مقدمة

الحمد لله على نعمه المتواصلة وله المجد والثناء والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وآله الطيبين واللعنة الابدية على أعدائهم أجمعين الى يوم الدين.

أما بعد فيقول المؤلف «عفى الله عنه» الحاج سيد عباس المدرسي اليزدي نجل سماحة آية الله العظمى المرحوم السيد يحيى المدرسي اليزدي الطباطبائي قدس‌سره أن هذا الكتاب الذي بين أيدينا الجزء الثالث من كتاب نماذج الاصول في شرح مقالات الاصول الذي ثناه جماعة من الفضلاء والعلماء ببياناتهم الحلو من أنه لم يؤلف في القرن الأخير بمثله في أصول الفقه من التفصيل والتبيين وذكر الأقوال والمناقشة وكان اللازم تأليف مثل ذلك. وقال آخر لي بعد مطالعة الجزءين المطبوعين انك أتعبت نفسك في تأليفه فجزاك الله. وثالث انك ولد المحقق العراقي حقا بإحياء مقالاته وينبغي للحوزات العلمية أن يجعلوا منهجهم في التدريس مقالات الاصول وغير ذلك من الإفاضات الثمنية وهذا الجزء كسابقيه مملو من

.................................................................................................

______________________________________________________

كلمات الأعلام والمحققين من الاصوليين «قدس الله أسرارهم» والمناقشات وها أنا أهدي موسوعتي هذه مع سائر الأجزاء وسائر مؤلفاتي وروحي وجسمي له الفداء الإمام المنتظر المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وأن يكون ذلك ذخرا لي ولوالدي ولمؤلف المتن آية الله العظمى الشيخ ضياء الدين العراقي قدس‌سره وأرجو من الفضلاء والعلماء أن يعفوا عن عثراتي وخطاياي وأسأل الله تعالى أن يغفر لي ولوالدي كما أشكر من صاحب الفضيلة الحاج شيخ محمد الداوري «حفظه الله» الذي هو الساعي لطبع مؤلفاتي وعلى الله أجره وأجر كل ذو خير وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المؤلف

مقالة (١) في أن الأمر بالشىء يقتضى النهى عن ضده أم لا على أقوال (٢) ثالثها التفصيل بين الضد الموجود وغيره بالاقتضاء في الاول ـ دون غيره ثم (٣) ان الغرض من الاقتضاء ليس إلا الاقتضاء في عالم الثبوت وان الاقتضاء في عالم الاثبات من تبعاته (٤) ولذا ليس البحث مختصا بصورة ثبوت الأمر بلفظ

______________________________________________________

(١) النموذج العاشر في أن الأمر بالشيء مثل الازالة مثلا هل يقتضي النهي عن ضده الخاص مثل الصلاة ، او العام كتركه على نحو الاطلاق وتحقيق الكلام فيه يكون في ضمن امور.

(٢) قال الشيخ الانصاري في التقريرات ص ١٠٤ : قد اختلف انظار الاعلام في ذلك فذهب الاكثر إلى توقف الوجود على العدم وعدم توقفه على الوجود. واختار جماعة منهم السيد المحقق السلطان وشيخنا البهائى والكاظمي عدم التوقف من الطرفين ويظهر من المحقق الخونساري توقف وجود الضد المعدوم على رفع الضد الموجود وعدم توقف وجود الضد على عدم الآخر اذا كان معدوما فهو تفصيل بين وجود الضد وعدمه والتزم بالتوقف في صورة الوجود وبعدمه في صورة العدم ولازم الحاجبي والعضدي الالتزام بالتوقف من الطرفين إلخ ثم تعرض في ص ١١٧ في المقدمة الخامسة للاقوال فراجع.

(٣) الأمر الاول : في أن البحث هنا عقلى وهو ثبوت الملازمة بين فعل المأمور به وترك الضد عقلا أو من باب المقدمية ، فيكون البحث ثبوتيا لا إثباتيا.

(٤) والبحث الاثباتي وهو أن يكون الكلام في دلالة الدليل على حرمة الضد بإحدى الدلالات الثلاث من المطابقة والتضمن والالتزام من تبعاته لان المهم هو الاول يعني البحث الثبوتي وأما الثاني فلا يكون فيه فائدة.

وغيره (١) وبه (٢) نخرجه عن مباحث الالفاظ (٣) وربما يكون مثل هذا العنوان قابلا لان يجعل هذه المسألة من مبادئ الاحكام (٤) وأمكن ادراجها أيضا

______________________________________________________

(١) ومن آثار كون البحث ثبوتيا أنه يجزي البحث في فرض كون الحكم مستفادا من دليل لبي أيضا مثل الاجماع ونحوه والبحث عن الملازمة لا تختص بالدليل اللفظي.

(٢) ولاجل كون البحث ثبوتيا وأن الملازمة تكون عقلا أم لا فالبحث عقلي لا لفظي.

قال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص : ٢٥٠ ثم إن المسألة عقلية والبحث إنما هو عن اقتضاء وجوب شيء لحرمة ضده عقلا والتعبير باقتضاء الأمر في عنوان البحث وإن كان يوهم كونها من المباحث اللفظية إلا أنه لاجل كون الوجوب مدلولا للامر غالبا وإلا فكونه مستفادا من اللفظ أجنبي عما هو المهم في المقام إلخ.

(٣) الأمر الثاني إن المسألة يمكن تقريبها على وجوه ويختلف باختلافها.

(٤) منها أن يجعلها من المبادئ الاحكامية قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٣٥٩ : ويمكن أيضا أن تكون من المبادئ الاحكامية الراجعة إلى البحث عن لوازم وجوب الشيء وأنه هل من لوازمه هو حرمة ضده أم لا أي يكون أحد الحكمين مستلزما ثبوته للحكم الآخر أو ليس بمستلزم ، فإنه بعد الفراغ عن دلالة الصيغة على الوجوب اقتضت المناسبة البحث عن لوازمه بأنه هل من لوازم وجوب الشيء هو حرمة ضده أم لا أو وجوب مقدمته أم لا كما تقدم. ذكر المحقق المشكيني في الحاشية على الكفاية ج ١ ص ٢٠٥ من الكفاية المحشي : بل قد يقال بعدم انطباق الاحكامية أيضا لانها عبارة عن مسائل تكون محمولاتها من عوارض الحكم بما هو وهنا ليس كذلك لانه يعرضه بما هو

في العقليات (١) الغير المستقلة (٢) وإن كان جعلها من القواعد الكلية الواقعة في طريق استخراج أحكام كلية كما هو شأن المسائل

______________________________________________________

متعلق بالضد ولكن قد تقدم منعه في مقدمة الواجب فلا يدفع بهذا الوجه احتمال كونها مبادئ أحكامية. وقال في كلام له ص ١٣٨ : إن التضاد أيضا ينشأ من خصوصية كون المتعلقين واحدا وإلا لما كان تضاد في البين فعلم أن هذا المقدار من الخصوصية غير قادح في كون الملازمة من عوارض الحكمين إلخ. ذكر استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣١٨. لا يقال يمكن عنوان البحث بنحو يصير من المباحث الفقهية بأن يقال هل الضد يكون حراما أم لا لانا نقول وإن كان هذا ممكنا ، ولكن قد مر أن المسألة الاصولية يكون الحكم الثابت فيها ناش عن ملاكات متعددة ، وأما الفقهية هي ما يكون الحكم فيه ناشيا عن ملاك واحد مثلا وجوب الصلاة يكون ناشئا عن مصلحة فيها وهي سنخ واحد وحرمة الضد الذي يكون هو الصلاة لا يكون ملاكها مثل ملاك حرمة الاكل الذي يكون أيضا من الاضداد وهذا كله واضح.

(١) اي جعلها من المسائل الاصولية العقلية ، فإن المسألة الاصولية هي ما تقع نتيجتها كبرى للصغريات الفقهية والبحث عن ثبوت الملازمة العقلائية بين وجوب الشيء وحرمة ضده وعدمها يقع نتيجتها كبرى كذلك ، مثلا نقول الصلاة ضد للازالة وكل ضد للشيء المامور به حرام ، فالصلاة حرام على فرض ثبوت الملازمة تكون باطلة وعند عدم ثبوتها فلا.

(٢) والاحكام العقلية تارة مستقلة من دون النظر إلى الأمر الشرعي كالدور والتسلسل ونحوهما ، واخرى غير المستقلة مع النظر إلى الأمر الشرعي كالملازمة بين وجوب المقدمة مع وجوب ذيها فيحتاج إلى الأمر بذي المقدمة ومنها المقام الملازمة بين وجوب شيء وحرمة ضده فيحتاج إلى الأمر بالشيء.

الاصولية أوفق بالمقصود (١) وأيضا (٢).

______________________________________________________

(١) وبعد إمكان جعلها من المسائل الاصولية لا وجه لجعلها من المبادئ الاحكامية كما لا يخفي.

(٢) الأمر الثالث قال في الكفاية ج ١ ص : ٢٠٥ الاقتضاء في العنوان أعم من أن يكون بنحو العينية أي عين النهي عن النقيض فيكون معنى أزل النجاسة عن المسجد لا تترك الازالة أو الجزئية أي يكون معنى أزل النجاسة رجحان الفعل مع المنع من الترك أو اللزوم أي الدلالة اللفظية الالتزامية من جهة التلازم بين طلب أحد الضدين وطلب ترك الآخر أي الملازمة العقلية أو المقدمية على ما سيظهر. وقال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص : ٢٥١ واللزوم البيّن بالمعنى الاخص أو الاعم إلخ. قال القائد الخميني في التهذيب ج ١ ص : ٢٢٦ جمع بعض الاعاظم بين كون المسألة اصولية عقلية وبين تعميم الاقتضاء في العنوان إلى كونه على نحو العينيّة أو التضمن أو الالتزام بالمعنى الاخص والاعم وعلّل بأن لكل قائلا ولا يخفى ما فيه من التهافت إذ لو قلنا بأن المسائل اللغوية كالمشتق خارجة من الاصولية قال وجه للجمع بين الاصولية والتعميم لان الغرض من التعميم إدخال تمام المذاهب تحت العنوان فهنا نقول إن القول بالعينية في المسألة يجعلها من المسائل اللغوية بل القول بالتضمن والالتزام كذلك ايضا على مبني القوم لانهم يجعلون الجميع من المداليل اللفظية كما لا يخفى ، نعم لو قلنا كون المسألة لغوية لا ينافي الاصولية مع اختلاف الجهة المبحوث عنها كما مر في أول الكتاب وان كان يرتفع به هذا إلا أن الجمع بين كون المسألة عقلية وبين ذلك التعميم تهافت لان الغرض منه إدخال مذهب القائل بإحدى الدلالات اللفظية في العنوان ولا يجتمع ذلك مع جعل الدلالة عقلية إلخ. قلت : التعميم باعتبار الاقوال في المسألة وكونها عقلية أو لفظية يبتنى على تلك المسألة والقائل لم يقل بالتعميم على جميع الاقوال بل ولا على مختاره من الملازمة العقلية فلا تنافي مع سائر المسالك تكون لفظية فما أورده لا يتم والأمر سهل.

نقول إن منشأ الاقتضاء لدى القائل به تارة صرف الملازمة بين وجود ضد وعدم الآخر وأخرى دعوى مقدمية عدم أحد الضدين لوجود ضده فيدخل المسألة ح في طى مقدمات المسألة السابقة (١)

______________________________________________________

(١) فيدخل على القول بمقدمية ترك الضد لوجود الضد الآخر في المسألة السابقة لانها إحدى مصاديقها وهو التلازم بين وجوب ذي المقدمة ووجوب المقدمة. قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٣٦٠. والبحث فيه في الاقتضاء وعدمه يقع من جهتين الأولى من جهة مقدمية ترك أحد الضدين لوجود الآخر كما عليه مبني كثير منهم حيث بنوا على حرمة الضد المأمور به بمناط مقدمية ترك لفعل الضد الواجب الثانية من جهة مجرد التلازم بين وجود أحد الضدين وترك الآخر بدعوى اقتضاء هذا التلازم للتلازم بين حكميهما وصيرورة ترك الضد واجبا أيضا واقتضاء وجوب الترك بمقتضى النهى عن النقيض لحرمة فعله ولا يخفى عليك حينئذ ان النزاع من الجهة الأولى يكون صغرويا محضا فإنه بعد الفراغ عن الكبرى وهي التلازم بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته كان الكلام في اثبات الصغرى وهي مقدمية ترك أحد الضدين لوجود الآخر بخلافه في النزاع من الجهة الثانية فإنه يكون في أصل كبرى لزوم اتحاد المتلازمين في الحكم وإلّا فأصل الصغرى وهو التلازم بين وجود أحد الضدين وترك الآخر مما لا كلام فيه فهاتان الجهتان حينئذ متعاكستان في الجهة المبحوث عنها. والصحيح كما أفاده.

الأمر الرابع : قال في الكفاية ج ١ ص : ٢٠٦ إن المراد بالضد هاهنا هو مطلق المعاند والمنافي وجوديا كان أو عدميا إلخ. بشهادة إطلاقهم ضد العام على

وحيث (١) ان العقل يأبى عن اقتضاء صرف الملازمة بين الشيئين الملازمة بين حكميهما بشهادة الوجدان بأن الاشتياق إلى شيء لا يقتضي الاشتياق إلى لوازم وجوده من احتياجه إلى زمان

______________________________________________________

الترك وكما في تروك الصوم. قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٣٦٠ الضد فالظاهر ان المراد به هو مطلق المعاند الشامل للنقيض أيضا فإنه تارة يطلق ويراد به معناه الاخص وهو المعاندة بين الشيئين على نحو لا يمكن اجتماعهما في محل واحد ، مع جواز ارتفاعهما كالسواد والبياض. واخرى يطلق ويراد به مطلق المعاند الشامل للنقيض ايضا بنحو لا يجوز ارتفاعهما أيضا ، فكان إطلاقه في المقام بمعناه الاعم الشامل للنقيض لا بمعناه الاخص نعم ذلك بمعناه الاخص أيضا لا يختص بالوجوديّين كما توهم بل يعمه وما لو كان أحدهما أمرا عدميا كالترك الخاص بالنسبة إلى الفعل المطلق بل وما إذا كانا معا عدميين كما في صوم يومين منع فرض عدم قدرة المكلف خارجا إلا على أحد الصومين. وقال استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣١٩ بل يشمل المثلين أيضا أو المتزاحمين مثل صوم يومين لا يقدر المكلف على الجمع بينهما وإتيان الازيد من الواحد وكذا يشمل النقيضين لعموم ملاك البحث إلخ. وبالجملة إن الضد باصطلاح أهل المعقول الأمر الوجودي الذي لا يجتمع مع وجودي آخر في زمان واحد لكن المراد هنا مطلق المنافر الاعم من الوجودي والعدمى كما عرفت. وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٣٥٩ : أما الأمر والنهى فالظاهر أن المراد بهما يعم النفسي والغيري والاصلي والتبعي ، وقال استادنا الآملي في المنتهى ج ١ ص : ١٨ إن المراد بالشىء ما يعم الفعل والترك كما في تروك الصوم ، ولا يختص بأمر وجودي كما يوهمه ظاهر لفظ الشيء ، وهو كذاك.

(١) الأمر الخامس في بيان الضد الخاص كالصلاة حيث لو تحقق من المكلف لامتنع عليه الاتيان بالمأمور به كالازالة ، واستدلوا للاقتضاء بوجهين : الاول

.................................................................................................

______________________________________________________

لامتنع عليه الاتيان بالمأمور به كالازالة ، واستدلوا للاقتضاء بوجهين : الاول الملازمة. والثاني مقدمية عدم أحد الضدين لوجود الضد الآخر ويقع الكلام حينئذ في الملازمة. قال في الكفاية ج ١ ص ٢١٠ : وأما من جهة لزوم عدم اختلاف المتلازمين في الوجود في الحكم أي إذا كان ترك أحد الضدين ملازما لفعل الآخر كان ملازما له في الحكم فإذا كان الضد واجبا كان ترك ضده كذلك فغايته أن لا يكون أحدهما فعلا محكوما بغير ما حكم الآخر به لا أن يكون محكوما بحكمه أي وإلا ثبت الحكم بلا ملاك يقتضيه وهو ممتنع بل الثابت امتناع أن يكون أحد المتلازمين محكوما عليه بغير حكم الآخر وهو إنما يقتضي عدم الحكم على ترك الضد بغير الوجوب إذا كان حكم ضده الوجوب فلا يكون محكوما بحكم أصلا لا بالوجوب لانه بلا ملاك ، ولا بالتحريم ولو كان فيه ملاكه لانه مع وجود الضد تكليف بما لا يطاق ولا بغيرها لانه لغو وعدم خلو الواقعة عن الحكم ـ أي يشكل ما ذكر بأن يلزم خلو ترك الضد عن الحكم مع أن المعروف عدم خلو الواقعة عن الحكم الجواب ـ إنما يكون بحسب الحكم الواقعي لا الفعلي فلا حرمة للضد من هذه الجهة أيضا بل على ما هو عليه لو لا الابتلاء بالمضاد للواجب الفعلي من الحكم الواقعي. وتبعه في ذلك المحقق الماتن وغيره ، قال المحقق العراقى في النهاية ج ١ ص ٣٦٤ وح ان التلازم بين وجود أحد الضدين وترك الآخر وفي مثله نقول بان من الواضح أيضا عدم اقتضاء مجرد التلازم بين الشيئين التلازم بين حكميهما أيضا بحيث لا بد وأن يكون محكوما بحكم ملازمة كي بعد اثبات وجوب الترك بالمناط الزبور يحكم بحرمة نقيضه وهو الفعل بمقتضى النهي عن النقيض وذلك لان غاية ما يقتضيه الملازمة المزبورة إنما هو عدم كون أحدهما محكوما بما يضاد حكم الآخر لا وجوب كونه محكوما بحكمه كيف وإن دعوى سراية الحكم من أحد المتلازمين إلى الآخر مما يحكم بخلافها بداهة الوجدان والارتكاز عند طلب شيء والأمر به من حيث وضوح وقوف الطلب والأمر والحب والبغض على

أو مكان وبهذه الجهة (١) أيضا نقول بان الأمر بالطبيعة لا يقتضي سراية الاشتياق إلى الخصوصية بل ربما يكون الخصوصية مبغوضا لديه مع أنهما حيثيتان متلازمان بل ومتحدان وجودا (٢).

______________________________________________________

نفس متعلقة وعدم سرايتها منه إلى ما يلازمه من الامور الآخر بوجه اصلا

وتوضيحه أكثر من ذلك إن الضد يقارن وجوده عدم ضده للتنافي بين وجوديهما في الاجتماع والعدم ليس بشيء يتعلق به الارادة أصالة لتتعلق به تبعا في مثل الفرض وإنما يتحقق لعدم تعلق الارادة بنقيضه أعني به وجود الضد فإن إرادة الملزوم لا تستلزم إرادة لازمة إرادة تكوينية تبعية ، وإنما يلزم من وجوده وجود لوازمه تكوينا وذلك لا يستلزم إرادتها تكوينا إذا لم تشتمل على شيء من المصلحة ، ولا يقاس بمقدمة الواجب للفرق بين المتلازمين في الوجود بلا إن يتوقف وجود أحدهما على وجود الآخر وبين الملزوم ولازمه المتوقف وجود أحدهما على وجود الآخر فإن الملازمة بين الأمرين في الثانى تستلزم إرادة الملزوم إرادة لازمه تكوينا تبعا لتوقف وجود الملزوم على وجود اللازم فيصح بملاحظة الملازمة بين الارادتين تكوينا أن يقال بالملازمة بين إرادة الملزوم تشريعا وبين إرادة لازمه تشريعا أيضا ليتوقف وجود الملزوم على وجود لازمه ، وأما المتلازمان اللذان لا يتوقف وجود أحدهما على وجود الآخر فلا موجب لاستلزام إرادة أحدهما لارادة الآخر إذا لم يشتمل على غرض المريد كما أشرنا إليه.

(١) أي عدم التلازم بين الحكمين على الطبيعة وعلى الخصوصية الفردية.

(٢) كالصلاة في مكان المغصوب أو انقاذ الغريق والحريق في المكان المغصوب فالاشتياق إلى طبيعة الصلاة او الانقاذ محقق والخصوصية الفردية الملازمة لها مبغوضة مع أنهما متحدان وجودا.

فالعمدة في المقام تخيل مقدمية (١) عدم أحد الضدين لوجود ضده نظرا إلى تمانعهما في الوجود وإن وجود كل واحد من موانع وجود الآخر ومعلوم أن عدم المانع من إجراء العلة التامة وحيث عرفت من أن دخل عدم المانع بل ووجود الشرط ليس دخلا تأثيرا بل هي دخيلة في قابلية المعلول

______________________________________________________

(١) الأمر السادس في بيان مقدمية عدم أحد الضدين لوجود الضد الآخر ذكر الشيخ الانصاري في التقريرات ص ١٠٤ واحتج الاكثرون لاثبات التوقف في طرف الترك بوجهين ـ الثانى إن الضدين متمانعان عن الآخر وعدم المانع من الامور التى يتوقف عليها المعلول فعدم الضد مما يتوقف عليه وجود الآخر ـ أما الصغرى وهو التمانع بين الضدين فهو ضروري بعد تصور معنى التضاد فإن عدم اجتماعهما في الوجود مأخوذ في حقيقة التضاد فلا يجوز اتصاف المحل بأحدهما إلا بعد خلوه والفراغ عن الآخر وإلا لم يكونا ضدين. توضيحه : قال المحقق العراقى في النهاية ج ١ ص ٣٦١. فتقريب الاقتضاء إنما هو من جهة قضية المنافرة والمعاندة بين الوجودين وعدم اجتماعهما في التحقق بدعوى اقتضاء تلك المنافرة والمعاندة لمقدمية عدم الضد لوجود الضد الآخر نظرا إلى وضوح كون عدم المانع من المقدمات ومن أجزاء العلة التامة للشيء فإذا ثبت مقدمية عدمه ولوجود الضد الواجب فلا جرم يجب بوجوب مقدمى غيري بمقتضى كبرى التلازم بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته ومع وجوبه يقع فعله لا محالة بمقتضى النهى عن النقيض حراما ومنهيا عنه. وهذا هو المشهور بينهم في الاستدلال.

للوجود (١) كما فصلنا الكلام فيه في باب المقدمة لا يبقى مجال منع المقدميّة باستحالة مؤثرية العدم في الوجود لعدم سنخية بينهما كيف ولازم

______________________________________________________

(١) إشارة إلى إيراد على الاستدلال ، والجواب عنه أما ملخص الايراد بمنع المقدمية نظرا إلى انتفاء السنخيّة بين الوجود والعدم واستحالة كون العدم من مقدمات وجود الشيء وأجزاء علته ويظهر ذلك من بعضهم منها ما. أورد عليه المحقق الاصفهانى في النهاية ج ١ ص ٢٢٤ ، وأما تأثير الوجود في العدم بنحو السببية فهو غير معقول لان الاثر لا بد من أن يكون من سنخ مؤثره بل العلية والاستناد المذكور ان في باب عدم المعلوم بعدم علته فهو أيضا تقريب وإلا فلا علية في الاعدام فضلا عن علية الوجود للعدم بل نقول على التحقيق المتقدم إن مانعية الضد إما عن وجود الضد الآخر معه كما هو لازم التضاد فعدمه مستند إلى عم قابلية المحل لهما ذاتا لا تأثير للضد في عدم ضده وأما عن وجود الضد بدلا عنه فمانعية الضد مستحيلة للزوم الخلف أو الانقلاب لانه مع فرض وجوده يعقل ترتب المانعية عليه ففرض وجود الآخر ح بدلا عن وجود ما هو مفروض الوجود خلف أو انقلاب فما نعنيه الضد على أي حال غير معقولة وإنما المعقول مانعية سبب أحدهما عن تأثير سبب الآخر ، ونظير ذلك أورد عليه المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢٥٥ (إلى أن قال) : عدم المانع فدخله باعتبار أن المانع يزاحم المقتضى في تأثيره ويمنعه عن ذلك كالرطوبة المانعة من تأثير النار في الاحراق فدخله إنما هو لاجل مانعية وجوده وإلا فلا معى لتأثير العدم في الوجود وكونه من أجزاء علته بداهة استحالة تأثير الاعدام في شيء أو تأثرها منه ومن الواضح أن المانعية إنما تتحقق في فرض وجود المقتضى

.................................................................................................

______________________________________________________

مع بقية الشرائط ليستند عدم المعلول إلى وجود المانع فلو فرض عدم المقتضى أو عدم الشرائط فاستناد عدم المعلول إلى وجود المانع مما لا يتوهمه أحد مثلا إذا فرضنا عدم وجود النار في العالم أصلا أو كانت ولم تكن مماسة للجسم القابل للاحراق فلو ادعى أحد أن عدم احتراق الجسم في هذا الفرض مستند إلى وجود المانع عن الاحتراق لكانت الدعوى مما يضحك الثكلى فالمانع إنما يتصف بالمانعية عند وجود المقتضي مع بقية الشرائط وإلا فلا يتصف بالمانعية ليكون عدمه من مقدمات وجود المعلول ويترتب على ذلك أنه يستحيل أن يكون وجود أحد الضدين مانعا من وجود الآخر بداهة أنه عند وجود أحد الضدين يستحيل وجود المقتضى للضد الآخر فعدمه مستند إلى عدم مقتضيه لا إلى وجود ضده وهذا بالنسبة إلى إرادة شخص واحد في غاية الوضوح لاستحالة تحقق إرادة كل من الضدين في آن واحد. وأما بالنسبة إلى إرادة شخصين للضدين فلان إحدى الارادتين تكون مغلوبة للارادة الأخرى فلا تكون متصفة بصفة الاقتضاء فيكون وجودها كعدمها لعدم القدرة على متعلقها إلى أن قال فاتضح أن المانع المتوقف على عدمه وجود المعول هو ما كان مزاحما لتأثير المقتضى أثره عند اجتماع شرائطه وهذا المعنى مفقود في الضدين

هذا الكلام (١) اخراج عدم المانع كلية عن إجراء العلة وهو كما ترى.

______________________________________________________

(١) هذا هو الجواب عن الإيراد وذكر المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٣٦١ ولكن فيه ما تقدم سابقا من ابتناء هذا الاشكال على اتحاد المقدمات طرا في كيفية الدخل في وجود المعلول ورجوع دخل الجميع إلى المؤثرية والمتأثرية كما في المقتضى فإنه على هذا المبنى لا محيص من إخراج عدم المانع بقول مطلق عن المقدمات وعن كونه من أجزاء العلة التامة نظرا إلى انتفاء السنخية بين الوجود والعدم وامتناع تأثير العدم في الوجود وإلا فبناء على اختلاف المقدمات في كيفية الدخل في المعلول ورجوع بعضها إلى كونها معطيات الوجود كما في المقتضى ورجوع بعضها الآخر إلى كونها معطيات الحدود للوجود والقابلية كما في الشرط وعدم المانع على ما شرحناه سابقا ، فلا مجال للمنع عن مقدمية عمد الضد بالبيان المزبور. وتقدم ذلك مفصلا ، وأجاب الكفاية عن أصل الاستدلال بالمقدمية ج ١ ص ٢٠٦ بقوله : وذلك لان المعاندة والمنافرة بين الشيئين ـ أي استحالة اجتماع الضدين ـ لا يقتضى ـ أي لا يكون كل منهما مانعا عن الآخر إلا عدم اجتماعهما في التحقق ـ أي غاية ما يقتضيه ذلك إنما هو التلازم بين وجود أحدهما عدم الآخر أي استحالة اجتماعها مع الممنوع مع أن وجودها ليس من الموانع ولا عدمه من المقدمات ، هذا أولا وثانيا ـ وحيث لا منافات أصلا بين أحد العينين ـ أي السواد ـ وما هو نقيض الآخر وهو عدم البياض وبديله بل بينهما كمال الملاءمة كان أحد العينين مع نقيض الآخر وما هو بديله في مرتبة واحدة أي في عرض واحد من دون أن يكون في البين ما يقتضى تقدم أحدهما على الآخر كما لا يخفى أي يكونان إذا فعل المأمور به وترك ضده معلولى علة واحدة لا تقدم لاحدهما على الآخر فلا

.................................................................................................

______________________________________________________

وجه لجعل ترك الضد من مقدمات المأمور به ، فكما أن قضية المنافاة بين هي المتناقضين لا تقتضى تقدم ارتفاع أحدهما في ثبوت الآخر أي السبب الباعث لحصول أحد النقيضين فإنه باعث لحصول هذا وارتفاع الآخر في عرض واحد من غير ترتب وتوقف بينهما فإذا حصل السبب لوجود الانسان مثلا حصل الانسان وارتفع اللاإنسان في رتبة واحدة من دون أن يرتفع اللاإنسان أولا ثم يحصل الانسان في المرتبة المتأخرة ـ كذلك في المتضادين ـ أي الضد للشيء كالسواد للبياض هو الذي في مرتبته لا السواد السابق ولا اللاحق لاجتماعهما معه والضدان لا يجتمعان وكذا عدم السواد والنقيض للسواد هو الذي في مرتبته لا عدمه السابق ولا عدمه اللاحق لاجتماعهما معه والنقيضان لا يجتمعان فيكون عدم السواد متحدا في الرتبة مع السواد المتحد مع البياض والمتحد مع شيء متحد مع شيء آخر متحد مع الشىء الأخير أيضا.

كما أن شبهة ورود الدور في المقام من استلزام لتمانع بينهما توقف كل واحد من الوجود والعدم على الآخر (١) نظرا أن عدم كل

______________________________________________________

(١) ذكر في الكفاية الوجه الثالث للدور ج ١ ص ٢٠٧.

قال : كيف ولو اقتضى التضاد توقف وجود الشيء على عدم ضده توقف الشيء على عدم مانعة لاقتضى توقف عدم الضد على وجود الشيء توقف عدم الشيء على مانعة بداهة ثبوت المانعية في الطرفين وكون المطاردة من الجانبين أي كما يكون عدم المانع من مقدمات الوجود فكذلك وجود المانع من مقدمات العدم وهو دور واضح وما قيل أي المحقق الخونساري في التفصى عن هذا الدور أي بيانه يتوقف على مقدمة وهي أن الوجود محتاج في تحققه إلى تحقق جميع أجزاء علته التامة من المقتضى والشرط وعدم المانع والعدم يكفي فيه انتفاء واحد منها ولذا كان انتفاء كل واحد من أجزاء العلة للوجود علة تامة للعدم ولكن إذا انتفى المجموع او اثنان أو ثلاثة فإن كانت في عرض واحد فالمؤثر هو المجموع لانتفاء الترجيح وعدم جواز توارد العلل المتعددة على معلول واحد وإلا فالسابق هو المؤثر لصلاحية السبق للترجيح إذا عرفت ذلك فاعلم ـ من أن التوقف من طرف الوجود فعلى ـ أي من جهة كونه وجوديا يحتاج إلى تحقق جميع أجزاء علته ومنها عدم مانعة فيكون توقفه على العدم فعليا بخلاف التوقف من طرف العدم أي عدم الضد فإنه أي عدم الشيء إنما يستند إلى وجود المانع على فرض ثبوت المقتضي له مع شراشر شرائطه غير عدم وجود ضده ولعله كان محالا أي لعل فرض وجود المقتضي لذلك الضد مع وجود هذا الضد محالا لاجل انتهاء عدم وجود أحد الضدين مع وجود الآخر إلى عدم تعلق الارادة الازلية به وتعلقها بالآخر حسب ما اقتضته الحكمة البالغة

.................................................................................................

______________________________________________________

أي يستحيل ثبوت المقتضي ـ أي الارادة ـ لكلا الضدين إذ في حال إرادة فعل الصلاة يمتنع إرادة ضده الإزالة ـ فيكون العدم دائما مستندا إلى عدم المقتضي له ـ أي عدم الازالة حين فعل الصلاة مستند على عدم إرادة الازالة لا إلى وجود الصلاة ـ فلا يكاد يكون مستندا إلى وجود المانع ـ اي فعل الصلاة ـ كي يلزم الدور ـ أي من ذلك ترى عدم صحة ـ استناد عدم الاحراق إلى وجود الرطوبة مع عدم وجود النار أو عدم تحقق شرطه الذي هو المماسة والمحاذاة الخاصة بخلافه في ظرف وجود أصل النار وتحقق المحاذاة الخاصة ومماسة الجسم مع النار إذ صح استناد عدم الاحراق إلى وجود المانع والرطوبة وعلى ذلك فحيث إنه تحقق الصارف في المقام عن الوجود فلا جرم في مثله يكون عدم الضد مستندا إلى عدم الارادة والصارف الذي هو أسبق رتبة من المانع لا إلى وجود الضد حتى يلزم الدور ـ إن قلت هذا إذا لوحظا منتهيين إلى إرادة شخص واحد ـ أي شخص واحد لا يمكن أن يريد ايجاد الضدين معا في الخارج فلا محالة إذا تعلقت إرادته بايجاد أحدهما لم تتعلق بايجاد الآخر وبالعكس فعندئذ يكون عدم الضد مع وجود الضد الآخر مستند إلى عدم المقتضي لا إلى وجود المانع ـ وأما إذا كان كل منهما متعلقا لارادة شخص فأراد مثلا أحد الشخصين حركة شيء وأراد الآخر سكونه فيكون المقتضي لكل منهما حينئذ موجودا فالعدم لا محالة يكون فعلا مستندا إلى وجود المانع ـ أي لا إلى عدم ثبوت المقتضي قلت هاهنا أيضا ـ أي مستند إلى عدم ثبوت المقتضي فإن المقتضي مركب من القدرة والارادة والثانية وإن كانت موجودة ولكن الأولى منتفية في الفرض وانتفائها مقدم رتبة على وجود المانع فإنه ح مستند إلى عدم قدرة المغلوب منهما في إرادته وهي مما لا بد منه في وجود المراد ولا يكاد يكون بمجرد الارادة بدونها ـ أي القدرة ـ لا إلى وجود الضد ـ أي وجود المانع ـ لكونه مسبوقا بعدم قدرته ـ أي عدم المقتضي ـ كما لا يخفى.

شرط وجود الآخر ووجود كل واحد علة لعدم الآخر أيضا لا يكاد يتم كما عرفت في بحث المقدمة بأن عدم الشيء في صورة عدم المقتضى ووجود المانع مستندا إلى عدم المقضي لا وجود المانع ففي ما نحن فيه (١) عدم الضد مستند إلى عدم إرادته لا وجود الضد.

______________________________________________________

(١) وبما ذكره في الكفاية ، قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٣٦٣ وقد أورد عليه الاستاد في الدورة السابقة بانه بعد ان كان المعلول استناده في طرف الوجود إلى مجموع أجزاء العلة من المقتضى والشرط وعدم المانع في عرض واحد بتخلل فاء واحد بينهما في قولك وجدت العلة بأجزاء فوجد المعلول لا بتخلل فاءين بقولك وجد فوجد فوجد المعلول وإلا يلزمه خروج مثل عدم المانع عن كونه من أجزاء العلة التامة في التأثير في تحقق المعلول أي لعدم تأثير العدم في الوجود فلا جرم بمقتضاه حفظ الرتبة بين النقيضين لا بد وأن يكون عدمه أيضا عند انتفاء العلة بأجزائها مستندا إلى انتفاء الجميع في عرض واحد بنحو تخلل فاء واحد على نحو استناد وجوده إلى مجموع أجزاء العلة لا إلى خصوص بعض أجزائها وهو عدم المقتضى فيبطل حينئذ ما ادعى من الترتب والطولية بين أجزاء العلة التامة من المقتضي والشرط والمانع في مقام التأثير الفعلى في وجود المعلول وإن ما يرى من عدم صحة استناد عدم الاحراق في المثال المزبور عند عدم وجود النار وتحقق المحاذات الخاصة إلى الرطوبة ووجود المانع فإنما هو فيما إذا أريد ، استنادا إلى خصوص المانع وإلا فصحة استناده ح إلى عدم المجموع مما لا ريب فيه كما هو واضح ، وأما صحة استناده إلى خصوص عدم المقتضي مع انتفاء الشرط ووجود المانع أيضا فلعله من جهة أقوائية المقتضي ح من بين أجزاء العلة عند العرف في استناد

.................................................................................................

______________________________________________________

العدم إليه وإلا فبحسب الدقة لا يكون العدم إلا مستندا إلى عدم وجود علته التامة التي من أجزائها الشرط والمانع ومن ذلك ربما يكون الأمر بالعكس في استناد العدم عرفا إلى شيء كما في الخشبة التى تحت البحر حيث صح استناد عدم إحراقه إلى وجود الماء عند كونه تحت البحر عرفا ولا يصح استناده إلى عدم وجود النار بل ولئن علل عدم إحراقه إلى عدم وجود النار والحال هذه ترى بأنه يضحك عليه العرف وح فإذا لا يكون أجزاء العلة التامة في عالم التأثير في المعلول إلا في عرض واحد ومرتبة واحدة بنحو لا يتخلل بينه وبين المجموع إلا فاء واحد ، نقول في المقام أيضا بأن العلة التامة لوجود الصلاة إذا كانت هي الارادة وترك ضدها الذي هو الازالة حسب ما هو المفروض من مقدمية الترك للوجود ولم يكن بينهما في مقام التأثير في الاثر ترتب وطولية بل كان استناده إلى مجموع الأمرين في عرض واحد بتخلل فاء واحد كقولك وجدت الارادة وترك الازالة فوجدت الصلاة فلا جرم في طرف العدم أيضا بمقتضى حفظ الرتبة بين النقيضين لا يكونان إلا في مرتبة واحدة فإذا قلب ح كل من الارادة والترك إلى النقيض بقلب الارادة إلى عدمها والترك إلى الفعل فقهرا يكون العدم مستندا إلى مجموع الأمرين من وجود الصارف وفعل الضد الذي هو المانع لا أنه مستند إلى خصوص الصارف وعدم الارادة وعليه يتوجّه محذور الدور المزبور نظرا إلى فعلية التوقف ح من الطرفين كما هو واضح ولكن الاستاد دام ظله أجاب عن ذلك أخيرا وبنى على الترتب والطولية بين أجزاء العلة التامة من المقتضي والشرط والمانع والتزم بتقدم المقتضي على الشرط والمانع رتبة بمقتضى ما بنى عليه من اختلاف أجزاء العلة في كيفية الدخل في وجود المعلول برجوع بعضها كالمقتضى إلى كونها مؤثرات ومعطيات الوجود ورجوع بعضها إلى كونها معطيات الحدود للوجود كالشرط وعدم المانع فإنه

واحد نعم الذي يرد (١) على المقدمية في الطرفين هو استلزام كون وجود كل واحد في رتبة متأخرة عن الآخر نظرا إلى حفظ الرتبة الواحدة بين النقيضين ونفس هذه الجهة محذور مستقل بل هو في الحقيقة وجه استحالة الدور أيضا هذا كله مضافا إلى إمكان دعوى أن مجرد التعاند بين الوجودين لا يقتضى التمانع المصطلح بل غاية اقتضائه عدم اجتماعهما في الوجود.

______________________________________________________

عليه يكون المقتضى باعتبار كونه مؤثرا ومعطيا لاصل الوجود مقدما رتبة على ما يكون دخله في حدوده ولو بنحو دخل منشأ الاعتبار في الأمر الاعتباري كتقدم ذات الوجود على حده العارض عليه رتبة وح فعند انتفاء المقتضي ووجود المانع لا جرم يكون العدم مستندا إلى عدم ثبوت المقتضي ولا مجال لاستناده إلى وجود المانع أو عدم شرطه إلا في ظرف ثبوت اصل المقتضى للوجود وح ففى المقام أيضا حيثما كان عدم الارادة والصارف أسبق رتبة من الشرط والمانع بمقتضى حفظ الرتبة بين النقيضين فقهرا يكون العدم عند عدم الارادة مستندا إلى الصارف لا إلى وجود المانع وهو الضد حتى يتوجه محذور الدور المزبور وهو واضح. لكن الظاهر كما سيأتي أن أجزاء العلة التامة في الرتبة الواحدة ولو يكون الشرائط حدود او اضافات فيصح الوجه الاول ويبقى الدور بحاله ، فانه كما اجزاء العلة في الوجود في عرض واحد كذلك بديله وهو اجزاء العلّة للعدم ايضا في عرض واحد.

(١) وقال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٠٨ ، وما قيل في التفصى عن هذا الدور غير سديد فإنه وإن كان قد ارتفع به الدور ـ أي وجود الضد يتوقف على عدم المانع لكن عدم الضد لا يتوقف على وجود الضد بل بوجود الصارف ـ إلا أنه غائلة

.................................................................................................

______________________________________________________

لزوم توقف الشيء على ما يصلح به إن يتوقف عليه على حالها لاستحالة أن يكون الشيء الصالح ـ أي وجود الضد لان يكون ـ أي وجود الضد ـ موقوفا عليه ـ أي وجود الضد الشيء ـ أي عدم الضد ـ موقوفا ـ خبر ليكون الاول ـ عليه أي علي عدم الضد ضرورة أنه لو كان ـ أي وجود الضد ـ في مرتبة يصلح لان يستند عليه ـ أي في حال وجود المقتضى لعدم انصرافه فيستند العدم إلى وجود المانع ـ لما كاد يصح أن يستند ـ أي وجود الضد ـ فعلا إليه. توضيح ذلك قال المحقق العراقى في النهاية ج ١ ص ٣٦١. قال فالاولى هو المنع عن المقدمية بما في الكفاية إلى أن قال وهو واضح الاستحالة من جهة استلزامه لكون الشيء في رتبتين وبيان ذلك انا لو فرضنا في مثل الصلاة والازالة مثلا توقف الازالة على عدم الصلاة توقف الشيء على عدم مانعة فلازم التوقف والمقدمية هو تقدم العدم المزبور على وجود الازالة ولازم ذلك بمقتضى حفظ الرتبة بين النقيضين تقدم وجود الصلاة أيضا على عدم الازالة نظرا إلى كونها في رتبة عدمها الذي هو مقدم رتبة على وجود الازالة نظرا إلى كونها في رتبة عدمها الذي هو مقدم رتبة على وجود الازالة فإذا فرضنا بمقتضى المعاندة المزبورة توقف الصلاة أيضا على الازالة توقف الشيء على عدم مانعة يلزمه لا محالة بمقتضى حفظ الرتبة بين النقيضين تقدم الازالة أيضا وجودا وعدما على وجود الصلاة ولازمه ح صيرورة كل من الصلاة والازالة في رتبة متأخرة عن الآخر الملازمة لكن كل منهما في رتبتين وهو كما ترى مقطوع استحالته وح فكان ذلك برهانا قطعيا على استحالة ما ادعى من المقدمة بين الضدين كما هو واضح ـ إلى أن قال ـ وح فالعمدة في الاشكال على المقدمية هو ما ذكرنا من لزوم كون الشيء في رتبتين نظرا إلى مقدمية ترك كل واحد من الضدين بعد كون المطاردة من الطرفين لوجود الضد الآخر بل ذلك أيضا لازم للاشكال الثانى أيضا نظرا إلى بقاء غائلة الدور وهو لزوم كون الشيء في رتبتين بعد على حاله وإن اندفع فعلية التوقف بالبيان المزبور كما هو واضح

وهذا المقدار (١) لا يقتضي تقدم أحدهما على الآخر بل غاية الأمر اقتضائه وجود أحدهما مع عدم الآخر ولو في رتبة واحدة وح لا موجب لاقتضاء أزيد من التلازم بين أحد الوجودين في الضدين مع

______________________________________________________

(١) هذا هو الجواب الاول من صاحب الكفاية وقد تقدم مفصلا. وأجاب المحقق الاصفهانى عن الوجهين الاولين في كلام صاحب الكفاية بل الدور أيضا كما تبعه استاذنا الخوئي ـ في هامش الاجود ج ١ ص ٢٠٨ ـ قال في النهاية ج ١ ص ٢١٩. وتحقيق الجواب عنه أن غاية ما يقتضيه الملاءمة بين الضدين ونقيض ضده هي المقارنة الزمانية بين الضد وعدم الآخر والمقارنة الزمانية لا تنافي التقدم بالعلية أو بالطبع كما أن التقدم الزمانى لا ينافي العلية أيضا وأما كون عدم الضد بديلا لعين الضد فلا يقتضى أن يكون في رتبته بل كما لا يأبى من أن يكون في رتبة ضده كذلك لا يأبى عن أن يكون متقدما عليه أو متأخرا عنه طبعا والشاهد على ما ذكرنا من أن نقيض ما لا تقدم له على شيء لا يأبى عن أن يكون متقدما عليه بالطبع هو أن الشرط وجوده متقدم بالطبع على مشروطه قضاء لحق الشرطية وعدمه لا تقدم له بالطبع على مشروطة لان التقدم بالطبع لشىء على شيء بملاك يختص بوجوده او عدمه لا أن ذلك جزاف بخلاف التقدم الزمانى والمعية الزمانية فإن نقيض المتقدم زمانا إذا فرض قيامه مقامه لا محالة يكون متقدما بالزمان ولذا قيل وأشرنا إليه سابقا إن ما مع العلة ليس له تقدم على المعلول إذا التقدم بالعلية شأن العلة دون غيره بخلاف ما مع المتقدم بالزمان فإنه أيضا متقدم لانه في الزمان المتقدم ـ إلى أن قال ـ فنقول ملاك التقدم بالعلية أن لا يكون للمعلول وجوب الوجود إلا وللعلة وجوبه وملاك التقدم بالطبع أن لا يكون للمتأخر وجود إلا وللمتقدم وجود ولا عكس

.................................................................................................

______________________________________________________

فإنه يمكن أن يكون للمتقدم وجود وليس للمتأخر وجود كالواحد والكثير فإنه لا يمكن أن يكون للكثير وجود إلا والواحد موجود ويمكن أن يكون الواحد موجودا والكثير غير موجود فما فيه التقدم هنا هو الوجود وفي التقدم بالعلية وجوب الوجود ومنشأ التقدم الطبعى تارة كون المتقدم من علل قوام المتأخر كالجزء والكل والواحد والاثنين فيسري إلى الوجود فيكون التقدم في مرتبة التقدم الماهوي تقدما بالماهية والتجوهر وفي مرتبة الوجود تقدما بالطبع ، وأخرى كون المتقدم مؤثرا فيتقدم بوجود الاثر كالمقتضى بالاضافة إلى المقتضى وثالثة كون المتقدم مصححا لفاعلية الفاعل او متمما لقابلية القابل بل كالشروط الوجودية والعدمية فكما أن الوضع والمحاذات مصحح لفاعلية النار في الاحراق مثلا ، كذلك خلوّ المحل عن الرطوبة متمم لقابلية المحل للاحتراق وهكذا الأمر في السواد والبياض فإن خلو الموضوع عن السواد متمم لقابلية الموضوع لعروض البياض لعدم قابلية الجسم الابيض للسواد والاسود للبياض ومنه يتضح للمتأمل عدم ورود الدور الآتي إذ عدم اتصاف الجسم بالسواد لا يحتاج إلى فاعل وقابل كى يحتاج إلى مصحح فاعلية الفاعل ومتمم قابلية القابل كى يتوهم توقف عدم الضد على وجود الضد أيضا ، واتضح مما ذكرنا تحديد ملاك التقدم بالطبع أن الصلاة والازالة لهما التقدم والتأخر بالطبع فإنه لا وجود للازالة مثلا إلا والصلاة غير موجودة وكذا الصلاة بالاضافة إلى ترك الازالة بخلاف عدم إحداهما على وجود الأخرى فإنه يمكن عدمهما معا وعدم إمكان عدم الضدين اللذين لا ثالث لهما ليس من حيث التوقف بل من حيث انحصار التضاد بين اثنين إلى أن قال فالتحقيق الذي ينبغى ويليق هو تسليم مقدمية عدم الضد لوجود الآخر بنحو التقدم بالطبع كما عرفت إلا أنه مع ذلك لا يجدي الخصم شيئا إذ ليس كل متقدم بالطبع يجب بالوجوب المقدمى كما

.................................................................................................

______________________________________________________

عرفت في أجزاء الواجب فإن الجزء كما عرفت في المبحث السابق له التقدم الطبعى لكنه حيث لا وجود للاجزاء بالاسر وراء وجود الواجب النفسى فلا معنى لايجابها بوجوب غيري زيادة على وجوبها النفسى وإن كان لها التقدم الطبعى فكذا في عدم الضد الموقوف عليه وجود ضده فإن البعث إلى الضد كاف في تحصيله لانه لا يوجد إلا وشرطه محقق وهو عدم ضده لا أن وجوده موقوف خارجا على تحصيل عدم ضده بخلاف المقدمات المبائنة تحققا عن ذيها هذا في العدم الازلى وأما العدم الطارئ فإن كان المأمور به مما يتحقق بمجرد الارادة كالاعراض القائمة بالشخص من الازالة والصلاة فوجود الارادة وهي مقتضى الازالة مساوق لعدم إرادة الصلاة ولو كان في أثنائها فعدم الصلاة ورفع اليد عنها لا يحتاج إلى تسبيب ، وأما إذا كان المأمور به لا يتحقق بمجرد الارادة كما إذا أمر بإيجاد البياض في محل مشغول بالسواد فإن إرادة وجود البياض وعدم إرادة بقاء السواد لا يكفى في زوال السواد فلا محالة يجب رفعه وحيث إن حكه أو غسله أمر وجودي لا يؤثر في العدم بل ملازم له لانتقال السواد بانتقال الاجزاء الصغار القائم بها فيوجب الحك أو الغسل حركتها من مكان إلى مكان وهي ملازمة لعدم السواد في المحل فلا محالة لا يجب الحك أو الغسل لعدم المقدمية ولا يجب ملازمة المقدور عليه بالقدرة على ملازمة الوجودي إلا بعد اللابدية من اتيان ملازمة الوجودي ولو عقلا وليس كذلك إلا بعد المقدمية عقلا إلخ. وفيه أولا : لا نعرف تقدم الطبعى في قبال التقدم الزمانى والتقدم الرتبى ، فإن الشيء اما متقدم زمانا او رتبة ولذا ما مثل يكون من قبيل العلل ، وثانيا أن ما ذكره من كون البديل لا يقتضى أن يكون في رتبته ممنوع فإنه ح لا يكون بديلا لو كان في رتبتين كما في النقيضين فيعتبر اتحاد الرتبة في النقيضين وإلا لا يكون المتقدم نقيضان فالنقيضان عدم الشيء في موطن

.................................................................................................

______________________________________________________

الوجود زمانا ورتبة. وثالثا : ما مثل من عدم الشرط ففيه إن عدم الشرط ايضا مقدم رتبة على المشروط فإنه بانتفائه ينتفى المشروط وهو الدخيل في انتفاء المشروط مقتضى تقدم أجزاء العلة رتبة على المعلول مضافا إلى أنه قال الشرط متقدم عليه بالطبع ليس كذلك بل تقدم عليه رتبة بالعلة والتوقف والمقدمية ، وما ذكره من الملاك موجود في العدم بعين ما في الوجود بعنوان النقيض كما عرفت فلا فرق بين التقدم الزمانى والرتبى في ذلك أصلا وما ذكره من الامثلة كل ذلك تقدم بالعلية كما هو واضح ووجوب الوجود وما ذكره من أن الواحد موجود في الكثير والواحد موجود والكثير ليس بموجود سفسطة من الكلام فإن الكثير موجود فالواحد من أجزائه موجود ، والواحد موجود فالكثير بما هو كثير ليس بموجود ، لكن نفس الواحد في ضمنه كما كان الكثير موجودا موجود ومن أجزائه فلا تفاوت أصلا. ورابعا : ما ذكره من الصلاة والازالة فلا تقدم لعدم إحداهما مع وجود الآخر بل من المتقارنات كما عرفت لتمانعهما فلا وجه لتسليم المقدمية أصلا وتوهم عدم سراية الوجوب إليه فإنه على فرض التسليم فلا يكفى البعث إلى وجود الضد لحصول شرطه فيمكن أن يأتى بالضد الآخر كالصلاة ولا يحصل شرط الازالة فلا بد وأن يترشح الوجوب إليه ومن ذلك تعرف الاشكال في بقية كلامه. فتحصل إلى هنا أن أجزاء العلة التامة تكون في صف واحد من التأثير والتقدم بالعلية في طرف الوجود والعدم ، وإنما الاختلاف بالرتبة فلا مقدمية لترك الصلاة لفعل الازالة أصلا نعم يكون التلازم بينهما وسيأتى ويلزم الخلف وتقدم الشيء على نفسه ، كما تقدم مفصلا وذكر استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٢٥٥ في رد المحقق النائيني بأن عدم الضد يستند إلى عدم المقتضى قال : إن ما أفاده من دعوى استحالة وجود المقتضى لكل من الضدين في أن واحد غير صحيح لان كلا من المقتضيين

.................................................................................................

______________________________________________________

أيضا يقتضى أثره في نفسه ومع قطع النظر عن الآخر فمقتضى البياض مثلا إنما يقتضيه في نفسه كما أن مقتضى السواد مثلا إنما يقتضيه كذلك وهذا أمر ممكن لا استحالة فيه أصلا ، إنما المستحيل هو اقتضاء شيء للبياض المقارن للسواد مثلا وأين ذلك من فرض وجود المقتضى لكل من الضدين في نفسه لا بقيد اجتماعه مع الآخر ولو لا ما ذكرناه لاستحال استناد عدم الشيء إلى وجود مانعة أبدا لان الاثر المترتب على وجود المانع أن لم يكن مضادا للممنوع فلا موجب لكونه مانعا منه وإن كان مضادا له فكيف يعقل وجود المقتضى لما فرض ممنوعا ليستند عدمه إلى وجود المانع إلخ. ولكن فيه إن المقتضى لكليهما موجود من الملاك والمصلحة فهو مسلم لكن يقتضى أثره في نفسه في مورد الاجتماع والتقارن ممنوع لتضادهما بأن يتعلق إرادته بالسواد فقط في حين مقارنتها مع الارادة بالبياض فقد في نفس المحل والمقتضي يؤثر في سائر الافراد لا ربط له بهذا الفرد وهذه الحصة من المقتضى وكونه مع قطع النظر عن ملاحظة الآخر لا أثر له لانه لا يدور مدار اللحاظ بل من الامور الواقعية فالعدم لا محالة مستند إلى عدم المقتضي وهو الارادة ومجرد لو لا وجود الضد الآخر لكان يؤثر أثره ولكن وجوده يزاحمه في تأثيره لا يوجب ثبوت الارادة هذا وإن قيل هذه الشأنية تكفي في ثبوت الدور المتقدم لكن قد عرفت أنه الخلف ، وتقدم الشيء على نفسه وهو محال فالمقدمية غير ثابتة على كل حال بين عدم الضد الخاص ووجود الضد الآخر.

عدم الآخر بلا مقدمية لاحدهما على الآخر اصلا وح فلا موجب لاقتضاء الأمر بأحدهما النهى عن الآخر إذ قد عرفت بأن ما هو مقتضى له من المقدمية فصغراه ممنوعة وما هو موجود من صغرى الملازمة فكبرى اقتضائه ممنوعة ولذا كان نظر المشهور بين القائلين بالاقتضاء إلى حيث المقدمية والتمانع المصطلحة ولا أظن فيهم من التزم باقتضاء صرف تلازم الوجودين التلازم بين حكميهما. فراجع كلماتهم (١) نعم غاية ما يقتضى التلازم المزبور عدم اجتماع الأمر بأحد الوجودين مع الأمر بالآخر فوجوب الشيء حينئذ لا يقتضى إلا عدم وجوب الآخر لا حرمته وهذا المقدار في الجملة ما لا إشكال فيه.

______________________________________________________

(١) قال المحقق القمى في القوانين ج ١ ص ١٠٨ الثانية أن ترك الضد مما يتوقف عليه فعل المأمور به لاستحالة وجود الضدين في محل واحد فوجود أحدهما يتوقف على انتفاء الآخر عقلا فالتوقف عقلى وإن كان الضد شرعيا ، إذ المراد بعد فرضه ضدا وقد أغرب بعض المحققين فانكر كونه مقدمة وقال : إنه من المقارنات الاتفاقية. وقال في الفصول ص : ٩٤ ولنا على أنه يستلزم النهي عن الضد الخاص حيث لا يكون الضد وجود ما تعلق الأمر بتركه ولو في ضمن الكل إن ترك الضد حينئذ مما يتوقف عليه حصول الواجب ويجب لما مر من وجوب مقدمة الواجب ووجوب الترك للتوصل إلى الواجب معنى النهى الغيري وقد يستدل على ذلك بأن فعل الضد مستلزم لترك الواجب المحرم فيحرم لاستحالة اختلاف حكم المتلازمين وقد مر ضعفه سابقا حيث بينا أن مستلزم الحرام لا يكون من حيث كونه مستلزما له حراما ما لم يكن سببا فعليا ولا ريب

.................................................................................................

______________________________________________________

أن فعل الضد وإن كان لمانعيته سببا لترك الواجب إلا إنه سبب شأنى غالبا لاستناد ترك الواجب إلى الصارف دون فعل الضد فيحرم الصارف دونه وكذا الحال فيما لو فسر النهى بطلب الكف حيث يتوقف فعل الواجب عليه إلخ. إلى غير ذلك من كلماتهم إلى هنا تبين عدم مقدمية ترك أحد الضدين لوجود الضد الآخر ولا ملازمة بين وجوب الضد وحرمة ضد الآخر اصلا.

الأمر السابع في اقتضاء العينية والتضمن والالتزام في الضد العام بمعنى الترك ، وقال صاحب الفصول ص : ٩٣ لنا ان الأمر بالشىء عين النهى عن الضد العام إن فسر الترك فيهما بعدم الفعل. إن معنى النهى عن الترك ح طلب ترك الترك لان معنى النهى طلب الترك وطلب ترك الترك عين طلب الفعل في المعنى وذلك ظاهر ، وإنما قلنا إنه عينه في المعنى إذ لا ريب في تغايرهما بحسب المعنى المفهوم كالوجود وعدم العدم إلى أن قال إن الكلام في عينية المفهومين بحسب الصدق لا في التسمية إذ لم يدع أحد أن النهى عن الضد له معنى غير معناه المتداول أعنى طلب الترك حتى يطالب فيه بالنقل أي نقل عن أهل اللغة ويرجع ح إلى اللفظ وعينية المفهومين في الصدق وإن كانت من الامور الواضحة إلا أن التشاجر في نظائرها غير عزيز في كتب القوم ، ولنا على أنه يستلزم النهى عن الضد العام إلى أن قال ولنا على أنه يستلزم النهى عن الضد الخاص إلى أن قال ولنا أنه عين النهى عن ضده الخاص حيث يكون الضد وجود ما تعلق الأمر بتركه ولو في ضمن الكل وإن مطلوبية الترك عين النهى عن الفعل فإن كان الترك تمام المطلوب فلا إشكال فإن قول القائل اترك كذا أمر بترك الفعل وهو معنى النهي ومثله تجنب ، واحترز وكف فإن المفهوم منها عرفا إنما هو طلب وإن كان جزئه كما في الصوم فإن اعتبر منفردا كان واجبا غيريا من باب المقدمة كما مر ، وهو معنى النهى عن فعله وإن اعتبر في ضمن

.................................................................................................

______________________________________________________

الكل كان واجبا نفسيا بوجوب الكل إلخ. وتوضيح ذلك إن حقيقة النهى عبارة عن طلب الترك قبال الأمر الذي هو طلب الوجود وإن ترك الترك في المقام بعد إن كان عبارة أخرى عن الوجود الذي هو طارد العدم قهرا كان طلب الوجود أيضا عبارة أخرى عن النهى عن النقيض الذي هو عبارة عن طلب ترك الترك ومقتضاه ح هو عينية الأمر بالشىء مع النهى عن النقيض بحسب المنشأ وإن لم يكن كذلك بحسب المفهوم ، نظير الانسان والحيوان الناطق مختلفان مفهوما ومتحدان مصداقا ، وأجاب عنه صاحب الكفاية ج ١ ص ٢١١ ومن هنا انقدح أنه لا وجه لدعوى العينية ضرورة أن اللزوم يقتضى الاثنينية لا الاتحاد والعينية نعم لا بأس بها بأن يكون المراد بها أنه يكون هناك طلب واحد وهو كما يكون حقيقة منسوبا إلى الوجود وبعثا إليه كذلك يصح أن ينسب إلى الترك بالعرض والمجاز ويكون زجرا وردعا عنه فافهم ، وذلك على ما اختاره من كفاية حسن الاستعمال بالطبع ولا يحتاج الى وجود احدى العلائق لعدم وجودها في المقام وعلى أي.

وبمثل ذلك أجاب المحقق العراقى في النهاية ج ١ ص ٣٧٧. قال في مثله كان المتعين هو الاخير من كونه على نحو الالتزام دون العينية والتضمن إلى أن قال وذلك لما سيجىء من أن حقيقة النهى عن الشيء ليس إلا عبارة عن الزجر عن الوجود في قبال الأمر الذي هو الارسال والبعث نحو الوجود لا أنه عبارة عن طلب الترك كى يلزمه اشتراكه مع الأمر في جزء المدلول وهو الطلب فيلزم عينيتهما في المقام بحسب المنشأ وعليه فمن الواضح المغايرة التامة بين مدلوليهما علاوة عما كان بين مفهوميهما من المغايرة إلى أن قال وح يتعين الأمر بكونه على نحو الالتزام نظرا إلى ما هو الواضح من الملازمة التامة بين إرادة الشيء وكراهة تركه بحسب الارتكاز بحيث لو التفت الترك ليبغضه

.................................................................................................

______________________________________________________

ويمنع عنه نعم لا بأس بدعوى العينية بينهما بحسب الانشاء بلحاظ كونه مبرزا عن مبغوضية الترك كإبراز عن محبوبية الوجود ومطلوبيته. وعليه يلازم الأمر الشيء النهى عن ضده العام بقاعدة الملازمة لا العينية ومثل ذلك اختار المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢٥٢. وأما دعوى الدلالة عليه بالالتزام بنحو اللزوم البين بالمعنى الاخص بأن يكون نفس تصور الوجوب كافيا في تصور المنع عن الترك فليس ببعيدة وعلى تقدير التنزل عنها فالدلالة الالتزامية باللزوم البين بالمعنى الاعم مما لا إشكال فيها ولا كلام. ولكن يرد عليه كما أفاد استادنا الآملي في المنتهى ص ٢٦ قال بعدم الملازمة بين الأمر بالشىء والنهى عن ضده العام لان الأمر بالشىء لا يعقل أن يكون زجرا عن تركه لتغايرهما مفهوما ومصداقا نعم إذا قيل إن الأمر بالشىء وجوبا يستلزم الزجر عن تركه فلا مانع من قبوله لان الشيء المشتمل على مصلحة تدعوا إلى إرادته من الغير بنحو الالزام يكون تركه مبغوضا لمريده بغضا يساوق حب فعله وإيجاده في المرتبة ولا ريب في أن ملاك الزجر هو بعض المزجور عنه سواء كان الداعى إلى بغضه اشتماله على المفسدة أم شدة حب نقيضه حب الشيء ولو كان بنحو الغلو والافراط لا يستلزم بغض تركه على نحو الحقيقة بل بالعرض والمجاز لان البغض كالحب لا ينشأ في النفس متعلقا بشيء الا لملاك يقتضيه ولا ريب في أن ترك الشيء المحبوب او المراد ليس فيه ملاك يدعوا إلى بغضه أو كراهته كما أن الشيء المبغوض لملاك يقتضي بغضه لا يكون تركه محبوبا بلا ملاك يقتضى حبه وإرادته نعم يصح نسبة البغض إلى ترك المحبوب بالعرض والمجاز عرفا وكذا الأمر بالنسبة إلى ترك المبغوض كما مر.

واختار ذلك استاذنا الخوئي أيضا في هامش الاجود ج ١ ص ٢٥١. والحق عدم اقتضائه لها لان الحكم الواحد وهو الوجوب في محل الكلام لا يخل إلى حكمين

.................................................................................................

______________________________________________________

ليكون تارك الواجب تاركا له ومرتكبا للمحرم ضرورة أن الوجوب إنما ينشأ من مصلحة لزومية في متعلقه فتركه ترك ما فيه المصلحة لا أنه فعل ما فيه المفسدة ، نعم يصح إطلاق المبغوض على ترك الواجب بنحو من العناية والمسامحة لكنه أجنبى عما هو محل الكلام كما هو ظاهر وبذلك يظهر لك فساد ما أفاده شيخنا الاستاذ قدس‌سره من تسليم دلالة الأمر بالشىء على النهى عن تركه بالدلالة الالتزامية باللزوم البيّن بالمعنى الاعم بل بمعناه الاخص أيضا هذا مع أن نفيه البعد عن اللزوم البين بالمعنى الاخص يناقص ما أفاده أولا من دعوى بداهة إمكان غفلة الأمر بالشيء عن تركه فضلا عن أن يتعلق به طلبه كما هو ظاهر إلخ. ولكن فيه أنه على التنزل لا يرد النقض بل لا يبعد على الاخص لوجوده في ارتكازه كما في المقدمات ولكن الحق مع ما عليه المحقق العراقي والمحقق النائيني وغيرهما كالمحقق الاصفهاني كما سيأتي أيضا من كونه من لوازم بيانه أنه إن أريد من الكراهة الكراهة التفصيلية المتوقفة على الالتفات الى الموضوع تفصيلا مع ما عليه من الجهات فالحق عدم الملازمة وإن أريد الكراهة الارتكازية أي من نفس تلك المصلحة الكامنة في الوجوب فالحق هو الملازمة بينهما وعليه فاللفظ الدال على إحداهما بالمطابقة دال على الأخرى بالالتزام نعم إن دلالة مثل الصيغة على الارادة ليست دلالة لفظية فلا تكون مطابقة والتزاما بل تدل على احداهما كما تدل على الأخرى فتكون عقلية فان الحكم هي الارادة المبرزة كما مر مرارا. وقال في المعالم لنا على الاقتضاء في العام بمعنى الترك ما علم من أن ماهية الوجوب مركبة من أمرين أحدهما المنع من الترك فصيغة الأمر الدالة على الوجوب دالة على النهى عن الترك بالتضمن وذلك واضح إلخ. ومراده من قوله ما علم إلخ ، ما ذكره قبل هذا من قوله وحقيقة الوجوب ليست إلا رجحان الفعل مع المنع من الترك. وأجاب عنه صاحب الكفاية ج ١ ص ٢١١. والتحقيق أنه لا يكون الوجوب إلا طلبا بسيطا ومرتبة وحيدة أكيدة من الطلب لا مركبا من طلبين ، نعم في مقام تحديد تلك المرتبة وتعيينها ربما يقال الوجوب يكون عبارة من طلب الفعل مع المنع عن الترك ويتخيل منه أنه يذكر له حدا

.................................................................................................

______________________________________________________

فالمنع عن الترك ليس من أجزاء الوجوب ومقوماته بل من خواصه ولوازمه بمعنى أنه لو التفت الأمر إلى الترك لما كان راضيا به لا محالة ، وكان يبغضه البتة. ونعم ما قال وتوضيح ذلك قال المحقق الاصفهانى في النهاية ج ١ ص : ٢٢٨.

أما كونه بسيطا سواء كان إرادة نفسانية أو أمرا اعتباريا عقلائيا ، فواضح إذ على الاول هو من الاعراض وهي من البسائط الخارجية ، وعلى الثانى فهو أمر انتزاعي اعتباري ينتزع من الانشاء بداعى البحث والتحريك والاعتباريات أشد بساطة من الاعراض إذ ليس لها جنس وفصل عقلى أيضا بخلاف الاعراض كما هو واضح.

وأما كونه مرتبة وحيدة أكيدة فهو مبنى على كونه من الكيفيات النفسانية وتوصيفها بالتأكد بملاحظة ما اشتهر وقد مر مرارا أن الوجوب والاستحباب مرتبتان من الارادة متفاوتان بالضعف والشدة إلا أن الذي يقتضى دقيق النظر وإن كان على خلاف ما اشتهر أنه لا فرق في الارادة الوجوبية والندبية من حيث المرتبة بل الفرق من حيث كيفية الغرض الداعى ، والبرهان عليه أن المراد التشريعى كما يختلف من حيث اللزوم وعدمه كذلك المراد التكوينى ضرورة أن ما يفعله الانسان بإرادته ليس دائما مما لا بد منه ولا مناص عنه ومع ذلك ما لم يبلغ الشروق حده المحرك للعضلات لم يتحقق المراد فليس المراد اللزومى مما لا بد في ارادته مرتبة فوق مرتبة ارادة المراء الغير بحيث لو لم يبلغ تلك المرتبة لم يتحقق المراد وإنما التفاوت في الغرض الداعي من حيث كونه لزوميا أو غير لزومى بل الشوق الطبعي ربما يكون أشد من الشوق العقلى لموافقة المراد في الاول لهواه دون الثاني مع عدم اللابدية حتى من حيث الهوى في الاول وثبوت اللابدية العقلية في الثاني ، فإذا كان الأمر كذلك في الارادة التكوينية فكذا الارادة التشريعية إذ لا فرق بينهما إلا من حيث تعلق الأولى بفعل نفسه وتعلق الثانية بفعل غيره ، فالشوق إلى فعل الغير إذا بلغ حدا ينبعث من البعث كان إرادة تشريعية سواء كان المشتاق إليه ذا مصلحة ملزمة أم لا وليس

.................................................................................................

______________________________________________________

الغرض من هذا البيان أن الارادة ليست ذات مراتب لبداهة كونها ذات مراتب كسائر الكيفيات النفسانية بل الغرض أن التحريك الناشئ من الارادة وفيما لا بد منه وفي غيره لا يختلفان من هذه الحيثية وإن اختلفتا في نفسها لشدة موافقة المراد للغرض ، فإن المرتبة الضعيفة إذا كانت قابلة لتحريك العضلات فلا محالة لا حالة منتظرة لحركتها فلا معنى لتوقفها على بلوغها فوق هذه المرتبة وإلا لزم الخلف فكذا الحال في الارادة التشريعية والتحقيق أن المراد اللزومى وغيره يختلفان من حيث شدة الملاءمة للطبع وعدمها فلا محالة ينبعث منهما شوقان متفاوتان بالشدة والضعف فكذا في الارادة التشريعية فيكون الشوق المتعلق بما فيه مصلحة لزومية أشد حيث إن ملائمته لطبع المولى أقوى وإن كان بلوغه دون هذه المرتبة كافيا في الحركة والتحريك في التكوينى والتشريعى إلى أن قال إن كراهة الترك أو أمر آخر وجوديا كان أو عدميا ليس شدة في حقيقة الطلب فإن غير الحقيقة لا يوجب اشتداد حقيقة أخرى مضافا إلى أن الكراهة صفة أخرى تقابل الارادة فلا يعقل أن تكون مقومة لها والمنع من الترك من الاعتبارات المنتزعة من الانشاء فلا يعقل أن يكون مقوما للصفة النفسانية وعدم الرضا وعدم الاذن لا يقوم الحقيقة البسيطة الثبوتية وأما الضعف في الارادة أو في سائر موارد التشكيك فراجع إلى حد من الوجود يلزمه عدم وجدان الفرق لا أن الحد بنفسه عدمى ومن جميع ذلك ظهر أن هذه المعانى من لوازم الوجوب لا من مقوماته إلخ. وفيه أن ضعف الارادة وشدتها تابع للاعراض لا محالة ويؤثر في كيفية التحريك لا محالة أيضا فلم يأت بشيء مغاير لما عليه القوم من الاختلاف في المرتبة وطبع المولى لا أثر له بعد ما كان الاحكام تابع المصالح والمفاسد. فتحصل إلى هنا أن الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده الخاص لكن يقتضي النهي عن ضده العام بالتلازم في الجملة كما مر مفصلا.

الأمر الثامن : وقع الكلام في ثبوت الفرق بين الضدين الخاصين الذين لهما الثالث وبين ما لا ثالث له في الاقتضاء وعدمه ذهب المحقق العراقى إلى الثاني ، قال في النهاية ج ١ ص : ٣٦٥ وعليه فلا مجال لا ثبات حرمة فعل الضد حتى يترتب عليه فساده إذا كان عبادة لا بمناط التلازم ولا بمناط المقدمية خصوصا على ما تقدم منا في البحث المتقدم من تخصيص الوجوب بالمقدمة الموصلة فإنه على المقدمية أيضا حينئذ لا يكاد اتصاف فعل الضد المقرون بوجود الصارف بالحرمة الفعلية من جهة خروجه ح عن دائرة ما هو نقيض الواجب من غير فرق في ذلك بين أن يكون الضدان مما لهما ثالث بحيث أمكن تركهما معا أم لا كما هو واضح ، والأمر كما ذكر للاستحالة المتقدمة لكن ذهب المحقق النائيني إلى الاول قال في الاجود ج ١ ص ٢٥٢ وتوهم أن الأمر بأحد الضدين الذين لا ثالث لهما عين النهى عن الضد الآخر كما تقدم أن الأمر كذلك في النقيضين لاشتراك الجميع في الملاك وهو امتناع اجتماعهما في الخارج وارتفاعهما فيه مدفوع بما عرفت من بطلان دعوى العينية في المقيس عليه فكيف بالمقيس نعم قد عرفت عدم البعد في دعوى الملازمة البينة بالمعنى الاخص في الضد العام بمعنى الترك فيكون دعوى الملازمة البينية بما نحن أيضا غير بعيدة إلا أنها ليست بالمعنى الاخص قطعا لعدم كفاية تصور نفس الملزوم في تصور لازمه بل الثابت هي الملازمة البينة بالمعنى الاعم ، فإن قلت إذا سلمت الملازمة البينة في الضدين الذين لا ثالث لهما فلا بد لك من تسليمها في مطلق الضدين ولو كان لهما ثالث فإن الجامع بين الاضداد الوجودية مضاد للواجب ولا ثالث لهما فإذا كان حراما فيكون كل فرد وجد منه في الخارج متصفا بالحرمة لا محالة قلت الجامع بين الاضداد الوجودية ليس إلا عبارة عن عنوان انتزاعى يشار به إلى نفس الاضداد الخارجية فكل فرد منه مضاد بنفسه وبخصوصيته للواجب لا

.................................................................................................

______________________________________________________

باعتبار انطباق الجامع عليه ومن المعلوم أن مضادة كل واحد منها بخصوصيته تنفى انحصار التضاد في الاثنين وعليه فلا يسري حكم الضدين اللذين لا ثالث لهما إلى ما إذا كان لهما ثالث باعتبار الجامع الانتزاعى فلا تصح فيه دعوى اللزوم البين بمعناه الاخص أو الاعم هذا مضافا إلى أن الجامع وإن فرض كونه من الماهيات المتأصلة إلا أنه لا يوجد في الخارج إلا في ضمن أفراده ومن المعلوم أن الملاك في دعوى اللزوم البين في الضدين اللذين لا ثالث لهما هو ملازمة وجود أحدهما لترك الآخر خارجا وبالعكس فكل منهما وإن لم يكن بنفسه رافعا للآخر كالنقيضين إلا أنه لازم لما هو نقيضه ورافعه فيسري اليهما حكم النقيضين وهو استلزام الأمر بأحدهما للنهى عن الآخر وهذا الملاك مفقود في الضدين اللذين لهما ثالث قطعا لان الموجود في الخارج ليس هو نفس الجامع بل فرده ومصداقه ولا ملازمة بين تركه ووجود الضد الآخر على الفرض وبالجملة ما هو واجد لملاك دعوى اللزوم البين وهو الجامع لا يوجد في الخارج بنفسه وما يوجد في الخارج وهو الفرد غير واجد لملاكها فتلخص مما ذكرنا أن الأمر بأحد النقيضين يستلزم النهى عن الآخر باللزوم البين بالمعنى الاخص والأمر بأحد الضدين فيما لا ثالث لهما كالحركة والسكون والاجتماع والافتراق يستلزم النهى عن الآخر باللزوم البين بالمعنى الاعم وفيما لهما ثالث لا استلزام أصلا وأما الأمر بأحد المتقابلين بتقابل العدم والملكة كالتكلم والسكوت بناء على كون السكوت أمرا عدميا ، فالظاهر أنه يستلزم النهي عن الآخر باللزوم البين بالمعنى الاخص كما في النقيضين فإن أحدهما بنفسه رافع للآخر لا أنه ملازم للرافع ومجرد إمكان ارتفاعهما في موضوع غير قابل أجنبى عما هو الملاك في دعوى اللزوم البين بالمعنى الاخص. وأورد عليه استاذنا الآملي في المنتهى ص ٢٤. أما أولا فلانه فرق واضح بين النقيضين وبين الضد الملازم لعدم ضده من حيث اقتضاء الأمر بأحدهما للنهى عن الآخر في نظر

.................................................................................................

______________________________________________________

العرف فإن العرف يرى أن أحد النقيضين إذا كان محبوبا كان نقيضه مبغوضا مثلا إذا كان وجود الشيء محبوبا كان عدمه مبغوضا بنظر العرف وليس الأمر كذلك في الشيء ولوازمه ومقارناته فإن الشيء إذا كان محبوبا لا يقتضى حبه ان يكون مقارنة في الوجود أو ملازمة محبوبا ليكون نقيض ذلك المقارن أو الملازم مبغوضا لهذا ، قيل باقتضاء الأمر بالشىء للنهى عن نقيضه في الاول دون الثانى.

وأما ثانيا فإنه إذا تنزلنا وقلنا بأن حب الشيء يستلزم سراية الحب إلى مقارنة أو ملازمة فلا موجب لحصر هذا الاقتضاء في الضدين اللذين لا ثالث لهما لان الملاك الموجب للاقتضاء المزبور هي الملازمة أم المقارنة في الوجود وهذا الملاك متحقق في كل ضد مع عدم ضده سواء كان لهما ثالث أم لم يكن إذ لا دخل لعدم الثالث في الملاك المزبور كما لا يخفى. وأورد بمثل ذلك استاذنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٢٥٣ ثم لا يخفى أنه على تقدير تسليم الدلالة الالتزامية في الضد الخاص فيما إذا لم يكن للضدين ثالث لا بد من تسليم الدلالة فيما إذا كان للضدين ثالث أيضا ضرورة أن ملاك الدلالة على النهى إنما هو استلزام وجود الشيء لعدم ضده وهو أمر يشترك فيه جميع الاضداد. وأما استلزام عدم الشيء لوجود ضده المختص بما إذا لم يكن للضدين ثالث فهو أجنبى عن الملاك المزبور بالكلية فما أفيد في المتن من تسليم الدلالة في الضدين اللذين ليس لهما ثالث في إنكارها في الضدين اللذين لهما ثالث لا يمكن المساعدة عليه اصلا. ولكن أفاد استاذنا البجنوردي في المنتهى ج ١ ص ٣٠٥. أما التلازم قال كما أنه موجود في الذين لا ثالث لهما يقينا فالكبرى وهي لزوم كون المتلازمين في الوجود متوافقين في الحكم مما هو واضح البطلان لان مناط الحكم ربما يكون في أحدهما دون الآخر فيكون وجوده في

.................................................................................................

______________________________________________________

فاقد الملاك جزافا إلى أن قال ومما ذكرنا ظهر عدم تمامية ما احتمله شيخنا الاستاد في الضدين الذين ليس لهما ثالث من أن وجوب أحدهما ملازم عرفا كالحركة مثلا لوجوب عدم الآخر كالسكون ولعل السر في هذا التوهم هو أن غالب موارد الضدين الذين لا ثالث لهما من قبيل العدم والملكة وقد اشتبهوا في تسميتهم إياها بالضدين فحينئذ يكون داخلا في القسم الاول أي النهى عن ضده العام كما تقدم. وأورد عليه استاذنا الخوئي في المحاضرات ج ٣ ص ٣٩ قد ظهر أن الأمر كذلك في النقيضين والمتقابلين بتقابل العدم والملكة كالتكلم والسكوت فإن اعتبار الشارع الفعل على ذمة المكلف لا يستلزم النهى عن نقيضه واعتبار عدمه كما أن اعتبار الملكة في ذمة المكلف لا يستلزم النهى عن عدمها فالامر بالازالة مثلا كما لا يستلزم النهى عن الصلاة المضادة لها كذلك لا يستلزم النهى عن نقيضها وهو العدم البديل لها ضرورة أن المتفاهم منه عرفا ليس إلا وجوب الازالة في الخارج لا حرمة تركها ولذلك قلنا إن كل حكم شرعي متعلق بشيء لا ينحل إلى حكمين أحدهما متعلق به والآخر بنقيضه إلخ. فلا تقتضي بشيء من الوجوه عن النهى عن ضده الخاص ولا النقيض ولا العدم والملكة أصلا نعم في الضد العام تقدم.

في شبهة الكعبي

الأمر التاسع : في شبهة الكعبى نقل في هامش القوانين ج ١ ص ١١٢ حاشية السيد على إلى أن قال : كما نقله العميد والمدقق المحشى في حاشية المعالم حيث قرره في المنية إلى أن قال وقال في الحاشية وذكروا في تقرير شبهة الكعبي انه ما من مباح إلا وهو ترك حرام فإن السكوت ترك القذف والسكوت

.................................................................................................

______________________________________________________

ترك القتل وترك الحرام واجب انتهى وما عداهما مما نقل كما في مختصر الحاجبي فهو تأويل إلخ. وقال في القوانين المباح يجوز تركه خلافا للكعبى فإنه قال بوجوب المباح والمنقول عنه مشتبه المقصود إلى أن قال والمنقول عنه في دليله وجها أحدهما : إن ترك الحرام واجب وهو متلازم الوجود مع فعل من الافعال فكل ما يقارنه فهو واجب لامتناع اختلاف المتلازمين في الحكم وثانيهما : إنه لا يتم ترك الحرام إلا بإتيان فعل من الافعال وهو واجب فذلك الفعل أيضا واجب لان ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وقال في الفصول ص ٩١.

وأعلم أن المقالة المنقولة عن الكعبي في المقام لا يخلو عن نوع إجمال إلخ. وزاد الشيخ الاعظم الانصاري في التقريرات وجها ثالثا قال ص ١٢٢ وثالثها إن ترك الحرام عين فعل المباح فوجوب تركه ليس إلا وجوب فعل المباح إلخ. وهذه الوجوه الثلاثة تقدم بطلانها من المقدمية والتلازم والعينية وذكر المحقق النائيني الاستدلال الثانى المزبور في الاجود ج ١ ص ٢٦١. وقال بقى الكلام فيما ذهب إليه الكعبى من القول بانتفاء المباح وهذا القول مبتن على مقدمتين الأولى : توقف ترك الحرام على فعل من الافعال الوجودية بدعوى استحالة خلو المكلف عن فعل من الافعال الاختيارية الثانية احتياج الحادث في بقائه إلى المؤثر فيترتب عليهما إن ترك الحرام يتوقف حدوثا وبقاء على إيجاد فعل من الافعال الاختيارية فيكون واجبا بالوجوب المقدمى فلا يمكن فرض مباح في الخارج ويرد عليه أن المقدمة الأولى ممنوعة بداهة أن الحرام بما أنه من الافعال الاختيارية يكفى في عدمه وجود الصارف وعدم الارادة فلا يكون موقوفا على إيجاد فعل آخر وإنما يكون ملازما له في الخارج بل يمكن فرض خلو المكلف عن تمام الافعال الارادية لعدم تعلق إرادته بها وأما اتصافه في هذا الحال بالسكون لا محالة فإنما هو من باب الاتفاق لا من جهة صدوره منه بالارادة

.................................................................................................

______________________________________________________

والاختيار نعم لو فرضنا توقف بقاء الصارف على فعل من الافعال الوجودية أحيانا بحيث لو لم يستغل به لاضمحل الصارف ويقع في الحرام يقينا لامكن أن يلتزم فيه بوجوب إيجاده مقدمة للواجب ولا ضير فيه إذ لا يلزم منه إنكار المباح رأسا إلا أن الصحيح هو عدم وجوبه شرعا لعدم كون وجوب الصارف المتوقف عليه شرعيا وإنما هو واجب عقلى لتوقف الامتثال الواجب عقلا عليه وذلك لان الاحكام الشرعية إنما تتعلق بالافعال الخارجية لا بالدواعى المتوقف عليها الامتثال الواجب عقلا فإذا لم يكن الصارف واجبا شرعا فلا يكون ما هو مقدمة وجوده واجبا شرعيا ليلزم منه انتفاء المباح بل إنما يجب الاتيان به عقلا لتوقف واجب عقلى عليه نظير لزوم الاتيان عقلا بتمام أطراف العلم الإجمالي بالتكليف الوجوبى لتوقف الامتثال الواجب عقلا عليه ومن الواضح أن كون شيء واجبا عقلا لا يلزم منه نفى المباح والحكم عليه بالوجوب شرعا.

وبالجملة أن ترك الحرام مستند إلى الصارف لا فعل المباح فالمباح باق على إباحته.

(في ثمرة النهي عن الضد)

الأمر العاشر : الثمرة قال في الكفاية ج ١ ص ٢١٢ تظهر الثمرة في أن نتيجة المسألة وهي أن النهى عن الضد بناء على الاقتضاء بضميمة أن النهى في العبادات يقتضى الفساد ينتج فساده إذا كان عبادة إلخ ، بما مر ان الأمر بالازالة إذا اقتضى البعث إلى ترك الصلاة فقد اقتضى الزجر عن فعلها ففعلها عصيان للامر بالازالة فلا يمكن التعبّد به ، وقال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢١٢ وعن البهائي رضى الله عنه أنه أنكر الثمرة بدعوى أنه لا يحتاج في استنتاج الفساد إلى النهي عن الضد بل يكفي عدم الامر به لاحتياج العبادة إلى الأمر إلخ. وتوضيحه أنه

.................................................................................................

______________________________________________________

يقتضى عدم الأمر به لامتناع الأمر بالمتضادين في وقت واحد فإذا لم يكن الضد مأمورا به يقع فاسدا لان صحته موقوفة على الأمر به والمفروض عدمه وأجاب عنه في الكفاية بقوله وفيه انه يكفى مجرد الرجحان والمحبوبيّة للمولى فإنه يصح منه أن يتقرب به منه كما لا يخفى والضد بناء على عدم حرمته يكون كذلك أي له الملاك والمحبوبية فإن المزاحمة على هذا لا توجب إلا ارتفاع الأمر المتعلق به فعلا مع بقائه على ما هو عليه من ملاكه من المصلحة كما هو مذهب العدلية أو غيرها أي شيء كان كما هو مذهب الاشاعرة وعدم حدوث ما يوجب مبغوضيته أي وعدم خروجه عن قابلية التقرب به كما حدث بناء على الاقتضاء إلخ ، ويشير في هذا الكلام إلى الخلاف بين العدلية والاشاعرة فذهب الامامية والمعتزلة إلى أن الاحكام تابع المصالح والمفاسد لان الفعل بدون المصلحة والمفسدة يكون قبيحا والقبيح يستحيل عليه تعالى وقالت الاشاعرة بعدم تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد بل جوزوا الأمر والنهى بلا غرض فإن الأمر بالفعل للمصلحة والنهي للمفسدة من شأن الناقض المستكمل بذلك الغرض وهو تعالى كامل لا نقص فيه فالحسن ما أمر به المولى والقبيح ما نهى عنه المولى والجواب عنه أن النقص إنما يلزم إذا كان عائدا إليه تعالى وأما إذا كان عائدا إلى غيره فلا يوجب نقصا فيه تعالى والحق بالجواب المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢٦٣. وأما على الثاني أي أن يكتفى في العبادية باشتمالها على ملاك الأمر فتصح مطلقا أما بناء على عدم القول باقتضاء الأمر بالشىء للنهى عن ضده فواضح وأما بناء على الاقتضاء فلان العبادة حينئذ وإن كانت منهيا عنها إلا أن هذا النهى غيري نشأ من مقدمية تركها أو ملازمته للمأمور به ولم ينشأ من مفسدة في متعلقه ليكون موجبا لاضمحلال ما فيه من الملاك الصالح للتقرب بما اشتمل عليه وبالجملة صحة العبادة وعدمها في فرض المزاحمة

.................................................................................................

______________________________________________________

إنما تدوران مدار كفاية وجود الملاك في وقوع الفعل عبادة وعدم كفايته فيه سواء في ذلك القول باقتضاء الأمر بالشىء للنهى عن ضده والقول بعدمه إلى أن قال لما ستعرف في بحث النهى عن العبادة إنشاء الله تعالى من أن النهي المانع عن التقرب بالعبادة إنما هو النهي النفسى لا الغيري لان النهى الغيري لا ينشأ من مفسدة في متعلقه ليكشف عن عدم تمامية ملاك الأمر وبما أنك عرفت في مبحث التعبدي والتوصلى كفاية قصد الملاك في صحة العبادة وعدم اشتراطها بقصد الأمر إذ لم يدل دليل شرعي على اعتبار أزيد من قصد التقرب بالعمل في وقوعه عبادة ، وأما تطبيقه على قصد الأمر وغيره من الدواعي القربية فإنما هو بحكم العقل وقصد الملاك إن لم يكن أقوى في حصول التقرب بنظر العقل من قصد الأمر فلا أقل من كونه مثله تعرف أن الاقوى في محل الكلام صحة الفرد المزاحم ولو بنينا على كونه منهيا عنه بالنهى الغيري فضلا عما إذا لم يكن كذلك. وقال استادنا الآملي ونعم ما قال في المنتهى ص : ٢٧ ويمكن دفع الاشكال عن الثمرة بأن العمل المشتمل على مصلحة تعبدية إنما يصح التقرب به ويصلح له إذا لم يردع الشارع عنه ، وأما مع النهى عنه ولو غيريا فلا يكاد يصح التقرب به وإن لم يشتمل على مفسدة ذاتية خصوصا إذا قلنا بأن وجود الضد مقدمة لعدم ضده إذ عليه يكون فعل الضد مقدمة للمعصية فيكون مبغوضا لكونه شروعا في المعصية كما أشرنا إلى ذلك في استحقاق الثواب على مقدمة الواجب في بعض مباحثها فاتضح صحة الثمرة المذكورة بناء على كفاية اشتمال العمل على ملاك العبادة في صلوحه للتقرب به وإن لم يكن مأمورا به فعلا لما أشرنا إليه من أنه على الاقتضاء تكون العبادة منهيا عنها فلا يصح التقرب بها وإن اشتملت على ملاك التعبد بها للردع عنها شرعا وبناء على عدم الاقتضاء يصح التقرب بها وإن لم يكن مأمورا بها لكفاية الملاك العبادي

.................................................................................................

______________________________________________________

في صحة التقرب بذيه إذا لم يردع عنه. وفي الاجود ج ١ ص ٢٦٢ وغيره أيضا وأورد المحقق الثانى على إنكار الثمرة في صورة مزاحمة الموسع بالمضيق ما قد أوضحه جماعة من المحققين ممن تأخر عنه بما حاصله أن الأمر بالشيء إذا كان مقتضيا للنهى عن ضده فلا محالة يكون الفرد المزاحم من الواجب الموسع منهيا عنه فيقيد به إطلاق الأمر به كما هو الحال في غير المقام من بقية موارد النهى عن العبادة واجتماع الأمر والنهي بناء على تقديم جانب النهى فلا محالة يقع فاسدا بناء على عدم كفاية الاشتمال على الملاك في الصحة ، وأما إذا بنينا على عدم الاقتضاء فغاية ما يقتضيه الأمر بالمضيق هو عدم الأمر بهذا الفرد المزاحم لعدم القدرة على الاتيان به شرعا وهو في حكم عدم القدرة عليه عقلا وذلك لا يقتضى الفساد بداهة إن الوجوب إنما يتعلق بصرف وجود الطبيعة لا بخصوصية أفرادها ليرجع التخيير بينها إلى التخيير الشرعي فملاك الامتثال إنما هو انطباق المأمور به على الفرد الخارجى لا كون الفرد بشخصه مأمورا به وح فبما أن الواجب الموسع له أفراد غير مزاحمة وصرف وجود الطبيعة مقدور للمكلف يصح تعلق الأمر به من المولى إذ لا مزاحمة بينه وبين الواجب المضيق وإنما المزاحمة بين المضيق والفرد المزاحم من الموسع وإذا كان صرف وجود الطبيعة مطلوبا للمولى وكان انطباقه على الفرد المزاحم قهريا فيتحقق به الامتثال قهرا ويكون مجزيا عقلا وبالجملة حال الفرد المزاحم حال غيره من الافراد فكما أن ملاك الامتثال فيها هو انطباق المأمور به عليها لا كون أنفسها مأمورا بها كذلك يكون الملاك في الفرد المزاحم هو الانطباق المذكور أيضا ، لا يخفى أنه قبل أن نذكر جواب المحقق الثانى نشير إلى جهة وهي إن القدرة شرط عقلى أم شرعي ، ذكر القائد الخميني في التهذيب ج ١ ص ٢٤٤ وعليه غيره من الاساتذة أيضا وعلى أي قال : إن الاحكام الشرعية غير مقيدة بالقدرة لا

.................................................................................................

______________________________________________________

شرعا ولا عقلا وإن كان حكم العقل بالاطاعة والعصيان في صورة القدرة ، توضيحه أن الاحكام الشرعية الكلية عارية بحكم الاطلاق عن التقييد بالقدرة فيشمل الجاهل والعاجز بإطلاقها وتوهم أن الارادة الاستعمالية وإن تعلقت بالمطلق إلا أن الجدية متعلقة بالمقيدة بالقدرة مدفوع بأن التقييد إما من جانب الشرع أو من ناحية العقل وكلاهما فاسدان. أما الاول فلانه لو كانت مقيدة بها من الشرع لزم القول بجريان البراءة عند الشك في القدرة وهم لا يلتزمون به بل قائلون بالاحتياط مع الشك فيها ولزم أيضا جواز احداث ما يعذر به اختيار أو لا أظن التزامهم به ومنه يعلم عدم كشف التقييد الشرعي عقلا على أن ذلك لا يجامع ما أجمعوا عليه من بطلان اختصاص الاحكام بالعالمين لان التفكيك بين العلم والقدرة غير واضح إذ لو كشف العقل عن التقييد بالقدرة شرعا فلا بد وأن يكشف عن التقييد بالعلم أيضا لان مناط التقييد واحد وهو قبح خطاب العاجز والجاهل. وأما الثانى أعنى تقييد العقل مستقلا فلان تصرف العقل بالتقييد في حكم الغير وإرادته مع كون المشرع غيره باطل إذ لا معنى أن يتصرف شخص في حكم غيره والحاصل أن تصرفه في الادلة لا يرجع إلى محصل بل تصرف العقل في إرادة المولى أو جعله لا معنى معقول له إذ التقييد والتصرف لا يمكن إلا للجاعل لا لغيره ، نعم يخص للعقل حكم مقام الاطاعة والعصيان وتشخيص أن مخالفة الحكم في أي مورد توجب استحقاق العقوبة وفي أي مورد لا توجبه وليس للعقل إلا الحكم بأن الجاهل والعاجز ونظيرهما معذورون في ترك الواجب أو إتيان الحرام من غير تصرف في الدليل فظهر أن ما يطلب من العقل لانقاذ الجهل والعجزة من لهيب النار يحصل بحكمه بأن هؤلاء معذورون في ترك الامتثال ولا حاجة معه إلى التقييد لو لم نقل أنه مجال والذي أوقعهم فيه هو توهم قبح الخطاب إلى هم غافلا عن أن الملاك في الاحكام الكلية غير الجزئية

.................................................................................................

______________________________________________________

والشخصية. وعلى أي ذكرناه لاجل التذكر. وأورد عليه أولا استادنا الآملي في المنتهى ص ٨٢ قال أما في توجيه المحقق فلانه وإن سلمنا كون القدرة شرطا عقليا في جواز التكليف لا قيدا في المكلف به وسلمنا صحة الشرط المتأخر واخترنا أن المكلف به وهو طبيعى العمل لا فرده لكن العقل لا يجوز تعلق التكليف بالطبيعى إلا من الناحية التى يرى المكلف قادرا فيها عليه فإذا فرضنا أن المكلف قادر على الطبيعى من بعض نواحيه عاجز عنه من ناحية أخرى فالعقل لا يصحح التكليف بذلك الطبيعي باعتبار جميع نواحيه لان انبساط التكليف عليه كذلك لغو قبيح فلا محالة يكون المكلف به حصة منه وعليه لا يكون المأتي به حال المزاحمة فردا لتلك الحصة ليتحقق الامتثال به وأورد عليه ثانيا المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢٦٣ وقال وفيه ان ما ذكره أي المحقق إنما يتم بناء على أن يكون منشأ اعتبار القدرة شرطا للتكليف هو قبح تكليف العاجز إذ عليه يمكن أن يقال الموسع بما أنه مقدور في الفرض المزبور ولو بالقدرة على فرد منه لا يكون التكليف به قبيحا وبما أن انطباقه على الفرد المزاحم قهري يكون أجزاؤه عقليا ، وأما إذا بنينا على أن اعتبار القدرة إنما هو الاقتضاء نفس التكليف ذلك لا لحكم العقل بقبح تكليف العاجز ضرورة أن الاستناد إلى أمر ذاتى سابق على الاستناد إلى أمر عرضى فلا يمكن تصحيح الفرد المزاحم بذلك أصلا. توضيح ذلك أن الآمر إنما يأمر بشيء ليحرك عضلات العبد نحو الفعل بالارادة والاختيار بجعل الداعى له إلى ترجيح أحد طرفي الممكن وهذا المعنى بنفسه يستلزم كون متعلقه مقدورا لامتناع جعل الداعى نحو الممتنع عقلا أو شرعا وعليه فالبعث لا يكون إلّا نحو المقدور فتخرج الافراد غير المقدورة عن حيز الطلب فالفرد المزاحم وإن كان من أفراد نفس الطبيعة إلا أنه ليس من أفرادها بما هي مأمور بها ومتعلقة للطلب ليكون

.................................................................................................

______________________________________________________

انطباق المأمور به عليه قهريا فيكون مجزيا وبالجملة انطباق الطبيعة المأمور بها على الفرد المزاحم يتوقف على عدم تقييدها بقيد القدرة ، وأما إذا كانت مقيدة بها لاقتضاء نفس الطلب ذلك امتنع انطباقها على ذلك الفرد ليتحقق به امتثال الأمر المتعلق بصرف وجودها فلو بنينا على اشتراط صحة العبادة بتعلق الأمر بها فلا بد من الالتزام بفساد الفرد المزاحم لخروجه عن حيز الطبيعة المأمور بها. أما للنهى وأما لتقيدها بالقدرة المانع من انطباقها على الفرد المزاحم نعم إذا بنينا على كفاية الاشتمال على الملاك في الصحة فلا بد من الالتزام بصحة الفرد المزاحم في الصورتين لما عرفت من أنه تام الملاك حتى بناء على كونه منهيا عنه أيضا. وأجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ٢٩ فهو أولا التزامه بصحة توجيه المحقق لو لا أخذ القدرة قيدا وشرطا في المأمور به مع أن التوجيه المزبور لا يتم على مختار صاحب الايراد حتى مع الغض عن أخذ القدرة قيدا في المأمور به لان توجيه المحقق لا يتم إلا على القول بأحد الأمرين. أما إمكان الشرط المتأخر ، وأما إمكان الواجب المعلق لان فعلية الأمر بالواجب الموسع في حال مزاحمة الواجب المضيق مع كون القدرة شرطا في فعلية التكليف ومع عدم القدرة في نظر الشارع على الموسع في حال مزاحمة المضيق لا تتأتى إلا إذا اكتفينا بالقدرة على الموسع في الزمان الثانى أعنى به حين ارتفاع المزاحمة بالمضيق فالاكتفاء بالقدرة المتأخرة في فعلية الأمر في الزمان الاول هو أحد فروع القول بالشرط المتأخر أو إذا قيل بأن الواجب الموسع وإن كان وجوبه حال المزاحمة فعليا إلا أن ظرف امتثاله والاتيان بمتعلقه هو الزمان الثانى اعنى به حين ارتفاع المزاحمة وهو تمسك بالواجب المعلق وصاحب الايراد لا يقول بكل منهما وثانيا ان ما ذكره وجها للفرق بين مختاره ومختار المحقق فليس بوجه يوجب الفرق في النتيجة وذلك لأنا لو سلمنا ان نفس

.................................................................................................

______________________________________________________

التكليف يستلزم بطبعه كون المكلف به مقدورا لما كنا نسلم امكان اخذ ما يقتضيه الحكم قيدا في الموضوع لان الموضوع متقدم بالطبع على حكمه وهو متاخر عنه كذلك ولا يمكن اخذ ما ينشأ من المتأخر قيدا او جزءا في المتقدم وإلّا لزم تقدم المتأخر أو تأخر المتقدم بل يكون حال ما ينشأ من الحكم حال نفس الحكم بالنسبة إلى موضوعه فكما ان نفس الحكم لا يمكن ان يكون قيدا لموضوعه كذلك ما ينشأ منه وعليه يكون متعلق الحكم غير مقيد بالقدرة.

والموجود في المنتهى لاستاذنا الآملي هو بيانات المحقق العراقى على ما كان يصرح بذلك الاستاد وانما سواه بعنوان تقريرات نفسه لبعض الجهات لكثرة المقررين درس الاساتذة فتهاون امر المقررين ورتبتهم وعلى أي قد ذكر الوجه الاول بل الثانى من الجواب استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٢٦٣ لا يخفى انه بناء على اعتبار وجود الأمر في صحة العبادة والاغماض عما سيجىء من صحة تعلق الأمر بالضدين على نحو الترتب لا مناص عن القول بفساد العبادة الموسعة المزاحمة بالواجب المضيق بناء على ما اختاره شيخنا الاستاد من استحالة تعلق الطلب بأمر متأخر مقدور في ظرفه لانه على ذلك لا يعقل تعلق الطلب بغير المضيق لعدم كون فرد من افراده مقدورا بالفعل فلا يعقل طلب صرف وجود الطبيعة ح ليكون انطباقه على ما اتى به في الخارج فهى قهريا واجزائه عن الاتيان بالمأمور به ثانيا عقليا ولا يفرق في ذلك بين القول بأن منشأ اعتبار القدرة في متعلق التكليف هو حكم العقل بقبح خطاب العاجز والقول بأن منشأه هو اقتضاء نفس التكليف ذلك نعم اذا كان الواجب ذا افراد عرضية وكان بعض افراده مزاحما بواجب اهم لا جميعها او قلنا بصحة تعلق الوجوب بأمر متأخر في ظرفه كما هو المختار عندنا لصح الاتيان بالفرد المزاحم بداعى امتثال الأمر بالطبيعة المقدورة بالقدرة على فرد منها بناء على

.................................................................................................

______________________________________________________

ان منشأ اعتبار القدرة هو الحكم العقلى المزبور لكن الفرض الأول خارج عما هو محل الكلام في المقام والثانى خلاف ما هو مختار شيخنا الاستاد فلا وجه لما في المتن من التفصيل وتسليم ما افاده المحقق الثانى على تقدير وانكاره على تقدير آخر. وقال في ص ٢٦٤ تحرك المكلف نحو الفعل وانبعاثه عن بحث المولى انما يتحقق في ظرف وصول التكليف إليه وحصول الداعى له إلى الامتثال من جهة حكم العقل بلزومه واما التكليف في نفسه فهو كما عرفت سابقا ليس إلا عبارة عن اعتبار كون الفعل على ذمة المكلف كما ان الانشاء على ما ذكرناه لا شأن له إلا انه ابراز لذلك الاعتبار القائم بالنفس فلا مقتضى لاختصاص متعلق الحكم بالحصة الارادية والاختيارية بل الفعل على اطلاقه متعلق الحكم سواء في ذلك المقدور وغيره نعم القدرة دخيله في حكم العقل بلزوم الامتثال ومن الواضح إن ذلك لا يقتضي اعتبارها في متعلق التكليف بوجه اصلا وقال في المحاضرات ج ١ ص ٦٣ وعليه فلا مقتضى للالتزام بأن متعلقه حصة من الطبيعة وهي الحصة المقدورة فإن المقتضى له ليس إلا توهم أن الغرض من التكليف حيث أنه جعل الداعي فجعل الداعي نحو الممتنع غير معقول أي لغو ولكنه غفلة عن الفارق بين جعل الداعى نحو الممتنع وجعل الداعى نحو الجامع بين المجتمع والممكن والذي لا يمكن جعل الداعى نحوه هو الاول دون الثانى ، فإن الداعى نحوه من الوضوح بمكان فالنتيجة يصح الاتيان بالفرد المزاحم بداعي الأمر بالطبيعة فالصحيح ما ذهب إليه المحقق النائيني من تحقق الثمرة إلخ. وفيه لا يجتمع ذلك مع كون الحكم على نحو القضايا الحقيقية وأنه يكون الحكم فعليا عند فعلية شرائطه فهل يكون له القدرة أو ليس له القدرة كيف يتحقق الحكم على الجامع بينهما وما يجعل في ذمة المكلف الحكم المقدور أو غير المقدور. بقى فيه تنبيهات :

التنبيه الاول : في تخصيص الثمرة ببعض الصور أو تعميمه ذكر المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص / ٢٦٢ وأما ثمرة البحث فقد يقال إنها تظهر فيما إذا وقعت المزاحمة بين الواجب الموسع والمضيق وفيما إذا وقعت بين مضيقين أحدهما أهم من الآخر. وعليهما مشي إلى تمام البحث لكن يظهر من صاحب الفصول وغيره تعميم الثمرة ، قال في الفصول ص : ٩٦ فأعلم أن جماعة زعموا أن ثمرة النزاع في الضد الخاص تظهر فيما إذا دار الأمر بين واجب مضيق وعبادة موسعة فإنه لو أتى ح بالموسع عصى وصحت عبادته بناء على القول بعدم الاقتضاء وبطلت على القول بالاقتضاء نظرا إلى انتفاء الرجحان الذي به قوام العبادة إلى أن قال ثم إن جماعة قصروا الثمرة على الصورة المذكورة ونفوها في المضيقين لانهما إن تساويا فالتخيير وإلا تعين الأهم وامتنع الأمر بالآخر وهو ضعيف إذ ليس منشأ هذا الامتناع عند التحقيق إلا لزوم الأمر بالشيء وضده. وهذا بعينه وارد في الموسع أيضا كما سننبه عليه ووجه التفصي عنه في المقامين واحد كما سنذكره بل أقول ويظهر الثمرة في غير أوامر الشرع أيضا ممن ليس له أهلية الايجاب كأمر صاحب الدار لمن إذن له بمطلق التصرف فيها بأمر فعلى القول باقتضاء الأمر بالشىء النهى عن اضداده الخاصة يحرم عليه جميع التصرفات المضادة له ما عدا الخروج منها إذ ليس له المنع منه فيبطل لو كانت عبادة وكذا الحال بالنسبة إلى اللابس ثوب الأمر وشبهه. وأوضح من ذلك ما أشار إليه الشيخ الانصاري في التقريرات ص ١١٣ في تحرير محل النزاع بان إخراج الموسعين عن محل النزاع مما لا وجه له فإن الملازمة التى اثبتوها بين الأمر بالشىء والنهى عن ضده عقلية سارية في جميع الاوامر فكما أن الأمر المضيق يقتضي النهي عن ضده الموسع كذلك الامر الموسع يقتضي ذلك من غير فرق والحاكم بذلك هو العقل على القول

.................................................................................................

______________________________________________________

بالاقتضاء غاية الأمران النهى في الموضعين يختلف حسب اختلاف الأمرين فالامر المضيق يقتضي النهي عن ضده على جهة التضييق والتعيين ، والامر الموسع يقتضيه على جهة التوسعة والتخيير فالاضداد الواقعة في وقت الازالة مثلا منهية على سبيل الضيق ويجب الاجتناب عنها فورا مضيقا معينا والاضداد الواقعة في وقت الصلاة منهية توسعة فيجب الاجتناب عنها في مقدار فعل الصلاة من أول الوقت إلى آخره وهكذا الكلام في المضيقين المتساويين في الاهمية فإن قاعدة الاقتضاء المزبور قاضية باقتضاء كل منهما النهى عن الآخر على سبيل التخيير العارض للامرين باعتبار التزاحم والتكافؤ وإن تردد في آخر كلامه فراجع. ويظهر من المحقق العراقى أيضا التعميم وذلك بحسب ما بين من الصور وأحكامها على ما سيأتى وإن لم يصرح بالتعميمين فالنتيجة إن الثمرة تعم ولا وجه للتخصيص أصلا.

التنبيه الثاني : تقدم في ثمرة البحث إن اشتمال الفعل على ملاك العبادة كاف في صحة التقرب به ووقوعه عبادة هذا في مرحلة الثبوت ، أما الكلام في مرحلة الاثبات وإن العمل مشتمل على ملاك العبادة أو غير مشتمل عليه ففى ذلك مسلكين المسلك الاول التمسك بإطلاق المادة والمسلك الثانى التمسك باطلاق الهيئة ونتيجتها واحدة أما الاول ذكر المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢٦٥ فإن قلت تصحيح العبادة في حال المزاحمة بالملاك يتوقف على إحراز كونها واجدة له في هذا الحال وهو لا يجتمع مع القول باقتضاء نفس الطلب لاعتبار القدرة في متعلقه إذ عليه يكون اعتبار القدرة فيه شرعا والقدرة دخلية في ملاكه فيرتفع الملاك بارتفاع القدرة ، بيان ذلك أنا لو بنينا على أن اعتبار القدرة في متعلق الأمر إنما هو بحكم العقل لقبح تكليف العاجز فيمكن أن يقال ح إن إطلاق متعلقه شرعا يكشف عن كونه ذا ملاك مطلقا في حال القدرة وعدمها فإطلاق المتعلق يكون كاشفا عن تمامية الملاك في المتعلق مطلقا وإن كان تعلق

.................................................................................................

______________________________________________________

التكليف به مشروطا عقلا بكونه مقدورا. وأما إذا بنينا على أن نفس تعلق الطلب بشيء يقتضى اعتبار القدرة عليه فيكون تعلق الطلب به مقيدا لاطلاق متعلقه ومضيقا لدائرة فكأنه قيد المتعلق بحال القدرة لقطا فيكون هذا التقييد كاشفا عن اعتبار القدرة فيه شرعا ودخلها في الملاك واقعا نظيرا دلالة الدليل على تقييد وجوب الحج بالاستطاعة مطابقة ـ إلى أن قال ـ ولو سلم فيما نحن فيه عدم القطع بالتقييد شرعا الكاشف عن دخل القدرة في الملاك فلا محالة يحتمل ذلك بحيث لو كانت دخيلة في الملاك لصح للمتكلم أن يكتفى في بيانه بنفس إيقاع الطلب على ما تعلق به فيكون المقام من قبيل احتفاف الكلام بما يصلح لكونه قرينة ومعه لا يمكن التمسك بالاطلاق ـ إلى أن قال ـ قلت : إذا كان متعلق الطلب مقيدا بالقدرة كما في آيتى الحج والوضوء فالتقييد يكشف عن دخل القدرة في الملاك واقعا بداهة أنه لا معنى لاخذ قيد في متعلق الطلب إثباتا إذا لم يكن دخيلا في الملاك ثبوتا ـ إلى أن قال ـ وأما إذا لم يكن متعلق الطلب مقيدا بالقدرة في مرتبة سابقة على تعلق الطلب به بل كان اعتبار القدرة فيه لتعلق الطلب به سواء كان التقييد ناشئا من حكم العقل بقبح خطاب العاجز أو من اقتضاء نفس تعلق الطلب به ذلك فمعروض الطلب في مرتبة سابقة على عروضه وهي مرتبة اقتضاء المتعلق لعروض الطلب عليه التى هي عبارة أخرى عن مرتبة وجدانه للملاك يكون مطلقا لا محالة والتقييد في مرتبة لا حقة وهي مرتبة عروض الطلب لا يعقل أن يكون تقييدا في مرتبة سابقة عليه وبالجملة المادة التى يعرض عليها الطلب وإن كانت مقيدة بالقدرة عليها حال عروضه إلا أن إطلاقها في مرتبة سابقة عليه يكشف عن عدم دخل القدرة في الملاك وعن كون ذات العمل الذي هو معروض الطلب واجدا للملاك التام وإلّا لكان على المولى تقييده في تلك المرتبة فمن الاطلاق في مقام الاثبات يستكشف عدم

.................................................................................................

______________________________________________________

التقييد في مقام الثبوت فظهر أن اقتضاء الطلب لاعتبار القدرة في متعلق يستحيل أن يكون بيانا ومقيدا للاطلاق في مرتبة سابقة عليه فلا معنى لدعوى الاجمال وإن المقام من قبيل احتفاف الكلام بما يصلح لكونه قرينة فضلا عن دعوى كونه بيانا ومقيدا لاطلاقها. فأجاب أولا عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ٣١ قلت لا ريب في أن متعلق الخطاب وإن كان قبل تعلق الخطاب أمرا كليا إلا أنه بعد تعلق الخطاب به يكون حصة منه لان الخطاب ولوازمه توجب تخصصه حينما يتعلق به ولازم ذلك عدم إمكان أخذ الاطلاق في المتعلق وبعبارة أخرى أخذ الحكم وقيوده في المتعلق وإن كان مستحيلا إلا أن كل واحد من الحكم والمتعلق يتضيق من ناحية الآخر فالحكم بعد ما صار ضيقا من جهة دخل القدرة فيه يوجب التضييق في المتعلق غاية الأمر سقط الخطاب للعجز ولكن اتكال المتكلم في دخل القدرة في مصحلة المتعلق يكون باشتراط القدرة في الخطاب. وأجاب عنه ثانيا استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص : ٢٦٨ لا يخفى أن التمسك بإطلاق المتعلق لاحراز عدم اشتراط الملاك بالقدرة إن كان من جهة استكشاف مراد المتكلم من ظاهر كلامه فهو يتوقف على كون المولى في مقام بيان ما يقوم به ملاك طلبه ومن الواضح أنه ليس كذلك غالبا بل غاية ما هناك كون المولى في مقام بيان ما تعلق به طلبه فقط بل الغالب في الموال العرفية غفلتهم عن ذلك فضلا عن كونهم في مقام بيانه ، ثم إنه على تقدير كون المولى في مقام بيان ما يقوم به ملاك طلبه أيضا لا يمكن التمسك بإطلاق كلامه بعد حكم العقل باعتبار القدرة في متعلق الطلب أو اقتضاء نفس تعلق الطلب به ذلك واحتمال اعتماد المتكلم في التقييد على ذلك لان الكلام يحتف ح بما يحتمل كونه قرينة فلا ينعقد له ظهور في الاطلاق كما هو ظاهر. وأما إذا كان التمسك بالاطلاق لاجل كشف المعلول عن علته أي عدم

.................................................................................................

______________________________________________________

التقييد المتعلق يلازم ثبوت الملاك على الاطلاق سواء كان المولى في مقام البيان من الجهة المشكوكة فيها أم لم يكن كما هو مختار شيخنا الاستاد فيرد عليه إن تعلق الطلب بشيء وإن كان يكشف عن وجود الملاك فيه بناء على تبعية الاحكام لما في متعلقاتها من الملاكات الواقعية كما هو الصحيح إلا أن غاية ما يقتضيه ذلك هو إحراز الملاك في خصوص الحصة الملازمة لتعلق الطلب بها دون غيرها ضرورة أن عدم الطلب غير المقدور كما يمكن أن يكون لاجل المانع يمكن أن يكون لعدم ما يقتضيه فلا موجب لاحراز الملاك فيه أصلا. مضافا إلى ذلك قال استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣٢٦ إن القدرة سواء كانت مأخوذة في الخطاب أو لا يمكن أن يقال بعدم الفرق من حيث الدخل في الملاك وعدمه ، أما أولا فلانه على فرض ذكرها فيه يحتمل أن يكن إرشادا إلى ما حكم به العقل وهو عدم إمكان إتيان عمل من الاعمال إلا في ظرف القدرة فحيث فقدت لا يمكن إتيانه. وثانيا إنه لو لم يؤخذ في الخطاب أيضا يمكن أن تكون دخيلة في المصلحة ولكن اتكل المولى على ما يحتمل القرينية وهو حاف بالكلام لحكم العقل بأن القدرة شرط التكليف والنكتة الوحيدة لاخذ القدرة في الخطاب على فرض كونها كذلك هي حفظ الغرض فلو لم تؤخذ أيضا يكون على هذا الفرض يعنى احتمال الاتكال على القرينة محفوظا.

قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٣٢ فالصحيح في مقام اثبات عموم الملاك وتحققه في حالتى القدرة والعجز هو التمسك بإطلاق الهيئة بيان ذلك هو أن للهيئة ثلاث دلالات أحدها دلالة الهيئة على فعلية البعث إلى المادة على الاطلاق ، ثانيها دلالتها على تعلق إرادة الأمر تشريعا بالمادة على الاطلاق أيضا ، ثالثها دلالتها على اتصاف المادة بالملاك على الاطلاق أيضا وحيث دل الدليل المنفصل وهو العقل على قبح تكليف العاجز سقط ظهور الهيئة عن الحجية

.................................................................................................

______________________________________________________

والدلالتين الاوليين وبقيت الدلالة الثالثة من دون معارض يوجب سقوطها عن الحجية. وأورد عليه بوجهين :

الوجه الاول : ما نقله استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣٢٨ هو أن الذي نكون في صدده هو القدرة التى دخيلة في امتثال التكليف ـ أي لا للوجوب والواجب ـ فإنها لو كانت شرطا للوجوب لازمه أن لا يكون الملاك في ظرف المزاحمة مثل مزاحمة الصلاة مع الازالة ولو كانت شرط الواجب أيضا وهو المتعلق كان المتعلق مقيدا بالقدرة من جهة البعث فلا محالة يوجب ذلك ضيق الوجوب ، فما الفرق بين كون القيد قيد الهيئة أو قيد المادة مع أن البعث يكون من شأن الهيئة لا المادة والتمسك يكون بإطلاق الهيئة دون المادة في صورة الاحتياج إلى الاطلاق. وفيه إن في المقام يكون القدرة شرط الواجب والبعث يكون بنحو الواجب المعلق لا المشروط فيكون مثل الموسم الذي علق عليه الحج فإنه تكون الهيئة مقيدة بالقدرة من حيث البعث ولكن القدرة تكون شرط الواجب فلا تكون دخيلة في المصلحة كما أن الموسم لا يكون دخيلا في مصلحة الحج وتكون مثل الطهارة أيضا بالنسبة إلى الصلاة فإن الصلاة لها مصلحة بدون الطهارة في ذاتها ولا تكون شرط الوجوب للصلاة حتى لا تجب بدونها نعم لا تصح بدونا في مقام الامتثال فالفرق بين كون القيد قيد الوجوب أو الواجب واضح.

الوجه الثاني : ما أفاده استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص : ٢٦٩ فجوابه أن الدلالة الالتزامية كما أنها تابعة للدلالة المطابقية وجودا تابعة لها حجية فاذا ارتفعت حجية الدلالة المطابقية ارتفعت حجية الدلالة الالتزامية أيضا وذلك لاجل أن الحكاية عن اللازم إنما كانت حجة ولو مع عدم التفات المتكلم إلى الملازمة وعدم قصده الحكاية عنه لان ثبوت الملزوم والتعبد به يقتضى التعبد

.................................................................................................

______________________________________________________

بلازمه لبناء العقلاء على ذلك في باب الظهورات على ما يأتى تفصيل ذلك في محله إن شاء الله تعالى فإذا لم يثبت الملزوم لم يثبت لازمه أيضا فإذا قامت البينة مثلا على ملاقات الثوب للبول الدالة على نجاسة الثوب بالالتزام وعلم من الخارج عدم ملاقاته له مع احتمال كونه نجسا من جهة أخرى فهل يحكم بنجاسة الثوب ح أخذا بالدلالة الالتزامية مع فرض سقوط الدلالة المطابقية عن الحجية كلا.

وأجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص : ٣٢ قلت سقوط الظهور عن الحجية بالدليل المنفصل لا يستدعى بطلان نفس الظهور فإذا كان ظهور دلالة المطابقة محفوظا وإن لم يكن حجة كان ظهور دلالة الالتزام محفوظا لتبعية ظهور دلالة الالتزام لنفس ظهور دلالة المطابقة وجودا وإذا سقط أحد الظهورين عن الحجية لدليل منفصل عارضه فلا موجب لسقوط الظهور الآخر عن الحجية وعليه تكون الدلالة الالتزامية في المقام حجة في مدلولها فتحصل مما تقدم أنه تترتب ثمرة عملية على النزاع في الاقتضاء وعدمه وهي صحة العبادة المأتى بها بداعى الملاك بناء على عدم الاقتضاء وبطلانها بناء على الاقتضاء وإنه يمكن استكشاف وجود الملاك في العمل العبادي حين المزاحمة بالاهم بإطلاق الهيئة وإن سقط ظهورهما في فعلية الطلب ح عن الحجية إلخ. وأما ما ذكره من المثال ففى غير محله فإن ملاقات الثوب للنجاسة موضوع الحكم بالنجاسة فإذا ارتفع الموضوع ارتفع الحكم فليس من الدلالة الالتزامية بشيء واحتمال تنجسه بشيء آخر موضوع آخر وتكون من الشبهة البدوية ومجرى البراءة. وإن أردت مثالا لذلك : إن الدار ادعاها ثلاثة زيد وعمرو وبكر وقامت بينة أنها لعمرو ودلالتها الالتزامية على أنها ليست لزيد ولا لبكر ، وقامت بينة أخرى أنها لبكر ودلالتها الالتزامية على أنها ليس لعمرو ولا زيد فتعارضتا البينتان بمفادهما

.................................................................................................

______________________________________________________

وتساقطا ولكن تبقى الدلالة الالتزامية على أنها ليس لزيد بحاله ، وأما فرض كون الدار تحت يد زيد كما في المحاضرات ج ٣ ص ٧٤ خارج عن محل الكلام لان اليد أمارة على الملكية وقرينة على عدم حجية المدلول الالتزامى فلا تشتبه عليك هذه الامثلة ويخرجك عما هو الحق في المقام كما أن تعارض الروايتين وتساقطهما ويبقى ظهورهما حجة بالنسبة إلى نفى الثالث أمر مسلم عندهم وهو الدلالة الالتزامية أيضا فالصحيح هو إمكان التمسك بإطلاق الهيئة وقال استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص : ٢٦٩ نعم بناء على ما اخترناه من عدم اعتبار القدرة إلا في مرحلة حكم العقل بوجوب الامتثال صح التمسك بالاطلاق لاثبات كون الفرد المزاحم لما هو أهم منه واجدا للملاك إذ المفروض أن متعلق الأمر هو نفس الطبيعة غير المقيدة بالقدرة الصادقة على الفرد المزاحم أيضا فكل فرد اتى به في الخارج فهو فرد للمأمور به وواجد لملاكه لا محالة إلخ ، وهذا قد تقدم المناقشة فيه وعدم ملائمته مع كون الاحكام على نحو القضايا الحقيقية عندهم لان التكليف فعلى عندهم عند وجود الشرائط خارجا ، مضافا إلى ما ذكره استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣٢٥ ان الخطاب على الطبيعي ينحل ولا شبهة في عدم انحلاله على الفرد الذي له المزاحم فلا أمر له أصلا سواء كان من باب الشرط المتأخر والمعلق أم لا.

في الفرق بين التعارض والتزاحم

التنبيه الثالث : نقل المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢٧٠ ثم إنه ربما يورد على ما ذكرناه من تصحيح العبادة بالملاك بأن الأمر بالصلاة مع الأمر بالازالة مثلا بعد امتناع اجتماعهما متعارضان فلا بد من الرجوع إلى المرجحات وبما أن المفروض أن المرجح في طرف الأمر بالازالة يسقط دليل وجوب

.................................................................................................

______________________________________________________

الصلاة عن الحجية لا محالة إذ فرض اعمال دليل وجوب الازالة فرض اسقاط دليل وجوب الصلاة فلا يستكشف كون الصلاة ح مشتملة على الملاك حتى يمكن تصحيحها به ولا يخفى أن هذا الايراد إنما نشأ من تخيل أن المقام من باب المتعارضين وهو ناشئ من خلط باب التعارف بباب التزاحم غفلة عن أن الملاك في كل من البابين يخالف ما هو الملاك في الآخر كما أن القول بان الاصل عند الشك هو التعارض أو التزاحم ناشئ عن ذلك أيضا فإن الفرق بين البابين كبعد المشرقين فكيف يصح إمكان تصادقهما على مورد واحد ليكون أحدهما هو الاصل دون الآخر ، وأحسن ما قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٣٣ قال : وفيه أن أريد بذلك سقوط أحد الخطابين عن الفعلية لامتناع فعلية كليهما معا فهو مسلم ولكن ذلك لا يستلزم كون المورد من موارد المعارضة بل يجوز أن يكون من موارد التزاحم لاشتراك الموردين في هذا الاثر وإن أريد أن سقوط أحد الخطابين عن الفعلية يستلزم كذب أحدهما فيكون من موارد المعارضة فهو غير مسلم لسقوط أحد الخطابين عن الفعلية في مورد التزاحم مع عدم استلزامه لكذبه في هذا المورد واتضاح هذه الجملة في المقام يتوقف على توضيح الفرق بين حقيقة التزاحم والتعارض وبيان أحكام كل منهما في الجملة وأما تفصيل ذلك فسيأتى إنشاء الله تعالى في محله ومع هذا فالتوضيح الذي لا بد منه في المقام يتوقف على تحرير الكلام من جهات. الأولى : إن حقيقة المعارضة هو تنافي الدليلين بنحو يكون كل منهما مكذبا للآخر في مدلوله فعلية واقتضاء سواء كان تنافيهما بالذات كما لو كان مدلول أحدهما مضاد المدلول الآخر مثل أن يكون مدلول أحدهما الأمر بشيء ومدلول الآخر النهى عن ذلك الشيء ، أم كان بالعرض كما لو علم بكذب أحدهما في نفسه واشتبه بالآخر غير الكاذب وفي كلا القسمين يكون المرجع هي مرجحات باب

.................................................................................................

______________________________________________________

التعارض وأما التزاحم فهو التدافع بين موجودين مستقلين لا تسعهما قدرة المكلف أي على الجمع بين امتثال الخطابين. أما لكونهما متماثلين كانقاذ الغريقين وأما لكونهما متضادين كالازالة والصلاة أو التمانع بين ملاكين اتصف بهما موجود واحد يقتضي أحدهما التأثير في نفس المولى الحكيم بإرادته ويقتضى الآخر التأثير فيها بكراهته كالصلاة في المكان المغصوب فعلى هذا يكون التعارض بين الدليلين منحصرا في الدليلين الذين يدلان على حكمين متضادين لعنوان واحد كالخمر المحكوم بطهارته في بعض الاخبار وبنجاسته في بعض آخر أو الدليلين الذين علم من الخارج بكذب أحدهما ، وأما الدليلان اللذان يدلان على حكمين متضادين لعنوانين متلازمين في الوجود أو كان بينهما عموم وخصوص من وجه ، كالصلاة في المكان المغصوص فليسا بمتعارضين بل هما متزاحمان والسر في ذلك أن التعارض وإن دلت الادلة الشرعية على أحكامه إلا أنها لم تشرح حقيقته ولم يتبين معناه ليؤخذ به صدقا وتطبيقا على موارده.

وأما التزاحم فلم يتعرض لبيان حقيقته ولا لشيء من أحكامه شيء من الادلة الشرعية بل هو أمر عقلى موضوعا وحكما فيلزم الفحص عقلا عن حقيقته فإذا تشخصت عندنا علمنا أن ما سواها من الموارد التى يتدافع فيها الدليلان هو من موارد التعارض فنقول ملاك التزاحم الجامع بين جميع موارده هو تحقق ملاك كل من الحكمين في مورد التزاحم مع سقوط أحدهما عن الفعلية لاستحالة امتثالهما معا في مورد التزاحم سواء كان التزاحم بين متعلقى الحكمين كالصلاة والازالة أم كان بين ملاكيهما في التأثير كالصلاة في المكان المغصوب فكما يجري تحقق ملاك كل من الحكمين في كلا الأمرين المتزاحمين في الوجود بإطلاق دليليهما كذلك يمكن إحراز تحقق ملاك كل من الحكمين في

.................................................................................................

______________________________________________________

الأمر الواحد ذي العنوانين كالصلاة في المكان المغصوب بإطلاق دليليهما وكما يصح إحراز فعلية أحد الحكمين بإحراز اقوائية ملاكه أو بغيره من المرجحات في المتزاحمين في الوجود كإنقاذ الغريقين كذلك يصح إحراز فعلية أحد الحكمين بإحراز اقوائية ملاكه أو بغيره من المرجحات في تزاحم الملاكين في الأمر الواحد ذي العنوانين كالصلاة في المكان المغصوب فإذا شخصنا عقلا ملاك التزاحم كما ذكرنا اتضح لنا أن كل مورد يتدافع فيه الدليلان ويمتنع الاخذ بمدلوليهما معا فيه ولا يشتمل على ملاك التزاحم المزبور هو من موارد التعارض الكاشف عن كذب أحد الدليلين في الحكم وملاكه وهو منحصر في تعارض الدليلين الحاكمين بحكمين متضادين على أمر واحد بعنوان واحد وفي مورد العلم بكذب أحد الدليلين من الخارج وقد أشرنا لك تلويحا في غضون هذا التحقيق أن مناط التزاحم سواء كان في الوجود أم في الملاك هو تحقق إطلاق كل من دليلي الحكمين الكاشف عن تحقق الملاك ومناط التعارض هو عدم تحقق الاطلاق المزبور سواء كان التنافي والتدافع بين الدليلين في مورد التزاحم في الوجود أم في مورد التنافي في الحكم فتحصل من جميع ذلك أن الدليلين اللذين يدلان على حكمين متضادين إن كان متعلق حكميهما شيئا واحدا عنوانا ومعنونا كانا متعارضين لان كل حكم يكشف بدليل الإنّ عن وجود ملاك في متعلقه يستدعيه وعن مبادئه القائمة في نفس الحاكم به من الحب والبغض والارادة والكراهة وغيرها ويدل بدليل الالتزام على الزجر عن نقيض متعلقه إن كان ذلك الحكم إيجابا وعلى طلب نقيض متعلقه إن كان ذلك الحكم تحريما فيكون كل من الدليلين المتعارضين مكذبا بالدلالة الالتزامية للآخر في مفاده وملاكه ، وأما إذا كان متعلق كل من الحكمين المتضادين مغايرا لمتعلق الآخر عنوانا وإن كانا متلازمين في الوجود فضلا عما لو كانا

.................................................................................................

______________________________________________________

متصادقين اتفاقا على موجود واحد فلا يكون الدليلان الدالان عليهما متعارضين لانه لا يكون أحدهما مكذبا للآخر في مفاده ولا في ملاكه لا بالمطابقة ولا بالالتزام لفرض المغايرة بين ما يدعوا إليه أحد الحكمين وما يزجر عنه الآخر.

ولكن ذكر المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢٧٠ وتحقيق ذلك أن باب التعارض يفترق عن باب التزاحم في مورد التصادم وفي الحاكم بالترجيح أو التخيير وفي جهة التقديم وفي كيفيته ، أما الاول فتوضيحه أن الحكم المدلول عليه بدليل إذا لوحظ بالقياس إلى الحكم المستفاد من دليل آخر فإن لم يكن بينهما تناف وتعاند أصلا فهما خارجان عن بأبي المزاحمة والمعارضة وإن كان بينهما التنافي فهو إما أن يكون في مقام جعلهما وإنشائهما على موضوعهما المقدر وجوده على نحو القضايا الحقيقية وإما أن يكون في مقام الفعلية وتحقق كل ما هو مأخوذ في موضوع الحكم شرعا أو عقلا وعلى الاول فالدليلان متعارضان نظير الدليل الدال على وجوب السورة في الصلاة بالقياس إلى ما دل على عدم وجوبها فإن جعل الوجوب لشىء ينافي عدم جعله له بالضرورة فيعامل معهما معاملة المتعارضين أي لا يمكن جمعهما في مقام الجعل والتشريع لاستلزام ذلك التناقض في نفس الشارع حيث يكون متعلق الحكمين المتنافيين شيئا واحدا ونحوه. وعلى الثانى فالحكمان متزاحمان نظير وجوب انقاذ كل من الغريقين مع عدم قدرة المكلف على الجمع بين امتثاليهما فإن جعل الوجوب لكل منهما مشروطا بالقدرة على امتثاله لا ينافي جعل الآخر كذلك فلا معارضه في مقام الجعل والانشاء بل المنافاة نشأت من عدم قدرة المكلف على الجميع بين الامتثالين فإن أعمال القدرة في أحدهما يستلزم العجز عن الآخر الموجب لعدم فعلية التكليف في ناحيته فالتنافي بينهما إنما هو

.................................................................................................

______________________________________________________

في مقام الفعلية ومنه يظهر أن تصادم المتزاحمين إنما هو في القدرة غالبا وإن كان قد يتحقق في غيرها نادرا وقال في ص ٢٨٤ : أما التزاحم لعدم القدرة فهو في خمسة مواضع الاول ما إذا كان عدم القدرة اتفاقيا كما في تزاحم وجوب انقاذ كل من الغريقين فيما إذا لم يتمكن المكلف من انقاذهما الثانى ما إذا وقع التضاد بين الواجبين اتفاقا وأما إذا كان دائميا فيقع التعارض بين دليلى حكمهما لان التصادم ح إنما يكون في مقام الجعل والانشاء لا في مقام الاطاعة والامتثال ضرورة أنه لا معنى لجعل حكمين لفعلين متضادين دائما والوجه فيه ظاهر أي التكليف بما لا يطاق كوجوب القيام دائما والقعود دائما.

الثالث موارد اجتماع الأمر والنهي فيما إذا كان هناك ماهيتان اتحدتا في الخارج نحو اتحاد كالصلاة والغصب بناء على ما هو الصحيح من عدم سراية الحكم من الطبيعة إلى مشخصاتها ، وأما إذا كان هناك ماهية واحدة كاكرام العالم الفاسق المنطبق عليه إكرام العالم المحكوم بالوجوب وإكرام الفاسق المحكوم بالحرمة فمورد الاجتماع يدخل في باب التعارض وكذلك الحال فيما إذا تعددت الماهيتان بناء على سراية الحكم من أحدهما إلى الآخر.

الرابع ما إذا كان الحرام مقدمة لواجب فيما إذا لم يكن التوقف دائميا وإلا فيقع التعارض بين الدليلين لا محالة.

الخامس موارد التلازم الاتفاقى فيما إذا كان أحدهما محكوما بالوجوب والآخر محكوما بالحرمة كاستقبال القبلة واستدبار الجدي فإنه لا تلازم بينهما في أنفسهما بل التلازم إنما يتفق لمن سكن العراق وما سامته من النقاط ، وأما إذا كان التلازم دائميا فلا محالة يقع التعارض بين الدليلين ، وأما التزاحم لا من جهة عدم القدرة فهو كما إذا صار المكلف واجدا للنصاب الخامس من الإبل الذي يجب فيه خمس شياه ثم بعد انقضاء ستة أشهر مثلا ملك ناقة أخرى

.................................................................................................

______________________________________________________

فحصل النصاب السادس الذي يجب فيه بنت مخاض فإن المكلف وإن كان قادرا على دفع خمس شياة بعد انقضاء سنة من ملكه للنصاب الخامس وعلى دفع بنت مخاض بعد مضى ثمانية عشر شهرا من التاريخ المزبور إلا أن قيام الدليل على أن المال الواحد لا يزكى في عام واحد مرتين أوجب التزاحم بين الحكمين. وأورد عليه استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣٣٠ أن الملاك في التعارض هو التكاذب في مقام الجعل على عنوان واحد وفي مقام الانشاء ، وأما إذا كان التكاذب من جهة فعلية التكليف لا يكون مندرجا في باب التعارض ففى العامين من وجه مثل اكرام العالم ولا تكرم الفاسق في مورد الاجتماع وهو العالم الفاسق يكون التكاذب من جهة انحلال التكليف لا من جهة أصل انشائه ولذا يكون مندرجا تحت باب التزاحم لا التعارض لا يقال ان التزاحم يحتاج إلى احراز الملاك وفي مثل العامين من وجه حيث لا يكون لنا سبيل لكشف الملاك لا يكون من المتزاحمين لانا نقول للعقل سبيل كشف الملاك في صورة سقوط الخطاب بواسطة عدم إمكان الجمع إما بإطلاق المادة أو باطلاق الهيئة كما تقول من بقاء الدلالة الالتزامية عند سقوط الدلالة المطابقية عن الحجية فتحصل أن ملاك التزاحم هو عدم قدرة العبد على الجمع وملاك التعارض وحدة العنوان المنهى عنه والمأمور به.

الجهة الثانية : قال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص : ٢٧١ وأما الثانى أعني به افتراق باب التعارض عن باب التزاحم بالحاكم بالترجيح أو التخيير فهو من جهة أن الحاكم بالترجيح والاخذ بذي المزية أو التخيير عند عدمها في باب التزاحم هو العقل وفي باب التعارض هو الشرع بناء على المختار من حجية الامارات من باب الطريقية إذ مقتضى القاعدة ح هو التساقط وعدم الاعتبار بمزية أحد الدليلين على الآخر فيكون الحكم بالترجيح أو التخيير من جهة التعبد

.................................................................................................

______________________________________________________

الشرعي نعم لو قلنا بحجيتها من باب السببية والموضوعية لكانت الامارتان المتعارضتان متزاحمتين في وجوب العمل على طبق كل منهما والحاكم بالترجيح أو التخيير ح هو العقل. وقال استادنا الخوئي في هامشه المراد من السببية والموضوعية في المقام هي السببية على رأي الاشاعرة أو المعتزلة ، وأما السببية على رأي بعض العدلية أعنى بها الالتزام بالمصلحة السلوكية من دون أن يكون في مؤدى الامارة بما هو كذلك ما يقتضى الأمر به فحالها حال الطريقية بعينها في أن مقتضى القاعدة ح هو تساقط الدليلين المتنافيين في مدلولهما وإنما الحاكم بالترجيح او التخيير هو الشرع والأمر كما أفاداه. وبذلك أيضا ذكر المحقق العراقى في النهاية ج ١ ص ٤٤١ وأما لوازم البابين فمنها كما عرفت هو الرجوع في باب التعارض بعد اليأس عن الجمع إلى قواعد التعادل والتراجيح بخلافه على التزاحم فإنه فيه لا بد من ملاحظة ما هو الأهم مصلحة كانت أو مفسدة فيقدم الاقوى ملاكا على غيره وإن كان أضعف سندا من غير أن يلاحظ فيه جهة أقوائية السند بل ولا الدلالة أيضا إلا إذا فرض كون الاقوى دلالة أقوى ملاكا أيضا فيقدم ما هو الاقوى دلالة على غيره لمكان كشف قوة دلالته ح عن قوة ملاكه. وذكر استادنا الآملي أيضا في المجمع ج ١ ص : ٢٣٢ إن في باب التعارض لا يكون للعقل حكم بتقديم أحد الطرفين لعدم سبيل له إلى كشف الملاك إلا بالخطاب وهو متكاذب بل الشرع بيّن أن المقام يكون المرجح له وهو الاوثقية والاشهرية وغيرهما ، وأما في باب التزاحم فحيث يكون الملاك منكشفا فالمناط على أقوى الملاكين بحكم العقل أو التخيير العقلى إذا كانا متساوين وفتوى المجتهدين يكون التخيير فيه من جهة التزاحم لا التعارض إلخ وسيأتى الاشارة إلى بعض الجهات لكن الظاهر أن مرجحات باب التزاحم أيضا يرجع إلى الشرع لان العقل يستكشف أن أحدهما أقوى ملاكا من الشرع والدليل

.................................................................................................

______________________________________________________

وأهمية الشارع لذلك كالنفوس والاعراض بل الاموال الخطيرة جدا فكل منهما من الشرع لكن في باب التعارض تعبد محض دون التزاحم ، اللهم إلا أن يقال أصل مرجحات باب التزاحم من حكم العقل لكن مصداقه لا بد من الفحص عن الدليل فتقديم ما هو الأهم بحكم العقل ، أما صغرى الهم يكون من الشرع وهذا ليس ببعيد.

الجهة الثالثة : قد اشتهر بينهم وقال المحقق العراقى أيضا في النهاية ج ١ ص : ٤٤١ ومن لوازم التعارض والتخصيص أيضا هو عدم قيام المصلحة واقعا إلا بالمقيد ويتبعه أيضا فساد العمل الفاقد لقيد واقعا من دون إناطة بالعلم بالمصلحة أو الجهل بها بخلافه على التزاحم فإن من لوازمه قيام المصلحة واقعا بنفس المطلق وإن كان حكمه الفعلى مقيدا بعدم وجود المزاحم الأهم ومن لوازم هذا المعنى هو عدم تبعية الفساد واقعا مدار فقد قيد الحكم الفعلى بل يكون تبعيته ح مدار العلم به وعدمه فمع الجهل يكون المأتى به صحيحا واقعا من جهة وجدانه لما هو الملاك والمصلحة وفائه بغرض المولى ومن ذلك أيضا بنوا في مثل الغصب والصلاة ولو على الامتناع وتغليب النهي على صحة العبادة مع الجهل بالغصبية مطلقا أو الجهل بالحرمة إذا كان عن قصور ومعلوم أنه لا يكون ذلك إلا من جهة واجدية المأتى به ح للملاك والمصلحة إذ المانع عن صحته ح إنما كان هو فعلية نهيه وتنجزه عليه وتأثيره في مبعدية الفاعل وبعد فرض معذورية المكلف من جهة جهله يقع العمل صحيحا قهرا لا يقال هذا كذلك في غير العبادات وأما فيها فبملاحظة احتياج صحتها إلى قصد القربة المنوط بوجود الأمر الفعلى القائم بالعمل المأتى به بداعية ومحبوبيته فلا يتم ذلك حتى في ظرف الجهل المزبور وذلك لان الجهل المزبور حينئذ غير رافع لتأثير المفسدة الأهم في المبغوضية الفعلية ومع هذه الجهة من التأثير لا

.................................................................................................

______________________________________________________

مجال تأثير المصلحة المهمة المغلوبة في رجحان العمل ومحبوبيته وفعلية الأمر المتعلق به ومعه فأين أمر فعلى قائم بالمأتى به يوجب التقرب به كى يصير العمل لاجله صحيحا ففى الحقيقة تمام المنشأ للفساد ح إنما هو من جهة انتفاء مقتضى الصحة وهو التقرب لا من جهة وجود المانع وهو فعلية النهى وتنجزه حتى يقال بأنه في ظرف الجهل المزبور لا تأثير للنهى في المنجزية ومبعدية الفاعل عن ساحة القرب إلى المبدا الاعلى عزّ شأنه فإنه يقال نعم إن ذات العمل ح وإن كان مبغوضا فعلا بمقتضى تأثير المفسدة الأهم ومع هذه الجهة من التأثير لا يبقى مجال تأثير المصلحة المهمة المغلوبة فيه في المحبوبية الفعلية إلا أنه نقول بأنه لا بأس ح في تأثير المصلحة المهمة في حسنه من حيث صدوره عن الفاعل إذ المانع عن تأثيره في حسنه حتى من حيث صدوره عن الفاعل إنما كان هو حيث تنجز نهيه وبعد سقوط تنجزه لمكان جهله فقهرا تؤثر المصلحة في حسنه من تلك الجهة ويتبعه أيضا الأمر الفعلى فيتقرب ح بداعى أمره ولو من حيث إضافة صدوره إلى الفاعل ولئن خودش فيه أيضا بامتناع موردية العمل ولو بلحاظ إضافة صدوره إلى الفاعل لتأثير المصلحة في الرجحان والمحبوبية الفعلية مع كونه مبغوضا بالبغض الفعلى بمقتضى تأثير المفسدة الأهم الغالبة نظرا إلى استلزامه لاجتماع الضدين فيه من المحبوبية والمبغوضية بملاحظة اتحاد الوجود والايجاد حقيقة وإن ما هو الصالح لان يكون مورد التأثير المصلحة في الرجحان والمحبوبية إنما هو حيث اضافة العمل إلى الفاعل فقط مع خروج المضاف عن مورديته لتأثير المصلحة ومثل هذا المقدار غير واف بالتقرب المعتبر في صحة العبادة من جهة أن ظاهرهم هو احتياج العبادة في صحتها إلى التقرب بذات العمل لا بحيث إضافته إلى الفاعل نقول بأنه نمنع توقف القرب على فعلية الأمر

.................................................................................................

______________________________________________________

بالمأتى به ورجحانه إذ نقول بأن من أنحاء القرب أيضا إتيان العمل بقصد التوصل به إلى غرض المولى ومن المعلوم ح أن مثل هذا المعنى مما يتمشى من المكلف حتى مع الجزم بعدم الأمر الفعلى بل ومع الجزم بكونه مبغوضا فعلا ما لم يكن العمل مبعدا له كما في المضطر بالغصب لا عن سوء الاختيار وح فإذا أتى بالعمل في ظرف الجهل المزبور بداعى التوصل به إلى غرض المولى وكان العمل أيضا من جهة وجدانه للمصلحة وافيا بغرض المولى فقهرا بنفس إتيانه بالقصد المزبور يتحقق القرب ويصح منه العبادة مع أنه على فرض الاحتياج إلى الأمر الفعلى أيضا نقول بأنه بعد احتمال فعلية الأمر ومطلوبيته يكفى في التقرب بالعمل إتيانه برجاء كونه مأمورا به لايجاد من دون احتياج إلى الجزم بالامر اصلا كما هو واضح هذا في الجهل البسيط ، وأما في مورد الجهل المركب فيكفى أيضا في الداعوية وفي تحقق القرب اعتقاد الأمر الفعلى وإن لم يكن في الواقع أمر اصلا فإن ما له الدخل بتمامه في الداعوية والمحركية إنما كان هو العلم بالامر لا هو بوجوده الواقعى وح فإذا علم بالامر وجدانا أو تعبدا لقيام إمارة عليه كان علمه ذلك تمام العلة لتحقق الدعوة ومع إتيانه بالعمل بداعية يتحقق القرب المتوقف عليه صحة العبادة قهرا من جهة تحقق ما هو علته وهي الدعوة فيترتب عليه ح صحة العبادة وإن لم يكن هناك أمر فعلى متعلق بالعمل في الواقع لا يقال كيف ذلك مع أنه خلاف ما بنوا عليه من احتياج العبادة في صحتها إلى قيام الأمر الفعلى بها في الواقع كما يشهد عليه حكمهم بفساد العبادة عند خلوها عن الأمر واقعا فإنه يقال كلا وإن اعتبارهم لوجود الأمر إنما هو باعتبار كشفه عن وجود المصلحة في متعلقه وبلوغه الى مرحلة الوفاء بالغرض الفعلى نظرا إلى عدم طريق آخر إلى كشف الملاك والمصلحة فيه إلا أمره وبعثه لا من جهة دخله في التقرب المعتبر في صحة العبادة كما هو

.................................................................................................

______________________________________________________

واضح. وفيه اللازم هو قصد الملاك او الرجاء ولا يكفي للتقرب قصد الأمر الزعمى كما ستعرف إلا باعتبار المصلحة التي فيه.

في مرجحات باب التزاحم

الجهة الرابعة : في بيان مرجحات باب التزاحم والتعارض أما مرجحات باب التعارض فسيأتى مفصلا في باب التعادل والترجيح وإن الاصل فيه هو التساقط وقد ورد التعبد بالترجيح والتخيير كما مر مرارا ، أما مرجحات باب التزاحم فهى أمور الاول ذكر استادنا الآملي في المنتهى ص ٣٢ هو أن يكون أحد الواجبين مضيقا والآخر موسعا لا ريب في تقديم المضيق على الموسع لحكم العقل بلزوم الجمع بين الغرضين اللازمين مهما أمكن ومثله ما لو وقعت المزاحمة بين التعيينى وبعض أفراد الواجب التخييري ، وذكر المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣١٤ أما إذا كان موسعا له أفراد كثيرة وكان المزاحم للاهم بعض أفراده دون بعض إلى أن قال وأما إذا قلنا بأن اعتبار القدرة فيه من جهة اقتضاء نفس الخطاب ذلك كما اخترناه سابقا فلا محالة يتقيد المأمور به بذلك فيخرج غير المقدور من الافراد عن دائرة إطلاق المأمور به ويتوقف شموله له على جواز الترتب فإن جوزناه كان داخلا في الاطلاق عند عصيان الأمر بالاهم وإلا كان خارجا عنه مطلقا نعم يمكن الحكم مع ذلك بصحته لاشتماله على الملاك وقد تقدم. فالنتيجة إن الواجب الموسع أو التخييري لا اقتضاء له بالنسبة إلى الفرد المزاحم والواجب المضيق والتعيينى ذو اقتضاء وبالضرورة أنه لا مزاحمة بين اللااقتضاء وذي الاقتضاء وقد تقدم مفصلا وأورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ٣٩ أنه توهم محض لان ملاك المزاحمة المتحقق بين المضيقين بنفسه موجود ومتحقق بين جميع أفراد

.................................................................................................

______________________________________________________

الواجب الموسع والمضيق سواء قلنا بأن المزاحمة تكون بين الحكمين أو بين ملاكيهما ، أما إذا كانت المزاحمة بين الملاكين فواضح إن الفرد المزاحم من أفراد الواجب الموسع أو أحد أطراف التخييري واجد للمصلحة التى أوجبت الوجوب الموسع أو الوجوب التخييري بلا فرق بينها وبين المصلحة التى يشتمل عليها الفرد غير المزاحم وأما إذا كانت المزاحمة بين الحكمين فلا ريب في أن كل حكم شرعي تابع سعة وضيقا للمصلحة التى تقتضيه فإذا فرضنا أن المصلحة الالزامية متحققة في الفرد المزاحم من أفراد الموسع مثلا فلا محالة يكون الحكم الذي يتحقق حين المزاحمة الذي هو حصة من الحكم الكلى الالزامي الموسع حكما إلزاميا بالضرورة ومعه لا يعقل أن يكون ذلك الحكم المتعلق بالفرد المزاحم بلا اقتضاء. والأمر كما ذكره.

الأمر الثاني :ذكر استادنا الآملي في المنتهى ص ٤٠ هو كون الفرد المزاحم لا بدل له في نظر الشرع فيترجح تقديمه على ما له بدل في مقام التزاحم كما لو دار أمر المكلف بين أن يصلى بالطهارة المائية مع نجاسة بدنه أو ساتره وبين أن يصلى بالطهارة الترابية مع تطهير بدنه أو ساتره بما لديه من الماء الذي لا يكفى إلا لاحدهما فلا محالة يلزم تقديم تطهير البدن أو الساتر من الخبث بالماء الموجود ثم إلى التيمم والصلاة لان الطهارة من الحدث بالماء لها بدل وهو التيمم إلى تم بخلاف الطهارة من الخبث فإنها لا بدل لها في الشرع ، وذكر المحقق النائيني في الاجود ج ١ : ٢٧١. إن أول المرجحات في باب التزاحم هو كون أحد الواجبين مما ليس له بدل والآخر مما له بدل وهذا يتحقق في موردين أحدهما ما إذا كان لاحد الواجبين بدل في عرضه كما إذا كان واجبا تخييريا عقليا أو شرعيا مع كون الواجب الآخر تعيينيا فيقدم الواجب التعيينى على التخييري فيما إذا زاحم بعض أفراد الواجب التخييري الواجب التعيينى ووجه

.................................................................................................

______________________________________________________

التقديم فيه واضح فإن وجوب الواجب التخييري لا يتقضى لزوم الاتيان بخصوص فرده المزاحم بخلاف الوجوب التعييني فانه يقتضي لزوم الاتيان بخصوص الفرد المزاحم لفرض تعينه ومن الواضح أن ما لا اقتضاء فيه لا يمكن أن يزاحم ما فيه الاقتضاء.

وتوضيح ذلك ما أفاده استادنا البجنوردي في المنتهى ج ١ ص ٣٢٤ كما إذا كان ما له غير واف بأداء دينه وإطعام ستين مسكينا إذا كان عليه دين وكفارة مخيرة بين الخصال الثلاث فهاهنا أداء الدين مقدم على إطعام ستين مسكينا لان التخيير يكون بين هذه الخصال الثلاث مثلا إذا كان كلها مقدور للمكلف وإلا فلو كان بعضها غير مقدور تعين البعض الآخر ولا شك في أن إطعام الستين مسكينا يصير غير مقدور بواسطة وجوب أداء الدين لان الممتنع الشرعي كالممتنع العقلى فيتعين ما عداه من الخصال الثلاث وهذا البيان جار في التخيير العقلى بطريق أولى لان المأمور به في التخيير العقلى هو الجامع وانطباقه على جميع الافراد من جهة تساوي أقدام صرف الوجود من الطبيعة بالنسبة إلى جميع الافراد وهذا فيما إذا لم يكن مانع شرعي أو عقلى من إتيان بعض الافراد وأما لو كان في البين فيخرج ذلك البعض عن حد التساوي ويصير متعذرا فيرتفع موضوع التخيير بالنسبة إلى ذلك البعض ، بناء على كون التخيير عقليا وسيأتى.

وأورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ٤٠ وفيه أن هذا التقريب غير سديد على إطلاقه لان بدل الواجب إن كان واجد المصلحة المبدل أو وافيا بها صح هذا التقريب فيه نظير القص والاتمام في الصلاة ـ اي في حال الجهل ـ وأما إذا لم يكن البدل كذلك بل كان البدل وافيا ببعض مصلحة المبدل فلا محالة يكون حكم المبدل داعيا إليه بخصوصه ومقتضيا للاتيان به فإذا زاحمه واجب آخر

.................................................................................................

______________________________________________________

فلا بد من ملاحظة المرجحات الأخرى في مقام تقديمه او تقديم الواجب الآخر ولا يكفى في تقديم غيره عليه كونه ذا بدل بالنحو المذكور كما هو الشأن في باب التميم والمثال المزبور. مضافا إلى ما تقدم من رد اللااقتضاء والاقتضاء وقال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢٧٢ وثانيهما ما إذا كان لاحد الواجبين بدل في طوله دون الآخر كما إذا وقع التزاحم بين الأمر بالوضوء والأمر بتطهير البدن للصلاة فبما أن الوضوء له بدل وهو التيمم فلا يمكن مزاحمة أمره مع أمر التطهير فيقدم رفع الخبث ويكتفى في الصلاة بالطهارة الترابية ولاجل ذلك يقدم إدراك تمام الركعات في الوقت مع الطهارة الترابية على إدراك ركعة واحدة مع الطهارة المائية إذا دار الأمر بينهما وتوهم أن إدراك ركعة واحدة في الوقت بدل عن تمام الصلاة فيه فيكون الدور بين واجبين لكل منهما بدل مدفوع بأن بدلية إدراك الركعة الواحدة عن تمام الصلاة في الوقت إنما هي على تقدير العجز عن إدراك تمام الصلاة فيه وقد فرضنا قدرة المكلف على إدراك تمامها فيه فلا موجب لسقوط التكليف بإتيان الصلاة تمام الصلاة في وقتها فيسقط التكليف بالطهارة المائية فيجب الاتيان بتمام الصلاة في وقتها مع الطهارة الترابية التي هى بدل عن الطهارة المائية وأما ما عن بعضهم من نسبة تقديم إدراك الركعة الواحدة مع الطهارة المائية على إدراك تمام الصلاة في الوقت مع الطهارة الترابية إلى السيد العلامة المحقق الشيرازي قدس‌سره فلا يظن بصدقه.

قال المحقق النائيني في الفوائد ج ١ ص ٣٢٧ والسر في ذلك واضح لان كل مورد ثبت فيه البدل شرعا لواجب فلا محالة يكون ذلك الواجب مقيدا بالقدرة والتمكن لانه لا معنى لجعل شيء بدلا طوليا لشيء إلا كون ذلك البدل مقيدا بالعجز عن ذلك الشيء وعدم التمكن منه ولازم ذلك هو تقييد ذلك الواجب بصورة التمكن والقدرة سواء وقع التصريح بذلك في لسان الدليل كما في قوله

.................................................................................................

______________________________________________________

تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا) حيث إنه قيد التيمم بصورة عدم وجدان الماء فيستفاد منه تقييد الوضوء بصورة وجدان الماء والتمكن منه أو لم يقع التصريح بذلك في لسان الدليل.

قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٤٠ في تقريب بيانه والجواب عنه هو أنه يستفاد من جعل البدل الطولى للواجب أن خطاب المبدل مقيد بالقدرة الشرعية بخلاف ما لا بدل له فإنه مقيد بالقدرة العقلية وسيأتى أن المقيد بالقدرة العقلية يلزم تقديمه على المقيد بالقدرة الشرعية فيما لو وقع التزاحم بينهما وفيه أن المستفاد من جعل البدل الطولى للواجب هو أن خطاب البدل نفسه مقيد بعدم القدرة لا خطاب المبدل مثلا قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) الآية ، يدل على أن الأمر بالتيمم مقيد بعدم القدرة على الماء لا أن الأمر بالوضوء مقيد بالقدرة على الماء كما لا يخفى. لان الاحكام تابع المصالح والمفاسد فلا يمكن التقييد من دون دليل ليس الوضوء مقيدا بالقدرة الشرعية حتى عند التزاحم يقدم المقيد بالقدرة العقلية على الشرعية مضافا إلى أنه عند الطهارة المائية يعجز عن إدراك تمام الصلاة في الوقت فيجزي الادراك ركعة ويشمله أدلته.

الأمر الثالث : قال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢٧٢ ، وأما إذا كان كل من الواجبين تعينيا لا بدل له فأما أن يكون اعتبار القدرة في أحدهما شرعيا أي القدرة أخذت قيدا للوجوب في لسان دليله وفي الآخر عقليا أي لم يقيد في لسان الدليل بل العقل قيده بها فيقدم فيه الواجب المشروط بالقدرة عقلا على الواجب المشروط بها شرعا لان ملاك الواجب الذي لا تكون القدرة شرطا لوجوبه شرعا تام لا قصور فيه ولا مانع من إيجابه بالفعل فيكون وجوبه فعليا لا محالة أي يتنجز على المكلف الجامع لشرائط التكليف وبتنجيزه عليه تنتفى القدرة

.................................................................................................

______________________________________________________

شرعا على الواجب المقيد بها شرعا وموجبا لعجز المكلف عن الاتيان بالواجب الآخر ومانعا عن تحقق ملاكه المتوقف على القدرة عليه على الفرض وهذا بخلاف الواجب المشروط بالقدرة شرعا فإن وجوبه يتوقف على تمامية ملاكه المتوقفة على عدم فعلية الواجب الآخر فلو استند عدم فعلية إلى فعلية الوجوب المشروط بالقدرة شرعا لزم الدور ولا فرق فيما ذكرناه بين أن يكون الوجوب المشروط بالقدرة شرعا متأخرا عن الآخر زمانا وأن يكون مقارنا معه أو متقدما عليه والملاك في تقدم الواجب الذي لا يكون مشروطا بالقدرة شرعا على الواجب المشروط بها شرعا أمر واحد إلخ ، وأورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ٤١ بأن القدرة التى يجدها المكلف متساوية النسبة إلى كل واحد من الواجبين المتزاحمين فالمكلف قادر على كل واحد منهما بانفراده فكل منهما واجد لشرطه شرعا وعقلا فيكون تخصيص الواجب المطلق بالقدرة ليمنع تنجزه من القدرة على الواجب المقيد بها شرعا تخصيص بلا مخصص وترجيح بلا مرجح كما أنه يمكن تقريب المرجح المزبور بوجه آخر وهو أن أخذ القدرة قيد الحكم في لسان دليله يكشف عن دخلها في ملاك الحكم وعدم أخذها يكشف عن عدم دخلها فيه وبإطلاق المادة يستكشف وجود الملاك حتى في مورد التزاحم وإذا دار امر المكلف في مقام الامتثال بين واجبين متزاحمين أحدهما واجد لملاك وجوبه يقينا وثانيهما غير معلوم وجدانه لملاك وجوبه فالعقل يرجح الاخذ بالواجب المعلوم وجدانه للملاك على المشكوك فيه نظير دوران خروج بعض الافراد عن العموم بين التخصيص والتخصص بترجيح التخصص على التخصيص فيه ، مثاله الفقهى قال استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣٣٣ تقديم انفاق العيال على الحج إذا كان له المال بقدر ما يحج به أو ينفق على عياله فإن وجوب الاول منوط بالقدرة العقلية والثانى منوط بالقدرة

.................................................................................................

______________________________________________________

الشرعية والاول واجب مطلق والثانى واجب معلق على الشرط وهو القدرة بقوله تعالى : (مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) فإن قلنا بأن الظاهر من دخل القدرة هو الدخل في الملاك كما عن النائيني قدس‌سره فيكون نفقة العيال مقدمة والانفاق عليه يوجب عدم بقاء الموضوع للحج بعد صرف القدرة في نفقة العيال وإن قلنا باحتمال الارشاد إلى القدرة العقلية الدخيلة في كل تكليف فالظاهر أيضا تقديم النفقة لاحتمال الاهمية وتخصيص دليل الحج بغير هذه الصورة والحاصل أنه على فرض كون دخل القدرة إرشادا في الحج يكون في المقام من الشبهة المصداقية لقوله تعالى : (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) لعدم العلم بشموله. وعرفت الجواب عنه.

الأمر الرابع : قال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢٧٣ إذا كان كل من الواجبين مشروطا بالقدرة شرعا فيقدم فيه ما كان بحسب الزمان مقدما على الآخر في الفعلية وتحقق موضوعه إذ ح يكون المتقدم مستقرا في محله ورافعا لموضوع التكليف عن الآخر فلا يبقى محلا ومجالا له وهذا فيما إذا لم تكن هناك جهة أخرى توجب تقدم أحد الواجبين على الآخر لو كان متأخرا عنه زمانا كما إذا وقعت المزاحمة بين وجوب الحج ووجوب الوفاء بالنذر وأشباهه فإن وجوب الوفاء في تلك الموارد مع اشتراطه بالقدرة شرعا مشروط بعدم كون متعلقه محللا للحرام أيضا فيقدم وجوب الحج عليه ولو كان النذر بحسب الزمان سابقا على أشهر الحج كمن نذر في شهر رمضان المبيت ليلة عرفة في مشهد الحسين عليه‌السلام وبعد ذلك عرض له الاستطاعة فإن الوفاء بالنذر في هذا الفرض بما أنه يستلزم ترك الواجب في نفسه ومع قطع النظر عن تعلق النذر به لا تشمله أدلة وجوب الوفاء بالنذر فينحل النذر بذلك ويكون وجوب الحج فعليا ورافعا لملاك متعلق النذر فإن قلت إن وجوب الوفاء بالنذر غير مشروط

.................................................................................................

______________________________________________________

بالقدرة شرعا فكيف يقدم عليه وجوب الحج المشروط بها في لسان الدليل وعلى فرض كونه مشروطا بها شرعا أيضا فكل منهما قابل لان يكون رافعا لملاك الآخر في حد نفسه لكن النذر من جهة تقدمه زمانا يكون رافعا للاستطاعة قلت أي عن الاول إن وجوب الوفاء تابع لما تعلق به النذر وبما أن النذر تعلق بالفعل المقدور فاعتبار القرة على الفعل هو مقتض نفس تعلق الالتزام به فلا مجال له يكون متعلق النذر هو الفعل المقدور فتكون القدرة مأخوذة في موضوع وجوب الوفاء قبل تعلقه به هذا عين اعتبار القدرة في متعلق الوجوب شرعا الكاشف عن اختصاص الملاك بالفعل المقدور ـ أي عن الثاني المفروض ـ أولا : إن انعقاد النذر مشروط بكون متعلقه راجحا في نفسه في ظرف العمل ومن المفروض أن متعلقه في الفرض المزبور ليس براجح في ظرف العمل. وثانيا : لو بنينا واكتفينا برجحان متعلقه حين النذر فالنذر في مفروض الكلام بما أن متعلقه في نفسه محلل للحرام لاستلزامه ترك الحج لا يكون منعقدا لاشتراط انعقاده بعدم كون متعلقه كذلك فيقدم وجوب الحج على وجوب الوفاء بالنذر فلا محالة يكون وجوب الحج فعليا ورافعا لملاك متعلق وجوب الوفاء بالنذر وأما وجوب الوفاء بالنذر فلا يعقل أن يكون رافعا لملاك الحج فإنه تتوقف فعليته على عدم التكليف بالحج لئلا يلزم منه تحليل الحرام فلو كان عدم التكليف بالحج من جهة فعلية وجوب الوفاء بالنذر لزم الدور. وأما ما عن السيد الفقيه الطباطبائى من أن اللازم في متعلق النذر أن يكون راجحا في ظرف العمل ولو بلحاظ تعلق النذر به وبذلك صحح نذر التطوع في وقت الفريضة وعليه نزل الاخبار الدالة على جواز نذر الاحرام قبل الميقات والصوم في السفر فيظهر ضعفه مما ذكرناه من أن اللازم هو كون متعلق النذر راجحا وغير محلل للحرام في نفسه لا بلحاظ حكمه المشروط بذلك وإلّا لزم أي يكون

.................................................................................................

______________________________________________________

جميع المحرمات محللة بالنذر وهو واضح البطلان وأما جواز النذر في الموارد المذكور فهو في المثالين الاخيرين من باب التخصيص في أدلة حرمة الاحرام قبل الميقات والصوم في السفر وذلك لما دل من الروايات على صحة ذلك وأما جواز نذر التطوع في وقت الفريضة فهو من جهة أن الصلاة في نفسها عبادة راجحة يجوز تعلق النذر بها فتكون بعده واجبة وستخرج بذلك عن موضوع التطوع في وقت الفريضة فلا تشملها الادلة المانعة عن التطوع وقت الفريضة اذ المفروض أن فعل الصلاة المنذورة قبل الفريضة فعل الواجب لا فعل المندوب. وقال المحقق النائيني في الفوائد ج ١ ص ٣٢٩ فإن كان الاول أي كل منهما مشروطا بالقدرة الشرعية فلا يخلو إما أن يتقدم زمان امتثال أحدهما أو لا يتقدم فان تقدم زمان امتثال أحدهما فهو المتقدم وفي مثل لا يلاحظ أهمية المتأخر وعدم أهميته لان المفروض أنه ليس هناك الاملاك واحد حيث أنه لا يمكن الجمع بينهما وكانت القدرة في كل منهما معتبرة في الملاك ومع عدم القدرة على كل منهما لا يتحقق الملاك في كل منهما بل ليس هناك إلّا ملاك واحد فلا موقع لملاحظة الاهمية والمهمّية فان لحاظ ذلك يستدعى ثبوت ملاكين فلا محيص من ترجيح المتقدم زمان امتثاله لقدرته عليه فعلا وعدم ما يوجب سلب قدرته عنه شرعا. وقال في الاجود ج ١ ص ٢٧٦ ثم انه اذا لم يكن شيء من التكليفين المشروطين بالقدرة شرعا سابقا يقال بتقديم ما كان ملاكه أهم من الملاك الآخر لنكت ستعرف أن الاهمية إنما توجب التقدم فيما اذا كان كل من الملاكين تاما وفعليا ، وأما في مثل المقام المفروض فيه اشتراط الخطاب في كل من الطرفين بالقدرة الشرعية وأنه لا قدرة للمكلف على امتثال كلا الخطابين فلا محالة يكون أحد الخطابين واجد الملاك دون الآخر والاهمية على تقدير وجود الملاك في طرف لا تكشف عن وجوده في وجوده في ذلك الطرف دون الطرف الآخر فلعل

.................................................................................................

______________________________________________________

الملاك عند المزاحمة فيه لا في الطرف الذي لو فرض تحقق الملاك فيه لكان أهم من غيره. وذكرناه بطوله تبعا لاصرار اساتذتى في بيانه وإلا مسألة فقهية لا الاصولية وعلى أي ذكر لذلك في الاجود ج ١ ص ٢٨٠ مثالا آخر فيما إذا كانت القدرة شرطا عقليا في الواجبين قال : ومنها أنه إذا وقع التزاحم بين واجبين طوليين متساويين ملاكا كما في دوران الأمر بين القيام في الركعة الأولى من الصلاة والقيام في الركعة الثانية مثلا أو بين ترك واجب متوقف على محرم مساو معه في الملاك وارتكاب المقدمة المحرمة فبناء على التخيير الشرعي يثبت التخيير فيهما أيضا. وأما على المختار فالتكليف بالمتقدم هو الذي يكون فعليا دون المتأخر لان سقوط كل من التكليف المتزاحمين بناء عليه لا يكون إلا بامتثال الآخر وبما أن امتثال التكليف بالمتأخر متأخر خارجا لتأخر متعلقه على الفرض فلا يكون للتكليف بالمتقدم مسقط في عرضه فيتعين امتثاله على المكلف بحكم العقل فيجب القيام في الركعة الأولى ويلزم اجتناب المقدمة المحرمة ، نعم إذا كان ملاك الواجب المتأخر أقوى من ملاك الواجب الفعلى فوجوب حفظ القدرة فعلا يكون مسقطا لوجوب الواجب المتقدم. وأورد عليه الاساتذة بوجوه : الاول : ما ذكره استاذنا الآملي في المنتهى ص ٤٢ بقوله إن ما ذكر إنما يتم فيما إذا قيل بفعلية الخطاب بالامر الاول من الأمرين الطوليين فقط كما هو لازم القول بامتناع الواجب المعلق ، وأما إذا قيل بفعلية كلا الخطابين بكلا الأمرين غاية الأمر إن تقدم أحدهما في الوجود شرط في صحة الثانى في مقام الامتثال كالظهر بالنسبة إلى العصر فلا يتم التقريب المزبور إذ القدرة متساوية النسبة بالاضافة إلى كلا الأمرين فلا موجب يرجح تأثيرها في فعلية ملاك التكليف بالامر الاول دون الثانى وعلى هذا لا محالة يلزم القول بالتخيير بين القيام في الركعة الأولى والقيام في الركعة التالية مثلا وكذا القول في

.................................................................................................

______________________________________________________

المتزاحمين الطوليين في مقام الامتثال فيما إذا كانت القدرة شرطا عقليا ولم يكن أحدهما أهم من الآخر فإنه لا بد من القول بالتخيير في صرف القدرة في أحدهما ولا يلتفت إلى ما قيل من أنه لا بد من صرف القدرة في أول الأمرين لانه مخاطب به فعلا وقادر على امتثال خطابه فيلزمه عقلا الاتيان به لما عرفت من وجهه آنفا. والثاني أجاب استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٢٧٦ قال لا يذهب عليك أن ما افيد في المتن من أن كون الملاك أهم من غيره على تقدير وجوده لا يكون موجبا للترجيح في موارد الشك في وجوده وإن كان صحيحا في باب المعارضة فلا يقدم أحد الدليلين على الآخر بمجرد كون ملاك الحكم في مورده أهم من ملاك الحكم الآخر مع فرض التساوي بينهما من بقية الجهات الموجبة لترجيح أحد الدليلين على الآخر إلا أنه لا يتم في باب التزاحم اذ لا مناص فيه من تقديم ما يكون الملاك فيه اهم من ملاك الآخر ولو كانت القدرة معتبرة في كل منهما شرطا شرعا وذلك لان شرط فعلية ملاك الواجب أهم من غيره وهي القدرة عليه متحقق وجدانا اذ المفروض كونه مقدورا عقلا وعدم المنع من صرف القدرة فيه شرعا فلا وجه لتفويت المولى الملاك الأهم بعدم الأمر به وهذا بخلاف الواجب الآخر فإنه وإن كان مقدورا عقلا إلا أن إلزام المولى بصرف القدرة في غيره يوجب عجز المكلف عن إيجاده وسالبا لملاكه فما أفيد في المتن من الحكم لتخيير بين الواجبين في هذا الفرض أي إذا لم يكن شيء من التكليفين المشروطين بالقدرة شرعا سابقا على الآخر زمانا إلخ إنما يصح في فرض تساوي الملاك بينهما أو احتمال كون كل منهما أهم من الآخر.

الثالث : أيضا ذكر استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣٣٦ مشروطية النذر

.................................................................................................

______________________________________________________

برجحان المتعلق ممنوعة بل يكفى عدم المرجوحية ، وأما مسألة محللية الحرام فتعكس عليهم ويقال ترك النذر أيضا حرام والحج هنا يستلزم الحرام وكيف كان يشكل الحكم بتقديم الحج وإن كان محتملا وزيارة مولانا الحسين عليه‌السلام مع كمال شرافته بالروايات أيضا لا ينقص عن الحج ولا يقال وجوب الحج في ذاته عند القدرة واستحباب الزيارة عندها من حيث الملاك فيقدم الواجب على المستحب لانا نقول هل يتفوه أحد إذا دار الأمر بين وجوب علف الدابة واستحباب زيارته عليه‌السلام تقديم ملاك الاول على الثانى فإن كل واجب لا يكون ملاكه أقوى بالنسبة إلى كل مستحب فلا سبيل لنا لترجيح أحد الطرفين من باب الملاك بهذا النحو. مع أنه يجب حفظ النفس المحترمة.

الرابع : ذكر استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٢٧٨ التمثيل لتزاحم الواجبين الطوليين المشروطين بالقدرة عقلا بما إذا لم يقدر المكلف على القيام في جزءين من الصلاة ينافي ما سيجيء منه من الاعتراف بكون اشتراط اجزاء الصلاة بالقدرة شرعيا وعلى ذلك فلا مناص من تقديم ما هو أسبق زمانا على غيره لكون ملاكه تاما بالقدرة عليه بالفعل فيجب الاتيان به ومع الاتيان به يكون الواجب المتأخر غير مقدور عليه وفاقدا للملاك على الفرض وبالجملة الالزام بحفظ القدرة للواجب المتأخر يتوقف على كون ملاكه تاما في ظرفه وهو يتوقف على كونه مقدورا في ظرفه بعدم الاتيان بالواجب المتقدم فلا يعقل أن يكون عدم الاتيان به مستندا إلى الالزام بحفظ القدرة للمتأخر وإلّا لزم توقف الشيء على نفسه هذا بناء على ما اخترناه من كون أحد الواجبين أهم من الآخر موجبا لترجيحه على غيره ولو كانت ذلك في موارد اشتراط التكليف بالقدرة شرعا وأما بناء على ما تقدم من شيخنا الاستاد من إنكاره لذلك فلزوم الترجيح في المقام بكون احد الواجبين اسبق زمانا على غيره في غاية الوضوح وكيف

.................................................................................................

______________________________________________________

كان فلا وجه لما في المتن من الترجيح بالاهمية في امثال المقام ، وسيأتى فساده.

الأمر الخامس : ذكر استادنا البجنوردي في المنتهى ج ١ ص ٣٢٨ المرجح الرابع هو أهمية ملاك أحد الواجبين المتزاحمين فيقدم الأهم ملاكا على الآخر كان الملاكان فعليين ولو كان خطاب الأهم ملاكا مشروطا بأمر متأخر ، وأما لو كان ملاكه مشروطا بأمر متأخر أي لا يكون فعليا في زمان فعلية المهم فلا وجه لمزاحمته له وبعبارة أخرى تقديم الأهم على المهم بواسطة حكم العقل بلزوم تحصيل ملاكه عند الدوران لقبح ترجيح المرجوح على الراجح وهذا فيما إذا كان هناك للاهم ملاك وإلا فكيف يزاحم ما ليس بموجود الملاك موجود الملاك وإن لم يكن بأهمية ما ليس بموجوده نعم وجود الخطاب ليس بلازم في المزاحمة غاية الأمر هو أنه لو كان الخطاب مثل الملاك موجودا لكان المزاحم للمهم هو الخطاب النفسى المتعلق بالاهم وإن كان مشروطا بأمر متأخر غير حاصل فالمزاحم هو الخطاب المقدمى المتعلق بحفظ القدرة سواء قلنا بأن مثل هذا الخطاب خطاب عقلى ومن باب حكم العقل بلزوم حفظ المقدمات المفوتة أو تحصيلها إن لم تكن موجودة أو خطاب شرعي نفسى ناشئ عن الملاك الموجود وهو من قبيل متمم الخطاب قبل الخطاب الاصلى المشروط بأمر متأخر ، أو باب المقدمية من باب الواجب المعلق ونعم ما ذكر هذا الترجيح وهو العمدة دون غيره وستعرف مفصلا.

الأمر السادس : بعد ما اتضح أن الأمر بالشىء لا يقتضى النهى عن ضده الخاص فهل الأمر بالشىء يمنع من الأمر بضده الخاص مطلقا ، أو في بعض الاحوال دون بعض وبعبارة أخرى إن استحالة اجتماع الأمرين الفعليين بكلا الضدين في وقت واحد هل يقتضى سقوط الأمر بالمهم منهم مطلقا أو تقتضى

.................................................................................................

______________________________________________________

تقييد إطلاق أمره بأمر الأهم فيه خلاف ذكر المحقق العراقى في النهاية ج ١ ص ٣٦٥ فاعلم أن الضدين إما أن يكونا متساويين بحسب الملاك والمصلحة ، وأما لا بل يكون لاحدهما مزية على الآخر بحسب الملاك وعلى التقديرين لا يخلو ان من كونهما مضيقين أو موسعين أو مختلفين فهذه صور عديدة وينبغي التعرض لكل واحدة من الصور بما يخصها من الحكم فنقول إما إذا كانا متساويين في الملاك والمصلحة وكانا أيضا مضيقين فإن لم يكن لهما ثالث كما في الحركة والسكون والنوم واليقظة فلا إشكال في أن الحكم فيهما هو التخيير عملا بمعنى اللاحرجية نظير التخيير بين الفعل والترك في النقيضين لا التخيير الشرعي بمعنى الالزام بأحد الفعلين فإنه بعد عدم تمكن المكلف من الجمع بينهما ولا من تركهما معا فقهرا في مثله بعد تساوي الملاكين يحكم العقل فيهما بالتخيير وعدم الحرج في الفعل والترك ومعه لا يكاد مجال لالزام شرعي في البين ولو تخييري بوجه أصلا لانه في ظرف ترك أحد الضدين يكون الضد الآخر قهري الحصول ومعه لا يبقى مجال أعمال الجهة المولوية بالامر بهما تخييرا أي التخيير بينهما في مقام العمل ثابتا بالطبع فيلغوا جعله بالتشريع إلى أن قال وأما إذا كان الضدان مما لهما ثالث بحيث يتمكن المكلف من ترك كلا الأمرين معا كما في الأمر بانقاذ الغريقين وكما في مثل الصلاة والازالة ففى مثله لا إشكال في أنه ليس له ترك كلا الأمرين معا وإنه يجب عليه الاتيان بأحد الأمرين مخيرا بينهما لا مجرد التخيير بينهما عملا كما في الصورة الأولى بلا إلزام شرعي أو عقلى في البين وذلك من جهة أن الممنوع ح إنما هو وجوب كل واحد منهما عليه بإلزام تعيينى على الاطلاق بنحو يقتضى المنع عن جميع أنحاء تروكه حتى الترك في حال وجود الآخر أي يمكن جعل التخيير بينهما شرعا وعقلا إذ بعد ما كان المكلف يمكنه تركهما معا كان الالزام

.................................................................................................

______________________________________________________

بهما على نحو التخيير شرعا وعقلا بلا مانع منه ولا محذور فيه وبما أن ملاكي الحكمين متساويان ولا مانع من جعل الحكم التخييري على واجدي الملاكين المزبورين لزم في الحكمة جعل التكليف التخييري في هذه الصورة هذا في الجملة لا ريب فيه إنما الكلام في تشخيص حقيقة هذا التخيير فهل هو تخيير شرعي أو تخيير عقلى واختار المحقق الماتن التخيير الشرعي وأما وجوب كل واحد منهما عليه تخييرا فلا مانع يمنع عنه بعد فرض تمكن المكلف من إتيان أحد الأمرين وتمكنه أيضا من ترك الجميع فإنه ح يكون كمال المجال لاعمال الجهة المولوية بالامر بهما تخييرا وهذا بخلافه في الصورة الأولى فإنه فيها من جهة عدم تمكن المكلف من ترك كلا الأمرين وقهرية حصول أحد الأمرين عند ترك الآخر لا جرم لا يبقى في مثله مجال الأمر المولى بأحد الأمرين ولو بنحو التخيير بوجه أصلا فهذا مما لا إشكال فيه ولا كلام وإنما الكلام فيما ينتهى إليه مرجع هذا التخيير وإنه هل هو راجع إلى تقييد الطلب في كل من الأمرين بعدم الآخر وعصيانه أو راجع إلى غير ذلك بل مثل هذا الكلام لا يختص بالمقام فيجري في كلية التخييرات الشرعية فنقول إن المتصور في ذلك هو أمور : أحدها : رجوعه إلى تقييد الطلب في كل من الواجبين بعدم الآخر أما بعدمه المحفوظ قبل الأمر وأما بعدمه المتأخر عن الأمر المنتزع عنه عنوان العصيان الذي هو نقيض الاطاعة. وثانيها : رجوعه إلى تقييد الواجب في كل منهما بعدم الآخر مع إطلاق الطلب فيهما وذلك أيضا أما بأخذ القيد في كل منهما مطلق عدم الآخر بنحو يقتضى وجوب تحصيله ، وأما بأخذه عبارة عن العدم الناشئ من قبل سائر الدواعى غير دعوة الأمر والطلب بحيث لا يقتضى الطلب وجوب تحصيله أي كالواجب المعلق بالنسبة إلى الشرط المعلق عليه. وثالثها : رجوعه إلى وجوب كل واحد منهما على التعيين ولكنه لا بإيجاب تام بنحو يقتضى

.................................................................................................

______________________________________________________

المنع عن جميع أنحاء تروكه حتى الترك الملازم مع وجود ضده بل بإيجاب ناقص مقتضاه عدم المنع إلا عن بعض أنحاء تروكه وهو الترك في حال ترك الآخر الراجع إلى إيجاب حفظ الوجود في كل منهما من قبل سائر الجهات في ظرف انحفاظ وجوده من قبل بديله وعدم ضده من باب الاتفاق أي يكون متعلق كل من الخطابين حصة من الضدين وهي الحصة المقارنة لعدم الضد الآخر إلى أن قال هذا كله بحسب مقام التصور وأما بحسب مقام التصديق فلا ينبغى الاشكال في أن المتعين منها هو الوجه الاخير وذلك لما في غيره من عدم خلوه عن المحذور وذلك ، أما الوجه الاول من فرض تقييد الطلب في كل منهما بعصيان الآخر أو بعدمه من باب الاتفاق المحفوظ قبل الأمر فواضح أن الشق الثانى منه أي العدم قبل الأمر غير دافع لمحذور المطاردة بين الأمرين من جهة بقاء المطاردة بينهما على حاله بملاحظة تحقق ما هو شرطا فيهما قبل الاتيان بواحد منهما أي أنه كان عدمه المطلق شرطا لوجوب ضده فيلزم حصول شرط كل من الوجوبين المتعلقين بالضدين عند عدمهما معا وذلك يستلزم فعلية التكليف بالضدين معا في وقت واحد ، وأما الشق الاول أي العدم بعدم الأمر فهو وإن اندفع به محذور المطاردة نظرا إلى وقوع تأثير كل منهما في رتبة سقوط الآخر إلا أنه يتوجه عليه ح محذور طولية الأمرين وتأخر كل منهما عن الآخر برتبتين حسب إناطة كل منهما بعصيان الآخر أي يلزم من ذلك عدم التكليف بكل منهما للدور إذ الأمر بكل منهما مشروط بعدم الآخر بعدم تعلق الأمر به والعدم المزبور يتوقف على الأمر بالضد توقف المشروط على شرطه وقد فرضنا أن الأمر به متوقف على عدم ضده بعد تعلق الأمر به وذلك يؤدي إلى توقف الشيء على نفسه وأما الوجه الثانى من فرض تقييد الواجب في كل منهما بعدم الآخر فهو أيضا بشقيه كذلك لان مقتضى الاناطة ح هو تأخر كل من

.................................................................................................

______________________________________________________

الواجبين رتبة عن عدم الآخر ولازمه بمقتضى حفظ الرتبة بين النقيضين هو تأخر كل من الوجودين عن الآخر وهو ملازم لكون كل منهما في رتبتين وهو كما ترى من المستحيل خصوصا مع ما يرد على الشق الاول منه من لزوم وقوع المطاردة بين الأمرين بلحاظ اقتضاء إطلاق الأمر في كل منهما لزوم ترك الضد الآخر من باب المقدمة واقتضاء الأمر به عدم تركه ولزوم إيجاده إذ ح يصير كل واحد منهما وجودا وعدما موردا للتكليف الالزامى وهو محال أي مقتضى الاشتراط هو تأخر المشروط عن شرطه فإذا فرض أن وجود أحد الضدين مشروط بعدم ضده لزم أن يكون وجود كل منهما متأخرا عن عدم الآخر وعدم كل منهما متقدم على وجود الآخر وبما أن نقيض كل ماهية في رتبة واحدة يلزم أن يكون وجود كل من الضدين متقدما على الآخر ومتأخرا عنه وهذا خلف وعليه فبعد بطلان الوجوه المزبورة يتعين الوجه الاخير الذي عرفت رجوعه إلى وجوب كل واحد منهما على التعيين لكنه لا بإيجاب تام كى يقتضى النهى عن جميع أنحاء تروكه حتى الترك الملازم مع وجود الآخر بل بإيجاب ناقص بنحو لا يقتضى إلا المنع عن بعض أنحاء تروكه وهو الترك في حال الترك الراجع في الحقيقة إلى إيجاب متمم الوجود لا إيجاب الوجود على الاطلاق وفي مثله يرتفع المطاردة بين الأمرين حيث لا تنافي بين هذين الأمرين بالضدين بعد كونهما من قبيل متمم الوجود وعدم اقتضائهما لوجوب حفظ على الاطلاق كما في الأمرين التامين كما هو واضح وعليه أيضا لا داعى إلى رفع اليد عن الأمرين على الاطلاق والمصير إلى الزام عقلى تخييري فيهما بل يؤخذ ح بوجوب كل منهما على التعيين غايته أنه من جهة محذور المطاردة والوقوع في ما لا يطاق يرفع اليد عن إطلاق الأمرين واقتضائهما للحفظ على الاطلاق ويصار إلى وجوب كل منهما بإيجاب ناقص راجع إلى إيجاب حفظ

.................................................................................................

______________________________________________________

المرام من سائر الجهات في ظرف انخفاظه من قبل ضده من باب الاتفاق من دون أن يكون ذلك من جهة تقييد في الطلب أو المتعلق بوجه أصلا كما لا يخفى ، وأوضحه استادنا الآملي في المنتهى ص / ٤٥ إذا عرفت ذلك يتضح لك أن التخيير في المقام شرعي لا عقلى لان الفارق بينهما هو كون طرفي التخيير في الشرعي أمرين متباينين قد تعلق الوجوب التخييري بهما بما هما متباينان ، وأما التخيير العقلى فلا يكون إلا بين أمور تندرج تحت جامع يكون هو متعلق التكليف وبما أن العقل لا يرى فرقا بينهما من حيث اشتمالها على الجامع المأمور به يخير المكلف بينها في مقام امتثال التكليف المتعلق بالجامع ولا ريب في أن متعلق التكليف في المقام هي الامور المتباينة بما هي متباينة لفرض أن التكليف متعلق بالضدين بما هما ضدان والتكليف وإن تعلق ابتداء بكل منهما مستقلا ولكن الجمع بين التكليفين في مقام التزاحم دل على أن التكليف المتعلق بهما في المقام المزبور تكليف تخييري ولا فرق في التكليف التخييري بين أن ينشأ بخطاب واحد كالتكليف التخييرى المعروف في الفن وبين أن ينشأ بخطابين كان هو مقتضى الجمع بينهما كما في المقام. نقل المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢٧٩ ، وقال فذهب جماعة منهم المحقق صاحب الحاشية والمحقق الرشتي (قدس‌سرهما) إلى أن التخيير بينهما شرعي نظرا إلى استحالة اجتماع الخطابين التعيينيين حال المزاحمة وإن ترجيح أحدهما على الآخر بلا مرجح فلا محالة يسقطان معا وبما أن الملاك في كل من الفعلين تام فعلى يستكشف العقل خطابا شرعيا متعلقا بهما لاجل استلزام عدمه تفويت الملاك الملزم وهو قبيح على الحكيم. وأورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ٤٥ وقال : فهو غير سديدي لانه لا موجب لسقوط كلا التكليفين المتعلقين بالضدين في مقام التزاحم ليكشف ذلك مع باقى المقدمات المزبورة عن إرادة

.................................................................................................

______________________________________________________

تشريعية تخييرية متعلقة بالضدين بل قد عرفت أن تزاحم التكلفين المطلقين المتعلقين بالضدين يكشف عن أن الشارع قد أنشأهما من أول الأمر وفي بدء التشريع بنحو لا يقع بينهما تزاحم حيث يتفق ذلك كما أشرنا إلى وجهه في الوجه الثالث من الوجوه المتصورة في كيفية التكليف التخييري. وذكر المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢٧٩ في وجه كون التخيير عقليا ، قال : إن المستحيل إنما هو إطلاق الخطابين حال المزاحمة لا أصل وجودهما فسقوطهما بالمزاحمة غير معقول وإنما الساقط هو إطلاق كل منهما بحكم العقل وبعد سقوط الاطلاقين تكون النتيجة اشتراط كل من الخطابين التعيينيين بعدم الاتيان بمتعلق الآخر فاشتغال المكلف بامتثال كل منهما يجعل الطرف الآخر غير مقدور عليه فيسقط طلبه بانتفاء شرطه فلا محالة يكون التخيير بينهما عقليا. وأجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ٤٦. بقوله وفيه ما عرفت أيضا من أن أطراف متعلق الخطاب إن كانت أمورا متباينة لا تندرج تحت جامع تعلق به الخطاب فالتخيير بينها شرعي لان العقل لا يستقل بالتخيير بينها بل الشارع هو الحاكم بالتخيير بينها وإن لم يكن كذلك فيكون التخيير عقليا بمعنى أن الخطاب متعلق بأمر ينطبق على وجودات متعددة لا يرى العقل فرقا بينها من حيث صدق ذلك الأمر عليها فيخير المكلف بينها في مقام امتثال الخطاب المتعلق بالامر الجامع بينها ولا ريب في أن متعلق كل من الخطابين وإن قيد إطلاق كل منهما بالآخر مباين لمتعلق الآخر لفرض التضاد وبعد استكشاف العقل التقييد المزبور يستفاد ان الشارع قد خاطب المكلف بكل من هذين الضدين بهذا النحو من الخطاب ولو بإنشاءين ولا نعنى بالتخيير الشرعي إلا الخطاب بأمرين متباينين بما هما متباينان على سبيل التخيير بينهما ولو بدليلين كما هو الفرض في المقام ولا فرق أيضا في كون التخيير

.................................................................................................

______________________________________________________

شرعيا بين أن تكون أطراف التخيير متحدة الملاك وأن تكون متعددة الملاك كما هو الشأن في المقام مضافا إلى ما عرفت من أن تقييد كل من الخطابين بعدم الاتيان بمتعلق الآخر غير صحيح لانه إن كان المراد بالعدم عدمه قبل الخطاب به لزم فعلية الخطابين حين التزاحم وعدم الاتيان بشيء منهما لحصول شرط كل منهما وإن كان المراد بالعدم عدمه بعد تعلق الخطاب به لزم الخلف. كما تقدم.

وقال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص : ٢٧٩ والثمرة بين المذهبين أي في كون التخيير شرعيا أو عقليا تظهر في موارد منها أنه على القول بالتخيير الشرعي لا يستحق تاركهما إلا عقابا واحد ، وأما على ما اخترناه من سقوط الاطلاقين فهو يستحق عقابين كما في ترك الضدين على الترتب ودعوى أن الجمع بينهما محال فكيف يعقل العقاب على ترك كل منهما مدفوعة بأن العقاب ليس على ترك الجمع بل هو على الجمع في الترك وهو مقدور. وأجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ٤٧. وفيه أن تعدد العقاب في المقام لو سلمناه فإنما هو تابع لتعدد المعصية الموجب لحصولها إما تفويت الملاك الذي صار الشارع بصدد تحصيله بالامر والنهى ، وإما مخالفة التكليف ولا ربط للعقاب فضلا عن تعدده بكون التخيير في المقام شرعيا أو عقليا إذ كون التخيير عقليا لا يكشف عن تعدد تفويت الملاك ولا تعدد مخالفة التكليف كى يوجب تعدد العقاب إلخ. لكن لو فرضنا أنه يترتب على كل منهما كفارة وتركهما فلا يمكن له إلا فعل أحدهما فهل يترتب عليه كفارتين ، غير بعيد لتحقق موضوعهما والمسألة تحتاج إلى التأمل ، وفي الاجود ج ١ ص ٢٧٩ ومنها أنه إذا احتمل كون أحد الواجبين بعينه أهم من الآخر فبناء على التخيير الشرعي في المتساويين يكون مورد الشك أي في الأهمية داخلا في مسألة دوران الأمر بين التخيير

.................................................................................................

______________________________________________________

والتعيين الشرعيين فيبتني الحكم فيه على الحكم في تلك المسألة من البراءة أو الاشتغال في تلك المسألة وإن كان المختار عندنا فيها هو الثانى وأما بناء على ما اخترناه من سقوط الاطلاقين أي التخيير العقلى فلا بد من القول بالاشتغال وإن قلنا بالبراءة في تلك المسألة إذ وجود الحكم في الطرف المحتمل أهميته وكون امتثاله مبرئ للذمة معلوم ضرورة إن التكليف الفعلى على تقدير كون المحتمل أهميته أهم في الواقع ونفس الأمر منحصر به وعلى تقدير مساواته مع الآخر فبما أن الاطلاقين لا بد من سقوطهما ففى ظرف عدم الإتيان بالآخر يكون الخطاب المتعلق به فعليا لا محالة فعلى كلا التقديرين يكون المأتي به مصداقا للواجب الفعلي ومبرئ للذمة قطعا وهذا بخلاف الطرف الآخر فإن الإتيان به المستلزم لفوت الغرض الملزم فيها يحتمل أهميته لا يوجب الأمن من عقابه ولا الجزم بسقوط خطابه فيتعين بحكم العقل لزوم الإتيان بما يحتمل أهميته معه لأنه لا يحتمل معه العقاب كما عرفت. وأورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ٤٨.

وفيه أن هذا التقريب لا يغاير التقريب الذي تمسك به القائل بالاشتغال في مسألة دوران الأمر بين التخيير والتعيين الشرعيين ولا نفهم فهى خصوصية يختص بسببها بالقول بكون التخيير عقليا مع احتمال الاهمية في المقام ، ولكن قال استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣٤٠. وهذا إشكالنا عليه في الدورة السابقة ، وأما في هذه الدورة ففى الذهن شيء يمكن إصلاح ما ذكره الاستاد قدس‌سره به وهو أن المتزاحمين إذا قلنا بمقالة الرشتى من تعارض الاطلاق في كلا الطرفين وكشف خطاب واحد من العقل للعلم الإجمالي بعدم رفع المولى يده عن كلا الطرفين فيكون الشك عند احتمال الاهمية راجعا إلى الشك في زيارة التكليف ولا يكون العقل كاشفا عنه فإن المتيقن منه هو التكليف بأحدهما لا على

.................................................................................................

______________________________________________________

التعيين ، وأما على قول القائل بعدم سقوط الخطابين وعدم معارضة الاطلاقين فلا يتساقطان فحيث يكون الحاكم هو العقل في البين فلا محالة الاشتغال الى اليقيني بالتكليف يلزم فيه البراءة إلى يقينية بحكم العقل فالحق مع الاستاذ في أصل المطلب لا في الطريق ، وأورد عليه استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٢٧٩ سيأتى في محله ان الحق في مسالة دوران الأمر بين التخيير والتعيين وإن كان هو الرجوع إلى البراءة إلا أنه يختص بغير موارد الشك في التعيين والتخيير من جهة التزاحم ، وما إذا دار أمر الحجة بين كونها حجة تعيينه وكونها حجة تخييرية وانتظر لذلك. ومنها قد أشرنا إليه سابقا وهو ما ذكره المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢٨٠ أنه إذا وقع التزاحم بين واجبين طوليين متساويين ملاكا كما في دوران الأمر بين القيام في الركعة الأولى من الصلاة والقيام في الركعة الثانية مثلا أو بين ترك واجب متوقف على محرم مساو معه في الملاك وارتكاب المقدمة المحرمة فبناء على التخيير الشرعي يثبت التخيير فيهما أيضا ، وأما على المختار أي التخيير العقلي فالتكليف بالمتقدم هو الذي يكون فعليا دون المتأخر لان سقوط كل من التكليفين المتزاحمين بناء عليه لا يكون إلا بامتثال الآخر وبما أن امتثال التكليف بالمتأخر متأخر خارجا لتأخر متعلقه على الفرض فلا يكون للتكليف بالمتقدم مسقط في عرضه فيتعين امتثاله على المكلف بحكم العقل فيجب القيام في الركعة الأولى ويلزم اجتناب المقدمة المحرمة نعم إذا كان ملاك الواجب المتأخر أقوى من ملاك الواجب الفعلي فوجوب حفظ القدرة فعلا يكون مسقطا لوجوب الواجب المتقدم. وأجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ٤٨ ، وفيه أولا أنه لا وجه لتسليمه ثبوت التخيير فيهما على القول بالتخيير الشرعي لانه لا يقول بصحة الواجب المعلق ولا بصحة الواجب المشروط بالشرط المتأخر والتزاحم بين

.................................................................................................

______________________________________________________

الواجبين الطولين في الامتثال لا يتحقق الاعلى القول بالواجب المعلق أو المشروط بالشرط المتأخر فما لم يقل بصحة أحدهما لا تتحقق مزاحمة بين مثل هذين الواجبين فلا يتحقق موضوع الخلاف في كون التخيير بينهما شرعيا أو عقليا.

وثانيا مضافا إلى عدم التزاحم بين مثل هذين الواجبين بناء على مختاره كما أشرنا إليه ليتفرع عليه ما ذكره أن العدم الذي قيد به إطلاق كل من الخطابين المتزاحمين هو عدم الاتيان بالواجب الذي يكون بديل وجوده في ظرفه لا العدم الازلى ولا ريب في ان عدم القيام في الركعة الثانية مثلا المقارن للركعة الأولى ليس هو العدم البديل لوجوده بالضرورة بل هو العدم الازلى وعليه لا يكون شرط التكليف بالقيام في الركعة الأولى مثلا متحققا ليكون التكليف به فعليا وكذا الأمر في الركعة الثانية فإن الخطاب بالقيام في الركعة الثانية مشروط بعدم القيام في الركعة الأولى العدم المتعقب للخطاب بالقيام فيها وقد فرضنا أن الخطاب لم يصر فعليا لعدم شرطه فلا يكون عدم القيام في الأولى شرطا لفعلية الخطاب بالقيام في الثانية وعلى هذا لا يكون الخطاب بالقيام فعليا في كل من الركعتين نعم بناء على مختارنا من ثبوت التخيير الشرعي في المتساويين العرضيين وصحة الشرط المتأخر يصح القول بالتخيير الشرعي في المتساويين الطوليين بأن يكون متعلق الخطاب بالقيام في الركعة الأولى في مورد المثال المزبور هي الحصة منه المقارنة لعدم القيام في الركعة الثانية ومتعلق الخطاب بالقيام في الركعة الثانية هي الحصة منه المقارنة لعدم القيام في الركعة الأولى وعليه لا يبقى مجال لتوهم لزوم القيام في الركعة الأولى وصرف القدرة الموجودة فيه لانه أسبق زمانا في مقام الامتثال مع فرض تساويهما ملاكا فتحصل مما تقدم أن منشأ المطاردة والتزاحم بين الخطابين

.................................................................................................

______________________________________________________

هو إطلاقهما فإذا فرض أن متعلق كل من الخطابين المطلقين هي حصة من الضد أعنى بها الحصة المقارنة لعدم الضد الآخر ارتفعت المطاردة وانتفى التزاحم من بين الخطابين هذا كله في الضدين المتساويين في الملاك وكذا الأمر بعينه فيما إذا كان أحدهما أهم من الآخر بمعنى أن خطاب الأهم وإن كان مطلقا ولكن خطاب المهم قد أنشأ بنحو القضية الحينية أي أنه قد تعلق بالضد المهم حين ترك الضد الأهم.

وسيأتي مفصلا إن شاء الله تعالى.

وإنما الاشكال ومعركة الآراء في ان الامر بالشيء يقتضي عدم الامر بضده على الاطلاق (١).

______________________________________________________

في الترتب

(١) الجهة الخامسة : في ما هو المعروف من عنوان الترتب وبيان امكانه وامتناعه والحاجة إليه وعدمها وذهب المحقق صاحب الكفاية والشيخ الاعظم الانصاري ونسب إلى المشهور ايضا لعدم امكان الترتب وذهب الميرزا الشيرازي الكبير والمحقق النائي والسيد الفشاركي الاصفهاني وغيرهم إلى صحة الترتب كجامع المقاصد والشيخ الكبير كاشف العطاء وذهب المحقق العراقي إلى عدم الحاجة إلى الترتب وان كان لو وصل إليه النوبة لصح الترتب ذكر استادنا الخوئي في المحاضرات ج ٣ ص ٩١ ان البحث عن هذه المسألة انما تترتب عليه ثمرة لو لم يكن تصحيح العبادة المضادة للواجب الاهم بالوجهين المتقدمين ١ ـ الملاك ٢ ـ والامر وإلّا فلا تترتب على البحث عنها اية ثمرة وقد ظهر مما تقدم انه لا يمكن تصحيح العبادة بالملاك ـ لان الكبرى وهي كفاية قصد الملاك في وقوع الشيء عبادة وان كانت ثابتة إلّا ان الصغرى وهي اشتمال تلك العبادة على الملاك غير محرزة واما تصحيحها بالامر المتعلق بالطبيعة وان كان ممكنا في المقام الاول ـ اي المزاحمة بين الموسع والمضيق لكن ـ غير ممكن في المقام الثاني ـ اي التزاحم بين المضيقين ـ وذلك لما عرفت من امتناع تعلق الامر بها فعلا مع فعلية الامر بالاهم على الفرض اذن للبحث عن مسألة الترتب في المقام الثاني وامكان تعلق الامر بالمهم على تقدير عصيان الامر بالأهم ثمرة مهمة جدا ـ إلى ان قال ـ ان مسألة الترتب من المسائل العقلية فان البحث فيها عن الامكان والاستحالة بمعنى ان الامر بالضدين على نحو الترتب هل هو ممكن ام لا ومن الواضح جدا ان الحاكم بالاستحالة والامكان هو العقل

.................................................................................................

______________________________________________________

لا غيره ولا دخل للفظ في ذلك أبدا ، ولكن على المختار يكون الملاك في كليهما موجودا ولو ناقصا كما مر فلا نحتاج الى الترتب كما ستعرف وعلى اى فلمنع المطاردة بين الامر بالضدين وجوه من التقرير نذكره مفصلا الوجه الأول ما افاده المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٣٧٠ بان عمدة المحذور في عدم جواز الامر بالضدين كما عرفت انما هو محذور لزوم ايقاع المكلف فيما لا يطاق بلحاظ اقتضاء كل واحد من الامرين ولو بتوسيط حكم العقل بلا بدية الاطاعة والامتثال لصرف القدرة نحو متعلقه اذ حينئذ بعد ان لا يكون للمكلف الا قدرة واحدة ولا يتمكن من الجمع بين الاطاعتين ربما يقع المكلف من ناحية اقتضاء الامرين في محذور ما لا يطاق وحيث ان ذلك ينتهي بالاخرة إلى الشارع والمولى ربما يصدق ان المولى هو الذي اوقع المكلف فيما لا يطاق ولكن نقول بانه من المعلوم ان هذا المحذور انما يكون اذا كان الامر ان كل واحد منهما تاما بنحو يقتضي حفظ متعلقه على الاطلاق حتى من ناحية ضده وإلّا فاذا لم يكونا ذلك بل كانا ناقصين كما تصورناه في المتساويين او كان احدهما تاما والآخر ناقصا غير تام بنحو لا يقتضي إلّا حفظ متعلقة من قبل مقدماته وسائر اضداده غير هذا الضد فلا محذور اصلا حيث لا يكون مطاردة بين الامرين في مرحلة اقتضائهما حتى يكون منشأ لتحير العقل وتصدق ان المولى من جهة امره اوقع المكلف فيما لا يطاق وذلك لان الامر بالاهم حسب كونه تاما وان اقتضى حفظ متعلقه على الاطلاق حتى من ناحية ضده فيقتضي حينئذ افناء المهم ايضا ولكن اقتضائه لا فناء المهم انما هو بالقياس إلى حده الذي يضاف عدمه إليه لا مطلقا حتى بالقياس إلى بقية حدوده الأخر التي لا تضاد وجود الأهم وحينئذ فإذا لا يكون الامر بالمهم حسب نقصه مقتضيا لحفظ متعلقه على الاطلاق حتى من الجهة المضافة إلى الاهم بل كان اقتضائه للحفظ مختصا بسائر الجهات والحدود الأخر غير المنافية مع الاهم في ظرف انحفاظه من باب الاتفاق من قبل

.................................................................................................

______________________________________________________

الاهم وبعبارة اخرى كان قضية الامر بالمهم من قبيل متمم الوجود الراجع إلى ايجاب حفظ المهم من قبل مقدماته وسائر اضداده في ظرف انحفاظه من قبل الضد الاهم من باب الاتفاق فلا جرم يرتفع المطاردة بينهما حيث ان الذي يقتضيه الامر بالاهم من افناء المهم بالقياس إلى الحد المضاف عدمه إليه لا يقتضي الامر بالمهم خلافه وما اقتضاه الامر بالمهم من ايجاب حفظ متعلقه من سائر الجهات الأخر لا يقتضى الامر بالاهم افنائه من تلك الجهات فامكن حينئذ الجمع بين الامرين في مرتبة واحدة من دون احتياج إلى الترتب المعروف كما هو واضح ولئن شئت فاستوضح ذلك بما اذا لم يكن في البين إلّا امر واحد بشيء لكن في ظرف تحقق بعض مقدماته او انعدام بعض اضداده من باب الاتفاق كما لو امر بايجاد شيء كذائي في ظرف تحقق المقدمة الكذائية فانه لا شبهة حينئذ في ان ما اقتضاه مثل هذا الامر انما هو لزوم حفظ الشيء من قبل سائر المقدمات والاضداد غير تلك المقدمة الكذائية لا لزوم حفظه على الاطلاق ومن ذلك لا يكاد يكون مثل هذا الامر الا أمر بمتمم الوجود ولازمه قهرا هو خروج الواجب ببعض حدود وجوده عن حيز الالزام وصيرورته بالقياس إلى الحد المضاف إلى المقدمة الكذائية تحت الترخيص الفعلى بحيث يجوز له تفويت المامور به من قبل تلك المقدمة كما لو انيط وجوبه بتحقق تلك المقدمة وعليه نقول بانه كما لا منافاة بين هذا الالزام وبين الترخيص في الترك بالقياس إلى الحد المضاف إلى المقدمة الكذائية مثلا وامكن ان يكون الشيء ببعض حدود وجوده تحت الالزام وببعض حدود وجوده تحت الترخيص كذلك لا منافات بين هذا الالزام وبين الالزام على الترك بالقياس إلى الحد المضاف إلى ضده بتبديل الجواز هنا بالالزام فامكن حينئذ ان يكون المهم بالقياس إلى حده الملازم مع عدم الاهم تحت الالزام بالترك وبالقياس إلى سائر حدود وجوده الحاصلة بقياسه إلى سائر المقدمات وعدم بقية الاضداد تحت الالزام بالفعل

.................................................................................................

______________________________________________________

في ظرف انحفاظ وجوده من قبل عدم الاهم من باب الاتفاق اذ في مثل ذلك لا يكاد مجال المطاردة بين الامرين في مرحلة اقتضائهما في صرف القدرة نحو متعلقه بل ولا المطاردة ايضا بين الاطاعتين بلحاظ انه في ظرف اطاعة الاهم لا موضوع لاطاعة الامر بالمهم اذ كان اطاعته خارجا رافعة لعنوان الاطاعة عن المهم لا لوجودها فارغا عن الاتصاف وفي ظرف اطاعة المهم كان اطاعة الامر بالاهم منطرد المانع سابق كالشهوة مثلا لا ان اطاعة المهم كانت طاردة لا طاعة الامر بالاهم ومعه لا وجه لدعوى سقوط الامر عن المهم بقول مطلق في ظرف ثبوته للاهم بمحض اقتضاء الامر بالاهم افناء المهم بصرف القدرة نحو متعلقه كي نحتاج في اثبات الامر بالمهم إلى الترتب المعروف والطولية بين الامرين بل لنا حينئذ بمقتضى البيان المزبور اثبات الامر بالمهم في عرض ثبوت الامر بالاهم وفي رتبته ـ نعم لو كان قضية الامر بالاهم حينئذ هو لزوم افناء المهم بقول مطلق حتى من قبل حدوده المضافة إلى سائر المقدمات وعدم سائر الاضداد كان اللازم هو المصير إلى سقوط الامر عن المهم على الاطلاق وعدم الامر به ولو ناقصا ولكنه ليس كذلك قطعا لما عرفت بان القدر الذي يقتضيه الامر بالاهم من طرد المهم وافنائه انما هو طرده بالقياس إلى الحد الذي يضاف عدمه إليه لا مطلقا حتى بالنظر إلى بقية الحدود المضافة إلى مقدماته وعدم سائر اضداده لانه بالقياس إلى بقية حدوده الأخر لا يكون مزاحما مع الاهم حتى يقتضي طرده وافنائه وحينئذ فاذا فرضنا خروج المهم بحده المضاف إلى عدم الاهم عن حيز التكليف بالحفظ ولا يقتضي امره الناقص الا حفظه وسد باب عدمه بالقياس إلى بقية حدوده الأخر غير المزاحمة للاهم فلا جرم لا يبقى مجال المطاردة بين مقتضي الامرين كي بالجمع بينهما يصدق بان المولى اوقع المكلف بامره في ما لا يطاق فصح حينئذ الالتزام بثبوت الامر بالمهم في رتبة الامر بالاهم لا يقال بانه كذلك اذا كان قضية الامر بالمهم هو

.................................................................................................

______________________________________________________

مجرد سد باب عدمه المضاف إلى مقدماته وسائر أضداده ولو لم ينضم إلى تلك السدود السد من قبل الضد الاهم وليس كذلك قطعا من جهة وضوح عدم انتاج هذا المقدار لوجود المهم فان المهم لا بد في تحققه ووجوده وان ينسد جميع ابواب عدمه حتى عدمه الملازم مع وجود ضده وإلّا فبدونه لا يكاد انتهاء مجرد السد من بقيد الجهات إلى وجوده بوجه اصلا وعليه فلا بد وان يكون مقتضي الامر بالمهم على نحو يوجب وصل بقية السدود بالسد المضاف إلى الأهم كي بذلك يتحقق الوجود وحيث ان ذلك يلازم قهرا الحفظ من قبل الحد المضاف إلى الأهم فقهرا يعود محذور المطاردة بين الامرين اذ يكون قضية الامر بالمهم حسب اقتضائه لتحقق صفة الوصل المزبور هو حفظه من ناحية حده الملازم للاهم وقضية الامر بالاهم حينئذ حده الملازم للاهم وقضية الامر بالاهم حينئذ هو عدم حفظه بالقياس إلى ذلك الحد بل وجوب افنائه فيقع بينهما المطاردة فانه يقال نعم ان المطلوب بالمهم وإن كان هو الحفظ من بقية الحدود الملازم مع الحفظ من جهة الاهم ولكنه بعد خروج الحفظ من تلك الجهة عن حيّز امر المهم لرجوع امره إلى الامر بمتمم الوجود الراجع إلى ايجاب الحفظ من بقية الجهات في ظرف انحفاظه من الجهد المزبورة من باب الاتفاق فقهرا يرتفع بينهما المطاردة والمزاحمة اذ حينئذ يصير المطلوب بالمهم هو الذات الواجدة للملازمة مع عدم الاهم من باب الاتفاق وفي مثله أيضا ربما يكون وصف الوصل بالملزم به من قبل المهم قهريّ الحصول في ظرف فعلية الامر من جهة كونه حينئذ من اللوازم القهرية للحفظ من قبل بقية الحدود كما هو واضح وعليه فلا بأس بالجمع بين الامرين في الضدين على نحو ما عرفت امر ناقص بالمهم وامر تام بالاهم حيث نقول بان القدر الذي يقتضيه الاهم من عدم الامر بالمهم بمقتضى المطاردة انما هو عدم الامر به مطلقا على نحو يقتضي حفظ المهم على الاطلاق ومن جميع الحدود لا عدم الامر به بقول المطلق ولو ناقصا

.................................................................................................

______________________________________________________

كما هو واضح. وهذا هو احسن وجه يمكن رفع المطاردة بين الامر بالضدين من دون مناقشة عليه وما اورد عليه المحقق الاصفهاني هو نفس ما افاده في الكفاية وسيأتي ـ الوجه الثاني ما نقله المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٣٣ ان اقتضاء كل امر لا طاعة نفسه في رتبة سابقة على اطاعته كيف وهي مرتبة تاثيره واثره ومن البديهي ان كل علة منعزلة في مرتبة اثره عن التأثير بل تمام اقتضائه لاثره في مرتبة ذاته المتقدمة على تأثيره واثره ولازم ذلك كون عصيانه وهو نقيض اطاعته ايضا في مرتبة متأخرة عن الامر واقتضائه وعليه فاذا انيط امر بعصيان مثل هذا الامر فلا شبهة أن هذه الاناطة تخرج الامرين عن المزاحمة في التأثير اذ في رتبة الامر بالاهم وتأثيره في صرف القدرة نحوه ، لا وجود للامر بالمهم وفي رتبة وجود الامر بالمهم لا يكون اقتضاء للامر بالاهم فلا مطاردة بين الامرين بل كل يؤثر في رتبة نفسه على وجه لا يوجب تخيّر المكلف في امتثال كل منهما ولا يقتضي كل من الامرين القاء المكلف فيما لا يطاق بل كل يقتضي موضوعا لا يقتضي غيره خلافة هذا ملخص ما افيد وقد زاد عليه استادنا الآملي في المنتهى ج ١ ص ٤٩ قبل قوله وعليه فاذا انيط الخ قوله وإلى مثل هذا المعنى نظر بعض الاساطين قدس‌سره في قوله بان للامر اطلاقا ذاتيا بالنسبة إلى حالتي الاطاعة والعصيان ولم يكن اطلاق لحاظي بالنسبة اليهما اذ في ظرف وجود كل منهما لا وجود للامر من حيث الرتبة فضلا عن اقتضائه القائم بذاته وحيث ان الامر كذلك فنقول الخ ولعل المراد اشارة إلى ما اورده المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٣٣ على هذا الاستدلال اما اوّلا فلان الفعل والترك الخارجيين الذين ينتزع عنهما الاطاعة والعصيان بنحو من الاعتبار ليسا مورد موردا للأمر ـ اي للزوم تحصيل الحاصل ـ حتى يتوهم اطلاقه او تقييده ليدفع بانهما اما معلول الامر او في رتبته فلا يمكن تقييده بهما او اطلاقه لهما بل مورد الامر نفس الفعل بوجوده العنواني الفاني في معنونه فانه القابل

.................................................................................................

______________________________________________________

لان يكون مقوما للارادة وللبعث الاعتباري الانتزاعي وذات الفعل مقوم الطلب والبعث لا معلولهما وتعلق الامر به واقتضائه له بديهي ومقوم الشيء ليس متأخرا عنه بل له سبق مرتب طبعي عليه وعنوان الاطاعة والمعصية بمعنى موافقة الماتي به للمأمور به وعدم موافقة المأمور به وان كان منتزعا عن الفعل الخارجي والترك الخارجي لكن دعوى الاطلاق والتقييد لا تتوقف على الاطاعة والعصيان بهذا المعنى بل على اطلاق الامر المتعلق بفعل شيء لحال فعله او تركه بنحو فناء العنوان في المعنون في جميع اجزاء هذا المطلق واستحالة الاطلاق والتقييد بهذا لا يدور مدار تأخر القيد او الاطلاق عن الامر إلى ان قال في ص ٢٤١ وهذا يمنع عن الاطلاق اللحاظي المولوي فان قيام المولى مقام الاطلاق من هذه الجهة مع استحالة التقييد لغو واما الإطلاق الذاتي وهو ثبوت الطلب مقارنا للفعل ومقارنا للترك فهو معقول فانه عدم التقييد بمعنى السلب المقابل للايجاب وليستحيل خروج الشيء عنهما معا. فيرجع المحذور من المطاردة واجاب بوجهين آخرين هنا ايضا المحقق الاصفهاني وتقدما مثلهما وتقدما جوابهما من ان الاطاعة والمعصية في رتبة واحدة ولو لكون احدهما نقيض ما فيه الملاك ويكفي تقدم الرتبي في رفع التزاحم ولو يكون معية زمانية على ما سيأتي مفصلا لكن المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٢٩٣ قال ان انحفاظ الخطاب تقدير ما انما يكون باحد وجوه ثلاثة الاول ان يكون مشروطا بوجود ذلك التقدير او يكون مطلقا بالاضافة إليه وهذا انما يكون في موارد الانقسامات السابقة على الخطاب مثلا خطاب الحج يكون محفوظا في ظرف الاستطاعة لكونه مشروطا بها كما ان خطاب الصلاة يكون محفوظا في ذلك التقدير لكونه مطلقا بالاضافة اليها وقد ذكرنا في بحث التعبدى والتوصلي ان كل خطاب من الملتفت إلى الانقسامات السابقة على الخطاب لا بد من ان يكون بالاضافة اليها اما مطلقا او مقيدا فالاطلاق كالتقييد حينئذ يكون لحاظيا الثاني ان يكون

.................................................................................................

______________________________________________________

الخطاب بالاضافة إلى ذلك التقدير مطلقا بنتيجة الاطلاق او يكون مقيدا به بنتيجة التقييد وهذا انما يكون في الانقسامات المتأخرة عن الخطاب اللاحقة له والموجب لهذا النحو من التقييد او الاطلاق هو تقيد الغرض القائم بالمأمور به بوجود ذلك التقدير او اطلاقه بالاضافة إليه والكاشف عن كل من الاطلاق والتقييد في هذا المقام انما هو الدليل الخارجي فقد يدل على الاطلاق كما دل على ثبوت الاحكام الشرعية في كلتا حالتي العلم والجهل بها في غير الجهر والاخفات والقصر والتمام وقد يدل على تقيد الغرض بحال دون حال كما دل الدليل على اختصاص ملال وجوب القصر ووجوب الجهر او الاخفات بالعالم بوجوبها فالخطاب غير ثابت في ظرف الجهل ويسمي هذا القسم من الاطلاق بالاطلاق الذاتي والملاكي لاستحالة الاطلاق اللحاظي في موارده كما مر. الثالث أن يكون الخطاب بنفسه مقتضيا لوضع ذلك التقدير او لرفعه فيكون محفوظا في الصورتين لا محاله وهذا القسم مختص بباب الاطاعة والمعصية فان الاطلاق والتقييد بقسميهما اعني بهما الذاتي واللحاظي مستحيلان في هذا الباب إلى آخر كلامه ولعله سيأتي أيضا وانما لبيان الاطلاق الذاتي واورد على ذلك استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٢٩٤ وقد مر في البحث المزبور انه لا مناص في جميع موارد الانقسامات الاولية والثانوية من الاطلاق او التقييد وانه لا يعقل الاهمال في الواقع ومقام الثبوت مطلقا وان استحالة كل من الاطلاق والتقييد تلازم كون الآخر ضروريا وعلى ذلك فلا يبقى موضوع للاطلاق الذاتي اصلا الخ وفيه ان ذلك في مقام الثبوت دون الاثبات والاطلاق اللحاظي فلا يمكن على مبنى محقق النّائينيّ ذلك.

او يقتضي عدم اطلاق امره (١) واما اذا كان مشروطا بعصيانه

______________________________________________________

(١) الوجه الثالث ذكر استادنا الآملي في المنتهى ص ٥٢ ان من المعلوم ان الامر بذات كل واحد من الضدين لا استحالة فيه لمجال القدرة بالنسبة إلى كل واحد وانما الخارج عن حيّز القدرة هو الجمع بين الضدين فحينئذ ان كان توجه الامرين نحو المكلف على نحو يقتضي الجمع بينهما ولو بالملازمة كان للاستحالة وجه لالقاء الآمر اياه في المحال واما ان لم يكن توجههما إلى المكلف على هذا النحو فلا يلزم من توجيه امريه إليه القائه فيما لا يطاق وحيث كان الامر كذلك فنقول ان الامرين ان كانا بنحو الاطلاق على وجه يقتضي كل حفظ متعلقه بقول مطلق فقضية ذلك انتهاء الامر في امتثالهما إلى الجمع بينهما وهو محال واما لو كان احدهما مشروطان بعصيان الآخر فلا يقتضي توجه ذين الامرين جمعا بل كل يحرك نحو متعلقه في ظرف انعزال الآخر عن التاثير وفي رتبة انعدام بديله ومثل هذا المعنى لا يوجب الزام المكلف بالجمع الذي هو ملاك الاستحالة في المقام وان شئت قلت ان الامرين بالضدين اذا كانا مقتضيين لوقوع احد الوجودين ليس إلّا غاية الامر احدهما يقتضي الوجود التعيين المستلزم لعدم الآخر والآخر يقتضي الآخر لكن لا على نحو يقتضي اعدام غيره بل في ظرف انعدام غيره من باب الاتفاق فلا يكون مثلهما ملقيا للمكلف فيما لا يطاق وإنما الملقي له فيه انما هو في صورة اقتضائهما الوجودين في الخارج وهو من لوازم اطلاق الامرين لا مطلقهما كما لا يخفى وان شئت توضيح المقام بازيد من ذلك فلاحظ الموارد المسلمة من فروض كون العصيان شرطا متقدما حيث انّه ليس مناط جوازه مجرد عدم اجتماع الامرين في زمان واحد كيف وفي المتضادين في الزمانين لو علق احد الامرين بشىء آخر غير حاصل فعلا ومعلوم الحصول فيما بعد لما كاد يصح الامر المطلق باحدهما والمشروط بما

.................................................................................................

______________________________________________________

فرض في الآخر بل هو أيضا مورد إباء العقل عن مثله مع انه شريك مع المشروط بالعصيان المتقدم في عدم توجه الامرين في زمانين فمثل ذلك برهان جزمي على ان مناط الجواز وعدمه في تلك المسألة ليس هو اجتماع الامرين في الزمان الواحد وعدمه بل عمدة الوجه مزاحمة كل امر غيره في اقتضائه صرف القدرة الموجودة نحو متعلقه كانا في زمانين ام في زمان واحد ومثل هذه الجهة هو الفارق بين فرض اشتراط الامر بعصيان ضده او بشيء آخر حيث انه في الصورة الاولى لا مزاحمة بين الامرين في حفظ القدرة المزبورة وصرفها نحو كل متعلق بخلافه في الصورة الاخرى فاذا كان مناط المنع هذه المزاحمة فلو ارتفعت من البين باحد التقريبين فلا مانع من اجتماعهما حتى في زمان واحد وإلّا فلا مجال للجمع بينهما ولو في زمانين كما هو ظاهر ثم انه بعد الفراغ عن مقام الثبوت لا يبقى مجال الاشكال في مرحلة الاثبات اذ رفع اليد عن الاطلاق لا بد وان يكون بالمقدار اللازم وحينئذ فبعد رفع المحذور باخراج احد الاعدام عن حيز التكليف كان اطلاق الديل المقتضي للحفظ من سائر الحيثيات بحالة نعم لا يقتضي هذا المقدار الالتزام. بالوجوب المشروط بعصيان غيره الراجع إلى اناطة طلبه بعصيان غيره وفي فرصته ولحاظه فضلا عن اناطته بوجوده خارجا بل كما يصحح المطلب بذلك كذلك يصحح الامر بمجرد تعلق الطلب بالحفظ من سائر الجهات الملازم مع انحفاظه من الجهة الاخرى من باب الاتفاق من دون اناطة طلبه بوجود شيء غاية الامر يكون محركية مثل هذا الامر ملازما مع وجود ما هو خارج عن حيز التكليف بلا طولية امره بالنسبة إليه لا في فعليته ولا في محركيته وقد تقدم في بحث الواجب المشروط ايضا ان كل مشروط يقتضي وجوبا مطلقا غير منوط بشيء في ظرف العلم بتحقق الشرط في موطنه غاية الامر كان متعلق هذا الامر الغير

.................................................................................................

______________________________________________________

المنوط حصة من الحفظ الملازم للحفظ من الجهة المعهودة لا منوطا به وعليه فعمدة ما هو مقدمة للبيان الاول هو اخراج احد الاعدام عن حيز التكليف بلا احتياج إلى الالتزام باناطة التكليف به لا بفعليته ولا بفاعليته غاية الامر يلازم محركيته بالنسبة إلى متعلقه مع الوجود المزبور الخارج عن حيز التكليف لا انه مشروط به فحينئذ صح لنا دعوى عدم ابتناء تصحيح الترتب على بيان الواجب المشروط والالتزام به في المقام بل تمام المناط على توجه التكليف الثاني على حفظ الوجود من سائر الجهات لا نفس الوجود الحاوي لحفظه بجميع الحيثيات وربما يتضح مرامنا هذا بالرجوع إلى ما حققناه في الواجب المشروط وفرقه مع المعلق الخ وهذا هو ما افاده المحقق العراقي وذكر وجها قريبا من الأول المحقق الأصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٤٢ فالتحقيق الحقيق بالتصديق في تجويز الترتب هو ان الامر بالاضافة إلى متعلقه من قبيل المقتضي بالاضافة إلى مقتضاه واذا كان المقتضيان المتنافيان في التأثير لا على تقدير والغرض من كل منهما فعلية مقتضاه عند انقياد المكلف له فلا محاله يستحيل تأثيرها وفعلية مقتضاهما وان كان المكلف في كمال الانقياد واذا كان المقتضيان مترتبين بان كان احد المقتضيين لا اقتضاء له الا عند عدم تأثير الآخر فلا مانع من فعلية مقتضى الأمر المترتب وحيث ان فعلية اصل اقتضاء المترتب منوطة بعدم تأثير المترتب عليه فلا محاله يستحيل مانعيته عن تأثير الأمر المترتب عليه اذ ما كان اقتضائه منوطا بعدم فعلية مقتضى سبب من الاسباب يستحيل ان يزاحمه في التأثير ولا مزاحمة بين النقيضين الا من حيث التأثير وإلّا فذوات المقتضيات بما هي لا تزاحم بينهما. ولا بأس به.

بنحو الشرط المقارن (١) فلا يقتضي الامر بضده منعه وإليه ذهب جملة من اساطين الفن مبدئهم المحقق الثاني صاحب جامع المقاصد على ما نسب إليه وايد هذا المسلك سيد الاساطين الميرزا الشيرازي (عطر الله مرقده).

______________________________________________________

(١) قال في الكفاية ج ١ ص ٢١٢ ثم انه تصدى جماعة من الافاضل لتصحيح الامر بالضد بنحو الترتب على العصيان وعدم اطاعة الأمر بالشيء بنحو الشرط المتأخر او البناء على المعصية بنحو الشرط المتقدم او المقارن بدعوى انه لا مانع عقلا عن تعلق الامر بالضدين كذلك اي بأن يكون الامر بالاهم مطلقا والامر بغيره معلقا على عصيان ذلك الأمر او البناء والعزم عليه بل هو واقع كثيرا عرفا. وتوضيحه بجعل التكليف بالمهم مشروطا بعصيان التكليف بالاهم او بالبناء على عصيانه مثلا يقول ازل النجاسة عن المسجد وان عصيت الأمر بالازالة فصلّ او ان بنيت على عصيان الامر بالازالة فصل واما لو كان مشروطا بالعصيان بنحو الشرط المتقدم كان خارجا عما نحن فيه من الأمر بالضدين في وقت واحد لانه اذا تحقق العصيان في الزمان السابق سقط الامر بالاهم ويثبت بعده الامر بالمهم وحده فيكون الامر بهما في زمانين وكذا لو كان بنحو الشرط المقارن لان العصيان اذا قارن الأمر بالمهم كان سقوط الامر بالاهم الملازم للعصيان مقارنا للامر بالمهم فلا يقترن الامر ان بهما في زمان واحد اما البناء على المعصية فلما لم يكن ملازما لسقوط الامر كان اشتراط الأصل بالمهم به متقدما او متأخرا او مقارنا لا يمنع من اقتران الامرين في زمان واحد ولا يكون من الترتب في شيء.

وتبعه جملة من اساتيد العصر رضوان الله عليهم (١) ولا يخفى ان هذا المسلك يقتضي قهرا طولية الأمرين (٢) ولعله وجه مناسبة تسمية هذه المسألة بالترتب وعمدة نظرهم في وجه تصحيح الأمرين المزبورين في زمان واحد هو ان وجه المضادة بين الأمرين على الإطلاق وقوع المطاردة بينهما

______________________________________________________

(١) قال المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٣٦ ثالثها وهو امتن الوجوه ان المحال في طلب الضدين هو الجمع بينهما فان كان مرجع الامر إلى طلب الجمع بينهما كان طلب المحال وإلّا فلا ولا يرجع الأمر بهما إلى طلب الجمع الا مع اطلاق الامرين فطلب الجمع نتيجة اطلاق الامرين لا نتيجة فعليتهما مع عدم اطلاقهما واوضحه بعض اجلة العصر برسم مقدمات نافعة في استنتاج هذه النتيجة المهمة. ومراده المحقق النّائينيّ في الأجود ج ١ ص ٢٨٦ قال ولا بد لتحقيق ذلك من تقديم مقدمات.

(٢) قال المحقق النّائينيّ في الأجود ج ١ ص ٢٨٦ الأولى في بيان امرين الأول ان الفعلين المتضادين اذا كان التكليف بكل منهما او بخصوص احدهما مشروطا بعدم الاتيان بمتعلق الآخر فلا محاله يكون التكليفان المتعلقان بهما طوليين لا عرضيين وبعبارة واضحة لا يلزم من الطلبين كذلك طلب الجمع بين الضدين لانه اذا فرضنا امكان الجمع بين متعلقي الطلبين كذلك في حد ذاتهما كدخول المسجد وقراءة القرآن ومع ذلك كان الطلبان بنحو الترتب بأن يكون طلب احدهما مشروطا بعدم الإتيان بمتعلق الآخر امتنع وقوعهما في الخارج على صفة المطلوبية ولذا لو اتى المكلف بهما بعنوان المطلوبية لكان ذلك تشريعا فيستكشف من ذلك ان نفس ترتب الخطابين يمنع تحقق طلب الجمع بين متعلقهما وبالجملة اجتماع الطلبين في زمان واحد انما يستلزم طلب الجمع

.................................................................................................

______________________________________________________

بين المتعلقين فيما اذا كان كل منهما في عرض الآخر بان يكون مطلقا بالاضافة الى الاتيان بمتعلق الآخر وعدمه واما اذا فرضنا اشتراط احدهما بعدم الإتيان بمتعلق الآخر لم يعقل ان تكون نتيجة الطلبين طلب الجمع بين المتعلقين واورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ٥٧ بقوله ولا يخفي ان هذه المقدمة نتيجة باقي المقدمات بل هي حقيقة الترتب المدعي امكانه فلا وقع لتحريرها في عرض المقدمات التي يستنبط منها صحة الترتب وامكانه. ونعم ما أفاد قال المحقق النّائينيّ في الأجود ج ١ ص ٢٨٧ المقدمة الثانية قد ذكرنا في بحث الواجب المشروط ان شرائط التكليف كلها ترجع إلى قيود الموضوع ولا بد من اخذها مفروضة الوجود في مقام الجعل والإنشاء وان فعلية التكليف تتوقف على فعليتها وتحققها في الخارج فحالها حال الموضوع بعينه اذ كل موضوع شرط وكل شرط موضوع ومن الواضح ان الموضوع بعد وجوده خارجا لا ينسلخ عن الموضوعية ويكون الحكم بلا موضوع فلا وجه لما ذكره بعضهم من ان الواجب المشروط بعد تحقق شرطه ينقلب مطلقا اذ هو مساوق للقول بان الموضوع بعد وجوده خارجا ينسلخ عن موضوعيته ولا يبعد ان يكون ذلك من جهة خلط موضوع الحكم بداعي الجعل وعلة التشريع بتوهم ان شرط التكليف خارج عن موضوعه بل هو من قبيل الداعي لجعل الحكم على موضوعه فبعد وجوده يتعلق الحكم ، بموضوعه ولا يبقى للاشتراط مجال اصلا ـ إلى ان قال ـ فكون تأثير الدواعي في ما يترتب عليها من الأمور الواقعية اجنبي عن محل الكلام بالكلية وعليه فتعبير الفقهاء عن العقود والايقاعات بالاسباب وعن قيود الموضوع في باب التكاليف بالشرائط انما هو اصطلاح صرف وإلّا فكل من السبب والشرط قيد من قيود الموضوع لا محالة وبالجملة بعد وضوح رجوع شرط الحكم إلى كونه موضوعا له وعدم كونه من قبيل العلة لثبوت الحكم

.................................................................................................

______________________________________________________

لموضوعه يتضح فساد القول بانقلاب الواجب المشروط مطلقا بعد حصول شرطه في الخارج ويترتب على ما ذكرناه فساد توهم ان الالتزام بالترتب لا يدفع محذور التزاحم بين الخطابين بتوهم ان الأمر بالمهم بعد حصول عصيان الأمر بالاهم المفروض كونه شرطا له يكون في عرض الأمر بالاهم فيقع بينهما التزاحم والتمانع لا محاله وذلك لانك قد عرفت ان حصول شرط الحكم في الخارج لا يخرجه عن كونه شرطا له فالحكم المشروط به حدوثا مشروط به بقاء فليس هناك اطلاقان ليقع بينهما التزاحم والمطاردة. واورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ٥٨ ولا يخفى ما فيه من مواقع النظر اما اولا فلما بينا في الجزء الأول من الكتاب من ان شرط الحكم لا يمكن ان يرجع إلى موضوعه لأن دخل الموضوع في الحكم يغاير دخل الشرط فيه هذا في مرحلة الثبوت كما ان ظاهر القضية الشرطية بحسب القواعد العربية في مقام الأثبات هو ذلك اي دخله في الهيئة واما ثانيا فلانه يستحيل ان يصير الوجوب المشروط بعد حصول شرطه مطلقا ولو لم يرجع الشرط إلى الموضوع بل عليه تكون استحالة صيرورة المشروط مطلقا اوضح منها بناء على رجوع الشرط إلى الموضوع لأن ارتباط الحكم بشرطه اشد منه بموضوعه لكونه من مقومات علته التامة دون موضوعه واما ثالثا فلأن بقاء المطاردة عند القائل بالامتناع لا ينحصر بصيرورة التكليف المشروط مطلقا حين حصول شرطه ليجاب باستحالة انقلاب المشروط مطلقا كما اشير إليه بل يمكن بقاء المطاردة وان لم ينقلب المشروط مطلقا بعد حصول شرطه باطلاق الأمر بالاهم فالامر به بما انه مطلق بما شيء الأمر بالمهم في رتبته ويطارده وان كان مشروطا كما اشار إليه استاد الاساتذة في كفايته وبنى عليه رأيه في الامتناع. ذكر المحقق النّائينيّ في الأجود ج ١ ص ٢٨٨ المقدمة الثالثة قد ذكرنا في تقسيم الوجوب إلى الموقت

.................................................................................................

______________________________________________________

وغيره ان فعلية الخطاب في المضيّقات تكون مساوقة لوجود آخر جزء من موضوعه وشرطه ولا يكون بينهما تقدم وتأخر زمانا وكذلك ذكرنا هناك ان تأخر الامتثال عن الخطاب ايضا رتبي لا زماني بيان ذلك ان ما فرض جزء أخير الموضوع الحكم اما ان يكون حكمه وخطابه فعليا عند تحقق بلا فصل زماني فهو المطلوب واما ان تكون فعليته متوقفة على مضى آن ما فيلزم ان لا يكون ما فرضناه جزء للموضوع جزءا أخيرا له وهو خلف نعم ربما يكون لمضي آن ما دخل في الموضوع ايضا فيكون هو الجزء الأخير له فتكون فعلية الحكم متوقفة على تحقق الشيء ومضيه كما لا يبعد دعوى ذلك في حق القصاص فإنه مترتب على تحقق القتل خارجا ومضى زمانه ولو آناً ما فتحقق القتل في زمان الحال المقابل للمضى والاستقبال ليس جزءا أخيرا من الموضوع بل الجزء الأخير هو مضي القتل ولو آناً ما بعد تحققه وعلى كل حال فنسبة الحكم إلى موضوعه وان لم تكن نسبة المعلول الى علّته التكوينية إلّا أنها نظيرها فتخلف الحكم عنه يرجع إلى الخلف والمناقضة ـ وعليه فرعنا بطلان الشرط المتأخر ومن ذلك يعلم ان تأخر الامتثال عن الخطاب ايضا رتبي لا زماني فان نسبة الامتثال إلى الخطاب كنسبة المعلول إلى العلة ايضا وأول زمان الخطاب هو اول زمان الامتثال نعم في الموسعات لا يلزم مقارنة زمان الخطاب لزمان الامتثال بل يجوز تأخره عنه كما تجوز مقارنته له بحيث يكون أول زمان الامتثال هو اول زمان الخطاب وان كان متأخرا عنه رتبة ـ إلى ان قال ـ وبالجملة الامتثال بالإضافة إلى الخطاب كالمعلول بالإضافة إلى علته فلا مانع من مقارنته اياه زمانا فلا موجب لفرض وجود الخطاب قبله بان ما هذا مضافا إلى ان المكلف ان كان عالما قبل الفجر مثلا بتوجه وجوب الصوم إليه عند الفجر كفي ذلك في امكان تحقق الامتثال حين الفجر فوجوده قبله لغو محض اذا المحرك له حينئذ

.................................................................................................

______________________________________________________

هو الخطاب المقارن لصدور متعلقه ـ اى الفجر ـ لا الخطاب المفروض وجوده قبله اذ لا يترتب عليه اثر في تحقق الامتثال اصلا واما اذا لم يكن المكلف عالما به قبل الفجر فوجود الخطاب في نفس الأمر لا اثر له في تحقق الامتثال في ظرف العمل فيكون وجوده لغوا ايضا ـ إلى ان قال ـ والغرض من هذه المقدمة وابطال القول بلزوم التقدم المزبور هو اثبات ان زمان شرط الأمر بالاهم وزمان فعلية خطابه وزمان امتثاله او عصيانه الذي هو شرط للأمر بالمهم كلها متحدة كما ان الشأن هو ذلك بالقياس إلى الأمر بالمهم وشرط فعليته وامتثاله او عصيانه ولا تقدم ولا تأخر في جميع ما تقدم بالزمان بل التقدم والتأخر بينها في الرتبة. واجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ٥٨ ولا يخفي ما فيه فان دخل هذه المقدمة في ثبوت المدعي لا يتوقف على لزوم مقارنة التكليف مع امتثاله او عصيانه زمانا في المضيقات بل يمكن ان يكون لها دخل فيه حتى مع جواز انفكاكه عنه كما اذا قيل بجواز الواجب المعلق وعليه لا موقع لتجشّم الاستدلال على لزوم المقارنة المذكورة بما اشير إليه مع انه لا يخلو من نظر فان كون نسبة الامتثال إلى تكليف الفعلي نسبة المعلول إلى علته مع ارادة نسبة المعلول إلى علته التامة فهو غير صحيح وإلّا لزم عدم امكان العصيان ومع ارادة نسبة المعلول إلى علته الناقصة فهو على تقدير تسليمه لا يستلزم المقارنة المدعاة في المقام بل يجوز انفكاك ظرف التكليف عن ظرف الامتثال مع حفظ النسبة المزبورة. وهو الحق وقال المحقق النّائينيّ في الأجود ج ١ ص ٢٩١ وعليه يتفرع دفع جملة من الاشكالات التي اوردها بعض من ذهب إلى لزوم التقدم المزبور على جواز الخطاب الترتبي منها ان عصيان الأمر بالاهم متحد مع زمان امتثال خطاب المهم فلا بد من فرض تقدم خطاب المهم على زمان امتثاله وهو يستلزم الالتزام بالشرط المتاخر والواجب المعلق وكلاهما باطل

.................................................................................................

______________________________________________________

وفيه اولا ان هذا الأشكال مبني على القول بلزوم تقدم الخطاب على الامتثال آنا ما وقد عرفت فساده. قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٥٩ واما ما افاد من تفرغ دفع الاشكالات الواردة على الترتب على هذه المقدمة فغير تام اذ بعضها متفرعة على حصول المقارنة ولو لم تكن لازمة وهو الذي اشرنا إليه سابقا وبعضها غير متبنية عليه اصلا وهو قال المحقق النّائينيّ في الأجود ج ١ ص ٢٩٢ فان قلت سلمنا ان زمان خطاب المهم هو زمان فعلية العصيان إلّا ان هذا الزمان هو زمان سقوط خطاب الأهم فلا يجتمع الامر ان في زمان واحد قلت ان ذلك يبتني على القول بلزوم تقدم الخطاب على الامتثال زمانا فانه عليه لا بد من تقدمه على العصيان ايضا فان العصيان والامتثال يتوارد ان على موضوع واحد وزمان احدهما هو بعينه الزمان الذي يمكن ان يقع فيه الآخر فاذا كان الخطاب متقدما على الامتثال فلا بد من تقدمه على العصيان ايضا ولكنك قد عرفت بطلان هذا المبني وان زمان الامتثال او العصيان متحد مع زمان الخطاب اذ لا معنى لامتثال الخطاب المعدوم او عصيانه فيكون زمان فعلية العصيان هو زمان الأمر بالاهم فيجتمع الامران في زمان واحد. واجاب عنه استاد الآملي في المنتهى ص ٥٩ بقوله ولا يخفى ما في هذا الجواب المزبور فان القائل بلزوم تقدم الخطاب على كل من الامتثال والعصيان زمانا لا يلتزم بسقوط الأمر في ظرف الإطاعة والعصيان كما ان ذلك لا يتفرع على القول المزبور فلا وجه لجعل الاشكال المتقدم مبتنيا على هذا القول بل الإشكال متفرع على الالتزام بعلية كل من الاطاعة والعصيان لسقوط الخطاب ولكنه خلاف التحقيق بيان ذلك ان الاطاعة لا يمكن ان تكون علة لسقوط التكليف لأن التكليف من اجزاء علة وجود الشيء خارجا فلا يعقل ان يكون وجود المعلول خارجا علة لعدم علته وكذلك لا يعقل عليه العصيان لسقوط التكليف اذ عدم المعلول لو كان علة لسقوط

.................................................................................................

______________________________________________________

التكليف لما امكن وجود ممكن تعلق به التكليف في الخارج اذ هو مسبوق بعدمه بل انما ينتفي التكليف عند تحقق كل منهما بانتهاء امده ومن الواضح ان امده انما ينتهي بتحقق الإطاعة او العصيان في الخارج ففي زمان الإطاعة او العصيان يكون الامر ثابتا فيجتمع الامران في المقام في زمان واحد وهو زمان عصيان الأمر بالاهم. وبذلك اجاب المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٢٩ ايضا قال فقد تقدم في الحاشية السابقة ما هو مناط الاشكال في الشرط المقارن وجوابه وان ترتب السقوط على فعلية التكليف وتوجهه لا يعقل ان يكون بالرتبة لمناقضة بالثبوت والسقوط وان الإطاعة ليست علة للسقوط وكذلك المعصية وإلّا لزم علية الشيء لعدم نفسه في الأولى وتوقف تأثير الشيء على عدم تأثيره في الثانية بل بالاطاعة ينتهي امد اقتضاء الامر وبالمعصية في الجزء الأول من الزمان يسقط الباقي عن القابلية للفعل فلا يبقى مجال لتأثيره فيسقط بسقوط علته الباعثة على جعله. قال المحقق النّائينيّ في الأجود ج ١ ص ٢٩٣ المقدمة الرابعة وهي اهم المقدمات ـ إلى ان قال وقد تقدم ـ الثالث ان يكون الخطاب بنفسه مقتضيا لوضع ذلك التقدير او لرفعه فيكون محفوظا في الصورتين لا محاله وهذا القسم مختص بباب الطاعة والمعصية فان الاطلاق والتقييد بقسميهما اعني بهما الذاتي واللحاظي مستحيلان في هذا الباب اما استحالة التقييد فلان وجوب فعل لو كان مشروطا بوجوده لاختص طلبه بتقدير وجوده خارجا وهو طلب الحاصل ولو كان مشروطا بعدمه لاختص طلبه بتقدير تركه وهو طلب الجمع بين النقيضين وعلى كل من التقديرين يكون طلبه محالا فاذا كان التقليد بكل من التقديرين محالا كان الاطلاق بالاضافة اليهما أيضا محالا اذ الاطلاق في قوة التصريح بكلا التقديرين فيكون فيه محذور طلب الحاصل والمحال معا وقد اشرنا في البحث المذكور

.................................................................................................

______________________________________________________

إلى ان تقابل الاطلاق والتقليد انما هو تقابل العدم والملكة وان امتناع التقيد يساوق امتناع الاطلاق ـ إلى ان قال فظهر مما ذكرنا ان حال الخطاب بالاضافة إلى حالتي كون المكلف فاعلا او تاركا كحال حمل الوجود او العدم على الماهية فكما لا يعقل ان تكون الماهية المقيدة بالوجود او العدم او المطلقة بالاضافة اليهما موضوعا في مقام حمل الوجود او العدم عليها بل لا بد من ان يكون الموضوع في هذا المقام نفس الماهية المعراة عن لحاظ الاطلاق والتقييد كذلك لا يعقل ان يكون موضوع الخطاب هو المكلف المقيد بكونه فاعلا او المقيد بكونه تاركا او المطلق بالاضافة اليهما ـ إلى ان قال ـ ومن ذلك يظهر ان انحفاظ خطاب الأهم في ظرف العصيان انما هو من جهة اقتضائه لرفع هذا التقدير وهدمه من دون ان يكون له نظر إلى شيء آخر على هذا التقدير بخلاف خطاب المهم فانه لا نظر له إلى وضع هذا التقدير ورفعه لانه شرطه وموضوعه وقد عرفت انه يستحيل ان يقتضي الحكم وجود موضوعه او عدمه وانما هو يقتضي وجود متعلقة على تقدير عصيان خطاب الاهم فلا الخطاب بالمهم يعقل ان يترقى ويصعد إلى مرتبة الاهم ويكون فيه اقتضاء لموضوعه ولا الخطاب بالاهم يعقل ان يتنزل ويقتضي شيئا آخر غير رفع موضوع خطاب المهم فكلا الخطابين وان كانا محفوظين في ظرف العصيان ومتحدين زمانا إلّا انهما في مرتبتين طوليتين. واورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ٦٠ ولا يخفى ما فيه اما اولا فلما عرفت سابقا من ان دفع المطاردة والمزاحمة بين الخطابين المتساويين لا يتوقف على اشتراط كل منهما بعدم امتثال الآخر بل لا يمكن ذلك للمحاذير التي اشرنا اليها سابقا بل رفع المطاردة من بينهما يحصل بانشاء الخطاب بكل من الضدين المتساويين بنحو القضية الحينية بمعنى انه يطلب كلا من الضدين حين عدم الآخر اي الحصة منه المقارنة لعدم ضده وبذلك نتصور

.................................................................................................

______________________________________________________

فعلية كلا الخطابين في حال عدم الضدين معا من دون ان يستلزم ذلك طلب جمعهما واذا صح رفع المطاردة من بين الخطابين المتساويين بهذا النحو من الانشاء والخطاب اي بنحو القضية الحينية من الطرفين فلنرفع به المطاردة من بين الخطابين اللذين احدهما اهم من الآخر فيكون الخطاب بالمهم بنحو القضية الحينية من طرف واحد بلا تكلف اشتراط احدهما المعين بعصيان الآخر فيكون الخطاب بالمهم فعليا حين عصيان خطاب الاهم اي ان الواجب هي الحصة من الضد المهم المقارنة لعصيان خطاب الاهم لا ان الخطاب بالمهم يكون مشروطا بعصيان خطاب الاهم ومعلقا عليه وبعبارة اخرى بعد ما كان الغرض من بالترتب الجمع بين الأمرين الفعليين في البين بلا مزاحمة بين احدهما للآخر بمعنى انه كما يمكن الجمع بينهما بالالتزام بطولية الامرين بملاحظة اشتراط احدهما بعصيان الآخر كذلك يمكن الجمع بينهما في عرض واحد بان يلزم احد الامرين تاما وحافظا للوجود الملازم لعدم الآخر مطلقا ولو كان حاصلا باقتضاء هذا الامر ولو بالواسطة والآخر ناقصا وحافظا للوجود الملازم مع عدم الآخر الحاصل بدواعي أخر لا باقتضاء هذا الامر من دون التزام بشرطية العدم المزبور في الطلب اصلا بل الطلب المطلق وانما الضيق في متعلقه بملاحظة خروج بعض انحاء عدمه عن حيز الطلب على وجه لا يقتضي تحصيله وقلب وجودا ضده بعدمه بخلاف الطلب الآخر حيث ان اقتضائه لوجود مطلوبه تام بنحو يقتضي قلب وجود ضده بالعدم ومن المعلوم انه لا يكون ايضا تزاحم بين مثل هذين الطلبين مع انهما في عرض واحد بلا ترتب بين الامرين اصلا كما هو الشأن في الامر بكل واحد عند تساويهما في الملاك اذ من البديهي ان رفع التزاحم بين الامرين هناك يستحيل بطولهما وطولية احدهما للآخر ترجيح بلا مرجح وطولية كل منهما بالنسبة إلى الآخر مستحيل لجريان مناط الدور فيه

.................................................................................................

______________________________________________________

فلا محيص في تلك المسألة من الالتزام بنقص في الطلب بان لا يحوي جميع اعدام معروضه بل كان متعلقا به بنحو يقتضي حفظ الوجود من اصل العدم المقارن لعدم الآخر من باب الاتفاق بمعنى كون معروض الوجوب سد هذا الباب الملازم لعدم بديله من جهة الاتيان وإليه ارجعنا جميع التكاليف التنجيزية وحينئذ نقول بعين هذا الوجه نتصور التكليف بالمهم في عرض التكليف التام بالاهم ولئن شئت قلت كما لا مانع من الجمع بين الطلبين الناقصين في الضدين لا مانع من الجمع بين الطلب التام والناقص بلا احتياج إلى هذه المقدمة الطويلة وتقدم عن قريب هذا وما قبله وتكرره لاجل بعض المناقشات قال المحقق النّائينيّ في الأجود ج ١ ص ٢٩٣ ان انحفاظ الخطاب في تقدير ما انما يكون باحد وجوه ثلاثة الاول ان يكون مشروطا بوجود ذلك التقدير او يكون مطلقا بالاضافة إليه وهذا انما يكون في موارد الانقسامات السابقة على الخطاب مثلا خطاب الحج يكون محفوظا في ظرف الاستطاعة لكونه مشروطا بها ـ الثاني ان يكون الخطاب بالاضافة إلى ذلك التقدير مطلقا بنتيجة الاطلاق او يكون مقيدا به بنتيجة التقييد وهذا انما يكون في الانقسامات المتأخر عن الخطاب اللاحقة له والموجب لهذا النحو من التقييد او الاطلاق هو تقيد الغرض القائم بالمامور به بوجود ذلك التقدير او اطلاقه بالاضافة إليه والكاشف عن كل من الاطلاق والتقييد في هذا المقام انما هو الدليل الخارجي فقد يدل على الإطلاق كما دل على ثبوت الاحكام الشرعية في كلتا حالتي العلم والجهل بها في غير الجهر والاخفات والقصر والاتمام وقد يدل على تقييد الغرض بحال دون حال كما دل الدليل على اختصاص ملاك وجوب القصر ووجوب الجهر او الاخفات بالعالم بوجوبها فالخطاب غير ثابت في ظرف الجهل ويسمى هذا القسم من الإطلاق بالاطلاق الذاتي والملاكي لاستحالة الاطلاق اللحاظي في مورده الثالث ان يكون

.................................................................................................

______________________________________________________

الخطاب بنفسه مقتضيا لوضع ذلك التقدير او لرفعه فيكون محفوظا في الصورتين لا محالة وهذا القسم مختص بباب الطاعة والمعصية فان الإطلاق والتقييد بقسميهما اعني بها الذاتي واللحاظي مستحيلان. قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٦٢ ان ما افاد في القسم الثاني من امكان تقييد المقتضي اعني الغرض بالعلم مثلا منظور فيه اذ يستحيل تقيد شيء بالعلم به او العلم بما هو متأخر عنه رتبة فلا محيص من الالتزام فيه بالاطلاق الحالي الغير القابل للتقييد باحد الحالين ذاتا وهو المراد من الاطلاق في الاحكام ايضا لا ان المراد منه اطلاق الملاك لفساد تقييده واما ما افاد في الجهر والاخفات والقصر والاتمام فليس من باب تقييد المصلحة فيها بحال العلم بهما بل هو من باب كون الماتي به فيهما وافيا بمرتبة من المصلحة التي لا تبقى معها القدرة على تدارك البقية وحينئذ فالمصلحة الاصلية محفوظة في حال الجهل ايضا غاية الامر لا يمكن تداركها نعم الاولى لهذا المعنى من الإطلاق الملاكي المثال بقصد القربة فانه امكن تقييد المصلحة به كما امكن اطلاقهما مع عدم امكان اطلاق الحكم بالنسبة إليه كما لا يخفى وح ربما يكون قصد القربة من قبيل الثالث الذي يكون الحكم محدثا له ومع ذا امكن اطلاق المصلحة والملاك بالنسبة إليه دون الحكم.

واجاب عن هذه المقدمة المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٤١ بقوله ففيها اولا ان الكلام في اطلاق الطلب وتقييده ـ أي اطلاق امر الاهم وتقييد امر المهم ـ لا الاطلاق المطلوب وتقييده ففرض اهمال المطلوب فرض تعلق الطلب بذات الفعل او ذات الترك لا فرض تعلقه بالفعل المفروض حصوله او المفروض عدمه ومحذور طلب الحاصل والجمع بين النقيضين انما هو فرض تقييد المطلوب بفرض حصوله او فرض عدمه واما محذور تقيد نفس الطلب بفرض حصول متعلقة او فرض عدم حصوله فهو كون الشيء ـ اي الطلب ـ علة لنفسه ـ اي لان

.................................................................................................

______________________________________________________

الطلب علة لوجود المطلوب والفرض وجود المطلوب قيد وعلة للطلب والطلب علة للطلب ـ فيما اذا كان الطلب منوطا بفرض حصوله وكون العلة ـ اي الطلب ـ معلولة ـ اي نفسه ـ لعدم معلولها فيما اذا انيط بفرض عدم حصوله. واجاب عن هذه المقدمة استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣٤٧ انه لا يكون الطلب مقيدا بما قيل حتى يلزم الدور بل التقييد يكون من حيث المطلوب فان الطلب يمكن ان يكون بمهملة كالازالة لا بقيد العصيان ولا بقيد الاطاعة بمعنى ان الأمر والنهي يتوجه إلى الطبيعي من حيث هو هو لكن بحيث يكون مرآة عن الخارج فإن الأمر متوجه إلى الازالة لا بقيد العصيان ولا الامتثال حتى يلزم محذور اجتماع النقيضين يعني الوجود والعدم في الأول لامتناعه او تحصيل الحاصل في الثاني نعم الصلاة في الخارج مثلا اما يؤتى بها فيحصل امتثالها او لا فيحصل عصيانها وهذا غير مربوط بأصل الطلب فالاطلاق في الاهم يكون بحالة حتى في ظرف العصيان فيطرد الخطاب بالمهم ويضاده. لكن الظاهر انه نفس كلام المحقق الاصفهاني وقوله فان الطلب سهو والمراد فان المطلوب راجع وقال المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٤٢ وثانيا ان الاطلاق ليس إلا تسرية الحكم لجميع افراد المطلق بما هي افراد ذات المطلق لا بمعنى الجمع في القيود فمعنى اطلاق الطلب لفرض الحصول وعدمه عدم دخل الحصول وعدمه في وجود الطلب لا دخل وجوده وعدمه معا حتى يلزم من الإطلاق الجمع بين محذور طلب الحاصل ومحذور الجمع بين النقيضين ـ إلى ان قال ـ هذا يمنع عن الاطلاق اللحاظي ـ واما الإطلاق الذاتي وهو ثبوت الطلب مقارنا للفعل ومقارنا للترك فهو معقول فانه عدم التقييد بمعنى السلب المقابل للايجاب ويستحيل خروج الشيء عنهما كما هو واضح ومن البين ان المانع من الترتب ورود الطلبين على تقدير واحد فتقييد طلب الأهم بفعله محال وهو

.................................................................................................

______________________________________________________

المضر بالترتب لا ان اطلاقه الذاتي يضر بالترتب اذ ليس لازمه ورود الطلبين على تقدير ليكونا عرضيين لا طوليين. وتوضيحه ان الاطلاق معناه رفض القيود وطرده لا جمع القيود بمعنى ان يكون معنى الأمر بالازالة في ظرف العصيان هو الأمر بها معه او الأمر بها مع الامتثال حتى يلزم تحصيل الحاصل او اجتماع النقيضين فنفس الطبيعة مطلقة باطلاقها ذاتا اي بحيث يمكن ان تنطبق على جميع القيود فالطبيعة تكون في الاصطلاح بنحو اللابشرط عن القيود لا بشرط شيء حتى يلزم المحذورات وبمثل ذلك قال استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٢٩٤ لا يخفى ان الإطلاق وان كان في قوة التصريح بثبوت الحكم على كل تقدير إلّا انه لا يترتب عليه المحذور المترتب على التقييد وذلك لما عرفت ان تقييد الحكم بقيد واشتراطه به يستدعي تأخره عنه وتوقف فعليته على فرض وجوده فيستحيل تقييد الحكم بوجود متعلقه لانه من طلب الحاصل كما انه يستحيل تقييده بعدم متعلقه لانه من طلب المحال وهذا بخلاف اطلاق الحكم بالاضافة إلى كل من تقديري وجود متعلقه وعدمه فانه وان كان مستلزما لثبوت الحكم في كل من التقديرين إلّا انه لاجل عدم اعتبار وجود المتعلق وعدمه في فعلية الحكم لا من جهة اعتبار كل منهما فيها ومن الواضح ان المستحيل هو دخل وجود متعلق الطلب او عدمه في فعليته واما عدم دخلها فيها فهو ضروري لا مستحيل وقد اشرنا آنفا إلى انه لا ملازمة بين استحالة التقييد واستحالة الإطلاق اصلا ـ إلى ان قال ـ ثم لا يخفى انه لا دخل لهذه المقدمة في اثبات صحة الترتب بل قوامه انما هو بما سيجيء من ان الخطابين وان كانا فعليين في زمان واحد إلّا انه لا تدافع بينهما بوجه اصلا لان خطاب الأهم لا يقتضي إلّا وجود الأهم من دون تعرض له إلى وجود شيء آخر وعدمه على تقدير عصيانه كما ان خطاب المهم لا يقتضي ترك الأهم لانه موضوعه

حيث ان كل امر يقتضي وجودا طاردا لضده ولازمه ايقاع المكلف فيما لا يطاق (١).

______________________________________________________

وشرطه وانما يقتضي وجود المهم على تقدير ترك الأهم في نفسه فكل من الخطابين يقتضي شيئا اجنبيا عما يقتضيه الآخر. ذكر استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣٤٦ ان القوم بأن النسبة بين الإطلاق والتقييد العدم والملكة او غيره وحيث لا يمكن تقييد لا يمكن الإطلاق غير منوط بالمقام فان الكلام في المقام في المتعلق وهو انه هل يوجب العصيان بالنسبة إلى الاهم ان يسقط اطلاقه او انه غير قابل لذلك وقد مر ان العصيان بالنسبة إلى الاهم لا يكون علة لصحة الأمر بالمهم.

(١) قال المحقق النّائينيّ في الأجود ج ١ ص ٢٩٨ المقدمة الخامسة في تشخيص محل الكلام في بحث الترتب واثبات ان القول بالترتب لا يترتب عليه محذور طلب الجمع بين الضدين كما توهم فانه انما يترتب على اطلاق الخطابين دون فعليهما ـ إلى ان قال ـ اذا فرضنا ان احد الخطابين مشروط بعدم الاتيان بمتعلق الآخر كما في المقام فيستحيل ان تكون نتيجة فعلية الخطابين طلب الجمع لإن فعلية الخطاب المشروط اما ان تكون على نحو انشائه فتكون مطلوبية متعلقه في ظرف ترك متعلق الآخر وهذا نقيض طلب الجمع ومعاندة فعلية يستحيل وقوع الفعلين معا على صفة المطلوبية وان كان المكلف متمكنا من الجمع بينهما في الخارج واما ان لا تكون كذلك بأن يتخلف مقام الفعلية عن مقام الإنشاء فالخطاب في مرحلة الإنشاء وان فرض كونه مشروطا بعدم الاتيان بمتعلق الآخر إلّا إنه في مقام الفعلية يتخلف عما كان عليه ويكون مشروطا بالاتيان بمتعلق الآخر او مطلقا بالاضافة إليه وعلى كلا التقديرين ففعلية الخطابين وان كانت تستلزم طلب الجمع إلّا انه يستحيل تخلف مقام

.................................................................................................

______________________________________________________

الفعلية عن مقام الانشاء لما عرفت من انه يستحيل خروج الواجب المشروط بعد حصول شرطه الى الاطلاق فضلا عن كونه في مقام الفعلية مشروطا بنقيض ما كان مشروط به في مقام الإنشاء وعلى ذلك فالخطاب بالمهم بما انه فرض اشتراطه بترك الأهم فيستحيل ان يكون بعثا إليه في فرض وجود الأهم ليكون لازم فعلية الخطابين عند تحقق عصيان خطاب الأهم هو طلب الجمع بينهما. واجاب عنه المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٣٧٣ ومن ذلك البيان ظهر ايضا عدم الحاجة إلى التثبت بالترتب والطولية في اثبات الأمر التام بالمهم باناطة امره بعصيان الأهم وذلك لانه وان كان هذا التقريب ايضا بنفسه تقريبا تاما نفسيا ويرتفع به محذور المطاردة بين الأمرين بلحاظ صيرورة الأمر بالمهم حسب اناطته بعصيان الأهم في رتبة متأخرة عن سقوط امر الأهم إلّا انه غير محتاج إليه بعد امكان الجمع بين الأمرين في مرتبة واحدة واندفاع محذور المطاردة بينهما يجعل الأمر بالمهم امرا ناقصا غير تام بل ولئن تدبرت ترى كون مثل هذا التقريب في طول التقريب الذي ذكرناه وعدم وصول النوبة إلى الأمر التام بمقتضى الترتب الا في فرض عدم امكان تأثير مصلحة المهم في الأمر الناقص في رتبة الأمر بالاهم وذلك من جهة انه بعد تأثير المصلحة في الأمر الناقص وصيرورة امره في رتبة الأمر بالاهم قهرا يلزمه كون سقوطه أيضا في رتبة سقوط الأهم وحينئذ فاذا سقط الأهم بالعصيان يلزمه سقوطه عن المهم ايضا ومع سقوطه لا يبقى مجال للامر التام بالمهم من جهة عدم المقتضي له في هذه الرتبة فمن ذلك لا بد اما من تأثير المصلحة في رتبة سابقة في الأمر الناقص فقط او بقائه بلا تأثير في الرتبة السابقة وتأثيره في الأمر التام في رتبة متأخرة عن العصيان وفي مثله من المعلوم انه عند الدوران يكون المتعين هو الاول فان عدم تأثير المصلحة في الأمر الناقص في رتبة الاهم

.................................................................................................

______________________________________________________

وبقائها إلى المرتبة المتأخرة مما لا وجه يقتضيه بعد قابلية المحل وعدم المانع عن التأثير بخلافه في تأثيره في الأمر التام فان عدم تأثيره فيه اما في مرتبة الاهم فمن جهة المحذور العقلي واما في مرتبة عصيانه فمن جهة عدم المقتضي له مع فرض تأثيره سابقا في الأمر الناقص الساقط في مرتبة سقوط الاهم ففي الحقيقة يكون مرجع الدوران بينهما من قبيل الدوران بين التخصيص والتخصّص اذ كان عدم تأثير المصلحة في الأمر الناقص من باب التخصيص ـ اي في تأثير المصلحة الا في هذا المورد ـ وفي الأمر التام في الرتبة المتأخرة بعد تأثيره اولا في الأمر الناقص من باب التخصّص ـ اي لارتفاع الموضوع بعد تأثيره في الامر الناقص ـ وفي مثله من المعلوم ان المتعيّن هو الثاني من جهة اولوية التخصص من التخصيص.

واما (١) اذا كان احدهما مشروطا بعصيان الآخر فلا يقتضي هذا الأمر طرد الآخر لعدم اقتضاء الأمر المشروط حفظ شرطه كما ان الآخر ايضا لا يطارد هذا الأمر المشروط بعصيانه لانه في مرتبة وجود المشروط منعزل عن التأثير بل لا يكون في هذه المرتبة موجودا لاستحالة اطلاقه مرتبة عصيانه او اطاعته وح فمن قبل هذين الأمرين لا يقع المكلف فيما لا يطاق لعدم اول امره إلى الجمع بين الضدين ولئن شئت قلت بأن كل واحد من الأمرين في اقتضائه وجود المرام لا يزاحم الآخر لان الامر المطلق يقتضي طرد عصيانه الملازم لطرد نفس الامر الآخر لا مقتضاه كما ان الامر المشروط لا يقتضي طرد مقتضي الآخر لانه مشروط بعصيانه ولا يقتضي الأمر المشروط حفظ شرطه كما اشرنا هذا ملخص بيانهم اقول ما افيد في بيان المرام في غاية المتانة ولكن هذا المقدار لا يقتضي طولية الامرين.

______________________________________________________

(١) قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٣٧٤ نعم لو اغمض عن ذلك كان هذا التقريب في نفسه تقريبا نفيسا تاما في اثبات الأمر التام بالمهم وفي رفع المطاردة محذور المطاردة بين الامرين وتوضيح ذلك يحتاج إلى ذكر امور الأول ان النسبة الواقعة في القضايا على ما مر منا غير مرة على ضربين فانه تارة تلاحظ النسبة من حيث خروجها من كتم العدم إلى الوجود واخرى تلاحظ من حيث ثبوتها ووقوعها فارغا عن اصل ايقاعها فهي بالاعتبار الأول تعبر عنها بالنسبة الايقاعية وبالاعتبار الثاني بالنسبة الوقوعية كما ان القضية باعتبار اشتمالها على النسبة الأولى تكون من القضايا التامة الملحوظ فيها ايقاع النسبة بين الموضوع والمحمول او بين المبدا والفاعل كقولك زيد قائم

.................................................................................................

______________________________________________________

وزيد ضرب وباعتبار اشتمالها على النسبة بالمعنى الثاني تكون من القضايا التقييدية والمركبات الناقصة وحيث ان النسبة بالمعنى الأول تكون مقدمة على النسبة بالمعنى الثاني بملاحظة تفرع الثبوت والوقوع دائما على الايقاع كانت القضايا التقييدية التوصيفية باعتبار اشتمالها على النسبة الثابتة الوقوعية في رتبة متأخرة عن القضايا التامة ونتيجة لها ـ اي مثل قولك زيد القائم تجد هذا الكلام قد نسب بظاهره إلى زيد القيام المعلوم عند المخاطب ليتوصل به إلى افادة امر آخر غير نسبة القيام إلى زيد كتعريفه به ولهذا تكون افادة النسبة التامة بنحو الأخبار متقدمة رتبة على النسبة الناقصة التقييدية لان الاخبار بها بعدها للتقييد بها لافادة امر آخر غير نفسها ـ الأمر الثاني لا أشكال في ان مقام عروض الارادة وتأثيرها انما هو مرحلة النسبة الايقاعية حيث انه كان طلب الشيء بعثا نحو الشيء وارسالا للفاعل نحو المبدا بايجاده واخراجه من كتم العدم إلى الوجود لا مرحلة النسبة الثابتة الوقوعية لوضوح ان مثل هذه المرحلة مرحلة وجود المراد الذي هو مرحلة سقوطه فلا يمكن ان يكون ذلك ظرفا لعروض طلبه وثبوته كيف وانه مضافا إلى كونه حينئذ من طلب الحاصل يلزمه كون طلبه في مرتبة وجود مراده وهو كما ترى من المستحيل من جهة استحالة ان يكون للشيء سعة واطلاق يشمل مرتبة وجود معلوله وبالعكس بل بعد ان يكون نسبة الارادة إلى المراد نسبة العلية والمعلولية فقهرا مقتضي تخلل الفاء بينهما هو محدودية كل منهما بحد خاص غير متجاوز عن ذلك الحد فيكون مرتبة الارادة في رتبة قبل الفاء والمراد في رتبة بعد الفاء وفي مثله لا يكاد يكون اقتضاء وتأثيرها الا في مرتبة ذاتها التي هي رتبة قبل الفاء دون مرتبة بعد الفاء التي هي رتبة وجود المراد بل كان مثل هذه الرتبة رتبة سقوطها عن التأثير كما هو واضح الأمر الثالث لا اشكال في ان عنوان الاطاعة انما كان

.................................................................................................

______________________________________________________

منتزعا عن مرتبة وجود المراد والمقتضي بالفتح المتأخر عن رتبة الأمر والإرادة ومثله ايضا عنوان العصيان حيث ان انتزاعه ايضا انما كان عن مرتبة وجود المقتضي بالفتح لانه نقيض للاطاعة فيكون ذلك في رتبة متاخّرة عن الأمر والارادة ولازم ذلك كما عرفت هو عدم شمول الأمر والارادة لمرتبة اطاعته التي هي مرتبة وجود المراد ولا لمرتبة عصيانه من جهة تأخر رتبتيهما عن رتبته ـ اي رتبة الأمر متأخر برتبتين فانه منتزع عن وجود الفعل فتأخر عنه بمرتبة وهو متأخر عنه بمرتبة فيكون متأخرا عنه بمرتبتين ـ ومن ذلك يكون اقتضائه للتأثير دائما في مرتبة قبل العصيان نعم قضية تقارن العلة رمانا مع المعلول انما هو وجود الأمر في زمان الاطاعة والعصيان ولكن مع ذلك كل في رتبة نفسه كما في حركة اليد وحرمة المفتاح حيث انهما مع تقارنهما زمانا يكون كل منهما في رتبة نفسه إحداهما قبل الفاء والاخرى بعده كما هو واضح واذ عرفت ذلك نقول بأن مقتضي اناطة امر المهم بعصيان الأهم قهرا وقوع امره حسب الاناطة المزبورة في رتبة متأخرة عن العصيان المتأخر عن الأمر بالاهم ومعه يرتفع لا محاله محذور المطاردة بين الأمرين حيث انه في مرتبة اقتضاء امر الأهم لا امر بالمهم حتى يزاحم مع الأهم في اقتضائه من جهة ان امره انما كان في رتبة متأخرة عن العصيان الذي هو متأخر عن الأمر بالاهم وفي مرتبة ثبوت الأمر للمهم واقتضائه في التأثير لا وجود للامر الأهم ولا اقتضاء له في التأثير حيث كان مثل هذه المرتبة مرتبة سقوطه عن التأثير دون ثبوته وعليه فما اجتمع الامران في مرتبة واحدة حتى يقع بينهما المطاردة والمزاحمة في مرحلة اقتضائهما في التأثير.

واشتراط أحدهما بعصيان الآخر وتوضيح ذلك بان يقال انه لا شبهة في صولة تساوي المصلحتين في حكم العقل بالتخيير بينهما (١) ومن الواضح ان مرجع التخيير فيهما ليس إلى اشتراط وجوب كل واحد بعصيان الآخر (٢) اذ (٣) لازمه تأخر رتبة كل واحد من الأمرين عن الآخر والعقل يابى عن مثله كما عرفت لزوم هذا المحذور في مقدمية كل واحد من الضدين للآخر (٤) وهو (٥) عمدة الوجه في ابطال التمانع المصطلح بينهما كما (٦) انه ليس مرجعه ايضا إلى اشتراط كل امر بعدم وجود غيره الذي هو في رتبة سابقة عن التكليف اذ (٧) في مثل هذا الاشتراط وان لم يلتزم (٨) المحذور السابق (٩) وليس لازمه ايضا في ظرف عدم الضدين كونه ملزما

______________________________________________________

(١) مولويا اشارة إلى ما تقدم من انه اذا كان الضدان مما لهما ثالث يجب كل واحد منهما تخييرا شرعيا.

(٢) كما هو احد الاحتمالات المتقدمة من تقييد الطلب بعدم المتأخر عن الأمر المنتزع عنه عنوان العصيان الذي هو نقيض الإطاعة.

(٣) اي المحذور على هذا التقدير وهو الشق الثاني المتقدم من تاخر كل منهما عن الآخر برتبتين حسب اناطة كل منهما بعصيان الآخر.

(٤) الذي تقدم لزوم كون الشيء في رتبتين.

(٥) اي لزوم كون الشيء في رتبتين.

(٦) وهو الشق الأول المتقدم من رجوعه إلى تقييد الطلب بعدم الآخر المحفوظ قبل الأمر.

(٧) في بيان رد هذا الاحتمال.

(٨) الصحيح ـ لم يلزم ـ

(٩) من اندفاع محذور المطاردة نظر إلى وقوع تأثير كل منهما في رتبة سقوط الآخر.

بإيجاد الضدين بنحو المطاردة (١) اذ لازم (٢) الاشتراط المزبور خروج جهة الوجود الملازم لسد باب العدم من قبل الشرط عن حيز الايجاب فقهرا يكون الطلب في كل واجب مشروط طلبا ناقصا متوجها إلى بقية جهات الوجود وسد سائد الاعدام غير سد باب واحد ملازم مع شرطه ومن المعلوم انه لا ضير بتعلق مثل هذين الطلبين الناقصين بوجود الضدين لعدم المطاردة بينهما بعد الجزم بان الطلب الناقص في كل مشروط لا يصير تاما بوجود شرطه كما هو ظاهر (٣) بل عمدة الوجه (٤) في منع الاشتراط انه بعد امكان توجه الطلب الناقص إلى سائر الجهات الملازم لتحقق الجهة الملازمة لعدم الآخر من باب الاتفاق لا داعي على تقييد الطلب واناطته بعدم غيره بل يبقى الطلب الناقص على اطلاقه من هذه الجهة ولذا كان المغروس في الأذهان دخول الوجوبات التنجيزية (٥) في الواجبات المطلقة وخروجها عن الواجبات المشروطة.

______________________________________________________

(١) لاعتبار وجود القيد من باب الاتفاق.

(٢) هذا تأييد على القول بالاشتراط بانه يمكن بايجابين ناقصين ويرتفع المطاردة بانه مطلوب ويجب سد باب عدمه في غير مورد الشرط فانه يكون وجوده من باب الاتفاق معتبرا ويكون الامر بالضدين.

(٣) وقد تقدم توضيحه بأمور.

(٤) هو عدم الحاجة إلى اناطة امره بالعصيان وعدم الآخر بل العمدة لرفع المطاردة هو كون الطلبين ناقصا كما عرفت كما هو مقتضى تأثير المصلحة.

(٥) شرائطها اي الواجبات المشروطة الفعلية.

وان روحها يرجع إلى طلب الفعل بنحو يقتضي المنع عن بعض انحاء تروكه قبال الطلب التام المقتضي للمنع عن جميع انحاء تروكه (١) مع اشتراكهما في اطلاق الطلب وعدم اناطته بشيء (٢) كما هو ظاهر وحيث اتضح ذلك (٣) فلنا ان نقول ان الطلب بالنحو المزبور اذا لم يكن بينهما مطاردة لنقص فهما كذلك لم يكن بينهما المطارة المزبورة لو فرض نقص الطلب من طرف واحد ولو لم يشترط الطلب الناقص المزبور بعصيان الآخر او بعدم الضد السابقة على العصيان (٤).

______________________________________________________

(١) كما تقدم مرارا في الواجبات التخييرية من انه تبقى الادلة على ظاهرها في وجوب كل واحد من الفردين او الافراد بخصوصيته غايته انه يرفع اليد عما يقتضيه ظهر والوجوب في كل منهما او منها في الوجوب التام وايجاب حفظ الوجود على الإطلاق بارجاع الوجوب فيهما او فيها إلى ايجابين ناقصين على نحو لا يقتضي كل منهما او كل منها بمقتضى النهي عن النقيض الا المنع عن تركه في حال ترك الآخر فيكون واجبا مطلقا ناقصا لا مشروطا كذلك في الواجبات المشروطة فان حقيقة الواجب المشروط إلى طلب الفعل والارادة الناقصة المتعلقة بالفعل بانه يريد سد عدمه الا من ناحية قيود الموضوع وشرائطه الماخوذة من باب الاتفاق بخلاف الواجب المطلق فانه طلب الفعل والارادة المتعلق على الفعل على نحو الاطلاق بسد باب جميع اعدامه.

(٢) أي اشتراك الواجب المطلق مع المشروط في اصل الطلب والارادة وانما يكون في الاول تاما وفي المشروط ناقصا سد باب عدمه الا من ناحية الشرائط.

(٣) من الارادة الناقصة لكل من الضدين في المتساويين.

(٤) وكذا في الأهم والمهم يجعل الأمر بالهم امرا ناقصا غير تام والامر

.................................................................................................

______________________________________________________

بالاهم تام كما تقدم بيانه مفصلا ونقل المحقق النّائينيّ في الأجود ج ١ ص ٣٠٠ اسناد صحة الخطاب الترتبي إلى السيد المحقق العلامة الشيرازي قدس‌سره بتقريب انه وان كان يستلزم طلب الجمع إلّا انه لا محذور فيه لتمكن المكلف من التخلص عنه بتركه العصيان. واشار إلى ذلك في الكفاية ج ١ ص ٢١٣ بقوله لا يقال نعم ـ اي سلمنا ثبوت الامر بالضدين ـ ولكنه بسوء اختيار المكلف حيث يعصى فيما بعد بالاختيار فلولاه لما كان متوجها اليه الا الطلب بالاهم ولا برهان على امتناع الاجتماع اذا كان بسوء الاختيار. واجاب عنه المحقق النّائينيّ في الأجود ج ١ ص ٣٠٠ ان اسناد ـ اي المزبور ـ ليس مطابقا للواقع بل يستحيل صدور ذلك منه ولعله قدس‌سره قد تفرض في ضمن بحث الترتب لكون العصيان امرا اختياريا لمناسبة مقتضية له فتوهم المتوهم انه قدس‌سره اراد بذلك تصحيح الخطاب الترتبي وبالجملة القائل بالترتب انما يقول به لانه يرى انه لا يستلزم طلب الجمع لا انه يقول بجواز طلب الجمع بين الضدين فيما اذا كان موضوع احد الطلبين تحت اختيار المكلف وقدرته فعصيان خطاب الاهم وان كان اختياريا إلّا انه لا يصحح التكليف بأمر غير مقدور لان استحالة طلب المحال ولو كان مشروطا بامر اختياري كادت ان تكون من البديهيات. ونعم ما قال واجاب عنه صاحب الكفاية أيضا ج ١ ص ٢١٧ فانه يقال استحالة طلب الضدين ليست إلّا لأجل استحالة طلب المحال ـ اي الطلب الحقيقي انما يكون بداعي البعث إلى متعلقة ويمتنع ثبوت الداعي إلى المحال ـ واستحالة طلبه ـ أي المحال ـ من الحكيم الملتفت إلى محاليته لا تختص بحال دون حال ـ اي محاليته من جهة كون مثل هذا الطلب لغو او لو كان سببه سوء اختيار المكلف واللغو من الحكيم مستحيل ـ وإلّا ـ اي وان كان جائزا من المولى الحكيم طلب الضدين في حال سوء الاختيار ـ يصح فيما علق على امر اختياري في عرض واحد ـ اي كما يقول اذا ضربت زيدا فقم وقعد في ان واحد ولا ريب في امتناعه ـ بلا حاجة في تصحيحه إلى الترتب مع انه محال بلا ريب ولا إشكال.

فان قلت كيف لم يكن ح المطاردة بينهما مع ان الطلب التام في الطرف الآخر يطرد الأمر الناقص بمقتضاه وان لم يكن الامر الناقض يطرد الامر التام لأن مقتضاه حفظ الوجود من سائر الجهات غير ما يلازم وجود غيره (١) قلت (٢) بعد ما اعترفت ان مقتضى الطلب

______________________________________________________

(١) هذا ما أفاده في الكفاية ج ١ ص ٢١٣ قلت ما هو ملاك استحالة طلب الضدين في عرض واحد ـ اي المنافرة والمطاردة ـ آت في طلبهما كذلك فانه وان لم يكن في مرتبة طلب الأهم اجتماع طلبهما إلّا أنه كان في مرتبة الامر بغيره اجتماعهما بداهة فعليّة الامر بالاهم في هذه المرتبة وعدم سقوطه بعد بمجرّد المعصية فيما بعد ما لم يعص او العزم عليها مع فعلية الامر بغيره ايضا التحقق ما هو شرط فعليته فرضا.

(٢) فقد اجاب عنه المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٣٧٥ بقوله فمدفوع بما عرفت في المقدمة الثالثة من استحالة ان يكون لكل امر إطلاق وسعة يشمل مرتبة اطاعة نفسه وعصيانه كيف وانه اذ فرض انه لا يكون الامر بالمهم في مرتبة الامر بالاهم لكونه في رتبة متأخرة عن العصيان المتأخر عن الأمر بالاهم فكيف يمكن ان يكون الأمر بالأهم في مرتبة الأمر بالمهم كما عرفت نظيره في مثل حركة اليد والمفتاح حيث انهما مع كونهما متقارنتين زمانا متفاوتتان بحسب المرتبة بحيث يتخلل بينهما الفاء في قولك وجدت فوجدت وعليه فلا يبقى في البين إلّا مجرد مقارنة الامرين زمانا واجتماعهما في زمان واحد ولكنه بعد اختلافهما بحسب الرتبة وكون المدار في التأثير على الرتبة لا الزمان كما في كلية العلل والمعلولات لا يكاد يضر حيث اجتماع طلبهما بحسب الزمان اذ كان اقتضاء كل واحد من الأمرين وتأثيره حينئذ في مرتبة نفسه فكان تأثير الأمر الأهم في رتبة قبل العصيان وتاثير المهم في رتبة بعد العصيان. وبمثل ذلك ذكر المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٣٣ لا يخفى ان الضدين لا يخرجان بسبب الترتب عن المنافرة إلى الملاءمة بتوهم ان المهم مطلوب في

.................................................................................................

______________________________________________________

ظرف ترك الاهم بل يستحيل اجتماعهما بسبب الترتب وان كانا في نفسهما ممكن الجمع كالقراءة والدخول في المسجد بداهة استحالة الجمع بين الدخول والقراءة في ظرف عدم الدخول بل العرض ان الامرين بسبب ترتب احدهما على عصيان الآخر لا تنافي بين اقتضائهما ولا مطاردة بينهما فلا منافات بين منافاة المتعلقين ذاتا او عرضا وعدم المنافاة بين الامرين اقتضاء. وبالجملة حتّى لو كان البناء على المعصية شرطا في ثبوت الامر بالمهم أيضا يرتفع المطاردة فانه لو كان حدوث البناء على المعصية شرطا في ثبوت الامر بالمهم إلى الابد وان ارتفع البناء وعزم على موافقة الامر بالاهم كان التزاحم بينهما في محله لانه بحدوث البناء على المعصية يثبت الامر بالمهم مطلقا ويكون موجبا لصرف القدرة إليه من الاهم وهو خلاف مقتضى الامر بالاهم لكنه خلف اذ المفروض ان الامر بالمهم منوط بالبناء على معصية الامر بالاهم حدوثا وبقاء ذكر استادنا الآملي في المنتهى ص ٥٦ ان قلت ان زمان الامر بالمهم وان اتحد مع زمان عصيان امر الاهم إلّا ان عصيان امر الاهم لما كان علة لسقوطه وشرطا لفعلية امر المهم كان ذلك موجبا لفعلية حين سقوط امر الاهم فلم يلزم من ذلك اجتماعهما في وقت واحد بل عند نهاية وجود امر الاهم يحدث الامر بالمهم قلت ليس العصيان علة لسقوط الامر وإلّا لزم ان يكون عدم المعلول علة لعدم علة لان الامر واقع في سلسلة علل وجود المامور به بل العصيان كاشف عن انتفاء اقتضاء مقتضى الامر فيكون سقوط الامر بانتفاء مقتضية ومن الواضح ان امد الامر واقتضاء مقتضيه انما ينتهي بعد تحقق العصيان في الخارج لا حين العصيان وعليه فلا محاله يكون الامر المهم حين العصيان حادثا والامر بالاهم غير ساقط فيجتمعان معا في الفعلية في زمان واحد فاتضح من جميع ما تقدم انه لا مانع من الامر بالضدين بنحو القضية الحينية سواء كانا متساويين ام كان احدهما اهم من الآخر ولا موجب لاشتراط الامر باحدهما بعدم الآخر ليكون الأمر باحدهما في طول الآخر ويستلزم الدور فيما اذا كان

.................................................................................................

______________________________________________________

الاشتراط من الطرفين ولو اغمضنا عن ذلك وقلنا بصحة الاشتراط لأمكن القول بالامر بالضدين في آن واحد بحيث يكون الامر بالمهم في طول الاهم من دون ان يستلزم ذلك طلب الجمع كما عرفت تفصيل ذلك. ولعل قلت ان المتقدم هو الذي ذكره المحقق النّائينيّ في الأجود ج ١ ص ٣٠٦ ان الخطاب وان كانا فعليين حال العصيان معا إلّا ان اختلافهما في الرتبة اوجب عدم لزوم طلب الجمع من فعليتهما لما عرفت من ان الأمر بالاهم انما يقتضي هدم موضوع الأمر بالمهم واما هو فلا يقتضي وضع موضوعه وانما يقتضي شيء آخر على تقدير وجوده وما لم يكن هناك اتحاد في الرتبة يستحيل ان تقتضي فعلية الخطابين طلب الجمع بين متعلقيهما ومن هنا يظهر ان ما افاده الشيخ الكبير كاشف الغطاء قدس‌سره من ان الامر بالمهم مشروط بالعزم على عصيان الامر بالاهم غير صحيح فانه عليه لا يكون الامر بالاهم رافعا لموضوع الامر بالمهم وهادما له تشريعا فان الامر بالاهم انما يقتضي عدم عصيانه لا عدم العزم على عصيانه واما السر في تعبيرنا بكون العصيان شرطا دون نفس الترك فهو ان مجرد الترك حاصل عند الجهل به ايضا والكلام في باب التزاحم انما هو في فرض العلم بخطاب الاهم وتنجيزه فالتعبير يكون العصيان شرطا اولى.

واورد عليه استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٠٦ لا يذهب عليك ان متعلق الوجوب اذا كان هي الحصة الاختيارية من الفعل كما هو المختار لشيخنا الاستاد قدس‌سره فالامر بالاهم كما يقتضي هدم تقدير عصيانه كذلك يقتضي هدم تقدير العزم على عصيانه فيستحيل وقوع المهم على صفة المطلوبية الا في فرض عدم وقوع الاهم عليها فملاك جواز الترتب على تقدير اشتراط خطاب المهم بعصيان خطاب الاهم موجود بعينه على تقدير اشتراطه بالعزم على عصيان خطاب الاهم ايضا هذا في غير العبادات واما فيها فكون اشتراط خطاب المهم بالعزم على عصيان خطاب الاهم في حكم الاشتراط بنفس العصيان من الوضوح بمكان لا حاجة معه إلى البيان. وتقدم الحق في الجواب.

الناقص حفظ سائر الجهات في طرف انسداد الباب الملازم لوجود الضد كيف يقتضي الطلب التام طرد هذا المقتضي اذ نتيجة طرده منع انسداد تلك الجهة وفي ظرفه لا اقتضاء للطلب الناقص فاين المطاردة ولو من طرف واحد فضلا عن الطرفين وبعد ما اتضح ذلك (١) نقول ان اللازم بحكم العقل رفع اليد عن ظهور الامر في التمامية اذ هو المتيقن في البين سواء قلنا باشتراط الامر بعصيان ام لا فيبقى جهة ظهور الطلب في عدم اناطته بشيء تحت الإطلاق ولازمه عدم طولية الطلب بالضدين بل كل منهما مطلوب في عرض مطلوبيّة الآخر غاية الأمر مع تساوى المصلحتين كل واحد منهما ناقص قاصر عن اقتضاء سد باب جميع الاعدام ومع أهمّية المصلحة في احد الطرفين كان الطلب في الاهم تاما وفي المهم ناقصا بلا لزوم الالتزام بشرطية العصيان في امر المهم او شرطية غيره كي يوجب ذلك طولية الامرين كما يفصح عن مثله عنوان الترتب في كلماتهم فتدبر في المقام فانه من مزال الأقدام.

______________________________________________________

(١) وملخص ذلك انه اذا دار الامر بين رفع اليد عن احدهما من رأس او عن ظهوره في التمامية فالقدر المتيقن من ارتكاب خلاف الظاهر هو ارتكاب الثاني فان كانت المصلحتان متساويتين فلكل منهما ارادة ناقصة وان كان لاحدهما مزية فلذى المزية ارادة تامة والآخر ارادة ناقصة من دون لزوم ترتب وطولية بين الامرين بان يكون مشروطا بعصيان الآخر هذا وذكر استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣٥٠ ولتتميم البيان نقول بمقالة تكون كالصلح بين منكرى الترتب ومثبتيه وهو ان الفعلية تنفك عن الفاعلية في الخطابات ألا ترى ان الخطاب بالنسبة إلى الناسي والنائم فعلى ولا يكون له فاعلية والفعلية تارة

.................................................................................................

______________________________________________________

تكون مشروطة بشروط واخرى لا تكون كذلك فان الواجب المشروط على التحقيق وجوبه فعلى وفي المقام يكون المهم كالواجب المشروط بالعصيان او الترك والاهم يكون وجوبه مطلقا ففي ظرف العصيان الاهم كلاهما فعليان لان التكليف لا يسقط بالعصيان عن الفعلية والمراد بالعصيان هو البناء على ان يكون تاركا للاهم مع وحدة زمان المهم والاهم وعدم القدرة على الاجتماع لا مضي زمان الاهم لئلا يبقى زمان لامتثال المهم ايضا. ولكن ليس للاهم ح فاعلية وفي ظرف اتيان المهم يكون للاهم فعلية وامكان داعويته الى متعلقة بحاله والامتناع يكون بالغير وهو العصيان فلو لا عصيان اتيان الاهم لا مانع من داعويته وخطاب المهم ايضا يكون في ظرف عصيان الاهم وهو حاصل فعلا ولا يكون الامتناع بالغير بالنسبة إليه والمحرك حاصل ثم انه ينبغي التنبيه على مواضع الموضع الاول نقل المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٢٨٧ في كلام له ومن الغريب ان العلامة الانصاري مع انكاره الترتب وبنائه على سقوط اصل خطاب المهم دون اطلاقه ذهب في تعارض الخبرين بناء على السببية إلى سقوط اطلاق وجوب العمل على طبق كل من الخبرين ببيان ان محذور التزاحم يرتفع عند سقوط الاطلاقين فيكون وجوب العمل بكل منهما مشروطا بعدم العمل على طبق الآخر وهذا التقييد والاشتراط انما نشا من اعتبار القدرة في فعلية التكليف وحاصل ما ذكره قدس‌سره يرجع إلى الالتزام بخطابين مترتب كل منهما على عدم امتثال الآخر فليت شعري لو امتنع ترتب احد الخطابين على عدم امتثال الآخر كما فيما نحن فيه لاستلزمه طلب الجمع بين الضدين كما توهم فهل ضم ترتب إلى مثله يوجب ارتفاع المحذور. قال الشيخ الاعظم الانصارى في الرسائل ج ٢ ص ٣٤٧ ان الحكم بوجوب الاخذ باحد المتعارضين في الجملة وعدم تساقطهما ليس لاجل شمول العموم اللفظى لاحدهما على البدل من حيث

.................................................................................................

______________________________________________________

هذا المفهوم المنتزع لان ذلك غير ممكن كما تقدم وجهه في بيان الشبهة لكن لما كان امتثال التكليف بالعمل بكل منها كسائر التكاليف الشرعية والعرفية مشروطا بالقدرة والمفروض ان كلا منهما مقدور في حال ترك الآخر وغير مقدور مع ايجاد الآخر فكل منهما مع ترك الآخر مقدور يحرم تركه ويتعين فعله ومع ايجاد الآخر يجوز تركه ولا يعاقب عليه فوجوب الاخذ باحدها نتيجه ادلة وجوب الامتثال والعمل بكل منها ما بعد تقييد وجوب الامتثال بالقدرة وهذا مما يحكم به بديهة العقل كما في كل واجبين اجتمعا على المكلف ولا مانع من تعيين كل منهما على المكلف بمقتض دليله الا تعيين الآخر عليه كذلك والسر في ذلك انا لو حكمنا بسقوط كليهما مع امكان احدهما على البدل لم يكن وجوب كل واحد منهما ثابتا بمجرد الامكان ولزم كون وجوب كل منهما مشروطا بعدم انضمامه مع وجود الآخر وهذا خلاف ما فرضنا من عدم تقييد كل منهما في مقام الامتثال بازيد من الامكان. واورد عليه القائد الخمينى في التهذيب ج ١ ص ٢٤٩ وانت خبير بانه اجنبي عن الترتب فضلا عن الترتبين اللذين يحكم العقل بامتناعهما للزوم تقدم الشيء على نفسه اذا الترتب باعتبار انه عبارة عن تقييد امر المهم بعصيان الاهم تقييد في مقام التكليف وعلاج في مقام الامر ولكن التقييد بعدم الاتيان علاج في مقام الامتثال والاطاعة بمعنى حكم العقل بصرف القدرة في واحد منهما على القول بالسببية وهو تصرف في مقام الامتثال بلا تصرف في نفس الادلة كما عرفت تفضيله منا والتقييد في هذا المقام لحكم عقلي ليس للشارع تصرف فيه وتعبد بالنسبة إليه واين هذا من الترتب المتقوم باشتراط التكليف بعصيان الآخر في مقام الجعل اضف إلى ذلك انا سلمنا كون كلامه ناظرا إلى التصرف في نفس الادلة إلّا أن الترتب متقوم باشتراط التكليف بعصيان الآخر وما ذكره الشيخ الاعظم متقوم بتقييد كل واحد من الدليلين بعدم

.................................................................................................

______________________________________________________

اتيان الآخر وكم فرق بينهما لان الاول مناط الترتب لان الامر المتعلق بالمهم يتأخر عن شرطه وهو يتأخر عن نفس الامر المتعلق بالاهم والثاني مناط التحييز ونتيجته كما لا يخفى والعجب انه خلط بينهما. ولكن فيه ان ما ذكره اخيرا يرده ما صرح المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢٨١ ان الفعلين المتضادين اذا كان التكليف بكل منهما او بخصوص احدهما مشروطا بعدم الاتيان بمتعلق الآخر فلا محالة يكون التكليفان المتعلقان بهما طوليين لا عرضيين ـ إلى ان قال ـ واما اذا فرضنا اشتراط احدهما بعدم الاتيان بمتعلق الآخر لم يعقل ان تكون نتيجة الطلبين طلب الجمع بين المتعلقين. فموضوع الترتب عنده عدم الاتيان ولا يخص بالعصيان وان كان من بعض عبارته المتقدمة يظهر مقيدا بالعصيان ـ ولكن ذكر استادنا البجنوردي في المنتهى ج ١ ٣٣٢ ولكن الأنصاف ان هذا التعجب لا وجه له لان الخطابين المتعلقين بالضدين او بما لا يمكن ان يجمع المكلف بينهما فان كانا مطلقين فلا شبهة في انهما تكليف بالمحال وان كانا مقيدين اي كان كل واحد منهما مقيدا بعدم العمل بالآخر فليس طلبا للمحال ولا وجه لان يتوهم ذلك وما توهم احد بمثل ذلك والحاصل انه مع التقييد من الطرفين لا وجه لاحتمال عدم الإمكان وانما الكلام في الشق الثالث وهو ان يكون احد الخطابين وهو الخطابين المتعلق بالاهم مطلقا والآخر اي الخطاب المتعلق بالمهم مثلا مشروطا وانه هل هو من قبيل القسم الاول كي يكون محالا او يكون من قبيل القسم الثاني حتى يكون ممكنا وعلى اي حال فقياس القسم الثالث بالقسم الثاني لا وجه له لان امكانه واضح لا يحتاج إلى ترتيب مقدمات بخلاف القسم الثالث فانه على فرض صحته وامكانه اثباته يحتاج إلى هذه المقدمات الطولية العريضة فلو وجد خلل في كلها بل في بعضها لم يمكن اثباته لا سقوط اصل الخطابين وحدوث خطاب تخييري جديد

.................................................................................................

______________________________________________________

مما يؤيد صحة الترتب بل يكون من جملة مقدمات اثباته لا ان صرف هذا يكفي فانه لا بد من ضم سائر المقدمات إليه حتى ينتج المجموع هذه النتيجة. ولكن تقدم مرارا وذكر استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣٤٨ ان الكلام ليس في التقدم الرتبي وفي مقام الذات فقط بل لو امكن اجتماع الاهم والمهم في ظرف الامتثال في زمان واحد ايضا يقال بعدم القدرة على الاتيان لطولية الملاك فان الكلام ليس في ان الاتحاد في الرتبة يكون او لا وكذلك الاتحاد في الزمان بل الكلام في ان الامر بالاهم يكون مطلقا بحيث يقول يسد جميع انحاء عدمه حتى من جهة الصلاة والامر بالمهم يكون معلقا بمعنى انه يبعث إلى سد جميع انحاء عدمه الا من ناحية الاهم بمعنى انه ما دام وجود الاهم لا يكون الامر بالمهم اصلا فكيف يمكن ان يقال بسقوط امر الاهم. اي عند العصيان بل ينتهى امده فكيف يمكن ان يكون كل منهما في طول الآخر لانه مقيد بعدم الآخر ويلزم ان يكون كل منهما فعليا عند عدمها فيلزم المطاردة كما تقدم فتقييد كل منهما بعدم الآخر وتقييد احدهما بعدم الآخر متساويا في الاشكال والجواب الموضع الثاني قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢١٨ ثم انه لا اظن ان يلتزم القائل بالترتب بما هو لازمه من الاستحقاق في صورة مخالفة الامرين لعقوبتين ضرورة قبح العقاب على ما لا يقدر عليه العبد ولذا كان سيدنا الاستاد قدس‌سره ـ اي الشيرازي ـ لا يلتزم به على ما هو عليه وكنا نورد به على الترتب وكان بصدد تصحيحه.

وعليه فلا مناص من الالتزام بعدم تعدد العقاب وان تارك الاهم والمهم يستحق عقابا واحدا وهو العقاب على ترك الاهم دون ترك المهم وهو يلازم انكار الترتب وعدم تعلق امر مولوي الزامي بالمهم وذكر الايراد المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٠٧ وتوضيح ذلك ذكر استادنا الآملي في المنتهى ص ٦٢ انه قد يورد على القول بالترتب انه يستلزم القول باحد امرين لا قائل بشيء منهما لانه

.................................................................................................

______________________________________________________

على فرض عصيان كلا الامرين اما ان يقول باستحقاق العاصي لعقابين مثلا وهو خلاف العدل اذ لم يكن المكلف في ذلك الزمان الذي عصى فيه قادرا على اكثر من طاعة واحدة بفعل واحد ولا ينوب عن الاطاعة الواحدة ويحل محلها الا عصيان واحد يستحق به العاصي عقابا واحدا واما ان يقول باستحقاقه لعقاب واحد ـ اي على ترك الاهم ـ وهو خلاف بناء العقلاء في التكليف الالزامي اذ لا يقرر احد منهم تكليفا الزاميا على من له الزامه بغير الوعيد بالعقاب على فرض عصيانه فضلا عمن يقول باللطف في حقه تعالى ومن اظهر موارد اللطف جعل الثواب والعقاب على اطاعة التكليف وعصيانه هذا كله اذا كان كلا التكليفين مورد الترتب مولويا واما اذا فرض ان الامر بالمهم يكون ارشاديا ليتمحض جعل العقاب على عصيان امر الاهم فهو خلاف مبنى القول بالترتب لان موضوع الترتب هو التكليفان المولويان اذ لا ريب في ان منكر صحة الترتب لا ينكر وجود المصلحة الملزمة في المهم لو لا مزاحمة الاهم منه ولا ينكر ان العقل يرشده إلى فعل المهم حين عصيانه امر الاهم. واجاب عنه المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٠٨ بقوله قلت لا مناص للقائل بصحة الترتب من اختيار الشق الاول وتوهم استلزام تعدد العقاب لكون العقاب على غير المقدور يندفع اولا بالنقض بموارد الاوامر الكفائية التي لا يمكن صدور الواجب فيها الا من بعض المكلفين على البدل مع ان جميع المخاطبين يستحقون العقاب على مخالفته فكما ان استحالة صدور الواجب عن جميع المخاطبين دفعة واحدة لفرض امتناع الواجب بطبعه عن الاشتراك فيه وتدريجا لفرض سقوط الامر بامتثال بعض المكلفين وعدم بقاء الموضوع لامتثال الباقين لا تنافي توجه الخطاب إلى الجميع وصحة عقابهم على تقدير العصيان كذلك الحال في المقام فلو كان تعدد العقاب عند تعدد العصيان مع عدم امكان ازيد من الاطاعة

.................................................................................................

______________________________________________________

الواحدة مستلزما لان يكون العقاب على غير المقدور لامتنع تعدد العقاب في التكاليف الكفائية ايضا وثانيا بالحل وهو ان العقاب ليس على ترك الجمع بين الواجبين في مقام الامتثال ليقال انه عقاب على غير المقدور ضرورة ان الطلب لم يتعلق الا بذات كل من الواجبين فكيف يعقل ان يعاقب على ترك الجمع بينهما الذي لم يطالب به المكلف أصلا بل العقاب انما هو على الجمع في الترك بمعنى انه يعاقب على ترك كل منهما في حال ترك الآخر ولا ريب في ان ترك كل من الواجبين حال ترك الآخر مقدور للمكلف فيعاقب عليه فالعقاب في الحقيقة على الجمع بين العصيانين لا على ترك الجمع بين الامتثالين والفرق بينهما في غاية الوضوح وهكذا الحال في الواجبات الكفائية فان العقاب هناك على العصيان كل واحد منهم حال عصيان الباقين ولا ريب في انه مقدور للمكلف فلا مانع من العقاب عليه هذا مضافا إلى انه لا يلزم في جواز تعدد العقاب ان يكون الجمع بين العصيانين مقدور للمكلف بل يكفي فيه كون كل من العصيانين في حد نفسه ومع قطع النظر عن عصيان الآخر مقدورا ولا ريب في ان الخطابين المتوجهين إلى مكلف واحد بنحو الترتب ليسا خطابا متعلقا بالجمع بين متعلقيهما كي يقابل عصيان المجموع بطاعته فيكون عدم القدرة على امتثالهما معا موجها لكون العقاب على تركهما عقابا على غير المقدور بل ان كل واحد من الخطابين أجنبي عن الآخر والمكلف قادر على امتثاله في ظرف تعلقه به فيوجب عصيانه استخفاف العقاب عليه. وذكر الجواب الاول استادنا الآملي في المنتهى ص ٦٣ بقوله ويمكن ان يجاب عن ذلك بانه يمكن القائل بالترتب ان يلتزم بوحدة العقاب وتعدده بلا ان يستلزم ذلك شيئا من المحاذير المزبورة اما تعدد العقاب فلتعدد التكليف وان كلا من التكليفين في نفسه مقدور على امتثاله في ذلك الزمان الواحد وانما الممتنع هو الجمع بينهما فيه وهو امر لم

.................................................................................................

______________________________________________________

يتعلق به التكليف فاذا عصى المكلف كلا من الخطابين فقد عصى تكليفا يقدر على امتثاله فيستحق عقابه المقرر على فرض عصيانه واما وحدته فلان جعل العقاب على فرض عصيان التكليف انما هو من باب اللطف ليكون التصديق به داعيا للمكلف إلى امتثال التكليف ولا ريب في ان المولى الحكيم لا يكلف العبد الا بعمل واحد في الزمان الذي لا يسع اكثر منه وعليه لا يبقى داع للمولى إلى جعل عقابين على فرض عصيان كل من التكليفين اللذين لا يسع الوقت إلّا الاتيان بمتعلق احدهما لفرض ان المولى لا يريد من المكلف الا فعل احدهما بالنحو الذي قرره للعبد من الترتيب في الإطاعة وكون المكلف قادرا على امتثال كل من التكليفين في نفسه لا يصحح جعل العقاب على عصيان كل منهما مع كون المولى لا يريد إلّا الاتيان بمتعلق احدهما في الوقت الذي لا يسع اكثر منه لكون التصديق به لا يكون داعيا إلى الاتيان بمتعلق كل من التكليفين لاستحال ذلك فيكون جعل العقاب كذلك لغوا كما لا يخفى ووحدة العقاب في المقام الاول لا تنافي كون كل من التكليفين المترتبين تكليفا مولويا وقد يقيس القائل بتعدد العقاب ما ذهب إليه من التعدد على تعدد العقاب بعصيان المكلفين للواجب الكفائي الذي لا يمكن امتثاله الا لاحدهم مثل دفن الميت فكما يستحق كل واحد منهم عقابا على حدة لعصيانه ذلك التكليف الذي كان يقدر على امتثاله بنفسه وان لم يمكن اجتماعه مع غيره فيه كذلك المكلف الواحد الذي عصى كلا التكليفين المترتبين اللذين كان يقدر على امتثال كل منهما في نفسه. ولعله يشير إلى ما تقدم عن المحقق النائيني وما افاده استادنا الخوئي في المحاضرات ج ٣ ص ١٤٣ ومن ذلك يستبين ان الالتزام بجواز الترتب يستلزم الالتزام بجواز تعدد العقاب ولا يلزم من الالتزام به الترتب كون العقاب عند مخالفة الامرين من العقاب على امر مستحيل ضرورة ان معنى مكان الترتب

.................................................................................................

______________________________________________________

هو جواز تعلق الامر بالاهم على وجه الاطلاق وبالمهم مقيدا بعصيان الاهم لفرض انهما على هذا النحو مقدور للمكلف فاذا كانا مقدورين فلا محالة يستحق عقابين على تركهما في الخارج وعصيان الامرين المتعلقين بهما ولا يكون ذلك من العقاب على المحال فان المحال وما لا يقدر عليه المكلف انما هو الجمع بين الضدين في الخارج لا الجمع بين تركيهما على نحو الترتب فانه بمكان من الوضوح بداهة ان الانسان قادر على ترك القيام مثلا عند تركه الجلوس او بالعكس وما لا يتمكن منه ولا يقدر عليه انما هو الجمع بين فعليهما خارجا فلا يقدر على ايجاد القيام عند وجود الجلوس ـ إلى ان قال ـ فان تعدد العقاب فيما نحن فيه نظير تعدده في الواجبات الكفائية فان صدور واجب واحد من جميع المكلفين وان كان مستحيلا إلّا ان تركه عند ترك الباقين مقدور له فلا مانع من العقاب عليه بل يمكن ان يقال ان تعدد العقاب في صورة مخالفة المكلف وتركه الواجب الاهم والمهم معا من المرتكزات في الاذهان مثلا اذا فرض وقوع المزاحمة بين صلاة الفريضة في آخر الوقت وصلاة الآيات بحيث لو اشتغل المكلف بصلاة الآيات لفاتته فريضة الوقت فعندئذ لو عصى المكلف الامر بالصلاة ولم يات بها فلا محالة يدور امره بين ان ياتي بصلاة الآيات وان يتركها ومن الواضح جدا انه اذا تركها في هذا الحال فتشهد المرتكزات العرفية على انه يستحق العقوبة عليه ايضا فان المانع بنظرهم عن الاتيان بها هو الاتيان بفريضة الوقت واما اذا ترك الفريضة فلا يجوز له ان يشتغل بفعل آخر ويترك الآيات وبذلك نستكشف امكان الترتب وإلّا لم يكن هذا المعنى مرتكزا في اذهانهم. واورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ٦٤ وفيه انا لو سلمنا صحة القياس لما سلمنا ثبوت المقيس عليه فانا نمنع تعدد العقاب بتعدد المكلفين الذين عصوا في الواجب الكفائي المزبور بل نقول باستحقاق جميعهم

.................................................................................................

______________________________________________________

عقابا واحدا يشتركون فيه اشتراكا يوجب تحصصهم وانقسامه عليهم ومما يوهن القول بتعدد العقاب عدم قولهم به في الضدين المتساويين في الاهمية الموجبة لوجوب كل منهما على فرض ترك الآخر فانهم في مثل الفرض المزبور لا يقولون باستحقاق تارك كلا الضدين الا لعقاب واحد مع ان ملاك استحقاق العقابين في ترك الواجبين المترتبين موجود بنفسه في ترك الواجبين المتساويين ومما يوهن القول بتعدد العقاب ايضا استلزامه لاستحقاق المكلف في بعض الاحوال لعقوبات كثيرة كما اذا كانت الواجبات المترتبة في الاهمية كثيرة وذلك بعيد جدا ومع هذا قد استقر رأي شيخنا الاستاد قدس‌سره ـ اي المحقق العراقي ـ على استحقاق عاصي كلا الخطابين المترتبين لعقابين لتفويته لمصلحتين ملزمتين كان المولى بصدد تحصيلهما ولا ربط للعقاب بنفس امتثال التكليف ليقال ان المكلف لا يقدر في الوقت الواحد الاعلى امتثال تكليف واحد فلا موجب لاستحقاق عقابين بل المولى يعاقب عبده على تفويته المصلحة التي صار بصدد تحصيلها بالتكليف وعلى الفرض انه قد فوت عليه مصلحتين توخى تحصيلهما بتكليفين مترتبين فاستحق على تفويتهما عقابين. والحق مع المحقق العراقي في استحقاق عقابين لمكان تفويت المصلحة متعددا ولا وجه للمبعدات التي ذكره الاستاد كما ان الحق مع المحقق النائيني استادنا الخوئي من ان الكل معاقبا على ترك الواجب الكفائي لان كل واحد ترك الواجب كما هو واضح واورد على المحقق النائيني استادنا البجنوردي في المنتهى ج ١ ص ٣٥١ مع توجيه آخر قال ولكنه عجيب لانه بالنسبة إلى جميع الاوامر المتعلقة بالاضداد عرضا ايضا يمكن امتثال كل واحد منها في حد نفسه ومع قطع النظر عن سائر التكاليف فهل يرضى احد بأن يقول بجواز تعدد العقاب على ترك الاوامر المتعلقة بالاضداد عرضا وعدم قبحه فالاحسن ان

.................................................................................................

______________________________________________________

يقال حيث ان المطلوب بهذين الامرين على هذا الشكل ليس هو الجمع بين متعلقيهما بل كما ذكرنا قضية منفصلة مانعة الجمع بانه اما اهدم موضوع المهم او امتثله فلا يحتاج في استحقاق العقاب إلى امكان امتثال الجمع بين المتعلقين لان الجمع ليس مطلوبا لا بعنوان الجمع ولا من باب كونه لازم اجتماع الامرين المتعلقين بالضدين في زمان واحد كما في الامرين العرضيين حيث ان لازمهما هو الجمع بين المتعلقين في عالم الامتثال وبعبارة اخرى لو القى إلى المكلف مثل هذه القضية المنفصلة المانعة الجمع لا مانع لديه من امتثال مثل هذه القضية لان الامر لم يطلب الجمع حتى يكون محالا وتكليفا بما لا يطاق فالعقاب على مخالفة مثل هذين التكليفين ولو كان متعلقا بضدين لا مانع منه واعجب من ذلك ان شيخنا الاستاد افاد بانه على فرض تسليم ان العقاب على الجمع لا على عصيان كل واحد منهما في حد نفسه لا بد ان يكون العقاب على الجمع في الترك لا على الجمع في الفعل لان الجمع في الفعل لا عقاب عليه فعدم امكان الجمع في الفعل لا اثر له وما له الاثر هو الجمع في الترك وهو ممكن وذلك من جهة ان الاشكال في ان حقيقة العصيان عبارة عن عدم امتثال امر فيما اذا كان امتثاله ممكنا وإلّا يلزم كون العقاب على ترك ما يكون عاجزا عن فعله وهو قبيح فالمدعي يقول حيث ان امتثال كلا الامرين لا يمكن لانهما ضدين فالعقاب على تركهما قبيح ولا يمكن الجواب عنهما إلّا بما ذكرنا. وتقدم الكلام فيه.

الموضع الثالث قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٢٠ ثم لا يخفى انه بناء على امكان الترتب وصحته لا بد من الالتزام بوقوعه من دون انتظار دليل آخر عليه وذلك لوضوح ان المزاحمة على صحة الترتب لا تقتضي عقلا الا امتناع الاجتماع في عرض واحد لا كذلك ـ اي لا بنحو ترتب الامر بالمهم على عصيان الامر

.................................................................................................

______________________________________________________

بالاهم والذي يكون محالا هو ما كان وقوع الامرين في عرض واحد لا ما كان على نحو الترتب ـ فلو قيل بلزوم الامر في صحة العبادة ولم يكن في الملاك كفاية كانت العبادة مع ترك الاهم صحيحة لثبوت الامر بها في هذا الحال ـ اي حال ترك الاهم ـ كما اذا لم تكن هناك مضادة.

وقال استادنا الآملي في المنتهى ص ٦٥ اثبات الترتب بين الخطابين المتزاحمين هل يفتقر إلى دليل مستقل خاص به او يكفى في اثباته ووقوعه نفس اطلاق دليلي الخطابين المتزاحمين الحق هو الثاني اما على المختار فواضح اذ قد عرفت ان الجمع العرفي بين الخطابين المتزاحمين يقتضي ان يكون كل منهما ملحوظا بنحو القضية الحينية فيما اذا كانا متساويين أو يكون المهم منهما ملحوظا بنحو القضيّة الحينية فيما اذا كان احدهما اهم من الآخر وعليه يكون التكليف الترتبي مستفادا من نفس اطلاق الدليلين المتزاحمين باعتبار الجمع العرفي المذكور واما على رأي من يقول بسقوط كلا الخطابين المتساويين عند التزاحم واستكشاف العقل خطابا تخييريا متعلقا بكلا الواجبين على سبيل التخيير فكذلك يمكن القول بالترتب في الخطابين اللذين احدهما اهم من الآخر بان يقال ان العقل كما استكشف من وجود المصلحة الملزمة في كل من متعلقي الخطابين المتساويين خطابا تخييريا تحصيلا لاحدى المصلحتين الملزمتين حيث لا يمكن تحصيلهما معا ولا يسوغ اهمالهما معا كذلك يستكشف العقل في حال اطلاق خطاب الاهم تقييد اطلاق خطاب المهم بحال عصيان خطاب الاهم تحصيلا للمصلحة القائمة في المهم حيث تفوت المصلحة القائمة في الاهم بالعصيان. وقال المحقق النائيني في الأجود ج ١ ص ٣٠٩ اولا ان المطالبة بالدليل انما تحسن في باب تعارض الدليلين الحاكيين عن الواقع ومقام الثبوت فانك قد عرفت انه بناء على الطريقية كما هو

.................................................................................................

______________________________________________________

مقتضي التحقيق لا بد من الالتزام بالتساقط وحينئذ فمجرد احتمال المطلوبية لا يكفي في مشروعية العبادة وهذا بخلاف باب التزاحم كما في المقام فان القدر المتيقن في السقوط حينئذ في مقام الفعلية هو إطلاق وجوب المهم لا نفسه فلا حاجة في اثبات كونه مأمورا به في ظرف عصيان الامر بالاهم إلى ازيد من إطلاق دليله في مقام جعله وانشائه لحال عصيان الأمر بالاهم فانه على الفرض مقدور في هذا الحال ولا مانع من تعلق الامر به فيشمله إطلاق الدليل لا محالة وثانيا ان العقل بعد ما ثبت كون ملاك المهم في ظرف المزاحمة تاما من جهة عدم اخذ القدرة في لسان الدليل شرطا لخطابه كما اوضحناه سابقا ليستقل بكونه مأمورا به في حال عصيان الامر بالاهم اذ المفروض انه واجد للملاك التام ولا مانع من تعلق الخطاب به فيستكشف العقل بطريق اللم كونه مأمورا به لا محالة نعم اذا كانت القدرة مأخوذة في لسان الدليل شرطا لم يمكن استكشاف الملاك حال المزاحمة بل كان مقتضي القاعدة حينئذ هو سقوط خطابه رأسا فيفتقر الالتزام بالخطاب الترتبي حينئذ إلى خصوص دليل يدل عليه. والامر كما ذكره الموضع الرابع قال المحقق النائيني في الأجود ج ١ ص ٢٨٥ قد عرفت انه اذا وقع التزاحم بين الواجبين غير المشروطين بالقدرة شرعا فان كانا متساويين في الملاك تخير المكلف بينهما عقلا والاقدام الاهم على غيره. وقال في ص ٢٧٢ اما القسم الاول وهو ما كانت القدرة في احدهما شرطا شرعيا دون الآخر فيقدم فيه الواجب المشروط بالقدرة عقلا على الواجب المشروط بها شرعا لان ملاك الواجب الذي لا تكون القدرة شرطا لوجوبه شرعا تام لا قصور فيه ولا مانع من ايجابه بالفعل فيكون وجوبه فعليا لا محالة وموجبا لعجز المكلف عن الاتيان بالواجب الآخر ومانعا عن تحقق ملاكه المتوقف على القدرة عليه على الفرض وهذا بخلاف الواجب المشروط

.................................................................................................

______________________________________________________

بالقدرة شرعا فان وجوبه يتوقف على تمامية ملاكه المتوقفة على عدم فعلية الواجب الآخر فلو استند عدم فعليته إلى فعلية الوجوب المشروط بالقدرة شرعا لزم الدور. وقال في ص ٣٠٩ انه قد اشرنا إلى ان الخطاب المترتب على عصيان خطاب الاهم يتوقف على كون متعلقه حال المزاحمة واجدا للملاك وقد بينا ان الكاشف عن ذلك هو إطلاق المتعلق فاذا كان المتعلق مقيدا بالقدرة شرعا سواء كان التقييد مستفادا من القرينة المتصلة ام من المنفصلة لم يبق للخطاب بالمهم محل اصلا. واجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ٦٥ والتحقيق ان يقال ان الخطاب بالمهم اذا لم يكن مقيدا بالقدرة فلا إشكال في صحة جريان الترتب فيه كما اشير إليه وان كان مقيدا بالقدرة فأما أن يقيد بالقدرة التامة أعني بها القدرة عليه سواء أتى بالاهم أم لم يأت به وأما ان يقيد بالقدرة في الجملة اعني بها القدرة عليه في حال ترك الاهم فان كان مقيدا بها تامة فلا مجال لجريان الترتب فيه لا لدخلها في ملاكه اذ لم يحرز كون التقييد بها شرعيا لاحتمال كونه ارشاديا لانه كثيرا ما ينشأ الأمر بالشيء عرفا مقيدا بالقدرة وكثرة الانشاء كذلك تمنع من ظهور هذا القيد في كونه تشريعيا ولكن مع هذا لا يكون له ظهور في كونه قيدا ارشاديا فلا يكون الخطاب ظاهرا في الإطلاق لكونه محفوظا بما يمكن ان يكون قرينة على التقييد ومع اجماله في التقييد والإطلاق لا يمكن احراز الملاك في الفرد المزاحم ليحكم بتناول الخطاب له بنحو الترتب وان كان مقيدا بالقدرة في الجملة فالقيد المزبور متحقق في حال ترك الاهم لفرض القدرة على المهم في هذا الحال فلا مانع من تناول الخطاب بنحو الترتب لهذا الفرد لاشتماله على ملاكه كما لا يخفى واما مع الشك في كون القيد هل اخذ بنحو الاول او بنحو الثاني فلا مانع من التمسك باطلاقه لكون القدرة في الجملة احد افراد القدرة المطلقة ومعه يمكن جريان الترتب

.................................................................................................

______________________________________________________

ذكر المحقق النائيني في الأجود ج ١ ص ٣٠٩ ومنه ـ اي من الفرق بين المقيد بالقدرة الشرعية والعقلية ـ يظهر انه لا يمكن تصحيح الوضوء في موارد الامر بالتيمم بالملاك او بالخطاب الترتبي فان الامر بالوضوء مقيد شرعا بحال التمكن من استعمال الماء بقرينة تقييد وجوب التيمم بحال عدمه ففي حال عدم التمكن لا ملاك للوضوء كي يمكن القول بصحته اما من باب الاكتفاء بالاشتمال على الملاك في الحكم بالصحة واما من باب تجويز الخطاب الترتبي ولاجل ذلك لم يذهب العلامة المحقق الشيخ الانصاري ولا العلامة المحقق تلميذه استاد اساتيذنا (قدس‌سرهما) إلى الصحة في الفرض المزبور مع ان الاول منهما يرى كفاية الملاك في صحة العبادة والثاني يرى جواز الخطاب الترتبي واما ذهاب السيد المحقق الطباطبائي اليزدي قدس‌سره إلى الصحة في مفروض الكلام فهو ناشئ من الغفلة عن حقيقة الامر. واورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ٦٦ وعليه ـ اي على ما تقدم منه ـ يتفرع صحة الوضوء فيما اذا وجب عليه التيمم وصرف الماء الموجود في الاهم منه في نظر الشارع ولو قلنا باخذ القدرة قيدا في وجوب الوضوء في لسان دليله لعدم دلالته على اكثر من كون القدرة في الجملة قيدا لوجوب الوضوء ولا ريب في تحقق هذه القدرة فيما اذا عصى وصرف الماء الموجود في الوضوء دون الاهم منه ومعه يصح الوضوء بنحو الترتب لوجود ملاك وجوبه فيه ح هذا مضافا إلى عدم صحة الدليل المستدل به على تقييد وجوب الوضوء بالقدرة لان عمدة ما استدل به هو ان تقييد وجوب التيمم بعدم القدرة على الماء المراد به عدم التمكن منه ولو لوجوب صرفه في الاهم من الوضوء يقتضي تقييد وجوب الوضوء بوجود القدرة بقرينة المقابلة لان التقسيم بأخذ القيود وجودا او عدما قاطع للشركة وذلك لان تقييد وجوب احد الامرين المتقابلين بعدم شيء بعينه لا يستلزم عقلا او عرفا تقييد وجوب

.................................................................................................

______________________________________________________

الامر الآخر بوجود ذلك الشيء لجواز ان يكون عدمه دخيلا في تحقق ملاك وجوب ذلك الامر المقيد وجوبه بعدمه ولا يكون وجوده دخيلا في تحقق ملاك وجوب الامر الآخر بل يكون هذا الامر الآخر واجدا الملاك وجوبه وان لم يجب فعلا لاهمية ضده الموجبة لوجوبه فعلا كما هو الشأن في وجوب صرف الماء في حفظ النفس المحترمة والتيمم للصلاة فان وجوب صرف الماء في غير الوضوء صير المكلف غير متمكن من الماء للوضوء فوجب عليه التيمم لوجود شرطه اعني به عدم القدرة على الماء وعدم التمكن منه فيكون وجوب التيمم فعليا لتحقق شرطه ووجوب الوضوء غير فعلي لمزاحمة ما هو أهم منه له لا لعدم شرط وجوبه وقضيّة أن التقسيم قاطع للشركة وان كانت واضحة ولكن يكفي في قطع الشركة عدم كون التكليف بالوضوء في عرض التكليف بالتيمم بل في ظرف عصيان التيمم ولا احتياج إلى قطع شركة الخطابي طوليا فضلا عن قطع شركة الملالي. وقال استادنا الخوئي في المحاضرات ج ٣ ص ٩٧ لا بد من التفصيل بين المثالين المذكورين اما المثال الاول وما شاكله ـ اي ما اذا كان عند المكلف ماء ولكنه لا يكفي للوضوء ولرفع عطش نفسه او من هو مشرف على الهلاك معا ـ وما شاكله فلان المانع منه ليس إلّا توهم انه لا ملاك للوضوء او الغسل في هذه الموارد وعليه فلا يمكن تعلق الامر به ولو على نحو الترتب لاستحالة وجود الامر بلا ملاك ولكنه يندفع بان القول بجوار تعلق الامر بالضدين على نحو الترتب لا يتوقف على احراز الملاك في الواجب المهم اذ لا يمكن احرازه فيه إلّا بتعلق الامر به فلو توقف تعلق الامر به على احرازه لدار ولا يفرق في ذلك بين ان يكون الواجب المهم مشروطا بالقدرة عقلا وان يكون مشروطا بها شرعا وذلك لما تقدم من انه لا يمكن احراز الملاك الا من ناحية الامر فلو تم هذا التوهم لكان مقتضاه عدم جريان الترتب مطلقا حتى في

.................................................................................................

______________________________________________________

الواجب المشروط بالقدرة عقلا اذن الصحيح هو عدم الفرق في صحة الترتب وامكانه بين ان يكون الواجب مشروطا بالقدرة عقلا او مشروطا بها شرعا والوجه في ذلك هو ان مبدأ امكان الترتب نقطة واحدة وهى ان تعلق الامر بالمهم على تقدير عصيان الامر بالاهم لا يقتضي طلب الجمع بين الضدين ليكون محالا بل يقتضي الجمع بين الطلبين في زمان واحد ولا مانع منه اصلا اذا كان المطلوب في احدهما مطلقا وفي الآخر مقيدا بعدم الاتيان به ـ إلى ان قال ـ واما المثال الثاني وما يشبهه وهو ما اذا دار الأمر بين صرف الماء في الوضوء او الغسل وصرفه في تطهير الثوب او البدن كما اذا كان بدنه او ثوبه نجسا ولم يكن عنده من الماء بمقدار يكفي لكلا الامرين من رفع الحدث والخبث معا فلا يجري فيه الترتب لكن لا من ناحية ما ذكره شيخنا الاستاد من ان التزاحم لا يجري فيما اذا كان احد الواجبين مشروطا بالقدرة شرعا والآخر مشروطا بها عقلا ـ لما تقدم من ان ما افاده غير تام بل من جهة ان هذا وغيره من الامثلة غير داخل في كبرى التزاحم ولا يجري عليه شيء من احكامه ـ وملخصه ان التزاحم انما يجري بين واجبين نفسيين كالصلاة والازالة مثلا او ما شاكلهما واما بين اجزاء واجب واحد فلا يعقل فيه التزاحم لان الجميع واجب بوجوب واحد وذلك الوجوب الواحد يسقط بتعذر واحد من تلك الاجزاء لا محالة فاذا تعذر احد جزئيه يسقط الوجوب عن الكل بمقتضى القاعدة الاولية اذن ثبوت الوجوب للباقي يحتاج إلى دليل وقد دل الدليل في باب الصلاة على عدم السقوط ووجوب الاتيان بالباقي وعندئذ يعلم اجمالا بجعل احد هذين الجزين او الشرطين في الواقع اذن يقع التعارض بين دليلي الجزءين او الشرطين اذ لم يعلم ان ايهما مجعول في الواقع فلا مجال لتوهم جريان احكام التزاحم ح اصلا ثم انه لا يخفى ان ما نسب شيخنا الاستاد قدس‌سره إلى السيد العلامة

.................................................................................................

______________________________________________________

الطباطبائي في العروة من انه قد حكم بصحة الوضوء في هذا الفرع لا واقع له فإن السيد قد حكم ببطلان الوضوء في هذا الفرع حيث قال والاولى ان يرفع الخبث اولا ثم يتيمم ليتحقق كونه فاقدا للماء حال التيمم وإذا توضأ او أغتسل والحال هذا بطل لانه مأمور بالتيمم ولا أمر بالوضوء أو الغسل وقد تلخص أنه لا يمكن تصحيح الوضوء أو الغسل من ناحية الامر الضمني في المثال لعدم جريان قاعدة الترتب بالاضافة إليه ولا من ناحية الملاك لعدم امكان احرازه نعم يمكن تصحيحه بوجه آخر وهو ان الوضوء او الغسل بما انه عبادة في نفسها ومتعلق لامر نفسي استحبابي سواء أكان مقدمة لواجب كالصلاة او نحوها ام لم يكن ولذلك قلنا انه يعتبر في صحته قصد القربة وعلى ذلك فلا مانع من الالتزام بتعلق امره الاستحبابي به من جهة الترتب وسيجىء انه لا فرق في جريان الترتب على القول بامكانه بين الامر الوجوبي والاستحبابي. ولكن يكون في كلامه مواقع من النظر منها تقدم أن الدلالة الالتزامية على الملاك لا ترتفع عند زوال الدلالة المطابقية ومنها تقدم ان انه لا يلزم ان يكون وجوب المهم مشروطا بعصيان الاهم ومنها ما ذكر في محلة ان الدليل على وجوب الباقي قاعدة الميسور ومنها ان المقام وهو الوضوء ليس من اجزاء بل الشرائط وهو مستقل ولعله لذا قال او الشرط ومنها ان ما ذكره من كونه من باب التعارض ففيه ان كل منهما مجعول عند موضوعه في حد نفسه جزما ومقتضي القاعدة والعمومات هو وجوب الوضوء ما لم يقم دليل حاكم عليه ويكون من باب التزاحم لوجود الملاك فيهما ومنها اي فرق بين الامر الغيري والامر الاستحبابي بعدم الترتب في الاول دون الثاني مع استقلال كل منهما في الحكم فلا وجه لرفع اليد عن اصل التكليف بل مقتضى الجمع العرفي هو رفع اليد عن اطلاق المهم فان به يرتفع التنافي كما لا يخفى الموضع الخامس نقل

.................................................................................................

______________________________________________________

المحقق النّائينيّ في الأجود ج ١ ص ٣١٠ انه ذهب كاشف الغطاء قدس‌سره إلى ان صحة الجهر في موضع الاخفات جهلا وبالعكس كذلك انما هي من باب الخطاب الترتبي وبه دفع الاشكال المعروف من ان صحة العبادة الماتي بها جهرا او إخفاتا كيف يجتمع مع استحقاق العقاب على ترك الآخر ونحن وان دفعنا الاشكال في محله بما لا مزيد عليه إلّا ان الغرض من التعرض له في المقام هو بيان ان الالتزام بالخطاب الترتبي في امثاله غير سديد من وجوه الاول أن محل الكلام في بحث الترتب كما عرفت سابقا هو ما اذا كان التضاد بين المتعلقين اتفاقيا لما عرفت سابقا من أن التضاد بين المتعلقين انما يوجب التزاحم بين الخطابين فيما اذا كان حاصلا من باب الاتفاق واما اذا كان دائميا كمثال الجهر والاخفات كان دليل وجوب كل منهما معارضا لدليل وجوب الآخر فيخرجان بذلك عن موضوع بحث الترتب لا محالة الخ واورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ٦٧ ما عرفت سابقا من ان دوام التضاد بين متعلقي الخطابين لا يستلزم كونهما من قبيل المتعارضين بل يجوز كونهما من قبيل المتزاحمين المشتمل كل منهما على ملاك حكمه ودوام التضاد لا يوجب كون احد الخطابين لغو او الالزام ذلك في صورة التضاد الاتفاقي ودخول مورده في باب التعارض مع انه قدس‌سره لا يلتزم بذلك فما يصحح به التزاحم في الخطاب في صورة التضاد الاتفاقي يمكن ان يصحح به التزاحم فيه في صورة التضاد الدائمي ايضا مثلا في صورة التضاد الاتفاقي كما يحكم بالتخيير بين الخطابين اذا كانا متساويين وبالترتب بينهما اذا كان احدهما اهم من الآخر فكذا في صورة التضاد الدائمي جاز ان يحكم بالتخيير بينهما اذا كانا متساويين وبالترتب اذا كان احدهما اهم من الآخر ومن هنا يتضح لك ان جعل الخطابين حيث يكون متعلقاهما دائمي التضاد لا يستلزم كون احدهما لغوا ثم انه كما يجوز القول بالترتب في

.................................................................................................

______________________________________________________

الخطابين المتضادين دائما بالجمع العرفي المصحح له فيهما مع الاتفاق كذا يجوز القول به فيما اذا ورد دليل على صحة امتثال الخطاب بضد متعلقه كما في الجهر موضع الاخفات وبالعكس جهلا فيجوز أن تكون صحة ذلك لتعلق الخطاب بالجهر مترتبا على ترك الاخفات وبالعكس وقد كشف عن ذلك الخطاب الترتبي نفس الدليل الذي دل على صحة الجهر في موضع الاخفات وبالعكس. وبذلك ايضا ذكر استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣١٠ لا يخفى انه اذا صح الامر بالضدين على نحو الترتب فلا يفرق فيها بين صورتي كون التضاد دائميا وكونه اتفاقيا لان المقتضي للأمر بهما وهو اشتمال كل منهما على الملاك الملزم موجود في كلتا الصورتين والمفروض انه لا مانع من فعليتهما ايضا. ولكن اورد عليه استادنا البجنوردي في المنتهى ج ١ ص ٣٥٥ بقوله قلنا بعد ما علمنا ان ما هو المجعول صلاة واحدة في كل يوم وتلك الصلاة اما جهرية واما اخفاتية وليس المجعول كليهما في صلاة واحدة في يوم واحد فالدليلان على فرض وجودهما يكونان متعارضين نعم لو علمنا بجعل ترتبي بان يصرح بانه اجهر في صلاتك وأن لم تجهر فأخفت مثلا يمكن مثل هذا الجعل في حل نفسه لو لا الموانع الأخر. لكن فيه انه كيف يصح الجهر موضع الاخفات وبالعكس جهلا وليس ذلك الا كون التكليف متوجها إلى كل طرف بنحو الحينية اي حين عدم الاتيان بالآخر مضافا إلى ان في سائر موارد الترتب كالصلاة والازالة هل لنا دليل على التصريح بانه ان لم تزل النجاسة عن المسجد فصل وليس ذلك إلّا بحكم العقل والجمع العرفي كما تقدم واما كونه من باب التزاحم لوجود الملاك الفعلي فيهما ولو أن أحدهما مقيد بترك الآخر جهلا مع انه بمجرد ورود الدليل ينقلب التعارض إلى التزاحم لا وجه لما ذكر المحقق النائيني في الأجود ج ١ ص ٣١١ الثاني ان مورد الخطاب الترتبي هو ما

.................................................................................................

______________________________________________________

اذا كان خطاب المهم مترتبا على عصيان الامر بالاهم وهذا لا يكون إلّا فيما اذا لم يكن المهم ضروري الوجود عند عصيان الامر بالاهم كما هو الحال في الضدين اللذين لهما ثالث واما الضدان اللذان لا ثالث لهما ففرض عصيان الامر باحدهما هو فرض وجود الآخر لا محالة فيكون البعث نحوه طلبا للحاصل وبالجملة لو كان وجود الشيء على تقدير وجود موضوع الخطاب وشرطه ضروريا لامتنع طلبه لانه قبل وجود موضوعه يستحيل كونه فعليا وبعد وجوده يكون طلبا للحاصل فتحصل ان كل ما فرض وجوده في الخارج يستحيل طلبه في ظرف فرض وجوده سواء كان فرض وجوده مدلولا مطابقيا للكلام كما اذا امر بترك الشيء على تقدير عصيان الامر المتعلق به ام كان مدلولا التزاميا له كما في ما نحن فيه فان ترك احد الضدين خارجا ملازم لوجود الآخر لفرض عدم الثالث فيكون الامر باحدهما على تقدير ترك الآخر امرا بما هو مفروض الوجود وهو مستحيل. واجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ٦٨ ان الكبرى المزبورة وان كانت صحيحة إلّا ان كون الجهر والاخفات من صغرياتها ممنوع اذ يمكن للمكلف ترك كل منهما بترك القراءة واذا جاز على المكلف ترك الاخفات حين ترك الجهر وبالعكس بترك القراءة نفسها صح الخطاب بكل منهما على تقدير ترك الآخر بنحو الترتب. وبمثل ذلك اجاب استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣١١ فراجع لكن اورد عليه استادنا البجنوردي في المنتهى ج ١ ص ٣٥٥ بقوله فهو خلاف الفرض لان وجوب القراءة في الصلاة معلوم وليس مشروطا بشرط وانما الكلام في الجهر بها والاخفات كذلك وبعبارة اخرى القراءة المفروضة الوجود لقوله عليه‌السلام لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب تعلق الامر بالجهر او الاخفات فيها ومعلوما نعدم احد الضدين الذين لا ثالث لهما في القراءة ملازم لوجود الآخر او عنه كما ذكرنا الخ وفيه ايضا دعوى بلا دليل فان الثالث يلاحظ

.................................................................................................

______________________________________________________

بالنسبة إلى المكلف وهو كما يقدر على تركهما معا بأن لا يقرأ او قرأ ولم يكن بداعي القربة فهنا ايضا يكون الثالث متصورا وقال المحقق النائيني في الاجود ص ٣١١ الثالث ان الخطاب المترتب على عصيان خطاب آخر انما يكون فعليا عند تنجز الخطاب المترتب عليه وعصيانه وبما ان المفروض فيما نحن فيه توقف صحة العبادة الجهرية مثلا على الجهل بوجوب الاخفات لا يتحقق هناك عصيان للتكليف بالاخفات ليتحقق موضوع الخطاب بالجهر لان التكليف الواقعي لا ينتجز مع الجهل به وبدونه لا يتحقق العصيان الذي فرض اشتراط وجوب الجهر به أيضا ـ سيجيء في محله إن شاء الله تعالى ان الخطاب الواقعي لا يكون منجر او قابلا للدعوة في ظرف الجهل سواء كان الجهل ناشئا في تقصير ام من قصور بل استحقاق العقاب انما هو على مخالفة وجوب التعلم او الاحتياط المستلزمة لمخالفة الواقع ـ فاستحقاق العقاب على تقدير تحقق مخالفة الحكم الواقعي لا يصحح احراز العصيان بالفعل ما لم يصل التكليف الواقعي بنفسه بالوجدان او بطريق معتبر من امارة او اصل محرز وما لم يحرز العصيان لا وجدانا ولا تعبدا لا يكون الحكم المترتب عليه منجزا ـ توضيح ذلك ان فعلية الخطاب المترتب تتوقف على كون الخطاب المترتب عليه فعليا منجرا وكون المكلف عاصى له وعالما بعصيانه فالموارد التي تجري فيها البراءة عن التكليف المجهول تنتفي فيها الجهات الثلاث التي تدور عليها صحة الخطاب الترتبي إذ مع جريان البراءة لا يتنجز التكليف الواقعي فلا يتحقق العصيان فضلا عن تعلق علم المكلف به فلا يصح الخطاب بنحو الترتب في تلك الموارد كما ان التكليف الواقعي اذا كان واصلا بطريقة كما في موارد الشبهة قبل الفحص والموارد المهمة التي يجب الاحتياط فيها امتنع جعل خطاب مترتب على عصيانه فان التكليف الواقعي في تلك الموارد وان كان متحققا ومتنجزا إلّا

.................................................................................................

______________________________________________________

انه لا يجري في صحة الخطاب بنحو الترتب لانتفاء الجهتين الاخيرتين اعني بهما تحقق العصيان والعلم به وذلك لما عرفت من ان العصيان حقيقة انما هو بالنسبة إلى الخطاب الطريقي الواصل عند المصادفة دون الخطاب الواقعي المجهول وكما ان التكليف اذا كان معلوما وواصلا بالعلم الإجمالي ففعليته وعصيانه وان كانا متحققين واقعا على تقدير تحقق المخالفة الاحتمالية ومصادفة الاحتمال للواقع إلّا انه مع ذلك لا يمكن جعل خطاب مترتب على عصيان الواقع لان الجهة الاخيرة المعتبرة في صحة الخطاب الترتبي اعني بها العلم بتحقق العصيان الموجب لوصول الخطاب المترتب وتنجزه على المكلف منتفية في هذا الفرض وعلى ذلك يتفرع ما سيجيء في محله من استحالة اخذ نسيان شيء موضوعا لخطاب فإن المكلف ان التفت إلى نسيانه خرج عن موضوع الناسي وان لم يلتفت إليه لم يحرز التكليف المترتب عليه فلا يمكن جعل مثل هذا الحكم الذي يستحيل وصوله إلى المكلف ابدا إلى آخر كلامه واورد عليه استادنا الآملي بوجوه في المنتهى ص ٦٩ قال وفيه اولا ان الباعث على القول بالترتب هو التخلص من قبح التكليف بالضدين في وقت واحد لاستحالة اجتماعيهما فيما اذا كان التكليف بكل منهما في ذلك الوقت في عرض التكليف بالآخر والتخلص من قبح التكليف كذلك يحصل بمجرد تعليق الخطاب بالمهم على ترك الاهم سواء كان عصيانا ام جهلا ام نسيانا أم السبب آخر وثانيا انه لو سلمنا ان موضوع الخطاب الترتبي هو عصيان خطاب الاهم ولكنه ليس موجبا لانتفاء موضوع الترتب في مقام لفرض ان جهر المكلف فيما يلزمه الاخفات فيه كان تقصير او ترك امتثال التكليف المجهول للتقصير في تحصيل العلم به يوجب استحقاق العقاب عليه لتنجزه بوجوب الاحتياط على المكلف قبل الفحص عنه فيكون ترك امتثاله قبل الفحص عصيانا له لجعل الاحتياط

.................................................................................................

______________________________________________________

طريقا للوصول إليه كترك امتثال التكليف المجهول الذي أدّت الامارة المعتبرة إليه وبهذا يتضح لك ان ما ذكره من كون استحقاق العقاب على مخالفة التكليف المجهول انما هو لعصيان الامر الطريقي بالاحتياط لا لعصيان الامر النفسي الواقعي غير وجيه وايضا بهذا قد اتضح لك ان قياس فرض الترتب في مسألة الجهر والاخفات على فرض تعليق الخطاب بباقي الاجزاء على نسيان بعضها قياس مع الفارق لتحقق عصيان الخطاب بالاخفات في حال الجهل به تقصيرا اذ لا يكون المكلف مقصرا إلّا اذا احتمل كونه مكلفا بضد ما يأتي واما اذا كان غافلا عن ذلك فهو قاصر كالناسي وخارج عن حيز الكلام في هذا المقام وعليه يكون الجاهل بوجوب الاخفات مثلا عن تقصير عالما بوجوب الجهر عليه ح ١ ما لوجوبه ابتداء او لوجوبه ترتبا مع احراز موضوعه وهو عصيان وجوب الإخفات واين هذا من تعليق الخطاب بباقي الأجزاء على نسيان بعضها الذي يزول بمجرد الالتفات إليه ولو بنحو الاحتمال هذا مضافا إلى ان ما أفاده قدس‌سره في الناسي من عدم امكان تكليفه تام تام لو كان النسيان والذكر موجبين لتغيير موضوع الحكم وإلّا فلو بنينا على ان الموضوع بالنسبة إلى جميع المكلفين هي الطبيعة الجامعة بينهما وان الاختلاف في الأصناف انما هو للاختلاف في المصداق فلا احتياج حينئذ إلى تحليل الداعي للجميع بل الداعي للجميع هو الامر بالطبيعة غاية الامر انه لا يصدر من كل طائفة الا مصداق خاص فالكل يأتي بالمأمور به بداعي الامر بالطبيعة حتى الناسي من دون احتياج إلى الالتفات إلى كونه ناسيا ثم انه على فرض كون النسيان موجبا لتغيير موضوع الحكم سيجىء في محله امكان تكليف الناسي بأمر ملازم لنسيانه لا بوصف نسيانه ولو بنحو القضية الحقيقة الخ كصاحب القباء الاصفر ونحوه وبالجواب الاول اجاب استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣١١ فالشرط في الحقيقة هو

.................................................................................................

______________________________________________________

نفس الترك لا عنوان العصيان وعلى ذلك فلا مانع من الالتزام بالترتب في محل الكلام. وقد ناقش في الوجه الاول استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣٥٧ بأن يقال بأن هذا لا يكون حسما لمادة الاشكال لان التارك بعنوان انه تارك ايضا لا يمكن ان يصير مخاطبا لانه بهذا العنوان ايضا يلتفت إلى تكليفه الآملي ـ إلى ان قال في الاشكال على الوجه الثاني ـ وفيه ان المقام اما ان يقال يكون مخصوصا بالجاهل المركب وهو من لا يلتفت إلى جهله ولا يحتمل وجوب شيء آخر عليه او يكون في الاعم منه ومن الجاهل البسيط وعلى اي تقدير لا يكون اصلاح المطلب بهذا النحو فالصحيح في الجواب ان يقال ان الخطاب لنفس الامري في الجاهل القاصر لا يكون العقاب على تركه والمولى يصل إلى غرضه وهو ان الجاهل يكون تكليفه الاخفات في موضع الجهر وبالعكس وفي المقصّر وان كان العقاب ولكن يكون على ترك التعلم لا على الواقع وتكليفه في ظرفه هو الجهر في موضوع الاخفات وبالعكس والخطاب يتوجه بطبيعي الانسان والخصوصيات الفردية خارجة عنه فإن الناسي والجاهل كلاهما انسان ويتوجه الخطاب اليهما بهذا العنوان لا بعنوان النسيان ولا الجهل بل بعنوان الانسان فالخطاب كان متوجها إليه بهذا النحو ووصول المولى بغرضه يكون من هذا السبيل ولا يأتي اشكال حصول الالتفات لو كان الخطاب بعنوان الناسي والجاهل اصلا فتحصل انه لا اشكال في الجهر والاخفات من جهة اصلاحه بالترتب. ونعم ما أفاد.

الموضع السادس ذهب الاساتذة كالآملي والخوئي إلى عدم الفرق في جواز الترتب ووقوعه بين ان يكون الواجبان آنيين حصولا كانقاذ الغريقين ام كانا متدرجين صدورا كإزالة النجاسة عن المسجد واداء فريضة الوقت في آخره وذلك تبعا للمحقق النائيني في الأجود ج ١ ص ٣١٥ قال اذا كان الواجبان

.................................................................................................

______________________________________________________

المتزاحمان آنيين غير تدريجيين فلا يتوقف القول بالترتب فيه على الالتزام بالشرط المتأخر أو الوجوب المعلق لما عرفت من ان زمان خطاب الاهم وزمان عصيانه وزمان امتثال خطاب المهم شيء واحد وأما اذا كان الواجبان تدريجيين كما في مزاحمة وجوب الازالة لوجوب الصلاة فربما يقال فيه ان الالتزام بالخطاب الترتبي عند مزاحمتهما يستلزم الالتزام بالشرط المتأخر او الوجوب المعلق لأن عصيان خطاب الازالة في المثال حال الشروع في الصلاة لا يصحح الخطاب بها لانه مشروط ببقاء العصيان إلى الجزء الاخير منها وبانتفائه عند كل جزء يرتفع الامر بالصلاة قطعا وبما انه يستحيل تأخر الشرط كما عرفت لا مناص في القول بالترتب فيه عن الالتزام بكون عنوان التعقب شرطا وقد بينا سابقا ان الالتزام بذلك يتوقف على دلالة دليل بالخصوص عليه وإلّا فهو على خلاف القاعدة وعلى ذلك فالخطاب الترتبي بما انه لم يدل عليه دليل بالخصوص كان القول به في الواجبين التدريجيين المستلزم للالتزام بكون التعقب بالعصيان شرطا لخطاب المهم على خلاف القاعدة فينحصر الالتزام بالخطاب الترتبي بالخطابات التي لا تكون متعلقاتها من الامور التدريجية وبذلك تكون المسألة قليلة الجدوى جدا والجواب عن ذلك يظهر مما بينا في بعض المباحث السابقة من ان القدرة التي هي شرط لكل خطاب لا بد من ان تكون شرطيتها في الأمور التدريجية على نحو الشرط المتأخر بمعنى الاشتراط بعنوان التعقب مثلا شرط وجوب الصلاة انما هي القدرة على التكبيرة المتعقبة بالقدرة على بقية الاجزاء التي بعدها بداهة ان القدرة على الجزء الاول في كل مركب تدريجي لا تصحح التكليف بالمجموع قطعا فالعقل قد دل على شرطية عنوان التعقب في جميع الافعال التدريجية التي وقعت في حيز التكليف وعليه فنقول انما التزمنا بكون خطاب المهم مشروطا

.................................................................................................

______________________________________________________

بعصيان خطاب الاهم لعدم كون متعلقه مقدورا الا في هذا الفرض فاشتراط بعصيان خطاب الاهم انما هو لاجل اشتراط الخطاب بالقدرة وإلّا فليس هناك دليل بالخصوص على اشتراط خطاب بعصيان خطاب آخر فإذا رجع الامر إلى شرطية القدرة فلا يكون الالتزام بشرطية عنوان التعقب على خلاف القاعدة ليحتاج إلى دليل بالخصوص على شرطية عنوان التعقب في خصوص الخطاب الترتبي. هذا على القول بانكار الشرط المتأخر وعلى القول به فقد اجاب استادنا الآملي في المنتهى ص ٧٠ قال فان المصحح للترتب في الآنيين غير مختص بهما ملاكا ولسانا بل يشمل بملاكه ولسانه الواجبين المتدرجين صدورا ايضا غاية الامر ان ترك امتثال خطاب الاهم يكون شرطا مقارنا لفعلية خطاب المهم من دون حاجة إلى شرط آخر في الواجبين الآنيين واما في المتدرجين فيكون ترك امتثال خطاب الاهم في الآن الاول شرطا مقارنا لفعلية خطاب المهم وترك امتثاله في الآن الثاني والثالث إلى ان يفرغ المكلف من فعل المهم شرطا متأخر وأن شئت قلت ان استمرار ترك امتثال خطاب الاهم إلى ان يفرغ المكلف من فعل المهم شرط متأخر في فعلية خطابه مضافا إلى الشرط المقارن اعني به ترك امتثال خطاب الاهم في الآن الاول ان قلت ـ إلى ان قال وتقدم ان قلت ـ قلت مبنى الترتب هو امكان الجمع بين الاطلاقين والاخذ بكل منهما حيث لا يزاحمه الآخر باشتراط امر او امور عقلا فكما ان العقل لا يرى محذورا في الاخذ بإطلاق دليل المهم حين ترك امتثال خطاب الاهم بنحو المقارنة في الواجبين الآنيين كذلك لا يرى محذورا في الاخذ باطلاقه حين ترك امتثال خطاب الاهم بنحو المقارنة واستمراره إلى حين الفراع من فعل المهم بنحو الشرط المتأخر في الواجبين المتدرجين فاذا جاز ذلك ثبوتا جاز الاخذ بإطلاق الدليل اثباتا وليس في ادلة الترتب دليل لفظي بالاشتراط ليقال بظهوره

.................................................................................................

______________________________________________________

في الشرط المقارن وان الشرط المتأخر على خلاف الاصل لا بد في القول به من دليل يخصه. قال المحقق النائيني في الأجود ج ١ ص ٣١٥ تتميم الخطاب بالاهم اذا كان آنيا غير قابل للاستمرار فالالتزام بترتب خطاب آخر على عصيانه انما يجدي في فعلية الخطاب المترتب في خصوص الآن الاول القابل لوقوع الاهم فيه فيجتمع فيه الامران على نحو ترتب واما بعد مضيه وسقوط خطاب الاهم لمضى زمان امتثاله فلا يتوقف طلب المهم على القول بجواز الترتب اذ لا مانع بعد سقوط طلب الاهم من فعلية طلب المهم على الفرض فيصح المهم ح ولو بنينا على امتناع الترتب كما هو ظاهر واما إذا كان خطاب الاهم استمراريا فقد يكون العلم به قبل الشروع في امتثال خطاب المهم وقد يكون بعد الشروع فيه فإن كان قبل الشروع فتدور صحة خطاب المهم ابتداء واستدامة مدار القول بالترتب كما عرفت واما اذا كان بعد الشروع فيه وكان الواجب مما يحرم قطعه كما اذا علم بتنجس المسجد بعد الشروع في الصلاة الفريضة فلا يتوقف بقاء خطاب المهم على القول بالترتب فإن ازالة النجاسة انما كانت اهم من الصلاة لأجل فوريتها وسعة وقت الصلاة فاذا شرع فيها وحرم قطعها على الفرض لم يبق موجب لتقدم خطاب الازالة على خطابها فلا يتحقق ح عصيان خطاب الصلاة ليكون الامر بإتمام الصلاة متوقفا على جواز الترتب وعليه فالامر باتمامها يكون متقدما على خطاب الازالة لا محالة نعم اذا كان هناك واجب آخر أهم من اتمام الصلاة كحفظ النفس المحترمة توقف الخطاب بإتمام الصلاة على الالتزام بالترتب ايضا. وهذا هو الصحيح على المختار من امكان الشرط المتأخر الموضع السابع ذكر الاصوليون ومنهم استادنا الآملي في المنتهى ص ٧٢ قال قد ذكر صاحب الفصول فرعا يرى ان صحته وفساده يبتنيان على جواز الترتب وامتناعه وهو انه اذا جاز للمكلف التصرف في الماء

.................................................................................................

______________________________________________________

الموجود في اناء لا يجوز التصرف فيه كالاناء المغصوب واناء الذهب او الفضة واراد ان يغتسل او يتوضأ من ذلك الاناء فقد قيل بصحته استنادا إلى امكان الترتب اذ لا فرق في جواز الأمر بالمهم مشروطا بعصيان خطاب بنحو الشرط المقارن ام بعصيان خطابات متعددة متدرجة في الوجود بنحو الشرط المتأخر كما تقدم في مثل الازالة والصلاة في آخر الوقت وكما في الفرع المذكور فان الوضوء وان كان متدرجا في الوجود إلّا انه مخاطب به بخطاب واحد والنهي عن استعمال ذلك الاناء وان كان ينحل إلى نواهي متعددة بعدد الاستعمالات إلّا انه لا مانع من اشتراط ذلك الامر الواحد بعصيان تلك النواهي المتعددة بنحو الشرط المقارن والمتاخر. ولكن ذكر المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣١٦ لا اشكال في جواز اخذ الماء من الآنية المغصوبة او المتخذة من الذهب او الفضة اذا كان ذلك بعنوان التخليص والمراد به هو ما اذا كان الماء مملوكا لمن يريد التصرف ولم يستند كونه في الآنية التي يحرم التصرف فيها إلى اختياره ورضاه فانه يجوز حينئذ لمالكه التصرف فيه وان كان تصرفه فيه مستلزما للتصرف في الآنية أيضا وذلك لعموم تسلط الناس على اموالهم وعليه فان امكنه اخذ الماء دفعة بقدر ما يكفى لوضوئه فلا اشكال وان لم يمكنه الا اخذ الماء تدريجا فالظاهر جواز الوضوء به أيضا لان المفروض عدم حرمة التصرف فيها تخليصا لماله واما اذا لم يكن اخذه الماء بعنوان التخليص كما اذا لم يكن الماء الموجود فيه مملوكا له او كان كذلك ولكن كان وجوده فيها باختياره ورضاه فيحرم التصرف فيها باخذ الماء منها فلا يجب الوضوء على تقدير عدم التمكن من ماء آخر لعدم كون المكلف واجدا للماء حينئذ نعم لو اخذ منها قدر ما يكفى لتمام وضوئه لانقلب موضوع عدم وجدان الماء إلى وجدانه فيكون مكلفا بالوضوء وان كان قد ارتكب الحرام في اخذه الماء بالتصرف في تلك الآنية واما

.................................................................................................

______________________________________________________

اذا اخذ مقدارا لا يكفى الا لبعض وضوئه بحيث يحتاج اتمامه إلى تصرف آخر فقد ذهب صاحب الفصول إلى صحة هذا الوضوء ولعله بنى ذلك على جواز الخطاب الترتبي ولكنك عرفت في التنبيه الاول ان الالتزام بالترتب يتوقف على كون العمل واجدا للملاك فاذا فرضنا عدم كونه تماما كما فيما نحن فيه فانه يتوقف على كون المكلف واجدا للماء المفروض عدمه في المقام لتوقفه على تصرف محرم فلا يمكن الالتزام بالترتب اصلا فالحق ح هو بطلان الوضوء ووجوب التيمم عليه. وأجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ٧٣ ولكن قد عرفت فيما سبق ما في هذا الكلام فأنا لا نسلم تقييد وجوب الطهارة المائية بالقدرة عليها شرعا ولو سلمنا ذلك فالقدرة عليها في ظرف امتثال وجوبها الترتبي كاف في تحقق الشرط المزبور لإطلاق دليله وقد مر. وتوضيح الجواب ذكر استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣٦١ هو ان المقابلة بين الصدر والذيل في الآية ـ اي بين الوضوء والتيمم قاضية بالشرطية شرعا ـ ممنوعة ولا يكون شرط الوضوء الوجدان بل هو شرط عقلي فلا يكون دخيلا في الملاك فاحتمال الارشاد ـ اي احتمال كون الوجدان ارشادا إلى حكم العقل فلا ملاك ايضا لأن احتمال الدخل الشرعي يكفي لعدم الملاك له بدون الشرط ممنوع بل يتعين غيره على أن الوضوء في المقام ولو لم يكن عليه الامر ولكن من الامر في سائر الموارد استكشفنا ملاكه فأما بإطلاق المادة على المشهور او بإطلاق الهيئة على المنصور نقول بوجود الملاك الفعلي له فيكون الباب باب التزاحم على أن القدرة تحصل بالتدريج اذا اخذ الماء غرفة غرفة والكلام في هذا الفرض لا فرض كون الوضوء بالارتماس فانه يصير الوضوء عين التصرف في مال الغير وأما القول بأنه اذا كان بقصد التخلص عن الغضب يصح الوضوء لا وجه له لان القصد لا يقلّب التصرف المحرم محللا وأما التمسك بقاعدة الناس

.................................................................................................

______________________________________________________

مسلطون على اموالهم بتقريب ان يقال ان الماء ملكه فله التصرف فيه ففيه اولا انه معارض بالناس لصاحب الآنية ـ اي على فرض كونه غصبا ـ وثانيا أن مفاد القاعدة حتى بمعنى انه لا يكون للشخص التصرف في ماله بحيث يوجب الضرر على الغير وعلى فرض العمومية ايضا فقاعدة لا ضرر تزاحمها فلا وجه للتمسك بتلك القاعدة فالطريق الوحيد هو الترتب. وهو المتعين لو لا ما تقدم.

الموضع الثامن ذكر المحقق النائيني في الأجود ج ١ ص ٣١٤ قد اشرنا سابقا إلى أن المهم اذا كان مضيقا ولم يكن له افراد طولية فيدور طلبه وعدم طلبه عند مزاحمته الاهم مدار الالتزام بالترتب وعدمه وأما اذا كان موسعا له أفراد كثيرة وكان المزاحم للاهم بعض افراده دون بعض فإن قلنا بأن اعتبار القدرة في متعلق التكليف انما هو من جهة حكم العقل بقبح التكليف العاجز كما ذهب اليه المحقق الثاني فبما ان بعض افراد الطبيعة مقدور في الفرض المزبور يصح الخطاب بها عقلا فيصح الاتيان بالفرد المزاحم بداعي امتثال الامر بالطبيعة من دون لزوم الالتزام بالترتب لان انطباق الطبيعة على ذلك الفرد المزاحم قهري والاجزاء عقلي وأما اذا قلنا بأن اعتبار القدرة فيه من جهة اقتضاء نفس الخطاب ذلك كما اخترناه سابقا فلا محالة يتقيد المأمور به بذلك فيخرج غير المقدور من الافراد عن دائرة إطلاق المأمور به ويتوقف شموله له على جواز الترتب فإن جوزناه كان داخلا في الإطلاق عند عصيان الامر بالاهم وإلّا كان خارجا عنه مطلقا نعم يمكن الحكم مع ذلك بصحته لاشتماله على الملاك وقد تقدم.

وأورد عليه استادنا الخوئي في هامش الأجود ج ١ ص ٣١٤ لا يخفى ان كفاية القدرة على بعض افراد الطبيعة في صحة الامر بها لا اثر لها في محل الكلام بناء على ما اختاره شيخنا الاستاد قدس‌سره من استحالة الواجب المعلق لان المفروض فيه عدم قدرة المكلف على شيء من افراد الواجب المهم عند مزاحمته الاهم ـ اي في

.................................................................................................

______________________________________________________

ذلك الآن ـ ليصح الأمر به من جهة القدرة على بعض افراده فينحصر ترتب الاثر على القول بالكفاية المزبورة بموارد تزاحم الواجب الاهم مع بعض الافراد العرضية للواجب المهم دون جميعها نعم اذا بنينا على جواز الواجب المعلق ترتب الاثر عليه في محل الكلام ايضا كما هو ظاهر. لأنه يتزاحم الواجب الاهم الفعلي مع الواجب المهم الفعلي ولو بالقدرة على بعض أفراده ولذا قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٧٢ انه قد عرفت الحال في الواجبين المضيقين وأما الواجبان اللذان احدهما مضيق والآخر موسع كازالة النجاسة عن المسجد والصلاة الفريضة في سعة الوقت فالتحقيق فيهما جريان الترتب أيضا فإن صحة الصلاة اذا لم نقل بكفاية الملاك فيها تتوقف على القول بالترتب. وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٣٧٦ فعلى ما ذكرنا من امكان الجمع بين الامرين بالضدين أما بنحو ما ذكرنا او بنحو الترتب لا بأس بإتيان ما هو الموسع منهما بداعي أمره فإذا كان الموسع عبادة كان للمكلف التقرب بها بإتيانها بداعي امرها بلا احتياج في تصحيحها إلى حيث رجحانها الذاتي نعم لو بينا على مسلك من يقول باستحالة الجمع بين الامر بهما ولو في رتبتين ايضا لكان المتعين ح في تصحيحها هو حيث رجحانها الذاتي من جهة انه بمزاحمة هذا الفرد مع المضيق فقهرا بحكم العقل يخرج عن دائرة الطبيعة المأمور بها ومع خروجه عنها لا جرم يختص الامر ايضا بغيره من الافراد الأخر فلا يبقى مجال تصحيحها ح بإتيانها بداعي امرها. ولكن صاحب الكفاية ج ١ ص ٢١٨ بين الوجه المتقدم وقال فقد ظهر انه لا وجه لصحة العبادة مع مضادتها لما هو أهم منها الا ملاك الامر نعم فيما اذا كانت موسعة ـ اي الضد المهم كالصلاة ـ وكانت مزاحمة بالأهم ـ اي الإزالة ـ في بعض الوقت لا في تمامه يمكن ان يقال انه حيث كان الامر بها ـ اي بالصلاة ـ على حالة وان صارت مضيقة بخروج

.................................................................................................

______________________________________________________

مزاحمه الاهم من افرادها من تحتها امكن ان يؤتى بما زوحم منها ـ أي من افراده من المهم ـ بداعي ذاك الامر ـ أي على الطبيعة ـ فانه وان كان الفرد ـ أي المزاحم ـ خارجا عن تحتها ـ اي تحت طبيعة الامر ـ بما هي مأمور بها إلّا انه ـ اي خروجها ليس لأجل عدم الملاك بل لأجل انه مزاحم للاهم ـ لما كان وافيا بغرضها كالباقي تحتها كان عقله مثله في الإتيان به في مقام الامتثال والاتيان به بداعي ذلك الامر بلا تفاوت في نظره بينهما اصلا ودعوى أن الأمر لا يكاد يدعوا الا إلى ما هو من افراد الطبيعة المأمور بها وما زوحم منها ـ اي من الأفراد ـ بالاهم وان كان من أفراد الطبيعة لكنه ليس من افرادها ـ اي الطبيعة ـ بما هي مأمور بها ـ اي اذا الإتيان بهذا الفرد المزاحم فاسد فكيف يأتي بداعي الامر المتعلق بغير المزاحم ـ فاسدة فانه انما يوجب ذلك ـ اي الفساد ـ اذا كان خروجه عنها ـ اي الطبيعة ـ بما هي كذلك تخصيصا ـ اي بأن لا يكون فيه ملاك ـ لا مزاحمة فانه معها اي مع المزاحمة وأن كان لا يعمّها ـ اي هذه الافراد ـ الطبيعة المأمور بها إلّا انه ليس لقصور فيه بل لعدم إمكان تعلق الامر بما يعمه عقلا ـ أي لاستلزامه طلب الضدين ـ وعلى كل حال فالعقل لا يرى تفاوتا في مقام الامتثال وإطاعة الامر بها بين هذا الفرد وسائر الأفراد اصلا هذا على القول بكون الاوامر متعلقة بالطبائع وأما بناء على تعقلها بالافراد فكذلك ـ اي لا فرق في نظر العقل بين هذا الفرد المزاحم وبين غيره من الافراد فحينئذ لا مانع من الاتيان بهذا الفرق المتعلق بمثله من الافراد بعد وجود الملاك فيه والمحذور من ناحية المزاحم ـ وان كان جريانه عليه اخفى كما لا يخفى. ولعل الاخفاء لأن كل فرد يباين الفرد الآخر فيكون نظير اتيان الصلاة بداعي الامر على الصوم إلّا انه يفترق بينهما ان هذا الفرد بما أنه مثله في الوفاء بغرض المولى وعدم الامر للمحذور المتقدم فلا يكون كالصلاة بالنسبة إلى الصوم فيجوز ان يأتي بداعي

.................................................................................................

______________________________________________________

الامر على الفرد الآخر واورد عليه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٣٧٦ بأن داعوية الامر في التكاليف بعد ان كانت عبارة عن كون الامر علة فاعلية للايجاد فلا جرم بخروج هذا الفرد عن دائرة الطبيعة المأمور بها يتضيّق دائرة الطبيعي المأمور به بما عدى هذا الفرد ومعه لا يكاد اقتضاء للأمر المتعلق بالطبيعة بالنسبة اليه في الداعوية حتى يصح جعله داعيا ومحركا نحوه بالايجاد وهذا هو الذي اشتهر بينهم بأن الامر لا يدعوا إلّا إلى متعلقه من جهة ان داعوية الامر انما هي باقتضائه للايجاد فمع عدم اقتضائه فيه بالنسبة إلى هذا الفرد يستحيل داعويته نحوه كما هو واضح الخ وبمثل ذلك ايضا اورد استادنا الآملي في المنتهى ص ٧٢ بقوله قد عرفت فساده فيما سبق سواء قلنا ان القدرة شرط عقلا في صحة التكليف ام قيد عقلا للمكلف فراجع مبحث الثمرة. وقال في ص ٢٨ وأن سلمنا كون القدرة شرطا عقليا في جواز التكليف لا قيدا في المكلف به وسلمنا صحة الشرط المتأخر واخترنا أن المكلف به هو طبيعي العمل لا فرده لكن العقل لا يجوز تعلق التكليف بالطبيعي الا من الناحية التي يرى المكلف قادرا فيها عليه فاذا فرضنا ان المكلف قادر على الطبيعي من بعض نواحيه عاجز عنه من ناحية اخرى فالعقل لا يصحح التكليف بذلك الطبيعي بجميع نواحيه لان انبساط التكليف عليه كذلك لغو قبيح فلا محالة يكون المكلف به حصة منه وعليه لا يكون الماتي به حال المزاحمة فردا لتلك الحصة ليتحقق الامتثال به. ونعم قال

الموضع التاسع قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٧٣ انه لا فرق في جواز الترتب في التكليفين اللذين لا يمكن امتثالهما معا في وقت واحد بين ان يكون امتناع امتثالهما ناشئا عن تضاد متعلقيهما ذاتا وبين ان يكون ناشئا عن عدم قدرة المكلف اتفاقا وأن لم يكن بينهما تضاد ذاتا كما اذا فرض ان المكلف لا

.................................................................................................

______________________________________________________

يقدر من باب الاتفاق الا على احد أمرين أما قراءة القرآن وأما دخول المسجد أولا يقدر الأعلى القيام في ركعة واحدة اما الركعة الاولى او الركعة الثانية والسر في ذلك ان ملاك الترتب حيث يجوز هو اشتمال كل من متعلقي التكليفين المتزاحمين على ملاك ملزم في مورد المزاحمة ولا يمكن الاتيان بالمهم إلّا اذا ترك الآخر سواء كان التكليفان المتزاحمان عرضيين كانقاذ الغريقين ام طوليين كالقيام في الركعة الاولى والقيام في الركعة الثانية فاذا وقع التزاحم بين القيام في الركعة الاولى والقيام في الركعة الثانية في صلاة من لا يقدر إلّا على القيام في إحدى الركعتين فإن كانت كلتا الركعتين متساويتين في ملاك وجوب القيام فيها تخيّر المكلف بين القيام في الاولى والقيام في الثانية وان كانت الاولى أهم وجب القيام فيها بالخصوص ولو لا ان ترك الواجب من اجزاء الصلاة موجب لبطلانها لصححناها فيما اذا ترك القيام في الركعة الاولى وقام في الثانية على نحو الترتب والشرط المتقدم وان كانت الركعة الثانية اهم لزم على المكلف ان يصرف قدرته الفعلية في القيام في الثانية وبما انه قد دل إطلاق الخطاب بالقيام في كلتا الركعتين على وجود ملاكه في كل من قيام الركعة الأولى وقيام الركعة الثانية صح ان يأتي المكلف بالقيام في الأولى بنحو الترتب والشرط المتأخر بمعنى ان ترك القيام في الركعة الثانية شرط لوجوبه في الأولى بنحو الشرط المتأخر ولا مانع منه بعد امكانه وصحة الجمع بين الاطلاقين اما في نظر العرف وأما في نظر العقل كما سبق بيانه مفصلا هذا كله مع الغض عن اشكال ان ترك بعض الواجبات من اجزاء الصلاة موجب لبطلانها كما اشرنا اليه في الفرض السابق. اللهم إلّا ان صرف القدرة في الركعة الاولى يوجب العجز عن الركعة الثانية قائما فالواجب عليه ح هو الجلوس وفيه تامل لأنه عصى وصرف القدرة في الأولى هذا على القول بإمكان الشرط

.................................................................................................

______________________________________________________

المتأخر وأنه حدود وإضافات وأما على القول بإنكاره وانكار الواجب المعلق قال المحقق النائيني في الأجود ج ١ ص ٣١٨ اما القسم الاول منها وهو ما كان موجب التزاحم فيه عدم قدرة المكلف على الجمع بين الواجبين من باب الاتفاق كما اذا فرضنا عدم قدرة المكلف على القيام في الركعة الاولى والثانية من صلاة واحدة او عدم قدرته عليه في صلاتين كصلاة الظهر والعصر فإن لم يكن فيه الواجب المتأخر اهم من الواجب المتقدم فقد بينا سابقا ان مقتضى القاعدة فيه لزوم الاتيان بالواجب المتقدم ولا وجه للقول بالتخيير فيه اصلا وأما اذا كان الواجب المتأخر اهم من المتقدم وقع التزاحم بين الخطاب بالمتقدم والخطاب بحفظ القدرة للواجب المتأخر ويتقدم الخطاب بحفظ القدرة لاهمية الواجب المتأخر على الفرض وهذا لا اشكال فيه انما الاشكال في جواز الخطاب بالواجب المتقدم مترتبا على عصيان الخطاب المتأخر وعدمه والحق عدم جوازه لانه يستلزم اشتراط خطاب الواجب المتقدم بالعصيان المتأخر وهو غير معقول وأما الالتزام بكون عنوان التعقب شرطا فقد عرفت انه يدور مدار قيام الدليل عليه ولم يقم ـ مضافا إلى ان عمدة الوجه في جواز الترتب بين خطابي الضدين هو كون المهم مقدورا في ظرف عصيان خطاب الاهم وقابلا لتعلق الخطاب به ح من دون ان يستلزم طلب الجمع بينهما ـ وهذا الوجه مفقود في ما نحن فيه لان العصيان المتأخر لا يوجب قدرة المكلف على الواجب المتقدم مع فرض الخطاب الفعلي بحفظ القدرة للواجب المتأخر المفروض كونه الاهم ومعجزا عن الواجب المتقدم ـ إلى ان قال في وجه عدم جريان الترتب في الفرض ـ فإن المهم لكونه من افراد عصيان خطاب حفظ القدرة للاهم يستحيل اشتراط خطابه بالعصيان المزبور بداهة ان عصيان خطاب حف القدرة اما ان يتحقق بصرف القدرة في المهم او بصرفها في فعل آخر وعلى كلا التقديرين لا

.................................................................................................

______________________________________________________

يعقل اشتراط خطاب المهم به ضرورة ان اشتراطه بالعصيان المتحقق بفعل المهم يستلزم اشتراط طلب الشيء بوجوده وهو طلب الحاصل ـ اي لو صرف القدرة في القيام في الركعة الاولى لا يصح الامر بالقيام في الركعة الاولى على تقدير عصيان خطاب حفظ القدرة لكونه تحصيل للحاصل لفرض ان المكلف في هذا التقدير قد عصى الخطاب المزبور بنفس القيام في الركعة الاولى فيكون موضوع الخطاب الترتبي نفس وجود متعلقه فيكون الامر به على فرض وجوده تحصيل للحاصل ـ كما ان اشتراطه بالعصيان المتحقق بصرف القدرة في فعل آخر يستلزم تعلق الطلب بالمحال لانه يستحيل الاتيان بالمهم على تقدير صرف القدرة في غيره فكيف يعقل اشتراط طلبه به ـ اي عصيان خطاب حفظ القدرة ان كان للقيام لعمل آخر غير الصلاة فأيضا يمتنع الأمر بالقيام في الركعة الاولى على تقدير عصيان خطاب حفظ القدرة بالقيام في بعض الأعمال غير الصلاة لخروجه ح عن الركعة الاولى وغيرها من أجزاء الصلاة بالخروج عن نفس الصلاة لأجل العمل المنافي لها ـ هذا مضافا إلى انه لا موجب لاشتراط خطاب المهم بصرف القدرة في فعل آخر مع وضوح انه لا ارتباط بين طلب المهم وصرف القدرة فيما هو اجنبي عن الاهم والمهم ـ وهذا البحث مطرد في كل مورد كان المهم فيه من مصاديق ما به يتحقق عصيان خطاب الاهم ولأجل ذلك لا يمكن الخطاب الترتبي في موارد اجتماع الامر والنهي بأن يكون الخطاب بالصلاة مثلا مشروطا بعصيان حرمة الغصب لأن عصيان حرمة الغصب أما أن يتحقق في الخارج بفعل الصلاة او بفعل آخر غيرها وعلى كل تقدير يستحيل طلب الصلاة عند تحقق عصيان الحرمة المزبورة لأنه طلب الحاصل او المستحيل وبالجملة لا بد في موارد الخطاب الترتبي من عدم كون المهم من افراد عصيان خطاب الاهم كما هو الحال في الصلاة مع الإزالة فإن الصلاة

.................................................................................................

______________________________________________________

كغيرها من الافعال المضادة للإزالة ملازمة لعصيان خطابها لا انها من افراده فيصح الخطاب بها مشروطا بعصيانه. ذكر استادنا البجنوردي في المنتهى ج ١ ص ٣٦٣ ان قلت في جميع موارد الترتب يرد هذا الاشكال حتى في مثل الازالة والصلاة فإن عدم الازالة الذي هو شرط الصلاة أما ان ينطبق على الصلاة فيلزم طلب الحاصل وأما أن ينطبق على فعل آخر فيلزم طلب الممتنع وأما ان يراد من الشرط الجامع بين الأمرين فيلزم كلاهما كما ذكرنا في اشتراط عصيان حفظ القدرة طابق النعل بالنعل قلت بين المقامين فرق واضح لأن في اشتراط وجوب أحد الضدين بعصيان الامر المتعلق بالضد الآخر كوجوب الصلاة بالنسبة إلى عصيان الازالة ليس وجود هذا الضد اي الصلاة مثلا من مصاديق عدم الازالة ولا من لوازمه بل من مقارناته وهكذا الحال في جميع الاضداد الوجودية للازالة أما عدم كونها مصاديق له لان وجود اضداد الشيء ليست مصاديق لعدم ذلك الشيء لان عدم ذلك الشيء عدم والوجود لا يمكن ان يكون مصداق للعدم وأما عدم كونها من لوازمه اذ من الممكن انه عند ترك الازالة مثلا لا يصدر منه فعل وجودي أصلا وهذا بخلاف المقام لان حفظ القدرة عبارة عن عدم اعمالها في شيء فعصيانه يكون عبارة عن عدم عدم اعمالها فيكون الشرط في الحقيقة هو اعمال القدرة في شيء وذلك الشيء أما أن يكون هو المهم المفروض فيكون طلب الحاصل وأما ان يكون غيره فيكون طلب الممتنع وأما أن يكون الجامع فيلزم كلا المحذورين. واورد على المحقق النائيني استادنا الآملي في المنتهى ص ٧٥ بقوله ولا يخفى ما في هذا الكلام من مواقع النظر أما أولا فلما عرفت فيما حققناه من إمكان الواجب المعلق والشرط المتأخر وعليه يكون القيام في الركعة الثانية واجبا على المكلف قبل الاتيان بالركعة الاولى وبما انه اهم من القيام في الركعة الاولى يتعين التكليف به فإذا

.................................................................................................

______________________________________________________

عزم المكلف على عصيان الخطاب بالقيام في الركعة الثانية وقام في الاولى فلا مانع من الخطاب بالقيام فيها بنحو الترتب على عصيان خطاب القيام في الثانية بنحو الشرط المتأخر وأما ثانيا فلانا لو سلمنا امتناع الواجب المعلق في المقام ووقوع التزاحم بين خطاب القيام في الركعة الاولى وخطاب حفظ القدرة للقيام في الثانية لما كان الامر بالقيام في الاولى مشروطا بعصيان خطاب حفظ القدرة لغوا لان اشتراط التكليف بشرط لا يستلزم إلّا مقارنة فعلية التكليف لوجود شرطه ولا ريب في أن المكلف حين شروعه في عصيان خطاب حفظ القدرة يتأتى منه عصيان هذا الخطاب بالقيام في غير الصلاة ومعه لا يكون الأمر بالقيام في الركعة الاولى بشرط عصيان الخطاب المزبور لغوا لتمكن المكلف من ترك القيام في الاولى مع عصيان ذلك بالقيام في عمل آخر غير الصلاة نعم لو كان اشتراط التكليف بشرط يستدعي تقدم الشرط زمانا على التكليف لصح ما أفاده المحقق المزبور من ان التكليف بالقيام في الاولى بنحو الترتب يكون لغوا الحصول متعلقة في الخارج هذا اذا كان التكليف بأجزاء العبادة توصليا كما هو المعروف وإلّا فلا يكون لغوا أيضا لتوقف تحقق التقرب بالجزء على الأمر به ولكن قد عرفت فيما تقدم ان الركن الوطيد في بناء الترتب المشيد هو اعتبار المقارنة بين التكليف الترتبي وشرطه اعني به عصيان خطاب الاهم اذ معها يتصور اجتماع الخطابين في آن واحد ويكون ذلك محور للنزاع في إمكان الترتب وعدمه ، وأما اذا اعتبرنا التقدم الزماني في شرط الخطاب الترتبي فلا موجب لتوهم امتناعه اذ لا مانع من الخطاب بالضد في وقت عدم الخطاب بضده ولو لسقوطه بالعصيان ومن هذا البيان يتضح لك انه لا فرق بين مثل الفرض المذكور اعني به كون عصيان خطاب الاهم مستلزما لأحد فعلين وبين مثل مورد التكليف بالازالة والصلاة الذي لا يستلزم تركهما فيه فعلا ما

.................................................................................................

______________________________________________________

من فعال المكلف فكما ان المكلف في مورد التكليف عليه بالازالة ثم بالصلاة يتمكن من الصلاة وعدمها عند ترك الازالة فيكون مختارا في فعل الصلاة ولا يستلزم ترك الازالة لفعلها كذلك في الفرض المزبور فإن المكلف اذا ترك حفظ القدرة كان متمكنا من القيام في الركعة الأولى وعدمه ولو بالقيام في عمل آخر غير الصلاة ولا يستلزم ترك حفظ القدرة فعل القيام في الركعة الاولى بل المكلف يكون حين ترك امتثال خطاب حفظ القدرة مختارا في القيام في الاولى وعدمه ، وايضا اتضح لك أن القيام في الركعة الاولى او في عمل آخر غير الصلاة لا يكون مصداقا لترك حفظ القدرة بل يكون ترك حفظ القدر من لوازم ذلك القيام او من مقارناته كما هو شأن ترك الإزالة مع الصلاة اذ لا يعقل ان يكون الفعل الوجودي والامر الثبوتي مصداقا لمفهوم عدمي سلبي ومما ذكرنا ظهر امكان جريان الترتب في موارد اجتماع الامر والنهي بناء على الجواز ولا سيما على مذهب من اختار أن المجمع مركب من متعلقي الأمر والنهي تركيبا انضماميا بيانه انه لا ريب في أن الصلاة ليس مصداقا للغصب بناء على الجواز ولا سيما على التركيب الانضمامي بل تكون من لوازمه او مقارناته كما ان الغصب ايضا كذلك بالنسبة إلى الصلاة فيجوز حيثما يشرع فيه وفي عصيان نهيه ان يأمره المولى بالصلاة ولا يكون امره بها لغوا لما اشرنا اليه من ان اشتراط التكليف بشرط لا يستلزم إلّا مقارنة فعلية التكليف لوجود ذلك الشرط وحين المقارنة يتمكن المكلف من فعل الصلاة وتركها لامكان ان يغصب بغير الصلاة وح يكون المكلف مختارا في فعل الصلاة حين الغصب وتركها بفعل غيرها فيصح تعلق التكليف بها بنحو الترتب نعم لو كان اشتراط التكليف بشرط يستلزم تأخر التكليف زمانا عن وجود شرطه لكان التكليف بنحو الترتب من غير العبادات لغوا وأما فيها فلا لتوقف التقرب على الأمر بها ولا

.................................................................................................

______________________________________________________

يكون تعلقه بالعبادة بنحو الترتب لغوا ولو قيل باستلزام الشرطية التأخر الزماني كما لا يخفى وعليه تصح الصلاة في المكان المغصوب مع العلم بالغصب وحكمه لامكان التقرب بها بامتثال امرها فضلا عن ملاكه اذا لم نقل بكون القبح الفاعلي مانعا من التقرب بالمجمع وأما اذا قلنا بكونه مانعا منه فلا تصح الصلاة لامتناع التقرب بها ولو بداعي ملاكها لاتحاد كل من الفاعل والايجاد للمجمع وأن كان هو مركبا في نفسه من موجودين احدهما مبغوض والآخر محبوب إلّا ان ذلك الايجاد الواحد يمتنع في نظر العقلاء ان يكون موجبا لاستحقاق العقاب في نفس الوقت الذي يكون موجبا لاستحقاق الثواب فيه نعم تصح الصلاة بنحو الترتب فضلا عن الملاك فيما لو جهل الغصب لما اشرنا اليه من ان شرط الامر بالمهم في مورد الترتب هو ترك امتثال امر الاهم لا خصوص عصيانه وعليه يكون المكلف في حال الجهل بالغصب او بحكمه عن قصور مامورا بالصلاة لتحقق شرط الامر بها وهو ترك امتثال النهي عن الغصب هذا كله بناء على الجواز اذ عليه يكون المجمع مورد التزاحم خطاب لا تغصب وخطاب صل بالاتفاق فعلي القول بترجيح جانب النهي يمكن القول بصحة الصلاة للقائل بالجواز والترتب وأما على القول بالامتناع فعلى القول بالتعارض في المجمع لا يمكن القول بجريان الترتب فيه لعدم الملاك الموجب لفعلية الخطاب بالمجمع حين ترك امتثال الخطاب الآخر وأما على المختار من ان المجمع ولو على الامتناع يكون من موارد التزاحم ايضا كما اشرنا اليه فيما سبق فيمكن جريان الترتب ايضا بلا محذور من حيث الثبوت ولا قصور من حيث الاثبات اما الاول فلعدم استلزام وجود الغصب في الخارج وجود الصلاة في المكان المغصوب بل يمكن تحقق الغصب بغير العمل الصلاتي فلا يكون الامر بالصلاة مرتبا على عصيان النهي عن الغصب لغوا لتمكن المكلف حين

.................................................................................................

______________________________________________________

الشروع في عصيان النهي عنه من ايجاده بعمل غير الصلاة كتمكنه من ايجاده بنفس الصلاة فإذا كان المكلف مختارا في فعل الصلاة وتركها حين الشروع في الغصب جاز أمره بها بشرط عصيان النهي عن الغصب وأما الثاني فلإطلاق الخطاب بالصلاة الشامل لمورد الاجتماع الكاشف عن تحقق ملاك الامر فيه إلّا انه يشكل التقرب بمثل هذه الصلاة للمحذور المزبور في صحة الصلاة بناء على جواز الاجتماع بل ذلك المحذور يكون اشد لزوما منه بناء على الامتناع كما لا يخفى. وذكر استادنا الخوئي قدس‌سره بمثل ما تقدم في الايراد على المحقق النائيني في هامش الاجود ج ١ ص ٣١٨ في قوله وأما اذا كان الواجب المتأخر اهم. قال لا يخفى ان جعل المزاحم للواجب الفعلي وجوب حفظ القدرة للواجب المتأخر انما يتم على القول باستحالة الواجب المعلق وفي الموارد التي كان الواجب المتأخر مشروطا بما يوجد بعد ذلك وأما في غير تلك الموارد فإن قلنا بإمكان الواجب المعلق كما هو الصحيح كان التزاحم بين وجوب الواجب الفعلي ونفس وجوب الواجب المتأخر كما هو ظاهر ـ واورد على الالتزام بالترتب في المقام على خلاف القاعدة. في ص ٣١٩ المفروض في المقام هو اشتمال الواجب المهم على الملاك الملزم في نفسه وانه لا مانع من طلبه مشروطا بتعقبه بالعصيان المتأخر فلا موجب لرفع المولى يده عن طلبه كذلك وتفويته الملاك الملزم وعليه فلا حاجة الى دليل بالخصوص على كون عنوان التعقب بالعصيان شرطا لوجوب الواجب المتقدم وبالجملة اذا بنينا على إمكان الترتب فلا فرق في ذلك بين كون الواجبين عرضيين وكونهما طوليين ومن ما ذكرناه يظهر انه لا موجب للالتزام باشتراط وجوب المهم بعصيان خطاب حفظ القدرة للواجب المتأخر ليرد عليه ما أفيد في المتن من استلزامه طلب الواجب او المستحيل الخ وفيه ان الشرط نفس العصيان لا وصف التعقب وإلّا

.................................................................................................

______________________________________________________

لزم كون الحكم فعليا بوصف التعقب وأن لم يحصل العصيان خارجا فالوصف لا اثر له فالصحيح ما ذكرناه الموضع العاشر وقع الكلام في النهي عن المقدمة المحرمة كالتصرف في الارض المغصوبة حيث يتوقف الواجب على ايجادها كانقاذ الغريق بنحو الترتب وذلك فيما اذا كان وجود الواجب اهم من ترك المقدم المحرمة ويكون الامر بذيها فعليا حيث يعصي المكلف الخطاب المتعلق بذيها فيه قولان ذهب المحقق النائيني بإمكان جريان الترتب فيه وذهب الاساتذة الآملي والخوئي إلى عدم جريان الترتب فيه ولذا قال استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٢١ قد تقدم انه بناء على ثبوت الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته لا مناص عن الالتزام بوجوب المقدم الموصلة وانه يستحيل الالتزام بالترتب في موارد توقف الواجب الفعلي على المقدمة المحرمة. وسيأتي مفصلا ذكر المحقق النائيني في الفوائد ج ١ ص ٣٨٣ في المسألة الثالثة من مسائل الترتب هي ما اذا كان التزاحم واقعا بين المقدمة وذيها والاقوى جريان الترتب فيها وتفصيل الكلام في ذلك هو ان المقدمة اما ان تكون سابقة في الوجود على ذيها كالتصرف في ارض الغير لانقاذ الغريق وأما ان تكون مقارنة في الوجود لذيها كالتصرف في الماء الذي وقع الغريق فيه لانقاذه وكترك احد الضدين لوجود الآخر بناء على مقدمية ترك احد الضدين لوجود الآخر فينبغي عقد الكلام في مقامين المقام الاول في المقدمة السابقة في الوجود على ذيها والكلام فيها يقع من جهات الجهة الأولى قد تقدم ان المقدمة المحرمة ذاتا بحسب حكمها الاولى لا تسقط حرمتها بمجرد كونها مقدمة لواجب بل ان كان وجوب ذي المقدمة اهم من حرمة المقدمة ففي مثل هذا تسقط حرمتها وتجب بالوجوب المقدمي وان لم تكن اهم فحرمة المقدمة باقية على حالها ولا تصل النوبة إلى التخيير في صورة التساوي ـ وانه بناء على المختار

.................................................................................................

______________________________________________________

من كون التخيير عقليا لا يتحقق التخيير بين المقدمة وذيها بل ان كان ذو المقدمة اهم كان بأهميته موجبا للتعجيز عن المقدمة وسلب القدرة عنها فتجب وان لم تكن اهم فلا معجز مولوي يوجب سقوط الحرمة عن المقدمة بل يكون حرمتها الحالية معجزا عن وجوب ذيها فلا يجب وتبقى الحرمة على حالها ولا يختص هذا بالمقدمة السابقة في الوجود على ذينها بل يجري في المقدمة المقارنة ايضا لوضوح ان التصرف في ماء الغير انما يجب اذا توقف عليه واجب اهم من انقاذ نفس محترمة او تلف مال كثير واما اذا لم يكن الواجب اهم فحرمة التصرف تبقى على حالها اذ ليس له معجز مولوي عن ذلك الخ وتوضيح ذلك ان ملاك الحرمة تام وغير مغلوب لملاك الوجوب الغيري لتبعية قوته لقوة ملاك الوجوب النفسي في ظرفه والمفروض انّهما متساويان وليس الوجوب النفسي فعليا في ظرف وجود المقدمة المحرمة لتستلزم فعلية وجوبه وجوب جميع مقدماته لامتناع الواجب المعلق فلم يبق في هذا الفرض ما يزاحم فعلية الحرمة في المقدمة المحرمة فلا محاله تكون حرمتها فعلية اذ مقتضيها موجود والمانع منها مفقود واورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ٧٨ بقوله وفيه انه مع فرض تساوي الحرام والواجب في نظر الشارع لا بد من القول بالاباحة في مورد المزاحمة فكما يجوز ترك الواجب المتوقف على مقدمة محرمة ليس هو بأهم منها عند الشارع كذلك يجوز فعل المقدمة المحرمة التي ليست هي بأهم من الواجب المتوقف عليها ، وأما توهم انه في فرض التساوي وتقدم زمان امتثال التكليف بالمقدمة المحرمة على زمان امتثال التكليف بفعل ذي المقدمة يتفرد ملاك النهي في المقدمة المحرمة في التأثير لعدم مزاحمة واجب له في ظرفه لفرض تأخر زمان ذي المقدمة عن زمان النهي عنها مع امتناع الواجب المعلق ولعدم إمكان الخطاب بحفظ القدرة للواجب ذي المقدمة في ظرفها لأن

.................................................................................................

______________________________________________________

حفظ القدرة في المقام انما يكون بفعل المقدمة المحرمة وبما ان المفروض هو تساوي المقدمة المحرمة وذيها الواجب في نظر الشارع يكون متمم الجعل اعني به الخطاب بحفظ القدرة مساويا في الاهمية للخطاب بترك المقدمة المحرمة ولا محالة يتولد من تساويهما التخيير في حفظ القدرة بفعل المقدمة المحرمة وامتثال النهي عنها بتركها ولا ريب انه لا محصل للخطاب تخييرا بين فعل الشيء وتركه فهو مدفوع اما اولا فلأنه قد تقدم ان التحقيق هو إمكان الواجب المعلق وأما ثانيا فلأن القائل بهذا القول يقول بفعلية وجوب الواجب المتوقف على مقدمات تتقدم على وجوده زمانا وان لم يتحقق شيء منها فلنفرض الواجب المتوقف على مقدمة محرمة من هذا القبيل ومعه تتحقق المزاحمة بين وجوب ذي المقدمة وحرمتها ومما يرشد إلى ذلك التزامه بسقوط الكراهة عن المقدمة المكروهة حيث يتوقف عليها واجب فعلى فاتضح مما تقدم ان المقدمة المحرمة تسقط حرمتها وتصير واجبة وجوبا غيريا فيما اذا كان المتوقف عليها وجوده اهم من تركها في نظر الشارع اذ تصير مباحة او محرمة تخييرا بين تركها وفعل الواجب المتوقف عليها فيما اذا كان الواجب المتوقف عليها مساويا لها في نظر الشارع دون ما اذا كان اهم كما لا يخفى. والامر كما ذكره.

قال المحقق النائيني في الفوائد ج ١ ص ٣٨٤ الجهة الثانية قد تقدم في مبحث مقدمة الواجب ان الذوق والاعتبار يأبى عن وقوع المقدمة المحرمة الذاتية على صفة الوجوب والمطلوبيّة الغيرية مطلقا ولو لم يقصد بها فعل ذي المقدمة ولا ترتب عليها ذلك لوضوح انه لا يمكن الالتزام بكون التصرف في أرض الغير واجبا لمجرد انه توقف انقاذ الغريق عليه مع ان الشخص لم ينصرف لأجل ذلك بل قصد في تصرفه النزهة والعدوان والتفرج فإن دعوى كون التصرف مع هذا

.................................................................................................

______________________________________________________

واجبا ومطلوبا يكذبها الوجدان والاعتبار. واورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ٨٠ بقوله وفيه ان صدور مثل هذا الكلام من مثل هذا الهمام مما يراه العقل من شواذ الاوهام وذلك لأن ملاك الوجوب الغيري ان كان هو الايصال في الواقع فلا محالة تكون المقدمة المحرمة الموصلة في الواقع مشتملة على ملاك الوجوب الغيري وواجبة به غاية لامر ان المكلف اذا فعلها مع التفاته الى حرمتها وعدم قصد التوصل بها إلى الواجب المتوقف عليها يكون متجريا وأن فعله بعد ذلك كمن فعل بعض الواجبات في الواقع مع اعتقاده بحرمته فلو قلنا بحرمة الفعل المتجري به لصارت المقدمة المزبورة محرمة بعنوان التجري لا بملاك حرمتها الواقعية وهذا شيء اجنبي عما كان القائل المذكور بصدد إثباته. ونعم ما أفاد.

الجهة الثالثة : قال المحقق النائيني في الفوائد ج ١ ص ٣٨٥ وبالجملة الدعوى هو ان كل حكم كان للمقدمة مع قطع النظر عن عروض وصف المقدمية عليها فهو محفوظ في حال ترك ذي المقدمة اعني الواجب الذي فرضناه اهم وذلك لا يكون إلّا بالامر الترتبي الذي قد تقدم الكلام عنه وعن امكانه بل وقوعه نعم يختص الامر الترتبي في المقام ببعض الاشكالات التي لا تردد على الامر الترتبي في سائر المقامات وحاصل تلك الاشكالات يرجع إلى أمرين الأول ان الأمر الترتبي في المقام يوجب اجتماع الوجوب والحرمة في نفس المقدمة ـ اي بعنوان كونها مقدمة تكون واجبة وبجريان الترتب فيها تكون محرمة ـ والوجوب والحرمة متضادان لا يمكن اجتماعهما الثاني ان الامر الترتبي في المقام يتوقف على القول بالشرط المتأخر لأن الحرمة ح تكون مشروطة بعصيان ذي المقدمة ـ اي الامر النفسي المتوقف على تلك المقدمة المحرمة ـ المتأخر زمانا عن المقدمة ولم يقم دليل بالخصوص على اعتبار الشرط

.................................................................................................

______________________________________________________

المتأخر في المقام حتى نرجعه إلى وصف التعقب وسيتضح لك دفع الاشكالين بما سنذكره في الجهة الثالثة التي نذكر فيها مقدمتين لبيان جريان الامر الترتبي في المقام المقدمة الاولى لا إشكال في أن الأمر بالمقدمة انما يكون في رتبة كون المولى بصدد تحصيل مراده من ذي المقدمة وفي مرتبة الوصول إلى غرضه ومطلوبه النفسي فانه في هذه المرتبة تنقدح ارادة المقدمة في نفس المولى لوضوح ان ارادة المقدمة لا تكون الا لمكان الوصول إلى ذيها فتكون واقعة في رتبة الوصول إلى ذي المقدمة وكون المولى بصدد تحصيله لا في رتبة اليأس عن ذي المقدمة وعدم الوصول اليه فإن هذه المرتبة ليست مرتبة انقداح إرادة المقدمة في نفس المولى وذلك واضح ـ اي الأمر بالمقدمة في رتبة البعث إلى ذيها وفي مرتبته لكن من حيث اقتضائه لتحقق الواجب النفسي لا في رتبة عصيان الامر بذيها فالمقدمة انما وجبت من حيث الإيصال ـ المقدمة الثانية قد تقدم في المقدمة الرابعة من مقدمات الترتب انه لا يعقل الإطلاق والتقييد لحاظا بالنسبة الى حالتي فعل الواجب وتركه ـ الى أن قال ـ هذا في كل واجب نتيجة وبالنسبة إلى حالتي فعله وتركه وأما بالنسبة إلى حالتي فعل واجب آخر وتركه فالاطلاق والتقييد بمكان من الامكان ـ في الواجبين الملحوظين على جهة الاستقلالية والاسمية كالصوم والصلاة ـ وأما اذا كان احد الواجبين ملحوظا على جهة التبعية والحرفية كالامر المقدمي فهو في الإطلاق والاشتراط والاهمال تابع للامر بذي المقدمة ـ لان الامر المقدمي انما يتولد من الامر بذي المقدمة ـ وحيث كان الامر بذي المقدمة مهملا بالنسبة إلى حالتي فعله وتركه فلا بد من ان يكون الامر المقدمي ايضا مهملا بالنسبة إلى حالتي فعل ذي المقدمة وتركه فلا يكون فيه إطلاق ولا تقييد بالنسبة إلى ذلك بل يكون الامر المقدمي كالامر بذيها مقتضيا في عالم التشريع لرفع الترك عن ذي المقدمة

.................................................................................................

______________________________________________________

وطاردا له ـ اي المقدمة انما تتصف بالوجوب اذا وقعت في سبيل التوصل بها إلى الواجب النفسي المتوقف عليها فإذا لم تقع في سبيل التوصل إلى ذيها فلا موجب لاتصافها بالوجوب واذا فرض انها ذات ملاك يقتضي تحريمها فلا مانع ح من اتصافها بالحرمة ـ كما سيتعرض ـ وبعد ما عرفت ذلك يتضح جريان الامر الترتبي في باب المقدمة وذيها وانه لا مانع من انحفاظ حرمة المقدمة او كل حكم فرض لها ولو كان هو الاباحة في مرتبة ترك ذي المقدمة وعصيان امره بحيث يكون الحكم الآملي لها مترتبا على عصيان ذي المقدمة فإن هذه الرتبة ليست رتبة الامر بالمقدمة لانا قد فرضنا ان الامر بالمقدمة مهمل بالنسبة إلى حالة ترك ذي المقدمة وعصيانه بل الامر بالمقدمة يكون في الرتبة السابقة على ذلك وهي رتبة الوصول إلى ذي المقدمة لا على وجه يكون مقيدا بذلك حتى يرجع إلى المقدمة الموصلة بل هو واقع في تلك الرتبة مع كونه مهملا بالنسبة إلى حالتي الفعل والترك فارتفع الاشكال الاول الذي ذكرنا انه مختص بالامر الترتبي في المقام وهو لزوم اجتماع الحكمين المتضادين في المقدمة لان الحكمين وان اجتمعا في المقدمة زمانا إلّا انهما قد اختلفا بالرتبة حيث ان الامر واقع في رتبة الوصول والنهي واقع في رتبة اليأس وترك الوصول بعصيان ذي المقدمة ولا مانع من اجتماع الحكمين المتضادين في الزمان مع اختلافها بالرتبة ـ ويعتبر في النقيضين الممتنعي الجمع وحدة الرتبة ـ اي توضيحه ان وجوب المقدمة في رتبة وجوب ذيها وحرمتها متأخرة برتبة واحدة عن عصيان الامر بذيها وعصيانه متأخر عنه أيضا برتبة واحدة فتكون الحرمة متأخرة عن الوجوب بمرتبتين ومعه لا وجه لدعوى اجتماعهما في موضوع واحد ـ نعم يبقى إشكال استلزام الأمر الترتبي في المقام للشرط المتأخر الذي لم يقم عليه دليل بالخصوص ولكن هذا الأشكال أيضا مندفع بأن الشرط

.................................................................................................

______________________________________________________

المتأخر في المقام مما يحكم به العقل ويستقل به بعد ما بينا سابقا من إباء الذوق والاعتبار عن اتصاف المقدمة بالمطلوبية مطلقا على أي وجه اتفقت ولو كان التصرف في ارض الغير مثلا لأجل التنزه والتفرج وبعد ما بيناه من ان الأمر بالمقدمة واقع في رتبة الوصول إلى ذيها لا في رتبة اليأس عنه وبعد ما كان كل مقدمة منقسمة في حد ذاتها إلى ما يتعقبها وجود ذي المقدمة وما لا يتعقبها فإن هذه الأمور توجب استقلال العقل باعتبار الشرط المتأخر فهو مما قام عليه دليل بالخصوص غايته انه ليس شرعيّا بل عقليا والحاصل انه لا يختص اعتبار الشرط المتأخر بمعنى التعقب بباب القدرة بل يجري في المقام أيضا لأن صريح العقل والوجدان حاكم باعتبار الشرط المتأخر بمعنى التعقب بعد ما كان الوجدان شاهدا على عدم وقوع المقدمة على صفة المطلوبية كيف ما اتفقت وهذا الوجدان هو الذي اوجب الشرط المتأخر وأوجب الأمر الترتبي ـ اي يرى العقل ان شرط اتصافها بالحرمة هو تعقبها بعدم ترتب الواجب النفسي عليها لا نفس عدم الواجب في ظرفه ليلزم توقف حرمتها على الشرط المتأخر ـ. وأورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ٨١ وقال ولا يخفى ما فيه من مواقع النظر اما اولا فانه لا يعقل ان يكون وجوب المقدمة في رتبة وجوب ذي المقدمة لكونه مترشحا منه ترشح المعلول من علته كما انه لا يعقل ان يكون وجوب المقدمة داعيا وباعثا إلى الاتيان بذيها لان كل امر انما يكون داعيا وباعثا إلى إيجاد متعلقه لا متعلق غيره كما واضح. وبعبارة اخرى ذكر استادنا الخوئي في هامش الأجود ج ١ ص ٣٢١ لا يخفى عليك ان كل خطاب لا يقتضي إلّا حصول متعلقه في الخارج سواء في ذلك وجوب النفسي والوجوب الغيري ويستحيل ان يكون وجوب شيء مقتضيا لحصول غير ما تعلق به فلا وجه لما افيد في المتن من كون الوجوب الغيري في مرتبة الوجوب النفسي من

.................................................................................................

______________________________________________________

حيث اقتضائه لتحقق الواجب النفسي. قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٨٢ وأما ثانيا فانه لا ضرورة فيما اتعب نفسه في إثباته من دعوى كون الوجوب الغيري في رتبة الوجوب النفسي لاستنتاج فأخر حرمة المقدمة عن وجوبها في الرتبة فإن ذلك حاصل ولو قلنا باختلاف الوجوب النفسي والوجوب الغيري في الرتبة وتأخر الواجب الغيري عن النفسي رتبة كما هو الحق وذلك لان حرمة المقدمة اذا كانت مشروطة بعصيان الوجوب النفسي كانت الحرمة متأخرة عن العصيان المزبور وهو في رتبة الوجوب الغير لانهما كليهما متأخران عن الوجوب النفسي فتكون حرمة المقدمة متأخرة عن وجوبها وبذلك يندفع إشكال اجتماع الضدين في موضوع واحد وأما ثالثا فانه لا ريب في ان كل خطاب وان ورد في مقام البيان لا إطلاق له بالاضافة إلى اطاعة نفسه وعصيانه لحاظا كما انه لا ريب في قبوله للإطلاق اللحاظي بالاضافة إلى إطاعة غير وعصيانه فما ذكره قدس‌سره من ان الامر الغيري لا إطلاق له بالاضافة إلى إطاعة وعصيان الامر النفسي المتوقف امتثاله على امتثاله وبهذا يبني على وجوب المقدمة مهملة لاستحالة الإطلاق والتقييد بالايصال لا وجه له على إطلاقه لانه ان اراد انه لا إطلاق له حتى بالاضافة إلى عصيان الامر النفسي المترتب على ترك مقدمة غير المقدمة التي وقع الكلام في إطلاق وجوبها وعدمه فهو غير صحيح وإلّا كان القول بوجوب المقدمة مطلقا موصلة كانت ام غير موصلة قولا بالممتنع مع انه ليس كذلك حتى ان القائل بالموصلة لم ينكر على القائل بوجوب المقدمة هذا القول من أجل انه قول بالممتنع بل استند في إثبات مدعاه ، وإبطال مدعى غيره إلى دليل آخر ولو كان الإطلاق المزبور ممتنعا لكان الاجدر في الاستناد في الصحة والفساد إلى امتناع الإطلاق المزبور وإمكان غيره وان اراد انه لا إطلاق له بالاضافة إلى عصيان الواجب النفسي المترتب على ترك

.................................................................................................

______________________________________________________

خصوص المقدمة التي وقع الكلام في إطلاق وجوبها وعدمه فهو صحيح إلّا انه في الحقيقة يرجع إلى عدم إمكان إطلاق الخطاب بالاضافة إلى إطاعة نفسه وعصيانه كما لا يخفى وأما رابعا فإن اجتماع الضدين في موضوع واحد انما يكون بنفس الوجود لا برتبة الوجود او الموجود فلا يكون اختلافها موجبا لتعدد الموضوع وهو واضح ولا موجبا لتخالف الموجودين كالبياض والحلاوة ليجوز اجتماعهما في موضوع واحد والتحقيق هو عدم إمكان جريان الترتب في المقدمة المحرمة اما على القول باشتراط وجوب المقدمة بالايصال فواضح اذ على فرض عصيان الامر المتعلق بذيها لا تكون مقدمته واجبة لعدم شرط وجوبها اعني به الايصال فلا تكون المقدمة ح الا محرمة من اول التشريع إلى حين العمل وعلى هذا ينقسم طبيعي المقدمة المحرمة إلى حصتين إحداهما واجبة بالوجوب الغيري من اول الامر وهي الحصة التي تقع في طريق التوصل والايصال إلى ذيها الثانية محرمة من اول الامر ايضا الى حين الاتيان بها وهى التي لم تقع في طريق الايصال إلى ذيها فلم يكن هناك شيء واحد توارد عليه حكمان باعتبارين نعم بناء على مذهبنا في الترتب من ان الواجب حين عصيان امر الاهم هى حصة من المهم لا ان الامر المتعلق بالمهم مشروطا بعصيان امر الاهم او بتركه ليكون في طوله كما هو مذهب المشهور تكون المقدمة الواقعة في طريق الايصال إلى ذيها واجبة مطلقا بمعنى ان الايصال ليس شرطا للوجوب بل هو من قبيل شروط الواجب وقيوده إلّا انه مع ذلك لا مجال للترتب اذ هنا ايضا ينقسم طبيعي المقدمة المحرمة إلى حصتين إحداهما واجبة بالوجوب الغيري ليس إلّا ـ أي المقترنة بذيها ـ والثانية محرمة نفسية ليس إلّا ـ اي غير المقترنة ـ فلا يتصور اجتماع حكمين فعليين ولو بالترتب وأما بناء على كون وجوب المقدمة غير مشروط بالايصال ولا بنحو الحينية كما هو المختار

.................................................................................................

______________________________________________________

فكذلك لان ترك ذي المقدمة الذي هو شرط في حرمة المقدمة في هذا الفرض ان كان الترك المستند إلى ترك المقدمة المحرمة التي تكون حرمتها محل الكلام بالفعل يلزم ان يكون النهي عنها معلقا على تركها في الحقيقة ولا ريب في كون مثل هذا التكليف بهذا النحو لغوا لكونه تحصيلا للحاصل وان كان شرط حرمة المقدمة هو ترك ذي المقدمة المستند إلى ترك غير المقدمة المحرمة لم يلزم كون التكليف بتركها لغوا ولكن يلزم ان يكون فعل واحد مأمورا به ومنهيا عنه في وقت واحد لأن كون المقدمة الواجبة هي ذات المقدمة المهملة من حيث الايصال وعدمه غير معقول كما اشرنا اليه فيما سبق فلا محالة يكون وجوب المقدمة مطلقا من حيث تقدير إطاعة الامر المتعلق بذيها وعصيانه ومعه تقع المطاردة بين الامر المتعلق بها والنهي الحاصل عنها حين ترك ذيها لانه معلق على تقدير عصيان الامر المتعلق بذيها هذا كله فيما اذا كانت المقدمة سابقة في الزمان على ذيها وأما اذا كانت مقارنة له مثل ترك احد الضدين بالنسبة إلى وجود ضده بناء على المقدمية فقد يقال بإمكان وجوب ترك المهم غيريا وحرمته مترتبا على عصيان خطاب الاهم بتقريب ان ترك المهم مقدمة لفعل الاهم فيكون واجبا وبما ان إطلاق النهي عن المهم بتناول مورد ترك الاهم ولا مانع من فعليته مشروطا بعصيان خطاب الاهم فيكون محرما وهذا النحو من المقدمة المحرمة يجري فيه من الكلام ما جرى في النحو الاول منها الا الاشكال من جهة الشرط المتأخر فانه لا يتوجه في هذا النحو من المقدمة المحرمة لفرض اقترانها بذيها في مقام الامتثال وبعدمه حال العصيان ومما ذكرنا فيما سبق تعرف ان هذا النحو من المقدمة المحرمة لا يجري فيه الترتب المشهور ايضا لانه ان قلنا بأن متعلق الوجوب الغيري هي المقدمة الموصلة أو قلنا بأن الوجوب الغيري يتعلق بالمقدمة بنحو القضيّة الحينية فالواجب بالوجوب

.................................................................................................

______________________________________________________

الغيري غير المحرم بالحرمة النفسية لصيرورة طبيعي المقدمة حصتين إحداهما ما يكون واجبا ليس إلّا وثانيتهما ما يكن محرما ليس إلّا وان قلنا بعدم اشتراط الوجوب الغيري بالايصال او بعدم القضية الحينية فلا محاله يكون وجوب المقدمة مطلقا لاستحالة الاهمال في الواقع ومعه تكون المقدمة في فرض ترك ذيها متعلقة للامر الغيري والنهي النفسي المعلق على ترك ذيها كما هو المفروض فلاحظ. والامر كما ذكره.

الموضع الحادي عشر فيه امرين الامر الاول ذكر المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٢٦ وأما القسم الثالث وهو ما اذا كان التزاحم ناشئا من ملازمة وجود الواجب لوجود الحرام اتفاقا كما اذا فرضنا حرمة استدبار الجدي المستلزم لوقوع التزاحم بينها وبين وجوب استقبال القبلة بالنسبة إلى اهل العراق مثلا فان لم يكن احد الحكمين اهم من الآخر سقط كلاهما والاقدام الاهم وسقط خطاب المهم رأسا ولا يمكن الالتزام بالترتب في هذا الفرض لان عصيان خطاب الاهم كاستقبال القبلة في المثال على تقدير كونه الاهم لا يكون إلّا باستدبارها فتعلق الخطاب به معلقا على عصيان وجوب الاستقبال يستلزم طلب الحاصل وهو غير معقول. قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٨٥ لا ريب في امتناع الترتب في فيما اذا كان التزاحم ناشئا عن ملازمة وجود الواجب لوجود الحرام وان كانت الامثلة التي ذكروها كوجوب الاستقبال وحرمة استدبار الجدي لأهل العراق ووجوب الجهر وحرمة الاخفات في الجهرية وبالعكس في العكس لا تخلو من مناقشة وقد تقدمت. الامر الثاني قال المحقق النائيني في الأجود ج ١ ص ٣٢٦ وأما القسم الرابع وهو ما اذا وقع التزاحم لاجل اتحاد متعلق الامر والنهي في الوجود كما في موارد اجتماع الامر والنهي فلا يعقل الخطاب الترتبي فيه ايضا لما اشرنا اليه من ان عصيان خطاب النهي اما ان يكون بإتيان متعلق

.................................................................................................

______________________________________________________

الامر او بضد آخر غيره وعلى الاول يلزم من الخطاب الترتبي طلب الحاصل وعلى الثاني يلزم منه طلب احد الضدين على تقدير وجود الضد الآخر ومرجعه إلى طلب الجمع بين الضدين وهو محال ايضا وأما توهم إمكان ترتب خطاب المهم على العزم على عصيان خطاب الاهم لا على نفس العصيان فمدفوع بما مر من انه لا يمكن تصحيح الخطاب الترتبي باشتراط العزم على العصيان بل لا بد في تصحيحه من كون نفس العصيان شرطا لخطاب المهم. وقد تقدم تقريب الترتب فيه وفساده في ما سبق فراجع الموضع الثاني عشر قد يستشهد على وقوع الترتب فضلا عن صحته ببعض الفروع الفقهية التي ينحصر وجه صحتها في جواز الترتب قال المحقق النائيني في الفوائد ج ١ ص ٣٥٧ وينبغي اولا التنبيه على بعض الفروع الفقهية التي لا محيص للفقيه عن الالتزام بها مع انها تكون من الخطاب الترتبي منها ما لو فرض حرمة الاقامة على المسافر من اول الفجر إلى الزوال فلو فرض انه عصى هذا الخطاب واقام فلا إشكال في انه يجب عليه الصوم ويكون مخاطبا به فيكون في الآن الاول الحقيقي من الفجر قد توجه اليه كل من حرمة الاقامة ووجوب الصوم ولكن مترتبا يعني ان وجوب الصوم يكون مترتبا على عصيان حرمة الاقامة ففي حال الاقامة يجب عليه الصوم مع حرمة الاقامة ايضا لأن المفروض حرمة الاقامة عليه إلى الزوال فيكون الخطاب الترتبي محفوظا من الفجر إلى الزوال فيكون عين الخطاب الترتبي فيما نحن فيه من مسألة الضدين ان قلنا بأن الاقامة قاطعة لحكم السفر لا لموضوعه فانه يكون خطاب الصوم ح مترتبا على عصيان خطاب الاقامة بلا توسيط شيء كترتب خطاب المهم على عصيان خطاب الاهم حذوا النعل بالنعل ـ إلى ان قال ـ ومنها ما لو فرض وجوب الاقامة على المسافر من اول الزوال فيكون وجوب القصر عليه مترتبا على عصيان وجوب الاقامة حيث انه لو

.................................................................................................

______________________________________________________

عصى ولم يقصد الاقامة توجه عليه خطاب القصر وكذا لو فرض حرمة الاقامة فإن وجوب التمام يكون مترتبا على عصيان حرمة الاقامة ومنها وجوب الخمس المترتب على عصيان خطاب اداء الدين اذا لم يكن الدين من عام الربح وأما اذا كان من عام الربح فيكون خطاب اداء الدين بنفس وجوده رافعا لخطاب الخمس لا بامتثاله على ما تقدم الخ واجاب عن ذلك صاحب الكفاية ج ١ ص ٢١٨ ان قلت فما الحيلة فيما وقع كذلك من طلب الضدين في العرفيات ـ اي كما يقول الأب لولده اذهب هذا اليوم إلى المعلم فإن عصيت فأكتب في الدار ولا تلعب مع الصبيان وفي الشرعيات كما عرفت ـ قلت لا يخلو ما ان يكون الامر بغير الاهم بعد التجاوز ـ اي رفع اليد ـ عن الامر به ـ بالاهم ـ وطلبه حقيقة وأما ان يكون الامر به ـ اي المهم ـ ارشادا إلى محبوبيته وبقائه على ما هو عليه من المصلحة والغرض لو لا المزاحمة ـ اي بالاهم ـ وأن الاتيان به ـ اي المهم ـ يوجب استحقاق المثوبة فيذهب بها بعض ما استحقه من العقوبة على مخالفة الامر بالاهم لا انه امر مولوي فعلي ـ اي المهم ـ كالامر به ـ اي بالاهم ـ الخ وفيه كلاهما ممنوع اما الاول فانه خلاف ما عليه ارتكازهم من بقاء الامر بالاهم إلّا ان يكون مراده تمامية امد الاهم بواسطة العصيان كما مر وأما الثاني فلكون الامر به مولويا لا ارشاديا بالوجدان فجميع الاوامر ارشاد إلى الغرض الاقصى فوجوب الصلاة والازالة لا تكونان الا مولويا وذكر استادنا الآملي في الرد على الفروع في المنتهى ص ٨٥ ولا يخفى ان ما ذكروه شاهدا لوقوع الترتب من هذه الفروع لا مساس لها بالترتب وذلك لان الخطابين المتزاحمين في مقام الامتثال ان كان التضاد بين متعلقيهما تكوينيا لا بسبب اعتبار الشارع او اشتراطه في احدهما او كليهما ما يوجب التنافي بينهما والمعاندة في الوجود كشرب الماء لحفظ نفسه من التلف عن العطش والوضوء به للصلاة فان التنافي بينهما ذاتي

.................................................................................................

______________________________________________________

تكويني ـ اي مع صرف النظر عن امر الشارع التنافي موجود اما يصرف في الوضوء او يشرب ـ بخلاف الصوم وانقاذ الغريق المستلزم للارتماس في الماء فإن التنافي بينهما تشريعي اي حصل بسبب اشتراط الشارع في الصوم عدم الارتماس في الماء الموجب للتنافي بين حصوله والانقاذ المزبور فإن كان التضاد بين المتعلقين تكوينيا كما اشرنا اليه توجه النزاع في امكان الترتب بدعوى ارتفاع قبح التكليف بكلا الضدين في وقت واحد بنحو الترتب المزبور وعدم امكانه بدعوى أن الترتب في الخطاب بالضدين في وقت واحد لا يوجب ارتفاع قبح التكليف بالضدين في وقت واحد مع توجه كلا الخطابين إلى المكلف في آن واحد كما هو المفروض في الترتب المشهور وأن كان التضاد بين متعلقي كلا الخطابين حاصلا بسبب اشتراط الشارع في احدهما او كليهما ما يوجب التعاند بينهما في الوجود فلا محالة تقع المعارضة بين دليليهما فلا بد من العلاج من هذه الناحية فلا تكون المعاندة والمضادة بين متعلقيهما ذاتا في الرتبة السابقة حيث يكون الخطاب بالضدين اللذين تكون المعاندة بينهما في الرتبة السابقة على الخطاب محالا بنظر العقل مطلقا كان ام مشروطا وبعبارة اخى يمكن القول بالفرق بين المقام والامثلة المزبورة بأن فيها لم تكن مضادة بين متعلقي الامرين ذاتا وانما جاءت المضادة من ناحية تقيد احد الطلبين بعدم الآخر فهذه المضادة معلولة للطلب ولا تؤخذ في معروضه فلا يصدق على ذلك تعلق الطلب بالضدين لا مطلقا ولا مشروطا بخلاف ما نحن فيه اذ جهة المضادة بينهما محفوظة في الرتبة السابقة على الطلب وح فلا ترفع باشتراط الطلب بعدم الآخر فيصدق ح اجتماع الطلبين الفعليين المتضادين احدهما مطلق والآخر مشروط على نحو لا يوجب سقوط الطلب الآخر معه والعقل يأبى عن ذلك وهذا بخلافه في الامثلة المزبورة كما لا يخفى. هذا تمام الكلام في الترتب.

أمر الأمر مع علمه بانتفاء شرطه

النموذج الحادي عشر :

قال في الكفاية ج ١ ص ٢٢٠ لا يجوز أمر الأمر مع علمه بانتفاء شرطه خلافا لما نسب إلى أكثر مخالفنا. وعن جماعة منهم نقل الاتفاق على عدم الجواز والكلام يقع عن جهات.

الجهة الاولى : في المراد من الشرط هو شرط وجود الأمر كما سيأتي او المأمور به قال في الفصول ص ١١١ والتحقيق انهم ان ارادوا بالشرط شرط الأمر أي شرط وقوعه وصدوره بارجاع ضمير إليه مأخوذا بهذا الاعتبار فلا إشكال في انتفاء الأمر عند انتفاء الشرط بل لا إشكال في امتناعه عند انتفاء الشرط وكذا لو أخذ الأمر بشرط عدم الشرط ووجهه واضح ضرورة ان المشروط عدم عند عدم شرطه فيكون المراد بالجواز الامكان وبعدمه عدمه ـ إلى ان قال ـ وان ارادوا بالشرط شرط الشيء المأمور به بارجاع ضميره إليه فهو اقرب إليه لفظا فحينئذ ان اراد المانعون ان علم الأمر بانتفاء شرط المأمور به أي شرط التمكن منه يوجب ان لا يجوز الأمر بالمشروط على الإطلاق بالنسبة إلى الشرط الذي علم الآمر انتفائه فالحكم على مذهب العدلية متّجه والوجه في متضح وهو قبح التكليف بالمحال نعم يتأتي الحكم بجواز ذلك حيث يستند انتفاء الشرط إلى المكلف عند من اجاز التكليف بالمحال والحال هذه بل قد التزموا بوقوعه مع علم المأمور به ايضا فقالوا بان من ترك المسير إلى الحج الواجب مأمور بالحج وان ارتفع تمكنه منه ويمكن تخصيص نزاعهم هنا بغير ذلك. قال في الكفاية ج ١ ص ٢٢٠ ضرورة انه لا يكاد يكون الشيء مع عدم علته كما هو المفروض هاهنا فان الشرط من اجزائها وانحلال المركب ـ أي

.................................................................................................

______________________________________________________

انتفائه بانتفاء و ـ بانحلال بعض اجزائه مما لا يخفى. فجعله شرطا للامر ، وبما ان العلة التامة مركبة من المقتضي والشرط والمانع فلا محالة تنتفي بانتفاء كل منها وتبعه عليه غيره وقال بعض ايضا الظاهر ان المراد من شرطه ليس هو شرط المأمور به ضرورة جواز الأمر مع العلم بانتفاء شرط المأمور به وامكان تحصيله خارجا بلا كلام كالطهارة والستر ونحوهما بالنسبة إلى الصلاة فيحصله المكلف اولا ثم يأتي بالمأمور به مستجمعا للشرائط كلها كما لا إشكال في ان المراد من شرط الأمر هو خصوص القدرة والتمكن من المأمور به أي هل يجوز أمر الأمر مع علمه بانتفاء قدرة المكلف على الفعل ام لا وليس المراد هو مطلق شرط الوجوب كالوقت بالنسبة إلى الصلاة ونحوها ، لكن قال المحقق العراقي في البدائع ج ١ ص ٤١١ والظاهر ان المراد من الشرط في عنوان النزاع هو شرط وجود المأمور به لا شرط نفس الأمر اذ لا ينبغي الإشكال في عدم جواز الأمر مع انتفاء شرطه حتى من الأشاعرة المنكرين للتحسين والتقبيح العقليين لرجوعه ح إلى جواز تحقق المعلول بدون علته. ثم قال المحقق العراقي في البدائع ص ٤١١ هذا إذا اريد من انتفاء الشرط انتفائه بقول مطلق واما إذا اريد انتفاء شرط بعض مراتب الأمر فهو مما لا ينبغي الإشكال في جوازه إذا اريد تحققه بمرتبة الانشاء مثلا مع انتفاء شرط مراتبه المتأخرة عنه كيف وان الدليل على امكانه هو وقوعه في العرف والشرع كما في موارد الامارات والاصول المؤدية إلى خلاف الواقع بل ولعل كثير من الاحكام باقية في مرتبة انشائها ولم تصل إلى المرتبة الفعلية إلى ان يقوم الحجة عجل الله فرجه كما يرشد إلى ذلك قوله عليه‌السلام ان الله سبحانه سكت عن اشياء لم يسكت عنها نسيانا الخ نعم مع انتفاء شرط المرتبة السابقة لا يمكن تحقق اللاحقة لعين ما ذكر في فرض انتفاء الشرط مطلقا من لزوم تحقق

.................................................................................................

______________________________________________________

المعلول بلا علته ، تبع في ذلك الكفاية ج ١ ص ٢٢١ نعم لو كان المراد من لفظ الأمر الأمر ببعض مراتبه ـ كالانشاء ـ ومن الضمير الراجع إليه بعض مراتبه الآخر ـ أي كالفعلية ـ بان يكون النزاع في ان أمر الأمر يجوز انشاءه مع علمه بانتفاء شرطه بمرتبة فعليته وبعبارة اخرى كان النزاع في جواز انشاءه مع العلم بعدم بلوغه إلى المرتبة الفعلية لعدم شرطه لكان جائزا وفي وقوعه في الشرعيات والعرفيات ـ غنى وكفاية كامره تعالى ابراهيم صلى‌الله‌عليه‌وآله بذبح ولده ـ وقد عرفت سابقا ان داعي انشاء الطلب لا ينحصر بالبعث والتحريك جدا حقيقة بل قد يكون صوريا امتحانا وربما يكون غير ذلك ـ أي التهديد والتعجيز ـ ومنع كونه أمرا إذا لم يكن بداعي البعث جدا واقعا وان كان في محله إلّا ان اطلاق الأمر عليه إذا كانت هناك قرينة على انه بداع آخر غير البعث توسعا مما لا بأس به اصلا. لكن فيه ان الظاهر ان ما ذكره من الجواز فيما إذا لم يكن الأمر بداعي البعث والتحريك واقعا خارج عن محل البحث ضرورة ان محل البحث في الجواز وعدمه انما هو في الاوامر الحقيقية التي يكون الداعي فيها البعث والتحريك نحو ايجاد متعلقاتها في الخارج حقيقة أما في الأوامر الصوريّة التي ليس الداعي فيها البعث نحو إيجاد متعلقاتها في شيء بل لداعي لها الامتحان او غيرها فلا إشكال في جوازها مع علم الأمر بانتفاء شروط فعليتها ومراد المحقق العراقي ليس ذلك بل مراده ان كلاهما جديين لكن احدهما بقى في مرحلة الانشاء والآخر وصل إلى مرحلة الفعلية وبذلك يجمع بين الحكم الظاهري والواقعي وذكر في المحاضرات ج ٤ ص ٦ لا مجال للنزاع في شرائط الجعل فلا شبهة في انتفاء الجعل بانتفاء شرطه وذلك لان الجعل فعل اختياري للمولى كبقية افعاله الاختياري هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ان كل فعل اختياري مسبوق بالمبادى النفسانية وهي الارادة بمقدماتها من التصور والتصديق

.................................................................................................

______________________________________________________

ونحوهما لنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين هي انه لا يمكن جعل الحكم من المولى مع انتفاء شيء من تلك المبادي والمقدمات ضرورة انه معلول لها ومشروط بها ومن الطبيعي استحالة وجود المعلول بدون وجود علته ووجود المشروط بدون تحقق شرطه وهذا من الواضحات الاولية وغير قابل لان يكون ذلك محل البحث والانظار. ومن ذلك يظهر أنه ليس شرط الأمر محل النزاع اصلا كما ظهر اختلاط بعض من شرط الأمر وشرط المأمور والقسم الذي يكون البحث من شرط المأمور كما ستعرف.

قال المحقق العراقي في البدائع ص ٤١٢ فاتضح مما ذكرنا ان المراد من انتفاء الشرط في عنوان البحث هو انتفاء شرط وجود المأمور به وينبغي ايضا تخصيصه بالانتفاء الموجب لسلب قدرة المأمور على الامتثال واتيان المأمور به واحدا لشرطه لا مطلق الانتفاء حتى يشمل ما كان غير متحقق ولكن يقدر المكلف على تحصيله فانه ح لا إشكال في جواز الأمر بالمشروط المستتبع للزوم اتيان الشرط عقلا وشرعا على القول بالملازمة. وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٣٧٨ وح فيتعين ارادة انتفاء شرط وجود المأمور به وعليه ايضا ينبغي تخصيص مورد النزاع بالانتفاء الموجب لسلب قدرة المأمور على الامتثال واتيانه واجدا لشرطه لا مطلق الانتفاء ولو المستند إلى اختيار المكلف مع تمكنه من تحصيله فان ذلك ايضا مما لا مجال للنزاع فيه اذ لا إشكال في جواز ذلك كما في تكليف الجنب بالصلاة عند دخول الوقت مع تمكنه من تحصيل الطهارة ومن ذلك كان الواجب عليه ح تحصيل شرطها الذي هي الطهارة فانه لو لا وجوب الصلاة عليه لما كان الواجب عليه تحصيل الطهارة وهو واضح بعد وضوح كون وجوب الطهارة عليه وجوبا غيريا ترشحيا من وجوب ذيها. لكن اشكل على ذلك المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال بل غير جائز لان الانشاء بداع البعث مع العلم بانتفاء شرط بلوغه إلى مرتبة الفعلية غير معقول وبداع الامتحان وغيره لا يترقب منه البلوغ إلى مرتبة البعث الجدي ليدخل في العنوان وبلا داع محال الخ ومرجعه إلى انكار الأوامر الامتحانية والاختبارية فيكون النزاع مبنائيا وقد تقدم الكلام فيه والمتابعة لصاحب الكفاية من كون النزاع في شرط الأمر لكن عرفت ان الأمر جدي وانما لمصلحة بقى في مرحلة انشائه فالنتيجة ان النزاع ليس في شرط الأمر كما افاده صاحب الكفاية ومن تبعه بل شرط المأمور به وهو القدرة فمرجع البحث إلى انه هل يمكن تكليف العاجز من اتيان شيء بذلك الشيء ام لا وحيث ان الاشاعرة لا يرون بأسا في تكليف العاجز من شيء بذلك الشيء قالوا في هذا المقام بامكان أمر الأمر مع العلم بانتفاء شرطه وصحته وحيث نحن نقول بعدم صحة ذلك بل عدم امكانه لان حقيقة الأمر هو البعث باحد طرفي المقدور فنقول بامتناعه.

الجهة الثانية : ذكر المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢٠٩ الفصل السادس قد عرفت في مبحث الواجب المشروط ان فعلية الحكم في القضايا الحقيقية ـ أي التي كان الحكم فيها مجعولا للموضوع المفروض الوجود خارجا كلله على الناس حج البيت من استطاع ـ مشروطة بوجود موضوعه خارجا ويستحيل تخلفها عنه وعلم الأمر بوجوده او بعدمه اجنبي عن ذلك ـ أي ان الحكم لم يجعل فيها من الأول لفاقد الشرط والموضوع ـ فلا معنى للبحث عن جواز أمر الأمر مع علمه بانتفاء شرطه كما عرفت ان الحكم في القضايا الخارجية يدور مدار علم الحاكم ووجود شروط الحكم واما نفس وجودها في الخارج او عدمها فيه فهو اجنبي عن الحكم فلا معنى للبحث عن الجواز المزبور فيها ايضا فالتحقيق ان هذه المسألة باطلة من اصلها وليس فيها معنى معقول يبحث عنه انتهى واجاب

.................................................................................................

______________________________________________________

عنه استادنا الخوئي عن الأمر الأول في هامش الاجود بان فعلية الحكم في القضايا الحقيقة وان كانت تدور مدار وجود الموضوع خارجا إلّا ان جعل الحكم على الموضوع المقدر وجوده مع العلم بعدم تحققه خارجا لغو لا يمكن صدوره من الحكيم نعم إذا كان نفس جعل الحكم موجبا لعدم تحقق الموضوع وكان غرض الجاعل في جعله الحكم هو ذلك كما إذا فرض ان جعل القصاص اوجب عدم تحقق القتل الاختياري في الخارج فلا مانع من جعله فالحق في المقام هو التفصيل ومن ذلك يظهر الحال في القضايا الخارجية انتهى.

قال في المحاضرات ج ٤ ص ٨ في الجواب عن المحقق النائيني قال ـ النزاع في هذه المسألة لو كان في دخل علم الأمر لوجود الموضوع او بعدم وجوده في فعلية الحكم وعدم فعليته لكان ما افاده في غاية الصحة وذلك لما عرفت من أن فعلية الحكم في القضايا الحقيقية تدور مدار فعلية موضوعه وتحققه في الخارج ولا دخل لعلم الأمر لوجوده او بعدمه في ذلك أصلا فاذن لا معنى للنزاع فيه كما هو واضح إلّا أنّك ان النزاع في المسألة ليس في هذا بل هو فيما ذكرناه من ان جعل الحكم في القضية الحقيقية للموضوع المقدر وجوده مع علم الجاعل بعدم تحقق الموضوع في الخارج هل يجوز ام لا ومن الظاهر ان النزاع في هذا نزاع في معنى معقول ـ وعلم الحاكم ـ اى في القضايا الخارجية الذي له دخل في جعل هذا الحكم ليس علمه بما هو صفة نفسانية قائمة بها مع قطع النظر عما تعلق به من الموجودات الخارجية ضرورة ان علمه لوجود شرطه في الخارج يدعو إلى جعل هذا الحكم كما ان علمه بعدم وجوده فيه داع لعدم جعله فيما إذا لم يكن الغرض منه عدم تحقق شرطه وموضوعه فاذن يقع الكلام في انه هل يجوز لمولى ان يا من عبده بفعل مشروطا بشيء مع علمه بانتفاء ذلك الشيء في الخارج وعدم تحققه أصلا أم لا نزاع في أمر معقول. وقال في

.................................................................................................

______________________________________________________

المحاضرات ج ٤ ص ٨ ولكن الصحيح في المقام هو التفصيل بين ما إذا كان انتفاء الشرط مستندا إلى نفس جعل الحكم وكان هو الموجب له وما اذا كان مستندا إلى عدم قدرة المكلف او إلى جهة اخرى فعلى الأول لا مانع من جعله اصلا إذا كان الغرض منه عدم تحقق الشرط والموضوع في الخارج من دون فرق بين ان يكون الجعل على نحو القضية الحقيقية او الخارجية كما إذا قال المولى لعبده او الاب لابنه ان كذبت مثلا فعليك دينار مع علمه بان جعل وجوب الدينار عليه على تقدير كذبه موجب لعدم صدور الكذب منه فيكون عرضه من جعله ذلك وكما إذا فرض ان جعل الكفارات في الشريعة المقدسة على ارتكاب عدة من المحرمات يوجب عدم تحققها في الخارج كوجوب القصاص المترتب على القتل الاختياري إذا فرض انه موجب لعدم تحقق القتل خارجا ومن المعلوم انه لا مانع من مثل هذا الجعل اصلا بل هو مما تقتضيه المصلحة التامة ـ وعلى الثاني وهو ما إذا كان انتفاء الشرط من غير ناهية اقتضاء الجعل له فهو لغو محض لا يصدر من المولى الحكيم مثل ان يامر بوجوب الحج على تقدير الاستطاعة في الخارج مع علمه فرضا بعدم تحققها فيه اصلا فانه لا شبهة في ان جعل مثل هذا الحكم لغو صرف الخ لكن فيه أن هذا يتم لو علم بانتفاء شرطه مطلقا بالنسبة إلى الجميع ، أما لو علم انتفاء شرطه بالنسبة إلى بعض دون بعض أو علم أنه رادع من تحقق الموضوع وهو القتل بالنسبة إلى بعض دون بعض فهذا يخرج عن اللغوية.

الجهة الثالثة في الثمرة : قال المحقق النّائينيّ في الاجود ص ٢٠٩ واما الثمرة التي رتبوها عليها من وجوب الكفارة على من أفطر في شهر رمضان ولو لم يتم له شرائط الوجوب إلى الليل ، فهي مترتبة على بحث فقهي وهو ان وجوب الصوم ، هل ينحل إلى تكاليف متعددة بتعدد الآنات او هو تكليف واحد

.................................................................................................

______________________________________________________

مشروط بشرط متاخر وهو بقاء شرائط الوجوب إلى المغرب ، وعلى الثاني فهل لنا تكليف آخر بامساك بعض اليوم في خصوص ما إذا ارتفع شرط الوجوب بالاختيار او مطلقا اولا والبحث عن ذلك موكول إلى محله انتهى ، والتحقيق في هذه الثمرة ان المستفاد من الروايات ان موضوع وجوب الكفارة هو الافطار العمدى في شهر رمضان من دون عذر شرعي له وقد تحقق نعم في الحيض والنفاس ونحوهما ينكشف عن عدم وجوب الصوم من الأول ان وقعا في اثناء النهار فلو أفطر عمدا ثم طريا ذلك فلا توجبان الكفارة اصلا ولعل من ثمرة هذه المسألة هو تعلق الأمر بالحج في عام الاستطاعة وعدم القدرة بموته بعد الاحرام ودخول الحرم فانه يجزي.

الجهة الرابعة : قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٣٧٩ وعليه فيرجع النزاع إلى النزاع المعروف بين الاشاعرة وغيرهم من جواز تعلق التكليف بالمحال وعدم جوازه من جهة رجوع التكليف بالمشروط ح مع انتفاء شرط المأمور به وعدم تمكن المكلف من تحصيله إلى التكليف بالمحال وبما لا يقدر عليه المكلف فيندرج ح في ذلك النزاع الذي اثبته الاشاعرة حسب زعمهم الفاسد من انكار التحسين والتقبيح العقليين وتجويزهم على الله سبحانه تكليف عباده بما لا يقدرون عليه ، وربما يبتنى ذلك ايضا على النزاع المتقدم في مسالة وحدة الطلب والارادة وتغايرهما بجعل الطلب عبارة عن معنى قابل للتعلق بالمحال مع كونه موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال كما هو ظاهر استدلالهم بالمغايرة اذ ح على القول بالاتحاد كما هو التحقيق يكون عدم جوازه من جهة كون التكليف بنفسه محالا لا من جهة انه تكليف بالمحال نظرا إلى وضوح استحالة تعلق الارادة الفعلية بالممتنع بخلافه على القول بالمغايرة فان المحذور فيه انما هو من حيث كونه تكليفا بالمحال وبما لا يقدر عليه المكلف

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي مثله نقول بانه على القول بالمغايرة وتسليم هذا المبنى الفاسد لا بأس بالقول بالجواز في المقام ولكن الذي يسهل الخطب هو فساد اصل المبني لما عرفت في محله من اتحاد حقيقة الطلب والارادة وانه لا يتصور معنى آخر يكون هو الطلب في قبال الارادة بحيث كان موضوعا للحكم بوجوب الامتثال وكان قابلا ايضا للتعلق بالمحال وعليه فكان التحقيق في المقام هو عدم جوازه من جهة ما عرفت من كون مثل هذا التكليف بنفسه محالا كما هو واضح.

الجهة الخامسة : قال في الكفاية ج ١ ص ٢٢٠ وكون الجواز في العنوان بمعنى الامكان الذاتي بعيد عن محل الخلاف بين الاعلام. هذا جواب عما يتوهم من ان الشيء وان لم يوجد بدون علته التامة المنتفية بانتفاء بعض اجزائها إلّا انه لا ينافي الامكان فان الشيء حال وجوده وعدمه ممكن فيجوز الأمر مع لعلم بانتفاء شرطه بمعنى أنه يجوز في ذاته وان كان ممتنعا بالنظر إلى انتفاء شرطه ، وحاصل الجواب انه يتم لو كان المراد هو الامكان الذاتي وليس كذلك بل المراد هو الامكان الوقوعي لعدم كون الأول مهما للاصولي.

متعلق الاوامر الفرد أو الطبيعة

النموذج الثاني عشر :

في بيان متعلق الطلب والأمر هل هو الوجود والفرد او الطبيعة وتحقيق الكلام فيه يكون البحث عن جهات :

الجهة الاولى : قال استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣٧٢ ان الطبيعة في المقام يكون له مصداقان فان القائل إذا قال يجب الحج على المستطيع يكون فيه طبيعتان طبيعة المستطيع وطبيعة الحج ولا يكون الاولى محل البحث لانه لا شبهة في ان الطبيعة يكون سببا لبسط الحكم على الافراد وفي الواقع يكون

.................................................................................................

______________________________________________________

المستطيع الخارجي والجنب الخارجي وغيره عليه حكم الحج والغسل وغيره ولا يأتي البحث في ان الأمر باي شيء تعلق ففي الواقع تعلق بالافراد الخارجية بالعنوان العام وهو المستطيع والجنب كما انه قد يكون العنوان العام الانسان الذي له افراد وانما الكلام في الطبيعة الثانية اعني الحج فانه يكون وجوده الخارجي باتيانه في الخارج ظرف سقوط التكليف وماهيته في الذهن بدون الوجود لا اثر لها ولا مصلحة فيها ولذا صار محل الإشكال وكذلك الصلاة والزكاة فلا تخلط كما يكون فيه الخلط في الكلمات فان الاولى خارجة عن محل البحث والثانية داخلة فيه والحاصل يكون البحث في متعلق فعل المكلف الذي هو المأمور به. وما ذكره في غاية المتانة.

الجهة الثانية : قال المحقق العراقي في البدائع ص ٤٠٤ وقبل الخوض في المقصود ينبغي تحرير محل النزاع فنقول لا إشكال انه على كلا القولين لا بد عند طلب شيء والأمر به من لحاظ متعلق الطلب وتصوره ليتمكن بذلك من طلبه والبعث إليه وإلّا فتحقق الطلب والبعث إليه غير معقول وهو واضح ولا يخفى ان لحاظ الطبيعة يتصور على وجوه منها لحاظها بما هي موجودة في الذهن ومنها لحاظها بما هي شيء في حد ذاتها مع قطع النظر عن وجودها الذهني او الخارجي ـ أي كما يقال الماء موجود او معدوم فترى معروضا للوجود والعدم ـ ومنها لحاظها بما هي خارجية بحيث لا يلتفت إلى مغايرتها للخارج ولا يرى في هذا اللحاظ التصوري الا كونها عين الخارج ومتحدة معه وان كان اللاحظ بالنظر التصديقي يقطع بخلافه فيرى انها غير موجودة في الخارج وح نقول ان من الواضح انه ليس المقصود من الطبيعة عند القائل بتعلق الطلب بها هي الطبيعة بما هي موجودة في الذهن حيث انها بهذا الاعتبار مضافا إلى انها كلي عقلي غير قابل للصدق على الخارج لا تقوم بها المصلحة ليتعلق بها الطلب فلا

.................................................................................................

______________________________________________________

مجال لتوهم تعلق الطلب بها بهذا الاعتبار وكذلك ليس المقصود بها الطبيعة من حيث هي لوضوح انها بهذا الاعتبار ليست إلّا هي فلا تكون ايضا مورد للمصلحة ليتعلق بها الطلب بل المقصود من ذلك هي الطبيعة بالاعتبار الثالث الذي به يرى عين الخارج إذا عرفت ذلك ظهر لك ان مركز النزاع في ان معروض الطلب هي الطبيعة او الوجود انما هي الطبيعة بالاعتبار الثالث فالقائل بتعلق الطلب بالطبيعة يدعي تعلقه بنفس الطبائع والعناوين بما انها ملحوظة خارجية لا بمنشإ انتزاعها وهو الوجود لا بد واو لا سراية والقائل بالوجود يدعي عدم تعلقه الا بالمعنون الخارجي الذي هو منشأ انتزاع العناوين والصور الذهنية.

إذا عرفت ذلك فاعلم قال في الفصول ص ١١١ هذا كله انما يجري على ما هو التحقيق عندنا في مدلول الأمر من انه طلب ايجاد الطبيعة واما إذا قلنا بان المطلوب به الحقيقة الخارجية او الحقيقة المقيدة بالوجود الخارجي فان فسر الفرد بالطبيعة المقيدة بالتشخص كما هو التحقيق فيه فالمطلوب بالامر نفس الفرد وان فسر بالمجموع المركب من الطبيعة والتشخص فالمطلوب بالامر ام ثالث غير الطبيعة من حيث هي : ـ وغير الفرد وهي الطبيعة المقيدة. وقال في الكفاية ج ١ ص ٢٢١ ولا يخفى ان المراد ان متعلق الطلب في الاوامر هو صرف الايجاد كما ان متعلقه في النواهي هو محض الترك ومتعلقهما هو نفس الطبيعة المحدودة بحدود والمقيدة بقيود تكون بها موافقة للغرض والمقصود من دون تعلق غرض باحدى الخصوصيات اللازمة للوجودات بحيث لو كان الانفكاك عنها باسرها ممكنا لما كان ذلك مما يضر بالمقصود اصلا كما هو الحال في القضية الطبيعية في غير الاحكام ـ أي الحكم والمحمول فيها على نفس الطبيعة من حيث هي والكلي مثل الانسان كلي ـ بل في المحصورة ـ أي التي هي قسمة للطبيعة فانها وان ذكر في تحديدها انها ما يكون الحكم فيها على الأفراد مع بيان

.................................................................................................

______________________________________________________

كمية افراد المحكوم عليها بلفظ كل وبعض ونحوهما مثل كل انسان حيوان ناطق ولا شيء من الانسان بحجر ـ إلّا ان المحقق في محله ان الحكم فيها ايضا على الطبيعة الملحوظة سارية في الافراد لا من حيث هي كما في الطبيعية ـ على ما حقق في غير المقام. فصاحب الكفاية بعد ان تخيل ان مراد القائل بالطبيعة ان موضوع الأمر نفس الطبيعة من حيث هي ومراد القائل بالفرد ان موضوعه الوجود الخاص بدخل الخصوصيات في موضوعه وحيث ان الخصوصيات المقومة للفرد ليست دخيلة في الغرض الباعث على الأمر فيمتنع اخذها في موضوعه أورد صاحب الكفاية على القائلين بالفرد بذلك وحيث ان الطبيعة من حيث هي ليست ايضا موضوعا للغرض ولا محطا للاثر المقصود منها وجه القول بالطبيعة تبعا للفصول بان الأمر ليس هو الطلب مطلقا كي يمتنع تعلقه بالماهية من حيث هي بل هو طلب الوجود وكذلك النهي ليس هو الزجر عن الماهية كذلك بل هو طلب العدم فالوجود والعدم المأخوذان في موضوع الأمر والنهي متعلقان بالماهية من حيث هي ولا إشكال فيه وحاصله ارادة صدور الوجود من المكلف لا إلى طلب ما هو صادر وثابت في الخارج حتى تكون من طلب الحاصل ولكن فيه اولا كان الاولى في توجيه القول بالطبيعة حمل الطبيعة في كلامهم على الملحوظة حاكية عن الوجود لا جعل الوجود داخلا في مفهوم الأمر ولا جعل العدم داخلا في مفهوم النهي اذ الأمر نفس الطلب والنهي نفس المنع والزجر لا طلب العدم فهما ضدان يتعلقان بالوجود كما يتعلقان بالعدم ، وثانيا ان الرد على القول بالفرد بما ذكره اخذا بظاهر لفظ الفرد غير ظاهر الوجه بعد ظهور ادلتهم في خلافه فان استدلالهم بان الطبيعة من حيث هي لا وجود لها في الخارج ظاهر في نفس الطبيعة من حيث هي لا في اعتبار الخصوصيات في موضوع الأمر ، مع ان الفرد لو كان هو الوجود الخاص ويلزم من تعلق الأمر

.................................................................................................

______________________________________________________

بالفرد بعد البناء على دخل الوجود في مفهوم الأمر ان يكون معنى الأمر بالفرد طلب وجود الوجود وهو لا معنى له اصلا ، مضافا إلى ذلك اشكل عليه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٣٨٢ انه بعد ان كان الايجاد وجعل الشيء بسيطا معلولا للطلب وفي رتبة متأخرة عنه بنحو تخلل بينهما الفاء الكاشف عن اختلافهما بحسب الرتبة كقولك اردت ايجاد الشيء فاوجدته يستحيل وقوعه موضوعا للطلب ومتعلقا له. وقال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢١٠ فالتحقيق أن النزاع في المقام مبتن على النزاع في مسألة فلسفية وهي أن الكلي الطبيعي هل هو موجود في الخارج أم لا ـ كمبحث اختيار الانسان لا لغويا من أن الموضوع له للطلب هي الطبيعة أو لوجود ـ وتوضيح ذلك يتوقف على بيان المراد من وجود الكلي الطبيعي وعدمه فنقول قد عبر بعض القائلين بانكار وجود الطبيعي في الخارج ان الكلي الطبيعي من المفاهيم الانتزاعية ولا يخفى ان مراده بذلك ليس هو الانتزاع المصطلح عليه في ما هو من قبيل الخارج المحمول المنتزع من خصوصيات ذاتية كالعلية والمعلولية او من خصوصيات قيام العرض بمعروضه كالسبق واللحوق والمقارنة كيف وقد اتفقوا على تقسيم المحمولات إلى ذاتية وهي المحمولات المقومة للذات وإلى غير ذاتيه وعلى تقسيم ما لا يكون ذاتيا إلى محمولات بالضميمة وهي المحمولات بواسطة قيام احدا الاعراض التسعة بمعروضاتها ـ أي كالبياض للجسم ـ وإلى محمولات انتزاعية المعبر عنها بالخارج المحمول ـ أي كالفوقية والتحتية ـ كما انه ليس مراد القائل بوجوده في الخارج هو القول بتحققه في الخارج من دون تشخص وخصوصية كيف وقد اتفقوا على ان الشيء ما لم يتشخص لم يوجد بل المراد من هذا النزاع على نحو يكون نزاعا معقولا هو ان الارادة الفاعلية الموجدة للشيء في الخارج هل تتعلق بنفس الشيء مع قطع النظر عن

.................................................................................................

______________________________________________________

مشخصاته وهي انما توجد معه قهرا لاستحالة وجود الشيء بدون الشخص او ان المشخصات تكون مقومة للمراد بما هو مراد ويستحيل تعلق الارادة بنفس الطبيعي من دون مشخصاته وبعبارة اخرى هل التشخصات في مرتبة سابقة على الوجود ليكون معروض الوجود هي الماهية المتشخصة او هي في مرتبته حتى يكون معروض الوجود كالتشخصات نفس الماهية ونحن إذا راجعنا وجداننا في ارادتنا نرى ان متعلق الارادة في افق النفس كلي دائما وان كان مقيدا بالف قيد حسب اختلاف الاغراض وانما يكون التشخص بالوجود فقط فاذا كان هذا حال الافعال الارادية فيكون حال غيرها من الموجودات الخارجية المعلولة لغير الارادة ايضا كذلك فيكون نفس الطبيعي معروض الوجود والتشخص دائما إذا تبين ذلك فبضميمة ان ما هو متعلق الارادة التكوينية من العبد لا بد وان يكون بعينه متعلقا للارادة التشريعية من المولى فان نسبة الارادة التشريعية إلى التكوينية وان لم يكن نسبة العلة إلى معلولها حقيقة إلّا انها في حكم العلة لها ومحركة للعبد إلى ارادة ما تعلقت به يتضح لك أن متعلق الاوامر هي نفس الطبائع وتكون المشخصات كلها خارجة عن المأمور به. واجاب عنه استادنا الخوئي في الهامش الاجود ج ١ ص ٢١١ لا يخفى ان حقيقة الوجود بما انها فعلية محضة يكون تشخصها بنفس ذاتها فكل وجود في نفسه مغاير لوجود آخر ومتشخص بنفسه واما تشخص الماهية فانما يكون بالوجود وهذا معنى قولهم ان الشيء ما لم يوجد لم يتشخص واما قولهم الشيء ما لم يتشخص لم يوجد فالمراد من التشخص فيه هو التشخص في مرتبة علة الشيء الموجدة له لا تشخصه المتقدم بالوجود الخارجي المحقق او المفروض هذا حال التشخص الحقيقي الذي يكون بالوجود ويعرض الماهية بتبع عروض الوجود لها واما الامور التي لا تنفك عن الوجود خارجا

.................................................................................................

______________________________________________________

كالاعراض الملازمة مع الوجود الجوهري فهي لا تكون مشخصة له ابدا بل هي موجودات اخرى في قبال ذلك الوجود المتشخص بنفسه ووجود كل منها متشخص بنفسه ايضا واطلاق المشخص عليها احيانا مبني على ضرب من المسامحة والعناية وعليه فلا مجال لتوهم ان الأمر بشيء يكون أمرا بمشخصاته المسامحية نعم لو بنينا على لزوم كون المتلازمين في الوجود متفقين في الحكم لكان اللازم هو اتصاف المشخص بحكم المتشخص ايضا لكنه بمراحل عن الواقع على ما سيتبين في محله فتلخص ان القول بتعلق الأمر بالمشخصات يبتني على القول بسراية حكم الشيء إلى ملازمة ولا دخل له بكون المشخصات في مرتبة سابقة على الوجود او في مرتبة لاحقة له ومن ذلك يظهر ما في كلام شيخنا الاستاد (قدس‌سره) في هذا المقام انتهى وقد عرفت ان الكلام ليس في المشخصات اصلا حتى على القول بتعلقه بالفرد ولا نعيد إلى هنا تبين ان المحقق الخراساني يقول ان البعث يكون بايجاد الماهية الذهنية في الخارج لا الماهية فقط ولا الوجود الحاصل لما مر من عدم الفائدة في البعث كذلك من جهة محالية طلب الحاصل وانه مسقط له فلا يعقل ان يكون معروضا له ، وعدم أثر للماهية لانها من حيث هي ليست إلّا هي وتقدم الجواب عنه ، وفي قباله ذكر المحقق النائيني أن البعث لا يكون بالايجاد بل بالماهية لكن لا في رتبة الذات لانها فيها ليست إلّا هي بل في ما دونها لغاية الايجاد وتقدم الجواب عنه ، مضافا إلى أن الماهية لا تكون مركز المصلحة بل المصلحة في الوجود فعلى هذا يكون تعلق الامر بالماهية او بالوجود باطلا لعدم المصلحة في الاولى ولزوم تحصيل الحاصل في الثاني ، وذهب المحقق العراقي إلى ان الأمر متعلق بالطبائع الحاكية عن الخارج أي بلحاظ وجودها فيه وتوضيحه أن الصورة من الشيء في الذهن تارة تكون موجودة فيه مع كون متعلقها في

.................................................................................................

______________________________________________________

الخارج مثل الصورة التي تجيء في ذهن المعمار من الدار الموجود في الخارج فانها تكون مع جميع الخصوصيات وأخرى يتصور في النفس صورة دار ويريد ايجادها في الخارج بواسطة البناء وهذه الصورة لا تكون مع الخصوصيات التفصيلية متصورة بل بنحو من الاجمال فالاوامر المتعلقة بالطبائع من قبيل الثاني دون الأول فيتعلق الأمر بماهية الصلاة التي يراد ايجادها في الخارج لا الصلاة الموجودة ، وأجاب عنه بعض اساتذتنا بأن الصورة لا مصلحة فيها والايجاد والوجود واحد على مسلكه فيعود المحذور من تحصيل الحاصل وعدم المصلحة في الماهية ، والجواب عنه واضح ، فإن الصورة حاكية عن الخارج كان الخارج هو بجميع شرائطه حتى المصلحة جاء في الذهن وتعلق به الأمر مع الغض عن ذهنيته وهذا واضح ، وذكر استادنا الآملي في المجمع ج ١ ص ٣٧٤ ، فالحق أن يقال إن الايجاد والوجود ليسا بواحد فإن نسبة الفاعلية غير النسبة المفعوليّة فيكون الطلب متعلقا بالايجاد الذي يكون هو فعل الفاعل أو بالماهية لغاية الايجاد أي لتوجد في الخارج والشاهد على تعددهما هو فصل لفظة الفاء الدال على الترتيب الذاتي فانه يقال الشيء قررت فامكنت فاوجدت فوجدت كما يقال تحركت اليد فتحرك المفتاح فكما أن اتحاد الزمان لا يوجب اتحاد العلة والمعلول فكذلك في المقام فإن رتبة الايجاد قبل الوجود المصلحة تكون في الفاعلية انتهى.

وفيه أن الايجاد والوجود أمر واحد وإنما متعدد اعتبارا وتخلل الفاء لما عليه الاعتبار وإلّا يكون واحد حقيقة قال المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٤٨ ولا يخفى عليك ان الايجاد والوجود والافاضة والفيض متحدان بالذات متفاوتان بالاعتبار فمن حيث قيام الصاد الفائض بالماهية يسمى وجودا لها ومن حيث قيامه بالجاعل قيام الفعل بالفاعل يسمى ايجادا وجعلا وافاضة الخ.

.................................................................................................

______________________________________________________

هذا أولا وثانيا أن ما أفاده هو بعينه ما ذهب إليه المحقق النّائينيّ من تعلقه بالماهية لكن لغاية ايجادها ، واختار المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٤٩ فالتحقيق ح تعلق الأمر بالفرد بمعني وجود الطبيعة توضيحه ان طبيعة الشوق من الطبائع التي لا تتعلق بما له جهة فقدان وجهة وجدان إذا تتعلق لو كان موجودا من كل جهة كان طلبه تحصيلا للحاصل ولو كان مفقودا من كل جهة لم يكن طرف يتقوم به الشوق فانه كالعلم لا يتشخص إلّا بمتعلقه بخلاف ما لو كان موجودا من حيث حضوره للنفس مفقودا من حيث وجوده الخارجي فالعقل يلاحظ الموجود الخارجى فان له قوة ملاحظة الشيء بالحمل الشائع كماله ملاحظة الشيء بالحمل الاولي فيشتاق إليه فالموجود بالفرض والتقدير مقوم للشوق لا بما هو هو بل بما هو آلة لملاحظة الموجود الحقيقي والشوق يوجب خروجه من حد الفرض والتقدير إلى الفعلية والتحقيق وهذا معني تعلق الشوق بوجود الطبيعة لا كتعلق البياض بالجسم حتّى يحتاج إلى موضوع حقيقي ليقال ان الموجود الخارجي لا ثبوت له في مرتبه تعلق الشوق ولا يعقل قيام الشوق بالموجود الخارجي كيف والوجود يسقطه لما عرفت من اقتضاء طبيعة الشوق عدم الوجدان من كل جهة. ـ وفيه ان الطلب والشوق بعد ما تعلق بالصورة الذهنية الموجودة في النفس ومفقودا في الخارج فلا يمكن تحققها في الخارج لكونها جزئيا ذهنيا وليس فيه المصلحة وتمام نظره إلى انه ليس من تحصيل الحاصل وهو كما ذكره لكن الإشكال في المصلحة بخلاف ما افاده المحقق العراقي من الصورة الحاكية عن الخارج فكانه هو فلا يرد هذا المحذور لان المصلحة قائمة ولو بالخارج لكن الصورة هو نفس ما في الخارج لا غيره فالماهية بما هي خارجية وانها عين الخارج تقع متعلقة للارادة والطلب تصورا وان لم يكن في الخارج موجود تصديقا.

الجهة الثالثة : في الدليل على مدعى كل واحد منها أما صاحب الكفاية قال ج ١ كفاية ص ٢٢٢ وفي مراجعة الوجدان للإنسان غنى وكفاية عن إقامة البرهان على ذلك حيث يرى إذا راجعه أنه لا غرض له في مطلوباته إلا نفس الطبائع ولا نظر له إلا إليها من دون نظر إلى خصوصياتها الخارجية وعوارضها العينية وأن نفس وجودها السعي بما هو وجودها تمام المطلوب وإن كان ذاك الوجود لا يكاد ينفك في الخارج عن الخصوصيات.

وقد تقدم الكلام في هذا المبنى مضافا إلى أن مقصوده على القول بالفرد في قبال الوجود السعي هو وجود الخاص الجزئي فقد تقدم بطلانه أو كون المراد تعلق الطلب بوجودها السعي وبوجود الخصوصيات الفردية وهي الطبيعة المنضمة فله وجه لكن فيه إشكال سيأتي الإشارة إليه.

والمراد بالوجود السعي الذي له وحدة سنخية هو الجامع الوجودي بين وجودات الافراد الذي لا تنافي الكثرة العددية في مقابل الجامع الماهوي بين الماهيات الشخصية من أفراد نوع واحد فهو لم يقم فيه المصلحة وإنما هو قائم بالأفراد الخارجية ، مضافا إلى ما تقدم قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٣٨٢ مع ما يلزمه من لزوم تجريد الهيئة عن الوجود في نحو قوله أوجد الصلاة نظرا إلى ما هو الواضح من عدم انسباق الوجود في المثال مرتين في الذهن تارة من جهة المادة وأخرى من جهة الهيئة والالتزام فيه بالمجاز أيضا كما ترى.

وتمسك المحقق النائيني أيضا بالوجدان على تعلقه بالماهية وان متعلق الارادة في أفق النفس كلي دائما وقد عرفت ما فيه وذكر المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٣٨١ أن الذي يقتضيه التحقيق هو الأول من تعلق الأمر والطلب بنفس الطبيعة لكن بما هي مرآة إلى الخارج وملحوظة بحسب اللحاظ

.................................................................................................

______________________________________________________

التصوري عين الخارج لا بالوجود الخارجي كما كان ذلك هو الشأن في سائر الكيفيات النفسية من المحبة والاشتياق بل العلم والظن ونحوها أيضا كما يشهد لذلك ملاحظة الجاهل المركب الذي يعتقد بوجود شيء بالقطع المخالف للواقع فيطلبه ويريده أو يخبر بوجوده وتحققه في الخارج إذ نقول بأنه لو لا ما ذكرنا من تعلق الصفات المزبورة بالعناوين والصور الذهنية بما هي ملحوظة خارجية يلزم خلوّ الصفات المزبورة عن المتعلق في مثل الفرض المزبور فإنه بعد مخالفة قطعة للواقع لا يكون في البين شيء تعلق به تلك الصفات مع أن ذلك كما ترى من المستحيل جدا لوضوح أن هذه الصفات من العلم والظن والمحبة والاشتياق والارادة كما كان لها اضافة إلى النفس من حيث قيامها بها كذلك لها اضافة أيضا إلى متعلقاتها بحيث يستحيل تحققها بدونها بل وقد يقطع الانسان ويذعن بعدم تحقق شيء كذائي في الخارج إلى الابد ومع ذلك يشتاق إليه غاية الاشتياق ويتمنى وجوده كقولك يا ليت الشباب لنا يعود ، فإن ذلك كله كاشف تام عن تعلق تلك الصفات المزبورة بنفس العناوين والصور الذهنية لا بمنشإ انتزاعها والمعنون الخارجي وهو الوجود غايته بما هي ملحوظة بحسب النظر التصوري عين الخارجي لا بما أنها شيء في حيال ذاته بحيث يلتفت عند لحاظها إلى مغايرتها مع الخارج ولئن شئت فاستوضح ما ذكرنا بالرجوع إلى الاكاذيب المتعارفة بين الناس في السنتهم ليلا ونهارا فإنه لا شبهة في أن الذي يخبر كذبا بثبوت القيام لزيد في قوله زيد قائم مثلا لا يلاحظ ولا يرى من زيد والقيام والنسبة بينهما في لحاظه ونظر الازيد أو القيام الخارجيين والنسبة الخارجية بينهما لا المفهوم منها بما أنه شيء في قبال الخارج ولا الوجود الحقيقي الخارجي لانه حسب اذعانه وتصديقه مما يقطع بخلافه وإلّا يخرج اخباره بقيامه عن كونه كذبا كما هو واضح وعلى ذلك فلا محيص من المصير

.................................................................................................

______________________________________________________

في كلية تلك الصفات من العلم والظن والحب والبغض والاشتياق والإرادة ونحوها إلى تعلقها بنفس العناوين والصور الذهنية غايته بما هي حاكية عن الخارج كما شرحناه لا بمنشإ انتزاعها والمعنون الخارجي لا بد وأولا بالسراية بتوسط العناوين والصور كيف وإن الخارج بعد كونه ظرفا لسقوط الارادة والطلب يستحيل كونه ظرفا لثبوتهما فيستحيل حينئذ تعلق الارادة والطلب بالمعنون الخارجي ولو بالسراية بتوسيط العناوين والصور من جهة رجوعه حينئذ إلى طلب الحاصل المحال كما هو واضح ـ إلى أن قال ـ فعلى ما ذكرنا من الاعتبار الثالث للطبيعة وهو لحاظها خارجية لا يكاد مجال لهذا الإشكال حتى يحتاج في التفصّي عنه إلى اشراب الوجود في الهيئة اذ عليه نقول بأن المصلحة حسب كونها من الأعراض الخارجية وإن لم تكن قائمة إلا بالخارج إلّا أن الطبيعي بهذا الاعتبار بعد ما لم يكن مغايرا مع الخارج بل كان بينهما الاتحاد والعينية بالاعتبار المزبور يلزمه قهرا صيرورة كل من الخارج والصور الذهنية متلونا بلون الآخر في مرحلة الاتصاف ، فمن ذلك تتصف الصور الذهنية بلحاظ الاتحاد المزبور بكونها ذات مصلحة كاتصاف الخارج أيضا بالمراد المطلوبية والمرادية على الخارج وصدق المطلوبية نظير باب الالفاظ بالنسبة إلى معانيها من حيث سراية صفات كل منهما إلى الآخر لاجل ما كان بينهما من الاتحاد ففي الحقيقة كان هذا الاتحاد موجبا لنحو توسعة في دائرة النسبة في مقام الاتصاف في صدقية ذي الأثر والمصلحة على الصور الذهنية وإلا ففي مرحلة العروض لا يكون المعروض للطلب إلا العناوين والصور الذهنية كما أنه في ظرف المصلحة أيضا لا يكون المعروض لها إلا الوجود والماهية الخارجية. ونعم ما أوضح الأمر وعليه يكون متعلق الطلب نفس الصور الذهنية بما أنها ملحوظة خارجية دون المعنونات الخارجية من غير

.................................................................................................

______________________________________________________

فرق بين كون العنوان من العناوين الانتزاعية أو من الطبائع المتاصلة كالصلاة والصوم ونحوهما.

الجهة الرابعة : تحتاج إلى مقدمة الفرق بين الحصة والطبيعي والفرد هو أن الانسان يكون له وجود في الخارج بوجود زيد الذي يكون له وجود جوهري مع ضميمة ساير المقولات العرضية ومن هذه المرتبة تنتزع الفردية للإنسان ، ثم ان الضمائم لا يكون دخيلا في صيرورة زيد متشخصا بل تشخصه بنفس الوجود الجوهري الممتاز عن سائر الوجودات فإن زيدا لو ألقى منه جميع العوارض مثل كونه ابن عمرو أب فلان مع طول كذا وعرض كذا ولون كذا يكون غير بكر بنفس وجوده وهو الوجود الإنساني الذي هو الحيوان الناطق فزيد إنسان وعمر وكذلك ولكنهما ممتازان بنفس الوجود ومن ذلك يتصور للطبيعي مراتب عديدة حسب تعدد الأفراد ومغايرة كل مرتبة منه باعتبار محدوديتها بالحدودات الفردية مع المرتبة الاخرى ولذا اشتهر أن الطبيعي مع الافراد كنسبة الآباء مع الأولاد ، فلكل فرد أبا من الطبيعي غير ما يكون مع الابن الآخر مع اتحاد تلك الآباء على اختلافها ، وتباينها بحسب الرتبة بحسب الحقيقة واندراج الجميع تحت جنس واحد ، وعلى أي حال من هذه المرتبة تؤخذ الحصة فيقال زيد حصة من الانسان وعمرو كذلك مع أن الطبيعي يصدق عليهما ، ثم يكون لزيد وجه اشتراك مع سائر الأفراد وهو كون الجميع مصداقا للإنسان فبهذا النظر يصدق عليه أنه الطبيعي وينتزع منه فيكون الوجود الواحد الخارجي منشأ لانتزاع الفرد والحصة والطبيعي باعتبارات مختلفة فالوجودات المتعددة حصص للطبيعي وما لا تعد له وهو وجه الاشتراك هو الطبيعي ، وحينئذ إذا عرفت ذلك ففي صورة كون متعلق الأمر والنهي الطبيعة السارية يكون الحصص أيضا تحت الأمر والنهي مثل لا تشرب الخمر فإنه يكون جميع

.................................................................................................

______________________________________________________

الحصص مبغوضا ، وفي صورة كون المتعلق صرف الوجود سواء كان في الأمر كصل أو النهي كلا تأكل الثوم وادخل المسجد ، فانه يكون الأمر والنهي عن صرف الوجود بحيث لو أتي بفرد منهي حصل المكروه وهو الرائحة الكريهة أو وجوب الكفارة عند تعمد الإفطار بالاكل ونحوه الجماع فلا يتكرر ، أو بفرد الواجب حصل الامتثال وبقية الافراد لا تكون تحت النهي أو الأمر فكيف يكون الأمر متعلقا بها والتخيير بين الافراد يختلف على المسالك المتقدمة ، فيبتني على أن تعلق الأمر بعنوان فهل يسري إلى أفراده ومصاديقه على نحو يكون الافراد بما لها من الحدود والفردية والخصوصيات الشخصية تحت الطلب والأمر أم لا ، وعلى الثاني من عدم سرايته إلى الخصوصيات الفردية فهل يسري إلى الحصص المقارنة لخواص الافراد كما في الطبيعة السارية ـ أي الوجودات ـ أم لا بل الطلب والأمر يقف على نفس الطبيعي والقدر المشترك بين الحصص وهي الطبيعة الحاكية عنها ، ونتيجة هذا البحث كون التخيير بين الافراد عقلي على الثاني ، وشرعي على الأول ، ذهب صاحب الكفاية ومن تبعه إلى أنه عقلي وذهب المحقق العراقي إلى أنه شرعي ، وتفصيل ذلك قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٢٩ في الواجب الموسع : ولا يذهب عليك أن الموسع كلي كما كان له أفراد دفعية كان له أفراد تدريجية يكون التخيير بينها كالتخيير بين أفرادها الدفعية عقليا ولا وجه لتوهم أن يكون التخيير بينها شرعيا ضرورة أن نسبتها إلى الواجب نسبة افراد الطبائع اليها كما لا يخفى. وذكر المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٥٧ أن المأمور به طبيعي الفعل الواقع في طبيعي الوقت المحدود بحدين فيكون كالحركة التوسطية وهو الكون بين المبدا والمنتهى فكما أن الكون المتوسط بالإضافة إلى الاكوان المتعاقبة الموافية المحدود كالطبيعي بالنسبة إلى أفراده كذلك الفعل المتقيد بالوقت المحدود

.................................................................................................

______________________________________________________

بالأول والآخر بالإضافة إلى كل فرد من الفعل المتقيد بقطعة من الزمان المحدود بحدين بخلاف ما إذا أمر بفرد من الفعل المتقيد بقطعة من الزمان على البدل فإنه تخيير شرعي فيكون كالحركة القطعية بلحاظ قطعات الزمان المأخوذة قيود الأفراد الفعل فإن الزمان مأخوذ بنحو التقطع القابل لملاحظة قطعة قطعة القطعات المتقيد بها الواجب كالأجزاء بالإضافة إلى الزمان المأخوذ في الواجب على الثاني وكالجزئيات بالإضافة إلى الكون المتوسط على الأول ، انتهى.

فاللازم على القول بوجوب طلب الوجود في الواجبات على نفس الطبيعي وصرف الجامع وعدم سرايته إلى الحصص الفردية مطلقا لاتجه القول بالتخيير العقلي إذ لا يبقى مجال حينئذ لدعوى وجوب الحصص والأفراد بالوجوب الشرعي ولكن عمدة الكلام فيه حينئذ في أصل المبنى وستعرف مفصلا ومن هنا ظهر ما في أفاده استادنا الخوئي في المحاضرات ج ٤ ص ١٥ أيضا قال والصحيح في المسألة أن الطبيعي موجود في الخارج حقيقة وذلك لصحة حمل الوجود عليه فلا فرق بين قولنا زيد موجود وقولنا الإنسان موجود فكما أن الأول على نحو الحقيقة فكذلك الثاني ولذا لا يصح سلبه عنه هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أنه لا شبهة في صحة حمله على الفرد فيقال زيد إنسان ومن المعلوم أنه يعتبر في صحة الحمل الاتحاد في الوجود الخارجي وإلا فالحمل غير صحيح وهذا لعله من الواضحات وبعد ذلك نقول إنه على القول بوجود الطبيعي في الخارج يتعلق الأمر به وعلى القول بعدم وجوده فيه يتعلق بالحصة والفرد ولكن بإحدى الحصص الخارجية لا بالمعين منها فالنتيجة على كلا القولين هي التخيير بين تلك الحصص والأفراد عقلا ، أما على القول الأول فواضح ، وأما على القول الثاني فلفرض أن الأمر لم يتعلق بالحصة

.................................................................................................

______________________________________________________

الخاصة بل تعلق بواحدة منها لا بعينها ومن المعلوم أن تطبيقها على هذه وتلك بيد المكلف ولا نعني بالتخيير العقلي إلا هذا.

وأما ما ذكره من الواحد لا بعينه سيأتي الكلام في ذلك في محله والكلام في التخيير العقلي وستعرف ما فيه.

قال المحقق العراقي في البدائع ص ٤٠٨ فالتحقيق يقضي وقوف الطلب على نفس الطبيعي وعدم سرايته لا إلى الخصوصيات الفردية ولا إلى حصص الطبيعي الموجودة في ضمن الأفراد المقارنة لخواصها والدليل على ذلك أمران :

الأول أنه نرى بالوجدان عند طلب شيء والأمر به كما في الأمر باحضار الماء للشرب لا يكون المطلوب إلا صرف الطبيعي والقدر المشترك بين الحصص من دون مدخلية في ذلك للحصص فضلا عن الخصوصيات الفردية كماء الكوز والحب ونحو ذلك ولذا لو سئل عن تلك الحصص والخصوصيات فيجاب بأن المطلوب إنما كان صرف الطبيعي والقدر المشترك دون الحصص ودون خصوصيات الافراد. الثاني هو أن الطلب تابع للمصلحة ولا يتعلق إلا بما تقوم به المصلحة فمع قيام المصلحة بصرف الطبيعي والجامع وعدم سرايتها إلى الحدود الفردية ولا إلى الحصص المقارنة لخواصها لان المفروض عدم دخلها في المصلحة فيستحيل حينئذ سراية الطلب إلى الحدود الفردية او الحصص المقارنة لخواصها ، ثم لا يخفى أن ما ذكرنا من عدم سراية الطلب إلى الحصص وخروجها عن دائرة المطلوبية إنما هو بالقياس إلى الحيثية التي بها تمتاز هذه الحصص الفردية بعضها عن البعض الآخر المشترك معه في الجنس والفصل القريبين.

وأما بالنسبة إلى الحيثية الأخرى التي بها تشترك هذه الحصص وتمتاز بها

.................................................................................................

______________________________________________________

عن أفراد النوع الآخر المشاركة لها في الجنس القريب وهي الحيثية التي بها قوام نوعيتها فلا بأس بدعوى السراية إليها ـ أي كحيثية الصلاتية بالنسبة إلى الصومية مثلا نظير الناطقية لا الناهقية ـ بل ولعله لا محيص عنها من جهة أن الحصص بالقياس إلى تلك الحيثية واشتمالها على مقومها العالي ليست إلا عين الطبيعي والقدر المشترك ومعه لا وجه لدعوى خروجها عن المطلوبية كما لا يخفى فعلى ذلك تكون الحصص المزبورة كل واحدة منها بالقياس إلى بعض حدودها وهو الطبيعي تكون تحت الطلب والأمر وبالقياس إلى حدودها الخاصة تكون تحت الترخيص وخارجة عن دائرة المطلوبية لا أنها على الإطلاق تحت الطلب والأمر كما في الطبيعة السارية ولا خارجة كذلك عن دائرة الطلب ونتيجة ذلك هو كون التخيير بين الحصص شرعيا لا عقليا فعليه تكون كل حصة من الحصص ببعض حدودها داخلة تحت الإلزام الشرعي وببعض حدودها الأخرى داخلة تحت الترخيص ومرجع ذلك إلى وجوب كل واحدة منها بايجاب ناقص بنحو لا يقتضي إلا المنع عن بعض أنحاء تروكها وهو الترك في حال ترك البقية مع كون الترك في حال وجود بقية الحصص تكون تحت الترخيص ومقتضاه هو تحقق الاطاعة والامتثال بايجاد فرد منها والعصيان بترك الجميع. ومما ذكرنا يتضح عدم تمامية ما في الكفاية وغيرها من الالتزام بكون التخيير في المقام عقليا مطلقا نعم لو قلنا بقيام الطلب على نفس الطبيعي وعدم سرايته إلى الحصص حتى بالقياس إلى حدودها التي هي القدر المشترك بينها لاتجه القول بالتخيير العقلي ان قلت ان الطلب بعد تعلقه بالعناوين والصور الذهنية لا بالمعنونات الخارجية كما هو المفروض تستحيل سرايته إلى الحصص الفردية حيث ان الحصص بصورها الذهنية تباين الطبيعي وان كان كل من الحصص الفردية والطبيعي ملحوظا بنحو المرآتية للخارج اذ لازم ذلك

.................................................................................................

______________________________________________________

تحقق صورتين ذهنيتين ومن الواضح ان الصورتين الممتازة إحداهما عن الأخرى في وعاء تقررهما متباينتان قلت ان المدعي هو تعلق الطلب بالطبيعي بما هو مرآة للخارج ولا ريب في ان وجود الطبيعي في الخارج لا يمتاز عن وجود الحصص بل هو الجهة المشتركة الجامعة بين الحصص والمرئي بالطبيعي الملحوظ مرآة للخارج ليس إلّا تلك الجهة الجامعة بين الحصص وهذا هو مرادنا من سراية الطلب من الطبيعي إلى حصصه بل التامّل يقضي بان التعبير بالسراية في المقام مسامحي اذ بالنظر الدقي يكون الطلب المتعلق بالطبيعي الملحوظ مرآة لخارج متوجها إلى تلك الجهة الجامعة بين الحصص فمتعلق ذلك الطلب في الحقيقة هي تلك الجهة الجامعة بين حصصها ـ إلى ان قال ـ لا شبهة في ان ظرف السراية المدعاة انما هو قبل تحقق الانطباق في الخارج وما ذكر من انه لا مجال لسراية الطلب المتعلق بالطبيعي عن نحو صرف الوجود إلى حصة اخرى في هذا الظرف فهو ناشئ من تخيل ان سريان الطلب من الطبيعي إلى الحصص يلازم فرض ثاني الوجود مع انه لا يتصور في الطبيعي الملحوظ على نحو صرف الوجود ولكنه غير وجيه لانا لا ندعي سرايته إلى الحصص مع فرضها بنحو أول الوجود وثاني الوجود وهكذا ليتوجه الإشكال المزبور بل ندعي سرايته إلى كل حصة معنونه بعنوان عدم مسبوقيتها بغيرها من الحصص وحيث ان المدعي هو السراية البدلية فلا ضير في فرض حصص كثيرة تكون كل منها مسبوقة بعدم غيرها من الحصص ويكون الطلب المتعلق بالطبيعي ساريا اليها بنحو البدلية بذلك كله ليتضح انه لا محذور في ما ادعيناه من السراية اصلا. ونعم ما قال فلا بد ان يكون التخيير شرعيا إذا كان الحصص متعلقا للطلب كما هو الحق دون الطبيعي وحده فان الطبيعي لا يوجد في الخارج الا بوجود فرده ولا يسري الحكم منه إلى

.................................................................................................

______________________________________________________

الخصوصيات وانما ليسري إلى جهة امتيازها عن افراد النوع الآخر المشاركة معها وهي حصة الطبيعة عند عدم مسبوقيتها بوجود غيره الذي في الطبيعة السارية لا توجد ذلك وان كانت تشارك معها في جنسها القريب وهي الحيثية التي بها قوام نوعيتها فان الحصص كل واحدة منها تشتمل على جهات وحيثيات شتّى ينتزع بها منها عناوين مقوماتها العالية كالجوهرية والجسمية والنامية والحساسية والحيوانية كما في زيد الذي هو فرد الانسان حيث يشتمل على جميع حدود مقوماته العالية من الجوهرية والجسمية إلى ان يبلغ إلى جهة الانسانية التي هي جهة مشتركة بينه وبين عمرو وخالد مع زيادة جهة اخرى فيه التي بها امتيازه عن عمرو وخالد وكذلك الانسان بالنسبة إلى الحيوان والجسم النامي والمطلق والجوهر وهكذا كل سافل بالنسبة إلى عاليه فانه لا بد من اشتماله على جميع مقوماته العالية مع زيادة جهة فيه بها امتيازه عن سائر الحصص المشاركة معه في جنسه وفصله القريبين وهو معنى قولهم بان كل ما هو مقوم للعالي مقوم للسافل ولا عكس ، واورد على المحقق العراقي بعضهم بعد مقدمة طويلة ان مراده من دعوى السراية. ان كان هو الفصول المميزة ففيه ان ذلك عين الطبيعي ومقومها ومرجعه إلى ان الحكم على الطبيعي يسري إلى الطبيعي وان اراد ما يمتاز به حصص نوع عن حصص نوع آخر ففيه ان الطبيعي لا يمكن ان يتحصص بنفس ذاته بل التحصص يحصل بتقييده بقيود عقلية مثل الانسان الابيض والفرس الاسود فحينئذ لا يمكن ان يكون الحصص نفس الطبيعي في اللحاظ العقلي واما الاتحاد الخارجي فكما يكون بين الحصص والطبيعي يكون بين الافراد والطبيعي ولكنه لا يوجب سراية الأمر في كلا القسمين وبالجملة ان الامتياز بين حصص نوع مع حصص نوع آخر ليس بالفصل المقوم فقط بل به وبالتقييدات الحاصلة من القيود اللاحقة

.................................................................................................

______________________________________________________

المحصلة للحصص والامتياز بالفصل المقوم فقط انما يكون بين نوع ونوع آخر لا حصصهما فتحصل مما ذكرنا ان الأمر المتعلق بالطبيعي لا يمكن ان يسري إلى الافراد ولا إلى الحصص التي تخيلت للطبيعي. وفيه ان تقدم المراد من الحصص وانه حالات الشيء قبل تقييده بقيود اصلا فلا مانع من سراية الطلب إليه من دون تقييد مضافا إلى ان الطبيعة المرآة إلى الخارج وهي الحصة المقارنة للخصوصيات الجامع لحيثيات متعددة منها امتيازها عن نوع آخر فلا محذور لسراية الطلب إليه كما هو الواقع ويكون متعلق الأمر.

الجهة الخامسة : في ابتناء المسألة على اصالة الوجود او الماهية وانه يتعيّن على الثاني القول بالطبيعة وعلى الأول القول بالوجود ، إشارة إلى الخلاف المعروف في فن المعقول من ان الاصل في التحقق هو الوجود فهو الصادر حقيقة والماهية أمر اعتباري محض كما هو المنسوب إلى المحققين من المشائين او الاصل هو الماهية فهي الصادر حقيقة والوجود أمر اعتباري كما هو مذهب شيخ الاشراف شهاب الدين السهروردي وغيره قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٢٣ لا يخفى ان كون وجود الطبيعة او الفرد متعلقا للطب انما يكون بمعنى ان الطالب يريد صدور الوجود من العبد وجعله بسيطا الذي هو مفاد كان التامة وافاضته لا انه يريد ما هو صادر وثابت في الخارج كي يلزم طلب الحاصل كما توهم ـ إلى ان قال ـ وانه لا بد في تعلق الطلب من لحاظ الوجود او العدم معها فيلاحظ وجودها فيطلبه ويبعث إليه كي يكون ويصدر منه هذا بناء على اصالة الوجود واما بناء على اصالة الماهية فمتعلق الطلب ليس هو الطبيعة بما هي ايضا بل بما هي بنفسها في الخارج ـ أي ماهية خارج ديده ـ فيطلبها كذلك لكي يجعلها بنفسها من الخارجيات والاعيان الثابتات لا بوجودها كما كان ان الأمر بالعكس على اصالة الوجود وكيف كان فيلحظ الأمر ما هو

.................................................................................................

______________________________________________________

المقصود من الماهية الخارجية او الوجود فيطلبه ويبعث نحوه ليصدر منه ويكون ما لم يكن. أشار في كلامه في وهم وهو ان الطلب إذا كان متعلقا بالوجود كان عارضا عليه وح فاما ان يكون عروضه عليه قبل تحققه او بعده فعلى الاوّل يلزم وجود العارض بدون المعروض وعلى الثاني يلزم تحصيل الحاصل واما الدفع هو ان موضوع الطلب ليس الوجود بل صدوره وفيه انه غير دافع لانه يقرر ايضا في الصدور كما يقرر في الوجود ، مع ان الفرق بين الصدور والوجود بمحض الاعتبار فان الوجود عين الصدور فالصحيح في الجواب ان يقال ان الموضوع للطلب ليس هو الوجود الخارجي بل الذهني اللحاظي الذي لا يلتفت إلى ذهنيته فيرى خارجيا ولذا يسري إلى كل منهما عارض الآخر فيرى موضوعا للغرض مع ان موضوعه هو الوجود الخارجي ويرى الوجود الخارجي موضوعا للطلب فيقال جاء بالمطلوب مع ان الطلب لم يتعلق به حقيقة ، وذكر المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٤٨ واما مبتنية على مسألة تعلق الجعل بالماهية او بالوجود فان المراد بالذات هو الصادر بالذات فمن جعله الوجود قال بتعلق الارادة به ومن جعله الماهية قال بتعلق الارادة بها من دون فرق بين الارادة التكوينية والتشريعية وكما ان معنى جعل الماهية افاضة نفسها فينتزع منها عند صدورها وفيضانها من جاعلها انها موجودة كذلك معنى تعلق الارادة بها ارادة افاضتها المستتبعة لانتزاع الوجود منها كما ان الأمر على العكس منه في جعل الوجود وتعلق الارادة به فان معني جعله افاضة الوجود المنتزع منه ماهيّة خاصة ومعنى تعلق الارادة به افاضته الخ فتحصل ان كلا الفريقين متفقان على ان الماهية من حيث هي ليست إلّا هي فما لم يقض عليه الوجود او الخارجية وهي الحيثية المكتسبة من الجاعل او نحو ذلك ليست مطلوبة ولا غير ذلك فلا وجه للقول بتعلقه بها كما لا يخفى ثم انه بناء على اصالة الماهية لا بد أن يكون المجعول هي الماهية وان الارادة تتعلق بالماهية

.................................................................................................

______________________________________________________

لان الوجود بناء على هذا أمر انتزاعي لا اثر له اصلا والملاك والمصلحة قائمة بالماهية والارادة تتبع الملاك والمصلحة فالمراد بتعلق الاوامر بالطبائع أي الماهيات الكلية المجردة عن جميع الخصوصيات وامارات التشخص أي الماهيات المقارنة او الملازمة لها من سائر المقولات وتكون تلك الماهيات بناء على هذا خارجة عن المراد والمطلوب وتكون مقارنة أو ملازمة له والمراد بتعلقها بالافراد أي الماهيّات المتخصصة بتلك الخصوصيات المقارنة بحيث تكون تلك المقارنات والخصوصيات داخلة في المراد والمطلوب لكن أصل المبني باطل عند المحققين.

الجهة السادسة : في الثمرة التي يترتب على هذا النزاع في باب الاجتماع هي انه بناء على تعلقها بالطبائع لا يسرى الأمر إلى الملازمات والمقارنات الوجودية من سائر الماهيات والمقولات وهكذا في طرف النهي فلا يلزم اجتماع الضدين من اجتماع الأمر والنهي إذا كان متعلقهما من مقولتين وبناء على تعلقها بالافراد يلزم ذلك ذكر ذلك المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢١٢ واما ثمرة البحث فتظهر في مبحث اجتماع الأمر والنهي فانه بعد اثبات تعلق الاوامر بالطبائع وان المشخصات خارجة عن متعلق التكليف واثبات ان نسبة كل من الكليين في مورد الاجتماع من قبيل المشخص للكلي الآخر لا محيص عن القول بجواز الاجتماع. واجاب عنه اساتذتنا من ان تشخص كل وجود بنفسه لا بوجود آخر ومجرد كون وجود ملازما لوجود آخر في الخارج لا يوجب أن يكون تشخصه به وعليه فلوازم وجود المأمور به خارجا غير داخلة فيه وخارجة عن متعلق الأمر على كلا القولين ويكون ويكون التركيب بينهما انضمامي كما ان النهي عن احد الوجودين لا يلازم النهي عن الوجود الآخر ولو قلنا بتعلق الاوامر والنواهي بالافراد ، فالثمرة الواقعية هي كون التخيير شرعيا او عقليا على ما مر.

في بقاء الجواز عند نسخ الوجوب

النموذج الثالث عشر : في انه إذا نسخ الوجوب فهل يبقى الجوازم لا وتحقيق ذلك يكون في ضمن جهات :

الجهة الاولى : ذكر المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٣٨٩ الظاهر ان المراد بالجواز المتنازع فيه هو خصوص الجواز الاقتضائي الذي هو في ضمن الوجوب والاستحباب والاباحة لا الاعم منه والجواز اللااقتضائي الناشئ من عدم المقتضي للشيء فعلا ام تركا من جهة وضوح ان مثل هذا المعنى من الجواز بعد ورود الدليل على وجوبه مما يقطع بارتفاعه فلا معنى ح للنزاع في بقائه بعد نسخ الوجوب كما هو واضح. والأمر كما ذكره.

الجهة الثانية : هل يمكن بقاء ذلك ثبوتا ام لا ذكر المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٣٨٩ لا ينبغي الإشكال في انه لا ملازمة بين ارتفاع الوجوب وبين ارتفاع جوازه وذلك من جهة انه بعد ان كان له مراتب عديدة من حيث اصل الجواز والرجحان الفعلي وحيث الالزام والمنع عن النقيض فلا جرم امكن ان يكون المرتفع لاجل دليل النسخ هو خصوص جهة الزامه ومنعه عن النقيض مع بقاء رجحانه الفعلي غير المانع عن النقيض على حاله كامكان ارتفاعه حتى بمرتبة رجحانه الفعلي ايضا مع بقائه على الجواز بمعنى تساوي فعله وتركه كامكان ارتفاعه حتى بمرتبة جوازه ايضا وح فامكن ثبوتا بقاء كل واحد من هذه المراتب بعد ارتفاع الوجوب بدليل النسخ من غير ان يكون برهان عقلي على امتناعه بوجه اصلا وعلى هذا البيان ايضا لا يحتاج في اثبات الرجحان الفعلي عند ارتفاع حيث المنع عن النقيض إلى تكلف اقامة الدليل على قيام الفصل الاستحبابي مقامه من جهة انه بعد كونه من قبيل التشكيكات فلا جرم بذهاب

.................................................................................................

______________________________________________________

مرتبة منه يلزمه تجدّده قهرا بالمراتب الباقية نظير مرتبة خاصة من الحمرة الشديدة التي إذا زالت مرتبه منها باجراء الماء عليها تبقى مرتبة اخرى منها محدودة بحد خاص وعليه فيكفي ذهاب خصوص جهة منعه عن النقيض في الحكم ببقاء رجحانه واستحبابه من دون احتياج إلى قيام دليل عليه بالخصوص بوجه اصلا كما لا يخفى. فعلى هذا لو قلنا بان مرتبه الطلب فيهما واحدة وانما الفرق بينهما بان في الاستحباب ترخيص في الترك دون الوجوب بان ارتفع ذلك الطلب الالزامي فلا يبقى حتى الجواز اصلا لانه يحتاج إلى القرينة أي الاستحباب ، واما بقائه على الحكم الاولى فلا يحتمل اصلا فان الحكم الأول كان هو الوجوب ونسخ فلا معنى لبقائه على حكم ما قبل المنسوخ اصلا.

الجهة الثالثة : بعد ما يبين انه يمكن ثبوتا بقاء اصل جوازه ورجحانه الفعلي ولم يقم دليل عقلي على امتناعه يقع الكلام في مرحلة الاثبات في انه هل قضية دليل النسخ رفع الوجوب بجميع مراتبه او بخصوص مرتبه الزامه وجهة منعه عن النقيض كي يلزمه بقائه بمرتبة رجحانه الفعلي غير المانع عن النقيض ، واستدل لبقاء الجواز بوجوه منها ان القدر المتيقن الذي يقتضيه دليل الناسخ انما هو رفع خصوص جهة إلزامه ففيما عداه يؤخذ ح بدليل المنسوخ ويحكم بمقتضاه باستحبابه نظير ما إذا ورد دليل على وجوب شيء ودليل آخر على عدم وجوبه فكما انه هناك يجمع بينهما فيؤخذ بظهور دليل الوجوب في مطلق الرجحان ويرفع اليد عن ظهوره في الالزام وجهة المنع عن النقيض كذلك في المقام ايضا فاذا لم يكن لدليل النسخ دلالة على ازيد من رفع الوجوب فلا جرم يؤخذ بظهور دليل المنسوخ في مطلق رجحانه وبذلك يثبت استحبابه حيث لا نعني من الاستحباب ذلك ، واجاب عنه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٣٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

ان هذا الجمع انما يصح في غير الحاكم والمحكوم واما فيهما فلا يتأتى مثل هذا الجمع بل لا بد من الاخذ بدليل الحاكم ورفع اليد عن دليل المحكوم وان كان ظهوره اقوى بمراتب من دليل الحاكم وفي المقام بعد ان كان دليل النسخ ناظرا بمدلوله اللفظي إلى مدلول دليل المنسوخ بلحاظ تعرضه لرفع الحكم الثابت بدليله فلا جرم بمقتضى نظره وحكومته هذه لا يبقى مجال لملاحظة دليل المنسوخ واقوائية ظهوره من ظهوره بل في مثله لا بد من الاخذ بدليل الناسخ ورفع اليد عما يقتضيه دليل المنسوخ وان كان ظهوره أقوى بمراتب من ظهوره ، وعليه ايضا لا يبقى مجال استفادة الاستحباب بمثل البيان المزبور بل لا بد من التماس دليل آخر في البين كما هو واضح ولعل مثل ذلك هو العمدة ايضا في عدم ملاحظتهم لقاعدة الجمع المزبور في المقام مع بنائهم على اعمالها كثيرا في الفقه بنحو صار من لمجموع المتعارف اللهم إلّا ان يقال بمزاحمة المحكوم في المقام مع اصل حكومة دليل الناسخ ومقدار نظره حيث يصرفه إلى خصوص جهة الإلزام وحيث المنع عن الترك في مثله لا يتأتى ما ذكر من لزوم تقديم دليل الحاكم ولو كان اضعف ظهور من جهة ان ذلك انما هو في ظرف ثبوت اصل حكومته وقوة نظره بل لا بد من لحاظ التعارض بينهما وإذا فرضنا اقوائية دليل المنسوخ في مطلق الرجحان من ظهور دليل الناسخ في النظر إلى جميع المراتب فلا جرم توجب مثل هذه الاقوائية لصرف دليل الناسخ إلى خصوص مرتبه الالزام وجهة المنع عن النقيض ، وح فلئن خودش في ذلك فلا بد من الخدشة في اصل المطلب بدعوى قوة ظهور دليل الناسخ في نظره إلى رفع جميع مراتب الحكم كما لعله ليس ببعيد ايضا لظهوره في رفعه لاصل الحكم الثابت بدليل المنسوخ بماله من المراتب وعليه لا يبقى مجال للاخذ بظهور دليل المنسوخ في مطلق الرجحان لاثبات الاستحباب نعم لو فرضنا

.................................................................................................

______________________________________________________

اجمال دليل الناسخ في نفسه وتردده بين رفع خصوص جهة الزامه او رفعه حتى بمرتبة رجحانه وجوازه ففي مثله لا بأس بدعوى الرجوع إلى دليل المنسوخ لاثبات مطلق الرجحان لو لا دعوى سراية اجماله إليه ايضا واما الاجمال الذي اختار صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٢٤ ـ بقوله ـ إذا نسخ الوجوب فلا دلالة لدليل الناسخ ولا المنسوخ على بقاء الجواز بالمعنى الاعم ولا بالمعنى الاخص كما لا دلالة لهما على ثبوت غيره من الاحكام ضرورة ان ثبوت كل واحد من الاحكام الاربعة الباقية بعد ارتفاع الوجوب واقعا ممكن ولا دلالة لو احد من دليلي الناسخ والمنسوخ باحدى الدلالات على تعيين واحد منها كما هو اوضح من ان يخفى فلا بد للتعيين من دليل آخر. اما دليل الناسخ انما هو رفع الوجوب الثابت بدليل المنسوخ فلا يدل على ازيد من ذلك اصلا واما دليل المنسوخ فلان مفاده ثبوت الوجوب وقد ارتفع على الفرض ولا دلالة له على غيره فانما ذلك على مبناه لاجل كون الوجوب والاستحباب في مرتبة واحدة من الطلب وانما يكون الاستحباب له جواز الترك فلذا لا يبقى الجواز اصلا ومنها ان الوجوب ينحل إلى جواز الفعل مع المنع من الترك فالمرفوع بدليل الناسخ انما هو المنع من الترك واما الجواز الذي هو بمنزلة الجنس فلا دليل على ارتفاعه اصلا فاذن لا محاله يكون باقيا وفيه اولا ان ذلك يبتني على ان يكون الوجوب مركبا من رجحان الفعل مع المنع من الترك وهو خلاف ما عليه بعضه بعضهم من ان الوجوب والاستحباب هو الطلب وانما المستحب له جواز الترك وثانيا اجاب عنه استادنا الخوئي في المحاضرات ج ٤ ص ٢٣ بانه؟؟؟ جدا غير مطابقة للواقع في شيء وذلك لان دعوى بقاء الجنس بعد ارتفاع الفصل لو تمت فانما تتم في المركبات الحقيقية كالانسان والحيوان وما شاكلهما واما في البسائط الخارجية فلا تتم اصلا ولا سيما في الاحكام الشرعية التي هي امور

.................................................................................................

______________________________________________________

اعتبارية محضة وتكون من أبسط البسائط ضرورة ان حقيقتها ليست إلّا اعتبار الشارع ثبوت الفعل على ذمة المكلف او محروميته عنه. وفيه انه كما عرفت انه من المراتب المشككة أي الرجحان فلا مانع ثبوتا من ان يذهب السواد الشديد وبقي السواد الخفيف كما هو واضح ، ومنها الاستصحاب وهو استصحاب بقاء الجواز بيان ذلك فإنه بعد سقوط الادلة عن الحجية لعدم الدلالة يرجع إلى الاصل العملي وهو الاستصحاب.

فان الفعل حين كان واجبا كان جائزا فاذا ارتفع وجوبه يشك في ارتفاع جوازه فيستصحب ، وأورد عليه في الكفاية ج ١ ص ٢٢٤ قال ولا مجال لاستصحاب الجواز إلّا بناء على جريانه في القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلي وهو ما إذا شك في حدوث فرد كلي مقارنا لارتفاع فرده الآخر ـ أي في المقام ان الجواز لا يثبت إلّا في ضمن احد الاحكام الاربعة غير التحريم والاحكام الاربعة متباينات فاذا كان ثابتا في ضمن الوجوب وعلم بارتفاع الوجوب واحتمل بثبوت الجواز في ضمن الاباحة مثلا فقد علم بارتفاع الوجود الأول للكلي وشك في وجود آخر له مقارن لارتفاع الأول وهذا هو القسم الثالث من اقسام الشك في وجود الكلي ـ وقد حققنا في محله انه لا يجري الاستصحاب فيه ما لم يكن الحادث المشكوك من المراتب القوية او الضعيفة المتصلة بالمرتفع بحيث عد عرفا انه لو كان باق لا انه أمر حادث غيره ومن المعلوم ان كل واحد من الاحكام مع الآخر عقلا وعرفا من المباينات والمتضادات غير الوجوب والاستحباب فانه وان كان بينهما التفاوت بالمرتبة والشدة والضعف عقلا إلّا انهما متباينان عرفا فلا مجال للاستصحاب إذا شك في تبدل احدهما بالآخر فان حكم العرف ونظره يكون متّبعا في هذا. وفيه اولا الظاهر صدقه حقيقة ودقة لان الضعيف لا يباين القوي وجودا بل هو من

.................................................................................................

______________________________________________________

مراتبه وانما يباينه حدا ومثله لا يمنع من صدق الشك حقيقة فلا ينبغي عد هذا من القسم الثالث ، وثانيا انه يكفي في اثبات الجواز استصحاب الرضا بالفعل الثابت حال وجوبه اذ لو ثبت الرضا به بعد ارتفاع الوجوب لا يكون وجودا آخر للرضا بل يكون الرضا الأول باقيا وإذا ثبت الرضا به ولو بالاستصحاب كان جائزا عقلا لان الاحكام التكليفية انما تكون موضوعا للعمل في نظر العقل بمناط حكايتها عن الارادة والكراهة والرضا لا بما هي هي وثالثا يكفي في اثبات الاستحباب استصحاب نفس الارادة النفسانية اذ مجرد رفع الوجوب لا يدل على ارتفاعها وإذا ثبتت الارادة المذكورة ثبت الاستحباب لانه يكفي فيه الارادة للفعل مع الترخيص في الترك الثابت قطعا بنسخ الوجوب فعليه بمقتضى الاصل العملي ، يبقى الجواز مضافا إلى انه يجري البراءة الاصلية.

الجهة الرابعة : في الثمرة منها حرمة التوجه إلى بيت المقدس بعد نسخ وجوبه بالآية قال في القوانين ج ١ ص ١٢٩ ثم ان هذا الاصل وان قل فروعه بل لا يحضرني الآن له فرع الا ما توهمه بعض الاصحاب من تفريع جواز الجمعة بعد انتفاء الوجوب العيني بسبب فقد شرطه اعني حضور الامام عليه‌السلام او نائبه او تحريمه لبقائه بلا دليل والعبادة بلا دليل حرام وهو باطل كما ستعرفه لكن له نظر كثير الفروع عظيم الفائدة وهو ما اشتهر في السنتهم من ان بطلان الخاص لا يستلزم بطلان العام والتحقيق خلافه ـ إلى ان قال ـ واما انتفاء الشرط فليس مما نحن فيه في شىء فبانتفائه ينتفي المشروط رأسا وهو ليس بنسخ جزما وبديهة لتجدده انا فانا في جميع الازمان ومسألة صلاة الجمعة المتقدمة من هذا القبيل الخ بيان ذلك لو اوصى احد بربع ماله في استجار من يحج بعد موته مع عدم وفاء ذلك المقدار في الاجرة فان المعلوم من حاله في ايصائه هو هذا الفرد الخاص باعتبار وجود مطلق الحج فيه فغرضه الاصلي هو استيجار مطلق

.................................................................................................

______________________________________________________

الحج ولو بغير ذلك المقدار فلا يسقط العام بسبب عدم وجود الخاص وان لم نقل ببقاء العام بعد انتفاء الخاص ايضا ، وقال في الفصول ص ١١٦ وكذا لو اذن المولى عبده او وكله ثم اعتقه هل يرتفع الاذن والوكالة لارتفاع الاذن الحاصل من جهة المالكية أو لا هذا والتحقيق ان الحاق غير النسخ مما مر به قياس مع الفارق ـ إلى ان قال ـ واما مسألة بقاء وكالة العبد بعد عتقه فلا تعلق له في المقام بل الحق انه يتبع شاهد الحال من عموم التوكيل او اختصاصه بصورة بقاء ملكيته.

في ان الأمر بالامر أمر ام لا

النموذج الرابع عشر في ان الأمر بالأمر بشيء أمر بذلك الشيء حقيقة ام لا والكلام فيه يكون عن جهات.

الجهة الاولى : في مرحلة الثبوت قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٠ الأمر بالامر بشيء أمر به لو كان الغرض حصوله ولم يكن له غرض في توسيط أمر الغير به الا بتبليغ أمره به كما هو المتعارف في أمر الرسل بالامر او النهي واما لو كان الغرض من ذلك يحصل بامره بذلك الشيء من دون تعلق غرضه به او مع تعلق غرضه به لا مطلقا بل بعد تعلق أمره به فلا يكون أمر بذلك الشيء كما لا يخفى.

اما في الأول فظاهر لعدم الغرض في الفعل اصلا واما في الثاني فيكون مأمورا به بشرط الأمر من المأمور بالامر وبالجملة ان كلا الوجهين ثبوتا أمر ممكن حيث انه يمكن ان يكون الأمر بالامر بشيء لا لاجل التوصل به إلى وجود ذلك الشيء في الخارج بل لاجل مطلوبية أمر الأمر الثاني نفسيا كما انه يمكن ان يكون ذلك لاجل التوصل إلى وجود ذلك الشيء في الخارج فحيث انه كان كان ذلك الشيء مطلوبا أمر بالامر به.

الجهة الثانية : في مرحلة الاثبات ذكر صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣١ وقد انقدح بذلك انه لا دلالة بمجرد الأمر بالامر على كونه أمرا به ولا بد في الدلالة عليه من قرينة عليه. لكن ذكر المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٣٩٩ إلّا انه في مقام الاثبات كان الظاهر من نحو تلك القضايا ولا بملاحظة قضية الارتكاز هو الثاني من كون الأمر بالامر بشيء لمحصن التوصل إلى الوجود لا من جهة مطلوبية أمر الأمر الثاني نفسيا وان لم يترتب عليه الوجود في الخارج. فالظاهر ثبوت القرينة النوعية على كون الأمر بالامر من قبيل الأمر بالتبليغ الملحوظ فيه التبليغ طريقا وليس جاريا مجرى الاوامر في كون الغرض في متعلقاتها ، وعلى ذلك ايضا المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٢٠٩ قال والظاهر من نفس الأمر بالامر من دون ان يكون قرينة في البين على الموضوعية او الطريقية هو الطريقية لانسباقها إلى الذهن في العرف فيكون مقتضى الاصل هي الطريقية ما لم يكن هناك قرينة صارفة عن ذلك.

الجهة الثالثة : في الثمرة المترتبة على هذا النزاع هي شرعية عبادة الصبي بمجرد ما ورد في الروايات من قولهم عليه‌السلام مروهم بالصلاة وهم ابناء سبع سنين وسائل باب ٣ اعداد الفرائض ونحوه مما ورد في أمر الولي للصبي فانه بعد ما كان الأمر بالامر شيء ظاهر عرفا في كونه أمرا بذلك الشيء تدل تلك الروايات على شرعية عبادة الصبي لفرض عدم قصور فيها لا من حيث الدلالة كما عرفت ولا من حيث السند لفرض ان فيها روايات معتبرة وعليه المشهور ايضا واحتمال ان يكون أمره لصرف التمرين وصيرورتها عادة لهم من دون فائدة اخرى فيها فبعيد وخلاف ظاهر الأمر الذي يصدر من الشارع فتكون عباداتهم مشروعه والمراد ح من رفع القلم عنهم قلم الالزام ولعل السر في كون أمر الشارع للاولياء طريقيا وأمرهم للصبيان شرعيا لا تمرينيا انه

.................................................................................................

______________________________________________________

صلى الله على وآله لو كان يأمر الاطفال من كان عمره سبع سنين ابتداء بدون توسيط الاولياء بالصلاة لما كانوا يعتنون لضعف عقولهم وادراكاتهم واما لو أمرهم الاولياء بذلك يعتنون لانهم يخافون منهم ولذلك عدل (ص) عن أمرهم مباشرة إلى أمر اوليائهم بذلك ، وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٣٩٩ وعلى ذلك فلا بأس باستفادة شرعية عبادة الصبي مما ورد من أمر الاولياء بأمر الصبيان باتيان العبادات نعم هذا المقدار من الشرعية ايضا لا يفي باثبات وفاء الماتي به حال الصغر بمصلحة الواجب كي يلزمه الاجتزاء به عن فعل الواجب فيما لو كان بلوغه بعد الفراغ عن العبادة او في اثنائها من جهة ان القدر الذي يستفاد من قضية الأمر بالامر انما هو كون فعلهم في حال عدم البلوغ مشروعا وواجدا للمصلحة واما كون هذه المصلحة من سنخ تلك المصلحة الملزمة الثابتة في حال البلوغ فلا ومن هذه الجهة ايضا تشبث بعضهم للاجتزاء به وعدم وجوب الاعادة بعد البلوغ باثبات المشروعية من جهة نفس الخطابات الاولية وحاصله انما هو دعوى شمول اطلاق الخطابات في التكاليف مثل اقيموا الصلاة ونحوه للصبي الذي يبلغ بعد يوم او نصف يوم او ساعة حيث ان دعوى انصرافها عن مثل هذا الصبي ايضا كما ترى بعيدة غايته اذ لا يكاد يفرق العرف في شمول تلك الخطابات بين البالغ سنة إلى خمس عشرة سنة كاملة وبين من نقص سنة من ذلك بيوم او نصف يوم او ساعة واحدة بل كان العرف يرى شمول تلك الخطابات لكل منهما وح فاذا شمل تلك الخطابات لمثل هذا الصبي يتعدى عنه بمقتضى عدم الفصل إلى من هو دون ذلك في العمر إلى ان يبلغ في طرف القلة إلى ست او سبع سنين فيستفاد من ذلك ح ان الصبي المميز والمراهق كالبالغ في كونه ممن شرع في حقه العبادة على نحو مشروعيتها في حق البالغين من حيث اشتمال عباداته على المصالح الملزمة غاية الأمر

.................................................................................................

______________________________________________________

بمقتضى دليل رفع القلم يرفع اليد عن جهة الزام التكليف ويقال بانه غير مكلف بالايجاد بتكليف لزومي في حال عدم بلوغه ونتيجة ذلك انما هو سقوط التكليف عنه بالايجاد لو فرض بلوغه في اثناء العبادة او بعد الفراغ عنها نظرا إلى استيفائه بفعله ح قبل البلوغ بتلك المرتبة من المصلحة الملزمة الداعية على الأمر والتكليف هذا ، لكن فيه انه لا قصور في هذا التقرب لاثبات المشروعية بالمعنى المزبور لو لا دعوى كون اعتبار البلوغ في اذهان المتشرعة بمقتضى دليل رفع القلم ونحوه في الارتكاز بمثابة يكون من القرائن الخاصة الموجبة لصرف الخطابات إلى خصوص البالغين كما لعله ليس ببعيد ايضا وإلّا فلا مجال لاثبات مثل هذا النحو من الشرعية ايضا حتى يترتب عليه الاجتزاء به عن فعل الواجب بعد البلوغ فيما لو كان بلوغه في اثناء العبادة او بعد الفراغ عنها كما لا يخفى. وتبعه في ذلك استادنا الخوئي ايضا في المحاضرات ج ٤ ص ٧٧ بقوله ان الأمر سواء أكان عبارة عن الارادة او عن الطلب او عن الوجوب او عن الاعتبار النفساني المبرز في الخارج بمبرز ما بسيط في غاية البساطة وعلى هذا فمدلول هذه العمومات سواء أكان طلب هذه الافعال او وجوبها او ارادتها او اعتبارها في ذمة المكلف لا محاله يقيد بغير الصبي والمجنون وما شاكلهما بمقتضى حديث الرفع لفرض ان مفاد الحديث هو عدم تشريع مدلول تلك العمومات للصبي ونحوه فاذن كيف تكون هذه العمومات دالة على مشروعية عبادته من الصوم والصلاة وما شاكلهما ـ ونتيجة ما ذكرناه هي ان الوجوب أمر بسيط لا تركيب فيه اصلا هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ان هذا مرفوع عن الصبي بمقتضى حديث الرفع ومن المعلوم انه بعد رفع لا دلالة لتلك العمومات على مشروعية عباداته كما هو واضح. ولكن ربما يقال لا وجه لانصراف العمومات عن الصبي اصلا بعدم وجود القرينة اللفظية المتصلة ولا القرينة

.................................................................................................

______________________________________________________

العقلية الضرورية كلعن الله بني امية قاطبة حتى لا تشمل المؤمن منهم كما لا وجه للتقييد لعدم تعنون العام والمطلق بالتقييد المنفصل وبعد ما كان حديث الرفع امتنانيا وارفاقيا فالمرفوع قلم الالزام لا المصلحة فالمصلحة موجودة لكن الالزام مرفوع ولا محذور أصلا في كفايته ، كما ان صرف الخطابات إلى البالغين بلا موجب بعد ما كان مقتضى اطلاقها التعميم كما ان الظاهر ان المصلحة الصلاتية واحدة وحكمة الأمر بالامر تقدم فالتشكيك في شرعية عباداته لا وجه له اصلا وحديث رفع القلم كما ذكرنا في محله يرفع التكليف فالوضع معا فالصلاة التي يصليها البالغ وغير البالغ سواء في المصلحة والخطاب وانما الالزام رفع عن الصبي ويشهد لذلك له لرفع فان الخطابات تشمله وانا رفع الالزام فان لم تكن تشمله يكون دفعا لا رفعا وقد عرفت ما فيه.

في الامر بعد الامر

النموذج الخامس عشر وقع الكلام في انه إذا ورد أمر بشيء بعد الأمر به قبل امتثاله فهل يوجب تكرار ذاك الشيء او تأكيد الأمر الأول والبعث الحاصل به فيه قولان ذهب صاحب الكفاية إلى الثاني قال في الكفاية ج ١ ص ٢٣١ قضية اطلاق المادة أي في صرف الطبيعي ـ هو التأكيد فان الطلب تأسيسا لا يكاد يتعلق بطبيعة واحدة مرتين ـ أي من جهة عدم قابليته للتكثر وذلك ـ من دون ان يجيء تقييد لها في البين ولو كان بمثل مرة اخرى كي يكون متعلق كل منهما غير متعلق الآخر كما لا يخفى لمن ساق من اطلاق الهيئة وان كان هو تأسيس الطلب ـ أي الموجب للاتيان به متكررا ـ لا تأكيده ـ أي يدور الأمر بين رفع اليد عن احد الاطلاقين اما عن اطلاق المادة في صرف الطبيعي بجمله على الطبيعة المهملة او وجود ووجود واما من رفع اليد عن اطلاق الهيئة وظهورها في التأسيس مع ابقاء اطلاق المادة في صرف الطبيعي على حاله ـ إلّا ان الظاهر هو

.................................................................................................

______________________________________________________

انسباق التأكيد عنها فيما كانت مسبوقة بمثلها ولم يذكر هناك سبب او ذكر سبب واحد. وذلك ترجيحا لاطلاق المادة على الهيئة باعتبار كونها معروضة للهيئة وفي رتبة سابقة عليها فيجري أصالة الإطلاق فيها في رتبة سابقة بلا معارض ولكن اورد عليه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٠١ وقال ان المادة كما كانت معروضة للهيئة وفي رتبة سابقة عليها كذلك الهيئة ايضا باعتبار كونها علة لوجود المادة في الخارج كانت في رتبة سابقة عليها فمقتضى تقدمها الرتبي عليها ح هو ترجيح اطلاقها على اطلاق المادة وبالجملة نقول بانه بعد ان كان لكل من الهيئة والمادة نحو تقدم على الآخر فلا وجه لملاحظة حيث تقدم المادة عروضا وترجيح اطلاقها على اطلاق الهيئة بل لنا ح دعوى تعيّن العكس بحسب انظار العرف نظرا إلى عدم اعتنائهم بحيث تقدم المادة على الهيئة في مقام العروض بعد ما يرون كون الهيئة علة لوجود المادة في الخارج وفي رتبة سابقه عليها إذ ح يجري فيها أصالة الاطلاق في رتبة سابقة فلا بدّ معه من التصرف في المادة برفع اليد عما هو قضية اطلاقها في الطبيعة الصرفة هذا ولكن مع ذلك لا تخلو المسألة من إشكال ينشأ من جهة ما عرفت من وجود ملاك التقدم في كل واحدة منهما نعم مع الشك وعدم ترجيح احد الاطلاقين على الآخر كان مقتضى الاصل هو التأكيد لأصالة البراءة عن التكليف الزائد ثم ان هذا كله إذا لم يكن هناك ذكر شرط أو سبب في البين وإلّا فمقتض قوة ظهور الشرط في السببية التامة على الاستقلال ربما كان هو لزوم الاتيان بالشيء مكررا الخ. بأن ذكر سببهما كقوله ان ظاهرت فاعتق رقبة وان افطرت فاعتق رقبة وكان محل الكلام في ما لو لم يذكر سببهما اصلا أو ذكر سبب واحد كما لو قال صل ثم قال صل كما هو واضح أو قال اطعم زيدا ان جاءك ثم قال اطعم زيدا ان جاءك ، مضافا إلى انه قابل للتكرار كالكفارة فما لم يكن قابلا للتكرار كالقتل فلا موضوع للنزاع أصلا هذا تمام الكلام في الأوامر والحمد لله.

الكلام في النواهي وفيه أيضا مقالات

مقالة (١) في شرح مفاد النهي (٢) والظاهر ان مفاده الردع عن العمل قبال البعث إليه في (٣) الأمر

______________________________________________________

المقصد الثاني في النواهي وفيه نماذج

(١) نموذج ١ في مفاد النهي ومفاد صيغته وامتيازه عن الأمر وفيه جهات من الكلام.

(٢) الجهة الاولى : في مفاد النهي وحقيقته وهل يكون هو طلب ترك الفعل المنهي عنه او طلب كف النفس عنه كما عليه صاحب الكفاية وسيأتي او انه ربط زجري بين الناهي والمنهي والفعل المنهي عنه كما عليه المحقق العراقي وهو المختار عندنا فيه وجوه بل قيل أقوال.

(٣) قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٠٢ الظاهر ان مفاد الهيئة في النهي عبارة عن الزجر عن الطبيعة المعبر عنه بالفارسية بباز داشتن قبال الأمر الذي يكون مفاد الهيئة فيه عبارة عن البعث إلى الطبيعة والارسال نحوها مع كون مفاد المادة فيهما عبارة عن صرف الطبيعة لكنه بما هي ملحوظ كونها خارجية لا بما هي هي ولا بما هي موجودة في الذهن كما عرفت ببيانه مفصلا وبهذا الاعتبار أي اعتبار الطبيعة خارجية ايضا صح اضافة كل منهما إلى الوجود بجعل الأمر عبارة عن الارسال والبعث إلى الوجود والنهي عبارة عن الزجر عن الوجود وإلّا فمتعلقهما في الحقيقة لا يكون إلّا الطبيعة كما تقدم بيانه وعليه تكون الهيئة في كل من الأمر والنهي مغايرا مع الآخر بتمام المدلول حيث

وهذا العنوان (١) مثل عنوان البعث في الأمر (٢) منتزع عن مرحلة

______________________________________________________

كان مدلول الهيئة في الأمر عبارة عن البعث والارسال إلى والوجود وفي النهي عبارة عن الزجر عن الوجود لا انه كان التغاير بينهما في بعض المدلول وجزئه. وتوضيحه ذكر استادنا الآملي في المنتهى ص ٨٧ والتحقيق هو الاخير ـ أي ربط زجري ـ كما تقدم مثله في مفاد صيغة الأمر وانه ربط بعثي والوجه في ذلك هو ما اشرنا إليه في مبحث صيغة الأمر من انه ليست صيغة النهي الا عبارة عن المادة الدالة على طبيعي الفعل المنهي عنه والهيئة الدالة على النهي عنه ولا ريب في ان مفاد الهيئة المزبورة معنى حرفي ربطي كما هو شأن كل هيئة ذات معنى كما انه لا ريب في استفادة الزجر من صيغة النهي عن الفعل المنهي عنه فلا محالة تكون نتيجة هذه المقدمات المسلمة ان مفاد صيغة النهي هو الربط الزجري وبما ان ارادة مفاد صيغة النهي بالارادة الجدية تستلزم كراهة متعلقها اعني به مفاد مادة تلك الصيغة كراهة تشريعية فلا محالة يكون ظهورها في ارادة مفادها جدا موجبا لظهورها في كراهة متعلقها كراهة تشريعية وح يصح انتزاع عنوان التحريم منها لظهورها في الكراهة المزبورة اذ لا حقيقة للتحريم الا الكراهة التشريعية المظهرة بما يدل عليها من قول او فعل كما هو الشأن في صيغة الأمر وقد تقدم الكلام فيها. وقد مر بيانه.

(١) أي عنوان النهي بمادة النهي مادة الاشتقاق نهي ينهى نهيا او بصيغته لا تفعل ونحوه مما هو بمعناه.

(٢) أي الأمر ايضا بمادته أمر او صيغته افعل ونحوه فالاول موضوع للطلب المبرز بالقول او الاشارة او نحوهما او ابراز الطلب كذلك على الاحتمالين دون الارادة القائمة بالنفس فقط كما مر مفصلا نعم يكون مفهوم الطلب المنتزع عن حقيقته بما انه يرى عين الخارج لا بما انه مفهوم ذهني ولا بما هو هو بل بما هو حال عن الطلب الحقيقي القائم بالنفس فبهذا الاعتبار يصدق عليه الطلب الحقيقي ويحمل عليه بالحمل الشائع والثاني موضوعة للنسبة الارسالية والمحركية الايقاعية الملازمة للطلب.

إبراز المولى بغضه للعمل (١) بانشائه (٢) بقصد (٣) صلاحيّة لدعوة المكلف إلى (٤) تركه في طرف (٥) تطبيق كبره على المحل فيردع نفسه عنه بلا أخذ الدعوة (٦) الفعلية ولا الرادعيّة كذلك في مضمون الخطاب أيضا (٧) إذ (٨) هذه كلها من شئون تطبيق العبد

______________________________________________________

(١) والنهي ايضا كذلك موضوع لابراز المبغوضية للعمل بالقول او غيره ومنتزع عنه وصيغته موضوعة للنسبة الزجرية الايقاعية.

(٢) أي انشاء المبغوضية بلفظ النهي او صيغته بالنسبة الايقاعية.

(٣) أي يكون مقصودا للمعنى والمنشأ.

(٤) أي يصلح لان يكون محركا وداعيا للمكلف إلى ترك ذلك العمل.

(٥) ولعل الصحيح ـ في ظرف ـ أي يكون عالما بكونه من مصاديق هذا النهي وينطبق على نفسه فيجب الردع عن المنهي عنه.

(٦) وتقدم في الأمران فعلية الطلب غير فعلية فاعليته ومحركيته وربما غير مقارن معها وكذلك النهي ففعلية المبغوضية والنهي ربما لا يقارن فعلية الداعوية والرادعية ضد المحركية.

(٧) فالفاعلية والرادعية ليستا مضمون الخطاب ولا خيل في النهي بل من لوازم المكلف وشئون تطبيقه.

(٨) هذا بيان وعلة لعدم دخله في الخطاب فان الفاعلية والرادعية ترجع بقيام العبد في مقام الامتثال والطاعة هذا كله على مسلك المختار والمحققين من ان حقيقة الاحكام هي الارادة والكراهة وذكر المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٢٨ ان هيئة النهي تدل على طلب ـ اعدام المادة وهيئة الامر تدل على طلب ايجادها. وفيه ان الهيئة معنى حرفي كيف يكون الموضوع له هو الطلب إلّا ان يراد النسبة الطلبية وربما الفعل متروك كيف هو طلب اعدامه فالعدم والوجود

.................................................................................................

______________________________________________________

غير دخيلين في الأمر والنهي بل ما عليه عرف اللسان والمتفاهم منه والارتكاز هو النسبة الزجرية كما ذكرنا وسيأتي الاشارة إليه أيضا.

وذكر استادنا الخوئي في المحاضرات ج ٤ ص ٨١ ان المشهور بين الاصحاب قديما وحديثا ان النهي بمادته وصيغته كالامر بمادته وصيغته في الدلالة على الطلب غير ان متعلق النهي ترك الفعل ومتعلق الأمر ايجاد الفعل إلى ان قال فلنا دعويان ان التباين بين الأمر والنهي في المعنى ليس من هذه الناحية الثانية انها من ناحية اخرى إلى ان قال ص ٨٦ ان صيغة الأمر وما شاكلها موضوعة للدلالة على ابراز الأمر الاعتباري النفساني وهو اعتبار الشارع الفعل على ذمة المكلف ـ الثاني انها مصداق للبعث والطلب لا انهما معناها ـ أما الكلام في الثاني ـ أي النهي ـ فالامر ايضا كذلك عند النقد والتجليل وذلك ضرورة انا إذا احللنا النهي المتعلق بشيء تحليلا علميا لا نعقل له معنى محصلا ما عدا شيئين أحدهما اعتبار الشارع كون المكلف محروما عن ذلك الشيء باعتبار اشتماله على مفسدة ملزمة وبعده عنه ثانيهما ابراز ذلك الأمر الاعتباري في الخارج بمبرز كصيغة النهي او ما يضاهيها وعليه فالصيغة او ما يشاكلها موضوعة للدلالة على ابراز ذلك الأمر الاعتباري النفساني لا للزجر والمنع نعم هي مصداق لهما ـ وعلى ضوء بياننا هذا قد ظهر ان الأمر والنهي مختلفان بحسب المعنى فان الأمر معناه الدلالة على ثبوت شيء في ذمة المكلف والنهي معناه الدلالة على حرمانه عنه ومتحدان بحسب المتعلق فان ما تعلق به الأمر بعينه هو متعلق النهي ـ ان كلا من الأمر والنهي اسم لمجموع المركب من الأمر الاعتباري النفساني وابرازه في الخارج ، وفيه اولا قد مر مرارا ان الأمر الاعتباري تابع معتبرة فان برفع اليد عنه يسقط عن الاعتبار كالموت ونحوه ايضا وحقيقة الاحكام امور واقعية ثابتة غير قابلة للتزلزل وهي الارادة

الكبريات على المورد كما اسلفناه في باب الأمر (١) وحيث عرفت ان مفاد النهي هو الردع عن العمل (٢) فكان النهي مثل الأمر متعلقا

______________________________________________________

المبرزة ، وثانيا ان معنى الأمر والنهي يكون مركبا من أمرين وهو الأمر الاعتباري والمبرزة وهو خلاف المرتكز اهل العرف واللسان من انه له معنى بسيط كما لا يخفى ـ ولكن استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٢٧ قال التحقيق ان متعلق النهي انما هو الفعل ومعنى النهي عنه هو الزجر عنه الناشئ من اشتماله على المفسدة. وذلك تبعا للمحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٥٩ ان صيغة الأمر البعث والتحريك كذلك صيغة النهي موضوعة للزجر والمنع التنزيلي النسبي بازاء المنع والزجر الخارجي.

(١) الجهة الثانية : لا يخفى ان الوجود ليس مأخوذا في مفهوم الأمر بان الأمر يتعلق بوجود الفعل فانه ربما يتعلق بالعدم كما يتعلق بالوجود فيقال أمره بترك كذا كما يقال أمره بفعل كذا وكذلك صيغته فانها قد تكون مادتها الترك مثل اترك وكذلك العدم غير ماخوذ في مفهوم النهي فانه قد يتعلق بالوجود كما يتعلق بالعدم فيقال نهاه عن الفعل كما يقال نهاه عن الترك وكذلك صيغة النهي فيقال لا تفعل كما يقال لا تترك الصلاة فالتحقيق ان النهي بمادته ضد الأمر يتوارد معه على أمر واحد وجود او عدم فهو يقتضي الزجر عنه والأمر يقتضي البعث إليه.

(٢) الجهة الثالثة : كما تقدم مثله في الأوامر ان النهي يتعلق بالعنوان والطبيعة لكن حاك عن الوجود الخارجي لا الطبيعة بما هي هي والمفهوم بما هو هو بل بما هو بالحمل الشائع فمعنى النهي عن القيام الزجر عنه والمنع عن القيام الخارجي الذي هو الوجود القيامي ويلازمه طلب عدمه كما ان الأمر بالقيام البعث إليه ويلازم ذلك النهي عن عدمه أي كما هو في الخارج عن الذهن يأتي في الذهن ويتعلق به الزجر.

بالعنوان الحاكي عن الوجود لا بنفسه والامتياز بين هيئة النهي والأمر انما يكون بتمام المفاد (١) لا ببعضه (٢) كما توهم بخيال ان مفاد النهي هو طلب الترك قبال الأمر الذي مفاده طلب وجود الفعل فاخذ الوجود في مدلول هيئة الأمر قبال اخذ الترك في مدلول هيئة النهي مع جعل المتعلق لهما نفس الماهية عارية عن الوجود والعدم اذ ح يكون الامتياز بين الهيئتين بجزء من مدلولهما مع اشتراكهما في دلالتهما على الطلب المتعلق بوجود الماهيّة او عدمه وتوضيح الفساد (٣) ان من المعلوم ان العنوان المأخوذ في مادة الهيئتين

______________________________________________________

(١) فالامر والنهي متغايران مفهوما لان الأمر بعث إلى الطبيعة بما هي ملحوظة كونها خارجية والنهي زجر عن الطبيعة بما هي ملحوظة كونها خارجية كما عرفت.

(٢) المتوهم هو صاحب الفصول قال في ص ١٢٧ ان الطلب مما يمتنع تعلقه بالطبائع المجردة عن اعتبار الوجود والعدم وذلك ظاهر بشهادة العقل والعرف ضرورة ان الأمر والنهي يشتركان في هذا القدر اعني طلب الماهية فلا يتمايزان ما لم يعتبر مطلوبية الماهية في احدها من حيث الوجود وفي الآخر من حيث العدم. فمدلول الهيئة في الأمر طلب وجود الطبيعة ومدلول الهيئة في النهي طلب ترك الطبيعة فمشتركان في اصل الطلب ومتمايزان في الوجود والعدم وقد عرفت فساده وستعرف أيضا.

(٣) وأورد عليه أيضا محقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٠٢ بقوله اذ ذلك مضافا إلى ما عرفت سابقا من عراء الهيئة في الاوامر ايضا عن هذه الجهة وعدم دلالتها الا على النسبة الارسالية بين المبدا والفاعل نقول بان ذلك مخالف لما هو مقتضى الوجدان والارتكاز أيضا فان في مثل قوله لا تضرب لا

انما اخذ بنحو الحكاية عن الخارج بلا التفات إلى ذهنيّته وفي هذه الحكاية لا يرى منه الا الوجود كما هو الشأن في الاخبارات (١) ايضا فاستفادة الوجود من حكاية المادة جهة مشتركة بين الأمر والنهي (٢) فلا يبقى فارق بينهما الا من حيث البعث إليه او الزجر عنه وهما مأخوذان (٣) في هيئتهما ليس إلّا بلا اخذ وجود او عدم في مفاد الهيئة التي هو من المعاني الحرفية (٤) كما هو الظاهر

______________________________________________________

يكاد ينسبق من الهيئة فيه الا الزجر والمنع عن الضرب وايجاده في الخارج لا انه ينسبق منها طلب ترك طبيعة الضرب كما هو واضح. وقال في الفصول ص ١٢٧ وايضا لا تأثير للقدرة الا في الوجود والعدم فلا يصح التكليف الا بهما لقبح التكليف بغير المقدور. وفيه انه كما عرفت يتعلق التكليف بالصورة الذهنية الحاكية عن الخارج بحيث يكون داعيا للمكلف ومحركا له بل لا التفات إلى ذهنيته اصلا.

(١) أي كما في الجمل الخبرية حاكية عن الخارج بوقوع الشيء الفلاني وعدم وقوعه.

(٢) فالحكاية عن الوجود مشترك بين الأمر والنهي لا انه جزء مفهومه بل حال عنه هذا من طرف المادة.

(٣) والامتياز بهيئتهما الدالة على البعث في الأمر والزجر في النهي من دون اخذ الوجود او العدم فيها فيكونان متباينان بالكلية.

(٤) والهيئة معنى حرفي موضوعة للنسبة البعثية والزجرية كما لا يخفى.

وجدانا (١)

______________________________________________________

(١) قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٢٢ الظاهر ان النهي بمادته وصيغته في الدلالة على الطلب مثل الأمر بمادته وصيغته غير ان متعلق الطلب في احدهما الوجود وفي الآخر العدم. واورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ٨٧ قد عرفت أن صيغة النهي مركبة من مادة تدل على الفعل المنهي عنه وهيئة تدل على معنى حرفي خاص بها وليس هو إلّا الربط الزجري فلو كان مفاد صيغة النهي هو طلب ترك الفعل المنهي عنه لزم احد أمرين اما وضع صيغة النهي بازاء هذا المعنى المركب من الطلب والترك والفعل المنهي عنه وهو خلاف الظاهر بل المقطوع به لان صيغة النهي كصيغة الأمر من المشتقات التي تكون مادتها ناظرة إلى معنى وهيئتها إلى معنى آخر مرتبط بالمادة وليس هو إلّا الربط الزجري في النهي كما ان معلول صيغة الأمر هو الربط البعثي واما اهمال بعض تلك المعاني المركب منها مفاد النهي من الدال عليه إذا التزمنا بالاشتقاق في صيغته لان مادتها مختصة بالدلالة على المعنى المنهي عنه وهيئتها بالدلالة على أمر ربطي قائم بمعنى المادة ولا بد من احد الأمرين المذكورين اما الطلب واما الترك والذي يناسب مفهوم لا هو الترك فيبقى الطلب بلا دال عليه ومعه لا يبقى لصيغة النهي مفاد يصح السكوت عليه وهو خلاف الوجدان بالضرورة. وقال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٢ نعم يختص النهي بخلاف وهو ان متعلق الطلب فيه هل هو الكف ـ أي الذي هو أمر وجودي وهو فعل ما يوجب انزجار النفس عن ارادة الشيء ـ او مجرد الترك وان لا يفعل أي هو الأمر العدمي ـ والظاهر هو الثاني وتوهم ان الترك ومجرد ان لا يفعل خارج عن تحت الاختيار فلا يصح ان يتعلق به البعث والطلب ـ أي من المعلوم يعتبر في متعلق التكليف عقلا ان يكون مقدورا والترك ليس بمقدور فان الترك عدم محض لا يصلح ان

.................................................................................................

______________________________________________________

يكون اثرا للقدرة مترتبا عليها فالعدم لا يترتب على الوجود ـ فاسد فان الترك أيضا يكون مقدورا وإلّا لما كان الفعل مقدورا وصادر بالارادة والاختيار وكون العدم الازلي لا بالاختيار لا يوجب ان يكون كذلك بحسب البقاء والاستمرار الذي يكون بحسبه محلا للتكليف. وحاصله ان نسبة القدرة إلى الوجود والعدم نسبة واحدة بمعنى انه إذا كان احدهما مقدورا لا بد أن يكون الآخر كذلك والقدرة على احدهما خاصة دون الآخر اضطرار لا قدرة فاذا اعترف المستبدل بان الوجود مقدور لزمه الاعتراف بان العدم كذلك حتى العدم الازلي فانه بحسب البقاء عدل للقدرة كما هو واضح هذا كله على مسلك صاحب الكفاية من انه طلب الترك ولذا قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٨٨ وبهذا ـ أي ما تقدم منه ـ يتضح لك فساد القول الثاني لان كون مفاد صيغة النهي هو طلب كف النفس عن المنهي عنه يستلزم من المحاذير ما استلزمه للقول الأول. أي انه طلب الترك وهو ما مر لعدم كون الموضوع له طلب الترك اصلا.

وقال المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٥٩ قد عرفت ان صيغة الأمر للبعث والتحريك بمعنى أن الهيئة موضوعة للبعث التنزيلي النسبي بازاء البعث الخارجي نحو المادة كذلك صيغة النهي موضوعة للزجر والمنع التنزيلي النسبي نعم المنع عن الفعل بالذات ابقاء للعدم بالعرض كما ان التحريك إلى الفعل بالذات تحريك عن العدم بالعرض وكذلك متعلق الكراهة النفسانية نفس الفعل كما ان متعلق الارادة نفس الفعل وارادة ابقاء العدم على حاله لازم كراهة الفعل كما ان كراهة العدم لازم ارادة الفعل ـ إلى ان قال ـ قد عرفت تعلق الكراهة النفسانية بالفعل وتعلق المنع والزجر به ايضا وان اللازم الداعي لهما ارادة ابقاء العدم على حاله واما الكف وهو التسبب إلى ما يوجب عدم بلوغ الداعي إلى حد يوجب ارادة الفعل فهو لازم لهما احيانا عند دعوة الفائدة المترتبة على

ثم (١) ان ظاهر اطلاق المادة في طيّ الأمر لديهم كون المطلوب

______________________________________________________

الفعل إليه وحدوث الميل في النفس ففي الحقيقة الكف احد اسباب ابقاء العدم على حاله لا انه في عرضه ومن الواضح ان مجرد الالتفات إلى الفعل كاف في المنع عنه فانه سبب لعدم دعوة الفائدة إلى ارادته ومطلوبية الكف مطلوبية مقدمية عند دعوة الفائدة وحدوث الميل. الجهة الرابعة ذكر في الكفاية ج ١ ص ٢٣٢ فيعتبر فيه ـ أي في النهي ما استظهرنا اعتباره فيه ـ أي في الأمر ـ بلا تفاوت اصلا الخ على المختار من اعتبار العلوم في مادته والظهور في اللزوم المقتضي لاعتبارهما كذلك في النهي ايضا وقال ايضا ثم انه لا دلالة لصيغته ـ أي النهي ـ على الدوام والتكرار كما لا دلالة لصيغة الأمر. وذلك لما تقدم في الاوامر ان المادة موضوعة للطبيعة المهملة من دون ان تكون المرة والتكرار دخيلا فيها والهيئة موضوعة للنسبة الطلبية في الاوامر والزجرية في النهي فمن أين تدل على المرة او التكرار.

(١) الجهة الخامسة: في كفاية صرف الوجود في امتثال الأمر واعتبار السريان في النهي قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٠٣ ثم لا يخفى عليك انه كما ان لحاظ الطبيعي في الاوامر يتصور على وجهين تارة على نحو السريان في ضمن الافراد المنتج لمطلوبية الحصص الفردية كلها وانحلال التكليف المتعلق بالطبيعي إلى التكاليف المتعددة حسب تعدد الحصص واخرى لحاظه بنحو صرف الوجود المنتج لمطلوبية أول وجود الطبيعي كذلك تصورا يتأتي هذان الوجهان في النواهي ايضا ففيها ايضا قد يكون المأخوذ في حيز النهي الطبيعة بما هي سارية في ضمن الافراد وقد يكون المأخوذ فيه هو صرف وجودها المنطبق على أول وجودها كما يتصور ذلك في العرفيات في مثل النهي عن اكل الفوم لاجل ما فيه من الرائحة الكريهة الموجبة لتنفر طباع

.................................................................................................

______________________________________________________

العامة واشمئزازهم حيث انه في مثله ربما يتحقق تمام المبغوض في الوقعة الواحدة بصرف الوجود منه المنطبق على أول وجود الاكل منه ويخرج ثاني وجود الاكل منه في تلك الوقعة عن تحت المبغوضية إذا فرض عدم كونه سببا لازدياد تلك الرائحة الكريهة نعم قل ما يتفق وجود هذا القسم في النواهي النفسية في الشرعيات بل العرفيات ايضا ولئن لوحظ وتأمل يرى عدم وجود هذا القسم في النواهي خصوصا في الشرعيات حيث ان المبغوض فيها طرا انما كان من قبيل الوجود الساري لا صرف الوجود ومن ذلك لا يسقط التكليف بعصيان واحد او بالاضطرار إلى المخالفة مرة واحدة ولو عند اطلاقها حتى انه اوجبت هذه الجهة ظهورا ثانويا لها في الحمل عليها عند اطلاقه بخلافه في الاوامر فان المنصرف منها عند اطلاقها انما كان هو صرف الطبيعي دون الوجود الساري منه ومن اجل ذلك وقعوا في حيص وبيص بانه كيف هذا التفكيك بين الاوامر والنواهي وانه ان كان الحمل على صرف الوجود كما في الاوامر من جهة اقتضاء مقدمات الحكمة فكيف لا توجبه في النواهي ايضا حيث يحمل فيها على الوجود الساري ولو مع اطلاقها وان كان الحمل على الوجود الساري من جهة خصوصية في النواهي تقتضي الحمل على ذلك على خلاف ما اقتضته الحكمة فهي منفية بالفرض من جهة وضوح ان قضية النهي لا تكون الا الزجر عن تلك الطبيعة التي تعلق بها الأمر مقيدة كانت او مطلقة ومجرد الاختلاف بينهما بالايجاب والسلب ايضا غير موجب للتفرقة المزبورة كما لا يخفى. والأمر كما ذكر.

صرف وجود الشيء الساقط بأول (١) وجوده كما ان بنائهم على استفادة الدوام في النهي بنحو لا يسقط النهي باول وجوده (٢) وربما يتولد في المقام إشكال (٣) وهو ان طبع اطلاق المادة ان اقتضى كون المتعلق صرف وجود الطبيعة فلازمه سقوط الأمر والنهي المتعلق بها بأوّل وجوده أيضا (٤) وان اقتضى كون المتعلق الطبيعة السارية فلازمه عدم سقوط الأمر كذلك باول وجوده ايضا فما الفارق بينهما وقد يتوهم الفرق بينهما من جهة القرينة النوعية على الدوام في

______________________________________________________

(١) المشهور هو تحقق امتثال الأمر بايجاد صرف طبيعة المأمور به.

(٢) والمشهور ايضا دلالة النهي بنفسه على ترك جميع افراد المنهي عنه العرضية والطولية.

(٣) وهو الذي تقدم من انه ما هو الفرق بين الأمر والنهي حيث يكتفون في امتثال الأمر بايجاد صرف الطبيعة المأمور بها ولا يكتفون في امتثال النهي بترك صرف الطبيعة المنهي عنها بل لا بد في صدق امتثاله عندهم من ترك جميع افراد الطبيعة المنهي عنها العرضية والطولية مع كون النهي كالامر في انه مركب من صيغة ومادة.

(٤) فالمادة لا تدل على أكثر من الطبيعة السارية الشائعة في جميع افرادها كما هو المشهور في معنى الإطلاق او من الطبيعة المهملة التي يكون سريانها في مقام الإطلاق من مقدمات الحكمة كما هو مذهب سلطان العلماء كما لا تدل صيغته على اكثر من طلب الترك كما هو المشهور او الربط الزجري كما هو المختار وعلى كل فليس في النهي ما يوجب دلالته على العموم الاستغراقي ولا في الأمر ما يوجب دلالته على العموم البدلي بل هما من حيث التركيب واجزائه على نهج واحد فما الموجب للفرق المزبور بينهما وقد اجيب عن ذلك بوجوه.

النهي دون الأمر (١) وفيه (٢) انه كلام ظاهري اذ ليس نظرهم في

______________________________________________________

(١) منها هي القرينة النوعية على الدوام في الدوام في النهي ولعله يظهر من المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٦١ نعم لازم الإطلاق بمقدمات الحكمة حصول امتثال الأمر بفرد وعدم حصول امتثال النهي الا بعدم جميع افراد الطبيعة المنهي عنها لان الباعث على الأمر وجود المصلحة المترتبة على الفعل والواحد كانه لا يزيد على وجود الطبيعة عرفا والباعث على النهي المفسدة المترتبة على الفعل فتقتضي الزجر عن كل ما فيه المفسدة. وتوضيحه ان منشأ الحمل على الوجود الساري في النواهي من جهة كون طبع المفسدة في القيام بالشيء كلية قيامها به بوجوده الساري في ضمن تمام الافراد بخلافة في الاوامر حيث ان طبع المصلحة في قيامها بالشيء قد يكون بصرف وجوده وقد يكون بوجوده الساري وتبعه في ذلك استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٢٨ والتحقيق في هذا المقام ان يقال ان الأمر بما انه ينشأ من وجود مصلحة في متعلقه داعية إلى طلبه وهي غالبا تترتب على صرف الوجود يكون الأمر بالطبيعة من دون نصب قرينة كاشفا عن تعلق الطلب بصرف الوجود المتحقق بايجاد فرد من افراد تلك الطبيعة وهذا بخلاف النهي فانه انما ينشأ عن اشتمال متعلقه على مفسدة داعية إلى الزجر عنه وهي غالبا تترتب على كل فرد فرد من افراده بحيث انه لو كان متعلقا بصرف الوجود لكان بيان ذلك محتاجا إلى نصب قرينة خاصة.

(٢) وأجاب عنه المحقق الماتن في المقام بان السريان في النهي من طبع الإطلاق لا من جهة القرينة النوعية وهي المفسدة ، وذكر المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٠٤ في الجواب عنه فانه بعد ما يتصور في العرفيات قيام المفسدة ايضا بصرف وجود الشيء كما في اكل الفوم واكل الاشياء المضرة

.................................................................................................

______________________________________________________

التي لا يفرق فيها بين القليل والكثير والدفعة والدفعات لا مجال لدعوى هذه الكلية حيث امكن في النواهي الشرعية ان تكون المفسدة فيها على نحو صرف الوجود. ومنها ما افاده صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٢ قال وان كان قضيتهما عقلا تختلف ولو مع وحدة متعلقهما بان يكون طبيعة واحدة بذاتها وقيدها تعلق بها الأمر مرة والنهي اخرى ضرورة ان وجودها يكون بوجود فرد واحد وعدمها لا يكاد يكون الا بعدم الجميع كما لا يخفى ومن ذلك يظهر ان الدوام والاستمرار انما يكون في النهي إذا كان متعلقه طبيعة واحدة غير مقيدة بزمان او حال فانه حينئذ لا يكاد يكون مثل هذه الطبيعة معدومة الا بعدم جميع افرادها الدفعية والتدريجية وبالجملة قضية النهي ليس إلّا ترك تلك الطبيعة التي تكون متعلقة له كانت مقيدة او مطلقة وقضية تركها عقلا انما هو ترك جميع افرادها. وتوضيحه ان لزوم التكرار والدوام والاستمرار في النهي انما هو من جهة انه لا يكاد يصدق ترك الطبيعي عقلا والانزجار عنه إلّا بترك جميع افراده الدفعية والتدريجية اذ حينئذ لا بد في مقام الاطاعة والامتثال النهي من ترك الطبيعي بماله من الافراد الدفعية والتدريجية وإلّا فمع تحقق فرد واحد لا يكاد يصدق الامتثال والطاعة بل يصدق العصيان والمخالفة وهذا بخلافه في الاوامر فانه بعد ما كان وجود الطبيعي بوجود فرد واحد يكتفي في مقام الاطاعة بايجاد فرد واحد من جهة تحقق تمام المطلوب وهو الطبيعي بوجود واحد واورد المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٠٥ بقوله وفيه انه ليس الكلام في مقام الاطاعة اذ لا شبهة في انه لا بد في مقام امتثال النهي عن الطبيعي من ترك جميع افراده الدفعية والتدريجية بل وانما الكلام في طرف العصيان والمخالفة في اقتضاء النهي لزوم بقية الافراد حتى بعد العصيان نظرا إلى اقتضائه لكون المبغوض هو الوجود الساري دون صرف الوجود وح فلا يفيد ما ذكر للدفع

استفادة الدوام من النهي ايضا غير طبع اطلاق المادة والتحقيق ان يقال كما مر سابقا ايضا (١) ان مرجع الإطلاق الذي هو نتيجة مقدمات الحكمة ليس إلّا إلى جعل الطبيعة المهملة المحفوظة في ضمن جميع صور الماهية (٢) من المقيّدة (٣) والعارية عن القيد (٤)

______________________________________________________

الإشكال المزبور. واورد ايضا المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٦١ بان طارد العدم الكلي لا مطابق له في الخارج لان كل وجود يطرد عدمه البديل له لا عدمه وعدم غيره فاول الموجودات أول ناقض للعدم ونقيضه عدم هذا الأول ولازم هذا الخاص العدم بقاء سائر الاعدام على حالها فان عدم الوجود الأول يستلزم عدم الثاني والثالث وهكذا لا انه عينها فما اشتهر من ان تحقق الطبيعة بتحقق فرد وانتفائها بانتفاء جميع افرادها لا اصل له حيث لا مقابلة بين الطبيعة الملحوظة على نحو تتحقق بتحقق فرد منها والطبيعة الملحوظة على نحو ينتفي بانتفاء جميع افرادها. مضافا إلى انه إذا كان المطلوب بالنهي عدم الطبيعة فعدم الافراد الدفعية والتدريجية حاصل في الزمان الأول فالترك في أول الازمنة ترك لجميع الافراد المذكورة فيكون امتثالا للنهي ومسقطا له فلا موجب للاستمرار.

(١) ومنها افاده المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٠٦ مقتضى الإطلاق وقرينة الحكمة عند عدم التقيد في كل من الأمر والنهي هو الحمل على الطبيعة المهملة التي هي مدلول اللفظ.

(٢) بما هي جامعة بين الطبيعة الصرفة والطبيعة السارية لا يكاد يتوجه الإشكال المزبور.

(٣) أي المحفوظة الطبيعة المهملة في المقيدة ، كصل متطهرا.

(٤) أي كذلك في المطلقة كتحرير رقبة.

وغيرهما (١) تمام الموضوع للهيئة مثلا ومن المعلوم ان طبع تماميّته للموضوع تحقق تمامه بأوّل وجوده (٢) ولازمه سقوط الأمر المقصود منه الوجود بذلك اذ لا قصور في تماميّته لموضوع أمره واما في النهي (٣) حيث كان المقصود الاصلي اعدامه فطبع اطلاق الماهيّة المهملة يقتضي عدم صدق الاعدام عليها إلّا باعدام جميع افرادها حتى المتعاقبة منها اذ بوجودها ولو بعد وجوده يصدق ايضا وجود الطبيعة المهملة فلا مجال لاعدامها إلّا بترك ذلك ايضا وح هذه الجهة من الفرق بين الأمر والنهي انما جاء من ناحية

______________________________________________________

(١) أي كذلك في المهملة كقوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) بقرة / ٤٣ (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) مائدة ٣٨.

(٢) اذ ح يكون الفرق بين الأمر والنهي في اقتضاء الأول للاكتفاء بايجاد فرد واحد واقتضاء الثاني لعدم ايجاد شيء من الافراد واضحا حيث ان الاكتفاء بفرد واحد في الاوامر انما هو من جهة تحقق ما هو تمام المطلوب وهو الطبيعة المهملة بوجود فرد واحد فمن ذلك يسقط الأمر ويتحقق الامتثال بذلك.

(٣) واما في النواهي فعدم الاكتفاء بذلك انما هو من جهة اقتضاء طبع الإطلاق المزبور ـ أي الماهية المهملة باعدام جميع الافراد ـ لعدم ايجاد الطبيعة المهملة مطلقا ولو في ضمن ثاني الوجود وثالثه ومن ذلك حينئذ يستفاد ان ما هو المبغوض وما فيه المفسدة هو الطبيعي بوجوده الساري لا بصرف وجوده المنطبق على أول وجود ولازم ذلك ايضا هو لزوم الانزجار عن جميع افراد الطبيعي ولو مع العصيان والمخالفة.

اختلافهما في المقتضي بالفتح (١) لا من ناحية طبع اطلاق المادة

______________________________________________________

(١) أي المقصود الاصلي فانه يوجب الفرق بينهما فالمقصود الأصلي من الأمر كون الطبيعة المهملة تمام الموضوع ويترتب عليه كون طبع الإطلاق تمامه بأول الوجود وفي النهي يكون المقصود الاصلي اعدام الموضوع فطبع الإطلاق هو ترك الجميع لا من جهة الامتثال والطاعة وسيأتي توضيحه ايضا ذكر استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ١٢ لا دلالة لصيغة النهي على المرة ولا التكرار كما ان الأمر ايضا لا يقتضي ازيد من البعث إلى صرف الوجود إلّا ان تكون قرينة على الدلالة على احدهما ولا يمكن اثبات السريان بمقدمات الإطلاق ايضا بان يقال ان المولى كان في صدد البيان ولم يبين قيد المرة فالطبيعة تدل على السريان لان المقسم وهو الطبيعة المهملة لا يكون فيه قيد السريان ولا عدمه فان الإطلاق قيد للطبيعة يجب اثباته كما ان التقييد ايضا كذلك ولكن بعد عدم امكان كون المهملة تحت الخطاب فبضميمة حكم العقل نفهم المراد وان المنهي جميع الافراد. وهذا هو المراد من كون طبع اطلاق الطبيعة المهملة ذلك هو السريان وان شئت توضيحا اكثر هو ما ذكره استادنا الآملي في المنتهى ص ٨٨ بقوله هو ان يقال ان مادة كل أمر من الأمر والنهي لا تدل الا على الطبيعة المهملة التي تكون مقسما بالاضافة إلى القيود التي تنضم اليها وانما نحتاج إلى مقدمات الحكمة في مقام الخطاب لاجل استكشاف كون المراد من المادة هي تلك الطبيعة المهملة بلا دخل قيد فيها من زمان او مكان او غيرهما لان مقدمات الحكمة لا يستكشف بها ان المراد بمتعلق الأمر هو صرف الوجود او الطبيعة السارية وبمتعلق النهي هو صرف الترك أو ترك الطبيعة السارية وإلّا كان الإشكال المزبور متوجها بل يستكشف بها ان مفهوم المادة هو المراد بها بلا دخل قيد آخر في متعلق الأمر او النهي زيادة على مفهوم المادة فاذا ثبت ان المراد بالمادة هو ذلك استقل العقل في مقام امتثال الأمر بكفاية الاتيان بتلك الطبيعة المهملة في فرد ما اذ ايجاد الطبيعة المهملة يتحقق بايجاد احد اقسامها

.................................................................................................

______________________________________________________

واللابشرط القسمي أي الطبيعة المرسلة ذاتا لا يرى» العرف قيدا وذلك يكشف عن ان المراد هي الطبيعة المرسلة ذاتا وبما ان الطبيعة المرسلة تكون قابلة لتعلق الحكم بها على نحو الشيوع البدلي والشيوع الساري يتوقف تعيين احدهما على معين وعدم امكان الشيوع الساري في الأمر يعين الشيوع البدلي وهو يساوق صرف الطبيعة وهي تحصل بذلك واما في مقام امتثال النهي فالعقل يستقل بلزوم ترك جميع افراد الطبيعة المنهي عنها العرضية والطولية لان المقصود بالنهي هو الزجر عن الاتيان بالطبيعة المهملة المنهي عنها ولا يتحقق الانزجار عنها إلّا بترك جميع افرادها العرضية والطولية. وفي تعبيره مرتين بالطبيعة المرسلة نوع تجوز والمراد الطبيعة المهملة أي مرسلة عن الإطلاق والتقييد لا انها مهملة في قوة الجزئية ولذا عبر بالمطلقة أي اللابشرط المقسمي. ان المراد بالمادة هو ذلك استقل العقل في مقام امتثال الأمر بكفاية الاتيان بتلك الطبيعة المهملة في فرد ما اذ ايجاد الطبيعة المهملة يتحقق بايجاد احد اقسامها واللابشرط القسمي أي الطبيعة المرسلة ذاتا لا يرى» العرف قيدا وذلك يكشف عن ان المراد هي الطبيعة المرسلة ذاتا وبما ان الطبيعة المرسلة تكون قابلة لتعلق الحكم بها على نحو الشيوع البدلي والشيوع الساري يتوقف تعيين احدهما على معين وعدم امكان الشيوع الساري في الأمر يعين الشيوع البدلي وهو يساوق صرف الطبيعة وهي تحصل بذلك واما في مقام امتثال النهي فالعقل يستقل بلزوم ترك جميع افراد الطبيعة المنهي عنها العرضية والطولية لان المقصود بالنهي هو الزجر عن الاتيان بالطبيعة المهملة المنهي عنها ولا يتحقق الانزجار عنها إلّا بترك جميع افرادها العرضية والطولية الخ وفي تعبيره مرتين بالطبيعة المرسلة نوع تجوز والمراد الطبيعة المهملة أي مرسلة عن الإطلاق والتقييد لا انها مهملة في قوة الجزئية ولذا عبر بالمطلقة أي اللابشرط المقسمي.

نعم (١) هذا الإشكال انّما يتسجل على مسلك من تخيّل (٢) ان

______________________________________________________

(١) قال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٢٨ ثم لا يخفى ان الأمر والنهي يشتركان في ان كلا منهما يتعلق بالماهية التي لم يلحظ فيها الوجود والعدم ويفترقان في ان هيئة النهي تدل على طلب اعدام المادة وهيئة الأمر تدل على طلب ايجادها فيكون متعلق الطلب في طرف الأمر هو صرف وجود الطبيعة كما ان متعلق الطلب في طرف النهي هو صرف ترك الطبيعة ولذا لا يتحقق امتثاله إلّا بترك جميع افراد متعلقة بخلاف الأمر فان امتثاله يتحقق بايجاد أول وجود من افراد متعلقة ، وفيه اولا قد عرفت ان النهي ليس طلب اعدام الماهية والأمر طلب وجودها بل الأمر موضوع للبعث والنهي للزجر على ما مر وثانيا ان متعلق الأمر الطبيعة المهملة لا صرف الوجود من الطبيعة كما هو قائل به وعليه يجري الإشكال كما سيأتي.

(٢) وإلى ذلك أشار المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٠٥ ان مبني الإشكال وأصله إنما نشأ من جهة توهم كون مقتضى الإطلاق وقرينة الحكمة هو الطبيعة الساذجة الصرفة الغير القابلة للانطباق الاعلى أول الوجود اذ ح يتوجه الإشكال بانه إذا كان طبع الإطلاق في الاوامر عند عدم التقيد بالسريان ونحوه يقتضي مطلوبية صرف الطبيعي المنطبق على أول وجود وبذلك يكتفي في مقام الاطاعة وسقوط الأمر بايجاد فرد واحد من جهة انطباق تمام المطلوب وهو الطبيعي الصرف عليه كذلك طبع الإطلاق في النهي عند عدم التقيد بالسريان ونحوه يقتضي ايضا كون المبغوض هو صرف الطبيعي المنطبق على أول وجود ولازم ذلك هو عدم لزوم ترك بقية الافراد عند العصيان والمخالفة بايجاد فرد واحد بلحاظ انطباق ما هو تمام المبغوض عليه مع انه ليس كذلك فما وجه التفرقة ح بين الأمر والنهي.

نتيجة مقدمات الحكمة مطلوبية الطبيعة الصرفة قبال المقيّدة الذي هو مسمى باللابشرط القسميّ (١) اذ ح كان مجال الإشكال السابق في النواهي باقيا اذ الطبيعة الصرفة إذا (٢) تحقق لا يتصور له (٣) تكرر وجود لان صرف الشيء غير قابل للتكرر بنحو التعاقب فمهما تحقق في الخارج يسقط النهي عنه ولا يكاد يبقى في ثاني الوجود لعدم انطباق الصرف كما هو ظاهر واما بناء على ما ذكرنا (٤) من ان نتيجة المقدمات ليس إلّا جعل الماهيّة المهملة الجامعة للمطلقة والمخلوطة تمام الموضوع فلا يكاد مجال للاشكال المزبور اذ ح منشأ الفرق بين الأمر والنهي (٥) اختلافهما في كيفية

______________________________________________________

(١) أي الطبيعة المرسلة.

(٢) أي إذا تحقق الصرف باول وجود.

(٣) أي للصرف تكرر الوجود فان صرف الوجود ان تحقق تحقق فلا مجال التكرر الوجود.

(٤) وهي الطبيعة المهملة فطبعها تقتضي الفرق بين الأمر والنهي باطلاقها بعد ما كانت هي تمام الموضوع للحكم.

(٥) والحاصل والحاصل ان مادة النهي مفادها الزجر فالاطلاق يقتضي الزجر عن الطبيعة المهملة الجامعة بين المرسلة والمقيدة والرجز كذلك زجر عن جميع افراده فالافراد التدريجية إذا كانت افراد للطبيعة المهملة المنهى عنها فكل واحد منها لا بد ان يكون موضوعا للزجر وهو عين الاستمرار بخلاف الأمر فان يقتضي تحققها بفرد واحد فان الحصص المشتركة وجود إنما كانت مجتمعة تحت وحدة مشتركة بينها هي الطبيعة فكل وجود من تلك الوجودات يصح ان يضاف إلى الجهة الواحدة كما يصح ان يضاف إلى الحصة الخاصة فوجود زيد وجود لحصة من الانسان ووجود للانسان الطبيعي ولأجل ذلك صار يكفي في وجود الطبيعة وجود فرد ولا يكفي في عدمها عدم فرد بل لا بد من عدم جميع الافراد.

الاقتضاء اذ الأمر يقتضي وجود الماهيّة وبديهي انّ وجود الماهية الجامعة المحفوظة في ضمن المجرّدة والمخلوطة بتمامه يتحقّق باوّل وجوده فلا يبقى ح مجال للاقتضاء الأمر شيئا كما ان النهي يقتضي عدم هذا الجامع بين المجرّدة والمخلوطة ولا يكاد يتحقق الا بعدم تمام الافراد حتى الافراد المتعاقبة التدريجية ولو من جهة كونها أحد مصاديقهما وذلك عمدة الفارق بين الأمر والنهي مع فرض اتّحادهما في كيفية الإطلاق وما هو نتيجة مقدمات الحكمة كما لا يخفى وتوضيح المقام بازيد من ذلك موكول إلى محله إن شاء الله تعالى ثم لا يخفى ان طبع النهي لما كان الردع عن الوجود فطبع الاطلاق كما يقتضي الدوام بنحو شرحناه كذلك يقتضي الفورية (١) اذ لازم اعدام الطبيعة من حين الانشاء عدم وجوده من حين النهي وبذلك أيضا يفرق النواهي عن الاوامر بعدم اقتضائها في الأمر فورية ولا تراخ ولا الادامة ايضا بخلافه في النواهي فانه ربما ينتهي بالآخرة الادامة والفورية كما لا يخفى (٢) والله العالم.

______________________________________________________

(١) الجهة الخامسة : ان النهي يقتضي الفورية فان النهي يدل على مبغوضية جميع الافراد من زمان وجوده فانه لازم اعدام الطبيعة بخلاف الأمر فانه لا يقتضي كذلك والحاكم بذلك هو العرف والعقلاء حسب محاوراتهم.

(٢) الجهة السادسة : قسموا النهي إلى اقسام ولا بأس بالاشارة اليها قال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٢٩ ثم ان ترك الطبيعة تارة يكون مطلوبا استقلالا وملحوظا بالمعنى الاسمى بان يكون المطلوب خلو صحيفة الوجود عن تلك الطبيعة فيكون ترك الافراد ح ملازما للمطلوب لا نفسه ـ أي هو السلب الكلي على نحو العام المجموعي وذلك كأكل الفوم فانه بعصيان واحد يسقط

.................................................................................................

______________________________________________________

النهي لرائحة فمه به ـ واخرى يكون مرآتا وبنحو المعنى الحرفي توصلا به إلى طلب ترك افرادها فالمطلوب في الحقيقة هو ترك نفس تلك الافراد ويلزمه خلو صحيفة الوجود عن الطبيعة ـ أي ان المطلوب هو العام الاستغراقي ـ أي الاصولي ـ الانحلالي بحيث تكون جميع وجودات الطبيعة مبغوضة ولكل وجود عصيان يخصه ـ ويتفرع على الأول انه إذا عصى النهي بايجاد فرد من تلك الطبيعة سقط النهي ولا يبقى لامتثاله بعده مجال اصلا ـ أي عصيانه باوّل وجود الطبيعة ويسقط النهي ح رأسا ـ واما على الثاني فعصيان النهي بايجاد بعض افراد المنهي عنه لا يوجب سقوطه عن غيره من افراد الطبيعة المنهي عنها لان النهي إذا كان انحلاليا وكان كل فرد من افراد المنهي عنه محكوما بحكم مستقل فسقوط النهي في بعض الافراد لا يوجب سقوطه في غيره وهذا القسم هو الغالب في موارد النهي سواء كان له موضوع خارجي ـ أي متعلق المتعلق ـ كلا تشرب الخمر ـ ام لم يكن له ذلك بل كان المتعلق للنهي فعل المكلف الذي لا تعلق له بموضوع خارجي كما في لا تكذب من دون فرق في ذلك بين كون ترك الطبيعة مطلوبا نفسيا كما في المثالين المتقدمين وكونه مطلوبا غيريا كما في النهي عن الصلاة في النجس لان النهي في كلا المقامين ظاهر في الانحلال. وقال المحقق النائيني في الفوائد ج ١ ص ٣٩٤ انه يتصور وجهان آخران في باب النواهي احدهما ان يكون المطلوب هو ترك مجموع الافراد بمعنى ان ارتكاب جميع الافراد مبغوض فلا يتحقق عصيانه إلّا بارتكاب الجميع كما ربما يدعي ظهور مثل قوله لا تأكل كل رمانة في البستان في ذلك فلو اكل جميع رمانات البستان الا واحدة لم يكن فاعلا للمنهى عنه أي ذلك ايضا كقوله عليه‌السلام لا تهجر الفراش اربعة اشهر فمجموع التروك من حيث المجموع مبغوض للمولى فاذا هجر الفراش في تمام المدة الا يوما واحدا لم يعص ـ

.................................................................................................

______________________________________________________

ثانيهما ان يكون المطلوب في النهي على نحو القضية المعدولة المحمول بحيث يكون المطلوب في مثل لا تشرب الخمر هو كون الشخص لا شارب الخمر على وجه يكون وصفا للمكلف ـ أي خلو صفحة الوجود عن هذه الطبيعة فيكون ترك افرادها محصلا لهذا العنوان البسيط قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٣٣٣ ثم انه لا دلالة للنهي على ارادة الترك لو خولف او عدم ارادته ـ أي إذا عصى المكلف وخالف النهي بفعل المنهي عنه في زمان فلا دلالة للنهي على وجوب تركه في الازمنة اللاحقة وعدمه بعد ما لم يحرز كونه من احد اقسام النهي المتقدم ذكره وإلّا فواضح ـ بل لا بد في تعيين ذلك من دلالة ـ أي دليل آخر ـ ولو كان اطلاق المتعلق من هذه الجهة ولا يكفي اطلاقها من سائر الجهات. ككون النهي نفسيا او غيريا فلا يمكن التمسك باطلاق المتعلق لتعيين انه نفسي او غيري قال استادنا الآملي في المجمع ص ١٢ ج ٢ ثم انه على فرض كون النهي للسريان قال المحقق الخراساني بان المكلف إذا عصى الامتثال في بعض الازمان يكون النهي باقيا في غيره سواء قلنا بتعدد المطلوب او وحدته لان النهي إذا كان ساريا ينحل إلى الافراد في كل زمان طوليا وبالنسبة إلى كل فرد عرضيا لان النهي كاشف عن المفسدة ولا تختص مفسدتها بزمان دون آخر وفيه انه على ذلك ايضا يمكن ان يكون المجموع من حيث المجموع تحت النهي بحيث لو عصى فرد منه لا يبقى مجال لدرك مصلحة ترك بقية الافراد فمن أين يقال لا فرق بين تعدد المطلوب ووحدته فانه على الأول يمكن ان يكون النهي باقيا بعد العصيان بخلافه على الثانية فيجب البحث عن اثبات وحدة المطلوب وتعدده واما الكشف عن المفسدة مطلقا فائضا يمكن منعه لاحتمال حصول المفسدة بعصيان الفرد وعدم الاثر لا بيان سائر الافراد لحصول ما يحترز عنه بفرد واحد نعم في مقام الاثبات يمكن ان يقال ان قيد المجموعية من حيث المجموع

.................................................................................................

______________________________________________________

بعد السريان يحتاج إلى مئونة زائدة فان الظاهر ان كل فرد يكون منهيا عنه وان لم يكن الامتثال بالنسبة إلى سائر الافراد ولكن لا يمكن رفع القيد بالاطلاق المقامي ولا باصالة عدم كونه قيدا ، نعم تجري البراءة بالنسبة إلى الحكم.

وقال استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٢٧ ثم ان المصلحة إذا كانت قائمة بترك طبيعة فتارة تكون المصلحة قائمة بمجموع التروك ـ إلى ان قال ـ واخرى تكون المصلحة قائمة بكل واحد من التروك وثالثة تكون قائمة بعنوان بسيط متولد عن مجموع التروك في الخارج فعلى الأول لا بد من جعل حكم واحد متعلق بمجموع التروك فلا يحصل امتثاله إلّا إذا تحقق جميع التروك في الخارج وهذا هو الحال في اقسم الثالث ايضا غاية الأمر ان المأمور به في القسم الأول أمر مركب من التروك الخارجية وفي القسم الثالث أمر بسيط متولد منها واما القسم الثاني فالمجعول في مورده أحكام متعددة تعلق كل واحد منها بترك فرد من افراد تلك الطبيعة ـ ويترتب على ذلك انه إذا شك في صدق تلك الطبيعة ـ على فعل خارجي لشبهة موضوعية جاز ارتكابه لرجوع الشك فيه إلى الشك في حكم مستقل والمرجع فيه هي البراءة عقلا ونقلا واما القسم الأول فالرجوع فيه إلى البراءة وعدمه يبتني على القول بالرجوع إلى البراءة في موارد الشك في الأقل والاكثر الارتباطيين وعدمه ـ واما القسم الثالث فلا مناص فيه عن القول بالاشتغال لرجوع الشك فيه إلى الشك في تحقق الامتثال بعد العلم بالتكليف. واما القسم الثالث من المحقق النائيني ايضا المرجع فيه البراءة لان الشك في اصل التكليف واما القسم الثالث اليد ذكره استادنا الخوئي ايضا المرجع هو البراءة لانه نشك ان الأمر البسيط المنبسط على الاجزاء يكون على عشرة أجزاء او تسعة فالزائد مشكوك والمرجع فيه البراءة ويكون كالخط الطويل والقصير.

مقالة (١) في جواز اجتماع الامر والنهي في شىء واحد يكون مجمع الخطابين وقد اختلفت كلمتهم فيه بمنتهى الاختلاف بحد غير قابل للايتلاف (٢) وتنقيح المرام يحتاج الى بيان مقدمة ربما نكتفي بها لتوضيح المقام بلا احتياج الى المبادي التي كثّرها الاعلام

______________________________________________________

في اجتماع الامر والنهي

(١) نموذج ٢ قد اختلفوا في جواز اجتماع الامر والنهي في وجود واحد بجهتين ولكونه مجمع العنوانين على اقوال ثالثها الجواز عقلا والامتناع عرفا قال الشيخ الانصارى في مطارح الانظار ص ١٢٩ انهم اختلفوا فيها على قولين فذهب اكثر اصحابنا وجمهور المعتزلة وبعض الاشاعرة كالباقلاني الى الامتناع بل عن جماعة منهم العلامة السيد الجليل في احقاق الحق والعميدى وصاحبي المعالم والمدارك وصاحب التجريد الاجماع عليه بل ادعى بعضهم الضرورة وليس بذلك البعيد واكثر الاشاعرة على الجواز ووافقهم جمع من افاضل متاخرى اصحابنا كالمحقق الخوانساري في تداخل الاغسال من المشارق وجمال الدين والمحقق الشيرواني والسيد الشارح للوافية والمحقق القمي بل نسبه الى ظاهر السيد في الذريعة والاردبيلي بل حكاه عن الفضل بن شاذان مستظهرا من كلامه انه من مسلمات الشيعة واستظهره من الكلينى أيضا ـ الى ان قال ـ وقد ينقل في المقام قول ثالث وهو التفصيل بين العقل والعرف فيجوز عقلا ولا يجوز عرفا ونسبه بعضهم الى الاردبيلى في شرح الارشاد.

(مسألة اصولية)

(٢) وتوضيح المقصد يقتضي رسم امور الامر الاول قال في الكفاية ج ١

.................................................................................................

______________________________________________________

ص ٢٣٦ انه حيث كان نتيجة هذه المسألة مما تقع في طريق الاستنباط كانت المسألة من المسائل الاصولية. فانها تقع في طريق استنتاج صحة العبادة وفسادها الذين هما من الاحكام الكلية الفرعية كالصلاة في الدار المغصوبة في صورة الجهل به فيحكم بصحتها برهانا لا بالاجماع على القول بالجواز وعلى فرض عدم جواز الاجتماع في صورة الجهل بالغصبية يتمسك بالاجماع وفي صورة العلم به لا يمكن ان يكون للعبادة امر فمن قال بلزوم وجود الامر في صحة العبادة كصاحب الجواهر لا يمكنه تصحيح العبادة بدونه قال في الكفاية ج ١ ص ٢٣٦ لا من مباديها الاحكامية. ويظهر ذلك من شيخنا الاعظم الانصارى في المطارح ص ١٢٦ قال وقد يظهر من بعض آخر ان البحث فيها يرجع الى البحث عن مقاصد الاصول فانها يستنبط منها صحة الصلاة في الدار المغصوبة وفسادها وليس بشيء فان الصحة وافساد لا يترتبان على الجواز والعدم بل التحقيق أن الصحة متفرعة على عدم التعارض والتناقض بين مدلولي الامر والنهي وتشخيص ذلك موقوف على مسالة الجواز والامتناع فهذه المسألة من مبادئ المسألة الاصولية وهي وجود التعارض وتحقق التناقض بين الادلة وعدمه فالحكم الفرعى لا يترتب على هذه المسألة بدون توسيط والاولى ان يقال بان البحث فيها انما هو بحث عن مبادى الاحكامية حيث يناسب عند ذكرها وتحققها ذكر بعض احكامها واوصافها ـ اى عوارض الحكم ومبادئه من ملازمة وجوب شيء لوجوب مقدمته ومن جواز اجتماع الحكمين مع تضادهما كما تقدم. واجاب عنه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٠٧ بقوله فانه مضافا الى بعده لا يناسب أيضا ظهور عنوان البحث وهو جواز الاجتماع وعدم جوازه وإلّا لاقتضى تحرير عنوانه بالبحث عن لوازم

.................................................................................................

______________________________________________________

الوجوب والحرمة ـ قال في الكفاية ج ١ ص ٢٣٦ ولا التصديقية. لكل علم مبادئ تصورية وهو تصور الموضوع وتصول المحمول وتصور النسبة ومبادئ تصديقية هو التصديق بثبوت النسبة والاذعان به قال المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٣٣ ولكن التحقيق ان المسألة من المبادى التصديقية ضرورة انه لا يترتب فساد العبادة على القول بالامتناع بل القول به يوجب دخول دليلي الوجوب والحرمة في باب التعارض واجراء احكامه عليهما ليستنبط من ذلك حكم فرعى وقد عرفت فيما تقدم ان الميزان في كون المسألة أصولية هو ترتب نتيجة فرعية عليها بعد ضم صغرى نتيجة تلك المسألة اليها وليس ذلك متحققا فيما نحن فيه قطعا وعليه فالنزاع في الجهة الاولى ـ اى الامتناع ـ يدخل في مبادي بحث التعارض كما أن النزاع في الجهة الثانية أي الجواز ـ يدخل في مبادئ بحث التزاحم. وتوضيح ذلك ذكر استادنا البجنوردي في المنتهى ج ١ ص ٣٨٣ رجح شيخنا الاستاد كونها من الاخير باعتبار آن البحث في هذه المسألة في المقام الاول في انها هل تكون من صغريات باب التعارض اولا وفي المقام الثانى في ان التزاحم الذي بينهما في مقام الامتثال هل يرتفع لوجود المندوحة اولا وحيث ان هذه البابين من المسائل الأصولية فيكون البحث عن كون شيء من مصاديق موضوعهما بحثا عن المبادى التصديقية لتحقق موضوعهما لا المبادى التصديقية لاصل المسألة الأصولية لان المبدا التصديقى لها عبارة عن الدليل الذي يستند الاصولي اليه في اثبات محمولات المسألة لموضوعها ومعلوم ان هذه المسألة ليست مدركا لاثبات احكام التعارض والتزاحم ولكن الحق ان هذه مسألة

.................................................................................................

______________________________________________________

اصوليه الى آخر كلامه واجاب عنه استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٣٣ بل التحقيق ان هذه المسألة من المسائل الأصولية لان ترتب صحة العبادة على القول بالجواز كاف في كون المسألة اصولية لان وقوع نتيجة المسألة في طريق الاستنباط الذي هو ملاك كون المسألة اصوليه يكفى فيه كونها كذلك في الجملة ولا يعتبر فيه كون نتيجة المسألة على جميع التقادير واقعة في طريق الاستنباط مثلا مسالة البحث عن حجية الخبر الواحد مسألة تقع نتيجتها في طريق الاستنباط على تقدير القول بحجيته لانه اذا لم نقل بها لم تقع نتيجتها في طريق الاستنباط ابدا لكن المسألة مع ذلك اصولية بلا اشكال فالقول عدم الجواز في محل البحث وان لم يترتب عليه القول بفساد العبادة إلّا ان ترتب القول بالصحة بالاتيان بالجمع على القول بالجواز كاف بنفسه في كون المسألة اصولية. قال في الكفاية ج ١ ص ٢٣٦ ولا من المسائل الكلامية. قال المحقق المشكيني في هامش الكفاية ج ١ ص ٢٣٦ ومن هنا علم صحة ادراجها في الكلام من حيث ترتب صحة العقوبة والمثوبة وعدمه أيضا.

واجاب عنه استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ١٥ لا وجه له لان البحث عن امر تكويني اذا رجع الى وجود التكليف وعدمه يكون كلاميا لا البحث عن الثواب والعقاب فقط ـ فان موضوعه المبدا والمعاد وليس في البقاء كذلك ـ وقال المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٣٢ تكون المسألة كلامية باعتبار انها يبحث فيها عن استحالة اجتماع الحكمين في مورد واحد وجوازه وبما ان الامر والنهي من الامور الواقعية يصح البحث عن امتناع اجتماعهما وجوازه الخ واجاب استادنا الخوئي في هامشه المسائل الكلامية وان كانت مسائل عقلية إلّا انه ليس كل مسالة عقلية يتكلم فيها عن الاستحالة والامكان مسالة كلامية وذلك ظاهر لا يكاد يخفى. بل ما له مساس بالعقائد الدينية كما عن المحقق

.................................................................................................

______________________________________________________

الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٦٣ ـ وقال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ١٥ قال ولا يخفى على المتدبر ان موضوع الفلسفة والكلام واحد كما قرر في محله فلا وجه لما عن شيخنا النّائينيّ من ان البحث عن واقعة من الواقعيات لا يكون مربوطا بالكلام بل مربوط بالفلسفة ـ اي البحث عن كل حقيقة من الحقائق يكون كلاميا. قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٠٧ ولا من المسائل الكلامية أيضا اذ ذلك مضافا الى ما عرفت من النتيجة نقول بان المهم عند الفريقين بعد ان كان في سراية النهى الى متعلق الامر وموضوعه عند وحدة المجمع وجودا وعدمه يكون مرجع البحث الى البحث عن اصل اجتماع الحكمين المتضادين وعدمه في موضوع واحد ومن المعلوم حينئذ عدم ارتباط ذلك بمسألة التكليف بالحال كى يندرج بذلك في المسائل الكلامية المتنازع فيها بين الاشاعرة وغيرهم اذ ح على السراية يكون التكليف بنفسه محالا حتى بمبادئه من الاشتياق والمحبوبية باعتبار كونه من اجتماع الضدين في موضوع واحد لا انه تكليف بالمحال وبما لا يقدر عليه المكلف كما لا يخفي.

قال في الكفاية ج ١ ص ٢٣٦ ولا من المسائل الفرعية. قال المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٣٣ باعتبار انه يبحث فيها عن صحة الاتيان بالمجمع وحصول الامتثال به وعدمها. واجاب عنه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٠٧ فبعيد غايته عن ظاهر عنوان البحث المزبور حيث لا يكاد مناسبته مع كونها فرعية ـ اي جواز الاجتماع وعدمه ـ وهذا بخلاف مسألة مقدمة الواجب وان كان التحقيق أيضا خلافه كما عرفت. قال في الكفاية ج ١ ص ٢٣٦ وان كانت فيها ـ اي في هذه المسألة ـ جهاتها ـ اي جهات هذه العلوم ـ كما لا يخفى ضرورة ان مجرد ذلك لا يوجب كونها منها اذا كانت فيها جهة اخرى يمكن عقدها معها من المسائل اذا لا مجال ح لتوهم عقدها من غيرها في الاصول وان عقدت كلامية

.................................................................................................

______________________________________________________

في الكلام وصح عقدها فرعيه او غيرها بلا كلام. ولقد عرفت ما فيه

مسألة عقلية

الامر الثاني قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٧ انه قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه ـ اي كون مسالة جواز الاجتماع وعدمه اصوليه ـ ان المسألة عقلية ولا اختصاص للنزاع في جواز الاجتماع والامتناع فيها بما اذا كان الايجاب والتحريم باللفظ كما ربما يوهمه التعبير الامر والنهي الظاهرين في الطلب بالقول إلّا انه لكون الدلالة عليهما ـ اي على الامر والنهي ـ بهما ـ اي بلفظ الدال على الوجوب والتحريم ـ كما هو اوضح من ان يخفى وذهاب البعض الى الجواز عقلا والامتناع عرفا ليس بمعنى دلالة اللفظ ـ اي على الامتناع ـ بل بدعوى ان الواحد بالنظر الدقيق العقلي اثنان وانه بالنظر المسامحي العرفي واحد ذو وجهين ـ اي اذا لامتناع من الاحكام العقلية ولو بتبع نظر العرف ـ وإلّا ـ اي وان كان المراد دلالة اللفظ عرفا على الامتناع ـ فلا يكون معني محصلا للامتناع العرفي غاية الامر دعوى دلالة اللفظ على عدم الوقوع بعد اختيار جواز الاجتماع. وبذلك قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٠٧ ثم انه مما ذكرنا ظهر أيضا كون المسألة عقلية محضة حيث كانت من الملازمات العقلية الغير المستقلة فكان ذكرها في المقام ح لمحض المناسبة لا انها لفظية كما ربما يوهمه التعبير بالأمر والنهي الظاهرين في الطلب بالقول ولذلك يجري هذا النزاع فيما لو كان بثبوت الوجوب والحرمة بغير اللفظ من اجماع ونحوه أيضا واما القول بالامتناع العرفي فليس المقصود منه دلالة اللفظ على الامتناع بل المقصود منه هو كون الواحد ذي الوجهين واحدا بنظر العرف وان كان اثنين

فنقول وبه التكلان ان المراد (١) من الواحد في العنوان هو مجمع العنوانين ولو كليا كما هو المناسب لاصولية المسألة المستخرج

______________________________________________________

بحسب الدقة العقلية كما هو واضح. وقال المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٣٣ ويمكن ان تكون المسألة اصولية عقلية اما كونها عقلية فلما اشرنا اليه سابقا من ان الاحكام العقلية على قسمين فتارة يحكم العقل بشىء من دون توسط حكم شرعى كحكمه بحسن شىء او قبحه وهذا القسم يسمى بالمستقلات العقلية واخرى يحكم بشيء بعد صدور حكم شرعي من المولي كمباحث الاستلزامات كلها ويسمي هذا القسم بالاحكام العقلية غير المستقلة ومسألتنا هذه من القسم الثاني فانها يبحث فيها عن استلزام اجتماع متعلقى الحكمين في مورد واحد لسقوط احدهما وعدم استلزامه له. وتبعوه الاساتذة وهو الصحيح.

المراد بالواحد

(١) الامر الثالث ذكر صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٣ المراد بالواحد مطلق ما كان ذا وجهين ومندرجا تحت عنوانين باحدهما كان مورد موردا للأمر وبالآخر للنهي وان كان كليا مقولا على كثيرين كالصلاة في المغصوب. فطبيعة الصلاة الواقعة في المغصوب حيث انها باعتبار صدقها على كثيرين تكون كليا ومع ذلك يكون ذا وجهين ومجمعا للعنوانين قال المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٦٢ ثم ان الوحدة جنسية ـ اي كالبقر والغنم من جنس واحد وهو الحيوان ـ ونوعية ـ اي الوحدة النوعية كالرومي والزنجي من نوع واحد وهو الانسان ـ وصنفية ـ اي كالرضويين والحسنيين من صنف واحد وهو اولاد هاشم ـ وشخصيه ـ اي كوجود زيد ـ وارادة الواحد الشخص يوجب خروج الواحد

.................................................................................................

______________________________________________________

الجنسي المعنون بعنوانين كليين كالحركة الكلية المعنونة بعنوان الصلاتية والغصبية المنتزعة من الحركات الخارجية المعنونة بها عن محل النزاع مع انه لا موجب لا خراجه. قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٤ وانما ذكر لاخراج ما اذا تعدد متعلق الامر والنهي ولم يجتمعا وجودا ولو جمعهما واحد مفهوما كالسجود لله تعالى والسجود للصنم مثلا ـ اي الواحد السنخي الذي لا يكون مجمعا للعنوانين كما في السجود لله وللشمس والقمر ونحو ذلك مما تعدد فيه متعلق الامر والنهي وجودا مع كونهما واحدا بالجنس ـ لا لاخراج الواحد الجنسى او النوعي كالحركة والسكون الكليين المعنونين بالصلاتية والغصبية. قال المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٦٢ وهنا قسم آخر من الوحدة وهي الوحدة في الوجود فان العناوين الموصوف بها الكلي المنطبق على افراده تارة تكون من الاوصاف المتقابلة كعنوان السجود لله وعنوان السجود للصنم فان كلي السجود المعنون بهما لا يعقل انطباقه على هوية واحدة واخرى من الاوصاف الغير المتقابلة كعنوان الصلاة والغصب فان كلي الحركة المعنوية بهما قابل للصدق على هوية واحدة ومنه علم ان دخول الواحد الجنسي او النوعي او الصنفي لا يقتضي دخول مثل السجود لله وللصنم كما ان ارادة الوحدة من حيث الوجود لا يستدعي خروج الواحد من حيث الجنس وشبهه مطلقا من محل النزاع فالتقييد بالواحد لمجرد اخراج المتعدد من حيث الوجود لا الاخراج الكلي في قبال الشخص. لكن الظاهر هو تعدد البحث وان في هذا الامر يكون الكلام في الواحد الشخصي والكلي وفي الامر الآتي يكون الكلام في تعدد الوجود ووحدته فالصحيح ما ذكره صاحب الكفاية لا يختص بالواحد الشخصي بل يعم الكلي كالحركة الكلية ويكون الاول مما اختاره صاحب الفصول قال في ص ١٢٦ فنقول الوحدة قد تكون بالجنس وهذا مما لا ريب في

.................................................................................................

______________________________________________________

جواز الاجتماع فيه في الجملة كالسجود حيث اجتمع فيه الامر والنهي باعتبار ايقاعه له تعالى وللصنم وقد تكون الوحدة بالشخص وح الى آخر كلامه وذكر استادنا الحكيم في الحقائق ج ١ ص ٣٤٨ ان المتوهم هو العضدي قال هذا رد لما عن العضدى من ان المراد من الواحد الواحد بالوحدة الشخصية ـ الى ان قال ـ الظاهر ان مراد العضدى من الوحدة الشخصية الوحدة الوجودية في مقابل الوحدة الجنسية مع تعدد الوجود كما يظهر من ملاحظة تمثيله للواحد بالجنس بالسجود المامور به المنهي عنه بلحاظ وجودين له متباينين لا الشخص المقابل للكلى فلاحظ ـ اي الذي قد عرفت مردوديته ـ مع أن خروج الكلي عن محل النزاع لا ضير فيه لان الغرض تصحيح العبادة الشخصية لا الكلية فتامل. ولعل تبع في ذلك كلام المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٤٣ اذا بنينا على ان الحيثيتين في محل الكلام تقييديتان والتركيب بينهما انضمامي فعلى القول بتعلق الاحكام بالطبائع يكون الكليان الموجودان في الخارج منضمين احدهما الى الآخر كما انه على القول تعلق الاحكام بالافراد يكون الفردان الموجودان اللذان ينتزع عنهما الكليان منضمين احدهما الى الآخر ـ الى ان قال ـ وان كان الصحيح كما عرفت ذلك في محله هو عدم تعلق الامر بالمشخصات ولو تبعا وان كانت لا بد من وجودها حين وجود الطبيعي المتشخص بها كما هو الحال في المشخصات عند تعلق الارادة التكوينية بصرف الطبيعة غير الملحوظة معها شيء من مشخصاتها ـ الى ان قال في ص ٣٥٣ ـ والحق عندنا هو القول بالجواز ـ فالصلاة الموجودة في المجمع لا تنقص عن حقيقة الصلاة بشيء كما ان الغصب الموجود فيه لا ينقص من حقيقة الغصب لشىء وقد عرفت استحالة اشتمال هوية واحدة على الصلاة والغصب مثلا باعتبار كون الحركة الواحدة جنسا لهما ـ فينتج جميع ذلك كون التركيب في المجمع انضماميا ـ ان التركيب

.................................................................................................

______________________________________________________

انضمامي يكون متعلق احدهما غير متعلق الآخر الى ان قال ص ٣٥٥ ـ وذلك لان المأمور به على كلا التقديرين من مقوله الوضع واما الغصب فهو من مقولة الاين ـ الى ان قال ـ واما اذا كانت الجهتان تقييديتين والتركيب انضماميا فان قلنا بتعلق الامر بالطبائع وخروج المشخصات عن حيز الطلب كما هو الصحيح فلا تعارض بين الدليلين اصلا. ولذا ينقل استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ١٧ فالطبيعي قبل الوجود هو الذي يكون محل البحث لا انه بعد الوجود كما عن شيخنا النائيني فانه يقول بان ما ذكرناه يعني تعلق النزاع بالطبيعي يكون احد شطرى البحث وشطره الآخر هو ان الفرد الشخصي الخارجي هل يمكن ان يقال انه وجود ان انضماميان بواسطة تطبيق العنوانين عليه حتى يكون متعلق النهي شيء ومتعلق الامر شيء آخر. وعلى اي اجاب عن هذا القول المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٠٨ بل ولئن تاملت ترى اختصاصه ـ اي النزاع ـ أيضا بالواحد الكلي وعدم شموله لما يعمه والشخصي كشخص الصلاة الواقعة في هذا الغصب اذ ذلك أيضا وان كان مجمعا للعنوانين ولو بتوسيط كلى عنوان الصلاة في الغصب إلّا ان المناسب للمسألة بعد كونها اصولية لا فقهية هو خصوص الكلي دون ما يعمّه والشخصي كما هو واضح نعم لو قيل بكونها اي المسألة من المبادي الاحكامية لا من المسائل الاصولية لامكن دعوى تعميم المراد لما يعم الكلي والشخصي ولكن ذلك أيضا لو لا دعوى انصراف العنوان الى ما هو مجمع العنوانين ومصداق لهما بلا واسطة فان مصداقية شخص هذه الصلاة الواقعة في الغصب للكليين بعد ان كان بتوسيط كلى الصلاة في الغصب فقهرا بمقتضى الانصراف المزبور يختص الواحد المبحوث عنه في العنوان بالواحد الكلي ولا يكاد يعمه والواحد الشخصي كما لا يخفى بل قد يقال حينئذ بعدم امكان شمول العنوان ولو مع قطع النظر عن الانصراف لما يعم

.................................................................................................

______________________________________________________

الكلي والشخصي نظرا الى عدم امكان الواحد الشخصي مصداقا للجامع في عرض الكل. وذكر استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ١٦ ان البحث ليس في الواحد الشخصي الخارجي لان ما في الخارج وهو الحركة الشخصية في مثل الصلاة والغصب ينطبق عليه عنوان الغصب والصلاة من باب تطبيق ما كان فوق المقولة على المقولة مثل تطبيق عنوان من في الصحن على الرجال والنساء ولا شبهة في ان الخارج ظرف سقوط الامر او النهي والكلام يكون فيما قبله أي قبل الامتثال والعصيان في الخارج ولا يحصل التعدد في الخارج بواسطة تعدد العنوان فما هو محل البحث هو ان الامر بطبيعي الحركة من باب انها صلاة هل يسري الى محل النهي عن طبيعي الحركة من باب انها غصب بالانحلال حتى يجوز الاجتماع او لا يمكن سريان مورد الامر بالحركة إلى مورد النهي عنه حتّى لا يجوز الاجتماع فان البحث هكذا كلى ولا يكون الشخص محل الكلام ـ الى ان قال ـ ولا يخفي ما فيه ـ اي في كلام المحقق النّائينيّ ـ من ان الوجود الواحد من الحركة في الخارج لا يصير حركتين وتحت مقولتين او فردين من مقولة واحدة بل فرد من مقولة الحركة في المثال المعروف يعني الصلاة في المكان الغصبي ـ التعبير بالعكس هو الصحيح اي على السريان لا يجوز الاجتماع وعلى القول بعدمه يجوز والامر سهل واجاب عن المحقق النّائينيّ استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٤١ ومن الغريب في المقام ما افاده قدس‌سره من صدور حركتين من المصلي المزبور في الخارج وكون إحداهما غصبا والاخرى صلاة لانه مع وضوح بطلانه في نفسه لبداهة عدم صدور حركتين من المصلي في آن واحد يرد عليه ان كلا من الحركتين بما انها واقعة في الدار المغصوبة تكون غصبا لانها تصرف في مال الغير بغير اذنه فكيف يعقل ان تكون إحداهما غصبا والاخرى لا تكون كذلك مع انهما مشتركتان في ملاك الغصب. فالظاهر كون البحث يختص بالواحد الكلي لا للشخصي.

منها المسألة الكلية الفقهية كما ان المقصود من الواحد المجمع ما كان له (١) وجود واحد وتحت حدّ خارجي فارد فلا يشمل (٢) الوجودين المتصل بالآخر من مقولتين او مقولة واحدة على وجه يكون التركيب بينهما انضماميا من حيث الوجود خارجا اذ مثل ذلك داخل في المتلازمين وجودا ولا اشكال لاحد في عدم مانع لمحبوبيّة احدهما ومبغوضيّة الآخر بعد الفراغ عن عدم مقدمية ترك احدهما للآخر لفرض تلازمهما وجودا كما لا يخفى وح كل مورد يكون المجمع مركبا من وجودين على وجه يكون بكل جزء مصداقا لمقولة

______________________________________________________

المراد من جهتين

(١) الامر الرابع قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٩١ وبهذا ـ اي كون المسألة اصولية على ما مر ـ تعرف ان محل النزاع بين الاعلام هو الوجود الواحد الذي صدق عليه العنوانان احدهما متعلق الامر والآخر متعلق النهي لا الوجودان المنضم احدهما الى الآخر بنحو صارا بالانضمام شيئا واحدا في الصورة وفي نظر العرف لان كون الوجودين المتعددين في الواقع شيئا واحد بحسب الظاهر نظر الى الصورة المحسوسة لا يوجب محذورا في تعلق الامر باحدهما والنهي بالآخر لان تعدد الوجود في الواقع يمنع من السراية التي هي محل النزاع بين القوم فكما انه لا يرتاب عاقل في جواز تعلق الامر بشىء منفك بوجوده عن الشيء الذي هو متعلق النهي من ناحية محذور اجتماع الضدين كما هو الملحوظ في مقام البحث عن سراية كل من الامر والنهي الى متعلق الآخر كذلك لا يرتاب في جواز فيما اذا انضم احدهما الى الآخر وتجاورا في الظرف. وهذا هو مراد المحقق الماتن من الوجودين المتصلين احدهما بالآخر وانه خارج عن محل الكلام.

(٢) وهو الذي تقدم عن المحقق النّائينيّ من التركيب الانضمامي وسيأتي أيضا.

غير الآخر فهو خارج عن محط البحث كما هو ظاهر (١) فمركز البحث منحصر في المقام بصورة وحدة الوجود في المجمع على وجه كان هذا الواحد مصداقا للعنوانين ولو لما فيه من الحيثيتين (٢) وح نقول ان روح هذا (٣) البحث الى ان الامر بعنوان منطبق على هذا الوجود هل يسرى باقتضاء اطلاق خطابه الى ما هو موضوع النهي المتعلق به ولو ضمنا كي يستحيل جمعهما في المجمع الواحد ام لا يسرى اليه كي لا يكون مانع عن اجتماعهما في المجمع وح عمدة مبنى القائل بالجواز عدم السراية المزبورة قبال مبنى القائل بالامتناع فانه يلتزم بالسراية المتقدمة فيدعي استحالة الاجتماع

______________________________________________________

(١) وذلك كاستقبال القبلة الملازم لاستدبار الجدي في ارض العراق فانهما وجودين متلازمين فان الاستقبال باعتبار مقاديم البدن والاستدبار باعتبار مآخيره وكالعلم الفسق المجتمعين في زيد حيث إنهما من المقارنات الاتفاقية.

(٢) كالحركة المنتزع عنها الصلاة والتصرف في الغصب معا.

(٣) الامر الخامس قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٠٨ لا يخفى عليك ان عمدة النزاع بين الفريقين في هذه المسألة انما هو في سراية النهي إلى موضوع الأمر ومتعلقه عند وحدة المجمع وجود او عدمه ـ أي بعد انطباق العنوانين على ذلك الموضوع ـ فكان القائل بالجواز يدعي عدم السراية والقائل بالامتناع يدعي السراية ومن هذه الجهة يكون البحث بين الفريقين صغرويا محضا ـ اي من هذه الناحية وإلّا سيأتي من المحقق الماتن انه ربما يكون كبرويا وعلى اي ـ وإلّا فعلى فرض السراية المزبورة لا يكاد يظن من احد الالتزام بالجواز كما أنه في فرض عدم السراية وتعدد المتعلقين في المجمع لا يظن من أحد الالتزام بالامتناع ومن ذلك ترى ان القائل بالجواز تمام همه اثبات عدم السراية اما بنحو مكثرية الجهات او من جهة تعدد حدود الشيء او غير ذلك

في الواحد وحيث عرفت ذلك (١) فاسمع أيضا ان القائل بعدم السراية الذي هو مبني جوازه (٢) تارة نظره الى عدم سراية الامر من الطبيعي الى فرده في اي مقام كان وفي هذه الكبرى (٣) ربما يخالفه القائل بالامتناع بلا مخالفة بينهما في (٤) الصغرى ،

______________________________________________________

(١) وحيث كان كذلك نقول ان مدرك القول بالجواز على ما يأتى بيانه ـ اي مسالك وظاهر الامر والنهي في العنوان هو الامر والنهي الفعليان وهذا لا يلتئم مع القول بالجواز باي من مسالكه المسلك الاول وهو المنسوب الى المحقق القمى ـ

(٢) يكون مبني الجواز من جهة وموقوف الامر على نفس الطبيعي وعدم سرايته الى الفرد والى الوجود خارجا وان لم يكن اختلاف بين العنوانين بحسب المنشأ ولا كان تكثر جهة في البين اصلا ـ اي بعبارة اخرى كون الامر والنهي متعلقين بالطبيعة اعني بها طبيعة المأمور به وطبيعة المنهي عنه وعدم ربط لكل منهما بالحصة او الفرد الذي هو مجمع العنوانين ليستلزم ذلك الاجتماع سراية كل من الامر والنهي الى متعلق الآخر او كون الامر متعلقا بصرف الطبيعة والنهي متعلقا بها على نحو يسري الى جميع افرادها وحصصها اذا المطلوب به هو ترك الطبيعة بترك جميع افرادها فالنهي وان سرى الى الفرد إلّا ان الامر لا يسرى اليه ليلزم اجتماعهما في متعلق واحد ـ

(٣) اي النزاع في الكبرى وانه يسري الامر من الطبيعي الى فرده وعدمه فربما يدعي القائل بالامتناع بالسراية لكن المفروض عدم السراية ـ

(٤) اي الصلاة في الدار المغصوبة وهي الصغرى فانها مصداق لطبيعتين مما لا خلاف فيه ولم يجتمع في هذه الحركة الامر والنهي حتى يبحث عن جوازه وامتناعه ـ وسراية احدهما الى الآخر ام لا ـ انما يجدي ذلك على مسلك من سلك الجواز من عدم سراية الامر من الطبائع الى الافراد والتزامه بعدم وجوب الفرد بالوجوب التخييري الشرعي ولكنه على هذا المسلك أيضا لا يكاد انتهاء

حتى (١) في مثل الصلاة في الدار المغصوبة الذي هو مصداق طبيعة الصلاة وعلى هذا المبني في الجواز لا يحتاج قائله الى اختلاف العنوان في متعلقي الامر والنهي بل مع اتحادهما عنوانا واختلافهما في صرف الكلية والجزئية يكتفي به في مصيره الى الجواز فيلتزم حتّى في مثل صل ولا تصل صلاة جعفر بالجواز فضلا عن المثال السابق (٢) واخرى (٣) نظره بعد التزامه بسراية الحكم من

______________________________________________________

النوبة الى اجتماع الامر والنهي الفعليين في المجمع اذ لم يتعلق ح امر شرعي بالمجمع ولو تخييرا لا بد واولا بتوسيط السراية من الطبيعي حتّى يكون فيه اجتماع الامر والنهي كما هو واضح ـ اي لا اجتماع في شىء واحد اصلا.

(١) اي على هذا المسلك لا فرق بين ان يكون الامر والنهي متعلقهما مختلفا كالصلاة والغصب او متحدا بعنوان الكلية والجزئية كصل ولا تصل في الحمام لعدم سراية الحكم من الطبيعي الى الفرد ـ

(٢) اي الصلاة في الدار المغصوبة.

(٣) اي المسلك الثاني ـ يكون من حيث مكثرية الجهات بنحو يكون الوجود الواحد مجمع الجهتين ومركز الحيثيتين فيكون إحدى الجهتين معروض الامر والاخرى معروض النهي غايته انه كان المركزان موجودين بوجود واحد من غير فرق عنده بين كون متعلق الامر صرف وجود الشيء او الوجود الساري ولا بين كون متعلقه هو الطبيعي او الافراد بدوا او بتوسيط السراية اليها من الطبيعي ـ اي ان الامر والنهي وان كان يسري كل منهما من متعلقه اعني به الطبيعة الى افرادها في الخارج إلّا انه لا ريب في كون فرد كل طبيعة غير فرد الطبيعة الاخرى فاذا صدق متعلق الامر ومتعلق النهي على فعل واحد كشف ذلك عن وجود فرد من الطبيعة المامور بها وفرد من الطبيعة المنهي عنها قد

الطبيعي الى فرده الى حيث مكثريّة الجهات في وجود بحيث يلتزم بان الحكم بعد سرايته الى فرده لا يكاد يسري من هذا الفرد الى فرد آخر من الطبيعي المنهي عنه ولا يخفى (١) ان هذا القائل لا بد وان يجري كلامه في صورة كون المجمع تحت عنوانين مختلفين منتزع كل منهما عن مرتبة من الوجود غير المرتبة الاخرى مجتمعان في وجود واحد و (٢) يدعي أيضا ان الصلاة في الدار المغصوبة من هذا الباب وان المجمع المزبور (٣) مجمع لفردين من الطبيعتين على وجه لا يسري الحكم من احدهما الى الآخر وحينئذ لا شبهة ان القائل بالامتناع لا منازعة ح في الكبرى (٤) المزبورة

______________________________________________________

انضم أحدهما الى الآخر في ذلك الفعل الواحد صورة ومع تعدد الوجود لا تعقل السراية وهو المنسوب الى المحقق النّائينيّ قدس‌سره ـ وان اورد عليه ان البحث يكون في جواز الاجتماع قبل الوجود وهو قدس‌سره يكون بحثه فيما بعد الوجود وهو ظرف سقوط التكليف فلا مجل للبحث عنه واجاب عن ذلك استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٢٥ هو ان مراده من ذلك هو البحث عن الطبيعة مرآة عن الوجود الخارجي ولعل هذا من اشتباه المقرر الخ ، ولا بأس به.

(١) اي يختص هذا المسلك بكون متعلقي الامر والنهي مختلفين عنوانا حتى يكونا موجودين او ماخوذ كل جهة من مرتبه من الوجود كما سيأتي.

(٢) اي ان الكون الصلاتي غير التصرف الغصبي موجودان مختلفان في المثال المعروف والتركيب انضمامي

(٣) أي أن الموجود في الخارج مجمع الفردين من دون سراية الحكم من أحدهما الى الآخر

(٤) ـ اي النزاع ليس في الكبرى في سراية الحكم من الطبيعي الى الفرد ام لا لان المفرد من السراية وانما في الصغرى ان الصلاة والغصب كذلك أم لا بانه هل يجوز اجتماعهما من الحيثيتين ام لا.

وإنما تمام بحثه معه في الصغرى (١) وان نزاعه في ان باب الصلاة في المغصوب من هذا القبيل كى يكون الجهتان فيها

______________________________________________________

(١) لوضوح ان تكثر الجهة انما كان يجدي في رفع محذور اجتماع الضدين لا في رفع محذور التكليف بالمحال وما لا يطاق فلا يكاد يمكن ح اجتماع الامر الفعلي ولو بجهة مع النهي الفعلي بجهة اخرى في المجمع مع كون الجهتين متلازمين وجودا ـ اي مورد الاجتماع في الفرض ليس باقرب الى جواز الاجتماع من الوجودين المنفكين المتلازمين فاذا كان تعلق الامر والنهي الفعليين بالمتلازمين مستجيلا فتعلقهما بمثل مورد الاجتماع يكون اولي بالامتناع والمسلك الثالث ـ يكون من جهة اختلاف انحاء حدود الشيء الواحد بنحو ينتزع من مراتب وجود شيء واحد من كل حد ومرتبة عنوان غير ما ينتزع من المرتبة الأخرى منه كما عرفت تحقيقه في مبحث الواجب التخييري حيث قلنا فيه بامكان ان يكون الشيء الواحد مع وحدته وجودا وماهية ببعض حدوده تحت الالزام وببعض حدوده تحت الترخيص فيكون الشيء على هذا المسلك مع وحدته وجودا وجهة ببعض حدوده تحت الامر وببعض حدوده الأخر تحت النهي ـ الى ان قال ـ ومن هذا البيان ـ اي الجواب عن المسلك الثاني ـ ظهر لك الحال أيضا على مسلك مكثرية حدود الشيء واختلاف انحاء حفظ وجوده فانه على هذا المسلك أيضا لا يكاد يمكن اجتماع الامر والنهي الفعليين في شيء واحد باختلاف انحاء حدوده من جهة استلزامه للتكليف بالمحال وان كان معروض التكليفين مختلفين من جهة ما عرفت من ان مثل هذا الاختلاف في الحدود انما كان يجدي في رفع محذور اجتماع الضدين لا في محذور التكليف بما لا يطاق ـ وقال أيضا ـ واذ عرفت ذلك نقول بان بعد هذا الاختلاف في مسالك الجواز وتعدد المشارب المزبورة فيه لا وجه لتحديد مركز النزاع في عنوان المسألة

.................................................................................................

______________________________________________________

بصورة اختلاف العنوانين حقيقة وتباينهما منشأ كما انه لا وجه أيضا لتحرير المسألة باجتماع الامر والنهي الظاهرين في الفعلية في وجود واحد ولو بجهتين حيث ان ذلك مما لا يكاد يصح على شيء من المشارب المزبورة ـ الى ان قال ـ ولكن الذي يسهل الخطب في المقام هو كون المهم عند القائل بالجواز على جميع المسالك والمشارب المزبورة عبارة عن تصحيح العبادة في المجمع وحيث انه اي التصحيح المزبور غير مبتن على فعلية الامر والتكليف في المجمع بل يكفي فيه مجرد رجحانه الغير المنوط بالقدرة كما هو كذلك أيضا في مثل الضد العبادي المبتلي بالاهم فلا يحتاج الى اثبات فعلية الامر والتكليف في المجمع كي بتوجه الاشكال المزبور ويبتني على بعض المسالك وهو مسلك عدم السراية مع انه على فرض الاحتياج الى الامر الفعلي أيضا في تصحيح العبادة امكن اثباته بنحو الترتب كما لا يخفى. قال استاذنا الآملي في المنتهى ص ٩٢ ان قلت ان المراد بالامر والنهي الانشائيان وعليه يمكن البحث عن الجواز وعدمه فمن يقول بالجواز يرى ان مورد الاجتماع يكون من موارد التزاحم وان كلا من متعلقي الامر والنهي مخاطب به بخطاب الانشائي في مورد الاجتماع ويكون التزاحم في مقام الفعلية ومن يقول بالامتناع يرى ان مورد الاجتماع يكون من موارد التعارض وان الخطاب المجعول في مورد الاجتماع هو احد الخطابين فعليا كان ام انشائيا قلت اولا قد اشرنا فيما سبق الى ان ظاهر الامر والنهي في العنوان هو الفعليان وثانيا قد اشرنا أيضا في مباحث الضد الى انه كما لا يمكن ان يتوجه خطابان فعليان الى المكلف في مورد التزاحم كذلك لا يمكن تعلق خطابين انشائيين فيه لان جعل الخطاب الذي لا يمكن ان يكون فعليا في مورده يكون لغوا بالضرورة بل حقيقة التزاحم هو تزاحم ملاكي الخطابين في تأثير الارادة والكراهة او الحب والبغض في نفس

تقييديتان باصطلاحهم ام ليس كذلك (١) بل هو من باب سراية

______________________________________________________

من له الامر والنهي فالاولى في تحرير عنوان هذه المسألة انه هل يوجب اجتماع متعلق الامر مع متعلق النهي في شيء واحد سراية حب الآمر من المامور الى المنهي عنه وبغضه من المنهي عنه الى المامور به او لا يوجب اجتماعهما فيه ذلك فمن يقول بالجواز يرى ان الشيء الواحد ذا الجهتين يكون محبوبا من جهة ومبغوضا من جهة اخرى ومن يقول بالامتناع يرى انه لا يمكن ان يكون شيء واحد ذو جهتين محبوبا ومبغوضا ولو بلحاظ جهتيه لان تعدد الجهة لا يوجب تعدد متعلق الحب والبغض فليسري الحب الى متعلق البغض وبالعكس وهو غير معقول وعليه يكون التزاحم بين الملاكين في نفس الحب والبغض في مورد الاجتماع بخلاف القول بالجواز فان التزاحم بين الملاكين بناء عليه يكون في تاثيرهما الإرادة والكراهة في نفس المولى لا ان يكون في الحب والبغض مورد الاجتماع ، ونعم التحليل.

في الجهة التعليلية والتقييدية

(١) الامر السادس في بيان الجهات التعليلية والتقييدية قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٠١ العنوان الماخوذ في طي الخطاب سواء كان متعلقا للخطاب ام موضوعا لمتعلقه قد يكون مشير الى ذات متعلق التكليف او إلى ذات موضوعه بلا ان يكون نفس العنوان دخيلا في متعلق التكليف كما اذا امر المولى عبده وقال له اذا اساء احد الى مؤمن فاضر به فانا نعلم انه لا دخل لنفس الضرب في متعلق الامر بل متعلقه التاديب كما هو الشأن في حرمة قول اف للوالدين فان هذا العنوان قد جيء به مشيرا الى نفس متعلق الامر وبلا ان يكون دخيلا في موضوعه بنحو العلية للحكم او بنحو التقييد به كما لو قيل اكرم من

.................................................................................................

______________________________________________________

في دار زيد. قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٢٠ لا يخفي عليك ان العناوين المأخوذة في الخطابات تارة تكون من قبيل الجهات التعليلية واخرى تكون من قبيل الجهات التقييدية ومرجع الاولى الى خروج العنوان المزبور بنفسه عن كونه موضوعا للحكم وكونه من العناوين المشيرة الى ما هو موضوع الحكم ومتعلقه وسببا لطرو الحكم عليه نظير عنوان المقدمية الذي هو من العناوين المشيرة الى الذوات الخاصة الخارجية الموقوف عليها فعل الواجب كالطهارة والستر والقبلة ونحوها ومن ذلك أيضا كلية العناوين الاعتبارية المحضة التي من جهة اعتباريتها غير قابلة لتعلق الطلب بها وكان الطلب تبعا لقيام المصلحة منغلقا بمنشإ اعتبارها ـ أي كالغصب فان النهي عن المغصوب حقيقة نهي عن التصرف الوارد على مال الغير كما ان مرجع الثانية الى كون ذلك العنوان المأخوذ في حيّز الخطاب موضوعا بنفسه في القضية للحكم اما تماما او جزء لا كونه مرآة الى امر آخر يكون هو الموضوع حقيقة للحكم في القضية ومن ذلك كلية القضايا التوصيفية من نحو قوله اكرم زيدا جائي الظاهر في مدخلية عنوان المجىء أيضا بنحو القيدية في موضوع الحكم ومتعلقه قبال القضايا الشرطية من نحو قوله اكرم زيدا ان جاءك او ان جاءك زيد فاكرمه ظاهر في ان تمام الموضوع للاكرام الواجب هو ذات زيد من غير مدخلية لعنوان المجيء في الموضوع ولو بنحو القيدية وانه انما كان علة وسببا لوجوب اكرامه وح تمام المعيار في كون العنوان المأخوذ في حيّز الخطاب من قبيل الجهات او التقييدية على ما ذكرنا. قال المحقق النأئيني في الفوائد ج ١ ص ٤٠٥ ان الجهتين اللتين اوجبتا صدق العنوانين العرضيّين على شيء أي بما تكون هي مبدأ الاشتقاق حيث ان من المبدا هو العلة لتولد عنوان المشتق منه ـ لا تكونان الا تعليليتين ولا تصلحان ان تكونا تقييديتين لما عرفت من ان المبدا

.................................................................................................

______________________________________________________

دائما يكون علة لصدق المشتق على الذات المتحدة معه فجهة انطباق عنوان العالم على زيد وكذا جهة انطباق الفاسق عليه تكون تعليليّة ويقال زيد عالم وفاسق لعلّة علمة وفسقه ـ الى ان قال في ص ٤٠٨ ان التركيب الاتحادي يقتضي ان تكون جهة الصدق والانطباق فيه تعليلية ولا يعقل ان تكون تقييدية لان الجهة لا تكون مكثرة للموضوع فانا قد فرضنا كون التركيب اتحاديا ومع التركيب الاتحادي لا تكثر لوحدة الموضوع وبالجملة علم زيد وفسقه لا يوجب ان يكون زيد العالم غير زيد الفاسق بل هو هو وانما يكون العلم والفسق علة لانطباق العالم والفاسق عليه وهذا بخلاف التركيب الانضمامي من فان الجهة فيه تقييدية ولا تصلح ان تكون تعليلية لا ناقد فرضنا عدم الاتحاد بين العنوانين والجهتان في التركيب الانضمامي من هما عبارة عن نفس العنوانين المجتمعين وليس هناك عنوان آخر حتى يصح كون الجهة تعليلية وبالجملة لازم عدم اتحاد العنوانين هو كون الجهة تقييدية. واجاب عنه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٢٠ بقوله لا ان المعيار فيه ـ اي في العنوان الماخوذ في الخطاب ـ على كون التركيب بين العنوانين في المجمع اتحاديا او انضماميا وذلك لوضوح انه لا تلازم بين كون العنوانين من قبيل الجهات التعليلية وبين كون التركيب بينهما في المجمع اتحاديا ولا بين كونها من قبيل الجهات التقييدية وبين كون التركيب بينهما انضماميا وذلك من جهة انه من الممكن ح ان يكون العنوانان من قبيل الجهات التعليلية ومع ذلك يكون التركيب بينهما انضماميا لا اتحاديا كامكان كونهما من الجهات التقييدية ومع ذلك يكون التركيب بينهما اتحاديا كما عرفت في مثال الجنس والفصل بل القراءة بالقياس الى الجهر بها ـ وقال في ص ٤١٩ ـ حيث نقول بانه من الممكن ح كون احدى الجهتين من هذا الوجود الوحداني وهي الحيوانية تبعا لقيام المصلحة لها

.................................................................................................

______________________________________________________

محبوبة والجهة الاخرى منه وهي الجهة الناطقية مبغوضة ومتعلقة للنهي من دون سراية الحكم من احدى الحيثيتين الى الحيثية الاخرى وهكذا في مثال القراءة وحيثية الجهر بها حيث على الالتزام فيه بجواز الاجتماع من جهة امكان كون اصل القراءة تبعا القيام المصلحة بها محبوبا وحيثية الجهر المنتزع عن مرتبة من الصوت الزائد عن اصل القراءة مبغوضة ومنهيا عنها مع وضوح كون التركيب بين العنوانين في امثال ذلك اتحاديا لا انضماميا. وتوضيحه قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٠٢ فانه بني على ان المبدا حيثية تعليلية لصدق الوصف العنواني على الذات وقد عرفت ان ذلك لا يستقيم على مبناه لمفهوم العناوين المشتقة وقال في ص ١٠١ واما صدق العنوان على معنونة ـ أي كزيد عالم ـ فيما اذا كان العنوان من الاوصاف التي يصح حملها على المتصف بها كما يصح توصيفه بها مثل عنوان العالم فقد يكون مبدأ ذلك الوصف أى العلم حيثية تعليلية لصحة صدقه على الذات المتصفة به بناء على ان يكون مبدأ الوصف المزبور علة لصحة النزاع الوصف العنواني من الذات التي تلبست بحدوث مبدئه آناً ما وقد يكون المبدا حيثية تقييدية لصحة الصدق بناء على ان يكون الوصف منتزعا من الذات المتقيدة بمبدئه واما على القول بكون الوصف العنواني موضوعا لنفس المبدا الملحوظ لا بشرط ـ اي كما تقدم من المحقق النائيني ـ او موضوعا للذات المقيدة بالمبدإ على ان يكون القيد داخلا فلا وجه للبحث عن كون المبدا حيثية تعليلية او حيثية تقييدية في صحة صدق الوصف العنواني على معنونه لان المبدا على الاول نفس الوصف العنواني ومعه لا وجه لاحتمال كونه حيثية تقيديه فضلا عن احتمال كونه حيثية تعليلية في صحة صدقه على نفسه وعلى الثاني يكون الوصف العنواني مركبا من الذات والمبدا والنسبة وح يكون المبدا جزءا من المعنون كما يكون

الحكم من الطرفين الى جهة واحدة مصداق عنوان واحد في الحقيقة كي يكون الجهات الزائدة المتعددة فيه من قبل علل ترشح الحكمين الى جهة معينه بحتة بسيطة فيكون الجهتان فيه تعليلية (١) وعليه فكم فرق بين مشربي القائل بالجواز ففي الاول (٢) القائل

______________________________________________________

مفهومه جزء من مفهوم الوصف العنواني ومع فرض كون المبدا جزء لا وجه للبحث عن كونه حيثية تعليلية او حيثية تقييدية لصحة صدق الوصف العنواني المركب على معنونه المركب اذ كون الحيثية تعليلية يستلزم المغايرة بينها وبين العنوان الصادق على معنونه والمفروض ان مفهوم المبدا جزء من مفهوم العنوان المركب ونفس المبدا جزء من المعنون المركب وصدق مفهوم الشيء عليه ذاتي واما كون المبدا حيثية تقيديه فيستلزم ذلك خروج القيد ودخول التقييد في العنوان والمعنون والمفروض ان القيد والتقييد كليهما داخلان في العنوان المركب ومما ذكرنا يتضح لك أيضا ان صدق مفهوم المبدا اعني به المصدر او اسمه على حقيقته الخارجية امر ذاتي لا يعلل فلا وجه للبحث عن كون المبدا المزبور هل هو بوجوده الخارجي حيثية تعليلية لصدق مفهومه عليه او حيثية تقيدية. والامر كما ذكره.

(١) فالنتيجة في الامر الخامس المتقدم أن المجمع وجود واحد يسري كل منهما الى الآخر والجهتان تعليليتان فلا يجوز الاجتماع وان كان تقيديتان فيجوز.

(٢) ويترتب على ذلك انه على المسلك الاول المتقدم في الامر الخامس.

بالامتناع ينازعه في اصل الكبرى (١) مع تسليمه صغراه (٢) وفي (٣) الثاني تمام بحثه معه في تطبيق كبراه من العنوانين المتخالفين حتى مصداقا على مثل الصلاة في المغصوب ويكون نزاعه معه في الصغرى المزبورة وإلّا ففي كبراه مع من عدم السراية عند اختلاف العنوانين حتّى مصداقا في المجمع لا نزاع معه في جواز الاجتماع وحيث اتضح لك مركز البحث فينبغي تشريحا للمرام جري الكلام في المقامين احدهما في شرح انحاء اختلاف العناوين المنتزعة عن الوجود وثانيهما في بسط الكلام في الصلاة والغصب كي به يتضح أن صغرى الصلاة في الدار المغصوبة من اي واحد من العناوين كي به يتضح حكم مسألتنا هذه في امثال المثال جواز او امتناعا وح اسمع (٤) ان العنوانين المنطبقين على المجمع

______________________________________________________

(١) النزاع في الكبرى وهو عدم سراية الحكم من الطبيعي الى الفرد حتّى تكون الجهة تقييدية او الجهة تعليلية.

(٢) واما الصغرى وهي الصلاة في الدار المغصوبة مصداق لطبيعتين هذا مسلم.

(٣) وعلى المسلك الثاني المتقدم اصل الكبرى وهو مكثر الجهات لا كلام في اصل الكبرى من سراية كل من الامر والنهي الى الفرد والمصداق وانما الكلام في التطبيق والصغرى من عدم سراية هذا الفرد الى الفردى الآخر المنهي حتى تكون الجهة تقييدية على ما قيل كما في باب الصلاة والغصب او السراية حتّى تكون الجهة تعليلية.

(في العناوين المنتزعة)

(٤) الأمر السابع وجعله الماتن المقام الاول في اختلاف العناوين المنتزعة

تارة (١) من سنخ الماهيات الاصليّة

______________________________________________________

عن الوجود ذكر المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤١٥ ان العناوين المنتزعة عن وجود واحد تارة يكون اختلافها في صرف كيفية النظر ـ اي الى نفس العنوان ـ بلا اختلاف فيها بحسب المنظور والمنشا نظير الاختلاف من حيث الاجمال والتفصيل كالانسان وحيوان ناطق حيث كان الاختلاف بينهما ممحضا بصرف كيفية النظر من حيث الاجمال والتفصيل وإلّا وفي الحقيقة لا يكون المنظور فيهما الا شيئا واحدا.

(١) واخرى يكون اختلافها من جهة اختلاف في منظورها لا انه كان الاختلاف بينها ممحضا بصرف كيفية النظر وذلك أيضا تارة بنحو يحكي كل عنوان عن جهة خارجية متاصله ولو كانت من المحمولات بالضميمة كعناوين الاوصاف الحاكية عن الكم والكيف والفعل والاين ونحو ذلك. وتوضيحه قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٩٦ الماهيات المتاصلة التي يتحقق مطابقها في مقولة من المقولات العشرة ويكون لها جنس وفصل حقيقيات فيما اذا كانت جوهرا او جنس وفصل جعليان اي اعتباريان فيما اذا كانت عرضا بناء على بساطة الاعراض فان كان مطابق العنوانين جوهرا فلا بد من ان يكون لما يصدق عليه كل من العنوانين من ذلك الموجود الخارجي وجود خاص به وان كان احد الوجودين منضما الى الآخر كالنفس مع البدن على قول ولا يمكن ان يكون للماهيتين الجوهريتين وجود واحد لما برهن عليه في محله وان كان مطابق العنوانين عرضا من اعراض التسعة فعلي قول المشهور من ان للعرض وجودا غير وجود موضوعه يلزم ان يكون لما يصدق عليه كل عنوان وجود

.................................................................................................

______________________________________________________

خاص به قد انضم كل منهما الى الآخر في موضوع واحد ـ اي كالحلاوة والبياض ـ وعليه لا محالة يكون التركيب في مورد الاجتماع تركيبا انضماميا واما على قول من يرى ان العرض من اطوار موضوعه وحدوده وان الوجود الذي يفاض على موضوع العرض هو بنفسه يسري الى اعراضه لانها اطواره وحدوده فيكون مورد الاجتماع وجودا واحد اذا جهات متغايرة مفهوما متحدة وجودا. وقال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤١٦ واخرى بنحو يحكي كل عنوان عن جهة غير متأصلة في الخارج وذلك أيضا على قسمين فان المحكي حينئذ تارة يكون عبارة عن الاضافات والنسب الخارجية التي كان لها أيضا نحو خارجيه اما بالالتزام بحظ من الوجود لها كما قيل واما بان الخارج كان ظرفا لنفسها ولو لا لوجودها وبالجملة كانت من الامور التي لها واقعية ولا تنوط واقعيتها بلحاظ لاحظ واعتبار معتبر بل لو لم يكن في العالم لاحظ ومعتبر كان لمثل تلك الامور جهة واقعية كما في الفوقية والتحتية وامثالهما وأخرى عبارة عن الامور الاعتباريّة المتاصلة ولو في عالم الاعتبار وبالجملة كانت من الاعتباريات التي لها واقعية عند تحقق مناشئها بحيث كان اللحاظ طريقا اليها كالملكية والزوجية ونحوهما لا انها متقومة باللحاظ والاعتبار كي تنوط واقعيتها بلحاظ واعتبار معتبر كالاعتباريات المحضة ـ ثم ان العنوانين المختلفين في المنشأ المنتزعين من مجمع واحد مع امكان انفكاكهما في غير المنشأ تارة يكون اختلافهما في تمام المنشأ ـ أي يكونا متباينين ـ على وجه يكون منشأ انتزاع كل عنوانه بتمامه غير المنشأ في الآخر كما لو كانا من مقولتين احدهما من مقولة الفعل والآخر من مقولة الاين مثلا نظير الصلاة والغصب بناء على كون الصلاة من مقولة الفعل والغصب من مقولة الاين بجعله عبارة عن اشغال المحل بالفعل لا عبارة عن الفعل الشاغل للمحل ونظير

.................................................................................................

______________________________________________________

عناوين المشتقات بناء على عدم اخذ الذات فيها وكونها عبارة عن نفس المبدا الملحوظ لا بشرط كالعالم والفاسق ونحوهما ـ اي معنون كل من العالم والعادل مثلا مغايرا مع الآخر فالوصف ينتزع من مرتبة من الذات غير المرتبة التي ينتزع منها عنوان الآخر ـ واخرى يكون اختلافهما في جزء المنشأ مع اشتراكهما في الجزء الآخر نظير عناوين المشتقات بناء على اخذ الذات فيها بنحو يكون مصب الحكم مجموع المبدا والذات اذ حينئذ يكون اختلاف العنوانين كالعالم والفاسق في جزء المنشا وإلّا فهما مشتركان في جهة الذات الحاكية عن جهة واحدة ـ أي الذات مشتملة على خصوصيتين بهما يكون امتياز كل من العنوانين عن الآخر هذا في موضوع متعلق الخطاب ـ ومثل ذلك كل مورد لا يكون الجامع في العنوانين بسيطا ومأخوذا من مقولة واحدة بل كان مركبا من الذات مع عارضها او من مقولتين احدهما الفعل مثلا والآخر من مقوله أخرى كالاين او غيره من الاضافات فانه في مثله يكون المجمع باعتبار ذاته وجهة فعله واجدا للحدين وباعتبار النسبيات الآخر واجدا للاضافتين احدهما مقوم احد الجامعين والآخر مقوم الجامع الآخر كما في مثل الغصب والصلاة بناء على كونهما من مقولة الفعل المنضم ببعض الاضافات الآخر بجعل الصلاة عبارة عن الافعال الخاصة المقرونة بالاضافات المعهودة من الترتيب والموالات ونشوها عن قصد الصلاتية والغصب عبارة عن الفعل الشاغل لمحل الغير في حال عدم رضاه الجامع بين الركوع والسجود بين وغيره من الافعال الأخر الاجنبية عن الصلاة فانه في مثله يكون الغصب والصلاة لا محاله من قبيل العنوانين المشتركين في جزء المنشا الممتازين في الجزء الآخر حيث كانا مشتركين في مقولة ـ اي تصرف المصلي في المكان المغصوب فعل واحد ـ ومختلفين في مقولة أخرى من الاضافات والنسبيات الأخرى ـ اي خصوصية الصلاتية وخصوصية الغصبية هذا بالنسبة الى متعلق الخطاب ـ

الماخوذة عن الحدود الذاتية الثابتة في كل مقولة في ضمن جنسه وفصله وهي التي كانت تحت المبحث عن اصالتها (١) وأخرى (٢) من سنخ المفاهيم العرضية المنتزعة عن تحديدات الوجود او الماهيّة المزبورة بحد اعتباري مخصوص كان من مقدرات تلك الماهية او الوجود وبفارسية چوب گز هر (٣) يك از وجود وماهية ذاتيه فان كان العنوانان من قبل (٤) الأول (٥) بنحو كان بازاء كل واحد في

______________________________________________________

(١) اي يقع البحث عن اصالتها عند ما يبحث عن الاصيل ما هو هل الوجود ام الماهية.

(٢) وثالثة يكون اختلافهما في صرف الحد الماخوذ فيهما مع اتحادهما ذاتا بل ومرتبه أيضا في خصوص المجمع وان اختلفا مرتبه في غيره نظير الجامع الماخوذ بين زيد وعمر والمنتزع من تحديد الانسان في عالم الاعتبار بحد خاص لا يكاد انطباقه الا عليهما وجامع آخر بين زيد وخالد المنتزع من تحديد الانسان بحد لا يكون انطباقه الا عليهما فحينئذ يكون زيد مع وحدته ذاتا وجهة ومرتبة مجمع الجامعين بمعنى وقوعه بين الحدين الشامل احدهما لعمر وبلا شموله لخالد والآخر لخالد بلا شموله لعمر ومع كون النسبة بين الجامعين المزبورين بنحو العموم من وجه.

(٣) اي الذراع والمتر لمن يبيع الاقمشة فيكون الحد نحوه للوجود او الماهية ويميز بها هذا الوجود عن غير والماهية عن غيرها ويكون جامع بين ذراع واحد وذراعين وجامعا بين ذراعين وثلاثة اذرع وهكذا.

(٤) لعل الصحيح قبيل.

(٥) أي الماهيات الأصيلة تكون مركبا من مقولتين في الخارج والتركيب انضمامي كما مر.

الخارج وجود فلا محيص من كونهما من مقولتين اذ يستحيل لشيء واحد ومقولة فارده جنسان وفصلان فلا جرم يكون لكل مقولة ماهية واحدة من جنس واحد وفصل فارد وحيث فرضنا ان بازاء كل عنوان وجود فلا محيص من اجتماع الوجودين في المجمع ويكون التركيب ح انضماميا لفرض تحديد وجود كل عنوان بحدود ممتازة عن غيره ومع هذا الامتياز يستحيل وحدة لوجود المجمع بحيث يكون تحت حد واحد (١) نعم (٢) لو بنينا على ان للاضافة المقوليّة ليس حظ من الوجود في الخارج بل هي كنفس حد الشيء بنفسها خارجية كنفس الوجود امكن دعوى اجتماع المقولتين في المجمع في وجود محدود بحد واحد بلا تعدد في وجودهما خارجا كما (٣) انه لو بنينا أيضا ان الاعراض من مراتب وجود معروضه

______________________________________________________

(١) اي فيخرج عن كونهما في مجمع واحد كما تقدم اشتراطه.

(٢) اي لو قلنا بان الاضافات الخارجية كالفوقيّة والتحتية ليس لها حظ من الوجود فيكون التركيب اتحاديا كما تقدم بل يكون من حدوده قال استادنا الآملي في المنتهى ص ٩٧ يصدق العنوانان على فعل واحد باعتبار اضافتين له الى غيره بنحو لا يجتمع الاضافتان في ذلك الواحد بما هو واحد مثلا بعض الاجسام له علو وسفل فهو على وحدته له اضافتان متقابلتان انتزعتا منه ولكن لم تتلاقيا فيه ـ فلا محذور في ان يكون مطابقهما شيئا واحدا له اضافتان باعتبارهما صدق عليه العنوانان المزبور ان.

(٣) اي لو قلنا بان وجود الاعراض من مراتب وجود معروضه لا وجود مستقل أيضا التركيب اتحادي فانه يكون من اطوار الموضوع وحدوده كما تقدم.

ومقام كما له أيضا امكن أيضا تصوير وجود واحد للمقولتين العارض احدهما للآخر وفي هذا الفض أيضا امكن دعوى كون التركيب بينهما في المجمع اتحاديا من حيث الوجود وان كان انضماميا جهة وحيثية وإلّا فمع غمض العين عن هذين المبناءين لا محيص في فرض تركب المجمع من المقولتين من وجودين ويكون التركيب بينهما انضماميا وجودا أيضا ومن لوازم ذلك (١) خروج

______________________________________________________

(١) اي مع صرف النظر عن هذين الاحتمالين وكان التركيب انضماميا يخرج عن محل البحث لكون وجود العرض منضم الى وجود موضوعه وكذا على القول بكون الاضافات لها حظ من الوجود كما تقدم مفصلا بيانه وخروجه عن محل البحث أيضا في التركيب الانضمامي ـ والكلام ح في ان مدار جواز الاجتماع والامتناع على كون التركيب انضماميا او اتحاديا او على كون العنوانين بتمام المنشأ مباينا للآخر وعدمه قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤١٧ ومن ذلك ظهر ان مجرد اختلاف العنوانين المنتزعين من مجمع واحد مع امكان انفكاك احدهما عن الآخر في غير المجمع لا يقتضي لزوم كونهما من مقولتين وكون التركيب بينهما انضماميا لا اتحاديا وذلك من جهة ما عرفت من امكان كونهما من مقولة واحدة حينئذ وكان الاختلاف بينهما من جهة الحد محضا كما مثلنا ـ وهكذا لو فرض جامع بين الضرب والاكل منتزع من تحديد الفعل بحد لا ينطبق إلّا عليهما وجامع آخر كذلك بين الاكل والشرب حيث كان الاكل ح مجمع الجامعين بمعني كونه واجدا للحدين المأخوذين من مقولة الفعل الشامل احدهما للضرب دون الشرب والآخر للشرب دون الضرب مع كونهما من مقولة واحدة وكون التركيب فيه اتحاديا لا انضماميا كامكان كون العنوانين ايضا مشتركين في مقولة ومختلفين في مقولة أخرى كما في العالم والفاسق بناء على أخذ الذات في المشتق وتركب حقيقته من المبدا والذات حيث ان العنوانين في المجمع وان اختلفا ببعض الجهات إلّا انهما اشتركا في جهة الذات الحاكية عن جهة واحدة وحيثية فاردة. كما مر في محله.

هذه الصورة عن مركز البحث كما اشرنا سابقا من ان الماخوذ في عنوان البحث صورة كون المجمع وجود او احدا تحت حد فارد وحينئذ فادخال (١) فرض تعدّد العناوين الذاتية المحفوظة كل في

______________________________________________________

(١) هذا اشارة الى ما افاده المحقق النائيني في التركيب الانضمامي وعدمه في الاجود ج ١ ص ٣٣٦ قال قد ذكرنا في مبحث المشتق ان مبادئ الاشتقاق مأخوذة بشرط لا سواء كان ذلك بالاضافة الى معروضاتها او باضافة بعضها الى بعض ولذلك لا يصح الحمل بينها اصلا كما هو الحال في الهيولى والصورة حيث لا يحمل احدهما على الآخر ولا على النوع وفي الجنس والفصل فلا بد في صحة الحمل من اخذ المحمول لا بشرط كما في العناوين الاشتقاقية المحمولة على الذات مثلا العلم والعدالة لا يصح حمل احدهما على الآخر ولا على الذات المعروضة لهما بخلاف عنوان العالم والعادل كما ان النفس والبدن لا يصح حمل احدهما على الآخر ولا على الانسان المركب منهما بخلاف الحيوان او الناطق ـ الى ان قال في ص ٣٣٧ ـ اما في القسم الثاني ـ اي ما كان مبادئ المشتقات من سنخ الافعال الاختيارية وتكون الاشارة الى احدهما عين الاشارة الى الآخر ـ فلا محالة يتحقق التركيب بينهما كما في الصلاة والغصب لكن التركيب انضمامي لا اتحادي وهذا بخلاف العنوانين الاشتقاقيين منهما فان التركيب بينهما يكون اتحاديا والسر في ذلك هو ان مبدأ الاشتقاق الماخوذ بشرط لا بما انه ماهية واحدة وحقيقة فارده لا محاله يكون محفوظا بتمام ماهيته من دون نقصان فيه اين ما سرى بداهة ان البياض الموجود في الثلج او الصلاة الموجودة في المكان المغصوب متحد في الماهية مع البياض الموجود في العاج او الصلاة الموجودة في المكان المباح كما ان الغصب الماخوذ بشرط لا أيضا ماهية واحدة سواء وجد في ضمن الصلاة ام في ضمن فعل آخر فلا محاله يكون التركيب بينهما في مورد اجتماعهما انضماميا نظير الهيولى

.................................................................................................

______________________________________________________

والصورة ويستحيل اتحادهما ليكون التركيب اتحاديا وهذا بخلاف معروض المبادئ ـ اي الذات ـ فان ماهيته تختلف في الخارج ولا تكون وحدة ماهية العرض موجبة لوحدة ماهية معروضة كما ان تعدد الاعراض القائمة به لا يوجب تعدده مثلا الذات التي يقوم بها المبدا في مورد اجتماع الحلاوة والبياض كالسكر ذات وفي مورد الافتراق من طرف الحلاوة كالدبس ذات اخرى وفي مورد الافتراق من طرف البياض كالعاج ذات ثالثة فماهية ذات المعروض لا تتعدد بتعدد المبادي القائمة بها فلا محاله يكون التركيب بين العنوانين الصادقين عليها في مورد الاجتماع كالابيض والحلو والمصلي والغاصب اتحاديا لان المفروض وحدة ذات المعروض وجود او ماهية والتعدد انما هو في العرضين القائمين به وبتعدد العرض لا يقتضي تعدد معروضه ـ الى ان قال في ص ٣٣٨ ـ صدق كل عنوان اشتقاقي على ذات معلول لقيام مبدإ الاشتقاق بها وتكون جهة الصدق في صدق عنوانين اشتقاقيين على ذات واحدة جهة تعليلية اذ لا تعدد في ذات المعروض لا وجودا ولا ماهية بل التعدد في الاعراض القائمة بها وعليه يكون صدق كل من العنوانين كالمصلي والغاصب لشخص واحد معلولا لعلة غير ما هو علة لصدق الآخر التركيب بين العنوانين اتحادي لا انضمامي ـ واما جهة الصدق في صدق كل من المبادي ـ اي العلم والعدالة ـ على فرده المتحقق في مورد الاجتماع فهي جهة تقييديه لان المفروض ان كلتا الماهيتين المأخوذتين بشرط لا بعينهما موجودة في مورد الاجتماع وان التركيب بينهما انضمامي وعليه تكون الحركة الخارجية من جهة وجود ماهية الصلاة فيها فردا من الصلاة ومن جهة وجود ماهية الغصب فيها فردا من الغصب ومعني كون الجهة تقييديه في المقام هو كون الفرد الواحد مندرجا تحت ماهيتين حقيقة لكون التركيب بينهما انضماميا فكون

مقولة مستقلة في مركز البحث ولو توطئة لمورد النزاع مبني على البنائين الاخيرين (١) كما لا يخفى ، وان كان العنوانان من العناوين

______________________________________________________

الجهة تقييدية في المقام يوجب توسعة الفرد الواحد واندراجه تحت ماهيتين ـ الصلاة من مقولة والغصب من مقولة أخرى منضمة اليها اعني بها مقولة الاين ومن الواضح ان المقولات كلها متباينة يمتنع اتحاد اثنين منها في الوجود وكون التركيب اتحاديا ـ فالحركة الموجودة في الصلاة مباينة للحركة الموجودة في ضمن الغصب لفرض انهما من مقولتين متباينتين فعرض كون الحركة الواحدة مصداقا للصلاة والغصب معا يستلزم اتحاد مقولتين متباينتين في الوجود وهو محال ـ ومن ذلك يظهر ان محقق الغصب انما هو نفس هيئة الكون في المكان التي هي عبارة عن مقولة الاين واما الصلاة فهي من مقولة اخرى وعليه يكون التركيب بينهما تركيبا انضماميا نظير التركيب الانضمامي بين الهيولى والصورة. ونتيجة ذلك كله ان تركب الشيء الذي يصدق عليه مفهومان وعنوانان بينهما العموم من وجه المنتزعين من وجود واحد يكون التركيب بينهما انضماميا ويكونان من مقولتين مختلفتين كالصلاة فانه من مقوله الفعل والغصب من مقوله الاين واشغال المحل لا الفعل الشاغل للمحل حتى يكونان من مقولة واحدة بخلاف الشيء الذي يصدق عليه العنوانان من المشتقات كالعالم العادل فان ما يصدق عليه الذات المتلبسة بالمبدإ ولا تتعدد الذات الواحدة بتعدد العنوان الصادق عليها بسبب تلبسها بمبادئه.

(١) اشارة الى الجواب عنه وتوضيحه ذكر المحقق الماتن في النهاية ج ٢ ص ٤١٨ بان مجرد اختلاف العنوانين العرضين المنتزعين من مجمع واحد مع امكان انفكاكهما عن الآخر في غير المجمع لا يقتضي كونهما من مقولتين متغايرتين وكون التركيب بينهما انضماميا بل ح كما يمكن كونهما من مقولتين مختلفتين.

العرضية (١) المقدّرة لوجودات واحدة او الماهيّة (٢) كذلك (٣) فلا شبهة في عدم لزوم كونهما من مقولتين بل كل مقولة قابل (٤) لتحديد مرتبة من وجوده وينتزع عنه عنوان ومرتبة اخرى من هذا الوجود وينتزع عنه آخر مع كون ما بازاء العنوانين في الخارج وجود ومقولة واحدة بلا تعدد في المجمع ح وجودا ولا مقولة وفي مثله لا يكون التركيب في المجمع من حيث الوجود الا اتحاديا نعم هنا شيء آخر (٥) وهو أن مثل هذين العنوانين

______________________________________________________

(١) أي الصورة السابعة المتقدمة المعبر عنها الثالثة.

(٢) اي على القولين من اصل هو الوجود او الماهية.

(٣) كذلك يمكن أيضا كونهما من مقولة واحدة بحيث كان التركيب بينهما اتحاديا في المجمع وكان الاختلاف بينهما في الحد محضا كما في المثال المتقدم ـ اي الجامع بين زيد وعمر وفلا نعيد ـ اذ من الممكن ان يكون كل من الصلاة والغصب من مقولة الفعل غايته منضما ببعض النسبيات الأخر فتكون الصلاة مثلا عبارة عن الافعال المخصوصة المقترنة بالاضافات المعهودة من الترتيب والموالات ونشوها عن قصد الصلاتية الجامعة بين كونها في الدار المغصوبة او في غيرها والغصب عبارة عن الفعل الشاغل للمحل الغير بدون اذنه ورضاه الجامع بين افعال الصلاة وغيرها من الافعال الأخر ومع امكان ذلك لا محاله لا يكون برهان عقلي يقتض كون الغصب من مقولة الاين وعبارة عن اشغال المحل بالفعل في فرض كون الغصب من مقولة الفعل ـ الى ان قال اي هذا اولا واما ثانيا ـ

(٤) لعل الصحيح قابلة.

(٥) ومن هذا البيان ظهر أيضا عدم صحة ابتناء القول بجواز الاجتماع على

.................................................................................................

______________________________________________________

كون التركيب بين العنوانين في المجمع انضماميا لا اتحاديا بل وانما المدار كله في ذلك كما سيجىء إن شاء الله تعالي على اختلاف العنوانين وتغايرهما بتمام المنشأ على معني كون المحكي في كل عنوان غير المحكي في العنوان الآخر وعدم اختلافهما كذلك فاذا كان العنوانان متغايرين بتمام المنشأ نقول فيه بالجواز من غير فرق بين كونهما من مقولتين ممتازتين الملازم لكون التركيب بينهما في المجمع انضماميا او من مقولة واحدة كما في الاجناس بالقياس الى فصوله والقراءة بالقياس الى الجهر بها حيث نقول بانه من الممكن ح كون إحدى الجهتين من هذا الوجود الوحداني وهي الجهة الحيوانية تبعا لقيام المصلحة بها محبوبة والجهة الأخرى منه وهي الجهة الناطقية مبغوضة ومتعلقة للنهي من دون سراية الحكم من احد الحيثيتين الى الحيثية الاخرى وهكذا في مثال القراءة وحيثية الجهر بها حيث يمكن الالتزام فيه بجواز الاجتماع من جهة امكان كون اصل القراءة تبعا لقيام المصلحة بها محبوبا وحيثية الجهر المنتزع عن مرتبه من الصوت الزائد عن اصل القراءة مبغوضة ومنهيا عنها مع وضوح كون التركيب بين العنوانين في امثال ذلك اتحاديا لا انضماميا. وقد مر توضيحه أيضا وسيأتى واجاب عن المحقق النائيني أيضا استادنا الآملي في المنتهى ص ٩٩ اولا ان ما ذكره من لزوم وجود مطابق لكل مفهوم من مفاهيم مبادي المشتقات حيث تصدق ولو في مورد واحد انما يتم بامرين احدهما كون المفهوم من الاعراض التسعة ثانيهما لزوم ان يكون لكل عرض وجود خاص به واذا سلمنا صحة الامر الثاني فلا نسلم ان مبدأ كل مشتق هو من الاعراض التسعة التي اذا صدق مفهوم احدها في الخارج استلزم صدقه لوجود مصداقه بوجود خاص به بل المفاهيم التي يكون مبادي للمشتقات اعم ـ اي اعم من ان يكون لمنشا انتزاعه وجود مقولي كالعلمية والقادرية وان لم يكن لها ما بازاء في الخارج لكن المبدا وهو العلم والقدرة موجود فيه او ـ من المفاهيم العرضية لان بعضها من الامور الاعتباريّة

.................................................................................................

______________________________________________________

المحضة التي ليست منشأ لانتزاع في الخارج لتكون من حيثيات ما له وجود في الخارج مثلا مفهوم الملكية وما يشتق منها ليس الاعراض التسعة فان هذه الامور من الاعتبارات العقلائية التي تحصل ببناء العقلاء وتواطيهم عليها ومثلها لا يستلزم صدق شىء منه في الخارج مطابق له فيه يشار اليه او يلاحظ كونه موجودا ولو بوجود منشأ انتزاعه في الخارج بل يعتبر العقلاء بحدوث سبب الاملاك ـ ومن هذا القبيل مفهوم الغصب فان العقلاء اعتبر والتصرف في مال الغير بغير اذنه ظلما واعتبر الشارع المقدس الاوضاع الخاصة واذكارها عبادة وعبر عنها بالصلاة وعليه لا محذور في صدق كلا المفهومين الاعتباريين على حركة واحدة او مقولة واحدة او مقولات متعددة في مورد واحد وبهذا يظهر لك عدم استلزام صدق المفاهيم الاعتبارية المزبورة على وجود واحد حقيقة للمحذورين اعني بهما وجود الماهيتين المتباينتين لوجود واحد وتميز الجنس ـ أي الجنس الواحد ـ بفصلين ـ اي كما قيل المحقق النائيني يستلزم تفصل الجنس الواحد أعني به الحركة بفصلين ـ الصلاة والغصب في عرض واحد وهو غير معقول وفي زيد عالم زيد قادر ذات متصفا بالعلم وبالقدرة بفصلين ـ لان ذلك انما يلزم حيث يكون المفهومان من المفاهيم العرضية المقولية التي تكون من الاعيان الخارجية او من حيثيات الاعيان الخارجية واما المفاهيم الاعتبارية المحضة التي يحصل مطابقها في الخارج بنفس بناء العقلاء وتواطيهم على وجوده كالتعظيم والتحقير اللذين يتحقق احدهما بمثل القيام للقادم ويتحقق الآخر بمثل صرف الوجه وتصغير الخد عند ملاقات بعض الاصدقاء فانها يمكن ان تصد على وجود واحد ومقولة واحدة في وقت واحد بلا استلزام ذلك لشىء من المحذورين وثانيا ان قوله بالفرق بين المشتق ومبدئه حيث التزم بان الشيء الذي يصدق عليه العنوانان المشتقان مركب منهما تركيبا اتحاديا وان الشيء الذى تصدق عليه مبادئ العنوانين مركب منهما تركيبا انضماميا لان المفهوم المشتق ملحوظ لا بشرط

.................................................................................................

______________________________________________________

ومفهوم المبدا ملحوظ بشرط لا انما يتم بناء على قول المشهور من اهل العربية من دخول الذات في مفهوم المشتق فيلزم من صدق العنوانين المشتقين على شيء واحد ان يكون ذلك الشيء الواحد مصداقا للعنوانين مع وحدته باعتبار مفهوم الذات المركب منه ومن مفهوم المبدا مفهومهما واما على قول بعض اهل المعقول من انه لا فرق بين المشتق ومبدئه إلّا بالاعتبار المزبور اعني به لحاظ مفهوم المشتق لا بشرط ومفهوم مبدئه بشرط لا فلا يكاد يتم الفرق بينهما باعتبار الثمرة المترتبة عليه اعني بها كون التركيب في مورد صدق العنوانين المشتقين اتحاديا وفي مورد صدق مفهوم المبدءين انضماما وذلك لان لحاظ المفهوم باللحاظين المزبورين لا يوجب تغيرا جوهريا في ذات الملحوظ في مقام تحققه في الخارج وانما يوجب ذلك اللحاظ مغايرة في نحو التعقل. وبمثل ذلك تقريبا اجاب استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٣٧ والتحقيق في هذا المقام ان يقال ان الفعل الصادر من المكلف اذا كان من سنخ الماهيات المتاصلة فالامر كما افاده قدس‌سره ضرورة انه لا يختلف ماهية الشىء باختلاف وجوده في الخارج واما اذا كان الفعل الصادر من سنخ المفاهيم الانتزاعية التي لا يحاذيها شيء في الخارج كما هو الحال في الغصب فالامر ليس كما افاده قدس‌سره ضرورة انه لا مانع من انتزاع مفهوم واحد جامع لمصاديقه من افعال متعددة مختلفة الماهيات فالغصب الجامع لكل تصرف في مال الغير بغير اذنه قد ينتزع من مقولة الاين كما في التصرف في دار الغير بالكون فيها وقد ينتزع من مقولة أخرى كما في لبس ثوب الغير او اكل خبزه بغير اذنه فالغصب المتحقق في ضمن التصرف في الدار مغاير بحسب ماهية منشإ انتزاعه للغصب المتحقق في ضمن لبس ثوب الغير او اكل خبزه بغير اذنه. ولعل اللبس والأكل ليسا من مقولة الاين بل الاين هو اشغال المحل بالارض فانه المكان الشاغل واما اللبس من مقوله الوضع ـ والاكل من مقولة الفعل.

تارة (١) مأخوذ كل واحد (٢) من مرتبة من الوجود المزبور الممتاز عن المرتبة الاخرى (٣) المأخوذ غيره منها بتمام الحقيقة بلا اشتراكهما في مرتبة محفوظة فيهما ولا في حيثية مشتركة بينهما اصلا (٤) واخرى (٥) مأخوذ ان من مراتب الوجود الواحد مع فرض اشتراكهما في جهة من الجهات وحيثية من الحيثيات (٦) وح ففى الصورة الاولى (٧) كان المجمع مركبا من الحيثيتين بتركيب انضمامي في عالم الحيثية وان كان التركيب فيه من حيث الوجود اتحاديا (٨) وفي مثله (٩) لا قصور في سراية المحبوبيّة من الطبيعي الى فرده وكذا

______________________________________________________

(١) هو القسم الخامس المتقدم كالصلاة والغصب ان كانا من مقولتين او ينتزع كل واحد من مرتبة من الوجود لكن حيثيّتان مختلفتان.

(٢) كالصلاة من مقولة الفعل.

(٣) كالغصب من مقولة الاين.

(٤) لكونهما مقولتان متباينتان او على المختار ومختاره انهما ماخوذتان كل واحد منهما عن مرتبة من الوجود من دون اي ربط وجهة مشتركة بينهما اصلا.

(٥) هو القسم السادس المتقدم كالعالم العادل.

(٦) اي الذات الواحدة تنتزع عنها الجهتين.

(٧) اي اختلافهما في تمام المنشا والحيثية والتركيب انضمامي.

(٨) اي الوجود واحد لكن من مرتبه منه ينتزع الصلاة وتكون محبوبا ومن مرتبة منه ينتزع الغصب وتكون مبغوضا.

(٩) وح يجوز الاجتماع فانه ولو يسري المحبوبية الى الفرد وكذا المبغوضيّة الى الفرد لكن لا يسري الحكم من فرد الى فرد آخر.

المبغوضية من دون سراية من فرد كل الى غيره اذا المفروض (١) ان في المجمع اجتمع فرد كل واحد في ضمن حيثية مخصوصة وقضية السراية من الطبيعي الى الفرد ليس الا كون بإزائه من الحيثية الخارجية جالبا لما في طبيعة من الحكم بلا سراية الحكم من غيره اليه ولا منه الى غيره ومجرّد وحدتهما وجود الا يمنع عن جمع المتضادين في الحيثيتين المحفوظتين فيه بلا لزوم اجتماع الضدين في مركز فردوا؟؟؟ جهة واحدة (٢) نعم في الصورة الاخيرة (٣) بواسطة اشتراك الفردين في جهة من الجهات وحيثية من (٤) الحيثيات لا يبقي مجال الجمع بين الحكمين في المجمع (٥) ولو بمرتبة المحبوبية (٦) والمبغوضية لان سراية الحكم من كل طبيعي الى فرده يقتضي اجتماع الحكمين المتضادين في جهة واحدة

______________________________________________________

(١) هذا هو الوجه لعدم السراية من فرد الى فرد لان العنوانين ولو منتزع من وجود واحد والتركيب اتحادي لكن بحيثيتين ومرتبتين من الوجود بحيث ما ينطبق عليه كل من العنوانين في الفرد مباين مع غيره بتمام المنشا ولا يسري منه الى غيره وغيره اليه.

(٢) فلا يلزم اجتماع الضدين لانهما جهتان مختلفتان وفردان متغايران.

(٣) اي اشتراكهما في الذات واختلافهما في العنوان.

(٤) اي الذات.

(٥) يكون التركيب اتحاديا ولا يمكن الجمع بين الحكمين ولو بمرتبة من المحبوبية والمبغوضية.

(٦) فان المجمع ذات واحدة فان سر الحكم من الطبيعي الى الفرد يلزم اجتماع الحكمين المتضادين في جهة واحدة محفوظة في المجمع وهو حده واطواره على ما تقدم لا وجودين او من مرتبتين من الوجود الواحد.

محفوظة في المجمع في ضمن فرد كل واحد من الطبيعتين كما هو ظاهر هذا كله في شرح المقام الاول وفي هذا المقام (١) قلنا انه لدى القائل بسراية الحكم من الطبيعي الى فرده لا نزاع بين الطرفين في كبرى الفرضين (٢) بل القائل بالاحتياج (٣) يلتزم بالجواز في الفرض الأول (٤) كما ان القائل بالجواز يلتزم بالامتناع في الفرض الثاني (٥) وانما مركز بحثهم وجدالهم في ان الصغرى (٦) من مثل الصلاة في الدار المغصوبة صغرى اي واحد من الكبريين فتمام هم القائل بالجواز في مسألة الصلاة في المغصوب ارجاعه المثال الى الفرض الأول وجعل الجهتان في المثال تقييديتان باصطلاحه وتمام هم القائل بالامتناع ارجاعه المثال المزبور الى صغريات الكبرى الثانية وجعل الجهتان فيه تعليليان بملاحظة ان تعدد الجهات صار سببا لسراية الحكم الى حيثية واحدة مشتركة في ضمنهما وجعل التركيب بينهما من هذه الجهة المشتركة اتحاديا وجودا وحيثية بخلاف الاخير فانه جعل التركيب بينهما انضماميا حيثية وان كان اتحاديا وجودا نعم القائل بعدم سراية الحكم

______________________________________________________

(١) اي المقام الاول تبين.

(٢) انه على القول بسراية الحكم من الطبيعي الى الفرد الكبرى مسلم كما مر.

(٣) لعل الصحيح ـ بالامتناع ـ

(٤) أي ما كان اختلافهما في تمام المنشا فيجوز حتّى على القول بالامتناع.

(٥) أي اختلافهما في جزء المنشا واشتراكهما في الجزء الآخر فالقائل بالجواز أيضا لا يجوّز ذلك.

(٦) اي النزاع ح في الصغرى ان الصلاة والغصب يكون اختلافهما في تمام المنشأ او جزء المنشأ.

من الطبيعي الى الفرد في فسحة عن انحاء اختلاف العناوين بل يلتزم بالجواز في المثال المزبور بلا نظر منه الى كونه مصداق اي نحو من العنوانين ولذا اشرنا سابقا ان القائل بالامتناع معارض له في كبراه (١) بعد فرض كونه من مصاديق الكبرى الاخيرة لديه وبعد (٢) ما عرفت جهات المطلب وشتات المقصد ينبغي ختم الكلام اولا في اثبات

______________________________________________________

(١) نعم على القول بعدم سراية الحكم الى الفرد انما النزاع في الكبرى من السراية وعدم السراية لا الصغرى فانه على القول به يلزم القول بالجواز.

في نسبة العنوانين

(٢) الامر الثامن اخرج المحقق النّائينيّ موارد عن محل النزاع في اجتماع الامر والنهي منها ما ذكره في الفصول ص ١٢٦ ثم لا فرق في موضع النزاع بين ان يكون بين الجهتين عموم من وجه كالصلاة والغصب وبين ان يكون بينهما عموم مطلق مع عموم المأمور به كما لو امره بالحركة ونهاه عن التداني الى موضع مخصوص فتحرك اليه فان الحركة والتداني طبيعتان متخالفتان وقد اوجدهما في فرد واحد والاولى منهما وبعض المعاصرين خص موضع النزاع بالقسم الاول الى آخره ولكن ذكر المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٤١ قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه ان محل الكلام في المقام هو ما اذا كان ما تعلق به الامر والنهي طبيعتين متغايرتين بينهما عموم وخصوص من وجه وصدر بانفسهما من المكلف في الخارج بايجاد واحد ليصح النزاع في كون الجهتين تعليليتين او تقييديتين فيخرج عن محل الكلام ما اذا كانت النسبة بينهما عموما وخصوصا مطلقا كما اذا امر بالصلاة ونهى عن الصلاة في الدار المغصوبة

.................................................................................................

______________________________________________________

وجه الخروج ان المفهوم العام وان كان يغاير المفهوم الخاص بالعموم والخصوص بلحاظ مقام التصور والادراك إلّا انه متحد معه في الخارج ووجود الخاص في الخارج بعينه هو وجود العام فما هو مصداق المنهي عنه هو بنفسه مصداق المامور به فليس هناك جهة ينطبق المامور به على الموجود الخارجي باعتبارها وجهة اخرى ينطبق المنهي عنه عليه باعتبارها ليصح تعلق الامر بإحداهما والنهي بالأخرى وح يدخلان في باب التعارض فلا بد من اعمال قواعده من تحكيم دليل الخاص على دليل العام وتخصيص العام به. واورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ١٠٥ بان مغايرة وجود متعلق الامر لوجود متعلق النهي في مورد الاجتماع توجب لخروجه عن محل النزاع لا دخوله فيه واتحاد المتعلقين وجودا وتعددهما عنوانا في مورد الاجتماع يوجب دخوله في محل النزاع لان محل النزاع عند المشهور هو الوجود الواحد ذو الجهتين اللتين يكون بإحداهما متعلقا للامر وبالأخرى متعلقا للنهي سواء كان بين الجهتين عموم وخصوص من وجه ام كانت إحداهما اخص من الاخرى مطلقا وانما النزاع في ان وحدة الوجود هل توجب سراية النهي من الجهة التي تعلق بها الى الجهة التي تعلق بها الامر وبالعكس او لا توجب وحدة الوجود لتلك السراية واما مع فرض تعدد الوجود في الخارج فلا موجب للنزاع في الجواز والامتناع والسراية وعدمها بل لا محيص عن القول بالجواز عند جميع اهل الفن ، نعم العنوانان اللذان احدهما اخص من الآخر مطلقا انما يدخل مصداقهما في محل النزاع اذا كان اخصهما حصة من طبيعة متعلق النهي وقد تعلق النهي تلك الحصة الخاصة والامر تعلق بالاعم او بالعكس كما اذا قال المولى صل ولا تغصب في الصلاة فان النهي في مثله قد تعلق بحصة خاصة من الغصب وهي الحصة الملازمة لبعض افراد الصلاة والظاهر ان هذا المعنى هو مقصود

.................................................................................................

______________________________________________________

صاحب الفصول حيث عمم محل النزاع الى ما لو كان بين العنوانين عموم وخصوص مطلقا واما اذا كان اخصهما الذي تعلق به النهي حصة من طبيعة متعلق الامر كما اذا قال صل ولا تصل في الحمام فلا يصح دخول مصداقهما في محل النزاع لفرض ان الامر قد تعلق بالطبيعي الذي يكون متعلق النهي حصة منه وبما ان الطبيعي بتحقق في جميع حصصه يلزم تحقق الامر المتعلق به في جميع تلك الحصص تبعا له ومنها الحصة المنهي عنها فيلزم اجتماع الامر المتعلق به في جميع تلك الحصص تبعا له ومنها الحصة المنهي عنها فيلزم اجتماع الامر والنهي في واحد حقيقة اعني به الصلاة في الحمام مثلا. فيكون من باب النهي في العبادة ومنها أيضا ذكر المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٤٢ وكذلك يخرج عن محل الكلام ما اذا كانت نسبة العموم والخصوص من وجه بين موضوعي الحكمين دون نفس متعلقيهما كما في قضيتي اكرم العالم ولا تكرم الفاسق او اكرم العلماء ولا تكرم الفساق ـ أي الموضوع متعلق المتعلق عالم وفاسق والمتعلق أكرم ـ فان كلا من العنوانين الاشتقاقيين بما انه مأخوذ لا بشرط والتركيب بينهما اتحادي كما عرفت تكون ذات واحدة وهوية واحدة مجمعا للعنوانين والتعدد انما هو في نفس المبدءين اللذين لا يصحح تعلق التكليف بانفسهما وانما هما جهتان تعليليتان لانطباق العنوانين على معنونهما فيستحيل تعلق الوجوب والحرمة باكرام ذات واحدة فيقع التعارض بين الدليلين لا محالة ولا بد من اعمال قواعده. واجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ١٠٦ ثم ان موضوع النزاع يعم ما اذا كان متعلق الامر والنهي طبيعة واحدة ولكن كان موضوع كل منهما اي المتعلق المتعلق ـ مغايرا للآخر سواء كان تغايرهما بالعموم والخصوص من وجه اعم بالعموم والخصوص المطلق كما اذا قيل اكرم العالم ولا تكرم الفاسق وارحم الحيوان ولا ترحم العقور ـ الى

.................................................................................................

______________________________________________________

ان قال ـ ان موضوع الحكم لا يلزم ان يكون من العناوين المشتقة بل يجوز ان يكون من الجوامد اي كالصلاة كما هو الغالب فان كان موضوع الحكم من العناوين المشتقة يتم ما ذكر مع القول بكون المشتق منتزعا من الذات بتوسيط المبدا اذ عليه يكون المبدا جهة تعليلية لصدق المشتق او القول بدخول الذات في مفهوم المشتق اذ عليه أيضا يشترك العنوانان في الذات فلا يوجب تغاير متعلق الامر والنهي فيرد المحذور وان قلنا بان عنوان المشتق منتزع عن الذات بملاحظة صدور المبدا منها او اتصافها به بنحو يكون صدور المبدا منها او اتصافها به علة لانتزاع العنوان الخاص من تلك الذات فيكون مفهوم المشتق ح نفس الذات من حيث صدور المبدا الخاص منها او من حيث اتصافها به على ان يكون القيد خارجا والتقيد به داخلا فلا محالة تكون الذات مع وحدتها حصتين او اكثر باعتبار تقيداتها الموجبة لاختلاف مفاهيم المشتقات مع اتحادها من حيث ذات المعني اعني به الذات فاذا صدقت العناوين المشتقة على مصداق واحد وجودا فلا محاله يكون ذلك المصداق الواحد متعددا باعتبار اضافاته الى مبادئ تلك المشتقات الصادقة عليه وبهذا الاعتبار يتعدد موضوع الامر والنهي المتعلقين بطبيعة واحدة وأوضح من هذا تعداد للموضوع ما اذا كان العنوان المشتق نفس المبدا المنتسب الى ذات ما او نفس المبدا الملحوظ لا بشرط فان صدق العنوانين المشتقين على ذات واحدة يكشف عن وجود مطابقهما في تلك الذات فيكون موضوع الامر غير موضوع النهي في الخارج حقيقة ولا محالة يكون تعدد الموضوع موجبا لتعدد متعلق الخطابين كما في مثل اسجد لله تعالى ولا تسجد للصنم. ذكر استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٢٧ والتحقيق عندنا هو عدم كون المقام من باب اجتماع الامر والنهي لان العرف يرى مضادة ومعارضة بين قول القائل اكرم العالم ولا تكرم الفاسق

.................................................................................................

______________________________________________________

فانه يرى ان الامر والنهي يتعارضان في مورد الاجتماع ولا يراه من باب التزاحم بان يرى مصلحة للعلم موجبة للاكرام ومفسدة للفسق الموجبة للنهي عنه ليحصل التزاحم بل يرى انهما يتكاذبان ويتعارضان. ومنها أيضا ذكر المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٤٢ ومنه يظهر خروج مثل اشرب الماء ولا تغصب عن محل الكلام فيما اذا كان الماء بنفسه مغصوبا فانه ح يكون كل تصرف متعلق به غصبا فيقع الشرب مصداقا للغصب فيستحيل كونه مامورا به اذا لمفروض انه ليس هناك غير الجهة المنهي عنها جهة اخرى منضمة اليها قابلة لتعلق الامر بها بل الغصب والشرب يتحدان في الخارج والتركيب بينهما اتحادي نعم لو كانت حرمة الشرب ناشئة من جهة اخرى غير ناحية التصرف فيه كما اذا وقع الشرب في الدار المغصوبة لتحققت هناك جهتان انضماميتان إحداهما شرب الماء والاخرى كونه في الدار المغصوبة فيكون الشرب فيها داخلا في محل الكلام أيضا. واجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ١٠٧ لا فرق فيما هو محل الكلام في هذا المقام بين مثل صل ولا تغصب وبين مثل توضأ ولا تغصب أو اشرب الماء ولا تغصب فكما ان الصلاة في المكان المغصوب تكون من صغريات مسألة جواز الاجتماع كذلك الوضوء بالماء المغصوب او شربه ـ الى ان قال ـ فانا لا نرى فرقا بينهما الوجدان مضافا الى ان ذلك مخالف لما بني عليه في المقام وهو ان متعلق الامر والنهي بما انهما طبيعتان من فعل المكلف لا محالة يكون صدقهما في الخارج كاشفا عن وجود مطابق لكل منهما في مورد الصدق فاذا فرض صدق الوضوء والغصب على الوضوء بالماء المغصوب فلا مناص له من القول بتحقق مصداقين لكل منهما في هذا المورد او العدول عن المبني المزبور. فيكون الباب باب التزاحم على القول بكون باب اجتماع الامر والنهي من باب التزاحم واجاب عن ذلك استادنا

.................................................................................................

______________________________________________________

الخوئي أيضا في هامش الاجود ج ١ ص ٣٤٢ ما افاده (قدس الله نفسه) من كون الشرب مصداقا للغصب في المثال وان كان متينا جدا فلا يعقل تعلق الامر به بعد كون منهيا عنه إلّا انه يناقض ما افاده قدس‌سره فيما تقدم من استحالة اتحاد المبادي بعضها مع بعض بدعوى انه يستلزم اتحاد مقولتين متباينتين ضرورة انه لا فرق بين الصلاة والشرب من هذه الجهة اصلا فاذا امتنع اتحاد الصلاة مع الغصب بدعوى ان لكل منهما ماهية محفوظة في مورد الافتراق والاجتماع فيستحيل اتحادهما امتنع اتحاد الشرب والغصب أيضا ثم لا يخفي عليك انه بناء على خروج اجتماع الشرب والغصب في المثال عن محل الكلام كما هو الصحيح لا بد أيضا من خروج الوضوء بالماء المغصوب عن محل الكلام فيتقيد الامر بالوضوء بغير الماء المغصوب واقعا وعليه يترتب انه لا بد من الالتزام بفساد الوضوء بالماء المغصوب ولو كان ذلك حال الجهل بالغصب اذا التخصيص ح واقعي والجهل بالغصب لا يوجب كون المنهي عنه في الواقع مامورا به بسبب الجهل بالنهي وسيأتي ان تصحيح العبادة باتيان المجمع حال الجهل يختص بما اذا كان المورد من موارد اجتماع الامر والنهي ولا يعم موارد النهي عن العبادة وعليه فحكم شيخنا الاستاد قدس‌سره بصحة الوضوء المزبور ناشئ من الغفلة عما افاده في المقام او انه استند فيه الى دعوى بعضهم الاجماع على صحته. ومنها أيضا ذكر المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٤٣ وكذلك يخرج عن محل الكلام ما اذا كانت نسبة العموم والخصوص من وجه بين فعلين توليديين كما في اكرام العالم والفاسق المتحقق بفعل واحد فيما اذا كان الاول مامورا به والثاني منهيا عنه فاذا اكرم زيد العالم وعمرا الفاسق بقيام واحد فذلك القيام لا يكون مصداقا للمامور به والمنهي عنه معا وذلك لما عرفت مرارا من ان الفعل التوليدي متحد مع ما يتولد منه في الخارج وعنوان له

.................................................................................................

______________________________________________________

وكل حكم يتعلق به يتعلق بما يتولد منه قهرا ولذا بنينا على خروج المقدمات السببية بهذا المعنى عن محل الكلام في بحث وجوب المقدمة وقلنا ان الوجوب المتعلق بذي المقدمة يتعلق بنفسه بالمقدمات السببيّة حقيقة فيكون واجبة بنفس وجوبه لا بوجوب آخر غيري مترشح منه وعليه فالقيام في مفروض المثال بما انه موجود واحد وليس له إلّا هوية واحدة يمتنع اجتماع الوجوب والحرمة فيه لحيثيتين تعليليتين فيدخل الدليلان بذلك في باب التعارض فلا بد من اعمال قواعده ورفع اليد عن احدهما تعيينا او تخيير الى ان قال في ص ٣٤٧ فيما اذا كان المامور به سببا توليديا وكان المنهي عنه مسببا توليديا عنه أو بالعكس او كان احد المسببين محكوما بالوجوب والآخر بالحرمة وهذا فيما اذا كانت السببية المزبورة دائمية خارج عن محل الكلام قطعا واما اذا لم تكن دائمية بل كانت بنحو الاتفاق وكانت النسبة بين المامور به والمنهي عنه عموما وخصوصا من وجه كما هو المفروض فلا مناص من فرض شىء آخر يضم الى ذات السبب ليكون به سببا تاما ضرورة انه يستحيل ان يكون السبب تاما في نفسه ومع ذلك تكون السببية اتفاقية وح فذلك الشيء المتمم للسبب اما ان يكون اضافة القصد الى الفعل او اضافة شيء آخر اليه فهنا قسمان اما القسم الاول وهو ما اذا كان تتميم السبب باضافة القصد الى الفعل ـ كما اذا امر باكرام زيد ونهى عن اكرام عمر وقام قاصدا به اكرامهما فهو خارج عن محل النزاع في المقام لان القصد بنفسه بما انه لم يتعلق به التكليف بل تعلق بالفعل المقصود به الاكرام مثلا كما انه لا يوجب انضمام حيثية أخرى الى القيام في الخارج يكون التركيب في امثال المورد اتحاديا والحيثية تعليلية فلا محاله يكون القيام ـ محكوما بالوجوب لذاته لانطباق عنوان اكرام زيد عليه ومحكوما بالحرمة لانطباق عنوان اكرام عمر وعليه فتكون الجهتان تعليليتين فيدخل الدليلان

.................................................................................................

______________________________________________________

بذلك في باب التعارض واما القسم الثاني اعني به ما اذا كان تتميم السبب باضافة شيء آخر الى الفعل فهو داخل في محل الكلام والقائل بجواز الاجتماع يرى ان ذات السبب محكوم محكوم بحكم والحيثية المنضمة اليه محكومة بحكم آخر كما هو الحال في غير الافعال التوليدية. واجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ١١٢ قد تكرر منا ان محل النزاع هو الوجود الواحد ذو الجهتين اللتين لا يكون بازاء شيء منهما وجود يخصها وبما ان الاعراض المقولية لها وجود في الخارج يخصها ينحصر النزاع في الامور الاعتبارية التي يكون قوامها باعتبار المعتبر كالصلاة والغصب ولا فرق في هذه الامور الاعتباريّة بين كونها بنفسها من افعال المكلف كالصلاة والغصب وبين كونها بالواسطة من افعال المكلف كالافعال التوليدية مثل الاحراق المتولد من القاء المحترق في النار ـ الى ان قال ـ لا وجه لها في الظاهر اي كلام المحقق النّائينيّ ـ لان الافعال التوليدية وان لم تكن مقدورة اولا وبالذات إلّا انها مقدورة ثانيا وبالعرض للقدرة على اسبابها والمقدور عليه بالواسطة مقدور وهذا المقدار من القدرة كاف في جواز التكليف عقلا بلا شبهة وبما ان ظاهر الخطاب هو تعلق التكليف بنفس الفعل التوليدي فلا موجب لصرفه عن ظاهره وادعاء تعلق التكليف واقعا بنفس السبب ليتفرع عليه ما ذكر. فيكون من باب التزاحم على القول بكون باب اجتماع الامر والنهي من باب التزاحم ومنها ذكر المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٤٧ اذا كان متعلق الامر مثلا فردا من المقولات ومتعلق النهي متمما للمقولة ـ اي التي تعلق بها الآخر ونعني بمتمم المقولة ما يمتنع عروضه للجوهر بلا وساطة عرض من اعراضه كالشدة والضعف والابتداء والانتهاء مثلا وهذا ينقسم الى قسمين فان متمم المقولة تارة يكون منوعا لها ويجعلها ذات مراتب من دون أن يكون موجودا آخر في قبالها

.................................................................................................

______________________________________________________

كالشدة والضعف والسرعة والبطء فان الشدة في البياض والسرعة في الحركة مثلا انما تنتزعان من مرتبة خاصة من البياض والحركة وما به الاشتراك في مراتب شيء واحد عين ما به الامتياز فيها فلا البياض الشديد ولا الحركة السريعة يزيدان على حقيقة البياض والحركة لشىء ولا البياض الضعيف ولا الحركة البطيئة يفقدان من حقيقة البياض او الحركة شيئا فالشدة والضعف او السرعة والبطء موجودان بنفس وجود البياض والحركة لا بوجود آخر ومثل هذا القسم خارج عن محل الكلام في مبحث الاجتماع الامر والنهي واخرى لا يكون كذلك بل يكون ـ اي متمم المقولة ـ امرا انتزاعيا من اضافة مقولة الى شيء كالابتداء والانتهاء فان السير الخارجي الذي هو فرد لمقولة حقيقة ينتزع منه الابتداء بالاضافة الى البصرة مثلا فالابتداء موجود خارجي متمم لمقولة السير باعتبار صدوره من البصرة ومثل هذا القسم داخل في محل الكلام نظير ما اذا توضأ من الآنية المغصوبة او آنية الذهب او الفضة فان الوضوء باعتبار نفسه الذي هو فرد من افراد المقولة مأمور به وباعتبار اضافته الى الاناء الذي يحرم التصرف فيه منهي عنه وليس نفس استعمال الاناء داخلا في إحدى المقولات التسع العرضية بل هو متمم لمقولة من المقولات دائما كالاكل والشرب والوضوء وامثال ذلك فمن يقول بجواز الاجتماع يقول به في المقام أيضا وإلّا فلا. كمقولة الاين حيث تضاف الى عرض آخر مثل ان يقال قام زيد في الدار وصام يوم الجمعة فان مقولة الاين في هذه الامثلة ونحوها قد وقعت مضافة الى عرض آخر وهو القيام والصيام واجاب عنه استادنا الخوئي على مسلكهم في هامش الاجود ج ١ ص ٣٤٧ قد ظهر مما تقدم ان القول بجواز اجتماع الامر والنهي يتوقف على اثبات تعدد وجود المأمور به والمنهي عنه خارجا ليكون التركيب بينهما انضماميا وعليه فما ان التصرف في الآنية المغصوبة او

.................................................................................................

______________________________________________________

المتخذة من الذهب او الفضة لا وجود له الا بوجود فعل من الافعال كالاكل والشرب والوضوء ونحوها يكون النهي عنه نهيا عن الفعل المحقق له فالتركيب بينهما يكون اتحاديا فلا يمكن القول فيه بالجواز. ولكن استادنا الآملي اجاب عنه أيضا في المنتهى ص ١١٢ وقال لو اغمضنا عما ذكرنا ووسعنا محل النزاع بحيث دخل فيه الواحد ذو الجهتين المقوليتين اللتين يكون بازاء كل منهما وجود خاص بها فلا بد ان يكون كل واحدة من الجهتين المقوليتين مقولة برأسها من المقولات التسعة قد تعلق بها التكليف بنفسها واجتماع الجهتين المقوليتين في الواحد لا يوجب ان تكون إحداهما مقومة للاخرى ـ الى ان قال ـ لا وجه لها في الظاهر اى كلام المحقق النائيني ـ لان ظاهر هذا الكلام ان بعض الاعراض قد يكون واسطة في عروض عرض آخر على الجوهر وهو رأي فاسد لا يقول به صاحب هذه الدعوى وقد صرح هو بنفسه بامتناع ذلك في بعض كلامه تبعا للمحققين من اهل المعقول وح يكون متمم المقولة بهذا المعنى قولا غير تام على مبني قائله فضلا عن مبني غيره ولو اغمضنا عن النظر فيه لكان للنظر فيما مثل به مجال واسع فان مقولة الاين في مثل قام زيد في الدار وجلس امام المعلم لم تعرض القيام والجلوس اولا وبالذات وزيدا ثانيا وبالعرض بل انما عرضت على زيد أولا وبالذات واذا جوزنا عروض العرض على عرض آخر فهو أيضا قد عرض اولا وبالذات على مقولة الوضع الحاصل لزيد بالقيام او الجلوس واذا منعنا من عروض العرض على عرض آخر كان عروض الاين في المثال المزبور على مقوله الوضع ثانيا وبالعرض فلا وجه لما ادعاه من كون مقولة الاين قد عرضت على زيد في المثال المزبور ونحوه ثانيا وبالعرض وعلى هذا القياس يكون النظر في باقى الأمثلة سجلها صاحب هذه الدعوي ولا جدوى في التعرض لكل واحد منها بخصوصه الخ لكن يرد على ما ذكره

.................................................................................................

______________________________________________________

الاستاد أولا ان الظاهر ان المحقق النّائينيّ قائل بالعارض الاول وبالعارض الثاني وهو ما له الواسطة في العروض كعروض الضحك للتعجب العارض للانسان وانه من العوارض الغريبة فراجع الاجود ج ١ ص ٨ وقال في ص ٣٤١ بان الحركة بما انها عرض قائم بغيره يستحيل كونها معروضة لعرض آخر لامتناع قيام العرض بمثله.

في تعدد الجهة

الامر التاسع قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٨ لا يخفى ان ملاك النزاع في جواز الاجتماع والامتناع ـ اي تعدد الجهة والحيثية يكفى على القول بالجواز دون الامتناع وعموم استدلالات الطرفين واطلاق لفظي الامر والنهي الواقعين في عنوان النزاع ـ يعم جميع اقسام الايجاب والتحريم. قال الشيخ الاعظم الانصاري في التقريرات ص ١٢٧ ان الامر والنهي ظاهران في الالزاميين منهما إلّا ان المناط فيهما موجود في غير الالزاميين أيضا ـ وهل المراد بالامر والنهي الالزاميين جميع اقسامهما من العينيين والتخييريين والمختلفين والكفائيين وغير ذلك او تخص ببعض الاقسام لا اشكال عندهم في خروج العينين من هذا النزاع ـ وان فرط بعض المجوزين حيث قال بالجواز فيه ايضا ـ واما الامر والنهي التخييريين سواء كان التخيير فيهما عقليا او شرعيا فلا ينبغي التامل في جواز اجتماعهما كما في الأمر بتزويج احدى الاختين والنهي عن الأخرى فان مرجع ذلك الى وجوب إحداهما والنهي عن الجمع ـ اي يجتمع الامر والنهي في كل واحد منهما ـ هذا في الشرعي واما في العقلي فكما لو فرض تعلق الامر بطبيعة باعتبار فرد والنهي عنها باعتبار فرد آخر اذ مرجعه الى وجوب احد الافراد والنهي عن إلحاقه بفرد آخر واما الامر العيني والنهي التخييري كان يامر

.................................................................................................

______________________________________________________

بتزويج إحداهما عينا اي كالكبرة ـ وينهى عنهما تخييرا ـ واما الامر التخييري والنهي العين فهو من محل النزاع اذا كان التخيير عقليا واما اذا كان شرعيا ـ الى ان قال ـ واما العينيان في قبال الكفائيين فلا يفرق فيه الكلام كالكفائيين كالصلاة على الميت في المكان المغصوب فانه واجب تخييري كفائي فيكون من محل الكلام واما سائر اقسام الامر والنهي من الموسعين والمضيقين او المشروطين او التعبديين او التوصليين وغير ذلك فلعله لا فرق لها في دخولها في محل الكلام. قال في الكفاية ج ١ ص ٢٣٨ كما هو قضية اطلاق لفظ الامر والنهي ـ اى في عنوان البحث يعم الجميع ـ ودعوى ـ اى صاحب الفصول قال في ص ١٢٦ ـ واطلاق الامر والنهي في العنوان ينصرف الى النفسيين العينيين التعيينيين وسنشير في اثناء البحث الى ما هو التحقيق في البواقي ـ الانصراف الى النفسيين التعيينيين العينيين في مادتهما ـ اي مادة لفظ الامر والنهي ـ غير خالية عن الاعتساف ـ أي الاشكال لعدم ظهورهما في ذلك اصلا وان سلم في صيغتهما ـ اي في افعل ولا تفعل ظهورهما في ذلك كما مر ـ مع انه ـ اي الانصراف ـ فيها ـ أي في صيغتهما ـ ممنوع ـ أي ليس الظهور من جهة الانصراف ـ نعم لا يبعد دعوى الظهور والانسباق من الاطلاق بمقدمات الحكمة الغير الجارية في المقام لما عرفت ـ اي وجود القرينة في المقام ـ من عموم الملاك لجميع الاقسام وكذا ما وقع في البين من النقض والابرام مثلا اذا امر بالصلاة او الصوم تخييرا بينهما وكذلك نهي عن التصرف في الدار والمجالسة مع الاغيار فصلي فيها مع مجالستهم كان حال الصلاة فيها حالها ـ اي الصلاة في الدار الغصبي ـ كما اذا امر بها تعيينا ونهى عن التصرف فيها كذلك في جريان النزاع في الجواز والامتناع ومجيء ادلة الطرفين وما وقع من النقض والابرام الخ لكن الظاهر هو جواز الاجتماع في بعض الفروض بلا تامل منها

.................................................................................................

______________________________________________________

التخييريين كقولك تزوج هذا او اختها ومرجع ذلك الى وجوب تزويج احداهما وحرمة الجمع بينهما وفي الموسعين لعدم التنافي بينهما كقوله تحرك في كل يوم ساعة وقوله دع الحركة في كل يوم ساعة فالحركة في كل ساعة من ساعات النهار واجبة موسعا ومحرمة كذلك فله ان يختار الحركة في ساعة اي ساعة كانت ويترك الحركة في ساعة اي ساعة كانت ولا محذور فيه وكذا المشروطين ان جاءك زيد فاكرمه وان لم يجئك زيد فلا تكرمه فوجوب اكرامه مشروط بالمجىء وحرمة اكرامه مشروط بعدم المجىء الى غير ذلك مما يتفطنه الخبير بذلك قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٢٦ في كلام له فلا بد من المصير الى عدم جواز الاجتماع بالنسبة الى الجهة المشتركة بينهما نظر الى عدم قابليتها لطرو الصفتين المتضادتين عليها سواء فيه بين ان يكون الامر أيضا كالنهي متعلقا بالطبيعة السارية او كان متعلقا بصرف وجودها المنتج لمحبوبية الافراد تخييرا اذ كما أن مبغوضية الشيء بجميع حدوده تنافي محبوبيته التعيينية كذلك تنافي أيضا محبوبيته التخييرية فان مرجع كون الشيء محبوبا تخييريا الى كون تركه لا الى بدل مبغوضا ومنهيا عنه وهو مما ينافي بداهة مبغوضيته التعيينية الملازمة لمحبوبية تركه ولو الى بدل. وكذا يشمل الواجب الغيري فالحرمة الغيرية أيضا كانقاذ الغريق عن الماء المستلزم للنظر الى الأجنبية فمن حيث كون الدخول مقدمة للحرام فهو حرام ومن حيث كونه مقدمة للواجب فواجب وبينهما عموم من وجه ولكن الجهات التعليلية لا توجب تخصص الذات الواحدة كما مر فيخرج من باب الاجتماع ويدخل في باب التعارض بين العنوانين كالاكرام الذي لا يتحصص بواسطة كونه متعلقا بالفاسق والعالم ـ ومثل للواجب الكفائى مع الحرام الكفائى في دفن الميت فانه واجب كفائي وترك الخبازين عمل الخبز لاحتياج الناس سيما

.................................................................................................

______________________________________________________

الضعفاء اليه حرام كفائى ففى مورد الاجتماع وهو تصدي الخبازين لدفن الميت يكون من باب الاجتماع فعلى القول بجوازه لا اشكال وعلى القول بالامتناع فلا يكون الامتثال صادقا بل يكون دفنه مثل ذهاب الموضوع كاكل الذئب الميت او أخذه السيل ونحوهما

عدم ابتناء المسألة على تعلق الاحكام بالطبائع

الأمر العاشر قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٩ انه ربما يتوهم تارة ان النزاع في الجواز والامتناع يبتني على القول بتعلق الاحكام بالطبائع ـ اي الامر تعلق بطبيعة والنهي تعلق بطبيعة اخرى واجتمعتا في مورد فعندئذ لا بد من النظر الى المجمع لهما فان كان واحدا فيستحيل اجتماع الامر والنهي فيه وان كان متعددا فيجوز ذلك ـ واما الامتناع على القول بتعلقها بالافراد فلا يكاد يخفى ضرورة لزوم تعلق الحكمين بواحد شخصي ولو كان ذا وجهين على هذا القول ـ اي الفرد شخصي خارجي ويستحيل تعلق الامر والنهي بواحد كذلك لان الخصوصيات المقومة لفردية الفرد اذا كانت دخيلة في موضوع الامر والنهى معا فقد اجتمع الامر ان فيها وهي امر واحد ذاتا ووجودا فيلزم اجتماع الضدين ـ واخرى ـ اي توهم اخرى ـ ان القول بالجواز مبني على القول بالطبائع لتعدد متعلق الامر والنهي ذاتا عليه وان اتحدا وجودا ـ اي الطبيعة لا تزاحم لها مع الطبيعة في صقع قبل الوجود فلا وجه للقول بالامتناع على القول بالطبائع وبه يفترق عن التوهم الاول ـ والقول بالامتناع على القول بالافراد لاتحاد متعلقهما شخصا خارجا وكونه فردا واحدا ـ اي المتعلق واحد في الخارج فلا يعقل اجتماع الامر والنهي فيه ـ وانت خبير بفساد كلا التوهمين ـ اي يمكن القول بالجواز على القول بتعلقهما بالافراد بيان ذلك فان تعدد الوجه ان كان يجدي ـ

.................................................................................................

______________________________________________________

أي لرفع اجتماع الضدين ـ بحيث لا يضر معه الاتحاد بحسب الوجود والايجاد لكان يجدي ولو على القول بالافراد فان الموجود الخارجي ـ اي الفرد الخارجي ـ الموجه بوجهين يكون فرد الكل من الطبيعتين فيكون مجمعا لفردين موجودين بوجود واحد ـ اي يكون احدهما موضوعا للامر والآخر موضوعا للنهي ويمكن القول بالامتناع على القول بالطبائع ـ وإلّا ـ اي ان كان تعدد الوجه مما لا يجدي في تعدد المتعلق ـ لما كان يجدى اصلاحين على القول بالطبائع كما لا يخفي لوحدة الطبيعتين وجود او اتحادهما خارجا. أي الطبائع وان تعددت ذهنا لكنها متحدة خارجا فيلزم اجتماع الامر والنهي مع كونهما ضدين في واحد خارجي واورد استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٣١ على هذا التوهم بوجوه اولا انه لا معني للنزاع في الطبيعة بعد الوجود في الخارج فانه يكون ظرف سقوط الامر والنهي فلا معني لكون الفرد مورد الاجتماع بل الذي تكون الطبيعة منحلة اليه وهو الحصص يكون مورد الاجتماع مثلا ان الصلاة لها حصة في الدار الغصبي وحصة منها في المسجد واخرى في الحمام فيكون انحلال الطبيعة اليها بلحاظ وجودها في الخارج لا بعد وجودها فيه اما تبادليا في صرف الوجود او سريانيا في الطبيعة السارية واما الخصوصيات الفردية فليست داخلة تحت الخطاب فان الصلاة في المنارة مثلا لا يكون كونها في المنارة أيضا مطلوبة بل تكون مقرونة به ولا يكون له دخل في تشخصها وثانيا ان التشخص يكون بنفس الوجود لا بالعوارض وثالثا لو حصل التشخص بالاعراض يكون بالاعراض العارضة مثل الحركة العارضة على الجوهر واما المقرونة فلا توجب التشخص فانه عروض العرض على العرض محال مثلا الحركة عارضة للجسم والسرعة والبطؤ ليست بعارضة لها خلافا للمتكلمين بل تكون حصة من الحركة هي السريعة وأخرى البطيئة هذا في الاعراض

.................................................................................................

______________________________________________________

المقولية واما ما لا يكون تحت مقولة من المقولات كالصلاة والغصب فلا يكون له شان حتّى يكون مشخصا وفي المقام يكون متعلق التكليف عرضا وهو فعل المكلف ولا يكون عنوان انه الصلاة او الغصب مشخصا له ثم على فرض تسليم جميع ما ذكر ـ يمكن ان تكون الطبيعة متعلقة للأمر والنهي ونقول بعدم جواز الاجتماع مثل صورة كون النسبة بين الطبيعتين العموم والخصوص المطلق مثل صل ولا تصل في الدار المغصوبة فان الحصة من الصلاة في الدار المغصوبة ليست غيرها بل هي نفسها فلا يمكن ان تكون مورد الامر والنهي فالنزاع في المقام لا يبتني على كون الامر والنهي على الطبيعة او الفرد. ولكن المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٤٣ أيضا موافق في المدعي لكن على مسلكه وقال ان النزاع في تلك المسألة ان كان مبتنيا على النزاع في ان الموجود في الخارج هل هو نفس الطبيعي او افراده فعلى الاول تتعلق الاحكام بالطبائع وعلى الثاني بالافراد كان ذلك البحث اجنبيا عما نحن فيه بالكليّة بداهة انه اذا بنينا على ان الحيثيتين في محل الكلام تقييديتان والتركيب بينهما انضمامي فعلى القول بتعلق الاحكام بالطبائع يكون الكليان الموجود ان في الخارج منضمين احدهما الى الآخر كما انه على القول بتعلق الاحكام بالافراد يكون الفردان الموجودان اللذان ينتزع عنهما الكليان منضمين احدهما إلى الآخر كما انه اذا بنينا على ان الحيثيتين تعليليتان وان التركيب اتحادي كان الموجود الخارجي الذي له هوية واحدة كليا واحدا معنونا بعنوانين على القول بتعلق الاحكام بالطبائع وفردا واحدا كذلك على القول بتعلقها بالافراد فلا يكون لذلك المبحث مساس بمبحثنا اصلا. ولذا لا ترتبط بتلك المسألة.

كبرى السراية من الطبيعي الى الفرد ونفيه وثانيا في اثبات كون المثال على فرض السراية من مصداق اي الكبريتين وهو المقام الثاني الذي عمدة مركز البحث لدى القائلين بالسراية المزبورة فنقول (١) اما شرح كبرى السراية الى الفرد وعدمها (٢).

فبان قصارى ما يتخيل (٣) في وجه عدم السراية هو أن الامر أو

______________________________________________________

(١) ذكر في الطبع الحديث هنا المقام الثاني ولا يوجد في الطبع القديم وبحسب ما ذكره المحقق الماتن وصرح به ان المقام الثاني في الصغرى وهو مثال الصلاة والغصب.

في عدم سراية الحكم الى الفرد

(٢) الامر الحادي عشر في سراية الحكم من الطبيعي الى الفرد وعدمها وهو بيان كبري السراية قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٠٨ قد عرفت ان مباني القول بجواز الاجتماع مختلفه منها ان الامر والنهي متعلقان بالطبيعة ولا يسريان الى الفرد وبما ان الطبيعة المامور بها غير الطبيعة المنهي عنها فلا يلزم من صدق الطبيعيتين المزبورتين على وجود واحد في نظر العرف تعلق الامر بما تعلق به النهي بخلاف ما اذا قلنا بسراية الامر والنهي من الطبيعي الى فرده فانه يلزم من صدق طبيعة المأمور به وطبيعة المنهي عنه على واحد سراية كل من الأمر والنهي الى متعلق الآخر.

(٣) وذكر المحقق الماتن للقول بعدم السراية تقريبا وجهين الوجه الاول ما أوضحه استادنا الآملي في المنتهى ص ١٠٨ ان الامر والنهي متعلقان بالطبيعة.

ففي هذا الظرف لا انطباق في البين كي يصير ساريا اليه وفي ظرف غيره من الاحكام انما يتعلق بالعنوان قبل وجوده (١) وان ظرف (٢) وجوده خارجا ظرف سقوط حكمه (٣) وحينئذ (٤) يستحيل (٥) سراية الحكم من الطبيعي الى فرده المساوق لوجوده خارجا بل لا بد وان يقف الحكم على العنوان بلا سرايته الى الفرد أصلا (٦) مضافا (٧) الى أن صرف الطبيعي الجامع بين الافراد قابل للصدق على كل واحد فقبل التطبّق على الفرد كانت القابلية محفوظة فيه وصالح لان لا ينطبق على كل فرد فرد معيّن يفرض لصلاحيّة للانطباق على غيره الانطباق الملازم لوجود

______________________________________________________

(١) اي العنوان الطبيعة قبل وجودها لكن بلحاظ وجودها في الخارج.

(٢) غالبا كلمة طرف في العبارة لعل الصحيح ظرف.

(٣) فاذا وجد متعلق كل منهما سقط التكليف المتعلق به اما في الامر بالاطاعة ـ اي الفعل ـ واما في النهي فبالعصيان ـ أي الترك ـ ولا ريب في ان الفرد هو نفس وجود الطبيعة فاذا كان وجودها في الخارج موجبا لسقوط التكليف المتعلق بها.

(٤) اي حين ظرف سقوط التكليف.

(٥) فكيف يعقل ان يسري الامر إلى متعلق النهي وبالعكس في مورد صدق متعلقيهما لان السراية فرع ثبوت الساري وقد عرفت ان مورد الصدق يوجب سقوط كل من الامر والنهي بالاطاعة والعصيان الخ

(٦) اي الحكم يبقي على العنوان من دون سراية إلى الخارج أصلا

(٧) الوجه الثاني ما حاصله ان الطبيعة قبل تطبيقها المكلف على نفسه واتيانها فلا انطباق حتّى يقال سراية الحكم من الطبيعة إلى الفرد وعدمها ـ أي وان كان صالح للانطباق على الفرد وفي ظرف الانطباق واتيان المتعلق فهو موطن سقوط التكليف لا ثبوته حتى يسري اليه فلا موضوع لسراية الحكم من الطبيعة إلى الفرد اصلا.

الفرد فهو ظرف سقوط الحكم فحينئذ أين حكم قابل للسريان من الطبيعي الى فرده هذا غاية بيان لوجه عدم سراية أقول (١) لا شبهة في ان لازم انتزاع الطبعي من الخارج كون الفرد بوجوده الخارجي حاويا للطبيعي (٢) وإلّا (٣) فيستحيل انتزاع الطبيعي من الخارج اذ ليس في الخارج الا فرده حينئذ لازمه (٤) انه لو فرض تصور الفرد المزبور ولو قبل وجوده لا بد وان يجيء في الذهن صورة منه

______________________________________________________

(١) واجاب عن الوجهين المحقق الماتن لوجه واحد بعد مقدمة وتوضيحة ما افاده المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٢١ لا يخفى ان الطبيعي والفرد وان كانا متغايرين مفهوما وفي عالم التصور حيث كانا صورتين متباينتين في الذهن بحيث لا يكاد انتقال الذهن في مقام لحاظ الطبيعي وتصوره إلى الفرد وبهذه الجهة أيضا لا يكاد سراية الحكم المتعلق بالطبيعي والكلي إلى الفرد الا على مبني سخيف من تعلق الحكام بالخارجيات وإلّا فعلى مذهب الحق كما حققناه في محله من تعلق الاحكام بالعناوين وبالصور الذهنية يستحيل سراية الحكم من كل صورة في نظر إلى الصور الموجودة في نظر وتصور آخر إلّا ان الفرد لما كان يحكي عما يحكي عنه عنوان الكلي وزيادة مفقودة في الكلي.

(٢) اي ينتزع الطبيعي من الخارج فالفرد حاو للطبيعي والزيادة.

(٣) اي وان لم يكن حاولها كيف ينتزع منه فان الخارج فرده ـ فكانا متحدين في جهة ومختلفين في زيادة الفرد لخصوصية زائدة عن الطبيعي.

(٤) وكانت الصور أيضا ـ اي الصورة الذهنية من الفرد عين ما في الخارج فياتي في الذهن الفرد هو الحاوي للطبيعي مع زيادة مفقود فيها ـ في مقام تعلق الاحكام بها ماخوذة بنحو لا ترى الا خارجية فقهرا تلك الجهة الواحدة الخارجية فيهما بعد قيام المصلحة بها باي صورة تتصور او شكل يتشكل توجب التلازم بين الصورتين المتحدتين في الجهة الخارجية في تعلق الارادة والكراهة أيضا.

قبال ما هو حاو للطبيعي خارجا فهذه الصورة قهرا بها قوام خصوصيّتها وتشخّص الطبيعي بها وحينئذ (١) الحكم القائم

______________________________________________________

(١) فيتعلق الحكم المتعلق بالطبيعي بالفرد أيضا لكن حيث الطبيعي المحفوظ في ضمنه لا بتمامه حتى بمشخصاته الفردية وح فاذا كان الامر متعلقا بالطبيعة السارية كالنهي فقهرا يسري الحكم المزبور من الطبيعي إلى الحصص المحفوظة في ضمن الافراد من الطبيعي دون الخصوصيات الزائدة عنها بمعنى ان كل فرد اذا لوحظ كان الطبيعي المحفوظ في ضمنه متعلقا للارادة او الكراهة بالتقريب المزبورة لا انه بمحض النظر إلى الطبيعي والكلي يسري حكمه إلى الفرد أيضا وذلك لما عرفت من ان الطبيعي والفرد مفهومان متغايران في الذهن فيستحيل في هذا النظر سراية الحكم من احد المفهومين إلى الآخر هذا اذا كان الامر متعلقا بالطبيعة السارية واما اذا كان متعلق بصرف وجود الطبيعي الغير القابل للانطباق الا على اول وجود فكذلك أيضا غاية الامر انه في فرض تعلق الحكم بالطبيعة السارية يكون الحصص المحفوظة في ضمن كل فرد بتمام حدودها مشمولة للحكم ومن ذلك يحير كل فرد بما انه مصداق للطبيعي واجبا تعينا بخلافه في فرض تعلقه بصرف وجود الطبيعي الجامع بين الافراد فان مشمولية الحصص الفردية ح للوجوب انما يكون ببعض حدودها اعني حدودها المقومة لطبيعتها واما الحدود المقوّمة لشخصية الحصة المحفوظة في كل فرد التي هى مقسّمة للطبيعي لا مقومة له فهي خارجة عن حيز الوجوب ومرجع ذلك كما عرفت في مبحث الواجب التخييري إلى لزوم سد باب العدم في كل حصة وفرد من قبل حدود عاليها المقومة لطبيعتها دون حدودها المقومة لشخصيتها المقسمة لطبيعتها الراجع ذلك إلى وجوب كل فرد من الافراد بوجوب ناقص بنحو لا يقتضي المنع الا عن بعض انحاء تروكه وهو الترك الملازم لترك بقية الحصص الأخرى ونتيجه ذلك كما عرفت سابقا هى صيرورة الافراد المزبورة واجبة بوجوب تخييري شرعى لا بوجوب تخييري عقلي محض كما هو مبني القول بوقوف الطلب على نفس الطبيعي والجامع وعدم سرايته منه إلى الافراد اصلا. اذا عرفت هذه المقدمة فنقول يقع الكلام في مراد القائل بعدم السراية

بالطبيعي قبل وجوده لو عرض على تلك الجهة المحفوظة في الفرد فلا محيص من سريانه اليها وان لم يسر الحكم الى الخصوصية الزائدة وغرض القائل بعدم السراية الى الفرد (١) ان كان عدم السراية اليه بوجوده خارجا فهو متين ولكن لا يجديه (٢) في الجواز اذ بعد سرايته اليه بوجوده الذهني ولو لم يوجد خارجا يكفي لمنع العقل الجمع بين الامر بالطبيعي والنهي عن فرده اذ متعلق النهي ايضا ليس الفرد بوجوده الخارجي كيف وهو ظرف سقوط جميع الاحكام بل المتعلق للنهي أيضا هو الفرد بوجوده التصوري الحاكي عن الخارج لا بوجوده خارجا. وان كان

______________________________________________________

(١) فان كان مراده من عدم سراية الحكم المتعلق على الطبيعة إلى الوجود الخارجي الذى انطبق المكلف على نفسه فهو مسلم سواء كان الامر او النهي فان الخارج ظرف سقوط الحكم لا ثبوته ولا يسرى اليه.

(٢) لكن مجرد ذلك لا اثر له للقول بالجواز لان الاحكام تتعلق بالصور الذهنية للطبيعي الملاصق مع الخصوصيات بحيث كانت الخصوصيات خارجة عن الحكم فالامر تعلق بتلك الطبيعة وتعلق النهي أيضا على نفس ذلك الفرد بصورته الذهنية وهي الطبيعة الملازمة مع الخصوصيات فيكون سراية الحكم من الطبيعي إلى الفرد باعتبار الصورة الذهنية الملاصقة مع الخصوصيات ـ اي يكفي ذلك في منع العقل عن جواز الاجتماع بين الامر بالطبيعي والنهي عن فرده.

الغرض (١) من عدم السراية عدم سرايته الى الفرد الذهني بشراشر حقيقة حتى بخصوصيته المقوّمة لشخصه فهو أيضا في غاية المتانة والقائل بالسراية لا يدّعي هذا المقدار ولكن هذا المقدار أيضا بعد سراية الحكم الى الجهة الضمنيّة المحفوظة في الفرد الذي بازاء وجود الطبيعي خارجا الذي ينتزع منه لا يجديه في دفع امتناع الاجتماع اذ حينئذ هذه الجهة المتحدة المحفوظة في الطبيعي وفي ضمن الفرد يصير مركب الحكمين المتضادين والعقل يأبى عن مثله (٢) وان كان غرضه (٣) عدم سراية حكم الطبيعي حتى الى الجهة المتحدة معها في ضمن الفرد فكيف يصدّق العقل بان هذه الجهة البحتة البسيطة المتّحدة ذاتا ووجودا مرتبة مع

______________________________________________________

(١) وان كان مراد القائل بعدم السراية هو عدم سراية الحكم من الطبيعي إلى المشخصات الفردية ـ أي في الذهن كما في الخارج ـ فهو متين لكن عرفت ان القول بالسراية لا يقول بذلك بل القدر المشترك والجهة الضمنية الملاصقة مع الخصوصيات الفردية متعلق الحكم في الصورة الذهنية الحاكية عما في الخارج لكن هذا المقدار من عدم السراية إلى المشخصات لا يوجب القول بجواز الاجتماع لان الجهة المشتركة المحفوظة في الفرد وهو الطبيعي يكون متحدة ومتعلق الامر والنهي معا.

(٢) ويستلزم اجتماع الضدين وهو محال.

(٣) وان كان غرض القائل بعدم السراية هو عدم السراية حتى إلى الجهة المتحدة والطبيعي الملاصق مع الخصوصية فهذا امر يحكم العقل بخلافه فانه ـ اي واقع الجهة المشتركة المعبر عنها بالطبيعة والكلي ـ امر واحد بسيط ذاتا ووجودا ومرتبة مع الطبيعي الامر.

الطبيعي لا يسري حكمه اليه اذ (١) مرجعه الى عدم سراية حكم شيء الى ما هو عين نفسه بجميع الجهات وبديهي أن العقل يأبى عن ذلك وحينئذ فتوهم الجمع بين حكم الطبيعي مع حكم الفرد الحاوي لعين الجهة المحفوظة في الطبيعي حتى مرتبة في فرض تضاد الحكمين ببرهان عدم السراية (٢) فاسد جدّا نعم (٣)

______________________________________________________

(١) ولذا قال المحقق الماتن ان ذلك يرجع إلى عدم سراية الشيء إلى نفسه بجميع الجهات فان متعلقهما متحد ذاتا كيف لا يسرى النهي إلى الامر وهى الجهة المتحدة الملاصقة مع الخصوصيات

(٢) وحاصل الكلام ان تعلق الامر على الطبيعي وكذا النهي على الطبيعي بصورتها الذهنية الملاصقة مع الخصوصيات يوجب عدم جواز الاجتماع لتضاد الحكمين ولا محاله يسرى إلى الفرد على الوجه الذي تقدم فهذا البرهان لعدم السراية غير تام.

(٣) اشارة إلى ما افاده المحقق النائيني وقد تقدم مرارا من ان التركيب انضمامي ومركب من مقولتين مختلفتين ومركب من وجودين وليس بينهما جهة متحدة فلا يلزم اجتماع الضدين لعدم سراية كل حكم إلى الآخر في متعلقه الملازمة مع الخصوصيات وهذا غير مرضى عندنا وعند المحقق الماتن ويوضحه استادنا الآملي في المنتهى ص ١٠٨ النهي ان تعلق ببعض افراد المامور به بعنوان يخصه بنحو يدخل عنوان المامور به في عنوان المنهي عنه كالصلاة في الحمام والعالم الفاسق في مثل صل ولا تصل في الحمام واكرم العلماء ولا تكرم الفساق منهم فلا بد من القول بالامتناع وان لم يسر الامر من الطبيعي الذى تعلق به إلى فرده لان الشيء الواحد لا يعقل ان يكون بعنوانه

لو كان الوجود الخارجي حاويا للفردين من الطبيعتين بحيث لا يكون بينهما جهة مشتركة فان السراية المزبورة لا يضرّ باجتماع الحكمين المتضادين في هذا الوجود لعدم تعدي حكم كل عنوان عمّا بإزائه من فرده الى ما بازاء الآخر من الوجود كما شرحناه في المقدمة وبالجملة (١) نقول ان مجرد الالتزام بعدم السراية حتى في الفردين المتشاركين في جهة واحدة وان يفي بالجواز ولكن عمدة

______________________________________________________

الخاص به محبوبا ومبغوضا ومرادا ومكروها فضلا عن ان يكون مامورا به ومنهيا عنه واما ان تعلق الامر والنهي بعنوانين كل منهما منفك عن الآخر وان صدقا اتفاقا على مورد واحد مثل صل ولا تغصب او لا تكن في موضع التهمة فلا مانع من القول بالجواز وان استلزم تعلق الامر بالطبيعي سراية الامر إلى فرد ذلك الطبيعي لان العقل لا يرى امتناعا في ان يكون شيء واحد من حيث الوجود محبوبا ومبغوضا من جهتين وحيثيتين وان يكون ذا مصلحة من حيثية وذا مفسدة من أخرى والوجدان اقوى شاهد على وقوع ذلك فضلا عن امكانه اذ عليه ينتزع كل عنوان عن مرتبة من الوجود غير المرتبة التى ينتزع منها عنوان آخر فالامر والنهي لا يجتمعان في العنوان لتغايرهما ذاتا ولا في المعنون لتغايرهما حدا. وقد تقدم ان كون التركيب بينهما انضماميا خارج عن محل الكلام والعبرة بجواز الاجتماع كون العنوانين بتمام المنشا مباينا للآخر فيجوز الاجتماع وإلّا فلا يجوز.

(١) وبالجملة فالقول بعدم السراية ولو يفي بالجواز لكن الاشكال في كبرى عدم السراية على الوجه الذي تقدم

الاشكال في هذه الكبرى كما بيّنا نعم (١) على السراية كما هو المختار انما يفي بالجواز الالتزام بالفرض الاخير لا مطلقا كما لا يخفى وأشرنا الى ايضا سابقا مفصلا هذا كله في الكلام على مبنى عدم السراية وقد اتضح في طي الكلام أيضا شرح المقصد على مبنى السراية أيضا والله العالم.

______________________________________________________

(١) وعلى القول بالسراية لا يصح إلّا ان يكون من مقولتين او منتزعا كل واحد منهما عن مرتبه من الوجود بجهتين وحيثيتين كما عرفت ولا محذور فيه من اجتماع الضدين هذا كله في مبني السراية كما اتضح القول بعدم السراية

الامر الثاني عشر في بيان كيفية سراية الحكم إلى الحصص ذكر استادنا الآملي في المنتهى ص ١١٣ قد عرفت فيما تقدم ان التكليف امرا كان ام نهيا لا يسري من متعلقه إلى الخصوصيات الفردية واما حصص المتعلق فان كان متعلق التكليف ملحوظا بنحو الطبيعة السارية فلا محالة يكون التكليف المتعلق به انحلاليا ويسرى إلى جميع حصص متعلقه واما اذا كان ملحوظا بنحو صرف الوجود كما هو شأن اكثر الاوامر مع متعلقاتها فالتكليف المتعلق به وان كان يسرى إلى حصص متعلقه إلّا انه لا يسرى اليها بما هى حصص خاصة بل إلى نفس الطبيعي المتحقق في ضمنها وعليه اذا صدق متعلق الامر الملحوظ بنحو صرف الوجود ومتعلق النهي على شيء واحد في الخارج فلا محالة يكشف كل منهما عن وجود ملاك التكليف في ذلك الشيء الواحد فمتعلق الامر يتضمن وجود المصلحة الداعية إلى الامر به ومتعلق النهي يتضمن المفسدة الداعية إلى النهي عنه غاية الامر ان المصلحة قائمة بنفس طبيعي متعلق الامر والمفسدة قائمة بجميع حصص متعلق النهي لفرض سراية اليها ولازم ذلك هو وقوع المزاحمة بين المصلحة والمفسدة القائمتين في ذلك الشيء الواحد في

.................................................................................................

______________________________________________________

احداث الارادة لذلك الشيء والكراهة له في نفس المكلف فاذا كانت المفسدة اقوى من المصلحة فلا محاله يكون هذا الفرد مبغوضا ومنهيا عنه واما اذا كانت المصلحة اقوى من المفسدة فيمكن ان يكون هذا الفرد محبوبا باعتبار طبيعة المامور به المتحققة فيه ومبغوضا باعتبار الخصوصية التي توجب كون الطبيعي حصة في هذا الفرد وهي عدا الخصوصية الفردية التي قلنا ان التكليف امرا كان ام نهيا لا يسري اليها ويتفرع على ذلك ان العقل يحكم بامتثال المكلف الامر المتعلق بالطبيعة المامور بها بغير هذا الفرد مع امكانه وان كانت المصلحة فيه اقوى من المفسدة ولكن الخصوصية الموجبة لتخصص المفسدة به سالمة من الكسر والانكسار لعدم سراية مصلحة الطبيعة المأمور بها اليها فلا محالة يحكم العقل حيث تكون للمكلف مندوحة ان يمتثل الامر بغير هذا الفرد جمعا بين غرضي المولى ، وقد تقدم ان الامر في الفرض يكون التخيير في افراده تخييرا شرعيا والنهي طبيعة سارية.

بقى الكلام (١) في شرح صغرى صلاة والغصب بانهما من اي من العناوين المتصورة في الباب ولقد اشرنا سابقا أيضا انه على السراية عمدة البحث ومركز الجدال في هذا (٢) الصغرى (٣) من انّها تحت اىّ واحد (٤) من الكبريات المتقدمة (٥) فنقول ان قصاري ما يتخيل (٦) في المقام جعل المورد تحت المقولتين وكون الوجود

______________________________________________________

في اجتماع الصلاة والغصب

(١) الامر الثالث عشر وهو المقام الثاني لكلام المحقق الماتن قدس‌سره في بيان شرح الصلاة والغصب عند الاجتماع وقد تقدم الكلام في ضمن الكلمات بيانه ونعيده تبعا للمحقق العراقي.

(٢) لعل الصحيح ـ هذه ـ

(٣) اي الصلاة والغصب.

(٤) لعل الصحيح واحدة.

(٥) اي كبرى السراية او كبرى نفي السراية.

(٦) هذا ما افاده المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٣٩ فان الصلاة من مقولة والغصب من مقولة أخرى منضمة اليها اعني بها مقوله الاين ومن الواضح ان المقولات كلها متباينة يمتنع اتحاد اثنتين منها في الوجود وكون التركيب بينهما اتحاديا وما ذكر من صدقهما على حركة شخصية واحدة يستلزم تفصل الجنس الواحد اعني به الحركة بفصلين في عرض واحد وهو غير معقول ـ إلى ان قال ـ فالحركة الموجودة في الصلاة مباينة للحركة الموجودة في ضمن الغصب لفرض انهما من مقولتين متباينتين ففرض كون الحركة الواحدة مصداقا الصلاة وللغصب معا يستلزم اتحاد مقولتين متباينتين في الوجود وهو مستحيل.

الواحد حاويا للحيثيتين الممتازتين (١) بتمامها الأخر خيال ان الصلاة من مقولة الفعل او الوضع (٢) أيضا والغصب (٣) من مقولة الاضافة القائمة بها نظرا إلى انّه عبارة عن اشغال مال الغير (٤) او الاستيلاء عليه (٥) ولو لوضع يده عليه (٦) واليه يومئ تعريفاتهم للغصب في كتابة كما لا يخفى على من راجع وعليه فلا يرتبط (٧)

______________________________________________________

(١) اي بتمام الحيثية.

(٢) وقال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٤١ ان محقق الغصب انما هو نفس هيئة الكون في المكان التي هى عبارة عن مقولة الاين واما الصلاة فهي من مقولة اخرى وقال في ص ٣٥٤ ولا يفرق فيما ذكرناه من كون التركيب انضماميا بين القول بان المطلوب في الصلاة هى الهيئات الخاصة من الركوع والسجود والقيام لتكون المقدمات من الهوي والنهوض خارجة عن خير الطلب والقول بان المطلوب هي الافعال الخاصة اما مطلقا او بعضها كالركوع والسجود ليكون الهوي اليهما مقوما للمأمور به وذلك لان المأمور

به على كلا التقديرين من مقولة الوضع.

(٣) وعبر المحقق الماتن بمقولة الاضافة باعتبار اضافة الشخص إلى ذلك المكان فيكون من مقولة الاين نظر إلى تعريفاتهم للغصب.

(٤) قال في الجواهر ج ٣٧ ص ٨ وعن الوسيلة الاحتواء على مال الغير بغير تراض الخ ولم أر عاجلا لفظ الاشغال فيه وسيأتي.

(٥) وقال في الجواهر ج ٣٧ ص ٨ في التحرير والايضاح الاستيلاء على مال الغير بغير حق.

(٦) وفي الشرائع وغيره الاستقلال باثبات اليد على مال الغير عدوانا.

(٧) لعل الصحيح لا ترتبط.

احد (١) الجهتين والحيثيتين (٢) بالآخر ولازمه (٣) عدم سراية الحكم من حيثيّة إلى حيثية ولو بنينا على سراية الحكم من الطبيعي إلى (٤) الفرد ولازمه دخول الصلاة في المغصوب في صغريات كبرى العنوانين المنتزعين من مقولتين (٥) واليه أيضا نظر من قال بان الجهتان (٦) في مثل هذا المورد تقييديّتان (٧) بلا سراية الحكم

______________________________________________________

(١) الصحيح ـ احدى ـ

(٢) قال المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٣٨ وعليه تكون الحركة الخارجية من جهة وجود ماهية الصلاة فيها فردا من الصلاة ومن جهة وجود ماهية الغصب فيه فردا من الغصب ـ المفروض ان كلتا الماهيتين المأخوذتين بشرط لا بعينهما موجودة في مورد الاجتماع وان التركيب بينهما انضمامي الخ ومعني بشرط لا عدم ارتباط إحدى الجهتين بالاخرى.

(٣) وهو لازم كونه بشرط لا كل من الماهيتين من عدم السراية.

(٤) قال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٣٤ قد تقدم كما انه على القول بتعلق الاحكام بالافراد يكون الفردان الموجودان اللذان ينتزع عنهما الكليان منضمين احدهما الى الآخر.

(٥) أيضا اشارة إلى ما تقدم من المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٣٩ فان الصلاة من مقولة والغصب من مقولة اخرى منضمة اليها اعني بها مقولة الاين.

(٦) لعل الصحيح ـ الجهتين ـ

(٧) قال المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٣٩ ومعني كون الجهة تقييدية في المقام هو كون الفرد الواحد مندرجا تحت ماهيتين حقيقة لكون التركيب بينهما انضماميا ـ إلى ان قال في ص ٣٤١ قد ظهر ان محل الكلام في المقام هو ما اذا كان ما تعلق به الامر والنهي طبيعتين متغايرتين بينهما عموم وخصوص من وجه وصدر بانفسهما من المكلف في الخارج بايجاد واحد ليصح النزاع في كون الجهتين تعليليتين او تقييديتين.

من جهة إلى جهة (١) اقول اوّلا (٢) جعل المقام من باب المقولتين مع فرض دخوله في عنوان البحث من اجتماع الحيثيتين في وجود واحد فرع عدم الالتزام بحظ وجود للاضافة او الالتزام بكون الاعراض القائمة بمعروضاتها من مراتب وجود معروضها ومكملاتها وإلّا (٣) لازمه تركب المجمع من الوجودين بنحو الانضمام في الوجود ولازمه خروج امثال هذه الفروض على عنوان البحث من فرض انطباق العنوانين على وجود واحد واتحادهما مصداقا ووجودا كما اشرنا

______________________________________________________

(١) ثم قام المحقق الماتن في مقام الجواب عنه بوجوه وقد تقدم ذلك أيضا بعضها.

(٢) هذا هو الجواب الأول وملخصه ان ما اختاره من كونهما من مقولتين مع اجتماع الجهتين في وجود واحد مبتني على ان الاضافات الخارجية ليس لها حظ من الوجود والخارج ظرف لنفسها لا لوجودها وكذا العرض من اطوار موضوعه وحدوده وان الوجود الذي يفاض على موضوع العرض هو بنفسه يسرى إلى اعراضه لانها اطواره وحدوده فيكون مورد الاجتماع وجود او احدا ذا جهات متغايرة مفهوما متحدة وجودا.

(٣) يعني وان لم نقل بذلك وقلنا ان للعرض وجودا غير وجود موضوعه وكذا الاضافات والنسب الخارجية الالتزام بحظ من الوجود لها فيكون المجمع مركبا من الوجودين بالانضمام لا وجود واحد وقد مران الوجودين المنضمين خارج عن محل البحث.

اليه في صدر المبحث ثم (١) مع الغض عنه وصرف النظر عن

______________________________________________________

(١) هذا هو الجواب الثاني وملخّصه ان الكلام في تعريف الغصب وانه عبارة عن الفعل الشاغل لمحل الغير في حال عدم رضاه الجامع بين الركوع والسجود وبين غيره من الافعال الأخر الأجنبية عن الصلاة فكلاهما من مقولة واحدة وهي مقولة الفعل ويكون التركيب اتحاديا قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٣٠ كبعد القول بان الغصب من مقولة الاين وانه عبارة عن اشغال المحل بالفعل لا الفعل الشاغل لمحل الغير فان الظاهر هو عدم فهم العرف من الغصب الا نفس التصرفات الشاغلة لا مجرد اشغال المحل بها. وعلى اي لو اغمضنا وقلنا ان الغصب عبارة عن اشغال المحل بالفعل فيكون الغصب من مقولة الاين والصلاة من مقولة الفعل فيكونان من مقولتين لكن المحقق الماتن يقول ان هذا المقدار أيضا لا يكفي لرفع محذور اجتماع الضدين وذلك لان الصلاة ح مقدمة لتحقق الاشغال والاشغال كان حراما فيسري حرمته إلى مقدمته الموصلة وهى فعل الصلاة في المقام فيلزم ان تكون الصلاة متصفة بالوجوب والحرمة معا ويكون التركيب اتحاديا لان الفعل يتصف بالوجوب والحرمة فان الصلاة تكون علة تامة للاشغال لا غيرها فبما انها صلاة واجبة وبما أنها مقدمة للاشغال المحرم حرام كما لا يخفى وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٣١ على ان مجرد الالتزام بان الغصب من مقولة الاين مع الالتزام بان الصلاة من مقولة الفعل لا يجدي أيضا فيما هو المهم من تصحيح الصلاة فان الاكوان على ذلك تصير سببا للغصب المنهي عنه في عموم لا يجوز التصرف في مال الغير إلّا باذنه فكانت محرمة ح بالحرمة الغيرية ومع حرمتها فقع فاسده من هذه الجهة من جهة اندراجها في باب النهي عن العبادة وان كان بينهما فرق من حيث تحقق ملاك الامر والنهي في المقام دونه في ذلك المقام كما هو واضح

احتمال كون الغصب عبارة عن الفعل الشاغل لا الاشغال ان هذا المقدار لا يفي لاثبات مدّعاه من الجواز لان الصلاة ح كانت مما به الاشغال وبديهي ان حرمة الاشغال يسري إلى ما هو مقدمته ومعروضه حيث انّه بمنزلة العلة التامة له ولئن اغمض عن ذلك (١)

______________________________________________________

(١) هذا هو الجواب الثالث وملخصه ان الحرمة لا تنحصر بعنوان الغصب بل يعم عنوان التصرف في مال الغير بغير اذنه كما في بعض الروايات قال عليه‌السلام لا يحل لاحد ان يتصرف في مال غيره بغير اذنه بابا من ابواب الغصب ح ٤ وغيره في الوسائل والتصرف ليس إلّا القيام والقعود والنيام ونحو ذلك ويتحد التصرف مع افعال الصلاة حيثية ووجودا كما هو واضح فيكون التركيب اتحاديا قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٣٠ ومع الإغماض عن ذلك وتسليم كون الغصب عبارة عن نفس الحيطة على الشيء نقول بانه يكفينا ح العمومات الناهية عن التصرف في مال الغير بدون اذنه ورضاه المعلوم انصرافه في الاذهان إلى نفس التصرفات الشاغلة حركة وسكونا من جهة انطباق عنوان التصرف المنهي عنه في عموم عدم جواز التصرف ح على نفس الاكوان الخاصة من القيام والقعود والركوع والسجود وح فاذا كانت الصلاة أيضا عبارة عن نفس الاكوان الخاصة غايته مقرونة ببعض الاضافات والنسبيات الأخر من الترتيب والموالات ونشو كونها عن قصد الصلاتية فلا جرم تصير الصلاة والغصب من قبيل العنوانين المشتركين في بعض الجهة دون بعض من جهة اشتراكهما في نفس الاكوان التي هى جهة واحدة ومقولة فارده وفي مثله لا بد كما عرفت من المصير إلى عدم الاجتماع بالنسبة إلى نفس الاكوان مع الالتزام بالجواز في الجهات الزائدة عن الاكوان من الخصوصيات والاضافات القائمة بها المقومة بعضها للصلاتية وبعضها للغصبية.

أيضا نقول انّ وجه حرمة الفرد المزبور ليس منحصرا بعنوان الغصب بل من المحرّم عنوان التصرف في مال الغير وبديهي ان التصرّف المزبور عبارة عن القيام فيه والقعود وغيرهما فقهرا يتحد مثل هذا العنوان مع الصلاة حيثيّة ووجودا ومع الاغماض عنه أيضا نقول (١) ان من البديهي ان منافع كل ارض او دار عبارة عن قيام فيه

______________________________________________________

(١) هذا هو الجواب الرابع والفرق بينه وبين سابقه ان المدعي في سابقه هو انه لو لم يصدق عليه الغصب لكن التصرف في مال الغير بغير اذنه أيضا حرام ويصدق عليه التصرف وفي هذا الجواب يدعي انه غصب أيضا وذلك لان غصب المنافع بالاستيفاء منه سواء كان الارض او الدار او الحانوت او غير ذلك واستيفائه بالقيام والقعود ونحو ذلك وبما ان هذا لاستيفاء لم يكن باذن المالك كان حراما فنفس القيام والقعود يكون حراما لا مقدمة للحرام كما في الجواب الثاني ولا انه مجرد التصرف في مال الغير فيحرم بل هو نفس الحرام وهو الاستيفاء وهو متعلق الامر أيضا فيلزم ان يكون التركيب اتحاديا ويكون من مقولة واحدة لا مركبا من مقولتين كما هو واضح وتبعه في الجوابين الاخيرين استادنا الخوئي في هامش الاجود وقد خلط بينهما ج ١ ص ٣٣٥ قال قد ظهر مما ذكرناه انه لا يختص صدق مفهوم الغصب بمقولة الاين بل يصدق ذلك على كل ما يكون تصرفا في مال الغير بغير اذنه وعليه فلو قلنا بان مقدمات الركوع او السجود او القيام من الهوي او النهوض انما هي من افعال الصلاة واجزائها للزم القول بعدم جواز اجتماع الامر والنهي فيما اذا وقعت الصلاة في الدار المغصوبة لان ما يكون مصداقا للمأمور به يكون هو بنفسه متعلقا للنهي فيتحد المأمور به والمنهي عنه في الخارج فلا بد من الالتزام بعدم الامر او بعدم النهي بل قد عرفت فيما تقدم ان السجود المعتبر فيه الاعتماد على الارض بما انه بنفسه مصداق المفهوم الغصب لا يعقل كونه مصداقا للمأمور به فلا بد من القول بالامتناع ولو على القول بخروج المقدمات المزبور عن حقيقة الصلاة نعم اذا قلنا بذلك وكانت الصلاة الواقعة في الدار المغصوبة غير مشتملة على السجود اتجه القول بجواز الاجتماع لعدم اتحاد المامور به مع المنهي عنه

وقعوده وان ايجادها من الغاصب عبارة عن استيفائه اياه (١) وهذه الاستيفاءات حيث كانت بلا اذن من السلطان عليها بنفسها كانت حراما على مستوفيها ولازمه ح أيضا توجه الحرمة إلى عين قيامه وقعوده في المغصوب وهو الذي كان الامر بالصلاة أيضا متوجها اليها وح لا يبقى مجال توهم في مثل هذا المثال المعروف (٢) بجعله من سنخ كبرى المقولتين (٣) ولا من سنخ اختلاف كبرى الحيثيتين (٤) بتمام الحقيقة والمرتبة كي يصير التركّب فيه انضماميّا وجودا (٥) ام حيثيّة وجهة (٦) و (٧) كون الجهتان (٨) فيهما ح بوجه أصلا فاللازم كما عرفت هى ملاحظة كل مورد بخصوصه ثم الحكم فيه بجواز الاجتماع او امتناعه الخ ستعرف الكلام في الكون الصلاة والغصب عن قريب ان شاء الله تعالى.

______________________________________________________

(١) اي القيام والقعود.

(٢) اي الصلاة والغصب.

(٣) نظير البياض والحلاوة من مقولتين عرضيتين المجتمعان في المجمع فالمقام لا يكون كذلك لما عرفت.

(٤) نظير استقبال القبلة واستدبار الجدي في قطر العراق المختلفان بتمام حقيقتهما ومرتبتهما فلا يكون المقام كذلك وإلّا كان التركيب انضماميا كما تقدم.

(٥) كما في الاول فانه منضم وجود الحلاوة إلى وجود البياض.

(٦) كما في الثاني فانه منضم جهة الاستقبالية إلى حيثية الاستدبارية ولكن بوجود واحد.

(٧) عطف على كى يصير اي يكون الجهة تقييدية.

(٨) لعل الصحيح ـ الجهتين ـ

تقييديّتان (١) بلا (٢) شركة بين العنوانين في جهة من الجهات وجودا او مرتبة (٣) بل لا محيص من كونهما من مصاديق العنوانين الاخيرين من السابقة (٤) من حيث كونهما مشتركة في جهة من الجهات ومتّحدة في حيثيّة من الحيثيّات وبهذه الملاحظة تكون الجهتان فيه تعليليان (٥) ولو بملاحظة صيرورة الجهات المختلفة موجبة لسراية الحكم منهما إلى جهة واحدة (٦) متّحدة فكانا من هذه الجهة بمنزلة التعليل في هذه السراية وبتلك

______________________________________________________

(١) الصحيح تقييديّتين.

(٢) جار ومجرور متعلق بالجهتين او تقييديتين بلا شركة بينهما اما مختلفان حقيقة ووجودا ام جهة وحيثية ولكن لم يتم شيء منهما.

(٣) هذا هو النتيجة لعدم كون التركيب انضماميا بعد الاجوبة المتقدمة.

(٤) لعل الصحيح تعليليتين كما تقدم بيانه.

(٥) أي القسم السابع المتقدم من كونهما مأخوذان من مراتب الوجود وحدوده مع فرض اشتراكهما من جهة من الجهات فيكون التركيب اتحاديا

(٦) قد وقع سطر واحد هنا في الطبع الحيث فراجع كما وقع أيضا سطر واحد في ص ٤٠ بعد قوله جهة زائدة عن حيثية فراجع وعلى اى يكون مراده في المقام ان الجهات المختلفة موجبة لسراية الحكم إلى جهة واحدة مشتركة فيسري الحكم من الطبيعي إلى الحصص المحفوظة في ضمنه كما تقدم بيانه فيكون كل من الصلاة والغصب من مقولة الفعل غايته منضما ببعض النسبيات الأخر فتكون الصلاة مثلا عبارة عن الافعال المخصوصة المقترنة بالاضافات المعهودة من الترتيب والموالات ونشوها عن قصد الصلاتية الجامعة بين كونها في الدار المغصوبة او في غيرها والغصب عبارة عن الفعل الشاغل لمحل الغير بدون اذنه.

المناسبة سمّيت الجهتان تعليليّان (١) لا انّ المقصود كون الجهات الزائدة خارجة عن مركب الحكم بالمرّة (٢) وانّ تمام الموضوع هو هذه الجهة المشتركة كسائر الجهات التعليليّة (٣) كيف ومن البديهي انّ الجهات الزائدة من الجهة المشتركة أيضا ماخوذة في عنوان الموضوع فكانت داخلة فيه (٤) لا خارجة (٥) وبهذه الملاحظة (٦) كانت الجهات الزائدة أيضا من الجهات التقييديّة (٧) الماخوذة في عنوان كل موضوع غاية الامر بواسطة

______________________________________________________

(١) الصحيح تعليليتين فيكون فعل واحد واجبا لكونه صلاة وحراما لكونه غصبا.

(٢) فبما ان الاحكام تعلق بالعناوين والصور الذهنية وماخوذة بنحو لا ترى الا خارجية فيتعلق الحكم المتعلق بالطبيعي بالفرد أيضا لكن من حيث الطبيعي المحفوظ في ضمنه لا بتمامه حتى بمشخصاته الفردية.

(٣) فان سائر الجهات التعليلية يكون مركب الحكم هو الموضوع والجهة خارجة بالمرة مثلا كقوله عليه‌السلام الماء اذا كان قدر كر لم ينجسه شيء فالموضوع هو الماء لا غير.

(٤) لما عرفت من تعلق الاحكام بالصور الذهنية الحاكية عن الخارج بنحو لا ترى الا خارجية بجميع خصوصياتها.

(٥) لا الطبيعة فقط.

(٦) اي الملازمة مع الخصوصيات.

(٧) اي التقييدية بهذا المعنى اي الملازمة الجهة المشتركة مع الجهات الزائدة.

اشتراكها في جهة واحدة ضمنيّة صارت بمنزلة السبب لسراية الحكم من العنوان إلى هذه الجهة الضمنيّة المتّحدة (١) نعم (٢) ليست من الجهات التقييدية المفارقة كل منهما عن الآخر بتمام الحيثيّة (٣) كما اليه نظر القائل (٤) بالجواز في جعل الجهتين تقييديّتين وان كان الامر فيه سهلا بعد وضوح المرام (٥) وإلّا كان

______________________________________________________

(١) بما ان الفرد لما كان يحكي عما يحكي عن عنوان الكلي وزيادة مفقودة في الكلي فكانا متحدين في جهة ومختلفين في زيادة الفرد لخصوصية زائدة عن الطبيعي فيتعلق الحكم المتعلق بالطبيعي بالفرد أيضا كما تقدم مفصلا.

(٢) اشارة إلى ما تقدم من المحقق النائيني مرارا في الاجود ج ١ ص ٣٣٩ ومعنى كون الجهة تقييدية في المقام هو كون الفرد الواحد مندرجا تحت ماهيتين حقيقة اي المأخوذتين بشرط لا في مورد الاجتماع لكون التركيب بينهما انضماميا وهذا بخلاف كون الجهة تقييديه في نفس العناوين الكلية عند تقيدها بقيد فان المراد من كون الجهة تقييديه فيها هو اضافة قيد إلى المطلق ليكون به نوعا مغاير لما هو مقيد بقيد آخر فكون الجهة تقييدية في المقام يوجب توسعة الفرد الواحد واندراجه تحت ماهيتين وهذا بخلاف تقييد العناوين الكلية فانه يوجب تضييقها المانع من صدقها على فاقد القيد.

(٣) اي المبدا بشرط لا.

(٤) هو المحقق النائيني كما عرفت.

(٥) في جعل مركز البحث كون الجهة تقييديه ام لا حيث قال في الاجود ج ١ ص ٣٤١ ان محل الكلام في المقام هو ما اذا كانا تعلق به الامر والنهي طبيعتين متغايرتين بينهما عموم وخصوص من وجه بانفسهما وصدر من المكلف في الخارج بايجاد واحد ليصح النزاع في كون الجهتين تعليليتين او تقييديتين.

الأولى (١) جعل مركز البحث بعد تسليم كون الجهتين تقييديّتين هل هما من باب اشتراكهما في جهة ضمنيّة ام ليس بينهما جهة مشتركة اصلا لا (٢) ان الجهتين تقييديّتان ام تعليليتان (٣) فتدبّر حتّى لا يختلط عليك الامر ولا يختلج بخاطر توهم جواز اجتماع الحكمين بمقتضى اطلاق العنوانين في المجمع في امثال هذه الامثلة (٤) المتحدة عمل العبادي مع التصرف في مال الغير واستيفاء

______________________________________________________

(١) اي اللازم طرح النزاع بوجه آخر وهو ان العنوانين المختلفين في المنشا المنتزعين من مجمع واحد اختلافهما في تمام المنشأ أو يكون اختلافهما في جزء المنشأ مع اشتراكهما في الجزء الآخر.

(٢) اي لا ما ذكره القائل كما عرفت.

(٣) لعل الصحيح تعليليتين.

(٤) اي الصلاة مع الغصب فليسا من مقولتين كما ذكره القائل فالنتيجة انه على المختار من السراية يشكل اجتماع الوجوب والحرمة في الصلاة للزوم اجتماع الضدين قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٢٩ ومبني الخلاف انما هو الخلاف في خروج الاكوان عن حقيقة الصلاة والغصب وعدم خروجهما عن حقيقتهما فعلى المختار من عدم خروج الاكوان عن حقيقة الصلاة والغصب وان الصلاة عبارة عن الافعال الخاصة من القيام والركوع والسجود المقرونة ببعض الاضافات والنسبيات الأخر من الترتيب والموالات ونشوها عن قصد الصلاتية وكذا الغصب عبارة عن الفعل الشاغل لمحل الغير في حال عدم رضاه الجامع بين الركوع والسجود وبين غيرهما من الافعال الأخر الاجنبية عن الصلاة فالعنوانان مشتركان في جهة وممتازان في جهة أخرى من جهة اشتراكهما ح في نفس الاكوان وامتيازهما في الخصوصية الزائدة من

.................................................................................................

______________________________________________________

الاضافات المقومة للصلاتية والاضافات المقومة للغصبية ومقتضي ذلك كما تقدم هو المصير إلى عدم جواز الاجتماع في المجمع في تمام العنوانين في الجهة المشتركة بينهما وهي نفس الاكوان مع الالتزام بجواز الاجتماع بالنسبة إلى الجهتين الممتازتين القائمتين بالاكوان المقومة إحداهما للصلاتية والاخرى للغصبية واما على القول بخروج الاكوان عن حقيقة الصلاة او الغصب اما بجعل الصلاة عبارة عن الاوضاع الواردة على الاكوان الخاصة بجعلها عبارة عن مقولة الوضع مع جعل الغصب عبارة عن الفعل الشاغل لمحل الغير بدون اذنه ورضاه او عن مقولة الاين بجعله عبارة عن اشغال المحل بالفعل مع جعل الصلاة من مقولة الفعل فالعنوانان ممتازان في المجمع بتمام حقيقتهما ومقتضاه كما تقدم هو المصير إلى جواز الاجتماع وح فلا بد من تنقيح هذه الجهة فنقول والتحقيق ح هو ما عرفت من عدم خروج الاكوان عن حقيقة الصلاة والغصب وذلك وان القول بكون الصلاة من مقولة الوضع وانها عبارة عن الاوضاع الواردة على الاكوان من الاستقامة والتقوس والانحناء مع خروج نفس الاكوان عن حقيقة الصلاة بعيد جدا فانه مع الاغماض عن ان القراءة عبارة عن نفس الحركة لا عن الخصوصيات الواردة عليها نقول بان ظاهر المنساق من العناوين المزبورة من نحو القيام والركوع والسجود هو كونها عبارة عن نفس الاكوان الخاصة دون الاوضاع الواردة عليها ومن ذلك ايضا لا يكتفي في القيام الواجب في الصلاة بصرف أحداث هيئة القيام من دون وقوع ثقله على الارض ونحوها في حال الاختيار فتأمل الى أن قال ولكن التحقيق في المقام هو ما عرفت من عدم خروج الاكوان عن حقيقة الصلاة ولا عن حقيقة الغصب وانه كما ان الصلاة عبارة عن الاكوان الخاصة بضميمة بعض الاضافات الخاصة كذلك الغصب أيضا حسب ما هو المنصرف منه لدى

.................................................................................................

______________________________________________________

العرف من العمومات الناهية عن التصرف في مال الغير بدون رضاه عبارة عن نفس الافعال الشاغلة حركة وسكونا المنطبقة على الاكوان الخاصة فيكونان ح مشتركين في نفس الاكوان التي هي جهة واحدة وحيثية فاردة ممتازين في الخصوصيات الزائدة من الاضافات الخاصة المقومة بعضها للصلاتية وبعضها للغصبية ومقتضى ذلك هو لزوم المصير الى عدم الجواز بالنسبة الى نفس الاكوان التي هي جهة مشتركة بينهما في المجمع مع الجواز بالنسبة الى الجهتين الزائدتين القائمتين بالاكوان المقومة إحداهما للصلاة والاخرى للغصب ، نعم لما اكن المفروض ح أهمية مفسدة الغصبية من مصلحة الصلاة باعتبار كونها من حقوق الناس فلا جرم يقع الاكوان الخاصة من القيام والركوع والسجود مورد التأثير المفسدة الاهم في المبغوضية الفعلية فتقع مبغوضا صرفا لا محبوبا ومعه تبطل الصلاة لا محالة لعدم المجال ح للتقرب بها بايجادها اللهم إلا أن يقال ح بانه يكفي في تحصيصها التقرب بالجهات الزائدة عن الاكوان فيتقرب ح بجعل الاكوان صلاة لان ما هو المبغوض ح انما كان تلك الاكوان بعناوينها الاولية وبما هي قيام وركوع لا بما أنها صلاة بهذا العنوان الطارئ عليها الناشئ من قصد الصلاتية بها وح فبعد ان كانت هذه الخصوصيات القائمة بالاكوان مورد التأثير المصلحة المهمة في المحبوبية الفعلية بمقتضى خلوها عن المزاحم فيها فلا جرم أمكن التقرب بحيثية كونها صلاة فيتقرب بحيثية صلاتية الاكوان لا بنفسها وايجاد تمام حقيقة الصلاة ويكتفى أيضا في التقرب بمثلها في العبادة من دون احتياج في صحتها الى التقرب بتمام حقيقتها كي يشكل مبغوضية نفس الاكوان ومع الشك في احتياج العبادة في التقرب الى أزيد من هذا المقدار فالاصل هو البراءة عن المقدار الزائد بناء على ما هو التحقيق من جريانها في الشك في أصل قربية العمل وتعبّديته أو

.................................................................................................

______________________________________________________

توصليته نعم بناء على مرجعية الاحتياط في أصل المسألة عند الشك في التعبدية والتوصلية بالتقريبات المذكورة في محله لا بد من الاحتياط في المقام أيضا والمصير الى عدم كفاية القرب بالمقدار المزبور في صحة العبادة هذا ولكن مع ذلك لا تخلو المسألة عن اشكال فان الظاهر هو تسالم الاصحاب على عدم كفاية القرب بالمقدار المذبور في صحة العبادة واحتياجها الى التقرب بتمام حقيقتها وح فاذا فرضنا مبغوضية الاكوان المزبورة من جهة أهمية مفسدة الغصب لكونه العبادة ح لا محالة كما هو واضح نعم لو أغمض عن ذلك وقلنا بكفاية التقرب بحيثية صلاتية الاكوان والجهات الزائدة عنها لما كان مجال للإشكال عليه أي من صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٤٩ انه لا شبهة في ان متعلق الاحكام هو فعل المكلف وما هو في الخارج يصدر عنه وفاعله وجاعله لا ما هو اسمه كالصلاة وهو واضح ولا ما هو عنوانه كالملكية مما قد انتزع عنه بحيث لو لا انتزاعه تصور او اختراعه ذهنا لما كان بحذائه شيء خارجا ويكون خارج المحمول كالملكية والزوجية والرقية والحرية والمبغوضية الى غير ذلك من الاعتبارات والاضافات ضرورة ان البعث ليس نحوه والزجر لا يكون عنه وانما يؤخذ في متعلق الأحكام للحاظ متعلقاتها والإشارة اليها بمقدار الغرض منها والحاجة اليها بما هو هو وبنفسه وعلى استقلاله وحياله الى أن قال إن الجميع حيث كان واحدا وجودا وذاتا كان تعلق الأمر والنهي به محالا ولو كان تعلقهما به بعنوانين لما عرفت من كون فعل المكلف بحقيقته وواقعيته الصادرة عنه متعلقا للاحكام لا بعناوينه الطارية عليه انتهى ـ بأن تلك الجهات الزائدة من الاضافات الخاصة المقومة للصلاتية والغصبية انما هي من الاعتباريات المحضة الخارجة عن حيز المصلحة والمفسدة وإن ما هو مركب المصلحة والمفسدة انما هو الصادر الخارجي الذي هو نفس الكون ومعه يكون ما في

.................................................................................................

______________________________________________________

الخارج مبغوضا محضا بتمامه لا ببعضه اذ يمكن دفعه بما عرفت في المقدمة الخامسة من عدم كون هذا النحو من الاضافات المقولية من قبيل الاضافات الاعتبارية المحضة التي لا يكون لها واقعيّة بل هي بلحاظ خارجيتها في نفسها ح كانت قابلة لان تكون مركب المصالح والمفاسد ضمنا او استقلالا من غير فرق في ذلك يبن أن نقول بحظ من الوجود لها أيضا كما قيل أم لا لانها كانت من قبيل حدود وجود الشيء الذي يحده الخاص تقوم به المصالح والمفاسد ومعه لا يبقى مجال الغائها عن التأثير في الصلاح والفساد بالمرة والحاقها بالامر الاعتبارية المحضة التي لا يكون لها واقعية في الخروج عن حيز الصلاح والفساد وح فلو لا الاجماع المزبور على عدم كفاية هذا المقدار من القرب في صحة العبادة واحتياجها الى التقرب بتمام حقيقتها أمكن تصحيح العبادة بمقتضى القاعدة بالمقدار المزبور من القرب كما هو واضح.

الامر الرابع عشر فذلكة الكلام في بيان المباني اجمالا اما المحقق الخراساني صاحب الكفاية بعد ما جعل مورد النزاع هو الواحد ذا وجهين ومندرجا تحت عنوانين باحدهما كان مورد الامر وبالآخر للنهي ويكون المورد مورد التزاحم على ما سيأتي بيانه فيترتب الآثار في جميع الموارد حتّى يختار الامتناع اذ لا توجب تعدد العنون تعدد المعنون على ما سيجيء واما المحقق النائيني فقد عرفت انه يختص الكلام بالعامين من وجه ويلزم ان يكون الجهتان من مقولتين حتّى نقول بالاجتماع ويكون التركيب انضماميا ثم اختار في بعض الامور متمم المقولة فيكون النهي عنه لكونه متمم المقولة كالوضوء في الآنية المغصوبة فالوضوء فعلي ومن المقولة والاستعمال منتزع منه متمم للمقولة وقد تقدم ما فيه وان المقولتين اذا كانتا انضماميتين لا اشكال في جواز الاجتماع لان الشيئين الممتازين كيف لا يمكن ان يكون احدهما مأمورا به

.................................................................................................

______________________________________________________

والآخر منهيا عنه كالصلاة مع النظر إلى الأجنبيّة. وعن الثاني أنه لا يكون التركيب انضماميا وليس مركبا من مقولتين فيباين مبناه في جواز الاجتماع قد تقدم مفصلا ما فيه واما المحقق العراقي فقد جعل البحث في المتزاحمين دون المتعارضين ويقول بانه اذا كان وجه اشتراك بين الطبيعتين مثل الغصب والصلاة لا بد من القول بالامتناع وان لم يكن وجه المشاركة فيجوز الاجتماع لتعدد الجهة فانهما منتزعان كل واحد منهما عن مرتبه من الوجود مع ان صورة وجود وجه الاشتراك يكون بنظره من باب التعارض لا التزاحم كما ستعرف أيضا والكلام عنده يكون في هذا الباب اي باب التزاحم فقد خرج عن مسلكه بجعل التعارض أيضا مورد البحث كما هو واضح على ما أفاده بعض الاساتذة اذا عرفت هذه المقدمات فالكلام ح في بيان الحق في المسألة ومن المعلوم وقد تقدم انه ليس نتيجه جواز الاجتماع هو تعلق الارادة والكراهة التشريعيتين بالمجمع فضلا عن تعلق الامر والنهي الفعليين به لامتناع الثاني بالوجدان ولزوم اللغوية في الأول بالعيان فيمتنع صدوره من الحكيم وانما نتيجه جواز الاجتماع هو تعلق الحب والبغض بالمجمع وهما من مبادئ الارادة والكراهة قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٢٤ وحيث اتضح لك هذه الأمور فنقول ان اختلاف العنوانين لو كان في صرف كيفية النظر ـ أي العنوانين معرفات وكواشف ـ لا في المنظور فلا ينبغي الاشكال فيه في عدم جواز الاجتماع وذلك لوضوح ان المنظور بعد ما كان فيهما واحدا ذاتا وجهة لا يكاد يتحمل طرو الصفتين المتضادتين المحبوبية والمبغوضية من غير فرق في ذلك بين ان نقول بتعلق الاحكام بالخارجيات او بالعناوين والصور الذهنية وذلك لان الصور وان كانت متغايرة ولكنها بعد ما كانت ماخوذة بنحو لا ترى الا خارجية وكان المنظور فيهما واحدا ذاتا وجهة فقهرا يرى المنظور فيهما غير

.................................................................................................

______________________________________________________

قابل لطرو الصفقتين المتضادتين عليه وهما المحبوبية والمبغوضية ومن ذلك أيضا نقول بامتناع اتصاف اجزاء المركب بالوجوب الغيري مع فرض كونها واجبة بوجوب الكل نفسيا وعدم اجداء مجرد الاختلاف في النظر فيها من حيث اللابشرطية والبشرطلائية في رفع محذور اجتماع المثلين بعد اتحاد الذات الملحوظة في ضمن الاعتبارين ومثله في عدم الجواز ما لو كان العنوانان من العناوين الاعتباريّة المحضة الغير القابلة لقيام الصالح بها فانه في مثل ذلك أيضا يكون مركب المصالح والحب والبغض هى الذات المعروضة لها وانها في ظرف وجود منشأها كانت من الجهات التعليلية لمصلحة الذات المعروضة لها وح فاذا كانت الذات المعروضة لها واحدة ذاتا وجهة فقهرا تابى عن ورود الصفتين المتضادتين عليها من الحب والبغض والارادة والكراهة واما لو كان اختلاف العنوانين في المنظور لا في صرف كيفية النظر فان كان الاختلاف بينهما بتمام المنشا على وجه يكون منشأ انتزاع كل بتمامه غير المنشأ في الآخر ففي مثل ذلك لا باس بالالتزام بجواز الاجتماع من غير فرق في ذلك بين كون العنوانين من مقولتين مختلفتين ـ اي مركبا من وجودين انضم احدهما إلى الآخر وكان احدهما بازاء عنوان متعلق الامر والآخر بازاء متعلق النهي فلا اشكال في جواز الاجتماع اعني به تعلق الحب باحدهما وتعلق البغض بالآخر إلّا ان مثله خارج عن محل النزاع اي كالصلاة والنظر إلى الأجنبية ـ وما ينبغي ان يجري فيه النزاع ما ذكره قد سره او مقوله واحدة اي الوجود ذو الجهتين كما في الاجناس بالقياس إلى فصولها وكذا القراءة بالقياس إلى الجهر بها اذ ح بعد تغاير الجهتين ـ اي وان كان المجمع فعلا واحدا وجودا إلّا ان جهة الامر منطبقة على بعض فعل المكلف وجهة النهي على بعضه الآخر بنحو لا يكون ما يصدق عليه متعلق الامر نفس ما يصدق عليه متعلق النهي مع وحدة وجود ذلك الفعل

.................................................................................................

______________________________________________________

ونظيره في الجوهر هو كون طرف من الجسم محبوبا وطرف آخر منه مبغوضا لشخص واحد وح أمكن تعلق الحكمين المتضادين بوجود واحد على وجه يكون مركب كل حكم غير الأخرى ومجرد وحدة الوجود في الخارج وعدم قابليته للتقسيم غير مانع عن ورود الحكمين المتضادين عليه بعد حل العقل إياه في مقام التحليل بجهة دون جهة ومرتبة دون اخرى اذ ح من جهة هذا التحليل العقلي يتميز معروض الحكمين بنحو يرتفع التضاد في البين فكان معروض احد الحكمين جهة ومرتبه غير معروض الحكم الآخر اي بعبارة واضحة انه ربما يكون كل واحد من العنوانين حاكيا عن جهة في الوجود بنحو لا يحكيها غير هذا العنوان بل العنوان الآخر يحكي عن جهة اخرى من الوجود وان كانت الجهتان تحت حد واحد وبذلك كانتا مجتمعتين في وجود واحد ولكن مجرد وحدة الحد لا يخرجهما عن التعدد جهة وحيثية كالحيوانية والناطقية والشاهد على ذلك مشاهدة اختلاف آثار الشىء المعلوم استناد كل اثر إلى حيثية من حيثياته وترى أيضا التزامهم باستناد الامر البسيط الواحد الصادر عن الاثنين اي القتل مثلا إلى الجهة المشتركة بينهما مع ان هذه الجهة متحدة وجودا واحدا مع الخصوصية الممتازة ومثل ذلك برهان على قابلية الوجود الواحد المنشا للآثار المختلفة للتقسيم إلى جهة دون جهة مع فرض القاء الحد من بينهما الموجب لكون الجهتين في وجود واحد ومن المعلوم ان هذه الوحدة الحدية لا تنافي قابلية هذا الوجود للتقسيم عقلا إلى جهات يرى العقل كلها منطويا في وجود واحد ومجتمعا تحت حد فارد كما لو كان معروض احد الحكمين هو حدوث الشيء ومعروض الآخر بقائه يصار فيه بالجواز على جميع التقادير حتى على القول بتعلق الاحكام بالخارجيات من جهة انه باختلاف المعروضين يرتفع محذور التضاد في البين هذا كله فيما لو كان

.................................................................................................

______________________________________________________

اختلاف العنوانين بتمام المنشأ واما لو كان اختلافهما ببعض المنشأ بان كانا مشتركين في جهة او مقوله وممتازين في جهة او مقولة اخرى ففي مثله لا بد من المصير إلى عدم الجواز بالنسبة إلى الجهة المشتركة بينهما من جهة عدم تحملهما لطرو الصفتين المتضادتين عليها المحبوبية والمبغوضية اي كما ربما يكون العنوانان حاكيان عن جهة واحدة ومنشأ اختلافهما ليس إلّا اختلاف كيفية اللحاظ من حيث الاجمال والتفصيل كعنوان الانسان والحيوان الناطق او من حيثية اللابشرطية وبشرط اللائية نظير مفهوم الضرب والضارب بناء على التحقيق من وضع المشتق للمبدا اللابشرط بلا اخذ ذات فيه كذلك ربما لا يكون العنوانان مختلفين في تمام الجهة ولا متحدين فيه بل هما مشتركان في جهة ومختلفان في جهة اخرى كالصلاة والغصب المنتزعين عن حركة خاصة بخصوصية الصلاتية وبخصوصية الغصبية مع اشتراكهما في ذات الحركة المتخصصة بالخصوصيتين الى ان قال وح فبعد ما امتنع الاجتماع بالنسبة إلى الجهة المشتركة بين العنوانين ولم تتحمل لطرو الصفتين المتضادتين عليها من المحبوبية والمبغوضية فلا جرم في مقام التأثير كان الاثر لما هو الاقوى منهما ملاكا مصلحة او مفسدة وح لو كان الاقوى هو النهي فقهرا تصير الجهة المشتركة بجميع حدودها بمقتضى المفسدة الغالبة مبغوضا محضا لا محبوبة واما لو كان الأقوى هو الامر فان كان متعلقا بالطبيعة السارية فكذلك أيضا حيث انه تصير الجهة المشتركة ح بجميع حدودها بمقتضى المصلحة الغالبة محبوبة محضا لا مبغوضة عكس الصورة الاولى وان كان متعلقا بصرف الطبيعي والجامع ففي هذا الفرض يمكن الجمع بين الرجحان الفعلي والمرجوحية الفعلية بالنسبة إلى الجهة المشتركة وذلك لما تقدم في المقدمة الثامنة من ان مقتضى المصلحة الاهم في الجامع المستتبع للسراية الى الفرد

.................................................................................................

______________________________________________________

حينئذ انما هو التأثير في رجحان الفرد ومحبوبيته بالقياس إلى بعض انحاء حدوده وهو حدوده الجامعي لا مطلقا حتّى بالقياس إلى حدوده المشخصة وح فاذا فرض قيام المفسدة المغلوبة بالفرد بجميع حدوده حسب تعينها فلا جرم المقدار الذي تزاحمها المصلحة الاهم الجامع في عالم التاثير انما هو بالقياس إلى حدوده الجامعي المقوّمة لعاليه واما بالقياس إلى حدوده المشخصة المقومة لسافله فحيث انه لا تزاحمها المصلحة الاهم فقهرا تبقي المفسدة المهمة على حالها فتؤثر في مبغوضية الفرد من حيث حدوده المشخصة فيصير الفرد والجهة المشتركة ح ببعض انحاء حدوده وهو حده الجامعي المستتبع لحفظه في ظرف عدم بديله بمقتضى المصلحة الاهم في الجامع تحت الرجحان المحبوبية الفعلية وببعض حدوده الأخر وهو حده المشخص له المقوم لسافله تحت المرجوحية والمبغوضية الفعلية بمقتضى خلو المفسدة المهمة عن المزاحم بالقياس إلى مثل هذه الحدود ويخرج عن كونه محبوبا فعليا على الاطلاق ومبغوضا فعليا كذلك كما هو واضح ثم ان ذلك كما عرفت بالنسبة إلى مقام تزاحم الملاكين في عالم التاثير في الرجحان والمرجوحية واما بالنسبة إلى مقام التزاحم في عالم الوجود فحيث انه امكن استيفاء كلا الغرضين ولو بايجاد المامور به في ضمن فرد آخر فلا جرم كان التأثير بحكم العقل للمفسدة المهمة المغلوبة ويقيد بحكم العقل دائرة فعلية ارادة الطبيعة بما عدا هذا الفرد وان لم يكن كذلك في عالم التاثير في الرجحان والمحبوبية فيصير الفرد المزبور حراما فعليا ويجب الاتيان بالطبيعي في ضمن فرد آخر جمعا بين الحقين وحفظا للغرضين وان كان لو اتى بالطبيعي في ضمن هذا الفرد بداعي رجحانه الفعلي من حيث حده الجامعي كان ممتثلا ومطيعا من تلك الجهة وعاصيا من جهة أخرى وبالجملة فالمقصود هو عدم ملاحظة حيثية اهمية

.................................................................................................

______________________________________________________

مصلحة الجامع في هذا المقام عند التمكن من استيفائها في ضمن فرد آخر وانه يقدم حينئذ تلك المفسدة المهمة المغلوبة القائمة بالخصوصية على المصلحة الاهم في الجامع ولو كانت في ادنى درجة الضعف حتى البالغة إلى درجة الكراهة وكانت المصلحة في اعلى درجة القوة وعمدة النكتة في ذلك انما هي عدم صدق المزاحمة والدوران ح بين الغرضين في الوجود بلحاظ امكان الجمع بينهما باتيان الطبيعي والجامع في ضمن غير هذا الفرد وإلّا فمع صدق المزاحمة في هذا المقام أيضا لا اشكال في ان التاثير للاقوى منهما كما في فرض انحصار الطبيعي بهذا الفرد وكذا في فرض قيام المصلحة أيضا كالمفسدة بالطبيعة السارية ـ إلى ان قال ـ ثم انه مما ذكرنا ظهر الحال في المفاهيم الاشتقاقية المأخوذة في حيز الحكم بنفسها او بعنوان ايجادها حيث انه يختلف مصب الحكم حسب الاختلاف في مفهوم المشتق فعلي القول باخذ الذات فيه وتركبه من المبدا والذات فلا جرم يكون العنوانان في المجمع من قبيل العنوانين المختلفين في بعض المنشأ والمشتركين في البعض الآخر من جهة اشتراك عنوان العالم والفاسق ح في جهة الذات الحاكية عن جهة واحدة وحيثية فاردة اي العنوانان المنتزعان عن الذات بلحاظ اتحادها مع الوصف بنحو من الاتحاد كالحلو والبياض بناء على اخذ الذات في حقيقة المشتق غاية الامر بين ذين العنوانين وبين عنوان الصلاة والغصب المنتزع عن الذات بلحاظ اتصالها بالخصوصيتين كون الجهتين في الاول وجوديين تحت حد واحد على وجه قابل للتقسيم إلى وجود ووجود تحليلا وفي الثاني صرف اضافة الوجود إلى شيء واضافته إلى شيء آخر بنحو من الاضافة التي كان الخارج ظرفا لنفسها لو لم يكن لوجودها وهي التي يعبر عنها بالحد القياسي للشيء الذي له واقعية تتبع الوجود المحدود به لا انها من الاعتبارات المحضة التي لا واقعية لها ـ وفي

.................................................................................................

______________________________________________________

مثله لا بد من المصير إلى الامتناع بمقتضى ما تقدم لا الجواز الا في فرض تعلق الامر بصرف الطبيعي والجامع مع فرض اهمية المصلحة الجامعية أيضا من المفسدة التعيينيّة في الفرد فيصار ح إلى الجواز بمقتضى البيان المتقدم واما على القول ببساطة المشتق وعدم اخذ الذات فيه فان قلنا بالفرق بين المشتق ومبدئه باعتبار اللابشرطية والبشرط اللائية وجعلنا مصب الحكم بهذا الاعتبار نفس المبدءين فالعنوانان من قبيل العنوانين المختلفين بتمام المنشا وفي مثله كان الحكم هو الجواز من جهة اختلاف المتعلقين بتمام الحقيقة واما ان قلنا بعدم كفاية مجرد اعتبار اللابشرطية في كون مصب الحكم هو المبدا بشهادة عدم صحة جعله مصب الحكم في مثل اطعم العالم وقبّل يدا لعالم واكرم العالم ولو مع اعتبار اللابشرطية الف مرة وان مصب الحكم ومحطه انما كان عبارة عن نفس الذات غايته بما هي متجلية بجلوة العلم والقيام والقعود ونحو ذلك على نحو كان المبدا ملحوظا في مقام الحكم تبعا للذات وان كان بحسب اللب من الجهات التعليلية لمصلحة الذات فلا جرم يكون العنوانان في مقام الحكاية عن محط الحكم من قبيل حكاية المفهومين عن جهة واحدة وحيثية فاردة وفي مثله لا بد من المصير إلى الامتناع من جهة استحالة طروا صفتين المتضادتين على جهة واحدة وحيثية فاردة. ولاستادنا الآملي في بيان الحق كلام لا باس بذكره في المنتهى ص ١١٧ فنقول ان مدار جواز اجتماع الحب والبغض في وجود واحد ليس على الالتزام بتعلق هذه الصفات بالصور الذهنية كيف ومن البديهي ان هذه الصور المختلفة في حيال ذاتها ليست متعلق هذه الصفات بل هى عند القائل بالتعلق انما تكون موضوع هذه الصفات المزبورة بما هى مرآة للخارجيات ومن البديهي ان شان المرآة كونها مغفولا عنها وان تمام التوجه إلى المعنون بها وح فلو كان العنوانان حاكين عن جهة واحدة كالفرض الثاني

.................................................................................................

______________________________________________________

من الفروض المتقدمة ـ اي الفعل الواحد المشترك بين جهتى الامر والنهي كحركة المكلف في المكان المغصوب ـ فلا شبهة في انه من العنوانين اللذين لا ترى بهما إلا جهة واحدة ومع وحدة الجهة المرئية يستحيل اتصافهما بالمتضادين وان كانا من حيث المفهومية اثنين ولكن مرآتيهما عن الواحد صارت منشأ للغفلة عن اثنينيتهما وتمام التوجه ح إلى وحدتهما منشأ ومحكيا والعقل في مثلهما يابى عن التصديق بتعلق المتضادين بهما كابائه عن تصديق محبوبية صورة الانسان ومبغوضية صورة أخرى منه لمحض حكايتهما عن جهة واحدة ـ إلى ان قال ـ ففي مثله نقول ان تمام توجهه إلى الجهة الواحدة وغفلته عن اثنينية الصورة صار منشأ للغفلة عن اثنينية الارادة الناشئة عن اثنينية صورتهما بل يراهما ح ارادة واحدة قائمة على شيء واحد وهذا بخلاف العنوانين المختلفين من غير جهة اختلاف الصورة فانه ح لا تكون الغفلة عن تعدد الصورة منشأ للغفلة عن تعددهما فيلزم ح المحذور المتقدم كما هو ظاهر وأيضا نقول ان مدار عدم جواز الاجتماع ليس على مجرد وحدة الوجود خارجا وذلك لان معية المحبوبية والمبغوضية بعد ما كانت في التعلق تابعة للجهات المتصورة الحاكية عن الوجود وكان تعلقها بها بتبع قيام المصلحة والمفسدة به الملحوظ فيها حكم العقل بالتقسيم الى المؤثر فيها فلو كان العنوانان من قبيل الاول القابل للتقسيم في لحاظ العقل إلى جهة مؤثرة في المصلحة وجهة أخرى مؤثرة في المفسدة فلا يابى العقل عن ملاحظة كل جهة في ان تتعلق بها المحبوبية او المبغوضية حسبما يري فيها من المصلحة او المفسدة اذ من المعلوم ان المانع من اجتماعهما ليس إلّا حيثية اجتماع الضدين والمفروض عدم اول الامر إلى ذلك اي جهة الامر منطبقة على بعض فعل المكلف وجهة النهي على بعضه الآخر بنحو لا يكون ما يصدق عليه متعلق الامر نفس ما

.................................................................................................

______________________________________________________

يصدق عليه متعلق النهي مع وحدة وجود ذلك الفعل ـ لان الجهة المتعلقة للمحبوبية ليست إلّا ما تستند اليه المصلحة بلا سراية المحبوبية إلى غير هذه الجهة كما ان المبغوضية أيضا متعلقه بالجهة الوافية بالمفسدة من دون سراية المبغوضية منها إلى الجهة الأخرى ابدا لان المفروض ان تعلق الحب بشيء تابع لمقدار من الوجود الوافي بالمصلحة وحيث فرضنا ان المصلحة لم تكن قائمة بشراشر جهات الوجود بل ببعض حيثياته من دون دخل الحيثية الاخرى فيه ابدا فلا مجال لسراية المحبوبية إلى زيد من هذا المقدار وهي الجهة الأخرى الوافية بالمفسدة بلا مزاحم لطرو المبغوضية عليه نعم لا يمكن تعلق البحث والزجر الفعليين نحو كل منهما لان حالهما من تلك الجهة حال المتلازمين الغير القابل لتعلق ذلك بهما ولكن مثل هذه الجهة اجنبي عن محل الكلام كما اشرنا اليه سابقا فعمدة هم القائل بالجواز هو جعل المقام من قبيل المتلازمين القابلين لرجحان احدهما ومرجوحية الآخر في ان واحد وان لم يكونا قابلين لتعلق البحث والزجر الفعليين بهما لشبهة التكليف بما لا يطاق ومن التامل فيما ذكرنا ظهر حال القسم الاخير من صور تعدد العناوين فان الجهة المشتركة لا تتصف إلّا بإحدى الصفتين من المحبوبية المحضة او المبغوضية كذلك واما الجهة الفارقة فلا باس بتوجه المحبة نحوها ولو بملاحظة دخلها في المصلحة واشاهد على ذلك هو توجه الارادة نحو ايجادها عند فرض الاضطرار إلى الجهة المشتركة اذ ذلك برهان جزمي على تأثير المصلحة الضمنية في رجحانها مع فرض عدم قابلية ضميمتها لها لفرض غلبة المفسدة فيها بنحو تكون علة تامة لمبغوضيتها من دون صلاحية الاضطرار اليها للمنع عنها وان كان مانعا عن الزجر عنها فعلا وبواسطة ذلك نقول انه لا باس بتعلق الامر الفعلي بتحصيل الخصوصية الدخيلة في مصلحته في هذه الصورة ولذا قلنا في الجاهل

.................................................................................................

______________________________________________________

بالغصبية او المضطر اليه انه لا باس باتيان الصلاة بداعي الامر بجعلها صلاة لا بداعي الامر بتمام الصلاة الذي يكون عبارة عن حركة خاصة لفرض مبغوضية ذات الحركة وان كان صدورها عن عذر نعم مع عدم تعلق عذر بالجهة المبغوضية لا تصلح الجهة الزائدة لتعلق البحث اليها مع فعلية الزجر عنها تعيينا بل تبقي على صرف رجحانها وان كان لا يثمر هذا المقدار في صحة العبادة بملاحظة مبعدية ذات الحركة الدخيلة في عباديتها كما اشير اليه ولكن ذلك المقدار لا يخرج المقام عن مورد اجتماع المحبوبية والمبغوضية غاية الأمر انه لما لم تكن الجهة الراجحة تمام حقيقة العبادة فلا تثمر في صحتها عند وقوع ذات العمل مبعدا نعم لو كان عنوان العبادة من قبيل القسم الاول اي المتلازمين فلا باس بالالتزام بصحة العبادة أيضا لان المفروض ان ما هو المعنون بالعنوان العبادي من جهة الوجود راجع بتمامه لا بجزء منه فلا بأس ح باتيانه بداعي رجحانه ولا تضر به مبعدية الجهة الاخرى المتحدة معه وجود اذ ذلك المقدار لا يضر به مقربية الجهة الاخرى كالمتلازمين فقد ظهر بما ذكرنا ان ما لا يثمر في جواز اجتماع المحبوبية المبغوضية من العناوين هو ما كان من قبيل الوسط من المفروض ـ اي المجمع المشترك بين جهتي الامر والنهي دون الاول منه ـ اي مركبا من وجودين منضمين ـ والآخر ـ اي الفعل الواحد غير المشترك بين جهتي الامر والنهي كما مر ـ كما ان ما يثمر في صحة العبادة بإتيان المجمع هو ما كان من قبيل الاول منها دون الآخر وقد ظهر بما ذكرنا أيضا ان مدار الجواز والامتناع في الاجتماع المزبور هو وحدة المعنون بما هو معنون وتعدّده فلا يثمر تعدد العنوان في الجواز مع وحدة المعنون كما لا يضر به وحدة الوجود مع تعدد المعنون بعنوانية. وذكرناه بطوله لما ترتب عليه اللوازم والآثار كما هو الصحيح وحرصا على توضيح المراد والمختار قال

.................................................................................................

______________________________________________________

المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٣٣ وقد تلخص من جميع ما ذكرنا ان المختار هو جواز الاجتماع في فرض اختلاف العنوانين وتغايرهما بتمام المنشأ على نحو كان منشأ انتزاع كل عنوان بتمامه غير ما ينتزع عنه العنوان الآخر من غير فرق بين كون العنوانين من مقولتين كعناوين الاوصاف الحاكية عن الكم والكيف والاين او من مقولة واحدة كان التركيب بينهما في المجمع اتحاديا او انضماميا ومن غير فرق بين كون الامر كالنهي متعلقا بالطبيعة السارية او بصرف وجودها ولا بين تعلق الامر بالعناوين والصور الذهنية او بالمعنونات الخارجية ولا بين وقوف الطلب على نفس الطبيعي او السراية إلى الافراد وعدم جواز الاجتماع فيما لم يكن تغاير العنوانين بهذا النحو سواء كان اختلافهما في صرف كيفية النظر دون المنظور أو كان اختلافهما في المنشأ وفي المنظور أيضا لكن لا بتمامه بل بجزء منه اذ ح بالنسبة إلى الجهة المشتركة بينهما يتوجه محذور اجتماع الضدين وهما الحب والبغض في امر وحداني. فعليه يجوز الاجتماع على تفصيل قد مر ذكر استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٣٤ الأقوى عندنا هو جواز اجتماع الامر والنهي في مقام الجعل لا في مقام الامتثال مع كون النزاع في الباب عندنا من المتزاحمين في العامين من وجه لوجود المقتضي وعدم المانع اما وجود المقتضي فلإطلاق الدليل اي دليل الامر بالصلاة ودليل النهي عن الغصب حتّى في صورة الاجتماع فكل ينادي بمؤداه من المصلحة او المفسدة فيكون الصلاة والغصب جهتين من الوجود الواحد كالمشرق والمغرب له وينتزع كل منهما من مرتبة من الوجود بالمنشار العقلي بمعنى انه يكون محبوبا بالجهة الصلاتية ومبغوضا بالجهة الغصبية ولا اقول كما مر بان الارادة تكون على طبقه ولا الجعل الانشائي ولا العقلي بل المولى يرى المحبوب ويرى انه يضاده المبغوض فيقول في بنفسه يا حيف ان

.................................................................................................

______________________________________________________

المكلف لا يقدر على اتيانه لمزاحمته بضده فهو يحبه من جهة ويبغضه من جهة اخرى ان العمدة في المقام من اشكال اجتماع الامر والنهي هو طلب المحال لا اجتماع الضدين وحيث لا نقول في المقام بوجود الامر والنهي والارادة والكراهة لاستحالته لا يبقي وجه للمحالية واما المانع فقد توهم في المقام ان المقصود ليس السراية وعدمها بل الفعل الواحد لا يمكن ان يكون له جهتان تعليليتان مضادتان لان الحركة الواحدة لا يمكن ان تكون محبوبة للجهة الصلاتية ومبغوضة الجهة الغصبية وهذه الجهة مغفولة لا ينظر اليها لانها خارجة والذي يكون مورد النظر هو الواحد وفيه اوّلا النقض بالمصلحة والمفسدة فانه كيف يقول المحقق الخراساني وغيره بان المصلحة والمفسدة يمكن ان تكونان لفعل واحد ويكون الداعي للاتيان هو المصلحة فكلما قالوا فيهما نقول في المحبوبية والمبغوضية وثانيا ان الجهات ولو كانت مغفولة ولكن تكون حاكية مثل الالفاظ الدالة على المعاني وهذا غير مربوط بالنهي في العبادات فان النهي تعلق بذات الصلاة بالجهة الصلاتية فيها وفي المقام لا يكون كذلك بل يكون النهي بعنوان الغصبية. والعمدة كلا منا في استدلاله وهو متين قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٤٨ الحق هو القول بالامتناع كما ذهب اليه المشهور وتحقيقه على وجه يتضح به فساد ما قيل أو يمكن ان يقال من وجوه الاستدلال لسائر الاقوال يتوقف على تمهيد مقدمات إحداها انه لا ريب في الاحكام الخمسة متضادة في مقام فعليتها ـ اي المرتبة الثالثة للحكم فان للحكم مراتب أربع عند صاحب الكفاية الأولى مرتبة الاقتضاء اعني الصلاح والفساد المستتبعين للحسن والقبح الذاتيين الثانية مرتبة الانشاء الثالثة مرتبة الفعلية وهو البعث والزجر بمعني الاعلام الرابعة مرتبة التنجز وهو عدم معذورية العبد وقيام الحجة عليه مع القدرة وذهب جماعة إلى انه ليس للحكم الا مرتبتان

.................................................................................................

______________________________________________________

الانشاء ـ أي إبراز الإرادة ـ والفعلية لان المراد منه ما كان مجعولا تشريعا والأولى والاخيرة من الامور التكوينية وبالفعل ليس محل البحث عن ذلك وسيأتي إن شاء الله في محله ـ وبلوغها إلى مرتبة البعث والزجر ضرورة ثبوت المنافاة والمعاندة التامة بين البحث نحو واحد في زمان والزجر عنه في ذلك الزمان وان لم يكن بينها مضادة ما لم تبلغ إلى تلك المرتبة لعدم المنافاة والمعاندة بين وجوداتها الانشائية قبل البلوغ اليها كما لا يخفى فاستحالة اجتماع الامر والنهي في واحد لا تكون من باب التكليف بالمحال ـ اي بغير المقدور ـ بل من جهة انه بنفسه محال فلا يجوز عند من يجوز التكليف بغير المقدور أيضا الخ ووجهه انه تكليف بالوجود والعدم وهما نقيضان يستحيل اجتماعهما والجواب عن هذه المقدمة هو ما اشار اليه استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٣٨ مع توضيح منا فهو ان الاحكام على قول البعض لا تكون متضادة لانها اعتباريات وهي لا يجيء فيه بحث التضاد فان البعث والزجر يكونان من الاعتبارات الشرعية القابلة للاجتماع ـ اي كما افاد استادنا الحكيم في الحقائق ج ١ ص ٣٦٨ لا اشكال في ثبوت المنافاة بين البعث والزجر الخارجيين اي ما هو من لوازم الامر اما البحث والزجر الاعتباريان المعبر عنهما بالايجاب والتحريم فالتنافي والتعاند انما هو بين ملاكيهما مثلا ملاك وجوب الشيء كونه ذا مصلحة بلا مزاحم فاذا كان الشىء كذلك ترجح وجوده على عدمه فتعلقت به الارادة امر به بداعي حفظ وجوده فاذا امر به كذلك انتزع عنه عنوان البحث والايجاب والوجوب والالزام ونحوها من الاعتبارات وملاك حرمة الشيء كونه ذا مفسدة بلا مزاحم فاذا كان كذلك ترجح عدمه على وجوده فتعلقت به الكراهة فاذا تعلقت به الكراهة نهى عنه بداعي حفظ عدمه فاذا نهي عنه كذلك انتزع عنوان الزجر والتحريم والمنع وغير ذلك من الاعتبارات فتنافي عناوين

.................................................................................................

______________________________________________________

التكليفية وتعاندها انما هو لتنافي ملاكاتها انتهى ـ على ان التضاد انما يكون في الخارج ولا يتحقق في صقع الارادة والكراهة وفي المقام لا نقول باجتماعهما أيضا في هذا الصقع بل نقول بان الحب والبغض يمكن اجتماعهما فيما قبل الارادة لا قبل الارادة والكراهة. كل ذلك مأخوذ من المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٧٠ قال تحقيق المقام ان حديث تضاد الاحكام التكليفية وان كان مشهور الكنه مما لا اصل له لما تقرر في محله من ان التضاد والتماثل من اوصاف الاحوال الخارجية للامور العينية وليس الحكم بالاضافة إلى متعلقة كذلك سواء اريد به البعث والزجر الاعتباريان العقلائيان او الارادة الكراهة النفسيتان اما اذا كان الحكم عبارة عن البعث والزجر فلان البعث والزجر عبارة عن المعنى الاعتباري المنتزع عن الانشاء بداعي جعل الداعي ـ إلى ان قال ـ فلما محاله يكون متعلقه المقوم له والمشخص هو الفعل بوجوده العنواني الفرضي الموافق لافق الامر الاعتباري والمسانخ له وتوهم ان الفعل بوجوده العنواني أيضا لا يعقل ان يكون معروضا لوصفين متضادين او متماثلين مدفوع بانه لا تضاد ولا تماثل الا في الواحد الشخصي واما الواحد الطبيعي من الجنسي والنوعي ونحوهما مما له نحو من الكلية من دون تشخص وتعين وجودي فيجتمع فيه الاوصاف المتباينة بداهة ان طبيعي الفعل مورد لاحكام متعددة ولو من موالي متعددين بالنسبة الى عبيد كذلك ـ الى أن قال ـ فاتضح من جميع ما ذكرنا ان البحث والزجر ليسا من الاحوال الخارجية بل من الامور الاعتبارية وان متعلقهما ليس من الموجودات العينية بل العنوانية وان الوحدة المفروضة ليست شخصيه بل طبيعيه فلا موجب لتوهم اجتماع الضدين من البعث نحو شيء والزجر عنه ـ إلى ان قال ـ واما اذا كان الحكم عبارة عن الارادة والكراهة فهما وان كانتا من المقولات الحقيقية والموجودات العينية إلّا ان موضوعهما

.................................................................................................

______________________________________________________

النفس ومتعلقهما الفعل اما من حيث الموضوع فلا مانع من اجتماع ارادات وكراهات كذلك في زمان واحد لبساطة النفس وتجردها فلا تضيق النفس عن قبول الإرادات متعددة او كراهات كذلك في زمان واحد ـ إلى ان قال ـ واما من حيث المتعلق فنقول لا ريب ان الشوق المطلق مثلا لا يوجد في النفس بل يوجد متشخصا بمتعلقه ويستحيل ان يكون الخارج عن افق النفس مشخصا لما في افق النفس والالزام اما كون الحركات الأينية والوضعية القائمة بالجسم نفسانيه او كون الارادة النفسانية من عوارض الجسم خصوصا في الارادة التشريعية فانه كيف يعقل ان تكون الحركات القائمة بالمكلف مشخصة لارادة المولي مضافا إلى ما عرفت من ان البعث ومبدأه الارادة التشريعية موجودان وان لم يوجد الفعل اصلا فكيف يعقل ان يتشخص الارادة المحققة بما لا تحقق له ولا يتحقق اصلا مضافا إلى ان طبيعة الشوق بما هو شوق لا تتعلق الا بالحاصل من وجه والمفقود من وجه اذا الحاصل من جميع الجهات لا جهة فقد ان له كي يشتاق اليه النفس والمفقود من جميع الوجوه لا ثبوت له بوجه كي يتعلق بالشوق فلا بد من حصوله بوجود العنواني الفرضي ليتقوم به الشوق ولا بد من فقدانه بحسب وجوده التحقيقي كي يكون للنفس توقان إلى اخراجه من حد الفرض والتقدير إلى حد الفعلية والتحقيق ما مر وسيجيء إن شاء الله تعالى تفصيل القول فيه. وذكرنا بطوله لما فيه فائدة وفيه اما عن الشق الاول فقد ذكرنا مرارا ان النفس له الخالقية ومجتمع في النفس الامور المتباينة والمتناقضة في زمان واحد لكن الكلام في الارادة والكراهة بالنسبة إلى امر واحد من المولى سيما من المولى الحقيقي حيث انهما العلم بالمصلحة والعلم بالمفسدة كيف يجتمعان معا ولذا قلنا انه محال وان ما يتصور هو اجتماع الحب والبغض دون الارادة والكراهة وقد تقدم مفصلا ولذا قال استادنا البجنوردي

.................................................................................................

______________________________________________________

في المنتهى ج ١ ص ٤٠٥ بان الصفات النفسانية وان كانت قائمة بالنفس ولكن قد يقع التضاد بينها باعتبار متعلقاتها فلو قلنا بسراية الارادة والكراهة إلى الخارج ولو كان بتوسيط الصورة الذهنية فلا محالة يتحقق اجتماع الضدين بهذا الاعتبار. واما عن الثاني قضية انه لا وجه لتعلقها بالوجود الفرضي مع انه فرض مجرد وما هو في الخارجي وجودا حقيقي وهو المطلوب حقيقة فلا محاله كما مر مرارا أيضا يتعلق بالصورة الذهنية الحاكية عن الخارج بحيث ان ما في الخارج يأتي في الذهن ويتعلق بها الارادة او الكراهة وان شئت عبرت عنه بالوجود الزعمي ثم قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٤٩ ثانيتها انه لا شبهة في ان متعلق الاحكام هو فعل المكلف وما هو في الخارج يصدر عنه ـ اي الصلاة ـ وهو فاعله وجاعله لا ما هو اسمه وهو واضح اي اسم الفعل كالصلاة ـ ولا ما هو عنوانه ـ اي كالملكية والزوجية ونحوهما ـ مما قد انتزع عنه ـ اي عن الخارج باعتبار تلبس الذات بمبدإ اعتباري بحيث لو لا انتزاعه تصوّر او اختراعه ذهنا لما كان بحذائه شيء خارجا ويكون خارج المحمول كالملكية والزوجيّة والرقية والحريّة والمغصوبية إلى غير ذلك من الاعتبارات والاضافات ـ اي بخلاف المحمول بالضميمة كالضرب والقيام والقعود ـ ضرورة ان البعث ليس نحوه ـ اي نحو الاسم والعنوان ـ والزجر لا يكون عنه وانما يؤخذ في متعلق الاحكام آلة للحاظ متعلقاتها والاشارة اليها بمقدار الغرض منها والحاجة اليها لا بما هو هو وبنفسه وعلى استقلاله وحياله. والجواب عنه قد تقدم مرارا وسيأتي أيضا في التنبيهات ان الافعال الخارجية ليست موضوعة للاحكام فان ظرف الفعل ظرف سقوط الحكم لا ثبوتها بل موضوعها الصور الذهنية الحاكية عن الخارج بنحو لا ترى الا خارجية فلذا يسري إلى كل منهما ما للاخرى لكن بالعناية فتري الصور الذهنية موضوعات للغرض مع ان موضوعه حقيقة هو

.................................................................................................

______________________________________________________

الخارجي ويري الخارجي موضوعا للحكم والارادة والكراهة مع ان موضوعها حقيقة هو نفس الصورة وذكر استادنا الآملي المجمع ج ١ ص ٣٩ فلان متعلق الحكم ليس الخارج لانه ظرف سقوطه ولا اقول انه علة للسقوط لان معلول الامر لا يمكن ان يكون علة لسقوطه ولا اقول ان الطبيعة المقرونة بالوجود يتعلق بها التكليف لانها مع الوجود لا يمكن ان يكون البعث اليها والزجر بل الطبيعي مرآتا عن الخارج يكون مصب الحكم هذا اولا وثانيا لا يلزم من ذلك سراية الحب والبغض إلى الخارج حتى يشكل بان الوحدة باقية لان العناوين حاكيات عن الخارج بل هما في صقع النفس ولا اشكال في اجتماعهما فيها. ولكن المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٧١ ذكر واما الاستدلال على عدم تعلق البعث والزجر بالهوية الخارجية بدعوى ان الفعل بوجوده الخارجي يسقط البعث والزجر فكيف يكون معروضا لهما لمباينة العروض المساوق للثبوت مع السقوط فقد مر ما فيه في مبحث الترتب حيث ان الفعل لو كان مسقطا للبعث لزم علية البعث لعدم نفسه بل ينتهي امد البعث بوجود المبعوث اليه والبعث حال الاطاعة والعصيان موجود وإلّا لسقط بغير الاطاعة والعصيان. ثم قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٥٠ ثالثتها انه لا يوجب تعدد الوجه والعنوان بتعدد المعنون ولا تنثلم به وحدته فان المفاهيم المتعددة والعناوين الكثيرة ربما تنطبق على واحد ـ اي كما في زيد العالم الهاشمي وربما ينطبق على المتعدد كما في زيد العالم وعمرو الهاشمي وعلى اي حال ـ وتصدق على الفارد الذي لا كثرة فيه من جهة بل بسيط من جميع الجهات ليس حيث غير حيث وجهة مغاير لجهته اصلا كالواجب تبارك وتعالي. واجاب عن هذه المقدمة المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٥٢ قال وهذا الاستدلال وان كانت صحة اكثر مقدماته بديهية إلّا ان المقدمة الثالثة منها غير صحيحة وذلك لما

.................................................................................................

______________________________________________________

ذكرناه سابقا من انه يستحيل انتزاع مفهومين بينهما عموم من وجه من موجود واحد بجهة واحدة بل لا بد من ان يكون ذلك بجهتين وقد تقدم ان قياس المقام بصدق المفاهيم المتعددة على الباري جل وعلا قياس في غير محله وعليه فالقول بالامتناع يبتني على كون الجهتين اللتين لا بد منهما في صدق المفهومين على المجمع تعليليتين ليكون التركيب اتحاديا فيستحيل الاجتماع كما ان القول بالجواز يبتني على كون الجهتين تقيديتين والتركيب انضماميا فانه على ذلك لا يلزم محذور اجتماع الضدين في شىء واحد وقال في صفحه ٣٣٥ ان كل مفهومين اما ان يكون صدق كل منهما على افراده متحدا مع صدق الآخر على افراده في ملاك الصدق وجهته او تكون جهة الصدق في احدهما مغايرة لجهة الصدق في الآخر وعلى الاول فلا محاله تكون النسبة بينهما هو التساوي اي كما في صدق مفهوم الضاحك وصدق مفهوم الكاتب على الانسان ويستحيل صدق احدهما على شىء دون الآخر وتوهم ان الصدق من جهة واحدة لا يستلزم التساوي بين المفهومين كما في المفاهيم الصادقة على ذاته المقدسة تعالى مدفوع بما عرفت في آخر المشتق من ان صدق المفاهيم على الذات المقدسة يغاير نحو صدقها على الذوات الأخرى فانها مفاهيم مقولة بالتشكيك والمرتبة العالية من كل صفة في ذلك المقام الشامخ متحدة مع المرتبة العليا من الصفة الاخرى وذكرنا هناك مثالا خارجيا لتصوير ذلك في صفات النفس فقياس صدق المفاهيم المتعددة على الذات المقدسة بصدق المفاهيم الصادقة على غيرها قياس مع الفارق. واجاب عن الاخير استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٣٥ لا يخفى ان ملاك كون النسبة بين مفهومين هو التساوي انما هو ثبوت الملازمة بين صدقيهما خارجا كما في صدق مفهوم الضاحك صدق مفهوم الكاتب على الانسان واما كون جهة

.................................................................................................

______________________________________________________

الصدق في احد المفهومين متحدة مع جهة الصدق في المفهوم الآخر فهو ملاك ثبوت الترادف بين المفهومين لا ملاك كون النسبة بينهما التساوي كما هو ظاهر. واجاب عن الشق الاول في هامش الاجود ج ١ ص ٣٥٢ قد ظهر مما ذكرناه ان امتناع صدق العامين من وجه على شيء واحد من جهة واحدة ولزوم كونه من جهتين لا ينافي كون المصداق الخارجي واحدا وجودا وذلك لما تبين من ان نسبة العموم من وجه لا تتحقق الا بين عنوانين عرضيين او بين عنوان ذاتي وعرضي ومن الضروري انه يمكن صدق عنوانين عرضيين على شىء واحد كما يمكن صدق العنوان العرضي على ما يصدق عليه العنوان الذاتي فمجرد تعدد العنوان لا يجدي في جواز اجتماع الامر والنهي بدعوى انه يستلزم كون التركيب انضماميا كما ذهب اليه شيخنا الاستاد نعم لا يلزم ان يكون متعلق الامر والنهي في جميع موارد اجتماع الامر والنهي من قبيل العنوانين العرضيين المنطبقين على شىء واحد او يكون احدهما من قبيل العناوين الذاتية والآخر عنوانا عرضيا منطبقا عليه فلا بد من ملاحظة كل مورد بخصوصه ثم الحكم فيه بجواز الاجتماع او امتناعه. وقد عرفت مرارا ما هو الحق في جواز الاجتماع فلا نعيد واورد على الشق الاول من كلام المحقق النّائينيّ استادنا الآملي في المنتهى ج ١ ص ١٢٢ بقوله ولا يخفى ما في الايراد المزبور فانه ليس مراد المستدل بالدليل المذكور من امكان صدق العناوين المتغايرة على الشىء الواحد هو امكان انتزاع تلك العناوين المتغايرة المتكثرة من الشىء الواحد من جهة واحدة بل مراده امكان صدق العناوين المتغايرة على الشىء الواحد وانتزاعها منه ولو باعتبار جهات متكثرة فيه وقد قرب امكان ذلك بوقوعه في المقام الاقدس اعني به صدق الصفات الحسني على ذات واجب الوجود لذاته تعالي مع كمال وحدته ولكن ذلك لا ينافي اعتبار جهات

.................................................................................................

______________________________________________________

متكثرة في تلك الذات البسيطة التامة ليصح بلحاظ تلك الجهات انتزاع تلك الصفات من الذات المقدسة حل شانها ، واما ما افاده من ان صدق العناوين المتغايرة على الفعل الواحد ان كان باعتبار جهتين تقييديتين فالصدق كذلك يكشف كون التركيب بينهما في ذلك الواحد تركيبا انضماميا وان كان باعتبار جهتين تعليليتين كان التركيب اتحاديا فهو خلط بين العناوين المقولية والعناوين الاعتباريّة وقد عرفت ان احد العنوانين اذا كان اعتباريا كان التركيب اتحاديا لصدق العنوانين على معنون واحد ولا يحتاج ذلك إلى كون الجهة تعليلية ولذا لم يعرض شيخ مشايخنا صاحب الكفاية للتفصيل بين الجهة التقييدية والجهة التعليلية لانه قد جعل محل البحث في هذه المسألة هو ما جعله المشهور محلا للنزاع في الجواز والامتناع وهو الواحد ذوا الجهتين ولا محاله يلزم فيما هو محل النزاع عندهم ان تكون احدى الجهتين عنوانا اعتباريا سواء كانت الاخرى كذلك ام كانت عنوانا مقوليا. واورد على صاحب الكفاية استادنا الآملي في المنتهى ج ١ ص ١٢٣ بقوله نعم يرد عليه ان الجواز والامتناع لا يدوران مدار سراية الامر من العنوان إلى معنونه وعدم سرايته بل يدوران مدار دخول احد العنوانين في الآخر وعدمه فاذا دخل احد العنوانين في الآخر لزم القول بالامتناع لسراية الامر بمبادئه إلى متعلق النهي وبالعكس وان لم نقل بسراية الامر من العنوان إلى معنونه واذا لم يدخل احد العنوانين في الآخر لزم القول بالجواز وان سرى الامر من العنوان إلى وجود المعنون كما اذا فرضنا وجودا واحدا يكون بعضه مصداقا لعنوان وبعضه الآخر مصداقا لعنوان آخر فانه في مثله لا يلزم سراية الامر ولا شيء من مبادئه إلى متعلق النهي ولا العكس لفرض ان الحد الذي يكون مصداقا لعنوان المامور به ليس نفس الحد الذي يكون للمنهي عنه. وقال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٤٠ واما ما

.................................................................................................

______________________________________________________

قاله من ان الوحدة الحقيقية في الله تعالى لا تنثلم بواسطة تعدد الجهات مثل العلم والقدرة ففيه ان صدق العالم عليه وعلى غيره وان كان بالنظر البدوي بمعنى واحد وان مطابق العلم فيه تعالي كمطابق العلم في قولنا زيد عالم ولكن في الواقع بينهما فرق كثير فان علم الممكن بمعلومه بقدر وجوده الامكاني المحدود ولا يمكن الاحاطة له بالمعلوم الممكن فضلا عن الاحاطة بخالقه والممكنات فيها جهة الكثرة بخلافه تعالى فانه في مرتبة ذاته يكون بسيطا من جميع الجهات ولا يقبل القسمة لا في الوهم ولا في العقل واما في مرتبة ما دون الذات وهي مرتبه فعله تعالى فيمكن انتزاع جهات الكثرة فان المخلوقات منه تعالى ولها تكثر فلا يقاس وحدته بوحدة الممكنات. ولعل وجه تنظر وتشبيه ولا يعتبر ان يكون المشبه مساويا للمشبه به في جميع الجهات فلنرجع إلى كلام صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٥٠ رابعتها انه لا يكاد يكون للموجود بوجود واحد الا ماهية واحدة وحقيقة فارده لا يقع في جواب السؤال عن حقيقته بما هو الا تلك الماهية فالمفهومان المتصادقان على ذلك لا يكاد يكون كل منهما ماهية وحقيقة كانت عينه في الخارج كما هو شان الطبيعي وفرده فيكون الواحد وجود او احدا ماهية وذاتا لا محاله فالمجمع وان تصادقا عليه متعلقا الامر والنهي إلّا انه كما يكون واحدا وجودا يكون واحدا ماهية وذاتا ـ إلى ان قال اذا عرفت ما مهدناه عرفت ان المجمع حيث كان واحدا وجودا وذاتا كان تعلق الامر والنهي به محالا ولو كان تعلقهما به بعنوانين لما عرفت من كون فعل المكلف بحقيقته وواقعيته الصادرة عنه متعلقا للاحكام لا بعناوينه الطارية عليه. وبعد ما عرفت ان المقدمات غير تامة فلا ينتج النتيجة اصلا.

منفعته والله العالم بحقائق احكامه وينبغي التنبيه على امور منها (١)

______________________________________________________

في قيد المندوحة

(١) ذكر الاصوليون لهذه المسألة تنبيهات التنبيه الاولى في اعتبار قيد المندوحة وجود فرد آخر غير المجمع في جواز الاجتماع وعدمه ام لا فيه اقوال قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٩ انه ربما يؤخذ في محل النزاع قيد المندوحة في مقام الامتثال ـ اي قدرة المكلف على امتثال الامر بغير مورد الاجتماع ـ بل ربما قيل بان الاطلاق انما هو للاتكال على الوضوح اذ بدونها يلزم التكليف بالمحال ـ اي التكليف بغير المقدور وهو قبيح ـ ولكن التحقيق مع ذلك عدم اعتبارها فيما هو المهم في محل النزاع من لزوم المحال وهو اجتماع الحكمين المتضادين ـ اي الكلام من جهة تضاد الامر والنهي نفسيهما الموجب لامتناع الجمع بينهما ويكونان معا تكليفا محالا لانه جمع بين الضدين كالامر والنهي بشيء واحد او ليس جمعا بينهما في شيء واحد فلا يكون محالا كالامر والنهي بشيئين ـ نعم لا بد من اعتبارها في الحكم بالجواز فعلا لمن يرى التكليف بالمحال محذورا ومحالا. يعني لو بنينا على الجواز لا بد من اعتبار المندوحة في الحكم بالجواز من جهة القدرة بناء على امتناع التكليف بالمحال سيما من المولى الحكيم هذا على مختار صاحب الكفاية من عدم دخالة المندوحة في المقام ونعم ما قال لان قيد المندوحة اجنبي من تكليف المحال وسيأتي واختار ذلك المحقق النائيني أيضا في الفوائد ج ١ ص ٤٤١ حيث قال هل وجود المندوحة يكفي في رفع غائلة التزاحم والتكليف بما لا يطاق او انه لا يكفي والاقوى في هذا المقام عدم الكفاية وان كان مقتضى ما تقدم عن المحقق الكركي من كفاية القدرة على

.................................................................................................

______________________________________________________

الطبيعة في الجملة ولو في بعض الافراد في صحة تعلق التكليف بها وانطباقها على الفرد المزاحم للمضيق او الاهم ويتحقق الاجزاء عقلا هو كفاية وجود المندوحة في المقام ايضا وان كان فرق بين المقام وبين ما افاده المحقق من حيث ان المراد بالمندوحة في المقام انما هي بالنسبة الى الافراد العرضية حيث ان للمكلف ايجاد الصلاة في الدار المباحة وفي المسجد وفي الدار الغصبية فتكون الصلاة في الدار الغصبية من احد افراد الصلاة العرضية والمراد من المندوحة في مقالة المحقق هي المندوحة بالنسبة إلى الافراد الطولية لان كلامه انما كان في الواجب المضيق المزاحم لبعض افراد الواجب الموسع في بعض الوقت ولكن هذا الفرق لا يكون فارقا في المناط فان مناط كفاية المندوحة في الافراد الطولية هو القدرة على الطبيعة في الجملة ولو في غير الفرد المزاحم المضيق هذا المقدار يكفى في حسن التكليف عقلا اذ لا يلزم التكليف بما لا يطاق لقدرة الفاعل على ايجاد الطبيعة ولو في الجملة فلا مانع من شمول اطلاق الامر بالصلاة للفرد المزاحم للازالة وتنطبق الطبيعة المأمور بها عليه قهرا فيتحقق الاجزاء عقلا وهذا الكلام كما ترى يجزي في الافراد العرضية أيضا لتمكن المكلف من ايجاد الصلاة مثلا في غير الدار الغصبية وهذا المقدار يكفى في صحة التكليف بالصلاة ويكون الفرد الماتي به من الصلاة في الدار الغصبية مما تنطبق عليه الطبيعة هذا ولكن اصل المبني عندنا فاسد كما تقدم في مبحث الترتب حيث ان القدرة المعتبرة في التكاليف لا ينحصر مدركها بحكم العقل بقبح التكليف بما لا يطاق بل القدرة معتبرة ولو لم يحكم العقل بذلك لمكان اقتضاء الخطاب القدرة على متعلقه حيث ان حقيقة الخطاب هو البحث على احد طرفي المقدور وترجيح احد طرفي الممكن فيعتبر في التكليف مضافا إلى قدرة الفاعل التي يحكم بها العقل القدرة على الفعل التي يقتضيها الخطاب والفرد

.................................................................................................

______________________________________________________

المزاحم للازالة او للغصب فيما نحن فيه ليس مقدورا عليه لان المانع الشرعي كالمانع العقلي فلا تنطبق عليه الطبيعة المامور بها بما انها مامور بها لان الانطباق من حيث السعة والضيق يدور مدار سعة القدرة وضيقها وليس للقدرة سعة تشمل الفرد وعليه لا تصح الصلاة في الدار الغصبية باطلاق الامر بالصلاة كما انه لا يمكن تصحيحها بالامر الترتبي لاستلزامه الامر بتحصيل الحاصل او الامر بالمجال اذ لا معني لقوله لا تغصب وان غصبت بالصلاة فصل لانه يكون من تحصيل الحاصل او ان غصبت بغير الصلاة فصلي لانه يكون من طلب المحال اما تصحيحها بالملاك فربما يتوهم انه لا مانع عنه ولازم ذلك صحة الصلاة في الدار الغصبية ولو عن علم وعمد ولكن يمكن دفع الاشكال بانه ليس لازم القول بالجواز في المقام الاول هو الصحة في صورة العمد لان الصلاة في الدار الغصبية وان كانت مشتملة على الملاك إلّا انها لمكان اتحادها مع الغصب في الايجاد والصدور كان ذلك مانعا عن التقرب بها لبغضها الفاعلى وعدم اتصاف صدورها منه بالحسن الفاعلى لخلطه بين المامور به والمنهي عنه في الايجاد والصدور والحسن الفعلي لا يكفى في التقرب ما لم ينضم اليه الحسن الفاعلى بحيث يصدر من الفاعلى حسنا إلى ان قال هذا كله اذا كان للمكلف مندوحة واما اذا لم يكن للمكلف مندوحة بل انحصر مكان الصلاة في الدار الغصبية فهذا تارة بسوء اختياره واخرى لا بسوء اختياره كالمحبوس في الدار الغصبية فان كان عدم المندوحة لا بسوء اختياره فهذا مما لا اشكال في صحة الصلاة منه في الدار الغصبية واما اذا كان ذلك بسوء الاختيار إلى آخر كلامه وسيأتي مفصلا بيانه واورد عليه استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٦٨ اشكالا مبنائيا قال قد عرفت فيما تقدم ان حقيقة الوجوب ليست إلّا عبارة عن اعتبار كون فعل ما على ذمة المكلف وهذا المعني في نفسه لا

.................................................................................................

______________________________________________________

يقتضي اعتبار القدرة على ذلك الفعل وانما تكون القدرة معتبرة بحكم العقل في مقام الامتثال دون مرحلة التكليف الا في موارد تلزم اللغوية من الاعتبار المزبور وعليه يترتب ان الحق في المقام هو القول الجواز من الجهة الثانية فيصح الاتيان بالمجمع بداعي امتثال الامر بالطبيعة ولو كان ذلك حال العلم والعمد أيضا بل التحقيق جواز ذلك حتى على القول باقتضاء طلب شيء اعتبار القدرة عليه لان حرمة ما يكون مقارنا لفرد المامور به لا تجعل ذلك الفرد غير مقدور عليه ليخرج بذلك عن حيز الامر ضرورة ان عدم القدرة على شيء اما ان يتحقق بالعجز عنه تكوينا واما بالنهي عن نفس ذلك الشيء او عن مقدماته المتوقفة عليه عقلا لان الممنوع شرعا كالممتنع عقلا واما في غير ذلك فلا موجب لدعوى كون فعل ما غير مقدور عليه اصلا ومن الواضح ان الاتيان بفرد المامور به في ضمن المجمع بما انه مقدور عليه تكوينا وغير منهي عنه شرعا اذا المفروض عدم سراية النهي عن ملازمه اليه لا موجب لكونه خارجا عن حيز الامر فلا وجه لدعوى اختصاص الطلب بغير الفرد المجمع مع المنهي عنه خارجا وعليه فلا مانع من صحة الامتثال باتيان المأمور به في ضمن المجمع ولو كان ذلك في حال العلم والعمد. وتقدم الكلام في اشتراط القدرة وسيأتي أيضا في بعض التنبيهات والمحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٦٤ في اعتبار المندوحة وعدم اعتبارها قال قد مران حيثية تعدد المعنون بتعدد العنوان وعدمه حيثية تعليلية الجواز وعدمه لا تقييدية مقومة للموضوع لئلا يحتاج عنوان البحث إلى التقييد بعدم المندوحة ليتمحض البحث في خصوص الجواز والامتناع من حيث خصوص التضاد وعدمه وجعل البحث جهتيا ومن حيث كذا مع عدم مساعدة العنوان غير صحيح مع ان الغرض الاصولي حيث انه يترتب على الجواز الفعلي فلا بد من تعميم البحث واثبات الجواز من جميع الوجوه

.................................................................................................

______________________________________________________

اللازمة من تعلق الامر والنهي بواحد ذي وجهين لا الوجوه العارضة من باب الاتفاق فلا يقاس المندوحة وعدمها بسائر الجهات الاتفاقية المانعة من الحكم بالجواز فعلا لا يقال بعد القول باستحالة التكليف بما لا يطاق لا فرق بين وجود المندوحة وعدمها لان امتثال الامر والنهي في المجمع محال على اي حال فان القدرة على امتثال الامر في غير المجمع لا تصحّح الامر بالمجمع لانا نقول سيأتي منا إن شاء الله تعالى امكان الفرق بين وجود المندوحة وعدمها بناء على تعلق الامر بايجاد الطبيعة من دون لحاظها فانية في افرادها بل بمجرد الفناء في حقيقة الوجود من دون لحاظ الكثرات فان الوجود المضاف إلى الطبيعة هكذا مقدورة بالقدرة على فرد في الخارج دون ما اذا لم يكن مقدورا بوجه اصلا نعم يمكن ان يقال بعدم لزوم التقييد بعدم المندوحة من طريق آخر وهو انه لو كان تعدد الوجه مجديا في تعدد المعنون لكان مجديا في التقرب به من حيث رجحانه في نفسه فان عدم المندوحة يمنع عن الامر لعدم القدرة على الامتثال ولا يمنع عن الرجحان الذاتي الصالح للتقرب به فكما ان تعدد الجهة يكفي من حيث التضاد كذلك يكفى من حيث ترتب الثمرة وهي صحة الصلاة فلا موجب التقييد بعدم المندوحة لا على القول بالتضاد لكفاية الاستحالة من جهد التضاد في عدم الصحة ولا على القول بعدم التضاد لما عرفت من كفاية تعدد الجهة من حيث التقرب أيضا. هذا كله ولكن المحقق العراقي قد فصل على اختلاف المسالك في المسألة ذلك استادنا الآملي في المنتهى ص ١٢٤ ان محذور الاجتماع امران احدهما هو اجتماع الضدين لو سري الامر بمبادئه إلى متعلق النهي وبالعكس ثانيهما هو لزوم التكليف بما لا يطاق لو كانت الارادة والكراهة فعليتين في مورد الاجتماع اما لزوم اجتماع الضدين فوجود المندوحة لا يدفعه ولا يمنعه اذا كان اجتماع الامر والنهي في الواحد ذي الجهتين مستلزما لسراية كل منهما إلى متعلق الآخر كما ان عدم المندوحة لا يوجب السراية اذا كان تعدد الجهة مانعا من السراية المذكورة واما لزوم التكليف بما لا يطاق فيختلف حسب اختلاف الامر في اعتبار المندوحة باختلاف مباني القول بالجواز.

انه على القول بالجواز بمناط عدم السراية من الطبيعي إلى فرده (١) امكن دعوى الفرق (٢) بين مقام المحبوبيّة والمبغوضية وبين الارادة الفعلية والكراهة اذ في عالم المحبوبية والمبغوضية (٣) لا مانع (٤) في المجمع بين محبوبية الطبيعة ومبغوضية الفرد حتّى مع عدم المندوحة وانحصار امر الطبيعة بالفرد الحرام وهذا بخلاف مقام الارادة الفعلية (٥) اذ (٦) مع انحصار الامر بالفرد المحرم

______________________________________________________

(١) فعلى مبني من يري ان الأمر والنهي لا يسري شىء منهما من متعلقه إلى فرده الخارجي لان الخارج بالإضافة إلى المكلف به موطن سقوط التكليف لا موطن ثبوته.

(٢) لا بد من التفصيل على هذا المبني بين الحب والبغض والارادة والكراهة.

(٣) اي الاول وهو مقام المحبوبية والمبغوضية.

(٤) لا مانع من تعلق بعض مبادئ التكليف كالحب والبغض بمتعلق التكليف ولو لم يكن نفس التكليف فعليا لعدم المندوحة مع فعلية التكليف الآخر اذا لا يلزم محذور من تعلق الحب بالطبيعة المامور بها وتعلق البغض بالطبيعة المنهي عنها لان محذور التكليف بما لا يطاق مختص بفعلية نفس التكليف ـ اي تعلق البعض بالفرد ومع انحصار الطبيعة المامور بها بالفرد لعدم سراية الحكم من الطبيعة إلى الفرد.

(٥) اي الثاني وهي الارادة الفعلية والكراهة كذلك فلا يمكن الاجتماع لان الكراهة متعلقه بالفرد والارادة متعلقة بالطبيعة لكن الامتثال بايجاد الفرد ففي الفرد يلزم اجتماع الضدين.

(٦) لا مناص عن اعتبار وجود المندوحة اذ مع عدمها لا يكون إلّا احد التكليفين فعليا لاستحالة فعليتهما معا من الحكيم حيث لا يستطيع المكلف الا على امتثال احدهما.

وتوقف امتثال الطبيعة بايجاد فرده يستحيل ح فعلية الارادة بايجادها مع فرض تعلقه الارادة الفعلية أيضا بترك فردها المنحصر بالمحرم نعم (١) وجود المندوحة لا باس بالجمع بين فعلية الارادة بالطبيعة والكراهة بفرده الغير المنحصر به وإلى مثل هذه الصورة نظر من قال باشتراط المندوحة في مركز البحث واما على القول بالجواز بناء (٢) على السراية المزبور (٣) ومكثّرية الجهات في الموجود امكن دعوى عدم اجتماع الارادة والكراهة في الوجود الواحد حتّى مع وجود المندوحة فضلا عن عدمها وذلك لان الجهتين في الوجود الواحد اذ كانا (٤)

______________________________________________________

(١) اي في صورة وجود المندوحة ومثلا كان الافراد غير المغصوبة أيضا موجودة فيمكن الخطاب الامر بلحاظ الطبيعة والنهي بلحاظ المصاديق المغصوب هذا على القول الاول بعدم السراية.

(٢) اي القول الثاني بالجواز والسراية.

(٣) اذا قيل بسراية التكليف من متعلقه إلى فرده وكفاية تعدد الجهد في عدم سراية الامر من متعلقه إلى متعلق النهي وبالعكس او كان تعدد الجهة موجبا لتعدد وجود مطابق الجهة فيكون التركيب بينهما انضماميا فوجود المندوحة لا يرفع محذور التكليف بما لا يطاق لفرض فعلية كلا التكليفين في المجمع نفسه ضرورة كون المكلف قادر اعلى امتثال كلا التكليفين بالفرد الذي يشمله كلاهما كما لا يخفى ـ اي ينتقل إلى الفرد المباح بحكم العقل ويبقي المحذور فالمندوحة وعدمها لا اثر له.

(٤) لعل الصحيح كانتا.

من قبيل المتلازمين (١) يستحيل تعلق الحكمين الفعليّين المتضادين بهما فلا يمكن (٢) ح التشبث باطلاق العنوان بالنسبة إلى حيث الوجوب لمثله بل لا محيص من تقييد العقل المتعلق للوجوب بفرد آخر مباح وعليه فاشتراط المندوحة لمثله في مركز البحث لغو صرف (٣) كما ان دعوى القائل بالجواز (٤) بان (٥) الاجتماع مأموري لا آمرىّ (٦) في غير محلّه (٧) لو اريد اجتماع الخطابين

______________________________________________________

(١) اي كما لو كان كاستقبال القبلة واستدبار الجدي في العراق ونحوه من المتلازمين فلا يمكن ان يكونا محكومين بحكمين متخالفين فعلين وح اشتراط المندوحة أيضا لغو ولا اثر له لكونه تكليف بما لا يطاق.

(٢) اي لا يمكن بشمول اطلاق الامر على الطبيعة بالنسبة إلى هذا الفرد المزاحم.

(٣) اي فيحكم العقل بان الواجب غير فرد المحرم فلا وجه ح لوجود المندوحة وعدمه لعدم فعلية الامر بالنسبة إلى الفرد المزاحم.

(٤) اي يدعي القائل بالجواز بان.

(٥) وجود المندوحة يوجب كون اجتماع كلا التكليفين مأموريا اي ان المأمور هو الذي اوجبه على نفسه بسوء اختياره.

(٦) ولا قبح فيه على الامر ومع عدم المندوحة يلزم ان يكون الاجتماع امريا لو كان كلا التكليفين فعليا اي ان المولي هو الذي اوقع المكلف في ضيق ما لا يطيق من التكليف ولا ريب في قبح ذلك.

(٧) اي هذه الدعوى غير تام اذا اريد الارادة والكراهة الفعليتين إذ قد عرفت ان محذور الاجتماع تارة ينشأ من ناحية اجتماع الضدين وأخرى ينشأ من ناحية التكليف بما لا يطاق فعلي القول بالجواز باحد تلك المباني المذكورة.

مضمونا اذ لا يكاد يتم هذا البيان لا في الجواز بمعنى عدم السراية ولا بمعنى السراية ومكثرية الجهات اذ على الاول (١) فلا يكون اجتماع حتّى من المأمور (٢) واما (٣) على مكثرية الجهات والسراية (٤) فيكون الاجتماع آمريا أيضا (٥) بالنسبة إلى مرتبة الارادة (٦) ولو مع وجود المندوحة

______________________________________________________

(١) اي عدم السراية.

(٢) لا يلزم من فعلية كلا التكليفين في المجمع محذور اجتماع الضدين لا من ناحية الامر ولا من ناحية المامور ولو لم تكن مندوحة ـ اي لان الامر والنهي على الطبيعة ولا يسري إلى الفرد اصلا ـ وعلى القول بالامتناع يلزم محذور اجتماع الضدين من ناحية الامر ولو مع وجود المندوحة لفرض ان الامر هو الذي كلف المكلف بالمجمع امرا ونهيا ـ اي الوجود الواحد.

(٣) اي المبني الآخر على القول بالجواز من سراية الحكم من الطبيعي إلى الفرد فتارة يكون الكلام في الجهة المشتركة وأخرى في مادة الافتراق ثم تارة في مرتبة المحبوبية والمبغوضية واخرى في مرحلة الارادة والكراهة الفعليتين بيانه.

(٤) اما محذور التكليف بما لا يطاق فبناء على سراية التكليف من متعلقه إلى فرده يلزم التكليف بما لا يطاق من ناحية الامر ولو مع وجود المندوحة.

(٥) لفرض ان المولي قد كلف العبد في المجمع بتكليفين لا يقدر على امتثالهما معا.

(٦) اي هذا بالنسبة إلى الارادة والكراهة الفعليتين.

كما عرفت و (١) بالنسبة إلى مرتبة المحبوبية والمبغوضية أيضا يكون الاجتماع امريا أيضا في فرض اتحاد الفردين في جهة مشتركة وفي (٢) فرض عدم اشتراكهما في تلك الجهة فلا يكون الاجتماع ماموريا أيضا اذ اجتماع في معروضي الحكمين على هذا الفرض من دون فرق في هذا المقام أيضا بين وجود المندوحة وعدمه (٣) نعم (٤) امكن الفرق في مرتبة الارادة بين صورة وجود المندوحة وعدمه من جهة أخرى وهو ان في فرض المندوحة يصدق ان الامر ما القي المكلف فيما لا يطاق وانما هو اقدم لسوء

______________________________________________________

(١) اي فرض المحبوبية والمبغوضية في الجهة المشتركة التي تقدمت لا محاله يكون الاجتماع امريا لما تقدم ان المولي كلف العبد في المجمع بتكليفين متضادين.

(٢) اي فرض المحبوبية والمبغوضية في غير الجهة المشتركة فلا يكون الاجتماع ماموريا لقدرة المكلف على اجتماعهما بعد ما كان الجهات متكثرة وان شئت قلت التركيب انضمامي ولا اثر لوجود المندوحة وعدمها.

(٣) وعلى كل حال فلا وجه للتفصيل بين وجود المندوحة ليكون الاجتماع مأموريا وبين عدمها ليكون الاجتماع آمريا الخ فالاجتماع الامر والنهي في العمل الواحد محال سواء كان بسوء الاختيار ام لا.

(٤) ثم بيّن جهة اخرى في رد الفرق بين وجود المندوحة وعدمها في فرض الارادة الفعلية بانه عند وجود المندوحة يصدق عرفا ان المولى لم يلق المكلف فيما لا يطاق وانما هو اقدم بسوء اختياره باتيان الفرد المحرم بخلاف ما لو لم يكن له المندوحة فيصدق عرفا ان الشارع هو الذي القي المكلف بخطابيه فيما لا يطاق.

اختياره في امتثال الامر في الفرد الحرام بخلافه في فرض عدم المندوحة بان الشارع القي المكلف بخطابيه فيما لا يطاق و (١) هذه الجهة غير مرتبط بمقام الاجتماع الامري والمأموري في مضمون خطابه نعم لو اريد من الاجتماع في المقام هو الاجتماع في عالم الامتثال لا الاجتماع بين الامر والنهي كان للتفصيل المزبور وجه (٢) فتدبر كي لا يختلط الامر عليك ومنها (٣) انه بعد ما عرفت من فحاوى كلماتنا بل في مسألة تعلق الاوامر بالطبائع او.

______________________________________________________

(١) والكلام انما يكون في التزاحم في مرحلة الخطاب والملاك دون القدرة في مقام الامتثال كما سيأتي مفصلا فالاجتماع الامري والمأموري في مضمون الخطاب أجنبي عن وجود المندوحة وعدمها كما لا يخفى.

(٢) واما التزاحم في مرحلة الامتثال وقدرة المكلف على الجمع يكون للتفصيل المزبور بين وجود المندوحة وعدمها وجه وجيه فان عند عدمها هو الذي القي المكلف بخطابيه في ما لا يطاق بخلاف ما له المندوحة فان المكلف بنفسه القي نفسه فيما لا يطاق كما هو واضح.

(٣) الثانية في ابتناء مسألتنا على اصالة الوجود او الماهية قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٥١ ولا يتفاوت فيه القول باصالة الوجود او اصالة الماهية ومنه ظهر عدم ابتناء القول بالجواز والامتناع في المسألة على القولين في تلك المسألة كما توهم في الفصول كما ظهر عدم الابتناء على تعدد وجود الجنس والفصل في الخارج وعدم تعدده ضرورة عدم كون العنوانين المتضادين عليه من قبيل الجنس والفصل له وان مثل الحركة في دار من اي مقولة كانت لا يكاد يختلف حقيقتها وماهيتها و ـ اي لا يكاد ـ يختلف ذاتياتها وقعت جزء للصلاة او لا كانت تلك الدار مغصوبة او لا. وذكر في الفصول ص ١٢٧ الاول ان الطلب

.................................................................................................

______________________________________________________

مما يمتنع تعلقه بالطبائع المجردة عن اعتبار الوجود والعدم وذلك ظاهر بشهادة العقل والعرف ضرورة ان الامر والنهي يشتركان في هذا القدر اعني طلب الماهية فلا يتمايزان ما لم يعتبر مطلوبية الماهية في احدها من حيث الوجود وفي الآخر من حيث العدم إلى ان قال ـ واعلم ان هذا الدليل يبتني على أصلين احدهما ان لا تمايز بين الجنس والفصل ولواحقهما العرضية في الخارج كما هو المعروف واما لو قلنا بالتمايز لم يتحد المتعلق فلا يتم الدليل الثاني ان للوجود حقائق خارجيه ينتزع منها هذا المفهوم الاعتباري كما هو مذهب اكثر الحكماء وبعض المحققين واما اذا قلنا بانه مجرد هذا المفهوم الاعتباري ينتزعه العقل من الماهيات الخارجية ولا حقيقة له في الخارج اصلا كما هو مذهب جماعة فلا يتم الدليل أيضا ـ إلى ان قال ـ ولنا ان نقدر الدليل بوجه لا يبتني على هذا الاصل فنقول لا ريب في ان الطلب لا يتعلق بالماهية من حيث هي ولا من حيث كونها في الذهن بل من حيث كونها في الخارج لا بمعني ان الطلب لا يتعلق إلّا بما هو موجود في الخارج كيف وتعلق الطلب سابق على وجود المطلوب لامتناع تحصيل الحاصل بل بمعني ان العقل يلاحظ الماهية الخارجية من حيث كونها خارجيه ويجعلها بهذا الاعتبار مورد الطلب والمنع الخ لعل البيان الاخير هو الذي يكون المختار وعليه المحقق العراقي من تعلق التكاليف بالصورة الذهنية الحاكية عن الخارج فكما في الخارج ياتي في الذهن ويتعلق به الحكم اما الشق الاول من ابتناء الخلاف المذكور على ذلك بان القول بالامتناع مبتني على القول بأصالة الوجود لانه على هذا القول يكون متعلق الامر والنهي أمرا واحدا وهو الوجود ولا كذلك لو قلنا باصالة الماهية لان موضوع الامر ماهية وموضوع النهي ماهية اخرى فلا يكون متعلقهما امرا واحدا حتى يمتنع اجتماعهما واجاب عنه صاحب الكفاية بان القول باصالة

.................................................................................................

______________________________________________________

الماهية لا ينفع في تعدد موضوع الامر والنهي لان المفهومين المأخوذين موضوعا للامر والنهي حاكيان عن ماهية واحدة في الخارج لا ماهيتين وان وحدة كل من الوجود والماهية تستلزم وحدة الآخر وكذا تعدد كل تعدد الآخر لان الوجود نفس كون الماهية وتحققها وليس شيئا ينضم اليها فهما متحدان خارجا واختلافهما في الذهن لكن الاشتباه من صاحب الكفاية فان صريح عبارة الفصول كما عرفت ابتناء الدليل الاول على الاصلين لا ابتناء الخلاف في المسألة عليهما ومن هنا قال بعد ذلك ولنا ان نقرر الدليل على وجه لا يبتني على هذا الاصل يعني الاصل الثاني وقد عرفت وح لو كان المراد ابتناء الدليل حيث اخذ فيه الوجود فالابتناء في محله واما الشق الثاني وهو القول بتعدد الجنس والفصل في الخارج فذكر صاحب الكفاية لا يجدي في تعدد موضوع الامر والنهي إلّا اذا كان موضوع احدهما الجنس وموضوع الآخر الفصل وليس كذلك فان عنواني الغصب والصلاة ليسا من العناوين الذاتية ليكون احدهما جنسا والآخر فصلا بل هما معا خارجان عن الحقيقة فان اي نوع من الحركة يفرض له حقيقة معينه لا يفارقها دائما حينما يكون صلاة او غصبا او لا فلا تختلف حقيقته بطروه احد العناوين عليه وعدمه فلو كان كل من الصلاة والغصب جنسها وفصلها لاختلفت قهرا حقيقتها وتتخلف ذاتياتها لكن فيه لم يقتصر في الفصول على ذكر الجنس والفصل كما تقدم بل عطف عليهما اللواحق العرضية وح فان كان العنوان من اللواحق العرضية كالماشي والعالم وكالغصب والصلاة جاء فيه الكلام المذكور من كونه متحدا مع الذات او ممتازا عنها في الخارج ومراد صاحب الفصول بتعدد وجود العارض مع الجنس والفصل او اتحاده على ما تقدم مضافا إلى ان الجنس والفصل ليسا من الاجزاء الخارجية كي يتمايزان خارجا بل هما من الاجزاء التحليلية بمعني ان العقل

.................................................................................................

______________________________________________________

بالتعمل يحلل النوع ويفصله إلى جنس وفصل كما مر لكن ذكر المحقق الاصفهاني في النهاية في بيان هذا الابتناء ج ١ ص ٢٧٥ فاذا كانت الماهية متاصله فمناط تاصلها وتحصلها نفسها فمورد الامر غير مورد النهي تحصلا بخلاف ما اذا كان الوجود اصيلا فان اتحاد الماهيتين في الوجود امر معقول كاتحاد الماهية الجنسية والماهية الفصلية في الوجود فتكون مورد الامر والنهي تحصلا واحدا فلذا اجاب قدس‌سره بان وحدة المطابق في الخارج هنا مسلم سواء كان المطابق المزبور مطابق الماهية بالذات مطابق الوجود بالعرض كما يقول به القائل باصالة الماهية وكان مطابق مفهوم الوجود بالذات ومطابق الماهية بالعرض كما يقول به القائل باصالة الوجود وماهية الصلاة وماهية الغصب ليستا من الماهيات الحقيقية المقولية ليلزم جريان النزاع المزبور فيهما بل من المفاهيم العنوانية الاعتبارية وإلّا فيستحيل ان يكون لوجود واحد ماهيتان وحدّ ان حقيقيان لوجوده وسيجيء إن شاء الله بطلان القياس بالماهية الجنسية والفصلية إلى آخر كلامه وذكرناه للتوضيح المجرد قال المحقق النائيني والفوائد ج ١ ص ٤١٨ فانه حتى على القول بأصالة الوجود يجري النزاع من جهة دعوى اتحاد وجود المتعلقين او عدم اتحاده وان لكل منهما حظا من الوجود يخصه لا ربط له بالآخر وان كان المترائي وجودا واحدا بالعدم دالا انه في الحقيقة وجودان منضمان. ومر الكلام فيه.

الافراد (١) ان امثال هذه الصفات الوجدانية من الارادة والكراهة كالعلم والجهل بل والتمني والترجي وامثالها لا يكاد ان يتعلق بالوجود خارجا (٢) وانما مركزها العناوين بما هي حاكيات عنه (٣) لا بما هي هي أيضا (٤) ومآلها إلى الوجودات الزعمية لا الحقيقية الخارجية (٥) ظهر لك (٦) ان في باب تعلق الاحكام لا يبقى مجال للبحث في حقيقة الوجود وانه اصيل ام ليس باصيل اذ مثل هذا البحث غير مرتبط

______________________________________________________

(١) ذكر المحقق الماتن تقدم مرار ان الكيفيات النفسانية والصفات الوجدانية بما أنها من الامور النفسانية لا بد وان يتعلق بأمر نفساني فكل حكم موجود في موطن كالذهن فلا بد وان يكون موضوعه ومتعلقه أيضا في نفس ذلك الموطن اي الذهن كالارادة والكراهة والعلم والجهل وغيرها من الصفات.

(٢) ولا تتعلق هذه الصفات بالخارج عن الذهن لانه يباين الوجود الذهني ويغايره وموطنين فكيف يتعلق به وقد مر مرارا ان الوجود الخارجي ظرف السقوط لا ثبوت التكليف.

(٣) فتتعلق الارادة والكراهة وغيرهما من الكيفيات النفسانية بالصور الذهنية على ما في الخارج بحيث يكون حاكيات عن الخارج بجميع حدوده.

(٤) ولا تتعلق بالصورة الذهنية المجردة بما هي هي فانها ليست إلّا هي وإلّا كانت تسقط الارادة والكراهة بمجرد تعلقها بالصورة الذهنية ولا يحتاج إلى الاتيان خارجا.

(٥) ويعبر المحقق الماتن عما تتعلق بها الارادة والكراهة بالوجود الزعمي.

(٦) ومن هذه الجهة من انه لا ربط بتعلق الارادة والكراهة بالوجود الخارجي تعرف ان البحث في ان الاصل هو الوجود والماهية امر اعتباري او بالعكس لا اثر له في المقام ولا يبتني مسألتنا بذلك.

بباب (١) موضوعات الاحكام بالمرة (٢) كما ان البحث (٣) عن اصالة الماهية قبال اصالة الوجود أيضا اجنبية عن موضوعات الاحكام التي ليست مثل هذه الماهيات الاصليّة بما هي هي في قبال الوجود بل بما هي حواك عن الوجود ومرائي لها على وجه لا يري بينهما اثنينيّة اصلا علاوه (٤) عن ان العناوين المأخوذة في طي الاحكام غالبا ليست من الماهيات الاصلية الماخوذة من جنس مخصوص وفصل كذلك بل هي من مقدّرات (٥) تلك الماهيّات ومحدداتها بحدّ اعتباري مخصوص مع (٦) كون العنوانين ربما

______________________________________________________

(١) فان البحث في ان الوجود هو الاصيل والماهية امر اعتباري وحدّه واو الماهية امر اصيل والوجود من حدوده وعوارضه.

(٢) لا ربط له بالمقام وهو ان متعلق الارادة والكراهة وبتعبير آخر متعلق الوجوب والحرمة وبتعبير المحقق الماتن موضوعات الاحكام اي شيء هي الصورة الذهنية ام الوجود الخارجي وهو الفرد هذا اولا.

(٣) وثانيا ان البحث عن اصالة الماهية أجنبية عن المقام وهو البحث عن متعلق الإرادة والكراهة بوجه آخر لان البحث عن اصالة الماهية انما تكون بما هي هي في قبال الوجود بانها اصيل او الوجود وليس البحث في المقام في الماهية كذلك بما هي هي بل بما هي حاكية عن الوجود الخارجي ومرآة له على وجه يري انه الخارج وفان فيه ولذا يسري الحسن والقبح من احدهما إلى الآخر كما مر مرارا.

(٤) وثالثا ان ما يتعلق به الارادة او الكراهة ليس غالبا من الماهيات الاصيلة التي لها جنس وفصل كالجوهر والعرض.

(٥) بل يكون من المفروضات من الماهيات المحدودة بحد اعتباري كالبيع والاجارة والملكية والزوجية ونحوها.

(٦) ورابعا ان الموضوع والمتعلق في الارادة والكراهة ربما يكون من مقولة واحدة كالصلاة والغصب على قول والعالم والفاسق على القول بدخولهما في محل النزاع ونحو ذلك فلا تكون ماهيتين حتّى يكون على القول باصالة الماهية لا بد من القول بجواز الاجتماع.

يكونان من مقولة واحدة كما اشرنا سابقا وح جعل البحث عن اصالة الوجود او الماهية من مقدمات هذه المسألة ليس إلّا تبعيدا للمسافة بلا دخله في تمامية المسألة نفيا ام اثباتا كما لا يخفى.

ومنها (١) انه بناء على مسلكنا من عدم امكان توجه المحبوبية والمبغوضية إلى جهة واحدة قد يستشكل في العبادات المكروهة خصوصا فيما لا بدل لها اذ فيها كان مجال توهم الاجتماع الامرى

______________________________________________________

في العبادات المكروهة

(١) الثالثة قال في الكفاية ج ١ ص ٢٥٣ منها انه لو لم ينجز اجتماع الامر والنهي لما وقع نظيره ـ اي في الشرعيات ـ وقد وقع كما في العبادات المكروهة كالصلاة في مواضع التهمة وفي الحمام والصيام في السفر اي المندوب وفي بعض الايام اي كصوم يوم عاشوراء بيان الملازمة اي لو لم يجز الاجتماع لما وقع ـ انه لو لم يكن تعدد الجهة مجديا في امكان اجتماعهما ـ اي الامر والنهي لما جاز اجتماع حكمين آخرين ـ اي غير الامر والنهي ـ في مورد مع تعددها لعدم اختصاصهما ـ اي الأمر والنهي من بين الاحكام بما يوجب الامتناع من التضاد بداهة تضادها ـ اي الاحكام ـ باسرها والتالي باطل ـ أي جاز اجتماع حكمين آخرين لوقوع اجتماع الكراهة والايجاب او الاستحباب في مثل صلاة في الحمام والصيام في السفر وفي العاشوراء ولو في الحضر واجتماع الوجوب او الاستحباب مع الاباحة او الاستحباب في مثل الصلاة في المسجد او الدار والجواب عنه اما اجمالا ـ الى ان قال مع ان قضية ظهور تلك الموارد اجتماع الحكمين فيها بعنوان واحد ـ اي الصلاة او الصوم ـ ولا يقول الخصم بجوازه كذلك ـ اي بعنوان واحد ـ بل بالامتناع ما لم يكن بعنوانين وبوجهين فهو ايضا لا بد من التقصي عن اشكال الاجتماع فيها سيما اذا لم يكن هناك مندوحة كما في العبادات المكروهة التي لا بدل لها فلا يبقى له مجال للاستدلال بوقوع

(١) وتوهم (٢) ان الكراهة الفعلية غير مضر بالتقرب بالاتيان بداعي التوصل به إلى الغرض الاصلي (٣) كما هو احد المقرّبات في باب المقدمة على ما عرفت لانها لا يصلح للمبعدية كي يزاحم جهة

______________________________________________________

الاجتماع فيها على جوازه اصلا. فعليه يخرج عن موضوع النزاع وقد تقدم ان العموم المطلق أيضا داخل في محل النزاع على بعض الوجوه.

(١) بيان اجتماع الآمري قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٣٩ ولا يخفى ان اجتماع الحكمين في المواضع المذكورة يكون من اجتماع الحكمين المتضادين في وجود واحد ذي الجهتين ووقوعها في الشريعة وان لم يكشف عن امكان الامتثال فيما اذا كان النهي تحريميا للفرق بين التحريمي والتنزيهي بان التحريمي يكون مانعا عن التقرب بخلاف التنزيهي ولكن يكشف عن جواز الجمع بين الامر والنهي التحريمي في مقام الجعلى والانشاء او المحبوبية والمبغوضية ضرورة انه لا فرق في رفع غائلة اجتماع الضدين بين الحرمة والكراهة كما هو واضح. وهذا هو معنى اجتماع الامري من جعل الوجوب والكراهة على عنوان واحد فانه جاز ذلك مع تضادهما يجوز جعل الوجوب والحرمة أيضا.

(٢) هذا التوهم من صاحب الكفاية في حاشية الكتاب ج ١ ص ٢٥٦ يمكن ان يقال ان النهي التحريمي لذلك وان كان كافيا في ذلك ـ اي فساد العبادة ولو لم يكشف عن خرازة ـ بلا اشكال إلّا ان التنزيهي غير كاف ـ اي في فساد العبادة ـ إلّا اذا كان عن خرازة فيه وذلك لبداهة عدم قابلية الفعل كان عن خرازة فيه وذلك لبداهة عدم قابلية الفعل للتقرب منه تعالي مع المنع عنه وعدم ترخيصه في ارتكابه بخلاف التنزيهي عنه اذا كان لا لحزازة فيه بل لما في الترك من المصلحة الراجحة حيث انه معه مرخوص فيه وهو على ما هو عليه من الرجحان والمحبوبية له تعالى ولذلك لم تفسد العبادة اذا كانت ضد المستحبة اهم اتفاقا فتامل. ولازمه ح ان المانع عن التقرب احد الامرين اما النهي التحريمي او المفسدة والحزازة.

(٣) أي حصول المصلحة.

التقرب به مدفوع (١) بان الكراهة الفعلية أيضا موجبة لعتاب وفيه أيضا مرتبة من المبعّدية المضادة مع التقرب (٢) بمثله وحيث ان الكراهة الفعلية حسب الفرض تلازم عدم الامر لان الاحكام باسرها متضادة لا يكون التقرب المزبور (٣) اقوى موجبا عن البعد الناشئ عن الكراهة المسطورة ومن هذه الجهة (٤) ربما استظهر القائل

______________________________________________________

(١) واجاب عنه المحقق الماتن بان الكراهة الفعلية أيضا لها مرتبة من البعد عن المولى مانع عن المقربية.

وبمثل ذلك ذكر المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٨٣ مخالفة النهي يوجب البقاء غاية الامر ان التحريمي منه يوجب مخالفته بعدا من المولى في بعض المراتب والتنزيهي منه يوجب البعد عنه في بعض المراتب الأخر كموافقة الامر اللزومي والامر الندبي فانها توجب القرب من المولي بحسب مراتب القرب المترقب في الواجبات والمستحبات وعليه فاذا كان الفعل موجبا للبعد بملاحظة كونه مخالفة للنهي فلا يعقل ان يكون موجبا للقرب بلحاظ تلك المرتبة التي لوحظ القرب والبعد بمقدار بلحاظ بعض ما رتب القرب والبعد لا ينافي كونه مبعدا بذلك المقدار مع عدم البعد المرتب على ترك الواجبات وفعلي المحرمات الذي بلحاظه يكون الفعلى مرخصا فيه واما المفسدة والحزازة فهما بما هما مفسدة وحزازة لا تنافيان القرب ولا تقضيان لبعد بل المنافي للقرب هو البعد والمقتضي للقرب والبعد موافقة الامر والنهي ومخالفتهما بما بما هما عدل في لعبودية او ظلم على المولي.

(٣) ثم يقول المحقق الماتن ان الكراهة الفعلية تلازم عدم الامر لان الاحكام متضادة بلا فرق بين الامر والنهي التحريمي او الامر والنهي التنزيهي بينهما تزاحم فلا يكون الامر المزبور ولا التقرب به القوي موجبا عن مبعدية الكراهة المسطورة المعهودة المذكورة حتى يكون الامر اهم ويسقط به المهم وهو النهي بل متساويين.

(٤) يعني عند تزاحم الامر مع النهي التنزيهي ولم يكن احدهما اقوى من غيره.

بالجواز وجعل ذلك برهانا على مدّعاه كما ان القائل بالامتناع وقع من هذه في حيص وبيص ورفع اليد عن عنوان الكراهية الفعلية وجعل الكراهية في العبادات بمعنى أقلية الثواب (١) ولو لمزاحمة المفسدة الغير اللازمة لمرتبة من المصلحة التي طبع العبادة مقتضي لها فصارت العبادة المزبورة اقل ثوابا عما يقتضيه

______________________________________________________

(١) واما القائلين بالامتناع فذكر والتوجيه ادلة الكراهة وجوها الوجه الاول هو الذي ذكره الشيخ الاعظم الانصاري في التقريرات ص ١٣١ الاول ما ذكره جماعة من ان الكراهة في هذه العبادات كاستحبابها وإباحتها ليست على حقائقها المصطلح عليها من مرجوحية الفعل ورجحان الترك ورجحان الفعل ومرجوحية الترك وتساويهما حتى يلزم من اتصاف الواجب بهذه الاوصاف اجتماع الضدين بل المراد بها كون الواجب أقل ثوابا من الثواب المقرر لطبيعة ذلك الواجب او اكثر ثوابا منها او مشتملا على ذلك الثواب فقط وأوضحه بعض المحققين في حاشية المعالم حيث قال ان اقصي ما يقتضيه ذلك مرجوحية تلك التصرفات بالنظر إلى ذواتها وهو لا ينافي رجحانها من جهة أخرى نظر إلى وقوعها جزءا من العبادة الواجبة وح يقع التعارض بين الجهتين ومن البين ان مرجوحية المكروه لا يوازي رجحان الواجب فغاية الامر ان يحصل هناك نقص في ثواب الواجب ـ إلى ان قال ـ غاية الامر ان يكون أقل ثوابا عن العاري عن تلك المنقصة. واوضحه صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٧٥ كما يمكن ان يكون بسبب حصول منقصة في الطبيعة المأمور بها لأجل تشخصها في هذا القسم بمشخص غير ملائم لها كما في الصلاة في الحمام فان تشخصها بتشخص وقوعها فيه لا يناسب كونها معراجا وان لم يكن نفس الكون في الحمام بمكروه ولا حزازة فيه اصلا بل كان راجحا كما لا يخفي وربما يحصل لها لاجل

طبعها في فرد آخر كي (١) لا يرد عليه ان بعض العبادات اقل ثوابا

______________________________________________________

تخصصها بخصوصية شديد الملاءمة معها مزية فيها كما في الصلاة في المسجد والأمكنة الشريفة وذلك لان الطبيعة المامور بها في حد نفسها اذا كان مع تشخص لا يكون معه شدة الملاءمة ولا عدم الملاءمة لها مقدار من المصلحة والمزية كالصلاة في الدار مثلا ويزداد تلك المزية فيما كان تشخصه بماله شدة الملاءمة وتنقص فيما اذا لم تكن له ملائمة ولذلك ينقص ثوابها تارة ويزيد أخرى ويكون النهي فيه لحدوث نقصان في مزيتها فيه ارشاد الى ما لا نقصان فيه من سائر الافراد ويكون اكثر ثوابا منه وليكن هذا مراد من قال ان الكراهة في العبادة تكون بمعنى انها تكون أقل ثوابا ولا يرد عليه بلزوم اتصاف العبادة التي تكون أقل ثوابا من الاخرى بالكراهة ولزوم اتصاف ما لا مزيد فيه ولا منقصة بالاستحباب لانه اكثر ثوابا مما فيه المنقصة لما عرفت من ان المراد من كونه اقل ثوابا انما هو بقياسه الى نفس الطبيعة المشخصة بما لا يحدث معه مزية لها ولا منقصة من المشخصات وكذا كونه اكثر ثوابا ولا يخفي ان النهي في هذا القسم لا يصلح لا للارشاد. كما عرفت والى ذلك أشار المحقق الماتن في العبارة.

(١) تقدم ما نقله الشيخ الانصاري في التقريرات ص ١٣١ ثم أجاب عن الايراد على هذا الوجه من عدم الضابط ولزوم مكروهية جل العبادات بانه ليس المراد بها مجرد اقلية الثواب بالنظر الى غيرها بل المقصود.

كونها أقل ثوابا بالنظر الى ما اعدّ من الثواب لتلك العبادة في حد ذاتها فقد يجيء هناك ما يزيد ثوابها من ذلك كما في المسجد ونحوه وقد يجيء ما يوجب نقصه كالصلاة في الحمام. وقال الشيخ الاعظم الانصاري في التقريرات ص ١٣٢ ويمكن دفعه بان المجيب بني جوابه على ان يكون المراد منقلة الثواب هو قلته بالنسبة الى الثواب المقرر للماهية ويستفاد منه بالمقايسة ان المندوب هو ما زاد ثوابه على ثواب الماهية والفرد المباح لا يزيد ثوابه على ثوابها. وقد مر توضيحه في كلام صاحب الكفاية أيضا.

عن بعض آخر ومع ذلك لا يسمى مكروها اذ (١) قلة الثواب لقصور الاقتضاء غير مرتبط بقلته لمزاحمة مصلحته مع المفسدة الخير الملزمة وما هو قابل لاطلاق الكراهة عليه هو الاخير بدون الأول ولكن (٢) التحقيق في المقام أيضا الالتزام بالكراهية الفعلية مع

______________________________________________________

(١) وبذلك اجاب عن هذا الوجه المحقق العراقي في المتن وفي النهاية ج ١ ص ٤٣٤ واما من حمل الكراهة فيها على اقلية الثواب والرجحان وان كان المتعين هو الوجه الاول ـ أي أقلية الثواب ـ نظر الى عدم ملائمة اقلية الرجحان مع مداومة الائمة (عليهم‌السلام) على الترك. وهو القابل لاطلاق الكراهة من مزاحمة مصلحته مع المفسدة غير الملزمة دون اقلية الرجحان وقصور في الاقتضاء والمصلحة واما ما ذكره في الكفاية من الارشاد ففيه انه لو سلم يمكن أن يكون مولويا تنزيهيا ولا ينحصر بثبوت مفسدة في متعلقه بل لو كان فعل العبادة ملازما لفوات مقدار من المصلحة وحيث ان فوت ذلك المقدار مبغوض حقيقة كان ملازمه مبغوض عرضا فيكون منهي عنه ولو بالعرض.

(٢) اما ما عليه المحقق العراقي في العبادات المكروهة قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٣٤ وعلى هذا التقريب اي الآتي أيضا عرفت حل الاعضال في العبادات المكروهة أيضا حيث جمعنا بين صحة العبادة وبين ظهور النواهي المتعلقة بها في الكراهة المصطلحة بالالتزام بفعلية الكراهة في الفرد ولو ببعض حدوده مع الالتزام بصحة العبادة أيضا لمكان رجحانها ذاتا بمقدار يقتضي حفظ وجودها من قبل حدودها الطبيعي لا مطلقا حتى من قبل حدودها الشخصية ولكن مثل ذلك كما عرفت انما هو في العبادات المكروهة التي لها بدل كالصلاة في الحمام مثلا. وبيان هذا المدعي وتوضيحه قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٤٠ ان العبادات المكروهة في الشريعة تكون على نحوين.

عدم اضراره برجحان العمل الموجب للتقرب به وتوضيح ذلك يقتضي طي الكلام تارة فيما (١) له بدل من العبادة المكروهة وأخرى (٢) فيما لا بدل له اما الكلام فيما له بدل (٣) كالصلاة في الحمام او في مكان التهمة فنقول ان المفسدة الغير الملزمة اذا قامت

______________________________________________________

(١) احدهما العبادة المكروهة التي من سنخها بدل غير مكروه سواء صارت تلك العبادة مكروهة بعنوان اخص مطلقا من العنوان الذي كانت به عبادة كالصلاة في الحمام ام صارت مكروهة بعنوان كان بينه وبين العنوان الذي صارت به عبادة عموم من وجه كالصلاة في مواضع التهمة.

(٢) ثانيهما العبادة المكروهة التي ليس لها بدل كصوم اليوم العاشر من المحرم.

(٣) اما النحو الاول فهو يكون على قسمين أيضا الاول ان تكون بين متعلق الامر ومتعلق النهي جهة اشتراك في المعني المقوم لماهية كل منهما اي كالحركة الصلاتية وفي الحمامية مع امتياز كل منهما عن الآخر بخصوصية غير خصوصية الآخر كما انهما يشتركان في مصداق واحد حيث يتحققان في الخارج وذلك هو ملاك القول بالامتناع عندنا حيثما يكون الامر والنهي الزاميين الثاني هو ما لا تكون فيه بين متعلق الامر ومتعلق النهي جهة اشتراك في المعنى المقوم لماهية كل منهما وهو ملاك القول بالجواز عندنا كما اشرنا اليه فيما سبق أما القسم الأول.

في الصلاة فالمخصوصة فلا شبهة (١) في أن مصلحة ذات الصلاة الجامع بينه وبين غيره سارية إلى هذا الفرد من جهة ما فيها بما هو جامع لا من حيث خصوصه كما هو الشأن في كل أمر بالطبيعة بالاضافة إلى خصوصيّات الافراد حيث لا يسري الامر منها اليها وبعد ما يسري الامر إلى الفرد من جهة الحيثية الجامعة فقهرا يصير المفسدة الغير الملزمة بالاضافة إلى هذه الحيثية مغلوبة غير مؤثر فيصير هذا الفرد من الحيثية الجامعة الصلاتية محبوبا واما (٢) بالنسبة إلى الخصوصية الفردية باق على تاثيره في المبغوضية وح نقول (٣) ان هذه المصلحة الملزمة وان يزاحم

______________________________________________________

(١) فحاصل الكلام فيه ان الامر المتعلق بالطبيعة المامور بها بما انه يدعوا إلى صرف الوجود في مقام ايجادها لا يتعلق بالخصوصيات الفردية التي لا تنفك عنها افراد تلك الطبيعة أي كذا وام كذا والطويل والقصير والابيض والاسود ونحوه ولا بالخصوصيات الموجبة لكونها حصصا منها أي الحالات لمكان كذا وزمان كذا ونحوهما ولا يدعوا إلى شيء منها اولا وبالذات بل انما يدعوا إلى الطبيعة المحفوفة بها أولا وبالذات وإلى تلك الخصوصيات الحافة بها ثانيا وبالعرض.

(٢) وأما النهي مطلقا ولو كان تنزيهيا فبما انه يزجر عن فعل متعلقه بنحو الطبيعة السارية فينحل إلى نواهي متعددة بعدد حصص متعلق النهي فتكون كل حصة من متعلق النهي العام متعلقا لنهي حقيقي خاص بها وح تكون خصوصية الحصة داخلة في حيز ذلك النهي الخاص بتلك الحصة وان كانت الخصوصية الفردية خارجة عنه.

(٣) وعلى هذا لو صدق عنوان المامور به وعنوان المنهي عنه على فعل المكلف كالصلاة في الحمام لكشف ذلك عن وجود ملاك الامر وملاك النهي في ذلك الفعل الواحد.

المفسدة الغير الملزمة بالنسبة إلى حيثية الطبيعة المحفوظة في الفرد ويصير المفسدة (١) في تاثير مغلوبا (٢) ولكن لا يراهم (٣) مصلحة الجامع المفسدة القائمة بخصوصية الفرد لا في مقام التاثير ولا الايجاد اذ بترك هذه الخصوصية لا يفوت مصلحة الجامع فمقتضى (٤) حكم العقل بالجمع بين الغرضين حكمه بترك الفرد المخصوص بترك تنزيهي والاتيان بالجامع في غير هذا الفرد ولا نعنى من الكراهة الفعلية لهذا الفرد الا هذا مع (٥) عدم منافاته

______________________________________________________

(١) وبما ان ملاك النهي في هذه الحصة لم يقاوم ملاك الامر لكونه اقوى منه فيسري الامر إلى تلك الحصة تبعا لطبيعي الصلاة المتحقق فيها وبما ان الامر في مثل قوله صل لا يدعوا إلّا إلى صرف وجود متعلقه تكون تلك الحصة بما هي احد افراد صرف وجود طبيعة الصلاة مامورا بها لا بما هي حصة خاصه وهذا بخلاف النهي فانه قد تعلق بها بخصوصها فهو يزجر عنها بخصوصها لتحقق ملاك النهي في تلك الحصة الخاصة بما هي خاصه فاذا فرضنا ان ملاك الامر مزاحم لملاك النهي وغالب عليه في طبيعي الصلاة المتحقق في الحصة الخاصة لم يكن لملاك النهي مزاحم في خصوصية الحصة الموجبة لكونها حصة من ذلك الطبيعي في قبال حصة اخرى منه فيؤثر ذلك الملاك اثره في نفس الخصوصية وليس هو إلّا النهي عنه.

(٢) اي لعل الصحيح تاثيرها مغلوبة.

(٣) اي لعل الصحيح ـ لا يزاحم ـ

(٤) ويتفرع على ذلك ان العقل يرجح امتثال امر الصلاة مثلا بحصة منها غير الحصة التي تعلق النهي بها لكونها ذات خصوصية مكروهة للمولى.

(٥) ولكن لو جاء بهذه الحصة المنهي عنها تنزيها لامتثل بها امر الصلاة لاشتمال هذه الحصة على طبيعي الصلاة وملاك الامر بها بلا تفاوت بينها وبين غيرها من هذه الجهة اصلا.

بالتقرب بهذا الفرد من حيث ما فيه من الجامع الراجح ليس إلّا لان المفروض بقائه على رجحانه (١) ولكن (٢) لا يحكم العقل ح بالتخيير بينه وبين غيره من الافراد بنحو التخيير في غير المقام لان (٣) التخيير المزبور انما نشأ من عدم ترجيح بين الافراد وتساويها في عالم الايجاد واما مع وجود مرجح فعلي ولو تنزيهي فالعقل لا يحكم إلّا بترجيح ذي المزية بمقدار مزيته من الكراهة المصطلحة المفروضة في المقام وهو المقصود والمرام (٤) هذا كله فيما له بدل.

______________________________________________________

(١) أي يمكن التقرب بهذا الفرد المرجوح لما فيه من الطبيعة الراجحة.

(٢) اي العقل لا يحكم بالتخيير بينه وبين سائر الافراد كما في سائر الموارد الذي يحكم العقل بالتخيير بين الافراد.

(٣) اي الوجه في ذلك هو في سائر الموارد يكون التخيير بين الافراد لكونها متساوية الاقدام لا مزية لاحداها على الأخرى بخلاف المقام لوجود ذي المزية في بعض الافراد باعتبار الكراهة الفعلية ولذا يخرج هذا الفرد عن عدل التخيير عقلا ويحكم العقل بالتخيير بالنسبة إلى سائر الافراد لما عرفت.

(٤) هذه الحصة لاشتمالها على الخصوصية المكروهة الموجبة للتنزه عنها في نظر المولى افترقت عن بقية الحصص التي لم تشتمل على مثل هذه الخصوصية وبذلك يتضح لك ان الكراهة في العبادة تكون على حقيقتها المعروفة في غير العبادة ولا نحتاج إلى تاويلها باقلية الثواب ومما ذكرنا ظهر حال القسم الثاني وهو ما اذا تعلق الامر بعنوان والنهي بعنوان آخر بنحو لو انطبقا على وجود واحد لما كان موقع صدق احدهما هو نفس موقع صدق الآخر كما اوضحناه سابقا. وهذا هو الصحيح القوي في هذا المقام وذكر استادنا الآملي في المنتهى ص ١٤١ ثم ان الفرق بين العبادة المكروهة على التقريب

.................................................................................................

______________________________________________________

المذكور وبين مورد اجتماع الامر والنهي التحريمي على الجواز يتحقق بامكان امتثال امر العبادة في الاول مطلقا وفي الثاني في حال الجهل بالنهي فقط والسر في ذلك ان النهي التنزيهي في الاول وان كان فعليا لا يمنع عن امتثال امر العبادة بالحصة التي تعلق بها لانه يتضمن جواز الاتيان بمتعلقه والترخيص في مخالفته وهذا الجواز والترخيص يلائمان كمال الملاءمة للامر المتعلق بالعبادة فيصح امتثاله بمتعلق النهي التنزيهي في حال فعليته والعلم به بخلاف النهي التحريمي فانه يمتنع عن الاتيان بمتعلقه ولا يرخص المكلف في مخالفته فينافي بذلك كمال المنافاة للأمر المتعلق بالعبادة فكيف يمكن امتثال هذا الامر بمورد النهي التحريمي في حال العلم به. لعدم امكان التقرب كما عرفت وذكر المحقق النائيني في الأجود ج ١ ص ٣٦٤ اما القسم الاول اعني به ما اذا كانت النسبة بين المأمور به والمنهي عنه تنزيها نسبة العموم والخصوص من وجه فلا إشكال فيه في صحة العبادة وعدم كون دليل النهي التنزيهي مقيدا الاطلاق المأمور به على القول بالجواز لان المأمور به يكون ح مغاير للمنهي عنه بالهوية فلا موجب للتقييد واما على القول بالامتناع وفرض وحدة الهوية في الخارج ـ التحقيق ان العبادة على هذا القول وان كانت منهيا عنها لا محالة إلّا ان النهي عن حصة خاصة لا يوجب تقييد المأمور به بغيرها ما لم يكن النهي تحريما او كان النهي مسوقا لبيان المانعية توضيح ذلك ان النهي عن حصة خاصة من العبادة تارة يكون مسوقا لبيان كون تلك الخصوصية المتخصصة بها العبادة مانعة عن صحتها من دون دلالته على حكم تكليفي كما في النهي عن الصلاة في اجزاء ما لا يؤكل لحمه والنهي في هذا القسم لا اشكال في كونه مقيدا لاطلاق المأمور به وكشفه عن اختصاص الامر بغير تلك الحصة واخرى يكون النهي مسوقا لبيان حكم تكليفي وذلك الحكم اما ان يكون حكما تحريميا او

.................................................................................................

______________________________________________________

يكون حكما تنزيهيا فان كان الحكم تحريميا كان مقتضاه عدم وجود متعلقه في الخارج وهو ينافي ما يستفاد من اطلاق المأمور به من الترخيص في تطبيقه على اي فرد من افراده اراد المكلف تطبيقه عليه في مقام الامتثال فلا محالة يكون النهي عن حصة خاصة موجبا لتضيق المأمور به وتقييد اطلاقه بغيرها ـ إلى ان قال ـ واما اذا كان النهي من حصة خاصة نهيا تنزيهيا فهو لا ينافي رخصة تطبيق المأمور به على تلك الحصة بالضرورة وذلك لان النهي التنزيهي متضمن للرخصة في ايجاد متعلقه على الفرض فلا تنافي بينه وبين اطلاق المأمور به ليكون مقيدا له بغير متعلق النهي غاية الامر ان تطبيق المأمور به على الفرد المنهي عنه يكون مرجوحا بالاضافة إلى تطبيقه على غيره من الافراد وبالجملة النهي التنزيهي وان كان مضادا للوجوب لتضاد الاحكام باسرها ولازم ذلك ان لا يتعلق الامر بعين ما تعلق به النهي ولو كان النهي تنزيهيا إلّا ان النهي عن بعض افراد المأمور به لا يستلزم اجتماع الحكمين المتضادين في شيء واحد لان الامر على الفرض لم يتعلق إلّا بصرف وجود الطبيعة مع قطع النظر عن جميع خصوصياته الطارية عليه وأما النهي التنزيهي فهو متعلق بخصوص حصة خاصة دون صرف وجود الطبيعة فلو كان هناك تناف لكان ذلك بين النهي وترخيص تطبيق المأمور به على أي فرد من افراده اراد المكلف تطبيقه عليه في الخارج لكن النهي اذا كان تحريميا تحقق التنافي بين الأمرين لا محالة فلا بد من رفع اليد عن اطلاق المأمور به لما تعلق به النهي واما اذا كان النهي تنزيهيا فهو بما انه يتضمن الترخيص في ايجاده لا يقع التنافي بينه وبين الاطلاق المزبور فلا موجب لرفع اليد عن الاطلاق بسببه فيجزي في مقام امتثال الامر المتعلق بصرف الوجود الاتيان بالفرد المنهي عنه تنزيها وان كان الامتثال المتحقق به مرجوحا بالاضافة إلى غيره ولعل من فسر الكراهة في

.................................................................................................

______________________________________________________

العبادة باقلية الثواب اراد به ما ذكرناه لا ان النهي استعمل في غير طلب الترك ارشادا إلى كون متعلقه اقل ثوابا من غيره فعلى ذلك يكون النهي مستعملا في طلب الترك لمرجوحية الفعل لكن المرجوحية انما هي في تطبيق المأمور به على الفرد المنهي عنه تنزيها وهو لا ينافي الرخصة في تطبيقه عليه كما عرفت إلّا انها توجب اقلية الثواب عند تحقق الامتثال بذلك الفرد لا محالة وما ذكرناه هو السر في عدم التزام الأصحاب بتقييد المطلقات الالزامية بالامر الاستحبابي والنهي التنزيهي المتعلقين ببعض افرادها بل حملوا الاول على افضل الافراد والثاني على اقلية الثواب كما انه هو السر في عدم التزامهم بالتقييد في باب المستحبات وحملهم المقيد على كونه افضل الافراد. وفيه أولا ان النهي التحريمي لا يوجب تقييد اطلاق الامر وتضييقه وانما يوجب رفع حجية الاطلاق في مورد الاجتماع على ما سيأتي في محله وثانيا ان عدم التقييد في المندوبات لاجل كونه من باب تعدد المطلوب ومراتب الفضل والرجحان وثالثا ذكر استادنا الآملي في المنتهى ص ١٤٢ لان ما ذكره في المقام ان تم لزمه أن يقول به فيما اذا كان النهي الزاميا لاشتراك الاحكام في المضادة واتحاد الملاك الذى سوغ لاجله اجتماع الامر والنهي في العبادة المكروهة مع انه لا يقول بجواز الاجتماع في النهي الالزامي بلحاظ الملاك الذى سوغ لاجله اجتماع الامر والنهي التنزيهي في العبادة المكروهة بل يجعل ملاك الجواز ثمة كون التركيب في مورد الاجتماع انضماميا ليتعدد متعلق الامر والنهي وملاك الامتناع كون التركيب في مورد الاجتماع اتحاديا وهل يفترق حال مورد الاجتماع في النهي الالزامي عن حالة في النهي التنزيهي ليجوز اجتماع الامر والنهي التنزيهي حتى مع كون التركيب في مورده اتحاديا نعم هناك فرق بينهما من حيث امكان امتثال الامر بالعبادة بالحصة المكروهة منها لكون النهي المتعلق بها تنزيهيا

وأما فيما لا بدل له (١) كالصلاة في اوقات مخصوصة فيمكن (٢)

______________________________________________________

تجوز مخالفته شرعا وعقلا وعدم امكان امتثال الامر بها في مورد الاجتماع مع كون النهي تحريميا ولو قلنا بالجواز في حال العلم بالنهي وهذا الفرق لا دخل له بالملاك الذى نقول بلحاظه بجواز الاجتماع او امتناعه. والعمدة ان تعدد المراتب يصح على مسلك المحقق العراقي وبه يصحح جواز اجتماع الامر والنهي التحريمي ايضا كما مر لكن تعلق الامر على الطبيعة والنهي عن الحصة الخاصة لا يتم على مسلك المحقق النائيني من ان الاوامر والنواهي يتعلق بالخارجيات وقبلها يكون فرضية فكيف يتعلق الامر على الطبيعة فان تعلق على الخارج فيلزم اتحاد المتعلق كما هو واضح.

(١) اما النحو الثاني من العبادة المكروهة وهي التي لا بدل بها مثل صوم يوم عاشوراء والصلوات المبتدئة عند طلوع الشمس وعروبها ونحو ذلك فقد قيل في توجيه كراهتها مع كونها عبادة مقربة وجوه منها ما افاده المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٣٤ واما ما لا بدل لها منها كصوم يوم عاشوراء والصلوات المبتدئة في الاوقات المخصوصة في أول طلوع الشمس وعند غروبها ونحو ذلك مما كان امره من قبيل الوجود الساري فلا يتم هذا التقريب اي التقريب الذي تقدم فيما له البدل ـ اذ في مثل ذلك يقع التزاحم قهرا بين الامر والنهي في الفرد بجميع حدوده ومن ذلك لا بد فيها اما من صرف تلك النواهي عن ظاهرها إلى حيث ايقاع العبادة في الاوقات الخاصة نظير النهي عن ايقاع جوهر نفيس في مكان فذر فكان المبغوض ح هو كينونة الصلاة في اوقات خاصه لا نفسها واما من حمل الكراهة فيها على اقلية الثواب والرجحان وان كان المتعين هو الوجه الاول نظر إلى عدم ملائمة اقلية الرجحان مع مداومة الائمة عليهم‌السلام على الترك. وتوضيح ذلك.

(٢) ذكر استادنا الآملي في المنتهى ص ١٤٥ من ان الامر متعلق بنفس العبادة أعني به الصوم المتقرب به في يوم عاشوراء مثلا.

دعوى ان الكراهة الفعلية (١) متوجه فيها إلى ايقاعها في وقت خاص على وجه يكون المبغوض كينونته في الظرف الكذائي (٢) مع حفظ المحبوبية في نفس ذاته (٣) ولم يكن مأمورا به بأمر فعلى ولو استحبابا (٤) بالفرض تعلق الكراهيّة المصطلحة بلازم وجوده بلا احتياج فيه أيضا إلى الالتزام باقلية الثواب وان لم يكن فيه ايضا محذور (٥) وبالجملة (٦) نقول ان ظاهر تعلق النهي بنفس العمل

______________________________________________________

(١) وان النهي متعلق بجعل ذلك اليوم ظرفا له كالصلاة في الحمام.

(٢) بمعني ان الصلاة في الحمام لم يتعلق بها النهي وانما تعلق النهي بجعل الحمام ظرفا لها.

(٣) وذلك لا ينافي كون الصوم محبوبا فضلا عن كونه مطلوبا كما هو الشأن في الصلاة في الحمام.

(٤) اي ما يظهر من المحقق الماتن انه ح عند التزاحم لا امر لاجل الكراهة الفعلية وانما يكون مجرد المحبوبية للذات خلافا لما افاده الاستاد.

(٥) وهذا التوجيه وان كان خلاف الظاهر إلّا انه اقرب اليه من توجيه الكراهة في العبادات بكون الفرد المنهي عنه منها اقل ثوابا من الفرد غير المنهي عنه لحمل النهي على حقيقته فيها على الاول دون الثاني فاتضح مما تقدم ان وقوع العبادات المكروهة في الشريعة المقدسة لا يدل على جواز الاجتماع فيما هو محل النزاع.

(٦) والحاصل ان ظاهر النهي تعلق بنفس العمل الذي تعلق به الامر وهي ذات الصلاة في الحمام مثلا ولا بد من رفع اليد عن هذا الظهور لتضاد الاحكام ولا يمكن اجتماعهما في موضوع واحد وذلك باحد وجهين.

ينافي فعلية رجحانه فالامر يد وبين (١) رفع اليد عن الظهور في الكراهية بحمله على اقلية الثواب بمقتضى ما اسلفناه او (٢) رفع اليد عن ظهور تعلق النهي بالعمل بالمقيد وصرفه إلى حيث تقييده واخراج العمل بذاته عن حيز النهي فبقى النهي ح على ظهوره من الكراهة المصطلحة وربما (٣) ترجح هذا الوجه قوة (٤) ظهور النهي في الكراهة المصطلحة وبعد (٥) حمله على أقلية الثواب وان كان الكلمات يصاعده وعلى اي حال لا يبقى في البين مجال لتوجهات أخرى في المقام بارجاع النهي إلى مطلوبية نفس

______________________________________________________

(١) الوجه الاول هو رفع اليد عن اصل الظهور والصرف عن الكراهة الفعلية وحمله على اقلية الثواب.

(٢) الوجه الثاني بقاء الظهور على حاله ورفع اليد عن تعلقه بذات العمل وصرفه إلى التقييد وظرف العمل وان نفس العمل خارج عن النهي فيكون النهي باق على الكراهة الفعلية.

(٣) والترجيح للوجه الثاني لأمرين :

(٤) الامر الاول قوة ظهور النهي في الكراهة الفعلية ورفع اليد عنها من دون قرينة قطعية مشكل بل غير ممكن.

(٥) الامر الثاني حمله على اقلية الثواب بعيد عن ارتكاز المتشرعة ومداومة الائمة عليهم‌السلام على الترك وان تقدم ان بعضهم ذهبوا إلى اقلية الثواب هذا هو التوجيه الاول الذي اختاره المحقق العراقي مع بقاء الكراهية على حالها وحرصا على مختاره قدمه وقدمناه على سائر التوجيهات واشار إلى هذا التوجيه المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٨٤ وقال كما ان الالتزام كما عن بعض اجلة العصر ـ برجوع النهي إلى خصوصية الكون في الحمام مثلا فلا

.................................................................................................

______________________________________________________

نهي عن الصلاة حقيقة بلا وجه بل ربما يكون نفس الكون في الحمام راجحا وانما لا يلائم الصلاة وربما يبرهن على لزوم رجوع النهي إلى الخصوصية بما محصله ان طبيعة الصلاة بما هي لا تعقل ان تؤثر في المصلحة والمفسدة بداهة ان الطبيعة لا تقضي اقتضائين متباينين ـ اي المصلحة والمفسدة كالبرودة والحرارة ـ والاطلاق وان كان في قبال التقييد إلّا انه لتسرية الحكم إلى جميع أفراد الطبيعة لا انه دخيل في ترتب الاثر ـ اي الاثر للذات وهي المصلحة لا للاطلاق ـ ليتوهم ان المطلق بما هو مطلق يغاير المقيد بما هو مقيد وذات الطبيعة بما هي متحدة مع المقيد ـ اي طبيعة الصلاة التي في الحمام او في غير الحمام متحدة ـ اتحاد اللامتعين ـ اي الطبيعة ـ مع المتعين ـ اي المقيد ـ واللابشرط المقسمي مع بشرط شيء ـ اي الذي هو قسم ويكون القيد خارجا فعليه يلزم ان يكون النهي عن الخصوصية وفيه او لا ان المحال اقتضاء الشيء أثرين متقابلين لا أثرين متباينين غير متقابلين وكل مصلحة مضادة للمفسدة وثانيا ان اتحاد المطلق والمقيد في الوجود لا يمنع عن دخل القيد في ترتب شيء عليه كشرب السكنجبين الحامض مثلا في مكان بارد او زمان بارد فانه من حيث ذاته يؤثر في دفع الصفراء مثلا ومن حيث تقيده بالوقوع في المكان البارد او الوقت البارد يؤثر في الحمي مع ان شرب السكنجبين مع حيث ذاته لا يؤثر في الحمي ونفس الكون في المكان البارد او الوقت البارد لا يؤثر في الحمي بل شرب الحامض مقيدا بهذا القيد الخاص يؤثر ذلك الاثر الخاص المجامع مع الاثر الآخر ، وما ذكره لا يمكن المساعدة عليه اما ما ذكره او لا من نفس الكون في الحمام راجحا ففيه انه احتمال بعيد ولا يبعد ان النهي لما في نفس الحمام من الخباثة والكثافة مع كونه في معرض كشف العورة فصار هذا الظرف مكروها ويرد على الاعتراض الاول ان هنا متقابلين لا متباينين لان الارادة والكراهة ولو تنزيهيا من المتقابلين اللذان لا يجتمعان في موضوع واحد لتضاد الأحكام ـ

الترك (١)

______________________________________________________

كما يرد على الاعتراض الثاني انه لو كان الأمر كما ذكر لكان المقيد من الاول ذات مصلحة كالرقبة المؤمنة لا المطلق كالصلاة وفي المقام يكون المطلق ذات مصلحة اي الصلاة مع قطع النظر عن المكان فما ذكره غير قابل للاعتماد عليه فالصحيح ما افاد المحقق العراقي من الوجه البتة الوجه الثاني ما افاده المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٨٤ قال فالصحيح في تصور الكراهة هو ان طبيعة الصلاة على ما هي عليه من المصلحة بحدها لكنها لتشخصها بالمكان الخاص تحدث فيها حزازة لا تقاوم تلك المصلحة اللزومية او تلك المرتبة من المصلحة الغير اللزومية فهي واجبة او مندوبة بالفعل ومكروهة ملاكا لا فعلا حتى يمنع عن التقرب بها. وفيه اولا لا وجه لرفع عن الظهور في الكراهة الفعلية بعد امكانه بما ذكرنا وثانيا ان ذلك يرجع إلى اقلية الثواب وقد عرفت بعده.

(١) الوجه الثالث هو ما ذهب اليه شيخنا الاعظم الانصاري في التقريرات ص ١٣٧ قال الثالث لا يبعد ان يكون حاسما لمادة الاشكال وهو انه لا ضير في أن يكون طرفا النقض من شيء واحد ولو من حيث اندراجها تحت عنوان آخر ذي مصلحة مقتضية للامر بهما كفعل الاكل المندرج تحت عنوان اجابة المؤمن لترك المندرج تحت عنوان الصوم وحيث انه لا يسعنا الجمع بين المتناقضين فلا محالة يصير التكليف بهما تكليفا على وجه التخير بين الفعل بعنوانه والترك بعنوانه ولا يلزم من ذلك اباحة الفعل فانه انما يتأتى فيما لو فرض تساوي الفعل والترك مع قطع النظر عن لحوق عنوان آخر بهما والمفروض فيما نحن بصدده هو لحوق عنوان آخر به بهما فالترك المطلق من غير لحوق عنوان به من الصوم والإجابة مما لا حسن فيه ولا يقتضي امر او لا نهيا وتقييده بمخالفة المؤمن

.................................................................................................

______________________________________________________

يوجب النهي عنه فيصير الفعل مأمورا به وتقييده بالصوم يوجب الامر به ولا غائلة. وهو المختار لصاحب الكفاية ج ١ ص ٢٥٦ اما لأجل انطباق عنوان ذي مصلحة على الترك فيكون الترك كالفعل ذا مصلحة موافقة للغرض وان كان مصلحة الترك أكثر فهما ح يكونان من قبيل المستحبين المتزاحمين فيحكم لتخيير بينهما لو لم يكن اهم في البين وإلا فيتعيّن الأهم وان كان الآخر يقع صحيحا حيث انه كان راجحا وموفقا للغرض. واورد عليه المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٦٤ ولكنه لا يخفى ان الفعل والترك اذا كان كل منهما مشتملا على مقدار من المصلحة فبما انه يستحيل تعلق الامر بكل من النقيضين في زمان واحد يكون المؤثر في نظر الامر إحدى المصلحتين على تقدير كونها اقوى من الأخرى وتسقط كلتاهما عن التأثير على تقدير التساوي لاستحالة تعلق الطلب التخييري بالنقيضين لانه من طلب الحاصل وعليه يستحيل كون كل من الفعل الترك مطلوبا بالفعل وبالجملة اشتمال كل من الفعل والترك على المصلحة يوجب تزاحم الملاكين في تاثيرهما في جعل الحكم على طبق كل منهما لاستحالة تاثيرهما في زمان واحد في طلب النقيضين تعينيا او تخييرا. وأورد عليه أستادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٦٤ لا يخفى عليك ان اشتمال كل من الفعل والترك على المصلحة وان كان لا يوجب تعلق الامر بهما تعيينا او تخيير الاستحالة طلب النقيضين تعيينا أو تخييرا إلا ان ذلك فيما اذا كانت المصلحة مترتبة على مطلق وجود الفعل والترك واما فيما اذا كانت مترتبة على حصة خاصه من الفعل كما هو الحال في موارد العبادات المكروهة في محل الكلام اذا لمصلحة فيها مترتبة على الفعل الماتي به عبادة فلا محالة يكون المورد داخلا في صغرى تزاحم المستحبين لان المكلف ح قادر على تركهما والاتيان بالفعل المجرد عن قصد القربة وغير قادر على الجمع بينهما

.................................................................................................

______________________________________________________

وعليه فاذا كانت مصلحة الترك اهم من مصلحة الفعل لم يكن مانع من النهي عن الفعل ارشاد إلى ما في الترك من المصلحة فالكراهة في هذه الموارد لم تنشأ من خرازة ومنقصة في الفعل لتنافي كونه عبادة بل انما نشأت من كون الترك ارجح من الفعل كما يظهر ذلك من مداومة الائمة سلام الله عليهم على الترك وامرهم اصحابهم به وهذا لا ينافي صحة الفعل اذا اتي به عبادة وهذا الوجه هو الذي افاده العلامة الانصاري قدس‌سره في تصوير الكراهة في العبادة في هذا القسم وهو الصحيح. لكن يرد على هذا الجواب كونه ارشاد اخلاف الظاهر ولذا قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٤٣ ولكن ذلك اي ما ذكره المحقق النّائينيّ ان طلب ايجاد الشيء يناقض طلب تركه في ان واحد ـ لا يوجب خدشا في هذا الوجه لان كون وجود الشيء وعدمه مستحبين ومطلوبين انما يوجب التزاحم بين هذين الحكمين الاستحبابيين ولا ريب في ان هذين الحكمين المتزاحمين لا فرق بينهما وبين سائر الاحكام الاستحبابية المتزاحمة فكما ان تزاحمها لا يجب إلّا ثبوت التخيير بينها كذلك تزاحم هذين الحكمين المتعلقين بوجود الشيء وتركه نعم الذي يمكن ان يكون واردا عليه ـ اي على الشيخ الاعظم الانصاري ـ هو ان الوجه المزبور بحسب القواعد العقلية غير معقول اما اولا فلان الامر والنهي انما يتعلقان ببعض الافعال باعتبار ما فيها من المصالح والمفاسد وعدم الشيء بما هو عدم لا يعقل ان يكون مشتملا على مصلحة او مفسدة لهذا تجد الامر والنهي يتعلقان بنفس الفعل بعثا اليه او زجرا عنه واما ثانيا فلان العنوان الراجح المنطبق على عدم العبادة المكروهة اذا كان مفهوما ثبوتيا لا يعقل ان ينطبق على العدم لتناقض المفهوم مع مصداقه هذا مضافا إلى كون التوجيه المذكور لا يلائم ظاهر النهي عن العبادة المكروهة فان ظاهره كون فعل العبادة مرجوحا لا ان تركها راجح. واجاب عن الشيخ الاعظم الانصاري

او جهة أخرى (١) ملازمة لتركه اذ مثل هذه (٢) أيضا ينتج مبغوضية الفعل او (٣) أجنبيّة المنهي عن هذا العمل بل غاية الامر

______________________________________________________

المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٣٥ اما الاول فلان مقتضي ارجحية الترك بعد فرض انطباق العنوان المزبور عليه واتحاده معه هو ان يكون نقيضه وهو الفعل بمقتضى اقتضاء الامر بالشيء للنهي عن نقيضه مرجوحا فعليا ومع صيرورة الفعل الذي هو نقيض الترك مرجوحا يتوجه الاشكال المزبور بانه كيف المجال لصحة العبادة مع مرجوحيتها الفعلية. وفيه ان ذلك على القول بالاقتضاء الأمر بالشيء وقد عرفت انه محل الكلام.

(١) الوجه الرابع ما في الكفاية ج ١ ص ٢٥٦ واما لاجل ملازمة الترك لعنوان كذلك ـ اي وجودي ـ من دون انطباقه ـ اي العنوان الوجودي ـ عليه ـ اي على الترك ـ فيكون كما اذا انطبق ـ اي العنوان ـ عليه ـ اي على الترك ـ من غير تفاوت الا في ان الطلب المتعلق به ـ اي بالترك ـ ح ليس بحقيقي بل بالعرض والمجاز ـ اي الطلب متعلق بالعنوان الملازم ـ وانما يكون في الحقيقة متعلقا بما يلازمه من العنوان بخلاف صورة الانطباق لتعلقه ـ اي الطلب ـ به ـ اي الترك ـ حقيقة كما في سائر المكروهات من غير فرق إلّا ان منشأه فيها ـ اي في الكراهة في غير المقام ـ حزازة ومنقصة في نفس الفعل وفيه ـ اي في المقام ـ رجحان في الترك من دون خرازة في الفعل اصلا غاية الامر كون الترك ارجح.

(٢) هذا هو الايراد الذي كان على الوجه المتقدم على الاخير من ان بدلالة الاقتضاء يقتضي مبغوضية الفعل وقد مر الاشكال عليه بان الامر بالشيء محل كلام في اقتضاء النهي عن ضده.

(٣) هذا هو الجواب عن الوجه الاخير من ان النهي التنزيهي لم يتعلق بنفس الفعل وانما يتعلق بلازمه.

كونه لازمة ولا مجال للمصير إلى الطرفين (١) كما لا يخفى فتدبر (٢).

______________________________________________________

(١) قال المحقق الماتن انه لا يمكن المصير إلى شيء منهما لا الاول وهو انطباق عنوان على الترك لانه يبتني على أن الامر يقتضي النهي عن ضده ولا الثاني فلذا قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٣٥ واما الثاني فلكونه مخالفا لما يقتضيه ظهور النهي من التعلق بنفس العمل لا بما يلازمه من امر آخر كما هو واضح.

(٢) الوجه الخامس وهو ما اختاره المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٦٥ والتحقيق في الجواب عن هذا القسم يتضح برسم مقدمة نافعه في جملة من الموارد وهي انه لا شبهة في ان النذر اذا تعلق بعبادة مستحبة فالامر الناشئ من النذر يتعلق بذات العبادة التي كانت متعلقه للامر الاستحبابي في نفسها فيندك الامر الاستحبابي في الامر الوجوبي ويتحد به فيكتسب الأمر الوجوبي جهة التعبد من الأمر الاستحبابي كما ان الامر الاستحبابي يكتسب جهة اللزوم من الامر الوجوبي فيتولد من اندكاك احد الأمرين في الآخر امر واحد وجوبي عبادي والسر في ذلك انه اذا كان متعلق كل من الأمرين عين ما تعلق به الآخر فلا بد من اندكاك احدهما في الآخر وإلّا لزم اجتماع الضدين في شيء واحد وأما اذا كانت العبادة المستحبة متعلقة للاجارة في موارد النيابة عن الغير كان متعلق الامر الاستحبابي مغايرا لما تعلق به الامر الوجوبي لان الامر الاستحبابي على الفرض تعلق بذات العبادة واما الامر الناشي من الاجارة فهو لم يتعلق بها بل تعلق باتيان العبادة بداعي الامر المتوجه إلى المنوب عنه بداهة ان ذات العبادة من دون قصد النيابة عن المنوب عنه لم يتعلق بها غرض عقلائي من المستاجر ولأجله تبطل الاجارة لو تعلقت بها او بمثلها مما لم يتعلق به

.................................................................................................

______________________________________________________

غرض عقلائي وعلى ذلك يترتب انه يستحيل تداخل الأمرين باندكاك أحدهما في الآخر في موارد الاجارة على العبادة اذ التداخل فرع وحدة المتعلق والمفروض عدمها في تلك الموارد فلا يلزم اجتماع الضدين في شيء واحد من تعلق الامر الاستحبابي بذات العمل وتعلق الامر الوجوبي باتيان العبادة بداعي امتثال الامر المتوجه إلى المنوب عنه اذا عرفت ذلك فنقول ان الاشكال في اتصاف العبادة بالكراهة في القسم الثالث انما نشا من تخيل ان متعلق الامر والنهي هو شيء واحد مع انه ليس كذلك لوضوح ان متعلق الامر هو ذات العبادة واما النهي التنزيهي فهو لم يتعلق بها لعدم مفسدة في فعلها ولا مصلحة في تركها بل تعلق بالتعبد بهذه العبادة لما فيه من المشابهة للاعداء وبما ان النهي تنزيهي وهو متضمن للترخيص في الاتيان بمتعلقه جاز التعبّد بتلك العبادة بداعي امتثال الامر المتعلق بذاتها. وبالجملة فاذا استؤجر على قضاء الصلاة الفائتة عن الميت كما يتعلق امر الايجاري بايقاع الصلاة الفائتة بداعي أمرها كذلك المقام نظير صوم اليوم العاشر من المحرم فان متعلق الامر الندبي هو الصوم بما هو صوم وهو عمل راجح في ذاته واما متعلق النهي التنزيهي عنوان آخر وهو التعبد بهذه العبادة في هذا اليوم تنزيها للمؤمن عن مشابهة اعداء الدين وبذلك يختلف عنوان متعلق الامر عن عنوان متعلق النهي التنزيهي واجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ١٤٤ بقوله ولا يخفي ما فيه اما او لا فلان الظاهر من خطاب النذر والايجار هو كون متعلقيهما شيئا واحدا وهو العمل المأتي به بداعي امره كالصلاة لان متعلق النذر هو العمل الراجح ونفس الصلاة مع غض النظر عن الاتيان بها بداعي امرها لا رجحان فيها فيكون متعلق النذر هي الصلاة بداعي امرها كما هو الشأن في متعلق الاجارة ـ اي لا اندكاك ـ واما ثانيا فلانه لو سلم ان الامر الاستحبابي يتعلق بذات الصلاة والصوم

.................................................................................................

______________________________________________________

والامر الايجاري والنهي التنزيهي يتعلق بهما بما انهما مامور بهما فلا يدفع محذور الاجتماع لان حقيقة النهي المتعلق بالفرد الخاص تنبسط لا محالة على الخصوصية وذي الخصوصية فالصوم الموجود في ضمن الفرد الخاص له قسط من ذلك النهي فيجتمع مع الامر المتعلق به وكذلك أيضا حال الامر الايجاري ان قلت نعم لو كان النهي متعلقا بالفرد الخاص من افراد الصوم لصح ما ذكرتم ولكن المدعى غير ذلك لانا قد أشرنا إلى ان النهي قد تعلق بالتعبد بالفرد الخاص لا بالاتيان به بداعي أمره وامر الصوم انما تعلق بنفس الصوم والاول غير الثاني عنوانا وحقيقة قلت لا ريب في دخول التعبد اعني به التقرب إلى الله تعالي في الصوم المطلوب اما في حيز الامر المتعلق به والغرض الداعي اليه كما هو الحق واما في الغرض الداعي إلى الامر به ولزوم اجتمع الامر والنهي في مورد النهي التنزيهي على الاول واضح واما على الثاني فالاجتماع المزبور وان لم يلزم إلّا انه يلزم منه كون التعبد بالصوم مثلا في ذلك اليوم محبوبا ومبغوضا وهو ان لم يكن أسوأ حالا من الاجتماع فهو مثله في كونه محالا فتحصل ان الامر والنهي يجتمعان اما في الحصة من الطبيعي ان كان المنهي عنه هو اتيان العمل بداعي الامر واما في نفس الدعوة ان كان المنهي عنه هو نفس التقرب ضرورة ان التقرب أيضا يكون على التحقيق تحت الامر نعم بناء على خروجه عن تحته يجتمع فيه الحب والبغض وهو أسوأ حالا من اجتماع الامر والنهي كما لا يخفى. فالصحيح هو الوجه الاول الذي عرفت.

ومنها (١) ان مقتضي اطلاق الخطابين (٢) شمول الحكم بجميع مباديه (٣) للمجمع غاية الامر لا بد من رفع اليد عن حجيّة هذا الظهور في فعلية الارادة والكراهة مطلقا (٤) بل عن فعلية المحبوبية

______________________________________________________

(١) الرابعة تعرض لذلك صاحب الكفاية وغيره قال فيها ص ٢٤١ ج ١ انه لا يكاد يكون من باب الاجتماع إلّا اذا كان في كل واحد من متعلقي الايجاب والتحريم مناط حكمه مطلقا حتى في مورد التصادق والاجتماع كي يحكم على الجواز بكونه فعلا محكوما بالحكمين وعلى الامتناع بكونه محكوما بأقوى المناطين او بحكم آخر غير الحكمين فيما لم يكن هناك احدهما اقوى كما ياتي تفصيله واما اذا لم يكن للمتعلقين مناط كذلك فلا يكون من هذا الباب ولا يكون مورد الاجتماع محكوما إلّا بحكم واحد منهما اذا كان له مناطه او حكم آخر غيرهما فيما لم يكن لواحد منهما قيل بالجواز او الامتناع. فالنزاع في المقام مختص بما اذا كان العنوانان المجتمعان في وجود واحد واجدا احدهما لملاك الامر والآخر لملاك النهي وإلّا فان فقد المقتضي لهما او لاحدهما فلا مجال لاجتماع واما الكاشف عن ذلك.

(٢) قال المحقق الماتن الكاشف عن ذلك هو اطلاق الخطابين وقال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٤٢ أنه قد عرفت أن المعتبر في هذا الباب أن يكون كل واحد من الطبيعة المأمور بها والنهي عنها مشتملة على مناط الحكم مطلقا حتى في حال الاجتماع فلو كان ما دل على ذلك من اجماع أو غيره فلا اشكال ولو لم يكن إلّا اطلاق دليلي الحكمين ففيه تفصيل. وسيأتي.

(٣) ومقتضى هو شمول الحكم للمجمع من الارادة والكراهة والعزم والمصلحة والمفسدة وسائر مباديه وكذا مراتبه على القول به.

(٤) لكن قد تقدم مفصلا أنه لا بد من رفع اليد عن حجية هذا الظهور والاطلاق بالنسبة إلى الارادة الفعلية والكراهة الفعلية لتضاد الاحكام وانما الكلام في المحبوبية والمبغوضية أما على القول بالجواز فنعم على ما تقدم فيكون محبوبا بمرتبة من الوجود ومبغوضا بمرتبة أخرى.

والمبغوضية أيضا على الامتناع (١).

واما ظهورهما (٢) في وجود المصلحة والمفسدة في المجمع فلا مانع عن بقاء الاطلاقين بحاله واشرنا سابقا أيضا بان مثل هذا

______________________________________________________

(١) وأما على القول بالامتناع فلا يكون المحبوبية الفعلية ولا المبغوضية الفعلية.

(٢) أما بالنسبة إلى أصل المقتضي والمصلحة والمفسدة فظهور الاطلاقات باق على حجيته حتى يكون من باب التزاحم أيضا على الامتناع خلافا لصاحب الكفاية جعله من باب التعارض على الامتناع قال فيها في ص ٢٤٥ ولو كان بصدد الحكم الفعلي فلا اشكال في استكشاف ثبوت المقتضي في الحكمين على القول بالجواز ، وأما على القول بالامتناع فالاطلاقان متنافيان من غير دلالة على المقتضي للحكمين في مورد الاجتماع أصلا ، فان انتفاء أحد المتنافيين كما يمكن أن يكون لاجل المانع مع ثبوت المقتضى له يمكن ان يكون لاجل انتفائه. واستشكل استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٣٤ على المحقق العراقي بقوله ، وأما شيخنا العراقي فانه أيضا قد خرج عن أسلوب البحث على حسب مبناه فانه يقول بأن البحث يكون في المتزاحمين ويكون باب التعارض عنده خارجا عن محل البحث ولذا يقول رد المحقق الخراساني بأن العام والخاص والمطلق والمقيد يكون خارجا عن البحث في مثل صل ولا تغصب في الصلاة ومع ذلك يقول بأنه إذا كان وجه اشتراك بين الطبيعتين مثل الغصب والصلاة نقول بالامتناع وإذا لم يكن وجه اشتراك فيه ـ أي لم يكن الجهة المشتركة ـ نقول بالاجتماع لتعدد الجهة مع أن صورة وجود وجه الاشتراك يكون بنظره من باب التعارض لا التزاحم والكلام عنده يكون في هذا الباب أي باب التزاحم فقد خرج عن مسلكه بجعل التعارض أيضا مورد البحث.

التقريب في اثبات الاقتضاء في العنوانين (١).

______________________________________________________

لكن فيه أنه يعترف بأن الاطلاق يكشف عن وجود المصلحة والمفسدة فيه فيكون من التزاحم وسيأتي الكلام فيه إنشاء الله تعالى فلنرجع إلى ما كنا فيه إن قلت إذا سقط الخطاب فعلية وانشاء في مورد التزاحم كما هو المفروض وذلك بمقتضى حكم العقل بتخصيص فعلية التكليف بحال القدرة ، فبما ذا يستكشف وجود الملاك والمصلحة في المتعلق على الاطلاق حتى يحكم بوقوع التزاحم بينه وبين الملاك الآخر قلت هنا تقريبين لجواب ذلك.

(١) وإن شئت توضيح هذا التقريب ذكر استادنا الآملي في المنتهى ص ١٣١ والصحيح في الاستدلال على تحقق الملاك في متعلق الخطاب وإن سقط الخطاب بالعجز هو التمسك بظهور الخطاب في تحقق الملاك ، بيان ذلك أن الخطاب بأمر ما مطلق غير مقيد بالقدرة لفظا يشمل باطلاقه القادر والعاجز ، وكما يكون الخطاب ظاهرا في هذا الاطلاق مطابقة كذا يكون ظاهر بالالتزام في ارادة متعلقه من القادر والعاجز أيضا وإن متعلقه محبوب لمنشئ الخطاب وأنه مشتمل على ملاك يقتضي انشاء الخطاب به مطلقا ولا ريب في أن ظهور الخطاب في هذه الامور بالمطابقة والالتزام حجة عند العقلاء وكما لا يسقط ظهوره في شيء من هذه الامور عن الحجية إلّا بحجة أقوى منه ، كذا لا يستلزم سقوط ظهوره في شيء من هذه الامور عن الحجية سقوط ظهوره في الباقي عن الحجية فاذا فرض أن الدليل العقلي قيد اطلاق الخطاب بالقدرة فسقط ظهوره في شمول العاجز عن الحجية لم يكن ذلك التقييد موجبا لسقوط ظهوره في اشتمال متعلقه على الملاك مطلقا ولو في حال العجز عن الحجية لعدم الدليل المزاحم لهذا الظهور وكون ظهور الخطاب في اشتمال متعلقه على ملاك يقتضيه في طول ظهوره في الاطلاق الشامل للقادر والعاجز لا يقتضي سقوط

.................................................................................................

______________________________________________________

الظهور الثاني عن الحجية بسقوط الظهور الأول عنها لان كل ظهور هو بنفسه حجة مستقلة عند العقلاء والظهور الاول انما هو بنفسه واسطة في ثبوت الظهور الثاني لا بما أنه حجة يكون واسطة في ثبوته حتى يوجب سقوطه عن الحجية انتفاء الظهور الثاني ولا ريب في أن الكلام الظاهر في معنى لا يخرج عن ظهوره فيه بسقوطه عن الحجية لدليل منفصل أقوى منه ، وهو الذي اخذه من المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٣٨ ولكن يدفع هذا الاشكال بأنه انما يتم ذلك فيما لو كان حكم العقل باشتراط القدرة في الارتكاز بمثابة يكون من القرائن الحافة بالكلام الكاسرة لظهور اللفظ نظير قرينة الحكمة فانه ح كما افيد لا يبقى مجال الكشف عن وجود الملاك والمصلحة من اطلاق الخطاب لان دلالة الخطاب والهيئة على قيام المصلحة في المتعلق لما كانت بالالتزام كانت فرع دلالته على فعلية التكليف وبعد سقوط دلالته على فعلية التكليف بمقتضى القرينة العقلية فقهرا لا يبقى له الدلالة على قيام المصلحة أيضا إلّا في حال القدرة ولكن ذلك في محل المنع جدا بل نقول بأنه من قبيل القرائن المنفصلة الغير الكاسرة لظهور اللفظ وان مانعيته انما هو عن حجيته لا عن أصل ظهوره وعليه نقول بأن القدر الممنوع بحكم العقل ح انما هو حجية الخطاب بهيئته في فعلية التكليف في حال العجز وعدم القدرة فيبقى ظهوره في الدلالة على قيام المصلحة في المتعلق على الاطلاق على حاله فيؤخذ بظهوره ذلك ويحكم بوجود الملاك في متعلق الخطابين على الاطلاق حتى في المجمع ـ إلى أن قال ـ ومما ذكرنا ظهر أيضا عدم صحة مقايسة هذا الحكم العقلي في المقام بمثل قرينة الحكمة التي هي من الارتكازيات في مقام المخاطبات في كونها موجبة لانصراف الهيئة إلى صورة القدرة وعدم العجز وذلك فان قرينة الحكمة بملاحظة كونها من شئون اللفظ في مقام المخاطبات تعد من قبيل القرائن

.................................................................................................

______________________________________________________

اللفظية الحافة بالكلام وهذا بخلافه في حكم العقل باشتراط القدرة في فعلية التكليف حيث أنه لا يكون بمثابة قرينة الحكمة حتى يكون ذلك أيضا من شئون الالفاظ كالحكمة بل ولا كان في الارتكاز أيضا بمثابة لا يحتاج إلى تأمل من العقل حتى يعدّ بذلك من القرائن الحافة الكاسرة لظهور الهيئة بل هو من جهة احتياجه إلى نحو تأمل من العقل يكون من القرائن المنفصلة الغير المانعة إلّا عن حجية الظهور لا عن أصل الظهور وعليه فبعد عدم ائتلام ظهور الهيئة بمقتضى حكم العقل باشتراط القدرة في التكليف الفعلي فلا محالة يؤخذ بظهورها في الدلالة على قيام المصلحة في المتعلق على الاطلاق حتى في حال العجز. وهذا التقريب هو الذي اشار إليه المحقق الاصفهاني ايضا في النهاية ج ١ ص ٢٦٧ ، لا ريب في ان انتفاء المعلول كلية وان أمكن ان يكون بعدم المقتضى أو بوجود المانع إلّا أن الكاشف عن المعلول كاشف عن علته التامة والتكاذب والتنافي بين المعلولين لا يوجب اختلال الكشف عن المقتضي وعدم المانع معا بيانه ان كلا من الدليلين يدل بالمطابقة على ثبوت مضمونه من الوجوب والحرمة ويدل بالالتزام على ثبوت المقتضي والشرط وعدم المانع من التأثير وعدم المزاحم وجود المضمونة المطابقي فاذا كان احد الدليلين أقوى دل على وجود مزاحم في الوجود لمضمون الآخر فيدل على عدم تمامية العلة من حيث فقد شرط التأثير ولا يدل على ازيد من ذلك ليكون حجة في قبال الحجة على وجود المقتضي في الآخر والدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية وجودا لا حجية ودليلا فسقوط الدلالة المطابقية في الاضعف عن الحجية لا يوجب سقوط جميع دلالاته الالتزامية بل مجرد الدلالة على عدم المزاحم في الوجود والمانع من التأثير وهذا طريق متين لاحراز المقتضي بقاء في صورة الاجتماع وسقوط أحد الدليلين عن الفعلية.

أولى (١) عن التعبير باطلاق المادة (٢) دون الهيئة (٣)

______________________________________________________

(١) والاولوية أولوية أولوا الارحام أولوية تعيينية لما ستعرف أن التقريب المتقدم متعين ومقدم على التقريب الآخر الآتي المناقش فيه.

(٢) توضيح هذا التقريب ذكر المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٦٧ وهنا طريق آخر لاحراز المصلحة المقتضية وهو اطلاق المادة فانه لا ريب في أن المولى الذي هو في مقام الحكم الحقيقي الفعلي يكون في مقام بيان تمام موضوع حكمه والمفروض عدم تقييد موضوع حكمه بعدم الاتحاد مع الغصب مثلا لفظا وأما تقيّده من حيث انه موضوع الحكم الفعلي بعدم الاتحاد مع الموضوع المحكوم بحكم مضاد لحكمه عقلا فهو لا يكاد يكون قرينة حافة باللفظ ليصح الاتكال عليه عرفا في مقام التقييد المولوي فتقيد مفاد الهيئة عقلا لا يوجب تقييد المادة مولويا فتمام موضوع الحكم نفس طبيعة الصلاة المطلقة وان لم يكن لها حكم عقلا لمكان حكم مضاد أو لمانع آخر من جهل أو نسيان فتكون المصلحة قائمة بذات الصلاة المطلقة فالمولى وان كان في مقام بيان تمام موضوع حكمه حال فعلية الحكم لكنه إذا ثبت أن طبيعة الصلاة المطلقة لفظا هي تمام الموضوع في هذه الحال فهي ذات المصلحة في جميع الاحوال لما عرفت من عدم إمكان الاتكال في تقييد الموضوع على القرينة العقلية البرهانية. والحاصل أن الخطاب إذا تعلق بفعل ما فيكشف بطريق الإن عن وجود ملاك يقتضيه في ذلك الفعل وبما أن الفعل المزبور لم يقيد بالقدرة عليه حين الخطاب به كشف اطلاقه من هذه الجهة عن عدم دخل القدرة في الملاك الذي اقتضى التكليف به اذ لو كان قيد القدرة دخيلا فيه لزم التقييد به كسائر القيود التي لها دخل فيه ويقيد العقلاء بها متعلق الخطاب.

(٣) دون أن يتمسك باطلاق الهيئة بل يتمسك باطلاق المادة والمتعلق فقط لكشف المصلحة في حال العجز عن الامتثال.

اذ (١) بعد اتصال احدهما بالآخر خصوصا مع تبعيّة احدهما

______________________________________________________

(١) الوجه لتعين التقريب الاول ما ملخصه أن المادة والهيئة متصلان ويتبع إحداهما للاخرى ولا ينفك اطلاق احدهما لاطلاق الآخر عرفا إلّا أن يقوم قرينة على ذلك بل لا أقل يكون اطلاق احدهما كالمادة تابعة لاطلاق الهيئة فانه لا يمكن أن تكون المادة مطلقة والهيئة مقيدة فإن تقييدها يلازم قهرا تقييد المادة فوجوب الحج لو كان مقيدا بالاستطاعة فاصل الحج قهرا يكون مقيدا به لكونه بعد الاستطاعة في حجة الاسلام فمن هذه الناحية اطلاق المادة مخدوشة لاحتمال تقييد الهيئة بعدم المزاحم وبمثل ذلك ذكر الجواب عن التقريب استادنا الآملي في المنتهى ص ١٣١ بقوله لأن الاطلاق الدال على عدم اعتبار القيد لا يتم إلّا باجتماع مقدمات الحكمة التي من جملتها خلو الكلام أو المقام عما يمكن أن يكون قرينة على ارادة القيد المحتمل دخله ولا ريب في أن الكلام أو المقام غير خال من ذلك لانا قد بينا أن التحقيق هو أن وجود الخطاب الانشائي فضلا عن الفعلي مشروط بالقدرة على امتثاله وقد أشرنا إلى أن عمدة ما يدل على تحقق أصل الملاك في متعلق الخطاب هو نفس الخطاب فاذا صح الاستدلال بالخطاب على وجود أصل الملاك في متعلق الخطاب صح الاتكال عليه وجعله قرينة على مقدار سعة الملاك إذ يجوز عقلا أن يكون ملاك الخطاب بقدر نفس وجود الخطاب لا أزيد منه كما أنه لا يمكن أن يكون انقص منه ومع هذا كله لا يمكن فصول الاطلاق المزبور بالضرورة ، وعلى أي حال ينسب هذا الوجه المحقق العراقي إلى قيل قال المحقق المزبور في النهاية ج ١ ص ٤٣٩ من دون احتياج إلى التشبث باطلاق المادة ـ كي يقال بأن المادة بعد ما اخذت موضوعة للهيئة في الخطاب فمقتضى طبع الموضوعية هو كونها سعة وضيقا بمقدار سعة الهيئة وضيقها وح فمع تضيق دائرة الهيئة واختصاصه بحال القدرة وعدم العجز لا يكون للمادة سعة اطلاق في قبال الهيئة العارضة لها حتى يتشبث باطلاقها.

للآخر لا مجال للتفكيك بينهما اطلاقا وعدمه عرفا ولا اقل من صلاحية كل منهما للقرينة في غيره فلا مجال للتفكيك بينهما في مقام الاستظهار كما لا يخفي وهذا بخلاف مسلكنا (١) الراجع إلى التفكيك في ظهور واحد في انحاء مدلوله من حيث الحجية اذ هو غير عزيز كما هو الديدن في موارد الجمع بين الظواهر (٢) خصوصا في الاطلاقات والعمومات (٣) وذلك هو الوجه أيضا في بقاء العام على الحجية في الباقي بعد التخصيص كما لا يخفى (٤) على من راجع المسألة ونظائره (٥) وحيث كان الامر كذلك فلا محيص من جعل هذه

______________________________________________________

(١) أما الوجه الذي اخترنا من التمسك بالظهور الاطلاقي الكلام في مدلوله المطابقي والالتزامي والتفكيك في الحجية من ارتفاع حجية الدلالة المطابقي وبقاء حجية المدلول الالتزامي فهذا لا محذور فيه أصلا.

(٢) كما هو المتعارف في الجمع بين الظاهرين برفع اليد عن حجية بعض أنحاء مدلوله بواسطة ظهور الآخر في ذلك أقوى.

(٣) وذلك كالعموم فيرفع اليد عن حجية الظهور في بعض مدلوله بواسطة دليل الخاص والاقوى.

(٤) بل الوجه لبقاء العموم على حجيته هو ذلك وسيأتي مفصلا فان العموم باق على ظهوره في العموم حتى بعد التخصيص وانما يرفع دليل التخصيص حجية ظهور العموم في بعض المدلول لا غير فلنرجع إلى ما كنّا فيه.

(٥) كما في باب المتعارضين فان الوجه في بناء الأصحاب على حجية المتعارضين في الدلالة على نفي الحكم الثالث في مورد التعارض مع البناء على اصالة سقوط المتعارضين عن الحجية هو امكان التفكيك بين الدلالة المطابقية والالتزامية في الحجية.

المسألة من صغريات باب التزاحم (١) الذي يكون المناط في ترجيح احد الخطابين بقوة مناطه لا بقوة سنده فربما يقدم اقوى مناطا في امثال المقام على ما هو اقوى سندا.

وتوهم (٢) ارجاع المسألة لمحض تزاحمهما في التأثير من حيث الرجحان لدى المولى إلى باب التعارض (٣) وتخصيص باب التزاحم

______________________________________________________

(١) قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٢١ وهذا بخلاف المقام حيث أنه باعتبار وجود الملاكين فيهما يندرج في صغريات مسألة التزاحم ولو على الامتناع أيضا نظرا إلى تحقق المزاحمة ح بين الملاكين في عالم التأثير في الرجحان والمرجوحية كما يكشف عنه حكمهم بصحة العبادة في الغصب مع الغفلة أو الجهل بالموضوع أو الحكم عن قصور لا عن تقصير ولو مع البناء على تقدير جانب النهي حيث أنه لو لا ذلك لما كان وجه لحكمهم بالصحة مع الجهل بالموضوع أو الحكم بل لا بد من الحكم بالبطلان وفساد العبادة مطلقا كما هو واضح ومن ذلك نقول أيضا في المقام بلزوم الرجوع فيه إلى قواعد باب التزاحم فيقدم ما هو الاقوى من الملاكين في مقام التأثير في الرجحان والمرجوحية وان كان أضعف سندا من غيره لا إلى قواعد باب التعارض والترجيح بالمرجحات السندية من حيث العدالة والوثوق كما هو واضح.

(٢) المتوهم هو المحقق النائيني في الأجود ج ١ ص ٣٥٧ قد ظهر من مطاوى ما ذكرناه أنه لو بنينا على كونه التركيب في مورد الاجتماع اتحاديا والجهة تعليلية فلا مناص عن القول بالامتناع فيدخل الدليلان بذلك في باب التعارض فان الصلاة والغصب مثلا لو فرض انطباقهما على هوية واحدة امتنع الأمر بها والنهي عنها فعلا فيقع التعارض بين اطلاقي دليليهما.

(٣) لما عرفت من أن حقيقة التعارض إنما هو تنافي الدليلين في مرحلة جعل الأحكام على موضوعاتها المقدر وجودها من دون دخل لعجز المكلف عن الامتثال في تحقق التنافي بينهما.

بالمتضادين وجودا (١).

______________________________________________________

(١) ان حقيقة التزاحم انما هو تنافي الحكمين في مقام الامتثال الناشئ من عجز المكلف عن امتثالهما معا ومن الواضح انه بناء على الامتناع يقع التنافي بين الوجوب والحرمة في مورد الاجتماع في نفس الجعل بلا دخل لعجز المكلف عن امتثالهما معا ـ إلى أن قال في ص ٣٦ فلان التزاحم في الملاكات باعتبار تأثيرها في حكم الحاكم وإن كان مما لا ينكر إلّا انه أجنبي عن التزاحم في محل الكلام فإن التزاحم في محل الكلام إنما هو في ما إذا تم كل من الحكمين في نفسه وجعل على موضوعه المقدر وجوده ـ أي تحقيق الانشاء ـ لكن وقع التزاحم في مقام الامتثال ـ أي الفعلية ـ لفرض عدم قدرة المكلف على امتثال كليهما وصلوح كل منهما لان يكون شاغلا للمكلف بامتثاله عن امتثال غيره ورافعا لموضوعه أعني به القدرة على ايجاد متعلقه فاذا فرض كون أحد الحكمين أهم من الآخر تعين ذلك في كونه معجزا عن امتثال الآخر دون العكس ـ إلى أن قال ـ بخلاف التزاحم في الملاكات باعتبار تأثيرها في حكم الحاكم فإن المناط فيه هو علم الأمر وجهله بها لا دخل لعلم المكلف وجهله بها أصلا ـ وعليه فاذا كان أحد الملاكين ارجح من الآخر في نظر الامر كان التأثير له لا محالة وكان الحكم في مورد الاجتماع على طبقه فيخرج المجمع بذلك عن حيز الحكم الآخر رأسا إذ المفروض غلبة ارجح الملاكين على الآخر في مقام التأثير في نظر الآمر ـ إلى أن قال في ص ٣٥٦ مضافا إلى ما ذكره يستلزم عدم تحقق مورد للتعارض أصلا لأن انتفاء الملاك في أحد الحكمين لا يمكن استكشافه من نفس الدليلين لعدم تكاذبهما في وجدان كل من المتعلقين لملاك الأمر والنهي وإنما تكاذبهما في نفس مدلوليهما أعني الوجوب والحرمة فلا بد من أن يكون استكشاف انتفاء الملاك في أحدهما من دليل خارجي وهو مع ندرته على فرض

.................................................................................................

______________________________________________________

وجوده لا يوجب التعارض بل يوجب اشتباه الحجة باللاحجة وحكمه غير حكم التعارض ـ إلى أن قال في ص ٣٤٦ أن الحكم قبل وجود موضوعه خارجا يكون انشائيا ثابتا لموضوعه المقدر وجوده وبعد وجود موضوعه يستحيل أن لا يكون فعليا.

وأورد عليه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤١٣ إذ تقول بانه لا وجه لما افيد إلّا الجمود بظاهر لفظ تزاحم الحكمين وإلّا فلا نعني نحن من باب التزاحم إلّا صورة الجزم بوجود الملاكين والغرضين في المورد مع ضيق خناق المولى من تحصيلهما الذي من نتائجه لروم تقديم أقوى الملاكين منهما وإن كان أضعف سندا من الآخر ـ ومنها غير ذلك من نتائج باب التزاحم كما أنه لا نعني من باب التعارض إلّا صورة عدم احراز الملاكين والغرضين في المورد بل صورة العلم بعدم وجود الغرض في أحد الموردين الذي من نتائجه أيضا الرجوع إلى قواعد التعارض من الترجيح بالمرجحات السندية بالاعدلية والاوثقية ونحوهما والتخيير في الأخذ بأحد الخبرين عند فقد المرجحات أو تساوي الخبرين فيها بمقتضى اخبار العلاج وعلى ذلك فكل مورد أحرز فيه وجود الغرضين كان ذلك داخلا في باب التزاحم ويجري عليه أحكامه من غير فرق في ذلك بين أن يكون تزاحم الغرضين والملاكين في عالم تأثيرهما في الرجحان والمرجوحية كما في المقام على الامتناع أو كان التزاحم بينهما في عالم الوجود ومقام التأثير في فعلية الحكمين وكل مورد لم يحرز فيه وجود الملاكين والغرضين على الاطلاق بل أحرز عدم وجود الملاك والغرض في أحد الموردين يكون ذلك من باب التعارض الذي من حكمه الأخذ بالارجح سندا من حيث العدالة والوثوق وعليه نقول بانه بعد أن أحرز في المقام وجود الملاكين والغرضين على الاطلاق في المجمع ولو على القول بالامتناع بشهادة أعمالهم

.................................................................................................

______________________________________________________

فيه نتائج باب التزاحم وحكمهم بصحة الصلاة مع الجهل بالغصبية أو بحرمته فلا وجه لاخراج مورد التصادق على الامتناع عن باب التزاحم وادراجه في صغريات باب التعارض على خلاف مشى القوم في ذلك إلّا إذا كان لك اصطلاح خاص ذلك هذا ـ إلى أن قال في ص ٤٣٦ ـ أن المسألة كانت من صغريات باب التزاحم دون التعارض ولو على الامتناع ومن ذلك لا بد من احراز الملاك والمقتضي لكل واحد من الحكمين على الاطلاق حتى في المجمع كي يحكم عليه على الجواز بكونه محكوما بحكمين من المحبوبية والمبغوضية والارادة والكراهة وعلى الامتناع بأقوى الملاكين لو كان أحدهما أقوى وإلّا فيحكم آخر غيرهما مثلا ولقد عرفت أيضا بيان الفرق بين باب التزاحم والتعارض وإن المدار في باب التزاحم إنما هو على تزاحم الملاكين في مقام التأثير في الرجحان والمرجوحية أو في عالم الوجود ومرحلة فعلية الارادة والكراهة كما في المتضادين وجودا ومنه باب الاجتماع بناء على الجواز خصوصا مع عدم المندوحة لا على تزاحم الحكمين في مقام الامتثال كما توهم وإلّا فكما عرفت لا يكاد ينتهي النوبة إلى مقام تزاحم الحكمين حتى في المتضادين اللذين يلازم امتثال أحدهما عصيان الآخر إلّا على فرض جعل القدرة من شرائط تنجز التكليف لا من شرائط أصل التكليف وفعليته وإلّا فعلى فرض كونها من شرائط أصل التكليف وفعليته كما هو التحقيق لا يكاد يكون مجال لوقوع المزاحمة بين الحكمين الفعليين حتى في المتضادين وجودا من جهة وضوح استحالة تشريح الحكمين ح على الإطلاق في المتضادين نظير امتناع تشريح الحكمين في مجمع العامين من وجه فلا بد على هذا الملاك ح من ادراج جميع هذه الموارد في باب التعارض مع أنه كما ترى ح فلا محيص من الالتزام بما ذكرناه من المعيار بجعل المناط في باب التزاحم على تزاحم الملاكين من المفسدة

.................................................................................................

______________________________________________________

والمصلحة في عالم التأثير في ايراث الحب والبغض كما في باب الاجتماع على الامتناع أو تزاحمهما في عالم الوجود ومقام الفعلية الارادة والكراهة كما في المتضادين وجودا ومنه باب الاجتماع على الجواز وإن كان الحكم الفعلي دائما على طبق أحد الملاكين في قبال باب التعارض الذي ملاكه تكاذب الدليلين في مرحلة اصل الاقتضاء وعليه فكل مورد أحرز ولو من الخارج وجود الملاك والمقتضي لكل واحد من الحكمين كان ذلك من باب التزاحم الذي من لوازمه هو الأخذ بما هو الأقوى والأهم منهما ملاكا وإن كان أضعف سندا من الآخر نعم يخرج عن ذلك صورة اناطة المصلحة في قيامها بالشيء بعدم تأثير المفسدة في المرجوحية كما في كلية التكاليف المشروطة بالقدرة شرعا عند مزاحمتها مع ما لا يكون القدرة فيه إلّا شرطا عقليا كما في الحج الواجب في فرض انحصار المركوب بالدابة المغصوبة مثلا حيث أنه في هذا القسم لا يلاحظ جهة أقوائية المفسدة في مقام تقديمها على المصلحة ح بل يقدم المفسدة على المصلحة في مقام التأثير في المرجوحية الفعلية ولو كانت أضعف بمراتب من المصلحة وذلك من جهة استحالة مزاحمة المصلحة التعليقية مع المفسدة التنجيزية لأن مانعيتها دورية فتبقى المفسدة المزبورة في رتبة تأثيرها بلا مزاحم فتؤثر في المبغوضية ولو كانت في أدنى درجة الضعف وكانت المصلحة في أعلى درجة القوة وح فينحصر باب التمانع الذي يكون جهة تأثير كل من الملاكين تابع الاهمية والاقوائية بما عدا تلك الصورة كما هو واضح كما أن كل مورد لم يحرز وجود المقتضي والملاك لكل من الحكمين كان من باب التعارض الذي من حكمه هو الرجوع بعد العجز عن الجمع بينهما إلى المرجحات السندية.

وأورد على المحقق النائيني استادنا الآملي في المنتهى ص ٩٥ أو لا ان جعل

.................................................................................................

______________________________________________________

مبنى الجواز هو كون المجمع مركبا من وجودين انضم احدهما إلى الآخر غير سديد لما سيأتي ـ وتقدم منا ـ من أن ذلك يوجب خروج مورد الاجتماع عن محل النزاع مع أنه يمكن القول بالجواز فيما إذا كان المجمع وجودا واحدا ذا جهتين وثانيا أن القول بوقوع التزاحم بين الخطابين الانشائيين ـ أي المنشأين عن الملاكين ـ في مقام الفعلية ـ أي تقديم أقواهما مناطا ـ غير سديد أيضا لان التزاحم في الفعلية يستلزم أن يكون الخطاب الانشائي الذي لا يصير فعليا في مورد التزاحم لغوا اذ المقصود بالانشاء لجعل الداعي هو فعليته ليكون داعيا ومع علم المولى بعدم صيرورته فعليا لا يتأتى منه الإنشاء في ذلك المورد فلا محالة يكون موضوع التزاحم هو الملاكان سواء كانا متّفقتين في الأثر لملاكي الواجبين أم كانا مختلفين في الأثر كملاكي الوجوب والحرمة ففي مثل المقام يقع التزاحم بين ملاك المأمور به وملاك المنهي عنه في تأثير الارادة والكراهة لمورد الاجتماع على القول بالجواز أو في تأثيرهما الحب والبغض في نفس المولى لمورد الاجتماع على القول بالامتناع ويشهد لما ذكرناه قوله بكون جعل الخطابين المتزاحمين دائما لغو العدم امكان صيرورة الانشائي منهما فعليا فادرج موردهما في مسائل التعارض لذلك مضافا قال في ص ١٣٧ فلان دعوى كون الحكم الاقتضائي حكما مجعولا بالقصد والاختيار ليكون جعله لغوا حيث لا يكون له أثر لم يظهر وجهها لان الحكم الاقتضائي حسب ترتب الحكم في نشأته لا وجود له فعلى إلّا وجود مقتضيه فهو موجود بوجود مقتضيه ولهذا سمي بالحكم الاقتضائي وعليه لا يكون الحكم في هذه النشأة مجعولا شرعيا ليكون جعله في مثل المورد لغوا.

وثالثا لو سلمنا أن مقياس التزاحم هو ما ذكره فلما ذا يخص التزاحم بمورد الوجودين سواء كانا منفكين أم منضمين وما المانع من تعميمه لما إذا كان مورد الاجتماع وجودا واحدا ذا جهتين فإن كان المانع من ذلك هو عدم القدرة

.................................................................................................

______________________________________________________

على امتثال كلا الخطابين الإنشائيين فمورد تعدد الوجود مثله وان كان المانع هو تضاد الأحكام ولا يمكن اجتماع حكمين في وجود واحد ولو كان ذا جهتين فهو منقوض باشتمال الوجود الواحد على المصلحة والمفسدة في مورد الامتناع في نظره هذا مضافا إلى أن تضاد الأحكام انما يتحقق في مقام فعليتها وأما الانشائية منها فلا تضاد بينها ـ إلى أن قال في ص ١٢٧ ولا يخفى ما فيه ، أما أولا فلأن الكلام في المقام ليس في انطباق عنوان التعارض عليه وعدمه بل الكلام فيما لو دل أحد الدليلين على حرمة شيء ودل الآخر على وجوبه مثلا وعلمنا ان ذلك الشيء واجد لملاك الحرمة وملاك الوجوب معا فهل يلزم ح أن يعامل مع مثل المورد معاملة التعارض ويرجع فيه إلى المرجحات السندية وغيرها؟ أو يعامل معه معاملة التزاحم فيرجع فيه إلى مرجحات باب التزاحم ويؤخذ بما هو أقوى ملاكا وإن كان أضعف سندا ولا ريب في أن العقل إذا أدرك ذلك يحكم على طبق الملاك الأقوى ويلزم بالعمل بدليله وإن كان أضعف من دليل الحكم الآخر ، وأما طريق العلم باشتمال الشيء على ملاكي الوجوب والحرمة أو أقواهما فسيأتي بيانه ، وأما ثانيا فلان جعل موضوع التزاحم هو الحكمان الانشائيان حيث يتزاحمان في الفعلية كلام شعرى لا سند له لأن القدرة على امتثال التكليف إن كانت شرطا في انشائه كما أنها شرط في فعليته فهو المطلوب وإن اعتبرت شرطا في فعليته دون انشائه لزم إنشاء حكم لا فعلية له في حال عجز المكلف وحيث أنه لا أثر للحكم التكليفي إلّا تحريك المكلف نحو المكلف به يكون انشائه في حال العجز لغوا لا يتأتى من الحكيم الملتفت ـ كما مر ـ ولو سلمنا إمكان جعل حكمين انشائيين لا يمكن أن يكون كلاهما فعليين كما هو المدعى في مورد الموجودين بوجودين انضماميين أو الموجودين بوجودين منفكين متلازمين فما الموجب لاخراج الوجود الواحد ذي الجهتين من هذا الحكم بعد فرض اشتمال ذلك الواحد على ملاكي الوجوب والحرمة فلم لم يجوز انشاء حكمين على وفق الملاكين المزبورين غاية الأمر لا يكون فعليا

.................................................................................................

______________________________________________________

إلّا أحدهما كما هو شأن حكمي الموجودين المتلازمين والوجودين الانضماميين ، وأما ما أورد على المدعى ـ أي الأخير من كلامه ـ من أن التعارض لو كان هو تنافي الدليلين في ثبوت ملاكي الحكمين اللذين دلا عليهما لا نحصر التعارض في صورة العلم بعدم كون أحد الحكمين واجدا للملاك الخ. فغير وارد على المدعى لأنّه اما ان يكون كل من الدليلين المتعارضين نافيا للملاك عن الحكم الذي دل عليه الآخر ، واما ان يعلم من دليل آخر أنه لا ملاك لاحد الحكمين اللذين دل على كل منهما دليل معتبر وسيأتي بيان كون كل من الدليلين المتعارضين نافيا للملاك عن الحكم الذي دل عليه الآخر وعليه لا ينحصر التعارض في صورة العلم بعدم كون أحد الحكمين واجدا للملاك وأيضا لا يلزم أن تكون هذه الصورة من قبيل اشتباه الحجة باللاحجة لا ناقد اشرنا فيما سبق إلى أن اشتباه الحجة باللاحجة منحصر فيما لو علمنا من الخارج بكون أحد الدليلين غير جامع في الواقع لشرائط الحجية ولكن لم يعينه لشخصه فاتضح مما تقدم أن التزاحم بين الأمر والنهي إنما يتحقق بين ملاكات الأحكام في تأثيرها للإرادة والكراهة في نفس الحاكم حيث يكون متعلقاهما متلازمين في الوجود أو يكون وجود احدهما منضما إلى وجود الآخر ، وأما إذا انطبق متعلق الأمر ومتعلق النهي على وجود واحد ذي جهتين فإن كانت الجهتان متمايزتين في موقع صدقهما بنحو لا يكون موقع صدق أحدهما نفس موقع صدق الآخر كان حالهما حال الوجودين المنضم أحدهما إلى الآخر وإن كانت الجهتان مشتركتين في بعض مدلول كل منهما وفي موقع صدقه بمعنى أن يكون بعض مفهوم إحداهما هو نفس بعض مفهوم الأخرى وكذلك موقع صدق بعض مدلول إحداهما نفس موقع صدق بعض مدلول الأخرى كالصلاة والغصب فان الفعل أعني به العمل الصادر من الفاعل مشترك بين أفعال الإنسان جميعها والصلاة والغصب من أفعاله فهما مشتركان في ذلك الفعل ويمتاز أحدهما عن الآخر بخصوصية يتخصص بها ذلك الفعل الخاص مثلا

.................................................................................................

______________________________________________________

الصلاة فعل الإنسان المشتمل على الخصوصيات المعلومة الموجبة لكونه صلاة والغصب هو تصرف الإنسان المكلف في مال غيره بغر اذنه فاذا صدق هذان الفعلان على بعض أفعال الإنسان فقد اشتركا أيضا في موقع الصدق كالصلاة في المكان المغصوب فإن مفهوم الصلاة يصدق بجزئه العام أعني به الفعل على حركة المكلف في المكان المغصوب يصدق بجزئه العام المزبور على تلك الحركة نفسها وهذا الفعل الخارجي الواحد الذي صار مقوما لمصداق الصلاة ومصداق الغصب لا يعقل أن يكون محبوبا ومبغوضا لشخص واحد في زمان واحد فلا محالة يقع التزاحم والتصادم بين ملاكات الأحكام في ذلك الفعل الواحد في تأثير الحب والبغض في نفس الحاكم فاذا فرض أن أحد الملاكين أقوى من الآخر يكون له الأثر في نفس الحاكم وتتبعه الإرادة أو الكراهة.

وتطويل الكلام في هذه الأمور لاجل ان يتضح الفارق بأحسن وجه وتحصل أنه ذهب صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٤٥ أنه كلما كانت هناك دلالة على ثبوت المقتضي في الحكمين كان من مسألة الاجتماع وكلما لم يكن هناك دلالة عليه فهو من باب التعارض مطلقا إذا كانت هناك دلالة على انتفائه في أحدهما بلا تعيين ولو على الجواز وإلّا فعلى الامتناع الخ. يعني وإن لم تكن دلالة على انتفاء المناط في أحدهما ولم يحرز ثبوت المناط فيهما ولو لمانع فعلى الامتناع يكون من التعارض إذ لا طريق إلى ثبوت المناطين ، وأما المختار تبعا للمحقق العراقي أيضا ذلك لكن على الامتناع ليس من التعارض لما لنا الطريق في احراز ثبوت المناط فيهما فيما لم يحرز ثبوت ذلك وذلك لما عرفت أن الدلالة الالتزامية لا بد وأن تكون تابعة للدلالة المطابقية ثبوتا ووجودا ولا يجب أن يكون تابعة لها حجية واثباتا إذ لا مانع من التفكيك بينهما إذا ساعده الجمع العرفي كما تقدم مفصلا ، والمحقق النائيني اختار أن تنافي الدليلين في مرحلة جعل الأحكام هو التعارض وتنافي الحكمين في مقام الامتثال هو التزاحم وقد مر مفصلا.

كما توهم لا يفهم له وجه (١) عدى (٢) ما أفيد (٣) بأن تزاحمهما (٤) في مثل المقام في التأثير (٥) موجب لكون زمام بيان ما هو راجح فعلى لدى المولى بيده وربما يوكل أمر بيانه إلى ما هو أقواهما سندا (٦) وهذا بخلاف ما لا يكون بينهما تزاحم في التأثير

______________________________________________________

(١) قد عرفت

الاشكال على هذا التوهم مفصلا.

(٢) هذا الوجه يكون دليلا للتوهم.

(٣) قال المحقق النائيني في الفوائد ج ١ ص ٤٣١ وأما تزاحم المقتضيين فإنما يكون في مقام الجعل والتشريع حيث يتزاحم المقتضيان في نفس الأمر وارادته ويقع الكسر والانكسار بينهما في ذلك المقام ويكون لعلم الامر وجهله دخل في تزاحم المقتضيين حيث لو لم يعلم الامر بثبوت المقتضيين لا يعقل أن يقع التزاحم بينهما في ارادة الأمر وعلم المكلف وجهله أجنبي عن ذلك فإن عالم الجعل والتشريع إنما يكون بيد الآمر والمأمور أجنبي عنه فيكون لعلم الآمر وجهله دخل كما أن عالم الامتثال وصرف القدرة وأعمالها يكون بيد المكلف والآمر أجنبي عنه فيكون لعلم المأمور دخل.

(٤) أي الملاكين.

(٥) أي الجعل.

(٦) قال المحقق النائيني في الفوائد ج ١ ص ٤٣٣ أنه بناء على الامتناع لا محيص عن القول بفساد الصلاة وتندرج المسألة في باب التعارض.

كالمتزاحمين (١) فانه ليس أمر تعين مرامه بيده (٢) إذ هو مبيّن (٣) فلا محيص (٤) حينئذ من اتكال أمر تزاحمه إلى العقل المستقل بالأخذ بما هو أقوى مناطا لا سندا وهو فاسد جدا (٥) وذلك (٦) لان الاطلاقين بعد فرض ظهورهما في أصل الاقتضاء في الطرفين (٧)

______________________________________________________

(١) قال المحقق النائيني في الفوائد ج ١ ص ٤٣١ أنه وقع التزاحم بين ذلك الحكم وبين حكم آخر في مقام الامتثال وصرف القدرة عند عدم تمكن المكلف من كلا الامتثالين والتزاحم بين الحكمين أمر وبين المقتضيين أمر آخر بينهما بون بعيد فان تزاحم الحكمين على ما عرفت إنما يكون في مقام الفعلية وتحقق الموضوع بعد الفراغ عن تشريعهما على طبق موضوعاتهما المقدر وجودها وفي هذا القسم من التزاحم يكون لعلم المكلف وجهله دخل حيث أن الحكم المجهول لا يصلح أن يكون مزاحما لغيره فإنه لا يكون شاغلا لنفسه فبان لا يكون شاغلا عن غيره أولى.

(٢) أي بيد المولى والآمر.

(٣) اي من المولى تم البيان.

(٤) فلا بد من الرجوع إلى مرجحات باب التزاحم من الأخذ بأقوى ملاكا ونحوه مما يحكم به العقل.

(٥) هذا التفصيل قد عرفت فساده من أنه على الامتناع من باب التعارض وعلى الجواز من باب التزاحم.

(٦) لما عرفت مرارا من أن اطلاق الأمر والنهي وظهورهما في جميع المراتب محفوظة.

(٧) وتدل كل واحد على ثبوت الملاك.

وفرضنا أنه لا مانع في تأثير كل واحد (١) إلّا تمانعهما في التأثير (٢) فكيف (٣) للمولى ترجيح أقوائهما سندا على أقواهما مناطا في فرض احراز الاقوائية لدى العقل نعم للمولى ذلك لو فرض احتمال وجود مانع آخر عن تأثير الأقوى بنظر العقل إذ العقل ح منعزل عن الحكم في هذه الصورة (٤) ولكن ذلك خلاف الفرض (٥) وخلاف ظهور اطلاق الخطابين في الفعلية من جميع الجهات غير جهة تزاحم المقتضيين في تأثيرهما فقط إذ (٦) حينئذ ليس العقل منعزلا عن حكمه بالأخذ بأقواهما مناطا وفي مثله ليس للشارع الحكم على خلافه (٧) لأن حكم

______________________________________________________

(١) كما تدل كل واحد على فعلية الحكم.

(٢) لكن المانع عن فعلية الحكمين موجودا لتضاد الأحكام في مورد الاجتماع لكن لا يضر بدلالته الالتزامي بوجود الملاك في كل منهما بالاطلاق فيكون من مصاديق التزاحم لوجود الملاكين والتزاحم في مقام التأثير دون التعارض هو العلم بوجود ملاك واحد والرجوع إلى مرجحاته.

(٣) من أقوائية السند فكيف يقدم على اقوائية الملاك بعد ما كان أحدهما أقوى ملاكا.

(٤) نعم لو احتمل المانع عن تأثير الأقوى والعلم بملاك واحد يخرج ذلك عن الفرض ويكون من التعارض.

(٥) لكن هذا خلاف محل الكلام من احراز عدم المانع ولو بظهور الاطلاقي الخطابين في الفعلية من جميع الجهات غير جهة تأثير المقتضيين.

(٦) فالعقل حاكم بلزوم الاخذ بالأقوى مناطا.

(٧) وليس للشارع الحكم على خلافه فإنه لا مجال بعد حكم العقل التنجيزي بتقديم الأقوى مناطا.

العقل في هذه الصورة تنجيزي كما هو ظاهر فتدبر وكيف كان (١) لا شبهة في ادخال المقام في باب التزاحم واجراء أحكامه فيه من الأخذ بأقواهما مناطا ولو كان أضعف سندا عن غيره فباب التعارض (٢) منحصر بصورة تكاذب الخطابين في أصل الاقتضاء أيضا زائدا عن الفعلية إذ حينئذ زمام بيان ما فيه من الحكم باقتضائه بيده والعقل في مثله منعزل عن الحكم وله حينئذ ايكال بيان مرامه بالأخذ بما هو أقوى سندا كما هو شأن المتعارضين من النصوص.

نعم هنا كلام آخر (٣) في أن الأصل في كل خطابين واردين على

______________________________________________________

(١) فالمقام باب التزاحم لاحراز المقتضيين.

(٢) وباب التعارض هو ما أحرز عدم المقتضيين وأنه هناك مقتض واحد الحاكم حينئذ هو الشرع من الرجوع إلى أقوى سندا والعقل منعزل عنه.

(٣) في بيان الضابط في مرحلة الاثبات للتزاحم والتعارض وهنا تقريبين للتعارض التقريب الأول ما في المتن وتوضيح ذلك قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٣٨ يبقى الكلام في تشخيص صغريات باب التزاحم عن صغريات باب التعارض وان مقتضى ظهور الخطابين عند عدم قيام قرينة قطعية من اجماع أو غيره على وجود الملاكين في المجمع هل هو كونه من باب التزاحم مطلقا أو من باب التعارض كذلك أو يفصل بين صورة تعدد عنوان المأمور به والمنهي عنه وبين صورة وحدة عنوان المأمور به والمنهي عنه كما في اكرام العالم والهاشمي فيما لو تعلق الأمر مثلا باكرام العالم والنهي باكرام الهاشمي ـ إلى أن قال في ص ٤٤٠.

مورد واحد هو التزاحم أو التعارض وفي هذا المجال أيضا مقتضى التحقيق أن يقال (١) ان كل مورد تعلق الخطابين بعنوان واحد طبع كل خطاب يقتضي الردع عن نقيضه (٢) كما أن الظاهر من كل خطاب أيضا نفيا واثباتا ثبوت مباديه في متعلقه (٣) او عدمه (٤) ولازم اقتضائه عدم النقيض سلب جميع مباديه عنه (٥) ، كما أن الظاهر من ثبوته وجود جميع مباديه فيه (٦) ، وحينئذ يقع المطاردة بين الخطابين

______________________________________________________

(١) وحاصله دعوى أن اعمال قواعد التعارض في فرض وحدة عنوان المأمور به والمنهي عنه إنما هو من جهة ما يقتضيه العقد السلبي في كل من الخطابين بتقريب أن كل واحد من الخطابين في الفرض المزبور.

(٢) كما يكشف عن وجود مناطه فيه أي في متعلقه كذلك يكشف عن عدم وجود مناط آخر فيه غير مناطه ويمنع عن نقيض هذا الفعل.

(٣) أي الأمر باطلاقه يدل على وجود مصلحة في متعلقه مطلقا كاكرام العالم.

(٤) أي النهي يدل باطلاقه على وجود المفسدة في متعلقه مطلقا كحرمة اكرام الفاسق.

(٥) اي الأمر يدل بالالتزام على أنه بنحو لا تزاحم تلك المصلحة مفسدة تقتضي النهي عنه والنهي يدل بالالتزام على نحو لا تزاحمه مصلحة تقتضي الأمر به.

(٦) اي الامر يقول اكرم العالم مطلقا حتى لو كان فاسقا والنهي يقول لا تكرم الفاسق ولو كان عالما.

في عالم الاقتضاء أيضا (١) ، ولا نعني من تكاذبهما في عالم الاقتضاء إلّا ذلك فيجري عليه أحكام التعارض كما أسلفناه ، وأما لو

______________________________________________________

(١) وحينئذ فحيث ان متعلق الخطابين عنوان واحد فقهرا يقع التكاذب بين العقد الايجابي في كل منهما مع العقد السلبي في الخطاب الآخر بنحو يوجب تقديم كل خطاب الغاء الآخر بالمرة حتى من جهة دلالته على وجود مناط فيه فمن ذلك لا بد فيه من اعمال قواعد التعارض بينهما ـ اي ح يكون كل من الدليلين المتعارضين مكذبا للآخر فيما يثبته ويقتضيه ـ وهذا بخلافه في فرض تعدد عنوان المأمور به والمنهي عنه فانه في هذا الفرض لا ينتهي النوبة إلى مقام معارضة الخطابين حيث لا يقتضي تقديم شيء من الخطابين ح الغاء الآخر عن الدلالة على وجود المناط في متعلقه بوجه اصلا فمن هذه الجهة يؤخذ بظهور كل من الخطابين في الدلالة على وجود الملاك والمصلحة في متعلقه حتى في المجمع ويجري عليه بعد ذلك قواعد التزاحم ولكن يمكن الخدشة في هذا التقريب بمنع التنافي بين الخطابين في فرض وحدة عنوان المأمور به والمنهي عنه ايضا وذلك من جهة امكان ان يكون الشيء الوحداني بجهتين تعليليتين واجدا للمصلحة والمفسدة فيكون ذا مصلحة من جهة وذا مفسدة من جهة اخرى وامثلته كثيرة جدا ومعلوم ح انه مع امكن ذلك ثبوتا لا يبقى مجال دعوى العقد السلبي للخطابين حتى ينتهي الامر إلى معارضته مع العقد الايجابي في الآخر ـ قال في ص ٤٣٩ التقريب الثاني ـ واما لو اتخذ عنوان المأمور به والمنهي عنه كاكرام العالم والهاشمي حيث كان متعلق الامر والنهي عنوانا واحدا وهو الاكرام فمقتضى ما ذكرنا ـ اي ما سنشير إليه ـ وان كان هو اعمال قواعد التزاحم فيه ايضا إلّا ان ظاهر الأصحاب في مثله على اعمال قواعد التعارض ولعل النكتة في الفرق بين الفرضين هو ان في فرض تعدد عنوان

كان الخطابين متعلقا بعنوانين (١) ولو كانا مشتركين في جهة (٢) فلا

______________________________________________________

المأمور به والمنهي عنه لا يكون العقل مانعا بدوا عن فعلية التكليف بالعنوانين بل وانما الممنوع فيه هو فعلية التكليفين في ظرف التطبيق في المرجع حيث يرى بعد التطبيق كونهما من التكليف بما لا يطاق فمن ذلك يخرج عن كونه من القرائن الحافة الكاسرة لظهور الهيئة وهذا بخلافه في صورة وحدة عنوان المأمور به والمنهي عنه كما في العامين من وجه كاكرام العالم والهاشمي فانه في هذا الفرض يكون العقل بدوا مانعا عن فعلية التكليفين بعنوان وحداني وعن اجتماع المحبوبية والمبغوضية فيه إذ يرى ـ اي العقل بفطرته ـ كون اصل التكليف به بالفعل تارة وبالترك اخرى من التناقض ومن هذه الجهة يكون من قبيل القرائن المتصلة الحافة فيوجب كسر صولة ظهور الخطابين في الفعلية ومعلوم أنه مع انثلام الظهور المزبور لا يبقى مجال كشف المناطين ـ أي مناط الأمر ومناط النهي ـ فيه ـ أي الارادة والكراهة والحب والبغض والمصلحة والمفسدة ـ فمن ذلك لا بد فيه من اعمال قواعد التعارض إذ يكفي في اجراء قواعد التعارض فيه مجرد عدم احراز كونه من باب التزاحم كما هو واضح. والأمر كما ذكره على ما عرفت مفصلا.

(١) ذكر المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٣٨ أما فرض تعدد عنوان المأمور به والمنهي عنه حقيقة ـ أي لا يتمكن المكلف من الاتيان بمعنونيهما لتضادهما مع اتحاد سنخ التكليف المتعلق بهما أو كون المكلف به عنوانين متلازمين في الوجود سواء كانا موجودين بوجودين.

(٢) أي ام كانا منطبقين على وجود واحد ذي جهتين مع اختلاف سنخ التكليف المتعلق بهما كالوجوب والحرمة في مثل الصلاة في المكان المغصوب أو انقاذ الغريق في المكان المغصوب لكن سيأتي من المحقق الماتن تفصيل بين الصور كما سيأتي.

شبهة في أن كل خطاب (١) لا يقتضي إلّا المنع عن نقيض متعلقه (٢) بلا نظر منه (٣) إلى نقيض المتعلق الآخر ونتيجة منعه المزبور أيضا منع الاقتضاء في نقيض عنوانه بما له من الخصوصية (٤) فيبقى العنوان الآخر على اقتضاء خطابه بلا

______________________________________________________

(١) قضية اطلاق الخطابين حينئذ الكاشف عن وجود الملاك والمصلحة في موضوعيهما على الاطلاق حتى في المجمع بل وفي حال العجز عن موضوعهما وجدانا أيضا كما كان ذلك هو الشأن أيضا في كلية الخطابات.

(٢) أي ظهور كل خطاب في الدلالة على وجود الملاك والمصلحة في متعلقه حتى في المجمع وحرمة نقيضه وتركه فان الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده فله عقد ايجابي في الأمر وجود المصلحة في الصلاة وعقد سلبي المنع من تركها ونقيضها وكذلك النهي.

(٣) اي لازم ذلك خطاب الامر يدل على وجود المصلحة في الصلاة والمنع عن نقيض الصلاة وتركها بالخصوص وهي العنوان ولا اقتضاء له بالنسبة إلى نقيض الغصب أصلا وكذا الغصب يدل على وجود المفسدة في التصرف في مال الغير والمنع عن نقيضه بالخصوص وهو الأمر بترك الغصب. ولا نظر له إلى نقيض الصلاة أصلا حتى يوجب التكاذب بينهما كما كان يوجب في ما لو كان متحدا عنوانا.

(٤) ومن ذلك ترى بنائهم على كشف قيام المصلحة بمتعلق التكاليف على الاطلاق حتى في حال العجز عن امتثالها من مثل تلك الخطابات مع الجزم باختصاص فعلية التكاليف بحال القدرة من غير تخصيص للمصلحة أيضا بحالها إلّا في فرض أخذ القدرة أيضا قيدا في حيز الخطاب كما في الحج وحينئذ فاذا كان قضية اطلاق الخطابين هو الكشف عن وجود الملاك في موضوعهما على الاطلاق حتى في المجمع فقهرا يندرج في باب التزاحم الذي من حكمه هو الأخذ بأقوى الملاكين منهما.

موجب لتكاذبهما في أصل الاقتضاء (١) فيبقى كل منهما على ظهورهما في ظهور الاقتضاء في عنوانه وباطلاقهما يحرز الاقتضاء في مجمعهما (٢) ولا يقال (٣) بأن لازم نفي الاقتضاء في نقيض كل عنوان (٤) عدم امكان الأخذ باطلاقهما في المجمع واحراز (٥) الاقتضائين في مثله لأنه يقال (٦) أن غاية اقتضاء خطاب

______________________________________________________

(١) أي لا موجب لتكاذبهما بعد عدم التنافي في ظهورهما فيبقى كل واحد على ظهورهما وعدم النظر في كل منهما في العقد السلبي للآخر.

(٢) أي باطلاقهما يكشف عن ثبوت الملاك فيهما كما مر مرارا في المجمع فقد ظهر إلى هنا أن باب التزاحم يكشف الملاك بالاطلاق.

(٣) وملخص الاشكال انه بعد عدم اقتضاء كل من الأمر والنهي للاثبات والنفي لنقيض الآخر فالأمر لا يدل إلّا على وجود المصلحة في الصلاة والمنع عن ترك الصلاة أما بالنسبة إلى الغصب فلا اقتضاء له وكذا الغصب فحينئذ لا اطلاق لشيء منهما لمورد الاجتماع وهي الصلاة مع الغصب لان اطلاق كل منهما كان تابع عنوانه لا عنوان آخر فلا يكشف عن وجود المصلحة والمفسدة في المجمع بالاطلاق لأنّه لا نظر على الفرض لكل عنوان لنقيض العنوان الآخر وقد اجتمع على الفرض كل مع نقيض عنوان الآخر فالصلاة مع الأمر بترك الغصب والغصب مع النهي عن ترك الصلاة.

(٤) كالصلاة والغصب.

(٥) أي وعدم احراز الاقتضائين والمناطين في مثله.

(٦) وملخص الجواب انه تارة ينظر إلى المجمع فلا يقتضي شيء منهما إلى نفيه واثباته ، وأخرى ينظر إلى كل واحد بالخصوص فلا محالة يقتضي اطلاق الخطاب في حد نفسه لكل واحد وتوضيح ذلك.

كل منهما (١) عدم اقتضاء في نقيض عنوانه ومعلوم أن نقيضه بقلب العنوان بخصوصه لا بقلب كل جزء من العنوان (٢) فلا يقتضي الخطاب المزبور إلّا سلب الاقتضاء في نقيض المجموع (٣) ولا ينافي (٤) هذا ثبوته في جزء من أجزاء الطرفين باطلاق خطابيهما وحينئذ (٥) لا محيص من تفصيل المسألة بين (٦) صورة تعلق الخطابين بعنوانين

______________________________________________________

(١) أن كل خطاب من الأمر والنهي يقتضي وجود المصلحة والمفسدة في متعلقه ولا نظر له إلى نقيض عنوانه.

(٢) وليس المراد لا نظر له إلى كل جزء جزء من العنوان فلا نظر له إلى نقيضه.

(٣) بل المراد لا نظر له إلى نقيض العنوان بعنوان المجموع.

(٤) وهذا لا ينافي أن يكون الخطاب له الاقتضاء بالنسبة إلى اجزاء المجموع كل جزء جزء فجزؤه يبقى تحت الأمر يكشف عن الملاك وجزء منه تحت النهي فيكشف عن المفسدة ويشمله اطلاق كل منهما ولو بالنسبة إلى المجموع بما هو مجموع لا اطلاق له لا يضر ذلك اصلا وانما كل واحد واحد يشمله الاطلاق لا محالة بلا مانع أصلا.

(٥) وبهذا المناط الذي تقدم من أن المجمع بما هو مجمع لا يشمله اطلاق الدليلين له وإنما يشمل كل واحد واحد بخصوصه لا بد من التفصيل في المسألة في كونه من مورد التزاحم أو التعارض لكشف الملاك فيهما أو في أحدهما فقط.

(٦) ففي صورة تعلق الخطابين بعنوانين مستقلين بحيث يكون التركيب انضماميا يتعين حكم التزاحم.

مستقلين يكون أحدهما بحسب العنوان غير الآخر فيجري في مثله حكم التزاحم وان (١) الأصل فيه هو التزاحم إلى أن يفهم خلافه وبين (٢) صورة تعلق الخطابين بعنوان واحد بأنه لا محيص من اجراء حكم التعارض عليه وهو الأصل فيه إلى أن يفهم خلافه (٣) وربما يلحق بذلك (٤) ايضا صورة كون العنوان المأخوذ في أحد الخطابين جزء لموضوعه (٥) وفي الآخر تمامه (٦) فان الخطاب المتعلق بتمامه ايضا يمنع عن النقيض بجميع مباديه في

______________________________________________________

(١) والضابط في مثل ذلك في مرحلة الاثبات ترتيب آثار التزاحم لشمول الاطلاق لكل واحد منهما بالخصوص.

(٢) وفي صورة تعلق الخطابين بعنوان واحد هو التكاذب الأصل فيه إلّا أن يثبت خلافه.

(٣) من تعدد الجهة والحيثية أو مأخوذة من مراتب الوجود المتفاوتة أو نحو ذلك.

(٤) وقد تقدم مفصلا في العام والخاص المطلق وان قسم منه لا يبعد دخوله في محل النزاع وسيأتي أيضا وعلى أي حال قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤١١ ظهر لك الحال في صورة الأمر بالمطلق والنهي عن المقيد كقوله صل وقوله لا تصل في الدار المغصوبة ، حيث انه ثبوتا وان أمكن كونه من باب التزاحم إلّا انه اثباتا لا بد فيه من اعمال قواعد التعارض نظرا إلى كشف دليل الخاص ح في فرض اقوائيته عن تضييق دائرة التكليف في طرف العام بغير المقيد بجميع مراتبه.

(٥) كلا تصل في الدار المغصوبة.

(٦) كصل.

موضوعه (١) وهو يمانع اقتضاء الحكم ولو في جزئه فيجري عليه ايضا حكم التعارض كما هو الشأن في غالب العموم والخصوص المطلق نعم (٢) لو فرض بين العنوانين المختلفين مثل هذه النسبة فلا بأس باجراء حكم التزاحم عليه ولكن قل ما يتفق من العمومات والخصوصات المطلقة من هذا القبيل (٣) كما ان الغالب ما كان بينهما عموم من وجه كان من باب تعلق كل منهما بعنوانين مختلفين (٤) ومن ذلك امكن دعوى ان الاصل في مثل العامين من وجه هو التزاحم (٥) كما ان الاصل في العموم المطلق غالبا هو التعارض (٦) ولعمري ان المغروس في الاذهان في ابواب الفقه ايضا

______________________________________________________

(١) فصل يمنع عن ترك الصلاة بجميع مباديه في موضوعه ومتعلقه وعلى الفرض الجزء والفرد من الصلاة قد ورد المنع عن فعلها فيمانع ذلك الاطلاق في هذا الجزء والفرد مع الحاصل بوحدة العنوان فلا محالة يتكاذبان ويكون مورد التعارض.

(٢) ففي فرض واحد لو لم يكن تمانع ويكون كنسبة التزاحم كما لو قال صل ولا تغصب في الصلاة فان النهي في مثله تعلق بحصة خاصة من الغصب وهي الحصة الملازمة لبعض أفراد الصلاة فيكون من مورد التزاحم ويترتب عليه ذلك.

(٣) أي تعدد العنوانين بنحو ما ذكرنا قليل جدا في العام والخاص المطلق.

(٤) كما أن العامين من وجه يكون الأغلب الأمر متعلقا بعنوان والنهي بعنوان آخر ومتعددا ولو جهة.

(٥) فمقتضى ذلك الأصل يكون في العامين من وجه لتعدد العنوان هو التزاحم.

(٦) والأصل في العموم والخصوص المطلق هو التعارض لوحدة العنوان كما تقدم.

هو الذي ذكرناه من التفصيل المزبور وعليك بالمراجعة في أبواب الفقه وترى ديدن الاعلام تجدهم انهم لا يتعدون ايضا مما ذكرنا من التفصيل فتدبر وافهم.

و (١) منها (٢) أن من لوازم باب التزاحم أنه لو فرض تعلق الجهل

______________________________________________________

(١) الخامسة في ثمرة بحث اجتماع الأمر والنهي على التزاحم منها ما تقدم مرارا وأشار إليه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤١ هو الرجوع في باب التعارض بعد اليأس عن الجمع إلى قواعد التعادل والتراجيح بخلافه على التزاحم فانه فيه لا بد من ملاحظة ما هو الأهم مصلحة كانت أو مفسدة فيقدم حينئذ الأقوى ملاكا على غيره وإن كان أضعف سندا من غير أن يلاحظ فيه جهة أقوائية السند بل ولا الدلالة أيضا إلّا إذا فرض كون الأقوى دلالة أقوى ملاكا أيضا فيقدم ما هو أقوى دلالة على غيره لمكان كشف قوة دلالته ح على قوة ملاكه.

(٢) ومنها صحة العبادة في المجمع وفسادها وهو العمدة في المقام وتحقيق الكلام فيها يكون عن جهات :

الجهة الأولى في صورة العلم بالنهي والحرمة في المجمع تقدم أن نتيجة القول بالجواز ليس هو تحقق الأمر والنهي الفعليين في المجمع ولا الانشائيين في مورد الاجتماع لعدم القدرة على امتثالهما على الأول ولزوم كون أحدهما لغوا على الثاني بل مجرد المحبوبية والمبغوضية ذكر صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٤٦ أنه لا إشكال في سقوط الأمر وحصول الامتثال باتيان المجمع بداعي الأمر على الجواز مطلقا ولو في العبادات وإن كان معصية للنهي أيضا وكذا الحال على الامتناع مع ترجيح جانب الأمر إلّا انه لا معصية عليه وأما عليه ـ أي على الامتناع ـ وترجيح جانب النهي فيسقط به الأمر به مطلقا في غير العبادات

لحصول الغرض الموجب له ـ أي كغسل الثوب وتطهيره ـ وأما فيها ـ أي في العبادات ـ فلا ـ أي لا يحصل الغرض ـ مع الالتفات إلى الحرمة أو بدونه ـ أي بدون الالتفات ـ تقصيرا فانه وان كان متمكنا مع عدم الالتفات من قصد القربة وقد قصدها إلّا انه مع التقصير لا يصلح لأن يتقرب به أصلا فلا يقع مقربا وبدونه ـ أي التقرب ـ لا يكاد يحصل به الغرض الموجب للأمر به عبادة كما لا يخفى. وبينه استادنا الآملي في المنتهى ص ١٤٨ قال ولكن التحقيق يقضي بصحة امتثال أمر العبادة بمورد الاجتماع على القول بالجواز أما على القول بالترتب فواضح لتحقق الأمر بالعبادة المقارنة لعصيان النهي وأما على القول بعدمه وكفاية الملاك العبادي في صحة التقرب بالعمل المشتمل عليه فلتحقق الملاك العبادي في مورد الاجتماع ، وأما دعوى كون القبح الفاعلي مانعا من التقرب بذي الملاك العبادي ـ أي اراد بذلك ما أفاده المحقق النائيني في الفوائد ج ١ ص ٤٤٣ قال بأنه ليس لازم القول بالجواز في المقام الأول هو الصحة في صورة العمد لأن الصلاة في الدار الغصبية وإن كانت مشتملة على الملاك إلّا أنها لمكان اتحادها مع الغصب في الايجاد والصدور كان ذلك مانعا عن التقرب بها لبغضها الفاعلي وعدم اتصاف صدورها منه بالحسن الفاعلي لخلطه بين المأمور به والمنهي عنه في الايجاد والصدور والحسن الفعلي لا يكفي في التقرب ما لم ينضم إليه الحسن الفاعلي بحيث يصدر من الفاعل حسنا انتهى ، قال ـ فهي دعوى لا شاهد على صحتها من المنقول أو المعقول فهي موكولة إلى مدعيها قبولا ودليلا نعم على القول بلزوم وجود الأمر في صحة العبادة وعدم امكان الترتب وعدم كفاية وجود الملاك العبادي في التقرب بالعمل المشتمل عليه لا يمكن التقرب بمورد الاجتماع ولا يقع عبادة من المكلف وحينئذ لا يبقى فرق بين القول بالجواز والامتناع ـ إلى أن قال ـ فرق واضح بين حال المجمع

.................................................................................................

______________________________________________________

على القول بالجواز وحاله على القول بالامتناع فان مورد الاجتماع على القول بالامتناع يكون مبغوضا فقط للمولى لغرض كون ملاك النهي فيه أقوى من ملاك الأمر وأما على القول بالجواز فهو يكون بملاحظة ملاك الأمر محبوبا من جهة وبملاحظة ملاك النهي مبغوضا من جهة أخرى ومن الواضح أن العقل لا يرى مانعا عن حصول التقرب بفعل يكون محبوبا من جهة وان كان مبغوضا من جهة أخرى بخلاف ما لو كان مبغوضا فقط إلّا أن الانصاف يقضي بأن ما ذكرناه إنما يتم فيما إذا كان المجمع مركبا تركيبا انضماميا ليكون المكلف مطيعا بفعل وعاصيا بآخر ، وأما إذا كان المجمع وجودا واحدا فلا يكون الفعل مقربا إذ تكون المبغوضية لتنجز النهي سببا للعصيان الموجب لمنع كون الفعل مقربا فلا يمكن التقرب به مع كونه مبغوضا فعلا وإن كان من غير الجهة التي كان محبوبا بها فان العقلاء يرون امتناع تحقق الطاعة بالفعل الذي تتحقق به المعصية ولا يرون أثر التعدد الجهة عقلا. وما ذكره من الترتب غير تام في المقام قال المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٦٩ ، وأما اصلاحه بنحو الترتب بأن يكون الغصب منهيا عنه ومع العصيان تكون الصلاة مأمورا بها فمدفوع بالفرق بين الترتب هنا وفي سائر الموارد فان محذور الترتب وهو التكليف بما لا يطاق مندفع بالأمر بالمهم على تقدير ترك الأهم والمحذور هنا اجتماع الحرام والواجب واتحاد الصلاة مع الغضب فيلزم اجتماع المحبوبية والمبغوضية في شيء واحد فان عصيان النهي عن الغضب بفعل الغضب متحدا مع الصلاة فيلزم اجتماع المحبوبية والمبغوضية في شيء واحد. وكذا المحقق النائيني في الفوائد ج ١ ص ٤٤٢ قال كما أنه لا يمكن تصحيحها بالأمر الرتبي كما تقدم أيضا في ذلك المبحث لاستلزامه الأمر بتحصيل الحاصل أو الأمر بالمحال إذ لا معنى لقوله لا تغصب وان غصبت بالصلاة

.................................................................................................

______________________________________________________

فصل لأنه يكون من تحصيل الحاصل أو أن غصبت بغير الصلاة فصل لأنه يكون من طلب المحال. فالأمر الترتبي لا يمكن حتى يتقرب به واستشكل على التفصيل الأخير من كون التركيب انضماميا وعدمه استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٥٤ ولكن في هذه الدورة نقول بعدم صحة العبادة مطلقا أي ولو في الوجودين الانضماميين والسر فيه ما ذكرناه في الدورة السابقة بأن أمر الامتثال بيد العرف والعقلاء ولم يبينه الشارع وهم لا يرون من يقرن بعمله العبادي ما هو المعصية مطيعا لأن الفاعل يرى قبيحا بواسطة مقارنة عنوان المحرم على عمله وإن كان أصل الفعل العبادي له شأن من المصلحة ففي صورة العلم لا وجه لتصحيح العبادة أصلا ـ إلى أن قال ـ فإن قلت ان الامتثال في الوجودين الانضماميين ممكن لعدم ربط أحدهما بالآخر قلت المراد بالانضمام هو انضمام وجود جوهري مع وجود رابطي مثل الاعراض وهذا لا يوجب التعدد ولا يخرج العمل عن كونه واحدا وعدم صدق الاطاعة عليه.

إن قلت نقل المحقق النائيني في الفوائد ج ١ ص ٤٤١ تقدم عن المحقق الكركي من كفاية القدرة على الطبيعة في الجملة ولو في بعض الأفراد في صحة تعلق التكليف بها وانطباقها على الفرد المزاحم للمضيق أو الأهم ويتحقق الأجزاء عقلا ، ولذا تبعه المحقق الخراساني في الكفاية ج ١ ص ٢١٩ نعم فيما إذا كانت موسعة ـ أي الضد المهم كالصلاة ـ وكانت مزاحمة بالأهم ـ أي الازالة ـ في بعض الوقت لا في تمامه يمكن أن يقال أنه حيث كان الأمر بها ـ أي بالضد كالصلاة ـ على حاله وإن صارت مضيقة بخروج ما زاحمه الأهم من أفرادها من تحتها أمكن أن يؤتى بما روحم منها ـ أي من افراد المهم ـ بداعي ذلك الأمر ـ أي على الطبيعة ـ فإنه وإن كان الفرد ـ أي المزاحم ـ خارجا عن تحتها ـ أي طبيعة الأمر ـ بما هي مأمور بها إلّا انه ـ أي أن خروجها ليس لأجل عدم الملاك

.................................................................................................

______________________________________________________

بل لأجل المزاحم للأهم ـ لما كان وافيا بغرضها كالباقي تحتها كان عقلا مثله في الإتيان به في مقام الامتثال والإتيان به بداعي ذلك الأمر ـ أي الأمر على الطبيعة ـ بلا تفاوت في نظره بينهما أصلا ودعوى أن الأمر لا يكاد يدعوا إلّا إلى ما هو من أفراد الطبيعة المأمور بها وما زوحم منها بالأهم وإن كان من أفراد الطبيعة لكنه ليس من أفرادها ـ أي الطبيعة ـ بما هي مأمور بها ـ أي فكيف يأتي بهذا الفرد بداعي الأمر على الطبيعة ويكون اتيان هذا الفرد المزاحم فاسدا ـ فإنه إنما يوجب ذلك ـ أي الفساد ـ إذا كان خروجه عنها ـ أي عن الطبيعة ـ بما هي كذلك تخصيصا ـ أي بأن لا يكون فيه ملاك ـ لا مزاحمة فانه معها وإن كان لا يعمّها ـ أي هذا الفرد ـ الطبيعة المأمور بها إلّا انه ليس لقصور فيه بل لعدم إمكان تعلق الأمر بما يعمه عقلا ـ أي لاستلزامه طلب الضدين ـ وعلى كل حال فالعقل لا يرى تفاوتا في مقام الامتثال واطاعة الأمر بها بين هذا الفرد وسائر الأفراد أصلا. وما ذكره لا يمكن المساعدة عليه بيانه قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٤٦ لما عرفت من أن تعلق الأمر بالطبيعة على ارادة صرف الوجود يوجب سراية الارادة التشريعية التي هي حقيقته إلى كل حصة من حصص الطبيعة على سبيل التخيير بينها وبين الأخرى فكما أن الحكم المتعلق بالطبيعة على نحو مطلق الوجود ينحل إلى أحكام متعددة بعدد وجودات تلك الطبيعة على سبيل التعيين كذلك الحكم المتعلق بالطبيعة على نحو صرف الوجود ينحل في الحقيقة إلى أحكام متعددة بعدد حصص تلك الطبيعة على سبيل التخيير ولا ريب في اعتبار القدرة في صحة التكليف بكل حصة من حصص الطبيعة المأمور بها وعليه يكون مورد الاجتماع من موارد التزاحم على القول بالجواز لعدم القدرة إلّا على امتثال أحد التكليفين فلا بد من ملاحظة مرجحات باب التزاحم ثم القول بفعلية ما تقتضيه وسقوط الخطاب الآخر.

.................................................................................................

______________________________________________________

وعن المحقق النائيني في الفوائد ج ١ ص ٤٤٢ التفصيل قال فان مناط كفاية المندوحة في الأفراد الطولية هو القدرة على الطبيعة في الجملة ولو في غير الفرد المزاحم للمضيق وهذا المقدار يكفى في حسن التكليف عقلا إذ لا يلزم التكليف بما لا يطاق لقدرة الفاعل على ايجاد الطبيعة ولو في الجملة فلا مانع من شمول اطلاق الأمر بالصلاة للفرد المزاحم للإزالة وتنطبق الطبيعة المأمور بها عليه قهرا فيتحقق الإجزاء عقلا وهذا الكلام كما ترى يجري في الأفراد العرضية أيضا لتمكن المكلف من ايجاد الصلاة مثلا في غير الدار الغصبية وهذا المقدار يكفي في صحة التكليف بالصلاة ويكون الفرد المأتي به من الصلاة في الدار الغصبية مما تنطبق عليه الطبيعة ولكن أصل المبنى عندنا فاسد ـ حيث أن القدرة المعتبرة في التكاليف لا ينحصر مدركها بحكم العقل بقبح التكليف بما لا يطاق بل القدرة معتبرة ولو لم يحكم العقل بذلك لمكان اقتضاء الخطاب القدرة على متعلقه حيث ان حقيقة الخطاب هو البعث إلى احد طرفي المقدور وترجيح أحد طرفي الممكن فيعتبر في التكليف مضافا إلى قدرة الفاعل التي يحكم بها العقل القدرة على الفعل التي يقتضيها الخطاب والفرد المزاحم للإزالة أو للغصب فيما نحن فيه ليس مقدورا عليه لأن المانع الشرعي كالمانع العقلي فلا تنطبق عليه الطبيعة المأمور بها بما أنها مأمور بها لأن الانطباق من حيث السعة والضيق يدور مدار سعة القدرة وضيقها وليس للقدرة سعة تشمل الفرد ـ وعليه لا تصح الصلاة في الدار الغصبية باطلاق الأمر بالصلاة ، والحاصل ان اعتبر القدرة عقلا في جواز التكليف فتصح الصلاة في مورد الاجتماع وان اعتبر القدرة في التكليف من جهة اقتضاء نفس التكليف للقدرة فاللازم القول بعدم صحة الامتثال لأن المكلف في مورد الاجتماع غير قادر إلّا على امتثال تكليف واحد والآخر غير فعلي وأورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ١٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وذلك لما شرحناه قريبا من أنه على الأول أيضا لا بد من تحقق القدرة على الحصة الموجودة في مورد الاجتماع بالنسبة إلى الارادة التشريعية المتعلقة بها تخييرا بينها وبين الحصة الأخرى من حصص الطبيعة المطلوبة على نحو صرف الوجود. ومما ذكر كله ظهر أنه في صورة العلم بالنهي والجهل عن تقصير لا يصح الامتثال حتى على الجواز وتفصيله ، ذكر استادنا الآملي في المنتهى ص ١٤٧ فاعلم أنه يصح الامتثال بالمجمع على القول بالجواز والامتناع فيما إذا كان جانب الأمر أهم من جانب النهي لتحقق الأمر في مورد الاجتماع ، وأما إذا كان جانب النهي أهم من جانب الأمر فلا محالة يكون النهي فعليا دون الأمر في مورد الاجتماع سواء قيل بالجواز أم بالامتناع فاذا علم المكلف بترجيح النهي على الأمر في مورد الاجتماع أو جهل به أو غفل عنه تقصيرا فقد قيل بامتناع امتثال أمر العبادة بفعل المجمع أما على الامتناع فواضح إذ عليه يكون مورد الاجتماع مع ترجيح جانب النهي مبغوضا فقط ومعه لا يمكن التقرب به وأما على الجواز فلان صدور العمل عبادة من المكلف منوط بأحد أمرين أحدهما تعلق الأمر به وثانيهما اشتماله على الملاك المقرب ، والأول غير متحقق على الفرض على الترتب وهو ممتنع الجريان في مورد الاجتماع ، والثاني وإن كان متحققا إلّا أن صحة التقرب به مشروطة بعدم اقترانه بالقبح الفاعلي ومع علم المكلف بفعلية النهي دون الأمر في مورد الاجتماع أو جهله به أو غفلته عنه تقصيرا يكون عاصيا للمولى ومرتكبا لأمر يقبح صدوره من مثله عند العقلاء ومعه لا يمكن أن يكون الملاك العبادي مقربا للمكلف المذكور وإذا امتنع أن يكون الملاك مقربا في هذا الحال امتنع على المكلف التقرب به ـ إلى أن قال في ص ١٥٠ ـ وأما في حال العلم بالنهي أو الجهل به عن تقصيره فتنجزه يوجب كون المبغوضية سببا للعصيان والفعل كذلك لا يكون مقربا بل العلم يمنع من

.................................................................................................

______________________________________________________

التقرب بملاك الأمر المشتمل عليه مورد الاجتماع لأنه فعل واحد وجودا وإن كان متعددا جهة والعقلاء لا يرون تعدد الجهة موجبا لتعدد ذي الجهات بل التعدد منوط بتعدد الوجود في نظرهم وبما أن المجمع واحد وجودا ومبغوض فعلا فيمتنع في نظرهم التقرب به في هذا الحال فلا يتأتى من العاقل الملتفت إلى النهي قصد التقرب بالملاك الذي يشتمل عليه مورد الاجتماع وبهذا يتضح وجه الاجماع على صحة الصلاة في المكان المغصوب في حال عدم العلم بالنهي أو الغصب قصورا وفسادها في حال العلم بالنهي والغصب أو الجهل بأحدهما تقصير وتوهم أن المجمعين كلهم من القائلين بالجواز بعيد في نفسه مع أنه خلاف المعروف من مذهب القدماء فإن أكثرهم إن لم يكن كلهم قائلون بالامتناع هذا كله مع وجود المندوحة. والأمر كما ذكره.

به من قصور (١) لا يكون مخالفة خطابه مبعدا فيبقى الخطاب الآخر على مقربيته بلا مزاحم هكذا قيل (٢) واشتهر في ألسنتهم ولكن

______________________________________________________

(١) الجهة الثانية : في الجهل عن قصور بعد ما كان مورد الاجتماع من باب التزاحم قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤١ ومن لوازم التعارض والتخصيص أيضا هو عدم قيام المصلحة واقعا إلّا بالمقيد ويتبعه أيضا فساد العمل الفاقد لقيد واقعا من دون اناطة بالعلم بالمصلحة أو الجهل بها بخلافه على التزاحم فان من لوازمه قيام المصلحة واقعا بنفس المطلق وإن كان حكمه الفعلي مقيدا بعدم وجود المزاحم الأهم ومن لوازم هذا المعنى هو عدم تبعية الفساد واقعا مدار فقد قيد الحكم الفعلي بل يكون تبعيته حينئذ مدار العلم به وعدمه فمع الجهل يكون المأتي به صحيحا واقعا من جهة وجدانه لما هو الملاك والمصلحة ووفائه بغرض المولى ومن ذلك أيضا بنوا في مثل الغصب والصلاة ولو على الامتناع وتغليب النهي على صحة العبادة مع الجهل بالغصبية مطلقا أو الجهل بالحرمة إذا كان عن قصور ومعلوم أنه لا يكون ذلك إلّا من جهة واجدية المأتي به حينئذ للملاك والمصلحة إذ المانع عن صحته حينئذ انما كان هو فعلية نهيه وتنجزه عليه وتأثيره في مبعديّة الفاعل وبعد فرض معذورية المكلف من جهة جهله يقع العمل صحيحا قهرا.

(٢) ولعله صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٤٦ بل المشهور كما مر وعلى أي ، قال وأما إذا لم يلتفت اليها ـ أي إلى الحرمة ـ قصورا وقد قصد القربة بإتيانه فالأمر يسقط لقصد التقرب بما يصلح أن يتقرب به لاشتماله على المصلحة مع صدوره حسنا لأجل الجهل بحرمته قصورا فيحصل به الغرض من الأمر فيسقط به ـ أي الأمر ـ قطعا وإن لم يكن امتثالا له مع أنه يمكن أن يقال بحصول

نقول انه لو أريد به التقرب بمضمون الخطاب من حيث المحبوبية والرجحان لدى المولى (١)

______________________________________________________

الامتثال مع ذلك. على ما تقدم من المحقق الكركي وغيره مرارا والحاصل في الجهل البسيط عن قصور لا مانع من صحة الامتثال على ما عرفت مع فرض تقديم جانب النهي ، وقال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٤٩ وأما إذا جهل المكلف بالنهي فيصح امتثال الأمر بالمجمع حتى على القول بالامتناع ، أما على الجواز فلوجود المصلحة الموجبة لكون ذيها محبوبا مع عدم تنجز النهي في هذا الحال فيكون المجمع مما يصح أن يتقرب به ولا محالة يتأتى من المكلف في هذا الحال قصد التقرب.

(١) توضيح الاشكال ذكر استادنا الآملي في المنتهى ص ١٤٩ وأما على القول بتوقف العبادة على تعلق الأمر بها حقيقة وعدم كفاية قصد الملاك العبادي في وقوعها عبادة فلا يصح الإتيان بالمجمع عبادة حيث يكون النهي أهم من الأمر لما عرفت من أن نتيجة جواز الاجتماع ليس هو فعلية كلا الخطابين لأن ذلك مستحيل حيث لا يستطيع المكلف إلّا امتثال أحدهما بل نتيجة الجواز هو فعلية الحب والبغض معا في مورد الاجتماع إذ لا مانع من فعليتهما فيه كما لا يخفى ، وأما توهم ـ أي لعله في الكفاية كما أشار إليه في آخر عبارته المتقدمة ـ أن الأمر حين الجهل بالنهي يصير فعليا اذ لا محذور في فعليته ح لان محذور فعلية كلا الخطابين في وقت واحد هو احد امرين اما قبح تكليف العاجز واما استحالة صدور الفعل الاختياري من فاعله بلا داع لان الامر المولوي هو الطلب بداعي جعل الداعي فاذا علم المولى بان انشاء الامر لا يمكن ان يكون داعيا للعبد في هذا الوقت استحال صدوره منه وكلا هذين المحذورين منتف في حال الجهل بالنهي لان المكلف قادر على امتثال الامر في حال الجهل بالنهي ويمكن ان

فهو فاسد جدا (١) لأن الجهل بخطاب لا

______________________________________________________

يكون انشاء الامر في هذا الحال داعيا للعبد إلى فعل المأمور به حيث ان النهي المجهول لا يمكن ان يدعوا إلى ترك المنهي عنه

(١) وتوضيح الفساد قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٢ واما فيها ـ اي العبادات ـ فبملاحظة احتياج صحتها إلى قصد القربة المنوط بوجود الامر الفعلي القائم بالعمل المأتي به بداعية ومحبوبيته فلا يتم ذلك حتى في ظرف الجهل المزبور وذلك لان الجهل المزبور ح غير رافع لتأثير المفسدة الاهم في المبغوضية الفعلية ومع هذه الجهة من التأثير لا يبقى مجال تأثير المصلحة المهمة المغلوبة في رجحان العمل ومحبوبيته وفعلية الامر المتعلق به ومعه فأين أمر فعلي قائم بالماتي به يوجب التقرب به كي يصير العمل لاجله صحيحا ففي الحقيقة تمام المنشأ للفساد ح انما هو من جهة انتفاء مقتضى الصحة وهو التقرب لا من جهة وجود المانع وهو فعلية النهي وتنجزه حتى يقال بانه في ظرف الجهل المزبور لا تأثير للنهي في المنجزية ومبعدية الفاعل عن ساحة القرب إلى المبدا الاعلى عزّ شأنه.

يغيّر الواقع ومضمون الخطاب عما هو عليه من المرجوحية وحيث فرضنا في مقامنا امتناع الاجتماع ويغلب جانب النهي على الأمر فبقى العمل مبغوضا واقعيا بلا تغيره عما هو عليه بجهله قصورا أم تقصيرا (١) نعم (٢)

______________________________________________________

(١) حاصله ذكر استادنا الآملي في المنتهى ص ١٥٠ ان المانع من فعلية كلا الخطابين هو عجز المكلف عن امتثالهما معا وهو متحقق في حال الجهل والعلم بهما فلا يمكن ان يكونا فعليين معا سواء تنجزا معا او تنجز احدهما.

(٢) فاجاب عن ذلك المحقق الماتن جوابين الجواب الاول في النهاية ج ١ ص ٤٤٢ نعم ان ذات العمل ح وان كان مبغوضا فعلا بمقتضى تأثير المفسدة الاهم ومع هذه الجهة من التأثير لا يبقى مجال تأثير المصلحة المهمة المغلوبة فيه في المحبوبية الفعلية إلّا انه نقول بانه لا باس ح في تأثير المصلحة المهمة في حسنه من حيث صدوره عن الفاعل اذا المانع عن تاثيره في حسنه حتى من حيث صدوره عن الفاعل انما كان هو حيث تنجز نهيه وبعد سقوط تنجزه لمكان جهله فقهرا تؤثر المصلحة في حسنه من تلك الجهة ويتبعه أيضا الامر الفعلي فيتقرب ح بداعي امره ولو من حيث اضافة صدوره إلى الفاعل ولئن خودش فيه أيضا بامتناع موردية العمل ولو بلحاظ اضافة صدوره إلى الفاعل لتأثير المصلحة في الرجحان والمحبوبية الفعلية مع كونه مبغوضا بالبغض الفعلي بمقتضى تأثير المفسدة الاهم الغالبة نظر إلى استلزامه لاجتماع الضدين فيه من المحبوبية والمبغوضية بملاحظة اتحاد الوجود والايجاد حقيقة وان ما هو الصالح لان يكون مورد التاثير المصلحة في الرجحان والمحبوبية انما هو حيث اضافة العمل إلى الفاعل فقط مع خروج المضاف عن مورديّته لتاثير المصلحة ومثل هذا المقدار غير واف بالتقرب في صحة العبادة من جهة ان ظاهرهم هو احتياج العبادة في صحتها إلى التقرب بذات العمل لا بحيث اضافته إلى الفاعل. فلا يمكن ان تكون المصلحة فعليا ولا امر حتى يتقرب به

لا بأس (١) حينئذ بالتقرب به من حيث قصده التوصل به إلى غرضه كما عرفت ذلك في باب المقدمة ولكن ليس ذلك نفس مضمون خطابه (٢) بل هو من لوازم مضمونه (٣) فليس مثل هذا التقرب تقربا بخطابه على ما هو ظاهر كلماتهم وبالجملة لا مجال للتقرب في المقام إلّا بهذا النحو أو بدعوة الأمر باعتقاده كما في الجهل المركب (٤) بعدم النهي (٥)

______________________________________________________

(١) هذا هو الجواب الثاني وتوضيحه قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٤٢ بانه نمنع توقف القرب على فعلية الامر بالماتي به ورجحانه الفعلي اذ نقول بان من انحاء القرب أيضا اتيان العمل بقصد التوصل به إلى غرض المولي ومن المعلوم أن مثل هذا المعني مما يتمشى من المكلف حتى مع الجزم بعدم الامر الفعلي بل ومع الجزم بكونه مبغوضا فعلا ما لم يكن العمل مبعدا له كما في المضطر بالغصب لا عن سوء الاختيار وح فاذا اتي بالعمل في ظرف الجهل المزبور بداعي التوصل به إلى عرض المولي وكان العمل أيضا من جهة وجدانه للمصلحة وافيا بغرض المولي فقهرا بنفس اتيانه بالقصد المزبور يتحقق القرب ويصح منه العبادة مع انه على فرض الاحتياج إلى الامر الفعلي أيضا نقول بانه بعد احتمال فعلية الامر ومطلوبيته يكفي في التقرب بالعمل اتيانه برجاء كونه مامورا به بالايجاد من دون احتياج إلى الجزم بالامر اصلا هذا في الجهل البسيط.

(٢) اي هذا ليس من قصد امتثال الامر والخطاب.

(٣) بل قصد ما يدل عليه الخطاب بالالتزام وهو الملاك والمصلحة.

(٤) وهنا تقريب ثان لقصد الامر ويختص بالجهل المركب ويتعدى إلى الجهل البسيط أيضا.

(٥) اي يعتقد بعدم تحقق النهي وعلى اي قال المحقق الماتن في النهاية ج ١

.................................................................................................

______________________________________________________

ص ٤٤٣ واما في مورد الجهل المركب فيكفي أيضا في الداعوية وفي تحقق القرب اعتقاد الامر الفعلي وان لم يكن في الواقع امر اصلا فان ما له الدخل بتمامه في الداعوية والمحركية انما كان هو العلم بالامر لا هو بوجوده الواقعي وح فاذا علم بالامر وجدانا او تعبدا لقيام امارة عليه كان علمه ذلك تمام العلة لتحقق الدعوة ومع اتيانه بالعمل بداعية يتحقق القرب المتوقف عليه صحة العبادة قهرا من جهة تحقق ما هو علته وهي الدعوة فيترتب عليه ح صحة العبادة وان لم يكن هناك امر فعلي متعلق بالعمل في الواقع لا يقال كيف ذلك مع انه خلاف ما بنوا عليه من احتياج العبادة في صحتها إلى قيام الامر الفعلي بها في الواقع كما يشهد عليه حكمهم بفساد العبادة عند خلوها عن الامر واقعا فانه يقال كلا وان اعتبارهم لوجود الامر انما هو باعتبار كشفه عن وجود المصلحة في متعلقه وبلوغه إلى مرحلة الوفاء بالغرض الفعلي نظر إلى عدم طريق آخر إلى كشف المناط والمصلحة فيه الا امره وبعثه لا من جهة دخله في التقرب المعتبر في صحة العبادة كما هو واضح. وهنا المصلحة موجودة جزما وقال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٤٩ لا يخفي ان ما ذكرناه من صحة العبادة بفعل المجمع مبني على ما اخترناه من صحة العبادة الماتي بها بقصد التقرب بالملاك العبادي او بقصد امتثال الامر المتوهم تعلقه بفعل عبادي لم يتعلق به امر واقعا لمانع ـ إلى ان قال في ص ١٥٠ ـ واما على الامتناع فيمكن التقرب بمورد الاجتماع في حال عدم العلم بالنهي لاشتمال المجمع على الملاك العبادي والملاك فيه وان كان مغلوبا لترجيح المفسدة عليه بالفرض فيكون مبغوضا فقط لكن حيث يكون النهي غير منجز للجهل به فلا تكون المبغوضية منشأ للعصيان وهو الاساس الوحيد لسقوط الفعل عن قابلية التقرب به فعليه يكون الفعل مقربا فيصح التقرب به او بقصد امتثال الامر المتوهم ـ إلى ان قال في ص ١٤٩ اما في حال الغفلة والنسيان فواضح لانه لا يرى نفسه في هذا الحال

أو بدعوة الأمر رجاء (١) كما في الجهل البسيط ولكن هذه كلها من التقربات الانقيادية (٢) ولا بأس بالاكتفاء بمثلها (٣) في المقام أيضا

______________________________________________________

إلّا مأمورا بالمجمع فياتي به قاصدا لامتثال الامر المتوهم ، واما في حال الالتفات والشك بالحرمة اما للجهل بها عن قصور او للجهل بالغصب مثلا كذلك فان دلت امارة معتبره على عدم المشكوك فيه من الحرمة او الغصب فقد حصل للمكلف علم بالامر الظاهري بفعل المجمع لان الامارة وان دلت على عدم الحرمة او عدم الغصب إلّا ان ثبوت مدلولها يستلزم ثبوت الامر بالمجمع والامارة حجة في مدلولها مطابقه والتزاما فيصح منه قصد امتثال هذا الامر كما انه يصح قصد امتثال الامر الواقعي المحتمل وجوده فياتي به رجاء ويقع عبادة وان جري الاصل في عدم حرمته او عدم كونه غصبا فبما ان الاصل المثبت ليس حجة ينحصر قصد التقرب بالمجمع في اتيانه بقصد امتثال الامر المتعلق به في الواقع رجاء او بقصد الملاك العبادي المتحقق فيه.

(١) يري المحقق الماتن للتقرب وجها ثالثا وهو اتيانه رجاء ومن باب الاحتياط كما مر مرارا.

(٢) ولذا يري على ما عليه العرف والعقلاء من ان هذا النحو من التقربات تقربا انقياديا لا اطاعة وامتثال لاوامر المولي.

(٣) فالمقام يختلف مع سائر الموارد فلو اخترنا في سائر الموارد بعدم كفاية قصد الملاك بل تحتاج العبادة إلى الامر كما عليه صاحب الجواهر لكن في المقام يكتفى به وبغيره مما ذكرنا لان المقتضي موجود والمانع مفقود قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٥٥ لا اشكال في الصحة ـ اي على القول بالامتناع أيضا ـ لان النهي غير فعلي والملاك موجود والمبغوضية بالنسبة إلى النهي وان كانت ولكن الملاك في العمل أيضا يكون ولو كان اقل من المفسدة في النهي وقصد القربة لا مانع منه للجهل فيصح العمل بالملاك.

بعد عدم قصور في العمل من حيث وجدانه للمصلحة فلا ينقض بعدم الاكتفاء بمثله في غيره وعلى أي حال مثل هذه التقربات أجنبية عن التقرب بمضمون الخطابات الواقعية إذ مرجوحية العمل واقعا لا يكاد ينقلب بطروّ الجهل (١) وهذا الجهة (٢) أيضا من أخذ لوازم باب التزاحم ولذا (٣) كان المشهور أن إباحة المكان من الشرائط العلمية (٤) إذ ليس الغرض منه موضوعية العلم في شرطيته (٥) بل المقصود أن الحرمة لا يكون مانعا عن التقرب به إلّا في فرض تنجزه (٦) من دون خصوصية للعلم فيه (٧)

______________________________________________________

(١) لكن هذه التقربات غير التقرب بقصد امتثال الامر الواقعي والخطاب لان العمل مرجوح واقعا فبالجهل لا يتغير إلى غلبة المحبوبية على المبغوضية كما هو واضح.

(٢) اي لو اخذنا بجانب النهي على الجواز وكان اهم فلا يمكن قصد امتثال الامر في حال الجهل في المجمع وهذا من لوازم باب التزاحم.

(٣) هذا تنظير لعدم تغيير الواقعيات بما هي عليها بالعلم والجهل.

(٤) فذهب المشهور إلى أن من شرائط المصلى اباحة المكان لكن من الشرائط العلميّة.

(٥) وليس المراد ان العلم ماخوذ في موضوع الحكم ولو على نحو الجزئية جزما.

(٦) بل المراد ان اباحة المكان شرط لصحة الصلاة عند ما قامت الحجة عليه من العلم وتنجز به.

(٧) ولا خصوصية للعلم بل قيام الحجة عليه سواء كانت ذاتيه كالعلم ام اعتبارية كالامارات والطرق.

أيضا بل لو كان جاهلا مقصرا أيضا لكان النهي المزبور مانعا (١) وتوهم (٢) أن مانعية النهي إنما هو من جهة منعه عن قصد القربة بأمره حيث أن بوجوده لا أمر للعالم به كي يقصد به التقرب بخلاف الجاهل ولو كان مقصرا إذ له التقرب بأمره الاعتقادي أو الرجائي مدفوع (٣) بأن مبعديته مانعة عن مقربية العمل وان لم يمنع عن قصده القربة بخياله وما هو معتبر في العبادة هو هذه الجهة لا صرف قصد التقرب كما لا يخفى.

______________________________________________________

(١) فبما ان نفس المبغوضية مانعة عن الصلاة لكونها اهم لكن عند التنجز فيلحق به الجاهل المقصر لمكان المبغوضية الواقعية بتقصيره وانما المعذور هو الجاهل القاصر فقط.

(٢) ملخص الاشكال ان مانعية النهي وحرمة الغصب لاجل عدم امكان قصد القربة مع فرض مبغوضية العمل وهذا يختص بصورة العلم فلا امر به ولا يمكن قصد امتثال الامر اما الجاهل ولو مقصرا يمكن له التقرب ولو بامره الاعتقادي التوهمي او بالرجاء وهو يكفي للانقياد كما مر في باب الاجتماع فتصح العبادة.

(٣) ملخص جوابه ان المانع هو مبغوضية الفعل ومبعديّته فهذه مانعة عن التقرب إلى المبدا الاعلى ولو يتخيل امكان قصد القربة ووجود الامر الوهمي والمعتبر في العبادة ان لا يكون العمل مبغوضا وإلّا لا يعد ممتثلا عند العقلاء لا مجرد امكان قصد التقرب وعدمه وقد تقدم بيانه أيضا فراجع.

السادسة قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٣٥ لا اختصاص لنتيجة هذه المسألة ـ اي الاجتماع الامر والنهي ـ بالعبادات بل كما انها تجري في العبادات كذلك تجري في المعاملات أيضا كما لو أجر نفسه على خياطة ثوب او

.................................................................................................

______________________________________________________

طحن حنطة بمعناهما المصدري ـ اي الفعل الصادر منه ـ فخاطه او طحنه في مكان مغصوب حيث انه تقع الخياطة وكذا الطحن بملاحظة كونهما اداء لحق الغير مامورا بالايجاد ـ اي يكون مشمولا لاوفوا بالعقود ووجوب الوفاء بمتعلق الإجارة ـ وبملاحظة كونه غضبا وتصرفا في مال الغير بدون رضاه كان منهيا عن الإيجاد وح فبناء على جواز الاجتماع كان له ايجاد الخياطة والطحن في مكان مغصوب وباتيانه يقع العمل وفاء لعقد الاجارة نظرا إلى خروج محل الاجارة ح عن المبغوضية وبقائه على ماليته فيصير ح وفاء قهرا بعقد الاجارة نعم على ذلك لا بد في صحة اصل الاجارة من وجود المندوحة من جهة انه بدون المندوحة لا قدرة له على الوفاء وهي شرط صحة الاجارة فمن ذلك يبطل الإجارة ح لانتفاء شرط صحتها الذي هو القدرة على الوفاء ومن هذه الجهة يفرق العبادات عن المعاملات حيث انه في العبادات لا يحتاج إلى اعتبار قيد المندوحة الا من جهة رفع غائلة محذور التكليف بما لا يطاق الذي هو غير مهم أيضا عند القائل بالجواز من جهة ما عرفت من ان المهم عنده انما هو محذور اجتماع الضدين الذي هو بنفسه من التكليف المحال بخلافه في المعاملات حيث ان الاحتياج إلى قيد المندوحة من جهة اصل صحة المعاملة ، واما بناء على الامتناع وتغليب جانب النهي فحيث انه تسري المبغوضية إلى الخياطة فقهرا تصير مبغوضه ومحرمة ومعه تخرج شرعا عن المالية فلا يصلح مثلها للوقوع وفاء بعقد الاجارة وح فلو كان المحل باقيا بعد ذلك فلا اشكال حيث يجب الاتيان بالخياطة في غير المكان المغصوب وإلّا فيبطل الإجارة لعدم بقاء المحل للوفاء هذا اذا كانت الاجارة على نفس الخياطة والطحن بما انهما عمل له اي المعبر عنه بالسبب ـ واما لو كانت الاجارة عليهما بما انهما نتيجه عمله وفعله ففي هذا الفرض صحت الاجارة مع المندوحة ويقع الطحن

.................................................................................................

______________________________________________________

والخياطة أيضا وفاء للمعاملة بلا اشكال نظر إلى عدم سراية المبغوضية ح اليهما وبقائهما على ماليتهما لخروجهما ح حقيقة عن فرض اجتماع الامر والنهي في وجود واحد كما هو واضح. ولكن فيه ان النهي عن المسبب نهي عن السبب لعدم القدرة عليه بلا واسطة ولذا يشكل ما ذكره اخيرا قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٤٢ ولا يخفي ان ما ذكر يكون على فرض تعلق النهي بالسبب مثل البيع لان النهي اما ان يكون عن السبب كالنهي عن البيع بالعقد الفارسي او عن المسبب وهو الاثر الحاصل من العقد وهو جواز التصرف وعدمه المترتب على صحة العقد وعدمها فالنهي عن التصرف يكون من النهي عن المسبب وربما يكون النهي عن التسبب مثل البيع وقت النداء فان الثاني كاشف عن البطلان بدون الشبهة والثالث كاشف عن الصحة لان التسبب حرام ولكن السبب يؤثر اثره ويكون ما ذكر في صورة كون النهي مولويا لا ارشاديا ـ ولكن الذي يقتضي التدبر الصحيح ـ هو ان هذا صحيح على مبني شيخنا الاستاد النّائينيّ في النهي في المعاملات لانه يكون قائلا بدلالته على الفساد واما على ما هو التحقيق من ان النهي المولوي في السبب لا تدل على الصحة خلافا لابي حنيفة ولا على الفساد خلافا لشيخنا الاستاد فلا ثمرة في المقام للبحث عن الجواز والامتناع لانه على فرض الامتناع لا يكون النهي موجبا للفساد حتى يحكم بفساد الإجارة وغيرها او يقال بان الباب باب التعارض او التزاحم وصحة العقد تفهم من عمومات السببية للعقد لوقوعه واما مثل البيع الربوي فالدليل الخارجي يدل على فساده لا نفس النهي عنه ووجود المندوحة وعدمها لا بكون له اثر في صحة العقد وفساده لو كان مؤثرا في العبادات مع انه قلنا لا اثر له فيها أيضا في الجواز والامتناع. وهو الصحيح.

ومنها انه لو اضطر إلى الغصب (١) فان كان قاصرا في اضطراره بارتكابه (٢) فلا شبهة في صحة صلاته صلاة الكامل المختار عند

______________________________________________________

(١) السابعة في الاضطرار إلى الغصب تعرض له في الكفاية وغيرها قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٣ الاضطرار إلى الغصب تارة يكون لا عن سوء الاختيار واخرى يكون عن سوء اختياره وعلى التقديرين تارة يقطع بزوال العذر قبل خروج الوقت واخرى يقطع ببقاء اضطراره إلى آخر الوقت وثالثة يشك في ذلك وعلى التقادير تارة يكون الغصب مجموع الفضاء والارض واخرى يكون الغصب هو خصوص الارض دون الفضاء وثالثه بالعكس فهذه صور متصورة في الاضطرار إلى الغصب. وعلى اي تحقيق الكلام في ذلك في ضمن أمور.

(٢) الامر الاول هو الاضطرار الى الغصب لا عن سوء اختياره وعدم امكان الخروج ولو في الوقت قال في الكفاية ج ١ ص ٢٦٢ ان الاضطرار إلى ارتكاب الحرام وان كان يوجب ارتفاع حرمته والعقوبة عليه مع بقاء ملاك وجوبه لو كان مؤثرا له كما اذا لم يكن بحرام بلا كلام إلّا انه اذا لم يكن الاضطرار اليه بسوء الاختيار. وتفصيل الكلام في ذلك قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٤ اما الصورة الأولي وهي ما لو كان الاضطرار إلى الغصب لا عن سوء اختياره فبناء على جواز الاجتماع لا اشكال حيث ان له ح الاتيان بالصلاة التامة الاجزاء والشرائط مطلقا سواء فيه بين علمه ببقاء اضطراره إلى آخر الوقت او علمه بزواله قبل خروج الوقت وسواء فيه بين كون الغصب مجموع الفضاء والارض او الارض خاصة دون الفضاء او العكس واما على الامتناع وتقديم جانب النهي ولو لكونه من حقوق الناس فان كان الغصب مجموع الارض والفضاء وقد علم أيضا ببقاء اضطراره إلى آخر الوقت ـ اي ولو باستصحاب بقائه ـ

عدم تمكنه من الخروج (١) ويكفي للتقرب به أيضا اتيانه بقصد التوصل به إلى غرض المولي كما عرفت نظيره في الجاهل (٢) ولا يمكنه في المقام التقرب بامره ورجحانه (٣) اذ مر أن مبغوضية (٤) العمل لا يرتفع بطروا الاضطرار عليه كما لا يخفي وتوهم ان (٥) العمل وان كان مرجوحا فعلا ولكن له رجحان فاعلي

______________________________________________________

(١) فلا اشكال أيضا حيث ان له ح الاتيان بالصلاة في الغصب بما لها من الاجزاء والشرائط نظر إلى معلومية عدم استلزام صلاته ح لزيادة تصرف في الغصب غير ما اضطر اليه وهذا واضح بعد وضوح عدم التفاوت في شاغليته للمكان بين حالة سكونه وحركته وقيامه وقعوده.

(٢) قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٥١ والتحقيق يقضي في هذه الصورة بجواز الصلاة على النحو المشروع في حق المختار سواء قلنا بالجواز ام بالامتناع وتقديم جانب النهي والسر في ذلك ما عرفت آنفا من ان المجمع على الجواز وعلى الامتناع يكون واحدا لملاك الامر وبما ان المكلف مضطر إلى الغصب يكون النهي عنه ساقطا فلا محالة يكون المجمع ح صالحا للتقرب به.

بقصد التوصل او بالرجاء بل مطلقا بأمر كما سيأتي.

(٣) هذه اشارة إلى الاشكال المتقدم وملخصه ان العبادة لاحتياجها إلى قصد القربة لا بد من الامر الفعلي القائم بالعمل وغير متحقق في المقام.

(٤) والوجه في ذلك هو ترجيح جانب النهي ومبغوضية العمل ولا يرتفع في حال الجهل بل باق كذلك والامر ليس بفعلي وان كان الملاك باق كما مر.

(٥) تقدم أيضا الجواب الاول عن هذا الاشكال بانه يمكن ان يؤثر المصلحة المهمة في حسن الفعل من حيث صدوره عن الفاعل عند الجهل وسقوط النهي فيتبعه الامر الفعلي فيتقرب بداعي امره.

وذلك المقدار يكفي في التقرب برجحان عمله كلام ظاهري (١) اذا الغرض من رجحانه الفاعلي ان الفاعل ذات طينة حسنة فذلك غير مرتبط برجحان العمل وان (٢) كان الغرض ان العمل من حيث صدوره عن هذا الفاعل راجح فلا معني لقبحه الفعلي كيف (٣) ومرجعه إلى التفكيك بين ايجاد العمل ووجوده وبعد اتحادهما خارجا فلا معني لرجحان احدهما ومرجوحية الآخر وان كان (٤)

______________________________________________________

(١) فناقش فيه وانه ما هو السبب للغرض من رجحانه الفاعلي بوجوه ثلثه الأول هل الغرض ان هذا الانسان ذات قلب سليم ونية صافية وطينة حسنة وانسان خير ففيه انه لا يرتبط برجحان العمل والامر الفعلي عليه.

(٢) الثاني هل المراد ان العمل من حيث صدوره وايجاده من الفاعل ذات حسن فعلي فكيف يجتمع مع قبحه الفعلي فيلزم اجتماع الضدين فيه من المحبوبية والمبغوضية لاتحاد الوجود والايجاد حقيقة.

(٣) مضافا إلى ان لازمه التفكيك بين حكم ايجاد العمل ووجوده وهذا محال لاتحادهما خارجا وتغايرهما اعتبار او لا معني لرجحان احدهما ومرجوحية الآخر.

(٤) الثالث ان كان المراد رجحان نفس الصدور بالمعني الاسم المصدري ونسبة الفعل واضافته إلى الفاعل يكون راجحا وحسنا فهذا امر ممكن لكن اجنبي عن التقرب بنفس العمل الراجح العبادي فلا يوجب ذلك رجحان العمل والامر به في حد نفسه مع صرف النظر عن صدوره عن الفاعل.

الغرض رجحان نفس صدوره منه الذي مرجعه إلى اضافة الفعل إلى الفاعل فلا شبهة في انه أيضا اجنبي عن التقرب بالعمل الذي هو عبادي دون حيث اضافته إلى الفاعل كما هو واضح وبالجملة (١) لا قصور في التقرب بالعمل من حيث قصده ولو ارتكازا كونه بصراط تحصيل مرام المولي وغرضه (٢) ثم ان ذلك كله حكم صورة بقائه في المغصوب وعدم تمكنه من الخروج.

______________________________________________________

(١) فالمتعين ما تقدم من قصد الملاك والغرض الذي هو باق بالدلالة الالتزامية.

(٢) هنا توهمين وردهما قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٥١ فان قلت بسقوط النهي للعجز عن ترك متعلقه لا يوجب انتفاء البغض عنه فاذا فرض كون الفعل مبغوضا وان لم يكن معاقبا عليه لسقوط النهي عنه فلا يكون صالحا للتقرب به اذ لا يعقل ان يتقرب العبد بما هو مبغوض له فعلا قلت الجهة التي يتقرب بها العبد ليست هي الجهة المبغوضة اعني بها حيثية الغصب التي سقط النهي عنها وبقيت مبغوضة فقط بل الجهة التي يتقرب بها هي حيثية الصلاة الموجودة في هذا الفعل وهي حيثية صالحة في نفسها للتقرب بها لو لم يمنع عن التقرب به كونه مما يستحق العبد العقاب عليه فاذا كان الفعل مشتملا على جهة توجب صلاحيته للتقرب به وليس مما يستحق العقاب عليه وان كان مشتملا على جهة توجب النهي عنه في غير هذا الحال صح التقرب به بلحاظ الجهة المحبوبة لانتفاء المانع عن التقرب به الجهة التي توجب استحقاق العقاب على الفعل بالفعل هذا مع امكان التقرب بقصد تحصيل غرض المولي بالمجمع لانه مشتمل على المصلحة التي من اجلها تعلق الامر بالصلاة مثلا ، ان قلت الاضطرار انما يوجب سقوط النهي بالمقدار الذي لا بد منه فاذا اضطر المكلف إلى التصرف في المكان المغصوب بالجلوس فيه مثلا لزم الاقتصار عليه اذ ما زاد عليه من التقلبات والتنقلات فيه لا يكون مضطرا اليه حسب الفرض فلا

.................................................................................................

______________________________________________________

موجب لسقوط النهي عنه فيه وعليه يكون الواجب على المكلف ح هي صلاة المضطر اعني بها الصلاة جالسا موميا لان الصلاة لا تسقط بحال قلت لا ريب في الكبرى واما الصغرى وهي ان صلاة المختار تستلزم تصرفا في المكان اكثر من صلاة المضطر فهو توهم محض لان صلاة المختار لا تستلزم تصرفا في المكان اكثر من كون الانسان فيه وهو نفس الكون الذي اضطر اليه المكلف فما يشغله الانسان من المكان في حال قيامه لا يزيد على ما يشغله في حال جلوسه وكذا ما يشغله في حال ركوعه وسجوده لان المحتاج إلى الحيز هو جسم الانسان وهو في حال الجلوس لا ينقص عنه في حال القيام او في حال الركوع او السجود هذا عقلا واما عرفا فعدم استلزام صلاة المختار للتصرف في المكان اكثر من التصرف بصلاة المضطر اوضح من ذلك بشهادة الوجدان. وكان هذا التوهم من المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٧٣ قال ان الاعتبار في صدق التصرف الزائد على قدر الضرورة انما بنظر العرف لا بالدقة الفلسفة اي يقال يشغل مقدارا معينا من الحيّز على كل حال ـ ولا ريب في ان الركوع والسجود بعد ان عرفا من التصرف الزائد فلا يكون الاضطرار إلى الغصب موجبا للترخيص فيهما فلا بد من الاقتصار على الايماء بد لا عنهما ، وقد عرفت الجواب عنه واجاب بمثل ذلك استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٧٣ الظاهر ان المكلف اذا كان مضطرا إلى المكث في المكان المغصوب لا يفرق الحال بين ان يكون راكعا او ساجدا فيه وان يكون قائما فيه فكما ان الركوع او السجود تصرف فيه كذلك القيام تصرف فيه أيضا فلا وجه ح للقول بلزوم الاقتصاد على الايماء بدلا عن الركوع والسجود واما دعوى انهما يعدان بنظر العرف من التصرف الزائد فهي دعوى بلا بينه وبرهان ، وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٤ وأما لو كان الغصب هو خصوص الارض دون الفضاء فمقتضى القاعدة في هذا الفرض هو تقليل الغصب مهما أمكن ولازمه هو وجوب الاتيان بالصلاة ح قائما موميا لسجوده نظرا الى ما يلزم من وضع

.................................................................................................

______________________________________________________

جبهته على الارض من الغصب الزائد بل ذلك أيضا هو الذي يقتضيه الجمع بين ما دل على أن الصلاة لا تترك بحال وبين ما دل على حرمة التصرف في مال الغير بل ولو لا استلزام العسر والحرج لكان اللازم هو الاقتصار في قيامه على رجل واحد من جهة كونه أقل تصرفا من القيام على رجلين ومن ذلك ظهر الحال في فرض كون الغصب هو خصوص الفضاء دون الارض حيث ان اللازم بمقتضى القاعدة هو وجوب الاتيان بصلاته مستقليا على ظهره جمعا بين ما دل على ان الصلاة لا تترك بحال وبين عموم حرمة التصرف في مال الغير هذا ولكن ظاهر الأصحاب هو وجوب الاتيان بصلاة المختار عند كون الاضطرار لا عن سوء اختياره حيث ان ظاهرهم هو عدم الفرق بين فرض كون الغصب مجموع الفضاء والارض وبين كونه خصوص الارض او الفضاء وان له في جميع الفروض المزبورة الاتيان بالصلاة التامة الاجزاء والشرائط ولعل ذلك منهم لمكان قيام السيرة على كونه مختارا ح في قيامه وقعوده واضطجاعه واستلقائه مع ما يلزم من العسر والحرج من بقائه على كيفية واحدة من القيام او القعود كما انه يشهد لذلك أيضا خلو كلمات الأصحاب عن التعرض ح لمقدار الجائز من الحركات والسكنات وإلّا لكان اللازم عليهم التعرض لذلك وبيان مقدار الجائز من الحركات والسكنات خصوصا فرض كون الغصب هو الارض خاصة دون الفضاء او العكس هذا ولكن مع ذلك في غير الصورة الحرجية يشكل الحكم بجواز الاتيان بصلاة المختار حتى في فرض غصبية الارض واباحة المكان في قبال عموم حرمة التصرف في مال الغير خصوصا مع امكان حمل كلامهم على ما هو الغالب من فرض غصبية الارض والقضاء معا كإمكان منع قيام السيرة أيضا على الاطلاق على كونه مختارا في الحركات والسكنات حتى في غير صورة الحرجية فتأمل ثم ان هذا كله في فرض العلم ببقاء اضطراره إلى آخر الوقت. وما اورده على السيرة غير تام واطلاقات الاضطرار محكم في جميع الفروض.

واما صورة تمكنه منه (١) فلا شبهة (٢) ح في وجوب المبادرة إلى الخروج كي لا يستلزم من بقائه ازدياد الغصب ومرجع وجوب المبادرة إلى الخروج في الحقيقة إلى حرمة ارتكاب الغصب الزائد حيث ان بقائه ملازم لازدياد الغصب (٣) وح (٤) فهذا الوجوب ليس وجوبا شرعيا بل هو من باب لابديّة ترك الملزوم بملازمة حرمة (٥)

______________________________________________________

(١) الأمر الثاني لم يكن الاضطرار إلى الغصب بسوء اختياره لكن يتمكن من الخروج في اثناء الوقت.

(٢) ذكر محقق الماتن ان في هذا الفرض جهات من الكلام الجهة الاولي هل تجب المبادرة إلى الخروج ان تمكن ام لا اختار الوجوب وذلك لتقليل ارتكاب الغصب والاجتناب عن ازدياده حيث انه كلما يبقي في المغصوب يزيد في معصيته وعقوبته.

(٣) فيكون وجوب المبادرة إلى الخروج من باب اختيار اقل المحذورين من البقاء وزيادة الغصب وتركها والغصب بمقدار الخروج عن الغصب فقط قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٦٧ وان كان العقل يحكم بلزومه ارشاد إلى اختيار اقل المحذورين واخف القبحين.

(٤) الجهة الثانية هل يكون وجوب المبادرة وجوبا عقليا كما قلنا من باب اقل المحذورين ام شرعيا يقول المحقق الماتن انه عقلي لان العقل يحكم بلزوم ترك الملزوم وهو البقاء في المكان المغصوب من اجل ملازمه حرمة لازمه وهو ازدياد الغصب وهو حرام.

(٥) لعل الاصح اللازم كما في طبع الحديث لكن التعبير عن الملازم بمعني اللازم أيضا لا محذور فيه.

اللازم فتوهم (١) وجوب التخلص ح شرعيا بل ومحسّنا بحسن ملزم عقلي (٢)

______________________________________________________

(١) الجهة الثالثة : ذكر وجهين لكون وجوب الخروج شرعيا وكليهما باطل الوجه الاول ما ذكره المحقق النّائينيّ في الاجود ج ١ ص ٣٧٩ فلا مناص عن الالتزام بكونه داخلا تحت قاعدة أخرى اعني بها قاعدة وجوب رد مال الغير إلى مالكه فكما يجب رد المغصوب إلى مالكه في غير المقام يجب رده إلى مالكه في المقام أيضا والخروج بما انه تتحقق به التخلية بين المال ومالكه التي بها يتحقق الرد في غير المنقولات يكون واجبا لا محالة. واجاب عنه استادنا الخوئي في هامش الاجود ونعم الجواب ج ١ ص ٣٧٩ لا يذهب عليك ان وجوب التخلية بين المال ومالكه لا يستلزم وجوب الحركات الخروجية المتوقف عليها الكون في خارج الدار لانها ليست معنونة بعنوان التخلية قطعا ضرورة انها تصرف في مال الغير بدون اذنه ومصداق للغصب كما عرفت فكيف يعقل كونها مصداقا لعنوان التخلية المقابل لعنوان الاشغال فغاية الامر ان العقل يرشد إلى اختيارها حذرا من الوقوع في الغصب الدائمي دفعا للافسد بالفاسد ، الوجه الثاني ما في المتن من باب وجوب التخلص شرعا قال الشيخ الاعظم الانصاري في التقريرات ص ١٥٣ والأقوى كون مامورا به فقط ـ لنا على كون الخروج مامورا به ان التخلص عن الغصب واجب عقلا وشرعا ولا شك ان الخروج تخلص عنه بل لا سبيل اليه الا بالخروج فيكون واجبا على وجه العينية.

(٢) لما عرفت مما ذكره عقلا وشرعا لكونه ذات رجحان وحسن كذلك وبذلك يعترف صاحب الكفاية أيضا قال فيها ج ١ ص ٢٦٦ لكنه لا يخفي ان ما به التخلص عن فعل الحرام او ترك الواجب انما يكون حسنا عقلا ومطلوبا شرعا بالفعل وان كان قبيحا ذاتا اذا لم يتمكن المكلف من التخلص بدونه ولم يقع بسوء اختياره.

ليس في محله (١) إذ (٢)

ذلك (٣) انما يتم (٤) لو كان الخروج مقدمة لترك الغصب (٥) وهو

______________________________________________________

(١) قام المحقق الماتن قدس‌سره في الجواب عنه وان ذلك من باب المقدمية وتعرض للمقدمية واعترف به صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٦٤ ان قلت كيف لا يجديه ـ اي انحصار التخلص عن الحرام به ـ ومقدمة الواجب واجبة قلت انما يجب المقدمة لو لم تكن محرمة ولذا لا يترشح الوجوب من الواجب الا على ما هو المباح من المقدمات دون المحرمة مع اشتراكهما في المقدمية واطلاق الوجوب بحيث ربّما يترشح منه الوجوب عليها مع انحصار المقدمة بها انما هو فيما اذا كان الواجب اهم من ترك المقدمة المحرمة.

(٢) والمحقق العراقي قد اجاب عن المقدمية وبيانه قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٥٠.

(٣) توهم مقدميته للتخلص عن الغصب الزائد ـ اي ترك الغصب الزائد واجب وهو يتوقف على الخروج فيكون واجبا بالوجوب الغيري وبما ان المكث في المكان المغصوب لاداء الصلاة هو ضد الخروج يكون تركه واجبا بالوجوب الغيري أيضا لان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده وعليه تكون الصلاة المتحدة مع المكث المزبور منهيا عنها والنهي في العبادة يقتضي الفساد وهو كما عرفت في غير محله.

(٤) اي تتم المقدمية.

(٥) لو كانت الحركة عبارة عما به تبدل احد الكونين بالآخر ـ اي الخروج بغير الغصب لا نفس تبدل كون اي الاستمرار في الغصب يكون اي الغصب الاقل لكان لما ذكر من المقدمية كمال مجال اذ كانت الحركة ح علة لا فراغ الكون في الغصب وتبدله بالكون في خارجه ولكنه محل منع جدا بل هي لا تكون الا عبارة عن نفس تبدل كون بكون آخر وعليه فلا تكون الحركة الا ضد السكون والبقاء الملازم للغصب الزائد.

ليس كذلك (١) جزما كيف (٢) وهو ضد البقاء في المحل وهما في رتبة واحدة (٣) كما عرفت في باب الضد بل البقاء في المحل (٤) أيضا لو كان بمقدار خروجه زمانا ليس حراما شرعيا اذ هو أيضا ملازم لارتكاب الغصب الزائد لا مقدمة فلا (٥) يقتضي حرمة ترك (٦) الغصب الزائد أيضا حرمة بقائه كما هو الشأن في كلية المتلازمات

______________________________________________________

(١) فان الحركة لا تكون الا عبارة عن تبدل كون بكون آخر.

(٢) فهي عبارة عن ضد البقاء المستتبع للغصب الزائد وهو غير موجب لمحبوبية الحركة التي هي ضد السكون والبقاء ومثله أيضا غير موجب لسراية المحبوبية اليها وح فلا يبقي في البين إلّا لزوم الخروج عقلا ارشادا منه إلى اختيار ما هو اقل التقبيحين.

(٣) اي الحركة والبقاء في رتبة واحدة فكيف تكون الحركة مقدمة لترك الغصب الزائد.

(٤) سيأتى عن قريب في حكمه ان البقاء في المحل لو كان زمانا بمقدار خروجه عن ذلك بان يرضي المالك مثلا ونحوه فلا يكون حراما شرعيا لان الخروج والبقاء سيّان في الزمان من حيث الارتكاب ورفع حرمته بالاضطرار مع ان لازمه ارتكاب الغصب الزائد فعلي المقدمية يحرم بقائه مع انه لا يحرم ذلك للاضطرار إليه.

(٥) فمجرد حرمة غصب الزائد لا يوجب حرمة بقائه من باب المقدمية والتوقف حتى يسري اليه المحبوبية.

(٦) وقد صححت بالارتكاب ولا بأس به.

في الوجود (١) وح (٢) من نتائج ذلك عدم مانع من صحة الصلاة الكامل المختار ببقائه هذا في الدار وعدم خروجه مع تمكنه منه في سعة (٣) الوقت اذ هذا المقدار من الزمان مقهور في غصبه ولم يكن معاقبا عليه من الاول فلا يكون هذا المقدار من الغصب مبعدا في حقه وانما المبعد (٤) هو لازمه من الغصب الزائد عن هذا المقدار من الزمان لكونه تحت اختياره ولو باختيار ملزومه من البقاء المزبور

______________________________________________________

(١) وبالجملة المتلازمان في الوجود شيء والتوقف شيء آخر فاستدبار الجدي في اواسط العراق ونحوه يلازم استقبال القبلة فيكونان متلازمين لكن لا توقف بينهما اصلا حتى يوجب المقدمية.

(٢) الجهة الرابعة في حكم الصلاة ح من التام والناقص وفيها فروض الفرض الاول ما كان في سعة الوقت وزمان الصلاة يساوي زمن الخروج لا ازيد قال المحقق الماتن لا مانع من صحة الصلاة الكامل المختار بقائه في الدار وعدم خروجه مع تمكنه منه.

(٣) والوجه في ذلك ان هذا المقدار من الزمان للخروج قد ارتفع مبغوضيته بالاضطرار كخمسة دقائق مثلا فلا يكون مبعدا للاضطرار فيجوز فيه الصلاة الكامل.

(٤) والمبغوض والمبعد ليس إلّا لازم البقاء من الغصب الزائد عن هذا المقدار وهو تحت اختياره لانه ان بقي في المكان المغصوب بمقدار خمسة دقائق مثلا وهو الملزوم فلا محالة يتحقق اللازم وهو الغصب الزائد فلا يوجب حرمة اللازم وهو الغصب الزائد لحرمة الملزوم وهو مقدار زمان الخروج والحاصل انه يلزم من ذلك خروجه بعد الصلاة منهيا عنه لانه قد اختار بسوء اختياره تأخير الخروج ولكن لا يضر بصحة الصلاة قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٥ واما لو فرض علمه بزوال اضطراره قبل خروج الوقت وتمكنه من

.................................................................................................

______________________________________________________

الاتيان بالصلاة في مكان مباح ففي جواز بداره بالصلاة ح والاكتفاء بها وعدم جوازه اشكال اقواه العدم نظر إلى تمكنه ح من الاتيان بصلاة المختار التامة الاجزاء والشرائط في غير الغصب نعم في فرض غصبية مجموع الفضاء والارض لا باس بجواز بداره وإتيانه بصلاة المختار قاصدا التقرب به بقصد التوصل به إلى غرض المولى ببناء على كفاية ذلك في القرب المعتبر في العبادة وهذا بخلافه في فرض غصبية خصوص الارض او الفضاء حيث انه ح لا مجال لاتيانه بصلاة المختار في مكان مغصوب لما عرفت من استلزامه لازدياد التصرف في مال الغير واما الاجماع المدعي سابقا فغير جار في الفرض أيضا من جهة اختصاصه بفرض عدم تمكنه من الاتيان بالصلاة في غير الغصب ولا اقل من كونه هو القدر المتيقن منه فيبقي الفرض تحت القواعد التي مقتضاها وجوب الاتيان مهما امكن بصلاة المختار التامة الاجزاء والشرائط وح فاذا فرض عدم تمكنه من الاتيان بصلاة المختار في الغصب يجب عليه الصبر والاتيان بها في غير الغصب بل ومن ذلك البيان ظهر الاشكال في فرض غصبية مجموع الفضاء والارض أيضا بناء على عدم كفاية مجرد الاتيان بالعمل بقصد التوصل به إلى غرض المولي في القرب المعتبر في العبادة واحتياجه إلى التقرب بالعمل بقصد الامر الفعلي او رجحانه الفعلي اذ ح من جهة خروج الأكوان عن دائرة المحبوبية بمقتضى أهمية مفسدة الغصب لا يكاد تمكنه من التقرب بتمام العمل فمن ذلك لا بد له من الصبر إلى ان يزول اضطراره فيتمكن من التقرب بالعمل بداعي أمره ورجحانه الفعلي كما هو واضح واما صورة الشك في زوال اضطراره قبل الوقت فيلحق بالعمل ببقائه إلى آخر الوقت بمقتضى الاستصحاب فيما لو كان اضطراره الموجب لسقوط التكليف عنه شرعيا بمقتضى حديث الرفع لا عقليا محضا وإلّا فلا مجال للاستصحاب لانتفاء الأثر الشرعي ح كما هو واضح.

وعليه فلا قصور في اتيان الصلاة الكامل المختار في هذا المقدار من البقاء وان استلزم ذلك غصبا زائدا حراما نعم (١) لو كان زمان الخروج اقل من البقاء بمقدار الصلاة الكامل المختار كان بقائه ح بالمقدار الزائد عن زمان الخروج مبعدا ولا يجوز شرعا ولازمه عدم صحة الصلاة الكامل المختار في هذا المقدار وح مع سعة الوقت يجب عليه الصبر ولا ياتي بالصلاة إلى ان يخرج من الغصب (٢) ولا يصح منه الصلاة ح في الغصب لا كاملا (٣) ولا ناقصا (٤)

______________________________________________________

(١) الفرض الثاني فيما لو تمكن من الخروج وقد كان الوقت موسعا وزمان الخروج اقل من زمن اتيان الصلاة من حيث المقدار فلا محالة يكون الزمن الزائد عن الخروج مبغوضا وحراما.

(٢) قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٥٤ واما اذا استلزمت ذلك ـ اي اكثر من زمان الخروج ـ فان كان الوقت يسع الخروج والصلاة بعده فيه بجميع اجزائها وشروطها او بادراك ركعة منها بناء على شمول دليل من ادرك لهذا الفرض فالظاهر انه يجب عليه اداء صلاته في خارج المكان المغصوب بعد خروجه منه لانه اذا بقي في المكان وصلي فيه وقع بعض صلاته منهيا عنه لفرض زيادة التصرف في الصلاة على التصرف في الخروج واذا فرض امكان ان يصلي في خروجه منه صلاة المختار جاز له ذلك أيضا إلّا انه فرض محض.

(٣) لوقوع بعض الصلاة في الغصب.

(٤) لتمكنه من الكامل في المكان المباح.

نعم (١) مع ضيق الوقت يجب عليه في الفرض المزبور الصلاة ماشيا راكعا كذلك وساجدا بايماء حال مشيه (٢) ولكن (٣) لنا ان

______________________________________________________

(١) الفرض الثالث قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٦ بقي الكلام فيما لو تمكن من الخروج وقد كان الوقت مضيقا أيضا بنحو لا يتمكن من ايجاد الصلاة في خارج الغصب في انه هل يجب عليه الاتيان بصلاته ح في حال الخروج بحيث لو ترك الخروج واتي بصلاته في حال استقراره تبطل صلاته او لا بل كان له الاتيان بصلاته أيضا في غير حال الخروج وان أثم بتركه للخروج بملاحظة ما يترتب عليه من الغصب الزائد عن المقدار المضطر اليه فيه وجهان.

(٢) فان مقدار الخروج مضطر اليه فلا حرمة له فللركوع حال المشي ليس غصب زائد بخلاف السجدة فيأتي بالركوع ويومئ للسجدة وعلى الفرض الزائد على الخروج حرام فليس له البقاء ويأتي ما تقدم من مقدميته للتخلص وبما ان الصلاة الكامل في حال المشي غير ممكن والقعود غير جائز فلا يقدر على صلاة الكامل فيأتي بمقتضى اطلاق الصلاة لا تترك بحال ميسور الصلاة بالركوع ماشيا والسجود ايماء.

(٣) والمحقق الماتن بعد ما انكر مقدميّته للتخلص يختار جواز البقاء بمقدار الخروج ذكر المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٦ اقربه الثاني ـ اي له الاتيان بصلاته في غير حال الخروج ـ وذلك انما هو لوجود المقتضي لصحة صلاته وانتفاء المانع اما الاول فواضح من جهة فرض وجدان الماتي به ح للملاك والمصلحة واما الثاني فكذلك أيضا اذا المانع المتصور ح لا يكون إلّا فعلية نهيه وتنجزه وهو بالفرض ساقط حسب اضطراره في تلك الساعة سواء على تقدير اختيار الخروج في تلك الساعة أو البقاء في الغصب وبالجملة نقول بانه بعد اضطراره في تلك الساعة إلى ارتكاب الغصب وعدم التفاوت في شاغليته

نقول (١) في الصورة المزبورة أيضا بمقتضى ما ذكرنا ان له بقائه بمقدار زمان خروجه والاتيان بمقدار من الصلاة (٢) كاملا واتيان البقية في الزائد عن هذا الزمان ناقصا في حال المشي (٣).

وتوهم (٤) ان في هذا الزمان كان الغصب مبعدا في حقه مع تمكنه

______________________________________________________

للمكان في تلك الساعة بين حال سكونه وبقائه وبين حال حركته وخروجه كان له اختيار البقاء في تلك الساعة وجعل كونه كونا صلاتيا نعم في فرض اختيار البقاء يلازم بقائه فيه الغصب الزائد في الساعة الثانية ولكن مجرد ذلك غير مقتض للنهي عن كونه البقائي في الساعة الأولي كي يفع بذلك مبعدا له الا على القول باقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده.

(١) فياتي بالصلاة المركب من الناقص والتام.

(٢) فياتي بمقدار من الزمان التي يكون بمقدار الخروج الصلاة الكامل لابثا في الغصب لان مدة الخروج مما اضطر اليه المكلف بمقداره ويجوز له ان يصرف هذه المدة في اللبث.

(٣) وبقية الصلاة ياتيها ماشيا في حال الخروج كما عليه المشهور لانه يصح الصلاة في حال الخروج كما تقدم.

(٤) هذا التوهم في بيان ترجيح ما عليه المشهور من الصلاة في حال الخروج راكعا وساجدا ايماء دون مزج الكامل والناقص فانه باطل وذلك لان مقدار من الزمان يكون الغصب مبغوضا ومبعدا وهو الزائد على زمان الخروج ويكون متمكنا من ترك ذلك بالصلاة في حال الخروج فيتعين ذلك وتوضيحه قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٤٧ اللهم إلّا ان يمنع عما ذكرنا بالمنع عن اصل جواز تطبيق اضطراره على الكون البقائي بدعوى انه انما يكون له الخيار في تطبيق اضطراره على اي فرد شاء فيما لمم يكن هناك ما يقتضي تعين تطبيقه على فرد خاص وإلّا فلا مجال لتطبيقه الا علي ما تعين تطبيقه عليه وفي المقام حيث ما كان يستتبع الكون البقائي لازدياد الغصب فقهرا مثل هذا المعني موجب لترجيح الكون الخروجي عليه بحكم العقل ومعه يتعين تطبيق اضطراره عليه لا على الكون البقائي.

عن اتمام صلاته ولو ناقصا بلا غصب مبعد فيبطل هذا المقدار منه ولو ناقصا فلا مصحح لصلاته هذا مدفوع (١) بقياس المقام بصورة ارتكاب الغصب من الاول بسوء اختياره فان بنائهم في ضيق الوقت على اتيان الصلاة ماشيا بنحو اشرنا ولا فرق في مبعديّة الغصب بين كونه من الاول بسوء اختياره او من الحين باختيار بقائه (٢)

______________________________________________________

(١) واجاب عنه المحقق الماتن بنكتة دقيقة بان مقدار زمان الخروج غير مبعد لكونه بالاضطرار قد خرج عن النهي ولم يكن بسوء الاختيار فاتيان مقدار من الكامل فيه لا محذور فيه واما مقدار الزائد الذي يقع في حال الخروج فيكون حكمه حكم الخروج فيما لو دخل الغصب بسوء الاختيار وبناء الأصحاب كما سيأتي تجويز الصلاة ايماء للركوع والسجود في حال الخروج ان كان بسوء الاختيار فتصح الصلاة.

(٢) ولا فرق بين كون سوء الاختيار من الاول او بقاء وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٧ في الجواب عن التوهم من ناحية أخرى قال مدفوع بان مجرد وجوب اختيار الكون الخروج بحكم العقل أيضا غير موجب لحرمة ضده الذي هو الكون البقائي بل ولا لكونه ازيد مفسدة من غيره كي يقال بلزوم ترك ما فيه المفسدة الزائدة نعم غاية ما هناك ان يستتبع البقاء ارتكاب الغصب في الساعة الأخرى وهو أيضا على ما عرفت غير موجب لكون بقائه وسكونه ازيد مفسدة من خروجه كما هو واضح وكيف كان فهذا كله فيما لو كان اضطراره إلى الغصب لا عن سوء اختياره.

كما ان (١) لنا كلام أيضا في الصلاة بالنحو المزبور في فرض مبعدية الغصب من الاول أيضا مع ضيق الوقت اذ لازم مبعديّة الغصب وتقديم حق الناس على حق الله خروج الاكوان عن الجزئية ورجوع الصلاة في حقه إلى الاشارات المعهودة كصلاة الغريق وذلك (٢) أيضا جمع بين ترك الغصب وعدم ترك الصلاة

______________________________________________________

(١) الامر الثالث ما لو كان اضطراره بسوء اختياره كما لو دخل ارض الغير من غير رضاه فتعذر عليه الخروج ففيه صور أيضا الصورة الاولي قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٧ ففيما علم بزوال اضطراره قبل خروج الوقت بحيث يتمكن من اتيان الصلاة في غير الغصب فلا اشكال حيث انه تعين عليه الاتيان بالصلاة في خارج الغصب ولا يجوز له البدار بالصلاة في الغصب بل ولئن صلي فيه كانت صلاته فاسدة بملاحظة مبغوضية الاكوان ومبعديتها له من جهة تنجز النهي السابق من غير فرق في ذلك بين ان يكون الغصب مجموع الفضاء والارض او كان الغصب خصوص الفضاء دون الارض او بالعكس ، وقال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٥٥ نعم يتحمل ضعيفا صحة الصلاة في حال المكث بناء ان الخروج لا يكون غصبا وان دخل المكان بسوء اختياره بناء على قول من يختار وجوب الخروج معلقا على الدخول وعلى ما اخترنا من جواز صرف المدة التي تسع الخروج في الصلاة حال المكث وان استلزم ذلك حرمة الخروج ح. الصورة الثانية في فرض ضيق الوقت بحيث لو خرج لم يدرك الوقت ولو بركعة بناء على شمول دليل من ادرك لمثل ذلك أيضا ياتي بالصلاة في حال الخروج موميا للركوع والسجود وان امكن ان يركع فليركع في حال الخروج ماشيا دون ان يسجد ويتشهد جالسا لانه غصب زائد وغير مضطر اليه بل ياتي بالسجدة موميا والتشهد في حال السير كما عليه المشهور.

(٢) والوجه في ذلك هو الجمع بين حق الناس وهو ترك الغصب بالخروج عن

.................................................................................................

______________________________________________________

المغصوب وبين عموم ان الصلاة لا تترك بحال فيسقط بالاضطرار اكوان الركوع والسجود والجلوس عن الجزئية وتبديلها إلى الصلاة الناقصة وهي بالايماء والاشارة قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٩ وكيف كان فمما ذكرنا ـ اي الصورة الآتية ـ ظهر الحال أيضا فيما لو ضاق الوقت وتمكن من الخروج حيث انه يتعين عليه ح الاتيان بصلاته في حال الخروج باشارات قلبية لو لا السيرة المزبورة وإلّا فيما لا تزاحم مع خروجه فيقرأ ويركع ماشيا موميا بسجوده ولا ينتهي النوبة في هذا الفرض إلى الصلاة في حال السكون والاستقرار. الصورة الثالثة قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٨ كما انه لو علم ببقاء اضطراره إلى آخر الوقت فلا اشكال أيضا في وجوب الصلاة عليه في الغصب بمقتضى ما دل على ان الصلاة لا تترك بحال وانما الكلام في ان صلاته ح هل هي صلاة المختار التامة المشتملة على الركوع والسجود والقيام والقراءة او ان تكليفه ح هو صلاة الغرقى باشارات قلبية في فرض غصبية مجموع الفضاء والارض. ثم انه عند ضيق الوقت يجوز الصلاة في حال الخروج بكيفية صلاته في حال الخروج كلام طويل قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٥٥ وتحقيق بيان ان الحق في اي الطرفين يتوقف على بيان حال الخروج تكليفا ووضعا وعليه نقول قد اختلفت اقوال الفقهاء في هذه المسألة فذهب بعض إلى انه حرام وواجب فعلا ـ اي المحقق القمي في القوانين ج ١ ص ١٥٣ والثالث انه مامور به ومنهي عنه أيضا ويحصل العصيان بالفعل والترك كليهما وهو مذهب ابي هاشم واكثر افاضل متاخرينا بل هو ظاهر الفقهاء وهو الاقرب فانهما دليلان يجب اعمالهما ولا موجب للجمع والتقييد ـ إلى ان قال ـ واما فيما نحن فيه فانه وان كان يلزم تكليف ما لا يطاق أيضا ولكن لا دليل على استحالته ان كان الموجب هو سوء اختيار المكلف انتهى وهذا على

.................................................................................................

______________________________________________________

مبناه من جواز اجتماع الامر والنهي وانه في مقام الامتثال ومصب الامر والنهي الطبيعة من دون السراية إلى الخارج ـ وفيه انه ان اراد كون الفعل الخروج حراما بالفعل وواجبا كذلك فهو غير معقول وان كان المكلف غير عادل لان حقيقة التكليف هو الانشاء بداعي جعل الداعي للمكلف إلى الفعل الذي يراد وقوعه او إلى ترك الفعل الذي يزجر عنه ولا يتأتى من كل عاقل ارادة وجود الشىء وارادة عدمه في وقت واحد من شخص واحد هذا مضافا إلى ان التكليف بالمحال قبيح لا يصدر من الحكيم وان اراد انه حرام شأنا وواجب فعلا فهو يرجع إلى بعض الاقوال الأخر وذهب آخر إلى ان الخروج واجب فعلا ولكنه يجري عليه حكم المعصية للنهي عنه قبل الدخول لعموم النهي عن التصرف في مال الغير بغير اذنه الشامل لهذا الفرد اعني به الخروج وحيث اضطر اليه بعد الدخول سقط النهي وبقي حكمه وهو استحقاق العقاب ـ اي ذلك من صاحب الفصول ص ١٤٠ والحق انه مامور بالخروج مطلقا او بقصد التخلص وليس منهيا عنه حال كونه مأمورا به لكنه عاص به بالنظر إلى النهي السابق ـ إلى ان قال ـ لنا ان المكلف في الزمن الذي لا يتمكن من ترك الغصب فيه مطلقا فلا تصح النهي عنه مطلقا اذ التكليف بالمحال محال عندنا وان كان ناشئا من قبل المكلف للقطع بكونه سفها ـ إلى ان قال ـ ولدلالة العقل والنقل على انه مامور بالخروج ـ وهو يقتضي عدم النهي عنه وإلّا لعاد المحذور من التكليف المحال والتكليف بالمحال نعم يجري عليه حكم المعصية في تلك المدة على تقدير الخروج بالنسبة إلى النهي السابق على وقوع السبب اعني الدخول لتمكنه منه. وهذا ما فهمه من كلامه صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٦٣ او مامور به مع جريان حكم المعصية عليه وص ٢٦٩ ولا يرتفع غائلته باختلاف زمان التحريم والايجاب قبل الدخول وبعده كما في الفصول مع اتحاد زمان الفعل المتعلق لهما وانما المفيد اختلاف زمانه ولو مع

.................................................................................................

______________________________________________________

اتحاد زمانهما. وكذا المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٧٣ انه واجب فعلا ولكن يجري عليه حكم المعصية للنهي السابق الساقط بالاضطرار وذهب اليه صاحب الفصول ـ إلى ان قال في ص ٣٧٥ ـ ونظير ذلك ما صدر من المحقق صاحب الكفاية في تعليقته على المكاسب من الالتزام بان المال الواقع عليه العقد الفضولي بعد صدور العقد وقبل حصول الاجازة محكوم عليه واقعا بكونه ملك من انتقل عنه وبعد الإجازة يحكم عليه واقعا بكونه ملكا في ذلك الزمان بعينه لمن انتقل اليه ولا منافاة بين الحكمين اصلا لتعدد زمانهما وان اتحد زمان المحكوم بهما وما ذكره يشارك ما ذهب اليه صاحب الفصول في ملاك الاستحالة لما عرفت من ان الاعتبار في الاستحالة والامكان انما هو باتحاد زمان المتعلقين وتعدده لا باتحاد زمان الحكمين بانفسهما وتعدده وبالجملة الامر او النهي انما يصدر من المولى ليكون باعثا للمكلف إلى الفعل او زاجرا له عنه فاذا فرض سقوط التحريم في ظرف امكان صدور متعلقه امتنع جعله ـ ويمكن دفع هذا لا يراد بنظير ما قربوا به الترتب بل هو واضح امكانا للدفع وذلك ان يقال ان الخروج وان كان منهيا عنه قبل الدخول ولكن يجوز ان يامر به بعده لسقوط النهي عنه بتقدم النهي عن البقاء الموجب لسقوط النهي عن الخروج للتزاحم بينهما وح لا مانع من شمول دليل وجوب التخلص عن الغصب للخروج لكونه فردا من افراد التخلص عن الغصب وترتب الحكمين في الفعلية بهذا النحو من الترتب اقرب إلى الامكان من الترتب المعهود لاستلزامه فعلية كلا الحكمين في زمان واحد بخلاف ما نحن فيه فان فعلية احد الحكمين مرتبه على سقوط الحكم السابق إلّا انه يرد على هذا القول استلزامه لتعلق حب شخص واحد وبغضه لشيء واحد في وقت واحد وهو اوضح استحالة من اجتماع حكمين فعليين في شيء واحد ـ اي توضيح الايراد اكثر من ذلك ما ذكره الاستاد أيضا

.................................................................................................

______________________________________________________

في المجمع ج ٢ ص ٦١ اقول هكذا قالوا ولكن الذي يقتضيه التدبر في نفس كلام صاحب الفصول في الفصول غير ما ذكروه فانه قدس‌سره لم يذكر اختلاف الزمانين والناظرين اليه استنبطوه منه نعم لو كان مراده ما ذكروه لكان الاشكال عليه باجتماع الضدين واردا فنقول او لا ان قياس شيخنا النائيني كلام استاده بالإجازة على الكشف الحقيقي في غير محله لانه قدس‌سره لا يكون قائلا بهذا الكشف بل بالكشف الانقلابي وهو ما بين الحقيقي والحكمي وحاصله انه قدس‌سره يقول بان الملك واقعا إلى حين الإجازة يكون للمالك الاول ولكن بعدها ينقلب صفحة الوجود ويصير من الاول ملكا لمن اشتري فضوليا ويترتب عليه آثاره وهذا غير الكشف الحكمي لانه يكون اعتبار الملكية من الحين من حيث الحكم وهو غير الكشف الحقيقي لانه يكون كاشفا واقعا ولا تاثير للاجازة الا الكشف ولا يكون الاشكال ما قيل اي استادنا الخوئي في هامش الاجود ج ١ ص ٣٧٥ لا يخفى ان ما افاده صاحب الكفاية في تعليقته على المكاسب لا يشارك في وجه الاستحالة ما افاده صاحب الفصول في المقام وذلك لان الحكم التكليفي انما يكون تابعا لما في متعلقه من الملاك فالفعل الواحد الواقع في زمان واحد اذا كان مطلوبا للمولى منع النهي عنه كما انه اذا كان مبغوضا له امتنع الامر به فتعدد زمان الامر والنهي لا يجدي في صحتهما اذا كان زمان ما تعلقا به واحدا وهذا بخلاف الحكم الوضعي فانه يتبع ما في نفسه من الملاك المقتضي لجعله فلا مانع من اعتبار الملكية مثلا قبل حصول الاجازة لمن انتقل عنه المال لمصلحة مقتضية له ومن اعتبار ملكية ذلك المال في ذلك الزمان بعينه بعد حصول الاجازة لمن انتقل اليه المال لمصلحة مقتضية له أيضا. ـ من ان التكاليف تابعة للمصالح والمفاسد النفس الأمرية ولا يتخلف عنه واما الوضعيات فلا تكون تابعة للمصالح كذلك بل يمكن اعتبارها ولا تكون

.................................................................................................

______________________________________________________

المصلحة الا في الاعتبار فقياس المقام بالوضعيات عن المحقق النائيني قدس‌سره في غير محله لان هذا الكلام باطل فان الوضع والتكليف مشتركان في الاحتياج إلى المصلحة ولكن قد تكون المصلحة في الوضعيات في الاعتبار كما انه قد تكون المصلحة في التكليفات أيضا في نفس الامر واما اصل الكلام فهو ان نظر صاحب الفصول كان إلى تصحيح الترتب في المقام بين النهيين وهو النهي عن الخروج لكونه تصرفا في ملك الغير والنهي عن البقاء أيضا لانه أيضا تصرف في ملك الغير مع انه اشد محذورا فعند الدوران بين النهيين فلا محالة يجب اختيار ما هو أقل محذورا الخروج للاضطرار وهذا احسن من الترتب المصطلح لانه يكون في فرض العصيان وهنا لا يكون كذلك بل هو اضطرار محضا. ـ وذهب ثالث إلى ان الخروج محرم شرعا لعموم النهي عن التصرف في مال الغير بغير اذنه الشامل للخروج ولكن بعد سقوط النهي عنه بالتزاحم المزبور يرشد العقل المكلف إلى الخروج تخلصا من اشد المحذورين وهو البقاء بارتكاب اقلهما ضررا وهو الخروج مع استحقاق العقاب عليه من اجل انه بسوء اختياره اوقع نفسه في هذه الاضرار التي لا يجد طريقا للتخلص من اشدها إلّا بارتكاب اقلها وصيرورته مضطرا إلى الخروج بعد الدخول لا ينافي كونه منهيا عنه قبله وانما اوقعه في الاضطرار إلى مخالفة هذا النهي سوء اختياره وقد قيل الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ـ اي ما افاده صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٦٣ والحق انه منهي عنه بالنهي السابق الساقط بحدوث الاضطرار اليه وعصيان له بسوء الاختيار ولا يكاد يكون مامورا به ـ اي ان ما يصدر مبغوضا لا يصلح ان يتعلق به الوجوب ـ كما اذا لم يكن هناك توقف عليه ـ اي على الخروج ـ او بلا انحصار به وذلك ضرورة انه حيث كان قادرا على ترك الحرام رأسا لا يكون عقلا معذورا في مخالفته في ما اضطر إلى ارتكابه بسوء اختياره ويكون معاقبا

.................................................................................................

______________________________________________________

عليه. وهذا الوجه هو مختار المحقق العراقي واستادنا الخوئي وغيرهما قال في هامش الاجود ج ١ ص ٣٧٨ إلّا ان المفروض ان حكمه في نفسه ومع قطع النظر عن الاضطرار اليه هي الحرمة فلا مناص ح من الالتزام بسقوط حكمه وان صح العقاب على ارتكابه لان الاضطرار اليه بسوء الاختيار على الفرض وقال في ص ٣٨٠ ومن جميع ما ذكرناه في المقام تظهر صحة ما اختاره صاحب الكفاية في المقام وقال في ص ٣٨١ فكم فرق بين ان يكون الاضطرار بسوء الاختيار وان يكون بغير سوء الاختيار. ـ وذهب رابع إلى ان الخروج واجب شرعا ولا يجري على فاعله حكم المعصية لكونه فردا من افراد رد مال الغير اليه او مصداقا من مصاديق التخلص عن الحرام ـ اي هذا القول هو مختار صاحب التقريرات الشيخ الاعظم الانصاري ص ١٥٣ والاقوى كونه مأمورا به فقط ولا يكون منهيا عنه ولا يفترق فيه النهي السابق واللاحق ولعله ظاهر الفقهاء حيث حكموا بصحة الصلاة في حال الخروج كما عرفت في كلام العلامة إلى ان قال لنا على كونه مامورا به ان التخلص عن الغصب واجب عقلا وشرعا ولا شك ان الخروج تخلص عنه بل لا سبيل اليه الا بالخروج فيكون واجبا على وجه العينية. ـ وهو مختار المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٧٤ الرابع انه واجب شرعا ولا يجري عليه حكم المعصية لدخوله في كبرى قاعدة وجوب رد المال إلى مالكه ولا ربط له بقاعدة عدم منافات الامتناع بالاختيار للاختيار من جهة العقاب والخطاب او من جهة العقاب فقط وهذا القول هو مختار المحقق العلامة الانصاري وهو الصحيح عندنا الخ ـ فنقول ان الخروج ليس بحرام شرعا لا قبل الدخول ولا بعده وليس بواجب شرعا ايضا وانما يلزم العقل به تبعا لإلزامه بامتثال النهي عن المكث في المكان اما عدم كونه واجبا فلانتفاء ملاك الوجوب النفسي والغيري كليهما عنه اذ ليس الخروج من ملك الغير ردا له

.................................................................................................

______________________________________________________

اليه اذ رد مال الغير انما تخليته وهي منتزعة من عدم البقاء في الدار وهو ملازم للخروج ولا علية بينهما وبالجملة لا ينطبق على الخروج عنوان رد المال ولا التخلص عن الحرام كيف ونفس الخروج فرد من التصرف في مال الغير وهو غضب وبذلك يتضح ان ليس في الخروج ملاك الوجوب النفسي واما الملاك الغيري فهو من لوازم كون وجود الشيء مقدمة لوجود شيء آخر او مانعا من وجوده والخروج ليس بشيء منهما اما انه ليس بمقدمة لوجود شيء واجب فلان غاية ما يدعي وجوبه في المقام هو التخلص من الحرام اعني به الغصب بالبقاء والتخلص على فرض كونه واجبا نفسيا فهو عنوان منتزع من ترك الحرام بالتلبس في فعل غيره فلا محالة يكون مقارنا للخروج انتزاعا واما انه ليس بمانع من وجود الحرام فلان المكث في المكان كون خاص هو ضد الكون فيه حال الخروج منه وقد حقق في محله ان وجود احد الضدين ليس مانعا من وجود الضد الآخر وعلى فرض كونه مانعا يلزم ان يكون عدمه مقدمة لوجود الضد لان عدم المانع من شرائط العلة التامة لوجود الشيء واما المانع فليس مقدمة لعدمه لان العدم لا يحتاج إلى علة ليكون وجود المانع من مقومات علة العدم وبهذا يتضح ان الخروج ليس مقدمة لترك المكث والبقاء في المكان فلا يكون واجبا غيريا كما لم يكن واجبا نفسيا ولو سلمنا كون الخروج مقدمة لترك المكث في المكان لما كان وجه لوجوبه غيريا لان ترك الحرام ليس بواجب شرعا لتجب مقدمته. واما عدم كونه حراما فلان بعض شرائط التكليف هو كونه مقدورا عليه فعلا وتركا وكذا عقلا وشرعا لقبح التكليف بغير المقدور عليه عقلا ولكون التكليف لغوا فيما اذا كان المكلف به غير مقدور شرعا ولا ريب في ان الخروج وان كان تركه مقدورا بالقدرة على ترك الدخول ولكن فعله غير مقدور شرعا لتنجز النهي عن المكث في المكان فاذا كان المكلف به غير

.................................................................................................

______________________________________________________

مقدور فعلا وتركا في ظرفه المعد لوجوده امتنع تعلق التكليف به وعليه يكون الخروج غير منهي عنه ولو قبل الدخول لكونه غير مقدور على فعله وتركه شرعا لفرض تنجز النهي عن الدخول والمكث في المكان المدخول على المكلف قبل دخوله فيه وبهذا ظهر لك ان ما افاده العلمان الشيخ الانصاري والمحقق الخراساني «قدس‌سرهما» موافق للبرهان من جهة وغير موافق له من جهة اخرى اما ما ذكره الشيخ فلكونه موافقا له بعدم تعلق النهي بالخروج وغير موافق له بدعوى وجوبه واما ما ذكره المحقق الخراساني فلكونه موافقا له بعدم تعلق الوجوب الشرعي بالخروج وغير موافق له بدعوى انه منهي عنه قبل الدخول وجريان حكم المعصية عليه بعد الدخول ثم انه لو اغمضنا عما اخترناه لكان ما افاده المحقق الخراساني أحرى بالقبول لكونه من صغريات القاعدة المسلّمة اعني بها قولهم الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ـ اي قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٦٦ وبالجملة كان قبل ذلك متمكنا من التصرف خروجا كما يتمكن منه دخولا غاية الامر يتمكن منه بلا واسطة ومنه بالواسطة ومجرد عدم التمكن منه الا بواسطة لا يخرجه عن كونه مقدورا كما هو الحال في البقاء فكما يكون تركه مطلوبا في جميع الاوقات فكذلك الخروج مع انه مثله في الفرعية على الدخول فكما لا تكون الفرعية مانعة عن مطلوبيته قلبه وبعده كذلك لم تكن مانعة عن مطلوبيته وان كان العقل يحكم بلزومه ارشادا إلى اختيار اقل المحذورين واخف القبيحين وهذا يكفي في استحقاق العقاب على الشرب للعلاج وان كان لازما عقلا للفرار عما هو أكثر عقوبة إلى ان قال وما قيل ان الامتناع او الايجاب بالاختيار لا ينافي الاختيار انما هو في قبال استدلال الاشاعرة للقول بان الافعال غير اختيارية إلى ان قال نعم لو كان بسوء الاختيار لا يسقط العقاب بسقوط التكليف بالتحريم او الايجاب. وذكر المحقق

.................................................................................................

______________________________________________________

النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٧٦ واما الدعوى الثاني اعني بها دعوى عدم دخول المقام في كبرى قاعدة عدم منافات الامتناع بالاختيار للاختيار فيدل عليه امور الاول ان ما يكون داخلا في موضوع كبرى تلك القاعدة لا بد من ان يكون قد عرضه الامتناع بحيث يكون خارجا عن القدرة وكان ذلك مستندا إلى اختيار المكلف كالحج يوم عرفه ممن ترك المسير اليه باختياره وكحفظ النفس ممن القى نفسه من شاهق ومن الواضح ان الخروج من الدار المغصوبة ليس كذلك فانه على ما هو عليه من كونه مقدورا للمكلف بعد دخوله فيها ولم يطرأ عليه ما يوجب امتناعه نعم مطلق الكون في الدار المغصوبة الجامع بين الخروج والبقاء بأقل زمان يمكن فيه الخروج وان كان مما لا بد منه ولا يمكن المكلف تركه بعد دخوله إلّا انه اجنبى عن الاضطرار إلى خصوص العضب بالخروج كما هو محل الكلام. واجاب عنه أيضا استادنا الآملي في المنتهى ص ١٥٩ ـ وفيه انه بعد اختيار ان المعجز الشرعى كالمعجز العقلى لا يبقى موقع لهذه المناقشة وعليه يكون المكث بعد تنجز النهي عنه في حكم الممتنع عقلا فيكون الخروج مضطرا اليه كما لو كان المكث ممتنعا عقلا ـ ولكن في المجمع ج ٢ ص ٦٤ قال ونعدل عنه في هذه الدورة من باب عدم النهي على مسلكنا لهذا الخروج حتى يصير معجزا شرعيا نعم على مسلك القائل به يصح الجواب كذلك ولكن الحق ان النهى حيث يكون عن الجامع وهو الغصب ويكون له افراد متفاوته من الدخول والبقاء والخروج فالكل يكون منهيا عنه فلذا يكون مضطرا اليه بضميمة ان العقل يرى وجوب الخروج من باب أقل المحذورين لا ان يكون الخطاب شرعيا الخ ـ اي من باب امتناع المكث ـ الثاني ان محل الكلام في تلك القاعدة انما هو اذا كان ملاك الحكم مطلقا بنحو يكون متعلق ذلك الحكم واجدا للملاك سواء وجدت مقدمته الاعدادية ام لم توجد وكان الحكم بنفسه مشروطا بمجيء زمان متعلقه وهذا

.................................................................................................

______________________________________________________

كخطاب الحج فانه وان كان مشروطا بمجيء يوم عرفه على ما هو الحق من امتناع الواجب المعلق إلّا ان ملاكه يتم بتحقق الاستطاعة فمن ترك المسير إلى الحج بعد الاستطاعة يستحق العقاب على تركه وان امتنع عليه الفعل في وقته لان الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار وهذا بخلاف المقام فان التصرف بالدخول من المقدمات التى لها دخل في تحقق القدرة على الخروج وتحقق ملاك الحكم فيه فان الداخل هو الذي يمكن توجيه الخطاب اليه بفعل الخروج او بتركه دون غيره واذا كان كذلك امتنع كون الخروج داخلا في موضوع تلك القاعدة. واجاب عنه أيضا الاستاد ـ وفيه ما لا يخفى فان الكلام في هذا المقام انما هو في حرمة الخروج مع الاضطرار اليه بعد الدخول لا في وجوبه ولا ريب في ان الخروج فرد من افراد الغضب ومشتمل على ملاكه قبل تحقق الدخول لان كونه فردا للغصب في عرض الدخول وان كان وجوده في الخارج في طوله فاذا كان الغصب محكوما بحكم ما فلا محالة يسرى ذلك الحكم إلى جميع افراده تبعا لسريانه فيها ما لم يمنع من تعلقه بفرد ما من افراده مانع خاص به وعليه يكون الخروج محرما على المكلف قبل الدخول فلو دخل واضطر إلى الخروج فقد فوّت غرض المولى وامتثال تكليفه بسوء اختياره وصار المورد من موارد القاعدة المزبورة ـ اي توضيح ذلك في المجمع ج ٢ ص ٦٥ ان طبيعة الغصب تكون فيها المفسدة سواء كان قبل الدخول او بعده ولا تنوط بالدخول نعم الدخول يصير مقدمة للخروج من باب أنه ما لم يكن دخول لا معنى للخروج وهذا الخروج حيث يكون تصرفا في مال الغير وهو يكون منشؤه الاختيار وهو الدخول يكون معاقبا عليه ولو لم يكن الامر عليه الخ ـ الثالث ان الملاك في دخول شيء في موضوع كبرى تلك القاعدة هو ان تكون المقدمة موجبة للقدرة على ذي المقدمة ليكون الآتي بها قابلا لتوجيه الخطاب باتيان ذي المقدمة اليه وهذا كالمسير إلى

.................................................................................................

______________________________________________________

الحج فانه حيث كان مقدمة اعدادية للحج وبه تحقق القدرة عليه كان الآتي به قابلا لتوجه الخطاب بالحج اليه كما ان تاركه لامتناع الحج عليه يستحيل طلبه منه لكن الاستحالة لكونها منتهية إلى الاختيار لا تسقط العقاب لان الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار واما في المقام فالدخول وان كان مقدمة اعدادية للخروج إلّا ان تحققه في الخارج يوجب سقوط النهي عن الخروج اذ بالدخول يكون ترك الخروج غير مقدور على ما اختاروه فكيف يمكن ان يكون الخروج من صغريات تلك القاعدة وبالجملة ان ما نحن فيه ومورد القاعدة متعاكسان اذ وجود المقدمة في ما نحن فيه اعني بها الدخول يسقط الخطاب بترك الخروج ولا بد من ان تكون المقدمة في مورد القاعدة دخيلة في فعلية الخطاب كما عرفت الخ والجواب عنه ـ وفيه ما لا يخفي فان مفاد هذه القاعدة ليس حكما تعبديا ليؤخذ باطلاق دليله او تقييده بل هو حكم عقلي وهو من القضايا التي قياساتها معها في نظر العقلاء فكل مورد كان المكلف متمكنا من امتثال التكليف المتوجه إليه وعمل عملا او اهمل عملا امتنع عليه بسبب ذلك العمل او الاهمال امتثال ذلك التكليف كان ذلك المورد من موارد القاعدة المذكورة ـ اي توضيحه في المجمع ج ٢ ص ٦٥ هو الفرق بين المصلحة والمفسدة فان المصلحة امرها الفعلي يتوقف على ايجاد ما لا يتم إلّا به وتركها يكون بتركه بخلاف المفسدة فان عدم شيء دخيل في عدم تحققها فهنا يكون ترك الدخول مقدمة لترك التصرف في مال الغير بالخروج فبتركه يصير النهي عن الخروج فعليا من باب عدم الموضوع وترك هذا الترك هو فعله وهو الدخول يوجب سقوط النهي عن الفعلية كما ان ترك المسير إلى الحج يكون سببا لسقوط الامر به في الموسم فعليا فالنواهي بعكس الاوامر الخ الرابع ان الخروج فيما نحن فيه واجب في الجملة ولو كان ذلك بحكم العقل فيكشف ذلك عن كونه مقدورا وقابلا لتعلق

.................................................................................................

______________________________________________________

التكليف به وكل ما كان كذلك لا يدخل تحت تلك القاعدة قطعا اذ موردها هو ما اذا كان الفعل غير قابل لتعلق الخطاب به لامتناعه فاذا كان قابلا لتعلق الخطاب به ولو عقلا لم يكن هناك ما يوجب سقوط خطابه المتعلق به شرعا فتعلق الخطاب الوجوبي به وكونه داخل تحت تلك القاعدة متنافيان فالالتزام بوجوبه ولو عقلا يستلزم خروجه عن موضوع تلك القاعدة ودخوله تحت قاعدة أخرى فتبين من هذه الادلة بطلان دخول المقام تحت قاعدة ان الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار. والجواب عنه ـ وفيه ان تنجز النهي عن المكث في المكان يجعله كالمعدوم شرعا ولا ريب في ان المكث والخروج ضدان لا ثالث لهما فلا يرتفعان ولا يجتمعان فاذا تحقق عدم المكث فلا محالة يتحقق الخروج ويكون ممتنع العدم وكذا ما هو بمنزلته اعنى به كون المكث محكوما بعدمه شرعا فانه يستلزم كون الخروج محكوما بوجوده فيكون عدمه ممتنعا ويصح ح تطبيق القاعدة المذكورة عليه. ـ اي توضيح ذلك ذكر في المجمع ج ٢ ص ٦٦ انه فرق بين ارشاد العقل إلى حكم ابتداء والقول بان القدرة شرط لهذا الخطاب او يكون حكمه من باب اللابدية فان الخروج عن الدار وان كان لا بد منه لحكم العقل ولكن يكون من باب اقل المحاذير واقتضاء الضرورة لذلك وهو الحكم الاضطراري الخ ـ فاتضح مما تقدم ان كل واحد من الامور الاربعة المزبورة لا يصح الاستناد اليه في منع كون الخروج من موارد القاعدة المذكورة إلّا انه قد عرفت ان الخروج لكونه غير مقدور شرعا للمزاحمة بينه وبين المكث لم يتعلق به النهي حين تشريع النهي عن الغصب فلا يكون مورد القاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار لان امتناع عدمه لم يكن باختيار المكلف بل بنهي الشارع عن المكث قبل الدخول وبما ذكرنا من ان الخروج كما لا يكون واجبا نفسيا لا يكون واجبا غيريا تعرف انه لا وجه لقياس الخروج في كونه واجبا غيريا على شرب

.................................................................................................

______________________________________________________

الخمر لتداوي فيما اذا امرض المكلف نفسه باختياره مرضا يتوقف زواله على شرب الخمر ـ اي كما في الكفاية ج ١ ص ٢٦٥ واما التصرف بالخروج الذي يترتب عليه رفع الظلم ويتوقف عليه التخلص عن التصرف الحرام فهو ليس بحرام في حال من الحالات بل حاله مثل حال شرب الخمر المتوفق عليه النجاة من الهلاك في الاتصاف بالوجوب في جميع الاوقات الخ الجواب ـ وذلك لان شرب الخمر في الفرض المذكور يتوقف عليه حفظ النفس المحترمة وانقاذها من الهلكة وهو واجب نفسي فلا محالة يكون شرب الخمر واجد الملاك الوجوب الغيري بخلاف الخروج فانه ليس مقدمة لواجب اصلا كما اوضحنا ذلك فيما سبق ـ اي ارجع إلى المجمع ج ٢ ص ٦٦ وقال فتحصل من جميع ما تقدم ان القاعدة تنطبق في المقام وفي الدورة السابقة وان قلنا بان الخروج يكون منهيا عنه ولكن في هذه الدورة نقول بان النهي عقلي ويترتب عليه العقاب من باب اقل المحاذير لا من باب النهي السابق على الدخول كما زعمه المحقق الخراساني ولا على نهج غيره. ومما ذكرنا كله ظهر فساد ما افاده المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ٣٨١ في رد الكفاية قال ومن ذلك يظهر فساد ما ذهب اليه المحقق صاحب الكفاية من ان لزوم الخروج في المقام انما هو بحكم العقل ارشاد إلى اخف القبيحين واقل المحذورين وجه الظهور هو ان حكم العقل بذلك انما يكون فيما اذا كان كل من الفعلين قبيحا ومعصية وكان احدهما اقبح من الاخرى واضطر المكلف إلى ارتكاب احدهما في الخارج فيحكم العقل في مثل ذلك باختيار اقلهما قبحا واما في المقام فحكم العقل بلزوم الخروج فيه انما هو بملاك لزومه على من توسط الارض المغصوبة بغير اختياره لان الملاك في الجميع واحد اعنى به ملاك وجوب رد مال الغير إلى مالكه فلا يقع الخروج ح قبيحا ومعصية ليكون حكم العقل بلزومه من باب حكمه الارشادي بلزوم

.................................................................................................

______________________________________________________

اختيار اقل القبيحين. ولذا اجاب عنه استادنا الخوئي في هامش الاجود بأجوبة منها ج ١ ص ٣٧٩ بان تلك الحركات وان كانت مقدمة للكون في خارج المكان المغصوب إلّا ان الكون في خارج المكان المغصوب غير متصف بالوجوب شرعا لتجب مقدمته على القول بثبوت الملازمة لان عنوان التخلية عبارة عن ايجاد خلاء المكان المغصوب من التصرف فيه وهذا العنوان عنوان ملازم للكون في خارج ذلك المكان لا انه منطبق عليه كما هو ظاهر فتحصل انه لا وجه للقول بوجوب تلك الحركات التي هي مقدمة للكون في الخارج بالوجوب النفسي او الغيري فهي باقية على ما كانت عليه من المبغوضية فيعاقب عليها فيما اذا كان الاضطرار اليها بسوء الاختيار وان سقطت حرمتها بالاضطرار ومنها ص ٣٧٨ لا يخفى ان كون الخروج واجبا بحكم العقل وان كان لا بد فيه من كونه مقدورا تكوينا إلّا انه مع ذلك غير قابل لتعلق التكليف التحريمي به بعد تحقق الدخول ضرورة ان تحريمه الفعلي مساوق للعجز عنه تشريعا ومن الواضح انه لا يجتمع مع كون التصرف بغير الخروج حراما بالفعل كما هو المفروض لاستلزامه التكليف بما لا يطاق وهو غير معقول نعم لو كان الخروج في نفسه محكوما عليه بالوجوب لما سقط حكمه بالدخول إلّا ان المفروض ان حكمه في نفسه ومع قطع النظر عن الاضطرار اليه هي الحرمة فلا مناص ح من الالتزام بسقوط حكمه وان صح العقاب على ارتكابه لان الاضطرار اليه بسوء الاختيار على الفرض. ولكن الحق كما عرفت لا عقاب له أيضا.

بحال وتوهم (١) ان ما هو تحت اختياره من الاول هو ترك الغصب بترك (٢) الدخول واما تركه بترك الخروج فمن الاول خارج عن اختياره (٣)

______________________________________________________

(١) إشارة إلى ما أفاده الشيخ الاعظم الانصاري من عدم النهي للخروج من الاول قال في التقريرات ص ١٥٥ واما ما ذكره من جريان حكم النهي السابق على الخروج فيكون معصية بواسطة النهي فهو كلام مختل النظام أما أولا فلان التصرف في مال الغير ليس من العناوين التى لا يتبدل حكمها بلحوق العناوين اللاحقة للافعال ضرورة اتصافه بالوجوب عند لحوق عنوان حفظ النفس مثلا بالتصرف المذكور فيمكن ان يلحق بالتصرف عنوان يكون ذلك العنوان مناطا لاختلاف حكم التصرف المذكور مثل كونه تخلصا عن الغصب على وجه الانحصار ولا شك ان موضوع التخلص عن الغصب مما لا يختلف حكمه بعد الدخول وقبله وقال في ص ١٥٦ واما ما افاد في التوضيح من ان جميع انحاء الغصب مطلوب الترك ـ اي الدخول والبقاء والخروج ـ ففيه انه ان اريد من انحاء الغصب جميع الحركات الواقعة في العين المغصوبة مع قطع النظر عن الوجوه اللاحقة لها التي تصير وجها في اختلاف احكامها فمجال المنع فيما ذكره واسع. ونقل صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٦٥ عنه قال ومنه ظهر المنع عن كون جميع انحاء التصرف في ارض الغير مثلا حراما قبل الدخول وانه يتمكن من ترك الجميع حتى الخروج وذلك لانه لو لم يدخل لما كان متمكنا من الخروج وتركه وترك الخروج بترك الدخول رأسا ليس في الحقيقة إلا ترك الدخول.

(٢) اي ما يكون اختياريا قبل دخوله في المغصوب هو ترك الغصب بترك الدخول فيكون متعلق النهي بلا تغصب لا تدخل الدار المغصوبة.

(٣) اما ترك الغصب بترك الخروج لم يكن تحت اختياره من الاول حتى يتعلق به النهي بان لا تغصب واترك الخروج فلا يقال يجب عليك ترك الغصب بترك الخروج من الدار المغصوبة.

فلا يكون (١) نقيض هذه الترك (٢) مبعدا وإنما (٣) المبعد هو نقيض (٤) الترك بترك الدخول والمفروض انه بالعصيان بالدخول سقط النهي (٥) السابق فلا يكون (٦) في طرف الخروج نهي مبعد فلا مانع ح من حفظ الاجزاء الغير المانعة عن الخروج (٧) نعم المانع عنه لا بد وان يلقي (٨) لان مثله أيضا تحت النهي من الاول المقدور امتثاله فيكون مبعدا ومنهيا (٩)

______________________________________________________

(١) بمعنى ان يكون نقيض ترك الخروج وهو نفس الخروج مبغوضا ومبعدا حتى لا يكون الصلاة الكامل صحيحا لمبغوضية الخروج من الاول فاللازم ان الخروج لم يكون مبغوضا في آن من الآنات.

(٢) اي ترك الخروج.

(٣) بل المبغوض هو نقيض ترك الدخول بانه لا تدخل في الغصب والدخول مبغوض.

(٤) اي ترك الغصب.

(٥) وقد عصى المكلف بالدخول وسقط النهي المتعلق عليه بان لا تدخل

(٦) وعلى هذا لا يكون للخروج نهي مبغوض مبعد اصلا حتى من الاول حتى يمنع عن الصلاة الكاملة.

(٧) فالمقتضي وهو اطلاقات الصلاة الكاملة المختار موجودة والمانع مفقود للاضطرار إلى الخروج والغصب فياتي بالصلاة في حال الخروج باجزائها التي لا يمنع من الخروج كالركوع ماشيا دون السجود فانها ايماء وكذا لا ياتي بالجلوس لانهما زائدان على مقدار الخروج.

(٨) اي نضع المانع ونسقطه ولا يأتي بها كالسجدة والجلوس.

(٩) والقدرة عليه باعتباران هذه الاجزاء زائده على التخلص المامور به والمكث في الغصب فيكون قادرا عليه فيحرم.

فعلا مدفوع (١) بان ما افيد من التفكيك بين انحاء التروك في المبعّدية

______________________________________________________

(١) وأجاب عنه في الكفاية ج ١ ص ٢٦٦ ضرورة تمكنه منه قبل اقتحامه فيه بسوء اختياره وبالجملة كان قبل ذلك متمكنا من التصرف خروجا كما يتمكن منه دخولا غاية الامر يتمكن منه بلا واسطة ومنه بالواسطة ومجرد عدم التمكن منه الا بواسطة لا يخرجه عن كونه مقدورا كما هو الحال في البقاء فكما يكون تركه مطلوبا في جميع الاوقات فكذلك الخروج مع انه مثله في الفرعية على الدخول فكما لا تكون الفرعية مانعة عن مطلوبيته قبله وبعده كذلك لم تكن مانعة عن مطلوبيته وان كان العقل يحكم بلزومه ارشادا إلى اختيار أقل المحذورين. وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٩ ولكن مع ذلك لا تخلو المسألة عن اشكال ينشا من كفاية مطلق المقدورية ولو بالواسطة في توجيه التكليف بشيء إلى المكلف فيقال ح بانه بعد ان كان له القدرة على ترك البقاء في الغصب ولو بتركه للدخول فيه كان هذا المقدار كافيا في توجه النهي عن الكون البقائي اليه وتنجزه عليه. قال استادنا الآملي في المنتهى ج ١ ص ١٦١ اذا عرفت حال الخروج من حيث كونه منهيا عنه او غير منهي عنه فلنرجع إلى بيان حال الصلاة حال التلبس بالخروج فنقول ان الصلاة حال التلبس بالخروج بناء على كونه مامور به او غير منهي عنه كما هو المختار لا مانع من صحتها اذا اداها بكيفية صلاة المختار ولم يمكث في اثناء الخروج واما بناء على كون الخروج منهيا عنه قبل الدخول سواء كان مامورا به بعده كما هو مذهب بعضهم ام غير مأمور به فقد يقال بصحة الصلاة على القول بالجواز وسقوط الامر بها على القول بالامتناع اما الاول فلان الصلاة في حال الخروج واجدة لملاك الامر وعموم الصلاة لا تسقط بحال يكشف عن ارتفاع القبح الفاعلي عن الصلاة في حال الخروج واما الثاني فلان الصلاة غير واجدة لملاك

.................................................................................................

______________________________________________________

الامر لكونه مغلوبا بملاك النهي مع عدم التمكن من الصلاة في الوقت بغير حال الخروج كما هو الفرض فلا محالة يسقط الامر بالصلاة ولا يخفى ما فيهما وذلك لانه على القول بالجواز مع ابتلاء المكلف بالقبح الفاعلي المانع من صحة الصلاة المقترنة به لا يكشف عموم الصلاة لا تسقط بحال عن انتفاء القبح الفاعلي عن الصلاة بكيفية المختار من الركوع والسجود حال الخروج لان العموم المزبور لا يدل إلّا على كون المكلف مامورا بالصلاة التي يقدر عليها عقلا وشرعا والصلاة المقترنة بالقبح الفاعلي المانع من صحتها لا يشملها هذا العموم مع التمكن من فرد آخر من الصلاة غير المقترن بالقبح الفاعلي ليدل شموله للفرد المقترن به على انتفائه لان الفرد غير المقترن بالقبح الفاعلي صلاة مقدور عليها عقلا وشرعا والفرد المقترن به وان كان صلاة إلّا انه غير مقدور عليه للنهي عنه شرعا ونعني بالفرد غير المقترن بالقبح الفاعلي هي الصلاة بغير ركوع ولا سجود التي يقتصر فيها على النية والقراءة والايماء بالراس للركوع والسجود بناء على انّه لا يعد تصرفا عرفا وإلّا فبالايماء بالاجفان وعلى القول بالامتناع لا وجه لسقوط التكليف بالصلاة المستفاد من عموم الصلاة لا تسقط بحال مع التمكن من الصلاة بالطور المزبور إذ هي لا تستلزم التصرف الممنوع منه شرعا ليلزم الاجتماع فتبطل على الامتناع هذا إلّا ان الأصحاب لا يفتون بلزوم الصلاة بطورها للمختار في حال الخروج بلا مكث لشيء من افعال الصلاة ويمكن ان تكون فتواهم بذلك استنادا إلى ان الخروج لم يكن منهيا عنه قبل الدخول فتكون مؤيدة لما اخترناه كما يمكن انهم لا يرون السجود والركوع بلا مكث لهما تصرفا منهيا عنه ولكن شيخنا الاستاد قد رجع عما اختاره اولا من كون الخروج غير منهي عنه وذهب إلى انه منهي عنه قبل الدخول لكونه مقدورا على تركه بترك الدخول. قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٨ قد يقال بالثاني ـ اي الصلاة بالاشارة نظر إلى دعوى كونه

.................................................................................................

______________________________________________________

مقتضي الجمع بين ما دل على ان الصلاة لا تترك بحال وبين ما دل على حرمة التصرف في مال الغير ح هو خروج الاكوان عن الجزئية ومقتضاه هو انتهاء صلاته إلى اشارات قلبية كما في صلاة الغرقى بناء على كون قراءته أيضا تصرفا في الغصب ولكن نقول بانه حسن جدا لو لا قيام الشهرة على خلافه حيث ان ظاهر الأصحاب هو كون تكليفه ح هي الصلاة التامة للمختار المشتملة على القيام والركوع والسجود والقراءة خصوصا في فرض كون الغصب مجموع الفضاء والارض ولعل ذلك منهم من جهة دعوى خروج هذا الكون البقائي ح من الاول عن تحت النهي بتقريب ان ما يجب عليه اختياره الموجب لتنجز نهيه من الاول انما هو ترك الغصب ترك الدخول فيه لانه هو الذي كان مقدورا له واما تركه من غير جهة ترك الدخول كالطيران إلى السماء في ظرف الدخول فحيث انه كان مضطرا اليه من الازل في علم الباري فلا يكون منهيا عنه من جهة ان النهي انما يتعلق بما هو تحت قدرة المكلف واختياره لا بما هو خارج عن تحت قدرته واختياره ـ إلى ان قال ـ وح فاذا دخل الغصب بسوء اختياره فقد سقط نهيه المنجز عليه بالعصيان وبدخوله فيه صار مستحقا للعقاب واما بعد دخوله لا يكون له تكليف بترك الغصب من الازل لاضطراره اليه فاذا لم يكن مكلفا بترك الغصب ح من غير جهة ترك الدخول فلا يكون صدوره عنه مبعدا أيضا ومع عدم كونه مبعدا فله الاتيان بالصلاة التامة المشتملة على القيام والركوع والسجود كما في الاضطرار لا عن سوء اختيار ولكن مع ذلك لا تخلو المسألة عن اشكال ـ إلى ان قال ـ فيكون البقاء فيه ح كالدخول منهيا عنه من الازل قبل الدخول فيه وعليه فبالدخول وان سقط نهيه المنجز عليه إلّا انه حيثما كان بالعصيان يبقي تبعته فيوجب كون ما يصدر عنه من الاكوان عن الجزئية للصلاة فينتهي امر صلاته ح إلى اشارات قلبية في فرض غصبية مجموع الفضاء والارض دون الصلاة التامة المختار وح فان تمت السيرة والاجماع

.................................................................................................

______________________________________________________

المدعي في المقام على كون تكليفه صلاة للمختار التامة فهو وإلّا فلا بد بمقتضى القواعد كما عرفت من المصير إلى كون وظيفته نظير صلاة الغرقى باشارات قلبية في ركوعه وسجوده نعم لو تاب ح امكن دعوى وجوب صلاة المختار التامة نظر إلى ان التوبة كانت مزيلة لاثر العصيان السابق وتجعله كان لم يكن فكان كمن اضطر إلى الغصب لا عن سوء الاختيار ولكن الاستاد دام ظله استشكل في ذلك أيضا مدعيا لان التوبة انما تجدي في رفع اثر العصيان اذا لم يكن المكلف في حال التوبة مشغولا بالعصيان وفي المقام لما كان مشغولا بارتكاب الغصب حال التوبة فلا تجديه في الخروج عما تقتضيه القواعد. وقال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٦١ تاييد الكلام استاده العراقي قال اللهم إلّا ان يقال ان الموجب لتقديم النهي على الامر في المقام هو العلم باهتمام الشارع المقدس بحق الانسان المحترم اكثر من اهتمامه بحق نفسه فحيث يدور الامر بين تفويت حق الانسان المحترم وتفويت حق الله تعالى يبقي التكليف الموجب للاحتفاظ بحق الانسان المحترم على فعليته وتنجزه ويسقط التكليف المتعلق بحق الله تعالى ، واما حيث لا يدور الامر بين الحقين بل كان التكليف في المقام مستلزما لتفويت حق الانسان المحترم سواء احتفظ المكلف بحق الله تعالى أم تساهل به فلا موجب لسقوط التكليف المتعلق بحق الله تعالى كما هو الشأن في المقام فان الخروج بعد الدخول لا بد منه في نظر الشرع والعقل لتنجز النهي عن المكث فيكون حق الانسان المحترم في الخروج لازم التفويت على كل حال ولا يكون ترك الصلاة بطورها للمختار موجبا لحفظ حقه كما لا يكون الاتيان بها كذلك موجبا وعليه تكون الصلاة بالطور المزبور مامورا بها في حال الخروج سواء فلنا بجواز الاجتماع ام قلنا بامتناعه.

من جهة النهي في غاية المتانة (١) ولكن نقول ان سقوط النهي الأولي بسوء الاختيار لا يقتضي سقوط المبعّدية عما هو نقيض هذا الترك (٢) كما هو الشأن فيمن القي نفسه عن شاهق فاذا بقي النقيض (٣) المزبور على المبعّدية يكفي هذا المقدار لخروجه عن جزئية الصلاة كما لا يخفي ولازمه هو الذي ذكرنا (٤) ولقد اجاد في الجواهر أيضا حيث احتمل في المقام انتهاء الامر إلى (٥) ما ذكرنا من صيرورة تكليفه بالصلاة كتكليف الفرقاء بها من خروج الاكوان الملازمة للغصب المبعد عن حقيقة الصلاة فراجع

______________________________________________________

(١) فالفرق بين الدخول يكون منهيا عنه ويامر بتركه دون الخروج لعدم القدرة عليه صحيح.

(٢) لكن فلنفرض بالدخول سقط النهي عن الدخول وعن البقاء والخروج للاضطرار لكن لا يقتضي سقوط مبعديّة البقاء والخروج لان ترك الدخول بالبقاء والخروج ونقيضه هو البقاء والخروج فيبقيان على مبغوضيتهما كما لو القى نفسه من الشاهق فمن الاول يامر بترك الالقاء ولو القي يبقي استمرار الالقاء على مبغوضيته ولو لا يؤمر بتركه لعدم قدرته.

(٣) اي فرضنا ان نقيض ترك البقاء والخروج مبغوضا ومبعدا وهو البقاء والخروج فلا محالة يكون فعل الصلاة مقترنا للمبغوضية فلا بد وان يصلي ايماء.

(٤) من الصلاة ايماء كصلاة الغرقى.

(٥) مر أن تكليفه تكليف الغرقى الآتي بصلاته ايماء.

الجواهر (١) ولكن الظاهر عدم بناء الأصحاب في فرض التقصير وضيق الوقت على ذلك بل ظاهرهم التزامهم باتيان الصلاة حال المشي محافظا لاجزائها بمقدار لا يستلزم الغصب الزائد بحيث لو تمكن عن الركوع أيضا ماشيا يركع ويومئ في سجوده ولا يقعد في تشهده وسلامه (٢) كما ان بنائهم (٣) أيضا في فرض القصور في غصبه عدم خروجه وبقائه في سعة الوقت (٤) فضلا عن ضيقه (٥)

______________________________________________________

(١) قال في الجواهر ج ٨ ص ٢٩٤ و ٢٩٥ ضرورة كونه على هذا الفرض كالدخول تصرفا فيه ـ فلا قبح ح في تكليفه بالخروج مع تحريمه عليه ـ فقد عرفت ان مقتضى ما ذكرنا صحة تلك الهيئة من الصلاة وان لم يتشاغل بل مقتضاه صحة الصلاة جالسا مثلا لو فرض مساواته القيام في المبادرة للخروج من المغصوب ـ إلى ان قال ـ لا مانع من التزام ذلك كله ان لم ينعقد اجماع على خلافه.

(٢) لكن يقول المحقق الماتن ان بناء الأصحاب في ضيق الوقت ليس على ذلك ماشيا بمقدار لا يزيد في الغصب ويومي للسجود ولا يقعد في تشهده وسلامه هذا في فرض التقصير وانه بسوء الاختيار قد دخل في الغصب وفي ضيق الوقت.

(٣) اما اذا كان قاصرا في غصبه ولم يكن بسوء الاختيار فبنائهم على عدم صحة صلاة الكامل حتى في الزمان الملجأ وهو الذي بمقدار الخروج من الغصب وقد عرفت منا انه بمقتضى القواعد يجوز.

(٤) اي كان الوقت واسعا يمكن أن يصلي خارج الغصب وكان بمقدار يساوي من الصلاة مع زمن الخروج فبنائهم على انه ليس له ان يصلي كاملا في الغصب ولا تصح.

(٥) اي في ضيق الوقت وكان زمن الصلاة اكثر مقدارا من زمن الخروج فلا تصح عندهم مزج الركعات الكاملة بالناقصة في الزيادة على مقدار زمن الخروج فبنائهم على عدم ذلك وليس منشؤه الا الاجماع فانه لا ينطبق على القواعد العامة.

بضميمة التفكيك بين الركعات مثلا من حيث الكمال والنقص كما اشرنا إليه واثبات هذه الدعاوي منهم بمقتضى القواعد في نهاية الاشكال فلا وجه للمصير إلى ما ذهبوا اليه من التفصيل (١) بين السعة والضيق بترك الصلاة في المغصوب رأسا واتيانها في خارجها في الاول واتيان الصلاة ناقصا حال المشي الخروجي محافظا لاجزائه الغير الموجب للغصب الزائد في الثاني من دون فرق منهم بين تقصيره في الغصب وقصوره الا (٢) دعوى الاجماع وإلّا فللنظر فيما اختاروه في هذه الفروض كمال مجال (٣) والله العالم بحقيقة الحال مقالة (٤) في أن النهي بشيء هل يقتضي فساده

______________________________________________________

(١) فان المشهور ذهبوا إلى ان في السعة بترك الصلاة إلى خارج الغصب ولا تصح صلاته بدونه وفي الضيق يصلي حال الخروج وياتي بما يمكن من الاجزاء بما لا يوجب الغصب الزائد وتصح صلاته ح ولا فرق في الصورتين بين ان يكون الغصب بسوء الاختيار وعدمه.

(٢) والعمدة الدليل لهذا التفصيل هو الاجماع لا غير.

(٣) وإلّا فمحل مناقشة كما عرفت وقال في الفصول ص ١٤١ ثم لا يذهب عليك ان فرض المسألة في توسط الارض المغصوبة من باب المثال وإلّا فالكلام يجري في نظائره مما لا حصر له كنزع الثوب المغصوب واخراج الآلة من فرج الزانية ورد المال المغصوب إلى مالكه وغير ذلك. إلى هنا نكتفي عن بحث اجتماع الامر والنهي.

(٤) نموذج ٣ في اقتضاء النهي عن الشيء للفساد وعدمه خلاف بين الأعلام وينبغي تقديم أمور.

أم لا ، والظاهر (١) أن الغرض من الفساد عدم ترتب الأثر المقصود منه من سقوط القضاء والإعادة عند الفقيه (٢) في غير المعاملات وعدم ترتب النتيجة المقصودة بانشائه في المعاملات (٣) كما (٤) أن

______________________________________________________

(١) الأمر الأول في بيان المراد من الفساد في العنوان وتوضيحه قد تقدم وأشار إليه في الكفاية وغيرها واستادنا الآملي في المنتهى ص ١٦٥ ثم ان المراد بالصحة والفساد في محل النزاع هو كون الشيء وافيا بالأمر المطلوب حصوله به ويقابله الفساد وهو كون الشيء غير واف بالأمر المطلوب حصوله به ولا ريب في أن الصحة في العبادات والمعاملات لها آثار تترتب عليها كما أن الفساد موجب لانتفاء جميع تلك الآثار وكل من يتعلق له غرض بالصحة فيهما يعرفها ويشير اليها بالأثر الذي يهمه من آثارها المختلفة ، كما أنه يعرف الفساد بعدم ترتب ذلك الأثر على الموجود الفاسد.

(٢) مثلا الفقيه يهمه من صحة العبادة اسقاط المأتي به منها للقضاء أو الاعادة فلهذا عرفها بأن الصحيح هو ما أسقط القضاء والاعادة.

(٣) وفي المعاملات بما أن الغرض المقصود ترتيب النتيجة عليها بانشائها فإن لم يترتب عليها شرعا كان فاسدا كالتمليك والتملك في البيع والزوجية في النكاح ونحوهما.

(٤) الأمر الثاني الفرق بين هذه المسألة وهي النهي المتعلق بالعمل والمسألة السابقة وهي اجتماع الأمر والنهي فيه عويصة جدا ، وذكروا في الفرق بينهما وجوها :

الوجه الأول : ذكر في الفصول ص ١٤١ ، اعلم أن الفرق بين المقام والمقام المتقدم هو أن الأمر والنهي هل يجتمعان في شيء واحد أو لا ، أما في المعاملات فظاهر ـ أي لعل الوجه فيه أنه لا مجال لاحتمال الفساد في المعاملة مطلقا لو كانت من صغريات مسألة الاجتماع بخلاف العبادة فانها قد تكون فاسدة فيحتاج إلى ابداء الفرق بين المسألتين ـ وأما في العبادات فهو أن النزاع هناك

.................................................................................................

______________________________________________________

فيما إذا تعلق الأمر والنهي بطبيعتين متغايرتين بحسب الحقيقة وان كان بينهما عموم مطلق ـ أي كالانسان والضاحك ـ وهنا فيما إذا اتحدتا حقيقة وتغايرتا بمجرد الاطلاق والتقييد بان تعلق الأمر بالمطلق والنهي بالمقيد ، كصل ولا تصل في الدار المغصوبة ، وأجاب عنه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤١١ ولكنه فاسد لما عرفت من اختلاف المباني والمشارب في الجواز إذ نقول ح بعدم تماميته على جميع المشارب المزبورة حتى مشرب مكثرية الحدود إذ عليه يجري هذا النزاع ولو مع اتحاد المتعلقين حقيقة كقوله صل ولا تصل في مكان كذا ، حيث تكون الصلاة ح ببعض حدودها تحت الامر وببعض حدودها الاخرى تحت النهي ، ومن ذلك قلنا بعدم احتياج مثل هذا المسلك إلى اختلاف العنوانين بحسب الجهة والمنشأ كما في مسلك تعدد الجهة وأنه يكتفى فيه بمجرد اختلاف انحاء حدود شيء واحد وجهة فاردة ، وهو الصحيح أيضا.

الوجه الثاني : ذكر في الكفاية ج ١ ص ٢٣٤ الفرق بين هذه المسألة ـ أي اجتماع الامر والنهي ـ ومسألة النهي في العبادات هو أن الجهة المبحوث عنها فيها التي بها تمتاز المسائل هي أن تعدد الوجه ـ أي الصلاة ـ والعنوان ـ أي الغصب ـ في الواحد يوجب تعدد متعلق الأمر والنهي بحيث يرتفع به غائلة استحالة الاجتماع في الواحد بوجه واحد أو لا يوجبه ـ أي التعدد ـ بل يكون حاله حاله فالنزاع في سراية كل من الأمر والنهي إلى متعلق الآخر لاتحاد متعلقيهما وجودا أو عدم سرايته لتعددهما وجها ـ أي يكون النزاع في اصل ثبوت الأمر والنهي في حال الاجتماع ـ وهذا بخلاف الجهة المبحوث عنها في المسألة الأخرى فان البحث فيها في أن النهي في العبادة أو المعاملة يوجب فسادها بعد الفراغ عن التوجه اليها ، نعم لو قيل بالامتناع مع ترجيح جانب النهي في مسألة الاجتماع يكون مثل الصلاة في الدار المغصوبة من صغريات تلك المسألة ، والجواب عنه أولا ما ذكره المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٢٦٢ لا يخفى عليك أن الجهة التي يناط بها وحدة الموضوع وتعدده هي

.................................................................................................

______________________________________________________

الجهة التقييدية المقوّمة للموضوع ، وأما الجهة التعليلية فهي واسطة لثبوت المحمول لموضوعه فلا معنى لأن تكون مقومة لموضوعه ومن الواضح أن تعدد القضية بتعددها موضوعا ومحمولا أو موضوعا فقط أو محمولا فقط وهو من القضايا التي قياساتها معها وليست مسائل العلم إلّا القضايا المشتركة في غرض واحد ـ إلى أن قال ـ ومما ذكرنا تبين أن اقتضاء تعدد الوجه والعنوان لتعدد متعلق الأمر والنهي وعدمه وإن كان هو الباعث على عقد مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي لكنه لا يتقيد به موضوع المسألة بل موضوع المسألة اجتماع الأمر والنهي ومحمولها الجواز والامتناع وإن كان مناط الجواز تعدد المتعلق بتعدد الوجه والعنوان ، ومناط الامتناع عدم التعدد بتعدد الوجه والعنوان ولا واقع لموضوعية موضوع لمحمول إلّا كونه بعنوانه مأخوذا في مقام تحرير المسألة وتقريرها موضوعا للمحمول المثبت له والمنفي عنه ، وتحرير المسألة قديما وحديثا على النهج المحرر في العنوان في الكتاب وغيره.

وفيه أن مجرد التحرير لا يوجب الفرق بينهما والعمدة في الفرق هي السراية وعدمها وفي النهي عن الشيء لا أمر حتى يوجب السراية كما هو واضح.

وثانيا أجاب عنه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤١١ قال ولكن فيه ما لا يخفى إذ نقول بأنه لا وجه لجعل المسألة على الامتناع وتقديم جانب النهي من صغريات تلك المسألة الآتية لضرورة وضوح الفرق مع ذلك بين المسألتين حيث ان الفساد في المقام على الامتناع وتقديم النهي انما كان مستندا إلى العلم بالنهي لا إلى النهي بوجوده الواقعي بل في الحقيقة يكون الفساد في المقام ح من جهة انتفاء قصد القربة من جهة انه مع العلم بالنهي لا يكاد يتحقق القرب المعتبر في صحة العبادة بخلافه في المسألة الآتية حيث إن الفساد فيها إنما كان مستندا إلى نفس النهي بوجوده الواقعي ومن ذلك لا يكاد يفرق فيها بين العلم بالنهي أو الجهل به فتفسد العبادة على كل حال ومن المعلوم أنه لا يكون

.................................................................................................

______________________________________________________

الوجه فيه إلّا من جهة انتفاء الملاك والمصلحة فيها وكشف النهي عنها عن تخصيص الملاك والمصلحة من الأول بما عدا الفرد المنهي عنه من الأفراد الآخر. وعليه لا يمكن ان تكون نتيجة المسألة الأولى وإن قلنا بامتناع الاجتماع وتقديم جانب النهي من صغريات المسألة الثانية.

الوجه الثالث : ما ذكره المحقق النائيني في الأجود ج ٢ ص ٣٨٥ قال الفرق بين هذه المسألة ومسألة اجتماع الأمر والنهي هو أن محط البحث في المسألة السابقة كما عرفت انما هو أن متعلق الأمر والنهي في مورد الاجتماع هل هو هوية واحدة والتركيب بينهما اتحادي ليكون الدليلان الدالان على الوجوب والحرمة متعارضين أو انهما هويتان وان أحدهما غير الآخر وجودا ليكون التركيب انضماميا ولا يقع التعارض بين دليلي حكميهما وبعبارة أخرى النزاع في تلك المسألة انما هو في أن العبادة المجتمعة نحو اجتماع مع المنهي عنه هل يسري اليها النهي المتعلق بما هو مجتمع معها بدعوى أن التركيب بينهما اتحادي أو انه لا يسري اليها لكون التركيب بينهما انضماميا وكون متعلق النهي مغايرا لمتعلق الأمر في الخارج ، وأما النزاع في المقام فهو في أن النهي بعد الفراغ عن تعلقه بعبادة أو معاملة هل يدل على فسادها أو انه لا يستلزم فساد ما تعلق به منهما ، فالفرق بين المسألتين في غاية الوضوح. وما ذكره من السراية وعدمها نظير الوجه الثاني المتقدم وتقدم الكلام فيه وتقدم الإشكال في التركيب الانضمامي والاتحادي في مسألة الاجتماع أيضا.

الوجه الرابع : ما أفاده المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤١٢ ومن ذلك ـ أي الفرق بين المسألتين حيث ان الفساد في باب الاجتماع على الامتناع وتقديم جانب النهي مستندا إلى العلم بالنهي من جهة انتفاء قصد القربة لا إلى النهي بوجوده الواقعي بخلافه في مسألة النهي عن الفعل حيث أن الفساد مستند إلى نفس النهي بوجوده الواقعي بلا فرق بين العلم بالنهي أو الجهل به ـ يندرج تلك المسألة في مسألة تعارض الدليلين وتكاذبهما من جهة تكاذب الدليلين ح

.................................................................................................

______________________________________________________

وتمانعهما في أصل الملاك والمصلحة أيضا مضافا عن تمانعهما في مقام الحكم فلا بد من اعمال قواعد التعارض فيهما بالرجوع إلى المرجحات السندية وهذا بخلاف المقام ـ أي مسألة الاجتماع ـ حيث انه باعتبار وجود الملاكين فيهما يندرج في صغريات مسألة التزاحم ولو على الامتناع أيضا نظرا إلى تحقق المزاحمة ح بين الملاكين في عالم التأثير في الرجحان والمرجوحية كما يكشف عنه حكمهم بصحة العبادة في الغصب مع الغفلة أو الجهل بالموضوع أو الحكم عن قصور لا عن تقصير ولو مع البناء على تقديم جانب النهي حيث انه لو لا ذلك لما كان وجه لحكمهم بالصحة مع الجهل بالموضوع أو الحكم بل لا بد من الحكم بالبطلان وفساد العبادة ، لكن المحقق النائيني ذهب انه على الامتناع كما تقدم من باب التعارض لا التزاحم ، قال في الاجود ج ١ ص ٣٥٥.

وقد تحصل مما ذكرناه ان تصادق العنوانين على مورد واحد يوجب تحقق التعارض بين دليلي الامر والنهي في ما اذا كانت الجهتان تعليليتين كما اذا امر المولى باكرام المصلي ونهي عن اكرام الغاصب فلا بد ح من الرجوع الى قواعد التعارض واما اذا كانت الجهتان تقييديتين والتركيب انضماميا فان قلنا بتعلق الامر بالطبائع وخروج المشخصات عن حيز الطلب كما هو الصحيح فلا تعارض بين الدليلين اصلا واما اذا قلنا بتعلقه بالافراد وسراية الطلب الى المشخصات فلا بد من القول بالامتناع وبذلك تقع المعارضة بين دليلي الحكمين لا محاله ـ الى ان قال في ص ٣٥٧ قد ظهر من مطاوي ما ذكرناه انه لو بنينا على كون التركيب في مورد الاجتماع اتحاديا والجهة تعليلية فلا مناص عن القول بالامتناع فيدخل الدليلان بذلك في باب التعارض فان الصلاة والغصب مثلا لو فرض انطباقهما على هوية واحدة امتنع الامر بها والنهي عنها فعلا فيقع التعارض بين اطلاقي دليليهما لما عرفت من ان حقيقة التعارض انما هو تنافي الدليلين في مرحلة جعل الاحكام على موضوعاتها المقدر وجودها من دون دخل لعجز المكلف عن الامتثال في تحقق التنافي بينهما وان حقيقة التزاحم انما

.................................................................................................

______________________________________________________

هو تنافي الحكمين في مقام الامتثال الناشي من عجز المكلف عن امتثالهما معا ـ الى ان قال في ص ٣٦٠ فلان التزاحم في الملاكات باعتبار تاثيرها في حكم الحاكم وان كان مما لا ينكر إلّا انه اجنبي عن التزاحم في محل الكلام فان التزاحم في محل الكلام انما هو في ما اذا تم كل من الحكمين في نفسه وجعل على موضوعه المقدر وجوده ولكن وقع التزاحم في مقام الامتثال لفرض عدم قدرة المكلف على امتثال كليهما وصلوح كل منهما لان يكون شاغلا للمكلف بامتثاله عن امتثال غيره ورافعا لموضوعه اعني به القدرة على ايجاد متعلقه فاذا فرض كون احد الحكمين اهم من الآخر تعين ذلك في كونه معجزا عن امتثال الآخر دون العكس لكن تعجيزه عنه انما هو على تقدير وصوله الى المكلف ولزوم امتثاله بحكم العقل واما في ظرف الجهل به فبما انه لا يكون شاغلا للمكلف بامتثاله لا يكون معجزا له عن امتثال غيره فلا محاله يكون التكليف في طرف المهم بلا مزاحم وهذا بخلاف التزاحم في الملاكات باعتبار تاثيرها في حكم الحاكم فان المناط فيه هو علم الامر وجهله بها بلا دخل لعلم المكلف وجهله بها اصلا فاذا كان المولي جاهلا بمفسدة الغصب او جاهلا بامكان اجتماع الغصب مع الصلاة في مورد ما فلا محاله يامر بالصلاة مطلقا ولو كانت مفسدة الغصب في الواقع غالبة على مصلحة الصلاة فيتوقف التزاحم في مقام تاثير الملاك في الحكم على علم الامر بوجود المصلحة مطلقا وبوجود المفسدة كذلك وبجواز اجتماع العنوانين في بعض الموارد سواء كان المامور عالما بالملاك ام لم يكن عالما به وعليه فاذا كان احد الملاكين ارجح من الآخر في نظر الامر كان التاثير له لا محاله وكان الحكم في مورد الاجتماع على طبقه فيخرج المجمع بذلك عن خير الحكم الآخر رأسا اذا المفروض غلبة ارجح الملاكين على الآخر في مقام التاثير في نظر الامر فلا يوجب جهل المكلف بالملاك الغالب مع فرض كونه هو المؤثر في نظر الامر دخول المجمع تحت الحكم الآخر بعد خروجه عنه واقعا وبالجملة تعدية حكم التزاحم في مقام

.................................................................................................

______________________________________________________

الامتثال بعد تمامية الحكمين في حد ذاتهما الى التزاحم في مقام تاثير الملاكات فى الاحكام ناشئة من الغفلة عن الفرق بين التزاحمين. واجاب عنه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤١٣ اذ فيه ما لا يخفى اذ نقول بانه لا وجه لما افيد الا الجمود بظاهر لفظ تزاحم الحكمين وإلّا فلا نعني نحن من باب التزاحم الا صورة الجزم بوجود الملاكين والغرضين في المورد مع ضيق خناق المولي من تحصيلهما الذي من نتائجه لزوم تقديم اقوى الملاكين منهما وان كان اضعف سندا من الآخر ـ الى ان قال ـ كما انه لا نعني من باب التعارض إلا صورة عدم احراز الملاكين والغرضين في المورد بل صورة العلم بعدم وجود الغرض في احد الموردين الذي من نتائجه ايضا الرجوع الى قواعد التعارض من الترجيح بالمرجحات السندية ـ الى ان قال ـ وعلى ذلك فكل مورد احرز فيه وجود الغرضين كان ذلك داخلا في باب التزاحم ويجري عليه احكامه من غير فرق في ذلك بين ان يكون تزاحم الغرضين والملاكين في عالم تاثيرهما في الرجحان والمرجوحية كما في المقام على الامتناع او كان التزاحم بينهما في عالم الوجود ومقام التاثير في فعلية الحكمين ـ إلى ان قال ـ بعد ان احرز في المقام وجود الملاكين والغرضين على الاطلاق في المجمع ولو على القول بالامتناع بشهادة اعمالهم فيه نتائج باب التزاحم وحكمهم بصحة الصلاة مع الجهل بالغصبية او بحرمته فلا وجه لاخراج مورد التصادق على الامتناع عن باب التزاحم وادراجه في صغريات باب التعارض على خلاف مشي القوم في ذلك وهذا كان تكرار لما تقدم حرصا على البيان والتثبيت

الغرض (١) من الفساد في هذه المسألة (٢) هو الفساد الواقعي الناشئ عن قصور في مصلحته (٣) لا الفساد (٤) الناشئ عن قصوره عن التقرب به مع (٥) عدم قصوره في المصلحة المقتضية للأمر به واقعا وذلك لان (٦) ظاهر العنوان في اقتضاء النهي بوجوده الواقعي للفساد ومثل ذلك لا يشمل الصورة الثانية (٧) إذ المقتضي (٨) له هو النهي بوجوده العلمي وإلّا فهي بوجوده الواقعي

______________________________________________________

(١) قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٠ قد مر سابقا وجه الفرق بين هذه المسألة والمسألة السابقة ومحصل الفرق بينهما هو رجوع البحث في المقام حسب ما هو ظاهر العنوان إلى اقتضاء النهي بوجوده الواقعي للفساد.

(٢) ـ اي النهي عن الشيء من العبادات والمعاملات ـ

(٣) بملاحظة كشفه ولو بالملازمة العرفية عن عدم الملاك والمصلحة في متعلقه ومن ذلك يدور الفساد وعدمه على الاقتضاء مدار وجود النهي واقعا وعدمه كان المكلف عالما بالنهي ام جاهلا به.

(٤) وهذا بخلافه في تلك المسألة حيث ان الفساد فيها على الامتناع انما يدور مدار العلم بالنهي لا مدار النهي بوجوده الواقعي النفس الامري.

(٥) اي المصلحة والمحبوبية والملاك موجود في كليهما ـ

(٦) اي الدليل على كون الغرض من الفساد في هذه المسألة هو الفساد الواقعي ظاهر عنوان النزاع في اقتضاء النهي فانه يؤثر في الفساد بوجوده الواقعي ـ

(٧) اي على ذلك يباين الصورة الثانية ـ اي التي يمنع التقرب.

(٨) اي الغرض من المبغوضية والنهي في الصورة الثانية بوجوده العلمي لا الواقعي ـ

عن عذر لا يقتضي الفساد التقربي (١) ومن هذه الجهتين (٢) أمكن دعوى اختصاص هذه المسألة بباب التعارض وكانت من شئونها وغير مرتبط بباب التزاحم (٣) وعليه فلا مساس بين هذه المسألة والمسألة السابقة على ما أسلفنا نعم (٤) لو جعلنا الفساد في العنوان

______________________________________________________

(١) ومن ذلك ايضا عرفت بنائهم على صحة عبادة الجاهل القاصر او الناسي اذا اتي بها في مكان مغصوب وعليه فلا تكون لإحدى المسألتين مساس بالاخرى بوجه من الوجوه.

(٢) قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٦٣ هو ان الفساد على القول به ينشا من نفس النهي سواء تنجز ام لم يتنجز بخلاف الفساد المترتب على النهي في المسألة السابقة فانه مترتب على تنجزه لا على وجوده في نفس الامر مطلقا ولذا بنينا على صحة الصلاة في المكان المغصوب في وصورة الجهل.

(٣) والوجه في ذلك ما عرفت في بيان الفرق بين المسألتين من ان مورد الاجتماع في المسألة الاولي لا بد ان يكون مندرجا في باب التزاحم وهذه المسألة مندرجة في باب التعارض وفساد العبادة في مورد الاجتماع على فرضه لا بد ان يكون ناشئا عن احد امرين اما جهة كون الفعل غير صالح للتقرب به واما من جهة عدم تاتي نية القربة من المكلف وكلا الامرين من آثار تنجز النهي على المكلف واما فساد العبادة بملاك ان النهي في العبادة يوجب الفساد فانما هو من جهة التعارض الكاشف عن عدم ملاك الامر في العبادة المنهي عنها وانت تعلم ان النهي بوجوده الواقعي يدل على عدم ملاك الامر في متعلقه ولا دخل في تنجزه في دلالته على ذلك.

(٤) ثم يستدرك المحقق الماتن عن ذلك ويقول لو كان الفساد في مسالة النهي عن الفعل اعم من الفساد الواقعي والتقربي فلا محاله يصير على الامتناع.

أعم من الفساد التقربي فلا محيص من جعل المسألة السابقة (١) صغرى لهذه المسألة (٢) إذ مرجعه (٣) إلى أن النهي متوجه إلى متعلق الأمر أم لا والقائل بالامتناع يلتزم بالتوجه فتحقق له صغرى هذه المسألة (٤) ولكن أنت خبير (٥) بأنه بعد اثبات توجه النهي إلى موضوع الأمر لا نزاع لأحد في منعه عن التقرب بمثله بل لا أمر له ح

______________________________________________________

(١) اي مسالة اجتماع الامر والنهي صغري.

(٢) اي لهذه المسألة وهو النهي عن الشيء.

(٣) لان النهي توجه إلى نفس ما تعلق به الأمر وهو اقوى فيتقدم وكان فاسدا تقريبا ويكون صغري النهي في العبادة.

(٤) ولذا تقدم عن صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٥ نعم لو قيل بالامتناع مع ترجيح جانب النهي في مسألة الاجتماع يكون مثل الصلاة في الدار المغصوبة من صغريات تلك المسألة. بل هناك اشكال ادق اورده استادنا الحكيم في حقائق الاصول ج ١ ص ٣٥١ بقوله ويمكن ان يدفع بان اطلاق الفساد في تلك المسألة وان كان يقتضي عدم الفرق بين الحالات المشار اليها لكن يلزمه حمله على بعض الحالات كما يقتضيه جعل ثمرة مسالة ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده ان تكون العبادة التي هي ضد الواجب الاهم من صغريات مسالة دلالة النهي على الفساد مع ان الفساد في العبادة التي هي ضد لا يشمل جميع الاحوال بل هو نظير المقام ومنه يظهر المنع من اختصاص مسالة الفساد بصورة عدم المقتضي الملحق بها بباب التعارض فان العبادة التي هي ضد واجدة للملاك قطعا كما تقدم.

(٥) فاجاب المحقق الماتن عن ذلك بانه لو تعلق النهي بنفس ما تعلق به الامر ولم يكن مغايرا متعلقهما ولو بالحدود كقوله دعي الصلاة ايام اقرائك فلا نزاع في انه مانع عن التقرب به بل لا امر له ومبغوض ومبعد في جميع الحالات.

وكان مبعّدا محضا بنهيه فكيف يتقرب به (١) و (٢) ح لا يبقى المجال للبحث عن هذا الفساد وذلك أيضا.

شاهد آخر (٣) لعدم شمول الفساد في العنوان الفساد التقربي فينحصر الفساد فيه بالفساد الواقعي الناشئ عن القصور في اقتضائه (٤) فيختص مثل هذا النزاع بباب التكاذب (٥) في عالم الاقتضاء ولا يشمل باب التزاحم بخلاف المسألة السابقة فإنه كما أسلفنا مختص بباب التزاحم ومن شئونه ولا يشمل باب التكاذب في المقتضي بل ولئن بنينا على توهم بعض (٦) من كون

______________________________________________________

(١) ولا يمكن التقرب به لمبعديته وتقديم جانب النهي.

(٢) فهذا الفساد لا مجال للبحث عنه من عدم امكان التقرب بما تعلق به النهي لعدم الامر له اصلا حتى يمكن التقرب به فالفرق الاساسي هو ما ذكرناه من المبغوضية الواقعية في مسألتنا والمبغوضية العلميه في المسألة السابقة.

(٣) ومما ذكرنا من ان عدم امكان التقرب يترتب على كل نهي يكون قرينة وشاهدا على ان المراد في النهي عن العبادة والمعاملة هو الفساد الواقعي.

(٤) لعدم وجود المصلحة في العمل اصلا وينحصر بالمفسدة.

(٥) قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٥١ كيف وقد عرفت ان الفساد في تلك المسألة انما هو من جهة خلو المتعلق عن الملاك والمصلحة ومن ذلك لو قام دليل على الصحة في قبال النهي لوقع بينهما التكاذب ويرجع فيهما إلى قواعد باب التعارض ومثل ذلك ينافي جدا بنائهم على صحة صلاة الجاهل بالغصبية كما هو واضح.

(٦) تقدم ان المحقق النائيني على الامتناع جعلها من باب التعارض.

المسألة السابقة أيضا داخلة في باب التعارض أمكن الفرق بينهما (١) في خصوص التعارض من التكاذب في الاقتضاء (٢) أو التكاذب في فعلية الحكم (٣) وربما (٤) ينتج بهما فرقا في صورة الجهل بالنهي الفعلي قصورا من حيث الصحة والفساد وعدمه واقعا فتدبر (٥).

______________________________________________________

(١) فالمحقق الماتن يجعل الفرق بين التعارض بين تلك المسألة ومسألة النهي في العبادة.

(٢) وان التعارض في مسالة النهي عن الشيء التكاذب في الاقتضاء والمصلحة والمفسدة بان تحدث التكاذب في اصل الملاك وان النهي ينفي ملاك الامر من رأس ويثبت المفسدة.

(٣) وفي مسالة الاجتماع على الامتناع يكون التكاذب في فعلية الحكم بان كان الملاكان تام ولذا استادنا الآملي في المنتهى ص ٩٥ في بيان كلام المحقق النائيني قال واما القول بالامتناع فلا محاله يبتني على كون المجمع وجودا واحدا انتزع منه لبعض المناسبات عنوان تعلق به الامر كما انتزع منه عنوان آخر تعلق به النهي حيث لا تزاحم بين ملاكيهما فاذا حدثت المزاحمة بين ملاكيهما بالاجتماع في الوجود الواحد فلا بد من الكسر والانكسار او التكافؤ وعليه تقع المعارضة بين دليل الامر ودليل النهي في مورد الاجتماع فاذا رجح وقدم دليل النهي على دليل الامر يكشف ذلك عن انكسار ملاك الامر في مورد الاجتماع وقد تقدم بيان ذلك مفصلا.

(٤) والثمرة العملية انه لو كان التعارض في الاقتضاء فيكون النهي موجبا للفساد الواقعي ومبغوض في جميع الحالات منها العلم والجهل وان كان في الفعلية فيصح في حال الجهل دون العلم فيعتبر تنجز النهي.

(٥) ولعل الامر بالتدبر انه يبقي الاشكال في الضد ولو لم يتعرض له فانه ينتقض ذلك ويحتاج إلى التامل فيه.

ثم (١) المراد من الاقتضاء (٢) هل هو الاقتضاء في عالم الثبوت وان

______________________________________________________

(١) الامر الثالث ذكر المحقق النائيني في الاجود ج ٢ ص ٣٨٥ ثم ان هذه المسألة من المسائل الاصولية قطعا فان نتيجه البحث كبرى كلية اذا انضمت اليها صغرها انتجت نتيجة فقهية بلا توسط شيء آخر وهذا بخلاف المسألة السابقة فانك قد عرفت ان نتيجتها لا تقع في طريق الاستنباط بلا واسطة. تقدم ان باب الاجتماع من المسائل الأصولية فراجع وتقدم في اوائل الكتاب ان المسألة الأصولية ما يقع في طريق الاستنباط سواء كان بلا واسطة او مع الواسطة واما مسألة النهي عن الشيء فاظهر افراد المسألة الأصولية من وقوع نتيجتها في طريق استثناء الحكم الكلي الالهي مثلا ورد النهي عن صلاة الخائض وقد ثبت في الاصول ان النهي عن العبادة يوجب الفساد فعبادتها فاسدة ايام عادتها.

(٢) الامر الرابع ان المسألة عقلية او لفظية يظهر من صاحب الكفاية وغيره ان المسألة يقطيه قال في الكفاية ج ١ ص ٢٨٣ انه لا يخفي ان عدّ هذه المسألة من مباحث الالفاظ انما هو لاجل انه في الاقوال قول بدلالته على الفساد في المعاملات مع انكار الملازمة بينه وبين الحرمة التي هي مفاده ـ اي النهي ـ فيها ـ اي النزاع عند هذا القائل في الدلالة اللفظية النهي على الفساد ـ ولا ينافي ذلك ان الملازمة على تقدير ثبوتها في العبادة انما تكون بينه بين الحرمة ولو لم تكن مدلولة بالصيغة ـ اي استفيد من عقل او اجماع ـ وعلى تقدير عدمها ـ اي عدم الملازمة تكون منتفية بينهما لا مكان ان يكون البحث معه في دلالة الصيغة بما نعم ـ اي الدلالة المطابقة على الفساد ـ دلالتها بالالتزام اي الملازمة العقلية ـ فلا يقاس بتلك المسألة ـ اي اجتماع الامر والنهي ـ التي لا يكاد يكون لدلالة اللفظ بها مساس. وهذا هو مختار المحقق العراقي كما ستعرف ولكن يظهر من

دلالة اللفظ عليه من مباديه (١) وان تمام المقصود ان المبغوضية

______________________________________________________

المحقق النائيني في الاجود ٢ ص ٣٨٥ خلافه قال ولا يخفى ان هذه المسألة من المسائل الاستلزاميّة العقلية ولا ربط لها بمباحث الالفاظ اصلا لوضوح ان غاية ما يدل عليه النهي باللزوم البين بالمعني الاعم انما هو عدم الامر بمتعلقه لتضادهما واما عدم تحقق الملاك فيه ليحكم العقل بفساده فليس اللفظ دالا عليه قطعا والسر في ذكر المسألة في مباحث الالفاظ انما هو ان الاصوليين لم يعقدوا عنوانا خاصا للاحكام العقلية غير المستقلة اعني بها مباحث الاستلزامات بل ذكروا كلا منها في مورد لاجل مناسبة ما ومن الظاهران المناسب للتعرض لهذه المسألة انما هي مباحث النواهي فلذلك ذكروها فيها هذا بناء على المختار من كفاية اشتمال العبادة على الملاك في صحتها وأما بناء على ما ذهب اليه صاحب الجواهر من اشتراط الامر في الصحة فكون المسألة من مباحث الالفاظ لا يخلو من وجه. ويظهر من المحقق العراقي ان البحث يعم كصاحب الكفاية بيان ذلك قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٦٤ هل المراد بالاقتضاء في العنوان هو التاثير والاستلزام في مقام الثبوت بمعني ان مدلول النهي بذاته يقتضي ويستلزم فساد ما تعلق به النهي فيما اذا كان عبادة فلا محاله يكون البحث على ذلك عقليا في مقام الثبوت ـ اي كما اختاره شيخنا الاعظم الانصاري في التقريرات ص ١٥٧ ومن هنا يظهر ان المسألة لا ينبغي ان يعد من مباحث الالفاظ فان هذه الملازمة على تقدير ثبوتها انما هي موجودة بين مفاد النهي بالمتعلق بشيء وان لم يكن ذلك النهي مدلولا بالصيغة اللفظية وعلى تقدير عدمها انما يحكم بانتفائها بين المعنيين ـ

(١) اي ان دلالة اللفظ اجنبي عن البحث وانما يكشف عن وجود النهي كغير اللفظ من الادلة اللبية فيكون اللفظ من مباديه واسبابه.

الملازمة للمفسدة هل ملازم مع عدم المصلحة المقتضية للمصلحة ام لا (١) او المراد من الاقتضاء (٢) اعم من الاقتضاء ثبوتا واثباتا اذ من صغرياتها (٣) صورة ظهور النهي للارشاد إلى عدم

______________________________________________________

(١) اي ان تمام المقصود هو ان النهي والمبغوضية يلازم عقلا عدم الامر والمصلحة والملاك اصلا فيكون من المباحث الملازمات العقلية كمبحث مقدمة الواجب ـ او ان المراد بالاقتضاء المزبور هي دلالة النهي نفسه التزاما على عدم كون متعلقه مشروعا وعليه يكون البحث لفظيا في مقام الاثبات وظاهر كلام القائلين بالدلالة على الفساد هو الاعم.

(٢) اي الاعم من الاقتضاء ثبوتا بالملازمة العقلية او اثباتا بنفس الدلالة اللفظية ـ بمعني ان النهي ان كان مولويا كانت دلالته على الفساد باقتضاء مدلوله للفساد وان كان النهي ارشاديا كانت دلالته عليه بنفسه التزاما.

(٣) اي النهي تارة مولوي تحريمي فالملازمة عقلية في مرحلة الثبوت ويدل عليه اللفظ بالدلالة الالتزامية وأخرى ارشادي إلى عدم المشروعية ولا تدل على الحرمة فبالمطابقة يدل على الفساد فيكون البحث في دلالة اللفظ على عدم المصلحة في متعلقه مطابقه او التزاما وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٢ واما الاقتضاء في المقام فهو كما عرفت عبارة عن الاقتضاء بحسب مقام الاثبات باعتبار كشف النهي عن عدم ملاك الامر والمصلحة في متعلقه لا الاقتضاء بحسب مقام الثبوت وإلّا فمن الواضح عدم الملازمة عقلا بين حرمة الشىء وانتفاء ملاك الامر والمصلحة في متعلقه وعليه تكونه المسألة من المسائل اللفظية لا من المسائل العقلية كما هو واضح الخ ـ واما القائلون بعدم دلالته على الفساد فلا محاله ينحصر وجه انكارهم للدلالة في الاقتضاء بمعني التاثير والاستلزام في مقام الثبوت فيكون متعلق النزاع عندهم هو النهي المولوي دون الاعم اذ لا يعقل ان يقول عاقل بعدم فساد العبادة التي تعلق النهي بها ارشادا إلى عدم كونها مشروعة.

المشروعية بلا مبغوضية فيه اذا لبحث في مثله ممحض في دلالة اللفظ ليس الّا الظاهر هو الثاني (١) وح المراد من النهي في العنوان ايضا اعم من النهي الحقيقي الكاشف من المبغوضيّة والمفسدة في المتعلق (٢) أو مطلق صيغة النهي القابل للارشاد به (٣) على الوجه المسطور وايضا (٤) ظاهر العنوان من اقتضاء النهي للفساد لا يكون إلا جري الكلام في اقتضاء النهي بمدلوله عدم المصلحة فيه اما لملازمة المفسدة لعدمها (٥) او لصرف دلالة النهي بدوا على عدمها ولو ارشادا (٦) وهذا المقدار لا يقتضي وجود مقتضي الصحة

______________________________________________________

(١) يختار المحقق الماتن الاعم فيعم.

(٢) النهي المولوي الذي ملاكه المفسدة والمبغوضية والمبعدية في نفس متعلقه.

(٣) والنهي الارشادي الذي ارشاد إلى عدم المشروعية ونقصان متعلقه دون ان يدل على التحريم.

(٤) هذه الجملة اشارة إلى ان عنوان اقتضاء النهي للفساد بعد ما كان البحث اعم من الدلالة الالتزامية العقلية بالملازمة في مقام الثبوت بين النهي وعدم المصلحة في المتعلق بحيث لا مقتضي للقول بالصحة عقلا لو تعلق النهي عن شيء او في مرحلة الاثبات والدلالة المطابقية على الفساد وعدم المصلحة في متعلقه كما في النواهي الإرشادية إلى عدم المشروعية فلا مقتضي للقول بصحة المتعلق اصلا لعدم ملاكها فيه كما هو واضح.

(٥) اي ثبوتا.

(٦) اي اثباتا.

في البين (١) و (٢) توهم (٣) ان البحث المزبور لولاه كان لغوا لكفاية

______________________________________________________

(١) فلا تدل على مقتضي الصحة بل تدل على عدمه.

(٢) الامر الخامس في الاصل العملي في المسألة قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٥ انه لا اصل في المسألة يعول عليه عند الشك وح لو كان هناك ظهور عرفي فهو وإلّا يبقي المدعي بلا دليل نعم الاصل في المسألة الفرعية كما عرفت كان هو الفساد سواء فيه العبادات او المعاملات حيث كان الاصل في المعاملات عدم ترتب النقل والانتقال وفي العبادات عدم المشروعية عند الشك في الملاك فيها. لكن في الكفاية ج ١ ص ٢٩٠ نعم كان الاصل في المسألة الفرعية الفساد لو لم يكن هناك اطلاق او عموم يقتضي الصحة في المعاملة. واورد عليه استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٧٨ بقوله ولا معنى لكلام المحقق الخراساني من ان الاصل الفقهي في كل مسالة يجب ان يلاحظ لو لا وجود عام يرجع اليه لان العام الذي يكون ملاحظا مع الخاص او المطلق مع المقيد اذ اسقط بالتعارض في مورد الاجتماع لا يبقى عام آخر يرجع اليه بوجه فكيف يقول انه مشروط بعدم وجود العام بل من المحرز عدمه. لكن فيه لو كان عام تحتاني مثلا عمومات المضار به وتعارضت مع الخاص في مورد الاجتماع وتساقطا فعمومات الفوق وهو تجارة عن تراض واو فوا بالعقود باق على حالها ونتمسك بها لاجل صحة هذه المعاملة فلا تصل النوبة إلى الاصل العملى في المسألة الفقهية اللهم إلّا ان يقال ان عمومات الفوق وعمومات نفس المسألة في رتبة واحدة يتعارضان مع الخاص وهذا خلاف بناء الاصحاب هذا على مختار صاحب الكفاية من انه على الامتناع من مصاديق المقام واما على المختار من عدم ربطه بالمقام اصلا كما مر فلا موضوع للتعارض اصلا.

(٣) هنا وهم ودفع اما الوهم ان بحث كون النهي يدل على الفساد يلزم انه لو لا ذلك اقتضى النهي الصحة وإلّا لا معنى للبحث كذلك ويكون لغوا.

اصالة عدم المشروعية في فساد العمل ولو لم يكن في البين نهي (١) مدفوع (٢) بان الغرض من البحث اثبات الفساد اجتهاديا بحيث لو قام دليل على الصحة يصلح النهي المزبور للمعارضة واصالة عدم المشروعية لا يفي لذلك كما هو ظاهر (٣)

______________________________________________________

(١) وذلك لان اصالة عدم المشروعية حاكمة بفساد العمل فلا يحتاج إلى النهي اصلا وإلى ثبوت الملازمة والدلالة الالتزامية يشير اليه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥١ واما ما افيد من عدم الثمرة ح نظر إلى لزوم الحكم بالفساد ح ولو على تقدير عدم النهي بمقتضى أصالة عدم المشروعية الخ وبمثل ذلك يجري في المعاملات قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٧٠ ثم انه قيل في المعاملات بان البحث عن الصحة والفساد متوقف على شمول دليل الامضاء لها فعدم الامضاء يكفي لعدم الصحة فضلا عن ان تكون منهية عنها فلا فائدة للبحث عن صحتها وفسادها لأصالة عدم الصحة في المعاملات.

(٢) فاجاب عنه المحقق الماتن قدس‌سره ما ملخصه ان البحث في باب النهي عن الشيء في ان المسألة بالبرهان والاجتهاد هل يلازم الفساد ام لا حتى لو فرضنا اثبات الفساد بذلك وقام الدليل على الصحة يكون معارضا لذلك ولا بد من اعمال التعارض.

(٣) واصالة عدم المشروعية اصل عملي لا يمكن قيام المعارضة مع الدليل ومحكوم للدليل وبذلك قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥١ فمدفوع بظهورها فيما اذا قام دليل بالخصوص على الصحة فانه على الاول يتعيّن الاخذ بدليل الصحة من جهة حكومته على اصالته بخلافه على الثاني حيث انه يقع بينها المعارضة فيرجع فيهما إلى قواعد باب التعارض. والجواب عن المعاملات قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٧١ وفيه ان المعاملات كانت

.................................................................................................

______________________________________________________

قبل الشرع وما لم يكن الردع عنه تصح بواسطة بناء العقلاء وبالدليل العام مثل أحل الله البيع وامثاله وعلى فرض عدم شمول دليل الامضاء بالعقل يكون الدليل اللفظي حاكما عليه فان كل مورد يكون لنا الدليل اللفظي سواء كان موافقا للاصل العقلي او مخالفا يكون حاكما لان حكم العقل من باب عدم البيان واللفظ بيان والثمرة في صورة المخالفة واضحة واما في صورة الموافقة فتظهر عند المعارضة مع دليل لفظي آخر فان كان العقل حاكما بشىء لا يمكنه ان يعارض مع الدليل اللفظي المخالف بخلاف الدليل اللفظي فالبحث عن المعاملات على فرض كفاية عدم الامضاء عن النهي المتعلق بها امر محال. مما ذكرنا كله ظهر فساد ما افاده المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٣١٠ واما بناء على كونها لفظية والنزاع في ظهور النهي في الارشاد إلى المانعية فمع الشك لا اصل في المسألة الأصولية واما في المسألة الفرعية فحيث ان المفروض ح عدم منافات الحرمة المولوية للعبادية وعدم الحجة على المانعية ووجود الاطلاق ولذا لو لم يكن نهي لما شككنا في فساد العبادة فالاصل ح هو الصحة دون الفساد. لما عرفت من اصالة عدم المشروعية ويكون المورد من الشبهة المصداقية للعموم والاطلاق فلا اثر للاطلاق مضافا إلى كون النهي يمنع.

الامر السادس ذو جهتين

الجهة الاولى : قال في القوانين ج ١ ص ١٥٥ محل النزاع في هذا الاصل ما تعلق النهي بشيء بعد ما ورد عن الشارع له جهة صحة ـ اي اطلاق الدليل ـ ثم ورد النهي عن بعض افراده او خوطب به عامة المكلفين ـ اي عموم الدليل بحيث انه لو لا النهي لوقع صحيحا فيما اذا كان عبادة او نافذا فيما اذا كان معاملة ليتوجه البحث عن كون النهي يقتضي فساد ما تعلق به او لا يقتضي فساده ـ ثم استثني عنه بعضهم فمثل الامساك ثلاثة ايام والقمار ونحو ذلك ليس من محل

.................................................................................................

______________________________________________________

النزاع في شيء اذ الكلام والنزاع في دلالة النهي على الفساد وعنده وما ذكر فاسد بالاصل لان الاصل عدم الصحة واما الفساد فيدل عليه عدم الدليل ـ اي اذا كان محل النزاع عاما لكل ما تعلق به النهي سواء شمله عموم دليل الامر واطلاقه ام لم يشمله كان النزاع في اقتضاء النهي لفساد ما لم يشمله دليل الامر بلا فائدة لان متعلق النهي سواء كان عبادة ام معاملة اذا لم يشمله دليل الامر فلا محاله يكون فاسدا بمقتضى الاصل فان الاصل في العبادة والمعاملة هو الفساد حيث لا يدل دليل على صحتهما ـ وبالجملة النزاع في هذا الاصل فيما كان بين المأمور به والمنهي عنه او في المأمور والمنهي عموم وخصوص مطلق واجاب عنه المحقق العراقي في النهائى ج ١ ص ٤٥١ ولكنه غير وجيه اذ نقول بان الجهة المبحوث عنها في المقام على ما يقتضيه ظاهر العنوان هو الحكم بالفساد من جهة دلالة النهي وكشفه عن عدم الملاك والمصلحة في متعلقه وقضية ذلك هو عدم الحكم بالفساد واقعا عند عدم النهي لا الحكم بالصحة كى يحتاج إلى احراز المقتضي الصحة من عموم او اطلاق او غيرهما. ـ بل تقدم لو لا النهي كنا نحكم بالفساد لأصالة عدم المشروعية وانما البحث لاجل دليل اجتهادي على الفساد.

الجهة الثانية : ذكر المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥١ لا يخفى عليك ان المراد بالشيء في عنوان المسألة يعم العبادات والمعاملات لا انه مخصوص بالعبادات والمراد من المعاملة هو ما في قبال العبادات مطلق ما لا يلزم في صحته قصد قربة الشامل للمعاملات بالمعني الاخص ولغيرها كالنهي عن اكل الثمن والمثمن. والوجه في جميع ذلك هو عموم ملاك البحث وعموم عنوانه والمراد من العبادة كما في الكفاية وغيرها العموم ذكر المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٢ واما المراد من العبادة فهي التي لو أمر بها لكان امرها امرا

.................................................................................................

______________________________________________________

عباديا بحيث لا يكاد سقوطه إلّا باتيان متعلقه على نحو قربي ـ اي عباديته تعليقيه اذ لا امر به فعلا كى يشكل في تعلق النهي نحو صوم يوم العيدين والصلاة في ايام العادة ـ لا ـ اي لا ينصر محل النزاع ب ـ ما هو عبادة ذاتا كالسجود والركوع ونحوهما مما جعل كونه آلة للخضوع والتذلل نظر إلى عدم كون العبادات كلها من هذا القبيل ولا ـ اي ليس المراد ـ ما امر به فعلا لاجل التعبد به من جهة استحالة تعلق النهي الفعلي بما هو عبادة ومامور به فعلا ولا ـ اي ليس المراد ما لا يعلم انحصار الغرض منه في شيء ـ اي لا يعلم كيفية الملاك والمصلحة فيه ـ كى ينتقض طرد او عكسا بانه رب واجب توصلى لا يعلم انحصار الغرض منه في شيء ورب واجب تعبدي قد علم انحصار الغرض منه الخ كالوضوء الذي علم انحصار المصلحة فيه في الطهارة للصلاة ونحوها مع انه عبادة ورب واجب توصلي لا يعلم مصلحتها كتوجيه الميت إلى القبلة وعلى اي حال يشمل المعاملة بالمعني الاعم عقدا او ايقاعا او غيرهما كحيازة المباحات فانها صحيحة مع نية التملك وفاسدة بدونها لكن قال المحقق النائيني في الاجود ج ٢ ص ٣٨٨ واما المعاملة بالمعني الاعم الشاملة للتحجير والحيازة وامثالهما فلم يتوهم احد دلالة النهي فيها على الفساد وعليه فالمراد من المعاملة في محل البحث هو كل امر انشائي يتسبب به إلى امر اعتباري شرعي فيكون شاملا للعقود والايقاعات. وقد عرفت كيفية دلالته على الفساد فيها.

الامر السابع قال في الكفاية ج ١ ص ٢٨٦ انه لا يدخل في عنوان النزاع الا ما كان قابلا للاتصاف بالصحة والفساد بان يكون تارة تاما يترتب عليه ما يترقب عنه من الاثر وأخرى لا كذلك لاختلال بعض ما يعتبر في ترتبه اما ما لا اثر له شرعا ـ اي كالنظر إلى الجبال والفضاء ومن هذا القسم النهي عن الزنا وشرب الخمر واللواط ـ او كان اثره مما لا يكاد ينفك عنه كبعض أسباب الضمان فلا

.................................................................................................

______________________________________________________

يدخل في عنوان النزاع لعدم طرو الفساد عليه كى ينازع في ان النهي عنه يقتضيه اولا. وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٢ نعم يختص ذلك بالامور القابلة للاتصاف بالصحة تارة وبالفساد أخرى فيخرج ح ما لا يكون كذلك كعناوين المسببات ونحوها مما كان امرها يدور بين الوجود والعدم فتأمل فان الفساد ح انما كان في قبال الصحة التي هي بمعني التمامية وترتب الاثر المقصود من الشيء عليه فهو عبارة عن نقصان الشيء بمعني عدم ترتب الاثر المقصود منه عليه فلا يجري ح بالنسبة إلى نفس الآثار ونحوها مما يدور امره بين الوجود والعدم وكذا يخرج ايضا من الاسباب ما لا يكاد ينفك الاثر عنها كبعض أسباب الضمان الخ وذلك كالغصب والاتلاف فانهما يترتبان عليهما الرد والضمان دائما وقد لا يترتبان عليهما في بعض الموارد كما في غصب مال الكافر الحربي واتلافه وكذا غصب المسجد والسكونة فيه فلا يوجب الضمان وان ارتكب حراما فالوجه في عدم اتصافهما بالصحة والفساد ان معروض الوصفين لا بد ان يكون ذا اثر مرغوب فيه بحيث يقصد التوصل به اليه وليس الغصب والاتلاف كذلك ومثلهما الاسباب الموجبة للحدث فانها قد يترتب عليها الاثر وقد لا يترتب كما في المسلوس والمبطون على وجه ومع ذلك لا تتصف بالصحة والفساد الامر الثامن ذكر صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٨٤ ظاهر لفظ النهي وان كان هو النهي التحريمي إلّا ان ملاك البحث يعم التنزيهي قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٢ واما النهي فالظاهر اختصاصه بالنهي المولوي التحريمي دون ما يعمه والنهي التنزيهي باعتبار ان غاية ما يقتضيه النهي التنزيهي انما هو الدلالة على وجود حزازة في الشيء وهذا المقدار غير موجب لفساده ولكن ذلك انما هو بناء على ما اخترناه سابقا من جواز اجتماع المحبوبية والمبغوضية في عنوان واحد بالتفكيك بين انحاء حدود شيء واحد

.................................................................................................

______________________________________________________

واما بناء على غير ما اخترناه من عدم امكان اجتماع المحبوبية والمبغوضية ولو تنزيها في عنوان واحد فيشكل جدا تخصص النزاع بالنواهي التحريمية ، وأشار إلى ذلك استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٧١ في انه لا فرق في النهي بين ان يكون تحريميا او تنزيهيا لان النكتة في المقام هو ان نفس ما تعلق به الامر يكون متعلقا للنهي فلا يقاس بباب اجتماع الامر والنهي بان يقال ان النهي التنزيهي كما في العبادات المكروهة لا يسد طريق المصلحة لان تعدد العنوان في ذاك الباب يكفى للقول بالصحة وان المبغوض شيء آخر وهنا نفس الصلاة التي تكون مامورة بها تكون منهية عنها بالنهي التنزيهي ولا يمكن الجمع بين الطلب وعدمه والحاصل ان الباب هنا باب التعارض نعم على مسلك من يرى أن الباب هنا أيضا باب التزاحم يمكن الفرق بين النهي التنزيهي وغيره. وتوضيح ذلك قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٧٧ لا يخفى انه لا فرق بين النهي التحريمي والنهي التنزيهي في ملاك الدلالة على الفساد فكما ان النهي التحريمي يوجب تقييد اطلاق الامر المتعلق بالعبادة لمنافاته للامر لدلالته على حزازة في متعلقه لا يمكن معها التقرب به كما ان في الامر بالعكس ولان جانب النهي قد فرضناه ارجح من الامر فقد مناه عليه فيلزم تقييد اطلاقه به فكذلك النهي التنزيهي فانه بناء على عدم كونه للارشاد إلى قلة الثواب يدل على خرازة في متعلقه وان كانت اضعف من حزازة النهي التحريمي إلّا انها لا يمكن معها التقرب بمتعلق النهي فلا محاله يلزم تقييد اطلاق الامر بالتقريب السابق وكون متعلق الامر هو صرف الوجود ومتعلق النهي هي الطبيعة السارية لا يقتضي عدم اجتماع الخطابين في واحد وجود او عنوانا لان تعلق الامر بصرف الوجود يوجب سريانه إلى وجود كل فرد من الطبيعة المأمور بها على البدل وتعلق النهي بالطبيعة السارية يوجب تعلقه بكل فرد من الطبيعة المنهي عنها على

.................................................................................................

______________________________________________________

سبيل العموم الشمولي وعلى هذا يلزم اجتماع الامر مع النهي في الفرد المنهي عنه وايضا يتجه الاستدلال على فساد العبادة المنهي عنها تنزيها وقوع المعارضة بين ملاك النهي وملاك الامر في العبادة المنهي عنها تنزيها تبعا للمعارضة بين الأمر والنهي وتلك المعارضة توجب الشك في اشتمال العبادة على الملاك العبادي المقرب فلا محاله يكون المرجح ح هي اصالة عدم تشريع تلك العبادة. وقال في الكفاية ج ١ ص ٢٨٤ واختصاص عموم ملاكه ـ اي التنزيهي ـ بالعبادات ـ اي لا يستلزم النهي التنزيهي للفساد في المعاملات ـ لا يوجب التخصيص به ـ اي بالتحريمي ـ كما لا يخفى. فالبحث عن مطلق النهي غاية الامر التحريمي في العبادات والمعاملات والتنزيهي في العبادات واجاب عنه استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٧٢ واما ما عن المحقق الخراساني من ان النهي في العبادات يكون محل البحث واما في المعاملات والنهي عن السبب لا يدل على الفساد كما في البيع وقت النداء فيكون صحيحا على مبنى القائل بان الباب باب التزاحم لا على مبني من قال بانه يكون باب التعارض على انه ربما يكون النهي عن المسبب او الاثر كما يقال ثمن العذرة سحت او لا يجوز له التصرف فانه بهذا العنوان ايضا تحت البحث الخ وبمثل ذلك يجري في التنزيهي ذكر استادنا الخوئي في المحاضرات ج ٥ ص ٥ النهي التنزيهي المتعلق بالعبادة تارة ينشا من حزازة ومنقصة في تطبيق الطبيعي الواجب على حصة خاصة منه من دون اية حزازة ومنقصة في نفس تلك الحصة ولذا يكون حالها حال سائر حصصه وافراده في الوفاء بالغرض وذلك كالنهي المتعلق بالعبادة الفعلية كالصلاة في الحمام مثلا والصلاة في مواضع التهمة وما شاكل ذلك ـ خارج من مورد النزاع بداهة انه لا يدل على الفساد بل هو يدل على الصحة ـ نظر إلى مدلوله الالتزامي هو ترخيص المكلف في الاتيان بمتعلقه ومعنى ذلك جواز

.................................................................................................

______________________________________________________

الامتثال به وإلّا نعني بالصحة الا ذلك ـ وأخرى ينشا من حزازة ومنقصة في ذات العبادة ـ فانه يدل على كراهيتها ومبغوضيتها ومن المعلوم انه لا يمكن التقرب بالمبغوض وان كانت مبغوضيته ناقصة فالنتيجة على التفسير الاول خارج عن محل النزاع وعلى التفسير الثاني داخل فيه. قلت لا يفرق في جميع ذلك بعد ما كان له قبح فاعلى يمنع التقرب به والمكان والزمان من شرائط الصلاة والكراهة من اجل ذلك يكون من منقصة وحزازة في العبادة باعتبار حدودها واضافتها اليهما فلا وجه للتفصيل في المسألة أصلا وليس لنا عبادة مكروهة من دون النظر إلى الزمان والمكان وسائر الحالات والطواري وعلى اي الدليل الخاص على صحة العمل المكروه أمر آخر ليس كلامنا فيه وقال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٧٨ اما جواز امتثال امر العبادة الواجبة بالفرد المكروه فانما هو لدليله الذي دل على ان الامر المتعلق بالعبادة الواجبة مطلق لم تقيده النواهي التنزيهي وهذا الدليل خارج عن دليل وجوب العبادة ـ واما اذا قطعنا النظر عن الدليل الخارجي وقصرناه على نفس الدليلين المتعارضين اعني بهما دليل وجوب العبادة ودليل النهي التنزيهي عن بعض افرادها فلا محاله نري الدليلين متعارضين بمعني ان كلا منهما يكذب الآخر في مدلوله. الامر التاسع قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٨٤ كما لا وجه لتخصيصه بالنفسي فيعم الغيري اذا كان اصليا ـ إلى ان قال ـ ويؤيد ذلك انه جعل ثمرة النزاع في ان الامر بالشىء يقتضي النهي عن ضده فساده اذا كان عبادة. قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٤٣ قال عن ضده الخاص على المقدمة ـ اي نهي غيري مع انه يقتضي الفساد ـ نعم هذه الثمرة تختص بخصوص العبادات فلا تجري في المعاملات ولكنه غير ضائر بعموم النزاع. ولعله ان النهي عن ضده الخاص في العبادات يمنع التقرب به اما المعاملات فلا تحتاج إلى قصد القربة فلا يوجب الفساد كما

.................................................................................................

______________________________________________________

مر وعلى اي ذلك مثل الصوم يكون موجبا للاضرار بالنفس كفساد الكلية فالاضرار بالنفس منهي عنه والصوم على القول بان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص لا اقل يكون مقدمه لحصول هذا الحرام فالامر بالصوم يكون نفسيا والنهي عنه مقدمة للضرر على النفس فاجتمع النفسي والغيري في الصوم وهو عبادة ذكر استادنا الخوئي في المحاضرات ج ٥ ص ٦ النهي الغيري ـ خارج عن مورد الكلام ولا يدل على الفساد بوجه والسبب في ذلك ما عرفت بشكر موسع في مبحث الضد من ان هذا النهي على تقدير القول به لا يكشف عن كون متعلقه مبغوضا كى لا يمكن التقرب به فان غاية ما يترتب على هذا النهي انما هو منعه عن تعلق الامر بمتعلقه فعلا ومن الطبيعي ان صحة العبادة لا تتوقف على وجود الامر بها بل يكفي في صحتها وجود الملاك والمحبوبية. وفيه قد تقدم مفصلا انه بالشروع في المقدمة عند العرف والعقلاء كانه شرع في ذي المقدمة ان كان واجبا شرع في الثواب والطاعة وان كان حراما شرع في المبغوضية والعقاب والمعصية فلا يمكن التقرب به وكانه يراهما واحدا وقال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٧٨ ما يصحح دخول النهي الغيري المزبور في محل النزاع وحاصله ان ترك الضد اذا فرضناه مقدمة لوجود الضد الواجب فلا محاله يكون وجوده مقدمة لترك الواجب وبما ان ترك الواجب الفعلي حرام يكون فعل الضد المستلزم لترك الواجب مرجوحا ان لم يكن حراما ومع فرض كونه مرجوحا لا يمكن التقرب به فيكون النهي الغيري بالمعني المزبور دالّا على فساد العبادة لاستلزامه عدم صلوح تلك العبادة للتقرب بها ولا نعني بدلالته على الفساد الا هذا المعنى.

الامر العاشر قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٨٤ واما اذا كان تبعيا فهو وان كان خارجا عن محل البحث لما عرفت انه في دلالة النهي ـ اي دلالة لفظ النهي

.................................................................................................

______________________________________________________

ـ والتبعي منه من مقولة المعني ـ اي لم تتعلق به ارادة مستقلة لعدم الالتفات اليه بل تعلقت به إرادة إجمالية تبعية كاشترى اللحم الدالة تبعا على وجوب دخول السوق ـ إلّا انه داخل في ما هو ملاكه فان دلالته على الفساد على القول به في ما لم يكن للارشاد إليه انما يكون لدلالته على الحرمة. والحرمة موجودة بعينها في النهي التبعي هذا لو قلنا بكون المسألة لفظية اما لو قلنا عقلية او الاعم وملازم الحرمة مع الفساد وعدم المصلحة في المتعلق فالنهي التبعي داخل في نفس البحث لا في ملاكه كما هو واضح.

الامر الحادي عشر يقع الكلام في ان النزاع كبروي ام صغري بيان ذلك ظاهر عناوين الاصحاب ان النهي عن الشيء هل يقتضي عدم المصلحة في الشيء ام لا وهذا بحث كلي كبروي وهو العنوان ولكن ذكر المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٥ ارجاع البحث المزبور في دلالة النهي على الفساد وعدم دلالته عليه إلى البحث الصغروي بان النهي المتعلق بعنوان عبادة كانت ام معاملة مولوي تحريمي كي لا يقتضي الفساد ام ارشادي إلى خلل فيه حتّى يقتضي الفساد قال في ص ٤٥٤ بان ما افيد من خروج النهي المولوي التحريمي عن محل النزاع وارجاع محل البحث إلى النزاع الصغروي خلاف ظاهر الكلمات فان الظاهر من كلماتهم بل المصرح به في كلام بعضهم تخصيص النزاع بخصوص النهي المولوي التحريمي كما يشهد لذلك تفصيل بعضهم في الاقتضاء للفساد وعدمه بين العبادات والمعاملات حيث انه لو لا ذلك لما كان وجه للتفصيل المزبور بل ويشهد له ايضا استدلالهم كثيرا في الفقه على فساد العبادة بكونها حراما ومنهيا عنها وهكذا في مسالة اقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده الخاص على مبني مقدمية ترك الضد لفعل ضده فان ذلك كاشف عن كون المراد من النهي في العنوان هو خصوص النهي المولوي التحريمي وعليه لا بد وان يكون النزاع في الاقتضاء وعدمه في اقتضاء النهي اثباتا ودلالته ولو بالالتزام عرفا على عدم

.................................................................................................

______________________________________________________

ملاك الامر والمصلحة في متعلقه بدعوى انه وان لم يكن ملازمة عقلا بين حرمة الشيء ووجود المفسدة فيه وبين فقد انه لملاك الامر والمصلحة نظر إلى ما تقدم من امكان اجتماع المصلحة والمفسدة في عنوان واحد بجهتين تعليليتين إلّا انه مع ذلك يري العرف بينهما الملازمة فيري من النهي كونه ذا مفسدة محضة ومن ذلك لو ورد في القبال امر يقتضي الصحة يقع بينهما التكاذب ويرجع فيها إلى قواعد باب التعارض وإلّا فلو لا ذلك لما كان وجه للمعارضة بينهما والرجوع إلى قواعد التعادل والترجيح بل لا بد وان يكون بينهما المزاحمة بملاحظة اقتضاء كل من الامر والنهي بمدلولهما الالتزامي لقيام المصلحة والمفسدة فيه مع انه ليس كذلك قطعا وح فنفس هذا التعارض والتكاذب بينهما كاشف عن اقتضاء كل من الامر والنهي عرفا بالالتزام لعدم قيام ملاك آخر فيه غير ملاكه كما هو واضح ولكن يدفع ذلك اما الاشكال الاول فبان ما يري من حكم الاصحاب بفساد العبادة مع النهي فانما هو من جهة الخلل في القرب المعتبر في صحة العبادة كما يكشف عنه استدلالهم كثيرا على الفساد بانتفاء التقرب وعليه ايضا جري تفصيلهم بين العبادات والمعاملات فحيث ان قصد القربة مما لا بد منه في صحة العبادة ومع النهي لا يكاد تمشي القربة من المكلف بخلافه في المعاملة اقتضى ذلك التفصيل المزبور ولكنه كما عرفت غير مرتبط باقتضاء النهي المولوي في نفسه للفساد من جهة عدم الملاك ـ اي الملاك لا ينتفي به لكن فيه قد عرفت انه لا يفرق في حال العلم والجهل وانه عند الجهل ايضا ولو كان التقرب حاصلا لكن بما ان النهي تحريمي يدل على الفساد ولا ملاك فيه فالمحذور ليس المنع عن التقرب ـ واما الاشكال الثاني فيما مر في المبحث المتقدم بان ما يري من التعارض بينهما عند ورود امر في القبال فانما كان ذلك من جهة ذاك الارتكاز العقلي بعدم جواز اجتماع المحبوبية والمبغوضية في عنوان واحد حيث انه بمقتضى هذا الارتكاز

.................................................................................................

______________________________________________________

يرى العرف بينهما التكاذب في تمام مدلوليهما حتّى في دلالتهما على المصلحة والمفسدة فيعامل معهما معاملة التعارض لا من جهة اقتضاء النهي المولوي لعدم قيام ملاك الامر والمصلحة في متعلقه رأسا ولو مع قطع النظر عن المعارض فتامل ـ اي يرد عليه لو لا المعارض ولو لا النهي المولوي التحريمي كيف يري العرف بينهما التكاذب ويعامل معهما معاملة التعارض وكيف يكشف عن المبغوضية حتّى يحكم الارتكاز بعدم اجتماعهما مع المحبوبية وليس إلّا لاجل النهي التحريمي ـ نعم في الفرض المزبور كما سيجيء لا بد ايضا من الحكم بالفساد ولكنه لا من جهة اقتضاء النهي المولوي لذلك بل من جهة عدم احراز الملاك والمصلحة فيه لانه في العبادات لا بد في صحتها من احراز الملاك والمصلحة فيها فمع الشك فيها في الملاك يشك قهرا في مشروعيتها فتنفي باصالة عدم المشروعية ـ اي فتفسد لكن فيه بعد ما كان ظاهر في التحريمي يحرز عدم الملاك ولا تصل النوبة إلى الاصل العملي وقال في ص ٤٥٣ الاستاد دام ظله منع عن اصل دخول النواهي التحريمية في محل النزاع وبنى على خروجه عن مورد الكلام بين الاعلام وقد افاد في وجه ذلك بوجهين الاول عدم المجال لتوهم دلالته واقتضاء للفساد مطلقا سواء في المعاملات او العبادات اما المعاملات فواضح من جهة وضوح عدم اقتضاء مجرد النهي المولوي عن معاملة وحرمتها تكليفا لفسادها وضعا ومن ذلك لم يتوهم احد فساد المعاملة في مورد نهي الوالد او الحلف على عدم البيع ونحوه واما العبادات فكذلك ايضا وذلك فان الفساد المتصور فيها لا يخلو ما ان يكون من جهة انتفاء الملاك والمصلحة فيها وعدم ترتب الغرض عليها واما ان يكون من جهة الخلل في القربة الموجب لعدم سقوط الامر عنها واما الفساد من الجهة الاولي فواضح انه غير مترتب على النهي حيث لا اشعار فيه فضلا عن الدلالة على عدم المصلحة في متعلقه بل غاية ما يقتضيه انما هي الدلالة على وجود

.................................................................................................

______________________________________________________

المفسدة في متعلقه واما الدلالة على عدم المصلحة فيه ولو من جهة أخرى فلا وهو واضح بعد وضوح عدم الملازمة بين مجرد حرمة الشىء وبين عدم ملاك الامر والمصلحة فيه نعم لو كان بين المصلحة والمفسدة ايضا مضادة كما بين المحبوبية والمبغوضية بحيث لا يمكن اجتماعهما في موضوع واحد ولو بجهتين تعليليتين لكان المجال لدعوى دلالة النهي ولو بالالتزام على عدم وجود المصلحة في متعلقه ولكنه لم يكن كذلك لما عرفت من امكان اجتماعهما في عنوان واحد بجهتين تعليليتين ونظيره في العرفيات كما في مثل وضع العمامة على الرأس لمن كان وجع الراس في مجلس فيه جماعة من المؤمنين الاخيار حيث ان كون العمامة على الرأس مع كونه فيه كمال المفسدة بلحاظ وجع الرأس كان فيه ايضا كمال المصلحة بلحاظ كونه نحو اعزاز واكرام للمؤمنين وكون تركه هتكا واهانة لهم وعليه فلا يبقي مجال دعوى دلالة النهي واقتضائه للفساد من هذه الجهة واما الفساد من الجهة الثانية فهو ان كان لا محيص عنه مع النهي ولكنه ايضا مترتب على العلم بالنهي لا على نفس وجود النهي ولو لم يعلم به المكلف فتمام العبرة في الفساد في هذه المرحلة على مجرد العلم بالنهي فاذا علم بالنهي كان علمه ذلك موجبا لعدم تمشي القربة منه الموجب لفساد عبادته وان لم يكن في الواقع نهي اصلا كما انه مع عدم العلم به يتمشى منه القربة وتصح منه العبادة وان كان في الواقع نهي كما عرفت في مثال الجهل بالغصب او الجهل بالحرمة عن قصور مع ان قضية ظاهر العنوان هو ترتب الفساد على نفس النهي الواقعي ـ اي سواء علم به ام لا لكن فيه لا يتم شيء مما ذكره لا في المعاملات ولا العبادات اما المعاملات فيتم فيما لو تعلق النهي بامر خارج عن المعاملة كبيع وقت النداء اما لو تعلق بنفس البيع وكان مامور به ايضا كحرّم الربا ايضا هلا يكون مجال لتوهم الفساد في كلا بل فاسد قطعا مع انه نهي مولوي تحريمي لا ارشادي إلى الفساد فقط واما ما ذكره في العبادات في

.................................................................................................

______________________________________________________

القسم الاول من انه لا اشعار في النهي فكيف بان تدل على عدم وجود المصلحة فيه هو نفس المدعي ومحل البحث والكلام فالتمسك به مصادرة للمطلوب واما من ناحية التقرب فقد تقدم الكلام فيه وان العمل باطل سواء علم بالنهي ام لا ويكون من باب التعارض لا التزاحم فيكشف عن ان النهي التحريمي يوجب الفساد والمبغوضية وعدم قصد القربة مع العلم من الامور الاتفاقية معه ـ الوجه الثاني انه لو سلم كون الفساد المفروض في محل الكلام هو الفساد من تلك الجهة الأخيرة لما كان معني لانكاره من احد في العبادات بعد تسلمهم على لزوم قصد القربة فيها وعلى ذلك فلا مجال لارادة النهي المولوي التحريمي من لفظ النهي في عنوان البحث كما انه لا مجال ايضا لارادة النهي الارشادي منه لا نه ايضا مما لا اشكال في دلالته على الفساد في العبادات والمعاملات بل لا بد وان يكون المراد منه في العنوان طبيعة النهي في نفسه فيكون مرجع النزاع حينئذ إلى النزاع في ان النهي المتعلق بالشيء عبادة كانت ام معاملة مولوي تحريمي كى لا يقتضي الفساد ام نهي ارشادي إلى خلل فيه حتى يوجب الفساد الخ لكن فيه ايضا عدم امكان التقرب به في العبادات شيء زائد على المبغوضية فكيف يتمسك به على الفساد وتظهر الثمرة في صورة الجهل عن قصور فان كان مجرد عدم امكان التقرب فهل تصح عند الجهل عن قصور مع حصول التقرب به كلا لا يصح كالصلاة حال الحيض جهلا بل الربا جهلا مع انه لا يعتبر في البيع الربوي قصد التقرب اصلا فالمنشأ للفساد ليس إلّا النهي التحريمي لا غير فتغير العنوان لا وجه له اصلا كما لا يترتب عليه الثمرة.

وحيث اتضحت هذه الجهات نقول (١) ان النهي تارة في العبادات (٢) واخرى في المعاملات بالمعني الاعم (٣) وثالثه في المعاملات بالمعني الاخص (٤) اما العبادات (٥) فتارة يتعلق النهي بنفس العنوان (٦) وأخرى متعلق بجزئه (٧) وثالثه بشرطه (٨)

______________________________________________________

(١) اذا عرفت هذه الامور يقع الكلام في مقامات.

(٢) المقام الاول في العبادات وهي ما لا تصح الا مع قصد القربة.

(٣) المقام الثاني في المعاملات بالمعني الاعم وهي مطلق ما لا يقتصر في صحته إلى قصد القربة فيعم الحيازات ونحوها ايضا.

(٤) المقام الثالث في المعاملات بالمعني الاخص وهي العقود والايقاعات فقط قال شيخنا الاعظم الانصاري في التقريرات ص ١٥٨ واما وجه التعميم فيه بالنسبة إلى ما يتصف بالصحة فامران احدهما عموم الادلة كما ستعرف الثاني ما ذكره الشيخ في محكي المبسوط في الاستدلال على عدم حصول الطهارة فيما لو استنجي بالمطعوم ونحوه مما تعلق النهي بالاستنجاء عنه قال كل ما قلنا لا يجوز استعماله لحرمته او لكونه نجسا ان استعمل في ذلك ونقي به الموضع لا يجزي لانه منهي عنه والنهي يقتضي الفساد.

(٥) الكلام في المقام الاول وهو العبادات وتتعلق النهي بها على انحاء.

(٦) النحو الاول ان يتعلق النهي بنفس العنوان كالنهي عن الصلاة في ايام العادة والنهي عن الصوم في يوم العيدين ونحو ذلك من العبادات المحرمة.

(٧) النحو الثاني ان يتعلق النهي بجزء العبادة كالنهي عن قرائه سور العزائم في الصلاة.

(٨) النحو الثالث ان يتعلق النهي بشرط العبادة الخارج عنها كالنهي عن التستر بالثوب الحرير او المغصوب للصلاة او الطواف ونحوه.

ورابعة بوصفه الملازم (١) فان (٢) تعلق النهي بنفس العنوان

______________________________________________________

(١) النحو الرابع النهي عن وصفها الملازم لها كالنهي عن الجهر بالقراءة فان الجهر بالقراءة مما لا ينفك عن القراءة وان جاز انفكاك القراءة عن الجهر بها قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٦ وخامسة بوصفها المفارق كالغصبية لاكوان الصلاة المنفكة عنها وعلى التقادير فالنهي اما ان يكون مولويّا واما ارشاديا إلى خلل في العبادة اما لعدم الملاك فيها او من جهة اقتران ملاكها بالمانع كالنهي عن التكتف في الصلاة او من جهة كونه مخلا بغيره كالنهي عن الصلاة في الصلاة مثلا واما ان يكون في مقام دفع توهم الوجوب الفعلي او المشروعية الفعلية او الاقتضائية فهذه انحاء صور النهي المتعلق بالعبادة وربما يختلف النتيجة حسب اختلاف الصور فلا بد ح من بيان ما للصور المزبورة من اللوازم والآثار.

(٢) النحو الاول وهو ما تعلق النهي بنفس العنوان فهل يقتضي فساد العمل وعدم وجود الملاك والمصلحة فيه فيه كلام بينهم ذهب صاحب الكفاية والمحقق النائيني وغيرهما إلى الفساد وذهب المحقق العراقي إلى عدم دلالته على الفساد وقد تقدم الاشارة اليه وسيأتي ايضا مفصلا قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٩٤ ان النهي المتعلق بالعبادة بنفسها ـ مقتض لفسادها لدلالته على حرمتها ذاتا ـ أي وجود مفسدة في متعلقه ـ ولا يكاد يمكن اجتماع الصحة بمعني موافقة الامر او الشريعة مع الحرمة وكذا بمعني سقوط الاعادة ـ اي اطلاق الامر او عمومه الشامل لمتعلق النهي وان كان يدل على وجود مصلحة فيه إلّا ان تقديم النهي على الامر فيه دل على غلبة ملاك النهي على ملاك الامر فلم يبق له اثر مرغوب فيه عند الشارع ـ فانه مترتب على اتيانها بقصد القربة وكانت مما يصلح لان يتقرب بها ومع الحرمة لا تكاد تصلح لذلك ـ اي التقرب ـ و ـ اي

.................................................................................................

______________________________________________________

كما لا تكاد ـ يتأتى قصدها من الملتفت إلى حرمتها. وبمثل ذلك قال المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٣١٢ المناسب في تحرير الاستدلال ان يقال ان صحة العبادة وتاثيرها اثرها ليست إلّا بمعني وقوعها قريبة من المكلف ولا يعقل التقرب بما هو مبغوض المولي فعلا وان لم نقل بالحاجة إلى الامر في وقوع العبادة قريبة حتى يعم العبادات الذاتية فان صحتها ووقوعها مقربة لا يتوقف على الامر بها لكنها تتوقف على عدم مبغوضيتها اذ المعبد ما هو مبعد لا يكون مقربا. واورد على الكفاية استادنا الآملي في المنتهى ص ١٦٧ ولا يخفي ان هذا لدليل لو تم فانما يدل على فساد العبادة في حال تنجز النهي على المكلف لانه هو الحال الذي يكون فيه المنهي عنه مبغوضا والاتيان به مبعدا للعبد عن المولي ولا يتأتى من المكلف نية التقرب به واما المنهي عنه في حال عدم تنجز النهي عنه فلا يكون مبغوضا بالفعل ولا يكون الاتيان به مبعدا للعبد فاذا كان ذلك الفعل مشتملا على ملاك الامر والتفت المكلف اليه مع جهله بالنهي عنه جهلا يمنع من تنجزه فلا مانع من التقرب بمتعلقه في هذا الحال ولو بملاحظة الملاك والمفروض ان المدعي في محل النزاع في هذه المسألة هو كون النهي بوجوده الواقعي الفعلي دالا على فساد متعلقه سواء تنجز ام لم يتنجز وعليه يكون الدليل المذكور اخص من المدعي. وقال في المجمع ج ٢ ص ٨١ وهذا الكلام وان كان خلاف الاجماع واللائق بشأنه مراعاة للاجماع ان يقول هنا بالفساد مطلقا ولكن حيث يقول بان الباب باب التعارض في ذلك المقام ـ اى على الامتناع في باب الاجتماع واختار في ذاك الباب الامتناع ايضا ـ لا يصح ذلك ايضا لانه لو كان الملاك التعارض فيجب ان يقول في المقامين بالبطلان في صورة الاجتماع في العلم والجهل وهذا خلط منه. قال في ص ٨٠ وليس المقام مثل مقام الشك في القدرة حتى يقال انها صحيحة في صورة الجهل بالنهي لان

.................................................................................................

______________________________________________________

في المقام ما يحتمل قرينيته على عدم الملاك وهو النهي فعلي جميع التقادير تكون العبادة فاسدة في العلم والجهل. وذكر المحقق النائيني في وجه الفساد في الاجود ج ٢ ص ٣٩٦ واما الدليل على المدعى أعني به دلالة النهي على الفساد فهو ان النهي اذا تعلق بذات عبادة ولو كان ذلك بواسطة امر آخر يكون واسطة في الثبوت فهو لا محاله يستلزم عدم الامر بها فان اعتبرنا في صحة العبادة تعلق الامر بها كما اختاره صاحب الجواهر قده فدلالة النهي عن العبادة على فسادها في غاية الوضوح وان اكتفينا في صحتها باشتمالها على الملاك كما هو المختار فلان الملاك الذي يمكن بحكم العقل ان يتقرب بالفعل المشتمل عليه من المولي انما هو الملاك الذي يكون في حد ذاته علة تامة للبعث ولم يكن عدم طلب المولى على طبقه الا من جهة عدم قدرة المكلف على امتثاله لاجل وجود طلب آخر اهم من ذلك الطلب كما هو الحال في موارد التزاحم في مرحلة الامتثال واما الملاك المعدوم او المغلوب لملاك النهي فكما انه يستحيل كونه داعيا للمولى إلى البعث يستحيل ان يكون موجبا لصحة التقرب بما اشتمل عليه فاذا فرضنا ان اكرام العالم الفاسق ليس فيه ملاك يقتضي طلبه او فرضنا ان ملاكه مغلوب لملاك حرمته امتنع التقرب به من المولي وبما ان المفروض في المقام حرمة العبادة وانها تكشف كشفا قطعيا عن عدم ملاك الامر فيها او عن كونه مغلوبا لملاك طلبه لا يصح التقرب بها قطعا مضافا إلى ما ذكرناه في المبحث السابق من ان فعلية التقرب بما يصلح ان يتقرب به في نفسه مشروطة عقلا بعدم كونه مزاحما بالقبح الفاعلي وبما ان العبادة المنهي عنها تصدر مبغوضه ومتصفة بالقبح الفاعلي يستحيل التقرب بها من المولي وان كان فيها ملاك الوجوب أيضا الخ فيكون المورد من التعارض ويكون من تكافؤ الدليلين وتكون العبادة غير مشروعة واجاب عنه استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٧٩ وفيه ان

.................................................................................................

______________________________________________________

مسلكه قدس‌سره هو ان سقوط الخاص بالدلالة المطابقية فيما يكون ـ أي التعارض ـ من العام والخاص كصم ولا تصم يوم العيد ـ يكون مستلزما لسقوطه بجميع المراتب من الارادة والحب والملاك بمعنى ان ما لا أمر له لا ملاك له أيضا فعلى هذا لا يكون في المقام ملاك حتى يقول انه مغلوب فكلامه من هذه الجهة غير تام. والعمدة هو بيان كلام المحقق العراقي في عدم الفساد قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٥٦ فنقول اما اذا كان النهي متعلقا بعنوان العبادة وكان مولويا محضا فهو كما عرفت غير مقتض لفساد العبادة الا من جهة قضية الاخلال بالقربة الموقوفة على العلم به وإلّا فمن جهة فقد انها للملاك والمصلحة لا دلالة عليه بوجه من الوجوه لان غاية ما يقتضه النهي المزبور بما انه نهي مولوي تحريمي انما هو الدلالة على قيام المفسدة في متعلقه واما الدلالة على عدم وجود ملاك الامر والمصلحة فيه ولو من جهة اخرى فلا نعم مع الشك في الملاك كان مقتضي الاصل هو الفساد ولكنه غير مرتبط باقتضاء النهي المولوي لذلك كما هو واضح. لكن بيان اوضح وبرهان اتقن هو ما ستعرف في شرح المتن.

فلا شبهة (١) في ان طبع النهي يقتضي المولويّة النفسيّة ولازمه (٢) اقتضائه كون العنوان مما احتيج إلى عدمه (٣) ولازمه (٤) استحالة الاحتياج إلى وجوده بنفسه (٥) فيستحيل (٦) ح كون العنوان المزبور مصلحة ومفسدة ملازمة لمحبوبيّته نفسيا ومبغوضيته كذلك (٧) فقهرا (٨) يقتضي مثل هذا النهي فساد متعلقه فيتعارض مع الامر

______________________________________________________

(١) وملخصه يكون النهي في نفسه مع قطع النظر عن القرينة ظاهرا في المولوية النفسية وذلك بطبعه واطلاقه وغيره يحتاج إلى القرينة.

(٢) اي لازم النهي المولوي النفسي الدال بطريق الإنّ على وجود المفسدة في متعلقه والعرف يفهم من ذلك بنحو الالتزام ان لا مصلحة في المتعلق.

(٣) ان الحرمة النفسية مع اطلاق الوجوب النفسي الدال بطريق الإنّ على وجود المصلحة الملزمة في متعلقه والعرف يفهم من ذلك بنحو الالتزام ان لا مفسدة فيه شموليا كان ام بدليا متنافيان فلا محاله يكون دليل الحرمة لكونه اقوى من دليل الوجوب مقيدا له بعدم المنهي عنه.

(٤) ولازم التقييد انه يستحيل من المولي ارادة وجود المتعلق بعد ما كان مغلوبا للنهي.

(٥) وتقييد العنوان بعدمه اى الصلاة في غير ايام العادة والصوم في غير العيدين.

(٦) فحينئذ محال ان يجتمع المصلحة والمفسدة في هذا المتعلق بعد تقييده به بل مفسدة ليس إلّا.

(٧) وكذا لا يجتمع المحبوبية النفسية والمبغوضية النفسية بعد ما كان العنوان مقيدا بعدمه فمبغوض ليس إلّا وهذا امر واضح ولو اجتمع كان من اجتماع الضدين وهو محال.

(٨) فقهرا يتعارض النهي الدال على فساد متعلقه والامر الدال على الصحة.

المقتضي لصحته و (١) ربما ينتهي امرهما إلى التساقط واصالة عدم المشروعية (٢) ولكن (٣) غلبة كون الامر او النهي في الشريعة

______________________________________________________

(١) ويتساقطان وذلك يستلزم الشك في كون مورد المعارضة مشروعا فبضميمة اصالة الفساد في كل عبادة شك في مشروعيتها ينتج الفساد هذا اذا وصل النوبة إلى التعارض والتساقط.

(٢) وربما لا ينتهي إلى ذلك فالنهي يدل على الفساد قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٦٨ واما بناء على تقديم دليل الحرمة فان كان الدليلان متباينين فلا محاله يكون ترجيح احد المتعارضين بملاحظة المرجحات السندية او ما يئول اليها وح يكون تقديم دليل الحرمة كاشفا عن كذب دليل الوجوب وموجبا لفعلية النهي في مورد المعارضة وفعلية النهي عن العمل المحتمل كونه عبادة تدل على كونه غير مشروع فيقع فاسدا ـ اي ذلك ايضا على مختار المحقق الماتن لاحتمال عباديته يجري فيه اصالة عدم المشروعية وفساده لذلك ـ وان كان الدليلان متعارضين بالعموم والخصوص المطلق فما ان الحق هو تقديم الخاص على العام لكونه اقوى دلالة على حكم مورد المعارضة يكون حجة في مدلوله المطابقي لانه مورد المعارضة واما مدلوله الالتزامي فلا يتقدم فيه على العام اذ ليس هو بأقوى دلالة عليه من دلالة العام على مدلوله الالتزامي فاذا تكافئا تساقطا وذلك يوجب الشك في كون مورد المعارضة مشروعا فلا بد من الرجوع إلى اصالة الفساد في استنتاج فساد مورد المعارضة حيث يؤتى به عبادة فلا يكون نفس النهي دالا على فساده ـ إلى ان قال في ص ١٧٥ قد عرفت ان النهي النفسي المتعلق بالعبادة لا يقتضي بنفسه فسادها بل هو يهيأ العبادة لجريان أصالة الفساد وذلك لان النهي اذا تعلق بعنوان قد تعلق به الامر ولو باطلاقه كما هو المفروض في المقام حصل التعارض بينه وبين الامر فيتساقطان ومعه يكون مقتضي الاصل عدم المشروعية.

(٣) ثم ان المحقق العراقي يدعي عدم ظهور النهي في المولوية النفسية بل ظاهر في الارشاد إلى المفسدة في المتعلق.

بحسب لبّ المحبوبيّة والمبغوضية غيرية (١) وانما نفسيتها كانت في مرحلة التحميل على العباد (٢) يمنع عن الحمل على هذا الظهور (٣) وح لا يقتضي النهي المزبور الا وجود مفسدة فيه (٤) لا ان المتعلّق بنفسه مفسدة (٥) وهذا المقدار (٦) لا يقتضي منع المصلحة في المتعلق وعليه (٧) لا مقتضي لطبع هذا النهي في الفساد بل (٨) لو كان متعلق الامر والنهي عنوانان متغايران مجتمعان في واحد طبع

______________________________________________________

(١) والوجه في ذلك هو انه قد مر مرارا ان الاوامر والنواهي كلها في الواقع غيرية باعتبار المصالح والمفاسد الموجودة في متعلقاتها ومحبوبيتها ومبغوضيتها لاجل توقف تلك المصالح عليها.

(٢) وانما يكون في ظاهر الخطابات نفسية مولوية لان يكون داعيا للمكلفين وتخويفا لهم بان يقوموا في العمل والطاعة وان لا يقولوا لو لم يكن بلسان البعث والزجر نحن لا نريد درك المصالح ولا نريد اجتناب المفاسد فالأمر والنهي لامر سد هذا الباب.

(٣) فمن اجل ذلك نمنع عن الظهور في المولوية النفسية واقعا ويكون ارشادا إلى تلك المصالح والمفاسد.

(٤) فالنهي ارشاد إلى وجود المفسدة في المتعلق.

(٥) لا ان المتعلق منحصر فيه المفسدة لا غير حتّى يمنع عن وجود المصلحة فيه.

(٦) وهذا المقدار من الارشاد إلى وجود المفسدة فيه لا ينفي عدم المصلحة.

(٧) وبذلك لا يكون مقتضي طبع النهي هو الفساد.

(٨) ولازم ذلك لو تعلق الامر بعنوان كالصلاة والنهي بعنوان آخر كالغصب في امرين متغايرين مجتمعين في واحد فيكشف كل عن ملاك يخصه بمقتضى طبع كل خطاب.

اطلاق خطابي الامر والنهي يقتضي ادخاله في باب التزاحم (١) نعم (٢) لو كان الخطابان متعلقين بعنوان واحد امكن اثبات التعارض بينهما بالتقريب السابق في تنبيهات المسألة السابقة (٣) ولكن ذلك (٤) ايضا ليس من باب اقتضاء النهي للفساد بل انما كان الفساد بواسطة الاصل (٥) بعد تعارض الامر (٦) معه (٧) في نفى محبوبيّة تركه بجميع مباديه (٨) كيف (٩) و (١٠) لو لا اقتضاء الامر ذلك لما كان

______________________________________________________

(١) فيدخل ذلك في باب التزاحم لا التعارض وخارج عن محل الكلام فمحل الكلام.

(٢) لو كان الخطابين متعلقين بعنوان واحد صل ودع الصلاة ايام اقرائك.

(٣) فيكون من باب التعارض لتعلق الامر بنفس ما تعلق به النهي وعدم تعدد الحدود والجهات ويكون من التكاذب.

(٤) لكن ايضا ليس من دلالة النهي على الفساد وعدم وجود المصلحة في المتعلق.

(٥) وانما الفساد من جهة اصالة عدم المشروعية واصالة الفساد.

(٦) وذلك لانه يتعارض الامر.

(٧) مع النهي.

(٨) الامر الذي يدل على عدم محبوبية ترك الفعل بجميع مباديه من الارادة والشوق والملاك والمصلحة والعزم والجزم.

(٩) ان قلت من اين عرفت ان الامر بجميع مباديه يعارض مع النهي.

(١٠) قلت لو لم يقتض الامر ذلك بان يدل على جميع مباديه من المحبوبية والملاك والارادة وغيرها لما كان النهي معارضا له.

النهي معارضا له ولا مقتضيا لفساده (١) فالفساد (٢) في مثل هذا الفرض جاء من قبل المعارضة واصالة الفساد وح لو فرض ترجيح النهي على الامر (٣) لازمه (٤) منع دلالة الامر على عدم المقتضي لتركه (٥) وهذا المقدار لا يوجب فساده (٦) مع احتماله (٧) فيكشف ذلك ان هذا الفساد ليس لاقتضاء في النهي (٨) كما هو ظاهر ثم ان ذلك كله (٩) في اقتضاء النهي

______________________________________________________

(١) ولا مقتضيا لفساد المتعلق.

(٢) فالفساد انما جاء من قبل المعارضة ولا تعارض الا مع كون الامر بجميع شئونه النهي يعارضه وبدونه لا تعارض مع النهي كالامر الاقتضائي مع النهي الفعلي فان الامر الاقتضائى لا داعوية ولا بعث له حتّى يعارض النهي معه كما هو واضح.

(٣) وعلى هذا عند التعارض والتكاذب لا بد من الترجيح بمرجحات باب التعارض واشرنا اليه في ما تقدم ويقدم جانب النهي.

(٤) فلازم الترجيح.

(٥) ان الامر لا تدل على عدم المقتضي لتركه ولا عدم محبوبية تركه.

(٦) لكن لا تدل على عدم المصلحة في فعله وفساده.

(٧) لاحتمال المحبوبية كذلك في فعله فيجري اصالة عدم المشروعية والفساد.

(٨) فلا يكون الفساد الا من جهة الاصل لا من جهة اقتضاء نفس النهي ذلك كما مر مرارا.

(٩) هذا كله في تعلق النهي بالعنوان فلا يقتضي الفساد الواقعي وانما غايته التعارض والتساقط او تقديم جانب النهي واحتمال بقاء المحبوبية فيرجع إلى أصالة عدم المشروعية.

الفساد الواقعي (١) وإلّا (٢) فلا شبهة في انه مع تنجز المنهي عنه لا يصلح ان يتقرب به ولكن قد عرفت ان هذا الفساد في ظرف تنجز النهي ليس مورد بحث حتّى في موارد التزاحم (٣) فضلا عن مورد الكلام الذي اشرنا بانه من صغريات باب التعارض (٤). وبالجملة نقول : (٥) إن في اقتضاء النهي المولوي النفسي بنفس العنوان (٦) فساد المتعلق الملازم لعدم مشروعية بعد (٧) فرض ظهور ثانوي في كون لب المحبوبية والمبغوضية فيها غيرية وان نفسيّتها انما هو في مرحلة التحمل على العباد حتّى في العبادات

______________________________________________________

(١) والمراد من الفساد الواقعي هو مبغوضية المتعلق سواء علم بالنهي ام لا.

(٢) واما لو كان المراد الفساد التنجزي وعدم حصول التقرب به مع النهي فلا محاله يترتب عليه ولا يمكن التقرب به مع العلم بالنهي دون الجهل عن قصور.

(٣) لكن هذه الجهة من نية التقرب خارج عن محل الكلام فان في باب التزاحم قلنا بذلك فكيف بهذا الباب.

(٤) وهو باب التعارض.

(٥) ثم يرجع إلى ما ذكره اولا من ان النهي لا يدل على الفساد وانما الدال عليه الاصل عدم المشروعية.

(٦) وان النهي المولوي النفسي بنفس عنوانه يقتضي الفساد وعدم الملاك والمصلحة في المتعلق الملازم لعدم مشروعية المتعلق لا يمكن اثباته لعدم الدليل عليه.

(٧) بعد ما تقدم أن الأمر والنهي لهما ظهور ثانوي في المحبوبية والمبغوضية غيرية.

فضلا عن غيرها (١) دونها خرط القتاد نعم (٢) ربما يوجب مع وحدة عنوان الخطابين فساد المتعلق من جهة التعارض المنتهى إلى عدم اصالة المشروعية فان تقنع بهذا المقدار في اقتضاء النهي للفساد نقول به (٣) ولكن في ذلك الفساد يشترط وجود امر معارض له (٤) وإلّا فلو لم يكن في البين أمر يقتضي نفى الاقتضاء في تركه (٥) لا يقتضي صرف النهي عنه ذلك (٦) لامكان كونها من باب التزاحم (٧) كما لا يخفى (٨) هذا ولكن يمكن

______________________________________________________

(١) وتقدم أن نفسيتها لأجل الطاعة والتحريك نحو الفعل في الأمر والانزجار في النهي.

(٢) وكما عرفت ربما يتعلق الامر والنهي بعنوان واحد ويكون من التعارض والتساقط ويجري اصالة عدم المشروعية.

(٣) فالفساد من جهة اصالة عدم المشروعية لا من جهة اقتضاء نفس النهي كما ذكروه.

(٤) لكن هذا الفرض لا بد من امر يكون في قباله النهي حتّى يتعارضان ويتكاذب كل منهما الآخر.

(٥) واما لو فرضنا انه لا امر كذلك يدل على وجود المصلحة في متعلقه ولا مفسدة فيه.

(٦) فالنهي وحده الدال على وجود المفسدة في متعلقها لا يدل على الفساد.

(٧) لانه يمكن ان يكون من باب التزاحم وان الامر يكشف عن المصلحة في المتعلق ببعض حدوده والنهي يكشف عن وجود المفسدة فيه ببعض حدوده.

(٨) قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٥٦ واوضح من ذلك ما لو كان النهي في مقام دفع توهم الوجوب الفعلي وذلك من جهة وضوح أن غاية ما يقتضيه مثل هذا النهي إنما هي الدلالة على عدم وجوبه واما دلالته على عدم

في امثال هذه النواهي (١) دعوى ظهور ثانوي في كونها في مقام توهم المشروعية وحينئذ لا قصور في اقتضاء ظهوره فساد المتعلق لا من جهة الملازمة العقلية الراجع اليه الوجه السابق بل النهي بلفظه ويقتضي عدم المشروعية مثل هذه العبادة الملازم لقصوره في اقتضائه فتدبر ثم ان ذلك في كله النهي بنفس العنوان

______________________________________________________

استحبابه ورجحانه فلا فضلا عن الدلالة على عدم الملاك والمصلحة فيه او الدلالة على وجود المفسدة في متعلقه وح لو كان في البين عموم او اطلاق يثبت رجحانه واستحبابه فهو وإلّا فالاصل يقتضي الفساد لما عرفت من انه لا بد في صحة العبادة من احراز رجحانها فمع الشك في رجحانها ومشروعيتها كان مقتضي الاصل هو عدم مشروعيتها وكذا الكلام فيما لو كان النهي في مقام دفع توهم المشروعية الفعلية كما في النهي عن النافلة في وقت الفريضة فانه ايضا لا يقتضي فساد العبادة من جهة عدم الملاك اذ لا يقتضي ازيد من عدم المشروعية الفعلية وعدم الرجحان والمحبوبية الفعلية في العمل ولا ملازمة بين عدم المشروعية وبين عدم الملاك والمصلحة فيه وعليه فلو قام دليل على وجدان العمل للملاك في هذا الفرض يندرج في صغريات المسألة السابقة واما لو لم يقم دليل على ذلك كان الاصل فيه هو الفساد بالبيان المتقدم.

(١) قال المحقق الماتن ان ظاهر هذه النواهي ظهور ثانويا في مقام توهم المشروعية فلا محاله يقتضي عدم المشروعية لكن لا بالملازمة العقلية ولا باصالة الفساد بل نفس النهي دال على ذلك وان هذا العمل قاصر في اقتضائه قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٧ واما لو كان النهي في مقام دفع توهم المشروعية الاقتضائية ففى هذا الفرض كان النهي يقتضي الفساد من جهة دلالته ح على انتفاء الملاك والمصلحة فيه الخ لكن قال استادنا الآملي في

.................................................................................................

______________________________________________________

المنتهى ص ١٧٢ وان كان النهي واردا في مقام توهم ان متعلقه مشروع فيكون دالا على عدم تشريعه لان العموم الذي يدل على كونه مامورا به يدل على تشريعه فيكون معارضا للنهي الدال على عدم تشريعه ومع التساقط يكون المرجع هى اصالة عدم التشريع فيكون هذا الاصل هو الدال على عدمه لا النهي. وقال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٥٧ ومثل ذلك ما لو كان النهي ارشادا إلى خلل في العبادة لانتفاء الملاك رأسا او اقترانه بالمانع كالصلاة متكتفا حيث انه كان النهي ايضا موجبا لفسادها من دون اقتضائه للحرمة والمبغوضية نعم لو كان قضية النهي المزبور هو الارشاد إلى كونه مخلا بغيره كالنهي عن الصلاة في الصلاة ففي هذا الفرض بالنسبة إلى العمل الذي وقع فيه العمل المنهي كان النهي دالا على فساده واما بالنسبة إلى نفس هذا العمل الذي نهي عن اتيانه فلا دلالة على فساده وح فلا بد ان يلاحظ العمل الذي اخل به باتيان العبادة في اثنائه فان كان غير الفريضة فلا اشكال اذ لا يكون ابطاله ح حراما حتى يحرم ما اوجد في اثنائه واما ان كان من الفرائض التي يحرم ابطالها فيحرم قهرا ما اوجد في اثنائه بالحرمة الغيرية فيندرج ح في صغريات المسألة السابقة فيفسد مع العلم بالنهي بناء على الامتناع وتقديم جانب النهي. إلى هنا تبين ان النهي بنفسه لا يدل على الفساد وعدم المصلحة في المتعلق وانما يكون بمعونة اصالة عدم المشروعية ومجرد ذلك لا يوجب كون البحث صغرويا لا كبرويا كما مر في كلام المحقق واستحسنه غيره وعين الفارق بين المولوي والارشادي استادنا الآملي في المنتهى ص ١٧٠ ولا بأس بالاشارة اليه قال والظاهر ان النهي اذا لم يكن وارد عقيب توهم الوجوب او لم يكن ناظرا إلى حال من احوال المامور به يكون ظاهرا في المولوي وعلى هذا يكون ظهوره في الارشاد محتاجا إلى قرينة كوروده عقيب توهم او كونه ناظرا إلى بعض احوال المامور به ونحو

واما النهي (١) بجزئه او شرطه فالظاهر (٢) انه لا اشكال عندهم في

______________________________________________________

ذلك وما كان ناظرا إلى بعض احوال المأمور به قد يكون ارشادا إلى كون متعلقه غير العبادي مانعا من صحة العبادة كالنهي عن الاكل والشرب في الصلاة الخ والمتبع الظهور كما مر وقد تقدم ان النهي ظاهر في المولوية وان الارشادية بمعنى الارشاد إلى المصلحة والمفسدة غير ظاهرة وليس بمراد جزما وان كان كذلك واقعا ويكون النهي المولوي التحريمي بمقتضى المتفاهم العرفي كاشفا عن عدم الملاك والمصلحة لان العبادية لولائي بانه لو لا النهي كان عبادة يحتاج إلى قصد التقرب وباب التعارض لو تعلق به الامر لا وجود الامر الفعلي وما ذكرناه من المقدمات الأولية وكذلك الامر في النهي عن جزء العبادة وشرطها الآتي.

(١) النحو الثاني والثالث وهو تعلق النهي بجزء العبادة او شرطها ويتفقان في الحكم الا من بعض الجهات الآتية قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٧ وأما النهي المتعلق بجزء العبادة ففيه أيضا الصور المزبورة من كونه تارة ممحضا في المولوية وأخرى ارشاد إلى خلل في الجزء وثالثة في مقام دفع توهم الوجوب الفعلي او المشروعية الفعلية او الاقتضائية ـ إلى ان قال ـ واما النهي المتعلق بالشرط ففيه أيضا الصور المزبورة. وتوضيح ذلك قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٧١ ان النهي عن شيء من هذه الامور كالنهي عن نفس العبادة يكون على انحاء فتارة يكون نهيا مولويا محضا واخرى يكون النهي عن الشيء واردا في مقام توهم وجوب الاتيان بالشيء المزبور في العبادة وثالثة يكون في مقام توهم كون الشيء مشروع الاتيان به في العبادة ورابعة يكون في مقام توهم كون الشيء جزء من العبادة وخامسة يكون في مقام الارشاد إلى مانعية المنهي عنه عن صحة العبادة هذا كله من حيث الثبوت و.

(٢) اما من حيث الاثبات فالضابطة في مقام الشك في ارادة احد هذه الامور من النهي هو احدا امرين احدهما.

ان النهي او الامر الوارد في بيان كيفية العبادة (١) لمحض الارشاد إلى جزئيته او شرطية او عدمهما (٢) بلا احتمال (٣) مولويته نفسيا كي يجيء منه البيانات السابقة (٤) نعم ليس مثل هذا النهي من

______________________________________________________

(١) ان يكون النهي وارد في مقام وجوب شيء في العبادة.

(٢) اي لا شبهة في ان الامر او النهي ارشاد إلى جزئية ذلك الشيء او شرطيته للعبادة بعد ما كان في بيان كيفية العبادة من حيث الدخالة وذلك بالظهور الثانوي.

(٣) ان النهي وان كان في نفسه اعني مع قطع النظر عن القرينة ظاهرا في المولوية إلّا ان وروده في مقام من المقامات المذكورة يوجب ظهوره في غير المولوية فلا يحمل عليها مع وروده في بعض هذه المقامات الا لقرينة نفي ظهوره الثانوي.

(٤) اي لو كان النهي ظاهرا في المولوية النفسية يجري فيه البيانات المتقدمة قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٨ فالنهي المولوي فيه ـ اي في الجزء ـ أيضا غير مقتضي لفساد الجزء الامن جهة الخلل في القربة الذي عرفت انه مترتب على العلم بالنهي لا على النهي الواقعي ـ إلى ان قال واما النهي المتعلق بالشرط فالنهي المولوي فيه ايضا غير مقتض لفساده إلّا اذا كان فيه جهة ارشاد إلى خلل فيه فيفسد وبفساده يفسد المشروط ايضا في فرض الاقتصار على الشرط المنهي بلحاظ انتفاء المشروط بانتفاء شرطه. لكن المحقق النائيني في الاجود ج ٢ ص ٣٩٧ اختار الفساد قال ان تحريم الجزء يستلزم اخذ العبادة بالاضافة اليه بشرط لا سواء اتي به في محله المناسب له كقراءة العزيمة بعد الحمد ام اتي به في غير محله كقراءتها بين السجدتين ويترتب على ذلك امور كلها موجبة لبطلان العبادة المشتملة عليه الاول كون العبادة مقيدة

.................................................................................................

______________________________________________________

بعدم ذلك المنهي عنه فيكون وجوده مانعا عن صحتها وذلك يستلزم بطلانها عند اقترانها بوجوده الثاني كونه زيادة في الفريضة فتبطل الصلاة بسبب الزيادة العمدية المعتبر عدمها في صحتها ولا يعتبر في تحقق الزيادة قصد الجزئية اذا كان الماتي به من جنس احد اجزاء العمل نعم يعتبر قصد الجزئية في صدقها اذا كان الماتي به من غير جنسه الثالث خروجه عن ادلة جواز مطلق الذكر في الصلاة فان دليل الحرمة لا محاله يوجب تحصيصها بغير الفرد المحرم فيندرج الفرد المحرم في عموم أدلة بطلان الصلاة بالتكلم العمدي اذ الخارج عن عمومها انما هو الذكر غير المحرم وما ذكرناه هو الوجه في بطلان الصلاة بالذكر المنهي عنه ، قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٨٣ والفرق بين ما ذهب اليه المحقق الخراساني وشيخنا النائيني هو ان المناط هو زيادة الجزء أو نقصانه لا أن النهي يقتضي فساد الكل فعليه لو فرض أن الجزء المنهي لم يرجع إلى زيادة او نقصان الوجه لبطلان العبادة بخلاف ما ذكره النائيني فان لازم كلامه من ان المركب يصير مشروطا بعدم هذا الجزء يصير نفس المركب لوجود المانع او لفقد الشرط باطلا سواء رجع إلى الزيادة ام لم يرجع. وعلى اي قد اورد عليه استادنا الآملي في المنتهى ص ١٧٣ ولا يخفى ما فيه من مواقع النظر اما اولا فلما عرفت من ان النهي عن ايقاع شيء في العبادة يكون على انحاء مختلفة منها ما يكون ظاهرا في كون المنهي عنه مانعا من صحة العبادة كما اذا قيل لا تاكل او لا تبك في الصلاة ومنها ما يكون ظاهرا في الحرمة المولوية كالنهي عن الرياء الذي قد ينطبق على بعض اجزاء العبادة ومثله لا يستفاد منه تقييد العبادة بعدم المنهي عنه بالنهي العام بسبب انطباق العنوان العام فلا وجه لدعوى ان النهي مطلقا عن شيء في العبادة يوجب تقييدها بعدمه اما ثانيا فلان الزيادة التي توجب بطلان العبادة لا يستند بطلان العبادة إلى

.................................................................................................

______________________________________________________

عنوانها الوجودي اعني به عنوان الزيادة بل يستند بطلانها إلى التحريم القيد الذي تقيدت العبادة به وهو عدم تلك الزيادة فاذا كان كل ما قيدت العبادة بعدمه يكون وجوده مانعا فلا محالة تكون الزيادة أحد مصاديق المنع وحينئذ يستند بطلان العبادة ذات الزيادة إلى وجود المانع لا إلى عنوان الزيادة وعليه لا يكون وجه لجعل الزيادة بعنوانها الخاص مبطلا آخر غير وجود المانع وكذلك الشأن في الذكر المحرم اذا فرض كونه مبطلا. واستادنا الخوئي في هامش الاجود ج ٢ ص ٣٩٧ اجاب عن شيخه بوجوه الاول لا يخفى ان حرمة جزء العبادة لو كانت موجبة لاعتبار العبادة بالاضافة اليه بشرط لا لكانت حرمة كل شيء موجبة لذلك ايضا اذ لا فرق في هذه الجهة بين كون المنهي عنه من سنخ اجزاء العبادة وعدم كونه من سنخها فلا بد من الالتزام ببطلان كل عبادة أتى في ضمنها بفعل محرم خارجي كالنظر إلى الاجنبية في الصلاة مع انه واضح البطلان فالتحقيق ان حرمة شيء ما تكليفا لا تقتضي اعتبار اي عبادة بالاضافة إلى ذلك الشيء بشرط لا ضرورة انه لا منافات اصلا بين صحة العبادة وحرمة ذلك الشيء ط الواقع في أثنائها وعليه فحال الجزء المنهي عنه حال غيره من المحرمات في أنه لا يوجب فساد العبادة اذا وقع في اثنائها ما لم يكن هناك موجب آخر للبطلان. وفيه ان ما ذكره لا يتم فان دليل الجزء مع دليل النهي من قبيل العام والخاص المطلق والخاص على مسلكهم يعطى العنوان للعام ويصير بشرط عدم متعلق النهي ولا يقاس بحرمة الامر الخارج عن المأمور به يكون بينهما عموم وخصوص من وجه كالمثال المذكور ـ وقال الاستاد ثانيا ص ٣٩٨ لا يذهب عليك ان هذا لوجه كالوجه الثالث لو تم لاختص بالصلاة ولا يجري في غيرها من العبادات مع ان الكلام في المقام لا يختص بالنهي عن جزء من اجزاء خصوص الصلاة كما هو ظاهر. وفيه ايضا ان المثال في خصوص

.................................................................................................

______________________________________________________

الصلاة لا يوجب الاشكال على اصل المدعي والاستدلال وان كان بعض الوجوه يختص بالصلاة فيكون مؤيد الباقي او من باب المثال قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٨٢ في توجيه كلام المحقق النائيني قال اما الجزء فسواء كان خارجا او داخلا فلا يكون النهي عنه معناه ان عدمه شرط في العبادة بل معناه ان وجوده مانع لو دل على الفساد فان العدم لا اثر له فلا يكون النهي عن الجزء موجبا لتحديد المركب فيكون وجود المانع هو المانع من القول بالصحة فاما ان يكتفى به فلا اشكال في عدم صحة العبادة واما ان لا يكتفى به ويؤتى بما هو بدل عنه فيكون من باب الزيادة في العبادة ولا يخفى ان الدليل يكون ما ذكرناه لا قاعدة من زاد في صلاته فعليه الاعادة حتى يقال انها مختصة بالصلاة فقط لا سائر العبادات. وذكر استادنا الخوئي ثالثا في ص ٣٩٨ ان صدق عنوان الزيادة على ما حقق في محله يتوقف على قصد الجزئية بما يؤتي به في الخارج من دون فرق بين كون الماتي به من سنخ اجزاء العمل وكونه من غير سنخها نعم في خصوص السجود والركوع لا يتوقف صدق العنوان المزبور على القصد المذكور لورود النص بذلك في السجود والقطع بعدم الفرق بينه وبين الركوع من هذه الجهة وعليه فالجزء المحرم ما لم يقصد به جزئيته للصلاة لا يتحقق به عنوان الزيادة المترتب عليه بطلانها الخ. وفيه ان الزيادة بعنوان الجزئية غير متحققة ولو قصد الجزئية به لان الجزء يتحقق بصرف الوجود والثاني وجود ليس بجزء أو الجزء المحرم ليس بجزء واقعا فكلّما يفرض في تكرار الجزء يجري في المقام مضافا إلى أن الركوع لو لم يكن بقصد الركوع بل وصل إلى حد الركوع لأجل قتل حيوان أو أمر آخر ضروري لا يوجب الزيادة العمدية ولا البطلان وقال الاستاذ رابعا لا دليل على بطلان الصلاة بالذكر المحرم وإنما الدليل قد دل على بطلانها بكلام الآدميين

.................................................................................................

______________________________________________________

والذكر المحرم ليس منه على الفرض فالتحقيق أنه لا تبطل الصلاة باتيان الجزء المحرم إلّا فيما ورد النهي عنه في خصوص الصلاة المستفاد منه مانعيته عن صحتها وفيما أتى به بقصد كونه جزء من الصلاة الموجب لتحقق عنوان الزيادة فيها كما عرفت. كآمين وفيه أن الجزء زيادة عمدية في الصلاة وخارج عن الذكر والقرآن فيوجب البطلان لا محالة مع أن المفروض في الجميع كون قصد الجزئية للنهي عنه موجود ولذا قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٨٢ النهي عن كل كلام عمدي في الصلاة يشمل كلام الآدميين فكيف يمكن أن يقال بأن غير كلام الآدمي أيضا مع أنه عن ذكر الله خارج فان هذا يحتاج إلى دليل اثباتا وأنى له باثباته. والعمدة ما ذكرنا وقال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٨٣ ثم الطريق الآخر للقول بفساد العبادة إذا كانت مع الجزء المنهي عنه هو عدم إمكان التقرب بها في صورة العلم مع قطع النظر عما مر من عدم الصلاحية لذلك الذي مرجعه إلى نقصان الجزء أو زيادته لو أتى بالفرد الصحيح منه ـ إلى أن قال ـ وليعلم أن القول بعدم الصلاحية للتقرب من ناحية عدم مجىء قصده مع العلم بالنهي يكون مختصا بالعبادة لأن المعاملات لا تحتاج إلى قصده وأما برهان الارجاع إلى الزيادة أو النقصان فهو شامل للعبادة والمعاملة. والأمر كما ذكره.

الجزء أو الشرط كاشفا عن مانعيته لها كيف وهو لا يناسب النهي عنهما (١) اذ (٢) لا اقل من توهم جزئيته او شرطيّته لولاه (٣) فالنهي عن مثله لا ينظر إلّا إلى دفع توهم جزئيته وشرطيته أو مشروعيته (٤) بلا استفادة مخليته لها ومانعيته لو لا دليل

______________________________________________________

(١) أي كما أن النهي ليس ظاهرا في المولوية النفسية حتى يجري فيه ما ذكرناه من تعلق النهي بعنوان العبادة كذلك لا يكون ظاهرا في المانعية وإلّا كان الخطاب بلسان المانعية لا بلسان النهي عن الجزء أو الشرط فان له ظهور ثانوي في الارشاد إلى عدم الجزئية أو الشرطية وفيه قد عرفت الكلام فيه.

(٢) قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٧١ أو في مقام توهم كون الاتيان به مشروعا فيها أو في مقام كونه جزء منها.

(٣) أي في مقام توهم شرطية الشيء للعبادة لو لا النهي.

(٤) فالضابطة في حمل النهي على خلاف ظاهره الأولى أعني به المولوية هو أن يكون النهي واردا في مقام توهم كون الشيء المنهي عنه واجبا أو كونه مشروع الاتيان به في العبادة فلا محالة يكون وروده في هذا المقام موجبا لظهوره في نفي الأمر المتوهم.

هذا موضوعه أما حكمه هو ما ذكره المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٨ وأما النهي الارشادي أي كقوله عليه‌السلام ولا تقل آمين باب ١٧ قراءة في الصلاة أو الواقع في مقام دفع توهم المشروعية الاقتضائية فهو موجب لفساده ولكنه بمعنى عدم وقوعه جزء للعبادة وإلّا فلا يقتضي بطلان أصل العبادة بل ولو قلنا ح بفساد العبادة لا بد أن يكون من جهة النقيصة عند الاقتصار عليه أو يكون من جهة الزيادة العمدية بناء على استفادة مبطلية مطلق الزيادة العمدية ـ وثانيهما.

آخر (١) على مانعية زيادته في العبادة كما في الصلاة (٢) وذلك ايضا مختص بالجزء دون الشرط كما لا يخفي (٣)

______________________________________________________

(١) أن يكون النهي عن الشيء غير وارد في مقام من المقامات المزبورة فالضابطة أيضا في حمله على خلاف ظاهره من المولوية هو أن يكون ناظرا إلى حال المأمور به كما إذا قيل لا تأكل في الصلاة فلا محالة يكون النهي في هذا المورد ظاهرا في كون المنهي عنه مانعا من صحة المأمور به.

(٢) أي ذلك لدليل خاص من أي الزيادة العمدية توجب البطلان في الصلاة.

(٣) أي المانعية الزيادة يختص بالجزء لا الشرط فزيادة الشرط لا يضر بالعبادة وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٨.

نعم لو كان النهي في مقام الارشاد إلى كونه مخلا بأصل العبادة أيضا كما في النهي عن قراءة العزائم في الفريضة على ما هو قضية التعليل في قوله عليه‌السلام بأنها زيادة في المكتوبة كان مقتضيا لبطلان العبادة ، أي توضيحه ـ ما قاله استادنا الآملي في المنتهى ص ١٧٢ ، وأما النهي الدال على مانعية المنهي عنه فعدم دلالته على فساد المنهي عنه أوضح من بقية النواهي لأنه لا يدل إلّا على كون متعلقه مانعا من صحة المأمور به فاذا كان ثمة عموم يقتضي الأمر به صح وقوعه عبادة وأن أوجب فساد العبادة الأخرى التي اقترنت به نعم إذا كان ابطال العبادة الاخرى محرما كالصلاة اليومية كانت صحة العبادة المبطلة لها وعدمها مبنية على جواز اجتماع الامر والنهي وعدمه كما ذكرناه فيما تقدم مفصلا وأما فساد العبادة التي جىء بالمنهي عنه في ضمنها فان كان النهي دالا على مانعية المنهي عنه فلا اشكال في فسادها وإن كان النهي دالا على نفي الوجوب أو نفي تشريع المنهي عنه أو الحرمة المولوية فهو وان لم يدل على فساد متعلقه بل كان مستندا الى أصالة عدم تشريعه إلا أن فساده قد يوجب فساد العبادة التي وقع فيها أما لكونه زيادة فيها أو لنقص جزء منها وقد لا يوجب فسادها إذا لم يوجب شيئا من ذلك وعلى كل فلا يكون النهي عنه موجبا لفساد العبادة التي جىء به فيها ، وفيه ما تقدم من فساد العبادة.

ثم (١). ان ذلك النهي اما (٢) يقتضي عدم الجزئية او الشرطية للنهي عنه في صورة عدم اقتضاء المنهي تقيد اطلاق دليل الجزء او الشرط بعده (٣) وإلا (٤).

______________________________________________________

(١) ثم يشير إلى أقسام النهي الدال على المانعية.

(٢) فمنها ما يكون دالا على نفي الجزئية والشرطية فيكون مانعا مع فرض أنه لا دلالة لدليل الجزء والشرط بالتقييد بعدمه ، مثل قوله عليه‌السلام (لا تصل في جلد ما لا يشرب لبنه ولا يؤكل لحمه) وسائل باب ٢ لباس المصلي وكالرياء.

قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٧٤ أن المانعية واعتبار عدم شيء تستفاد من احد أمور أحدها النهي الغيري نظير استفادة الشرطية من الأوامر الغيرية ـ إلى أن قال ـ أما ما يستفاد من الأول أعني به المانعية فهو حكم واقعي كسائر الأحكام الواقعية غير المقيدة بشيء من العلم والجهل أو الاختيار والاضطرار ولازم ذلك أن يكون اقتران العبادة بالمنهي عنه بهذا النهي موجبا لفسادها وان كان المكلف جاهلا أو مضطرا هذا مع استفادة المانعية من النهي وأما مع الشك في مفاد النهي فتبتنى صحة العمل وعدمها على القول بالبراءة والاحتياط في مثله ، وهذا هو المستفاد من النهي الدال على المانعية مطلقا.

(٣) الصحيح كما في الطبع الحديث ـ بعدمه ـ.

(٤) ومنها النهي المتعلق بالجزء أو الشرط وأدلة الجزء والشرط مقيد بعدمه فلا محالة لا بد من اعادة الجزء أو الشرط في فرض أن لا يكون من الزائد الموجب لبطلان العمل قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٧٤ ثانيها النهي النفسي الدال على حرمة العبادة حرمة ذاتية كالنهي الدال على حرمة الصلاة في الحرير بناء على كون تحريمها فيه نفسيا أي كقوله عليه‌السلام لا تحل الصلاة في حرير محض ـ فلا تختم بخاتم ذهب ، باب ١١ لباس المصلي. والوجه في ذلك هو ما

.................................................................................................

______________________________________________________

اشرنا إليه من أن الحرمة النفسية مع اطلاق الوجوب النفسي شموليا كان أم بدليا متنافيان فلا محالة يكون دليل الحرمة لكونه أقوى من دليل الوجوب مقيدا له بعدم المنهي عنه ـ إلى أن قال ـ وأما الثاني فقد ذهب المشهور إلى الفرق بين حال الجهل والنسيان وحال الاضطرار بأن حكموا بوجود النهي في حال الجهل والنسيان والمانعية المستفادة منه كما في حال العلم به وبعدم النهي والمانعية المستفادة منه في حال الاضطرار وعليه تقع العبادة المنهي عنها نهيا نفسيا فاسدة وان كان الفاعل لها جاهلا بذلك النهى أو ناسيا له وصحيحة في حال الاضطرار إلى مخالفة النهي والسر في ذلك أن النهي في حال الجهل والنسيان فعلي فلا محالة يكون مقيدا لاطلاق الأمر المتعلق بالعبادة بعدم الفرد المنهي عنه منها بخلاف حال الاضطرار فان النهي يسقط عن الفعلية بالاضطرار إلى مخالفته ومع سقوط النهي لا يبقى موجب للتقييد المزبور فلا محالة تقع العبادة المنهي عنها بالنهي الساقط بالاضطرار صحيحة وعلى ذلك فرعوا أنه إذا شك في المانعية لاجل الشك في الحرمة النفسية كان المرجع هي البراءة ولو بنينا على الاحتياط في الشك في الأقل والأكثر الارتباطيين وذلك لان الشك في المانعية ناشئ عن الشك في الحرمة النفسية ومع جريان البراءة فيها لا يبقى منشأ لانتزاع المانعية واستفادتها والذي ينبغي أن يقال هو أنه قد عرفت ـ أي على مبنى المحقق العراقي ـ أن النهي النفسي المتعلق بالعبادة لا يقتضي بنفسه فسادها بل هو يهيأ العبادة لجريان أصالة الفساد وذلك لان النهي إذا تعلق بعنوان قد تعلق به الامر ولو باطلاقه كما هو المفروض في المقام حصل التعارض بينه وبين الامر فيتساقطان ومعه يكون مقتضى الاصل هو عدم المشروعية ولا يخفى أن النهي في حال الاضطرار وان سقط به عن الفعلية إلّا أنه لم يسقط عن الدلالة على ملاكه في متعلقه وأنه لا ملاك لغيره فيه وعليه يقع

.................................................................................................

______________________________________________________

التعارض بين الامر في دلالته على ملاكه وبين النهي كذلك ومع التساقط يكون مقتضى الأصل أيضا هو عدم المشروعية فاتضح أنه لا فرق بين حال الجهل والنسيان وحال الاضطرار في فساد العبادة لاستفادة المانعية فيهما هذا على ما اسسناه في مبنى فساد العبادة المنهي عنها ـ أي التساقط ـ وأما على ما قيل في وجه فسادها من تصادم ملاك الامر وملاك النهي وترجيح جانب النهي فعدم صحة العبادة في حال الاضطرار إلى مخالفة النهي في غاية الوضوح إذ سقوط النهي عن الفعلية بالاضطرار لا يستلزم سقوط ملاكه ومع بقائه وغلبته على ملاك الامر يوجب تقييد الامر وذلك يقتضي فساد العبادة في حال الاضطرار أيضا هذا ولكن المبنى المزبور غير صحيح لما عرفت غير مرة من أن ملاك النهي لا يمنع من صلوح العمل المشتمل عليه وعلى ملاك الأمر العبادي للتقرب به حيث لا يكون النهي منجزا وإنما المانع هو تنجزه لمنافات استحقاق العقاب لاستحقاق الثواب على عمل واحد في وقت واحد فاذا فرض سقوط النهي عن التنجز وكانت مخالفته غير موجبة لاستحقاق العقاب كما هو الشأن في حال الاضطرار فلا مانع من صحة العبادة وإن لم تحرز تعلق الأمر بها في هذا الحال لكفاية اشتمالها على ملاكه التام هذا كله في الاضطرار العقلي ـ أي كالبرودة ـ وأما الاضطرار الشرعي فيمكن أن يوجه فيه كلام المشهور في دعوى الفرق بين حال الجهل والنسيان وحال الاضطرار بتقريب أن سقوط النهي في حال الاضطرار الشرعي لا بد أن يستفاد من دليل نقلي شرعي فلا محالة يكون بمنزلة الاستثناء من العموم فيكشف عن عدم جعل الحكم بمبادئه في مورد الاضطرار وعليه لا يبقى مجال لتوهم المعارضة بين الأمر والنهي في حال الاضطرار بل يبقى مورد الاضطرار داخلا تحت اطلاق الأمر أو عمومه بلا معارض ، كما هو واضح.

فلازم النهي المزبور تبديله بغيره لو لا محذور الزيادة (١) كما هو ظاهر نعم لو لم يكن في البين توهم الجزئية امكن دعوى ظهور النهي

______________________________________________________

(١) ومنها أن يتعلق النهي بنفس الجزء او الشرط وكان زيادة الجزء ممنوعا فيكون هذا من الزيادة العمدية فيسري الفساد إلى أصل العمل ولا بد من اعادة العمل وبيانه قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٧٤ ثالثها وقوع التزاحم بين الأمر والنهي حيث لا يستطيع المكلف إلا لامتثال أحدهما مع تقديم النهي ـ إلى أن قال ـ وأما الثالث فقد عرفت أن النهي لا يوجب فساد العبادة إلا إذا كان منجزا ومقدما على الامر حيث يتزاحمان لان العبادة في هذا الفرض انما تفسد باعتبار فقدها لاحد أمرين بهما يكون قوامها وهما نية التقرب وكون العمل المتقرب به صالحا للتقرب به وفي حال تنجز النهي لا بد أن تكون العبادة فاقدة لاحدهما وهو صلوحها للتقرب بها إذ لا يعقل أن يتقرب العبد بعمل يستحق عليه العقاب وقد تكون فاقدة لكليهما معا وذلك فيما إذا كان المكلف ملتفتا إلى أن المنهي عنه لا يمكن التقرب به فيمتنع عليه حينئذ نية التقرب وأما في صورة عدم تنجز النهي كما إذا كان المكلف غافلا عنه او ناسيا إياه فصحة العبادة في غاية الوضوح لتأتي نية التقرب من المكلف وصلوح العمل للتقرب به لكونه مشتملا على ملاك الامر العبادي الذي لا نقص فيه والمانع من التقرب به هي فعلية البغض والكراهة له وذلك لا يكون إلا حيث يتنجز النهي وكونه غير مأمور به في الواقع لا يقتضي عدم وقوع التقرب به لفرض كونه مشتملا على ملاك العبادة التي لا نقص فيها وكذلك لو كان المكلف شاكا بالشك البدوي في النهي فانه مع جريان البراءة لا يكون مستحقا للعقاب على العمل المنهي عنه في الواقع فيصح التقرب به باعتبار اشتماله على ملاك العبادة. وهذا كله واضح لا غبار عليه.

في الارشاد إلى مانعيته (١) كما (٢) هو الشأن لو كان متعلق النهي وصفا مقارنا لها او مفارقا (٣) نعم (٤) لو كان النهي متعلقا بعنوان أخر مفارق مع العبادة تارة ومجتمعا معها أخرى امكن منع ظهورها في الارشاد اذ مثل هذا النهي لا ينظر إلى العبادة كي يدّعي بانه في مقام بيان ماهيتها بل متعلق بعنوان مستقل قابل للانطباق عليها (٥)

______________________________________________________

(١) ومنها لو لم يكن النهي في مقام توهم الجزئية فلا يبعد ظهوره في الارشاد إلى المانعية سواء كان وصفا مقارنا للعبادة أم لا ، أما الأول.

(٢) قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٨ وأما النهي المتعلق بوصفها المقارن كالجهر في القراءة مثلا فهو ايضا غير مقتض لفسادها ما لم يكن فيه جهة ارشاد إلى كونه مخلا بالعبادة. وأما على القول بكون النهي يدل على الفساد سيأتي حكمه للحكم بفساد الجزء ايضا.

(٣) قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٧٣ وأما الوصف المفارق فان كان وجوده لموضوعه انضماميا فالنهي عنه إذا لم يكن ارشادا إلى مانعية المنهي عنه فالنهي عنه لا يوجب فساد العبادة مطلقا أي سواء كان مفاده نفي المشروعية او نفي وجوب المنهي حيث يتوهم وجوب شيء لها أم كان نهيا نفسيا وسواء كان ذلك النهي منجزا أم كان غير منجز.

(٤) إن كان الوصف المفارق وجوده لموضوعه اتحاديا فلا محالة يكون من صغريات مسألة اجتماع الامر والنهي في واحد وقد عرفت أن مورد الاجتماع حيث يكون عبادة مع تنجز النهي لا يكون صحيحا سواء قلنا بالجواز أم بالامتناع مع تقديم النهي ومع عدم تنجزه يكون صحيحا.

(٥) تقدم وتوضيحه ، قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٥٨ وأما لو تعلق النهي بالوصف المفارق فان كان النهي متعلقا بعنوان والأمر بعنوان آخر كالنهي عن الغصب وعن النظر إلى الاجنبية والأمر بالصلاة فأوجدهما المكلف في وجود واحد فهو يندرج في المسألة السابقة.

ففي هذه الصورة أمكن دعوى بقائه على ظهوره في المولوية (١) ولقد عرفت انه لا يقتضي فساد العبادة واقعا وانما (٢)

______________________________________________________

(١) أي في هذا الفرض يكون ظاهرا في المولوية ومن موارد مسألة الاجتماع.

(٢) قد تقدم أن النهي لا يكون إلا في صورة التنجز المانع عن التقرب به أما عند الجهل فلا محذور لوجود الملاك ثم ان صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٩٢ وكذا القسم الثاني ـ أي الجزء ـ بلحاظ أن جزء العبادة عبادة إلا أن بطلان الجزء لا يوجب بطلانها إلا مع الاقتصار عليه لا مع الاتيان بغيره مما لا نهي عنه إلا أن يستلزم محذورا آخر ـ أي كالقران بين السورتين على القول بكونه موجبا للبطلان وقراءة العزائم والزيادة العمدية ـ وأما القسم الثالث فلا يكون حرمة الشرط والنهي عنه موجبا لفساد العبادة إلا فيما كان عبادة ـ أي كالوضوء ـ كي يكون حرمته موجبا لفساده المستلزم لفساد المشروط به. وأورد عليه استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٨٤ قال وهو ـ أي النهي المتوجه إلى الشرط ـ أيضا موجب لفساد العبادة لان فقدان الشرط يوجب فقدان المشروط وروح هذا المطلب هو عدم امكان التبديل والرجوع إلى الزيادة والنقصان ويستفاد من كلام المحقق الخراساني الفرق بين الشرط والجزء بظن أن فقده يوجب فقد المشروط فلذا يوجب النهي عنه فساد العبادة وهو غير صحيح لما مر منا فان روح النهي عن الشرط هو عدم امكان التبديل ، وقال المحقق النائيني في الأجود ج ٢ ص ٣٩٩ ، وأما النهي عن شرط العبادة أو وصفها فان رجع إلى النهي عن نفس العبادة كان حكمه حكمه وذلك مثل النهي عن الاجهار بالقراءة الراجع إلى النهي عن القراءة الجهرية في الحقيقة لان القراءة الجهرية بما أنها حصة خاصة من مطلق القراءة كان النهي عن الاجهار بها نهيا عن نفس تلك الحصة الخاصة فهو يندرج في باب النهي عن جزء العبادة إذا كانت القراءة جزءا لها

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي بابه الأمر عن نفس العبادة إذا كانت القراءة بنفسها عبادة مستقلة وأما في غير ذلك فلا موجب لفساد العبادة بالنهي عن شرطها او وصفها لعدم سراية النهي عنهما اليها بوجه أصلا وهذا ظاهر في النهي عن الوصف ، وأما في النهي عن الشرط فلان شرط العبادة الذي تعلق به النهي انما هو المعنى المعبر عنه باسم المصدر ـ أي التستر في باب الصلاة مثلا ـ وأما المتعلق للنهي فهو المعنى المعبر عنه بالمصدر ـ أي الستر بلباس كذا ـ فما هو متعلق النهي ـ أى الستر ـ ليس شرطا للعبادة ـ أي أمر مقارن للتستر وهو حرام ـ وما هو شرط لها لم يتعلق به النهي ـ أي التستر مثلا الصلاة مشروطة بالتستر فلو فرضنا حرمة لبس خاص فان لم يكن النهي عنه نهيا عن الصلاة معه فهو لا يوجب بطلانها لفرض مغايرة متعلقه لها ـ أي المقارن الحرام لا يوجب فساد العبادة ـ فيكون حاله حال النظر إلى الاجنبية في أثناء الصلاة ـ أي لا يوجب فسادها ـ وأجاب عنه استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٨٤ وفيه أن النهي عن التستر هو النهي عن الستر فان الايجاد والوجود واحد فعلى هذا فساد الشرط يوجب فساد المشروط لفساده مثل الاجزاء ، وعلى أي قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٨ وأما النهي المتعلق بالشرط فالنهي المولوي فيه أيضا غير مقتض لفساده إلا إذا كان فيه جهة ارشاد إلى خلل فيه فيفسد وبفساده يفسد المشروط أيضا في فرض الاقتصار على الشرط المنهي بلحاظ انتفاء المشروط بانتفاء شرطه ـ إلى أن قال ـ وعلى ذلك لا بد للفقيه من ملاحظة خصوصيات الموارد والقرائن الخاصة لاحراز أن النهي مولوي محض أو ارشادي وإلا فمع خلو المورد عن القرينة كان النهي ظاهرا في المولوية ولكن ظاهر الاصحاب في غير النواهي النفسية عند عدم القرينة على بعض المحتملات هو الحمل على

يقتضي فسادها من جهة القصور في التقرب به في صورة اجتماع عنوانه مع عنوان المامور به في جهة مشتركة بينهما وإلّا فلا يقتضي الفساد اصلا كما اشرنا اليه في المسألة السابقة فراجع ومن (١) هذه البيانات (٢) ظهر حال النهي عن المعاملات بالمعنى الاعم (٣) اذ يجري فيها جميع ما ذكرنا من لوازم مولوية النهي النفسي

______________________________________________________

الارشاد إلى المخلية والمانعية من غير فرق بين الجزء أو الشرط أو الوصف ولعله من جهة ظهور ثانوي ـ اي كما تقدم ـ في النواهي الغيرية في الارشاد إلى المانعية والمخلية بلحاظ ورودها في مقام بيان كيفية العبادة وحدودها كما كان ذلك هو الشأن أيضا في الأوامر المتعلقة بالاجزاء والشرائط الخ ، وقد تقدم أيضا الاشارة اليه لكن عندي أن النواهي النفسية المتعلقة بذات العبادة دالا على عدم الملاك والفساد وكذا الجزء والشرط لغلبة النهي ، نعم لو تعلق بأمر آخر فهو كلام آخر فان مقتضى النهي ليس إلا عدم الملاك والمصلحة اصلا كصلاة الحائض.

(١) المقام الثاني في المعاملات بالمعنى الأعم.

(٢) أي ما ذكر من كون النهي في العبادة لا يقتضي الفساد بذاته على ما تقدم مفصلا يظهر الكلام في المعاملات مع جريان الصور المتقدمة في العبادات فيها.

(٣) تقدم أن المراد من المعاملات بالمعنى الأعم هو ما لا يعتبر فيه قصد التقرب من العقود والايقاع والاحكام كاحياء الموات والحيازات وغيرهما مما يقبل الصحة والفساد.

فيها (١) نعم (٢) ظهورها ثانويا في الارشاد إلى دفع توهم

______________________________________________________

من جهة وضوح عدم الملازمة بين حرمة المعاملة ومبغوضيتها وبين فسادها وعدم ترتب النقل والانتقال حيث أنه بعد عدم توقف صحة المعاملة ومؤثريتها في النقل والانتقال على رجحانها او عدم مبغوضيتها فقهرا يمكن صحة المعاملة ومؤثريتها في النقل والانتقال ولو مع كونها مبغوضية محرمة

(١) قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٥٩ وملخص الكلام فيه هو عدم اقتضاء مجرد النهي عنها للفساد ما لم يكن في مقام الارشاد إلى خلل فيها وذلك.

(٢) قال في الكفاية ج ١ ص ٢٩٨ نعم لا يبعد دعوى ظهور النهي عن المعاملة في الارشاد إلى فسادها لكنه في المعاملات بمعنى العقود والايقاعات لا المعاملات بالمعنى الأعم المقابل للعبادات فالمعول ـ اي في المعاملات بالمعنى الاعم ـ هو ملاحظة القرائن في خصوص المقامات ومع عدمها لا محيص عن الأخذ بما هو قضية صيغة النهي من الحرمة وقد عرفت أنها غير مستتبعة للفساد لا لغة ولا عرفا. ولكن فيه لا يبعد عدم الفرق بين العبادات والمعاملات بالمعنى الأخص وبين المعاملات بالمعنى الأعم في الظهور في الارشاد إلى الفساد ولو أن المحقق الماتن قد أشكل في ذلك في المقام ، لكن لا يبعد أن يقال إن النهي التحريمي عن ذات المعاملة نهيا مولويا تحريميا كما يدل على الفساد كما في حرم الربا ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ، وحرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ونحو ذلك الدالة على الفساد وعدم الملاك والمصلحة ، نعم لو كان النهي متعلقا بأمر خارج كالنهي عن البيع وقت النداء فهو لا يدل على الفساد وهو خارج عن الكلام ، هذا بحسب المتفاهم العرفي في الاذهان وارتكازاتهم كذلك النهي عن المعاملة بالمعنى الأعم كالنهي عن الحيازة في الارض الخراجية يوجب الفساد بحسب المتفاهم العرفي من نهي الشارع وما دل على ملكية الحيازة والنهي عن الاستنجاء بالمطاعم المحرمة.

المشروعية محل اشكال اذ (١)

______________________________________________________

(١) هذا تعليل لعدم ظهور النهي بالظهور الثانوي في الارشاد في المقام لأن المعاملات غالبا ليس فيها توهم المشروعية حتى يكون ارشاد إلى دفع ذلك وفيه أن الارشاد في المعاملات كثيرة جدا ككونه سحت ونحوه مما يكون النهي ارشادا إلى الفساد ، لكن عمم المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٣١٧ لذلك وقال الأمر الارشادي هو البعث بداعي اظهار النصح وإراءة رشد العبد وخيره فيما تعلق به فيتفاوت بتفاوت المتعلق من حيث كونه عبادة أو معاملة أو غيرهما فان كان عبادة نفسية فرشده وخيره هو القرب والثواب المترتب عليها ـ أي في قبالها النهي يكون ارشادا الى المفسدة ـ وان كان جزء أو شرط كان إراءة لجزئيته وعدم تحقق المركب بدونه ـ أي في فرض النهي ارشاد إلى المانعية وكذلك في الشرط ـ واظهارا لشرطيته وعدم تحقق المشروط بدونه وان كان معاملة فالامر المترقب منها نفوذها وصحتها فيكون الرشد والخير الذي كان البعث اظهارا له هو النفوذ والصحة ـ أي النهي عن المعاملة ارشاد إلى عدم نفوذها ـ وان كان من الأمور الخارجية ذوات المنافع والمضار فالارشاد اليها ارشاد إلى تحققها ـ أي في النهي ارشاد إلى عدم تحققها ومنه اتضح وجه عدم ظهور الامر والنهي في الارشاد إلى الصحة والفساد في غير المعاملات بالمعنى الأخص فان النفوذ وعدمه هو الاثر المترقب من المعاملة بما هي معاملة دون غيرها فتدبر نعم حيث أن الصحة مجرد ترتب الأثر وإن لم يكن عين النفوذ وأثر الغسل مثلا هي الطهارة صح أن يكون النهي عن الغسل بالمضاف مثلا ارشاد إلى عدم ترتب أثره عليه وهي الطهارة وتخصيصه بالمعاملات بالمعنى الأخص بلا وجه.

ليس فيها غالبا مثل هذا التوهم نعم (١) لو كان في البين مثله لا غرو بدعوى اقتضائه الفساد كما لا يخفي (٢) كما ان (٣) النهي بجزئها (٤) أو شرطها (٥) أو بوصف (٦) مقارن لها او مفارق (٧) ظاهره في الارشاد إلى نفى الجزئيّة او المانعيّة على التفصيل المتقدم نعم (٨) لو تعلق النهي.

______________________________________________________

(١) وكذا لو كان قرينة على الارشاد إلى عدم المصلحة فيه فلا محالة يقتضي الفساد.

(٢) هذا لو كان النهي عن أصل العنوان والمعاملة بالمعنى الأعم كالحيازة او التحجير او نحوهما.

(٣) أما لو كان النهي عن جزئها أو شرطها أو نحو ذلك فقد بلغ من الكثرة حدا صارت به من القرائن العامة على كون الأمر فيها للارشاد إلى الجزئية والشرطية والمانعية بحيث يعمل عليه ما لم تقم قرينة على خلافه.

(٤) أي جزء المعاملة بالمعنى الأعم كالنهي عن التحجير بالحجر المغصوب فان الحجر جزء مقوم للحيازة والاستنجاء بالمطعوم المحترم.

(٥) اي الشرط كذلك كالنهي عن الماء المغصوب في الغسل لرفع الخبث والماء وان كان جزءا مقوما لكن شرطه الإباحة مثلا.

(٦) الوصف المقارن كحيازة مسلم آخر له ولو مقارنا له.

(٧) كتحجير الأرض لاجل حضانة الخمر فيه فانها منهي عنه ويكون ارشادا إلى المانعية ووصف مفارق فلو بدله إلى المسجدية او الزراعة فيرتفع النهي ففي جميع ذلك ارشاد إلى الجزئية والشرطية والمانعية.

(٨) هذا الاستدراك عن ظهور النهي في الارشادية بتصور فرض آخر للنهي عن المعاملة ويكون ظاهرا في المولوية ولا يقتضي الفساد لا الفساد الواقعي ولا من ناحية التقرب بيان ذلك.

بعنوان آخر (١) قابل للانطباق عليها (٢) لا يكون للارشاد (٣) بل على طبع ظهوره في المولوية النفسية (٤) ولقد عرفت انه لا يقتضي الفساد الواقعي (٥) كما انه لا يقتضي الفساد التقربي مع وجود امر فيه ايضا (٦) بعد عدم اعتبار القربة في مثله وهو ظاهر (٧) وأما النهي (٨) عن المعاملة بالمعنى الاخص فنقول ان النهي (٩) تارة (١٠) متعلق بنفس عنوان المعاملة الناشئة

______________________________________________________

(١) لو فرضنا أن النهي تعلق بعنوان آخر كالغصب كما أن الأمر تعلق بعنوان التحجير والحيازة.

(٢) وانطبق العنوان الذي متعلق النهي على متعلق الأمر بكون الحجر مغصوبا مثلا.

(٣) ففي هذا الفرض لا يكون النهي للارشاد لكونه متعلقا بعنوان آخر.

(٤) وظاهر في المولوية النفسية في مورد الاجتماع كالافتراق.

(٥) لكن لا يقتضي هذا النهي للفساد الواقعي لما عرفت من عدم منافات المبغوضية مع نفوذ المعاملة.

(٦) كما لا يقتضي عند تنجز النهي والعلم به الفساد التقربي لعدم اعتبار قصد القربة في المعاملات بالمعنى الأعم.

(٧) فلا وجه للفساد أصلا كما لا يخفى.

(٨) المقام الثالث في المعاملات بالمعنى الاخص لو تعلق بها النهي.

(٩) النهي عن المعاملات بالمعنى الاخص يكون على صور.

(١٠) الاولى أن يتعلق النهي بنفس عنوان المعاملة كالنهي عن البيع والصلح ونحوهما كقوله عليه‌السلام لا تبع ما ليس عندك ، والنهي عن بيع الغرر والربوي ونحو ذلك مما هو متعلق بالعنوان وقد يعبر عنه بالمسبب ومنه النهي عن بيع المصحف والعبد المسلم للكافر فان المبغوض انتقال المصحف بالبيع الى الغير وقوعه تحت سلطته لا صيغة البيع.

عن عقده كالبيع والصلح وأمثالهما ، وأخرى (١) متعلق بعنوان عقده الذي هو بمنزلة السبب له وثالثة (٢) بجزء عقده أو بشرطه أو بوصفه المقارن أو المفارق ورابعة (٣) بالتسبب من عقده إلى نفسه ، وخامسة (٤) بنتيجة المعاملة من التصرف في أحد العوضين مثلا وهكذا الكلام في

______________________________________________________

(١) الثانية ان يتعلق النهي بعنوان السبب والعقد كالنهي عن البيع وقت النداء لصلاة الجمعة وهو اجراء صيغة البيع أو غيرها من الاسباب المفوتة لصلاة الجمعة ولا يكون نفس المسبب اعني به النقل والانتقال والتسبب إليه مبغوضين لعدم مزاحمة شيء منهما للصلاة وانما المزاحم نفس السبب.

(٢) وثالثة يتعلق النهي بجزء عقده كالقبول أو بشرطه كالفارسية أو بالوصف كبيع العنب بوصف ان يعمل خمرا في المفارق وبيع العبد المسلم للكافر في الوصف المقارن.

(٣) ورابعة بالتسبب من عقده إلى نفسه مثل النهي عن بيع المنابذة ـ أي المعاملة بنبذة وطرحه ـ فان المبغوض هو المعاملة بهذا النحو لا من جهة مبغوضية السبب ولا من جهة مبغوضية المسبب فان تهيئة الاسباب بهذا النحو الذي يصير ربويا مثلا مبغوضا للشرع ، قال الفاضل المشكيني في حاشيته على الكفاية ج ١ ص ٢٩٧ أو يتعلق بالتسبب لا بذات السبب ولا بالمسبب كما في ملكية الزيادة بالبيع الربوي فانه لو قامت الهبة مقام البيع لما كانت هي والملكية مبغوضة فالمبغوض هو التسبب بالبيع إلى الملكية.

(٤) وخامسة بأن يتعلق النهي إلى الأثر ونتيجة المعاملة كقوله عليه‌السلام ثمن العذرة سحت ، وثمن الميتة سحت ، وصرح بهذه الاقسام في الكفاية وغيرها قال في الكفاية ج ١ ص ٢٩٦ : كانت الحرمة متعلقة بنفس المعاملة بما هو فعل

.................................................................................................

______________________________________________________

بالمباشر أو بمضمونها بما هو فعل بالتسبب ـ أي يترتب عليه المسبب المبغوض كسلطنة الكافر على المصحف ـ أو بالتسبب بها ـ أي التسبب بسبب خاص كالزيادة بالبيع الربوي ـ إليه وان لم يكن السبب ولا المسبب بما هو فعل من الأفعال بحرام الخ وناقش في ذلك المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٣١٥ قال : لا يخفى ان المعقول في كل معاملة حقيقية أمور ثلاثة ، أحدها العقد الانشائي مثلا وهو ذات السبب ـ أي المعبر عنه في الكفاية نفس المعاملة كعقد البيع وقت النداء ـ وثانيها التسبب به إلى الملكية مثلا وهو العقد التوليدي فان ايجاد الملكية ليس من الافعال التي تتحقق بمباشرة المكلف إذ ليس المبدا فيه عرضا من اعراضه القائمة به كنفس العقد اللفظي القائم به وبعبارة أخرى ليس المبدا قائما به حقيقة وبلا واسطة في العروض بل فعل يتولد من فعل آخر قائم به حقيقة بالمباشرة وهذا الفعل قد يعبر عنه بالمسبب لان العقد آلة هذا الايجاد ـ أي المراد بالتسبب ايجاد المسبب بما أنه مسبب عن سببه والفرق بينه وبين الملكية اعتباري كالايجاد والوجود ـ وثالثها نفس الملكية ـ أي المضمون ـ وقد يعبر عنه بالاثر والمسبب أيضا وقد مر غير مرة ان الايجاد والوجود متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار فمن حيث قيامه بالمكلف قيام صدور ايجاد من حيث قيامه بالماهية قيام حلول واتحاد وجود لا يتعقل غير هذه الأمور الثلاثة فما أفاده قدس‌سره في القسم الثاني ـ أي مضمونها بما هو فعل بالتسبيب والمراد ايجاد السبب بما انه سبب إلى مسببه ـ ان أريد به ايجاد الملكية فهو وإن كان فعلا تسببيا إلّا انه عين التسبب إلى وجود الملكية فلا معنى لجعله مقابلا له وان أريد به وجود الملكية فهو وان كان في قبال التسبب إليه اعتبارا ـ أي لأنّه

الايقاعات (١) غير فرض النهي عن جزئه (٢) لعدم تصور جزء فيه لا في المسبب ولا في السبب أما صورة (٣) تعلق النهي بنفس المسبب عن عقد أو ايقاع فالظاهر أن نهيه المولوي نفسيا أم غيريا لا يقتضي فساد المعاملة بمعنى عدم ترتبه على انشائه المقصود منه ترتبه لعدم منافات بين مبغوضيّته وترتبه ولو لاقتضاء مبغوضية وجوده من قبل انشائه بعد عدم اعتبار قرب فيه نعم ما اعتبر فيه التقرب كالصدقات

______________________________________________________

معنى اسم المصدري لا المصدري وهو الايجاد ـ إلّا انه بهذا الاعتبار ليس فعلا لا مباشرة ولا تسبيبا إذ الملكية باعتبار صدورها من المكلف فعل له لا باعتبار وجودها في نفسه. ولذا كان عليه المناسب إما ترك ذكر التسبب اكتفاء بذكر المضمون لأنّه عينه أو ذكر التسبيب كما ذكر التسبب لأنّه غير نفس المعاملة اعتبارا ، والأمر سهل لكن فيه قد عرفت الفرق بينهما فلا نعيد.

(١) كالظهار فإنه حرام سببه لكن يترتب الأثر عليه والطلاق والعتق ونحو ذلك من الايقاعات.

(٢) أما الايقاعات فلا يتصور النهي عن الجزء فيه لعدم اعتبار القبول فيه هذا في السبب وكذا المسبب لأنّه امر بسيط وهو علقة الفراق والبينونة والحرية ونحوها وعلى أي يقع الكلام في هذه الصور باعتبار أن النهي هل يقتضي الفساد أم لا.

(٣) الأولى أن يتعلق النهي بنفس المسبب عقدا كان أو ايقاعا ، قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٩٤ في المعاملات ونخبة القول ان النهي الدال على حرمتها لا يقتضي الفساد لعدم الملازمة فيها لغة ولا عرفا بين حرمتها وفسادها اصلا. وتقدم عن المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٩ وملخص الكلام فيه هو

يشكل أمره (١) لان لازم التقرب بالعنوان رجحانه المنافي معه نهيه (٢) فما عن أبي حنيفة من أن النهي عن الشيء يقتضى

______________________________________________________

عدم اقتضاء مجرد النهي عنها للفساد ما لم يكن في مقام الارشاد إلى خلل فيها وذلك من جهة وضوح عدم الملازمة بين حرمة المعاملة ومبغوضيتها وبين فسادها وبين عدم ترتب النقل والانتقال حيث انه بعد عدم توقف صحة المعاملة ومؤثريتها في النقل والانتقال على رجحانها أو عدم مبغوضيتها فقهرا يمكن صحة المعاملة ومؤثريتها في النقل والانتقال ولو مع كونها مبغوضية محرمة الخ ، ولا فرق في الحرمة النفسية والغيرية.

(١) ففي مثل الصدقة يعتبر فيه قصد التقرب والنهي مع العلم والتنجز يمنع التقرب فلا محالة لا يمكن التقرب به لان التقرب لا يحصل بالأمر المبغوض ولا بد وأن يكون العنوان الراجح.

(٢) هذا أحد الأقوال في المسألة من عدم فساد المعاملة بالنهي وهنا قولين آخرين أحدهما ان النهي المولوي يقتضي فساد المعاملة. ثانيهما ان النهي المولوي يقتضي صحة المعاملة ، أما القول الأول وهو فساد المعاملة بالنهي عنها فقد ذهب إليه المحقق النائيني في الأجود ج ٢ ص ٤٠٤ وأما دلالة تعلق النهي بالمسبب على فساد المعاملة فلان صحة المعاملة تتوقف على ثلاثة أمور : الأول كون كل من المتعاملين مالكا للعين أو بحكمه ليكون أمر النقل بيده ولا يكون أجنبيا عنه. الثاني أن لا يكون محجورا عن التصرف فيها من جهة تعلق حقّ الغير بها أو لغير ذلك من أسباب الحجر ليكون له السلطنة الفعلية على التصرف فيها. الثالث أن يكون ايجاد المعاملة بسبب خاص وآلة خاصة وعلى ذلك فاذا فرض تعلق النهي بالمسبب وبنفس الملكية المنشأة مثلا كما في النهي عن بيع المصحف والعبد المسلم من الكافر كان النهي معجزا مولويا للمكلف عن الفعل

.................................................................................................

______________________________________________________

ورافعا لسلطنته عليه فيختل بذلك الشرط الثاني المعتبر في صحة المعاملة أعني به كون المكلف مسلطا على المعاملة في حكم الشارع ويترتب على ذلك فساد المعاملة لا محالة وعلى ما ذكرناه يترتب تسالم الفقهاء على فساد الاجارة على الواجبات المجانية فان المكلف بعد خروج العمل عن سلطانه لكونه مملوكا له تبارك وتعالى لا يمكنه تمليكه من الغير باجارة ونحوها ، وحكمهم ببطلان منذور الصدقة فان المكلف بنذره يكون محجورا عن كل ما ينافي الوفاء بنذره فلا تنفذ تصرفاته المنافية له وحكمهم بفساد معاملة خاصة إذا اشترط في ضمن عقد خارجي عدمها كما إذا باع زيد داره واشترط على المشتري عدم بيعها من عمرو فان الشرط المزبور لوجوب الوفاء به يجعل المشتري محجورا من البيع المزبور ، فلا يكون نافذا إلى غير ذلك من الموارد المشتركة مع المقام في الملاك أعني به استلزام النهي المولوي عن معاملة حجر المكلف عنها المترتب عليه فساد تلك المعاملة وعدم ترتب الأثر عليها شرعا. وأجاب عنه استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٩٠ وفيه أن المعاملات التي تقع إما أن تكون موجبة لحصول الملكية في الوعاء المناسب له كما عن بعض أو لا تكون موجبة لذلك بل ليس الملكية إلّا اعتبار عند اعتبار فاذا اعتبر العقلاء شيئا ملكا لزيد بعد اعتبار عمرو أنه ملك له بعوض يكون هذا معنى الملكية ولا معنى لها إلّا هذا كما عن بعض ، فعلى كلا التقديرين لا وجه لما ذكره قدس‌سره لأن هنا ثلاثة أشياء ، أحدها امضاء الشارع واعتباره البيع وامضائه بقوله (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) وقوله : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ، وقوله : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ.) وثانيها اعتبار العقلاء عند مبادلة مال بمال الملكية في الوعاء المناسب لها أو في عالم الاعتبار. ثالثها نفس الفعل الصادر عن الفاعل فهنا نقول لا معنى لأن يتعلق نهي الشارع بفعله وهو امضائه البيع مثلا ولا أن

الصحة (١) إنما يتم في غير العبادي وإلّا ففيها غير قابل

______________________________________________________

يتعلق ببناء العقلاء لأنه أمر مسلم عندهم وهم يعتبرون الملكية من دون النظر إلى الشرع فيبقى الثالث متعلقا للنهي وهو الفعل الصادر ومبغوضية الفعل لا يدل على مبغوضية ما هو أثره عند العقلاء وعند الشرع بل يمكن الانفكاك بينهما فالنهي معجز مولوي عن الفعل لا عن الأثر وهو الحكم الوضعي فلا يمكن المساعدة مع شيخنا العلامة النائيني.

وقال استاذنا الآملي في المنتهى ص ١٨٠ فان اقتضى ما يستفاد من النهي المولوي عن المسبب هو كونه مبغوضا للمولى وأنه يريد من العبد تركه في ظرف النهي ، وأما كون العبد بالنهي عاجزا عن ايجاده فلا دلالة له عليه بأي نحو من أنحاء الدلالات. وأما فساد الإجارة المتعلقة بالواجبات المجانية فهو مستند إلى الدليل الذي دل على لزوم الإتيان بها مجانا ولا رب له بالمدعى المزبور وأما بطلان بيع المنذور به التصدق فهو من الأحكام التي وقع فيها الخلاف ، والتحقيق صحة بيعه وإن كان حراما كما هو الشأن في نظائره. وفيه أن النهي عن المسبب معناه عدم إمضاء الشارع لهذه المعاملة وعدم شمول (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) و (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) لهذه الحصة لان الملكية الكافر للمصحف منهي عنه وعليه لازمه الكشف عن عدم الملاك كما سيأتي أيضا.

(١) هذا هو القول الثاني من اقتضاء النهي لصحة المعاملة قال في الكفاية ج ١ ص ٢٩٩ حكى عن أبي حنيفة والشيباني دلالة النهي على الصحة وعن الفخر أنه وافقهما في ذلك والتحقيق أنه في المعاملات كذلك إذا كان عن المسبب ـ أي كالنهي عن بيع المصحف ـ أو التسبيب ـ أي كالظهار فان التسبيب به إلى الفراق بين الزوجين مبغوض ولكن لو لم يترتب الفراق على الظهار كان النهي عن الظهار لغوا ـ لاعتبار القدرة في متعلق النهي كالأمر ولا يكاد يقدر عليهما إلّا

.................................................................................................

______________________________________________________

فيما كانت المعاملة مؤثرة صحيحة ، وأما إذا كان عن السبب ـ أي كبيع وقت النداء المفوت لصلاة الجمعة ـ فلا لكونه مقدورا وإن لم يكن صحيحا ، نعم قد عرفت أن النهي عنه لا ينافيها ـ أي الصحة الخ. وبينه استاذنا الآملي في المنتهى ص ١٨١ بوجه أدق قال : فقد يقال في تقريبها ـ أي الصحة ـ أن متعلق النهي المولوي لا بد أن يكون مقدورا للمكلف فعلا وتركا وكون النهي المولوي دالا على الفساد أعني عدم تحقق المسبب لا يتصور إلّا بنحوين من الاقتضاء لذلك أحدهما كونه مشير إلى فساد متعلقه أعني به المسبب وكاشفا عن عدمه وحينئذ يكون وجوده لغوا محضا لان النهي المولوي هو انشاء الزجر عن الفعل المبغوض بداعي جعل الداعي الى تركه واذا كان الشيء فاسد في نفسه فلا موجب لجعل الداعي الى تركه ثانيهما هو كون النهي المولوي بنفس وجوده مستلزما لفساد المنهي عنه وامتناع وجوده من المكلف وح يلزم من وجود النهي عدمه لأن النهي المولوي مشروط بالقدرة على فعل متعلقه وتركه فاذا فرض أن وجود النهي يستلزم امتناع وجود المنهي عنه فقد استلزم وجوده انتفاء شرط وجوده والمشروط ينتفي بانتفاء شرطه وإذا امتنع أن يكون النهي المولوي دالا على فساد متعلقه لما تقدم فهو أيضا يقتضي أن يكون دالا على صحة متعلقه لأن امتناع كون متعلقه فاسدا يوجب كونه صحيحا ولا نعني بدلالته على الصحة إلّا ذلك هذا ولا يخفى أن دعوى كون النهي المولوي دالا على الصحة مطلقا غير صحيحة لأن المعاملة إن كانت من مجعولات الشرع موضوعا وحكما فلا ريب في أن النهي المولوي عن مسببها يدل على صحته لما ذكر قبلا وإن كانت من مجعولات العرف موضوعا وحكما بمعنى أنها من المعاملات العرفية التي لم يرد من الشرع امضائها أو كانت عرفية وقد امضاها الشرع ، فالنهي المولوي في هذين

.................................................................................................

______________________________________________________

الموردين لا يدل على الصحة لاحتمال أن يكون المسبب باعتبار العرف مبغوضا للشارع فينهى عنه وان لم يعتبره صحيحا مثلا الملكية المسببة عن البيع الربوي المعتبر في العرف مبغوضة للشارع فاذا نهي عنه مولويا لم يكن نهيه هذا دالا على صحة هذه الملكية في نظر الشارع لجواز أن تكون الملكية بهذه المعاملة غير معتبرة في الشرع كما هو المفروض في المعاملة الربوية نعم يدل النهي المولوي على صحة الملكية المسببة عن البيع الربوي في نظر العرف لما ذكرنا من اشتراط كون المنهي عنه مولويا ممكن الوقوع من المنهي ، إن قلت هذا التقريب معقول ومقبول في النهي عن المسبب في المعاملة العرفية التي لم يرد من الشارع امضائها ، وأما المعاملة التي أمضاها الشارع فهي ح تكون بالامضاء شرعية فلا محالة يكون النهي المولوي عن مسببها نهيا عن المسبب الشرعي فيدل على الصحة وأكثر المعاملات التي بأيدي المتشرعة من هذا القبيل قلت امضاء الشارع للمعاملة العرفية لا يخرجها عن كونها معاملة عرفية وثبوت الحكم الوضعي الشرعي لها لا ينفي الحكم العرفي عنها فاذا تعلق النهي المولوي بمسبب معاملة عرفية أمضاها الشرع ولم تعين القرينة مورد النهي أوجب احتمال النهي بملاحظة الحكم العرفي اجمال الخطاب ومعه لا تكون للنهي دلالة على الصحة في نظر الشارع فيكون المرجع في الحكم بالصحة هي العمومات وعلى كل حال فلا فائدة لكون النهي دالا على الصحة إلّا في الموارد التي لا دليل فيها من الشرع على الصحة وتلك الموارد منحصرة في المعاملات العرفية التي لم يرد من الشارع امضائها وفي مثلها لا يدل النهي المولوي إلّا على صحة المسبب في نظر العرف الذين اعتبروا تلك المعاملة وثبوت صحته في العرف لا يجدي شيئا في الشرع فلا محالة يكون المرجع عند الشك هي أصالة الفساد.

لسماعه (١) نعم (٢) ذلك كله انما يصح لو لا كون النهي في مقام الرد عن العقلاء في بنائهم على ترتبها على انشائها وإلّا (٣) أمكن دعوى كونها في مقام نفي مشروعية المعاملة الموجبة لفسادها شرعا وربما يستظهر ذلك أيضا من كلّية النواهي الواردة في مورد المعاملات العقلائية إذ هي ظاهرة في الرادعية الكافية لاثبات

______________________________________________________

(١) ففساد هذا القول لما مر عن قريب في كلام صاحب الكفاية ولمنافات النهي للتقرب في باب العبادات ، أما المعاملات فقد عرفت الكلام فيها.

(٢) يعني ما تقدم من عدم دلالة النهي على الصحة ولا الفساد لو لم يكن النهي في مقام ردع العقلاء عن بنائهم على ترتب الأثر على انشائها فحينئذ يدل النهي على المبغوضية فقط على المختار.

(٣) ولو كان النهي في مقام الردع عن بناء العقلاء على ترتيب الآثار فلا محالة يكون ظاهرا في نفي المشروعية الموجبة لفسادها شرعا ، قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٦٠ نعم قد يكون النهي دالا على الإرشاد إلى عدم الامضاء وعدم النفوذ في بعض الموارد ولكن ذلك أيضا بمقتضى بعض القرائن الخارجية كما في البيع الربوي مثلا وفي بيع المصحف بالكافر وحينئذ فعلى ذلك لا بد في مقام الحكم بفساد المعاملة من جهة النهي من احراز كونه في مقام الارشاد إلى عدم الجعل والامضاء وإلّا فطبع النهي لا يقتضي إلّا المولوي التحريمي الذي عرفت عدم اقتضائه للفساد ، لكن فيه قد عرفت ان النهي عن الربا وبيع المصحف للكافر ونحوهما نهي مولوي تحريمي مع ذلك يدل على الفساد لا نهي ارشادي وإلّا لا تدل على التحريم وهذا واضح ويكون نهيا مولويا لا ارشاديا.

الفساد (١) اللهم (٢) إلّا أن يدعى أن غاية الامر اقترانه بما يصلح

______________________________________________________

(١) ولعل النواهي الواردة في المعاملات العرفية العقلائية الدارجة بين الناس تكون ظاهرة في الرادعية عما عليه العرف والعقلاء وكاف لاثبات الفساد كبيع المنابذة ونحوه ، قال استادنا الآملي في المنتهى ص ١٨٢ وأما إذا لم تكن هناك قرينة خاصة تعين حقيقة النهي فيمكن أن تكون الضابطة العامة في النواهي المتعلقة بالمعاملات العرفية سواء دل على إمضاء نوعها عموم أم لم يدل هي كون تلك النواهي ردعا عن تلك العمومات لكونها مخلة بالنظام العام وارشاد إلى عدم إمضائها فما كان منها غير مشمول بنوعه لعموم من عمومات الامضاء كان النهي المتعلق به ردعا للمكلفين عن الأخذ بسيرة العرف في تلك المعاملة وما كان منها مشمولا بنوعه لعموم من عمومات الامضاء كان النهي المتعلق به ردعا للمكلفين عن الاخذ بسيرة العرف في تلك المعاملة وما كان منها مشمولا بنوعه لعموم من عمومات الامضاء كان النهي عن صنف من أصناف نوع تلك المعاملة ردعا عن ذلك الصنف وتخصيصا للعموم الدال على إمضاء نوع المعاملة. فيدل على الفساد على الوجه الذي ذكرنا.

(٢) إشارة إلى دفع ووهم قال استادنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٩١ لا يقال أن المعاملات تحتاج إلى امضاء الشارع فحيث يكون النهي عنها لا يكون لنا طريق لكشف امضائه فلا تصح المعاملة معه لانا نقول حيث ان اعتبارها يكون عقلائيا يصير النهي المنفصل كالمخصص المنفصل وحيث أنه مجمل من حيث الدلالة على الفساد أو المبغوضية فقط والمخصص المجمل لا يسري اجماله إلى العام فيكون دليل الامضاء بحاله إذا كان هو العمومات مثل أحل الله البيع وأوفوا بالعقود.

للقرينية من توهم كونه لدفع المشروعية وذلك يقتضي نفي ظهوره في المولوية لا ظهوره في الرادعية (١) وح فمع (٢) الشك في رادعيّة أصالة عدم الردع يقتضي الصحة لكشفه عن امضائهم لان الاطلاق المقامي ولو لم يكن لفظيا يقتضي امضاء عملهم ما لم يكن في البين ردع وأصل فتأمل (٣) ومن هذه البيانات ظهر أيضا حال الصادر عن عنوان السبب

______________________________________________________

(١) فإن غاية ما يقتضي هو عدم ظهور النهي في المولوية بهذه القرينة دون الرادعية عن امضاء البناء.

(٢) يقول المحقق الماتن فمع الشك في الرادعية يحرز عدم الردع باصالة عدم الردع ولازمه الصحة وذلك فإن الإطلاق اللفظي ولو لا تشمله على الفرض لكن المقامي موجود وإلّا يكون المولى هو الذي أخل بغرضه بعد ما لم يكن القيد من الأحكام العقلية الواضحة.

(٣) لعله إشارة إلى ما ذكره استاذنا الآملي في المنتهى ص ١٨٣ إلّا أنه يمكن أن يقال إن النهي عن بعض المعاملات لا يوجب ظهوره في الردع عنها والارشاد إلى عدم امضائها بل ذلك يوجب اجماله لان احتمال كونه مولويا مكافئ لاحتمال كونه ردعا عن المعاملة وإرشادا إلى عدم امضائها وتكافؤ الاحتمالين فيما يراد بالنهي يوجب اجماله ، وح فان لم يكن عموم أو إطلاق يدل على الامضاء فلا يمكن استكشاف الامضاء لاحتمال كون ذلك النهي ردعا وارشادا إلى عدم الامضاء فلا محالة يكون المرجع اصالة الفساد وان كان هناك عموم أو اطلاق يدل على امضاء نوع المعاملة فلا مانع من التمسك به لصحة المعاملة التي تعلق بها النهي لان اجماله يسقط عن المعارضة وبما أنه منفصل فلا يسري اجماله إلى العام أو المطلق الدال على امضاء نوع المعاملة.

.................................................................................................

______________________________________________________

بقى شيء وهم ودفع ، قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٩ وأما توهم منافات حرمة المعاملة ومبغوضيتها مع الجعل تأسيسا أو امضاء لما بيد العرف فمدفوع بمنع التنافي بينهما من جهة إمكان أن تكون المعاملة ممضاة ومؤثرة في النقل والانتقال على تقدير تحققها ومع ذلك كانت محرمة وحينئذ فلا يستلزم مجرد تخصيص الجواز التكليفي أو تقييده تخصيص دليل الجواز الوضعي المثبت لصحة المعاملة ولو كانا ثابتين بدليل واحد كما لو قلنا بان مثل عموم الناس مسلطون مثبت للجواز الوضعي والتكليفي حيث انه بدليل النهي يخصص عمومه من جهة الجواز التكليفي دونه من جهة الجواز الوضعي أيضا كما هو واضح نعم لو كان قضية النهي هو مبغوضية المعاملة بشراشر وجودها حتى بالقياس إلى حدودها الراجعة إلى الجعل والامضاء لكان لدعوى التنافي المزبور كمال مجال ولكن من الواضح عدم قابلية مثل هذا المعنى لتعلق النهي المولوي به فان المعاملة بهذا المعنى خارج عن تحت قدرة المكلف فعلا وتركا فلا يمكن ح تعلق النهي المولوي بها بل وانما القابل لتعلق النهي به إنما هو التوصل إلى وجود المعاملة من ناحية سببه في ظرف تحقق أصل الجعل من الشارع لأنّه هو الذي يكون تحت قدرته واختياره فعلا وتركا ومعلوم أن مبغوضية المعاملة من تلك الجهة غير منافية مع ارادة الجعل والامضاء من جهة إمكان أن تكون المعاملة مبغوضة ومحرمة ايجادها من المكلف ومع ذلك كانت صحيحة ومؤثرة فيما هو الاثر المقصود منها وهو النقل والانتقال ، وفيه يلزم لغوية جعل التأسيس والامضاء لان الممتنع شرعا كالممتنع عقلا ، فان يجعل ترتب الآثار لشيء يكون أبديا مبغوضا تلك المعاملة وليس له سبب مباح وممتنعا شرعا يكون قبيحا عقلا إلّا أن يتعلق النهي بأمر خارج عن تلك المعاملة أو بينهما عموم من وجه وكلاهما خارجان عن محل الكلام.

من عقد كذائي أو ايقاع كذلك (١) إذ جميع ما ذكرنا من المسبب جار فيه أيضا ، وأما النهي عن جزء السبب أو شرطه أمكن فيها

______________________________________________________

(١) الثانية ان يتعلق النهي بعنوان السبب والعقد او الايقاع يقول المحقق الماتن جميع ما ذكرنا في المسبب يجري فيه وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٩ من جهة وضوح عدم الملازمة بين حرمة المعاملة ومبغوضيتها وبين فسادها وعدم ترتب النقل والانتقال ـ الى أن قال ـ من غير فرق في ذلك بين أن يكون النهي متعلقا بالسبب وهو العقد أو المسبب وهو النقل والانتقال او بالتسبب الى المسبب بالسبب فعلى جميع التقادير لا دلالة لنهي بما انه نهى مولوي على الفساد خصوصا على الآخرين حيث انه يمكن دعوى اقتضائهما للصحة نظرا الى معلومية انه لو لا ترتب المسبب وتحققه لما كان مجال للنهي عنه وح ينحصر وجه الفساد بما اذا كان للارشاد الى خلل فيها. وتوضيحه اكثر من ذلك ما ذكره استاذنا الآملي في المنتهى ص ١٧٩ النهي عن السبب بما اذا كان مولويا فلا يدل على فساد السبب كما لا يدل على صحته ضرورة أن كون السبب مبغوضا لا يستلزم فساده بمعنى عدم ترتب اثره عليه اذ لا منافات بين كون الشيء فيه استعداد وصلاحية للتأثير اثر خاصا به سواء كان امرا اعتباريا كاسباب المعاملات بالمعنى الاعم فضلا عن الاخص عرفا وشرعا ام كان امرا حقيقيا كالاسباب التكوينية مثل النار المماسة للورق وبين كون وجوده في بعض الاوقات ذا مفسدة تستدعي النهي عنه فاذا كان ثمة دليل يدل على كون الشيء ، الفلاني سببا للاثر الكذائي حيث يوجد فلا يدل النهي المولوي عن ايجاده في بعض الاوقات على عدم تأثيره الاثر الذى كان يترتب عليه قبل النهي فكما ان النهي عن ايجاد السبب التكويني لا يدل على عدم ترتب اثره عليه بل لا يتوهم احد من العقلاء التنافي بين النهي المولوي وترتب اثره

دعوى كونها (١) للارشاد إلى نفي الجزئية أو الشرطية رأسا أو تقيدها بغيره كما هو الشأن في كلية الاوامر والنواهي الواردة في مقام بيان حقيقة شيء (٢) كما أسلفنا ، وأما النهي عن الوصف المفارق أو

______________________________________________________

التكويني عليه فيضطر الى تأويله أو تكذيبه كذلك النهي عن ايجاد السبب التشريعي واذا كان دليل النهي المولوي عن ايجاد السبب التشريعي مستلزما لتخصيص عموم دليل جوازه او تقييد اطلاقه فهو لا يستلزم تخصيصه او تقييده من ناحية امضائه او تشريعه لان دليل جواز المعاملة كما يدل على جواز ايقاعها يدل على تشريعها واعتبارها سببا للاثر المترتب عليها والنهي عن ايجاد السبب انما يقيد اطلاق دليلها من جهة دلالته على جواز الاتيان بسببها حيث شاء المكلف ولا ربط للنهي المولوي بجهة دلالته على تشريع تلك المعاملة وبيان اعتبار ذلك السبب سببا لوجود الاثر الذي اعتبر أثرا له بل لا يتأتى من المتكلم الحكيم أن يدل المخاطب بالنهي المولوي بما هو كذلك على الغاء تشريع ذلك السبب وعدم اعتباره سببا للاثر الذي دل دليل التشريع على اعتباره نعم اذا كان النهي المتعلق بالسبب ارشاديا وكان ظاهرا في بيان الغاء سببيّة ذلك السبب وعدم تشريعه اذ لا محصل للارشاد المستفاد من ذلك النهي الا ذلك كما لا يخفى ، لكن فيه لا يبعد ظهور النهي عن السبب دالا على الفساد وخلل فيها كالنهي عن بيع لمنابذه إلّا أن يكون ذلك ارشاديا كما ليس ببعيد.

(١) الثالثة النهي عن جزء السبب أو شرط السبب تقدم أنه ارشاد الى نفي الجزئية او الشرطية رأسا او تقيدهما بغيره.

(٢) فان جميع الاوامر والنواهي التي يبين أجزاء حقيقة مركب من المركبات عبادة كانت أم معاملة ظاهرة في الارشاد الى الجزئية والشرطية كما تقدم مرارا وتوضيح ذلك ذكر المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٦٠ وأما لو كان

.................................................................................................

______________________________________________________

النهي متعلقا باجزاء السبب وشرائطه فيكون كما في العبادات محمولا على الارشاد لبيان الكيفية اللازمة في السبب وما هو المانع والمخل بالمعاملة إلّا أن الفرق بينهما وبين العبادات كان في الاصل الجاري فيها عند الشك في مولوية النهي وارشاديته فانه في العبادات يفصل بين صورة تعلق النهي بعنوان العبادة وبين صورة تعلقه بأجزائه وشرائطه فكان الاصل في الاول عند الشك فى المشروعية عدمها وفي الثاني المحتمل المانعية فيه كان الاصل هو البراءة عنها والصحة بخلافه في المعاملات وأنه على كل تقدير كان الاصل هو عدم المشروعية وعدم النفوذ نظرا الى عدم جريان البراءة فيها لا عقلا ولا نقلا حتى يصح الحكم بنفوذ المعاملة وصحتها وذلك من جهة أن البراءة العقلية مجريها العقوبة ولا الزام في المعاملة حتى تنفى العقوبة المحتملة من جهة الشيء المشكوك المانعية والمخلية ، وأما البراءة النقلية فمجراها الامتنان ولا امتنان في المقام في اثبات الصحة برفع المشكوك المانعية من جهة استلزامه لوجوب الوفاء الذي هو خلاف الامتنان في حقه لا يقال أن ذلك كذلك في مثل دليل الرفع ونحوه مما كان مسوقا في مقام الامتنان لا في مثل دليل الحلية مما لا يكون كذلك ح ولو لا دعوى اختصاصه بالحلية التكليفية لا بأس بدعوى جريانه واقتضائه لنفوذ المعاملة باجرائه في نفس المعاملة حيث أنه باقتران المعاملة بمشكوك المانعية والمخلية تشك في حليتها وضعا ونفوذها في النقل والانتقال فبدليل الحلية يثبت كونها حلالا وضعا ومؤثرا في النقل والانتقال فانه يقال نعم ولكنه من جهة اختصاصه بخصوص الحلية التكليفية غير جار في المعاملات حتى يقتضي صحة المعاملة ونفوذها ومن ذلك أيضا لم يتوهم أحد من الاصحاب جريان هذه الادلة في أبواب المعاملات لاثبات الصحة فيها بل ومع الشك أطبقوا على جريان أصالة الفساد ومن المعلوم أنه لا يكون ذلك الا من جهة اختصاصه بالحلية التكليفية كما هو واضح.

الملازم (١) أمكن أيضا دعوى ظهورها في المانعية لانها أيضا من النواهي في مقام بيان حقيقة العنوان من العبادات أو المعاملات مطلقا نعم (٢) لو كان النهي متعلقا بعنوان مستقل قابل للانطباق على المعاملة فهو لا يقتضي فسادها كما تقدم في المعاملات بالمعنى الأعم ومن (٣) التأمل في ما ذكرنا أيضا ظهر حال النهي عن التسبّب بالعقد أو الايقاع إلى مسبباتها إذ هي أيضا لا يوجب فسادها

______________________________________________________

(١) الرابعة النهي عن الوصف المفارق كالعقد بالفارسية او الملازم كالربا في بيع المتجانسين يكون ظاهرا في المانعية وفي بيان حقيقة المعاملة كما في باب العبادة أيضا ، قال استاذنا الآملي في المنتهى ص ١٨٣ ثم ان النهي المتعلق بأجزاء أسباب المعاملات ان كان واردا مورد توهم كونه جزء للسبب فلا محالة يكون ظاهرا في بيان عدم كونه جزء له وان لم يكن واردا في ذلك المورد ولم تكن قرينة تعين كونه مولويا فلا محالة يكون ظاهرا في كون المنهي عنه مانعا من صحة السبب المقترن به وإلّا كان مولويا لا يدل على الفساد كما لا يدل على الصحة كما أسلفنا القول فيه.

(٢) الخامسة بأن تعلق النهي بعنوان ينطبق على المعاملة كما لو تعلق النهي بايذاء الوالدين بأي وجه كان والبيع ايذاء لهما أو لاحدهما فلا يوجب الفساد لعدم منافات المبغوضية المجردة مع صحة المعاملة كما مر مرارا.

(٣) السادسة النهي عن التسبب بالعقد أو الايقاع بأن التسبب بهذا السبب مبغوض كالتسبب بالمظاهرة مبغوض أيضا لا يوجب فساد المعاملة والبطلان يحتاج الى دليل آخر. ولا بأس بالاشارة الى ما ذكره المحقق الاصفهاني في النهاية ج ١ ص ٣١٦ ، وأما حرمة التسبب الى الملكية فربما يقال ملازمتها للفساد عرفا وان لم تكن ملازمة بينهما عقلا إلّا أنه لا وجه للتلازم العرفي بين

إلّا (١) إذا فرض كونها في مقام الردع عن بناء العقلاء في هذا التسبب فانه ظاهره في الفساد لو لا دعوى (٢) ان مجرد توهم كونها لدفع المشروعية يمنع عن ظهوره في المولوية ولا يوجب ظهورها في الرادعية لان الاقتران بما يصلح للقرينيّة بحكم المجمل وحينئذ يرجع الأمر إلى أصالة عدم الرادعية الكافية في صحة المعاملة إمضاء فتدبر هنا أيضا (٣) ، وأما النهي عن نتيجة المعاملة فلا

______________________________________________________

المبغوضية الحقيقية والتأثير كما أن الظهار الحقيقي حرام ومع ذلك يؤثر أثره نعم بعد ارتكاز هذه الملازمة في أذهان أهل العرف ولو غفلة وخطأ عن عدم الملازمة الواقعية يصح تنزيل النواهي الظاهرة في الحرمة على فساد المعاملة إلّا أن الاشكال في أصل الملازمة وأما توهم أن التأثير ان كان جعليا فلا معنى لمبغوضية السبب أو التسبب وجعل الاثر فمدفوع بأن ثبوت المفسدة في ذات السبب أو التسبب لا ينافي ثبوت المصلحة في جعل الاثر عند وجود هذا الفعل المبغوض.

(١) السابعة كون النهي ظاهرا في مقام الردع عن بناء العقلاء فانه يلازم الفساد كما تقدم.

(٢) لكن يمكن أن يصير مجملا ويجري أصالة عدم الرادعية لان احتمال كون النهي لدفع المشروعية ولاجل الرادعية انما يرفع ظهور النهي في المولوية لكن لا يوجب ظهورها في الرادعية وانما غاية ما يصلح للقرينية منع ظهوره في المولوية لا غير.

(٣) اشارة إلى ما سبق من جريان أصالة عدم المشروعية ح الملازم للفساد.

شبهة (١) في اقتضائه الفساد إذ هو ملازم لعدم جواز التصرف في المال المضاد مع الصحة نعم لو كان النهي عن التصرف من عنوان ثانوي من نذر أو غيره (٢) فهو لا يقتضي الفساد جزما هذا كله (٣) حال صور النواهي بحسب الاستظهارات النوعية كما هو شأن الاصولي بيانها تثبيتا للقانون وإلّا (٤) ففي الموارد الشخصية ربما يتحقق قرائن وخصوصيات شخصية لا محيص له من رفع اليد عن القوانين بها وتشخيص ذلك منوط بنظر الفقيه في كل مورد مورد.

______________________________________________________

(١) الثامنة في النهي المتعلق بالآثار يقتضي الفساد ، قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٥٩ نعم لو كان النهي التحريمي عن لوازم المعاملة كالنهي عن أكل الثمن والمثمن والتصرف فيهما ففي مثل ذلك كان النهي مستلزما للفساد من جهة استلزام حرمة التصرف في العوضين لعدم نفوذ المعاملة وإلّا ففي غير تلك الصورة لا اقتضاء للنهي التحريمي للفساد بوجه أصلا.

(٢) التاسعة لو كان النهي عن المعاملة والتصرف لاجل النذر أو الحلف على عدم التصرف فيه فلا وجه لاقتضائه الفساد وانما يكون مبغوضا لكن قد احتملنا في محله أن النذر والعهد أو الحلف كالشرط لو تعلق بشيء يوجب قصور الملكية بحيث لا يقبل النقل والانتقال ولازمه الفساد والامر متكل إلى محله.

(٣) هذا كله بحسب ظهور النهي في المولوية وظهورا ثانويا في الارشادية على ما مر مفصلا هذا بحسب القانون الكلي الذي يبينه الاصولي على نحو الضابطة الكلية.

(٤) لكن بحسب القرائن الشخصية وخصوصيات الموردية المستفادة من

.................................................................................................

______________________________________________________

الادلة الخاصة يتبع نظر الفقيه في الاستظهارات وتلك ليست لها ضابطة كلية وانما يكون بحسب اختلاف الادلة والانظار والموارد كما لا يخفى.

بقي هنا أمور ، الامر الاول ، ذكر الاساتذة أن اطلاق السبب والمسبب والعلة والمعلول في الاحكام الشرعية تسامحي والعبرة بالموضوع والحكم ، قال المحقق النائيني في الاجود ج ١ ص ١٤٣ أن فعلية التكليف وان كانت تتوقف على فعلية جميع قيوده ـ إلى أن قال ـ إلى ان ينتهي إلى القيد الاخير فيكون وجوده كوجود الجزء الاخير من العلة التامة فيستحيل تخلف الحكم عنه ولذلك ربما يطلق السبب والمسبب على القيد والحكم وإلّا فالسببية والمسببية فيما نحن فيه غير معقولة كما هو ظاهر. ولا مشاحة في الاصطلاح للمناسبة لتولد المعلول عن العلة بلا انفكاك بينهما جعل الحكم عند تحقق الموضوع بلا فصل او تعلق الارادة التشريعية به بلا فصل على ما سلكهم الامر الثاني قال في الكفاية وغيرها منهم المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٦١ واما حسب النصوص الخاصة فقد يقال بدلالتها على ملازمة النهي للفساد كالخبر المروي في الكافي والفقيه عن زرارة ـ صحيحة سندا ـ عن ابي جعفر ـ الباقر عليه‌السلام قال سالته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده فقال عليه‌السلام ذاك إلى سيده ان شاء اجازه وان شاء فرّق بينهما قلت اصلحك الله ان الحكم بن عيينة ـ عتيبة ـ وابراهيم النخعي واصحابهما يقولون ان اصل النكاح فاسد ولا تحل اجازة السيد له فقال أبو جعفر عليه‌السلام انه لم يعص الله وانما عصى سيده فاذا اجازه فهو جائز له الحديث ـ وفي رواية اخرى فقال ابو جعفر عليه‌السلام انما اتى شيئا حلالا وليس بعاص لله انما عصى سيده ولم يعص الله ان ذلك ليس كاتيان ما حرم الله عليه من نكاح في عدة واشباهه الحديث وسائل باب ٢٤ من ابواب نكاح العبيد والاماء ح ١ / ٢ ـ بتقريب دلالة الرواية على ان النكاح لم يكن

.................................................................................................

______________________________________________________

مما حرمه الله حتى يقع فاسدا ولا يصلحه اجازة السيد فتدل ح على ملازمة النهي المولوي للفساد في المعاملات ولكن فيه ان الظاهر من المعصية المنفية بقرينة المقابلة انما هو عدم كونه مما لم يمضه الله ولم يشرعه له كما كان ذلك هو المراد ايضا من معصية السيد حيث اريد منها عدم اجازة السيد له وعدم اعطائه السلطنة في النكاح في قبال اذنه بذلك فان مقتضى المولوية والعبدية هو عدم نفوذ تصرفات العبد في شيء الا باجازة واذن سيده ومولاه فكان المراد ح من قوله عليه‌السلام انه لم يعص الله سبحانه الخ هو ان النكاح ليس مما لم يشرعه الله في حقه بحسب أصل الشرع حتى يقع باطلا ، وانما كان عدم التشريع والامضاء من قبل سيده فاذا أجاز جاز ونحن نقول أيضا باستتباع مثل هذا النحو من المعصية للفساد بلا مجال لانكار من أحد ـ أي توضيحه ما أفاده أستاذنا الآملي في المنتهى ص ١٨٦ أنه لو كان لفظ المعصية ظاهرا في مخالفة الحكم التكليفي لاستلزم أن يكون سيد العبد قد أمره بشيء أو نهاه عنه فخالفه فيه لتصح نسبة المعصية اليه وذلك خلاف ظاهر الرواية اذ ظاهرها أن المولى لم يكن قد نهى عبده عن النكاح وانما أوقعه العبد قبل مراجعة سيده وقبل أن يسبق منه نهيه عنه وعليه يلزم أن نحمل لفظ المعصية المتعلقة بالسيد على مخالفة الحكم الوضعي ومعه لا يمكن أن يستفاد من معصية العبد لسيده في الحكم الوضعي معصيته لله تعالى في الحكم التكليفي لان مخالفة الحكم الوضعي لا توجب إلّا بطلان المعاملة وعدم لزومها كما لا يخفى مضافا إلى لزوم التفكيك في مفاد لفظ المعصية في موردي النفي والاثبات بارادة مخالفة الحكم الوضعي من المعصية في النفي وارادة مخالفة الحكم التكليفي منها في الاثبات وذلك خلاف الظاهر كما أشرنا اليه.

ومما يؤيد ذلك بل يشهد عليه أيضا من عدم كون المراد من المعصية هو

.................................................................................................

______________________________________________________

مخالفة النهي التحريمي قضية عدم انفكاك معصية السيد عن معصية الله من حيث وجوب اطاعته على العبد شرعا وجوبا تكليفيا كما في اطاعة الوالد فانه لو لا ما ذكرنا كان اللازم في المقام هو فساد النكاح المزبور مع أنه خلاف ما تضمنه الرواية من الحكم بالصحة ومن هذه الجهة أيضا استدل بعضهم بهذه الرواية على عدم دلالة النهي التحريمي على الفساد بتقريب ما عرفت من الملازمة بين معصية السيد وبين معصية الله ـ أي بيانه ما نقله استاذنا الآملي في المنتهى ص ١٨٥ فهو أن الرواية ظاهرة في الدلالة على صحة نكاح العبد بغير اذن سيده بعد اجازته اياه وعلى عصيان العبد لسيده وعدم عصيانه لله تعالى ولا ريب في أن عصيان العبد لسيده مستلزم لعصيانه لله تعالى فلا بد أن يكون المراد بالعصيان المنفي عن العبد هي مخالفة عمله للقانون الشرعي في الحكم الوضعي فيكون مفاد كلامه عليه‌السلام هو أن العبد في نكاحه بغير اذن سيده لم يأت بمعاملة غير مشروعة وان تصرفه في نفسه بالنكاح بغير اذن سيده لا يبطل مشروعية المعاملة التي أتى بها غاية الامر أن نفوذ هذه المعاملة ولزومها في حق العبد متوقف على رضا سيده بها لانها معاملة أجراها في مال غيره فيكون عصيان العبد للنهي التكليفي غير ضار بمشروعية النكاح الذي أوقعه بغير اذن سيده وذلك يدل على أن عصيان النهي المولوي في المعاملة المشروعة لا يوجب فسادها وعدم مشروعيتها وظهور الرواية في عدم دخل خصوصية المورد في الحكم يوجب عمومه لجميع المعاملات ، ـ وان كان لا يخلو ذلك أيضا عن اشكال لامكان دعوى أن صحة النكاح ونفوذه بعد اجازة السيد انما هو من جهة ارتفاع معصية الله حسب تبعيّتها لمعصية سيده عند اجازة السيد له وإلّا فقبل اجازة السيد له بمقتضى كونه عصيان للنهي التكليفي لا يكون النكاح صحيحا فعليا ومؤثرا في تحقق علقة الزوجية بل وانما غايته كونه

.................................................................................................

______________________________________________________

صحيحا شأنيا وعليه فلا مجال للاستدلال بهذه الرواية على عدم دلالة النهي التحريمي على الفساد ، وذكر استاذنا الآملي في المنتهى ص ١٨٥ في الجواب عن الاستدلال قال ان ظاهر من لفظ العصيان المستند إلى العبد هو كون معناه شيئا واحدا في موردي النفي والاثبات أعني بهما قوله عليه‌السلام أنه لم يعص الله وانما عصى سيده فاذا كان مفاد لفظ العصيان في مورد النفي هو مخالفة القانون الشرعي في الحكم الوضعي لزم أن يكون لفظ العصيان في مورد الاثبات أعني به عصيان السيد هو أيضا مخالفة القانون الشرعي في الحكم الوضعي أعني به توقف نفوذ نكاح العبد مثلا على اجازة سيده فيكون عدم استيذان العبد سيده في ايقاع النكاح معصية لهذا القانون الوضعي وعليه لا تكون الرواية المزبورة دالة على عدم استلزام النهي المولوي للفساد وذلك لان مخالفة العبد للقانون الوضعي في نكاحه لا تستلزم نهيا مولويا لتكون للرواية دلالة على المدعى المزبور بل يكون مفاد الرواية هو توقف نفوذ نكاح العبد ولزومه على اجازة مولاه تقدمت على النكاح او تأخرت عنه فاذا تقدمت فقد اقترن النكاح بشرطه واذا تأخرت فقد وقع النكاح غير مقترن بشرطه فيكون العبد عاصيا في هذا النكاح حتى تحصل الاجازة من سيده فاذا حصلت فقد انتفت المعصية وجاز النكاح ، وقد ظهر مما ذكرنا كله فساد ما أفاده المحقق النائيني من الجواب في الاجود ج ٢ ص ٤٠٧ ولكن التحقيق فساد الاستدلال المذكور لان صحته تتوقف على أن يراد من العصيان في كل من الموردين معنى يغاير ما يراد منه في الآخر وهذا خلاف الظاهر جدا فالظاهر أن المراد من عصيان الله تعالى المستلزم للفساد بمقتضى مفهوم الرواية هو العصيان التكليفي ، وأما ما ذكر من تحقق عصيانه تعالى في المقام لاستلزام عصيان السيد له فهو وان كان صحيحا إلّا أن المنفي في الرواية ليس مطلق عصيانه تعالى بل خصوص

.................................................................................................

______________________________________________________

عصيانه المتحقق بمخالفة نهيه الراجع إلى حقه تعالى على عبيده مع قطع النظر عن حقوق الناس بعضهم على بعض فيكون المتحصل من الرواية أن عصيان العبد لسيده بنكاحه من دون اذنه لو كان ناشئا من مخالفة نهي متعلق بذلك النكاح من حيث هو في نفسه لما فيه من المفسدة المقتضية لذلك لا وجب ذلك فساده كما في النهي عن النكاح في العدة لان متعلق هذا النهي مبغوض للشارع حدوثا وبقاء لاستمرار مفسدته المقتضية للنهي عنه ، وأما اذا كان عصيان العبد ناشئا من مخالفة النهي عن التمرد على سيده فهو يدور مدار تمرده عليه حدوثا وبقاء فاذا رضي سيده بما عصاه فيه ارتفع عنه النهي بقاء فلا يكون موجب لفساده ولا مانع من صحته وقد تقدم جوابه بأن النهي عن التشريع ، وأجاب عنه استاذنا الخوئي في هامش الاجود ج ٢ ص ٤٠٧ بنفس ما تقدم ، قال : بل التحقيق أن يقال ان المراد من لفظ العصيان الوارد في هذه الروايات هو العصيان الوضعي في كل من الموردين بتقريب أن النكاح المزبور بما أنه كان مشروعا في نفسه في الشريعة المقدسة لا يكون مانع من صحته ونفوذه الا عدم رضاء السيد به وعدم اجازته له فاذا ارتفع المانع بحصول الاجازة جاز النكاح ، والوجه في ذلك أن نكاح العبد بغير اذن سيده ليس من التصرفات المحرمة شرعا ولذا لو عقد العبد لغير نفسه لما احتاج نفوذه إلى اجازة سيده قطعا كما أن غير العبد لو عقد للعبد لاحتاج نفوذه إلى اجازة سيده بلا اشكال مع أنه لم يتحقق في الفرض عصيان تكليفي من العبد ولا من غيره بالضرورة فيتعين أن يكون المراد من العصيان في الروايات هو العصيان الوضعي فيكون المتحصل من الروايات والله العالم أن النكاح لو كان غير مشروع في نفسه كما اذا كان واقعا في العدة ونحو ذلك لكان ذلك باطلا وغير قابل للصحة ، وأما اذا كان في نفسه مشروعا غاية الامر أنه اعتبر في صحته ونفوذه رضا سيده به كان فساده دائرا

.................................................................................................

______________________________________________________

مدار عدم رضاء السيد حدوثا وبقاء ويؤيد ما ذكرناه أنه لو كان العقد محرما لعارض كما اذا قصد به اضرار مسلم ونحو ذلك لما حكم بفساد العقد قطعا مع أن حرمة هذا العقد حرمة لا تقبل الارتفاع أبدا فيكشف ذلك عن أن الحرمة التكليفية لا تستلزم فساد العقد أبدا.

وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٣٦ ومن الاخبار التي استدل بها للفساد رواية ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال من طلق ثلاثا في مجلس فليس من خالف كتاب الله عزوجل رد إلى كتاب الله وسائل باب ٢٩ أبواب مقدمات الطلاق وبمضمونه أيضا روايات كثيرة ولكن الجواب عنها يظهر مما سبق حيث أن مخالفة الطلاق ثلاثا في مجلس واحد لكتاب الله والسنة انما هي من جهة كونه مما ردع الله عنه ولم يشرعه في كتابه ونحن نقول بالفساد فيما كان من هذا القبيل.

الامر الثالث في النهي التشريعي قال المحقق العراقي في النهاية ج ٢ ص ٤٦٤ في أنه هل يوجب فساد العبادة أو المعاملة أم لا ولتوضيح المرام ينبغي بيان حقيقة التشريع في الاحكام فنقول أن حقيقة التشريع بعد أن كانت من سنخ البناء القلبي الذي هو من أفعال الجوانح دون الفعل الخارجي الذي هو من افعال الجوارح فتارة في مقام التشريع يبني الانسان على وجوب شيء أو حرمته لكن لا بما أنه من الدين ـ أي يرى نفسه مصلحا عاما يراعي المجتمع العام فينشأ له برأيه قوانين يلزم اتباعها ـ نظير القوانين المجعولة من طرف السلطان بين الرعية وأخرى يبني على وجوب شيء أو حرمته في الدين بما أنه مشروع وذلك بأن يدعي نفسه شارعا كالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم في مقام شارعيته يجعل الشيء الفلاني واجبا أو حراما أو غير ذلك ، وثالثة يبني على وجوب شيء أو حرمته في الدين بما أنه هو الحكم المنزل من الله سبحانه بتوسيط رسوله من دون ادعائه

.................................................................................................

______________________________________________________

الشارعية لنفسه ، ذكر استاذنا الآملي في المنتهى ص ١٨٧ ربما يقال أن انشاء الحكم بالطريقة الاولى ليس تشريعا وان كان شبيها به كل الشبه لان التشريع هو ادخال ما لا يعلم كونه من الدين في الدين وعليه لا يكون تأسيس الانسان للاحكام التي يريد أن يجعلها دينا يدعو غيره إلى العمل به في عرض بقية الاديان تشريعا لانه لم يضف إلى دين حكما ليس منه كي تكون تلك الاضافة تشريعا في ذلك الدين وان كان انشاء الحكم بهذه الطريقة أقبح من التشريع ولكن لا يخفى أن حرمة التشريع لو كانت شرعية سمعية وكانت بذلك اللسان لكان للتفكيك بين الطريقتين في انشاء الاحكام وجه مقبول ، وأما اذا كانت حرمة التشريع عقلية كما هو الظاهر فلا فرق بين الطريقتين فيكون انشاء الحكم بكل منهما تشريعا لاتحاد ملاك حرمة ذلك الانشاء فيهما ولا تتقيد حرمة التشريع بادخال الحكم المنشأ جديدا في الدين لان التشريع في نظر العقل هو نبأ من ليس هو أهلا لذلك على وجوب شيء لا يعلم بوجوبه أو حرمة شيء لا يعلم بحرمته والتزامه في نفسه بذلك الحكم الذي بنى عليه في قلبه سواء عمل على طبقه أم لم يعمل وسواء كان بصدد جعل تلك الاحكام التي بنى عليها في نفسه دينا مستقلا في عرض غيره من الاديان أم كان بصدد اكمال الدين الذي يتبعه بضم ما أنشأه من الاحكام اليه وسواء كان ما بنى على وجوبه مثلا واجبا في الواقع وهو لا يعلم به أم لم يكن له الحكم الذي بنى عليه كما ستشير اليه وعلى كل فانشاء الحكم بالطريقة الثالثة لا ريب في كونه تشريع كما أن انشاء الحكم بالطريقة الثانية لا ريب في عدم كونه تشريعا ، وذكر المحقق النائيني في الاجود ج ٢ ص ٤٠٩ فرضا آخر قال كحكم العقل بقبح التشريع فان حكمه به انما هو من جهة كون التشريع تصرفا في سلطان المولى بغير اذنه فما لم يحرز كون الحكم مشروعا يكون اسناده إلى المولى تصرفا في سلطانه وافتراء عليه

.................................................................................................

______________________________________________________

وهو قبيح ولا فرق في ذلك بين ما اذا علم المكلف بعدم كون ذلك الحكم مشروعا وما اذا شك في ذلك لان ملاك القبح في الصورتين أمر واحد أعني به التصرف في سلطان المولى بغير اذنه ولا يبعد أن يكون حكم العقل بقبح الكذب من هذا القسم وعليه يكون الاخبار بشيء عند عدم احراز مطابقته الواقع كاسناد شيء إلى المولى مع عدم احراز كونه مشروعا محكوما بالقبح عقلا سواء كان المخبر عالما بعدم المطابقة أم كان شاكا فيها ، أجاب عنه استاذنا الآملي في المجمع ج ٢ ص ٩٧ ، وأما اذا كان معتقدا في نفسه بأنه ليس من الدين ويعلم أنه ليس بنبي ولا مصلح للاجتماع ويعلم أنه لا قصور في التبليغ ولكن يبرز خلاف ما اعتقده لغرض من الاغراض فهذا من الافتراء على الله تعالى والتشريع لا يكون من الافتراء على الله فهذا ليس من التشريع في شيء كما توهمه شيخنا النائيني بل يكون التشريع تشريعا بأحد المعاني الثلاثة فلو لم يكن ملحوظا كما ذكر لا يكون تشريعا. وقال في المنتهى ص ١٨٩ ان التشريع بكلا معنييه لا يكون من سنخ الافتراء على الله تعالى لان الافتراء على الله تعالى أو على غيره هو الاخبار عنه بأنه فعل كذا او قال كذا وقد عرفت ـ وستعرف ـ أن التشريع ليس اخبارا عن الله تعالى بأنه قد أوجب الفعل الكذائي أو حرّمه بل المشرع هو بنفسه يبني في نفسه على وجوب شيء مثلا ويأمر من يتبعه بالعمل على طبق بنائه للمصلحة التي تخيلها. وقال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٦٤ وعلى التقادير تارة يخبر أو يعمل على طبق تشريعه وأخرى لا يخبر ولا يفتى بذلك ولا كان له عمل على طبق ما شرعه كما لو كان تشريعه في حكم عمل غيره الذي هو أجنبي عنه ثم على التقدير الاخير تارة يكون تشريعه في اصل الحكم الشرعي وأخرى في تطبيقه على المصداق الخارجي فهذه صور متصورة في التشريع ، وتوضيحه ذكر استاذنا الآملي في المنتهى ص ١٨٩ فهو أن يبني

.................................................................................................

______________________________________________________

على أن بعض أفراد الصلاة الواجبة مثلا المشتمل على بعض المستحبات يكون بجميع أجزائه وخصوصياته الواجبة والمستحبة فردا للصلاة الواجبة فقط ، كما أنه يمكن أن يبني على أن الفرد الناقص من أفرادها هو فرد للصلاة التامة من حيث الاجزاء والشرائط فيأتي به امتثالا لامرها. قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٦٤ وبعد ذلك نقول ، أما القسم الاول ـ أي القوانين العرفية ـ فلا مجال لدعوى كونه قبيحا عقلا ومحرما شرعا فان مجرد البناء والالتزام على وجوب شيء لا بما أنه من الدين والشرع لا يقتضي كونه قبيحا عقلا ومحرما شرعا بوجه أصلا وان كان قد عمل على طبق ما شرعه فضلا عما لو لم يكن له عمل على طبقه ، وأما القسم الثاني فكذلك أيضا من حيث تشريعه وبنائه على وجوب شيء أو حرمته نعم انما يكون المحرم في هذا القسم هو حيث ادعائه الشارعية لنفسه حيث أنه من أكبر المعاصي وكان العقل أيضا مستقلا بقبحه كما أنه لا ينبغي الاشكال أيضا في قبح القسم الثالث وحرمته اذ كان فضوليا في أمر المولى وكان اخباره بذلك أيضا افتراء عليه. والامر كما ذكره بل في الثاني يوجب الارتداد لانكاره خاتم النبوة صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحوه ، بل في الاول أيضا يكون قبيح عقلا وحرام شرعا بأن يجعل القانون الحكومية في المجلس الشورى للملكة فان تلك الموضوعات المطرحة أما لها حكم شرعي أم لا ، الثاني غير ممكن لان كل موضوع له حكم شرعي ولو الاصل فلا محالة يتعين الاول فان جعل القانون على وفق الحكم الاسلامي فهو وإلّا لو كان على خلافه كان قبيحا عقلا لانه جعل الحكم لمن ليس له الاهلية والولاية والسلطنة على مثل ذلك فهو ناقص وتصرف في سلطان الله ، وأما وجوب العمل على طبق القانون بعد الجعل من جهة العناوين الثانوية كاختلاف النظام والغرر والحرج وتلف الاموال والنفوس والاعراض ونحو ذلك ، هذا كله في غير الحكومة الاسلامية

.................................................................................................

______________________________________________________

فانها أحكام اسلامية ولائية ان شاء الله مجعولة في مجلس الشورى بقى أمور :

الامر الاول هل التشريع هو البناء النفسي على كون الفعل الفلاني محكوما باحد الاحكام الخمسة والالتزام القلبي بذلك سواء اقترن بالعمل على طبقة ام لم يقترن او هو ذلك مع اقترانه بالعمل على طبقه اختار المحقق العراقي الوجه الاول وهو الصحيح قال المحقق الماتن في النهاية ج ١ ص ٤٦٥ ولكن حيث ان روح التشريع وحقيقته من سنخ البناءات القلبية من غير دخل فيه للاخبار او الفتوى على طبقه بل ولا للفعل الخارجي الجوارحي بشهادة تعلق التشريع بحكم فعل الغير كالتشريع في ايجاب الصلاة والصوم على الحائض والنفساء فلا جرم ما هو المحرم بالحرمة التشريعية ايضا لا يكون إلّا نفس البناء القلبي الذى هو من فعل الجوانح دون العمل الخارجي او الافتاء بشيء كما هو واضح. واختار الوجه الثاني المحقق النّائينيّ في الاجود ج ٢ ص ٤١٢ قال التشريع ليس عبارة عن العمل القلبي المحض لانه بنفسه لا يكون تصرفا في سلطان المولى وافتراء عليه بل هو داخل في باب العزم على المعصية الذي ورد في اخبار كثيرة العفو عنه كما انه ليس عبارة عن نفس الفعل الخارجي بما هو بالضرورة بل هو عبارة عن الفعل الصادر عن هذا البناء القلبي بالجرى على طبقه في الخارج ولو كان ذلك بالافتاء على طبقه فحقيقة التشريع وان كانت متقومة بالبناء القلبي إلّا انه جهة تعليلية لصدق عنوان التشريع على ما يصدر من المكلف في الخارج من عمل او افتاء فمصداق التشريع انما هو الفعل الصادر من المكلف وان كان قوام كونه تشريعا هو البناء القلبي وعليه فما هو قبيح عقلا وحرام شرعا انما هو نفس الفعل الخارجي الصادر عن البناء القلبي. اي هو مصداق التشريع المحرم واجاب عنه المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٦٥ بقوله منظور فيه لما عرفت من ان روح التشريع وحقيقته ليس إلّا عبارة عن

.................................................................................................

______________________________________________________

نفس البناء القلبي وان العمل والافتاء كالاخبار به خارج عن حقيقة التشريع حيث كان مرجع الافتاء إلى كونه اظهار او ابراز لذلك البناء القلبي كالاخبار ومرجع العمل إلى كونه امتثالا لما شرعه بحسب بنائه على الوجوب او الحرمة وعليه فلا يكاد يوجب حرمة التشريع حرمة الافتاء والعمل الخارجي الجوانحي حتى يوجب فساده اذا كان عبادة ولو مع فرض انكشاف مشروعية المأتي به واقعا وتبين كون ما بنى على وجوبه او جزئيته باعتقاد حرمته ومانعيته واجبا شرعا وجزء للمامور به واقعا وفرض كون تشريعه في تطبيق المامور به على المصداق لا في مقام الامر الشرعي في تطبيق المامور به على المصداق لا في مقام الامر الشرعي. وذكر استادنا الآملي في المنتهى ص ١٨٩ فاما العبادة الماتي بها تشريعا فان كانت مامورا بها في الواقع ولكن المشرع لا يعلم بكونها مشروعة فلا محالة تقع صحيحة بناء على القول الاول من كون التشريع فعلا قلبيا ليس إلّا اذ لا نقص فيها من حيث الاجزاء والشرائط سواء كان التشريع في اصل الحكم او في تطبيق الواجب على الفرد الذى تخيل كونه مشتملا على بعض الزيادات غير المامور بها في العبادة وكانت في الواقع مامورا بها اما لانها جزء من العبادة الواجبة في الواقع وأما لانها من المستحبات فيها او في التطبيق على الفرد المشتمل على الزيادات غير المبطلة وان لم تكن مامورا بها في الواقع وكذلك تقع العبادة صحيحة على القول الثاني بناء على عدم الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع فان التشريع وان تحقق بنفس العبادة إلّا انها لما كانت مأمورا بها في الواقع لم يكن هناك ما يمنع من التقرب إن قلت لا ريب في أن قصد امتثال الامر من شروط صحة العبادة ومع قصد التشريع لا يتأتى منه قصد امتثال امر العبادة وان كانت مأمورا بها في الواقع لفرض ان المكلف لا يعلم بذلك وبنائه وجوبها تشريعا ـ لما كان قصد امتثال هذا الوجوب مقربا ـ وقصد

.................................................................................................

______________________________________________________

امتثال الوجوب التشريعي لا يوجب ارتباط العمل به تعالى وخضوع العامل بل بالمشرع ومعه كيف تكون العبادة الماتي بها بهذا الداعي مقربة اليه تعالى وان كانت متعلقه لامره في الواقع قلت اما التشريع في التطبيق فلا يتوجه عليه هذا الإيراد لفرض ان المشرع بالتطبيق يعلم ان طبيعة العبادة مأمور بها وانما قصد التشريع في الفرد الذى يريد به تحقيق امتثال الامر المتعلق بالطبيعة فلا محالة ينحصر الاشكال المزبور في التشريع بأصل الجعل وح نقول صدور العمل من فاعله عبادة ومقربا إلى الله تعالى لا يتوقف الا على كون العمل المأتي به صالحا للتقرب به مع الاتيان به بقصد التقرب به إلى الله تعالى وصلاحية العمل لذلك تارة تكون ذاتية كجملة العبادات من الصلاة والصوم وغيرهما واخرى تكون عرضية تحصل له بسبب تعلق الامر به كجملة الاعمال من غير العبادات اذا تعلق الامر بها لامر فانها يصح ان ياتي بها فاعلها عبادة اذا قصد امتثال امرها ومثل هذه الاعمال تتوقف عباديتها والتقرب بها إلى الله تعالى على تعلق امره تعالى بها كغسل الثوب من النجاسة واما ما كان صالحا للتقرب به والعبادية بذاته كالسجود والتسبيح فيصح التقرب به ويقع عبادة من فاعله بنفس الإتيان به بداعي التقرب به إلى الله تعالى وقصد الخضوع به له تعالى لان العمل صالح لذلك بذاته ولذا حكموا بصحة صلاة من صلى الفريضة فرادى فاعادها ندبا بالجماعة ثم انكشف له بطلان صلاته فرادى مع انه لم يقصد بصلاته المعادة جماعة الا امتثال الامر الندبي فيكون وقوع ما لم يقصده وهو امتثال امر الفريضة بهذه الصلاة المعادة مبنيا على ما اشرنا اليه من كون الماتي به صالحا للتقرب به والعبادية بذاته وليس المامور به في الفريضة الا ذلك وقد حصل وهكذا الشأن في صحة العبادة المأمور بها في الواقع الماتي بها تشريعا لعدم علم الآتي بها بمشروعيتها فانه بعد تأتي نية التقرب بها منه يكون قد تعبد

.................................................................................................

______________________________________________________

وتقرب بعبادة صحيحة في حد ذاتها غير فاقدة لشيء مما يعتبر في صحة العبادة الخ هذا بناء على كون التشريع هو الالتزام القلبي والقول الآخر بناء على عدم الملازمة وأما المحقق النّائينيّ القائل بسراية قبح التشريع إلى العمل وان التشريع هو العمل مع البناء القلبي مع القول بالملازمة بين حكم العقل والشرع كما ستعرف ذهب إلى التفصيل في المقام قال في الاجود ج ٢ ص ٤٠٨ اما النهي التشريعي ـ ان المعاملة التي لا يعلم كونها مشروعة وممضاة عند الشارع اذا اتى بها بقصد ترتب الاثر عليها تشريعا فهي ان بقيت على ما هى عليه من الجهل بكونها مشروعة فلا اشكال في فسادها إلّا انه ليس من جهة دلالة النهي على الفساد بل من جهة أصالة عدم ترتب الاثر عليها عند الشك فيه واما اذا انكشف بعد ذلك كونها مشروعة وممضاة عند الشارع وان كان المكلف من جهة عدم علمه بالحال قد اوقعها على وجه التشريع والمبغوضية فلا وجه للقول بفسادها ولذلك لان المنهي عنه ح انما هو عنوان التشريع وايقاع المكلف المعاملة بهذا العنوان المنتفي بالعلم بكونها مشروعة واما نفس المعاملة بذاتها فليس فيها جهة مبغوضية اصلا فلا يكون مثل هذا النهي موجبا للفساد كما عرفت واما العبادات فالحق ان النهي التشريعي فيها يدل على فسادها مطلقا ـ إلى ان قال في ص ٤١١ ـ ان العبادة المأتي بها تشريعا بما انها محكومة بالقبح بحكم العقل تكون محرمة بحكم الشرع أيضا لقاعدة الملازمة فتكون مبغوضة واقعا حين وقوعها فلا محاله تقع فاسدة وان انكشف بعد ذلك كونها مشروعة في نفسها ـ إلى ان قال في ص ٤١٢ ـ قد عرفت فيما تقدم انه لا يكفي في صحة العبادة وحصول التقرب بها رجحانها في نفسها بل لا بد مع ذلك من كونه غير مزاحم بالقبح الفاعلى وعليه فبما ان الفعل الصادر تشريعا يصدر من المكلف قبيحا ومبغوضا لا يكون قابلا لان يتقرب فاعله به وان كان الفعل راجحا في حد نفسه

.................................................................................................

______________________________________________________

فاتضح من جميع ما ذكرناه ان الحرمة التشريعية كالحرمة الذاتية في دلالتها على الفساد في خصوص العبادات إلّا ان جهة الدلالة فيهما مختلفة. واجاب عنه استادنا الآملي في المنتهى ص ١٩١ ولا يخفي ما فيه من مواقع النظر اما اولا فلانه بناء على ما أفاده قدس‌سره في دلالة النهي المولوي عن السبب على فساد المعاملة من استلزام النهي المزبور لسلب قدرة المكلف على الفعل المنهي عنه لا يتصور الفرق بين النهي المتعلق بالفعل المبغوض في نفسه لذاته وبين النهي عن التشريع بالفعل الموجب لبغض الفعل بالعرض وتعليل ذلك بان النهي في الاول متعلق بالفعل الصادر دون النهي التشريعي فانه متعلق بالاصدار غير موجب للفرق في الملاك الذي استند إليه في دلالة النهي المولوي على الفساد في المعاملة اعني به استلزام النهي لسلب القدرة فان النهي عن الفعل الصادر اذا كان موجبا لسلب القدرة فكذلك النهي عن اصدار الفعل هذا مضافا إلى ان التشريع بناء على السراية يوجب تعلق النهي بنفس الفعل المشرع غاية الامر بسبب التشريع لا بسبب مفسدته الذاتية واما ثانيا فلان الفعل الماتي به عبادة بعنوان التشريع اذا كان حسنا في الواقع وتاتي من فاعله بنية القربة فلا موجب لفساده وعدم صحة التقرب به الا توهم أمرين احدهما القبح الفاعلي وقد تقدم انا لا نسلم قدحه بصحة العبادة وافساده لها مع كونها جامعة لجميع الاجزاء والشرائط ثانيهما طرو مفسدة على العبادة بسبب طروّ عنوان التشريع عليها وهو لا يلتزم بقدح ذلك في العبادة لان العبادة في نفسها صالحة للتقرب بها وانما يكون التشريع بايقاعها غير عالم بمشروعيتها فلا محاله يكون متعلق المفسدة الحادثة بسبب التشريع هو ايقاع العبادة بذلك النحو واما نفس العبادة ولا نقص فيها هذا والذي ينبغي ان يقال هو ان التشريع ان استلزم سراية حرمته إلى العمل الذى تعلق به فلا يوجب تحريمه لفساده اذا كان معاملة لا ناقد بينا

.................................................................................................

______________________________________________________

فيما سبق عدم استلزام النهي المولوي لفساد المعاملة واما اذا كان متعلق التشريع عبادة فان كان المكلف ملتفتا إلى حرمة التشريع وكونه قبيحا فلا محاله توجب سراية النهي إلى متعلق التشريع فساد العبادة لتنجز النهي عن فعل تلك العبادة لوقوعها مبغوضة على فاعلها وكذلك الجاهل المقصر وان كان المكلف غافلا من حكم التشريع أو ناسيا له صحت العبادة لعدم فعلية البغض الذى يستلزمه النهي الذى تعلق به النسيان او الغفلة ولفرض كون العمل في حد ذاته مما يصلح للتقرب به هذا كله في التشريع في اصل الحكم واما اذا كان التشريع في تطبيق الواجب على بعض افراده اما بزيادة ما يرى في نفسه انه فعل زائد في العبادة واما بنقص ما يرى انه من العبادة بحسب الشرع ولكن يرى ان نقصه منها اجدر بها في ذلك الوقت فان كان ما زاده فيها باعتقاده ليس زائدا عليها في الواقع بل هو بعض اجزائها يكون ذلك الجزء منهيا عنه في الواقع بناء على سراية النهي من التشريع إلى الفعل الذى تعلق به التشريع وبالنهي عنه ينكشف ان ذلك الجزء ليس طبيعيه جزء بل الحصة الخاصة منه يكون هو الجزء اعنى بها الحصة التي لم يتعلق بها التشريع لان تعلق النهي المولوي بشيء ينافي اعتبار كونه جزء من مركب مامور به مع اطلاق دليل كون ذلك الشيء جزء من المركب المأمور به فالجمع بين دليل حرمة ذلك الجزء الذى تعلق به التشريع واطلاق دليل كون طبيعي ذلك الجزء جزء من المركب المامور به يقتضي تقييد دليل الجزء بغير الحصة التي تعلق بها التشريع وعليه يكون ما اتى به من العبادة فاسدا لنقصه اذ الجزء الذي تعلق به التشريع ليس جزء من العبادة المامور بها بل جزئها هو ما لا تشريع فيه وان كان ما زاده فيها باعتقاده ليس زائدا عليها في الواقع لعدم اعتبار الشارع كونه جزء منها فان كانت تلك الزيادة مما اعتبر الشارع عدمها قيدا في العبادة فلا محاله تكون العبادة فاسدة

.................................................................................................

______________________________________________________

وإلّا فلا موجب لفسادها لان فعل المنهي عنه بالنهي المولوي في العبادة لا يوجب فسادها اذا لم يعتبر الشرع عدمه قيدا فيها كالنظر الى الاجنبية أو لمسها في حال الصلاة واما اذا نقص العبادة شيئا يعتقد انه بعض منها في اصل الشرع ولكن راى ان الاصلح بها في الوقت الذى فعل العبادة فيه هو نقصها من ذلك الشيء فان صادف الماتي به الواقع وكانت العبادة المامور بها في اصل الشرع هو نفس ذلك الناقص فلا محاله تقع العبادة صحيحة وإلّا وقعت فاسدة لنقصها عما هو معتبر فيها في اصل الشرع كما لا يخفي. والامر كما ذكره والدلالة على الفساد في النهي المولوي تقدم بيانه الامر الثالث قال المحقق العراقي في النهاية ج ١ ص ٤٦٥ يبقى الكلام في ان حكم العقل بالقبح في المقام هل هو بنحو يستتبع حكمه ايضا باستحقاق العقوبة كما في حكمه بقبح المعصية لكونها ظلما على المولي حتى لا يكون المورد قابلا للحكم المولوي الشرعي او انه بنحو لا يستتبع للحكم باستحقاق العقوبة كما في حكمه بقبح الظلم حتى يكون المورد قابلا للحكم المولوي الشرعي وكان المجال ايضا لاستكشاف الحكم الشرعي بقاعدة الملازمة بناء على تماميتها وفي مثله لا يبعد دعوى كونه من قبيل الثاني اذ نقول بان التشريع وان كان نحو ظلم على المولى لكونه تصرفا في سلطانه بحيث يستقل العقل بقبحه إلّا انه لا يكون بمثابة يستتبع الحكم باستحقاق العقوبة كما في العصيان بل هو من هذه الجهة نظير الظلم على النفس الذى يحكم العقل فيه بالقبح من دون حكمه باستحقاق العقوبة عليه وعليه فكان كمال المجال لدعوى كونه محكوما بالحرمة المولوية الشرعية بمقتضى الملازمة. والسر في ذلك ذكر استادنا الآملي في المنتهى ص ١٩٤ لان التشريع مما يمكن الالتفات اليه في حال التلبس به بل لا بد من ذلك تحسب العادة اذ التشريع متقوم بعدم العلم بمشروعية الحكم الذي يحكم به المشرع فهو في هذه الحال

.................................................................................................

______________________________________________________

يرى نفسه انه قد حكم بما لم يعلم مشروعيته فهو مشرع بالحمل الشائع واذا امكن علم المكلف بتحقق موضوع التشريع في حقه امكن وصول حكمه المولوي اليه كما ان الظلم كذلك وعليه لا يبقى مانع من جعل الحكم المولوي على وفقه من هذه الجهة. وبذلك اختار المحقق النّائينيّ في الاجود ج ٢ ص ٤١١ بوجه آخر الميزان في ذلك هو كون حكم ذلك المورد منجعلا تكوينا وثابتا له بالذات اذ كل ما كان كذلك لا يكون قابلا للجعل التشريعي قطعا وهذا كقبح المعصية وحسن الطاعة وحجية القطع فانا قد بينا سابقا ان وجوب امتثال كل تكليف وحرمة عصيانه ينتهيان بالاخرة الى امر ذاتي اعنى به الحسن الثابت لنفس الاطاعة والقبح الثابت لنفس المعصية فانهما ثابتان لهما بالذات ضرورة انهما لو كانا منتهيين إلى وجوب آخر لدار او تسلسل ولاجل ذلك لا تكون الطاعة والمعصية قابلتين لتعلق الحكم المولوي الشرعي بهما وكذلك حجية كل حجة مجعولة تنتهي بالاخرة إلى حجية العلم في ذاته ضرورة انه لو لا العلم باعتبار الشارع اصلا او امارة حجة وكون العلم حجة في ذاته لما كان ذلك الاصل او تلك الامارة حجة فما هو حجة تكوينية بالذات انما هو العلم واما غيره فهو ينتهي اليه في سبيل حجيته لا محاله ولو انتهى العمل إلى غيره في حجيته لدار أو تسلسل ومما ذكرناه يظهر ان قبح التشريع ليس على حد قبح المعصية ليكون ذاتيا له ومنجعلا تكوينا فهو ح قابل لتعلق الحكم المولوي الشرعي به واذا كان كذلك فبالملازمة العقلية بين حكم العقل وحكم الشرع تستكشف من قبحه عقلا حرمته شراعا. وبذلك تم بحث النهي الدال على الفساد إن شاء الله تعالى وخرج إلى المبيضة في ربيع الثاني ١٤١٨ بيد مؤلفه الحقير الفقير إلى رحمة ربه السيد عباس المدرسي اليزدي نجل سماحة المرحوم آية الله العظمى السيد يحيى المدرس اليزدي قدس‌سره وبه تم الجزء الثالث من موسوعتنا نماذج الاصول في شرح مقالات الاصول المحقق العراقي وأسأل الله التوفيق لطبع بقية الاجزاء.

الفهرست

مقدمة.......................................................................... ٣

مقالة في أن الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده................................ ٥

في شبهة الكعبي................................................................ ٣٩

في ثمرة النهي عن الضد.......................................................... ٤١

في الفرق بين التعارض والتزاحم................................................... ٥٧

في مرجحات باب التزاحم........................................................ ٦٨

في الترتيب..................................................................... ٩٢

أمر الأمر مع علمه بانتفاء شرطه................................................ ١٨٦

متعلق الاوامر الفرد أو الطبيعة.................................................. ١٩٤

في بقاء الجواز عند نسخ الوجوب................................................ ٢١٦

في الامر بعد الامر............................................................ ٢٢٦

الكلام في النواهي............................................................. ٢٢٨

في اجتماع الامر والنهي........................................................ ٢٥٢

مسألة اصولية................................................................ ٢٥٣

مسألة عقلية................................................................. ٢٥٧

المراد بالواحد................................................................. ٢٥٨

في الجهة التعليلية والتقييدية..................................................... ٢٧٠

في العناوين المنتزعة............................................................ ٢٧٥

في نسبة العنوانين............................................................. ٢٩٢

في تعدد الجهة................................................................ ٣٠٢

عدم ابتناء المسألة على تعلق الاحكام بالطبائع.................................... ٣٠٥

في عدم سراية الحكم الى الفرد.................................................. ٣٠٨

في اجتماع الصلاة والغصب.................................................... ٣١٨

في قيد المندوحة............................................................... ٣٥٥

في النهي عن الشيء هل يقتضي الفساد......................................... ٤٨٢

النهي في العبادات............................................................ ٥١٤

النهي عن المعاملات بالمعنى الأعم............................................... ٥٤٣

النهي عن المعاملات بالمعنى الاخص............................................. ٥٤٧

نماذج الأصول في شرح مقالات الأصول - ٣

المؤلف: السيد عباس المدرّسي اليزدي
الصفحات: 584
ISBN: 964-5711-33-9
  • مقدمة 3
  • مقالة في أن الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده 5
  • في شبهة الكعبي 39
  • في ثمرة النهي عن الضد 41
  • في الفرق بين التعارض والتزاحم 57
  • في مرجحات باب التزاحم 68
  • في الترتيب 92
  • أمر الأمر مع علمه بانتفاء شرطه 186
  • متعلق الاوامر الفرد أو الطبيعة 194
  • في بقاء الجواز عند نسخ الوجوب 216
  • في الامر بعد الامر 226
  • الكلام في النواهي 228
  • في اجتماع الامر والنهي 252
  • مسألة اصولية 253
  • مسألة عقلية 257
  • المراد بالواحد 258
  • في الجهة التعليلية والتقييدية 270
  • في العناوين المنتزعة 275
  • في نسبة العنوانين 292
  • في تعدد الجهة 302
  • عدم ابتناء المسألة على تعلق الاحكام بالطبائع 305
  • في عدم سراية الحكم الى الفرد 308
  • في اجتماع الصلاة والغصب 318
  • في قيد المندوحة 355
  • في النهي عن الشيء هل يقتضي الفساد 482
  • النهي في العبادات 514
  • النهي عن المعاملات بالمعنى الأعم 543
  • النهي عن المعاملات بالمعنى الاخص 547