاشر وتصاحب من

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٢٦٨.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٤٠.


النّاس تكتب عند الله في الدّرجات العلى » (١).

إنّ الأخلاق الحسنة من أبرز الصفات الكريمة التي يتحلّى بها الإنسان ، والتي تجلب له الخير ، وتدفع عنه السوء ، وكان الرسول الأعظم 6 المثل الأعلى للأخلاق الرفيعة.

٩٢

قضاء حوائج الناس

قال رسول الله 6 للإمام أمير المؤمنين 7 :

« يا عليّ ، الحاجة أمانة الله عند خلقه ، فمن كتمها على نفسه أعطاه الله ثواب من صلّى ، ومن كشفها إلى من يقدر أن يفرّج عنه ولم يفعل فقد قتله ، أما إنّه لم يقتله بسيف ولا سنان ولا سهم ، ولكن قتله بما نكى من قلبه » (٢).

وفي هذا الحديث دعوة من النبيّ 6 إلى المسلمين بالسعي لقضاء حوائج بعضهم بعضا ، وحذّر من يتمكّن على ذلك ولا يقوم به فإنّه قد قتل نفسه ، وحرمها من الأجر الجزيل والثواب العظيم.

٩٣

أفضل الناس

جاء في وصية النبيّ 6 للامام أمير المؤمنين 7 :

__________________

(١) بحار الانوار ٧٤ : ٦٧.

(٢) اصول الكافي ٢ : ٢٦١.


« يا عليّ ، ثلاثة من لقي الله عزّ وجلّ بهنّ فهو من أفضل النّاس :

من أتى الله عزّ وجلّ بما افترض عليه فهو من أعبد النّاس.

ومن ورع عن محارم الله فهو من أورع النّاس.

ومن قنع بما رزقه الله فهو من أغنى النّاس ».

ثمّ قال :

« يا عليّ ، ثلاثة من لم يكنّ فيه لم يتمّ عمله :

ورع يحجزه عن معاصي الله ، وخلق يداري به النّاس ، وحلم يردّ به جهل الجاهل ».

إلى أن قال :

« يا عليّ ، الإسلام عريان ، ولباسه الحياء ، وزينته العفاف ، ومروّته العمل الصّالح ، وعماده الورع » (١).

إنّ من اتّصف بهذه الصفات الكريمة ، والخصال الحميدة فهو من أفضل الناس ، وأشرفهم ، وأكملهم. وجميع وصايا الرسول ، ووصايا الأئمة الطاهرين : من أبنائه تدعو إلى سموّ الإنسان وكماله وتهذيبه وسلامته من المآثم والرذائل.

٩٤

إعانة المسلم

قال الإمام 7 : قال رسول الله 6 :

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٦.


« من ردّ عن قوم من المسلمين عادية ماء أو نار وجبت له الجنّة » (١).

إنّ من أوّليات المبادئ التي رفع شعارها الإسلام التوادد والتعاطف بين المسلمين ، وقيام بعضهم بقضاء حوائج البعض الآخر الأمر الذي يؤدي إلى تماسك المسلمين ووحدة صفوفهم.

٩٥

أوصاف المؤمن

سأل الإمام أمير المؤمنين 7 رسول الله 6 عن صفة المؤمن ، فقال :

« عشرون خصلة في المؤمن ، فإن لم تكمل فيه لم يكمل إيمانه :

إنّ من أخلاق المؤمنين يا عليّ : الحاضرون الصّلاة ، والمسارعون إلى الزّكاة ، والمطعمون للمساكين ، الماسحون لرأس اليتيم ، المطهّرون أطمارهم ، المتّزرون على أوساطهم ، الّذين إن حدّثوا لم يكذبوا ، وإن وعدوا لم يخلفوا ، وإن ائتمنوا لم يخونوا ، وإن تكلّموا صدقوا.

رهبان في اللّيل ، اسد بالنّهار ، صائمون النّهار ، قائمون اللّيل ، لا يؤذون جارا ولا يتأذّى منهم جار ، الّذين مشيتهم على الأرض هون وخطاهم على بيوت الأرامل ، وعلى أثر الجنائز » (٢).

وهذه الأوصاف الكريمة من تحلى بها فقد بلغ غاية الايمان ، ونال أسمى مراتب الكمال.

__________________

(١) فروع الكافي ١ : ٣٤٢.

(٢) بحار الأنوار ٦٠ : ٢٧٦.


٩٦

علامات للمؤمن ولغيره

من وصايا النبيّ 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، إنّ للمؤمن ثلاث علامات :

الصّيام والصّلاة والزّكاة.

وإنّ للمتكلّف من الرّجال ثلاث علامات :

يتملّق إذا شهد ، ويغتاب إذا غاب ، ويشمت بالمصيبة.

وللظّالم ثلاث علامات :

يقهر من دونه بالغلبة ، ومن فوقه بالمعصية ، ويظاهر الظّلمة.

وللمرائي ثلاث علامات :

ينشط إذا كان عند النّاس ، ويكسل إذا كان وحده ، ويحبّ أن يحمد في جميع الامور.

وللمنافق ثلاث علامات :

إن حدّث كذب ، وإن اؤتمن خان ، وإن وعد أخلف.

وللكسلان ثلاث علامات :

يتوانى حتّى يفرّط ، ويفرّط حتّى يضيّع ، ويضيّع حتّى يأثم.

وليس ينبغي للعاقل أن يكون شاخصا إلاّ في ثلاث : مرمّة لمعاش ، أو خطوة لمعاد ، أو لذّة في غير محرّم » (١).

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٤ : ٦٤.


وألمّت هذه الخصال بطباع أهلها وألقت الأضواء على خفايا نفوسهم وضمائرهم.

٩٧ حسان الوجوه

قال 7 : قال رسول الله 6 : « اطلبوا الخير عند حسان الوجوه فإنّ فعالهم أحرى أن تكون حسنا » (١).

إنّ حسان الوجوه على الأكثر يصنعون البرّ والإحسان ، وأجدر من غيرهم بقضاء حوائج الناس.

٩٨ صلة الرحم

قال 7 : قال رسول الله 6 : « إنّ الرّجل ليصل رحمه ، وقد بقي من عمره ثلاث سنين فيصيّرها الله عزّ وجلّ ثلاثين سنة ، ويقطعها وقد بقي من عمره ثلاثون سنة فيصيّرها الله ثلاث سنين ، ثمّ تلا قوله تعالى : ( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) (٢) » (٣).

__________________

(١) عيون الأخبار ٢ : ٧٤.

(٢) الرعد : ٣٩.

(٣) بحار الأنوار ٧٤ : ٩٣.


إنّ لصلة الرحم آثارا وضعية منها أنّها توجب إشاعة المودّة بين الأرحام وهذا ممّا ندب إليه الإسلام ، بالاضافة إلى أنّ الله تعالى يطيل حياة من يصل رحمه.

ـ قال 7 : قال النّبيّ 6 :

« من سرّه أن يمدّ في عمره ، ويوسّع في رزقه ، فليصل رحمه » (١).

ـ قال 7 : قال رسول الله 6 :

« من سرّه أن يمدّ في عمره ، ويوسّع في رزقه فليصل رحمه » (٢).

إنّ الإسلام قد عني بتعاليمه بالتماسك الاجتماعي ، وربط المسلمين بعضهم ببعض ، وقد حثّهم على صلة الأرحام ، وبيّن لهم الآثار العظيمة التي تترتّب على ذلك ، والتي منها طول العمر والسعة في الرزق.

٩٩

مواساة الإخوان

جاء في وصيّة النبيّ 6 للإمام أمير المؤمنين 7 :

« يا عليّ ، ثلاثة لا تطيقها هذه الامّة :

المواساة للأخ في ماله ، وإنصاف النّاس من نفسه ، وذكر الله على كلّ حال ، وليس هو سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلاّ الله ، والله أكبر ، ولكن إذا ورد على ما يحرم عليه خاف الله عزّ وجلّ عنده وتركه » (٣).

__________________

(١) مجمع الزوائد ٨ : ١٥٢ ـ ١٥٣.

(٢) عيون الأخبار ـ ابن قتيبة ٣ : ٨٦.

(٣) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٢٦.


إنّ هذه الخصال من أجل الصفات الكريمة التي أوصى بها الإسلام فهي تعزّ الإنسان المسلم وتسمو به ، ولكن المسلمين تركوها.

١٠٠

التودّد إلى الناس

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« رأس العقل بعد الايمان بالله التّودّد إلى النّاس » (١).

وحثّ الإسلام على إشاعة الفضيلة والآداب بين المسلمين وأمرهم بالتودّد بعضهم إلى بعض ؛ لأنّه يوجب التماسك الاجتماعي وشيوع المحبّة والالفة بينهم ، وكان من اهتمامه بذلك أنّه جعله في الأهمية بعد الإيمان بالله.

١٠١

المرء مع من أحبّ

قال 7 :

« إنّ رجلا قال للنّبيّ 6 : الرّجل يحبّ القوم ولا يستطيع أن يعمل بعملهم ، قال : المرء مع من أحبّ » (٢).

وتظافرت الأخبار عن أئمّة الهدى : إنّ الإنسان يحشر مع من أحبّ فإن أحبّ مؤمنا حشر معه ، وإن أحبّ كافرا حشر معه.

__________________

(١) حلية الأولياء ٣ : ٢٠٣.

(٢) مسند أبي داود ١ : ٢٣ ، رقم الحديث ١٥٩.


١٠٢

خصال كريمة

من وصايا النبيّ 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، ثلاثة تحت العرش يوم القيامة :

رجل أحبّ لأخيه ما أحبّ لنفسه.

ورجل بلغه أمر فلم يقدم فيه ولم يتأخّر حتّى يعلم أنّ ذلك الأمر لله رضى أو سخط.

ورجل لم يعب أخاه بعيب حتّى يصلح ذلك العيب من نفسه ، فإنّه كلّما أصلح من نفسه عيبا بدا له منها آخر ، وكفى بالمرء في نفسه شغلا » (١).

وحفلت هذه الوصية بأسمى القيم التربوية التي يسمو بها الإنسان وينال رضا الله تعالى.

ـ من وصايا النبيّ 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، سبعة من كنّ فيه فقد استكمل حقيقة الإيمان ، وأبواب الجنّة مفتّحة له :

من أسبغ وضوءه ، وأحسن صلاته ، وأدّى زكاة ماله ، وكفّ غضبه ، وسجن لسانه ، واستغفر الله لذنبه ، وأدّى النّصيحة لأهل بيته » (٢).

إنّ هذه الخصال من تحلّى بها ، وطبّقها على واقع حياته فقد كمل ايمانه ، وحسن عمله.

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٤ : ٦٢.

(٢) الدرر اللامعة في الأحاديث الجامعة : ١٠ ، نقلا عن من لا يحضره الفقيه ومكارم الأخلاق.


ـ قال 7 : قال رسول الله 6 :

« من اعطي أربع خصال في الدّنيا ، فقد اعطي خير الدّنيا والآخرة ، وفاز بحظّه منهما :

ورع يعصمه عن محارم الله ، وحسن خلق يعيش به في النّاس ، وحلم يدفع به جهل الجاهل ، وزوجة صالحة تعينه على أمر الدّنيا والآخرة » (١).

إنّ من اتّصف بهذه الصفات فقد فاز بخير الدنيا وخير الآخرة ، وسعد في دنياه وآخرته.

١٠٣

محاسن الصفات

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« أعبد النّاس من أقام الفرائض.

وأسخى النّاس من أدّى زكاة ماله.

وأزهد النّاس من اجتنب الحرام.

وأتقى النّاس من قال الحقّ فيما له وعليه.

وأعدل النّاس من رضي للنّاس ما يرضى لنفسه وكره لهم ما يكره لنفسه.

وأكيس النّاس من كان أشدّ ذكرا للموت.

وأغبط النّاس من كان تحت التّراب قد أمن العقاب ويرجو الثّواب.

وأغفل النّاس من لم يتّعظ بتغيّر الدّنيا من حال إلى حال.

__________________

(١) أمالي الطوسي ٢ : ١٨٩.


وأعظم النّاس في الدّنيا خطرا من لم يجعل للدّنيا عنده خطرا.

وأعلم النّاس من جمع علم النّاس إلى علمه.

وأشجع النّاس من غلب على هواه.

وأكثر النّاس قيمة أكثرهم علما.

وأقلّ النّاس قيمة أقلّهم علما.

وأقلّ النّاس لذّة الحسود.

وأقلّ النّاس راحة البخيل.

وأبخل النّاس من بخل بما افترض الله عزّ وجلّ عليه.

وأولى النّاس بالحقّ أعلمهم به.

وأقلّ النّاس حرمة الفاسق.

وأقلّ النّاس وفاء الملوك.

وأقلّ النّاس صديقا الملك.

وأفقر النّاس الطّمع.

وأغنى النّاس من لم يكن للحرص أسيرا.

وأفضل النّاس إيمانا أحسنهم خلقا.

وأكرم النّاس أتقاهم.

وأعظم النّاس قدرا من ترك ما لا يعنيه.

وأورع النّاس من ترك المراء وإن كان محقّا.

وأقلّ النّاس مروءة من كان كاذبا.

وأشقى النّاس الملوك.

وأمقت النّاس المتكبّر.

وأشدّ النّاس اجتهادا من ترك الذّنوب.


وأحكم النّاس من فرّ من جهّال النّاس.

وأسعد النّاس من خالط كرام النّاس.

وأعقل النّاس أشدّهم مداراة للنّاس.

وأولى النّاس بالتّهمة من جالس أهل التّهمة.

وأعتى النّاس من قتل غير قاتله أو ضرب غير ضاربه.

وأولى النّاس بالعفو أقدرهم على العقوبة.

وأحقّ النّاس بالذّنب السّفيه المغتاب.

وأذلّ النّاس من أهان النّاس.

وأحزم النّاس أكظمهم للغيظ.

وأصلح النّاس أصلحهم للنّاس.

وخير النّاس من انتفع به النّاس » (١).

وأشاد هذا الحديث الشريف بالصفات الكريمة ، والمثل الرفيعة التي يمتاز بها الإنسان على غيره من مخلوقات الله ، وهذا الحديث من ذخائر الأحاديث النبوية ، وقد رصع بجواهر البيان وبدائع الحكمة.

١٠٤

الآمر بالمعروف

قال الإمام 7 : قال رسول الله 6 :

« من أمر بمعروف ، أو نهى عن منكر ، أو دلّ على خير أو أشار به ، فهو شريك.

__________________

(١) أمالي الصدوق : ١٨ ـ ١٩.


ومن أمر بسوء ، أو دلّ عليه أو أشار به فهو شريك » (١).

إنّ الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر فهو شريك لمن امتثل ذلك في الثواب ، وله الأجر الجزيل عند الله وكذلك من أمر بسوء فهو شريك لمن اقترفه وعمل به.

١٠٥

إتمام المعروف

قال 7 : سمعت رسول الله 6 يقول :

« استتمام المعروف أفضل من ابتدائه » (٢).

إنّ إتمام المعروف وإكماله أفضل من ابتدائه ، فإنّه أعظم نعمة ، وأوفر عطاء من ابتدائه.

١٠٦

كمال المروءة

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« من عامل النّاس فلم يظلمهم ، وحدّثهم فلم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم ، فهو ممّن كملت مروءته وظهرت عدالته ، ووجبت اخوّته ، وحرمت غيبته » (٣).

__________________

(١) الخصال ١ : ٦٨.

(٢) أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٩.

(٣) البصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي : ١٤٦.


إنّ من تحلّى بهذه الصفات الكريمة ، فقد بلغ قمة الكمال والأدب ، ووجب على الناس تكريمه وتعظيمه ومواخاته.

١٠٧

الحبّ والبغض

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« أحبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما » (١).

وهذه الحكمة التي أدلى بها الرسول الأعظم 6 تلتقي مع واقع الحياة ، فإنّه ليس من الحكمة في شيء أن يسرف الإنسان في محبّة شخص لأنّه قد يأتي وقت فيكون من ألدّ أعدائه ، وكذلك ليس من الحكمة أن يسرف الإنسان في عداوة شخص لأنّه قد يأتي وقت تتغيّر فيه الأوضاع فيكون من أعزّ اخوانه.

١٠٨

الحلم

روى الإمام عن النبيّ 6 :

« إنّ الرّجل ليدرك بالحلم درجة الصّائم القائم » (٢).

إنّ الحلم من أفضل النزعات النفسية ، وقد حثّ الإسلام على التحلّي به لأنّه يقي الإنسان من كثير من المصاعب والمشاكل.

__________________

(١) مسند الإمام عليّ 7 : ٢٨٣.

(٢) كنز العمّال ٣ : ١٢٩.


١٠٩

إصلاح ذات البين

روى الإمام عن رسول الله 6 أنّه قال :

« إنّ إصلاح ذات البين أعظم من عامّة الصّلاة والصّيام » (١).

واهتمّ الإسلام اهتماما بالغا بوحدة المسلمين ، وشيوع المحبة والالفة بينهم ، وندب إلى الإصلاح فيما بينهم ، وجعل الإصلاح وإخماد نار الفتنة والبغضاء أفضل من الصلاة والصيام.

١١٠

الإحسان إلى المسيء

روى الإمام 7 عن رسول الله 6 أنّه قال :

« صل من قطعك ، وأحسن إلى من أساء إليك ، وقل الحقّ ولو على نفسك » (٢).

وهذه الحكمة من الحكم الخالدة التي تدلّل على مدى عظمة الرسول الأعظم 6 في معالجته لجميع الشؤون الإنسانية باروع ألوان الحكمة.

١١١

العفو عن المسيء

قال 7 : قال رسول الله 6 :

__________________

(١) كنز العمّال ٣ : ٥٨.

(٢) المصدر السابق : ٣٥٩ ، ٣٧٧.


« ينادي مناد يوم القيامة من بطنان العرش ألا فليقم من كان أجره على الله ، فلا يقوم إلاّ من عفا عن أخيه » (١).

من الخصال الكريمة التي تبنّاها الإسلام الحثّ على العفو عن المسيء فإنّه يوجب نشر المحبّة وسيادة الخصال الشريفة في المجتمع.

١١٢

الإعانة على البرّ

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« رحم الله ولدا أعان والديه على برّه ، ورحم الله والدا أعان ولده على برّه ، ورحم الله جارا أعان جاره على برّه ، ورحم الله رفيقا أعان رفيقه على برّه ، ورحم الله خليطا أعان خليطه على برّه ، ورحم الله رجلا أعان سلطانه على برّه » (٢).

إنّ الاعانة على البر من أفضل الاعمال في الإسلام ، فقد أقام شريعته على البر والاحسان والمحبة والمودة.

١١٣

أبواب البرّ

من وصايا الرسول 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، ثلاث من أبواب البرّ : سخاء النّفس ، وطيب الكلام ، والصّبر

__________________

(١) كنز العمّال : ٣٥٩ ، ٣٧٧.

(٢) ثواب الأعمال : ١٠١. الوسائل ٦ : ٥٩٢.


على الأذى » (١).

إنّ هذه الخصال الثلاث من أبواب البرّ والإحسان ، ومن أخذ بها فقد كمل دينه ، وسمت نفسه.

١١٤

المبادرة لفعل الخير

جاء في وصيّة الرسول 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، بادر بأربع قبل أربع : شبابك قبل هرمك ، وصحّتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وحياتك قبل موتك » (٢).

إنّ المبادرة في هذه الامور إنّما هي مبادرة نحو الخير واستباق لرضوان الله ورحمته.

١١٥

الرفق باليتيم والضعيف

جاء في وصيّة النبيّ 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، أربع من كنّ فيه بنى الله له بيتا في الجنّة : من آوى اليتيم ، ورحم الضّعيف ، وأشفق على والديه ، ورفق بمملوكه ».

ثمّ قال :

« يا عليّ ، من كفى يتيما في نفقته بماله حتّى يستغني وجبت له الجنّة البتّة.

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٤ : ٦٢.

(٢) الخصال ١ : ١١٣.


يا عليّ ، من مسح يده على رأس يتيم ترحّما له أعطاه الله بكلّ شعرة نورا يوم القيامة » (١).

إنّ الإسلام تبنّى بصورة إيجابية الرفق باليتيم والإحسان إلى الضعيف ، والبرّ بالوالدين ، والإحسان إلى المملوك ، فإنّ هذه الامور من موجبات رحمة الله.

١١٦

النصيحة

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ، ما محض أخاه النّصيحة ، فإذا حاد عن ذلك سلب التّوفيق » (٢).

إنّ إسداء النصيحة لمن طلب منه ، ندب إليه الإسلام وحثّ عليه ، ووعد من جفا ذلك بسلب التوفيق عنه.

١١٧

المنجيات

قال رسول الله 6 للامام أمير المؤمنين 7 :

« يا عليّ ، ثلاثة منجّيات : خوف الله في السّرّ والعلانية ، والقصد في الغنى والفقر ، وكلمة العدل في الرّضا والسّخط » (٣).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٦.

(٢) كنز العمّال ٣ : ٤١٣.

(٣) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٥.


إنّ هذه الخصال الكريمة تنجي الإنسان من عذاب الله تعالى كما تسبب له الحياة الكريمة في الدنيا.

١١٨

ظلم من لا ناصر له

روى الإمام 7 عن رسول الله 6 أنه قال :

« يقول الله عزّ وجلّ : اشتدّ غضبي على من ظلم من لا يجد ناصرا غيري » (١).

إنّ أفحش الظلم : ظلم الضعيف الذي لا يجد له ناصرا إلاّ الله تعالى.

١١٩

الأمانة

روى الإمام عن النبيّ 6 :

« الأمانة تجلب الرّزق ، والخيانة تجلب الفقر » (٢).

إنّ الأثر الوضعي الذي يترتّب على الأمانة هو السعة في الرزق ، كما يترتّب الفقر على الخيانة.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٦ : ٥١.

(٢) كنز العمّال ٣ : ٦٠.


١٢٠

الغيرة

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« إنّي لغيور ، والله عزّ وجلّ أغير منّي ، وإنّ الله تعالى يحبّ من عباده الغيور » (١).

من الخصال الشريفة الغيرة على العرض وعلى الدّين ، وهي من امّهات الفضائل التي يدعو إليها الإسلام.

١٢١

الكفاف

روى الإمام 7 عن رسول الله 6 :

« إنّ الله تعالى إذا أحبّ عبدا جعل رزقه كفافا » (٢).

أي جعله في حالة وسطى لا غنيا ولا فقيرا ، فقد يصبح أشرا بطرا إذا أغناه ، أو شقيا بائسا إذا أفقره ، بينما الكفاف حالة وسطى.

١٢٢

فضل الصدقة

روى الإمام 7 عن النبيّ 6 أنّه قال :

__________________

(١) كنز العمّال ٣ : ٣٨٧.

(٢) المصدر السابق : ٣٩٠.


« كلّ معروف صدقة إلى غنيّ أو فقير ، فتصدّقوا ولو بشقّ تمرة ، واتّقوا النّار ولو بشقّ التّمرة ، فإنّ الله عزّ وجلّ يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتّى يوفّيه إيّاها يوم القيامة ، وحتّى يكون أعظم من الجبل العظيم » (١).

إنّ الصدقة لون من ألوان البرّ والإحسان ، وقد ندب الإسلام إليها وحثّ عليها ، ورتّب الأجر الجزيل عليها.

١٢٣

القليل من الدنيا خير من الكثير

قال الإمام عليّ 7 : قال رسول الله 6 :

« ما قلّ وكفى خير ممّا كثر وألهى » (٢).

إنّ القليل من الدنيا خير من الكثير منها لأنه يصد الإنسان عن الطريق القويم ويلهيه عن ذكر الله تعالى.

١٢٤

عدة المؤمن

قال 7 : سمعت رسول الله 6 يقول :

« عدة المؤمن نذر لا كفّارة له » (٣).

__________________

(١) أمالي الطوسي ٢ : ٣١١.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٤٢.

(٣) كشف الغمّة ٣ : ٩٢.


ومعنى هذا الحديث أنّ المؤمن إذا واعد أخاه بشيء فيكون وعده بمنزلة النذر ، وعليه أن يفي به ، لكنّه لو خالف ولم يف به ، فلا كفّارة عليه.

وهذه الوصايا من أغلى النصائح وأثمنها ، وهي ممّا تعين الإنسان في السلوك على أكثر الوسائل راحة وسعادة.

١٢٥

ترك الكلام فيما لا يعني الإنسان

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« من فقه الرّجل قلّة كلامه فيما لا يعنيه » (١).

إنّ ترك الكلام فيما لا يعني الإنسان ، وعدم الدخول دليل على سموّ عقل الرجل ، وكثرة وعيه.

١٢٦

الكلمة الحكيمة

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« كلمة الحكمة ضالّة المؤمن فحيث وجدها فهو أحقّ بها » (٢).

إنّ الكلمة الحكيمة من أثمن وأغلى ما يظفر به المؤمن ، فإنّها تزيده علما وفضلا.

__________________

(١) بحار الأنوار ٢ : ٥٥.

(٢) المصدر السابق : ٩٩.


١٢٧

الأعمال المبعدة للشيطان

قال 7 :

« قيل لرسول الله 6 : ما الّذي يبعد الشّيطان منّا؟

فقال : الصّوم لله يسوّد وجهه ، والصّدقة تكسر ظهره ، والحبّ في الله تعالى والمواظبة على العمل الصّالح يقطع دابره ، والاستغفار يقطع وتينه » (١).

إنّ هذه الأعمال الحسنة توجب القرب من الله تعالى ، وتبعد الإنسان عن الشيطان الرجيم الذي هو أمكر عدوّ للإنسان.

١٢٨

الاستغفار للأبوين المشركين

قال 7 :

« سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان ، فقلت : أيستغفر الرّجل لأبويه وهما مشركان ، فقال : أو لم يستغفر إبراهيم لأبيه ـ وهو مشرك ـ فذكرت ذلك للنّبيّ 6 فنزلت : ( ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ ) (٢) » (٣).

__________________

(١) بحار الأنوار ٦٩ : ٤٠٣.

(٢) التوبة : ١١٣.

(٣) سنن النسائي ١ : ٢٨٦. تفسير ابن كثير ٤ : ٢٥٠.


إنّ الاستغفار للأبوين المشركين لا يجديهما نفعا ؛ فإنّ الله تعالى يغفر الذنوب جميعا إلاّ أن يشرك به.

١٢٩

الاتّقاء من الغضب

من وصايا النبيّ 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، لا تغضب فإذا غضبت فاقعد ، وتفكّر في قدرة الرّبّ على العباد ، وحلمه عنهم ، وإذا قيل لك اتّق الله فانبذ غضبك وراجع حلمك » (١).

الغضب من الآفات المدمّرة للإنسان ، وقد أدلى النبيّ 6 بعلاجه للتخلّص من شروره.

١٣٠

النهي عن الكذب

قال الرسول 6 للإمام 7 :

« إيّاك والكذب فإنّ الكذب يسوّد الوجه ، ثمّ يكتب عند الله كذّابا ، وإنّ الصّدق يبيّض الوجه ، ويكتب عند الله تعالى صادقا.

واعلم أنّ الصّدق مبارك ، والكذب مشئوم » (٢).

__________________

(١) تحف العقول : ١٤.

(٢) بحار الأنوار ٧٤ : ٦٧.


من الصفات الذميمة التي يمقتها الإسلام الكذب ، فإنّه من أرذل الصفات وأكثرها إضرارا بالمجتمع ، كما أنّ الصدق من أنبل الصفات ، وأفضلها عند الله تعالى.

١٣١

النهي عن الحلف بالله

من وصايا النبيّ 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، لا تحلف بالله كاذبا ولا صادقا من غير ضرورة ، ولا تجعل الله عرضة ليمينك ، فإنّ الله لا يرحم ، ولا يرعى من حلف باسمه كاذبا » (١).

إنّ الله تعالى خالق السموات والأرض وواهب الحياة ، والقادر على كلّ شيء ، فالواجب الاجتناب عن القسم به ، سواء أكان اليمين صدقا أو كذبا ، فإنّ من المؤكّد أنّ الذي يحلف بالله تعالى لا يعرف عظمته.

١٣٢

كفّ اللسان

روى الإمام 7 عن النبيّ 6 :

« من كفّ لسانه عن أعراض المسلمين أقال الله عثرته يوم القيامة » (٢).

إنّ كفّ اللسان وعدم التعرّض لأعراض الناس له الثواب الجزيل عند الله تعالى فإنّه يقيل عثرته يوم القيامة.

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٤ : ٦٧.

(٢) كنز العمّال ٣ : ٣٥٤.


١٣٣

تفريج الأزمات

قال النبيّ 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، إذا هالك أمر فقل : اللهمّ بحقّ محمّد وآل محمّد إلاّ فرّجت عنّي » (١).

إنّ للرسول 6 ، ولأهل بيته منزلة كريمة عند الله تعالى ، فإذا سئل بحقهم عليه فرّج الله الكروب وأزال الأزمات.

١٣٤

ما يقول العاطس

روى الإمام 7 أنّ النبيّ 6 قال :

« إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد لله على كلّ حال ، وليقل له : يرحمكم الله ، وليقل هو : يهديكم الله ، ويصلح بالكم » (٢).

لقد علّمنا النبيّ 6 كلّ شأن من شئون حياتنا ووضع لنا البرامج لاصلاحنا ، حتّى في أبسط الامور.

__________________

(١) تحف العقول : ١١.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢١٤ ، رقم الحديث ٩٩٥.


١٣٥

ترك الشهوة

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود لم يره » (١).

إنّ ترك الشهوات والاعراض عنها خوفا من الله تعالى ينم عن نفس مطمئنة بالايمان ، مترعة بحب الله.

١٣٦

خصال مذمومة

جاء في وصية النبيّ 6 للامام 7 :

« يا عليّ ، أربع خصال من الشّقاء : جمود العين ، وقساوة القلب ، وبعد الأمل ، وحبّ البقاء » (٢).

إنّ هذه الصفات المذمومة لا يتّصف بها إلاّ الاشقياء الذين لا عهد لهم بالخير.

ـ قال 7 : قال رسول الله 6 :

« إذا عملت أمّتي خمس عشرة خصلة حلّ بها البلاء.

قيل يا رسول الله : وما هي؟

قال : إذا كانت المغانم دولا ، والأمانة مغنما ، والزّكاة مغرما ، وأطاع الرّجل زوجته وعقّ امّه ، وبرّ صديقه وجفا أباه ، وكان زعيم القوم

__________________

(١) الخصال ١ : ٥.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٥. الخصال ١ : ١١٣.


أرذلهم ، وأكرمه القوم مخافة شرّه ، وارتفعت الأصوات في المساجد ، ولبسوا الحرير ، واتّخذوا القينات ، وضربوا بالمعازف ، ولعن آخر هذه الامّة أوّلها ، فليرتقب عند ذلك ثلاثة : الرّيح الحمراء ، أو الخسف ، أو المسخ » (١).

وهذه الخصال توجب غضب الله تعالى ، ونزول عقابه ، وتنذر بالشرّ العميم إن سادت في الامّة.

١٣٧

حرمة البذاء والفحش

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« إنّ الله حرّم الجنّة على كلّ فحّاش بذي ، قليل الحياء ، لا يبالي ما قال ، ولا ما قيل له ، فإنّك إن فتّشته لم تجده إلاّ لغية ، أو شرك شيطان.

فقيل : يا رسول الله ، وفي النّاس شرك الشّيطان؟

فقال رسول الله 6 : أما تقرأ قول الله عزّ وجلّ : ( وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ ) (٢) » (٣).

وأهاب الإسلام بالمسلمين من اقتراف الرذائل والمآثم التي منها الفحش وبذاءة الكلام فانّها تجعلهم بأقصى مكان من التأخّر والانحطاط.

__________________

(١) بحار الأنوار ٦ : ٣٠٤.

(٢) الإسراء : ٦٤.

(٣) اصول الكافي ٢ : ٣٢٣ ـ ٣٢٤.


١٣٨

المزاح والكذب

جاء في وصيّة النبيّ 6 للامام 7 :

« يا عليّ ، لا تمزح فيذهب بهاؤك ، ولا تكذب فيذهب نورك ، وإيّاك وخصلتين : الضّجر والكسل ، فإنّك إن ضجرت لم تصبر على حقّ ، وإن كسلت لم تؤدّ حقّا.

يا عليّ ، من استولى عليه الضّجر رحلت عنه الرّاحة ... » (١).

وحفلت هذه الوصيّة بجميع مقومات الحياة ، وما يسعد به الإنسان لو طبّق هذه البنود على حياته ، وسار على ضوئها.

١٣٩

سوء الخلق

جاء في وصيّة النبيّ 6 للإمام أمير المؤمنين 7 :

« يا عليّ ، لكلّ ذنب توبة إلاّ سوء الخلق ؛ فإنّ صاحبه كلّما خرج من ذنب دخل في ذنب » (٢).

إنّ سوء الخلق من أفحش الصفات المرذولة التي تلحق الإنسان بقافلة الحيوان الأعجم ، والتي هي بعيدة كل البعد عن روح الإسلام وهديه.

ـ قال 7 : قال رسول الله 6 :

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٤.

(٢) بحار الأنوار ٧٤ : ٤٨.


« إنّ الخلق السّيّئ يفسد العمل كما يفسد الخلّ العسل » (١).

إنّ الخلق السيئ منقصة وانحطاط ، وقد حذّر منه الإسلام وجعله مفسدا للعمل.

١٤٠

شرّ الناس

من وصايا النبيّ 6 للإمام أمير المؤمنين 7 :

« يا عليّ ، أفضل الجهاد من أصبح لا يهمّ بظلم أحد ...

يا عليّ ، من خاف النّاس لسانه فهو من أهل النّار.

يا عليّ ، شرّ النّاس من أكرمه النّاس اتّقاء فحشه وأذى شرّه.

يا عليّ ، شرّ النّاس من باع آخرته بدنياه ، وشرّ من ذلك من باع آخرته بدنيا غيره » (٢).

عرض هذا الحديث لشر الناس ، وأكثرهم بعدا عن الله تعالى ، وهو من يخاف الناس سطوة لسانه وأذاه ، ومن باع آخرته بدنياه ، ومن باع آخرته بدنيا غيره ، فهؤلاء الأصناف ممن لا آخرة لهم ، ومآلهم إلى النار.

ـ قال رسول الله 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، ألا انبئك بشرّ النّاس؟

قلت : بلى يا رسول الله.

__________________

(١) كنز العمّال ٣ : ٤٤٣.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٣.


قال : من لا يغفر الذّنب ، ولا يقيل العثرة.

ألا انبئك بشرّ من ذلك؟

قلت : بلى يا رسول الله.

قال : من لا يؤمن شرّه ، ولا يرجى خيره » (١).

إنّ هؤلاء الذين تحدّث عنهم الرسول 6 من شرار خلق الله ، ومن لئام البشر الذين لا يرجى خيرهم ، ولا يؤمن شرّهم.

١٤١

العبس في وجوه الإخوان

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« إنّ الله يبغض المعبس في وجوه إخوانه » (٢).

إنّ الإسلام يدعو إلى ترابط المسلمين وشيوع المودّة والصفاء فيما بينهم ، وإنّ العبس في وجوه الإخوان ممّا يشيع البغضاء والكراهية بينهم.

١٤٢

ذو الوجهين

قال 7 : خطب رسول الله 6 ، وكان من جملة خطابه :

« بئس العبد له وجهان ، يقبل بوجه ، ويدبر بوجه ، إن اوتي أخوه

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٤ : ٦٦.

(٢) كنز العمّال ٣ : ٤٤١.


المسلم خيرا حسده ، وإن ابتلي خذله ، بئس العبد أوّله نطفة ، ثمّ يعود جيفة ، ثمّ لا يدري ما يفعل به فيما بين ذلك.

بئس العبد عبد خلق للعبادة فألهته العاجلة عن الآجلة ، وشقي بالعاقبة.

بئس العبد عبد تجبّر واختال ، ونسي الكبير المتعال.

بئس العبد عبد عتا وبغى ، ونسي الجبّار الأعلى.

بئس العبد عبد له هوى يضلّه ونفس تذلّه.

بئس العبد عبد له طمع يقوده إلى الطّبع (١) » (٢).

وفي هذا الحديث الدعوة إلى الاستقامة والتقوى ، والتجنّب عن معاصي الله تعالى.

١٤٣

ذنوب تعجّل العقوبة

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« ثلاثة من الذّنوب تعجّل عقوبتها ولا تؤخّر إلى الآخرة : عقوق الوالدين ، والبغيّ على النّاس ، وكفر الإحسان » (٣).

إنّ هذه الذنوب من أفحش الجرائم ، وهي توجب غضب الله ، وتعجيل العقوبة لمن اقترفها.

__________________

(١) الطّبع : الدنس.

(٢) بحار الأنوار ٧٢ : ٢٠١.

(٣) أمالي الطوسي ، ١٤.


١٤٤

من موجبات العقوبة

قال رسول الله 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، أربعة أسرع شيء عقوبة :

رجل أحسنت إليه فكافأك بالإحسان إليه إساءة.

ورجل لا تبغي عليه وهو يبغي عليك.

ورجل عاهدته على أمر فوفيت له وغدر بك.

ورجل وصل قرابته فقطعوه » (١).

إنّ هذه الخصال الذميمة ممّا توجب غضب الله تعالى والاسراع في عقوبته لمن اتّصف بها ، كما أنّها تنمّ عن نفس لا عهد لها بالأدب والأخلاق.

١٤٥

تارك الصلاة

جاء في وصيّة النبيّ 6 للإمام 7 :

« تارك الصّلاة يسأل الرّجعة إلى الدّنيا وذلك قوله تعالى : ( حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ) (٢) » (٣).

لشدّة الندم الذي ينتاب المرء العاصي ؛ إذ يودّ استدراك ما فاته ، وتصحيح ما

__________________

(١) الخصال ١ : ١٠٩.

(٢) المؤمنون : ٩٩.

(٣) بحار الأنوار ٧٤ : ٥٨.


وقع فيه دون جدوى ، ذلك إنّ الإنسان يملك في الدنيا فرصة كبيرة لإثبات طاعته بالصلاة وغيرها من الطاعات والقربات.

١٤٦

من قواصم الظهر

و كان ممّا أوصى به النبيّ 6 الإمام :

« يا عليّ ، أربعة من قواصم الظّهر : إمام يعصي الله ويطاع أمره ، وزوجة يحفظها زوجها وهي تخونه ، وفقر لا يجد صاحبه له مداويا ، وجار سوء في دار مقام » (١).

إنّ هذه الخصال من قواصم الظهر ومن مآثم هذه الحياة ، أعاذنا الله منها.

١٤٧

سبعة لعنهم الله

قال الإمام 7 : قال النبيّ 6 :

« سبعة لعنهم الله وكلّ نبيّ مجاب قبلي.

فقيل : ومن هم؟

فقال : المغيّر لكتاب الله ، والمكذّب بقدر الله ، والمبدّل سنّة رسول الله ، والمستحلّ من عترتي ما حرّم الله عزّ وجلّ ، والمتسلّط في سلطانه ليعزّ من أذلّ الله ، ويذلّ من أعزّ الله ، والمستحلّ لحرم الله ، والمتكبّر عن

__________________

(١) الخصال ١ : ٩٦.


عبادة الله عزّ وجلّ » (١).

إنّ هذه الأصناف قد استحقوا لعنة الله وعذابه لأنّهم قد اقترفوا ما حرّم الله ، وابتعدوا عن سنّة الإسلام.

١٤٨

أهل المعاصي

قال الإمام 7 :

« أمرنا رسول الله 6 أن نلقي أهل المعاصي بوجوه مكفهرّة » (٢).

إنّ مقابلة أهل المعاصي بالاعراض عنهم والانكار عليهم من مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو من الواجبات في الإسلام.

١٤٩

الوضيع

جاء في وصية النبيّ 6 للإمام أمير المؤمنين 7 :

« يا عليّ ، والله لو أنّ الوضيع في قعر بئر لبعث الله عزّ وجلّ ريحا ترفعه فوق الأخيار في دولة الأشرار » (٣).

وهذا الحديث من أجمل الاحاديث النبوية ، فقد تولى الاشرار في العصر الأموي الحكم والتسلط على الاخيار وارغامهم إلى ما يكرهون وقد حفل التاريخ

__________________

(١) بحار الأنوار ٥ : ٨٨.

(٢) فروع الكافي ١ : ٣٤٤.

(٣) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٧.


بصور مروّعة منهم ، فقد تولى زياد بن أبيه رقاب المسلمين وأذاقهم سوء العذاب وكذلك ولده عبيد الله وغيرهم.

١٥٠

كفران النعمة

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« أسرع الذّنوب عقوبة كفران النّعمة » (١).

إنّ كفران النعمة وعدم شكرها من مزيلات النعم ، ومن موجبات العقوبة.

١٥١

الاحتكار

قال 7 : « نهى رسول الله 6 عن الحكرة » (٢).

إنّ الاحتكار ممّا حرّمه الإسلام لأنّه يوجب شيوع الفقر وانتشار المجاعة ، الأمر الذي يتنافى مع ما ينشده الإسلام من سلامة الاقتصاد العامّ من الانهيار وتكدّس الثروة عند المحتكرين.

__________________

(١) بحار الأنوار ٦٩ : ٧٠.

(٢) كنز العمّال ٤ : ١٨٢.


١٥٢

هلاك الناس بالدرهم والدينار

قال الإمام أمير المؤمنين 7 : قال رسول الله 6 :

« إنّ الدّينار والدّرهم أهلكا من كان قبلكم ، وهما مهلكاكم » (١).

إنّ حبّ المال هو السبب الرئيسي في هلاك البشر في جميع فترات التاريخ ، فالحروب وسفك الدماء وغير ذلك من ألوان الفساد في الأرض مبعثه المادة.

١٥٣

الغيبة

من وصايا النبيّ 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، من اغتيب عنده أخوه المسلم فاستطاع نصره فلم ينصره خذله الله تعالى في الدّنيا والآخرة » (٢).

وحرّم الإسلام الغيبة لأنّها تدعو إلى إشاعة الفحشاء بين المسلمين ، وقد حرص الإسلام كأشدّ ما يكون الحرص على أن يكون المجتمع الإسلامي نظيفا ، ويكون قدوة في سلوكه وآدابه بين الامم.

١٥٤

قساوة القلب

من وصايا النبيّ 6 للإمام 7 :

__________________

(١) وسائل الشيعة ٦ : ٣١٩ ، نقلا عن الكافي والسرائر.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ص ٤٤٥.


« يا عليّ ، ثلاث يقسين القلب : استماع اللهو ، وطلب الصّيد ، وإتيان باب السّلطان » (١).

إنّ هذه الخصال التي أدلى بها الرسول 6 وحذّر منها تدعو إلى قساوة الإنسان ، وصدّه عن الطريق القويم.

١٥٥

إذلال النفس

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« ليس للمسلم أن يذلّ نفسه.

قالوا : يا رسول الله ، وكيف يذلّ نفسه؟

قال : يتعرّض من البلاء لما لا يطيق » (٢).

إنّ تعرض الإنسان لما لا يطيقه إهانة للنفس ، ومذلّة لها.

١٥٦

السؤال عن غنى

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« من سأل مسألة عن ظهر غنى استكثر بها من رضف جهنّم (٣).

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٤ : ٤٦.

(٢) كنز العمّال ٣ : ٨٠٢.

(٣) الرضف : الحجارة المحمّاة على النار.


قالوا : ما ظهر غنى؟

قال : عشاء ليلة » (١).

إنّ السؤال عن غنى ، من فقر النفس وضعتها ، وإنّ الله تعالى يريد للمسلم العزّة والكرامة ، وأنّ السؤال إنّما هو للفقراء الذين لا يملكون قوت يومهم.

١٥٧

الغضب

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« أشدّكم من غلب نفسه الغضب ، وأحلمكم من عفا بعد القدرة » (٢).

إنّ الغضب من الآفات المدمّرة للإنسان ، فمن تغلّب عليه فهو الكامل في إنسانيّته ، كما أنّ من أحلم الناس من عفا بعد القدرة.

١٥٨

العجلة

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« ثلاث لا تؤخّرهنّ : الصّلاة إذا أتت ، والجنازة إذا حضرت ، والأيم إذا وجدت كفؤا » (٣).

دعا النبيّ 6 للمبادرة في هذه الامور فإنّ التعجيل فيها من أفضل الأعمال.

__________________

(١) مجمع الزوائد ٣ : ٩٤.

(٢) كنز العمّال ٣ : ٥١٩.

(٣) المصدر السابق : ٥١٣.


١٥٩

البغي والحسد

قال 7 قال رسول الله 6 :

« إنّ إبليس يقول : ألقوا بين بني آدم البغي والحسد ، فإنّهما يعدلان عند الله الشّرك » (١).

إنّ البغي والحسد من شرار الخصال الكريهة ، وإنّهما يدفعان الإنسان إلى اقتراف الجريمة.

١٦٠

الاستخفاف بالدّين

قال 7 : سمعت رسول الله 6 يقول :

« إنّي أخاف عليكم الاستخفاف بالدّين ، وبيع الحكم ، وقطيعة الرّحم ، وأن تتّخذوا القرآن مزامير ، وتقدّموا أحدكم وليس بأفضلكم في الدّين » (٢).

إنّ هذه الامور ممّا تهدم الدين ، وتعجّل عقوبة الله تعالى ، فحذّر منها النبيّ 6.

١٦١

المروق من الدّين

روى الإمام 7 عن النبيّ 6 أنّه قال :

__________________

(١) عيون الأخبار ٢ : ٤٢.


« يكون في آخر الزّمن قوم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السّهم من الرّمية ، قتالهم حقّ على كلّ مسلم » (١).

من الملاحم التي أخبر عنها النبيّ 6 مروق قوم في آخر الزمن عن الإسلام ، وأنهم يقرءون القرآن ، ولكن لا عن فهم وتدبّر ، فهؤلاء قتالهم حقّ ؛ لارتدادهم عن الإسلام.

١٦٢

الاعتصام بغير الله

قال 7 : إنّ النّبيّ 6 قال :

« يقول الله عزّ وجلّ : ما من مخلوق يعتصم بمخلوق دوني إلاّ قطعت به أسباب السّماوات وأسباب الأرض من دونه ، فإن سألني لم اعطه ، وإن دعاني لم اجبه ، وما من مخلوق يعتصم بي دون خلقي إلاّ ضمنت السّماوات والأرض رزقه ، فإن دعاني أجبته ، وإن سألني أعطيته ، وإن استغفرني غفرت له » (٢).

إنّ الاعتصام والالتجاء لغير الله من مرديات الإنسان ومن جهله ، فإن الذي يرجوه فقير إلى الله ، وأنّ جميع الكائنات تحت قبضته تعالى ، فبه الاعتصام وإليه الملجأ في جميع الامور والأحوال.

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٣٤٣ ، رقم الحديث ١٣٤٥.

(٢) أمالي الطوسي ٢ : ١٩٨.


١٦٣

الإهانة باستحقاق الجماعة

من وصايا النبيّ 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، ثمانية إن اهينوا فلا يلومون إلاّ أنفسهم : الذّاهب إلى مائدة لم يدع إليها ، والمتأمّر على ربّ البيت ، وطالب الخير من أعدائه ، وطالب الفضل من اللّئام ، والدّاخل بين اثنين في سرّ لم يدخلاه فيه ، والمستخفّ بالسّلطان ، والجالس في مجلس ليس له بأهل ، والمقبل بالحديث على من لا يسمع منه ... » (١).

إنّ هؤلاء الأصناف إن اهينوا فباستحقاق لأنّهم لم يكرموا أنفسهم ودخلوا مداخل ليست لهم.

١٦٤

نخوة الجاهليّة

من تعاليم النبيّ 6 للإمام 7 قوله :

« يا عليّ ، إنّ الله تبارك وتعالى قد أذهب بالإسلام نخوة الجاهليّة وتفاخرهم بآبائهم ألا وإنّ النّاس من آدم ، وآدم من تراب ، وأكرمهم عند الله أتقاهم » (٢).

إنّ الإسلام دمّر معالم الجاهليّة وسحق تفاخرهم بالآباء ، وجعل مناط التمايز بالتقوى والعمل الصالح.

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٤ : ٤٨.

(٢) المصدر السابق ٧٤ : ٥٤.


١٦٥

التزيّن للناس

قال 7 : قال رسول الله 6 : « من تزيّن للنّاس بما يحبّ الله ، وبارز الله في السّرّ بما يكره ، لقي الله وهو عليه غضبان ، له ماقت » (١).

إنّ العمل إذا كان رياء لا يقصد به وجه الله ، فإنّه يعود على صاحبه بمقت الله تعالى وغضبه.

١٦٦

عقاب مدمن الخمر

قال الإمام 7 : حدّثني رسول الله 6 قال :

« أشهد بالله ، وأشهد لله لقد قال لي جبرئيل : يا محمّد ، إنّ مدمن الخمر كعابد الأوثان » (٢).

واهتمّ الإسلام كأشدّ ما يكون الاهتمام بالصحّة العامّة لجميع الناس ، ومن اهتمامه البالغ تحريمه لشرب الخمر ، وعدّ الشارب كعابد الوثن ، فإنّ الخمر له مضاعفاته السيّئة على الصحّة ، فإنّ الكحول تتسرّب إلى الدم ، وتوجب انهيار الصحّة ، كما تقضي على مادة الببسين الذي هو في بصاق الإنسان والمساعد على هضم الطعام ، ولذلك يشكو الكثيرون من المدمنين من الآلام القاسية في جهازهم الهضمي ، وقد بحثنا بصورة مفصلة عن أضراره الفظيعة في كتابنا ( العمل وحقوق

__________________

(١) قرب الاسناد : ٤٥.

(٢) حلية الأولياء ٣ : ٢٠٤.


العامل في الإسلام ).

١٦٧

موبقات ومنجيات

قال رسول الله 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، ثلاث موبقات ، وثلاث منجيات :

فأمّا الموبقات : فهوى متّبع ، وشحّ مطاع ، وإعجاب المرء بنفسه.

وأمّا المنجيات : فالعدل في الرّضى والغضب ، والقصد في الغنى والفقر ، وخوف الله في السّرّ والعلانية كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك » (١).

وهذه الموبقات والمنجيات مشتقّة من صميم الواقع ، فقد عرضها النبيّ 6 للإمام 7 لتكون منهاجا للأمّة.

١٦٨

خصال مذمومة وخصال كريمة

كان من وصايا النبيّ 6 إلى باب مدينة علمه الإمام أمير المؤمنين 7 هذه الوصيّة القيّمة :

« يا عليّ ، أنهاك عن ثلاث خصال عظام : الحسد والحرص والكذب.

يا عليّ ، سيّد الأعمال ثلاث خصال : إنصافك النّاس من نفسك ،

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٤ : ٦٣.


ومواساتك الأخ في الله عزّ وجلّ ، وذكرك الله تبارك وتعالى على كلّ حال.

يا عليّ ، ثلاث فرحات للمؤمن في الدّنيا : لقى الإخوان ، والإفطار من الصّيام ، والتّهجّد من آخر اللّيل.

يا عليّ ، ثلاث من لم تكن فيه لم يقم له عمل : ورع يحجزه عن معاصي الله عزّ وجلّ ، وخلق يداري به النّاس ، وحلم يردّ به جهل الجاهل.

يا عليّ ، ثلاث من حقائق الإيمان : الإنفاق في الإقتار ، وإنصاف النّاس من نفسك ، وبذل العلم للمتعلّم.

يا عليّ ، ثلاث خصال من مكارم الأخلاق : تعطي من حرمك ، وتصل من قطعك ، وتعفو عمّن ظلمك » (١).

وهذه الوصية من مناجم التربية الاسلامية الهادفة إلى ايجاد مجتمع متكامل في سلوكه وآدابه.

١٦٩

المحاسن والقبائح

قال 7 : قال النّبيّ 6 :

« ثلاث يحسن فيهنّ الكذب : المكيدة في الحرب ، وعدتك زوجتك ، والإصلاح بين النّاس.

وقال : ثلاث يقبح فيهنّ الصّدق : النّميمة ، وإخبارك الرّجل عن أهله بما يكرهه ، وتكذيبك الرّجل عن الخبر.

__________________

(١) الخصال ١ : ٦٢.


وقال : ثلاثة مجالستهم تميت القلب : مجالسة الأنذال ، والحديث مع النّساء ، ومجالسة الأغنياء » (١).

وحكى هذا الحديث محاسن الأخلاق ومكارم الآداب ، كما حكى الخصال الذميمة التي يشقى بها الإنسان.

١٧٠

اعطيت ما لم يعط أحد

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« اعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء.

فقلنا : يا رسول الله ، ما هو؟

قال : نصرت بالرّعب ـ أي في نفوس المشركين ـ ، واعطيت مفاتيح الأرض ، وسمّيت أحمد ، وجعل التّراب لي طهورا ، وجعلت أمّتي خير الامم » (٢).

لقد امتاز النبيّ 6 على جميع الأنبياء بمكوّناته النفسية وبما وهبه الله له من الفضائل التي لا تحصى.

١٧١

التقيّة

روى الإمام 7 عن النبيّ 6 أنّه قال :

__________________

(١) الخصال ٢ : ٤٣.

(٢) مجمع الزوائد ١ : ٢٦٠ ـ ٢٦١.


« لا دين لمن لا تقيّة له » (١).

وشرّع الإسلام التقيّة حفظا لدماء المسلمين وأرواحهم ، وقد مرّت على شيعة أهل البيت ظروف عصيبة ولو لا التزامهم بالتقية لم تبق لهم باقية.

١٧٢

حلّية المتعة

اجتمع الإمام 7 مع عثمان بن عفان بعسفان ، فكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة ، فقال عليّ :

« ما تريد إلى أمر فعله رسول الله 6 ، تنهى عنها ».

فقال عثمان : دعنا منك (٢).

وشرّع الإسلام المتعة ، ونطق القرآن بحلّيّتها إلاّ أنّ عمر ومن سار على خطّه حرّمها.

وأمّا أئمّة الهدى فقد أباحوها مستندين إلى كتاب الله تعالى ، وإنّ آية الحلّ غير منسوخة.

وقد تعرّض بصورة موضوعية علماء الإمامية إلى جوازها (٣).

__________________

(١) كنز العمّال ٣ : ٩٦.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٥٦ ، رقم الحديث ٧٥٨.

(٣) يراجع في حلّيتها إلى ما كتبه الحجّة السيّد محمّد تقي الحكيم والعلاّمة توفيق الفكيكي ، وغيرهما.


١٧٣

منى

قال 7 :

« إنّ رسول الله 6 أتى المنحر بمنى فقال : هذا المنحر ، ومنى كلّها منحر » (١).

إنّ منى هي من المواقف التي يجب على الحاجّ أن يقف بها ، وفي اليوم العاشر من ذي الحجّة ـ وهو يوم العيد ـ يجب عليه أن يضحّي ، وفي مكان منى مكان مخصوص للذبح ، وقد توسّع النبيّ 6 فجعل جميع منى مكانا لذبح الهدي.

١٧٤

الزكاة

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« فيما سقت السّماء ففيه العشر ، وما سقي بالغرب (٢) والدّالية ففيه نصف العشر » (٣).

على ضوء هذا الحديث وغيره ممّا اثر عن أئمّة الهدى : أفتى فقهاء الإمامية في مقدار الزكاة ، فإنّ كانت الغلّة تسقى من ماء المطر ففيها العشر ، وإن كانت تسقى بالواسطة ففيها نصف العشر.

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٢٣ ، رقم الحديث ٥٦٣.

(٢) الغرب : الدلو العظيمة التي تتخذ من جلد الثور.

(٣) المنتقى ١٩٩٥. مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢٣٥ ، رقم الحديث ١٢٤٤.


١٧٥

إبل الصدقة

قال 7 :

« مرّت إبل الصّدقة على رسول الله 6 فأهوى بيده إلى وبرة من جنب بعير ، فقال : ما أنا أحقّ بهذه الوبرة من رجل من المسلمين » (١).

وهذا غاية العدل الذي لا مثيل له في تاريخ الامم والأديان ، لقد أسّس النبيّ 6 معالم المساواة ، وحطّم الامتيازات ودعا إلى العدل بكلّ افقه ومفاهيمه.

١٧٦

الغنم والحرث

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« عليكم بالغنم والحرث ، فإنّهما يغدوان بخير ، ويروحان بخير » (٢).

وحرّض الرسول 6 على الزراعة وجنيان الأغنام فإنّهما من المصادر الأوّليّة للثراء والنعمة.

١٧٧

الذبيحة لغير الله

قال الإمام 7 : إنّ رسول الله 6 قال :

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٨٨ ، رقم الحديث ٦٦٧.

(٢) المحاسن : ٥٥٣.


« لعن الله من ذبح لغير الله ، لعن الله من تولّى غير مواليه ، لعن الله من غيّر منار الأرض ، لعن الله من عقّ والديه » (١).

لقد لعن رسول الله 6 هؤلاء الاصناف لأنهم لا علاقة لهم بالله ، وبعضهم من المفسدين ، وهم من غيّروا منار الأرض ، وذلك بتغييرهم للسنة القائمة والمناهج الكريمة.

١٧٨

حيوانات لا يضحّى بها

قال 7 :

« نهى رسول الله 6 أن يضحّى بالمقابلة ، أو بمدابرة ، أو شرقاء ، أو خرقاء ، أو جدعاء » (٢).

أمّا الحيوانات التي لا يضحّى بها حسب هذا الحديث ، هي :

١ ـ المقابلة : وهي التي يقطع من طرف اذنها شيء ثمّ يترك معلّقا.

٢ ـ المدابرة : وهي التي قطع من مؤخر اذنها ثمّ يترك معلّقا.

٣ ـ الشرقاء : المشقوقة الاذن باثنتين.

٤ ـ الخرقاء : التي في اذنها ثقب مستدير.

٥ ـ الجدعاء : المقطوعة الاذن أو الأنف أو الشفة.

ـ روى الإمام عن النبيّ 6 أنّه نهى أن يضحّى بعضباء القرن والاذن (٣).

__________________

(١) مستدرك الحاكم ٤ : ١٥٣.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٤١ ، رقم الحديث ٦٠٩.

(٣) المصدر السابق : ٥٢ ، رقم الحديث ٦٣٣.


المراد من عضباء القرن مكسورة القرن ، وعضباء الاذن مشقوقة الاذن.

١٧٩

رفع القلم عن ثلاثة

قال 7 : إنّ النبيّ 6 قال :

« رفع القلم عن ثلاثة : عن النّائم حتّى يستيقظ ، وعن المعتوه ـ أو قال :

المجنون ـ حتّى يعقل ، وعن الصّغير حتّى يشبّ » (١).

والمرفوع في هذا الحديث الحكم التكليفيّ عن هؤلاء الأشخاص دون الحكم الوضعي كالضمان وغيره.

١٨٠

الأمان من الغرق

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« يا عليّ ، أمان لامّتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الرّحمن ( وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (٢) ، ( بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) (٣) » (٤).

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٩٧ ، رقم الحديث ٩٥٦.

(٢) الزمر : ٦٧.

(٣) هود : ٤١.

(٤) عيون الأخبار ١ : ١٣٧.


إن الأدعية التي أثرت عن النبيّ 6 ، وعن أهل بيته لها أثرها الحاسم في دفع المكروه والوقاية من الشر ، وقد دلت التجارب على ذلك.

١٨١

رؤية الهلال

من وصايا النبيّ 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، إذا رأيت الهلال فكبّر ثلاثا وقل : الحمد لله الّذي خلقني وخلقك ، وقدّرك منازل ، وجعلك آية للعالمين » (١).

إنّ الهلال آية من آيات الله تعالى ، فهو يسبّح في الفضاء كما تسبّح بقيّة الكواكب والمجرّات ، ومن نظر إلى الهلال فليذكر الله ويكبّره على ما فيه من العجائب في بداية غزوه وفي تدرجه حتى يستدير ثم يأخذ بالنقصان بالاضافة إلى ما له من الآثار الوضعيّة في جزر البحور ومدها فتبارك الله أحسن الخالقين.

١٨٢

النظر في المرآة

من وصايا النبيّ 6 للإمام 7 :

« يا عليّ ، إذا نظرت في مرآة فكبّر ثلاثا ، وقل : اللهمّ كما حسّنت خلقي فحسّن خلقي » (٢).

ودعا الإسلام إلى حسن الأخلاق الذي هو من أهم الركائز الاجتماعية في

__________________

(١) تحف العقول : ١٠.

(٢) المصدر السابق : ١١.


الحياة الإسلامية.

١٨٣

النظر إلى المجذومين

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« لا تديموا النّظر إلى المجذّمين ، وإذا كلّمتموهم فليكن بينكم وبينهم قيد رمح » (١).

من تعاليم النبيّ 6 الصحية النهي المشدّد عن مجالسة المجذومين والاختلاط بهم ، فإنّ الجرائيم والميكروبات سريعة الانتقال منهم إلى من جالسهم واختلط بهم ، فلذا أمر النبيّ 6 بالابتعاد عنهم.

١٨٤

حثو التراب على الميّت

قال الإمام أمير المؤمنين 7 : سمعت رسول الله 6 يقول :

« من حثا على ميّت ، وقال : إيمانا بك ، وتصديقا ببعثك ، هذا ما وعد الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله أعطاه الله بكلّ ذرّة حسنة » (٢).

وهذه الكلمات تنمّ عن واقع الإيمان ، والرضا بما كتب الله تعالى. كما أن حثو التراب على الميّت من الآداب الإسلامية التي حثّ عليها الإسلام.

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢٨ ، رقم الحديث ٥٨١.

(٢) وسائل الشيعة ٢ : ٨٥٥.


١٨٥

مفارقة الأحباب

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« قال لي جبرئيل : أحبب من شئت فإنّك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنّك ملاقيه ، وعش ما شئت فإنّك ميّت » (١).

وحفلت هذه الكلمات الرائعة بما يلي.

١ ـ إنّ كلّ إنسان لا بدّ أن يفارق سواء أكان أخاه أم صديقه ، وسواء أحب شيئا من متع الدنيا ، فإنّه لا بدّ من مفارقته لها.

٢ ـ إنّ جميع ما يعمله الإنسان من خير أو شر لا بدّ أن يلاقي جزاءه في قبره وحشره قال الله تعالى : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ) (٢).

٣ ـ ان الإنسان مهما عاش وقطع من السنين لا بدّ أن يفارق الحياة يقول الشاعر :

كل ابن انثى وإن طالت سلامته

يوما على آلة حدباء محمول

١٨٦

التأمّل في المواعظ

روى الإمام 7 عن رسول الله 6 أنّه قال :

« لقد سبق إلى جنّات عدن أقوام ، ما كانوا أكثر النّاس صلاة ولا صياما

__________________

(١) حلية الأولياء ٣ : ٢٠٢.

(٢) النجم : ٣٩ ـ ٤٠.


ولا اعتمارا ـ أي الاتيان بالعمرة ـ ، ولكنّهم عقلوا عن الله مواعظه فوجلت قلوبهم ، واطمأنّت إليه النّفوس ، وخشعت منه الجوارح ، ففاقوا الخليقة بطيب المنزلة ، وبحسن الدّرجة عند النّاس ، وعند الله في الآخرة » (١).

إنّ التأمّل والتدبّر في المواعظ ممّا يوجب صلاح النفس واستقامتها وإقبالها على طاعة الله تعالى ، واجتناب معاصيه ، وقد أعدّ الله المنزلة الكريمة في الفردوس الأعلى للمتّعظين.

١٨٧

أربعة تذهب ضياعا

من وصايا النبيّ 6 للامام 7 :

« يا عليّ ، أربعة تذهب ضياعا : الأكل على الشّبع ، والسّراج في القمر ، والزّرع في السّبخة ، والصّنيعة عند غير أهلها » (٢).

إنّ صنع هذه الامور تذهب ضياعا ولا أثر لها ، وقد اعطانا الرسول الأعظم 6 بذلك منهجا كاملا للحياة ، وصاغ لنا الأساليب التي نعملها وننجح بها.

١٨٨

أنواع الكلام

روى الإمام 7 عن رسول الله 6 أنّه قال :

__________________

(١) كنز العمّال ٣ : ١٤٩.

(٢) الخصال ١ : ١٢. الوسائل ٦ : ٥٣٣.


« الكلام ثلاثة : فرابح ، وسالم ، وشاحب.

فأمّا الرّابح فالّذي يذكر الله.

وأمّا السّالم فالّذي يقول : ما أحبّ الله.

وأمّا الشّاحب فالّذي يخوض في النّاس » (١).

قسّم الرسول الأعظم 6 الكلام إلى ثلاثة أنواع : وذكر خصائصها ، وما يترتب عليها من آثار.

١٨٩

سريرة الإنسان وعلانيته

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« يا عليّ ، ما من عبد إلاّ وله جوّانيّ وبرّانيّ (٢) ، فمن أصلح جوّانيّه أصلح الله برّانيّه ، ومن أفسد جوّانيّه أفسد الله برّانيّه ، وما من أحد إلاّ له صيت في أهل السّماء وضع له ذلك في أهل الأرض ، فإذا ساء صيته في أهل السّماء وضع له ذلك في الأرض » (٣).

إنّ للإنسان صورتين : سريرته ، وما يطويه في أعماق نفسه ودخائل ذاته ، وظاهره ، وهو ما يظهره للناس وإن كان مخالفا لما انطوت عليه سريرته ، فإذا حسنت سريرته أصلح الله شأنه ، ورفع مكانه ، وإذا ساءت سريرته فلا نصيب له عند الله.

__________________

(١) بحار الأنوار ٧١ : ٢٨٩.

(٢) الجواني : السريرة. البراني : العلانية والظاهر.

(٣) أمالي الطوسي ٢ : ٧٣.


١٩٠

الاهتمام بالرزق

روى الإمام 7 عن النبيّ 6 أنّه قال :

« يا عليّ ، لا تهتمّ لرزق غد فإنّ كلّ غد يأتي رزقه » (١).

إنّ الله تعالى قد تكفّل أرزاق عباده ، فلا تذهب نفس الإنسان حسرات على رزق مستقبل حياته.

١٩١

رأس العقل خصلة

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« رأس العقل بعد الإيمان بالله عزّ وجلّ التّحبّب إلى النّاس » (٢).

حكى الحديث أهمية المداراة بين الأفراد ، مع تأكيده على ضرورة تكوين العلاقات الاجتماعية الحميمة. ومن الواضح أنّ غياب التحبّب يورث بين الناس الشكّ والارتياب.

١٩٢

الذهب والحرير

قال 7 :

« أخذ رسول الله 6 ذهبا بيمينه وحريرا بشماله ، فقال : هذا حرام

__________________

(١) تحف العقول : ١٤.

(٢) الخصال ١ : ١٥.


على ذكور أمّتي » (١).

وقد أخذ فقهاء الإمامية بهذه الرواية وبأمثالها ممّا روي عن أئمّة الهدى : فأفتوا بحرمة لبس الذهب والحرير للرجال دون النساء.

١٩٣

بيع غلامين أخوين

قال 7 :

« أمرني رسول الله 6 أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما ، ففرّقت بينهما ، فذكرت ذلك للنّبيّ 6 ، فقال : أدركهما فأرجعهما ، ولا تبعهما إلاّ جميعا » (٢).

وقد أشفق النبيّ 6 على الأخوين فكره مفارقتهما لأنّها تؤدي إلى شيوع الحزن في أنفسهما ، وهذه الجنبة الإنسانية هي التي دفعت الرسول 6 إلى فسخ البيع.

١٩٤

الورد

قال 7 :

« حباني رسول الله 6 بالورد بكلتا يديه ، فلمّا أدنيته إلى أنفي قال :

__________________

(١) سنن النسائي ٢ : ٢٨٥. سنن ابن ماجة ٢ : ١٩٦.

(٢) مجمع الزوائد ٤ : ١٠٧.


أما إنّه سيّد ريحان الجنّة بعد الآس » (١).

الورد من أجمل النباتات التي خلقها الله ، في روعة منظره ، وجمال صورته ، وبديع رائحته ، كلّ ذلك ممّا يدل على عظمة الخالق العظيم.

١٩٥

الفاكهة الجديدة

قال الإمام 7 :

« كان النّبيّ 6 إذا رأى الفاكهة الجديدة قبّلها ووضعها على عينيه وفمه ثمّ قال : اللهمّ كما أريتنا أوّلها في عافية فأرنا آخرها في عافية » (٢).

الفاكهة نعمة من نعم الله تعالى وهبة لعباده ، تستوجب الشكر والثناء على الله.

١٩٦

الأكل على الجنابة

قال 7 :

« نهى رسول الله 6 عن الأكل على الجنابة ، وقال : إنّه يورث الفقر » (٣).

والنهي في الحديث محمول على الكراهة لا على الحرمة ، وقد علّل الأكل على الجنابة أنّه يورث الفقر.

__________________

(١) و (٢) وسائل الشيعة ١ : ٤٦١.

(٣) من لا يحضره الفقيه ١ : ٤٧.


١٩٧

غسل جميع البدن من الجنابة

قال الإمام 7 : إنّ رسول الله 6 قال :

« من ترك موضع شعرة من جسده من جنابة لم يغسله ، فعل به كذا وكذا من النّار ، قال عليّ : فمن ثمّ عاديت شعري » ، وكان يجز شعره (١).

يجب استيعاب غسل جميع البدن في غسل الجنابة ، فمن ترك شعرة من بدنه لم يغسلها فان غسله باطل ، وبهذا أفتى فقهاء الامامية.

١٩٨

البول تحت الشجرة

قال 7 :

« نهى رسول الله 6 أن يبول أحد تحت شجرة مثمرة أو على قارعة الطّريق » (٢).

لقد كره النبيّ 6 البول تحت الشجرة المثمرة لأنّه يؤدي إلى تلوّث الثمرة ، وهذا الحكم من الوصايا الصحّية التي شرّعها الإسلام ، ولو كانت الشجرة في غير فصل ثمرها. فقد ذهب بعض علماء الاصول إلى كراهة التبوّل ؛ لأنّ المشتقّ حقيقة فيمن تلبس بالمبدإ فعلا ومن انقضى عنه المبدأ.

وذهب جماعة آخرون إلى عدم الكراهة ؛ لأنّ المشتقّ حقيقة فيمن تلبّس بالمبدإ فعلا دون غيره.

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٦٣ ، رقم الحديث ٧٩٢.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩٤. وسائل الشيعة ١ : ٢٣٠.


١٩٩

البول في النهر الجاري

جاء في وصيّة النبيّ 6 للإمام أمير المؤمنين 7 :

« وكره البول على شفا نهر جار » (١).

وهذا الحكم من الاحكام الصحّية التي شرعها الإسلام ، فإنّ البول في النهر الجاري ممّا يوجب تلوّث الماء ، وهو ممّا يؤدّي إلى انتشار الأمراض كالبلهارزيا ، وأمثالها.

٢٠٠

البول قائما

روى الإمام 7 عن النبيّ 6 :

« البول قائما من غير علّة من الجفاء » (٢).

أنّ بول الإنسان وهو قائم ممّا يوجب أن يمسّ جسده وثيابه ثرثار البول. الأمر الذي يوجب نجاسة بدنه وثيابه ، وهو ممّا يتنافى مع ما يريده الإسلام من إشاعة النظافة التي هي من الإيمان ـ كما في الحديث.

٢٠١

تارك الوضوء

روى الإمام 7 عن النبيّ 6 :

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٥.

(٢) المصدر السابق ١ : ١٠.


« أنّ ثمانية لا تقبل صلاتهم ، وعدّ منهم تارك الوضوء » (١).

إنّ الوضوء من الشروط الواقعية لا العلمية في صحّة الصلاة ، ففي الحديث « لا صلاة إلاّ بوضوء » ، والنفي في الحديث للماهية.

٢٠٢

دخول الحمام بمئزر

جاء في وصيّة الرسول 6 إلى الإمام عليّ 7 :

« إنّ الله كره لامّتي ـ وعدّ خصالا ، منها : ـ دخول الحمّام إلاّ بمئزر » (٢).

من الآداب التي شرّعها الإسلام عدم دخول الحمّام إلاّ بمئزر ؛ لأنّه لو دخل بلا مئزر لكان بادي العورة ، فإن رآه أحد فهو محرّم عليه ، بالإضافة إلى منافاته للآداب العامّة التي يحرص الإسلام على إشاعتها بين الناس.

٢٠٣

الخضاب

جاء في وصيّة النبيّ 6 للإمام أمير المؤمنين 7 :

« يا عليّ ، درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم ينفق في سبيل الله ، وفيه أربع عشرة خصلة ، والّتي منها : جلاء البصر ، وذهاب الغشيان » (٣).

أمّا الخضاب فهو زينة الرجل ، وبه تظهر الفتوّة ، وتذهب غائلة الشيخوخة.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١ : ٢٥٩.

(٢) المصدر السابق : ٣٦٩.

(٣) ارشاد المفيد : ٢٦٩.


٢٠٤

السواك

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« إنّ أفواهكم طرق القرآن فطهّروها بالسّواك » (١).

السواك مطهّر للفم ومعقّم له ، وهو من المناهج الصحّيّة التي تبنّاها الإسلام ،

وفي الحديث : « لو لا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسّواك » ، والأمر ـ في الحديث ـ هو الحكم الإلزامي.

٢٠٥

الطهور مفتاح الصلاة

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« مفتاح الصّلاة الطّهور ، وتحريمها التّكبير ، وتحليلها التّسليم » (٢).

أمّا الطهور فهو مفتاح الصلاة ومن مقدّماتها الواقعية ، فلا تصحّ إلاّ به. وفي الحديث : « لا صلاة إلاّ بطهور » ، والنفي للماهية.

وأمّا بداية الصلاة ففي تكبيرة الإحرام ، فبها يحرم الكلام وغيره من منافيات الصلاة ، وبالتسليم الأخير يحلّ للمصلّي ما حرّم عليه بتكبيرة الإحرام.

__________________

(١) حلية الأولياء ٤ : ٢٩٦.

(٢) المصدر السابق ٧ : ١٢٤.


٢٠٦

إخراج أهل نجران من الجزيرة

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« يا عليّ ، إن أنت وليت هذا الأمر فأخرج أهل نجران من جزيرة العرب » (١).

لقد عهد النبيّ 6 إلى الإمام إذا ولي الخلافة أن يخرج نصارى نجران من جزيرة العرب لأنّهم كانوا مبعث فتنة وشقاء بين المسلمين.

٢٠٧

دعوة المظلوم

قال 7 : قال رسول الله 6 :

« يا عليّ ، اتّق دعوة المظلوم ، فإنّما يسأل الله حقّه ، وإنّ الله لم يمنع ذا حقّ حقّه » (٢).

إنّ دعوة المظلوم لا تردّ ، وإنّ الله تعالى الذي يحكم بين عباده بالحق لا يرد دعوة المظلوم ، وإنّه للظالم بالمرصاد لا بدّ أن ينتقم منه إن عاجلا أو آجلا.

٢٠٨

المقتول دون ماله

روى الإمام عن رسول الله 6 أنّه قال :

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٨٧ ، رقم الحديث ٦٦١.

(٢) حلية الأولياء ٣ : ٢٠٢.


« من قتل دون ماله فهو شهيد » (١).

أضفى النبيّ 6 الشهادة على من يقتل دون ماله فإنّه يكون شهيدا في حكمه وأجره لا في الآثار الاخرى التي تترتّب على الشهيد من عدم تغسيله ومن دفنه بثيابه فإنّ هذه الآثار لا تترتّب عليه.

وبهذا نطوي الحديث عن مسند الإمام 7 ، وهو بعض ما يرويه عن النبيّ 6 ، كما أنّ فيه كوكبة من الأحاديث هي من وصايا النبيّ 6 ، وقد بذلت في جمعها جهدا شاقا سائلا من الله تعالى أن يتقبّل ذلك ، وأن يثيبنا عليه ، وأن يوفّقنا لإكمال هذه الموسوعة عن حياة بطل الإسلام ، وباب مدينة علم النبيّ 6

إنّه تعالى وليّ التوفيق

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٣١ ، رقم الحديث ٥٩٠.


المحتويات

تقدم........................................................................... ٩

اضواء على السّنّة المحمّديّة

١٣ ـ ٢١

مسند الإمام

٢٣ ـ ١٤٢

إصابة السّنّة ................................................................ ٢٥

العمل بالسّنّة ............................................................... ٢٦

العلم ...................................................................... ٢٦

تعلّم وتعليم القرآن .......................................................... ٢٧

طلب العلم ................................................................. ٢٧

طلب العلم عبادة ........................................................... ٢٨

طلب العلم لله .............................................................. ٢٩

طلب العلم لمجادلة العلماء .................................................... ٢٩

مداد العلماء ................................................................ ٣٠

منهومان لا يشبعان ......................................................... ٣٠


الفقيه ..................................................................... ٣١

العالم المطاع ................................................................ ٣١

فضل العقل ................................................................ ٣٢

الجهل والعقل ............................................................... ٣٢

العالم بين الجهّال ............................................................ ٣٣

كتمان العلم ............................................................... ٣٣

الفتوى بغير علم ............................................................ ٣٤

حقيقة الإيمان ............................................................... ٣٤

توحيد الله .................................................................. ٣٥

كلمة لا إله إلاّ الله .......................................................... ٣٥

نعمة التوحيد ............................................................... ٣٦

طاعة الله ................................................................... ٣٦

حسن الظنّ بالله ............................................................ ٣٧

التمنّي لرضا الله ............................................................ ٣٧

ما يقرّب الإنسان إلى الله .................................................... ٣٨

الله غفّار ................................................................... ٣٨

الرسول 6 يعمّم الإمام 7 ............................................ ٣٩

زيارة النبيّ 6 لعليّ 7 ................................................ ٣٩

وصية النبيّ 6 للإمام 7 .............................................. ٤٠

وصية اخرى للنبيّ 6 ................................................... ٤١

من وصايا النبيّ 6 للإمام 7 ........................................... ٤٢

من وصايا الرسول 6 للإمام 7 ........................................ ٤٢


وصية النبيّ 6 لخالد .................................................... ٤٣

الدّين قبل الوصيّة ........................................................... ٤٤

ترك الوصية ................................................................ ٤٤

دعاء النبيّ 6 للإمام 7 ............................................... ٤٥

دعاء النبيّ 6 في سفره .................................................. ٤٥

دعاء النبيّ 6 .......................................................... ٤٦

دعاء النبيّ 6 في آخر الوتر .............................................. ٤٧

صلاة النبيّ 6 .......................................................... ٤٧

الصلاة الوسطى ............................................................ ٤٩

تأخير النبيّ 6 للصلاة الوسطى ........................................... ٤٩

ذكر النبيّ 6 في ركوعه ................................................. ٥٠

من أخلاق الرسول 6 .................................................. ٥٠

ترحّم النبيّ 6 على خلفائه ............................................... ٥١

حوض النبيّ 6 وشفاعته ................................................ ٥١

تعويذ النبيّ 6 للمرضى ................................................. ٥٢

ضمان دين النبيّ 6 ..................................................... ٥٢

آخر كلام للنبيّ 6 ..................................................... ٥٣

أقرب الناس إلى النبيّ 6 ................................................. ٥٣

أبعد الخلق عن النبيّ 6 .................................................. ٥٤

الكذب على النبيّ 6 ................................................... ٥٤

الأئمة الاثنا عشر ........................................................... ٥٥

الإمام المهدي 7 .......................................................... ٥٥


مهدي آل محمّد 7 ....................................................... ٥٦

تسبيح الزهراء 3 ........................................................ ٥٦

أفضل آية .................................................................. ٥٧

فضل أبي ذرّ 2 .......................................................... ٥٧

عمّار بن ياسر 2 ........................................................ ٥٨

عبد الله بن مسعود 2 .................................................... ٥٩

مريم وخديجة 8 ........................................................ ٥٩

مناجاة لموسى 7 ......................................................... ٦٠

الله مع بعض أنبيائه : .................................................... ٦١

من وحي الله لداود 7 .................................................... ٦٢

وصف كامل للإسلام ....................................................... ٦٢

عناصر الإسلام ............................................................. ٦٤

الضرائب الإسلامية ......................................................... ٦٤

أنواع الجهاد ............................................................... ٦٥

جهاد النفس ............................................................... ٦٥

الجهاد في الفتنة ............................................................. ٦٦

المسالمة ..................................................................... ٦٧

الحرب خدعة .............................................................. ٦٧

الصبر ..................................................................... ٦٨

علامة الصابر .............................................................. ٦٨

الدنيا سجن المؤمن .......................................................... ٦٩

مرض المؤمن ............................................................... ٦٩


أنين المريض ................................................................ ٧٠

حقوق المسلم على المسلم .................................................... ٧٠

من حقوق المسلم على المسلم ................................................. ٧١

حقوق في المال .............................................................. ٧٢

الكسب الحلال ............................................................. ٧٢

دعوات لا ترد ............................................................. ٧٣

الدعاء عند لبس الثياب ...................................................... ٧٣

بناء المساجد ................................................................ ٧٤

الجلوس في المصلّى ........................................................... ٧٤

الفقراء أصدقاء الله .......................................................... ٧٥

فقراء أهل الصّفة ........................................................... ٧٥

المنازل الرفيعة في الجنة ....................................................... ٧٦

الزهد في الدنيا ............................................................. ٧٧

مكارم الاخلاق ............................................................ ٧٧

حسن الأخلاق ............................................................. ٧٨

قضاء حوائج الناس .......................................................... ٧٩

أفضل الناس ................................................................ ٧٩

اعانة المسلم ................................................................ ٨٠

أوصاف المؤمن ............................................................. ٨١

علامات للمؤمن ولغيره ...................................................... ٨٢

حسان الوجوه .............................................................. ٨٣

صلة الرحم ................................................................ ٨٣


مواساة الإخوان............................................................. ٨٤

التودّد إلى الناس ............................................................ ٨٥

المرء مع من أحبّ ........................................................... ٨٥

خصال كريمة .............................................................. ٨٦

محاسن الصفات ............................................................. ٨٧

الآمر بالمعروف ............................................................. ٨٩

إتمام المعروف ............................................................... ٩٠

كمال المروءة ............................................................... ٩٠

الحب والبغض .............................................................. ٩١

الحلم ...................................................................... ٩١

إصلاح ذات البين .......................................................... ٩٢

الإحسان إلى المسيء ........................................................ ٩٢

العفو عن المسيء ............................................................ ٩٢

الإعانة على البرّ ............................................................ ٩٣

أبواب البرّ ................................................................. ٩٣

المبادرة لفعل الخير ........................................................... ٩٤

الرفق باليتيم والضعيف ...................................................... ٩٤

النصيحة ................................................................... ٩٥

المنجيات ................................................................... ٩٥

ظلم من لا ناصر له ......................................................... ٩٦

الأمانة ..................................................................... ٩٦

الغيرة ...................................................................... ٩٧


الكفاف ................................................................... ٩٧

فضل الصدقة .............................................................. ٩٧

القليل من الدنيا خير من الكثير ............................................... ٩٨

عدة المؤمن ................................................................. ٩٨

ترك الكلام فيما لا يعني الإنسان ............................................. ٩٩

الكلمة الحكيمة ............................................................. ٩٩

الأعمال المبعدة للشيطان ................................................... ١٠٠

الاستغفار للأبوين المشركين ................................................ ١٠٠

الاتّقاء من الغضب ........................................................ ١٠١

النهي عن الكذب ......................................................... ١٠١

النهي عن الحلف بالله ...................................................... ١٠٢

كفّ اللسان .............................................................. ١٠٢

تفريج الأزمات ........................................................... ١٠٣

ما يقول العاطس .......................................................... ١٠٣

ترك الشهوة .............................................................. ١٠٤

خصال مذمومة ........................................................... ١٠٤

حرمة البذاء والفحش ...................................................... ١٠٥

المزاح والكذب ........................................................... ١٠٦

سوء الخلق ............................................................... ١٠٦

شرّ الناس ................................................................ ١٠٧

العبس في وجوه الإخوان ................................................... ١٠٨

ذو الوجهين .............................................................. ١٠٨


ذنوب تعجّل العقوبة ....................................................... ١٠٩

من موجبات العقوبة ....................................................... ١١٠

تارك الصلاة .............................................................. ١١٠

من قواصم الظهر .......................................................... ١١١

سبعة لعنهم الله ........................................................... ١١١

أهل المعاصي .............................................................. ١١٢

الوضيع .................................................................. ١١٢

كفران النعمة ............................................................. ١١٣

الاحتكار ................................................................. ١١٣

هلاك الناس بالدرهم والدينار ............................................... ١١٤

الغيبة .................................................................... ١١٤

قساوة القلب ............................................................. ١١٤

إذلال النفس ............................................................. ١١٥

السؤال عن غنى ........................................................... ١١٥

الغضب .................................................................. ١١٦

العجلة ................................................................... ١١٦

البغي والحسد ............................................................. ١١٧

الاستخفاف بالدين ........................................................ ١١٧

المروق من الدّين .......................................................... ١١٧

الاعتصام بغير الله ......................................................... ١١٨

الاهانة باستحقاق الجماعة ................................................. ١١٩

نخوة الجاهلية ............................................................. ١١٩


التزيّن للناس .............................................................. ١٢٠

عقاب مدمن الخمر ........................................................ ١٢٠

موبقات ومنجيات ......................................................... ١٢١

خصال مذمومة وخصال كريمة ............................................. ١٢١

المحاسن والقبائح ........................................................... ١٢٢

اعطيت ما لم يعط أحد .................................................... ١٢٣

التقيّة .................................................................... ١٢٣

حلّية المتعة ................................................................ ١٢٤

منى ...................................................................... ١٢٥

الزكاة ................................................................... ١٢٥

إبل الصدقة .............................................................. ١٢٦

الغنم والحرث ............................................................. ١٢٦

الذبيحة لغير الله ........................................................... ١٢٦

حيوانات لا يضحّى بها .................................................... ١٢٧

رفع القلم عن ثلاثة ........................................................ ١٢٨

الأمان من الغرق .......................................................... ١٢٨

رؤية الهلال ............................................................... ١٢٩

النظر في المرآة ............................................................ ١٢٩

النظر إلى المجذومين ........................................................ ١٣٠

حثو التراب على الميّت ..................................................... ١٣٠

مفارقة الأحباب ........................................................... ١٣١

التأمّل في المواعظ .......................................................... ١٣١


أربعة تذهب ضياعا ....................................................... ١٣٢

أنواع الكلام ............................................................. ١٣٢

سريرة الإنسان وعلانيته ................................................... ١٣٣

الاهتمام بالرزق .......................................................... ١٣٤

رأس العقل خصلة ......................................................... ١٣٤

الذهب والحرير ........................................................... ١٣٤

بيع غلامين أخوين ........................................................ ١٣٥

الورد .................................................................... ١٣٥

الفاكهة الجديدة ........................................................... ١٣٦

الأكل على الجنابة ......................................................... ١٣٦

غسل جميع البدن من الجنابة ................................................ ١٣٧

البول تحت الشجرة ....................................................... ١٣٧

البول في النهر الجاري ..................................................... ١٣٨

البول قائما ............................................................... ١٣٨

تارك الوضوء ............................................................. ١٣٨

دخول الحمام بمئزر ........................................................ ١٣٩

الخضاب ................................................................. ١٣٩

السواك .................................................................. ١٤٠

الطهور مفتاح الصلاة ...................................................... ١٤٠

إخراج أهل نجران من الجزيرة .............................................. ١٤١

دعوة المظلوم .............................................................. ١٤١

المقتول دون ماله .......................................................... ١٤١

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ٥ و ٦ و ٧ و ٨

المؤلف: باقر شريف القرشي
الصفحات: 152