
مقدمه
الحمد لله الذى لا
يبلغ مدحته القائلون ولا يحصى نعماءه العادّون ولا يؤدى حقّه المجتهدون والصلاة
والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين وبعد
فيقول المحتاج الى رحمة ربّه الكريم والمقيم فى عشّ آل محمد صلوات الله عليهم
اجمعين والمستظل تحت لواء المنتظر المهدى ابن الحسن العسكرى عجل الله تعالى فرجه
الشريف وعند رعايت ـ الله ـ فى الايران الاسلامى العزيز عفى الله عنّى وعن والدى
الحاج سيد عباس المدرسى اليزدى نجل سماحة آية الله العظمى السيد يحيى اليزدى قدسسره بعد ما نزلت فى القم المشرّفة ووفقت لخدمة العلم والبحث
والتدريس كما كان ديدنى فى الحوزة المقدسة النجف الاشرف على مشرّفها آلاف الثناء
والتحيّة وبما ان اعتقادى الجازم ورأيى المصاب فى الحوزات العلميه هو التعليم
والتعلم لعلم اصول الفقه الذى هو الجزء الاخير للاجتهاد والاستنباط ولعلم الفقه
الشريف وهو (الفقه الجواهرى) الذى صرح بذلك القائد العظيم للانقلاب الاسلامى
الامام السيد الخمينى «ره» وان يختص بهذين العلمين ولو جملة من الفضلاء ومن المؤسف
جدا انه قد وجد فى الحوزة العلمية بعض الاقلام المسمومة بتغيير الفقه
.................................................................................................
______________________________________________________
الجعفرى عن مسيره واضلال
الناس به والخطب طويل وعلى اى وفقت لطبع بعض مؤلفاتى المبتكرة نحو نموذج فى الفقه
الجعفرى والجزء الأول من نماذج الاصول فى شرح مقالات الاصول وأصرّني بعض الفضلاء
بعد التمجيد من جماعة منهم لهذا الشرح المبارك لطبع باقى الاجزاء احباء لكلمة
الاسلام وترويجا للدين المبين وها انا فى جميع امورى اتوكل على الله واستعين به
ولا اقصد الا اياه إن شاء الله وهذا هو الجزء الثانى من نماذج الاصول فى شرح
مقالات الاصول وأرجو من الاخوان من الفضلاء والعلماء ان يعفو عن خطئى وزلاتى فان
الانسان لا يخلو منهما كما أرجو العفو من الله تبارك وتعالى وان يكون هذا الشرح
طريقا لان يؤلفوا شروحا على المقالات احسن من ذلك إن شاء الله واملى فى هذا السفر
الجليل ان يكون ذخرا ليوم فاقتى يوم لا ينفع مال ولا بنون الّا من اتى الله بقلب
سليم ويكون ثوابا لوالدى العزيزين وسائر اقاربى ومن له حق علىّ وعلى ارواح الشهداء
والصدّيقين والعلماء والصالحين وعلى والدى من يقوم بنشره وطبعه آمين يا رب
العالمين والسلام على من اتبع الهدى وفى الختام اسأل الله الرحمة والرضوان لصديقنا
الشاب المهذب ابو الفضل پريزاد صاحب التايب سابقا والكامپيوتر اخيرا الذى قام
بتايب نموذج وكامپيوتر نماذج الذى باتمام الجزء الثانى من النماذج وافاه الاجل
رحمة الله عليه كما اشكر عن الاخ فى الله الحاج شيخ محمد الداورى من طبع مؤلفاتى
اللهم وفقنا لما تحب وترضى فى ١٦ رجب ١٤١٩ ه ق.
المؤلف

المبحث الاوّل فى
الاوامر وينبغى طى الكلام فيه فى مقالات (١) فنقول وبه التكلان ، مقالة (٢) فى شرح
مادة الامر (٣) وربما يتوهم له معانى متعددة (٤) و
______________________________________________________
(١) فى المقصد الاوّل وهو الاوامر
نماذج.
(٢) نموذج الاوّل
فيما يتعلق بمادة الامر وفيه جهات من الكلام.
(٣) الجهة الاولى
في مفهوم الامر ومعناه.
(٤) قال فى
الكفاية ، ج ١ ، ص ٨٩ انّه قد ذكر للفظ الامر معان متعددة منها الطلب كما يقال
امره بكذا ـ والطلب عرفا هو السعى نحو الشيء وفى الآيات والروايات كثيرة قال الله
تعالى فى سورة النحل ، آية ٩٠ (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ
بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) ، وقال الله تعالى فى سورة آل عمران ، آية ١٠٤ (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ
إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) وفى سورة طه ، آية ١٣٢ وامر اهلك بالصلاة واصطبر اليها وفى
الوسائل باب ٣ من ابواب السواك ح ٤ محمد بن على بن الحسين قال قال النبى صلىاللهعليهوآله لو لا ان أشقّ على امتى لامرتهم بالسواك عند وضوء كل صلاة
وغير ذلك ـ ومنها الشأن كما يقله شغله امر كذا ـ اى شان كذا ـ ومنها الفعل كما فى
قوله تعالى (وَما أَمْرُ
فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) ـ اى ما بفعله برشيد ـ ومنها الفعل العجيب كما فى قوله
تعالى (فَلَمَّا جاءَ
أَمْرُنا) ـ اى فعلنا العجيب الخطير ـ ومنها الشى كما تقول رايت
اليوم امرا عجيبا ـ اى شيئا عجيبا ـ ومنها الحادثه ـ كقوله وقع امر كذا اى حادثة
كذا ـ ومنها الغرض كما تقول جاء زيد لامر كذا ـ اى لغرض كذا ـ انتهى وزاد غيره
للحال كما فى قولك زيد امره مستقيم اى حاله مستقيم ، والقدرة
لكن (١) امكن
ارجاع بعضها الى بعض بجعله مصداقا لمعنى آخر ، وان (٢) اصل المعنى ربما يرجع الى
معنيين احدهما عبارة عن مفهوم عام عرضى مساوق لمفهوم الشيء والذات (٣) من حيث
كونهما (٤) ايضا من المفاهيم العامة العرضية (٥) وان كان له (٦) نحو اخصية عما
يساوقه من العنوانين ،
______________________________________________________
كقوله تعالى (مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ) اى بقدرته ، والصنع كقوله تعالى (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) اى صنعه الى غير ذلك.
(١) وذلك كما يأتي
من المحقق الماتن قدسسره ان يكون حقيقة فى خصوص الشيء الذى هو من الامور العامه العرضية
لجميع الاشياء الشامل للفعل والشأن والحادثه والشغل ونحو ذلك فكان اطلاقه فى تلك
الموارد المختلفة بمعناه غايته من باب الدالين والمدلولين حيث اريد تلك الخصوصيات
بدوال آخر من غير ان يكون الامر مستعملا فى تلك الموارد فى مفهوم الغرض والتعجب
والفعل ولا فى مصداقها بوجه اصلا والطلب المبرز.
(٢) ثم بين قدسسره ان لفظ الامر له معنيان قال فى الكفاية ج ١ ص ٩٠ ولا يبعد
دعوى كونه حقيقة فى الطلب فى الجملة ـ اى من العالى لا مطلقا ـ والشى هذا بحسب
العرف واللغة انتهى واختار صاحب الفصول انه موضوع الطلب والشأن.
(٣) ما يقرب من
مفهوم الشى وان لم يكن نفسه.
(٤) اى الشى
والذات.
(٥) لانهما من
الامور الاعتباريّة الانتزاعية وغير دخيل فى قوام المنتزع منه وماهيته.
(٦) لكن لفظ ـ امر
ـ اخص من الشى والذات فان لفظ الشى يطلق على جميع الاشياء دون لفظ الامر قال
الاستاد البجنوردي فى المنتهى ، ج ١ ، ص ١١١ ، لاطلاق الشيء على الاعيان والذوات
جواهرا كانت ام اعراضا بخلاف الامر فانه لا يطلق على الذوات والاعيان إلّا باعتبار
صدورها عن فاعلها وخالقها انتهى. وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ، ص ١٠٣
استعمال الامر فى الشى مطلقا لا يخلو عن شيء اذا الشى يطلق على الاعيان والافعال
مع ان الامر لا يحسن اطلاقه على العين الخارجية فلا يقال رايت امرا عجيبا اذا راى
فرسا عجيبا ولكن يحسن ذلك اذا راى
و (١) بهذا المعنى
(٢) كان من الجوامد (٣) ويجمع على امور (٤)
______________________________________________________
فعلا عجيبا من
الافعال انتهى.
(١) لهذا المعنى
لازمين اللازم الاول بين قدسسره انه يجمع على امور ، واللازم الثانى فانه يكون من الجوامد
ولا يشتق منه المشتقات ، والفرق بين المعنى الجامد والمعنى الاشتقاقى ان المعنى
اذا كان قابلا للحاظ نسبته الى شيء بذاته وقبول المبدا للنسبة كان معنى اشتقاقيا
وإلّا كان جامدا.
(٢) وهو ما كان
بمعنى الشيء.
(٣) اللازم
الاوّل.
(٤) اللازم الثانى
، وله لازم ثالث فان الامر بمعنى الطلب يتعلق به المطلوب والمطلوب منه وليس كذلك
ما كان بمعنى الشيء وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٠٣ ، مع ان الامر
هنا ايضا بمعناه المعروف لمكان تعلق الامر التكوينى به فهو مصدر مبنى للمفعول ـ الى
ان قال ـ ان استعمال الامر فى الشى مطلقا لا يخلو عن شيء ـ الى ان قال ـ فيرجع
الامر فى الامر بالأخرة الى معنى واحد وان اطلاقها على خصوص الافعال فى قبال
الصفات والاعيان باعتبار مورديتها لتعلق الارادة بها بخلاف الاعيان والصفات فانها
لا تكون معرضا لذلك ـ الى ان قال ـ والغرض ان نفس موردية الفعل ومعرضيته لتعلق
الطلب والارادة به يصحح اطلاق المطلب والمقصد والامر وان لم يكن هناك قصد ولا طلب
متعلق به واما اشكال اختلاف الجمع حيث ان الامر بمعنى الطلب المخصوص يجمع على
الاوامر وبمعنى آخر على الامور فيمكن دفعه بان الامر حيث يطلق على الافعال لا
يلاحظ فيه تعلق الطلب تكوينا او تشريعا فعلا بل من حيث قبول المحل له فكان
المستعمل فيه متمحض فى معناه الاصلى الطبيعى الجامد والاصل فيه ح ان يجمع الامر
على امور كما هو الغالب فيما هو على هذه الزنة الخ فيلوح من كلامه معنى واحد واجاب
عنه فى المحاضرات ج ٢ ، ص ٨ من ان الامر وضع لمعنى جامع وحدانى على نحو الاشتراك
المعنوى وهو الجامع بين ما يصح ان يتعلق الطلب به تكوينا وما يتعلق الطلب به
تشريعا مع عدم ملاحظة شيء من الخصوصيتين فى المعنى الموضوع له والاصل فيه ان يجمع
على اوامر وجه ظهور الفساد ما عرفت من انه لا جامع ذاتى بين المعنى الحدثى والمعنى
الجامد ليكون الامر موضوعا بازائه واما الجامع الانتزاعى فهو وان كان ممكنا إلّا
انه لم يوضع بازائه يقينا على انه خلاف
و (١) ربما ينطبق (٢)
على الغرض والحادثه او الامر العجيب وغير ذلك مما عد من معانيه بواسطة اشتباه
المصداق بالمفهوم (٣)
______________________________________________________
مفروض كلامه انتهى
وفى عبارته سهو يجمع على امور لا اوامر وقد صرح المحقق النّائينيّ فى الاجود ، ج ١
، ص ٨٤ ، بوحدة المعنى وسيأتى.
(١) قال فى
الكفاية ، ج ١ ، ص ٨٩ ، ولا يخفى ان عد بعضها من معانيه من اشتباه المصداق
بالمفهوم ضرورة ان الامر فى جاء زيد لامر آخر ما استعمل فى معنى الغرض بل ـ استعمل
فى مفهوم الشى وهو مصداق الغرض و ـ اللام قد دل على الغرض نعم يكون مدخوله ـ اى
مدخول الكلام ـ مصداقه انتهى لهذا من باب اشتباه المصداق بالمفهوم فتخيلوا انه
استعمل فى الغرض وليس كذلك اذ هو مستعمل فى مفهوم الشى وكذا فى قولك وقع امر كذا
لم يستعمل فى مفهوم الحادثه بل استعمل فيما هو مصداق الحادثه وهكذا الحال فى قوله
تعالى (فَلَمَّا جاءَ
أَمْرُنا) فلم يستعمل الامر فى مفهوم الفعل العجيب بل فيما هو مصداق
الفعل العجيب وهو الطلب الخاص الصادر منه تعالى فى هلاك القوم حيث جعل به عاليها
سافلها.
(٢) اى لفظ الشيء.
(٣) المراد من
اشتباه المصداق بالمفهوم ان؟؟؟ معنى للفظ يقتضى كون اللفظ مستعملا فيه وليس الحال
فى المعانى المذكورة كذلك فان لفظ الامر مثلا لم يستعمل فى مفهوم الغرض ونحوه
وانما هو مستعمل فى معنى واحد كالشيء مثلا وذلك المعنى الواحد يكون مصداقا للغرض
تارة وللفعل العجب اخرى وللشأن ثالثه وهكذا ولم يستعمل فى مفهوم الغرض والفعل
العجيب والشأن بل ما يستعمل فيه مصداق لها بالقرائن وهكذا كما ان معنى زيد؟؟؟ يكون
مصداقا لمفهوم العالم واخرى مصداقا لمفهوم العادل وهكذا ولا يصح عد العالم والعادل
من معانى زيد ، وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ٣ لا يخفى عليك ان عد
بعضها من معانيه انما يدخل تحت عنوان اشتباه المصداق بالمفهوم اذا كان اللفظ
موضوعا للمصداق من حيث انّه مصداق للمعنى الذى عد من معانيه مثلا اللفظ تارة يوضع
للغرض بالحمل الاولى واخرى للغرض بالحمل الشائع أى فيشتبه المصداق فى الثانى
بالمفهوم فى الاول واما اذا كان معنى من المعانى مصداقا لمعنى آخر ولم يلاحظ
مصداقيته له فى وضع لفظ له اصلا فليس من الخلط بين المفهوم والمصداق كما هو كذلك
فى هذه
وثانيتهما (١) ما
يساوق الطلب (٢) المظهر بالقول او غيره من الكتابة والاشارة (٣)
______________________________________________________
المعانى المنقولة
فى المتن حيث لم تلاحظ مصداقية الموضوع له لها قطعا مضافا الى ان الفعل الذى يتعلق
به الغرض لما فيه من الفائدة الملاءمة للطبع ليس مصداقا للغرض بل مصداقه تلك
الفائدة فليس مدخول اللام دائما مصداقا للغرض (الى ان قال) وكما فى جعل الامر فى
قوله تعالى (وَلَمَّا جاءَ
أَمْرُنا) بمعنى الفعل العجيب فانه لا يتوهم لمصداقيته للفعل العجيب
بما هو عجيب فضلا عن الوضع لمفهومه او لمصداقه بل الامر هنا بمعناه المعروف حيث ان
العذاب لمكان تعلق الارادة التكوينية به وكونه قضاء حتميا يطلق عليه الامر كما
انّه فى جميع موارد انزال العذاب عبر عنه به لهذه النكتة انتهى. وفيه اما عن الاول
فيراد المصداق والمفهوم بحسب المحاورات العرفية والألسنة فانه يتبادر بدوا من قولك
جئت لامر كذا ان الامر مستعمل فى الغرض ولكن بالدقة والتأمل يرى ان الامر ليس كذلك
بل استعمل الامر فى مفهومه ويكون هنا مصداق الغرض فيكون الاشتباه مما ينطبق عليه
واما عن الثانى فلنفرض ان فى هذا المثال مناقشة فقد صرح فى كلامه هنا ـ ولو مثل
لمصداق العجيب بقوله تعالى (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ
عَجِيبٌ قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) لكان اولى الخ.
(١) المعنى الثانى
هو المساوى للطلب المبرز.
(٢) وهو السعى نحو
المأمور به.
(٣) وسيأتى وجهة
قال فى الفصول ، ص ٦٣ ، واما بحسب الاصطلاح فقد يطلق ويراد به الطلب المخصوص كما
هو معناه الاصلى ومنه قولهم الامر بالشيء هل يقتضى كذا او لا وقد يطلق ويراد به
القول المخصوص اعنى ما كان على هيئة افعل وليفعل ونظائرهما ومنه قولهم الامر حقيقة
فى كذا ويجمعونه على اوامر على خلاف القياس ـ الى ان قال ـ ثم ان كثيرا منهم نقلوا
الاتفاق على كونه حقيقة فى هذا لمعنى اعنى قول المخصوص وجعلوا النزاع فى بقية
معانيه فذهب بعضهم الى انه مجاز فيها لانه اولى من الاشتراك ومنهم من جعله مشتركا
معنويا بينه وبين الشأن حذرا من المجاز والاشتراك المخالفين للاصل ومنهم من جعله
مشتركا لفظيا ، وهو منهم بمكانة من الوهن ، لانا نقطع بان الامر لا يطلق على نفس
القول لا لغة ولا عرفا الا مجازا فان المفهوم من قول القائل انا آمر بكذا وزيد امر
بكذا وقوع الطلب منه دون صدور لفظ
.................................................................................................
______________________________________________________
منه ، فلو سلم
دلالة اللفظ عليه فانما هو من باب الملازمة العرفية الناشئة من الغلبة دون الوضع
مع انهم لو اراد وأبا لقول المخصوص نفس اللفظ اعنى الملفوظ ، فكان اللازم عدم صحة
الاشتقاق منه لعدم دلالته ح على معنى حدثى مع وقوعه منه بجميع تصاريفه انتهى واشار
الى ذلك فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٠ واما بحسب الاصطلاح فقد نقل الاتفاق على انه
حقيقة فى القول المخصوص ـ اى صيغة الامر ـ ومجاز فى غيره ، ولا يخفى انه عليه لا
يمكن منه الاشتقاق فان معناه ح لا يكون معنا حدثيا مع ان الاشتقاقات منه ظاهرا
تكون بذلك المعنى المصطلح عليه بينهم لا بالمعنى الآخر فتدبر ، ويمكن ان يكون
مرادهم به هو الطلب بالقول لا نفسه ـ اى القول المخصوص ـ تعبيرا عنه بما يدل عليه
نعم القول المخصوص اى صيغة الامر اذا اراد العالى بها الطلب يكون من مصاديق الامر
لكنه بما هو طلب ـ اى لا بما هو قول مخصوص ـ مطلق او مخصوص انتهى على الخلاف فى
كون الامر لمطلق الطلب الاعم من الوجوب او الاستحباب او الطلب الوجوبى لا من
مصاديقه بما هو شأن او فعل او غير ذلك وتقدم ان القول المخصوص لا يصلح ان يكون
مبدأ للمشتقات وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٥ وان كان وجه الاشكال
ما هو المعروف من عدم كونه معنى حدثيا ففيه ان لفظ اضرب صنف من اصناف طبيعة الكيف
المسموع وهو من الاعراض القائمة بالمتلفظ به فقد يلاحظ نفسه من دون لحاظ قيامه
وصدوره عن الغير فهو المبدا الحقيقى السارى فى جميع مراتب الاشتقاق وقد يلاحظ
قيامه فقط فهو المعنى المصدرى المشتمل على نسبة ناقصة وقد يلاحظ قيامه وصدوره فى
الزمان الماضى فهو المعنى الماضوى ـ وعليه فالامر موضوع لنفس الصيغة الدالة على
الطلب مثلا الخ ـ وان جميع الاشياء باعتبار صدورها من فاعلها فعل وامر وباعتبار
وجودها فى انفسها لا فعل ـ ولا امر بل شيء والطلب بالقول من جهة صدورها فعل وامر ـ
قال فى المحاضرات ، ج ٢ ، ص ١٣ ، فاللفظ من الحيثية الاولى ـ اى حيثية صدوره من
اللافظ خارجا ـ وان كان قابلا للتصريف والاشتقاق إلّا ان لفظ الامر لم يوضع بازاء
القول المخصوص من هذه الحيثية وإلّا لم يكن مجال لتوهم عدم امكان الاشتقاق والصرف
منه بل هو موضوع بازائه من الحيثية الثانية ـ اى حيثية تحققه ووجوده فى الخارج ـ وبهذه
الحيثية غير قابل لذلك انتهى.
لا صرف الطلب ولو
لم يظهر (١) ولا صرف اظهاره ولو لم يكن فى الواقع طلب (٢)
______________________________________________________
(١) والوجه فى ذلك
واضح لما يرى من عدم صدق الامر على مجرد الارادة النفسانية الغير البالغة الى
مرحلة الابراز حيث لا يصدق على من كان طالبا لشيء من عبده ومريدا له منه بلا ابراز
ارادته بالقول او نحوه انه آمر به بل الصادق عليه انه طالب ومريد غير آمر ، على ان
لازم ذلك هو ان يكون استعماله دائما فى غير معناه الموضوع له لان ما يجئ فى الذهن
عند الاستعمال لا يكون إلّا صورة الارادة ومفهومها لا حقيقتها وعليه فلا يكون
استعماله فى معناه الحقيقى الذى هو الارادة القائمة بالنفس.
(٢) والوجه فى ذلك
ظاهر فانها وامر صوريه بمعنى انها صورة امر ولهذا لا يقولون فيما لو امر المولى
عبده امتحانا وانكشف لهم انه بداعى الامتحان بعثه انه امره بل يقولون انه اظهر له
الامر بذلك حيث لا مطابق لمفهوم الامر فى الخارج كما لو قال المولى لعبده اريد منك
كذا واطلع احد انه لا يريده واقعا لقال انه لا يريده منه واقعا ولكن اظهر له انه
يريده فلا تكون الاوامر الامتحانية اوامر حقيقية فمما ذكرنا تعرف ان مطابق الارادة
سواء انكشفت بدال عليها ام لم تنكشف هى حقيقة الشوق الخاص كذلك مطابق مفهوم الامر
هو الطلب اعنى الارادة الحقيقية ، ولكن فى حال اظهارها للمخاطب واشعاره بها لا
مطلقا ، بقى هنا امور ، الأول ان الامر حقيقة فى الطلب المبرز بما هو مبرز بنحو
خروج القيد ودخول التقييد او كونه حقيقة فى ابراز الطلب وابراز الامر الاعتبار
النفسانى فى الخارج وهو القول الحاكى عنه بعد اعتبار ذلك الشى فى ذمة المكلف من
جهة اشتماله على مصلحة داعية الى ذلك والمادة مصداق للطلب الاعتبارى واختاره
استادنا الخوئى ايضا وعلى اى ربما يقال بتعين الاخير نظرا الى ظهور العنوان وهو
الامر فى اختيارية وكونه على الاخير اختياريا بتمامه من الابراز والتقيد بالطلب
بخلافه على الاول فانه من جهة جزئه الركنى وهو الطلب غير اختيارى ، وفيه ان ما ذكر
مجرد استحسان لا يثبت به الوضع ، خصوصا مع استلزام الاخير لعدم صحة الاشتقاقات منه
باعتبار عدم كون معناه ح معنى حديثا قابلا للاشتقاق لان ما هو المبرز ح انما كان
هو الهيئة ومعناه لا يكون إلّا معنى جامد يا غير حدثى بخلافه على الاول فان المعنى
عليه بنفسه يكون معنى حدثيا قابلا للاشتقاق. وما قيل من انه على
وبهذا المعنى (١)
مشتق (٢) ويجيء فيه العناوين الاشتقاقية اسما ام فعلا و (٣)
______________________________________________________
الاول ايضا يلزمه
خروج الصيغ كلها عن المصداقية للامر من جهة عدم كونها عبارة عن نفس الطلب وانما هى
مبرزات عنه ، مدفوع بانه لو سلم ذلك فانما يرد ذلك لو لا كونها وجوها للطلب ولو من
جهة شدّة حكايتها عنه وإلّا فبهذا الاعتبار تكون عين الطلب ويحمل عليها الطلب
بالحمل الشائع لكن لا يترتب ثمرة فى البين على كونه حقيقة فى الطلب المبرز او
ابراز الطلب من جهة ان القائل بكونه حقيقة فى ابراز الطلب انما يدعى كونه حقيقة
فيه بما انه حاك عن الطلب وبما هو وجه له لا بما له نفس الابراز ولو مع عدم
الحكاية عن الطلب ، مضافا الى ان المراد الاستعمالى من الاوامر معلوم فلا اثر له
الثانى انه لا خصوصية للابراز بالقول فى صدق الامر بل الابراز بما انه يعم القول
والاشارة ونحوها واما ما يرى فى بعض الكلمات من التعبير عنه بالطلب بالقول فانما
هو لمكان الغلبة لا من جهة خصوصية فى الابراز القولى كما هو واضح ، قال المحقق الاصفهانى
فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٠٥ ، الظاهر صدق الامر على الطلب المدلول عليه بدال وان لم
يكن بخصوص القول لصدقه عرفا على البعث بالاشارة والكتابة عرفا ولا يتوهم ان صدقه
على البعث بهما من جهة الكشف عن الطلب القولى وذلك لان الاشارة انما هى الى
المعانى خصوصا فمن لا يعرف ان فى دار الوجود الفاظا والكتابة وان كانت نقش الالفاظ
إلّا ان الطلب القولى هو الطلب المدلول عليه باللفظ لا بنقش اللفظ فتوسط نقش اللفظ
للدلالة على الطلب لا يجعل الطلب قوليا انتهى.
(١) اى الطلب.
(٢) المشتق من لفظ
الامر ـ امر يأمر أمرا آمر مأمور وهكذا.
(٣) فان الامر
بمعنى الطلب يجمع على اوامر الثالث الظاهر ان استعماله فى كلا المعنيين المزبورين
بنحو الحقيقة على نحو الاشتراك اللفظى لشهادة احد المعنيين المذكورين جامدا والآخر
معنى حدثى كما اختاره المحقق العراقى وصاحب الكفاية وغيرهما من الأساتذة كاستادنا الخوئى.
وذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ، ج ١ ، ص ٨٦ والتحقيق انه لا اشكال فى كون
الطلب المنشا باحدى الصيغ الموضوعة له معنى له وان استعماله فيه بلا عناية واما
بقية المعانى فالظاهر ان كلها راجعة الى معنى واحد وهى الواقعة التى لها اهمية فى
الجملة وهذا المعنى قد ينطبق على الحادثة وقد ينطبق على الغرض وقد يكون غير ذلك
نعم لا بد وان يكون المستعمل فيه من قبيل الافعال و
.................................................................................................
______________________________________________________
الصفات فلا يطلق
على الجوامد بل يمكن ان يقال ان الامر بمعنى الطلب ايضا من مصاديق هذا المعنى
الواحد فانه ايضا من الامور التى لها اهمية فلا يكون للفظ الامر الا معنى واحد
تندرج فيه كل المعان المذكورة ـ ومعه ينتفى الاشتراك اللفظى انتهى. وفيه ان
المعنيين كما عرفت متغايران واحدهما جامد والآخر حدثى واحدهما يجمع على الامور
والآخر على الاوامر فكيف الجامع بين الامرين المتباينين ، والوجه فى ذلك ان الجامع
اما حدثى او جامد وعلى كلا التقديرين لا يكون جامعا لانه على الاول لا ينطبق على
الجوامد وعلى الثانى لا ينطبق على الحدثى واجاب استادنا الخوئى مضافا الى ما تقدم
انه لا وجه لاخذ الاهمية قيدا فى مفهوم الامر فانه يصح توصيف الامر بما لا اهمية
له فلو كان التقييد بالاهمية مأخوذا فيه لزم التناقض من توصيفه بذلك انتهى. قال
المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٠٦ التحقيق ان الجامع بين جميع المعانى ان
كان مفهوم الشى ـ الى ان قال ـ لكنه لا دخل له بعدم معقولية الجامع بين المعنى
الحدثى والجامد بل نفس المعنى الجامع لا يقبل الاشتقاق بنفسه وان كان الجامع
مفهوما آخر فعدم معقوليته بديهى اذ لا جامع اعم من مفهوم الشى لكن عدم قابلية بعض
المصاديق للاشتقاق لا يدل على عدم قبول الجامع كما ان عدم قبول الجامع لا يدل على
عدم قبول بعض المصاديق كما فى الوجود والشى مثلا فان الوجود جامع لجملة الماهيات
الموجودة وهو قابل للاشتقاق ومصاديقه متفاوته والشى جامع لكل شيء وهو غير قابل
للاشتقاق حيث لا قيام له بشيء بخلاف مصاديقه فانها مختلفه ـ ولو بنى على الوضع
لجامع يجمع الطلب وغيره لكان هو المتعين وح يرد عليه ما عرفت انتهى ان الشى يكون
جامعا عنوانيا فوق المقولة ولا يكون جامعا معنويا بحيث يكون كل مصداق منه موافقا
مع الآخر ، الرابع ذكر فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٠ ، انما المهم بيان ما هو معناه
عرفا ولغة ليحمل عليه فيما اذا ورد بلا قرينة وقد استعمل فى غير واحد من المعانى
فى الكتاب والسنة ولا حجة على انه على نحو الاشتراك اللفظى او المعنوى او الحقيقة
والمجاز وما ذكر فى الترجيح ـ اى المجاز خير من الاشتراك لكثرته او الاشتراك خير
من المجاز لكونه ابعد من الخطا ـ عند تعارض هذه الاحوال لو سلم ولم يعارض بمثله
فلا دليل على الترجيح به فلا بد مع التعارض من الرجوع الى الاصل فى مقام العمل نعم
لو علم ظهوره فى احد معانيه ولو احتمل انه كان للانسباق من الاطلاق
يجمع على اوامر ثم
(١)
______________________________________________________
فليحمل عليه وان
لم يعلم انه حقيقة فيه بالخصوص او فيما يعمه كما لا يبعد ان يكون كذلك فى المعنى
الاول اى الطلب انتهى وفيه مضافا الى ما عرفت من الحجة على الاشتراك اللفظى بين
المعنيين ندرة فرض التردد على نحو يترتب عليه الاثر للاختلاف المعنيين فى كيفية
الاستعمال من حيث اللوازم مع انه تقدم منه كون لفظ الامر حقيقة فى الطلب وفى الشى
فكيف يدعى ظهوره فى الاول.
(١) فان الصيغ
تارة يكون المراد بها ما هو الواقع من مدلولها مثل الامر والتمنى والترجى ونحو ذلك
فاذا كان فى النفس مطلوب تعلق به الارادة فيكون اظهاره بالامر او باستعمال أداة
التمنى والترجى وكذلك الاستفهام فانه من الانشائيات وربما يكون المستفهم جاهلا
فيستفهم باداته ، واخرى ربما يكون عالما ويكون اظهاره لغرض آخر فيستفهم ليرى
السامع انه لا يعلم ما استفهمه امتحانا له او لغرض آخر وهكذا ، فحينئذ يكون صورة
امر وتمن وترج وغيره ولا واقع لاجل ما ذكر او غيره ، فالموضوع له هو ما له الواقع
او الاعم من الانشاء المحض ، قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٣ ، الظاهر ان الطلب الذى
يكون هو معنى الامر ليس هو الطلب الحقيقى الذى يكون طلبا بالحمل الشائع الصناعى بل
الطلب الانشائى الذى لا يكون بهذا الحمل طلبا مطلقا بل طلبا انشائيا سواء انشاء
بصيغة افعل او بمادة الطلب او بمادة الامر او بغيرها ولو ابيت الا عن كونه موضوعا
للطلب فلا اقل من كونه منصرفا الى الانشائى منه عند اطلاقه كما هو الحال فى لفظ
الطلب ايضا وذلك لكثرة الاستعمال فى الطلب الانشائى كما ان الامر فى لفظ الارادة
على عكس لفظ الطلب والمنصرف عنها عند اطلاقها هو الارادة الحقيقة الخ فعليه ظاهر
لفظ الامر ليس الطلب الذى يكون صفة قائمة بالنفس وهو الطلب الحقيقى الذى يكون له
وجود عينى فى النفس بل الطلب الانشائى المنتزع فى مقام اظهار الارادة بالقول كافعل
او بغيره كالاشارة الى المخاطب بان يفعل فيصدق ذلك على الاوامر الامتحانية ايضا
وقال المحقق الحائرى فى الدرر ، ج ١ ، ص ٤٠ ، قلت تحقق صفة الارادة او التمنى او
الترجى فى النفس قد يكون لتحقق مباديها فى متعلقاتها كمن اعتقد المنفعة فى ضرب زيد
فتحققت فى نفسه ارادته او اعتقد المنفعة فى شيء مع الاعتقاد بعدم وقوعه فتحققت فى
نفسه حالة تسمى بالتمنى او اعتقد النفع فى شيء مع احتمال وقوعه فتحققت فى نفسه
انّ المراد من (١)
الطلب (٢) المظهر الراجع اليه حقيقة الامر هو الطلب الحقيقى (٣) وما هو بالحمل
الشائع طلب كما ان المراد من اظهاره ايضا كذلك (٤) ولكن هذا المعنى (٥) ماخوذ فى
حقيقة (٦)
______________________________________________________
حالة تسمى بالترجى
وقد يكون تحقق تلك الصفات فى النفس لا من جهة متعلقاتها بل توجد النفس تلك الصفات
من جهة مصلحة فى نفسها ـ الى ان قال ـ ان المتكلم بالالفاظ الدالة على الصفات
المخصوصة الموجودة فى النفس لو تكلم بها ولم تكن مقارنة مع وجود تلك الصفات اصلا
نلتزم بعدم كونها مستعملة فى معانيها واما ان كانت مقارنة مع وجود تلك الصفات فهذا
استعمال فى معانيها وان لم يكن تحقق تلك الصفات بواسطة تحقق المبدا فى متعلقاتها
انتهى فاجاب عنه المحقق العراقى بما ملخصه قد مر فى مباحث الحرفية انها اخطارية لا
ايجادية والربط بين الموضوع والمحمول ربما يكون بعثيا وربما يكون تمنويا وربما
يكون ترجويا فان هذه الروابط معان حرفية يدل عليها هيئة الكلام فاذا قيل صل يدل
على ربط شيء وبضميمة الاصل العقلائى من تطابق الارادة الاستعمالية للارادة الجدية
يكشف عن ان الانشاء مطابق للارادة فلا يكون معنى صل اطلب منك الصلاة ولا يكون
حكاية عن الخارج ايضا لانه ربما لا يكون له خارج فان البحث لا يكون فى الخارج بل
يكون اللفظ فانيا فى المفهوم اوّلا ثم منه الى المصداق لو كان له المصداق فى
الخارج.
(١) اى من الامر
هو.
(٢) اى نفس الطلب
اى المفهوم المنتزع عن حقيقته اى مفهومه الحاكى عن الطلب الحقيقى القائم بالنفس
غايته بما انه يرى عين الخارج لا بما انه مفهوم ذهنى ولا بما هو هو فلا يكون عبارة
عن المفهوم بما هو موقع باستعمال اللفظ فيه بقصد الايقاع المعبر عنه بالطلب
الانشائى.
(٣) وحاك عن الصفة
النفسانية.
(٤) اى اظهار
الطلب الحقيقى.
(٥) اى الاظهار
والانشاء.
(٦) لعل الصحيح ـ حقيقته
ـ اى حقيقة الطلب والامر فان الامر هو الطلب المبرز.
ومنشأ انتزاع
مفهومه (١) لا مفهومه (٢) كما هو الشأن (٣) فى شرح كل عنوان بامر حقيقى خارجى هو
منشأ انتزاع مفهومه مع عدم اخذه (٤) فى مفهومه وح لا منافات بين ذلك (٥) وبين
استعمال لفظ الامر فى معناه (٦) ومفهومه بنحو الحقيقة مع عدم وجود طلب خارجى (٧)
ولا (٨) ابرازه كما هو الشأن فى استعمال سائر الالفاظ فى معانيها و (٩) ح لا يكشف
ذلك (١٠) عن كون الامر بحقيقته عبارة عن الطلب الانشائى لدلالة الوجدان (١١) على
كون اللفظ مستعملا
______________________________________________________
(١) اى مفهوم
الطلب منتزع عما كان له الصفة النفسانية المبرز.
(٢) اى لا يكون
معنى الامر مفهوم الطلب ولو كان الطلب انشائيا من دون حكايته عن الصفة النفسانية
وانه غير دخيل فى مفهوم الامر والطلب وانما يكون منشأ انتزاع المفهوم فكان حيث
الانشائية من شئون نحو الاستعمال وكيفياته القائمة به لا انه ماخوذ فى ناحية
المستعمل فيه فالمستعمل فيه نفس المفهوم واستعماله فيه مكيف باستعمال انشائى.
(٣) اى يكون
حقيقيا.
(٤) اى ذلك الامر.
(٥) من كون المراد
هو الطلب الحقيقى اى لا منافات بين كون مفهوم الامر منتزعا عن الارادة الحقيقية
المبرزة باللفظ والانشاء.
(٦) وهو الطلب
الحقيقى من دون كون الابراز قيدا له ولا الارادة لان موضوع له للامر مفهوم الطلب
المنتزع سواء كان وهناك امروا ارادة ابراز ام لا.
(٧) اى الصفة
النفسانية.
(٨) اى ولا منافات
بين ذلك وبين ابراز الطلب الحقيقى.
(٩) اى بعد ما كان
الامر عبارة عن نفس المفهوم المنتزع عن حقيقته لا انه عبارة عن مفهوم الطلب بما هو
موقع باستعمال اللفظ فيه بقصد الايقاع.
(١٠) فى عدم
استعماله فى معناه الحقيقى وهو المفهوم بما انه حاك عن الطلب الحقيقى الخارجى الذى
بوجه عينه دون الطلب الانشائى.
(١١) دليل على
القول بكون الامر حقيقة فى الطلب الانشائى كما افاده صاحب
فى معناه الحقيقى
مع عدم وجود طلب حقيقى (١) فى البين وذلك (٣) لما عرفت بان استعمال اللفظ فى
مفهومه (٣) لا يقتضى وجود منشأ انتزاع المفهوم خارجا (٤) كما لا يخفى (٥) ثم
الاشكال فى صدق الامر بابراز الطلب بصيغة اخرى (٦) و
______________________________________________________
الكفاية.
(١) اى الخارجى.
(٢) هذا هو الجواب
عنه وملخصه ان الامر عبارة عن المفهوم المنتزع عن حقيقته بما انه عين الخارج لا
انه عبارة عن مفهوم الطلب الموقع باستعمال اللفظ فيه بقصد الايقاع ، والمفهوم لا
يعتبر فيه مطابق ومنشأ انتزاع فى الخارج وربما لا خارج له اصلا.
(٣) اى مفهوم
الطلب.
(٤) اى الصفة
النفسانية.
(٥) والفرق بين
الوجهين منها ما عرفت من ان لازم هذا القول صدق الامر والطلب ولو لم يكن فى البين
فى الواقع طلب ولا ارادة كما فى الاوامر الامتحانية والاوامر المنشأة بداعى
السخرية بخلاف المختار اذا المتبادر من قوله امر بكذا انما هو البعث نحو الشى عن
ارادة جدية دون البعث بغيرها من الدواعى ومنها انه على مسلكه اى صاحب الكفاية من
كونه عبارة عن الطلب بما هو منشأ وموقع فكان الانشاء الذى هو من شئون نحو
الاستعمال ومن كيفياته مقوما لتحقق الامر ومن هذه الجهة يكون الامر منتزعا عن
الرتبة التى بعد الانشاء المتأخر عن الاستعمال فيكون تاخره عن نفس مفهوم الطلب
المستعمل فيه اللفظ بمرتبتين من دون دخل للارادة الجدية ايضا فى صدق الامر وتحققه
، اما على المختار من كون الامر عبارة عن نفس الطلب اى مفهومه بما هو حاك عن الطلب
الحقيقى القائم بالنفس فبهذا الاعتبار يصدق عليه الطلب الحقيقى ويحمل عليه بالحمل
الشائع فليس من شئون الاستعمال كما عرفت بل منتزع عن نفس الارادة لكن بما هو عين
الخارج.
(٦) كالطلب منك او
افعل ذلك ونحو ذلك فلا محذور وكذا لو اراد منه الطلب بقيد الابراز عند الاخبار
بهذه المادة عن اظهار الطلب بمظهر آخر كامرتك ونحوه ايضا كما سيأتى.
فى صدقه بابراز
الطلب بهذه المادة اشكال (١) ووجه الاشكال ان مفهوم هذه المادة (٢) بعد ما كان
منتزعا عن ابراز الطلب فقهرا يكون هذا المفهوم (٣) فى عالم التصور حاكيا على (٤)
الابراز فيكون هذه المادة بمفهومه بمنزلة الطريق الى الابراز وكيف يمكن ان يصير (٥)
واسطة لثبوته اذ مرجع الطريقية (٦) الى كونه من وسائط اثباته بحيث يرى المحكى عنه
مفروغ الثبوت (٧) وفى هذا النظر يستحيل توجه النظر الى اثباته بنفس هذه المادة
المستعملة
______________________________________________________
(١) انما الاشكال
فى صدق الامر فيما لو اطهر الطالب طلبه بلفظ الامر فقال لمن دونه انى آمرك بكذا
قاصدا بذلك اظهار طلبه بهذا اللفظ بوجهين الوجه الاول ان معنى الامر هو الطلب فى
حال اظهاره للمخاطب بما يدل عليه كما اشرنا اليه فاذا كان اظهار الطلب بنفس هذا
القول لزم تحقق معنى اللفظ بنفس استعماله فيه فيكون تحقق المعنى متوقفا على
الاستعمال وهو متوقف على تحقق المعنى المستعمل فيه فيلزم الدور وبعبارة اخرى ان
انشاء الطلب بهذا اللفظ يشكل لان معنى الامر هو الطلب فى حال اظهاره للمخاطب بما
يدل عليه فاذا كان اظهار الطلب بنفس هذا القول لزم تحقق معنى اللفظ بنفس استعماله
فيه فتحقق المعنى متوقف على الاستعمال وهو متوقف على تحقق المعنى قبله فهو دور
صريح ، الوجه الثانى ما فى المتن وملخّصه ان مفهوم هذه المادة بعد ما كان منتزعا
عن ابراز الطلب فلا محاله يكون هذا المفهوم فى عالم التصور حاكيا عن الابراز وعليه
تكون هذه المادة بمفهومها بمنزلة الطريق الى الابراز ومعه يستحيل ان تكون واسطة
لثبوته لعدم امكان اجتماع الواسطة فى الثبوت الدالة على الايقاع مع الواسطة فى
الاثبات الدالة على مفروغية الثبوت والوقوع.
(٢) اى الامر.
(٣) اى الطلب
المبرز.
(٤) لعل الصحيح ـ عن
الابراز.
(٥) اى هذه
المادة.
(٦) اى الحكاية
وهو الوجه الاول.
(٧) لان ذلك لازم
الحكاية عنه.
فى معناه (١) وح (٢)
لا محيص عند ارادة اظهار الطلب بهذه المادة من تجريد المعنى عن قيد اظهاره فيراد
منه حينئذ صرف الطلب كى يردا عليه اظهاره بهذه المادة ولازم ذلك كون مادة الامر فى
مقام انشائه وابراز الارادة به مستعملا فى نفس الطلب لا فى الطلب المظهر وانما
اريد منه هذا المعنى عند اخباره بهذه المادة (٣) عن اظهار طلبه بصيغة اخرى (٤) لا
بهذه المادة (٥) كما لا يخفى. ثم (٦) ان فى اعتبار العلو محضا (٧)
______________________________________________________
(١) لما مر مرارا
من النسبة الثبوتية والإثباتية متباينان وكذا الوقوعية والايقاعية فانه شيء واحد
يكون حاكيا ومحكيا على هذا الاشكال.
(٢) فاجاب عن
الثانى الماتن قدسسره بما ملخّصه انه عند ارادة اظهار الطلب بهذه المادة لا بد
من تجريد المعنى عن قيد الابراز فيراد منه ح صرف الطلب وانما يراد منه الطلب بقيد
الابراز عند الاخبار بهذه المادة عن اظهار الطلب بمظهر آخر وهذا اعتراف بورود
الاشكال. واما الجواب عن الوجه الاول هو ان اللفظ مستعمل فى نفس المفهوم فيكون
الاستعمال متوقفا على تحقق المفهوم فى مرحلة مفهوميته لا فى مرحلة وجوده خارجا وفى
مثل المقام يتوقف تحقق وجود مطابقه فى الخارج على استعمال اللفظ فى مفهومه وبعبارة
اخرى الاستعمال متوقف على تحقق المستعمل فيه اعنى به المفهوم ووجود مطابق المفهوم
فى الخارج متوقف على الاستعمال فلا دور لمغايرة المتوقف مع المتوقف عليه فارتفع
الاشكالين معا.
(٣) اى مادة
الامر.
(٤) بان المادة
استعملت فى الاخبار عن الطلب بصيغة اخرى كانت دالة على الطلب المبرز كامرتك
بالصلاة البارحة لعدم كونه واسطة فى الاثبات.
(٥) وهو الامر.
(٦) الجهة الثالثة
في اعتبار العلو في الامر وعدمه.
(٧) قال فى
الكفاية ، ج ١ ، ص ٩١ ، الظاهر اعتبار العلو فى معنى الامر فلا يكون الطلب من
السافل او المساوى امرا ولو اطلق عليه كان بنحو من العناية كما ان الظاهر عدم
اعتبار الاستعلاء فيكون الطلب من العالى امرا ولو كان مستخفضا بجناحه
او كفاية
الاستعلاء ايضا (١) او عدم اعتبار شيء منهما (٢) وجوه أردؤها الاخير لعدم صدقه من
الدانى الى العالى بل وفى المتساويين ايضا الا من باب الاستهزاء والاستنكار (٣)
فالعمدة ح الوجهان الأولان واقواهما الأول. (٤) و (٥) انما صدقه مع الاستعلاء من
باب العناية فى المستعلى بادعاء نفسه عاليا فنسبة الامر الى نفسه نظير انشبت
المنيّة اظفارها فالمصحح لهذه النسبة اعمال عنائية وادعاء العلو لنفسه فالمستعلى
امر بالعناية لا ان استعلامه (٦) موجب لصدق الامر عليه حقيقة فتدبر (٧).
______________________________________________________
الخ.
(١) قال فى
الكفاية ، ج ١ ، ص ٩١ ، واما احتمال اعتبار احدهما فضعيف الخ.
(٢) كما حكى ذلك
فى البدائع الرشتى فى النسخة الثانية من نسختى الاوامر فراجع.
(٣) والوجه فى ذلك
مضافا الى تبادر ذلك انه يصح سلب الامر عن الطلب الصادر من المساوى فضلا عن الطلب
الصادر من السافل حيث يصح ان يقال انه ليس بامر حقيقة بل هو سؤال والتماس كيف وان
الامر انما هو مساوق لك (فرمان) بالفارسية وهو يختص بما لو كان الطالب هو العالى
دون السافل او المساوى اذ لا يصدق ال (فرمان) على الطلب الصادر عن غير العالى.
(٤) وهو العلو
محضا ولو لم يكن عن استعلاء.
(٥) الوجه لعدم
كفاية الاستعلاء مع عدم العلو لعدم صدق الامر على طلب المستعلى وصحة سلبه عنه ،
واما اعتبار تحقق احد الامرين من العلو والاستعلاء ففيه مضافا الى ما مر يلزم
اعتبار الجامع بين العلو والاستعلاء فى مفهوم الامر اذ لا يعقل اخذ احدهما فى
مفهومه على نحو الترديد والظاهر انه لا جامع بينهما.
(٦) الصحيح ـ استعلائه
ـ.
(٧) قال فى
الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٠ ، وتقبيح الطالب السافل من العالى المستعلى عليه وتوبيخه
بمثل انك لم تأمره انما هو على استعلائه لا على امره حقيقة بعد استعلائه وانما
يكون اطلاق الامر على طلبه بحسب ما هو قضية استعلائه الخ
ثم (١) ان الطلب
المظهر به وجوبى (٢)
______________________________________________________
فالتقبيح على
استعلائه وتنزيل نفسه عاليا الموجب لصدور الامر منه لا ان التقبيح على امره لصدق
الامر عليه حقيقة بعد استعلائه فلا يرون طلبه فردا من افراد حقيقة الامر اصلا ،
وتظهر الثمرة فى صورة كون مادة الامر موضوعة لحكم شرعى مثل ان يقال اطع امر
الجيران فانه يجب البحث عنه فى انه هل يجب اطاعة امر الجار العالى او المستعلى او
مطلقا وكيف يمكن ان يقال بذلك والحال ان اوامر الشرع كثيرا ما يكون بلفظ احب
وينبغى ونواهيه بلفظ لا ينبغى وابغض فليس لمادة الامر دخالة فيما هو المهم ليجب
توضيح ان الامر ما هو فمتى كشفنا ارادة المولى يصير الكشف موضوعا لحكم العقل بوجوب
الامتثال ولذا يستشكل فى بعض المضمرات باعتبار صدوره من العالى وهو الامام «ع» وقال
المحقق النّائينيّ فى الاجود ، ج ١ ، ص ٨٧ ، ثم لا يخفى ان الصيغة مطلقا ليست من
مصاديق الامر بل خصوص ما صدر من العالى بعنوان المولوية وجوبيا او استحبابيا دون
ما اذا كان بعنوان الشفاعة او الارشاد وإلّا كان من مصاديق الارشاد والشفاعة دون
الامر واما اذا كانت صادرة عن المساوى او السافل فتكون مصداقا للالتماس او الدعاء
ولا تكون مصداقا للامر الخ فزاد قيد المولوية ولا بأس به.
(١) الجهة الرابعة
فى ان لفظ الامر حقيقة فى الطلب الوجوبى فقط او انه حقيقة فى مطلق الطلب الجامع
بين الوجوبى والاستحبابى قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٢ لا يبعد كون لفظ الامر حقيقة
فى الوجوب الخ لكن الاظهر الثانى لصدق الامر حقيقة على الطلب الصادر من العالى اذا
كان طلبه استحبابيّا حيث يقال انه امر من دون احتياج فى صحة اطلاق الامر عليه الى
رعاية عناية فى البين حيث ان ذلك كاشف عن كونه حقيقة فى مطلق الطلب ، ومما يشهد
لذلك صحة التقسيم الى الوجوب والاستحباب فى قولك الامر اما وجوبى او استحبابى
فائضا يكون علامة فى كونه حقيقة فى الجامع بينهما. وان قيل صاحب الكفاية ، ج ١ ، ص
٩٢ وتقسيمه الى الايجاب والاستحباب انما يكون قرينة على ارادة المعنى الاعم منه فى
مقام تقسيمه وصحة الاستعمال فى معنى اعم من كونه على نحو الحقيقة كما لا يخفى الخ
وفيه ان التقسيم بلا تصرف ولا عناية كما هو الظاهر فى المقام فيكون حقيقة فى
الاستحباب ايضا اى الجامع بينهما كما هو واضح.
(٢) اى حقيقة فى
الوجوب.
او جامع بين
الوجوبى والاستحبابى (١) فيه وجهان بل قولان يمكن دعوى انسباق الوجوبى منه (٢)
واما كونه مستندا الى حاق اللفظ اشكال (٣) والتشبث ببعض الاخبار (٤)
______________________________________________________
(١) اى موضوع
للجامع بين الوجوب والاستحباب.
(٢) لا شبهه فى
ظهوره حين اطلاقه فى خصوص الطلب الوجوبى بنحو يكون لو اريد به الاستحباب لا فتقر
ظهوره فيه الى قرينة ، ومن ذلك ايضا ترى ديدن الاصحاب رضوان الله تعالى عليهم فى
الفقه فى الاوامر الواردة عن النبى صلىاللهعليهوآله او الائمة عليهمالسلام حيث كانوا يحملون الاوامر الواردة عنهم على الوجوب عند خلو
المورد عن القرينة على الاستحباب والرخصة فى الترك حتى انه لو ورد فى رواية واحدة
اوامر متعددة بعدة اشياء كقوله «ع» اغتسل للجمعة والجنابة ومس الميت ونحوه فقامت
القرينة المنفصلة على ارادة الاستحباب فى الجميع الا واجدا منها تريهم يأخذون
بالوجوب فيما لم تقم عليه قرينة على الاستحباب بل وتريهم كذلك ايضا فى امر واحد
كقوله «ع» امسح ناصيتك حيث انهم اخذوا بالوجوب بالنسبة الى اصل المسح وحملوه على
الاستحباب بالنسبة الى الناصية مع انه امر واحد وهكذا غير ذلك من الموارد ولا يكون
إلّا لاجل ظهور الامر فى نفسه فى الوجوب عند اطلاقه.
(٣) فقد عرفت انه
ليس منشؤه الوضع بل حقيقة فى مطلق الطلب الجامع بين الالزامى والاستحبابى ومنشأ
الظهور ليس غلبة استعماله فى الوجوب لكثرة استعماله فى الاستحباب بل قضية الاطلاق
ومقدمات الحكمة وتقريبها بوجهين سيأتى فى كلام المحقق الماتن قدسسره الاشارة اليهما ولا يخفى ان المفهوم شيء وهو مطلق الطلب
الجامع بين الوجوب والاستحباب ولا ربط له بالتطبيق والانطباق فى الخارج اما فى
مقابل الانطباق والاطلاق يقتضى الوجوب.
(٤) وربما يستدل
ببعض الآيات والاخبار لاثبات الوضع للوجوب قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٢ ، لا يبعد
كون لفظ الامر حقيقة فى الوجوب لانسباقه عنه عند اطلاقه ـ اى عند اطلاق لفظ الامر
وقد عرفت ان انسباقه اطلاقى لا وضعى ـ ويؤيده قوله تعالى (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ
عَنْ أَمْرِهِ) وقوله صلىاللهعليهوآله لو لا ان اشقّ
على كونه للوجوب
شكل (١) لكونه من باب اعمال اصالة العموم فى ما هو معلوم الخروج ومشكوك المصداقية
لاثبات المصداقية (٢) ولو بتقريب (٣) ان المستفاد
______________________________________________________
على امّتى لأمرتهم
بالسواك وقوله صلىاللهعليهوآله لبريرة بعد قوله أتأمرني يا رسول الله «ص» لا بل انما انا
شافع الى غير ذلك انتهى من تقريب انه جعل المخالفة للامر فى الاول ملزوما لوجوب
الحذر ، وفى الثانى للتوبيخ وفى الثالث للمشقة وحيث لا يجب الحذر من مخالفة الامر
الاستحبابى ولا يصح التوبيخ عليه ولا كان مشقة يترتب على الامر الاستحبابى بعد
جواز الترك شرعا فلا جرم يستفاد من ذلك كونه حقيقة فى خصوص الطلب الوجوبى فان
التقيد بالوجوب فى تلك الاوامر خلاف ظاهر تلك الادلة من جهة قوة ظهورها فى ترتب
هذه اللوازم على طبيعة الامر لا على خصوص فرد منه وح فتدل تلك الادلة بعكس النقيض
على عدم كون الامر الاستحبابى امرا حقيقة بلحاظ عدم ترتب تلك اللوازم عليه وجعل
المذكورات مؤيدات لا ادلة لعلة من جهة عدم صلاحيتها للاثبات اذ ليس إلّا استعمال
الامر فى الوجوب والاستعمال اعم من الحقيقة ولكن فى الفصول ، ص ٦٦ و ٦٧ جعلها
دليلا لقول المشهور ولو انه اختار مطلق الطلب كما هو المختار عندنا.
(١) فاجاب عنه
المحقق الماتن قدسسره عن الآيات والروايات بعد مقدمة قصيرة وهى كونها مبنيّة على
صحة التمسك بعموم العام لاثبات كون مشكوك الفردية ليس بفرد للعام بعد اليقين
بخروجه عن حكمه او جواز التمسك بعموم العام للحكم بخروج ما هو خارج عن حكم العام
عن موضوعه هذا ما يظهر من العنوان فى تقريراته قدسسره.
(٢) والظاهر من
عبارة المتن لاثبات مصداقيته للعام بانه خرج حكما لكن موضوعا باق تحت العام فتدبر
لكن المراد هو نفى المصداقية للعام لا اثباته ، هذا هى المقدمة.
(٣) اما التطبيق
على المقام هو انه قد عرفت عدم ترتب تلك اللوازم من لزوم الحذر والتوبيخ والمشقة
على الطلب الاستحبابى فخروج الطلب الاستحبابى عما هو مرتب على الامر هل هو بنحو
التخصص ليكون لفظ الامر حقيقة فى ملزوم هذه اللوازم اعنى به الوجوب او انه بنحو
التخصيص ليكون لفظ الامر حقيقة فى الاعم فاذا قلنا باصالة العموم وعدم التخصيص فى
المقام لزم كون لفظ الامر حقيقة فى خصوص
منها ان كل امر
ملازم بالمشقة او العقوبة على المخالفة وما لا يلازمه فليس بالامر فالامر
الاستحبابى ليس مصداقا للامر (١) فينحصر مصداقه بالوجوبى وإلّا (٢) تخصيص الكبرى
المستفاد ذلك منه ولقد (٣) عرفت فى نظائره (٤) منع حجية اصالة العموم فى مثله
وانما يتمحض حجية (٥) فى فرض القطع بالمصداقية والشك فى الخروج عن تحت الحكم فتدبر
وبالجملة (٦) يكفى (٧)
______________________________________________________
الطلب الالزامى
ولكن قد ثبت فى محله ان اصالة العموم من الاصول العقلائية وهى انما تكون حجة فى
مقام الشك بالمراد من اللفظ للعمل به لا لاثبات ان اللفظ موضوع لما اريد به.
(١) لعدم ترتب تلك
اللوازم من وجوب الحذر والتوبيخ والمشقة على الامر الاستحبابى فينحصر مصداقه
بالوجوبى ويكون تخصصا.
(٢) اى لا يكون
خروج الامر الاستحبابى من اجل ترتب اللوازم المزبورة من باب التخصص والخروج
الموضوعى فيكون من باب التخصيص كما تقدم.
(٣) هذا فى مقام
الجواب عنه وقد تقدم من عدم جريان اصالة العموم فى امثال المورد.
(٤) ومن نظائره ما
لو ورد خطاب على وجوب اكرام كل عالم وقد علم من الخارج بعدم وجوب اكرام زيد لكنه
يشك فى انه مصداق للعالم حقيقة كى يكون خروج عن الحكم من باب التخصيص او انه لا
يكون مصداقا للعالم كى يكون خروجه من باب التخصص.
(٥) فان عمدة الدليل
على حجيته انما كان هو السيرة وبناء العرف والعقلاء والقدر المسلم منه هو فى خصوص
الشكوك المرادية وهو لا يكون إلّا فى موارد كان الشك فى خروج ما هو المعلوم
الفردية للعام عن حكمه لا غير.
(٦) ثم اشار الى
الوجهين لثبوت كون الظهور بمقدمات الحكمة.
(٧) هذا هو الوجه
الاول وبيانه انه لا ريب فى كون كل طالب امرا من غيره انما يأمره به لاجل ايجاده
فى الخارج فلا بد ان يكون طلبه اياه فى حدّ ذاته لا قصور فيه فى مقام التوسل الى
ايجاده وليس ذلك إلّا الطلب الالزامى الذى يستلزم امتثاله استحقاق الثواب وعصيانه
استحقاق العقاب ولو كان هناك ما يقتضى قصوره عن التأثير
لاثبات الوجوب
ظهور اطلاقه فى كونه فى مقام حفظ المطلوب (١) ولو بكونه حافظا لمبادى اختياره من
جهة احداثه الداعى على فرار العقاب ايضا بخلاف الاستحبابى ما به (٢) لمحض احداث
الداعى على تحصل الثواب (٣) فلا يوجب مثله حفظ مبادى اخبار (٤) العبد للايجاد
بمقدار ما يقتضيه الطلب الوجوبى ولذا يكون فى مقام حفظ الوجود انقص (٥) فاطلاق
الحافظية يقتضى حمله على ما يكون فى حافظيته اشمل ، وقد يقرب الاطلاق ايضا (٦) بان
مقتضى اطلاق اللفظ
______________________________________________________
التام فى وجود
المطلوب ولو لقصور المصلحة الموجبة لطلبه فى نفسها او لمانع يوجب قصورها عرضا لوجب
عليه ان يطلبه بتلك المرتبة من الطلب التى تستدعيها تلك المصلحة لان تلك المرتبة
من الطلب هى التى يترتب عليها عرضه فاذا اشار اليها فى مقام البيان وإلّا فقد اخل
فى بيان ما يحصل به غرضه وعليه يكون اطلاق الامر دليلا على طلبه الذى يتوسل به
الطالب الى ايجاد مطلوبه بلا تسامح فيه وليس هو إلّا الطلب الوجوبى.
(١) من كونه
بالنحو الاتم فى عالم الاقتضاء للوجود بحيث يقتضى سد باب عدم العمل حتى من ناحية
ترتب العقوبة على المخالفة.
(٢) ولعل الصحيح ـ
فانه ـ ولو يمكن أيضا ـ ما به ـ عن تأويل.
(٣) دون ترتب
العقوبة على المخالفة فيكون ناقصا.
(٤) لعل الصحيح ـ اختيار
ـ.
(٥) فالامر بعد ما
كان فيه اقتضاء التحريك للايجاد وكان لاقتضائه مراتب فعند الشك فى وقوف اقتضائه
على المرتبة النازلة او عبوره الى مرتبة السببية لحكم العقل بالايجاد كان مقتضى
الاطلاق كونه على النحو الاتم والاكمل الموجب لحكم العقل بلزوم الايجاد.
(٦) هذا هو الوجه
الثانى وملخّصه ان الطلب الوجوبى هو الطلب التام الذى لاحد له من جهة النقص والضعف
بخلاف الطلب الاستحبابى فانه مرتبة من الطلب محدودة بحد من النقص والضعف ولا ريب
فى ان الوجود غير المحدود بحد ما لا يفتقر فى مقام بيانه والاشارة اليه الى اكثر
مما يدل عليه بخلاف الوجود المحدود فانه
.................................................................................................
______________________________________________________
يفتقر فى هذا
المقام الى بيان حدوده كما يفتقر الى بيان أصله وعليه يلزم حمل الكلام الذى يدل
على الطلب بلا ذكر حد له على المرتبة التامة منه وهو الوجوب كما هو الشأن فى كل
مطلق وذكر استادنا البجنوردي فى المنتهى ، ج ١ ، ص ١١٣ واما ما احتمله استادنا
المحقق قدسسره من ان الوجوب عبارة عن الطلب التام غير المحدود والاستحباب
هو الطلب الناقص المحدود فالاستحباب يحتاج الى مئونة زائدة بواسطة تركبه من الطلب
والحد بخلاف الوجوب فانه بسيط لا تركيب فيه من جهة انه عبارة عن نفس الطلب غير
المحدود فكانه قاس المقام بحقيقة الوجود بان مرتبة منه غير محدود وهو الواجب
الوجود وهو فى غاية التمام والمراتب الأخر ناقصة محدود مركبه من ذات الوجود وحدة
الماهية فالممكن زوج تركيبى له ماهية ووجود وانت خبير بان هذا القياس فى غير محله
لانه ليس التشقيق باعتبار مفهوم الطلب لانه لا يتصف بالنقص والتمام قطعا فلا بد
وان يكون باعتبار محكى هذا العنوان اى الارادة التى قائمة بالنفس ففى الوجوب تام
غير محدود والاستحباب ناقص محدود وقد عرفت انه لا فرق بين الاستحباب والوجوب فى
كيفية الارادة من حيث الشدة والضعف والتمام والنقصان ـ كما ان الارادة من الفاعل
المباشر إذا تعلقت بايجاد شيء لا فرق فى شدة الارادة وضعفها بين ان يكون ممنوع
الترك عنده لكونه ذا مصلحة ملزمة او جائز الترك لكون مصلحته غير ملزمة لان جهة
اللزوم والجواز راجعتان الى كيفية الملاك والمصلحة ولا ربط لهما بكيفية الارادة
كذلك الامر فى الارادة التشريعية وطلب الشى من غيره لا ربط للوجوب والاستحباب
بكيفية الارادة بل الارادة فيهما على نهج واحد انتهى وفيه اوّلا ان الملاك هو
الدخيل فى الارادة فالوجوب توجب الاشدية دون الاستحباب ، وثانيا ان الارادة
كالمحبوبية والمبغوضية قابلة للشدة والضعف من الكيفيات النفسانية فلا مانع من
مرتبة ينتزع الوجوب ومن مرتبة اضعف ينتزع الاستحباب ، وثالثا ان المراد من غير
المحدود الاضافى لا الحقيقى ـ حتى يقال ان كون الارادة تامة غير محدوده لا محصل له
لان جميع الموجودات ما عدا الواجب محدودة وحدودها ماهيتها والارادة كيفية نفسانية
كيف تكون غير محدوده ـ والجواب كما اشرنا بالنسبة الى الاستحباب الذى لا بد من
التقييد بعدم المنع من الترك وعليه فما ذكره لا يمكن المساعدة عليه.
فى مقام البيان
حمل معناه على ما هو اكمل لما فى الاضعف نقص (١) ليس فيه وكلا التقربيان (٢)
للاطلاق وان كانا خفيين (٣) ولكن بعد ارتكاز الذهن باقتضاء الاطلاق ذلك (٤) لا ضير
فى خفاء وجهه كيف وغالب الارتكازيات مخفية على الخواص فضلا عن العوالم (٥)
______________________________________________________
(١) النقص هو انه
لا يقتضى المنع عن الترك فيحتاج الى نحو تحديد وتقييد بخلاف الطلب الوجوبى فانه لا
تحديد فيه حتى يحتاج الى التقييد
(٢) اى الوجه
الاول والثانى.
(٣) يحتاج الى
التفكر والتعمق.
(٤) تكون ظاهرة
فيه.
(٥) لعل الصحيح ـ العوام
ـ والاطلاق كما يكون مقتضاه سعة مدلوله فى الصدق كذلك قد يكون مقتضاه تضييق مدلوله
فى الصدق كما قيل بذلك فى اطلاق صيغة افعل والمقام كذلك فالامر موضوع لمطلق الطلب
وكل ما يحتاج الى مئونة زائدة بيانه على الغاء اصل الطبيعة ولم يؤت بتلك المئونة
الزائدة فالاطلاق يرفعه فنفس الطلب الصادر ممن تلزم وتجب طاعته يقتضى لزوم طاعته
وينتزع منه الوجوب واذا جاء الترخيص بالترك ينتزع منه الاستحباب وإلّا الطلب فى
الوجوب والاستحباب بمعنى واحد وهو البعث وتحريك المأمور نحو اتيان الشيء ولعل هذا
وجه ثالث للاطلاق واختار استادنا الخوئى بعدم وضع لفظ الامر للوجوب قال فى
المحاضرات ، ج ٢ ، ص ١٣ ، لا اشكال فى تبادر الوجوب عرفا من لفظ الامر عند الاطلاق
وانما الاشكال فى منشأ هذا التبادر هل هو وضعه للدلالة عليه او الاطلاق ومقدمات
الحكمة او حكم العقل به وجوه ـ ولكن الصحيح الثالث ـ الى ان قال ـ الوضع عبارة عن
التعهد ـ والانشاء عبارة عن اعتبار الامر النفسانى وابرازه فى الخارج بمبرز ـ وعليه
يظهر ان مادة الامر وضعت للدلالة على ابراز الامر الاعتبارى النفسانى فى الخارج
فلا تدل على الوجوب لا وضعا ولا اطلاقا اما الاول فظاهر واما الثانى فلانه يرتكز
على كونها موضوعة للجامع بين الوجوب والندب ليكون اطلاقها معينا للوجوب دون الندب
باعتبار ان بيان الندب يحتاج الى مئونة زائدة والاطلاق غير واف به ولكن قد عرفت
انها كما لم توضع لخصوص الوجوب او الندب كذلك لم توضع للجامع بينهما بل
والله العالم.
______________________________________________________
وضعت لما ذكرناه ـ
الى ان قال ـ فى وجه كون الوجوب بحكم العقل ـ ان العقل يدرك بمقتضى قضية العبودية
لزوم الخروج عن عهدة ما امر به المولى ما لم ينصب قرينة على الترخيص فى تركه فلو
امر بشيء ولم ينصب قرينة على جواز تركه فهو يحكم بوجوب اتيانه فى الخارج قضاء لحق
العبودية واداء لوظيفة المولوية وتحصيلا للامن من العقوبة ولا نعنى بالوجوب الا
ادراك العقل لابدية الخروج عن عهدته انتهى وقد سبقه غيره بهذا الاستدلال تقريبا
كما فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٢ ، وصحة الاحتجاج على العبد ومؤاخذته بمجرد مخالفه
امره وتوبيخه على مجرد مخالفته كما فى قوله تعالى (ما مَنَعَكَ أَلَّا
تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) الخ وفيه اوّلا ان الانشاء ليس امرا اعتباريا نفسانيا
مجردا بحيث ان تحقق نية التمليك او التزويج تحقق وانما يحتاج الى مبرز ومبرزة
الامر فالانشاء كالاخبار حكاية باللفظ والقول لكن فى الاخبار حكاية عن الامر
الوقوعى الثابت والانشاء حكاية عن الايقاع والاثبات فاللفظ هو الحاكى عن ايقاع النسبة
وتحققها على هو المرتكز بحسب افهام العرف والعمدة ان فالامر لم توضع لابراز الامر
الاعتبارى فى الخارج فان الخارج ظرف الاستعمال وهو فى الرتبة اللاحقة عن الوضع بل
وضع لمفهوم الطلب المبرز على ما مر مرارا كما ان القول بالتعهد تقدم فساده ،
وثانيا ان حكم العقل فى المرحلة المتأخرة عن الامر فالامر لو لم يكن ظاهرا فى
الوجوب كيف يحكم العقل بالخروج عن عهدته وتوبيخ مخالفته ، فهو قد اختلط بين مقدمات
الحكمة وحكم العقل بوجوب الاطاعة فان مقدمات الحكمة ايضا بحكم العقل ويوجب ظهور
الاطلاق فى الوجوب كما تقدم ثم فى الرتبة اللاحقة يحكم العقل بوجوب الامتثال ،
وثالثا ان بعثه ملازم ذاتا لوجوب امتثاله ، فيرد عليه كيف مع بعثه وتحريكه مع
القرينة على ارادة غير لزومية لا يوجب الامتثال فهما متضاد ان كما هو واضح فالبعث
المرسل يقتضى اللزوم الموجب لحكم العقل بخروجه عن العهدة والامتثال لا البعث على
نحو الارسال فلو فرضنا لم يكن عبدا ولم يكن فى مقام العبودية فلا الزام ح مع انه
باطل بالبداهة فليس إلّا وضع لفظ الامر لمفهوم الطلب المهمل المبرز فالوجوب
والاستحباب مستفاد ان من القرائن الخارجية الوجوب من الاطلاق والاستحباب من
القرينة على التخصيص وفى الرتبة السابقة على التحريك والداعوية للمكلف.
بقى فى المقام شيء
آخر (١)
______________________________________________________
(١) الجهة الخامسة
فى الطلب والارادة وتحقيق الكلام فيه يكون فى ضمن امور ، الامر الاول فى تحقيق ان
المسألة على اى وجه عقلية وعلى اى وجه اصوليه وعلى اى وجه لغوية ذكر المحقق
الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٠٨ ، ان كان النزاع فى ثبوت صفة نفسانية او فعل
نفسانى فى قبال الارادة عند الامر بشيء كانت المسألة عقلية ، وان كان النزاع فى ان
مدلول هل الامر هو الارادة والطلب متحد معها او منطبق على الكاشف عنها او لا كى
يكون الصيغة كاشفة عن الارادة عند الامامية والمعتزلة وكاشفة عن الطلب المغاير لها
فلا يترتب عليها ما يترتب على احراز ارادة المولى كانت المسألة اصولية ، وان كان
النزاع فى مجرد مرادفه لفظ الطلب مع لفظ الارادة من دون نظر الى ثبوت صفة نفسانية
او الى مدلول الصيغة وشبهها كانت المسألة لغوية فلا ربط لها بالاصول ولا بالكلام
الخ ، وما افاده صاحب الكفاية من الوضع للطلب الانشائى هو الذى يناسب علم الاصول
ذكر استادنا البجنوردي فى المنتهى ، ج ١ ، ص ١١٥ ، اما البحث فى ناحية المفهوم
فبحث لغوى يرجع فيه الى متفاهم العرف من هذين اللفظين ولا ريب فى انه يفهم من لفظ
الارادة تلك الكيفية النفسانية المعبر عنها بالشوق المؤكد والظاهر ان الطلب حسب
المتفاهم العرفى ليس عبارة عن نفس هذا المعنى بل الطلب عند العرف عبارة عن السعى
فى تحصيل الشى فالظاهر انهما متغايران مفهوما واما البحث فى ناحية المصداق فبحث
كلامى وقد ذهب الأشاعرة الى تغايرهما مصداقا ايضا وعمدة ما دعاهم الى هذا القول هو
زعمهم وجود الكلام النفسى وانه من صفات النفس وهو غير الارادة والعلم وسائر الصفات
المشهورة وهو المدلول للكلام اللفظى ـ ومقابلهم الإماميّة يقولون بعدم وجود صفة
اخرى فى النفس غير الارادة الخ. وسيأتى مفصلا الامر الثانى ذكر المحقق الاصفهانى
فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٠٨ الظاهر كما يستفاد من تتبع كلمات الباحثين عن المسألة فى
بدو الامر ان النزاع فى هذه المسألة نشا من النزاع فى الكلام النفسى حيث استدل
الأشاعرة بان الامر الامتحانى ونظائره مدلولها الطلب دون الارادة فيعلم ان ما عد
الارادة والكراهة فى الامر والنهى معقول والسر فى دعواهم ذلك والالتزام بالكلام
النفس تصحيح متكلميته تعالى فى قبال سائر الصفات مع التحفظ على قدم الكلام اذ
الالتزام بقدم الكلام اللفظى مع كونه مؤلفا من اجزاء متدرجة متقضية متصرمة فى
الوجود غير معقول
.................................................................................................
______________________________________________________
ـ الى ان قال ـ فالقائل
بالكلام النفسى ان كان يدعى ان سنخه اجمالا سنخ الماهيات ـ حيث انها فى حدود
ذواتها لا تابى عن الوجود والعدم ـ فالبرهان قائم على انحصارها فى المقولات العشر
ـ اعنى مقولة الجوهر والمقولات التسع العرضية ـ فحاله حالها من حيث قبول الوجودين
ـ اى العينى والذهنى ـ فحينئذ يقال ان قيامه بالنفس ان كان بنفسه كالصفات
النفسانية من العلم والارادة وغيرهما فهو من الكيفيات النفسانية والبرهان قائم فى
محله على ضبطها وحصرها ومدلولية احدها للكلام اللفظى كقولك اعلم واريد على ثبوت
العلم والارادة لا يجعلهما كلاما نفسيا ، وان كان قيامه بالنفس قيامه بصورته قياما
علميا لا دخل له بالكلام النفسى يدعى ان سنخه سنخ الماهيات ، وان كان يدعى ان سنخه
سنخ الوجود فهو معقول إلّا ان مدلوليته للكلام اللفظى غير معقول اما اصل معقوليته
فالوجدان الصحيح شاهد على ذلك كما فى ايقاع النسبة الملازم للتصديق المقابل للتصور
فان صورة ان هذا ذاك مطابقا لما فى الخارج وناظرا اليه تصديق داخل فى العلوم
الانفعالية لانفعال النفس وتكيّفها بالصورة المنتزعة من الخارج ونفس هذا ذاك من
دون نظر الى صورة مطابقة له فى الخارج من موجودات عالم النفس ونسبة النفس اليه
بالتأثير والايجاد لا بالتكليف والانفعال وحقيقته وجود نورى قائم بالنفس قياما
صدوريا وهو المراد بالعلم الفعلى فى قبال الانفعالى ومنه الاحاديث النفسانية فان
الوجدان اصدق شاهد على ان نسبة النفس اليها بالايجاد والتأثير ونفس وجودها الحقيقى
عين حضورها للنفس ـ الى ان قال ـ واما استحالة مدلوليته للكلام اللفظى فلان
المدلولية للكلام ليس الا كون اللفظ واسطة للانتقال من سماعه اليه وهذا شأن
الماهية والوجود الحقيقى عينيا كان او نوريا ادراكيا غير قابل للحصول فى المدارك
الادراكية لما عرفت سابقا فلا يعقل الوضع له ولا الانتقال باللفظ اليه الا بالوجه
والعنوان ومفروض الاشعري مدلوليته بنفسه للكلام اللفظى لا بوجهه وعنوانه انتهى ـ اما
الجواب عن الكلام النفسى قال فى المحاضرات ، ج ٢ ، ص ٢٥ ، ان صفاته تعالى على
نوعين الأول الصفات الذاتية كالعلم والقدرة والحياة وما يئول اليها فان هذه الصفات
عين ذاته تعالى فى الخارج فلا اثنينية فيه ولا مغايرة وان قيامها بها قيام عينى
وهو من اعلى مراتب القيام واظهر مصاديقه لا قيام صفة بموصوفها او قيام الحال بمحله
ومن هنا ورد فى الروايات ان الله تعالى وجود كله وعلم كله وقدرة كله
.................................................................................................
______________________________________________________
وحياة كله والى
هذا يرجع قول امير المؤمنين عليهالسلام فى نهج البلاغة كمال الاخلاص به نفى الصفات عنه بشهادة كل
صفة انها غير الموصوف ، الثانى الصفات الفعلية كالخلق والرزق والرحمة وما شاكلها
فان هذه الصفات ليست عين ذاته تعالى حيث ان قيامها بها ليس قياما عينيا كالصفات
الذاتية هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ان قيام هذه الصفات لا تخلو من ان تكون حادثه
او تكون قديمة ولا ثالث لهما فعلى الاول لزم قيام الحادث بذاته تعالى وهو مستحيل
وعلى الثانى لزم تعدد القدماء وقد برهن فى محله استحالة ذلك فالنتيجة على ضوئهما
امران الاول ان مبادى هذه الصفات افعاله تعالى الاختيارية الثانى آنها تمتاز عن
الصفات الذاتية فى نقطة واحدة وهى ان الصفات الذاتية عين ذاته تعالى فيستحيل اتصاف
ذاته بعدمها بان لا يكون ذاته فى مرتبة ذاته عالما ولا قادرا ولا واجبا وهذا بخلاف
تلك الصفات حيث انها افعاله تعالى الاختيارية فتنفك عن ذاته وتتصف ذاته بعدمها
يعنى يصح ان يقال انه تعالى لم يكن خالقا للارض مثلا ثم خلقها ولم يكن رازقا لزيد
مثلا ثم رزقه وهكذا ومن ثمة تدخل عليها ادوات الشرط وما شاكلها ولم تدخل على
الصفات العليا الذاتية وان شئتم قلتم ان القدرة تتعلق بالصفات الفعلية وجودا وعدما
فان له تعالى ان يخلق شيئا وله ان لا يخلق وله ان يرزق وله ان لا يرزق وهكذا ولم
تتعلق بالصفات الذاتية ابدا وعلى ضوء هذا البيان قد ظهر ان التكلم من الصفات
الفعلية دون الصفات الذاتية وذلك بوجود ملاك الصفات الفعلية فيه حيث يصح ان يقال
انه تعالى كلم موسى عليهالسلام ولم يكلم غيره او كلم فى الوقت الفلاني ولم يكلم فى وقت
آخر وهكذا ولا يصح ان يقال انه تعالى ليس عالما بالشيء الفلانى او فى الوقت
الفلانى فما ذكره الأشاعرة من ان التكلم صفة له تعالى وكل صفة له قديم نشا من
الخلط بين الصفات الذاتية والصفات الفعلية انتهى وقال القائد السيد الخمينى فى
رسالته المستقلة فى الطلب والارادة ص ٣٥ نعم انه تعالى متكلم بوجه آخر حتى فى
مرتبه ذاته يعرفه الراسخون فى الحكمة ـ والاعراض عنه اولى الخ ونقل عنه فى هامشه
قال اهل المعرفة تكلم الحق عبارة عن تجلّى الحق الحاصل من تعلقى الارادة والقدرة
لاظهار ما فى الغيب وايجاده انتهى كما ان ارادته تعالى ذاتية وهو العلم بالصلاح
والنظام الكامل التام. الامر الثالث الاقوال فى الطلب والإرادة فذهب الاصحاب
والمعتزلة الى
وهو ان الطلب
المأخوذ فى حقيقة (١) هل هو عين الارادة ام غيره كانت هذه الجهة معركة الآراء بين
الاعلام (٢) وعمدة من ذهب الى المغايرة الاشعريون
______________________________________________________
اتحادهما مصداقا
ويظهر من بعضهم القول بالاتحاد مفهوما ايضا خلافا للاشاعرة اذ ذهبوا الى تغايرهما
مصداقا ومفهوما ، ومنشأ هذا القول من الأشاعرة تقدم الاشارة اليه واليك اجمالها من
الاشكالات الفاسدة الواردة بنظرهم بناء على القول باتحاد الطلب مع الارادة ، منها
لزوم عدم تحقق العصيات من العباد لعدم جواز تخلف ارادته سبحانه عن المراد ، ومنها
لزوم تعلق الارادة بالمحال بناء على الاتحاد كما فى موارد الامر بما انتفى شرط
تحققه ، ومنها ما بنوا عليه من المبنى الفاسد من انكار التحسين والتقبيح العقليين
وتجويزهم الامر بالشيء مع خلوه عن المصلحة كما فى الاوامر الامتحانية ، ومنها غير
ذلك من المبانى الفاسدة حيث انه من جهة الفرار عن تلك الاشكالات التزموا بالمغايرة
بين الطلب والارادة فقالوا بان الطلب وما يحكى عنه الامر عبارة عن معنى قابل لتلك
اللوازم واليك تفصيلها والجواب عنها.
(١) الصحيح ـ حقيقته
ـ.
(٢) قال فى
الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٥ ، فاعلم ان الحق كما هو عليه اهله وفاقا للمعتزلة وخلافا
للاشاعرة هو اتحاد الطلب والارادة بمعنى ان لفظيهما موضوعان بازاء مفهوم واحد وما
بازاء احدهما فى الخارج يكون بازاء الآخر والطلب المنشا بلفظه او بغيره عين
الارادة الإنشائية وبالجملة هما متحدان مفهوما وانشاء وخارجا ـ اى الفرد الخارجى
لاحدهما هو الفرد الخارجى للآخر ـ لا ان الطلب الانشائى الذى هو المنصرف اليه
اطلاقه كما عرفت متحد مع الارادة الحقيقية التى ينصرف اليها اطلاقها ايضا ضرورة ان
المغايرة بينهما اظهر من الشمس وابين من الامس فاذا عرفت المراد من حديث العينية
والاتحاد ففى مراجعة الوجدان عند طلب شيء والامر به حقيقة كفاية الخ واختار المحقق
النائينى فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٣١ ، خلافه قال وبالجملة لا سبيل الى دعوى اتحاد
مفهوم الارادة ومفهوم الطلب لتكذيب اللغة والعرف ذلك اذ ليس لفظ الارادة والطلب من
الالفاظ المترادفة كالانسان والبشر وان اريد من حديث الاتحاد التصادق الموردى وان
تغايرا مفهوما فله وجه الخ وايضا ذهب المحقق العراقى الى تغايرهما مفهوما وسيأتى
وتقدم ما ذكره استادنا البجنوردي فى المنتهى ، ج ١ ، ص ١١٥ ، فالظاهر انهما
متغايران مفهوما الخ وكذا استادنا الخوئى وغيره.
لشبهة خصلت لهم فى
وحدتهما (١) وعمدة ما اوقعهم فى الوهم زعمهم الفاسد. (٢) بان العباد مجبورون فى
افعالهم وهو ايضا (٣) اساس انكارهم التحسين والتقبيح فى افعال العباد عقلا نظرا
الى ان موضوع حكم العقل هو الفعل الاختيارى وحيث (٤) لا اختيار لهم فى افعالهم فلا
مجال لتحسينهم فى عملهم عقلا ولا تقبيحهم فيه بل الله يفعل فى حقهم ما يشاء
بسلطانه فيعاقب المطيع ويثيب العاصى بلا قبح فى نظر العقل فى الفعلين ولا حسن فى
عكسهما لان ذلك كلّه تحت حيطة سلطته وقدرته فيفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، و (٥) ح
فمن
______________________________________________________
(١) بان اتحاد
الطلب والارادة يوجب الشبهة والمناقشة.
(٢) هذا هو احدى
الشبهات بل العمدة وهى الشبهة الاولى ان العباد مجبورون على الافعال والاعمال ولا
تأثير لقدرتهم فى شيء منها ولا ريب فى ان الارادة التشريعية لا تتعلق إلّا بالفعل
المقدور للغير فينتج ضم احدى المقدمتين الى الاخرى ان التكاليف الشرعية قد تعلقت
بالمكلفين بلا ارادة تشريعية ولا يعقل تحقق التكليف بلا طلب ولا ارادة وعلى
الاتحاد يلزم انتفائهما معا ومعه يلزم انتفاء التكليف وهو خلاف الفرض فلا بد من
القول بتحقق الطلب دون الارادة لتوقف تحقق التكليف عليه فى المقام وتحققه دون
الارادة يستلزم تغايرهما وهو المطلوب للاشعرى.
(٣) الشبهة
الثانية انكار التحسين والتقبيح العقليين وتجويزهم الامر بالشيء مع خلوه عن المصلحة
كما فى الاوامر الامتحانية ولا ريب فى صدق الطلب حقيقة على الاوامر الامتحانية مع
عدم تعلق الارادة بالمأمور به فيها وذلك دليل واضح على تغاير الطلب والارادة
البتة.
(٤) الوجه
لانكارهم التحسين والتقبيح العقليين فى افعالهم لعدم الاختبار فى افعالهم.
(٥) الشبهة
الثالثة استحالة تعلق ارادة الله على افعال المكلفين لان الارادة التشريعية لا
تتعلق إلّا بالفعل المقدور للغير واذا اراد الله شيئا فهو كائن ولا يعقل التكليف
بلا ارادة ولا طلب والتكليف ثابت جزما فلا بد وان يكون بالطلب ونتيجته تغاير الطلب
مع الارادة.
نتائج هذا الزعم
والخيال استحالة تعلق الارادة الازلية بفعل المخلوق الّا وهو صادر لانه اذا اراد
لشيء ان يقول له كن فيكون و (١) لازمه ح عدم تصور العاصى فى العباد ، فمع تحققه
وجدانا يكشف عن عدم تعلق الارادة الازلية فى مورد الاوامر والنواهى للتوجه اليهم
ولا محيص لهم بالالتزام بمعنى آخر غير الارادة حذرا عن كون الخطابات المزبورة لقلة
لسان وسمّى المعنى الآخر بالطلب فالتزموا (٢) ايضا بامكان تعلقه بالمحال وبغير
المقدور بل وبجواز امره مع علمه بانتفاء شرط المأمور به كامر إبراهيم «ع» بذبح
ولده مع ان الجليل ينهى السكين عن تأثيره فى قطع الاوداج وعدم قدرة إبراهيم بالذبح
المزبور ، وح ربّما يستشكل (٣)
______________________________________________________
(١) الشبهة
الرابعة لا اشكال فى ان الكفار بل مطلق العصاة مكلفون بالتكاليف الدينية حقيقة
لاستحقاقهم العقاب على مخالفتها اجماعا ولا عقاب الا على مخالفة التكليف الالزامى
الحقيقى كما لا يعقل تعلق ارادته تعالى بمتعلق هذه التكاليف وإلّا لزم تخلف مراده
عن ارادته تعالى فاذا ثبت ارادته تعالى فى موارد التكاليف المتعلقة بالكفار بل
مطلق العصاة فلا بد من القول بتحقق الطلب منه فيها وإلّا فلا يعقل تحقق التكليف
بلا طلب ولا ارادة وعليه يلزم تحقق الطلب بلا ارادة وذلك دليل ما يدعى من
تغايرهما.
(٢) الشبهة
الخامسة لزوم تعلق الارادة بالمحال بناء على الاتحاد كما فى موارد الامر بما انتفى
شرط تحققه كامر إبراهيم «ع» بذبح ولده مع انه لا يقدر عليه لعدم تأثير السكين فى
الذبح بامر الرب.
(٣) قال صاحب
الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٥ ، فان الانسان لا يجد غير الارادة القائمة بالنفس صفة اخرى
قائمة بها يكون هو الطلب غيرها سواء ما هو مقدمة تحققها عند خطور الشى والميل
وهيجان الرغبة اليه والتصديق لفائدته وهو الجزم بدفع ما يوجب توقفه عن طلبه لاجلها
ـ اى العزم والجزم ـ وبالجملة لا يكاد يكون غير الصفات المعروفة والارادة هناك صفة
اخرى قائمة بها يكون هو الطلب فلا محيص الا عن اتحاد الارادة والطلب وان يكون ذاك
الشوق المؤكد المستتبع لتحريك
فى تصوير هذا
المعنى الاخير المسمى بالطلب (١) بأنه أيّ شيء قائم بالنفس (٢) وكان من افعال
القلوب (٣) القابل (٤) لأن يكون مضمون الخطابات ويناسب (٥) مع مقام امر المولى
ونهى العالى (٦) وقابل للتعلق بالمحال ولو لانتفاء شرطه وحيث ان هذا المعنى (٧)
معنى قابل للتعلق بفعل الغير فيكشف (٨) انه لا يكون من سنخ بقية الصفات الوجدانية
القائمة بالنفس من الجوع والعطش والشجاعة وامثالها اذ (٩) لا مناسبة لها مع الامر
والنهى المتعلق بفعل الغير كما ان قابلية تعلقه بالمحال وبفعل المجبورين لا يناسب
شرحه بمثل عنوان البعث والتحريك (١٠) اذ (١١) مضافا (١٢)
______________________________________________________
العضلات فى ارادة
فعله بالمباشرة او المستتبع لامر عبيده به فيما لو اراده لا كذلك مسمى بالطلب
والارادة كما يعبر به تارة وبها اخرى كما لا يخفى انتهى.
(١) غير الارادة
اى شيء فيستشكل وله آثار ولوازم.
(٢) اى غير
الارادة. من لوازمه كونه قائم بالنفس.
(٣) منها كونه فعل
القلب وادراكه وتصوره كما فى القضايا كالنار مشرقة جميع النيران لا الكيفية النفسانية
ونقوشها وصورها.
(٤) منها القابل
لان يكون الخطابات مبرزا له.
(٥) ومنها يناسب
ما هو القائم بالنفس مع امر المولى ونهى العالى.
(٦) ومنها ان يقبل
ما هو القائم بالنفس بتعلقه بغير المقدور.
(٧) ومنها ان هذا
المعنى قابل للتعلق بفعل الغير.
(٨) ومنها انها
غير الصفات التى موجودة فى النفس.
(٩) لعدم تعلقها
بفعل الغير.
(١٠) وليس هو
عنوان البعث والتحريك وذلك لعدم تعلقه بالمحال وفعل المجبورين.
(١١) تعليل لكون
المعنى ليس عنوان البعث والتحريك مضافا الى ما مر.
(١٢) اما اوّلا
لان البعث والتحريك من لوازم الامر ويأتى من الامر لا معنى الامر ومدلوله.
الى انه ناشئ عن
نفس الامر لا انه مأخوذ فى مدلوله من (١) المعلوم انه يستحيل تعلقهما بالمحال ذاتا
لا (٢) بمناط التحسين والتنقيح كى بمنع ذلك فى افعاله تعالى فى حق عباده بل (٣)
______________________________________________________
(١) واما ثانيا
لعدم تعلقها بالمحال ذاتا لان البعث والتحريك نحو الغير المقدور والمحال لغو
واللغو لا يصدر من الحكيم بل مستحيل فى حقه ذاتا.
(٢) وليس ذلك لاجل
الحسن والقبح حتى ينفى الحسن والقبح فى افعاله تعالى ويكون الحسن ما امر به المولى
والقبيح ما نهى عنه المولى.
(٣) ثم اشار الى
التوجيهات منها ما تقدم من الكفاية ج ١ ص ٩٧ قال ثم انه يمكن ما حققناه ان يقع
الصلح بين الطرفين ولم يكن نزاع فى البين بان يكون المراد بحديث الاتحاد ما عرفت
من العينية مفهوما ووجودا حقيقيا وانشائيا ويكون المراد بالمغايرة والاثنينية هو
اثنينية الانشائى من الطلب كما هو كثيرا ما يراد من اطلاق لفظه والحقيقى من
الارادة كما هو المراد غالبا منها حين اطلاقها فيرجع النزاع لفظيا انتهى وفيه ان
هذه التوجيه وان كان يساعد عليه بعض اللوازم من قابلية تعلق الطلب الانشائى
بالمحال لعدم استلزامه لارادة الايجاد من المكلف ومن جواز تحقق الطلب الانشائى
بلحاظ مصلحة قائمة فى نفسه وان لم تكن مصلحة فى متعلقة فانه من افعال منشئه فكما
يصح من العاقل ان يفعل فعلا بلحاظ مصلحة قائمة بنفس الفعل كذلك يصح منه ان ينشا
طلبا بلحاظ مصلحة قائمة فيه دون متعلقة والذى يرد عليه على ما ذكره المحقق العراقى
قدسسره فى البدائع ص ٢٠٠ هو ان الأشاعرة حيث انهم يقولون بالكلام
النفسى وانه هو مدلول الكلام اللفظى يرون ان الطلب المنشأ فى اللفظ يدل على صفة
قائمة فى النفس هى غير الارادة فى قبال من ينفى الكلام النفسى ولا يرى صفة قائمة
فى النفس غير صفاتها المعروفة لديهم من الارادة والعلم وغيرهما من الصفات النفسية
واما ان الطلب الانشائى مغاير للارادة الحقيقية فهو من الامور البديهية والاشعري
ليس فى صدد النزاع بهذا الامر البديهى ولا فائدة له فيه والذى يدل على ذلك هو
استدلالهم على ثبوت الكلام النفسى بالاوامر الامتحانية المسلم عند الفريقين عدم
تعلق الارادة الحقيقية بمتعلقاتها حيث زعموا ان تلك الاوامر تدل على معنى قائم فى
النفس ليس بارادة الى آخر كلامه ـ وربما يورد على صاحب الكفاية بان الطلب
ولا مجال لشرح
الطلب بحملة النفس (١) الحاصل بعد تمامية اشتياقه وقدرته. اذ (٢) مثل ذلك ايضا
يستحيل انفكاكه عن العلم بالقدرة فمع فرض المجبورية
______________________________________________________
الانشائى ليس
موضوعا لحكم العقل بوجوب الاطاعة والأشاعرة لا يرون التكليف او الحكم الشرعى الا
نفس الطلب فليزم على الوجه المذكور عدم حكم العقل بوجوب اطاعة الاحكام الشرعية
لانها عبارة عن الطلب الانشائى الذى لا يستقل العقل بوجوب اطاعته ، وفيه ان
الاشاعرة ملتزمون بذلك فانهم لا يقولون بوجوب الطاعة او حرمة المعصية عقلا لعدم
قولهم بالحسن والقبح العقليين.
(١) هذا التوجيه
من المحقق النائينى قدسسره قال فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٣١ ، لا ينبغى الاشكال فى ان
هناك وراء الارادة امر آخر يكون هو المستتبع لحركة العضلات ويكون ذلك من افعال
النفس وان شئت سمه بحملة النفس او الحركة النفس او تصدى النفس او غير ذلك من
التعبيرات وبالجملة الذى نجده من انفسنا ان هناك وراء الارادة شيئا آخر يوجب وقوع
الفعل الخارجى وصدوره عن فاعله ومن قال باتحاد الطلب والارادة لم يزد على استدلاله
سوى دعوى الوجدان وانه لم نجد من انفسنا صفة قائمة بالنفس وراء الارادة تسمى
بالطلب وقد عرفت ان الوجدان على خلاف ذلك بل البرهان يساعد على خلاف ذلك لوضوح ان
الانبعاث لا يكون إلّا بالبعث والبعث انما هو مقولة الفعل وقد عرفت ان الارادة
ليست من الافعال النفسانية بل هى من الكيفيات النفسانية فلو لم يكن هناك فعل
نفسانى يقتضى الانبعاث يلزم ان يكون انبعاث بلا بعث وبالجملة لا سبيل الى دعوى
اتحاد مفهوم الارادة والطلب لتكذيب اللغة والعرف ذلك اذ ليس لفظ الارادة والطلب من
الالفاظ المترادفة كالانسان والبشر وان اريد من حيث الاتحاد التصادق الموردى وان
تغايرا مفهوما فله وجه الى آخر كلامه.
(٢) هذا هو الجواب
عن هذا التوجيه وملخصه انه لا يوافق ما يدل عليه كلام الأشاعرة وما التزموا به
نرجوا ز تعلق الطلب بالمحال ضرورة ان الطلب الذى هو متاخر عن الارادة رتبة لا يمكن
ان يتعلق بالمحال لامتناع تعلق الارادة به ومع امتناع الارادة يمتنع تحقق الطلب
ايضا لكونه متأخرا رتبة عنها فلا يمكن توجيه كلام الأشاعرة بمثل هذا الوجه
لالتزامهم بتحقق الطلب فى المورد الذى يقتضى هذا الوجه امتناع تحقق الطلب فيه
لامتناع تحقق الارادة مضافا الى انه ايضا لا يصحح كونه لصلاح
يستحيل تحققه
وبالجملة ما فى السنة بعض المعاصرين من تصور مغايرة الطلب مع الارادة بامثال هذه
البيانات (١) اجنبية عن مرام الاشاعرة المؤسسين لهذا الاساس كما ان انكار بعض آخر (٢)
بعدم مساعدة الوجدان على وجود معنى
______________________________________________________
فى نفسه.
(١) منها ما حكى
عن المحقق صاحب الحاشية المعروفة على المعالم اخو الفصول قال فيها الوجه الرابع ـ الى
ان قال والذى يقتضيه التحقيق فى المقام ان يقال ان هناك ارادة لصدور الفعل من
الغير بحسب الواقع واقتضاء بحسب الخارج لإيقاعه الفعل بالزامه او ندبه اليه ومن
البين ان الثانى لا يستلزم الاول وإن كان الظاهر صدور الاقتضاء على طبق الارادة
الواقعية انتهى ونتيجته ان الطلب هو البعث والتحريك نحو المطلوب والارادة هو الشوق
المؤكد المتعلق به القائم فى النفس والفرق بينهما واضح ، وفيه مضافا الى ان البعث
والتحريك امران منتزعان من الخطاب بداعى جعل الداعى لا انهما مدلولان لنفس الخطاب
ومحكيا للامر انهما لا يمكن ان يتعلقا بالمحال كنفس الارادة والاشعري يجوز تعلق
الطلب بالمحال دون الارادة فيكشف هذا التفاوت عن عدم كون الطلب فى نظر الاشعري هو
البعث والتحريك ومنها كونه بمعنى الاشتياق وفيه وان يصحح جواز تعلقه بالمحال كما
فى اشتياق المريض الى شفاء مرضه والمحبوس الى الفرار من السجن والتخلص منه واشتياق
الانسان الى عود شبابه ، ويمكن ايضا وقوعه موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال فيما
لو احرز العبد اشتياق مولاه الى شيء ولكنه ايضا لا يصحح كونه لصلاح فى نفسه وح
فبقرينة استدلالهم بمثل الاوامر الامتحانية يعلم بعدم ارادتهم من الطلب الاشتياق
نحو الشى ولا من الارادة حملة النفس وهيجانها نحو المطلوب.
(٢) حكى عن شرح
التجريد للقوشجى قال والحاصل ان مدلول الكلام اللفظى الذى يسميه الأشاعرة كلاما
نفسيا ليس وراء العلم فى الخير والارادة والكراهة فى النهى انتهى وحكى عن العلامة
قال بانا لم نجد عند الامر بشيء امرا مغايرا لارادة الفعل حيث لا يكون المفهوم من
الامر ارادة الفعل من المأمور به ولو كان هناك شيء آخر لا ندركه فلا شك فى كونه
امرا خفيا غاية الخفاء بحيث لا يتعقل الا الاوحدى من الناس ومع ذلك كيف يجوز وضع
لفظ الامر المتعارف فى الاستعمال بازائه.
آخر قابل للتعلق
بفعل الغير غير العلم والارادة ، ايضا قابل للمنع (١) كيف (٢) ونرى بالوجدان معنى
آخر غيرهما ويعبّر عنه بالبناء الذى هو ايضا من افعال القلوب وبه (٣) قوام
التنزيلات عرفا وشرعا و (٤) كان تحت الاختيار بلا واسطة فى قوله ابن على الاكثر
مثلا (٥) قبال العلم والارادة الذين لا يكونان كذلك (٦) بل ومنه ايضا عقد القلب
المقابل للجحود القلبى مع العلم بالنبوة مثلا (٧) وغيرها (٨)
______________________________________________________
(١) من هنا قام
المحقق العراقى الماتن قدسسره فى بيان صفة اخرى فى النفس غير الصفات المشهورة ويمكن ان
تكون هو الطلب.
(٢) ذكر المحقق
الماتن ان الطلب يمكن ان يكون فى نظر الأشاعرة عبارة عن البناء الذى يكون من افعال
القلب وهو غير العلم والارادة والحب والبغض.
(٣) اى بهذا
البناء يقوم التنزيلات العرفية والشرعية مطلقا كما ستعرف.
(٤) والبناء من
الامور الاختيارية من دون واسطة كما فى الارادة.
(٥) فالبناء
كالارادة فى كونه ذا الاضافة وان خالفها فى انها من مقولة الكيف وهذا من مقولة
الفعل للنفس ، ولذا قد يتعلق بامر موجود مفروغ التحقق فيسمى تنزيلا كالبناء على
كون الاكثر موجودا او الموجود هو الاكثر ، ومن الثبوت التنزيلى هو ما يتعلق بامر
مشكوك الثبوت فى الواقع فيكون ثابتا بنفس هذا البناء القلبى كما فى الاستصحاب ابن
على بقاء ما كان.
(٦) فان العلم
والارادة اختياريين مع الواسطة والمقدمات والاسباب.
(٧) وقد يتعلق
البناء بثبوت امر ثابت فى الواقع فى حال العلم بثبوته ولكن لا يكتفى من المكلف
بعلمه بثبوته بل لا بد من ان يبنى فى قلبه على ثبوته كما هو الشأن فى العقائد
الدينية فمن علم بكون الله واحدا لا يكتفى فى كونه موحدا بنفس هذا العلم ما لم
يعقد قلبه ويبنى على ذلك ويعبر عن هذا البناء بعقد القلب.
(٨) كما قد يتعلق
بايجاد المخاطب ما خوطب به وامر به فيكون هذا البناء على صدوره منه وايجاده اياه
طلبا له ، كما قد يتعلق ايضا بما ليس فى الشرع فيكون تشريعا.
بل وهو قابل
للتعلق بالمحال (١) وح لا مجال لرد الاشعري القائل بالمغايرة بين الطلب والارادة
بمثل هذا الوجدان (٢) وح فللأشعري ان يلتزم بان مفاد الاوامر معنى آخر غير العلم
والارادة وانه من سنخ البناء وعقد القلب المزبورين غاية الامر يدعى بان هذا السنخ
من المعنى (٣) باختلاف انحاء متعلقاته يختلف عنوانا (٤) فمن حيث تعلقه بقيام شيء
ثابت (٥) او بقيامه مقام آخر (٦) مع القطع بعدمه (٧) يعبّر عنه بالبناء التنزيلى (٨)
ومن حيث تعلقه بثبوت شيء مع القطع بوجوده يعبر عنه بعقد القلب و (٩) من حيث تعلقه
بايجاد شيء لا (١٠) بشيء فارغا عن وجوده يعبر عنه بالطلب كما (١١) ان الامر فى
الاشتياق ايضا كذلك اذ هو من حيث تعلقه
______________________________________________________
(١) فالبناء بما
انه اختيارى قابل للتعلق بالمحال وامكان تحققه باعتبار مصلحة قائمة فيه لا فى
متعلقة وامكان انفكاكه عن المطلوب ولو كان منه تعالى.
(٢) اى الوجدان
قائم على البناء وبه يتم المغايرة بين الطلب والارادة وانه غير العلم والارادة فلو
ادعى القائل بالمغايرة بان ما هو المسمى بالطلب عبارة عن البناء الذى هو غير
الارادة لا يمكننا المسارعة فى ردهم بعدم وجدان امر وراء العلم والارادة والحب
والبغض شيء.
(٣) اى البناء
باعتبار كونه ذا اضافه يحتاج الى المتعلق ويختلف متعلقاته كما اشرنا اليه.
(٤) وتسمية.
(٥) اى تعلقه
بقيام شيء ثابت بنفس هذا البناء القلبى وان كان مشكوك الثبوت فى الواقع
كالاستصحاب.
(٦) كما فى باب
الامارات من قيام الخبر الثقة مقام العلم تنزيلا.
(٧) اى ليس بعلم
حقيقة ففى هذه الموارد هو البناء التنزيلى.
(٨) فى
الاعتقاديات كما مر.
(٩) وهو تعلقه
بايجاد الشى او ايجاد الغير اياه وهو الطلب.
(١٠) اى لا يكون
متعلقا بشيء فارغا عن وجوده.
(١١) الشوق ايضا
من الامور ذات الاضافة فان تعلق بالامر الثابت والموجود
بالوجود الثابت
يسمى عشقا وباثبات الوجود يسمى ارادة ولا ينافى اختلاف هذه العناوين (١) مع وحدة
الحقيقة (٢) ومعلوم ان مثل هذا المعنى (٣) قابل للتعلق بالمحال ويغير المقدور ومع
العلم بانتفاء شرط المأمور به كما انه بعد تسليم اساسهم الكاسد (٤) لا يبقى دعوى
احد عليهم (٥) بان العقل لا يحكم باستحقاق العقوبة على مخالفة مجرد هذا البناء
القابل للتعلق بالمحال اذ (٦) ح اين يبقى للعقل حكم فى حق المجبورين الذين هم
مقهورين فى حيطة سلطانه و (٧)
______________________________________________________
فيقال له العشق
وباعتبار تعلقه بالشيء غير الثابت وايجاد الشيء يسمى ارادة.
(١) باعتبار
متعلقاته.
(٢) وهو البناء.
(٣) من البناء
قابل للتعلق بالمحال ونحوه من الامر غير المقدور وانتفاء شرطه.
(٤) اى الدون وذلك
بهذا التوجيه.
(٥) اى لا مجال
لدعوى الاشكال عليهم بعدم حكم العقل باستحقاق العقوبة ووجوب الطاعة وحرمة المعصية
على مخالفة نفس البناء القابل للتعلق بالمحال ومعه كيف يمكن ان يكون مدلول الخطاب
هو هذا البناء مع ان مخالفة الخطاب الايجابى موضوع حكم العقل باستحقاق العقاب
عليها فى نظر العقلاء فيكشف عن ان مدلول الخطاب ليس البناء.
(٦) تعليل لعدم
حكم العقل.
(٧) هذا جواب
الاشكال بان العقاب انما جاء من توعيد الشارع والثواب بوعده والبناء المزبور بعد
ما كان محكيا للامر يكون موضوعا للوعد والتوعيد ايضا ولا تلازمان للارادة فقط بل
يترتبان على الوعد بيان ذلك ان الاشاعرة لا يقولون باستحقاق العقاب والثواب عقلا
بالمخالفة والموافقة لانهم قائلون بكون المكلفين مجبورون فى الافعال ولا يرون ثبوت
الحسن والقبح العقلين وما يتفرّع عليهما فلا حكم للعقل بذلك اصلا بل يرون ان
استحقاق الثواب والعقاب تابع للوعد والوعيد من
انّما ذلك (١) جاء
من جهة توعيده على المخالفة كما ان الثواب على الاطاعة انما هو من قبل وعده على
طاعتهم و (٢) لا بأس بتوعيد المذكور ولا الوعيد المزبور على مخالفه هذا البناء
المحض المنفك عن الارادة او موافقته مع انعزال العقل عن الحكم فى هذا المقام رأسا
وح لا ملزم عليهم (٣) ولا شاهد على وجود الارادة والكراهة فى مدلول الاوامر
والنواهى (٤) الا تخريب اساسهم الفاسد وبيان فساد زعمهم الكاسد (٥) فنقول (٦) وهو
المعين او لا يكفى فى دفع شبههم حكم بداهة
______________________________________________________
الشارع المشرع
للاحكام فما حكم الشارع بثبوته يحكمون بثبوته وما نفاه يحكمون بعدمه وان كان العقل
يحكم بقبح ما اثبته الشرع ويحسن ما نفاه ويترتب ذلك على البناء المزبور.
(١) اى العقوبة.
(٢) اى مثل ذلك
نقول فيكون للبناء ايضا وعد وتوعيد والثواب والعقاب عليه.
(٣) بانه ليس وراء
الارادة شيء فى النفس يسمى بالطلب.
(٤) ولا دليل على
كون مدلول الاوامر والنواهى هى الارادة.
(٥) وملخص كلامه
انه يمكن توجيه كلماتهم الفاسدة بحمل الطلب على مثل هذا البناء والعمدة ابطال اصل
تلك المبانى الفاسدة من شبهة الجبر وغيرها على ما تقدم لكن هذا الوجه ايضا لا يمكن
المساعدة عليه فان البناء هو الالتزام كما قالوا بلزومه فى اصول الدين دون الاحكام
قال فى الكفاية ، ج ٢ ، ص ٢٧ هل تنجز التكليف بالقطع كما يقتضى موافقته عملا يقتضى
موافقته التزاما والتسليم له اعتقادا او انقيادا كما هو اللازم فى الاصول الدينية
والامور الاعتقادية الخ والمراد من الموافقة الالتزامية هى عقد القلب عقلا على ذلك
الحكم ، فيرد عليه كيف متعلق بالمحال ويلتزم بالامر المحال وغير المقدور وكيف
يتعلق بفعل الغير ونحو ذلك فلا يصدر من العقلاء ذلك وان كان البناء شيء آخر فلا بد
من بيانه ولا نرى فى النفس شيء ما عد الارادة والعلم ونحوهما شيء كما افاده فى
الكفاية.
(٦) ثم قام فى
بيان رد شبهة الجبر بوجهين.
الوجدان بالفرق
بين حركة المرتعش وحركة المختار (١) وهو الذى عليه عقيدتى و (٢) لكن مع ذلك فى
مقام المناظرة معهم لنا ان ندعى شيئا آخر فنقول بان توضيح فساد مرامهم يقتضى رسم
مقدمة (٣) وهى (٤) ان من المعلوم ان عوارض الشى (٥) قد لا يكون من لوازم وجوده ولا
مهيته (٦) و (٧) قد يكون من لوازم ماهيّته كالزوجيّة بالنسبة الى الاربعة او (٨)
وجوده كالحرارة للنار فما كان من قبيل الأول (٩) فلا شبهة فى ان جعل الشيء وايجاده
لا يقتضى وجود وصفه
______________________________________________________
(١) هذا هو الوجه
الاول وملخّصه انا نرى ونشاهد بالوجدان والعيان كوننا مختارين فيما يصدر عنا من
الافعال وفى مقام الاطاعة والعصيان وان مجرد علمه سبحانه بالنظام الاكمل غير موجب
لسلب قدرتنا واختيارنا فيما يصدر عنا من الافعال والاعمال كما يقول به الجبرية
خذلهم الله سبحانه بل كنا بعد مختارين فيما يصدر عنا من الافعال وان عدم صدور
العمل منا فى مقام الاطاعة انما هو باختيارنا وعدم ارادتنا الايجاد لترجيحنا ما
نتخيل من بعض الفوائد العاجلة على ما فى الاطاعة من المنافع الحقة الأجلة الأخروية
من غير ان نكون مجبورين فى ايجاد الفعل المأمور به او تركه بوجه اصلا كما لا يخفى
وهذا هو الوجدان الذى تغنى عن البرهان.
(٢) اما البرهان
الذى يدل على بطلان دعواهم فى الجبر يتوقف على مقدمة.
(٣) هذه هى
المقدمة.
(٤) العوارض جمع
العرض والعرض هو ثبوت شيء لشيء وجوده لا فى نفسه بل فى غيره فى قبال للجوهر.
(٥) ينقسم العوارض
الى ثلاثة اقسام.
(٦) وهو القسم
الاول كالبياض للجسم مثلا فانه ليس بلازم لوجوده ولا لماهيته.
(٧) القسم الثانى
فالزوج لازم ماهية الاربع لا وجوده.
(٨) القسم الثالث
فالحرارة لازم وجود النار الخارجى لا الماهية فكلما تصورت من ماهية النار فلا يوجب
الحرارة كماهية الماء لا يرفع العطش.
(٩) ثم بين الفرق
بين الاقسام الثلاثة فلا ريب فى ان جعل المعروض فى
بل يحتاج وجود
الوصف ايضا الى جعل آخر و (١) امّا ما كان من قبيل الثانى والثالث فما هو قابل
لتعلق الجعل هو الموصوف واما لازمه فتحقق قهرا بنفس وجود ملزومه واقتضائه بلا
احتياج الى جعل آخر وراء جعل ملزومه بل (٢) بعد جعل الملزوم بالارادة الازلية
يتوجد اللازم بنفس اقتضاء الملزوم تبعا له بلا استناده الى ارادة ازليّة اخرى
متعلق بذلك اللازم بل هذا الوجود من لوازم وجود آخر ماهيّة او وجودا بلا تعلل
وجوده الا بوجود ملزومه المنهى (٣) الى ارادة ازليّة بلا انتهائه اليها زائدا عما
عليه ملزومه. وحيث كان الامر كك (٤) فنقول (٥) ان مثل القدرة والعلم بالمصلحة
وغيرها من الصفات القابلة للانفكاك عن الانسان ربما يحتاج فى تحققها الى اعمال
ارادته تعالى ولو بايجاد اسبابها ولا يكفى فى
______________________________________________________
الاوّل وايجاده لا
يستلزم جعل عارضه بل يحتاج العارض الى ايجاد مستقل لانه ليس من عوارض الماهية ولا
الوجود.
(١) واما القسمان
الآخران فما هو قابل لتعلق الجعل والايجاد به هو المعروض وهو المجعول بالذات
ويتحقق لازمه يجعل نفس ملزومه ولا حاجة الى جعل مستقل.
(٢) ففى هذين
القسمين اذا تحقق الارادة الازلية المتعلقة بالمعروض لا تحتاج الى ارادة ازلية
اخرى بالعارض وتكفى تلك فى تحققه بخلاف القسم الاول فتحتاج الى ارادة اخرى تتعلق
بالعارض لاجل تحققه.
(٣) ولعل الصحيح ـ
المنتهى.
(٤) اذا عرفت هذه
المقدمة فنقول.
(٥) ان اوصاف
الانسان على قسمين القسم الاول انه يكون من عوارض وجوده وليس بلازم لوجوده او
ماهيته كالعلم والضحك ونحوهما فهذا النحو كما تقدم من العوارض يحتاج الى جعل مستقل
يتعلق به ولا يغنى جعل معروضه عن جعله مثلا علم الانسان بكون العمل الكذائى ذا
مصلحة يحتاج الى تعلق ارادة ازلية توجده فى نفس الانسان ولا تكفى الارادة الازلية
المتعلقة بوجود الانسان عن تعلق ارادة اخرى به.
وجودها مجرد تعلق
الجعل بايجاد الانسان و (١) اما صفة الاختيار من الممكن كونه من لوازم وجود
الانسان بحيث لا يحتاج فى جعله الى ازيد من جعل ملزومه (٢) بل ولا اقل من دعوى
كونه من لوازم بعض مراتبه (٣) لو لم نقل بكونه من لوازم وجوده على الاطلاق (٤)
ولازمه (٥) كون الاختيار موجودا بمحض اقتضاء وجود ملزومه بلا كونه معللا بجعل آخر
غير جعل ملزومه (٦) و (٧) ح ففى ظرف القدرة (٨) والعلم بالمصلحة بلا مزاحم (٩) اذا
توجه اختياره الى وجود شيء او عدمه (١٠) ربما يترتب العمل عليه بتوسيط ارادته (١١)
المنتهية الى اختياره وح
______________________________________________________
(١) القسم الثانى
ان يكون الوصف من لوازم وجوده كصفة الاختيار للانسان ولو فى بعض مراتبه نظير
القرشية وعدم القرشية من لوازم وجود الانسان.
(٢) تقدم انه لا
يحتاج فى تحققه الى جعل مستقل غير جعل معروضه وملزومه.
(٣) ولعله ناظر فى
بعض مراتب وجوده الى الفعل الصادر عن النائم والساهى والغافل فانه عن غير اختيار.
(٤) يمكن ان يكون
اشارة الى ان الاختيار من لوازم وجوده مطلقا حتى النائم والساهى يصدر الفعل عن
اختيار لكن لا عن شعور وادراك.
(٥) اى لازم كون
الاختيار من لوازم وجود الانسان.
(٦) وملخصه انه لا
يحتاج الى جعل آخر غير جعل معروضه فالانسان مقهور بالاتصاف بصفة الاختيار ويكفى فى
تحقق صفة الاختيار للانسان تعلق الارادة الازلية بوجود نفس الانسان.
(٧) لا ريب فى ان
كل فعل صادر من الانسان بارادته له مباد.
(٨) منها القدرة
عليه.
(٩) منها العلم
بالمصلحة والفائدة بلا مفسدة ومضرة ، ومنها الشوق اليه.
(١٠) ومنها
اختياره فى ان يفعله او لا يفعله.
(١١) ومنها ارادته
المحركة نحوه المنتهية الى اختياره فتكون الارادة بعد الاختيار.
هذا العمل (١) له
مبادى متعددة من كونه مقدورا وكونه مما علم بمصلحة بلا مزاحم وكونه مما اعمل فيه
الاختيار الموجب لتوجه الاشتياق نحوه فبعضها مستند الى ارادته الازلية مثل قدرته
وعلمه كوجود العامل (٢) وبعضها (٣) مستند الى اقتضاء ذات ملزومه من جهة ما عرفت من
كونه من لوازم وجوده ولو فى ظرف تحقق القدرة والعلم المزبور وذلك مثل اختياره
المستتبع لاشتياقه وارادته ، وح لهذا العمل الصادر (٤) جهتان بجهة مستند الى
الارادة الازلية (٥) وبجهة اخرى (٦) مستندا الى ذاته بلا تعلله (٧) بشيء آخر وراء
وجود ملزومه و
______________________________________________________
(١) كما عرفت.
(٢) فيحتاج الى
جعل مستقل وارادة ازلية اخرى.
(٣) وهو الاختيار
لا يحتاج الى جعل مستقل بل يكفى جعل اصل وجود الانسان لجعله ووجوده.
(٤) من الانسان
ومن افعاله الصادر منه نسبتان.
(٥) النسبة الاولى
مجعولة بجعل مستقل وهو نسبة الفعل الى الله تعالى باعتبار ايجاد العلم بفائدة ذلك
الفعل فى نفس فاعله وايجاد قدرته عليه وشوقه اليه الى غير ذلك من المبادى التى
ليست من لوازم وجود الانسان وليست مجعولة بجعله بل يجعل مستقل منه تعالى فحينئذ لا
يكون الفعل الصادر من الانسان مفوضا اليه بقول مطلق.
(٦) النسبة
الثانية هى نسبة الى وجود الانسان باعتبار تعلق اختياره به الذى هو من لوازم وجود
الانسان المجعولة بجعله لا بجعل مستقل فلذا لا يكون الفعل الصادر من الانسان
مستندا اليه تعالى بقول مطلق ليكون العبد مقهورا عليه.
(٧) ولعله اشارة
الى وجه دقيق لكون الاختيار من لوازم وجود الانسان ان سائر الامور المجعولة مستقلا
كالعلم والارادة ونحوهما يعلل بانه لم يكن له العلم فعلم لتحصيله او ارادة لاجل
امر كذا اما الاختيار فلا يعلل فلا يقال لم يكن مختارا فصار مختارا لاجل كذا فهذا
يكشف عن ان الاختيار من لوازم وجود الانسان.
لازمه (١) عدم صحة
استناد مبادى وجوده بقول مطلق اليه تعالى لفرض توسيط اختياره الذى من لوازم وجود
ملزومه بلا تعلق جعل به زائدا على جعل ملزومه و (٢) عدم صحة استناد مباديه اليه
ايضا على الاطلاق فلا يكون مثل هذا العمل مفوّضا الى العبد بقول مطلق ولا مستند
اليه تعالى كك كى يكون فى ايجاده مقهورا فصح لنا ح ان نقول لا جبر فى البين (٣) من
جهة الاختيار المنهى اقتضائه الى ذاته و (٤) لا تفويض بملاحظة انتهاء بقية مبادى
وجوده الى ارادته الأزلية وجعله وهذا معنى قولهم لا جبر ولا تفويض بل امر بين
الامرين.
______________________________________________________
(١) هذا هو لازم
النسبة الثانية كما عرفت.
(٢) هذا هو لازم
النسبة الاولى.
(٣) لاجل النسبة
الثانية لا جبر لانه من لوازم وجود الانسان الاختيار.
(٤) لاجل النسبة
الاولى لا تفويض لكون مبادى الاختيار بجعل مستقل مستند الى الارادة الازلية ، وهذا
هو المقصود من قوله عليهالسلام لا جبر ولا تفويض بل امر بين امرين ، ان قلت لا اشكال فى
ان كل فعل صادر من الانسان بارادته يستند الى المبادى المزبورة من العلم والقدرة
والشوق والارادة واما صفة الاختيار التى هى من لوازم وجود الانسان المجعولة بجعله
فاى دخل لها فى وجود الفعل وصدوره من فاعله وما لم يكن لها دخل فى صدوره لا اثر
لاتصاف الانسان بها فى كون فعله اختياريا كما لا يخفى ، قلت الاختيار الذى يتصف
الانسان لا يزال قوة فيه قبل صدور الفعل الاختيارى منه فاذا صدر الفعل الاختيارى
من الانسان صار ما بالقوة من الاختيار فعليا واتصف الفعل المقترن بكونه اختياريا
فالفاعل للفعل هو الانسان واقتران فعل بالاختيار موجب الكون ذلك الفعل اختياريا
واما بقية المبادى المزبورة من العلم والقدرة وغيرهما فهى بالنسبة الى الفعل
الاختيارى بمنزلة الشروط مثلا تصديق الانسان بكون الفعل الكذائى ذا مصلحة يوجب
ترجيح وجوده على عدمه فى نظره فيختاره وحدوث الشوق اليه يوجب سهولة صدوره من
الانسان وحدوث الارادة فى نفسه يوجب حركة عضلاته فى سبيل ايجاده قتلك المبادى
بعضها شروط وبعضها معدات والفاعل الحقيقى هو الانسان المختار.
ولقد اجاد بعض
اعاظم المعاصرين (١) فى بيان هذا المعنى بان الاختيار من
______________________________________________________
(١) قال المحقق
النائينى فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٣٢ ، بل لا يمكن دفع الشبهة الجبر إلّا بذلك بداهة
انه لو كانت الافعال الخارجية معلولة للارادة لكان اللازم وقوع الفعل من فاعله بلا
اختيار بل يقع الفعل قهرا عليه اذ الارادة كما عرفت كيفية نفسانية تحدث فى النفس
قهرا بعد تحقق مباديها وعللها ، كما ان مبادى الارادة ايضا تحصل للنفس قهرا لان
التصور امر قهرى للنفس وهو يستتبع التصديق استتباع العلة لمعلولها وهو يستتبع
العزم والارادة كذلك استتباع العلة لمعلولها والمفروض انها تستتبع الفعل الخارجى
كذلك فجميع سلسلة العلل والمعلولات انما تحصل فى النفس عن غير اختيار ومجرد سبق
الارادة لا يكفى فى اختيارية الفعل ـ والحاصل انه لو كانت الافعال معلولة للارادة
وكانت الارادة معلولة لمباديها السابقة ولم يكن بعد الارادة فعل من النفس وقصد
نفسانى لكانت شبهة الجبر مما لا دافع لها وليس ذلك إلّا لانكار التغاير بين الطلب
والارادة وحسبان انه ليس وراء الارادة شيء يكون هو المناط فى اختيارية الفعل ،
واما بناء على ما اخترناه من ان وراء الارادة والشوق المؤكد امرا آخر وهو عبارة عن
تصدى النفس نحو المطلوب وحملتها اليه فيكون ذلك التصدى النفسانى هو مناط الاختيار
وليس نسبة الطلب والتصدى الى الارادة نسبة المعلول الى علته حتى يعود المحذور بل
النفس هى بنفسها تتصدى نحو المطلوب من دون ان يكون لتصدّيها علة تحملها عليه نعم
الارادة بمالها من المبادى تكون من المرجحات لطلب النفس وتصديها فللنفس بعد تحقق
الارادة بمالها من المبادى التصدى نحو الفعل كما ان لها عدم التصدى والكف عن الشيء
وليس لحصول الشوق المؤكد فى النفس علة تامة لتصدى النفس بحيث ليس لها بعد حصول ذلك
الكيف النفسانى الامتناع عن الفعل كما هو مقالة الجبرية بل غايته ان الشوق المؤكد
يكون من المرجحات لتصدى النفس ولا يخفى الفرق بين المرجح والعلة انتهى وقال فى
الاجود ، ص ٩١ ، فان قالت ان الامر الرابع الذى بنيت عليه ثبوت الامر بين الامرين
ونفى الجبر وجعلته متوسطا بين الارادة وحركة العضلات هل هو ممكن او واجب لا سبيل
الى الثانى وعلى الاول فهل علته التامة اختيارية او غير اختيارية وعلى الاول يلزم
التسلسل وعلى الثانى يتم مذهب الجبر ، قلنا لا اشكال فى كونه حادثا وممكنا إلّا
انه نفس الاختيار الذى هو فعل النفس وهى بذاتها تؤثر فى وجوده فلا يحتاج الى علة
موجبة لا ينفك عنها اثرها اذا
الصفات الذاتية
الغير المحتاجة الى جعل غير جعل الملزوم ، ولكن التزم بان الاختيار يتحقق فى ظرف
تحقق الارادة منه بحيث يكون الاختيار واسطة بين العمل والارادة بلا كون العمل
مستندا الى الارادة بلا واسطة بل العمل مستند الى نفس الاخبار (١) بلا واسطة ،
وفيه (٢) ان انعزال الارادة عن التأثير وكون تمام
______________________________________________________
العلية بنحو
الايجاب انما هى فى غير الافعال الاختيارية نعم لا بد فى وجوده من فاعل وهو النفس
ومرجح وهى الصفات النفسانية والاحتياج الى المرجح انما هو من جهة خروج الفعل عن
العبثية وإلّا فيمكن للانسان ايجاد ما هو منافر لطبعه فضلا عن ايجاد ما لا يشتاقه
لعدم فائدة فيه إلّا انه لا يفعل ذلك للزوم العبث وهو لا يصدر من الحكيم الملتفت
ثم ان المرجح المخرج للفعل عن العبثية هى الفائدة الموجودة فى نوعه دون شخصه بداهة
ان الهارب والجائع يختار احد الطريقين واحد القرصين مع عدم وجود مرجح فى واحد
بالخصوص وانكار ذلك مكابرة واضحة انتهى وقال فى الفوائد ، ص ١٣٣ واما نفى التفويض
فالامر فيه اوضح لان اساس التفويض هو تخيل عدم حاجة الممكن فى بقائه الى العلة
وانه يكفى فيه علة الحدوث مع ان هذا تخيل فاسد لا ينبغى ان يصغى اليه بداهة ان
الممكن بحسب ذاته يتساوى فيه الوجود والعدم ويحتاج فى كل آن الى ان يصله الفيض من
المبدا الفياض بحيث لو انقطع عنه الفيض آناً ما لا نعدم وفنى فوجوده فى كل آن
يستند الى الفياض الخ.
(١) الصحيح ـ الاختيار
ـ.
(٢) وملخص جواب
الماتن ان العبادات تكون عن ارادة قربية وعلى هذا الوجه لا يكون العمل عن ارادة
وهو خلاف الوجدان اللهم إلّا ان يقال انه يكون عن ارادة لكن مع الواسطة لوجود
الارادة قبل ذلك مضافا الى ذلك يرد عليه اوّلا ان القائل باتحاد الطلب والارادة
انما يعنى بالارادة الشوق المؤكد المحرك للعضلات لا مطلق الشوق المؤكد ولو لم
يستلزم حركة العضلات لان الشوق المؤكد الذى يقترن بالصارف ولا يستلزم حركة العضلات
كما يتعلق بالممكن يتعلق بالممتنع ولا يقال لمن اشتاق شوقا مؤكدا غاية الشوق الى
ممتنع عادة انه اراده فحيث يمتنع تحريك العضلات مع الشوق المؤكد فكما لا يكون ثمة
طلب من المشتاق كذلك لا ارادة وحيث يتحقق تحريك العضلات مع الشوق المؤكد فكما يصدق
الطلب ثمة كذلك تصدق الارادة و
المؤثر هو
الاختيار خلاف الوجدان كيف ويعتبر فى العبادات ان تكون ارادية قربيّة ولو انعزلت
الارادة عن التأثير فلا معنى لارادية العبادة ولا لنشوها عن قصد القربة وهو كما
ترى (١) واصعب من البيان الصادر عن المعاصر المزبور خيال بعض آخر (٢) فانه لا يكون
المراد من الفعل الاختيارى الا مجرد نشوه عن
______________________________________________________
عليه لا يكون ما
ذكره دليلا على المغايرة مفهوما ومصداقا دليلا عليها عند القائل بالاتحاد ، وثانيا
فلانا لا نتعقل شيئا يحدث فى النفس بعد حدوث الارادة بمباديها فيها سواء كان ذلك
الشى من افعال النفس ام من صفاتها اذ لو كان من افعال النفس لكان احد قسمى افعالها
اما الافعال الجوانحية وهى عبارة عن التصور والتصديق ونحوهما وهى جميعا من مبادى
حدوث الارادة فى النفس وعليه لا يعقل ان يكون متأخرا عنها واما الافعال الجوانحية
وهى نفس الافعال الخارجية التى تتعلق الارادة بها وعلى كل لا ينتهى بنا محض ما
يحدث فى النفس خارجا او فيها متأخرا عن الارادة الى شيء غير ما ذكرناه ليكون هو
المعبر عنه بالطلب.
(١) وبالجملة قد
اجاد صاحب هذا القول بالتزامه فى ان الاختيار من افعال النفس بلا حاجة الى علة
اخرى ولكن اخطأ فى جعله الاختيار متأخرا عن الارادة ومتوسطا بينها وبين الفعل فانك
قد عرفت ان التحقيق هو تقدم الاختيار على الارادة لان تصور فائدة الفعل والتصديق
بها والشوق اليها يتحقق غالبا بلا اختيار ولكن مع هذا للنفس ترجيح الفعل على الترك
وهو معنى الاختيار المستند اليها وح تتحقق الارادة فى النفس ويتبعها الفعل ، وهناك
اجوبة اخرى سيأتى إن شاء الله تعالى.
(٢) ولعله المحقق
الاصفهانى قدسسره فى النهاية ، ج ١ ، ص ١١٠ ، ان المظنون قويا ان الطلب
عنوان لمظهر الارادة قولا او فعلا فلا يقال لمن اراد قلبا طلبا إلّا اذا اظهر
الارادة بقول او فعل كما يظهر من قولهم طلبت زيدا فما وجدته فانه هنا عنوان لفعله
الخارجى وليس المراد منه انه ارادة قلبا الخ وقال فى ص ١١٩ ان الفعل الاختيارى ما
كان نفس الفعل بالارادة لا ما كان ارادته بالارادة فان القادر المختار من اذا شاء
فعل لا من اذا شاء شاء وإلّا لم يكن فعل اختيارى فى العالم حتى فعله تعالى عما
يقول الظالمون الخ وسيأتى بعض كلماته ايضا.
الارادة بلا وجود
صفة اخرى فى البين (١) وذلك (٢) مضافا (٣) الى ان دائرة الاختيار ربما يكون اوسع
من الارادة اذ ربما يكون الفعل اختياريا ولو بتوسيط اختيارية لازمه ولا يكون
اراديّا ولو بالواسطة لعدم الملازمة بين ارادة شيء وارادة لازمه و (٤) لذا لا يكون
الامر مقتضيا للنهى عن ضده على (٥) منع المقدمية ، ان (٦) الارادة بعد ما لم يكن
من لوازم وجوده فلا محيص من كونه مستندا الى الارادة وجعل مستقل ازلىّ فقهرا يصير
مجبورا فى هذه الارادة فاين يكون له اختيار فى تركه وتسمية العمل بمجرد توسط
الارادة المجبورة بالاختيارية لا يصح حقيقة الاختيار وروحه ، وهذا بخلاف (٧) ما لو
بيننا بان فى البين معه (٨) اخرى وهو معنى له ان يفعل وله ان لا يفعل من قبل نفسه
بلا اعمال جعل ازلى
______________________________________________________
(١) وملخصه ان
الاختيار فى الفاعل المختار انما هو تعلق ارادته بفعله وان كانت الارادة وجميع
مباديها مجعولة بجعل مستقل بالارادة الازلية.
(٢) اشارة الى
فساد هذا التوهم بوجهين.
(٣) الوجه الاول
هو انفكاك الاختيار عن الارادة فربما يكون الفعل اختياريا ولا ارادة كما فى لوازم
الشى التى توجد بوجود ملزومه بلا ارادة مستقلة عليها كما تقدم فى لوازم الوجود
والماهية.
(٤) يشهد للتفكيك
بين ارادة اللازم والملزوم فالارادة متعلقة بالملزوم وهو الفعل دون اللازم
فالارادة لم تتعلق على ترك ضده.
(٥) اى على القول
بمنع مقدمية ترك احد الضدين لوجود ضد الآخر.
(٦) الوجه الثانى
انه على ذلك يستند الفعل للارادة وهى بمباديها اليه تعالى ومعه كيف يصح وصف فاعله
بالاختيار.
(٧) اى بخلاف ما
لو كان بعض مبادى الفعل مستندا الى فاعله وهو الاختيار كما تقدم.
(٨) ولعل الصحيح ـ
صفة ـ وان كان يمكن التأويل بما هو الموجود ايضا.
فى هذه الصفة (١)
ولا يعلل مثله بارادة ازلية متعلقة بنفسه (٢) فلا شبهة ح ان
______________________________________________________
(١) ولا ريب ان فى
النفس شيئا بعد تصورها والتصديق وبفائدته له ان تظهره وتختاره او تمنع من اظهاره
ولا تختاره وهذا هو الاختيار وان شئت عبر عنه بالطلب.
(٢) لانه من لوازم
الوجود والوجود مجعول بجعل مستقل وذكر استادنا الخوئى فى المحاضرات ، ج ٢ ، ص ٥٣ ،
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين ـ اى سيجيء منا ـ هى انه لا مناص من الالتزام
بالجبر وعدم السلطنة والاختيار للانسان على الافعال الصادرة منه فى الخارج الخ
ونسب ذلك الى صاحب الكفاية والمحقق الاصفهانى قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٩ فهو ان
استحالة التخلف انما تكون فى الارادة التكوينية وهو العلم بالنظام على نحو الكامل
التام دون الارادة التشريعية وهو العلم بالمصلحة فى فعل المكلف وما لا محيص عنه فى
التكليف انما هو هذه الارادة التشريعية لا التكوينية فاذا توافقتا فلا بد من
الاطاعة والايمان واذا تخالفتا فلا محيص عن ان يختار الفكر والعصيان ـ الى ان قال
ـ انما يخرج بذلك عن الاختيار لو لم يكن تعلق الارادة بها مسبوقة بمقدماتها
الاختيارية وإلّا فلا بد من صدورها بالاختيار وإلّا لزم تخلف ارادته عن مرادته
تعالى عن ذلك علوا كبيرا الخ وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١١٩ ،
الارادة ما لم تبلغ حدا يستحيل تخلف المراد عنها لا يمكن وجود الفعل لان معناه
صدور المعلول بلا علّة تامة واذا بلغت ذلك الحد امتنع تخلفها عنه وإلّا لزم تخلف
المعلول عن علته التامة الخ وقال ايضا ان كان المراد من انتهاء الفعل الى ارادة
البارى تعالى بملاحظة انتهاء ارادة العبد الى ارادته تعالى لفرض امكانها المقتضى
للانتهاء الى الواجب فهذا غير ضائر بالفاعلية التى هى شأن الممكنات فان العبد
بذاته وبصفاته وافعاله لا وجود لها الا بافاضة الوجود من البارى تعالى ويستحيل ان
يكون الممكن مفيضا للوجود الخ وفيه كما ان صاحب الكفاية صرح بعدم الجب ان المحقق
الاصفهانى صرح فى كلامه بعدم الجبر وصرح بانه (ربما لا يسعه بعض الافهام) قال فى
النهاية المحقق الاصفهانى ، ج ١ ، ص ١١٥ ، ان حقيقة ارادته تعالى مطلقا هو العلم
بالصلاح فان كان المعلوم ما هو صلاح بحسب نظام الكلى فنفس هذا العلم من دون حالة
منتظره علة للتكوين ـ فلا محاله يستحيل تخلف المراد عن هذه الارادة وان كان
المعلوم ما هو صلاح بحسب بعض الاشخاص لا بحسب النظام التام ـ
العقل ببال من
مثله روح الاختيار بحيث ينسب ارادته اليه ولو ببعض مباديه اذ تعلق الجعل بهذه
الارادة ح ليس على الاطلاق كى يصير مجبورا فى ارادته بل انما يتعلق به فى ظرف
اعمال اختياره بطرف الوجود او العدم ومعلوم ان اعمال اختياره هذا ليس إلّا بعين
اختياره لا يجعل آخر ازلى ولئن شئت قلت ان صفته له ان يفعل وله ان لا يفعل بعد ما
كان من لوازم وجود الانسان بحيث لا يعلل بامر خارجى هذه الصفة بمنزلة الهيولى لفعلية
اعماله وتوجهه الى طرف من الوجود او العدم ويحتاج هذه الفعلية الى قابلية المحل
المعبر عنه بشرط تحققه ومهما تحقق شرطه يصير هذه الهيولى فعلية باقتضاء ذاته لا
بمؤثر خارجى وح فلك ان تجعل مثل هذه الشرائط خصوصا مثل العلم بالمصلحة بلا مزاحم
مرجّحا
______________________________________________________
فهذا العلم يقتضى
تحريكهم الى ما فيه الصلاح ـ فهذه الارادة متعلقة بالبعث والتشريع دون الخلق
والتكوين ـ فلم يلزم استحالة التخلف ـ الى ان قال ـ ان حقيقة التكليف الجدى البعث
الى الفعل بداعى انبعاث المكلف ـ وهذا المعنى لا يتوقف على ارادة نفس الفعل مطلقا
بل فيما اذا رجع فائدته الى المريد ـ اذ ليس المراد من كون البعث بداعى الانبعاث
جعل البعث علة تامة للفعل وإلّا كان المكلف مجبورا لا مختار بل جعله بحيث يمكن ان
يكون داعيا وباعثا للمكلف ـ واما ان كانت متعلقة بفعله بماله من المبادى المصححة
لاختياريته فى حد ذاته من القدرة والارادة والشعور فلا طريق للجبرى الى عدم تأثير
قدرة العبد وارادته اذ المفروض ان نفى الاختيار بمجرد وجوب الصدور لمكان تعلق
الارادة الازلية به وبعد ما علم ان الارادة لم يتعلق بالفعل بما هو بل بمادية
الاختيارية ايضا فلا مجال لان يقال بعدم الاختيارية لوجوب الصدور ـ وقال فى ص ١١٦
، انا لمكان امكاننا ناقصون غير تأمين فى الفاعلية وفاعليتنا لكل شيء بالقوة فلذا
نحتاج فى الخروج من القوة الى الفعل الى امور زائدة ذواتنا من تصور الفعل والتصديق
بفائدته والشوق الاكيد المملية جميعا للقوة الفاعلة المحركة للعضلات بخلاف الواجب
فانه ـ فاعل وجاعل بنفس ذاته انتهى وكلامه ينادى باعلى صوته فى عدم الجبر وثبوت
الاختيار.
لاعمال الاختيار
بطرفه بلا كونه مؤثرا فيه وح لا يكون هذا الاعمال فى طرف وجود المرجّح الاعين
اختياره الذى هو من صفات ذاته بلا تعلل وهذا غاية ما لنا من البيان فى دفع الشبهة المعروفة
وبه التكلان من وسوسة الشيطان فى مثل هذا الميدان. وح (١) نرجع الى المقصد فنقول (٢)
انه بعد ما تصح (٣) فساد شبهة الجبرية فى اختيارية اعمال العباد يرتفع ايضا شبهة
انعزال العقل عن الحكم باستحقاق العاصى للعقوبة والمطيع للثواب اذ لا اظن انكارهم
التحسين والتقبيح فى موضوع الاختيار وان شبهتهم (٤) فى هذا المصداق (٥) دعاهم على
الانكار كما نحن ايضا معترفون بانعزال العقل عن حكمه على فرض تسليم جبرية العباد
العياذ بالله وانا همّنا رفع هذه الشبهة (٦) وبعد حكم العقل بالاستحقاقين (٧) لا
يبقى مجال للالتزام بجعلية الثواب والعقاب (٨) نعم (٩) ربما لا يلتفت المكلف فى
______________________________________________________
(١) ثم قام قدسسره فى بيان دفع سائر الشبهات المتقدمة.
(٢) منها دعوى
الأشاعرة انتفاء الحسن والقبح العقليين ، فقد تبين فساده اذ لم يكن مانع من
ثبوتهما عندهم إلّا كون انسان مجبورا فى افعاله فاذا ثبت اختياره فالوجدان اصدق
شاهد على ثبوت الحسن والقبح فى نظر العقل او العقلاء.
(٣) لعل الصحيح ـ اتضح
ـ.
(٤) اى الأشاعرة.
(٥) اى التحسين
والتقبيح العقليين.
(٦) اى الجبر.
(٧) اى الثواب
والعقاب ولعل استحقاق الثواب من باب ان الله لا يخلف الميعاد وإلّا مجرد اتيان
العبد ما هو وظيفته لا يوجب استحقاق شيء لانه اتى بمقتضى العبودية عقلا.
(٨) كما يقول به
الأشاعرة واشرنا اليه.
(٩) نعم فى تعيين
المقدار ربما يعين ويبيّن ذلك.
المعاصى مقدار
العقوبة والمثوبة ولو من جهة جهله (١) باهتمام الحكيم فى مثله فيرشد الحكيم اليه
تنبيها على مقدار اهتمامه به فليس ذلك من باب الجعل بلا استحقاق ح ، والعجب ممن
قال (٢) باختيارية العباد وعدم انعزال العقل عن الحكم رأسا ومع ذلك التزم بجعلية
الثواب والعقاب فى باب الاطاعة والعصيان وما اوهمه فى ذلك الا ما ورد من الآيات (٣)
والاخبار (٤) فى ثواب الاعمال وعقابها وغفل عن كون ذلك كله ارشادا الى حكم العقل
فى أصله والى بيان مقدار
______________________________________________________
(١) اى المكلف.
(٢) قال فى بدائع
استادنا الآملي ومن هنا ظهر ما فى التزام بعض الاعلام من كون الثواب والعقاب
مجعولين للشارع مع تصديقه بكون العباد مختارين فى افعالهم ويكون العقل حاكما
بالحسن والقبح ولعل الذى دعاه الى ذلك هى ملاحظة بعض الآيات والروايات المصرحة
بالوعد والوعيد ووقوع الثواب والعقاب ، مع انك قد عرفت انه لا دلالة لتلك الآيات
والروايات على كون الثواب والعقاب مجعولين للشارع بل هى ظاهرة فى الارشاد الى حكم
العقل بذلك نعم لا بأس فى القول بدلالتها على تقديرهما كمّا وكيفا اذ هو من مقررات
المولى انتهى.
(٣) كقوله تعالى (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ
عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) سورة ماعون ، آية ٥ ، وقوله تعالى (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ
نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ،) سورة مدثر ، آية ٤٣ وقوله تعالى (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ
وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ
أَلِيمٍ) الآية سورة براءة آية ٣٦ وقال الله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ
لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا
رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) الى قوله تعالى (وَاتَّقُوا اللهَ
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) سورة البقرة آية ١٩٦ وقال تعالى و (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ
الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ
وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها
خالِدُونَ) سورة البقرة ، آية ٢٧٥ ، الى غير ذلك من الآيات.
(٤) كما ورد جملة
من الروايات فى ابواب جهاد النفس من الوسائل باب ٣ وغيره.
الاهتمام فى تحديده
كما هو الشأن (١) فى امره باطاعة امره والانتهاء عن نهيه فان ذلك كلّه ليس إلّا
الارشاد الى ما يحكم به العقل بفطرته (٢) كما لا يخفى ، ومن البيان المزبور (٣)
ظهر ايضا بطلان الالتزام بكون مفاد الخطابات ايضا صرف البناء (٤)
______________________________________________________
(١) فراجع باب ١٩
من ابواب جهاد النفس عن ابى الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام انه قال لبعض ولده يا بنى ايّاك ان يراك الله فى معصية
نهاك عنها وايّاك ان يفقدك الله عند طاعة امرك الله بها الحديث وفى خبر آخر احذر
ان يراك الله عند معصيته او يفقدك عند طاعته.
(٢) قال المحقق
الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٢٤ ان المخالفة والعصيان تقتضى استحقاق العقاب
عقلا فالفعل هو المخوف على المخالف واختيار العقاب فيما لا مانع منه من توبه او
شفاعة مثلا مما تقتضيه الحكمة الالهية والسنة الربانية لعين ما ذكرناه فى جعل
العقاب غاية الامر ان للشارع الاكتفاء فى التخويف بتخويف العقل من دون حاجة الى
جعل العقاب فما ورد من التصريح بالعقاب على المخالفة ليس تعهدا للعقاب بل تصريح
بمقتضى الامر عقلا فحينئذ اذا اقدم العبد على المخالفة مع حكم العقل بما ذكرنا فلا
يلومن إلّا نفسه واما وجه حكم العقل باستحقاق العقاب فلما ذكرنا فى محله من ان
مخالفة المولى عن علم وعمد هتك لحرمة المولى وخروج معه عن رسوم العبودية ومقتضيات
الرقية وهو ظلم خصوصا على مولى الموالى ومن يتوهم ان الظلم على المولى لا يسوغ
عقاب الظالم ومؤاخذته فقد كابر مقتضى عقله ووجدانه انتهى.
(٣) من كون
استحقاق الثواب والعقاب عقليين لاجل كون التحسين والتقبيح عقليين لا كون الحسن ما
حسنه الشارع والقبيح ما قبحه وليست الاحكام تدور مدار المصالح والمفاسد بل الشارع
يكون مقترحا فى احكامه من دون ان يكون هناك مرجح وانه لا مانع من الترجيح بلا مرجح
كما نقل عنهم فى الفوائد ، ج ٣ ، ص ٥٧ فراجع.
(٤) كما افاده
المحقق الماتن العراقى قدسسره هو بنفسه وكونه هو الطلب تأويلا لكلام الأشاعرة بمغايرة
الطلب مع الارادة فمن فساد دعوى الأشاعرة تعرف صحة دعوى من يدعى الوجدان انه ليس
فى النفس عند الامر بشيء غير الارادة و
القابل للتعلق
بالمحال او العقل (١) ح يابى من حكمه باستحقاق العبد على صرف البناء المزبور بلا
ارادة اصلا للعقوبة او المثوبة كما ان توهم (٢) ان الارادة يقتضى عدم تحقق العصيان
لعدم صلاحية انفكاكه عن المراد ايضا فى غاية السخافة (٣) وذلك لان متعلق الارادة
اذا كان الفعل (٤) بتوسط اختيار عبده من قبل نفسه فيستحيل قلب هذه الارادة (٥)
العمل عن الاختيارية الى المجبورية فى عالم الايجاد لعدم صلاحية الارادة لقلب
موضوعه ، كيف وهو خلف محض (٦) وح اذا بقى العقل (٧) بعد الارادة المزبورة على
اختياريته (٨)
______________________________________________________
مباديها بنحو يكون
ذلك الغير هو مدلول الامر وموضوعا لحكم العقل بوجوب الاطاعة وموافقته ومخالفته
موضوعا لاستحقاق الثواب والعقاب ، وان كان قد يوجد فى النفس عند الامر بشيء شيء
آخر غير الارادة ومباديها ولكن لا يكون موضوعا لحكم العقل بوجوب الاطاعة ولا
موافقته ومخالفته موضوعا لاستحقاق الثواب والعقاب وذلك هو البناء النفسى الذى
تقدم.
(١) كما تقدم
الاشارة الى هذه المناقشة على القول بالبناء والمغايرة بينهما به والجواب عنها.
(٢) هذا التوهم هى
الشبهة المتقدمة الرابعة من عدم تحقق العصيان والعقاب وإلّا لزم تخلف مراده عن
ارادته تعالى وهو محال فليزم تحقق الطلب دون الارادة فى موارد تكليف العصاة فيكون
دليلا على المغايرة بينهما.
(٣) فى بيان
الجواب عن هذه الشبهة وملخصه الفرق بين تعلق الارادة على فعل نفسه فلا ينفك عن
المراد وتعلق الارادة بفعل الغير صدوره اختيارا فيكون من قبيل الداعى له ان يفعل
ويطيع وله الترك ويكون عاصيا.
(٤) اى الفعل
العبد المختار.
(٥) اى ارادة
المولى بفعل العبد.
(٦) لان المفروض
تعلق ارادة المولى بفعل العبد المختار فى عمله.
(٧) ولعل الصحيح ـ
الفعل ـ.
(٨) اى اختيارية
العبد.
فيبقى له ح بعده (١)
ايضا هذا الشأن (٢) من انه له ان يفعل وله ان لا يفعل ومعلوم ان هذا الشأن ملازم
لان يكون له تركه وإلّا فيلزم اخذ الارادة الازلية مثل هذا الشأن منه فيخرج
اختياره ح عن التوسط وهو خلف محض ، وبذلك البيان (٣) ظهرت النكتة الفارقة (٤) بين
الارادة التكوينية والتشريعية حيث ان الارادة التكوينية انما يتعلق بشيء بنحو يكون
سالب الاختيار ولو من جهة سلبه مبادى اختياره من القدرة او العلم بالمصلحة وغيرها (٥)
بخلاف الارادة التشريعية فانه انما يتعلق بالفعل الاختيارى بوصف اختياريته ومثل
ذلك يستحيل ان يكون
______________________________________________________
(١) اى بعد
الارادة المزبورة.
(٢) اى
الاختيارية.
(٣) اى بعد كون
الارادة المولى لا يخرج الفعل عن الاختيارية الى المجبورية.
(٤) فى بيان
الفارق بين الارادة التشريعية والتكوينية فالارادة التشريعية عبارة عن ارادة
الانسان صدور بعض الافعال عن غيره باختياره فيتسبب الى ذلك بجعل الداعى له اليه
اعنى به امره اياه بذلك الفعل فالارادة التى نلتزم بوجودها فى موارد الامر بشيء هو
هذا السنخ من الارادة ومثلها لا يعقل ان يستتبع وجوده وجود المراد قهرا وإلّا لزم
من فرض تحققه كذلك عدم تحققه بما هو مراد بتلك الارادة لان متعلقها هو صدور الفعل
من الغير باختياره فصدوره قهرا لسبب الارادة يلزم منه عدم كون الصادر متعلقا
للارادة التشريعية هذا خلف نعم الذى لا ينفك عن المراد هى الارادة التكوينية ونحن
لا ندعى وجودها فى موارد التكليف مطلقا عاصيا كان المكلف ام مطيعا وما فى الكتاب
العزيز انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون انما هى الارادة التكوينية
دون التشريعية هذا اوّلا قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٩٩ واما الدفع فهو ان استحالة
التخلف انما تكون فى الارادة التكوينية وهو العلم بالنظام على النحو الكامل التام
دون الارادة التشريعية وهو العلم بالمصلحة فى فعل المكلف وما لا محيص عنه فى
التكليف انما هو هذه الارادة التشريعية لا التكوينية فاذا توافقتا فلا بد من
الاطاعة والايمان واذا تخالفتا فلا محيص عن ان يختار الكفر والعصيان.
(٥) فيترتب المراد
عليها قهرا.
سالب مبادى
اختياره ومع عدم سلبها يبقى اختياره بعد الارادة بحالها وح له ان يطيع مولاه وله
ان يعصى غاية الامر عقله يستقل بحسن اطاعته وقبح معصيته وباستحقاق العقوبة على
الثانى والمثوبة على الاول ، ولك (١) ان تقول ايضا بان الارادة التكوينية (٢) ما
هو الحافظ لوجود الشيء على الاطلاق ولو بسلبه مبادى اختياره على خلافها والارادة
التشريعية (٣) ما كان حافظا لوجوده من قبل
______________________________________________________
(١) وثانيا المنع
عن تخلف الارادة منه سبحانه عن المراد حتى فى الارادة التشريعية وبيانه يحتاج الى
مقدمة بها ايضا يتضح الجهة الفارقة بين الارادة التكوينية والتشريعية وهى ان كل
امر ومريد لفعل من الغير تارة يتعلق ارادته بحفظ وجود العمل على الاطلاق بنحو
تقتضى سد جميع ابواب عدمه حتى من ناحية شهوة العبد والمأمور ولو بايجاد الارادة له
تكوينا واخرى تتعلق بحفظ وجوده لا على نحو الاطلاق بل فى الجملة ومن ناحية مبادى
حكم عقله بوجوب الاطاعة والامتثال وهو طلبه وامره وح فاذا كانت الارادة المتعلقة
بفعل العبد من قبيل الاول فلا جرم لا بد له من سد جميع ابواب عدمه المتصورة حتى من
جهة شهوة العبد ، واما اذا كانت من قبيل الثانى فالمقدار اللازم انما هو حفظ وجوده
بمقدار تقتضيه الارادة فاذا فرض ان المقدار الذى تعلق الارادة والغرض بالحفظ انما
هو حفظ المرام من ناحية مبادى حكم عقل المأمور بالاطاعة والامتثال وما يرجع الى
نفس المولى من ابراز ارادته والبعث فالمقدار اللازم فى الحفظ ح انما هو ايجاد ما
هو من مبادى حكم العقل بالامتثال لا ايجاد مطلق ما كان له الداخل فى الحفظ حتى مثل
شهوة العبد والمأمور كما هو واضح ويكون نظير ما يامر المولى بالماء فيأتى به ويخلى
قدامه فالمولى باختياره يشرب فيكون داعيا يشربه اختيارا.
(٢) وح فالارادة
التكوينية من قبيل الاول ولذا يستحيل تخلفها عن المراد اذ هى بعد تعلقها بحفظ
الوجود بقول مطلق حتى من ناحية الاضداد والمزاحمات فلا جرم يكون ترتب وجود المراد
عليها قهريا فيستحيل تخلفها عنه وإلّا لزم الخلف.
(٣) واما الارادة
التشريعية يكون من قبيل الثانى ايضا غير متخلفة عن المراد فان المفروض ان المقدار
الذى تعلق الارادة بحفظه انما هو حفظ المرام فى الجملة بسد باب عدمه من ناحية
مبادى حكم عقل المأمور بالاطاعة والامتثال لا حفظه بقول مطلق
مبادى اختياره من
حفظ قدرته واعلامه بالمصلحة بمثل خطابه واعلامه بارادته الذى هو موضوع حكم عقله
بطاعته من دون كونه سالب اختياره ، والى ذلك يشير قوله تعالى (١) ليهلك من هلك عن
بيّنه ويحيى من حى عن بيّنه وان شان الخطابات ليس إلّا اتمام الحجة وتتميم مبادى
اختيار العبد كما هو ظاهر (٢) وح
______________________________________________________
وهو يتحقق بابراز
ارادته واظهارها بامره وطلبه وبعثه بقوله افعل كذا ومن المعلوم بداهة انه على هذا
ايضا لا تخلف لها عن المراد من جهة انه بابراز ارادته تحقق ما هو موضوع حكم العقل
بوجوب الاطاعة وانسد المقدار الذى كان المولى بصدد حفظه من جهته وح فلا يكاد يضر
مخالفه الكفار واهل العصيان فى الواجبات والمحرمات اذ لا يستلزم مخالفتهم تخلف
ارادته سبحانه عن مراده ، فيصح تعلق الارادة التشريعية بالايمان من الكفار وبالعمل
بالاركان من اهل الفسوق والعصيان من دون ان يكون ذلك من الامر بالمحال وبما لا
يقدر عليه العباد من جهة ما عرفت من كون العبد بعد على ارادته واختياره فى ايجاد
الفعل المأمور به وان عدم صدوره منه انما هو لاجل عدم تحقق علته التى هى ارادته
للايجاد بسوء اختياره وترجيحه جانب المشتهيات النفسانية على المنافع الاخروية.
(١) سورة الانفال
، آية ٤٢ ، والآيات فى الاختيار كثيرة فويل للذين يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون
هذا من عند الله ـ ان يتبعون إلّا الظن ـ ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما
بانفسهم ـ ومن يعمل سوءا يجز به ـ وكل امرى بما كسب رهين جزاء بما كنتم تعملون ـ قل
يا قوم اعملوا على مكانتكم انّى عامل فسوف تعلمون ـ قل اعملوا فسيرى الله عملكم
ورسوله وامثالها من الآيات الدالة على الاختيار وما يوهم الجبر من الآيات وما
تشاءون إلّا ان يشاء الله ونحوها مؤولات ومجازات من باب اطلاق السبب على المسبب
ونحوه وكذا قوله تعالى (لا يُكَلِّفُ اللهُ
نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) ونحوها فلو كان العبد مجبورا فله التكليف بما شاء لان عمل
العبد بقدرته وهو قادر على ما يشاء.
(٢) واما صحة طلبه
سبحانه منه ح مع علمه بعدم صدور الفعل منه من جهة عدم ارادته بعدم اختيارهم
الايمان او العصيان فهو لاجل الاعلام بما فى الفعل من الصلاح الراجع الى انفسهم
ولكى يهلك من هلك عن بينه ولئلا يكون لهم على الله
.................................................................................................
______________________________________________________
الحجة بل كان له
سبحانه عليهم حجة بالغة من جهة اعلامهم بما فيه الصلاح والفساد ثم ان للمحقق
الاصفهانى فى الارادة التشريعية مسلك آخر قال فى النهاية ، ج ١ ، ص ١١٧ ثم ان
تقسيم الارادة التكوينية والتشريعية باعتبار تعلق الاولى بفعل المريد بنفسه وتعلق
الثانية بفعل الغير اعنى المراد منه توضيحه ان فعل الغير اذا كان ذا فائدة عائدة
الى الشخص فينبعث من الشوق الى تلك الفائدة شوق الى فعل الغير بملاحظة ترتب تلك
الفائدة العائدة اليه وحيث ان فعل الغير بما هو فعل اختيارى له ليس بلا واسطة مقدورا
للشخص بل يتبع البعث والتحريك اليه لحصول الداعى للغير فلا محاله ينبعث للشخص شوق
الى ما يوجب حصول فعل الغير اختيارا وهو تحريكه الى الفعل فالارادة التشريعية ليست
ما تعلق بالتحريك والبعث فانهما من افعاله فلا مقابلة بين التشريعية والتكوينية بل
التشريعية هى الشوق المتعلق بفعل الغير اختيارا واما اذا لم يكن لفعل الغير فائدة
عائدة الى الشخص فلا يعقل تعلق الشوق به بداهة ان الشوق النفسانى لا يكون بلا داع
ـ الى ان قال ـ ومما ذكرنا تعرف انه لا مجال لانقداح الارادة التشريعية فى النفس
النبوية ولا فى النفس الولوية خصهما الله بالف تحية وذلك لبداهة عدم فائدة عائدة
من الفعل اليهما بل الى فاعله وعود فائدة من قبل ايصال النفع الى النبى او الولى
لا يوجب كون الارادة المتعلقة بالبعث والزجر تشريعية لانهما من افعالهما
الاختيارية المتوقفة على الارادة فهى تكوينية لا تشريعية فتحصل من هذا البيان
القويم ان حقيقة التكليف الجدى البعث الى الفعل بداعى انبعاث المكلف او الزجر عنه
بداعى الانزجار وهذا المعنى لا يتوقف على ارادة نفس الفعل مطلقا بل فيما اذا رجع
فائدة الى المريد ومن البين ان حقيقة التكليف الجدى بهذا المعنى موجود فى حق
المؤمن والكافر والمطيع والعاصى اذ ليس المراد من كون البعث بداعى الانبعاث جعل
البعث علة تامة للفعل وإلّا كان المكلف مجبورا لا مختارا بل جعله بحيث يمكن ان
يكون داعيا وباعثا للمكلف فلو خلا عن ما يقتضيه شهوته وهواه كان ذلك التكليف باعثا
فعلا فيخرج من حد الامكان الى الوجوب الخ واجاب عنه استادنا البجنوردي فى المنتهى
، ج ١ ، ص ١١٩ بقوله فعجيب من جهة ان ايصال النفع ايضا ليس فيه فائدة عائدة اليه
تعالى لانه لا نقص فيه حتى يستكمل بمثل هذه الفائدة فلو كانت ارادته تعالى لفعل من
افعال نفسه او غيره منوطا بوجود فائدة عائدة اليه فى ذلك الفعل لم تتعلق ارادته
يفعل
.................................................................................................
______________________________________________________
من الافعال لما
ذكرنا من عدم النقص فيه تعالى وعدم احتياجه الى فائدة تصل اليه تعالى ولو كان تعلق
الارادة باى معنى كان من جهة صلاح ووجود مصلحة فى متعلقها فلا فرق بين فعل الغير
وبين ايصال النفع الى الغير فى اشتمال كليهما على المصلحة فى بعض الاحيان ولا يمكن
ان تكون دائرة متعلق الارادة اوسع مما له المصلحة او تكون اضيق منه بل كل ما له
دخل فى المصلحة لا بد ان يكون تحت الارادة وكل ما ليس له دخل فيها لا بد ان يكون
خارجا عن تحتها لما ذكرنا من التبعيّة الخ ومجرد علم الله بالصلاة ليس له تأثير فى
الوقوع وانما يحصل الانكشاف فقط والوقوع الفعل مسند الى اختيار العبد بقى هنا امور
الامر الاول فى رد شبهة الاوامر الامتحانية فنقول ان الاوامر الامتحانية على قسمين
احدهما ان يكون مقصود الامر هو صدور العمل وتحققه خارجا لاستكشاف قدرة المأمور على
ذلك العمل لا لمصلحة فيه يحاول الامر تحصيلها بنفس العمل الذى امر به وفى مثله لا
محاله تتعلق ارادة الامر بنفس العمل لتوقف غرضه الباعث له على الامر على تحقق
العمل فلا يكون الطلب فى هذا القسم من الاوامر منفكا عن الارادة كما لو امر العبد
بصنع النارگيل والشاى لاختباره فى انه ماهر بذلك لكى ينتفع به عند ورود الضيف عليه
والفرض عدم المصلحة بعنوانه الاولى والمصلحة بالعنوان الثانوى وصار متعلقا لغرضه
ثانيهما ان يكون مقصود الامر هو استكشاف استعداد المأمور لطاعة الامر وعدمه وبما
انه قد ينكشف له استعداده من حيث الطاعة بالشروع فى مقدمات العمل يكون العمل فى
مثل هذا المورد غير مراد له وفى مثله لا محاله نلتزم بعدم كون مثل هذا الامر امرا
حقيقة بل هو انشاء كلام بصورة الامر اذ هو كما انه خال عن الارادة كذلك هو خال عن
الطلب ايضا لخلو المتعلق عن المصلحة بقول مطلق حتى بالعنوان الثانوى وانه لا يكاد
يحكم العقل فيها بوجوب الاطاعة والامتثال ولذا ترى ان المولى فى كمال الجهد بان لا
يطلع العبد بواقع قصده وكون امره لمحض امتحانه واما نفس الامتحان الذى هو الغرض من
هذا البعث فهو ايضا غير متوقف على الامر الحقيقى بل هو يترتب بمحض تخيل العبد كونه
امرا حقيقيا ناشئا عن ارادة جدية متعلقة بالعمل وان لم يكن كذلك بحسب الواقع ونفس
الامر بل كان امرا صوريا وعلى هذا فما تخلف الطلب عن الارادة فى شيء من الاوامر
الامتحانية كما عرفت.
.................................................................................................
______________________________________________________
الامر الثانى ما
ورد من الخبر المعروف المحكى عن توحيد الصدوق باب ٥٨ باب السعادة والشقاء ، الشقى
شقى فى بطن أمه والسعيد من سعد فى بطن أمه ، على فرض صدوره عن الامام عليهالسلام ولم يكن من الموضوعات يكون كالنصوص الواردة عن الائمة
المعصومين عليهمالسلام ما من مولود يولد الا على الفطرة فابواه الذى يهودانه
وينصرانه ويمجسانه ، وسائل ، باب ٤٨ من ابواب الجهاد ، ح ٣ وقوله عليهالسلام ما من عبد الا وفى قلبه نكتة بيضاء فاذا اذنب ذنبا خرج فى
النكتة نكتة سوداء ونحو ذلك محمول وذلك لان افراد الانسان باجمعها لما لاحظ
المنافع الاخروية والشهوات النفسانية فتارة يرجح المنافع الاخروية على اللذائذ
الدنيوية الفانية فيسلك سبيل التوحيد فيبقى على فطرته التى فطر الله عليها وهو
الاسلام فيكون منشأ لغلبة تلك النقطة البيضاء وتنعدم النقطة السوداء ، وان عكس
الامر وسلك سبيل الشر ترجيحا للذائذ الدنيوية والشهوات النفسانية على المنافع
الاخروية باختيار منه فيصير منشأ لغلبة تلك النقطة السوداء الى حد احاطت بتمام
قلبه والاول من اهل التوحيد والايمان والثانى من اهل الكفر والعصيان من دون ان
يكون مجبورا فى احدهما ، والله تبارك وتعالى تقدم علمه قبل ولادة افراد الانسان
بما يصيرون اليه فى عاقبة امرهم بسبب سعيهم الاختيارى فى ترجيحات بعضهم المنافع
الاخروية وبعضهم الآخر اللذائذ الدنيوية ومجرد علمه تعالى لا يوجب سلب الاختيار عن
افراد الانسان ولذا فسر في صحيحة ابن ابى عمير فى البحار ، ج ٥ ، ص ١٥٣ الشقى من
علم الله وهو فى بطن أمه انه سيعمل اعمال الاشقياء والسعيد من علم الله وهو فى بطن
أمه انه سيعمل اعمال السعداء ويمكن ان يكون محمولا على الاستعداد لذلك على ان يصير
شقيا او سعيدا بما تقدم.
الامر الثالث هل
يمكن تحقق الارادة التشريعية كانت ام تكوينية لفائدة قائمة فى نفسها لا فى المراد
او لا يكن تحققها إلّا بلحاظ الفائدة القائمة فى المراد وجهان بل قولان والتحقيق
هو الثانى لشهادة الوجدان بان الارادة وجملة من مباديها لا يتحقق شيء منها إلّا
بلحاظ الفائدة المترتبة على المراد او المحبوب او المشتاق اليه ونحو ذلك ويدل على
امتناع تحقق الارادة وما يساوقها إلّا بلحاظ الفائدة المترتبة على المراد هو
امتناع ترجيح احد المتساويين بلا مرجح ان تعلق الارادة بالمراد دون غيره مع
.................................................................................................
______________________________________________________
تساويهما فى امكان
تعلق الارادة بكل منهما لا بد ان يكون لمرجح ويصح ان يسأل من القائل بالامكان لم
صار متعلق الارادة محبوبا ولم يكن مبغوضا مع فرض انه لا يلائم النفس بشيء من آثاره
وبالجملة امتناع تحقق الارادة بلا فائدة مترتبة على المراد مما لا يكاد يرتاب فيه
احد يعطى التأمل حقه فتعلق حبه او بغضه بشيء لما يجد من الخصوصية فى ذلك الشى
الموجبة لملاءمة النفس او منافرة بالارتكاز والوجدان وبدونها لا يكون للنفس ميل
اصلا ويتبعهما الارادة والكراهة وقد يستدل على صحة الوجه الاول المحقق الحائرى فى
الدرر ج ١ ، ص ٤٠ قال وقد يكون تحقق تلك الصفات فى النفس لا من جهة متعلقاتها بل
توجد النفس تلك الصفات من جهة مصلحة فى نفسها كما نشاهد ذلك وجدانا فى الارادة
التكوينية قد توجدها النفس لمنفعة فيها مع القطع بعدم منفعة فى متعلقها ويترتب
عليها الاثر مثال ذلك ان اتمام الصلاة من المسافر يتوقف على قصد الاقامة عشرة ايام
فى بلد من دون مدخلية لبقائه فى ذلك البلد بذلك المقدار وجودا وعدما ولذا لو بقى
فى بلد بالمقدار المذكور من دون القصد لا يتم وكذا لو لم يبق بذلك المقدار ولكن
قصد من اول الامر بقائه بذلك المقدار يتم و ـ لو صلى صلاة اربع ركعات ـ ومع ذلك
يتمشى قصد البقاء من المكلف مع علمه بان ما هو المقصود ليس منشأ للاثر المهم وانما
يترتب الاثر على نفس القصد ومنع تمشى القصد منه مع هذا الحال خلاف ما نشاهد من
الوجدان كما هو واضح فتعين ان الارادة قد توجدها النفس لمنفعة فيها لا فى المراد
فاذا صح ذلك فى الارادة التكوينية صح فى التشريعية ايضا لانها ليست بازيد مئونة
منها وكذا الحال فى باقى الصفات من قبيل التمنى والترجى انتهى والجواب عنه ان
الاثر الشرعى وان رتب على قصد اقامة العشرة وان لم يتمها لكن نمنع امكان تحقق هذا
القصد من ناحية هذا الاثر بل هو ناش من جهة مصلحة المتعلق وان التفت الى ترتب ذلك
الاثر على نفس هذا القصد وهذا واضح لمن راجح وجدانه والشاهد عليه اتيان صلاة واحدة
اربع ركعات ولو اغمض عن ذلك نقول ان الاثر المزبور ايضا مرتب على المراد غايته لا
بوجوده المطلق بل قد رتب على حصة من وجوده وهو المتحقق من ناحية احدى مقدماته وهو
القصد فوجوب التمام مترتب على نفس الاقامة الخارجية لا على وجودها المطلق بل
المنحفظ من ناحية القصد المزبور وقال الامام الخمينى فى رد ما ذكر
.................................................................................................
______________________________________________________
استاده الحائرى فى
ص ١٠١ من رسالته الطلب والإرادة فانه بذلك لا ينجسم مادة الاشكال فانه ننقل الكلام
الى ارادة الارادة هل هى ارادية او لا فيتسلسل او عاد المحذور مضافا الى امتناع
تعلق الارادة بالبقاء من غير مصلحة فيه وفى المثال لا محيص إلّا من تعلق رجحان ولو
بالعرض والواسطة بالبقاء وإلّا فتعلق الارادة به بلا ترجيح واصطفاء مما لا يعقل
انتهى. وربما يترتب عليه ثمرات مهمة منها فى مسألة الملازمة المعروفة بين حكم
العقل والشرع حيث انه بناء على امكان ان يكون الارادة لمصلحة فى نفسها يسقط النزاع
المزبور اذ ح بمجرد درك العقل حسن شيء او قبحه لا يمكننا كشف حكم الشارع فيه
بالوجوب او الحرمة كما انه كذلك ايضا فى طرف العكس فاذا حكم الشارع بوجوب شيء او
حرمته لا يمكن الكشف به عن حسن ذلك الشى الذى امر به الشارع او قبحه من جهة احتمال
ان يكون حكم الشارع فيه بالوجوب او الحرمة لمصلحة فى نفس حكمه وطلبه ، وهذا بخلافه
على الثانى من كونه لمصلحة فى متعلقة فانه ح يكون كمال المجال لدعوى الملازمة
خصوصا من طرف حكم الشرع فيتم ما بنوا عليه من ان الواجبات الشرعية الطاف فى
الواجبات العقلية اذ ح بمجرد حكم الشارع فى شيء بالوجوب او الحرمة يستكشف منه لا
محاله كشفا قطعيا عن حسن ذلك الشيء او قبحه ، نعم فى تمامية تلك الملازمة من طرف
حكم العقل فيما لو ادرك حسن شيء او قبحه اشكال كما سيأتى ينشا من عدم كون مجرد
الصلاح فى شيء علة لحكم الشارع فيه بالوجوب بل وانما غايته كونه مقتضيا لذلك فيمكن
ح ان يمنع عن تأثيره مانع او مزاحم ، بيان ذلك ان العقل يستكشف من حكم الشرع بوجوب
شيء مثلا وجود المصلحة الداعية الى ذلك الحكم فى ذلك الشى لإذعانه بكمال الشارع
واطلاعه على المصالح والمفاسد التى تستدعى جعل الاحكام على طبقها ، واما حكم العقل
بوجوب شيء مثلا لمصلحة ادركها فلا يستكشف منه حكم الشارع به وفاقا له لان الشارع
يتهم العقل بالقصور عن ادراك هذه الامور ويجوز عليه الخطا فى نظره الى المصالح
المقتضية للحكم على وفقها والى الموانع التى تمنع من الحكم الفعلى على وقفها فقد
يدرك المصلحة المقتضية للحكم ويخفى عليه المانع من فعليته وان كان ربما يدرك العقل
وجود المصلحة او المفسدة المقتضية للحكم على طبقها وعدم المانع من الفعلية فيرافقه
الشرع ويوافقه فى هذا التشريع إلّا انها قضية مهملة لا يعلم اين
.................................................................................................
______________________________________________________
تكون ومتى تصدق
نعم العقلاء لا يزالون يعملون على طبق ادراك العقل للمصالح والمفاسد المقتضية
للجرى وجعل الاحكام على وفقها مع تجويزهم قصور العقل عن ادراك الموانع عن متابعة
تلك المصالح والمفاسد ولكن العقلاء لقصورهم عن العلم بالامور الواقعية كما هى من
حيث مقدار تأثيرها وما يمنع منه لا مناص لهم من اتباع العقل فى ادراكه الفعلى وان
جوزوا عليه الخطا فى ذلك الادراك لهذا بنو عملا على عدم هذه المحتملات تقديما
للمصلحة الأغلبية فى هذا السير والنظام كما هو كذلك بالوجدان ثم لا يخفى ان المانع
عن الحكم قد يكون مانعا عن تأثير المصلحة فى فعلية الارادة لا فرق فى ذلك بين كون
المانع من ناحية المكلف كعجزه عن الجرى على وفق التكليف كما فى موارد تزاحم الواجبات
حيث يكون بعضها اهم من بعض وكما فى مورد اجتماع الامر والنهى بناء على الامتناع
وتقديم جانب النهى حيث ان المانع من فعلية الارادة فى هذه الموارد هو عجز المكلف
عن الجرى على طبق الارادة لو كانت فعلية وبين كونه من ناحية المولى كما لو لاحظ ان
فعلية حكمه بهذا العمل مشقة على المكلف فادراكه المشقّة بفعلية حكمه يكون مانعا عن
فعلية ارادته التشريعية لذلك العمل ، ومن لوازم هذا النحو من الموانع بكلا شقيه
عدم حكم العقل من باب وجوب الطاعة بلزوم العمل الذى احرز فيه المصلحة مع شكه فى
المانع عن فعلية ارادة المولى على طبق المصلحة التى ادركها ، وقد يكون المانع
مانعا عن اظهار الارادة التشريعية المتعلقة بالعمل المعين مع فعليتها فى نفس
المولى كما فى موارد التقية من اظهار بعض الاحكام الشرعية ومن لوازم هذا النحو من
الموانع هو وجوب العمل عقلا على طبق ارادة المولى الذى اتفق له مانع من اظهارها
للمكلف لو اطلع عليها ، ومنها تصحيح العبادة الماتى بها بداعى المصلحة الداعية الى
الامر بها فى مقام مزاحمتها للاهم منها اذ بناء على امكان تحقق الارادة بلحاظ
مصلحة فى نفسها لا يمكن حصول العلم باشتمال متعلقها على مصلحة فعند سقوط الارادة
المتعلقة بالعبادة للمزاحمة بالاهم لا يمكن التقرب بها بلحاظ ما فيها من المصلحة
لان ذلك انما يتاتى من المكلف بعد العلم باشتمال فعله على المصلحة المقربة ومع
تجويزه قيام المصلحة بنفس الارادة الساقطة للمزاحمة لا يمكن حصول العلم له باشتمال
متعلقها على المصلحة المقربة.
الامر الرابع من
الاشكالات فى المقام انه من المقرر فى الفلسفة ان الشيء ما لم
.................................................................................................
______________________________________________________
يجب لم يوجد ووجوب
الشيء ضرورة تحققه وامتناع لا تحققه فحينئذ يكون صدور الفعل عن الفاعل واجب التحقق
وما كان كذلك يكون الفاعل مضطرا فى ايجاده ملجأ فى فعله ولذا يقولون ان كل ممكن
محفوف بوجوبين وجوب سابق وهو الوجوب فى مرتبة وجود علته ووجوب لا حق وهو الوجوب
بشرط وجوده خارجا ، واجاب عن ذلك كل على مسلكه منها استادنا الخوئى فى المحاضرات ،
ج ٢ ، ص ٥٧ وقال ولنبحث هنا عن امرين الاول الفرق الاساسى بين المعاليل الطبيعية
والافعال الاختيارية الثانى عدم جريان القاعدة المذكورة فى الافعال الاختيارية اما
الامر الاول فقد سبق بشكل اجمالى ان الافعال الارادية تمتاز عن المعاليل الطبيعية
بنقطة واحدة وهى انها تحتاج فى وجودها الى فاعل وبدونه محال والفاعل لهذه الافعال
هو الانسان فانها تصدر منها بالاختيار واعمال القدرة والسلطنة وليس فى اطارها
الحتم والوجوب فلها ان تشاء وتعمل ولها ان لا تشاء ولا تعمل فهذه المشيئة والسلطنة
لا تتوقف على شيء آخر كالارادة ونحوها بل هى كامنة فى صميم ذات النفس حيث ان الله
تعالى خلق النفس كذلك وهذا بخلاف المعاليل الطبيعية فانها تحتاج فى وجودها الى علل
طبيعية تعاصرها وتؤثر فيها على ضوء مبدإ السنخية فى اطار الحتم والوجوب ولا يعقل
فيها الاختيار وان شئت فقل ان الفعل الاختيارى حيث كان يخضع لاختيار الانسان
ومشيئة فلا يعقل وجود نظام له كامن فى صميم ذاته ليكون سيره ووجوده تحت اطار هذا
النظام الخاص من دون تخلفه عنه والوجه فى هذا واضح وهو ان مشيئة الانسان يختلف
باختلاف افراده كما تختلف باختلاف حالاته النفسية ودواعيه الداخلية والخارجية
فلهذا السبب جعل لها نظم وقوانين خاصة ليكون سيرها الوجودى تحت اطار هذه النظم
وهذا بخلاف سلسلة المعاليل الطبيعية فانها تخضع فى سيرها الوجودى نظاما خاصا
واطارا معينا الذى اودعه الله تعالى فى كمون ذاتها ويستحيل ان تتخلف عنه ولذا لا
يعقل جعل نظام لها من الخارج لعدم خضوعها له واستحالة تخلفها عن نظمه الطبيعية
وهذا برهان قطعى على ان السلسلة الاولى سلسلة اختيارية فامرها وجودا وعدما بيد
فاعلها دون السلسلة الثانية فانها مقهورة ومجبورة فى سيرها على طبق نظمها الطبيعية
الموضوعة فى صميم ذاتها وكمون واقعها ـ واما الامر الثانى فالقاعدة المذكورة وان
كانت تامة فى الجملة إلّا انه لا صلة لها بالافعال الاختيارية والسبب فى ذلك ان
هذه
.................................................................................................
______________________________________________________
القاعدة ترتكز على
مسألة التناسب والسنخية التى هى النقطة الاساسية لمبدا العلية فان وجود المعلول
مرتبة نازلة من وجود العلة وليس شيئا اجنبيا عنه وعلى هذا فبطبيعة الحال ان وجود
المعلول قد اصبح ضروريا فى مرتبة وجود العلة لفرض انه متولد منها ومستخرج من صميم
ذاتها وهذا معنى احتفاف وجوده بضرورة سابقه ومن الطبيعى انه لا يمكن تفسير الضرورة
فى القاعدة المذكورة على ضوء مبدإ العلية الا فى المعاليل الطبيعية ولا يمكن
تفسيرها فى الافعال الاختيارية اصلا وذلك لان الافعال الاختيارية لا يستند صدورها
الى مبدإ السنخية بداهة انها لا تتولد من كمون ذات علتها وفاعلها ولا تخرج من واقع
وجوده وصميم ذاته لتكون من شئونه ومراتبه بل هى مباينة له ذاتا ووجودا وعلى هذا
فلا يمكن التفسير الصحيح لاحتفافها بالضرورة السابقة ، ثم ان الفعل الاختيارى ما
اوجده الانسان باختياره واعمال قدرته فالعلة التامة للفعل هو الاختيار وان الله عزوجل قد خلق النفس للانسان واجدة لهذه السلطنة والقدرة وهى
ذاتية لها وتخضع العضلات لها وتنقاد فى حركاتها فلا تحتاج النفس فى اعمالها الى
اعمال قدرة اخرى فما يقال ان الاختيار ممكن والممكن يفتقر الى علة فاذن ما هو علة
الاختيار فظهر فساده مما عرفت من ان الفعل الاختيارى يحتاج الى فاعل لا الى علة
والفاعل لصفة الاختيار هو النفس انها تصدر منها بنفسها بلا توسط مقدمة اخرى وسائر
الافعال تصدر منها بواسطتها انتهى وقد تقدم ما ذكره المحقق العراقى وهو الصحيح
والحق الذى لا مفر منه من ان الاختيار من لوازم ذات الانسان المجعول بجعل الانسان
وانه قبل الارادة بخلاف المحقق النائينى فانه كان يقول بعد الارادة فراجع والى ما
ذكره المحقق العراقى ذهب الامام الخمينى واجاب عن هذا الاشكال فاسمع ـ ومنها ما
افاده الامام الخمينى فى الطلب والارادة ، ص ١١٥ ان كل ما يتعقل اما ضرورى التحقق
او ضرورى اللاتحقق او لا ضرورى التحقق واللاتحقق الاول هو الواجب والثانى هو
الممتنع والثالث الممكن والتقسيم بينهما حاصر دائر بين النفى والاثبات ولا يعقل
قسم آخر للزوم اجتماع النقيضين او ارتفاعهما ، وهذا التقسيم بحسب مقايسة ذات الشى
ومفهومه اما بحسب نفس الامر فكل شيء ممكن اما واجب التحقق او ممتنعة لان علته
التامة اما محققه فيجب تحققه وان لم تكن تامة او غير محققه فيمنع وإلّا ما فرض علة
ليس بعلة وسيأتى بيانه ولا ثالث اما بحسب نفس الامر فحينئذ كل ما
.................................................................................................
______________________________________________________
خرج عن احد
القسمين دخل فى القسم الآخر ـ الى ان قال ـ ان القاعدة تامة ـ الى ان قال ـ واما
عدم منافاتها لمختارية الفاعل المختار فهو ايضا بمكان من الوضوح بعد فهم مفادها
فان مقتضى القاعدة ان الممكن ما لم يصر واجبا لم يصر موجودا والعلة التامة
باقتضائها اوجب المعلول فاوجده فأية منافات بين هذا وبين كون الفاعل مختارا لان
الفاعل المختار بارادته واختيار وفعاليته اوجب الفعل فاوجده وهذا يؤكد اختيارية
الفاعل وبعبارة اخرى ان العلة موجبة بالكسر فاذا كان الموجد مختارا يكون موجبا
بالكسر باختياره الايجاب بالاختيار لا يعقل ان يصير علة ومنشأ للاضطرار والوجوب
الجائى من قبل العلة يستحيل ان يؤثر فيها ـ الفاعل يجوز ان يختار احد طرفى الفعل
من غير ان يكون فيه ترجيح بل يختار احد المتساويين من جميع الجهات فاذا اختار
احدهما اراده واوجده فالفاعل بعد اختيار احد المتساويين من جميع الجهات بلا مرجح
موجب بالكسر لوجوده فموجد فيكون اختيار الفعل بلا ترجيح او مع ترجيح مقدما على
الارادة وبعد الاختيار تكون النفس فاعلا موجبا بالكسر للارادة وبها تكون فاعلا
موجبا بالكسر لتحريك العضلات وبتوسطها لتحريك الاعيان الخارجية فامتناع الترجيح
بلا مرجح لا يجعل الفاعل مضطرا وموجبا بالفتح كما ان جوازه لا يجعله مختارا
فالفاعل المختار علة باختياره وارادته للفعل بعد حصول المقدمات الأخر وموجب بالكسر
للفعل مع كونه مختارا انتهى. واجاب عن هذه الشبهة استادنا البجنوردي فى المنتهى ،
ج ١ ، ص ١٢١ بان وجوب الفعل وكونه ضروريا من ناحية ارادته لا ينافى الاختيار وذلك
لان الفاعل المختار القادر الحكيم اذا علم بوجود المصلحة الملزمة فى فعل لا محالة
تتعلق ارادته بذلك الفعل ويصير الفعل واجبا بالقياس الى علته التى عبارة عن
الارادة لان الشى ما لم يجب لم يوجد والوجوب بالغير لا ينافى الامكان الذاتى وكذلك
الوجوب بالقياس الى الغير لا ينافيه ولذلك قالوا ان كل ممكن محفوف بالضرورتين ومع
ذلك لا يخرج الفعل عن كونه اختياريا لان مناط اختيارية الفعل هو انه ان شاء فعل
وان لم يشأ لم يفعل واما وجوب الفعل بالغير وعدم كونه كذلك فخارجان واجنبيان عن
الاختيار وإلّا لو كان وجوب الفعل موجبا لخروج الفعل عن الاختيار يلزم ان لا يكون
الواجب تعالى والعياذ بالله فاعلا مختارا لان الصادر الاول منه تعالى لا بد ان
تكون ذاته تعالى علة تامة لوجوده لان المفروض انه ليس هناك شيء
.................................................................................................
______________________________________________________
غير ذاته تعالى
موجودا بادلة التوحيد فصدور الصادر الاول يكون واجبا ضروريا وإلّا يلزم تخلف
المعلول عن علته التامة وفرض عدم تمامية العلة فى تلك المرحلة خلف لان المفروض ان
المعلول هو الصادر الاول وليس هناك شيء آخر غير الواجب حتى يكون لذلك الشى دخل فى
وجود الصادر الاول اذ كل ما فرضته غير ذات الواجب فى تلك المرحلة لا بد وان يكون
ممكنا صادرا وكلامنا فى الصادر الاول فكل ما يجيب به الاشعري عن هذا الاشكال
بالنسبة الى الواجب نجيب به فى المقام ـ لا فرق بينهما فى ضرورية الوجود بل
الضرورة فى ارادة العبد بالغير لانها آتية من قبل علتها والضرورة التى فى ارادة
الواجب ذاتية لانها عين ذات الواجب ـ ثم ان شيخنا الاستاد اجاب عن هذا الاشكال
تبعا لصاحب الحاشية بان الطلب الذى هو عبارة عن حملة النفس وتصديها لتحصيل مطلوبه
وهو غير الارادة ـ وانت خبير بان تلك الحملة حادثه وليست قديمة كما هو واضح فيرجع
السؤال بان تلك الحملة الحادثة عند وجود علتها التامة ضرورية الوجود كما انها عند
عدمها ضرورية العدم ولا بد من انتهاء علتها ايضا الى علة تامة قديمة لبطلان
التسلسل فلا فرق من ناحية هذا الاشكال بين ان تكون حملة النفس هو الجزء الاخير من
العلة التامة للفعل او تكون هى الارادة والجواب عن هذا الاشكال بان الاختيار ذاتى
للنفس لا يسمن ولا يغنى من جوع لانه ان كان مراد هذا القائل من الاختيار فعلية هذه
الحملة وانها ذاتية فهذا كذب واضح لان هذه الحملات امور تتجدد على النفس وتنعدم
فكيف يمكن ان يكون ذاتية لها وان كان المراد ان قوة هذه الحملات واقتدار النفس
عليها ذاتية لها فهذا شيء معلوم ولكن يبقى السؤال ان فعلية هذه الحملة تحتاج الى
علة تامة بحيث يجب وجودها بوجود تلك العلة وهكذا ـ ومما ذكرنا ظهر ايضا عدم تمامية
ما افاده استادنا المحقق فى هذا المقام وهو ان الاختيار من لوازم وجود الانسان
وليس مجعولا بجعل مستقل بل هو مجعول بنفس مجعولية الانسان ثم يلتفت الى ما ذكرنا
من ان فعلية الاختيار لا يمكن ان تكون من لوازم وجود الانسان وهذا كذب واضح فيقول
ان الاختيار قبل صدور الفعل قوة فى الانسان فاذا صدر الفعل يصير ما بالقوة بالفعل
فنقول كل شيء يكون بالقوة فصيرورته فعليا يحتاج الى علة تامة الى ان ينتهى الى علة
تامة قديمة لما ذكرنا من بطلان التسلسل وعدم امكان وجود الشى بدون وجود علته
التامة وكون النفس علة لتلك
فلنا ان نقول ان
مفاد الخطابات ليس إلّا الارادة المزبورة لعدم حكم العقل بلزوم الاطاعة الا فى ظرف
تحققها من المولى لا من جهة عدم تصور معنى آخر فى الوجدان غير الارادة والعلم كيف
وقد عرفت ما فيه بما لا مزيد عليه وح فلك ان تقول ان الطلب الذى هو مفاد الخطابات
وكان موضوع حكم العقل باستحقاق
______________________________________________________
الفعلية لا يرفع
هذه الشبهة فاذا فى رفع هذه الشبهة لا بد وان يقال اما بانها شبهة فى مقابلة
الوجدان كما قال جمع كثير من الاعاظم من اصحابنا الامامية لاننا بالوجدان نرى
الفرق بين حركة اليد المرتعشة وحركتها الارادية وان الاولى جبرية والثانية
اختيارية واما ان نقول بما قاله الحكماء من ان وجوب الفعل بايجاب نفس الفاعل لا
يخرج عن كونه اختياريا اذا كان مسبوقا بالارادة ومباديها واما ان نقول بان لزوم
وجود الشى عند علته التامة فى الفاعل الطبيعى لا الإرادي الخ. الى هنا بينا ان
ارادة الله تعالى هو العلم بالنظام الكامل كما عليه صاحب الكفاية والعلم بالمصلحة
فى الارادة التشريعية لا القدرة والسلطنة ومن صفات الذات لا الفعل وان فى جعل
الانسان الاختيار بالقوة بلا جعل مستقل فله ان يفعل وله ان لا يفعل وغير مسبوق
بالاختيار حتى يتسلسل وان الارادة الله تعلقه بفعل العبد لا يوجب سلب الاختيار
لانه مبين لوجود المصلحة فى الفعل عائدة الى العبد وان علمه تعالى بعدم اتيان
العبد او اتيانه ليس علة لتركة او فعله كما ان علمنا بعدم اتيان زيد الامر الفلانى
او اتيانه لا يكون سببا لذلك وان الشى ما لم يجب لم يوجد قد عرفت فيه وان لا جبر
كما عرفت ولا تفويض كما فى الجبر لان خلق الانسان وجعل القدرة له من الله تعالى
فلم يفوض الامور كلها للانسان حتى يكون الله عاطل ولا جبر ايضا وان الممكن لإمكانه
يحتاج الى العلة حدوثا وبقاء ولذا قلنا ان افعال العباد له نسبتين على ما مر
ويستحق العبد للعقاب والثواب وان الاوامر الامتحانية لا امر اصلا والحمد لله رب
العالمين فعن الصادق عليهالسلام عند ما اتاه عالم القدرية المفوضة قال «ع» اقرأ الحمد الى
ان وصل اياك نعبد واياك نستعين قال «ع» قف من تستعين وما حاجتك الى المعونة فالامر
اليك فبهت الذى كفر والله لا يهدى القوم الظالمين ونقل عن امير المؤمنين على بن
أبي طالب عليهالسلام لو كان الزور فى الاصل محتوما كان المزور فى القصاص مطلوبا
والسلام هذا تمام الكلام فى الطلب والارادة بحسب ما يسع المجال وتيمنا بهاتين
الروايتين ايضا.
الثواب والعقاب
على الموافقة والخالفة ليس إلّا عين الارادة المسطورة المسمى بالتشريعية وان امكن
دعوى او سعية دائرة الارادة عن الطلب لصحة سلب الطلب عن موارد التكوين فتدبر
واستقم وافهم. مقالة (١) فى وضع صيغة الامر (٢)
______________________________________________________
فى وضع صيغة الامر
(١) النموذج
الثانى فى ما يتعلق بصيغة الامر وفيه جهات من الكلام.
(٢) الجهة الاولى
فى وضع صيغة الامر كافعل ونحوه قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١٠١ ، انه ربما يذكر
للصيغة معان قد استعملت فيها وقد عد منها الترجى والتمنى ـ كقول الشاعر ألا ايها
الليل الطويل ألا انجلى ـ والتهديد ـ كقوله تعالى (اعْمَلُوا ما
شِئْتُمْ) ـ والانذار ـ كقوله تعالى (تَمَتَّعُوا فِي
دارِكُمْ) ـ والإهانة ـ كقوله تعالى (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) ـ والاحتقار ـ كقوله تعالى بل (أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ) ـ والتعجيز ـ كقوله تعالى (فَأْتُوا بِسُورَةٍ
مِنْ مِثْلِهِ) ـ والتسخير ـ كقوله تعالى (كُونُوا قِرَدَةً
خاسِئِينَ) ـ الى غير ذلك ـ مما عد اكثر من عشرين معنى كالارشاد نحو
قوله تعالى (فَاسْتَشْهِدُوا) ارشد الى الاستشهاد عند المداينة والامتنان نحو قوله تعالى
(كُلُوا مِمَّا
رَزَقَكُمُ اللهُ) واكرام المأمور له نحو قوله تعالى (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) فان ضم السلامة والامن الى الامر بالدخول قرينة على اكرام
المأمور له والتسوية نحو قوله تعالى (اصْبِرُوا) ولا تبصروا والتكوين نحو قوله تعالى (كُنْ فَيَكُونُ) والدعاء نحو قوله تعالى (اللهم اغفر لى) الى غير ذلك مما
هو محرر فى المطولات فراجع ـ وهذا كما ترى ضرورة ان الصيغة ما استعملت فى واحد
منها بل لم تستعمل الا فى انشاء الطلب إلّا ان الداعى الى ذلك كما يكون تارة هو
البعث والتحريك نحو المطلوب الواقعى يكون اخرى احد هذه الامور كما لا يخفى وقصارى
ما يمكن ان يدعى ان تكون الصيغة موضوعة لانشاء الطلب فيما اذا كان بداعى البعث
والتحريك لابداع آخر منها فيكون انشاء الطلب بها بعثا حقيقة وانشائه بها تهديدا
مجازا وهذا غير كونها مستعملة فى التهديد وغيره فلا تغفل انتهى فالتحقيق انه لا
يكون دلالة للصيغة بنفسها على شيء من المعانى المزبورة ما عدا الطلب بل ولا كانت
الصيغة مستعملة فى شيء منها بوجه اصلا وانما يكون مدلول الصيغة معنى وحدانيا وان
استفادة تلك المعانى فى الموارد المزبورة انما هى من جهة القرائن الخارجية
ولو بملاحظة كونها
(١) مظهرا للطلب الذى به قوام مدلولها ومناط صدق مفهومها ، و (٢) لا اشكال (٣) فى
ان الصيغ المزبورة بهيئتها (٤) حاكية عن نحو نسبة
______________________________________________________
المقتضية لها لا
من جهة ان الصيغة قد استعملت فيها ولو مجازا بل يكون ذلك من الدواعى حيث يكون
الداعى على الاستعمال تارة هو التهديد واخرى الانذار وثالثه التمني وهكذا وذلك غير
الاستعمال فيها.
(١) اى كون الصيغة
مظهرا للطلب.
(٢) الجهة الثانية
بعد ما كانت الصيغة موضوعة للطلب فيقع الكلام فى انها موضوعة للطلب الانشائى
الايقاعى منه كما عرفت من صاحب الكفاية او انها موضوعة للنسبة الارسالية الايقاعية
وانما دلالتها على الطلب من جهة الملازمة وذهب محقق الماتن العراقى قدسسره الى الثانى وملخص بيان كلام صاحب الكفاية هو ان لفظ الامر
موضوع للطلب الانشائى اعنى به ايجاد مفهوم الطلب فى الخارج بما يدل عليه من قول
كافعل وليفعل واطلب منك كذا الى غير ذلك او فعل كاشارة الآمر الى انه يريد من
المأمور الفعل الكذائى او كتابته له بذلك الى غير ذلك من انحاء الوجود الاعتبارى
للمعانى فى مقام الانشاء فوجود الطلب بهذا النحو من الوجود هو الطلب الانشائى الذى
هو احد افراد الطلب المطلق كما ان الطلب الحقيقى هو الفرد الآخر على ما يظهر من
كلام صاحب هذا القول وح يكون لفظ الامر او صيغته دالا على هذا الفرد من افراد
الطلب المطلق وعلى هذا القول تكون الاوامر الامتحانية اوامر حقيقة لا صورية لتحقق
الطلب الانشائى فى الخارج وان لم يقترن بالطلب الحقيقى فى نفس الآمر ولكن على المختار
كما عليه نظر العرف ايضا ان الاوامر الامتحانية ليست باوامر حقيقية وان كانت صيغ
انشاء الامر مستعملة فى معناه لان استعمال اللفظ فى معناه لا تستدعى صحته وجود
مطابقه فى الخارج.
(٣) اما المختار
عند المحقق الماتن العراقى قدسسره فى وضع صيغة افعل قد تقدم فى مبحث المشتق من انحلال الوضع
فى المشتقات باسرها من المصادر والافعال واسماء الفاعلين والمفعولين ونحوها الى
وضعين وضع المادة ، ووضع الهيئة اذ عليه نقول بان صيغة اضرب مثلا لما كانت مشتملة
على مادة وهيئة خاصه فمادتها تدل حسب الوضع النوعى على نفس الحدث.
(٤) اما هيئتها
الخاصة فهى ايضا لا تدل الا على النسبة الارسالية والمحركية
بين الفاعل
والمبدا بنسبته ارسالية (١) هو شأن من يبعث الى شيء ويحرك نحوه و (٢) هذه النسبة
قائمة بالمفهومين كما هو شأن المفاهيم الحرفية الحاكية (٣) عما بازائها من التحريك
والبعث الخارجى فى عالم التصور وان انفك عنه فى عالم التصديق كما هو الشأن فى كل
مفهوم (٤) غاية الامر (٥) مع فرض ظهور الكلام و
______________________________________________________
بين المبدا
والفاعل.
(١) بمعنى انه لا
تدل على مفهوم هذه النسبة لانه معنى اسمى بل مصداقه وصورة ذاك الربط الخاص الحاصل
من تحريك المأمور نحو العمل على طبق الارسال الخارجى وح فلا يكون المستعمل فيه فى
الصيغة الا النسبة الارسالية لا مفهوم الطلب كما عليه الكفاية.
(٢) وهذه النسبة
قائمة بين مفهوم المادة ومفهوم ذات ما كما هو شأن جميع المفاهيم الحرفية.
(٣) صفة للنسبة اى
تحكى هذه النسبة عن بعث خارجى فى مقام التصور بيان ذلك انه ينتقل الذهن من تلك
النسبة الارسالية الى مفهوم الطلب بانتقال تصورى لكون دلالتها على الطلب من جهة
الملازمة خاصة الناشى هذا التلازم من جهة كون المتكلم فى مقام الحد بالارسال ففى
الحقيقة منشأ هذا التلازم انما هو التلازم الخارجى بين منشأيهما وهما البعث والارسال
الخارجى والارادة الخارجية وعدم انفكاك احد الامرين عن الآخر وح فحيث ان اللفظ كان
وجها للمفهوم وكان المفهوم وجها لمنشا وكان بين المنشأين وهما البعث والارسال
الخارجى والارادة الحقيقية ملازمه فى مرحلة الخارج فينتقل الذهن عند تصور احد
المفهومين من جهة كونه وجها لمنشأيه الى مفهوم الآخر كذلك يعنى من حيث كونه ايضا
وجها لمنشئه بانتقال تصورى ولو لم يكن للمنشإ وجود فى الخارج اصلا بل كان المنشأ
مما يقطع بعدم وجوده خارجا.
(٤) اى ان مفاد
الصيغة هو البعث الملحوظ نسبة يكون هذا المفهوم فانيا في مطابقة الخارجى كما هو
شأن كل مفهوم وبعبارة اخرى كما ان الارادة الحقيقية يحرك المكلف نحو العمل ويلازم
السعى اليه والبعث كذلك حاكية فى الذهن يلازم الطلب والسعى.
(٥) نعم فى مقام
التصديق لا بد من احراز كون المتكلم فى مقام الجد بالارسال
احتمال مطابقة هذا
الظهور مع الخارج يستفاد منه البعث الملازم للطلب من الامر خارجا وح (١) فدلالة
هيئة الامر على الطلب ليس إلّا بالالتزام لا بالمطابقة لان الطلب القائم بالنفس
اجنبى عن مدلول الهيئة والمادة (٢) كما اسلفنا الكلام فيه مستقصى (٣) ومن هذا
البيان (٤)
______________________________________________________
ولو بالاصل ليحرز
به وجود الارادة وتحققها فيصدق عليه الطلب والامر حقيقة قال المحقق الاصفهانى فى
النهاية ، ج ١ ، ص ١٢٥ ، فاستعمالها فى الطلب بسائر الدواعى خلاف الوضع لا الموضوع
له وما يمكن اثبات هذه الدعوى به امور منها انصرافها الى ما كان بداعى الجد فان
غلبه الاستعمال بداعى الحد ربما يصير من القرائن الحافة باللفظ فيكون اللفظ بما
احتف به ظاهرا فيما اذا كان الانشاء بداعى الجد إلّا ان الشأن فى بلوغ الغلبة الى
ذلك الحد لكثرة الاستعمال بسائر الدواعى ولو بلحاظ المجموع فتأمل منها اقتضاء
مقدمات الحكمة ـ منها الاصل العقلائى اذ كما ان الطريقة العقلائية ـ كك سيرتهم
وبنائهم على مطابقة الارادة الاستعمالية للارادة الجدية الخ.
(١) فان دلالة
الصيغة على الطلب انما هى باعتبار كونه من لوازم ما هو المدلول لا انها من جهة
كونه بنفسه هو المدلول للصيغة.
(٢) فتحصل انه بعد
ما كان فانيا فى مطابقة وبما ان مطابقة اعنى به البعث الحقيقى يستلزم وجوده خارجا
وجود الطلب الحقيقى اعنى به الارادة التشريعية تكون الملازمة بين وجوديهما سببا
لانتقال الذهن من تصور البعث الحقيقى بمرآة مفهومه الى تصور الطلب الحقيقى بمرآة
مفهومه فانيا فيه اذ لا يمكن تصور حقيقة الشى الخارجى إلّا بتصور مفهومه فانيا فيه
وعلى هذا فيكون تصور مفهوم صيغة افعل موجبا لتصور مفهوم الطلب ودالا عليه
بالالتزام كما عرفت وكما ان تصور مفهوم الصيغة يوجب تصور مفهوم الطلب كذلك التصديق
بوجوده حقيقة مفهومها خارجا بظهورها فى ذلك او بسبب بعض القرائن يوجب التصديق
بوجود الطلب خارجا بالدلالة الالتزامية.
(٣) فى البحث عن
لفظ الامر فراجع وبالجملة ان الهيئة لها معنى حرفى وغير قابل لان يكون مفهوم الطلب
لانه معنى اسمى فتكون موضوعة للنسبة القائمة بين الطرفين واقع النسبة لا بذهنيتها
ولا بخارجيتها الموجود فى الذهن كما فى الخارج.
(٤) من كون صيغة
الامر دالا على الطلب بالالتزام كما عرفت مفصلا.
ايضا ظهر ان
استعمال صيغة الامر فى معناه (١) بنحو الحقيقة لا يقتضى وجود الطلب او البعث خارجا
(٢) لما عرفت من ان ميزان استعمال اللفظ فى معناه حقيقة ارادة مفهومه منه وهذا
المقدار لا يقتضى وجود ما بازاء هذا المفهوم فى الخارج بل ذلك يحتاج الى مبادى
اخرى (٣) وح فاستعمال صيغة الامر فى مقام التحديد (٤) او التعجيز او السخرية لا
ينافى استعمال الامر فى هذه المقامات فى مفهومه بنحو الحقيقة مع كون الداعى (٥)
على اجراء الصيغة المزبورة شيء آخر غير الحكاية عن وجود ما بازاء مفهومه تصديقا (٦)
فلا يتوهم (٧) ح استعمال الصيغة فى هذه المقامات فى هذه المعانى (٨) اذ ارادة
حقائقها الخارجية من اللفظ غلط (٩)
______________________________________________________
(١) وهى النسبة
الارسالية.
(٢) لكونه خارجا
عن مفهومها.
(٣) وذلك لان
البعث الخارجى لو اتفق حصوله وتحققه ملازم لارادة منشإ هذا البعث وهو ان ينشئه
المتكلم بداعى الطلب الحقيقى فيكون بعثا حقيقيا.
(٤) لعل الصحيح ـ التهديد
ـ.
(٥) فانه قد
استعمل الصيغة فى المعنى الواحد وهو مفهومها فقد ينشئه بداعى الطلب الحقيقى كما
عرفت وقد ينشئه بداعى التهديد مثلا فيكون تهديدا وقد ينشئه بداعى الترجى فيكون
ترجيا الى غير ذلك وهذه الامور غير مفهوم صيغة الامر ويكون استعمال الصيغة فيه لا
فى هذه الامور.
(٦) وهو الطلب
والارادة الحقيقية فوضعت للدلالة على ربط خاص بعثى ولا يكون هذا متوقفا على وجود
الارادة الواقعية فى نفس المنشئ بوجود هذه الصفة فيها.
(٧) تقدم فى اول
بحث الصيغة انه ذكر لصيغة الامر معان حتى بلغ الى اكثر من عشرين معنى.
(٨) كما تقدم
مفصلا هذا التوهم.
(٩) واجاب عنه
المحقق الماتن بان الصيغة هل تكون موضوعة للطلب الحقيقى والتمنى الحقيقى الموجود
فى النفس والترجى الحقيقى وهكذا ، فهذا غلط
وارادة مفاهيمها (١)
اغلط لعدم مناسبة مفاهيمها (٢) مع المعانى الحرفية فيكون مفاهيمها (٣) اجنبية عن
مدلول الهيئة والمادة بل انما يستفاد هذه المعانى من سياق الكلام (٤) فامثال هذه
الدلالات داخلة فى الظهورات السياقية لا اللفظية (٥)
______________________________________________________
لانه ربما بل
كثيرا ما يتخلف فيلقى الصيغة وليس هناك طلب حقيقى ولا تمنى كذلك ولا ترج حقيقى ،
وان كانت موضوعة لمفهوم الطلب او التمنى او الترجى فهو اغلط فان الهيئة من الحروف
موضوعة للنسبة فكيف يمكن ان تكون موضوعة لمعنى اسمى وهو مفهوم الطلب او التمنى او
نحوهما.
(١) اى مفاهيم هذه
المعانى.
(٢) لكونها معنى
اسميا قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٢٥ ، بل ربما لا يعقل اذ مفاد
الهيئة كما هو بمعنى البعث او الطلب الملحوظ نسبة بين المادة والمتكلم والمخاطب
فتكون المادة مبعوثا اليها او مطلوبة والمخاطب مبعوثا او مطلوبا منه كذلك لا بد ان
تلاحظ السخرية والتعجيز والتهديد متعلقة بالمادة مع انه لا معنى لجعل المخاطب
مسخرة بالحدث ولا لجعله عاجزا به ولا لجعله مهددا به وانما يسخره ويعجزه ويهدده
بتحريكه نحو المادة انتهى.
(٣) اى مفاهيم هذه
المعانى خارجة عن الموضوع له وتكون من الدواعى.
(٤) والدواعى
تستفاد من سياق الكلام والقرائن الحالية او المقالية.
(٥) وليست من
الموضوع له بشيء اما ثمرته الفقهية فى الآيات والروايات كثيرة جدا اى صيغة الامر
قال الله تعالى (كُلُوا وَاشْرَبُوا
حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ) سورة البقرة ، آية ١٨٧ (فَكُلُوا مِمَّا
أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ) مائدة ، آية ٤ ، (ارْكَعُوا
وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) الحج آية ٧٧ (فَامْسَحُوا
بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ،) نساء آية ٤٢ (فَاغْسِلُوا
وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ،) مائدة آية ١ ، (وَامْسَحُوا
بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ،) مائدة آية ٦ ، وفى الرواية اغسل يدك من البول مرة ومن
الغائط مرتين باب ٢٧ من ابواب الوضوء وفى الامر الغائب قال الله تعالى وليكتب كاتب
بالعدل لتدخلن المسجد الحرام آمنين محلقين رءوسكم الى غير ذلك وسيأتى ايضا بعضها.
فتدبر (١).
______________________________________________________
(١) بقى شيء ـ وهو
انه قد ظهر مما بينا به حقيقة صيغة الامر حال باقى صيغ الانشاء من الترجى والتمنى
والتشبيه ونحوها من ان لها مفهوما فانيا فى مطابقة وحاكيا عنه ولو لم يكن ذلك
المطابق ثابتا فى الخارج كسائر المفاهيم الاسمية مثلا لعل تدل على الترجى المرتبط
بالذات والمعنى المترجى وكان تدل على المشابهة بين المشبه والمشبه به فهذه الالفاظ
تدل على هذه المعانى ولو لم يكن لها مطابق فى الخارج على حد دلالة الالفاظ الاخرى
مثل قولنا ضرب زيد فانها تدل على هذه المعانى التى تسبق الى الذهن عند سماعها مثلا
فانية فى مطابقها ولو لم يكن ثابتا فى الخارج لا ان هذه الصيغ ينشأ بها معانيها
فتكون هذه المعانى بعد انشائها بهذه الصيغ هى المفهوم وهى المطابق كما توهم ولا ان
يكون معانى هذه الصيغ هو الترجى الانشائى والتمنى الانشائى والتشبيه الانشائى كما
قيل بمثل ذلك فى صيغة الامر من ان مدلولها هو الطلب الانشائى قال فى الكفاية ، ج ١
، ص ١٠٢ ، لا يخفى ان ما ذكرناه فى صيغة الامر جار فى سائر الصيغ الانشائية فكما
يكون الداعى الى انشاء التمنى او الترجى او الاستفهام بصيغها تارة هو ثبوت هذه
الصفات حقيقة يكون الداعى غيرها اخرى فلا وجه للالتزام بانسلاخ صيغها عنها
واستعمالها فى غيرها اذا وقعت فى كلامه تعالى لاستحالة مثل هذه المعانى فى حقه
تبارك وتعالى مما لازمه العجز او الجهل وانه لا وجه له فان المستحيل انما هو
الحقيقى منها لا الانشائى الايقاعى الذى يكون بمجرد قصد حصول بالصيغة كما عرفت ففى
كلامه تعالى قد استعملت فى معانيها الايقاعية الانشائية ايضا لا لاظهار ثبوتها
حقيقة بل لامر آخر حسب ما يقتضيه الحال من اظهار المحبة او الانكار او التقرير الى
غير ذلك ومنه ظهر ان ما ذكر من المعانى الكثيرة لصيغة الاستفهام ليس كما ينبغى
انتهى لكن قد عرفت ان صيغة افعل موضوعة للنسبة القائمة بين المادة التى طرات عليها
الصيغة وبين المخاطب بها ومستعملة فيها واستفادة الطلب منها من جهة ملازمة ذلك
لتحقق ارادته فكذلك فى هذه الصيغ موضوعة للنسبة واستفادة الخصوصيات من جهة
الملازمة والسياق وذلك فى مقام التصور وان لم يكن لها مطابق فى الخارج فى مقام
التصديق كما فى حقه تبارك وتعالى فالملحوظ هى النسبة المعهودة كما لا يخفى ، وعلى
هذا من ان للصيغ والادوات المزبورة معانى تدل عليها دلالة الاسماء على معانيها
يكون استعمالها فى معانيها باى
.................................................................................................
______________________________________________________
داع كان استعمالا
حقيقيا وان لم يكن لها مطابق فى الخارج نظير استعمال الجملة الخبرية فى معناها حيث
لا يكون لها مطابق فى الخارج فلا يكون كذبها بعدم وجود مطابقها فى الخارج موجبا
لكونها مجازا كذلك الصيغ والادوات المذكورة لا يكون استعمالها فى معانيها مجازا
حيث لا يكون الداعى اليه هو قصد شيء من مطابقاتها كالطلب الحقيقى فى صيغة افعل او
الترجى فى جملة الترجى او التمنى فى جملة التمنى او افادة المشابهة فى عبارات
التشبيه فاتضح مما تقدم ان دلالة تلك الصيغ والجمل من الترجى والتمنى ونحوهما على
الصفات القائمة فى النفس من الرجاء والتمنى ونحوهما حيث تتحقق دلالتها عليها انما
هى بالدلالة الالتزامية وذلك لما تقدم نظيره فى دلالة صيغة افعل على الطلب الحقيقى
القائم فى النفس من ان ظهور هذه الصيغ والجمل فى تحقق مطابقها فى الخارج باى سبب
حصل لها هذا الظهور يستلزم ظهورها ايضا فى كون الداعى الى استعمالها فى معانيها هو
وجود تلك الصفات القائمة فى النفس من الطلب الحقيقى والرجاء او التمنى لان وجود
مطابق مفاهيمها فى الخارج الذى فرض كونها ظاهرة فيه يستلزم وجود تلك الصفات فى
النفس. ومما ذكرنا كله عرفت ان الصيغة لا تكون موضوعة للطلب الانشائى وتستعمل فيه
دائما ويختلف الداعى الى انشائه ، لما عرفت من ان الهيئة معنى حرفى ومفهوم الطلب
معنى اسمى ـ سواء قلنا ان الانشاء ايجاد المعنى باللفظ ام اعتبار الامر النفسانى
وابرازه فى الخارج بمبرز من قول او فعل كما عليه استادنا الخوئى فى المحاضرات ، ج
٢ ، ص ١٢٣ ، ان الصيغة على هذا موضوعة للدلالة على ابراز الامر الاعتبارى النفسانى
فى الخارج ومن الطبيعى ان ذلك يختلف باختلاف الموارد ويتعدد بتعدد المعانى فان
المتكلم تارة يقصد بها ابراز ما فى نفسه من اعتبار المادة على ذمة المخاطب واخرى
ابراز ما فى نفسه من التهديد ـ فالصيغة على الاول مصداق للطلب والبعث الاعتباريين
ـ الى ان قال ـ المتبادر من الصيغة عند اطلاقها هو ابراز اعتبار الفعل على ذمة
المكلف فى الخارج ـ وفى غيره مجازا انتهى وفيه ان الصيغة مادة موضوعة للحدث
الكذائى وهيئة للنسبة فما هو الدال على الابراز مع ان الابراز معنى اسمى كيف يدل
عليه الهيئة إلّا ان يكون هناك وضع آخر وهو ايضا لم يثبت للمادة المحفوفة بالهيئة
فالصحيح ما ذكرنا.
ثم (١) ان فى
ظهورها فى خصوص الطلب الوجوبى فى الصيغ اشكل (٢) من
______________________________________________________
(١) الجهة الثالثة
فى دلالة صيغة الامر على الوجوب وعدمها بان يكون حقيقة فى مطلق الطلب الجامع بين
الالتزامى والاستحبابى قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١٠٣ ، ولا يبعد تبادر الوجوب عند
استعمالها بلا قرينة ويؤيده عدم صحة الاعتذار عن المخالفة باحتمال ارادة الندب مع
الاعتراف بعدم دلالته بحال او مقال وكثرة الاستعمال فيه فى الكتاب والسنة وغيرهما
لا توجب نقله اليه او حمله عليه لكثرة استعماله فى الوجوب ايضا مع ان الاستعمال
وان كثر فيه إلّا انه كان مع القرينة المصحوبة الخ لا تمنع عن حملة على المعنى
الحقيقى عند اطلاقه مجردا عنها ، وفيه سيأتى ان التبادر ليس مستندا الى حاق اللفظ
بل الى الاطلاق ، والسيرة العقلائية على الذم لا تدل على الوضع للوجوب والظاهر
انها حقيقة فى مطلق الطلب كما فى لفظ الامر وظاهر فى الطلب الوجوبى عند عدم
القرينة على خلافه بحيث لو كانت فى الكلام صيغ متعددة وقامت القرينة على عدم ارادة
الوجوب فى بعضها لما كان ذلك ضائرا فى ظهور الباقى فى الوجوب وهذه فى الجملة لا
اشكال فيه.
(٢) وجه الأشكلية
بين المحقق الماتن قدسسره ما مخلصه ان مادة الامر حقيقة فى الطلب المبرز او ابراز
الطلب فبعد تجريد مفهومه عن الابراز يمكن ارادة الوجوب منه لكون الطلب مفهومه
اسميا بلا حاجة الى مقدمات الحكمة بخلاف المقام فان مركز النزاع هو مفاد صيغة افعل
وانه اى معنى هو ، فربما يقال ان مفاد الهيئة لا محاله يكون معنى حرفيا مغفولا عنه
فلا مجال للنزاع فيه ـ وفيه قد عرفت ان المعنى الحرفى لا يعقل ان يكون مغفولا عنه
مع كونه من لواحق المحكوم به وعليه غايته انه ملحوظ بالتبع ـ فعمدة الاشكال هو ان
الوجوب يفترق عن الاستحباب بالشدة والضعف ومن الواضح عدم امكان تحقق هذا الفارق فى
البعث الملحوظ بنحو النسبة فى صيغة افعل ـ وهنا توهم اخرى بان النزاع يكون فى مادة
صيغة افعل التى هى متعلق الارادة لا فى مفاد الصيغة ولا فى نفس الارادة فان المادة
هى الطبيعة المشتملة على المصلحة والمفسدة وهما تقبلان الشدة والضعف فتكون لزومية
وغير لزومية واما نفس الارادة فلا يتصور فيها الشدة والضعف اذ هى نفس الشوق المؤكد
المحرك للعضلات فحيث يصل الشوق الى هذا الحد فهى الارادة وإلّا فلا سواء كان
متعلقها لزوميا ام غير لزومى قال المحقق النائينى قال فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٣٥ ،
ان الطلب لا يقبل الشدة والضعف
.................................................................................................
______________________________________________________
لوضوح ان طلب ما
كان فى غاية المحبوبية وما لم يكن كذلك على نهج واحد وهذا ليس من الامور التى يرجع
فيها الى اللغة بل العرف ببابك فهل ترى من نفسك اختلاف تصدى نفسك وحملتها نحو ما
كان فى منتهى درجة المصلحة وقوة الملاك كتصدى نفسك نحو شرب الماء الذى به نجاتك او
نحو ما كان فى اوّل درجة المصلحة كتصدى نفسك لشرب الماء لمحض التبريد كلا لا يختلف
تصدى النفس المستتبع لحركة العضلات باختلاف ذلك بل ان بعث النفس للعضلات فى كلا
المقامين على نسق واحد نعم ربما تختلف الارادة بالشدة والضعف كسائر الكيفيات
النفسانية إلّا ان الارادة ما لم تكن واصلة الى حد الشوق المؤكد الذى لا مرتبة
بعده لا تكون مستتبعة لتصدى النفس هذا فى طلب الفاعل وارادته وقس على ذلك طلب
الآمر فانه لا يختلف بعث الامر حسب اختلاف ملاكات البعث بل انه فى كلا المقامين
يقول افعل ويبعث المامور نحو المطلوب فدعوى اختلاف الطلب فى الشدة والضعف وكون ذلك
هو المائز بين الوجوب والاستحباب مما لا وجه لها بل العرف والوجدان يكذبها انتهى ـ
وفيه ان الوجدان حاكم على خلافه ضرورة اقوائية ارادة الغريق لاستخلاص نفسه من
الامواج من ارادته لكنس البيت وشراء الزيت. وقال المحقق العراقى فى الجواب عنه ان
منشأ التوهم هو غلط الارادة التشريعية بالارادة التكوينية فان الارادة التى لا
يتصور فيها الشدة والضعف بالنحو المزبور هى الارادة التكوينية واما الارادة
التشريعية فهى تابعة للمصلحة التى تنشأ منها فن كانت المصلحة لزومية كانت الارادة
الناشئة منها إلزامية وان كانت المصلحة غير لزومية كانت الارادة غير الزامية نعم
تتولد من الارادة التشريعية مطلقا ارادة تكوينية وهى ارادة اظهار تلك الارادة
التشريعية بداعى جعل الداعى وهذه الارادة التكوينية طبعا لا تقبل الشدة والضعف
كغيرها فاتضح مما ذكرنا ان مركز النزاع هى الارادة التشريعية المتحدة مع الطلب
ولكن يمكن المناقشة فيه بان الآثار كما يستدل بوجودها على وجود المؤثرات كذلك
يستدل باختلافها شدة وضعفا على اختلافها كذلك اذا لاختلاف فى المعلول ناش عن
الاختلاف فى علته ونحن نرى بداهة ان هناك اختلافا فى حركة العضلات فى انجاز
الاعمال سرعة وبطء او شدة وضعفا وهو يكشف عن اختلاف الارادات المؤثرات فيها فتلخص
ان الارادة تختلف شدة وضعفا باختلاف الدواعى كما انه باختلاف الارادة تختلف حركة
العضلات وفعاليتها فلا وجه
ظهور مادة الامر اذ
فى المادة كانت دلالته على الطلب بعد تجريد مفهومه عن قيد اظهاره بنحو المطابقة
وفى مثله امكن ارادة الوجوبى منه ولو لم يكن فى البين مقدمات اطلاق لا مكان ارادة
مطلق الطلب منه واما فى الصيغ فليس دلالتها على الطلب إلّا بتوسيط مفاد الهيئة
ومعلوم ان مفاد الهيئة ليس إلّا نسبة ارسالية بين الفاعل والمبدا وهذه النسبة كما
يناسب الوجوب يناسب الاستحباب ايضا فلا وجه لتوهم وضعها لخصوص الوجوب لعدم ميز (١)
بين النسبة الارسالية الوجوبية والاستحبابية (٢) وح فاستفادة الوجوب لا يكون إلّا
بتقريب الاطلاق باحد الوجهين السابقين (٣)
______________________________________________________
للتفصيل بين
الارادة التشريعية والارادة التكوينية.
(١) فانها لا تقبل
الشدة والضعف وانما لازمها تقبل الشدة والضعف وهو الطلب والارادة.
(٢) مضافا الى ان
منشأ ظهور الصيغة فى الوجوب ليس هو الوضع اما التبادر فكونه مستند الى نفس اللفظ
غير معلوم اما الآيات والاخبار التى استدل بها على دلالة مادة الامر على الوجوب
لصدق مفهوم الامر على الصيغة فقد عرفت عدم امكان الاستدلال بها ومجرد الاستعمال لا
يدل على كونه حقيقة فيه وغلبة الصيغة ممنوع صغرا وكبرا اما الصغرى فلوضوح غلبة
استعمال الصيغة فى غير الوجوب اما الكبرى فلمنع كون غلبة الاستعمال موجبة للظهور
فليس منشأ الظهور فى الوجوب هو الوضع.
(٣) وقد تقدما
مفصلا فى مادة الامر احدهما ان الطلب الوجوبى هو الطلب التام الذى لا حد له من جهة
النقص والضعف بخلاف الاستحبابى فانه مرتبة من الطلب محدودة بحد من حدود الضعف
ويفتقر الى بيان حده فليزم حمل الكلام على المرتبة التامة كما هو الشأن فى كل مطلق
، ولو كان الموضوع له هو الجامع لكن الاطلاق ينصرف الى الطلب التام لانه ارادة غير
محدود ولا ينافى ذلك الموضوع له ، وما قيل من ان ما به الاشتراك عين ما به
الامتياز فى الوجود لا يوجب عدم الاحتياج فى صرف الجامع الى احد القسمين الى بيان
زائد عن بيان نفس الطبيعة فالوجود المشترك مفهوما بين مراتب الوجودات لا يمكن ان
يكون معرفا لمرتبة منها بل لا بد من قيد زائد
كما لا يخفى (١).
______________________________________________________
فالارادة القوية
كالضعيفة تحتاج الى قيد زائد كما فى وجود الواجب يحتاج الى قيد زائد وهو المطلق
والتام والواجب بالذات ففيه ان الفرد الاكمل انما يستفاد من الاطلاق لا من نفس
الطبيعة كما ان الوجود الحقيقى هو الوجود الواجبى وغيره من اشعات وجوده فالبيان
الزائد هو الاطلاق لا غير ـ وثانيهما ان اطلاق الطلب يقتضى ايجاده ولو كان هناك ما
يقتضى قصوره عن التأثير التام فى وجود المطلوب ولو لقصور المصلحة الموجبة لطلبة فى
نفسها او لمانع يوجب قصورها عرضا لوجب عليه ان يطلبه بتلك المرتبة من الطلب وإلّا
فقد اخل فى بيان ما يحصل به غرضه كما لا يخفى وسيأتى المناقشة فى الاول وردها.
(١) لكن فى المقام
شيء وهو ان جريان مقدمات الحكمة فى مادة الامر يكون مجراه هو المعنى المراد بها
فاذا اقتضى جريانها ثمة ارادة الطلب الوجوبى ذلت بالالتزام على كون الارادة
المتعلقة بالمأمور به ارادة لزومية وفى المقام حيث لا يمكن جريان مقدمات الحكمة فى
مفهوم الصيغة لكونه لا يقبل الشدة والضعف فلا اطلاق ولا تقييد فيه من هذه الناحية
فلا محاله يكون مجرى المقدمات هى الارادة المتعلقة بمادة الصيغة ، ومن هنا قد
يتوجه الاشكال بانه لا مجال فى المقام لجريان مقدمات الحكمة مطلقا اما فى مفهوم
الصيغة فلكونه هو البعث الملحوظ نسبة بين الذات اعنى به المبعوث وبين المبعوث اليه
اعنى به المادة والبعث المزبور لا يقبل الشدة والضعف لكونه فى الامر الوجوبى مثله
فى الامر الندبى واما فى الارادة فلكونها امرا شخصيا جزئيا لا يتصور فيه الاطلاق
والتقييد ايضا ليتوسل بمقدمات الحكمة الى بيان ما اريد منهما فيها ، لا يقال ان
الامر الشخصى وان لم يكن موضوعا للاطلاق والتقييد من حيث المفهوم ولكنه يمكن ان
يكون موضوعا لهما من حيث الاحوال فاذا امتنع الاطلاق الافرادى فى الامر الشخصى فلا
يمتنع الاطلاق الاحوالى فيه ويمكن ان يكون الشدة والضعف المتواردين على الارادة
الخارجية من احوالها واطوارها فتكون باعتبارهما مجرى لمقدمات الحكمة ، لانا نقول
ليست الشدة والضعف فى الارادة من اطوارها الطارية عليها بعد وجودها بل هما من
مشخصات وجودها لانها اذا وجدت فهى اما شديدة او ضعيفة لا انها توجد مطلقة من حيث
الشدة والضعف ثم يعرض عليها احدهما ، والتحقيق فى حل هذا الاشكال افادة المحقق
العراقى قدسسره هو ما حرره
.................................................................................................
______________________________________________________
فى محله فى تشخيص
مجرى مقدمات الحكمة وبيان الفائدة المترتبة عليها ومحصله هو ان مقدمات الحكمة كما
تجرى فى مفهوم الكلام لتشخصه من حيث سعته وضيقة كذلك يمكن ان تجرى فى تشخص الفرد
الخاص فيما لو اريد بالكلام فردا مشخصا ولم يكن فيه ما يدل على ذلك بخصوصه كما لو
كان لمفهوم الكلام فردان ومصداقان فى الخارج وكان احدهما يستدعى مئونة فى البيان
اكثر من الآخر حيث يريد المتكلم الدلالة على احدهما مثلا الارادة الوجوبية انما
تفترق عن الارادة الندبية بالشدة فيكون ما به الامتياز عين ما به الاشتراك واما
الارادة الندبية فهى انما تفترق عن الوجوبية بالضعف فما به الامتياز فيها غير ما
به الاشتراك فالارادة الوجوبية مطلقة من حيث الوجود الذى يكون به الوجوب بخلاف
الارادة الندبية فانها محدودة بحد خاص به تكون ارادة ندبية وعليه يكون اطلاق الكلام
فى مقام الدلالة على الارادة الخاصة كافيا فى الدلالة على كونها وجوبية لكونها
لاحد لها كى تكون به وجوبية ليفتقر المتكلم فى مقام افادته الى بيان ذلك الحد لأن
ما به الاشتراك فى المقام عين ما به الامتياز وهذا بخلاف ما لو كانت الارادة ندبية
فانها محدودة بحد خاص ليس من سنخ المحدود ولهذا يفتقر المتكلم فى بيانه الى تقييد
الكلام بما يدل عليه وان شئت قلت ان شدة الارادة ايضا ارادة مثل شدة الوجود واما
ضعفها فهو امر خارج عنها واحتاج الى مئونة زائدة ولذا يمكن ان يقال لو كانت
الارادة ضعيفة لبين المولى ضعفها وحيث ما بين فالصيغة دالة على ارادة الوجوب لا
الاستحباب قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٢٥ توضيحه ان حتمية الارادة
عبارة عن بلوغها مرتبة لا يرضى بترك ما تعلقت به وندبيتها عبارة عن نقصان مرتبتها
بحيث يرضى بترك متعلقها فالارادة الحتمية الاكيدة ارادة محضة لا يشوبها شيء
والارادة الندبية حيث انها مرتبة ضعيفة من الارادة فهى فاقده لمرتبة منها فهى
منفصلة بفصل عدمى ليس من حقيقة الارادة فى شيء فاذا كان المتكلم فى مقام البيان
فله الاقتصار على الصيغة الظاهرة فى البعث الصادرة عن ارادة فى افادة حتمية
الارادة لان حتمية الارادة حيث انها مرتبة من نفس الارادة الخاصة فكانها لم تزد
شيئا على الارادة حتى يحتاج الى التنبيه عليه بخلاف ما اذا كان فى مقام افادة
الندب لانه ممتاز بامر خارج عن حقيقة الارادة وان كان عدميا فلا بد من التنبيه
عليه وإلّا كان ناقضا لغرضه ولعل المراد بالاكملية المحكية عن بعض
.................................................................................................
______________________________________________________
المحققين هو صاحب
الحاشية هذا المعنى انتهى ـ ان قلت كما عن استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ، ص
١٢٩ لو تنزلنا وسلمنا ان الارادة الشديدة غير محدودة بخلاف الارادة الضعيفة إلّا
انه مع ذلك لا يمكن التمسك باطلاق الصيغة والحمل على الوجوب والسبب فى ذلك ان
بساطة الارادة الشديدة وتركب الارادة الضعيفة انما هما بالنظر الدقى العقلى وليستا
من المتفاهم العرفى ومن الطبيعى ان الاطلاق انما يعين ما هو المتفاهم العرفى دون
غيره وحيث ان بساطة تلك المرتبة وعدم وجود حد لها وتركب هذه المرتبة ووجود حدّ لها
أمران خارجان عن الفهم العرفى فلا يمكن حمل الاطلاق على بيان المرتبة الاولى دون
الثانية الخ وهو مأخوذ من المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٢٩ قال إلّا ان
الانصاف ان هذا التقريب دقيق ومثله غير قابل للاتكال عليه عند التحقيق انتهى وفيه
بهذا التعبير الفلسفى لا يفهم العرف واما اذا قلنا ان الارادة الشديدة ليس فيها
قيد اصلا ولاحد والضعيفة يكون فيها ذلك وهو جواز الترك فهو مما يفهمه كل احد
وجريان المقدمات يكون بالنسبة الى واقع الارادة كما لا يخفى ، واما كون صيغة الامر
موضوعا لانشاء الطلب او ابراز الامر الاعتبارى فقد تقدم الكلام فيه مرارا فلا نعيد
كما تقدم الكلام فى الارادة من الشدة والضعف فلا نعيد ، وبما ذكرنا من الجواب هنا
قد اندفع ما يقال من ان جريان مقدمات الاطلاق فى صقع المفهوم القابل للسعة والضيق
كمفهوم الرقبة دون فى ما كان شخصا خارجيا كالمقام الذى يكون الكلام فى الربط
البعثى الشخصى والشخص غير قابل للشدة والضعف فان الطلب والارادة شخص ومن المعانى
الحرفية التى لا يمكن تقييدها ، وجه الدفع ان شدة الارادة ارادة ولو يكون شخصا
وضعفها امر خارج عنها تحتاج الى المئونة وذلك بدال آخر وراء اصل الخطاب وسعتها نفس
عدم الحد وهو متحقق وقد تقدم الكلام فيه ايضا. وثمرته الفقهية قد استعملت الصيغة
فى الوجوب والاستحباب معا فى الرواية باب ١٥ احكام الخلوة فى الوسائل اين يضع
الغريب ببلدكم فقال اجتنب افنية المساجد وشطوط الانهار الخ وحملوها على الاستحباب
فى غير المساجد وفى الرواية باب ٣٥ ابواب الوضوء ان نسيت غسل وجهك فغسلت ذراعيك
قبل وجهك فاعد غسل وجهك ثم اغسل ذراعيك الحديث وفى الرواية المعتبرة باب ١ من
الابواب الاغسال المسنونة اغتسل يوم الاضحى والفطر والجمعة واذا غسلت ميتا وفى باب
٢٣ منها صوموا
ثم (١) ان ديدنهم
فى الفقه استفادة الوجوب من الجمل الفعلية كقوله تغتسل وتصلى (٢) و (٣) قيل (٤) فى
وجهه بان الجمل المزبورة استعملت فى انشاء الطلب وهو (٥) من البعد بمكان. و (٦)
لذا ذهب آخرون بان الجمل باق على اخباريته وان
______________________________________________________
شعبان واغتسلوا
ليلة النصف منه ، قال الله تعالى (أَوْفُوا
بِالْعُقُودِ) ، وفى المعتبرة اغسل ثوبك من ابوان ما لا يؤكل لحمه الى
غير ذلك.
(١) الجهة الرابعة
فى بيان دلالة الجملة الخبرية فى مقام الانشاء على الوجوب.
(٢) فان فى الآيات
والروايات كثيرة كقوله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ
يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) ، (قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ
يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ) وفى الرواية باب ٢ احكام الخلوة اذا دخلتم الغائط فتجنبوا
القبلة وفى باب ١ من الخلل رجل لا يدرى واحدة صلى او ثنتين قال يعيد ، رجل شك فى
الركعة الاولى قال يستأنف وفى باب ٢ منه الرجل يشك فى الفجر قال يعيد وفى الرواية
يتوضأ الى غير ذلك وفى جميع ذلك قد استظهر الاصحاب رضوان الله عليهم الوجوب
واستعملت فى افادة الطلب وتدل على طلب متعلقها شرعا وعرفا ويقع الكلام ح فى
مقامين.
(٣) المقام الاول
فى كيفية دلالتها على الطلب وهو على وجوه.
(٤) منها ما يظهر
من كلمات القدماء من انها قد استعملت فى الطلب مجازا.
(٥) ووجه البعد
انا نرى بالوجدان انه لا عناية فى استعمالها حين دلالتها على الطلب فانه لا فرق
بين نحو استعمالها حين الاخبار بها ونحو استعمالها حين افادة الطلب بها.
(٦) ومنها انه
كثيرا ما يخبر العقلاء خصوصا اهل الفن منهم بوقوع بعض الامور فى المستقبل لعلهم
بتحقق مقتضية اما للغفلة عن مانعة او لعدم اعتنائهم به لندرة وجوده كما نشاهد ذلك
جليا فى اخبار المنجمين والمتطببين بحدوث بعض الحوادث او عروض بعض الاحوال لبعض
الاصحاء او المرض لاطلاعهم على تحقق اسباب تلك الامور التى اخبروا بها وعليه يمكن
ان يكون ما نحن بصدد بيان وجهه منطبقا على هذا الوجه بمعنى ان من له الامر حيث
يعلم ان من مقتضيات وقوع فعل المكلف فى الخارج وتحققه هو طلبه وارادته ذلك منه
فاذا علم بارادته ذلك الفعل وطلبه من المكلف فقد
المصحح للاخبار
وجود مقتضيه من طلب المولى فيخبر بوقوع المطلوب لمحض وجود مقتضيه التشريعى كما انه
قد يخبر بوقوع التكوينيات كالاخبار بهلاك الشخص لمحض العلم بوجود مقتضى هلاكه ،
وفيه (١) ان المقتضى لوجود
______________________________________________________
علم بتحقق مقتضيه
وصح منه ان يخبر بوقوع ذلك الفعل تعويلا على تحقق مقتضيه وبما ان سامع هذا الخبر
يعلم ان المخبر ليس فى صدد الاخبار بوقوع الفعل من المكلف فى المستقبل بل بداعى
الكشف عن تحقق مقتضى وقوعه اعنى به ارادة من له الامر وطلبه منه يكشف ذلك الخبر
بتلك الجملة عن تحقق ارادة المولى وطلبه لذلك الفعل من المكلف.
(١) واجاب عن ذلك
المحقق الماتن ما ملخصه انه لما صح الاخبار بوقوع الفعل لعلم المخبر بتحقق مقتضيه
لان مقتضى الفعل هى ارادة المولى ذلك الفعل من المكلف وهى لا تكون مقتضيا لوقوعه
وصدوره من المكلف وداعيا له اليه الا فى حال علمه بها لا بوجوده الواقعى محضا
وعلمه بها متوقف على الاخبار بوقوع الفعل وعليه يلزم الدور لان الاخبار بوقوع
الفعل متوقف على تحقق مقتضيه فى الخارج وهو ارادة المولى مع علم المكلف به وتحقق
مقتضيه متوقف على الاخبار بوقوعه وبدونه لا علم له مضافا الى ذلك ان اخبار المنجم
والطبيب بوقوع بعض الحوادث او الاحوال انما يكون بداعى الكشف عن تحققه فى المستقبل
اعتمادا منه على تحقق علته لا انه يخبر بذلك بداعى الكشف عن تحقق مقتضيه من باب
الاخبار عن وجود احد المتلازمين بالاخبار عن الآخر ليكون كناية ولا ريب فى ان من
يريد وقوع فعل ما من الآخر ويكشف عن ارادته بوقوعه منه فى المستقبل لا يخبر به
بداعى الكشف عن وقوعه فى المستقبل بل بداعى الكشف عن ارادته ذلك الفعل منه وبذلك
يكون الاخبار بالوقوع كناية عن طلب المخبر وارادته لوقوع الفعل من المخاطب وح لا
يكون وقع للمقدمة التى قدمها ولا ربط لها بهذا الوجه ومنها ما اورد عليه المحقق
العراقى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٨٢ ، قال ولكن نقول بان ارادة الفعل من المكلف
واقعا لما كانت سببا لاعلام المكلف والمأمور به وكان الاعلام سببا لحكم عقله
بالاطاعة وحكم عقله بالاطاعة سببا لتحقق العمل منه فى الخارج فقهرا بهذه السلسلة
الطويلة تكون الارادة سببا ومقتضيا لوجود العمل وتحققه ومعه نقول بانه يكفى هذا
المقدار
المخبر به فى
التشريعيات هو علم المأمور بوجود الطلب وان لم يكن فى الواقع طلب كما انه لو كان
ولم يعلم به المكلف لما كان طلبه بوجوده الواقعى مقتضيا وحيث كان الامر كذلك
يستحيل ان يكون الموجب لهذا طلبه واقعا ولا علمه به كيف وعلمه به من نتائج هذا
الخبر لا من مباديه (١) فلا مجال ح لقياس المقام بالاخبار فى التكوينيات بوجود
المخبر به بعناية وجود مقتضيه كالاخبار بموت الشخص مثلا لوجود مقتضيه كما لا يخفى
، و (٢)
______________________________________________________
من الدخل فى
مصححية الاخبار انتهى. كما هو الصحيح والمختار.
(١) فيلزم الدور.
(٢) ومنها ما عن
الكفاية ، ج ١ ، ص ١٠٤ ولكنه لا يخفى انه ليست الجمل الخبرية الواقعة فى ذلك
المقام اى الطلب مستعملة فى غير معناها بل تكون مستعملة فيه إلّا انه ليس بداعى
الاعلام بل بداعى البعث بنحو الآكد حيث انه اخبر بوقوع مطلوبه فى مقام طلبه اظهارا
بانه لا يرضى إلّا بوقوعه فيكون اكد فى البعث من الصيغة كما هو الحال فى الصيغ
الانشائية على ما عرفت من انها ابدا تستعمل فى معانيها الايقاعية لكن بدواع أخر
كما مر لا يقال كيف ويلزم الكذب كثيرا لكثرة عدم وقوع المطلوب كذلك فى الخارج
تعالى الله واولياؤه عن ذلك علوا كبيرا فانه يقال انما يلزم الكذب اذا اتى بها
بداعى الاخبار والاعلام لا لداعى البعث كيف وإلّا يلزم الكذب فى غالب الكناية فمثل
زيد كثيرا الرماد او مهزول الفصيل لا يكون كذبا اذا قيل كناية عن جوده ولو لم يكن
له رمادا او فصيل اصلا وانما يكون كذبا اذا لم يكن بجواد فيكون الطلب بالخبر فى
مقام التأكيد ابلغ فانه مقال بمقتضى الحال هذا الى آخر كلامه تقدم منه ان الاخبار
والانشاء من طوارى الاستعمال لا من قيود المعنى المستعمل فيه وح فاستعمال هذه
الجمل فى الانشاء لا الاخبار ليس استعمالا لها فى غير معناها نعم يبقى الاشكال فى
انه لو استعملت فى الانشاء كيف تكون لانشاء الطلب مع ان الطلب ليس معنى للمادة اذ
يعيد ويتوضأ الاعادة والوضوء وليس معنى للهيئة لما عرفت من انه ليس معنى نسبيا
كذلك وكون معنى الهيئة النسبة الطلبية كما فى هيئة افعل على المشهور غير ممكن
بشهادة عدم دلالة الهيئة على النسبة المذكورة عند استعمالها خبر
الاولى ان يقال (١)
فى وجهه ان هيئة الكلام بعد ما كان دالا على ايقاع نسبة بين الفعل وفاعله فلا شبهة
فى انه قد يقصد به الحكاية عن ايقاع النسبة بينهما تشريعيا (٢) وهذا الايقاع
بالملازمة (٣) يدل على ارادة تشريعية قبال قصد
______________________________________________________
ولذا قيل انها لو
استعملت انشاء فهى لانشاء النسبة الصدورية ادعاء نظير انشاء النسبة الحملية فى قول
المولى لعبده انت حر وزوجتى طالق وهذا الانشاء لما كان مظهرا للارادة كان موجبا
للبعث.
(١) وتوضيح ما
افاده المحقق الماتن قدسسره هو ان هيئة الجملة الخبرية الفعلية سواء قصد بها الكشف عن
وقوع شيء فى الخارج ام قصد بها انشاء امر ما نحو بعث ويغتسل تستعمل دائما فى ايقاع
النسبة بين الفاعل المسند اليه ذلك الحدث وبين مادة ذلك الفعل غاية الامر انه اذا
كان الداعى الى ايقاع النسبة المزبورة هو الكشف عن وقوعها فى الخارج كانت الجملة
خبرية محضة وان كان الداعى الى ايقاع النسبة هو التوسل والتسبيب الى وقوعها فى
الخارج كانت الجملة الخبرية قائمة مقام الجملة الانشائية فى افادتها الطلب لدلالته
بالملازمة على طلب المخبر للفعل الذى اخبر بوقوعه كما فى مثل يغتسل جوابا للسائل
عمن خرج منه بلل مشتبه بعد الانزال وقبل الاستبراء وبما ان الجملة المزبورة لم
يقصد بها الكشف عن وقوع النسبة فى الخارج لا تكون خبرا عنها للعلم المخبر بتحقق
مقتضى وقوعها فليس الباعث للمتكلم على الاخبار بالجملة الخبرية فى مقام البعث على
مؤداها هو علمه بتحقق مقتضى ما اخبر به ليتوجه اشكال الدور المتقدم بل الباعث له
على الاخبار بها هو التسبيب الى وقوع الفعل وصدوره من المسند اليه فى ظاهر الجملة
فالارادة التشريعية لم تكن عند ذيها سببا ومقتضيا لوقوع ذلك الفعل من المكلف بل
كانت سببا لايقاع المتكلم النسبة بين الفعل ومن اسند اليه حيث يتسبب بذلك الى
وقوعها فى الخارج لان ايقاع النسبة لا بداعى الكشف عن وقوعها فى الخارج بل بداعى
التسبيب الى وقوعها يكشف عن طلب المتكلم بتلك الجملة للفعل ممن اسند اليه فى ظاهر
تلك الجملة.
(٢) بان يكون
الداعى هو التوسل الى وقوعها فى الخارج.
(٣) فكما ان ايقاع
النسبة بينه وبين الفاعل فى الخارج ملازم مع ارادة الوجود ولا يمكن انفكاكه عنها
كذلك هذه النسبة الايقاعية الذهنية فاذا كان المتكلم فى مقام
الحكاية بها عن
وقوع النسبة ومفروغية ثبوته (١) خارجا وما هو مقوّم الخبر هو هذا القصد ولازمه
انسلاخه عن قصد حكايته عن الامر الثابت وارادة الحكاية منه عن ايقاع النسبة بينهما
بتشريعه وتسبيبه فهذه الجمل فى الحقيقة وان كانت منسلخة عن الاخبار لكن ليس المراد
منها ارادة انشاء الطلب (٢) وايقاعه بل اريد منها انشاء مادته وايقاع نسبته الى
الفاعل ولو تسبيبا بتوسط تشريعه فقهرا يدل على ارادته التشريعية بهذه المناسبة ،
ولئن شئت قلت ان المتكلم بهذا الكلام فى مقام ايقاع نسبة المبدا خارجا الى الفاعل
بعناية وجود مقتضيه من ارادته التشريعية لا فى مقام الحكاية عن صدوره عن الفاعل
بعناية وجود مقتضيه من ارادة المخبر من المعلوم ان مثل ارادة المخبر اجنبى عن
الاقتضاء فى صدور الفعل منه كما اسلفنا بخلاف مقام اصداره من المخبر ولو تسبيبا
فان لارادته التشريعية كمال الاقتضاء لهذا المعنى نعم (٣) فى دلالتها على الوجوب
مع فرض مناسبة هذه العناية للاستحباب ايضا يحتاج الى مقدمات اخرى قد اسلفناه فى
وجه دلالة الصيغ على الوجوب وهى (٤) بعينها جارية فى المقام ايضا (٥) نعم عن
______________________________________________________
الجد بهذا الايقاع
فقضية جده بذلك تقتضى ملازمته مع ارادة الوجود من المكلف.
(١) وهو الكشف
والحكاية عن الواقع الثابت وهى الجملة الخبرية.
(٢) كما يقوله
صاحب الكفاية قدسسره.
(٣) المقام الثانى
فى ان الجملة الخبرية بعد الفراغ عن كونها دالة على الطلب هل تكون ظاهرة بنفسها فى
الطلب الالزامى او تكون فى نفسها صالحة للدلالة على الالزامى وغيره.
(٤) وهى مقدمات
الحكمة والاطلاق من وجهين.
(٥) تقدم عن
الكفاية انها فى الدلالة على الطلب اكد وقال فى الكفاية ج ١ ، ص ١٠٦ ، مع انه اذا
اتى بها فى مقام البيان فمقدمات الحكمة مقتضية لحملها على الوجوب فان تلك النكتة
ان لم تكن موجبة لظهورها فيه فلا اقل من كونها موجبة لتعيّنه
بعض الاعاظم من
المعاصرين (١) كلام فى وجه استفادة الوجوب من الصيغ و
______________________________________________________
من بين محتملات ما
هو بصدده فان شدة مناسبة الاخبار بالوقوع مع الوجوب موجبة لتعين ارادته اذا كان
بصدد البيان مع عدم نصب قرينة خاصة على غيره انتهى. وملخص كلام المحقق العراقى قدسسره انه بناء على ما استظهر فى وجه دلالتها على الطلب انه لا
فرق بين الطلب الالزامى وغيره بالنسبة اليها نفسها لصلوحها فى ذاتها لافادة كل
منهما وذلك لان الانسان كما يكون بصدد افادة طلبه الالزامى يكون بصدد افادة طلبه
غير الالزامى والجملة الخبرية فى حد ذاتها صالحة لافادة كل منهما اذا المتكلم كما
يتسبب بايقاع النسبة الخبرية الى افادة طلب وقوعها الزاما كذلك يتسبب الى افادة
طلب وقوعها ندبا نعم يمكن دعوى ظهور الجملة الخبرية فى الطلب الالزامى بضميمة
مقدمات الحكمة اليها باحد التقريبين السابقين واما على الوجه الثانى المتقدم
فالجملة الخبرية بملاحظته تكون ظاهرة فى الطلب الالزامى بل تكون دلالتها عليه آكد
من غيرها لان الاخبار بوقوع الفعل اعتمادا على تحقق مقتضيه وهو طلب المخبر اياه
يدل على ان ذلك الطلب طلب الزامى اذ هو المقتضى لوقوع الفعل المطلوب اقتضاء يكاد
ان لا ينفك عنه مقتضاه وربما يشكل على مقدمات الحكمة بان المقدمات المعروفة لو جرت
لا تثبت الانفس الطلب الذى هو القدر المشترك بين الفردين فان مادة الامر وضعت لنفس
الجامع بلا خصوصيته فردية والاطلاق المفروض لو ثبت ببركة مقدماته لا تفيد الا كون
ما وقع تحت البيان تمام المراد وقد فرضنا ان البيان بمقدار الوضع ولم يقع الوضع
الا لنفس الجامع دون الخصوصية فمن اين يستفاد كون الوجوب هو المراد ـ ولكن فيه ان
المقدمات لا تدل على الوضع وانما تدل على ما لا حاجة له الى المئونة وقد عرفت ان
الاكمل هو لا مئونة له دون غيره.
(١) وهو المحقق
النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ٩٥ ، قال فاعلم ان الصيغة متى صدرت من المولى فالعقل
يحكم بلزوم امتثاله باقتضاء العبودية والمولوية ولا يصح الاعتذار عن الترك بمجرد
احتمال كون المصلحة غير لزومية إلّا اذا كانت هناك قرينة متصلة او منفصلة على
كونها غير لزومية وتوضيح ذلك ان الوجوب لغة بمعنى الثبوت وهو تارة يكون فى التكوين
واخرى فى التشريع فكما ان فى التكوينيات يكون ثبوت شيء تارة بنفسه واخرى بغيره وما
كان بالغير لا بد وان ينتهى الى ما بالذات فكذلك الثبوت فى عالم التشريع فما هو
ثابت بنفسه نفس اطاعة المولى فانها واجبة بنفسها و
الجمل (١) بدعوى
ملخصه ان الصيغة بمحض صدوره عن المولى العقل يحكم بلزوم امتثاله إلّا ان يقوم
قرينة على خلافه ، وافاد فى توضيح مرامه بان الوجوب بمعنى الثبوت وهو تكوينى
وتشريعى وكل منهما ينقسم الى ما كان بالذات وبالغير وكل ما بالغير ايضا فى
المقامين ينتهى الى ما بالذات وان وجوب الطاعة نفسى ووجوب غيره به الى ان افاد
بعده اذا صدر بعث من المولى العقل يحكم بوجوب طاعته قضاء لحق المولوية فالوجوب
انما هو من تبعات حكم العقل بالطاعة ومن لوازم صدور الصيغة من المولى او صدور
الجمل منه انتهى كلامه اقول (٢) ان (٣) اراد ان مجرد تحريك المولى وبعثه ملازم
ذاتا مع وجوب امتثاله و
______________________________________________________
غيرها يكون واجبا
باعتبار انطباق عنوان الطاعة عليه فاذا صدر بعث من المولى ولم تقم قرينة على كون
المصلحة غير لزومية فلا محاله ينطبق عليه اطاعة المولى فيجب بحكم العقل قضاء لحق
المولوية والعبودية فالوجوب انما هو بحكم العقل ومن لوازم صدور الصيغة من المولى
لا من المداليل اللفظية انتهى.
(١) اى الجمل
الخبرية قال المحقق النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ٩٦ ، وقد ذكرنا فى المقام الاول
صحة استعمال الفعل الماضى والمضارع فى مقام الانشاء وطلب شيء بين المكلف وان
المستعمل فيه من الجميع شيء واحد وهو النسبة التحققية والتلبسية وان الانشاء
والاخبار من المداليل السياقية ومنه يظهر ان دلالتهما على الوجوب ايضا بحكم العقل
ومن لوازم صدور الكلام من المولى ولا ربط له بالمداليل اللفظية اصلا.
(٢) وملخص جوابه
اوّلا ان كلية الكبرى ممنوعة اذ لا ريب فى كون الطلب الاستحبابى موضوعا للاطاعة مع
كونه غير واجب الامتثال عقلا وعليه لا تكون اطاعة المولى مطلقا واجبة عقلا بل
بعضها واجب وهو ما كان فى متعلقها غرض لازم الاستيفاء ولا ملازمة بين البعث ووجوب
الطاعة عقلا كما فى الاستحباب.
(٣) بيانه قال
المحقق النائينى فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٣٦ ، ان الوجوب انما يكون حكما عقليا لا
انه امر شرعى ينشئه الامر حتى يكون ذلك مفاد الصيغة ومدلولها اللفظى كما هو مقالة
من يقول بوضعها لذلك ومعنى كون الوجوب حكما عقليا هو ان
لو لكون ذلك
باطلاقه حق المولى فهو مع التزامه تحريكه مع القرينة على ارادة غير لزومية لا يوجب
الامتثال غير (١) خال عن المضادة (٢) اذ لازم كلامه الاخير عدم الملازمة بين
التحريك ذاتا مع الوجوب وإلّا لا يجتمع التحريك مع القرينة على الخلاف ولازمه (٣)
عدم كونه مطلقا حق المولى ومع عدم الملازمة الذاتية فمن اين يقتضى مجرد التحريك
وجوب الطاعة وهل هو الا دعوى بلا برهان وقولا بلا اتقان ولا اظن صدور ذلك منه واظن
ان بيان مقرره قاصر وإلّا مثل هذا البيان لا يصلح من ذى مسكة فلا بد وان يحصل
مرامه من نفسه او من غير هذا المقرر (٤) وإلّا هذا المقدار لا يستاهل ردا.
______________________________________________________
العبد لا بد ان
ينبعث عن بعث المولى إلّا ان يرد منه الترخيص بعد ما كان المولى قد اعمل ما كان من
وظيفته واظهر وبعث وقال مولويا افعل وليس وظيفة المولى اكثر من ذلك وبعد اعمال
المولى وظيفته تصل النوبة الى حكم العقل من لزوم انبعاث العبد عن بعث المولى ولا
نعنى بالوجوب سوى ذلك انتهى. وقد عرفت الجواب عنه اوّلا.
(١) بيان الاشكال
الوارد عليه ثانيا هى المضادة قال فى الفوائد ، ص ١٣٧ ، وليس علة وجوده الا البعث
فالبعث يقتضى الوجود لو خلى وطبعه ولم يقم دليل على ان البعث لم يكن للترغيب الذى
هو معنى الاستحباب الخ فانه تحريك من المولى ولا يحكم العقل بلزوم الانبعاث ولا
تكون الملازمة موجودة فانه لا تخلوا المضادة بين صدر كلامه وذيله.
(٢) بيان المضادة
لان لازم كلام الاخير انه لا ملازمة ذاتا بين البعث والوجود فكيف بمجرد التحريك
يلازم وجوب الامتثال عقلا كما فى الاستحباب وفى صدر كلامه قال اذا صدر بعث من
المولى العقل يحكم بوجوب طاعته.
(٣) اى لازم كلامه
الاخير عدم الملازمة الذاتية بين بعث المولى وتحريكه ووجوب الطاعة عقلا.
(٤) قد عرفت بيان
كلا مقرريه. الجهة الخامسة بعد ما عرفت ظهور لفظ الامر وصيغته فى الوجوب وكذا
الجملة الخبرية فنقول اما لفظ يجب ومشتقاته الموجود فى كثير من الروايات فنص فى
اللزوم وهو الموضوع له إلّا ان يؤول بقرينة فيكون
مقالة (١) اطلاق
الامر او الخطاب هل يقتضى التوصلية ام لا فيه كلام وتوضيح هذا المقصد يقتضى تقديم
مقدمة (٢) فى بيان المراد من التعبدية و
______________________________________________________
مجازا قال عليهالسلام باب ١ من ابواب الجنابة غسل الجنابة واجب غسل الحائض اذا
طهرت واجب غسل المستحاضة واجب غسل النفساء واجب وغسل الميت واجب الحديث فراجع وكذا
لفظ الفريضة ظاهرة فى الوجوب ففى نفس الباب غسل الجنابة فريضه ، وهناك اصطلاح خاص
فى بعض الروايات ان الفريضة ما فرضه الله والسنة ما سنه النبوى ولا تترك الفريضة
بالسنّة ولذا يكون القصر فى الصلاة بركعتين لان الساقط سنة وهذا امر آخر وكلاهما
ظاهر فى الوجوب والكلام فى الظهور.
فى التعبدى والتوصلى
(١) النموذج
الثالث فى التعبدى والتوصلى والكلام فيه عن جهات.
(٢) ويظهر انه على
وجوه وسيأتى وانما يلزم التنبيه الى امرين الامر الاولى. قال المحقق النائينى فى
الفوائد ، ج ١ ، ص ١٣٨ وقد يطلق التوصلية ويراد منها عدم اعتبار المباشرة او عدم
اعتبار الارادة والاختيار او عدم اعتبار الاباحة والسقوط بفعل المحرم ولا يخفى ان
النسبة بين الاطلاقين هى العموم من وجه اذ ربما يكون الشى توصليا بالمعنى الاول اى
(مقابل التعبدى بان لم يشرع لاجل اظهار العبودية) ومع ذلك يعتبر فيه الارادة
والاختيار كوجوب رد التحية فانه لا يعتبر فيه قصد التعبد ومع ذلك يعتبر فيه
المباشرة وربما ينعكس الامر ويكون الشى توصليا بالمعنى الثانى اى لا يعتبر فيه
المباشرة ويسقط بالاستنابة وفعل الغير ومع ذلك لا يكون توصليا بالمعنى الاول بل
يكون تعبديا كقضاء الصلاة الميت الواجب على الولى فانه يعتبر فيه التعبد مع عدم
اعتبار المباشرة انتهى وكالحج الواجب استنابه عن الحى العاجز الغير القادر وربما
يجتمعان كوجوب ازالة النجاسات وغيرها فلا يعتبر المباشرة ولا الاختيار ولا يعتبر
فيها اظهار العبودية وسيأتى مفصلا ويسقط بالفعل المحرم وهو الماء المغصوب. الامر
الثانى قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٢٩ لا يخفى عليك ان الفرق بين
التعبدى والتوصلى (على ما سيأتى عن بعضهم) فى الغرض من الواجب لا الغرض من الوجوب
اذا الوجوب ولو فى التوصلى لا يكون إلّا لان يكون داعيا للمكلف الى ما تعلق به
ومنه يظهر ان
التوصلية المشهور (١)
بين القدماء كون المدار فى توصلية المأمور به معلومية الغرض الداعى على الامر بحيث
يعلم ان المقصود للامر او المأمور التوصل به الى هذا الغرض (٢) وفى قباله ما لا
يعلم الغرض المزبور فيسمى تعبديا بملاحظة ان الاقدام به ليس إلّا من جهة التعبد (٣)
لولاه (٤) بلا قصده (٥) التوصل به الى شيء معلوم (٦)
______________________________________________________
الوجوب فى التوصلى
لا يغاير الوجوب فى التعبدى اصلا حتى بلحاظ الغرض الباعث للايجاب والاطلاق المدعى
فى المقام هو اطلاق المادة دون اطلاق الوجوب والامر ففى الحقيقة لا وجه لجعل هذا
البحث من مباحث الصيغة انتهى. فالتوصلى والتعبدى يشتركان فى الوجوب ويأتى الفعل
بداعى الوجوب وانما التعبدى يأتى بالواجب بداع القربة به زائدا على الوجوب والهيئة
لا تدل عليه حتى يتمسك باطلاقه بل يكون من اطلاق المادة ثم ان التعبدى كالصلاة
والصوم والحج والخمس والزكاة وامثال ذلك والتوصلى لوجوب الوفاء بالدين والنذر ورد
السلام ونفقة الزوجة ومواراة الميت ونحو ذلك.
(١) الوجه الاول
ما هو المشهور بين القدماء وملخصه ان الغرض من الامر ان كان معلوما للمكلف يجوز ان
يأتى بالمأمور به لاجل ذلك الغرض لا لاجل امتثال امره وان لم يكن الغرض من الامر
معلوما كان اتيان المكلف بالمأمور به للتعبد بامتثال امر المولى ليس إلّا فالتعبدى
يكون بقصد الامر والتوصلى لا يكون كذلك.
(٢) فان الغسل
معلوم الغرض لطهارة الثوب او البدن والعقد لاجل تحقق الزوجية او الملكية وجوب غسل
النجاسة عن المسجد لاجل الازالة وخلوه عنها ونحو ذلك كدفن الميت للمواراة.
(٣) اى التعبد
بامر المولى.
(٤) اى لو لا هذا
التعبد لما يقدم على اتيان العمل.
(٥) اى ليس شيء
معين حتى يقصد التوصل الى شيء معلوم. وتصحيح لولاه ـ بمولاه ـ غلط فما معنى التعبد
لمولاه كما هو واضح.
(٦) والجواب عن
هذا الوجه ذكر المحقق العراقى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٨٣ ، بما يرى كثيرا من
التوصليات التى لا يعلم انحصار الغرض والمصلحة فيها فى شيء على
وعند اهل العصر من
امثال زماننا (١) كون المدار فى التوصلية على عدم احتياج حصول الغرض (٢) والمصلحة
القائمة بالمأمور به الى كون الفعل قربيا قبال ما اذا
______________________________________________________
ان التعبدى بهذا
المعنى غير مجد فى ما هو المهم فى مثل المقام حيث ان المهم والمقصود من التعبدى فى
المقام هو الذى لا يحصل الغرض الداعى على الامر به ولا يسقط امره إلّا باتيانه على
وجه قربى ويقابله التوصلى الذى يحصل الغرض ويسقط الامر بمجرد وجوده كيفها اتفق
انتهى. مضافا الى ان البعث فى كليهما يكون عن الامر فان من يدفن الميت ايضا داعية
الامر بالدفن نعم ربما لا يبقى موضوع التكليف كمن يكون مأمورا بتطهير الثوب فوقع
فى الماء بريح ونحوه فانه مثل ان يأكل الذئب الميت قبل دفنه فان وقوع المأمور به
يكون فى الخارج بدون قصد الامر لانه ما صدر عن الفاعل المختار. واما ما وردت
الاخبار فى علل الاحكام مفادها حكم الاحكام لا عللها وهى الملاكات والمصالح وعلى
فرض ان يكون مفادها العلل والاغراض فانها كما وردت فى التوصليات كذلك وردت فى
التعبديات لكنه اجنبى هذا الاصطلاح عن محل كلامنا فى مورد الشك فى اعتبار قصد
القربة هل يمكن التمسك بالاطلاق لاثبات التوصلية ام لا وبالجملة ليس المدار على
العلم بالغرض وعدمه فالمرأة تجب عليها العدة فى الطلاق بعد الدخول بها سواء كانت
عقيمة او زوجها عقيم ام لا مع ان العدة لاختلاط المياه ويكون الصوم تعبديا والغرض
منه لان يصل الغنى الى جوع الفقير ويدرك ألمه وهكذا.
(١) الوجه الثانى
قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١٠٧ ، الوجوب التوصلى هو ما كان الغرض منه يحصل بمجرد
حصول الواجب ويسقط بمجرد وجوده بخلاف التعبدى فان الغرض منه لا يكاد يحصل بذلك بل
لا بد فى سقوطه وحصول غرضه من الاتيان به متقربا به منه تعالى انتهى.
(٢) الغرض الاصلى
من الوجوب هو الاثر المترتب على الواجب فان الغرض من الوجوب توصليا كان او تعبديا
وان كان هو احداث داع عقلى للمكلف الى فعل الواجب اذ هو الذى يترتب على الوجوب
إلّا ان هذا الغرض لما كان مقصود ابداعى حصول الاثر المترتب على الواجب الذى كان
بوجوده العلمى داعيا الى ارادته النفسية كان اثر الواجب غرضا اصليا للوجوب ايضا
واورد عليه ان وظيفة العبد هو اتيان المأمور به واما تحصيل الغرض فليس من وظيفته
ولا طريق الى تحصيله إلّا اتيان
احتاج الى ذلك
فيسمى تعبديا ، ولئن قيل (١) بان المدار فى التوصلية (٢) على عدم احتياج رفع
اشتغال الذمة بالمأمور به على اتيانه قربيا قبال احتياجه اليه فيسمى تعبديا لكان (٣)
اشمل من التعريف السابق اذ ح ربما يحكم بالتوصلية (٤) مع عدم العلم بحصول الغرض
والمصلحة المزبورة بلا كون العمل قربيا بخلافه على الاول (٥) ولكن ربما يقال (٦)
ان ذلك (٧) لا يكون إلّا (٨) مع الشك فى
______________________________________________________
المأمور به
والكيفية التى يعتبرها العقل فى مقام الاطاعة لانه هو الحاكم فى باب الاطاعة
والعصيان.
(١) الوجه الثالث
لعله يميل اليه المحقق الماتن قدسسره وملخصه ان المكلف به ان افتقر تفريغ الذمة من تكليفه الى
قصد امتثاله كان الامر المتعلق به تعبديا وإلّا كان الامر به توصليا.
(٢) والفرق بين
هذا الوجه وسابقه ان هذا الوجه ناظرا الى مرحلة الامتثال وحكم العقل بالطاعة
والوجه المتقدم عليه ناظرا الى ترتب الغرض والمصلحة القائمة بالعمل.
(٣) هذا هو الوجه
لميله قدسسره الى الوجه الثالث وملخصه ان التوصلى بهذا المعنى يكون اوسع
صدقا واجمع افرادا لشموله ما لو شك فى كونه تعبديا لفراغ الذمة من تكليفه لو فعله
وان لم يقصد امتثاله وان كان فى الواقع تعبديا مع عدم العلم بحصول الغرض لعدم كون
المدار على الغرض.
(٤) كما فى مورد
الشك الذى عرفت.
(٥) من عدم احتياج
حصول الغرض الى كون الفعل قربيا فلا بد من قصد الامتثال للعلم بحصول الغرض ولو فى
مورد الشك.
(٦) وملخص ذلك فى
الجواب عن الأوسعية انه خلط بين تشخيص المعانى فى حد ذواتها وبين مقام العمل حسب
القواعد المقررة للشك فى معنى المأمور به فانا فى هذا المقام بصدد تشخيص المعانى
من حيث ذواتها لا فى مقام تشخيص وظيفة المكلف فى مقام العمل.
(٧) اى من الحكم
بالتوصلية مع عدم العلم بحصول الغرض.
(٨) اى يختص بمورد
الشك فى التعبدية.
التعبدية
والتوصلية واقعا وإلّا (١) فمع العلم بالتعبدية لا يكاد يسقط الغرض إلّا بقرينة
العمل وح فالتعبدية الواقعية منوط به فتعين التعريف الاول (٢) نعم (٣) هنا شيء آخر
وهو ان لقائل ان يقول ان ذلك البيان (٤) انما يتم (٥) على كون (٦) عبادية
______________________________________________________
(١) اى ليس موضوع
البحث هو الشك بل العلم بالتعبدية فيلازم حصول الغرض مع قربية العمل والعبرة به.
(٢) ـ اى المتعين
من تعريف التعبدى والتوصلى ـ وهو ان الواجب التعبدى ما لا يكاد يحصل الغرض الداعى
على الامر به إلّا باتيانه على وجه قربى والواجب التوصلى بخلافه وهو الذى يحصل
الغرض الداعى على الامر به بمجرد وجوده ولو لا يكون الاتيان به عن داع قربى بل ولو
كان حصوله من غير ارادة المكلف واختياره كما فى مثل غسل الثوب من الخبث حيث انه
بمحض تحققه يحصل الغرض الداعى على الامر به ويسقط الامر به ايضا ولو كان ذلك بمثل
اطارة الريح اياه فى الماء نعم فى مقام ترتب المثوبة ولو فى التوصليات لا بد من
اتيان العمل عن داعى امره سبحانه بلحاظ ان المثوبة انما كان ترتبها على عنوان
الاطاعة وهذا العنوان مما لا يكاد تحققه إلّا اذا كان الاتيان بالواجب بداعى امر
المولى لكن مجرد ذلك لا يقتضى تعبديته حيث ان المدار فى التعبدية والتوصلية امر
آخر عرفته.
(٣) ثم قام فى
مقام التحقيق فى معنى العبادة وما ملخصه ان العبادة على قسمين بعد ما كانت عبارة
عن اظهار العبد والمأمور به خضوعه وعبوديته لمولاه.
(٤) اى ما تقدم من
الوجه الثانى من ان التوصلى ما لا يحتاج حصول الغرض الى قصد التقرب بخلاف التعبدى.
(٥) اى انما يتم
الوجه الثانى المتقدم على قسم الاول من العبادة الآتى دون الثانى وبيانه سيأتى.
(٦) القسم الاول
ما يكون عبادة لوقوعه اطاعة لطلب من طلبه من فاعله وذلك لان اطاعة العالى عبادة
بذاتها وكل فعل يصدر من فاعله معنونا بعنوان اطاعة شخص ما يكون عبادة بالعرض ولا
محاله ان الاطاعة لا تتحقق الا بعد تعلق طلب المطاع بفعل المطيع وقصد المطيع بفعله
امتثال طلب المطاع او باتيان الفعل بداعى حب المولى مثلا اياه او بداعى كون الفعل
ذا مصلحة للمولى مثلا وبالجملة لا تتحقق
الشيء ملازما
لقربية بحث لا يتصور فيه المصلحة الا فى صورة ايجادها قربيا و (١) من (٢) لوازمه ايضا
عدم تصور حرمة العبادة بوصف عبادته الا تشريعيا (٣) نظرا الى مضادة الحرمة مع اصل
العبادية ، واما (٤) لو قلنا بان حقيقة العبادة
______________________________________________________
العبادة إلّا اذا
صدر الفعل من فاعله باحدى الدواعى القربية وبملاحظة ذلك يصح ان يقال ان الغرض من
هذا النحو من العبادة لا يحصل إلّا اذا صدر الفعل المتعبد به من فاعله بقصد
القربة. وقد عبر عن هذه العبادة وهى مطلق ما امر به بداعى امره العبادة الذاتية
غير جعلية فان كون مثل هذه الاعمال من وظائف العبودية انما هو ذاتى.
(١) ولهذا القسم
آثار وفوارق يفترق مع القسم الثانى الآتي.
(٢) من آثار هذه
العبادة الذاتية ان مقربيتها ايضا ذاتية غير قابلة للمبعدية ولا المبغوضية بوجه
اصلا لانه من المستحيل ح توجه النهى الى مثل هذا العنوان الذى اخذ فى حقيقته تعلق
الامر بذاته وح فلا يمكن انفكاك عباديتها عن جهة مقربيتها بخلاف الوظائف الجعلية
الآتي فان انفكاك جهة المقربية عن جهة العبادية فيها بمكان من الامكان ولذلك قلنا
بامكان الالتزام بحرمة العبادة ذاتا كما فى صلاة الحائض بلا احتياج الى ارجاع
النهى الوارد فيها الى حيث التشريع هذا هو الفارق الاول بينهما.
(٣) بان ينسب الى
الدين ما ليس من الدين والى الله سبحانه.
(٤) القسم الثانى
ما تبانى العقلاء على فعله فى مقام تعظيم بعضهم بعضا كالسجود والركوع وبعض الاعمال
الاخرى الرائجة اما فى العرف العام كتقبيل اليد والرجل او عند طائفة خاصة كرفع
القلنسوة من الرأس ورفع اليد الى الاذن والقيام بنحو الاستقامة وتحريك اليد وهكذا
غير ذلك من الامور المجعولة عند العرف والعقلاء آلات للتعظيم وللخضوع والعبودية
وربما امضى الشارع بعضها فاعتبره عبادة ومثل هذه العبادة يفتقر كونها عبادة بالفعل
الى قصد العنوان الذى صار الفعل عبادة فى بناء العرف والى اضافته الى شخص بخصوصه
لهذا لا يكون وضع الجبهة على الارض لا بقصد السجود سجودا كما انه لو قصد هذا
العنوان ولكن لم يقصد به تعظيم شخص بخصوصه لا تكون عبادة بالفعل وباقتران هذه
العبادة بهذين الامرين يكون الفعل عبادة بالفعل ويعبر عنه بالعبادة الجعلية ولا
مشاحة فى الاصطلاح ذكر المحقق النائينى فى كتاب الصلاة ، ج ٢ ، ص ١٠ اما ان يكون
العمل بذاته عبادة وذلك كالسجود حيث انه
المقابل للتوصلى
عبارة عما جعلت من وظائف العبودية ومن ابزاره وكانت مما بها يتخضع العبد لمولاه
كتقبيل اليد والقيام فى حضوره او السجدة له وامثالها المعمولة عند العرف لمواليهم
مع امضاء الشارع ايّاهم فى اصل الوظيفة فربما (١) ينفك مثل هذه الامور عن القربية
غاية الامر (٢) هى مقتضيات للتقرب بها الى المولى لو لا نهيه عنها وإلّا فمع نهيه
يخرج عن القربية (٣) ولكن مع ذلك لا يخرج عن كونها من وظائف العبودية غاية الامر
هذه الوظيفة فى مورد خاص وبجهة خاصه مبغوضة للمولى ومنهى عنه وح يخرج عن القربية
لا عن كونها عبادة وعن كونه وظيفة العبد من حيث خضوعه لمولاه (٤) والى هذا المعنى (٥)
ايضا نظر من تصور حرمة العبادة مولويا (٦)
______________________________________________________
بنفسه مع قطع
النظر عن تعلق الامر به يكون عبادة او يكون عباديته متوقفة على الامر به لكونه
بنفسه غير عبادة بل عباديته انما هى باتيانه بداعى الامر الى آخر كلامه.
(١) ومن آثار هذا
القسم ـ اى القسم الثانى ـ هو كون الفعل مقربا من المتعبد له فهو يفتقر الى عدم
كونه منهيا عنه اذ يجوز ان تكون مثل هذه العبادة مبغوضه للمتعبد له لما فيها من
المفسدة مع كونها عبادة بالفعل فمثل هذه الامور ، يجتمع حيث عباديتها مع مبغوضيتها
للمولى.
(٢) هذا هو الفارق
الثانى بين القسم الثانى والقسم الاول فان القسم الثانى فيها اقتضاء المقربية بنفس
اتيانها لمولاه من دون اعتبار قصد كونها بداعى امره بخلاف القسم الاول فان
مقربيتها تحتاج الى توجه الامر بها واتيانها بداعى امرها حتى يصير مصداقا للطاعة
ومنطبقا عليه.
(٣) تقدم فى
الفارق الاول وان فى هذا القسم اى الثانى يحتاج فى مقربية هذه الامور فعلا ان لا
يكون مخلا بغرض المولى من جهة اخرى ومبغوضا فعليا للمولى وإلّا فلا يكاد يصلح
مثلها للمقربية بوجه اصلا كما فى صلاة الحائض.
(٤) لان الركوع
والسجود خضوع للمولى وعبادة له ببناء العقلاء.
(٥) من ان النهى
فى هذا القسم يخرج عن المقربية لا العبودية الفعل.
(٦) كما فى صلاة
الحائض فتكون حراما لما فيه المفسدة كحرمة شرب الخمر
لا تشريعيا محضا
ففى (١) مثل هذه الصورة امكن تصور قيام المصلحة بنفس ذات هذه الوظيفة المجامعة حتى
مع المفسدة الطارية عليه من العوارض الخارجية ، ولازمه ح امكان استيفاء المصلحة به
حتى مع اتيانه محرّما نظير التوصليات التى لم يكن شأنها كونها من وظائف العبودية
ولا يسمى عبادة حتى مع الامر بها وح لا يكون سقوط الامر بها منوطا بقربيتها ، ولئن
شئت توضيح المرام بازيد من ذلك فاسمع بان ملاك عبادية العمل قبال التوصليات تارة (٢)
بكونها اطاعة لامره التى يكون مقربيته ذاتية على وجه يستحيل انفكاكه عن المقربية ،
وتارة (٣) بكونها من ادوات الخضوع لمولاه وفى هذا الصنف ليست مقربيتها ذاتيه بل هى
مقتضاة للتقرب لو لا نهى مولاه عنه فمع نهى المولى لا يخرج عن كونه خضوعا ايضا ولا
عن كونها من ابراز العبودية ولكن يخرج عن كونها مقربا ومن (٤)
______________________________________________________
لا تشريعية بعدم
جعل الحرمة لها وانما يحرم بعنوانه الثانوى وهو نسبة ما ليس من الدين الى الدين.
(١) الفارق الثالث
بينهما ان فى القسم الاول بالامر يكشف عن وجود المصلحة لا غير ولو كانت فى الواقع
مفسدة فى مرحلة الجعل كانت مرجوحة بالنسبة الى المصلحة بخلاف القسم الثانى فانه
تكون المصلحة فى عرض المفسدة عند ما طرف النهى من العوارض الخارجية ولذا يمكن
استيفائها كما فى باب التوصليات ولذا لو صلى فى مكان المغصوب عن جهل يكون صلاته
صحيحة لحصول القربة وعدم تنجز النهى.
(٢) وهو القسم
الثانى المتقدم.
(٣) وهو القسم
الاول المتقدم.
(٤) الفارق الرابع
بينهما انه على القسم الثانى يختص بخصوص بعض الاعمال المجعولة آلة للخضوع
وللعبودية ولا يجرى فى جميع الاعمال بخلافه على القسم الاول فانه لا اختصاص له
بعمل دون عمل بل يجرى فى جميع الاعمال التى امر المولى
شأن هذا الصنف (١)
ايضا عدم جريانها لا فى مجعولات مخصوصة عرفية وشرعية ولا يكاد ينطبق على كل عمل
ولو كانت مأمورا بها بخلاف (٢) عنوان الطاعة فانه يجرى فى كل عمل امر به بلا
اختصاصها بعمل دون عمل ، كما (٣) ان من شئون الصنف الاوّل (٤) ايضا قابلية صدورها
عن النائب بل (٥) ويصدر عمن يقصد عمله عن قبل غيره مع رضا الغير به ولو تقديرا بلا
انشاء توكيل منه ولا امره فيصير حينئذ هذا العمل مقربا لغيره إلّا (٦) ان ينهى
الغير اياه عن اتيانه من قبله فانه
______________________________________________________
بها فان اطاعة
المولى من لوازم العبودية.
(١) وهو القسم
الثانى المتقدم.
(٢) القسم الاول
المتقدم.
(٣) الفارق الخامس
بينهما انه على القسم الثانى يمكن استنابة انسان فى اتيانها عن غيره ضرورة ان العقلاء
يعدون من استناب عن غيره عنه فى تقبيل يد من يريد ان يعظمه انه قد عظمه بهذا
التقبيل المنوى به النيابة عنه بل يتحقق تعظيمه اياه ولو لم يستنبه بالتقبيل
المذكور اذا فعله المقبل ناويا به النيابة عن الغير وكان ذلك المنوب عنه راضيا
بهذه النيابة المتبرع بها.
(٤) وهو العباد
الجعلية.
(٥) هذا ترق بانه
ربما لا يحتاج الى الامر ايضا فيتقرب بعمل غيره عنه تبرعا بمحض رضائه بذلك وان لم
يكن بتسبيب منه كما لو خضع احد لزيد وقبل يده عن قبل الغير فانه بمحض رضاء ذلك
الغير بهذا الخضوع عن قبله يقع ذلك خضوعا له لا للفاعل فكان الفاعل بمنزلة الآلة
لايجاد ما هو خضوع الغير من دون استناد لهذا الخضوع الى شخص الفاعل بوجه اصلا.
(٦) نعم يستثنى
صورة واحدة وهو ما لو كان ناهيا له عن النيابة فلا يكون ما يفعله النائب من
التعظيم من تعظيم المنوب عنه تبرعا لانه لا بد من اضافة هذا النحو من العبادة الى
شخص معين ومع قطع الاضافة التى تبرع بها النائب عن غيره بنهيه اياه عنها لا تقع
العبادة المزبورة مضافة الى احد فلا تكون عبادة من ناحية المنوب عنه بل يمكن ان
نقول انها لا تقع عبادة مطلقا لان المنوب عنه قد قطع اضافتها بالنهى عنها و
ح لا يكون مقربا
له لمنع صدق الخضوع منه ايضا وهذا (١) بخلاف الصنف الثانى (٢) فان حقيقة الاطاعة
من المنوب لا يكون إلّا بكون المنوب مأمورا بعمل غيره ولو تسبيبا وإلّا فمع عدم
التسبب وعدم اضافه ايجاد العمل اليه ولو تسبيبا لا يكاد يحصل له التقرب لعدم صدق
الاطاعة على مثله فى حقه (٣) بل ولا يكون هذه العمل مقربا للنائب ايضا لعدم امر
متعلق بالنائب و (٤) مجرد تنزيل
______________________________________________________
النائب لم يقصد
اضافتها عن نفسه فتكون من قبيل ما قيل ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد.
(١) واما القسم
الاول وهو العبادة الذاتية فلا يمكن نيابة الغير بها عن غيره لعدم امكان صدور الفعل
من النائب او المنوب عنه باحد الدواعى القربية اما المنوب عنه لم يكن مأمورا بهذه
العبادة مباشرة وتسبيبا لتكون استنابه او استنابه وكيله او وصية تسبيبا منه الى
فعله لموته واما النائب فلانه ليس مأمورا بهذه العبادة نيابة عن غيره ليكون الامر
بها مصححا لعباديتها ولا ان الفعل محبوب للمولى او ذو مصلحة ترجع اليه ليتسنى له
اتيانه بها بداعى المحبوبية المصلحة.
(٢) وهى العبادة
الذاتية.
(٣) اى فى حق
النائب اذا الامر المتعلق بالعبادة على الفرض انما هو متوجه الى المنوب عنه دون
النائب ومعه كيف يمكن صدورها عن النائب بداعى امرها لعدم صلاحية الامر للداعوية
بالنسبة الى غير من توجه اليه ، والمفروض ان المنوب عنه ميّت ولا امر له.
(٤) اشارة الى
توهم وهو انه كذلك لو لا دليل التنزيل وإلّا فبملاحظة دليل التنزيل لا اشكال فى
البين لانه بتنزيل نفسه منزلة المنوب عنه يتوجه امره اليه من جهة صيرورته هو اياه
بهذا الاعتبار وح فيأتى بالعبادة بدعوة هذا الامر المتوجه اليه ويكون عمله مقربا
للمنوب عنه وهذا من الشيخ الاعظم الانصارى فى المكاسب ، ص ٦٥ وتبعه المحقق
النائينى فى منية الطالب ، ج ١ ، ص ١٨ وغيره قال الشيخ الانصارى متى جعل نفسه
بمنزلة الغير وعمل العمل بقصد التقرب الذى هو تقرب المنوب عنه بعد فرض النيابة
انتفع المنوب عنه سواء فعل النائب هذه النيابة بقصد الاخلاص فى امتثال اوامر
النيابة عن المؤمن ام لم يلتفت اليها اصلا ـ الى ان قال ـ فالصلاة الموجودة
النائب نفسه منزلة
المنوب لا يقتضى (١) توجه امره اليه حقيقة بل غاية الامر ادعاء الامر فى حقه
بالعناية والتنزيل وهو لا يجدى الا فى ادعاء مقربيته و
______________________________________________________
فى الخارج على جهة
النيابة فعل للنائب من حيث انها نيابة عن الغير وفعل للمنوب عنه بعد نيابة النائب
يعنى تنزيل نفسه منزلة المنوب عنه فى هذه الافعال وبهذا الاعتبار يترتب عليه
الآثار الدنيوية والاخروية لفعل المنوب عنه الذى لم يشترط فيه المباشرة الى آخره
وقال فى الثانى فان الامر العبادى متوجه الى المنوب عنه والامر الاجارى الى النائب
ولا يتحد متعلقهما وان اجتمع العنوانان فى الخارج فى مصداق واحد ـ وانما يقع
الاجرة بازاء قصد النائب النيابة فى عمله ـ الى ان قال ـ فان داعى المتبرع عنه هو
امر الله سبحانه المتوجه اليه اما ببدنه او ببدنه التنزيلى وداعى المتبرع هو تنزيل
نفسه منزلة غيره ونيابة عنه الى آخر كلامه ففيه مضافا الى ان فى رواية عبد الله بن
سنان قال كنت عند ابى عبد الله عليهالسلام اذ دخل عليه رجل فاعطاه ثلاثين دينارا يحج بها عن إسماعيل
الخ ظاهره اتيان العمل عوضا عن الغير وبدلا عنه كاداء الدين عنه وليس تنزيل اصلا
هو الجواب الآتي.
(١) هذا هو الجواب
عنه وهو ان مجرد التنزيل لا يوجب توجه امره اليه حقيقة وان نزل نفسه منزلته الف
مرة بل وانما غايته هو توجه مماثل الامر المتوجه الى المنوب عنه اليه وفى مثل ذلك
نقول بان اتيانه بداعى هذا الامر لا محاله لو اثر لكان مؤثرا فى مقربية نفس النائب
دون المنوب عنه لانه فى الحقيقة يكون هو المكلف بالعبادة وفى مثله يستحيل مقربية
عمله للمنوب عنه حقيقة فعليه يكون ايراد آخر وهو ان العبادة التى يأتى بها النائب
كيف يحصل القرب منها للمنوب عنه مضافا الى ان التنزيل بعد ما لم يكن حقيقيا وكان
ادعائيا انما يقتضى ذلك لو كان صادرا ممن له جعل الاحكام والآثار لكونه طريقا الى
ذلك عرفا اما لو كان صادرا من غيره فلا يقتضى ذلك اصلا فتنزيل نفسه منزلة العمر
ولا يقتضى جواز وط زوجته ووجوب نفقة زوجته والتصرف فى امواله وصحة طلاقه لزوجاته
ونحو ذلك مما لعمرو من الاحكام التكليفية والوضعية ولا يخفى ان الكلام فى مرحلة
الثبوت اما مقام الاثبات يكون من المحرز بالاجماع والضرورة من الدين والروايات صحة
النيابة والاستيجار وعلى اى حال يكون مورد الاشكال ثبوتا واجابوا عنه بوجوه منها
محقق العراقى قدس وسيأتى منه مفصلا ومنها ما تقدم ولعله سيأتى غيرهما ايضا.
تنزيله منزلة
المقرب وهذا التنزيل لا اثر له عند العقل فى حكمه باستحقاق المثوبة بل ومورد حكمه
هذا ليس إلّا مورد صدق الاطاعة حقيقة والمقربية واقعا (١) ومن هنا نقول ان النيابة
فى العبادات لا يتصور إلّا فى الصنف الاول (٢) كما هو شأن كل عبادة وإلّا ففى
الصنف الثانى لا مجال لمقربية العمل للمنوب عنه بل ولا للنائب كما عرفت آنفا (٣)
وبعد هذه البيانات (٤) ووضوح ان العبادة
______________________________________________________
(١) لنفس النائب.
(٢) وهى العبادات
الجعلية فكان النائب اذا اتى بما هو آلة الخضوع ولو بجعل الشارع كالصلاة والصوم
والحج والزيارة والطواف بالبيت لوجهه سبحانه عن قبل الغير يقع هذه الخضوعات حقيقة
لذلك الغير وكان هو المتقرب بعمل النائب لكن مع تسبيبه اياه فى ايجاد تلك الخضوعات
عن قبله ولا اقل من رضائه بذلك ففى الحقيقة مقربية هذه الخضوعات الغير منوطة
بامرين احدهما خضوع الغير لله سبحانه عن قبله وثانيهما رضاء ذلك الغير وطيب خاطره
به بحيث لو كان مكرها فيه لما كان العمل عبادة له ولما كان متقربا به فاذا تحقق
الامر ان المزبور ان يقع القرب لا محالة لذلك الغير وعليه فلا يرد اشكال فى باب
النيابة فى العبادات وسيأتى توضيح ذلك إن شاء الله.
(٣) والتفصيل
بازيد من ذلك موكول الى محله.
(٤) من القسمين فى
العبادة والفارق بينهما ـ والفارق السادس هو انه فى الوظائف الجعلية يكفى فى
مقربيتها مجرد اتيانها لله بلام الصلة واما فى الوظائف الذاتية فلا يكفى هذا
المقدار فى مقربيتها بل لا بد فى مقربيتها من اتيانها بداعى امرها وجعل الله
سبحانه غاية عمله الراجع الى كون عمله راجحا ومحبوبا عند المولى هذا اذا احرز
كونها من قبيل الوظائف الجعلية وإلّا فمع الشك فيها من انها من قبيل القسم الاول
الذى قوام عباديته بتعلق الامر بذاته او من قبيل القسم الثانى الذى فيه اقتضاء
المقربية بنفس اتيانها لمولاه من دون قصد كونها بداعى امره يشكل جواز الاكتفاء بها
باتيانها لمولاه من دون قصد كونها بداعى امر مولاه نعم غاية ما هناك ح فى احراز
كونها من قبيل الاول انما هو التشبث بمثل ادلة النيابة فى موارد ثبوت مشروعيتها فى
ابواب العبادات وذلك بالكشف منها بنحو الإنّ عن كونها من الوظائف المجعولة ولو
بجعل الشارع آلات الخضوع والعبودية.
القابلة للصدور عن
النائب منحصرة بالعبادة بالمعنى الاول نقول (١) انه لو كان المراد من التعبدى فى
قبال التوصلى مطلق التعبدى (٢) القابل للصدور عن النائب ايضا (٣) امكن فى مثله
دعوى (٤) امكان عدم اناطة الغرض القائم به بقربيته وعدم ملازمة التعبد به مع
القربية كما اشرنا ولو كان (٥) المراد من التعبدى خصوص ما كانت عبوديته باطاعة
امره ولو لم يكن العمل بذاته من وظائف العبودية فلا محيص (٦) ح الا من ادخال ما هو
صادر من النائب المقرب للمنوب عنه فى التوصليات اذ ح كلما لم يكن تقربه الا باطاعة
امره فهو من التوصليات لعدم واسطة بين التعبدى والتوصلى وحيث (٧) لا اظن التزام
ذلك من احد فلا محيص من اختيار الشق الاول (٨) ولازمه ح كما عرفت عدم ملازمة
______________________________________________________
(١) وبعد بيان هذه
الجهة يرجع الى وجه الفرق بين التعبدى والتوصلى الذى قد تقدم.
(٢) اى ان كان
المراد من التعبدى هى العبادة الجعلية.
(٣) الذى تقدم
يمكن صدوره من النائب.
(٤) اى ينتقص
تعريف التعبدى بانه ما توقف حصول الغرض من التعبد به على قصد التقرب به ، طرده
بالسجود لله تعالى فى المكان المغصوب فانه لا ريب فى كونه عبادة مع عدم توقف حصول
الغرض العبادى منه على التقرب لحصول الغرض من العبادة بالسجود لله تعالى وان كان
منهيا عنه وكان فاعله عالما بالنهى عنه لان السجود من العبادات الجعلية.
(٥) اما لو كان
المراد من التعبدى العبادة الذاتية وتوقف حصول الغرض بداعى الامر لم ينتقص بما
ذكرنا.
(٦) لكن الاشكال
انه لا يقبل النيابة فلا بد وان يدخل عمل النائب المقرب للمنوب عنه يدخل فى
التوصليات لعدم الامر للنائب على ما مر.
(٧) وهو خلاف ظاهر
الاصحاب من انه مقرب للمنوب عنه.
(٨) فلا بد وان
يراد من التعبدى هى العبادة الجعلية.
سقوط الغرض بكونه
قربيا وح (١) لا بد وان يقال ان المعيار فى التعبدية على كون العمل بنفسه او
بعنوان اطاعة امره من وظائف العبودية قبال التوصلى وهو ما لا يكون من وظائف
العبودية لا بنفسه ولا من جهة كونه معنونا بعنوان الاطاعة كما لا يخفى هذا. ولكن
مع ذلك كله (٢) نقول ان بناء الاصحاب (٣) ليس على الاكتفاء فى العبادات بمجرد
كونها مقتضيات للقرب (٤) ولو لم يكن مقرباتا فعلا (٥) ولو لنهى عرضى متوجه بها
بشهادة (٦) اعلى صوتهم بفساد العبادة فى فرض كونه ضدا للاهم منها مع الالتزام بان
الامر مقتضى للنهى عند ضده اذ (٧) مثل هذا الامر عرضى محض غير مناف لعبادية ما هو
مجعول (٨) لوظيفة العبودية ولا لمصلحته لو فرض قيامها بنفس ذاته وانما (٩) هو مضر
بقربيته فالتزامهم
______________________________________________________
(١) فلذا لا بد من
تعريف التعبدى بانه يكون بنفسه او باطاعة امره مقربا ومن وظائف العبودية حتى
يستوعب القسمين بخلاف التوصلى حيث لا يكون فيه شيء منهما.
(٢) هذا اشكال على
ما تقدم من ان المراد من العبادة هى العبادة الجعلية.
(٣) فانه على ما
يظهر من كلام الاصحاب فى تشخيص معنى التعبدى باثبات بعض الآثار ونفيها مما يدل على
انهم لم يقصدوا بالتعبدي الا ما مر من انه ما توقف حصول الغرض من التعبد به على
قصد التقرب به.
(٤) فمجرد جعل
العقلاء وبنائهم على العبودية والخضوع لا يكفى.
(٥) ما لم يقصد
التقرب به ولو لوجود مانع كالنهى.
(٦) والوجه فى ذلك
ذهابهم الى فساد العبادة المنهى عنها ولو نهيا غيريا ولذا جعلوا البحث عن كون
الامر بالشيء يقتضى النهى عن ضده من صغريات البحث عن كون النهى عن الشى يوجب فساده
اذا كان عبادة.
(٧) وذلك فان
الامر المتعلق به عرضى فان الفعل الذى تبانى العقلاء على التعبد به كالسجود
والركوع لا يتوقف كونه عبادة على نية التقرب به.
(٨) عند العقلاء.
(٩) اى انما
النهى.
بفساد العبادة فى
هذه الصورة يكشف عن عدم التزامهم بقيام المصلحة الداعية على الامر بها بنفس ذاتها
بل انما هى قائمة بها بقيد قربيتها (١) وح فالتعبدى فى كلماتهم قبال التوصلى (٢)
ليس مطلق ما كان مقتضيا للقرب لمحض كونه من وظائف العبودية بل المراد منه ما كان
مصلحته والغرض الباعث على الامر به منوط بقربيته فعلا بل (٣) لنا ان نقول ايضا
بانه ليس بنائهم على الاكتفاء بمقربيتها الذاتية (٤) ولو لم يكن فى البين مانع عن
مقربيتها (٥) كيف (٦) ولازمه الاكتفاء (٧) باتيانها بداعى الشهوة (٨) اذ هذا
المقدار لا يضر بقربيته ما هو من وظائف العبودية اذ من دعاه شهوته (٩) على الخضوع
لمولاه ولو بتقبيل يده بداعى خضوعه له ولو كان محرّكه على هذا الخضوع شهوته كان متقربا
لمولاه ولا يضر هذا
______________________________________________________
(١) فزائدا على
قربيته الجعلية لا بد من قصد التقرب شرعا.
(٢) فالنتيجة ان
ما يظهر من الاصحاب كون الفعل عبادة يتوقف على نية التقرب به وبدونها لا يكون
عبادة وان حصل القرب به من المولى كالسجود الصادر من العبد بداعى تعظيم المولى حيث
لا يكون منها عنه ولا مأمورا به فمثل هذا السجود يكون مقربا للعبد من المولى وان
لم يقصد به التقرب.
(٣) والشاهد على
اعتبار نية التقرب زائدا على قربيته الجعلية انه لو كانت قربيّتة الجعلية كاف يلزم
ان يكتفى ولو لم يكن نهى ايضا ان يأتى بداع الشهوة مع انه غير مجز جزما بيانه
ستعرف.
(٤) اى الجعلية من
تبانى العقلاء عليه.
(٥) ولم يكن نهى
عليه.
(٦) هذا هو
الاشكال والنقض.
(٧) انه يكتفى
باتيان الفعل القربى بداع الشهوة.
(٨) كالتبريد فى
الوضوء ونحوه.
(٩) كالقيام لرفع
وجع رجله.
المقدار (١)
بمقربيته الذاتية ومع ذلك ليس بنائهم (٢) على الاكتفاء فى مثل الصلاة والصوم
وغيرهما مع كونها من وظائف العبودية ومقرّبا ذاتا بشهادة تشريعها فى نيابة
العبادات باتيانها خضوعا لمولاه ولو بداعى شهوته بل يحتاجون فى مثلها الى التقرب
بجهة زائدة عن مقربية ذواتها كما لا يخفى ولازمه (٣) قيام المصلحة فى امثالها على
الفعل باتيانها بهذا النحو من التقرب الغير المجامع مع اتيانها بداعى الشهوة ولا
يرد (٤) عليه ح بان لازم ذلك عدم صحة نيابتها اذ مع عدم
______________________________________________________
(١) من الشهوة.
(٢) ولكن الاصحاب
ليس بنائهم على الاكتفاء بذلك بل لا بد من نية التقرب زائدا عليه.
(٣) اى لازم بنائهم
هو لزوم نية التقرب بلا داع الشهوة.
(٤) فعلى هذا من
اعتبار نية التقرب فيورد ما تقدم من اشكال النيابة فى التعبديات عن الغير لعدم
وجود الامر لا للنائب ولا للمنوب عنه فكيف يقصد النائب التقرب كما كان يورد فى
العبادات الذاتية وذكر بعض اساتذتنا فى المستمسك ، ج ٧ ، ص ١٠٦ فى دفع اصل الاشكال
ان الخطاب وان كان متوجها الى المنوب عنه إلّا ان ملاكه موجود فى كل فعل مضاف اليه
اضافة الملك سواء كان مضافا اليه اضافة الصدور كفعل نفسه أم لا كفعل النائب الذى
يصدر منه بعنوان كونه للمنوب عنه فالنائب مهما تصور الفعل الماتى به للمنوب عنه
وحده واجدا لملاك الامر فيجوز ان ياتى به قاصدا التقرب بذلك الملاك فيصح طاعة
وعبادة كما يصح لو صدر من المنوب عنه بقصد كونه عن نفسه الخ وفيه او لا ان الملاك
الذى كان موجودا فى فعل المنوب عنه لا يكون مقربا لفعل النائب ويجرى ما ذكرنا فى
قصد الامر فيه فالمصلحة التى فى فعل نفسه يكون مقربا للعمل لا فى فعل الغير اللهم
إلّا ان يقال موجود فى فعل النائب فيكون مسقطا عن فعله لا عن المنوب عنه وثانيا ان
الكلام فى قصد الامر لا قصد الملاك فى حصول التعبد وثالثا ان بعد ما مات المنوب
عنه وسقط الامر كيف نكشف عن بقاء الملاك فهذا ايضا لا يتم.
الاكتفاء بقربيتها
بنفسها والاحتياج الى قربيتها بعنوان آخر (١) كيف يتصور ذلك فى حق النائب عن الميت
لما عرفت من انه لم يكن فى البين جهة قابلة للتقرب بداعيها عن الميت ، قلت (٢)
______________________________________________________
(١) وهو نية
التقرب.
(٢) ويمكن الجواب
عن اشكال النيابة بوجه وهو ان العبادة كما مر على نوعين تارة ان العبادة التى يعظم
بها المتعبد غيره تتحقق بنفس طلب ذلك الغير اياها من المتعبد بلا سبق جعل واعتبار
منه لعباديتها كزيارة احد المعصومين «ع» والغسل لها إلّا انه علمنا من دليل آخر ان
هذا العمل لا يصح إلّا اذا قصد فاعله امتثال امره ومع عدم الامر به لا يتاتى من
المكلف اتيان ذلك العمل عبادة لعدم الامر المتوقف عليه قصد الامتثال الموجب لكون
العمل المزبور عبادة ومثل هذه العبادة يشكل صحة النيابة عن الغير فيها مع عدم توجه
الخطاب بالنيابة فيها الى النائب ، واخرى تتحقق العبادة بجعل العقلاء او طائفة
منهم لبعض الافعال واعتبارهم اياه عبادة او نحوا من انحاء التعظيم ومظاهره وبهذا
الجعل والاعتبار يتم امر العبادة فى العرف وكما يتاتى ذلك من العرف او طائفة منه
كذلك يتاتى من الشارع المقدس بل هو بطريق اولى لانه من له واليه الامر خصوصا فى مثل
هذا الامر فاذا دلت الأدلّة الصادقة على جعل الشارع لطائفة من الاعمال واعتباره
اياه عبادات يتقرب بها امكن التقرب بها اليه اصالة ونيابة حيث لا يكون فاعلها
منهيا عنها ولا يتوقف وقوعها عبادة وتعظيما له على امره بها فى خصوص مورد العمل
كما هو شأن العبادات العرفية وان كان يحتاج فى تحقق العبادة الى التقرب نعم قد دل
دليل آخر على اعتبار قصد التقرب فى صحة كون العمل عبادة زائدا عن المقدار الذى
يحصل باتيان العمل الذى يكون من آلات العبودية فيما اذا عمله اصالة لنفسه لا نيابة
عن غيره فلا يكفى فى وقوعه عبادة قصد التعبدية للمولى وتعظيمه به. قال المحقق
الماتن فى حاشيته على التبصرة ، ج ٢ ، ص ٢٦٨ وعليه فحل هذه الشبهة منحصر باحد
تقريبين احدهما دعوى كفاية قصد النائب مقربية العمل للغير فى مقربيته بلا احتياج
الى اتيانه بداعى امره فتكون المقربية مثل التعظيم من الجهات القصدية تارة والذاتية
اخرى مثل اتيان العمل على وجه الامتثال فان مقربيته ذاتية لا قصدية ثانيهما بدعوى
ان بعض الافعال لما كان من وظائف التذلل والعبودية يكفى فى
من الممكن التفكيك
فى القرب (١) الدخيل فى المصلحة بين مراتبه بالاضافة الى الحى والميت وان ما هو
دخيل فى المصلحة فى الاحياء هو الفعل القربى بجهة زائدة حتى فى وظائف العبودية وفى
(٢) غير الاحياء مجرد اتيان الوظيفة المخصوصة على وجه قربيته من قبل نفسه لغيره
عند اتيانه عن قبل الغير وح فلك ان تقول ان للقرب مراتب بمرتبة منه يجدى فى فعل
النائب عن الميت وبمرتبة اخرى زائدا عن هذه المرتبة (٣) يحتاج اليه فى حق الاحياء (٤)
وعلى اى تقدير مصلحة العبادى منوطة بالقربة الفعلية ليس الّا وح فلا محيص فى تعريف
______________________________________________________
التقرب بها مجرد
قصد كون العمل لله كما اشرنا نظيره فى السجود فانه من مجرد مثل هذا القصد ينتزع
العرف التذلل لمولاه الموجب القربة ونظيره فى العرفيات تقبيل اليد بعنوان التذلل
فان ذلك بنفسه لو لا مانع آخر موجب للتقرب ولو لم يكن من قبل مولاه امر بذلك كى
ياتيه بداعى امره ومن المعلوم ان مثل هذا المعنى من الاعتباريات القابلة للنيابة
عرفا فيقصد النائب ح تقريب الميت بقصد ايجاد ما هو من وظائف العبودية لمولاه عن
قبل الميت ولا ضير فى هذا المقدار فى تصوير النيابة فى العبادة فبعد قيام الدليل
يلتزم بكون العمل من وظايف العبودية القابلة لقصد التذلل بها لنفسه او عن قبل غيره
انتهى وقال فى ص ٢٦٥ لا اشكال فى مشروعية نيابة العبادات وان كانت على خلاف القاعدة
لعدم طريق لاحراز قابلية المحل للتسبب بفعل النائب نعم مع ثبوت هذه القابلية يكفى
ادلة النيابة والوكالة لرفع اليد عن ظهور التكليف فى قيد المباشرة الخ.
(١) وعليه يصح ان
يقال ان التعبدى هو ما يتوقف حصول الغرض منه على قصد التقرب به غاية الامر للقرب
مرتبتين مرتبة منه مقوم لعبادية العمل الذى يصدر من الاحياء وذلك للدليل الخاص
الذى دل على اعتبار قصد التقرب بهذه المرتبة فى وقوع العمل المجعول عبادة فيما اذا
فعله المكلف لنفسه.
(٢) ومرتبة منه
مقوم لعبادية العمل الذى يصدر من النائب وهى التى تحصل باتيان العمل الذى يكون من آلات
العبودية والخشوع.
(٣) وهو نية
التقرب.
(٤) كما عرفت
مفصلا.
التعبدى ان يقال
بما قالوا (١)
______________________________________________________
(١) وهو ما كان
الغرض لا يترتب على مجرد الفعل بل لا بد من ضم قصد القربة اليه بخلاف التوصلى ولا
يتوجه عليه اشكال النيابة لكفاية التعبد والتعظيم فى وقوع ذلك العمل المنوب به عن
الغير عبادة ولكن يرد عليه ان الجواب اخص من المدعى فان المدعى هو ان جميع اجزاء
الصلاة وسائر العبادات مثل الزكاة والحج كيف يؤتى به للغير مع عدم الامر به
بالنسبة الى غير المكلف وهذا الجواب يكون فى بعض افعال الصلاة مثل الركوع والسجود
الذى ينتزع منه عنوان التخشع ذاتا فلا يكون هذا جوابا عن الاشكال العام فى ما لا
يكون عبادته فى ذاته. وذكر السيد محمد كاظم اليزدى فى حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ١٠١
، وجها آخر لدفع الاشكال فى النيابة ثم ان العمل عن الميت او الحى لا يلزم ان يكون
من باب النيابة بل يجوز الاتيان به عنه لا بالنيابة كما فى الاداء الدين المالى عن
الغير فانه يمكن ان يجعل نفسه نائبا عن المديون فى اداء دينه ويمكن ان يؤدى دينه
بنفسه لا بعنوان كونه هو ويجوز الاستيجار على هذا الوجه ايضا انتهى وقال فى ص ٩٨
والتحقيق فى تصحيح العبادات الاستيجارية هو ما ذكرنا من الوجهين وحاصل احدهما ان
المضر بالاخلاص انما هو الداعى الدنيوى الذى هو فى عرض داعى الامتثال واما اذا كان
فى طوله بان يكون الداعى على العمل امتثال امر الله والداعى على الامتثال غرض آخر
دنيوى او اخروى فلا باس به ـ الى ان قال ـ وحاصل الثانى يمكن ان يقال بصحة العمل
من جهة امتثال الامر الاجارى المتحد مع الامر الصلاتى فان حاصل قوله ف بإجارتك صل
وفاء للاجارة ودعوى ان هذا الامر توصلى لا يكون مقر بالعبادية العبادة مدفوعة اولا
بان غايته انه لا يعتبر فى سقوطه قصد القربة فاذا اتى بقصد الامتثال يكون عبادة
قطعا ـ وثانيا بانا لا نسلم كونه توصليا مطلقا بل هو تابع لمتعلقه الى آخر كلامه
الى غير ذلك من الوجوه ويرد عليه اولا ان الامر الاجارى توصلى ولا ربط له بمتعلقة
وثانيا انه لا يختلف باختلاف متعلقه بل توصلى ابديا وثالثا ان العبرة بعبادية
العمل قبل تعلق الاجارة به فلا يمكن تحقق تعبديته بنفس الاجارة فهذا غير ممكن
فتعلقت الاجارة بالصلاة التى مع نية التقرب لا مجرد الصلاة بدونها فهذا الوجه لا
يتم ايضا ولعل التوجيه التقريب كما عن المحقق العراقى وقد مر ان الامر المتعلق
بالعمل عباديا بمقتضى ضم ادلة العبادة انه اعم من المباشرة والتسبيب فيأتى النائب
او المتبرع
.................................................................................................
______________________________________________________
بداعى نفس القربة
المتعلقة على العمل للمنوب عنه بمقتضى الادلة الخاصة فراجع باب ١٢ قضاء الصلاة
وسائل وان ابيت عن ذلك فتكون النيابة امرا تعبديا ثابت بالدليل المذكور ولا محذور
فيه وازيد من ذلك موكول الى محله واشكل على تعريف التعبدى بحسب الغرض المحقق
النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ١١٢ وقال انه ان اريد من الغرض المصلحة الكائنة فى
المأمور به فيرد عليه ان الافعال بالاضافة الى المصالح من قبيل العلل المعدة لا من
قبيل الاسباب بالاضافة الى مسبباتها فيستحيل ان تقع تحت التكليف والالزام فحصولها
وعدمها اجنبى عن المكلف فلا معنى لكونه بصدد تحصيلها بل هو مكلف بايجاد المأمور به
خارجا والمصالح علل الجعل والتشريع لا مما يجب ايجاده خارجا وان اريد منه الغرض
القائم بالامر فبما ان الامر فعل من افعال المولى ولا بد ان يكون فيه غرض فالغرض
من الامر التوصلى نفس وجود المأمور به خارجا وان لم يكن بدعوة الامر ومن التعبدى
دعوة الامر بوجود المأمور به فيرد عليه اولا من لزوم كون الامر داعيا وان بقية
الدواعى فى طوله لا فى عرضه واما على المختار فلا اشكال فى كفاية بقية الدواعى فلا
تكون دعوة الامر التعبدى فعلا من لوازم ذاته قطعا واستحالة كون دعوة الامر غرضا
منه وموجودا بوجوده ثانيا وعدم دليل على لزوم الحركة على طبق الغرض من الامر ثالثا
انتهى واجاب عنه المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٢٢ وقال لا يخفى ما فيه اما اوّلا
فلان الفعل المأمور به مقتض للغرض المترتب عليه كسائر الافعال التى يؤمر بها عرفا
لانه يترتب على وجود مصالح وفوائد لا يتوصل اليها إلّا بتلك الافعال فالعرف يرى ان
تلك الافعال اسباب تترشح منها تلك المصالح ولا يرى فاعلا ومؤثرا فيها الا تلك
الافعال وفاعلها والشارع قد سلك مسلك العرف فى استيفاء المصالح التى اطلع على
تأثير بعض الافعال فيها فامر بها المكلفين واما ثانيا فلانا لو سلمنا ان افعال
المكلفين من قبيل الاسباب المعدة بالاضافة الى المصالح المترتبة عليها لما كان
هناك ما يمنع من التفرقة بين الافعال بما يترتب عليها من الاغراض وتشخيص كل فعل
وتعريفه بالامر الذى يكون ذلك الفعل من اسبابه المعدة فالتفرقة بين الافعال فى
مقام الثبوت لا ربط لها بتعلق التكليف بنفس الفعل او بالغرض الذى يكون الفعل معدا
له وعليه يصح ان تفرق بين التعبدى والتوصلى بان الاول هو الفعل الذى يكون فى حال
قصد التقرب به معد للغرض الكذائى
ولازمه (١) كون
القربية قيدا شرعيا لا عقليا لان المدار فى القيود الشرعية على
______________________________________________________
والثانى هو الفعل
الذى يكون معد الحصول الغرض الكذائى كيف ما جيء به انتهى.
(١) اى لازم هذا
التعريف من عدم ترتب الغرض على الفعل المجرد بل يتوقف على قصد القربة كون قصد
التقرب من القيود الشرعية لا العقلية ، لدخل القيد الشرعى فى الغرض ولا دخل للعقل
فيه وانما العقل له الدخل فى مرحلة الامتثال واستحقاق المثوبة ووقع الكلام بينهم
فى ان قصد التقرب قيد شرعى او عقلى يظهر من الشيخ الاعظم الانصارى وصاحب الكفاية
انه عقلى ويظهر من السيد محمد كاظم اليزدى صاحب العروة والمحقق الماتن وغيرهما انه
شرعى واليك جملة من العبارات قال السيد الطباطبائى اليزدى فى حاشية المكاسب ، ج ١
، ص ٩٨ فى ذيل ما تقدم عبارته ولعل المصنف (اى الشيخ الانصارى) يتخيل ان الفرق بين
الامر التعبدى والتوصلى انما هو فى كيفية الطلب مع انه ليس كذلك قطعا بل الامر على
نسق واحد وانما الفرق باعتبار المتعلق فكلما كان صحته موقوفة على قصد القربة يقال
ان امره تعبدى وكل ما ليس كذلك يقال ان امره توصلى ولذا حيث قلنا ان قصد القربة
معتبر فى موضوع العبادات على وجه القيدية والشرطية قلنا ان جميع الاوامر توصلية
بمعنى انه لا يعتبر فيها إلّا اتيان متعلقها والمتعلق قد لا يعتبر فيه قصد القربة
وقد يعتبر واما المصنف القائل بان قصد القربة فى العبادات لا يعقل ان يكون قيدا
فيها وإلّا لزم الدور بل هو معتبر فى طريق الامتثال فله ان يقول ان الامر قسمان
فمنه ما يكفى فيه اتيان متعلقه ومنه ما لا يكفى ذلك إلّا اذا كان مع ذلك قاصدا
للقربة فى طريق اتيانه الخ وقال المحقق النائينى فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٥٢ ، انه
لا يمكن اخذ ما يكون به العبادة عبادة فى متعلق الامر مطلقا سواء كان المصحح لها
خصوص قصد الامر او الاعم منه ومن قصد الجهة او الاعم من ذلك وكفاية اتيانها لله
تعالى وقال فى ص ١٦١ انه ينحصر كيفية الاعتبار بمتمم الجعل ولا علاج له سوى ذلك
الى آخر كلامه وقال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١٠٧ ان التقرب المعتبر فى التعبدى ان كان
بمعنى قصد الامتثال والاتيان بالواجب بداعى امره كان مما يعتبر فى الطاعة عقلا لا
مما اخذ فى نفس العبادة شرعا الخ وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٢٩
وقال ان الطاعة اما تكون بمعنى ما يوجب استحقاق المدح والثواب او ما يوجب التخلص
عن الذم والعقاب فان اريد الاطاعة بالمعنى الاول فالتقرب معتبر فيها عقلا إلّا ان
الاطاعة بهذا المعنى غير واجبة
دخلها فى الغرض
بنحو يكون تفويتها تقصيرا مستتبعا لاستحقاق العقوبة ومن المعلوم ان العقل قاصر عن
درك هذا المعنى فلا بد ان يكون بيانه بيد الشرع ليس إلّا نعم ما يدركه العقل
مستقلا هو دخل القربية فى استحقاق المثوبة (١) وفى مثل ذلك لا يكون امر وضعه ورفعه
بيد الشرع بل لو بين ذلك كان من باب الارشاد الى حكم العقل محضا ولكن هذه الجهة
غير مرتبط بعالم دخله فى الغرض كيف وهو (٢) جار حتى التوصليات كما لا يخفى. وبعد
ما اتضح هذا الامر فنقول ان الجهة الزائدة عن قربتها الذاتية الاقتضائية الموجبة
لمرتبة اخرى من القرب يتصور فى طىّ مراتب اخرى (٣) اذ تارة (٤) يتصور القرب بداعى
رجحان العمل
______________________________________________________
بقول مطلق عقلا بل
فى خصوص التعبدى ، وان اريد الاطاعة بالمعنى الثانى فهى وان كانت واجبة عقلا مطلقا
إلّا ان التقرب غير معتبر فيها بقول مطلق بل فى خصوص ما قام الدليل على دخله فى
الغرض من الواجب ليجب اسقاط الغرض عقلا فيجب التقرب انتهى فيظهر منه انه قيد شرعى
وقد عرفت ان المحقق العراقى قدسسره ايضا يرى كون قصد التقرب فى العبادة التى اعتبر دخله فيها
انما هو قيد شرعى اعتبره الشارع فى العبادة لعلمه بدخله فى ترتب الغرض عليها لا
انه قيد عقلى نحو قصد التقرب الذى اعتبره العقل فى مقام تحصيل الثواب بالتوصليات
وبعد امكان أخذ نيّة التقرب فى نفس المتعلق ولو على نحو القضية الحينية على ما
سيأتى مفصلا من ان العمل مطلوب فى حصة خاصة وهى ما قصد الامر والامتثال فيكون قيدا
شرعيا.
(١) كما فى
التوصليات لو اراد بها حصول الثواب.
(٢) اى استحقاق
المثوبة.
(٣) الجهة الثانية
الدواعى القربية على انحاء.
(٤) منها كون
الداعى الى العمل هو الحسن العقلى والمصلحة الكامنة فيه التى تكون ملاحظتها منشأ
للحب والارادة المتعلقين به وان لم تكن الارادة فعلية لبعض الموانع منها لا لقصور
فى المصلحة التى تقتضى ملاحظتها تعلق الارادة به ويكون راجح عقلا وحسن كذلك.
عقلا المعبر عنه
بداعى حسنها المحرز لدى المولى جزما ، واخرى (١) بداعى رجحانه شرعا المعبر عنه
بداعى محبوبية العمل لدى الشرع ، وثالثه (٢) بداعى ارادتها الفعلية الذى هو مضمون
امره وهو المعبر عنه بداعى امره ، ورابعة (٣) بداعي كون مولاه مستحقا للعبودية مع
فرض كون العمل من وظائف العبودية ذاتا (٤)
______________________________________________________
(١) ومنها كون
الفعل محبوبا لمن تلزم اطاعته لو امر به بان يكون راجح شرعا ولكن لوجود بعض
الموانع لم تتعلق به ارادته وامره فيكون راجح شرعا ومحبوب كذلك.
(٢) ومنها كون
الفعل مرادا له بالفعل ولكن لوجود بعض الموانع لم يكشف عن ارادته بنحو من انحاء
الامر ، او كون الفعل مأمورا به بالفعل فيأتى بداعى الامر ولا ريب فى ان تعظيم
الانسان غيره بنحو من انحاء التعظيم يوجب له القرب من ذلك الغير حيث لا يكون
تعظيمه مبغوضا له لبعض الملاحظات وان لم يفعله بداعى شيء من هذه الدواعى المزبورة
، واما اذا فعله المكلف باحد هذه الدواعى اوجب له نحوا آخر من القرب وهو الذى امر
المكلف ان يقصده فيما لو فعل العبادة لنفسه لا نيابة عن غيره نعم جعل المصلحة من
الدواعى القربية مطلقا لا يخلو من نظر لان المصلحة قد تزاحمها مفسدة تترتب على
الفعل الذى تترتب عليه تلك المصلحة فاذا كانت مفسدته اشدّ من مصلحته فلا محاله
يكون مبغوضا ومعه لا يمكن التقرب به لكونه ذا مصلحة لاستحالة التقرب الى الانسان
بما هو مبغوض له مثلا الصلاة فى المكان المغصوب بناء على الامتناع وتقديم جانب
النهى عمل يشتمل على مصلحة ما ومفسدة كذلك ولكن لكون مفسدته آكد من مصلحته صار
منهيا عنه ليس إلّا وذلك يكشف عن كونه مبغوضا للمولى ليس إلّا ومعه لا يعقل التقرب
اليه بتلك الصلاة.
(٣) ومنها ما
رواها فى الوافى المجلد الاول ، ص ٧٠ وفى مرآة العقول المجلد الثانى ص ١٠٤ عن امير
المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه انه قال ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا فى جنتك
ولكن وجدتك اهلا للعبادة فعبدتك الحديث فيأتى بالعبادة لانه اهلا للعبودية ومستحقا
لها وهذا يختص بالمعصومين عليهمالسلام.
(٤) اشاره الى
القسم الاخير كون العمل من وظائف العبودية اما ذاتا اى بامر
ام جعلا (١) و (٢)
اما اتيان العمل بداعى تحصل الثواب او الفرار عن العقاب فلا محيص (٣) فى العبادات
من سبق داعى آخر وإلّا فيستحيل اتيانها بهذا الداعى الا لغفلة وذهول وهو مما لا
يعبأ به (٤)
______________________________________________________
الشارع يكون
مصداقا للطاعة.
(١) اى بالجعل
وبناء العقلاء على كونه عبادة وكذا القسم الاول كما سيأتى.
(٢) ومنها خوفا من
النار وطمعا فى الجنة قال فى نهج البلاغة روى فى الوسائل باب ٩ من ابواب مقدمة
العبادات ح ٣ انه عليهالسلام قال ان قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار وان قوما
عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد وان قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الاحرار
الحديث.
(٣) يقول الماتن
ان القسم الاخير لا محاله يكون لداع آخر من امر المولى او المصلحة الملزمة فى
العمل وإلّا لما ذا يأتى بالعمل طمعا فى الجنة او خوفا من النار مع انه لا امر له
ولا نهى عنه قال المحقق النائينى فى كتاب الصلاة ، ج ٢ ، ص ١١ ان الاتيان بداعى
الثواب والعقاب يتصور على وجهين الاول ان يكون نفس العلم بترتبهما محركا له فى
العمل مع قطع النظر عن كونهما معلولى الامر بحيث لو فرض ولو محالا ترتبهما من غير
وجود الامر كان ذلك داعيا له نحو العمل وفى مثله يبطل العمل لعدم تحقق تحريك لامر
المولى فيه اصلا سواء اتى به بداعى الثواب الاخروى او فرارا عن عقابه او اتى به
بداعى الدنيوى منهما ، وثانيهما ان يكون الامر بما يترتب عليه من الثواب على
موافقته او العقاب على مخالفته محركا وداعيا له نحو العمل بحيث يكون انبعاث
الارادة من العبد نحو العمل بتحريك الامر ودعوته لكن لا بما هو نفسه بل بما يترتب
عليه من الاثر فصفة البعث انما هى له فهو المحرك وهو الباعث واقعا لكن بما يترتب
عليه من الاثر بحيث لو لم يكن يترتب عليه ذلك لما كان يدعوا المكلف نحو العمل بما
هو امر المولى لقصور العبد عن معرفة جلاله وجماله لكن مع ذلك يكون هو الداعى
والمحرك لا ان نفس اثره هو المحرك الخ.
(٤) قد عرفت عدم
كفايته ، ومنها ما عن المحقق النائينى فى كتاب الصلاة ج ٢ ص ٢٧ ان المستفاد من
الادلة الشرعية من الكتاب والسنة ليس إلّا اعتبار ان تكون
ثم ان الظاهر
الاكتفاء (١) بكل واحد من هذه المراتب فى قرب العبادى الزائد عن قربها الذاتى
الاقتضائى (٢) كما ان الظاهر ايضا امكان اخذ المرتبة الاولى (٣) والاخيرة (٤) فى
حيّز الامر والارادة ولو شخصية (٥) نعم فى اخذ القرب بالمرتبتين الاخيرتين من دعوة
المحبوبية او الامر شخصا اشكال مشهور (٦) و
______________________________________________________
العبادة بداعى
ابتغاء مرضات الله تعالى وهذا المعنى يتحقق باتيان العمل بداعى الامر او طلبا
لثوابه او فرارا عن عقابه او لكونه اهلا له الخ.
(١) كما عرفت
مفصلا.
(٢) بمعنى كون
العمل عبادة جعلية يحتاج الى نية التقرب باحد هذه الدواعى وبدونه لا تتحقق
العبادة.
(٣) بداعى رجحان
العمل عقلا.
(٤) بداعى كونه
اهلا للعبادة.
(٥) لان المختار
امكان اخذ قصد التقرب فى متعلق شخص الامر المطلوب قصد امتثاله فحال قصد التقرب حال
سائر القيود الشرعية الاخرى ولذا سيأتى ان اخذ فى متعلق الامر فهو وإلّا فمع جريان
مقدمات الحكمة يتمسك بالاطلاق لنفى اعتباره ومع عدم جريانها لاختلال بعض شروطها
يكون المرجع ما يناسب المورد من الاصول ، واما على القول بامتناع اخذ قصد التقرب
فى متعلق شخص الامر فان قلنا بامكان التكليف به بامر آخر فالمتبع هو ذلك الامر
الآخر ومع عدمه يكون المرجع فى مقام العمل هو الاصل وان قلنا بامتناع الامر به
مطلقا فيمكن بيان اعتباره باحد طريقين اما باخبار المولى بدخله فى الغرض او بحكم
العقل بلزومه فى مقام الشك لو قلنا بالاشتغال فى امثاله وسيأتى مفصلا.
(٦) ايضا سيأتى
مفصلا والعمدة ان العبادة لا تنحصر بقصد الامر كما ذهب اليه جمع منهم صاحب الجواهر
قدسسره وعلى هذا الاساس انكر الشيخ البهائى الثمرة فى بحث الضد
لان العبادة تتوقف على قصد الامر ولا امر بضد الاهم ولو لم نقل باقتضاء الامر
بالشيء النهى عن ضده الخاص وجوابه بطلان هذا الاساس كما عرفت وسيأتى ايضا وان تحقق
العبادة لا يتوقف على قصد الامر فقط على ما عرفت مضافا الى ان الملاك والمصلحة
التى هى علة للامر قصدها بما هى علة للامر يرجع بالاخرة الى
عمدة وجه الاشكال (١)
استحالة اخذ ما هو شئون الامر فى موضوعه وتوضيح
______________________________________________________
قصد الامر وهكذا
قصد كل ما هو واقع فى سلسلة معاليل الامر بما هى معاليل له ، تذنيب تقدم ان
العبادات فى الشرع كثيرة قال عليهالسلام فى الوسائل باب ١ مقدمات العبادات بنى الاشياء على خمسة
اشياء على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية وفى باب ٨ منها عن عبد الله بن
سنان قال كنا جلوسا عند ابى عبد الله عليهالسلام اذ قال له رجل اتخوف ان اكون منافقا فقال له اذا خلوت فى
بيتك نهارا او ليلا أليس تصلى فقال بلى فقال فلمن تصلى قال الله عزوجل قال فكيف تكون منافقا وانت تصلى لله عزوجل لا لغيره ، وفى باب ١٢ منها فى رواية يجاء بالعبد يوم
القيامة قد صلى فيقول يا رب قد صليت ابتغاء وجهك فيقال له بل صليت ليقال ما احسن
صلاة فان اذهبوا به الى النار ـ وفى رواية اخرى اجعلوا امركم هذا لله ولا تجعلوا
للناس فانه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد الى الله الى غير ذلك اللهم
اجعل اعمالنا خالصة لك يا ارحم الراحمين ـ والوجوب التوصلى ايضا كثيرا باب ١ اسئار
اذا اصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله وفى رواية اخرى عن خنزير شرب من انا : كيف
يصنع قال يغسل ثلاث مرات وفى ثالث واغسله بالتراب اول مرة ثم بالماء وباب ١٨ نواقض
الوضوء فى الرجل يبول فينسى غسل ذكره ثم يتوضأ وضو الصلاة قال يغسل ذكره ولا يعيد
الوضوء الى غير ذلك والنكاح المشوب بالعبادة بعدم الخيار وان لم يعتبر فيه قصد
القربة قال رسول الله صلىاللهعليهوآله تزوجوا وزوجوا فمعلوم التعبدية كالصلاة والصوم ونحوهما
ومعلوم التوصلية كدفن الميت والوفاء بالنذر ومشكوك التعبدية كالعتق.
(١) اصل الاشكال
هو ما اشار اليه المحقق الماتن قدسسره من امتناع اخذ قصد الامتثال فى متعلق الامر بنحو التقيدية
او الجزئية ومن التعرض فى جواز اخذ مثل القرب الناشى عن دعوة الامر فى المأمور به
وعدم جوازه يظهر ايضا حال اخذ الجامع بين هذا القرب والقرب الناشى عن اتيان العمل
لوجهه الاعلى او القرب الناشى من دعوة الملاك والمصلحة من حيث جواز اخذه بنحو
الشرطية او الشطرية فى المأمور به وفى متعلق الامر لانه اذا لا يجوز اخذ القرب
الناشى من دعوة الامر فى المأمور به لا يجوز ايضا اخذ جامع القرب الناشى من دعوة
الامر ومن دعوة الرجحان والمصلحة وعلى اى فقد قرب الامتناع بوجوه.
الاشكال بازيد من
ذلك بان يقال (١)
______________________________________________________
(١) منها ما افاده
فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١٠٩ وذلك لاستحالة اخذ ما لا يكاد يتاتى الا من قبل الامر
بشيء فى متعلق ذاك الامر مطلقا شرطا او شطرا فما لم تكن نفس الصلاة متعلقة للامر
لا يكاد يمكن اتيانها بقصد امتثال امرها الخ ووجهه بوجه خال عن المناقشة المحقق
العراقى الماتن قدسسره ما ملخصه انه لا ريب فى ان موضوع الحكم متقدم فى اللحاظ
على حكمه وهو متاخر عنه كما انه لا ريب فى ان قصد الامتثال ونحوه ما يكون مترتبا
فى وجوده وتحققه على وجود الامر هو متأخر فى اللحاظ ايضا عن الامر فيكون متأخرا
برتبتين عن موضوع الامر فاذا اخذ جزء من موضوع الامر او قيدا فيه لزم ان يكون
الشيء الواحد فى اللحاظ الواحد متقدما فى اللحاظ ومتأخرا فيه وهذا سنخ معنى فى
نفسه غير معقول وجدانا اما للخلف او لغيره فالنتيجة ان التوقف من جهة اللحاظ والمحقق
المشكينى استفاد الدور هكذا ايضا. قال المحشى المزبور ، ص ١٠٧ من الكفاية وحاصله
ان تصور الامر موقوف على تصور متعلقه فلو كان قصد الامر من اجزائه وقيوده لتوقف
تصور المتعلق على تصوره حسب تصور المركب او المقيد على تصور جزئه او قيده فيلزم
الدور الخ. ولكن غيره لم يوجهه باللحاظ بل اخذ بظاهره وهو توقف الموضوع على الحكم
والحكم على الموضوع. قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٣١ ربما توجه
الاستحالة بانه لا بد من ثبوت الموضوع فى مرتبة موضوعيته حتى يتعلق الحكم به وسنخ
الموضوع هنا لا ثبوت له فى حد ذاته مع قطع النظر عن تعلق الحكم به لانه الفعل
بداعى شخص الطلب الحقيقى المتعلق به ، وفيه ان الحكم بالاضافة الى موضوعه من قبيل
عوارض الماهية لا من قبيل عوارض الوجود كى يتوقف عروضه على وجود المعروض وعارض
الماهية لا يتوقف ثبوته على ثبوتها بل ثبوتها بثبوته كثبوت الجنس بفصله والنوع
بالتشخص اذ من الواضح ان الحكم لا يتوقف على وجود موضوعه خارجا كيف ووجوده خارجا
يسقط الحكم فكيف يعرضه كما لا يتوقف على وجوده ذهنا بداهة ان الفعل بذاته مطلوب لا
بوجوده الذهنى بل الفعل يكون معروضا للشوق النفسانى فى مرتبة ثبوت الشوق حيث انه
لا يتشخص إلّا بمتعلقه كما فى المعلوم بالذات بالنسبة الى العلم فما هو لازم توقف
العارض على معروضه هذا النحو من الثبوت الخ ولكن فيه ان الموضوع هنا وغير المتعلق
فالصلاة موضوع نحوى للحكم لا انه موضوع واقعى بل
ان من المعلوم (١)
ان ما هو موضوع للامر ملحوظ فى رتبة سابقه عنه ومن البديهى (٢) ان ما هو ملحوظ فى
الرتبة اللاحقة يستحيل فى هذا اللحاظ يرى فى الموضوع الملحوظ سابقا و (٣) ح فكما
ان الحكم والامر يرى لا حقا (٤) كك العلم بالامر ايضا يرى لا حقا عن الامر (٥) وكك
(٦) ما هو من شئون هذا العلم كدعوته ايضا يرى فى المرتبة اللاحقة عن المعلوم من
الامر وح (٧) يرى جميع هذه
______________________________________________________
موضوعه هو نفس
المكلف البالغ العاقل فانه اذا كان باقيا يكون عليه الحكم وهنا جزء موضوع الحكم هو
الدعوة والامر متعلق له ولا يراد كون الحكم متوقف على موضوعه خارجا بل رتبة كما
عرفت والدعوة متأخرة عن الحكم ومتعلقة جزما كيف يوجد فى متعلقه والشبهة انما يكون
من جهة اللحاظ كما تقدم فلحاظ شخص واحد كيف يكون سابقا ولا حقا.
(١) هذا هو
المحذور.
(٢) وجه المحالية.
(٣) بيان صغرى
المحذور فى المقام.
(٤) الامر والحكم
فى المرتبة المتأخرة عن الموضوع كوجوب الحج للمستطيع فلا بد من الموضوع وهو الحج
حتى يتعلق عليه الحكم وهو الوجوب.
(٥) والعلم والجهل
بالحكم فى الرتبة المتأخرة عن الحكم فانه من الامور الذات الاضافة فيحتاج الى
المتعلق فلو لم يكن له متعلق كيف يتعلق به العلم.
(٦) وما يكون من
شئون هذا العلم ايضا هو دعوة الامر واتيانه بداعى امتثال الامر يكون فى الرتبة
المتأخرة عنه لا محاله.
(٧) فهذه مراتب
متأخرة عن الموضوع فان القرب الناشى عن دعوة هذا الامر انما هو معلول شخص هذا
الامر ومترتب عليه ولازمه هو كونه فى رتبة متأخرة عن الامر بحيث يصح ان يقال فى
شخص هذا اللحاظ ويحكم عليه بانه عقيب هذا الامر ومترتب عليه ترتب المعلول على علته
فمع كونه مرئيا فى هذا اللحاظ عقيب الامر وفى رتبة متأخرة عنه فكيف يمكن ان يؤخذ
مثله فى موضوع هذا الامر فى نفس هذا اللحاظ وفى رتبة متقدمة عليه وهل هو الا من
المستحيل.
المراتب كنفس
الامر فى المرتبة اللاحقة عن الموضوع وح فيستحيل اخذ كل واحد من هذه المراتب فى
موضوع هذا الامر لان ما يراه العقل فى الرتبة المتأخرة يابى عن ان يأخذه فى الرتبة
السابقة عنه ، وبهذه الجهة (١) نقول ان العقل يابى ان يأخذ العلم بحكم الشيء فى
موضوع هذا الحكم (٢) وذلك لا من جهة ما توهم (٣) من توقف الحكم على العلم بنفسه
والعلم بنفسه على الحكم وهو دور (٤) لامكان دفعه بمنع التوقف الثانى لامكان تخلف
العلم عن المعلوم (٥) بل عمدة الوجه (٦) هو ان العقل يرى العلم بالشيء فى الرتبة
اللاحقة عن الشيء لحاظا (٧)
______________________________________________________
(١) من اخذ ما هو
فى المرتبة المتأخرة فى الموضوع وهو محال.
(٢) اى ومن هنا
يتضح حال جميع ما يتوقف تحققه على تحقق الامر ولحاظه على لحاظه كالعلم بالحكم وقصد
الوجه والتمييز.
(٣) اى ليس الوجه
فى عدم امكان اخذ العلم بالحكم فيه ما افاده فى الكفاية ، ج ٢ ، ص ٢٥ قال لا يكاد
يمكن ان يؤخذ القطع بحكم فى موضوع نفس هذا الحكم للزوم الدور الخ.
(٤) فالعلم بوجوب
صلاة الجمعة يتوقف على وجوبها ووجوبها يتوقف على العلم به توقف الحكم على الموضوع
اذا المفروض ان القطع به موضوعه فهذا دور صريح.
(٥) والجواب عن
الدور انه ربما يكون العلم بلا معلوم لعدم وجود الحكم واقعا وتخلفه عنه فليس
التوقف من الطرفين وبعبارة واضحة من ان العلم بالوجوب يتوقف على وجوبها ولو فى نظر
القاطع ووجوبها واقعا يتوقف على العلم به.
(٦) فالعمدة فى
الاشكال ان العلم بالحكم مما يراه الانسان متأخرا عن الحكم لحاظا فلو اخذ قيدا فيه
او جزء لرآه متقدما لحاظ كالحكم نفسه وهكذا ما هو بمنزلته منا ذكرنا فيكون تقدم
الشيء على نفسه وهو محال والجواب الذى تقدم لا يمكن الرد فى المقام من تقدم الشى
على نفسه.
(٧) اى طبعا فى
عالم اللحاظ قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص
لا واقعا (١)
فكانه يرى الشيء موضوع علمه ومتعلقه وفى هذا النظر يرى المعلوم سابقا عن علمه ومع
هذا اللحاظ يابى عن ان ياخذ العلم به فى موضوع نفسه اذ لازمه كون العلم به مقدّما
عليه رتبة فى نظره مع انه مؤخّر عنه فى لحاظه ، وبعين هذا المناط (٢) ايضا يأبى عن
الاخذ فى الموضوع ما هو من شئون هذا العلم من الدعوة (٣) و (٤) ح فمجرد كون الدعوة
من تبعات العلم بالامر لا نفسه واقعا له لا
______________________________________________________
١٣١ بل المانع من
تقويم الحكم لموضوعه وتقوم موضوعه به او بما ينشا من قبل حكمه ان الحكم متأخر طبعا
عن موضوعه فلو اخذ فيه لزم تقدم المتأخر بالطبع وملاك التقدم والتاخر الطبعيين ان
لا يمكن للمتأخر ثبوت الا وللمتقدم ثبوت ولا عكس كما فى الاثنين بالنسبة الى
الواحد ونسبة الارادة الى ذات المراد كذلك اذ لا يمكن ثبوت للارادة الا وذات
المراد ثابت فى مرتبة ثبوت الارادة ولا عكس لا مكان ثبوت ذات المراد تقررا وذهنا
وخارجا بلا ثبوت الارادة ولا منافاة بين التقدم والتأخر بالطبع والمعية فى الوجود
كما لا يخفى الخ ولم يقبل هذا الوجه وسيأتى ان قلت ان العلم انما يتعلق بالصور
الذهنية ولا يتعلق بالامور الخارجية بشهادة امكان تعلقه بالمعدومات بل الممتنعات
وح فاناطة الحكم خارجا به لا يوجب الدور فانه ليس منوطا بالحكم الخارجى قلت بان
العلم وان لم يتعلق بالخارج بل بنفس الصورة الحاكية عنه لكن بنحو ترى خارجية
مفروضة الوجود فى الخارج وتعلق العلم بها مفروضة الخارجية مانع من كونها منوطة
بالعلم ويجرى شبيه هذا التوهم فى المقام.
(١) فربما فى
الواقع لا معلوم اصلا لكونه جهلا مركبا.
(٢) الذى قلنا فى
العلم.
(٣) وهو تقدم ما
هو متاخر لحاظ فشخص لحاظا دعوة الامر المتاخر رتبة عن الموضوع يؤخذ فى موضوع هذا
الامر فى هذا اللحاظ فى رتبة متقدمة عليه نفس ذلك اللحاظ لا لحاظ آخر.
(٤) تقدم مثله فى
الجواب عن الدور فى العلم بالحكم الماخوذ فى الموضوع وفى المقام قصد الامتثال
يتوقف على العلم بالامر لا الامر واقعا فالامر واقعا يتوقف على الموضوع لكن
الموضوع يتوقف على العلم بالامر لا الامر واقعا فلا دور.
يصحح الاخذ فى
الموضوع ولا يرفع الاشكال (١) ولئن اغمض عن هذه الجهة (٢) وبنينا على عدم مانع فى
اخذ ما هو من تبعات العلم بالامر فى موضوعه لا يبقى (٣) مجال لاشكال آخر من ان
لازم اخذ الداعى فى حيّز الامر
______________________________________________________
(١) ولكن لا يرفع
الاشكال من لحاظ الموضوع سابقا ولا حقا كما تقدم.
(٢) من تقدم الشى
على نفسه فى اللحاظ.
(٣) هذا توهم آخر
افاده المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٣٢ بل التحقيق فى خصوص المقام ان
الانشاء حيث انه بداعى جعل الداعى الى جعل الامر داعيا يوجب علية الشيء لعلية نفسه
وكون الامر محركا الى محركية نفسه وهو كعلية الشيء لنفسه الخ وتوضيحه ان الامر
المتعلق بالمركب حيث انه واحد فبطبيعة الحال كانت له دعوة واحدة فليست دعوته الى
الاتيان بكل جزء الا فى ضمن دعوته الى الكل لا على نحو الاستقلال وعلى هذا فاذا
افترضنا ان دعوة الامر قد اخذت فى متعلق نفسه يعنى ان المتعلق مركب من امرين الفعل
الخارجى كالصلاة مثلا ودعوة امرها فلا محاله الامر المتعلق بالمجموع يدعوا الى كل
جزء فى ضمن دعوته الى المجموع مثلا دعوته الى الصلاة فى ضمن دعوته الى المجموع
وكذا دعوته الى الجزء الآخر وبما ان الجزء الآخر هو دعوة شخص ذلك الامر فيلزم من
ذلك دعوة الامر الى دعوة نفسه الى الصلاة ضمنا اى فى ضمن الدعوة الى المجموع وهذا
معنى داعوية الامر لداعوية نفسه المساوق لعلية التى لعلية نفسه ، وللمحقق
الاصفهانى بيان آخر للمحذور ذكر فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٣٢ نعم لازم التقييد بداع
الامر محذور آخر وهو لزوم عدمه من وجوده وذلك لان اخذ الاتيان بداع الامر فى متعلق
الامر يقتضى اختصاص ما عداه بالامر لما سمعت من الامر لا يدعوا إلّا الى ما تعلق
به وهو مساوق لعدم اخذه فيه اذ لا معنى لاخذه فيه الا تعلق الامر بالمجموع من
الصلاة والاتيان بداع الامر فيلزم من اخذه فيه عدم اخذه فيه وما يلزم من وجوده
عدمه محال الخ. وتوضيحه من ان لازم تقييد المأمور به بداعى الامر هو محذور لزوم
عدمه من وجوده وذلك لان اخذ الاتيان بداعى الامر فى متعلق الامر يقتضى اختصاص ما
عداه بالامر لما سمعت من ان الامر لا يدعوا إلّا الى ما تعلق به وهو مساوق لعدم
اخذه فيه اذ لا معنى لاخذه فيه الا تعلق الامر بالمجموع من الصلاة والاتيان بداعى
الامر فيلزم من اخذه فيه عدم اخذه فيه و
كون الامر محركا
الى محركية شخصه ومرجعه الى كون الشيء علّة لعلية نفسه ، اذ لنا ح ان نقول (١) ان
ما يلزم فى المقام محركية العلم بالامر بالدعوة للعلم بالامر
______________________________________________________
ما يلزم من وجوده
عدمه محال.
(١) وملخص الجواب
عن الوجه الاول وبه يتضح الجواب عن الوجه الثانى جعل الامر المتعلق بالشيء المركب
حصصا متعددة بتعدد اجزائه فيجعل دعوة حصة منه موضوعا لحصة اخرى وعليه لا يلزم
التهافت والتناقض فى اللحاظ لتعدد الملحوظ واللحاظ ، اللهم إلّا ان يقال لا ريب فى
ان الانسان اذا امر بشيء انما ينشئ امرا واحدا سواء كان متعلقه مركبا ام بسيطا ولا
يرى امره المتعلق بالشيء المركب او امر متعددة بتعدد اجزاء ذلك المركب فاذا اخذ
دعوة امره موضوعا لذلك الامر لزم التناقض فى اللحاظ فيمتنع عليه لحاظ دعوة الامر
موضوعا وتحصص الامر المتعلق بالشيء المركب بعدد اجزائه تحليل عقلى لا تعدد فى
الانشاء ليكون بعض المنشئات موضوعا للآخر ليتعدد الملحوظ واللحاظ ويرتفع التناقض
المزبور نعم إن كان سنخ الحكم فهو وجه دقيق سيأتى وبالجملة مما ذكرنا من الجواب عن
الوجه الاول من ان الامر المتعلق بالعمل المركب ينحل الى اوامر متعلقة بعدد اجزاء
متعلقة وتكون طبيعة الصلاة مأمورا بها باحد الاوامر الانحلالية والاتيان بها بداعى
امرها مأمورا به بامر آخر من الاوامر الانحلالية ويكون الامر الانحلالى الاول
موضوع الامر الانحلالى الثانى فلا يكون الامر داعيا الى دعوة نفسه نظير صل متطهرا
ان الامر المتعلق بالصلاة المقيدة بالطهارة ينحل الى الامر بنفس الصلاة والى الامر
باتيانها فى حال الطهارة لا الى الامر بالطهارة نفسها ، ظهر الجواب عن الوجه
الثانى ايضا فان كل جزء من العمل تتعلق به حصة من الامر المتعلق بالكل وامتناع
تعلق قصد الامتثال بالحصة المتعلقة بقصد الامتثال لا يستلزم امتناع تعلق قصد
الامتثال بالحصة المتعلقة بنفس الصلاة مثلا بل هو ممكن فاذا قلنا بانحلال الامر
المتعلق بالمركب الى حصص متعددة بعدد اجزاء او باعتبار قيوده التى تقيد بها لان
الانحلال المزبور ليس إلّا تجزية عقلية والعقل لا يرى فرقا فى هذه التجزية بين
الاجزاء التى هى كون الاشياء المتغايرة منضما بعضها الى بعض وبين الخصوصيات التى
يصير الشى بانضمامها اليه شيئا خاصا فى قبال شيء آخر ، وعلى اى لزم ان يكون الامر
المتعلق بالصلاة بقصد امتثال امرها منحلا الى الامر بالصلاة نفسها والى الامر بقصد
امتثال امرها فيكون بعض حصص الامر المتعلق بالمركب موضوعا
المتعلق بالذات اذ
الامر المتعلق بالجميع وان كان واحدا ولكن بملاحظة قابلية التحليل بقطعة متعلقة
بالذات وقطعة اخرى متعلقه بالدعوة كان العلم بكل قطعة علما على حدة فاحدهما محرّك
لمحركية الآخر وح من اين يلزم محرّكية الامر الى محرّكية نفسه كى يجيء ما ذكرت من
المحذور واضعف من هذا التقرير توهم آخر (١) من ادخال المقام فى صغريات القضايا
الحقيقية من كون الحكم منوطا
______________________________________________________
للحصة الاخرى منه.
(١) وهو الذى
افاده المحقق النائينى قدسسره قال فى الاجود ، ج ١ ، ص ١٠٦ استحالة التقييد فى حد ذاته
فى مقام الانشاء والفعلية والامتثال اما فى مقام الانشاء ـ اى الخطاب ـ فلما عرفت
، ص ١٠٥ فقد يقال بعدم استحالة اخذ العلم فى الموضوع فى ذاك المقام لعدم توقف
الانشاء على وجود الموضوع قطعا إلّا ان التحقيق استحالته ايضا من وجهين الاول ان
المجعول فى مقام الانشاء ـ ليس إلّا الاحكام الفعلية لموضوعاتها الخارجية وبعبارة
اخرى الاحكام الفعلية هى الاحكام الموجودة بنفس الانشاء لموضوعاتها المقدر وجودها
غاية الامر انها قبل وجود موضوعاتها فرضية وبعده خارجية فاذا فرضنا امتناع المجعول
لاستلزامه الدور فيلزم امتناع الجعل ايضا اذ استحالة الوجود يستلزم استحالة
الايجاد قطعا ، الثانى ان العلم بشخص الحكم يؤخذ فى الموضوع على نحو القضايا
الحقيقة المستعملة فى تمام العلوم التى منها القضايا المتكفلة للاحكام الشرعية وح
فلا بد من فرض الموضوع فى مقام الانشاء والحكم على المفروض كما فى قضية الخمر حرام
فان الحاكم فى مقام حكمه بالحرمة يفرض وجود الخمر خارجا ويحكم عليه بالحرمة فاذا
فرضنا اخذ العلم بالحكم فى مقام الانشاء بنحو يكون مرآة لما فى الخارج وينطبق عليه
فلا بد من ان يفرض وجود العلم بالحكم فى ذاك المقام ومن الواضح ان فرض وجود العلم
بالحكم فرض وجود الحكم فلا بد وان يكون الحكم مفروض الوجود قبل وجوده ولو بالقبلية
الرتبية وهو ما ذكرناه من محذور الدور بعينه وان لم يكن دورا اصطلاحا ـ تقدم الشى
على نفسه ـ فالموضوع فى القضايا الحقيقية دون الفرضية غير المعقولة أى الوهمية
كانياب الاغوال التى لا تنطبق على الخارج اصلا فلا كلام لنا عليه ، لا بد وان يكون
مفروض الوجود فى الخارج فى مقام اخذه موضوعا من دون ان يكون تحت التكليف اصلا ولا
فرق فيه بين
بفرض وجود الموضوع
خارجا بنحو يصير خارجيا ولازمه اخذ الحكم فى موضوعه المفروض وجوده فى رتبة سابقه
عن حكمه ، وتوضيح الفساد بان جعل الاحكام المتعلق بافعال المكلفين من القضايا
الحقيقية ، واضح الفساد (١) اذ
______________________________________________________
ان لا يكون
الموضوع تحت اختيار المكلف وقدرته كما فى صل فى الوقت فان الوقت غير مقدور للمكلف
او يكون تحت اختياره وقدرته كما فى اوفوا بالعقود فان معناه انه اذا فرض عقد فى
الخارج يجب الوفاء به لا انه يجب على المكلف ايجاد عقد فى الخارج والوفاء به وح
فلو اخذ قصد امتثال الامر قيدا للمأمور به فلا محاله يكون الامر موضوعا للتكليف
ومفروض الوجود فى مقام الانشاء وهذا ما ذكرناه من لزوم تقدم الشى على نفسه وبعبارة
واضحة كل امر اختيارى او غير اختيارى اخذ متعلقا لمتعلق التكليف فوجود التكليف
مشروط بفرض وجوده بفرض مطابق للواقع وحيث ان متعلق المتعلق فى ما نحن فيه هو نفس
الامر فيكون وجوده مشروطا بفرض وجود نفسه فرضا مطابقا للخارج فيلزم كونه مفروض
الوجود قبل وجوده وهو بعينه محذور الدور ، واما فى مقام الفعلية فلان فعلية الحكم
يتوقف على فعلية موضوعه ـ اى وجوده خارجا ـ اعنى متعلقات متعلق التكليف وحيث ان
المفروض ان نفسه هو الموضوع لنفسه ومتعلق متعلقة فيتوقف فعليته على فعلية نفسه
ولازمه تقدم فعليته على فعليته ، واما فى مقام الامتثال فلان قصد الامتثال متأخر
عن اتيان تمام اجزاء المأمور به وقيوده طبعا فان قصد الامتثال انما يكون بها وحيث
انا فرضنا من جملة الاجزاء والقيود نفس قصد الامتثال الذى هو عبارة عن دعوة شخص
ذاك الامر فلا بد وان يكون المكلف فى مقام امتثاله قاصدا للامتثال قبل قصد امتثاله
فيلزم تقدم الشى على نفسه الى آخر كلامه ذكرناه تيمنا اداء لحق هذا المحقق الكبير
تبعا لاساتذتي العظام سيما الميرزا باقر الزنجانى قدسسره ارواحهم جميعا.
(١) فاجاب عنه
المحقق العراقى الماتن قدس الله روحه جوابا مبنائيا بان الاحكام ليس على نحو
القضايا الحقيقة ولازم ذلك انه لو سلم المبنى فما ذكره من الاشكال تام ، والعمدة
ان دعوى كون الاحكام الشرعية مجعولة بنحو القضايا الحقيقية ليست صحيحة لان الاحكام
فى القضايا الحقيقية تكون فعلية فى الخارج عند فعلية موضوعها فاذا قيل النار حارة
كانت قضية حقيقية ولا شبهة فى ان فعلية الحرارة انما
فرض وجود الموضوع
خارجا يرى العقل سقوط الحكم (١) لا وجوده (٢) وانما يصحّ تصوير القضايا الحقيقية
على فرضه بالنسبة الى متعلقات الافعال التى هى بمنزلة شرائط الاحكام كالخمر
والعالم وامثالها لا بالنسبة الى فعل المكلف الذى هو معروض الحكم وكيف كان الاولى
تقرير الاشكال بنحو ذكرنا (٣) وبعد ما
______________________________________________________
تكون عند فعلية
وجود النار فى الخارج وإلّا بقيت مقدرة بتقدير وجود موضوعها واما الاحكام الشرعية
فليست كذلك لان حقيقة الحكم التكليفى سواء كان طلبا للفعل ام للترك عبارة عن ارادة
المولى لفعل الغير او لترك فعله او عبارة عن ارادته لبعض افعال المكلفين وكراهتهم
لبعض افعالهم الآخر ولا اشكال فى ان ارادة العاقل لفعل غيره انما تتحقق فى نفسه
بعد تصوره ذلك الفعل بخصوصياته وما يترتب عليه من الفائدة مع عدم المانع من طلبه
فى اى زمان يكون ذلك الفعل كذلك فاذا تصور العاقل فعل غيره كذلك اراده فعلا وكشف
عن ارادته اياه بانشاء طلبه ولو كان ظرف مراده مستقبلا او موضوع تكليفه غير متحقق
فعلا فيقول اكرم العلماء وتصدق على الفقراء ولا تشرب الخمر مثلا وان لم يكن فى وقت
ارادته ذلك من المكلف فرد من افراد موضوع تكليفه كان لم يكن فى وقت انشاء الطلب
عالم ولا فقير ولا خمر فالتكليف فعلا متحقق فى حال عدم تحقق موضوعه فلو كانت
الاحكام التكليفية مجعولة بنحو القضايا لما كانت فعلية فى حال عدم فعلية موضوعاتها
ولكنها تكون فعلية فى حال عدم تحقق موضوعاتها فلا تكون مجعولة بنحو القضايا
الحقيقية نعم لو كان الحكم امرا مجعولا لامكن ارجاع الاحكام الشرعية الى القضايا
الحقيقية ولكن ليس الامر كذلك بل هو ارادة يبرزها الآمر بانشائه وينتزع عن مقام
الابراز عنوان الحكم كعنوان البعث كما انه على المختار يتصور ايضا القضية الحقيقية
بالنسبة الى مقام التحريك بحيث يتوقف التحريك على تحقق الموضوع والشرط فى الخارج
ولكن مقام التحريك متأخر عن مرتبة العلم المتأخر عن فعلية الحكم بمرتبة فالتحريك
متأخر عن الحكم بمرتبتين.
(١) اى الخارج ظرف
سقوطه لا وجوده ففرض الموضوع فى الخارج يخرج عن ثبوته.
(٢) ووجود الحكم
عند تصوره ذلك الفعل بخصوصياته.
(٣) من تقدم الشيء
على نفسه ، واورد على المحقق النائينى فى البدائع
.................................................................................................
______________________________________________________
المحقق العراقى
ايضا بوجه آخر ص ٢٢٤ ما فيه اوّلا اما فى مقام جعل الحكم وانشائه فلان انشاء الحكم
وجعله على موضوع ما انما يستلزم تصور ذلك الموضوع وتقديره فى الذهن قبل الانشاء
وهذا شيء لا محذور فيه بل كل فعل اختيارى يتوقف وجوده خارجا على وجوده ذهنا فتوقف
وجود الحكم خارجا على وجوده ذهنا لكونه موضوعا او جزء من موضوعه لا محذور فيه اذ
هو لا يزيد على توقف وجوده خارجا على وجوده ذهنا لكونه فعلا اختياريا كما اشرنا
اليه ، واما فى مقام الفعلية فلانه لو كانت فعلية الحكم متوقفة على فعلية وجود
موضوعه خارجا لاستلزام جعل الحكم موضوعا لنفسه او جزء من موضوعه ذلك المحذور أعنى
به تقدم الشيء على نفسه ولكن لا نسلم ان فعلية الحكم متوقفة على فعلية وجود موضوعه
خارجا بل فعليته متوقفة على فعلية فرض موضوعه وتقديره فى الذهن فالحكم يكون فعليا
بنفس انشائه وجعله لموضوعه المفروض فى مقام التشريع وان لم يكن وجوده الخارجى
فعليا ، واما ما افاده فى بيان وجه المحذور فى مقام الامتثال فلا يكاد يرجع الى
محصل إلّا اذا كان مراده بذلك هو استحالة الامتثال وعدم القدرة عليه اذا جعل قصد
امتثال الامر جزء من متعلقة فان ذلك بعض الوجوه التى استند اليها مدعى الامتناع وسنشير
اليه والى جوابه الخ واورد عليه استادنا البجنوردي فى المنتهى ، ج ١ ، ص ١٣٢ ، اما
عن الاول قال من ان المحذور ليس هو تصور الشى قبل وجوده الخارجى بل المحذور هو فرض
وجود الشى قبل وجوده فرضنا واقعيا مع ان المفروض فى هذا الفرض محال الخ قلت الفرض
لا محذور فيه ولا محال وانما يصير محالا ان كان متعلقة للحاظ اما عن الثانى من ان
فعلية الحكم ليست متوقفة على فعلية وجود الموضوع خارجا بل على فعلية فرض وجوده
وتقديره فى الذهن وانت خبير بان المراد من فعلية الحكم ليس إلّا مقام محركيته
وباعثيته فعلا وفى هذا لمقام لا بد من وجود الموضوع بمعنى متعلق المتعلق خارجا فما
لم يكن زيد موجودا فى الخارج كيف يمكن ان يكون الامر بنحو يا زيد ادخل دارى محركا
فعليا الخ قلت ان الخارج ظرف سقوط الحكم لا ثبوته فلا بد وان يتعلق بالصورة
الذهنية التى كما فى الخارج منقوش فى الذهن لا انه متعلق بالخارج وهذا ايضا مبنائى
يتكل الى محله ، واما عن الثالث من انه لا يرجع الى محصل قال وانت خبير بان قصد
الامتثال علة لوجود المأمور به فى الخارج فاذا سئل المصلى مثلا
ذكرنا من البيان (١)
ايضا لا يرد عليه (٢) بان ما هو متأخّر عن الحكم هو الداعى (٣) بوجوده خارجا وما
هو مقدم عليه الداعى بوجوده ذهنا وهما مختلفان ، وتوضيح الضعف (٤) بان عمدة
المحذور كون الداعى علاوة عن تأخره
______________________________________________________
لما ذا صليت يجيب
من جهة امتثال امر المولى فقصد امتثال ذلك الامر الشخصى اذا كان مأخوذا فى المأمور
به فمن حيث انه معلول متأخر عن نفسه من حيث انه علة الخ وفيه انه ليس بعلة بل داع
وهو اللحاظ وبالتعبير الصحيح هو التضاد والتناقض فى اللحاظ كما عرفت مفصلا.
(١) لوجه
الاستحالة من كون الشيء المتأخر فى اللحاظ متقدما.
(٢) هنا توهم ودفع
اما التوهم ان دعوة الامر الى ايجاد متعلقة انما هى من آثار وشئون الامر بوجوده الذهنى
فى نفس المكلف لا من آثاره وشئونه بوجوده الخارجى والامر الذى وقع النزاع فى امكان
اخذ دعوة الامر جزءا وقيدا فى متعلقة هو الامر بوجوده الواقعى الحقيقى الخارجى فلو
اخذت دعوة الامر جزءا وقيدا فى متعلقة لما استلزم ذلك شيئا من المحاذير المذكورة
كما لا يخفى ولعل التوهم من المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٣٢ ان الامر
بوجوده العلمى يكون داعيا وبوجوده الخارجى يكون حكما للموضوع والوجود العلمى لا
يكون متقوما بالوجود الخارجى بما هو بل بصورة شخصه لا بنفسه فلا خلف كما لا دور
الخ وبالجملة ان دعوة الامر الى ايجاد متعلقة انما تتحقق بتحقق الامر خارجا فيكون
الامر بوجوده الخارجى متقدما على دعوته وما يؤخذ موضوعا للحكم انما هى دعوة الامر
بوجوده الذهنى وعليه لا يلزم ان يكون المتقدم فى اللحاظ متأخرا.
(٣) فان الداعى هو
العلة الغائى بوجودها الذهنى مقدم وبوجودها الخارجى مؤخر.
(٤) ما الدفع فان
دعوة الامر وان كان من آثار العلم به إلّا انها من آثار العلم الطريقى الى وجوده
الخارجى فالمولى يرى فى وجدانه ان دعوة الامر متأخرة عنه فيمتنع عليه لحاظها جزءا
وقيدا فى متعلق الامر فى انشائه لاستلزام ذلك التهافت فى نفس العلم والتناقض فى نفس
اللحاظ لا فى المعلوم والملحوظ ليقال انه لا ضير فى ذلك لامكان لحاظ الامور
المتناقضة وتصورها فعليه لا يرتفع بذلك تقدم الشى على
خارجا يرى فى عالم
اللحاظ ايضا متأخرا ومع تأخره عن الامر لحاظا كيف يعقل ان يرى فى موضوعه المرئى
سابقا ، واضعف من هذا الجواب (١) توهم (٢) اخذ الداعى طبيعة لا شخصا كى يلزم محذور
لحاظ اللاحق فى السابق ، ووجه الضعف (٣) هو ان لازم لحاظ الداعى الشخصى من شئون
الامر ومتأخرا عن
______________________________________________________
نفسه لحاظا نعم
يرتفع محذور لزوم الدور كما هو المشهور لتغاير المتعلقين من الذهنية والخارجية
وملخص الجواب لو كان المحذور فى المقام هو الدور لامكن دفعه بما ذكر ولكن المحذور
هو التهافت والتناقض فى نفس اللحاظ وذلك لان الملحوظ موضوعا ليس هو معنى الدعوة
بوجوده التصورى بل هى حقيقة الدعوة بجعل معناها المتصور مرآة فانية فيها وحاكية
عنها واذا كان الملحوظ موضوعا هى حقيقة الدعوة بان يكون فى عالم اللحاظ ايضا
ملحوظا متأخرا لزم محذور التهافت والتناقض فى اللحاظ ..
(١) اى التوهم
المتقدم عليه.
(٢) يظهر هذا
التوهم من الكفاية ، ج ١ ، ص ١٠٧ ، قال المحقق المشكينى قدسسره بعد ما نقل ـ فليزم الدور وفيه انه كك لو كان المأخوذ شخص
الامر لا طبيعته لان لحاظها غير لحاظه فلا دور لتغاير الموقوف الذى هو لحاظه
والموقوف عليه الذى هو لحاظها وهذا نظير قول القائل كل خبرى صادق اذا كان المراد
طبيعة الخبر بحيث تسرى الى هذا الفرد ايضا بالسريان الطبيعى لا النظرى فان كونه من
افراده وان توقف على هذا الحكم والحكم موقوف على تحقق الخبر لانه موضعه إلّا انه
لا يلزم الدور لان الملحوظ فى جانب الموضوع طبيعة الخبر فتغاير الموقوف والموقوف
عليه ، ودعوى كون الطبيعة فى المثال ذات افراد سوى الفرد المفروض دون المقام فانه
ليس لها فرد سوى شخص الامر المفروض مدفوعة بان ملاك الدفع وجود التغاير لحاظا وهو
محفوظ فى كليهما وهذا الدفع هو سلمه المصنف قدسسره بقوله ضرورة انه وان كان تصورها كذلك بمكان من الامكان الخ
فى جواب المتوهم الى آخر كلامه وملخصه ان دعوة الامر الى ايجاد متعلقة انما تتحقق
لشخص الامر الخارجى المتعلق بالمكلف وما يجعل موضوعا للحكم هى دعوة طبيعى الامر
فما اخذ فى الموضوع وصار متقدما ما هو غير ما تولد من الحكم خارجا فصار متأخرا فلم
يلزم التهافت فى اللحاظ.
(٣) وملخص الجواب
جعل طبيعى الشى موضوعا اما ان يكون بنحو القضية
الموضوع لحاظ شخص
هذا الفرد خارجا عن دائرة الطبيعة وهو يلازم لحاظ الطبيعة (١) فى دائرة لا يشمل
هذا الفرد (٢) وهو بمنزلة تخصيص الطبيعة بغيره وما هذا (٣) شأنه يستحيل انطباق
الطبيعة عليه كما لا يخفى وبالجملة نقول ان من
______________________________________________________
الطبيعية فى فن
الميزان فتكون القضية ذهنية مثل قولنا الانسان نوع واما ان يكون بنحو القضية
الحقيقية فلا بد من ملاحظة جميع افراد ذلك الطبيعى محققها ومقدرها فى مقام اسناد
الحكم اليها وجعله عليها فيعود المحذور المزبور.
(١) على المختار
من كون القضية طبيعية كما عرفت.
(٢) اشاره الى ما
ذكره المحقق المشكينى فى الكفاية المحشى ، ج ١ ، ص ١٠٩ لا يقال انه كك ـ اى يلزم تقدم
الشى على نفسه ـ اذا فرض المأخوذ شخص الامر واما اذا فرض الطبيعة فلا لتغايرهما
كما فى دفع الدور فانه يقال فرق بين المقامين فانه كان مقررا فى مقام التصور ولحاظ
المولى والكلام فى المقام فى الامتثال الخارجى فانه لا يقال كون شخص الامر داعيا
الى طبيعة لا فرد لها غيره كما فى المقام بل الى طبيعة لها افراد سواه اذا فرض
كونه داعيا الى ايجادها فى ضمنه لانها نفسية نعم لا باس بكون الشى داعيا الى ايجاد
الطبيعة فى ضمن غيره من الافراد لتغاير الوجودين حسب تعدد وجود الطبيعى بتعدد
افراده الخ.
(٣) فاجاب عنه
الماتن بانه بعد تخصيص الطبيعة بغير هذا الفرد ولم يشمل هذا الفرد فكيف يأتى بهذا
الفرد بداعى الامر ـ ان قلت يمكن دفع المحذور بما مر من جعل الامر المتعلق بالمركب
حصصا متعددة بتعدد اجزائه فيجعل دعوة حصة منه موضوعا لحصة اخرى وعليه لا يلزم
التهافت ولا مانع من ان يكون امر واحد بتجزيته بحسب التوصلية والتعبدية كالصوم
المنسية نيته مع التذكر قبل الظهر فان التروك الواقعة قبله لم تقع بقصد القربة هذا
فى الواجب واما فى المندوب فوقت النية باق الى ما قبل الغروب قلت لا ريب ان
الانسان اذا امر بشيء انما ينشئ امرا واحدا سواء كان متعلقه مركبا ام بسيطا ولا
يرى امره المتعلق بالشيء المركب او امر متعددة بتعدد اجزاء ذلك المركب فاذا اخذ
دعوة الامر موضوعا لذلك الامر لزم التناقض فى اللحاظ فيمتنع عليه لحاظ دعوة الامر
موضوعا وتحصص الامر المتعلق بالشيء المركب بعدد اجزائه تحليل عقلى لا تعدد فى
الانشاء ليكون بعض المنشئات موضوعا للآخر ليتعدد
جهة هذه الشبهة (١)
ذهب جلّ من الفحول الى امتناع اخذ هذا القيد وامثاله فى حيّز الامر والخطاب الواحد
وهم بين من التزم بعدم تعلق الخطاب إلّا بذات العمل مع عدم تعلق الامر بالقيد الا
ارشاد الى حكم العقل بالاتيان (٢) وبين من التزم باخذ القيد فى طى خطاب وامر آخر
غير الخطاب بذات العمل (٣) وعمدة منشإ هذا الاختلاف هو ان هذا القيد مثل سائر
القيود الشرعية محتاج الى البيان ام يكفى لبيانه حكم العقل بلزوم اتيانه من قبل
تماميّة البيان للامر بنفس الذات وسيجيء توضيحه عن قريب إن شاء الله هذا كله مما
استفدته من كلمات
______________________________________________________
الملحوظ واللحاظ
ويرتفع التناقض.
(١) من تقدم الشى
على نفسه لحاظا وهو التناقض فى اللحاظ.
(٢) كصاحب الكفاية
قال فى ج ١ ، ص ١٠٧ ان التقرب المعتبر فى التعبدى ان كان بمعنى قصد الامتثال
والاتيان بالواجب بداعى امر كان مما يعتبر فى الطاعة عقلا لا مما اخذ فى نفس
العبادة شرعا الخ.
(٣) كما ذهب اليه
المحقق النائينى فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٦١ ، انه ينحصر كيفية الاعتبار بمتمم الجعل
ولا علاج له سوى ذلك الخ وتبعه استادنا البجنوردي وسائر الأساتذة قال استادنا
الخوئى فى هامش الاجود ، ج ١ ، ص ١١٧ ما افاده قدس الله سره فى توجيه كون الواجب
عبادة من الالتزام بالامر الثانى المتمم للجعل الاول وان كان صحيحا لا مناص عنه
على تقدير عدم امكان اخذ قصد الامر فى متعلق الامر الاول إلّا أنّك قد عرفت انه
امر ممكن فلا تصل النوبة الى الالتزام المزبور الخ اشاره الى ما افاده المحقق
الاصفهانى من امكان اخذه فى الامر الاول كما افاده المحقق العراقى ايضا وسيأتى قال
المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٣٣ واما اذا تعلق الامر بذات المقيد اى
بهذا الصنف من نوع الصلاة وهذه الحصة من حصص طبيعى الصلاة فلا محذور من هذه الجهة
ايضا لفرض عدم اخذ قصد القربة فيه وان كان هذه الحصة خارجا لا يتحقق إلّا مقرونة
بقصد القربة فنفس قصر الامر على هذه الحصة كاف فى لزوم القربة وحيث ان ذات الحصة
غير موقوفة على الامر بل ملازمة له على الفرض فلا ينبعث القدرة عليها من قبل الامر
بها بل حالها حال سائر الواجبات الخ.
الاعلام (١) ولكن
لنا كلام مع هؤلاء الاعاظم قدس الله اسرارهم (٢) وتوضيحه يقتضى رسم مقدمه وهو ان
شخص انشاء الامر الوارد فى شخص الخطاب (٣) تارة (٤) يراد منه ابراز شخص الارادة
القائمة بموضوع الامر ومادته ، واخرى يراد سنخه (٥) ففى الثانى تارة (٦) يراد منه
السنخ الموجود فى ضمن افراد عرضه نظير الامر بكل طبيعة سارية كاكرم العالم فان من
شخص هذا الانشاء اريد سنخ الوجوب القائم بطبيعة العالم السارية فى ضمن افراد عرضه
ولذا يقال بان مثل هذه الخطاب قابل للانحلال بخطابات متعددة بعدد افراد الطبيعة
ومنه ايضا الانشاء المتعلق بالعمومات الاستغرافية (٧) وتارة يراد منه السنخ
الموجود فى
______________________________________________________
(١) كما عرفت جملة
من كلماتهم.
(٢) ثم ان الجواب
عن هذا المحذور من المحالية تكون على وجوه الوجه الاول ما ذكره المحقق الماتن قدسسره بعد ذكر مقدمة وبها ترتفع الاشكال عن شمول الدليل للاخبار
مع الواسطة.
(٣) بان كان بصيغه
افعل او يجب او نحو ذلك فيكون مدلول انشاء الامر على انحاء.
(٤) النحو الاول
ان تكون القضية شخصية فيبرز به شخص الارادة القائمة فى النفس على هذا الموضوع
الخاص فى شخص هذا الخطاب كامر المولى لغلامه اذهب الى السفر وهذا خارج عن الاحكام الشرعية.
(٥) والسنخ بان
كانت الإرادة التشريعية قائمة فى النفس وبالانشاء يبرزها لا شخص ارادة.
(٦) النحو الثانى
الإرادة التشريعية العرضية القائمة فى النفس وكما يمكن اظهارها وابرازها بانشاءات
متعددة مثل ان يقول اكرم زيدا واكرم عمروا كذلك يمكن اظهارها بانشاء واحد مثل ان
يقول أحل الله البيع واوفوا بالعقود وتجارة عن تراض وحرم الربا وامثال ذلك.
(٧) كاكرم العلماء
واكرم العالم فكل ذلك لها افراد عرضية أى فى رتبة واحدة من دون إحداها مزية على
الآخر وموضوع للآخر فيكون الامر بطبيعة سارية فى جميع
ضمن افراد طولية (١)
وذلك ايضا تارة (٢) يكون طولية الحكم بملاحظة طولية احد الفردين للآخر ذاتا حسب
معلولية احدهما عن الآخر وذلك كما فى قولك اذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور حيث
ان وجوب الطهور من جهة كونه معلول وجوب الصلاة نظرا الى عليّة كل وجوب نفسى لوجوب
مقدمته الغيرى كانا فردان من الوجوب فى طول الآخر ومع ذلك من انشاء وجب اريد سنخ
الوجوب الموجود فى ضمن الفردين الطوليين ، واخرى (٣) تكون طولية احد الفردين للآخر
من جهة اناطة موضوعة على قيام الفرد الآخر من الحكم على موضوع آخر وذلك مثل قوله
وجب تصديق العادل الشامل باطلاقه للافراد الطولية من مثل الاخبار مع الواسطة حيث
ان موضوع هذا الانشاء كل خبر لمؤداه اثر فاذا فرض صيرورة موضوعيّة الخبر بالواسطة
لهذا الانشاء منوطة بشمول شخص حكم آخر وفرد وجوب للفرد السابق الذى هو محكى هذا
الخبر فقهرا يصير الوجوب المتعلق به فردا آخر من الوجوب فى طول الفرد السابق (٤)
______________________________________________________
الافراد العرضية
ويراد سنخ الوجوب وينحل بخطابات متعددة.
(١) والمراد من
الافراد الطولية انها ذو مراتب متفاوته ولو بحسب الزمان.
(٢) النحو الثالث
الإرادة التشريعية الطولية باعتبار كون متعلقاتها طولية سواء كان بانشاءات متعددة
كقوله ادخل السوق واشتر اللحم ، او كان بانشاء واحد فى الاحكام الطولية كقوله صل
مع الطهارة كما اوضحه المحقق الماتن قدسسره فان وجوب الطهور مقدمة ومعلول لوجوب الصلاة فيكون فى طوله
ومع ذلك انشاء سنخ الوجوب الشامل له ولمعلوله.
(٣) النحو الرابع
من الإرادة الطولية باعتبار كونها بانفسها طولية كما فى مثل قوله صدق العادل حيث
ان هذا الخطاب لا يتوجه الى المكلف الا عند تحقق موضوعه الذى له اثر شرعى ولا ريب
فى ان موضوعه هو قول العادل ولكن باعتبار ما له من الآثار الشرعية فاذا لم يكن
لقول العادل اثر شرعى فلا معنى للامر بتصديقه.
(٤) وباعتبار هذه
الخصوصية فى فعلية خطاب صدق العادل اشكل الامر
ففى ذلك المورد
اريد من الوجوب سنخ من الوجوب الموجود فى ضمن افراد طولية حسب دخل الفرد الآخر فى
موضوع هذا الفرد ولا ضير فيه ابدا وبمثله
______________________________________________________
بشمول هذه القضية
للخبر الذى يحكى عن السنة بواسطة او وسائط كخبر الشيخ عن الصفار عن زرارة عن ابى
عبد الله عليهالسلام فان خبر الشيخ مثلا خبر عادل بالوجدان ولكن لا اثر له فى
الشرع وخبر زرارة له اثر فى الشرع ولكن لا وجود له فى الوجدان وخبر الصفار لا وجود
له فى الوجدان ولا اثر له فى الشرع وعليه يشكل الامر فى شمول قضية صدق العادل
للاخبار التى بايدينا التى هى محور الشرع الحاضر وبعبارة اخرى ان شمول الحجية لمثل
خبر زرارة الذى ينقل عن محمد بن مسلم عن الصفار عن الامام عليهالسلام انما يكون فى ظرف يكون مؤداه الذى هو خبر ابن مسلم ذا اثر
شرعى لان معنى حجيته انما هو عبارة عن وجوب ترتيب اثر المؤدى وصيرورة مؤداه ذا اثر
شرعى انما تكون فى فرض شمول دليل التعبد لخبر بن مسلم وإلّا فمع عدم شمول دليل
التعبد بالاثر لخبر ابن مسلم لا يصير مؤدى خبر زرارة ذا اثر شرعى وعليه فاذا كان
الاثر المفروض عبارة عن نفس وجوب التصديق مثلا وكان ذلك وجوبا واحدا شخصيا يتوجه الاشكال
بانه كيف يمكن شمول دليل وجوب التصديق لمثل خبر زرارة الذى منشأ صيرورته ذا اثر
شرعى من قبل شمول هذا لوجوب لخبر بن مسلم. ولكن اذا عممنا الاثر الشرعى الذى
باعتباره يجب تصديق العادل لكل حكم شرعى ولو حكما طريقيا مثل صدق العادل ويكون
طبيعى الاثر امكن حل هذا الاشكال بما اشرنا اليه من ان قضية صدق العادل وان كانت
قضية واحدة مشتمله على انشاء واحد إلّا انه بها ينشأ طبيعى وجوب تصديق العادل
الجامع بين الافراد الطولية بنحو السريان فى ضمن افراد متعددة بحيث يكون احد
الافراد محققا لموضوع الفرد الآخر فموضوعها خبر العادل المتحقق وجدانا او تعبدا وح
يتحقق بانطباق هذه القضية على خبر الشيخ مثلا الذى هو خبر عادل بالوجدان خبر
الصفار تعبدا وخبر زرارة كذلك باعتبار ما لهما من الآثار الشرعية فاما خبر الصفار
فاثره الشرعى هو وجوب تصديقه اذا تحقق واما خبر زرارة فاثره الشرعى هو وجوب غسل
الجمعة مثلا اذا تحقق فانطباق قضية صدق العادل على خبر الشيخ الذى هو خبر عادل
بالوجدان صار سببا لحدوث اخبار عدول بالتعبد والحكومة فى آن واحد بلا تقدم وتأخر
فى الزمان.
ينحل الاشكال
المعروف فى باب الخبر بالواسطة (١) وحيث اتضح ذلك نقول (٢) فى المقام ايضا انه لو
اريد من انشاء الامر سنخ من الوجوب الموجود فى ضمن الفردين الطوليين بملاحظة دخل
قيام احد الفردين بموضوعه وهو الذات فى تحقق موضوع الآخر وهو دعوة الامر به فلا
ضير ح فى اخذ مثل هذا القيد (٣) فى
______________________________________________________
(١) وذلك يوجب
انطباق القضية المزبورة على تلك الاخبار فى آن واحد وان كان صدقها على بعض فى طول
صدقها على الآخر فان قضية صدق العادل قضية حقيقية مثل قوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) أنشأ فيها حكما واحدا عنوانا متعددا حقيقة بتعدد افراد
موضوعه فى الخارج وان كان بعض افراده فردا تعبديا يتحقق وجوده التعبدى بصدق القضية
المزبورة على الفرد الحقيقى ، وبهذا تعرف ايضا انه لا مجال للاشكال بالدور على
شمول قضية صدق العادل للاخبار مع الواسطة الذى محصله هو ان وجوب تصديق العادل لا
يثبت لخبر الشيخ مثلا إلّا اذا كان له اثر شرعى وليس له اثر شرعى عبر وجوب التصديق
فيتوقف ثبوته لموضوعه على ثبوته له ، وهذا الاشكال ونحوه انما يلزم للقول بحجية
الاخبار مع الواسطة لو كان الحكم المنشا فى قضية صدق العادل حكما واحدا شخصيا واما
لو كان المنشا فى هذه القضية احكاما متعددة حقيقة وواحدا عنوانا وانشاء فلا يلزم
الاشكال المزبور ونحوه بل لا وقع له.
(٢) وملخصه انه فى
مقام الامر يكون ما هو المنشا بهذا الانشاء الشخصى فى قوله صل او يجب الصلاة عبارة
عن طبيعة الوجوب والطلب بنحو قابل للسريان فى ضمن فردين من الطلب احدهما متعلق
بذات العبادة والآخر فى طول الامر الاول بعنوان داعى الامر ونظيره كما عرفت فى
مسألة حجية الاخبار مع الواسطة حيث نقول فيها ايضا بان الاثر الذى هو مأخوذ فى
موضوع وجوب التصديق انما هو عبارة عن طبيعة الاثر بنحو قابل للسريان فى ضمن افراد
متعددة طولية لا انه عبارة عن شخص الاثر.
(٣) وهو دعوة
الامر فى حيز الخطاب والانشاء ونظيره كما مر قوله عليهالسلام اذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة ومن المعلوم ان المستعمل
فيه فى قوله وجب ليس هو شخص الوجوب والطلب بل وانما هو عبارة عن طبيعة الوجوب
السارى فى ضمن فردين من الوجوب متعلقين بموضوعين احدهما الوجوب النفسى
حيّز شخص هذا
الخطاب المشتمل على شخص هذا الانشاء (١) وانما المحذور كل المحذور فى المقام وفى
باب الاخبار مع الواسطة فى صورة ارادة شخص الوجوب او الارادة من مثل هذا الانشاء (٢)
او السنخ (٣) المتحقق فى ضمن افراد عرضه وهذا الذى اوقعهم فى المقام وفى الاخبار
مع الواسطة فى حيص وبيص وإلّا فلو دققوا النظر وفتحوا البصر فى المقامين وجعلوهما
من وادى انشاء سنخ الحكم الموجود فى ضمن افراد طولية لما يرد عليهم محذور ولا
محتاجين فى المقام بناء على شرعية قيد دعوة الامر الى تعدد خطاب وتكرار انشاء وجوب
بل للمولى ان ينشا وجوبا متعلقا بالذات عن دعوة مفاد امره من الوجوب (٤)
______________________________________________________
المتعلق بالصلاة
والآخر الوجوب الغيرى المتعلق بالطهور فكذلك المقام يقول صل مع قصد امتثال وجوب
الصلاة او صل على ان يكون الداعى هو وجوبها فتكون هذه العبارة ونحوها انشاء واحدا
لوجوبين احدهما متعلق بالحصة المقارنة لدعوة الامر او لقصد امتثال الامر من طبيعة
الصلاة وثانيهما وجوب اتيان تلك الحصة بدعوة امرها ووجوبها وليس المراد من انشاء
وجوبين استعمال اللفظ فيهما بل يستعمل فى طبيعى الوجوب ويبين الخصوصيات بدوال آخر.
(١) اى الانشاء
الواحد.
(٢) فمنشأ
الاشتباه هو تخيل كون المراد شخص الوجوب فلا يمكن اخذ دعوة الامر قيدا فى موضوع
هذا الامر للزوم المحذور وكذا فى لب الارادة ايضا لا يمكن اخذ دعوة الارادة فى
موضوعها بنحو القيدية او الجزئية كما هو الحال بالنسبة الى مرحلة الرجحان والمصلحة
للزوم التناقض فى اللحاظ اما كيفية اخذه على هذا الوجه سيأتى.
(٣) والذى ذهب
اليه المحقق الماتن قدسسره وقد عرفت مفصلا ومن منفرداته هو السنخ المتحقق فى افراد
طوله اما السنخ المتحقق فى افراد عرضه فلا يمكن للاستحالة اخذ قصد الامر فيه.
(٤) الوجه الثانى
هو الذى اشار اليه المحقق العراقى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٩١ ثم لا يخفى عليك انه
على ما ذكرنا من عدم امكان اخذ الدعوة قيدا فى المأمور به اذا كان الحكم المنشأ
حكما واجبا شخصيا لا يلزم منه تعلق الامر والارادة بنفس
.................................................................................................
______________________________________________________
ذات العمل مطلقا
ولو منفردة عن الدعوة كما توهم (وسيأتى) بل بمقتضى تبعية الارادة لقيام المصلحة
يتضيق دائرة الارادة والامر ايضا حسب تضيق دائرة الغرض والمصلحة بنحو لا يكاد
تعلقها إلّا بالذات التوأمة مع الدعوة وعلى ذلك فموضوع الارادة والامر وان لم يكن
مقيدا بالدعوة ولكنه لا يكون مطلقا بل هو انما يكون عبارة عن حصة من ذات العمل
تكون توأما وملازمة مع الدعوة الخ ونظير ذلك تقدم عن المحقق الاصفهانى قدسسره واجاب عنه استادنا البجنوردي فى المنتهى ، ج ١ ، ص ١٣٦ ان
التحصص يجئ من قبل القيد وإلّا فنفس الطبيعة من دون تقييدها بقيد ولو كان بعنوان
ذو المصلحة او التوأم مع قصد القربة او اى قيد كان غير ذلك لا تحصص فيها واذا
قيدتها بالتوأمة مع الامر تعود جميع المحاذير واما القول بان القيد معرف ومشير الى
تلك الحصة مثل عليك بصاحب القباء الاصفر فغير تام لان المعرف فيما اذا كان هناك
ميز واقعى ففى مقام الاثبات يجعل هذا العنوان مشيرا ومعرفا وفيما نحن فيه ليس ميز
واقعى فى البين من غير ناحية هذا لقيد انتهى ـ وفيه ان المراد من الحصة سيأتى
مفصلا من المحقق فى التمسك بالاصل البراءة فى دفع التعبدية فى المقام من كون الشى
بحسب حالاته فيكون حصص متعددة للطبيعة وحصة خاصة متعلق للامر وهذا الوجه عندى قوى
جدّا. الوجه الثالث ما افاده المحقق النائينى فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٦١ ، انه
ينحصر كيفية الاعتبار بمتمم الجعل ولا علاج له سوى ذلك فلا بد للمولى الذى لا يحصل
غرضه إلّا بقصد الامتثال من تعدد الامر بعد ما لا يمكن ان يستوفى غرضه بامر واحد
فيحتال فى الوصول الى غرضه وليس هذان الامر ان عن ملاك يخص بكل واحد منهما حتى
يكون من قبيل الواجب فى واجب بل هناك ملاك واحد لا يمكن ان يستوفى بامر واحد ومن
هنا اصطلحنا عليه بمتمم الجعل فان معناه هو تتميم الجعل الاولى الذى لم يستوف تمام
غرض المولى فليس للامرين الا امتثال واحد وعقاب واحد انتهى واجاب فى الكفاية عن
تعدد الامر ، ج ١ ، ص ١١١ ان الامر الاول ان كان يسقط بمجرد موافقة ولو لم يقصد به
الامتثال كما هو القضية الامر الثانى فلا يبقى مجال لموافقة الثانى مع موافقة
الأول بدون قصد امتثاله فلا يتوسل الامر الى غرضه بهذه الحيلة والوسيلة وان لم يكد
يسقط بذلك فلا يكاد يكون له وجه إلّا عدم حصول غرضه بذلك من امره لاستحالة سقوطه
مع عدم حصوله وإلّا لما كان موجبا
.................................................................................................
______________________________________________________
لحدوثه وعليه فلا
حاجة فى الوصول الى غرضه الى وسيلة تعدد الامر لاستقلال العقل مع عدم حصول غرض
الامر بمجرد موافقة الامر بوجوب الموافقة على نحو يحصل به غرضه فيسقط امره الخ ،
واجاب عنه المحقق النائينى فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٦٢ وحاصل الدفع ان الاشكال مبنى
على تخيل ان تعدد الامر انما يكون عن ملاك يختص بكل واحد وقد عرفت انه ليس المراد
من تعدد الامر ذلك بل ليس هناك الاملاك واحد لا يمكن ان يستوفى بامر واحد الخ ولكن
فيه ذكر المحقق العراقى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٨٩ بانه بعد فرض عدم قيام الغرض والمصلحة
فى العبادات بنفس الذات ولو مجردة عن الدعوة بل قيامه بالذات مع الدعوة فلا جرم فى
مثله يستحيل أوسعية دائرة الارادة والامر عن دائرة قيام الغرض والمصلحة الخ فيكون
متعلق الامر الاول حصة من طبيعة الصلاة اعنى بها الصلاة المقارنة لدعوة الامر
اليها ولا يحتاج الى متمم الجعل اصلا ، هذا هو الجواب عن المحقق النائينى واما
الجواب عما افاده فى الكفاية قال المحقق العراقى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٩٤ نقول
انه لو تم هذا الاشكال فانما هو على مبنى مرجعية قاعدة الاشتغال فى نحو هذه القيود
عند الشك فى اعتبارها وإلّا فبناء على مبنى البراءة كما هو التحقيق فلا موقع لهذا
الاشكال وذلك لانه فى فرض استقلال العقل بمرجعية البراءة عند الشك لا محيص للمولى
من بيان مدخلية قصد الامتثال فى غرضه على فرض دخله فيه واقعا وبيانه انما هو بامره
مستقلا لكى لا يذهب المكلف ويستريح فى بيته متكلا على حكم عقله بالبراءة وإلّا فمع
عدم امره بذلك لكان قد اخل بما هو مرامه وغرضه ومن المعلوم بداهة ان كمال المجال ح
لاعمال المولوية بامره كما هو الشأن ايضا فى الامر الاول المتعلق بذات العباد فكما
ان الامر الاول امر مولوى ورافع لموضوع حكم العقل بالبراءة بلا كلام كذلك الامر
الثانى المتعلق بقصد الامتثال فهو ايضا امر مولوى قد اعمل فيه جهة المولوية لرفع
موضوع حكم العقل بالبراءة الخ مضافا الى ان لغوية الامر الثانى فى فرض العلم
بعبادية المأمور به فى الخارج لا مع الغفلة والشك فى عباديته ودخل مثله فى تحقق
غرضه. الوجه الرابع ما افاده فى الكفاية واشرنا اليه مرارا ، ج ١ ، ص ١٠٧ والاتيان
بالواجب بداعى امره كان مما يعتبر فى الطاعة عقلا لا مما اخذ فى نفس العبادة شرعا
، وعليه فلا حاجة فى الوصول الى غرضه الى وسيلة تعدد الامر لاستقلال العقل مع عدم
حصول غرض الامر بمجرد
.................................................................................................
______________________________________________________
موافقة الامر بوجوب
الموافقة على نحو يحصل به غرضه فيسقط امره ، واجاب المحقق النائينى عنه فى الفوائد
، ج ١ ، ص ١٦٢ ولكن الانصاف انه لم نعرف معنى محصلا لهذا الوجه فانه ان اراد ان
العقل يعتبر قصد الامتثال من عند نفسه فهو واضح الفساد اذا العقل لم يكن مشرعا
يتصرف من قبل نفسه ويحكم بما يريد اذ ليس شان العقل الا الادراك ، وان اراد العقل
يعتبر ذلك بعد العلم بان ما تعلق الامر به انما شرع لاجل ان يكون من الوظائف التى
يتعبد بها العباد فهذا ليس معنى اعتبار العقل ذلك من قبل نفسه بل العقل ح يستقل
بجعل ثانوى للمولى على اعتبار قصد التقرب ويكون حكمه فى المقام نظير حكمه بوجوب
المقدمة حيث انه بعد وجوب ذيها شرعا يستقل الوجوب بوجوبها ايضا بمعنى انه يدرك
وجوب ذلك ويكون كاشفا عنه لا انه هو يحكم بالوجوب فانه ليس ذلك من شان العقل فكذا
فى المقام حيث انه بعد اطلاع العقل بان وجوب الصلاة مثلا انما هو لاجل ان تكون من
الوظائف المتعبد بها فلا محاله يدرك ان هناك جعلا مولويا تعلق باعتبار قصد
الامتثال ويكشف عن ذلك لكشفه عن وجوب المقدمة واين هذا من دعوى كون قصد الامتثال
مما يعتبره العقل من دون ان يكون للشارع دخل فى ذلك الخ وفيه اولا ذكر المحقق
العراقى فى البدائع ص ٢٣٢ ان صاحب الكفاية لم يقصد بما ذكره من استقلال العقل
بلزوم فعل ما يحتمل دخله فى الامتثال الا لزوم الاحتياط عند العقل فى موارد الشك
بامتثال الامر الفعلى اعنى به جريان قاعدة الاشتغال فى مثل المورد وعدم جريان
اصالة البراءة إلّا ان ما اشار اليه صاحب الكفاية للنظر فيه مبنى وبناء مجال واسع
اما المبنى فلما سيجيء إن شاء الله تعالى من ان المرجع فى امثال المورد هى البراءة
ـ واما البناء فلانا لا نسلم انه مع استقلال العقل بلزوم الاحتياط تخلصا من العقاب
المحتمل لا يبقى مجال لاعمال المولوية بالامر والنهى اذ لا ينحصر غرض الامر
المولوى فى جعل الداعى الى فعل ما يحصل به غرض المولى بل هناك اغراض اخرى لا تحصل
إلّا بالامر المولوى ونحوه كمعرفة المكلف به تفصيلا ورفع الشك عن المكلف ليعمل على
بصيرة من امره ، وثانيا ذكر فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١١١ مضافا الى القطع بانه ليس فى
العبادات الا امر واحد كغيرها من الواجبات والمستحبات غاية الامر يدور مدار
الامتثال وجودا وعدما فيها المثوبات والعقوبات بخلاف ما عداها فيدور فيه خصوص
المثوبات واما العقوبة
.................................................................................................
______________________________________________________
فمترتبة على ترك
الطاعة ومطلق الموافقة الخ واجاب عنه المحقق العراقى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٩٧ اذ
ذلك انما يرد بناء على القول بالاحتياج الى تعدد الامر فى الخارج ـ وهو متمم الجعل
ـ وإلّا فبناء على ما ذكرنا من التعدد بحسب الانحلال فلا يرد هذا المحذور اذ ما فى
الخارج ح لا يكون إلّا انشاء واحد وامرا واحدا الخ وكذا لو كان امر واحد تعلق حصة
خاصة وهى دعوة الامر فلا يرد الاشكال ايضا كما هو واضح وفى ذكر هذه الوجوه كفاية
إن شاء الله تعالى ، واختار استادنا الخوئى الوجه الخامس وليس وجها على حده وقد
تقدم فى ضمن الكلمات ايضا فى هامش الاجود ، ج ١ ، ص ١٠٧ بما ان قصد الامر وجعله
داعيا الى الفعل الخارجى من افعال النفس فالامر بالصلاة مثلا المقيدة بقصد الامر
يكون امرا بالمجموع المركب من الفعل الخارجى والنفسانى ومن الواضح ان الامر
بالمركب ينحل الى الامر بكل من الجزءين فيكون ذات الفعل متعلقا لحصته من الامر
الفعلى لا محاله كما ان جعل هذه الحصة من الامر داعيا الى الفعل متعلق للحصة
الثانية من الامر فاذا اتى الفعل بداعى الامر المتعلق به فى ضمن الامر بالمركب فقد
تحقق تمام المركب فى الخارج وبذلك يظهر الفرق بين المقام وما اذا كان الجزء الآخر
غير قصد الامر فان قصد الامر الضمنى فى المقام محقق لتمامية المركب بخلاف ما اذا
كان الجزء الآخر غير قصد الامر فانه لا يمكن فيه الاتيان بقصد امره الا مع قصد
الاتيان بالمركب بداعى امتثاله ، وبما ذكرناه من الانحلال يندفع ما اورد على اخذ
قصدا لامر فى المتعلق من انه يستلزم ان يكون شخص الامر داعيا الى داعوية نفسه وهو
على حدّ وكون الشى علة لعلية نفسه ـ كما عن المحقق الاصفهانى ـ وذلك فانه بناء على
الانحلال المزبور يكون احد الامرين الضمنيين داعيا الى داعوية الامر الضمنى الآخر
واين ذلك من دعوة الامر الى داعوية نفسه كما انه يندفع به ما افيد فى المتن من ان
الاخذ المزبور يستلزم توقف قصد الامتثال على نفسه ، ضرورة لزوم تاخره طبعا عن جميع
الاجزاء والشرائط فلو كان هو بنفسه من الاجزاء ايضا لزم التوقف المزبور ، ووجه
الاندفاع هو ان المأخوذ فى المتعلق اذا كان قصد الامر ضمنى ودعوته فاين تقدم الشيء
وتوقفه على نفسه فظهر مما بيناه ان اخذ قصد الامر فى المتعلق وكونه جزء من اجزاء
المامور به لا مانع منه اصلا ، وفيه ان كان الامر ضمنيا كما فرضه فالامر المتعلق
بالمجموع بسيط فاتصاف بعض اجزاء متعلقه بكونه
.................................................................................................
______________________________________________________
ماتياً به بداعى
امره لا يكون إلّا فى ضمن اتصاف المجموع بكونه ماتياً به بداعى امره ولا يمكن
الاتيان بالمجموع بداعى امره لان بعض المجموع المركب هو كون الامر داعيا الى فعل
الصلاة مثلا فيلزم من الاتيان بالمركب بداعى الامر كون الامر داعيا الى كون الامر
داعيا وذلك محال ، وان كان الامر استقلالا فهو الذى افاده المحقق العراقى قدسسره فى رد المحقق الاصفهانى قال الاول فى البدائع ص ٢٢٦ ان
الامر المتعلق بالمركب يتحصص بعدد اجزاء المركب فكل جزء منه تتعلق به حصة من الامر
المتعلق بالكل وامتناع تعلق قصد الامتثال بالحصة المتعلقة بقصد الامتثال لا يستلزم
امتناع تعلق قصد الامتثال بالحصة المتعلقة بنفس الصلاة مثلا بل هو ممكن فاذا قلنا
بانحلال الامر المتعلق بالمركب الى حصص بعدد اجزاء المركب لزم ان يكون الامر
المتعلق بالصلاة بقصد امتثال امرها منحلا الى الامر بالصلاة نفسها والى الامر بقصد
امتثال امرها فيكون بعض حصص الامر المتعلق بالمركب موضوعا للحصة الاخرى منه وكما
يصح باعتبار اجزاء متعلقه التى تركب منها كذلك يصح باعتبار قيوده التى تقيد بها
لان الانحلال المزبور ليس إلّا تجزية عقلية والعقل لا يرى فرقا فى هذه التجزية بين
الاجزاء التى هى كون الاشياء المتغايرة منضما بعضها لى بعض وبين الخصوصيات التى
يصير الشى بانضمامها اليه شيئا خاصا فى قبال شيء آخر ان قلت بناء على الانحلال
المزبور يلزم ان يكون بعض الامر الواحد حقيقة توصليا وهى الحصة المتعلقة باتيان
الصلاة بداعى امرها وبعضه الآخر تعبديا وهى الحصة المتعلقة بنفس الصلاة ولا يكاد
يتصور امر واحد حقيقة بعضه توصلى وبعضه تعبدى قلت قد سبق ان معنى كون الامر توصليا
هو كون الغرض المترتب على متعلقة لا يتوقف حصوله فى الخارج على قصد التقرب بخلاف
التعبدى فالتوصلية والتعبدية عنوانان يطرءان على الامر باعتبار هذه الخصوصية لا
انهما خصوصيتان ذاتيتان فيه ليستحيل اجتماعهما فى شيء واحد بل هو واقع فى اكثر
الواجبات التعبدية باعتبار كثير من شروطها كالاستقبال فى الصلاة والطهارة من الخبث
ونحوهما الى آخر كلامه ، وتقدم الجواب عنه مرارا من كونه ليس هناك إلّا امر واحد
إلّا ان يراد سنخ الحكم كما تقدم بقى شيء ذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٣٥ هذا
كله فى امكان اخذ دعوة الامر او قصد الامتثال فى متعلق الامر واما الدواعى الاخرى
التى تكون متقدمة على الامر وجودا كالمصلحة والارادة والحب
فاخذ دعوتها فى
متعلق الامر بمكان من الامكان ضرورة ان ذلك لا يستلزم شيئا من المحاذير المشار
اليه انتهى وذكر صاحب الكفاية ج ١ ص ١١٢ هذا كله اذا كان التقرب المعتبر فى العبادة
بمعنى قصد الامتثال واما اذا كان بمعنى الاتيان بالفعل بداعى حسنه او كونه ذا
مصلحة اوله تعالى فاعتباره فى متعلق الامر وان كان بمكان من الامكان إلّا انه غير
معتبر فيه قطعا لكفاية الاقتصار على قصد الامتثال الذى عرفت عدم امكان اخذه فيه
بديهة الخ واجاب استادنا الخوئى عن ما قاله صاحب الكفاية فى الاجود ، ج ١ ، ص ١١٠
بقوله فيرد عليه انها انما تكشف عن عدم اخذ خصوص غير قصد الامر فى المأمور به واما
عدم اخذ الجامع فيه فلا كاشف عنه اصلا نعم لا مناص عن الالتزام بتعلق الامر بذات
الفعل ليكون المكلف متمكنا من الاتيان به بقصد الامر إلّا أنّك قد عرفت ان الامر
بالمركب يستلزم تعلق حصة منه بذات الفعل لا محاله الى آخر كلامه وتقدم ما فيه
والجامع بين الممكن وغير الممكن ايضا لا يمكن كما تقدم مضافا الى انه لم يتضح
الفرق بين داعى الامر والدواعى المذكورة لان داعى المصلحة اذا كان مقوما للمصلحة
لزم خلوا الفعل فى نفسه عن المصلحة فيمتنع الاتيان به. بداعى المصلحة وهكذا الحال
فى داعى الحسن وداعى ذاته تعالى. واستشكل المحقق النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ١٠٨
فى سائر الدواعى ايضا فقال واما بناء على ما ذهب اليه استاذ الاساطين الشيخ
الانصارى قده من كون قصد الجهة وهى المصلحة موجبا للتقرب فى عرض قصد الامر فيلزم
من اخذه فى المأمور به ذاك المحذور عينا فان قصد جهة الصلاة مثلا يتوقف على كون
الصلاة ذات جهة وكون الجهة مترتبة على نفسها والمفروض ان الجهة انما تترتب على قصد
الجهة لفرض كونه جزء المأمور به فبدونه لا جهة حتى تقصد فالجهة فرع قصدها وقصدها
فرع تحققها فيلزم توقف الشى على ما يتوقف عليه بلا واسطة وهو الدور المصرح
المستلزم لتقدم الشى على نفسه بمرتبتين فان الشى متاخر عن علته بمرتبة والمفروض
انه متقدم على علته بمرتبة لكونه علة لعلته فيتقدم على نفسه بمرتبتين الخ واجاب
عنه المحقق العراقى فى البدائع ، ص ٢٣٥ بقوله ويمكن دفع الاشكال المزبور بان موضوع
المصلحة وان كان الفعل المقيدة بالدعوة إلّا ان الفعل نفسه مقوم لموضوع المصلحة
وفيه استعداد لحصولها به حيث ينضم اليه القيد المزبور فالعاقل اذا تصور ان الصلاة
مثلا مستعدة لحصول القرب بها
.................................................................................................
______________________________________________________
من الله تعالى او
النهى عن الفحشاء اذا نضم اليها دعوة المصلحة المذكورة كان ذلك التصور كافيا فى
دعوة العبد الى فعل الصلاة كما هو الشأن فى المصالح القائمة بالافعال القصدية
كالتعظيم مثلا القيام فى وجه القادم مستعد ليكون تعظيما له حيث يكون فاعله قاصدا
به التعظيم مع ان الدور المزبور جار فيه لان قصد التعظيم متوقف على كونه تعظيما
وكونه تعظيما متوقف على قصد التعظيم ولكن هذا الدور كسابقه مندفع بما اشرنا اليه
انتهى وفيه ان الصلاة بنفسها لا استعداد لها اصلا للمصلحة فهل يتوهم احد ان صلاة الخاص
لها الاستعداد كذلك كلا فالاستعداد انما للصلاة مع نية الداعى فيرجع المحذور ، ثم
قال المحقق النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ١٠٩ واما على المختار من كون جميع
الدواعى القربية فى عرض واحد وان الجامع بين الجميع كون العمل لله كما يستفاد من
قوله «ع» وكان عمله بنية صالحة يقصد بها ربه فوجه امتناع اخذ الجامع المنطبق على
جميع الدواعى القربية فى المأمور به هو ان الداعى اياما فرض ـ كالمصلحة ـ فهو فى
مرتبة سابقة على الارادة المحركة للعمل اى فيكون العمل متأخرا عنه برتبتين فيستحيل
كونه ـ اى الداعى ـ فى عرض العمل الصادر عن الارادة التكوينية ـ حتى يتعلق به قصد
العمل وقصد الداعى ـ فان المفروض سبقه على الارادة وتاخر العمل عنها فاذا لم يكن
وقوع الداعى فى حيز الارادة التكوينية فلا يمكن وقوعه فى حيز الارادة التشريعية
ايضا بداهة ان متعلق الارادة التشريعية هو بعينه ما يوجده العبد فى الخارج وتتعلق
به ارادته فلو لم يمكن تعلق الارادة التكوينية بشيء لا يمكن تعلق الارادة
التشريعية به ايضا انتهى واجاب عنه المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٣٦ وفيه او لا
انه خلاف ما ذهب اليه المستشكل من امكان التوصل الى اخذ الامتثال او الدعوة فى
متعلق الامر بامرين كما تقدمت الاشارة اليه وعلى التقريب المزبور يمتنع اخذ الدعوة
فى متعلق الامر ولو بامر ثان وثانيا ان دعوة الداعى التى نقول بامكان اخذها قيدا
فى متعلق الامر ليست هى شخص الدعوة التى اوجبها نفس الامر بل هى دعوة المصلحة
والحب الى اتيان العمل التى توجبها فى نفس العبد دعوة الامر المتوجه اليه فالامر
المتعلق بفعل الصلاة مثلا بداعى مصلحتها يدعو المكلف الى الاتيان بالصلاة بداعى
مصلحتها فيكون الامر من قبيل الداعى الى الداعى كما هو المشهور فى تصحيح الاجرة
على العبادة والمحذور المذكور فى التقريب المزبور انما
و (١)
______________________________________________________
يلزم لو كان
المأخوذ فى متعلق الامر شخص الدعوة التى يوجبها الامر فى نفس المكلف لا دعوة اخرى
توجبها دعوة الامر نعم يرد الاشكال المشهور فى مطلق باب جعل الداعى الى الداعى وهو
عدم تعقل الدعوة الى الدعوة المفروض نشوها من الغير وهذا غير مرتبط بما نقلناه من
الاشكال انتهى لكن فيه ان المصلحة الفعلية يمكن قصدها لا ما يكون فيه قوة المصلحة
فالدور فى المقام يكون كما فى قصد الامر ولا يمكن رفعه الا بالانحلال او بالامرين
كما مر فيه.
(١) ثم انه يقع
الكلام فى الثمرة من التمسك بالاصل اللفظى والعملى والاصل اللفظى هو الاطلاق على نحوين
الاطلاق اللفظى والاطلاق المقامى ، والكلام ح فى الاطلاق اللفظى ، وتقدم ان عمدة
الفرق بين الاطلاقين بعد اشتراكهما فى كون المتكلم فى مقام البيان ان الاطلاق
اللفظى يستفاد من نفس اللفظ لتعلق الحكم على الطبيعة المقسم كاكرم العالم مثلا
واعتق رقبة ونحوهما وهذا بخلاف الاطلاق المقامى فانه لا يكون لفظ كذلك وانما بين
جملة من اجزائه وقيوده ولم يبين هذا القيد فيكشف عدم دخله فى المأمور وإلّا هو
الذى اخل بغرضه بعد ما كان من القيود المغفولة عنها كصحيحة حماد الطويلة فى باب
الصلاة ، وعلى اى ذكر صاحب الكفاية قدسسره ج ١ ص ١١٢ انه اذا عرفت بما لا مزيد عليه عدم امكان اخذ
قصد الامتثال فى المأمور به اصلا فلا مجال للاستدلال باطلاقه ولو كان مسوقا فى
مقام البيان على عدم اعتباره كما هو اوضح من ان يخفى فلا يكاد يصح التمسك به الا
فيما يمكن اعتباره فيه فانقدح بذلك انه لا وجه لاستظهار التوصلية من اطلاق الصيغة
بمادتها ولا لاستظهار عدم اعتبار مثل الوجه مما هو ناش من قبل الامر من اطلاق
المادة فى العبادة لو شك فى اعتباره فيها الخ وهذا على مسلكه تام وتبعه المحقق
الاصفهانى قال فى النهاية ج ١ ص ١٣٧ ليس وجه التلازم بين استحالة التقييد واستحالة
الاطلاق ان الاطلاق والتقييد متضايفان فلا بد من قبول المحل لتواردهما اذ ليس هذا
شان المتضايفين كيف والعلية والمعلولية من اقسام التضايف ولا يجب ان يكون كلما صح
ان يكون علة صح ان يكون معلولا وبالعكس بل الوجه فيه ان هذا النحو من التقابل من
قبيل العدم والملكة فلا معنى لاطلاق شيء إلّا عدم تقييده ، بشيء من شانه التقييد
به فما يستحيل التقييد به يستحيل الاطلاق من جهته نعم لا حاجة الى اثبات استحالة
الاطلاق
.................................................................................................
______________________________________________________
لانها غير ثابته
بل عدم التقييد لا يكشف عن عدم دخل القيد فى الغرض فلعله ممكن الدخل غير ممكن
التقييد الخ. وذكر المحقق النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ١١٢ اختلفت كلمات الاصحاب
فى مقتضى الاصل اللفظى فى المقام فاختار جماعة ومنهم المحقق الانصارى قده اصالة
التوصلية واختار صاحب الاشارات قده وجماعة ممن تبعه اصالة التعبدية والحق فى
المقام وفاقا لجملة من المحققين هو الاهمال وعدم الاطلاق مطلقا واستدل العلامة
الانصارى على مختاره بعدم امكان التقييد فيثبت الاطلاق ولا يخفى عدم صحة الاستدلال
المذكور فانه يبتنى على ان يكون الاطلاق مقابلا للتقييد تقابل الايجاب والسلب بان
يكون معنى الاطلاق هو مطلق عدم التقييد ولو بالعدم الازلى وهذا المعنى فاسد حتى
عنده قدسسره فان الاطلاق وان كان عدميا إلّا انه موقوف على ورود الحكم
على المقسم وتمامية مقدمات الحكمة فالتقابل بينهما لا محاله يكون تقابل العدم
والملكة فاذا فرضنا فى مورد عدم ورود الحكم على المقسم فلا معنى للتمسك بالاطلاق
قطعا وما نحن فيه من هذا القبيل فان انقسام المتعلق بما اذا اتى به بقصد الامر
وعدمه يتوقف على ورود الامر فانه كما عرفت من الانقسامات الثانوية فليس قبل تعلق
الامر وفى مرتبة سابقه عليه مقسم اصلا فالحكم لم يرد على المقسم بل صحة التقسيم
نشأت من قبل الحكم فلا معنى للتمسك بالاطلاق فكل مورد لم يكن قابلا للتقييد يمتنع
الاطلاق فيه ايضا ، واما لو بنينا على ما هو المشهور قبل سلطان العلماء (قده) من
كون الاطلاق امرا وجوديا وانه بمنزلة التصريح بالعموم فعدم صحة التمسك بالاطلاق
اوضح فانه فى قوة ان يقال صل سواء كان بقصد الامر او لا فان التصريح المذكور انما
يصح فيما اذا كان الانقسام قبل الامر لا بعده وإلّا كان اخذ المقسم بما هو مقسم فى
متعلق الامر مع ان كونه مقسما انما نشأ من قبله مستلزما لتقدم الشى على نفسه ـ الى
ان قال ـ ربما يتمسك لاثبات التوصلية فى مورد الشك فيها بحكم العقل بالاجزاء وان
الاتيان بالمأمور به يجزى عقلا والمفروض ان المأمور به غير مقيد بقصد القربة قطعا
وهذا الوجه هو المحتمل من عبارة صاحب التقريرات وبيان دفعه ـ اذا فرضنا ان غرض
المولى مترتب على الصلاة بداعى القربة فاذا اراد المولى استيفاء غرضه فحيث انه لا
يمكن له ذلك إلّا بامرين فلا بد له من امر متعلق بذات الصلاة وامر آخر باتيانها
بقصد القربة فكما ان ذات الصلاة تعلق بها ارادة الشارع لكونها مما له
ح فلنا (١) ان
ندعى بانه بعد امكان مثل هذا القيد فى حيّز شخص انشائه المتعلق بالذات ايضا ففى
صورة لم يؤخذ مثل هذا القيد فى حيز الخطاب فلا باس بالاخذ باطلاق الخطاب لنفى مثل
هذا القيد القابل لاخذه فى حيزه بناء على التحقيق كما سيجيء إن شاء الله (٢) من ان
مثل هذا القيد ايضا محتاج الى البيان عند دخله فى
______________________________________________________
دخل فى غرضه كذلك
لا بد وان يكون داعى القربة متعلقا لارادته غاية الامر انه لا يعقل ذلك بالامر الاول
فلا بد من الامر الثانى المتمم للجعل الاول حتى يكون الامر ان فى حكم امر واحد ،
فظهر ان توهم سقوط الامر مع عصيان الامر الثانى لا معنى له فان ذلك انما يصح فيما
اذا كان الامر ان مستقلين وناشئين عن ملاكين كما اذا فرضنا تعلق النذر بفعل صلاة
الفريضة فى المسجد فانه اذا صلاها فى الخارج يسقط الامر الصلاتى وان كان عاصيا
بالقياس الى الامر النذرى ويجب عليه الكفارة لا فى مثل ما نحن فيه الذى نشا الامر
ان فيه عن ملاك وغرض واحد فيستحيل سقوط احدهما دون الآخر كما ظهر ان عدم السقوط
ولزوم الاتيان بداعى الامر من قبل الامر الثانى لا من قبل حكم العقل والزامه لما
عرفت ان شانه الادراك لا الالزام فتحصل مما ذكرناه انه فى كل مورد احتمل العقل عدم
تمامية الجعل والاحتياج الى امر آخر لا يعقل استقلاله بالاجزاء قطعا وما نحن فيه
من هذا القبيل الى آخر كلامه.
(١) واما المحقق
العراقى فيتمسك بالاطلاق اللفظى وذلك بعد امكان اخذ الدعوة فى متعلق الامر بوجوبين
منشأين بانشاء واحد انه يمكن التمسك باطلاق شخص الخطاب لنفى اعتبار قيد الدعوة فى
متعلقة ضرورة ان حال قيد الدعوة حال سائر العقود التى يحتمل اخذ شيء منها فى متعلق
الامر غاية الامر ان قيد الدعوة على فرض اخذه فى متعلق الامر لا يكون إلّا بطلبين
كما اشرنا اليه وباقى القيود الاخرى يكفى فى اخذها نفس الطلب المتعلق بالمقيد.
(٢) ثم يشير الى
ان التمسك بالاطلاق اللفظى مبنى على احد امرين اما كون المرجع هى البراءة عند الشك
فى اعتبار قيد الدعوة فى متعلق ، واما كون قيد الدعوة من القيود المغفول عنها اذا
قلنا بان المرجع هو الاشتغال عند الشك فى اعتبار شيء فى المأمور به قيدا او جزء.
الغرض (١) وإلّا (٢)
فلو بيننا على ان المرجع فى مثلها لزوم الاحتياط بحث يكفى
______________________________________________________
(١) لاحد الوجهين
المتقدمين.
(٢) اى وان لم يكن
هذا القيد محتاج الى البيان بان قلنا بالاشتغال مع كون القيد غير مغفول عنه فلا
يمكن التمسك بالاطلاق المزبور لعدم اجتماع مقدماته التى منها كون المتكلم الحكيم
مخلا بغرضه لو لم يبين ما احتمل المكلف دخله فى متعلق التكليف اذ على الفرض ان
المكلف غير غافل عن هذا القيد الذى يحتمل دخله فى المأمور به مع كونه ملتزما
بالاشتغال عقلا فى موارد الشك بالقيود غير المغفول عنها كما فى المقام لجواز أن
يكتفى المولى الحكيم بالزام العقل بالاحتياط فى موارد الشك فلا يكون مخلّا بغرضه
لو كان الشى المشكوك فيه دخيلا فى غرضه ولم يصرح بدخله لكفاية حكم العقل بالاتيان
به حيث يكون الشى المشكوك بدخله مما يلتفت اليه المكلف غالبا كما هو المفروض ،
واما لو كان الشى المحتمل دخله فى المكلف به من الامور المغفول عنها غالبا فلا
مانع من التمسك بالاطلاق لنفى اعتباره لاجتماع مقدمات الاطلاق وان قلنا بالاشتغال
فى موارد الشك فيما يحتمل دخله فى المكلف به لان كون الشى مما يغفل عنه غالبا يمنع
المولى الحكيم من الاتكال على حكم العقل بالاحتياط لان موضوعه الملتفت ومع فرض كون
الشيء مغفولا عنه غالبا تمنع الحكمة من الاتكال على حكم العقل بالاحتياط على فرض
الالتفات اتفاقا لا خلاله بغرضه فى الغالب كما لا يخفى لهذا تجد من يقول بالاشتغال
يتمسك بالاطلاق فى جملة من موارد الشك فى ما يحتمل دخله فى المكلف به ، وربما يقال
والذى يقوى فى النظر ان قيد الدعوة بعد انتشار الشريعة بين المسلمين واطلاعهم على
خصوصيات تكاليفها من حيث توقف امتثال بعضها على قصد القربة ونحوه فقد صار قيد
الدعوة من القيود غير المغفول عنها عند المسلمين فى عهد النبى صلىاللهعليهوآله لكثرة ابتلائهم بالتكاليف المقيدة بهذا القيد وعليه لا
يبقى مجال للقائل بالاشتغال ان يتمسك بالاطلاق كلاميا كان ام مقاميا فى مثل المقام
لما عرفت وسيأتى ان التمسك بالاطلاق المقامى ايضا يتوقف على احد الامرين من
البراءة وكون الشى المحتمل دخله فى المكلف به مغفولا عنه لو قلنا بالاشتغال ومع
عدمهما لا يمكن التمسك بالاطلاق المقامى ايضا ، واما القائل بالبراءة كما هو
المختار عند المحقق الماتن العراقى وعندنا ايضا فهو فى مجال واسع من حيث صحة
التمسك بكل من الاطلاقين ، مضافا الى انه سيأتى من المحقق العراقى
لتنجز التكليف بها
مجرد تماميّة البيان فى الامر بنفس الذات امكن دعوى عدم اقتضاء اطلاق الخطاب ايضا
نفى قيديّته لامكان اتكال الشارع فى بيانه الى حكم العقل بلزوم تحصيله عند تنجز
الامر بنفس الذات كما هو ظاهر ، لا يقال ان شخص هذا الخطاب لا محيص من دعوته حتى
فى التوصليات نظرا الى ان شأن الامر المولوى باى شيء هو الدعوة غاية الامر لا يكون
هذه الدعوة دخيلا فى التوصليات فى المصلحة بخلاف العبادات وما هذا شأنه كيف له
اطلاق يشمل حال عدم الدعوة بل مهما تحقق يكون توأما مع الدعوة وان لم يؤخذ مثله فى
حيّزه (١) لانه يقال (٢) ان هذه الدعوة التى تكون من لوازم وجوده ربما ليس
______________________________________________________
حتى لو كان غير
مغفول عنه وحكم العقل بالاشتغال يجوز التمسك بالاطلاق اللفظى وبه يفرق مع الاطلاق
المقامى.
(١) وتوضيح
الاشكال الاطلاق انما يتمسك به فيما يمكن اخذه فى المطلق وعدم اخذه ودعوة الامر
الى متعلقه هى من شئونه ولوازمه التى لا تكاد تنفك لا عن الامر كما هو واضح ولا عن
متعلقه لما بينا سابقا من ان الداعى الى الامر بالشيء هو جعل الداعى الى الاتيان
بذلك الشى فمتعلق الامر هى طبيعة الفعل التى جعل المولى داعيا للعبد الى الاتيان
بها لا مطلق طبيعته ومعه كيف يتصور امكان الاطلاق فى متعلق الامر ليتمسك باطلاق
الخطاب فى مورد الشك ، ولعله اشارة الى اصالة التعبدية الآتي إن شاء الله تعالى.
(٢) وملخصه ان قيد
الدعوة يمكن ان يكون دخيلا فى المصلحة التى اوجبت تعلق الارادة بذلك الفعل الذى
اشتمل على تلك المصلحة كما انه يمكن ان لا يكون دخيلا فيها والارادة التشريعية
دائما تبتع المصلحة سعة وضيقا فى تعلقها بالفعل المراد فالفعل المأمور به وان لم
يكن فيه استعداد للاطلاق من ناحية الامر المتعلق به لما ذكر ولكنه فيه مجال
للاطلاق والتقييد من حيث الارادة التشريعية التابعة للمصلحة القائمة بالفعل فيمكن
التمسك باطلاق المادة لنفى اعتبار قيد الدعوة فى متعلق الارادة اذ لو كان ذلك
القيد دخيلا فى المصلحة الموجبة للارادة لاراده ولو اراده لبينه وبما ان الامر كاشف
عن الإرادة ومنبعث عنها يصح التمسك باطلاق متعلق الارادة لنفى اعتبار قيد
مأخوذا فى المصلحة
بل هو من الامور العقلية التى شأن الشارع ليس بيانه وما هو شأنه بيانه هو الدعوة
الدخيلة فى المصلحة والعقل لا يحكم بان ما هو من لوازمه عقلا دخيلا فى مصلحة امره
مطلقا وح يحتاج بيان هذه الجهة الى اخذه فى حيّز خطابه فمع عدم اخذه يحكم باطلاق
الخطاب وتجريده عنه بعدم دخله فى المصلحة فكان ما نحن فيه من هذه الجهة نظير
القدرة الملازمة عقلا لفعلية الخطاب ومع ذلك عند تجريد الخطاب عنه يستكشف باطلاق
الخطاب عدم دخله فى المصلحة ولئن شئت فعبر فى المقامين باطلاق المادة ايضا فتدبر. ومن
هذا البيان (١) ظهر ايضا فساد زعم (٢) عدم جواز التمسك باطلاق الخطاب
______________________________________________________
الدعوة فى متعلق
الامر حين تعلق الامر به لا من حيث تعلق الامر به وان شئت قلت كفاية اطلاق الامر
من جهة كشفه عن الارادة لاثبات التوصلية وكشف قيام المصلحة والغرض بمطلق وجود
المتعلق المجرد عن حيث دعوة الامر فاذا ورد خطاب من الشارع تعلق بعنوان مثل عنوان
الخمس او الجماعة فى الصلاة وشك فى توصليته او تعبديته فيوخذ باطلاق الخطاب فى فرض
كونه فى مقام البيان ويثبت به اطلاق متعلق الإرادة نعم لا يجرى بالنسبة الى عنوان
المأمور به بما هو كذلك نظرا الى ما تقدم من عدم اطلاق فيه حتى فى التوصليات يشمل
غير صورة داعوية الامر اذ عليه نقطع بعدم اطلاق دائرة المأمور به حتى فى التوصليات
وتخصيصه بالذات المقرونة بداعى الامر ولكن لا يستلزم تضيق دائرة المأمور به وعدم
شموله لغير صورة داعوية الامر لتضيق دائرة المراد والمصلحة كما فى التوصليات حيث
كان دائرة المصلحة ودائرة المراد فيها اوسع من دائرة المأمور به وح فلا باس باطلاق
الخطاب من تلك الجهة لاثبات التوصلية وبالجملة تلك الداعوية تكون بحكم العقل فى
مرحلة الامتثال وليس شأن الشارع بيانه والداعوية التى دخيله فى الملاك والمصلحة من
شأن الشارع بيانه ولا دخل له حكم العقل اصلا.
(١) من امكان
التمسك بالاطلاق لاثبات التوصلية.
(٢) ولعل المراد
المحقق النائينى كما تقدم من امتناع اخذ قيد الدعوة قيدا فى متعلق الارادة
والمصلحة والامر بالجعل الاول وما يمتنع تقييده يمتنع اطلاقه لان
لدفع قيديّة دعوة
الامر ببيان ان هذا ليس تقييدا فى دليل تلك العبادة حتى يدفع باطلاقها ، اذ (١)
ذلك الكلام ايضا من فروع زعم ان المنشأ بهذا الانشاء شخص وجوب قائم بموضوعه (٢)
وإلّا فعلى ما ذكرنا (٣) فيصلح الخطاب للتقييد به فيكون مثل هذا القيد ايضا قابلا
لتقيّد الخطاب الشخص فيدفع ح باطلاقه نعم لو بدل هذا البيان ببيان آخر (٤) من
امكان اتكال الشارع فى بيانه الى حكم العقل بلزوم تحصيله عند تنجز الامر والخطاب
بنفس الذات كما هو شأن من ذهب الى الاحتياط فى مثل هذه القيود عند الشك لكان امتن
اذ قصور الخطاب فى اطلاقه ح من جهة احتمال اتكاله فى بيان القيد الى حكم العقل
بلزوم تحصيله (٥) وهذه
______________________________________________________
الاطلاق يقابل
التقييد مقابلة العدم والملكة وتوضيح ذلك لان قيد الدعوة لا يكون من قيود متعلق
الامر الاول ليكون ناظرا اليه نفيا واثباتا ليؤخذ باطلاقه دليلا على عدم اعتباره
فى متعلقه بل هو من قيود الغرض التى استدعى الغرض بيانها بخطاب آخر وح ينتهى الامر
الى الاطلاق المقامى فلا بد من احراز احد الامرين المتقدمين فى مقام الرجوع اليه
اعنى بهما القول بالبراءة فى مقام الشك بمثل هذه الامور وكون القيد من الامور
المغفول عنها اذا لم نقل بالبراءة حيث يكون المرجع هو الاحتياط.
(١) هذا هو الجواب
عنه وملخصه ان الاطلاق المقصود فى المقام مقابل للتقييد الممكن فيه وقد سبق ان
التقييد الممكن يتصور باحد نحوين احدهما كون المطلوب هى الحصة فيكون التقييد دالا
على حدود الحصة المطلوبة لا على دخل التقيد فيها ، وثانيهما كون القيد مطلوبا
لمصلحة فيه فى عرض ذات المقيد غاية الامر ان مصلحة القيد والمقيد متلازمتان فى
مقام التحصيل والاستيفاء فيطلبان معا بطلبين متلازمين فى الانشاء وعليه يكون
الاطلاق فى المقام دالا على عدم كون المطلوب هى الحصة او على عدم كون القيد ذا
مصلحة لازمة الاستيفاء فى عرض المقيد وملازمة له.
(٢) وهو وجوب واحد
شخصى بسيط.
(٣) من وجوب واحد
سنخى المنحل بالافراد العرضية والطولية.
(٤) وهو الذى
افاده صاحب الكفاية كما تقدم.
(٥) ولكن ذكر
المحقق العراقى فى البدائع ، ص ٢٣٩ ولكن مقتضى التحقيق
.................................................................................................
______________________________________________________
ان يفرق بين
الاطلاق اللفظى والاطلاق المقامى بعدم كون حكم العقل بالاشتغال مانعا عن التمسك
بالاطلاق اللفظى مطلقا بخلاف الاطلاق المقامى لاشتراطه بكون القيد مغفولا عنه على
الاشتغال بيان ذلك ان حكم العقل بالاشتغال متوقف على عدم الاطلاق فلو كان الاطلاق
منوطا بعدم حكم العقل لزم الدور ولكن الاطلاق وارد على حكم العقل اذ حكم العقل
بالاشتغال يكون فى ظرف عدم البيان والاطلاق يكون بيانا بخلاف العكس والسر فيه هو
ان كون المتكلم فى مقام البيان الذى هو من مقدمات الحكمة ان كان المراد منه هو
بيان مرامه بكل ما يمكن ان يبينه به سواء كان متصلا ام منفصلا حتى مثل حكم العقل
المنفصل وان كان فى ظرف الشك فلا تتم مقدمات الحكمة ، وان كان المراد منه كونه فى
مقام بيان تمام مرامه باللفظ الصادر منه كما هو ديدن العقلاء فالاطلاق يتم غاية
الامر ان الدليل المنفصل ان كان اقوى من المطلق ترفع اليد عنه باقوائية ذلك الدليل
واما مثل حكم العقل بالاشتغال فلا يبقى له موضوع بعد تمامية الاطلاق ، وهذا بخلاف
الاطلاق المقامى فانه مبنى على احراز كون المولى فى مقام بيان مراده بكل ما يمكن
ان يتوصل به الى كشفه ولو كان ذلك حكم العقل فى ظرف الشك ولذا لو اتكل فى بيان
مرامه عليه ما نقض غرضه فتمامية هذا الاطلاق متوقفة على ما ذكرنا من احد الامرين
وبهذا يفارق مع الاطلاق اللفظى انتهى والحاصل ان مجرد عدم التمكن من اخذه قيدا فى
المأمور به لا يمنع عن اطلاقه حتى فى فرض تمكنه من الاتيان بامر مستقل متصل
بالكلام كيف وان للمولى ح بيان مثل هذه القيود التى لها الدخل فى تحقق غرضه ومرامه
ولو بامر آخر متصل بالكلام وإلّا لتحقق الاخلال منه بغرضه ، وذكر فى الكفاية ، ج ١
، ص ١١٤ نعم يمكن ان يقال ان كلما يحتمل بدوا دخله فى امتثال امر وكان مما يغفل
عنه غالبا للعامة كان على الامر بيانه ونصب قرينة على دخله واقعا وإلّا لاخل بما
هو همه وغرضه واما اذا لم ينصب دلالة على دخله كشف عن عدم دخله وبذلك يمكن القطع
بعدم دخل الوجه والتميز فى الطاعة بالعبادة حيث ليس منهما عين ولا اثر فى الاخبار
والآثار وكانا مما يغفل عنه العامة وان احتمل اعتباره بعض الخاصة الخ. بقى شيء وهو
ان الاطلاق اللفظى لو تم على القول به هل يكون اطلاق الصيغة بمادتها او بهيئتها
يظهر من صاحب الكفاية الاول قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١١٢ انه لا وجه لاستظهار
التوصلية من اطلاق الصيغة
الجهة غير مرتبط
بعالم عدم قابلية للتقيد كى يرد عليه ما ذكرنا فتدبر هذا كله حال الاطلاقات لفظيا
وفى المقام تقريب آخر للاطلاق (١) بدعوى ان هذا القيد لما
______________________________________________________
بمادتها الخ وكان
فى تعبير المحقق العراقى ايضا باطلاق المادة كما يظهر من المحقق الاصفهانى ايضا
وكذا المحقق النائينى بان الاطلاق تدل على عموم المتعلق وهو الصحيح ايضا ولعله
اتكلوا على وضوحه فانه لا معنى لاستظهار التوصلية وعدم اعتبار قصد القربة فى مورد
الشك من اطلاق الصيغة بهيئتها فان مفاد الهيئة هو الطلب وقصد القربة على تقدير
اعتباره فى العبادات شرعا هو من قيود المادة نظير الستر والطهور والقبلة ونحوها
للصلاة لا من قيود الهيئة اى الوجوب والطلب نعم لو شك فى ثبوت قيد للطلب بان شك ان
الطلب الوجوبى او الندبى هل هو مطلق ثابت على كل حال او مقيد ثابت على تقدير دون
تقدير فعند ذلك يتمسك باطلاق الصيغة بهيئتها لا بمادتها ـ لكن يظهر من بعض الكلمات
التمسك باطلاق الهيئة قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٣٨ فان قلت
اطلاق الهيئة عرفا يدل على ان المتعلق تمام المقصود وهو متعلق الغرض فيفيد
التوصلية فحمله على التعبدية وان الامر تمهيد وتوطئه لتحقق موضوع الغرض خلاف
الظاهر قلت هذا ان نسب الى بعض الأجلة (وهو السيد المحقق الاصفهانى) قدسسره ولكن مبنى على تخيل اخصية الغرض وحيث عرفت ان ذات الفعل
وافٍ بالغرض وان الشرائط دخيلة فى ترتب الغرض على ما يقوم به تعرف عدم اخصية الغرض
وعدم كون الامر تمهيدا وتوطئه فان قلت اطلاق الهيئة يقتضى التعبدية لان الوجوب
التعبدى هو الوجوب لا على تقدير خاص بخلاف الوجوب التوصلى فانه وجوب على تقدير عدم
الداعى من قبل نفس المكلف قلت الايجاب الحقيقى جعل ما يمكن ان يكون داعيا لا جعل
الداعى بالفعل حتى يستحيل مع وجود الداعى الى الفعل من المكلف ولذا صح تكليف
العاصى وان كان له الداعى الى خلافه انتهى ويمكن ان يرجع القيد الى المادة ويشملها
اطلاق الامر.
(١) قال فى
الكفاية ، ج ١ ، ص ١١٢ فانقدح بذلك انه لا وجه لاستظهار التوصلية من اطلاق الصيغة
بمادتها ولا لاستظهار عدم اعتبار مثل الوجه مما هو ناش من قبل الامر من اطلاق
المادة فى العبادة لو شك فى اعتباره فيها نعم اذا كان الامر فى مقام بصدد بيان
تمام ما له دخل فى حصول غرضه وان لم يكن له دخل فى متعلق امره ومعه سكت فى المقام
ولم ينصب دلالة على دخل قصد الامتثال فى حصوله كان هذا
كان مغفولا عنه
عند العرف فى محاوراتهم فعند تجريد الخطاب منه لا ينسبق الى اذهانهم الا كفاية
مجرد الاتيان بالمأمور به فى الوفاء بالغرض ففى هذه الصورة لو لم ينبّه المولى الى
القيد لنقض غرضه فالعقل يحكم ح بعدم دخله فيه ، ومثل (١) هذا التقريب يسمى فى
كلماتهم بالاطلاق المقامى وهو اوسع (٢) من التقريب
______________________________________________________
قرينة على عدم
دخله فى غرضه وإلّا لكان سكوته نقضا له وخلاف الحكمة الخ والمراد من الوجه هو نية
الوجوب او الندب فى صحة العبادة ومثله التمييز بين الواجب من الاجزاء وغيره ، وذكر
المحقق النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ١١٦ ثم لا يخفى ان تمامية الجعل وعدمها انما
تعلم من الخارج فتارة يدل الدليل على وجود الامر الثانى وان غرض المولى مترتب على
فعل المأمور به مع قصد القربة فيفيد الامر الثانى نتيجة التقييد وان الامر الاول
لا يسقط بمجرد الفعل كيفما اتفق واخرى يدل الدليل على عدم وجود الامر الثانى وان
الجعل لا يحتاج الى متمم فيكون النتيجة نتيجة الاطلاق هذا بالاضافة الى متعلق
الامر واما بالاضافة الى موضوع التكليف فتارة يدل الدليل على ان غرض المولى مترتب
على الفعل من كل مكلف عالم او جاهل فيكون النتيجة نتيجة الاطلاق كما دلت ادلة
اشتراك المكلفين فى التكليف على ذلك واخرى يدل الدليل على ان الغرض مترتب على فعل
العالم دون الجاهل كما فى القصر والاتمام او الجهر والاخفات فيكون النتيجة نتيجة
التقييد وعلى هذا فاذا كان المولى فى مقام بيان اظهار تمام جعله ومع ذلك لم يأمر
بقصد القربة فيستكشف من هذا لاطلاق المسمى بالاطلاق المقامى تمامية الجعل الاول
وعدم احتياجه الى جعل المتمم ثانيا فيكون النتيجة كما فى الاطلاق الكلامى الخ ،
وذكر المحقق العراقى ايضا فى النهاية ، ص ١٩٩ ، ج ١ ، يكفينا ح الاطلاقات المقامية
بناء على كون مثل تلك القيود من القيود المغفول عنها عند عامة الناس اذ يستكشف بها
ايضا عن عدم دخل داعى القرب فى ما هو مرامه وغرضه الخ.
(١) ثم بين الفرق
بين الاطلاق اللفظى والمقامى فى المقام بجهتين.
(٢) الجهة الاولى
ان الاطلاق المقامى يجرى حتى لو قلنا بان الامر الدال عليه الانشاء امرا واحد
شخصيا ولا يمكن بيان القيد بالامر فيمكن التمسك بالاطلاق المقامى وهو المعبر عنه
بالاوسعية من الاطلاق اللفظى لانه يختص بما اذا كان دالا
الاول الراجع الى
الاطلاق اللفظى من جهة واضيق منه من جهة ، وجه اوسعيّته انه يجرى حتى على مسلك من
جعل مفاد الخطاب حكما شخصيا غير قابل للاطلاق كعدم قابلية للتقيد حيث انهما
متضايفان (١) ووجه اضيقيته (٢) بملاحظة اختصاصه بامور يكون غالبا مغفولا عنه عند
العرف وإلّا فلا مجال لاتمام هذا التقريب ، وح ربما امكن الجمع بين كلمات شيخنا
العلامة فى رسائله حيث منع من الاخذ بالاطلاقات فى مقام واتكل بها فى مقام آخر
يحمل الاول على اللفظى والآخر على المقامى على ما وجه به بعض الاعظام من المحشين ،
ولكن الذى يمكن ان يقال على التقريب الثانى (٣) هو ان ذلك صحيح فى كل اطلاق وارد
قبل
______________________________________________________
على سنخ الحكم
وتعدد الامر كما تقدم.
(١) تقدم الاشارة
الى ذلك فى ان التقابل بين الاطلاق والتقييد هو التضايف او العدم والملكة وسيأتى
مفصلا فى باب المطلق والمقيد.
(٢) الجهة الثانية
يعتبر فى الاطلاق المقامى ان يكون القيد مغفول عنه كما مر مرارا.
(٣) وهو الاطلاق
المقامى فالعمدة اثبات ان هذا القيد من القيود المغفول عنها عند عامة الناس ،
وتقدم ان الريا من الامور الغير المغفولة عند الناس وفيه ان فى مورد الشك فى
التعبدية يكون القيد من المغفول عنه وإلّا لم يشك فيه ايضا يكون مجال الاطلاق
المقامى باق ولا يكون بمنزلة القرينة العقلية المتصلة جزما بمجرد انه غير مغفول
عنه فى سائر الموارد نعم قصد الوجه والتمييز من الامور المغفولة عنها كما مر. ثم
ان استادنا الآملي نقل عنه فى المجمع ، ج ١ ، ص ١٧١ ان المحقق الخراسانى حيث لم
يكن الاطلاق اللفظى عنده بمرضى سواء كان بامر واحد او امرين تصدى لاثبات اطلاق
ذاتى وهو ان الخطاب اذا كان فى نفسه السريان ولم يكن لحاظه يكفى كما فى الاوامر
المتوجهة الى الناس فان اشتراك العالم والجاهل فى ذلك يكون من اجل ان ذاته السريان
وحيث لا يمكن ان يكون العلم بالخطاب من شرائط التكليف لان اللازم منه الدور فان
العلم بالخطاب متوقف عليه ضرورة انه ما لم يكن الخطاب لم يكن العلم به حاصلا وهو
متوقف على العلم به ففى المقام ايضا حيث لا يمكن اخذ قصد الدعوة
.................................................................................................
______________________________________________________
فى متعلق التكليف
لان اللازم منه الدور يكون للخطاب سعة بانه سواء كان مع القصد او بدونه يكفى
والنسبة بين الاطلاق والتقييد هو التضاد لا العدم والملكة حتى يكون المطلق ما من
شأنه ان يكون مقيدا بل ما يكون فيه السريان الذاتى ولو لم يكن قابلا للتقييد يكفى
للاطلاق وبعض الاعيان اجاب عن ذلك (فى نهاية الدراية ، ج ١ ، ص ١٣٧ وسيأتى) ولكنا
نقول ان الدور يكون فى جميع المراتب من المصلحة والارادة والامر كما مر من عدم
امكان اخذ ذلك فى الخطاب إلّا بنحو الانحلال فالحق مع المحقق الخراسانى انتهى
وبالفعل عجالة لم اجد ذلك فى الكفاية ولعله فى حاشيته على الفرائد قال المحقق
الاصفهانى ، ج ١ ، نهاية ص ١٣٧ ليس الاطلاق ماخوذا فى موضوع الحكم بل لتسرية الحكم
الى تمام افراد موضوعه فالموضوع نفس الطبيعة الغير المتقيدة بشيء مع انه من حيث
الاستحالة ايضا كذلك لان الارسال حتى من هذه الجهة المستحيلة يوجب جميع المحاذير
المتقدمة فان قلت كما ان اطلاق الهيئة ذاتا فى مسألة مشمول كل حكم للعالم والجاهل
دليل على الشمول فليكن اطلاق المادة ذاتا هنا دليلا على عموم المتعلق فلا حاجة الى
الاطلاق النظرى والتوسعة اللحاظى بل يكفى الاطلاق الذاتى وان كان منشؤه عدم امكان
التقييد النظرى والتفهيم اللحاظى قلت نفس امتناع توقف الحكم على العلم او الظن به
او الشك فيه كامتناع دخل تعلق احدى الصفات به فى ترتب الغرض الباعث على الحكم دليل
على عدم دخل احدى الصفات فى مرتبة من المراتب لا اطلاق الهيئة ذاتا فنفس البرهان
الجارى فى جميع المراتب دافع للتردد البدوى الحاصل للغافل بخلاف ما نحن فيه فان
عدم تقييد متعلق الامر والإرادة معلوم بالبرهان واما دخله فى الغرض وفى الخروج عن
عهدة الامر فلا والاطلاق النظرى القابل لدفع الشك ممتنع وعدم التقييد مع تسليم
امتناعه لا يكشف عن عدم دخله فيما ذكر ولا برهان كما فى تلك المسأله على امتناع
دخل داع الهى فى الغرض انتهى. هذا كله فى اصالة التوصلية ، واما اصالة التعبدية
فذكر المحقق النائينى فى الفوائد ، ج ١ ، ص ١٥٦ وعلى كل حال لا موقع لاصالة
التوصلية كما انه لا موقع لاصالة التعبدية نظرا الى ان الامر انما يكون محركا
لارادة العبد نحو الفعل ولا معنى لمحركية الامر سوى كون الحركة عنه اذ لو لا ذلك
لما كان هو المحرك بل كان المحرك هو الداعى الآخر والحاصل ان الامر بنفسه يقتضى ان
يكون محركا للارادة نحو الفعل
معهودية العبادات
فى شرعنا وإلّا فبعد معهوديتها لا يبقى للغفلة عن مثل هذا القيد
______________________________________________________
فاذا كانت حركة
العبد نحو الفعل لمكان الامر كان الامر محركا وإلّا لم يكن الامر محركا وهذا خلف
لما فرض ان الامر هو المحرك ولا نعنى بقصد الامتثال سوى كون الحركة عن الامر ،
ولكن لا يخفى عليك ما فيه اما اوّلا فلان ذلك يقتضى انحصار التعبدية بقصد الامر
كما هو مقاله صاحب الجواهر والحال انه لا ينحصر التعبدية بذلك ، وثانيا ان ذلك
مغالطه لان الامر انما يكون محركا نحو الفعل واما كون هذه الحركة عنه وبداعيه فهو
امر آخر لا يمكن ان يكون الامر متعرضا له والحاصل ان الامر لا يكاد يكون متعرضا
لدواعى الحركة وانه عنه او عن غيره فان الامر يدعو للفعل واما دواعى الفعل فلا
يكون الامر متكفلا له انتهى ـ وفيه اما عن الاول فان المصلحة الملزمة ايضا داع
للمحركية للفعل فلا يوجب الانحصار بداع الامر ـ وعن الثانى ان الامر اذا كان محركا
نحو الفعل فالفعل منبعث ومتحرك منه نظير الفعل والانفعال فلازمه اتيان العمل بداع
الامر فيكون على زعم الخصم عباده فالصحيح فى الجواب ما تقدم فى شرح كلام محقق
الماتن فراجع ثم قال المحقق النائينى بعد ذلك كما ان دعوى اصالة التعبدية من جهة
دلالة قوله تعالى (وَما أُمِرُوا إِلَّا
لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ) وقوله (ص) انما الاعمال بالنيات وغير ذلك التى استدلوا بها
على اعتبار التعبد فى الاوامر واضحة الفساد لوضوح ان قوله تعالى (وَما أُمِرُوا) انما يكون خطابا للكفار كما يدل عليه صدر الآية ومعنى
الآية ان الكفار لم يأمروا بالتوحيد الا ليعبدوا الله ويعرفوه ويكونوا مخلصين له
غير مشركين وهذا المعنى كما ترى اجنبى عما نحن فيه مع انه لو كان ظاهرا فيما نحن
فيه ولم يكن المراد الريا فى العمل لكان اللازم صرفه عن ذلك لاستلزام تخصيص الاكثر
لقلة الواجبات التعبدية بالنسبة الى الواجبات التوصلية فتأمل فانه لو عمم الامر
للمستحبات لامكن منع اكثرية التوصليات بالنسبة الى التعبديات لو لم يكن الامر
بالعكس لكثرة الوظائف التعبدية الاستحبابية ، واما قوله (ص) انما الاعمال بالنيات
وسائل باب ٥ مقدمه العبادة ح ٧ فهو لا دلالة له على المقام فان مساقه كمساق لا عمل
إلّا بالنية وليس فيه دلالة على ان كل عمل لا بد فيه من نية التقرب بل معناه ان
العمل المفروض كونه عبادة لا يقع إلّا بالنية او يكون معناه كمعنى قوله (ص) لكل
امرئ ما نوى وعلى اى حال لا دلالة فى الاخبار والآيات على اعتبار قصد الامتثال فى
الاوامر الخ ، وهذا هو الحق ايضا.
مجال ومجرد عدم
معهوديته فى محاوراتهم لا يقتضى الغفلة عنها فى الشرعيات بعد فرض معهوديته عباداته
وح لا يكون فى البين الا الاطلاقات اللفظية بالتقريب المتقدم على المبنى المقدم
كما لا يخفى هذا كله بمقتضى الدليل الاجتهادى واما بحسب الاصول العملية (١) فنقول
انه قد يتوهم (٢) بان المرجع فى المقام هو الاحتياط وان بيننا على البراءة فى
الاقل والاكثر (٣) نظرا الى
______________________________________________________
(١) وقع الكلام فى
مقتضى الاصل فى المقام على قولين ذهب صاحب الكفاية الى الاشتغال والمحققين الى
البراءة فانه بناء على امكان اخذ قصد الامتثال فى متعلق الامر يكون حال الشك فى
التعبدية حال الشك فى الاقل والاكثر الارتباطى فكما يمكن ان نقول بجريان البراءة
عقلا ونقلا فى الاكثر الارتباطى كذلك يمكن ان نقول بجريانها فى التعبدية وان قلنا
بجريان البراءة نقلا فقط كذلك المقام واما على القول بامتناع اخذ قيد الدعوة فى
متعلق الامر فتقريب الاشتغال على وجوه.
(٢) منها ما افاده
فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١١٣ فاعلم انه لا مجال هاهنا إلّا لاصالة الاشتغال ولو قيل
باصالة البراءة فيما اذا دار الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين وذلك لان الشك
هاهنا فى الخروج عن عهدة التكليف المعلوم مع استقلال العقل بلزوم الخروج عنها فلا
يكون العقاب مع الشك وعدم احرام الخروج عقابا بلا بيان والمؤاخذة عليه بلا برهان
ضرورة انه بالعلم بالتكليف تصح المؤاخذة على المخالفة وعدم الخروج عن العهدة لو
اتفق عدم الخروج عنها بمجرد الموافقة بلا قصد القربة وهكذا الحال فى كل ما شك دخله
فى الطاعة والخروج به عن العهدة مما لا يمكن اعتباره فى المأمور به كالوجه
والتمييز الخ.
(٣) والضابط فى
الرجوع الى البراءة او الاشتغال فان البراءة انما تكون فى مورد كان الشك فى اصل
التكليف والاحتياط فى مورد كان الشك فى سقوط التكليف المتعلق بالعمل والخروج عن
عهدة امتثاله باتيان المشكوك وح فلا بد بحكم العقل الجزمى باقتضاء الاشتغال
اليقينى بالشيء للفراغ اليقينى عنه من الاحتياط وتحصيل الجزم بالفراغ.
اشتغال الذمة
بالصلاة ولا يحصل الفراغ إلّا باتيانه بداعى القربة (١) بخلافه فى الاقل والاكثر
اذا لاشتغال بالاكثر غير ثابت ولو لانحلال العلم الاجمالى (٢) اقول (٣) ان ثبوت
الاشتغال بالصلاة فى المقام بعد احتمال دخل القيد فى الغرض
______________________________________________________
(١) فان الشك فى
المقام انما هو فى الخروج عن عهدة التكليف المعلوم مع استقلال العقل بلزوم الخروج
عنها فلا يكون العقاب مع الشك وعدم احراز الخروج عقابا بلا بيان ضرورة انه مع
العلم بالتكليف تصح المؤاخذة على المخالفة وعدم الخروج عن عهدة التكليف المعلوم
بمجرد الموافقة.
(٢) ووجه الانحلال
فى الاقل والاكثر الارتباطى كالصلاة هو وجوب الاقل يقينا والشك فى وجوب الاكثر
بالشبهة البدوية والمرجع فيها قبح عقاب بلا بيان بالنسبة الى الاكثر على المختار
مضافا الى حديث الرفع.
(٣) واورد عليه
المحقق الماتن قدسسره ان التقريب المذكور ليس موجبا للفرق بين المقام والاقل
والاكثر الارتباطى بل هو احد الوجوه التى حررت للدلالة على لزوم الاحتياط فى الاقل
والاكثر الارتباطى واجيب عنها فى محله وبالجملة ان كان الشك فى حصول الغرض او سقوط
التكليف المعلوم هو الموجب للاحتياط فى المقام فمثله حاصل فى الاقل والاكثر وان
كان مثله لا يوجب الاحتياط هناك لان العلم بالتكليف انما يصلح حجة على فعل متعلقه
لا غيره والشك فى حصول الغرض انما يقتضى الاحتياط لو كان راجعا الى الشك فى سقوط
التكليف المعلوم ولا يقتضى الاحتياط زائدا عليه فلا يجب فى المقام ايضا ، قال صاحب
الكفاية ، ج ٢ ، ص ٢٢٨ فى دوران الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين والحق ان
العلم الاجمالى بثبوت التكليف بينهما ايضا يوجب الاحتياط عقلا باتيان الاكثر
لتنجزه به حيث تعلق بثبوته فعلا ـ الى ان قال ـ مع ان الغرض الداعى الى الامر لا
يكاد يحرز الا بالاكثر الى آخر كلامه نعم يفترق المقام عن تلك المسألة على مسلكه
بان ما يحتمل دخله فى الغرض فى تلك المسألة مما يحتمل كونه جزء او شرطا للواجب
فيكون مجرى للبراءة الشرعية وهنا لا يحتمل فيه ذلك فلا يكون مجرى لها لكنه لا يصلح
فارقا فى وجوب الاحتياط وعدمه فى نظر العقل ، وعلى ذلك فكان هذا الاشكال مشترك
الورود بين المقام وبين تلك المسألة ولا خصيصة له بالمقام حتى يقال باقتضاء الاصل
فى المقام الاشتغال ولو مع
مساوق ثبوت
الاشتغال بالاقل فى باب الاقل والاكثر كما ان دخل وجود القيد فى الجزم بالفراغ عن
الامر بذات الصلاة فى المقام كدخل وجود الجزء المشكوك فى الفراغ عن التكليف بالاقل
فى ذاك الباب ، وعليه فهذا التقريب من الاحتياط فى المقام مستتبع لجريانه فى الاقل
والاكثر ايضا فلا مجال للتفكيك بينهما من هذه الجهة ، ولئن شئت توضيح الشبهة (١) بازيد
من ذلك فاسمع بان لازم دخل كل قيد فى الغرض كون دخل بقية الاجزاء فيه دخلا ضمنيا
لا مستقلا ولازم الضمنية قيامه بكل واحد حين انضمام القيد به لا مطلقا ويستتبع ذلك
قيام
______________________________________________________
القول بالبراءة فى
الاقل والاكثر الارتباطيين فلو بنينا ح بان هم العقل بالنسبة الى ما تم عليه
البيان هو الجزم بسقوط التكليف والامر عنه فلا بد من الاحتياط فى المقامين كما انه
لو بيننا على ان المهم عند العقل هو تحصيل الفراغ عن تبعات الامر المعلوم المحقق
من العقوبة على المخالفة كما هو التحقيق فلازمه هو البراءة العقلية فى المقامين ـ ويمكن
فى قصد الدعوة ان يبين ما هو الدخيل فى غرضه بتعداد ما هو الدخيل فى الغرض لا
بالامر حتى يكون محالا ولم يبين فهو الذى اخل بغرضه.
(١) وملخص ما
افاده المحقق العراقى قدسسره فى جريان البراءة مطلقا انه تارة نتكلم فيما امكن تعلق
الغرض بجميع الاجزاء والقيود كما فى اكثر الواجبات المركبة المشروطة بشروط كالصلاة
المشروطة بالطهارة والتستر والاستقبال ، فالغرض القائم بالمركب الارتباطى منبسط
على جميع اجزائه على نحو يكون لكل جزء حصة من ذلك الغرض لا على ان يكون لكل جزء
غرض مستقل ملازم فى الوجود للغرض القائم فى الجزء الآخر فلا محاله يكون التكليف
المتعلق بذلك المركب منبسطا عليه انبساط الغرض الداعى اليه وتكون كل حصة من
التكليف المزبور غير مطلقة من حيث امتثال الحصة الاخرى ولا مقيدة بامتثالها بمعنى
انه ليس امتثال كل حصة من هذا التكليف متوقفا على امتثال الحصة الاخرى ليلزم الدور
فى مقام تحقق الامتثال ولا مطلقا بحيث يصح امتثال بعض الحصص مع عدم امتثال بعضها
الآخر ليكون شأن التكليف بالمركب الارتباطى شان التكليف بالامور المتباينة بل
امتثال كل حصة من ذلك التكليف انما يتحقق حيث يقترن بامتثال الحصة الاخرى.
التكليف به على
نحوه لفرض تبعية التكليف من حيث الاطلاق وعدمه لكيفية قيام المصلحة به وح فان امكن
اخذ القيد فى متعلق التكليف فقهرا ينبسط التكليف على الذوات المفروضة مع تقييدها
بالقيد ، واما (١) ان لم يمكن اخذه فيه فقهرا المصلحة القائمة به بنحو الضمنية
يوجب توجه الامر الى الذوات محضا ولكن بلا اطلاق فيه ولا تقييد ونتيجته وجوب
الذوات فى حال الانضمام الى القيد لا مطلقا ولا مقيدا وهو المعبر فى السننا
بالقضية الحينية لا مطلقة ولا مشروطة وح لا يقتضى استقلال الامر بنفس الذات فى
امثال المقام مصلحة مستقلة قائمة
______________________________________________________
(١) واخرى يمتنع
قيام الغرض بجميع ما يفرض جزء او قيدا لذلك المركب الاعتبارى مثل قيد الدعوة فلا
محاله يكون ذلك الغرض المستكشف وجوده بالتكليف بالمقيد بمثل القيد المزبور متصورا
باحد نحوين احدهما ان يكون الغرض قائما بنفس المركب المقترن بدعوة الامر اليه لا
المقيد بها وثانيهما ان يكون قيد الدعوة بنفسه مشتملا على غرض لازم الاستيفاء حين
استيفاء الغرض القائم بالمركب المامور به ، وبهذا ظهر لك ان ارتباطية المركب
التعبدى من حيث قيد الدعوة لا تنحصر ثبوتا بكون قيد الدعوة مشتملا على غرض مستقل
فى عرض الغرض القائم بالمركب ويكون لازم الاستيفاء حين استيفاء الغرض القائم بالمركب
بل يمكن ان يكون قيد الدعوة غير مشتمل بنفسه على غرض ما وانما يكون بمقارنته للعمل
مشخصا للحصة التى يقوم الغرض بها منه فيؤمر بذلك القيد ليكون الاتيان به مشخصا
للعمل المأمور به ، بل يتعين ذلك المعبر عنه بالقضية الحينية ـ وعليه تجرى البراءة
العقلية والشرعية معا ويظهر بطلان ما افاده فى الكفاية ج ١ ص ١١٤ ثم انه لا اظنك
ان تتوهم وتقول ان ادلة البراءة الشرعية مقتضية لعدم الاعتبار وان كان قضية
الاشتغال عقلا هو الاعتبار لوضوح انه لا بد فى عمومها من شيء قابل للرفع والوضع
شرعا وليس هاهنا فان دخل قصد القربة ونحوها فى الغرض ليس بشرعى بل واقعى ودخل
الجزء والشرط فيه وان كان كك إلّا انهما قابلان للوضع والرفع شرعا الخ لما تقدم من
كون قيد الدعوة امر وضعه ورفعه بيد الشارع لكن بامرين بانشاء واحد او تعلق تكليفه
على حصة خاصه ام لا فتجرى البراءة.
بها وراء الغرض
القائم بالمقيد كما توهم (١) اذ هو كك (٢) لو كان الامر بها بنحو الاطلاق بوجه
شامل لصورة فقد القيد ايضا وإلّا فلو كان الامر المتعلق بذوات
______________________________________________________
(١) التوهم كون
قيد الدعوة قيدا للغرض بعد ما لم يمكن اخذه فى متعلق الخطاب لكن فيه مصلحة مستقلة
ولعله اشاره الى ما فى الكفاية ، ج ٢ ، ص ٢٢٨ قال نعم انما ينحل اذا كان الاقل ذا
مصلحة ملزمة فان وجوبه ح يكون معلوما له وانما كان الترديد لاحتمال ان يكون الاكثر
ذا مصلحتين او مصلحة اقوى من مصلحة الاقل فالعقل فى مثله وان استقل بالبراءة بلا
كلام الخ وقال المحقق المشكينى فى ص ٢٢٩ الكفاية ج ٢ انه لا اشكال فى تعلق وجوب
لكل واحد من الاجزاء ولكنه هل هو وجوب غيرى فقط او غيرى ونفسى كما حكى عن
التقريرات او نفسى فقط وعليه هل هو استقلالى كما هو المحكى عن ملا على النهاوندى
وبعض الاساطين او الى آخر كلامه فيظهر من الاستقلالى ان لكل جزء مصلحة مستقلة
وتفصيله فى محله وذكر المحقق الاصفهانى فى ج ١ نهاية ص ١٤٠ وفى مقام البعث وان
امكن البعث الى الفعل المقيد بالشرائط إلّا انه لا يجب على الباعث تقييد مطلوبه
بالقيود الدخيلة فى التأثير فى الغرض بل له الامر بذات المطلوب والامر بكل قيد
مستقلا ـ الى ان قال ـ والعقاب على ترك الشرط ح ليس لمخالفة الامر المقدمى مطلقا
بل لمعصية الامر النفسى حيث انه لم يأت بما تعلق به على نحو يؤثر فى ما له من
الاثر فالغاية الداعية الى ارادة ذيها او لا وبالذات والى ارادة ما له دخل فيها
ثانيا وبالعرض قد انكشفت بالامرين فيجب تحصيلها وإلّا لا يكاد يسقط الامر النفسى
الخ.
(٢) وملخص الدفع
ان كون الدعوة قيدا للغرض اشد امتناعا من كونه قيدا لمتعلق الخطاب فالغرض والحب
والارادة والخطاب كلها تتعلق بالفعل المطلوب على طريقة واحدة وسير واحد بمعنى ان
الفعل الذى يشتمل على الغرض ويتعلق به الحب والارادة والامر هى الحصة من طبيعى
الفعل اعنى بها الفعل المقارن لدعوة الامر اليه لا الفعل المقيد بها ولا طبيعى
الفعل المطلق نعم على الشارع بيان ما يكون مشخصا للحصة التى هى متعلق غرضه وان كان
بيانه بخطاب شخصى انشاء به طلب واحد ممتنعا إلّا انه يمكنه بيان ذلك اما بطلبين او
بالاخبار عن طور الغرض ومشخص متعلقه.
الافعال لا اطلاق
له بالنحو المزبور بل كانت الذوات متعلقة للامر فى حال انضمامها الى القيد بلا
اطلاق ولا تقييد يكفى فى مصلحة الامر صرف المصلحة القائمة بالذوات المقيدة ضمنا
غاية الامر إباء الامر عن التقييد اوجب قصره بنفس الذات بنحو قيام المصلحة الضمنية
به من الذات المهملة التوأم مع القيد لا مطلقا ولا مقيدا كما لا يخفى. ومن هذا
البيان ظهر فساد خيال آخر (١) وهو ان المصلحة المستقلة القائمة بالذات لا يحصل
بمجرد اتيان الذات بلا قربى نظرا الى عدم كون الاتيان بالذات علّة لحصوله بل كان
مقتضيا ، وتوضيح فساده (٢) بان عدم حصول المصلحة القائمة بنفس الذات ان كان من جهة
ملازمته فى الوجود مع المصلحة القائمة بالقربية فمرجعه الى عدم قيامها بالذات
مطلقا بل به توأما مع القربة وح
______________________________________________________
(١) ولعله يراد
الشيخ الاعظم الانصارى قدسسره نقل المحقق النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ١٢٤ واما اذا شك
فالظاهر من عبارة العلامة الانصارى فى الرسائل والمنسوب الى مجلس بحثه هو جريان
الاشتغال دون البراءة للشك فى حصول الغرض من الامر بعد فرض لزوم اسقاطه وقد حكى
انه اورد عليه قدسسره فى مجلس البحث بان الغرض على تقدير وجوده وان كان لازم التحصيل
لكن الشك فى اصل وجوده فيدفع بالاصل فاجاب قدسسره بانه لا اشكال فى وجود الغرض فى الامر إلّا ان الشك فى
كونه بحيث يسقط من دون التعبد او لا فيكون المقام من قبيل دوران الامر بين
المتباينين فلا بد من الاحتياط انتهى فالمأمور به مقتض لترتب المصلحة ولا يترتب
الابنية القربة.
(٢) وملخص الجواب
انه ليس كما تقدم من الكفاية ج ٢ ص ٢٢٨ نعم انما ينحل اذا كان الاقل ذا مصلحة
ملزمة فان وجوبه ح يكون معلوما له وانما كان الترديد لاحتمال ان يكون الاكثر ذا
مصلحتين او مصلحة اقوى من مصلحة الاقل فالعقل فى مثله وان استقل بالبراءة بلا كلام
إلّا انه خارج عما هو محل النقض والابرام الخ بل هناك مصلحة واحدة قائمة بالجميع
من القيد والمقيد لا قيامها بالذات منفردا وبالمقيد اخرى كما هو اوضح من ان يخفى.
تكفيه المصلحة
الواحدة القائمة بالمجموع بلا احتياج الى مصلحة اخرى لان مصلحة كل مقيد ومركب
قائمة بنفس الذوات التوأمة فى الوجود مع غيره كما شرحناه وبالجملة نقول ان فى
العبادات والتوصليات ليس إلّا مصلحة واحدة غاية الامر فى التوصليات قائمة بالذوات
المطلقة ولذا يكون الارادة القائمة به مطلقا وان لم يكن الخطاب به كذلك لعدم
انفكاكه عن الدعوة كما هو شأن كل امر مولوى بخلافه فى التعبديات حيث ان المصلحة
قائمة بالمقيد المستتبع لتقطيع الارادة بقطعة قائمة بنفس الذات وقطعة اخرى قائمة
بالقيد والعمدة فى التقطيع المزبور عدم امكان اخذ القيد فى حيّز الخطاب كما هو
ظاهر ، وبعد هذا البيان (١) يتضح تقرير (٢) حكم العقل بالاشتغال بان خروج العهدة
عن بقاء الامر فى المقام وكذا من بقاء الامر بالاقل فى باب الاقل والاكثر ليس إلّا
باسقاط امرهما المنوط باتيان ما فى عهدة المأمور من حصة من الذات المهملة التوأم
مع المشكوك على فرض دخله وبديهى انه لا يحصل الجزم به إلّا باتيان المشكوك ، ومن
هنا ظهر بطلان توهم ثالث (٣) من اوضحية التزامه فى المقام عن التزامه فى
______________________________________________________
(١) فى قيام مصلحة
واحدة فى الذات التوأم مع القربة فى التعبديات وفى نفس الذات فى التوصليات ويتبعها
الإرادة المطلقة على الذات فى التوصليات دون التعبديات فيقطع الإرادة على الذات والتوأم
معها.
(٢) فبالوجه الذى
ذكرنا يتضح دليل القائل بالاشتغال وعدم الفرق بين المقام وبين الاقل والاكثر
الارتباطيين لاتحاد الملاك المصحح لجريانه فى المقامين اذ كما ان العلم بالتكليف
المتعلق بالصلاة مثلا مع الشك بدخل قيد الدعوة فى امتثاله يوجب الشك بفراغ الذمة
من ذلك التكليف فيما لو فعل المكلف الصلاة بلا دعوة الامر اليها فلا محاله يلزم
العقل ح بالاحتياط بفعل الصلاة بدعوة الامر اليها كذلك الشأن فيما يحتمل المكلف
دخله فى متعلق التكليف من القيود الاخرى غير دعوة الامر.
(٣) كما عرفت من
صاحب الكفاية فراجع.
الاقل والاكثر اذ
ذلك كلّه مبنى على زعمه السابق من تعدد المصلحة والجعل فى المقام دون الاقل
والاكثر اذ بعد وضوح فساد المبنى يتضح فساد هذا الخبال ايضا ، ويظهر بان مناط
الاشتغال او البراءة فى البابين واحد بلا فرق بينهما ابدا كما بينا (١) وح العمدة
فى المقام دفع الشبهة التوأمية فى البابين فنقول وعليه التكلان (٢) اوّلا ان
المراد من الحصة المستعملة فى لساننا تارة (٣) يراد منه مرتبة
______________________________________________________
(١) ومحصل الجواب
عن الاشتغال على ما افاده المحقق الماتن قدسسره هو ان نقول ان العقل لو كان ناظرا فى حكمه بلزوم امتثال
امر المولى الى امتثال امره الواقعى وتحصيله غرضه فى نفس الامر لكان للدليل
المزبور وجه مقبول ولكن العقل فى حكمه بلزوم امتثال امر المولى لا يكون ناظرا الا
الى التخلص من استحقاق العقاب على مخالفة ذلك التكليف ولا ريب فى ان التكليف لا
يصير بحيث يستحق المكلف العقاب على مخالفته إلّا اذا قامت الحجة عليه عند المكلف
فى نظر العقلاء فالتكليف الذى لم تتم الحجة عليه عند المكلف لا يصير بحيث يكون
المكلف بمخالفته مستحقا للعقاب فى نظر العقلاء وح لا يكون العقل ملزما وحاكما
بلزوم امتثاله ولا شبهة فى كون التكليف الذى قامت الحجة عليه عند المكلف هو التكليف
بالاقل او التكليف بطبيعى الصلاة مثلا لا الاكثر ولا حصة من طبيعى الصلاة فالعقل
يحكم بلزوم امتثال هذا التكليف المعين الذى تمت الحجة عليه وان كان المكلف يحتمل
ان التكليف الذى قامت الحجة عليه هو بعض التكليف الواقعى لان بعضه الآخر الذى لم
تقم الحجة عليه لا يرى العقل لزوم امتثاله.
(٢) وتوضيح الجواب
يتوقف على مقدمه وهى ان الحصة تطلق على ثلاثة معان احدها الحصة من الجنس وهو النوع
ولا شبهة فى انه لا يكون الجنس حصة إلّا بانضمام قيد اليه يكون به نوعا مباينا
للحصة الاخرى كحصة من الحيوان هو الانسان المنضم اليها الناطق المباين بحصة اخرى
المنضم اليها الناهق وهكذا.
(٣) ثانيها الحصة
من النوع كالحصة الموجودة فى الفرد منه ولا شبهة فى ان الحصة المزبورة لا تتكون
بانضمام قيد وخصوصية الى النوع ليكون ذلك القيد داخلا فى قوامها كى تكون مباينة
للحصة الاخرى وعليه فتكون الحصتان من نوع واحد متماثلتين فى جميع ذاتياتهما ولا
فرق بينهما الا بالاضافة الى المشخصات التى
من الطبيعى
المغايرة للمرتبة الاخرى المسماة بحصة اخرى كالحصص الموجودة فى ضمن الافراد للكلى
المتواطى (١) وتارة (٢) يراد مرتبة من الطبيعى معيّنة بنفس ذاته ولكن مقيدة
بالوجدان لغيره قبال هذه المرتبة بعينه المطلقة الشاملة للاعم من الواجد للقيد او
فاقده (٣) ومن المعلوم (٤) ان هذه الحصة لا يكاد يتغير عما عليه من الحدود الذاتية
لها ولا مما به قوام كونها مرتبة من الطبيعى وانما يتغير بفقدان القيد ووجدانه
جهاتها العرضية الخارجة عن ذاتها بخلاف الحصص الموجودة فى ضمن افراد المتواطى
فانها بفقد قيدها ينقلب مرتبة الطبيعى بمرتبة اخرى بلا انحفاظ المرتبة المخصوصة فى
الواجد بالنسبة الى الفاقد (٥)
______________________________________________________
بالاضافة اليها
صار النوع حصصا كالابيضية والاسودية والاحمرية والطولية والقصرية لافراد الانسان.
(١) قال فى شرح
منظومة السبزوارى ص ١٧ ومتواط او مشكك ثبت ـ ان ساوت الافراد او تفاوتت الخ فكل
فرد حصة من الكلى الطبيعى متساوية مع الحصة الاخرى منه.
(٢) ثالثها تحصص
الجزئى الحقيقى بالاضافة الى عوارضه واحواله فكما يكون الجزئى الحقيقى موضوعا لحكم
من الاحكام باعتبار حال من احواله او عارض من عوارضه مثل ان جاءك زيد فأكرمه أى
زيد الجائى يجب اكرامه كذلك يجوز ان يكون بنفسه موضوعا حين اقترانه بالمجيء لا ان
موضوع وجوب الاكرام هو زيد المقيد بالمجيء بل موضوع هذا الحكم هو زيد المقارن
للمجيء فيكون المجيء مشخصا لموضوع الحكم لا مقوما له كما فى الصورة الاولى.
(٣) وهذا فى قبال
زيد المطلق غير المقترن بالقيد وكذا الرقبة المطلقة.
(٤) ثم بين الفرق
بين القسم الثالث والثانى بتغيير الحصة فى الثانى بحسب الافراد دون الثالث فلا
يتغير بحسب الاحوال ككونه ولد فى زمان كذا ومكان كذا وعاش كذا مقدارا وابن فلان
واب فلان وامثال ذلك من المشخصات الخارجية.
(٥) هذه هى
المقدمة.
وحيث اتضح ذلك (١)
نقول مرجع اشتغال الذمة بالحصة التوأمة مع القيد مجيء ذات الحصة بخصوصياته وحدوده
فى الذمة ومرجع اطلاق هذا الذات مجيء نفسه فى الذمة بلا اقترانه بشيء آخر وح فمع
الشك فى دخل القيد فى الغرض يشك بان ما فى العهدة هو نفس الذات فقط او هو مع القيد
والعقل لا يحكم بالفراغ إلّا عما اشتغلت الذمة به يقينا والمفروض عدم التعين بمجيء
العهدة ازيد من هذا الذات (٢) واحتمال توأمية مع غيره (٣) لا يوجب تغييرا فى ذاته
وحدود نفسه (٤) وانما يوجب احتمال مجيء شيء آخر فى عهدته ازيد من هذا الذات وهذا
الاحتمال (٥) لا يكون مورد حكم العقل بالفراغ لعدم تمامية بيانه كما ان
______________________________________________________
(١) وملخص ذلك ان
الحصة التى ندعى انها هى متعلق الامر فى العبادات هى الحصة بالمعنى الثالث ضرورة
ان الركوع المقارن للسجود لا يختلف شخصه عن نفسه فيما لو لم يقارن السجود وعليه
يكون الاقل الذى قامت الحجة عليه متعينا بشخصه فتشتغل الذمة به نفسه لان ارتباطيته
بغيره لو كانت متحققة فى الواقع لا توجب مغايرة لنفسه حيث لا تكون فى الواقع نعم
لو كان الاقل على فرض كونه مرتبطا بجزء او قيد آخر يكون مغايرا حقيقة وماهية للاقل
الذى ليس له ارتباط بشيء آخر لما كان هناك فرق بين الاقل والاكثر الارتباطيين وبين
المتباينين فى مقام امتثال التكليف المعلوم تعلقه باحد الامرين اذ كما ان الاتيان
باحد الامرين المتباينين لا يوجب العلم بامتثال التكليف لاحتمال ان متعلقه غير ما
فعله لفرض ان احدهما مغاير للآخر ذاتا وحقيقة كذلك الاقل والاكثر الارتباطيين على
الفرض المزبور فلا يكون فعل الاقل موجبا للعلم بامتثال التكليف المعلوم لاحتمال ان
يكون المكلف به هو الاقل المرتبط بشيء آخر وعلى فرضه يكون الماتى به غير الاقل
المرتبط ذاتا وحقيقة لا بعضه ليكون الاتيان به موجبا لفراغ الذمة من التكليف
المعلوم ولو انه بعض التكليف فى الواقع.
(٢) وهو المأمور
به فقط.
(٣) وهو داعى
القربة.
(٤) لما عرفت من
الحصة على الوجه الثالث.
(٥) وهو الاكثر.
احتمال عدم سقوط
التكليف المستند باحتمال دخل القيد فى الواجب ايضا لا يكون مما يعتنى به العقل اذ
مرجع عدم سقوط التكليف ح الى ملازمة التكليف بالذات مع التكليف بالقيد الذى ما تم
له البيان ومعلوم ان هذه الملازمة ايضا ليس مورد اهتمام العقل بتحصيله مع الشك به (١)
ولازمه عدم اهتمام العقل بالشك بالسقوط المستند الى الشك بالملازمة المزبورة وانما
همه تحصيل الجزم بالسقوط عما جاء فى عهدة المكلف وهو ليس ازيد من الذات محضا ،
ولئن شئت قلت بان مجرد سقوط التكليف واقعا ليس هم العقل وانما همّه سقوط ما اوجب
التكليف مجيئه فى عهدة المكلف وفى المفروض فى المقام وباب الاقل والاكثر ما اوجب
التكليف الا مجيء الذات والمفروض انه يأتى بحدوده الذاتية كما لا يخفى فالزائد من
القيود المشكوكة ليس إلّا بحث (٢) البراءة الاصلية (٣)
______________________________________________________
(١) فالعقل يحكم
بوجوب الامتثال لما تم عليه البيان لا مطلقا حتى ما لا يتم البيان عليه.
(٢) ولعل الصحيح ـ
تحت ـ البراءة الاصلية.
(٣) وذكر المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ، ص ٢٠٢ بل ولئن تاملت ترى امر جريان البراءة فى المقام
اوضح من جريانها فى الاقل والاكثر اذ دوران الامر فى المقام بعد ان كان بين
التكليف الواحد او التكليفين المستقلين المتلازمين ثبوتا وسقوطا فمن الاول يقطع
تفصيلا بتعلق تكليف مستقل بذات المأمور به وانما الشك فى تعلق التكليف وارادة اخرى
بعنوان دعوة الامر فمن هذه الجهة تجرى البراءة بالنسبة الى التكليف المشكوك من دون
علم اجمالى فى البين وهذا بخلافه فى الاقل والاكثر الارتباطين اذ فيه لا دوران بين
التكليف الواحد او التكليفيين المستقلين ولو متلازمين فى مقام الثبوت والسقوط فمن
هذه الجهة لم يعلم باستقلالية التكليف المعلوم المتعلق بالاقل بل يحتمل فيه
الضمنية ايضا وفى مثله ربما كان المجال للخدشة فى جريان البراءة عن الاكثر من جهة
توهم عدم انحلال العلم الاجمالى وان كان هذه الدعوى ضعيفه ايضا فى نفسها كما
اوضحنا فسادها فى محله انتهى قال المحقق الاصفهانى فى
.................................................................................................
______________________________________________________
النهاية ج ١ ص ١٤٠
نعم استصحاب الوجوب المعلوم الى ان يقطع بانتفائه باتيان جميع ما يحتمل دخله فى
الخروج عن عهدته لا مانع منه وهو يكشف بطريق الإنّ على ان الفرض سنخ غرض لا يفى به
ذات المأمور به وإلّا فبقاء شخص الامر مع اتيان متعلقة بحدوده وقيوده غير معقول
فلا يعقل التعبدية إلّا اذا كشف عن كون علته سنخ غرض لا يفى به المأمور به
والتحقيق ان الاستصحاب لا مجال له هنا لان الغرض منه ان كان التعبد بوجوب قصد
الامتثال شرعا فهو على فرض امكان أصله غير مترتب على بقاء الامر شرعا حتى يكون
التعبد باحدهما تعبدا بالآخر ، وان كان التعبد بدخله فى الغرض فاوضح بطلانا لان
دخله فيه واقعى لا جعلى وان كان التعبد به محققا لموضوع الحكم العقلى باسقاط الغرض
لكشفه عن بقائه ففيه او لا ان إسقاط الغرض المنكشف بحجة شرعيه او عقلية لازم ولذا
لم نحكم بالاشتغال ابتداء فليس الامر بوجوده الواقعى موضوعا لذلك فضلا عن وجوده
التعبدى وثانيا ان ما ذكر من ان التعبد ببقائه كاشف عن اخصية الغرض من المطلوب
انما يسلم فى البقاء الحقيقى لا التعبدى لان الغرض من جعل الحكم المماثل بقاء شيء
آخر لا ذلك الغرض الواقعى واحتماله لا يجدى شيئا انتهى وربما يقال بجريان اصالة
عدم دخل هذا القيد ـ ويورد عليه بانه لا تثبت ان المأمور به بقية الاجزاء ليترتب
عليه الاجزاء والامتثال ـ وفيه بعد تمامية البيان للاقل وانبساط الامر على الاجزاء
وهو الاقل فرفع الجزء اثره هو صحة العمل بنظر العرف لكون الواسطة خفية هذا لو امكن
اخذ قصد الدعوة فى المأمور به وان لم يكن وكان قيدا تكوينيا فجميع الاجزاء
والشرائط تكوينى لحصول الغرض فيرفع ادلة البراءة الاحتياط بالامتنان ويتم مصلحة
العمل ولو اقتضى الاصل العقلى الاشتغال فتكون النتيجة الاصل الشرعى البراءة لعموم
دليل الرفع ولو انه تقدم ان الاصل العقلى والشرعى هو البراءة على ما مر مفصلا. بقى
شيء تعرض له المحقق النائينى فى الاجود ج ١ ص ٩٧ وغيره من اساتذتنا ونقتفى آثارهم
قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٤٥ تتميم هل اطلاق الخطاب يقتضى صدور الفعل من
المأمور مباشرة او يقتضى الاعم من المباشرة والتسبيب او لا يقتضى شيئا من ذلك ،
وايضا هل يقتضى اطلاقه صدور الفعل عن اختيار او لا يقتضى ذلك ، ايضا هل يقتضى
اطلاقه كون الفعل المأمور به غير محرم حين صدوره من الفاعل او لا يقضى ذلك وتوضيح
جميع ذلك يتم فى
.................................................................................................
______________________________________________________
ثلاثة مواضع ، اما
الموضع الاول فالتحقيق يقضى ان اطلاق الخطاب يقتضى صدور الفعل من المكلف مباشرة
وعليه لا يكفى صدور الفعل بالتسبيب او الاستنابة به فضلا عن صدوره من غيره بلا
تسبيب او استنابه وبيان ذلك يتوقف على تمهيد مقدمة وهى ان التخيير مطلقا ـ اى سواء
كان شرعيا او عقليا ـ بين فعلين او افعال لا بد ان يكون بلحاظ الجامع بين الفعلين
او الافعال الذى يحصل به غرض المكلف فلا محالة تكون خصوصيات الافعال المخير بينها
خارجة عن حيز الارادة ومباديها من المصلحة والحب ونحوهما وعليه يكون كل فعل من
الفعلين او الافعال المخير بينها مخاطبا ومأمورا به حين عدم الآخر لا مقيدا او
مشروطا بعدمه ليلزم الدور ولا مطلقا ليلزم كون الوجوب فى كل منهما تعينيا وان شئت
فعبر عن الوجوب المزبور بالارادة الناقصة اعنى بها ارادة الفعل فى جميع احوال
الامكان الا فى حال الاتيان بالفعل المعادل له ، هذا كله فى ما لو كان كل من
الفعلين او الافعال مقدورا للمكلف واما اذا خرج احدهما عن قدرته وبقى احدهما
مقدورا له او كان كذلك حين جعل الحكم فالمشهور انه يصير المقدور منهما واجبا
تعيينيا لانحصار الخطاب فيه ، ولكن التحقيق يقضى ببقاء ذلك الفعل المقدور على وجوبه
التخييرى كما كان عليه قبل امتناع عدله فيما لو كان كل منهما مقدورا حين الخطاب او
كما لو كان كل منهما مقدورا حين الخطاب فيما لو كان احدهما ممتنعا حين جعل الحكم
وذلك لان الوجوب عبارة عن الارادة التشريعية التى اظهرها الشارع بما يدل عليها
للمكلف ولا ريب فى ان الارادة تتبع فى مقام تعلقها بالمراد المصلحة القائمة فيه
ولا شبهة. ايضا فى ان المصلحة الداعية الى ايجابه تخييرا حين القدرة على كلا
الفعلين لا تتغير عما هى عليه حين امتناع احدهما واذا كانت لم تتغير عما هى عليه
من الخصوصية المقتضية للوجوب التخييرى لا يعقل ان يكون مقتضاها حين امتناع احد
الفعلين هو الوجوب التعيينى اذ هو سنخ آخر من الوجوب لا ينشا إلّا عن مصلحة اخرى
تسانخه ، ومما ذكرنا فى بيان ملاك الوجوب التخييرى يتضح لك السر في بعض الواجبات
التوصلية بل التعبدية التى يسقط وجوبها عن المكلف بفعل غيره كتطهير ثوب المكلف
بالصلاة والقضاء عن الميت على القول بصحة عمل المتبرع فانه عليه يسقط وجوب القضاء
عن الولى كما يسقط وجوب تطهير الثوب عن المكلف بالصلاة وذلك لان ملاك هذا النحو من
الوجوب هو حصول الغرض بوجود الفعل فى
.................................................................................................
______________________________________________________
الخارج بلا دخل
لخصوصية فاعله فيه غاية الامر ان المورد اقتضى توجيه الخطاب الى مكلف خاص كما يظهر
ذلك من المثالين المزبورين وعليه يكون فعل غير المكلف كفعله فى تحصيل الغرض الداعى
الى وجوب ذلك الفعل على المكلف به فكما ان ملاك الوجوب التخييرى هو حصول الغرض بكل
من فعلى المكلف او افعاله المقتضى ذلك لتخييره شرعا او عقلا بينهما كذلك يكون ملاك
الوجوب الذى يسقط عن المكلف بفعل غيره توصليا كان ام تعبديا كما اشرنا اليه وبما
ان فعل غير المكلف خارج عن قدرة المكلف واختياره لا يصح ان يخاطب به بنحو التخيير
بين فعله وفعل غيره ولكن لما كان المكلف يعلم ان هذا التكليف يسقط عنه بفعل غيره
يخيره العقل بين ان يفعله هو بنفسه وبين ان يتسبب الى فعل غيره فان فعله سقط عن
المكلف التكليف وإلّا بقى مخاطبا به لان الخطاب بمثل هذا الفعل متوجه الى المكلف
فى حين عدم فعل غيره اياه كما هو الشأن فى الواجب التخييرى حيث علمت ان الخطاب بكل
من الفعلين او الافعال متوجه الى المكلف حين عدم الآخر ومن هذا البيان ظهر ان خطاب
المكلف بالفعل الذى يسقط وجوبه عنه بفعل غيره لا يكون مشروطا بعدم فعل الغير كما
توهم بل هو خطاب توجه اليه فى حين عدم فعل الغير كما هو شأن الواجب التخييرى كما
اشرنا اليه كما ظهر ان الخطاب فى مثل هذا الواجب لم يتعلق بالجامع بين فعل المكلف
وفعل غيره كما يتعلق به فى الواجب التخييرى وذلك لخروج فعل الغير عن قدرته
واختياره كما ظهر ايضا ان الخطاب لم يتعلق به بنحو التخيير بينه وبين التسبيب الى
فعل غيره لان الجامع الذى يحصل به الغرض ليس مشتركا بين فعل المكلف وبين التسبيب
الى فعل غيره ـ اى الجامع بينه وبين الاستنابة لان لازمه السقوط بمجرد الاستنابة ـ
بل بين فعل المكلف وبين نفس فعل الغير كما لا يخفى وانما العقل يرشد المكلف الى ما
يسقط به التكليف عنه وهو فعل الغير فيتسبب اليه بما يراه سببا لصدور الفعل من الغير
ومما ذكرنا اتضح لك ما فى كلام بعض الاعاظم (قده) فى المقام من الوهن كما هو محرر
فى تقريراته الخ. قال المحقق النائينى فى الاجود ج ١ ص ٩٨ فيكون العمل الواجب على
الولى فيه ثلث جهات الاولى الوجوب التعيينى من جهة المادة وهو نفس الصلاة مثلا مع
قطع النظر عن مصدرها بمعنى ان المولى يريد اصل وجود الصلاة فى الخارج ولا تسقط
بمجرد الاستنابة ـ الثانية التخيير من جهة المصدر بمعنى ان الولى
.................................................................................................
______________________________________________________
مخير بين اصدارها
بالمباشرة واصدارها بالاستنابة الثالثة الوجوب المشروط بعدم فعل الغير فاذا شك فى
واجب انه يسقط بفعل الغير مع الاستنابة ام لا فمرجعه الى الشك فى الوجوب التخييرى
من جهة المصدر ومن الواضح ان نفس توجه الخطاب الى المكلف من دون تقييد يرفع الشك
من هذه الجهة ويجعله ظاهرا فى الوجوب التعيينى وهذا الظهور اقوى من ظهور الصيغة فى
التعيين من جهة المادة الى آخر كلامه فعل اى قال فى البدائع المحقق العراقى ص ٢٤٧
اذا عرفت هذه المقدمة تعرف ان اطلاق الخطاب يقتضى كون الوجوب مطلقا فى جميع
الاحوال والازمان والامكان لا انه قضية حينية اى انه ثابت فى حين دون حين وحال دون
حال ونتيجة ذلك هو عدم سقوط الوجوب عن المكلف وعدم حصول الغرض بفعل غيره ، ان قلت
ان مقتضى اطلاق المادة قيام المصلحة والغرض بها وان صدرت من الغير ـ اى الاعم من
المباشرة والتسبيب ـ ولا يتوهم تقييده بتقيد اطلاق الهيئة بخصوص الصادر من المأمور
لخروج فعل الغير عن قدرته لان ذلك بسبب حكم العقل الغير الموجب لانقلاب اطلاقها
الا من جهة الحجية لا فى اصل الظهور حتى يسرى الى المادة قلت الامر كما ذكر ان
فرضنا التمسك بحكم العقل فى اختصاص الهيئة ولكن نحن نعتمد على ظاهر توجيه الخطاب
والطلب المقتضى لحصره فى فعل المأمور فيمنع عن تمامية اطلاق المادة بحيث يستكشف
قيام المصلحة حتى فيما صدر عن الغير لكى يزاحم مع اطلاق الهيئة فى مطلوبية فعل
المأمور وان صدر من الغير هذا مقتضى الاطلاق ، ومع عدمه فمقتضى الاصل العملى هى
البراءة عن التكليف بالفعل المزبور حين صدوره من الغير ولو قلنا بالاحتياط فى مقام
دوران الأمر بين التعيين والتخيير وذلك لان منشأ القول بالاحتياط فى مقام الدوران
المزبور هو وجود العلم الاجمالى باشتغال ذمة المكلف اما بوجوب صلاة الظهر يوم
الجمعة مثلا مطلقا اى ولو مع صلاة الجمعة واما بوجوب الجمعة فى حال ترك الظهر
ونتيجة هذا العلم هو الاحتياط بفعل ما يحصل به اليقين بفراغ الذمة من التكليف
المعلوم وهى صلاة الظهر وهذا العلم الاجمالى غير موجود فى محل الكلام لانه يعلم
تفصيلا بانه مخاطب بهذا الفعل لخروج فعل غيره عن قدرته واختياره فلا يكون عدلا
لفعله فى مقام التكليف ليحتمل كونه مكلفا تخييرا باحد الامرين وبما ان المكلف يعلم
انه مخاطب بالفعل المزبور فى حال ترك غيره له ويشك بوجوبه عليه فى
.................................................................................................
______________________________________________________
حال اتيان الغير
به ـ اى يكون الشك فى اصل جعل التكليف فى ظرف اتيان الغير به للاقل والاكثر
الارتباطى ـ يصح له الرجوع الى البراءة فى مقام الشك المذكور ولا مجال لجريان
اصالة الاشتغال بتوهم ان اشتغال الذمة بالتكليف متيقن وانما يشك بسقوطه بفعل الغير
والاصل يقتضى عدم كونه مسقطا وذلك لانه يكون هو بنفسه مجرى لاصالة البراءة فيكون
هذا الاصل حاكما على اصل عدم كونه فعل الغير مسقطا ومن ذلك يظهر لك الجواب عن توهم
بعض الاعاظم الخ قال المحقق النائينى فى الفوائد ج ١ ، ص ١٤٢ فمقتضى الاصل يختلف باختلاف
جهتى الشك اما من جهة الشك فى التعيين والتخيير فالاصل يقتضى الاشتغال وعدم السقوط
بالاستنابة على ما هو الاقوى عندنا من ان الاصل هو الاشتغال فى دوران الامر بين
التعيين والتخيير ، واما من جهة الشك فى الاطلاق والاشتراط ـ الشك فى المقام راجع
الى مرحلة البقاء وسقوط التكليف بفعل الغير لا فى مرحلة الجعل والثبوت ومقتضى
الاستصحاب هو بقاء التكليف وعدم سقوطه بفعل الغير الخ ـ وفيه قال المحقق العراقى ص
٢٤٨ وذلك لما قد بينا ان الشك فى المقام يكون فى طور التكليف هل هو تام او ناقص
ومعه لا مجال للاستصحاب اذ ما هو مقطوع من الاول هو وجوب الاتيان فى ظرف عدم صدور
الفعل من غيره واما لزوم الاتيان فى ظرف صدوره من الغير يكون مشكوكا من الاول فلا
تتم فيه اركان الاستصحاب وح يصح ان يرجع فيه الى البراءة ولا مجال للاشتغال ومن
هنا يتضح انه لا مجال لتوهم جريان الاستصحاب فى القدر الجامع بين الوجوب التام
والناقص لحكومة البراءة عليه كما هو الشأن فى جميع موارد الشك فى الاقل والاكثر
والوجه فى ذلك انه لو علم بتقييد الواجب بكونه فى ظرف عدم اتيان الغير اى النائب
او المتبرع يعلم بعدم البقاء ولو علم بعدم التقييد يعلم بالبقاء والتعبير بالتقييد
مسامحة فالشك فى البقاء الذى هو موضوع هذا الاستصحاب مسبب عن الشك فى التقييد فاذا
ارتفع التقييد بالبراءة تعبدا يرتفع موضوع هذا الاستصحاب تعبدا وهذا معنى الحكومة
ـ وذكر استاذنا الخويى فى المحاضرات ج ٢ ص ١٤٥ فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين
هى ان الشك فى اطلاق التكليف واشتراطه قد يكون مع عدم احراز فعلية التكليف وذلك
كما اذا لم يكن ما يحتمل شرطيته متحققا من الاول ففى مثل ذلك يرجع الشك فيه الى
الشك فى اصل توجه التكليف كما اذا احتمل اختصاص وجوب ازالة
.................................................................................................
______________________________________________________
النجاسة عن المسجد
مثلا بالرجل دون المرأة فيشك فى اصل توجه التكليف وهو مورد لاصالة البراءة وقد
يكون مع احراز فعلية التكليف وذلك كما اذا كان ما يحتمل شرطيته متحققا من الابتداء
ثم ارتفع وزال ولاجله شك المكلف فى بقاء التكليف الفعلى وارتفاعه ومن الواضح انه
مورد لقاعدة الاشتغال دون البراءة ومقامنا من هذا القبيل فان الولى مثلا يعلم
باشتغال ذمته بتكليف الميت ابتداء ولكنه شاك فى سقوطه عن ذمته بفعل غيره المرجع فى
ذلك الاشتغال الخ وفيه او لا ليس المقام من قبيل الاطلاق والاشتراط لعدم الامكان
بل المراد حالة دون حالة وثانيا ان التكليف انحلالى فاصل ثبوت تكليف الولى عند
اتيان الغير غير معلوم ومشكوك من الاول والمرجع فيه البراءة والمعلوم هو تكليفه
عند عدم قيام الغير به وليس هذا من الاقل والاكثر الاستقلالى ولا الارتباطى وله
حكم الارتباطى كما لا يخفى. اما مصاديق ما يعتبر المباشرة كثيرة كالصلاة اليومية
الأدائية والصوم الواجب فى شهر رمضان الادائى والحج على المستطيع ونحو ذلك والاعم
من المباشرة ايضا كذلك كتطهير الثوب فى التوصليات والقضاء عن الميت تبرعا او نيابة
بالإجازة عن الولى وكالزكاة يعتبر فيها القربة ويحصل بالاستنابة بفعل الغير
والصلاة على الميت باذن الولى فان ملاك هذا النحو من الوجوب هو حصول الغرض بوجود
الفعل فى الخارج بلا دخل لخصوصيته فاعله فيه ومن ذلك الحج لو لم يقدر على ذلك
فيبعث حاجا كما ذكر فى محله وكتحنيط الميت مقتضى اطلاق خطابه المتوجه الى البالغين
هو عدم سقوطه بفعل غيرهم وان كانوا مميزين ، قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٤٨
الموضع الثانى فى ان اطلاق الخطاب هل يقتضى صدور الفعل عن اختيار او لا يقتضى ذلك
وغاية ما يمكن ان يقال هو ان التكليف لما كان مشروطا بالقدرة والاختيار عقلا امتنع
الاطلاق فى كل من الهيئة والمادة اما الهيئة فلان مفادها على الفرض مشروط
بالاختيار عقلا واما المادة فلسراية تقييد الهيئة اليها ومعه لم يبق مجال لتوهم
الاطلاق فضلا عن صحة التمسك به الخ فالصحيح الاستدلال كذلك لا كما افاده استادنا
الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ١٤٦ ربما قيل بالوجه الاول بدعوى ان الفعل عند الاطلاق
ينصرف الى حصة خاصه وهى الحصة المقدورة فالسقوط بغيرها يحتاج الى ذليل وإلّا
فالاطلاق يقتضى عدمه ولكن هذه الدعوى خاطئة ذلك ان منشأ هذا الانصراف لا يخلو من
ان يكون
.................................................................................................
______________________________________________________
مواد الافعال او
هيئاتها اما المواد موضوعة للطبيعة المهملة العارية عن كافة الخصوصيات وهى مشتركه
بين الحصص الاختيارية وغيرها واما الهيئات موضوعة لمعنى جامع بين المواد بشتى
اشكالها فالنتيجة انه لا اساس لاخذ الاختيار فى الافعال مادة وهيئة الخ وفيه ان
المستدل لم يرد الانصراف بل حكم العقل إلّا ان يكون وجها آخر كما فى الاجود ج ١ ص
١٠٠ انه قد يدعى ان مادة الافعال منصرف الى خصوص ما اذا صدرت عن ارادة واختيار كما
قد يقال بان هيئتها منصرفه الى ذلك والحق عدم صحة كلتا الدعوتين الخ وعلى اى اجاب
عن الاستدلال المحقق العراقى ص ٢٤٨ بقوله إلّا انه يمكن النظر فى ذلك بما اشرنا
اليه فيما سبق من انه قد تكون للكلام دلالات وظهورات متعددة فاذا سقط بعضها عن
الحجية فلا موجب لسقوط الآخر بل القاعدة تقضى ببقائه على الحجة وما نحن فيه من هذا
القبيل فان اطلاق الهيئة ببعض ظهوره وان كان مقيدا عقلا بالاختيار فظهورها فى
الاطلاق وان سقط عن الحجية للقرينة العقلية إلّا ان ظهورها فى كون المادة ذا مصلحة
ملزمة لا موجب لسقوطه عن الحجية وعليه يكشف اطلاقها عن اطلاق المصلحة القائمة فيها
ولكن قد يستشكل فى ذلك بان اطلاق المادة وان كان يقضى بحصول الغرض من الامر وان
صدرت من المكلف بلا اختيار ولازم ذلك سقوط التكليف حين صدورها من المكلف بلا
اختيار لحصول الغرض الداعى اليه ولكن ذلك ينافى مقتضى اطلاق الهيئة اذ بعد تقييد
الهيئة بالقدرة ولو بحكم العقل يكون مفادها لزوم الاتيان بالمادة فى حال الاختيار
ومقتضى اطلاقها لزوم الاتيان بالمادة فى حال الاختيار وان صدرت من المكلف فى حال
بلا اختيار وعليه يقع التهافت بين اطلاقى الكلام الواحد ، ويمكن الجواب عن ذلك بان
الخطاب مع قطع النظر عن تقييده عقلا بحال الاختيار مطلق بالاضافة الى حالتى
الاختيار والاضطرار وبعد تقييده عقلا بحال الاختيار يسقط ظهوره فى الاطلاق المزبور
عن الحجية ولكن لا ينعقد للمقيد ظهور فى الاطلاق الاحوالى بالاضافة الى الاتيان
ببعض افراد غير المقيد كما هو الشأن فى التقييد بالمنفصل فان التقييد بالمنفصل لا
يوجب إلّا سقوط ظهور المطلق فى الاطلاق عن الحجية لا ينعقد معه ظهور للمقيد فى
التقييد بخلاف التقييد بالمتصل فانه ينعقد معه للمقيد ظهور فى الاطلاق الاحوالى
بالاضافة الى الاتيان بغير افراده وعدمه وبما ان التقييد بحال الاختيار فى المقام
انما
.................................................................................................
______________________________________________________
حصل بدليل منفصل
وهو دليل العقل لم ينعقد للمقيد المزبور ظهور فى الاطلاق بالاضافة الى الاتيان
بالفرد الاضطرارى ومن هنا يظهر الجواب عن اشكال آخر وهو ان مدلول الهيئة محصور
بصورة الاختيار لان الداعى اليه هو البعث واحداث الداعى فى نفس المأمور وذلك يختص
بصورة صدور الفعل عن اختيار المأمور فيزاحم ح مقتضى اطلاق المادة بل يمنع عن
استفادة الاطلاق فى ناحية المادة الخ والجواب عنه ان حكم العقل لا يوجب تعنون
العام بعدمه كما مر وسيأتى ومما ذكرنا ظهر الجواب عن الوجه الآخر الآتي الآن ايضا
من كون القدرة مأخوذة شرعا فى الخطاب وقال المحقق النائينى فى الفوائد ج ١ ص ١٤٣
وجها آخر قال ان نفس الامر يقتضى اعتبار الارادة والاختيار مع قطع النظر عن الحكم
العقلى وذلك لان الامر الشرعى انما هو توجيه ارادة العبد نحو المطلوب وتحريك
عضلاته فالامر هو بنفسه يقتضى اعتبار الارادة والاختيار ولا يمكن ان يتعلق بالاعم
لانه بعث للارادة وتحريك لها وح لو قام دليل على سقوط التكليف عند فعل متعلقه بلا
ارادة واختيار كان ذلك من قبيل سقوط التكليف بفعل الغير وهو يرجع الى تقييد
الموضوع واطلاق الخطاب عند الشك يدفع التقييد المزبور فالاصل اللفظى يقتضى عدم
السقوط عند عدم الارادة والاختيار وكذا الحال فى الاصل العملى على حذو ما تقدم عند
الشك فى سقوطه بفعل الغير الخ قال فى البدائع المحقق العراقى ص ٢٥٠ وملخص الجواب ـ
عن الاشكال ـ ان اختصاص الهيئة بما ذكر بحكم العقل الذى هو من التقييد المنفصل فلا
ينافى ظهور الهيئة فى تحقق مبادى الطلب من الارادة والمصلحة مطلقا وان قيدت حجية
الهيئة فى فعلية الارادة بصورة صدور الفعل عن اختيار وعليه يبقى ظهور المادة فى
الاطلاق بلا معارض فيصح الاخذ به ويكون دليلا على سقوط التكليف حين الاتيان بالفرد
الاضطرارى ـ وملخص الجواب عن المحقق النائينى ـ ان الخطاب مطلق بالاضافة الى الفعل
الاختيارى والاضطرارى وتقييده بالدليل المنفصل العقلى لا يوجب إلّا سقوط ظهوره فى
الاطلاق عن الحجية ولا ينعقد معه للمقيد المزبور ظهور فى الاطلاق الاحوالى
بالاضافة الى الاتيان بالفرد الاضطرارى وعدمه ليجعل دليلا على وجوب الاتيان بالفعل
الاختيارى بعد الاتيان بالفرد الاضطرارى وعدمه ليجعل دليلا على وجوب الاتيان
بالفعل الاختيارى بعد الاتيان بالفرد الاضطرارى هذا كله فيما لو كان
.................................................................................................
______________________________________________________
هناك اطلاق الخ
فعليه لم يقيد الهيئة كما توهم حتى يقيد ويضيق به المادة ايضا وانما يسقط حجيته
ومن هنا اتضح ما اجاب استادنا الخوئى عن المحقق النائينى فى المحاضرات ج ٢ ص ١٤٩
ان اعتبار القدرة ليس إلّا من ناحية ان التكليف بغير المقدور لغو وان ذلك لا يقتضى
إلّا استحالة تعلق التكليف بغير المقدور خاصه واما تعلقه بخصوص الحصة المقدورة فحسب
فلا ضرورة ان غاية ما يقتضى ذلك كون متعلقه مقدورا ومن المعلوم ان الجامع بين
المقدور وغيره مقدور فلا مانع من تعلقه به ولا يقاس هذه المسألة بالمسألة الاولى
حيث قلنا فى تلك المسألة بعدم امكان تعلق التكليف بالجامع بين فعل المكلف نفسه
وبين فعل غيره بداهة انه لا معنى لاعتبار فعل غير المكلف فى ذمته بخلاف مسألتنا
فان اعتبار فعل المكلف على ذمته الجامع بين المقدورة وغيرها بمكان ـ وان كان هناك
اطلاق كشف ذلك عن ان الواجب هو الجامع دون خصوص حصة خاصة الخ وفيه انه مصادره
بالمطلوب وان التكليف بالجامع بين المقدور وغير المقدور لغو كالتكليف بغير المقدور
فقط ولا يصدر من الحكيم على ما افاده المحقق النائينى وهو مدعى امكانه فالامر لا
ينبعث الى غير المقدور لكن المصلحة لا مانع من ان يكون اعم فى المادة فيصح ح فلا
قصور فى المصلحة ولاجله يجتزى بما صدر منه بغير اختياره على الطريقة التى تقدمت ثم
ذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٥٠. واما اذا لم يكن فى المقام اطلاق فالمرجع
عند الشك فى بقاء التكليف بعد الاتيان بالفرد الاضطرارى هى البراءة لرجوع الشك ح
الى الشك فى الاقل والاكثر الاستقلاليين ولا شبهة فى ان المرجع فى الشك المزبور هى
البراءة ومعه لا مجال للرجوع الى استصحاب التكليف لحكومة اصالة البراءة عليه الخ
لكونه من الاصل السببى والمسببى ومصاديق كفاية غير الاختيار كغسل الثوب ولو بان
يطير ذلك بالريح العالى الى الماء وغسله فيصح غسله ويطهر وكذا لو اخذ او ربط يدى
الصائم ورجليه واهرق الماء فى فمه فلا يكون مفطرا لاعتبار القصد فيه وكذا السفر
فيعتبر فيه الارادة والاختيار فلو اكره على السفر ويكون عن قصد ولو بوعيد من
الظالم يجب القصر دون من سد عينه وشد رجليه ويديه ولا يعلم اين يذهب به او التابع
الذى لا يعلم قصد متبوعه المسافة لا يجب عليه القصر بل لا يشرع هذا فى التكليفيات
وكذا الوضعيات فالضمان يكون للشيء بالاتلاف سواء كان بالاختيار او فى
.................................................................................................
______________________________________________________
حال الغفلة او
الاضطرار كالنجاسة فلو كان نائما فضرب برجله لشيء وكسره او القى نفسه من شاهق ووقع
على شخص ومات ذلك الشخص فعليه الديه والعوض من المثل او القيمة فى ضمان الاعيان
والعهدة تكون لها عرض عريض يمكن ان تكون معتبره ومشغولة فى جميع الاحوال قال
المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٥٠ الموضع الثالث فى ان اطلاق الخطاب هل يقتضى كفاية
الامتثال بالفرد المحرم او لا يقتضى ذلك والتحقيق يقضى بالاول مطلقا سواء كان بين
متعلق الامر ومتعلق النهى عموم من وجه ـ اى كالصلاة فى الارض المغصوبة ـ ام عموم
مطلق اى كغسل الثوب بالماء المغصوب والنهى عن العبادة كصلاة الحائض واتيان الصلاة
فى ظرف عصيان الاهم وهو الازالة وسواء قلنا بجواز الاجتماع ام بامتناعه وذلك لان
اطلاق الخطاب يكشف عن وجود المصلحة الملزمة فى متعلقه مطلقا ولو كان بعض افراده
محرما غاية الامر ان ملاك النهى لغلبته على ملاك الامر يوجب فعلية النهى عن الفرد
الذى اجتمعا فيه وتنتفى فعلية الامر وذلك لا يستلزم انتفاء ملاك الامر ومعه يحصل
بالفرد المحرم الغرض الداعى الى اصل الخطاب فيسقط بانتفاء الموضوع لا بالامتثال
وعند عدم الاطلاق يكون المرجع حين الشك البراءة كما تقدم فى الموضع الثانى ومما
ذكرنا فى هذا الموضع يظهر لك فى كلام بعض الاعاظم من النظر وقد اشرنا اليه فيما
سبق الخ. ذكر المحقق النائينى فى الاجود ج ١ ص ١٠٢ فان كان من قبيل الاول ـ اى
نسبة الاخص الى الاعم ـ فلا اشكال فى انه يضيق دائرة الواجب ويخصصه بغير الفرد
المحرم كما اذا قال اغسل ثوبك ولا تغسل بالماء المغصوب وان كان من قبيل الثانى ـ اى
نسبة العموم من وجه فحيث ان الماتى به فى ضمن الفرد المحرم لا يكون متصفا بالحسن
الفعلى لفرض وقوعه مبغوضا عليه فلا محاله لا يكون مأمورا به وان قلنا بجواز اجتماع
الامر والنهى لتعدد متعلق الامر والنهى إلّا ان الماتى به فى ضمن الفرد المحرم حيث
انه فاقد للحسن الفاعلى وهو من شرائط كون الشى مأمورا به فلا محاله لا يكون مامورا
به فاذا قام الدليل على سقوط التكليف به فهو يكشف عن تحقق المصلحة او عن ارتفاع
الموضوع فلا محاله يكون التكليف مشروطا بعدمه كما فى ازالة النجاسة بالماء المغصوب
حيث انه لا نجاسة بعد الغسل به حتى يؤمر بغسلها فاذا شككنا فى الاشتراط وعدمه
فالمرجع هو اصالة الاطلاق ان كان وإلّا فالاستصحاب
.................................................................................................
______________________________________________________
الخ ـ وفيه اولا
اما الاستصحاب فقد تقدم الكلام فيه فلا نعيد ـ وثانيا قال استادنا الخوئى فى هامش
الاجود ج ١ ص ١٠١ انه لا موجب لاعتبار الحسن الفاعلى فى اتصاف الفعل الخارجى بكونه
مصداقا للواجب بعد ما كان الوجوب ناشئا عن الملاك القائم بالفعل ومن حسنه فى نفسه
على ان لازم ذلك ان لا يتصف الفعل الخارجى اذا لم يؤت به بداعى التقرب بكونه مصداق
الواجب ولو كان الوجوب توصليا ضرورة ان مجرد صدور الفعل عن الاختيار لا يكفى فى
اتصافه بالحسن الفاعلى مع انه واضح البطلان نعم يعتبر فى الاتصاف المزبور ان لا
يتصف الفعل بالقبح الفاعلى لكنه اجنبى عما نحن بصدده الخ كما لو كان عن استهزاء
وسخرية ونحوهما وذكر فى المحاضرات ج ٢ ص ١٥٢ فى كون الماتى به فى الخارج مصداقا
للحرام حقيقتا كعسل الثوب المتجنس بالماء المغصوب او نحوه فتارة نعلم بان الاتيان
بالواجب فى ضمن فرد محرم مسقط له وسقوطه من ناحية سقوط موضوعه كازالة النجاسة عن
المسجد ومرده الى حصول غرضه لا ان الواجب هو الجامع وتارة اخرى نشك فى انه يسقط
لوجئ به فى ضمن فرد محرم اولا وذلك كغسل الميت فلو غسل بالماء المغصوب وشككنا فى
سقوط التكليف مقتضى اطلاق الواجب عدم السقوط بداهة ان الفرد المحرم لا يعقل ان
يكون مصداقا للواجب لاستحالة انطباق ما هو محبوب للمولى على ما هو مبغوض له فعدم
السقوط من هذه الناحية لا من ناحية استحالة اجتماع الامر والنهى فى شيء واحد
فبطبيعة الحال يتقيد الواجب بغيره فلا محاله يرجع الى الشك فى الاطلاق والاشتراط
بمعنى ان وجوبه مطلق فلا يسقط عن ذمته باتيانه فى ضمن فرد محرم او مشروط بعدم
اتيانه فى ضمنه ومقتضى الاطلاق عدم الاشتراط ان كان وإلّا فالمرجع اصالة البراءة
الخ والذى يرد عليه ان العام لا يعنون بعنوان الخاص بل هو يوجب مقراض بعض الافراد
وهم غير العدول عن تحت الحكم وبقية الافراد تحت الحكم لا تحتاج الى اثبات عنوان
العدالة بل شمول الحكم لها طبيعى فلا يتقيد الواجب بغيره بل يكون كموت بعض الافراد
فلا يكون من دوران الامر بين الاطلاق والاشتراط والصحيح ما ذكرنا.
في اطلاق الصيغة النفسية والعينية والتعينية
نموذج الرابع ـ قال
فى الكفاية ج ١ ص ١١٦ قضية اطلاق الصيغة ـ يعنى اذا
.................................................................................................
______________________________________________________
شك فى وجوب شيء من
حيث انه نفسى او غيرى او تعيينى او تخييرى او عينى او كفائى ـ كون الوجوب نفسيا ـ اى
لا غيريا ـ تعيينيا ـ اى لا تخييريا ـ عينيا ـ اى لا كفائيا ـ لكون كل واحد مما
يقابلها يكون فيه تقييد الوجوب وتضييق دائرته ـ اى معنى كونه غيريا انه منوط بوجوب
شيء آخر كما ان معنى كونه تخييريا انه منوط بعدم فعل شيء آخر ومعنى كونه كفائيا
انه منوط بعدم فعل مكلف آخر وهذه الاناطة تقييد فى الوجوب ينفيه اطلاق دليله ـ فاذا
كان فى مقام البيان ولم ينصب قرينة عليه فالحكمة تقتضى كونه مطلقا وجب هناك شيء
آخر او لا اتى بشيء آخر او لا اتى به آخر او لا كما هو واضح لا يخفى الخ فيرجع الى
قيد زائد انه غيرى او يسقط ولو باتيان شخص او باتيان مصداق آخر وحيث كان المولى فى
مقام البيان ولم يبين فالاصل عدم وجود هذا القيد هذا هو الوجه الاول للاطلاق لكن
ربما يناقش ان المولى اذا قال يجب على زيد ان يقوم فظاهر الهيئة الكلامية دخل كل
من خصوصيتى القيام وزيد فى موضوع الوجوب على نحو لا يكفى القعود عن القيام ولا
عمرو عن زيد فيكون الوجوب تعيينيا عينيا ولا يتوقف على مقدمات الاطلاق ، واما كون
الوجوب نفسيا ناشئا عن مصلحة فى متعلقه او غيريا ناشئا عن مصلحة فى غيره فلا دلالة
للكلام ولا لمقدمات الحكمة على احدهما نعم اطلاق البعث نحو الشى يكون حجة عند
العقلاء على وجوبه واحتمال عدم ارادته لعدم القدرة على ما يحتمل كونه واجبا لاجله
لا يصلح عذرا فى نظر العقلاء ولعل هذا هو المراد بالاطلاق لكن فى اسناده الى
الصيغة تامل ، هذا مضافا لى انه يمكن ان يقال اما اولا بان الفاظ موضوعة مهملة
وقابلة للاطلاق والتقييد ومقدمات الحكمة لا تثبت الاطلاق بل تنفى القيد واثباته
يحتاج الى دليل على حدة ، وثانيا ليس الوجوب النفسى والغيرى من صنف واحد حتى يقال
ان الوجوب النفسى مطلق بالنسبة اليه بل الوجوب الغيرى هو الوجوب الناشى عن وجوب
آخر غير مربوط بما دل عليه الخطاب فعلا ، وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص
١٤١ فى وجه ذلك ان النفسية ليست إلّا عدم كون الوجوب للغير وكذا البواقى وعدم
القرينة على القيود الوجودية دليل على عدمها وإلّا لزم نقض الغرض لا ان النفسية
والغيرية قيدان وجوديان واحدهما وهو الاطلاق من حيث وجوب شىء آخر مثلا كانه ليس
تقييد بل احد القيدين عدمى ويكفى فيه عدم نصب القرينة على الوجودى المقابل له
فمقتضى
.................................................................................................
______________________________________________________
الحكمة تعيين
المقيد بالقيد العدمى لا المطلق من حيث وجوب شىء آخر كما هو ظاهر المتن اذ المفروض
اثبات الوجوب النفسى وهو الوجوب لا لغيره لا الوجوب المطلق الذى وجب هناك شىء آخر
اولا اذ ليس الوجوب الغيرى مجرد وجوب شىء مع كون الشىء الآخر واجبا مقارنا معه بل
الوجوب المنبعث عن وجوب آخر ومن الواضح ان اطلاق الوجوب من حيث انبعاثه عن وجوب
آخر وعدمه غير معقول وكذا الوجوب التخييرى هو الوجوب المشوب بجواز الترك الى بدل
واطلاق الوجوب من حيث الاقتران بجواز الترك وعدمه غير صحيح بل المراد بالاطلاق
المعين للنفسية واقرانها هو عدم التقييد بما يفيد الغيرية والتخييرية والكفائية كما
صرح به قده فى آخر المطلق والمقيد الخ وفيه ان الوجوب النفسى والغيرى وان قيل ان
لهما جهة اشتراك وهى البعث نحو امر وجهة افتراق وهى عدم ذكر كونه ناشئا عن الغير
فى النفسى وكونه من الغير فى الغيرى كما قيل فى الامر الاستحبابى ولكن ليس كذلك بل
الفرق بينهما ماهوى ولا يمكن اثبات قيد للطبيعة بواسطة نفى احدهما فانه ارادة تامة
وناقصة على ما عرفت وتعرف ـ واما ما ذكره اخيرا فهو الذى اراد صاحب الكفاية واراد
ذلك اشارة ، والوجه الثالث يمكن ان يقال ان الامر المطلق يحمل على ما ذكر لا لاجل
دلالة اللفظ اى لا مادة ولا هيئة بل لان صدور الامر عن المولى تمام الموضوع للطاعة
اى ببناء العقلاء وحكم العقل ووظيفة العبودية فاذا تعلق امر بشىء يصير حجة عليه لا
يسوغ له العدول الى غيره باحتمال التخيير فى متعلق الامر كما لا يجوز له الترك مع
اتيان الغير باحتمال الكفائية ولا التقاعد عن اتيانه باحتمال الغيرية مع سقوط
الوجوب عن غيره الذى يحتمل كون الامر المفروض مقدمة له وكل ذلك لا لاجل دلالة بل
لبناء منهم على ذلك وان لم نعثر على علة البناء وملاكه لكنا نشاهده مع فقدان
الدلالة اللفظية كافادة البعث بنحو الإشارة ، وان ابيت عن ذلك وقلت ان بناء العقلاء
كذلك لم يثبت فنقول هو ان كلا منهما يكون اثباته بواسطة القيد اعني البعث يدل على
نفس الطبيعة وكونه نفسيا او غيريا قيد وجودى يكون به نوعية كل منهما إلّا ان فى
نظر العرف احد القيدين قليل المئونة بحيث لا يرى العرف عناية رائده فيه وهى كون
الوجوب نفسيا والفرد الآخر وهو كونه غير يا يحتاج الى مئونة وهو كونه ناشئا عن
الغير فيحمل الخطاب ابتداء على الطبيعة لعدم المئونة للنفسية كما قد يقال فى الحمل
.................................................................................................
______________________________________________________
على صرف الوجود
عند الدوران بينه وبين الطبيعة السارية فان الامر مثل النهى ولكن هو يدل على صرف
الوجود والنهى يدل على السريان لان صرف العدم يكون بفقدان جميع الافراد بخلاف صرف
الوجود فانه يتحقق بفرد واحد فدلالته على السريان يحتاج الى مئونة بخلاف دلالة
النهى عليه. وذكر استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٢٠٠ حول حقيقة الواجب
التخييرى ان الأقوال فيه ثلاثة الاول ان الواجب ما اختاره المكلف فى مقام الامتثال
ففى موارد التخيير بين القصر والتمام مثلا لو اختار المكلف القصر فهو الواجب عليه
ولو عكس فبالعكس ، الثانى ان يكون كل من الطرفين او الأطراف واجبا تعيينيا ومتعلقا
للارادة ولكن يسقط وجوب كل منهما بفعل الآخر فيكون مرد هذا القول الى اشتراط وجوب
كل من الطرفين او الاطراف بعدم الاتيان بالآخر ، الثالث ما اخترناه من ان الواجب
هو احد الفعلين او الافعال لا بعينه وتطبيقه على كل منهما فى الخارج بيد المكلف
كما هو الحال فى موارد الواجبات التعيينية غاية الامر ان متعلق الوجوب فى الواجبات
التعيينية الطبيعة المتاصلة والجامع الحقيقى وفى الواجبات التخييرية الطبيعة
المنتزعة والجامع الانتزاعى ـ فلا مانع من اعتبار الشارع احد الفعلين او الافعال
على ذمة المكلف الخ والاقوال الثلاثة فى محالها مخدوشة سيما الأخيرة فان الواحد
اللامعين هو الفرد المردد ولا وجود له فى الخارج حتى يعتبره فى ذمة المكلف كما ان
القول بان الوجوب تابع لاختيار المكلف محال فانه يختار اى شىء ويتفحص عن اى حكم مع
ان الحكم تابع لاختياره فهو محال وله توالى فاسده ، كما لو كان كل منها مقيدا بعدم
فعل الآخر يلزم الدور ـ ولم يحتمل هنا احتمالا رابعا بان الوجوب إرادة ناقصة وان
يكون وجوب كل واحد عند حصة وحالة خاصه وهو سد باب عدمه مطلقا ما عدى حالة خاصة وهو
اتيان الآخر من عدل التخيير او عدل المكلف وبذلك يرتفع المحاذير كما سيأتى فى محله
ـ ومن هنا لا يبقى مجال لما قال ايضا فى المحاضرات ج ١ ص ٢٠٢ حول حقيقة الوجوب
الكفائى وجوه الاول ان يقال ان التكليف متوجه الى واحد معين عند الله ولكن يسقط
عنه بفعل غيره لفرض ان الغرض واحد فاذا حصل فى الخارج فلا محاله يسقط الامر ،
الثانى ان يقال ان التكليف فى الواجبات الكفائية متوجه الى مجموع آحاد المكلفين من
حيث المجموع على نحو العموم المجموعى الثالث ان يقال ان التكليف متوجه الى عموم
المكلفين على نحو
.................................................................................................
______________________________________________________
العموم الاستغراقى
فيكون واجبا على كل واحد منهم على نحو السريان غاية الامر ان وجوبه على كل مشروط
بترك الآخر الرابع ان يكون التكليف متوجها الى احد المكلفين لا بعينه المعبر بصرف
الوجود وهذا الوجه هو الصحيح الخ وقد عرفت ان صرف الوجود من المكلفين لا وجود له
فى الخارج وانما الخارج وجود معين شخصى وبعد تحققه ينتزع منه صرف الوجود لا الواحد
على البدل كما لا معنى للمجموع يتعلق التكليف بل على كل واحد بارادات ناقصة فى حال
عدم اتيان الغير كما لا يخفى وهذا الاحتمال الخامس هو المتعين ولم يحتمله ، هذا
كله مقتضى الاطلاق واما مقتضى الاصل العملى فسيأتي فى بحث البراءة إن شاء الله
تعالى واشرنا الى ذلك لاجل التمهيد لما سيأتي من بيان حقيقة هذه الواجبات على نحو
التفصيل فانتظر إن شاء الله تعالى.
فى الامر عقيب الحظر اوتوهمه
نموذج الخامس فى
البحث عن وقوع الامر عقيب الحظر او توهم الحظر قال فى الكفاية ج ١ ص ١١٦ انه اختلف
القائلون بظهور صيغه الامر فى الوجوب وضعا او اطلاقا فيما اذا وقع عقيب الحظر او
فى مقام توهمه على اقوال نسب الى المشهور ظهورها فى الإباحة والى بعض العامه
ظهورها فى الوجوب والى بعض تبعيتها لما قبل النهى ان علق الامر بزوال علة النهى
الى غير ذلك الخ وللقول الاخير قوله تعالى (فَإِذَا انْسَلَخَ
الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) وقوله تعالى (فَإِذا تَطَهَّرْنَ
فَأْتُوهُنَ) وقوله تعالى (وَإِذا حَلَلْتُمْ
فَاصْطادُوا) وكذا قوله تعالى (وَلا تَحْلِقُوا
رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) وقوله عليهالسلام دع الصلاة ايام اقرائك فان الامر بقتل المشركين فى الآية
الاولى بعد الانسلاخ والامر بحلق الرأس بعد وصول الهدى الى محله فى الآية الأخيرة
والامر بالصلاة والصوم بعد رفع المانع عن الحائض والنفساء قد تعلق بزوال علة النهى
وهو الانسلاخ فى الآية الاولى ووصول الهدى محله فى الأخيرة ودفع المانع عن الحائض
والنفساء فى الرواية وهكذا غيرها وما ورد فى الاعتكاف لا تخرج من المسجد الا لحاجة
لا بد منها وغير ذلك واما الامر فى مقام توهم الحظر فى الرواية فى ابواب الاستحاضة
المستحاضة تغتسل عند صلاة الظهر وتصلى الظهر والعصر ثم تغتسل عند المغرب فتصلى
المغرب والعشاء ثم تغتسل عند الصبح فتصلى الفجر ، فالأمر عقيب
.................................................................................................
______________________________________________________
توهم الحظر والمنع
عن وقوع الصلاتين بغسل واحد ، ثم انه دعوى الظهور فيما ذكر اما يكون لدعوى ان
للصيغة وضعين فى حالين احدهما فى غير مقام الحظر وهو الوجوب والثانى فى مقامه وهو
غيره ، وهذا ظاهر البطلان بل له وضع واحد اما لمطلق الطلب او للوجوب بالخصوص على
ما مر ، واما لدعوى ان وقوعها عقيب الحظر يكون قرينة عامة على واحد من الوجوه كما
يظهر من الكلمات واما لدعوى ان مقدمات الحكمة تقتضى الحمل على احدها والقدر
المتيقن هى الاباحة وسيأتى ، بقى شيء وهو تحرير محل النزاع ذكر المحقق العراقى فى
النهاية ج ١ ص ٢٠٩ الظاهر ان مورد النزاع ومحل الكلام بينهم انما هو فى مورد كان متعلق
الامر بعينه هو المتعلق للنهى من حيث العموم والخصوص كما فى قوله لا تكرم النحويين
او لا تكرم زيدا وقوله بعد ذلك اكرم النحويين او اكرم زيدا وإلّا فمع اختلاف متعلق
الامر والنهى من جهة العموم والخصوص كان خارجا عن موضوع هذا لنزاع نظير قوله لا
تكرم النحويين وقوله اكرم الكوفيين منهم فانه فى مثله لا بد من التخصيص او التقييد
الكاشف عن عدم تعلق النهى بالخاص من اوّل الامر يشهد لذلك بناء العرف فى نحو ذلك
بحمل العام والمطلق فيها على الخاص والمقيد الخ اذا عرفت ذلك كله قال فى الكفاية ج
١ ص ١١٦ والتحقيق انه لا مجال للتشبث بموارد الاستعمال فانه قل مورد منها يكون
خاليا عن قرينة على الوجوب او الإباحة او التبعية ومع فرض التجريد عنها لم يظهر
بعد كون عقيب الحظر موجبا لظهورها فى غير ما تكون ظاهرة فيه غاية الامر يكون موجبا
لاجمالها عن ظاهرة فى واحد منها إلّا بقرينة الأخرى كما اشرنا الخ وحاصله ان وقوع
الامر عقيب الحظر لم يظهر انه من القرائن العامه التى لا يجوز العدول عن مقتضاها
إلّا بدليل الموجبة لظهور الصيغة فى الإباحة مطلقا او الوجوب او رجوع الحكم السابق
على النهى او غير ذلك والاستعمال يدل على شىء من ذلك لامكان استناد الظهور فيه الى
قرينة خاصه غير الوقوع عقيب الحظر فلا يصح الاستناد اليه فى اثبات الدعوى ، وذكر
المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٠٩ بانه ان بنينا على حجية اصالة الحقيقة من باب
التعبد العقلائى فلا شبهة فى ان لازمه هو الحمل على الوجوب ما لم يكن فى البين
قرينة قطعيّة على الخلاف حيث ان مجرد وقوعه عقيب الحظر او توهمه لا يمنع عن الحمل
على الحقيقة ، واما لو بنينا على حجيتها من باب الظهور
.................................................................................................
______________________________________________________
التصديقى كما هو
التحقيق ففى ذلك لا مجال للحمل على الوجوب لانه بمحض اقترانه بما تصلح للقرينية
ينتفى ظهوره فيما كان ظاهرا فيه فلا يبقى له ظهور فى الوجوب بل ولا فى الاستحباب
ايضا بحيث لو قام بعد ذلك دليل على الخلاف يحكم بالمعارضة بينهما ضرورة انه بعد
ارتفاع ظهوره فى الوجوب لا مقتضى فى تعين ظهوره فى غيره من الاستحباب او الإباحة
بالمعنى الاخص بل هو يصير حينئذ مجملا من تلك الجهة غير ظاهر فى شىء مما ذكر الا
مع قيام القرينة فى البين على ارادة الندب او الاباحة او على حكم ما قبل النهى
وإلّا فمع خلو المقام عن القرينة لا يكون فيه ظهور لا فى الوجوب ولا فى الندب ولا
فى الإباحة بالمعنى الاخص نعم يستفاد من هذا الامر عدم الحرج فى الفعل واباحته
بالمعنى الاعم الذى هو جامع بين الوجوب والندب والإباحة بالمعنى الاخص ومن ذلك
يحتاج فى تعيين احدى الخصوصيات الى ملاحظه خصوصيات الموارد وقيام القرينة على
التعيين نعم يمكن ان يقال باستفادة الاستحباب فى خصوص العبادات نظرا الى اقتضاء
الامر فيها لمحبوبية المتعلق ورجحانه إذ حينئذ بعد ارتفاع ظهوره فى الوجوب من جهة
وقوعه عقيب الحظر او توهمه يمكن الحكم باستحبابه نظرا الى قضية ظهوره فى محبوبية
المتعلق ورجحانه ففى الحقيقة استفادة الاستحباب ح فى العبادات انما هو لمناسبة
خصوصية المورد لا من جهة ظهور الامر فى الاستحباب بعد ارتفاع ظهوره فى الوجوب كم
هو واضح ، الخ فان الملاك فى اصالة عدم القرينة هو الظهور او مع احقاف الكلام وشك
فى قرينيته لا ينعقد ظهور ولم يحرز بنائهم على العمل بالاصل المذكور تعبدا بلا
ظهور واما استفادة الاستحباب الشرعى فمحل اشكال اما الرجحان فلا يدل على الاستحباب
الشرعى وذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٤٢ الوجه الثالث المتقدم قال نعم
ربما يتشبث بذيل دليل الحكمة لتعيين بعض المحتملات بملاحظة كونه قدرا متيقنا
بتقريب ان المورد اذا لم يكن عباديا واحتمل الإباحة الخاصة كان هى المتيقن لان
الاذن معلوم والاباحة الخاصة هو الاذن الساذج اى الاذن الذى ليس فيه اقتضاء طلبى
فالقيد عدمى يكفى فى عدمه عدم القرينة على ثبوته بخلاف غيرها واذا كان المورد
عباديا ولم يحتمل الاباحة الخاصة كان المتيقن هو الاستحباب لان اصل الاقتضاء معلوم
لخروج الاباحة الخاصة على الفرض وحد الاستحباب عدمى اى عدم المنع من الترك يكفى
فيه عدم نصب القرينة
والله العالم. مقالة
(١) فى ان صيغ الاوامر هل يقتضى الاتيان بالمأمور به مرة او
______________________________________________________
عليه والفرق بين
ما نحن فيه وبين ما تقدم فى حمل الصيغة على الوجوب بمقدمات الحكمة هو ان الصيغة
ظاهرة وضعا فى الطلب والوجوب لا يزيد على الطلب بما هو بشىء بخلاف ما نحن فيه فان
اصل الاقتضاء علم من الخارج حسب الفرض وخصوصية الندب حيث كانت عدمية لا يحتاج الى
دليل فلذا صار الاستحباب متيقنا من بين المحتملات نعم يرد عليه ان القدر المتيقن
الذى يصح الاتكال عليه عرفا هو المتيقن فى مقام التخاطب والمحاورة لا المتيقن فى
مقام المرادية مع ان الاقتضاء بعد خروج الإباحة الخاصة غير معلوم لاحتمال الكراهة
الغير المنافية للاذن والرخصة فافهم الخ والجواب عنه انه قد تقرر فى محله ان لنا
اباحة اقتضائية واباحة لااقتضائية والاول ضد لسائر الاحكام فكيف يمكن ان يقال يكون
هو المتيقن من الخطاب والكلام فى هذا القسم من الاباحة الذى يراد استفادته من
الجهات ، وان وصلت النوبة الى الاصل العملى فى المسأله الفرعية فان له الحالة
السابقة يؤخذ به وإلّا فالمرجع البراءة والحمد لله.
في بيان دلالة الامر على المرة او التكرار
(١) نموذج السادس فى
ان الامر هل يدل على المرة او التكرار او لا يدل إلّا على صرف وجود الطبيعى الذى
يتحقق باول وجوده عقلا فيه وجوه ولعله اقوال ايضا قال استادنا الخوئى فى المحاضرات
ج ٢ ص ٢٠٦ لا اشكال فى انحلال الاحكام التحريمية بانحلال موضوعاتها كما تنحل
بانحلال المكلفين خارجا ضرورة ان المستفاد عرفا من مثل قضية لا تشرب الخمر او ما
شاكلها انحلال الحرمة بانحلال وجود الخمر فى الخارج ـ واما التكاليف الوجوبية
فائضا لا اشكال فى انحلالها بانحلال المكلفين وتعددها بتعددهم بداهة ان المتفاهم
العرفى من مثل قوله تعالى (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ
حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) او ما شاكله هو تعدد وجوب الحج بتعدد افراد المستطيع خارجا
واما انحلالها بانحلال موضوعاتها فيختلف ذلك باختلاف الموارد فتنحل فى بعض الموارد
دون بعضها الآخر ومن الاول قوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ
لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) وقوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ
مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) وما شاكلهما حيث ان المتفاهم العرفى منهما هو الانحلال
وتعدد وجوب الصلاة ووجوب الصوم عند تعدد الدلوك والرؤية ومن الثانى قوله تعالى (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) الخ حيث ان المستفاد منه عرفا عدم
يقتضى تكرارا او
لا يقتضى شيئا منهما بل العقل (١) حاكم بالاكتفاء بالمرة فى مورد وعدمه اخرى ولو
من جهة اختلاف المراد من الصيغ حسب اختلاف المقامات المشهور هو الاخير (٢) واظن (٣)
______________________________________________________
انحلال وجوب الحج
بتعدد الاستطاعة خارجا فى كل سنة ـ ان صيغه الامر او ما شاكلها لا تدل على التكرار
ولا على المرة فى كلا الموردين واستفادة الانحلال وعدمه انما هى بسبب قرائن خارجيه
وخصوصيات المورد لا من جهة دلالة الصيغة عليه وضعا وبكلمة اخرى ان المرة والتكرار
فى الافراد الطولية والوحدة والتعدد فى الافراد العرضية جميعا خارج عن اطار مدلوله
الصيغة الخ وفيه ان انحلال الاحكام اجنبى عن المقام فان الانحلال انما جاء باعتبار
تعلق الطلب فى مرحلة العقل على سنخ الحكم وعلى مسلكهم كانت القضية حقيقيه وتعلق
الحكم على موضوع مفروض الوجود لكن الكلام ان الحكم شخصى فهل فى مرحلة الامتثال
يسقط بفرد واحد ام لا وعلى اى تحقيق الكلام يكون فى ضمن امور.
(١) فى مرحلة
الامتثال.
(٢) الامر الاول
ان المشهور هو عدم الدلالة على شىء منهما وهو التحقيق لما عرفت غير مرة ان الامر
مركب من مادة وهيئة وان المادة تدل على الحدث الملحوظ لا بشرط وان الهيئة انما تدل
على البعث نحو تلك المادة فلم يبق فى كلمة الامر ما يجوز ان يكون دالا على احد
الامرين المزبورين نعم قد يستفاد من القرائن كمقدمات الحكمة وغيرها ان المادة
مطلوبة على نحو يستلزم امتثاله التكرار تارة واخرى يتحقق بالمرة مثلا مقدمات
الحكمة قد تقتضى ان المادة مطلوب ايجادها بنحو صرف الوجود وقد تقتضى انها مطلوب
ايجادها بنحو الطبيعة السارية مثل أحل الله البيع واو فوا بالعقود وبما ان مقدمات
الحكمة تقتضى ان المطلوب بالامر هو صرف الوجود صح ان يقال ان الامر يدل على المرة.
(٣) الامر الثانى
ان الدال على المرة والتكرار عند القائل به هل هى صيغه الامر او مادته او المجموع
منهما قال فى الفصول ص ٧٢ وانما حررنا النزاع فى الهيئة لنص جماعة عليه ولان
الاكثر حرر والنزاع فى الصيغة وهى ظاهرة بل صريحة فيها ولانه لا كلام فى ان المادة
وهى المصدر المجرد عن الكلام والتنوين لا تدل الاعلى
.................................................................................................
______________________________________________________
الماهية من حيث هى
على ما حكى السكاكى وفاقهم عليه وخص نزاعهم فى ان اسم الجنس هل يدل على الجنس من
حيث هو او على الفرد المنتشر بغير المصدر ويؤيد ذلك بل يدل عليه عدم احتجاج القائل
بالمرة هنا بدلالة المادة عليها مع ان من المواد ما لا نزاع فى دلالته على الدوام
والاستمرار الخ واجاب عنه فى الكفاية ج ١ ص ١١٧ فانه غفلة وذهول عن ان كون المصدر
كذلك لا يوجب الاتفاق على ان مادة الصيغة لا تدل الاعلى الماهية ضرورة ان المصدر
ليست مادة لسائر المشتقات بل هو صيغه مثلها كيف وقد عرفت فى باب المشتق مباينة
المصدر وسائر المشتقات بحسب المعنى كيف بمعناه يكون مادة لها فعليه يمكن دعوى
اعتبار المرة والتكرار فى مادتها ان قلت فما معنى ما اشتهر من كون المصدر اصلا فى
الكلام قلت مع انه محل الخلاف معناه ان الذى وضع اولا بالوضع الشخص ثم بملاحظته
وضع نوعيا ـ اي بالنسبة الى المادة ـ او شخصيا اى بالنسبة الى الهيئة سائر الصيغ
التى تناسبه مما جمعه معه مادة لفظ متصورة فى كل منها ومنه بصورة ومعنى كذلك هو
المصدر او الفعل الخ ولا يخفى ما فى هذا الجواب فانه اذا ثبت بالاتفاق المزبور ان
المصدر لا يدل على المرة والتكرار ثبت ان مادة المصدر لا تدل على شىء منهما وذلك
يدل على ان مادة الامر ايضا لا تدل على شيء من المرة والتكرار لاتحاد مادة الامر
والمصدر فكان تمام نظره فى النقض بمثل المصدر المجرد عن اللام والتنوين الى تلك
المادة المأخوذة فيه التى هى جهة مشتركه سارية فيه وفى سائر الصيغ من الماضى والمضارع
وغيرهما لا ان نظره الى ان المصدر هو الاصل والمادة لسائر المشتقات نعم لو قيل
بعدم انحلال الوضع فى المشتقات الى وضعين وضع المادة المشتركة فى الجميع وضعا
نوعيا ووضع الهيئة فى كل واحدة من الصيغ وضعا نوعيا او شخصيا على الكلام فيه وان
الوضع فى كل واحدة من الصيغ من قبيل الوضع فى الجوامد فى كون كل واحد منهما مادة
وهيئة موضوعا لمعنى خاص لامكن المجال لما فى الكفاية من المناقشة بان عدم دلالة
المصدر على المرة والتكرار لا يقتضى عدم دلالة الصيغة عليهما لكن الكلام فى اصل
المبنى فانه خلاف ما عليه المحققون فى اوضاع المشتقات اذ بنائهم فيها على انحلال
الوضع فيها الى وضعين مادة وهيئة وعلى ذلك فيتجه الاستدلال لعدم دلالة المبدا فى
الصيغة على المرة والتكرار بانتفائها فى طرف المصدر المجرد عن اللام و
ارجاع الاولين (١)
اليه ايضا بملاحظة نظر كل طائفة الى اقتضاء (٢) الصيغ فى مورد معنى لا يحكم العقل
فيه الا بالاكتفاء بالمرة (٣) وفى مورد آخر (٤) يقتضى معنى لا يحكم العقل إلّا
اتيانه مكررا غاية الامر أخطئوا فى تسرية ما فهموه على طبق مرامهم فى كل مورد
والتزموا بما التزموه على الاطلاق (٥) وإلّا ففى غاية البعد منهم اخذ القيدين فى
مدلول الصيغ (٦) مع إباء مادته وهيئته عنه (٧) كما لا يخفى وبالجملة (٨)
______________________________________________________
التنوين ـ وقال
المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٤٢ بل لا يعقل اذ ليس النزاع فى وضع الصيغة
للطلب المكرر والدفعى بل فى وضعها لطلب الشىء دفعة او مكررا فالمرة والتكرار من
قيود المادة لا الهيئة الخ.
(١) ثم قدسسره فى بيان تأويل القولين الاولين من المرة والتكرار بعدم
دلالة المادة ولا الصيغة على ذلك بل صاحب القولين ايضا يقولون بدلالة المادة على
صرف الطبيعى والهيئة الاعلى النسبة الإرسالية الملازمة لطلب الطبيعة وانما المرة
والتكرار يكون بمقدمات الحكمة كما اشرنا اليه وحكم العقل على اختلاف الموارد.
(٢) مقدمات
الحكمة.
(٣) من جهة تحقق
صرف الوجود باول وجوده وتحقق الامتثال بذلك.
(٤) ايضا بمقدمات
الحكمة تقتضى الطبيعة السارية كما مر.
(٥) وانما خطاهم
فى انه يدل على التكرار مطلقا او على المرة مطلقا بل يختلف بحسب الموارد.
(٦) وقد عرفت ان
مدلول الصيغة آب عنهما.
(٧) ايضا عرفت ذلك
فى الامر الاول.
(٨) الامر الثالث
فى تعيين المراد من المرة والتكرار حيث ان فيها وجوها ثلاثة الاول ان يكون المراد
من المرة هو الفرد فيقابلها التكرار بمعنى الافراد الثانى ان يكون المراد منها
الوجود الواحد وفى قبالها التكرار بمعنى الوجودات ، والفرق بينهما هو انه على
الاول يكون الفرد بخصوصية الفردية تحت الطلب والامر بخلافه على الثانى فانه عليه
يكون مطلوبية الفرد بما انه وجود للطبيعى فتكون خصوصية الفردية
نقول ان الظاهر (١)
من العنوان كون المراد من القيدين الدفعة والدفعات (٢) لا
______________________________________________________
خارجة عن دائرة
الطلب وربما يثمر ذلك فى مقام الامتثال عند الاتيان بالفرد بقصد الخصوصية لا بما
انه وجود الطبيعى حيث انه على الاول يقع الامتثال بالخصوصية بخلافه على الثانى
فانه علاوه عن عدم تحقق الامتثال بالخصوصية ربما صدق التشريع المحرم ايضا فى قصده
الخصوصية نظرا الى ما هو المفروض من خروج الخصوصية عن دائرة الطلب والامر ، الثالث
ان يكون المراد من المرة الدفعة ومن التكرار ما يقابلها وهو الدفعات والفرق بين
ذلك والوجهين المتقدمين واضح اذ على هذا المعنى ربما يتحقق الامتثال بالمتعدد فيما
لو اوجد دفعة افرادا متعددة فانه ح يتحقق الامتثال بالمجموع بخلافه على المرة
بمعنى الفرد او الوجود الواحد فانه عليهما يقع الامتثال بواحد منها وح فهذه
احتمالات ثلاثة فى المراد من المرة والتكرار ، قال صاحب الكفاية فيها ج ١ ص ١١٩ ثم
المراد بالمرة والتكرار هل هو الدفعة او الدفعات او الفرد والافراد والتحقيق ان
يقعا بكلا المعنيين محل النزاع وان كان لفظهما ظاهرا فى المعنى الاول الخ وقال فى
الفصول ص ٧٢ ثم هل المراد بالمرة الفرد الواحد وبالتكرار الافراد او المراد بها
الدفعة الواحدة وبالتكرار الدفعات وجهان استظهر الاول منهما بعض المعاصرين ولم نقف
له على ماخذ والتحقيق عندى هو الثانى لمساعدة ظاهر اللفظين عليه فانه لا يقال لمن
ضرب بالسوطين دفعة انه ضرب مرتين او مكررا بل مرة واحدة الخ.
(١) الاحتمال
الاول ربما يقال بعيد غايته عن مصب كلماتهم بقرينة النزاع الآتي فى تعلق الامر
بالطبيعة او الفرد فانه لو كان المراد من المرة فى المقام هو الفرد لكان اللازم هو
ذكرهم ذلك فى طى المقام الآتي فى انه بعد فرض تعلق الامر بالفرد لا بالطبيعة فهل
الامر يدل على فرد واحد او على افراد متعددة لا جعلهم ذلك بحثا مستقلا فى قبال
البحث الآتي وح فنفس تعرضهم لهذا لبحث مستقلا فى قبال البحث الآتي قرينة على
ارادتهم من المرة فى المقام الفرد والافراد كما هو واضح وسيأتى الجواب عنه ولعل
المراد الظاهر من العنوان عرفا هو ذلك كما لا يخفى وهو الدفعة والدفعات لا غيرها
من الامرين الآخرين.
(٢) والوجه فى ذلك
انه هو المنساق منها فى الذهن عند العرف ومن ذلك لو اتى بالماء مثلا فى ظروف
متعددة دفعة واحدة لا يقال بانه اتى بالماء مرات أو أتى به
الوجود والوجودات (١)
وعلى اى تقدير (٢) لا يرتبط (٣) المسألة بباب تعلق
______________________________________________________
متكررا بل يقال
انه اتى بالماء مرة واحدة.
(١) الامر الرابع
ثم على الدفعة او الوجود هل المراد هو المرة بنحو بشرط لا عن الزيادة فى مرحله
الوجود الخارجى او المرة بنحو لا بشرط على معنى وقوع الامتثال بواحد من الوجودات
وباوّل وجود على المرة بمعنى الدفعة وصيرورة الزائد لغوا فيه كلام مقتضى ما يستفاد
من كلماتهم وظاهرهم انما هو صيرورة الزائد على المرة باى معنى فرضناها لغوا محضا
فى قبال القائل بالتكرار الذى يقول بتحقق الامتثال بالزائد ايضا لا انه كان مخلا
ايضا بالامتثال بالنسبة الى اول وجود.
(٢) الامر الخامس
هنا توهمان ودفع كل منهما واشرنا اليهما معا اما التوهم الأول ان النزاع على فرض
ارادة الفرد والافراد من العنوان مبنى على المسألة الاخرى وهى كون الامر متعلقا
بالطبيعة او الفرد فمن اختار ان الامر المتعلق بالفرد يصح له ان يبحث فى ان
المطلوب هل هو الفرد الواحد او الافراد واما من يختار ان الامر متعلق بالطبيعة فلا
يتاتى منه البحث المزبور كما هو واضح نعم على تقدير ارادة الدفعة والدفعات يجرى
النزاع حتى على القول بتعلق الامر بالطبيعة وهذا التوهم من الفصول قال ص ٧٢ مع
انهم لو ارادوا بالمرة الفرد لكان الانسب بل اللازم ان يجعل هذا المبحث تتمه
للمبحث الآتي من ان الامر هل يتعلق بالطبيعة او الفرد فيقال عند ذلك وعلى تقدير
تعلقه بالفرد هل يقتضى التعلق بالفرد الواحد او المتعدد او لا يقتضى شيئا منهما
ولم يحتج الى افراد كل منهما بالبحث كما فعلوه واما على ما اخترناه ـ اى الدفعة
والدفعات ـ فلا علقة بين المسألتين الخ.
(٣) اما الدفع فان
البحث عن افاده الامر المرة او التكرار يصح حتى على القول بتعلق الامر بالطبيعة
لان البحث عن ان الامر هل هو متعلق بالطبيعة او الفرد ليس المقصود به الا استكشاف
كون الخصوصيات المفردة داخلة فى حيز الخطاب او ليست داخله وإلّا فمن الضرورى كون
الطبيعة لا يمكن وجودها الا فى ضمن فرد ما وح يصح ان يقال بتعلق الامر بالطبيعة ثم
يبحث عن ان المطلوب بالامر هل هى الطبيعة بايجادها فى ضمن فرد او افراد قال فى
الكفاية ج ١ ص ١٢٠ فاسد لعدم العلقة بينهما لو اريد بها الفرد ايضا فان الطلب على
القول بالطبيعة انما يتعلق بها باعتبار وجودها فى الخارج ضرورة ان الطبيعة من حيث
هى ليست إلّا هى لا مطلوبة ولا غير مطلوبه ولهذا
الامر بالطبيعة او
الافراد بخيال انه من تبعات تعلق الامر بالفرد فانه ح ينازع بان المراد فرد واحد
او الافراد اذ على تقدير كون المراد الدفعة والدفعات الامر واضح (١) لملاءمته مع
تعلق الامر بالطبيعة ايضا كما انه بناء على المعنى الآخر (٢)
______________________________________________________
الاعتبار كانت
مرددة بين المرة والتكرار بكلا المعنيين فيصح النزاع فى دلالة الصيغة على المرة
والتكرار بالمعنيين وعدمها اما بالمعنى الاول فواضح واما بالمعنى الثانى فلوضوح ان
المراد من الفرد او الافراد وجود واحد او وجودات وانما عبر بالفرد لان وجود
الطبيعة فى الخارج هو الفرد غاية الامر خصوصيته وتشخصه على القول بتعلق الامر
بالطبائع يلازم المطلوب وخارج عنه بخلاف القول بتعلقه بالافراد فانه مما يقومه الخ
قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٤٣ حاصله ان المراد بالفرد هو وجود
الطبيعة حيث انها لا وجود لها فى الخارج الا بوجود فردها والكلام فى المبحث الآتي
ليس فى ان الطبيعة من حيث هى متعلقه للامر او فردها بل الكلام فى ان لوازم وجود
الطبيعة ومشخصاته داخله فى المطلوب ومقومة له او خارجة عنه ومن لوازمه بعد الفراغ
عن تعلق الطلب بوجود الطبيعة فالفرد هنا غير الفرد هناك ـ الى ان قال قلت هذا بناء
على التحقيق من كون التشخص بنفس الوجود وما يراه الجمهور من مشخصات الطبيعة يكون
من لوازم التشخص لا ما به التشخص اما لو قيل من كون التشخص بهذه الامور اللازمة
بوجود الطبيعة فى الخارج فتكون لوازم الوجود فى هذه المسأله داخلة فى المطلوب
فيتحد الفرد فى هذه المسأله المدلول عليه بالصيغة مع الفرد فى تلك المسألة
فالتحقيق فى رد ما فى الفصول هو ان مجرد ترتب موضوع مسالة على موضوع مسألة اخرى او
محمولها على محمولها لا يستدعى جعله تتمه لتلك المسألة بل ميزان الوحدة والتعدد
وحدة جهة البحث وتعددها وتعدد جهة البحث هنا وهناك واضح فان جهتى الوحدة والتعدد
فى الوجود وان كانتا عارضتين له ومترتبتين عليه لكنهما متغايرتان له قطعا فالبحث
عن احدهما غير البحث عن الآخر وان كانت رتبة احدهما متاخره عن الآخر الخ.
(١) لا مكان اتيان
الافراد دفعة واحدة فيلائم مع الامر بالطبيعة.
(٢) اى الوجود
والوجودات من تعلق الامر بالطبيعة ويتحقق صرف الوجود باوّل وجوده من دون دخل
الخصوصية الفردية.
ايضا يجئ هذا
النزاع على الطبيعة بملاحظة قابلية الطبيعة لوحدة الوجود وتكرره الآبي عن دخل
الخصوصية فى المطلوب وهذه الجهة غير مرتبط بعالم الفرد الملازم لدخل الخصوصيّة
الفرديّة فى متعلق طلبه (١) كما ان هذا البحث (٢) غير مرتبط بالبحث الآتي (٣) من
اقتضاء الامر للاجزاء وعدمه اذا البحث الآتي فى ان كل مطلوب يقتضى الاجزاء ام لا
وهذا البحث فى ان المطلوب اى مقدار و
______________________________________________________
(١) والقول
بالتكرار ايضا يحتمل فيه وجهان فانه على المعنيين من الوجودات والدفعات تارة يراد
تكرر الوجود بنحو الارتباط كما فى العام المجموعى واخرى يراد تكرره بنحو الاستقلال
والسريان على نحو كان كل فرد ووجود مورد التكليف مستقل كما نظيره فى العالم الاستغراقى
والفرق بينهما واضح مثل الفرق بينهما والطبيعة الصرفة فانه على الثانى يكون كل فرد
وكل وجود مورد التكليف مستقل حسب انحلال التكليف المتعلق بالطبيعة ويكون لكل واحد
منها امتثال مستقل غير مرتبط بامتثال الآخر بخلافه على الاول فانه عليه وان لوحظ
الطبيعى بنحو السريان فى ضمن الافراد إلّا انه بنحو كان المجموع موضوعا وحدانيا فى
مقام تعلق الطلب والامر فمن هذه الجهة لا يكاد تحقق الامتثال إلّا باتيان الطبيعى
خارجا متكررا ولا يكاد يكون لاتيان المجموع الا امتثال واحد ولا على مخالفتها
الاعقاب واحد كما هو واضح.
(٢) اى المرة
والتكرار قد يتوهم وهو التوهم الثانى ان البحث فى المقام هو نفس بحث الاجزاء حقيقة
لكنه بعنوان آخر لان من يقول باجزاء الاتيان بالمامور به على وجهه عن اعادته ثانيا
يريد بذلك كفاية المرة الواحدة عن التكرار ومن يقول بعدم الاجزاء يريد انه لا تكفى
المرة الواحدة بل لا بد من اعادة العمل مرات متكررة وهو معنى القول بالتكرار.
(٣) هذا هو دفع
التوهم وهو ان البحث فى مبحث المرة والتكرار انما يتعلق بمفاد الخطاب وتشخيص
المطلوب بالامر وبحث الاجزاء انما يقصد به استعلام ان الاتيان بالمطلوب المشخص اى
شىء كان هل يجزى عن اعادته ثانيا فيكون البحث الاول متعلقا بتشخيص الصغرى والبحث
الثانى متعلقا بتحقيق الكبرى واين هذا من ذاك.
لا يرتبط احدهما
بالآخر وكيف كان نقول ان (١) عمدة نظر القائل بالمرة الى الامر بالموقتات فى وقتها
والامر بالحج وامثالها حيث لا يجب إلّا مرة ونظر (٢) القائل بالتكرار الى الامر
بالصلاة بلحاظ الايام وصوم الرمضان بلحاظ السنوات وامثالها و (٣) لا يكاد يطرّد
كلام كل واحد فى كل مورد (٤) وجواب كل واحد معلوم (٥) من امكان كون المراد من
الصيغة بمادتها صرف الطبيعة فى الاول الملازم لحكم العقل بالاكتفاء بالمرة (٦)
وكون المراد فى الثانى من المادة الطبيعة السارية الملازم عقلا لعدم الاكتفاء بمرة
واحدة (٧) بلا كون المرة فى الاول ولا
______________________________________________________
(١) الامر السادس
فى الوجوه التى استدل بها المرة والتكرار قال فى الفصول ص ٧٣ واخرى بالمعارضة
بالحج حيث امر به ولا تكرار ويمكن ان يعارض ايضا بالصلاة بالنسبة الى كل وقت من
اوقاتها حيث امر بها فيه ولا تكرار الخ هذا هو دليل القول بالمرة.
(٢) قال فى الفصول
ص ٧٣ الاول انها لو لم يكن للتكرار لما تكرر الصوم والصلاة وقد تكررا واجيب تارة
بمنع الملازمة لجواز ان يكون التكرار ثابتا فيهما بدليل آخر الخ وهذا هو دليل التكرار.
(٣) ويرد على كلا
الدليلين بعدم الاطراد.
(٤) ذلك لعدم
التكرار فى الصلاة فى وقتها كما عرفت وتكرار الحج بافساد الاول ونحوه ويكون الحج
هو الاول والثانى عقوبة على قول وهو المختار عندى.
(٥) اما الجواب عن
الصوم والصلاة المتكررة فى كل سنة ويوم ، ان تكرر الصلاة فى كل يوم والصوم فى كل
سنة انما هو من جهة اقتضاء قضية الشرط لتعدد الوجود عند تكرره حسب اناطة وجوب
الصوم بدخول شهر رمضان واناطة وجوب الصلاة بدخول الوقت واين ذلك واقتضاء الامر
للتكرار.
(٦) لما عرفت من
ان الصيغة تدل على صرف الطبيعى المتحقق عقلا بأول وجوده.
(٧) ولكن تدل
المادة على الطبيعة السارية فى الاوامر تحتاج الى دليل حتى لا يكتفى عقلا فى مرحلة
الامتثال الا بالتكرار وذلك كقضية الشرط المتقدم وكاوفوا بالعقود وأحل الله البيع
ونحوهما فلا يكتفى بالمرة.
التكرار فى الثانى
ماخوذا فى مدلول الصيغة ومن هذه الجهة (١) ذهب المشهور الى عدم اخذ واحد من
القيدين فى مدلول الصيغة وانما هما من تبعات حكم العقل فى اخذ المادة صرف الطبيعة
او الطبيعة السارية ومن هنا نقول (٢) ان طبع مقدمات الحكمة ايضا يقتضى كون المراد
من المادة صرف الطبيعة إلّا اذا كان فى البين قرينة ولو بمثل مناسبة الحكم مع
الموضوع كون المراد الطبيعة السارية ، ومن هذه الجهة ربما نقول ان الاصل فى
الاوامر الاجزاء بالمرة الى ان يثبت
______________________________________________________
(١) من انه لا تدل
المادة الاعلى صرف الطبيعى وكذا الهيئة لا تدل الاعلى طلب ايجاد الطبيعة فلا يكون
فى شىء منهما اقتضاء المرة والتكرار اصلا وانما الاكتفاء بالمرة لاجل حكم العقل
بتحقق صرف الوجود باول وجوده وتحقق الامتثال بذلك لا من جهة ان الامر يقتضى المرة
كما ان تحقق الامتثال باتيان افراد عرضية دفعة انما هو من جهة انطباق الطبيعى
المامور به على الجميع كانطباقه فى الأول على وجود واحد لا من جهة اقتضاء الامر
للتكرار.
(٢) والمتحصل انه
لا يدل الامر على شيء من المرة والتكرار لان الامر مركب من مادة وهيئة وان المادة
تدل على الحدث الملحوظ لا بشرط والهيئة تدل على البعث نحو تلك المادة فلم يبق فى
الصيغة ما يدل على المرة او التكرار نعم قد يستفاد من القرائن لمقدمات الحكمة
وغيرها ان المادة مطلوبه على نحو يستلزم امتثاله التكرار تارة واخرى يتحقق بالمرة
مثلا مقدمات الحكمة قد تقتضى ان المادة مطلوب ايجادها بنحو صرف الوجود وقد تقتضى
انها مطلوب ايجادها بنحو الطبيعة السارية مثل أحل الله البيع واوفوا بالعقود وبما ان
مقدمات الحكمة تقتضى ان المطلوب بالامر هو صرف الوجود صح ان يقال ان الامر يدل على
المرة ، وربما يستدل للتكرار بقوله صلىاللهعليهوآله اذا امرتكم بشيء فاتوا منه ما استطعتم وفيه ما لا يخفى اذ
بعد الغض عما يرد عليه من لزوم تخصيص الاكثر فى مثل الصلاة اليومية وصوم شهر رمضان
وسائر الواجبات من الصلاة وغيرها نقول بانه ينافى ذلك ما فى ذيل تلك الرواية من
الظهور بل الصراحة فى عدم لزوم التكرار وهو قوله ص ويحك وما يؤمنك ان أقول نعم
والله لو قلت نعم لوجب فان المستفاد من الذيل خلاف ما يقول به القائل بالتكرار.
الخلاف نعم (١) فى
المقام اشكال آخر (٢) وهو ان هذا الاصل ربما انقلب فى النواهى الشرعية النفسية حيث
ان الاصل فيها كون المراد من مادتها الطبيعة السارية بشهادة عدم سقوط النهى
بالعصيان وح يبقى مجال السؤال عن الفرق بين الامر والنهى بانه لم صار الاصل فى
الامر المرة وفى النهى التكرار ، وقد يجاب (٣) بان مناسبة المفسدة للطبيعة السارية
والمصلحة لصرف الطبيعة اوجب الفرق بينهما ، وهو كلام ظاهرى (٤) لالتيام كل من
المصلحة والمفسدة لكل نحو من الطبيعة (٥)
______________________________________________________
(١) الامر السابع
فى وجه الفرق بين الاوامر والنواهى.
(٢) اما الاشكال
هو ان الأمر يجرى فى مقام امتثاله صرف وجود متعلقه بخلاف النهى فانه لا بد من ترك
جميع وجودات متعلقة فى مقام امتثاله مع ان متعلق النهى هو بنفسه متعلق الامر لذا
يكون مقابل افعل هو لا تفعل فاذا كان البعث فى افعل على صرف الوجود فاللازم ان
يكون الزجر فى لا تفعل ايضا عن صرف الوجود ولازم ذلك هو الاجتزاء بترك صرف الوجود
فى مقام امتثال النهى وهو يحصل بترك الطبيعة المنهى عنها آناً ما ولكن ليس الامر
كذلك بل لا بد من ترك جميع وجودات الطبيعة المنهى عنها فما هو الوجه فى هذا
الافتراق بين الامر والنهى مع اشتراكهما ظاهرا فى نحو التعلق.
(٣) وذكروا فى
الفرق بينهما بوجوه الوجه الاول ما اشار اليه المحقق الماتن قدسسره وملخصه ان النواهى كاشفة عن مفسدة فى المتعلق والاوامر
كاشفة عن مصلحة فيه وتحصيل المصلحة يقتضى الاكتفاء بالمرة بخلاف دفع المفسدة فانه
لا يتحقق إلّا بترك جميع الافراد الملازم لكون المراد مع المتعلق الطبيعة السارية.
(٤) وملخص الجواب
عن هذا الوجه ان مصلحة المتعلق ان كانت قائمة بالطبيعة السارية فلا وجه للاكتفاء
بالمرة كما ان المفسدة اذا كانت قائمة بصرف الوجود بحيث كان صرف الترك محبوبا توجه
الاكتفاء بالمرة واما نفس المصلحة والمفسدة فلا يقتضيان شيئا منهما.
(٥) الوجه الثانى
ان مفاد الامر هو البعث الى الطبيعة وهو يحصل باول الوجود
والاولى ان يقال (١)
ان طبع اطلاق المادة فى المقامين (٢) وان كان مقتضيا لموضوعية صرف الطبيعة (٣)
______________________________________________________
ومفاد النهى الزجر
عنها وهو لا يحصل عقلا إلّا بترك جميع الافراد والجواب عنه اذا كانت الطبيعة على
نحو الطبيعة السارية فهى لا تحصل عقلا باول الوجود بل يتوقف تحققها على تحصيل كل
فرد ممكن منها كما فى قوله تعالى (أَوْفُوا
بِالْعُقُودِ) كما انه اذا كانت على نحو صرف الوجود فنفيها يتحقق بترك
اول الوجود فان من الواضح ان امتثال النهى المتوجه الى الطبيعة على نحو صرف الوجود
يكون بترك الطبيعة فى اول آن وجودها.
(١) الوجه الثالث
وملخص ذلك ان اطلاق الهيئة فى النواهى هو الدوام والاستمرار بملاحظة اقتضاء
اطلاقها لسعة دائرة الطلب وشموله للوجودات العرضية والطولية ومبغوضية الطبيعة
بوجودها السارى فى جميع الافراد وتحكيمه على قضية اطلاق المادة فيها فى اقتضائه
لكون تمام المبغوض هو صرف وجود الطبيعى المتحقق بأول وجود ولو من جهة علية الهيئة
لتحقق المادة خارجا بخلاف الاوامر حيث ان صحة تحكيم اطلاق الهيئة فى باب النواهى
واستفادة الدوام والاستمرار منه انما هو من جهة عدم ترتب محذور العسر والحرج فى
الترك على الدوام والاستمرار بخلافه فى الاوامر فانه يلزم فيها من تحكيم قضية
اطلاق الهيئة على اطلاق المادة محذور العسر والحرج الشديد فمن هذه الجهة ربما يمنع
مثل هذا المحذور فى باب الاوامر عن جريان اطلاق الهيئة فيها والاخذ بها ومع عدم
جريان الاطلاق فيها لا جرم يبقى اطلاق المادة فيها على حاله سليما عن المزاحم
ومقتضاه كون تمام المطلوب عبارة عن صرف الطبيعى المتحقق بأول وجوده دون الطبيعة
السارية.
(٢) اى الاوامر
والنواهى.
(٣) فان مقتضى
مقدمات الحكمة كون متعلق التكليف امرا كان او نهيا هو صرف وجود الطبيعة الملازم
للاكتفاء بالمرة ضرورة ان المقدمات وان كانت وظيفتها الغاء القيود ورفضها لا
اثباتها والسر فيه كالسريان قيد من القيود إلّا انه حيث لا يمكن ان يكون المقسم
مرادا بالفرض فلا بد وان يكون احد الاقسام مراد او بما ان صرف الوجود اقل مئونة من
غيره يتعين الحمل عليه هذا مقتضى جريانها فى المادة التى تكون متعلقا للحكم.
ولكن اطلاق الهيئة
(١) بمفادها يقتضى سعة الطلب او الزجر المناسب قيامهما بالطبيعة السارية ، وعمدة
النكتة الفارقة بين الاطلاقين هو (٢) ان الاطلاق فى طرف المادة انما يجرى فى طرف
موضوعية الحكم وهو منحصر قبل وجوده فمركز هذا الاطلاق ليس إلّا نفس الطبيعة وبديهى
ان سعة الطبيعى انما هو بسعة قابليته للانطباق على اى مرتبه من وجودها قليلا كان
او كثيرا ولذا لا يقتضى هذا الاطلاق الا قابلية وجودها فى ضمن فرد واحد فلذا يجتزى
العقل من قبل اطلاقه بفرد واحد وهذا (٣) بخلاف الاطلاق فى مدلول الهيئة اذ اطلاقه
انما يجرى فى الطبيعة المنطبقة على الوجود وفارغا عن انطباقه وح مركز هذا الاطلاق
الطبيعة الموجودة ومعلوم ان سعة الطبيعة الموجودة بسعة وجوده والطلب بهذه السعة لا
يناسب تعلقه بصرف الطبيعة القابلة للانطباق على وجود واحد اذ الوجود الواحد غير
متحمل لسعة الطلب الا من حيث الشدة لا حيثية
______________________________________________________
(١) فان مقتضى
مقدمات الحكمة فى الهيئة فهو الحمل على الطبيعة السارية لوجود المانع من حمل
مفادها اعنى الحكم على صرف الوجود فيحمل على السريان بعد الغاء سائر القيود.
(٢) والسر فيه ان
مقدمات الحكمة فى متعلق الحكم تجرى قبل وجوده كما هو واضح وعليه لا مانع من كون
المراد منه صرف وجود الطبيعة بحيث ينطبق على القليل والكثير الملازم لجواز
الاكتفاء بالمرة.
(٣) واما بالنسبة
الى مفاد الهيئة اعنى الحكم فتجرى بعد الوجود اذ قد تقدم مرارا ان حقيقته هى
الارادة المبرزة ومن المعلوم انها امر شخصى موجود لا يتصور فيها السعة فى الانطباق
كما يتصور فى المتعلق وعليه يكون مقتضى الاطلاق فى الارادة السعة بحسب الوجود
الخارجى من جهة سعة افراد متعلقها والسعة بحسب المراتب ومقتضى عموم الاطلاق الشمول
للسعة فى الوجود بكلا النحوين ولازم السعة بحسب افراد المتعلق حمل الارادة على نحو
السريان بحيث تشمل جميع الحصص ولا يشذ عن حيطتها شىء منها وإلّا يلزم القصور فى
شمول الارادة ولازم ذلك التقييد ثبوتا.
آخر فالمناسب
للسعة حتى من الحيثية الاخرى ليس إلّا الطبيعة السارية وحيث ان الامر كك فنقول
لازم الاطلاقين (١) وقوع تزاحم بين مدلولى الهيئة والمادة وعليه فنقول ان المادة
لما كان فى عالم الخارج معلول الهيئة فيحسب قهرا من تبعاتها ولا ينظر الى موضوعية
المادة فى عالم لحاظه كى يصير الهيئة من تبعات المادة ومقتضاه ح تقديم اطلاق
الهيئة وكشف الطبيعة السارية من المادة إلّا اذا كان فى البين محذور آخر (٢) وح
نقول ان تقديم الهيئة على المادة فى النواهى لا محذور فيه للقدرة على التروك بقول
مطلق فلا يرى العقل محذورا فى الترجيح المزبور (٣) وهذا بخلاف الاوامر فان محذور
وقوع المكلف فيما لا تطاق من اعظم المحاذير ولذا صار المرتكز فى الاذهان تقديم
اطلاق المادة فيها على الهيئة للمحذور المغروس فى الذهن بل وربما يؤخذ باطلاق
الهيئة ايضا فيها فيما لا محذور فى (٤) ولذا ربما يختلف ايضا دلالة الامر على
مطلوبية الطبيعة
______________________________________________________
(١) وح تقع
المزاحمة بين اطلاق الهيئة واطلاق المادة وهى وان كانت بحسب اللحاظ بمنزلة الموضوع
للهيئة ويحسب مفاد الهيئة من تبعاتها إلّا انها حيث تكون فى الخارج بمنزلة المعلول
للهيئة ومن تبعاتها وهذه الجهة ينظر العرف اقوم من الجهة الاولى تكون الهيئة قرينة
على المراد منها فتحمل تبعا للهيئة على السريان.
(٢) ولكن لا يخفى
ان ذلك انما يكون فى مورد يمكن حمل الكلام فيه على السريان ومن المعلوم ان حمل
الاوامر على السريان غير ممكن لاستحالة امتثال الاوامر على نحو السريان فيكشف ذلك
عن ان السريان ليس بمراد والحمل على بعض المراتب لا معين له وذلك يكون قرينة على
اطلاق المادة اعنى كونها على نحو صرف الوجود ونتيجته الاكتفاء فى مقام الامتثال
بالمرة.
(٣) فان امتثال
النواهى على نحو الطبيعة السارية ممكن بل امتثالها على نحو صرف الوجود حاصل دائما
بناء وعلى كون المطلوب فيها الترك لا الكف وعليه يبقى تقديم اطلاق الهيئة على
اطلاق المادة على حاله ولازمه الحمل على الطبيعة السارية بلا مانع.
(٤) وذلك فى صيغه
الامر كما فى قوله تعالى (أَوْفُوا
بِالْعُقُودِ) فانه يبقى الكلام
السارية او صرف
الوجود حسب اختلاف المقامات كما لا يخفى وبعين هذه النكتة ايضا ربما نستفيد فى
كثير من المستحبات (١) ايضا الطبيعة السارية المستلزم لتقديم الهيئة فيها على
المادة لعدم المحذور المزبور فيها كما لا يخفى. و (٢) لنا فى المقام بيان آخر فى
وجه التفرقة بين الاوامر والنواهى لعله امتن من
______________________________________________________
على مقتضى طبعه من
تقديم اطلاق الهيئة على اطلاق المادة المستلزم للحمل على الطبيعة السارية.
(١) وذلك كالصلوات
المبتدئة فى كل آن مستحب وصوم كل يوم مندوب ما عدا رمضان والعيدين وذكر الله على
كل حال وقراءة القرآن ونحو ذلك.
(٢) الوجه الرابع
وملخصه ان الاشكال نشأ من توهم ان نتيجه مقدمات الحكمة اثبات كون متعلق الحكم
اعتبر على نحو صرف الوجود ولذا يستشكل بانه لم صارت نتيجتها فى النواهى السريان
ولكنه توهم فاسد اذ ليس فى وسع مقدمات الحكمة اثبات كونه على نحو صرف الوجود وذلك
لان اسماء الاجناس موضوعة للطبيعة المهملة التى تكون مقسما لاعتبارات الماهية
ووظيفة المقدمات رفض القيود وبيان ان ما هو مدلول للفظ يكون تمام الموضوع للحكم
ضرورة ان المتكلم اذا القى كلاما لمخاطبه ولم يذكر قيدا فلا محاله يكون مدلول
اللفظ مراد او يضاف الى المقدمات حكم العقل بعدم امكان ارادة المقسم لإهماله وح
اذا تعلق الامر بلفظ فهو يقتضى ايجاد ما يكون مدلولا لذلك اللفظ ومن المعلوم ان
ايجاد الطبيعة المهملة يتحقق بايجاد احد اقسامها والطبيعة المرسلة ذاتا يكون اقل
مئونة من سائر الاقسام وذلك يكشف عن ان المراد هو الطبيعة المرسلة ذاتا وبما ان
الطبيعة الرسلة تكون قابلة لتعلق الحكم بها بنحو الشيوع البدلى وبنحو الشيوع
السارى يتوقف تعيين احدهما على معين وحيث ان الشيوع البدلى اقل مئونة من السارى
يتعين الحمل عليه وهو مساوق لكون صرف الوجود مرادا ، واما اذا صار مدلول اللفظ
متعلقا للنهى فهو يقتضى الزجر عن الطبيعة المهملة اعنى تركها ومن المعلوم ان ترك
الطبيعة المهملة اعنى المقسم يتحقق بترك جميع اقسامها ونتيجة ذلك مطلوبية ترك
الطبيعة على نحو السريان وقد تحصل ان الفرق بينهما يكون من جهة اختلاف مقتضى البعث
الى المهملة والزجر عنها.
البيان السابق وهو
ان لفظ المادة بعد ما كان موضوعا للطبيعة المهملة (١) وبيّنا ايضا ان الطبيعة
المهملة (٢) لا يكون لها وجود مستقل بل هو معنى محفوظ فى
______________________________________________________
(١) اشاره الى احد
المسلكين الوجود فى المطلق وهو الصحيح فان مقالة المشهور فى ما يسمى بالمطلق
كاسماء الاجناس وان نسب اليهم تارة القول بوضع المطلق للمقيد بالسريان واخرى القول
بانه موضوع للمقيد بالبدلية بحيث يكون مفهوم رجل مساوقا لمفهوم اى رجل ولكن لا
يخفى فساد كلا الوجهين اما الاول فواضح الفساد اذ لا يعقل اختياران مفهوم رجل
مساوق لمفهوم كل رجل واما الثانى فلانه لو كان اللفظ موضوعا له يلزم ان يكون
استعماله فى الاول مجازا مع ان المشهور لا يلتزمون به والتحقيق انهم يقولون بوضعه لنفس
الطبيعة المرسلة ذاتا المسماة باللابشرط القسمى وهى التى تكون مصداقا للماهية
المجردة المسماة بالكلى الطبيعى عند بعض وهذا لمفهوم قابل لان يتوجه اليه الحكم
على نحو الشيوع البدلى وعلى نحو الشيوع السارى وكلا الاعتبارين من كيفيات تعلق
الحكم لا من خصوصيات الموضوع له ولهذا يتوقف اثبات كل منهما حتى على مذهب المشهور
الى قرينة خاصه او عامة كمقدمات الحكمة لو ثبتت بها تلك الخصوصية نعم اثبات نفس
الارسال الجامع بينهما لا يحتاج الى قرينة على مذهب المشهور بل نفس الوضع متكفل
لذلك واما على مسلك السلطان فهو موضوع للماهية المهملة اللابشرط المقسمى التى لا
تتحقق فى الذهن الا فى ضمن الاقسام ومنها الماهية المرسلة ذاتا المسماة باللابشرط
القسمى الجامعة بين البدلية والسريان فمذهب المشهور يوافق مسلك السلطان فى
الاحتياج الى مقدمات الحكمة غاية الامر انه على مسلك السلطان لا بد ان تتكفل باثبات
الارسال الذاتى وتعيين احد شقيه وعلى مذهب المشهور اصل الارسال الذاتى يثبت بالوضع
وتعيين احد شقيه يحتاج الى مقدمات الحكمة ، ولذا كان يشترك المسلكين فى ورود
الاشكال المتقدم فان نتيجه المقدمات ان كانت اثبات الشيوع البدلى المعبر عنه بصرف
الوجود فلا محيص من عدم التفريق بين الاوامر والنواهى وان كانت الشيوع السارى
فكذلك ايضا كما انه اذا التزم بان مقتضى طبع المقدمات اثبات الشيوع البدلى لكونه
اقل مئونة من السارى فلا بد ان لا يفرق بين الاوامر والنواهى وقد عرفت الجواب عن
ذلك مفصلا.
(٢) وهو الذى عليه
المحققين من كون المادة موضوعة للماهية المهملة ولا
ضمن صور متعددة من
صرف الطبيعة الساذجة (١) او المخلوطة بقيد زائد داخلى (٢) مثل سريانه فى ضمن
افراده او خارجى (٣) كسائر قيوده من مثل قيامه وقعوده و (٤) اذا فرض اقتضاء مقدمات
الحكمة كون ما هو مدلول اللفظ تمام الموضوع لازمه قيام تمام الحكم الشرعى بما هو
مدلول اللفظ و (٥) ح بعد ما كان هذا المدلول فى ضمن صور متعددة فان كان الحكم
المزبور ايجابيا مقتضيا لوجود موضوعه فمع صدق الموضوع مع الطبيعة الساذجة الصادقة
على وجود واحد العقل يجتزى بامتثاله فى ضمن اول الوجودات اذ بوجوده يصدق تحقق
الطبيعة المهملة المحفوظة فى ضمن صور عديدة القابلة للانطباق على الطبيعة الساذجة
ايضا وبعد تحقق اول وجودها يسقط الطلب لفرض تحقق تمام موضوعه و (٦) ان كان الحكم
المزبور سلبيا مقتضيا لاعدامها فلا شبهة فى ان
______________________________________________________
تتحقق الا فى ضمن
الاقسام والصور.
(١) وهو الوجود
بلا دخل خصوصية والتشخص وهو قسم.
(٢) اى الطبيعة
السارية فى ضمن الافراد وهو ايضا قسم.
(٣) اى الخصوصية
والتشخص دخيلة فى الفرد وهو ايضا من صورها.
(٤) وما تقتضى
مقدمات الحكمة هو الموضوع لتمام الحكم الشرعى باى قسم دلت عليه.
(٥) فالحكم ان كان
ايجابيا فلا محالة يتحقق الطبيعة المهملة بصرف الوجود لفرض تحقق تمام موضوعه وهو
القسم الاول اى الطبيعة الساذجة وصرف الوجود بلا خصوصية فالعقل يكتفى بذلك وهو
انطباقها على اول الوجودات.
(٦) والحكم ان كان
سلبيا مقتضيا لاعدام الطبيعة المهملة بجميع اقسامها ومنها اعدام الطبيعة السارية
ولا يكون إلّا باعدام جميع وجوداتها ولو بعد وجود بعض افرادها فلا يسقط النهى بعد
عصيان بعض الافراد فالعقل يحكم بان ترك الطبيعة المهملة بترك جميع اقسامها ومنها
الطبيعة السارية لعدم صدق ترك الطبيعة إلا بترك جميع افرادها الطولية والعرضية.
اعدام الطبيعة
المهملة باعدام جميع صورها ومن الصور الطبيعة السارية ومعلوم ان اعدام الطبيعة
السارية لا يكون إلّا باعدامها ولو بعد وجودها ولذا لا يسقط النهى بعد عصيانه ، وح
عمدة وجه التفرقة بين المقامين بعد اشتراك الطرفين فى التعلق بالطبيعة المهملة وان
تمام الموضوع هذه الطبيعة المحفوظة فى ضمن الصور ان الحكم الايجابى لا يقتضى إلّا
وجود هذه الطبيعة والعقل ح يكتفى ولو بوجود فى ضمن احد الصور التى منها الطبيعة
الصرفة الساذجة القابلة للانطباق على اوّل الوجودات والحكم السلبى لا يقتضى إلّا
ترك هذه الطبيعة المهملة المحفوظة فى ضمن صورها وترك هذه الطبيعة لا يكون إلّا
بترك جميع صورها فى الخارج الذى من جملتها الطبيعة السارية الملازمة لترك الطبيعة
ولو بعد وجودها اذ لو لم يترك لما صدق ح ترك الطبيعة المحفوظة فى ضمن الطبيعة
السارية ايضا اذ لا يصدق ترك الطبيعة السارية إلّا بترك افرادها المتعاقبة وح (١)
فعمدة المحذور فى وجه الفرق وعمود الاشكال فى التسوية بين الامر والنهى خيال تعلق
الامر والنهى بالطبيعة الصرفة قبال السارية فانه لا يبقى ح مجال فرق بينهما اذا
الموضوع فى المقامين لو كان خصوص الطبيعة الصرفة لا محيص من سقوط النهى ايضا باوّل
وجودها لصدق وجود تمام موضوع المبغوض بمجرد ذلك فلا يبقى ح مجال لمبغوضية وجود
الطبيعة بعد وجودها لعدم قابلية الطبيعة الصرفة للانطباق بعد الانطباق واما لو جعل
مركز الاحكام الطبيعة المهملة المحفوظة فى ضمن الصور المزبورة فالتفرقة بين
المقامين فى غاية
______________________________________________________
(١) فالمستشكل
تخيل ان الامر والنهى كل منهما تعلق بالطبيعة الصرفة فلذا يبقى مجال الاشكال
بالفرق بينهما ، ولكن الامر ليس كذلك وانما مركز البحث تعلق الاحكام على الطبيعة
المهملة فى كليهما على ما عرفت.
الوضوح ، ومن
التأمل فى ما ذكرنا (١) ظهر ايضا مطلب آخر (٢) وهو ان نتيجة
______________________________________________________
(١) وهو من تعلق
الامر على الطبيعة المهملة.
(٢) والمراد من
مطلب آخر هو ان نتيجه مقدمات الحكمة انما هو بعد تعلق الطلب على الطبيعة المهملة
المنطبق على صرف الوجود وغيره من الاقسام بحكم العقل بكفاية وجود واحد فى تحقق
الامتثال ، ويحكم العقل بعدم كفايته فى النواهى لان مبغوضية الطبيعة بمقتضى مقدمات
الحكمة المحفوظة فى الطبيعة السارية فلا يتحقق بصرف العصيان باوّل وجوده كما لا
يخفى ، الامر الثامن بقى الكلام فى بيان الثمرة بين الاقوال المزبورة اما الثمرة
بين القول بالطبيعة وبين القول بالمرة بمعنى الفرد او الوجود الواحد فظاهرة فيما
لو اتى دفعه واحدة بافراد متعددة فانه على القول بالطبيعة يقع الامتثال بالمجموع
ويكون المجموع امتثالا واحدا ولكنه لا بمناط الترجيح بلا مرجح بل بمناط انطباق
الطبيعى المأمور به على الجميع باعتبار كونها وجودا لها ، واما على القول بالمرة
فلا يقع الامتثال الا بواحد منها لا بعينه هذا اذا لم يؤخذ الفرد مقيدا بعدم
الزيادة وإلّا فلا يقع الامتثال بواحد منها اصلا ، ولكن الذى يسهل الخطب هو عدم
ارادة القائل بالمرة مثل هذا لمعنى لما تقدم بان المراد منها انما هو المرة على
نحو اللابشرطية وعليه فيقع الامتثال بواحد منها ويصير الزائد لغوا محضا لا مخلا
باصل الامتثال هذا اذا اتى المكلف بافراد متعددة دفعة واحدة واما لو اتى بها دفعات
فالثمرة ايضا تظهر من جهة قصد الامتثال بالخصوصية وعدم قصدها فانه على القول
بالطبيعة يقع قصده ذلك تشريعا محرما بخلافه على المرة بمعنى الفرد فانه ح لا بد من
قصد الخصوصية ويقع الامتثال به ايضا ، نعم على تفسير المرة بالوجود الواحد من
الطبيعة لا ثمرة فى هذا الفرض بينها وبين الطبيعة بل تختص الثمرة بينهما بالفرض
الاول وهو صورة الاتيان بافراد متعددة دفعة واحدة هذا كله بناء على تفسير المرة
بالفرد او الوجود الواحد ، واما بناء على تفسيرها بالدفعة فلا ثمرة بينها وبين
القول بالطبيعة ومن ذلك ارجعنا القول بالمرة ايضا الى القول بالطبيعة هذا كله فى
الثمرة بين القول وبين القول بالطبيعة ، واما الثمرة بين الطبيعة وبين القول
بالتكرار فعلى تفسيره بالافراد والوجودات فتظهر ايضا فى صورة الاتيان بالطبيعة فى
ضمن فرد واحد فانه على القول بالطبيعة يتحقق الامتثال ويسقط الامر والتكليف من جهة
انطباق الطبيعى على الماتى به بخلافه القول بالتكرار اذ عليه كان التكليف بعد على
حاله
.................................................................................................
______________________________________________________
فيجب الاتيان
ثانيا وثالثا وهكذا ، بل وتظهر الثمرة ايضا عند الاتيان بافراد متعددة دفعة اذ على
القول بالطبيعة من جهة انطباق الطبيعى على الجميع يكون المجموع امتثالا واحدا دونه
على القول بالتكرار فانه عليه يكون تلك امتثالات متعددة كما فى صورة ايجاد الطبيعة
ثانيا وثالثا ورابعا هذا على التكرار بمعنى الوجودات واما على التكرار بمعنى
الدفعات فتظهر عند الايجاد ثانيا وثالثا حيث انه على التكرار يقع الامتثال بثانى
الوجود وثالث الوجود ايضا بخلافه على الطبيعة فانه عليه يكون ثانى الوجود من
الامتثال عقيب الامتثال كما سيأتى واما الثمرة بين القول بالمرة وبين القول
بالتكرار فواضحة غير محتاجة الى البيان.
الامر التاسع وهو
انه على التكرار هل يعتبر تعدد الوجود مطلقا حتى فى الامور القابلة للدوام
والاستمرار كالقيام والقعود ونحوهما فيجب فى تكرر القيام انهدامه ثم قيام آخر كى
يتحقق التعدد وفى الغسل بالماء القليل مرتين يكفى استمرار الماء عليه للتكرار او
لا بد من انهدامه ثم وصول الماء الى المتجنس مرة اخرى ، او ان اعتبار تعدد الوجود
انما هو فى الامور الآنية غير القابلة للدوام والاستمرار كالضرب مثلا وإلّا ففى
الامور القابلة للاستمرار يكفى فى تكرارها استمرارها بنحو لا يتخلل فصل فى البين
بان يقصد بها فى كل آن امتثال الامر المتعلق بالطبيعة بلا احتياج الى تخلل فصل فى
البين كما فى اوفوا بالعقود وجوب واحد مستمرا ووجوبات مكررة فيه وجهان مقتضى ظاهر
العنوان هو الاول من لزوم تكرر الوجود فى صدق التكرار وتحققه حتى فى مثل القيام
والقعود الذى يتصور فيه القرار والاستمرار لكن مقتضى استدلالهم بباب النواهى هو
الثانى وهو عدم اعتبار تكرر الوجود كما هو ذلك فى باب النواهى حيث كان المطلوب
فيها هو الدوام والاستمرار اى الاستمرار على الترك وعليه ربما تظهر الثمرة ايضا
بين القول بالتكرار وبين القول بالطبيعة فى صورة استمرار القيام من جهة وحدة
الامتثال على القول بالطبيعة وتعدده على القول بالتكرار فيما لو قصد كون القيام فى
كل ان امتثالا للامر به كما هو الشأن ايضا فى باب النواهى فيما لو ترك شرب الخمر
قاصدا كونه فى كل ان امتثالا لقوله لا تشرب الخمر فيكون هذا القيام الشخصى المستمر
حينئذ امتثالات متعددة للامر بالقيام وهكذا الامور التدريجية كالحركة والتكلم
والقراءة فان حالها حال الامور القابلة للدوام والاستمرار فبناء على القول
.................................................................................................
______________________________________________________
بالطبيعة يكون
مجموع الحركة والتكلم والقراءة من اولها الى آخرها وجودا واحدا للطبيعة ما لم
يتخلل فصل فى البين فيحتاج فى كونه ثانى الوجود الى طرو فصل فى البين بان يتحرك ثم
يسكن ثم يتحرك وهكذا فى التكلم والقراءة فما دام كان مشغولا بالتكلم والقراءة كان
ذلك بعد وجودا واحدا للقراءة ولا يتحقق ثانى الوجود الا بتخلل سكون فى البين بنحو
يعد الكلام الثانى وجودا آخر. واما على التكرار على النحو المزبور يتحقق التكرار
وتعدد الامتثال بقصده القراءة فى كل آن امتثالا للامر بها نعم لو كان الامر متعلقا
لا بعنوان القراءة بقول مطلق بل بعنوان قراءة الحمد مثلا ففى ذلك يكون تحقق
الطبيعة بمجرد الفراغ عن الحمد ولو لم يقطع قراءته بل اتصل قراءته بقراءته حمد آخر
وح فيكون الحمد الثانى الذى اشتغل به بدون تخلل فصل وسكون من ثانى الوجود للطبيعة
ويكون من باب الامتثال عقيب الامتثال كما هو واضح ، وبالجملة ففى الاعدام يتحقق
الامتثالات المتعددة بالتروك بلا فصل لكن فى الوجودات يحتاج الى تخلل فصل عدمى فى
التكرار والتعدد الا فى مثل الحمد كما عرفت.
الامر العاشر قال
فى الكفاية ج ١ ص ١٢١ تنبيه لا اشكال بناء على القول بالمرة فى الامتثال وانه لا
مجال للاتيان بالمامور به ثانيا على ان يكون ايضا به الامتثال فانه من الامتثال
بعد الامتثال ـ اى وهو ممتنع لان الامتثال فعل المأمور به وبالامتثال الاول يسقط
الامر فيكون فعله ثانيا امتثالا ـ واما على المختار من دلالته على طلب الطبيعة من
دون دلالة على المرة ولا على التكرار فلا يخلو الحال اما ان لا يكون هناك اطلاق
الصيغة فى مقام البيان بل فى مقام الاهمال او الاجمال فالمرجع هو الاصل ـ اى الاصل
العملى فلو تردد الامر بين الطبيعة والتكرار فالاصل البراءة عن وجوب الزائد على
المرة مع تعدد الوجود اما مع اتصاله بناء على تحقق التكرار به فاستصحاب الوجوب هو
المرجع ولو تردد بين الطبيعة والمرة فلا اثر للشك ولو تردد بين المرة والتكرار
والطبيعة فالحكم كما لو تردد بين الطبيعة والتكرار وكذا لو تردد بين المرة
والتكرار ـ واما ان يكون اطلاقها فى ذاك المقام فلا اشكال فى الاكتفاء بالمرة فى
الامتثال وانما الاشكال فى جواز ان لا يقتصر عليها فان لازم اطلاق الطبيعة المأمور
بها هو الاتيان بها مرة او مرارا لا لزوم الاقتصار على المرة كما لا يخفى والتحقيق
ان قضية الاطلاق انما هو جواز الاتيان بها مرة فى ضمن فرد او افراد فيكون ايجادها
فى ضمنها
.................................................................................................
______________________________________________________
نحوا من الامتثال
كايجادها فى ضمن الواحد لا جواز الاتيان بها مرة ومرات فانه مع الاتيان بها مرة لا
محاله يحصل الامتثال ويسقط به الامر فيما اذا كان امتثال الامر علة تامة لحصول
الغرض الاقصى بحيث يحصل بمجرده فلا يبقى معه مجال لاتيانه ثانيا بداعى امتثال آخر
او بداعى ان يكون الاتيانان امتثالا واحدا لما عرفت من حصول الموافقة باتيانها
وسقوط الغرض معها وسقوط الامر بسقوطه فلا يبقى مجال لامتثاله اصلا ـ اى يكون
المانع العقلى عن ثبوت الاطلاق المذكور لان الوجود الاول اذا كان علة تامة لسقوط
الغرض كان علة تامة لسقوط الامر ايضا فيمتنع كون الوجود اللاحق موضوعا للامر كى
يجوز الاتيان به بقصد امتثال الامر واذا امتنع كون الاتيان الثانى موضوعا للامر
امتنع ان يكون اطلاق الصيغة شاملا للمرة والمرات ولكن فيه ان المانع الذى ذكره فهو
يتوقف على امتناع التخيير بين الاقل والاكثر بكل وجه وهو محل منع فيجوز بحدهما ،
والصحيح ان يقال يمكن منع الاطلاق المذكور مع قطع النظر عن المانع العقلى وذلك لان
اطلاق المادة يقتضى ان يكون المراد بها صرف الوجود الصادق على القليل والكثير وهو
لا ينطبق على الوجود اللاحق فانه وجود بعد وجود لا صرف الوجود الذى هو بمعنى خرق
العدم ـ واما اذا لم يكن الامتثال علة تامة لحصول الغرض كما اذا امر بالماء ليشرب
او يتوضأ فاتى به ولم يشرب او لم يتوضأ فعلا فلا يبعد صحة تبديل الامتثال باتيان
فردا آخرا حسن منه بل مطلقا كما كان له ذلك قبله على ما يأتى بيانه فى الاجزاء
انتهى ولكن فيه ان الغرض من الامر باحضار الماء تارة يكون مجرد تمكن الامر من شربه
ولا ريب فى حصوله بمجرد احضاره ، واخرى يكون هو الشرب الفعلى فيشكل الامتثال ثانيا
من جهة امتناع بقاء الامر مع حصول موضوعه الذى هو صرف الاحضار فلا بد اما من
الالتزام بان موضوع الامر ليس مطلق الاحضار بل الاحضار المترتب عليه الشرب ولازمه
القول بالمقدمة الموصلة والباعث على هذا الالتزام لزوم المساواة عقلا بين الغرض
وموضوع الامر سعة وضيقا لامتناع التفكيك بينهما وعليه فلا يتعين الاحضار الحاصل
لان يكون مأمورا به الا بعد ترتب الغرض عليه ولازمه ان المكلف فى مقام الامتثال
انما يأتى بالاحضار الاول رجاء كونه مأمورا به لا بقصد ذلك وح فللمكلف الاتيان
ثانيا وثالثا بهذا القصد بعينه ولا يكون فرق بين الوجود وبين بقية الوجودات
اللاحقة فى كيفية الامتثال ، واما من الالتزام بان
.................................................................................................
______________________________________________________
الغرض كما يبعث
الى الامر او لا بالاحضار يبعث ثانيا الى صرف الاحضار المنطبق على بقاء الفرد
الاول واحضار فرد آخر اذ لا يتعين للدخل فى الغرض الفرد الاول بخصوصه بمجرد وجوده
بل كما لم يتعين او لا قبل وجوده لم يتعين بعد وجوده ولازم ذلك الالتزام باوامر
طولية بحسب الزمان ما دام الغرض باقيا ويكون المراد من بقاء الامر هذا المعنى لا
بقاء الامر الشخصى بحدوده لامتناع بقائه بحصول موضوعه ، ولكن ذكر المحقق الاصفهانى
فى النهاية ج ١ ، ص ١٤٤ ، التحقيق ان اتيان المأمور به بحدوده وقيوده علة تامة
للغرض الباعث على البعث اليه والغرض القائم باحضار الماء تمكن المولى من رفع عطشه
به مثلا لا نفس رفع العطش كما هو واضح نعم هو غرض مقدمى لا اصيل وغير فارق اذ مدار
امتثال كل امر على اسقاط نفس الغرض الباعث عليه لا شىء آخر ولا يتوقف الامتثال ولا
اتصاف المقدمة بالمقدمية على تعقبها بذيها عنده قده وعند المشهور كما سيجيء إن شاء
الله تعالى وما يرى من وجوب اتيان الماء ثانيا لو اريق الماء لا دلالة له على شيء
لان الغرض تمكن المولى من شربه وقد انقلب الى نقيضه فيجب عليه احضاره ثانيا لعين
ما اوجبه اولا لان ملاك الامتثال استيفاء المولى غرضه منه نعم هو ملازم له احيانا
انتهى والمختار عندنا هى المقدمة الموصلة كما سيأتى وملخص ذلك ان الغرض المترتب
على وجود المأمور به فى الخارج من دون دخل شيء آخر فيه هو الذى يكون المكلف مأمورا
بتحصيله واما غرض الامر كرفع العطش مثلا حيث ان حصوله يتوقف على فعل نفسه وهو
الشرب زائدا على الاتيان بالمامور به فلا يكون المكلف مأمورا بايجاده وامتثاله
لخروجه عن قدرته وامتثاله فالواجب على المكلف ليس إلّا تمكين المولى من الشرب
وتهية المقدمات له فانه تحت اختياره وقدرته وهو يحصل بصرف الامتثال الاول ، ثم ان
هنا موردين يدل على جواز الامتثال بعد الامتثال احدهما فى صلاة الآيات حيث قد ورد
فيها ان من صلى صلاة الآيات فله ان يعيد صلاته مرة ثانية ما دامت الآية باقية وهذا
يدل على جواز الامتثال مرة ثانية بعد الامتثال الاول وثانيهما فى الصلاة اليومية
حيث قد ورد فيها ان من صلى فرادى واقيمت الجماعة فله ان يعيد صلاته مرة اخرى فيها
، وذكر استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٢١٠ ولكن هذا التوهم خاطئ فى كلا
الموردين اما فى المورد الاول فهو لا يدل على ازيد من استحباب الاعادة مرة ثانية
بداعى الامر
مقدمات الحكمة فى
الامر ايضا ليس مطلوبية صرف الوجود الذى معنى اللابشرط القسمى بل النتيجة مطلوبية
الطبيعة المهملة القابلة للانطباق على الصرف ايضا ، وبهذه الجهة يقنع العقل فى
امتثاله المستتبع لسقوطه بوجود واحد كما ان نتيجة مقدمات الحكمة فى النواهى ايضا
ليس إلّا مبغوضية الطبيعة المحفوظة فى جميع الصور الذى من جملتها الطبيعة السارية
والعقل فى امتثال النهى وكذا فى عصيانه لا يقنع بترك مجرد اوّل وجود الطبيعة بل
يحكم بلزوم ترك الطبيعة السارية ايضا المستتبع لعدم سقوط المبغوض بصرف العصيان
بأوّل وجوده كما لا يخفى وسيأتى إن شاء الله تتمة الكلام فى باب المطلق والمقيد
عند تشكيل مقدمات الحكمة وليكن ذلك فى ذكرك الى ان يجئ محله. مقالة
(١) هل
______________________________________________________
الاستحبابى بداهة
ان الامر الوجوبى قد سقط بالامتثال الاول فلا تعقل الاعادة بداعيه فالاعادة لا
بداعى الامر الاول لتكون من الامتثال بعد الامتثال واما فى المورد الثانى فائضا
كذلك ضرورة انه لا يستفاد منها الا استحباب الاعادة جماعة فاذن تكون الاعادة بداعى
الامر الاستحبابى لا بداعى الامر الاول وإلّا لكانت واجبة وهذا خلف نعم هنا
روايتان صحيحتان ففى احدهما امر الامام بجعل الصلاة المعادة فريضة وفى الاخرى
بجعلها فريضة ان شاء ولكن لا بد من رفع اليد عن ظهورهما بقرينة عدم امكان الامتثال
ثانيا بعد الامتثال وحملها على جعلها قضاء عما فات منه من الصلاة الواجبة ثانيا او
على معنى آخر الخ وفيه قد عرفت انه يختلف على الاغراض ولا وجه للتأويل اصلا بعد
الصراحة فى كونه امتثالا بعد الامتثال ولكن سيأتى فى مسألة الاجزاء ما له نفع فى
المقام والقول بعدم امكان الامتثال بعد الامتثال لكن لو كان الثانية لم تكن فريضة
كيف يجعلها فريضة ولا بد من قصد الظهرية ايضا وإلّا كيف يقتدى به من يصلى الظهر اداء
فتأمل جيدا والمحقق الماتن تعرض المسألة هناك فراجع.
فى دلالة الامر على الفور وعدمه
(١) النموذج
السابع فى ان صيغة الامر هل تدل على الفور ام لا والحق انها لا تقتضى شيئا من
الفور ولا التراخى وانما تدل على طلب ايجاد الطبيعة الجامعة بين
الامر بصيغة يقتضى
فورية ايجاد المطلوب او يقتضى تراخيه او لا يقتضى شيئا منهما وجوه اخيرها هو
المشهور بين الاصحاب ، ولا يخفى ان نظر القائل بالفورية او التراخى ليس (١) الى
دخل الزمان فى مدلول الهيئة كيف وهو معترف بعدم دلالة صيغ الامر على الزمان بل هو
مساوق للتعجيل فى الوجود المتصور احيانا فى المجردات الخارجة عن الزمان (٢) بل وفى
نفس الزمان ايضا كما انه يمكن (٣) ان يدعى ايضا بعدم نظرهم الى اخذ القيدين فى
مدلول الصيغة كيف و
______________________________________________________
الفور والتراخى ـ ومن
المعلوم ان الواجبات الشرعية على اقسام منها ما لا يكون مقيدا بالتقديم ولا
التاخير كالصلوات اليومية وهو الواجب الموسع ، ومنها مقيدا بالتاخير وهو الواجب
المضيق كالصوم ، ومنها مقيد بالتقديم ويسقط بتركه فورا كرد السلام ولو عصى ولم يأت
به فورا يسقط ، ومنها مقيد بالتقديم ولا يسقط بتركه فورا بل يجب فورا ففورا كوجوب
اداء الدين عند المطالبة ووجوب الحج اى حجة الاسلام والعمل بالوصية ومنها مقيد
بالتقديم ولا يسقط بتركه فورا لكن يجب فورا فان عصى فيسقط الفورية كصلاة الزلزلة ،
والكلام فى ما لو شك فى الفورية والتأخير.
(١) وربما يستدل
لعدم الفورية بعدم مأخوذية الزمان فى المشتقات حتى تدل على زمان الفور بمعناه الاسمى
وفيه ان ذلك لا ينبغى صدوره من احد بل نظر القائل بمطلوبية الفور انما هو الى مجرد
الاستعجال والمسارعة فى ايجاد المأمور به المنطبق فى الزمانيات على اول الازمنة
بعد الامر بلا مدخلية للزمان فيه بنحو القيدية اصلا كما ان نظر القائل بالتراخى
انما هو الى ما يقابل ذلك.
(٢) كما يقال
استعجلت البرودة او الحرارة وانقضت ، وكذا استعجل هذا العام ومضى الزمان فورا ولذا
يتصف الزمان والمجردات به.
(٣) ويمكن
الاستدلال للفور بما ملخصه انه تدل الصيغة على معنى من الطلب والبعث المستلزم
للفورية بتقريب ان البعث المستفاد من الصيغة منزل فى نظر العقلاء تشريعا بالاضافة
الى متعلقة منزلة العلة التكوينية فكما ان العلة التكوينية لا ينفك عنها معلولها
فى اول ازمنة الامكان كذلك ما هو منزل منزلتها وفيه انا لو سلمنا صحة التنزيل
المذكور لما كان ذلك مستلزما لتنزيل البعث منزلة العلة التكوينية فى جميع
الصيغ آبية عن اخذ
جهة زائدة عن مدلول المادة من الطبيعة والهيئة من ارسال الفاعل الى المبدا فى
مدلولها بل تمام النظر الى ان المستفاد من الصيغ معنى يلازم حكم العقل بالتعجيل فى
الامتثال او يلازم التراخى وعدم التعجيل او لا يلازم شيئا منهما بتوضيح ان القائل
بالفورية يتخيل بان الامر باقتضائه طلب المولى علة تامة تشريعية لوجود المادة وشأن
العلة عدم انفكاكه عن المعلول ولازمه حكم العقل بلزوم تعجيل العبد فى امتثاله
والقائل بالتراخى (١) يتخيل بان المادة غالبا يحتاج الى مقدمات موجبة لعدم كون
الامر علة تامة لوجود المادة بل هو من احد المقتضيات المستتبعة لتهيئة العبد لبقية
المقدمات الملازمة قهرا لتراخى المادة فى الوجود والقائل (٢) بعدم الاقتضاء ناظر
الى ان علية الامر ليس
______________________________________________________
خصوصياتها وآثارها
بل المسلم انما هو تنزيل البعث منزلة العلة التكوينية فى الجملة لا ناقد قلنا ان
الامر هو البعث بداعى جعل الداعى وذلك لا يستدعى اكثر من التوصل بذلك البعث الى
وقوع المطلوب فى الخارج لذا نجد العقلاء يعدون العبد مطيعا اذا امره المولى بفعل
لم تدل القرينة على الفورية فيه فاتى به بعد مضى زمان من حين صدور الامر ـ اللهم
إلّا ان يكون المراد من ذلك هو ان للمولى ان يذم العبد على تركه للمأمور به فى اول
آنات امكانه بعد عدم اقامة دليل على انه لا اشكال فى التراخى فان هذا من وظائف
العبودية سيما فى بعض الموارد مثل الحج الذى يكون فى كل ستة دفعة فى موسم مخصوص
ولو لا هذا الدليل ما كان لنا دليل آخر على وجوب الحج فورا لكن فيه ان العقل يذم
على ترك المأمور به من رأس واتيانه وظيفة العبودية اما اتيانه فورا فلا يحكم العقل
بلزومه وانه من وظائف العبودية كما لو يخفى.
(١) واستدل ايضا
لعدم الفور ان المأمور به تحتاج الى مقدمات بعد تعلق الارادة التشريعية به فانها
من المقتضيات لا العلة التامة فلاجل تهية سائر المقدمات يلازم التراخى وفيه ان
الفورية يلازم القيام بالمقدمات عقلا فلا يمكن اتيان ذى المقدمة بدون المقدمة
فالمراد بالفورية ذلك.
(٢) وقد يستدل
لعدم الاقتضاء اصلا ان قضية الامر بشيء ليست إلّا البعث نحوه بالايجاد فاذا كان المتعلق
هو الطبيعى الجامع بين الفرد الحالى والفرد الاستقبالى
إلّا بملاحظة
عدوته الى متعلقة وبمقدار اقتضاء الدعوة ينتزع عنه العلية ومن المعلوم ان الامر
اذا تعلق بالجامع بين الافراد الفعلية والآتية فلا يدعوا الا الى هذا الجامع
والعقل ايضا لا يحكم إلّا بايجاد الجامع بلا تعيينه فى خصوص الافراد الفعلية
ومقتضاه ليس حكمه بالتخيير (١) بين الافراد العاجلة والاجلة ومنه ينتزع ايضا علية
الامر لمثل هذا التخيير لا لتعين الافراد العاجلة او لايجاد الطبيعة فى ضمنها
بخصوصها كما لا يخفى وعليه فالتحقيق ما ذهب اليه المشهور (٢) كما (٣) ان الامر
بالاستباق والمسارعة ايضا ليس إلّا ارشادا الى الحكم العقل
______________________________________________________
فلا جرم لا يقتضى
الامر به ايضا إلّا ايجاد تلك الطبيعة بها انها جامعة بين الفرد الحالى
والاستقبالى.
(١) قد زيد فى
الطبع الحديث كلمة ـ الا ـ ولا يحتاج اليه فانه ليس حكم العقل بالتخيير بل حكمه
بايجاد الجامع ولازمه التخيير بين العاجلة والاجلة.
(٢) وهو انه لا
يقتضى الفور ولا التراخى ـ عليه ـ المشهور والوجه فى ذلك واضح فان منشأ استفادة
الفورية تارة يقال انه نفس الصيغة كما هو ظاهر العنوان واخرى يقال انه هو الدليل
الخارجى فاما الوجه الاول فالظاهر انه لا وجه له اصلا لانا نمنع ان تكون الصيغة
دالة على اكثر من الطلب المطلق للمادة لما عرفت سابقا من ان المادة تدل على الحدث
وان الصيغة تدل على البعث الملحوظ نسبة بين الامر والمأمور والمأمور به فلم يبق فى
الكلام ما يدل على الفورية او التراخى ونحوهما ، بل ومع الشك ايضا ربما كان قضية
اطلاق المادة هو سقوط الغرض وتحقق الامتثال بالاستعجال الملازم لزمان الحال
والتأخير الملازم لزمان الاستقبال بل كان الامر التمسك بقضية اطلاق المادة فى
المقام اهون من المقام السابق نظرا الى سلامته عن المزاحمة مع اطلاق الهيئة كما
هناك وذلك لعدم اقتضاء لاطلاق الهيئة للاستعجال والفورية فى المقام كى يقع بينهما
المزاحمة كما هو واضح وح فمقتضى اطلاق المادة هو تحقق الامتثال باتيان الطبيعة
وايجادها بنحو الاستعجال او التراخى.
(٣) واما الوجه
الثانى هو استفادة الفورية من دليل خارجى منفصل فقد استدل عليه ببعض الآيات منها
قوله تعالى (وَسارِعُوا إِلى
مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) ومنها (فَاسْتَبِقُوا
الْخَيْراتِ) الآية بتقريب ان الامر فى كل من الآيتين ظاهر فى الوجوب
فيكون كل من المسارعة والاستباق واجبا ولا ريب فى ان امتثال الاوامر الالهية فى
اول ازمنة الامكان من اظهر افراد حقيقة المسارعة والاستباق فيجب ولا يخفى وقع
الكلام فى ان الامر الوارد فى الآية ارشادى الى حكم العقل او مولوى ثم على الثانى
هل يدل على اللزوم ام لا فالكلمات الآتية مبتنية عليه واليك تفصيلها فاجاب عنه فى
الكفاية ج ١ ص ١٢٣ وفيه منع ضرورة ان سياق آية وسارعوا الى مغفرة من ربكم وكذا آية
واستبقوا الخيرات انما هو البعث نحو المسارعة الى المغفرة والاستباق الى الخير من
دون استتباع تركهما الغضب والشر ضرورة ان تركهما لو كان مستتبعا للغضب والشر كان
البعث بالتحذير عنهما انسب كما لا يخفى فافهم ، مع لزوم كثرة تخصيصه فى المستحبات
وكثير من الواجبات بل اكثرها فلا بد من حمل الصيغة فيهما على خصوص الندب او مطلق
الطلب ، ولا يبعد دعوى استقلال العقل بحسن المسارعة والاستباق وكان ما ورد من
الآيات والروايات فى مقام البعث نحوه ارشادا الى ذلك كالآيات والروايات الواردة فى
الحث على اصل الاطاعة فيكون الامر فيها لما يترتب على المادة بنفسها ولو لم يكن
هناك امر بها كما هو الشأن فى الاوامر الارشادية فافهم انتهى واجاب عنه المحقق
العراقى فى البدائع ص ٢٥٢ بقوله ولا يخفى ما فيه اما اولا فلان حسن العقل بحس
المسارعة والاستباق اما لوجود خصوصية ومزية فى الافراد التى تحصل بها المسارعة
والاستباق كالصلاة فى اول الوقت واما لاقتران الافراد التى لا تحصل فيها المسارعة
او الاستباق ببعض المحاذير والعوارض التى يلزم التوقى منها وكلا الفرضين خارج عن
محل الكلام واما حكم العقل بحسن المسارعة لمزية فيهما لا نفسهما فممنوع ، واما
ثانيا فانا لو سلمنا حكم العقل بحسن المسارعة والاستباق لما كان ذلك الا حكما
استحسانيا كما هو المرتكز فى نفوس العقلاء فى امتثال الاوامر المطلقة فانهم
يستحسنون الاسراع فى امتثال امر المولى وان كانوا لا يقبحون التباطؤ والتأخر مع
العزم على الامتثال فلا يكون حكم العقل ح حكما الزاميا نحو حكمه بوجوب اطاعة
المولى فى اوامره الالزامية وعليه يبقى مجال للاوامر المولوية بوجوب المسارعة
والاستباق انتهى وفيه ان المغفرة فى الآية الاولى والخيرات فى الآية الثانية يراد
منهما سببهما وهو الاطاعة وكما يمتنع اخذ الاطاعة قيدا للواجب الشرعى
.................................................................................................
______________________________________________________
يمتنع اخذ سببها
كذلك فانها من شئونها وكما ان الامر بالاطاعة ارشادى كذلك الامر بالمسارعة
والخيرات اليها ويمكن توجيه الاستدلال بما افاده استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص
١٩٥ عن المحقق العراقى ان هنا احتمالين احدهما ان تكون الفورية قيدا للموضوع بنحو
وحدة المطلوب كوجوب رد السلام فانه لو لم يكن جوابه فورا يسقط الوجوب وان عصى
بتركه فى الآن الاول وثانيهما ان تكون واجبة فى واجب بنحو تعدد المطلوب بحيث ان
المطلوب الحج والفورية مثلا فاذا عصى فى الآن الاول يجب فى الآن الثانى اذا كان
بنحو تعدد المطلوب وبخلافه لو كان بنحو وحدة المطلوب فانه يسقط الواجب عن وجوبه
ويفوت بواسطة عدم مراعات القيد اذا عرفت ذلك فنقول على التقديرين اما ان يكون
العقل مستقلا فى الحكم بالعقاب فالآية ارشاد الى حكمه او لا يكون مستقلا فالآية
تكون بيانا لحكم مولوى يجب الاتيان به او كان مستقلا فى الاستحسان لا فى العقاب
فائضا للشرع ان يظهر المولوية بالآية بلزوم مراعاة الفورية فالاشكال بكلا شقيه
مندفع لانه على فرض استقلاله بالعقاب فلا كلام فى وجوب الفورية مع ارشادية الآية
وعلى فرض استقلاله فى الاستحسان فالوجوب يستفاد من ظاهر الخطاب فى المولوية فتحصل
تمامية الآية للاستدلال على الفورية الخ. ويمكن الجواب عن الآيتين ايضا بان الآية
على تقدير دلالتها على وجوب المسارعة لا تدل على تقييد الواجب بالفورية بل هى على
خلاف ذلك ادل لان مادة المسارعة الى الشى انما تكون فيما هو موسع كما لا يخفى وكذا
الحال فى الآية الاخرى على تقدير كون المراد من الخيرات الخيرات الاخروية كما هو
الظاهر واليك توضيحه ذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٥٢ فى الجواب عنهما ان
الاستباق الى فعل الخيرات يقتضى بمفهومه وجود عدد من الخيرات يتحقق الاستباق بفعل
مقدار منه وينتفى فى المقدار الآخر ولا ريب فى ان المقدار الذى لا يتحقق الاستباق
فيه هو من الخيرات وعلى فرض وجوب الاستباق فى الخيرات يلزم ان يكون المقدار الذى
لا يتحقق به الاستباق ليس من الخيرات لمزاحمته للمقدار الذى يتحقق به الاستباق
واذا انتفى ان يكون من الخيرات هذا المقدار لزم عدم وجوب الاستباق فى المقدار الذى
كان الاستباق يتحقق فيه واذا انتفى الوجوب عن الاستباق انتفت المزاحمة بين اعداد
الواجب الموجبة لخروج بعضها عن حيز الوجوب فيتعلق بها الوجوب جميعا وبه يعود
.................................................................................................
______________________________________________________
موضوع المسارعة
وبالجملة يلزم من وجوب المسارعة فى الخيرات عدم وجوبها كما شرحناه وما يلزم من
وجوده عدمه باطل فوجوب المسارعة باطلا لا محاله وح لا بد من حمل الامر فيها على
الندب الخ والجواب عنه فالمراد من الخير ما يكون بطبعه خيرا وكل خير بواسطة عمود
الزمان ينحل الى الخيرات والسبق يكون بالنسبة اليه اى الزمان فالخير فى الساعة
الاولى مقدم على الخير فى الساعة الثانية فاذا استبق اليه احد فى الساعة الاولى
ولم يبق موضوع للآخر فلا اشكال فيه فالمراد بالسبق السبق الزمانى الى خير واحد
يمكن تحصيله لا السبق الى كل الخيرات فى آن واحد ، ولكن مع ذلك الآية لا تدل على
الوجوب للزوم تخصيص الاكثر. ثم انه حيث كان اطلاق يعتمد عليه فى نفى الفور
والتراخى فلا اشكال ، واما اذا لم يكن اطلاق كذلك فالمرجع الاصل فلو كان التردد
بين الفور والتراخى فالواجب الجمع بين الوظيفتين للعلم الاجمالى بالتكليف باحدهما
ولو كان بين الفور والطبيعة فالمرجع اصل البراءة لو كان وجوب الفورية على نحو تعدد
المطلوب ولو كان بنحو وحدة المطلوب فالحكم هو الحكم مع الشك بين الاقل والاكثر
وكذا الحكم لو كان التردد بين الطبيعة والتراخى تتمة قال فى الكفاية ج ١ ص ١٢٣
بناء على القول بالفور فهل قضية الامر الاتيان فورا ففورا بحيث لو عصى لوجب عليه
الاتيان به فورا ايضا فى الزمان الثانى اولا وجهان مبنيان على ان مفاد الصيغة على
هذا القول هو وحدة المطلوب او تعدده ولا يخفى انه لو قيل بدلالتها على الفورية لما
كان لها دلالة على نحو المطلوب من وحدته او تعدده الخ فينبغى ان يجعل الاحتمالات ثلاثى
الاطراف فيقال هل ظاهر الامر الاتيان به فورا فلو تركه عصى وسقط الامر او الاتيان
به فورا على نحو لو تركه فى الزمان الاول عصى فى ترك الفورية وبقى الامر بصرف
الطبيعة او الاتيان به فورا ففورا فلو تركه فى الزمان الاول عصى ووجب الاتيان به
بعد ذلك فورا ايضا كما فى الحج على المستطيع وهكذا ومبنى الاحتمال الاول ان
الفورية فى الزمن الاول مقومة لاصل المصلحة فتقوت بفوتها وهذا هو المراد من وحدة
المطلوب ومبنى الثانى ان يكون مصلحتان احدهما قائمة بذات الفعل مطلقا والاخرى
قائمة بالفورية فى الزمان الاول لا غير ومبنى الثالث كذلك إلّا ان مصلحة الفورية
ذات مراتب مختلفه يكون ترك الفورية فى كل زمان مفوتا لمرتبة من مصلحتها لا لاصلها
كما هو مبنى الثانى ، والتحقيق ان
بحسن التعجيل الى
تحصيل الخير والفراغ من عهدة التكليف بلا اقتضائها لزوم فورية الايجاد بل منهما
ربما يستفاد صدق المغفرة والخير مع التأخير ايضا وهذا مساوق عدم اقتضاء الامر
تعيين الفورة وإلّا يتعين الخير فيه ومعه لا معنى للامر بالاستباق الى الخير مثلا
فتدبر. مقالة (١) فى ان اتيان المامور به هل
يقتضى
______________________________________________________
يقال ان منشأ
الدلالة على الفورية ان كان هى الصيغة فالظاهر منها ان الفورية دخيلة فى الواجب
وانها قيد من قيوده فيكون حالها حال سائر القيود الداخلة فى حيز الوجوب فكما ان
سقوط الخطاب بها يكون باحد امرين اما بالامتثال بفعلها واما بفواتها كذلك يكون قيد
الفورية واما اذا تنزلنا عن ذلك وقلنا بكون الفورية واجبا فى واجب بنحو تعدد المطلوب
فغاية ما يستفاد من دليل ذلك هو كون الفورية واجبة حيث تمكن واما الفورية اذا لم
تحصل فى الزمان الاول فيلزم تحصيلها فى الزمان الثانى والثالث الى آخر أزمنة
الامكان فلا دلالة فى الكلام عليها وان كان منشأ الدلالة هو ما كان خارجا عن
الصيغة كالآيتين فالظاهر ان الفورية تكون واجبا فى واجب على نحو تعدد المطلوب واما
كونها واجبة فى الزمان الاول واذا لم تحصل ففى الزمان الثانى وهكذا فى الثالث الى
آخر أزمنة الامكان ، ان قلت ان ذلك مبنى على كون الفورية فى جميع الازمان المذكورة
افرادا حقيقية لطبيعة الاستباق والمسارعة فيشتمل الآية بعمومها البدلى جميع
الافراد المذكورة بخلاف ما لو كان الفرد الحقيقى للاستباق والمسارعة هو الاتيان
بالمأمور به فى اول ازمنة الامكان ويكون الاتيان بالمأمور به فى الزمان الثانى
والثالث وهكذا سبقا اضافيا فلا تشمل الآية هذه الافراد الاضافية لظهورها فى السبق
الحقيقى ، قلت اذ على الاول لا يوجب ذلك الا التخيير العقلى بين افراد السبق
والمسارعة وليس ذلك هو المطلوب فى الاستدلال المزبور لان المطلوب فيه هو لزوم
الاتيان بالمأمور به فورا ففورا اعنى التدرج فى الفورية بمعنى ان المطلوب فى
الاستدلال المزبور هو اثبات لزوم الاتيان بالمامور به اولا فاولا وهذا المعنى لا
يلزم من كون الاتيان بالمامور به فى الزمان الاول والثانى الى آخر أزمنة الامكان
افرادا حقيقية للاستباق والمسارعة.
فى الاجزاء
(١) نموذج الثامن
فى ان الاتيان بالمامور به بجميع حدوده وقيوده يجزى فى
الاجزاء ام لا ، و
(١) قد يقيد العنوان بقوله على وجهه وفسر الوجه (٢) بالنهج
______________________________________________________
مقام امتثال الامر
المتعلق به عن اعادته وقضائه أم لا وتحقيق الكلام فيه تحتاج الى مقدمه تكون فيها
جهات ، الجهة الاولى ذكر المحقق النّائينيّ فى الفوائد ج ١ ص ٢٤١ ان الاجزاء لا
يستند الى الامر وليس من مقتضياته بل يستند الى فعل المكلف وما هو الصادر عنه
عدلوا المحققون وابدلوا اى عنوان ان الامر هل يقتضى الاجزاء كما فى عناوين جماعته
الفصول ص ١١٨ بان اتيان المامور به على وجهه هل يقتضى الاجزاء الخ وذكر المحقق
الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٤٥ ان الاقتضاء للاجزاء من مقتضيان اتيان المامور به
وشئونه لا من مقتضيات الامر ولوا حقه بداهة ان مصلحة المامور به المقتضية للامر
انما تقوم بالماتى به فتوجب سقوط الامر اما نفسا او بدلا فاقتضاء سقوط الامر قائم
بالماتى به لا بالامر ومجرد دخالة الامر كى يكون الماتى به على طبق المامور به لا
يوجب جعل الامر موضوعا للبحث بعد ما عرفت من ان الاقتضاء من شئون الماتى به لا
لامر فجعل الامر موضوعا ورجاع الاقتضاء اليه بلا وجه الخ وسيأتى ايضا الكلام فيه
فالنتيجة ان الاجزاء من مقتضيات المامور به والاتيان لا الامر والمطلب وانما الامر
ينطبق على المامور به وليس موضوع البحث.
(١) الجهة الثانية
فى كلمة على وجهه الموجود فى عناوين الاصحاب الاتيان بالمامور به على وجهه يقتضى
الاجزاء الخ ما المراد منها وهل تحتاج اليها ام لا.
(٢) هذا التفسير
من صاحب الكفاية ج ١ ص ١٢٤ قال الظاهران المراد من وجهه فى العنوان هو النهج الذى
ينبغى ان يؤتى به على ذاك النهج شرعا وعقلا مثل ان يؤتى به بقصد التقرب فى العبادة
لا خصوص الكيفية المعتبرة فى المامور به شرعا فانه عليه يكون على وجهه قيدا
توضيحيا اى لان قيد المامور به يجزى عنه وهو بعيد مع انه يلزم خروج التعبديات عن
حريم النزاع بناء على المختار كما تقدم من ان قصد القربة من كيفيات الاطاعة عقلا
لا من قيود المامور به شرعا ولا الوجه اى الوجوب والندب المعتبر عند بعض الاصحاب
فانه مع عدم اعتباره عند المعظم وعدم اعتباره عند من اعتبره الا فى خصوص العبادات
لا مطلق الواجبات لا وجه لاختصاصه بالذكر على تقدير الاعتبار فلا بد من ارادة ما
يندرج فيه من المعنى وهو ما ذكرناه الخ ولكن ذكر المحقق النّائينيّ فى الفوائد ج ١
ص ٢٤١ بل المراد منه الكيفية التى اعتبرت فى متعلق الامر اى ان الاتيان بالمامور
به على الوجه الذى امر به وبالكيفية التى تعلق الامر بها
الذى ينبغى ان
يؤتى بما امر وعمدة نظره فيه الى ادخال العبادات فى العنوان بخيال ان خروج القربة
الدخيلة فى سقوط الامر والاجتزاء به عن متعلق الامر يوجب قصور صرف اتيان المامور
به عن الاجتزاء به لعدم كون اتيانه على النهج الذى ينبغى ان يؤتى به ، و (١) لكن
لا يخفى ان ذلك مبنى على كون الامر بواسطة عدم تقييده بالقربة متعلقا بذات العمل
على الاطلاق بخيال ان عدم تقييد الموضوع باىّ شيء يقتضى اطلاقه من هذه الجهة ولكن
قد تقدم فى المبحث السابق فساد هذا الخيال كيف وتعلق الامر الضمنى بكل جزء لا يكون
موضوعه الا ذات الجزء بلا كونه مقيدا بجزء آخر ومع ذلك لا يكون مطلقا بحيث يشمل
طلبه حال فقد الجزء الآخر (٢)
______________________________________________________
هل يقتضى الاجزاء
الخ وبينهما فرق والامر واضح لان قصد القربة يعتبره شرعا فيختص بالوجه الذى امر به
دونه وبالجملة لو لم يكن قيد على وجهه كان صرف اتيان المامور به مجزيا من دون
القربة فى العبادات مع انه غير مجز لعدم الاتيان على النهج فالقيد لازم.
(١) وملخص الجواب
عنه انه على القول بكون قصد القربة شرطا عقليا يتخيل ان الامر يتعلق على نفس العمل
على الاطلاق بعد عدم تقييد الموضوع باى شيء ولكن ليس الامر كذلك فان الامر الضمنى
المتعلق بكل جزء ولو لا يكون مقيدا بجزء آخر لكن لا يكون مطلقا بالنسبة الى وجود
جزء الآخر وعدمه ايضا بل يكون المامور به حصة من الذات التوأم مع جزء الآخر وفى
المقام التوام مع قصد التقرب فلذا يكون الذات بلا قربة لا مصلحة فيه لعدم تعلق
الامر به على الاطلاق فعليه يلزم كون القيد توضيحيا.
(٢) ذلك بناء على
تخيل تجريد متعلق الامر فى العبادات عن قصد التقرب وجعله من الكيفيات المعتبرة فى
المامور به عقلا لا شرعا كما هو مسلك الكفاية وإلّا فبناء على القول باعتباره فى
المامور به شرعا يكون توضيحيا كما انه كذلك ايضا بناء على جعل المامور به عبارة عن
الحصة الملازمة مع قصد التقرب الناشى عن دعوة الامر بنحو القضية الحينية لا
التقييدية بما مر فى التعبدى والتوصلى من عدم انفكاك المامور به بما هو مامور به
عن قصد دعوة الامر حتى فى التوصليات اذ عليه ايضا توضيحيا لانه
وبمثل هذا البيان (١)
نقول فى كل موضوع بالنسبة الى محموله (٢) بل ونمشى بمثله (٣) فى المقدمة الموصلة
وهكذا فى المقام (٤) حيث بيّنا سابقا (٥) انّ متعلق
______________________________________________________
بعد عدم اتصاف
الذات غير المقرونة بقصد التقرب بكونها مامورا بها يكون فى ذكر كلمة المامور به
غنى وكفاية عن ذكر كلمة على وجهه ، وكذا يكون توضيحيا على ما اختاره المحقق
النّائينيّ من متمم الجعل فانه قيد شرعا كما هو واضح.
(١) من القضية
الحينية.
(٢) فلا يكون
الموضوع مطلقا بالنسبة الى المحمول بل حين ما حمل عليه ذلك المحمول كالوجوب فحصة
خاصه.
(٣) فان الواجب من
المقدمة حصة خاصه وهى المقدمة حينما وصل الى ذيها.
(٤) وهو الاجزاء
فيعم الواجبات التعبدية والتوصلية.
(٥) وذلك فان
العمل فى حين ما كان عن قصد امتثال امر المولى هو المامور به هذه الحصة الخاصة لا
مقيدا به ولا مطلقا فالنتيجة ان قيد على وجهه يكون توضيحيا ، الجهة الثالثة هل
البحث من المباحث اللفظية او العقلية ذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٤٥
ومما ذكرنا اى من كون الاجزاء من مقتضيات المامور به لا الامر تعرف عدم كون البحث
على هذا لوجه من المباحث اللفظية ولا من المبادى الاحكامية اذ لا يرجع البحث الى
اتيان شىء للامر لا من حيث انه مدلول الكتاب والسنة ولا من حيث انه حكم من الاحكام
ومنه علم انه أسوأ حالا من مباحث مقدمة الواجب والامر بالشيء يقتضى النهى عن ضده
وغيرهما حيث ان ادراجها فى المباحث اللفظية او المبادى الاحكامية ببعض الملاحظات
ممكن وان كان خطاء إلّا ان ادراج هذا لبحث فى احد الامرين غير معقول فلا مناص من
ادراجه فى المسائل الأصولية العقلية حيث انه يقع فى طريق استنباط الحكم الشرعى من
وجوب الإعادة والقضاء وعدمهما فهو من المسائل وحيث انه بحكم العقل كما سيأتى إن
شاء الله فهو من الاصول العقلية الخ والسر اسنادهم اقتضاء الاجزاء الى الاتيان
بالمامور به ولا ريب فى ان اقتضاء فعل المكلف لاثر ما امر تكوينى عقلى ، فالاجزاء
معلول للاتيان بالمامور به خارجا ولا صلة له باللفظ وتبعه استادنا الخوئى ايضا فى
المحاضرات ج ٢ ص ٧٢ ولكن قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٦١ والانصاف ان مسالة
الاجزاء ليست من المسائل الاصولية العقلية ضرورة انه لا مجال للنزاع فى اجزاء
الاتيان بالمامور به بالامر الواقعى عن
الامر فى المقام
بعد ما لم يكن مقيدا لا يكون مطلقا ايضا بل هو حصّة من الذات التوأم مع القربة
لعدم اقتضاء المصلحة الضمنية القائمة بالذات ازيد من ذلك وح فلو أتى بالذات بلا قربة
ما اتى ايضا بالمامور به فلا يشمله العنوان كى يحتاج الى القيد المزبور بل لا يشمل
العنوان له إلّا اذا اتى بالذات مع القرية كما هو ظاهر وح فتجريد العنوان عن القيد
المزبور اولى لعدم فائدة فيه الا التوضيح. ثم (١) ان
______________________________________________________
اعادته لان
الاجزاء المزبور وان كان عقليا إلّا انه من ضروريات العقلاء ثبوتا تقريبا ومعه لا
يبقى مجال للنزاع واما النزاع فى اجزاء الاتيان بالمامور به بالامر الاضطرارى عن
المامور به بالامر الواقعى الاختيارى فهو بحث اما فى حكومة بعض الادلة على بعض او
فى تقييد بعض الادلة لبعضها الآخر او فى غير ذلك من انحاء التصرف فى الادلة
الاجتهادية واما فى دلالة ادلة الاحكام الاضطراريّة على كون مصالحها تفى عن مصالح
الاحكام الواقعية الاختيارية او لا تفى ومع دلالتها على وفاء مصالح الاحكام
الاضطراريّة بمصالح الاحكام الاختيارية ينتهى الامر الى القضية المسلمة التى لا نزاع
فيها وهى ان الاتيان بالمامور به بالامر الواقعى الاختيارى او بما يقوم مقامه يكون
مجزيا واما النزاع فى اجزاء الاتيان بالمامور به بالامر الظاهرى عن المامور به
بالامر الواقعى فهو فى الحقيقة نزاع فى دلالة دليل الحكم الظاهرى سواء كان اصلا ام
امارة على اشتمال ذلك الحكم على مصلحة تفى بمصلحة الحكم الواقعى أو لا تبقى مجالا
لاستيفاء ما بقى من مصلحة الحكم الواقعى لو لم تف بها وعلى كل من انحاء النزاع
المزبورة لا تكون مسالة الاجزاء مسألة عقلية بل اصوليه لفظية وان كانت فى الاوامر
الاضطراريّة على ما بينا اشبه بالمسائل الفقهية الخ وتكون فى الاحكام الظاهرية
نتيجتها تقع كبرى للصغريات والامر كما ذكره لكون البحث يرجع الى الالفاظ والادلة.
(١) الجهة الرابعة
فى المراد من الاقتضاء قال فى الكفاية ج ١ ص ١٣٥ الظاهر من الاقتضاء هاهنا
الاقتضاء بنحو العلّية والتاثير لا بنحو الكشف والدلالة ولذا نسب الى الاتيان لا
الى الصيغة قلت هذا انما يكون كذلك بالنسبة الى امره واما بالنسبة الى امر آخر
كالاتيان بالمامور به بالامر الاضطرارى او الظاهرى بالنسبة الى الامر الواقعى
فالنزاع فى الحقيقة فى دلالة دليلهما على اعتباره بنحو يفيد الاجزاء او بنحو آخر لا
يفيده قلت نعم لكنه لا ينافى كون النزاع فيهما كان فى الاقتضاء بمعنى المتقدم
غايته ان العمدة
ظاهر العنوان (١)
خصوصا بملاحظة اسناد اقتضاء الاجزاء الى الاتيان كون محط النظر الاقتضاء فى عالم
الثبوت عقلا و (٢) لو من جهة ظهور الخطاب فى معنى بلازم عقلا ذلك (٣)
______________________________________________________
فى سبب الاختلاف
فبهما انما هو الخلاف فى دلالة دليلها هل انه على نحو يستقل العقل بان الاتيان به
موجب للاجزاء ويؤثر فيه وعدم دلالته ويكون النزاع فيه صغر ويا ايضا بخلافه فى
الاجزاء بالإضافة الى امره فانه لا يكون الاكبر ويا لو كان هناك نزاع كما نقل عن
بعض الخ والوجه فى كونه بمعنى العلية انه فى تحرير العنوان كما مر ذكر المحقق
القمى وصاحب الفصول الامر بالشيء هل يقتضى الاجزاء أو لا وحيث انه لا معنى لتاثير
الامر فى الاجزاء وجب حمله على الدلالة يعنى يدل الامر على ان موضوعه واف بتمام
المصلحة ولكن صاحب الكفاية ذكر فى العنوان الاتيان بالمامور به على وجهه يقتضى
الاجزاء الخ فنسب الاقتضاء الى الاتيان فتأثير الاتيان فى الاجزاء ظاهر اذ لو لا
كونه علة لحصول الغرض لما كان مامورا به ، واما قوله صغرويا صورة القياس فى المقام
هكذا المامور به بالامر الاضطرارى مامور به بالامر الواقعى ولو تنزيلا ، والمامور
به بالامر الواقعى يقتضى الاجزاء ، ينتج المامور به بالامر الاضطرارى يقتضى
الاجزاء ، والنزاع فى هذه المسألة بالنسبة الى الامر الواقعى فى الكبرى ، وبالنسبة
الى الامر الاضطرارى فى الصغرى بالنسبة الى الامر الواقعى ، وفى الكبرى بالنسبة
الى امر نفسه والمحكم فى الكبرى مطلقا العقل والمحكم فى الصغرى الدليل الشرعى فاذا
كان الاقتضاء فى الكبرى بمعنى العلية كان فى النتيجة كذلك ومنه يظهر ان اثبات
الاجزاء فى الفعل الاضطرارى والظاهرى بالنسبة الى الامر الواقعى يتوقف على اثبات
الصغرى والكبرى معا وفى الفعل الواقعى على اثبات نفس الكبرى لانه عينها.
(١) والمحقق
الماتن قدسسره تبع صاحب الكفاية فى ذلك بنفس الوجه من نسبة الاجزاء الى
الاتيان دون مدلول الصيغة فتدل على ان المراد هى العلية والتاثير بحسب مقام الثبوت
لا الدلالة بحسب مقام الاثبات.
(٢) والسر فى الاجزاء
هو كون الخطاب ظاهرا فى معنى وخصوصية ولو من حيث السياق يلازم الاجزاء عقلا لا انه
جزء الموضوع له.
(٣) اى الاجزاء.
لا ان مثل هذا
المعنى ماخوذ فى مدلول الصيغة (١) كما اخترنا نظيره فى البحثين السابقين (٢) ايضا
كيف وقد عرفت ان مدلول الصيغ بمادتها (٣) وهيئتها (٤) آبية عن اخذ هذه المعانى
فيها (٥) ففى الحقيقة مرجع النزاع الى ان مدلول الخطاب ولو من حيث السياق كون
المادة علة تامة لسقوط الغرض منه او من غيره ام لا (٦) فعلى الاول يستقل العقل
باجزائه عنه وعن غيره بخلافه على الثانى ، ومنه يظهر (٧) ايضا ان الراد من الاجزاء
هو الكفاية عن نفسه وعن غيره لا عن خصوص نفسه ومعنى الكفاية اقتضاء سقوط الامر به
ثانيا فى وقته او فى خارجه (٨) قبال
______________________________________________________
(١) ويكون جزء
المعنى.
(٢) فان المرة او
التكرار والفور او التراخى لم يدل الصيغة لا بهيئتها ولا بمادتها على شيء منهما
كذلك الاجزاء.
(٣) فان المادة :
موضوعة للحدث الملحوظ لا بشرط.
(٤) والهيئة تدل
على البعث نحو تلك المادة.
(٥) فلم يبق فى
الصيغة ما يجوز ان يكون دالا على غير الامرين المزبورين من المعانى فاىّ شيء تدل
على الاجزاء.
(٦) فالنتيجة ان
الماتى به علة تامة لحصول الغرض ولازمه الاجزاء ام لا وهو عدم الاجزاء بلا فرق بين
الاقسام الثلاثة على النحو الذى بينه صاحب الكفاية ولو ان الاخيران صغرويا فى
دلالة دليلها ، وما تقدم عن البدائع فى اول البحث لا ينافى ذلك فان البحث عن
الدلالة وخصوصيته فى اللفظ يلازم حصول الغرض عقلا لا انه جزء الموضوع له كما عرفت.
(٧) الجهة الخامسة
قال فى الكفاية ج ١ ص ١٢٥ الظاهر ان الاجزاء هاهنا بمعناه لغة وهو الكفاية وان كان
يختلف ما يكفى عنه فان الاتيان بالمامور به بالامر الواقعى يكفى فيسقط به التعبد
به ثانيا وبالامر الاضطرارى او الظاهرى الجعلى فيسقط به القضاء لا انه يكون هاهنا
اصطلاحا بمعنى اسقاط التعبد او القضاء فانه بعيد جدا الخ.
(٨) فاستعمل
الاجزاء فى معناه لغة وهو كفاية الاتيان بالمامور به فى عدم التعبد باتيانه ثانيا
فى الوقت او فى خارجه.
عدم كفاية المراد
به عدم سقوط الامر به ولو من غيره (١) ومن ذلك (٢) اتضح عدم مساس لهذه المسألة
بمسالة اقتضاء الامر للمرة او التكرار اذ (٣) اقتضاء التكرار بملاحظة امر جديد
لابقاء الامر الاول كم ان اقتضاء المرة ايضا بملاحظة قصور
______________________________________________________
(١) اى كفاية
الامر الاضطرارى او الظاهرى عن نفسهما وعن الواقعى معا.
(٢) الجهة السادسة
قال فى الكفاية ج ١ ص ١٢٦ الفرق بين هذه المسألة ومسالة المرة والتكرار لا يكاد
يخفى فان البحث هاهنا فى ان الاتيان بما هو المامور به يجزى عقلا بخلافه فى تلك
المسألة فانه فى تعيين ما هو المامور به شرعا بحسب دلالة الصيغة بنفسها او بدلالة
اخرى نعم كان التكرار عملا موافقا لعدم الاجزاء لكنه لا بملاكه الخ فقد يتوهم ان
القول بعدم الاجزاء هو عين القول بالتكرار كعينية القول بالاجزاء مع القول بالمرة
، وفيه فان فى مسألة التكرار فى تعيين ما هو المامور به هل هو مجرد الطبيعة او
المرة بمعنى الفرد او الدفعة او التكرار بمعنى الوجودات او الدفعات وهنا فى علّية
اتيان المامور به المعلوم ثبوتا لسقوط الامر بانه يغنى عن اعادته ثانيا فى مقام
امتثال الامر المتعلق به او يغنى عن اعادة الامر الواقعى الاولى فى الوقت او فى
خارجه عند الاتيان بمطابق المامور به بالامر الظاهرى او الاضطرارى فلا ربط لاحدهما
بالآخر.
(٣) هذا تعليل
للفرق بين المقام ومسألة التكرار قال فى الكفاية ج ١ ص ١٢٦ وهكذا الفرق بينها وبين
مسألة تبعية القضاء للاداء فان البحث فى تلك المسألة فى دلالة الصيغة على التبعية
وعدمها بخلاف هذه المسألة فانه كما عرفت فى ان الاتيان بالمامور به يجزى عقلا عن
اتيانه ثانيا اداء او قضاء اولا يجزى فلا علقة بين المسألة والمسألتين اصلا الخ
والوجه فى التصحيح ان القول بالتكرار ليس بامر جديد بل نفس الامر الاول يدل عليه
فلا بد وان يراد ما ذكرنا فلا وجه لتوهم ان التبعية بعينها هو القول بعدم الجزاء
كعينية القول بالاجزاء مع القول بكونه بامر جديد ، والحاصل الفرق بين المقام وتلك
المسألة التبعية واضح فان البحث فى تلك المسألة انما هو فى مورد عدم الاتيان
بالمامور به على وجهه اما لعدم الاتيان به رأسا او الاتيان به على غير وجهه
المعتبر فيه شرعا بخلاف المقام فان البحث فيه انما هو فى مورد الاتيان بالمامور به
على وجهه فهما متقابلان ح كما هو واضح.
طلبه عن الشمول لا
زيد من وجود واحد لا من جهة علية اتيانه لسقوط غرضه بل وغرض غيره (١). وحيث اتّضح
مثل هذه الجهات فنقول ان الكلام تارة فى اقتضاء كل امر للاجزاء عن نفسه واخرى فى
اقتضاء الاضطرارى منه او الظاهرى للاجتزاء عن الامر الاختيارى او الواقعى فهنا
مقامات ثلاثة (٢) ، المقام الاول (٣) فى اجتزاء كل امر واقعيا ام ظاهريا اختياريا
ام اضطراريا عن نفسه فنقول (٤) لا شبهة (٥) فى ان طبع الامر بكل شىء كونه علة تامة
لسقوط الغرض
______________________________________________________
(١) وملخصه الفرق
بين التكرار وهو يكون امر جديد ثانيا وثالثا فانحلال الامر الى وامر متعددة لا
بقاء الامر الاول فان القول بعدم الاجزاء هو بقاء الامر الاول وقصور الامر عن
الفرد الثانى على القول بصرف الوجود وتعلق الامر بالفرد لكن يفترق ذلك والتبعية مع
مسألة الاجزاء فى ان البحث فى الاجزاء عن وفاء الغرض به وبالواقعى الاولى وعدمه
فاجنبى عن تلكما المسألتين اللتيا لم يات المامور به على الوجه المعتبر.
(٢) اذا عرفت هذه
لجهات فيقع الكلام فى مقامات ثلاثة.
(٣) المقام الاول
فى اجتزاء كل امر عن نفسه سواء كان واقعيا اوليا ام ثانويا ام ظاهريا.
(٤) ذكر فى الكفاية
ج ١ ص ١٢٧ ان الاتيان بالمامور به بالامر الواقعى بل بالامر الاضطرارى او الظاهرى
ايضا يجزى عن التعبد به ثانيا لاستقلال العقل بانه لا مجال مع موافقة الامر باتيان
المامور به على وجهه لاقتضاء التعبدية ثانيا الخ.
(٥) والسر فى
استقلال العقل بسقوط الغرض والامر بمجرد الموافقة وايجاد المامور به هو ان تعلق
الامر بفعل من افعال المكلف يكشف بدليل الإنّ عن ان متعلقه بحدوده وقيوده المعتبرة
فيه شرعا وعقلا مشتمل على غرض للامر اراد تحصيله بوجود الفعل المامور به ولا محاله
ان ذلك الغرض يحصل بمجرد تحقق ذلك الفعل فى الخارج وبحصول الغرض الذى بعث الآمر
على الامر بالفعل المحصل له تنتفى العلة الغائية وبانتفائها ينتفى معلولها اعنى
الامر وح لا يبقى فى البين ما يقتضى اعادة العمل ليستلزم عدم اجزاء الفعل الاول.
الداعى على هذا
الامر اذ (١) لو لم يسقط الغرض باتيانه محضا يكشف ذلك عن
______________________________________________________
(١) وببيان آخر ان
الامر الحقيقى لا بد وان يكون حاكيا عن الارادة وان الارادة حدوثا وبقاء تتوقف على
العلم بالمصلحة المعبر عنها بالداعى تارة وبالغرض اخرى فالمأتي به فى الخارج اما
ان لا يترتب على الغرض فلا يكون مامورا به فهو خلف لما تعلق به الامر على نحو
الاطلاق من دون قيد وضيق ولو بالحصة التوأمة كما فى قصد القربة ، او يترتب عليه
الغرض فبقاء الامر ح ان كان بلا غرض فهو مستحيل كما عرفت ، وان كان عن غرض آخر غير
الغرض الحاصل من الماتى به اولا فيلزمه ان يكون المامور به فردين فى الخارج يترتب
على كل منهما غرض خاص فيكون الامر منحلا الى امر يسقط كل منهما بالاتيان بمتعلقه
وهو عين الاجزاء المدعى غاية الامر انه لا يكون فعل احدهما مسقطا لامر الآخر
ومجزئا عنه ولكنه غير محل الكلام اذ الكلام كما عرفت فى ان فعل المامور به مجزى عن
الامر به ثانيا ، وذكر المحقق الحائرى فى الدرر ج ١ ص ٤٦ فى وجه المحالية ، لا
اشكال فى ان الاتيان بالمامور به بجميع ما اعتبر فيه شرطا وشطرا يوجب الاجزاء عنه
بمعنى عدم وجوب الاتيان به ثانيا باقتضاء ذلك الامر لا اداء ولا قضاء لسقوط الامر
بايجاد متعلقه ضرورة انه لو كان باقيا بعد فرض حصول متعلقه لزم طلب الحاصل وهو
محال الخ وقد ذكر ذلك فى الفصول ايضا فاستدراكها بالقضاء تحصيل للحاصل ص ١١٩ الخ
واجاب عنه المحقق الاصفهانى ج ١ من النهاية ص ١٤٨ واما شبهة طلب الحاصل من بقاء
الامر فقد عرفت سابقا دفعها فان المحال طلب الموجود بما هو موجود لان ايجاد
الموجود محال فطلبه محال واما طلب الفعل ثانيا فليس من طلب الحاصل الخ وقال فى وجه
الاستحالة تبعا للكفاية سواء كان الاجزاء بمعنى الكفاية عن التعبدية ثانيا او عن
تدارك الماتى به اعادة او قضاء اما بالنسبة الى التعبد به ثانيا فلان المفروض وحدة
المطلوب واتيان المامور به على الوجه المرغوب فلو لم يسقط الامر مع حصول الغرض عند
الاقتصار عليه وعدم تبديله بامتثال آخر كما مر للزم الخلف وهو بديهى الاستحالة او
بقاء المعلول بلا علة لان بقاء الامر اما لان مقتضاه تعدد المطلوب فهو خلف لان
المفروض وحدة المطلوب واما لان الماتى به ليس على نحو يؤثر فى حصول الغرض فهو خلف
ايضا واما لا لشىء من ذلك بل الامر باق ولازمه عدم الاجزاء فيلزم بقاء المعلول بلا
علة ، واما بالنسبة الى التدارك فلان التدارك لا يعقل إلّا مع خلل فى المتدارك وهو
خلف اذا المفروض
دخل شىء آخر فى
سقوطه ولازمه كون المامور به بنفسه غير واف بغرضه ومرجعه الى كون وفائه فى طرف
الانضمام بغيره لا مطلقا ومع هذا الضيق فى الوافى بالغرض يستحيل تعلق الامر به على
الاطلاق لأوله الى تعلّق الامر بالوجود ولو فى حال عرائه عن المصلحة وهو كما ترى ،
ولذلك قلنا بانّ الامر المتعلق بالعبادة لا يكاد يتعلق بالذات مطلقا بعد عدم امكان
تقييده بالقربة بل انما يتعلق بالذات التوأم مع القربة لا مطلقا ولا مقيدا وح
يستحيل الامر بالذات على الاطلاق الا فى فرض استقلاله فى الوفاء بالغرض ومع
استقلاله كذلك الذى لازمه عدم دخل شىء آخر فى الوفاء بالغرض لازمه كون المامور به
تمام العلة فى حصوله ومع تماميّة علته يستحيل عدم سقوط الغرض بحصوله على الاطلاق ،
نعم (١) قد يحصل من الغرض الاصلى غرض آخر تبعى ناش عن فعل العبد على الاطلاق ولكن
هذا الغرض التبعى غير واف بالغرض الاصلى بلا واسطة بل هو شرط حصول مقدمة اخرى من
قبل الامر والمولى باختياره الخارج عن اختيار العبد بحيث هو كان وافيا بالغرض
الاصلى بلا واسطة ففى هذه الصورة لا شبهة فى ترشح ارادة المولى الى فعل العبد
بمناط مقدميّة للغرض الذى هو ايضا مقدمة لاختيار المولى وحيث ان المختار ان
الارادة المقدمى
______________________________________________________
اتيان المامور به
على وجهه الخ.
(١) ثم اشار الى
امر آخر وملخصه بما لا يكون فعل العبد علة تامة لحصول الغرض الأقصى بل يستوف الغرض
الادنى التبعى فامر المولى عبده مثلا باتيان الماء واحضاره عنده لا يكون علة تامة
لحصول غرضه وهو رفع العطش بل لاختيار المولى وارادته للشرب دخل فى تحققه ففى مثله
حيثما كان الارادة المتعلقة بحسب ارادة غيرية مقدميه وتكون الارادة النفسية متعلقه
برفع العطش فعليه يختص تعلق ارادة المولى بعمل العبد فى الفرض بصورة ترتب الغرض
الاقصى عليه وهو الموصلة وبدونه لا تتعلق به ارادة المولى واليك تفصيل ذلك سيأتى
إن شاء الله تعالى.
مخصوصة بالمقدمة
الموصلة فلا يكاد يترشح الارادة نحو عمل العبد الا فى ظرف ايصاله الى ذيها ولازمه
اختصاص تعلق الارادة بعمل العبد بصورة يترتب المقدمة الاخرى عليه و (١)
______________________________________________________
(١) اما الكلام فى
تبديل الامتثال فقد مر الاشارة اليه قال فى الكفاية ج ١ ص ١٢٧ نعم لا يبعدان يقال
بانه يكون للعبد تبديل الامتثال والتعبد ثانيا بدلا عن التعبد به اولا لا منضما
اليه كما اشرنا اليه فى المسألة السابقة وذلك فيما علم ان مجرد امتثاله لا يكون
علة تامة لحصول الغرض وان كان وافيا به لو اكتفى به كما اذا اتى بماء امر به مولاه
ليشربه فلم يشربه بعد فان الامر بحقيقته وملاكه لم يسقط بعد ولذا لو اهرق الماء
واطلع عليه العبد وجب عليه اتيانه ثانيا كما اذا لم يات به اوّلا ضرورة بقاء طلبه
ما لم يحصل غرضه الداعى اليه وإلّا لما اوجب حدوثه فحينئذ يكون له الاتيان بماء
آخر موافق للامر كما كان له قبل اتيانه الاول بدلا عنه نعم فيما كان الاتيان علة
تامة لحصول الغرض فلا يبقى موقع للتبديل كما اذا امر باهراق الماء فى فمه لرفع
عطشه فاهرقه بل لو لم يعلم انه من اىّ القبيل فله التبديل باحتمال ان لا يكون علة
فله اليه سبيل ويؤيد ذلك بل يدل عليه ما ورد من الروايات فى باب اعادة من صلّى
فرادى جماعة وان الله تعالى يختار احبهما اليه الخ وقد تقدم الجواب عنه من المحقق
الاصفهانى وكرر فى المقام ج ١ من النهاية ص ١٤٨ قد اشرنا فى آخر مبحث المرة
والتكرار الى ان اتيان المامور به بحدوده وقيوده علة تامة لحصول الغرض فيسقط الامر
قهرا والمثال المذكور فى المتن كذلك لان الغرض الذى يعقل ان يكون باعثا على الامر
باحضار الماء هو تمكن المولى من رفع عطشه به لا نفس رفع العطش خصوصا مع ان مصالح
العبادات فوائد تقوم بها وتعود الى فاعليها لا آنها عائدة الى الآمر بها حتى يتصور
عدم استيفاء غرضه منها بل الأدنى كما لا يخفى الخ ، واجاب مثل ذلك المحقق العراقى
عن الكفاية فى البدائع ص ٢٦٦ وقال لان الامر ان كان فعليا فلا بد ان يكون تحقق
متعلقه فى الخارج علة تامة لحصول الغرض الداعى الى الامر به سواء كان الغرض نفسيا
ام مقدميا لان فعل المكلف بالمباشرة هو فعل الامر بالتسبيب فكما ان الفعل المباشرى
لا بد ان يكون علة تامة لحصول الغرض المحرك نحوه كذلك لا يعقل الامر بفعل إلّا ان
يكون المامور به علة تامة لحصول غرض الامر الذى دعاه الامر ، و
ح لو كان لعمل
العبد فردان (١) وكان كل واحد وافيا بالغرض التبعى الملازم
______________________________________________________
الامر باحضار
الماء لشربه فقد عرفت فساده لعدم تعقل الامر بما لا يكون علة تامة لحصول الغرض فلا
بد ان يكون الغرض فى المثال هو تمكن المولى من الشرب فيحصل بالاحضار لا نفس الشرب
حتى يكون شاهد المدعاة الخ.
(١) ولكن ذكر
المحقق العراقى قدسسره وجها آخر اتقن وليس من تبديل الامتثال الذى ذكره فى
الكفاية اصلا توضيح ذلك قال البدائع ص ٢٦٣ ان الفعل الذى يكون متعلقا لامر المولوي
اما ان يكون بنفسه مشتملا على الغرض الداعى للمولى الى الامر به فيكون تحققه فى
الخارج علة تامة لحصول غرضه فيسقط امره بانتفاء علة الغائية واما ان لا يكون
مشتملا على غرضه الداعى له الى الامر به بل يكون مقدمة لتحصيل غرضه الاصلى الداعى
له الى الامر به وهو على نحوين احدهما ان يكون فعل المكلف مقدمة لفعل نفسه المشتمل
على الغرض الاصلى النفسى كسائر مقدمات الواجب مثل الوضوء ولبس الثوب الساتر
بالنسبة الى الصلاة ، وثانيهما ان يكون فعل المكلف مقدمة لفعل المولى الذى امره
بذلك الفعل وهو ايضا على قسمين تارة يكون مقدمة لفعل المولى الجوارحى كامر المولى
عبده باحضار الماء ليشربه واخرى يكون مقدمة لفعله الجوانحى كامر المولى العبد
باعادة صلاته جماعة ليختار احب الصلاتين اليه فاذا كانت هذه الافعال الخاصة من افعال
المكلف انما كلف بها بلحاظ كونها مقدمة لبعض من افعاله الاخرى الواجبة عليه او
بلحاظ كونها مقدمة لفعل من افعال المولى الذى كلفه ، فان قلنا بوجوب المقدمة
الموصلة كما هو الحق كان المتصف بالوجوب المقدمى من افعال المكلف فى الامتثال هو
الفعل الذى اوصل المولى الى غرضه الاصلى النفسى وكان الفعل الآخر الذى فعله العبد
امتثالا لامر المولى غير متصف بالوجوب لعدم ايصاله المولى الى غرضه فاذا احضر
العبد ماءين احدهما بعد الآخر امتثالا لامر الولى باحضار الماء فشرب المولى احدهما
كان هو المتصف بالوجوب المقدمى لانه هو الذى توصل به الى غرضه النفسى دون الآخر
وهكذا الشأن فى الصلاة المعادة جماعة تكون هى المتصفة بالوجوب دون الصلاة الاولى
التى صلاها فرادى لان الصلاة المعادة جماعة هى التى ترتب عليها فعل المولى
الجوانحى وهو اختيارها فى مقام ترتيب الثواب على اطاعته ، وعليه يتضح لك انه لا يعقل
امكان تبديل الامتثال بامتثال آخر لان الفعل الموصل هو الذى يتحقق به الامتثال دون
غيره ، واما ان قلنا بوجوب مطلق
لكون الغرض
المزبور قائما بجامع بين الفردين على وجه للمولى اختيار ايهما فى ظرف تمكنه من
اختياره لا محيص ح من اختصاص ارادة المولى بخصوص ما اختاره من الفردين ولا يكاد
يتعلق بما لا يختاره ولو كان هو اوّل الوجودين اذ غاية ما فى الباب ان اوّل
الوجودين وافيا قهرا بما هو غرض تبعى ولكن بعد فرض عدم كون هذا الفرض تحت الارادة
اللزومية على الاطلاق بل ما هو مشمول ارادة المولى ما يترتب عليه ذيها مما لم يترتب
عليه اختيار المولى يستحيل ان يقع تحت الارادة حسب الفرض فلا جرم يخرج هذا الفرد
عن حيّز الارادة ويختص الارادة بخصوص ما اختاره المولى وح (١) ليس العبد فى ظرف
______________________________________________________
المقدمة فعدم
امكان تبديل الامتثال بامتثال آخر فى غاية الوضوح لان الامر يسقط بالامتثال الاول
ومعه لا يتصور الامتثال الثانى ليكون بدلا عن الاول فان الامتثال موضوعه الامر ومع
سقوطه بالامتثال الاول لا يعقل تحقق الامتثال الثانى.
(١) ثم قال قدسسره هذا من آثار الفرق بين وجوب المقدمة الموصلة ووجوب مطلق
المقدمة انه بناء على وجوب الموصلة لا يتمكن المكلف من الجزم بكون ما ياتى به من
افراد المكلف به واجبا اذا كان من عزمه الاتيان بفرد آخر لانه لا يدرى ان اى
الفردين يتوصل المولى به الى فعله الجوارحى او الجوانحى فلا بد ان ياتى المكلف بكل
من الفردين رجاء واذا كان عازما على ان لا ياتى باكثر من فرد من افراد الفعل المامور
به فهو وان كان بمقتضى عزمه يحصل له العلم العادى بكون ما ياتى به هو المتصف
بالوجوب لانحصار الايصال فيه فى نظره إلّا انه لو انتقض عزمه بعد الاتيان بالفرد
الاول واراد ان ياتى بفرد ثان جاز له ذلك بعنوان الرجاء لاحتمال ان يختاره المولى
فيتوصل به الى غرضه فيكون هو مصداق الواجب دون الفرد الاول ، واما بناء على وجوب
مطلق المقدمة فالمكلف يحصل له العلم عادة بان ما ياتى به اولا هو المتصف بالوجوب
دون غيره سواء كان عازما على ان ياتى بفرد آخر ام عازما على ان لا ياتى ام مترددا
فى ذلك وانه لا يجوز له ان ياتى بالفرد الثانى بنيّة الوجوب ولا بعنوان الرجاء مع
علمه بعدم الخلل فى الفرد الاول لانه يعلم بسقوط التكليف عنه بالفرد الاول ومعه لا
مجال لاتيانه بالفرد الثانى بنيّة الوجوب ولو رجاء الخ فياتى بنية
بنائه لاتيان
الفردين ان ياتيهما بداعى الارادة الجزمية بكل منهما بل لا بد وان ياتى باىّ
الفردين رجاء لكونه مختار مولاه كى يكون مرادا له نعم له ان يقتضى بفعل واحد
وياتيه عن الجزم بكونه مرادا لأنّه مع اقتصاره بفرد واحد يجزم بانه المختار قهرا
ولا يحتمل فى هذه الصورة عدم اختياره كيف ولازمه انصراف المولى عن اصل غرضه
اللزومى وهو خلاف الفرض نعم بعد اتيانه فرد الاول عن جزم له ايضا ان يبدو وياتى
ايضا بفرد آخر رجاء لا جزما وعلى اىّ حال لا يعقل ان ياتى الفرد الثانى عن جزم الا
مع جزمه باختيار مولاه ذلك وإلّا فمهما احتمال فى كل واحد من الفردين اختيار مولاه
غيره ليس له الجزم بكونه مرادا لمولاه ، فظهر من هذا البيان (١) ايضا بطلان توهم
الامتثال عقيب الامتثال واقعا بل لا يكون الامتثال الواقعى إلّا بما هو واف بغرض
المولى رأسا والمفروض ان ما هو كذلك فى مثل الفرض ليس إلّا ما اختاره المولى
بخصوصه دون غيره بل ولو اتى بكل منهما رجاء ايضا لا يكون الامتثال الواقعى إلّا
بما اختاره المولى واقعا واما غيره
______________________________________________________
الاستحباب كما
تقدم.
(١) اى ظهر من
التفكيك بين فعلية الامر وفاعليته ومحركيته هو جواز الاتيان بالمامور به ثانيا ما
دام بقاء الماتى به الأوّل على صلاحيته للوفاء بغرض المولى ووجوب الاتيان به فى
فرض خروجه عن القابلية المسطورة كما فى المثال من فرض اراقة الماء الماتى به لغرض
الشرب قبل اختيار المولى ايّاه اذ ح ربما يجب على العبد والمامور مع علمه بذلك
الاتيان بفرد آخر من الطبيعى المامور به كما لا يخفى ونتيجه ذلك فى فرض تعدّد
الاتيان بالمامور به هو وقوع الامتثال بخصوص ما اختاره المولى منهما لا بهما معا
وصيرورة الفرد الآخر غير المختار لغوا محضا لا انه يتحقق به الامتثال ايضا كى يكون
قضية الاتيان بالمامور به متعددا من باب الامتثال عقيب الامتثال فعلى ذلك فما وقع
فى كلماتهم من التعبير عن الماتى به ثانيا بكونه من الامتثال بعد الامتثال تسامح
واضح لما عرفت.
فليس إلّا انقيادا
صرفا (١). ومن هذا البيان (٢) ظهر (٣) حال المعادة فى باب الصلاة وانه من هذا
الباب وانه مصداق ما ذكرناه من الفرض بقرينة قوله ص يختار الله افضلهما ، ولئن شئت
توضيح المرام وتطبيق باب المعادة على المقام فاسمع بان الغرض الداعى على الامر
بالصلاة (٤) هو حصول التمكن من اختياره الدخيل فى الوفاء بغرضه ولازمه كما اسلفناه
اختصاص ارادته بخصوص ما اختاره عند تعدده لا مطلقا (٥)
______________________________________________________
(١) والحاصل ما لو
كان لعمل العبد فردان وكان كل منهما وافيا بالغرض التبعى المقدمى كان الغرض قائما
بالجامع بينهما وللمولى اختيار ايهما شاء فتكون ارادة المولى مختصا بما اختاره من
الفردين دون الآخر وهو المامور به وهو الامتثال والطاعة دون غيره فلا امر ولا
امتثال له وانما مجرد الانقياد كما لا يخفى.
(٢) من ان يكون
فعل المكلف مقدمة لفعل المولى على ما تقدم مرارا مفصلا.
(٣) ان ما استشهد
به القائل بجواز تبديل الامتثال بامتثال آخر من الاخبار المصرحة باستحباب اعادة
المكلف صلاته جماعة بعد ان اداها فرادى وان الله يختار احبهما اليه ، لا شهادة فيه
على ما يدعيه وذلك لانه بملاحظة هذه الاخبار يعلم ان للصلاة ليس فيها غرض نفسى
للمولى ليسقط التكليف بمجرد تحققها فى الخارج بل هى مقدمه لاختيار المولى ما يشاء
من افرادها وبناء على وجوب المقدمة الموصلة لا يكون الامتثال إلّا بالفرد الذى
يختاره الله تعالى من افرادها وعليه لا يكون فى البين الا امتثال واحد بفعل واحد
ولكن المكلف اذا كان عازما على ان لا ياتى بفرد آخر يعلم ان الذى ياتى به هو
المتصف بالوجوب واذا كان على الاتيان بافراد متعددة فلا يحصل له العلم بان الفرد
الاول هو المتصف بالوجوب لاحتمال ان يكون ما بعده هو الذى يختاره المولى ويتوصل به
الى غرضه الاصلى فيكون هو الواجب فلا بد ان ياتى المكلف بجميع ما ياتى به من افراد
المامور به بعنوان الرجاء.
(٤) نعم يكون
الغرض الادنى من الامر بالصلاة هو تمكن المولى من اختياره وهو حاصل اما الغرض
الاقصى فتابع لاختيار المولى.
(٥) وملخصه انه لا
يمكن ان يقال ان الفرد الذى ياتى به جماعة من افراد
ونظيره (١) فى
العرفيات ايضا امر المولى باحضار الماء لديه فياتى العبد بالماءين مقدمة لاختياره
اياه فيختار اصفاهما ومثل هذا المعنى اجنبى عن الامتثال عقيب الامتثال ، وعلى اى
ظهر (٢) ايضا ان باب المعادة اجنبى عن قيام اوّل الوجودين بالمصلحة الملزمة
وثانيتهما بمصلحة غير ملزمة اذ (٣) مثل هذا المعنى لا يناسب
______________________________________________________
الصلاة المعادة لا
بد ان ينوى به الوجوب لانه هو الذى يختاره الله تعالى لكونه احب الفردين ولا موقع
لنية الرجاء ح وذلك لانه يجوز ان يكون الفرد الذى صلاه فرادى اجمع للشرائط من
الفرد الذى يصليه جماعة وليس فى الرواية ما يدل على ان الفرد الذى ياتى به جماعة
هو احب الفردين لله تعالى ليتعين كونه مختاره تعالى ليلزم على المكلف ان ينوى به
الوجوب بل الموجود فى الرواية ان الله تعالى يختار احبهما اليه او افضلهما ونحو
ذلك وليس فى ذلك دلالة على كون الصلاة المعادة جماعة هى احب الصلاتين اليه تعالى
نعم ربما يستشعر ذلك من استحباب اعادة الصلاة جماعة ولكنه ليست بتلك الدلالة التى
يعول عليها فى مثل المقام.
(١) تقدم المثال
مرارا فراجع.
(٢) وملخص ما يقال
فى توجيه تشريع اعادة الصلاة جماعة بعد الاتيان بها فرادى صحيحة بان الصلاة الاولى
لاشتمالها على المصلحة الملزمة تقع على صفة الوجوب والصلاة الثانية اعنى بها
المعادة جماعة لاشتمالها على مصلحة راجحة بلا الرام تقع على صفة الاستحباب ولذا
يجوز للمكلف الاقتصار على الاولى وهذا هو الذى اختاره جماعة منهم استادنا الخوئى
فى هامش الاجود ج ١ ص ١٩٤ قد عرفت فى ما تقدم ان الاتيان بالمامور به فى الخارج لا
ينفك عن ترتب الغرض عليه الداعى الى طلبه وايجابه وعليه فلا يبقى مجال للامتثال
ثانيا وما دل على جواز اعادة الصلاة جماعة او اماما محمول على استحباب الاعادة فى
نفسها والامر بجعلها فريضه فى بعض الروايات محمول على قصد القضاء بها كما صرح به
فى بعضها الآخر الخ ويظهر من عبارة المحقق الاصفهانى ايضا فراجع.
(٣) وملخص الجواب
ان ظاهر قوله عليهالسلام ان الله تعالى يختار احبهما او افضلهما انه يجعله محققا
لامتثال امره بالصلاة الواجبة وكانت الرواية المزبورة تشير الى القضية العقلية فى ان
الامر الواحد ليس له إلّا امتثال واحد وان قوله عليهالسلام
لاختيار الله
افضلهما اذ لو فرض كون ثانى الوجودين هو الافضل فهو المختار لامره الايجابى دون
الأول ولو كان الامر كما ذكر (١) يلزم سقوط ايجابه به قهرا فلا معنى لاختياره
الثانى الافضل فى تحصّل مرامه الوجوبى كما هو الظاهر من هذا البيان ولذا نقول (٢)
بانه مع الجزم بأفضليّة كل واحد له ان ياتى بداعى الامر الايجابى كما اشرنا
فالمراد من قوله يختار افضلهما انه يختار افضل ما امر به وجوبا لا انه يختار ذو
فضيلة غير واجبة ولذا كان بنائهم على اتيان الثانى ايضا بداعى الامر الوجوبى غاية
الامر نحن نقول بانه كذلك مع الجزم بالأفضليّة والّا فمع احتماله فلا بد وان يكون
برجاء الامر الوجوبى لا جزمه وعلى اى حال لا يخرج عن دعوة الامر الوجوبى اما جزما
أو رجاء نعم توهم الجزم به مطلقا جليس فى محله كما لا يخفى ، ولا اظن ذلك ايضا من
الاعاظم السابقين كما
______________________________________________________
ان الله تعالى
يختار احبهما يكون بمنزلة جواب عن سؤال مقدر حاصله انه كيف يمكن تحقق امتثال امر
الصلاة بعملين متعاقبين مع ان العقل قاض بان الامر الواحد ليس له إلّا امتثال واحد
فقال عليهالسلام ان الله تعالى يختار احب العملين ويجعله هو محقق الامتثال
دون العمل الآخر وان صدر من المكلف اولا ولا يخفى هذا المعنى لا يتم إلّا على ما
ذكرنا من ان الفرد الذى يختاره المولى هو الواجب.
(١) وح لو كان
الثانى مستحبا فلا محاله يسقط الواجب بالفعل الاول دون المعادة لان المندوب لا
يسقط معه الواجب إلّا بالدليل فلا معنى لاختيار الفعل الثانى الاحب والافضل لسقوط
الواجب فينا فى مع الروايات الواردة من اختيار افضلهما.
(٢) ولذا لو علم
بافضلية كل واحد ياتى كل واحد بداعى الوجوب فيختار الله افضل الواجبين لا الافضل
من الواجب والمستحب ، وان لم يعلم بأفضلية شيء منهما ياتى بالرجاء كما تقدم فلا
محيص من نية الوجوب الجزمى او الاحتمالى بان ياتى بداعى احتمال الوجوب دون
الاستحباب فالاستحباب لا موضوع له اصلا فينكر المحقق الماتن الاستحباب باشد
الانكار.
لا يخفى ، فان قلت
(١) بناء على هذا لا معنى لاستحباب المعادة لان المفروض ان ما يقع امتثالا لامره
الوجوبى ليس إلّا الفرد المختار وانّ الفرد الآخر الغير الافضل خارج عن دائرة
الامر رأسا وان الفرض القائم بكل واحد من الفردين ايضا ليس إلّا تبعا للغرض الاصلى
المقصور مطلوبية بخصوص المختار دون غيره ولازمه ح انه لو فرض الافضل اوّل الوجود
اين يبقى مطلوبية للثانى كى يكون المعادة راجحا على الاطلاق الشامل لصورة عدم
افضلية ، قلت (٢) ذلك المقدار ايضا لا يقتضى الالتزام بوجوب خصوص اول الوجودين وان
الثانى ممحض فى الوفاء بالمصلحة الغير الملزمة ولو كان افضل كما هو لازم التوهم
المزبور بل من الممكن الجمع بين الجهتين من وفاء الثانى بالمصلحة الملزمة عند كونه
افضل المختار ومع ذلك كان نفس وجوده راجحا حتى مع عدم اختياره الا الاول الافضل
بدعوى ان الغرض من عمل المكلّف بعد ما كان اقدار المولى على
______________________________________________________
(١) وملخص الاشكال
انه يلزم على ما ذكرت من اختيار احبهما ان يكون احد الفردين واجبا والآخر ليس
بواجب ولا مطلوب للمولى لان الدليل المزبور دل على ان ما يختاره المولى هو الواجب
وليس فى المقام ما يدل على استحباب الفرد الآخر بوجه من الوجوه ولا سيما اذا فرضنا
ان الاول كان هو الواجب فالثانى يقع لغوا بلا فائدة وهذا ينافى قوله عليهالسلام ان الله تعالى يختار احبهما او افضلهما فان ذلك يدل على
اشتراك الفردين فى المحبوبية والفضل دائما وان امتاز احدهما عن الآخر بمزية صاربها
واجبا دونه.
(٢) وملخص الجواب
عنه ان فى مرحلة الثبوت فكما يجوز ان يكون الفرد غير الواجب ليس بمطلوب للمولى
اصلا يجوز ان يكون مطلوبا بنحو الندب ، واما فى مرحلة الاثبات فالروايات الواردة
فى استحباب اعادة الصلاة جماعة ظاهرة باستحباب الفرد الآخر الذى لا يجعله المولى
مصداقا للواجب مع ان العقل يرى ذلك راجحا لانه بتعدد افراد المامور به تتسع دائرة
اختيار المولى لما يشاء من افراد العمل المامور به فيكون ذلك مساعدا للمولى على
حسن اختياره واقداره على ذلك وهو راجح شرعا.
اختياره ربما يكون
توسعة الاقدار للمولى بتوسعة اختياره ايضا مرغوبا لدى المولى وان كان الوافى بغرضه
اللزومى ليس إلّا اقدار ما تعلق به اختياره ففى مثل هذا الفرض يجمع بين وقوع
الثانى واجبا عند افضلية ومستحبا عند عدمه كما لا يخفى ، ثم ان من التامل فى ما
ذكرنا ظهر (١) ان باب المعادة ليس من باب كون المصلحة مقتضية للارادة بل من باب ان
المامور به بجامعه علة للقدرة التى هى الغرض التبعى الناشى عن الغرض الاصلى وهذا
الغرض التبعى متعلق للارادة فى فرض اختيار المولى لمورده دون غيره وان كان توسعة
القدرة والاختيار للمولى ايضا امر مرغوب فى نفسه بل فى كلّية المقامات لا يتصوّر
اقتضاء المصلحة مع فعلية الارادة اذ مع وجود المانع لا يعقل تاثيره فى فعلّية
الارادة ومع عدمه فيكون المقتضى علة تامة للتاثير لا مقتضيا محضا وكيف كان نقول
مهما كان العمل وافيا بالمصلحة الفعلية الداعية للامر سواء كان تمام المؤثر او
جزئه المنضم اليه فبمجرد اتيانه موجب لسقوط غرضه وامره من دون فرق فى ذلك بين باب
المعادة وغيره ، وخلاف الجبّائى الاشعري (٢) الغير القائل
______________________________________________________
(١) والمتحصل من
ذلك ان كل واجب شرعت اعادته لتتسع دائرة اختيار المولى لما يشاء من افراده كالصلاة
فى مقام اعادتها جماعة يكشف تشريع الاعادة عن وجود مصلحة مقدمية فيه وبناء على
وجوب المقدمة الموصلة يكون الواجب من تلك الافراد التى ياتى بها المكلف بنحو
الاعادة هو الفرد الذى يختاره المولى منها فمورد الصلاة المعادة يكون كل واحد من
الفعلين علة تامة للغرض المقدمى بمعنى انه يكون الغرض المقدمى قائما بالجامع بين
الصلاة المعادة جماعة والصلاة الماتى بها فرادى وهو اقدار المولى فى اختياره ايهما
شاء.
(٢) قال صاحب
الفصول ص ١١٨ وذهب ابو هاشم وعبد الجبار الى انه لا يستلزمه قال عبد الجبار فيما
نقل عنه لا يمتنع عندنا ان يامر الحكيم ويقول اذا فعلته اثبت عليه واديت الواجب
ويلزم القضاء الخ فنصير الى عدم الأجزاء لما سلكوا من
.................................................................................................
______________________________________________________
انكار المصالح
والمفاسد وان امكن حمله على ما ذكرنا من احتمال عدم كون الماتى به علة تامة لحصول
الغرض وسقوط الامر ومدخلية اختيار المولى فى حصول غرضه ومرامه بشهادة التعليل
الوارد بان الله سبحانه يختار احبهما اليه والحمد لله وذكر المحقق الاصفهانى فى
النهاية ج ١ ص ١٤٨ وجها آخر للمعادة قال واما ما ورد من الامر بالإعادة فى باب
المعادة وانه يجعلها الفريضة ويختار الله تعالى احبّهما اليه وانه يحسب له افضلهما
واتمهما فلا دلالة له على ان ذلك من باب تبديل الامتثال بالامتثال وكون سقوط الامر
مراعى بعدم تعقب الافضل وذلك لان كل ذلك لا ينافى حصول الغرض وسقوط الامر بتقريب
ان سقوط الامر بحصول الغرض الملزم امر واختيار المعادة واحتسابها فى مقام اعطاء
الامر والثواب امر آخر والسرّ فى جعل المعادة لمكان افضليتها من الأولى كما دلت
عليه طائفة من الاخبار ميزانا للاجر والثواب دون الاولى اشتراكها مع الأولى فى ذات
المصلحة القائمة بها مع زيادة فليس مدار الثواب على الاولى المقتضية لدرجة واحدة
من القرب بل على الثانية المقتضية لدرجات من القرب والأولى وان استوفت بمجرد
وجودها درجة من القرب لكن حيث ان المعادة تكرار ذلك العمل بنحو اكمل فلا يحتسب ما
به الاشتراك مرتين فصح ان يقال باحتسابهما واختيارهما معا كما دل عليه قوله عليهالسلام وان كان قد صلى كان له صلاة اخرى ويصح ان يقال باختيار
المعادة وجعلها مدار القرب لوجود ما يقتضيه الأولى فيها وزيادة فتفطن ، ويمكن ان
يقال ايضا ان الصلاة الماتى بها اولا توجب اثرا فى النفس فكما انه يزول بضد اقوى
فلا يحسب عند الله وان لم يوجب القضاء كذلك ينقلب الى وجود اشد وآكد اذا تعقب بمثل
اقوى كما فى الجماعة والفرادى فلعله معنى اختيار الاحب اليه تعالى اذ ليس بعد وجود
الغرض القوى وجود للضعيف كى ينسب الاختيار اليهما معابل الموجود من الاثر الباقى
المحبوب عند الله تعالى الظاهر بصورته المناسبة له فى الدار الآخرة المستتبعة
للمثوبات هو هذا لوجود القوى وذلك لا ينافى حصول الغرض الملزم بالماتى به اولا
وسقوط الامر به ، وكذا الامر فى قوله عليهالسلام يحسب له افضلهما واتمهما برفعهما واما بناء على نصبهما كما
هو الظاهر من سياق الخبر فلا دلالة له على مدعى الخصم فان الظاهر محسوبيّة
الصلاتين غاية الأمر أنه افضلهما وهو مناف لتبديل الامتثال بالامتثال وقوله عليهالسلام يجعلهما
بالمصالح والمفاسد
وان امره تعالى ونهيه تحت حيطة سلطانه فينهى بما يريد ويامر بما يشاء ويبقى امره
ولو مع اتيان عبده ما امر به وربما يرفع امره عما امر به بلا تغيير فى موضوع امره
انما يناسب مذهبه الفاسد وزعمه الكاسد وربما يلتزم بما هو اعظم من ذلك ولقد تقدم
شطر من كلامهم فى مسالة الطلب والارادة وعرفت هناك وجه فساد خيالهم وبطلان مقالهم
ولا يستاهل هنا ردا زائدا عما ذكر هناك فراجع. وح ما ربما يصلح ان يقع مورد للبحث
والجدال المقامان الآخران من اقتضاء الاوامر الاضطراريّة الاجزاء عن الامر
الاختيارى او الظاهرى بالنسبة الى الامر الواقعى و (١) ح هنا مقامان المقام الأول
فى اقتضاء الاوامر الاضطراريّة الاجزاء عن الاختيارية فنقول قبل الخوض فى اصل
المسأله يقتضى طىّ امور
______________________________________________________
الفريضة اما بمعنى
يجعلهما ظهرا او عصرا او نحوهما مما ادّاها سابقا لا نافلة ذاتيه حيث لا جماعة
فيها واما بمعنى يجعلها لما فات من فرائضه كما فى خبر آخر تقام الصلاة وقد صليت
فقال عليهالسلام صل واجعلها لما فات وليس فيما ورد فيه يجعلها الفريضة
عنوان الاعادة كى يابى عن هذا الاحتمال فراجع ، مع ان لازم استقرار الامتثال على
الثانى او على احدهما الافضل عند الله عدم امكان التقرب بالاول على الاول وعدم
التقرب الجزمى بكل منهما على الثانى اذا كان بانيا من اول الامر على اتيانهما الخ
والجواب عنه ولو انه يسلم بكونه ليس من الامتثال بعد الامتثال لكن التوجيهات التى
ذكرها كلها بعيدة فنشير الى ذلك اما عن الاول فلو كان الاولى ذات مصلحة ملزمة فلا
يعقل وجود المصلحة الملزمة فى الثانية مع زيادة الثواب لاجل درجات القرب وإلّا
يلزم ان يكون اوامر متعددة وارادات كذلك مع انه على الفرض كان امر واحد ، وعن
الثانى ان الاولى توجب اثرا فى النفس والثانية توجب الاشدية ففيه انه لو كان كذلك
فلا معنى لاختيار احبهما بعد ما كان كلاهما شريكين فى المحبوبية كما هو واضح
فالصحيح ان المامور به هى المقدمة الموصلة دون الأخرى.
(١) المقام الثانى
فى اجزاء الاوامر الاضطراريّة عن الاوامر الواقعية الأوّلية.
احدها (١) ان وجه
الاجزاء فى المقام تارة من جهة وفاء الاضطرارى بتمام غرض المختار (٢) واخرى (٣) من
جهة كونه ملازما لفوت الزائد من مصلحة الاختيارى بنحو لا يمكن تحصيله مطلقا و (٤)
من لوازم الأوّل عدم حرمة تفويت الاختيار و
______________________________________________________
(١) ثم بيّن
لتنقيح الكلام امور الأمر الاول قال فى الكفاية ج ١ ص ١٢٨ تحقيق الكلام فيه يستدعى
التكلم فيه تارة فى بيان ما يمكن ان يقع عليه الامر الاضطرارى من الانحاء وبيان ما
هو قضية كل منها من الاجزاء وعدمه واخرى فى تعيين ما وقع عليه فاعلم انه يمكن ان
يكون التكليف الاضطرارى فى حال الاضطرار كالتكليف الاختيارى فى حال الاختيار وافيا
بتمام المصلحة وكافيا فيما هو المهم والغرض ويمكن ان لا يكون وافيا به كذلك بل
يبقى منه شىء امكن استيفائه أو لا يمكن وما امكن كان بمقدار يجب تداركه او يكون
بمقدار يستحب الخ فهنا صور ولكل لوازم وآثار.
(٢) الصورة الأولى
ان يكون متعلق الامر الاضطرارى وافيا بتمام مصلحة متعلق الامر الاختيارى وان حصل
الاضطرار بالاختيار قال فى الكفاية ج ١ ص ١٢٩ ولا يخفى انه ان كان وافيا به فيجزى
فلا يبقى مجال اصلا للتدارك لا قضاء ولا اعادة الخ.
(٣) الصورة
الثانية ان تكون المصلحة التى يشتمل عليها البدل غير وافية بتمام مصلحة المبدل بل
ببعضها ولا يكون الباقى من مصلحة المبدل قابلا للتدارك اصلا قال فى الكفاية ج ١ ص
١٢٩ وكذا لو لم يكن وافيا ولكن لا يمكن تداركه الخ اى يكون مجزيا.
(٤) فمن لوازم الصورة
الاولى هو الاجزاء وعدم وجوب الاعادة والقضاء قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٦٧
ويترتب على هذا النحو من المصلحة جواز ايقاع المكلف نفسه فى الاضطرار باختياره ولا
ينافى ذلك كون موضوع الاضطرار فى طول موضوع الاختيار لان المصلحة على هذا النحو لا
محالة تكون قائمة بالجامع بين متعلق الامر الاختيارى والاضطرارى غاية الامر ان
فعلية تاثير كل من الفعلين فى المصلحة المزبورة مشروطة بحال من احوال المكلف ففى
متعلق الامر الاختيارى تكون فعلية تاثيره فى مصلحته مشروطة بحال الاختيار
وبالإضافة الى الامر الاضطرارى مشروطة بحال الاضطرار فالطولية تكون فى مصداقية
الفردين لا فى نفس المصلحة وعليه تكون كل من خصوصيات البدل والمبدل منه خارجة عن
دائرة الخطاب المولوى لكون
لو من جهة عدم دخل
الخصوصية الاختيارية فى اصل الغرض بل الغرض ح قائم بالجامع بين الفعل الاختيارى
وغيره وان الاختيارية والاضطراريّة دخيلة فى تشخّصات الطبيعة فى الخارج لا انها
دخيلة فى المامور به مولويا (١) وهذا بخلاف الفرض الاخير (٢) فانه ملازم لكون
الاختيارية بخصوصها متعلق للامر
______________________________________________________
الغرض قائما
بالجامع والتخييريين مصاديقه عقليا فلا يبقى مجال لاعمال المولوية فيها.
(١) ثم قال قدسسره ومن لوازم هذه الصورة جواز البدار بل رجحانه لدرك فضيلة
اول الوقت لو كانت المصلحة القائمة بالبدل مشروطة بمطلق الاضطرار او مشروطة
بالاضطرار المطلق الى آخر الوقت اذا احرز بالعلم او ما يقوم مقامه كما سيأتى وإلّا
لا يجوز البدار لعدم احراز الموضوع كى يكون مشروطا كما لا يخفى الخ قال فى الكفاية
ج ١ ص ١٢٩ واما تسويغ البدار او ايجاب الانتظار فى الصورة الاولى فيدور مدار كون
العمل بمجرد الاضطرار مطلقا او بشرط الانتظار او مع الياس عن طرو الاختيار ذا
مصلحة ووافيا بالغرض الخ.
(٢) واما لوازم
الصورة الثانية من عدم التمكن من استيفاء المقدار الباقى من المصلحة مع استيفاء
مرتبه منها بالفعل الاضطرارى فمن لوازمها اجزاء متعلق الامر الاضطرارى من متعلق
الامر الواقعى الاختيارى قال فى البدائع المحقق الماتن ص ٢٦٨ ، ومن لوازمها ان
يكون كل من البدل والمبدل بخصوصه فى حيز الطلب المولوى وتكون مصلحة البدل فى طول
مصلحة المبدل ولذلك كله يجب الانتظار لسنوح فرصة الاختيار والاتيان بالمبدل ولا
يجوز للامر الايجاب والبعث الى العمل فى الوقت ان علم بزوال العذر فى الوقت للزوم
التفويت ولا يجوز البدار الى البدل فى اول ازمنة الاضطرار إلّا اذا احرز بقاء
الاضطرار الى آخر الوقت بالعلم او بما يقوم مقامه ، ولكن لو بادر المكلف الى
الاتيان بالبدل وارتفع العذر فى الوقت لامكن القول بالصحة والاجزاء عن المبدل
لامكان ان يكون العمل ذا مصلحة مفوتة بمطلق الاضطرار وان لم يستوعب فيقع صحيحا وان
لم يكن مامورا به غاية الامر ان عدم الانتظار وتفويت مصلحة المبدل يكون فى نفسه
حراما ، ولا يخفى ان عدم جواز البعث للآمر والبدار للمكلف انما هو فيما لو لم يكن
للتكليف مصلحة يتدارك بها مصلحته الزائدة الفائتة وإلّا يجوز البعث والبدار كما هو
واضح الخ قال فى الكفاية ج ١
المستتبع لوجوب
حفظ الاختيار مهما امكن الملازمة لحرمة تفويته وعلى كلا التقديرين (١) فى مقام
تسرية النزاع فى الاجزاء عن الاعادة فى الوقت لا بد من فرض طروّ الاختيار فى الوقت
وإلّا فمع بقاء الاضطرار الى آخر الوقت لا يبقى مجال لهذا لبحث كما لا يخفى (٢)،
______________________________________________________
ص ١٢٩ ولا يكاد
يسوغ له البدار فى هذه الصورة الا لمصلحة كانت فيه لما فيه من نقض الغرض وتقويت
مقدار من المصلحة لو لا مراعات ما هو فيه من الاهم ـ بمصلحة الوقت الخ.
(١) انما الكلام
فى الاجزاء فى هاتين الصورتين ان ارتفع العذر فى الوقت واما اذ استوعب الوقت
الاضطرار فلا شبهة فى الاجزاء ولا بحث اصلا.
(٢) اما الصورة
الثالثة وهى ان تكون المصلحة التى يشتمل عليها البدل غير وافية بتمام مصلحة المبدل
بل ببعضها ويكون قابلا للتدارك قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٢٦٧ وهذه ايضا على
قسمين تارة يكون لازم الاستيفاء ولازم هذا القسم عدم الاجزاء والتخيير بين الاتيان
بالمبدل بعد رفع الاضطرار واتيان البدل حال الاضطرار والمبدل بعد ارتفاع الاضطرار
ومن لوازم هذا النحو ايضا جواز البدار بل رجحانه لو كان الشرط مطلق الاضطرار او
الاضطرار المطلق اى المستوعب واحرز بالعلم او ما يقوم مقامه وإلّا فلا يجوز لما
سبق ، واخرى ان يكون الباقى قابلا للاستيفاء مع كونه غير لازم التدارك وحكمه
استحباب الجمع بين البدل والمبدل وحال هذا لنحو من جهة جواز البدار وعدمه حال
الصورة الأولى من ان الموضوع هو مطلق الاضطرار او هو الاضطرار الباقى الى آخر
الوقت وبما ذكرنا ظهر ان الاجزاء ان يكون باحد ملاكين اما بملاك مصلحة الفعل
الاضطرارى بمصلحة الفعل الاختيارى واما بملاك عدم امكان استيفاء باقى مصلحة الواقع
وان كانت ملزمة الخ قال فى الكفاية ج ١ ص ١٢٩ وان لم يكن وافيا وامكن تدارك الباقى
فى الوقت او مطلقا ولو بالقضاء خارج الوقت فان كان الباقى مما يجب تداركه فلا يجزى
فلا بد من ايجاب الاعادة او القضاء وإلّا فيجزى ولا مانع عن البدار فى الصورتين
غاية الامر يتخير فى الصورة الاولى بين البدار والاتيان بعملين العمل الاضطرارى فى
هذا الحال والعمل الاختيارى بعد رفع الاضطرار او الانتظار والاقتصار باتيان ما هو تكليف
المختار وفى
ثانيها ان الاجزاء
على وجه الأول (١) يقتضى خروج خصوصية الفعل الاختيارى والاضطرارى عن حيّز الطلب
المولوى بجميع مباديه حتى مرحلة ترخيصه فى اتيانه بل امر ترخيصه موكول بيد العقل
كما هو الشأن فى جميع موارد الامر بالجامع بالقياس الى افراده ، و (٢) اما الاجزاء
على الوجه الاخير فلا شبهة فى كونه ملازما لتعلق الامر فى الاختيارى بخصوصه كما
اشرنا كما (٣) ان لازمه ايضا تعلق الترخيص المولوى ايضا بخصوص الاضطرارى كيف (٤)
ولولاه لا يرخّص العقل باتيانه لان اتيانه موجب لفوت غرض المولى ومعه لا يرخص
العقل باتيانه و (٥) ان كان المكلف لو اتاه يكون صحيحا بمناط المضادة (٦)
______________________________________________________
الصورة الثانية
يتعين عليه البدار ويستحب اعادته بعد طرد الاختيار الخ.
(١) الامر الثانى
من لوازم الصورة الاولى وجعلها من الامر الثانى وقد تقدمت الاشارة اليها ايضا انه
تكون كل من خصوصيات البدل والمبدل منه خارجة عن دائرة الخطاب المولوى لكون الغرض
قائما بالجامع والتخيير بين مصاديقه عقليا فلا يبقى مجال لاعمال المولوية فيها.
(٢) لكن من لوازم
الصورة الثانية كما مر ان كل من البدل والمبدل بخصوصه فى حيز الطلب المولوى وتكون
مصلحة البدل فى طول مصلحة المبدل والامر تعلق اولا بخصوص الاختيارى لا غير.
(٣) يكون من تبعات
قوله واما الاجزاء على الوجه الاخير الخ اى كما ان من لوازمه ورود الامر الاضطرارى
من الشارع بالخصوص وهو البدل.
(٤) هذا هو الوجه
لكون البدل ايضا بخصوصه فى حيّز الطلب المولوى لان العقل لا يرخص فى ذلك بعد ما
كان يفوت بعض الغرض ولا يمكن استيفائه.
(٥) تقدم انه لو
بادر المكلف الى الاتيان بالبدل وارتفع العذر فى الوقت يكون صحيحا وعدم الانتظار
يكون حراما تكليفا.
(٦) قد صحح هذه
الكلمة فى الطبع الحديث وبدل ـ مصادقة ـ وهو غلط محض فالمراد هو المضادة بين
المصلحتين بحيث لو استوفى مصلحة البدل لا يمكن استيفاء مصلحة المبدل ، قال المحقق
الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٥٠ لا يذهب
للمامور به فنحن
لا نقول ان اجزائه (١) بهذا المناط (٢) منوط بالترخيص (٣) بل نقول (٤) ان ترخيص
العقل فى الاقدام به منوط بترخيص الشارع اياه بخصوصه (٥) وح فلو كان الامر متعلقا
بالفعل الاضطرارى بخصوصه لا وجه لرفع اليد عن تعلق الامر ولو ببعض مباديه (٦) عن
الخصوصية (٧) بخلاف ما لو لم
______________________________________________________
عليك ان المامور
به الاضطرارى فى اول الوقت والمأمور به الاختيارى فى آخره بناء على هذا لفرض متضاد
ان فى تحصيل تمام الغرض وليس بين المتضادين وجود الا المعاندة ولا مقدمية لعدم
احدهما بالإضافة الى وجود الآخر فلا وجه لنسبة نقض الغرض وتقويت مقدار من المصلحة
الى المامور به الاضطرارى كما ان تسويغ البدار ليس بنفسه نقضا وتفويتا حيث ان
تسويغ البدار لا يلازم البدار نعم لازم تسويغ البدار هو الاذن فى نقض الغرض وتفويت
المصلحة لمكان الملازمة والاذن فيهما قبيح الخ وتوضيحه يظهر من استادنا الآملي فى
المجمع ج ١ ص ٢٠٦ انه ليس من المضادة فى شيء بل من باب فوت مصلحة الواقع وعدم بقاء
المحل لها كما اذا اتى بماء للمولى ليشربه فشربه ولم يبق مورد ومحل لشرب الماء مع
الانجبين من جهة ان عطش المولى قد ارتفع بالماء الخالص بخلاف الصورة الاولى فانه
بملاك الوفاء بالمصلحة كما لا يخفى.
(١) اى اجزاء
العمل على الصورة الثانية.
(٢) اى المضادة.
(٣) اى ترخيص
العقل.
(٤) وملخصه كما
قلنا الفرق بين الصورة الاولى والثانية بتعلق الامر بالخصوصية فى الثانية دون
الاولى لتعلقه بالجامع والتخيير عقلى بخلاف الصورة الثانية فليس هناك ترخيص عقلى
بل لا بد من ورود الدليل الخاص على هذا النحو من البدلية من الشرع حتى يرخص العقل
تبعا.
(٥) فى الصورة
الثانية أي غيره قابلة للتدارك.
(٦) من العزم
والجزم والإرادة ونحو ذلك.
(٧) لتعلقه
بالخصوصيّة فتكون خصوصية الاضطراريّة والبدلية تحت الامر والارادة بخلاف الصورة
الاولى حيث تكون الخصوصية خارجة عن تحت الامر كما
نقل بالاجزاء فانه
لا محيص من رفع الامر عن الخصوصية بجميع مباديه (١) لاستقلال العقل بترخيص مثله
لانه طرف التخيير بالنسبة الى مرتبة الغرض الناقص كما هو الشأن لو قلنا بالاجزاء
بالمناط الاول (٢) فانه (٣) ح طرف التخيير بالنسبة الى الغرض الكامل كما هو ظاهر ،
(٤) ثالثها (٥) انّ ادلة الاضطرارى من حيث الشمول لصورة طرو الاختيار فى الوقت
ربما يختلف فكلما كان بلسان عمومات نفى الاضطرار (٦) من مثل حديث الرفع وما ورد فى
باب التقية من
______________________________________________________
تقدم.
(١) وانما يتعلق
بالجامع وملخصه ان قلنا بالاجزاء فى الصورة الثانية فالخصوصيات تحت الامر كما مر
ان قلنا بعدم الاجزاء فيكون مرتبه ناقصة تساوى مع غيره من الابدال فيكون التخيير
عقليا فالخصوصيات خارجة عن تحت الامر.
(٢) اى فى الصورة
الأولى.
(٣) اى الفعل
الاضطرارى طرف التخيير فى الفعل الاختيارى.
(٤) هذا كله فى
مقام الثبوت فان الاضطرار الذى هو موضوع التكليف بالبدل يمكن ان يكون ثبوتا على
نحوين الاول كفاية مجرد الاضطرار الى ترك المبدا ولو فى اول الوقت فى فعلية
التكليف بالبدل الثانى هو الاضطرار الى ترك جميع افراد المبدل فى جميع اجزاء الوقت
وهو المعبر ، عنه بالاستيعاب وقد عرفت مفصلا.
(٥) الامر الثالث
بين فى هذا الامر فى كون الادلة الخاصة السنتها مختلفه حسب اختلاف الموارد فيحتاج
الى المراجعة الى كيفية السنة ادلة الاضطرار من عمومات نفى الحرج وادلة الاضطرار
وقاعدة الميسور ونحوها.
(٦) فما كان دالا
على حديث الرفع والاضطرار من عموم نفى الحرج والاضطرار والميسور والضرر ونحوها
امكن دعوى ان المستفاد من نحو تلك العمومات التى مصبها الاضطرار الى الطبيعة هو خصوص
الاضطرار الباقى الى آخر الوقت نظر الى قضية ظهورها فى الاضطرار الى الطبيعة على
الاطلاق اذ ح لا يكاد تحقق الاضطرار الى الطبيعة كذلك الا بعدم التمكن من شيء من
الافراد التدريجية للمامور به الاختيارى وهذا لا يكون إلّا فى صورة بقاء الاضطرار
الى آخر الوقت و
عموم حلّية كل شىء
اضطر اليه بنى آدم فلا شبهة فى كونها ناظرة الى الاضطرار عن المامور به ولازمه فى
صورة كون المامور به الطبيعة الجامعة بين الافراد التدريجية الى آخر الوقت بقاء
الاضطرار ايضا الى آخر الوقت ولا يشمل الاضطرار الطارى عليه الاختيار فى الوقت كما
هو ظاهر ، ومن هذا القبيل (١) ما كان بلسان قاعدة الميسور وامثاله من عمومات الحرج
والضرر ومنه (٢) الامر بمسح المرارة للحرج (٣) او الامر بالاستلقاء للصلاة (٤) او
الاضطجاع (٥) لقاعدة الميسور وامثالها فانها ايضا بجميعها منصرفة الى صورة بقاء
الاضطرار الى آخر الوقت ففى امثالها مجال توهم الاجزاء من الاعادة فى الوقت (٦)
كما لا يخفى
______________________________________________________
إلّا ففى فرض طرأ
عليه الاختيار قبل خروج الوقت بمقدار يمكنه الاتيان بالمامور به الاختيارى لا يكاد
يصدق الاضطرار الى الطبيعة على الاطلاق كما هو واضح وعلى ذلك ربما يسقط النزاع
المزبور فى الاجزاء وعدمه بالنسبة الى الاعادة كما لا يخفى فلا يكون مجز عن
الإعادة.
(١) من لزوم العذر
فى جميع الوقت يعتبر فى قاعدة الميسور والضرر والحرج.
(٢) اى من هذا
القبيل يعتبر العذر فى جميع الوقت.
(٣) كما فى رواية
عبد الاعلى فى الوسائل باب ٣٩ وضوء ح ٥ عثرت فانقطع ظفرى فجعلت على اصبعى مرارة
قال امسح عليه ما جعل عليكم فى الذين.
(٤) كما فى
الوسائل باب ٧ قيام ح ١ صحيحه محمد بن مسلم عن الرجل والمرأة وذهب بصره فيقولون
نداويك مستلقيا كذلك يصلى فرخص فى ذلك فمن اضطر غير باغ الخ.
(٥) فى الوسائل
باب ١ قيام ج ٥ موثقة سماعة عن المريض فليصل وهو مضطجع لم يكلف الله ما لا طاقة له
به الخ.
(٦) لما عرفت من
عدم تصور ذلك فانه عليه لا مجال للبحث عن اجزاء الفعل الاضطرارى إلّا بالنسبة الى
القضاء فى خارج الوقت.
نعم (١) فى باب
التقية ربما يكون ظاهر امرها فى الاتيان على طبق رأيهم مطلقا بنحو يشمل مورد
ابتلائهم بها ولو مع العلم بطروّ القدرة وارتفاع التقية فى الوقت بل ولو فرض
تنزيلها على صورة بقاء الابتلاء الى آخر الوقت يوجب تنزيل اطلاقاتها على المورد
النادر ولذا التزموا بتوسعة من حيث المندوحة فى باب التقية لم يلتزموا بمثله فى
غيرها فراجع ، ومن (٢) هذا الباب ايضا باب التيمم
______________________________________________________
(١) واما الادلة
الآمرة بالتقيّة بايجاد العبادات على وفق مذهبهم بالحضور فى جماعاتهم والصلاة معهم
والوضوء على كيفية وضوئهم حيث انه يستفاد من اطلاق تلك الادلة ايضا كفاية مجرد
الابتلاء بهم ولو فى جزء من الوقت فى جواز الاتيان بالمامور به تقية وعلى وفق
مذهبهم من دون احتياج الى بقاء الابتلاء بهم الى آخر الوقت خصوصا بعد ملاحظة ما هو
الغالب من عدم ابتلاء الانسان بهؤلاء الفسقة فى تمام اوقات الصلاة من اول وقتها
الى آخره اذ ح من الامر بايجاد العبادة تقية يستفاد من الاضطرار الموضوع لهذا الحكم
هو مطلق الاضطرار وعليه ففى مثله ربما كان كمال المجال للبحث فى اجزاء الماتى به
الاضطرارى عن الاعادة بالنسبة الى المامور به الاختيارى وبالجملة فان اطلاق الامر
بالصلاة معهم بصلاتهم بل كل عمل شرعت فيه التقية يدل على تشريعها فيه حين الابتلاء
بها وان علم المكلف ارتفاعها فى باقى الوقت بل لو حمل اطلاق دليلها على صورة
استيعابها للوقت لاوجب ذلك تخصيص الدليل العام بالفرد النادر كما انه يستفاد من
مجموع ادلة التقية ان العمل على وفقها احد افراد العمل المكلف به واقعا او انه فرد
له تنزيلا وذلك يستلزم الاجزاء لوفائه بالمصلحة الواقعية كما لا يخفى لكن قد
يستشعر من بعض الاخبار التى امر المكلف فيها بالصلاة اولا فى الدار ثم الصلاة معهم
ثانيا ان الاجزاء يستند الى تفويت المصلحة الواقعية وقيام المصلحة المضادة فى
محلها لا الى وفاء مصلحة الماتى به تقية بالمصلحة الواقعية.
(٢) واما التيمم
فمن ادلته الآية المباركة اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ـ فلم تجدوا ماء
فتيمموا صعيدا طيبا قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٢٧٠ فالظاهر منها ان الشرط فى
كون التيمم مشروعا للمكلف هو مطلق العذر والاضطرار لا الاضطرار الى الطبيعة الى
آخر الوقت فان المتبادر هو تعليق الامر بالتيمم على ارادة
.................................................................................................
______________________________________________________
الصلاة وعدم وجدان
الماء فالمكلف الذى يريد ان يصلى فى اول الوقت ولا يجد ماء للطهارة هو موضوع
الخطاب بالتيمم ومن ادلتها ايضا قوله «ع» التيمم احد الطهورين بتقريب ان ظاهره كون
التيمم فردا للطهارة مطلقا سواء تمكن من استعمال الماء ام لم يتمكن غاية الامر ان
الاطلاق المزبور قد تحقق تقيده فى الجملة بعدم التمكن من استعمال الماء والقدر
المتيقن منه هو عدم التمكن من استعماله حين ارادة العمل المشروط بالطهارة واما كون
الاستيعاب شرطا فى مشروعية التيمم فى اول الوقت فيدفعه الاطلاق المزبور الخ وربما
يؤيد ذلك ايضا ملاحظه الصدر الاول فى زمن النبى صلىاللهعليهوآله من تفكيكهم بين الصلوات واتيان كل صلاة فى وقت فضيلتها
وعدم تاخيرها الى ما بعد وقت فضلها حيث انه يستفاد من ذلك ح ان الاضطرار المسوغ
للطهارة الترابية هو مطلق الاضطرار لا الاضطرار الباقى الى آخر الوقت ، وفى مثله
يكون المجال للبحث عن اجزاء الماتى به الاضطرارى عن الإعادة فى الوقت موجودا كما
هو واضح وذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٩٦ فى الاجزاء عن الاعادة قال
وبيانه ان المكلف اما ان يكون متمكنا من الطهارة المائية فى تمام الوقت اولا يكون
متمكنا منها كذلك او يكون متمكنا فى بعضه دون الآخر لا اشكال فى التخيير العقلى
بين الافراد الطولية فى الشقين الاولين واما الاخير فبما ان ملاك التخيير هو تساوى
الافراد فى الملاك فلا يحكم العقل فيه بالتخيير ولا يجوز الاتيان بالفرد الفاقد
قطعا فاذا ثبت جواز البدار مع الياس او الظن او القطع مع فرض ارتفاع العذر بعد
الامتثال فاما ان يكون جواز البدار حكما ظاهريا طريقيا او واقعيا وعلى الاول
فيبتنى القول بالاجزاء بعد ارتفاع العذر على القول به فى مسالة انكشاف الخلاف بعد
الاتيان بالمامور به الظاهرى ولا يكون له مساس بما نحن فيه وعلى الثانى فلا ريب فى
ان وجود الامر الواقعى بعد قيام الضرورة والاجماع على عدم وجوب صلاتين على المكلف
فى يوم واحد يكشف عن ان الفعل الفاقد فى حال الاضطرار ولو مع عدم استدامة العذرى
يكون وافيا بتمام الملاك ويكون فى هذا الحال فى غرض الافراد الواحدة واقعا فلا
محاله يترتب عليه الاجزاء وتكون الاعادة بعد استيفاء الملاك بتمامه من باب
الامتثال بعد الامتثال الخ وهذا هو الذى اختاره استادنا الخوئى ايضا قال فى هامش
الاجود ج ١ ص ١٩٦ جواز البدار واقعا بعد قيام الاجماع على عدم
حيث ان ظاهر قوله
اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وان لم تجدوا ماء فتيمموا هو عدم الوجدان فى ظرف
القيام الى الصلاة لا عدم الوجدان الى آخر الوقت كما توهم وبالجملة ظاهر امثال هذه
الادلة شمولها لصورة طروّ الاختيار فى الوقت ايضا بعد اضطراره ففى مثلها رما يجرى
النزاع فى اقتضاء امرها الاجزاء حتى عن الاعادة فى الوقت (١) ولازمه (٢) ايضا جواز
البدار حتى مع العلم بطرو الاختيار فيما بعد بخلاف الادلة السابقة (٣) حيث لا يجوز
لهم البدار مع العلم بالاختيار فى الوقت نعم (٤) مع عدم العلم امكن دعوى استصحاب
بقاء الاضطرار الى آخر
______________________________________________________
وجوب صلاتين فى
يوم واحد وان كان يكشف عن وفاء العمل الاضطرارى بتمام ما هو الملزم من ملاك الفعل
الاختيارى إلّا انه يختص بموارد قيام الاجماع ولا يعم غيرها من موارد الاتيان
بالمامور به الاضطرارى فلا بد فيها من اقامة دليل آخر على الاجزاء وبما انه لم
يحرز فى تلك الموارد وفائه بتمام الملاك فلا يكون الاجزاء قطعيا فان كان لدليل
الامر بالفعل الاضطرارى اطلاق يقتضى جواز الاكتفاء به فى مقام الامتثال ولو كان
الاضطرار مرتفعا بعده فهو المرجع وإلّا فاصالة البراءة تقتضى عدم وجوب الإعادة
فمقتضى القاعدة هو الاجزاء فى موارد الامر الاضطرارى مطلقا الخ وسيجيء الكلام فى
البراءة عن وجوب الإعادة.
(١) كما عرفت.
(٢) ومن لوازم
ادلة التيمم وادلة التقية جواز البدار حتى لو علم بطر والاختيار فى آخر الوقت.
(٣) ومن لوازم
ادلة العسر والحرج والاضطرار والضرر والميسور ونحو ذلك عدم جواز البدار إلّا اذا
تيقن ببقاء العذر فى تمام الوقت.
(٤) قد عرفت ان
شرط اشتمال العمل الاضطرارى على المصلحة فى جميع الصور كما مر قد يكون مطلق العذر
وقد يكون العذر المستوعب وعلى الثانى فاما ان يقطع باستمرار العذر الى آخر الوقت
فيجوز للمضطر البدار الى الاتيان بالبدل واما ان يقطع بارتفاعه فى اثناء الوقت فلا
يجوز البدار الى فعل البدل ، واما اذا شك باستمراره فهل هناك اصل يعول عليه فى
احراز الاستمرار او عدمه قال المحقق الماتن فى البدائع
الوقت فيجوز له ح
البدار ، وتوهم (١) عدم جريان الاستصحاب فى المقام اذ المدار ح على الاضطرار عن
الطبيعة وبقاء الاضطرار الى آخر الوقت من لوازمه عقلا فيكون من الاصول المثبتة
الغير الجارية اصلا ، مدفوع (٢) بان فى ظرف
______________________________________________________
ص ٢٦٩ يمكن ان
يقال بجواز احراز الاستمرار بالاستصحاب لان العذر فى اول الوقت متيقن الحصول
ومشكوك البقاء الى آخر الوقت فلا مانع من شمول ادلة الاستصحاب لمثل هذا لفرض ولهذا
لفرد لانه من افراد اليقين والشك فى البقاء الخ وكان ينبغى ان يجعل هذا امرا رابعا
وهو جريان الاستصحاب فى بقاء العذر الى آخر الوقت.
(١) وملخص الاشكال
على الاستصحاب ايضا قال فى البدائع محقق الماتن ص ٢٦٩ ان موضوع الحكم الاضطرارى
اذا كان هو استيعاب العذر لجميع الوقت فلا يمكن اثباته بالاصل المزبور الابناء على
حجية الاصل المثبت وذلك لان موضوع الحكم الاضطرارى اعني به وجوب البدل هو الاضطرار
الى ترك جميع افراد المبدل والاضطرار المتيقن فى اول الوقت هو الاضطرار الى ترك
بعض حصص المبدل لا ترك جميعها فما هو متيقن الثبوت ليس هو موضوع وجوب البدل وما هو
موضوع وجوبه اعنى به الاضطرار الى ترك جميع حصص المبدل ليس متيقن الثبوت واستصحاب
الحال الذى من اجله حصل الاضطرار فى اول الوقت الى ترك بعض حصص المبدل وان كان تام
الاركان إلّا انه مثبت لموضوع حكم البدل لان ثبوت تلك الحال فى آخر الوقت يلزمه
عقلا او عادة الاضطرار الى ترك جميع افراد المبدل الخ وبالجملة ان استصحاب عدم
وجدانه للماء الى آخر عمرة اواخر الوقت لا يثبت عدم وجدانه عن الطبيعة إلّا
بالملازمة العقلية.
(٢) وتوضيح الجواب
عنه ايضا قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٦٩ ان المكلف فى اول الوقت متيقن بالاضطرار
الى ترك جميع افراد المبدل طوليها وعرضيها اما الافراد العرضية فالاضطرار الى
تركها هو مفروض الكلام واما الافراد الطولية فلامتناع وجودها قبل اوقاتها فى اوقات
الافراد العرضية فالمكلف متيقن فعلا بالاضطرار الى ترك جميع افراد المبدل العرضية
والطولية وشاك بارتفاع هذا لاضطرار فى باقى الوقت فله ان يستصحبه ويحرز الاستيعاب
بالاستصحاب الخ وبالجملة فى الآن الاول يصدق عليه عدم وجدانه للطبيعة الخاصة حتى
مع علمه بتمكنه
اضطراره فى اول
الوقت يصدق الاضطرار عن الطبيعة لان الطبيعة فى هذا لوقت منحصر فرده مما يتمشى منه
بخصوص وقته فمع الاضطرار عنه يصدق الاضطرار عن الطبيعة فى مثل هذا لوقت فيستصحب
هذا لمعنى فان قلت (١) اذا صدق فى كل وقت اضطر فيه الى ترك فرد الطبيعة اضطرار ترك
الطبيعة فعمومات الاضطرار ايضا يشملها فلم يختص هذه العمومات بالاضطرار الباقى الى
آخر الوقت ، قلت (٢) وجه الاختصاص بالاضطرار الباقى هو انصراف العمومات الى
______________________________________________________
منها يعدها
فيستصحب هذا المعنى واورد عليه بان الاستصحاب لا يجرى لان الاثر الشرعى يكون على
الاضطرار المستوعب ولازم الاستصحاب هو اثبات استيعاب العذر وهو اثر عقلى فاستصحاب
بقاء العذر مثبت ـ وفيه ان بقاء العذر فى تمام الوقت هو الموضوع لجواز البدار لا
الاستيعاب حتى يلزم الاثبات وثانيا لو سلم ان الاستيعاب للخوف من فوت المصلحة اما
لو فرض انه فى كل ان صار العبد متمكنا من اتيان المبدل يكون المصلحة بحالها ويمكن
الاتيان بداعيها فلا نحتاج الى استصحاب بقاء العذر كما فى التيمم بل يجوز البدار
رجاء لاصابة الواقع فان اصاب فهو وإلّا يأتى به ثانيا بعد كشف الخلاف.
(١) وملخص ان قلت
على الجواب قال قدسسره وهو انه اذا كان التقريب المزبور فى تحقق الاضطرار الى ترك
افراد المبدل عرضيها وطوليها فى اول الوقت صحيحا فهو يغنى عن الاستصحاب فى مقام
احراز موضوع التكليف بالبدل لان دليله لم يدل على ازيد من كون المكلف يلزم ان يكون
مضطرا الى ترك المبدل بجميع افراده العرضية والطولية وهو حسب الفرض كذلك فى اول
الوقت ابتلائه بالعذر الموجب للاضطرار الخ الى الطبيعة.
(٢) وملخص رده انه
قال قدسسره نعم لو لم يكن دليل حكم البدل له ظهور بلزوم كون الاضطرار
الذى هو موضوع الحكم المزبور متدرجا فى الوقت تدرج اجزاء الوقت بنحو لا ياتى جزء
منه الا وهو ظرف الاضطرار الى ترك فرد من افراد المبدل وعليه لا يجزى تحقق
الاضطرار الى ترك جميع افراد المبدل العرضية والطولية فى اول وقت الابتلاء بالعذر
بل لا بد من احراز ملابسة الاضطرار المزبور لكل جزء من اجزاء
الاضطرار عن
الجامع بين الافراد التدريجية ومثل هذا الجامع ايضا بتبع افرادها تدريجية فقهرا
يلازم الاضطرار عن هذا الامر التدريجى بقائه الى آخر الوقت وما عرفت من الاضطرار
المتيقن سابقا المصحح للاستصحاب هو الاضطرار عن الطبيعة دفعيا غاية الامر يثبت
تدريجية اضطراره ببقاء الاضطرار الى آخر الوقت ولو بالاستصحاب وح لا قصور
للاستصحاب فى شموله للمقام واثباته موضوع الحكم كما هو واضح ، وعلى اى حال (١) لا
مجال لمصيرهم فى المقام الى الفرق بين الوثوق بالاختيار البعدى وعدمه سواء قلنا
بجريان الاستصحاب المزبور ام لم نقل فما يستشم من كلماتهم الفرق بين الوثوق بطروّ
الاختيار وعدمه منظور فيه (٢) ،
______________________________________________________
الوقت فى الحكم
بفعلية التكليف بالبدل فمع الشك بذلك يجوز التوسل بالاستصحاب احراز الاستيعاب الخ.
(١) واما اذا كان
له الوثوق والاطمينان برفع الاضطرار الى آخر الوقت فبناء العقلاء على اعتباره وانه
بمنزلة العلم ولكن عند محقق العراقى الماتن قدسسره فيه اشكال وانه لا عبرة به بل قال المحقق الماتن فى
النهاية ج ١ ص ٢٢٧ قال نعم مع العلم ببقاء الاضطرار او الاطمينان بذلك يجوز له
البدار الخ ولعله اجتهاد من المقرر.
(٢) وجه النظر قال
المحقق العراقى فى التعليقة على العروة ص ١٤٩ فى كفاية الاطمينان فى تحقق موضوع
القصر نظر ـ الى ان قال ـ وفى حجية الاطمينان نظر ـ وح فلا بد فى امثال المقام من
ملاحظة حصول اليقين او ما يقوم مقامه عند الشرع او العقلاء مع عدم ردعهم باصل او
امارة وبدونهما لا مجال لاجراء احكام القصر عليه الخ وقال فى ص ١٥٥ بعد عدم الدليل
على حجية مطلق الاطمينان خصوصا فى الموضوعات وبناء العقل على العمل على فرض
تماميته مردوعة بعموم اعتبار البينة فى الموضوعات وظهور دليلها فى حصرها الا ما
خرج بالدليل من سيره او غيرها كما لا يخفى على من لاحظ ذيل روانه مسعدة بن صدقه
الخ الى غير ذلك لكن فيه ان هذا البناء من العقلاء الثابت جزما غير مردوعة بالآيات
الناهية ولا رواية مسعدة فانه يدخل فى الاستبانة كما ذكر فى محله مضافا الى انه
كلما يجاب فى اعتبار خبر الموثوق
رابعها (١)
______________________________________________________
الصدور او الثقة
فى الاحكام نجيب عنه هنا كما لا يخفى.
(١) الامر الرابع
الذى ذكره المحقق الماتن قدسسره فى بيان مقتضى الاصل حيث يشك فى اجزاء الماتى به بالامر
الاضطرارى عن المامور به بالامر الواقعى الاختيارى قال المحقق الماتن فى البدائع ص
٢٧١ فاعلم ان الشك فى الاجزاء تارة يكون من جهة الاعادة فى الوقت واخرى من جهة
القضاء فى خارجه وعلى كل من التقديرين يحتمل ان يكون الاجزاء على فرضه مستندا الى
وفاء مصلحة العمل الاضطرارى بتمام مصلحة العمل الاختيارى كما يحتمل ان يكون مستندا
الى عدم امكان استيفاء الباقى من المصلحة العمل الاختيارى فلا يكون البحث عن اجزاء
العمل الاضطرارى منحصرا بالوجه الاول لان غاية ما يتصور دليلا للحصر هو انه مع
الاحتمال الثانى لا يجوز للحكيم ان يامر بالبدل بمجرد الاضطرار مع علمه بارتفاعه فى
اثناء الوقت وعدم استيعابه لانه يفوت بذلك شيئا لازم التدارك من المصلحة الواقعية
الاختيارية مع تمكنه من استيفائه بلزوم الانتظار وعدم تسريع البدار وعليه لا يجوز
للمكلف البدار حتى يتنازع فى اجزاء العمل الاضطرارى عن الإعادة وعدمه ولكنه مع هذا
كله لانه لا يستلزم ذلك عدم صحة الاتيان بالبدل فى مثل هذا الفرض لفرض اتصافه
بالمصلحة بمجرد الاضطرار وانما وجب الانتظار لاحتمال ارتفاع العذر وتحصيل المصلحة
الواقعية الاختيارية فى باقى الوقت وهذا لا ينافى كون البدل يجوز التقرب به
بملاحظة مصلحته الحادثه فيه بمجرد الاضطرار الكافية للالزام به لو لا مزاحمتها
للمصلحة الواقعية فيكون حال الفرض المزبور حال المتزاحمين فى باب الترتب نعم لو
كان اتصاف الفعل بالمصلحة مشروطا بالعذر المستوعب ينحصر البحث فى القضاء إلّا انه
لا ملازمة بين كون البدل مفوتا واشتراط اتصافه بالمصلحة بالعذر المستوعب كما هو
واضح واذ قد عرفت امكان الاحتمالين المزبورين تعرف امكان النزاع فى اجزاء البدل
الاضطرارى عن الإعادة وعدم اجزائه مع احتمال كون ملاك الاجزاء هو عدم امكان
استيفاء الباقى من مصلحة المبدل ، ثم انه قبل الخوض فى بيان احكام صور الشك يلزم
التنبيه على امر هو ان مبنى الاستدلال على الاجزاء مطلقا هو اطلاق ادلة العمل
الاختيارى الشامل لحالة طرو الاختيار بعد الاضطرار وذلك ان لمتعلق الخطاب المطلق
افرادا عرضية وافرادا طولية فكما تعذر بعض الافراد العرضية لا يوجب سقوط
ان مقتضى الاصل (١)
بالنسبة الى الاجزاء فى الوقت عدمه لانه على الاجزاء بمناط التفويت مع الجزم بعدم
الوفاء بتمام مصلحة المختار (٢) فمرجعه الى الشك
______________________________________________________
الخطاب الا من
جهته ويبقى الخطاب فعليا من جهة باقى الافراد الممكنة كذلك تعذر جميع الافراد
الممكنة كذلك تعذر جميع الافراد العرضية لا يوجب إلّا سقوط الخطاب من جهتها ويبقى
اطلاق الخطاب فعليا من جهة الافراد الطولية وكذا تعذر بعض الافراد الطولية لا يوجب
سقوط اطلاق الخطاب من جهة الافراد الطولية الاخرى بطريق اولى والشاهد على ذلك
امران احدهما ان المكلف لو اضطر الى ترك المبدل ولم يات بالبدل ثم ارتفع العذر فى
الوقت لا يرتاب احد فى وجوب الاتيان بالمبدل فى باقى الوقت وما ذاك إلّا لتمسكهم
بالاطلاق الشامل لمحل الفرض اذ لا دليل لهم على عموم الحكم المزبور الا ذلك ،
وثانيهما انه لو لم يكن الاطلاق شاملا لافراد المبدل الطولية كما ذكرنا لما كان
وجه لبحث الاعلام عن كون مصلحة البدل وافية بتمام مصلحة المبدل او ليست بوافية
وعلى فرض كونها ليست بوافية فهل يمكن استيفاء الباقى من مصلحة المبدل بالاعادة او
القضاء أو لا يمكن اذ بناء على عدم شمول الاطلاق لافراد المبدل الطولية لا يمكن
احراز كونها ذات مصلحة ليتنازع فى وفاء مصلحة البدل بمصلحتها وعدمه ولكان التمسك
لنفى وجوب الاعادة بعدم الدليل اولى ولكن لا يخفى ان الاطلاق المزبور فى حالتى
الاختيار والاضطرار انما يكون من غير جهة العمل الاضطرارى واما من جهته فيكون
مجملا اذ لو كان من جهته مطلقا فلا وجه للنزاع ايضا ضرورة ان اطلاقه دليل على عدم
الاجزاء وبه يستكشف عدم وفاء العمل الاضطرارى بمصلحة المبدل ولا يكون مفوتا ، ثم
ان ابتناء البحث على الاطلاق المزبور وعدمه يكون من ناحية الدليل الاجتهادى واما
اثبات الاجزاء وعدمه من ناحية الاصل فيختلف حسب تقريره وسنشير اليه فى مقام تحرير
الاصل إن شاء الله تعالى.
(١) بعد ما عرفت
ذلك فاعلم ان الشك فى اجزاء البدل الاضطرارى عن اعادة المبدل او قضائه يتحقق فى
صور.
(٢) الصورة الاولى
الشك فى وجوب الاعادة الناشى من الشك فى امكان استيفاء الباقى من مصلحة المبدل بعد
العلم بوفاء مصلحة البدل ببعض مصلحة المبدل لا بتمامها وكون الباقى منها مما يلزم
تداركه حيث يمكن والتحقيق يقضى بعدم الاجزاء فى هذه الصورة اعنى ان العقل يحكم
بلزوم الاعادة اذا ارتفع العذر فى الوقت وهذا
.................................................................................................
______________________________________________________
الفرض وان كان من
صغريات الشك فى التكليف الّا انه لما كان الشك فى التكليف ناشئا من الشك فى القدرة
على استيفاء الباقى من مصلحة المبدل بالاعادة او القضاء وجب على المكلف الاحتياط
باتيان ما يحتمل وجوبه من الاعادة فى الوقت والقضاء فى خارجه لما تقرر فى محله من
انه اذا كان الشك فى التكليف ناشئا من الشك فى القدرة على الامتثال وجب الفحص او
الاحتياط اما للاجماع على لزوم ذلك او لعدم وجود ما يوجب الأمن من العقاب لانصراف
ادلة البراءة الشرعية عن مثل هذا لشك ولعدم موضوع البراءة العقلية فيه لانه ليس
على المولى بيان كون المكلف قادرا او ليس بقادر الخ ولكن قال صاحب الكفاية ج ١ ص
١٣٠ فالاصل وهو يقتضى البراءة من ايجاب الاعادة لكونه شكا فى اصل التكليف الخ ولكن
ما ذكره المحقق العراقى قدسسره من كون المقام من الشك فى القدرة يتوقف على امرين الاول ان
يكون التكليف بالوضوء هو الحكم الاولى بالذات ليقال ان البيان قدتم عليه ويكون
الشك فى حصول ملاكه بواسطة التيمم فى حال الاضطرار فحينئذ يقال يجب الوضوء ثانيا
للشك فى احراز ملاكه بواسطة التيمم ، والثانى ان يكون الجامع الطبيعى تحت التكليف
بان يقال ان اللازم هو الاتيان بالطهور بمقتضى قوله عليهالسلام لا صلاة إلّا بطهور ولا يكون لخصوص التيمم او الوضوء
خصوصية ومن لوازم هذا المسلك انه لا يجوز ان يقصد العمل بعنوان انه وضوء او تيمم
لانه تشريع بل يجب ان يقصد الطهور متقربا الى الله باحدهما وليس احدهما بدلا عن
الآخر بل كل واحد منهما يكون التكليف الاستقلالى بالنسبة اليه فلا ربط له بان
المصلحة الوضوئية هل وجدت ام لا بل يكون التيمم ايضا احد مصاديق الكلى ، حتى يكون
الشك فى القدرة وفيه اولا لا نكون مامورا بتحصيل المصلحة بل بما تم عليه البيان ،
وثانيا عدم كون الخطاب على الطبيعى بل على الفرد بتوجه الخطاب على طبيعى الوضوء
بلحاظ الفرد وعلى طبيعى التيمم بلحاظ الفرد كذلك فلا يكون المقام من الشك فى
القدرة مضافا الى ان الظاهر من امر الوضوء والتيمم هو المولوية واللازم من القول
بان الجامع تحت الامر هو كونه ارشادا ، وانه قائل بالبدلية ولذا يقول اما واف
بمصلحة المبدل ام لا كما هو واضح ثم انه على فرض قبول كون المقام من الشك فى
القدرة لا يكون من الشك الذى يجب الاحتياط فيه بل يكون من جهة ان المولى هل اقدر
المكلف على اتيان باقى المصلحة بواسطة جعل
فى القدرة على
التحصيل الزائد والعقل فى مثله مستقل بالاحتياط و (١) مع
______________________________________________________
التكليف لان
القدرة عليه لا يعلم إلّا من قبله ام لا ومقتضى الاصل فيه البراءة عن التكليف
بالزائد وهذا غير صورة العلم بالحكم والشك فى القدرة من جهة الامتثال بعد تمام
البيان ولا يكون لنا اطلاق من دليل الوضوء حتى يشمل هذه الصورة وإلّا فعلى فرض
وجوده لا يكون للشك مورد لانه يطرد بالاطلاق ، ولعله لهذه العلة قال المحقق
الخراسانى بالبراءة عن التكلف الزائد.
(١) الصورة
الثانية الشك فى وجوب الاعادة للشك فى وفاء مصلحة البدل الاضطرارى بتمام مصلحة
المبدل سواء كان مع العلم بامكان الاستيفاء على تقدير عدم الوفاء ام مع احتمال ذلك
قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٢٧٣ والتحقيق يقضى ايضا بعدم الاجزاء ولزوم
الاعادة لان المكلف به يتردد بين التعيين والتخيير فى مثل هذا لفرض ولا ينتهى
الامر فيه الى الشك فى التكليف وذلك لان المكلف يعلم باشتمال الجامع بين البدل
والمبدل على مقدار من المصلحة ويشك فى قيام الباقى منها فى المبدل فقط او فى البدل
ايضا بنحو لو كان قائما فى المبدل فقط لتعين عليه المبدل وان كان قائما فى البدل
ايضا تخير بينهما وحيث تردد التكليف بين التعيين والتخيير تعين الاخذ بالمعين
لقاعدة الاشتغال ولا يخفى ان قولنا بعدم الاجزاء فى الصورة الاولى انما نشأ من
قولنا بشمول اطلاق دليل المبدل لافراده الطولية بعد ارتفاع الاضطرار وإلّا فالمرجع
هى البراءة لعدم المقتضى ح كما اشرنا اليه واما فى الصورة الثانية فالحق هو عدم
الاجزاء ولو لم يكن لدليل المبدل اطلاق يشمل حالة طرو الاختيار بعد ارتفاع
الاضطرار استناد القاعدة الاشتغال الخ وبالجملة تقرير الاشتغال فى هذه الصورة
بطريقين الاول دوران الامر بين التعيين والتخيير والثانى هو الاشتغال وهو ما عرفت
من انه يكون لدليل المبدل اطلاق واحد بالنسبة الى الافراد العرضية ولم يكن له
اطلاق بالنسبة الى صورة وجود التيمم قبله وفى طوله وإلّا فلو كان له اطلاق كذلك
فيكون هو الدليل الاجتهادى على وجوب الوضوء فعلى هذا يقال بان اتيان ما هو التكليف
الواقعى بعد التيمم ووجدان الماء مشكوك فيجب الوضوء لان دليل البدل ايضا مهمل لا
اطلاق له ليشمل هذا لمورد بالاطلاق ، والجواب عن ذلك كله كما افادة فى الكفاية من
الرجوع الى البراءة بمقتضى اطلاق كلامه هو ان الشك حيث يكون فى طور التكليف من
الاول ببيان انا لا ندرى ان المجعول من الشرع هل هو التيمم مع الوضوء او التيمم
فقط و
.................................................................................................
______________________________________________________
لا يكون لنا علم
بالوضوء من باب انه القدر المتيقن بل يكون الامر دائرا بين ان يكون التكليف هو
الوضوء مع الضميمة او التيمم فقط فالاصل يقتضى البراءة عن وجوب الضميمة اى الوضوء
واجاب عن المحقق العراقى استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٢٤٦ اما الوجه الاول
فلما حققناه فى محله من انه لا فرق فى الرجوع الى اصالة البراءة فى موارد الشك فى
التكليف بين ان يكون منشؤه الشك فى القدرة او الشك من جهة اخرى كعدم النص وتمام
الكلام فى محله واما الوجه الثانى فلان ما افاده من دوران الامر فى المقام بين
التعيين والتخيير وان كان صحيحا إلّا ان ما ذكره من ان المرجع فيه قاعدة الاشتغال
خاطئ جدا المرجع فى كافة موارد دوران الامر بين التعيين والتخيير هو اصالة البراءة
دون قاعدة الاشتغال الخ والاشكال مبنائى لا غير وقد عرفت فى الجواب تقريب البراءة
وانه من الشك فى التكليف وخارج عن التعيين والتخيير وغيره وقد تمسك الاصحاب الرجوع
الى الاشتغال فى هذه الصور بوجوه أخر منها استصحاب بقاء التكليف قال فى الفصول ص
١٢٠ واصل العدم فى مثل المقام فاسد من وجهين الاول ان الذى يتجه فيه اصل الاشتغال
لا اصل البراءة واصل بقاء التكليف لا اصل العدم وذلك للقطع بحصول الاشتغال والشك
فى البراءة عنه وسقوطه فيستصحب الخ وقد عرفت الجواب عنه من الشك فى اصل ثبوت
التكليف مضافا الى القطع بانتفاض الحالة السابقة حال طرو الاضطرار والقطع بارتفاع
التكليف الاختيارى عنده فيكون الشك فى اصل التكليف الفعل الاختيارى ، ومنها
استصحاب بقاء المصلحة الملزمة فى المبدل بعد الاتيان بالبدل ونتيجه هذا لاصل هو
لزوم استيفاء تلك المصلحة بالاعادة ، وفيه ان لزوم الاعادة وان كان حكما شرعيا
إلّا ان ترتبه على وجود المصلحة عقلى فالاصل المزبور مثبت ، ومنها الاستصحاب
التعليقى وتقريبه هو ان المكلف فى حال الاضطرار قبل اتيانه بالبدل كان يعلم انه لو
طرأ عليه الاختيار وارتفع العذر لوجب عليه الاتيان بالمبدل فاذا فعل البدل ثم
ارتفع العذر يشك باجزاء البدل عن المبدل فالاستصحاب المزبور يوجب تنجيز وجوب
المبدل على المكلف ح وعنوانه هو اصالة وجوب الفعل الاختيارى على فرض طرو الاختيار
، وفيه ان الاستصحاب التعليقى انما يكون حجة فيما لو كان متعلقه حكما شرعيا معلقا
على امر ما فى لسان الشارع كما فى العصير العنبي حيث ان الشارع علق حرمة شربه على
غليانه و
احتمال الوفاء
بتمام مصلحة المختار فلان مرجع الشك فيه الى الشك فى وجوب الفعل الاختيارى بخصوصه
او التخيير بينه وبين الاضطرارى ومرجع المسألة الى التعيين والتخيير والعقل مستقل
بعدم حصول الفراغ الا بالمعين ومع ذا لا يبقى مجال توهم البراءة (١) عن الفعل
الاختيارى للشك فى وجوبه بعد اتيان المضطر اليه اذ (٢)
______________________________________________________
ح يصح استصحاب هذا
الحكم المعلق فى عصر الزبيب فيقال كان هذا المائع لو غلا واشتد لحرم شربه واما مثل
الفرض المزبور فتعليق وجوب الاتيان بالمبدل على ارتفاع العذر ليس شرعيا بل عقليا
لان العقل هو الذى حكم بانه اذا ارتفع الاضطرار قبل الاتيان بالبدل وجب على المكلف
الاتيان بالمبدل وعليه لا يكون متعلق الاستصحاب فى مثل الفرض حكما شرعيا ولا
موضوعا لحكم شرعى فلا يكون حجة نعم لو كان الحاكم بالاضطرار وارتفاع الحكم
الاختيارى معه هو الشارع لصح الاستصحاب التعليقى لكون التعليق قد حصل فى لسان
الشرع مضافا انه لا يجرى الاستصحاب اما من جهة عدم الموضوع له واما لعدم كون
البقاء مستندا الى حيث الاختيار فانه على تقدير وفاء الفعل الاضطرارى بتمام مصلحة
الفعل الاختيارى يقطع بسقوط الوجوب والتكليف فلا موضوع ح للاستصحاب المزبور وعلى
تقدير عدم وفائه بتمام مصلحته لا يكون الوجوب المزبور بقائه مستندا الى حيث
الاختيار بل وانما هو مستند الى ذاته باعتبار اقتضاء تلك المرتبة من المصلحة
الملزمة الباقية وفى مثله حيثما شك فى بقائه من جهة الشك فى وفاء الفعل الاضطرارى
بتمام المصلحة او ببعضها لا مجال لاثبات الوجوب بمقتضى الاستصحاب المزبور ، ومنها
استصحاب عدم مسقطية الفعل الاضطرارى ، وفيه لا يجرى بعد فرض القطع بارتفاع التكليف
الاختيارى حال الاضطرار.
(١) وهو الذى
افادة فى الكفاية كما تقدم وملخصه ان المضطر ليس مكلفا حال الاضطرار إلّا بالتكليف
الاضطرارى وبعد ارتفاع الاضطرار يشك فى حدوث تكليف جديد والاصل ينفيه.
(٢) وتوضيح الجواب
قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٧٦ ان هذا يتم فيما اذا قلنا بان متعلق التكليف
مثلا فى الصلاة هو الجامع بين صلاة المختار وصلاة المضطر وصلاة القادر والعاجز
كالجامع بين صلاة الحاضر والمسافر وانما عين
العلم الاجمالى
الاولى (١) اثّر اثره فلا يجديه الشك فى وجوب الطرف (٢) بعد اتيان طرفه كما هو
الشأن فى كل علم اجمالى كما لا يخفى ، و (٣) اما الاجزاء
______________________________________________________
الشارع لكل احد من
المكلفين المختلفين بالاختيار والاضطرار فردا خاصا به من افراد هذا لجامع فى مقام
الامتثال فلا محاله يكون الماتى به فى حال الاضطرار هو نفس المامور به فى حال
الاختيار لكنه بفرد آخر فعليه بعد رفع الاضطرار يكون الشك فى حدوث تكليف جديد
فالمرجع البراءة ولا مجال للاستصحاب كما انه لا مجال للتمسك بالاطلاق كما هو واضح
، واما لو قلنا بان متعلق التكليف هو الصحيح الجامع لجميع الاجزاء والشرائط الذى
هو وظيفة المختار وانما المانع من تبخز التكليف به فى حق غيره هو الاضطرار وعليه
لا محاله يكون العمل الاضطرارى بدلا عنه فيلزم ملاحظه وفاء البدل لمصلحة المبدل فى
مقام اجزائه عنه وعليه بعد الامتثال ورفع الاضطرار يكون المرجع عند الشك الاستصحاب
التعليقى فى بعض الصور او الاشتغال اما للشك فى القدرة او لدوران الامر بين
التعيين والتخيير الخ ولكن فيه اما الاستصحاب فلا يجرى والاشتغال ايضا لا محل له
بل يكون الشك فى الامر الزائد وهى الضميمة والمرجع البراءة.
(١) اى العلم
الاجمالى بين التعيين والتخيير كما مر ويجب الاحتياط بالتعيين.
(٢) اى الشك فى
وجوب الفعل الاختيارى بعد اتيان العمل الاضطرارى لا اثر له بعد تنجز العلم
الاجمالى بالتعيين.
(٣) الصورة
الثالثة الشك فى وجوب الاتيان بالمبدل بعد خروج الوقت وارتفاع الاضطرار وهو المعبر
عنه بوجوب القضاء بعد ارتفاع العذر ومنشأ الشك فى هذه الصورة هو الشك فى امكان
استيفاء المصلحة الملزمة التى فاتت المكلف فى الوقت بالاضطرار مع العلم بعدم وفاء
مصلحة البدل بمصلحة المبدل ولا يخفى ان وجوب القضاء اما ان يكون بالامر الاول على
نحو تعدد المطلوب واما ان يكون بامر جديد سواء كان القضاء تداركا للمصلحة الفائتة
فى الوقت ام كان لمصلحة جديدة اوجب فوت الواجب فى الوقت حدوثها فى القضاء والتحقيق
عند المحقق العراقى يقضى بوجوب القضاء على المكلف فى بعض الصور دون بعض.
بالنسبة الى
القضاء بعد مضى الوقت فامكن المصير فيه (١) الى البراءة حتى فى الاجزاء بمناط
التوقيت لامكان اختصاص الغرض الفائت بخصوص الوقت وان بعد الوقت منوطا بفوت المصلحة
السابقة يحدث تكليف جديد ترتّبى لجبرانه نعم (٢) لو بنينا فى القضاء على تعدد
المطلوب يجرى فيه ايضا ما ذكرنا من الاحتياط على المسلكين (٣) ولكن (٤) مع احتمال
الترتب وحدوث تكليف جديد لا يبقى مجال للاحتياط على المسلكين (٥)
______________________________________________________
(١) فان قلنا بكون
القضاء بامر جديد وانصراف ادلة القضاء عن مثل المقام او بان القدر المتيقن منها هو
فوت تمام المصلحة فالمرجع البراءة لرجوع الشك فيه الى الشك فى التكليف مضافا الى
ان المقام من الشبهة المصداقية فى الفوت فلا يشمله اقض ما فات والشك وان كان فى
القدرة لكن لا يعلم حصول القدرة الا من قبل الشرع ببيان التكليف وحيث يكون الشك
فيه فالاصل يقتضى البراءة عنه.
(٢) واما على
احتمال كون القضاء بالامر الاول وكان المطلوب بالامر الاول هى الصلاة بطهارة مائية
مثلا مطلقا اى سواء كانت فى الوقت او فى خارجه ولزوم الاتيان بها فى الوقت انما هو
بطلب آخر لمصلحة ملزمة فى ذلك فالمكلف اذا اتى بالبدل فى الوقت الذى يستوعبه العذر
مع علمه بعدم وفاء مصلحة البدل بتمام مصلحة المبدل وشكه بامكان الاستيفاء لاحتمال
المضادة بين مصلحة البدل والمبدل فبما انه يشك بفعلية التكليف بالمبدل للشك فى
القدرة على استيفاء الباقى من مصلحته بالقضاء يجب عليه القضاء لان الفرض يكون على
هذا التقدير من صغريات الشك فى التكليف للشك فى القدرة فيجب على المكلف اما الفحص
واما الاحتياط ، وقد عرفت ما فيه من انه ليس من الشك فى القدرة بشىء والمرجع
البراءة لكون الشك فى وجوب الضميمة وعدمه.
(٣) اى المسلك
الوفاء بتمام المصلحة ومسلك فوت بعض المصلحة والشك فى استيفائها هذا لو تعلق الامر
على الجامع بين الوضوء والتيمم على ما مر.
(٤) اما لو تعلق
الامر على المبدل ثم البدل فيشك فى الضميمة فى حال الاضطرار فالمرجع هو البراءة.
(٥) بل البراءة
كما عرفت لكونه من الشك فى التكليف.
نعم لو تم (١)
عمومات القضاء (٢) لكل فوت تكليف اقتضائى (٣) امكن المصير الى الاستصحاب (٤)
المثبت لفوت المصلحة (٥) حتى على مسلك الوفاء بتمام المصلحة فضلا عن المسلك الآخر
المعلوم فيه فوت المصلحة الذى هو موضوع التكليف بالقضاء كما لا يخفى (٦).
______________________________________________________
(١) هذا لو لم يكن
لادلة القضاء اطلاق يشمل الفرض وإلّا فاللازم هو الاحتياط بالقضاء بناء على شمول
ادلة القضاء لمثل الفرض المزبور اعنى ما لو كان الفائت بعض المصلحة لا جميعها اذ
مع شمول ادلة القضاء لم يبق مانع من فعلية الحكم الا عدم القدرة على الامتثال ومع
الشك فيها يجب الفحص او الاحتياط كما تقدم وتقدم ما فيه ، فالعمدة فى الاشكال
عليها انما هو منع اطلاقها لصورة فوت بعض المصلحة وانصرافها الى صورة فوت التمام
او مانعية ذلك عن الاخذ باطلاقها باعتبار كون فرض فوت التمام هو القدر المتيقن
منها فى مقام التخاطب.
(٢) بيان التوجيه
للتمسك بعموم ادلة القضاء كقوله (٤) اقض ما فات مكافات.
(٣) اى كما يشمل
ما فات من التكاليف الفعلية كما لو لم يصل صلاة الصبح حتى فات يشمل التكاليف
الاقتضائية فان صلاة الصبح عن وضوء بما انها صلاة تامة هى المامور بها بالامر
الاقتضائى وان اتى بالصلاة مع التيمم بدلا عنه فى الوقت.
(٤) اى يجرى
استصحاب بقاء التكليف الاقتضائى الى ما بعد اتيان الفعل الاضطرارى الى آخر الوقت.
(٥) وبهذا
الاستصحاب يكشف عن فوت المصلحة الفعل الاختيارى ولو بمقدار منه السبب والموضوع
لوجوب القضاء لامكان استيفائه فى خارج الوقت بعمومات القضاء فيجب القضاء لصدق
الفوت وقد عرفت انها لا اطلاق لها ويمكن بتعبير آخر إنا كنا نعلم بوجوب ايجاد
الطهور للصلاة ولا نعلم انه حصل بواسطة التيمم ام لا فيستصحب بقاء التكليف به الى
آخر الوقت ويتحقق موضوع الفوت فينتج وجوب قضاء الصلاة مع الوضوء.
(٦) الصورة
الرابعة الشك فى وجوب القضاء لاجل الشك فى وفاء العمل الاضطرارى بتمام مصلحة العمل
الاختيارى مع امكان الاستيفاء على فرض عدم الوفاء فان قلنا بان القضاء بالامر
الاول فالمرجع قاعدة الاشتغال اذ عليه يدور الامر بين
وحيث اتضحت هذه
المقدمات فتقول (١)
______________________________________________________
التخيير والتعيين
والاحتياط يقضى بالتعيين بيان ذلك ان معنى كون القضاء بالامر الاول لا بامر جديد
هو انه يستفاد من مثل قوله صل الظهر بعد الزوال الى غروب الشمس واذا فاتتك فى
وقتها فصلها متى تمكنت من ذلك ان المطلوب فيه امران الاول ايجاد طبيعة الصلاة فى
اى وقت اتفق ، الثانى ايجادها فى الوقت الخاص لمصلحة اخرى تلزم بذلك فاذا لم يات
المكلف بالطبيعة المامور بها فى الوقت سقط الامر الخاص به وبقى الامر المتعلق بها
مطلقا يدعو المكلف الى ايجادها فى خارج الوقت هذا هو معنى كون القضاء بالامر الاول
فى حد ذاته واما بملاحظة الامر بالبدل الاضطرارى فعلى تقدير كونه وافيا بتمام
مصلحة المبدل الاختيارى يكون المطلوب الاول هو الجامع بين البدل والمبدل باعتبار
حالتى الاضطرار والاختيارى فاذا تعذر الاتيان بالمبدل انحصر امتثال الامر بالجامع
فى البدل والمطلوب الثانى هو ايجاد الجامع بين البدل والمبدل فى الوقت وبما ان احد
فردى الجامع وهو الفرد الاضطرارى تحقق فى الوقت انتفى موضوع المطلوب الاول فلا يجب
الاتيان به فى خارج الوقت وعلى تقدير كون البدل غير واف بتمام مصلحة المبدل يكون
المطلوب الاول هو ايجاد المبدل فى اى وقت كان والمطلوب الثانى بمقتضى تشريع البدل
هو ايجاده فى الوقت لاشتماله على مقدار من مصلحة المبدل مع مصلحة الوقت وبما ان
الباقى من مصلحة المبدل لازم الاستيفاء مع امكانه فالامر بالمطلوب الاول يدعوا
اليه فى خارج الوقت فيجب القضاء وبما ان التكليف فى هذا الفرض مردد بين هذين
الاحتمالين يلزم الاحتياط بالقضاء واما ان قلنا بان القضاء بامر جديد فالمرجع
البراءة مطلقا للشك فى التكليف من جهة الشك فى الفوت ، وقد عرفت ايضا ان المرجع هو
البراءة للشك فى الضميمة حتى لو كان بالامر الاول.
(١) الامر الخامس
فى ملاحظة حال الادلة واستظهار مقدار دلالتها اثباتا والعمومات الاختيارية
والاضطراريّة نتعرض لجملة منها قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٧٨ ، منها نفس
ادلة التكاليف الواقعية الاختيارية فهى على نحوين احدهما ما كان بلسان قوله عليهالسلام لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب ولا صلاة إلّا بطهور وامثالهما
ولا ريب فى اطلاقها بالإضافة الى الاحوال الطارئة على المكلف من الجهل والعلم
والاختيار والاضطرار ومقتضى ذلك ثبوت الجزئية والشرطية لما دلت على شرطيته و
.................................................................................................
______________________________________________________
جزئيته فى جميع
تلك الاحوال ويترتب على ذلك سقوط التكليف بالعمل الذى يضطر المكلف الى ترك جزئه او
شرطه المستفاد من تلك الأدلّة كونه جزءا او شرطا لذلك العمل لاستلزام ذلك الاضطرار
الى ترك نفس المركب او المشروط لمكان الارتباط بين الكل والجزء والشرط والمشروط ،
ثانيهما ما كان بلسان الامر والنهى نحو قوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى
الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) الآية وقوله تعالى (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) وكسائر الاوامر والنواهى الواردة فى الاخبار الشريفة فى
بيان اجزاء الصلاة وشروطها وموانعها ولا يخفى ان المستفاد من تلك الاوامر والنواهى
هى الجزئية والشرطية مطلقا اى حتى فى حال الاضطرار ايضا والوجه فى ذلك هو ان للامر
دلالات متعددة دلالة على فعلية الارادة لمتعلقه ودلالة على فعلية المصلحة الموجبة
لتلك الارادة والامر بمتعلقها ودلالة على دخل الجزء المامور به فى باقى الاجزاء
والاضطرار لا يوجب إلّا سقوط حجية ظهور الامر فى فعلية الارادة واما باقى الدلالات
الاخرى فتبقى على حجيتها لعدم المزاحم لها فى ذلك ونتيجة جميع ذلك الفرق بين
اللسان الاول واللسان الثانى فى الآثار ومنها سقوط التكليف بالعمل الذى يضطر
المكلف الى ترك جزئه او شرطه وكذلك الشأن فى النواهى الدالة على المانعية ، ثم ان
المحصل من جميع ما ذكرنا فى المقام هو وجوب الإعادة والقضاء بناء على كونه بالامر
الاول اما لشمول الاطلاق لحالة طرو الاختيار بعد الاضطرار كما اشرنا الى ذلك واما
لكشف ادلة العمل الاختيارى عن وجود المصلحة التامة الداعية الى الامر بمتعلقها فى
جميع الاحوال وان سقط الامر عن الفعلية فى حال الاضطرار فارتفاع الاضطرار مع العلم
بوجود المصلحة التامة يوجبان العمل بارادة المولى لذلك العمل الاختيارى بعد طرو
الاختيار واما لو قلنا بكون القضاء بامر جديد فعلى ما استفدنا من الادلة الأولية
مع الغض عن ادلة العمل الاضطرارى لزوم القضاء لتحقق الفوت هذا كله لو كان الحاكم
بسقوط فعلية الخطاب بالعمل الاختيارى فى حال الاضطرار هو العقل الذى لا نظر له فى
هذا الحال الا الى لغوية الخطاب بامر لا يستطيع المكلف الاتيان به وح لا حكم له
بارتفاع المصلحة فى حال الاضطرار ، واما لو كان الحاكم بالاضطرار وسقوط فعلية
الخطاب بالعمل الاختيارى هو الشرع فلا يخفى ان الادلة الدالة على ارتفاع الحكم
الاختيارى فى حال ابتلاء المكلف بالعذر على نحوين احدهما ما يكون ناظرا الى رفع
.................................................................................................
______________________________________________________
الحكم التكليفى
فقط بلا نظر الى جهة الوضع كحديث الرفع وقاعدة رفع الحرج وقاعدة لا ضرر وامثالها
لما حققنا فى محله من انه لا يستفاد من تلك الأدلّة فى تطبيقها على الاجزاء
والشرائط الا نفى التكليف بها لا نفى جزئيتها او شرطيتها فضلا عن اثبات لزوم باقى
الاجزاء او شرطية باقى الشرائط وعليه يكون حال الادلة المزبورة حال حكم العقل فى
ان نتيجتها هو سقوط فعلية الخطاب بالعمل الاختيارى فى حال الاضطرار ويترتب على
جميع ذلك سقوط التكليف بالمركب او المشروط فى حال الاضطرار الى ترك جزئه او شرطه
كما اشرنا اليه ، ثانيهما ما يكون ناظرا الى جهة الوضع والتكليف كليهما مثل ما ورد
فى باب التقية ان كل شىء اضطرار اليه ابن آدم فقد احله الله تعالى اذ الظاهر منه
ان الحلية اعم من الحكم التكليفى والوضعى فالحديث بهذا اللسان يشير الى ان كل حكم
تكليفيا كان ام وضعيا قد ثبت على المكلف فى حال الاختيار قد وضع عنه فى حال
الاضطرار الى مخالفته فهو فى حل منه ، ونظير ذلك بعض الادلة العامة والخاصة الاخرى
التى سنشير اليها ، ولا يخفى ان تلك الادلة تكون على نحوين ايضا احدهما ان يكون
الدليل نافيا لجزأيه الجزء الذى يضطر المكلف الى تركه ومثبتا للزوم باقى الاجزاء
التى لم يضطر الى تركها ، وثانيهما ان يكون الدليل نافيا لجزئية الجزء الذى يضطر
المكلف الى تركه ساكتا عن حكم باقى الاجزاء ، ولا يخفى ان الدليل الذى يلزم البحث
عن مفاده فى بحث الاجزاء هو الذى يتعرض لحكم جزء العمل او شرطه فى حال الاضطرار
ولحكم باقى اجزائه او شرائطه التى لم يزاحمها الاضطرار واما الدليل الذى يتعرض
لحكم العمل من حيث الاضطرار فقط فلا جدوى فى البحث عن مفاده فى بحث الاجزاء وح
يلزم البحث عن مفاد الادلة التى تتعرض لحكم باقى اجزاء العمل وشروطه التى لم يضطر
المكلف الى ترك شيء منها فى حال الاضطرار الى ترك غيرها وعن مفاد الادلة التى تثبت
بدلا لما اضطر الى تركه وذلك يكون فى مقامين ، المقام الاول فى الادلة العامه
فاعلم ان التكليف فى حال الاضطرار يكون على قسمين احدهما ان يكون التكليف متعلقا
بامر مغاير للمكلف به فى حال الاختيار ويكون بدلا عنه كالتيمم المشروع بدلا عن
الوضوء والغسل ولا ريب فى ان الادلة العامه التى اشرنا الى بعضها اجنبية عن هذا
لمفاد اذ غاية ما يتوهم فى توجيه دخلها فيه هو ان الادلة العامه ترفع الحكم
الاختيارى فى حال الاضطرار و
اما من قبل عمومات
الاضطرار (١) فلا مجال لاثبات التكليف بالفاقد كى ينازع فى انه يقتضى الاجزاء اما
لا وذلك لان عمومات الاضطرار (٢) خصوصا فى مثل
______________________________________________________
الادلة الخاصة
تثبت الحكم الاضطرارى فى حال الاضطرار اما بجعل بدل لما اضطر الى تركه واما
بالاكتفاء بباقى الاجزاء والشرائط ، ولا يخفى فساد هذا التقريب فانه مع الرجوع الى
الادلة الخاصة لا تبقى حاجة الى الادلة العامه لان الادلة الخاصة كما تثبت الحكم
الاضطرارى بجعل البدل او بالاكتفاء بباقى الاجزاء او الشرائط كذلك ترفع الحكم
الاختيارى فى حال الاضطرار ، ثانيهما هو التكليف بباقى الاجزاء فى كل عمل مركب
اضطر المكلف الى ترك بعض اجزائه ولا ريب فى ان الادلة العامه قد وردت بالسنة
مختلفه.
(١) فمنها حديث
الرفع وقاعدة نفى الحرج والضرر وليس مفادها إلّا رفع التكليف الذى يضطر المكلف الى
مخالفته او يكون حرج او ضرر بموافقته بلا ان يكون فى شىء منها تعرض لمصلحة العمل
الذى اضطر الى تركه او ترك جزئه نفيا واثباتا فى حال الاضطرار فضلا عن التعرض
لاحوال باقى اجزاء العمل مضافا الى انه لو استلزم رفع حكم بعض الاجزاء فى حال
الاضطرار الى تركه ثبوت التكليف بباقى الاجزاء لما كانت دلالته على ذلك حجة
لمنافاة تلك الادلة لملاك صدوره اعنى به الامتنان على المكلفين برفع التكليف عنهم
فى حال الاضطرار فاذا استلزم رفع التكليف بشىء ثبوته بشىء آخر لم يكن فى ذلك الرفع
امتنان والمفروض ان الرفع للامتنان هذا اذا قلنا بان حديث الرفع مثلا انما يشمل
نفس الجزء او الشرط الذى اضطر الى تركه واما اذا قلنا بانه يشمل نفس العمل الذى
اضطر الى ترك جزئه او شرطه فيوجب ارتفاع حكمه فظهوره فى الامتنان جدا واضح ولكن
عدم دخله فى مبحث الاجزاء اوضح لان مفاد دليل الاضطرار بعد تطبيقه على المركب
والمشروط انما هو جواز ترك المركب والشروط تكليفا عند تعذر جزئه وشرطه وح فبعد طرو
الاختيار يجب القضاء بلا كلام.
(٢) ومنها قوله عليهالسلام التقية فى كل شىء ، وكل شىء اضطر اليه ابن آدم فقد احله
الله وسائل باب ٢٥ من ابواب الامر بالمعروف والنهى عن المنكر ح ٢ كما نقل عن بعض
النسخ الصحيحة : هذا من مصاديق عمومات الاضطرار.
حديث الرفع (١)
وعمومات الضرر (٢) والحرج (٣) حيث كانت فى مقام الامتثال فلا يصلح الا لرفع (٤)
فعلية التكليف عن المضطر اليه ولا يصلح مثلها لاثبات التكليف بالفاقد ، كما (٥) ان
ادلة بقية الاجزاء بعد تقيّدها بما اضطر اليه فى عالم المصلحة فلا تكون المصلحة
الداعية على امرها الا مصلحة ضمينه (٦) وبديهى ان الامر المستفاد منها ليس إلّا
بتبع هذه المصلحة المعلوم عدم صلاحيتها للشمول لصورة فقد الجزء الآخر ولذا لم
يتوهم احد بالتمسك فى موارد الاضطرار بل تمام نظرهم (٧) الى مثل قاعدة الميسور
المنوط تطبيقها على صدق ميسور المعسور على البقية ، ولو كان النظر الى قاعدة
الاضطرار لما يحتاج الى هذه
______________________________________________________
(١) حديث الرفع
قوله ص رفع ما اضطروا واليه وسائل باب ٢٥ من ابواب الامر بالمعروف ح ١٠ وباب ٥٦ من
جهاد النفس.
(٢) حديث لا ضرر
قوله عليهالسلام لا ضرر ولا ضرار فى الاسلام وسائل باب ٥ من ابواب الشفعة ج
١ وغيره ولا يدل على وجوب الباقى.
(٣) حديث لا حرج
قوله تعالى (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ
فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ.)
(٤) اى فى بيان
تطبيق عمومات الاضطرار على نفس المركب باعتبار ان الاضطرار الى الجزء او الشرط
يوجب الاضطرار الى نفس المركب ولا يدل على وجوب الباقى.
(٥) اى فى بيان
تطبيق عمومات الاضطرار على نفس الجزء او الشرط او المانع المضطر اليه بعد تقييد
ادلة الاجزاء والشرائط بالاضطرار.
(٦) وهذا هو الوجه
لعدم الاجزاء لان مصلحة الاجزاء ضمنية لتعلق الامر على المركب فان الامر تابع
للمصلحة ولا امر مع فقد الجزء لعدم احراز المصلحة للفاقد فلا اطلاق لادلة الاجزاء
والشرائط يشمل حال الاختيار والاضطرار بل يختص بعد التقييد بحال الاختيار.
(٧) اى نعم يكون
نظر الفقهاء بالنسبة الى بقية الاجزاء وتكليفها بقاعدة الميسور وسيأتى الكلام فيها
ويعتبر فيها صدق الميسور على البقية وفى الاضطرار ليس هذه العناية.
العناية مع (١) ان
سوق ادلة الاجزاء فى مقام بيان ما له الدخل فى المركب بلا نظر فيها الى ازيد مما
كان المركب مسوقا له ولذا نرى (٢) بنائهم على عدم التمسك بمثل اطلاق ادلة بقية
الاجزاء عند الشك فى دخل شىء آخر فى باب الاقل والاكثر بل كان مرجعهم فيه البراءة
او الاشتغال ، وبالجملة من مثل هذه العمومات لا تكاد تثبت وجوب البقية لا من قبل
نفسها (٣) ولا من (٤) قبل ادلة بقية الاجزاء والشرائط ، فان قلت (٥) ان ظاهر قوله (٦)
يعرف هذا واشباهه من كتاب الله امسح على المرارة استفادة التكليف بالمسح على
المرارة من نفس قاعدة الحرج ولازمه كون مثل هذه القواعد علاوة عن استفادة نفى
التكليف عن المضطر اليه يستفاد ايضا اثبات التكليف بالفاقد ، قلت (٧) فى خصوص
الموارد لما كان نفى
______________________________________________________
(١) اى مضافا الى
ذلك ان سياق ادلة الاجزاء والشرائط واهتمامها هو بيان اجزاء المركب وشرائطها لئلا
يلزم تاخير البيان عن وقت الحاجة لا غيرها من كيفية المصلحة والاجتزاء بما عدا
المتعذر.
(٢) ولذا لا
يتمسكون باطلاق ادلة الاجزاء والشرائط لاثبات وجوب الباقى عند الشك فى اعتبار جزء
لو شرط زائد بل يرجع الى البراءة او الاشتغال.
(٣) اى من قبل نفس
عمومات الاضطرار.
(٤) اى من قبل
اطلاق ادلة الاجزاء والشرائط.
(٥) وملخص الاشكال
انا اذا لاحظنا رواية عبد الاعلى نجد الامام عليهالسلام قد ارشد المكلف
الى طريق استفادة تكليفه نفيا واثباتا فى مقام الاضطرار بقوله هذا واشباهه يعرف من
كتاب الله الخ وبين عليهالسلام فى هذا الكلام ثلاثة امور ارتفاع التكليف بالمسح على
البشرة لاستلزامه الحرج ، وان المسح على ما يقوم مقام البشرة بدل مجز ، وان استفادة
هذه الاحكام من ظاهر آية نفى الحرج وشبهها مما يستقل العقل بها مع ان حكمه عليهالسلام وارد مورد الامتنان عليه تكون الادلة العامه كافية فى رفع
الحكم الذى يضطر الى مخالفته واثبات بدله مع كونها واردة مورد الامتنان.
(٦) وسائل باب ٣٩
من ابواب الوضوء ح ٥.
(٧) واجاب عنه
اولا انما يكون اثبات التكليف بباقى الاجزاء بقاعدة نفى
التكليف عن الفاقد
ايضا موجبا لاثبات تكليف آخر من وجوب التيمم الذى هو من آثار رفع التكليف عن
المائية بالمرة ففى مثله طبع الامتنان يقتضى ان يكون مثبتا لاخف الامرين واين هذا
وسائر الموارد التى لا يترتب على نفى التكليف رأسا شىء ، مع (١) امكان ان يقال ان
نظر استشهاد الامام (ع) بعموم الحرج ايضا الى حيث نفى التكليف بالامر الحرجى من
المسح على البشرة وان اثباته التكليف بالمرارة بتعبّد جديد فلا ينافى ح ما ذكرنا
كما لا يخفى (٢) ، نعم (٣) فى
______________________________________________________
الحرج منافيا للامتنان
اذا كان رفع التكليف بجميعها لا يستلزم تكليفا آخر واما اذا استلزم تكليفا آخر
ببدل يقوم مقامها فلا يكون اثبات التكليف بباقى الاجزاء منافيا للامتنان لان
المكلف اذا كان فى حال الاضطرار لا بد ان يكون مكلفا اما بباقى اجزاء العمل الذى
اضطر الى ترك جزئه او شرطه واما ببدل فلا يكون رفع التكليف ببعض الاجزاء الموجب
للتكليف بباقيها منافيا للامتنان كما فى المقام فان رفع التكليف بالمسح على البشرة
اذا استلزم التكليف بباقى اجزاء الوضوء لا يكون منافيا للامتنان لانه اذا انتفى
التكليف بها ايضا استلزم ذلك التكليف ببدل الوضوء وهو التيمم ـ والجواب عنه ان اصل
الكبرى لا باس به لكن مجرد دعوى وتشخيص ان العمومات من هذا القبيل او من قبيل
الآخر لا بد من الدليل وبدونه لا يمكن تطبيق انه لولاه لينتقل الى البدل.
(١) وثانيا لا
يظهر من الرواية ان الامام عليهالسلام جعل استفادة تلك الاحكام نفيا واثباتا من ظاهر آية نفى
الحرج مما يستقل به العقل وفهم العرف بل الظاهر ان الإمام (ع) استدل بظاهر آية نفى
الحرج على سقوط التكليف بالمسح على البشرة واما المسح على المرارة وانه بدل عن
المسح على البشرة فهو تعبد تفضل به (ع) تعليما للمكلف لا انه ارشاد منه (ع) الى
طريق استفادته من نفى الحرج وشبهه ـ والجواب عنه ان ذلك خلاف ظاهر قوله (ع) هذا
واشباهه يعرف من كتاب الله فلعله يعرف اهله وهم النازل فى بيوتهم صلوات الله عليهم
فان ظاهر حديث الرفع هو رفع التكليف فقط.
(٢) هذا كله
بالنسبة الى قاعدة الحرج وامثالها التى اشرنا الى آنها غير ناظره الى الحكم
الوضعى.
(٣) واما ما كان
من الادلة العامه ناظرا الى الحكم الوضعى والتكليفى معا.
بقيّة الطوائف من
مثل عمومات التّقية وادلة التيمم وقاعدة الميسور وامثالها ظاهرها اثبات التكليف وح
يبقى مجال البحث عن اقتضاء امرها للاجزاء وعدمه (١) ، وح نقول (٢) ان فى مثل قاعدة
الميسور (٣) ايضا بملاحظة انصرافها الى صور بقاء الاضطرار الى آخر الوقت لا يبقى
المجال الا للبحث عن الاجزاء
______________________________________________________
(١) مثل ما ورد فى
باب التقية كما مر فاثبات التكليف بباقى اجزاء العمل الذى اضطر المكلف الى ترك بعض
اجزائه للتقية مثلا بضم دليلها مع دليل الاجزاء بمكان من الامكان وذلك لان الادلة
العامه المزبورة تنفى الجزئية فى حال العذر وبانتفائها ينتفى الارتباط من بين
الجزء المضطر الى تركه وبين باقى الاجزاء ومع انتفاء الارتباط لا تتوقف صحة باقى
الاجزاء على الجزء المتروك للاضطرار وعليه لا قصور فى ادلة الاجزاء عن اثبات
مشروعيتها فى حال الاضطرار الى ترك غيرها من اجزاء العمل ولا يكون اثبات التكليف
بباقى الاجزاء خلاف الامتنان الداعى الى رفع جزئيه الجزء المضطر الى تركه لان
اثبات التكليف بها لم يكن ناشئا من الدليل الرافع بل من دليلها نفسها هذا كله فى
غير قاعدة الميسور ، واما القاعدة فلا ريب فى آنها متكفلة باثبات امرين نفى الحكم
عن المعسور واثبات الحكم للميسور من العمل الذى صار بعض اجزائه معسورا.
(٢) فاتضح من جميع
ما تقدم ان المقام الذى ينبغى ان يبحث فيه عن دلالة الدليل على الاجزاء هو ما اذا
ثبت التكليف بباقى الاجزاء اما بنفس ادلتها عند ارتفاع جزئية الجزء المضطر الى
تركه بالادلة العامه واما بنفس الدليل المتكفل للرفع والاثبات كقاعدة الميسور وح
يتهيأ المقام للبحث عن دلالة الادلة المذكورة عن الاجزاء وعدمه.
(٣) ولا يخفى ان
موضوع البحث عن الاجزاء وعدمه فى هذا المقام انما هو القضاء لان المستفاد من تلك
الادلة العامه ان موضوعها العذر المستوعب للوقت للانصراف فانه لا يصدق كون المكلف
مضطرا الا مع الاضطرار الى ترك جميع افراد الطبيعة المامور بها العرضية والطولية
وكذلك لا يصدق كون المامور به معسورا الا مع تعسر جميع افراده فى العرض والطول.
بالاضافة الى خارج
الوقت من وجوب القضاء نعم (١) فى ادلة التقية وادلة التيمم بالتقريب المتقدم (٢)
يبقى مجال النزاع فى الاجزاء وعدمه بالنسبة الى الاعادة فى الوقت ايضا ، وح (٣) قد
يقال (٤) فى تقريب دلالتها على الاجزاء مطلقا بان مقتضى سوقها حيث كانت فى مقام
تعيين مصداق الطبيعة المامور بها فطبع اطلاقها يقتضى كونها مصداقا لتمام الطبيعة
المامور بها لا لبعض مراتبها ولازمه
______________________________________________________
(١) بخلاف ادلة
التيمم فان ظهور دليله بالمطابقة فى قيام المصلحة بالجامع وبالنسبة الى حيث ظهوره
بمدلوله الالتزامى فى الاجزاء وعدم ظهور دليل وجوب الوضوء على خلاف ظهوره ويلزم
الاخذ به فيكون مجال النزاع لوجوب الاعادة موجودا وكذا ادلة التقية فان المستفاد
منها جمعا بينها وبين الادلة المثبتة للتكليف بالخصوصيّة هو الاجزاء مطلقا حتى
بالنسبة الى الإعادة فيكون مجال النزاع باق.
(٢) من ان ظاهر
اوامر التقية هو الاتيان على طبق رايهم مطلقا حتى مع العلم بارتفاعها فى الوقت
وظاهر ادلة التيمم هو عدم الوجدان حال القيام لا مطلقا آخر الوقت.
(٣) اذا عرفت ذلك
فاعلم ان استفادة الاجزاء عن القضاء من تلك الادلة التى اشرنا الى تقريب دلالتها
على التكليف بالباقى مشكل جدا ، وذكروا لذلك تقاريب.
(٤) التقريب الاول
ما ملخصه هو ان ظاهر دليل الميسور او ادلة باقى الاجزاء وجوب خصوص باقى الاجزاء
تعيينا وحده فلو كان القضاء خارج الوقت واجبا لكان متعلق التكليف بالصلاة هى
الصلاة الفاقدة لبعض الاجزاء فى الوقت والصلاة التامة فى خارجه ويكون ذلك خلاف
ظاهر قاعدة الميسور اذ ظاهرها هو ان الفاقد بوحدته هو المكلف به ووفائها بمصلحة
المختار فيجزى ، وهذا التقريب غير تام لان الاجزاء بملاك الوفاء خلاف ظاهر دليل
الميسور فان ظاهره ان الميسور اقل مادة ومصلحة من المعسور هذا مع الغض عن ظاهر
ادلة الاجزاء الظاهرة فى ان كل جزء منها دخيل فى المصلحة الملزمة بنحو لو كان دليل
الميسور ظاهرا بوفاء الناقص بمصلحة التام لكان ذلك معارضا لتلك الأدلّة ، وسيأتى
بقية المناقشات.
وفائها بتمام
مصلحة المختار فيجزى ، وهنا ايضا تقريب آخر (١) للاجزاء بان الامر بالفاقد مستلزم
لعدم دخل القيد ولو فى ظرف الاضطرار به فى المصلحة وإلّا فلا معنى للامر بالفاقد
ولازمه وفاء الفاقد لتمام مصلحة المختار قال ايضا
______________________________________________________
(١) التقريب
الثانى ذكر المحقق النّائينيّ فى فوائد الاصول ج ١ ص ٢٤٤ انه لا محيص عن الاجزاء
وعدم وجوب القضاء والسر فى ذلك هو ان القيد الساقط بالتعذر كالطهارة المائية لا بد
ان لا يكون ركنا مقوما للمصلحة الصلاتية مطلقا وإلّا لما امر بالصلاة مع الطهارة
الترابية فان امره يكون ح بلا ملاك وهو مناف لمسلك العدلية من تبعية الاحكام
للمصالح والمفاسد فمن نفس تعلق الامر بالصلاة الفاقدة للطهارة المائية عند تعذرها
يستكشف عدم ركنية الطهارة المائية للصلاة وعدم قوام المصلحة الصلاتية بها فى حال
تعذرها وان الصلاة مع الطهارة الترابية واجدة لمصلحة الصلاتية التى لا بد منها فى
الامر بها فلا بد من اجزائها وسقوط القضاء فان وجوب القضاء يدور مدار الفوت
والمفروض انه لم يفت من المكلف شىء لفعله المكلف به الواجد للمصلحة الصلاتية مع
انه لم يكن الشخص مكلفا إلّا بصلاة واحدة وقد أتى بها فاىّ موجب للقضاء واىّ شيء
فات من المكلف حتى يقضيه فلو وجبت فى خارج الوقت والحال هذه كان ذلك واجبا آخر
مستقلا اجنبيا عما نحن بصدده من قضاء ما فات من المكلف الخ ، ولكن فيه انه يمكن ان
يكون العمل بملاحظة اقترانه ببعض الشروط اتم اثرا واهم عنه بملاحظة اقترانه بشرط
غير الاول مثلا يمكن ان تكون الصلاة المقيدة بالطهارة المائية واحدة لمصلحة اتم
واوفى من نفس تلك المصلحة فى حال تقيد الصلاة بالطهارة الترابية وعليه يجوز للحكيم
يامر بالفاقد فى الوقت لادراك مصلحة الوقت والمصلحة الناقصة من مصلحة الصلاة ثم
يامر فى خارج الوقت بالقضاء لادراك المصلحة التامة من مصلحة الصلاة هذا لو كان
القيد شرطا لتاثير العمل فى المصلحة المترتبة عليه كما هو الظاهر من اشتراط الصلاة
ونحوها بالطهارة واما لو فرض القيد واجبا مستقلا لمصلحة ملزمة فيه فيجوز ان يامر
الحكيم بالقضاء والاتيان بالقيد المزبور فى ضمن العمل المقضى تداركا لمصلحة القيد
الملزمة التى لم يتمكن من استيفائها فى الوقت.
و (١) بعبارة اخرى
مع وفاء الفاقد للمصلحة فلا معنى للفوت كى يجب اعادته او قضائه ومع عدمه فلا معنى
للامر به فصدق فوت المصلحة مع الامر بالفاقد
______________________________________________________
(١) قال المحقق
النّائينيّ فى الفوائد ج ١ ص ٢٤٥ فلا يعقل القضاء ح اذا لم يفت من المكلف شيء حتى
يقضيه اما على الوجه الاول فواضح فانه تكون الصلاة مع الطهارة الترابية واجدة
لجميع الملاك بماله من المرتبة فلم يتحقق فوت شيء اصلا واما على الوجه الثانى
فلانه وان فات من المكلف مقدار من المصلحة إلّا ان ذلك المقدار مما لا يمكن
استيفائه لان استيفائه انما يكون فى طى استيفاء المصلحة الصلاتية وفى ضمنه
والمفروض ان المكلف قد استوفى المصلحة الصلاتية فى ضمن الطهارة الترابية فلا يمكنه
استيفاء مصلحة الطهارة المائية اذ ليست مصلحتها قائمة بنفسها بل فى ضمن الصلاة مع
ان القضاء لا يدور مدار فوت المصلحة بل يدور مدار فوت المكلف به والمفروض انه قد
أتى به فى وقته فلا يمكن قضائه الخ وقال فى الاجود ج ١ ص ١٩٥ فالحق فيها الاجزاء
لان القضاء تابع لفوت الفريضة فى الوقت بملاكها حتى تكون مشمولة لادلة وجوب القضاء
وح فالقيد المتعذر فى تمام الوقت اما ان يكون دخيلا فى ملاك الواجب ولو حين التعذر
كالطهور على الاطلاق فلا يمكن الامر بفاقده فى الوقت واما ان لا يكون له دخل فى
ذلك حين تعذره كالطهارة المائية كما هو المفروض فلا تكون الفريضة فائته بملاكها
حتى يجب قضاؤها وبالجملة صدق الفوت بعد فرض الاتيان بالفاقد فى الوقت يستلزم دخل
القيد المتعذر فى الملاك وهو يستلزم عدم الامر بفاقده فى الوقت فالامر بالفاقد فى
الوقت وايجاب قضاء الواجد فى خارج الوقت متناقضان الخ واورد عليه استادنا الخوئى
فى هامش الاجود ج ١ ص ١٩٥ بقوله لا يخفى انه يمكن ان تكون الصلاة مع الطهارة
المائية مثلا مشتملة على مصلحتين ملزمتين او على مصلحة واحدة ملزمة باعتبار ذاتها
وباعتبار مرتبتها ايضا وان تكون الصلاة مع الطهارة الترابية حال فقد ان الماء
مشتمله على احدى المصلحتين او على ذات تلك المصلحة الواحدة لا على مرتبتها مع
امكان استيفاء الباقى من المصلحتين او مرتبتها وعليه فالفاقد للماء فى الوقت يؤمر
بالصلاة لئلا تفوت المصلحة الإلزاميّة من جهة الوقت ومع ذلك يؤمر بالقضاء فى خارج
الوقت لفرض امكان تدارك الفائت من المصلحة الإلزاميّة فلا مناقضة بين الامر
بالفاقد فى الوقت والامر بالقضاء للواجد فى خارج الوقت ثبوتا الخ وهذا هو الذى
اجاب عنه المحقق العراقى وتقدم وسيأتى.
متضادان لا يلائم
احدهما للآخر هذا كله ما فى تقريرات بعض تلامذته ، وهنا تقريب ثالث (١) للاجزاء
بان مصلحة القيد لا يمكن استيفائه الا فى ضمن مصلحة الذات لانه فى عالم الوجود تبع
لتلك المصلحة كما هو الشأن فى مصلحة كل خصوصية قائمة بذات طبعه ينظر مصلحة
الالتذاذ بالتبريد القائم بشرب الماء وح فبعد تحصل مصلحة الذات حسب الفرض لا مجال
لتحصل مصلحة القيد فلا محيص ح من اجزائه بمناط التفويت ، بل وهنا تقريب رابع (٢)
مبنى على ما سنقول من معارضة ادلة الاختيارية مع اطلاق دليل الاضطرارى وتقديم
الاختيارية عليها بان ادلّة الاضطرارية كما يقتضى اطلاقها الوفاء بتمام المصلحة
كذلك يقتضى بمدلوله الالتزامى اجزائه عن الاختيارى وح فغاية ما يقتضيه تقديم ادلة
الاختيارية عليها نفى وفائها بتمام المصلحة لا نفى اقتضائها الاجزاء لامكان المصير
اليه بمناط التفويت المعلوم عدم اقتضاء دليل الاختيارى لقائلية الباقى للتدارك كما
لا يخفى ، اقول لا مجال لاثبات الاجزاء باى المناطين (٣) بمثل
______________________________________________________
(١) التقريب
الثالث وملخصه انه ليس هنا مصلحتان إحداهما قائمة بالذات واخرى بالقيد بل مصلحة
واحدة فى الذات المقيد فان اتى بالمقيد بدون القيد فقد ادرك المصلحة الموجودة فى
الذات دون الزائدة ولا يمكن تداركها لانه ليست بمستقلة فيلازم الاجزاء لما فوتت
على نفسه.
(٢) التقريب
الرابع تعارض الدليل الاختيارى ودليل الاضطرارى فى وفائه بتمام المصلحة فان اطلاق
الثانى انه وافٍ كذلك والاول يدل على عدم وفائه فيقدم الدليل الاختيارى هذا
بالمطابقة ، والثانى يدل بالالتزام على اجزائه ولا يعارضه دليل الاختيارى لامكان
التفويت وعدم التدارك ولا يدل على امكان التدارك فحينئذ يؤخذ به ، هذه تقريبات
نقله المحقق العراقى للاجزاء.
(٣) اى بمناط كون
دليل الاضطرار وافٍ بتمام مصلحة الاختيار او واف بمقدار منها لا يمكن تدارك
الباقى.
هذه التقريبات
وتوضيح المقال بان يقال اما التقرير الاول (١) فنقول ان ما افيد من اقتضاء ادلة
الاضطرار وفائه بتمام المصلحة فى غاية المتانة (٢) ولكن مقتضى (٣) اطلاقات ادلة
الاختيارية ايضا دخل القيد فى المصلحة الملازم لوجوب حفظ القدرة على تحصيل القيد
وحرمة تفويت الاختيار ولا شبهة فى ان لازمه ايضا عدم وفاء المضطر اليه بتمام
المصلحة فيعارضان (٤) بل (٥) ولنا ان ندّعى تقديم ظهور ادلة الاختيارية فى دخل
القيد فى المصلحة على ظهور ادلة الاضطرارية فى الوفاء بتمام المصلحة اذا الظهور
الأول (٦) مستند الى وضع الهيئة التركيبية فى دخل ما هو موضوع الخطاب والامر فى
المصلحة وهذا الظهور اقوى من ظهور الاطلاق المزبور فى ادلة الاضطرار (٧)
______________________________________________________
(١) تقدم التقريب
الاول من ان ظاهر السياق هو الوفاء بتمام المصلحة فى حال الاضطرار.
(٢) والجواب عنه
مضافا الى ما مر اولا ان ما ذكره من الوفاء تام لكن يعارضه دليل الاختيار.
(٣) لان دليل
الاختيار يدل بالمطابقة على دخالة القيد فى المصلحة ولازمه وجوب حفظ القدرة على
مسلك محقق العراقى قدسسره وحرمة تفويت الاختيار ، ولازم ذلك هو عدم وفاء الاضطرار
بتمام مصلحة الاختيار.
(٤) ولذا
يتعارضان.
(٥) بل للترقى ـ وهو
انه لا بد وان يقدم دليل الاختيار.
(٦) وذلك لان ظهور
دليل الاختيار يدل بمادته وضعا وبهيئته انصرافا على انحصار المصلحة فيه بجميع
مراتبه دلالة تنجيزية بخلاف دليل الاضطرار فان دلالته على كونه واجد التمام
المصلحة بالاطلاق فيقدم الاول.
(٧) الوجه فى
التقديم لان الدلالة الوضعية اقوى من الاطلاق وتوضيح ذلك ان دليل الوضوء مثلا اذا
قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الخ تدل بالوضع على وجوب الوضوء عند وجوب الصلاة
واما دلالة آية التيمم على الاجزاء تكون بمقدمات الحكمة بان يقال حيث لم يقيد قوله
تعالى وان (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً
فَتَيَمَّمُوا) بقوله الى حين
كما يخفى هذا
مضافا (١) الى انّ اطلاق ادلة الاختيارية بعد ما اقتضى حفظ الاختيار فى تحصيل
القيد فلازمه كونه ناظرا الى رفع الاضطرار عنه (٢) ومرجعه ح الى نظره الى رفع
موضوع ادلة الاضطرار وادلة الاضطراريّة (٣) لا نظر فيها الى
______________________________________________________
وجدان الماء فى الوقت
او خارجه فيكون مجزيا وإلّا يلزم ان لا يكون الكلام تاما عن الحكيم الذى يكون فى
صدد البيان ـ والجواب عنه ان دلالة آية الوضوء على ان جميع افراده يكون وافيا
بالمصلحة لا تكون مقيدة بشيء ويكون بالوضع ولكن الانحصار فى الأجزاء ولا يكون ذلك
فى التيمم فبمقدمات الحكمة فانها تدل على الانحصار حيث لم يذكر له عدل فى الآية
فتدل على الانحصار فى الوضوء بالمقدمات وتدل على الاجزاء فى التيمم ايضا بها ويكون
الحكومة مع دليل التيمم لانه نزل منزلة الوضوء بقوله (ع) التيمم احد الطهورين
فيكون مصداقا للطهور تنزيلا ونفس التزيل يكون هو الحكومة للتوسعة فى موضوع الطهور
وهو دليل على الاجزاء إلّا ان ذلك استدلال بالرواية لا الآية.
(١) والجواب ثانيا
ان دليل الاختيار حاكم على دليل الاضطرار.
(٢) وذلك لان دليل
الاختيار ناظر الى دليل الاضطرار بمقتضى دلالته على الزام المكلف برفع موضوع
الاضطرار لان اطلاقه يدل على وجوب تحصيل كل ما يتوقف عليه من القيود وإزالة كلما
يمنع عنه فهو يمنع عن احداث الاضطرار ويلزمه برفعه لو كان حاصلا مثلا الخطاب فى
الوضوء يكون مطلقا يدعو الى تحصيل القدرة فان خطاب فاغسلوا باطلاقه يحكم بانه يجب
ايجاد الماء لتحصيل الغسل المحقق للوضوء.
(٣) واما ادلة
الاضطرار فان اطلاقه وان اقتضى كونه فى عرض الاختيار ملاكا وعدم حرمة تفويت القيد
وبذلك ينافى حكم دليل الاختيار إلّا انه لا يدل على وفاءه بتمام مصلحة الاختيار
مطلقا بل المتيقن منه وفائه بها فى صورة حصول الاضطرار بطبعه بلا نظر الى رفع موضوع
أدلة الاختيار فانه لا يدعوا الى تحصيل الاضطرار ليجب اهراق الماء ليصير غير واجد
فيجب التيمم وعليه يكون دليل الاختيار ناظرا الى دليل الاضطرار ولا عكس وان شئت
قلت فيدور الامر بين المنجز والمشروط فالتيمم مقيد وجوبه بعدم وجدان الماء والوضوء
مطلق منجز فاذا وجد الماء
حفظ موضوعها بل
غاية الامر اطلاقها يقتضى نفى وجوب القيد الملازم لعدم حرمة تفويت الاختيار وهذا
النظر يعارض حكم ادلة الاختيارية بلا نظر له الى رفع موضوع ادلة الاختيار وح لسان
الاول بالطبع مقدم على الثانى كما هو الشأن فى كلية موارد الحكومة او الورود وعليه
فلا يبقى مجال للتشبث باطلاق ادلة الاضطرارية لاثبات الاجزاء بمناط الوفاء بتمام
مصلحة المختار ، ومن هذا البيان (١) ظهر بطلان التقريب الآخر (٢) المنسوب الى بعض
الاعاظم كما عن مقرر بحثه وتوضيحه (٣) ان كون الفعل الاضطرارى وافيا ببعض مراتب
المصلحة فى غاية الامكان ومن جهة ذلك كان الفاقد مامورا بها بمرتبة من الامر
المندك فى ضمن الامر المقيد بلا منافاته مع الامر بالمقيد بمرتبة اخرى من الطلب
كما ان المراد من وفاء الفاقد بالمصلحة الناقصة ليس وفائه بتمام مصلحة الذات مع
بقاء صرف مصلحة القيد والخصوصية بحياله كى يبقى مجال توهم عدم امكان تدارك مصلحة
القيد مستقلا بلا مصلحة فى ذات المقيد كما هو مضمون التقرير الثالث (٤) بل المراد (٥)
ان المصلحة القائمة بالذات المقيد له مراتب يتدارك بعضها بالفاقد و
______________________________________________________
ورفع العذر لا
يبقى للمشروط مقام ولا معنى لاجزائه ح.
(١) من تقديم
اطلاق ادلة الاختيار عند التعارض ظهر بطلان التقريب الثانى.
(٢) من ان الامر
بالفاقد مستلزم لوفائه بالمصلحة تماما.
(٣) وملخص الجواب
انه واف بمرتبة من المصلحة دون مرتبة اخرى اعلى منه فلا ينافى كون المقيد مامور به
به بمرتبة اخرى من الطلب وتقدم تفصيل الجواب فراجع.
(٤) واما التقرير
الثالث بان مصلحة القيد لا يمكن استيفائه الا فى ضمن مصلحة الذات.
(٥) وملخص الجواب
انه لا يراد تداركه مستقلا بل المراد ان المصلحة القائمة بالذات له مراتب ومرتبه
منها هو الذات مع القيد كما مرتبة منها ذات بلا قيد فيمكن له ان يتداركه بالقضاء.
بعضها الآخر ايضا
قائمة بالذات المقيدة القابلة للتدارك لا بصرف القيد الغير القابل له الا فى ضمن
مصلحة الذات ، واضعف من ذلك توهم الاجزاء من الجهة الرابعة (١) ، وتوضيح الضعف (٢)
بان غاية دلالة ادلة الاضطراريّة من جهة الملازمة هو الاجزاء بمناط الوفاء بتمام
المصلحة ولا دلالة لها على الاجزاء مطلقا ومن المعلوم ان الاجزاء من جهة الوفاء
بتمام المصلحة منفى بادلة الاختيارية وما ينفيه (٣) ادلة الاختيارية لا يكون من
الاوّل مستفادا من ادلة الاضطراريّة فلا يصلح مثل هذا البيان لاثباته (٤) نعم الذى
يقتضيه التحقيق فى
______________________________________________________
(١) واما التقرير
الرابع من تعارض ادلة الاختيار والاضطرار والاضطرار بمدلوله الالتزامى تدل على
الاجزاء بلا معارض.
(٢) وملخص الجواب
ان ادلة الاضطرار انما تدل على الاجزاء بما انه واف بتمام المصلحة وبما ان ادلة
الاختيار ينفى ذلك بمقتضى اطلاقه كما مر فلا يبقى مجال للاجزاء اصلا.
(٣) ولو كانت
الادلة الاضطراريّة دالة على تفويت المصلحة كانت الادلة الاختيارية لا تنفيها لكن
ادلة الاضطرار لا تثبت ذلك.
(٤) فتحصل الى هنا
وظهر ان العمل الناقص فى الوقت لا يكون مجزيا عن العمل التام فى خارج الوقت بملاك
الوفاء فيدور امره بين كونه مجزيا بملاك المضادة وبين كونه غير مجز والتكليف
بالعمل الناقص وحده فى الوقت لا يستلزم اجزائه عن التام فى خارج الوقت ليكون
التكليف به امرا بتفويت المصلحة التامة وذلك لان التكليف بالعمل الناقص فى الوقت
يجوز ان يكون بداعى تحصيل مصلحة الوقت وشطر من مصلحة العمل التام بنحو يستلزم حصول
ذلك المقدار منها الترخيص بتفويت الباقى منها كما يجوز ان يكون بداعى تحصيل مصلحة
خصوص الوقت وشطر من مصلحة العمل التام بنحو لا يستلزم حصول الترخيص بتفويت الباقى
منها وعلى كان فالتكليف بالناقص فى الوقت بداعى تحصيل مصلحة الوقت امر متيقن واما كونه
بداعى تحصيل كلتا المصلحتين مع الترخيص بتفويت الباقى من مصلحة العمل التام فغير
معلوم فاتضح ان استفادة الاجزاء من تلك الأدلّة فى غاية الاشكال.
المقام (١) فى
اثبات الاجزاء هو ان يقال بما اشرنا اليه فى المقدمة الثانية من ان ظاهر الاوامر
الاختيارية (٢) وكذلك الاوامر الاضطراريّة (٣) فى ظرف الاضطرار تعلقها بكل من
الفعلين بخصوصهما وهذا المعنى لا يناسب الاجزاء بمناط الوفاء بتمام المصلحة كيف (٤)
ولازمه تعلق التكليف بالجامع وخروج خصوصية كل منهما عن حيّز الخطاب رأسا كما هو
الشأن فى كل فرد بالنسبة الى الجامع المامور به كما انه لا يناسب (٥) عدم الاجزاء
ايضا اذ (٦) التكليف بالاختيارى وان كان متعلقا بالخصوصية ح إلّا ان التكليف
بالاضطرارى (٧) لا يمكن تعلقها بخصوصه بل خصوصه خارجة عن حيّز الطلب ولو الناقص
منه جزما وهذا بخلاف ما لو قيل بالاجزاء (٨) بمناط التفويت اذ لا محيص من الامر به
______________________________________________________
(١) نعم هنا طريق
خامس للاجزاء وهو ما اشرنا اليه فيما سبق من انه مجز بمناط التفويت والمضادة وعدم
امكان الاستيفاء لا من باب الوفاء ولا انه غير مجز.
(٢) اما عدم كونه
من باب الوفاء بتمام المصلحة لان دليل الاختيار ظاهره تعلق الطلب بالفعل بالخصوص.
(٣) كما ان ظاهر
الاوامر الاضطراريّة هو تعلق الطلب بالفعل بالخصوص.
(٤) ولو كان من
باب الوفاء كان يلزم تعلق الطلب بالجامع بينهما وخروج الخصوصية عن تحت الطلب فى كل
منهما وهو خلاف ظاهر دليلهما.
(٥) واما عدم
الاجزاء ايضا لا يمكن القول به لو قلنا من باب التفويت لا الوفاء.
(٦) وذلك لان دليل
الاختيارى تعلق الطلب بالفعل مع الخصوصية كما هو ظاهر الدليل.
(٧) واما دليل
الاضطرار فلا بد وان يكون الخصوصية خارجة عن تحت الطلب وانما يجب حفظ القدرة فى
حال الاختيار وكذا يجب تحصيلها دون ان يجب تحصيل الاضطرار وفقد القيد وعدم القدرة
فعليه يكون التكليف فى حال الاختيار مقيدا به دون الاضطرار فلا يكون مقيدا فلا وجه
لعدم الاجزاء بعد عدم تقييد التكليف الاضطرارى به.
(٨) فحينئذ يتعين
القول بالاجزاء بمناط التفويت.
بخصوصيّته (١)
دفعا لتوهم حظره عقلا وح حفظ ظهور الامر بهما بخصوصهما يقتضى اجزائه بمناط التفويت
بعد تحكيم ظهور الخطاب بالخصوصية فى الطرفين على اطلاق الامر الاضطرارى (٢)
الملازم للوفاء بتمام مصلحة المختار ويؤيد ذلك (٣) ما ورد فى باب التقية من الصلاة
فى بيته ثم الصلاة معهم (٤) تطوّعا بضميمة الاطلاقات الآمرة باتيان العمل فى ظرف
ابتلائه بهم على وفق مذهبهم (٥) الشامل لصورة طرو الاختيار فى الوقت بل هو الغالب
حيث ان المستفاد من المجموع حرمة التفويت قبل ابتلائه بهم وجوازه فى ظرف ابتلائه
حتى مع علمه بالقدرة على العمل الاختيارى فى وقته فضلا عن خارجه ، ثم (٦) ان
______________________________________________________
(١) والامر
بالناقص بخصوصه لدفع توهم الحظر وانه يكون ممنوعا عن الناقص عقلا فالطلب لاجل ان
فيه مصلحة قابل لاستيفائه ولو يفوت منه ايضا لا يمكن تداركه.
(٢) فقد عرفت ان
ظهور اطلاق أدلة الاضطرار بوفائه بتمام المصلحة محكوم لكن ظهور كل منهما بتعلق
التكليف بخصوصه يوجب الاجزاء.
(٣) اى يؤيد كون التكليف
تعلق بالخصوصيّة فى الاختيار دون الاضطرار الا على الوجه الذى ذكرنا ولذا يجزى ومع
ذلك يحرم تفويت الاختيار ويجب حفظ القدرة وبعبارة واضحة يحرم تفويت المصلحة قبل
الابتلاء بهم ويجوز التفويت عند الابتلاء بهم حتى لو علم بتمكن الاختيار فى الوقت
فكيف بخارجه.
(٤) وسائل باب ٦
من ابواب صلاة الجماعة الدالة على حرمة التفويت ويجب حفظ القدرة قال (ع) من صلى فى
منزله ثم اتى مسجدا من مساجدهم فصلى فيه خرج بحسناتهم الحديث وغيرها.
(٥) وسائل باب ٥
من ابواب صلاة الجماعة الدالة على الاجزاء وان التكليف بالاضطرار غير مقيد بخصوصيته
سواء كان له القدرة على العمل بعد ذلك فى الوقت فكيف بخارجه ام لا قال عليهالسلام من صلى معهم فى الصف الاول كان كن صلى خلف رسول الله صلىاللهعليهوآله فى الصف الاول.
(٦) هذا كله فيما
ورد من الادلة العامه من الاضطرار الى التقية ونحوها.
ذلك كله فى غير ما
كان بلسان قاعدة الميسور وإلّا فلو كان بلسانه (١) ففى اقتضائه الاجزاء بمناط
الوفاء بتمام المصلحة لا مجال لتوهمه اذ هى (٢) بلسانها تنادى بان الماتى به لا
يكون تمام المعسور بل ميسوره و (٣) لا بفهم العرف من ذلك البيان الا كون الماتى به
وافيا ببعض مراتب المصلحة الوافى بها تمامه لا انه ايضا واف بتمام مصلحة المعسور و
(٤) ح لا مجال للمصير الى اجزائه عن القضاء بصرف هذا اللسان ولو لم يعارضه ظهور
ادلة الاختيار فى دخل الخصوصية فى المصلحة فضلا (٥) عن وجود هذا الدليل فى المقام
ايضا بل لا مجال لاثبات الاجزاء بها بالتقريب الذى نحن اخترناه (٦) اذا الترخيص (٧)
بالاتيان بخصوص الميسور بل الامر به بخصوصه بملاحظة حفظ الوقت لا من جهة الترخيص
فى تفويت المصلحة ولو فى خارجه كى يستفاد منه الاجزاء بمناط التفويت و (٨) ح
______________________________________________________
(١) واما ما كان
بلسان قاعدة الميسور فلا مجال للقول بالاجزاء بوفائه بتمام المصلحة فى حال
المعسور.
(٢) وذلك لانه
اولا نفس لسانها هو انه ميسور للمتعذر لاتمام المامور به.
(٣) وثانيا ان
العرف يفهم منها انه غير واف بتمام المصلحة.
(٤) وعليه فلا وجه
لتوهم الاجزاء بكونه بلسان الميسور ولو فرضنا انه لم يكن لدليل الاختيار ظهور يعارضه.
(٥) مع انه قد
عرفت ان الظهور ان يتعارضان.
(٦) بل التقريب
الذى ذكرناه فى دليل الاضطرار من ان التكليف فى الاختيار يشمل الخصوصية دون
الاضطرار فلذا باطلاقه يقتضى الاجزاء لا يجرى فى المقام.
(٧) والوجه فى ذلك
ان الترخيص فى موارد الاضطرار غير المقام يكون ترخيصا فى تفويت المصلحة فلذا يلازم
الاجزاء دون المقام وهو قاعدة الميسور فيكون الترخيص لاجل حفظ الوقت لا لاجل
التفويت فلا ينافى عدم الاجزاء ووجوب القضاء لدرك المصلحة.
(٨) فعلى هذا لا
طريق للاجزاء فى الميسور الا الاصل العملى.
لا طريق الى
الاجزاء عن القضاء الا الاصل (١) مبنيّا على امرين احدهما كون باب القضاء من باب
الترتب (٢) لا من باب تعدد المطلوب ، وثانيهما (٣) انصراف عمومات القضاء لما فات
الى صورة فوت تمام المصلحة لا مطلقا ولو بفوت بعض مراتبها وإلّا (٤) فلو بنينا على
تعدد المطلوب فرجع الشك الى الشك فى القدرة على تحصّل الفائت والعقل مستقل فيه
بالاحتياط (٥) كما (٦) انه لو بنينا على اطلاق الفوت فى ادلة القضاء فيقتضى وجوب
تدارك الفائت ولو ببعض مراتب المصلحة و (٧) ح احتمال كون باب القضاء من باب الترتب
كاف فى نفى حكم العقل بالاحتياط ، و (٨) انما الاشكال فى انصراف ادلة القضاء الى
فوت
______________________________________________________
(١) والاصل العملى
هو البراءة لكن مبنيّا على وجهين.
(٢) الأوّل ان
يكون القضاء بامر جديد ويترتب على الفوت فى الوقت.
(٣) الثانى ان
ينصرف ادلة القضاء عن مثل المقام وهو فوت بعض المصلحة فالمرجع البراءة لرجوع الشك
فيه الى الشك فى التكليف.
(٤) واما لو بنينا
على تعدد المطلوب وكون القضاء بالامر الاول والمطلوب بالامر الاول هى الصلاة
بطهارة مائية مثلا مطلقا سواء كانت فى الوقت ام فى خارجه ولزوم الاتيان بها فى
الوقت انما هو بطلب آخر لمصلحة ملزمة فى ذلك.
(٥) فيشك فى
القدرة على استيفاء الباقى من مصلحته بالقضاء فيجب عليه القضاء وقد تقدم الجواب عن
ذلك.
(٦) كما لو بنينا
على شمول ادلة القضاء لفرض المزبور اعنى ما لو كان الفائت بعض المصلحة لا جميعها
اذ مع شمول ادلة القضاء لم يبق مانع من فعلية الحكم الا عدم القدرة على الامتثال
ومع الشك فيها يجب الاحتياط كما تقدم وتقدم ما فيه.
(٧) والامر الاول
يكفى فيه مجرد احتمال كونه من باب الترتب وبامر جديد فيرجع الى البراءة.
(٨) وانما الاشكال
فى الامر الثانى من انصراف اطلاقات القضاء الى ما فات المصلحة التامة.
المرتبة التامة
وعليه (١) ففى اقتضاء مثل هذه القاعدة ولو بضميمة الاصل اشكال (٢) ولكن (٣) ظاهر
كلماتهم فى الصلاة اجزائه فان تم اجماع فيها كما هو الظاهر فيقتصر عليه ويجرى فى
غيرها على طبق ما يقتضيه عمومات القضاء ولكن الذى يسهل الخطب قلة مورد بل انعدامه
من مصيرهم الى صرف قاعدة الميسور مع ثبوت القضاء فيه بعموماته فى غير باب الصلاة
اذ (٤) فى الطهارات الثلاث والصوم (٥) لا مجرى لقاعدة الميسور وفى باب الحج (٦)
وامثاله لا يكون قضاء ففى مثلها (٧) امكن اثبات الاجزاء بالتقريب المتقدم منا ،
وفى (٨) غسل
______________________________________________________
(١) فان لم يتم
الانصراف فقاعدة الميسور ولو بانضمام الاصل لا يثبت الاجزاء.
(٢) والذى يهون
الخطب هو ان اكثر الموارد التى حكم الشارع فيها بسقوط التكليف الاختيارى عن المكلف
لبعض الاعذار قد ورد فيها دليل خاص بتشخيص تكليف المعذور اما بلزوم الاتيان بباقى
اجزاء العمل او شرائطه واما بتشريع بدل عن الجزء او الشرط الذى اضطر المكلف الى
تركه وعليه يلزم الرجوع الى تلك الادلة الخاصة وملاحظة دلالتها على الاجزاء وعدمه
وقلما يتفق مورد من موارد الاعذار يرجع المكلف فيه الى الادلة العامه فى تعيين
تكليفه.
(٣) واليك جملة من
الموارد منها باب الصلاة فجريان قاعدة الميسور قد قام الاجماع فيها على الاجزاء.
(٤) ومنها الطهارات
الثلاث فلا يجرى فيها قاعدة الميسور بل يتبدل التكليف الى التيمم.
(٥) ومنها الصوم
فلا يتصور فيه الميسور فلا تجرى القاعدة فان الصوم كف فى زمن معين من طلوع الفجر
الى الغروب وغيره لا صوم اصلا.
(٦) ومنها الحج
فيتصور فيه الميسور لكن لم يشرع فيه القضاء اصلا.
(٧) اى ابواب الحج
يثبت الاجزاء بدليل الاضطرار على التقريب المتقدم منا وهو التفويت.
(٨) ومنها ميسور
غسل الميت وكفنه الى ان يدفن فائضا لا موضوع للقضاء والاعادة لان حرمة النبش يمنع
عن ذلك.
الميت وكفنه ايضا
كذلك الى ان يدفن وبعده حرمة نبشه مانع عن اعادة الغسل بل (١) ولا يكون ايضا موقتا
مستفاد منه الاجزاء من الترخيص المتعلق بخصوصه مولويا كما اسلفناه ، ولا يبقى فى
البين (٢) الا باب النذر المعين القائلين بوجوب
______________________________________________________
(١) بل المستفاد
من الأدلّة الخاصة انه مطهر الى الابد لا انه طهارة موقته.
(٢) ومنها باب
النذر المعين القائلين بكونه له القضاء فلو كان معسورا فاولا ينحل النذر لانه يكشف
عن عدم التمكن من المنذور من الأول ولا ينعقد النذر لغير الممكن ، وثانيا انه لو
صح اجزائه بقاعدة الميسور مشكل كما تقدم ، واما اجزاء الماتى به بالامر الاضطرارى
عن الاعادة فى الوقت ربما يقال فلان الامر بالفاقد للقيد الاختيارى فى الوقت الذى
يمكن فيه تحصيل الواجد لذلك القيد مع قيام الاجماع على عدم وجوب اكثر من صلاة
واحدة فى الوقت يكشف عن كون ذلك الفاقد فى حال الاضطرار وافيا بمصلحة الواجد وإلّا
كان المولى الحكيم مفوتا لغرضه مع امكان تحصيله وهو غير معقول ، وفيه ان الاجماع
التعبدى غير المستند الى الدليل ممنوع ، مضافا الى ان البحث غير منحصر بباب الصلاة
فعليه نقول انه يمكن ان تكون فى البدار مصلحة تخصه بنحو يسوغ معها الامر بالمبادرة
الى الاتيان بالفاقد تداركا لمصلحة البدار وعليه يجوز ان يأمر الحكيم بالاعادة
تداركا لمصلحة الواجد ـ هذا كله مقتضى الادلة العامة فى باب القضاء والاعادة ،
واما الادلة الخاصة وقد تقدم اجماع ايضا لكن لا باس بالاشارة اليها قال صاحب
الكفاية ج ١ ص ١٣٠ واما ما وقع عليه فظاهر اطلاق دليله مثل قوله تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا
صَعِيداً طَيِّباً) وقوله عليهالسلام التراب احد الطهورين ويكفيك عشر سنين هو الاجزاء وعدم وجوب
الاعادة او القضاء ولا بد فى ايجاب الاتيان به ثانيا من دلالة دليل بالخصوص الخ
قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٨٤ وتفصيل الكلام فى دلالتها موكول الى مواردها
إلّا انه ينبغى التكلم فى المقام فى دليل التيمم وما يستفاد منه ليكون نموذجا
لغيره من الادلة الخاصة فمن الادلة الدالة على تشريع التيمم قوله عليهالسلام التيمم احد الطهورين وتقريب دلالته الاجزاء يكون بوجهين
الاول ان ظاهر هذا الكلام هو بيان مصاديق الطهارة التى اعتبرها الشارع شرطا فى
العبادة وان التيمم احد مصاديقها اما حقيقة واما جعلا وتنزيلا له منزلة الحقيقى فى
جميع آثاره وعلى كل يستفاد من ذلك ان التيمم كالوضوء
.................................................................................................
______________________________________________________
او الغسل فى جميع
آثاره بنحو يكون وافيا بمصلحة الوضوء والغسل ، ويتفرع على ذلك ثلاثة امور اجزاء
التيمم اداء وقضاء ، وجواز البدار اليه مع العلم بارتفاع العذر فى الوقت ، وجواز
تحصيل الاضطرار الموجب له ، والسر فى جميع ذلك كونه وافيا بمصلحة الوضوء او الغسل
لظهور دليله بذلك ، نعم يعارض هذا الدليل ظهور دليل الوضوء والغسل كالآية الشريفة
اذا قمتم الى الصلاة الآية فى ان الطهارة التى هى شرط فى العبادة منحصرة فى الوضوء
والغسل وذلك لان ظاهر الامر فى قوله تعالى (فَاغْسِلُوا) كونه مولويا كما ان ظاهر مادة هذا الامر او صريحها كون
الطهور المستعمل فى تحصيل الطهارة هو الماء لعدم حصول الغسل بالتراب فى متفاهم
العرف ومن مجموع هذين الامرين يستفاد ان المصلحة الشرطية قائمة بخصوص الوضوء اذ لو
كانت قائمة فى كل من الوضوء والتيمم بما هما امران متباينان لزم صدور الواحد عن
الكثير كما انه لو كانت قائمة فى الجامع بين الوضوء والتيمم لكان الامر بخصوص
الوضوء ارشادا الى احد المصاديق وقد فرض كونه ظاهرا فى المولوية ولو للغلبة فى
الاستعمال وعليه يلزم التصرف فى احد الدليلين لرفع المعارضة من بينهما اما بحمل
الامر فى قوله تعالى (فَاغْسِلُوا) على الارشاد الى احد مصاديق الطهارة التى هى شرط فى
العبادة لكون المصلحة الشرطية قائمة فى الجامع بين الوضوء مثلا والتيمم واما
بالتصرف فى ظهور قوله عليهالسلام التيمم احد الطهورين بجعل التيمم وافيا ببعض مصلحة الوضوء
او الغسل لا بتمامها وبما ان دليل التيمم مفاده جعل البدل عن الوضوء لا محاله يكون
ناظرا الى دليله فيكون حاكما عليه ومقدما عليه وح يلزم التصرف فى ظهور الامر فى
قوله تعالى (فَاغْسِلُوا) بحمله على الارشاد ويتفرع على ذلك تحقق الامور الثلاثة
المشار اليها ، والجواب عنه ان دليل التيمم وان كان لسانه ظاهرا فى جعل البدل
ولازمه ان يكون ناظرا الى دليل المبدل ولكن لا يكون ناظر الى اكثر من كون التيمم
بدلا عنه فى حال الابتلاء بالعذر ولازم ذلك كون البدل وافيا بمقدار من مصلحة
المبدل اما كونه وافيا بها بتمامها فلا يستلزمه ذلك هذا ، مضافا الى ان الدليل
المذكور ليس لسانه لسان جعل البدل بل ظاهره جعل التيمم فردا من افراد الطهارة فى
عرض الوضوء والغسل وانما استفدنا كونه بدلا عن الوضوء والغسل وانه فى طولهما من
دليل خارج وذلك لا يجعل الدليل المذكور ناظرا الى دليل المبدل بل لا يثبت إلّا
البدلية للتيمم كما اشرنا
.................................................................................................
______________________________________________________
اليه فاتضح انه لا
وجه لتقديم دليل التيمم المزبور على دليل الوضوء بالتقريب المتقدم ، بل يمكن ان
يقال بتقديم دليل الوضوء على دليل التيمم المزبور بوجهين احدهما ما اشرنا الى
تقريبه فى بيان تعارض الظهورين من ان دليل الوضوء يدل بمادته وضعا وبهيئته انصرافا
على انحصار المصلحة الشرطية بجميع مراتبها فى الوضوء دلالة تنجيزية بخلاف دليل
التيمم فان دلالته على كون التيمم واجد التمام المصلحة الشرطية ووافيا بها وفاء
الوضوء انما هى بالاطلاق الذى هو اضعف ظهورا من الدلالة الوضعية ولو للانصراف
فبملاحظة هذا الوجه يلزم تقديم دليل الوضوء على دليل التيمم وان لم ينثلم ظهوره
لانفصاله عنه إلّا انه اذا نظرنا الى دليل التيمم وجدناه نصا في دلالته على تشريع
التيمم واشتماله على مرتبه من المصلحة الشرطية التى يشتمل عليها الوضوء فلزم تقديم
دليل التيمم فى هذه الدلالة لكونه نصّا فيها على دليل الوضوء فى دلالته على
الانحصار لكونه ظاهرا فيها وبما ان دليل الوضوء قد دل على انحصار جميع مراتب
المصلحة الشرطية على فرض كونها ذات مراتب فى الوضوء لزم الاخذ به فى جميعها فاذا
عارضه دليل اقوى منه فى بعضها سقط عن الحجية بمقدار المعارضة وبقيت حجيته فى باقى
المراتب ودليل التيمم وان كان نصا إلّا انه فى دلالته على كون التيمم واجد المرتبة
من مراتب المصلحة الشرطية لا على كونه واجدا لجميعها كالوضوء اذ هو ليس نصا في ذلك
بل هو مستفاد من الاطلاق الذى فرضنا سقوطه بدلالة دليل الوضوء الوضعية ومن جميع
ذلك نستفيد ان للشارع مطلوبين احدهما اهم من الآخر وهو الوضوء فيلزم الاتيان به فى
فرض الامكان ، وثانيهما دونه وهو المهم الواجد لبعض مصلحة الوضوء ونتيجه هذا الجمع
هو عدم جواز تحصيل الاضطرار لاستلزامه تفويت شىء من المصلحة الملزمة الا مع علم
المكلف بارتفاع الاضطرار فى باقى الوقت وعزمه على عدم الاتيان بالمكلف به الا بعد
ارتفاع الاضطرار ، ثانيهما ان دليل الوضوء حاكم على دليل التيمم وناظر اليه بمقتض
دلالته على الزام المكلف برفع موضوع التيمم لان اطلاقه يدل على وجوب تحصيل كل ما
يتوقف عليه وازالة كل ما يمنع عنه فهو يمنع المكلف عن احداث الاضطرار الذى هو
موضوع التيمم ويلزمه برفعه لو كان حاصلا وهذا بخلاف دليل التيمم فان اطلاقه وان
اقتضى كونه فى عرض الوضوء ملاكا إلّا انه لا يدل على وفائه بتمام مصلحة الوضوء
مطلقا بل المتيقن منه
.................................................................................................
______________________________________________________
وفائه بها فى صور
حصول الاضطرار بطبعه وعليه يكون دليل الوضوء ناظرا الى موضوع دليل التيمم ولا عكس
ولو اغمض النظر عن ذلك وقيل باستفادة الوفاء على الاطلاق من دليل التيمم فلازمه
وان كان عدم وجوب خصوص الطهارة التى يتضمنها دليل الوضوء وهو يقتضى عدم حرمة تفويت
الاختيار وعدم وجوب المحافظة عليه إلّا ان دليل التيمم بهذا المدلول يكون معارضا
لمفاد دليل الوضوء وبما ان الموضوع فى دليل التيمم قيد بعدم وجود الماء ودليل
الوضوء مطلق من هذه الجهة فدليل الوضوء يكون هاد ما لموضوع التيمم ويكون حاكما على
دليل التيمم بخلاف العكس ، ثم ان ما ذكر من ترتب جواز البدار وجواز تحصيل الاضطرار
على مجرد كون التيمم وافيا بتمام مصلحة الوضوء او الغسل ليس فى محله ، اما جواز
البدار فمنوط بكون مجرد الاضطرار موجبا لكون التيمم وافيا بتمام مصلحة الوضوء او
الغسل واما اذا دل دليل التيمم على كون استيعاب العذر للوقت شرطا فى كون التيمم
وافيا بمصلحة الوضوء مثلا فلا يجوز البدار ، واما جواز تحصيل الاضطرار فمبنى على
كون التيمم وافيا بتمام مصلحة الوضوء مثلا عند تحقق الاضطرار او احد الاعذار مطلقا
اى سواء حصل ذلك بطبعه للمكلف ام اوقع المكلف نفسه فيه باختياره واما اذا دل دليل
التيمم على ان التيمم لا يكون وافيا بتمام مصلحة الوضوء إلّا اذا حصل الاضطرار او
احد الاعذار بطبعه فلا يكون تحصيل المكلف اياه باختياره موجبا لوفاء التيمم بتمام
مصلحة الوضوء مثلا وعليه لا يجوز تحصيل الاضطرار او احد الأعذار ولا يترتب عليه
الاجزاء فظهر بما ذكرنا ان دليل التيمم المزبور على فرض دلالته على كونه وافيا
بتمام مصلحة الوضوء مثلا لا يدل على جواز البدار او جواز تحصيل الاضطرار بل لا بد
للقائل بذلك من دليل آخر غير ذلك لان الدليل المزبور غير متكفل بالدلالة على شيء
من تلك الامور ، الوجه الثانى من وجوه تقريب دلالة قوله عليهالسلام التيمم احد الطهورين ان دليل التيمم المزبور حسبما اشرنا
الى وجه دلالته له مدلول مطابقى وهو كون التيمم وافيا بتمام مصلحة الوضوء مثلا
ومدلول التزامى وهو الاجزاء اداء وقضاء واما تقديم دليل الوضوء الظاهر فى انحصار
شرط الصلاة فى الوضوء على دليل التيمم الظاهر فى كونه وافيا بتمام مصلحة الوضوء
المستلزم ذلك للتخيير بينه وبين الوضوء فغايته هو رفع اليد عن المدلول المطابقى
اعنى به كون التيمم وافيا بتمام مصلحة الوضوء واما المدلول
.................................................................................................
______________________________________________________
الالتزامى فيبقى
على حجيته لما قررنا فى محله من ان سقوط الدليل عن الحجية فى دلالته المطابقية لا
يستلزم سقوطه فى الدلالة الالتزامية لان الاجزاء كما يكون بملاك الوفاء كذلك يكون
بملاك المضادة فيكون الاجزاء لازما اعم للوفاء فاذا كان انتفاء الوفاء لا يستلزم
انتفاء الاجزاء فى مقام الثبوت لا يستلزم سقوط الدلالة الالتزامية على الاجزاء فى
مقام الاثبات ، وفيه ان الاجزاء الذى فرض كونه مدلولا التزاميا للدليل المزبور ليس
بهذا العنوان هو مدلولا له بل انما استفدنا الاجزاء من دلالة الدليل المزبور على
الوفاء فاذا سقطت هذه الدلالة عن الحجية فلا محاله تسقط دلالته على الاجزاء من حيث
الوفاء ايضا واما كون الاجزاء لازما اعم للوفاء والمضادة فهو وان كان صحيحا فى
نفسه إلّا انه لا يصحح بقاء الدلالة الالتزامية على الحجية إلّا اذا كان المدلول
الالتزامى هو الاجزاء بعنوانه واما اذا كان المدلول الالتزامى هو الاجزاء من حيث
الوفاء فلا محاله تسقط هذه الدلالة الالتزامية عن الحجية فلا غرو لو كان سقوط
الدلالة المطابقية على الوفاء عن الحجية تبعا لسقوط منشئها اعنى به الدلالة
المطابقية على الوفاء ، ان قلت التفكيك فى التعبد بين الامور المتلازمة واقعا واقع
فى الشرع ، قلت التفكيك فى التعبد بين الامور المتلازمة عادة او عقلا انما يصح فى
مجارى الاصول العملية المقصود بها رفع التحير عن المكلف فى مقام العمل لا فى مقام
الكشف عن الواقع كما هو شان الامارات فالتفكيك بين المتلازمات فى متعلق الأمارة لا
يكاد يصح لان التعبد بكونها حجه انما هو باعتبار كشفها عن الواقع وانفكاك كشفها عن
احد المتلازمين عن كشفها عن الآخر غير معقول فتحصل من جميع ما تقدم انه لا يستفاد
من قوله عليهالسلام التيمم احد الطهورين الاجزاء مطلقا اى لا بملاك الوفاء ولا
بملاك الاستيفاء ، ومن الادلة التى يمكن استفادة الاجزاء منها قوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) الى قوله تعالى ولم (تَجِدُوا ماءً
فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) الآية وتقريب دلالتها على ذلك هو ان الظاهر منها وفاء
التيمم بتمام مصلحة الوضوء لظهورها ولو بضم مقدمات الحكمة بتنزيل التيمم حيث لا
يوجد الماء منزلة الوضوء او الغسل فى جميع آثارهما وعليه تكون دلالة الآية الشريفة
على الاجزاء بهذا التقريب دلالة الحديث الشريف اعنى به قوله (ع) التيمم احد
الطهورين بجميع ما ذكرنا فيه إلّا ان دليل الوضوء بما انه دليل منفصل عن الحديث المزبور
لا محاله ينعقد لكل من الدليلين ظهور فى مدلوله فينتهى
.................................................................................................
______________________________________________________
امرهما الى
المعارضة التى عرفت حالها ولذا صار مجال لتوهم الغاء الدلالة المطابقية من دليل
التيمم لتقديم دليل الوضوء عليه والاخذ بالدلالة الالتزامية من دليل التيمم وقد
عرفت فساد هذا التوهم ، واما الآية الشريفة بما انها كلام واحد فلا يمكن ان ينعقد
لصدرها ظهور فى شيء ولذيلها ظهور فى شيء آخر بنحو يعارض ظهور الصدر فاذا امكن ان
يكون احدهما قرينة على ارادة معنى من الآخر لا ينافى ظاهر القرينة فلا محاله ينعقد
لذلك الكلام ظهور فى ذلك المعنى ولزم التصرف فيما صار محكوما للقرينة كما هو الشأن
فى هذا الآية الشريفة لان صدرها ظاهر فى انحصار الطهارة الشرطية فى الوضوء لظهور
صيغة الامر فى المولوية وضعا ولو للانصراف فيفيد كون الوضوء بما هو وضوء شرطا
وإلّا كان الجامع بينه وبين التيمم هو الشرط وكان الامر بالوضوء ارشاد الى بعض
الافراد وذلك خلاف ظاهر الصيغة واما دلالة ذيل الآية اعنى قوله تعالى (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) على كون التيمم فى حال الاضطرار كالوضوء فى حال الاختيار
فى انه واجد لجميع مراتب المصلحة الشرطية التى يشتمل عليها الوضوء فانما هى
بالاطلاق ودلالته على كون التيمم واجد المرتبة من مراتب المصلحة الشرطية بالنص
وعليه يكون الصدر قرينة على خلاف ما دل عليه الاطلاق فى الذيل فلا ينعقد له ظهور
فيه لكون ظهور الصدر وضعيا يصلح لان يكون بيانا ويكون الذيل الدال بالنص على كون
التيمم واجد المرتبة من مراتب المصلحة الشرطية مقدما على الصدر الظاهر فى خلاف ذلك
لكون الذيل نصافيه ومن جميع ذلك يستفاد ان الوضوء بخصوصه واجد للمرتبة العليا من
المصلحة الشرطية وان التيمم واجد لمرتبة من مراتبها دون المرتبة القائمة فى الوضوء
وح لا تصلح الآية الشريفة دليلا على الاجزاء بملاك الوفاء هذا ، ولكن يمكن ان
يستفاد الاجزاء بملاك عدم امكان الاستيفاء من كل دليل ظاهره الامر المولوى بالوضوء
مع امكان استعمال الماء وبالتيمم مع عدم امكانه كما هو ظاهر الآية الشريفة وذلك
بتقريب ان كون الامر مولويا فى كل من الوضوء والتيمم يستفاد منه كون متعلقه بخصوصه
مشتملا على المصلحة الشرطية اذ لو لم يكن كل منهما بخصوصه مشتملا على مصلحة خاصه
به لكان المشتمل عليها هو الجامع بينهما واذا كان كذلك كان الامر المتعلق بكل
منهما ارشاديا وهو خلاف الظاهر كما اشرنا اليه ومن الاقتصار على طلب التيمم فى حال
عدم امكان استعمال الماء يستفاد ان التيمم مجز
.................................................................................................
______________________________________________________
بنفسه اذ لو لم
يكن مجزيا وحده بنفسه لضم اليه الوضوء اما جمعا بعد ارتفاع الاضطرار كان يقول اذا
لم تجد الماء فتيمم ثم اذا وجدته فتوضأ واعد او تخييرا بينه وبين الوضوء بالانتظار
الى حين ارتفاع الاضطرار وبملاحظة هاتين الاستفادتين يظهر لك ان التيمم غير مجز
بملاك الوفاء ولكنه مجز بملاك عدم امكان الاستيفاء ، ومن هنا اتضح ان حفظ مولوية
امر الوضوء يكون باعتبار المصلحة العليا الخاصة بالوضوء وحفظ مولوية امر التيمم
يكون باعتبار مرتبه من المصلحة الناشئة من درك مصلحة اول الوقت بالنسبة الى
الإعادة او تمام الوقت بالنسبة الى القضاء مضافا الى ما يشتمل عليه من بعض مصلحة
المبدل ، ولنا فى المقام تقريب آخر فى وجه اجزاء العمل الاضطرارى وهو ان الاشكالات
السابقة على اجزاء العمل الاضطرارى انما تلزم فيما اذا كان متعلق التكليف مطلقا هو
الصحيح الجامع لجميع الاجزاء والشرائط الذى هو وظيفة المختار وانما يمنع من تنجيز
التكليف به فى حق غيره هو الاضطرار لاطلاق المصلحة القائمة فيه وتحققها فيه فى
جميع الاحوال وعليه لا محاله يكون العمل الاضطرارى بدلا عنه فيلزم ملاحظة وفاء
البدل بمصلحة المبدل فى مقام اجزائه عنه ، واما اذا قلنا بان متعلق التكليف هو
الجامع بين صلاة للمختار وصلاة المضطر وصلاة القادر وصلاة العاجز كالجامع بين صلاة
الحاضر والمسافر وانما عين الشارع لكل احد من المكلفين المخلفين بالاختيار
والاضطرار والعجز والاقتدار فردا خاصا به من افراد هذا الجامع فى مقام الامتثال
فلا محاله يكون الماتى به فى حال الاضطرار هو نفس المامور به فى حال الاختيار لكنه
بفرد الآخر فتكون المصلحة المقصودة تحصيلها بالامر بالجامع حاصلة بالفرد الماتى به
فى حال الاضطرار لا ان العمل الاضطرارى بدل عن المامور به فى حال الاختيار ليستلزم
ذلك تلك الاشكالات المتوجهة على البدلية من حيث الاجزاء وعدمه ، ومما ذكرنا تعرف
ان الاجزاء بهذا لتقريب لا يحتاج الى دليل قاعدة الميسور لينشأ من ذلك الاشكال بان
مفاد القاعدة هو الاجتزاء بما يبقى من اجزاء المامور به وشرائطه عند الاضطرار الى
ترك بعضها وهذا ينافى كون الماتى به هو تمام الجامع المامور به على التقريب
المزبور ، ان قلت تقريب الاجزاء بما ذكرتم يستلزم ان يكون قضاء ما فات فى حال
الاضطرار هو الاتيان بمثله وان كان فى حال الاختيار او ان المختار يكون مخيرا فى
القضاء بين الفرد الاضطرارى الذى فات منه وبين الفرد
.................................................................................................
______________________________________________________
الاختيارى مع انه
لا يلتزم بذلك احد من الفقهاء ، قلت لو كان الدليل الذى دل على تشريع العمل
الاضطرارى انه فرد مطلقا للجامع المامور به لتم ما ذكروا لكن الدليل المزبور انما
دل على كون العمل الاضطرارى فردا للجامع المامور به فى حال الاضطرار لا مطلقا
فالعمل الاضطرارى لا يكون فى حال الاختيار فردا للجامع ليصح القضاء به لان ما فات
المكلف فى حال الاضطرار هو الجامع المامور به ولا يتاتى امتثاله إلّا باتيان فرده
وليس هو إلّا العمل الاختيارى ، ومن آثار هذا التقريب اعنى به كون المكلف به هو
الجامع وان الاعمال بمناسبة الاحوال من حيث الاختيار والاضطرار افراد له هو كون
المرجع فى مقام الشك بوجوب الاعادة او القضاء هى البراءة لانه شك بحدوث تكليف جديد
بعد ارتفاع الاضطرار بخلاف ما لو كان المكلف به هو العمل التام الاجزاء والشرائط
بلحاظ حال الاختيار وان الاعمال الاضطراريّة ابدال عن المكلف به الواقعى فان
المرجع على هذا هو الاشتغال على ما تقدم تفصيله الخ من المحقق الماتن قدسسره وفيه ما فيه على ما مر ثم ان جملة ما ذكرنا تقديم بيانه
وذكرناه للتوضيح كما لا يخفى ، كما انه من ذلك البيان ظهر حال الادلة المتكفلة
للتقية مما كان مصبها الوضع مثل الادلة الدالة على اتيان العبادة على وفق مذهبهم
كالصلاة مع التكتف والافطار حين غروب الشمس لا ما كان منها مصب التكليف خاصه
كالافطار فى سلخ شهر رمضان اذ تقول فيها ايضا بان المستفاد من ادلتها بقرينة ما فى
بعض تلك الاخبار من امر الامام (ع) باتيان الصلاة اولا فى الدار ثم الحضور فى
جماعتهم انما هو اجزاء الفعل الاضطرارى تقية عن الفعل الاختيارى بنحو لا يجب مع
اتيانه الإعادة فى الوقت فضلا عن القضاء فى خارجه لكن الاجزاء المزبور لا بمناط
الوفاء بجميع ما يفى به الفعل الاختيارى من المصلحة بل بمناط الوفاء ببعض مراتب
المصلحة ومفوتيته للمراتب الأخر كما تقدم وقضية الامر باتيان الصلاة فى الدار اولا
والحضور بعد ذلك فى جماعتهم يدل على نقصان الفرد الاضطرارى بحسب المصلحة عن الفرد
الاختيارى كما يدل على عدم امكان تحصيل المقدار الباقى من المصلحة وإلّا امر
بالإعادة للتمكن منه الوقت بعد ارتفاع التقية كما انه لو وفى بجميع المراتب كان
لازمه القيام بالجامع بينهما لا الامر باتيان الصلاة فى الدار اولا ثم الالحاق بهم
كما لا يخفى ، بقى الكلام فى امر آخر وهو ان الاضطرار قد يكون بغير اختيار المكلف
وقد مر حكمه واخرى ما اذا كان
القضاء فيه ففى
مثلها اجراء قاعدة الميسور اشكل لكشف العسر عن عدم صحة النذر فلا امر بالمعسور كى
يؤخذ بميسوره وعلى فرضه فالالتزام بعدم القضاء لمحض هذه القاعدة اشد اشكالا فتدبر
هذا كله فى الاجزاء عن الاوامر الاضطراريّة (١)
______________________________________________________
الاضطرار باختياره
كما اذا كان عنده ماء يكفى لوضوئه او غسله فاراقه فاصبح فاقدا للماء او كان عنده
ثوب طاهر فانجسه وبذلك اضطر الى الصلاة فى ثوب نجس او كان متمكنا من الصلاة قائما
فاعجز نفسه فى القيام وهكذا فهل تشمل اطلاقات الاوامر الاضطراريّة لهذه الموارد ام
لا الظاهر انه لا مانع من شموله بعد ما صدق عليه الاضطرار باى سبب كان وتقدم
الكلام فى ذلك اشارة من المحقق العراقى ، وذكر استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص
٢٤٢ الظاهر هو الثانى والسبب فى ذلك هو ان تلك الاطلاقات بمقتضى الظهور العرفى
وارتكازهم منصرفه عن الاضطرار الناشى عن اختيار المكلف وارادته لوضوح ان مثل قوله
تعالى (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً
فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) الآية ظاهر بمقتضى المتفاهم العرفى فيما اذا كان عدم وجدان
الماء والاضطرار الى التيمم بطبعه وبغير اختيار المكلف ومنصرفه عما اذا كان
باختياره وكذا قوله (ع) اذا قوى فليقم وما شاكل ذلك ، وعلى هذا الضوء لا يجوز
للمكلف تعجيز نفسه باختياره وارادته فلو كان عنده ماء مثلا لم يجز اهراقه وتفويته
اذا علم بعدم وجدانه الماء فى مجموع الوقت ، ولكن فى باب الصلاة خاصه قد علمنا من
الخارج عدم سقوطها عن المكلف بحال فلو عجز نفسه باختياره عن الصلاة قائما او مع
الطهارة المائية او فى ثوب طاهر وجبت الصلاة عليه قاعده او مع الطهارة الترابية او
فى ثوب متنجس وان استحق العقاب على ترك ما هو وظيفة المختار ، واما فيها ـ اى
التقية ـ فالظاهر عدم الفرق بين صورتى الاختيار وغيره وذلك لاطلاق التقية الخ ولكن
فيه اما اطلاق فى جميع الموارد ثابته وانصرافه عن سوء الاختيار لا موجب له اصلا
ولو كان لكان بدويا يزول بادنى تأمل فلا يفرق الجميع فى انه مصداق للاضطرار وله
حكمه وان كان عاصيا بتفويت الاختيار وفى باب الوضوء قد ورد دليل الخاص ايضا والحكم
على طبق القاعدة والاطلاقات ما ذكرنا وذلك لتحقق الموضوع ولو كان بسوء الاختيار
تحقق ذلك.
(١) هذا كله فى
اجزاء الاوامر الواقعية الأولية عنها وفى اجزاء الاوامر
و (١) اما الاجزاء
بالفاقد للشرائط او الاجزاء نسيانا فهو خارج عن مسألتنا اذ المسألة بظهور عنوانه
فى اتيان المأمور به بالامر الشرعى والمنسيات جزءا او شرطا داخلة فى المأمور به
بالامر العقلى ولم يتوهم الاجزاء فيها احد الا (٢) فى باب الصلاة لعموم لا تعاد
المختصة (٣) بصورة النسيان عن ذات الجزء والشرط وفى غير الخمسة (٤) ايضا ولذا ليس
بنائهم على الاجزاء مع الفوت (٥) جهلا
______________________________________________________
الاضطراريّة عن
الاوامر الواقعية الأولية ، ويقع الكلام ح فى اجزاء الاوامر العذرية كالنسيان عن
الواقعية الأولية.
(١) الظاهر لا
ينبغى الاشكال فى عدم الاجزاء فى ما لو عمل المكلف فى مقام الامتثال عملا اهمل فيه
بعض اجزائه او شرائطه لعذر عقلى كما لو قطع بعدم وجوبه او نسيه او استند فى تركه
الى البراءة العقلية اذ ليس فى هذه الفروض ما يوجب توهم الاجزاء وان كان فى الواقع
باطلا كما فى صورة الاستناد الى الامارة او الاصل المجعول مع عدم مطابقتهما
للواقع.
(٢) نعم اذا كان
المنسى جزء من الصلاة او شرطا من شروطها مما كان حديث لا تعاد ناظرا الى الاقتناع
بفاقدة فى مقام الامتثال فيجزى.
(٣) المتيقن من
حديث لا تعاد هو صورة النسيان عن الجزء او الشرط دون الجهل.
(٤) وذلك فى غير
الخمسة وسائل باب ٣ من ابواب الوضوء ح ٨ عن ابى جعفر عليهالسلام انه قال لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة
والركوع والسجود الحديث.
(٥) وقد يقال ان
الحديث يشمل الخلل الواقع فى الصلاة جهلا او نسيانا سواء كان ذلك عن الجهل او
النسيان المتعلق بالحكم او الموضوع وسواء كان الجهل بسيطا ام مركبا ، وذكر المحقق
العراقى فى البدائع ، ص ٣٠٧ ولا يخلو الاستناد اليه فى المقام من وهن وذلك لان
ظاهر هذا الحديث هو بيان اقتناع الشارع بما صدر من المكلف فى مقام امتثال تكليفه
وانه بعد صدور العمل ناقصا من حيث بعض الاجزاء والشرائط لا يكلفه بالاعادة ومثل
هذا المعنى لا يتم إلّا فى حق الناسى اما الجاهل بسيطا فبما انه يحتمل قبل الدخول
فى العمل ان الشى الذى تركه مثلا جزءا وشرط لا يكون هذا
بالحكم او نسيانا
حتى فى الصلاة فضلا عن غيرها كما لا يخفى.
بقى الكلام (١) فى
اقتضاء الاوامر الظاهرية للاجزاء عن الواقعيات فنقول ان الكلام فيها تارة فى الحكم
الظاهرى المستفاد من ادلة الامارات (٢) واخرى فى الحكم المستفاد من الاصول (٣)
وعلى اى تقدير تارة يقع الكلام فى صور كشف الخلاف قطعيا (٤) واخرى فى فرض كشفه ظنا
اجتهاديا (٥)
______________________________________________________
الحديث ناظرا اليه
اذ لو كان ناظرا اليه فى هذا الحال لزم ترخيصه بتركه فيكون ح مخصصا لادلة الاجزاء
والشرائط فى مقام الجعل والتشريع وهذا خلاف ظاهر هذا الحديث كما اشرنا اليه اللهم
إلّا ان يفرق بين الجاهل البسيط الذى لا حجة له على حكم العمل الذى جاء به ناقصا
وبين الجاهل البسيط الذى له حجة على حكم العمل الذى عمله كذلك فيقال بشمول حديث لا
تعاد للثانى دون الاول لان الثانى قد دخل فى العمل بحجة سوغت له مخالفه احتمال
وجوب غير ما قامت عليه وعدم الاعتناء به فيكون احتمال وجوب غير ما قامت عليه وجوده
كعدمه فى نظر العرف والشارع ويكون انكشاف الخلاف بالحجة المعتبرة بعد العمل على
وفق الحجة الاولى بمنزلة الالتفات بعد النسيان وعليه لا مانع من شمول الحديث
المزبور بعد انكشاف بالخلاف للاعمال الصادرة على طبق الحجة الاولى لبيان الاقتناع
بتلك الاعمال فى مقام الامتثال الخ ولكن فيه ان شملت القاعدة للجاهل فيشمل للجميع
سواء كانت له الحجة ام لا لعدم القول بالفصل وهذا غير بعيد لعموم الرواية ولا وجه
للتقييد بالنسيان.
(١) المقام الثالث
فى ان الاتيان بالمأمور به بالامر الظاهرى هل يجزى عن المأمور به بالامر الواقعى
الاولى ام لا ، والكلام فى جهتين تارة يحرر فى الامارات واخرى فى الاصول العملية.
(٢) والامارات على
اختلاف المسالك فيها وسنشير اليها.
(٣) والاصول على
اختلاف مصاديقها من الاصول المحرزة والمحضة.
(٤) وعلى كلا
التقديرين تارة ينكشف الخلاف بالعلم الوجدانى كان يخبر الامام عليهالسلام له شفاها بان الحكم ليس كذلك او اخبار متواتره قطعيّة.
(٥) او انكشف بحجة
معتبره من اجماع او رواية معتبره او آية شريفه على خلاف الامر الاول.
اما المقام الاول (١)
______________________________________________________
(١) وتحقيق الكلام
فى ذلك كله يكون فى طى مسائل ، الأولى فى الامارات مع انكشاف الخلاف يقينا فاعلم
ان حجية الامارات اما ان تكون على نحو الطريقية واما ان تكون على نحو السببية وعلى
الطريقية ففيها اربع مسالك الاول تتميم الكشف على مسلك المحقق النائينى وهو محرزية
الواقع بها ، بالغاء احتمال الخلاف الثانى هذا المسلك لكن بمعنى ان كل اثر يكون
على الواقع وعلى العلم به يترتب عليها مثلا فى الاستصحاب اذا قيل لا تنقض اليقين
بالشك معناه ان كل اثر يكون فى اليقين او المتيقن مترتب فكذلك فى الامارات اذا
اخبر به العادل يترتب عليه اثر العلم كما اذا كان العلم جزء الموضوع فى لسان
الدليل فان العلم الحاصل بالامارة يتحقق به جزء الموضوع ولا يكون الاثر مختصا بما
قام عليه الامارة مثل وجوب صلاة الجمعة او غيره والحاصل يترتب على ما قام عليه
الامارة اثر العلم والمعلوم ، الثالث تنزيل مؤداها منزلة الواقع وعليه يترتب اثر
المعلوم والمتيقن فقط ، الرابع مسلك المحقق الخراسانى وهو جعل الحجية لا بمعنى
تتميم الكشف ولا غيره بل من باب الامر بالعمل على طبق الامارة ومفادها ما به يحتج
عند المولى سواء وصل الى الواقع ام لا ، قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٩٢
ويجرى هذه الاقسام على السببية ايضا ، لا يقال بناء على كون حجية الامارات من باب
السببية لا وجه للترديد فى وجه تنجيزها بل لا بد ان يكون تنجيزها ح هو الوجه
الاخير وذلك لان معنى السببية هو كون قيام الامارة على امر موجبا لحدوث مصلحة
ملزمة فيه فيكون الامر بالعمل على طبقها امرا نفسيا بلحاظ تلك المصلحة وناشئا عنها
وهذا بخلاف تتميم كشفها او تنزيل مؤداها فانه انما يكون ذلك بلحاظ مصلحة الواقع
والوصول اليه فلا يمكن البناء على السببية وكون وجه تنجيزها احد الامرين الاولين
وهو تتميم الكشف وتنزيل المؤدى فان وجوب العمل على طبقها الناشى عن احد الامرين
المزبورين يكون وجوبا طريقيا ناشئا عن مصلحة الواقع ولا يخفى ما بين وجوب العمل
على السببية ووجوبه على احد الامرين من التهافت والتنافى ، لانا نقول لا ريب فى ان
جعل الامارة حجة سواء كان على نحو السببية ام على نحو الطريقية انما هو بلحاظ
الامر الواقعى فلو لا الاهتمام بتحصيل المصلحة الواقعية لما كان داع لجعل الامارة
حجة غاية الامر ان الامارة لما كانت قد تخطئ الواقع فتفوت مصلحته بسبب العمل على
طبقها فى بعض الموارد لزم تصحيح جعل الشارع الحكيم
من اقتضاء
الامارات (١) للاجزاء مع كشف الخلاف قطعيا فنقول (٢) ان بنينا على طريقتها الى
الواقع بلا احداثها تكليفيا حقيقيا فى قبال الواقع فلا شبهة فى عدم اقتضائها
الاجزاء عن الواقعيات (٣) اذ (٤) بناء عليه ليس فى مؤداتها مصلحة قابلة
______________________________________________________
لها حجة باثبات
مصلحة فى جعلها حجة بنحو تكون المصلحة التى تشتمل عليها الامارة وافية بمصلحة
الواقع لو أدّت الى خلافه صونا لفعل الحكيم عن النقص والنقض والالتزام بهذه الحكمة
فى جعل الامارة حجة امر يشترك فيه القائل بالسببية والقائل بالطريقية وانما الفرق
بينهما باعتبار ان القائل بالسببية يدعى ان مؤدى الأمارة تحدث فيه بسبب قيامها
عليه مصلحة ربما كانت من سنخ مصلحة الواقع وان لم تكن من سنخها فهى بمنزلتها فى
الاهمية عند الشارع والقائل بالطريقية يدعى ان فى نفس جعل الامارة حجة او فى
سلوكها مصلحة يتلافى بها مصلحة الواقع على تقدير خطأ الأمارة وهى مصلحة التسهيل
على المكلفين مثلا وعليه لا يكون تناف او تهافت بين القول بان الامارة تكون سببا
لحدوث مصلحة فى مؤداها تستلزم تلك المصلحة الامر بالعمل بها والقول بكون تنجيزها
بلسان تتميم كشفها او تنزيل مؤداها منزلة الواقع الخ.
(١) ثم ان الامارة
تارة تجرى فى نفس الحكم كما قام الخبر على وجوب صلاة الجمعة واخرى فى موضوع الحكم
كلا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب.
(٢) فعلى الطريقية
مقتضى التحقيق عدم الاجزاء مطلقا قال صاحب الكفاية ج ١ ، ص ١٣٣ وهذا بخلاف ما كان
منها بلسان انه ما هو الشرط واقعا كما هو لسان الامارات فلا يجزى فان دليل حجيته
حيث كان بلسان انه واحد لما هو شرطه الواقعى فبارتفاع الجهل ينكشف انه لم يكن كذلك
بل كان لشرطه فاقدا هذا على ما هو الاظهر الاقوى فى الطرق والامارات من ان حجيتها
ليست بنحو السببية الخ.
(٣) وذهب المحقق
العراقى الماتن قدسسره الى عدم الاجزاء ايضا.
(٤) والوجه فى ذلك
قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٢٩٣ ان المكلف به هو العمل الواقعى والمطلوب بذلك
التكليف هو حصول مصلحته الواقعية وعلى تقدير خطا الامارة والاتيان بمؤداها لا يكون
المكلف ممتثلا للتكليف الفعلى المتوجه اليه نظير ما لو قطع بوجوب صلاة الجمعة مثلا
وبعد الفراغ منها انكشف له وجوب صلاة الظهر عليه وعدم وجوب صلاة الجمعة فكما ان المكلف
فى هذا الفرض لا يكون
للجبر عن المصالح
الواقعية غاية الامر الالتزام بمصلحة فى نفس الترخيص فى العمل بها وفى اصل جعلها و
(١) مثل هذه المصلحة غير قابلة للجبر كى يجئ توهم الاجزاء كيف (٢) ولازمه الالتزام
بالجبر ولو قبل العمل بها و (٣) لان
______________________________________________________
ممتثلا للتكليف المتوجه
اليه فى الواقع بفعل صلاة الجمعة كذلك يكون فيما لو قامت الامارة المعتبرة على
وجوب صلاة الجمعة مثلا ثم انكشف خطأها ، ان قلت طريقيه الأمارة على القول
بالطريقية وان لم تستلزم حدوث مصلحة فى مؤداها إلّا ان جعل الامارة طريقا الى
الواقع بنفسه يستلزم وجود مصلحة فيه يحتمل العقل كونها وافية بمصلحة الواقع فاذا
كان دليل الجعل بلسان تنزيل المؤدى منزلة الواقع فهو ظاهر بكون مصلحة الجعل وافية
بمصلحة الواقع فيستلزم الاجزاء نعم اذا كان دليل الجعل بلسان تتميم الكشف او وجوب
العمل على طبق المؤدى فلا ظهور له فى ذلك لان لزوم كون الجعل ذا مصلحة لا يستلزم
كون تلك المصلحة وافية بمصلحة الواقع.
(١) قلت اوّلا ان
مصلحة جعل الامارة طريقا حسبما يظهر من دليله ليست إلّا التسهيل على المكلفين فى
الوصول الى الاحكام التى يلزمهم امتثالها ولا ريب فى ان مصلحة التسهيل مباينة
لمصالح الاحكام الواقعية ومعه لا يتصور وفاء تلك بهذه او عدم وفائها ليترتب على
ذلك الاجزاء وعدمه.
(٢) وثانيا يشهد
لذلك انه لو كانت مصلحة الجعل مسانخة لمصلحة المؤدى وكانت وافية بها لما كان للعمل
على طبق المؤدى وجه لكون المصلحة فى الجعل وقد حصل وعليه يلغو جعل الامارة طريقا
الى الواقع فيلزم من الوفاء عدمه.
(٣) وثالثا لو
سلمنا جميع ذلك لما كان تنزيل المؤدى منزلة الواقع مستلزما لوفاء مصلحة الجعل
بمصلحة الواقع لان خطاب المكلف بتنزيل المؤدى منزلة الواقع لا يزيد اثرا على خطابه
بالعمل على طبق المؤدى فكما ان التعبد بالعمل على طبق المؤدى لا يستلزم كون العمل
ذا مصلحة وافية بمصلحة الواقع فضلا عن التعبد به كذلك يكون التعبد بتنزيل المؤدى
منزلة الواقع نعم لو كان الشارع المقدس بنفسه يقول انى قد نزلت مؤدى الأمارة منزلة
الواقع لكان تنزيله هذا مستلزما لوفاء المؤدى بمصلحة الواقع لا لكون تنزيله ذا مصلحة
وافية بمصلحة الواقع وإلّا لم يكن لهذا التنزيل وجه كما لا يخفى.
المفروض عراء
العمل عن المصلحة رأسا بل غاية ما يفيد مصلحة الجعل ملاحظة جهة اهمية التسهيل على
المكلفين عن حفظ المصالح الواقعية ومثل هذه الجهة لا يستاهل للاجزاء عن ما فات من
الواقعيات كما هو ظاهر ، وبمثل ذلك (١) ايضا يندفع شبهة اين فيه (٢) كما سنقرره
بجوابها إن شاء الله فى محله ، فان قلت (٣) ان ما افيد انّما يتم فى نفى الاجزاء
بمناط الوفاء بالغرض واما الاجزاء بمناط التفويت بالتقريب المزبور فلا يمنعه فمن
الممكن اقتضائه بمناط التفويت ، قلت (٤) مجرد الامكان لا يجدى للمصير اليه ما لم
يقم لا ثباته الدليل وفى المقام لا وجه للمصير اليه بعد اختصاص الامر بمفاد الطرق
بزمان الجهل بالواقع اذ من مثل هذا الترخيص لا يستفاد ازيد من تسهيل امره من عدم
الفحص عن الواقع او احتياطه ولا يستفاد منه كونه مفوّتا للواقع مطلقا ولا وفائه
بشيء من مصلحته كما هو
______________________________________________________
(١) اى كون
المصلحة للتسهيل على المكلفين كما مر ولا يتصور وفائها بمصالح الاحكام الواقعية.
(٢) الصحيح ـ ابن
قبة ـ.
(٣) وتوضيح ذلك ان
قلت هو انه لو سلم عدم امكان استفادة الاجزاء بملاك الوفاء لامكن استفادته بملاك
التفويت بالتقريب السابق فى دليل التيمم على الاجزاء وحاصله ان جعل الشارع الامارة
طريقا الى الواقع مع علمه بخطاها فيه احيانا وترخيصه فى سلوكها مطلقا وعدم وفاء
مصلحة جعلها بمصلحة الواقع يكشف جميع ذلك عن ترخيصه بتفويت الواقع الذى يستلزمه
سلوكها كما ان عدم امره بالاعادة بعد انكشاف خطا الامارة يكشف عن عدم امكان تدارك
الواقع الفائت جميع ذلك على الاجزاء بملاك عدم امكان الاستيفاء.
(٤) وملخص الجواب
عنه اما كشف ما ذكرت عن الترخيص فيدل بتفويت الواقع فهو مسلم ولكنه ما دام الجهل
بالخلاف باقيا ، واما امره بالاعادة بعد انكشاف الخلاف وخطأ الامارة فيكفى فيه
اطلاق دليل الحكم الواقعى المتحقق فى حال الجهل الخ.
المفروض ولا يقاس
المقام بباب الاضطرار (١) اذ (٢) لا مقتضى للترخيص عنه مع العلم بطرو القدرة فى
الوقت الا الرضا بتفويته للتقية كما تقدم شرحه (٣) واما لو
______________________________________________________
(١) توهم ودفع.
اما التوهم ما الفرق بين المقام ومقام التيمم او التقية والاضطرار فى صورة وجدان
الماء مثلا بعد ذلك او سعة الوقت للصلاة بلا تقية فانه كيف يقال بان دليله حاكم
على دليل الوضوء ويكون مجزيا عنه ولا يقال فى المقام بان الحكم الظاهرى ولو لم يكن
موافقا للواقع يكون بدلا عن الواقع ومجزيا عنه.
(٢) اما الدفع فان
بدلية التيمم عن الوضوء وكذا التقية يكون لتوسعة فى الدليل وكون التكليف بالوضوء
مقيدا بالاختيار والتيمم شرع فى ظرف الاضطرار ولا اشكال فى تقييد التكليف
بالاختيار والاضطرار والحاصل يكشف من الدليل ان وجوب الوضوء يكون فى ظرف وجدان
الماء واما ظرف الفقدان فليس بواجب اصلا حتى يقال بان الماء اذا وجد يجب الوضوء
لعدم كفاية التيمم ولكن المقام لا يكون توسعة فى الدليل ولا يمكن ان تكون لان
اللازم منها هو ان يصير التكليف مقيدا بالعلم به واللازم منه الدور والمحال بيان
ذلك هو انا لو قلنا بان اتيان العمل على خلاف الواقع يكون مجزيا وبدلا عنه هو ان
من علم ان الواقع كذا فهو مكلف ومن لم يعلم بان الواقع كذا اى كان جاهلا به يكون
تكليفه العمل بمفاد الامارة فيتوقف التكليف بالواقع على العلم به والعلم به متوقف
على التكليف وهذا هو الدور فلا يمكن ان يقال ان مفاد الامارة بدل عن الواقع بخلاف
التيمم فانه بدل شرعى فى لسان الدليل عن الوضوء.
(٣) هذا كله حال
الامارة التى تجرى فى الحكم. قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٢٩٤ واما الامارة
التى تستعمل فى استكشاف موضوع الحكم فتارة يكون مؤداها حكما شرعيا قد اعتبره الشارع
موضوعا لحكم من الاحكام التكليفية كطهارة الماء والتراب مثلا وحلية الاكل فى
الحيوان واخرى يكون مؤداها نفس الامر الخارجى الحقيقى الذى لا تناله يد الجعل
الشرعى كالماء والتراب والغنم من الاشياء الحقيقية التى جعلها الشارع موضوعات
لاحكامه الشرعية وعلى كل لا يكون التعبد بمؤداها إلّا تعبدا بنفس الحكم الشرعى اما
القسم الاول فواضح واما الثانى فقد عرفت ان مثل ذلك لا تناله يد الجعل الشرعى فلا
محاله يكون التعبد به عبارة اخرى عن التعبد بحكمه الذى تناله يد الجعل الشرعى كما
هو واضح وعليه يجرى فى التعبد بمؤدى
.................................................................................................
______________________________________________________
الأمارة المتعلقة
بالموضوعات جميع ما تقدم من الكلام فى الامارة المتعلقة بالاحكام ، وقد يتوهم
الاجزاء فى الامارات التى تجرى فى الموضوعات بتقريب ان الظاهر من ادلة الاجزاء
والشرائط الاولية هو كون الشيء بحقيقته الواقعية جزء او شرطا ولكن دليل حجية
الامارة بما انه حاكم على تلك الادلة يوجب توسعة الجزء او الشرط فيكون نتيجة ذلك
هو كون الجزء او الشرط اعم من الواقع والظاهر وعليه تكون الصلاة بالوضوء الذى قامت
البينة على طهارة مائة واجدة لشرطها حقيقة وواقعا ويكون انكشاف الخلاف موجبا
لارتفاع الموضوع من حينه ، ولكنه توهم فاسد بيان ذلك ان مفاد دليل حجية الامارة
اما ان يكون حكما مجعولا فى مرتبة الظاهر بمعنى ان الامارة اذا قامت على طهارة
الماء المشكوك فى طهارته يكون طاهرا واقعا فى حال الشك باعتبار الشارع له صفة
الطهارة فى هذا الحال واما ان يكون تتميما لكشف الامارة او امرا بتنزيل مؤداها
منزلة الواقع او الزاما بالجرى على مؤداها وعلى كل منها لا يمكن القول بالاجزاء
فيه ، اما على الاول فلان الظاهر من ادلة الاجزاء والشرائط هو كون الجزء والشرط
نفس الامر الواقعى الحقيقى ومع الالتزام بذلك لا يمكن الدخول فى الصلاة مثلا
بالطهارة التى أدّت اليها الامارة لان شرط الصلاة هى الطهارة الواقعية اعنى بها
الطهارة التى لم يجعل الشك قيدا لموضوعها والطهارة فى حال الشك وان كانت مجعولة
حقيقة وامرا واقعيا كما اشرنا اليه إلّا انها غير الطهارة التى جعلت شرطا للصلاة
واذا قيل بحكومة دليل حجية الامارة على ادلة الاجزاء والشرائط وان الشرط هى
الطهارة مطلقا اى سواء كان الشك مأخوذا قيدا فى موضوعها ام غير مأخوذ فهو وان
استلزم الاجزاء كما تقدم فى تقريب التوهم إلّا انه لا يمكن الالتزام به لان ذلك
يستلزم القول بتوالى فاسدة لا يمكن المصير الى شيء منها ـ اى القول بصحيحة الوضوء
والغسل وطهارة الثوب والبدن المغسول بماء النجس ولم يقل به احد ـ مضافا الى فساد
هذا المبنى فى نفسه كما قررناه فى محله ـ اى جعل المودى ـ واما على الثانى اعنى به
كون مفاد دليل الامارة هو تتميم الكشف فلا شبهة فى جواز الاخذ بمؤداها جزء كان ام
شرطا لكونها على ذلك محرزة الواقع وكاشفة عنه فيجوز الدخول فى الصلاة مثلا
بالطهارة التى أدّت اليها الامارة مع المحافظة على ظاهر دليل شرطية الطهارة الذى
فرضناه انه هى الطهارة الواقعية كما انه لا شبهة فى عدم الاجزاء مع انكشاف الخلاف
بنينا على
موضوعيتها (١)
______________________________________________________
ضرورة ان حال
الامارة على ذلك حال القطع الحقيقى فكما ان العمل على طبق القطع لا يوجب الاجزاء
مع انكشاف الخلاف كذلك العمل على طبق الامارة التى هى بمنزلته على هذا القول وسر
ذلك هو ان مفاد الامارة على هذا ان الشرط الواقعى حاصل وبناء عليه اذا انكشف خلاف
ذلك فلا موجب للاجزاء كما هو واضح ، واما على الثالث اعنى به الامر بتنزيل المؤدى
منزلة الواقع فهو لا يزيد على الالتزام بترتيب آثار الواقع على مؤدى الامارة تعبدا
فى حال الشك ولا يكاد يدل ذلك على اكثر من كون الامر بالتنزيل ناشئ عن مصلحة واما
ان العمل على طبق المؤدى فيه مصلحة تفى بمصلحة الواقع على تقدير الخطا فلا دلالة
لدليل الامر بالتنزيل على ذلك وعليه لا يبقى فى المقام ما يوجب الاجزاء اذ قد عرفت
ان الظاهر من دليل التنزيل ان لا مصلحة فيه غير التسهيل وهى مصلحة اخرى لا دخل لها
بالواقع نعم بناء على التنزيل المذكور يصح الاخذ بمؤدى الامارة وان كان جزء او
شرطا للعبادة مع المحافظة على ظاهر دليلهما من كون ظاهره ان الجزء او الشرط الذى
دل عليه هو الامر الواقعى الحقيقى وذلك لان الامر بالتنزيل وان لم يكن بلسان ان
المؤدى هو نفس الواقع إلّا ان الامر بالتنزيل يلزم بترتيب اثر الواقع على المؤدى
عملا ويصحح الدخول فى المشروط وان لم يحرز الشرط وبالتأمل فيما ذكرنا يظهر وجه عدم
الاجزاء بناء على الاحتمال الرابع هذا كله على الطريقية وقد عرفت عدم الاجزاء
مطلقا الخ.
(١) وعلى السببية
يكون مسالك ثلاثة الاول اقوائية مصلحة السلوك من مصلحة الواقع الثانى كون المصلحة
فى التسلك فقط كما عن الشيخ الانصارى قدسسره والثالث كون جعلها لمصلحة التسهيل على التحقيق ، والتحقيق
يقضى بعدم الاجزاء ايضا مطلقا اى سواء كان مؤدى الأمارة حكما من الاحكام او موضوعا
لحكم ، وذكر استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٢٥٨ ومن ناحية اخرى لا اشكال فى ان
الامارات القائمة على الشبهات الموضوعية كالبينة واليد وما شاكلهما مما يجرى فى
تنقيح الموضوع واثباته خارجة عن محل البحث والسبب فى ذلك هو ان قيام تلك الامارات
على شيء لا يوجب قلب الواقع عما هو عليه والقائلون بالتصويب فى الاحكام الشرعية لا
يقولون به فى الموضوعات الخارجية وسيأتى إن شاء الله تعالى فى ضمن البحوث الآتية
ان الاجزاء فى موارد الاصول والامارات غير معقول إلّا بالالتزام
فنقول ان مرجع
الموضوعية ان كان (١) الى انقلاب الواقع حتى بمصلحتها الى مؤدى الطريق فلا بد وان
يقتضى الاجزاء ، إلّا (٢) انه تصويب محال مجمع على
______________________________________________________
بالتصويب فيها
والتصويب فى الامارات الجارية فى الشبهات الموضوعية غير معقول بداهة ان البينة
الشرعية اذا قامت على ان المائع الفلانى خمر مثلا لا توجب انقلاب الواقع عما هو
عليه من هذه الناحية فلو كان فى الواقع ماء لم تجعله خمرا وبالعكس كما اذا قامت
على انه ماء وكان فى الواقع خمرا لم تجعله ماء او اذا قامت على ان المال الذى هو
لزيد قد نقل منه بناقل شرعى الى غيره ثم بعد ذلك انكشف الخلاف وبان انه لم ينتقل
الى غيره لم توجب انقلاب الواقع عما هو عليه وتغيره يعنى قلب ملكية زيد الى غيره
او اذا افترضنا انها قامت على ان المائع الفلانى ماء فتوضأ به ثم انكشف خلافه لم
يكن مجزيا لما عرفت من انها لا توجب انقلاب الواقع ولا تجعله غير الماء ماء ليكون
الوضوء المذكور مجزيا عن الواقع الخ وفيه ان ما ذكره يتم على غير هذه المسالك
الثلاثة مما يأتى فانه على احد هذه المسالك متصور ومعقول من اقوائية مصلحة المؤدى
عن الواقع ونحوها وانما المحال او الممنوع هو القلب كما مثل به وهو ايضا يقال فى
قاضى حمص من حكمه بموت رجل وجاء من السفر فامر بدفنه لحكم الحاكم بذلك. فالبحث عام
لكل منهما.
(١) السببية قد
تطلق ولا يراد ما تقدم بل امر آخر وهو ان الحكم واقعا منحصر فى مؤدى الامارة فلا
حكم واقعى اصلا غير مؤداها ، او ان الحكم الواقعى ينقلب الى مؤدى الامارة ولا ريب
فى الاجزاء بناء على السببية بهذا المعنى.
(٢) لكن لا ريب فى
فساد هذا عقلا ونقلا ، وذلك اما ما نسب الى الأشاعرة من ان الله تعالى لم يجعل
حكما من الاحكام فى الشريعة المقدسة قبل تأدية نظر المجتهد الى شيء وانما يدور
جعله مدار تادية نظرية المجتهد ورأيه فكلما ادى اليه رأيه جعل الشارع ذلك الحكم
فيه ، فلا مناص من الاجزاء حيث لا واقع على الفرض ما عدا مؤدى الأمارة لنبحث عن ان
الاتيان به مجز اولا ، لكن السببية بهذا المعنى غير معقولة من الدور والخلف فان
الامارة تحكى عن اى شيء وانها تؤدى الى اى حكم فلو توقف ثبوته على قيام الامارة
عليه لزم الدور او الخلف ، مضافا الى انه خلاف الضرورة من الشرع ويكذبه الكتاب
والسنة اذ لازمه بطلان بعث الرسل وانزال الكتب ، ـ واما ما نسب الى المعتزلة من ان
الامارة لو كانت مخالفة للواقع توجب
.................................................................................................
______________________________________________________
انقلاب الواقع
وتغييره وجعل المؤدى على خلافه لكون الامارة توجب مصلحة اقوى من مصلحة الواقع
وتوجب اضمحلال مصلحة الواقع وجعلها بلا اثر كما هو مسلك الاول مما تقدم ، ايضا لا
مناص من القول بالاجزاء اذ لا واقع فى مقابل مؤدى الامارة ليقع البحث عن ان
الاتيان به مجز عنه ام لا بل الواقع هو مؤدى الأمارة فالاتيان به اتيان بالواقع ،
وهذا القول امر معقول بان يكون ثبوت الواقع مقيدا بعدم الامارة على خلاف ذلك نظير
تقييد ثبوت الاحكام الواقعية بغير موارد الاضطرار والضرر والحرج ، لكن قام الاجماع
على بطلانه مضافا الى السيرة العقلائية والآيات والروايات فان سيرتهم على كونها
طريقا الى الواقع وكاشفا عنه لا من باب السببية وما ورد من ان لله احكاما يشترك
فيه العالم والجاهل مضافا الى اطلاقات الادلة الشاملة لهما وغير ذلك ، واما ما
تطلق ويراد بها انه بقيام الامارة تحدث فى المؤدى مصلحة تجبر ما فات من مصلحة
الواقع مثل مصلحة اول الوقت فى الصلاة بوضوء قامت الامارة على طهارة مائه مع
انكشاف الخلاف فى الوقت او مصلحة تمام الوقت فى المثال المزبور مع انكشاف الخلاف
بعد خروج الوقت ولا ريب فى عدم الاجزاء على هذا المعنى من السببية ، ولعل مثل ذلك
ما قيل من الاحتمال الثانى وهو المصلحة السلوكية وليس من التصويب بشيء كما افاده
الشيخ الانصارى والمحقق النائينى والوجه لعدم الاجزاء هو ان مصلحته بمقدار يتدارك
بها مصلحتها ما لم ينكشف الخلاف فيه فان كان السلوك بمقدار فضيلة الوقت فكانت
مصلحته بمقدار يتدارك بها مصلحة الوقت فمصلحة اصل الوقت باقية فلا بد من الاعادة
وان كان بمقدار تمام الوقت وكان انكشاف الخلاف فى خارجه فطبعا كانت مصلحته بمقدار
يتدارك بها مصلحة تمام الوقت الفائتة واما مصلحة اصل العمل باقية فلا بد من
استيفائها لصدق الفوت فى ذلك ولو كان بوحدة المطلوب فى الصلاة وان القضاء بامر
جديد ، لكن اصل المسلك باطل لانه لا ملزم للالتزام بالمصلحة السلوكية ويكفى فى
خروج اعتبار الامارات عن اللغوية ترتب المصلحة التسهيلية عليه حيث ان تحصيل العلم
الوجدانى بالحكم الشرعى غير ممكن فللمصلحة التسهيلية قد نصب الشارع طرقا مؤدية
غالبا الى الاحكام الواقعية وغيرها تحتاج الى دليل ، وذكر استادنا الخوئى فى
المحاضرات ج ٢ ص ٢٧٢ انه تصويب باطل والسبب فيه هو اننا اذا افترضنا قيام مصلحة فى
سلوك الامارة التى توجب تدارك مصلحة الواقع
خلافه ، وان كان (١)
مرجعها الى توسعة الكبرى الواقعى حقيقة على وجه يشمل للمؤدى بان يكون مؤدّى
الامارات ايضا من مصاديق الكبرى الواقعية وان لها مصداقان حقيقيان احدهما واقعى
والآخر ظاهرى فهذا المعنى ايضا (٢) موجب للاجزاء به عن الواقعى ولم يحكم العقل
باستحالته ايضا لامكان جعل الادلة
______________________________________________________
فالايجاب الواقعى
عندئذ تعيينا غير معقول كما اذا افترضنا ان القائم بمصلحة ايقاع صلاة الظهر مثلا
فى وقتها امران احدهما الاتيان بها فى الوقت الثانى سلوك الامارة الدالة على وجوب
صلاة الجمعة فى تمام الوقت من دون كشف الخلاف فيه فعندئذ امتنع للشارع الحكيم
تخصيص الوجوب الواقعى بخصوص صلاة الظهر لقبح الترجيح من دون مرجح من ناحية وعدم
الموجب له من ناحية اخرى بعد ما كان كل من الامرين وافيا بغرض المولى فعندئذ لا
مناص من الالتزام بكون الواجب الواقعى فى حق من قامت عنده أمارة معتبره على وجوب
صلاة الجمعة مثلا هو الجامع بينهما على نحو التخيير اما الاتيان بصلاة الظهر فى
وقتها او سلوك الامارة المذكورة ومعه كيف يعقل ان يكون الحكم الواقعى مشتركا بين
العالم والجاهل فانه بطبيعة الحال يكون تعيينا فى حق العالم وتخييريا فى حق الجاهل
وهذا خلاف الضرورة والاجماع واطلاقات الادلة التى مقتضاها عدم الفرق بينهما
بالاضافة الى الاحكام الواقعية الخ ـ وفيه كما صرح المحقق النائينى فى كلماته ان
المصلحة القائمة بسلوك الامارة تختلف باختلاف السلوك وكشف الخلاف فان فات فضيلة
الوقت فمصلحتها بمقدار الفائت وتجب الاعادة وان فات الوقت فمصلحتها بمقدار الفائت
وتجب القضاء فكيف يكون الامر بالجامع وليس فى الصلاة الجمعة مصلحة اصلا حتى يكون
احد فردى التخيير وفى سلك الامارة مصلحة لكن لا تفى بالواقع حتى يكون فى عرضه بل
تكون بمقدار الفائت بل حتى لو لم ينكشف الخلاف فالمصلحة التى فيها بمقدار ما يكون
فيها السترة ولا يفى بالمصلحة الواقعية حتى يتعلق التكليف بالجامع.
(١) وملخص هذا
الفرض ان يكون الموضوع اعم من الواقعى او ما قامت الامارة عليه فتوسعة فى الواقع
كما ان الشرط فى باب الصلاة الطهارة الاعم من الواقعية او محرز الطهارة وكان نجسا
واقعا.
(٢) فهذا ايضا مجز
جزما.
الظاهرية شارحة
للكبرى الواقعية الدالة على تعيين الواقعية فى تعلق الامر به بخصوصه بجعله رافعا
لظهور الكبرى المزبورة فى دخل خصوصه فى الحكم وان لبّ موضوع الحكم هو الجامع بين
الواقعية والظاهرية ولكن (١) الظاهر كونه ايضا تصويبا مجمعا على خلافه ، ولئن اغمض
عن الاجماع المزبور (٢) فلا اقل من احتمال آخر من كون مفاد الادلة الظاهرية جعل
حكم مماثل للواقع فى مرتبة الظاهر بلا اقتضائها تغيير الواقعيات عما هى عليها من
تعلق الخطاب بموضوعاتها بخصوصياتها اذ مع هذا لاحتمال لا يبقى مجال للتحكيم
المزبور (٣) بنحو يوجب الادلة الظاهرية لرفع اليد عن ظهور الكبريات الواقعية فى
دخل الخصوصية ولازمه (٤) عدم اقتضائها الاجزاء عن الواقعيات الا بمناط التفويت
______________________________________________________
(١) لكن المحقق
الماتن قدسسره ايضا يجعله من التصويب المجمع على بطلانه بمعنى ان الامارة
ان طابق الواقع فقد تنجز الواقع وان لم يطابق الواقع فالمصلحة فى مؤدّاه فلا يكون
حكم واقعى على تقدير مع ان لله احكاما يشترك فيه الجاهل والعالم.
(٢) فملخص كلام
المحقق العراقى قدسسره انه مع صرف النظر عن الاجماع هنا طريق آخر بانه بقيام
الامارة تحدث فى المؤدى مصلحة غالبة على مصلحة الواقع الموجبة لعدم فعلية الواقع
وجعل حكم مماثل مثلا اذا قامت الامارة على طهارة ماء نجس بعينه فتوضأ به المكلف
وصلى فانه بقيام الامارة على طهارته تحدث فى الوضوء به مصلحة غالبة على مصلحة
الوضوء بماء طاهر وهذا المعنى من السببية وان كان خلاف ظاهر ادلة اعتبار الامارات
فان ظاهر ادلتها هو اعتبارها بنحو الطريقية إلّا انه يمكن توجيه السببية بهذا
المعنى بنحو لا يتوجه عليه اشكال عقلا والظاهر عدم قيام الاجماع على بطلان هذا
النحو من السببية ، ومحل النزاع فى الاجزاء على السببية هو هذا النحو منها.
(٣) فهذا الطريق
لا يوجب رفع الواقع فى مورد قيام الأمارة على خلاف الواقع بل ما هو فعلى مؤدى
الامارة دون الواقع.
(٤) اى ولازم هذا
الطريق هو عدم الاجزاء وتوضيح ذلك ان غاية ما يتوهم سندا للاجزاء هو ما مر من ان
قيام الامارة يوجب مصلحة فى مؤداها وباطلاق دليل
الممنوع فى المقام
بملاحظة احتمال وجه اختصاص او امرها بخصوصها فى ظرف الجهل من جهة المصلحة القائمة
بخصوصها فى هذه المرتبة لا من جهة الرضا بتفويته المصلحة الواقعية حتى مع كشف
خلافها وبذلك (١) يمتاز المقام ايضا عن باب الاضطرار اذ لا مصلحة يلتزمه بخصوصه بل
لا مقتضى للترخيص
______________________________________________________
اعتبارها وحجيتها
يثبت كون تلك المصلحة وافية بمصلحة الواقع او بمقدار منها بنحو لا يمكن مع
استيفائها استيفاء الباقى وعليه لا محاله يتحقق الاجزاء ولكن فيه ان الاجزاء فى
المقام اما ان يكون بملاك الوفاء فهو غير معقول اذ الاجزاء بملاك الوفاء لا يتصور
إلّا باحداث مصلحة فى المتعلق مسانخه مع مصلحة الواقع ولازم المسانخة انقلاب
الارادة الواقعية الى ارادة اخرى متوجهة الى مؤدى الامارة وهذا احد انحاء التصويب
الباطل عقلا ونقلا ، واما ان يكون بملاك التفويت والاستيفاء وهو غير ثابت بل
الثابت خلافه وذلك لان غاية ما يمكن ان يستدل به على ذلك هو الاطلاق وهو اما كلامى
او مقامى والكلامى لا يتصور فى المقام لانه لا يتحقق إلّا بملاحظة عدم تقييد
الكلام بذكر عدل للتخيير او بالجمع بين العمل على طبق الأمارة والعمل على طبق
الواقع كما لو قال فى الاول اعمل على طبق الامارة او على طبق الواقع او اعمل على
طبق الامارة والواقع معا وهذا لنحو من التقييد غير معقول لعدم امكان الاخذ به فى
حال الجهل بالواقع واذا كان تقييد الكلام بقيد غير معقول فاطلاقه اللحاظى من ذلك
القيد غير تام والاطلاق المقامى وان كان متصورا وكافيا فى اثبات المدعى لانه يمكن
المولى اذا كان فى مقام البيان ان يقول اعمل على طبق الأمارة واذا انكشف له خطأها
فاعمل على طبق الواقع فاذا سكت وهو فى مقام البيان عن ذكر حكم العمل على طبق
الواقع بعد انكشاف الخلاف كشف سكوته عن اجزاء العمل على طبق الامارة إلّا ان هذا
النحو من الاطلاق غير ثابت لكفاية اطلاقات الاحكام الواقعية بيانا لحكم العمل على
طبق الواقع بعد انكشاف الخلاف.
(١) اى يفترق جعل
الحكم المماثل مع الاضطرار ففى الاول تكون المصلحة فى ظرف الجهل فلو انكشف الخلاف
فلا يجوز تفويتها ولا يجزى بخلاف الاضطرار فيجوز تفويت مصلحة المختار فلا وجه لعدم
الاجزاء اصلا.
به الا الرضا بفوت
مصلحة المختار كما اسلفناه فتدبر (١) هذا كله فى فرض
______________________________________________________
(١) ثم انه لا فرق
فيما ذكرنا بين ان يكون مؤدى الامارة حكما من الاحكام الشرعية او موضوعا من
موضوعاتها وان كان موضوع الحكم التكليفى ايضا حكما شرعيا قد جعل شرطا للمكلف به او
قيد الموضوع التكليف كطهارة الماء والتراب واللباس فى الصلاة وذكر فى البدائع
المحقق العراقى ص ٢٩٨ عن استاد الأساتذة المحقق الخراسانى قد فصل فى الحكم
بالاجزاء وعدمه فذهب الى الاجزاء فيما اذا كان مؤدى الامارة حكما شرعيا قد جعل
موضوعا لحكم آخر او قيد الموضوع حكم آخر كالطهارة المجعولة قيدا للماء والتراب
وشرطا فى صحة الدخول فى الصلاة والى عدم الاجزاء فيما اذا كان مؤداها حكما شرعيا
غير مجعول موضوعا لحكم آخر او قيدا لموضوع حكم وحاصل ما افاده فى وجه ذلك ان قيام
الامارة على طهارة الماء النجس فى الواقع مثلا يوجب جعل الطهارة له شرعا فى حال
الجهل بنجاسته فيكون طاهرا واقعا فى هذا الحال ويكون العمل المشروط بالطهارة واجد
الشرطة وباطلاق دليل حجية الامارة يستفاد الاجزاء بخلاف ما اذا كان مؤدى الأمارة
حكما شرعيا غير مجعول موضوعا لحكم او قيدا لموضوع حكم فانه لا مانع من ان يكون
المؤدى واجبا لمصلحة تحدث فيه بسبب قيام الامارة والواقع غير المؤدى واجبا للمصلحة
الواقعية التى استدعت وجوبه فى الواقع ولا موجب لاجزاء الاتيان باحد الواجبين عن
الآخر إلّا ان يدل دليل آخر على كفاية مؤدى الامارة عن الواقع كالاجماع المدعى على
عدم وجوب صلاتين فى الوقت ولكن ذلك اجنبى عن الاجزاء المبحوث عنه فى المقام هذا ،
ولا يخفى ما فى هذا الوجه ، اما ما افاده فى وجه الاجزاء فلما عرفت من ان ظاهر
الادلة الواقعية هو كون الامر الواقعى الحقيقى شرطا للعبادة كالطهارة الواقعية
وظاهر دليل حجية الامارة على السببية هو لزوم ترتيب اثر الواقع على المؤدى تعبدا
لمصلحة حدثت فيه بقيام الامارة وذلك لا ينافى كون الشرط او الجزء هو الامر الواقعى
الذى هو ظاهر دليله لا ان المؤدى هو الواقع تنزيلا ، ولو سلم ذلك لما دل على
الاجزاء الاعلى الحكومة لتوجب ذلك توسعه فى الشرط او الجزء فيستلزم الاجزاء ولكن
قد عرفت محاذيرها اجمالا وسيأتى تفصيلا ولو تنزلنا عن ذلك وسلمنا ان ظاهر دليل
الامارة هو تنزيل المؤدى منزلة الواقع على نحو الحكومة لما كان للتفصيل المزبور
وجه ايضا لان التنزيل المذكور كما يوجب توسعة فى مصاديق الشرط او الجزء كذلك يوجب
توسعة
الانكشاف قطعيا ،
وان كان الانكشاف ظنيا (١) بطن يعتبر مثله فلا شبهة (٢) فى ان مرجعية الظن الثانى
لا محيص اما من جهة ترجيحه على الاول باحد المرجحات او من جهة الاخذ به من جهة
التخيير الاستمرارى الثابت له بدليله ، وعلى التقديرين نقول ان لازم اختيار الثانى
(٣) حصر حجية فى هذا الحال بما اخذ ترجيحا ام تخييرا ولازم (٤) حصر حجيته هو الاخذ
بخصوصه الحاكم ببطلان
______________________________________________________
فى مصاديق متعلق
الامر الواقعى لان دليل حجية الأمارة واحد سواء كان مؤداها موضوعا ام حكما اذ قد
عرفت ان المؤدى اذا كان موضوعا فهو فى الحقيقة حكم وعليه يكون مفاد الامارة التى
مؤداها كون صلاة الجمعة واجبة هى التوسعة فى مصاديق الواجب الواقعى فالاتيان بصلاة
الجمعة يستلزم الاجزاء ايضا لكونها احد افراد الواجب الواقعى انتهى.
(١) كان الكلام فى
انكشاف الخلاف عن الطرق والامارات انكشافا قطعيا وح يقع الكلام فى ما لو انكشف
انكشافا ظنيا فالتحقيق بمقتضى القواعد الأولية هو عدم الاجزاء.
(٢) بيان ذلك هو
ان انكشاف الخلاف اما ان يكون من حيث اختلاف الراى فى اصل الظهور واما من حيث
العثور على مخصص للعموم بعد ان لم يكن واما من حيث العثور على معارض للدليل الاول
اقوى منه ولا ريب فى انه يجب على المكلف بعد تبديل رأيه هو تطبيق عمله فى مقام
امتثال تكليفه على رأيه الجديد اما ترجيحا او احد عدلى التخيير.
(٣) وذلك لانه
تخيير فى المسألة الأصولية فبايّهما اخذ فيتعين وليس له الرجوع الى العدل الآخر.
(٤) فان حصر حجية
رأيه فى الجديد ففى اعماله الماضية التحقيق هو لزوم الاخذ بالراى الجديد ايضا فيها
حيث يكون لها اثر بعد انكشاف الخلاف كالقضاء اذ انكشاف الخلاف بالظن المعتبر مثل
انكشافه بالعلم وسره ان التكليف الواقعى فى نفسه محفوظ فى نشأته سواء تعلق به
القطع ام الظن ام أخطأ فكما انه فى صورة انكشاف خطا القطع ينكشف للمكلف كذب الحجة
على الحكم الفعلى بل عدمها كذلك فى صورة حصول الرأى الأول بظن معتبر تمّ تبدله
براى آخر بظن معتبر آخر ينكشف
.................................................................................................
______________________________________________________
للمكلف عدم تمام
الحجة على الراى الاول بحسب الواقع وانه كان يتخيل وجودها عليه ولا ريب فى ان
المكلف يرى انه يلزمه عقلا تدارك الواقع الذى وصل اليه بالحجة الثانية كما فى صورة
انتقاض القطع الاول بالقطع الثانى ، وعليه لا وجه للقول بالاجزاء فى الاعمال
السابقة الا توهم تدارك مصلحة الواقع بمصلحة جعل الطريق او المؤدى وقد عرفت فساد
ذلك الوهم مضافا الى انه يمكن ان يقال انه لو قيل بالاجزاء فى صورة انكشاف خطأ
الامارة يقينا لما امكن ان يقال به فى صورة تبديل الراى الاول لانكشاف عدم تمامها
فى الاول لانه ينكشف بذلك عدم تحقق الطريق المجعول فلم يكن فى البين ما يوهم
التدارك ليقال بالاجزاء ، ومما ذكرنا ظهر لك فساد ما قد يقال انه بعد انكشاف
الخلاف بالظن المعتبر تتحقق عند المكلف حجتان كل فى ظرفه احداهما الحجة الاولى على
الراى الاول وثانيتهما الحجة الثانية على الراى الثانى فما المرجح للثانية على
الاولى فى متعلقها فى ظرفها ليلزم عدم اجزاء الاعمال السابقة الماتى بها على وفق
الحجة الأولى ، وجه الفساد هو انه بعد انكشاف الخلاف بالظن المعتبر ينكشف للمكلف
ان الحجة الظنية على الرأى الاول لم تكن حجه بالخصوصيات المعتبرة فى الحجة وبذلك
يعلم المكلف ان رأيه الاول لم يكن له حجة عليه حينما ادى اليه ظنه فتكون اعماله
على وفقه بلا حجة فيلزم تدارك ما يمكن تداركه منها بعد تمام الحجة على الراى
الثانى ، نعم لو عثر المكلف على حجة على خلاف الراى الاول تساوى الحجة عليه فى
الخصوصيات المعتبرة فى الحجة واقع التعارض بينهما وح يلزم الرجوع الى القواعد
المقررة عند تعارض الحجتين المتساويتين من التخيير او السقوط والرجوع الى الاصول
ففى مورد التخيير ان قلنا بالتخيير البدوى لزم العمل على طبق الحجة الاولى والاخذ
بالراى الاول وان قلنا باستمرار التخيير فان اختار المكلف للبقاء على الاخذ بالراى
الأول صح عمله سابقا ولاحقا وان عدل عنه اخذا بالحجة الثانية صح عمله الجارى على
طبقها وكشف صيرورتها حجة عليه باختيارها عن فساد اعماله السابقة الجارية على طبق
الحجة الاولى فيلزم تدارك ما يمكن تداركه منها ، ثم انه قد يستدل للاجزاء بوجوه
غير تامة احدها ان عدم الاجزاء وايجاب الإعادة او القضاء مستلزم للحرج غالبا ،
وفيه ان الظاهر من دليل نفى الحرج الشخصى لا النوعى فيلزم تقدير الضرورة بقدرها ،
ثانيها ما عن الفصول ان الواقعة الواحدة لا تتحمل
العمل على طبق
الاول ولا يعنى من عدم الاجزاء الا هذا ، ولا فرق ايضا فى مثل هذا البيان بين
العبادات او المعاملات لو لا (١) دعوى شمول قولهم لكل قوم نكاح لمثل المقام وإلّا (٢)
فبناء على انصرافه الى صور اختلاف الامم فى نكاحهم من
______________________________________________________
اجتهادين ، وفيه
ان عدم امكان اجتماع اجتهادين متنافيين فى حكم واقعة واحدة فى زمان واحد مسلم واما
فى زمانين فممنوع الى غير ذلك من الوجوه التى لا ينبغى الالتفات اليها ، هذا كله
مقتضى الادلة الأولية واما مقتضى الادلة الثانوية فالظاهر تحقق الاجماع على عدم
وجوب الاعادة والقضاء فى الصلاة وقد يدعى بعضهم الاجماع على الاجزاء مطلقا ولكن
قال المحقق العراقى عهدة هذه الدعوى على مدعيها ، كما انه قد يتمسك لعدم وجوب
الاعادة فى الصلاة بحيث لا تعاد وقد تقدم تقريبه.
(١) ومقتضى الادلة
الثانوية فى المعاملات فى باب النكاح لكل قوم نكاح بتقريب ان يكون المراد بحسب
الآراء والنظريات على حسب اختلاف المجتهدين قال عليهالسلام فى باب ٨٣ نكاح البعيد لكل قوم نكاحا الحديث.
(٢) لكن الظاهر من
الروايات على ما ورد فى ابواب مختلفه وتطبيقها على مواردها فى باب ميراث المجوس
وتطليقات ثلاثة من المخالفين ونحوهما هو النظر الى اهل الملل المختلفة لا المذهب
الواحد المنجية والاختلاف فى الحكم الظاهرى فلا بد من الرجوع الى مقتضى القواعد
الأولية وترتيب احكام الشبهة على الوطى السابق ان لم يكن اجماع على خلافه وذكر
المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٠٦ والتحقيق ان هناك ثلاثة مقامات المقام
الاول لاجزاء فى العبادات الواقعة على طبق الاجتهاد الاول عن الإعادة والقضاء ـ فلا
اشكال فى انه القدر المتيقن من مورد الاجماع ـ على الاجزاء اعادة وقضاء ـ الثانى
الاجزاء فى الاحكام الوضعية فيما لم يبق هناك موضوع يكون محلا للابتلاء كما اذا
بنى على صحة العقد الفارسى اجتهاد او تقليدا فعامل معاملة فارسية ولكن المال الذى
انتقل اليه بتلك المعاملة اتلفه او تلف عنده ـ ففى شمول الاجماع له اشكال بل منع
وان كان لا يبعد انعقاد الاجماع على عدم التبعة فى الافعال الصادرة على طبق
الاجتهاد الاول سواء كانت التبعة هى الإعادة والقضاء او الضمان ـ الثالث الاجزاء
فى الاحكام الوضعية مع بقاء الموضوع الذى كون محلا للابتلاء كبقاء المال بعينه فى
الفرض السابق وكما اذا عقد على امرأة بالعقد
حيث حكمهم واقعا
لا مجرد اختلافهم فى الاحكام الظاهرية فيلحق باب النكاح ايضا بسائر الابواب فلا بد
من الحكم بفساد النكاح السابق حين كشف الخلاف ولو بالامارة غاية الامر يكون الوطى
السابق لشبهة الموجب لالحاق الولد والتوارث بينهم وتفصيله ايضا موكول الى محله ،
وفى الفصول هنا تفصيل (١) لا
______________________________________________________
الفارسى وكانت محل
الابتلاء له بعد انكشاف الخلاف ـ فلا اشكال فى خروجه عن مورده وفتوى جماعة فيه
بالاجزاء انما هو لا لاجل ذهابهم الى كون الاجزاء هو مقتضى القاعدة الأولية لاجل
الاجماع على ذلك الخ واجاب عنه استاذنا الخوئى فى هامش الاجود الظاهر انه ليس فى
شيء من المقامات الثلاثة اجماع تعبدى والقائل بالاجزاء انما ذهب اليه لدلالة
الدليل عليه باعتقاده ـ نعم بناء على ما هو التحقيق عندنا من شمول حديث لا تعاد
لموارد الجهل عن قصور لا يجب اعادة الصلاة عند انكشاف مخالفة الماتى به للواقع فى
غير الخمس المذكور فى الحديث الخ لكن فيه ان انكار الاجماع فى الجملة مكابرة جزما
والسيرة القطعية الجارية بين المسلمين من لدن زمن النبى ص الى زماننا هذا فى
النكاح وبابى الطهارة والنجاسة مما لا يمكن انكارها فلا يبعد الاجزاء بدليل خاص
كما سيأتى تفصيله فى محله وتقدم الكلام من المحقق العراقى ايضا.
(١) قال فى الفصول
ص ٤٠٦ فان كانت الواقعة مما يتعين فى وقوعها شرعا اخذها بمقتضى الفتوى فالظاهر
بقائها على مقتضاها السابق فيترتب عليها لوازمها بعد الرجوع اذ الواقعة الواحدة لا
يحتمل اجتهادين ولو بحسب زمانين لعدم دليل عليه ـ ولاصالة بقاء آثار الواقعة ـ فيستصحب
واما عدم جريان الاصل بالنسبة الى نفس الحكم حيث لا يستصحب الى الموارد المتأخرة
عن زمن الرجوع فلمصادمة الاجماع ـ وبالجملة فحكم رجوع المجتهد فى الفتوى فيما مر
حكم النسخ فى ارتفاع الحكم المنسوخ عن موارده المتأخرة عنه وبقاء آثار موارده
المتقدمة ان كان لها آثار وعلى ما قررنا فلو بنى على عدم جزئية شىء للعبادة او عدم
شرطيته فاتى بها على الوجه الذى بنى عليه ثم رجع بنى على صحة ما اتى به حتى آنها
لو كانت صلاة الى آخر كلامه ، وقال فى الكفاية ج ٢ ص ٤٣٣ ولم يعلم وجه للتفصيل
بينهما كما فى الفصول وان المتعلقات لا تتحمل اجتهادين بخلاف الاحكام الا حسبان ان
الاحكام قابلة للتغيير و
يفهم منه مقصوده
بل المحكى عن بعض الاساطين انه سأل عن نفسه قدسسره فى شرح مرامه بعبارته فتأمل كثيرا واعترف بانّى لا افهم منها شيئا إلّا انى
حين كتبت كتبته صحيحا فيحتاج بعد الى تأمل جديد ، ثم ان ذلك كله فى الاجزاء بمقتضى
ادلة الامارات والطرق ، واما ادلة الاصول (١) فهى ايضا على السنة مختلفة منها (٢)
ما كان لسانه اثبات الواقع تعبدا بماله من الآثار وذلك مثل
______________________________________________________
التبدل بخلاف
الموضوعات والمتعلقات وانت خيبر بان الواقع واحد فيهما وقد عين اولا بما ظهر خطأه
ثانيا الخ قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ٣ ص ٢٠٥ الظاهر منه قدسسره ـ اى صاحب الكفاية ـ انه استظهر من الفصول التفصيل بين
الاحكام ومتعلقاتها كما عن بعض الأجلة قده استظهار التفصيل بين الواجبات العبادية
والعقود والايقاعات وبين الاحكام التى هى القسم الرابع من ابواب الفقه ـ اى الارث
والاطعمه والأشربة ونحوها ـ وبالجملة كلام صاحب الفصول بحسب العنوان هو التفصيل
بين ما يتعين فى وقوعه شرعا اخذه بمقتضى الفتوى وما لا يتعين فى وقوعه شرعا اخذه
بمقتضى الفتوى ـ الى ان قال ـ ومن الأمثلة والعنوان يظهر فساد كلا الاستظهارين فان
العنوان وان كان موهما للتفصيل بين الاحكام ومتعلقاتها إلّا ان الأمثلة لا تساعده
والأمثلة وان كانت توهم التفصيل الثانى إلّا ان العنوان لا تساعده وقد بلغ الاجمال
فى كلام صاحب الفصول قده الى حد بحيث قال بعض الأجلة ره حاكيا عن استاده العلامة
الانصارى قده انه ارسل الفصول الى صاحبه قده بواسطة بعض الاعلام من تلامذته قده
لتحصيل المراد من العنوان الواقع فى كلامه ره فلم يحصل من بيانه ما يرفع الاجمال
عن كلامه زيد فى علو مقامه وهو عجيب الخ وحكى بعض المحشين على الكفاية انه حكى عن
الشيخ قده انه قد تردد فى فهم مراد الفصول فى المقام واشكل عليه الامر حتى ارسل بعض
السادة من افاضل تلامذته الى كربلا لملاقاة صاحب الفصول واستيضاح الحال منه شفاهيا
فرجع السيد ولم يات بشيء يرجع الى محصل الخ.
(١) الاصول على
ثلاثة اقسام.
(٢) الاول هى
الاصول المحرزة وهى اثبات الواقع بلا مثبت واحرازه بلا محرز كالاستصحاب وقاعدتى
التجاوز والفراغ وقاعدتى الطهارة والحلية بناء
الاستصحاب وقاعدة
التجاوز والفراغ ويلحق به مثل كل شيء طاهر بل وكل شيء لك حلال بناء على كون
مفادهما اثبات الطهارة والحلية الواقعية تنزيلا ويعبر عن هذه بالاصول التنزيلية ،
ومنها (١) ما لا يكون بلسانه ناظرا الى اثبات الواقع بل كانت مثبتة للحكم فى ظرف
الشك وذلك مثل الاصلين الاخيرين بناء على وجه آخر من كون مفادهما مجرد اثبات
الطهارة او الحلية فى ظرف الشك بلا نظر فيهما الى كونهما واقعية ولو تنزيلا ،
ويلحق بهما ما كان بلسان ايجاب الاحتياط عند الشك بحكم او موضوع ، ومنها (٢) ما لا
يكون بلسانه مثبتا لحكم اصلا بل كان لسانه نفى الحكم عن موضوعه فى ظرف الشك وذلك
مثل حديث الرفع والحجب وامثالهما ، وح نقول اما ما كان (٣) بلسان الاستصحاب من
______________________________________________________
على دلالتها على
التنزيل كما هو التحقيق.
(١) الثانى ما كان
بلسان اثبات الصغرى لما هى الكبرى الكلية المستفادة من الادلة الواقعية لا التنزيل
وهى الاصول غير المحرزة التى يرى بعض انها وظيفة عمليه مهدها الشارع للمكلف ليرجع
اليها عند الشك فى التكيف ويرى آخرون انها احكام ظاهرية جعلها الشارع للشاك فى
تكليفه كما قاعدتى الطهارة والحل على المشهور وكايجاب الاحتياط شرعا.
(٢) الثالث بلسان
رفع المشكوك فيه وهى الاصول العدمية كقاعدة الرفع ونحوها ثم ان هذه الاصول اما ان
يكون متعلقها حكما شرعيا او موضوع حكم ، فلا بد من افراز كل واحد منها بالبحث
مستقلا فى استفادة الاجزاء وعدمه فالكلام فى جهات.
(٣) الجهة الاولى
فى الاستصحاب قال فى الكفاية ج ١ ص ١٣٣ والتحقيق ان ما كان منه يجرى فى تنقيح ما
هو موضوع التكليف وتحقيق متعلقه وكان بلسان تحقق ما هو شرطه او شطره كقاعدة
الطهارة او الحلية بل واستصحابهما فى وجه قوى ـ اشارة الى جعل حكم المماثل ـ ونحوها
بالنسبة الى كلما اشترط بالطهارة او الحلية يجزى فان دليله يكون حاكما على دليل
الاشتراط ومبيّنا لدائرة الشرط وانه اعم من الطهارة الواقعية والظاهرية فانكشاف
الخلاف فيه لا يكون موجبا لانكشاف فقدان العمل لشرطه بل بالنسبة اليه يكون من قبيل
ارتفاعه من حين ارتفاع الجهل الخ بخلاف
.................................................................................................
______________________________________________________
الامارة فلا يجزى
، وذكر المحقق النّائينيّ فى الفوائد ج ١ ص ٢٥٣ ان جعل الطرق والامارات والاصول
انما يكون فى رتبة احراز الحكم الواقعى ومن هنا كان فى طول الحكم الواقعى ولا
يعارضه ويزاحمه فكما ان احراز الواقع بالعلم يكون فى المرتبة المتأخرة عن الواقع
كذلك ما جعله الشارع بمنزلة العلم من الطرق والامارات والاصول حيث انه جعلها محرزة
له تشريعا وفردا للعلم شرعا فكان الشارع بجعله للطرق والاصول خلق فردا آخر للعلم
فى عالم التشريع ونفخ فيها صفة الاحراز وجعلها علما فجعل الطرق والاصول انما يكون
فى واد الاحراز وواقعا فى رتبة العلم وهذا معنى حكومتها على الواقع فان معنى
حكومتها عليه هو انها محرزة للواقع وموصلة اليه لا انها توجب توسعة او تضييقا فى
ناحية الواقع الخ وفيه اما الجواب عن كونه فردا ، ان الفرق بين الحكومة الواقعية
والظاهر به لا وجه له لان الفردية فى الظاهرية وان كانت تستفاد منها بالمدلول المطابقى
ولكن الشرطية ايضا تستفاد منها بمدلولها الالتزامى فتكون التوسعة فى الواقع لان
لازم كون الشخص بالتنزيل واجدا لفرد من الطهارة هو كونه واجد الشرط الصلاة وانه
الاعم من الظاهرى والواقعى ، واما الجواب عن عدم الفرق بين الامارات والاصول فنقل
عن المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٠٣ بان الفرق بينهما واضح من جهة ان الأمارة تكون
طريقا الى الواقع وكاشفة عنه ويكون التعبد بها لذلك بخلاف الاصل فانه وظيفة قررت
للمتحير فى مقام العمل عند عدم الطريق للواقع فيمكن ان يقال بالاجزاء فى الثانى
لعدم كشف الخلاف فيه ضرورة ان حكم المتحير كان ذاك ولم ينكشف خلافه بل لا يكون له
كشف خلاف بخلاف ما يكون طريقا كالامارة الى الواقع فانه يكشف خلافه فالقول بعدم
الاجزاء فيه صحيح ، والامر كما ذكره قدسسره لكن عند التدبر يظهران كلام المحقق الخراسانى فى الاستظهار
غير صحيح فانه كما استظهر ان القاعدة لا تكون ناظرة الى الواقع اصلا ولكن نحن
ونستفيد من قوله «ع» كل شيء نظيف حتى لعلم انه قدر ان عدم العلم كان مانعا عن
الوصول الى الواقع وإلّا فهل يمكن ان يكون العلم علة للنجاسة مثلا ان الدم اذا كان
فى اللباس ولم نعلمه فهل اذا علمنا ينقلب عما هو عليه ويصير نجسا بعد ما كان طاهرا
ام يكون من باب كشف الغطاء عن وجه النجاسة فان المتيقن هو الثانى ، لا اقول لا
يمكن ان يكون العلم غاية للحكم الواقعى الثانوى بل هو غاية للاعم منه ومن
الاصول التنزيلية
فان كانت (١) ناظرة الى توسعة الواقع حقيقة ولو بتحكيمها على الكبريات الواقعية فى
ظهورها فى دخل خصوصية موضوعها فى حكمه برفع اليد عن هذا الظهور وجعل الموضوع
الجامع بين الواقعية والظاهرية فلا شبهة فى اقتضائه الاجزاء عن الواقع ولكن (٢)
______________________________________________________
الحكم الظاهرى
إلّا ان الارتكاز العرفى على ان القاعدة مضروبة لحفظ الواقع وكونها فى مقام بيان
حكم ثانوى يحتاج الى مئونة زائده مفقوده فنعلم ان جعل القاعدة ايضا يكون للوصول
الى الواقع فيكون الحكم بالطهارة من حيث التوجه الى الواقع فاذا انكشف خلافه فالحق
عدم الاجزاء فى صورة كشفه سواء كان الاصل موجبا للخطإ او الأمارة.
(١) اشارة الى ما
تقدم من الكفاية فى المقام الملازم للقول بالاجزاء وملخصه ان هذا التنزيل لاثبات
التوسعة الحقيقية لدائرة الشرطية فى كبرى الدليل بما يعم الطهارة الحقيقية
الواقعية والطهارة التعبدية التنزيلية فبناء على استفادة هذه الجهة لا جرم يلزمه
الاجزاء قهرا وعدم وجوب الإعادة بل لا معنى لانكشاف الخلاف ايضا لانه بعد استفادة
التوسعة لدائرة الشرطية من دليل حرمة النقض يكون الماتى به مع الطهارة التعبدية
الاستصحابية واجدا لما هو شرطه بحسب الواقع ومعه لا معنى لانكشاف الخلاف كما لا
يخفى.
(٢) تقدم من
المحقق العراقى قدسسره ان هذا القول غير مرضى عنده ويحتمل كما افاده فى الكفاية ج
٢ ص ٢٨٧ قال كما هو الظاهر فى مثل قضية لا تنقض اليقين حيث تكون ظاهرة عرفا فى
انها كناية عن لزوم البناء والعمل بالتزام حكم مماثل للمتيقن تعبدا اذا كان حكما
ولحكمه اذا كان موضوعا الخ فان مفاد لا تنقض عبارة عن جعل مماثل الاثر للمشكوك فى
ظرف الشك ولا اجزاء فانه اذا كان الشرط فى الصلاة مثلا بحسب ظواهر الأدلّة هو
الطهارة الواقعية الثابتة للشيء بعنوانه الاولى فلا جرم لا يكاد يفيد مثل هذه
الطهارة الظاهرية الاستصحابية فى الحكم بالاجزاء بل لا يكاد يجدى ايضا فى اصل جواز
الاتيان بالصلاة مع مثل هذه الطهارة إلّا اذا فرض ان ما هو الشرط فى دليل الكبرى
هو الاعم من الطهارة الواقعية والظاهرية الاستصحابية فيجوز له الدخول معها ح فى
الصلاة ويجزى الماتى به معها ايضا عن الاعادة والقضاء
مثل هذا المعنى (١)
ممنوع فى الامارات حتى على الموضوعية (٢) فضلا عن الاصول التنزيلية الناظرة الى
صرف توسعة الواقع فى مقام العمل (٣) لمحض المصلحة فى الجعل من جهة التسهيل على
المكلف ولا اقل من كونها فى مقام يجعل المماثل للحكم فى مرتبة الظاهر بلا نظر الى
توسعة الموضوع الواقعى حقيقة فيبقى الواقع على ما هو عليه من دخل خصوصه مؤدى كبراه
فى موضوع حكمه ولقد عرفت ان هذا المعنى فى الطرق حتى على الموضوعية غير مقتضى
للاجزاء فالمقام ايضا مثله (٤)
______________________________________________________
باعتبار اتيانه ح
بما هو المامور به واجدا لما هو شرطه وهو الطهارة.
(١) اى مثل حكومته
على الأدلّة الواقعية.
(٢) كما مرت
الاشارة اليه من ان الامارات حتى على السببية والموضوعية غير مجز فكيف بالاصول
التنزيلية التى توسعة فى مقام العمل فلم يثبت مثل هذه الحكومة اصلا.
(٣) والعمدة فى
وجه ذلك من عدم الاجزاء فى الاصول التنزيلية ان ذلك لمصلحة التسهيل لكونه غالب
المطابقة وعدم امكان حصول القطع لا يوجب التوسعة فى الواقع وانما يوجب جعل المماثل
فالواقع باق على حاله من الخصوصية.
(٤) وقد عرفت انه
لا يوجب الاجزاء ، وتوضيح ذلك مقتضى التحقيق على ما حققناه فى محله هو رجوع
التنزيل فى حرمة النقض الى نفس اليقين ملحوظا كونه استقلالا بان يكون الموضوع
المستصحب محرزا بطريق معتبر ولازم احرازه هو ترتيب آثار اليقين على الشك آثاره
الشرعية ، لا مرآة الى المتيقن كما هو مسلك الكفاية من انه مرآة الى المتيقن ويكون
عليه متعلق الجعل الشرعى هو نفس العمل على طبق الاصل بترتيب آثار الواقع فى حال
الشك وعلى اى ومن ذلك نلتزم بقيام الاستصحاب مقام الامارات والقطع الطريقى كما فى
باب الشهادة ، ونلتزم ايضا بتقديم مثل الاستصحاب على قاعدة الحلية والطهارة بمناط
الحكومة دون الورود ودون التخصيص وعليه لا بد من القول بعدم الاجزاء ووجوب الاعادة
والقضاء عند انكشاف الخلاف من جهة ان قضية النهى عن نقض اليقين ح ليست إلّا
المعاملة مع اليقين الزائل معاملة الباقى فى
.................................................................................................
______________________________________________________
لزوم الحركة على
طبقه من دون اقتضائه لمصلحة ح فى نفس العمل كى امكن تصور الاجزاء فيه باحد
المناطين المزبورين سابقا من ان الاجزاء اما ان يستند الى وفاء المصلحة الحادثة فى
متعلق الاصل بمصلحة الواقع لاقوائيته على فرض السببية واما لاجل تفويت مصلحة
الواقع به وعلى كلا التقديرين فقد بينا فى مسالة الامارات ان ذلك لا يستلزم
الاجزاء وح فعند انكشاف الخلاف لما كانت المصلحة الواقعية على حالها بلا استيفاء
تماما او بعضا فلا جرم تقتضى وجوب الاعادة فى الوقت او القضاء فى خارج الوقت كما
هو واضح وان شئت قلت انه لا يزيد اثر الطريق المجعول تشريعا على اثر الطريق
المجعول تكوينا اعنى به اليقين فكما ان العمل على طبق اليقين الواقعى لا يوجب
الاجزاء بعد انكشاف الخلاف كذلك العمل على طبق اليقين التنزيلى اعنى به الاصل
المحرز بل وعلى فرض تسليم اخذ اليقين فى دليل حرمة النقض مرآة الى المتيقن وعبور
التنزيل من اليقين اليه نقول بان غاية ما يقتضيه التنزيل المزبور ح انما هو مجرد
التعبد بوجود الاثر وتحققه عند الشك لا التوسعة الحقيقية لدائرة الاثر والشرطية
الواقعية ولا اقتضاء جعل مماثل الاثر للمشكوك حقيقة كى يحتاج الى التصرف فى ظاهر
دليل كبرى الاثر بجعله عبارة عن الاعم من الطهارة الواقعية والظاهرية حتى يترتب
عليه الاجزاء وعدم وجوب الإعادة والقضاء بعد انكشاف الخلاف وعليه لا محيص من القول
بعدم الاجزاء من جهة انه بانكشاف الخلاف وحصول العلم بالنجاسة يرتفع التعبد
المزبور ومع ارتفاعه لا بد بمقتضى شرطية الطهارة الواقعية والحلية الواقعية من
الاعادة والقضاء إلّا اذا كان هناك دليل بالخصوص على عدم وجوب الإعادة والقضاء كما
فى الطهارة الخبثيه ، وبعبارة اخرى ان الامر بترتيب آثار الواقع فى حال الشك لا
يستلزم تحقق الواقع ولا تحقق ما يقوم مقامه ويفى بمصلحته بل يكون ذلك الامر من
قبيل الاوامر الطريقية المقصود بها الاحتفاظ بالواقع فى حال الشك فيه وبعد انكشاف
الخلاف يكون التكليف الواقعى داعيا الى متعلقه لعدم ما يوجب سقوطه ، ولا يخفى ان
الالتزام بجعل مماثل الاثر حقيقة او التوسعة الحقيقية فى دائرة كبرى الاثر وحكومة
دليل الاصل على ادلة الاجزاء والشرائط لا يخلو عن اشكالات بعضها قابل الذب دون بعض
منها ان الالتزام بالحكومة يوجب فقها جديدا مثلا ملاقى الماء النجس واقعا الطاهر
ظاهرا يلزم ان يكون طاهرا واقعا ولو بعد انكشاف نجاسة الماء واقعا
.................................................................................................
______________________________________________________
للحكومة المزبورة
، وايضا يلزم طهارة المغسول بماء نجس واقعا طاهر ظاهرا ولو انكشفت نجاسة الماء ،
وايضا يلزم صحة الغسل او الوضوء بماء نجس واقعا طاهر ظاهرا وان انكشفت نجاسة ذلك
الماء الى غير ذلك من التوالى التى لم يلتزم بشيء منها فقيه ، وبمثله يجرى فى جعل
المماثل ، ومنها يترتب على الاول لزوم عدم جريان استصحاب الطهارة فى ماء تالف فعلا
قد غسل به ثوب نجس او توضأ به سابقا باعتقاد الطهارة من جهة انه فى ظرف الشك الذى
هو ظرف جريان الاستصحاب لا وجود للماء المغسول به الثوب النجس حتى امكن جعل
الطهارة الحقيقية ولو ظاهرية له فلا بد ح اما من القول بجواز جعل الطهارة الحقيقية
ح للماء التألف او الالتزام بعدم جريان الاستصحاب فى مثل الفرض عند الشك فى طهارة
الماء التالف الذى غسل به الثواب النجس سابقا مع انهما كما ترى فان الاول منهما
مستحيل فى نفسه والثانى منهما خلاف الاجماع فانه باجماع منهم يجرى استصحاب الطهارة
بالنسبة الى الماء التالف ويحكم بطهارة الثوب المغسول به وبصحة الوضوء السابق وصحة
الصلاة الماتى بها مع ذلك الوضوء بلا كلام اللهم إلّا ان يكون ذلك لقاعدة الفراغ
لا الاستصحاب ولكن ذلك يختص بالصلاة والبحث عام ، وهناك وجوه آخر فلا وجه للاطالة
فلا محيص ح من المصير الى ان الطهارة المعتبرة فى الماء فى دليل كبرى الاثر عبارة
عن خصوص الطهارة الواقعية وان ما هو مفاد دليل حرمة النقض فى فرض رجوع التنزيل فيه
الى المتيقن عبارة عن مجرد التعبد بوجود الاثر وتحقق الطهارة فى المورد الراجع الى
الامر بالمعاملة مع المشكوك معاملة الطهارة الواقعية ما دام الشك بلا نظر له الى
اثبات التوسعة الحقيقية فى دائرة كبرى الاثر ولا اقتضاء لجعل مماثل الاثر حقيقة
للمشكوك وعليه فلا محيص من القول بعدم الاجزاء ووجوب الاعادة والقضاء عند انكشاف
الخلاف كما لا يخفى ، لكن مع ذلك يمكن ان يقال ان كل ما قلتم يكون بمناط الحكومة
وهى تكون فى صورة كون الدليلين لفظيين مثل قوله «ع» لا صلاة إلّا بطهور الذى هو
الدليل اللفظى على شرطية الطهارة وكل شيء طاهر الذى هو كذلك فالحاكم والمحكوم
لفظيان ، واما بالنسبة الى الملاقاة وشرطية كون الماء طاهرا فى التطهير وكذا شرطية
طهارته فى الوضوء حيث لا يكون له دليل لفظى يشك فى الحكومة لارتكاز العرف بان فاقد
الشى كيف يمكن ان يكون معطيا له فالنجس كيف يمكن ان
و (١)
______________________________________________________
يوجب الطهارة
والحاصل اما لا يكون لنا دليل لفظى او كان ويكون ارشادا الى ما يفهمه العقل من
شرطية الطهارة فى المطهر وحيث يشك فى النظر الى دليل المحكوم مع احتياج الحكومة
اليه لا وجه لما اشكل عليه من الاجزاء بخلاف مثل الصلاة فانه لا طريق للعقل من جهة
شرطية طهارة لباس المصلى اليها فاى اشكال فى كون الطهارة الاعم من الظاهرى
والواقعى شرطا والنجاسة المعلومة مانعا لا النجاسة المجهولة ، على ان قاعدة
الطهارة مفادها ان كل اثر يكون للطهارة مترتبة على مفادها لا الآثار التى على
النجاسة مثل الملاقاة فالتنزيل فى إحداهما لا يستلزم التنزيل فى الاخرى ، وذكر
المحقق النائين فى الجمع بين ما دل على عدم وجوب اعادة الصلاة عند انكشاف الخلاف
وبين ما دل على اشتراط الصلاة بطهارة الثواب والبدن ـ فى الفوائد ج ٤ ص ٣٥٥ ان
يكون الاجزاء وعدم وجوب الإعادة فى هذه الموارد لاجل القناعة عن المامور به بما
يقع امتثالا له فيكون الفعل الماتى به بعنوان امتثال الواقع بدلا عن الواقع المامور
به ومما يقوم به الغرض من الامر الواقعى فى هذا الحال الخ واجاب عنه المحقق
العراقى قدسسره فى هامشه بان ما افيد انما يتم على احد الوجهين اما
الالتزام بكون الماتى مفوتا للواقع بمناط المضادة او الالتزام بامكان قيام غرض
واحد سنخا بشيئين متباينين والتالى لا مجال عقلا والاول ينافى جهة البدلية الظاهرة
فى كونه وافيا بالغرض الواقعى سنخا وح فلا محيص من الالتزام بكون الماتى به وافيا
بما يفى به الطهارة الواقعية ولازمه كون الوافى به الجامع بينهما لا خصوص كل واحد
فمرجعه الى شرطية الاعم من الطهارة الواقعية والإحرازية وهو عين الوجه الثانى ولا
يبقى لوجه آخر مجال الخ وهذا يختص بالثوب فى الصلاة لدليل خاص ولا يعم غيره
والكلام على نحو العموم.
(١) الجهة الثانية
فى الاصل غير المحرز وهو القسم الثانى من الاصول قال المحقق العراقى فى البدائع ص
٣٠٠ فالتحقيق فيها عدم الاجزاء ان قلنا بلزوم الاقتصار على ظاهر ادلة الاجزاء
والشرائط فلا يجوز العمل على طبق الاصل فى حال الشك اصلا سواء قلنا بان الاصل
وظيفة مجعولة للشاك فى حال الشك ام قلنا بانه حكم واقعى فى حال الشك لان ظاهر ادلة
الاجزاء والشرائط هو كون الشىء الواقعى شرطا او جزء والاصل غير المحرز بكلا
تفسيريه غير ناظر الى الواقع ليصح الاخذ به فى حال الشك ،
اما فى غير الاصول
التنزيلية (١) فامر اقتضائها للاجزاء فرع نظر الكبرى (٢) الواقعية فى موضوعه نفيا
ام اثباتا الى الاعم من الواقعى والظاهرى وإلّا فلو كان نظره (٣) الى خصوص النفى
والاثبات الواقعيين فلا يصلح (٤) مثل هذه الاصول
______________________________________________________
قال قلنا بان
المستفاد من ضم دليل الاصل الى ادلة الاجزاء والشرائط هو كون الجزء او الشرط اعم
من الواقع ومتعلق الاصل لحكومة دليل الاصل على ادلة الاجزاء والشرائط فلا اجزاء ح
وجه وجيه إلّا ان الحكومة المذكورة تقدمت الاشكالات عليه ولكن فليعلم كون المجعول
فى الاصول غير المحرزة كقاعدتى الطهارة والحل هو الامر بترتيب آثار الواقع فى ظرف
الشك فان لسان قاعدة الطهارة وان كان يوهم ان المجعول فيها هى الطهارة فى ظرف الشك
بها إلّا ان التامل فى اطرافها خصوصا بملاحظة بمناسبة الحكم لموضوعه ينفى ذلك
التوهم ويوجب للملتفت استظهار ان المراد فى مثل قوله «ع» كل شىء نظيف حتى تعلم انه
قدر هو تعبد المكلف بترتيب آثار الطهارة فى ظرف الشك بها كجواز الدخول فى الصلاة
ونحوها من الاعمال المشروطة بالطهارة ولازم ذلك هو عدم الاجزاء بعد انكشاف الخلاف
كما اشرنا الى ذلك فى نظير المقام كما انه لا يصح ان يقوم مقام القطع الموضوعى
لعدم تنزيل الشك فى مثل هذا الاصل منزلة اليقين كما هو شان الاصول المحرزة وبهذه
الخصوصية تفترق قاعدة الطهارة مثلا عن الاستصحاب ، ومن ذلك كله علم ان الاصول
الوجودية مطلقا تكون اصولا تنزيلية غاية الامر بعضها يكون محرزا كالاستصحاب وبعضها
غير محرز كقاعدتى الطهارة والحلية ، ومما ذكرنا يظهر وجه ما افتى به الاصحاب من
جواز الاخذ بالاصول والجرى على وفقها فى حال الشك ولزوم الإعادة او القضاء وترتيب
جميع آثار الواقع كنجاسة الملاقى وعدم ارتفاع النجاسة بالماء المتعبد بطهارته
استصحابا او لقاعدة الطهارة وامثال ذلك بعد ارتفاع الشك وانكشاف الواقع الخ والامر
كما ذكره.
(١) اى من الاصول
الوجودية كما تقدم.
(٢) اى نظر ادلة
الاجزاء والشرائط الى التوسعة كما تقدم.
(٣) اى نظر الكبرى
الى الاجزاء والشرائط الواقعية فقط.
(٤) فلا يثبت هذه
الاصول الجزء والشرط فكيف يدل على الاجزاء بالتوسعة.
لاثبات موضوع
الكبرى اصلا فضلا عن اقتضائه الاجزاء عنه نعم (١) غاية ما فى الباب احتمال كونه
مفوتا للمصلحة الواقعية والاصل يقتضى خلافه بعد عدم اقتضاء ادلة الاصول للاجزاء
المزبور كما اشرنا نظيره فى الامارات فتدبر ، وفى ما ذكرنا كله (٢) ايضا لا فرق
بين كشف الخلاف باليقين او بالامارة لكشف الامارة عن فساد العمل من الاول فلا يجزى
(٣)
______________________________________________________
(١) اى للاجزاء
طريق واحد وهو كونه مفوتا للمصلحة غير قابل للتدارك والاصل عدمه.
(٢) بلا فرق بين
كون الخلاف منكشفا باليقين او بالأمارة لان الحكم الأول كان كسراب بقيعة يحسبه
الظمآن ماء ـ ان قلت ان كان بقاعدة الطهارة والحلية والاستصحاب يجوز معها الدخول
فى الصلاة فلا محاله يلازم التوسعة الواقع ويلازم الاجزاء وإلّا لا معنى لجواز
الصلاة معها وعدم الاجزاء فانه لغو وان قيل بعدم الاجزاء فلا محاله يلازم عدم جواز
الدخول فى الصلاة لعدم التوسعة الواقعية ـ وكون الواقع من الجزء يبقى على حاله من
الخصوصية بعد انكشاف الخلاف ينافى ذلك ـ قلت ان جعل الطرق والاصول لاجل التسهيل
ويكون على نحو القضايا الطبيعية على القولين ويكون ترتيب آثار الواقع على الشك وح
ما يصل الى الواقع كما هو الغالب فلا محاله واجد للجزء الواقعى وله مجوز الدخول فى
العمل وما هو خلاف الواقع بما انه جاهل به فمقتضى العموم واحتمال انه موافق للواقع
يجرى الاصل ويكون هو المجوز للدخول فى العمل لعدم العلم حين العمل وبعد انكشاف
الخلاف يتبين انه لم يكن له المجوز للعمل وان الجزء باق على جزئيته ولا بد من
الإعادة والقضاء ولا يكون الجعل لغو ابعد ما كان المجعول مجعولا على نحو الكلى
وغالب المطابقة.
(٣) الجهة الثالثة
قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٣٥ واما ما يجرى فى اثبات اصل التكليف كما اذا قام الطريق
او الاصل على وجوب صلاة الجمعة يومها فى زمن الغيبة فانكشف بعد ادائها وجوب صلاة
الظهر فى زمانها فلا وجه لا جزائها مطلقا غاية الامر ان تصير صلاة الجمعة فيها
ايضا ذات مصلحة لذلك ولا ينافى هذا بقاء صلاة الظهر على ما هى عليه من المصلحة كما
لا يخفى إلّا ان يقوم دليل بالخصوص على عدم وجوب صلاتين فى يوم واحد الخ واوردوا
عليه بان الاجماع فى صورة كون احدى
.................................................................................................
______________________________________________________
الصلاتين فى طول
الاخرى ، اى لم يقم الاجماع على عدم اتيان صلاتين فى يوم واحد واحداهما واجب دون
الآخر كما فى المقام ولكن هذا بناء على كون الاستصحاب من الاصول المحرزة للواقع
واما بناء على كون مفاده جعل حكم المماثل للحكم الواقعى فالظاهر انه حاكم على
الدليل الاولى ولا يكون له كشف خلاف ، وقد مر الجواب عن جميع ذلك.
الجهة الرابعة لا
فرق فى كون مقتضى القواعد الأولية هو عدم الاجزاء بين المجتهد والمقلد فكما ان
المجتهد اذا انكشف له الخطا فى اجتهاده كان مقتضى القواعد هو عدم اجتزائه بعمله
على طبق ذلك الاجتهاد كذلك المقلد اذا قلد من يقول بعدم وجوب السورة او بعدم كون
الارتماس مفطرا مثلا ثم تبدل راى ذلك المجتهد بنقيض الراى الاول او قلد غيره لموته
او لاختلال شرط من شروط جواز تقليده وكان من راى ذلك الغير هو وجوب السورة او كون
الارتماس مفطرا فان مقتضى القاعدة هو عدم اجزاء عمل المقلد الجارى على طبق الراى
الاول وذلك لان الملاك فى كليهما واحد ، وقد يتوهم الفرق بينهما بان حجية الادلة
فى حق المجتهد انما هى على الطريقية وحجية راى المجتهد فى حق المقلد انما هى على
الموضوعية فاذا كانت حجية الادلة الاجتهادية لا تقتضى الاجزاء فلا يستلزم ذلك كون
حجية راى المجتهد فى حق مقلده كذلك ، ولكنه توهم فاسد لما تقرر فى محله من ان راى
المجتهد انما يكون حجة على المقلد من باب الطريقية لا الموضوعية مضافا الى ما عرفت
من ان حجية الامارات على السببية لا تستلزم الاجزاء ايضا ، وقد يستدل للاجزاء
مطلقا فى جميع الموارد فى صورة كون الدليل على الحكم الأمارة وانكشف خلافه
بالأمارة فهو ان للشارع طرق لبيان الحكم على العباد وليس لهم الدخول فى العمل الا
بعد البيان وقد بين الحكم فى الزمان السابق بالامارة السابقة ويكون اتيان العمل
على طبق الدليل والحجة والامارة الثانية ايضا وان بنيت خلاف ما فى الزمن السابق
ولكن حيث تكون حجة ظنيه ولا يكون لنا القطع بخلاف الواقع لانه كما يحتمل خطا تلك
الأمارة يحتمل خطا هذه فلا دليل لرفع اليد عما مضى من العمل على طبقها نعم الآثار
التى يكون لها البقاء تكون مترتبة فمثل العصير العنبي على قول من ذهب الى طهارته
بعد الغليان ثم ظهر بالامارة الثانية نجاسته يكون له آثار النجاسة فان كان ملاقيا
لشيء فى السابق يحكم الآن
.................................................................................................
______________________________________________________
بنجاسته ان لم
يعرض عليه الطهارة بعدها ، والجواب عن هذا الدليل هو ان الكشف السابق والبيان
السابق يكون صورة كشف وصورة بيان وليس ببيان واقعى حتى يمكن الاعتماد عليه لصحة
العمل فان خيال بيان شىء للحكم بواسطة الاستظهار التخيلى او عدم العثور على المخصص
او غير ذلك لا يوجب كون هذا التخيل بيانا وحجة ، ولا فرق بين ان يكون كشف الخلاف
فى الموضوع او الحكم فان قامت الامارة فى الموضوع على طهارة شيء ثم ظهر خلافها
فيكون الكلام والبحث فيه ايضا كما انه اذا كان التبدل فى الحكم بالصلاة مثلا فى
جلد الارنب فانكشف خلافه وعدم جواز الصلاة فيه فاذا ظهر خطاء الشاهد فى الموضوع لا
يجزى العمل كما اذا ظهر ضعف الرواية فى مورد من الموارد ، وفيما ذكرنا كفاية
وسيأتى التفصيل فى باب الاجتهاد والتقليد ، والمحقق النّائينيّ فى الفوائد ج ١ ص
٢٥٩ قد حكى الاجماع على الاجزاء فى جميع موارد تبدل الاجتهاد او عدول المقلد من
تقليد مجتهد الى مجتهد آخر لموجب من موت او خروج المقلد عن اهلية التقليد او غير
ذلك الخ وهو المعتمد عندنا سواء كان فى العبادات او المعاملات ويشهد له السيرة
المستمرة بين المسلمين والمتشرعين من عدم اعادة اعمالهم بعد موت مجتهدهم او الرجوع
من احدهم الى آخر ويؤيده لزوم العسر والحرج لانهم لا زال يلزم ان يكونوا فى صدد
اعادة اعمالهم بواسطة موت المجتهدين وتبدل فتاويهم وهو مرفوع عن الأمة فلا تجب
الاعادة مطلقا وفيه انه خلط بين ما يكون حكمة التشريع لنوع العباد كحق الشفعة وبين
ما يكون علة الحكم ولا يلزم الاطراد فى الاول وليس علة الحكم فلا يعتبر الضرر
الشخصى فالشفعة مجعولة حتى لمن لم يكن فى مادته ضرريا عدمها بخلاف قاعدة الضرر
والحرج فانها حاكمة على الادلة الاولية فيكون الحكم الاولى ثابتا فى غير صورة
الضرر والحرج ولا عبرة بالضرر والحرج النوعى ولا يمكن الفتوى بنفى الحكم كلية فى
حق جميع العباد بعد تشريعه لمكان استلزامه الضرر والحرج بالنسبة الى بعض العباد
فالعبرة بالضرر والحرج الشخصى وبعد تشريع الاحكام من وجوب صلاة الظهر فى الوقت
وقضائها فى خارج الوقت بالنسبة الى كل احد كيف يمكن القول بعدم وجوب ذلك مطلقا
اعادة وقضاء بالنسبة الى جميع العباد لمكان الحرج بالنسبة الى بعض الاشخاص فى بعض
الاحوال فيقتصر على مورده لا العموم.
.................................................................................................
______________________________________________________
الجهة الخامسة كما
لا يجوز ترتيب الاثر على الأمارة المنكشف خطاها ولو بالظن المعتبر لمن انكشف خطاها
لديه فى عمل نفسه المختص به كذلك لا يجوز له ترتيب الاثر عليها بالنسبة الى العمل
الصادر من غيره البانى على اعتبار تلك الأمارة مثلا من ذهب الى طهارة العصير
العنبى لو توضأ مع تلوث اعضاء الوضوء به لا يجوز لمن انكشف له خطا تلك الأمارة
الدالة على طهارة العصير المزبور ان ياتم بذلك القائل بطهارته وسره ما عرفت من ان
انكشاف عدم اعتبار الأمارة ولو بالظن المعتبر يوجب سقوطها عن الحجية فيكون ما قامت
عليه بلا حجه فلا يجوز ترتيب اثر الواقع عليه لمن لا يرى كونها حجة عليه ومنه ما
لو سقطت الامارة عن الحجية باختيار معارضها حيث يثبت التخيير اذ قد عرفت ان اختيار
احد المتعارضين يوجب سقوط الآخر عن الحجية فى حق المختار وتفصيله فى محله قال
استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٢٨٦ نعم اذا كان العمل فى الواقع صحيحا بمقتضى
حديث لا تعاد صح الاقتداء كما اذا افترضنا ان شخصا يرى عدم وجوب السورة مثلا فى
الصلاة اجتهادا او تقليدا فيصلى بدونها جاز لمن يرى وجوبها فيها الاقتداء به لفرض
ان صلاته فى الواقع صحيحه بمقتضى هذا الحديث ولذا لا تجب الاعادة عليه عند انكشاف
الخلاف الخ ولكن هذا مورد خاص والكلام على نحو العموم.
الجهة السادسة فى
الاصول العدمية فملخص الكلام فيها انه بعد نفى التكليف بالجزء والشرط المشكوك فيه
بتلك الاصول لا يمكن اثبات التكليف بباقى الاجزاء او الشروط بادلتها اذ لا اطلاق
لها من هذه الجهة ولذا لا يتمسك الفقهاء فى باب الاقل والاكثر لنفى التكليف
بالنسبة الى الاكثر باطلاق دليل الاقل وعليه لا محيص من اثبات وجوب الباقى بتلك
الاصول كما يكون نفى التكليف بالمشكوك فيه بها وذلك يتوقف على مقدمتين الاولى ان
تكون الاصول المزبورة ناظرة الى نفى الجزئية او الشرطية تنزيلا بان تكون من الاصول
التنزيلية العدمية بحيث تتضمن تنزيل المشكوك فيه منزلة العدم فى ترتيب اثر العدم
عليه لا حلية الترك فى مرحلة الظاهر اذ عليه لا يسوغ الاكتفاء بالباقى لمكان
الارتباطية بين الاجزاء وقد مر فى المقدمات ان نفى التكليف ببعض الاجزاء بدليل
ثانوى يكون على نحوين احدهما نفيه بلا نظر الى نفيه فى الواقع وعليه لا يجوز
الاكتفاء بالباقى لمكان ارتباطية المصلحة ، ثانيهما ان يكون نفيه ناظرا الى نفيه
بقى فى المقام (١)
شىء وهو ان مثل كل شيء لك حلال او طاهر هل هو من
______________________________________________________
فى الواقع ومقتضى
ذلك جواز الاكتفاء بالباقى ، المقدمة الثانية ان يكون وجوب الباقى من الآثار
الشرعية لنفى المشكوك فيه ليترتب على نفيه هذا ولكن يمكن منع كلتا المقدمتين اما
الأولى فلان الظاهر من دليل اعتبار امثال هذه الاصول انها وظيفة شرعت فى ظرف الجهل
ولا تكون ناظرة الى نفى التكليف فى مرحلة الواقع ، واما الثانية فلان الاصل الوجوب
وان كان مجعولا شرعيا ولكن تحديده بالاقل لازم عقلى لعدم جزئية المشكوك فيه او
شرطيته فترتب الوجوب المحدود بالاقل على نفى المشكوك فيه يكون من الاصل المثبت
إلّا ان يتشبث لدفع هذا المحذور بخفاء الواسطة او جلائها او بوجه آخر وهو الذى بنى
عليه صاحب الكفاية فى حديث الرفع فراجع ، ثم انه بعد تمامية المقدمتين وجواز
الاكتفاء بالباقى ببركة القاعدة تصل النوبة الى مسالة الاجزاء وعدمه بعد انكشاف
الخلاف وقد عرفت مما سبق ان التنزيل فى تلك الاصول ناظر الى ترتيب الاثر تعبدا وان
ارادة ترتيب اثر الواقع واقعا منها خلاف الظاهر ولا اقل من الشك فالنتيجة عدم
الاجزاء ، وهنا وجه ادق لاستحالة اقتضاء اللسان المزبور لرفع الجزئية الواقعية
نظرا الى ان العلة للرفع ح انما كان هو الجهل والشك بالجزئية وهو من جهة تاخره
الرتبى عن الجزئية الواقعية لا يكاد يقتضى رفع ما هو فى الرتبة السابقة بوجه اصلا
بل ما هو المرفوع ح لا يكون إلّا ما هو نقيض هذا الرفع المتاخر عن الشك وهو لا
يكون إلّا الوجود فى تلك المرتبة المتأخرة عن الشك لا الوجود فى الرتبة السابقة عن
الشك وهو الجزئية الواقعية لانه لا يكون نقيضا لهذا الرفع المتاخر فيستحيل ح تعلق
الرفع فى المرتبة المتاخرة حقيقة بالوجود فى المرتبة السابقة على الشك اعنى
الجزئية الواقعية وح فبعد عدم اقتضاء اللسان المزبور لرفع الجزئية الواقعية حقيقة
فلا بد وان يكون الرفع رفعا تعبديا تنزيليا بلحاظ عدم وجوب الاحتياط فى مقام العمل
وعليه نقول بانه بعد انكشاف الخلاف لا بد من الاعادة لاقتضاء الجزئية الواقعية ح
وجوب الاعادة والقضاء عند انكشاف الخلاف.
(١) تنبيه اشارة
الى قاعدة الحلية والطهارة ، اما قاعدة الطهارة قال المحقق العراقى فى البدائع ص
٣٠٣ واما المجعول فى الاصول غير المحرزة كقاعدتى الطهارة والحل هو الامر بترتيب
آثار الواقع فى ظرف الشك فان لسان قاعدة الطهارة وان كان يوهم ان المجعول فيها هى
الطهارة فى ظرف الشك بها إلّا ان التامل فى اطرافها
الاصول التنزيلية (١)
ام لا (٢) وجهان والظاهر (٣) انه لا مجال للمصير فى قاعدة
______________________________________________________
خصوصا بملاحظة
مناسبة الحكم لموضوعه ينفى ذلك التوهم ويوجب للملتفت استظهار ان المراد فى مثل
قوله «ع» كل شىء نظيف حتى تعلم انه قدر هو تعبد المكلف بترتيب آثار الطهارة فى ظرف
الشك بها كجواز الدخول فى الصلاة ونحوها من الاعمال المشروطة بالطهارة ولازم ذلك
هو عدم الاجزاء بعد انكشاف الخلاف كما اشرنا الى ذلك فى نظير المقام كما انه لا
يصح ان يقوم مقام القطع الموضوعى لعدم تنزيل الشك مثل فى هذا الاصل منزلة اليقين
كما هو شان الاصول المحرزة وبهذه الخصوصية تفترق قاعدة الطهارة مثلا عن الاستصحاب
الخ.
(١) فهل تكون
قاعدة الحلية من الاصول التنزيلية المحرزة للواقع كما هو الشأن فى قاعدة الطهارة
ايضا وان مفادها عبارة عن اثبات الحلية الواقعية فى المورد تعبدا وتنزيلا لا اثبات
الحلية الحقيقية الظاهرية للشيء بعنوان كونه مجعول الحكم.
(٢) او نقول بان
قاعدة الحلية من القواعد المتكفلة لاثبات الحلية الظاهرية للشيء حقيقة بعنوان كونه
مجهول الحكم فى طول الحلية الواقعية ، ولا يخفى ان التمسك بقاعدة الحل لاحراز
الشرط فى مثل الصلاة يتوقف على مقدمه وهى ان الظاهر من اشتراط وقوع الصلاة من وبر
او شعر ما يؤكل لحمه لو اراد المكلف ايقاعها فى شيء من اجزاء الحيوان هو كون
الحيوان حلال الاكل فى الشريعة بعنوانه الاولى الذاتى لا مطلق ما كان حلالا اكله
ولو بعنوان ثانوى اوجب طرو الحلية عليه بعد ما كان اكله حراما بعنوانه الاولى
الذاتى كالميتة حال الاضطرار الى اكلها وعليه لو كان المجعول فى قاعدة الحل هو
الامر بترتيب آثار الحلية الأولية اعنى بها الحلية الثابتة للحيوان بعنوانه الذاتى
لكان اثر ذلك جواز الدخول فى الصلاة بشيء من اجزاء حيوان محكوم بحلية اكله بقاعدة
الحل وعدم الاجزاء بعد انكشاف الخلاف لو لا حكومة حديث لا تعاد ، ولو كان المجعول
فيها هى الحلية الواقعية بمعنى ان الشارع حكم بالحليّة على كل حيوان شك فى حلية
اكله فى حال الشك لكان اللازم ح هو عدم جواز الدخول فى الصلاة بشيء من اجزاء حيوان
محكوم بحلية اكله بقاعدة الحل لان الشرط فى جواز الدخول فى الصلاة بشيء من اجزاء
الحيوان هى حلية اكله بعنوانه الاولى الذاتى لا مطلق الحلية الاعلى التوسعة
الحقيقية كما مر.
(٣) ثم اشار الى
قاعدة الطهارة.
الطهارة الى مجرد
جعل الطهارة فى مرتبه الشك بها بلا نظر فيه الى اثبات الواقع (١) اذ بعد ظهور كبرى
دخل الطهارة فى شيء هو الطهارة الواقعية لو كان مفاد القاعدة اثبات مجرد الطهارة
الظاهرية (٢) لا يكاد يثبت بمثله الكبرى الواقعة مع ان بنائهم على احرازها بها
فيجرون القاعدة فى ماء شك فى طهارته فيتطهر به حدثا وخبثا (٣) ولا مجال (٤) ح
لتوهم اعمّية موضوع الكبرى عن الطهارة الواقعية والظاهرية كيف (٥) و (٦) لازمه صحة
الوضوء بما كشفت بعده نجاسته و (٧) كذلك صحة تغسيله به من البدن او اللباس بلا
احتياج الى تغسيل جديد ولا اظن التزامه من احد (٨)
______________________________________________________
(١) وانها ليست من
الاصول المحضة بل ممحض لاثبات الطهارة الواقعية تعبدا وتنزيلا بلحاظ المعاملة مع
المشكوك معاملة الواقع بلا اقتضائها لازيد من ذلك.
(٢) هذا هو الوجه
لكونها اصلا محرز الا محضا فانها لو كانت مجرد ترتيب الاثر او جعل الطهارة لا غير
من دون النظر الى اثبات الواقع فلا يمكن الدخول معها فى الصلاة وما يعتبر فيها
الطهارة لعدم احرازها بها.
(٣) فتدلنا ان
القاعدة فى بيان الطهارة الواقعية ولذا يتطهر به الحدث والخبث.
(٤) وقد تقدم
احتمال ترتب الاثر فى كبرى الخطاب الواقعى على مطلق الطهارة اعم من الطهارة
الواقعية والظاهرية ومقتض لاثبات التوسعة الحقيقية فى دائره كبرى الاثر بما يعم
الطهارة التعبدية ، غير صحيح.
(٥) وذلك لانه
يستلزم توال فاسده.
(٦) هذا هو الاول
وهو صحة الوضوء لو كشفت بعده نجاسة الماء.
(٧) هذا هو الثانى
فلو غسل ثوبه او بدنه النجس واقعا ثم انكشف نجاسة الماء فلا يلزم غسل الثوب والبدن
للصلوات الآتية ويكون طاهرا لان انغسال الثوب بماء طاهر واقعى للتوسعة فى الطهارة
الواقعية.
(٨) ولذا يلزم فقه
جديد فلذا يكشف كشفا قطعيا عن بطلان القول بالتوسعة الحقيقية ، ويلزم هذه التوالى
الفاسدة لو كان المجعول الاحكام الظاهرية فى حال الشك
فلا محيص (١) ح
الا من دعوى نظر القاعدة الى اثبات الطهارة الواقعية بلحاظ التوسعة فى مقام العمل
محضا كى به يجمع بين ترتيب آثار الطهارة الواقعية مع عدم اقتضاء صحة العمل واقعا
عند كشف خلافها و (٢) ح فربما امكن حمل قاعدة الحلية عليه بمقتضى وحدة لسانه
ولازمه ايضا اثبات حلية لحم ما يشك فى حليته وحرمته ولو كان لحمه خارجا فعلا عن
محل الابتلاء مع الابتلاء بجلده وشعره وامثالهما فعلا بلحاظ صلاته فيه نعم (٣) لو
بنينا على جعل صرف الحلية الظاهرية بلا نظر منه الى اثبات الواقع فاقتضاؤه (٤) صحة
الصلاة فى المشكوك مبتنى على جعل الحلية فى كبراه اعم من الواقعية والظاهرية نعم (٥)
بناء عليه
______________________________________________________
وهو جعل المماثل.
(١) فالصحيح ما
ذكرنا من الامر بترتيب آثار الواقع فى ظرف الشك فى مقام العمل فاذا انكشف الخلاف
انكشف عدم الواقع اصلا وما ترتب عليه من الآثار بلا وجه هذا كله فى قاعدة الطهارة.
(٢) واما قاعدة
الحلية فائضا يكون كقاعدة الطهارة فى بيان ترتيب آثار الواقع فى ظرف الشك فيكون
حلية واقعية لان سياقهما واحد ولذا ينطبق على كل ما هو مصداق له ولو كان خارجا عن
محل الابتلاء وكذا لو كان خارجا عن محل الابتلاء بعض اجزائه فتجرى فى الجلد وان
كان اللحم خارجا عن محل الابتلاء.
(٣) واما لو كان
المجعول حكما ظاهريا فعليا من جعل المماثل فلا محاله يختص بما كانت المصلحة فيه
وهو ما اذا كان محل الابتلاء دون الخارج عن محل الابتلاء لكون جعل الحكم الفعلى
للخارج عن محل الابتلاء لغو.
(٤) مضافا الى انه
لا بد من التصرف فى ادلة الاجزاء والشرائط بان يكون اعما من الحكم الواقعى
والظاهرى حتى يجوز له الدخول فى الصلاة مثلا وإلّا لو اختص بالحكم الواقعى فلا
يعمه ادلة الشرائط ولا يصحح العمل به وكذا لو كان المراد ترتيب آثار الحلية
الظاهرية فى عنوان مجهول الحكم لا يجوز معه الدخول فى الصلاة إلّا بذلك.
(٥) كما تقدم فلو
قلنا بحكومة قاعدة الحل على دليل ذلك الشرط عند جعل
ايضا لا يكاد يجرى
الا فى موارد يكون اللحم المشكوك بنفسه محل ابتلاء المكلف وإلّا فلا يكاد يجرى
الاصل اذ لا معنى لجعل الحلية الفعلية لما هو خارج عن محل ابتلاء المكلف فعلا
فتدبر.
مقالة فى وجوب مقدمة
الواجب (١) فنقول قبل الخوض فى المرام (٢) ينبغى بيان
______________________________________________________
المماثل فلا محاله
توجب توسعة من حيث الحلية الواقعية والظاهرية وح لا مانع من الدخول فى الصلاة بشيء
من اجزاء الحيوان المحكوم بحلية اكله بقاعدة الحل إلّا ان القول بذلك كما تقدم
مرارا يستلزم توالى فاسده لا يمكن الالتزام بها.
الجهة السابعة قال
فى الكفاية ج ١ ص ١٣٦ وهكذا الحال فى الطرق فالاجزاء ليس لاجل اقتضاء امتثال الامر
القطعي او الطريقى للاجزاء بل انما هو لخصوصية اتفاقية فى متعلقهما كما فى الاتمام
والقصر والاخفات والجهر الخ المعروف والمشهور ان من اتم فى موضع القصر جاهلا أجزأه
ويعاقب لو كان مقصرا وكذا لو جهر فى موضوع الاخفات او بالعكس والمستند فى ذلك
النصوص المعتبرة فى المقامين ولهم فى ذلك اشكال وفى التفصى عنه وجوه تذكر فى شرائط
الاصول هذا تمام الكلام فى الاجزاء والحمد لله.
فى مقدمة الواجب
(١) نموذج التاسع
فى وجوب مقدمة الواجب وكذا مقدمات سائر الاحكام الخمسة.
(٢) تحقيق الكلام
فيه يكون فى ضمن جهات قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣١٠ ان النزاع فى هذه
المسألة ليس فى اللابدّية العقلية اذ هى مما لا سبيل الى انكارها فى كل مقدمة
بالإضافة الى ذيها لعدم اختصاص ذلك بمقدمة الواجب الشرعى بل هو ثابت حتى عند منكرى
الحسن والقبح العقليين وعليه يكون مورد النزاع فى هذه المسألة هو الوجوب الشرعى ثم
ان الوجوب ينقسم باحد الاعتبارات الى النفسى والطريقى والغيرى ومن الواضح ان
الوجوب الشرعى المبحوث عنه فى المقام ليس هو الوجوب النفسى اذ ليست فى المقدمة بما
انها مقدمة مصلحة نفسية تستتبع هذا النحو من الوجوب كما انه
.................................................................................................
______________________________________________________
ليس من القسم
الثانى اذا الوجوب الطريقى هو ما يكون الغرض منه تنجيز الواقع عند الإصابة فيكون
تنجيز الواقع متوقفا على الوجوب الطريقى واصابته وهذا بخلاف وجوب المقدمة فانه على
القول به يتوقف تحققه على تحقق وجوب ذيها فلا محاله يكون النزاع فى الوجوب الغيرى
وينقسم الوجوب ايضا باعتبار آخر الى الاصلى والتبعى وهما يطلقان على معنيين احدهم
الوجوب المستقل فى الخطاب وغير المستقل فيه ثانيهما الارادة المستقلة فى تعلقها
بالمراد اعنى الارادة التى لم تنشأ من وجود ارادة اخرى وغير المستقلة وهى التى
تنشأ من ارادة اخرى ولا شبهة فى ان الاصلى بكلا المعنيين ليس محلا للنزاع اما
الاول فلان ايجاب المقدمة بخطاب مستقل فى ابواب الفقه قليل جدا واما الثانى فلان
القائل بالوجوب لا يدعى تعلق ارادة مستقلة بالمقدمة كما هو واضح ولا شبهة ايضا فى
ان التبعى بالمعنى الاول ليس موردا للنزاع لعدم الجدوى فى ذلك فيبقى التبعى
بالمعنى الثانى ويدور الامر بين ان يكون النزاع فى هذه المسألة فى التبعى بهذا
المعنى وبين ان يكون فى معنى آخر وهو امكان تولد ارادة متعلقة بالمقدمة من الارادة
النفسية المتعلقة بذيها وان كان الآمر غافلا بحيث لو التفت الى المقدمة لارادها
والظاهران محل النزاع هو هذا المعنى الاخير الخ وذكر المحقق العراقى فى النهاية ج
١ ص ٢٥٨ فمرجع هذا البحث فى الحقيقة عندهم الى البحث عن الملازمة بين ارادة الشىء
وارادة مقدماته ومن ذلك ايضا لا يختص هذا النزاع بخصوص مقدمة الواجب بل يجرى فى
مقدمة الحرام والمكروه والمستحب كما هو واضح كما ان الظاهر هو عدم اختصاص النزاع
بخصوص المقدمات التبعيّة غير الواقعة تحت الخطاب المستقل كما لعله يظهر من بعضهم
حسب جعلهم مورد النزاع الوجوب التبعى الغيرى الشرعى بل يعم البحث هذه وما وقع منها
مورد الامر فى حيّز خطاب مستقل كالوضوء والغسل ونحوهما لان مجرد وقوعها تحت خطاب
اصلى مستقل لا يقتضى وجوبها شرعا بالوجوب الغيرى لامكان كون الامر بها فى تلك
الخطابات ارشاد يا الى وجوبها العقلى بمناط اللابدّية فتامل الخ ، لكن يظهر من
المحقق القمى خلاف ذلك فى القوانين ح ١ ص ١٠١ الوجوب المتنازع فيه هو الوجوب
الشرعى لان الوجوب العقلى بمعنى توقف الواجب عليه وانه لا بد منها فى الامتثال مما
لا ريب فيه ذو مسكة والمراد من الوجوب الشرعى هو الاصلى الذى حصل من اللفظ
.................................................................................................
______________________________________________________
وثبت من الخطاب
قصدا وبالجملة النزاع فى ان الخطاب بالكون على السطح هل هو تكليف واحد وخطاب بشيء
واحد او تكليفات وخطاب بامور احدها الكون والثانى نصب السلّم والتدرج بكل درجة
درجة وغيرهما الخ واجاب عنه المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢١٣ والظاهر ان هذا
المعنى ليس محلا للكلام ايضا فان الوجوب المترشح الاستقلالى انما يكون عند
الالتفات الى المقدمية وهو قد يكون وقد لا يكون فلا يلازم وجوب ذى المقدمة دائما
بداهة ان ايجاب ذى المقدمة لا يستلزم وجوب مقدمته وجوبا استقلاليا الا مع التصديق
بالمقدمية فلو قطع الآمر بعدم المقدمية او غفل عن ذلك فلا يتاتى منه هذا النحو من
الايجاب قطعا ـ اى الوجوب الاستقلالى الناشى عن وجوب ذى المقدمة ـ وان كانت متصفة
بنحو آخر من الوجوب بناء على ثبوت الملازمة كما ستعرف وثانيهما ما يظهر من كلام
متاخرى المحققين كونه محلا للنزاع وهو الوجوب الترشحى التبعى الذى لا يدور مدار
الالتفات وعدمه الخ وقد تقدم اشارة اليه.
قال المحقق
الحائرى فى الدرر ج ١ ص ٥٢ اعلم ان الواجب فى الاصطلاح عبارة عن الفعل المتعلق
للارادة الحتمية المانعة عن النقيض فلا يشتمل ترك الحرام وان كان ينتزع من مبغوضية
الفعل وعدم الرضا به كون تركه متعلقا للارادة الحتمية المانعة عن النقيض إلّا انه
لا يسمى واجبا فى الاصطلاح فلو اقتصر فى العنوان المبحوث عنه هنا بمقدمة الواجب
كما فعله الاصوليون فاللازم جعل الحرام عنوانا مستقلا يتكلم فيه فالاولى جعل البحث
هكذا هل الارادات الحتمية للمريد سواء كانت متعلقه بالفعل ابتداء او بالترك من جهة
مبغوضية الفعل تقتضى ارادة ما يحتاج ذلك المراد اليه ام لا حتى يشمل مقدمة الفعل
الواجب والترك الواجب ثم على القول بالاقتضاء يحكم بوجوب جميع مقدمات الفعل الواجب
من المعد والمقتضى والشرط وعدم المانع ومقدمات المقدمات واما الترك الواجب فلا يجب
بوجوبه الا ترك احدى مقدمات وجود الفعل والسر فى ذلك ان الفعل فى طرف الوجود يحتاج
الى جميع المقدمات ولا يوجد إلّا بايجاد تمامها ولكن الترك يتحقق بترك إحداها فلا
يحتاج الى تروك متعددة حتى يجب تلك التروك بوجوب ذلك الترك ومن هنا ظهر انه ان لم
يبق الا مقدمة مقدورة واحد اما بوجود الباقى واما بخروجه عن حيز القدرة فحرمة
كون المسألة من
المسائل الفقهية (١) او الأصولية (٢)
______________________________________________________
ذلك الفعل تقتضى
حرمة تلك المقدمة المقدورة عليها عينا كما هو الشأن فى كل تكليف تخييرى امتنع
اطرافه الا واحدا فانه يقتضى ارادة الطرف الباقى تحت القدرة معينا وهذا واضح فلو
فرض ان صب الماء على الوجه مثلا يترتب عليه التصرف فى المحل المغصوب قطعا بحيث لا
يقدر بعد الصب على ايجاد المانع او رفع المحل عن تحت الماء فحرمة الغصب ووجوب تركه
تقتضى حرمة صب الماء على الوجه عينا الخ ولكن فيه ان يعم البحث لمقدمات الحرام
ايضا ويكون المحرم هى جميع المقدمات التى توصل الى الوقوع فى الحرام على القول
بمقدمة الموصلة كما هو المختار وسيأتى ذلك مفصلا وان ما ذكره صاحب الدرر من
التخيير فى مقدمة الحرام لا اساس له بعد ترشح الحرمة الى المقدمات كلها كترشح
الوجوب الى المقدمات لكن كل مقدمة فى ظرف انضمامها ببقية المقدمات الملازم لترتب
الحرام عليها خارجا لا مطلقا كما لا يخفى.
(١) ويتوقف على
بيان ما يمكن ان تكون هذه المسألة من مصاديقها ، منها المسألة الفقهية هى موضوعها
فعل المكلف ومحمولها احد الاحكام التكليفية او الوضعية وفى المقام كذلك لان
موضوعها فعل المكلف وهو المقدمة ومحمولها الوجوب او الحرمة وهو الحكم الشرعى
التكليفى.
(٢) ويمكن ان تكون
مسألة اصوليه كما عليه المحققين قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٦٠ على انه
ينطبق عليه ايضا ميزان المسألة الاصولية فان ميزان كون المسألة اصوليه كما افادوه
هو ما يكون نتيجتها واقعة فى طريق استنباط الحكم الفرعى على معنى وقوع نتيجتها
كبرى فى القياس لصغرى يفيد الحكم الفرعى ومثل هذا الميزان ينطبق على المسألة كما
فى قولك هذه مقدمة الواجب وكل مقدمة الواجب واجبة فهذه واجبة كما ينطبق فى فرض جعل
النزاع فى ثبوت الملازمة غايته انه على ذلك يحتاج الى تشكيل قياسين فى انتاج الحكم
الفرعى بخلافه على ظاهر عنوان البحث فانه لا يحتاج إلّا الى تشكيل قياس واحد ـ اى
يقال الوضوء مقدمة وثبت فى الاصول الملازمة بين حكم المقدمة وحكم ذيها فالوضوء له
حكم ذيها والوضوء مقدمة للصلاة والصلاة واجبة فالنتيجة ان الوضوء واجب ـ واما توهم
انتقاضه بمثل الشرط المخالف للكتاب والسنة لوقوع نتيجتها ايضا كبرى فى القياس فى
قولك هذا
او الكلامية (١)
او انها من مبادى الاحكامية (٢) كما انه بناء على كونه من المسائل
______________________________________________________
شرط مخالف للكتاب
وكل ما هو كذلك فاسد فهذا فاسد مع وضوح كونها من اجلى المسائل الفرعية فيدفعه
شخصية الحكم المحمول فيها بخلاف الحكم المحمول فى المقام على عنوان المقدمية ومعه
لا وجه لجعل المسألة من المسائل الفرعية غير المناسبة لتعرض الاصولى اياه فى
الاصول لمحض الاستطراد ـ اى حكم شخصى من الحرمة لنفس شرط المخالف المنطبق عليه
بخلاف المقام فانه حكم نوعى عنوان حكم ذى المقدمة لعنوان المقدمة نظير الوضع فى
المشتقات ـ ثم ان ذلك كله بناء على الاخذ بظاهر عنوان البحث وهو وجوب المقدمة
وإلّا فبناء على الاخذ بما هو الاهم فى المقام من ثبوت الملازمة وعدمها فعدم
ارتباطها بالمسألة الفرعية اوضح الخ وقال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٣٩ الظاهر ان المهم
المبحوث عنه فى هذه المسألة البحث عن الملازمة بين وجوب الشى ووجوب مقدمته فتكون
مسألة اصوليه الخ.
(١) اما كون
المسألة من الكلامية فان موضوعها احوال المبدا والمعاد والثواب والعقاب وفى المقام
هل يكون لترك المقدمة او لفعلها مع قطع النظر عن ذيها ثواب او عقاب ام لا.
(٢) وكون المسألة
من المبادى الاحكامية وهى المسائل التى تكون محمولاتها من عوارض الاحكام التكليفية
او الوضعية كتضادّ الاحكام وملازمة بعضها لبعض وغير ذلك مما يرجع الى نفس الاحكام
وفى المقام يقال هل الوجوب يسرى من ذى المقدمة اليها فان الوجوب حكم والبحث من
السريان عن عوارضه ، او انها من المبادى التصديقية وهى القضايا التى يستدل على
ثبوت المحمولات للموضوعات كما مر بتقريب ان موضوع علم الاصول الادلة الأربعة ومنها
حكم العقل والمراد به كل حكم عقلى يتوصل به الى حكم شرعى فلا محاله يجب ان يبحث فى
الاصول عن لواحق القضايا العقلية المثبتة للاحكام الشرعية لا عن ثبوت نفسها ونفيها
والبحث فى مسالة المقدمة اذا كان عن تحقق الملازمة بين الوجوبين كان بحثا عن نفس
الحكم العقلى لا عن عوارضه وعليه يصير البحث من المبادى التصديقية نعم لو كان
الموضوع نفس العقل لكان البحث المزبور من المباحث الأصولية ، واورد عليه المحقق
العراقى فى البدائع ص ٣١١ ما ثبت فى اول الكتاب من ان موضوع علم الاصول ليس هو
الادلة الأربعة بل هو ما يمكن ان يكون نتيجه البحث عن عوارضه واقعة فى طريق
الأصولية هل هى من
المباحث العقلية (١) او اللفظية (٢) او القواعد الكلية التى امر تطبيقها بيد
المجتهد (٣)
______________________________________________________
الاستنباط وبما ان
نتيجه بحث المقدمة يمكن ان تقع فى طريق الاستنباط يكون البحث المزبور من مسائل
العلم الخ.
(١) فان المسائل
الأصولية على قسمين القسم الاول المباحث العقلية وهى ايضا على وجهين تارة من
المستقلات العقلية كقبح عقاب بلا بيان وحسن الاحتياط ونحوهما مما لا ربط له بالشرع
اى سواء صدر من الشارع حكم ام لا فيكون من الاحكام العقلية المحضة كحكمه بان الكل
اعظم من الجزء وان الواحد نصف الاثنين وكحكمه ببطلان الدور والتسلسل واجتماع
النقيضين وكذا بعض المباحث الأصولية كما عرفت واخرى المباحث العقلية غير المستقلة
كمباحث الاستلزامات العقلية من الملازمة بين وجوب المقدمة ووجوب ذيها والامر
بالشيء مستلزم للنهى عن ضده عقلا على القول به والنهى مستلزم للفساد ونحو ذلك فانه
بانضمام امر الشارع او نهيه يحكم العقل بالملازمة وهكذا فانه بعد ورود الدليل على
وجوب شيء من الشرع يحكم اولا يحكم كمبحث اجتماع الامر والنهى ايضا والمفاهيم
وغيرهما مما يحتاج الى ورود حكم الشرع اولا ، القسم الثانى المباحث اللفظية
المرتبطة بالدلالات اللفظية كمباحث الوضع من الامر وصيغته وهيئتهما وغير ذلك مما
مر وسيأتى فى النهى ايضا ، والنتيجة ان مقدمة الواجب هل من المسائل العقلية او
اللفظية.
(٢) بمعنى انها
تكون وجوب المقدمة من الدلالة اللفظية.
(٣) وهنا ذكر
المحقق الماتن قسما ثالثا وهو ان تكون من القواعد الكلية التى امر تطبيقها بيد
المجتهد ويراد منه القاعدة الأصولية التى تكون طريقا لحكم فرعى قال فى النهاية ج ١
ص ٢٥٩ ومع الغض عن ذلك والاخذ بظاهر عنوان البحث نقول بعدم ارتباطها ايضا بالمسألة
الفرعية لان الملاك فى المسألة الفرعية على ما يقتضيه الاستقراء فى مواردها انما
هو وحدة الملاك والحكم والموضوع فكان المحمول فيها دائما حكما شخصيا متعلقا بموضوع
وحدانى بملاك خاص كما مثل الصلاة واجبة فى قبال الصوم واجب والحج واجب ومثل هذا
الملاك غير موجود فى المقام فلا يكون تعلق الوجوب بعنوان المقدمة من باب تعلق شخص
حكم بموضوع وحدانى بمناط وحدانى خاص بل بعد ان كان عنوان المقدمية من الجهات
التعليلية لا التقييدية لا جرم
اقول قد يتوهم (١)
من ظاهر العنوان كونه من المسائل الفقهية وان ذكرها فى المقام استطرادى محض لمجرد (٢)
مناسبته لمدلول الامر من الوجوب الثابت للشىء بصيغة الامر او مادته (٣) واورد عليه
(٤) بان علم الفقه متكفل لبيان احوال
______________________________________________________
الحكم المحمول على
العنوان المزبور يكون حاكيا عن وجوبات متعددة مختلفه شدة وضعفا بموضوعات عديدة
بملاكات متعددة فكان حال المقدمة ح بعد كون وجوبها بمناط دخلها فى ذيلها حال كل
واجب يترشح اليه الوجوب من جهة دخله فى ترتب المصلحة الخاصة عليه فيختلف الوجوب
فيها ح حقيقة وملاكا باختلاف ما يترتب على المقدمات نظير اختلاف الوجوبات باختلاف
المصالح المترتبة عليها وعليه فلا يكون هذا العنوان فى المقام حاكيا عن محمول واحد
متعلق بموضوع واحد بملاك واحد كما فى الصلاة واجبة والصوم واجب بل هو يكون حاكيا
ومرآة موضوعا ومحمولا عن موضوعات متعددة محكومة باحكام متعددة بمناطات مختلفه ومن
المعلوم ح انه لا يكون فى البين ح جهة وحدة فى البحث المزبور الا حيثيّة الملازمة
التى عرفت كونها محط النظر والبحث وعليه لا يكاد ارتباطها بالمسألة الفرعية بوجه
اصلا مضافا الى ما عرفت ايضا من عدم اختصاص مورد البحث بخصوص مقدمة الواجب بل
عمومه فى مقدمات الحرام والمكروه والمستحب ايضا مع ما لها من الاختلاف بحسب
المراتب والمناط فكان المقام من هذه الجهة من قبيل البحث عن ان فعل المكلف هل يكون
محكوما بالاحكام الخمسة ام لا ومعلوم ح عدم ارتباطها بالمسألة الفرعية كما هو واضح
الخ فتكون عليه قاعدة كلية فتكون المسألة كمسألة جواز خلوا الواقعة عن الحكم
بملاحظة عموم البحث لمقدمه الحرام والمكروه والمستحب.
(١) قال فى
الكفاية ج ١ ص ١٣٩ لا عن نفس وجوبها ـ اى وجوب المقدمة ـ كما هو المتوهم من بعض
العناوين ـ اى ان مقدمة الواجب واجبة ام لا ـ كى تكون فرعية وذلك لوضوح ان البحث
كذلك لا يناسب الاصولى والاستطراد لا وجه له الخ.
(٢) هذا هو الوجه
للاستطراد من المناسبة بين وجوب المقدمة ووجوب الثابت بالامر مادة وصيغة ولذا
ذكروها فى الاصول.
(٣) اى هيئة الامر
يدل على الوجوب فى صيغة افعل ومادة الامر يدل فى لفظ ـ امر ـ.
(٤) والمورد هو
المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢١٣ فان علم الفقه
موضوعات خاصه
كالصلاة والصوم وغيرهما والبحث عن عنوان المقدمة الغير المنطبق على شيء مخصوص لا
يتكفله علم الفقه ، وفيه (١) ان كثيرا من القواعد الاصطيادية وغيرها من القواعد
الفقهية مع ان موضوعها (٢) بنفسها ليس عنوانا مخصوصا (٣) بل كان موضوعها مرآة
للعناوين المخصوصة (٤) مثل قاعدة كلما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده الشامل للمعاوضات (٥)
وعقود الضمانات كالقرض وغيرها اذ (٦) عنوان ما يضمن فى مثلها جعل مرآة الى نحوى
الضمان و
______________________________________________________
متكفل لبيان احوال
موضوعات خاصه وكالصلاة والصوم وغيرها والبحث عن وجوب كلى المقدمة التى لا ينحصر
صدقها بموضوع خاص لا يتكفله علم الفقه اصلا الخ.
(١) فاجاب عنه
المحقق العراقى قدسسره بان لازم ذلك خروج كثير من المباحث الفقهية عن علم الفقه
قال فى البدائع ص ٣١٢ والمسألة الفقهية هى المسألة التى ينتج البحث فيها حكما
فرعيا اصليا اى غير واقع فى طريق احراز حكم آخر وحدانيا ناشئا من ملاك واحد سواء
كان متعلقه طبيعة شرعيه كالصلاة والصوم ام عنوانا يشاربه الى مصاديقه التى هى
متعلقات تلك الاحكام كالموضوع فى قاعدة ما يضمن وامثالها الخ وتبعه فى هذه المناقشة
استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ٢١٣ قال لا يختص المباحث الفقهية بما يبحث
فيه عن حكم موضوع من الموضوعات الخاصة لان جملة من المباحث الفقهية كمباحث وجوب
الوفاء بالنذر واخويه ووجوب اطاعة الوالدين ووجوب الوفاء بالشرط ونحوها يبحث فيها
عن احكام العناوين العامه القابلة للصدق على الافعال المختلفة فى الماهية والعنوان
الخ وكذا غيره من اساتذتنا.
(٢) اى هذه
القواعد.
(٣) كطبيعة الصلاة
والصوم.
(٤) والمصاديق
المتعددة.
(٥) فان قاعدة ما
يضمن بصحيحه يضمن بفاسده يشمل البيع والإجارة ونحوهما.
(٦) هذا هو الوجه
لعنوان قاعده ما يضمن وعقود الضمانات وهما المراد من (نحوى الضمان) فالضمان فى
جميع العقود الفاسدة حكم وحدانى ناشئ من ملاك
ما هو موضوع (١)
الحكم فى كل باب شيء غير الآخر ، و (٢) مثل قاعدة الطهارة المعلوم كون موضوعها
مرآة للعناوين الخاصة كموضوع (٣) قاعدة كلما لاقى نجسا فهو نجس الذى هو ايضا مرات
لعناوين اخرى ، ومنها (٤) ايضا قاعدة مخالفة الشرط او الصلح للكتاب والسنة بناء
على ان المراد مخالفه مضمونهما (٥) الحاكية عن امور مختلفه وموارد متفاوته (٦) ،
وح الأولى (٧) جعل
______________________________________________________
واحد وهو قاعدة
اليد.
(١) وانما
المصاديق مختلفه والموضوعات متفاوته تارة هو البيع واخرى الإجارة وثالثه الدين
ورابعه الهبة المعوّضة الفاسدة وهكذا.
(٢) ومنها قاعدة
الطهارة التى لها باب وسيع يجرى فى جميع الامور من الشبهة الموضوعية والحكمية فى
الابواب المختلفة والموضوعات المتفاوتة المتضادة فى الماء والتراب وغيرهما لكن ذكر
فى محله انها مسالة اصوليه.
(٣) ومنها قاعدة
كل ما لاقى النجس فهو نجس التى لها المصاديق المتغايرة من الدم والبول والمنى
والعذرة وغير ذلك لكن بمدرك واحد وهو الحكم الفرعى الاصلى بنجاسة الملاقى للنجس.
(٤) ومنها ما ورد
من ان المسلمون عند شروطهم الاكل شرط خالف كتاب الله عزوجل فلا يجوز وسائل باب ٦ ابواب الخيار والصلح جائز بين
المسلمين إلّا صلحا أحل حراما او حرم حلالا وسائل باب ٣ احكام الصلح.
(٥) اى مضمون
الصلح ومخالفة الشرط ومفادهما ومدلولهما.
(٦) فيكون مضمون
الصلح والشرط بحسب المصاديق كثيرة حيث تكون مخالفا للكتاب والسنة او أحل حراما
وحرم حلالا لكن ناشى من ملاك واحد وهو الحكم الفرعى المستفاد عن هذه الادلة كالشرط
والصلح على الامر المحرم وعلى انتفاء ما هو ماهية العقد كالبيع بلا ثمن والإجارة
بلا اجره ونحو ذلك.
(٧) تقدم ان
المسألة الفقهية هى التى ينتج البحث فيها حكما فرعيا اصليا كما مر ولو كان عنوان
مشيرا الى مصاديقه التى هى متعلقات تلك الاحكام وبالجملة ان المناط فيها هو كون
المحمول خاصا بمعنى انه يكون احد الاحكام وضعية او تكليفيه بدون اختلاف المرتبة فى
ذلك الحكم بالنسبة الى آحاد الموضوعات المندرجة تحت
المدار فى فقهية
المسألة اشتمالها على محمول خاص ثابت للعناوين المخصوصة ولو بتوسيط عنوان آخر مرات
لها اذ حينئذ ما من مسألة فقهيه الا وشأنها ذلك (١) ولا يرد ح النقوض السابقة ايضا
(٢) وح ربما يكفى هذا المقدار ايضا لاخراج مسألتنا هذه عن المسائل الفقهية (٣) اذ
مضافا (٤) الى مرآتية
______________________________________________________
ذلك العنوان فحكم
وحدانى ناش عن ملاك واحد أصالة لا ان يكون طريقا للغير.
(١) فان كل مسالة
تشتمل على محمول خاص لعنوان مخصوص.
(٢) والنقوض
السابقة لا ترد لانها عنوان يشاربه الى مصاديقه.
(٣) فيخرج مسألة
مقدمة الواجب عن المسائل الفقهية لوجهين بل ثلاثة.
(٤) الوجه الاول
قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣١٢ ان المسألة الأصولية ما يمكن ان تقع نتيجتها
فى طريق الاستنباط او ما يبحث فيها عن ما يرجع اليه المجتهد عند الياس عن الدليل
الاجتهادى ـ الى ان قال ـ فان مبحث مقدمة الواجب منها حتى اذا كانت نتيجة البحث
فيه هو وجوب المقدمة لا تحقق الملازمة والسر فى ذلك هو ان وجوب المقدمة ليس حكما
وحدانيا ناشئا عن ملاك واحد بل هو واحد عنوانا ومتعدد بتعدد ملاكات الواجبات
النفسية الخ مضافا الى وجوبات متعددة مختلفه شدة وضعفا بحسب المناطات المختلفة
واولى من ذلك ان الحق بالوجوب مقدمات سائر الاحكام الخمسة فيكون اختلاف المحمول
عليه اوضح والمحمول اكثر من حكم واحد فالواجب مقدمته واجبة والمستحب مستحب وهكذا
ولا يرتبط بالمسألة الفرعية ، الوجه الثانى ايضا ذكر فى البدائع ص ٣١٣ ان هذا
البحث لا يختص بالواجبات الشرعية بل نتيجته ان مقدمة كل واجب واجبة بوجوب من سنخ
وجوب ذيها الخ واشار الى ما ذكرنا فى الكفاية ج ١ ص ١٣٩ وتقدم مرارا الظاهر ان
المهم المبحوث عنه فى هذه المسألة البحث عن الملازمة بين وجوب الشى ووجوب مقدمته
فتكون مسألة اصوليه الخ وتبعه الأساتذة منهم استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص
٢١٣ بل الوجه فى خروج هذه المسألة عن المباحث الفقهية هو ان البحث فى المقام انما
هو عن ثبوت الملازمة بين طلب شيء وطلب مقدمته سواء كان الطلب وجوبيا ام كان
استحبابيا واما تخصيص الموضوع فى كلام كثير منهم بالوجوب فانما هو لاجل الاهتمام
بشانه لا من جهة اختصاص النزاع به وعليه فلا وجه لتوهم دخول المبحث فى المباحث
موضوعها للعناوين
بخصوصية اخرى كان محمولها ايضا مرآتا لاحكام خاصه ناشئة عن مناطات المخصوصة علاوه
عن اختلافها بحسب المرتبة من الشدة والضعف بل ولئن الحق بالوجوب باقى الاحكام
الخمسة بوحدة المناط كان اختلاف المحمول فى المسألة اوضح وبهذه الملاحظة لا يناسب
هذه المسألة مع المسائل الفقهية كما (١) ان المهم من هذه المسألة (٢) اثبات وجوب
المقدمة من
______________________________________________________
الفقهية بل هو بحث
اصولى تقع نتيجته فى طريق استنباط الحكم الشرعى وذلك لانه بعد ثبوت الملازمة ووجوب
شيء فى الخارج نقول لو كان هذا الشى واجبا لوجبت مقدمته لكنه واجب فمقدمته واجبة
الخ.
(١) ثم انه بعد ما
كانت المسألة من المسائل الأصولية هل هى من المسائل العقلية او اللفظية قال صاحب
الكفاية ج ١ ص ١٣٩ لا لفظية كما ربما يظهر من صاحب المعالم حيث استدل على النفى
بانتقاء الدلالات الثلاث مضافا الى انه ذكرها فى مباحث الالفاظ الخ بيان ذلك ان
المراد من الدلالات الثلاث هى الدلالات اللفظية المطابقة والتضمن والالتزام ومن
المعلوم ان انتقاء هذه الدلالات انما يقتضى نفى الدلالة اللفظية لا الدلالة
العقلية والفرق بين الدلالة الالتزامية اللفظية وبين اللزوم العقلى المدعى كونه
محل النزاع ان الدلالة الالتزامية يعتبر فيها اما اللزوم العرفى كالجود والحاتم او
العقلى البيّن بالمعنى الاخص بحيث يلزم من تصور الملزوم تصور اللازم كتصور الأربعة
يلازم تصور الزوج واللزوم العقلى فى كلام القوم اعم من ذلك ومن البين بالمعنى
الاعم وهو ما يجب معه الحكم باللزوم عند تصور الطرفين كما فى آية الحمل ومن غير
البيّن وهو ما لا يكون كذلك.
(٢) ثم ان عنوان
البحث بناء على كونها عقلية احد امرين احدهما ما هو المعروف اثبات وجوب المقدمة من
ناحية وجوب ذى المقدمة ، وثانيهما ما افاد ، فى الكفاية ج ١ ص ١٣٩ البحث عن
الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته فتكون مسألة اصوليه ـ الى ان قال ـ والكلام فى
استقلال العقل بالملازمة وعدمه الخ واختار ذلك أساتذتنا منهم استاذنا الخوئى فى
هامش الاجود ج ١ ص ٢١٣ قال بل الوجه فى خروج هذه المسألة عن المباحث الفقهية هو ان
البحث فى المقام انما هو عن ثبوت الملازمة بين طلب شيء وطلب مقدمته سواء كان الطلب
وجوبيا ام كان استحبابيا هو
ناحية وجوب ذيها
وان كان وجوب ذيها ثابتا بالادلة اللبية فلا يناسب جعلها من مباحث الالفاظ اذ لا
خصوصية للفظ فى هذه الجهة من الكلام ، و (١) ارجاع هذا العنوان (٢) الى البحث عن
الملازمة بين الوجوبين ايضا ، غير وجيه (٣) فلا وجه
______________________________________________________
بحث اصولى تقع
نتيجته فى طريق استنباط الحكم الشرعى الخ واختار المحقق الماتن الامر الاول وذكر
انه لا فوق بين ان يكون وجوب ذيها ثابتا بالدليل اللبى او غيره فلا خصوصية للفظ
فيه ولا يناسب جعلها فى مباحث الالفاظ نعم وجه المناسبة قال المحقق العراقى فى
النهاية ج ١ ص ٢٦١ فانه بعد الفراغ من دلالة الصيغة على الوجوب يناسب البحث عن
ثبوت الملازمة بين وجوب الشىء ووجوب مقدمته الخ.
(١) هذا ما ذكره
فى الكفاية وقد تقدم من ان الكلام فى استقلال العقل بالملازمة وهو العقل غير
المستقل وذلك بعد استفادة اصل الحكم الشرعى من الدليل يبحث عن الملازمة.
(٢) والمراد ارجاع
عنوان ترشح وجوب المقدمة من وجوب ذيها كما تقدم عن الكفاية الى الملازمة وقال ايضا
ص ١٣٩ ج ١ ضرورة انه اذا كان نفس الملازمة بين وجوب الشى ووجوب مقدمته ثبوتا محل
الاشكال فلا مجال لتحرير النزاع فى الاثبات والدلالة عليها باحدى الدلالات الثلاث
كما لا يخفى الخ.
(٣) واجاب عنه
المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٦١ اذ نقول بان ما افيد من عدم المجال لا يراد
البحث فى مقام الدلالة مع الاشكال فى اصل ثبوت المعنى انما يتم بالنسبة الى
المدلول المطابقى الذى يمكن فيه تخلف الدلالة واما بالنسبة الى المدلول الالتزامى
فحيث انه لا ينفك ثبوت الملازمة عن دلالة اللفظ عليها بنحو الالتزام فلا يتم هذا
الاشكال اذ عليه يكون البحث عن دلالة الصيغة عين البحث عن ثبوت الملازمة ويستكشف
بنحو الإنّ من دلالة الصيغة عن ثبوت الملازمة ومن عدم دلالتها عن عدم ثبوت
الملازمة بين المعنيين نعم يرد عليه ح ان مجرد ثبوت الملازمة بين معنيين ما لم يكن
اللزوم بنحو البين بالمعنى الاخص لا يرتبط بمقام الدلالة اللفظية حتى تكون المسألة
لفظية وداخلة فى مباحث الالفاظ وعليه ينحصر الامر فى المسألة فى كونها عقلية محضة
الخ.
لادراجها فى
المسائل العقلية الغير المستقلة (١) ومجرد تلازم العنوانين (٢) لا يقتضى ارجاع
احدهما الى الآخر بل لا بد فى كل عنوان ملاحظة دخوله فى اىّ مسألة (٣) ، وبهذه
الجهة (٤) لا وجه لارجاعها الى البحث عن المبادى الاحكامية وان لا يخلو عن مناسبة (٥)
بل ومن هذه البيانات (٦) ظهر ايضا عدم مناسبة مثل
______________________________________________________
(١) وبعد ما لم
يكن من باب الملازمة فلا تكون من المسائل العقلية غير المستقلة بل عقلية محضة وتقدم
ان البحث عن المقدمة لا تختص بالاحكام الشرعية فالنتيجة ان لزوم المقدمة من ناحية
لزوم ذيها هل يحكم به العقل ام لا فتكون من العقلية المحضة.
(٢) اى عنوان وجوب
المقدمة من ناحية وجوب ذيها تلازم عنوان الملازمة فلا يرجع العنوان الاول الى
العنوان الثانى.
(٣) فالمدار على
ان كل عنوان يدخل فى اى مسالة عقلية محضة او غير مستقلة.
(٤) ثم يشير الى
كون المسألة من المبادى الاحكامية وفساده اما كونها من المبادى الاحكامية باعتبار
كونها بحثا عن لوازم وجوب الشى وانه هل من لوازم وجوب الشى وجوب مقدماته ام لا ،
وجه الفساد قال فى البدائع ص ٣١١ ما بيناه فى اول الكتاب من انه لا ضير فى ان تكون
للمسألة جهتان يوجب كل منهما تعنونها بعنوان مستقل وهذه المسألة وان كانت من
المبادى الاحكامية إلّا انها بما ان نتيجتها تقع فى طريق الاستنباط يصح البحث عنها
فى المسائل الأصولية الخ.
(٥) فانه بعد الفراغ
من دلالة الصيغة على الوجوب يناسب البحث عن لوازم وجوب الشى.
(٦) من كون المدار
على العنوان فى جعلها مسألة اصوليه عقلية او غيرها ظهر عدم كون المسألة كلاميه قال
المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٥٩ من جهة وضوح ان المقدمة على القول بوجوبها
ليست مما يترتب عليها المثوبة والعقوبة عند الموافقة والمخالفة فان المثوبة
والعقوبة كانتا من تبعات موافقة الواجب النفسى ومخالفته لا من تبعات مطلق الواجب
ولو غيريا وما يرى من استحقاق العقوبة عند ترك المقدمة فانما هو من جهة تادية
تركها الى ترك ذيها الذى هو الواجب النفسى لا من جهة انها مما
هذا العنوان مع
كون المسألة كلاميه كما عرفت (١) من ان مدار ميزان المسألة من اى مسالة على ملاحظة
نفس العنوان لا على ملاحظة لازمه من حيث التحسين والتقبيح خصوصا مع (٢) عدم درك
العقل فى الباب حسن المقدمة إلّا بتوسيط وجوبه او وجوب ذيه وإلّا فلا يستقل العقل
بحسن ذيه لو لا الوجوب فضلا عن حسن مقدمته وح فلا يناسب للمقام الا بجعلها (٣) من
القواعد الواقعة فى طريق حكم كلى فرعى كوجوب عنوان خاص احرزت مقدمته بتوسيط هذه
الكبرى (٤) بل فى كثير (٥) من المصاديق الكلية لا يكون امر تطبيقها الا بيد
المجتهد فقط نظير
______________________________________________________
يقتضى مخالفتها فى
نفسها مع قطع النظر عن ترتب ترك ذيها استحقاق العقوبة عليها كما لا يخفى ومعه لا
مجال لعدّ المسألة من المسائل الكلامية الخ.
(١) ثم اشار الى
كلام المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٦١ قال واما فى مسالة الحسن والقبح
والملازمة بينهما وبين الوجوب والحرمة فنلتزم بان الأولى من المبادى العقلية
للثانية والثانية يبحث فيها عن لوا حق القضية العقلية وهى حكم العقل بالحسن والقبح
الخ فاجاب عنه المحقق الماتن بان المدار على نفس العنوان كالوجوب والحرمة لا لازمه
وهو عنوان آخر كالحسن والقبح فلعل نتيجته ان الحسن والقبح من المستقلات العقلية من
دون النظر الى الشرع فلو كان المدار عليه يلزم ان يكون حكم العقل هنا كذلك مع ان
المقام ليس كذلك.
(٢) والوجه فى ذلك
ان العقل لا يحكم بحسن ذى المقدمة فكيف بالمقدمة الا بعد وجوب ذى المقدمة ووجوب
المقدمة شرعا وبدونه لا يستقل بالحسن اصلا.
(٣) فتكون النتيجة
هى قاعدة كلية طريقى لحكم كلى فرعى وهى الميزان للمسألة الأصولية وتقع كبرى لحكم
كلى شرعى.
(٤) مثل الوضوء
مقدمة الواجب وهو الصلاة وكل مقدمة الواجب واجبة فالوضوء واجب وهكذا.
(٥) بل فى كثير من
صغرياتها وانها مقدمة ام لا يكون بيد المجتهد نحو مقدمية الوضوء وغيره للصلاة
والطواف.
مقدمية الوضوء
وغيرها نعم (١) قد يكون مثل هذه المسألة منتجا لحكم جزئى ايضا ولكن لا يضر ذلك
باصولية فى موارد تطبيق هذه القاعدة على العناوين الكلية المنتجة لحكم كلى كما ان
بعد هذه النتيجة لا يضر باصوليّته عدم اختصاص المجتهد احيانا بتطبيقه ايضا (٢)
وبالجملة لا نعنى بالمسألة الاصولية الا القواعد الواقعة فى طريق استنباط حكم كلى
لموضوع كلى كما لا يخفى فتدبر جيدا. وبعد ما ظهر ذلك ينبغى فى المقام من طى امور
منها (٣) ان مناط المقدمية التى
______________________________________________________
(١) وربما يكون
العنوان بنحو تكون المسألة منتجة لحكم جزئى كما لو وجب الجلوس على السطح فهل يجب
الصعود من الدرج بعنوان المقدمة ام لا لكن لا ينافى البحث اصوليا بالعنوان
الملازمة او ما تقدم التى تقع نتيجتها فى طريق استنتاج الحكم الكلى الالهى ولو شمل
الموضوعات الخارجية ايضا كما ان لا تنقض اليقين بالشك مسالة اصوليه ولو يشمل
الشبهات الموضوعية ايضا كما يشك فى وضوئه فيستصحب بقائه قال فى البدائع المحقق
العراقى ص ٣١٢ كما انه يخرج عنه ـ اى عن المسائل الفقهية ـ مبحث الاستصحاب وان
قلنا بان اعتباره المستفاد من الاخبار هو وجوب العمل على طبق الحالة السابقة بل
يخرج عنه جميع مباحث الامارات والاصول العملية حتى بناء على ما هو الحق من ان
المجعول فيها وجوب العمل على طبق مؤداها لان نتيجه البحث فى مثل هذه المباحث وان
كان حكما فرعيا وهو وجوب العمل إلّا انه حكم طريقى يتوصل به الى حكم اصلى وقد تقدم
فى التعريف اعتبار ان تكون نتيجه البحث الفقهى حكما اصليا الخ فقد تقدم ان هذه
المسألة من المسائل الأصولية لوقوع نتيجتها فى طريق الاستنباط الاحكام الفرعية
الكلية.
(٢) كما فى مقدمات
السير الى الحج الواجب من اخذ الپاسپورت وغيره فلا يختص بالمجتهد ولكن ذلك لا
ينافى مع كون الحكم طريقيا لاستنباط الحكم الكلى الفرعى فى غير مورد.
(٣) وذلك لان
المقدمة هى تقدم الشى رتبه على غيره وهو ذى المقدمة لتوقفه عليه بحيث يحكم العقل
بتخلل الفاء بين وجوديهما وانه وجد الشى فوجد غيره.
هى محط البحث فى
المقام هو تقدم الشى وجودا على غيره رتبة بحيث يرى العقل بين وجوديهما تخلل فاء
وانه وجد فوجد (١) وح يخرج باب التلازم الصادق وجودهما معا بلا تخلل الفاء بينهما
عن مركز البحث (٢) كما (٣) ان باب الطبيعى وافراده المتحدان وجودا ايضا خارج عن
هذا لعنوان فتوهم مقدميّة الفرد للكلى ليس فى محله و (٤) منه تقدم الجزء على الكل
بالماهية والتجوهر اذ مثل هذا التقدم ايضا لا يقتضى تخلل الفاء بين وجوديهما فمثل
هذا لتقدم ايضا خارج عن مركز البحث كما سنشير اليه ايضا فى الامر الآتي إن شاء
الله تعالى بل ربما نقول (٥) بخروج تقدم الطبيعى بين الشيئين ايضا عن مركز البحث
كالواحد بالإضافة الى الاثنين و (٦) منه ايضا حدوث الشى بالإضافة الى بقائه اذ فى
امثال
______________________________________________________
(١) وح يعتبر فى
محل النزاع امران التوقف واستقلال كل من المقدمة وذيها فى الوجود وعليه يخرج عن
محل النزاع موارد عديدة.
(٢) هذا المورد
منها وهو المتلازمان فى الوجود لعدم توقف احدهما على الآخر كالابوة والبنوة
والاحراق والاحتراق وغسل الثوب النجس مع الماء بشرائطه وحصول الطهارة ولا مناقشة
فى المثال.
(٣) هذا هو المورد
الثانى الطبيعى ومصداقه لما ذكره المحقق الماتن لعدم استقلال كل منهما فى الوجود
كالانسان وزيد وعمر وبكر ونحوه.
(٤) والمورد
الثالث اجزاء الماهية المركبة فانها وان كانت متقدمة عليها بالتجوهر إلّا انه لا
امتياز بينهما فى الوجود كماهية الصلاة مع اجزائها كالركوع والسجود ونحوهما.
(٥) المورد الرابع
تقدم الواحد على الاثنين لعدم الامتياز فى الوجود ايضا وان كان بينهما تقدم وتاخر
طبعى.
(٦) ومنها ايضا
المورد الخامس الحدوث والبقاء فانه وان صح التعبير بان البقاء متوقف على الحدوث
إلّا ان الباقى عين الحادث وجودا والبقاء والحدوث عنوانان منتزعان من كون الوجود
مسبوقا بالعدم ومن استمرار الوجود.
ذلك لا يرى العقل
وجودين بينهما تخلل فاء وما هو مورد الكلام هو ذلك (١) كيف ولو فرض وجوب للاثنين
لا يترشح منه وجوب آخر للواحد فى ضمنه كيف ولازمه اجتماع المثلين كما سنشير فلا
محيص من كون مركز الوجوب الآخر وجود آخر وهو لا يكون إلّا بما ذكرنا كما لا يخفى. و
(٢) منها تقسيمهم المقدمة بالداخليّة والخارجية والغرض من الداخلية اجزاء المركبات
(٣) والظاهر ان المقصود من المركبات ايضا المركبات الخارجية الاعتباريّة (٤) كيف
والمركبات
______________________________________________________
(١) فمورد الكلام
هو وجودين مستقلين فلو كان الواحد مقدمه للاثنين وتعلق الوجوب على الاثنين فلا
محاله تعلق الوجوب على الواحد فى ضمنه فلو ترشح وجوب آخر من وجوب ذى المقدمة الى
المقدمة وهو الواحد يلزم تعدد الوجوب لواحد فيلزم اجتماع المثلين وهو محال وسيأتى
ايضا توضيحه وكذلك فى غيره وخارج عن محل الكلام جميع ذلك.
(٢) وهى على انواع
قال فى الكفاية ج ١ ص ١٣٩ تقسيمها الى الداخلية وهى الاجزاء الماخوذة فى الماهية
المامور بها ـ اى قيدا وتقيدا ـ والخارجية وهى الامور الخارجة عن ماهيته مما لا
يكاد يوجد بدونه الخ ومن الثانى اجزاء العلة التامة من المقتضى والشرط والمعد وعدم
المانع والمدعى خروج اجزاء الماهية عن محل النزاع فى المقدمة وشمول النزاع للثانى
لتحقق ملاكه فيها ، ومنها شرائط المامور به مثل الطهارة عن الحدث والخبث والستر
والاستقبال فى الصلاة ، ويكون التقيد داخل فى المامور به دون القيد فالصلاة
المتقيدة بهذه الشرائط مطلوب لا مطلقا.
(٣) فالمراد من
الداخلية اجزاء المركبات والمركبات على انحاء تارة المركبات الاعتباريّة واخرى
المركبات العقلية وثالثه المركبات الحقيقية والمدعى ان المراد من الداخلية اجزاء
المركبات الاعتباريّة دون غيرها.
(٤) والمركب
الاعتبارى هو ما لوحظ المعتبر عدة اجزاء لكل جزء له وجود مستقل باعتبار دخلها فى
غرض واحد وحدة اعتبارية لها وسيأتى توهم ان الجزء مقدمة للكل.
العقلية (١) لا
جزء لها الا فى موطن العقل وعالم التحليل و (٢) هو خارج عن مصب الوجوب الغيرى اذ
لا وجود لها بوصف جزئيتها الا فى الذهن الغير القابل لتوجه الايجاب الغيرى
المستتبع لامتثال مستقل به خارجا بل فى الخارج لا يكون إلّا وجودا واحدا محضا كما
هو ظاهر ، وهكذا (٣) الامر فى المركبات الحقيقية الخارجية (٤) كتركب الاجسام (٥)
من العناصر (٦) فان الاجزاء
______________________________________________________
(١) والمركبات
العقلية وهى التحليلات العقلية واجزائه العقلية كالجنس والفصل كالحيوان والناطق.
(٢) ولكن التحليل
العقلى لا يتوهم جريان النزاع فيه فان الجنس والفصل وهو الاجزاء التحليلية العقلية
لا وجود لهما فى الخارج كذلك كى يتصور النزاع ان الجزء مقدمة للكل وانما هو موجود
فى الذهن وبسيط فى الخارج وجود واحد.
(٣) اما المركبات
الحقيقية الخارجية كالاجناس العالية.
(٤) فان الانسان
مركب من الجوهرية اى لا فى موضوع والجسمية اى له حيّز والناصية اى الرشد لا
كالجماد ، والحساسية ، اى ان ضرب ابرة ببدنه يحس ذلك ويوجعه لا كالنبات ،
والحيوانية ، اى له الحياة والروح ، وناطق اى يدرك الكليات وله الشعور فجميع هذه
الامور يندك بعضها فى بعض ويتحقق بوجود واحد بسيط بلا وجود اجزاء مركب منه حتى يكون
محل النزاع فى المقدمة.
(٥) وكذا تركب
الانسان من المادة والصورة وان كانتا موجودتين خارجا إلّا انه لا امتياز لهما فى
الوجود عن المركب منهما ليتوقف المركب عليهما.
(٦) ولعل المراد
العناصر الأربعة التراب والماء والهواء والنار ويكون الاجسام مركبا منها ولكن له
وجود واحد بسيط فلا وقع للنزاع فيه اصلا قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٢٦٧
نعم انما يتصور المقدمية بالنسبة الى الاجزاء فى المركبات الحقيقية العقلية التى
لها وجود مستقل وصورة مستقلة غير صورة الاجزاء كالاجسام الملتئمة من العناصر
الخاصة فانها باعتبار انقلاب الاجزاء فيها عمالها من الصور العنصرى الخاص الى
الصور الجسمية او النباتية وصيرورتها مواد لها امكن دعوى مقدمية الاجزاء المادية
للمركب باعتبار تقدمها عليه وكونها من علل قوامه الخ لكن خارج عن مورد النزاع.
المحفوظة فيها لم
يبق على حقيقتها الأولية بل يتلاقى كل واحد بالآخر انخلعت منها صورتها الاولى
وحصلت للمجموع صورة اخرى فانقلبت شيئيتها بشيئية اخرى فلها ايضا وجود واحد خارجى
بلا وجود لاجزائها فى الخارج فخرجت الاجزاء المزبورة ايضا عن مصب الاحكام الغيرية
القابلة لتوجه الوجوب الغيرى المستتبع لامتثاله مستقلا قبال وجوبها النفسى وح لا
مجال لتوهم ادخالها فى حريم النزاع ، فما (١) هو قابل لادخالها فى حريمه هى
المركبات الاعتبارية التى كان لكل جزء منها وجود مستقل غير وجود الآخر خارجا غاية
الامر شملها وحدة اعتبارية من قبل وحدة عارضها من الهيئة المخصوصة كالسرير او
اثرها المخصوص بملاحظة تاثيرها فى امر خاص كمحركيّة ايادى متعددة لحجر واحد اذ ح (٢)
كان مجال توهم ان كل جزء بملاحظة وجوده مستقلا فى الخارج يصلح ان يترشح اليها وجوب
غيرى قبال الوجوب النفسى العارض لمجموعها و (٣) ان
______________________________________________________
(١) فالنتيجة ان
القابل لوقوع النزاع فيه المركبات الاعتباريّة وهى اجتماع اجزاء متغايرة شملها
وحدة اعتبارية من المعتبر لما حصل لها بالاجتماع هيئة خاصه كالسرير ونحوه او اثر
اثرا خاصا كاجتماع جماعة فى رفع الحجر الثقيل ونحو ذلك كما يؤثر المركب الكذائى فى
رفع المرض الكذائى قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٢٦٧ كما فى الصلاة حسب ما
يستفاد من ادلة القواطع حيث ما يستفاد منها ان للصلاة هيئة اتصاليّة وانها ايضا
مما لها الدخل فى غرض النهى عن الفحشاء الخ.
(٢) وتقريب جريان
النزاع ان الاجزاء غير المركب اعتبارا فمن جهة تكون كلا فيجب بالوجوب النفسى ومن
جهة اخرى تكون مقدمة لتحقق المركب الاعتبارى فتجب وجوبا غيريا بناء على الملازمة.
(٣) ثم اشار الى
الجواب عما نقل عن صاحب الحاشية المعالم الشيخ محمد تقى نقل عنه المحقق النّائينيّ
فى الاجود ج ١ ص ٢١٦ فاعلم ان المحقق صاحب الحاشية اخرج المقدمات الداخلية بالمعنى
الاخص عن حريم النزاع وقد استدل عليه بما يقرب من استدلال القائلين بخروج العلة عن
محل الكلام وحاصله ان المقدمات
الفرق بين الجزء
والكل ح بصرف اعتبار الانضمام فى الكل دونه فالاجزاء عبارة
______________________________________________________
الداخلية بما ان
التقيد والقيد فيها داخلان فى المامور به فهى نفس متعلق الامر النفسى وليس فيها
جهة اخرى توجب تعلق الوجوب الغيرى بها مع انه يستحيل كون شيء واحد متعلقا للامر
النفسى والغيرى المترشح من قبل نفسه لاحتياج الامر الغيرى الى اتصاف متعلقه
بالمقدمية المستلزمة للمغايرة فى الوجود بين المقدمة وذيها وعمدة الاشكال هو ذلك
لا لزوم اجتماع الحكمين المتماثلين فانه يمكن الجواب عنه بالاندكاك والتأكد كما
اذا كان عبادة واجبة مقدمة لواجب آخر كصلاة الظهر بالقياس الى صلاة العصر الى آخر
كلامه والمراد من الداخلية بالمعنى الاخص قال فى الاجود ج ١ ص ٢١٥ والداخلية تنقسم
الى داخليه بالمعنى الاخص وداخلية بالمعنى الاعم اما الداخلية بالمعنى الاخص فهى
الاجزاء التى يتقوم المامور به منها فيكون التقيد كذات القيد داخلا فى المامور به
واما الشروط وعدم الموانع فكلها خارجيه بهذا المعنى لعدم دخول ذواتها فى المامور
به وان كان التقيد بها داخلا فيه واما الداخلية بالمعنى الاعم فهى كلما يتوقف
امتثال المامور به عليه شرعا فيستحيل الامتثال بدونه وعليه فتدخل الشروط وعدم
الموانع فى المقدمة الداخلية ايضا الخ ، والنزاع فى المقدمة الداخلية بالمعنى
الاخص لا غير فالنتيجة ان هنا اشكالين احدهما ان المقدمة تجب ان تكون سابقة على ذى
المقدمة كما هو مقتضى تسميتها بها والاجزاء ليست هى سابقه عليه فانها نفس ذى
المقدمة وثانيهما ان المقدمة تجب ان تكون غير ذى المقدمة وجودا ليترشح الوجوب
الغيرى منه اليها على القول بالملازمة والاجزاء ليست هى مبائنة مع ذى المقدمة بل
هى عين ذى المقدمة فلا ملاك لاتصافها بالوجوب فانه لغو واجاب عن صاحب الحاشية صاحب
الكفاية ج ١ ص ١٤٠ والحل ان المقدمة هى نفس الاجزاء بالاسر وذو المقدمة هو الاجزاء
بشرط الاجتماع فيحصل المغايرة بينهما وبذلك ظهر انه لا بد فى اعتبار الجزئية اخذ
الشىء بلا شرط كما لا بد فى اعتبار الكلية من اعتبار اشتراط الاجتماع الخ وتبعه
المحقق الماتن فى هذا الاصطلاح بما حاصله ان الاجزاء ان اعتبرناها بشرط الانضمام
فهى نفس الكل وان اعتبرناها لا بشرط فهى غيره فتكون مغايرة الاجزاء للكل بهذا
لاعتبار نظير الهيئة السريرية الحاصلة من اتصال الاخشاب بعضها ببعض فان من المعلوم
ح ان تلك الذوات بملاحظة معروضيتها للهيئة متقدمة على الكل طبعا فتحقق فيها ملاك
المقدمية ، ولكن بذلك لا يرتفع الاشكالين كما ستعرف.
عن وجود كل واحد
لا بشرط الانضمام اى من دون الانضمام والكل عبارة عن الوجودات المزبورة بشرط
الانضمام ، والى مثل هذا البيان (١) ايضا نظر من قال فى الفرق بين الكل والجزء بان
الاجزاء ماخوذة لا بشرط والكل ماخوذ بشرط شىء وفى جملة من الكلمات المنسوبة الى
المحقّقين (٢) جعل الفرق بين الكل والاجزاء باخذ الجزء بشرط لا والكل بشرط شىء ،
والظاهر (٣) ان مراده من بشرط لا صرف ملاحظته فى قبال الغير لا (٤) ملاحظته مقيّدا
بعدم ضم الغير اليه كيف وهو لا يجتمع مع الكل فى الوجود مع ان الكل حاو لأجزائه
ويستحيل ان يفارق الجزء لكله وجودا خارجيا فلا معنى لاخذها بشرط لا إلّا بالمعنى
الذى
______________________________________________________
(١) تقدم ان صاحب
الكفاية اعتبر الجزء لا بشرط وبشرط الاجتماع يراد ما ذكرنا من شرط الانضمام وعدمه
من وجود كل واحد من الاجزاء لا بشرط الانضمام بحيث تلاحظ الاجزاء بما انها موجودة
فى الخارج بوجودات مستقلة.
(٢) والمراد منه
الشيخ الاعظم الانصارى فى التقريرات نقل ذلك المحقق العراقى فى البدائع ص ٣١٤ ان
فى الاجزاء جهتين جهة اخذها بشرط لا ومن هذه الجهة تكون اجزاء ومتقدمة على الكل
وجهة اخذها لا بشرط ومن هذه الجهة تحمل على الكل بل هى عينه الخ.
(٣) قال المحقق
العراقى فى المتن وفى البدائع ص ٣١٤ والظاهر ان المراد من بشرط لا فى المقام هو
لحاظ الشى فى قبال غيره بحيث يرى انه غيره كما ان المراد بشرط شيء هى ملاحظة
الانضمام ولا يخفى ان ملاحظة الاجزاء بشرط لا بهذا المعنى لا تنافى اعتبارها كلا
الخ.
(٤) قال المحقق
الماتن فى البدائع ص ٣١٤ بخلاف ما لو اريد من بشرط لا بشرط عدم الانضمام فى قبال
بشرط شيء اعنى بشرط الانضمام لوضوح ان الاجزاء عين الكل خارجا ومعه كيف يتصور
اعتبارها بشرط عدم الانضمام بل هى بهذا الاعتبار ليست اجزاء ايضا ولا يمكن انتزاع
الجزئية منها لان صيرورتها اجزاء انما هو باعتبار اجتماعها فى ملاحظة واحدة اعنى
انها لوحظت فى حال الانضمام لا بشرط الانضمام وما يكون شانه ذلك لا يجتمع مع لحاظ
عدم الانضمام الخ.
نحن اشرنا اليه
الذى هو قابل للاجتماع مع غيره ، وفى قبال هذا الاعتبار (١) اعتبار (٢) كل جزء لا
بشرط الراجع الى ملاحظة ذاته بنفسه لا فى قبال الغير ، وبهذه قابل لحمل كل جزء على
الآخر وحمل كل واحد على الكل ، وهذا المعنى من لا بشرط ايضا غير معنى اللابشرطية
من حيث الانضمام الذى اشرنا اليه سابقا اذ مثل هذا الاعتبار (٣) ايضا لا يصحح
الحمل المزبور (٤) ، وعلى اى حال كل
______________________________________________________
(١) اى فى قبال
الجزء بشرط لا وهو الجزء لحاظه فى قبال غيره.
(٢) اى مقابل ذاك
هو لحاظ الجزء لا بشرط اى ملاحظه ذاته بنفسه فلذا يصح حمل بعضها على بعض وحملها
على الكل وهذا غير بشرط الانضمام والاجتماع الذى تقدم.
(٣) اى الانضمام
لا يصح الحمل.
(٤) وذلك لانه ان
لوحظ الجزء لا بشرط اى ذاته بنفسه فيصح الحمل ويكون امرا اعتباريا وامكن ان يتحد
مع الكل فيكون الحيوان مع الناطق انسانا كما يمكن ان يتحد مع الجزء فالناطق حيوان
مع الضميمة واما اللابشرط الانضمام فلا يحمل على الكل ولا يتحد معه كما لا يحمل
على الجزء ايضا ولذا لا يصحح الحمل المزبور قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص
١٦٢ ما اشار اليه رض ـ اى صاحب الكفاية ـ فى مبحث المشتق من عدم ورود هذه
الاعتبارات على امر واحد بل الغرض ان الجزء الخارجى سنخ مفهوم لا يحمل على الجزء
الآخر ولا على الكل والجزء الحدى التحليلى سنخ مفهوم يحمل على الجزء الآخر من
الحدود على الكل كالمشتق ومبدئه عنده قدسسره الخ فالركوع الخارجى ليس بصلاة وكذا الصلاة ليس بجزء خارجى
لا بشرط الانضمام وقال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٦٣ بل الفرض ملاحظه
الجزء ـ اى الجزء الموجود فى الخارج ـ على نحو يكون غيره زائدا عليه كما هو كذلك
فى الامور المتغائرة فى الوجود وان كانت منضمة فى اللحاظ بشرط الانضمام او لا بشرط
الانضمام واعتبار المغايرة وان لم يكن مقوما لجزئية الجزء إلّا انه من الاعتبارات
الصحيحة الواردة على الجزء الخ.
واحد من هذه
التعابير (١) ناظر الى جهة اخرى نعم اعتبار الجزء بشرط لا من
______________________________________________________
(١) والمراد من
التعابير بشرط الانضمام وهو بشرط شيء وهو لحاظ الجزء بشرط الباقى ويكون كلا لانه
عين تمام الاجزاء ، وان لوحظ لا بشرط الانضمام يكون وجود اجزاء ولا يصح الحمل وان
لوحظ بشرط لا اى كونه فى قبال سائر الاشياء كان جزء ولا يصح الحمل وان لوحظ لا
بشرط اى ذاته بنفسه كان جزء وقابلا للحمل هكذا كان يظهر من كلام المحقق الماتن قدسسره اما الجزء هو لحاظ الشى بشرط عدم الانضمام وهو بشرط لا ،
يقول قدسسره غير مراد جزما ، وذكر فى الكفاية ج ١ ص ١٤٠ وبذلك ظهر انه
لا بد فى اعتبار الجزئية اخذ الشى بلا شرط كما لا بد فى اعتبار الكلية من اعتبار
اشتراط الاجتماع وكون الاجزاء الخارجية كالهيولى والصورة هى الماهية الماخوذة بشرط
لا لا ينافى ذلك فانه انما يكون فى مقام الفرق بين نفس الاجزاء الخارجية
والتحليلية من الجنس والفصل وان الماهية اذا اخذت بشرط لا تكون هيولى او صورة واذا
اخذت لا بشرط تكون جنسا او فصلا لا بالإضافة الى المركب الخ اى المركب الاعتبارى
والهيولى هى المادة كالنطفة ويكون الجوهر الذى كان متلبسا بالصورة النطفية خلعت
عنه هذه والبس الصورة الحيوانية ومتلازمان فان كل جسم متناه وكل متناه ذو شكل فكل
جسم ذو شكل هما الجنس والفصل ـ وعلى اى هذا اشارة الى اشكال ودفع اما الأوّل فهو
ان المذكور فى محله ان الاجزاء الخارجية ماخوذ بشرط لا كالانسان وهو ينافى ما ذكرت
من ان الجزء ماخوذ لا بشرط ، اما الدفع فلان تنافى لا بشرط وبشرط لا انما يكون
بالإضافة الى شيء واحد مع كونهما جاريين على اصطلاح واحد وليس الامر هنا كذلك فان
المراد من بشرط لا هو بشرط لا الاعتبارى فى مقابل الجزء التحليلى الماخوذ لا بشرط
الاعتبارى بشهادة ذكر ذلك فى مقام الفرق بين الجزء التحليلى كالحيوان والناطق
والجزء الخارجى كالهيولى والصورة فى صحة الحمل فى الاول وعدمه فى الثانى والمراد
مما ذكرنا هنا من لا بشرط اللابشرط الخارجى فى مقابل بشرط الاجتماع فاحد
الاعتبارين جار على اصطلاح وثانيهما جار على اصطلاح آخر فلا تنافى بينهما ، بل
مقتضى ما ذكره صاحب الكفاية فى مبحث المشتق ان قولهم الاجزاء الخارجية ماخوذة لا
بشرط ليس جاريا على احد الاصطلاحين بل بمعنى ان مفهومها يابى عن الحمل وذكر المحقق
النّائينيّ فى رد ما تقدم عن الشيخ الاعظم الانصارى فى الاجود ج ١ ص ٢١٧ قال ويرد
عليه ان
.................................................................................................
______________________________________________________
اخذ الجزء لا بشرط
مرة وبشرط لا اخرى منحصر بالاجزاء الطولية التى يكون احد الجزءين قوة ومادة والجزء
الآخر فعلية وصورة فلا محاله يكون بينهما الاتحاد فى الوجود فيكون لحاظ كل منهما
لا بشرط اعنى به لحاظ كل من الجزءين على ما هو عليه من اندكاك احدهما فى الآخر
واتحاده معه فى الوجود مصححا لحمل احدهما على الآخر وحمل كل منهما على المركب كما
فى الجنس والفصل ولحاظ كل منهما بشرط لا اعنى به قصر النظر على حد القوة بما هى او
الفعلية بما هى موجبا لعدم صحة الحمل كما فى الهيولى والصورة وقد ظهر بما ذكرناه
ان معنى اخذ الاجزاء الطولية بشرط لا هو لحاظ كل منهما على حياله وقصر النظر على
حد وجوده قوة او فعلية المعبر عنه بكلمة بشرط لا عن ما يتحد معه واما لحاظ كل جزء
بشرط لا عن ما يكون معه بمعنى لحاظه مستقلا فى الوجود بدون الآخر فهو يستلزم كون
الملحوظ من الكليات العقلية التى لا موطن لها الا الذهن لامتناع وجود احدهما منفكا
عن الآخر فى الخارج ، واما الاجزاء والمركبات الاعتباريّة التى لا اتحاد بين
اجزائها فى الوجود اصلا ويمتنع حمل كل منها على الآخر وعلى المركب فاعتبارها بشرط
لا لا معنى له اصلا بل لا بد اما من اعتبار كل جزء بذاته وعلى حياله فهو معنى
لحاظه لا بشرط وبه تكون الاجزاء اجزاء واما من اعتباره بشرط الانضمام الذى هو معنى
لحاظه بشرط شيء وبه يكون المركب مركبا فملاك الجزئية فى المركبات الاعتباريّة اخذ
الاجزاء لا بشرط وملاك التركيب اخذها منضمة وبشرط شيء الخ وملخصه ان الفرق بما
ذكرنا من بشرط لا ولا بشرط منحصر فى المركب الحقيقى ولا يجرى فى المركب الاعتبارى
وان حمل الاجزاء على الكل انما يصح فى الاول دون الثانى لتحقق ملاكه وهو الاتحاد
فيه دونه ، واورد عليه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣١٥ قال فغير وارد اما من جهة
عدم صحة حمل الاجزاء على المركب الاعتبارى فلان الشيخ ره لا يريد بحمل الاجزاء على
الكل صحة حملها عليه باحد نحوى الحمل الاصطلاحى بل هو يريد بيان ان الاجزاء
باعتبارها لا بشرط بالمعنى المذكور هى عين الكل بحيث لو كان المركب مما يصح حمل
اجزائه عليه لصح حمل هذه الاجزاء بهذا الاعتبار واما من جهة ان الفرق بين الاجزاء
والكل بالاعتبارين المزبورين لا يصح إلّا فى المركب الحقيقى واجزائه فهو ممنوع لا
ناقد بينا صحة جريانه وتعقله حتى فى المركب الاعتبارى فلاحظ الخ اى فى قبال الغير
و
حيث الانضمام
بالغير كما توهم فى التقريرات المنسوبة الى شيخنا الاعظم فى غاية السخافة كما
اشرنا ولا اظن صدوره من خرّيت هذه الصناعة (١) ، وبالجملة كلماتهم مشحونة فى مقام
الفرق بين الجزء والكل بما ذكرنا ، وعلى اى حال من المسلّمات عند الكل ان الكل فى
الوجود الخارجى متحد مع وجود اجزائه ولذا يقال ان الكل عين الاجزاء بالاسر غاية
الامر يدعى تقدم الاجزاء على الكل بالماهية وبالتجوهر وهو لا ينافى وحدة وجودهما
خارجا (٢).
______________________________________________________
بشرط الانضمام
وقال استادنا البجنوردي فى المنتهى ج ١ ص ٢٧٨ ان لحاظ الشى بشرط لا او لا بشرط هنا
ليس من ناحية الاتحاد مع شيء آخر او عدم اتحاده معه لان الكلام فى المركبات
الاعتباريّة التى لا اتحاد بين اجزائها ولا هى متحده مع الكل ولا يتغير الواقع عما
هو عليه باختلاف اللحظات والاعتبارات بل هذان اللحاظان للجزء باعتبار الانضمام مع
شيء آخر وعدم انضمامه معه واذا كان الامر كذلك فلحاظه بشرط لا مع كونه جزءا متباينان
ـ الى ان قال ـ وهكذا بصرف اعتباره ولحاظه لا بشرط عن الانضمام مع غيره لا يتحد مع
الكل بل لا بد من اعتباره بشرط الانضمام الى آخر كلامه تبعا لما افاده المحقق
الماتن قدسسره وان شئت قلت ان كان التركيب انضماميا ومغاير الاجزاء مع
الآخر فلا يمكن حمل احدها على الآخر ولا على الكل كالهيولى والصورة فلا يحمل بعض
اجزاء الانسان البشرطلا على الجزء الآخر ولا على الكل بخلاف التركيب الاتحادى
كالحيوان الناطق فانه ليس الحيوانية فى الانسان شيء يغاير وجودا مع الناطق فلا
محاله يحمل عليه ويتحد وجودا.
(١) قال الشيخ
الاعظم الانصارى فى التقريرات ص ٣٩ وتحقيق ذلك ان يقال ان الجزء له اعتباران
احدهما اعتباره لا بشرط وهو بهذا الاعتبار عين الكل ومتحد معه اذ لا ينافى ذلك
انضمام سائر الاجزاء اليه فيصير مركبا منها ويكون هو الكل وثانيهما اعتباره بشرط
لا وهو بهذا الاعتبار يغاير الكل الخ.
(٢) توضيح ذلك قال
المحقق الماتن فى البدائع ص ٣١٤ ثم ان الجزئية والكلية لا يصح انتزاعهما من المركب
الاعتبارى المؤتلف من امور متباينة الا بالإضافة الى وحدة الاعتبار التى بها صارت
تلك الامور المتباينة شيئا واحدا فهذه الامور
و (١) ح نقول (٢)
مع فرض تعلق الوجوب النفسى بهذه الوجودات لا يبقى مجال
______________________________________________________
المتباينة
بالإضافة الى تلك الوحدة الاعتباريّة تنتزع منها الجزئية ويقال انها اجزاء هذا
المركب وباعتبار الوحدة الاعتباريّة عليها وصيرورتها بذلك واحدا بالاعتبار تكون
كلا ومطابق هذا الواحد الاعتبارى ربما تكون له هيئة فى الخارج تجعله واحدا حسيا
يشار اليه باشارة واحدة كالسرير والدار وربما لا تكون له هذه الهيئة كالحج وشبهه
من المركبات الجعلية هذا ولا يخفى ان الوحدة الاعتباريّة يمكن ان تكون فى الرتبة
السابقة على الامر اعنى فى ناحية المتعلق بان يعتبر عدة امور متباينة شيئا واحدا
بلحاظ تحصيلها لغرض واحد فيوجه امره اليه ويمكن ان تكون فى الرتبة اللاحقة بحيث
تنتزع من نفس الامر بلحاظ تعلقه بعدة امور فيكون تعلق الامر الواحد بعدة امور منشأ
لانتزاع الوحدة لها الملازمة لاتصافها بعنوانى الكل والاجزاء كما كانت الوحدة فى
الرتبة السابقة مستلزمة لاتصاف المتعلق بالعنوانين المزبورين اذا عرفت ذلك فاعلم
ان الوحدة الاعتباريّة بالمعنى الثانى لا يعقل ان تكون سببا لترشح الوجوب من الكل
الى الاجزاء بملاك المقدمية لان الجزئية والكلية الملزومة لهذه الوحدة ناشئة من
الامر على الفرض فتكون المقدمية فى رتبة متاخرة عن تعلق الامر بالكل ومعه لا يعقل
ترشحه على الاجزاء لان الامر الغيرى انما يتعلق بما يكون مقدمة مع الغض عن تحقق
الامر ولا يمكن تعلقه بما لا يكون مقدمة فى رتبة سابقه على الامر فالنزاع فى تعلق
الوجوب الغيرى بالاجزاء ينحصر فى الجزئية والكلية الناشئتين من الوحدة الاعتباريّة
الحاصلة فى متعلق الامر فى الرتبة السابقة على تحقق الامر وبعد وضوح ان محل النزاع
فى المقام منحصر بذلك نقول ان الامر الغيرى لا يترشح من الكل على الاجزاء الخ
وستعرف هذا مفصلا لان بالامر يكشف على الوحدة الاعتباريّة لا سابق الامر.
(١) فحينئذ قام فى
بيان القول بعدم دخول المقدمات الداخلية فى محل النزاع لوجوده ثلاثة.
(٢) هذا هو الوجه
الاول قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣١٥ واما الكبرى وهى كون الاجزاء واجبة
بالوجوب الغيرى لكونها مقدمة للكل فهى ممنوعة ايضا وذلك ان الاجزاء وان كانت
متقدمة على الكل المركب منها بالتجوهر إلّا ان ذلك لا يجدى فى امكان تعلق الوجوب
الغيرى بها ضرورة انها نفس الكل المركب منها وجودا فى الخارج والبعث الى الكل بعث
اليها فاى فائدة فى البعث اليها ثانيا واذا كان البعث
لتعلق الوجوب
الغيرى من قبل هذا الوجوب بها اذا الوجود الواحد لا يتحمل الوجوبين (١) ، وتوهم (٢)
التأكد فى مثل المقام غلط (٣)
______________________________________________________
الغيرى لغوا
استحال على الحكيم صدوره منه الخ.
(١) قال المحقق
الماتن فى النهاية ج ١ ص ٢٦٨ نقول بامتناع اتصافها بالوجوب الغيرى بعد فرض ثبوت
الوجوب النفسى الضمنى لها نظرا الى محذور اجتماع المثلين فى موضوع واحد الذى هو من
المستحيل الخ وهو محال كاجتماع النقيضين.
(٢) هذا التوهم
تقدم من صاحب الحاشية وملخصه انه كثيرا ما يجتمع ملاك الوجوب الغيرى مع ملاك
الوجوب النفسى فى الواجبات النفسية او ملاك وجوب النفسى مع آخر مثله فيكون
اجتماعهما سببا لتاكد البعث الى ذلك الواجب وبه يرتفع محذور اجتماع المثلين فليكن
مورد النزاع كذلك.
(٣) هذا هو الجواب
عنه قال المحقق الماتن البدائع ص ٣١٧ هذا قياس مع الفارق فان ملاك الوجوب الغيرى
اذا اجتمع مع ملاك الوجوب النفسى فى بعض الواجبات النفسية كان فى عرضه لا محاله
فيكون اثره وهو الوجوب الغيرى كذلك فيتحد مع الوجوب النفسى ويحدث منهما وجوب قوى
وليس كذلك مورد النزاع فان ملاك الوجوب الغيرى فى الاجزاء فى طول ملاك الوجوب
النفسى فى الكل ومع اختلاف الرتبة يستحيل اتحاد المتماثلين بالنوع الخ وقال المحقق
الماتن فى النهاية ج ١ ص ٢٦٨ كما ان توهم اجداء مثل هذا الطولية ح فى رفع المحذور
المزبور مدفوع بان الطولية الموجبة لرفع محذور اجتماع المثلين او الضدين انما هى
الطولية فى ناحية الموضوع كما فى موارد الجمع بين الحكم الواقعى والظاهرى حيث كان
متعلق احد الحكمين عبارة عن ذات الشىء ومتعلق الآخر هى الذات فى الرتبة المتاخرة
عن الشك بحكمه واما فرض وحدة الموضوع وعدم تعدد الرتبة فيه فلا يكاد يفيد مجرد
الطولية بين الحكمين فى رفع محذور اجتماع الحكمين المتضادين او المثلين لان العقل
كما يابى عن ورود حكمين عرضيين على موضوع وحدانى كذلك يابى عن ورود الحكمين
الطوليين ايضا كما هو واضح الخ وبمثل هذا التوهم ناقش استادنا الخوئى ـ فى اجتماع
المثلين قال فى المحاضرات ج ٢ ص ٣٠٠ فى رد المحقق العراقى ، ان ما افاده قده مبتن
على الخلط بين تقدم حكم على حكم آخر زمانا وبين تقدمه عليه رتبة مع مقارنته له
اذ (١) الوجوب
الغيرى معلول الوجوب النفسى ومتاخر عنه بمقدار تخلل الفاء الحاصل بين العلة
والمعلول وهذا الفاء مانع عن اتحاد وجودهما ولو بالتاكد ،
______________________________________________________
كذلك بيانه ان
لاندكاك بين الحكمين انما لا يتصور فيما اذا كانا مختلفين زمانا بان يكون احدهما
فى زمان والآخر فى زمان آخر بحيث لا يجتمعان فى زمان واحد ففى مثل ذلك لا يعقل
الاندكاك والتأكد واما اذا كانا مقارنين زمانا ومجتمعين فيه وان كانا مختلفين فيه
فلا مناص من الالتزام بالتاكد والاندكاك بداهة انه لا اثر لاختلاف الرتب العقلية
فى الاحكام الشرعية لعدم ثبوتها لها وانما هى ثابته للموجودات الزمانية ـ الى ان
قال ـ كما لو نذر الصلاة فى المسجد او الجماعة او نحو ذلك فانه لا شبهة فى ان
الوجوب الآتي من قبل النذر يندك فى الوجوب او الاستحباب النفسى الثابت لها مع انه
فى رتبة متاخرة عنه لتاخر ملاكه وهو رجحان متعلقه عن ملاك ذلك والسبب فيه ليس إلّا
اجتماعهما فشيء واحد وزمن واحد الخ والجواب عنه ظهر من الدفع وان الوفاء بالنذر
موضوع آخر فليس من اجتماع الحكمين على موضوع واحد ولا اندكاك بخلاف ما لو كان
موضوع واحد يتعلق به حكمين يكون لغوا ولا يصدر من الحكيم ذلك فان القبيح محال ان
يصدر منه عقلا.
(١) ثم اشاره الى
الوجه الثانى قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٢٦٢ لا مجال لاعتبار المقدمية فى
اجزاء المركب من جهة وضوح ان الملاك فى مقدمية شىء لشيء انما هو كون الشى مما
يتوقف عليه وجود الشى وفى رتبة سابقه عليه اذ لا يكاد انتزاع هذا العنوان الا عما
تقدم على الشىء رتبة بنحو يتخلل بينهما الفاء كما فى قولك وجد فوجد وقضية ذلك لا
محاله هى المغايرة والاثنينية فى الوجوديين المقدمة وذيها والكاشف عن ذلك كان هو
الفاء المزبور فى قولك وجد فوجد ومن المعلوم ح انتفاء مثل هذا الملاك بالنسبة الى
اجزاء المركب نظرا الى ان المركب لا يكون فى الحقيقة الانفس الاجزاء بالاسر وفى
ذلك لا يكون بينها وبين الاجزاء المغايرة والاثنينية بحسب الهوية او الوجود بوجه
اصلا واجاب عنه استادنا البجنوردي فى المنتهى ج ١ ص ٢٧٨ يمكن ان يقال انه مغالطة
من جهة ان ما ذكر من لزوم تعدد وجود العلة مع وجود المعلول وتقدمه عليه بنحو تخلل الفاء
فى علل الوجود لا فى علل القوام ولا شك فى ان اجزاء المركب من علل قوامه لا من علل
وجوده الخ وفيه انه لو سلم فيكون علة قوامه هى التى علة وجوده وإلّا فما هو علّة
وجوده فعلّة وجود الكل هى الاجزاء لا غير.
كما (١) ان التقدم
بالماهية والتجوهر محضا يمنع كونه مناط ترشح الوجوب بل
______________________________________________________
(١) ثم اشاره الى
الوجه الثالث قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣١٦ فى منع الصغرى قال ، فلان
الاجزاء وان كانت تغاير الكل من جهة اعتبارها لا بشرط حيث تلاحظ اجزاء ومن جهة
اعتبارها بشرط الانضمام حيث تلاحظ كلا فبالاعتبار الاول تكون اجزاء وبالاعتبار
الثانى تكون كلا بل يمكن القول بتقدم الاجزاء على الكل بالتجوهر ولكن المغايرة
الاعتباريّة والتقدم بالجوهر لا يقتضيان صحة انتزاع المقدمية من الاجزاء اذ مقدمية
شيء لشيء آخر تستلزم توقف وجود الثانى على وجود الاول ومن الواضح ان الكل فى
الخارج عين الاجزاء بلا اثنينية بينهما فى الوجود والمغايرة الاعتباريّة لا توجب
مغايرة وجود احدهما لوجود الآخر الخ بقى اشكال ودفع قال المحقق الماتن فى النهاية
ج ١ ص ٢٦٨ لا يقال بانه انما يتوجه المحذور المزبور بناء على تعلق الاحكام بالخارج
اما بدوا او بتوسيط العناوين والصور واما بناء على تعلقها بالعناوين والصور
الذهنية ولو بالنظر الذى ترى خارجية بلا سرايتها منها الى الخارج فلا جرم يرتفع
المحذور المزبور من جهة تغاير المتعلقين ح لان لحاظ الجزء منفردا لا فى ضمن الغير
ولحاظه فى ظرف الانضمام بالجزء الآخر صورتان متغايرتان فى الذهن غير صادقه احداهما
على الاخرى ومعه فلا باس بتعلق الوجوب النفسى باحدى الصورتين والوجوب الغيرى
بالاخرى وهذا هو الذى عليه المحقق الحائرى صاحب الدرر ج ١ ص ٩٠ ان الاوامر تتعلق
بالامور الموجودة فى الذهن باعتبار حكايتها عن الخارج فالشيء ما لم يوجد فى الذهن
لا يعقل تعلق الامر به وهذه المقدمة فى الوضوح مما يستغنى عن البرهان فحينئذ
الاجزاء الموجودة فى ذهن الامر لا تخلو من انها اما ان يلاحظ كل واحد منها
بوجوداتها المستقلة الغير المرتبط بعضها ببعض نظير العام الافرادى واما ان يلاحظ
المجموع منها على هيئتها الاجتماعية فعلى الاول لا بد وان ينحل الارادة بإرادات
متعددة كما فى العالم الافرادى اذ الارادة امر قائم بنفس المريد متعلق بالافعال
فكما انها تتعدد بتعدد المريد كذلك يتعدد بتعدد المراد اذ لا يعقل وحدة العرض مع
تعدد المعروض وعلى الثانى اى على تقدير كون الملحوظ الاجزاء على نحو الاجتماع
فالملحوظ بهذا الاعتبار امر واحد ولا يعقل ان يشير اللاحظ فى هذا الحال الى امور
متعددة ـ والحاصل ان الموجود بهذا الاعتبار ليس إلّا الكل والاجزاء بوجوداتها
الخاصة لا وجود لها فمتعلق الامر النفسى لا يعقل إلّا ان يكون الكل الموجود
العقل لا يرى
مناطه الا التقدم خارجا ووجودا وح لا مجال لتوهم ادخال الاجزاء فى مركز البحث اصلا
ثم ان ذلك ايضا بناء على ممشى القوم فى المقام من تعلق الوجوب النفسى بالمركب
والكل المحفوظة كلّية وتركّبه فى الرتبة السابقة عن الوجوب (١). ولكن لنا فى
المقام مسلك آخر لا ينتهى النوبة بناء عليه
______________________________________________________
فى الذهن مستقلا
والاجزاء لعدم وجودها فى الذهن بهذا اللحاظ لا يمكن ان يكون متعلقه للامر ـ ان
الآمر إذا لاحظ الجزء بوجوده الاستقلالى اى غير ملحوظ معه شيء يرى انه مما يحتاج
اليه تلك الهيئة الملتئمة من اجتماع الاجزاء فحاله حال سائر المقدمات الخارجية من
دون تفاوت اصلا الخ فاجاب عنه المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٢٦٨ ، فانه يقال نعم
وان كان المتعلق فى الاحكام والارادات هى العناوين والصور الذهنية فامكن تعلق
الحكمين بالعنوانين المتغايرين ولو مع اتحاد بحسب المعنون الخارجى ولكن نقول بانه
انما يجدى ذلك فى رفع محذور اجتماع المثلين فى ظرف اختلاف العنوانين بحسب المحكى
والمنشا ايضا ـ بنحو كان كل عنوان حاكيا عن منشإ غير ما يحكى عنه الآخر لا فى مثل
المقام الذى كان المحكى فيهما واحدا بحسب المنشا ايضا نعم لو كان المراد من اعتبار
الاجزاء بشرط لا اعتبارها بشرط لا عن الانضمام فى الخارج لكان لما افيد كمال مجال
من جهة اختلاف العنوانين ح بحسب المحكى والمنشا ولكن الالتزام بذلك مشكل جدا من
جهة رجوعه ح الى وجوب المقدمة بشرط عدم الايصال الى ذيها لان اعتبارها بشرط لا عن
الانضمام فى الخارج عبارة عن اعتبارها بشرط عدم الايصال وهو كما ترى لا يمكن
الالتزام به وإلّا فبناء على ارادة اعتبارها بشرط لا فى عالم عروض الوجوب فلا جرم
يلزمه ـ اتحاد العنوانين بحسب المحكى والمنشا علاوة عن اتحادهما بحسب المعنون
الخارجى وعليه يلزمه فى صورة الانضمام فى الخارج اجتماع الوجوبين فى نفس تلك
الاجزاء باعتبارين وهو كما ترى من المستحيل وانه لا يجدى فى دفع المحذور مجرد تلك
المغايرة الاعتباريّة الخ.
(١) اى هذا اكله
بناء على كون متعلق الامر هو الكل اعنى به الاجزاء مع قيد الوحدة اعتبارا او مصلحة
كما هو المشهور بان يلحظ الوحدة الاعتباريّة فى الرتبة السابقة ثم يتعلق به الامر.
الى ما اشرنا
سابقا وتوضيح المرام (١) بان يقال (٢) انه لا شبهة فى ان تركب الواجب بما هو واجب
وارتباط اجزائه بالآخر فى عالم الامتثال وقصده فرع
______________________________________________________
(١) والتحقيق ان
فى المركب الاعتبارى الهيئة الاجتماعية اما فيها دخيله فى الملاك والمصلحة او غير
دخيلة وعلى كلا التقديرين خارج عن محل النزاع بيان ذلك.
(٢) فان كانت
الهيئة الاجتماعية دخيله فى الملاك فنقول قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٢٦٥
واما بناء على مدخلية حيث وصف الاجتماع ايضا فى المصلحة فقد يتوهم ح تحقق مناط
المقدمية فى الاجزاء بتقريب ان هذه الهيئة الاجتماعية ح نظير الصورة السريرية
الحاصلة من الاخشاب العديدة فتكون الذوات بملاحظة معروضيّتها للهيئة الاجتماعية
مقدمة عليها طبعا فتحقق فيها ملاك المقدمية ولكنه مدفوع مضافا الى ما ذكر من عدم
كون مناط التركب على مثل هذه الهيئة الخارجية باعتبار امكان كون كل واحد من الذوات
والهيئة واجبا بوجوب مستقل ـ وسيأتى ذلك ـ بان غاية ذلك انما هى مقدّمية ذوات
الاجزاء بالنسبة الى الهيئة التى هى جزء المركب لا بالنسبة الى نفس المركب الذى
فرضناه عبارة عن ذوات الاجزاء والهيئة الاجتماعية ففى هذا الفرض ايضا لا يكون
معروض الوجوب الا الامور المتكثرة التى منها الهيئة الاجتماعية وبالجملة نقول بانه
اما ان يجعل الواجب فى الفرض عبارة عن خصوص الهيئة الاجتماعية واما ان يجعل الواجب
عبارة عن الذوات والهيئة الاجتماعية فعلى الأول وان كان يلزمه مقدميّة الذوات
للواجب من جهة كونها مما يتوقف عليها الهيئة الاجتماعية كما فى ذوات الاخشاب
بالنسبة الى الصورة السريريّة ولكنه ح خارج عن مفروض البحث من جهة صيرورة الذوات ح
من المقدمات الخارجية لا الداخلية ، وعلى الثانى يكون الواجب عبارة عن الامور
المتكثرة الخارجية التى منها الهيئة اذ ح وان يطرأ من قبل الهيئة المزبورة وحده
اعتبارية على الذوات المزبورة ولكنه بعد ان كان معروض الوجوب عبارة عن منشإ هذا
الاعتبار وهو الذوات المزبورة والهيئة الخارجية العارضة عليها لكونها هى التى تقوم
بها المصلحة دون هذا الامر الاعتبارى فلا جرم يكون معروض الوجوب عبارة عن
المتكثرات الخارجية لا انه عبارة عن امر وحدانى مركب حتى ينتهى الامر الى مقدمية
الاجزاء للواجب المركب فينتهى الامر الى البحث عن كونها واجبة بالوجوب الغيرى للكل
والمركب الخ.
وحدة الوجوب
المتعلق بالمتكثرات بلا دخل فى سائر الوحدات الطارية على الشى من عارض خارجى (١)
مثل هيئة خارجية واشكال مخصوصة حاصلة من اضافات بعضها ببعض باتصالها او انفصالها (٢)
فى جهة تركب الواجب من حيث واجبيته كيف (٣) ولو فرض تعدد الوجوب المتعلق بكل واحد
من الوجودات الموجودة تحت هذه الهيئة لا تكاد ح انتزاع تركب الواجب عنه بل كل واحد
من هذه الوجودات واجب مستقل فى قبال الآخر ولو كان (٤) تحت هيئة مخصوصة دخيلا فى
تعلق الوجوب بها ، ويشهد (٥) له ان قصد امتثال كل واحد بما هو واجب ضمنى او غيرى ح
تشريع محرم غاية الامر اعتبار كونها تحت هذه الهيئة اوجب تلازم امتثالها خارجا
ولكن مجرد ذلك لا يخرج كل واحد من كونه واجبا مستقلا غير مرتبط فى عالم واجبيّته
بالآخر وذلك (٦) ايضا فى فرض دخل الهيئة
______________________________________________________
(١) ان عنوان
الاجتماع وكذا التركب والانضمام انما كان انتزاعها فى المركبات الشرعية عن جهة
وحدة الامر المتعلق بالمتكثرات الخارجية حيث انه من تعلق تكليف واحد بعدة امور
يطرأ عليها وحدة اعتبارية ينتزع بها عنها عنوان الاجتماع والتركب والانضمام فيقال
بانها مجتمعات تحت وجوب واحد.
(٢) كما فى اجزاء
السرير.
(٣) كما ان عنوان
الانفراد والاستقلال ايضا كان انتزاعهما عن تعدد الامر المتعلق بالمتكثرات فمن
تعلق تكاليف متعددة بها ينتزع عنها عنوان الانفراد والاستقلال فى مقام عروض الوجوب
فيقال بانها واجبات مستقلة.
(٤) اى وان فرض
كونها فى الخارج متلازمات الوجود لملازمتها مع هيئة خارجيه وبهذه الجهة تمتاز
العمومات المجموعية والاستغراقية حيث ان تمام الميز بينهما انما هو فى وحدة
الارادة القائمة بالمجموع وتعددها كما هو واضح.
(٥) ثم اشار الى
الثمرة الآتية من عدم امكان قصد التقريب بالامر الغيرى والضمنى لو كان استقلاليا
كل من الاجزاء وجوبه دون الوجه الآخر وسيأتى.
(٦) هذا لو كان
الهيئة الاجتماعية دخيلة فى الملاك.
المخصوصة فى تعلق
الوجوب بالمتكثرات تحتها بنحو الشرطية او الشطرية والّا (١) فلو فرض قيام المصلحة
بنفس الذوات على الاطلاق بلا دخل للهيئة الخاصة فى المصلحة فيصير الوجوب ح قائمة
بنفس المتكثرات بلا دخل لمثل هذه الهيئة فيها ، وفى هذه الصورة لا يكاد يتصور فى
متعلق الوجوب بما هو كذلك جهة وحدة وارتباط غير الارتباط الناشى من قبل وحدة
وجوبها بحيث لو فرض تعدد وجوبها واستقلال كل واحد بوجوبه لما كانت الا واجبات
مستقلة بلا ارتباط بينها فى عالم واجبيتها وح لا يكاد تعلق الوجوب الا بالذوات
المتكثرة بلا جهة وحدة فى معروضه (٢)
______________________________________________________
(١) اما بناء على
فرض خروج وصف الاجتماع عن الدخل فى الملاك فالامر اوضح قال المحقق العراقى فى
البدائع ص ٣١٧ التحقيق يقضى ان متعلق الامر هى نفس ذوات الاجزاء التى تطرأ عليها
الوحدة الاعتبارية اما بلحاظ قيام مصلحة واحدة بها او بلحاظ امر آخر وكما تطرأ
عليها الوحدة يتعلق بها الامر فيكون تعلق الامر بها فى عرض طرو الوحدة عليها لا
انه يتعلق الامر بالاجزاء المتصفة بالوحدة الاعتباريّة لتكون تلك الوحدة مقومة
لتعلق الامر ومتقدمة بالطبع عليه بل لا يعقل ان تكون الامور المتعددة الملحوظة
بنحو الوحدة اعتبارا المعبر عنها بالكل فى هذا اللحاظ هى متعلق الامر وذلك لان
الامر انما توجبه المصلحة الداعية اليه وهى انما تقوم وتتحقق فى ذوات تلك الامور
المتعددة المعبر عنها بالاجزاء ولا دخل للوحدة الاعتبارية فيها اى فى المصلحة
المزبورة بالضرورة لان تلك الوحدة امر اعتبارى قائم بنفس المعتبر والمصلحة امر
حقيقى خارج ولا يعقل تقوم الامر الحقيقى فى وجوده الخارجى بالامر الاعتبارى القائم
فى نفس معتبره وايضا اذا كانت الوحدة الاعتبارية مقومة للمصلحة الداعية الى الامر
بذيها وتلك الوحدة منشأها لحاظ تلك المصلحة القائمة فى الامور المتعددة فلا محاله
تكون تلك الوحدة متاخرة بالطبع عن المصلحة المزبورة فلا يعقل اخذها قيدا مقوما
فيها وإلّا لزم تقدم المتاخر او تاخر المتقدم كما لا يخفى الخ.
(٢) وبالجملة فبعد
ما لا يمكن اخذ مثل هذه الوحدة الاعتباريّة الطارية على المتكثرات الخارجية من قبل
وحدة التكليف والوجوب فى متعلق هذا التكليف و
كيف (١) والوحدة
الناشئة من قبل وحدة الوجوب والارتباط الجائى من قبله يستحيل اخذها فى معروضه
والمفروض عدم اخذ وحدة اخرى فى متعلق وجوبه ولو فرض اخذها (٢) فيه ايضا لا دخل
لهذه الوحدة فى الارتباط فى الواجب بما هو واجب بشهادة (٣) فرض تعدد وجوب كل واحد
مقيّدا بهذه
______________________________________________________
موضوعه فلا جرم فى
رتبة تعلق الوجوب لا يبقى إلّا الذوات المتكثرة الخارجة ولا يكون متعلق الوجوب
ومعروضه الانفس الذوات المتكثرة ومعه لا يبقى مجال لاعتبار الكلية والجزئية للواجب
اذ لا يكون فى هذه المرحلة امر وحدانى تعلق به الوجوب حتى ينتهى الامر الى مقدمية
الاجزاء بوجه اصلا.
(١) تقدم توضيح
هذا الاشكال فان اعتبار الوحدة الاعتباريّة من جهة معلوليتها للتكليف وتاخرها
الرتبى عنه فيمتنع ان ياخذها فى موضوع التكليف ومتعلقه فانه تقدم الشىء على نفسه.
(٢) هذا اشاره الى
دفع توهم قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٢٦٦ لا يقال بان ذلك كذلك بالنسبة الى
الوحدة الطارية من قبل الوجوب والتكليف واما بالنسبة الى الوحدة الناشئة من قبل
وحدة اللحاظ والمصلحة فلا باس باخذها فى موضوع التكليف ومتعلقه وح فامكن اعتبار
التركب فى الواجب بهذا الاعتبار ، فانه يقال نعم وان امكن ذلك ولا يلزم منه
المحذور المتقدم من اخذ الشى المتاخر عن الشى فى رتبة سابقه عليه ولكن من الواضح ح
ان ما تعلق به الوجوب لا يكون إلّا عبارة عن ما تقوم به المصلحة واللحاظ وهو لا
يكون إلّا الذوات المتكثرة الخارجية لكونها هى المؤثرة فى الغرض والمصلحة دون
العنوان الطارى عليها من قبل وحدة اللحاظ والمصلحة فلا بد ح من الغاء هذه الوحدات
طرا وتجريد المتعلق منها حتى الوحدة الاعتباريّة الناشئة من قبل وحدة المصلحة
واللحاظ بجعله عبارة عن الذوات المتكثرة الخارجية التى تعلق بها اللحاظ والمصلحة
ولازمه لا محاله ح هو بطلان القول بمقدمية الاجزاء الخ.
(٣) ويشهد لكون
الذوات المتكثرة متعلق الوجوب وقد تقدم انه من تعلق تكليف واحد بعدة امور يطرأ
عليها وحدة اعتبارية ينتزع به عنها عنوان الاجتماع والانضمام ومن تعلق تكاليف
متعددة مستقلة بها ينتزع عنها عنوان الانفراد والاستقلال
الوحدة كما
اسلفناه وح اين كل وواحد ارتباطى ماخوذ فى متعلق الوجوب وموضوعه كى ينازع بان جزء
الواجب هل واجب غيرى بمناط المقدمية ام لا بل اعتبار الكلية والجزئية بما هو واجب
انما هو فى الرتبة المتاخرة عن الوجوب وفى هذه الرتبة لا يكون وجوب وفى رتبة كان
له وجوب ليس هنا صقع الكلّية والجزئية كى يصير مركز البحث والقيل والقال فى وجوب
جزء الواجب كما لا يخفى. فان قلت لو تعلق الوجوب الواحد بمتكثرات تحت هيئة واحدة
مثل السرير وامثاله او الهيئات المخصوصة باشكاله من المسدس والمربع وغيرها فى فرض
دخل الهيئة المخصوصة فى الواجب فقهرا يكون هذا الواحد المتشكل بشكل مخصوص ذات
اجزاء مرتبطة فى رتبة سابقه عن تعلق الوجوب بها ففى هذه الصورة يبقى مجال البحث فى
ان جزء هذا الواجد المتشكل المعروض للوجوب واجب بوجوب غيرى ام لا فنظر المنازعين
فى وجوب المقدمات الداخلية الى امثال هذا الفرض وهذه الصور (١) ، قلت بعد فرض عدم
دخل هذه
______________________________________________________
ويقال واجبات
متعددة مستقلة وان فرض كونها فى الخارج متلازمات الوجود لملازمتها مع هيئة خارجيه
كما فى اجزاء السرير.
(١) تقدم هذا
الاشكال والجواب فى ضمن الكلمات ولا بأس بتكراره قال المحقق العراقى فى البدائع ص
٣١٨ ان قلت لا ريب فى ان مثل السرير من المركبات الاعتباريّة له هيئة باعتبارها
يسمى باسم مخصوص ويقال له كل بالإضافة الى المواد التى تركب منها وتسمى تلك المواد
اجزاء له واعتبار هذه الهيئة الاتصالية فى هذه المركبات الاعتباريّة هى المصحّحة
لانتزاع عنوان الكل من ذلك المركب وعنوان الجزء من المواد التى تركب منها ذلك
المركب فليكن الشأن كذلك فى المركبات الجعلية الشرعية فكما ان المركب الاعتبارى
التكوينى كالسرير تتعلق الارادة التكوينية به بهذه الهيئة الاتصالية المصححة
لانتزاع كونه كلا بالنسبة الى المواد التى تركب منها فيكون المراد تكوينا هو ذلك
المركب بتلك الهيئة الاتصالية فكذلك المركب الجعلى الشرعى تتعلق الارادة التشريعية
به بما هو متصف بالهيئة الاتصالية الموجبة لكونه كلا بالنسبة
الجهة من الوحدة
فى تركب الواجب بما هو واجب بشهادة فرض تعدد الوجوب لكل واحد من الذوات مع الهيئة
القائمة بها (١) نقول (٢) انه مع فرض تعدد الوجوبات فهل متعلق الوجوبات الّا ذوات
كل واحد مع هيئتها فى عرض واحد بلا اعتبار (٣) مقدّمية لاجزاء هذا الواحد الخارجى
لواجب مركب منها بل (٤) غاية ما فى الباب ح مقدميّة بعض الواجبات لواجب آخر نظرا
الى مقدّمية معروضات الهيئة من الذوات للهيئة التى هى ايضا واجب مستقل فى عرض وجوب
البقية وذلك غير مرتبط بمقدمية الجزء للكل اذ لا يتصور ح تركب وكلية للواجب كما هو
ظاهر فكك (٥) نقول ايضا انه لو فرض تعلق وجوب واحد بعين ما تعلقت الوجوبات
المتعددة به لا بد ان يقال ان معروض هذا الوجوب
______________________________________________________
الى الامور التى
تركب منها فيكون المامور به هو ذلك فيكون كل واحد من تلك الامور الداخلة فى قوامه
مقدمة داخلية الخ ولذا يقال ان الصلاة لها هيئة اتصالية كما عن الشيخ الاعظم
الانصارى ويشهد لها القواطع.
(١) اما الجواب
بعد فرض كون المصلحة النفسية قائمة بالاجزاء والهيئة الاجتماعية معا قال فى
البدائع المحقق الماتن ص ٣١٨ يكون الواجب عدة امور ومن جملتها الهيئة الاجتماعية
فلا يتحقق ايضا فى معروض الوجوب كل ذو اجزاء الخ.
(٢) ثم قال ،
والشاهد على ذلك هو انه فى هذا الفرض يمكن ان يؤمر بتلك الامور مع الهيئة
الاجتماعية باوامر متعددة كما انه يمكن ان يؤمر بها بامر واحد وهذا يكشف عن ان متعلق
الامر ليس كلا ذا اجزاء الخ ويكون الوجوبات على الذوات وهيئتها فى عرض واحد.
(٣) فلا يكون ح
الجزء مقدمة للكل لكون الجميع فى عرض واحد.
(٤) نعم يكون بعض
الواجبات مقدمة لواجب آخر الى لمحقق موضوع الواجب الآخر فان الهيئة عارضة للذوات
وكل واحد منها لها وجوب مستقل فالهيئة التى تتحقق من الذوات ايضا لها وجوب مستقل
فلا كل ولا جزء اصلا هذا فى الواجبات المستقل.
(٥) وكذا لو كان
لها وجوب واحد فتعلق وجوب واحد على الاجزاء والهيئة الاجتماعية فى عرض واحد فلا
مقدمية ولا جزء ولا كل اصلا.
الواحد ايضا كل
واحد من الذوات فى عرض وجوب الهيئة بلا جهة ارتباط فى جهة وجوبه الّا وحدة وجوبه
نظرا الى عرضيّة الجميع فى عالم عروض الوجوب فاذا كانت فى معروضية الوجوب على
الجميع عرضية محضة فاين مقدمية شىء لشىء بالنسبة الى معروض الوجوب بما هو معروضه ،
ومجرد (١) جزئية الذوات للمركب من حيث الشكل والهيئة لا يوجب جزئيتها لما هو واجب
مركب فى رتبة سابقه عن وجوبه كما هو ظاهر نعم (٢) غاية ما فى الباب ايضا مقدّمية
بعض الواجبات الضمنيّة على واجب ضمنى آخر نظير ما فرضنا مقدّمية بعض الواجبات
المستقلة على بعض فى فرض تعدد الوجوب من دون فرق بينهما من تلك الجهة ، نعم (٣)
غاية الفرق بينهما ان هذه المقدمية فى فرض تعدد الوجوب يكون موجبا لترشح الوجوب من
ذى المقدمة الى مقدمته ونتيجته تأكد وجوبه
______________________________________________________
(١) ان قلت لا
يمكن انكار ان الاجزاء اجزاء للمركب وان الهيئة الاجتماعية تتحقق بذلك فهذا هو
الكل وتلك هو الجزء ، قلت هذا مسلم من ان الاجزاء بها يتحقق المركب لكن مجرد ذلك
لا يوجب جزئيته للمركب الاعتبارى فى الرتبة السابقة على الوجوب بان لو خط كذلك
وتعلق به الامر بل بالامر بالتكثرات تحقق المركب والاجزاء ولا يكون كلا ولا جزء.
(٢) ويكون المقام
غايته مقدمية بعض الواجبات الضمنية على البعض الآخر لا غير كالاستقلالى.
(٣) قال المحقق
الماتن فى البدائع ص ٣١٨ نعم بينهما فرق وهو انه لو امر بها باوامر متعددة يتحقق
فى الاجزاء غير الهيئة الاتصالية ملاك الوجوب الغيرى والنفسى فلا محاله بتاكد
الوجوب كما هو الشأن فى كل واجب نفسى يكون مقدمة الواجب النفسى الآخر وهذا خلاف ما
لو امر بها بامر واحد اذ عليه لا يمكن ان يترشح الى باقى الاجزاء وجوب غيرى ضرورة
انه لا يتصور ترشح الوجوب عن شىء الى شىء آخر يكون متحدا معه فى الوجود كما انه لا
يتصور تاكد الوجوب على فرض تسليم ترشح الوجوب عن الهيئة الاجتماعية الى باقى الاجزاء
لمكان الطولية بينهما الخ.
كما هو الشأن فى
كل واجب نفسى مقدمة لواجب نفسى آخر ولكن فى صورة وحدة الوجوب لا يصلح هذه المقدمية
ان يصير مناط ترشح الوجوب عن ذى المقدمة الى مقدمته لان الوجوب الغيرى الناشى عما
هو متحد مع وجوبه يستحيل قبوله للتاكد كما انه يستحيل اجتماع الوجوبين ايضا فى محل
واحد والله العالم وبالجملة (١) نقول انه بعد فرض انتزاع تركب الواجب من وحدة وجوب
المتكثّرات يستحيل ح تعلق الوجوب بالمركب والكل بما هو مركب اعتبارى وكل بل صقع
الكلّية والجزئية فى المرتبة المتاخرة عن وحدة الوجوب المنشأ لاعتبار الارتباط بين
المتكثرات ولذا اشتهر (٢) فى الاحكام الوضعية انتزاع الجزئية عن الوجوب ومن
المعلوم ان لازمه انتزاع الكلية ايضا منه كيف (٣) والجزئية والكلية متضايفان
منتزعان عن الشى فى رتبة واحدة فمع
______________________________________________________
(١) فتحصل ان
الوجوب يتعلق على عدة اجزاء وبالامر يصير له وحدة اعتبارية فليس مركب اعتبارى قبل
تعلق الوجوب حتى يكون المركب كلا والذوات جزء وتعلق بذلك المركب الاعتبارى الوجوب.
(٢) ويشهد لذلك ما
اشتهر انه جزء للواجب فى قباله كل الواجب او جزء المامور به فالجزئية وفى قبالها
الكلية تنتزع عن المامور به وما تعلق به الامر فلا معنى لان يكون الذوات مقدمة
للكل والمركب لعدم السبق واللحوق اصلا بل تعلق الامر على الذوات فى عرض واحد.
(٣) الجزئية
والكلية من الامور الذات الإضافة فلا يتحقق الجزء الا مع الكل والكل الا مع الجزء
كالتحتيّة والفوقية ، هذا ولعل ما حققه المحقق الماتن هو المراد من كلام صاحب
الكفاية ج ١ ص ١٤٠ ثم لا يخفى انه ينبغى خروج الاجزاء عن محل النزاع كما صرح به
بعض وذلك من كون الاجزاء بالاسر عين المامور به ذاتا وانما كانت المغايرة بينهما
اعتبارا فتكون واجبة بعين وجوبه ومبعوثا اليها بنفس الامر الباعث اليه فلا تكاد
تكون واجبة بوجوب آخر لامتناع اجتماع المثلين ولو قيل بكفاية تعدد الجهة وجواز
اجتماع الامر والنهى معه لعدم تعدّدها هاهنا لا الواجب بالوجوب الغيرى لو
.................................................................................................
______________________________________________________
كان انما هو نفس
الاجزاء لا عنوان مقدميتها والتوسل بها الى المركب المامور به ضرورة ان الواجب
بهذا لوجوب ما كان بالحمل الشائع مقدمة لانه المتوقف عليه لا عنوانها نعم يكون هذا
العنوان علة لترشح الوجوب على المعنون الخ. والامر كما ذكره بقى شيء ـ وهى الثمرة
لدخول المقدمات الداخلية فى محل النزاع وعدم دخولها ذكر المحقق العراقى فى البدائع
ص ٣١٩ ثم ان الثمرة بين القولين تظهر فى باب الاقل والاكثر الارتباطيين من جهة
الرجوع الى البراءة والاشتغال فانه على القول بالوجوب الغيرى للاجزاء ربما يتعين
فى تلك المسألة المصير الى الاشتغال نظرا الى وجود العلم الاجمالى بالتكليف وعدم
صلاحية العلم التفصيلى بمطلق وجوب الاقل الاعم من الغيرى والنفسى للانحلال لتولده
من العلم الاجمالى السابق عليه وتحقق التنجز ـ اى تنجز الاكثر بالعلم الاجمالى
بالوجوب النفسى او الوجوب الغيرى ـ فى الرتبة السابقة واما على القول بعدم وجوب
الاجزاء بالوجوب الغيرى اما من جهة انتفاء ملاك المقدمية فيها او من جهة محذور
اجتماع المثلين فيمكن الرجوع الى البراءة فى تلك المسألة نظرا الى رجوع الامر ح
الى علم تفصيلى بتعلق ارادة الشارع بذات الاقل ولو لا بحده وهو الخمسة مثلا والشك
البدوى فى تعلقها بالزائد واما العلم الاجمالى فانما هو متعلق بحد التكليف وانه
الاقل او الاكثر كالخط الذى يتردد حده بين الذراع والذراعين ومثل هذا العلم لا اثر
له فى التنجيز لان المؤثر منه انما هو العلم الاجمالى بذات التكليف لا بحده الخ
واجاب عنه استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٣٠١ قال ان ما افاده قدسسره خاطئ جدا والسبب فى ذلك هو ان انحلال العلم الاجمالى وعدمه
فى تلك المسألة يرتكزان على نقطه اخرى وهى جريان اصالة البراءة عن وجوب الزائد
وعدم جريانها ولا صلة لها باتصاف الاجزاء بالوجوب الغيرى وعدم اتصافها به وان شئت
قلت ان الامر بالمركب اذا لم يكن امر بالاجزاء فلا موجب للانحلال وان كان الامر به
عين الامر بالاجزاء كما هو كذلك تعين القول بالانحلال بناء على ما حققناه فى مورده
من عدم المانع من جريان اصالة البراءة عن وجوب الزائد وعلى كلا التقديرين لا فرق
بين القول بوجوب الاجزاء غيريا والقول بعدمه الخ وفيه ان الكلام فى الانحلال وان
العلم التفصيلى المتولد من العلم الاجمالى لا يوجب انحلال العلم الاول لتنجز
اطرافه به قبل ذلك وهو الاثر ولا يبتنى على وجوب الزائد فان الكلام فى اصل المقتضى
ـ وذكر
التزام انتزاع
الكلّية المساوق للتركب عن الوجوب فلا يكون فى الرتبة السابقة اعتبار تركب وكليّة
بل ليس فى هذه المرتبة الا متكثّرات تحت هيئة واحدة قابلة لتعلق وجوب واحد بها
فيصير مركبا او وجوبات متعددة فيصير واجبات متعددة بلا وحدة واجب ولا تركبه وح فمع
الالتزام بتأخر صقع الكلّية والجزئية رتبة عن وجوب الشىء كيف يبقى له مجال البحث
فى المقام بان الوجوب اذا تعلق بالمركب فاجزائه الداخلية تحت بحث وجوب المقدمة اذ
ح لنا ان نقول اين مركب اعتبارى تعلق به الوجوب كى يبقى المجال للبحث المزبور
فتدبر فى المقام فانه من مزال الاقدام. ومنها (١) تقسيمهم المقدمة بالعقلية (٢)
______________________________________________________
استادنا الآملي فى
المجمع ج ١ ص ٢٤٤ وامّا على فرض وجوب المقدمات الداخلية فحيث يرجع الامر الى ان
نقول اما يكون الاقل واجبا نفسيا او غيريا اى نعلم اجمالا اما يكون الاقل واجبا
بوجوب نفسى او غيرى والعلم الاجمالى بان الواجب اما الاقل او اكثر لا ينحل بواسطة
هذا العلم الاجمالى كذلك لان المنجز لا ينجز ثانيا فان الاقل حيث صار منجزا بواسطة
العلم الاجمالى الاول الدائر بين النفسى والغيرى لا يمكن ان يصير احد اطراف العلم
الاجمالى بانه اما يكون الاقل واجبا او الاكثر فانه على فرض كونه نفسيا قد نجز
اوّلا ، لا يقال ان العلم التفصيلى الناشى عن العلم الاجمالى لا يكون موجبا
للانحلال فان العلم التفصيلى بوجوب الاقل يكون ناشئا من العلم الاجمالى بوجوب
الاكثر او الاقل فلا يكون الاجمالى معدما لنفسه لأنّا نقول ان التفصيل يكون فى
المعلوم لا العلم اى يكون المعلوم تفصيلا هو الاقل لا ان العلم الاجمالى ينحل الى
العلم التفصيلى الخ وفى العبارة تعقيد ودقة ولعل لا يقال يرجع الى القول بعدم وجوب
المقدمات الداخلية فتدبر كسائر عباراته وكما افاده ، وتقدم ثمرة أخرى من امكان قصد
التقرب بالامر الغيرى بعنوان المقدمية وعدمه وان كان فيه كلام من كون الامر الغيرى
موجبا للتقرب هذا كله فى المقدمات الداخلية واما المقدمات الخارجية سيأتى الكلام
فيه.
(١) النوع الثانى
تقسيم المقدمات الخارجية الى العقلية والشرعية والعادية.
(٢) قال فى
الكفاية ج ١ ص ١٤٣ فالعقلية فهى ما استحيل واقعا وجود ذى
والشرعية (١)
والعادّية (٢) وقيل (٣) بارجاع الجميع (٤) الى العقلية و (٥) هو كذلك (٦) لو كان
النظر فى كل واحد (٧) بعد الفراغ عن مرحلة الاناطة التى هى
______________________________________________________
المقدمة بدونه الخ
وذلك كما اذا كان المعلول التكوينى لعلة تكوينية واجبا فيكون توقف هذا المعلول
الواجب على علتها عقليا.
(١) قال فى
الكفاية ج ١ ص ١٤٣ والشرعية على ما قيل ما استحيل وجوده بدونه شرعا الخ كالطهارة
للصلاة فانها مقدمة شرعا للصلاة ولا تحصل الصلاة بدونها والتوقف شرعى لا عقلى اذ
لا توقف للحركات المخصوصة من الركوع والسجود وغيرهما على الطهارة.
(٢) والعادية
تحتمل معنيين سيأتى.
(٣) والقائل هو
صاحب الكفاية فيها ج ١ ص ١٤٣ ولكنه لا يخفى رجوع الشرعية الى العقلية ضرورة انه لا
يكاد يكون مستحيلا ذلك شرعا إلّا اذا اخذ فيه شرطا وقيدا واستحالة المشروط والمقيد
بدون شرطه وقيده يكون عقليا الخ فبعد اعتبار الشارع شرطية شيء لشيء كالطهارة
للصلاة لا محاله يصير التوقف عقليا من جهة استقلال العقل بعد توسيط الشارع
باستحالة تحقق المشروط بدون شرطه.
(٤) اى الشرعية
والعادية معا يرجعان الى العقلية اما الشرعية فقد عرفت واما العادية باحد معنييه
قال فى الكفاية ج ١ ص ١٤٣ وان كانت بمعنى ان التوقف عليها وان كان فعلا واقعيّا
كنصب السلم ونحوه للصعود على السطح إلّا انه لاجل عدم التمكن عادة من الطيران
الممكن عقلا فهى ايضا راجعة الى العقلية ضرورة استحالة الصعود بدون مثل النصب عقلا
لغير الطائر فعلا وان كان طيرانه ممكنا ذاتا الخ فقضاء العادة باستحالة تحقق
المشروط بدون شرطه واستحالة الصعود على السطح لغير الطائر بدون نصب السلم.
(٥) هذا هو الجواب
عن الشبهة.
(٦) وملخصه انه بعد
توسيط جعل الشارع واعتباره او قضاء العادة وان كان الامر كما ذكر من صيرورة التوقف
عقليا إلّا ان هذا المقدار لا يقتضى رجوع الشرعية والعادية الى العقلية والوجه فى
ذلك.
(٧) ان حكم العقل
بالتوقف حكم وارد على المقدمة فارغا عن الاناطة التى هى مناط مقدمية الشىء.
مناط المقدمية
وإلّا (١) فلا شبهة فى اختلاف المقامات بالاضافة الى هذه المرحلة لانه ربما يكون
اناطة احد الوجودين بالآخر ذاتيا بحيث لو عرض على العقل يرى بينهما الترتب (٢)
واخرى يكون الاناطة بجعل شرعى ففى مثل هذا الفرض لا يرى العقل بنفسه بينهما
الاناطة وانما يرى الاناطة بينهما من ناحية الشرع (٣) وثالثه (٤) لا يرى الاناطة
المزبورة الا من جهة اقتضاء العادة وفى الاخير (٥)
______________________________________________________
(١) اى وان لم يكن
النظر الى ذلك بل النظر الى اصل الإناطة كما هو محط النظر فى هذا التقسيم فى اصل
تلك الاناطة من كونها تارة ذاتية محضة بلا توسيط شىء من جعل شرعى او قضاء عادى
واخرى شرعية محتاجة الى اعتبار الشارع اياها كالصلاة فى ظرف الطهارة فان الاناطة
بين الصلاة والطهارة ح لم تكن ذاتية كما عرفت وانما هى من جهة توسيط جعل الشارع
ايّاها من جهة انه لو لا جعل الشارع لم يكن اناطة بين الطهور والصلاة بل كان العقل
يجوز تحقق الصلاة بدون الطهارة.
(٢) هذا هى
الذاتية بان يرى الاناطة بين الوجودين كطلوع الشمس واضاءة العالم ذاتيا فيحكم
العقد بترتب المعلول على العلة وجدت فوجد ولو يكون زمانا واجد.
(٣) وهذا هى
الشرعية ومجرد دخلها فى المصلحة ايضا لا يقتضى اناطة الصلاة بها قهرا لا مكان ان
لا يعتبرها الشارع فيها فى مقام الامر بها ولو من جهة مصلحة اخرى كمصلحة التسهيل
على المكلفين فالاناطة يكون بجعل الشارع وبدونه لا اناطة اصلا.
(٤) وثالثه تكون
الاناطة عاديه فانه لو لا قضاء العادة لما كان اناطة بنظر العقل بينهما بوجه اصلا
لتجويزه تحقق ذيها بدونها كما فى علم المعصومين عليهمالسلام حيث انها كانت حاصلة لهم من غير اشتغالهم بتحصيل العلم فى
مرور الزمان مع ان عادة غالب الناس وعادة على حصول العلم بتحصيله.
(٥) وقلنا ان
العادية على قسمين واشار اليهما فى الكفاية ج ١ ص ١٤٣ واما العادية فان كانت بمعنى
ان يكون التوقف عليها بحسب العادة بحيث يمكن تحقق ذيها بدونها إلّا ان العادة جرت
على الاتيان بواسطتها فهى وان كانت غير راجعة الى
ايضا تارة (١)
يكون العادة بمثابة لا ينفك عن الاناطة المزبورة دائما واخرى (٢) ينفك عنه احيانا
وبهذه الملاحظة (٣) امكن دعوى اختلاف المقدمات فى الانتساب الى العقل والشرع
والعادة بمناط اختلافهم فى مناط المقدمية الذى هو جهة اناطة احدهما بالآخر ، ثم (٤)
لا اشكال دخول المقدمات العقلية (٥) والشرعية (٦) والعادية (٧) بالمعنى الاول (٨)
فى حريم النزاع فيصير مقدمية نصب السلّم من قبيل المقدمات العادية لكونه على السطح
قبال الطهارة التى يكون من المقدمات الشرعية وتحصل الماء الذى هو من المقدمات
العقلية واما المقدمات العادية (٩) بالمعنى الثانى كاعتياده بحركة قبل صلاته مثلا
ففى دخوله فى حريم
______________________________________________________
العقلية إلّا انه
لا ينبغى توهم دخولها فى محل النزاع وان كانت بمعنى ان التوقف الى آخره وقد تقدم
اذ لا توقف عليها كما هو واضح.
(١) هذا اشارة الى
القسم الأول من العادية التى لا يمكن تحقق ذيها بدونها وقد تقدم.
(٢) هذا اشارة الى
القسم الثانى واشرنا اليه اخيرا من امكان تحقق ذيها بدونها.
(٣) ثم رجع الى اصل
المدعى وان التقسيم صحيح من العقلية والشرعية والعادية بحسب الإناطة ولو بعد تحقق
الإناطة بتوسيط جعل الشارع او بتوسيط قضاء العادة يكون التوقف عقليا لكن محط النظر
اصل الاناطة.
(٤) والمقدمات
يدخل فى محل النزاع.
(٥) سواء كانت
المقدمة عقلية.
(٦) ام التوقف شرعيا
محض.
(٧) او بمقتضى
العادة لا مطلقا.
(٨) اى مما يتوقف
عادة عليه كالكون على السطح بنصب السلم ولم يكن طريق آخر لاتيان الواجب منه عادة
وان لم يكن مستحيلا عقلا غيره كالطيران.
(٩) دون ما جرت
العادة على الاتيان به قبل ذى المقدمة من دون توقف عليه وجودا مثل ما جرت العادة
عند شخص من تطهير محل الاستنجاء قبل الوضوء من دون
النزاع بحث ربما
يجزم (١) بخروجه عن مركز البحث اذ (٢) المدار فى المقدمية على اقتضائه انتفاء ذيه
وهذا المعنى لا يكاد يتحقق فى مثله غاية الامر يدخل
______________________________________________________
توقف وجود الوضوء
عليه.
(١) قد عرفت من
صاحب الكفاية ج ١ ص ١٤٣ قال لا ينبغى توهم دخولها فى محل النزاع الخ.
(٢) هذا هو الوجه
لخروجها عن محل النزاع لعدم التوقف عليها نعم غالبا يلازم ذلك لا اثر لها فى
الدخول فى محل النزاع وذكر فى المحاضرات ج ٢ ص ٣٠٣ نعم لا وقع لتقسيمها ثالثا الى
الشرعية والعقلية والعادية وذلك لان الاولى بعينها هى المقدمة الخارجية بالمعنى
الاعم ـ اى خارجة عن المامور به قيدا وداخله فيه تقييدا كالشرائط ـ وليست مقدمة
اخرى فى مقابلها والثانية هى المقدمة الخارجية بالمعنى الاخص ـ اى غير دخيلة فى
الواجب لا قيدا ولا تقيدا او انما يتوقف وجوده فى الخارج على وجودها كتوقف وجود
الصلاة على مكان ما ـ واما الثالثة فان اريد منها ما جرت العادة على الاتيان بها
من دون توقف الواجب عليها خارجا فلا شبهة فى خروجها عن مورد النزاع ، وان اريد
منها ما يستحيل وجود الواجب فى الخارج بدونها عادة وان لم يستحل عقلا وذلك كالكون
على السطح مثلا حيث انه بلا طى المسافة محال عقلى لاستحالة الطفرة ولكنه بلا نصب
السلم محال عادى ضرورة امكان الطيران ذاتا ـ الى ان قال ـ فاذن ترجع المقدمة
العادية الى المقدمة العقلية ـ اى حيث ان المقدمة الجامعة بين الطيران ونصب السلم
وحيث ان الفرد الاول غير متحقق انحصر الجامع عقلا فى الفرد الاخير وهو نصب السلم
الى آخر كلامه وفيه اولا ان المقدمة الخارجية بالمعنى الاعم فى مطلق الشرائط وهذه
اخص وهى الشرائط الشرعية وثانيا فلان المقدمات العقلية فمما يكون محال ذاتا كوجود
الممكن بلا علة والمقدمات الخارجية بالمعنى الاخص اعم من ذلك لعدم انحصاره بها
لتوقف ذلك عليه عقلا وثالثا قد عرفت ان المدار على الإناطة ولا يرجع العادية ولا
الشرعية الى العقلية اصلا فالصحيح ما ذكرنا وما ذكره تبعا لاستاده المحقق
النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٢٠ بعين عبارة محاضرات المتقدمة فى غير محله مضافا الى
ان فى الكفاية تقسيم المقدمات الى الخارجية والداخلية على الوجه الذى ذكروه والامر
فى ذلك سهل.
ذلك فى باب
المقدمية الغالبية لا مطلقا وهو اجنبى عن محل الكلام فتدبر. ومنها (١)
______________________________________________________
(١) النوع الثالث
يكون الكلام فى المقدمات الخارجية ذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢١٩
والتحقيق في هذا المقام ان يقال ان ما يسمى علة ومعلولا اما ان يكون وجود احدهما
مغاير الوجود الآخر فى الخارج او يكونا عنوانين لموجود واحد وان كان انطباق احدهما
عليه فى طول انطباق الآخر لا فى عرضه اما ما كان من قبيل الاول كشرب الماء ورفع
العطش فلا اشكال فى ان الارادة الفاعلية تتعلق بالمعلول اولا لقيام المصلحة به ثم
تتعلق بعلته لتوقفه عليها فيكون حال الارادة التشريعية الآمرية ايضا كذلك وهذا
معنى ما يقال من ان المقدور بالواسطة مقدور فلا معنى لصرف الامر المتعلق بالمسبب
الى سببه بعد كون المسبب مقدورا ولو بالواسطة وكونه هو الوافى بالغرض الاصلى واما
ما كان من قبيل الثانى كالقاء النار والاحراق المتصف بهما فعل واحد فى الخارج وان
كان صدق عنوان الالقاء متقدما على صدق عنوان الاحراق رتبة وكذلك عنوان الغسل
والتطهير فقد بينا سابقا ان كلا من العنوانين قابل لتعلق التكليف به كما فى قوله (ع)
اغسل ثوبك من ابوال ما لا يؤكل لحمه وقوله تعالى (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) فاذا تعلق بالمسبب فى ظاهر الخطاب فهو متعلق بذات السبب فى
نفس الامر لا محاله كما انه اذا تعلق بالسبب فهو يتعلّق به بما انه معنون بمسببه
وهذا القسم هو مراد العلامة الانصارى (قده) من المحصّل فى ما ذهب اليه من ان
البراءة لا تجرى عند الشك فى المحصل كما اشرنا اليه سابقا فلا معنى للاتصاف
بالوجوب الغيرى فانه فرغ التعدد والمفروض هو الواحدة الخ واورد عليه استادنا
الخوئى فى حاشية الاجود ج ١ ص ٢١٩ ما افاده قدسسره من خروج القسم الثانى مما يسمى بالعلة والمعلول ولو
بالعناية عن محل البحث فى المقام وان كان متينا جدا كما اشرنا اليه سابقا إلّا ان
تمثيله لذلك بعنوانى الالقاء والاحراق وبعنوانى الغسل والتطهير فى غير محله لان
وجود الملاقاة فى الخارج مغاير لوجود الحرارة بالضرورة فيكون الالقاء غير الاحراق
ايضا اذا الايجاد والوجود متحدان بالذات وان كانا مختلفين بالاعتبار وكذلك الطهارة
بمعنى النظافة العرفية موجودة فى الخارج بوجود مغاير لوجود الغسل ومترتبة عليه
بالوجدان واما الطهارة الشرعية فهى حكم شرعى مترتب على وجود موضوعه خارجا وهو الغسل
فكيف يعقل ان يكون عنوان الطهارة منطبقا على ما ينطبق عليه عنوان
تقسيمهم المقدمات
الى المقتضى (١) والشرط (٢) وعدم المانع (٣) والمعد (٤) ومنشأ (٥) هذا التقسيم
ايضا ليس إلّا بلحاظ اختلاف المقدمات فى انحاء دخلها
______________________________________________________
الغسل الخ ـ ولكن
فيه الصحيح ما ذكره المحقق النّائينيّ فانه كما افاده الاستاد البجنوردي فى
المنتهى ج ١ ص ٢٨٣ فى مقام الرد على المحقق النّائينيّ قال ، ان هذا خلط بين باب
العلل والمعلولات التكوينية مع معلولاتها موجودات بوجودات متعددة بخلاف باب
الاسباب التوليدية مع مسبباتها فان السبب التوليدى مع المسبب التوليدى سواء كان
المسبب التوليدى من الامور القصدية كالبيع بالنسبة الى الاعطاء الخارجى فى البيع
المعاطاتى او القيام بالنسبة الى التعظيم او لم يكن من الامور القصدية كالاحراق
والقتل والرجوع بالنسبة الى الالقاء فى النار واطلاق الرصاص او الضرب بالسيف
وتقبيل المرأة المطلقة رجعية بناء على عدم لزوم القصد فى تحقق الرجوع كما هو
الصحيح لهما وجود واحد فهناك ليس إلّا فعلا واجدا صادرا من الفاعل يسمى بعنوانه
الاولى سببا وبعنوانه الثانوى مسببا فتعلق الارادة النفسية باحدهما مساوق لتعلقها
بالآخر فلا يبقى مجال للوجوب الغيرى بخلاف باب العلل التكوينية مع معلولاتها فحيث
ان هناك وجودان احدهما للمعلول والآخر للعلة فلو كانت للمعلول مصلحة ويترتب على
وجوده غرض فلا محاله تتعلق به الارادة النفسية لتبعيتها للملاك والمصلحة واما
العلة فان كانت ايضا لوجودها مصلحة ملزمة اخرى فقهرا تتعلق به ايضا ارادة نفسيه
اخرى وإلّا فلا وجه لكونه واجبا نفسيا نعم بناء على وجود الملازمة بين وجوب شيء
ووجوب ما يتوقف عليه ذلك الشى تكون العلة واجبا غيريا الخ فما ذكره فى المحاضرات
من انها وجودين ففى غير محله وانما يكون فى غير المسببات التوليدية.
(١) اما المقتضى
وهو السبب والعلة فى لسان الحكم قد عرّفوه بما يلزم من وجوده الوجود دائما ذاتا.
(٢) والشرط هو ما
يلزم من عدمه العدم.
(٣) والمانع ما
يلزم من وجوده العدم.
(٤) والمعد ما
يقرب تاثير العلة فى وجود المعلول.
(٥) والسر فى هذا
التعبير هو اقتضاء اختلاف المقتضى مع الشرط والمانع فى كيفية الدخل فى وجود
المعلول وتحققه وعدم كون الجميع على وزان واحد فى ذلك وان مناط دخل كل غير ما هو
المناط فى الآخر وإلّا لما كان وجه للعدول فى
فى وجود ذيها بعد
اشتراك الجميع فى اصل الدخل الموجب لانتفاء ذيها بانتفائها وتوضيح الحال فى هذا
المقال بان يقال ان المقدمة تارة (١) كان شأنه اعطاء وجود ذيها بحيث يخرج وجود ذيه
من كمونه وتارة ليس (٢) شانه ذلك بل (٣)
______________________________________________________
الشرط والمانع عن
التعريف المزبور للمقتضى والامر كذلك كما ستعرف.
(١) فان ملاك
المقدمية فى المقتضى عبارة عن حيثية المؤثرية اذ هو فى الحقيقة عبارة عن معطى
الوجود لانه هو الذى يخرج المعلول من ذاته ويترشح وجوده ويستند اليه وجوده كما فى
مثل النار والاحراق حيث يرى ان ما ينشا ويتولد منه الاحراق انما هو النار خاصه.
(٢) اى وهذا
بخلافه فى مثل الشرط والمانع فان دخلهما فيه لا يكون على نحو دخل المقتضى فى كونه بنحو
المؤثرية والمتأثرية بل وانما كان بمناط آخر غير المؤثرية كما ستعرف كيف ولا اشكال
بينهم فى ان عدم المانع من المقدمات ومن اجزاء العلة التامة حسب تفسيرهم اياها
بالامور الثلاثة المقتضى والشرط وعدم المانع ويكشف عنه ايضا التزامهم بترشح الحرمة
الغيرية نحو المانع فى مثل الصلاة فى غير الماكول وبنائهم على جريان كل شيء لك
حلال فى مشكوك المانعية عند الشك فى كون اللباس من الماكول او غيره بتقريب اقتضاء
القاعدة حلية المشكوك ولو غيريا والترخيص فى ايجاد الصلاة فيه مع انه من المستحيل
ان يكون دخل عدم المانع فى تحقق المعلول بنحو المؤثرية كما فى المقتضى لضرورة انه
لا سنخية بين الوجود والعدم فكيف يمكن دخل العدم المزبور فى وجود المعلول بنحو
المؤثرية.
(٣) فانه بعد ما
لا يمكن ان يكون دخل عدم المانع فى المطلوب بمناط المؤثرية والمتأثرية لاختصاص مثل
هذا الدخل بخصوص السبب والمقتضى فلا محيص عن ان يكون مناط الدخل فيه وكذا الشرائط
بوجه آخر وليس ذلك إلّا دعوى دخله فى قابلية المعلول والاثر للتحقق والانوجاد من
قبل موجده ومؤثره على معنى دخله فى تحدّد الطبيعة بحد خاص يكون بذلك الحد قابلا
للتحقق بحيث لو لا ذلك الحد الخاص الناشى من اضافة الطبيعة الى العدم المزبور ككون
الشى فى ظرف عدم كذا او وجود كذا فى الشرائط لما كان قابلا للتحقق من قبل موجده
ومقتضيه.
كان شانه تحديد
دائرة الوجود بنحو يكون بهذا الحد (١) قابلا للتحقق خارجا او (٢) قابلا للتاثير فى
المقصود ومرجع (٣) هذا النحو من الدخل ليس الى تاثير المقدمة فى وجود شىء لعدم كون
الحد من سنخ الوجود بل (٤) مرجعه الى تضيق دائرة الوجود بحدّ يكون بذلك الحد (٥)
قابلا للتحقق خارجا او قابلا للتاثير فى الغرض المقصود الحد (٦)
______________________________________________________
(١) اى لا يفرق فى
ما ذكرنا بين ان يكون الشرائط راجعة الى مقام التاثير الفعلى والوجود الخارجى.
(٢) وبين ان يكون
راجعا الى مقام اصل الاقتضاء الشى فانه على كل تقدير لا دخل لها الا فى حدود الشى
غايته انه على الاول يرجع دخلها الى قابلية الاثر والمقتضى بالفتح للتحقق وعلى
الثانى يرجع دخلها الى قابلية المقتضى فى اقتضائه للتاثير باعتبار ان ما هو المؤثر
من الاول هو الوجود المحدود بالحدود الخاصة واما دخل هذه الحدود فى القابلية
المزبورة فى المقتضى فهو كما عرفت لا يكون إلّا ذاتيا غير معلل بلم وبم.
(٣) اى مرجع هذا
الدخل فى الحقيقة الى دخل طرف الاضافة فى الاضافة ودخل منشإ الاعتبار فى الامر
الاعتبارى لا من باب المؤثرية والمتأثرية كما فى المقتضى فلو لم يكن سافل وعال لم
يكن ينتزع للواقف بينهما من العلو الفوقية وعن السافل التحت والطرفين غير دخيل فى
ذلك وانما طرفى الإضافة كذلك هذه الحدود.
(٤) فيكون دخلها
فى قابلية الاثر والمقتضى للتحقق خارجا باعتبار كونها مما تقوم به الحدود الخاصة
التى بها يكون الاثر قابلا للتحقق لا بدونها او يرجع الى اصل اقتضاء المقتضى
للتاثير فى الغرض المقصود.
(٥) فيكون طرفا
للاضافة ومحدّدة للشيء بحدود خاصة.
(٦) قال المحقق
الماتن فى النهاية ج ١ ص ٢٧٥ ومن المعلوم ايضا كفاية هذا المقدار من الدخل فى
مقدمية عدم المانع ـ اى وكذا الشرط ـ بنظر العقل للمطلوب وتقدمه الرتبى عليه وصحة
تخلل الفاء بينهما فى قولك وجد المانع فعدم المطلوب ـ اى او عدم الشرط فعدم
المطلوب ـ وذلك لما تقدم سابقا بانه لا يحتاج فى صحة تخلل الفاء المزبور بين
الشيئين اعتبار المؤثرية والمتأثرية بينهما ولذلك يصح هذا التخلل
ومثل هذا الحد (١)
روحه يرجع الى انتهاء الوجود (٢) واتصاله بالعدم (٣) فلا يكون (٤) وجودا ولا عدما (٥)
بل نحو اتصال بينهما (٦) ويعبر عنه شرّ التركيب (٧)
______________________________________________________
فى ما بين العارض
والمعروض ايضا مع انه لا يكون بينهما اعتبار المؤثرية والمتأثرية ـ الى ان قال ـ بان
العدم المزبور ـ اى او الشرط المزبور ـ من حيث وقوعه طرفا للاضافة ومنشئيته لتحدد
الشى بحد خاص ينال العقل جهة المقدمية منه ويرى كونه فى رتبة سابقه على الحد
المزبور بنحو يفصل الفاء المزبور بينهما الكاشف عن اختلاف الرتبة بينهما كما كان
ذلك ايضا بالقياس الى بعض الامور الوجودية ككون الشى مثلا فى ظرف وجود كذا وفى
مكان كذا فانه قد يكون الشى لا يكون فيه القابلية للوجود والتحقق ولو مع وجود
مقتضيه وتماميته فى مرحلة اقتضائه إلّا اذا كان محدودا بحدود خاصه ناشئة تلك
الحدود من اضافته الى بعض الامور الوجودية او العدمية واما دخل مثل هذا الحدود فى
القابلية المسطورة بهو لا يكون إلّا ذاتيا فلا يعلل بانه لم وبم لان مرجع ذلك الى
ان ما هو القابل للتحقق من الاول هو الشى المحدود الخ وهذا هو الصحيح كما ستعرف.
(١) ثم بين لنا
المحقق الماتن حقيقة الحد والإضافة.
(٢) فبما ان
الممكنات محدوده فحقيقة الحد هو انتهاء الوجود لا نفس الوجود بل امد الوجود من
ناحية المقتضى والتاثير الفعلى او من ناحية المتقضى والتحقق الخارجى.
(٣) فالحد انتهاء
الوجود واتصاله بالعدم.
(٤) فالحد لا يكون
امرا وجوديا لعدم كون الزائد على وجود المقتضى بالكسر او وجود المقتضى بالفتح وجود
آخر يسمى بوجود الحد.
(٥) ولا امرا
عدميا لان العدم لا دخل له فى الوجود والمفروض ان الحد من شئون الوجود وحدوده.
(٦) بل الحد هو
الاتصال بين الوجود والعدم.
(٧) ووقع الاصطلاح
منهم والتعبير عن ذلك ـ شرّ التركيب ـ اى المركب من الوجود والعدم.
وهو (١) ايضا لا
يخلو عن مسامحة اذ (٢) ليس الحد مركبا منهما بل (٣) عبارة عن انتهاء كل منهما
بالآخر ولئن شئت (٤) فعبر عنه بنحو اضافة واتصال بين الوجود والعدم لا وجود ولا
عدم نعم له (٥) واقعية كالوجود فى الخارج ولذا لا يكون موجود اولا معدوما بل (٦)
بنفسه كالوجود فى الخارج غاية الامر يتبعه. ثم (٧) ان هذا الحد تارة ذاتى لوجود
خاص واخرى عرضى (٨)
______________________________________________________
(١) اى فى هذا
التعبير مسامحة واضحة.
(٢) اى الوجه فى
ذلك ان الحد ليس بمركب من الوجود والعدم.
(٣) بل الحد
انتهاء كل من الوجود والعدم بالآخر.
(٤) وان شئت قلت
اتصال انتهاء الوجود وابتداء العدم.
(٥) فالحد له
واقعية وحقيقة فى قبال الوجود والعدم لا مجرد اعتبار فيكون كالوجود فى الخارج.
(٦) فالحد لا يكون
موجودا ولا معدوما بل كما عرفت امر واقعى حقيقى فى الخارج فى قبال الوجود والعدم
وانما يتبع الوجود ويكون انتهاء الوجود هذا غاية ما يمكن ان يفسر الحد قال
السبزوارى فى شرح المنظومة فى الفلسفة ص ١٣١ فالقوة النارية لا تؤثر فى ماء القدر
اينما وقعت بل اذا حصل بينهما وضع خاص ومحاذاة خاصه والشمس لا تضيء الارض كيفما
تحققت بل بمقابلة خاصه او ما فى حكمها ـ اذ بمقتضى ثبوت الحركة الجوهرية فى القوى
والطبائع كل قوة تنحل الى قوى كل واحدة منها محفوفة بالعدمين ـ اى عدم سابق وعدم
لا حق ـ محدودة ذاتا واثرا واشتراط الوضع ايضا ـ وضع مع منفعلها الخ فالحد تكون
تضييق دائرة الوجود وتحديد دائرة الوجود حتى يكون قابلا للتحقق خارجا او قابلا
للتاثير فى الغرض المقصود وليس ذلك من باب المؤثرية وانما هو خصوصية بها يؤثر
المقتضى ويتأثر المقتضى كما هو واضح.
(٧) تقدم ان دخل
الشرائط والموانع لا يكون إلّا كونها طرفا للاضافة ومحدّدة للشيء بحدود خاصة وهذا
تارة يكون الحد ذاتيا كما فى العلل التكوينية كما فى احتراق النار من شرطية الوضع
والمحاذاة ويبوسة المحل فانها من حدوده ذاتا.
(٨) اى واخرى عرضى
اعتبارى فجميع الشرائط والموانع يكون دخلها من باب دخل منشإ الاعتبار فى الامر
الاعتبارى.
بمعنى انه يلاحظ (١)
من وجود الشىء مقدارا منه على قيام استعداد التاثير فى هذا المقدار و (٢)
______________________________________________________
(١) بان يلاحظ حدا
خاصا يوجب المقتضى التاثير فى مؤثر كذا.
(٢) ثم ان هنا
يشير الى النوع الرابع من تقسيم المقدمات ونشير اليها اجمالا تنقسم المقدمة الى
المقدمة المتقدمة والمتاخرة والمقارنة بحسب الوجود بالإضافة الى ذيها زمانا لا
رتبة فانها متاخرة عن ذى المقدمة فانه لا بد من ملاحظه ذى المقدمة اولا كالطبيخ
مثلا حتى يلاحظ مما يتوقف عليه من اشتراء الارز واللحم والدهن والكلام وجودها
زمانا ، ومتقدمة مرتبه ، فان المقدمة تارة تكون متقدمة فى الوجود بالإضافة الى ذى
المقدمة وذلك كغسل الجنب والحائض والنفساء بعد نقائهما فى الليل وذلك قبل الفجر
الذى هو شرط صحة صوم الغد وكذا غسل المستحاضة ، واخرى تكون المقدمة مقارنة فى
الوجود مع ذيها زمانا وذلك كالطهارة مع الحدث والخبث وما شاكلهما من الشروط
المقارنة للصلاة زمانا ولا تصح بدونها ، وثالثه تكون متاخرة عن ذيها زمانا وذلك
كالاغسال الليلية للمستحاضة التى هى معتبرة فى صحة صومها فى اليوم الماضى بحيث لو
لم تغتسل لم يصح صومها المتقدم على القول به هذا فى شرط المكلف به ، واما شرط
التكليف ايضا قد يكون مقارنا له كالعقل والبلوغ والعلم والقدرة ونحو ذلك واخرى
يكون سابقا كمضى الحول على الانعام الثلاثة فى وجوب الزكاة عليها فى الشهر الثانى
عشر وثالثه يكون متاخرا كاستقرار وجوب الحج وهو حجه الاستطاعة ان مضى زمان الحج
وكان واجدا للزاد والراحلة وبدونه لا يستقر وجوب الحج ، وهكذا فى الوضع فقد يكون
مقارنا له كالماضوية والعربية والتنجيز مما يعتبر فى العقود والايقاعات والعلم
بالعوضين المعتبر فى صحة البيع ونحو ذلك فانها شرط مقارن لصحة البيع التى هى من
الاحكام الوضعية ، وقد يكون سابقا على الوضع فمثل العقد فى الوصية او شرط فى عقد
الوصية فان العقد شرط لحصول الملكية التى هى اثر وضعى وكذا شرط فيه ولكن الملكية
حاصلة عند الموت وكذا العقد فى الصرف والسلم شرط لحصول الملكية لكن الملكية تحصل
عند القبض ، وقد يكون لاحقا كالإجازة فى العقد الفضولى بناء على الكشف الحقيقى
فالملكية حاصلة حين العقد والاجازة متاخرة عنها زمانا هذا ثم ان تفصيل الكلام فى
ما هو الممكن وما هو الممتنع من اقسام هذه الشرائط سيأتى إن شاء الله.
ربما يقاس المقدار
المزبور (١) بمقارنته لشيء او بسبقه به أو لحوقه بحيث يكون مثل هذه الاعتبارات من
مقدّرات الوجود بنحو ينحصر استعداد التاثير فيه (٢) وفى مثله قهرا يستند الاثر الى
اصل وجوده وحدّه الى مقداره (٣) وعليه ربما يكون التحديدات القياسية كان بطرف
اضافاتها دخل فى حدّ الاثر (٤) او فى حدّ المؤثرية (٥) وبديهى (٦) ان هذا الدخل
ليس دخلا تاثيريا بل هو نحو من الدخل وطور من الارتباط الذى ليس شان وجودها اعطاء
الوجود بل ليس شانه الا التحديد الموجب للقابلية على نحو لا يعلل (٧) كما لا يخفى
وبهذه العناية يقال بان شان امثال هذه المقدمات ليس إلّا اعطاء القابلية للمعلول
وجودا (٨) ام تاثيرا (٩).
______________________________________________________
(١) تقدم ان
الشرائط وعدم الموانع حدود الوجود لتاثير خاص والحدود بحسب ما فى التكليف من
المصلحة يختلف فربما حد مقارن للوجود واخرى متقدم عليه وثالثه متاخر.
(٢) فتأثير الوجود
يكون بهذه الاعتبارات الثلاثة للحد.
(٣) فالاثر لوجود
ذلك الشى لا محاله والحد انما يؤثر فى مقدار الاثر لا غير وليس للحد دخل فى
التاثير اصلا.
(٤) اى وان
الشرائط وكذا عدم الموانع كما مر يرجع دخلها الى قابلية الاثر والمقتضى بالفتح
للتحقق.
(٥) اى او يرجع
دخلها الى قابلية المقتضى فى اقتضائه للتاثير باعتبار ان ما هو المؤثر من الاول هو
الوجود المحدود بالحدود الخاصة.
(٦) اى لا يكون
إلّا كونها طرفا للاضافة ومحدّدة للشىء بحدود خاصه.
(٧) اى دخل هذه
الحدود فى القابلية المزبورة فى المقتضى يكون ذاتيا لا برهانيا بلم وبم بعبارة
اخرى ان ما له القابلية للتحقق من الازل هى الطبيعة المحدودة بالحدود الخاصة
الناشئة من اضافتها الى امر كذا من المقارنة والمتقدمة والمتأخرة.
(٨) اى فى ما يرجع
الى اصل الاقتضاء.
(٩) فى ما يرجع فى
مقام التاثير الفعلى.
ومما يوضح هذه
الجهة (١) ملاحظة الشرائط الشرعية (٢) الصادرة عن العالم بالواقعيات فى تحديد
موضوعات حكمه بمقدار قابليّتها للتاثير فى اغراضه اذ ترى (٣) فيها (٤) تحديد
موضوعه (٥) بكونه فى حال كذا (٦) وبوصف كذا (٧) ومعلوم ان مرجعه (٨) الى تقييد الموضوع
بامور يكون (٩) طرف الاضافة لموضوعه الموجب لاناطة الموضوع به (١٠) وهذه الاناطة
ما جاء (١١) الا (١٢) من
______________________________________________________
(١) ومما يشهد
لدخل الشرائط وكذا عدم الموانع فى قابلية الاثر للتحقق باعتبار كونها مما تقوم به
الحدود الخاصة التى بها يكون الاثر قابلا للتحقق لا بدونها.
(٢) هو النظر الى
الشرائط الشرعية وكذا عدم الموانع ولا فرق بينهما إلّا ان الشرائط يطلق على ما كان
وجود الشى دخيلا فى قابلية الاثر وفى المانع عدمه قيد للمطلوب.
(٣) فمثل الصلاة
التى ورد أنها قربان كل تقى وتنهى عن الفحشاء ونحوهما.
(٤) اى قد اعتبر
الشارع فيها من القيود الوجودية والعدمية ككونها عن طهور وكونها الى القبلة وفى
حال الستر وكونها فى ظرف عدم القهقهة والبكاء للدنيا وعدم الاكل والشرب.
(٥) اى كل ذلك
تحديد للموضوع.
(٦) اى ككونه فى
حال الطهارة.
(٧) اى ككونه بوصف
الاستقبال.
(٨) اى ومرجع كون
الموضوع فى حال كذا ووصف كذا الى تقييد الموضوع به وتحديد الموضوع به.
(٩) وبعبارة اخرى
يكون هذه الامور ظرف اضافه الموضوع.
(١٠) ولا محاله
يكون اناطة الموضوع به.
(١١) ولعل الصحيح
ـ جاءت ـ اى الاناطة لكن يمكن صحة ـ جاء ـ ايضا ان رجع الى التحديد.
(١٢) بمعنى ان هذه
الاناطة بهذه القيود لا محاله دخيلة تلك القيود بنفسها فى الاضافة الى المقتضى
بالفتح.
جهة دخل المنوط به
فى الاضافة المزبورة المقدرة للوجود بكذا مقدار و (١) ليس شانه اعطاء وجود الموضوع
كيف و (٢) ما به انوجاده ليس إلّا ارادة المكلف او شىء آخر (٣) بل تمام شانه اعطاء
تقييد مخرج له عن سعة وجوده وكان محدّدا له (٤) والى ذلك (٥) نظر ما اشتهر فى
الشرط بان التقيّد به داخل فى الموضوع دون القيد قبال الجزء الداخل فيه القيد
بنفسه ومرجعه الى ما ذكرنا بان الشرط مما به تقييد الشىء (٦) وهذا نحو من الدخل
وطور من الاناطة الاجنبى عن
______________________________________________________
(١) اى هذه القيود
لا يترشح منه وجود الموضوع وذى المقدمة والشاهد عليه انه ربما يوجد القيود ولا
يوجد المقيد به والموضوع كما يتوضأ ولا يصلى ويلبس الساتر ولا يصلى.
(٢) اى بل وجود
الموضوع انما هو معلول لارادة المكلف وقصده.
(٣) اى او
الاختيار على القول بالفعل بينها وبين وجود الموضوع او شىء آخر مع انه لا اشكال ح
فى ان ما يترتب عليه النهى عن الفحشاء والكمال والقرب ليس إلّا ذات الصلاة التى هى
موضوع الامر فى خطاب اقيموا الصلاة وان دخل تلك القيود المعتبرة فيها من الطهور
والقبلة والستر وعدم التكتف ونحوها لا يكون إلّا فى حدود تلك الطبيعة الناشئة تلك
الحدود من اضافة الصلاة الى الامور المزبورة ولو من جهة ان ما هو المؤثر فى كمال
العبد من الاول هى الطبيعة المحدودة بالحدودات الخاصة والذات الواحدة للتقيد
بالامور الخاصة لا مطلق الطبيعة ولو فاقدة عن التقيدات والاضافات المزبورة.
(٤) اى مرجع تلك
القيود المعتبرة فيها الى تضيق فى دائرة الطبيعة المزبورة واخراجها عمالها من
الاطلاق ثبوتا فى عالم مؤثريتها فى القرب والكمال باعتبار تلك التقيدات الحاصلة
للطبيعة من اضافتها اليها.
(٥) اى ما اشتهر
بان التقيد جزء بمعنى كون التقيدات والاضافات طرا داخلة فى المطلوب والقيد خارج
بمعنى كون القيود بنفسها خارجة عنه ومقدمة للمطلوب باعتبار كونها مما تقوم به تلك
التقيدات والاضافات بخلاف الجزء.
(٦) اى التقييد
جزء فى الشرائط دون اصل القيد معناه طرف الإضافة وكونها
دخل المؤثر فى
متأثره بل (١) غاية دخله اعطاء حدّ فيه به كان قابلا للتاثير ويكون بنحو من
العناية دخيلا فى قابليّة الموضوع فى تاثيره ولئن شئت قلت (٢) كان دخيلا فى
قابليّة الموضوع بما هو موضوع للانوجاد ايضا ، ثم (٣) ان المحدّد المزبور ان كان
وجوديا يسمّى شرطا وان كان عدميا يسمى وجوده مانعا وان كان باجتماعهما يسمى معدّا
كالاقدام ، وبهذه الملاحظة ربما يفرق تعريف الشرط وامثاله مع المقتضى حيث صح ان
يقال فى المقتضى فانه مما يوجب وجوده وجود معلوله ولو فى المحل القابل ولا يصح هذا
المعنى فى الشرط (٤) وامثاله بل لا يصدق فيها الا كونها مما يلزم من عدمها عدم
المعلول ولئن شئت فعبر فيها بانها مما يلزم من وجودها قابلية المعلول للانوجاد ولو
بملاحظة دخلها فى تحديده بحد يكون بذاك الحد قابلا له كما اشرنا. ومن هذا البيان (٥)
ظهر مطلب
______________________________________________________
تحديدات للموضوع
المؤثر.
(١) فالشرائط حدود
ينشا منها حد الاثر لا انه يلزم من احد التقيدات جزءا تاثيرها فى المعلول وفى
الصلاح والفساد.
(٢) اى بعبارة
اخرى ان وجود المعلول بوجود المقتضى وانما الشرط وعدم المانع يوجب قابلية انوجاد
المعلول عن المقتضى.
(٣) ثم اشار الى
تعريف الشرط وهو الامر الوجودى ما يلزم من عدمه عدمه والى المانع وهو ما يلزم من
وجوده عدم الموضوع ، وعند اجتماعها يسمى معدا لوجود المعلول ، واما المقتضى ما
يلزم من وجوده وجود المعلول والمقتضى بالفتح لكن فى المحل القابل وقابلية المحل
تحصل بوجود الشرط وعدم المانع.
(٤) اى اما فى
الشرط فلا يمكن ان يقال ما يلزم من وجوده وجود المشروط لانه ليس جزء المؤثر وانما
تحديد للمؤثر نعم يمكن ان يقال انه يلزم من وجود الشرط قابلية المعلول للتحقق
والانوجاد فتدبر جيدا.
(٥) وهو دخل
القيود الوجودية والعدمية لقابلية الاثر للتحقق.
آخر وهو ان
المعلول اذا كان وجودا محدودا كان لحقيقته (١) جهتان (٢) احدهما حيث وجوده والآخر
جهة حدّه وتقييده ومن المعلوم (٣) ان جهة الحدّ والتقيّد قائمتان بحيث الوجود و (٤)
معلوم ان حيث وجوده مستند الى المقتضى وحدّه الى شرطه او عدم مانعة و (٥) ح لجهة
وجوده نحو اوّليّة يوجب اولويّته على جهة حدّه فى انتسابه وجودا وعدما اليه ولذا
اشتهر اسناد عدم المعلول الى عدم المقتضى (٦) حتى مع وجود المانع بلا اسناده اليه
اصلا مع انهما جزءان من العلة (٧) بنحو لا يتخلل بين المعلول وكل واحد منهما الّا
فاء واحد فاصل بين الوجود والموجد والحدّ والمحدّد ولكن هذا المقدار لا ينافى مع
اختلافهما فى اصل الدخل (٨) ويكون احد الدخلين فى طول الآخر حسب طولية الحيثيّتين
______________________________________________________
(١) فلا محاله لكل
معلول حد خاص ناشئ من اضافته الى بعض الامور الوجودية والعدمية.
(٢) فعليه يكون له
جهتان اصل وجوده وحده وتضيقه فى عالم مؤثريته.
(٣) والحد قائم
باصل وجود الشى ولو لا الوجود لا معنى لمحدوديته وتقييده.
(٤) اى واسبابهما
مختلفان فالوجود مستند الى المقتضى بالكسر والحد مستند الى الامور الوجودية
والعدمية التى دخيله فيه.
(٥) فالوجود ح
يكون له نحو اوّلية يوجب الاولوية ولو يتحققان فى زمان واحد لان الوجود لا ينفك عن
الحد كما لا ينفك الحد عنه لا محاله وله تقدم رتبى فى طول الآخر ولذا يستند عدم
المعلول الى عدم المقتضى لا الى عدم الحد مع انه كلاهما دخيلين فيه.
(٦) فيقال عدم
المعلول كالاحتراق لعدم المقتضى وهو النار لا لوجود المانع وان كان ذلك ايضا فينسب
الى اسبق علله.
(٧) فان كليهما من
اجزاء العلة ويقال عدم المقتضى فعدم المعلول ووجد المانع فعدم المعلول.
(٨) لكن يختلفان
فى الدخل ما بين السماء والارض فدخل المقتضى فى التاثير والانوجاد ودخل الشرط فى
الحد والقابلية لا غير ولذا يكون الوجود رتبة مقدمة على الحد ويستند عدم المعلول
اليه.
المحفوظ فى
معلولهما الموجب لاولويّة استناد المعلول الى المقتضى وجودا وعدما. ومن التامل فى
ما ذكرنا (١) ايضا ظهر مطلب آخر (٢) وهو (٣) ان فى ما كان دخله فى المعلول من باب
التاثير فى وجود المعلول كالمقتضى فلا محيص من ان يكون مقارنا زمانا مع المعلول
ولا يعقل تقدّمه عنه ولا تأخّره (٤) لانتهاء (٥) كل منهما الى انفكاك المؤثر
الفعلى عن المتأثر والعقل يابى عنه ولذا اشتهر (٦) عدم انفكاك العلة بهذا المعنى
عن المعلول زمانا وان اختلفا رتبة بمقدار تخلل فاء عقلا (٧) ، واما ما كان (٨)
دخله من باب كونه مما به الحد
______________________________________________________
(١) اى دخل
الشرائط وعدم الموانع فى المامور به وانه راجع الى دخلها فى قابلية الاثر للتحقق
باعتبار كونها ما تقوم به الحدود الخاصة التى بها يكون الاثر قابلا للتحقق لا
بدونها.
(٢) وهو العمدة فى
الباب من تصحيح الشرط المتاخر ودفع الايراد عنه.
(٣) وملخصه ان ما
هو المؤثر فى الوجود كالمقتضى لا بد من تقارنه زمانا مع وجود المعلول فقط لا غير.
(٤) وذلك بدونه
بان كان متقدما او متاخرا يلزم تحقق المعلول والاثر قبل وجود عليه او بعدها بفصل
كما سيأتى.
(٥) وهذا يكون
عقلا محالا انفكاك المتأثر عن المؤثر الفعلى وانفكاك العلة عن المعلول وبالعكس.
(٦) اشاره الى ما
عليه اهل المعقول فى الفلسفة منهم الملا هادى السبزوارى فى منظومته ص ١٣٢ شرائط
التاثير ما يجمع يجب معلوله الخ وهكذا يكون فى المقتضى.
(٧) وبينهما تخلل
رتبى فيقال وجدت العلة فوجد المعلول.
(٨) اى اما
الشرائط وعدم المانع ليس كالمقتضى بنحو المؤثرية حتى يتوجه الاشكال الآتي فى
الشرائط المتأخرة بل من باب دخل منشإ الاعتبار فى الامر الاعتبارى ومحددا للماهية
بحد خاص تكون بذلك الحد قابلة للتحقق عند وجود مقتضيها.
والتقييد فلا يابى
(١) العقل عن تقدم ما به قوام حدّ الشى وتقييده عن الشى زمانا بل (٢) عن تاخيرهما
ايضا عن المشروط بحسب الزمان اذا (٣) الاضافة الى الامور المتقدمة زمانا او
المتاخرة كالنار على المنار وكالشمس فى رابعة النهار. وعمدة ما يختلج فى الاذهان
فى استنكاره الشرائط المتاخرة توهمه لزوم مقارنة العلة بجميع اجزائه مع المعلول (٤)
، وهذا المعنى (٥) فى غاية المتانة بالنسبة الى اجزاء العلة الموجدة التى شأنها
اعطاء الوجود للمعلول وهو منحصر
______________________________________________________
(١) اى يحكم العقل
بامكان كون الشى بوجوده السابق المعدوم حال وجود الاثر كالشيء بوجوده المقارن
محددا للماهية.
(٢) كذلك يمكن ان
يكون الشى بوجوده المتاخر دخيلا فى قابلية الاثر للتحقق او فى تمامية المقتضى فى
اقتضائه للتاثير.
(٣) اى وذلك نظرا
الى مدخلية الحدود الخاصة للشيء الحاصلة من اضافته الى الامر المتقدم او المتاخر
فى قابليته للتحقق وترتب الغرض والمصلحة عليه.
(٤) هذا هو احد
الوجوه التى استدل به المانعين ولزوم مقارنة الشرط للمشروط به وامتناع تقدمه عليه
او تاخره عنه كما ذهب اليه جمهور الفلاسفة وملخصه ان الشرط من اجزاء العلة التامة
ومن الضرورى عدم جواز انفكاك العلة التامة عن معلولها او انفكاكه عنها سواء كان
ذلك بتقدم العلة عليه او بتقدمه عليها وجواز تقدم الشرط على المشروط وتاخره عنه
يستلزم ذلك ومستلزم الممتنع ممتنع كما لا يخفى.
(٥) واجاب عنه
المحقق الماتن كما فى البدائع ايضا ص ٣٢٠ انه لا ريب فى امتناع انفكاك العلة اعنى
بها ما يترشح منه ذات المعلول عنه سواء كان ذلك بتقدم العلة عليه ام بتأخرها عنه
لان جواز ذلك يستلزم جواز تاثير المعدوم فى الموجود وهو مساوق لجواز وجود الممكن
لا عن علة ، ولا يتوجه على ذلك النقض بالمعد حيث انه مما يتوقف عليه وجود المعلول
مع انه يمكن ان يتحقق فى حال وجود المعد وفى حال عدمه بعد وجوده وذلك لان المعد لا
يتوقف المعلول على نفس وجوده بل يتوقف على اثره وهو موجود حين وجود المعلول وان
انعدم ذات المعد الخ.
بالمقتضيات واما (١)
بقيّة اجزاء العلة المصطلحة التى منها عدم المانع فهى
______________________________________________________
(١) اى هذا فى
المقتضى تام اما الشرط فيجوز تقدمه على المشروط به وتاخره عنه سواء كان الشرط
تكوينيا ام تشريعيا بيان ذلك قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٢٠ انه لا شبهة فى
ان المقتضى للمعلول حصة خاصه من طبيعى المقتضى لا ان نوع المقتضى وطبيعيه يقتضى
ذلك المعلول ويؤثر فيه مثلا النار نوع انواع الموجودات يقتضى الاحراق ولكن ليس
المؤثر فى الاحراق الخارجى هو نوع النار وطبيعيها بل هى حصة خاصه من هذا النوع وهى
النار التى تماس الجسم المستعد باليبوسة لقبول الاحتراق فهذه الحصة التى لا تتحصص
بخصوصية المماسة والقرب من الجسم المستعد للاحتراق فهى لا يعقل ان تؤثر الاثر
المترتب على الحصة الاولى فتلك الخصوصية التى بها تحصصت الحصة المقتضية للمعلول لا
بد لها من محصل فى الخارج فما به تحصل خصوصية الحصة المقتضية يسمى شرطا والخصوصية
المزبورة عبارة عن نسبة قائمة بتلك الحصة المقتضية حاصلة من اضافه الحصة المزبورة
الى شيء ما وذلك الشىء المضاف اليه هو الشرط فالمؤثر فى المعلول هو نفس الحصة
الخاصة والشرط محصل لخصوصيتها وهو طرف الاضافة المزبورة وما يكون شانه كذلك جاز ان
يتقدم على ما يضاف اليه او يقترن به او يتاخر عنه ولهذا لا يصح ان يقاس الشرط على
المقتضى لان المقتضى ما يترشح منه ذات المعلول فلا يعقل ان ينفصل عنه زمانا سواء
كان ذلك بالتقدم او بالتاخر واما الشرط فبما انه لا دخل له فى التاثير بل هو طرف اضافة
محصل لخصوصية المقتضى كما ذكرنا جاز له ان ينفصل بالزمان عن ذات المقتضى فيتقدم
عليه او يتاخر عنه لان ذلك لا يخل بالإضافة المحصلة لتلك النسبة الخاصة كما لا
يخفى ، فان قلت على هذا يجوز ان يتقدم على المشروط او يتاخر عنه كل شرط حتى ما كان
منه متمما لقابلية القابل كيبوسة الخشب مثلا فى مقام تاثره بالاحتراق فتؤثر النار
الاحراق فى المحل الذى كان يابسا قبل وقوع النار عليه لا فى حال وقوعها او سيكون
يابسا بعد وقوعها وان كان فى حال وقوعها ليس يابسا مع انه ضرورى البطلان قلت انا
لم ندع ان مطلق الاضافة الى شيء توجب خصوصية فى المضاف يكون بها مقتضيا للمعلول بل
الإضافة يختلف باختلاف الخصوصيات المقومة للمقتضيات وباختلاف تلك الخصوصيات تختلف
حال المحصل لها من حيث التقدم على المعلول والمقارنة له والتاخر عنه فرب محصل
لخصوصية مقتض لا يوجب
خارجة عن دائرة
اعطاء الوجود بل شأنها ليس إلّا اعطاء القابلية للمعلول فى الانوجاد ولقد تقدم ان
مرجع اعطاء القابلية فيه الى كونها طرف اضافة لشىء يكون الشى متحدّدا ومقدّرا به
وخارجا عن سعته بنحو يكون بهذا الحد قابلا للانوجاد وفى مثل هذا المعنى لا يابى
العقل عن تقدمه زمانا او تاخره. ومن العجب عمّن بالغ فى انكار الشرائط المتاخرة
زمانا حيث يكون عمدة تشبثه فى مدّعاه بجعل الشرط متمّما للمقتضى فى التاثير (١) ،
______________________________________________________
للمقتضى الخصوصية
التى بها يتم اثره إلّا اذا اضيف المقتضى اليه فى حال تقدمه ورب محصل لا يوجب تلك
الخصوصية إلّا اذا اضيف اليه فى حال مقارنته كما فى تاثير النار فى الاحراق اذا
اضيفت الى المحل المقترن باليبوسية وهكذا الحال فى المحصل للخصوصية فى حال تاخره
فالمحصل للخصوصية فى حال التقدم لا يحصلها فى حال المقارنة وهكذا المحصل له فى
المقارنة لا يحصلها فى حال التقدم والتاخر وكذا فى حال التاخر لا يحصل الخصوصية
بالإضافة اليه فى حال المقارنة والتقدم وقد بينا ان المحصل للخصوصية المذكورة هو
المسمى بالشرط الخ وفى الامور التكوينية الشرط المتاخر هو عدم شرب الحليب المتاخر
شرط فى تاثير شرب السم المتقدم فمن حدود تاثير المقتضى اضافته الى عدم شرب الحليب
المتاخر وإلّا يمنع عن تاثيره.
(١) ومن الوجوه
التى استدلوا بها لامتناع الشرط المتاخر والمتقدم ويرجعه الى الشرط المقارن ما
اختاره المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٦٨ ان التحقيق ان الشرط اما من متممات
فاعلية الفاعل ـ اى النار ـ او من مصححات قبول القابل ـ اى الجسم ـ وتوصيف توقف
المعلول به من باب الوصف بحال متعلقه ـ اى بالعناية ـ وإلّا فلا حاجة له بنفسه فى
مقام الصدور الا الى الفاعل لحصول الاحراق فى الخارج يتوقف على ما منه الاحراق او
ما به الاحراق على اختلاف النظر فى النار إلّا ان النار لا تؤثر إلّا اذا كانت
بوصف كذا كما ان الجسم لا يقبل الاحتراق إلّا اذا كان بوصف كذا فتحقق ان معنى
شرطية الوضع والمحاذات او يبوسة المحل ونحو ذلك اما كون الفاعل لا يتم فاعليته او
المادة لا تتم قابليتها الا مقترنا بهذه الخصوصية وعليه يصح لحاظ شرطية الطهارة
للصلاة قان معنى شرطيتها لها ليس توقف وجودها على وجودها بل
فلنا حق السؤال (١)
بانه ما المراد من التتميم فان كان الغرض كونه من اجزاء
______________________________________________________
توقفها فى
الفاعلية وتمامية التاثير عليها كما فى الفواعل الحقيقية الطبيعية وشرائطها ولم
تجعل الطهارة شرطا للاثر ليقال آنها بحسب لسان ادلتها شرط للصلاة بل هى من مصححات
فاعلية الصلاة للاثر المرتب عليها او من متممات قبول النفس مثلا للاثر الآتي من
قبل الصلاة انتهى وبالجملة وعليه يلزم ان يكون الشرط دائما مقارنا للمشروط وإلّا
لزم حصوله عند عدم تمامية فاعله او عدم تمامية قابله وكل من هذه اللوازم واضح
البطلان.
(١) واجاب عنه المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٧٨ بانه على الاول من متمميته للفاعل ان اريد دخله فى
حدود الفاعل وفى اصل الاقتضاء والفاعلية ولو باعتبار انه لو لا تلك الحدود الخاصة
للشىء لا يكون تاما فى اقتضائه فى التاثير فهو وان كان صحيحا ولكنه يرجع الى ما
ذكرناه فى وجه دخل الشرائط فلا يكون ذلك البيان تقريبا آخر فى وجه دخل الشرائط وان
اريد من المتممية للفاعل دخلها فى ترتب الاثر وبعبارة اخرى اريد من ذلك كونها من
اجزاء المقتضى بحيث عند وجودها يترتب الاثر عليها وعلى المقتضى معا فعليه وان كان
دخلها ح بنحو المؤثرية إلّا انه يلزمه وقوعها فى عرض المقتضى لا من مقدماته وفى
رتبة سابقه عليه فيلزمه ح نفى المقدمية عن مثل الطهور والستر والقبلة ونحوها
بالنسبة الى الصلاة التى هى مقتضية للنهى عن الفحشاء ونفى الوجوب الغيرى لها من
جهة ان مقدمية الامور المزبورة للصلاة تقتضى كونها فى رتبة سابقه عن الصلاة وهو
كما ترى مناف لما عليه عامة الاصحاب من مقدمية الامور المزبورة للصلاة بل مناف
ايضا لما يقتضيه لسان ادلة اعتبارها من نحو قوله عليهالسلام لا صلاة إلّا بطهور ولا صلاة إلّا الى القبلة ونحو ذلك فان
مثل هذه الادلة ينادى بان ما هو الواجب والمامور به هو الصلاة المتقيدة بكونها عن
طهور والى القبلة وفى حال الستر ونحو ذلك وان اعتبار الامور المزبورة انما هو من
جهة كونها ممن تقوم به تلك التقيدات كما هو واضح ، واما على الثانى من متممية
الشرائط للقابل فنقول ايضا بانه ان اريد من القابل نفس ماهيّة الاثر ـ اى الاحراق
او كمال النفس فى الصلاة ـ فلا ريب فى انه يرجع ح الى ما ذكرنا من جهة ان قضية
دخلها فيه ح ليس إلّا فى استعداده وقابليته للتحقق عند وجود علته فلا يكون دخلها ح
دخلا تاثيريا بل انما هو من قبيل دخل طرف الإضافة فى الإضافة كما حققناه ، وان
اريد من القابل المحل
معطيات الوجود
فلازمه ارجاع الشرائط طرا الى اجزاء المقتضى وهو كما ترى ثم (١) لازمه انكار
مقدمية عدم المانع لو كان مناط المقدّمية منحصرا بذلك لعدم
______________________________________________________
الذى يوجد فيه
الاثر كالخشب الذى هو محل الاحراق والنفس التى هى معروضة الكمال بدعوى ان اليبوسة
مثلا موجبة لاستعداد الخشب وقابليته لورود الاحراق عليه وكذا الطهور مثلا موجب
لاستعداد النفس وقابليتها لورود الكمال عليها من قبل الصلاة فعليه وان امكن دعوى
كون الشرائط مؤثرات فى الاستعداد والقابلية المزبورة نظرا الى كون القابلية ح امرا
وجوديا لكونها مرتبة من كمال الشى ولكنه ح ينقل الكلام فى دخل القابلية المزبورة
فى تحقق الاثر وانه هل هو بنحو المؤثرية او بنحو الدخل فى حدوده اذ ح ما له الدخل
فى الاثر لا يكون إلّا القابلية المزبورة واما الشرائط الخارجية فانما هى مقدمة
للقابلية التى هى الشرط فى الحقيقة فى تحقق الاثر فلا محيص ح بعد اللتيا والتى من
المصير الى كون دخل الشرائط فى المعلول من قبيل دخل منشإ الاعتبار فى الامر
الاعتبارى ودخل ما تقوم به الحدود فى المحدود لا من باب المؤثرية والمتأثرية كما
لا يخفى انتهى بل يخرج عن كونه شرطا لو كان فى عرض المقتضى ولم يكن مقدمة ومتوقف
عليه بل يكون جزءا وهو خلف لما فرضته شرطا ومقدمة.
(١) والاشكال
الآخر عليه هو الاشكال المعروف المتقدم من كون المستحيل دخل عدم المانع فى تحقق
المعلول بنحو المؤثرية لضرورة انه لا سنخية بين الوجود والعدم فكيف يمكن دخل العدم
المزبور فى وجود المعلول بنحو المؤثرية قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٦٩
وما ذكرنا ان مقتضى العلية هى التبعية فى نحو وجود المعلول لوجود علته زمانا ليس
لاجل لزوم الخلف او الجمع بين النقيضين نظرا الى ان نتيجة تاخر العلة انها دخيلة
وغير دخيلة وموقوف عليه وغير موقوف عليه ولا لاجل انه فى قوة المعلول بلا علة
لوضوح اندفاع الجميع حسب الفرض فان المفروض كون المتاخر علة والفرض فرض كون
المعلول ذا علة وحيث ان الفرض فرض الاستناد الى المتاخر فلا يلزم من تاخره عدم
كونه دخيلا بل لا بد من اقامة البرهان على عدم امكان دخله وهو لزوم تاثير المعدوم
فى الوجود فان الموجود فى ظرفه معدوم بالفعل والاثر موجود بالفعل ولا يمكن ان
يترشح موجود بالفعل عن معدوم بالفعل انتهى ، قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص
٢٧٤ واما توهم ان ذلك انما هو بالنسبة الى العدم
.................................................................................................
______________________________________________________
المطلق لا مطلقا
حتى بالنسبة الى العدم المضاف فان الثانى مما له شائبة من الوجود ومن ذلك يتميز
احدهما عن الآخر كعدم زيد فى قبال عدم عمرو وإلّا فلا ميز بين الاعدام ، فمدفوع
بان مجرد اضافه العدم الى الماهية لا يصير العدم المزبور وجودا كيف وان المضاف وهو
العدم بنفسه نقيض الوجود واما المضاف اليه وهو الماهية فائضا غير مقتض للوجود لان
حيثيتها حيثية عدم الاقتضاء للوجود والعدم ولذا قيل بان الماهية من حيث هى ليس
إلّا هى لا موجودة ولا معدومة ـ اى من اين جاء فيه شائبة الوجود ـ ومن ذلك وقعوا
فى حيص وبيص فى وجه دخل عدم المانع فافاد بعضهم ان مناط الدخل فيه انما هو من جهة
منافاة وجوده مع تاثير المقتضى وحيلولته بينه وبين اثره كما فى رطوبة الخشب
المانعة عن تاثير النار فى الاحراق الفعلى ، ولكن فيه ما لا يخفى اذ نقول بان مرجع
ذلك الى جعل المانع من اضداد تاثير المقتضى الذى هو الاثر المترتب عليه من جهة ان
تاثير الشىء عبارة عن عين اثره كالايجاد والوجود وانما الفرق بينهما بالاعتبار
بلحاظ اضافته الى الفاعل تارة والى القابل اخرى ومثل هذا المعنى كما ترى مناف مع
مقدمية العدم المزبور لان لازم مضادة وجوده مع تاثير المقتضى واثره هو صيرورة
وجوده فى رتبة تاثير المقتضى الذى هو اثره ولازمه بمقتضى انحفاظ الرتبة بين
النقيضين هو صيرورة عدمه ايضا فى تلك الرتبة وهو كما ترى مناف مع مقدمية العدم
المزبور للاثر وكونه من اجزاء العلة التامة فلا بد ح فى حفظ المضادة المزبورة من
اخراج عدم المانع عن المقدمات وإلّا فمع حفظ المقدمية فيه يستحيل ان يكون وجه دخله
بمناط المضادة والمنافاة المزبورة كما هو واضح اى العلة متقدمة على معلولها برتبة
واحدة وجزء العلة متقدم عليها برتبة واحدة فيلزم ان يتقدم عدم المانع برتبتين على
المعلول الذى فرضنا انه مساو له فى الرتبة وهذا خلف ـ وأضعف من ذلك جعل مناط دخل
عدم المانع جهة منافاة وجوده مع مناطات المطلوب ومصلحته اذ نقول بان مرجع ذلك ايضا
الى جعل وجود المانع من اضداد المصلحة المترتبة على المطلوب ولازمه بمقتضى انحفاظ
الرتبة بين النقيضين ان يكون عدمه فى رتبة لاحقه عن المطلوب وهو كما ترى من
المستحيل اجتماعه مع فرض مقدمية عدم المانع للمطلوب لان مقتضى مقدمية العدم
المزبور هو كونه فى رتبة سابقه على المطلوب بنحو يتخلل بينهما الفاء المزبور فكيف
يمكن ح جعله من اضداد مصلحة
تصور التاثير
والتأثر بين الوجود والعدم ، وان كان الغرض معنى آخر غير ما ذكر وغير ما اشرنا
اليه من الدخل فى القابلية بالبيان السابق فعليه البيان. واظرف من ذلك تعبيرهم
الآخر (١) من كون الشرط موصلا لتاثير المقتضى الى المقتضى وان المؤثر خصوص المقتضى
، فهذا البيان اكثر اجمالا من البيان الاول اذ (٢) مرجع
______________________________________________________
المطلوب نعم لهذا
الكلام مجال بناء على عدم مقدمية عدم المانع ولكن الالتزام بذلك ايضا كما عرفت
مناف لما تسالموا عليه من مقدميته وكونه من اجزاء العلة التامة بل ولاستدلالهم
بدليل الحلية فى مشكوك المانعية فى مسألة غير الماكول لاثبات الحلية الغيرية
والترخيص فى ايجاد الصلاة فيه حتى من القائل المزبور ـ فلا محيص وان يكون مناط
الدخل فيه وكذا الشرائط بوجه آخر وليس ذلك إلّا دعوى دخله فى قابلية المعلول
والاثر للتحقق الخ وبالجملة كان اثر دخله هو حصول خصوصية فى المقتضى باضافته اليه
الى امر عدمى ضرورة انه كما يمكن ان يكون الشى حسنا باضافته الى شىء وجودى آخر
كذلك يمكن ان يكون باضافته الى عدم شىء وهذا نحو دخل ضعيف يعبر عنه بدخل عدم
المانع.
(١) هذا هو وجه
آخر لامتناع تقدم الشرط وتاخره ان الشرط هو الموصل لاثر المقتضى الى المعلول فقط
والمؤثر هو المقتضى لا غير وعليه يلزم ان يكون الشرط مقارنا للمشروط وإلّا لزم
حصوله بلا موصل لاثر مقتضيه اليه وهذا اللازم باطل جزما ولعل هذا الوجه هو ما
اختاره المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٧٠ قال العلة اما ان تكون مؤثرة او
مقربة للاثر والثانية هو المعد وشانه ان يقرب المعلول الى حيث يمكن صدوره عن العلة
ومثله لا يعتبر مقارنته مع المعلول فى الزمان ـ الى ان قال ـ فما كان من الشرائط
شرطا للتاثير كان حاله حال ذات المؤثر وما كان شرطا لتقريب الاثر كان حاله حال
المعد ومن الواضح ان الالتزام بكون جميع الاسباب والشرائط الشرعية معدات جزاف الخ
اما الشق الاول فقط تقدم الكلام فيه والكلام فى الشق الثانى.
(٢) والجواب عنه
انه ان اريد به كون الشرط واسطة فى وصول تاثير المقتضى الى اثره ومعلوله فهو واضح
الفساد لان التاثير والاثر والايجاد والوجود متحدان ذاتا متغايران اعتبارا فلا
اثنينيّة بينهما لنحتاج الى شىء آخر يوصل احدهما الى
الموصلية ان كان
الى تاثير الشرط فى اتصال الاثر عن المقتضى فهو صرف لفظ لا مفهوم له اذ لا فصل بين
المقتضى ومقتضاه كى يحتاج الى سبب الايصال فلا محيص (١) من عوده الى دخل الشرط فى
اصل التاثير فيعود الى ما ذكرنا من دخله فى قابلية المحل للانوجاد من قبل مؤثره وح
نقول ان خرج كلية باب الشرط عن عالم المؤثرية وبعد ذلك (٢) لا يابى العقل عن تقدمه
او تاخره زمانا
______________________________________________________
الآخر.
(١) وان اريد به
دخيلا فى التاثير فان كان المراد كونه جزء متمما للمقتضى وبتمامه يصل تاثيره الى
المعلول فهو يرجع الى المقتضى ولا يكون شيئا غيره وتقدم الجواب عنه وان كان المراد
كونه دخيلا فى قابلية المقتضى للتاثير كما هو المختار فهو المطلوب وليس ذلك
الاطراف الإضافة والحد لا شىء غير ما ذكرنا.
(٢) وعليه كما مر
مرارا يجوز طرف الإضافة والحد ان يكون متقدما او متاخرا عن المقتضى كما يمكن ان
يكون مقارنا والعمدة خروج الشروط عن المؤثرية والوجود وذكر المحقق الاصفهانى فى
النهاية ج ١ ص ١٧٣ هذا المسلك وناقش فيه ونتعرض لهما والجواب عنه قال يمكن تقريب
اقتضاء طرفية المتقدم او المتاخر لاضافة موجبة لحسن المامور به باحد وجهين الاول
ان المتاخر معنون بعنوان اضافى يستلزم تعنون المتقدم بعنوان اضافى آخر كما هو شان
العناوين الإضافية المقتضية لتكرر النسبة ومعنى شرطية المتاخر كونه ملازما العنوان
فى المامور به المتقدم فوجود الشرط فى الزمان المتاخر كاشف عن تعنون المتقدم
بعنوان اضافى وعدمه فى الزمان اللاحق عن عدمه فى السابق كما هو شان المتضائفين ـ الى
ان قال ـ مقولة الإضافة وان كانت موجودة فى الخارج وليست من الاعتبارات الذهنية
كالكلية والجزئية والجنسية والنوعية ـ يكون نحو وجوده عبارة عن كون الشى فى الخارج
بحيث اذا عقل عقل معه معنى آخر فوجود الإضافة نظير وجود المحمولات الاشتقاقية
بوجود موضوعاتها فكما ان وجود زيد المتلبس بصفة العلم وجود للماهية الشخصية
الزيدية ووجود بعنوان العالم فى الخارج دون الذهن فكذلك وجود الفوقية للسماء فانها
موجودة بوجودها لا بوجود منفرد له صورة خارجيه ومطابق عينى بخلاف الكلية للانسان
فان معروضها امر ذهنى فهى من الاعتبارات الذهنية دون الخارجية اذا عرفت
.................................................................................................
______________________________________________________
معنى وجود الإضافة
فى الخارج فاعلم ان وجود العنوان الاضافى ربما يتوقف على وجود صفة حقيقيه من
الطرفين كالعاشقية والمعشوقية فان فى العاشق صفة نفسانيه وفى المعشوق كمال صورى او
معنوى وربما يتوقف على وجود صفة فى احد الطرفين كالعالمية والمعلومية فان ما له
وجود حقيقى وهو العلم قائم بالعالم لا بالمعلوم وربما لا يتوقف على وجود صفة
حقيقيه فى احد الطرفين كالمتيامن والمتياسر والمتقدم والمتاخر وكون الشىء ثانى
الاثنين وثالث الثلاثة الى غير ذلك من الموارد التى لا يتوقف حصول العنوان الاضافى
على حصول صفة حقيقيه ذات مطابق عينى فليكن ما نحن فيه من هذا القسم الاخير فنفس الامر
المتقدم حيث انه يلحقه الامر المتاخر فى ظرفه منشأ لعنوان اضافى يكشف عنه مضايفة
المتاخر ومعنى وجود العنوان الاضافى فى المتقدم والمتاخر كون السابق واللاحق بحيث
اذا عقلا عقل معهما عنوانان متضائفان فافهم واغتنم ، والتحقيق عدم سلامة هذا
الطريق فى دفع الاشكال لما تقرر فى محله من ان المتضائفان متكافئان فى القوة
والفعلية فلا يعقل فعلية احدهما وشانيه الآخر وعليه يستحيل تحقق العنوان الاضافى
فى الصوم لعدم تحقق الاغسال الآتية بعدم معنونه وإلّا لزم عدم تكافوا المتضايفين
الخ واجاب عنه المحقق العراقى فى كلام له فى النهاية ج ١ ص ٢٨١ اذ نقول بان ما
افيد من لزوم تحقق الموضوع بماله من الاجزاء والتقيدات والحدود قبل مجىء الحكم وان
كان صحيحا ولكن المدعى هو تحققه بجميع ما يعتبر فيه من الحدود والتقيدات فعلا بمحض
تحقق القيود فى مواطنها مقارنا او سابقا او لاحقا نظرا الى كشف تحقق القيد فى
موطنه المتاخر فى الواقع عن كون الامر السابق محدودا بالحدود التى بهار يترتب عليه
الاثر واما دعوى لزوم تحقق تلك القيود وما به الحدود المزبورة ايضا فى فعلية الحكم
فلا دليل يساعد عليه من جهة ان الذى يقتضيه البرهان المزبور انما هو توقف الحكم فى
فعليته على فعلية وجود موضوعه بما له من الحدود والاضافات الماخوذة فيه واما توقفه
على فعلية الموضوع بما له من الحدودات وما به الاضافات والقيود فلا لان ما هو
الداخل فى الموضوع لا يكون إلّا الحدود والتقيدات واماما به الحدود والتقيد فهى
خارجة عن الموضوع ومع خروجها عنه لا يكاد يقتضى البرهان المزبور لزوم تحققها ايضا
فى فعلية الحكم كما هو واضح الخ وسيجيء توضيحه ايضا.
.................................................................................................
______________________________________________________
ثم ان جملة من
الأساتذة قد تبعوا فى المحقق العراقى فى امكان الشرط المتاخر بما ذكرنا ومنهم
استادنا الخوئى قال فى هامش الاجود ج ١ ص ٢٢٥ بل التحقيق هو جواز تاخر الشرط مطلقا
سواء كان الشرط شرطا للمامور به ام كان شرطا للحكم التكليفى او الوضعى اما فى
الاول وهو ما اذا كان المتاخر شرطا للمامور به فلان شرطية شىء للمامور به ليست
إلّا بمعنى دخل ذلك الشى فى المامور به وكون الامر متعلقا بالمقيد به الذى هو
عبارة عن حصة خاصه من الطبيعى وكما يمكن تقيد المامور به بامر مقارن او متقدم يمكن
تقيده بامر متاخر بالضرورة فاذا فرضنا ان ملاك طلب المولى قائم بحصة خاصه من
الطبيعى وهو المقيدة بقيد متأخر بان يكون المؤثر فى الملاك نفس تلك الحصة من دون
ان يكون للامر المتاخر تاثير فيه كما هو الحال فى القيود المقارنة او المتقدمة فلا
مناص عن التزام كون الطلب متعلقا بتلك الحصة ايضا بعد فرض كونها مقدورة للمكلف بما
هى كذلك فوجود القيد المتاخر لا شأن له إلّا انه يكشف عن وجود تلك الحصة فى ظرف
كونها مطلوبة ومن الواضح انه لا محذور فى كشف الامر المتاخر عن تحقق شىء قبله اصلا
وبالجملة اختلاف الطبيعة الواحدة باختلاف حصصها فى الخارج فى الاشتمال على ملاك
تعلق الطبيعة بها وعدمه مما لا ريب فيه وكما تتحصص الطبيعة باعتبار تقيدها بامور
متقدمة او مقارنه كذلك تتحصص باعتبار تقيدها بالامور المتأخرة ايضا فاشكال تاخر
الشرط الناشى من توهم تأثير الامر المتاخر فى المتقدم مندفع من أصله ، واما فى
الثانى وهو ما اذا كان المتاخر شرط للحكم التكليفى او الوضعى فلان شرط الحكم وان
كان لا بد من اخذه مفروض الوجود فى مقام الجعل والانشاء إلّا ان ظرف وجوده المفروض
يختلف باختلاف كيفية الجعل فربما يجعل الحكم على موضوع مقيد بقيد اخذ مفروض الوجود
مقارنا له او متقدما عليه وربما يجعل الحكم على موضوع مقيد بقيد اخذ مفروض الوجود
بعد وجوده والقيد فى جميع ذلك وان كان مفروض الوجود إلّا انه يختلف باختلاف ظرف
وجوده الماخوذ قيدا فى الحكم وقد ذكرنا فيما تقدم انه لا مناص فى موارد الواجبات
التدريجية من الالتزام بالشرط المتاخر لان فعلية الوجوب فى الآن الاول متوقفة على
بقاء شرائط التكليف من الحياة والقدرة وغيرهما الى زمان الاتيان بالجزء الاخير الخ
قد عرفت ان ذلك هو ما اختاره المحقق العراقى من الحصة الخاصة ـ وتقييد المامور به
.................................................................................................
______________________________________________________
هى الإضافة
الحاصلة بين الشى وذات القيد لا شيء ازيد من ذلك ـ وكذا الاختلاف فى ظرف وجوده
ويكفى فى موطنه ـ واما كون الحكم معلقا على موضوع مفروض الوجود فسيأتي الكلام فيه
الى غير ذلك وبذلك كله صححنا تنجيز العلم الاجمالى التدريجى الحصول كما سيجيء فى
محله وعين عبارة الأخيرة سيأتى فى كلام المحقق العراقى فى شرائط المامور به عن
قريب واما المحقق النّائينيّ فقد ذهب الى امتناع الشرط المتاخر وفى كلامه فى
الاجود ج ١ ص ٢٢٣ جهات نتعرض لها وللمناقشة فيها قال قدسسره فالنزاع منحصر بشرائط الحكم المجعول توضيح ذلك ان القضايا
كما عرفت تنقسم الى قسمين خارجية وحقيقيه اما القضايا الخارجية فلا يتوقف الحكم
فيها على غير دواعى الحكم المؤثرة فيه بوجودها العلمى طابق الواقع ام لم يطابق
وهذا القسم من القضايا خارج عن محل الكلام بالكلية فان الحكم فيها يدور مدار علم
الحاكم فقط سواء كان المعلوم مقارنا ام متقدما ام متاخرا ، واما القضايا الحقيقية
التى حكم فيها بثبوت الحكم على الموضوعات المقدر وجودها فيحتاج الحكم فيها الى
امرين احدهما ما يكون داعيا الى جعل الحكم على موضوعه المقدر وجوده وثانيهما ما
يكون موضوعا له واخذ مفروض الوجود فى مقام الحكم ويدخل فى ذلك الشرائط الماخوذة
فيه لما عرفت فى بحث الواجب المشروط من رجوع شرائط الحكم الى قيود الموضوع وهذا
القسم من القضايا من الجهة الاولى خارجة عن محل الكلام ايضا لان المؤثر فى جعل
الحكم فيها كما عرفت انما هو علم الحاكم سواء اصاب ام أخطأ وسواء كان المعلوم
متقدما ام مقارنا ام متاخرا فالنزاع منحصر فى القضايا الحقيقية من الجهة الثانية
والنفى والاثبات واردان على جواز تاخر شرط الحكم الذى اخذ مفروض الوجود فى مقام
انشاء الحكم وجعله عن فعليته وتحققه خارجا ـ الى ان قال ـ تنبيه ومما يتفرع على
تقسيم القضية الى قسمين حقيقيه وخارجيه واختلاف احكامهما اختلاف الحكم فى الفرع
المشهور وهو ما لو اذن المالك لدخول اصدقائه فى داره فهل يجوز الدخول لمن يعتقد
المالك صداقته مع كونه عدوا له فى الواقع او لا وبعبارة اخرى هل يكفى فى جواز
الدخول رضاء المالك واذنه ولو كانا ناشئين عن اعتقاد الصداقة خطا او ان كراهته
دخول عدوه الواقعى موجبة لحرمة دخول عدوه وان اذن له اشتباها والتحقيق فيه ان يقال
ان الاذن تارة يكون لاشخاص مخصوصين على نحو القضايا الخارجية
.................................................................................................
______________________________________________________
فيكون علم المالك
بكونهم اصدقائه ولو كان خطأ داعيا الى الاذن المزبور وبما ان المؤثر فى الاذن ح هو
العلم دون الواقع فيجوز الدخول لمن اذن له ولو كان عدوا واقعا اذ المفروض ان الاذن
فعلى ومحقق ومعه لا تضر الكراهة لو اطلع المالك على عداوته ، واخرى يكون الاذن على
نحو القضايا الحقيقية فيكون عنوان الصديق هو الموضوع لجواز الدخول وبما ان المفروض
ح تعلق الجواز بواقع الصديق من دون دخل لعلم المالك بتحقق الموضوع فى ترتب الحكم
عليه فلا يجوز الدخول للعدو الذى يعتقد المالك صداقته لعدم تحقق الموضوع واقعا وان
اعتقد المالك تحققه ويلحق بهذا القسم ما لو اخذ الصداقة فيدا فى الموضوع كما لو
اذن فى الدخول لاشخاص مخصوصين بشرط كونهم اصدقاء فان التقييد يرجع بالأخرة الى اخذ
القيد عنوانا للموضوع كما عرفت ـ الى ان قال ـ اذا عرفت هذه الامور فالحق هو
امتناع تاخر شرائط الوضع او التكليف عنهما لأوله الى الخلف والمناقضة كما فى تاخر
الشرائط العقلية وتوضيح ذلك ان المجعول الشرعى فى القضايا الحقيقية لو قلنا بانه
هى السببية دون المسببات عند وجود اسبابها لكان تاخر الشرط عن المشروط به من تاخر
العلة عن معلولها حقيقة وهو واضح الاستحالة مثلا لو قلنا بان المجعول للشارع هو
كون الدلوك سببا لوجوب الصلاة لا نفس وجوبها عند الدلوك لكان الدلوك من اجزاء علة
الوجوب حقيقة ويرجع تاخره عن الحكم الى تقدم المعلول على علته وبطلانه لا يحتاج
الى برهان وبيان ، واما اذا قلنا بان المجعول الشرعى هو نفس المسبب وانما تنتزع
السببية من جعل المسببات عند امور خاصه كما هو الحق بداهة ان الاحكام الشرعية
افعال اختيارية للشارع وتصدر عن ارادته فلا معنى لكونها مسببة ومترشحة عما اصطلحوا
على تسميتها بالاسباب مضافا الى ان السببية او المسببية من الامور الواقعية
الناشئة عن خصوصية وربط بين السبب والمسبب ولا معنى لتعلق الجعل التشريعى فقد عرفت
انه لا بد من ان يكون نسبة الشرائط الى الاحكام نسبة الموضوعات اليها فكما يمتنع
وجود المعلول قبل وجود علته للزوم الخلف والمناقضة كذلك يمتنع وجود الحكم قبل وجود
موضوعه المقدر وجوده فى مقام الجعل وبالجملة اذا فرضنا دخل وجود الامر المتاخر فى
فعلية الحكم سواء كان دخله على نحو العلية او الموضوعية ففرض وجود الحكم قبل تحقق
ذلك الامر يستلزم الخلف والمناقضة الخ ـ اما الجواب عن الخلف و
.................................................................................................
______________________________________________________
المناقضة فقد تقدم
مفصلا فى كلام المحقق العراقى فلا نعيد ، اما المناقشة فى الشق الاول من تقسيم
القضايا فنقول قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٢٤ ولا يخفى ان ما افاده تتوقف
صحته على صحة امور كلها غير تامة الامر الاول ان الاحكام الشرعية مجعولة بنحو
القضايا الحقيقية فكما ان الحكم فى القضية الحقيقية يتناول جميع افراد الموضوع
المحققة والمقدرة ويكون فعليا عند فعلية كل فرد من افراد الموضوع ويكون مقدرا فى
افراده المقدرة كذلك الحكم الشرعى يكون فعليا عند فعلية كل فرد من افراد موضوعه
ومقدرا انشائيا بالنسبة الى افراد موضوعه المقدرة ولازم ذلك ان لا يكون التكليف
فعليا قبل فعلية شرطه لانه موضوع ذلك التكليف والحكم كما بيناه لا يكون فعليا الا
عند فعلية موضوعه فكيف يعقل ان يكون لحاظ الشرط كافيا فى فعلية الحكم وتحققه فى
الخارج ، وفيه ان دعوى كون الاحكام الشرعية مجعولة بنحو القضايا الحقيقية ليست
صحيحة لان الاحكام فى القضايا الحقيقية تكون فعلية فى الخارج عند فعلية موضوعها
كما تقدم فاذا قيل النار حارة كانت قضية حقيقية ولا شبهة فى ان فعلية الحرارة انما
تكون عند فعلية وجود النار فى الخارج وإلّا بقيت مقدرة بتقدير وجود موضوعها واما
الاحكام الشرعية فليست كذلك لان حقيقة الحكم التكليفى سواء كان طلبا للفعلى ام
للترك عبارة عن ارادة المكلف لفعل الغير او لترك فعله او عبارة عن ارادته لبعض افعالى
المكلفين ـ اى الواجبات والمندوبات ـ وكراهته لبعض افعالهم الآخر ـ اى المحرمات
والمكروهات ـ ولا اشكال فى ان ارادة العاقل لفعل غيره انما تتحقق فى نفسه بعد
تصوره ذلك الفعل بخصوصياته وما يترتب عليه من الفائدة مع عدم المانع من طلبه فى اى
زمان يكون ذلك الفعل كذلك فاذا تصور العاقل فعل غيره كذلك اراده فعلا وكشف عن
ارادته اياه بانشاء طلبه ولو كان ظرف مراده مستقبلا او موضوع تكليفه غير متحقق
فعلا فيقول اكرم العلماء وتصدق على الفقراء ولا تشرب الخمر مثلا وان لم يكن فى وقت
ارادته ذلك من المكلف فرد من افراد موضوع تكليفه كان لم يكن فى وقت انشاء الطلب
عالم ولا فقير ولا خمر فالتكليف فعلا متحقق فى حال عدم تحقق موضوعه فلو كانت
الاحكام التكليفية مجعولة بنحو القضايا الحقيقية لما كانت فعلية فى حال عدم فعلية
موضوعاتها ولكنها تكون فعلية فى حال عدم تحقق موضوعاتها فلا تكون مجعولة بنحو
القضايا الحقيقية وهو
.................................................................................................
______________________________________________________
المطلوب نعم لو
كان الحكم امرا مجعولا لامكن ارجاع الاحكام الشرعية الى القضايا الحقيقية ولكن ليس
الامر كذلك بل هو ارادة يبرزها الآمر بانشائه وينتزع عن مقام الابراز عنوان الحكم
كعنوان البعث كما انه على المختار يتصور ايضا القضية الحقيقية بالنسبة الى مقام
التحريك بحيث يتوقف التحريك على تحقق الموضوع والشرط فى الخارج ولكن مقام التحريك
متاخر عن مرتبة العلم المتاخر عن فعلية الحكم بمرتبة فالتحريك متاخر عن الحكم
بمرتبتين ـ الامر الثانى هو ان قيود الاحكام فى القضايا الحقيقية ترجع الى موضوعاتها
سواء اخذت تلك القيود بنحو الاوصاف للموضوعات ام بنحو الشروط المعلق عليها فعلية
الاحكام فى تلك القضايا بتوهم ان الشروط وان كانت بحسب الظاهر قيود للنسبة إلّا
انه لما كانت النسبة الحكمية معنا آليا امتنع لحاظه فى هذا الحال بنحو الاستقلال
فلا يمكن تقييده ولا اطلاقه فلزم ارجع كل قيد يوهم كونه قيدا للنسبة الى موضوع
القضية ، وفيه ان هذا الامر انما يتم اذا صح امتناع تقييد النسبة الحكمية وهو
ممنوع فإنا قد بينا فى مباحث المعانى الحرفية ان المعنى الحرفى ومنه النسبة ليس
معنا آليا ملحوظا بنحو الآلة للمعنى الاسمى ليكون مغفولا عنه كى لا يمكن الحكم به
او عليه بل هو سنخ معنى يكون من خصوصيات المعنى الاسمى ومشخصاته ولا بد من ملاحظته
عند ملاحظة المعنى الاسمى بما انه خصوصية من خصوصياته وقيد من قيوده وح لا يعقل ان
يكون مغفولا عنه بل لا بد من الالتفات اليه ومعه يصح ان يطرأ عليه التقييد
والاطلاق فاذا امكن طروهما عليه فلا موجب لصرف القضية الشرطية عن ظاهرها فان
ظاهرها بحسب القواعد العربية هو كون المعلق على الشرط نفس النسبة الحكمية فاتضح ان
شرط الحكم لا مانع من ان يكون قيدا للنسبة الحكمية وعليه لا يلزم من توقف فعلية
الحكم على فعلية الموضوع توقفها على فعلية شرطه لما ذكرنا من انه لا موجب لارجاع
شرط الحكم الى كونه قيدا لموضوع الحكم ، الامر الثالث انه قد صح ان شرط الحكم مقوم
لموضوعه ولا ريب فى ان الحكم لا يكون فعليا الا عند فعلية موضوعه وعليه لا يعقل ان
يكون الحكم فعليا قبل فعلية شرطه وإلّا لزم جواز تحقق الحكم قبل تحقق موضوعه وذلك
مساوق لجواز تحقق المعلول قبل وجود علته ـ اى ما لم يحصل الشرط لدخله واقعا لم
يحصل الموضوع فلم يحصل الحكم ـ وفيه انا اذا سلمنا ان شرط الحكم مقوم لموضوعه فلا
نسلم ان فعلية الحكم تستلزم فعلية
.................................................................................................
______________________________________________________
شرطه وذلك لما
اشرنا اليه من ان قيد الموضوع ليس هو نفس الشرط بل هى اضافته اليه حيثما وجد سواء
تقدم الشرط على ذات الموضوع ام قارنه ام تاخر عنه وعليه لا محاله يكون قيد الموضوع
فعليا بنفس فعلية ذات الموضوع لتحقق تلك الإضافة التى هى قيد الموضوع بتحققه فلا
يلزم ان يكون شرط الحكم فعليا حين فعلية الحكم إلّا اذا امتنع تقدم الشرط على
المشروط وتاخره عنه وما تقدم من الاستدلال عليه لا يقتضيه فلا بد فيه من الرجوع
الى دليل آخر وإلّا لزم الدور فتحصل انه لا مجال لاثبات محالية الشرط المتاخر بكون
الاحكام على نحو القضايا الحقيقية انتهى والحاصل ان الاحكام يكون على نحو القضايا
الطبيعية بان يكون الحكم بنحو الكلى على الافراد الموجودة والمقدرة على نفس
الطبيعة بلحاظ وجود الافراد فى الخارج بحيث يكون الحكم عليها بنحو المرآتية لا
بعنوان مشير حتى يكون شرطه وجود الفرد فى الخارج فى حين الحكم ، ومما ذكرنا كله
ظهر بطلان ما افاده استادنا البجنوردي فى المنتهى ج ١ ص ١٦٢ بعد ما قال ومما تمتاز
به القضية الحقيقية ايضا عن القضية الخارجية ان الموضوع فى القضية الحقيقية بكلا
معنييه مع جميع قيوده وشرائطه هو هذه الاشياء بوجودها الخارجى فالانسان العاقل
البالغ الحر المستطيع بوجوده الخارجى موضوع لوجوب الحج لا بوجوده العلمى وكذلك
بالنسبة الى متعلق المتعلق مثل العلماء والسادات بوجودهم الخارجى موضوع لا
بوجودهما العلمى واما فى القضية الخارجية فجميع القيود المأخوذة فى جانب الموضوع
لا بد وان تكون مدخليتها فى الحكم بوجودها العلمى وإلّا تخرج القضية عن كونها
قضيّة خارجية ـ الى ان قال ـ ويترتب على هذه الجهة من الفرق بين القضيّتين امور
كثيرة منها عدم معقولية الشرط المتاخر بناء على ان يكون جعل الاحكام على نحو
القضايا الحقيقية وذلك لان مبنى امكان الشرط المتاخر عند من يقول به كما سيجيء فى
محله هو ان الشىء بوجوده العلمى شرط لا بوجوده الخارجى وقد عرفت ان جميع القيود
والشروط فى القضايا الحقيقية تؤخذ مفروض الوجود وما لم تتحقق فى الخارج ولا يوجد
الجميع فيه لا يتحقق الحكم ولا يوجد ففرض كون الشرط متاخرا مع كون جعل الحكم على
نحو القضايا الحقيقية خلف انتهى وقد عرفت امكانه مفصلا ولا محذور فيه مضافا الى ما
عرفت مفصلا انها بوجودها الخارجى شرط لا العلمى لكن حدود واضافات وتحقق الشرط فى
موطنه كاف فى
عن المشروط كما
اسلفناه وبالجملة نقول انه لا واسطة بين عنوان التاثير فى الوجود المعبّر عنه
بالموجديّة وبين عنوان تحديد الوجود بحد قابل للانوجاد او التاثير فى المقصود
المعبّر عنه باعطاء القابليّة للانوجاد وما يابى العقل عن تقدّمه او تاخره هو
الاول دون الاخير ولا يتصور فى البين شق ثالث يجرى عليه حكم الموجديّة وما فى
كلماتهم من التعابير المذكورة لا يكون إلّا من باب اعمال نحو من العناية فى معطيات
القابلية لا ان غرضهم بيان معنى ثالثا خارجا عنهما فلا يغرّنك ح مثل هذه البيانات
لاثبات كون الشرائط ايضا بحكم معطيات الوجود فى عدم التقدم والتاخر كما لا يخفى.
ثم انّ من استادنا العلامة طاب ثراه فى المقام كلام آخر وهو انه بعد ما التزام
بلزوم تقارن اجزاء العلة بجميعها حتى الشرائط وعدم الموانع مع المعلول (١) التزم
فى الاحكام بصحة الشرط
______________________________________________________
تحقق الإضافة
لسابقه وانما متعلق الإرادة هى الصورة الذهنية المرآة الى الخارج نعم الوجود
العلمى لصاحب الكفاية وسيأتى فعليه حتى على القول بكون الاحكام على نحو القضايا
الحقيقية ومجعولة بالجعل الاعتبارى فيصح الشرط المتاخر لتحقق الإضافة للشرط
الموجود خارجا فى موطنه.
(١) قال فى
الكفاية ج ١ ص ١٤٥ ومنها تقسيمها الى المتقدم والمقارن والمتاخر بحسب الوجود
بالإضافة الى ذى المقدمة وحيث انها كانت من اجزاء العلة ولا بد من تقدّمها بجميع
اجزائها على المعلول اشكل الامر فى المقدمة المتأخرة كالاغسال الليلية المعتبرة فى
صحة صوم المستحاضة عند بعض والإجازة فى صحة العقد على الكشف كذلك بل فى الشرط او
المقتضى المتقدم على المشروط زمانا المتصرم حينه كالعقد فى الوصية والصرف والسلم
بل فى كل عقد بالنسبة الى غالب اجزائه لتصرّمها حين تأثره مع ضرورة اعتبار
مقارنتها معه زمانا فليس اشكال انخرام القاعدة العقلية مختصا بالشرط المتاخر فى
الشرعيات كما اشتهر فى الالسنة بل يعم الشرط والمقتضى المتقدّمين المتصرمين حين
الاثر الخ واجاب عن التعميم المزبور المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٢٥ قال ثم
ان النزاع انما هو فى جواز تاخر
المتأخرة (١)
______________________________________________________
الشرط عن مشروطه
واما جواز تقدمه عليه فليس فيه اشكال اصلا بداهة ان كل شرط حينما وجد يؤثر اثره
الاعدادى ليكون التاثير والتمامية بالجزء الاخير من العلة كما هو الحال فى الشرائط
العقلية ايضا فما عن المحقق صاحب الكفاية ايضا من تعميم النزاع للشرط المتقدم
بدعوى سراية ملاك النزاع اليه فهو فى غير محله الخ وتبعه فى ذلك تلامذته منها
استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٣٠٥ فان تقدم الشرط على المشروط فى التكوينيات
غير عزيز فما ظنك فى التشريعيات والسبب فى ذلك ان شان الشرط انما هو اعطاء استعداد
التاثير للمقتضى فى مقتضاه وليس شانه التاثير الفعلى فيه حتى لا يمكن تقدمه عليه
زمانا ومن البديهى انه لا مانع من تقدم ما هو معد ومقرب للمعلول الى حيث يمكن
صدوره عن العلة زمنا عليه ولا تعتبر المقارنة فى مثله نعم الذى لا يمكن تقدمه على
المعلول زمانا هو الجزء الأخير للعلة التامة واما سائر اجزائها فلا مانع منه الخ
وافاد ذلك ايضا المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٢. قال وذلك لان المعد لا يتوقف
المعلول على نفس وجوده بل يتوقف على اثره وهو موجود حين وجود المعلول وان انعدم
ذات المعد الخ نعم لو كان الجزء الاخير من العلة التامة ايضا يجرى الاشكال دون
المعد وذلك للزوم تأثير المعدوم فى الموجود كما مر والصحيح ما ذكره قده فلا يفرق
بين المتاخر والمتقدم كالعقد فى الوصية فى حال الحياة يؤثر فى الملكية بعد الممات
والعقد فى باب الصرف والسلم موجب للملكية بعد القبض والاقباض فانه لا فرق بين
المعد والجزء الاخير من العلة التامة فان المعد ايضا جزء من العلة التامة وجد
وانعدم فكيف يؤثر المعدوم فى الموجود.
(١) قال صاحب
الكفاية ج ١ ص ١٤٥ اما الاول ـ اى كون المتقدم او المتاخر شرطا للتكليف او الوضع ـ
فكون احدهما شرطا له ليس إلّا انّ للحاظه دخلا فى تكليف الامر كالشرط المقارن
بعينه فكما ان اشتراطه بما يقارنه ليس إلّا ان لتصوّره دخلا فى امره بحيث لولاه
لما كاد يحصل له الداعى الى الامر كذلك المتقدم والمتاخر وبالجملة حيث كان الامر
من الافعال الاختيارية كان من مباديه بما هو كذلك تصوّر الشىء باطرافه ليرغب فى
طلبه والامر به بحيث لولاه لما رغب فيه ولما اراده واختاره فيسمّى كل واحد من هذه
الاطراف الّتي لتصورها دخل فى حصول الرغبة فيه وارادته شرطا لاجل دخل لحاظه فى
حصوله كان مقارنا له او لم يكن كذلك متقدما او متأخرا
بارجاع الشرط الى
وجودها العلمى (١) لا الخارجى (٢) والغرض من وجودها العلمى ايضا وجوداتها
التصوريّة فى عالم الجعل (٣) ، فلا ينافى (٤) مع ارجاع
______________________________________________________
كما فى المقارن
يكون لحاظه فى الحقيقة شرطا كان فيهما كذلك فلا اشكال وكذا الحال فى شرائط الوضع
مطلقا ولو كان مقارنا فان دخل شىء فى الحكم به وصحة انتزاعه لدى الحاكم به ليس
إلّا ما كان بلحاظه يصح انتزاعه وبدونه لا يكاد يصح اختراعه عنده فيكون دخل كل من
المقارن وغيره بتصوره ولحاظه وهو مقارن فاين انخرام القاعدة العقلية فى غير
المقارن انتهى وملخص ما استفاد المحقق الماتن من هذه العبارة سنشير اليه فى
التعليقات الآتية.
(١) فانه ارجع
جميع شرائط الاحكام الى كون لحاظها وتصورها شرطا لوجود الحكم وفعليته.
(٢) اى دون وجود
خارجى الشرائط شرطا.
(٣) بيان ذلك ان
الحكم بما انه فعل اختيارى للحاكم لا يعقل ان يصدر منه الا بعد ان يتصوره بحدوده
وقيوده وخصوصياته التى تقترن به زمانا او تتاخر عنه وما يترتب عليه من الفائدة
فاذا لاحظه بهذه القيود وما يترتب عليه وجزم بلزوم صدوره منه انشأه كما لاحظه
ولحاظ القيود المتاخرة مقارن لصدور الحكم وان كان الملحوظ متاخرا عن زمان وجود
الحكم لان الملحوظ ليس بوجوده الخارجى شرطا للحكم ليلزم تحقق المشروط قبل شرطه ـ بل
بوجوده اللحاظى والعلمى ـ وشرائط الجعل يكون بوجوده ـ اللحاظى شرط نظير العلل
الغائية التى تكون متقدمة بالتصور.
(٤) اى على هذا من
كون المراد من الوجود اللحاظى الذى شرط التكليف اليه هو لحاظ الامر المصلحة
الكامنة فى المتعلق المستتبع لارادته فلا ينافى مع كون القضايا الاحكام الشرعية
على نحو القضايا الحقيقية فان الامر يتصور الموضوع او الحكم منوطا بلحاظ ذلك الشرط
متقدما او متأخرا او مقارنا فيجعل الحكم منوط به بلا توقف على علمه بوجود الموضوع والشرط
فى الخارج فتصور الحكم او الموضوع منوط بوجود لحاظى الشرط متقدما او متأخرا او
مقارنا وبالجملة بناء على ان يكون جعل الاحكام على نحو القضايا الحقيقية لا على
نحو القضايا الخارجية وكان الشرط شرط الجعل الذى يعبرون عنه بدواعى الجعل وعلله
فهو بوجوده اللحاظى شرط فلا مانع من ان يكون التصور واللحاظ والوجود العلمى مقارنا
للامر والجعل وليس المتاخر ولا
القضايا الشرعية
الى القضايا الحقيقية الراجعة الى جعل الحكم منوطا بوجود موضوعه خارجا غاية الامر
يدعى ان الجاعل فى مقام جعلة تارة يتصور الموضوع او الحكم منوطا بوجود الشىء سابقا
واخرى متاخرا كتصوّره منوطا به مقارنا فجعل تصور الحكم المجعول او موضوعه شرط جعله
فجعله ح منوط بتصور الموضوع او حكمه لا مجعوله (١) نعم لو ارجع العلم (٢) الى شرط
المجعول من الحكم او الموضوع فلا محيص من ارادته العلم التصديقى بهما وح يخرج
القضية عن القضايا الحقيقية ويدخل فى الخارجية حيث ان فى القضايا الخارجيّة لا
يصلح الحكم من الحاكم الا فى طرف جزمه بالتطبيق وذلك هو عمدة الفارق بين القضايا
الخارجية والحقيقية (٣) كما لا يخفى واظن عمن راجع كلماته
______________________________________________________
المتقدم بوجوده
الخارجى شرطا لان الحكم مجعول على موضوع مفروض الوجود تصورا والجاعل بتصور جميع
نواحى الموضوع وشرائطه يجعل الحكم وشرائط الجعل لا يتوقف على الموجود الخارجى.
(١) دون نفس
المجعول اى الحكم المجعول بعد تصوره حتى يكون بوجوده الخارجى شرطا لا وجوده
التصورى واللحاظى.
(٢) فانه لو كان
العلم شرط المجعول فيتوقف على الامر بتحقق الموضوع والشرط فى الخارج فتكون القضية
خارجيه فان كلما يكون من شرائط المجعول فهو بوجوده الخارجى شرط.
(٣) فيكون الفرق
بين القضية الحقيقية والخارجية ان تصور الموضوع والشرائط فى اصل جعل الحكم بوجودها
اللحاظى والتصورى والفرضى المتحقق عند الجعل لحاظا يكون من القضايا الحقيقية وان
جعلنا من شرائط المجعول والحكم فان فعلية الحكم لاجل فعلية تلك الشرائط فتكون
القضية خارجية لانه لا يصلح الحكم من المولى الا عند العلم بتحقق جميع شرائطه
وموضوعه وما يتوقف عليه فى الخارج وعليه فى القضايا الخارجية لا بد ان يراد العلم
التصديقى وهو ثبوت الشى وعدم ثبوته وفى الحقيقية التصورى واللحاظى.
يرى منها ما
شرحناه ولا يبقى مجال ردّه بان (١) ما افيد مبنى على خلط القضايا الحقيقية
بالخارجية وانّ كلامه مبنى على جعل القضايا الشرعية من الخارجية مع ان كلية
القضايا فى العلوم ليست إلّا من القضايا الحقيقية ، واضعف من ذلك توهم (٢) اقتضاء
القضية الحقيقية اناطة الحكم بوجود موضوعه خارجا وح يستحيل مجىء الحكم قبل وجود
موضوعه بعد (٣) ارجاع شرائط الحكم الى الموضوع طرا ، وتوضيح الضعف (٤)
______________________________________________________
(١) هذا ما افاده
المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٢٥ فى الاشكال على صاحب الكفاية قال فما ذهب
اليه المحقق صاحب الكفاية (قده) من جواز تاخر الشرط نظرا الى لزوم كون الشرط للفعل
الاختيارى هو الوجود اللحاظى دون الخارجى انما نشا من خلط القضايا الخارجية
بالقضايا الحقيقية ومن عدم التفرقة بين دواعى الجعل والشرائط المأخوذة مقدرة
الوجود الرابعة الى قيود الموضوع كما عرفت الخ وتوضيحه ان هذا يتم فى القضايا
الخارجية التى تكون جميع العناوين فيها من علل التشريع وليس لها موضوع يترتب عليه
الحكم عليه سوى شخص زيد مثلا وما عداه لا دخل له فى الحكم بوجوده العينى وانما
يكون دخيلا فيه بوجوده العلمى والاحكام الشرعية ليست منها بل هى تكون على نحو
القضايا الحقيقية وفيها كلما يكون من شرائط الجعل فهو بوجوده اللحاظى شرط وكلما
يكون من شرائط المجعول فهو بوجوده الخارجى شرط وشرائط الجعل راجعة الى تصور غايات
الاشياء ولكن محل الكلام من قبيل شرائط المجعول التى تقدم كونها بوجودها الخارجى
شرطا فجعل شرائط الاحكام مطلقا من الوجودات اللحاظية ناشئ من الخلط بين نحوى
القضايا او عدم التمييز بين شرائط الجعل وشرائط المجعول.
(٢) تقدم هذا
المطلب من كون الحكم فعليا عند فعليه كل فرد من افراد موضوعه وعرفت الجواب عنه.
(٣) كما تقدم هذا
الامر من ان قيود الاحكام ترجع الى موضوعاتها وعرفت المناقشة فيه.
(٤) هذا هو الجواب
عن المحقق النّائينيّ.
انه بعد تسليم
جميع ما ذكر (١) نقول (٢) ان الموضوع تارة مقيّد بامر مقارن مع
______________________________________________________
(١) اى بعد
الاغماض عن المناقشات المبنائية المتقدمة مضافا الى ما ذكره المحقق الماتن فى
البدائع ص ٣٢٨ اولا من ان الحكم عبارة عن الارادة التى يبرزها الامر بانشائه وليس
فى البين امر مجعول يسمى بالحكم ولذا بينا امتناع كون الاحكام على نحو القضايا
الحقيقية وان سلم كون الحكم امرا مجعولا يتصور فيه القضية الحقيقية فما افاده من
التفكيك بين شرائط الجعل وشرائط المجعول غير واضح الوجه اذ لا شبهة فى انهما امر
واحد والفرق بينهما اعتبارى محض كمطلق الايجاد والوجود نعم ذلك الامر الوحدانى
بكلا اعتباريه له علل غائيه وشرائط والمستشكل جعل الاولى من شرائط الجعل والثانية
للمجعول وثانيا ان ابتناء الاشكال المزبور على كون الاحكام التكليفية مجعولة على
نحو القضايا الحقيقية دون الخارجية تخصيص فى المبنى بلا تخصص بل الاشكال المزبور
يتوجه حتى لو قلنا بكون الاحكام مجعولة على نحو القضايا الخارجية وذلك لان الشروط
المعلق عليها الاحكام فى القضايا الحقيقية دخلها فى الاحكام واقعى لا جعلى تشريعى
ليكون التعليق عليها فى ظاهر القضية محققا لدخلها وشرطيتها فلا فرق بين ان يصرح
الشارع بتعليق الحكم عليها فى ظاهر القضية فيقول مثلا ان استطعت فحج او يقول لمن
علم باستطاعة حج بلا تعليق فى الحكم فلو فرض عدم مطابقة علم الامر للواقع لما وجب
على المامور امتثال الامر بل هو امر صورى لا حقيقة له الخ وذلك فى القضايا
الخارجية.
(٢) وتوضيحه ان
شرائط الوجوب والتكليف بعد ان كانت راجعة الى مقام الدخل فى اصل الاحتياج الى
الشىء واتصاف الذات بكونه صلاحا فقضية كون الشىء شرطا له ح ليس إلّا كونه بحيث
يحصل للشىء بالإضافة اليه خصوصية يكون بتلك الخصوصية متصفا بكونه صلاحا ومصلحة
وهذا كما قد يكون بالنسبة الى المقارن قد يكون بالنسبة الى المتقدم او المتاخر
غايته انه يحتاج فى فعلية الارادة والتكليف من القطع بتحقق المنوط به فى موطنه بل
حتى على القول بكون التكاليف الشرعية بنحو القضايا الحقيقية ايضا لا يقتضى ازيد من
لزوم فعلية الموضوع بما له من الحدود والاضافات فى فعلية الحكم وتحققه واما لزوم
تحقق ما به الحدود والاضافات ايضا فلا يقتضيه الدليل بعد فرض خروج القيود بنفسها
عن الموضوع وكون الداخل فيه هو التقيد بها فالموضوع هو الذات لا غير وهو موجود فى
ظرف وجود الحكم فلا استحالة
حكم ذاته (١)
واخرى متقدم عنه زمانا وثالثة متاخر عنه كذلك فتارة يكون الموضوع المستطيع الظاهر
فى جرى المشتق بلحاظ حال الحكم (٢) وتارة الموضوع من استطاع قبل ظرف الحكم (٣)
وثالثه من يستطيع بعد ظرف الحكم (٤) فلا شبهة ان فى جميع هذه الصور (٥) ما هو
موجود فى ظرف الحكم هو ذاته المقيد باحد القيود وهو الذى يستحيل وجود الحكم بدونه
واما قيده الخارج عن الموضوع مع دخول تقييده فيه فلا يلزم ان يكون موجودا فى ظرف
الحكم إلّا اذا فرض اخذه فيه بنحو المقارنة وح من اين يقتضى القضايا الحقيقية
استحالة الشرط المتاخر وح لا يستاهل استادنا الطعن بمثل هذا البيان ، نعم (٦) الذى
يصلح لان يورد عليه (٧) هو ان الجعل تعبديا (٨) لا بد وان يكون على وفق
______________________________________________________
للشرط المتاخر
اصلا حتى على القول بالقضايا الحقيقية.
(١) اى ذات
الموضوع فالشرط مقارن له.
(٢) فالموضوع مقيد
بالمستطيع الفعلى.
(٣) فالموضوع مقيد
بالمستطيع المتقدم.
(٤) يجب الحج
بالفعل لمن يستطيع فى ظرف المستقبل فالموضوع مقيد بالمتأخر.
(٥) ففى حال تعلق
الحكم بالموضوع انما يكون ذاته مقيدا باحد القيود والمفروض ان القيد خارج عن الموضوع
وانما يضاف حتى يصير ذى مصلحة فلا فرق فى الإضافة الى المقارن او المتاخر او
المتقدم.
(٦) ثم اورد
المحقق العراقى بنفسه مناقشتين على صاحب الكفاية بهذا الاستدراك وغيره.
(٧) هذا هو
الايراد الأول وملخصه ان ما ذكره يتم بالنسبة الى مرحلة تعلق الارادة وفعليتها حيث
كان ما له الدخل فيها هو الشىء بوجوده العلمى لا بوجوده الخارجى كما هو الشأن ايضا
فى كلية الغايات.
(٨) اى واما
بالنسبة الى مقتضيات الاحكام من المصالح والاغراض.
المصلحة (١) ففى
صورة لحاظ الامر المتاخر مقدمة لجعله فمثل هذا اللحاظ وان كان بنفسه مقدمة الجعل
ولكن بالإضافة الى المصلحة الداعية على الجعل المزبور لا محيص ان يكون طريقا الى
دخل القيد بوجوده المتأخر فى مصلحة بحيث لو لا وجوده فيما بعد لا يكون العمل ذات
مصلحة وعليه (٢) فلا محيص له الامن التزامه بصلاحية الامر المتاخر بوجوده الخارجى
فى المصلحة الفعلية كيف وبدونه (٣) لا يصلح مجىء الجعل بتصوره ايضا ومع التزامه
بذلك (٤) لا يبقى
______________________________________________________
(١) فلا شبهه فى
ان ما له الدخل فيها فى اتصاف الشىء بالصلاح والمصلحة بنحو الشرطية او غيرها انما
كان هو الشىء بوجوده الخارجى لا بوجوده العلمى واللحاظى بل العلم واللحاظ فى ذلك
لا يكون إلّا طريقا محضا ولذلك قد يتخطى عن الواقع فيكشف عدم تحققه عن فقد العمل
المشروط للمصالح ولذلك ترى المولى الذى يتصور فى حقه الخطا كالموالى العرفية قد
يحصل له الندم على فعله وطلبه بانه لم امر به مع كونه فى الواقع غير ذى المصلحة
فلو انه كان الدخيل فيه ايضا هو الشى بوجوده العلمى كما فى الارادة والاشتياق لما
كان وجه لانكشاف الخلاف وكشف فقد الشرط فى موطنه المتاخر عن فقد العمل للمصلحة وح
فكان ذلك برهانا تاما على ان ما له الدخل فى مقام المصالح والاغراض هو الشى بوجوده
الخارجى وكون العلم واللحاظ فيه طريقا محضا.
(٢) والحاصل ان
دخل لحاظ الشرط فى تحقق الحكم اعنى به الإرادة فى نفس الامر وان كان حقا لا محيص
عنه إلّا انه لا ينتفى معه محذور دخل الامر المتاخر فى المتقدم وذلك فان الملحوظ
له بوجوده الخارجى له دخل فى تمام المصلحة المشتمل عليها المكلف به وفعليتها عند
تحقق المكلف به فى الخارج.
(٣) اى الوجه فى
ذلك ان وجود الشرط دخيل فى المصلحة الفعلية فان لم يكن دخيلا فلم يكن يجئ فى تصوره
ولحاظه اصلا لعدم دخله فى المصلحة والمفروض خلافه وانه لاحظه لدخالته فيها.
(٤) وح يعود محذور
دخل الامر المتاخر فى المتقدم وعدم مقارنة اجزاء العلة خارجا ومعه لا محيص فى حل
الاعضال المزبور من المصير الى ما ذكرناه بجعل
مجال تصديقه بلزوم
مقارنة اجزاء العلة خارجا وارجاع الشرائط المتاخرة فى باب الاحكام الى شرطية
وجودها العلمى كى لا ينخرم قاعدة مقارنة اجزاء العلة مع المعلول (١). وكيف كان
نقول بعد اخراج الشرائط وجودية ام عدميّة عن عالم
______________________________________________________
الشرائط طرا طرفا
للاضافات كما لا يخفى.
(١) الايراد
الثانى قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٢٨ انه يلزم من جعل لحاظ الامر المتاخر
شرطا لتحقق الارادة التشريعية فعلية الحكم قبل شرطه وانتفاء الواجب المشروط على
تفسير المشهور وهذا للازم وان لم يكن باطلا عندنا إلّا انه باطل عنده لالتزامه
بمقاله المشهور فى الواجب المشروط والجواب عن الايراد المزبور بان الحكم وان اقترن
مقتضيه بشرطه إلّا انه قد يقترن ذلك بوجود المانع من تحقق الحكم فى الخارج ويكون
وجود ما كان لحاظه شرطا ملازما لعدم ذلك المانع فيصح انشاء الحكم التكليفى معلقا
على وجود ذلك الامر الذى فرض كون لحاظه شرطا للتكليف لاستلزام وجوده فى الخارج
لعدم المانع من التكليف فللملازمة بين عدم المانع ووجود الشرط يعلق عليه التكليف
فى مقام الانشاء لا لكون نفسه شرطا لتحققه ، غير مقبول لكون التعليق ظاهرا فى دخل
نفس وجود الشرط فى فعلية الحكم لا لكونه ملازما لعدم المانع مضافا الى ان المعلق
عليه لو لم يكن وجوده فى الخارج دخيلا فى فعلية المعلق لما كان لحاظه دخيلا فى
ارادته وطلبه الخ قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٤٧ واما الثانى فكون شىء شرطا للمامور
به ليس الّا ما يحصل لذات المامور به بالإضافة اليه وجها وعنوانا به يكون حسنا او
متعلقا للغرض بحيث لولاها لما كان كذلك واختلاف الحسن والقبح والغرض باختلاف
الوجوه والاعتبارات الناشئة من الاضافات مما لا شبهة فيه ولا شك يعتريه والإضافة
كما تكون الى المقارن تكون الى المتاخر او المتقدم بلا تفاوت اصلا ، فكما تكون
اضافة شيء الى مقارن له موجبا لكونه معنونا بعنوان يكون بذلك العنوان حسنا ومتعلقا
للغرض كذلك اضافته الى متاخر او متقدم بداهة ان الإضافة الى احدهما ربما توجب ذلك
ايضا فلو لا حدوث المتاخر فى محله لما كانت للمتقدم تلك الإضافة الموجبة لحسنه
الموجب بطلبه والامر به كما هو الحال فى المقارن ايضا ولذلك اطلق عليه الشرط مثله
بلا انخرام للقاعدة اصلا لان المتقدم او المتاخر كالمقارن ليس إلّا طرف الإضافة
الموجبة للخصوصية الموجبة
.................................................................................................
______________________________________________________
للحسن وقد حقق فى
محله انه بالوجوه والاعتبارات ومن الواضح انها تكون بالاضافات فمنشأ توهم الانخرام
اطلاق الشرط على المتأخر وقد عرفت ان اطلاقه عليه فيه كاطلاقه على المقارن انما
يكون لاجل كونه طرفا للاضافة الموجبة للوجه الذى يكون بذاك الوجه مرغوبا وو مطلوبا
الخ قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٢٩ وقد آحاد فيها افاد إلّا ان تخصيصه شروط
المامور به بهذا التوجيه بلا مخصص لان ما ذكره من التوجيه تشترك فيه جميع الشروط
سواء كانت متعلقه بالمامور به ام بالامر والتكليف كما بنينا عليه فى تصحيح الشرط
المتاخر الخ وذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٢١ الامر الثالث التحقيق هو
خروج شرائط المامور به عن حريم النزاع ايضا بداهة ان شرطية شيء للمامور به ليست
إلّا بمعنى اخذه قيدا فى المامور به فكما يجوز تقيده بامر سابق او مقارن يجوز
تقيده بامر لاحق ايضا كتقيد صوم المستحاضة بالاغتسال فى الليلة اللاحقة ـ الى ان
قال ـ لا ينبغى الاشكال فى جواز تأخر شرط المامور به عن مشروطه اذ لا يزيد الشرط
بالمعنى المزبور على الجزء الدخيل فى المامور به تقيدا وقيدا فكما انه لا اشكال فى
امكان تاخر الاجزاء بعضها عن بعض كذلك لا ينبغى الاشكال فى جواز تأخر الشروط عن
المشروط بها ايضا ـ الى ان قال ـ ان العناوين الانتزاعية بما انها لا تحقق لها
خارجا يستحيل تحقق الامر بها بانفسها ـ اى التقيد ـ فالامر المتعلق بها لا بد من
تعلقه بمنشإ انتزاعها فالامر بالمقيد بنفسه يتعلق بالقيد كما ان الامر بالمركب
يتعلق بكل واحد من اجزائه ـ الى ان قال ص ٢٢٣ غاية الامر ان الامتثال فى كلا
الموردين ـ (اى الجزء والشرط) يتحقق عند الاتيان بالجزء الاخير او الشرط المتاخر ـ
الى ان قال ص ٢٢٩ ـ واما فى مثال البيع فقد دل الدليل على شرطية نفس الإجازة
والرضا دون عنوان التعقب ولو فرضنا قيام الدليل على ترتب آثار الملكية من حين
البيع فبما ان العقل والعرف لا يساعدان على شرطية نفس العنوان لا بد مع ذلك من
الالتزام بالنقل والكشف الحكمى دون الحقيقى الخ ـ فالمتحصل ان حقيقة كون شيء شرطا
للمامور به هو كون تقيده به شرط بحيث يكون التقيد داخلا في المامور به والقيد
خارجا وبما ان التقيد من الامور الانتزاعية لا يمكن الامر به فلا بد ان يتوجه
الامر الى نفس القيد فيكون حال سائر اجزائه فالاغسال المتاخر فى باب الصوم نفس
تقييد الصوم بامر متأخر ولا اشكال فيه ويكفى
المؤثر فى الوجود (١)
وارجاعها جميعا الى محدّدات الوجود
______________________________________________________
تحقق الشرط فى
موطنه واجاب عنه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٣ وقال ولا يخفى ما فى كلامه من
مواقع النظر اما اوّلا فلان منعه من تعلق الامر بالامور الانتزاعية ان كان لامتناع
ايجادها بنفسها وعدم تعلق القدرة بها فهو وان كان كذلك إلّا ان الامور الانتزاعية
ممكنة الايجاد بتبع امكان ايجاد منشإ الانتزاع اذا كان مقدورا كغسل المستحاضة فى
الليل او بايجاد متعلق الامر المعنون بالامر الانتزاعى اذا كان منشأ الانتزاع غير
مقدور كالصلاة الى القبلة وان كان لظهور الخطاب بها عرفا فى الخطاب بمنشإ الانتزاع
وانصرافه اليه وان كان لفظا متعلقا بها فهو ممنوع ، واما ثانيا فلان تعلق وجوب الواجب
النفسى ، بشرطه المتاخر ان كان بملاك الوجوب النفسى فالشرط المتاخر يكون حاله ،
حال سائر اجزاء ذلك الواجب ويخرج عن كونه شرطا وان كان بملاك الوجوب الغيرى عاد
محذور توقف المتقدم على المتاخر وعدم تعقل كون المتاخر مقدمة للمتقدم مضافا الى
انه لا مناص من الالتزام بالشرط المتاخر فى جميع الواجبات التدريجية ضرورة توقف
فعلية الوجوب فى الآن الاوّل على بقاء شرائط التكليف من الحياة والقدرة الى زمان
الاتيان بالجزء الاخير الخ ـ وبمثل ذلك اجاب استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص
٢٢٢ بقوله قد عرفت فيما تقدم ان الامر بالمقيد لا يكون امر بقيده ابدا وإلّا لبطل
الفرق بين الجزء والشرط ولزم خروج الشرائط عن محل النزاع فى بحث وجوب المقدمة ايضا
لان ما تعلق به شخص الوجوب النفسى لا يمكن ان يتعلق به الوجوب الغيرى المترشح منه
كما مر واما لزوم كون الامر المتعلق بالامر الانتزاعى متعلقا بمنشإ انتزاعه فهو
وان كان صحيحا إلّا انه اجنبى عن المقام فان التقيد الماخوذ فى المامور به لا
ينتزع عن قيده ولذلك ذكرنا فيما تقدم ان القيد الماخوذ فى المامور به لا يلزم ان
يكون اختياريا اذ المعتبر فى صحة الامر بالمقيد هو كون المقيد بما هو مقيد تحت
قدرة المكلف واختياره سواء كان قيده امرا اختياريا ام لم يكن وعليه فلا مناص عن
الالتزام بحصول الامتثال قبل تحقق ما هو شرط متأخر للواجب فيكون حال شرائط الواجب
حال شرائط التكليف والوضع امكانا وامتناعا وستعرف الخ وبقية الجواب تقدم ذكره وعلى
اى نعم الجواب.
(١) ثم انه بعد ما
عرفت ان دخل الشرط فى المعلول وكذا عدم المانع ليس على نحو التاثير فيه حتى يلزم
تاثير المتاخر فى المتقدم ولزوم تحقق المعلول قبل
ومقيّداتها (١) لا
يبقى مجال لانكار الشرائط المتأخّرة فى الوجودات الخارجية ايضا (٢) فضلا عن
الامورات الجعليّة (٣) الكافى فى جعلها تصوّر المجعول بحدودها الخارجية (٤) بل قيل
(٥) بانه ربما ينتهى الامر فى المجعولات
______________________________________________________
وجود علته.
(١) فيكون جميع
القيود مناط دخلها من باب منشإ الاعتبار فى الامر الاعتبارى ودخل ما به الإضافة
والتّقيد فى التقيد وكان اثر دخله هو حصول خصوصية فى المقتضى باضافته اليه وجود يا
كان ام عدميا ، ولا يلزم من اخذ التقيدات جزءا تاثيرها فى المعلول وفى الصلاح
والفساد كى يشكل بانها من جهة كونها امور اعتبارية غير صالحة للمؤثرية فى الوجود
فلا بد وان يكون المؤثر هو منشأ اعتبارها اذ ح نقول بان ما هو المؤثر والمعطى
للوجود انما هو عبارة عن وجود المحدود فمن قبل وجوده ينشا وجود الاثر ومن قبل حده
ينشأ حد الاثر كما لا يخفى.
(٢) فعلى ذلك يمكن
تحقق الشرائط المتأخرة والمتقدمة فى الامور التكوينية والوجودات الخارجية بان لا
تكون الا فى الحدود والتقيدات حيث انه بوجودها الخارجى حد لتاثير المقتضى فى
المعلول فالوجدان قائم بان الاحراق شرطه المماسة ولا يكون هذا الشرط محرقا ومؤثرا
فى الاحراق بل المحرق هو النار فالشرط وان كان مؤثرا فى الحد ولكن لا يكون مختصا
بصورة كون المشروط منشأ منه فلا يلزم من تاخره تاخر العلة عن المعلول من غير فرق
بين الشروط الشرعية والتكوينية.
(٣) فضلا عن
الامور الاعتباريّة حيث يتصور الآمر الاجزاء بجميع حدودها ويجعل الحكم ويتعلق
عليها الإرادة حيث ان دخل الشرائط والموانع لا يكون إلّا فى الحدود والتقيدات وان
ما هو المؤثر لا يكون إلّا المقتضى خاصه غايته بما انه محدود بحدود خاصه.
(٤) فانه يجعل
الحكم وينشا عند تصور الموضوع وحدوده.
(٥) والقيل صاحب
الجواهر ادعى ان فى الاحكام الشرعية لا مانع من تقديم المسبب على السبب قال فى ج
٢٢ ص ٢٨٥ مضافا الى ظهور ما دل فى تسبيب العقد مسببه وانه لا يتاخر عنه السالم عن
معارضة ما دل على اشتراط رضا المالك بعد احتمال كون المراد من شرطيته فى المقام
المعنى الذى لا ينافى السببية المزبورة وهو الشرط
الاعتبارية الى
توهّم (١) تقدم المعلول على علية (٢) نظير جعل الملكيّة السابقة عن زمان جعله
منوطا باجازة المالك بناء على كون امثالها (٣) من الاعتباريات المحضة ففى مثل هذه
الصورة (٤)
______________________________________________________
الكشفى الذى لا
مانع من تصوره فى العلل الشرعية التى هى بحكم العلل العقلية ان لم يكن هناك من
الشرع ما يقتضى خلاف ذلك كما جاء فى تقديم غسل الجمعة يوم الخميس الذى هو شبه
تقديم المسبب على السبب فلا مانع ح هنا من التزام توقف تاثير العقد على حصوله المستقبل
وان ترتب الاثر الآن قبل وقوعه فبحصوله فعلا ولو فى المستقبل يكون العقد مؤثرا من
حينه لان ذلك هو المشروط به فمتى تحقق بان تحقق مشروطه ـ الى ان قال ـ نحو ما
سمعته فى اشتراط صحة صوم المستحاضة باغسالها الليلية ـ الى ان قال ـ لا ان المراد
به شرط يتوقف تاثير العقد عليه على حسب شرائط العلة التامة التى هى فى توقف
التاثير عليها كالجزء بل ليست العلة التامة الا حصول المقتضى والشرائط وارتفاع
الموانع فمتى حصلت حصل المعلول ولا يتاخر عنها كما هى لا تتاخر عنه بل يتصور الكشف
فى شرائطها بالمعنى المزبور وقد عرفت الفرق بينها وبين ما نحن فيه من العلل
الشرعية التى لا غرابة فى تاخر الشرائط فيها فى عبادة ولا معاملة لكن على الوجه
المزبور ـ الى ان قال ـ اولا مثل هذا الشرط لا باس بحصول مشروطه قبله بعد ان كان
من الاوضاع الشرعية التى منها ما يشبه تقدم المعلول على العلة الخ فالمتحصل ان
صاحب الجواهر القائل بالكشف ولدفع محذور الشرط المتاخر ادعى ان الشروط الشرعية
ليست كالشروط العقلية ، واجاب عنه شيخنا الاعظم الانصارى فى المكاسب ص ١٣٢ بانه لا
فرق فيما فرض شرطا او سببا بين الشرعى وغيره وتكثير الأمثلة لا يوجب وقوع المحال
العقلى فهى كدعوى ان التناقض الشرعى بين الشيئين لا يمنع عن اجتماعهما لان النقيض
الشرعى غير العقلى الخ.
(١) كما مر فى
عبارة الجواهر (شبه).
(٢) الصحيح (علته).
(٣) اى بناء على
كون امثال الملكية من الامور الاعتباريّة المحضة وتقدم وسيأتى فى ذيل هذا الكلام
خلافه.
(٤) اى العقد الفضولى
الملحوق بالإجازة وكون الملكية من الاعتبارات
ربما يتراءى (١)
تقدّم الملكية التى هى معلول جعله على نفس الجعل ولكن حيث لا يكون فى البين تاثير
وتاثر بل غاية الامر كون الجعل المخصوص منشأ اعتبار
______________________________________________________
المحضة يمكن جعلها
لسابقة عن زمان جعلها.
(١) بل حتى لو كانت
الملكية من الامور الواقعية فتقدم الملكية على الجعل لا محذور فيه قال المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٨٧ وبعد ذلك نقول بان مثل هذه الاضافات النحوية ـ وسيأتى
بيانها ـ لكونها خفيف المئونة جدا يكفى فى اعتبارها وتحققها تحقق منشإ اعتبارها
فيتحقق بمجرد جعل الجاعل واعتباره من دون احتياج الى مئونة زائدة بوجه اصلا كما فى
قولك المال لزيد فانه بهذا التخصيص يتحقق الملكية له كما كان هو الشأن ايضا فى
العلقة الوضعية بين اللفظ والمعنى حيث كان تحققها بتحقق منشإ اعتبارها الذى هو وضع
الواضع او كثرة الاستعمال وح فاذا كانت هذه الاضافات من الاعتباريات الجعلية التى
قوام تحققها بالجعل ، نقول لانها لا محالة تكون تابعة لكيفية جعل الجاعل واعتباره
وح فمتى اعتبر الجاعل بجعله الملكية السابقة او المتاخرة او المقارنة يلزمه تحقق
الملكية واعتبارها على نحو كيفية جعله ولا يمكن اعتبارها بوجه آخر غير ما يقتضيه
الجعل ، فعلى ذلك نقول بانه لو انيط اصل جعل الملكية برضا المالك واجازته بمقتضى
قضية تجارة عن تراض لا يلزمه ان يكون المجعول والمحكوم به وهو الملكية ايضا من حين
تحقق الرضا نظرا الى وضوح كون المحكوم به ح عاريا عن القيد المزبور كما هو الشأن فى
كلية شرائط الوجوب فى الواجبات المشروطة كما سنحققه من امتناع رجوعها الى الموضوع
بل لا بد ح من لحاظ ان المجعول والمحكوم به فى هذا الجعل هو الملكية المقارنة او
الملكية المتاخرة او المتقدمة فاذا كان المحكوم به هو الملكية من حين العقد ولو من
جهة اقتضاء الاطلاق لا جرم يلزمه اعتباره الملكية من الحين بمعنى الحكم فى ظرف
الاجازة بتحقق الملكية حقيقة من حين العقد ولا يكون فيه محذور من جهة ان غاية ما
فى الباب ح انما هو اختلاف ظرف منشإ الاعتبار وهو الجعل مع ظرف المعتبر وهو
الملكية زمانا ومثل ذلك مما لا ضير فيه بعد عدم جريان المؤثرية والمتأثرية فى
الامور الاعتباريّة بالنسبة الى مناشئها الخ.
للمجعول الخاص فلا
يابى العقل بعدم (١) المنتزع عن منشأ انتزاعه (٢) كما انه ربما يتاخر عنه (٣) كما
فى العقود التعليقية (٤) ومن هذا الجهة (٥) ربما يكون امره اهون (٦) من الشرائط فى
الامور الواقعية نعم (٧)
______________________________________________________
(١) الصحيح ـ تقدم
المنتزع وهو الملكية عن منشإ انتزاعه بقرينة الجملة الثانية فراجع.
(٢) لعدم تحقق
منشإ انتزاعه بالفعل وهو القيد وانما يتحقق فى موطنه.
(٣) اى يتاخر
المنتزع عن منشإ انتزاعه كالملكية المتاخرة عن جعله.
(٤) كالوصية
التمليكية والتدبير فيجعل الحرية فى حال الحياة لما بعد الوفاة فيكون المجعول
متاخرا كما يجعل الملكية المتأخرة لما بعد الوفاة للموصى له ولا محذور فيه فى
الامور الاعتباريّة وكذا بيع الصرف والسلم كتبعية الملك فيهما للقبض دون العقد.
(٥) اى من جهة كون
الاحكام الوضعية باعتبار كونها من الاعتبارات الجعلية يكون امر تصوير الشرط
المتاخر فيها اوضح مما فى باب التكاليف والواقعيات كما عرفت.
(٦) وأهونيته
باعتبار انه ربما يجعل وينشا اعتبار الملكية للسابق على جعله وربما للمقارن على
جعله وربما للمتاخر عن جعله ولا فحدود فيه لسهل المئونة.
(٧) ثم قال المحقق
الماتن فى بيان انه على جميع المسالك فى الإجازة فى باب الفضولي لا يكون من الشرط
المتاخر بل على بعض المسالك هو الشرط المقارن ـ ومن ذلك قال فى الفصول ص ٨١ وهذا
وصف اعتبارى ينتزع من المكلف باعتبار ما يطرأ فى الزمن المستقبل من هذه الصفات وهو
غير متاخر عن زمن الوجوب وان تاخرت عنه الصفة التى تنتزع عنه باعتبارها ـ الى ان
قال ـ ومن هذا القبيل كل شيء يكون وقوعه مراعى بحصول شىء آخر كصحة المراعات
بالإجازة فى الفضولى فان شرط الصحة فيه كون العقد فيه بحيث يتعقبه الإجازة وليست
مشروطة بنفس الإجازة وإلّا لامتنعت قبلها الخ واجاب عنه شيخنا الاعظم فى المكاسب ص
١٣٢ وغيره بقوله وفيه ما لا يخفى من المخالفة للادلة الخ فان الأدلّة تصرح بعدم
جواز التصرف فى مال الغير الا بطيب نفسه وطيب النفس انما يحصل بعد رضا المالك
الاصيل الحاصل
ما هو (١) منها (٢)
هو (٣) اناطة الجعل باجازة المالك ولو من جهة دخلها فى مصلحة الجعل وفى هذا المقام
(٤) ربما كان الشرط مقارنا مع مشروطه
______________________________________________________
بالإجازة منه ،
وذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٣١ فى كلام له قال فلا يخفى ان مثل هذا التكليف
ليس منشؤه الا تخيل انحصار ملاك المقدمية بما فى المقتضى من المؤثرية مع الغفلة عن
ان فى البين ملاكا آخر للمقدمية وهو كون الشى طرفا للاضافة والتحديد كما هو شأن
عدم المانع الذى يستحيل دخله بملاك المؤثرية على ان فى الالتزام بكون الشرط هو
التعقب بالامر المتاخر لا نفس الامر المتاخر فى موطنه ما لا يخفى ، فانه يرد عليه
اولا ان ذلك مناف لما يراه القائل المزبور من كون التقيدات باعتبار كونها امورا
اعتبارية غير قابلة للتاثير فى الغرض ولتعلق الامر بها وان الامر والتكليف لا بد
من تعلقه بما هو منشأ انتزاعها وهو الامر المتاخر ، وثانيا ان دخل ذلك الامر
المتاخر فى التقيد المزبور المعبر عنه بالتعقب هل هو بنحو التاثير او بنحو دخل
منشإ الاعتبار فى الامر الاعتبارى فعلى الاول يعود محذور انخرام القاعدة العقلية
من لزوم تاثير المتاخر فى المتقدم وعلى الثانى نقول انه لا داعى ح الى ارتكاب خلاف
الظاهر فى تلك القضايا بل بعد ما امكن ان يكون الشىء بوجوده المتاخر فى موطنه منشأ
لتحقق الإضافة والتقيد المزبور يجعل الشرط هو نفس الامر المتاخر فى موطنه وتبقى
ظواهر الأدلّة على حالها فى اقتضائها لكون المنوط به للامر الفعلى هو الشيء بوجوده
المتاخر الخ وقال فى ص ٣٣٢ وبذلك يظهر وجه اندفاع اشكال الشرط المتاخر فى العقد
الفضولى بالنسبة الى الإجازة المتاخر عنه على القول بالكشف الحقيقى وهو الالتزام
بكشف الإجازة عن تحقق الملك واعتبار الملكية حين صدور العقد لما عرفت من انه لا
شان للشرط إلّا كونه طرف اضافة للمقتضى بحيث توجب تحصصه بحصة خاصه بها يكون مؤثرا
وما هو كذلك لا مانع من تقدمه على المشروط او تاخره عنه الخ.
(١) اى ما يكون
الاحكام الوضعية.
(٢) اى من قبيل
الامور الواقعية فى الشرائط.
(٣) اى من جهة كون
الجعل منوطا بالإجازة ولو يكون بالفعل يجعل الملكية السابقة لكن تكون الإجازة
دخيلة فى مصلحة جعل الملكية.
(٤) اى مقام جعل
الملكية عند الرضا والاذن والإجازة ربما متقارنان كما لو
لا متاخرا (١) وح
فابتناء هذه المسألة (٢) على تصحيح الشرائط المتاخرة فى الواقعيات لا يخلو عن خلط (٣)
كما لا يخفى وح فالكشف المشهورى (٤) فى باب الإجازة غير مرتبط بمرحلة الشرائط
المتاخرة فى الامور الواقعية (٥) نعم ما هو
______________________________________________________
وقع العقد مقترنا
للاجازة من الاول.
(١) اى واخرى
متاخرا بان يكون جعل الملكية للعقد السابق متاخرا عن العقد عند الإجازة لكن
المجعول الملكية السابقة ولا محذور فيه بعد ما كان من حدوده ولا يكون مؤثرا وانما
المقتضى وهو العقد هو المؤثر.
(٢) اى كون مسالة
الإجازة فى باب الفضولى من باب الشرائط المتاخرة.
(٣) اى فى غير
محله بل يختلف على المسالك فى الكشف.
(٤) اما الكشف
المشهورى قال شيخنا الاعظم الانصارى فى المكاسب ص ١٣٣ وقد تحصل مما ذكرنا ان
كاشفية الإجازة على وجوه ثلاثة قال بكل منها قائل احدها وهو المشهور الكشف الحقيقى
والتزام كون الإجازة فيها شرطا متاخرا ولذا اعترضهم جمال المحققين فى حاشيته على
الروضة بان الشرط لا يتاخر الخ.
(٥) وذكر المحقق
العراقى فى كتاب البيع ص ٤٣ ان الذى يقتضيه التحقيق كون الإجازة كاشفة عن صحة
العقد حين وجوده او من حين صلاحيته للتاثير من مثل حين القبض كما فى الصرف والسلم
وهكذا فى كل عقد يعتبر القبض فى صحته ومرجع كشفه ايضا الى الحكم من حين الإجازة
بالملكية من حين وجود العقد او القبض وهو المنسوب الى المشهور المستلزم لعدم
الانتقال قبل مجىء الإجازة حتى مع العلم بمجيئها ـ الى ان قال مجرد كون الشرط من
اجزاء العلة لا يقتضى كونه من المؤثر فى الوجود بل المعط له فى ظرف قابلية المحل
من حيث وجدان الشرائط ورفع الموانع هو المقتضى فالشرائط طرا وجودية او عدمية راجعة
الى معطيات القابلية الراجعة الى محدد دائرة الماهيات المنوط بها القابلية ومن
المعلوم ان دخلها فى حدودها ليس دخلا تاثيريا بل هى من قبيل دخل طرف الإضافة فى
ثبوتها وح فكما يمكن ان يكون طرف الإضافة المزبورة حاليا يمكن ان يكون استقباليا
فشرائط الشرعية وموانعها طرا كغيرها عبارة عما به قوام الاضافات والحدود التى بها
يصلح الشى ويقبل للمؤثرية او المتأثرية ، ثم ان ذلك كله فى الامور الواقعية من
الحقائق الخارجية وإلّا ففى
.................................................................................................
______________________________________________________
الاعتباريات التى
لا وعاء لها الا الذهن وان الخارج ظرف لمناشئها فالامر فى خروج شرائطها عن حيز
المؤثرية اوضح ـ الى ان قال ـ ومن هذا الباب دخل الرضى فى تحقق التجارة ومرجعه الى
دخله فى اعتبار المبادلة على وفق مضمون عقده وهذا المعنى مستتبع لعدم الحكم
بثبوتها قبل الرضى وان علم بمجيء الإجازة فى موطنه ـ الى ان قال ـ نعم فى المورد
مطلب آخر وهو ان هذا المقدار من الدخل لا يقتضى الا كون الرضى شرطا مقارنا للحكم
بثبوت التجارة التى هو مضمون عقده واما ان المحكوم به هو الملكية فى هذا الحين فلا
اقتضاء فيه بل هو تابع اقتضاء العقد اى شىء فان اقتضى ثبوتها من حينه ولو من جهة
اعتبار العقد علة لوجوده المستتبع لتوجه قصده الى الملكية من الحين او من جهة
اطلاقه ذلك فلازمه ليس إلّا اعتبار الملكية المزبورة من حين عقده بمعنى ان فى ظرف
الرضى يحكم بالملكية من حين العقد فيكون المقام ح من قبل اختلاف ظرف منشإ الاعتبار
مع ظرف المعتبر وهى الملكية التى كانت مضمون تجارته وهذا هو الوجه فى مصير المشهور
الى الكشف بهذا المعنى بلا ورود اشكال عليه إلّا بتوهم المؤثرية والمتأثرية فى الامور
الاعتبارية بالإضافة الى مناشئها وهو بمعزل عن التحقيق الخ ولعل هذا هو المعبر عنه
بالكشف الانقلابى بكون الإجازة موجبة لحكم الشارع من حين الإجازة بحصول المضمون
حقيقة من حين العقد على وجه الانقلاب لكن قال المحقق العراقى فى البدائع ، ١٣٢ نعم
يتوجه اشكال آخر على مسلك المشهور فى الكشف وهو عدم تحقق الملك الى زمان الإجازة
وانما تعتبر من حين الإجازة الملكية من حين العقد وحيث ان الملكية معلولة
لاعتبارها يلزم الانقلاب وان شئت فعبر بتقدم المعلول على العلة ولكن بالتامل فيما
ذكرنا فى حقيقة الاحكام الوضعية يندفع هذا الاشكال ايضا اذا لملكية كسائر الاحكام
الوضعية مجعولة اعتبارية ولا شبهة فى ان كل امر اعتبارى تابع فى خصوصيات تقرره الى
كيفية اعتباره ومن الواضح انه لا مانع من ان يعتبر المعتبر حين الإجازة الملكية من
زمان العقد لان الاعتبار خفيف المئونة فليست نسبته الى متعلقه نسبة المؤثر الى
المتأثر ليستحيل ايجاد الملكية السابقة بالاعتبار المقارن للاجازة المتاخر
لاستلزامه الانقلاب الخ وهذا هو الذى اختاره الأساتذة منهم استادنا الخوئى فى هامش
الاجود ج ١ ص ٢٢٧ انه لا بد من الالتزام بالكشف الحقيقى بمعنى آخر بان يقال ان
الإجازة بما
.................................................................................................
______________________________________________________
آنها تتعلق
بالملكية او الزوجية السابقة والمفروض امضاء الشارع لها يكون متعلق حكم الشارع هى
الملكية او الزوجية السابقة ايضا فالمال مثلا قبل الإجازة كان محكوما بكونه مملوكا
لمالكه الاول وبعد الإجازة يحكم بكونه ملكا للمجيز من حال صدور العقد ـ ولا مضادة
بين الحكم بملكية شيء لاحد فى زمان والحكم بعده بملكية ذلك الشىء فى ذلك الزمان
لشخص آخر فوحدة زمان الملكيتين مع تغاير زمان الاعتبارين لا محذور فيها اصلا الخ
والذيل ايضا ماخوذ من المحقق العراقى كما سيجيء عبارته فانتظر ، وظاهر الكشف
الحقيقى كما سيأتى ايضا كون العقد تمام السبب المؤثر وتمامه فى الفضولى انما يعلم
بالاجازة فاذا اجاز تبين كونه تاما كما عن جامع المقاصد وغيره ، وعلى هذا يصح
الشرط المتاخر فالملكية من حين العقد مشروطا بالإجازة المتأخرة ولا مانع منه لان
الشرائط حدود واضافات على ما تقدم قال استاذنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ٢٢٦ قد
ذكرنا فى محله ان الكشف الحقيقى وكون الإجازة المتأخرة كاشفة عن تحقق الملكية فى
زمان العقد وان كان امرا معقولا إلّا انه خلاف ظواهر الأدلّة لان استناد العقد الى
المالك وكونه عقده انما يتحقق فى زمان الإجازة لا قبله الخ وعلى اى ذلك فى قبال
الكاشفية ما عليه صاحب الفصول من وصف التعقب وكاشفية ما عليه صاحب الجواهر من انه
لا مانع من تاخر الشرط فى العلل الشرعية او كون الشرط هو الامر المتاخر لكن بوجوده
الدهرى دون الزمانى والالتزام بان تلك المتفرقات بحسب الزمان مجتمعات فى وعاء
الدهر كما هو المنسوب الى العلامة الشيرازى وان كان نفى هذه النسبة عنه المحقق
النّائينيّ وغيره مدعيا بانى كنت سالته عن هذه النسبة شفاها فانكرها وبالغ فى
الانكار ثم قال بانى انما ذكرت ذلك فى اثناء البحث احتمالا لا مختارا وما عليه
المحقق الرشتى فى اجارته من كفاية الرضا التقديرى فى صحة العقد نظير الاذن
المستفاد من شاهد الحال وتفصيله فى محله وفى قبال ذلك كله الكشف الحكمى الذى
اختاره شيخنا الاعظم الانصارى ونسب الى استاده شريف العلماء قال فى المكاسب ص ١٣٣
وهو اجراء احكام الكشف بقدر الامكان مع عدم تحقق الملك فى الواقع الا بعد الإجازة
ـ وقال ـ فاذا اجاز المالك حكمنا بانتقال نماء المبيع بعد العقد الى المشترى وان
كان اصل الملك قبل الإجازة للمالك ووقع النماء فى ملكه الخ فتكون الاجازة موجبة
لحكم الشارع من حينها
من بابها (١) هو
الكشف المنسوب الى صاحب الفصول (٢) من كون الإجازة شرطا متاخرا لجعل الملكية من
حين العقد بحيث يكون ظرف الجعل هو حين العقد السابق على الإجازة (٣) وهذا المعنى
بمعزل عن كلمات المشهور فى باب
______________________________________________________
بحصول المضمون من
حين العقد حكما لا حقيقة كما على قول المحقق الماتن قدس الله اسرارهم وما ذكر
المحقق الماتن توجيه وجيه لكشف الحقيق الذى عليه المشهور المنصور قال المحقق
الماتن فى النهاية ج ١ ص ٢٨٨ الفرق بين ما ذكرنا وبين الكشف الحكمى الذى هو مسلك
الشيخ فانه على الكشف الحكمى يكون كل من الجعل والمجعول وهو الملكية من حين
الإجازة كما على النقل إلّا انه تعبدا يترتب عليه احكام الملكية من حين العقد
بخلافه على ما ذكرنا فانه عليه يكون ترتيب آثار الملكية من حين العقد من جهة تحقق
الملكية حقيقة بهذا الجعل المتاخر من حينه لا من جهة التعبد الشرعى وتنزيل ما لا
يكون ملكا بمنزلة الملك الخ وهو الصحيح.
(١) اى من باب
الشرائط المتأخرة.
(٢) قال شيخنا
الاعظم الانصارى فى المكاسب ص ١٣٣ والثانى الكشف الحقيقى والتزام كون الشرط تعقب
العقد بالإجازة لا نفس الإجازة فرارا عن لزوم تاخر الشرط عن المشروط الخ.
(٣) باعتبار كون
الشرط هو وصف التعقب وهو حاصل حين العقد فجعل الملكية يكون حين العقد قبل الإجازة
الفعلية قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٨٨ فيمكن لنا الالتزام بالكشف
الحقيقى المشهورى من دون دخل الشرائط دخلا تاثير او رجوعها الى مقام الدخل فى
القابلية فلا مجال لانخرام القاعدة خصوصا فى الاعتباريات الجعلية التى عرفت خروج
شرائطها واسبابها عن حيّز المؤثرية وامكان اختلاف ظرف الجعل زمانا مع ظرف المجعول
كما فى المقام ـ ثم ان هذا المعنى من الكشف غير مرتبط بالكشف على مذاق الفصول
الذاهب الى شرطية التعقب بالاجازة المتأخرة اذ على ما ذكرنا يكون اصل الجعل حسب
اقتضاء اناطة التجارة بالرضا فى ظرف الإجازة ولكن المجعول والمحكوم به انما هو
الملكية من حين العقد فيتحقق من حين الرضا حقيقة الملكية من حين العقد وإلّا فقبل
الإجازة حيثما لا تحقق للجعل كان المال باقيا على ملك البائع حقيقة فكان الإجازة
من حين وجودها موجبة لقلب الملكية
الكشف والنقل
للاجازة (١) فراجع اليه ولقد اختاره شيخنا العلامة اعلى الله مقامه (٢) فى مكاسبه
حيث ابطل كشف الفصول (٣) وارجع الكلمات الى الكشف بالمعنى الاول المنسوب الى
المشهور ولكن فى ايراده عليه (٤) بزعم كون امثال
______________________________________________________
السابقة التى كان
للبائع الى ملكية اخرى للمشترى لكن ذلك بخلافه على مشرب الفصول اذ على مسلكه كان
اصل الجعل واعتبار التجارة والمجعول الذى هو الملكية متحققة للمشترى من حين العقد
على تقدير تحقق الإجازة فيما بعد ومن ذلك على مسلكه لو علم بتحقق الإجازة من
المالك فى ما بعد يجوز للمشترى التصرف فى المبيع باعتبار كونه ملكا له حقيقة دون
البائع بخلافه على ما ذكرنا فانه لا يجوز له ذلك ولو مع القطع بتحقق الإجازة من
المالك فى الموطن المتاخر نظرا الى كونه بعد ملكا للبائع ـ نعم على ما ذكرنا ربما
يتوجه اشكال وحاصله وهو لزوم ملكية العين المبيعة فى الازمنة المتخللة بين العقد
والإجازة على هذا المعنى من الكشف الحقيقى لمالكين وهما البائع والمشترى بخلافه
على الكشف الحكمى او الكشف الحقيقى بمذاق الفصول حيث لا يلزم منه هذا المحذور
ولكنه يندفع هذا المحذور ايضا باختلاف الرتبة بين الملكيتين حيث كان ملكية البائع
للمبيع فى رتبة قبل الإجازة وملكية المشترى لها فى الرتبة المتاخر عنها ومع هذا الاختلاف
بحسب الرتبة لا مانع من ذلك كما لا يخفى الخ فالمتحصل ان على الكشف المشهور الذى
فسره المحقق العراقى ليس من الشرط المتاخر اصلا لانه حين الإجازة ينشا ويجعل
الملكية لكن ملكية سابقه على الجعل وعلى ما افاده الفصول يكون من الشرط المتاخر
لان الملكية مجعولة حين العقد والشرط هو التعقب لا الإجازة الخارجية وعلى الكشف
الحكمى ايضا ليس من الشرط المتاخر اصلا لان الجعل والمجعول حين الإجازة كالوجود
الدهرى كما على النقل ايضا.
(١) من كون جعل
الملكية حين العقد كذلك لا يظهر من كلمات المشهور.
(٢) اى من الكشف
الحكمى وقد تقدم.
(٣) لمخالفته
الادلة كما عرفت.
(٤) قال شيخنا
الاعظم فى المكاسب ص ١٣٢ غاية الامر ان لازم صحة عقد الفضولى كونها قائمة مقام
الرضا المقارن فيكون لها مدخل فى تماميّة السبب كالرضا المقارن فلا معنى لحصول
الاثر قبلها ـ الى ان قال ـ فانه اذا اعترف ان رضا المالك من
هذه الامور
الجعلية بالنسبة الى مناشئها من باب التاثير والتأثر كمال المناقشة (١) ولا ضير
فيه نعم لا بأس بناء على كون امثال الملكية من قبيل الملازمات الواقعية (٢) لا
الاعتبارية المحضة كما اشرنا اليه فى باب الوضع فتدبر. تتميم فيه
______________________________________________________
جملة الشروط فكيف
يكون كاشفا عن وجود المشروط قبله ـ الى ان قال فى رد الفصول ـ لمخالفته الأدلّة ـ اللهم
إلّا ان يكون مراده بالشرط ما يتوقف تاثير السبب المتقدم فى زمانه على لحوقه وهذا
مع انه لا يستحق اطلاق الشرط عليه غير صادق على الرضا لان المستفاد من العقل
والنقل اعتبار رضا المالك فى انتقال ماله لانه لا يحل لغيره بدون طيب النفس وانه
لا ينفع لحوقه فى حل تصرف الغير وانقطاع سلطنة المالك الخ.
(١) لما عرفت
مفصلا انه من باب الحد والاضافات.
(٢) قال المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٨٦ اعلم ان الاحكام الوضعية كالملكية والزوجية وان كانت
من سنخ الاضافات والاعتبارات ولكنها لا تكون من سنخ الاضافات الخارجية المقولية
المحدثة لهيئة فى الخارج التى قيل بان لها حظا من الوجود وان الخارج ظرف بوجودها
كالفوقيّة والتحتية والتقابل ونحوها من الاضافات والهيئات القائمة بالامور
الخارجية كالاضافة الخاصة بين ذوات اخشاب السرير المحدثة للهيئة السريرية فى
الخارج وذلك لما نرى بالعيان والوجدان من عدم كون الملكية كذلك وانه لا يوجب ملكية
شيء لشخص احداث هيئة خارجية بينه وبين الشخص كما يوجبه الاضافات الخارجية اذ يرى
ان المال المشترى بعد صيرورته ملكا للمشترى بواسطة البيع كان على ماله الاضافة
الخارجية بينه وبين البائع قبل ورود الشراء عليه من دون ان يكون صيرورته ملكا
للمشترى منشأ لتغير وضع او هيئة بينهما فى الخارج اصلا نعم لا تكون ايضا من سنخ
الاعتباريات المحضة التى لا صقع لها الا الذهن ولا كان لها واقعية فى الخارج
كالنسب بين الاجزاء التحليلية فى المركبات العقلية كالانسان والحيوان الناطق
وكالكلية والجزئية وكالوجودات الادعائية التنزيلية التى لا واقعية لها فى الخارج
وكان واقعيتها بلحاظها واعتبارها ، بل وانما تلك الاحكام سنخها متوسط بين هاتين
فكانت من الاضافات التى لها واقعية فى نفسها مع قطع النظر عن لحاظ لاحظ واعتبار
معتبر فى العالم وكان الخارج تبعا لطرفها ظرفا
.................................................................................................
______________________________________________________
لنفسها ولو لا
لوجودها نظير كلية الملازمات فكما ان الملازمات بين النار والحرارة مما لها واقعية
فى نفسها بحيث كان اللحاظ طريقا اليها لا مقوّما لها كما فى الاعتباريات المحضة
ولذا لو لم يكن فى العالم لاحظ كانت الملازمة المزبورة متحققة كذلك الملكية
والزوجية ونحوهما ايضا فانها ايضا بعد تحقق منشإ اعتبارها الذى هو الجعل مما لها
واقعية فى نفسها حيث كانت مما يعتبرها العقل عند تحقق منشإ اعتبارها بنحو كان
اللحاظ طريقا محضا اليها لا مقوما لها كما هو الشأن فى العلقة الوضعية الحاصلة بين
اللفظ والمعنى من جهة تخصيص الواضع او كثرة الاستعمال فانها ايضا مما لها واقعية
فى نفسها غير منوطة بلحاظ لاحظ واعتبار معتبر بل كان اللحاظ والاعتبار بعد تحقق
منشإ اعتبارها الذى هو الوضع طريقا اليها ومع آبائك عن تسميتك هذه بالإضافة وتقول
بان المصطلح منها هى الاضافات الخارجية فسمها بالاضافة النحوية او بغيرها مما شئت
حيث لا مشاحة فى الاسم بعد وضوح المعنى الخ وتقدم الاشارة اليه ايضا وقد خرج عن
المسألة الأصولية ، بقى الكلام فى مرحلة الاثبات قال المحقق العراقى فى البدائع
فنقول اذا كانت فى الكلام دلالة على نحو الشرط من كونه مقارنا او متاخرا فهى
المتبعة واما اذا لم تكن هناك دلالة خاصه ـ يمكن ان يقال ان هيئة الكلام لها ظهور
بكون الشرط معتبرا بنحو المقارنة لان تعليق امر على آخر او تقييده به ظاهر فى
اتحاد ظرف المعلق مع ظرف المعلق عليه وظرف المقيد مع ظرف القيد كما هو الشأن فى
جميع العناوين الاشتقاقية المجعولة موضوعة لحكم من الاحكام مثلا اذ اورد فى الشرع
انه يكره البول تحت الشجرة المثمرة يفهم العرف ان موضوع الكراهة هى الشجرة فى حال
تلبسها بالاثمار وان كان المشتق موضوعا للاعم عندهم ، واما كون الشرط شرطا للحكم
او لمتعلق الحكم فاستفادة ذلك تتبع خصوصية التعليق والتقييد ففى مثل القضية
الشرطية كقوله اذا استطعت فحج يستفاد منها كون الشرط المعلق عليه شرطا للحكم بناء
على جواز تعليق مفاد الهيئة وإلا رجع التقييد الى المادة وفى مثل صل متطهر او
متسترا يستفاد منه كون القيد شرطا لمتعلق الحكم وهكذا الكلام فى الوضع وعلى كل حال
فليس فى المقام ضابطة كلية لاستفادة كون الشرط شرطا للحكم او لمتعلقه ، وانما امكن
ان نقول بالضابط فى خصوص استفادة كون الشرط بنحو المقارنة وعليه فاذا افاد الدليل
كون الشرط شرطا للحكم الوضعى وظاهر الكلام يفيد
.................................................................................................
______________________________________________________
المقارنة صح الكشف
على مذهب المشهور فى بيع الفضولى المتبوع بالإجازة لانه عليه اعتبار الملكية يكون
مقارنا للاجازة والملك حين صدور العقد بخلافه على الكشف الحقيقى اذ عليه يتحقق
اعتبار الملكية من حين العقد من جهة الاجازة المتأخرة ولازمه عدم اقتران الشرط
والمشروط خلافا الظاهر الدليل هذا كله اذا كان الشرط شرطا للحكم الخ وقال المحقق
الماتن فى النهاية ج ١ ص ٢٩٠ نعم لو كان القيد وهو الرضا فى قوله تعالى (تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) راجعا الى المحكوم به وهو الملكية لا الى اصل اعتبار
المبادلة والحكم بثبوت التجارة يتعين بمقتضى الظهور المزبور فى الجملة الكلامية
القول بالنقل اذا لم يكن فى البين دليل على التنزيل فى لزوم ترتب آثار الملكية من
حين العقد وإلّا فالقول بالكشف حكما بمقتضى دليل التعبد ولكنك عرفت عدم رجوعه الا
الى اصل الجعل وان المجعول هو الملكية كان عاريا عن القيد المزبور كما هو شان جميع
الواجبات المشروطة ومعه لا بد من القول بالكشف الحقيقى عند المشهور لا غير الخ
وبوضح ذلك كله ما ذكر استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٣١٦ مقام الاثبات ان
الشرط المتاخر خلاف ظواهر الأدلّة فان الظاهر منها هو كون الشرط الماخوذ فى
موضوعاتها مقارنا للحكم ـ فارادة كون وجوبه ـ اى الحج ـ سابقا على وجودها ـ اى
الاستطاعة خارجا تحتاج الى مئونة زائده ـ نعم شرطية الإجازة بوجودها المتاخر فى
العقد الفضولى كالبيع والإجارة والنكاح وما شاكل ذلك وشرطية القدرة كذلك فى الواجبات
التدريجية كالصلاة والصوم ونحوهما لا تحتاجان الى دليل خاص بل كانتا على طبق
القاعدة اما الاولى فلاجل ان العقد قبل تحقق الإجازة لم يكن منتسبا الى المالك حتى
يكون مشمولا لعمومات الصحة واطلاقاتها ـ فاذا تعلقت الإجازة به انتسب الى المالك
من حين وقوعه وحكم بصحته من هذا الحين والسبب فى ذلك هو ان الإجازة من الامور
التعليقية فكما يمكن تعلقها بامر مقارن لها او متاخر عنها فكذلك يمكن تعلقها بامر
متقدم عليها هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ان المالك بما انه اجاز العقد السابق
الصادر من الفضولى فبطبيعة الحال قد امضى الشارع ذلك العقد بمقتضى تلك العمومات
والاطلاقات ومن ناحيه ثالثه ان ظرف الإجازة وان كان متاخرا إلّا ان متعلقها وهو
العقد امر سابق فالنتيجة على ضوء هذه النواحى هى صحة العقد من حينه وحصول الملكية
من هذا الحين وهذا معنى كون الإجازة بوجودها
تحقيق (١) وهو انه
بعد ما عرفت اختلاف انحاء الدخل فى المقدمات (٢) لك ان تقول باختلاف مناط ترشح
الطلب الغيرى (٣) ولازمه اعتبار نحو اختلاف وميز فى الوجوبات الغيرية بملاحظة
اختلاف مناطها وح يلحظ كل واحد من هذه المناطات من حيث قيامها بواحد او بمتعدد
وبتبعه يعتبر فى وجوبه ايضا كذلك (٤)
______________________________________________________
المتاخر شرطا
للملكية السابقة ـ كونها شرطا متاخرا كان على طبق القاعدة وموافقا للارتكاز فلا
تحتاج الى دليل ومن هنا قد التزمنا فى مسالة الفضولى بالكشف الحقيقى بهذا المعنى
وقلنا هناك ان هذا لا يحتاج الى دليل خاص ـ واما الثانية وهى شرطية القدرة بوجودها
المتاخر فى الواجبات التدريجية فلان فعلية وجوب كل جزء سابق منها مشروطة ببقاء
شرائط التكليف من الحياة والقدرة وما شاكلهما الى زمان الاتيان بالجزء اللاحق ـ لفرض
ان وجوبها ارتباطى فلا يعقل وجوب جزء بدون وجوب جزء آخر فلو جن فى الاثناء ـ اى
الصلاة ـ او عجز عن اتمامها ـ اى الصلاة ـ كشف ذلك عن عدم وجوبها من الاول ـ فالالتزام
بالشرط المتاخر فى امثال الموارد مما لا مناص عنه ولا يحتاج الى دليل خاص فيكفى
فيه نفس ما دل على اشتراط هذه الواجبات بتلك الشرائط الخ ونعم ما افادوا واما ما
ذكره من انه خلاف ظاهر الأدلّة فتابع للاستظهار من الادلة.
(١) بقى شيء يرجع
الى هذا التقسيم للمقدمة من المقتضى والشرط والمانع والمتاخر والمتقدم والمقارن.
(٢) وقد عرفت
اختلاف المقدمات فى كيفية دخلها فى المطلوب من حيث كونها مؤثرات ومعطيات الوجود
تارة كما فى المقتضى ومعطيات القابلية اخرى باعتبار محدديتها للماهية المنوط بها
القابلية المزبورة كما فى الشرائط والموانع طرا.
(٣) اى لا محاله
اختلافها فى مناط ترشح الوجوب الغيرى اليها ايضا.
(٤) فاذا كان
للمطلوب ح مقدمات عديدة راجعة بعضها الى مقام الدخل فى التأثر وبعضها الى مقام
الدخل فى حدود الماهية والمطلوب على اختلاف انحاء الحدود والاضافات التى بها يكون
المطلوب قابلا للتحقق فلا جرم يلزمها ح اختلافها بحسب مناط الوجوب الغيرى الملازم
لاختلافها بحسب الوجوب الغيرى المترشح اليها
وح يرفع (١) بهذا
البيان اشكال مشهور آخر (٢) فى جعلهم فى باب المقدمة بعضها
______________________________________________________
ايضا فيكون من
تعلق الوجوب النفسى بالمطلوب ترشح وجوبات غيريّة متعددة بالنسبة الى كل مقدمة وجوب
مستقل بلحاظ ما فيها من المناط فى قبال المقدمة الاخرى.
(١) وتوضيح الجواب
عن الاشكال الآتي ان وجوب كل واحد من هذه المقدمات بوجوب غيرى مستقل انما هو
باعتبار ما يخصه من الملاك الخاص المغاير مع الملاك الخاص فى المقدمة الاخرى لانه
باختلاف تلك المناطات يختلف تلك الوجوبات الترشحية ايضا فيتعلق بكل مقدمة وجوب
مغاير مع الوجوب المتعلق بالمقدمة الاخرى ـ وقد تقدم ان كل غسل فى رفع الخبث يرتفع
مرتبه من النجاسة ـ واما عدم وجوب اجزاء المقدمة الا بوجوب ضمنى غيرى فانما هو
باعتبار قيام مناط خاص وحدانى بالمجموع وعدم تصور نحو دخل على حدة للاجزاء يوجب
ترشح الوجوب الغيرى المستقل اليها ـ فان الغسلتان والمسحتان فى الوضوء بمجموعهما
يوجب الطهارة دون ان يثبت كل جزء مرتبة من الطهارة والشاهد على ذلك لو غسل الثوب
المتنجس بالبول مرة واحدة فقد حصل مرتبه من الطهارة والمرة الثانية ولو كان بعد
مدة يرتفع معه النجاسة وهذا بخلاف الوضوء لو غسل يده اول الظهر ثم مضى عليه ساعة
وجف لا بد له من الاعادة للوضوء لو اراد دون الغسل فان لكل جزء منه وجوب غيرى
مستقل وكذا غسل الميت الثلاث.
(٢) تقريب الاشكال
ان مناط ترشح الوجوب الغيرى على المقدمة ان كان هو ترتب الوجود عليه مستقلا يلزمه
فى فرض تعدد المقدمة عدم وجوب شيء منها باعتبار عدم كون هذه المقدمات شيء منها مما
يترتب عليه الوجود ، وان كان مناط الوجوب الغيرى هو ترتب الوجود ولو على مجموع
المقدمات فى صورة تعددها فحينئذ يلزمه تعلق وجوب واحد بمجموع المقدمات ولازمه هو
اتصاف كل واحد منها بوجوب ضمنى غيرى لا بوجوب غيرى مستقل وهو مما لا يمكن الالتزام
به لان كل من قال بوجوب المقدمة قال بوجوب كل مقدمة فى صورة تعددها مستقلا لا ضمنا
، وان كان مناط الوجوب الغيرى من جهة لزوم الانتفاء عند الانتفاء فعليه وان كان
يصحح هذا اللازم ولكنه يترتب عليه محذور آخر وهو لزوم وجوب كل واحد من اجزاء
المقدمة بوجوب غيرى مستقل لان الاجزاء كل واحد منها مما فيه المناط المزبور وهو
الانتفاء عند الانتفاء مع ان ذلك ايضا كما ترى فانه مضافا الى عدم التزامهم به
لعله يكون من
واجبا واحدا مركبا
(١) وبعضها غير مركب (٢) كما ترى فى غسل الاحداث والاخباث بناء على اعتبار التعدد (٣)
، وملخص الاشكال (٤) هو ان مناط المقدمية ان كان بترتب وجود المعلول عليه مستقلا
فهذا المعنى غير صادق على الغسلين (٥) وان كان المناط بترتب العدم على العدم (٦)
فهذا المعنى (٧) صادق على واحد من اجزاء الوضوء ايضا فما وجه التفكيك بين هذه
الاجزاء (٨) مع غسل الاخباث (٩) ، وحل ذلك ليس إلّا بما ذكرنا من البيان ، وربما
اجابوا (١٠) عن هذه الشبهات بان اختلاف نحوى الوجوب بكيفية النظر الى الجميع منضما
او
______________________________________________________
المستحيل باعتبار
استلزامه ح لاجتماع المثلين احدهما الوجوب الضمنى الغيرى باعتبار تعلق الوجوب
الغيرى بالمجموع والآخر الوجوب الغيرى المستقل باعتبار ما فى كل واحد منها من
الملاك المزبور.
(١) اى وجوب واحد
غيرى تعلق بالمجموع وكل جزء من المركب له وجوب ضمنى غيرى كغسل الاعضاء فى الوضوء
والغسل.
(٢) اى وجوب غيرى
تعلق على كل جزء من المقدمة مستقلا وهو تعدد الغسل فى رفع الخبث فكل واحد يرتفع
الخبث فى الجملة.
(٣) والثمرة
المترتبة عليها كغسل الوجه واليدين فى الوضوء فانه واحد مركب وكذا غسل الراس
واليمين والشمال واما غسل الخبث متعدد مستقلا.
(٤) تقدم مفصلا
بيانه.
(٥) لعدم ترتب
الوجود على شىء منهما مستقلا.
(٦) اى الانتقاء
عند الانتقاء كما عرفت.
(٧) اى الانتفاء
عند الانتفاء يترتب على كل واحد من اجزاء المقدمة وترك احد الغسلين.
(٨) فى الوضوء
والغسل.
(٩) وغسل الخبث
مما اعتبر فيه التعدد.
(١٠) نقل المحقق
الماتن فى النهاية ج ١ ص ٢٩٢ عن تقريرات شيخنا الاعظم الانصارى من دعوى المغايرة
باعتبار لحاظ الاجزاء منضما تارة ومستقلا اخرى.
منفردا ، ولقد
عرفت (١) ان النظر باختلافه لا يصلح لتغيير الواجب عما هو عليه
______________________________________________________
(١) ووجهه (اى لا
يكاد يجدى) يظهر مما قدمناه سابقا فى بيان امتناع اتصاف الاجزاء فى الواجبات
النفسية بالوجوب الغيرى ولو مع تسليم ملاك المقدمية فيها الخ فانه لا يصلح تغييرا
فى الواجب كما هو واضح.
النوع الخامس قال
فى الكفاية ج ١ ص ١٣٤ منها تقسيمها الى مقدمة الوجود ـ اى ما يتوقف عليه وجود الشى
كالماء فى الوضوء والغسل ورفع الخبث ـ ومقدمة الصحة ـ اى ما يتوقف عليه صحة الشىء
بنحو يستحيل اتصاف الذات بها بدونها كقصد القربة فى العبادات ـ ومقدمة الوجوب ـ اى
يتوقف اصل التكليف والوجوب عليه كالشرائط العامه كالبلوغ والعقل والقدرة
والاستطاعة لوجوب الحج ـ ومقدمة العلم ـ اى ما يتوقف عليه العلم بالشىء كالصلاة
الى اربع جهات عند اشتباه القبلة ـ لا يخفى رجوع مقدمة الصحة الى مقدمة الوجود ولو
على القول بكون الاسامى موضوعة للاعم ضرورة ان الكلام فى مقدمة الواجب لا فى مقدمة
المسمى باحدها كما لا يخفى الخ ـ وتوضيحه ان مرجع صحة الشى الى وجوده لان فقد
الشرط او وجود المانع مانع عن وجود تلك الخصوصية الماخوذة فيه التى عبرنا عنها
بالتقيد بوجود ذلك الشىء او بعدمه فما يوجب فقد الصحة يوجب فقد الوجود ايضا ومحال
ان يوجد شيء بجميع خصوصياته الماخوذة فيه ولا يكون صحيحا قال فى الكفاية ج ١ ص ١٣٤
وكذلك المقدمة العلميه ـ اى خارج عن محل النزاع لانه ليس لنا مورد يكون تحصيل
العلم واجبا شرعا حتى ينازع فى وجوب مقدماته ـ وان استقل العقل بوجوبها إلّا انه
من باب وجوب الاطاعة ارشادا ليؤمن من العقوبة على مخالفة الواجب المنجر لا مولويا
من باب الملازمة وترشح الوجوب عليها من قبل وجوب ذى المقدمة الخ قال المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٧١ وهو كذلك فى غير المعارف الاعتقادية المطلوب فيها
المعرفة نفسيا كالعلم بوجود الصانع وصفاته الثبوتية والسلبية ومعرفة النبى ص
والأئمّة «ع» وعقد القلب والانقياد لهم واما فى الاحكام الشرعية فالامر كما ذكر من
خروج مقدمات العلم عن حريم النزاع بناء على التحقيق من عدم وجوب قصد الوجه
والتمييز شرعا فى الواجبات اذ ح لا يكون لنا مورد فى الاحكام الشرعية كان العلم
واجبا شرعا حتى ينازع فى وجوب مقدماته وذلك اما فى مقام فراغ الذمة عند العلم
الاجمالى بالتكليف فواضح لان وجوبه ح لا يكون إلّا عقليا محضا ارشادا منه الى عدم
.................................................................................................
______________________________________________________
الوقوع فى محذور
مخالفة التكليف الثابت المنجر بمقتضى العلم الاجمالى واما وجوب المحض فى الشبهات
البدوية الحكمية فكذلك ايضا فان وجوبه ايضا لا يكون إلّا عقليا محضا اما من جهة
عدم تحقق موضوع حكمه بالقبح لاختصاصه بالشك المستقر غير الزائل بالفحص عن وجود
التكليف او من جهة منجزية احتمال التكليف للواقع على تقدير وجوده وعدم معذورية
المكلف لو لا الفحص فى رجوعه الى الاصول النافية بل ح لو ورد من الشارع حكم فيه
بالوجوب لا يكون حكمه إلّا ارشادا محضا كما هو واضح ، ومن ذلك ايضا يظهر الحال
فيما ورد من الامر بوجوب التعلم كقوله هلا تعلّمت فانه ايضا لا يكون إلّا ارشاديا
محضا الى ما يحكم به العقل من وجوب التعرض للاحكام الصادرة من الشارع والفحص عنها
بالمقدار اللازم وعدم جواز الرجوع الى البراءة وإلّا يتوجه الجواب عنه ايضا بانه
ما علمت بوجوب تحصيل العلم بالاحكام الشرعية كما اجيب عن عدم العمل بالاحكام
الشرعية فان انقطاع الجواب ح كاشف عن ان وجوب تحصيل العلم من الارتكازات العقلية
وعليه فلا يكون الامر به إلّا ارشاديا محضا لا شرعيا مولويا ـ وهكذا الكلام فى بعض
الشبهات الموضوعية الواجب فيها الفحص كما فى باب الزكاة ومسالة الاختبار عند
اشتباه الدم وتردده بين العذرة والحيض فان الفحص فى الثانى انما هو من جهة العلم
الاجمالى ح باحدى الوظيفتين اما وجوب الصلاة والصوم عليها او حرمتهما وحرمة الدخول
فى المسجد اذ ح يكون وجوب الفحص ايضا واجبا ارشاديا لا مولويا ، واما الفحص فى
الاول فهو وان كان على خلاف القواعد الجارية فى كلية الشبهات الموضوعية ولكن نقول
بان الامر بالتسبيك ح انما هو من جهة رفع احتمال التكليف نظرا الى منجزية الاحتمال
المزبور ح للواقع وعدم معذورية المكلف ح لولاه فى الرجوع الى الاصول النافية ـ وعليه
ايضا لا يكون وجوب الفحص إلّا ارشاديا محضا وهكذا الكلام فى الاوامر الواردة فى
الفحص عن الماء غلوة او غلوتين فى جواز التيمم فان ذلك ايضا لا يكون إلّا ارشاديا
محضا الى حكم العقل باعتبار حكمه بمقتضى قاعدة الاشتغال بلزوم الفحص لرفع احتمال
وجود الماء فى الانتقال الى التيمم وح فبعد ما لا يكون فى الشرعيات مورد يكون
العلم واجبا شرعيا بالوجوب المولوى فلا جرم لا يبقى مجال للنزاع فى مقدمة العلم
والبحث عن وجوبها شرعا نعم لو بيننا على وجوب نية الوجه والتميز فى
من الوجوب فراجع
الى بحث اجزاء المركب فتدبر. ومنها تقسيمها الى مقدمة وجوب (١) ومقدمة واجب وحيث (٢)
ان الوجوب فى الاوّل (٣) منوط بوجودها (٤) يستحيل تاثيره (٥) فى ايجادها (٦)
______________________________________________________
الواجبات فباعتبار
توقف الوجه والتميز على العلم بوجه المامور به ربما يدخل مقدماته ح فى حريم النزاع
ولكن بعد ان كان التحقيق هو عدم وجوبها شرعا فلا محاله يخرج مقدمات العلم بقول
مطلق عن حريم النزاع كما لا يخفى الخ لكن فيه ان المعارف الإلهية أولى من الاحكام
الشرعية فى وجوب العلم والمعرفة لا شرعيا وإلّا كان دوريا ومحالا نعم فى الامامة
قيل انه شرعى لكن هو ايضا عقليا ولا بد للحجية البالغة «ع» من المعجزة الباهرة
لاثبات امامته كما كان لهم صلوات الله عليهم فلا يوجد مورد للمقدمة العلميه شرعا
لثبوت الملازمة ، واما فى خصوصية المعاد من كيفية الصراط ونحوه فيكتفى الاعتقاد
الاجمالى بما هو ثابت فى الواقع فلا ندرى لما ذا قال فى غير المعارف.
(١) النوع السادس
قال صاحب الكفاية
ج ١ ص ١٤٤ ولا اشكال فى خروج مقدمة الوجوب عن محل النزاع وبداهة عدم اتصافها
بالوجوب من قبل الوجوب المشروط بها الخ فانه على المشهور يحدث الوجوب بعد وجودها
فلا يمكن ان يترشح منه وجوب لها لانه تحصيل للحاصل ، وقال المحقق العراقى فى
البدائع ص ٣٣٤ اما مقدمة الوجوب فلا اشكال فى خروجها عن حريم النزاع وعدم وجوبها
غيريا وذلك وان كان ضروريا إلّا انه يمكن ان يوجه ذلك بوجوه الأول.
(٢) انه يلزم
الخلف من ترشح الوجوب الغيرى على مقدمة الوجوب من الوجوب المتوقف عليها وذلك ان
مقدمة الوجوب متقدمة عليه بالطبع والوجوب الغيرى بما انه مترشح من الوجوب النفسى
يكون متاخرا عنه فيكون متاخرا عن مقدمة الوجوب بمرتبتين وبما ان وجوب الشى يقع فى
سلسلة وجوده لزم ان يتقدم الوجوب الغيرى على الوجوب النفسى بمرتبتين وقد فرض
متاخرا عنه وهذا خلف.
(٣) اى فى مقدمة
الوجوب.
(٤) اى وجود
المقدمة.
(٥) اى الوجوب.
(٦) اى ايجاد
المقدمة.
اذ نتيجة التاثير (١)
كون الوجود (٢) للتأثّر مرئيّا فى الرتبة المتاخرة عنه (٣) وهذا المعنى (٤) لا
يناسب مقدميّته (٥) للوجوب المرئى فى الرتبة السابقة على الوجوب (٦) كما لا يخفى
ولذا اشتهر بان الوجوب المشروط لا يقتضى حفظ
______________________________________________________
(١) اى تاثير
الوجوب.
(٢) اى وجود
المتأثر.
(٣) اى عن المؤثر.
(٤) اى تاخر
المتأثر عن المؤثر.
(٥) اى المتأثر.
(٦) اى لكونه
مقدمة للوجوب (الثانى) لا اشكال فى ان الوجوب النفسى لا يتحقق فى الخارج الا عند
تحقق مقدمته فى الخارج فلو فرضنا انه يترشح الوجوب الغيرى عليها من الوجوب النفسى
لزم تحصيل الحاصل لفرض تحققها فى الخارج حين تعلق الوجوب الغيرى بها ـ اى هذا ما
افاده فى الكفاية كما مر ـ (الثالث) انه يلزم التهافت فى لحاظ الآمر حين ما ينشئ
الوجوب النفسى معلقا اياه على وجود شىء فى الخارج وباعتبار هذا الوجوب النفسى ينشئ
وجوبا غيريا متعلقا بذلك الشىء الذى علق عليه الوجوب النفسى بيان ذلك ان الطالب
لشىء حين ما يرى ان المصلحة التى تدعوه الى الامر بذلك الشى لا تتحقق فيه إلّا اذا
وجد الشىء الفلانى يرى ان امره متاخر عن وجود ذلك الشىء فاذا راى ان وجود الشىء
الموقوف عليه معلول للامر لان الامر بالشىء ولو غيريا واقع فى سلسلة علل وجوده وجد
لحاظه لذلك الشىء متهافتا بملاحظته متقدما تارة ومتاخرا اخرى (الرابع) لا يخفى ان
القيود على نحوين احدهما ما يتوقف اتصاف الفعل بكونه ذا مصلحة على حصوله فى الخارج
كالزوال والاستطاعة بالنسبة الى الصلاة والحج فان الصلاة لا تكون ذات مصلحة الا
بعد تحقق الزوال وكذلك الحج بالإضافة الى الاستطاعة واما قبل تحقق هذين القيدين
فلا يرى المولى مصلحة فى الصلاة والحج ولهذا يامر بهما معلقا امره على تحقق هذين
القيدين فى الخارج (وثانيهما) القيود التى تتوقف فعلية المصلحة وحصولهما فى الخارج
على تحققها فلا تكاد تحصل تلك المصلحة فى الخارج إلّا اذا اقترن الفعل بتلك القيود
والشروط كالطهارة والستر والاستقبال ونحوها بالاضافة الى الصلاة وبلحاظ هذا
.................................................................................................
______________________________________________________
الفرق بين النحوين
من القيود صح ان يقال للنحو الاول شروط الامر والوجوب وللنحو الثانى شروط المامور
به والواجب ويمكن تقريب كلا النحوين من القيود الشرعية ببعض الامور الطبيعية
العرفية مثلا شرب المسهل قبل ان يعترى الانسان مرض يستدعيه لا مصلحة فيه تدعوا
الانسان اليه او الطبيب الى الامر به مطلقا نعم يمكن ان يامر به معلقا على
الابتلاء بالمرض فيقول للانسان اذا مرضت بالحمى مثلا فاشرب المسهل فالمرض يكون
شرطا لتحقق المصلحة فى شرب المسهل واما المنضج فهو شرط فعلية اثر المسهل ومصلحته
ولهذا يترشح عليه امر غيرى من الامر النفسى المتعلق بالمسهل فيقول الطبيب للمريض
اشرب المنضج اولا ثم اشرب المسهل اى وح فكل واحد من المرض وشرب الدواء والمسهل وان
كان دخيلا فى مصلحة الاسهال إلّا ان دخل كل على نحو يغاير دخل الآخر من حيث كون
دخل احدهما فى اصل الاحتياج واتصاف الاثر بكونه صلاحا ومصلحة مع قطع النظر عن
تحققه فى الخارج وكون دخل الآخر فى وجود ما هو المتصف بالمصلحة والصلاح وتحققه
فارغا عن اصل اتصافه بالوصف العنوانى المزبور ومن ذلك البيان ظهر اختلاف مثل هذين
القيدين بحسب المرتبة ايضا باعتبار دخل الاول فى اتصاف الذات الوصف العنوانى
والثانى فى تحقق ما هو المتصف خارجا ـ اى فارغا عن اصل الاتصاف ـ فان فى مثل ذلك
لا محاله ما هو من قبيل الاول يكون فى رتبة سابقه على ما كان من قبيل الثانى من
جهة انه بدونه لا يكاد يتحقق موضوع المتصف كى ينتهى الى مقام دخل قيود وجود المتصف
ولذلك ايضا بدون قيود الاتصاف لا يكاد يصدق الانتفاء إلّا بنحو السلب بانتفاء
الموضوع بخلافه فى فرض تحقق قيود الاتصاف اذ ح يكون انتفاء المصلحة بانتفاء قيود
المحتاج اليه من قبيل السلب بانتفاء المحمول نظرا الى تحقق الاتصاف بالوصف
العنوانى بمجرد تحقق قيود الاتصاف كما هو واضح ـ اذا عرفت هذه المقدمة اتضح لك وجه
استحالة ترشح الامر الغيرى من الوجوب النفسى على مقدمته وشرطه وذلك لان متعلق
الوجوب النفسى قبل تحقق شرطه فى الخارج لا مصلحة فيه تستدعى وجوبه والامر به واذا
كان نفس الوجوب النفسى لا ملاك له قبل تحقق شرطه يستحيل ان يتحقق الوجوب الغيرى
المترشح منه فى مقدمته لاستحال تحقق المعلول قبل تحقق علته ، فان قيل هذا التقريب
يستلزم عدم فعلية الوجوب النفسى قبل تحقق شرطه وهو خلاف
شرطه (١) وح فما
هو داخل فى حريم النزاع هو القسم الثانى من مقدمة الواجب (٢) من دون فرق فى ذلك
ايضا بين انحاء المقدمة من المقتضى ام غيره
______________________________________________________
مختاركم قلنا لا
اشكال فى امكان اشتياق النفس الى شىء وحبها اياه على تقدير دون تقدير وكذلك
ارادتها فقد تريد امرا على تقدير حصول امر بحيث يكون تحققها منوطا بنفس الفرض
والتقدير فتكون فعليته فى فرض حصول ذلك الامر وان لم يتحقق بعد فى الخارج فاذا صح
هذا تكوينا صح تشريعا ايضا واما شرط ارادة ذلك الشىء فلا يعقل ان يريده تبعا
لارادة الشى المعلق ارادته عليه لما تقدم فى توجيه الاستحالة فلا ملازمة بين عدم
تحقق ما يكون دخيلا فى الاتصاف بالمصلحة وعدم تحقق الارادة ومما يؤيد عدم وجوب
مقدمة الوجوب انها ربما تكون محرمة بالفعل كشرط وجوب الكفارة ووجوب فعل المهم على
تقدير عصيان الاهم بناء على صحة الترتب وقد تكون مكروهة كالنذر المعلق عليه وجوب
الوفاء به ونظائر ذلك كثيرة الخ كالمرض وتوضيح ان الوجوب المشروط لا يقتضى حفظ
شرطه وتحصيله.
(١) قال المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٩٣ يلزمه عدم وجوب تحصيلها ايضا نظرا الى خروجها ح عن
حيّز الطلب والإرادة بل وعن مباديها من الاشتياق والمحبوبية ايضا وصيرورة الارادة
عباديها منوطة بفرض تحققها من باب الاتفاق نظرا الى ما يقتضيه ح جبلّة النفس
وفطرته من عدم كون الانسان بصدد تحصيل الاحتياج الى الشى وجعل نفسه محتاجا اليه بل
وعدم اشتياقه اليه ايضا الا لاجل رفع احتياج اعظم وصيرورته من مقدمات وجود محتاج
اليه آخر الخ.
(٢) اما مقدمة
الواجب النفسى فهى مستعدة لترشح الوجوب الغيرى عليها من وجوب الواجب النفسى
المتوقف عليها لتحقق ملاك الوجوب الغيرى فيها وهذا فى قيود المحتاج اليه فارغا عن
اصل تحقق الاحتياج واتصاف الذات بكونها صلاحا ومصلحة فان الانسان بمقتضى جبلته كان
بصدد تحصيلها إلّا اذا كان القيد من القيود غير الاختيارية او من القيود التى
اعتبر فى مقدميتها وجودها من باب الاتفاق فان مثل تلك القيود ح وان كانت خارجة عن
حيّز الارادة إلّا انها غير خارجة بالنسبة الى مبادى الارادة من الاشتياق والميل
والمحبة كما هو واضح والحاصل قد يمتنع ترشح الوجوب الغيرى عليها لكونها غير مقدوره
وان كان الاتيان بالواجب النفسى متقيدا بها مقدورا كالاستقبال فى الصلاة واداء
مناسك الحج فى اوقاتها المخصوصة بها وقد
نعم لو كان
المقتضى من سنخ الارادة (١) ربما يكون خارجا عن دائرة الوجوب الشرعى وان كان تحت
الزام العقل بايجاده وعمدة النكتة فى ذلك هو ان ارادة المكلف يرى من شئون الخطاب (٢)
نفسيا ام غيريا (٣) نظير دعوته (٤) فلا يعقل ان يقع موضوع نفسه (٥)
______________________________________________________
تعتبر مقدمه حيث
تتحقق اتفاقا بلا قصد من احد الى ايجادها او لاعتبارها مقدمه حيث يتحقق من غير
المكلف بارادة وقصد او لاعتبارها مقدمة حيث تتحقق من نفس المكلف بقصد اياها لكن لا
بقصد التوصل بها الى الواجب المتوقف عليها المتقيد بها ففيها لا إرادة لكن مباديها
الشوق موجودة بخلاف مقدمه الوجوب لا إرادة ولا مباديها بل يبغضه كما مر.
(١) قال المحقق
الماتن فى البدائع ص ٣٣٧ ومن انحاء مقدمة الواجب التى يمتنع ترشح الواجب عليها
ارادة المكلف للفعل الواجب فانها ايضا مما يمتنع تعلق الوجوب الغيرى بها وذلك لان
التقريب الذى قدمناه فى بيان امتناع تعلق الامر بفعل شىء بدعوة نفسه ياتى فى
المقام فان ملاك ذلك التقريب هو التهافت فى اللحاظ وهو يتحقق على القول بتعلق
الوجوب الغيرى بالارادة.
(٢) لأن من يامر
بشىء يرى ان ارادة ذلك الشى عند امتثال امره ناشئة من ذلك الامر ومتاخرة عنه تحققا
اى خطاب ذلك الامر ومبرزه والارادة فى الرتبة المتأخرة عنه.
(٣) اى ارادة
نفسيه او ارادة غيرية متاخره عن الخطاب للنفسى والغيري وناشئه منه.
(٤) اى دعوة
الامر.
(٥) فاذا اخذها فى
متعلق ذلك الامر وجدها متقدمة عليه لانها تكون ح بمنزلة الموضوع وعليه يلزم
التهافت فى نظره (فان قلت) قد تقدم فى مبحث التعبدى والتوصلى انه اذا امتنع تعلق
الامر الواحد بفعل شىء بدعوة ذلك الامر نفسه فلا يمتنع تعلق امرين به كذلك احدهما
يتعلق بفعل الشى نفسه وثانيهما يتعلق بفعله بداعى الامر الاول وبهذا يرتفع محذور
التهافت المزبور فليكن ما نحن فيه كذلك لان الامر النفسى تعلق بفعل الشى نفسه
والامر الغيرى تعلق بارادته فيرتفع التهافت (قلت) لا ريب فى ان الامر الغيرى مترشح
من الامر النفسى فكلما يكون فى الامر النفسى من قصور او
كما اوضحناه فى
بحث الدواعى القربيّة وبعبارة اخرى (١) ان شأن الخطابات نفسيّة (٢) او غيريّة (٣)
احداث الدواعى والارادة (٤) نحو متعلقاتها فلا جرم يكون مثل هذه الشئون (٥) من
معاليلها وتبعاتها وخارجة عن موضوعاتها (٦) فلا مجال فى مثلها الا ابقائها (٧) تحت
الزام العقل باحداثها مقدمة لاطاعة الخطابات من دون (٨) ان يكون موضوعا لها وحيث
ظهر مثل هذه الجهة فنقول انه لاشكال (٩) فى بقية مقدمات الواجب المطلق اذ جميعها
قابلة لتوجه الخطاب اليها ولو غيريا ولذا كانت داخلة تحت حريم النزاع فى وجوبها
غيريا نعم على القول (١٠) بعدم
______________________________________________________
محذور لا محاله
يكون للامر الغيرى قسط منه الخ.
(١) وحاصله ان
الخطابات علة لاحداث الارادة نحو متعلقاتها فيكون من شئون الخطاب ومعلولة للخطاب
فيلزم بحكم العقل باحداث الارادة مقدمة لاطاعة الخطابات.
(٢) اى الاوامر
النفسية على ذى المقدمة.
(٣) اى الاوامر
الغيرية المتعلقة على المقدمة.
(٤) اى للمكلف.
(٥) اى الارادة فى
الرتبة المتأخرة عن الخطاب والامر.
(٦) اى من دون ان
تؤخذ الارادة فى موضوع الامر والخطاب وإلّا فانه يلزم تقدمه على الامر والخطاب
فهذا خلف ومحال.
(٧) اى تكون هذا
فى مرحلة الامتثال والطاعة والارادة مقدمة لها فالحاكم فيها هو العقل لا غير.
(٨) اى لا تكون فى
مرحلة العلل والموضوعات حتى يكون الحاكم هو الشرع بمولويته.
(٩) لكن سائر
مقدمات الواجب المطلق يتعلق بها الوجوب الغيرى وداخلة فى محل النزاع ايضا.
(١٠) هذا لو قلنا
بوجوب المقدمة غيريا اما لو لم نقل بوجوبها غيريا فلا يتوجه اليها الوجوب النفسى
لان الوجوب النفسى انما يتعلق باجزاء المركب دون ما هو خارج
وجوبها الغيرى لا
مجال لتوهم توجّه الخطاب النفسى نحوها (١) ايضا اذ الخطابات طرا لا يتوّجه الّا
الى موضوعاتها (٢) ومن المعلوم ان مقدمات الموضوعات طرا خارجة عنها (٣) وإلّا
فيصير جزءا لها (٤) وهو خلاف مقدّميتها (٥) الناشئة عن ترتّب احد الوجودين على الآخر
(٦) ولقد اوضحنا شطرا منها فى باب اجزاء المركب عند دفع توهم وجوبها بمناط
المقدّمية فراجع (٧). ثم (٨) انه بعد وضوح هذه الجهات (٩) ينبغى طىّ الكلام فى شرح
______________________________________________________
عن المركب ومما
يتوقف عليه الواجب والمركب وإلّا يلزم ان يصير جزء او هو خلف كما هو واضح.
(١) اى نحو المقدمة
فتكون الارادة واجبا نفسيا ضمنيا.
(٢) اى الخطاب
النفسى يتعلق بالموضوع والمتعلق كالصلاة والعقود والايقاعات ونحوها.
(٣) اى ارادة
الفعل مقدمة للفعل خارجة عن الموضوع المزبور.
(٤) اى لو تعلق
بها الامر النفسى ينقلب جزءا.
(٥) اى خلاف ما
فرضته قيدا ومقدمة.
(٦) اى انه مما
يتوقف عليها ويترتب عليها.
(٧) المقدمات
الداخلية تقدمت مفصلا.
(٨) ثم ان محقق
الماتن قام فى بيان اقسام الواجب.
(٩) قال المحقق
العراقى فى البدائع ص ٣٣٨ ثم انه بعد ما اتضح امتناع تعلق الوجوب الغيرى بشروط
الوجوب النفسى ينبغى ان نبين كيفية تعلق الارادة بالواجب على تقدير اعنى به الواجب
المشروط فنقول هل الارادة تتعلق بالمراد على تقدير خاص عند حصول ذلك التقدير
وتحققه فى الخارج بنحو لا يكون ذلك الفعل مرادا قبل تحقق ذلك التقدير ـ اى فى
الخارج ـ او ان الارادة تتعلق به فعلا ولكن على تقدير حصول امر خاص ـ اى بوجودها
لحاظا بنحو الطريقية الى الخارج وان لم تكن متحققة فى الخارج فى الواقع ـ والفرق
بين هذا النحو من الواجب المشروط والمعلق هو ان الوجوب المطلق يتعلق بامر خاص فى
الواجب المعلق والوجوب الخاص اعنى به
الوجوب المطلق
والمشروط (١) وتوضيح المقال فى هذا المجال يقتضى طى
______________________________________________________
الوجوب على تقدير
يتعلق بامر مطلق وهذا هو المختار عندنا فى الواجب المشروط وان كان المشهور هو
الاول وتحقيق المقام يتوقف على تنقيح الكلام فى مرحلة الثبوت ثم فى مرحلة الاثبات
اما فى مرحلة الثبوت فيحتاج الى تمهيد مقدمات الخ كما سيأتى.
(١) هذا هو التقسيم
الاول للواجب وهو محل الكلام من ان الواجب اما مطلق او مشروط قال صاحب الكفاية ج ١
ص ١٥١ والظاهر انه ليس لهم اصطلاح جديد فى لفظ المطلق والمشروط بل يطلق كل منهما
بماله من معناه العرفى ـ اى اللغوى فالمطلق عبارة عن المرسل وعدم التقييد بشيء
ومنه طلاق المرأة بمعنى ارسالها عن قيد الزوجية والمشروط عبارة عن المقيد بقيد
والمشدود به ومنه وجوب الحج بالإضافة الى الاستطاعة فانه مقيد بها ومربوط كما ان
الظاهر ان وصفى الاطلاق والاشتراط وصفان اضافيان لا حقيقيان وإلّا لم يكد يوجد
واجب مطلق ضرورة اشتراط وجوب كل واجب ببعض الامور لا اقل من الشرائط العامه
كالبلوغ والعقل ـ اى ينحصر مصداقهما فى الاضافيين فى الشرع ولا مصداق لهما
الحقيقيين وهو ما لا يكون وجوبه مشروطا بشيء اصلا وهو المطلق وما يكون وجوبه
مشروطا بكل شىء وهو المشروط بل يكون كل واجب بالنسبة الى شيء مشروط به كالصلاة بالنسبة
الى الوقت مثلا فوجوبه مشروطا وبالنسبة الى شيء غير مشروط به وجوبه مطلقا كما
بالنسبة الى لون الساتر أبيض او اسود او غيرهما ـ فالحرى ان يقال ان الواجب مع كل
شيء يلاحظ معه ان كان وجوبه غير مشروط به فهو مطلق بالاضافة اليه ـ اى لا يتوقف
وجوبه على ما يتوقف عليه وجوده كالصلاة فانه واجبة مطلقة لان وجوبها لا يتوقف على
مقدماتها كالطهارة ونحوها التى يتوقف عليه وجودها ـ وإلّا فمشروطة كذلك ـ اى ما
يتوقف وجوبه على ما يتوقف عليه وجوده كالحج فانه واجب إلّا ان وجوبه مشروط ويتوقف
على المقدمات التى يتوقف عليها وجوده غالبا وكالاستطاعة ـ وان كان بالقياس الى شيء
آخر بالعكس ثم الظاهر ان الواجب المشروط كما اشرنا اليه نفس الوجوب فيه مشروط
بالشرط بحيث لا وجوب حقيقة ولا طلب واقعا قبل حصول الشرط كما هو ظاهر الخطاب
التعليقى الخ وتبع فى ذلك صاحب الفصول ص ٨٠ قال فالمطلق منه ما لا يتوقف وجوبه بعد
حصول شرائط التكليف من البلوغ والعقل والعلم والقدرة على شىء كالمعرفة ـ ويقابله
المشروط وهو ما يتوقف وجوبه على غيرها كالحج الخ وذكر
مقامات (١) كى به
يرتفع الظلام عن وجه الاوهام فنقول وعليه التكلان المقام الأول (٢) فى انه لا شبهة
فى تبعيّة الاحكام التكليفية بمباديها للمصلحة فى المتعلق (٣) اذ (٤) المصلحة من
الاغراض الداعية الى جعل الاحكام فيكون من مقتضياتها بحيث يكون الحكم بمباديها من
الارادة والاشتياق ناشئا منها (٥) و
______________________________________________________
استادنا الزنجاني
فى تقريراتنا ص ١٠٣ لنا شرائط الوجوب وشرائط الوجوب والفرق بينهما لو كان شرط
الوجوب لا يكون القيد فى حيز التكليف ولا تكليف قبل وجود الشرط ولا تكون مقدمته
واجبة لعدم وجوب ذى المقدمة بعد ذلك الاعلى نحو متمم الخطاب ان كانت ذا مصلحة واما
مقدمة الواجب وهو ما كان الوجوب فعليا مرسلا والواجب معلقا ومقيدا بوجود الشرط
فيكون فى حيز التكليف وح هل لنا مقدمة وجوبية ام لا فقد نسب الى شيخنا الاعظم
الانصارى محكيا عنه فى تقريرات برجوع المقدمات الوجوبية الى مقدمات الواجب الخ
وقال المحقق العراقى فى كلام له فى البدائع ص ٣٤٧ بجعل الشرط قيدا للواجب فيكون
المكلف به هو الفعل المقيد بوجود الشرط المعلق عليه التكليف فى ظاهر القضية
الشرطية كما هو راى العلامة الانصارى فيما نسب اليه الخ وسيخى التوضيح إن شاء الله
فى الفرق بين مسلكنا ومسلك الشيخ الاعظم الانصارى ايضا فانتظر.
(١) وتوضيح هذا
القسم من الواجب وهو المشروط يتوقف على بيان امور الامر الاول.
(٢) قال المحقق
العراقى فى البدائع ص ٣٣٩ الأولى قد اشرنا الى ان حقيقة الحكم هى الارادة
التشريعية التى يظهرها المريد باحد مظهراتها من القول او الفعل.
(٣) ولا يخفى ان
الحكم بهذا المعنى لا يعقل ان يتحقق فى الخارج بسبب مصلحة كامنة فيه بل لا بد ان
يكون الداعى الى ايجاده هى المصلحة التى يشتمل عليها متعلقه ـ اى هى الداعية الى
جعل الاحكام ومقتضياتها ـ.
(٤) اى ـ التعليل
لكون المصلحة فى المتعلق لا الحكم ـ.
(٥) وكذلك ايضا
مبادى الحكم المزبور من التصور والرغبة والعزم فانها لا يعقل ان تنشأ فى النفس
بسبب مصلحة نفسها بل لا بد ان يكون الداعى الى انشائها فى النفس حيث تكون اختيارية
شيئا آخر والشاهد على ذلك هو الوجدان والبرهان اعنى
توهّم (١) نشوها
عن المصلحة فى نفس الحكم بمباديه خلاف الوجدان (٢) اذا الوجدان شاهد عدم توجّه
الاشتياق الى شىء بلا لحاظ خصوصيّة فيه (٣) على وجه يرى فى رتبة سابقة عن اشتياقه
لا لاحقة عنه (٤) كما لا يخفى وتوضيحه بأزيد من ذلك موكول الى محل آخر. المقام
الثانى (٥) ان المصلحة (٦) القائمة بشيء تارة يقوم بوجود العمل على الاطلاق (٧)
______________________________________________________
لزوم الترجيح بلا
مرجح اذا تعلقت بشىء دون آخر مع انها قد نشأت عن مصلحة فى نفسها الخ وتوضيحه ان لم
تكن المتعلق فيه المصلحة والمصلحة فى الارادة والحكم فلما ذا تعلقت الإرادة بهذا
الفعل ولم يتعلق بفعل آخر بان تعلق بالصلاة لا الرقص مثلا فهذا ترجيح بلا مرجح
فيكشف ان فى هذا الفعل خصوصية ومصلحة لذا تتعلق به الارادة به ومباديها.
(١) بيان التوهم
أنه أيّ محذور يلزم ان كانت المصلحة فى نفس الحكم.
(٢) فاجاب عنه
بالوجدان على خلافه فان مبادى الارادة ناش عن المصلحة التى فى الرتبة السابقة لا
اللاحقة مضافا الى البرهان المتقدم.
(٣) وبعبارة اخرى
ان العقلاء يلاحظون ان المتعلق ذات حسن ومصلحة فى الرتبة السابقة فيحصل لهم العزم
والجزم والاشتياق والارادة عليه فى الرتبة اللاحقة بلا فرق بين الارادة التكوينية
والتشريعية وهو الحكم ويكون الحكم من المرتبة اللاحقة عن لحاظ المصلحة فى المتعلق
ومبادى الارادة وهذا امر وجدانى عقلائى.
(٤) اى لا تكون
الفعل غير واجد للحسن والمصلحة فيه وانما يتعلق الشوق بمثل هذا الفعل الذى لا
مصلحة فيه وسائر مبادى الارادة ايضا كذلك وانما الارادة والحكم فيها المصلحة فى
الرتبة المتأخرة هذا يأباه الوجدان كما لا يخفى ولا يقدم العقلاء على مثل ذلك
ابدا.
(٥) الامر للثاني تقدم
مفصلا بيان شرط الوجوب والواجب ونشير اليه هنا اجمالا.
(٦) فى بيان
اختلاف القيود فى كيفية دخلها فى المصلحة وعدم دخلها وهو على اقسام.
(٧) القسم الاول
ان تكون المصلحة قائمة بذات العمل فقط من دون قيد اصلا
واخرى (١) يقوم به
مقيدا بشىء آخر وفى الاخير تارة (٢) يكون القيد سببا لاتصاف الخصوصية القائمة
بالعمل بكونه مصلحة وآخرى (٣) يكون موجبا لوجودها فارغا عن الاتصاف بكونه مصلحة
وبعبارة اخرى تارة (٤) يكون القيد سببا للاحتياج الى الشى واخرى (٥) موجب لوجود
المحتاج اليه ولا نعنى (٦) من المصلحة الا ما يحتاج اليه الانسان ولئن شئت توضيح
الفرق بينهما (٧) فانظر الى المرض والمنضج بالنسبة الى شرب المسهل او دواء آخر (٨)
فان الاول (٩) سبب
______________________________________________________
وهو الواجب المطلق
من جميع الجهات والظاهر لا مصداق له فى الشرع وان كان بالنسبة الى الشرائط العامه.
(١) القسم الثانى
ما كان القيد دخيلا فى المصلحة.
(٢) وهو تارة يكون
القيد دخيلا فى اتصاف الذات بكونها صلاحا بحيث لولاه لما كاد اتصاف الذات بكونه
مصلحة وصلاحا.
(٣) واخرى وهو
القسم الثالث ان يكون القيد دخيلا فى تحقق ما هو المتصف بالمصلحة والصلاح فارغا عن
اصل اتصافه بالوصف العنوانى ـ اى فى مرحلة فعلية المصلحة والتطبيق ـ.
(٤) وبتعبير آخر
القسم الثانى ما يكون القيد راجعا الى مقام الدخل فى اصل الاحتياج الى الشى واتصاف
الذات بكونها محتاجا اليها.
(٥) وبتعبير آخر
فى القسم الثالث ان يكون القيد راجعا الى مقام الدخل فى وجود المحتاج اليه وتحققه
ـ اى بعد الفراغ عن اصل الاحتياج ـ.
(٦) والمراد من
الاحتياج اليه هو المصلحة.
(٧) ثم مثل لدخل
كلا النحوين من القيود الشرعية ببعض الامور الطبيعية العرفية وقد اشرنا اليها
سابقا.
(٨) فكل واحد من
المرض وشرب الدواء والمسهل وان كان دخيلا فى مصلحة الاسهال إلّا ان دخل كل على نحو
يغاير دخل الآخر.
(٩) وهو المرض حيث
ترى ان دخله فيه انما هو فى اصل اتصاف الاسهال بكونه صلاحا ومصلحة بملاحظة ان
اتصافه بكونه صلاحا ومحتاجا اليه انما هو فى
للاحتياج اليه
والآخر (١) سبب لوجوده فارقا (٢) عن الاحتياج اليه وح ظهر لك وضوح اختلاف انحاء
دخل القيود فى المصلحة من دون ان يكون دخلها فيها على منوال واحد كما هو ظاهر (٣).
______________________________________________________
ظرف تحقق المرض
وفوران الاخلاط وإلّا ففى ظرف صحة المزاج وتعادل الاخلاط لا يكاد يكون فيه المصلحة
بل ربما كان فيه كمال المفسدة من جهة اوله الى تلف النفس.
(١) وهو شرب
الدواء والمسهل فان دخله فى ظرف المرض لا يكون إلّا فى وجود ما هو المتصف بكونه
مصلحة ومحتاجا اليه فارغا عن اصل الاتصاف بالوصف العنوانى.
(٢) ولعل الصحيح ـ
فارغا ـ كما هو الموجود فى تقريراته.
(٣) والحاصل
اختلاف القيود فى الدخل فى المصلحة من كونها فى اصل الاحتياج مع قطع النظر عن
تحققه فى الخارج او دخله فى وجود ما هو المتصف بالمصلحة كما هو اوضح من ان يخفى ـ قال
المحقق العراقى قدسسره فى النهاية ج ١ ص ٢٩٤ ومن هذا البيان ظهر ايضا فساد توهم
رجوع جميع القيود الى المتعلق وارجاع جميع المشروطات الى المعلقات كما هن
التقريرات الخ قال صاحب التقريرات فى الهداية التى تبحث عن الموارد التى اتفق فيها
الحكم بوجوب المقدمة الخ قال ان الموجود فى نفس الامر والطالب شىء واحد لا اختلاف
فيه على الوجهين وانّما الاختلاف راجع فى الحقيقة الى التعبير ـ الى ان قال ـ وكيف
كان فلا فرق فيما ينقدح فى نفس الامر بين ان يكون الزمان بحسب القواعد اللغوية قيدا
للفعل كما اذا قيل افعل فى وقت كذا او للحكم كما اذا قيل اذا جاء وقت كذا افعل كذا
ـ الى ان قال ـ ولعل اتحاد المعنى على الوجهين ظاهر بناء على ما ذهب اليه
الإماميّة من تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد اذا الفعل يختلف مصالحه ومفاسده
باعتبار قيوده الطارئة عليه ـ الى ان قال ـ ولا يعقل ان يكون القيد الزمانى راجعا
الى نفس الطلب دون الفعل المطلوب فان تقييد الطلب حقيقة مما لا معنى له اذا لا
اطلاق فى الفرد الموجود منه المتعلق بالفعل حتى يصح القول بتقييده بالزمان او نحوه
فكلما يحتمل رجوعه الى الطلب الذى يدل عليه الهيئة فهو عند التحقيق راجع الى نفس
المادة ـ الى ان قال ـ بل
المقام الثالث (١)
فى ان الانسان بمجرد علمه بوجود المصلحة فى شىء بلا مزاحم لمفسدة اخرى فيه يتوجه
اليه اشتياقه (٢) ولازمه ملاحظة ما قام به
______________________________________________________
التحقيق ان ذلك
غير مبنى على مذهب العدلية اذ على القول بانتفاء المصلحة والمفسدة ايضا يتم ما
ذكرنا فان العاقل اذا توجه الى امر والتفت اليه فاما ان يتعلق طلبه بذلك الشىء
اولا يتعلق طلبه به لا كلام على الثانى وعلى الاول فاما ان يكون ذلك الامر موردا
لامره وطلبه مطلقا على جميع اختلاف طواريه او على تقدير خاص وذلك التقدير الخاص قد
يكون شيئا من الامور الاختيارية كما فى قولك ان دخلت الدار فافعل كذا ـ الى ان قال
ـ ما حاصله وقد يكون من الامور الغير الاختيارية كالزمان كما ان الاختيارى قد يكون
ماخوذا على نحو يكون موردا للتكليف كما اذا قال مثلا صل عن طهارة واخرى يكون على
نحو لا يكون موردا للتكليف كما اذا قال حج عند الاستطاعة الخ واجاب عنه المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٢٩٤ بقوله توضيح الفساد يظهر مما قدمنا من اختلاف انحاء
القيود فى كيفية دخلها فى الغرض والمصلحة من حيث رجوع بعضها الى الدخل فى اصل
الاحتياج واتصاف الذات بكونها مصلحة وصلاحا ورجوع بعضها وهو قيود الواجب الى الدخل
فى تحقق المحتاج اليه والمتصف بالمصلحة والصلاح فارغا عن اصل اتصاف الذات بالوصف
العنوانى اذ فى مثله يكون قيود الواجب باعتبار دخلها فى وجود المحتاج اليه وتحقق
ما هو المتصف بالوصف العنوانى فى رتبة متاخرة عن قيود اصل الاتصاف ومعه كيف يمكن
اخذ ما هو راجع الى اصل الاتصاف فى ناحية الموضوع فى عرض قيود المحتاج اليه الخ
وبالجملة ان انكار اختلاف دخالة القيود فى المصلحة مكابرة جزما فلا يمكن ارجاعها
الى امر واحد.
(١) الامر الثالث بيانه
قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٣٩ قد عرفت ان تحقق المصلحة فى متعلق الحكم متوقف
على تحقق شرطها وهو شرط الوجوب فى الخارج ـ اى قيود الاتصاف دخلها بالنسبة الى
المصلحة بوجودها الخارجى حيث يستحيل اتصاف الذات بها الا فى ظرف تحقق هذه القيود
فى الخارج.
(٢) واما تحقق
الارادة التشريعية فهو يتوقف على تصور ذلك الشرط وملاحظته بما هو عليه من التاثير بحدوث
المصلحة فى متعلق الحكم ـ اى دخل
المصلحة بجميع
حدوده وقيوده وح (١) فبأيّ نحو يكون القيد دخيلا فى
______________________________________________________
المصلحة بالنسبة
الى الارادة ومباديها من الميل والمحبة والاشتياق لا يكون إلّا بوجودها العلمى
اللحاظى لا بوجودها الخارجى فكم فرق بين المصلحة وبين الارادة والاشتياق فان
المصلحة باعتبار كونها من الاعراض التى ظرف عروضها واتصافها هو الخارج تحتاج فى
عروضها الى تحقق قيود الاتصاف فى الخارج بخلاف الاشتياق والارادة ونحوهما مما كان
ظرف عروضها هو الذهن حيث لا يكون دخل تلك القيود فيها الا بوجودها اللحاظى دون
الخارجى كما كان ذلك هو الشأن ايضا بالنسبة الى معروض الارادة حيث لا يكون المعروض
لها ايضا الا العناوين والصور الذهنية دون الخارج نظرا الى ان الخارج انما كان
ظرفا لسقوط الارادة لا لثبوتها غايته انه لا بنحو يلتفت الى ذهنية تلك الصورة
ومغايرتها مع الخارج بل بنحو يرى كونها فى لحاظها ذلك عين الخارج بلحاظ طريقية
لحاظها الى الخارج من دون سرايتها منه الى الخارج وبهذه الجهة من الاتحاد والعينية
بين تلك الصورة الذهنية وبين الخارج ايضا ربما تكتسب تلك الصورة الذهنية لون
المصلحة من الخارج فتتصف بكونها ذات مصلحة فيتعلق بها الارادة والشوق وكذا بالعكس
فيكتسب الخارج لون المطلوبية والمرادية من تلك الصورة فيتصف بكونه مرادا ومطلوبا
وإلّا فالمصلحة لا يكاد تقوم الا بالخارج وكذا الارادة لا تكاد تتعلق الا بالصور
الذهنية.
(١) فاذا التفت
العاقل الى فعل ما فاما ان يجده ذا مصلحة مطلقا او على تقدير دون تقدير فعلى الأول
يكون تصوره لذلك الفعل كذلك واعتقاده بكونه ذا مصلحة مطلقا موجبا لهيجان شوقه اليه
حتى يصير ذلك الشوق ارادة اما تكوينيه تحرك المريد على فعل متعلقها واما تشريعيه
تبعث صاحبها على انشاء طلب متعلقها وعلى الثانى فاما ان يجد ذلك التقدير حاصلا فى
الخارج اولا وعلى الاول يكون حاله حال القسم الاول فى فعلية الارادة تكوينيه كانت
ام تشريعيه اذ كون الفعل ذا مصلحة وان كان مشروطا بامر خاص وعلى تقدير دون تقدير
إلّا ان العاقل لما التفت اليه وجد التقدير المزبور حاصلا فى الخارج ووجد الفعل ذا
مصلحة بالفعل لحصول شرطه كما هو الفرض وعلى الثانى اعنى به كون الملتفت الى
التقدير الخاص يجده غير حاصل فى الخارج فلا محاله يريد ذلك الفعل على تقدير حصول
الشرط المتوقف على حصوله فى الخارج اتصاف ذلك الفعل بالمصلحة الخ.
المصلحة بذاك النحو
يكون لحاظه دخيلا فى توجه الاشتياق نحوه (١) ولازمه (٢) ح ان يلاحظ قيود الاحتياج (٣)
خارجة (٤) عن حيّز اشتياقه وتوجّه الشوق (٥) نحو العمل منوطا بفرض وجوده الطريق
الى خارجه (٦) كما هو الشأن فى دخله فى المصلحة واتصافها بها (٧) حفظا (٨) لتبعيّة
الاشتياق بشىء لنحو مصلحته فقيودها (٩) علاوه (١٠) عن ان الانسان مهما امكن لا
يصير فى مقام الاحتياج فما (١١) هو علّة للاحتياج لا يشتاق اليه جزما نعم (١٢) لا
بد وان يلاحظ
______________________________________________________
(١) اى بعد ان كان
شان الاشتياق والارادة من كونها تابعة للعلم بالمصلحة فى المتعلق وكونه ذا صلاح لا
تابعة لكونه كذلك فى نفس الامر فكان العلم واللحاظ مع كونه طريقا الى الخارج له
موضوعية بالنسبة الى مرحلة تعلق الاشتياق والارادة نقول بانه لا بد من لحاظ كيفية
العلم بالمصلحة من حيث الاناطة والاطلاق.
(٢) اى من لوازم
تبعية الارادة والاشتياق للعلم بالمصلحة.
(٣) اى ما هو
الدخيل فى اصل الاحتياج الى الشى واتصاف الذات بكونها صلاحا.
(٤) اى هذه القيود
خارجة عن حيز الطلب والارادة بل وعن مباديها من الاشتياق والمحبوبية ايضا.
(٥) اى صيرورة
الارادة والشوق منوطة بفرض تحققها ووجودها.
(٦) اى تحققه فى
الخارج.
(٧) اى ان قيود
الاتصاف دخلها بالنسبة الى المصلحة بوجودها الخارجى حيث يستحيل اتصاف الذات
بالمصلحة الا فى ظرف تحقق هذه القيود فى الخارج.
(٨) اى لتبعية
الإرادة والاشتياق ومباديها لا طوار المصلحة وكيفيتها.
(٩) اى قيود
الاحتياج.
(١٠) اى ما يقتضيه
جبلة النفس وفطرته من عدم كون الانسان بصدد تحصيل الاحتياج الى الشىء وجعل نفسه
محتاجا اليه هذا اوّلا.
(١١) وثانيا ان
قيود الاحتياج يكون فى الرتبة السابقة على الارادة ومباديها وعلة له فلا اشتياق
ولا ميل اليه جزما كالميل الى المرض.
(١٢) اى فى ظرف
تحقق القيد كالمرض له الاشتياق والميل تبعا للمصلحة فى
القيد المزبور
ويجعل فرض وجوده مما انيط به اشتياقه تبعا لكيفية دخله فى قيام المصلحة فى المتعلق
نعم (١) قيود وجود المحتاج اليه لا محيص فى صيرورتها فى طىّ اشتياقه ولو غيريّا ،
ومن هذا البيان (٢) ظهر (٣) ان وجه اناطة الاشتياق بقيد وعدمه ليس إلّا مستندا الى
اختلاف انحاء دخله فى المصلحة لا (٤) انه مستند الى اختلاف فى كيفية نفس القيد من
اخذ وجوده مطلقا او من باب الاتفاق وان قيود الوجوب طرّا من قبيل الثانى (٥) كيف (٦)
وهذا المقدار لا يوجب فرقا
______________________________________________________
المتعلق وهو شرب
الدواء مثلا وبدونه لا ميل بل مبغوض عنده بل ربما فيه مفسدة كتلف النفس هذا فى
قيود الاحتياج.
(١) اما قيود
المحتاج اليه وهو ظرف ما كان متصفا بالمصلحة نحو ظرف وجود المرض حيث ان شرب الدواء
مثلا ح دخيل فى وجود ما هو المتصف بالمصلحة والصلاح ومتعلق الإرادة ومباديها فتكون
متعلقا للارادة الغيرية.
(٢) يبين الثمرة
لهذا التقسيم واختلاف دخل القيود.
(٣) وهى ان اختلاف
انحاء القيود انما فى كيفية دخلها فى المصلحة والغرض من حيث رجوع بعضها فى الدخل
اصل الاحتياج ورجوع بعضها الى الدخل فى تحقق المحتاج اليه.
(٤) اى مما ذكرنا
يظهر فساد ما توهم من ان منشأ الاختلاف فى القيود فى الخروج عن حيز الارادة اختلاف
انحاء وجودها من اخذ بعضها بنحو يترشح اليها الارادة واخذ بعضها بنحو لا يترشح
اليها الإرادة اما لخروجها عن تحت الاختيار او من جهة دخلها بوجودها من باب
الاتفاق او وجودها الناشى عن سائر الدواعى غير دعوة الامر مع اتحاد الجميع فى كيفية
الدخل فى الغرض ولذا ارجعوا جميع القيود الى المتعلق وارجعوا جميع الشروطات الى
المعلقات كما مر عن التقريرات.
(٥) اى من باب
الاتفاق.
(٦) فاجاب عنه بان
مجرد اخذ القيد من باب الاتفاق لا يوجب الفرق فى عدم تعلق الميل والاشتياق اليه
وفى قيود المحتاج اليه يكون متعلق الارادة ومباديها.
فى توجّه الاشتياق
نحوه ولازمه (١) الاشتياق الى حصول شرط الوجوب ايضا وان لم يكن واجبا وكان خارجا
عن حيّز الإرادة كغير المقدور وهو (٢) خلاف ظاهر الخطابات المشروطة بشروطها
الخارجة عن حيّزها بجميع مباديها مع (٣) انه كيف يلتزم فى مثل الكفارة المنوطة
العصيان اذ مقتضاه توجّه الاشتياق نحو العصيان وهو كما ترى (٤). المقام الرابع (٥)
ان الحاكم بعد اشتياقه الى فعل عبده (٦) فمع عدم وجود مزاحم فى البين (٧) يوجب هذا
الاشتياق تحريكا للحاكم بابراز اشتياقه بانشائه على وفق مرامه (٨) ومثل هذه الحركة
كاشف عن
______________________________________________________
(١) اى على ذلك
يلزم ان تتعلق بقيود الوجوب الاشتياق ايضا لكن ليس بواجب بان كان خارجا عن حيّز
القدرة كغير المقدور مع ان الامر ليس كذلك بل لا يتعلق به الاشتياق اصلا.
(٢) وذلك باطل
جزما اما اولا فلان ظاهر الواجبات المشروطة ان الشرائط خارجة عن حيّز الخطاب وان
وجود الشرط علة للارادة ومباديها كما مر.
(٣) وثانيا انه لو
تعلق الاشتياق على القيد وكان القيد من باب الاتفاق والاختلاف فى انحاء وجود
القيود فيلزم تعلق الاشتياق بالعصيان ليترتب عليه وجوب الكفارة مع انه مبغوض جزما
وله عقوبة.
(٤) اى فلا اشتياق
للمبغوض اصلا وإلّا لم يكن مبغوضا كما هو واضح.
(٥) الامر الرابع
في حقيقه الحكم وهى الارادة وجعله ومبرزه وهو فعليته.
(٦) قال المحقق
الماتن فى البدائع ص ٣٤٠ ان من له الامر ـ اى الحاكم والمولى ـ اذا التفت الى كون
فعل غيره ذا مصلحة على تقدير خاص لا مطلقا ـ اى بل ستعرف ان كان مطلقا ايضا كذلك
لكن الكلام فى المشروط ـ اراده منه على ذلك التقدير.
(٧) فان لم يجد
مانعا من اظهار ارادته المذكورة اظهرها بما يجده مظهرا لها من قول او فعل.
(٨) كان يقول افعل
كذا ان كان كذا او يقول اريد منك ان تفعل كذا اذا تحقق كذا او يشير الى هذا المعنى
ببعض حركاته.
مرتبة من ارادة
المولى (١) لوجود العمل وحفظه بمقدار استعداد انشائه وخطابه (٢) بلا كونه مريدا له
من سائر الجهات (٣) ومن هذا المقام (٤) ايضا ينتزع مقام جعل الاحكام اذ لا نعنى من
جعل الاحكام التكليفية الا مجرد ابراز (٥) اشتياقه الكاشف عن مرتبة من الارادة (٦)
المنتزع عن حملة نفس المشتاق الى حفظ وجود المقصود ولو من ناحية مقدمة من مقدماته
فلا جرم (٧) يصير مثل هذه الخطابات حاكيا عن مرتبة من فعلّية الحكم المحفوظ فى حق
العالم والجاهل وهو (٨)
______________________________________________________
(١) اى الانشاء
والخطاب كاشف عن الارادة التشريعية المتعلقة بالعمل.
(٢) اى من كونه
على تقدير دون تقدير.
(٣) اى يكون خطابه
تبعا لارادته لحفظ العمل لا على وجه الاطلاق.
(٤) فاذا اظهر
ارادته التشريعية بهذا النحو من الاظهار اعتبر العرف هذا لاظهار حكما وطلبا وقالوا
حكم الشارع مثلا على كذا بكذا او طلب الشارع هذا الفعل ونحو ذلك من التعبير
بالعناوين المنتزعة عن اظهار الآمر لارادته بالنحو المزبور.
(٥) اى جعل
الاحكام عبارة عن الانشاء والخطاب الكاشف عن الارادة.
(٦) اى حقيقة
الاحكام عبارة عن الارادة المبرزة بالخطاب.
(٧) وهذا هو الحكم
الفعلى الذى يشترك فيه العالم والجاهل لان جميع ما يمكن ان يصدر ويتأتى من الامر
قد حصل منه بشوقه وارادته واظهاره لارادته المتعلقة بالفعل الذى علم باشتماله على
المصلحة اما مطلقا او على تقدير دون تقدير فالوجوب مثلا سواء كان مطلقا ام مشروطا
اذا انشأه المولى بالنحو المزبور صار حكما فعليا علم به المكلف ام لم يعلم حصل
شرطه فيما لو كان مشروطا ام لم يحصل ولا يعقل ان يكون للحكم بالمعنى الذى قررناه
نحو ان من الوجود وان كان مشروطا ليكون الحكم المشروط حكما انشائيا قبل تحقق شرطه
وحكما فعليا بعد تحقق شرطه الخ وذلك لما عرفت ان القيد بوجوده العلمى اللحاظى دخل
فى الارادة والحكم لا بوجود الخارجى.
(٨) اى الحكم
يتحقق.
ايضا بنفسه (١)
قابل للتحقق ولو كان منفكا عن مقام محركيّة عبده (٢) ولذا يصلح (٣) ان ينشا الامر
ويبرز اشتياقه منوطا بفرض وجود الموضوع ولحاظه بحدوده وقيوده بلا احتياج الى وجوده
خارجا اصلا ، ثم (٤) ان الغرض من الخطاب (٥) وابراز الاشتياق (٦) لما كان هو دعوة
الخطاب لعبده فلا شبهة فى ان شان الخطابات ليس إلّا مجرد صلاحيتها للدعوة وعدم
قصور فيها من ناحيتها وإلّا فمن البديهى ان الدعوة الفعلية (٧) المساوق لمحركيّة
الخطاب (٨) عقلا منوط بتطبيق العبد جميع القيود الماخوذة فى الخطاب (٩) حتى قيد
القدرة الماخوذة فيه عقلا على المورد ومن البديهى ان هذه المرحلة خارجة عن مضمون
الخطاب و
______________________________________________________
(١) اى بنفس
الخطاب المبرز عن الارادة.
(٢) اى ولو لم
يعلم به المكلف ويكون محركيته للعبد فى الزمن المتاخر.
(٣) اى على ذلك
كله يكون الحكم الفعلى هو شوقه وارادته واظهاره لارادته المتعلقة بالفعل الذى علم
باشتماله على المصلحة منوطا بفرض وجود الموضوع ودخل المصلحة فى الإرادة ومباديها
بوجودها العلمى اللحاظى لا بوجودها الخارجى كما مر مرارا.
(٤) ثم بيّن الفرق
بين ظرف ثبوت التكليف والارادة وابرازها وظرف سقوط التكليف.
(٥) فقد عرفت ان
معروض الارادة هى الصور الذهنية دون الخارج.
(٦) وان غرض ابراز
الارادة والاشتياق بالخطاب لدعوة المكلف نحو الفعل وعدم قصور الخطاب صلاحية الدعوة
كذلك.
(٧) واما محركية
الخطاب للدعوة الفعلية يتوقف على علم المكلف بالحكم والقدرة عليه وغير ذلك من وجود
الشرائط خارجا حتى يصدر منه الفعل والخارج ظرف سقوط التكليف ولا ربط له بالثبوت.
(٨) اى محركيته
نحو الفعل عقلا ومنبعثا اليه.
(٩) اى يوجد جميع
القيود فى الخارج حتى القدرة والعلم.
متاخر عنه رتبة (١)
وح (٢) فما هو ماخوذ فيه هى هذه الامور بوجوداتها اللحاظية لا الخارجية كيف (٣)
ووجودها خارجا انما كان ضم العلم بها دخيلا فى تطبيق الخطاب على المورد الخارج عن
مضمونه وإلّا (٤) ففى توجّه اشتياق المولى نحو العمل المقيد باى قيد لا يحتاج الى
وجودها خارجا بل يكفى مجرد وجودها فى لحاظ المولى فلا يكون للوجودات الخارجية
المزبورة مدخلية الّا فى تحريك العبد المنوط بتطبيق العبد ايّاها على المحل (٥)
ولقد عرفت ان هذه المرحلة خارجة عن مضمون الخطاب ومتاخرة عن مضمونه رتبة ومن هذا
البيان ظهر (٦) ان دخل قيد القدرة ايضا فى الخطابات نظير دخل سائر القيود فيه
______________________________________________________
(١) وهذا فى
الرتبة المتأخرة عن الخطاب فظرف الخطاب ظرف ثبوت التكليف واما ظرف سقوط التكليف فى
الرتبة المتاخرة عنه.
(٢) فالقيود دخلها
فى الارادة ومباديها من الميل والمحبة والاشتياق يكون بوجودها اللحاظى لا بوجودها
الخارجى.
(٣) اى كيف يمكن
ان يعتبر فيها بوجودها الخارجى مع انه يشترط العلم بالتكليف بتلك القيود حتى يتحقق
ذلك من المكلف فى الخارج فان لم يعلم بالقيد فلا يمكن تحققه خارجا فلم يتعلق
اشتياق المولى بالمقيد باى قيد بل تعلق بقيد خاص ويلزم منه فى التطبيق العلم به
ولا يعلم به الا بوصول الخطاب اليه وهو فى الرتبة المتاخرة عن الخطاب وابراز
الارادة فان اعتبر بوجوده الخارجى يلزم الخلف وتقدم الشى على نفسه وهو محال.
(٤) اى لا يحتاج
توجه اشتياق المولى الى العمل القيد الى وجود القيد خارجا بل يكفى وجوده اللحاظى
الحاكى عن الخارج.
(٥) فالوجود
الخارجى للقيد محرك نحو العمل للعبد فى الرتبة المتأخرة عن الخطاب ومتوقف على
العلم به كما مر مرارا.
(٦) بيان ذلك قال
المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٤٢ ان شرائط الوجوب جميعا تكون بوجودها اللحاظى
شروطا لتحقق الوجوب فى الخارج وبوجودها الخارجى توجب استعداد الوجوب لتأثيره
الانبعاث والحركة فى نفس المكلف نحو
من كونه بوجوده
اللحاظى ماخوذا فى مضمون الخطاب وبوجوده الخارجى ماخوذا فى مقام تطبيق العبد
المنوط به محركيّة خطاب المولى. وان توهّم من توهّم (١) فى اخذ القدرة الخارجية من
قيود الخطاب وشروطه كتوهّمه (٢) دخل
______________________________________________________
الواجب ولا فرق فى
ذلك بين ان يكون شرط التكليف شرطا قد اعتبره الشارع مثلا كالشروط التى يعلق عليها
الشارع تكليفه فى خطابه وان يكون شرطا قد اعتبره العقل فى حصة التكليف كالقدرة فهى
اذا كسائر شروط التكليف تكون بوجودها اللحاظى شرطا فى فعلية التكليف فى الخارج
وبوجودها الخارجى توجب استعداد التكليف للتاثير فى نفس المكلف الانبعاث والحركة
نحو المكلف به الخ فعليه تكون القدرة شرطا لتنجز التكليف لا لاصل ثبوت التكليف
وفعليّته.
(١) قال المحقق
النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٥٠ الثانى ان القدرة قد تكون شرطا عقليا للتكليف وغير
دخيله فى ملاك الفعل اصلا فيكون اعتبارها فى فعلية التكليف من جهة حكم العقل بقبح
خطاب العاجز الخ واتضح مما تقدم فساده وسيأتى ايضا انه ليس القدرة شرط حسن الخطاب
عقلا اصلا.
(٢) قال المحقق
النّائينيّ فى الفوائد ج ١ ص ١٧٣ واما فى القضية الحقيقية فيعتبر فيها تحقق
الموضوع خارجا اذا الشرائط فى القضية الحقيقية هو وجود الموضوع عينا ولا عبرة
بوجوده العلمى لان الحكم فى القضية الحقيقية على الافراد المفروض وجودها فيعتبر فى
ثبوت الحكم وجود الافراد ولا حكم مع عدم وجودها ولو فرض علم الامر بوجودها ـ وبذلك
يظهر امتناع الشرط المتاخر لانه بعد ما كان الشىء شرطا وقيدا للموضوع فلا يعقل ثبوت
الحكم قبل وجوده وإلّا يلزم الخلف الخ وقد عرفت فساده ، وقال فى ص ١٧٥ واما فى
القضية الحقيقية فالجعل والانشاء انما يكون ازليا والفعلية انما تكون بتحقق
الموضوع خارجا فان انشائه انما كان على الموضوع المقدر وجوده فلا يعقل تقدم الحكم
على الموضوع لانه انما انشاء حكم ذلك الموضوع وليس للحكم نحو وجود قبل وجود
الموضوع حتى يسمى بالحكم الانشائى فى قبال الحكم الفعلى فى بعض الكلمات والحاصل
انه فرق بين انشاء الحكم وبين الحكم الانشائى والذى تتكفله القضايا الحقيقية
الشرعية انما هو انشاء الحكم نظير الوصية حيث ان الوصية انما هى تمليك بعد الموت
ولا يعقل تقدمه على الموت لان الذى أنشأ بصيغه
بقيّة القيود
بوجودها الخارجى فى مضمون الخطاب ليس (١) الّا لاجل خياله
______________________________________________________
الوصية هو هذا اى
ملكية الموصى له بعد موته فلو تقدمت الملكية على الموت يلزم خلاف ما انشاء ولا
معنى لان يقال الملكية بعد الموت الآن موجودة لان هذا تناقض فكذا الحال فى الاحكام
الشرعية فان انشائها عبارة عن جعل الحكم على الموضوع المقدر وجوده فما لم يتحقق
الموضوع لا يكون شىء اصلا واذا تحقق الموضوع يتحقق الحكم لا محاله ولا يمكن ان
يتخلف فتحصل انه ليس قبل تحقق الموضوع شيء اصلا حتى يسمى بالحكم الانشائى فى قبال
الحكم الفعلى اذ ليس الانشاء الا عبارة عن جعل الحكم فى موطن وجود موضوعه فقبل
تحقق موطن الوجود لا شيء اصلا ومع تحققه يثبت الحكم ويكون ثبوته عين فعليّته وليس
لفعليّة الحكم معنى آخر غير ذلك وحاصل الكلام انه ليس للحكم نحوان من الوجود يسمى
بالانشاء تارة وبالفعلى اخرى بل الحكم هو عبارة عما يتحقق بتحقق موضوعه وهذا هو
الذى أنشأ ازلا قبل خلق عالم وآدم فلو فرض انه لم يتحقق فى الخارج عاقل بالغ
مستطيع فلم يتحقق حكم ايضا اصلا فالحكم الفعلى عبارة عن الذى أنشأ وليس وراء ذلك
شىء آخر فلو أنشأ الحكم على العاقل البالغ المستطيع فلا محيص من ثبوت الحكم بمجرد
تحقق العاقل البالغ المستطيع ولا يعقل ان يتخلف عنه الخ.
(١) فاجاب عنه
المحقق الماتن قده فى النهاية ج ١ ص ٣٠٠ (بما وضح المقام) بان القضايا الحقيقية
بالمعنى المصطلح الذى يلزم من فرض وجود الموضوع فرض الحكم ومن فعلية الموضوع خارجا
فعلية الحكم اجنبية عن القضايا الطلبية حيث نقول بان القضية بالمعنى المصطلح انما
تتصور بالنسبة الى الاعراض الخارجية التى كان الخارج ظرفا لعروضها واتصافها كما فى
النار حارة وكما فى الاحكام الوضعية كالملكية ونحوها فانها باعتبار كونها من
الامور التى كان الخارج ظرفها لعروضها يوجب لا محاله فرض وجود الموضوع فيها فرض
محموله وفعليّة الموضوع فعليّة محموله واما بالنسبة الى الارادة ونحوها من الصفات
الذهنية التى كان ظرف عروضها الذهن والخارج ظرف اتصافها فلا يتصور فيها القضية
الحقيقية بوجه اصلا حتى يناط فعلية الارادة فيها بفعلية موضوعها من جهة ان المنوط
به والموضوع كما ذكرنا لا يكون الالحاظ الموضوع وفرضه لا وجوده الخارجى غايته انه
لا بد وان يكون الملحوظ الذهنى بنحو يرى خارجيّا على وجه لا يلتفت الى ذهنيّته كما
هو الشأن ايضا فى مثل
اخذ فعليّة الارادة
المساوقة للمحركيّة للعبد فى مضمون الخطاب (١) وإلّا فلو فتح البصر ودقّق النظر (٢)
فى ان مقام محركيّة الخطاب (٣) ودعوته الفعليّة للعبيد انما هو من شئون تطبّق
العبد خطاب مولاه بجميع قيوده حتى القدرة على المورد (٤) لا يبقى (٥) مجال شبهة (٦)
فى اخذ وجود القدرة وامثالها خارجا فى مضمون الخطاب لبداهة (٧) ان مقام التطبيق
المزبور متأخر عن مضمون الخطاب
______________________________________________________
القطع والظن فى
تعلقهما بالموضوع وما انيط به وح فبعد ان كان الموضوع للارادة والاشتياق هو فرض
وجود الموضوع ولحاظه طريقا الى الخارج فلا جرم فى فرض وجود الموضوع وفرض وجود
المنوط به يتحقق حقيقة الاشتياق والارادة لا انه يتحقق من فرضه فرض الاشتياق وفرض
الارادة كما هو الشأن ايضا فى العلم بالمصلحة على ما بيناه الخ ويكون ما ذكره خلط
بين قيود الحكم والارادة وبين قيود فعلية المصلحة كما مر مرارا وان شئت قلت الفرق
بين قيود الداعوية وبين قيود المحركية الفعلية او الخلط بين مرحلة الثبوت ومرحله
السقوط.
(١) اى يتحيل اخذ
فعلية الارادة المساوية لمحركيتها للعبد نحو الفعل فى مضمون الخطاب.
(٢) اى وهذا خطأ
محض فان الارادة ومباديها شيء المساوية ومحركية الخطاب للعبد امر آخر.
(٣) فان محركية الخطاب
وداعويّة الحكم لمحركية العبد انما يتوقف على علم المكلف بالحكم ووجود القيود فى
الخارج وهو فى الرتبة المتأخرة عن الارادة والخطاب.
(٤) فلذا يعتبر ان
يكون جميع القيود متحققا فى الخارج وينطبق الخطاب على نفسه بجميع قيوده حتى
القدرة.
(٥) اى من هنا
اتضح ان وجود القدرة متاخر عن الخطاب فلا يمكن اخذها فى الخطاب للزوم تقدم الشى
على نفسه.
(٦) والشبهة من
المحقق النّائينيّ وقد تقدم من اعتبارها فى التكليف من جهة فبح تكليف العاجز عقلا.
(٧) تعليل لبطلان
كون القدرة شرط الخطاب لكونها فى الرتبة المتأخرة عن
رتبة ويستحيل اخذها
فيه نعم (١) كلما له بوجوده الخارجى دخل فى التطبيق لا بد وان يكون بوجوده اللحاظى
ماخوذا فى مضمون الخطاب لاستحالة اوسعيّة مضمون الخطاب عن مرحلة تطبيقه (٢).
فان قلت (٣) ان
غاية ما يستقل به العقل ان لتطبيق القدرة ايضا دخل فى المحرّكية فى عرض تطّبق سائر
القيود المأخوذة فى الخطاب (٤) وذلك لا يقتضى دخل القدرة (٥) ولو بوجودها اللحاظى
فى مضمون الخطاب كى يكون حال القدرة
______________________________________________________
الخطاب فكيف يؤخذ
فيه.
(١) اى كل قيد
دخيل بالنسبة الى فعلية المصلحة بوجودها الخارجى ودخيل بوجوده الخارجى فى التطبيق
ومحركيته للعبد لا بد وان يكون دخيلا فى مضمون الخطاب والارادة بوجوده العلمى
اللحاظى.
(٢) للزوم تطابق
مضمون الخطاب مع تطبيق العبد من دون ان يكون اوسع او اضيق.
(٣) اشكال ودفع
اما الاشكال هو ان القيود فلنفرض وجودها اللحاظى دخيلا فى تحقق الإرادة ومباديها
اما تصور ـ القدرة فلا يكون دخيلا فيه بيان ذلك.
(٤) قال المحقق
الماتن فى البدائع لا ريب فى كون تصور مصلحة الفعل او مفسدته التى تترتب عليه فى
الخارج دخيلا فى فعلية ارادته او كراهته اى مع العلم بكونه ذا صلاح ولو من جهة
العلم بوجود قيود الاتصاف فى الخارج لا محاله يتوجه نحوه الميل والاشتياق والارادة
فيحدث فى النفس تلك الحالة الانقداحية الموجبة لطلبه وبعثه وان لم يكن كذلك فى
الواقع ونفس الامر ولا يكون ذلك الشىء الا ذا مفسدة محضة كما انه فى صورة العكس
والعلم بكونه غير ذى المصلحة او ذا مفسدة محضة لا محاله لا يكاد يتعلق به الميل
والمحبة والشوق والارادة وان فرض كونه فى الواقع ذا مصلحة محضة.
(٥) ولكن اى دخل
لتصور كون المكلف قادرا على الفعل او الترك فى ظرفه فى فعلية التكليف ليكون تصور
القدرة من شروطه مع ان القدرة ليست من الشروط التى يتوقف على تحققها فى الخارج
اتصاف الفعل بالمصلحة او المفسدة ـ واما الجواب عنه ـ.
ايضا حال سائر
القيود المأخوذة فى مضمون الخطاب ، قلت ان دخل القدرة فى المحركيّة لا يكون الّا
من جهة دخلها فى وجود المرام عقلا (١) وان لم يكن دخيلا فى مصلحته ومن البديهى ان
ما له الدخل فى وجود مرام المولى (٢) لا بد فى مقام ابراز اشتياقه المقصود به
التوصل به الى مرامه ان يلاحظه فى مقام توجيه اشتياقه نحو مقصوده لجزمه بعدم وصوله
بمقصده بدونه (٣) غاية الامر (٤) منشأ هذا الدخل هو العقل قبال سائر القيود المنشا
دخلها مدخليّتها فى المصلحة.
ومن هذا البيان
ايضا ظهر (٥) معنى حكم العقل بشرطية القدرة فى الخطابات بان مرجع هذا الحكم (٦)
الى دخل تطبيقه (٧) فى محركيّة الخطابات لا دخله (٨)
______________________________________________________
(١) لا ريب فى ان
تصور كون الفعل ذا مصلحة او ذا مفسدة من الدواعى لارادته او كراهته تشريعا ولا
يعقل ان يؤثر تصور مصلحة الشى او مفسدته فى ارادة فعل او تركه تشريعا إلّا ان
يتصور المريد قدرة المكلف على فعل ذلك الشى او تركه فيكون تصور كونه قادرا على
العمل المكلف به فى ظرفه شرطا لفعلية تاثير تصور المصلحة او المفسدة فى الارادة او
الكراهة فى نفس المولى الخ فيكون دخيلا فى وجود مرام المولى عقلا ولو لا يكون
دخيلا فى المصلحة.
(٢) اى الداعى لارادته
ومباديها.
(٣) اى فلا بد من
لحاظ كل ما هو دخيل فى مقصوده ومرامه عقلا او شرعا.
(٤) اى انما الفرق
بين هذا القيد وسائر القيود ان سائر القيود يكون دخيلا فى المصلحة وهذا القيد دخيل
عقلا فى فعلية الارادة ومباديها اى القدرة.
(٥) تبين معنى ان
القدرة قد اعتبره العقل فى صحة التكليف والخطاب من جهة المحركية.
(٦) اى مرجع حكم
العقل بذلك.
(٧) هو دخالة
القدرة عند تطبيق ما حكم به فى موطنه فى محركية الخطاب وفعليته.
(٨) اى لا دخل ما
حكم به العقل بشرطية القدرة بوجودها الخارجى فى مضمون الخطاب.
بوجوده فيه
بمضمونه كيف (١) ولا يعقل (٢) دخله (٣) فى صرف ابراز الاشتياق بحكم الوجدان ولا
تكفل (٤) الخطاب لفعلية الارادة البالغة الى محركيّة لعبده اذ (٥) هذه المرتبة (٦)
من شئون تطبيق العبد الاجنبى عن مضمون الخطاب (٧) كما عرفت والمفروض ايضا ان العقل
لا يحكم بدخل القدرة فى ازيد من هذه المرتبة (٨) نعم لازم دخلها فى مرحلة التطبيق
والمحركيّة (٩) دخلها (١٠)
______________________________________________________
(١) والوجه لعدم
يكون كون القدرة الخارجية دخيلا فى فعلية الارادة والخطاب.
(٢) هو عدم
المعقولية بالوجدان لحسن الخطاب.
(٣) اى وجه عدم
دخله فان الإرادة ومباديها يتعلق بالشيء وجدانا من دون وجود القدرة خارجا بالفعل.
(٤) وكون الخطاب
انما ابراز لتلك الارادة الفعلية ومحرك للعبد نحو العمل من دون اعتبار وجود القدرة
الخارجية حين الخطاب ـ اى فعلية الإرادة والخطاب اجنبيان عن وجود القدرة الخارجية
بل القدرة الخارجية فى الرتبة المتأخرة عن الخطاب وهى المحركية الفعلية فلا يمكن
ان يكون فى الرتبة المتقدمة وإلّا يلزم الخلف ـ.
(٥) لما عرفت من
ان القدرة الخارجية توجب استعداد التكليف للتاثير فى نفس المكلف الانبعاث والحركة
نحو المكلف به.
(٦) فتكون الرتبة
الثالثة فالرتبة الاولى تعلق الارادة والاشتياق بالفعل والرتبة الثانية تعلق
الخطاب بها وابرازها بالخطاب وفى شيء منهما لا تعتبر القدرة بوجودها الخارجى
الرتبة الثالثة تطبيق العبد الخطاب على نفسه والحركة نحو المكلف به فهذا يعتبر فيه
القدرة بوجودها الخارجى.
(٧) ـ اى اجنبى عن
الخطاب ـ وهو الرتبة الثانية المتقدمة.
(٨) والعقل لا
يحكم بدخل القدرة بوجودها الخارجى الا فى الرتبة الثالثة المتقدمة دون الرتبة
الاولى والثانية.
(٩) اى كل قيد
دخيل بوجوده الخارجى فى الموضوع لانبعاث المكلف نحو الفعل سواء كان قيدا شرعيا ام
عقليا.
(١٠) يلازم ذلك
دخله بوجودها اللحاظى فى الارادة والاشتياق والخطاب.
بوجودها اللحاظى
كسائر القيود فى مضمون الخطاب وبذلك (١) ربما يفرق (٢) بين القدرة والعلم مع ان
كلاهما من مقومات التطبيق ومع ذلك مثل القدرة ماخوذة فى مضمون الخطاب ولو بوجودها
اللحاظى كسائر القيود الشرعية بخلاف العلم فانه لم يكن ماخوذا فى الخطاب ولو بوجوده
اللحاظى ولا يحسب ايضا من قيود الخطاب بوجه اصلا وتوضيح وجه الفرق (٣) هو ان العلم
(٤) بالخطاب لما كان فى رتبة متاخرة عن الخطاب فيستحيل اخذه ولو فى
______________________________________________________
(١) اى بكون
القدرة فى عرض سائر القيود الشرعية قابل ان يكون بوجودها العلمى اللحاظى دخيلا فى
تحقق الارادة وفعلية الخطاب وبوجودها الخارجى دخيل فى محركية العبد للمكلف به.
(٢) اشاره الى
توهم وهو ان القدرة والعلم كلاهما دخيل فى محركية العبد نحو المكلف به والتطبيق
كيف ان القدرة بوجودها العلمى اللحاظى ماخوذ فى الخطاب دون العلم بالتكليف فلم يكن
من قيود الخطاب كذلك.
(٣) فاجاب عنه
المحقق الماتن ببيانين احدهما فى البدائع ص ٣٤٣ قال ولا يخفى ان علم المكلف
بالتكليف وان كان دخيلا فى امكان انبعاثه وحركته على طبق التكليف لاستحالة انبعاث
الغافل عن التكليف وتحريكه اياه فيستلزم ذلك ان يكون تصور المولى كون العبد ملتفتا
الى تكليفه شرطا فى فعلية تكليفه كالقدرة إلّا انه لما كان جعل تصور كون المكلف
ملتفتا الى التكليف شرطا فى فعلية التكليف يستلزم التهافت فى اللحاظ فى نظر
العقلاء امتنع جعله شرطا من شروط فعلية التكليف وذلك لانهم يرون ان التفات المكلف
الى التكليف وعلمه به فرع وجود التكليف فكيف يكون تصور الالتفات الى التكليف
والعلم به شرطا لوجوده فيكون متفرعا على الالتفات اليه والعلم وهذا هو التهافت فى
اللحاظ الخ كما كان يلزم لو كانت القدرة الخارجية دخيلة فى الإرادة والخطاب من
لزوم التهافت على ما مر.
(٤) وثانيهما ان
العلم بالشيء متاخر عن المعلوم لا محاله فالعلم بالخطاب متاخر عن الخطاب وهو متعلق
العلم فلا يمكن اخذه فى الرتبة المتقدمة ولو فى عالم اللحاظ فى مضمون الخطاب.
عالم اللحاظ فى
مضمون خطابه اذ يرى (١) العلم بالخطاب خارجا عنه وطريقا اليه وكيف يرى دخيلا فيه (٢)
فى لحاظه الطريق الى الخارج بنحو لا يلتفت الى ذهنيته وهذا بخلاف نفس القدرة (٣)
فانها بملاحظة دخلها فى وجود المرام انما كان فى عرض سائر القيود فلا قصور فى
اخذها بوجودها اللحاظى فى مضمون الخطاب. نعم (٤) للقدرة (٥) جهة فرق مع سائر
القيود الماخوذة فى الخطاب علاوة عن عدم دخلها فى المصلحة (٦) دون سائر القيود
الشرعية (٧) ان الدليل (٨)
______________________________________________________
(١) والوجه فى ذلك
ان العلم بالخطاب خارج عن الخطاب ومتاخر منه وطريق الى الخطاب وكاشف عنه فكيف ياخذ
ما هو متاخر عنه رتبة فى السابق فيلزم تقدم الشيء على نفسه ولو فى عالم اللحاظ
والتصور.
(٢) اى ما هو طريق
الى الخطاب لا يكون دخيلا فى الخطاب فى لحاظه الطريق الى الخارج فلا يمكن ذلك
اصلا.
(٣) اما القدرة
كما عرفت فى عرض سائر القيود الشرعية فبوجودها الخارجى دخيل فى انبعاث العبد
وبوجودها اللحاظى دخيل فى الطريق الى الخارج ، فى فعلية الإرادة والخطاب ولا مانع
منها اصلا فان القدرة دخيل فى وجود المرام وتحقق الارادة دون ان يكون طريقا الى
شىء وكاشفا عنه اصلا.
(٤) ثم بين قدسسره فرقان بين القدرة وسائر القيود ونعم الفارق بينهما الفرق
الاول.
(٥) اى القدرة
العقلية لا الشرعية كما ستعرف.
(٦) فان القدرة
العقلية غير دخيلة فى المصلحة وانما هى دخيلة فى محركيّة الارادة والاشتياق
والخطاب.
(٧) والقيود
الشرعية دخيله فى المصلحة هذا هو الفارق بينهما.
(٨) قال المحقق
الماتن فى البدائع ص ٣٤٤ ثم ان القدرة اما ان ياخذها المولى فى خطابه ويجعلها قيدا
لامره كما لو قال ان استطعت فحج حالها ح حال سائر الشروط التى يعلق عليها امره من
حيث دلالتها على كونها دخيلة فى اتصاف المامور به بالمصلحة واما ان يهمل ذكرها فى
خطابه وينشئه مطلقا من ناحيتها ظاهرا فيستفاد من
على الدخل المزبور
لما كان هو العقل المنفصل عن الخطاب (١) فلا يوجب مثل هذا الدليل الا رفع اليد عن
حجيّة الخطاب فى فعليّة المحركيّة فى ظرف تطبيقه واما حجيّة الخطاب فى ثبوت
المصلحة حتى فى حال العجز فلا قصور للخطاب عنه (٢) ،
______________________________________________________
هذا الاطلاق انها
غير دخيلة فى اتصاف المامور به بالمصلحة بل هو متصف بالمصلحة ولو مع قطع النظر عن
كونه مقدورا.
(١) اى ان امثال
هذه القيود كالقدرة بما انه بحكم العقل يكون بمنزلة دليل لبّى منفصل عن الخطاب
واصل الخطاب باق على اطلاقه وانما يرفع حجية بعض اطلاقاته.
(٢) فالتحقيق فى
وجه استفادة ذلك ـ اى وجود المصلحة حال العجز ـ التمسك بظهور الخطاب لان كل خطاب
يشتمل على ظهورات متعددة بلحاظ تعدد الامور المستفادة منه مثلا اذا قال المولى صل
فهذا الخطاب يكون ظاهرا فى امور منها كون طلب الصلاة فعليا ومنها كون الصلاة
محبوبة للمولى ومرادة له ومنها كونها ذات مصلحة تستدعى الامر بها الى غير ذلك فاذا
سقط بعض هذه الظهورات عن الحجية بدليل عقلى او لفظى اقوى منه تبقى سائر الظهورات
الاخرى على حجيتها لعدم المزاحم فان قلت هذا صحيح فى نفسه ولكن لا ريب فى ان هذه
الظهورات ليست عرضية ليستقل كل منها بنفسه ولا يكون سقوط احدها عن الحجية موجبا
لسقوط الآخر بل هذه الظهورات طولية فان ظهور الخطاب بالصلاة فى كونها محبوبة
للمولى ومرادة له وانها ذات مصلحة تابع لظهوره فى فعلية الطلب فاذا سقط هذا الظهور
عن الحجية فلا محاله يسقط جميع ما يتفرع عليه من الظهورات المزبورة عن الحجية كما
لا يخفى ، قلت لا ريب فى ان الامور الطولية متلازمة فى التحقق والسقوط فى ما تكون
طولية فيه واما احكامها اذا كانت عرضية فلا ملازمة بينها فى التحقق والسقوط كما هو
الشأن فيما نحن فيه فان الامور الطولية هى الظهورات المزبورة وهى لا تسقط عن
الظهور بقيام الدليل المنفصل العقلى على عدم حجية بعضها اعنى به ظهور الخطاب فى
فعلية الطلب مطلقا وحجية هذه الظهورات ليست بطولية بل هى عرضية فسقوط بعضها عن
الحجية لا يستلزم سقوط الآخر عن الحجية كما لا يخفى.
وبمثل هذا البيان (١)
نتمسك باطلاقات الخطابات لاحراز المصلحة حتى فى حال العجز (٢) لا (٣) بما يتوهم (٤)
من التمسك باطلاق المادة دون الهيئة (٥) اذا (٦) التفكيك بين الهيئة والمادة فى
ظهور الاطلاق وعدمه مع اتصالهما فى الكلام فى غاية البعد والاشكال وسيجيء توضيح
ذلك ايضا فى بحث خطاب المشافهة (٧) إن شاء الله نعم (٨) مع انفصال القرينة العقلية
(٩) فى التمسك باطلاق الخطاب عند
______________________________________________________
(١) اى ظهور
الخطاب فى ثبوت المصلحة وانما ليس له المحركية للعبد.
(٢) اى نتمسك
باطلاق الخطاب وهذا الظهور لثبوت المصلحة حتى فى حال العجز.
(٣) واما استفادة
ان طبيعة المامور به ذات مصلحة مطلقا حتى فى حال سقوط امرها للعجز ـ اى غير ما
تقدم منه من ظهور الخطاب ـ.
(٤) فقد يستدل ـ اى
المتوهم ـ لها باطلاق المادة وهو يستلزم كون المصلحة من لوازم المادة فتكون مطلقة
باطلاقها.
(٥) اى دون اطلاق
الهيئة من جهة اقتضاء فعلية التكليف فقاصرة عن الشمول حال العجز.
(٦) ـ هذا هو
الجواب عنه ـ اذ لا يتحقق الاطلاق فى المادة لا بالخطاب المتعلق بها ومع سقوطه
بالعجز ونحوه يبقى نفس اللفظ ـ اى المادة ـ بلا خطاب اى بلا تكليف فلا يكون
مستعملا فى معنى ليقع التردد فى كونه مطلقا او غير مطلق الخ وان شئت قلت فاذا كانت
الهيئة المزبورة قاصرة عن الدلالة على السعة فمع اقترانها بالمادة كانت من باب
اتصال المادة بما يصلح للقرينة وان لم يكن بقرينة وهذا المقدار يكفى لمنع ظهور
المادة فى الاطلاق.
(٧) فى باب العام
والخاص ان الخطاب يشتمل الغائبين والمعدومين ام لا سيأتى إن شاء الله تعالى.
(٨) ثم اشار الى
التمسك بالاطلاق فى الشك فى القدرة واليك توضيحه وهو الفارق الثانى بين القدرة
وسائر القيود الشرعية.
(٩) ففى القرائن
المنفصلة الغير الكاسرة لظهور الخطاب نظير حكم العقل باشتراط القدرة فى صحة توجيه
التكليف والشك فى القدرة يؤخذ بظهور الخطاب
الشك فى القدرة
واحرازها به مبنى على جواز التمسك بالعام عند الشك فى مصداق المخصص اللبى وإلّا
كما هو المختار ففى التمسك باطلاق الخطاب اشكال (١) نعم الذى يسهل الخطب (٢) هو ان
الشك فى القدرة (٣) فى كلّية التكاليف (٤) حتى (٥) الثابتة بادلة لبيّة (٦) كحكم
العقل بالملازمة (٧) وامثاله محكوم عند العقل بالاحتياط (٨) بل (٩) وبالغاء احتمال
عدمها قبال (١٠) سائر قيود التكليف شرعا فانها تجرى البراءة عند الشك وذلك هو الوجه
(١١) فى احراز
______________________________________________________
فى الاطلاق لمجرد
قابلية المحل من جهة القدرة ما لم تقم قرينة خارجيه على عدم القدرة.
(١) ولكن هذا مبنى
على جواز التمسك بالعام عند الشك فى مصداق المخصص اللبّى وعند المحقق الماتن
وعندنا غير جائز فلا مجال للتمسك باطلاق الخطاب لذلك ولكن هناك طريق آخر.
(٢) وهو انه فى
مورد الشك فى القدرة لا بد من الاحتياط لا لاجل التمسك باطلاق الخطاب بل لوجه آخر
وبه تفترق مع سائر القيود حيث ان المرجع فى سائر القيود الى البراءة.
(٣) وملخص الوجه
ان القدرة العقلية.
(٤) الثابتة فى
مطلق التكاليف الشرعية.
(٥) سواء كانت
بادلة لفظية كالكتاب والسنة.
(٦) ام الدليل
اللبي كالاجماع وحكم العقل المستقل.
(٧) او غير
المستقل كباب الملازمات العقلية.
(٨) فى جميع ذلك
يحكم العقل بوجوب الاحتياط عند الشك فى القدرة.
(٩) بل يحكم بلزوم
الغاء احتمال عدمها وعدم الاعتناء به.
(١٠) فى قبال سائر
القيود التى يرجع الى البراءة عند الشك فى وجوده.
(١١) فوجوب
الاحتياط عقلا والذهاب الى اتيان المكلف به حتى يحرز انه غير مقدور هو الوجه للزوم
احراز القدرة ولو لم يكن للدليل اطلاق يشمل حال الشك.
القدرة مع الشك
بها حتى فى مورد لم يكن للتكليف اطلاق لا (١) بالاطلاق فى الخطاب كما توهم وكيف
كان ظهر (٢) مما ذكرنا ان حال القدرة (٣) من سائر الجهات (٤) حال سائر القيود كانت
بوجودها اللحاظى دخيلا فى مضمون الخطاب وبوجودها الخارجى دخيلة فى مقام تطبيق
العبد ومحركيته. وبالجملة (٥) نقول ان ملخص الكلام فى كلّية المرام حرصا لتوضيح
المرام ان شان الخطابات ليس إلّا مجرد ابراز الاشتياق (٦) توطئة (٧) لدعوة المامور
وانبعاثه فى طرف (٨) تطبيق المامور هذا الخطاب على مورده وح من الواضح (٩) ان ما
هو
______________________________________________________
(١) وليس الوجه هو
التمسك باطلاق المادة كما توهم ولعل المراد هو ما نسب الى شيخنا الاعظم الانصارى
كما سيأتى مفصلا من انه ارجع القيود الى المادة حتى ما ارجع بحسب القواعد الى
الهيئة وعليه لا تكون الهيئة قابلة للاطلاق ايضا فيتمسكون باطلاق المادة وقد عرفت
تلازمهما.
(٢) اى ظهر من
جميع ما تقدم ان شروط الوجوب بوجودها الذهنى اللحاظى لها دخل فى فعلية التكليف
وبوجودها الخارجى لها دخل فى فعلية تاثير التكليف فى الانبعاث والتحريك فى نفس
المكلف.
(٣) والقدرة من
هذا القبيل ايضا.
(٤) اى غير مورد
الشك فيها فانه مجرى اصالة الاحتياط لا البراءة.
(٥) ثم قام فى
توضيح ان الخطابات توطئة للدعوة والمحركية لا انه بنفسه داع.
(٦) وملخصه ان
الخطابات الشرعية ابراز للارادة والاشتياق الى المكلف به من المولى للعبد.
(٧) ويكون توطئة
ومقدمة لمحركية العبد وانبعاثه فى ظرف العمل والتطبيق.
(٨) الصحيح لعله
فيه وفيما بعده كلمة ـ ظرف ـ وهو المناسب.
(٩) فما هو
المعتبر من وجود القيد فى الخارج هو ظرف محركية العبد وانبعاثه وهو ظرف تطبيق
العبد هذا الخطاب على نفسه لوجود قيوده.
لازم من وجود
الموضوع وقيوده خارجا انما هو فى طرف تطبيق المامور الذى هو ايضا طرف محركية خطابه
وبعثه الذى هو (١) من آثار الخطاب واما (٢) فى نفس الخطاب فلا يحتاج الى احراز شىء
من الموضوع بنفسه او بقيده وانما المحتاج اليه (٣) فى هذا المقام ليس إلّا لحاظ
الموضوع بنفسه او بقيده وانما المحتاج اليه فى هذا المقام ليس إلّا لحاظ الموضوع
وفرض وجوده خارجا بقيوده المشتاق اليه فعلا (٤) ويريدها (٥) بمرتبة منها (٦)
الموجب له (٧) ابراز اشتياقه وح فمرتبة (٨) محركية الخطاب للعبيد اجنبية عن مدلول
الخطاب بل هو من شئون التطبيق المتأخر عن الخطاب ولذا نقول بان لفعلية الخطاب مقام
(٩)
______________________________________________________
(١) اى المحركيته
من آثار الخطاب.
(٢) ولا يحتاج الى
ذلك ـ اى وجود الموضوع والقيد فى الخارج ـ فى نفس الخطاب.
(٣) وانما المحتاج
اليه فى ظرف الخطاب مجرد لحاظ القيود فى الموضوع فى عالم اللحاظ والتصور لا
الخارج.
(٤) بل فرض وجوده
خارجا فى عالم اللحاظ.
(٥) فيتعلق به
الإرادة والاشتياق.
(٦) بهذه المرتبة
المتحققة فى عالم اللحاظ فان الارادة والاشتياق ونحوهما مما كان ظرف عروضها هو الذهن
حيث لا يكون دخل تلك القيود فيها الا بوجودها اللحاظى دون الخارجى.
(٧) اى الموجب
لابراز الارادة والاشتياق بالخطاب.
(٨) وقد مر مرارا
ان مرتبة التطبيق ومحركية العبد وانبعاثه وان شئت قلت الإطاعة والامتثال متاخرة عن
مرتبه اصل فعلية الخطاب وابراز الارادة والاشتياق.
(٩) ـ اى فعلية
الارادة والخطاب يغاير مقام فاعليتهما ـ لكون فعلية الارادة والاشتياق المبرز
بالخطاب الفعلى منوط بفرض القيد ولحاظه فى الذهن بوجود المصلحة فى المتعلق فقهرا
يتوجه نحوه الارادة ومباديها ويبرزها بالخطاب.
غير مقام فاعليته (١)
، وانما مرحلة الفاعلية المساوق لتاثير الخطاب فى حركة العبد منوط بتطبيق العبد
اياه على المورد الذى هو فى رتبة متاخرة عن مضمون الخطاب ويستحيل (٢) بلوغ نفس
الخطاب الى هذه المرتبة لاستحالة شموله مرتبة متاخرة عن نفسه ، وح فما توهمه (٣)
بعض بان الخطابات حيث كانت فى مقام انشاء البعث فلا تكاد تتحقق حقيقة المنشأ الا
بوجود شرطه خارجا وان روح الحكم هو البعث وانه لا مجال للتفكيك بين فعلّية الحكم
وفاعله (٤) ، فاسد
______________________________________________________
(١) واما فاعلية
الارادة ومحركيتها نحو المراد لا تكون الا فى ظرف تحقق القيد خارجا الذى هو ظرف
اتصاف المتعلق بالمصلحة فيفكك بين فعلية الارادة وفاعليتها بجعل فعليتها فى ظرف
الانشاء وفاعليتها فى ظرف تحقق القيد فى الخارج.
(٢) ولا يمكن ان
يكون فعلية الخطاب عند فاعلية الارادة ومحال لان الفاعلية فى المرتبة المتأخرة
وفعلية الخطاب فى الرتبة السابقة عليها كيف يتاخر ما هو متقدم وبالعكس فهل هذا
إلّا تقدم الشى على نفسه وهو محال.
(٣) المتوهم هو
المحقق النّائينيّ قدسسره وقد تقدم كلامه والجواب عنه وكرره حرصا على الانكار عليه
وتوضيح بطلانه.
(٤) قال المحقق
النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٢٧ ان موضوع الحكم فى القضية الحقيقية لا بد وان يكون
عنوانا عاما يشاربه الى الموضوعات الخارجية وماخوذا فى القضية على نحو الفرض
والتقدير حتى يحكم بمعرفيته على ذات المفروض مثلا اذا قلنا الخمر مسكر ـ فمعناه
انه اذا فرض شيء فى الخارج وصدق عليه انه خمر فهو مسكر ـ وكذلك الحال فى الانشاءات
فان الحاكم بوجوب الحج على المستطيع مثلا لا بد وان يفرض وجود المستطيع ويحكم على
هذا الموضوع المفروض وجوده بانه يجب عليه الحج فما لم يوجد فى الخارج هذا الموضوع
وكل قيد اخذ مفروض الوجود معه يستحيل فعلية الحكم بل هو باق بمرتبته الانشائية
واذا وجد فى الخارج فيخرج المفروض عن حد الفرض والتقدير الى مرتبة الفعلية
والتحقيق ويثبت له الحكم بنفس ذاك الانشاء لا بانشاء آخر اذا المفروض ان الحكم كان
ثابتا للموضوع على تقدير وجوده فبعد وجوده يكون هو بنفسه موضوع الحكم لا شىء آخر
اذا المنشا
جدا (١) اذ لنا ان
نسأل ان الغرض (٢) من البعث المساوق للمحركية ما هو محفوظ فى مرتبة نفس الخطاب بلا
دخل لمرحلة التطبيق المتاخر عنه رتبة فيه فهو (٣) من الاغلاط لما عرفت ان محركيّة
الخطاب من شئون تطبيق العبد لا من شئونه ولو قبل التطبيق (٤) وان كان الغرض (٥)
انّ البعث من شئون الخطاب ولو بشرط
______________________________________________________
هو الحكم لهذا
الموضوع لا لامر آخر غيره فالقول بان الحكم انشأ بمفهومه لا بواقعه وان الحكم بعد
وجود موضوعه يمكن ان يكون فعليا ويمكن ان لا يكون كذلك مما لا يعقل اذ ليس حال
الاحكام الشرعية الثابتة للموضوعات الاكحال سائر الاحكام الثابتة للموضوعات المقدر
وجوداتها ويستحيل تخلفها عن وجود موضوعها الخ.
(١) فاجاب عنه
المحقق الماتن اولا ذو شقين.
(٢) الشق الأول
انه هل المراد ان البعث ومحركية العبد نحو المراد يتحقق فى رتبة نفس الخطاب من دون
دخل تطبيق العبد الخطاب على نفسه الذى هو فى الرتبة المتاخرة عن الخطاب.
(٣) فاجاب عنه قدسسره انه من الاغلاط.
(٤) وذلك لان
انبعاث العبد ومحركيته من شئون التطبيق وعلم المكلف فى الرتبة المتأخرة عن الخطاب
دون ان يكون من شئون نفس الخطاب قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٤٦ ومما يؤيد ما
ذكرنا من كون التكليف المشروط فعليا قبل تحقق شرطه انه لا اشكال فى انشاء الشارع
للتكليف المشروط قبل تحقق شرطه ولا ريب فى ان انشاء التكليف من المقدمات التى
يتوصل بها المولى الى تحصيل المكلف به فى الخارج والواجب المشروط على المشهور ليس
بمراد للمولى قبل تحقق شرطه فى الخارج فكيف يتصور ان يتوصل العاقل الى تحصيل ما لا
يريده فعلا فلا بد ان يلتزم المشهور فى دفع هذا الاشكال بوجود غرض نفسى فى نفس
انشاء التكليف المشروط قبل تحقق شرطه وهو كما ترى ولكن من التزم بما ذهبنا اليه فى
الواجب المشروط لا يرد عليه هذا الاشكال لفعلية الارادة قبل تحقق الشرط فالمولى
يتوصل بانشائه الى ما يريده فعلا وان كان على تقدير الخ وبذلك يخرج عن عويصة
المقدمات المفوتة كما سيأتى.
(٥) الشق الثانى
انه يكون البعث والتحريك من شئون الخطاب ولو بشرط
تحقق مقدمات
التطبيق ، ففيه (١) ان مثل هذه المرحلة اذا كان دخيلا فى البعث يستحيل ان يكون
البعث من شئون الخطاب وماخوذا فيه لاستحالة (٢) سعة الخطاب للمرتبة المتاخرة عن
نفسه فكيف يكون الامر المترتب فى المرتبة المتاخرة (٣) من شئون الخطاب ومضمونه (٤)
، ومما ذكرنا (٥) ظهر ايضا ان مفاد نفس الخطابات التكليفية أجنبيّة (٦)
______________________________________________________
تطبيق المكلف به
على نفسه.
(١) فاجاب المحقق
الماتن قدسسره نعم ان المحركية والبعث والفاعلية فى مرحلة التطبيق لكن ح
لا يكون البعث من شئون الخطاب بل من شئون التطبيق وفعلية الخطاب تكون فى المرتبة
المتقدمة على التطبيق.
(٢) وذلك لاستحالة
سعة الخطاب للمرتبة المتأخرة عن نفسه وإلّا يلزم تقدم الشى على نفسه وهو محال.
(٣) فلا يمكن ان
يكون ما هو فى الرتبة المتأخرة وهو التطبيق.
(٤) من شئون
الرتبة المتقدمة وهو الخطاب.
(٥) من كون رتبة
البعث والتحريك من شئون التطبيق وفى الرتبة المتاخرة عن الخطاب كما تقدم مرارا.
(٦) بيانه قال
المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٤٥ انه لم يصح جعل الاحكام الشرعية بنحو القضايا
الحقيقية بل الذى صح عندنا كما تقدم بيانه هو كون الاحكام الشرعية فعلية قبل تحقق
شروطها وموضوعاتها سواء كانت مشروطة ام مطلقة منجزة ام معلقة لان الحكم كما شرحنا
حقيقته هى الارادة التشريعية التى اظهرها صاحبها بقوله او فعله ولكن فعلية هذه
الارادة فى نفس المريد تتوقف على جملة تصورات منها تصور كون المراد ذا مصلحة ومنها
تصور ما يتوقف عليه حصول تلك المصلحة فى الخارج ومنها تصور كون اظهار هذه الارادة
التشريعية لا مانع منه الى غير ذلك من التصورات وعند اجتماعها فى نفس المولى تتعلق
ارادته بفعل العبد ثم يظهر تلك الارادة بما يكشف عنها من قوله او فعله سواء كانت
ارادته لذلك الفعل على تقدير دون تقدير ام على كل تقدير وعلى ذلك يكون الحكم فعليا
قبل تحقق شرطه سواء كان الشرط من بعض قيود موضوع الحكم ام كان من قيود النسبة وقد
تقدم شرح ذلك
عن القضايا
الحقيقية المستلزم فيها (١) تبعية فعلية المحمول لفعلية موضوعه وفرضه لفرضه اذ (٢)
فى المقام فعلية مضمون الخطاب الذى هو المحمول تابع فرض وجود الموضوع ولحاظه طريقا
الى خارجه وانما تخيّل من تخيّل كونها من القضايا الحقيقية (٣) من جهة توهمه (٤)
فى اخذ حيثية المحركية الفعلية فى مضمون الخطاب وعبّر عنها بمرتبة الارادة
والايجاب غافلا (٥) عن ان هذه المرتبة من لوازم تطبيق العبد خطابه على المورد
وبديهى ان مرحلة التطبيق المزبور اجنبى من مفاد الخطاب ومتاخر عنه رتبة كما هو
واضح كما ان من توهم (٦) توقف فعلية الوجوب بوجود الشرط خارجا ايضا (٧) مبنى (٨)
على اخذ
______________________________________________________
مفصلا نعم لو كان
الوجوب ونحوه مجعولا اعتباريا كالملكية لامكن القول بجعل الاحكام بنحو القضية
الحقيقية كما امكن جعل الملكية واعتبارها قبل الموت مع ان ظرف تحققها هو ما بعد
الموت كما هو الشأن فى الوصية التمليكية ولكن قد عرفت ان حقيقة الحكم الشرعى ليست
كذلك بل هى عبارة عن الارادة التشريعية التى اظهرها صاحبها بقوله او فعله فانتزع
منها عنوان الوجوب او الاستحباب مثلا الخ.
(١) اى فى القضايا
الحقيقية يتبع الخطاب للموضوع فان كان فعليا فعلى وان كان فرضيا فرضى.
(٢) وهذا هو
الجواب عنه بان فعلية الخطاب يتبع فرض وجود الموضوع وقيود ولحاظه طريقا الى
الخارج.
(٣) اى منشأ توهم
كونها من القضية الحقيقية.
(٤) هو تخيل كون
المحركية ماخوذا فى مضمون الخطاب وكونها فى مرتبة الارادة والايجاب.
(٥) وقد عرفت انها
مرتبة التطبيق والانبعاث وهى مرتبة متاخرة عن الخطاب.
(٦) ايضا المتوهم
هو المحقق النّائينيّ وقد مر آنفا.
(٧) من توقف فعلية
الوجوب والارادة بوجود الموضوع خارجا مع قيوده.
(٨) ذلك على تخيّل
اخذ المحركية فى مضمون الخطاب.
المحركية فى مضمون
الخطاب وإلّا لو ترى (١) كما اشرنا سابقا ايضا ان شأن الخطاب (٢) ليس إلّا بروز
مجرد الاشتياق الملازم (٣) لمرتبة من الارادة من الامر المتعلق بحفظ وجود مرامه (٤)
بصرف خطابه مع (٥) جعل مقدمات التطبيق فى عهدة عبدة لكان يصدّق (٦) ان هذا المقدار
لا يقتضى فعليّة وجود الشرط او الموضوع بقيوده خارجا بل شانه ابراز الاشتياق
المنوط بوجود الموضوع بحدوده وقيوده فى لحاظه الطريق الى خارجه فيكتفى (٧) بقوله
لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا من دون احتياج مضمون الخطاب الحاصل
فعلا الى وجود مستطيع او استطاعة (٨)
______________________________________________________
(١) وكل ذلك توهم
باطل لما مر سابقا.
(٢) من كون الخطاب
هى الارادة المبرزة بمباديها.
(٣) وتكشف عن
مرتبة من الارادة فى نفس المولى.
(٤) المتعلقة بما
اشتياق اليه من المكلف به وبين بهذا الخطاب ، غاية ما هناك انه لا يكون الاشتياق
والارادة على نحو الاطلاق كما فى الواجبات المطلقة بل كان الاشتياق منوطا بالفرض
المزبور.
(٥) اما مقدمات
التطبيق يكون بيد العبد وليس من شئون الخطاب.
(٦) وهذا المقدار
من فعلية الخطاب بابراز الاشتياق لو كان يتفكر فيه الخصم لكان يصدّق بعدم استلزام
وجود الموضوع والقيد خارجا فى فعليّته بل يكفى وجوده اللحاظى والفرضى فى الاشتياق
والارادة الفعلية وابراز الخطاب فانه فى ظرف فرض وجود الموضوع ولحاظه حيثما يعلم بوجود
المصلحة فيه يتحقق حقيقة الاشتياق والإرادة لا فرضه.
(٧) بيان ذلك إذا
لاحظ الشارع الحج فى ظرف لحاظ الاستطاعة طريقا الى الخارج يقطع منوطا بالفرض
المزبور بكونه ذا مصلحة محضة ومع قطعه ذلك بمقتضى تبعية الارادة للعلم بالمصلحة
يتوجه نحوه الميل والمحبة والاشتياق فعلا فيطلبه ويريده منوطا بالفرض المزبور.
(٨) بل المنوط به
والموضوع هو الملحوظ الذهنى بنحو يرى خارجيا على
وانما يحتاج اليه (١)
فى مقام تطبيق العبد اياه على المورد وعليه فلبّ الواجبات (٢) ومضمون الخطابات ليس
إلّا ارادة المولى الموجب لابراز اشتياقه لمحض الدعوة بمباديها فى ظرف تطبيق العبد
وهذه المرتبة (٣) من الارادة تارة مطلقة (٤) حسب اطلاق اشتياقه واخرى منوطة (٥)
بوجود موضوعه او شرط من شروطه فى لحاظ الامر حسب اناطه اشتياقه بها وصالحة
للمحركية فى طرف تحقق مقدمات تطبيق المامور هذه الكبريات على المورد بلا محركيتها
للعبد فعلا (٦) ، ولعمرى انه لا يكاد ينقضى تعجبى فى اخذهم المحركية المزبورة فى
______________________________________________________
وجه لا يلتفت الى
ذهنيّته فالموضوع للارادة والاشتياق هو فرض وجود الموضوع ولحاظه طريقا الى الخارج
فلا جرم فى ظرف فرض وجود الموضوع وفرض وجود المنوط به يتحقق حقيقة الاشتياق والإرادة.
(١) وانما وجود
الموضوع وقيوده خارجا يعتبر فى محركية العبد وانبعاثه.
(٢) وحاصل الكلام
ان التكاليف والواجبات هى الارادة والاشتياق وانما الخطاب لابراز الارادة ومباديها
ويكون داعوية الخطاب ومحركيته عند تطبيق العبد فانبعاثه من شئون التطبيق لا الخطاب
فان الخطاب فعلى عند ابرازه الارادة والاشتياق وهى مرتبه من الارادة.
(٣) وهذه المرتبة
من الإرادة الفعلية المبرزة عند لحاظ الموضوع على نحوين.
(٤) النحو الأول
كون الارادة مطلقة عند لحاظ الموضوع من دون اناطته بقيد او شرط فيكون واجبا مطلقا.
(٥) النحو الثانى
كونها تابعة فرض وجود تلك القيود فى لحاظه وتصوره على نحو الطريقية الى الخارج
بنحو يلزمه فعلية الطلب وتحققه قبل تحقق المنوط به فى الخارج غايته لا مطلقا بل
منوطا بفرض وجوده ولحاظه لا تابعة وجود تلك القيود فى الخارج حتى لا يكون للطلب
وجود الا فى ظرف وجود القيود فى الخارج.
(٦) ولا يكون
الخطاب محركا للعبد الا عند التطبيق وهى المرتبة المتأخرة عنها.
مضمون الخطاب وجعل
الايجاب الذى هو مضمونه بزعمهم منوطا بوجود الموضوع والشرط خارجا بحيث يوجب فرض
الموضوع فرض محموله وادخلوا مثل هذه الخطابات ايضا فى القضايا الحقيقية مع ان مضامين
الخطابات التكليفية على ما عرفت بما لا مزيد عليه اجنبية عن هذا المرتبة بمراحل (١).
ثم ان للعلامة الاستاد كلام فى تصويره اناطة فعليّة البعث فى المشروطات بوجود
الشرط خارجا مع التزامه بكفاية وجوده اللحاظى (٢) فى توجّه اشتياقه (٣) وملخصه انه
من الممكن قيام مفسد فى بعثه قبل وجود شرطه فلا جرم يصير بعثه منوطا بانتفاء
المفسدة الملازم لوجود شرطه خارجا (٤) ، ولكن
______________________________________________________
(١) وذلك فان
مضمون الخطاب وهى الارادة والاشتياق يكون عند فرض الموضوع وقيوده فى اللحاظ والذهن
فى الرتبة المتقدمة وابرازها متاخر عنها برتبة وعلم المكلف وتطبيقه فى الرتبة
الثالثة حتى يوجب محركية الخطاب فكيف يؤخذ ما هو فى الرتبة الثالثة وهو وجود
الخارجى الموضوع وقيوده فى الرتبة السابقة عليه بمراحل فليس إلّا تقدم الشى على
نفسه وهو محال.
(٢) قال صاحب
الكفاية ج ١ ص ٢٢٣ لا يخفى ان كون وجود الطبيعة او الفرد متعلقا للطلب انما يكون
بمعنى ان الطالب يريد صدور الوجود من العبد وجعله بسيطا لا انه يريد ما هو صادر
وثابت فى الخارج ـ وانه لا بد فى تعلق الطلب من لحاظ الوجود او العدم معها فيلاحظ
وجودها فيطلبه ويبعث اليه لى يكون ويصدر منه الخ.
(٣) قال صاحب
الكفاية ج ١ ص ١٥١ فالحرى ان يقال ان الواجب مع كل شيء يلاحظ معه ان كان وجوبه غير
مشروط به فهو مطلق بالإضافة اليه وإلّا فمشروط كذلك وان كان بالقياس الى شىء آخر
بالعكس ثم الظاهر ان الواجب المشروط كما اشرنا اليه نفس الوجوب فيه مشروط بالشرط
بحيث لا وجوب حقيقة ولا طلب واقعا قبل حصول الشرط الخ.
(٤) قال صاحب
الكفاية فى ج ١ ص ١٥٤ المنشا اذا كان هو الطلب على تقدير حصوله فلا بد وان لا يكون
قبل حصوله طلب وبعث وإلّا لتخلف عن انشائه وانشاء امر على تقدير كالاخبار به بمكان
من الامكان ـ اى ان قال ـ كما يمكن ان يبعث فعلا
لا يخفى ما فيه
مضافا (١) الى ان الظاهر (٢) الخطابات المشروطة اناطة الوجوب بجميع مباديه على
الشرط كما ان الظاهر (٣) منها ايضا ان الحكم بفعليته منوط
______________________________________________________
اليه ويطلبه حالا
لعدم مانع عن طلبه كذلك يمكن ان يبعث اليه معلقا ويطلبه استقبالا على تقدير شرط
متوقع الحصول لاجل مانع عن الطلب والبعث فعلا قبل حصوله ـ الى ان قال ـ ان يصير
بعثا بعد حصول الشرط بلا حاجة الى خطاب آخر بحيث لولاه لما كان فعلا متمكنا من
الخطاب هذا مع شمول الخطاب كذلك للايجاب فعلا بالنسبة الى الواجد للشرط فيكون بعثا
فعليا بالإضافة اليه وتقديريا بالنسبة الى الفاقد له الخ وعليه اذا تحقق الشرط
خارجا ارتفع المانع عن الطلب فيصير الطلب فعليا.
(١) قال المحقق
الماتن فى البدائع ص ٣٤٧ وفيه اوّلا ـ اى عليه ـ ان المعلق عليه وجود التكليف
خارجا ح هو عدم المانع لا وجود الشرط وعليه يلزم المتكلم ان ينشئ خطابه هكذا اذا
لم يكن كذا فافعل كذا.
(٢) اى هذا خلاف
ظاهر الخطابات الواجب المشروط من اناطة الوجوب والارادة بجميع مباديها على الشرط
لا المانع والمفسدة كما قاله صاحب الكفاية ولو سلّم ـ فان قلت ان ما ذكرته مستقيم
فى الخطابات العرفية التى يمكن للمكلف معرفة المانع فيصح للمولى العرفى ان ينشئها
معلقة على عدم المانع فيقول اكرم زيدا اذا لم يتهاون بحقك واما التكاليف الشرعية
المبنية على المصالح والمفاسد الخفية التى لا يهتدى اليها عامة الناس فلا يمكن
تعليق التكاليف المنشأة بلحاظها على وجودها او عدمها نعم يمكن ان ينشئها الشارع
معلقا لها على عناوين عرفية يلازم وجودها وجود تلك المصالح او عدم تلك المفاسد
فاذا علق خطابا على وجود امر فى الخارج وثبت بالدليل استحالة كونه بوجوده الخارجى
شرطا لوجود الحكم فلا بد ان نصرف التعليق عن ظاهر القضية ونقول ان المعلق عليه فى
الواقع هو عدم المانع وانما علق الحكم على العنوان الوجودى لملازمته لعدم المانع
فى الواقع وامكان اطلاع المكلف على هذا العنوان الوجودى دون عدم المانع.
(٣) قلت ـ اى ان
الظاهر من الخطابات المشروطة ان الحكم بفعليته منوط بنفس الشرط لا بلازمه وهو
الملازم لوجود شرطه خارجا كما قال فى الكفاية ولو سلم على هذا ثبت ان القضية
الشرطية لا يمكن الاخذ بظاهرها كما هو مذهب المشهور بل لا بد من التصرف فيها اما
بجعل الشرط قيدا للواجب فيكون المكلف به هو الفعل
بنفس الشرط (١) لا
بلازمه (٢) ، انه (٣) ما المراد من البعث المانع عنه المفسد فان اريد (٤) مرتبة
محركية الاشتياق للمولى فى عالم جعل احكامه الفعلية على العباد (٥) ،
______________________________________________________
المقيد بوجود
الشرط المعلق عليه التكليف فى ظاهر القضية الشرطية كما هو راى العلامة الانصارى فى
ما نسب اليه قده واما بجعل الشرط قيدا للحكم بالطور الذى رايناه وشرحناه فيما سبق
وهو انه كما يمكن ان تتعلق الارادة التشريعية بفعل العبد على كل تقدير لكونه ذا
مصلحة على كل تقدير كذلك يمكن ان تتعلق بفعل العبد على تقدير دون تقدير فاذا لاحظ
الآمر الفعل على هذا التقدير الخاص فوجده ذا مصلحة تعلقت به ارادته فعلا على ذلك
التقدير واظهر تلك الارادة الخاصة بطور التعليق كاشفا عن نحوها الخاص ليكون
تاثيرها فى تحريك العبد نحو المكلف به عند حصول ذلك التقدير المقيد للارادة
التشريعية والتصرف فى ظاهر القضية الشرطية باحد هذين النحوين اولى من التصرف
المزبور لقرب ظاهر القضية اليهما دونه لكون ظاهرها تعليق وجود على وجود لا تعليق
وجود على وجود لملازمته لعدم شىء الخ فانه خلاف ظاهر القضية كما عرفت ويتعين الوجه
المختار ايضا لما عليه الوجدان بل سيأتى انه لا وجه لرجوع القيود الى المادة دون
الهيئة.
(١) اى الشرط
المعلق عليه فى القضية.
(٢) وهو وجود
الشرط خارجا الملازم لعدم المانع.
(٣) قال المحقق
الماتن فى البدائع ص ٣٤٨ وثانيا ما المراد بالمانع عن فعلية التكليف قبل تحقق
شرطه.
(٤) فان كان
المراد به ما يكون مانعا عن حدوث الارادة التشريعية فى نفس الشارع كما اذا علم
المولى ان ارادته التشريعية تستلزم بعض المفاسد التى يبغض وجودها فكما ان تصور كون
الفعل على تقدير ذا مصلحة يوجب تعلق الارادة التشريعية بذلك الفعل على ذلك التقدير
كذلك تصور ان فعلية الارادة التشريعية قبل تحقق التقدير المزبور تستلزم بعض
المفاسد يكون مانعا من حدوث الارادة التشريعية قبل تحقق شرط التكليف.
(٥) فهو توهم
مردود بان المفسدة التى تنشأ من فعلية الارادة او تلزمها انما
ففيه (١) ان هذه
المرتبة كما تقدم منتزعة عن مجرد ابراز اشتياقه بانشائه وخطابه ليدعو عبيده عند
تطبيقه الى العمل وبديهى ان هذا المعنى قد تحقق اذ بخطابه ابرز اشتياقه الغير
المنوط لوجود شىء خارجا حسب اعترافه ، وان اريد (٢) مرتبه محركيّته للعبد فقد تقدم
انه من تبعات تطبيق العبد مفاد الخطاب على المورد (٣) وهو ح اجنبى عن مضمون
الخطابات طرّا وكان منوطا بوجود الشرط
______________________________________________________
هى فى طولها ـ اى
فى المرتبة المتاخرة عن الارادة بانه يلزم من الارادة التالى فاسد ـ وما يكون فى
طول الشىء لا يعقل ان يمنع من وجوده فالمفسدة لا يعقل ان تمنع من وجود الارادة
فكذلك لا يعقل ان يكون العلم بوجودها مانعا عن وجود الارادة اذ كما ان الارادة لا
تتحقق بتصور مصلحة فيها كما تقدم فكذلك لا يتصور عدم تحققها لتصور مفسدة فيها مع
انه لو اغضينا عن ذلك لكفى فى فساد هذا التوهم استلزامه لاختيارية الارادة اذ ما
يكون عدمه باختيار الانسان كان وجوده باختياره ايضا وكون الارادة امرا اختياريا
خلاف ما يظهر منه ، وان كان المراد بالمانع هو المانع عن اظهار الارادة التشريعية
قبل تحقق شرطا التكليف ـ اى بالخطاب والابراز ـ.
(١) ـ اى ايضا لا
يتم ـ فهو خلاف الوجدان ـ اى ابرز الاشتياق بالخطاب ـ فانا نعلم من نفس انشاء
الوجوب المشروط عدم المانع المزبور اذ لو كان مانع من اظهاره الارادة التشريعية
المعلقة على شرط ما لما أنشأ الشارع هذا التكليف بنحو القضية الشرطية فبدليل الإنّ
نستكشف عدم المانع عن اظهار الارادة التشريعية.
(٢) وان كان
المراد بالمانع هو المانع عن اظهار الإرادة التشريعية قبل تحقق شرط التكليف على
نحو البعث والتحريك الفعلى كى يوجب حركة المكلف فعلا.
(٣) ففيه ما عرفت
من ان باعثيّة الحكم ومحركيته غير قابل لان يؤخذ فى قوام نفس الحكم لكى يصح ان
يقال بان الحكم مشروط ومعلق على وجود الشرط لملازمته لارتفاع المانع عنه بل هى مما
يحصل بعد تطبيق المكلف حكم المولى بتمام حدوده وقيوده المعتبرة فيه على نفسه
والمفروض عدم تمامية ذلك الا فى ظرف وجود الشرط ـ اى خارجا ـ الملازم لارتفاع
المانع فالذى هو مشروط ليس هو الحكم ـ اى المشروط محركيته وهو لا يلازم وجود
المفسدة بل يلزم وجود الشرط خارجا تطبيق العبد على نفسه كان هناك مفسدة ارتفع به
ام لا ـ واما نفس الحكم فلم يفرض
خارجا بلا احتياج
الى قيام مفسدة فى نفسه كما لا يخفى. ثم (١) انّ من شئون كون
______________________________________________________
اشتراطه وتعليقه
ومرجعه ح الى ما اخترناه فى تفسير الواجب المشروط الخ واما استادنا الخوئى قال فى
بيان الواجب المطلق والمشروط فى هامش الاجود ج ١ ص ١٢٩ التحقيق ان يقال انه بعد ما
ظهر من ان حقيقة الانشاء انما هو ابراز امر نفسانى الذى هو فى موارد الجمل الطلبية
عبارة عن اعتبار كون الفعل على ذمة المكلف وليس فى موارد الانشاء من ايجاد المعنى
باللفظ عين ولا اثر وبعد وضوح ان فى موارد الجمل الشرطية لا معنى لرجوع القيد الى
نفس المادة ضرورة ان استعمال قضية اذا توضأت فصل فى مقام طلب الصلاة المقيدة
بالطهارة يعد من الاغلاط وبعد ما ستعرف من ان ارجاع القيد الى المادة المنتسبة لا
محصل له لا مناص من رجوع القيد فى القضايا الشرطية الى ما هو المستفاد من الهيئة
وهو اعتبار كون الفعل على ذمة المكلف بيان ذلك ان الاعتبار النفسانى قد يتعلق بكون
شىء على ذمة المكلف على الاطلاق وقد يتعلق به على تقدير دون تقدير والمبرز لاطلاقه
وتقييده فى مقام الثبوت هو اطلاق الخطاب وتقييده فى مقام الاثبات وعلى ذلك فالفرق
بين الواجب المشروط والمطلق هو الفرق بين بابى الوصية والإجارة فان الانشاء فى
كليهما وان كان فعليا إلّا ان المعتبر فى باب الوصية هى الملكية على تقدير الموت
بخلاف باب الاجارة فان المعتبر فيه هى الملكية المطلقة غير المعلقة على شىء ولو
كانت المنفعة متاخرة ايضا ـ الى ان قال ـ ان الايجاب ان اريد به ابراز المولى
لاعتباره النفسانى فالابراز والبروز والمبرز كلها فعلية من دون ان يكون شيء منها
متوقفا على حصول امر فى الخارج وان اريد به الاعتبار النفسانى فيما انه من الصفات
ذات الإضافة كالعلم والشوق ونحوهما فلا مانع من تعلقه بامر متاخر فكما انه يمكن
اعتبار الملكية او الوجوب الفعليين يمكن اعتبار الملكية او الوجوب على تقدير الخ
فلا يكون الوجوب قبله كما لم يمكن الملكية فى الوصية قبل الموت وهو يرى الحكم حقيقته
من الامور الاعتباريّة وجعل الاعتبار ولو يكون ازلا لكن العبرة بوجود الموضوع
وقيوده فى فعلية الحكم تبعا لاستاده المحقق النّائينيّ وقد مر مفصلا فساده مرارا
ويكون كالملكية فالصحيح ما عليه المحقق العراقى قدسسره.
(١) بقى الكلام فى
ثمرة الفرق بين المختار والمشهور فى الواجب المشروط وتختلف على المسالك المسلك
الاول وهو المختار من فعلية الوجوب قال المحقق
المحركيّة (١) من
شئون تطبيق العبيد كبراه على مورده ان العبد بمحض علمه بحصول الشرط فى موطنه (٢)
يقطع باحتياج حفظ مرام مولاه بحفظ مقدماته
______________________________________________________
الماتن فى البدائع
ص ٣٤٩ تظهر ثمرة الفرق بين المختار والمشهور فى الواجب المشروط فى المقدمات
المفوتة وهى المقدمات التى اذا لم يفعلها المكلف قبل تحقق شرط التكليف لا يمكنه
فعلها بعد تحققه فانها على المختار تجب وجوبا غيريا تعيينيا اذ منشأ وجوبها الغيرى
وهو الوجوب النفس المشروط متحقق بالفعل على الفرض وبما انه لا بدل لها بعد تحقق
الشرط فيتعين الاتيان بها قبله كما هو شان الواجب التخييرى اذا انحصر وجوده فى بعض
مصاديقه وافراده وكذلك تجب المقدمات الغير المفوتة تخييرا لاقتضاء فعلية الوجوب
ذلك ايضا وقال فى ص ٣٦٦ قد ظهر مما تقدم ان مقدمات وجود الواجب تكون على الملازمة
واجبة بالفعل وان كان الواجب المتوقف عليها مشروطا او معلقا ولم يحصل شرطه او قيده
لان الوجوب النفسى على المختار دائما متحقق وان لم يتحقق موضوعه او شرطه وح يكون
وجوب المقدمات المفوتة او حرمة تفويتها على طبق القاعدة ولا نحتاج فى اثباته الى
دليل آخر غايته ان وجوب المقدمات غير المفوتة فى الواجب المشروط والمعلق قبل حصول
شرطه او قيده يكون تخييريا وفى المفوتة يكون تعيينا وعليه لا اشكال فيما ورد من
وجوب مقدمات بعض الواجبات المشروطة قبل تحقق شرطه ولو ورد من الشارع المقدس خطاب
غيرى بفعل بعض مقدمات الواجب المشروط قبل تحقق شرطه امكن استكشاف كون تلك المقدمة
من المقدمات المفوتة بدليل الإنّ كما انه يحتمل كونها من غير المفوتة فوجوبها
الغيرى لا محاله يكون تخييريا وانما عين الشارع الاتيان بها قبل حصول شرط الواجب
النفس لمصلحة نفسية فى تقديمها هذا كله على المختار الخ من الالتزام فى جميع
الواجبات المشروطة بفعلية الطلب فيها قبل حصول شرطها غايته انه ينفك فيها كما
ذكرنا بين الفعلية وبين الفاعلية فيجعل فاعلية الطلب فى ظرف حصول المنوط به فى
الخارج الذى هو ظرف اتصاف الذات بالمصلحة.
(١) اى فاعلية
الخطاب انما يكون عند تطبيق العبد.
(٢) وعلم العبد
بحصول الشرط فى موطنه والارادة فعليه.
فعلا (١) فيطبّق (٢)
الاشتياق الغيرى على المقدمة الناشى عن الاشتياق الفعلى الحاصل فى طرف لحاظ القيد
فى موطنه اذ لا يرى ح قصورا فى ترشّح الاشتياق الغيرى من الاشتياق الفعلى المنوط
بوجود الشىء المحرز فى موطنه فيتحرك (٣) العبد ح نحو المقدمات قبل حركته نحو ذيها
وح (٤) لنا ايضا نقول انّه لو كانت المحركيّة الفعلية للمامور ماخوذا فى فعليّة
الارادة ومضمون الخطاب فيلزم الالتزام بتقدم ارادة المقدمة فى غالب المقامات عن
ارادة ذيها وهو خلاف ديدنهم من تبعية ارادة المقدمة عن ارادة ذيها كما لا يخفى ،
ومن التامل فى ما ذكرنا (٥) ظهر ايضا ان الخطابات (٦) بنفسها كافية فى احداث
الارادة الغيرية نحو
______________________________________________________
(١) ويتوقف على
مقدمات فعلية.
(٢) فلا محاله
يترشح الإرادة الغيرية الى مقدماته لحفظ مرام مولاه من الارادة الفعلية المنوط
بالشرط.
(٣) وبها تتحرك
نحو المقدمات قبل تحركه نحو ذيها.
(٤) وهذا اشاره
الى الاشكال على ما عليه المشهور قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٦٧ واما على
المشهور فيشكل الامر فى وجوب المقدمات المفوتة قبل حصول شرط الواجب النفسى وفى وجه
الوجوب الغيرى الصادر من الشارع فى بعض المقدمات المفوتة قبل تحقق وقت الواجب
النفسى كالغسل قبل الفجر على من وجب عليه صوم ذلك اليوم وحاصل الاشكال انه كيف
يعقل وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها مع ان وجوبها من آثار وجوب ذيها ومن توابعه الخ
بناء على عدم فعلية الارادة والتكليف بهما قبل حصول القيد فى الخارج وقد فر صاحب
الكفاية من الاشكال بالوجوب التهيئي والمحقق النّائينيّ بمتمم الخطاب والصحيح ما
تقدم منا.
(٥) كما مر مفصلا
من ان الارادة فعلية والخطاب مبرزها ومحركيتها فيما بعد وتترشح الارادة على
مقدماتها.
(٦) اى يرتفع
الاشكال فى الواجبات الموقتة قبل وقتها ايضا لفعلية الطلب والارادة قبل الوقت
ويترشح الوجوب الى المقدمات عند العلم بحصوله الشرائط فى موطنه.
المقدمات المفوتة
بمحض تطبيق العبد الخطاب فى المورد حتى فى الموقّتات قبل وقتها من دون احتياج الى
خطاب آخر مسمّى بمتمم الايجاب او بالوجوب التهيّئي (١)
______________________________________________________
(١) المسلك الثانى
وهو عدم فعلية الوجوب الا بعد تحقق الموضوع فذهب الى الواجب التهيئي هو الذى ذكر
صاحب الكفاية ج ١ ص ١٦٦ فانقد ح بذلك انه لا اشكال فى الموارد التى يجب فى الشريعة
الاتيان بالمقدمة قبل زمان الواجب كالغسل فى الليل فى شهر رمضان وغيره مما وجب
عليه الصوم فى الغد اذ يكشف به بطريق الإنّ عن سبق وجوب الواجب ـ اى الواجب المعلق
ـ وانما المتاخر هو زمان اتيانه ولا محذور فيه اصلا ولو فرض العلم بعدم سبقه
لاستحال اتصاف مقدمته بالوجوب الغيرى فلو نهض دليل على وجوبها فلا محاله يكون
وجوبها نفسيّا ولو تهيّأ ليتهيأ باتيانها واستعد لايجاب ذى المقدمة عليه ولا محذور
ايضا الخ وهذا له موارد عديدة بوجوب المقدمة من قبل وجوب ذى المقدمة منها ما تقدم
حكمهم بوجوب الغسل على المحدث بالاكبر فى الليل من قبل ان يطلع الفجر مقدمة للصوم
المتعين فى الغدو منها حكمهم بوجوب السعى الى الحج على المستطيع النائى من قبل
هلال ذى الحجة ومنها حكمهم بوجوب حفظ الماء من قبل دخول وقت الصلاة اذا علم بعدم
التمكن منه بعد دخول الوقت ومنها حكمهم بوجوب معرفة القبلة لمن حاول المسافرة الى
البلدان النائية الى غير ذلك فنسب الى المحقق التقى صاحب الحاشية المعالم من
الالتزام بالوجوب النفسى التهيئي يعنى يكون وجوب المقدمة قبل وقتها وجوبا نفسيا لا
غيريا ويمكن ان تكون المصلحة النفسية فيه التهّيؤ والاستعداد لورود الوجوب النفسى
المتعلق بذى المقدمة بعد الوقت لكن ارادة التهيّؤ ارادة غيرية فالوجوب الناشى منها
غيرى فيرجع الاشكال لامتناع انفكاك الارادة الغيرية عن الارادة النفسية إلّا ان
هذا التقريب مبنى على لزوم التفكيك بينهما فى مثل الفرض لكن عليه يلزم ان تكون
جميع الواجبات الغيرية المتقدمة على الواجب النفسى زمانا واجبات تهيئية ، وقال
المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣١٨ وهو ايضا مما يحتاج الى قيام دليل عليه
بالخصوص من اجماع او غيره يقتضى وجوب تحصيلها بوجوب نفسى تهيئى وح فان قام فى
البين نص او اجماع على وجوب تحصيل تلك المقدمات تعبدا فهو وإلّا فمقتضى القاعدة
بعد
.................................................................................................
______________________________________________________
عدم فعلية الوجوب
والتكليف بالنسبة الى ذيها هو عدم وجوبها وان كان ادّى تركها فى الحال الى ترك
الواجب فى ظرفه عند حصول قيده وشرطه من جهة امتناع تحققه فى ظرفه ح بعد ترك
المقدمات فى الحال الخ هذا ما ذكروه من وجوب النفسى التهيئي وقد عرفت ما فيه ولذا
جعلوا من تقسيمات الواجب تقسيمه الى النفسى والتهيئي قال المحقق الماتن فى النهاية
ج ١ ص ٣٣١ والمراد من الواجب التهيئى هو ما كان المقصود من ايجابه التوصل به الى
ايجاب شىء آخر وعمده الغرض من هذا التقسيم انما هو الفرار عن شبهة المقدمات
المفوتة للواجبات الموقتة قبل وقتها فانهم بعد ان بنوا على عدم فعلية التكليف
بالموقت قبل حصول وقته اشكل عليهم وجوب مقدماته الوجودية قبل حصول الوقت فمن ذلك
التزموا بوجوبها وجوبا تهيئيا فرارا عن محذور وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها فصار
وافى مقام هذا التقسيم وإلّا فعلى ما ذكرنا من فعلية الوجوب فى الموقتات
والمشروطات قبل حصول وقتها وشرائطها لا يحتاج الى مثل هذا التقسيم ومن ذلك ايضا لم
يكن لهذا لقسم من الواجب عين ولا اثر فى كلمات القدماء وانما حدث ذلك فى زمان
المتاخرين من جهة شبهة وجوب المقدمات المفوتة فى الموقتات والمشروطات قبل حصول
وقتها وشرائطها وعلى كل حال نقول بان هذا التقسيم ايضا كسابقه كان بلحاظ مقام التحميل
والايجاب المنتزع عن مرحلة ابراز الإرادة واظهارها لا بلحاظ لب الإرادة والاشتياق
وإلّا فبحسب لب الإرادة لا تخلوا ارادة الشىء عن النفسية والغيرية كما لا يخفى الخ
وتوضيح ذلك ان حقيقة الحكم وهى الارادة لا تختلف من جهة كونه نفسيا او تهيئيا كما
كان تختلف من جهة كونها نفسيا او غيريا لاجل التوصل الى وجود واجب آخر وانما كان
ذلك من شئون الخطاب وابراز الارادة فالخصوصية فى الخطاب بانه لاجل ايجاب شيء آخر
وعدمه ولذا تقدم انه يحتاج الى دليل خاص ـ فنرجع الى ما كنا فيه من بيان الطرق
لوجوب المقدمات المفوتة للواجب قبل وجود شرطه ـ والمسلك الثالث ايضا بناء على عدم
فعلية الوجوب وهو مذهب متمم الايجاب والجعل قال المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص
١٥٦ الملاك الملزم اذا فرض كونه تاما فى ظرفه ولم يمكن استيفائه بخطاب واحد اذا
المفروض عدم التمكن من امتثاله فى ظرفه على تقدير عدم الاتيان بالمقدمة قبله فلا
بد للمولى من استيفائه بخطاب نفسى آخر يتعلق بالمقدمة حتى يكون متمما للجعل
.................................................................................................
______________________________________________________
الاول وبما ان
الجعل الثانى نشا من شخص الملاك الناشى منه الجعل الاول فيكون هو والجعل الاول فى
حكم خطاب واحد ويكون عصيانه موجبا لاستحقاق العقاب على ترك ما وجب بالجعل الاول فى
ظرفه فان الامتناع بالاختيار لا ينافى صحة العقاب كما عرفت فعدم كون الواجب مقدورا
فى ظرفه لا ينافى العقاب على تركه المنتهى الى الاختيار مع فرض خطاب آخر نفسى ناش
من نفس ذاك الملاك بحيث يكون عصيانه عصيانا لذلك الخطاب من الآن نعم لو فرضنا ان
الملاك بحسب ظاهر الخطاب يكون تابعا للقدرة الخاصة وهى القدرة فى زمان الواجب فلا
يمكن استكشاف خطاب آخر الى آخر كلامه وقال فى ص ١٥١ وان اردت توضيح ذلك فارجع الى
نفسك فى ارادتك التكوينية وقس عليها الارادة التشريعية فانك لا تشك فى ان من يعلم
بابتلائه فى السفر بالعطش او يطمئن به او هو فى معرض الابتلاء به عادة لو ترك
تحصيل المقدمات من الاول ولم يحصل الماء قبل ابتلاءه يكون مذموما عند العقلاء
لانتهاء الامتناع الى الاختيار فلا محاله تتعلق ارادة تكوينيه بايجاد القدرة او
حفظها قبل بلوغه الى وقت العطش وكون شرب الماء ذا مصلحة ملزمة فاذا كان هذا حال
الارادة التكوينية يعرف منه حال الارادة التشريعية ايضا للملازمة بينهما الخ واورد
عليه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٦٨ ان القاعدة المزبورة لا شبهة فى صحتها فى
موردها وهو ما اذا تحقق التكليف فى حق المكلف لاجتماع شرائطه ولكن المكلف يقصر فى
تهيئة مقدمات امتثاله حتّى يمتنع عليه امتثاله فى ثانى الاحوال والأزمنة فامتناع
امتثاله فى ثانى الأزمنة وان اوجب سقوط الخطاب فيه ولكنه لا ينافى كون عصيانه لذلك
الخطاب انما هو بالاختيار فيستحق عليه العقاب واما لو قصر قبل دخول الوقت فى تحصيل
مقدمات الواجب التى لو فعلها قبل تحقق وقت الخطاب لتمكن من امتثاله فيه ولكن تساهل
فى تحصيل تلك المقدمات حتى حضر وقت التكليف وهو عاجز عن امتثاله فلم يتوجه اليه
خطابه لعدم قدرته على امتثاله فلا يكون المكلف بتقصيره فى تحصيله هذه المقدمات
مقصرا فى امتثال تكليف ما اصلا اما بذى المقدمة فلانه على الفرض لم يتوجه اليه فى
ظرفه لفرض عدم قدرته على امتثاله واما المقدمة فلم يتحقق تكليف بها لا عقلا لعدم
وجود ملاكه فيها ولا نقلا لعدم دليله وبالجملة تفويت المقدمة قبل توجه الخطاب
بذيها لا يكون تقصيرا ومن المسلم ان مورد القاعدة
.................................................................................................
______________________________________________________
المزبورة هو ما
اذا كان التفويت عن تقصير واثبات كون التفويت المذكور تقصير بتلك القاعدة دور واضح
والشاهد على ان مورد تلك القاعدة هو ما اذا كان التفويت عن تقصير عدم شمول القاعدة
لصورة الجهل عن قصور مطلقا وبهذا الملاك ايضا لا تشتمل القاعدة صورة العلم بتوجه
الخطاب فيما ياتى وذلك لان ملاك عدم شمولها لصورة الجهل هو قبح عقاب بلا بيان وهذا
الملاك بنفسه متحقق فى صورة العلم بتوجه الخطاب فيما ياتى ايضا لان علم المكلف
بانه سيخاطب فى المستقبل لا يكون بيانا لخطاب فعلى اصلا لا فى المقدمة لعدم
التكليف بها قبل حضور وقت الخطاب بديها ولا فى ذى المقدمة لعدم تحقق شرط الخطاب به
واما دعوى حكم العقل بوجوب حفظ المقدمة قبل وجوب ذيها لان العقل يستقل بحفظ القدرة
ولزوم تحصيل المقدمات اذ اعتبار القدرة انما هو لكان قبح تكليف العاجز ومثل هذا
الشخص لا يكون عاجزا بل يكون قادرا ولو بحفظ قدرته ، فغير تامة اذ لنا ان نسأل هذا
المدعى هل يلتزم بان العقل يحكم ايضا بوجوب حفظ ذى المقدمة قبل وجود الشرط وقبح
تفويته من ذلك الزمان اولا يلتزم اما على الثانى فما وجه حكم العقل بوجوب حفظ
المقدمة وحرمة تفويتها مع انه ليس فيها مصلحة سوى التوصل الى ذيها والمفروض عدم وجوب
حفظ ذيها فى ذلك الزمان ـ اى اذا كان المدار فى البيان واللابيان على البيان فى
ظرف التكليف فلا جرم بعد فرض عدم التكليف الفعلى بذيها قبل حصول الشرط والمنوط به
خارجا لا يكاد يجدى مجرد العلم بحصول المنوط به والشرط وفعلية التكليف والغرض
بذيها بعد ذلك فى تحصيل مقدماته الوجودية واستحقاق العقوبة على تفويت الواجب بوجه
اصلا ـ واما على الاول فمرجعه الى القول بفعلية الارادة والبعث الى ذى المقدمة
وفاعليتها ومحركيتها اليه بحفظ وجوده من ناحية تلك المقدمة اذ لا نعنى من فعلية
الوجوب الا باعثيّته الى العمل لكونه مقدورا بالواسطة ولو بجهة من جهاته على الفرض
كما هو الشأن فى الواجب المنجز فاتضح مما تقدم انه لا حكم للعقل بحفظ وجود المقدمة
الا من جهة حكمه بلزوم حفظ ذيها ولو ناحيتها الخ فيكون مكلفا من الحين بحفظ الواجب
فيما بعد من قبل مقدماته الوجودية الاختيارية فيكون الوجوب فعليا قبل حصول الشرط
بهذا المقدار من قبل مقدماته كذلك فيكون وجوبا غيريا ترشحيا لا نفسيا تهيئيا ومما
تقدم ظهر فساد ما اجاب عن المحقق النّائينيّ استادنا
.................................................................................................
______________________________________________________
الخوئى فى هامش
الاجود ج ١ ص ١٥١ ما افاده فى المقام وان كان صحيحا لا ينبغى الريب فيه ضرورة ان
العقل لا يفرق فى حكمه بقبح مخالفه المولى بين مخالفة تكليفه ومخالفه غرضه الملزم
الذى هو ملاك الحكم وما به قوامه فاذا علم العبد بوقوع ابن المولى فى البحر وهو
قادر على انقاذه فلا ريب فى استحقاق العقاب على تركه ولو كان المولى غافلا عنه او
عن حضور العبد عنده إلّا انه لا مجال معه لاستكشاف حكم شرعى مولوى متمم للجعل
الاول اصلا فان حكم العقل باستحقاق العقاب على تقدير المخالفة يكفى فى لزوم حركة
العبد وانبعاثه كما هو الحال فى مطلق موارد حكمه بقبح المعصية وحسن الإطاعة وانما
يمكن استكشاف الحكم الشرعى من الحكم العقلى فيما اذا كان العقل مدركا لملاك الحكم
من المصلحة او المفسدة واين ذلك من ادراكه استحقاق العقاب كما فى المقام وبالجملة
حكم العقل بقبح تفويت الغرض الملزم واستحقاق العقاب عليه وان كان ثابتا إلّا انه
لا يلازم حكم الشارع بوجوب المقدمة شرعا بل يكون ذلك من اللغو الواضح نعم يحكم الشارع
به ارشادا الى حكم العقل لكنه خارج عما هو محل الكلام الخ واجاب عنه استادنا
البجنوردي فى المنتهى ج ١ ص ١٨٠ وانت خبير بان حكم العقل فى هذا المقام ناشئ عن
نفس الملاك والمصلحة التى فى الواجب فكما ان المقصود من الامر النفسى هو وجود
المصلحة المترتبة على المامور به وحفظ تلك المصلحة ـ الجعل الآخر ايضا ناشى عن تلك
المصلحة وذلك الملاك فليس من قبيل اطيعوا الله لانه ارشاد محض الخ وهذا على مسلك
استاده متمم الجعل والجواب عن اللغوية قال ص ١٨١ اولا متحد الورود فى جميع موارد
حكم العقل بوجود المصلحة الملزمة او المفسدة الملزمة مثلا وثانيا تبعية الارادة
لما لا يمكن تحصيل المناط بدونه قهرية بمعنى ـ كل ما يتوقف عليه هذا الذى له
المصلحة الملزمة تترشح عليه الارادة من تلك الإرادة النفسية واما اذا لم يمكن
الترشح لتقدم زمان وجوده على زمان وجود الارادة النفسية فقهرا تتعلق به ارادة
نفسيه ناشئه من نفس ذلك الملاك القائم بالواجب النفس الخ وفيه ان لازمه الوجوب
النفس لا الغيرى كما اعترف به والعمدة فى الجواب عنه ان قبح تفويت الغرض عقلا من
الاحكام العقلية فى مرحله العلل لا الطاعة لانه لا امر ولا تكليف ـ واما اللغوية
فيرتفع بان فى موطن ولا يكون حكم العقل محركا للعبد نحو العمل فلا بد من الشرع حتى
يحركه ويستحقق العقوبة مضافا
.................................................................................................
______________________________________________________
الى انه يرجع الى
عدم وجوب المقدمة شرعا وهو امر آخر سيأتى ـ مضافا الى ان العلم بوقوع ولد المولى
فى البحر من المصلحة الفعلية دون المقام لعدم الملاك الفعلى بل الفرضى وهنا مسلك
رابع للمحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٩٢ وهو ان الانسان بالجبلة والفطرة يحب
ذاته ويحب كل ما يعود فائدته الى جوهر ذاته او الى قوة من قواه فما يلائم ذاته
وقواه محبوب بذاته ـ وكذا ما هو مقدمة لما يلائم ذاته وقواه محبوب بالتبع فالتوصل
بما هو توصل محبوب لكونه توصلا الى ما يلائمه بنفسه فهو ملائم بالتبع فهو محبوب
كذلك ـ بينهما التقدم والتاخر الطبعيان لان الحب التبعى لا يمكن إلّا عند الحب
الذاتى ولا عكس والمحبوب اذا لم يكن له مزاحم ومانع عن ايجاده فى نظر الفاعل ـ لا
محاله يقوم الانسان بصدده فالحب مع الجزم علة معدة لفيضان صورة الارادة فى النفس ـ
واذا كان المحبوب الذاتى والتبعى فعل الغير فلا محاله يجب التسبيب الى ايجادهما من
الغير بجعل الداعى اليهما واذا فرض ان المقدمة متقدمة بالوجود الزمانى على ذيها
فكما ان ارادة الفاعل للمقدمة متقدمة على ارادته لذيها كذلك يجب ان يتقدم البعث
اليها قبل البعث الى ذيها فان ايجادها من الغير كوجودها من الغير مقدم على ايجاد
ذيها كوجود ذيها من الغير وانما يتصف البعث المقدمى بالتّبعيّة لا من حيث التاخر
فى الوجود بل من حيث ان الغاية المتأصلة الداعية الى التسبيب الى ايجاد المقدمة من
الغير ايجاد ذيها باسبابه من الغير ومن جملة اسبابه البعث اليه فذو المقدمة
باسبابه كالعلة الغائية للبعث المقدمى فاتضح ان لا تبعية فى الوجود للبعث المقدمى
بمباديه للبعث الى ذى المقدمة حتى يرد المحذور وهو تقدم المعلول على علته بالوجود
، واما محذور عدم استحقاق العقاب على ذى المقدمة تبرك المقدمة حيث لا بعث اليه فى
ظرفه لعدم القدرة عليه ، فيندفع بان دفع التكليف مع تمامية اقتضائه تفويت للغرض
المعلوم غرضيته وهو خروج عن ذى الرقية فيستحق العقوبة عليه ولو لم يكن مخالفة
التكليف الفعلى بخلاف دفع مقتضى التكليف كعدم تحصيل الاستطاعة الخ وفيه ان الارادة
التبعية لو سلم تابع للارادة الذاتية فلو فرض ان الارادة الذاتية غير فعليه كيف
تكون الارادة التبعية فعليه ولا يقاس بما يعود الى قواه وجوهر ذاته فان الحب فيهما
فعليان واستحقاق العقوبة عليه فقد عرفت من كلام المحقق العراقى بعدم ثبوته مع عدم
كون الامر فعليا ـ ولا حكم للعقل بذلك كما
.................................................................................................
______________________________________________________
عرفت ومجرد كون فى
ظرفه يصير فعليا لا يوجب فعليه مقدماته ذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٠ ثم
انه قد يتوجه على المختار الشكال وهو انه يلزم عليه وجوب الوضوء قبل دخول وقت
الصلاة لادائها فى وقتها اما تعيينا فيما لو علم بعجزه عن الوضوء فى الوقت لانه ح
يكون من المقدمات المفوتة واما تخييرا فيما لو علم باستمرار تمكنه من الوضوء الى
ما بعد الوقت مع انه لا يقول بذلك احد بل الاجماع منعقد على عدم وجوب الوضوء
للصلاة الواجبة قبل دخول وقتها بل عدم مشروعيته كذلك ولو علم بعدم قدرته على
الوضوء فيما بعد الوقت والجواب عنه انا نستكشف من هذا الاتفاق ان الوضوء الذى هو
شرط صحة الصلاة ومقدمة لوجودها لا يتصف بالمصلحة الغيرية التى بها قوام مقدميته
إلّا بدخول وقت الصلاة كنفس الصلاة فكما انها لا تتصف بالمصلحة النفسية إلّا بدخول
وقتها كذلك بعض مقدماتها اعنى الوضوء ولهذا لا يجب بل لا يكون مشروعا قبل دخول
الوقت ان قلت يلزم على هذا انه لو توضأ المكلف لغاية اخرى ولم ينقض هذا الوضوء حتى
دخل الوقت لما كان يصح منه اداء الصلاة فى وقتها بهذا الوضوء مع انه يصح منه ذلك
بالاتفاق قلت ايضا نستكشف من ضم هذا الاتفاق الى الاتفاق السابق ان الوضوء الذى لا
يكون واجدا للمصلحة الغيرية وملاك المقدمية هو الوضوء الذى يؤتى به قبل وقت الصلاة
لاداء الصلاة فى وقتها اما الوضوء الذى يؤتى به لغاية مشروطة به فهو اذا استمر الى
دخول وقت الصلاة يتصف بالمصلحة الغيرية وملاك المقدمية اما قبل دخول الوقت فهو
كسائر اقسام الوضوء غير متصف بالمصلحة الغيرية وملاك المقدمية للصلاة الواجبة فى
وقتها ولهذا يجوز نقضه قبل الوقت كما يجوز نقض غيره من اقسام الطهارات وربما يتصف
بالمصلحة الغيرية وملاك المقدمية للصلاة بدخول وقتها فاذا كان هذا التقرير فى
مرحلة الثبوت صحيحا كان ضم احد الاجماعين الى الآخر دليلا على وقوعه فى مرحلة
الاثبات ان قلت اذا كان الوضوء للصلاة فى الوقت قبل دخوله غير واجب بل غير مشروع
لزم ان يكون متعلقاته ومقدماته مثله فى عدم وجوب تحصيل شىء منها قبل الوقت او
الاحتفاظ به اذا كان فلا يحب حفظ الماء الحاصل قبل الوقت الوضوء فى الوقت ولا
تحصيله اذا لم يكن حاصلا والحكم عند جملة من الفقهاء فى ذلك غير ذلك فانهم يفتون
بوجوب حفظ الماء الحاصل قبل الوقت للوضوء فيه ووجوب تحصيله اذا لم يكن حاصلا قلت
نعم
.................................................................................................
______________________________________________________
الامر كذلك مع عدم
وجوب الوضوء بل عدم مشروعيته قبل الوقت ووجه جميع ذلك بالنظر الى ما قررناه قبلا
واضح جدا فانا قد بينا ان وجوب الواجب المشروط على المختار متحقق قبل تحقق شرطه
وعلى ذلك بنينا وجوب تحصيل المقدمات المفوتة تعيينا وجوب غيرها تخييرا قبل تحقق
شرط الوجوب النفسى ومن جملة المقدمات للوضوء الواجب بعد الوقت حفظ الماء اذا كان
حاصلا ووجوب تحصيله اذا لم يكن حاصلا واما عدم وجوب الوضوء قبله فللدليل الدال على
عدم اتصافه بالمصلحة الغيرية او بملاك المقدمية قبل الوقت ومعه كيف يعقل ان يتعلق
الوجوب الغيرى بما ليس مقدمة وانما يكون الوضوء مقدمه للصلاة بدخول وقتها فيتعلق
الوجوب الغيرى به فيه وهذا بخلاف حفظ الماء وتحصيله فان مقدمية ذلك للوضوء والواجب
بعد الوقت غير مشروطة بالوقت مثلا لهذا يتعلق به الوجوب الغيرى قبله هذا كله فى
المقدمات غير التعلم ، واما الكلام فيه فالتحقيق ان حاله حال سائر المقدمات الاخرى
فتارة يكون من المقدمات المفوتة فيجب تعيينا واخرى يكون من المقدمات غير المفوتة
فيجب تخييرا بيان ذلك ان ترك التعلم قبل الوقت اما ان يوجب الغفلة عن التكليف فى
ظرف امتثاله او لا يوجب فعلى الاول يكون ترك التعلم موجبا للعجز عن الامتثال فيكون
التعلم من المقدمات المفوتة وعلى الثانى فاما ان نقول ان الشك فى التكليف فى ظرف
امتثاله بسبب ترك التعلم قبل الوقت يكون موردا للاحتياط فى حال امكانه مع القول
بصحة الامتثال عن طريق الاحتياط حتى مع امكان الامتثال بغير طريقه فيكون التعلم من
المقدمات غير المفوتة فيجب تخييرا واما ان قلنا بعدم صحة الامتثال بطريق الاحتياط
او كان الاحتياط غير مقدور فيكون ترك التعلم موجبا للعجز عن الامتثال ويكون التعلم
من المقدمات المفوتة وبالجملة التعلم اما ان ينحصرا الامتثال به فيكون من المقدمات
المفوتة فيجب تعيينا لفعلية وجوب ذى المقدمة على المختار ولقاعدة الامتناع
بالاختيار لا ينافى الاختيار على المشهور واما ان لا ينحصر الامتثال به فيجب
تخييرا على المختار فقط الخ قال المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٥٤ اما
المعرفة اعنى بها تعلم الاحكام الشرعية ومتعلقاتها فلا وجه للاستدلال على لزومها
بقاعدة عدم منافاة الامتناع بالاختيار للعقاب بداهة ان الواجب لا يكون غير مقدور
بعدم تعلم حكم الى ان قال ص ١٥٧ فوجوب التعلم ليس بملاك وجوب المقدمات المعدة
.................................................................................................
______________________________________________________
التى يستلزم تركها
عدم القدرة على الواجب فى ظرفه بل هو بملاك آخر لا يبتنى على قاعدة عدم منافاة
الامتناع بالاختيار للعقاب اصلا وهو لزوم دفع الضرر المحتمل حيث ان المفروض
مقدورية الواجب مثلا فى ظرفه لعدم دخل معرفة الحكم فى القدرة على فعله بالبداهة
فيكون تركه عصيانا للتكليف الفعلى مع وجود البيان ولا اشكال فى استتباعه للعقاب
فاحتمال تكليف تمت الحجة عليه يوجب احتمال الضرر وجدانا فيجب دفعه عقلا الخ فاجاب
عنه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٢ عرفت من ان التعلم فى بعض الصور يكون من
المقدمات المفوتة فيصح التمسك لوجوبه بقاعدة الامتناع بالاختيار على المشهور كما
انه فى بعض الصور لا يكون من المقدمات المفوتة فلا يجب اصلا على المشهور ولا يكون
ح وجه للاستدلال على وجوبه بقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ايضا الخ ومن هنا ظهر
فساد ما افاده استادنا الخوئى فى ذلك فى حاشية الاجود ص ١٥٤ ج ١ التحقيق فى هذا
المقام هو ان تارك التعلم قبل الوقت قد يكون متمكنا من الامتثال واحرازه بعد الوقت
وفى ظرف الواجب ولو كان ذلك بالاحتياط وقد يكون متمكنا من نفس الامتثال والاتيان
بالواجب إلّا انه لا يكون متمكنا من احرازه ـ اى احراز التفصيلى والاجمالى كما لو
كان الوقت ضيقا لا يتمكن إلّا باتيان فعل واحد كالقصر والتمام لا الاحتياط وقد لا
يكون متمكنا من الامتثال ايضا اما الشق الاولى فلا يجب فيه التعلم قبل الوقت لفرض
تمكن المكلف من الاتيان بالواجب واحرازه فى ظرفه ولو بالاحتياط ، واما الشق الثانى
فيجب فيه التعلم قبل مجىء ظرف الواجب لكنه لا بملاك عدم منافاة الامتناع بالاختيار
للاختيار اذ المفروض عدم امتناع الواجب بترك تعلم حكمه بل بملاك حكم العقل بوجوب
دفع الضرر المتحمل ضرورة انه مع احتمال ترتب ترك الواجب الفعلى المنجز على تقدير
وجوده على ترك التعلم يحتمل العقاب فيستقل العقل بوجوب دفعه ولا يفرق فى ذلك بين
موارد دخل القدرة فى ملاك التكليف باقسامه وعدم دخلها فيه كما هو ظاهر واما الشق
الثالث وهو ما اذا كان ترك التعلم موجبا لامتناع الواجب فى ظرفه اما لغفلة المكلف
عنه او لتوقف القدرة عليه على التعلم كما فى الصلاة ونحوها مما يمتنع صدورها عن
غير من يتعلمها ولا سيما اذا لم يكن عارفا باللغة العربية فيجرى فيه ما يجرى فى
غيره من المقدمات التى يترتب على تركها فوت الواجب فى ظرفه فيكون وجوبه بملاك
قاعدة عدم منافاة الامتناع بالاختيار
.................................................................................................
______________________________________________________
للاختيار ولازم
ذلك ان لا يجب التعلم قبل الوقت فى هذا الشق فيما اذا كانت القدرة فى ظرف الواجب
شرطا للوجوب ودخيلة فى ملاكه وعليه فلا مناص فى اثبات وجوبه فى هذا الفرض من
الالتزام بوجوبه النفسى كما التزم به المحقق الاردبيلى قدسسره وإلّا فلا مقتضى لوجوبه اصلا الخ وفيه اما الوجوب النفسى
التهيّئي قد عرفت ما فيه واما وجوب دفع الضرر المحتمل يختص باحتمال التكليف المنجز
قبل الفحص عن الأدلّة دون معرفة الاحكام التى لا ربط انها بالتكاليف بل اذا لم يكن
التكليف فعليا لا يكون احتمال الضرر اصلا فلا مقدمية لترك التعلم بالنسبة اليه
ولذا يكون المرجع فيها البراءة على قول المشهور ، قال المحقق العراقى فى البدائع ص
٣٦٨ والذى يسهل الخطب فى هذا المورد انه بعد ورود التكليف من الشارع بفعل شيء من
هذا المقدمات المفوتة لا يبقى مجال للتشكيك بلزوم الاتيان بهذه المقدمات سواء كان
وجوبها غيريا ام كان نفسيا لكن الخطب المهم هو تحصيل الدليل على وجوب بقية
المقدمات المفوتة التى لم ينص الشارع المقدس على وجوبها وافتى الفقهاء بوجود بها
الخ وقال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٥٨ واما المعرفة فلا يبعد القول بوجوبها حتى فى
الواجب المشروط بالمعنى المختار قبل حصول شرطه لكنه لا بالملازمة بل من باب
استقلال العقل بتنجز الاحكام على الانام بمجرد قيام احتمالها الا مع الفحص والياس
على الظفر بالدليل على التكليف فيستقل بعده بالبراءة وان العقوبة على المخالفة بلا
حجة وبيان والمؤاخذة عليها بلا برهان الخ وفيه ان وجوب الفحص بالروايات والآيات
لثبوت التكاليف يكون صحيحا يعتمد عليه فى هذا الباب واما فى المقام مع عدم فعلية
التكاليف على المشهور كيف يجب التعلم فمن لا يكون عليه الوجوب الفعلى بالنسبة الى
التعلم فلاى جهة يؤخذ بتركة ويعاقب عليه ومن هنا يظهر فساد التمسك بالامتناع
بالاختيار لا ينافى الاختيار عقابا وبعبارة اخرى ان الكلام فى المعرفة التى هى من
المقدمات الوجودية وحكم العقل بتنجز الاحكام بمجرد احتمالها الا بعد الفحص والياس
لا يقتضى وجوبهما وانما يقتضى عدم جواز الرجوع الى البراءة بل يجب الاحتياط واين
هذا من وجوب المعرفة قبل حصول الشرط وبالجملة ان العقل لا يحكم بوجوب حفظ اغراض
المولى بان نفعل شيئا حتى يحفظ اغراض الآمرين حين امرهم ولا يكون هذا من اقتضاء
العبودية بشيء فان اقتضائها بعد فعليه التكليف هو ذلك واما قبل ذلك فلا مولوية حتى
اذ (١) هذا
التكلفات انما هو من تبعات اخذ المحركية الفعلية فى مضمون الخطاب ولقد عرفت ما فيه
بما لا مزيد عليه وبالجملة نقول ان الواجبات والخطابات المطلقة مع المشروطة منها (٢)
______________________________________________________
يقتضى العبودية
اتيان العمل لحفظ الغرض.
(١) فيقول المحقق
الماتن ان هذا التكلفات من القول بالوجوب التهيئي ومتمم الجعل والخطاب والواجب
المعلق الآتي وغير ذلك ينشأ من جعل المحركية الفعلية فى الارادة ومبرزها وهو
الخطاب وقد عرفت انهما فى رتبتان ولا ربط لاحدهما بالآخر.
(٢) وان الواجبات
المطلقة والمشروط سيان فى الارادة الفعلية ومبادئها والخطاب وانما المشروطة انيط
الاشتياق الفعلى بلحاظ وجود الشرط دون المطلق فلم انيط بشيء كما هو واضح وكذا
الموقت انيط بلحاظ وجود الوقت فالإرادة والاشتياق فعليان وانما المحركية والبعثية
بعد وجود الشرط ولذا ترشح الإرادة الغيرية على المقدمات وهى ايضا ان انيطت بالشرط
والوقت فلا محركية الا بعد الشرط والوقت وان كانت المصلحة الغيرية فيها مطلقة
فيكون محركا فعليا اما تعيينيا او تخييريا. بقى الكلام فى غير البالغ هل يجب عليه
تعلم الاحكام قبل البلوغ لئلا يفوته بعض التكاليف بعد البلوغ بواسطة العجز ام لا
ووجوبه عقلى او شرعى فيه كلام بينهم يحتمل ان يكون وجوبه شرعى كالبالغين واجيب عنه
برفعه قلم التشريع عنه والقول بتخصيصه بما عد التعلم بعيد غايته ـ وقال المحقق
النّائينيّ فى الفوائد ج ١ ص ٢٠٥ وبالجملة العقل كما يستقل بوجوب النظر فى معجزة
مدعى النبوة كذلك يستقل بوجوب تعلم احكام الشريعة والفحص عن الادلة والمقيدات
والمخصصات اذا المناط فى الجميع واجد وهو استقلال العقل بان ذلك من وظيفة العبد
ومن هنا لا يختص وجوب التعلم بالبالغ كما لا يختص وجوب النظر الى المعجزة به بل
يجب ذلك قبل البلوغ اذا كان مميزا مراهقا ليكون اول بلوغه مؤمنا ومصدقا بالنبوة
وإلّا يلزم ان لا يكون الايمان واجبا عليه فى اول البلوغ هذا بالنسبة الى الايمان
وكذلك بالنسبة الى سائر احكام الشريعة يجب على الصبى تعلمها اذا لم يتمكن منه بعد
البلوغ او نفرض الكلام فى الاحكام المتوجهة عليه فى ان اول البلوغ فانه يلزمه تعلم
تلك الاحكام قبل البلوغ كما لو فرض انه سيبلغ فى آخر وقت ادراك الصلاة فانه لا
اشكال فى وجوب الصلاة عليه
.................................................................................................
______________________________________________________
ح ويلزمه تعلم
مسائلها قبل ذلك وما قيل من ان الاحكام مشروطة بالبلوغ ليس المراد ان جميع الاحكام
مشروطة به حتى مثل هذا الحكم العقلى المستقل فان هذا غير مشروط بالبلوغ بل مشروط
بالتميز والالتفات مع العلم بعدم التمكن من التعلم عند حضور وقت الواجب نعم حكم
العقل بوجوب التعلم ليس نفسيا ـ بل حكم العقل فى المقام انما يكون على وجه
الطريقية ويدور العقاب مدار مخالفة الواقع الخ واجاب عنه استادنا الخوئى فى
المحاضرات ج ٢ ص ٣٧٥ وذلك لان وجوبه عقلى وحديث الرفع لا يرفع الوجوب العقلى خاطى
جدا والوجه فى ذلك ان حكم العقل فى المقام وان كان يعم الصبى وغيره إلّا انه معلق
على عدم ورود التعبد من الشارع على خلافه ومعه لا محاله يرتفع بارتفاع موضوعه
والمفروض ان التعبد الشرعى قد ورد على خلاف فى خصوص الصبى وهو حديث رفع القلم فان
مفاده ان فعل الصبى كلا فعل فلا يترتب عليه أى اثر من استحقاق عقاب او نحوه وعلى
هذا فلا يعقل استحقاق الصبى العقاب على تفويت الملاك بعد البلوغ استنادا الى تركه
التعلم قبله وان شئت قلت ان مقتضى حديث رفع القلم او ما شاكله هو ان ملاك الواجب
فى ظرفه غير تام فى حقه من ناحية التعلم والمعرفة لكى يكون تركه موجبا لتفويته
واستحقاق العقاب عليه كما هو الحال ايضا بالإضافة الى سائر مقدمات الواجب (وقال فى
ص ٣٧٤) والسبب فى ذلك هو ان البالغ اذا ترك التعلم وفات الواجب منه فى زمنه لم
يستحق العقاب على فوت الواجب لفرض عدم قدرته عليه وانما استحق العقاب على تفويت
الملاك الملزم فيه من ناحية تفويت مقدمته اختيارا وقد تقدم ان الامتناع بالاختيار
لا ينافى الاختيار ومن الطبيعى ان هذا المعنى لا يتاتى فى حق الصبى وذلك لان الشارع
قد رفع القلم عنه ومقتضاه هو ان بتركه التعلم قبل البلوغ كلا ترك فلا يترتب عليه
اى اثر وبعد البلوغ لا يقدر على الواجب فاذن لا يفوت منه شيء لا الواجب الفعلى ولا
الملاك الملزم حتى يستحق العقاب الخ لكن فيه انه لو ثبت حكم العقل كان مستقلا
كوجوب المعرفة ووجوب الفحص قبل الرجوع الى الأدلّة وغير معلق على شيء وحديث رفع
القلم انما يرفع الآثار الشرعية والتكاليف الشرعية والوضعية لا حكم العقل فهل يمكن
التعبد بجواز اجتماع النقيضين او الضدين او جواز ارتكاب الضرر وهو العقاب نحو ذلك
والصحيح عدم وجوب التعلم للصبى لا شرعا ولا عقلا اما الاول فلو كنا نحن والواجب
والموقتة (١) قبل
شرطيتها سيان فى فعليّة الاشتياق الذى هو مضمون الخطاب
______________________________________________________
المشروط على
المختار كان الوجوب فعليا لكون الارادة أزلية ويترشح الارادة الغيرية الى المقدمات
منها القلم لكن حكم شرعى يرفعه حديث رفع القلم اللهم إلّا ان يقال ان حديث رفع
القلم يرفع التكاليف الإلزاميّة المستتبع لاستحقاق العقاب لا مطلقا والواجب الغيرى
لا يستحق عليه العقاب لكن فيه ان ذلك خالف اطلاق رفع قلم الالزام عن الصبى فلا تجب
شرعا واما حكم العقل فليس للصبى من الاول فان حكم العقل بوجوب المعرفة للمميز غير
معلق على البلوغ فيجب تنجيزا والاعتقاد فى نفس الوقت بخلاف تعلم الاحكام للبلوغ
فان المصالح والملاكات والتكاليف بعد البلوغ غير فعلى للمميز قبل البلوغ باى نحو
فاذا لم يكن فعليا فكيف يحكم العقل بوجوب التعلم مقدمه لعدم تفويت الملاكات
والتكاليف وانما يحكم العقل بالتقصير إن كان التكليف فعليا لا مطلقا فلا يجب عليه
التعلم واما ما ورد مروهم بالصلاة ابناء سبع سنين انما لمجرد مشروعية اعمالهم بامر
الاولياء من دون ان يدل على وجوب التعلم وعند البلوغ يجب عليه ذلك ص ٧١٩ ثم انه
يجب القلم على البالغين مع العلم او الاطمينان بالابتلاء او كان فى معرض الابتلاء
كمسائل الشك والسهو فى الصلاة ونحوها وفى غير ذلك لو شك يستصحب عدم الابتلاء ولا
يجب تعمله فتفصيل ذلك فى محله إن شاء الله تعالى.
فى الموقت وغير الموقت
(١) ثم اشار هنا
الى تقسيم ثالث للواجب قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٢٩ لا يخفى انه وان كان الزمان مما
لا بد منه عقلا ـ اى لكونه زمانيا ـ فى الواجب إلّا انه تارة مما له دخل فيه شرعا
فيكون موقتا واخرى لا دخل له فيه اصلا فهو غير موقت ـ اى كغسل الميت والصلاة عليه
ـ والموقت اما ان يكون الزمان الماخوذ فيه بقدره فمضيق ـ اى كالصوم ـ واما ان يكون
اوسع منه فموسع ـ اى كالصلاة اليومية ـ الخ قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص
٣٩٦ ثم ان قضية دخله فيه شرعا تارة تكون من جهة كونه قيدا للهيئة وللطلب واخرى من
جهة كونه قيدا للمادة والمتعلق الراجع الى مقام الدخل فى وجود المحتاج اليه
والمتصف فارغا عن اصل الاتصاف والاحتياج حيث انه يجرى فيه كلا الاحتمالين كما فى
غيره من القيود الأخر نعم لو بنينا على عدم امكان المعلق واستحالته فى نفسه لكان
المتعين فى المقام هو ارجاعه عقلا بقول مطلق الى الهيئة والطلب ولو كان بحسب ظاهر
القضية راجعا الى المتعلق والمادة حتى فى
.................................................................................................
______________________________________________________
ما لو كان دخله فى
المصلحة من قبيل الدخل فى وجود المتصف والمحتاج اليه غير ان الفرق ح بينه وبين
سائر المشروطات من جهة الاناطة حيث كان اناطة الطلب به فى المقام عقلية وفى سائر
المشروطات شرعية واما بناء على المختار ـ اى على ما سيأتى ـ من امكان المعلق ايضا كالمشروط
فيجرى فيه كلا الاحتمالين كما فى غيره من القيود فيكون قيدا للهيئة وللطلب تارة
وللمتعلق اخرى ، ثم ان الزمان الماخوذ فى الواجب ظرفا ان كان بقدر الواجب لا اوسع
فمضيق كالصوم مثلا وان كان اوسع منه فموسع وامثلته كثيرة كالصلوات اليومية وصلاة
الكسوف والخسوف ونحوها واما كونه اضيق من الواجب فغير ممكن من جهة امتناع التكليف
بما لا يسعه وقته وظرفه مع ارادة ايجاد الواجب بتمامه فى ذلك الوقت وهو واضح نعم
لا باس به لو اريد ايجاده فيه ولو ببعض اجزائه لا بتمامه ولكن ذلك ح خارج عن الفرض
نظرا الى ان الموقت ح انما هو الواجب ببعض اجزائه لا بتمامه ومن اوله الى آخره الخ
كما فى من ادرك ركعة من الوقت بناء على كون خارج الوقت ليس وقتا لباقى الفعل لعدم
التلازم بين التنزيلين كما ذكر فى محله ـ ويمكن ان يمثل باضيق من الواجب بالترتب
كما لو وجبت صلاة الآيات واليومية وضاق وقتها فان الوقت لا يسع إلّا لاحدهما كقريب
الغروب او نصف الليل فى الكسوف والخسوف او الزلزلة بناء على كونها موقتا والمفروض
ان اليومية اهم فعلى الترتب يحب كليهما طوليا فان تركهما فيعاقب عليهما مع ان
الوقت لا يسعهما معا (اشكال فى الموسع ودفعه).
اما الاشكال انه
يلزم جواز الترك من وقت الى آخر فيلزم جواز ترك الواجب وانه ينافى وجوبه ولذا
احالوه عقلا ومنعوا من وقوعه شرعا كما حكى عن جماعة من القدماء ، وقد يقرب بانه
مستلزم لترك الواجب فى اول الوقت لجواز تاخيره الى آخر وقت امكان ادائه فى الوقت
وهذا دليل عدم وجوبه الا فى ذلك الوقت الاخير اما الدفع فقد اجاب عنه المحقق
النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٩٠ ان الغرض اذا كان مترتبا على صرف وجود الطبيعة من
دون اى خصوصية فيها فكما انه لا يفرق بين افرادها الغرضية فى جواز الاتيان ببعض
الافراد وتلك الآخر كذلك لا يفرق بين افرادها الطولية والملاك فى كلا المقامين
واحد وهو قيام الغرض بالطبيعة من دون خصوصية فى بعض الافراد الخ واجاب ايضا عنه
المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٧ بما عرفت من وقوعه
.................................................................................................
______________________________________________________
الذى هو ادل على
امكانه كالامثلة المزبورة ومرجعه الى مطلوبية الكلى الجامع بين الافراد التدريجية
للتخير بين الافراد المزبورة الخ.
اشكال فى المضيق
ودفعه ، اما الاشكال فبان الانبعاث بما انه لا بد وان يتاخر عن البعث ولو انا ما
فلا بد من فرض زمان يسع البعث والانبعاث اعنى بهما الوجوب وفعل الواجب ولازم ذلك
زيادة زمان الوجوب على زمان الواجب فاذا فرض تحقق وجوب الصوم مثلا قبل الفجر مع
فرض انه مشروط به فيلزم تقدم المشروط على شرطه المستلزم لتقدم المعلول على علته
واذا فرض تحققه حين الفجر فلا بد وان يتاخر الانبعاث عنه آناً ما وهو خلاف المطلوب
اذ لازمه خلو بعض الزمان من الواجب فيه فلا بد وان يلتزم بتحقق الوجوب قبل الفجر
آناً ما ليكون الانبعاث اول وقت الواجب وبعدم اشتراط الوجوب بدخوله لئلا يلزم تقدم
المعلول على علته وذلك يستلزم عدم وجود المضيق ، واجاب عنه المحقق النّائينيّ فى
الاجود ج ١ ص ١٩٠ ان لزوم تقدم البعث على الانبعاث وان كان بديهيا إلّا ان تقدمه
عليه ليس بالزمان بل بالرتبة بداهة انه لا يزيد على تقدم العلل التكوينية على
معلولاتها فانه ايضا بالرتبة لا بالزمان ـ اى تحركت اليد فتحرك المفتاح مع ان
تحركهما فى زمان واحد ـ فلا مانع من كون اول آن الفجر زمان الوجوب والانبعاث
كليهما نعم لا بد من ان يكون علم المكلف بحدوث الوجوب عند الفجر متقدما على الفجر
زمانا ليتمكن من الانبعاث حينه ولعل المستشكل خلط بين تقدم العلم على الانبعاث
وتقدم البعث عليه وقد عرفت ان اللازم هو الاول دون الثانى هذا فى العلم بالحكم
واما العلم بالموضوع وهو العلم بالفجر فى المثال فلا يعتبر تقدمه على الموضوع
زمانا كما هو ظاهر الخ وذكر استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٩٠ لا يخفى ان
العلم بحدوث الحكم عند تحقق موضوعه كالعلم بوجوب الصوم عند تحقق الفجر فى المثال
وان كان متقدما زمانا على تحقق الموضوع وحكمه غالبا إلّا انه ليس مما لا بد منه من
جهة توقف الانبعاث عند تحقق الموضوع على تقدير العلم بالبعث عقلا ضرورة ان الترتب
بين العلم بالحكم والعلم بترتب العقاب على مخالفته واختيار الفعل خارجا فرارا عن
العقاب طبعى لا زمانى فحال العلم بالحكم حال العلم بالموضوع فى عدم اعتبار تقدمه
على معلومه زمانا الخ قلت ان العلم بالحكم لا بد وان يكون متقدما زمانا على العلم
بالموضوع وإلّا يلزم الآن
.................................................................................................
______________________________________________________
الأول من الواجب
وهو ان العلم بالحكم غير منبعث وهو مستلزم للنقص فى الامتثال ويعود المحذور
والعمدة ان الاشكال على مسلك المشهور من عدم تقدم الحكم على الوقت وهو قد عرفت
مفصلا عدم تماميته ثم اشار صاحب الكفاية الى بحث آخر فقال ج ١ ص ٢٣٠ ثم انه لا
دلالة للامر بالموقت بوجه على الامر به فى خارج الوقت بعد فوته فى الوقت لو لم نقل
بدلالته على عدم الامر به الخ فالفروض ثلاثة الفرض الاول قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٣٠
وبالجملة التقييد بالوقت كما يكون بنحو وحدة المطلوب الخ قال المحقق العراقى فى
النهاية ج ١ ص ٣٩٧ ان قضية دليل الموقت اما ان تكون على نحو وحدة المطلوب بحيث
يستفاد منه كون التقييد بالوقت بلحاظ اصل المطلوب لا بلحاظ تمامه ـ الى ان قال ـ فلا
اشكال فى عدم اقتضاء الامر بالموقت لوجوب الاتيان به فى خارج الوقت مع الاخلال به
فى الوقت لو لا دعوى اقتضائه لعدم وجوبه الخ والوجه فى ذلك واضح فان الزمان المعين
بعد ما كان دخيلا فى تمام مراتب مصلحة الواجب بحيث تفوت المصلحة من اصلها بفوات
الزمان ويعبر عنه بوحدة المطلوب كما تقدم فلا يجب الفعل فى خارج الوقت لعدم
المصلحة فيه ولو دل دليل على وجوبه كان من قبيل التدارك والجبران لما فات نظير بعض
الكفارات المترتبة على بعض الواجبات خطأ ، الفرض الثانى قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٣٠
كذلك ربما يكون بنحو تعدد المطلوب بحيث كان اصل الفعل ولو فى خارج الوقت مطلوبا فى
الجملة وان لم يكن بتمام المطلوب إلّا انه لا بد فى اثبات انه بهذا النحو من دلالة
ولا يكفى الدليل على الوقت الا فى ما عرفت الخ وقال المحقق العراقى فى النهاية ج ١
ص ٣٩٧ واما ان تكون على نحو تعدد المطلوب بحيث يستفاد منه كون التقييد به بلحاظ
تمام المطلوب لا أصله ـ ايضا لا اشكال فى اقتضائه وجوب الاتيان به فى خارج الوقت
بعكس القسم الاول من غير فرق فى ذلك بين ان يكون التوقيت بدليل متصل او منفصل الخ
والوجه فى ذلك ان الزمان يكون دخيلا فى بعض مراتب المصلحة دون بعض بحيث يترتب على
الفعل فى الخارج بعض المصلحة فلا محاله يجب الفعل فى خارج الوقت ان كان الباقى من
المصلحة مما يجب تداركه ويستحب ان كان مما يستحب تداركه ، الفرض الثالث قال المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٧ واما ان لا يستفاد منه شىء من الوجهين بل كان مجملا
من هذا الجهة ومردّدا بين التقييد فى اصل
.................................................................................................
______________________________________________________
المطلوب او تمامه
ـ اى فيه تفصيل ـ فان كان بدليل متصل بالكلام فلا اشكال ايضا فى عدم اقتضاء دليل
الواجب لوجوبه فى خارج الوقت من جهة انه باتصاله به يوجب اجماله اجمالا لدليل
الموقت ايضا ومعه لا يبقى له ظهور حتى يصح التمسك به لاثبات الوجوب بعد انقضاء
الوقت الخ كما تقدم عبارة صاحب الكفاية وذلك لانه لا دلالة للدليل كاغتسل للجمعة
على كون الوقت دخيلا فى تمام مراتب مصلحة الواجب او بعضها فالمرجع فى وجوب الفعل
خارج الوقت هو الاصل العملى ان لم يقم دليل على وجوبه وإلّا كان عليه المعوّل ،
قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٠ نعم لو كان التوقيف بدليل منفصل لم يكن له اطلاق على
التقييد بالوقت ـ اى الاطلاق الدال على تقييد جميع مراتب المصلحة بالوقت ـ وكان
لدليل الواجب اطلاق لكان قضيّة اطلاقه ثبوت الوجوب بعد انقضاء الوقت وكون التقييد
به بحسب تمام المطلوب لا أصله الخ مثلا لقوله تعالى (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) وقوله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ
الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) بيان ذلك تارة يكون لدليل وجوب الفعل اطلاق يقتضى وجوبه
بعد الوقت ولدليل التقييد اطلاق يقتضى دخل الوقت فى تمام مراتب المصلحة وتارة يكون
لاحدهما اطلاق دون الآخر وثالثه لا يكون لاحدهما اصلا اطلاق فعلى الاول يؤخذ
باطلاق دليل التقييد وعلى الثانى يؤخذ بالاطلاق الثابت لاحدهما وعلى الثالث يرجع
الى الاصل العملى هذا لو لم يقم دليل على القضاء وإلّا فعليه المعول ، وتبعه
المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٧ نعم لو كان التوقيت ح بدليل منفصل وكان لدليل
الواجب ايضا اطلاق بان فرض كونه فى مقام البيان من هذه الجهة لا فى مقام اصل
المشروعية لكان قضية اطلاقه ح هو ثبوت الوجوب فى خارج الوقت ايضا ، ولكن ذلك ايضا
مجرد فرض اذ نقول اولا بظهور دليل التوقيت فى وحدة المطلوب وفى كون التقييد به
بلحاظ اصل المطلوب لا بلحاظ تمامه ، وعلى فرض عدم ظهوره واجماله من تلك الجهة لا
يكون لدليل العبادة فى تلك الموقتات من نحو قوله اقيموا الصلاة اطلاق يحص التمسك
به لاثبات الوجوب فى خارج الوقت لانها طرا على ما حقق فى محله فى مبحث الصحيح
والاعم كانت واردة فى مقام اصل المشروعية لا فى مقام البيان من تلك الجهات وعليه
فلا يبقى مجال التمسك بدليل الموقتات فى العبادات لاثبات الوجوب فى خارج الوقت بل
لا بد ح من قيام دليل عليه بالخصوص وإلّا فلو كنا نحن ونفس تلك الادلة لا يمكننا
.................................................................................................
______________________________________________________
اثبات الوجوب به
بعد انقضاء الوقت كما هو واضح الخ ولكن قد تقدم فى محله ان بعض تلك الأدلّة ليست
فى مقام المشروعية فقط بل فى مقام البيان وعلى اى وتبع صاحب الكفاية فى هذا
التفصيل استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٩١ قال وهناك تفصيل آخر ذكره صاحب
الكفاية وهو متين جدا وحاصله ان التقييد اذا كان لاجل القرينة المتصلة او لاجل
القرينة المنفصلة فيما كان لها اطلاق لحالتى الاختيار والاضطرار فلا محاله يسقط
الامر بخروج الوقت اذ لا معنى للامر بالمقيد بعده مع عدم التمكن من امتثاله واما
اذا لم يكن لها اطلاق وكان القدر المتيقن هو التقيد بالوقت مع التمكن وفى حال
الاختيار وكان لدليل الواجب اطلاق بالقياس الى الاتيان به فى الوقت وفى خارجه فبعد
خروج الوقت يؤخذ باطلاق دليل الواجب لفرض عدم المعارض له فى هذا الحال ويثبت
الوجوب فى خارج الوقت ايضا وهذا التفصيل يجرى فى مطلق موارد ثبوت التقييد بالقرينة
المنفصلة من دون فرق بين كون القيد زمانا وكونه زمانيا الخ ولكن المحقق النّائينيّ
فى الاجود ج ١ ص ١٩١ قال والحق هو السقوط مطلقا اما فى القرينة المتصلة فظاهر واما
فى المنفصلة فلان القائل بعدم السقوط بدعوى ان التقييد بالمنفصل لا يفيد إلّا كون
المقيد مطلوبا على نحو التعدد فى المطلوب فاذا سقط احدهما بقى الآخر على حاله ان
ادعى ان ذلك هو مقتضى القاعدة فى تمام التقييدات سواء كان القيد زمانا ام زمانيا
فهو سد لباب حمل المطلق على المقيد ولا يمكن الالتزام به ، وان ادعى اختصاص ذلك
بخصوص الزمان دون الزمانى فهى دعوى بلا بينه ولا برهان مع وحدة الملاك فى كلا
المقامين وهو ظهور القيد فى الركنية وتضييق دائرة المطلوب الاول نعم اذا قام دليل
على وجوب القضاء فى خارج الوقت ـ يكون الامر بالقضاء امرا جديدا حادثا بفوت الواجب
الأول ـ فان ظاهر لفظ القضاء هو تدارك ما فات فى وقته ولا معنى للتدارك على كل من
الوجهين ـ اى تعدد المطلوب وطلبان او كون القيد ركنا فى حال الاختيار فقط وطلب
واحد بالمقيد حال التمكن وبالفاقد عند عدمه ـ فانه بناء عليهما يكون الفعل فى خارج
الوقت مامورا به بنفس الامر الاول الى آخر كلامه وفيه انه لا يقال بكونه امرا به
فى خارج الوقت ثبوتا مطلقا فى القيد المنفصل حتى يدعى على خلافه الوجدان والبرهان
بل فى فرض واحد وهو عدم اطلاق لدليل القيد وثبوت الاطلاق لدليل اصل المكلف به وهذا
لا محذور
.................................................................................................
______________________________________________________
فيه اصلا وان شئت
قلت انه لو قلنا بكون القيد دخيلا فى المرتبة الاعلى فقط وهو الوقت لا يلزم سد باب
الاطلاق والتقييد مطلقا بل يلزم فى صورة كون المطلق والمقيد مثبتين وعدم العلم
بوحدة المطلوب ولا اشكال فى عدم التقييد فيه بخصوصه مثل اكرم العالم واكرم العالم
العادل والمقام ايضا يكون من المثبتين مثل صل وصل فى الوقت فكما يقال ان العدالة
لا تكون دخيلة فى اصل وجوب الاكرام بل فى المرتبة الاعلى منه كذلك نقول فى المقام
، ان قلت ان الارادة بسيطة فان تعلقت بالاكرام المقيد بالعدالة والصلاة المقيدة
بالوقت لا تتعلق بشيء آخر غير المركب من القيد والمقيد فكيف تستفاد ارادتان
بالنسبة الى المرتبة الاعلى والادنى وهو خارج الوقت ، قلت ان لها مراتب فالارادة
الشديدة متعلقه بالمقيد والضعيفة بغيره والزمان مفرد فكل فرد يكون متعلق ارادة
بحسبه كما لا يخفى ، اشكال ودفع.
ذكر المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٨ ولكن الذى يسهل الخطب هو ما عرفت من ظهور الادلة فى
وحدة المطلوب وفى كون التقيد بالوقت بلحاظ اصل المطلوب لا تمامه وح فلا بد فى
اثبات وجوب القضاء فى خارج الوقت وفاقا للمحققين من قيام دليل عليه بالخصوص وإلّا
فلا يكفيه نفس الامر الاول كما هو واضح ، نعم ربما ينافى ما ذكرنا ظهور مادة
القضاء فى التدارك المقتضى لوفاء الماتى به فى خارج الوقت ببعض مراتب مصلحة الوقت
حيث ان لازمه هو قيام المصلحة من الاول بالجامع بين الفرد الواقع فى الوقت والفرد
الواقع فى خارجه ولازمه هو تعلق الامر الأول ايضا من الأول بالجامع بين الفردين لا
بخصوص الفرد الواقع فى الوقت ولازمه ايضا ان يكون وجوب الاتيان به فى خارج الوقت
بنفس الامر الاول لا بامر جديد ، ولكنه يندفع ذلك بانه وان كان الامر كذلك إلّا
انه نقول بان فردية الماتى به فى خارج الوقت للجامع لما كانت فى طول الافراد
الواقعة فى الوقت وفى رتبة متاخرة عن سقوط الامر والتكليف عنها فقهرا مثل هذه
الطولية توجب تضيقا فى دائرة الطبيعة المامور بها بالامر الاول بنحو يخرج عنها مثل
هذا الفرد فمن ذلك يحتاج فى اثبات وجوبه بعد عدم شمول الامر الاول له الى امر آخر
يقتضى وجوبه فى خارج الوقت وعليه فلا تنافى بين القول بان القضاء بامر جديد وبين
ما يقتضيه ظهور مادة القضاء. فى الوفاء ببعض مراتب مصلحة الموقت كما لا يخفى الخ
ونعم ما افاد بقى الكلام
.................................................................................................
______________________________________________________
فى الاصل الجارى
فى المسأله وموضوعه قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٠ ومع عدم الدلالة الخ قال المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٨ نعم لو شك ولم يعلم من دليل الموقت بان التقييد
بالوقت كان بلحاظ اصل المطلوب او بلحاظ تمام المطلوب الخ فالموضوع هو ما كان قاطعا
بعدم اتيانه فهل يجب فى خارج الوقت قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٣٠ فقضية اصالة
البراءة عدم وجوبها فى خارج الوقت ولا مجال لاستصحاب وجوب الموقت بعد انقضاء الوقت
الخ والوجه فيه من ان الزمان اذا اخذ قيدا للفعل كان الفعل المقيد به غير الفعل
الواقع فى خارجه فتسرية الحكم من الاول الى الثانى من قبيل تسرية الحكم من موضوع
الى آخر فيكون من القياس لا من الاستصحاب لانه يعتبر فى صحة الاستصحاب وحدة
الموضوع ليتحقق الابقاء الذى هو قوام الاستصحاب مثلا الصوم يوم الجمعة غير الصوم
يوم السبت فاذا ثبت الوجوب للأول وشك فى وجوب الثانى لا يكون رفع اليد عن وجوبه
نقضا لليقين السابق فيرجع فى وجوب الثانى الى اصالة البراءة لكن ذكر المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٨ ربما كان مقتضى الاصل وهو الاستصحاب بقائه فى خارج
الوقت ايضا اذ ح يشك عند ذهاب الوقت فى ذهاب اصل المطلوبية او ذهاب مرتبة منع مع
بقائه ببعض مراتبه الأخر فيستصحب ح بقائه ولو ببعض مراتبه نظير الاستصحاب الجارى
فى اللون الخاص اذا شك فى ذهابه من رأسه او ذهابه ببعض مراتبه مع بقائه ببعض
مراتبه الأخر ومعه فلا يجرى فيه اصالة البراءة عن الوجوب الخ وبالجملة فالمرجع فى
اتحاد موضوع الاستصحاب ليس لسان الدليل بل العرف والموضوع فى نظره واحد كما عرفت ،
وعلى فرض عدم الجريان فالاصل يقتضى البراءة لان الشك يكون فى الجعل فانه لا يعلم
ان التكليف هل يكون مجعولا فى خارج الوقت ام لا فالمرجع البراءة ولا يكون الاصل فى
المقام الاشتغال بتوهم ان الشك يكون فى الفراغ لان التكليف فى الوقت لا يوجب
الاشتغال فى خارج الوقت ، ولكن من المعلوم ان الاستصحاب يجرى ان كان نفس الارادة
باقية لكن بمرتبة ضعيفه لكن لو تبدلت بارادة اخرى ضعيفه كان من تبدل الموضوع ولا
يجرى الاستصحاب ثم ان محقق النّائينيّ جعل موضوع البحث فى الاصل امرا آخر وهو ما
اذا كان شاكا فى اتيان العمل فى الوقت قال فى الاجود ج ١ ص ١٩٢ ثم انه فيما ثبت
فيه وجوب القضاء كالصلاة والصوم اذا خرج الوقت وشك
البالغ الى مرتبة
من الارادة بإبرازها بها وانما الفرق بينهما فى صرف اناطة الاشتياق بوجود الوقت او
المشروط فى لحاظه فى الثانى دون الأول. نعم فى المقام صورة اخرى من الاشتياق
المتعلّق بالمقيّد لكن لا به بجميع شئونه بل كان متعلقا به ببعض شئونه على وجه
يكون مانعا عن بعض انحاء تروكه نظير ما تصورنا هذا النحو من الوجوب فى الواجبات
التخييرية (١)
______________________________________________________
المكلف فى الاتيان
بالفعل فى وقته وقطع النظر عن قاعدة ان الشك بعد الوقت لا اعتبار به او فرض الكلام
فى غير مورد القاعدة فهل يجرى استصحاب عدم الاتيان بالفعل فى الوقت لاثبات وجوب
القضاء أو لا ومنشأ الاشكال هو ان الفوت الذى علق عليه وجوب القضاء فى الادلة هل
هو عنوان وجودى يعبر عنه بخلو الوقت عن الفعل ويلازم عدم الاتيان به فى الوقت او
هو عين عدم الاتيان بالواجب فى الوقت فعلى الثانى لا اشكال فى وجوب القضاء لان
موضوعه وهو عدم الاتيان به فى الوقت يحرز بالاصل المزبور بخلاف الاول فان وجوب
القضاء بناء عليه ليس من آثار نفس المستصحب بل هو من آثار ما هو لازم له عقلا
فيكون اجراء الاصل المزبور لاثبات اثر اللازم مبنيّا على القول بحجية الاصول
المثبتة ولا نقول بها ، ثم انه لو شك فى ذلك ولم يعلم ان عنوان الفوت امر وجودى
يلازم عدم الفعل فى الوقت او انه نفس عدم الفعل لما امكن اجراء الاستصحاب ايضا
لانه متوقف على احراز كون المستصحب ذا اثر شرعى فالشك فيه يكون شكا فى صحة جريان
الاستصحاب وان المورد هل هو قابل للتعبد اولا فلا يمكن الحكم بشمول ادلته لكون
الشبهة مصداقية فيكون الفعل بعد سقوط الاستصحاب مجرى للبراءة الخ ولكن فيه ان
البحث الاصولى فى الشبهة الحكمية لا المصداقية فموضوع الشك هو ما تقدم ثم لترجع
الى ما كنا فيه من الواجب المطلق والشروط والموقت من اناطة الوجوب بالشرط او الوقت
والقيد فيكون الخطاب والاشتياق فعليا والمحركية الفعلية فى الرتبة المتأخرة عن ذلك
كما لا يخفى وقبل ذلك تعرض لتقسيم آخر للوجوب.
تقسيم الواجب الى التعيينى والتخييرى
(١) التقسيم
الرابع للواجب فانه ينقسم الى التعيينى والتخييرى قال المحقق
.................................................................................................
______________________________________________________
النّائينيّ فى
الاجود ج ١ ص ١٨١ فالاول ما لا بدل له فلا يسقط امره باتيان غيره بخلاف الثانى
فانه يسقط امره باتيان بدله ولا اشكال فى وقوعه فى الشرعيات والعرفيات انما
الاشكال فى تعقل كنهه وشرح حقيقته من جهة ان الارادة التى هى من الصفات النفسانية
لا بد وان يكون متعلقها امرا معيّنا غير مبهم فلا يعقل تعقلها بما له بدل وما هو
مردّد بين الامرين والوجوه التى يتفصى بها عن الاشكال امور الخ قال صاحب الكفاية ج
١ ص ٢٢٥ اذا تعلق الامر باحد الشيئين او الاشياء ففى وجوب كل واحد على التخيير
بمعنى عدم جواز تركه الا الى بدل ـ اى يكون الالتزام بالفعل والمنع من تركه الى
غير بدل فيكون كل واحد من عدلى الوجوب التخييرى واجبا على النحو المذكور ـ او وجوب
الواحد لا بعينه ـ اى يكون الواجب واحدا لا غيرا ما وجوب الجامع بين الامرين كما
عليه صاحب الكفاية فيكون التخيير بينهما فى الحقيقة تخييرا عقليا او وجوب الواحد
لا بعينه المصداقى وهو الفرد المنتشر والفرد المردد فى الخارج هذا او ذاك او وجوب
الواحد لا بعينه المفهومى وهو مفهوم احدهما لا بعينه ـ او وجوب كل منهما مع السقوط
بفعل احدهما ـ اى يكون الوجوب تعيينى بالنسبة الى كل من الافراد غايته ان امتثال
واحد منها مسقط لغيره كما يسقط الواجب بالواجب وبغير الواجب مثل قراءة الامام
المسقطة لقراء الماموم ـ او وجوب المعيّن عند الله اقوال الخ اى الذى يعلم الله
تبارك وتعالى ان العبد يختاره واما ما قبل الاخير من القول بوجوب كل منهما تعيينا
وان اتيان احدهما مسقط لغيره قال المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٨٢ هذا الوجه
بظاهره لا يمكن التفوه به إلّا ان الظاهر ان مراد القائل به هو ان هناك غرضين
متزاحمين لا يمكن جمعهما فى الوجود الخارجى ولاجله تقع المزاحمة بين الامرين فيكون
كل منهما مشروطا بعدم الاتيان بمتعلق الآخر والتزاحم فى المقام وان كان يغاير
التزاحم فى مقام الامتثال فى ان التزاحم فى المقام انما تشا من عدم امكان اجتماع
الملاكين وجود او الا فالمكلف قادر على ايجاد كلا الفعلين فى الخارج واما التزاحم
فى مقام الامتثال فهو انما ينشأ عن عجز المكلف عن امتثال التكليفين من دون ان يكون
هناك تزاحم فى الملاك اصلا إلّا ان نتيجة التزاحم فى كلا المقامين هو اشتراط خطاب
كل منهما بعدم وجود متعلق الآخر الخ واختار هذا القول المحقق الاصفهانى فى النهاية
ج ١ ص ٢٥٤ لوجهين الأوّل قال ـ نعم يمكن ان يفرض غرضان ـ اى فى الصوم و
.................................................................................................
______________________________________________________
العتق مثلا
متباينة لا متقابله بحيث لا يمكن الجمع بينهما ـ لكل منهما اقتضاء ايجاب محصله ـ اى
ايجاب كل واحد من الخصال لزوميا تعيينيا ـ إلّا ان مصلحة الارفاق والتسهيل يقتضى
الترخيص فى ترك احدهما فيوجب كليهما لما فى كل منهما من الغرض الملزم فى نفسه
ويرخصّ فى ترك كل منهما الى بدل فيكون الايجاب التخييرى شرعيا محضا من دون لزوم
الارجاع الى الجامع الخ ونتيجه ذلك هى انه اذا ترك الكل فلا يعاقب الاعلى ترك ما
لا يجوز تركه وهو ليس إلّا الواحد منها واذا فعل الكل دفعة واحدة كل ممتثلا
بالاضافة الى الجميع ، الثانى قال فى ص ٢٥٤ نعم لا يتأثر الذائقة بالحلاوة من كل
شىء بل مما هو حلو بالذات ومما ينتهى الى ما بالذات ـ اى كالسكنجبين المنتهى الى
السكر ـ إلّا ان هذه السنخية والمناسبة قد عرفت ان منشأها لزوم الحلاوة لاشياء
خاصه ـ اى كالعسل والتمر والسكر ـ بحيث لا يكون استلزامها لها عن جهة اخرى غير
ذاتها حتى يجب الانتهاء الى جامع يكون ذلك الجامع هو السبب بالذات فليكن الفرض
اللازم لوجود الصوم والعتق والاطعام كذلك وان كان تاثر النفس مثلا او محل آخر بذلك
الاثر القائم بها قيام العرض بموضوعه مثلا بلحاظ قيام الاثر الخاص بمؤثرات مخصوصة
إلّا ان هذا المعنى لا يستدعى انتهاء الاثر القائم بالصوم والعتق والاطعام الى
جامع بين الافعال الثلاثة وان كان تاثر المحل بذلك الاثر من تلك الافعال بالسنخيّة
والمناسبة بين الاثر القائم لمحل والغرض القائم بتلك الافعال الخ إلّا ان الالزامى
من ذلك الغرض وجود واحد منه وبما ان نسبة كل منها الى ذلك الوجود الواحد على
السوية فلذا يجب الجميع وحيث ان وجود واحد منها يحصل بها الغرض فيجوز ترك كل منها
عند الاتيان بالآخر واجاب عنه فى المحاضرات ج ٤ ص ٢٩ اما عن الاول اوّلا انه مخالف
لظاهر الدليل حيث ان ظاهر العطف فيه بكلمة او هو وجوب احدهما او احدها لا وجوب
الجميع ، وثانيا انا لا طريق لنا الى احراز الملاك فى شيء ما عدا تعلق الامر به
وحيث ان الامر فيما نحن فيه تعلق باحد الطرفين او الاطراف فلا محاله لا نستكشف
إلّا قيام الغرض به فاذن لا طريق لنا الى كشف تعدد الملاك اصلا ـ وثالثا انه لا
طريق لنا الى ان مصلحة التسهيل والارفاق على حد توجب جواز ترك الواجب وعلى فرض
تسليم انها تكون بهذا الحد فهى عندئذ تمنع عن اصل جعل الوجوب للجميع ضرورة ان
مصلحة ما عدا واحد منها مزاحمة بتلك
.................................................................................................
______________________________________________________
المصلحة اعنى
مصلحة التسهيل والارفاق ومن الواضح جدا ان المصلحة المزاحمة بمصلحة اخرى لا تدعوا
الى جعل حكم شرعى اصلا وغير قابلة لان تكون منشأ له فاذن ايجاب الجميع بلا مقتض ـ ثم
انه على فرض ايجاب الجميع وعدم كون مصلحة التسهيل والارفاق مانعة منه فلا موجب
لسقوط وجوب بعضها بفعل الآخر ضرورة انه بلا مقتض وسبب فان سقوط وجوب الواجب باحد
امور امتثاله والعجز عن امتثاله والنسخ والمفروض ان الاتيان بالواجب الآخر ليس
شيئا من هذا الامور ودعوى انه اذا فرض ان وجوب كل منها مشروط بعدم الاتيان بالآخر
فلا محاله يكون اتيانه مسقطا له مدفوعة ـ عدم الدليل عليها حيث ان الظاهر منها
وجوب احد الاطراف لا وجوب الجميع بنحو الاشتراط ، ورابعا لو سلمنا ان مصلحة
التسهيل إلزامية وسلمنا ايضا انها لا تمنع عن اصل جعل الوجوب للجميع وانما توجب
تقييد وجوب كل منها بعدم الاتيان بالآخر ولكن لازم ذلك هو التزام فى صورة المخالفة
وعدم الاتيان بشىء منها باستحقاق العقاب على ترك كل منها ضرورة انه لا يجوز ترك
الواجب بدون الاتيان ببدله وانما يجوز الترك الى بدل لا مطلقا فاذا فرض ان المكلف
ترك الصوم بلا بدل وترك العتق والاطعام كذلك فلا محاله يستحق العقاب على ترك كل
منها ـ اى لا عقابا واحدا كما افاده ـ واما الثانى فيرده اولا انه خلاف ظاهرا
الدليل ـ اى كما مر ـ وثانيا انه لا طريق لنا الى احراز ان الغرض المترتب على
الخصال واحد بالسنخ والنوع وان الالزامى منه وجود واحد وثالثا على تقدير تسليم ذلك
إلّا ان لازمه وجوب احد تلك الخصال لا وجوب الجميع الى آخر كلامه ويمكن الجواب عنه
اما عن الوجه الأول اما عن الايراد ان يكون ظاهرا فى وجوب احدهما ممنوع ـ وعن
الثانى مصادره ويمكن ان يدعى ان الامر تعلق على جميع الاطراف على نحو التخيير لا
احدها فيمكن كشف الملاك به ـ وعن الثالث ان مصلحة التسهيل فى مرحلة الامتثال فى
طول الملاك الوجود فى الشىء فلا تزاحم ذلك وانما هو ترخيص للمكلف فى مرحلة
الامتثال بتركه عند اتيان الآخر نظير بلى قد ركع فى قاعدة التجاوز ولو لا ان أشقّ
على امتى لامرتهم بالسواك ونحو ذلك من الاجزاء فى مقام الامتثال ـ وما قيل من عدم
الدليل على الاشتراط ففيه ـ اولا لم يذكر الاشتراط فى كلامه وثانيا نفس دليل
التخيير قرينة على التسهيل بزعمه ـ وعن الرابع بعد ورود الترخيص فى مرحلة الامتثال
فلم يترك الا واجب واحد لا وجوبات
.................................................................................................
______________________________________________________
متعددة حتى يعاقب
عليه ـ واما عن الوجه الثانى اما الايراد الاول فواضح رده كما مر لعدم الظهور كذلك
ـ وعن الثانى ان لنا القرينة على انه سنخ واحد وهو جعل هذه الاشياء فى عداد اطراف
التخيير وإلّا لجعل كل شيء عداده فيعرف ان له سنخ اثر كذلك ـ وعن الثالث ان ما
ذكره من اللازم باطل لان الوجوب يتبع الملاك وفى الجميع ملاك موجود فيجب الجميع لكن
العمدة فى الجواب ثبوت الدليل على الترخيص والتسهيل ومجرد الدليل على التخيير لا
يلازم ذلك مضافا الى ان وجوب كل واحد من الاطراف اذا كان عن ملاك وغرض تام يتعين
الجميع لا على وجه التخيير ، اجاب عن هذا القول بان يكون على وجه الاشتراط استادنا
الزنجانى فى تقريراتنا ص ١٩٠ دفتر ٣ بانه هل يكون وجوب كل منها مشروطا بعدم الآخر
وتركه هو الترك الازلى الذى قبل فعلية التكليف او الترك الذى بعد تعلق الامر
وفعليه التكليف وهو الترك الذى يكون تركا للمامور به فان كان المراد هو الأول وانه
مشروط بالترك المطلق وهو الازلى فيكون حين فعلية التكليف فعليا ذلك والشرط حاصلا
اى الترك المطلق فلا بد وان يكون الحكمان فعليان لفعلية موضوعهما مع انه لا يكون
الحكمان فعليا معا ، لامتناع اجتماعهما فى التحقق ، وان قلت بان شرط عدم المسبوق
وتركه كعدم العتق لا العدم المطلق الازلى بل الشرط ترك العتق الذى مامور به كما ان
الامر بالعتق ايضا يتوقف على ترك الصيام لا المطلق بل بعنوان انه مامور به فيلزم
ما هو الواقع فى رتبة الموضوع والعلة واقعا فى رتبة المعلول وهذا هو تقدم الشى على
نفسه وهو محال الخ وبعبارة واضحة وجوب كل منهما متاخر عن عدم الآخر لكونه مشروط به
وعدم كل واحد فى رتبة وجود نفسه لان النقيضين فى رتبة واحدة فينتج ان وجوب كل واحد
منهما متاخر عن وجود الآخر فيكون موقوفا على وجود الآخر والحال انه موقوف على عدمه
فيلزم اجتماع النقيضين وكان ينقل هذا الاشكال استادنا البجنوردي عن المحقق العراقى
وذكر ذلك فى الواجب الكفائى ـ ولكن فيه قال استادنا البجنوردي فى المنتهى ج ١ ص
٢١٩ بان هذه مغالظة واضحة لان ما فى رتبة علة الشى واجزاء علة الشى ليس علة ولا
جزء علة للشيء فما فى رتبة الشرط ليس بشرط ولا مما يتوقف عليه الشى من حيث انه فى
رتبته بل لو كان لا بد وان يكون لجهة وخصوصية فى نفسه ، ووجوب كل منهما ليس متوقفا
على عصيان الآخر بل على عدم الاتيان بالآخر الخ فلا دور بان
.................................................................................................
______________________________________________________
وجوب كل واحد
يتوقف على عصيان الآخر والعصيان لا يتحقق إلّا بعد وجود الامر والوجوب فيكون وجوب
كل منهما متوقفا على وجوب الآخر وقد عرفت فساده اما القول بالفرد المردد ومصداق
احدهما واقعا هو الذى اختاره المحقق النّائينيّ بخلاف استادنا الخوئى فاختار مفهوم
احدهما كما سيأتى قال المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٨١ الاول ان امتناع
الابهام وعدم التردد فى متعلق الإرادة يختص بالارادة التكوينية ولا يعم التشريعية
ـ الى ان قال ـ ان كل ما فرض اعتباره فى الارادة التكوينية فان كان معتبرا فيها لا
لخصوصية كونها تكوينيه بل لكونها ارادة فهو معتبر فى التشريعية ايضا لا محاله ـ اى
كمبادئ الارادة ـ بخلاف ما اذا كان اعتباره فيها لاجل خصوصية كونها تكوينيه فلا
يعم التشريعية قطعا ولا باس فى افتراقهما فى بعض الامور مثلا تنقسم الارادة
التشريعية الى تعبدية وتوصلية باعتبار آنها ان سقطت بفعل المامور به وان لم يقصد
به التقرب فهى توصلية وإلّا فتعبدية وهذا الانقسام من خواص الارادة التشريعية التى
تتعلق بفعل الغير ولا يعم التكوينية بالضرورة وكذا يمكن تعلق الارادة التشريعية
بالكلى الملغى عنه الخصوصيات الفردية والصنفية بل هى كذلك دائما غاية الامر انه
يختلف دائرة الكلى المتعلق به الارادة سعة وضيقا وهذا بخلاف الارادة التكوينية
فانها لكونها علة لايجاد المراد لا تتعلق الا بالشخص لامتناع ايجاد الكلى فى الخارج
الا فى ضمن فرده والذى يترجح فى النظر ان يكون امتناع تعلق الارادة التكوينية
بالمردد وما له بدل من لوازمها خاصه ولا يعم التشريعية فان الغرض المترتب على كل
من الفعلين اذا كان امرا واحدا كما هو ظاهر العطف بكلمة او ولو كان عطف جملة على
جملة كما هو الغالب او عطف مفرد على مفرد فانه بحسب مقام الاثبات الموافق لمقام
الثبوت يدل على ان هناك غرضا واحدا يترتب على واحد من الفعلين على البدل فلا بد
وان يتعلق طلب المولى باحدهما على البدل ايضا لعدم الترجيح بينهما وليس هنا ما
يتوهم كونه مانعا عن تعلق الطلب بشيئين كذلك لا ثبوتا ولا اثباتا الا ما تقدم من
دعوى امتناع تعلقه بالمبهم والمردد وقد عرفت انه يختص بالتكوينية التى لا ينفك
المراد عنها ويوجد بها فلا بد وان يكون متعلقها امرا معينا شخصيا فيوجد بها فى
الخارج الخ وقال استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٨٣ قد عرفت فيما تقدم انه
لا موجب لتسرية احكام الارادة التكوينية الى الحكم
.................................................................................................
______________________________________________________
المجعول اصلا واما
امكان تعلق الطب باحد الفعلين او الافعال على البدل كما افيد فهو الصحيح الذى لا
ينبغى الريب فيه ضرورة انه لا يعتبر فى متعلق الوجوب الذى قد عرفت انه امر اعتبارى
ان يكون من الكليات المتاصلة بل يجوز ان يكون من الكليات الانتزاعية فاذا فرض ترتب
غرض واحد على احد الفعلين او الافعال على البدل فلا بد وان يكون متعلق الايجاب
ايضا كذلك هذا مع انه يمكن تعلق الصفة الحقيقية باحد الامرين او الامور ايضا فاذا
علمنا اجمالا بعدالة احد الرجلين مع احتمال عدالة الآخر ايضا وفرضنا فى الواقع
عدالة كل منهما فبما ان المعلوم بالاجمال لا تعين له فى الواقع بالضرورة لان نسبة
العلم الاجمالى الى كل منهما على حد سواء وليست كلتا العدالتين المتحققتين فى
الواقع معلومتين على الفرض وليست العدالة الكلية الجامعة متعلقه العلم اذا المفروض
كون احد الخصوصيّتين معلومة على الاجمال فلا مناص من الالتزام بكون متعلق العلم
احدى العدالتين على نحو الابهام والتردد فاذا امكن ذلك فى الصفات الحقيقية ففى
الاعتباريّة بطريق اولى الخ واجاب عن هذا القول المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص
٢٥٥ والتحقيق كما اشرنا اليه سابقا ان المردد بما هو مردد لا وجود له خارجا وذلك
لان كل موجود له ماهية ممتازة عن سائر الماهيّات بامتياز ماهوى وله وجود ممتاز
بنفس هوية الوجود عن سائر الهويّات فلا مجال للتردد فى الموجود بما هو موجود وانما
يوصف بالتردد بلحاظ علم الشخص وجهله فهو وصف له بحال ما يضاف اليه لا بحال نفسه
واما حديث تعلق العلم الاجمالى بأحد الشيئين فقد اشرنا اليه سابقا الى ان العلم
يتشخص بمتعلقه ولا يعقل التشخص بالمردد مصداقا بما هو كذلك اذا الوحدة والتشخص
رفيق الوجود يدور ان معه حيثما دار فمتعلق العلم مفصّل دائما غاية الامر ان متعلق
متعلقه مجهول اى غير معلوم وضم الجهل الى العلم صار سببا لهذا الاسم والالم يلزم
قيام صفة حقيقيه بالمردد بداهة ان المعين لا يتحد مع المبهم والمردد وإلّا لزم اما
تعين المردد او تردد المعين وهو خلف ـ ومما ذكرنا يتضح ان عدم تعلق البعث بالمردد
ليس لخصوصية فى البعث بلحاظ انه لجعل الداعى ولا ينقد ح الداعى الى المردد بل لان
البعث لا يتعلق بالمردد حيث ان تشخص هذا الامر الانتزاعى ايضا بمتعلقه وإلّا
فالبعث بما هو لا يوجد فلا يتعلق الا بالمعين والمشخص ولو كان بمفهوم المردد فان
المردد بالحمل الاولى معيّن بالحمل
.................................................................................................
______________________________________________________
الشائع والكلام فى
المردد بالحمل الشائع وهكذا الارادة التكوينية والتشريعية لا تشخص لهما الا بتشخص
متعلقهما اذا الشوق المطلق لا يوجد الخ واما التعبدية ليست لونا للارادة بل
التعبدية تحصل بارادتين بالعمل وبداعى امره او العمل التوام مع التقرب ولا يوجب
الفرق بين التشريعية والتكوينية واجاب عنه استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٤ ص ٣١
بل نقول بوجوب احدهما لا بعينه وهو غير احدهما المردد فى الواقع المعبر عنه
باحدهما المصداقى ضرورة ان الاول قابل لتعلق التكليف به دون هذا فهاهنا دعويان
الاولى ان احدهما لا بعينه المعبر عنه بالجامع الانتزاعى قابل لتعلق التكليف به
الثانية ان احدهما المردد فى الواقع غير قابل له اما الدعوى الاولى فلانه لا يعتبر
فى متعلق التكليف الذى هو امر اعتبارى ان يكون جامعا ذاتيا بل يجوز ان يكون جامعا
انتزاعيا وهو عنوان احد الفعلين او الافعال ـ واما الدعوى الثانية فلان المردد فى
الواقع والخارج محال فى ذاته ضرورة انه لا ثبوت ولا وجود له فيه فاذن كيف يتعلق
الامر به الخ ، وفيه ان مصداق احدهما لا بعينه كمفهوم احدهما لا بعينه لا خارجية
له ليكون موضوعا للغرض فيمتنع ان يتعلق به الامر مضافا الى ان مفهوم الوحدة من
الامور الاعتبارية التى لا تكون موضوعا للتكليف ولاجل ذلك يمتنع التكليف بمفهوم
الواحد بعينه وان جاز التكليف بمصداقه اما الاحتمال الرابع فيه اولا قال المحقق
النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٨٢ ان الواجب هو الجامع الانتزاعى وهو مفهوم احدهما
الصادق على كل منهما ـ وان كان لا مانع من الالتزام به ضرورة ان مفهوم احد الشيئين
وان لم يكن من العناوين الانتزاعية التى يكون منشأ انتزاعها موجودا فعلا كمفهوم
المتقدم والمتاخر لكنه ليس من العناوين الانتزاعية الفرضية غير القابلة لتعلق
التكليف بها ايضا بل هو من العناوين التى يمكن فرض منشإ انتزاعها ليكون التكليف
المتعلق بها متعلقا بمنشإ انتزاعها وعليه فيمكن فرض منشإ انتزاع له بفرض شيئين او
اشياء وتوجيه التكليف اليه إلّا أنّك بعد ما عرفت امكان تعلق التكليف بواقع احدهما
تعرف ان توسيط العنوان الانتزاعى فى تعلق الخطاب يكون لغو او غير محتاج اليه الخ
واورد عليه استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٨٤ لا يخفى ان ما ذكرناه من
امكان تعلق الطلب باحد الفعلين او الافعال على البدل متحد مع هذا الوجه بعينه
واماما افيد فى المتن من امكان تعلقه بواقع احد الفعلين او الافعال فان اريد منه
.................................................................................................
______________________________________________________
الواقع المعين
الذى يختاره المكلف خارجا فالالتزام بتعلق التكليف به متحد مع الالتزام بالوجه
الخامس ـ اى الآتى الآن ـ الواضح بطلانه وان اريد منه غيره فلا واقع لعنوان احدهما
ليلتزم بجواز تعلق التكليف به دون نفس العنوان الخ وثانيا قال استادنا الآملي فى
المجمع ج ١ ص ٣٧٧ فلان عنوان الاحد على الترديد لا يكون له وعاء فى الخارج ـ اى
ليكون موضوعا للغرض فيمتنع ان يتعلق به الامر ـ فانه لا شبهة فى ان الالتزام اذا
ذهب بواسطة فعل الاحد لا يذهب اصل المطلوبية فيمكن الجمع مع البعض الآخر الخ مضافا
الى هذا خلاف ظاهرا الدليل من كون كل واحد منهما واجب لا ان الواجب احدهما لا
بعينه ، ومما ذكرنا كله ظهر فساد ما افاده استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٤ ص ٤٠
من الاصرار على اثبات هذا القول منها ان الاحكام الشرعية امور اعتبارية ومن
المعلوم ان الامر الاعتبارى كما يصح تعلقه بالجامع الذاتى كذلك يصح تعلقه بالجامع
الانتزاعى فلا مانع من اعتبار الشارع ملكية احد المالين للمشترى ـ كما فى باب
الوصية فانه اذا اوصى الميت بملكية احد المالين لشخص بعد موته ـ تكون وصيته نافذة
وكذا لا مانع من اعتبار الشارع احد الفعلين او الافعال فى ذمة المكلف الخ وفيه ان
العنوان الانتزاعى ليس شيء حتى يتعلق به التكليف ولا الملكية والتنظير الذى اتى به
كل ذلك محل اشكال ولا مصلحة فى المفهوم الانتزاعى والمصلحة فى فعل المكلف الصادر
منه فى الخارج لا العنوان ، مضافا الى ان الاحكام الوضعية لو تم لا يقاس عليه
لفعلية موردهما دون المقام وهو احدهما من دون ان يكون منشأ انتزاعه فعليا وقال فى
ص ٤١ فى الجواب عما ذكرنا ـ وذلك لعدم الطريق لنا الى معرفة سنخ الغرض الداعى الى
ايجاب شيء او تحريمه نعم نعلم فى الاول مصلحة وفى الثانى مفسدة لكن لا نعلم سنخ
تلك المصلحة وسنخ تلك المفسدة ، ويجب علينا التحفظ على ظواهر الأدلّة وتعيين الحكم
ومتعلقه بها ، ونعلم ان الاتيان بمتعلق الوجوب فى الخارج محصل للمصلحة الداعية الى
ايجابه ، فالنتيجة على ضوء هذه النواحى لا بد من الالتزام بان متعلق الوجوب هو
العنوان الانتزاعى الخ وفيه انه ولو لم نعمل سنخ المصلحة والمصلحة فى الفعل لكن لا
يلازم تعلق الوجوب على احدهما لا بعينه بل بوجه آخر سيأتى وظاهر الأدلّة وجوب
الجميع لا واحد لا بعينه ، وقال فى ص ٤٢ مرادنا من تعلق الامر بالجامع الانتزاعى
ليس تعلقه به بما هو موجود فى النفس ضرورة انه غير قابل
.................................................................................................
______________________________________________________
لان يتعلق به
الامر والغرض بل مرادنا من تعلق الامر به بما هو منطبق على كل واحد من الفعلين او
الافعال فى الخارج ويكون تطبيقه على ما فى الخارج بيد المكلف الخ وفيه ان ما فى
الخارج هو واحد بعينه لا لا بعينه فلا يمكن ما فى النفس انطباقه على الخارج اصلا
الى غير ذلك من الاشكالات عليه وظاهر الدليل لو سلم لا بد من تاويله لكونه غير
ممكن تعلق التكليف بالمردد واحدهما اما احتمال كون الواجب ما هو المعين عند الله
وهو ما يختاره المكلف فى مقام الامتثال مثلا ففى موارد التخيير بين القصر والاتمام
لو اختار المكلف القصر مثلا فهو الواجب عليه ولو عكس فبالعكس ، فقد اجاب عنه
استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٨٢ اذ يرد عليه اولا ان التكليف بالمعين
خلاف ظواهر الادلة الدالة على الوجوب التخييرى وثانيا انه ينافى الاشتراك فى
التكليف المقطوع به من الادلة ـ اى لازم هذا القول ان الواجب يختلف باختلاف
المكلفين بل باختلاف حالاتهم فلو اختار احدهم القصر هو الواجب عليه والآخر التمام
هو الواجب عليه واقعا ـ وثالثا انه اذا فرض عصيان المكلف وعدم اتيانه بشىء من
الفعلين فما ذا يكون متعلق التكليف التخييرى وبما انه لا تعين له فى هذا الفرض لا
يكون له تعين فى فرض الامتثال ايضا ضرورة ان الامتثال والعصيان انما يتعلقان بشىء
واحد الخ وما ذكره الاستاد يمكن المناقشة فيه اما عن الاول فظاهر الادلة خلافه فان
ظاهر قوله تعالى (فَكَفَّارَتُهُ
إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ
كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) الخ كون كل واحد منها واجبا لا انه يجب واحد منها اما
كيفية الوجوب فسيأتي إن شاء الله ـ واما عن الثانى فلا ارى وجها لتنافيه مع
الاشتراك فى التكليف فان الاشتراك انما يكون فى اصل وجوب الكفارة كوجوب الصلاة اما
متعلق الوجوب اى شيء وخصوصية لا ينافى تغايرهما كما فى اختلاف الموضوعات من القصر
والاتمام والقيام والجلوس ونحوهما ـ واما عن الثالث فياتى فى ذمته بعين ما فات منه
وهو ما يعيّنه ويختاره واقعا هو الواجب عليه قضاء لو كان له القضاء وهو المعاقب
عليه كذلك هذا لو كان التخيير واقعا واما لو كان الواجب هو القصر كما فى موارد
التخيير محتمل والاتمام فى مقام الاجزاء والتسهيل وخصوصية المكانية فحينئذ لا بد
من قضاء القصر لانه الاصل الذى فات دون الآخر سيما يؤيده ان الركعتين الاخيرتين
سنة والاوليتين فريضه وقال استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٣٧٧ فى الجواب عن هذا
.................................................................................................
______________________________________________________
القول فلأن
التكليف لا يكون منوطا بارادة العبد حتى يكون الله تعالى لا يريد المعين إلّا اذا
اراده العبد لانه تصويب محال الخ ، واما القول الثانى وهو ما عليه صاحب الكفاية ج
١ ص ٢٢٥ والتحقيق ان يقال انه ان كان الامر باحد الشيئين بملاك انه هناك غرض واحد
يقوم به كل واحد منهما بحيث اذا اتى باحدهما حصل به تمام الغرض ولذا يسقط به الامر
كان الواجب فى الحقيقة هو الجامع بينهما وكان التخيير بينهما بحسب الواقع عقليّا
لا شرعيّا وذلك لوضوح ان الواحد لا يكاد يصدر من اثنين بما هما اثنان ما لم يكن
بينهما جامع فى البين لاعتبار نحو من السنخية بين العلية والمعلول وعليه فجعلهما
متعلقين للخطاب الشرعى لبيان ان الواجب هو الجامع بين هذين الاثنين ، وان كان
بملاك انه يكون فى كل واحد منهما غرض لا يكاد يحصل مع حصول الغرض فى الآخر مع
اتيانه كان كل واحد واجبا بنحو من الوجوب يستكشف عنه تبعاته من عدم جواز تركه الا
الى الآخر وترتب الثواب على فعل الواجد منهما والعقاب على تركهما الخ واجاب عنه
المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢٥٣ لا يخفى عليك ان قاعدة عدم صدور الكثير عن
الواحد وعدم صدور الواحد من الكثير مختصة بالواحد الشخصى لا الواحد النوعى كما
تقتضيه برهانها فى الطرفين فان تعيّن كل معلول ـ اى تشخص كل معلول لان الشى ما لم
يتشخص لم يوجد ـ فى مرتبه ذات علته لئلا يلزم التخصيص بلا مخصص ـ اى لخصوصية فى
العلة ـ وكون الخصوصية الموجبة لتعيّنه ذاتية للعلة اذا الكلام فى العلة بالذات
ولزوم الخلف من تعيّن معلولين فى مرتبة ذات علة واحدة من جميع الجهات للزوم
خصوصيتين فيها ـ اى العلة واحدة شخصيه من جميع الجهات امتنع تعين معلولين متباينين
فى مرتبه ذاتها ووجودها فالحرارة اذا كانت من مراتب وجود النار فلا يعقل ان تكون
البرودة من مراتبه وجودها لا ربط له بعدم صدور الكثير عن الواحد النوعى كما ان كل
ممكن ليس له إلّا وجود واحد ووجوب واحد فهو لا يقتضى ان لا يكون له وجوبان فى
مرتبة ذات علّتين مورده صدور الواحد الشخصى عن علتين شخصيتين ـ اى مرده الى تعدد
الواحد الشخصى لفرض ان وجوده فى مرتبه ذات العلة يباين وجوده فى مرتبه ذات العلة
الاخرى ـ وكذا كون استقلال كل من العلتين فى التاثير مع دخل كل من الخصوصيتين فى
وجود شىء واحد موجبا لعدم علية كل منهما مستقلا وعدم دخل الخصوصيتين موجبا لكون
الجامع علة لا ربط له ايضا
.................................................................................................
______________________________________________________
باستناد الواحد
النوعى الى المتعدد بل مفاد كلا البرهانين عدم صدور الواحد الشخصى عن الكثير وعدم
صدور الكثير بالشخص عن الواحد الحقيقى ولذا قيل باستناد الواحد النوعى الى المتعدد
كالحرارة المستندة الى الحركة تارة والى النار اخرى والى شعاع الشمس ثالثه والى
القصب ايضا وكالاجناس فانها لوازم الفصول والفصل كالعلة المفيدة لطبيعة الجنس فيستند
الواحد الجنسى الى فصول متعددة مع تباين الفصول بتمام ذواتها ـ الى ان قال ـ والفرض
ان القاعدة المزبورة مختصة بالواحد الشخصى والكلام فى الواحد النوعى ، واما مسالة
المناسبة والسنخية بين العلة والمعلول فلا يقتضى الانتهاء الى جامع ماهوى ضرورة ان
المؤثر هو الوجود ومناسبة الاثر لمؤثره لا تقتضى ان يكون هذا المقتضى والمقتضى
الآخر مندرجين بحسب الماهية تحت ماهية اخرى ألا ترى ان وجودات الاعراض ـ اى
المقولية كالكم والكيف ونحوهما ـ مع تباين ماهيّاتها لكونها اجناسا عالية او
منتهية اليها مشتركة فى لازم واحد وهو الحلول فى الموضوعات وكذا الحلاوة مثل لازم
واحد سنخا للعسل والسكر وغيرهما من دون لزوم اندراج الحلاوة وموضوعها تحت جامع
ماهوى ولا اندراج موضوعاتها تحت جامع ماهوى بل اقتضاء كل من الموضوعات لها بذاتها
ـ الى ان قال فى الجواب ان يكون فى كل واحد غرض ـ عدم حصول الغرض من احدهما مع
حصوله من الآخران ان كان لمجرد ان استيفاء احدهما لا يبقى مجالا لاستيفاء الآخر مع
كون كل من الغرضين لازم الحصول فى نفسه فلا محاله يجب الامر بهما دفعة تحصيلا
للغرضين ولو فرض عدم حصولهما الا تدريجا لعدم امكان اجتماعهما فى زمان واحد كانا
كالمتزاحمين فان التزاحم قد يكون فى الامر وقد يكون فى ملاكه وكما ان التخيير فى
المتزاحمين من حيث الامر تخيير عقلى لا مولوى كذا التخيير هنا وان كان تضاد
الغرضين على الاطلاق لا من حيث ان اجتماع المحصلين فى زمان واحد غير ممكن وسبق كل
منهما لا يوجب مجالا لاستيفاء الآخر بل من حيث ان ترتب الغرض على احدهما مقيد فى
نفسه بعدم ترتب الغرض على الآخر ولازمه عدم حصول شىء من الغرضين عند الجمع بين
المحصلين فهذا مع عدم انطباقه على الواجبات التخييرية الشرعية خارج عن محل الكلام
لان التخيير ح عقلى ايضا لا مولوى شرعى كما ان فرض استقلال كل من الفعلين فى اثر
خاص بحيث لا يجتمعان معا من حيث ذاك الاثر لتضاد الاثرين وترتب احد
.................................................................................................
______________________________________________________
الاثرين بخصوصه
عند الاجتماع لينطبق على الواجبات التخييرية التى لا باس بالجمع بينها خروج ايضا
عن محل الكلام لما عرفت مضافا الى ان لازمه التخيير بين كل منهما على انفراده وبين
كليهما معا الخ واجاب عن صاحب الكفاية المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٨٤ ان
وحدة الغرض وان كانت كاشفة عن وحدة المؤثر لا محاله لامتناع صدور الواحد عن الكثير
إلّا أنها لا توجب كون التخيير عقليا وتعلق الطلب بالجامع الملاكى المستكشف تحققه
بالبرهان لا يكفى فى جواز تعلق التكليف به بل لا بد فيه من ان يكون الجامع جامعا
عرفيا يمكن ان يقع فى حيز الخطاب حتى يخيّر العقل بين افراده فالتخيير العقلى
يحتاج الى مقدمة ثالثه وهى وجود الجامع العرفى والمفروض انه غير متحقق فى المقام
الخ واجاب عنه استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٣٧٧ ان امكان الجمع يضاده فلا يكون
الجامع هو المكلف به الخ فبامكان الجمع بين اطراف التخيير يضاد الوحدة وكون الجامع
هو المكلف به بل ظاهر فى ان كل واحد مامور به وإلّا لو أتى بطرف يسقط الواجب
ويتحقق الجامع ولا مجال لاتيان البقية وكان استادنا الزنجانى على ما فى تقريراتنا
دفتر ٣ ص ١٩١ يفسر عبارة الكفاية بنحو من الوجوب الخ بقوله الخ التخيير الشرعى هو
الواجب على البدل بان يكون كل من الطرفين او الاطراف واجبا لكن شأنيا بحيث لو أتى
بواحد منها صار ذلك الواجب فعليا بدلا عن الآخر ولا مجال لاتيان الآخر بعد اتيانه
الاول لانه لا يكون ح وجوده بدلا عن الآخر فالواجب التخييرى على ما اختاره من ان
الوجوب لا يكون قبل وجود الواجب فعليا ولكن كذلك حين وجوده يصير فعليا بدليا فيما
نحن فيه ويسقط الآخر باتيان العدل ويرتفع شأنيته وهذا ما قاله الآخوند انه نحو
وجوب الخ وفيه انه على مسلكه ان حقيقة الاحكام هى الامور الاعتباريّة دون الإرادة
والكراهة ، وان فعلية الحكم عنده واتصافه بالوجوب عند الاشتغال بالفعل ، وكلاهما
محل منع عندنا وقد مر الأول مرارا بل الثانى وان الخارج مرحلة السقوط لا الثبوت ،
مضافا الى ان العدل الثانى ربما يكون مستحبا بعد ذلك كيف يسقط من رأس ، انه لو كان
واجبا شانيا مجردا كيف باتيان المكلف فى الخارج يصير فعليا فان الشانية لا داعوية
لها للمكلف نحو الفعل وانما الداعوية عند الفعلية والتنجز فكيف مجرد الشانية لها
البعث والتحريك والصحيح ما افاده المحقق العراقى وقد تقدم ايضا وهو القول الاول
قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٩١
.................................................................................................
______________________________________________________
اذا تعلق الامر
باحد الشيئين او الاشياء على وجه التخيير فالمرجع فيه كما عرفت الى وجوب كل واحد
منها لكن بايجاب ناقص بنحو لا يقتضى إلّا المنع عن بعض انحاء تروكه وهو الترك فى
حال ترك البقية من غير فرق فى ذلك بين ان يكون هناك غرض واحد يقوم به كل واحد
منهما ولو بملاحظة ما هو القدر الجامع بينهما او اغراض متعدّدة بحيث كان كل واحد
منهما تحت غرض مستقل وتكليف مستقل وكان التخيير بينهما من جهة عدم امكان الجمع بين
الغرضين اما من جهة التضاد بين متعلقيهما كما فى المتزاحمين او من جهة التضاد بين
نفس الغرضين فى عالم الوجود بحيث مع استيفاء احد الغرضين فى الخارج لا يبقى مجال
لاستيفاء الآخر او فى مرحلة اصل الاتصاف بحيث مع تحقق احد الوجودات واتصافه
بالمصلحة لا تتصف البقية بالغرض والمصلحة حيث ان مرجع الجميع الى تعلق وجوب ناقص
بكل واحد من الوجودات بنحو لا يقتضى إلّا المنع عن بعض انحاء تروكه وهو الترك فى
حال ترك البقيّة لا تعلق الوجوب التام بكل واحد منها مشروطا بعدم الآخر ولا وجوب
احد الوجودات لا بعينه او احدها المعين عند الله نعم غاية ما هناك من الفرق بين
الصور المزبورة ـ اى هى الثمرة المترتبة على الاحتمالات ـ انما هو من جهة وحدة
العقوبة وتعددها عند ترك الجميع حيث انه فى بعضها كالصورة الاولى والأخيرة لا
يترتب على ترك الجميع الا عقوبة واحدة ، وفى بعضها الآخر كالصورة الثانية والثالثة
تترتب عقوبات متعددة حسب وحدة الغرض وتعدده ، لا يقال بانه مع المضادة المزبورة لا
يكاد يستند الى المكلف عند تركه للجميع إلّا فوت احد الاغراض من جهة فوات البقية
عليه على كل تقدير ومعه كيف يمكن استحقاقه للعقوبات المتعددة وبعبارة اخرى ان
استحقاق العقوبة لا بد وان يكون على ما هو تحت قدرة المكلف واختياره فاذا لم يكن
للمكلف ح بمقتضى المضادة المزبورة بين المتعلقين او الغرضين فى عالم الوجود الا
القدرة على تحصيل احد الغرضين لا جرم لا يترتب على تركه للجميع الّا عقوبة واحدة ،
فانه يقال نعم وان كان لا قدرة للمكلف على الجمع بين الغرضين ولكن مجرد ذلك لا
يمنع عن استحقاقه للعقوبات المتعددة عند ترك الجميع من جهة تمكنه ح الاتيان باحد
الوجودين واخراج البقية عن حيّز الوجوب الفعلى فتامل ، لا يقال على ذلك فى الصورة
الاخيرة ايضا لا بد من الالتزام بتعدد العقوبة فما وجه التفرقة بينها وبين غيرها ،
اذ يقال بان عدم الالتزام
.................................................................................................
______________________________________________________
فيها بتعدد
العقوبة انما هو من جهة عدم صدق ترك المتصف بالمصلحة الاعلى احد التروك نظرا الى
ما كان بينها من المضادة فى اصل الاتصاف بالمصلحة وبالجملة ان يترتب العقوبة انما
هو على ترك الشى فى ظرف الفراغ عن اتصافه بكونه تركا لما فيه الغرض والمصلحة ومثل
هذا المعنى انما يصدق فى الصورة الثانية والثالثة واما فى الصورة الأخيرة فلا يكاد
صدق ترك المتصف الاعلى احد التروك فمن ذلك لا يكاد يترتب على تركه للجميع الا
عقوبة واحدة فتامل الخ ولعل الامر بالتامل اشارة الى انه عقوبة واحدة فى جميع
الفروض لكونها ارادة ناقصة لكل واحد من الاطراف والإرادة والشوق والوجوب لا فرق
فيها بين التام والناقص وانما السعة والضيق فى متعلقها من تعلقها بالشيء سواء ترك
غيره أم لا او يتعلق عند ترك الآخر.
ثم ان هنا ثمرة
قال استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٣٧٨ واما مقام الاثبات ففى ارتكاز الفقهاء هو
ان الخطابات التخييرية فى الشرع يكون معناها منع الخلو لا منع الجمع والشاهد عليه
انه يمكن قصد القربة بخصوصية كل مثل خصوصية الاطعام والصوم ولذا نقول يكون التخيير
شرعيا بخلاف مثل الصلاة فى المسجد وفى الدار مثلا فان قصد المكان بخصوصه ممنوع
لعدم خطاب عن الشرع به هذا اذا جمع بين الخصالين فى ان واحد مثل الاطعام والعتق
واضح واما فى التدريجيين مثل الصوم واخويه فالقائل بمنع الجمع يقول بان الثانى
اتيانه لغو ونحن نقول بان الالزام لا يكون فيه كما يقول المولى لعبده اما يكون
الواجب عليك الكنس فى الدار او اشراب الاشجار فانه يعلم ان احدهما الزامى والآخر
مطلوب الخ واما على قول صاحب الكفاية من تعلق الامر بالجامع وكون التخيير عقليا
ايضا لا يمكن التقرب بكل واحد منها كما هو واضح ، وعلى اى فما قاله استادنا
الزنجانى من انه يكون البحث علميا ففى غير محله كما عرفت.
قال فى الكفاية ج
١ ص ٢٢٦ بقى الكلام فى انه هل يمكن التخيير عقلا او شرعا بين الاقل والاكثر ربما
يقال بانه محال فان الاقل اذا وجد كان هو الواجب لا محاله ولو كان فى ضمن الاكثر
لحصول الغرض به وكان الزائد عليه من اجزاء الاكثر زائدا على الواجب ـ اى كيف يتخير
بينهما ويتعلق الوجوب به ففى التخيير بين التسبيحة والتسبيحات الثلاث مثلا بمجرد
ان اتى بتسبيحة واحدة حصل بها الغرض
.................................................................................................
______________________________________________________
الباعث للامر وسقط
الوجوب فكيف تقع التسبيحات الثلاث بعده على صفة المامور به ـ لكنه ليس كذلك فانه
اذا فرض ان المحصل للغرض فيما اذا وجد الاكثر هو الاكثر لا الاقل الذى فى ضمنه اى
الاقل بشرط شيء ـ بمعنى ان يكون لجميع اجزائه ح دخل فى حصوله وان كان الاقل لو لم
يكن فى ضمنه كان وافيا به ـ اى الاقل الماخوذ بشرط لا بحيث كان لحده ايضا دخل فى
الواجب وفى حصول الغرض ـ فلا محيص من التخيير بينهما اذ تخصيص الاقل بالوجوب ح كان
بلا مخصص فان الاكثر بحده يكون مثله على الفرض ـ اى الآتي بالاكثر لا يكون آتيا
بالاقل بحده فى ضمنه من غير فرق فى ذلك بين ان يكون للاقل الكائن فى ضمن الاكثر
وجود مستقل بحيث كان هناك تخلل سكون فى البين كما فى التسبيحات ام لا ـ مثل ان
يكون الغرض الحاصل من رسم الخط مرتبا على الطويل اذا رسم بماله من الحد لا على
القصير فى ضمنه ومعه كيف يجوز تخصيصه بما لا يعمه ومن الواضح كون هذا الفرض بمكان
من الامكان ان قلت هبه فى مثل ما اذا كان للاكثر وجود واحد ـ اى متصل كمفهوم
الورود الصادق على القليل والكثير بنحو واحد والقصر والاتمام فى مواضع التخيير ـ لم
يكن للاقل فى ضمنه وجود على حده كالخط الطويل الذى رسم دفعة بلا تخلل سكون فى
البين لكنه ممنوع فى ما كان له فى ضمنه وجود كتسبيحة فى ضمن تسبيحات ثلاث او خط
طويل رسم مع تخلل العدم فى رسمه فان الاقل قد وجد فى حده وبه يحصل الغرض على الفرض
ومعه لا محاله يكون الزائد عليه مما لا دخل له فى حصوله فيكون زائدا على الواجب لا
من اجزائه قلت لا يكاد يختلف الحال بذلك فانه مع الفرض لا يكاد يترتب الغرض على
الاقل فى ضمن الاكثر وانما يترتب عليه بشرط عدم الانضمام ومعه كان مترتبا على
الاكثر بالتمام وبالجملة اذا كان كل واحد من الاقل والاكثر بحده مما يترتب عليه
الغرض فلا محاله يكون الواجب هو الجامع بينهما وكان التخيير بينهما عقليا ان كان
هناك غرض واحد وتخييرا شرعيا فيما كان هناك غرضان على ما عرفت نعم لو كان الغرض
مترتبا على الاقل من دون دخل للزائد لما كان الاكثر مثل الاقل وعدلا له بل كان فيه
اجتماع الواجب وغيره مستحبا كان او غيره حسب اختلاف الموارد الخ نعم قد يشكل على
ما ذكر ايضا بان الاكثر بعد ان اخذ لا بشرط من طرف الزيادة وقد وجب الاتيان بذات
الاقل ايضا على كل تقديرفلا جرم لايبقى طرف التخيير الانفس الحدين و
.................................................................................................
______________________________________________________
هما الوقوف على
الاقل او التعدى والتجاوز عنه وح فحيث انه مع الاتيان بذات الاقل لا محيص له من
احد الحدين ولا يمكنه ترك كليهما يندرج لا محاله فى التخيير العملى العقلى بمناط
اللاحرجية نظير التخيير بين النقيضين او الضدين اللذين ليس لهما ثالث لا فى
التخيير الشرعى من جهة عدم المجال ح لاعمال المولوية بالامر التخييرى نحو الحدين
لما ذكرنا غير مرة بان مرجع الامر التخييرى باحد الامرين انما هو الى النهى عن
تركهما معا وهو انما يصح فى مورد يتمكن المكلف من ترك كلا الامرين وإلّا فمع عدم
تمكنه من ذلك ولابدية اتيانه باحد الامرين عقلا يكون الامر باتيان احد الفردين
لغوا محضا فعلى ذلك ح يتسجل الاشكال بانه كيف المجال للتخيير الشرعى بين الاقل
والاكثر مع كون ذات الاقل واجبة الاتيان على كل تقدير وكون التخيير بين الحدين
ايضا عقليا محضا بمناط اللاحرجية ، فاجاب عنه المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٤
ولكن يمكن التقضى عن هذا الاشكال ايضا بان بان ما هو طرف التخيير ح انما كان هو
الاقل بما هو متقيد بحد الأقلية فكان لحيث التقيد ايضا دخل فى موضوع الوجوب وفى
مثله معلوم بداهة كما المجال لتعلق الامر المولوى التخييرى باحد الامرين اما الاقل
او الاكثر وح فتمام الخلط انما هو من جهة الغاء حيث التقيد بحد الاقليّة عن موضوع
الوجوب ولحاظ ذات الاقل عارية عن التقيد المزبور فمن ذلك استشكل بان ذات الاقل ح
بعد ان كانت واجبة الاتيان على كل تقدير لا على تقدير دون تقدير فلا جرم لا يبقى
فى البين الانفس الحدين اللذين عرفت بانه لا يكون التخيير فيهما الا تخييرا عقليا
بمناط اللاحرجية وإلّا فبناء على ملاحظه مجموع الذات مع التقيد المزبور لا يبقى
مجال للاشكال المزبور اصلا من جهة وضوح ان الاقل ح بوصفه لا يكون واجب الاتيان على
كل تقدير كما هو واضح وعلى ذلك فمن اخذ الاقل بشرط لا ومحددا بحد الاقلية يرتفع
تلك الاشكالات باجمعها على التخيير بين الاقل والاكثر نعم على ذلك يكون مرجع
التخيير المزبور الى التخيير بين المتبانيين نظرا الى مباينة الاقل ح ولو بحده مع
الاكثر الخ واما مقتضى الاصل عند الشك فى التخيير فله فرضين ـ الفرض الأول فى
الخصال اذا شك فى انه هل يكون احدها وافيا بالمصلحة عن الآخر او يكون مشروطا
بوجوده للوفاء بالمصلحة كالافطار بالمحرم فى نهار شهر رمضان فالاصل يقتضى الاشتغال
بالجميع ووجوب الاكثر من واحد لمعلومية اصل الخطاب والظاهر عدم
.................................................................................................
______________________________________________________
الفرق فى ذلك على
جميع المسالك من ان الواجب كل واحد منهما بوجوب ناقص كما هو المختار او الواجب
احدهما فيكون الشك فى ان الواجب كل واحد منهما معينا او مخيرا ، الفرض الثانى شك
فى انه هل يكون ضم بقية الخصال مضرا بما هو احد فردى التخيير فاطلاق الخطاب يقتضى
عدم كونه مانعا لان الشك يرجع الى الشك فى طور التكليف ، ولكن الظاهر من الخطاب
التخييرى هو كفاية احد الافراد وعدم قيام المصلحة بالجميع فانه لو كان مطلوبه اكثر
من واحد لبينه ، وعند عدم الاطلاق فالاصل عدم كونه مضرا بما هو المطلوب لانه يحرز
المصلحة بواسطة الوجود الأول هذا تمام الكلام فى الواجب التخييرى.
تقسيم الواجب الى العينى والكفائى
التقسيم الخامس
للواجب ينقسم الى الواجب العينى والكفائى والواجب العينى هو ما يكون الخطاب
والتكليف متوجها الى آحاد المكلفين بحيث لا يكون الاتيان من بعضهم موجبا لسقوطه عن
آخرين كالصلاة والصوم وغيرهما من اغلب الواجبات العبادية وغير العبادية واما
الكفائى فهو الواجب الذى يسقط بفعل بعض عن الآخرين ولو تركوا جميعا يستحقون كلهم
العقاب ـ وحال الواجب الكفائى فى الترديد والدور ان هو بعينه حال الواجب التخييرى
غاية الامر الترديد والتخيير فى التخييرى كان فى المكلف به وهاهنا فى المكلف ـ قال
فى الكفاية ج ١ ص ٢٢٨ والتحقيق انه سنخ من الوجوب وله تعلق بكل واحد ـ اى المكلفين
ـ بحيث لو اخل بامتثاله الكل لعوقبوا على مخالفته جميعا وان سقط عنهم لو اتى به
بعضهم لانه قضية ما اذا كان هناك غرض واحد حصل بفعل واحد صادر عن الكل او البعض
كما ان الظاهر هو امتثال الجميع لو أتوا به دفعة واستحقاقهم للمثوبة وسقوط الغرض
بفعل الكل كما هو قضية توارد العلل المتعددة على معلول واحد الخ قال المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٤ ومرجعه كما فى الواجب التخييرى الى تعلق وجوب ناقص
بفعل كل واحد من المكلفين بنحو لا يقتضى إلّا المنع عن بعض انحاء تروكه وهو تركه
فى حال ترك بقية المكلفين غير ان الفرق بينهما هو توجه التكليف هناك الى المكلف
بكلا شقى التخيير من جهة كونه نتيجة التكليف التعيينى بالجامع بخلافه فى المقام
حيث انه بعد عدم قدرة شخص
مكلف واحد على كلا
الشقين لا يكاد يصح توجيه التكليف التعيينى اليه بالجامع بمعناه الاطلاقى القابل
للانطباق على فعل نفسه وفعل غيره ومن ذلك لا يكون التكليف المتوجه الى كل مكلف الا
تكليفا ناقصا متعلقا بشق واحد ولا يكون امره الناقص الا امرا واحدا ـ بجعل التكليف
المتوجه الى كل مكلف تكليفا ناقصا على نحو لا يقتضى إلّا المنع عن الترك فى حال
ترك بقية المكلفين ونتيجة ذلك كما عرفت انما هو سقوط التكليف عن الجميع بفعل البعض
منهم مع استحقاق الجميع للعقوبة عن اخلالهم جميعا بالواجب والمامور به الخ ويجرى
الوجوه السابقة واجوبتها فيه ، واورد على صاحب الكفاية المحقق الاصفهانى فى النهاية
ج ١ ص ٢٥٧ ـ هذا اى توارد العلل المتعددة الخ ـ انما يتم بالنسبة الى الفعل الواحد
الشخصى القائم بجماعة كما اذا اشتركوا فى تغسيل الميت وتكفينه ودفنه لا فيما اذا
صلوا عليه دفعة فان هناك وجودات من الفعل ومن الغرض المترتب عليه إلّا ان اللازم
تحصيله وجود واحد من الغرض وحيث انه لا مخصص لاحد وجودات الفعل والغرض فلا يستقر
الامتثال على وجود خاص منها ومعنى استقراره على الجميع سقوط الامر والغرض الباعث
عليه قهرا بفعل الجميع ولا عليّة لوجود الفعل والغرض بالإضافة الى سقوط الامر
والداعى حتى تنتهى الامر ايضا الى توارد العلل المتعدّدة على معلول واحد بل بقاء
الامر ببقاء الداعى الباقى ببقاء عدم وجود الغاية الداعية فى الخارج على حاله فاذا
انقلب العدم الى الوجود سقط الداعى اعنى تصور الغاية عن الدعوة لتمامية اقتضائه لا
لعليّة وجودها خارجا لعدم وجودها بصفة الدعوة بداهة ان ما كان علة لوجود شيء لا
يكون ذلك الوجود علة لعدمه وإلّا كان الشى علة لعدم نفسه وبتقريب آخر عدم الامر
ولو كان طاريا لا ازليا لا يحتاج الى مقتض يترشح العدم من مقام ذاته لانه هو بنفسه
محال واذا لم يكون له فاعل ولا قابل لان اللاشيء لا يحتاج الى مادة قابلة له فلا
يحتاج الى شرط لانه مصحح الفاعلية او متمم القابلية فوجود الفعل ليس مقتضيا لعدم
الامر ولا بشرط له بل الامر علة بوجوده العلمى لا نقدا ح الداعى الى ارادة الفعل
فيسقط عن التأثر بعد تاثيره اثره ولا يخفى ان الامر وإن كان شرط لتحقق الإطاعة
والعصيان بعنوانهما ولا باس بان يكون المشروط موجبا لانعدام شرطه إلّا ان الكلام
فى علية ذات الفعل لسقوط الامر الذى علة بوجوده العلمى لذات الفعل بالواسطة الخ اى
الفعل يستلزم كون الامر بلا اثر فيسقط لا كونه علة
.................................................................................................
______________________________________________________
لسقوط الامر
والجواب عنه واضح ان الفرض الاول الاشتراك فى العلة والفرض الثانى توارد العلل
المتعددة على معلول واحد عرفا كما فى غسل واحد لاسباب متعددة كالجنابة والحيض
والزيارة والجمعة.
بقى اشكال ودفع
اما الاشكال وهو انه لو اتى به الجميع دفعة واحدة فلا يحصل الامتثال لان الامر
تعلق على حصة خاصه وهو ترك الآخر وقد أتى به الآخر فى الفرض ـ اما الدفع اما اولا
فقد حصل الفرض كما تقدم بواحد منها وبقى الأخر مستحبا ـ واما ثانيا فقد حصلت الحصة
الخاصة للجميع لان الجميع اتى دفعة واحدة ومسبوق بترك الآخر ولذا ينوى الوجوب
الجميع ولكل منهم ارادة ناقصة ـ وثالثا قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٥ ففى
جميع الصور كان المكلفون كل واحد منهم مكلفا بالايجاد ولكن بتكليف ناقص بنحو لا
يقتضى إلّا المنع عن الترك فى حال ترك البقية ـ مع امتثال الجميع ايضا واستحقاقهم
للمثوبة لو اتوا بالمامور به دفعة واحدة نعم هذا الاخير مخصوص بالفرض الاول وهو
فرض قيام الغرض الوحدانى بالجامع فان قضيته ح هو تحقق الامتثال بفعل الجميع فلا
يجرى فى بقية الفروض لانه فيها حسب مضادة تلك الاغراض القائمة بافعالهم اما بحسب
الوجود او الاتصاف لا يكاد انتهاء النوبة الى امتثال الجميع مع اتيانهم دفعة واحدة
حتى يترتب عليه استحقاقهم اجمع ايضا للمثوبة بل ومقتضى بطلان الترجيح بلا مرحج ح
هو عدم حصول الغرض وعدم تحقق الامتثال من واحد منهم ايضا ولكن الذى يسهل الخطب هو
ان ما ذكره من الفروض الأخر فى الواجب الكفائى مجرد فرض وبيان امكان جريان فروض
الواجب التخييرى فى الكفائى ايضا وإلّا فما هو الواقع فى الواجبات الكفائية طرا
انما هو خصوص الفرض الاول وعليه فكما انه باخلالهم بالامتثال يستحق الجميع العقوبة
كذلك باتيانهم جميعا للمامور به دفعة واحدة يتحقق الامتثال من الجميع ويستحق
الجميع للمثوبة ـ ورابعا ذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٨٧ ان موضوع
التكليف هو صرف وجود المكلف فبامتثال احد المكلفين يتحقق الفعل من صرف وجود
الطبيعة فيسقط الغرض فلا يبقى مجال لامتثال الباقين ومنه ظهر انه لو حصل الفعل من
الجميع فى عرض واحد لاستحق كل واحد منهم ثواب امتثال ذلك الامر كما لو كان منفردا
به لصدق صرف الوجود عليه كما انه عند مخالفه الجميع يستحق كل واحد منهم العقاب
لتحقق مناطه فيه
.................................................................................................
______________________________________________________
وهذا الوجه الذى
ذكرنا هو التحقيق فى تصوير الوجوب الكفائى ، واما ما قيل من ان الخطاب متعلق بكل
واحد منهم عينا غاية الامر انه مشروط بعدم فعل الآخر ففى الحقيقة هناك خطابات
متعددة بعدد اشخاص المكلفين كل منها مشروط بعدم صدور الفعل من الآخر ـ فهو وان كان
ممكنا فى حد ذاته ويترتب عليه النتيجة التى رمناها وهى استحقاق ـ إلّا ان الغرض
حيث انه واحد ومترتب على صرف الوجود فلا بد وان يكون الخطاب ايضا كذلك لانه يتبعه
ويستحيل تخلفه عنه وإلّا لكان بلا داع وغرض وهو محال الخ ولكن يرد عليه بما ذكره
المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٩٥ فقال فانه ان اريد من الاناطة اناطة كل واحد
من التكاليف بعصيان البقية فعدم امكانه واضح من جهة ما يلزمه ح من تاخر كل واحد من
هذه التكاليف عن الآخر برتبتين وهو من المستحيل كما عرفت وان اريد اناطة كل واحد
منها بعدم البقية أي العدم السابق على الامر والتكليف وكذلك ايضا اذ ح وان لم يرد
عليه المحذور المتقدم من جهة وقوع التكاليف ح فى رتبة واحدة إلّا انه بعد تحقق
المنوط به بالنسبة الى الجميع يلزمه ان يكون كل واحد منهم مكلفا بتكليف فعلى تام
بالايجاد ومثل هذا المعنى بعد فرض مضادة بتلك المصالح والاغراض وامتناع اجتماعهما
فى الوجود والتحقق يكون من المستحيل لاستحالة البعث الفعلى التام نحو امور يمتنع
اجتماعيها فى التحقق فمن ذلك لا محيص فى المقام ايضا كما فى الواجب التخييرى من
ارجاع تلك التكاليف الى التكليف الناقص الخ فالصحيح انه يحصل الفرض باتيان الجميع
دفعة ولازمه سقوط الامر لعدم الاثر له وذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٨٨
فاذا فرضنا شخصين فاقدى الماء وجدا فى وقت الصلاة ماء لا يكفى الا لوضوء احدهما
فبما ان ملاك وجوب الحيازة فى كل منهما تام بلا نقصان والمفروض انه لا يمكن
استيفاء الملاكين معا لفرض عدم وفاء الماء الا بوضوء واحد فلا محاله يكون الزام كل
منهما بالحيازة مشروطا بعدم سبق الآخر فان سبق احدهما سقط التكليف عن الآخر كما
انه اذا تركاها معا استحق كل منهم العقاب ـ فرع اذا كان كل من واجدى الماء فى
الفرض المزبور متيما فهل يبطل تيمم كل منهما او لا يبطل شيء منهما او يبطل واحد
منهما على البدل الاقوى هو الاول بيانه ان فى المقام امور ثلاثة الاول الامر
بالوضوء الثانى الامر بالحيازة الثالث القدرة على الحيازة لا اشكال فى ان الامر
بالوضوء مترتب على الحيازة الخارجية وكون الماء
.................................................................................................
______________________________________________________
فى تصرف المكلف
واما الامر بالحيازة فقد عرفت انه مشروط بعدم سبق الآخر وحيازته واما القدرة على
الحيازة فهى بالقياس الى كلا الشخصين المفروضين فعلية اذ المفروض تمكن كل منهما
على حيازة الماء نفى نفسه وعدم كفاية الماء المفروض الا لوضوء واحد انما يكون منشأ
لتحقق التزاحم فى مقام فعلية الحيازة منهما خارجا واما فعلية قدرة كل منهما على
الحيازة فلا تزاحم فيها اصلا وبما ان بطلان التيمم لم يترتب فى لسان الدليل على
الامر بالوضوء بل هو مترتب على وجدان الماء المحقق فى ظرف القدرة على الحيازة
فيبطل التيممان معا ومن الضرورى ان تزاحم الخطابين فى ناحية الوضوء لا يستلزم
التزاحم فى ناحية الحكم ببطلان التيممين وبالجملة الحكم ببطلان كلا التيممين اذا
لم يترتب عليه محذور عقلى فلا مناص من الالتزام به لاطلاق ما دل على بطلان التيمم
بوجدان الماء المفروض تحققه فى مفروض الكلام كما عرفت الخ واجبا عنه الأساتذة ونعم
ما اجابوا منهم استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٨٩ بل الاقوى هو التفصيل بين
صورتى سبق احدهما الى الحيازة وعدمه ففى الاولى يبطل تيمم السابق فقط ويستكشف به
عدم قدرة الآخر على الوضوء وبقائه على ما كان عليه من عدم وجدانه الماء واما فى
الصورة الثانية فبما ان كلا من الشخصين المفروضين قادر على حيازة الماء واستعماله
من دون مزاحم فيبطل كل من التيممين والوجه فى ما ذكرناه هو ان الامر بالوضوء
وبطلان التيمم مترتبان فى لسان الدليل على وجدان الماء فاذا تحقق يترتب عليه كل من
الاثرين كما انه اذا لم يتحقق فلا يتحقق شىء منهما فالتفصيل بين بطلان التيمم وعدم
الامر بالوضوء كما افيد فى المتن لا وجه له الخ ودخول الفرع فى الواجب الكفائى من
باب الامر بالحيازة التى هى مقدمة للوضوء مع عدم امكان كون المامور كليهما بالفعل
بل احدهما فى ظرف عدم سبق الآخر فحيازة الماء واجبة كدفن الميت ومن قبيل الواجب
الكفائى ايضا تعاقب ايادى متعددة على العين وبدله فضوليا وغصبا من ان المالك له
الرجوع الى كل واحد منها على البدل على ما ذكر فى محله وعند الرجوع الى احدها ليس
له الرجوع الى غيره ثانيا كما لو قام الجميع فلا يجوز له الاخذ الامى احدهم وذلك
لا يوجب الفرق بينه وبين الواجب الكفائى فتدبر.
ونقول (١) ان
المطلوب والمشتاق اليه (٢) هو المقيّد من حيث ذاته التوأم مع قيده
______________________________________________________
فى الواجب المعلق والمنجز
(١) التقسيم
السادس ينقسم الواجب الى المنجز والمعلق قال فى الفصول ص ٨٠ وينقسم باعتبار آخر
الى ما يتعلق وجوبه بالمكلف ولا يتوقف حصوله على امر غير مقدور له كالمعرفة وليسم
منجزا والى ما يتعلق وجوبه به ويتوقف حصوله على امر غير مقدور له وليسم معلقا
كالحج فان وجوبه يتعلق بالمكلف من اول زمن الاستطاعة او خروج الرفقة ويتوقف فعله
على مجيء وقته وهو غير مقدور له والفرق بين هذا النوع وبين الواجب المشروط هو ان
التوقف هناك للوجوب وهنا للفعل ـ الى ان قال ـ فلا تكليف فى الاول بالفعل ولا وجوب
قبله بخلاف الثانى الخ قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٦٠ لا يخفى ان شيخنا العلامة اعلى
الله مقامه حيث اختار فى الواجب المشروط ذاك المعنى ـ اى ان الواجب فيه يكون مقيدا
به بحيث يكون الطلب والايجاب فى الخطاب فعليا ومطلقا وانما الواجب يكون خاصا
ومقيدا وهو الاكرام على تقدير المجيء ـ وجعل الشرط لزوما من قيود المادة ثبوتا
واثباتا حيث ادعى امتناع كونه من قيود الهيئة كذلك اى اثباتا وثبوتا على خلاف
القواعد العربية وظاهر المشهور كما يشهد به ما تقدم آنفا عن البهائى انكر عن
الفصول هذا التقسيم ضرورة ان المعلق بما فسره يكون من المشروط بما اختاره له من
المعنى على ذلك كما هو واضح حيث لا يكون ح هناك معنى آخر معقول كان هو المعلق المقابل
للمشروط ومن هنا انقدح انه فى الحقيقة انما انكر الواجب المشروط بالمعنى الذى يكون
هو ظاهر المشهور والقواعد العربية لا الواجب المعلق بالتفسير المذكور وحيث قد عرفت
بما لا مزيد عليه امكان رجوع الشرط الى الهيئة كما هو ظاهر المشهور وظاهر القواعد
فلا يكون مجالا لانكاره عليه الخ وتبعه المحقق النّائينيّ من انكار الواجب المعلق
كما سيأتى.
(٢) ويبيّن لنا
محقق الماتن الواجب المعلّق والامتياز بينه وبين المطلق والمشروط قال المحقق
العراقى فى البدائع ص ٣٥١ جميع هذه الاقسام تشترك على المختار فى فعلية الوجوب
وعلى المشهور يشترك المنجز والمعلق فقط فيها وعلى المختار ينفرد المشروط عن المنجز
والمعلق بكون قيده دخيلا فى اتصاف متعلق
بلا توجّهه الى
قيده بل القيد خارج عن حيّز الاشتباه (١) فهذه الصورة (٢) من حيث عدم محركيته نحو
المقيد الّا فى ظرف وجود القيد شريك (٣) مع الواجب المشروط (٤) كما (٥) ان فى عدم
اناطة الاشتياق بوجود القيد شبيهة بالواجب المطلق فهو (٦) ح نحو من الوجوب ووسيط
بين المطلق والمشروط ومرجعه الى وجوب الذات الملازم مع وجوب قيده من باب الاتفاق (٧)
كما هو الشأن فى
______________________________________________________
خطابه بالمصلحة
دون المنجز والمعلق فان قيد الواجب فيهما يكون دخيلا فى فعلية وجود المصلحة
الكامنة فيهما.
(١) لعل الصحيح
الاشتياق.
(٢) اى المعلق.
(٣) وينفرد المنجز
عن المشروط والمعلق بفعلية تحريك خطابه وبعثه الى نفس الواجب بالأصالة والى جميع
مقدماته التى منها قيد به المتعلق فى الخطاب دون المشروط والمعلق فان خطابهما وان
كان فعليا فى البعث والتحريك فيما لو علم المكلف بتحقق الشرط والقيد فيما ياتى
إلّا انه بالنسبة الى ما عدا شرط الواجب وقيده.
(٤) اى يشتركان فى
كون تحريكه عند تحقق القيد.
(٥) اى ويفترقان
ويشبه المعلق للمطلق بعدم اناطة الوجوب والارادة بالقيد كما فى الواجب المشروط
فانه انيط بالقيد والشرط.
(٦) ان الواجب
المعلق برزخ بين المنجز والمشروط على المختار اما جهة شبهه بالمشروط فلان الشرط فى
كل منهما لا تتعلق به الارادة التشريعية لا بالاصالة ولا بالتبع واما جهة شبهه
بالمنجز فلان الشرط فى كل منهما مما تتوقف عليه فعلية اثر الواجب ومصلحته فى
الخارج وان كلا من الشرطين تتعلق به مبادى الارادة من الرغبة بوجوده والشوق اليه
وغير ذلك مما يقع فى صراط خروج الارادة من القوة الى الفعل الخ.
(٧) قال المحقق
الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٠٣ الواجب المعلق هو الذى يكون الوجوب فيه فعليا مطلقا
غير منوط بشيء ولكن الواجب فيه مقيد بامر استقبالى غير اختيارى حتى فى ظرفه ولو
لكونه قهرى الحصول والتحقق فى موطنه كالوقت
وجوب كل طرف من
الوجوب التخييرى بالنسبة الى وجود الطرف الآخر بلا اناطة كل منهما به (١) ولذا
ليست (٢) الواجبات التخييرية من سنخ المشروطات بل (٣) هى ايجابات مطلقة ناقصة
حافظة
______________________________________________________
مثلا كما فى الحج
فى الموسم او مقيدا بامر اختيارى لكن لا بمطلق وجوده بل بوجوده الاتفاقى الناشى من
جهة غير اختيار المكلف او بوجوده الناشى من قبل سائر الدواعى غير دعوة الامر
والتكليف اذ نقول ح بان مثل هذه القيود بعد ان كانت راجعة الى مقام الدخل فى وجود
المحتاج اليه والمتصف بالصلاح والمفسدة لا فى اصل الاحتياج واتصاف الذات بالمصلحة
والصلاح كما فى قيود التكليف كالاستطاعة بالنسبة الى الحج فلا جرم تبعا للعلم
الفعلى بقيام المصلحة التامة المطلقة بالمقيد المزبور يتعلق به الاشتياق الفعلى
المطلق البالغ الى حد الانقداح المعبر عنه بالارادة ايضا بلا حالة منتظرة فى البين
ولا اناطة لها فى فعليتها بحصول القيود المزبورة فى الخارج بل ولا بفرضها ولحاظها
ايضا بوجه ـ نعم جميع مبادى الارادة من الميل والمحبة والاشتياق متحققة بالنسبة
اليها ولكنها من جهة عدم قابليتها لتعلق الارادة بها كانت خارجة عن حيز التكليف
بالايجاد ولكن مجرد خروجها عن حيز التكليف ايضا غير مقتض لاناطة اصل التكليف فى
فعليته بحصولها فى الخارج كما فى قيود الوجوب فى المشروطات على مسلك المشهور بل
ولا بفرضها ولحاظها ـ اى كما على المختار فالواجب المعلق ـ هو الذى يكون الواجب
امرا استقباليا مقيدا بزمان الاستقبال وكان الوجوب فيه فعليا مطلقا غير منوط بشيء
حتى فى الفرض واللحاظ فى قبال المشروط المشهور الذى يكون الوجوب فيه منوطا بوجوب
الشرط والمنوط به فى موطن الخارج الملازم لعدم فعليته ايضا قبل حصول شرطه فى
الخارج وفى قبال المشروط لدى المختار الذى يكون الوجوب فيه فعليا لكن منوطا بفرض
الشى ولحاظه لا مطلقا كما هو واضح الخ وتطويل الكلام لاجل وضوح الفرق بين الجميع.
(١) ثم ينظر
المقام بالواجبات التخييرية التى تقدمت بان كل واحد من الاطراف وجوبه غير منوط
بوجود الآخر وغير مشروط به كما هو احد الاقوال فيها.
(٢) ولا تكون
الواجبات التخييرية من قبيل المشروطات.
(٣) بل الواجبات
التخييرية يكون الوجوب على كل واحد من الاطراف وجوب
لبعض جهات وجود
المتعلق (١) الملازم لمنعها عن بعض تروكها (٢) لا مطلقا (٣) ففى ما نحن فيه ايضا
قد يكون طلب المولى (٤) بالمقيد بهذا المنوال لا مطلق (٥) حافظ لجميع انحاء وجوده
ولا (٦) مشروط بقيوده ففى هذه الصورة (٧) ايضا اذا طبّق المامور (٨) مثل هذه
الكبرى على المورد ولو باحرازه وجود القيد من باب الاتفاق فى موطنه يتحرّك فعلا من
قبل ارادته الحاصلة بابراز المولى اشتياقه نحو مقدّماته المفوّتة (٩) من دون فرق
فيه ايضا بين كون القيد الخارج عن حيّز
______________________________________________________
مطلق لكن ناقص
وارادة ناقصة على كل واحد من الاطراف بمعنى ان الارادة المتعلقة على كل واحد من
الاطراف لا توجب سدّ جميع ابواب عدم متعلقه بل تسد ابواب عدمه إلا باب عدمه فى ظرف
وجود الطرف الآخر.
(١) وهو عند عدم
الطرف الآخر.
(٢) وهو سد باب
عدمه فى ظرف عدم الآخر فانه ممنوع الترك فيما لو كان له طرفين مثلا.
(٣) اى ليس ايجاب
على نحو الاطلاق والتام حتى فى ظرف وجود الطرف الآخر ولا الايجاب التام مشروطا
بعدم الآخر كما مر.
(٤) ففى الواجب
المعلق ايضا كذلك تحريكها نحو الفعل ليس تحريكا تاما بحيث يحركه نحوه فى جميع
الظروف والحالات.
(٥) اى لا يطلب
ولا يحرك نحو الفعل فى الحال بان ياتى بالحج فى غير موسمه فلا اطلاق له لسد باب
عدمه فى جميع الحالات.
(٦) اى ولا انيط
الوجوب بالقيد والشرط كما فى المشروط.
(٧) اى ففى الواجب
المعلق انتظار حصول القيد المقيد به لدخالته فى فعلية امتثال هذا التكليف لا فى
فعليّة نفس التكليف.
(٨) اى القيد دخيل
فى التطبيق عند وجوده من باب الاتفاق وانما الارادة فعلية من الأول قبل وجود القيد
خارجا ولحاظا.
(٩) فيترشح الى
المقدمات المفوتة قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣١٨ القيود الوجودية للواجب
فى المعلق مما اخذ وجودها فيه من باب الاتفاق فانها
الاشتياق (١)
حاليّا (٢) ام استقباليا (٣) ولئن شئت فسم مثل هذه الصورة بالواجب
______________________________________________________
ايضا غير واجبة
التحصيل ولو كانت مقدورة للمكلف ـ فلما تقدم من خروجها عن حيز الارادة والطلب ـ وان
كانت غير خارجة عن حيز مبادى الإرادة من المحبوبية والاشتياق ولكن قضية اخذها
بوجودها من باب الاتفاق توجب خروجها ح عن حيز الطلب بنحو يستحيل ترشح التكليف
اليها واما سائر القيود الوجودية للواجب من المقدمات المفوتة التى لا يقدر على
تحصيلها فيما بعد فى زمان الواجب المعلق وفى ظرف حصول المنوط به والشرط فى الشروط
فلا اشكال فيها ايضا فى ثبوت الوجوب لها فى الحال قبل حصول المنوط به والشرط فى
الخارج ـ لان مقتضى فعلية الوجوب والتكليف فيهما ح هو ترشح الوجوب الغيرى الى تلك
المقدمات فتصير ح واجبة بالوجوب الغيرى المقدمى الخ وتقدم الكلام فيه مفصلا.
(١) اى القيد
الخارج عن التكليف والارادة.
(٢) كالطهارة
بالنسبة الى الصلاة كما فى الواجب المطلق.
(٣) كالموسم فى
الحج كما فى الواجب المعلق ويمكن الاشارة الى ، فى الكفاية ج ١ ص ١٦١ نعم يمكن ان
يقال انه لا وقع لهذا التقسيم لانه بكلا قسميه من المطلق المقابل للمشروط وخصوصية
كون حاليا واستقباليا لا توجبه ما لم توجب الاختلاف فى المهم وإلّا لكثر تقسيماته
لكثرة الخصوصيات ولا اختلاف فيه فان ما رتبه عليه من وجوب المقدمة فعلا كما ياتى
انما هو من اثر اطلاق وجوبه وحاليته لا من استقبالية الواجب الخ لكن عرفت تغايره
مع الواجب المطلق وتغايره مع الواجب المشروط بيان ذلك ان الواجب المطلق يكون وجوبه
فعلى على كل حال كما ان الامر فيه متوجها اليه بدون قيد او شرط دخيل فى مصلحته او
فى وقوع مصلحته فى الخارج مثل اشتر اللحم الآن فيكون الواجب ايضا غير مقيد بشيء
ومطلوب على كل حال بخلاف الواجب المشروط فان وجوبه فعلى لكن منوطا بوجود اللحاظى
والفرضى الشرط والقيد الحاكى عن الخارج فيكون اصل مصلحة الحكم فيه متوقفا على امر
يكون وقوعه اتفاقا او طبعا شرطا فيها مثل الدلوك والاستطاعة بالنسبة الى الصلاة
والحج ولذا يكون محركيتها بعد تحقق القيد خارجا بخلاف الواجب المعلق فوجوبه مطلق
غير منوط بشيء لكن ارادة ناقصة فان الواجب والفعل مقيد بالقيد فتعلق الوجوب بالفعل
على حصة خاصه فاصل المصلحة فيه لا يكون متوقفا على شيء بل وقوعه خارجا
المعلق الراجع الى
فعليّة الايجاب والارادة بمحض ابراز المولى هذا النحو من الاشتياق لعبده متعلّقا
بامر استقبالى المستلزم لتحريك العبد عند تطبيقه نحو مقدماته المفوّتة من قبل
فعليّة ارادة مولاه من جهة ابراز ارادته كما هو الشأن فى المشروطات الموقّتات قبل
وقتها (١) وبعد مثل هذه البيانات لا يبقى لك مجال حوصة وصيحة فى انكار الواجب
المعلّق (٢) قبال المطلق والمشروط نعم انّما المجال لانكاره (٣) وللالتزام باناطة
الوجوب فى المشروطات بوجود الشرط
______________________________________________________
يكون متوقفا على
زمان مخصوص ياتى طبعا مثل الحج للمستطيع بالنسبة الى الموسم فان الموسم يكون ظرف
وقوع مصلحة الحج.
(١) فتشترك
الثلاثة على مختار المحقق الماتن وهو الصحيح فى فعلية الارادة والتكليف قبل حصول
الشرط والوقت لكون فاعلية الارادة ومحركيتها يمكن ان تتاخر عن وجودها وفعليتها فان
الارادة فى مرحلة الانشاء فعلية لانها تتعلق بالصورة الذهنية وليس وجودها منوطا
بوجود موضوعها فى الخارج كما انها وجود ليست منوطة بوجود موضوعها فى الخارج كما
انها وجود ليست منوطة بوجود متعلقها وإلّا يلزم طلب الحاصل كما هو واضح.
(٢) قد عرفت ان
صاحب الكفاية والمحقق العراقى تبعا للفصول قد ذهبوا الى صحة تقسيم الواجب الى
المعلق والمنجز وفى قباله قد انكر المحقق النّائينيّ الواجب المعلق.
(٣) هو المحقق
النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٣٦ قال وفساده يظهر مما ذكرناه من ان كل قيد غير
اختيارى لا بد وان يكون مما يتوقف عليه فعلية الوجوب ويستحيل اخذه فى الواجب بلا
توقف فعلية الوجوب عليه ـ الى ان قال ـ ان الفعل الذى لم يقيد بامر غير مقدور
كالزمان مثلا اذا التفت العاقل اليه ورأى فيه مصلحة ملزمة فلا بد وان يتعلق به
ارادته فعلا المحركة له نحوه اذ لا شبهة فى كونه مقدورا ولو بواسطة القدرة على
مقدمته فمن اشتاق الى الصلاة فى المسجد مثلا فحيث انها مقدورة فلا محاله يتحرك
نحوها ويوجد مقدمتها بنفس التفاته الى المقدمية ولا يحتاج الى شيء آخر غير
الالتفات الى المقدمية والمحرك الحقيقى هو ارادة الصلاة وإلّا فلا غرض له من ايجاد
.................................................................................................
______________________________________________________
المقدمة وكون ذى
المقدمة امرا متاخرا لا يوجب عدم امكان تعلق الارادة به بعد امكان التحرك نحوه
بايجاد مقدمته واذا كان تعلق الارادة التكوينية به ممكنا فيمكن تعلق التشريعية به
ايضا للملازمة بينهما كما ذكر واما اذا كان مقيدا بقيد غير اختيارى فلا شبهة فى
تعلق الارادة التكوينية به ايضا لكن لا بوصف الفعلية والتحريك بل بوصف التقديرية والاناطة
نظير القضايا الحقيقية والوجدان اقوى شاهد بان ارادة شرب الماء على تقدير العطش
موجودة لكل ملتفت الى مصلحة الشرب ولو فى حال عدم العطش لكن تلك الارادة التقديرية
انما تكون فعلية ومحركة الى شرب الماء عند فعلية العطش فهى قبل وجود العطش ليست
بفعلية وبعده تكون فعلية ـ فالارادة التقديرية موجودة من الاول بنحو القضايا
الحقيقية وان لم تكن متصفة بوصف الفعلية والتحريك فليس هناك انشاءات عديدة بل
انشاء واحد وارادة واحدة غاية الامر آنها تقديريه لا فعلية وبالجملة فانا وان
سلمنا وجود الارادة التقديرية من اول الامر إلّا ان فعليتها ومحركيتها غير معقولة
فان المقيد بامر غير اختيارى بما هو مقيد لا يكون اختياريا وذات المقيد وان كانت
مقدورة إلّا انها ليست مما يترتب عليه الغرض بل المترتب عليه هو المقيد وح فان لم
تكن له مقدمة مقدورة اصلا كما فى الصلاة المقيدة باول الفجر بالإضافة الى من هو
واجد لتمام الشرائط قبل الفجر فانه حيث يستحيل فعلية الارادة قبل الفجر لكون
المقيد غير مقدور وليست له مقدمة اختيارية فلا بد وان ينتظر الصبح حتى تكون
الارادة فعلية ، واما اذا كانت له مقدمة مقدورة كالمثال المذكور بالإضافة الى فاقد
الطهارة فيستحيل تحريك ارادة الصلاة نحو المقدمة بمجرد الالتفات الى المقدمية لما
عرفت آنها غير فعلية ولا محركة بل لا بد ان يكون المحرك نحو المقدمة هو التفات
المكلف الى انه لو لم يات بالمقدمة فعلا لفاته الغرض المترتب على الفعل المقيد
فاستلزام ترك المقدمة لفوت الغرض هو الذى يوجب تعلق ارادة فعلية بايجاد المقدمة لا
من ناحية المقدمية واستلزام ارادة الصلاة لارادة مقدماتها هذا حال الارادة
التكوينية وتتبعها الارادة التشريعية حذو القذة بالقذة وعليه فيمكن تعلق الارادة
الفعلية التشريعية بفعل متاخر مقدور بالقدرة على مقدمته فتكون محركة نحو مقدمته
قهرا ولا يمكن تعلقها بالفعل المقيد بقيد غير مقدور لعدم امكان تعلق التكوينية به
نعم اذا كان فى هذا الفرض مقدمة يستلزم تركها فعلا فوت الغرض فى ظرف الواجب كالغسل
قبل
.................................................................................................
______________________________________________________
الفجر فلا بد من
تعلق ارادة تشريعيه مستقلة بها لمصلحة التهيؤ لئلا يلزم الفوت كما هو الحال فى
الارادة التكوينية والحاصل ان الشبهة انما نشات من تخيل ان انكار الواجب المعلق
مبنى على دعوى استحالة تاخر الواجب عن وقت الوجوب مع الغفلة عن ان منشأه هى
استحالة تعلّق التكليف بغير المقدور فيختصّ الانكار بما اذا تقيد الواجب بقيد غير
اختيارى ثم لا يخفى ان هذه الشبهة موردها هو خصوص القضايا الخارجية الخ وعليه يلزم
تأويل كلما دل بظاهره على تعلق الارادة التشريعية بفعل مقيد بامر غير مقدور قبل
حصول القيد وصرف عن ظهوره الى ما يناسب القواعد وهو تعليق نفس الارادة التشريعية
على حصول ذلك الشرط فيكون التكليف مشروطا به لا المكلف به واجاب عنه المحقق الماتن
فى البدائع ص ٣٥٣ اما نقضا فبالواجب المركب المتدرج فى الوجود لكون اجزائه تدريجية
الحصول فانه لا اشكال فى وجوب جميع هذه الاجزاء المتدرجة قبل الاتيان بها لفرض
انها اجزاء واجب واحد تنجز وجوبه على المكلف اول ازمنة الامكان فالوجوب المتعلق
بها فعلى مع ان الواجب وهى اجزاء المركب استقبالى وخارج عن الاختيار حين تنجز
وجوبه لفرض كونه استقباليا (والالتزام) بان التكليف فى الواجبات التدريجية يصير
فعليا تدريجيا فرارا عن الالتزام بالواجب التعليقى ـ اى كما يقال كذلك استادنا
الزنجانى وانه كالعرض ، خلاف الوجدان والضرورة بلا ضرورة تقتضيه لما سيأتى من دفع
المحاذير المتوهمة فيه مضافا الى ما تقدم من اثبات امكانه ووقوعه ، وايضا بالواجب
المنجز ذى المقدمات العديدة فانه لا اشكال فى وجوبه قبل الشروع بفعل مقدماته فيكون
وجوبه فعليا مع كون الواجب استقباليا وخارجا عن الاختيار حين تنجز وجوبه لاستقبال
زمانه وعدم الاتيان بشيء من مقدماته ، فان قلت ـ فرق واضح بين الواجب المنجز ذى
المقدمات العديدة ـ جميعها مقدوره وهو بتوسطها يكون مقدورا بالواسطة ـ والمعلق ـ بسبب
تقييده بما ليس مقدورا ـ غير مقدور بالواسطة ، قلت لا ريب فى ان الواجب المنجز ذى
المقدمات الكثيرة مقيد ببقاء القدرة عليه الى انتهاء المقدمات المتدرجة فى الوجود
وبقاء القدرة عليه الى ذلك الوقت ليس مقدور للمكلف فهو ايضا مقيد بامر غير مقدور
ومعه لا فرق بين المنجز والمعلق من حيث التقييد بما ليس بمقدور فما يجاب به عن هذه
الشبهة فى صحة الخطاب فعلا بالمنجز يصح ان يكون جوابا عن الشبهة المزبورة فى صحة
الخطاب فعلا بالمعلق ، و
.................................................................................................
______________________________________________________
اما حلا فالجواب
عن الاشكال بامرين الاول انه لا يشترط فى صحة التكليف بشىء ما الا القدرة عليه فى
ظرف الاتيان به وايجاده والمفروض ان الواجب المعلق كالمنجز مقدور عليه فى ظرف
ايجاده ، الثانى لا ريب فى ان المقدمات التى يتوقف عليها وجود الواجب تشترك فى
تحصيل وجوده فيكون لكل واحد منها نصيب فى وجوده فاذا كان بعضها مقدورا كان وجود
ذلك الواجب من ناحية تلك المقدمة مقدورا واذا اوجد المكلف بعض مقدماته فقد نقض
عدمه بالوجود من ناحية تلك المقدمة وعليه فيصح التكليف بالامر الذى بعض مقدماته
مقدورة وان كان بعضها الآخر غير مقدور لان المكلف يتمكن بتوسط بعض مقدماته
المقدورة ان يحصله بعض التحصيل ولو بنقض عدمه من ناحية تلك المقدمة التى ياتى بها
وعليه فيمكن امتثال خطاب المعلق قبل تحقق قيده بتحصيل ناحية من نواحى وجوده بفعل
بعض مقدماته المفوتة وغيرها كما ان المنجز كذلك اذا شرع المكلف بفعل مقدماته فكل
مقدمة يتوقف عليها وجوده اذا حصلها فقد نقض شطرا من عدمه بوجود تلك المقدمة التى
تشترك مع بقية المقدمات فى وجود الواجب المتوقف عليها الخ واما استادنا الخوئى
يعترف بالواجب المعلق ولكن يرجعه الى الشرط المتاخر لا المعلق المصطلح عليه قال فى
هامش الاجود ج ١ ص ١٣٦ التحقيق ان الواجب المعلق ليس قسيما للواجب المشروط بل هو
قسم منه فان الوجوب المشروط بشرط متاخر قد يكون متعلقه امرا حاليا مقارنا له وقد
يكون امرا استقباليا والقسم الثانى هو الذى سماه صاحب الفصول بالوجوب التعليقى فهو
وان أخطأ فى جعل المعلق قسيما للواجب المشروط إلّا انه اصاب فى القول بجواز تعلق
التكليف بالامر المتاخر المقيد بقيد غير مقدور ـ وقال فى ص ١٤٢ قد تقدم انه لا فرق
بين الزمان وغيره فى هذا الجهة اصلا وان الميزان الكلى هو ان القيد المتاخر الخارج
عن تحت القدرة اذا كان دخيلا فى تمامية الملاك الداعى الى الايجاب فلا بد من تاخر
الوجوب عن تحققه خارجا واما اذا كان دخيلا فى تحققه الخارجى مع كون الملاك تاما
قبله فلا بد فيه من جعل الوجوب قبل حصول القيد مشروطا بحصوله فى ظرفه ومتعلقا
بالفعل المقيد به قال استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٣٤٨ لا شبهة فى ان ذات
الفعل وهو الحج مقدور للمكلف فلا مانع من تعلق التكليف به وكذا ايقاعه فى زمان خاص
يوم عرفه واما نفس وجود الزمان فهو غير مقدور له فلا يمكن وقوعه تحت
.................................................................................................
______________________________________________________
التكليف وبما ان
التكليف لم يتعلق بذات الفعل على الاطلاق وانما تعلق بايقاعه فى زمان خاص فعلم من
ذلك ان للزمان دخلا فى ملاكه وإلّا فلا مقتضى لاخذه فى موضوعه وعليه فبطبيعة الحال
يكون مشروطا به غاية الامر على نحو الشرط المتاخر الخ والجواب عنه قال استادنا
الآملي فى الجمع ج ١ ص ١٧٠ ان المقام لا يكون من الشرط المتاخر فى شىء بل طور
التكليف يكون بنحو ان المولى اذا اذعن ان العمل الفلانى يصير المكلف قادرا عليه فى
ظرفه يبعثه نحو ذاك العمل ويقدر على بعض انحاء وجوده مثل الاقدام على المقدمات فى
هذا الحين وعلى ذى المقدمة فيما سيأتى فانه لو كان هذا اشكالا فيجب ان يقال بان
الشخص فى اول آنات شروعه فى الصلاة مثلا لا يكون له القدرة على اتيان السلام فى
الآن الآخر لان الزمانى يتوقف على مجيء زمانه فحيث لم يمكن ان ياتى الآن الثانى فى
الآن الاول فيلزم ان يقال لا قدرة عليها من اصلها مع انه كما ترى لا وجه له اصلا
واما القول بان الامر بكل جزء يكون عند القدرة عليه فائضا لا وجه له لان الامر
يكون على المجموع من الاول الخ لما مر مرارا ان الخارج ظرف السقوط لا الثبوت
وكفاية القدرة فى ظرفه فالوجوب غير مشروط بشىء لا المتاخر ولا المقارن بل الفعل
مقيد به ودخيل فى فعلية المصلحة لا اصل الملاك كما فى الشرط المتاخر فان الشرط ولو
من جهة الإضافة دخيل فى اصل الاتصاف بالمصلحة ، قال فى الكفاية ج ١ ص ١٦١ ثم انه
ربما حكى عن بعض اهل النظر من اهل العصر ـ اى المحقق النهاوندى فى تشريح الاصول ـ اشكال
فى الواجب المعلّق وهو ان الطلب والايجاب انما يكون بازاء الارادة المحركة للعضلات
نحو المراد فكما لا يكاد يكون الارادة منفكة عن المراد ـ اى فى الارادة التكوينية
ـ فليكن الايجاب غير منفك عما تتعلق به ـ اى فى الارادة التشريعية ـ فكيف يتعلق
بامر استقبالى فلا يكاد يصح الطلب والبعث فعلا نحو امر متاخر ، فيه ان الارادة
تتعلق بامر متاخر استقبالى كما تتعلق بامر حالى وهو اوضح من ان يخفى على عاقل فضلا
عن فاضل ضرورة ان تحمل المشاق فى تحصيل المقدمات فيما اذا كان المقصود بعيدة
المسافة وكثيرة المئونة ليس إلّا لاجل تعلق ارادته به وكونه مريدا له قاصدا ايّاه
لا يكاد يحمله على التحمل الا ذلك ولعلّ الذى اوقعه فى الغلط ما قرع سمعه من تعريف
الارادة بالشوق المؤكد المحرك للعضلات نحو المراد وتوهم ان تحريكها نحو المتاخر
.................................................................................................
______________________________________________________
مما لا يكاد وقد
غفل عن ان كونه محركا نحوه يختلف حسب اختلافه فى كونه مما لا مئونة له كحركة نفس
العضلات او مما له مئونة ومقدمات قليلة او كثيرة فحركة العضلات تكون اعم من ان
تكون بنفسها مقصودة او مقدمه له والجامع ان يكون نحو المقصود بل مرادهم من هذا
الوصف فى تعريف الارادة بيان مرتبة الشوق الذى يكون هو الارادة وان لم يكن هناك
فعلا تحريك لكون المراد وما اشتاق اليه كمال الاشتياق امرا استقباليا غير محتاج
الى تهيئة مئونة او تمهيد مقدمة ضرورة ان شوقه اليه ربما يكون اشد من الشوق المحرك
فعلا نحو امر حالى او استقبالى محتاج الى ذلك هذا مع انه لا يكاد يتعلق البعث إلّا
بامر متاخر عن زمان البعث ضرورة ان البعث انما يكون لاحداث الداعى للمكلف الى
المكلف به بان يتصوره بما يترتب عليه من المثوبة وعلى تركه من العقوبة ولا يكاد
يكون هذا الا بعد البعث بزمان فلا محاله يكون البعث نحو امر متاخر عنه بالزمان ولا
يتفاوت طوله وقصره فيما هو ملاك الاستحالة والامكان فى نظر العقل الحاكم فى هذا
الباب الخ قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٨٤ لا يخفى عليك ان انفكاك زمان
الوجوب عن زمان الواجب هو المصحح لوجوب المقدمة قبل زمان ذيها لا مجرد فعلية
الوجوب ولو مع اتحاد زمانه وزمان الواجب فيصح تقسيم الواجب الى ما يتحد زمانه مع
زمان وجوبه فلا تكون مقدمته واجبة قبل زمانه والى ما يتاخر زمانه عن زمان وجوبه
فيمكن وجوب مقدمته قبله الخ اى فيما لم يعتبر فيها وجودها الاتفاقى او كان مقدور
او الا فلا تجب واجاب ايضا عن اصل الاشكال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٠٦
كيف وان لازم البيان المزبور من اعتبار القدرة بلا واسطة على العمل فى صحة البعث
الفعلى هو الالتزام بعدم فعلّية التكليف فى الواجبات المطلقة ايضا فيما كان منها
يحتاج الى مقدمات عديدة لانها ايضا غير مقدورة قبل حصول مقدماتها فى الخارج فلا بد
وان يكون فعلية التكليف فيها ايضا فى ظرف حصول مقدماتها الذى هو ظرف القدرة عليه
ولازمه هو انكار الارادة الغيرية رأسا فى كلية الواجبات بالنسبة الى المقدمات
الوجودية لانه فى ظرف عدم حصول المقدمات اذا لم تكن الارادة النفسية متحققة
بالنسبة الى ذيها بملاحظة عدم امكان الانبعاث نحوه فلا جرم يمتنع تصور الارادة
الغيرية ايضا بالنسبة الى مقدماته الوجودية وح فلا بد من الالتزام بكونها واجبة
بالوجوب النفسى التهيئى ـ اى كصاحب تشريح
.................................................................................................
______________________________________________________
الاصول ـ وكما ترى
لا يمكن المصير اليه وذلك لما فيه من مخالفته لما عليه اطباق العقلاء بل وبداهة
الوجدان القاضى بغيرية تلك الارادة المتعلقة بالمقدمات الوجودية ـ وعليه فيتوجه
عليهم الاشكال بانه اذا كانت تلك الارادة المتعلقة بالمقدمات الوجودية ارادة غيرية
توصلية بالوجدان لا نفسية ولو تهيئية فيستحيل انفكاكها عن فعلية الارادة بذيها لان
تبعية الارادة الغيرية للإرادة النفسية فى الفعلية والشأنية فى الوضوح كالنار على
المنار ـ وعلى ذلك اذا كان ذلك شان الارادة فى الواجبات المطلقة المنجزة وفى
الارادات التكوينية فامكن فعلية الارادة فيها قبل حصول المقدمات الوجودية فليكن
كذلك فى الواجبات المعلقة ايضا فامكن فيها تعلق الارادة الفعلية حالا بالمقيد
بالقيد الاستقبالى كالزمان قبل حصوله فلا تحتاج الى كونها فى ظرف الاشراف على
الواجب الذى هو ظرف حصول قيده ، كما يشهد لذلك ايضا نفس الانشاء الصادر من المولى
حيث انه بعد ان كان ذلك لاجل التوصل به الى وجود المراد البعدى لا من جهة مطلوبية
الانشاء نفسا فلا محاله تكون الارادة المتعلقة به ارادة غيرية توصلية ومعه بمقتضى
عدم انفكاكها عن ارادة ذيها لا بد من الالتزام بكون الارادة المتعلقة بالفعل
البعدى فعلية حال الانشاء كى منها يترشح ارادة غيرية الى الانشاء المزبور ، نعم
غاية ما فى الباب ان محركية هذه الارادة لنفس المطلوب كانت فى ظرف الاشراف عليه
الذى هو ظرف حصول قيده واما قبل ذلك فلا يكون محركيتها الا لمقدماتها الوجودية ـ كما
فى الواجبات المطلقة المنجزة الخ وممن يصر عدم انفكاك الارادة عن المراد المحقق
الاصفهانى وكلامه طويل قال فى جواب صاحب الكفاية فى النهاية ج ١ ص ١٨٦ من لزوم
تعلق الارادة بامر استقبالى اذا كان المراد ذا مقدمات كثيرة فان اراد مقدماته قطعا
منبعثة عن ارادة ذيها فتوضيح الحال فيه ان الشوق الى المقدمة بما هى مقدمة لا بد
من انبعاثه من الشوق الى ذيها لكن الشوق الى ذيها لما لم يكن وصوله الى حد يتحرك
القوة العاملة به لتوقف الفعل المراد على مقدمات فلا محاله يقف فى مرتبته الى ان
يمكن الوصول وهو بعد طى المقدمات فالشوق بالمقدمة لا مانع من بلوغه حد الباعثية
الفعلية بخلاف الشوق الى ذيها وهذا حال كل متقدم بالنسبة الى المتاخر فان الشوق
شيئا فشيئا يصير قصدا وارادة ـ وما هو المسلم فى باب التبعية تبعية الشوق للشوق لا
تبعية الجزء الاخير من العلة فانه محال وإلّا لزم اما انفكاك العلة عن المعلول
.................................................................................................
______________________________________________________
او تقدم المعلول
على العلة الخ الجواب هل الشوق هى الارادة او مباديها علّمنا هو بانه مباديها قال
فى ص ١٨٦ فاتضح ان مجرد الشوق المتعلق بامر استقبالى ليس عين الارادة الباعثة
للقوة المنبثة فى العضلات نحو تحريكها ومما يشهد له ان الشوق المتقدم ربما يتعلق
بامر كلى كما هو كذلك غالبا مع انه غير قابل لتحريك العضلات نحو المراد بداهة
استواء نسبته الى الافراد المتصورة لهذا الكلى فعليته لبعض الافراد تخصيص بلا مخصص
وهو محال الخ فاذا كانت الارادة متعلقه بالمقدمات دون ذى المقدمة كيف يكون وجوبها
غيريا ـ وتعلق الإرادة بالكلى يكون بالقدر المشترك بين الأفراد ولا محذور فيه ولا
يلزم المحال واجاب عنه استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٢٦٩ ان الشوق لو صار موجبا
لحكم العقل بوجوب الامتثال لا فرق بينه وبين الارادة فانها ايضا تكون موجبة لحكم
العقل بوجوب الامتثال ثم انه كيف يصير الشوق الى ذى المقدمة موجبا للارادة على
المقدمة لو كانت غيره فان المؤثر يجب ان يكون له الاثر الذى يترشح منه بنحو اكل
حتى يؤثر فى المؤثر بالفتح فالصحيح ان يقال ان البعث يكون لاحداث الداعى فى المكلف
نحو العمل وهو تدريجى فانه فى الواجب المطلق ايضا ياتى الفاعل ببعض الاجزاء مقدما
على بعض مثل اجزاء الصلاة ولا يمكن الاشكال بانه لو كان تحريك للامر بها يجب ان
يؤتى بميم السلام عليكم فى اول آنات التكليف فالبعث يكون لازمه الانبعاث لكن
تدريجا لا دفعا الخ ، وكان يقول استادنا الزنجانى كثيرا منها ص ١٣٩ دفتر ١
تقريراتنا بعد ما انكر اشد الانكار ان حقيقة الاحكام هى الارادة والكراهة وان
الاحكام الشرعية امور إنشائية قابل لان ينشا قبل الفعل لانه سهل المئونة وان
بانشاء ينشأ له وجود اعتبارى ذلك الحكم الكلى وهو غير فعلية الموضوعات وان بفعلية
الموضوعات للمكلفين يكون وجود اعتبارى الحكم الجزئى ، ولا يمكن تحقق الوجوب وهو
الصفة قبل الموصوف ـ وان الارادة لا تنفك عن المراد وانما يكون ما يتوهم هو العزم
فينفك عما عزم عليه قال ، بان وجوب المقدمة ليس من باب السراية والترشح والتوليد
من وجوب ذى المقدمة حتى يلزم فعلية وجوب ذيها حتى يترشح اليها بل على ما عرفت
مفصلا ان الاحكام الشرعية من اعتبارات الشارع سواء قلنا بوجوب المقدمة ام لم نقل
فلو قلنا فانه يكون من باب التلازم بين وجوب ذى المقدمة ووجوب المقدمة وهذا
التلازم كما يكون موجودا فى المقدمة المقارنة
.................................................................................................
______________________________________________________
كالاستقبال
المعتبر فى الصلاة كذلك موجود فى المقدمة المتقدمة كالوضوء والمتاخرة كالاغسال
الليلية للمستحاضة ولا يعتبر ان يكون وجوب ذى المقدمة فعليا حتى يولد وجوب المقدمات
فكل ذلك من المعلق والمشروط والشرط المتاخر جاء من تخيل ان وجوب المقدمات سراية
وترشح الخ وفيه هل هذا التلازم كسائر التلازمات لا بد ان يكون فعليا وفعليته
بفعلية طرفيه فكيف يكون بعض الاطراف فعليا وبعضه ليس بموجود اصلا بعد ما كان الطرف
الذى غير موجود وهو وجوب ذى المقدمة هو العلة لا غيره يكون هو الموضوع لوجوب
المقدمة مضافا الى المناقشات الواردة فى اصل مبناه من الامور تقدم وسيأتى وكذا
سائر الأساتذة منهم استادنا الخوئى انكر على استاده النّائينيّ من تعلق الإرادة
بامر مقدور مع الواسطة فى هامش الاجود ج ١ ص ١٣٧ واما الارادة بمعنى الاختيار اعنى
به اعمال النفس قدرتها فى الفعل واو الترك فيستحيل تعلقها بالامر المتاخر مطلقا
سواء كان مقيدا بقيد غير مقدور او لم يكن فان اعمال القدرة انما يمكن فى ظرف امكان
صدور الفعل ومن البديهي ان الامر المتاخر ولو كان له مقدمات مقدورة يستحيل صدوره
بالفعل فلا معنى لاعمال النفس قدرتها فى وجوده او عدمه ـ وان حركة العضلات انما
تتبع الاختيار الذى هو من افعال النفس ولا تترتب على مجرد الشوق النفسانى ـ فما
افاده شيخنا الاستاد قدسسره من امكان تعلق الارادة بامر متاخر مقدور بالقدرة على
مقدمته ـ فى غير محله ـ الى ان قال ـ وبما انّك عرفت فيما مر ان المجعول للمولى فى
موارد بعثه الى شيء انما هو اعتباره كون الفعل على ذمة المكلف وابرازه فى الخارج
بمبرز تعرف ان تعلقه بما هو مقدور للمكلف فى ظرفه بمكان من الامكان من دون فرق فى
ذلك بين المقيد بقيد غير اختيارى وغيره ضرورة ان العقل لا يعتبر فى صحة الاعتبار
المزبور إلّا امكان صدور الفعل منه فى ظرف مطلوبيته ولا فرق فى ذلك بين كونه
مقدورا فى ظرف الايجاب وعدمه ودعوى ان تعلق الوجوب بالمقيد يقتضى تعلقه بنفس القيد
ايضا قد عرفت بطلانها فاتضح مما ذكرناه صحة القول بالواجب المعلق وان تعلق الطلب
بالامر المتاخر سواء كان مقيدا بقيد غير مقدور او لم يكن يستلزم اشتراط الوجوب
بالقدرة المتاخرة عنه المقارنة للعمل فى ظرفه ـ اى ان قال فى رد استاده ـ لا يخفى
ان الارادة سواء اريد منها الشوق النفسانى او اختيار النفس للفعل او الترك بما
انها من الامور التكوينية الخارجية لا
.................................................................................................
______________________________________________________
تتصف بالتقديرية
تارة وبالفعلية اخرى وانما تتصف بالوجود او بالعدم فان ما تكون الارادة منوطة به
ان كان موجودا فالارادة فعلية وإلّا فهى معدومة نعم الاتصاف بالوجود التقديرى انما
يعقل فى الامور الاعتباريّة ـ اى كما فى الوصية ـ فيصح ان يقال ان وجوب الحج مثلا
ثابت فى الشريعة على تقدير حصول الاستطاعة خارجا وهذا النحو من الوجود الاعتبارى
يكون ثبوته بنفس الاعتبار ولو لم يكن فى الخارج مستطيع بالفعل كما ان رفعه بالنسخ
لا بزوال الاستطاعة من المكلف مثلا الخ هذا على مختاره من ان حقيقة الاحكام هى
الامور الاعتباريّة دون الارادة والكراهة من العلم بالمصلحة والمفسدة ازلا او
حلولهما فى النفوس النبوية والولوية كما صرح بذلك صاحب الكفاية فى كلماته اما على
المختار من كون حقيقة الاحكام هى الارادة والكراهة فالارادة التقديرية غير تامة
المعبر عنه بعدم امكان الوقوعى لا الامكان الذاتى كما نفوه اساتذتنا من عدم
الامكان الذاتى كما مر بل الارادة فعلية وتخلفه عن المراد لا محذور فيه قال المحقق
الماتن فى البدائع ص ٣٥٥ فان قلت حقيقة التكليف هو جعل ما يمكن ان يكون داعيا
للمكلف الى فعل المكلف به او ترك المكلف به بتركه ولا ريب فى ان المراد بالامكان
هو الامكان الوقوعى لا الامكان الذاتى لان الامكان الذاتى لا اثر له فى مثل المقام
ـ اى مما يكون الانبعاث الى الفعل والعمل ـ فاذا كان المراد من التكليف هو جعل ما
يمكن ان يكون داعيا فلا ريب فى ان التكليف بهذا المعنى لا يعقل ان يكون فعليا قبل
تحقق القيد الذى قيد به متعلق التكليف مع عدم كون ذلك القيد داخلا فى حيز الاختيار
سواء كان القيد المزبور زمانا متاخرا او زمانيا يأبى عن تعلق الاختيار به لان
التكليف قبل تحقق القيد المزبور لا يمكن ان يكون داعيا للمكلف الى الاتيان بالمكلف
به ولو كان المكلف فى غاية الانقياد والاطاعة وإلّا لزم من فرض وقوعه ان يكون ما
فرض مقيدا بشيء غير مقيد به وهذا خلف بخلاف الواجب المنجز ذى المقدمات الكثيرة
فانه يمكن ان يكون التكليف به قبل تحقق مقدماته فعليا لان الامكان الوقوعى محفوظ
بالنسبة الى التكليف وان كان الامتناع بالغير متحققا فى حق المكلف به فانه لو فرض
محالا تمكن المكلف من فعل ذى المقدمة قبل المقدمة لما لزم محذور من ذلك ، قلت هذا
كله لا يجدى شيء منه فى ابطال صحة التعليق فى التكليف اما اولا فلان حقيقة التكليف
بالمعنى المزبور متحققة فى الواجب المعلّق لان
.................................................................................................
______________________________________________________
التكليف المعلق
يمكن ان يكون داعيا للمكلف فى ظرف العمل وهو الزمان المتاخر اذا حضر او الزمانى
المتعذر اذا حصل واكثر من هذا الامكان لا يعتبر فى كون التكليف هو جعل ما يمكن ان
يكون داعيا وثانيا لو سلمنا ان المراد من الامكان فى كون التكليف هو ما يمكن ان
يكون داعيا هو امكان الدعوة الى المكلف به فى حين التكليف لكان التكليف فى الواجب
المعلق واجدا لهذا الامكان ايضا وذلك فيما لو كانت له مقدمات يمكن الاتيان بها قبل
تحقق قيده خصوصا اذا كان تلك المقدمات من المقدمات المفوتة فان وجوب الواجب المعلق
يمكن ان يدعوا المكلف ويحركه الى الاتيان به قبل تحقق قيده وذلك بفعل مقدماته التى
يتوقف وجوده بعد تحقق قيده عليها فان الاتيان ببعض اجزاء علة وجود الشى تحصيل
لناحية من نواحى وجوده ونقض لجانب من جوانب عدمه بايجاد بعض مقدمات وجوده التى
تشترك جميعا فى وجوده كما اشرنا الى ذلك من قبل ، وثالثا ان ما ذكر من الفرق بين
الواجب المنجز والمعلق ليس بصحيح بل التحقيق يقضى بانه لا فرق بينهما من هذه
الناحية ايضا لان الواجب المنجز بالنسبة الى مقدماته التى يتوقف وجوده عليها
كالطهارة من الحدث والخبث والسائر وغيرها بالإضافة الى الصلاة لا ريب فى انه مقيد
بها بمعنى ان الوجوب تعلق بالصلاة الخاصة ـ اى الهيئة الخاصة المعهودة ـ المقيدة
بهذه الخصوصيات المزبورة ـ اى التى يضادها هذا القيود لو وقع اثنائها كسائر
المنافيات ـ ففرض وقوع الصلاة قبل وجود شىء منها كفرض وجود الحج قبل ايام الموسم ـ
اى لا يتصف بالامكان الوقوعى ويتصف به بعد اتيان المقدمات فالاشكال يجرى فى الواجب
المطلق كما مر ـ فكما ان فرض وجوده قبلها يلزم منه فرض وجود الشى قبل وجود ما يكون
به تمام اجزاء ماهيته او فرض وجود ما فرض متاخرا متقدما وهذا خلف كذلك فرض وجود
الصلاة قبل الطهارة او قبل التستر يلزم منه وجود الشى قبل وجود خصوصياته المقوّمة
لماهيته الخ واسرائه لا مانع من تعلق الارادة الفعلية بالامر المتاخر لان الارادة
من الصفات النفسانية المتعلقة بالصورة الذهنية المنطبعة عن الخارج والحاكية عنه
ولا اناطة لها بشىء وقد اطنب المحقق الاصفهانى فى هذا الامور منها فى مبادى
الارادة قال فى النهاية ج ١ ص ١٨٤ ان النفس ـ ذات منازل ودرجات ففى مرتبة القوة
العاقلة مثلا تدرك فى الفعل فائدة عائدة الى جوهر ذاتها او الى قوة من قواها وفى
مرتبه القوة الشوقية ينبعث لها شوق الى
.................................................................................................
______________________________________________________
ذلك الفعل فاذا لم
يجد مزاحما ومانعا يخرج ذلك الشوق من حد النقصان الى الكمال الذى عبر عنه تارة
بالاجماع واخرى بتصميم العزم وثالثه بالقصد والارادة فينبعث من هذا الشوق البالغ
حد نصاب الباعثية هيجان فى مرتبة القوة العاقلة فيحصل منها حركة فى مرتبة العضلات
ـ ومن الواضح ان الشوق وان امكن تعلقه بامر استقبالى إلّا ان الإرادة ليس نفس
الشوق بايّة مرتبه كان بل الشوق البالغ حد النصاب بحيث صارت القوة الباعثة باعثة
بالفعل وح فلا يتخلف عن انبعاث القوة العاملة ـ لتحريك العضلات الخ وقد تقدم
الجواب عنها واجاب عنه السيد الخمينى فى التهذيب ج ١ ص ١٨٢ اما اولا فان مبدئية
الشوق الارادة ليست دائمية وان كانت غالبية ـ انك ترى بعين الوجدان ان الشخص ربما
يريد امر الاجل التخويف والايعاد الذى يجره اليه بلا شوق منه الى العمل وقد يشرب
الدواء البشيع لتشخيص صلاح فيه مع الانزجار الشديد ـ اضف اليه ان القول بان الشوق
شيئا فشيئا يصير ارادة يوهم خلاف التحقيق اذ الارادة فينا ليست شوقا مؤكدا فان
الشوق يشبه ان يكون من مقولة الانفعال اذا النفس بعد الجزم بالفائده تجد فى نفسها
ميلا وحبا اليه فلا محاله تنفعل عنه ولكن الارادة التى هى عبارة عن اجماع النفس
وتجمعها وتصميم الجزم من صفاتها الفعالة ولا يعقل ان يصير ما هو من مقولة الانفعال
باعثا وان بلغ ما بلغ فى الشدة ، وثانيا ان ما ذكره قدسسره من ان حصول الارادة يستلزم تحريك العضلات دائما غير تام
اذا الإرادة تتشخص بالمراد الذى هو متعلقها اذ لا يمكن ان تتحقق الارادة بلا
متعلقها فحينئذ تعدد المراد فى الخارج يستلزم تعدد الارادة فان الشيئين بنحو
الاستقلال لا يعقل ان يتعلق بهما ارادة واحدة نبعت الوحدة كما ان الشى الواحد لا
يمكن ان يتعلق به ارادتان مستقلتان ما لم يتطرق اليه رائحة الكثرة والتعدد من
ناحية المراد وعليه نقول ان فى الافعال الصادرة بمباشرة العضلات مطلوبين مستقلين
ومرادين ينحو التعدد لا يختلط ذات احدهما وارادته بذات الآخر وارادته احدهما هو
ايجاد المطلوب الذى هو مراد بالذات ثانيهما هو تحريك العضلات الذى هو مطلوب ومراد
بالتبع لاجل التوصل به الى غيره لا مراد بالذات فان الارادة عند تمامية مباديها
تتعلق بنفس بالذات حصول المراد كرفع العطش او شرب الماء ثم تحدث ارادة ثانية
لتحريك العضلات نحو الفعل الخارجى الذى هو المحصل لغرضه ـ اى لتوقف الشرب على
تحريك العضلات ـ الارادة المتعلقة بالمراد
خارجا وان القضايا
المشروطة والموقتات من قبيل القضايا الحقيقية (١) فى اقتضاء فعليّة الموضوع فعليّة
المحمول وفرضه فرضيّة لو بيننا على اخذ مرتبة المحركيّة للمامور فى مضمون الخطاب
ولقد تقدّم منا ايضا ان تمام حوصتنا و
______________________________________________________
بالذات تابعة
لكيفية تعلقها بالمراد فان تعلقت ـ فورا ـ تحصل ـ ارادة اخرى لتحريك العضلات فعلا
ـ وان تعلقت بايجاد امر المستقبل فى لا تتعلق الارادة بتحريك فى الحال الخ وفيه
انا لا نرى فى انفسنا ارادتين متعلقا بشيء واحد فى سلسلة مبادى الارادة إحداهما
متعلقه بالذّات والآخر بتحريك العضلات بل بعد تحقق مباديها تتحقق ارادة واحدة على
الشى وهى المحرك للعضلات ايضا وتفصيله فى محله.
(١) هذا هو الذى
ذهب اليه المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٤١ ثم لا يخفى ان هذه الشبهة موردها
هو خصوص القضايا الخارجية واما فى القضايا الحقيقية فلا مجال لتوهم جريانها فيها
اصلا فاصل النزاع فى تعلق الواجب المعلق مختص بالقضايا الخارجية وتعديته الى
القضايا الحقيقية من باب الخلط بينهما بيان ذلك ان الانشاء فى القضايا الحقيقية لا
محالة يكون سابقا على وجود الموضوع وبقية القيود المعتبرة فيه وهو لا يكون مقيدا
بشىء اصلا إلّا انه لما كان فعلا زمانيا فلا بد وان يقع فى زمان بلا تقيد به اصلا
واما فعلية الحكم فيستحيل ان تكون مساوقة لانشائه بل لا محاله تتوقف على فعلية كل
ما اخذ مفروض الوجود فى الخطاب وح فاذا فرضنا ان الواجب من الموقتات فاما ان تتوقف
فعلية الحكم على فعلية الزمان كما تتوقف على فعلية بقية القيود الماخوذة فى الخطاب
مفروضة الوجود فهذا عين انكار الواجب المعلق والالتزام بالاشتراط ، واما ان يفرق
بين الزمان وغيره من القيود فلا يلتزم بتوقف فعلية الحكم على تحقق الزمان خارجا
على خلاف القيود الخارجة عن الاختيار وعليه فيسأل عن الملزم بالقول بتوقف فعلية
الحكم على فعلية بقية القيود من وجود الموضوع وغيره فهل هو اخذها مفروضة الوجود او
شيء آخر لا سبيل الى الثانى بالضرورة فيتعين الأول والمفروض انه مشترك فيه بين
الزمان وغيره واما توهم ان الزمان لم يؤخذ مفروض الوجود فى الخطاب وانما هو من
قيود الواجب فيدفعه ما عرفت من ان تقيد الواجب بالزمان يستلزم تعلق التكليف به
ايضا وهو محال لعدم القدرة عليه الخ.
صيحتنا البالغ الى
السماء فى انكار ذلك (١) وان هذه المحركيّة من شئون تطبيق
______________________________________________________
(١) فاجاب عنه
المحقق الماتن بما مر مرارا من ان فعلية الارادة وفاعليتها ومحركيتها فى رتبتين
فبالخطاب يبرز فعلّية الارادة على نحو الواجب المطلق وانما محركيتها وانبعاثها
يكون بامر متاخر لا الوجوب قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٧٥ فى مقام الجواب
وفيه ما عرفت من ان الفرق بين شرط الوجوب وشرط الواجب ماهوى تكوينى ولا مجال
لارجاع احدهما الى الآخر ، ومنع كون الاحكام من قبيل القضايا الحقيقية ، ومنع رجوع
القيد الى الموضوع ، وان سلم جميع ذلك فلزوم تقدم الموضوع على حكمه لا يقتضى لزوم
تقدم ذات القيد الابناء على استحالة الشرط المتاخر واثبات ذلك بكون الاحكام على
نحو القضية الحقيقية دور واضح وقد مر تفصيل ذلك قريبا هذا كله فى بيان عدم صحة
ارجاع الواجب المعلق الى الواجب المشروط على المشهور الخ مضافا الى ما ذكره
استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٢٧٠ الجوابان قيد الحكم على فرض رجوعه الى الموضوع
وتسليمه لا يكون فى المقام هذا القيد قيد الحكم ولا الموضوع بل من قيود المتعلق
وقيديته لا تكون من باب الدخل فى مصلحة الحكم بل من باب عدم قدرة المكلف على اتيان
المامور به فان الموسم لا يمكن تحققه قبل وقته وعدم البعث اليه يكون لعدم القدرة
عليه الخ وممن انكر الواجب المعلق المحقق الحائرى فى الدرر ج ١ ص ٧٥ قال والمهم
بيان كيفية الارادات اللبية المتعلقة بالافعال لكى يتضح حال هذا القسم من الواجب
المسمى بالتعليقى فنقول ان الفعل المقيد المتعلق للارادة تارة على نحو يقتضى تلك
الإرادة تحصيل قيده فى الخارج لو لم يكن موجود او اخرى على نحو لا يقتضى ذلك كما
لو اراده على فرض وجود ذلك القيد ـ الى ان قال فتقسيم الواجب الى الاقسام الثلاثة
مما لا وجه له ـ فنقول القيود الخارجة عن قدرة المكلف من قبيل الاول قطعا لاستحالة
تعلق الطلب بما ليس تحت قدرة المكلف فيكون الطلب المتعلق بالفعل المقيد بالزمان من
اقسام الطلب المشروط ـ الى ان قال ـ نلتزم بعدم صيرورة الخطاب مطلقا ولكن نقول ان
الواجب المشروط بعد العلم بتحقق شرطه فى محله يقتضى التاثير فى نفس المكلف بايجاد
كل شىء منه ومن مقدماته الخارجية فى محله مثلا لو قال اكرم زيد ان جاءك فمحل
الاكرام بعد مجيئه ومحل مقدماته ان كان قبل المجيء فمجرد علم المكلف بالمجيء يقتضى
ايجادها قبله ـ والحاصل ان طلب الشى على فرض تحقق شىء
.................................................................................................
______________________________________________________
لا يقتضى ايجاد
ذلك الشى المفروض وجوده ولكن بعد العلم بتحقق ذلك الشىء يؤثر فى المكلف ويقتضى منه
ان يوجد كلا من الفعل ومقدماته فى محله فقد يكون محل الفعل بعد تحقق ذلك الشى وقد
يكون قبله وقد يكون مقارنا له وهكذا محل مقدماته قد يكون قبله وقد يتسع زمان اتيان
المقدمة كما لو توقف اكرام زيد غدا على شيء ممكن تحصيله فى اليوم وفى الغد
والمقصود ان الوجوب المعلق على شيء بعد الفراغ عن ذلك الشيء يجب بحكم العقل
متابعته الخ فانه فسر الواجب المعلق بالواجب المشروط عندنا وفيه قد تقدم انه لو لم
يكن الطلب الا بعد تحقق القيد الغير المقدور فكيف بمجرد علم المكلف بتحققه يوجب
اتيان مقدماته مع انه لم يثبت اصل التكليف والعقل يحكم بوجوب المتابعة فى مرحلة
السقوط لا الثبوت فانه لم يثبت التكليف بعد وذكر صاحب الدرر فى الواجب المشروط كما
هو المشهور ص ٧٢ ج ١ وقد يلاحظ القيد موجودا فى الخارج اى يفرض فى الذهن وجوده فى
الخارج ثم بعد فرض وجوده فى الخارج ينقد ح فى نفسه الطلب فيطلب المقيد بذلك القيد
المفروض وجوده فهذا الطلب المتعلق بمثل هذا المقيد المفروض وجود قيده وان كان
متحققا فعلا بنفس الانشاء لكن تاثيره فى المكلف يتوقف على وجود ذلك القيد المفروض
وجوده حقيقة ووجهه ان هذا الطلب انما تحقق مبنيا على فرض وجود الشيء وهذا الفرض فى
لحاظ الفارض حاك عن حقيقة وجود ذلك الشى فكانه طلب بعد حقيقة وجوده فكما انه لو
طلب بعد وجود ذلك الشيء المفروض وجوده حقيقة ما اثر الطلب فى المكلف الا بعد وجود
ذلك الشيء واقعا لعدم الطلب قبله كذلك لو طلب بعد فرض وجوده لم يؤثرا لا بعد وجوده
الخارجى وان كان الطلب الانشائى محققا قبله ايضا فهذا الطلب يقع على نحو يشترط
تاثيره فى المكلف على شيء فى الخارج الخ قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٥٧ ومنه
يظهر ايضا وجه عدم رجوعه ـ اى المعلق الى المشروط على المختار لما بينا ان الفعل
فى الواجب المعلق متصف بالمصلحة قبل تحقق قيده فالمقتضى لطلبه وهو اتصافه بالمصلحة
قبل القيد موجود بالفعل وما توهم كونه مانعا تبين فساده فلا بد من القول بوجوبه
فعلا لا على فرض وجود قيده بخلاف الواجب المشروط على المختار فهو وان كان الطلب فيه
فعليا قبل تحقق القيد خارجا إلّا انه فعلى على فرض وجوده بمعنى ان الارادة الفعلية
المنوطة متعلقه بالواجب المطلق فيه وفى المعلق الارادة
العبد بمفاد
الخطاب على المورد ومن البديهى ان مرحلة التطبيق المزبور كما تقدم ايضا متاخر عن
مضمون الخطاب رتبة ولا يعقل اخذها فى مضمونه وذلك ظاهر لم انصف واعرض عن الاعتساف
هذا كله فى شرح حقيقة الواجبات بانحائها (١). بقى الكلام فى استظهار كل منها من
نحو خطابه (٢) وحكم الشك فى
______________________________________________________
الفعلية المطلقة
بالواجب المطلق فيه وفى المعلق الارادة الفعلية المطلقة متعلقة بالواجب الخاص
فتحصل من جميع ما تقدم ان الواجب فى مرحلة الثبوت لا مانع من ان يكون على ثلاثة
اقسام المنجز والمشروط والمعلق ولا موجب بل لا مسوغ لارجاع بعضها الى بعض الخ قال
استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٢٧١ تظهر الثمرة فى هذا التقسيم فى الوضوء الحرجى
والضررى فان المكلف لو تحمل الضرر وتوضأ فان قلنا بان الواجب كان مشروطا فالقيد
حيث يرجع الى المصلحة بحيث لا مصلحة فى صورة الحرج والضرر فلا يكون له ملاك اصلا
فعلى مبنى القائل بكفاية الملاك وهو التحقيق لا يصح الوضوء ايضا لعدم الامر وعدم
الملاك واما اذا كان الواجب معلقا فحيث لا دخل له فى المصلحة فيكون له ملاك فيصح
الخ ولعل الحرج من قبيل المعلق والضرر من قبيل المشروط ولذا يحكم بصحة الاول دون
الثانى لو تحمل الضرر او الحرج ولعله سيجيء تتمته فى مرحلة الاثبات ايضا.
(١) وبحمد الله
والمنّة قد اتضح باحسن توضيح فى اقسام الواجبات وحقيقتها زائدا على ما افاده
المحقق الماتن قدسسره.
(٢) الكلام فى
مرحلة الاثبات والاستظهار من الدليل قال المحقق الماتن فى البدائع ، ص ٣٥٨ فينبغى
ان نذكر قبل الشروع فيها مقدمة وهى انه تظهر ثمرة ثبوت اقسام الواجب المذكورة على
مذهب المشهور فى المشروط والمنجز والمعلق بان تكون مقدمة الواجب المنجز والمعلق
واجبة قبل تحقق قيده دون المشروط فان مقدمة الواجب فيه لا تجب الا بعد تحقق الشرط
واما على المختار فلا فرق بين هذه الاقسام الثلاثة بالنسبة الى وجوب مقدمة كل منها
لان وجوب كل واحد من اقسام الواجب المذكورة فعلى ووجوب المقدمة يتبع وجوب ذيها فى
الاطلاق والاشتراط والفعلية وعدمها واذا كان الوجوب فى جميع الاقسام فعليا فلا
محاله يكون وجوب كل مقدمة منها ايضا فعليا هذا بالنسبة الى المقدمات التى لم يعلق
عليها الواجب ولم يشرط بها
الكيفية عند
الاجمال فنقول وعليه التكلان ايضا ان الخطاب (١) تارة (٢) مطلقة غير مشروطة بشيء
زائد عن الشرائط العامه (٣) بمعنى عدم وقوع اللفظ الحاكى عن الايجاب هيئة او مادة
فى حيّز أداة الشرط (٤) بل القيود المأخوذة فيه ماخوذة فى طىّ متعلق الحكم ومعروضه
، واخرى (٥) كانت القيود المزبورة واقعة فى طىّ أداة الشرط مثل المجيء فى قوله ان
جاء مثلا ونظيره (٦) ما كان من القيود مأخوذة فى طىّ متعلقات الافعال المعروضة
للطلب فى صورة ظهور الخطاب فى اناطة الحكم بالمتعلق المزبور ، وثالثة (٧) صورة كون
القيد مأخوذة
______________________________________________________
الوجوب واما
بالنسبة الى المقدمات التى علق عليها الواجب او شرط بها الوجوب فلا فرق بين
المشهور والمختار فى الثمرة والآثار فانه لا يجب تحصيل شيء من هذه المقدمات وان
كانت مقدورة وتحت الاختيار اذا عرفت ذلك فنقول.
(١) ان القضايا
المستعملة فى المحاورات اصولها على ثلاثة اقسام.
(٢) احدها ـ اى
الخطاب مطلقه وهو ـ ان يذكر قيد المتعلق فى عرضه حين تعلق الخطاب به بحيث يتعلق
الخطاب بهما فى رتبة واحدة مثل قوله صل متطهرا او مع الطهارة.
(٣) اى هذا القسم
لم يشترط فيه زائدا على الشرائط العامه من البلوغ والعقل والقدرة وامثالها شيء.
(٤) ـ اى يكون كصل
متطهرا من دون أداة الشرط فيه لا كقوله اذا قمتم الى الصلاة فتطهروا ـ.
(٥) ثالثها ان
يكون القيد مدخولا لاداة الشرط نحو ان استطعت فحج او يجب الحج عليك ان استطعت.
(٦) ثانيها ان
يذكر القيد فى ناحية الموضوع نحو ليحج المستطيع اول أزمنة الامكان او فى ناحية
متعلق المتعلق مثل اكرم العالم العادل.
(٧) ـ اى رابعها
فرض القيد مأخوذا فى الفعل كصل عند الزوال و ـ ان يكون غير مقدور ـ اى القيد ـ فيبقى
متعلقا لمبادئ الارادة فقط.
فى الفعل مع فرض
خروجه عن حيّز القدرة ، فعلى الاول (١) فالظاهر (٢) من اطلاق الخطاب بمحموله
وموضوعه كون الوجوب المتعلق بالمقيّد وجوبا مطلقا حافظا لوجود موضوعه مطلقا وسادا
لجميع ابواب عدمه (٣) كما ان الظاهر من الثانى (٤) فى فرض وقوع الحكم المنشأ
بمادته فى طى الاداة (٥) كونه من المشروط لظهور أداة الشرط فى كون متلوّها شرطا
لما انيط به من الحكم ، ومن هذا الباب (٦) ايضا القيود المأخوذة فى طى المتعلق
المعلوم اناطة الحكم بوجوده
______________________________________________________
(١) اى المشروط
بالشرائط العامه فقط ويكون الخطاب مطلقا.
(٢) وهذا القسم من
القضايا يكون ظاهرا فى كون التقيد كنفس المتقيد متعلقا للارادة ومباديها ويكون
القيد متعلقا للارادة الغيرية.
(٣) اى بمقتضى
اطلاق الخطاب ـ ان الوجوب المطلق لما كانت حقيقته ارادة الفعل من المكلف على كل
تقدير كان من آثاره انبعاث المكلف المنقاد اذا علم به نحو الفعل بلا انتظار شيء ـ والواجب
المنشا بهذا القسم من القضايا ـ اى كان قيده مقدورا يسمى واجبا مطلقا لان المتعلق
فيه يكون مطلوبا بجميع حدوده.
(٤) اى يذكر القيد
مع أداة الشرط.
(٥) والظاهر ان
القيد فى مثل هذه القضية يكون قيدا للحكم سواء انشاء ذلك بمادته او بهيئته كما
ذكرنا فى المثالين ونتيجة ذلك هو خروج القيد المزبور عن مصب الحكم ومبادية من
الشوق اليه والرغبة بوقوعه كما هو شأن شرائط الحكم ولا وجه لارجاع القيد المذكور
الى متعلق الحكم فيكون الوجوب مثلا مطلقا والواجب مقيدا كما توهم وذلك لاقتضاء بعض
القيود كون الحكم مقيدا به ومعلقا عليه فى مرحلة الثبوت كما شرحنا ذلك مفصلا ولا
قصور فى مرحلة الاثبات فان ظاهر القضايا الشرطية هو ذلك ولا موجب لصرف هذا الظاهر
عن هذا المفاد الى غيره.
(٦) اى باب أداة
الشرط القسم الآخر المتقدم بان يذكر القيد فى ناحية المتعلق المتعلق ـ لا اشكال فى
عدم توجه البعث نحو هذه القيود فان مثل هذه القيود يلاحظ مفروض الوجود فى مقام
البعث الى الفعل المكلف به وانما الاشكال فى ان القضية المشتملة على هذا النحو من
القيود هل انها كما تكون ظاهرة فى عدم تعلق الارادة
كما ان الظاهر من
اطلاق الهيئة فى الفرض الاخير (١) عدم اناطته بوجوده القيد بل انما كان متعلقا
بالقيد ببعض شئونه لا بجميع انحاء وجوده بحيث يكون القيد المزبور خارجا عن حيّز
ارادته كما هو لازم القسم الاخير من الوجوب. نعم قد يبقى الاشكال فى صورة كون
الحكم المتلو للاداة منشأ بالهيئة فان فى كلماتهم اختلاف عظيم (٢) فى ارجاعها الى
الهيئة او المادة (٣)
______________________________________________________
التشريعية بالقيود
المذكورة كذلك تكون ظاهرة فى عدم تعلق مبادى الارادة بها فتكون من سنخ شروط
التكليف او انها وان كانت ظاهرة بعدم تعلق الارادة بها إلّا انها تكون ظاهرة بتعلق
مباديها بها من الرغبة بحصولها والشوق الى وقوعها لكونها موجبة لفعلية الغرض
الداعى الى التكليف فتكون من سنخ قيود الواجب المعلق والتحقيق ان القضية المشتملة
على هذا النحو من القيود وان كانت ظاهرة بعدم تعلق الارادة بها إلّا انها مجملة من
الناحية الاخرى وانما يستفاد كل من الخصوصيتين بسبب القرائن المعنوية او اللفظية
وكيفما كان فلا تكاد تترتب ثمرة على المختار بوجوب المقدمة على كلا التقديرين.
(١) ان يكون غير
مقدور ـ اى القيد فلا يكون متعلقا للارادة الغيرية ويكون ـ متعلقا لمبادئ الارادة
فقط والواجب المنشا بهذا القسم من القضايا ـ يسمى واجبا معلقا لان المتعلق فيه
يكون مطلوبا ببعض حدوده.
(٢) ثم انه وقع
الكلام فى امكان كون القيد الواقع فى حيز الخطاب والحكم المنشا بالهيئة انه من
قيود الطلب والهيئة او قيود المتعلق وعدم امكانه.
(٣) قال صاحب
الكفاية ، ج ١ ، ص ١٥٢ ، ان ظاهر خطاب ان جاءك زيد فاكرمه كون الشرط من قيود
الهيئة وان طلب الاكرام وايجابه معلق على المجيء لا ان الواجب فيه يكون مقيدا به
بحيث يكون الطلب والايجاب فى الخطاب فعليا ومطلقا وانما الواجب يكون خاصا ومقيدا
وهو الاكرام على تقدير المجيء فيكون الشرط من قيود المادة لا الهيئة كما نسب ذلك
الى شيخنا العلامة اعلى الله مقامه مدعيا لامتناع كون الشرط من قيود الهيئة واقعا
ولزوم كونه من قيود المادة لبا مع الاعتراف بان قضية القواعد العربية انه من قيود
الهيئة الخ والمراد من القواعد العربية ظهور الجملة الشرطية بحسب متفاهم العرف
واهل اللسان من رجوع الشرط الى الهيئة والطلب
ومنشأ الاشكال
امران (١) احدهما (٢) توهم (٣) كون مفاد الهيئة على حذو
______________________________________________________
دون الفعل والمادة
، وعلى ان هنا اقوال وآثار فلو كان الشرط قيدا لما هو مفاد الهيئة وهو الوجوب مثلا
فتكون النتيجة اناطة الوجوب بالشرط ففى مثل ان استطعت فحج يكون مفاد هيئة الجزاء
الذى هو وجوب الحج منوطا بوجود الاستطاعة فما لم تتحقق الاستطاعة لا وجوب فى البين
وهو الواجب المشروط عند المشهور ، ولو كان الشرط قيدا للمادة يعنى للحج فكان الطلب
متعلق بالحج الصادر عن المستطيع بحيث يكون الطلب مطلقا غير مشروط بشيء ولا تقييد
فيه وانما القيد لوحظ فى جانب المادة فالحج الصادر عن المستطيع مطلوب بدون تقييد
فى جانب الطلب وهو الواجب المشروط عند الشيخ الاعظم الانصارى والواجب المعلق عند
صاحب الفصول واتباعه ، وذهب المحقق النّائينيّ الى تقييد المادة المنتسبة اى
المجموع المركب من المادة والهيئة فالقيد راجع الى المادة بما هى منتسبة الى
الفاعل كاناطة وجوب الاكرام الذى هو مفاد جملة الجزاء بالشرط فى قضية ان جاءك زيد
فاكرمه مثلا وهذا ايضا هو عين مفاد تقييد الهيئة الذى تقدم انه عبارة عن الواجب المشروط
عند المشهور.
(١) الاشكال فى
رجوع القيد الى الهيئة والطلب ولزوم رجوعه الى المادة يكون بوجهين.
(٢) الوجه الاول
على ما اختاره صاحب الكفاية من المسلك فى الحروف والهيئات من جعل معاينها معانى
آلية لمتعلقاتها وجعل الفارق بينها وبين الاسماء من جهة اللحاظ الآلي والاستقلالى.
(٣) والمتوهم هو
المحقق النّائينيّ فى الاجود ، ج ١ ، ص ١٣١ ، واما تقييد النسبة ان اريد منه تقييد
الانشاء فهو غير معقول لان الانشاء امر آنى يتصف بالوجود والعدم لا بالاطلاق
والاشتراط كما هو واضح وان اراد منه تقييد المنشا وهى النسبة الطلبية كما هو
الظاهر من كلام بعض اهل الادب فهو على تقدير صحته يرجع الى الوجه السابق الذى
اخترناه فان النسبة الطلبية لا تكون فعلية الا عند وجود الشرط ويستحيل تقدمها عليه
وإلّا لم تكن مشروطة به وهو خلف إلّا ان التحقيق عدم صحة ذلك فان النسبة حيث انها
مدلولة للهيئة فهى ملحوظة آلة ومعنى حرفيا والاطلاق والتقييد من شئون المفاهيم
الاسمية الاستقلالية ، واما ما اجيب به عن ذلك ـ اى فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١٥٣ ،
اما حديث عدم الاطلاق فى مفاد الهيئة فقد حققناه سابقا ان كل واحد
المعانى الحرفية
معانى آلية غير ملتفت اليها وارجاع القيد الى شيء يحتاج الى الالتفات به ، ثانيهما
(١) ان مفادها معانى خاصة غير قابلة للسعة والضيق ببركة القيد فكيف يرجع القيد
الذى شأنه التضيق اليها ، ولكن لا يخفى ان الاشكال
______________________________________________________
من الموضوع له
والمستعمل فيه فى الحروف يكون عاما كوضعها وانما الخصوصية من قبل الاستعمال كالاسماء
وانما الفرق بينهما انها وضعت لتستعمل وتقصد بها المعنى بما هو هو والحروف وضعت
لتستعمل وتقصد بها معانيها بما هى آلة وحالة لمعانى المتعلقات فلحاظ الالية كلحاظ
الاستقلالية ليس من طوارى المعنى بل من مشخصات الاستعمال كما لا يخفى على اولى
الدراية والنهى والطلب المفاد من الهيئة المستعملة فيه مطلق قابل لان يقيد ـ من ان
المعانى الحرفية معان كلية لا جزئية فهى قابلة للتقييد والاطلاق فهو غير صحيح لان
المانع عن الاطلاق والتقييد ليس الجزئية كما توهمه المجيب (قده) بل المانع هو كون
المعنى ملحوظا آليا وهذا لا يرتفع بكون المعنى كليا الخ نظرا الى الاقتضاء التقييد
لكونه ملحوظا استقلالا واستلزام ذلك لانقلاب المعنى عن كونه معنى حرفيا الى المعنى
الاسمى بل واستلزامه لاجتماع النظرين ايضا النظر الآلي والاستقلالى وهو غير ممكن
لان الالية غير ملتفت اليه استقلالا ومغفول عنه والاستقلالى ملتفت اليه فلا
يجتمعان.
(١) الوجه الثانى
ما نسب الى الشيخ الاعظم الانصارى فى تقريراته مطارح الانظار للكلانترى قال وكيف
كان فلا فرق فيما ينقدح فى نفس الامر بين ان يكون الزمان بحسب القواعد اللغوية قيد
للفعل كما اذا قيل افعل فى وقت كذا او للحكم كما اذا قيل اذا جاء وقت كذا افعل كذا
ـ الى ان قال ـ ولا يعقل ان يكون القيد الزمانى راجعا الى نفس الطلب دون الفعل
المطلوب فان تقييد الطلب حقيقة مما لا معنى له اذ لا اطلاق فى الفرد الموجود منه
المتعلق بالفعل حتى يصح القول بتقييده بالزمان او نحوه فكلما يحتمل رجوعه الى
الطلب الذى يدل عليه الهيئة فهو عند التحقيق راجع الى نفس المادة الخ وحكى عن
التقريرات انه قال ان هيئة الامر موضوعة بالوضع النوعى العام والموضوع له الخاص
لخصوصيات افراد الطلب والارادة الحتمية الالزامية التى يوقعها الامر ويوجدها
فالموضوع له والمستعمل فيه فرد خاص من الطلب وهو غير قابل للتقييد الخ مع ان تفرع
تقيد الشى على اطلاقه واضح.
الأول (١) مبنى
على جعل المعانى الحرفية آليا مرآتيا بحيث لا يلتفت اليها مستقلا اصلا وهو خلاف
التحقيق بل لبّ معانيها من سنخ الاضافات والروابط بين متعلقاتها من المعانى
الاسمية ومثل هذه الروابط ربما يلتفت اليها غاية الامر تبعا لمتعلقاتها وهذا
المقدار كاف فى ارجاع القيد اليها كما لا يخفى ، واما الشبهة الثانية فانما يتوجه (٢)
لو اريد من الخصوصية المأخوذة فيها الخصوصية الناشئة حتى
______________________________________________________
(١) واجاب المحقق
الماتن عن الوجه الأول بانكار اصل المبنى قال فى البدائع ص ٣٦٠ ان المعنى الحرفى
وان كان لا يستقل بالتصور واللحاظ لكونه متقوما فى حد ذاته وماهيته بارتباطه
بالمعنى الاسمى فضلا عن وجوده فهو لاجل ارتباطه الذاتى المفهومى لا يمكن تصوره
مستقلا عن المعنى الاسمى إلّا انه لا يخرج بذلك عن كونه خصوصيته من خصوصيات المعنى
الاسمى وقيدا من قيوده المنظورة اليها فى مقام الحكاية عنه والاخبار عنه ومع هذا
كيف يعقل ان يكون مغفولا عنه فى حال استعماله فى ضمن المعانى الاسمية نعم لا باس
بكونه ملحوظا تبعا لملاحظة غيره من المعانى الاسمية كما هو شأن كل قيد مع المعنى
المقيد به بل كل جزء مع الكل فى حال ملاحظة الكل الخ وبالجملة فالهيئات معانيها
عبارة عن الاضافات الخاصة والارتباطات القائمة بالطرفين فكان الفرق بينهما من جهة
نفس المعنى والملحوظ لا من جهة اللحاظ الآلي والاستقلالى وهى ملتفت اليها ولو بتبع
الطرفين فلا مانع من تقييدها.
(٢) واجاب المحقق
الماتن عن الشبهة الذاتية كما له فى النهاية ج ١ ص ٣١٣ بوجهين الثانى منهما انه لو
سلم كون المعنى فيها جزئيا وخاصا فانما هو باعتبار الخصوصيات الذاتية وهذا المقدار
لا يقتضى خروج المعنى فيها عن الاطلاق وعن قابلية التقييد بالنظر الى الطوارى والعوارض
اللاحقة ولذلك ترى ان زيدا مع كونه جزئيا وخاصا كان مطلقا بالنظر الى الحالات
والطوارى العارضة عليه من نحو القيام والقعود ونحوهما كما يعبر عنه بالعموم
الاحوالى او الاطلاق الاحوالى ولعل هذا هو ما ذكره المحقق الاصفهانى فى النهاية ج
١ ص ١٨١ ان المعانى الحرفية ـ مع ان وضعها عام والموضوع لها خاص إلّا ان معانيها
غير جزئية عينية ولا ذهنية بل جزئيتها وخصوصيتها بتفوقها بطرفيها كما انها غير
كلية بمعنى صدقها على كثيرين لانها لا جامع
من قبل الحالات
الطارية عليها وإلّا فلو لم يؤخذ فيها ازيد من المشخصات الفردية والخصوصيات
المفردة مع قطع النظر عن طروّ الحالات الخاصة على كل فرد فرد فلا شبهة ح ان كل فرد
قابل للسعة والضيق من ناحية طروّ الحالات المخصوصة عليها فلا قصور ح فى تضييقها
بارجاع قيد اليه موجب لطرو ضيق حالى على الفرد المخصوص ، ثم (١) ان ذلك بناء على
الالتزام بخصوصه المستعمل فيه فى الحروف وإلّا فبناء على كونها من باب عموم
الموضوع له والمستعمل فيه ولو بنحو نحن تصورناه فى امثال المقام بلا قصور ايضا فى
ارجاع القيد الى الجامع الملحوظ مع خصوصية فردية ومتحد معه فى ذهنه كما لا يخفى (٢)
وح فلا غرو فى ابقاء ظهور اللفظ فى رجوع القيد الى الحكم ولو كان
______________________________________________________
ذاتى لها حتى يصدق
على افرادها نعم كليتها بمعنى قبولها لوجودات لا محذور فيها لان القدر المسلم من
خصوصيتها هى الخصوصية الناشئة من التقوم بطرفها فقط لكنه مع هذا كله لا مانع من
تقييدها بمعنى ان البعث الملحوظ نسبة بين اطرافها من الباعث والمبعوث والمبعوث
اليه ربما لا يكون له تخصص آخر غير ما حصل له من اطرافه الثلاثة وربما يكون له
تخصص آخر من قبل ما علق عليه وان لم يكن جامع ذاتى بين النسبة الغير المتخصصة بقيد
والمتخصصة به فكون النسبة البعثية فى ذاتها خاصه لا ينافى زيادة تخصص لها من ناحية
المعلق عليه وان لم تكن النسبة ذات جامع ذاتى يعقل فيه معنى وسيع يصدق على ازيد
مما يصدق عليه مما يندرج تحته الخ.
(١) واجاب المحقق
الماتن عن الشبهة الثانية كما فى النهاية له ، ج ١ ، ص ٣١٣ ، اوّلا قد تقدم ايضا
عموم الموضوع له فيها ـ اى فى الحروف ـ كالوضع نظرا الى تحقق القدر المشترك بين
الاضافات الخاصة من كل سنخ منها وعليه فلا مانع عن ورود القيد على الهيئة بوجه
اصلا.
(٢) واجاب عن
الشبهة الثانية صاحب الكفاية ، ج ١ ، ص ١٥٤ مع انه لو سلم انه فرد فانما يمنع عن
التقيّد لو أنشأ اولا غير مقيد لا ما اذا أنشأ من الاول مقيدا غاية الامر قد دل
عليه بدالين وهو غير انشائه اوّلا ثم تقييده ثانيا فافهم الخ واورد عليه المحقق
العراقى فى النهاية ، ج ١ ، ص ٣١٣ اوّلا بقوله لو اريد من خصوصية المعنى فيه
.................................................................................................
______________________________________________________
وجزئيته كونه خاصا
وجزئيا بقول مطلق على معنى اشتماله على جميع ما يفرض من الخصوصيات حتى الناشئة من
الطوارى الخارجية بحيث كان انشاء مدلول الهيئة مساوق انشاء الطلب المقيد لكان لما
ذكر ـ اى المستشكل ـ عدم قابلية المعنى فى الهيئة للتقييد كمال مجال ـ اذ تقول
بانه على هذا الفرض لا محاله يكون القيد المزبور من خصوصيات الطلب المدلول بالهيئة
حيث كان انشاء مدلول الهيئة مساوق انشاء الطلب المقيد ومعه لا يبقى مجال لتقيده
بالقيد المزبور كيف وانه على فرض عدم كون ذلك من خصوصياته لا بد وان يكون المدلول
فى الهيئة هو الطلب المجامع مع الخصوصية تارة وغير المجامع معها اخرى فيلزم كونه
مطلقا من هذه الجهة وهو خلف بالفرض لان المفروض هو كونه جزئيا غير قابل للتقييد ،
ومن ذلك ظهر عدم المجال لما أفاده ايضا من حديث تعدد الدال والمدلول ـ اى ثانيا
بقوله ـ لان ذلك انما يكون فى فرض تجريد الهيئة عن تلك الخصوصية بجعلها عبارة عن
الطلب المجامع معها تارة والمفارق عنها خرى كى يكون الدال على ذات الطلب الهيئة
وعلى الخصوصية القيد الخارجى وإلّا فمع عدم تجريدها عنها كما هو الفرض من اخذ
الخصوصية فيها لا جرم يكون الدال على الذات والخصوصية هو الهيئة فقط كما هو واضح
ولكن الذى يسهل الخطب هو بطلان اصل الفرض فان جزئية المعنى فى الحروف والهيئات لو
قيل بها فانما هى باعتبار الخصوصيات الذاتية لا مطلقا حتى بالنظر الى الخصوصيات
الناشئة من الطوارى والعوارض الخارجية خصوصا الناشئة منها من الجهات التعليلية
كالعلة والشرط فانها مما لا يكاد يمكن اخذها فى ذات المعنى ومن ذلك ترى الفرق
الواضح بين مثل قوله اكرم زيدا لعلمه او ان كان عالما وبين قوله اكرم زيدا العالم
من حيث كون تمام الموضوع للحكم فى الاول هو زيدا وفى الثانى زيدا المتقيد
بالخصوصية بنحو خروج القيد ودخول التقيد بحيث كان زيد جزء الموضوع والجزء الآخر هو
التقيد بالعلم والخصوصية وعليه فلا يمنع مجرد جزئية المعنى فى الهيئة عن تقيدها
وارجاع الشرط اليها فامكن اثباتا ايضا كل من المعلق والمشروط الخ واجاب عن الشبهة
الثانية المحقق الاصفهانى فى النهاية ، ج ١ ، ص ١٨١ بل التحقيق ان المعنى الانشائى
وان كان جزئيا حقيقيا إلّا انه يقبل التقييد بمعنى التعليق على امر مقدر الوجود
وان لم يقبل التقييد بمعنى تضييق دائرة المعنى فالمراد من الاطلاق عدم تعليق الفرد
الموجود
.................................................................................................
______________________________________________________
على شيء ومن
البديهى ان المعلق عليه الطلب ليس من شئونه واطواره كى يكون موجبا لتضييق دائرة
مفهومه الخ وفيه ان التقدير والاناطة ايضا يرجع الى التقييد بحسب الطوارى والحالات
فيرجع المحذور لان تعليق وجوب الاكرام على المجيء معناه وجوب الاكرام عند المجيء
فيرجع المحذور وليس الكلام فى التعبيرات المختلفة وانما الكلام فى واقع تقييد
الهيئة والطلب واما لزوم كونه من قيود المادة لبا حكى التقريرات عن الشيخ الاعظم
الانصارى فان العاقل اذا توجه الى امر والتفت اليه فاما ان يتعلق طلبه بذلك الشيء
او لا يتعلق طلبه به لا كلام على الثانى وعلى الاول فاما ان يكون ذلك الامر موردا
لامره وطلبه مطلقا على جميع اختلاف طواريه او على تقدير خاص وذلك التقدير الخاص قد
يكون شيئا من الامور الاختيارية كما فى قولك ان دخلت الدار فافعل كذا ـ الى ان قال
ما حاصله ـ وقد يكون من الامور الغير الاختيارية كالزمان كما ان الاختيارى قد يكون
مأخوذا على نحو يكون موردا للتكليف كما اذا قال مثلا صل عن طهارة واخرى يكون على
نحو لا يكون موردا للتكليف كما اذا قال حج عند الاستطاعة الخ وملخصه ان الطلب
المنقدح فى نفس الآمر شيء واحد لا اختلاف فيه وانما الاختلاف راجع الى القيد
الراجع الى الفعل لبا اذ الفعل هو الذى يختلف مصالحه ومفاسده باعتبار قيوده
الطارية عليه بل ولو لم نقل بتبعية الاحكام للمصالح والمفاسد فان العاقل اذا توجه
الى شيء فاما ان لا يريده الخ. واجاب عنه صاحب الكفاية ، ج ١ ، ص ١٥٤ ففيه ان
الشيء اذا توجه اليه وكان موافقا للغرض بحسب ما فيه من المصلحة او غيرها كما يمكن
ان يبعث فعلا اليه ويطلبه حالا لعدم مانع عن طلبه كذلك يمكن ان يبعث اليه معلقا
ويطلبه استقبالا على تقدير شرط متوقع الحصول لاجل مانع عن الطلب والبعث فعلا قبل
حصوله فلا يصح منه الا الطلب والبعث معلقا بحصوله لا مطلقا ولو متعلقا بذاك على
التقدير فيصح منه طلب الاكرام بعد مجيء زيد ولا يصح منه الطلب المطلق الحاكى
للاكرام المقيد بالمجيء هذا بناء على تبعية الاحكام لمصالح فيها فى غاية الوضوح
الخ فيكون الطلب منوطا بالقيد والشرط وهو الواجب المشروط عند المشهور بان لا يكون
الطلب فعليا الا عند حصول القيد والشرط واورد عليه المحقق العراقى فى النهاية ، ج
١ ، ص ٣١٤ اذ مضافا الى منافاته مع ما يقتضيه ظهور القضايا الشرطية فى كون المنوط
به للطلب هو نفس القيد والشرط ـ اى الامر
.................................................................................................
______________________________________________________
الوجودى ـ لا امرا
آخر ـ اى عدمى ـ ملازما لوجوده كما يقتضى البيان المزبور من جعل الطلب من تبعات
عدم المانع الذى هو ملازم لوجود القيد ، نقول بانه مع تمامية المصلحة فى المتعلق
وهو المقيد وعدم مزاحمتها مع مفسدة اهم وجودا لا محاله يكون مجرد الالتفات الى تلك
المصلحة غير المزاحمة مع المفسدة علة تامة للاشتياق التام البالغ الى حد الارادة
وفى مثله لا يكاد يمنع عنه ما ذكر من المانع والمفسدة المزبورة بعد عدم مزاحمتها
وجودا مع مصلحة المطلوب وذلك من جهة ان تلك المفسدة حسب ترتبها على الارادة والطلب
تكون معلولة للطلب وفى رتبة متأخرة عنه فيستحيل ح مانعيتها عن نفس الطلب فضلا عن
ممانعتها عن مصلحة المطلوب والمتعلق ، وتوهم ان المانع ح عن الطلب حقيقة هو العلم
بترتب المفسدة على الطلب لا نفس المفسدة فلا محذور مدفوع بان مانعية العلم انما
تكون باعتبار كشفه عن معلومه فكان ما هو المانع بنظر العقل هو نفس المعلوم
والمنكشف دون العلم وح يتوجه المحذور المزبور بانه كيف يمكن مانعية ما هو معلول
الشيء وفى رتبة متأخرة عنه عن ذلك الشى ، ومن ذلك ايضا نقول بامتناع تبعية الاحكام
لمصالح فى نفسها وانها لا بد من كونها تابعة لمصالح فى متعلقاتها فتصح الكلية
المدعاة بان الواجبات الشرعية الطاف فى الواجبات العقلية وان كل ما حكم به الشرع
بوجوبه بحكم العقل بحسنه الخ فعلى ذلك يتم كلام الشيخ الانصارى من رجوع القيد الى
المادة والطلب فعليا والجواب الصحيح ما تقدم مرارا من الاختلاف فى القيود قال
المحقق الماتن فى النهاية ، ج ١ ، ص ٢٩٤ يظهر مما قدمنا من اختلاف انحاء القيود فى
كيفية دخلها فى الغرض والمصلحة من حيث رجوع بعضها الى الداخل فى اصل الاحتياج
واتصاف الذات بكونها مصلحة وصلاحا ورجوع بعضها وهو قيود الواجب الى الدخل فى تحقق
المحتاج اليه والمتصف بالمصلحة والصلاح فارغا عن اصل اتصاف الذات بالوصف العنوانى
اذ فى مثله يكون قيود الواجب باعتبار دخلها فى وجود المحتاج اليه وتحقق ما هو
المتصف بالوصف العنوانى فى رتبة متأخرة عن قيود اصل الاتصاف ومعه كيف يمكن اخذ ما
هو راجع الى اصل الاتصاف فى ناحية الموضوع فى عرض قيود المحتاج اليه مع انك عرفت
بخروج قيود الاحتياج والاتصاف عن دائرة الارادة بمباديها من الميل والمحبة
والاشتياق ـ بل وصيرورته مبغوضا عنده كما فى المرض ـ وهذا بخلافه فى قيود
.................................................................................................
______________________________________________________
المحتاج اليه
والمتصف بالمصلحة والصلاح فانها وان امكن خروجها عن تحت الارادة اما لعدم كونها
اختيارية او ـ الدخيل ـ وجودها من باب الاتفاق ـ او وجودها الناشئ عن سائر الدواعى
غير دعوة الامر والارادة إلّا انها غير خارجة عن مباديها من الميل والمحبة
والاشتياق نظرا الى ما هو قضية الوجدان من اشتياق الانسان بمقتضى جبلته وفطرته بعد
احتياجه الى الشى وصيرورته فى حقه ذا مصلحة وصلاح الى مقدمات وجوده وان فرض كونها
خارجة عن الاختيار الخ قال صاحب الكفاية ، ج ١ ، ص ١٥٦ واما بناء على تبعيتها
للمصالح والمفاسد فى المأمور بها والمنهى عنها فكذلك ضرورة ان التبعية كذلك انما تكون
فى الاحكام الواقعية بما هى واقعيّة لا بما هى فعليّة فان المنع عن فعلية تلك
الاحكام غير عزيز كما فى موارد الاصول والامارات على خلافها وفى بعض الاحكام فى
اوّل البعثة بل الى يوم قيام القائم عجل الله فرجه مع ان حلال محمد «ص» حلال الى
يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة ومع ذلك ربما يكون المانع عن فعلية بعض
الاحكام باقيا مرّ الليالى والايام الى ان تطلع شمس الهداية ويرتفع الظلام كما
يظهر من الاخبار المروية عن الائمة عليهمالسلام الخ واجاب عنه المحقق الماتن فى النهاية ، ج ١ ، ص ٣١٥ بان
عدم فعلية تلك الاحكام فى الموارد المزبورة يمكن ان يكون من جهة مزاحمة مصالحها
لمصالح اخرى اهم ولو كانت هى مصلحة التسهيل او لمفسدة كذلك بحسب الوجود فلا يرتبط
ح بالمقام المفروض خلو المتعلق فيه عن المفسدة وح نقول بان المولى بعد ان لاحظ
المقيد وعلم بان فيه مصلحة غير مزاحمة مع المفسدة لا جرم يحدث فى نفسه الاشتياق
التام فيريده فعلا من دون حالة منتظرة اصلا نعم ابراز تلك الارادة واظهارها ربما
يحتاج الى عدم المانع اذ لا يكفى فيه مجرد العلم بالمصلحة ولا الاشتياق التام نحوه
ومن ذلك نرى بالوجدان ان الانسان ربما يشتاق الى الشى بل يريده ايضا من عبده
بارادة فعلية ولكن مع ذلك لا يتمكن من ابراز الارادة واظهارها خوفا عما يترتب عليه
من المفاسد فى نظره كما لو فرض انه كان عدوّ له يقتله بمحض اظهاره للارادة او يحسد
عليه فيضره ونحو ذلك من المفاسد كما لعله من هذا القبيل ولاية ولى الله ـ اى تأخير
اظهارها ـ لمكان خوفه «ص» من ان يرتد الناس عن دينهم ـ نعم اذا كان عدم اظهار
الارادة علّة تامة لعدم تحقق الوجود فى الخارج مع فرض قيام المصلحة به فحينئذ
.................................................................................................
______________________________________________________
يستكشف من عدم
اظهار الارادة عدم بلوغها الى مرتبة الفعلية من جهة كشفه انا عن ابتلاء المصلحة
المزبورة فيه بمفسدة اخرى اهم وجودا كما فى الاحكام التى لم يكشف عنها النبى «ص»
والائمة المعصومون عليهمالسلام وكما فى موارد الامارات والاصول المؤدية الى خلاف الواقع
ولكن مثل ذلك كما عرفت غير مرتبط بالمقام المفروض خلو مصلحة المتعلق عن الابتلاء
بالمفسدة وجودا خصوصا مع تحقق الانشاء الفعلى ايضا من المولى الخ ، واماما افاده
المحقق النّائينيّ من المادة المنتسبة قال قال فى الاجود ج ١ ص ١٣٠ الحق هو رجوع
القيد الى المادة دون الهيئة بيان ذلك ان المراد من تقييد المادة ليس ما هو ظاهر
تقريرات شيخنا الانصارى (قده) من كون القيد من قيود الواجب وكون الوجوب مطلقا
فعليا حتى يرجع الى الواجب المعلق باصطلاح صاحب الفصول (قده) فان ذلك باطل لا يمكن
المصير اليه بعد فرض كون القضية حقيقية التى يمتنع فيها فعلّية الحكم من دون فعلية
موضوعه وقد نقل الاستاذ دام ظله عن السيد العلامة الشيرازى عدم صحة هذه النسبة الى
العلامة الانصارى قدسسرهما بل المراد منه هو تقييد المادة المنتسبة فان الشيء قد يكون
متعلقا للنسبة الطبية مطلقا من غير تقييد وقد يكون متعلقا لها حين اتصافه بقيد فى
الخارج مثلا الحج المطلق لا يتصف بالوجوب بل المتصف هو الحج المقيد بالاستطاعة
الخارجية فما لم يوجد هذا القيد يستحيل تعلق الطلب الفعلى به وكونه طرفا للنسبة
الطلبية فالقيد راجع الى المادة بما هى منتسبة الى الفاعل الخ ثم ان المحقق
النّائينيّ حول اثبات المادة المنتسبة كلام قال فى الاجود ج ١ ص ١٣١ وملخص ما
ذكرناه هو ان أداة الشرط بما انها وضعت لجعل مدخولها واقعا موقع الفرض والتقدير
فهى لا بد وان تكون رابطة بين الجملتين فلا يعقل ان يكون مدخولها قيدا للمادة قبل
النسبة ولا فى رتبتها لانها مفهوم افرادى وأداة الشرط موضوعة لربط الجملتين وبما
ان النسبة مفهوم حرفى وملحوظ تبعى فلا يمكن ان يكون القيد قيدا لها ايضا لان
الاطلاق والتقييد من شئون المفاهيم الاسمية فلا بد وان يرجع القيد الى المادة
المنتسبة وهى فى الاخبارات نتيجة الحمل فان نتيجة قضية النهار موجود هو وجود
النهار وهو معلق على طلوع الشمس وفى الانشاءات نتيجة الجملة الانشائية وهى اتصاف
الاكرام بالوجوب مثلا فالمعلق فى الحقيقة هى المادة بعد الانتساب لا بمعنى البعدية
الزمانية حتى يكون ملازما للنسخ بل بمعنى
.................................................................................................
______________________________________________________
البعدية الرتبية
فان اتصاف المادة بالوجوب فرع وقوع النسبة الطلبية عليها وتقييد الجملة الانشائية
باداة الشرط انما هو بلحاظ هذا الاتصاف فقط الخ واورد عليه استادنا الآملي فى
المجمع ج ١ ص ٢٦٠ اما القيد فلا يرجع الا الى الهيئة فان الحكم وهو الوجوب يكون فى
الحج مشروطا بالاستطاعة ولا يلزم ان يكون الربط بين المفردين بل يكون بين الجملتين
لان معنى حجّ يرجع الى قول القائل ان استطعت يجب الحج فان قوله يجب الحج جملة واستطعت
ايضا جملة ولفظ ان حرف شرط الخ والعمدة ما اورد عليه المحقق العراقى فى النهاية ج
١ ص ٣١٧ بعدم اجداء مثل هذا الحمل ايضا لدفع ما اورده من الاشكال على المشروط ،
فانه ان اريد بالمادة المنتسبة المادة المتقيدة بمفهوم الانتساب الذى هو معنى اسمى
لا حرفى فهو كما عرفت خارج عن محل الكلام ومن ذلك خصصنا الاشكال من الاول بما اذا
كان الطلب منشأ لا بمادة الوجوب والطلب بل منشأ بالهيئة ، وان اريد بها المادة
المتقيدة بالنسبة بما هى معنى حرفى ولو بنحو خروج القيد ودخول التقيد فلا شبهة ح
فى انه غير واف ح بدفع ما ذكر من الاشكال من حيث جزئية المعنى او مرآتيته فان
النسبة بما هى معنى حرفى حيثما يكون جزئيا ومغفولا عنه بالفرض تمنع عن جواز ارجاع
القيد الى المادة المنتسبة وإلّا فمن الاول ايضا يجوز ارجاعه الى نفس الهيئة فلا
يحتاج الى التجشم المزبور كما هو واضح ، وان اريد بها المادة فى حال كونها منسوبة
الى الهيئة لا بما هى متقيدة بالانتساب اليها بنحو دخول التقيد وخروج القيد ـ اى
بما هو مقارن الوجوب والطلب الوارد عليه بنحو المعنى الحرفى فيعلق معنى المادة فى
حال اقترانه بالوجوب على الشرط وح فلا يكون المعنى الحرفى جزء من المعنى المعلق
على الشرط فلا يعود المحذور ـ فهذا غير ما ذكره التقريرات من جهة وضوح انه ليس
المراد من تقييد المادة فى كلامه تقيدها بما هى مطلقة وعارية عن ورود النسبة عليها
بل المراد هو تقيدها فى حال كونها تحت الهيئة لا مطلقة ولا مقيدة بالانتساب كما لا
يخفى ـ اى نعم وان كان بهذا النحو من التقييد لا يعود المحذور المزبور إلّا انه
يستلزم المحذور الآخر وهو صيرورة الواجب معلقا لان المادة فى حال وجوبها اذا علقت
على امر لا يكون متعلقا للوجوب الغيرى صارت واجبة معلقة وهذا القائل لا يقول له به
ـ وح فعلى التحقيق بعد ما امكن كل من المعلق والمشروط ثبوتا واثباتا ايضا برجوع
القيد الواقع فى القضية
منشأ بالهيئة وح
فلا داعى على ارتكاب خلاف الظاهر فى امثالها وارجاع القيد الى المادة ويلتزم برجوع
الواجبات المشروطة الى المطلقة المعلقة وان كان المعنيين سيّان فى عدم لزوم
الامتثال الا فى طرف وجود القيد (١) ، نعم هنا فذلكة اخرى وهو ان من التزم بارجاع
الواجبات المعلقة الى المشروطة (٢) لا بد له من جوابه عن الشبهتين (٣)
______________________________________________________
الى الهيئة تارة
والمادة اخرى فلا جرم يكون المتبع فى استفادة انه من اى القبيل هو لسان الدليل وفى
مثله يفرّق بين مثل قوله ان جاءك زيد فاكرمه او يجب اكرامه او قوله اكرم زيدا ان
جاءك الظاهر فى اناطة الوجوب بمادته بالمجيء وبين قوله اكرم زيد الجائى بنحو
القضية الوصفية الظاهر فى اطلاق الوجوب وفى كون الموضوع هو الذات المتقيد ،
والمتصفة بالوصف العنوانى في قبال القضايا الشرطية الظاهرة فى ان تمام الموضوع
للحكم فى القضية هو نفس الذات محضا الخ فالمتبع هو الظهور.
(١) قال المحقق
الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣١٧ لا ينبغى الاشكال فى عدم وجوب تحصيل مقدمات الوجوب
وقيوده فى المشروط وخروجها عن حريم النزاع وهكذا الحال فى القيود الوجودية للواجب
فى المعلق مما اخذ وجودها فيه من باب الاتفاق فانها ايضا غير واجبة التحصيل ولو
كانت مقدورة للمكلف والسر فى ذلك واضح وذلك اما بالنسبة الى قيود الوجوب فى
المشروط فلما تقدم من خروجها عن حيز الارادة والطلب بمباديه من الاشتياق
والمحبوبية ايضا واما بالنسبة الى القيود الوجودية للواجب فى المعلق مما اخذ
وجودها فيه من باب الاتفاق ولو مع مقدوريتها فكذلك ايضا وذلك اما على القول برجوعه
ايضا الى المشروط فظاهر واما على المختار فلانها حسب دخلها فى وجود المتصف
والمحتاج اليه وان كانت غير خارجة عن حيّز مبادئ الارادة من المحبوبية والاشتياق
حتى مع عدم مقدوريتها ولكن قضية اخذها بوجودها من باب الاتفاق توجب خروجها عن حيّز
الطلب بنحو يستحيل ترشح التكليف اليها الخ والامر كما ذكره.
(٢) كالمحقق
النّائينيّ واتباعه وانكار الواجب المعلق.
(٣) اى المتقدمتين
من عدم امكان رجوع القيد الى الهيئة والوجوب فلا بد من ردهما.
فى ارجاع القيود
الى الهيئة وإلّا (١) فكيف (٢) يمكنه الالتزام باشتراط الوجوب الذى هو مفاد الهيئة
فى القضية وح فالجمع بين المسلكين (٣) غير معقول كما لا
______________________________________________________
(١) اى لو كانتا
الشبهتين واردتين ولم ينقضهما.
(٢) اى لا يمكن
القول بالواجب المشروط لان فى الواجب المشروط الهيئة والوجوب مشروط لا المادة.
(٣) من انكار
الواجب المعلق وارجاعه الى الواجب المشروط بتقييد الهيئة كما مر مفصلا امران
متنافيان وقال استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٢٩ التحقيق ان يقال انه بعد
ما ظهر من ان حقيقة الانشاء انما هو ابراز امر نفسانى الذى هو فى موارد الجمل
الطلبية عبارة عن اعتبار كون الفعل على ذمة المكلف وليس فى موارد الانشاء من ايجاد
المعنى باللفظ عين ولا اثر وبعد وضوح ان فى موارد الجمل الشرطية لا معنى لرجوع
القيد الى نفس المادة ضرورة ان استعمال قضية اذا توضأت فصل فى مقام طلب الصلاة المقيدة
بالطهارة يعد من الاغلاط وبعد ما ستعرف من ان ارجاع القيد الى المادة المنتسبة لا
محصل له ـ اى لوجهين نفس ما تقدما عن المحقق العراقى وعلى اى الاول تقييد اتصاف
المادة بالوجوب عبارة اخرى عن تقييد الهيئة ، الثانى ان مفاد الهيئة اذا لم يكن
قابلا لرجوع القيد اليه لكونه ملحوظا آليا فاتصاف المادة بالوجوب الذى هو مفهوم
الجملة يكون كذلك ايضا والمحذور المتوهم منعه عن رجوع القيد الى مفاد الهيئة بعينه
موجود فى رجوعه الى المادة المنتسبة ـ لا مناص من رجوع القيد فى القضايا الشرطية
الى ما هو المستفاد من الهيئة وهو اعتبار كون الفعل على ذمة المكلف بيان ذلك ان
الاعتبار النفسانى قد يتعلق بكون شيء على ذمة المكلف على الاطلاق وقد يتعلق به على
تقدير دون تقدير والمبرز لاطلاقه وتقييده فى مقام الثبوت هو اطلاق الخطاب وتقييده
فى مقام الاثبات وعلى ذلك فالفرق بين الواجب المشروط والمطلق هو الفرق بين بابى
الوصية والاجارة فان الانشاء فى كليهما وان كان فعليا إلّا ان المعتبر فى باب
الوصية هى الملكية على تقدير الموت بخلاف باب الإجارة فان المعتبر فيه هى الملكية
المطلقة غير المعلقة على شيء ولو كانت المنفعة متاخرة ايضا الخ قال فى المحاضرات ج
٢ ص ٣٢٣ فلان الاعتبار بما انه من الامور النفسانية ـ ذات الإضافة كالعلم ـ فلا
مانع من تعلقه بامر متاخر كما يتعلق بامر حالى نظير العلم ـ فكما يمكن تاخر
المعلوم عن العلم زمنا كقيام زيد غدا ـ حيث ان العلم به
.................................................................................................
______________________________________________________
حالى والمعلوم امر
استقبالى فكذلك يمكن تاخر المعتبر عن الاعتبار بان يكون الاعتبار حاليا والمعتبر
امرا متاخرا كاعتبار وجوب الصوم على زيد غدا او نحو ذلك فالتفكيك انما هو بين
الاعتبار والمعتبر ولا محذور فيه اصلا الخ هذا على مسلكه من كون حقيقة الاحكام هو
الاعتبار فالامر واضح لكن ما المراد من رجوع القيد الى ما هو المستفاد من الهيئة ،
فالقيد اما يرجع الى الهيئة او الى المادة فان كان المراد تقييد الهيئة فلا بد من
علاج محذور المعنى الحرفى من التقييد ، ولكن فى المحاضرات قد غير العنوان قال فى ج
٢ ص ٣٢٧ انما هو رجوع القيد الى المعتبر وعدم رجوعه اليه لا الى الاعتبار نفسه ضرورة
ان الاعتبار والابراز غير قابلين للتقييد والتعليق اصلا ـ اى امر نفسانى بسيط جزئى
ذهنى يدور امره بين الوجود والعدم فلا يتصور فيه الاطلاق والتقييد ـ وان اراد
بالطلب ما تعلق به الاعتبار وهو المعتبر المعبر عنه بالوجوب تارة وبالالزام تارة
اخرى فصريح الوجدان شاهد على انه قابل للتقييد كما انه قابل للاطلاق ـ بيان ذلك ان
الفعل الذى هو متعلق للوجوب مرة يكون ذا ملاك ملزم فعلا فلا يتوقف على شيء من زمان
او زمانى ـ الوجوب المتعلق به فعلى ـ وان كان تحقق الفعل فى الخارج ـ يتوقف على
مقدمات ـ ولعل من هذا القبيل ـ من شهد منكم الشهر فليصمه فان الظاهر منها هو ان
وجوب الصوم فعلى بعد دخول الشهر ـ بتمامية ملاكه من الليل ـ ولله على الناس حج
البيت من استطاع اليه سبيلا هو ان وجوب الحج فعلى بعد فعلية الاستطاعة وان كان
المكلف غير قادر على الاتيان به الا بعد مجيء زمانه وهو يوم عرفه وهذا لا ينافى
كون الملاك فيه تاما من حين تحقق الاستطاعة ، ومرة اخرى يكون ذا ملاك فى ظرف متاخر
لا فعلا بمعنى ان ملاكه لا يتم إلّا بعد مجيء زمان خاص او تحقق امر زمانى فى ظرف
متاخر ففى مثل ذلك لا يعقل ان يكون الوجوب المتعلق به فعليا بل لا محاله يكون
تقديريا ـ واصنف الى ذلك ظهور القضايا الشرطية فى انفسها فى ذلك اى رجوع القيد الى
الهيئة دون المادة الخ وقد عرفت كون الوجوب فعليا ومنطويا بالقيد ولا محذور فيه
وهنا صرح بتقييد نفس الهيئة ولعله هو المراد والله العالم ولكن هو لم يقل بالواجب
المعلق على المختار بل يرجع الى الشرط المتاخر كما تقدم ويختار الواجب المشروط على
مسلك المشهور من كون الوجوب يصير فعليا بعد حصول القيد وتقدم الجواب عن جميع ذلك.
.................................................................................................
______________________________________________________
تنبيه : قال
المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٦١ لا اشكال فى ما لو علمنا بتقييد الوجوب او بتقييد
الواجب وانما الاشكال فيما لو شككنا بتقييد شىء منها وح تكون للشك صور الاولى لو
شك فى تقييد الوجوب فان كان لدليله اطلاق اخذنا به وإلّا فمقتضى البراءة عدم
الوجوب قبل تحقق القيد المحتمل تقيد الوجوب به وعدم الاطلاق المستلزم لجريان
البراءة يساوق الاشتراط نتيجة كما لا يخفى ، الثانية اذا شك فى تقييد الواجب
فمقتضى الاطلاق لو كان ومقتضى الاصل فيما لو لم يكن شيء واحد وهو عدم وجوب تحصيل
القيد المحتمل والاجتزاء بفعل غير المقيد فى مقام الامتثال ، الثالثة اذا علم
بتقييد الواجب ولكن شك فى ان القيد هل اعتبر قيدا للواجب فيما لو حصل وتحقق بطبعه
فيكون الواجب معلقا او اعتبر قيدا له مطلقا بحيث يجب تحصيله اذا لم يكن حاصلا
فيكون الواجب منجزا وليكن مورد الشك المزبور فى القيد مقدورا وغير قصد القربة
للعلم بكون الواجب المقيد فى الغير المقدور معلقا وفى الثانى منجزا كما لا يخفى
ولا اشكال فى عدم صحة التمسك بالاطلاق لو كان او بالاصل فيما لو لم يكن لنفى
التقيد بالقيد المزبور لفرض العلم به وانما الشك فى كيفية اخذ القيد كما اشرنا
اليه نعم يمكن التمسك بالبراءة لنفى الوجوب المستلزم لتحصيل القيد ـ اى نفى الوجوب
المقيد كذلك وهو اصل سببى حاكم على اصالة البراءة من وجوب تحصيل القيد لانه مسبب
عن كيفية الوجوب ـ الصورة الرابعة ما لو دار الامر بين كون القيد قيدا للوجوب
وكونه قيدا للواجب بنحو التنجيز فالتحقيق انه لا يصح التمسك بالاطلاق لو كان سواء
كان فى المادة ام فى الهيئة اما فى حال اتصال القيد بالكلام فللاجمال واما فى حال
انفصاله فللتعارض وعليه فالمرجع هى الاصول العملية اما على المشهور فى الواجب
المشروط فلا ريب فى جريان البراءة واما على المختار فالظاهر ايضا جريانها الصورة
الخامسة ما لو دار الامر بين كون القيد قيدا للوجوب وكونه قيدا للواجب على نحو
المعلق لا اشكال بعدم وجوب تحصيل القيد المزبور واما باقى القيود التى يتوقف عليها
تحقق الواجب فعلى المختار لا اشكال ايضا بوجوب تحصيلها تعيينا فى المفوتة منها
وتخييرا فى غير المفوتة وعلى كل فلا ثمرة عملية فى هذه الصورة على المختار واما
على المشهور فان قلنا بوجوب تحصيل المقدمات المفوتة وحرمة توفيتها فلا ثمرة عملية
ايضا فى هذه الصورة واذا لم نقل بذلك فان كان هناك
.................................................................................................
______________________________________________________
اطلاق دار الامر
بين اطلاق الهيئة واطلاق المادة فمع اتصال القيد بالكلام لا يصح التمسك بالاطلاق
للاجمال ومع انفصاله للتعارض كما سبق وعلى كل فالمرجع هو الاصل العملى وهى البراءة
او استصحاب عدم الوجوب بالنسبة الى المقدمات المفوتة وذلك فيما لو قلنا بجريان
البراءة فى المقدمات وإلّا فالمرجع الاشتغال الخ ـ وقع الكلام فى وجود ما يرجح
رجوع القيد الى الهيئة او المادة عند الدوران بينهما ام لا قال استادنا البجنوردي
فى المنتهى ج ١ ص ١٨٩ افاد صاحب الحاشية ـ اى الشيخ محمد تقى فى هداية المسترشدين
ـ وجها لترجيح رجوع مثل هذا القيد الى المادة وهو انه اذا رجع الى المادة يكون
تقييدا واحدا لان تقييد المادة لا ينافى بقاء الهيئة على اطلاقها مثلا فى المثال
المتقدم اى صل متطهرا ان كان القيد راجعا الى المادة فيكون معناه يجب عليك الصلاة
مع الطهارة فالصلاة مقيدة بالطهارة والوجوب مطلق اى يجب عليك سواء كنت متطهرا او
لم تكن واما لو كان القيد راجعا الى الهيئة فيكون معناه ان وجوب الصلاة يوجد فى
فرض كونك متطهرا فما لم توجد الطهارة لا يتحقق وجوب الصلاة لانه منوط بها قهرا وتقييد
المادة ايضا بتقييد الهيئة لان الصلاة التى هى معروض لهذا الوجوب بعد تقييد الوجوب
بالطهارة لا يمكن ان تكون مطلقة بالنسبة الى هذا القيد وإلّا يلزم تحقق المعروض
بوصف معروضيته بدون عرضه وهو محال فتقييد الهيئة يلازم تقييد المادة ففى تقييد
الهيئة ورجوع القيد اليها يكون تقييدان وفى تقييد المادة تقييد واحد واذا دار
الامر بين تقييد واحد وبين تقييدين لا شك فى ان التقييد الواحد اولى لان التقييد
خلاف الاصل هذا ما ذكره صاحب الحاشية واجيب عنه بان التقابل بين الاطلاق والتقييد
تقابل العدم والملكة وفى كل مورد لا يكون قابلا للتقييد لا يكون قابلا للاطلاق لان
الاطلاق عدم التقييد فى المورد القابل للتقييد وهاهنا بعد تقييد الهيئة بقيد لا
تكون المادة قابلة للتقييد بذلك القيد لانه من قبيل تحصيل الحاصل لانه بتقييد
الهيئة حصل ما هو نتيجة التقييد فى المادة فتقييد الهيئة يبطل محل الاطلاق فى
المادة فلا ينعقد ظهور اطلاقى فى المادة حتى يحتاج الى التقييد الخ لا انه تقييدين
ولذا عدلوا الى وجه آخر وهو ان صاحب التقريرات نسب الى شيخنا الاعظم الانصارى فى
الدوران بين رجوع القيد الى الهيئة او المادة بترجيح الاطلاق فى طرف الهيئة فانه
وان التزم برجوع الشرط الى المادة لبا ولكنه اعترف برجوع الشرط بحسب القواعد
.................................................................................................
______________________________________________________
العربية الى
الهيئة وذلك بوجهين احدهما نقل عنه فى الكفاية ج ١ ص ١٦٨ ان اطلاق الهيئة يكون
شموليا كما فى شمول العام لافراده فان وجوب الاكرام على تقدير الاطلاق يشمل جميع
التقادير التى يمكن ان يكون تقديرا له واطلاق المادة يكون بدليا غير شامل لفردين
فى حالة واحدة الخ وتوضيحه قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٦٢ هو ان اطلاق
الهيئة شمولى بمعنى ان مفادها هو الوجوب على كل تقدير يمكن ان يتوجه معه الخطاب
الى المكلف ـ اى اذا وجب اكرام زيد فى الجملة وشك فى ان الطهارة شرط للوجوب او
للواجب فاذا كانت قيدا للواجب وبقى الوجوب على اطلاقه فاطلاقه شمولى لان مدلوله
ثبوت الوجوب فى حال الطهارة وفى حال الحدث معا ولا يختص باحدهما لا على التعيين
ولا على البدل ـ وليس كذلك اطلاق المادة فانه بدلى بمعنى ان مفاده صلوح اى فرد من
افراد الطبيعة المامور بها للامتثال به ـ اى اذا كانت قيدا للوجوب وبقى الواجب على
اطلاقه فاطلاقه بدلى فانه يدل على كون الواجب صرف الطبيعة الصادق على الاكرام فاذا
وجود فى حال الطهارة مثلا صدق عليه وامتنع صدقه على فرد آخر سواء كان فى حال
الطهارة ام حال الحدث ـ واذا دار الامر بينهما فالعموم البدلى اولى برفع اليد عنه
ويؤخذ بالعموم الشمولى لكونه اقوى فى العموم وعليه بنى اطلاق الشمولى فى مثل لا
تكرم فاسقا على الاطلاق البدلى فى مثل اكرم عالما الخ واجاب عنه صاحب الكفاية فى ج
١ ص ١٦٩ اما فى الاول فلان مفاد اطلاق الهيئة وان كان شموليا ـ اى كقوله تعالى (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) فانها تدل على حلية جميع افراد البيع الا ما اخرجه الدليل
ـ بخلاف المادة ـ اى كونه بدليا كقوله تعال فتحرير رقبة مؤمنة فانه تقتضى شمول
الرقبة لكل رقبة له بدليا ـ إلّا انه لا يوجب ترجيحه على اطلاقها لانه ايضا كان
بالاطلاق ومقدمات الحكمة غاية الامر انها تارة تقتضى العموم الشمولى واخرى البدلى
كما ربما تقتضى التعيين احيانا ـ اى كما فى الموارد المشكوكة بان صيغه الامر
للوجوب العينى التعيينى النفسى او فى قبالهم ـ كما لا يخفى وترجيح عموم العام ـ اى
العموم الشمولى كما فى صيغة كل ونحوها ـ على اطلاق المطلق انما هو لاجل كون دلالته
بالوضع لا لكونه شموليا بخلاف المطلق فانه بالحكمة فيكون العام اظهر منه فيقدم
عليه ـ اى كونه صالحا لان يكون قرينة على الآخر دون العكس ـ فلو فرض انهما فى ذلك
على العكس فكان عام بالوضع دل على العموم البدلى ـ اى
.................................................................................................
______________________________________________________
كمن وما وأىّ ـ ومطلق
باطلاقه دل على الشمول لكان العام يقدم بلا كلام الخ وذكر المحقق النّائينيّ فى
الاجود ج ١ ص ١٦١ والتحقيق ان ما ذهب اليه المحقق الانصارى من تقديم الاطلاق
الشمولى على الاطلاق البدلى هو الاقوى فان تقديم الاطلاق البدلى يقتضى رفع اليد عن
الاطلاق الشمولى فى بعض مدلوله وهى حرمة اكرام العالم الفاسق فى مفروض المثال
بخلاف تقويم الاطلاق الشمولى فانه لا يقتضى رفع اليد عن مدلول الاطلاق البدلى اصلا
فان المفروض انه الواحد على البدل وهو محفوظ لا محالة غاية الامر ان دائرته كانت
وسيعة فصارت ضيقه وببيان آخر يحتاج الاطلاق البدلى زائدا على كون المولى فى مقام
البيان وعدم نصب القرينة على الخلاف الى احراز تساوى الافراد فى الوفاء بالغرض حتى
يحكم العقل بالتخيير بخلاف الاطلاق الشمولى فانه لا يحتاج الى ازيد من ورود النهى
على الطبيعة غير المقيدة فيسرى الحكم الى الافراد قهرا فمع وجود الاطلاق الشمولى
لا يحرز العقل تساوى الافراد من حيث الوفاء بالغرض فيكون الاطلاق الشمولى حاكما
على الاطلاق البدلى من حيث دليليته وحجيته وان كان ظهوره منعقدا فى حد نفسه لفرض
كون القرينة منفصلة ـ الى ان قال ـ هذا فى القرينة المنفصلة واما فى المتصلة فيكون
الاطلاق الشمولى رافعا للظهور فى البدلى ويكون واردا عليه ولاجل ما ذكرنا يقدم
العام الوضعى على الاطلاق الشمولى ، مع ان العام من جهة تعيين مدخوله وانه ليس
إلّا نفس الماهية من دون اخذ قيد فيه يحتاج الى مقدمات الحكمة بداهة ان الفاظ
العموم لم توضع الا لتعميم مدخوله من حيث هو فهى غير متكفلة لبيان حال مدخوله
والسر فى التقديم مع ان كلا منهما يحتاج الى مقدمات الحكمة هو ان مقدمات الحكمة ـ فى
طرف الاطلاق بعد جريانها تعطى قابلية السريان للمطلق الى جميع افراده وهذه
القابلية المتوقفة على جريان المقدمات فى طرف المطلق فعلية فى طرف العام من جهة
الوضع فالعام بنفسه يصلح بيانا للمطلق دون العكس وإلّا لدار ـ الى ان قال ـ ولكن
لا يخفى ان ذلك وان كان صحيحا فى نفسه إلّا انه لا ربط له بالمقام بداهة انه لا
تعارض فى المقام بين الاطلاقين فى حد انفسهما حتى يقال بكون احدهما اقوى من الآخر
لحكومته عليه بل التعارض لامر خارجى وهو العلم الاجمالى بعروض التقييد على احدهما
ولا يكون اقوائية احدهما موجبة لارجاع القيد الى الآخر بل لو فرضنا حصول العلم
.................................................................................................
______________________________________________________
الاجمالى بعروض
تقييد لعام وضعى او مطلق بدلى لما كان هناك مجال للقول برجوع القيد الى المطلق
البدلى لضعفه فالمسألة المبحوث عنها فى باب التعادل والتراجيح من دوران الامر بين
تقييد المطلق الشمولى او البدلى أجنبية عما نحن فيه بالكلية الخ واجاب عنه المحقق
العراقى فى البدائع ص ٣٦١ لعدم الفرق بين الاطلاق الشمولى والاطلاق البدلى من حيث
الاطلاق لاتحاد السبب الموجب لكل منهما فما يقتضى الاطلاق الشمولى هو بنفسه يقتضى
الاطلاق البدلى من حيث الاطلاق نفسه فما يكون شرطا فى احدهما لا محاله يكون شرطا
فى الآخر وذلك ـ انه ليس فى وسع مقدمات الحكمة اثبات كون المراد هو المطلق البدلى
او السريانى بل وظيفتها اثبات ان مدلول اللفظ يكون تمام موضوع الحكم فقط والبدلية
والسريان يستفاد ان من حكم العقل حسب مناسبة الحكم مع موضوعه وعليه ففيما اذا وضع
اللفظ متعلقا للامر يحكم العقل فى مقام الامتثال بالاكتفاء بالمرة الملازم للاطلاق
البدلى اذ امتثال المهملة التى هى مدلول اللفظ يحصل بأول الوجود واما اذا وقع
متعلقا للنهى فالعقل يحكم بلزوم الانزجار عن جميع الافراد اذا الانزجار عن المهملة
لا يحصل إلّا بترك جميع افرادها ونتيجه ذلك الاطلاق الشمولى فمقتضى مقدمات الحكمة
التى هو الاساس للظهور امر واحد وهو اثبات كون الموضوع له تمام موضوع الحكم
والاختلاف نشأ من جهة خصوصية اخرى ادركها العقل هذا فيما لو كان مورداهما مختلفين
من جهة النفى والاثبات واما المتفقان كالمقام فالامر اوضح اذ الاطلاق الشمولى فى
الهيئة يستفاد من عدم اناطة الطلب بشيء فان من لوازمه العقلية سعة الطلب حتى فى
ظرف عدم القيد كما ان البدلى يستفاد من عدم تقييد المادة المستلزم عقلا للسعة فى
الانطباق وكون المطلوب صرف الوجود فمقتضى الاطلاق فى الجميع امر واحد وعليه لا
مجال لتوهم تقديم الاطلاق الشمولى على البدلى مع كون منشئهما واحدا بتوهم احتياج
تحقق الاطلاق البدلى فى مقامه الى احراز تساوى افراد المطلق فى الوفاء بالغرض كيف
واحراز كون كل فرد من افراده وافيا بالغرض انما يستفاد من الاطلاق فلو توقف
الاطلاق على احراز ذلك لدار ، نعم قد يكون الاطلاق الشمولى اظهر فى نظر العرف من
الاطلاق البدلى فيقدم عليه لذلك وإلّا فاللازم هو التساقط كما اشرنا اليه.
واما ما اشار اليه
فى ذيل كلامه من احتياج مدخول أداة العموم فى مقام
.................................................................................................
______________________________________________________
تشخيص معناه الى
مقدمات الحكمة ففيه ان أداة العموم لا ريب فى كونها موضوعة للدلالة على الشمول كما
انه لا ريب فى ان مدخولها موضوع لمعنى كلى يصدق على كثيرين فاذا دخلت أداة العموم
على هذا المعنى القابل للصدق على كثيرين دلت على ارادة جميع ما يصدق عليه مدخولها
من افراده فاذا افادت أداة العموم شمول افراد مدخولها بالدلالة الوضعية لم يبق
مجال لاعمال مقدمات الحكمة لاستفادة الشمول بل تكون أداة العموم واردة على مقدمات
الحكمة كما لا يخفى ، فان قلت لا اشكال فى ان مدخول أداة العموم موضوع للطبيعة
المهملة والسامع يحتمل ان المتكلم اراد حصة خاصة منها باضافة قيد اليه يوجب
انقسامه الى حصص لكل واحدة منها افراد واحتمال ارادة المتكلم لحصة خاصة من المدخول
لا ينافى دلالة أداة العموم على الشمول لفرض ان تلك الحصة المحتمل ارادتها لها
افراد ومن شان أداة العموم الدلالة على شمول افراد مدخولها واما ان معنى المدخول
اى شيء هو فلا تدل عليه أداة العموم فنحتاج فى تعيينه الى امر آخر يدل عليه وليس
هو فى المقام الا مقدمات الحكمة ، قلت لو كان وضع أداة العموم لشمول افراد ما يراد
من المدخول ـ اى كما عليه صاحب الكفاية ـ فالامر كما ذكر ولكن الظاهر انها وضعت
لسراية الحكم الى جميع افراد ما ينطبق عليه المدخول وعليه لا نحتاج الى جريان
مقدمات الحكمة فى المدخول كيف ولو جرت مقدمات الحكمة فيه لاستغنينا عن ذكر أداة العموم
، ثم انه مع استغناء مدخول أداة العموم عن مقدمات الحكمة لا شبهة فى تقدم العموم
على الاطلاق الشمولى لان دلالة العام ح تكون وضعية تنجزيّة ودلالة المطلق الشمولى
تعليقية اى انها معلقة على عدم البيان ومع الدلالة الوضعية ينتفى موضوع الاطلاق
شموليا كان ام بدليا فلا تعقل معارضته للعام ولا فرق فى تقديم العام على المطلق
بين ان يكون التعارض بينهما ذاتيا وان يكون عرضيا نشا من العلم الاجمالى بطرو قيد
ما على احدهما اذ على الثانى ايضا يدور والامر بين رفع اليد عن اصالة الظهور فى
طرف المطلق المستندة الى عدم البيان فاصالة الظهور فى طرف العام تنفى مقتضى الظهور
فى طرف المطلق ولا عكس اذ لا يعقل ان يكون ظهور المطلق فى الاطلاق نافيا الظهور
العام فى العموم لان تحقق ظهور المطلق فى الاطلاق متوقف على عدم العام ومع وجود
العام لا يتحقق ظهور المطلق ليكون نافيا او مزاحما لظهور العام وعليه تكون اصالة
الظهور فى طرف العام
.................................................................................................
______________________________________________________
مع العلم بطرو قيد
ما على احدهما بمنزلة البيان لرجوع القيد الى المطلق اى ان الفرد الذى يحتمل خروجه
من حكم المطلق لاحتمال رجوع القيد اليه ليس من ناحية المطلق دليل على شمول حكمه
اياه فلا يصح الاجتزاء به فى مقام الامتثال ولا يجب ترتيب حكم المطلق عليه هذا
فيما لو كان العام والمطلق المعلوم رجوع القيد الى احدهما متصلين وواقعين فى كلام
واحد كما فى ما نحن فيه واما لو كانا منفصلين فلا يجرى فيهما ما ذكر بل التقديم
منوط باقوائية الظهور لفرض تماميته فى المطلق المنفصل كما سيجيء الخ ـ وعليه كون
البحث أجنبيا عن المقام لا وجه له الوجه الثانى نقل صاحب الكفاية ج ١ ص ١٦٨ ان
تقييد الهيئة يوجب بطلان محل الاطلاق فى المادة ويرتفع به مورده بخلاف العكس وكلما
دار الامر بين تقييدين كذلك كان التقييد الذى لا يوجب بطلان الآخر أولى اما الصغرى
فلاجل انه لا يبقى مع تقييد الهيئة محل حاجة وبيان لاطلاق المادة لانها لا محالة
لا تنفك عن وجود قيد الهيئة بخلاف تقييد المادة فان محل الحاجة الى اطلاق الهيئة
على حاله فيمكن الحكم بالوجوب على تقدير وجود القيد وعدمه واما الكبرى فلان
التقييد وان لم يكن مجازا إلّا انه خلاف الاصل ولا فرق فى الحقيقة بين تقييد
الاطلاق وبين ان يعمل عملا يشترك مع التقييد فى الاثر وبطلان العمل به وما ذكرناه
من الوجهين موافق لما افاده بعض مقررى بحث الاستاد العلامة اعلى الله مقامه الخ
واورد عليه صاحب الكفاية ج ١ ص ١٦٩ فلان التقييد وان كان خلاف الاصل إلّا ان العمل
الذى يوجب عدم جريان مقدمات الحكمة وانتفاء بعض مقدّماتها لا يكون على خلاف الاصل
اصلا اذ معه لا يكون هناك اطلاق كى يكون بطلان العمل به فى الحقيقة مثل التقييد
الذى يكون على خلاف الاصل وبالجملة لا معنى لكون التقييد خلاف الاصل الّا كونه خلاف
الظهور المنعقد للمطلق ببركة مقدمات الحكمة ومع انتفاء المقدّمات لا يكاد ينعقد له
هناك ظهور كان ذاك العمل المشارك مع التقييد فى الاثر وبطلان العمل باطلاق المطلق
مشاركا معه فى خلاف الاصل ايضا وكانه توهم ان اطلاق المطلق كعموم العام ثابت ورفع
اليد عن العمل به تارة لاجل التقييد واخرى بالعمل المبطل للعمل به وهو فاسد لانه
لا يكون اطلاق الا فيما جرت هناك المقدّمات نعم اذا كان التقييد بمنفصل ودار الامر
بين الرجوع الى المادة او الهيئة كان لهذا التوهم مجال حيث انعقد للمطلق اطلاق وقد
استقر له ظهور ولو بقرينة
.................................................................................................
______________________________________________________
الحكمة الخ واجاب
عن اصل الاستدلال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٦٥ فقال والتحقيق فى المقام هو ان
يقال ان القيد المزبور اما ان يكون متصلا بالكلام او منفصلا عنه وعلى فرض اتصاله
فاما ان يكون موجبا لاجمال الكلام او غير موجب لاجماله فان كان موجبا لاجماله كما
هو الحق فلا مجال لما ذكره الشيخ من الترجيح ولا لما اورد عليه ، وان كان اتصال
القيد غير موجب لاجماله فلا يتجه الايراد المذكور على ما ذكره الشيخ من رجحان رجوع
القيد الى المادة لكونه اقل مخالفة للاصل العقلائى لانه بعد البناء على ان قلة
مخالفة الاصل من المرجحات يكون ترك الاخذ بظهور المادة فى الاطلاق ولو لارجاع
القيد الى الهيئة المستلزم لبطلان اطلاق المادة مخالفا للاصل لفرض انعقاد ظهور
المادة فى الاطلاق فاختيار ارجاع القيد الى الهيئة ترك للاخذ بظهورين واختيار
ارجاعه الى المادة ترك للاخذ بظهور واحد ولا ريب فى ان الثانى اقل مخالفة للاصل
فيلزم الاخذ به ، واما اذا كان القيد منفصلا فلا ريب فى دخله فى المادة وعدم
الاجتزاء باتيانها قبل تحققه فى مقام امتثال التكليف المتعلق بها لان القيد ان كان
راجعا اليها فهى مقيدة به ذاتا وان كان راجعا الى الهيئة فالمادة مقيدة به تبعا
وعلى كل نعلم تفصيلا بتقييدها به ويكون احتمال رجوعه الى الهيئة وتقييدها به شكا
بدويا يصح التمسك باطلاقها لإلغائه واما وجوب تحصيل القيد لاحتمال رجوعه الى
المادة فحيث ان تقييد المادة من هذا الجهة لا يكون متيقنا اذ تقييد الهيئة الذى
يوجب تقييد المادة هو جهة عدم امكان الامتثال الا بعد وجود ذلك القيد واما حيث
وجوب تحصيل ذلك بالقيد فلا يترتب عليه بل هو مترتب على تقييد المادة اصالة على نحو
يسرى الوجوب اليه فاطلاقها ينفيه عنها ويثبت بذلك رجوعه الى الهيئة للعلم الاجمالى
برجوعه الى احداهما وان المثبت من الاصول اللفظية حجة كما ان اطلاق الهيئة ينفيه
عنها ويثبت بذلك رجوعه الى المادة بالنحو المزبور فالاطلاقان متعارضان واذ لا مرجح
لاحدهما فهما ساقطان ويكون احتمال وجوب تحصيل القيد شكا بدويا تجرى البراءة فيه
ونتيجة ذلك تساوق نتيجة رجوع القيد الى الهيئة على عكس النتيجة فى الاول كما لا
يخفى الخ هذا ما برجع الى رجوع التقييد الى المادة دون الهيئة وقد عرفت عدم
تماميته وعند الدوران لا بد من الرجوع الى الاصل العملى كما مر.
يخفى والله
العالم. و (١)
______________________________________________________
واجب الاصلى والتبعى
(١) التقسيم
السابع للواجب ينقسم الواجب الى اصلى وتبعى والاختلاف بين الوجوب الاصلى والتبعى
تارة يكون لاختلاف خصوصية الارادة من حيث كونها ناشئة تبعا لارادة اخرى اولا واخرى
يكون لاختلاف خصوصية اللحاظ من حيث كون المراد ملحوظا تفصيلا اولا وثالثه لاختلاف
خصوصية الدلالة من حيث كونه مدلولا عليه بالاصالة او التبعيّة ذهب الى الاحتمال الأولى
المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢١٢ بل التحقيق ما اشرنا اليه فى بعض الحواشى
المتقدمة من انه للواجب وجودا ووجوبا بالنسبة الى مقدمته جهتان من العلية إحداهما
العلية الغائية حيث ان المقدمة انما تراد لمراد آخر لا لنفسها بخلاف ذيها فانه
مراد لا لمراد آخر كما مر مفصلا والثانية العلية الفاعلية وهى ان ارادة ذى المقدمة
علة لارادة مقدمته ومنها تنشأ وتتشرح عليها الارادة والجهة الاولى مناط الغيرية
والجهة الثانية مناط التبعية ووجه الانفكاك بين الجهتين ان ذات الوجوب النفسى حيث
انه مترتب على الواجب الغيرى فهى الغاية الحقيقية لكنه ما لم يجب لا يجب المقدمة
فوجوب المقدمة معلول خارجا لوجوب ذيها ومتاخر عنه رتبة إلّا ان الغرض منه مترتب
ذيها عليها الخ ذكر استادنا البجنوردي فى المنتهى ج ١ ص ٢٣٥ فظاهر لفظ الاصلى
والتبعى اذا اسند الواجب اليهما يقتضى ان يكون المراد من الاصلى مقابل التبعى
بقرينة المقابلة هو الواجب الذى ليس وجوبه وارادته تابعة لارادة غيره ووجوبه ومثل
هذا المعنى ينحصر فى الواجب النفسى وان يكون المراد من التبعى هو الواجب الذى يكون
وجوبه تبعا لوجوب شيء آخر وارادته ناشئة من ارادة اخرى ومثل هذا المعنى ينحصر فى
الواجب الغيرى وذلك لان الواجب الغيرى مع النفسى الذى يكون ذلك الغيرى مقدمة له
متعاكسان وجودا ووجوبا فوجود النفسى مترتب على وجود الغيرى لانه من اجزاء علة
وجوده كما ان وجوب الغيرى مترتب على وجوب النفسى وهذا هو الظاهر من التبعية ففى
الحقيقة بناء على هذا لا فرق بين ان نقول الواجب الاصلى والتبعى وبين ان نقول
الواجب النفسى والغيرى الخ وهذا هو الاحتمال الاول وغير مراد ظاهرا ، والاحتمال
الثانى اختاره صاحب الكفاية قال فيها ج ١ ص ١٩٤ والظاهر ان يكون هذا التقسيم بلحاظ
الاصالة والتبعية
.................................................................................................
______________________________________________________
فى الواقع ومقام
الثبوت حيث يكون الشى ـ اى المراد ـ تارة متعلقا للارادة والطلب مستقلا للالتفات
اليه ـ اى بان يكون ملحوظا مستقلا ـ بما هو عليه ـ اى من المصلحة مما يوجب طلبه
فيطلبه كان نفسيّا او غيريا واخرى متعلقا للارادة تبعا لارادة غيره لاجل كون
ارادته لازمة لارادته من دون التفات اليه ـ اى لم يلحظ المراد مستقلا ـ بما يوجب
ارادته ـ وعلى ذلك فلا شبهة فى انقسام الواجب الغيرى اليهما واتصافه بالاصالة
والتبعية كلتيهما حيث يكون متعلقا للارادة على حدة عند الالتفات اليه بما هو مقدمة
واخرى لا يكون متعلقها لها كذلك عند عدم الالتفات اليه كذلك فانه يكون لا محاله
مرادا تبعا لارادة ذى المقدمة على الملازمة كما لا شبهة فى اتصاف النفسى ايضا
بالاصالة ولكنه لا يتصف بالتبعيّة ضرورة انه لا يكاد يتعلق به الطلب النفسى ما لم
يكن فيه المصلحة النفسية ومعها يتعلق الطلب بها مستقلا ولو لم يكن هنا شىء آخر
مطلوب اصلا كما لا يخفى الخ وهذا هو الذى نسب الى شيخنا الاعظم الانصارى صاحب
التقريرات من ان الواجب الاصلى هو الذى يكون مرادا بالالتفات اليه تفصيلا والواجب
التبعى ما يكون مرادا ارتكازا مع عدم الالتفات اليه تفضيلا ، واورد على هذا
الاحتمال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢١١ لا مقابلة بين الاصلى والتبعى
بهذا المعنى إلّا بارادة الارادة التفصيلية من الاصلى والارادة الاجمالية
الارتكازية من التبعى مع ان الارادة النفسيّة ربما تكون ارتكازية بمعنى انه لو
التفت الى موجبها لاراده كما فى ارادة انقاذ الولد الغريق عند الغفلة عن غرقه والحال
انه لا شبهة فى كونها ارادة اصليه لا تبعية ، مضافا الى ان المناط لو كان
التفصيلية والارتكازية لما كان وجه لعنوان التبعية حيث ان تبعية الارادة لارادة
اخرى ليس مناط الوجوب التبعى بل ارتكازيتها لعدم الالتفات الى موجبها فلا وجه
للتعبير عنها بالتبع الخ وفيه اما عن الاول فارجاعه الى الارادة التفصيلية
والارتكازية لا وجه له اصلا بل المراد ملحوظ مستقلا او تبعا غير ملتفت اليه
بالخصوص فاجنبى عن الارادة الارتكازية لإنقاذ الولد فانها اصليه لوجود الملاك واما
عن الثانى فتبعية الإرادة للارادة ايضا موجودة باعتبار المراد فلا باس بهذا
الاحتمال ثم ان هذين الاحتمالين كان فى مرحلة الثبوت واما الاحتمال الثالث المراد
من الاصلى هو الواجب الذى يكون مقصودا بالافادة من الكلام بخلاف التبعى ان لا يكون
مقصودا بالافادة من الكلام وان استفيد تبعا كما عليه المحقق
.................................................................................................
______________________________________________________
القمى فى القوانين
ج ١ ص ١٠١ السادسة ـ الاصلى الذى حصل من اللفظ وثبت من الخطاب قصدا ـ الى ان قال ـ
السابعة ـ ودلالة الآيتين على اقل الحمل ونحو ذلك فهذا الحكم وان كان انما حصل من
العقل لكن حصل بواسطة خطاب الشرع ويقال لذلك انه خطاب تبعى يعنى انه خطاب حصل
بتبعية الخطاب الشرعى وان كان الحاكم باللزوم هو العقل الخ واليه اشار صاحب
الكفاية ج ١ ص ١٩٤ لا بلحاظ الاصالة والتبعية فى مقام الدلالة والاثبات فانه يكون
فى هذا المقام ايضا تارة مقصودا بالإفادة واخرى غير مقصودة بها على حدة إلّا انه
لازم الخطاب كما فى دلالة الإشارة ونحوها ـ اى كالمفاهيم ـ الى ان قال ـ نعم لو
كان الاتصاف بهما بلحاظ الدلالة اتصف النفسى بهما ايضا ضرورة انه قد يكون غير
مقصود بالافادة بل افيد بتبع غيره المقصود بها ، لكن الظاهر كما مر ان الاتصاف
بهما انما هو فى نفسه لا بلحاظ حال الدلالة عليه وإلّا لما اتصف بواحد منهما ـ اى
الأصلية والتبعية ـ اذا لم يكن مفاد دليل وهو كما ترى الخ كما لو استفيد من دليل
لبى كاجماع وحكم العقل ونحوهما ، ووجه البطلان انه قابل للانقسام اليهما أيضا
فالنفسى قد يكون مقصودا بالافادة للمتكلم وقد لا يكون مقصودا بها فان النفسى اذا
جاز ان لا يكون مفاد الدليل لفظى اصلا بل قد استفيد من دليل لبّى فجواز استفادته
من اللفظ على نحو لا يكون مقصودا بالافادة بطريق اولى ، وهنا احتمال رابع وهو ما
افاده فى الفصول ص ٨٣ فالاصلى ما فهم وجوبه بخطاب مستقل اى غير لازم لخطاب آخر وان
كان وجوبه تابعا لوجوب غيره والتبعى بخلافه وهو ما فهم وجوبه تبعا لخطاب آخر وان
كان وجوبه مستقلا كما فى المفاهيم والمراد بالخطاب هنا ما دل على الحكم الشرعى
فيعم للفظى وغيره وزعم بعض المعاصرين ـ اى صاحب القوانين ـ ان الواجب الاصلى هو
الذى استفيد وجوبه من اللفظ وقصده المتكلم منه والتبعى بخلافه وهو غير واضح الخ
وهذا هو الذى اختاره المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٣٢ فالاصلى هو ما كان
ايجابه مقصود بخطاب مستقل كالصلاة والوضوء فى مثل قوله عليهالسلام اذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور والتبعى ما كان ايجابه
لا بخطاب مستقل بل بتبع خطاب متعلق بامر آخر ، والغرض من هذا التقسيم ايضا انما هو
الفرار عما لورد على القول بوجوب المقدمة بانه كيف ذلك مع انه كثيرا ما تكون
المقدمة غير ملتفت اليها بل وكثيرا ما يكون الآمر قاطعا من باب الاتفاق بعدم
مقدمية
.................................................................................................
______________________________________________________
الشىء لمطلوبه كما
نظيره كثيرا فى العرفيات فى مثل الامر بشراء اللحم مع العقلة عن مقدميّة المشى الى
السوق لذلك ومع هذه العقلة كيف يمكن دعوى وجوب المقدمة بقول مطلق فمن ذلك صاروا
بصدد هذا التقسيم لبيان انه لا يلزم فى وجوب الشىء غيريا ام نفسيا ان يكون بايجاب
اصلى وخطاب مستقل بل يكفى فيه كونه تبعا لايجاب امر آخر عند ثبوت الملازمة بينهما
كما فى المتلازمين فى الحكم حيث انه بعد ثبوت الملازمة بين الشيئين فى الحكم يكون
ايجاب احدهما كافيا عن ايجاب الآخر وصيرورته موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال بلا
احتياجه الى خطاب على حدة ففى المقام ايضا نقول بانه بعد التلازم بين ارادة الشىء
وارادة مقدماته يكون نفس ايجاب الشىء قهرا مستتبعا لايجاب جميع ما يتوقف عليه الشى
من المقدمات بنحو الاجمال فتكون كل واحدة من المقدمات ح واجبة بعين ايجاب ذيها وان
لم يكن الآمر ملتفتا اليها بنحو التفصيل ولا اوجبها بخطاب اصلى مستقل وعليه فيرتفع
الاشكال على وجوب المقدمات التى لم تقع بالاستقلال تحت خطاب اصلى مستقل ، ومن ذلك
ظهر ايضا ان هذا التقسيم كسابقه انما كان بلحاظ مقام التحميل ومرحلة الايجاب
المنتزع عن مقام ابراز الارادة لا بلحاظ لبّ الارادة ولذلك يجرى القسمان فى الواجب
النفسى ايضا من حيث كون ايجابه وطلبه تارة اصليا كالصلاة والصوم والحج ونحوها
واخرى تبعيا كما فى المتلازمين فى الحكم وإلّا فبحسب لبّ الارادة لا مجال للتبعيّة
والاصليّة بهذا المعنى كما هو واضح الخ لكن على هذا التقريب لا يصح ان يقال الواجب
اصلى او تبعى الا مسامحة بل دلالة الدليل اصلى او تبعى بخلاف الاحتمالين الاولين
ولا يبعد الاحتمال الثانى فيرجع الى الواقع والثبوت لا لب الارادة ولا ابراز
الخطاب لكن الكاشف عن تعلق الارادة المستقلة وعدمه هو الخطاب لا محاله ، بقى
الكلام فى امرين الامر الاول فى الشك قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٩٥ ثم انه اذا كان
الواجب التبعى ما لم يتعلّق به ارادة مستقلة فاذا شك فى واجب انه أصليّ او تبعىّ
فباصالة عدم تعلّق ارادة مستقلة به يثبت انّه تبعىّ ويترتب عليه آثاره اذا فرض له
اثر شرعى كسائر الموضوعات المتقوّمة بامور عدميّة ، اى مثل الماء القليل اذا قلنا
انه عبارة عن الماء الذى لم يكن كرا وفى المقام جزء محرز بالوجدان وهو الوجوب
وباصالة عدم ارادة تفصيليه تحقق موضوع التبعى ـ نعم لو كان التبعى امرا وجوديا
حاصا ـ اى ارادة
منها (١) تقسيمهم
الوجوب الى نفسى وغيرى ومرجع (٢) الوجوب النفسى الى
______________________________________________________
إجمالية ـ غير
متقوم بعدمى وان كان يلزمه لما كان يثبت بها الاعلى القول بالاصل المثبت كما هو
واضح فافهم الخ قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢١٢ إن كان مناط التبعية
عدم تفصيلية القصد والارادة فالتبعية موافقة للاصل للشك فى ان الارادة ملتفتا
اليها اولا والاصل عدمه وان كان مناطها نشو الارادة عن ارادة اخرى وترشحها منها فالاصلية
موافقة للاصل اذا لترشح من ارادة اخرى ونشوها منها امر وجودى مسبوق بالعدم وليس
الاستقلال فى الارادة على هذا امرا وجوديا بل هو عدم نشوها عن ارادة اخرى بخلاف
الاستقلال من حيث توجه الالتفات اليها فانه امر وجودى كما عرفت الخ ، الامر الثانى
ذكر الأساتذة منهم استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٤٣٣ وكيف كان فالتعرض لهذا
التقسيم هنا انما هو تبعا للمحقق صاحب الكفاية (قده) وإلّا فهو عديم الفائدة
والاثر الخ لكن قال استادنا الآملى فى المجمع ج ١ ص ٣٠٤ اما ثمرة البحث فى ذلك
فقيل بانه ربما يقدم الاصلى على التبعى فى مقام المعارضة فاذا عارض المنطوق مع
المفهوم يقدم الاول لاصالته ويسقط الثانى لتبعيته ، وايضا تظهر ثمرته فى صورة ذهاب
الدلالة المطابقية وسقوطها عن الحجية فان الدلالة الالتزامية فى كشف المصلحة من
الخطاب باقية على فرض عدم التبعية فيتمسك بها فى صورة كون اتيان العمل بداعى
الملاك على مبنى من يقول ببقاء هذه الدلالة كما هو التحقيق واما على فرض التبعية
فهى ساقطة ولا مصلحة بعد سقوط الوجوب الاصلى عن الحجية فى التبعى لعدم الكاشف لها
الخ والامر كما ذكره.
فى الواجب النفسى والغيرى
(١) التقسيم
الثامن للواجب انه ينقسم الى النفسى والغيرى.
(٢) وقد اختلف
الكلمات فى تعريفهما قيل الواجب النفسى هو الواجب الذى لا تكون ارادته مترشحة عن
ارادة غيره والغيرى ما يكون وجوبه وارادته مترشحة من ارادة اخرى ومعلولا لها ـ ولكن
ليس الترشح فى الاحكام الشرعية موضوع اصلا بل الموضوع والحكم وجعل الشارع واعتباره
او تعلق الارادة التشريعية به على المسلكين ـ وقيل النفسى ما امر به لاجل ملاك فى
نفسه ومقابله الغيرى وهو ما امر به لا لملاك فى نفسه بل لملاك فى غيره وذكر صاحب
الفصول ص ٨٢ فالواجب
الايجاب الصادر عن
المولى بدوا بلا تبعية لايجاب آخر بخلاف الوجوب الغيرى فانه ايجاب ناشى عن ايجاب
آخر ثم التزموا بان المقدمة واجبة بالايجاب الغيرى المسبوق بايجاب شىء آخر نفسى
كوجوب الوضوء مثلا بالنسبة الى وجوب الصلاة (١) وفى هذا المقام (٢)
______________________________________________________
النفسى اما تعلق
الطلب به لنفسه والواجب الغيرى ما تعلق الطلب به للوصلة الى غيره ، وحكى عن
التقريرات ان الواجب الغيرى ما امر به المتوصل الى واجب آخر والنفسى ما لم يكن
كذلك الخ وتبعه فى ذلك غيره قال فى الكفاية ج ١ ص ١٧١ وحيث كان طلت شىء وايجابه لا
يكاد يكون بلا داع فان كان الداعى فيه هو التوصل به الى واجب لا يكاد التوصل بدونه
اليه لتوقّفه عليه فالواجب غيرى وإلّا فهو نفسى سواء كان الداعى محبوبية الواجب
بنفسه كالمعرفة بالله او محبوبيته بما له من فائدة مترتبة عليه كاكثر الواجبات من
العبادات والتوصليات الخ.
(١) قال صاحب
الفصول ص ٨٤ لا نزاع فى عدم تعلق الخطاب الاصلى بها ـ اى بالمقدمة ـ بحيث يكون الخطاب
بالشيء خطابا بامرين به وبمقدمته لظهور ان معنى افعل ليس إلّا طلب الفعل فقط دون
ذلك مع طلب مقدماته ولا فى عدم كونها مطلوبة لنفسها ضرورة ان مطلوبية شيء لنفسه لا
توجب مطلوبية ما يتوقف عليه لنفسه ايضا وانما النزاع فى وجوبها بالواجب الغيرى
التبعى ـ وقال فى ص ٨٣ الحق ان الامر بالشيء مطلقا يقتضى ايجاب ما لا يتم بدونه من
المقدمات الجائزة ـ وقال فى ص ٨٥ ثم اعلم ان مقدمة الواجب المطلق قد تنحصر فى
المقدور كالطهارات بالنسبة الى المتمكن ـ وقال فى ص ٨٥ ان صريح العقل قاض بان
اتصاف الامر المقدور بالرججان النفسى المانع من النقيض بالفعل يوجب اتصاف ما يتوقف
عليه من مقدماته التى تقدم ذكرها بالرجحان له اعنى الرجحان الغيرى ـ وحيث ان رجحان
الواجب رجحان مانع من النقيض فلا بد ان يكون رجحان مقدماته ايضا كذلك وذلك يستلزم
وجوبها على القاعدة المذكورة وهو المطلوب الخ فما ذكره المحقق الماتن من الالتزام
من ان الوجوب الغيرى معلول من الوجوب النفسى هو المستفاد من كلماتهم.
(٢) هاهنا اشكالين
احدهما ما ذكره فى الكفاية ج ١ ص ١٧٢ فلا يتوجه عليه الاعتراض بان جل الواجبات لو
لا الكل يلزم ان يكون من الواجبات الغيرية فان
اشكال مشهور (١)
وهو (٢) ان الغرض من هذا التقسيم ان كان (٣) ارجاعه الى مرتبة لب الاشتياق فروح
الارادة بها غيرى ناشئ عن الاغراض المترتبة عليها من المصالح القائمة بها وان (٤)
كان الغرض منه ارجاعها الى مقام ابرازهما بالخطاب الذى هو فى الحقيقة منشأ انتزاع
الايجاب دون المرتبة السابقة عن هذا الابراز ، ففيه ان لازمه عدم وجوب غالب
المقدمات غيريا لعدم وقوعها فى حيّز خطاب اصلا وح اين مركز هذا التقسيم وما هو
مقسّمه ، و (٥)
______________________________________________________
المطلوب النفسى
قلّ ما يوجد فى الاوامر فان جلّها مطلوبات لاجل الغايات التى هى خارجة عن حقيقتها
فتامل الخ وهذا الاعتراض من شيخنا الاعظم الانصارى فى التقريرات قال وعلى ما ذكرنا
فى التمهيد يلزم ان يكون جميع الواجبات الشرعية او اكثرها اى ما سوى المعرفة بالله
الكريم من الواجبات الغيرية اذا المطلوب النفسى قلما يوجد فى الاوامر فان جلها
مطلوب لاجل الغايات التى هى خارجة عن حقيقتها الخ وتبعه صاحب الكفاية ج ١ ص ١٧١
لكنه لا يخفى ان الداعى لو كان هو محبوبيته كذلك اى بماله من الفائدة المترتبة
عليه كان الواجب فى الحقيقة واجبا غيريّا فانه لو لم يكن وجود هذه الفائدة لازما
لما دعى الى ايجاب ذى الفائدة الخ.
(١) وما تقدم هو
الاشكال المشهور.
(٢) لان التقسيم
اما بلحاظ نفس الارادة او ابرزها.
(٣) فعلى الاول
يكون فى الحقيقة الارادة غريه لترتب الفوائد والمصالح عليها.
(٤) وعلى الثانى
اى الخطاب يكون نفسيا او غيريا فلازمه عدم وجوب غالب المقدمات غيريا لعدم وقوعها
تحت خطاب أصلا حتى يكون للتوصل الى واجب آخر.
(٥) واجاب عن
الاشكال فى تقريرات شيخنا الاعظم الانصارى بقوله ان يكون ما يترتب عليه امرا لا
يكون متعلقا لطلب فى الظاهر فيكون من قبيل الخواص المترتبة على الافعال التى ليست
داخلة تحت مقدرة المكلف حتى يتعلق الامر بها بنفسها وبعينه اختاره استادنا الخوئى
فى هامش الاجود ج ١ ص ١٦٧ انه اذا بيننا على خروج الاسباب عن حريم النزاع فى بحث
مقدمة الواجب بدعوى ان الوجوب النفسى المتعلق بالمسبب
.................................................................................................
______________________________________________________
يتعلق بعنيه
بالسبب فالاشكال مرتفع من أصله فانه بناء عليه يكون فعل الواجب متعلقا للوجوب
النفسى لا محاله واما بناء على عدم تعلق الوجوب النفسى الثابت للمسبب بسببه فالوجه
فى عدم كون وجوب الواجبات باجمعها غيريا هو ان الاغراض المترتبة على الواجبات وان
كانت لزومية ومقدورة للمكلف بالقدرة على اسبابها إلّا انها غير قابلة لتعلق
التكليف بها لما عرفت من ان متعلق التكليف لا بد وان يكون امرا عرفيا قابلا لان
يقع فى حيّز الخطاب حسب انظار عرف العامة ومن الواضح ان الاغراض المترتبة على
الواجبات ليست كذلك فلا مناص عن تعلق الوجوب النفسى بنفس الافعال دون الاغراض
المترتبة عليها فيصدق انها واجبة لا لوجوب امر آخر فلا اشكال الخ ويرد على ما
افاده الاستاد بانه ربما انظار العرف يواقفه كالصوم جنة من النار والصلاة تنهى عن
الفحشاء والمنكر ونحو ذلك وناقش فيه اى فى كلام الشيخ الانصارى فى الكفاية ج ١ ص
١٧١ قلت بل هى داخلة تحت القدرة لدخول اسبابها تحتها والقدرة على السبب قدرة على
المسبب وهو واضح وإلّا لما صحّ وقوع مثل التطهير والتمليك والترويج والطلاق
والعتاق الى غير ذلك من المسببات مورد الحكم من الاحكام التكليفية ، فالأولى ان
يقال ان الاثر المترتب عليه وان كان لازما إلّا انّ ذا الاثر لما كان معنونا
بعنوان حسن يستقل العقل بمدح فاعله بل ويذم تاركه صار متعلقا للايجاب بما هو كذلك
، ولا ينافيه كونه مقدمة لامر مطلوب واقعا بخلاف الواجب الغيرى لتمحّض وجوبه فى
انه لكونه مقدمة لواجب نفسى وهذا ايضا لا ينافى ان يكون معنونا بعنوان حسن فى نفسه
إلّا انه لا دخل له فى ايجابه الغيرى الخ واجاب عن صاحب الكفاية المحقق العراقى فى
النهاية ج ١ ص ٣٣٠ بقوله فانه لو فرض تصوّره فى الشرعيات غير جار فى الواجبات
العرفية المتداولة بين انفسنا وذلك من جهة وضوح ان الداعى والباعث فى جميع
الواجبات العرفية هو حيث مقدميتها ومن ذلك ترى انه لو امرت عبدك باتيان الماء
فسألك عن انك لاىّ غرض امرت باتيان الماء تقول بانه لغرض الشرب ولو سأل عن ذلك
ايضا تقول بانه لو اريد الشرب لغرض رفع العطش وهو لغرض استراحة النفس التى هى غرض
من الاغراض وح فاذا كان لبّ الارادة فى جميع الواجبات العرفيّة غيريّا يتوجه
الاشكال المزبور بانه كيف الحال لهذا التقسيم الخ واختار وجها آخر المحقق الاصفهانى
فى النهاية ج ١ ص ١٩٤ قال لا ريب فى ان كل ما
.................................................................................................
______________________________________________________
بالعرض ينتهى الى
ما بالذات مثلا اذا اراد الانسان اشتراء اللحم فلا محاله يكون لغرض وهو طبخه
والغرض من طبخه اكله والغرض منه اقامة البدل لما يتحلّل من البدن والغرض منه ابقاء
الحياة والغرض منه ابقاء وجوده وذاته فغاية جميع الغايات للشوق الحيوانى ذلك واذا
كان الشوق عقلانيا فغاية بقائه اطاعة ربه والتخلق باخلاقه وينتهى ذلك الى معرفته
تعالى فجميع الغايات الحيوانية ينتهى الى غاية واحدة وهى ذات الشخص الحيوانى وجميع
الغايات العقلانية ينتهى الى غاية الغايات ومبدإ المبادى جل شانه وكون كل غاية من
الغايات ملائمة للذات ومقصودة بالعرض او بالذات لا يتوقف على الالتفات حتى يقطع
بانه ليس فى كل فعل تصوّرات وتشوقات متعاقبة فان الغايات الحيوانية فى الحيوان بما
هو حيوان والغايات العقلائية فى الانسان بما هو انسان صارت كالطبيعية لهما فلا
يحتاج الى فكر ورويّة وقصد تفصيلى هذا كله فى الارادة التكوينية ، واما الارادة
التشريعية فقد مر مرارا ان حقيقتها ارادة الفعل من الغير ومن الواضح ان الانسان لو
اراد اشتراء اللحم من زيد فالغرض منه وان كان طبخه لكنه غير مراد منه بل لعل الطبخ
مراد من عمرو واحضاره فى المجلس مراد من بكر وهكذا فلا تنافى بين كون شيء مرادا من
احد والغرض منه غير مراد منه وان كان مقصودا من الفعل لترتبه عليه فالاشتراء مراد
بالذات من زيد ومقدماته مرادة بالعرض منه وان لم يكن الغرض من اشتراء اللحم نفسه
بل ينتهى الى نفس الامر مثلا ومنه يعلم حال الصلاة وسائر الواجبات فان الغرض من
الصلاة وان كانت مصلحتها إلّا انها غير مرادة من المكلف لا بالعرض ولا بالذات بل
المراد بالذات عن المكلف نفس الصلاة والارادة التشريعية متقومة بارادة الفعل من
الغير لا انها مطلق الشوق حتى يقال ان الشوق الى الصلاة منبعث عن الشوق الى غايتها
الى ان ينتهى الى غاية الغايات الخ فاذا لم يرد الغايات من المكلف فلا تكون
الواجبات غيريا واورد عليه المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٣٠ ان الارادة
التشريعية ليست إلّا عبارة عن ارادة وجود العمل بما انه فعل اختيارى للمكلف وان
اضافة نشو كونه منه انما هو من جهة اقتضاء توجيه التكليف بالايجاد اليه وذلك ايضا
بلحاظ انه من جهة اقتضاء توجيه التكليف بالايجاد اليه وذلك ايضا بلحاظ انه من جهة
كونه فعله الاختيارى غير قابل للتحقق الا من قبله فلا يكون المراد بالارادة
التشريعية الانفس فعل الغير وعليه نقول بانه اذا لا يكون الامر
حلّ الاشكال (١)
بان يقال ان هذا الشبهة انما يرد (٢) لو كان المراد من الوجوب
______________________________________________________
بشراء اللحم من
جهة مطلوبيّة الشراء نفسا مع قطع النظر عن الطبخ بل كان ذلك من جهة مقدميته لغرض
الطبخ الذى هو لغرض الاكل فلا جرم لا تكون هذه الارادة إلّا غيريّة ومعه يتوجّه
الاشكال المزبور من لزوم خروج اكثر الواجبات النفسيّة كما لا يخفى الخ.
(١) واجاب عن اصل
الاشكال محقق الماتن كما فى النهاية ج ١ ص ٣٣١ وح فالأولى فى الجواب انما هو بجعل
التقسيم المزبور بلحاظ مقام التحميل ومرحلة البعث والالزام لا بلحاظ لب الارادة
وعليه يكون الواجب الغيرى هو الذى امر به لاجل التوصل به الى وجود واجب آخر ثبت
وجوبه بتحميل مستقل والواجب النفسى ما لا يكون كذلك فيرتفع ح الاشكال المزبور فى
الواجبات النفسية فى مثل الصوم والصلاة والحج ونحوها فى الشرعيات ومثل شراء اللحم
وسقى الماء فى العرفيات لانه فيها لمّا لم يثبت تحميل وايجاب على ما يترتب عليها
من الاغراض كان ايجابها ايجابا نفسيا بحسب مقام التحميل وان كان غيريا بحسب لبّ
الارادة على ما عرفت ولا منافات ايضا بين غيريّة الشى ومقدميّته بحسب لبّ الارادة
وبين نفسيّته بحسب مرحلة التحميل والايجاب اذ يمكن ان يكون الشىء مع كونه غيريا
بحسب لب الارادة نفسيا بحسب مقام التحميل ثم انه مما يشهد على ما ذكرنا ايضا من
كون التقسيم بلحاظ التحميل لا بلحاظ لب الإرادة تعريفهم الواجب الغيرى بما ذكرنا
بانه ما امر به لاجل التوصل الى وجود واجب آخر لا ما امر به لاجل التوصل به الى
امر آخر ولو لم يرد تحميل بالنسبة اليه كما هو واضح الخ ولكن يرد عليه ما ورد فى
الصحيح عن ابى جعفر عليهالسلام وسائل ج ١٢ ص ٢٧ قال خطب رسول الله صلىاللهعليهوآله فى حجة الوداع فقال يا ايها الناس ما من شيء يقربكم من
الجنة ويباعدكم من النار الا وقد امرتكم به وما من شيء يقربكم من النار ويباعدكم
من الجنة الا وقد نهيتكم عنه الحديث فليس الاوامر والنواهى الشرعية لاجل التوصل
الى وجود واجب آخر بتحميل مستقل والعمدة فى الجواب ان النظر فى الواجبات الشرعية
نفسية او غيرية الى افعال المكلفين وما يتوقف عليها لا الاغراض والعلة الغائية
والآثار والتقسيم للب الإرادة ويشهد له كون الثواب تفضل وكون العمل هو وظيفة
العبودية والطاعة للمولى.
(٢) اى ينتفي
الشبهة لو كان بلحاظ لب الإرادة السابق على الابراز بالخطاب وهى الارادة المستقلة
المنتزع عن الخطاب المستقل فيكون التقسيم بهذا اللحاظ نفسيا او
الغيرى القائم
بالمقدمة وجوبا مستقلا ناشيا عن الخطاب بها مستقلا واما (١) لو كان الغرض هو وجوب
المقدمة غيريّا مجرد كونه من لوازم الخطاب لغيره بنحو يكون مدلولا التزاميا له بلا
غرو ح بدعوى كون مركز التقسيم مقام إبراز لارادته ولو بكونه مدلوله الالتزامى فانه
ح امكن دعوى ان المولى باى عنوان ابرز ارادة بخطابه بدوا (٢) ينتزع عنه عنوان
الوجوب النفسى وان كان لبّ ارادته غيريّة (٣) وباىّ عنوان ما (٤) ابرز بخطابه بدوا
بل فى ابرازه أوكل على ما هو مدلوله الالتزامى ولو عقلا انتزع من مثله الوجوب
الغيرى التابع لغيره فى جميع العوالم من عالم الاشتياق الى عالم الابراز بالخطاب ،
وبذلك (٥) يجاب (٦) عن النقض بصورة يكون الوجوبان النفسيان متلازمين فى الوجود
وابرز ارادته بخطابه فى احدهما
______________________________________________________
غيريا كما تقدم
مشكلا.
(١) اى لو كان
التقسيم بحسب مقام الابراز والخطاب فالنفسى ما كان مبرز الإرادة بخطاب مستقل
والغيرى ما كان مبرزها بدلالته الالتزامية.
(٢) اى ابتداء او
مستقلا خطابه فهو نفسى.
(٣) اى وان كان فى
الواقع حقيقة الارادة غيرية.
(٤) ما ـ نافية اى
لم يبرز بخطابه ابتداء فهو غيرى.
(٥) اى بما تقدم
مفصلا وحاصله ، قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٧٢ انا نختار ان الوجوب هى
الارادة التشريعية التى اظهرها المريد بقوله او فعله مطابقه او التزاما وح يكون كل
من التعريفين مطردا منعكسا لان الواجبات الغيرية لم ينص الشارع على وجوبها مطابقه
وقد نص على وجوبها الغيرى التزاما بناء على الملازمة الخ.
(٦) اى يجاب عن
النقض وهو ما لو كان وجوبان متلازمان فى الوجود فكيف المصير فى النفسية والغيرية
فيهما مع ان احدهما مدلول مطابقى والآخر التزامى والجواب عنه ان ما يكون بخطاب
ابتدائى هو الواجب النفسى وغيره بالدلالة الالتزامى هو الواجب الغيرى.
وأوكل بمدلوله
الالتزامى فى الآخر ولازمه تبعية هذا الوجوب للآخر فى عالم الابراز فيلزم ان يكون
واجبا غيريا للآخر وهو كما ترى (١) ، وتوضيح الجواب (٢) بان مجرد التبعية فى عالم
الابراز غير كاف فى غيريّة الوجوب بل الوجوب الغيرى ما هو تابع غيره فى جميع
العوالم (٣) كما اشرنا.
______________________________________________________
(١) لكن المحقق
الماتن لم يلتزم بهذا الجواب عن النقض وقال ـ كما ترى يعنى فيه مناقشة.
(٢) وتوضيح
المناقشة ان الواجب الغيرى ليس مجرد كون وجوبه مدلول الخطاب لا بالمطابقة بل
بالالتزام بل يكون وجوبه تابعا لغيره فى جميع العوالم.
(٣) اى حتى فى ما
قبل الابراز وهو لب الارادة فان الارادة على المقدمة غيرية يترشح من الإرادة على
ذى المقدمة فعليه يبقى الاشكال فى المتلازمين على حاله ، وتقدم لكن لا يرد على اصل
الاستدلال لان كونه مدلولا للخطاب بالالتزامى يكشف عن ترشح ارادة المقدمة من ذيها
بخلاف المتلازمين فانهما معلولان لعلة ثالثه كالحرارة وضياء العالم معلولان لطلوع
الشمس ، واورد على اصل الشبهة المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٦٧ فلما ذكرنا
سابقا فى ان الافعال بالإضافة الى ما يترتب عليها من المصالح من قبيل المعدات التى
يتوسط بينها وبين المعلول امور غير اعتبارية فلا يمكن تعلق الارادة التكوينية بها
فكذلك التشريعية لما بينا من الملازمة بينهما امكانا وامتناعا فهى من قبيل الدواعى
لتعلق الارادة بالافعال لا انها بانفسها تحت التكليف حتى يكون الامر المتعلق
بالافعال مترشحا من الامر المتعلق بها وما قيل من انها مقدورة بالواسطة ولا فرق فى
القدرة بين ان تكون بلا واسطة وان تكون بالواسطة قد عرفت ما فيه من انه انما يتم
فى الافعال التوليدية لا فى العلل المعدة الخ واجاب عنه استادنا الخوئى فى هامش
الاجود ج ١ ص ١٦٧ لا يخفى ان فعل الواجب بالقياس الى الغرض الاقصى المترتب عليه
وان كان من قبيل العلل المعدة لكون الغرض خارجا عن تحت اختيار المكلف وقدرته إلّا
انه بالقياس الى ما يترتب عليه بلا تخلف وهى جهة الاعداد لحصول ذلك الغرض من قبيل
الاسباب الى مسببا بها مثلا الغرض الاقصى الداعى الى الامر بزرع الحب وهو تحصيل
النتاج وان كان خارجا عن اختيار المكلف إلّا ان الغرض المترتب على الزرع من غير
تخلف وهو اعداد المحل
نعم هنا شبهة اخرى
(١) وهو ان ابراز الارادة لشىء ولو بالمدلول الالتزامى فرع الالتفات بموضوعه فمع
الغفلة يستحيل كون المغفول عنه تحت ارادته كى يتكل فى ابرازه بمدلول خطابه ولو
التزاما وح (٢) فيخرج المقدمات المغفول عنها عن حيّز الوجوب الغيرى باىّ مرتبه عنه
، ودفع الشبهة (٣) مضافا الى عدم وروده فى الشرعيات الآبي مواليه عن العقلة عن
مقدمات مطلوبه ، انه (٤) يكفى فيه التفاته الاجمالى نحو المقدمة ولو بهذا العنوان
فى سراية الوجوب الى المعنون كما هو الشأن (٥) فى كثير من الموارد السارى فيه
الحكم الى موضوعه بعنوانه الاجمالى
______________________________________________________
للانتاج مقدور
للمكلف بالقدرة على سببه لا محاله وبما ان المفروض كون هذا الغرض المترتب على
الفعل لزوميا فاشكال دخول جميع الواجبات النفسية فى تعريف الواجب الغيرى قد بقى
على حاله الخ ولا باس به فان فى المقام ان العمل وان لم يكن علة تامة لحصول
المصلحة ولكن يكون معدا لذلك وكفى له ان يكون غيريّا فالعمدة ما ذكرنا.
(١) الاشكال
الثانى على وجوب المقدمة بالوجوب الغيرى وهو ما كان مبرز الارادة لازم الخطاب ، ان
كثير اما تكون المقدمة غير ملتفت اليها فى الشرعيات بل العرفيات وتقدم ذلك مفصلا
فى الواجب الاصلى والتبعى ومع الغفلة عن الدلالة الالتزامية كيف يمكن دعوى وجوب
المقدمة بقول مطلق وانها متعلق الارادة ويتكل فى الابراز بالدلالة الالتزامية
للخطاب.
(٢) وعلى ذلك يخرج
المقدمات المغفولة عنها عن الوجوب الغيرى.
(٣) واجاب عنه
الماتن اولا لا غفلة فى موالينا صلوات الله عليهم اجمعين فى المقدمات وذيها أصلا
حتى يتوجه الاشكال فى المقدمات الشرعية.
(٤) وثانيا انه
بعد تعلق الارادة على ذى المقدمة يكفى توجه الاجمالى الارتكازى الى المقدمات
فإرادة الشى يلازم ارادة ما يتوقف عليه الشيء قهرا وان لم يكن الامر ملتفتا اليها
تفصيلا.
(٥) كقوله تعالى (لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ
مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) فانه يسرى ويتعلق الحكم وهو الوجوب الى موضوعه وهو
المستطيع وهو العنوان الاجمالى للأفراد وهو البالغ العاقل المستطيع.
كالاحكام السارية
الى كل فرد ملحوظ بعنوانه الاجمالى (١) لا التفصيلى (٢) ، وهذه الجهة من الشبهة (٣)
ايضا دعاهم الى تقسيم الوجوب بالاصلى والتبعى و
______________________________________________________
(١) اى فى القضايا
الخارجية كمن فى الصحن الشريف ومن فى المدرسة الوسطى ونحو ذلك مما يكون عنوانا
اجماليا لهذه الافراد بالخصوص بل القضايا الطبيعية ايضا كالفقراء والسادات
ونحوهما.
(٢) اى غير ملحوظ
كل واحد من الافراد تفصيلا.
(٣) تقدم هذه
الشبهة فى كلماتهم فى تقسيم الواجب الى الاصلى والتبعى وبيانهما فراجع ، قال
استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٢٧٨ الصحيح هو ان يرجع البحث ـ اى النفس والغيرى ـ
الى ثمرة فقهيه وهى تكون فى صورة البحث عن ان هذا الواجب هل يكون مقدمة للغير فلا
يجب الا بوجوبه فما دام لم يحصل العلم بوجوبه لا يكون هذا واجبا او يكون الامر به
نفسه ولا ربط له بالغير فيجب الاتيان به فالواجب النفسى هو الذى لا ينشأ وجوبه من
الغير والغيرى بالعكس فما عن المحقق الخراسانى من ان النفسى ما يكون حسنه ذاتيا
والغيرى ما يكون حسنه غير ذاتى ممنوع لعدم رجوعه الى ثمرة فقهيه الخ والامر كما
ذكره الاستاد.
بقى الكلام فى فرض
الشك فى واجب انه نفسى او غيرى قال استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٢٧٩ يجب ملاحظة
ان المغايرة بين النفسى والغيرى بالتباين او الاقل والاكثر والحق انه من قبيل
الثانى ويكون لهما اشتراك فى اصل البعث وللغيرى زيادة وهى ان يكون بعثه ناشيا من
بعث آخر بخلاف النفسى فان البعث اليه يكون لمصلحة فى نفسه لا من مصلحة فى غيره الخ
قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٧٢ فالتحقيق ان الهيئة وان كانت موضوعة لما يعمّها ـ اى
النسبة الطلبية ـ إلّا ان اطلاقها يقتضى كونه نفسيا فانه لو كان شرطا لغيره لوجب
التنبيه عليه على المتكلم الحكيم الخ وقال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٢ فان
كان هناك اطلاق فمقتضى الاطلاق هو كون الوجوب نفسيا وذلك لان الوجوب النفسى مطلق
من حيث التعلق بواجب آخر كما هو مقتضى تعريفه بخلاف الوجوب الغيرى فانه مقيد بواجب
آخر يتبعه فى جميع شئونه كما هو مقتضى الملازمة فاطلاق الكاشف عن الوجوب اعنى
الارادة التشريعية يكشف عن عدم تعلق الارادة المزبورة بارادة اخرى وإلّا لزم بيان
تعلقها وتقيدها بها لكون الارادة التشريعية الغيرية من شئون الارادة التشريعية
النفسيّة الخ فحيث لم يبين
.................................................................................................
______________________________________________________
خصوصية نشوه من
الغير نعلم عدم دخالته فيه وإلّا لاخل بالغرض ، نقل صاحب الكفاية ج ١ ص ١٧٣ واما
ما قيل ـ اى الشيخ الاعظم الانصارى فى التقريرات ـ من انه لا وجه للاستناد الى
اطلاق الهيئة لدفع الشك المذكور بعد كون مفادها الافراد التى لا يعقل فيها التقييد
الخ اى مفادها معنى حرفى جزئى غير قابل للاطلاق والتقييد ليتمسك باطلاقها لاثبات
طور الوجوب من النفسية والغيرية قال فى مطارح الانظار الشيخ الانصارى ص ٦٧
والتحقيق هو القول بان هيئة الامر موضوعة لخصوصيات الطلب المنقدحة فى نفس الطالب
باعتبار دواعيها التى تدعوا اليها ولا يختلف تلك الافراد باختلاف الدواعى اختلافا
يرجع الى اختلاف الطلب نوعا حتى يقال بالاشتراك المعنوى بين النوعين الى ان قال ـ بعد
شهادة الوجدان بان المستفاد من الامر خصوص افراد الطلب من غير فرق بين اختلاف
الدواعى التى تعتور باعتوارها النفسية والغيرية فلا وجه للاستناد الى اطلاق الهيئة
لدفع الشك المذكور بعد كون مفادها الافراد التى لا يعقل فيها التقييد نعم لو كان
مفاد الامر هو مفهوم الطلب صح القول بالاطلاق لكنه بمراحل عن الواقع اذ لا شك فى
اتصاف الفعل بالمطلوبية بالطلب المستفاد من الامر ولا يعقل اتصاف المطلوب
بالمطلوبية بواسطة مفهوم الطلب فان الفعل يصير مرادا بواسطة تعلق واقع الارادة
وحقيقتها لا بواسطة مفهومها وذلك امر ظاهر الخ ، واجاب عنه فى الكفاية ج ١ ص ١٧٣
ان مفاد الهيئة كما مرت الاشارة اليه ليس الافراد بل هو مفهوم الطلب كما عرفت
تحقيقه فى وضع الحروف ـ اى كما فى الاسماء لا فرق بينهما ـ ولا يكاد يكون فرد
الطلب الحقيقى والذى يكون بالحمل الشائع طلبا ـ اى حمل الطبيعى على مصداقه وإلّا
لما صح انشائه بها ـ اى لا بد ان يكون كليا فى الانشائيات فانها لا تتعلق الا
بالمفاهيم ـ ضرورة انه ـ اى الانشاء ـ من الصفات الخارجية الناشئة من الاسباب الخ
وفيه ان هذا يكون على مبناه فى المعانى الحرفية من انه لا فرق بين الحروف والاسماء
الا من حيث الاستعمال لكن تقدم خلافه وانهما متباينان ، لكن مع ذلك لا ينافى عموم
الموضوع له واطلاقه واجاب عن التوهم المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٣ بما مر غير
مرة من ان المعانى الحرفية ليست بجزئيات حقيقيه بل هى معانى كلية بالنحو الذى يليق
بها ولا يستلزم استقلالها على ما تصورناه وصورناه ـ اى كونها عاما وتابعة للطرفين
فى الكلية والجزئية وموضوعة للنسبة والربط بين المادة والحدث فلا اشكال فى اخذ
.................................................................................................
______________________________________________________
الاطلاق منها عند
الدوران بينه وبين التقييد هذا اولا وثانيا ـ ولو سلم ان معانيها جزئيات حقيقية
لكان للتمسك باطلاقها الاحوالى مجال واسع الخ فان الاطلاق الافرادى لو كان جزئيا
يكون له المانع على فرضه «قده» واما الاطلاق الاحوالى فلا اشكال فيه فان الجزئى
ايضا له احوال فاذا وجد البعث يمكن ان يوجد مع حالة وهى الاناطة بالغير وبدونها
وهو عدم الاناطة فبمقدمات الاطلاق يلقى القيد ويقال ان الخطاب نفسى لا غيرى وقال
استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٢٧٩ وثالثا ان الاطلاق المقامى ايضا يجرى لان من
شرائطه هو ان يكون المولى بصدد البيان ويكون القيد مغفولا لانه لو لم يكن مغفولا
يمكن ان يتكل المولى على وضوحه عند العقل فلم يبينه فلا يمكن الاخذ بالاطلاق
والمقام حيث يكون قيد الغيرية من المغفول فيمكن ان يؤخذ الاطلاق المقامى ايضا
لينتج نفسية الخطاب الخ وذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٦٩ واما فساد اصل
الاستدلال فلان مفاد الهيئة وان لم يكن قابلا للاطلاق والتقييد حتى على القول
بعموم الموضوع له والمستعمل فيه لانه معنى حرفى وملحوظ آلى والاطلاق والتقييد من
شئون المفاهيم الاستقلالية الخ وما كان هذا شأنه فهو دائما مغفول عن ملاحظته
بخصوصه وعليه فكيف يعقل توجه الاطلاق والتقييد اليه لاستلزامه الالتفات اليه
بخصوصه فى حال كونه مغفولا عنه بخصوصه وهذا خلف ، وفى الاخير ارجع التقييد الى المادة
المنتسبة وتقدم الكلام فيها واجاب عنه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٣ وذلك لا
ناقد بينا فيما سبق ان المعانى الحرفية سواء كانت كلية ام جزئية ليست مغفولا عنها
حين الاستعمال ولا ملحوظة تبعا لمتعلقاتها من المعانى الاسمية بنحو تبعية لحاظ
الآلة لملاحظة ذى الآلة بل هى من جملة المعانى التى ينظر اليها بخصوصها فى مقام
الافادة والحكاية عنها ولكنها لقصور ذواتها عن الاستقلال حتى فى مقام التصور
والخيال امتنع تصورها ولحاظها بنفسها منفصلة عن متعلقاتها من المعانى الاسمية فاذا
اريد الحكاية عنها وافادتها فلا بد من ملاحظتها فى ضمن ملاحظة متعلقاتها فهى بهذا
المعنى من اللحاظ يقال انها غير مستقلة باللحاظ بل ملحوظة بتبع لحاظ متعلقاتها الخ
قال استادنا البجنوردي فى المنتهى ج ١ ص ١٩٧ فمقتضى الاطلاق مطلقا سواء كان اطلاق
المادة فى الغير او اطلاق الهيئة فى مشكوك الغيرية او اطلاق كليهما كون الواجب
واجبا نفسيا بيان ذلك انه لا شك فى ان وجود
.................................................................................................
______________________________________________________
وجوب الواجب
الغيرى منوط بوجود وجوب ذلك الغير اناطة وجود كل معلول بوجود علته ـ فاذا شككنا فى
انه منوط اى غيرى او غير منوط اى نفس فالاطلاق يحكم بعدم الاناطة فينتج كونه نفسيا
ـ هذا بالنسبة الى اطلاق الهيئة ـ واما اطلاق المادة فى جانب الواجب الذى يحتمل ان
يكون هذا المشكوك الغيرية مقدمة له فيما اذا كان على تقدير كونه مقدمة شرطا شرعيا
حتى يكون موجبا لتقييد ذى المقدمة لا من قبيل المقدمات الوجودية العقلية حتى لا
يكون موجبا لتقييده فائضا يدفع كونه واجبا غيريا ـ واثبات النفسية باطلاق المادة
فى جانب ذلك الغير ـ ولو كان مثبتا لا باس به لان الاطلاق من الامارات الخ وكل ذلك
لا بأس به ومتسالم عليه بينهم اجمالا ولذا يقول المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص
١٦٩ لا اشكال فى وجود الواجب الغيرى فى الاحكام الشرعية وغيرها ولم ينسب احد الى
الشيخ «قده» انكاره الخ مع انه قال الهيئة معنى حرفى غير قابل للتقييد وعلى اى هذا
كله فيما لو كان هناك اطلاق ، واما اذا لم يكن هناك اطلاق فلا محاله يكون المرجع
هو الاصول العملية وهو يختلف باختلاف الموارد بيان ذلك ان الشك فى كون الواجب
نفسيا او غيريا يمكن ان يقع على وجهين ، الوجه الأول قال فى الكفاية ج ١ ص ١٧٥
واما اذا لم يكن ـ اى الاطلاق ـ فلا بد من الاتيان به ـ الى المامور به ـ فيما اذا
كان التكليف بما احتمل كونه شرط له فعليا للعلم بوجوبه فعلا وان لم يعلم جهة وجوبه
الخ بيان ذلك قال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٣ ما اذا علم المكلف بفعلية
الخطاب النفسى بالصلاة مثلا وشك بوجوب الطهارة لنفسها او لغيرها فالاصل يقضى بعدم
اشتراط الواجب النفسى بالطهارة مثلا فيجوز الاتيان به بلا طهارة واما نفس الطهارة
فيعلم بوجوبها فى ذلك الوقت على كل حال اما لنفسها او لغيرها الخ ان قلت هذا ينافى
العلم الاجمالى بوجوبها اما نفسيّة او غيرية لانها على فرض غيرية وجوبها يجب ان
تكون قبلا ، قلت يكون المقدمية واسطة فى التنجيز وهذا غير عزيز فى الاصول فان
الكأسين النجسين اذا علمنا بطهارة احدهما اجمالا يستصحب النجاسة فى كليهما مع انه
مخالف للعلم بطهارة احدهما فلا اشكال فى تفكيك الآثار ، الوجه الثانى قال فى
الكفاية ج ١ ص ١٧٥ وإلّا فلا لصيرورة الشك فيه بدويّا كما لا يخفى الخ قال المحقق
العراقى فى البدائع ص ٣٧٣ الثانى ما اذا لم يعلم الا وجوب ما يحتمل كونه نفسيا او
غيريا مع احتمال ان يكون فى الواقع واجب آخر مقيد بما علم
.................................................................................................
______________________________________________________
وجوبه فى الجملة
وهذا على نحوين احدهما انه على فرض احتمال كون المشكوك واجبا غيريا يكون المقيد
واجبا فعليا ـ اما النحو الاول فقد يتوهم عدم وجوب اتيان ما يحتمل كونه واجبا
نفسيا او غيريا لجريان البراءة عن وجوبه للشك فى وجوب ما يحتمل اشتراطه به فلا
يعلم ح بوجوبه على كل حال ، ولكنه غير تام لما قرر فى باب الاقل والاكثر من لزوم
الاتيان بالاقل المعلوم وجريان البراءة فى الزائد المشكوك مع ان وجوب الاقل مردد
بين كونه نفسيا او غيريا والمقام من هذا القبيل بلا فرق كما هو واضح ، وعليه
المحقق النّائينيّ ايضا فى الاجود ج ١ ص ١٧١ وقال فالحق فيها انه يلزم الاتيان بما
علم وجوبه فانه يعلم ح باستحقاق العقاب على تركه اما لنفسه او لكونه مقدمة لواجب
فعلى فان ترك ما يحتمل وجوبه النفسى المستند الى ترك معلوم الوجوب مما يوجب العقاب
واما تركه من غيرنا حيته فالمكلف لجهله فى سعة منه وتشمله ادلة البراءة واماما فى
الكفاية من التمسك بالبراءة فى المقام فغير سديد بعد البناء على صحة التفكيك فى
التنجز فى مبحث الاقل والاكثر وما نحن فيه ايضا من هذا القبيل فان استحقاق العقاب
على ترك معلوم الوجوب اما لنفسه او لتوقف واجب فعلى عليه معلوم تفصيلا فيكون منجزا
وان لم يكن ذاك الوجوب المحتمل ثبوته فى الواقع منجزا من جهات أخر فان عدم تنجزه
من جهة لا ينافى تنجزه من جهة واصالة البراءة لا تنافى فعليته واقعا وتنجزه بمقدار
العلم الخ واورد عليه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٤ ولكنه ليس كذلك اذا الظاهر
منه كما اشرنا اليه اختصاص البراءة بالنحو الثانى فراجع ـ وقال فى ص ٣٧٣ ثانيهما
ان يكون المقيد فى ذلك الفرض محتمل الفعلية ـ واما النحو الثانى فلا يجب اتيان
الواجب المردد وجوبه لعدم العلم بواجب فعلى على ذلك الفرض كما لا يخفى وما ذكرنا من
التفصيل هو الظاهر من عبارة الكفاية الخ وتبعه استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١
ص ١٧١ لا يخفى ان ما افاده فى الكفاية من الرجوع الى البراءة انما هو فى غير هذه
الصورة فان مورد كلامه هو ما اذا علم وجوب شيء فى الشريعة اجمالا لكن تردد امره
بين ان يكون واجبا نفسيا وان يكون مقدمة لواجب غير فعلى كما اذا علمت الحائض غير
المكلفة بالصلاة بوجوب الوضوء المردد بين ان يكون نفسيا وان يكون غيريا ولا ريب ان
المرجع فى هذا الصورة هى اصالة البراءة للشك فى الوجوب الفعلى الخ والصحيح ما
ذكروه ولا يكون العلم الاجمالى
غرضهم من الاصلى
ما هو منظور اليه تفصيلا ومن التبعى ما هو منظور اليه بعنوانه الاجمالى المشير الى
الموضوع باشارة اجمالية كما لا يخفى. ثم (١) ان المناط (٢) فى استحقاق العقوبة فى
نظر العقل بعد ما كان منحصرا بتفويت الغرض
______________________________________________________
منجزا فى هذه
الصورة دون الصورة السابقة.
(١) قال المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٢٤ ثم ان وجود هذين القسمين ـ اى النفسى والغيرى ـ فى
الواجبات وان كان وجدانيا غير قابل للانكار ولكن الظاهر هو كون الغرض من ذلك دفع
ما يتوهم وروده من الاشكال من لزوم ترتب مثوبات وعقوبات متعددة كذلك على فعل واجب
واحد له مقدمات عديدة نظرا الى تخيل ان المثوبة والعقوبة تابعتان لفعل مطلق الواجب
وتركه ، اذ يستشكل ح بانه على الملازمة من وجوب المقدمة ايضا يلزم ترتب مثوبات
متعددة على فعل واجب واحد له مقدمات متعددة وعقوبات كذلك على تركه بما له من
المقدمات لانه ترك واجبات متعددة فمن اجل ذلك صاروا بصدد هذا التقسيم فقسموا
الواجب الى الغيرى والنفسى للتنبيه على انه ليس مطلق الواجب مما يترتب عليه فعلا
وتركا استحقاق المثوبة والعقوبة حتى يتوجه الاشكال المزبور وان الذى يترتب عليه
ذلك انما هو خصوص الواجب النفسى واما الواجب الغيرى فحيث انه كان وجوبه لاجل
التوصل به الى وجود واجب آخر فلا يكاد يترتب عليه فعلا او تركا استحقاق المثوبة
والعقوبة بوجه اصلا وح فلا ينافى القول بوجوب المقدمة شرعا وحدة المثوبة والعقوبة
على فعل الواجب وتركه كى يكون مجال للاشكال المزبور هذا اقول ولكن لا يخفى عليك ما
فى هذا الجواب والاشكال المزبور حيث انه مبنى على كون مدار استحقاق المثوبة
والعقوبة على عنوان الاطاعة والمعصية بموافقة الامر النفسى ومخالفته والّا.
(٢) فبناء على
كونهما من تبعات عنوان التسليم للمولى وعنوان الطغيان عليه بما انه ابراز للجرأة
عليه والتمرد عن امره ونهيه الجامعين بين الانقياد والاطاعة والتجرى والعصيان كما
هو التحقيق على ما حققناه فى مبحث التجرى فلا مجال لهذا الجواب ولا موقع ايضا
للاشكال المزبور نظرا الى امكان الحكم ح بترتب المثوبة والعقوبة على موافقة الامر
الغيرى ومخالفته ايضا مع الالتزام بعدم تعدد المثوبة والعقوبة عند تعدد المقدمات.
الاصلى (١) فلا
يرى العقل عقوبة على تفويت كل مقدمة مقدمة وح فليس الوجوب المتعلق بالمقدمات موجبا
لاستحقاق العقوبة على كل مقدمة مقدمة وح لا مجال لتعبير الوجوب القائم بالمقدمات
بما يستحق فاعله العقاب على متعلقه بل هذا المعنى (٢) ايضا لا يجرى فى غالب
الواجبات النفسية التى لبّ ارادتها غيريّة وان كان فى عالم الابراز لم يكن تبع
غيره نعم فى المقام شيء (٣) وهو ان المقدمة بتفويتها كما كان علّة لفوت الغرض
فالاقدام من الأوّل على هذا التفويت ابراز نحو جرأته على المولى وربما يستحق بهذه
الجرأة والطغيان عقوبة مولاه ولكن لا بنحو يتعدد العقوبة بتعدد تفويت المقدمة عرضا
اذ مناط الجرأة والطغيان على وحدة الغرض الاصلى فتفويت الف مقدمة اذا لم ينتهى
الّا الى فوت غرض واحد فلا يكون مثله الّا تجريا واحدا فلا يستحق ح الّا عقوبة
واحدة وح فلك ان تقول باستحقاق العبد من حين تفويته لكن لا من جهة تفويته بما هو
بل من جهة دخوله به فى صراط تفويت غرض المولى وهذا نحو طغيان كان شروعه من حين
تفويت المقدمة وربما يؤيد (٤) بناء العقلاء على ذمّه بمجرد
______________________________________________________
(١) بلحاظ كونهما
تابعتين فى الوحدة والتعدد التسليم والطغيان ووحدتيهما التابعين لوحدة الغرض
وتعدده وذلك انما هو من جهة وضوح انه كما يتحقق عنوان التسليم والطغيان بموافقة
الاوامر النفسيّة ومخالفتها كذلك يتحقق ايضا بموافقة الاوامر الغيرية ومخالفتها.
(٢) اى غالب
الواجبات النفسية ليس لاجل العقاب على متعلقه بل لاجل تفويت الغرض.
(٣) وهكذا الامر
فى طرف الطغيان فانه ايضا مما يتحقق بمجرد شروعه فى مقدمات الحرام او تركه لما هو
مقدمة الواجب حيث انه يصدق عليه بانه ممن ابرز الجرأة على المولى وصار بصدد التمرد
عن امره ونهيه.
(٤) ومن اجل ذلك
يصير موردا للتوبيخ والذم من العقلاء بلا حالة منتظرة
رفع يده عن الشاهق
بلا انتظارهم فى لومهم الى حين موته كما هو ظاهر لصاحب الوجدان ، ثم (١) انه كما
كان تفويت المقدمة من حينه شروعا فى الطغيان على
______________________________________________________
ايضا فى ذلك الى
وقت فوت الواجب النفسى كما فى من رمى سهما لقتل مؤمن مع كون السهم يبلغ اليه بعد
ساعة فانه من الحين يصير هذا الرامى موردا للذم عند العقلاء كما هو واضح.
(١) ومن ذلك بمجرد
كونه فى صراط الاطاعة وشروعه فى مقدمات المامور به ترى انه يمدحونه العقلاء
ويحكمون باستحقاقه الاجر والثواب من دون انتظار منهم فى المدح وحكمهم باستحقاق
الاجر والثواب الى وقت اتيانه بما هو المطلوب النفسى للمولى كما لا يخفى ومعلوم
انه لا يكون له وجه الا ما ذكرنا من تحقق عنوان التسليم بموافقة الامر الغيرى ايضا
كتحققه بموافقة الامر النفسى وإلّا لكان اللازم عدم الحكم باستحقاق الاجر والثواب
فعلا الا بعد اتيانه بما هو المطلوب النفسى الخ لكن ذلك محل المناقشة فان التسليم
المجرد من دون العمل هل يثاب او التمرد من دون الترك هل يعاقب كلا لا يمكن
المساعدة عليه بالفعل ويتكل الى محله ورمى السهم كجزء الاخير من العلة التامة فى
ما لو اصاب فذمه لذلك والمقدمات القابلة للفصل عن ذى المقدمة وكذا رفع يده للوقوع
من الشاهق وح يقع الكلام فى استحقاق الثواب وعدمه واستحقاق العقاب وعدمه ومجرد مدح
العقلاء على شيء استحقاق الثواب عليه ام لا بل لاجل القيام بالعبودية قال صاحب
الكفاية ج ١ ص ١٧٥ لا ريب فى استحقاق الثواب على امتثاله الامر النفسى وموافقته
واستحقاق العقاب على عصيانه ومخالفته عقلا الخ وذكر المحقق الماتن فى البدائع ص
٣٧٤ كون الثواب مطلقا هل هو بالاستحقاق او بالتفضل لا يخفى ان المعروف عند
المتكلمين هو الاول والمنقول عن الشيخ المفيد «قده» واتباعه هو الثانى وربما يستدل
للثانى بان اطاعة المكلف لربه تعالى واجبة عليه بحكم العقل لان الانسان من اظهر
مصاديق العبد لمولى الموالى تعالى وطاعة العبد لمولاه والالتزام بآداب العبودية من
اظهر الواجبات العقلية التى يلزم بها العقل بلا عوض حفظا للنظام العام وليس المكلف
اجيرا للمولى تعالى فى تكليفه بالعمل ليستحق عليه العوض بعد الفراغ من العمل المكلف
به ، ومن ذلك يظهر حال تاثير التوبة فى سقوط العقاب الذى استحقه العاصى بعصيانه
فانه ايضا بالتفضل لان العبد كما يجب عليه عقلا امتثال اوامر المولى ونواهيه كذلك
يجب عليه العزم على
.................................................................................................
______________________________________________________
عدم معصيته والندم
على ما سبق منها ، والتحقيق هو ان يقال ان الاستحقاق المتنازع فيه ان كان المراد
به هو ثبوت حق المكلف على الله تعالى بطاعته اياه كما يثبت حق لبعض المكلفين على
بعض اذا امره بعمل فعمله له ناويا به اخذ العوض منه فالحق مع النافى لان وجود
المكلف وقدرته وتوفيقه للطاعة وجميع ما يستعد به لها هو من الله تعالى فكلما لا
يستحق العبد فى العرف والشرع عوضا واجرا على مولاه اذا كلفه بعمل فعمله له
فبالطريق الاولى ان لا يستحق المكلف ذلك على مولى الموالى تعالى فى الاعمال التى
كلفه بها ، وان كان المراد به معنى اللياقة والاستعداد للثواب والنعيم فى الدار
الآخرة ليكون معنى ان العبد المطيع يستحقق الثواب هو انه لائق واهل لذلك فالحق مع
مدعى ذلك لان العبد بطاعته يستعد لدخول دار النعيم وجوار ربه الكريم بخلاف العاصى
، ولا يتوهم ان هذا المعنى هو نفس القول بالتفضل لوضوح ان العاصى وان كان مستعدا
للتفضل عليه بالعفو والغفران والخلود فى الجنان ولكن لم يكن مستعدا واهلا لنفس
الثواب وإلّا لم يبق فرق بين المطيع والعاصى وذلك باطل بالضرورة واما التوبة فهى
وان كانت من الواجبات على العبد العاصى إلّا انه يحتمل قريبا ان المعصية لا توجب
استحقاق العاصى للعقاب إلّا اذا تجردت عن التوبة واما المعصية التى تتعقبها التوبة
فلا توجب استحقاق العقاب وعليه لا يكن العفو او سقوط استحقاق العقاب عن التائب
بالتفضل اذ لا استحقاق للعاصى التائب ليسقط بالتفضل بل التوبة تكشف عن عدم استحقاق
العاصى بمعصيته قبل التوبة للعقاب الخ وقال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ١٩٧
والمراد بالاستحقاق ليس ايجاب الثواب بل المدح والثواب على الاطاعة فى محله نظير
قولهم باستحقاق المدح والذم على فاعل القبيح والحسن الخ فان كان المراد ما ذكرنا
من الاستعداد فى محله وإلّا ينافى ذلك لفظ الاستحقاق كما لا يخفى فالاستحقاق بنحو
ما يستحقه الاجير لا يكون اصلا كيف وان العبد وجوده وجميع شئونه لمولاه كما مر
مضافا الى انه لا ربط البحث فى الثواب والعقاب على المقدمة بالبحث عن كون الثواب
والعقاب تفضلا او على نحو الاستحقاق او التفصيل بينهما كما لا يكون الكلام فى ثواب
الانقياد لو لم تصل الى ذيها ولا كلام من جهة التجرى بتركها لو كان له عقاب
والكلام كله فى الثواب والعقاب على ذات المقدمة بنفسها ـ والثمرة الفقهية هو قصد
الامر الغيرى المتوجه الى نفس المقدمة
المولى وبه يستحق
اللوم والعقوبة كك اتيانها بقصد التوصل بها الى ذيها ايضا كان شروعا فى تسليمه
لمولاه وكونه فى صراط طاعته وانقياده ومن المعلوم ان العقل فى هذه الصورة ايضا يرى
استحقاق المدح والثواب بنفس شروعه بايجادها بهذا القصد نعم لا يستحق الثواب ايضا
بايجاده المقدمة بما هو مقدمة ولو لم يكن فى ايجاده قاصدا للتوصل به الى غرض مولاه
كما عرفت من همّ العقل فى حكمه باستحقاق الثواب والعقاب كونه فى مقام التسليم
وطغيانه التابعين لكونه فى صراط تفويت غرض مولاه وتحصيله وذلك لا يحصل إلّا
بصيرورته فى مقام ايجاده المقدمة قاصدا للتوصل به الى الغرض وح يستحق الثواب
بتسليمه من حين ايجادها ولو لم نقل بوجوب مقدمة الواجب (١) ، نعم امكن
______________________________________________________
يكفى فى العبادية لو
كان الثواب مترتبا عليها.
(١) قال صاحب
الكفاية ج ١ ص ١٧٥ واما استحقاقهما على امتثال الغيرى ومخالفته ففيه اشكال وان كان
التحقيق عدم الاستحقاق على موافقته ومخالفته بما هو موافقة ومخالفة ضرورة استقلال
العقل بعدم الاستحقاق الا لعقاب واحد او ثواب كذلك فيما خالف الواجب ولم يات
بواحدة من مقدماته على كثرتها او وافقه واتاه بما له من المقدمات الخ وقال المحقق
الماتن فى البدائع ص ٣٧٥ والتحقيق ان امتثال الاوامر الغيرية لا يستتبع ثوابا بما
هو امتثال للواجب الغيرى والوجه فى ذلك هو ان الثواب والعقاب الذين ينشئان من موافقة
التكليف ومخالفته انما جعلا على ذلك تحصيلا للغرض النفسى الداعى للمولى الى
التكليف بالواجب النفسى ولا شبهة فى ان الواجب الغيرى لا غرض نفسى فيه ليترتب على
موافقته ثواب وعلى مخالفته عقاب نعم يمكن تصوير ترتب الثواب على موافقة الواجب
الغيرى بوجهين الاول ان من ياتى بالمقدمة بقصد التوصل الى ذيها يراه العقل متلبسا
بامتثال الواجب النفسى ـ كما انه لو لم يات بشيء من مقدماته فى الوقت الذى يلزم
الامتثال فيه يرونه متلبسا بعصيانه ـ وهذا لمدح والثواب والذم والعقاب اللذان
يستحقهما المكلف حين الشروع بفعل بعض مقدمات الواجب او تركها جميعا انما هما من
رشحات ثواب الواجب النفسى وعقاب تركه لا انهما شيء آخر ثبت فى حق المكلف بسبب آخر
اذ لا قيمة لشيء من المقدمات
.................................................................................................
______________________________________________________
عند العقلاء مع
قطع النظر عن ذيها نعم لا بد من قصد التوصل بفعل المقدمة الى الواجب النفسى فى
استحقاق المدح عند العقلاء والثواب عند الشارع وان لم يتحقق بذلك بها الوصول اليه
فلو فعل لا بقصد التوصل الى ذيها لا يستحق المدح ـ اذ لا يرونه متلبسا بامتثال
الواجب النفسى بل ـ نفس الواجب النفسى اذا فعله المكلف لا بقصد امتثال امره لا
يستحق ـ الثواب وان سقط به الامر اذا كان توصليا ـ الثواب المترتب على فعل
المقدمات بقصد التوصل هو الثواب المقرر لنفس الواجب النفسى المنبسط عليه بجميع
شئونه التى منها مقدماته لا انه شيء آخر ليتعدد بتعدد المقدمات ـ وليس هو ثواب
الانقياد ـ اى يمتد هذا التسليم الواحد الى زمان الاتيان بذيها الذى هو المطلوب
النفسى كما انه كذلك ايضا فى طرف الطغيان حيث انه يتحقق بمجرد الشروع فى المقدمة
ويمتد الى زمان تحقق الحرام فى الخارج لا انه يتعدد التسليم والطغيان بتعدد
المقدمات حتى يلزمه تعدد المثوبة والعقوبة ايضا كما هو واضح كوضوح ان استحقاقه
للمثوبة والعقوبة على التسليم والطغيان بشروعه فى مقدمات الواجب او الحرام ايضا
انما يكون فيما اذا استمر على ذلك ولم يحصل له البداء بعد ذلك فى العصيان او
الإطاعة وإلّا فلو حصل له البداء بعد ذلك وحصل منه الطغيان بترك الواجب يكون
طغيانه ذلك بعكس التوبة من الحين رافعا لما استحقه على تسليمه السابق بحيث كانه لم
يفعل شيئا ولم يتحقق منه التسليم اصلا مع صدور هذا الطغيان منه كما انه فى صورة
العكس يكون الامر بالعكس فاذا كان بصدد ترك الواجب او فعل الحرام واتى ببعض
المقدمات ثم ندم واتى بالواجب او ترك الحرام يكون تسليمه ذلك باتيان الواجب وترك
الحرام رافعا لما استحقه على طغيانه من الحين بحيث كأنه لم يتحقق منه الطغيان ابدا
نعم لو كان عدم حصول الواجب والمامور به لا من جهة حصول البداء له وطغيانه بل من
جهة عدم تمكنه منه خارجا لموت او مرض او غير ذلك مع كونه بصدد الامتثال واتيان
المامور به يدخل ذلك ح فى الانقياد فيستحق المثوبة ح على انقياده كما انه فى فرض
العكس يكون الامر بالعكس فيندرج فى التجرى كما هو واضح ولكن المحقق النّائينيّ فى
الاجود ج ١ ص ١٧٣ قال فالآتي بالواجب الغيرى ان قصد به التوصل الى الواجب النفسى
فهو شارع فى امتثال الامر النفسى فيثاب على اطاعته وإلّا فلا ـ الى ان قال ـ ثم ان
الظاهر ان الثواب المترتب
دعوى استحقاقه
الثواب ايضا بمحض اتيانها بداعى وجوبها (١) كما هو الشأن فى
______________________________________________________
على اتيان الواجب
الغيرى بقصد التوصل متحد مع الثواب المترتب على نفس الواجب النفسى غاية الامر ان
الثواب يزيد عند اتيان المقدمة بقصد التوصل وتكون الاطاعة من حين الشروع بالمقدمة
الخ وهذا تبعا لصاحب الكفاية ج ١ ص ١٧٥ نعم لا باس باستحقاق العقوبة على المخالفة
عند ترك المقدمة وبزيادة المثوبة على الموافقة لو اتى بالمقدمات بما هى مقدمات له
من باب انه يصير ح من افضل الاعمال حيث صار اشقها وعليه ينزل ما ورد فى الاخبار من
الثواب على المقدمات او على التفضل الخ وبعينها فى تقريرات شيخ الانصارى ص ٦٩ ان
عسر المقدمات يوجب ازدياد ثواب الواجب كان افضل الاعمال اشقها الخ واورد عليه
استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٢٨٥ ان الترك اذا لم يكن بداعى ترك ذى المقدمة بل بداعى
شهوانى آخر لا منقصة فيه بل المنقصة فى ترك الواجب فمن اهرق الماء بقصد التبريد
مثلا لا يكون عاصيا بذلك بل يكون عاصيا من جهة تركه الوضوء ففى صورة الالتفات يكون
فاعلا للحرام لانه مقدمة لترك الواجب وهو الوضوء ـ ان كل مورد تكون الرواية على
ذلك نستكشف كون العمل بنفسه تحت مصلحة وهو غير مربوط بالمقام الذى نريد ان نثبت
الثواب على المقدمة بعنوان انه كذلك وذكر استادنا الخوئى فى هاشم الاجود ج ١ ص ١٧٤
الظاهر ان الاتيان بالمقدمة بداعى التوصل الى الواجب النفسى يوجب استحقاق الثواب
عليه غير الثواب المترتب على اتيان الواجب النفسى وذلك لان الاتيان المزبور بنفسه
ومع قطع النظر عن ترتب الواجب النفسى عليه مصداق لتعظيم المولى وجرى من العبد على
طبق عبوديته نعم ترك المقدمة لا يزيد على الهتك المتحقق بترك الواجب النفسى ـ ولا
يفرق فيما ذكرناه بين القول بوجوب المقدمة والقول بعدمه الخ وهذا غير ما يظهر من
كلمات المحقق العراقى فراجع من انه عند الشروع فى المقدمة كانه ياتى بالواجب
النفسى ويثاب على ذلك لا المقدمة ولم يثبت ثواب زائد على الواجب النفسى باتيان
المقدمة لكن سيأتى عبارة المحقق العراقى ينافى ما ذكرنا هنا.
(١) الوجه الثانى
ان الآتي بالمقدمة بقصد امرها من دون التفات الى غيريته وان لم يتحقق منه قصد
التوصل بها الى ذى المقدمة بالفعل إلّا انه بايجاد المقدمة بذلك النحو يكون لبا فى
مقام امتثال الواجب النفسى ـ اى لمحبوبيته لدى المولى ـ فينبسط على المقدمة ثواب
ذى المقدمة على نحو ما تقدم فى الوجه الاول ولكن الفرق بين
الواجبات النفسية
وان كانت لبّها غيريّة اذ لا شبهة فى استحقاقه الثواب باتيانه لمحض محبوبيّة لدى
مولاه وان لم يكن بباله تحصيل غرضه ، فان قلت انّ ذلك يتم بناء على وجوب ذات
المقدمة واما بناء على وجوب المقدمة الموصلة كما ياتى إن شاء الله فلا يمكن
الاتيان بداعى وجوبه الا مع قصد التوصل بذيها فلا جرم يحتاج فى التقرب بامره الى
قصد التوصل به الى ذيها اذ بدونه لا يكون واجبا (١) ، ولا يرد فى هذا المقام النقض
(٢) بالواجبات النفسيّة التى لب ارادتها غيره اذ (٣) موصليتها الى الغرض ذاتى فيها
من دون احتياج فيه الى ارادة وقصد
______________________________________________________
الوجهين متحقق من
جهتين الأولى ابتناء الوجه الاول على قصد التوصل وابتناء الثانى على عدمه الثانية
ابتناء الثانى على القول بالملازمة دون الأول الخ وبعبارة اخرى ان قصد الامر
الغيري بما انه من شئون الامر النفس الذى هو علة له لا مانع من كونه حافظا لعبادية
المقدمات العبادية فيجوز فعلها بعد الوقت مثلا بقصد الامر الغيرى على النحو
المذكور.
(١) وتوضيح ان قلت
قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٧٧ ان ذلك انما يتم على القول بوجوب مطلق المقدمة
واما بناء على وجوب خصوص الموصلة كما هو الحق فلا يعقل الاتيان بها مع عدم قصد
التوصل بها الى ذيها اذ لا يمكن تحقق القصد الى متعلق الامر وهو الحصة الخاصة من
المقدمة الا فى ظرف ارادة ذى المقدمة وهى تستلزم قصد التوصل اليه وعليه فلا يمكن
الاتيان بالمقدمة بداعى امرها من دون قصد التوصل بها الى ذيها ومن ذلك يتضح ان عبادية
المقدمة انما تتحقق فى الرتبة السابقة على الامر لان ملاكها وهو قصد التوصل فى
رتبة متعلق الامر الغيرى فلا تصل النوبة فى عبادية المقدمة الى نشو التقرب من
ناحية قصد الامر.
(٢) ـ اى النقض ـ بالواجبات
النفسية من حيث ان الارادة المتعلقة بها فى لب الواقع غيريّة ومع ذلك لا يعتبر قصد
التوصل الى ذلك.
(٣) ـ اى الجواب
عن النقض بذكر العلة ـ فان موصليتها الى الغرض امر ذاتى فيها ولا يحتاج الى
الارادة والقصد وهذا بخلاف سائر المقدمات فان موصليتها تتوقف على تعلق ارادة اخرى
بذيها وعند ذلك يتحقق قصد التوصل كما تقدم.
آخر بخلاف بقيّة
المقدمات فان موصليّتها منوطة باعمال ارادة اخرى نحو ذيها فحينئذ فهذه الارادة
والقصد دخيل فى وجوبها وح لا يكون دعوة وجوبه الا فى ظرف قصده لذى المقدمة
المتلازم لقصد التوصل به الى ذيها فاذا كان كذلك فنقول ان قصد التوصل مقدمة لدعوة
امره فمع تحققه يكفى فى استحقاقه المثوبة مجرد هذا القصد السابق عن دعوة الامر فلا
يبقى ح مجال لصيرورة دعوة الامر موجبا لاستحقاقه الثواب بعد الجزم بعدم استحقاق
واحد على المقدمة (١) ، قلت (٢) انّ غاية ما يقتضى القول بايصال المقدمة عدم الجزم
بوجوبها فى طرف عدم العلم بالايصال لا فى طرف عدم قصده اليه فعلا اذ ربما لا يلتفت
الانسان الا الى ترتب ذيها واما كونها منوطا بقصده لذيها فعلا فلا يلزم مع (٣) انه
لو فرض لزوم ذلك فلا شبهة فى ان هذه الارادة ملازم للتوصل بالمقدمة الى ذيها لا
ملازم لقصده وح ربما يلتفت الانسان الى الملزوم ولا يلتفت الى لازمه وعلى فرض
الالتفات اليه ايضا لا يقتضى الالتفات اليه قصده وح فملازمة وجود ذى المقدمة
______________________________________________________
(١) ـ اى قصد
التوصل هو الذى يوجب المثوبة على المقدمة لا الامر الغير المترتب عليه ـ.
(٢) ـ اى الجواب
عنه اولا ـ ان موصلية المقدمة لا توقف لها بوجه على ارادة ذى المقدمة فلا تتوقف
على قصد التوصل بها اليه اذ من الممكن ان يؤتى بالمقدمة بداعى امرها مع الغفلة
التامة عن وجوب ذيها ثم بعد الفراغ منها والاتيان بذيها عقيب الالتفات اليه يتحقق
عنوان الموصلية فيها.
(٣) ـ اى الجواب
عنه ثانيا ـ امكان ان يلتفت الى المقدمة والى ذيها ويريد ايجاد كل منهما مع الغفلة
عن المقدمية فيتحقق الاتيان بالمقدمة الموصلة فى الواقع بداعى امرها من دون ان
يتحقق قصد التوصل بها اليه لفرض الغفلة عن المقدمية ومما ذكرنا قد ظهر ان عبادية
المقدمة على القول بوجوب الموصلة لا تتوقف على قصد التوصل فى الرتبة السابقة على
الامر الغيرى كما قرر فى الاشكال كى لا تصل النوبة الى التقرب به.
لوجوبها اجنبى عن
ملازمه وجوبها لقصد التوصل بها الى ذيها بمراحل شتّى ففى هذه الصورة لا باس بدعوة
وجوبها بلا خطور قصد التوصل بها الى البال ، واضعف من ذلك تقريب آخر لاعتبار قصد
التوصل فى الامتثال وهو ان ارادته للعمل بعد ما كان تبعا لارادة مولاه فلا محيص فى
كونه فى مقام اطاعته مطاوعا لمولاه كمطاوعة القابل فى عقود المعاملات للموجب ومن
الواضح ان روح المطاوعة بتبعيّة قصده لقصده واذا كان قصد المولى للمقدمة التوصل به
الى ذيها فلا جرم يكون قصد المامور ايضا كذلك والّا لم يكن مطاوعا له ولا مطيعا
لمثله (١) ، وتوضيح دفعه بان مرجع ما افيد الى ان الاطاعة والمطاوعة لا تكاد تتحقق
الا بكون ارادة العبد للعمل فى الكيفية من حيث النفسيّة والغيرية تبعا لارادة
مولاه وهو اول شيء ينكر كيف وفى هذا المقام يكفى النقض (٢) باطاعة الاوامر
النفسيّة التى لبّ ارادتها غيرية اذ لم يلتزم احد بلزوم ارادته لمحض التوصل به الى
الغرض اذ بدونه لا يكون ارادة العبد غيريا ولازم (٣) ما افيد ح عدم تحقق
______________________________________________________
(١) ـ اى بيان ان
قلت ـ لا يعقل ان يؤتى بالمقدمة بداعى امرها الغيرى من دون قصد التوصل بها الى
ذيها وذلك لان ارادة المكلف الاتيان بالمامور به امتثالا لامر مولاه لا بد ان تكون
تابعة لارادة المولى فى الخصوصيات وصادرة بنحو المطاوعة لتلك الارادة المولوية ومن
الواضح ان الارادة المولوية المتعلقة بالمقدمات ارادة غيرية ناشئة من ارادة
الواجبات النفسيّة لغرض التوصل بتلك المقدمات الى تلك الواجبات فيلزم ان يكون
المكلف فى مقام الاتيان بالمقدمة امتثالا لامرها ومطاوعة لارادة مولاه قاصدا
التوصل بها الى ذيها لتتحقق خصوصية المطاوعة.
(٢) ـ اى الجواب
اولا ـ انتقاض ذلك بالواجبات النفسية فان ارادة المولى انما تعلقت بها لغرض تحصيل
ما فيها من المصالح ومن المعلوم عدم توقف الامتثال فيها على قصد التوصل بها الى
ملاكاتها.
(٣) ـ اى الجواب
ثانيا ـ ان حقيقة الامتثال هى الاتيان بالمامور به بداعى الامر المولوى المتوجه
اليه ـ اى المحبوبية ـ واما خصوصيات الارادة المتعلقة به فهى
الاطاعة فيها بصرف
اتيانها بداعى محبوبيتها لدى المولى وهو كما ترى لا يستاهل ردا. ثم (١) انه بعد ما
ظهر نحوى التقريب فى المقدمات فلا باس ح باخذ
______________________________________________________
اجنبية عن هذا
المقام والحاكم بذلك هو العقل الخ وقال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٢٥ وعلى
ذلك نقول بانه اذا كان مدار المثوبة والعقوبة على عنوان التسليم والطغيان ـ اى
التابع للغرض لا على عنوان الاطاعة والمعصية بموافقة الامر النفسى ومخالفته وكان
التسليم ايضا يتحقق بموافقة الامر الغيرى ومخالفته كتحققهما بموافقة الامر النفسى
ومخالفته فلا قصور ترتب المثوبة والعقوبة على الواجبات الغيرية التوصلية ايضا بل
وترتب القرب عليها ايضا فيما لو كان الاتيان بها بداعى امرها ـ الى ان قال ـ يظهر
لك عدم المجال ايضا لما افيد فى دفع الاشكال المزبور من تخصيص المثوبة والعقوبة
بموافقة الامر النفسى ومخالفته اذ ـ لا وجه ح لهذا لتخصيص بعد صدق عنوان التسليم
والطغيان على موافقة الامر الغيرى ومخالفته ـ لمكان تحقق عنوان التسليم والانقياد
بذلك الخ وقد عرفت منا قضيته مع ما تقدم ومع ما فى المقالات ان اراد مثوبة اخرى
وعلى اى الصحيح ما ذكرنا حتى ان المحقق النّائينيّ فى الفوائد ج ١ ص ٢٢٥ قال لا
معنى للبحث عن استحقاق الثواب على امتثال الواجب الغيرى لان امتثاله انما يكون
بعين امتثال ذى المقدمة الذى تولد امره منها وليس له امر بحيال ذاته حتى يبحث عن
استحقاق الثواب عند امتثاله من غير فرق فى ذلك بين المقدمات الشرعية او العقلية
الخ وهذا ينافى مع ما تقدم من الاجود من انه يزيد الثواب ويرتفع التنافى بينهما
بان المراد من الفوائد هو ثواب واحد لكن اتى بقصد التوصل يزيد لا ثواب آخر على
المقدمة.
(١) قال فى
الكفاية ج ١ ص ١٧٧ اشكال ان الامر الغيرى لا شبهة فى كونه توصّليا وقد اعتبر فى
صحتها اتيانها بقصد القربة الخ قال المحقق الماتن فى البدائع هو انه ربما يستشكل
فى الطهارات من وجهين الاول انه لا ريب فى ترتب الثواب على الطهارات الثلاث وفى
كونها عبادة مع ان الامر الغيرى المتوجه الى المقدمة لا يكون إلّا توصليا ولا
يترتب على امتثاله الثواب ، ويرده امكان تحقق الثواب عليها بأحد الوجهين المتقدمين
وان كان الامر الغيرى بنفسه لا يستتبع الثواب والعقاب الخ فيمكن تحقق القرب ح
باتيانها بداعى محبوبيّتها ومراديتها للمولى ولو بارادة غيريّة كما يتحقق بقصد
التوصل كما تقدم مرارا وصاحب الكفاية اجاب عن الاشكال الاول و
احد النحوين فى
المقدمات العبادى كالطهارات الثلاث ، وتوهم (١) اذ (٢) دخلها (٣) فى المقدميّة
مستلزم لعدم التقرب بكل واحد من النحوين (٤) اذ (٥) ح بدون التقريب لا يمكن
اتيانها بقصد التوصل ولا بداعى وجوبها فينتهى ح استلزام دخل التقرب فى المقدمات
العبادى الى توقف التقرب بها على نفس التقرب (٦) ، وهو كما ترى مدفوع (٧) بان دخل
التقرب فى المقدمية لا يخرج ذواتها عمالها من
______________________________________________________
الثانى بوجه واحد
وسيأتى.
(١) قال صاحب
الكفاية ج ١ ص ١٧٧ اشكال ـ فهو انه اذا كان الامر الغيرى بما هو لا اطاعة له ولا
قرب فى موافقته ولا مثوبة على امتثاله فكيف حال بعض المقدمات كالطهارات حيث لا
شبهة فى حصول الاطاعة والقرب والمثوبة بموافقة امرها الخ وتوضيح الاشكال ذكر
المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٧٩ الثانى انه لا اشكال فى ان الطهارات الثلاث قد
اعتبرت مقدمة للصلاة بنحو العبادية وليس حالها حال بقية المقدمات فى ان مطلق
وجودها فى الخارج مقدمة لذيها وعليه فالعبادية فى الطهارات الثلاث ماخوذة فى متعلق
الامر الغيرى فى الرتبة السابقة على تحققه وح فمحقق عباديتها ان كان هو الامر
الغيرى لزم الدور ، بتقريب ان الامر الغيرى يتوقف على عباديتها والمفروض ان
عباديتها متوقفة عليه وان كان هو الامر النفسى المتعلق بذواتها فهو فاسد لوجوه
ثلاثة الاول انه لا يتم فى خصوص التيمم لعدم لعدم استحبابه النفسى قطعا ، الثانى
ان الامر النفسى الاستحبابى لا بد من انعدامه عند عروض الوجوب الغيرى ـ اى للتضاد
بينهما ـ الثالث انه يصح اتيان الطهارات الثلاث بقصد امرها الغيرى من دون التفات
الى رجحانها النفسى الخ.
(٢) ولعل الصحيح
ان ـ مكان ـ اذ.
(٣) اى الطهارات
الثلاث.
(٤) لما عرفت من
عدم محبوبيته الذاتية للتضاد وعدم قصد التوصل لعدم تعلق الامر الغيرى بذات
المقدمة.
(٥) تعليل
للاستلزام.
(٦) وهو الدور كما
عرفت.
(٧) فاجابوا عن
الاشكال بوجوه منها ما افاده صاحب الكفاية ج ١ ص ١٧٧
.................................................................................................
______________________________________________________
فالتحقيق ان يقال
ان المقدمة فيها بنفسها مستحبة وعبادة وغاياتها انما تكون متوقفة على احدى هذه
العبادات فلا بد ان يؤتى بها عبادة وإلّا فلم يؤت بما هو مقدمة لها فقصد القربة
فيها انما هو لاجل كونها فى نفسها امورا عبادية ومستحبّات نفسيّة لا لكونها
مطلوبات غيريّة ، والاكتفاء بقصد امرها الغيرى فانما هو لاجل انه يدعو الى ما هو
كذلك فى نفسه لا حيث انه لا يدعو الّا الى ما هو المقدمة الخ وتوضيحه ان حصول
الطاعة وما يترتب عليها من القرب والمثوبة ليس بموافقة الامر الغيرى بل هى فى
انفسها عبادات مستحبة شرعا مع قطع النظر عن الوجوب الغيرى وتكون الاطاعة بها من
جهة الاستحباب النفسى ، ومقدميتها للواجب ليست قائمة بذوات الافعال مطلقا حتى يكون
الاتيان بها ولو لا على نحو العبادية موجبا للتوصل الى الواجب ومسقطا لامرها بل هى
قائمة بذوات الافعال بما انها عبادة فلا بد من الاتيان بها كذلك وإلّا فلو لم يؤت
بالمقدمة ولا بما هو الواجب الغيرى ، وقصد الامر الغيرى ليس لانه باعث على ذات
العمل الموجب لعباديته بل لانه باعث على اطاعة الامر النفسى الاستحبابى لان الامر
الغيرى قد عرفت انه يتعلق بما هو مقدمة والمقدمة من هذه الافعال ما كان فى نفسه
عبادة فالعبادية مفروضة فى رتبة سابقه على الامر الغيرى وليست آتية من قبله حتى
يكون هو المقصود لذات العمل بل هو المقصود للاتيان به بنحو عبادى اى بقصد امتثال
امره النفسى ، وذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٨٠ وهذا الجواب قد تضمن دفع
الوجه الثالث من وجوه الاشكالات المتقدمة فقط لسهولة امر الوجهين الاولين اذ يمكن
دفع الوجه الاول باستظهار الاستحباب النفسى للتيمم من اطلاق قوله عليهالسلام التيمم احد الطهورين ، ودفع الوجه الثانى بان اختلاف
الوجوب والاستحباب ليس إلّا فى حد الرجحان والارادة بمعنى ان مقوم خصوصية الوجوب
هو شدة الارادة ومقوم خصوصية الاستحباب هو ضعفها فاصل الارادة والرجحان متحقق
فيهما وان اختلف حده وعليه فحد الاستحباب النفسى وان زال بتحقق الوجوب الغيرى إلّا
ان اصل الرجحان لا موجب لانعدامه هذا ، ولكن يرد على جواب المحقق المزبور «قده»
اولا حيث ان المقدمة عبادة ويعتبر اتيانها بداعى رجحانها ذاتا فلا بد من الالتزام
بصدور الوضوء واخويه بداعى رجحانها بداعى امرها وليس كذلك جزما كيف ويكفى اتيانها
بداع واحد وهو دعوة امرها بلا لزوم تكرر الداعى منه ولو طولا
.................................................................................................
______________________________________________________
وثانيا ان مقوم
القصد والارادة هو الالتفات ومن المعلوم امكان الاتيان باحدى الطهارات الثلاث
بداعى امرها الغيرى مع الغفلة عن عباديتها بالكلية وفى مثل ذلك يستحيل استتباع قصد
الامر الغيرى لقصد الامر النفسى الخ قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٢٩ مع ما
يرد عليه على مسلكه من عدم اجداء تعدد الرتبة لمحذور اجتماع الحكمين التماثلين
احدهما الرجحان النفسى القائم بذات المقدمة فى رتبة سابقة على الامر الغيرى
وثانيهما رجحانه الثابت فى رتبة متاخرة عن الامر الغيرى الخ.
واجاب عن الاشكال
المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٧٥ انه لا وجه لحصر منشأ عبادية الطهارات
الثلاث فى الامر الغيرى وفى الامر النفسى المتعلق بذواتها بل هناك امر ثالث وهو
الموجب لكونها عبادة بيان ذلك ان الامر النفسى المتعلق بالصلاة مثلا كما ان له
تعلقا باجزائها وهو موجب لكونها عبادة لا يسقط امرها إلّا بقصد التقرب فكذلك له
تعلق بالشرائط الماخوذة فيها فلها ايضا حصة من الامر النفسى وهو الموجب لعباديتها
فالموجب للعبادية فى الاجزاء والشرائط على نحو واحد الخ واورد عليه المحقق العراقى
فى البدائع ص ٣٨٠ وقال ، يرده ما تقدم فى المباحث السابقة من بطلان المبنى المزبور
وهو انبساط الامر النفسى على الشرائط لامكان توجه الامر الى المقيد بما هو مقيد
بحيث يكون التقيد كنفس المقيد ما تقدم للامر من دون حاجة الى تعلقه بمنشإ انتزاعه
، اضف الى ذلك ما تقدم من استلزام المبنى المزبور عدم تحقق الفرق بين الاجزاء
والشرائط ، على انه لو اغمضنا النظر عن ذلك وسلمنا المبنى لا يترتب عليه دفع
الاشكال اذ انبساط الامر النفسى على الشرائط ليس لملاك نفسى فيها كم اعترف بذلك هو
«قده» وانما ذلك من جهة التخلص عن عدم امكان تعلق الامر بالتقيد فلا محاله يلتزم
بتعلقه باصل القيد الذى هو منشأ انتزاعه وعليه فلا يترتب على تعلق مثل هذا الامر
بها كونها عبادة الخ وتبعهم استادنا الخوئى وذكر فى هامش الاجود ج ١ ص ١٧٦ ان
الواجب المشروط بالطهارات الثلاث بما انه يتوقف عليها بما هى عبادة فالامر المتعلق
بها وان كان يتوقف على كونها عبادة إلّا ان كونها عبادة لا يتوقف على تعلق الامر
الغيرى بها بل هو متوقف على احد امرين على سبيل منع الخلو احدهما قصد الامر النفسى
المتعلق بها مع قطع النظر عن مقدميتها للواجب وهذا يتوقف على وجود الامر النفسى
وهو ثابت فى الغسل بلا اشكال وفى الوضوء ايضا على المختار
الدخل فيها (١)
كما لا تخرج هذه الذوات عن صلاحيّة تعلق الوجوب بهذه الذوات فى الرتبة السابقة عن
التقرب بها (٢) كما هو الشأن فى دخل التقرب بدعوة الامر فى الواجبات النفسية (٣)
وبعد ذلك (٤) فلا غرو بقصد التوصل بنفس الذوات الى ذيها وبمثل (٥) هذا القصد ح يتم
المقدمية بضم القربة كما لا غرو
______________________________________________________
بل لا يبعد ثبوته
فى التيمم ايضا كما مر ثانيها قصد التوصل بها الى الواجب فانه ايضا كما عرفت موجب
لوقوع المقدمة عبادة الخ وقد عرفت الجواب عنهما واجاب عن الاشكال المحقق العراقى
فى البدائع ص ٣٨١ الصحيح فى دفع الشبهة هو ان يقال انا نختار الشق الأول من الشقين
المقررين فى الشبهة اعنى به تحقق عبادية الطهارات الثلاث من ناحية المقدمية بان
يؤتى بها اما بقصد التوصل بها الى ذيها واما بقصد امرها الغيرى على ما تقدم تحقيقه
فى تقريب ترتب الثواب على فعل المقدمة ان قلت ان ذلك مستلزم للدور كما قرر فى
تقريب الشبهة سواء كان الاتيان بداعى الامر الغيرى ام بقصد التوصل اما الاول فقد
قرر استلزامه الدور فى ما تقدم واما الثانى فلان قصد التوصل لا بد من تعلقه
بالمقدمة المفروض انها عبادة فاذا كانت عباديتها ناشئة من قصد التوصل بها فذلك هو
الدور قلت.
(١) ان المقدمة فى
باب الطهارات الثلاث مركبة من ذوات الافعال الخارجية وقصد التقرب بها.
(٢) وعليه فتكون
ذوات الافعال فى انفسها مقدمة للصلاة ايضا بمعنى ان لها الدخل فى ايجاد الصلاة ـ اى
تعلق الوجوب عليها ـ فى الرتبة السابق عن قصد القربة.
(٣) اى بما تقدم
فى مبحث قصد القربة عن كلية العبادات بالالتزام بامرين ضمنيين.
(٤) وح فيمكن ان
يؤتى بها بقصد التوصل بها الى فعل الصلاة فيحصل له قصد القربة بعد ما كان الامر
تعلق بالذوات فى الرتبة السابقة.
(٥) وبذلك يتحقق
القيد الماخوذ فى المقدمة وهو التقرب غاية الامر ان حصول القيد والمقيد المحققان
للمقدمة انما كان بنحو الطولية لا فى عرض واحد ولا ضير فى ذلك اصلا هذا كله فى
تقريب الاتيان بها بقصد التوصل ، واما معقولية الاتيان بها بداعى الامر الغيرى من
دون توجه محذور الدور فهو ان الامر الغيرى المتوجه الى
بجعل وجوب نفس هذه
الذوات داعيا بنفسها ومتمما للمقدمية ولئن شئت قلت ان الاشكال المزبور انما يتم لو
كان التقرب باحد النحوين دخيلا فى اصل المقدمية وتمامه لا دخيلا فى تتميم المقدمة
بعد الفراغ عن وجدان الذات لاصل المقدمية والوجوب (١) ، فان قلت ان الذات على
الاطلاق لا يكون واجبا بناء على دخل الايصال فيه ومع عدم وجوبه كيف يتقرب بامره (٢)
، قلت ذلك كذلك ولكن لا يقتضى ذلك ايضا اناطة الذات فى وجوبه بالتقرب به بل غاية
الامر ما هو
______________________________________________________
المركب او المقيد
ينبسط على اجزاء متعلقه الخارجية والعقلية كانبساط الامر النفسى على اجزاء الواجب
فينحل الى اوامر ضمينه غيرية وح فتكون ذوات الافعال فى الطهارات مامورا بها بالامر
الضمنى من ذلك الامر الغيرى واذا اتى بها بداعى ذلك الامر الضمنى يتحقق ما هو
المقدمة اعنى الافعال الخارجية المتقرب بها وبذلك يسقط الامر الضمنى المتوجه الى
القيد بعد فرض كونه توصليا لحصول متعلقه قهرا بامتثال الامر الضمنى المتعلق بذات
الفعل.
(١) اى بعبارة
اخرى يتعلق هذا الامر الغيرى الضمنى بذات الوضوء وذات الغسل باعتبار كونها مما لها
الدخل فى تحقق ذيها ومما يتوقف عليها وجود الواجب ولو بنحو الضمنية لانها ايضا مما
يلزم من عدمها العدم مع الكشف ايضا عن تعلق امر ضمنى غيرى آخر بوصفها وهو اتيانها
بداعى امرها المتعلق بها فاذا اتى المكلف ح بالوضوء فى الخارج بداعى امره الغيرى
الضمنى يتحقق الوضوء القربى الذى جعل مقدمة للوضوء.
(٢) ـ اى ـ ان هذا
انما يتم على القول بوجوب ذات المقدمة واما على القول بوجوب خصوص المقدمة الموصلة
فيعود محذور الدور لان الامر الغيرى انما يتوجه على هذا التقدير الى خصوص الاجزاء
الموصلة لا الى ذوات الاجزاء ومن المعلوم ان اتصاف كل من الاجزاء بالموصلية لا
يتحقق إلّا باتيانه بقصد القربة فيكون قصد القربة فى كل جزء ماخوذا فى متعلق حصة
ذلك الجزء من الامر الغيرى وعليه فلا يمكن امتثال الامر الغيرى الضمنى المتوجه الى
ذوات الافعال الخارجية فى الطهارات الثلاث لعدم توجه الامر الى ذواتها بعد اخذ قصد
القربة فى متعلق امرها قلت.
واجب هو الذات
التوأم مع التقرب فى رتبة سابقة عنه كما هو الشأن فى كليّة العبادات كما لا يخفى (١)
وبعد ما اتضح ما ذكرنا لا نحتاج هذه المسألة الى القيل والقال والالزام بما لا
يلزم او المخل بالمقصود فراجع الكلمات ترى اىّ قدر كثّروا الكلام فى هذه النقطة (٢)
فتعرف قدر ما قلنا.
______________________________________________________
(١) ان الواجب على
القول بوجوب خصوص المقدمة الموصلة كما هو المختار ليس هو ذات المقدمة مقيدة بهذا
العنوان بل الحصة الخاصة التى يترتب عليها الايصال خارجا وعليه فالامر الغيرى
ينبسط كما قلنا على كل من الجزءين فى المقام وهما ذات الفعل وتقييده بقصد القربة
فالمأمور به بالامر الضمنى الغيرى فى الحقيقة هو ذات الفعل التوأم مع قصد القربة
وح فبإتيان ذات الفعل بقصد امره الضمنى المتوجه اليه تتحقق توأميته مع قصد القربة
كما انه بذلك يتحقق ما هو الدخيل فى المقدمية وهو كونها عبادة فلا يتوجه محذور
الدور اصلا لان المقدمية وكونها موصلة يتوقفان على اتيان الافعال بقصد الامر واما
الامر فلا يتوّجه الّا الى ذوات الافعال فلا توقف له على الموصلية والعبادية هذا الخ.
(٢) ذكر صاحب
الكفاية ج ١ ص ١٧٨ وقد تفصّى عن الاشكال بوجهين آخرين ـ اى نسب ذلك الى شيخنا
الاعظم الانصارى فى التقريرات احدهما ما ملخصه ان الحركات الخاصة ربما لا تكون
محصلة لما هو المقصود منها من العنوان الذى يكون بهذا العنوان مقدمة وموقوفا عليها
ـ اى ان اعتبار التقرب فى الطهارات الثلاث ليس لاجل عبادية اوامرها بل للضرورة
الخارجية وهى الجهل بعناوين الطهارات التى بها صارت مقدمة للصلاة وحيث ان تلك
العناوين قصدية لا تتحصل فى الخارج من دون تعلق القصد بها ولم تكن معلومة لنا
بالتفصيل وكان امتثال الامر متوقفا على ايجاد المامور به بعنوانه ـ فلا بد فى
اتيانها بذاك العنوان من قصد امرها ـ اى احتيج الى قصد اوامرها الغيرية للاشارة
الى العناوين المجهولة ـ لكونه لا يدعو الّا الى ما هو الموقوف عليه فيكون عنوانا
اجماليا ومرآة لها ـ اى لان الامر لا يدعو إلّا الى متعلقه فقصد الامر الغيرى انما
اعتبر فيها لكونه طريقا الى قصد عنوان المامور به لا لكونه معتبرا فيها بذاته كى
يتوجه الاشكال بان الامر الغيرى ليس عباديا ـ فاتيان الطهارات عبادة واطاعة لامرها
ليس لاجل ان امرها المقدمى يقضى بالاتيان كذلك بل انما كان لاجل
.................................................................................................
______________________________________________________
احراز نفس العنوان
الذى تكون بذاك العنوان موقوفا عليها ، قال فى مطارح الانظار ص ٧١ الثانى ان
المقدمة التى تكون عبادة ليست من الافعال العادية التى تعلم بارتباط ذيها بها على
نحو معلومية ارتباط الصعود على السطح بمقدماته التى يتوقف عليها فان المعلوم عندنا
من الصلاة ليس إلّا نفس الحركات والسكنات ونحن لا نعقل توقفا لهذه الصورة على
الافعال الواقعة عند تحصيل الطهارات كما لا يخفى نعم بعد ما كشف الشارع الحكيم عن
توقف الصلاة عليها لا بد من ايجادها للتوصل بها اليها وحيث ان الافعال الواقعة فى
الطهارات ايضا مما لا يعرف منها الا الحركة الخاصة فلا بد ان يكون الداعى الى
ايجادها هو توقف الصلاة عليها فى نظر الامر كما انه لا بد من ايجاد هذه الحركات
على وجه يكون فى الوقاع مما يترتب عليها فعل الصلاة ولا سبيل لنا الى العلم بذلك
إلّا ان يقع هذه الحركات على وجه تعلق الامر بها ولا نعنى بالقربة الا ذلك وتوضيحه
ـ الى ان قال ـ فان ذوات الحركات الخاصة ربما لا تكون محصلة لما هو المقصود بالامر
بها فلا بد من قصد الحركة التى امر بها لاجل الصلاة تحصيلا للمقدمة لان يلاحظ
مطلوبية تلك المقدمة وتوقف المامور به عليها عنوان اجمالى لما هو المتوقف عليها
ومرآة لها الى آخر كلامه وقال صاحب الكفاية ، وفيه مضافا الى ان ذلك لا يقتضى
الاتيان بها كذلك لا مكان الاشارة الى عناوينها التى تكون بتلك العناوين موقوفا
عليها بنحو آخر ولو بقصد امرها وصفا لا غاية وداعيا بل كان الداعى الى هذه الحركات
الموصوفة بكونها مامورا بها شيئا آخر غير امرها ـ اى ان الاشارة الى تلك العناوين
يمكن بقصد الامر بنحو التوصيف لا بنحو الغاية كما هو المفروض وكذلك يمكن قصدها
الاجمالى بقصد عنوان المقدمية اذ عنوان المقدمية عنوان طار على تلك العناوين
الخاصة فيشار به اليها ـ غير واف بدفع اشكال ترتب المثوبة عليها كما لا يخفى ـ اى
انه لا يندفع محذور الدور بذلك الوجه لان قصد الامر الغيرى بنحو الغائية لا يتحقق
إلّا بقصد عنوان المتعلق فكيف يمكن تحقق قصد العنوان المزبور من طريق قصد الامر
بنحو الغاية ، وثانيهما ما محصّله ان لزوم وقوع الطهارات عبادة انما يكون لاجل ان
الغرض من الامر النفسى بغاياتها كما لا يكاد يحصل بدون قصد التقرب بموافقته كذلك
لا يحصل ما لم يؤت بها كذلك لا باقتضاء امرها الغيرى وبالجملة وجه لزوم اتيانها
عبادة انما هو لاجل ان الغرض فى الغايات لا يحصل إلّا باتيان خصوص
.................................................................................................
______________________________________________________
الطهارات من بين
مقدماتها ايضا بقصد الاطاعة ـ اى ان اعتبار قصد التقرب فى الطهارات لاجل ان الغرض
من غاياتها لا يتحقق إلّا بدلك لا لاقتضاء الامر الغيرى ذلك بنفسه لينا فى توصّلية
الاوامر الغيرية ، قال الشيخ الاعظم الانصارى فى مطارح الانظار ص ٧١ الثالث انك قد
عرفت فيما تقدم ان الاوامر العبادية من حيث تعلقها بمتعلقاتها يغاير الاوامر
التوصلية حيث ان نفس الامر واف بتمام المقصود فى الثانى دون الاول فلا بد فيه من
بيان زائد على اصل الفعل المطلوب بالطلب المستفاد عن الامر اولا ولا فرق فى ذلك
بين المقدمة وذيها فما هو المصحح لاحدهما مصحح للآخر من غير حاجة الى القول
باستفادة التعبدية من الامر المقدمى وتوضيحه انه كما يمكن ان يكون الفعل ذا مصلحة
على تقدير الامتثال به فيجب على المريد لايصال تلك المصلحة الى المكلف ان يامره
اولا بذلك الفعل ثم يبين له ان المقصود هو الامتثال بذلك الامر كذلك يمكن ان يكون
الفعل موقوفا على عنوان بشرط ان يكون الداعى الى ايجاد ذلك العنوان هو توقف ذلك
الفعل عليه فهو بحيث لو وجد فى الخارج ولم يكن الداعى اليه ترتب الغير عليه لا
يكون موقوفا عليه واذا وجد فى الخارج على الوجه المذكور يترتب عليه الغير فالطالب
لوجود ذى المقدمة له ان يحتال فى ذلك بان يامر او لا بذيها ويلزم من ذلك الامر بما
هو مقدمة له فى الواقع وهو الفعل المقدمى على الوجه المذكور إلّا انه حيث لا يمكن
له الاكتفاء بذلك الامر فيحتال بالقول بان المطلوب موقوف على ذلك الفعل على وجه
يكون الداعى الى ايجاده هو التوقف المذكور فما يقتضيه الامر المقدمى فى الحقيقة هو
ليس إلّا التوصل بالموقوف الذى هو الواجب النفسى الخ وذيله وهو الحيلة جعل صاحب
الكفاية وجها آخر قال ص ١٧٩ بعد الجواب عن الثالث بقوله وفيه ايضا انه غير واف
بدفع اشكال ترتب المثوبة عليها ، واما ربما قيل فى تصحيح اعتبار قصد الاطاعة فى العبادات
من الالتزام بامرين احدهما كان متعلقا بذات العمل والثانى بداعى امتثال الاول لا
يكاد يجزى فى تصحيح اعتبارها فى الطهارات اذ لو لم تكن بنفسها مقدمات لغاياتها لا
يكاد يتعلق بها امر من قبل الامر بالغايات فمن اين يجئ اطلب آخر من سنخ الطلب
الغيرى متعلق بذاتها ليتمكن به من المقدمة فى الخارج الخ وهذا غير ما اخترنا فتدبر
جيدا واجاب عن الاشكال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٨٣ ان التقرب المعتبر ان كان
هو التقرب بامرها الغيرى فيعود محذور الدور السابق فان
.................................................................................................
______________________________________________________
الغرض من الواجب
النفسى كيف يتوقف على حصول المقدمة المقصود بها الامر مع تولد الامر هو من نفس هذا
التوقف لا فى مرتبة سابقة عليه ، وان كان هو التقرب بالامر النفسى المتوجه الى
ذيها فيرجع الى تحصيل عبادية المقدمة بقصد التوصل الى ذيها وهو احد الوجهين اللذين
بيننا على صحتهما الخ.
اشكال ودفع ، اما
الاول لا اشكال فى صحة الطهارات الثلاث اذا اتى بها قبل وقت وجوب غاياتها بداعى
المحبوبية النفسية على ما هو المختار من استحباب التيمم فى نفسه ايضا كما لا ريب
فى صحتها اذا اتى بها بعد دخول وقت غاياتها بداعى الامر الغيرى المتعلق بها وانما
الاشكال فى صحة الاتيان بها بعد دخول الوقت بداعى الاستحباب النفسى المعروف تعين
نية الوجوب بل حكى عن العلامة فى جملة من كتبه لزوم الاستئناف لو دخل الوقت فى
الاثناء ومرادهم منها بنحو الداعى قال الشيخ الانصارى فى مطارح الانظار ص ٧١
الكلام فى ما هى مقدمة للصلاة الواجب مثلا وبعد عروض الوجوب على ما هو المفروض
يمتنع بقاء المطلوبية النفسية لطريان ما هو اقوى منها تاثيرا واشد مطلوبية فلا
يعقل ترتب الثواب عليها بعد عروض الوجوب اذ لو لم يكن قاصدا الى الجهة النفسية لم
يقع على وجه الامتثال فلا يستحق ثوابا عليها وبعد ارتفاع الامر النفسى ولو بواسطة
طريان الامر الوجوبى الغيرى لا يعقل ان يكون الداعى اليها هو الامر لانتفائه فلا
امتثال الخ هذا هو الاشكال ، نقل المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٨٣ لما قد يتوهم من
انها بعد دخول الوقت تكون معروضة للوجوب الغيرى ولازم ذلك اندكاك الامر النفس
الاستحبابى فى ضمن الامر الغيرى لان اجتماعهما فى متعلق واحد من قبيل اجتماع
الضدين وعليه فيكون قصد الامر النفسى بعد الوقت متعلقا بما لا ينطبق عليها ، ويرده
ـ اى الثانى وهو الدفع ـ ان اختلاف الوجوب والاستحباب ليس إلّا من قبيل اختلاف
الرتبة مع تحقق اصل الرجحان فى كليهما ومقتضى ذلك بقاء الرجحان فيها مع تبدّل
رتبته بعروض الوجوب الغيرى وعليه فقصد الرجحان النفسى بعد الوقت متعلق بما هو
منطبق على الطهارات الخ ولم يقم اجماع على نفى الاجزاء ان نو الرجحان النفسى ،
واجاب عن الاشكال المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٧٧ لا اشكال فى صحة الوضوء
والغسل بداعى محبوبيتهما وامتثال الامر النفسى المتعلق بانفسهما قبل دخول وقت
الواجب المشروط بهما ـ واما
.................................................................................................
______________________________________________________
بعد دخول وقت
الواجب النفسى المشروط بهما فان اتى بهما بداعى الامر النفسى المتعلق بذلك الواجب
النفسى المشروط بالطهارة فلا اشكال فى الصحة ايضا وان اتى بهما لابداع التوصل الى
ذلك الواجب بل بداع آخر ولم يكن له داع اليه فعلا فالحق صحتهما ايضا لان الامر
النفسى الاستحبابى المتعلق بهما وان كان مندكا فى ضمن الامر النفسى المتعلق بهما
فى ضمن الامر بالمقيد بالطهارة إلّا ان المعدوم هى المرتبة الاستحبابية واما ذات
الطلب فهى باقية عند الاشتداد والتبدل الى مرتبة اكيدة ايضا فيصح الاتيان بهما
بداعى ذات الطلب الموجود ـ هذا حال الامر الاستحبابى مع الامر الوجوبى النفسى
الضمنى واما مع الامر الوجوبى الغيرى فلا تبدل اصلا بل كلاهما موجودان بالفعل ولا
تنافى بينهما توضيح ذلك ان فى الوضوء والغسل بعد فعلية وجوب ما يتوقف عليهما ثلاث
جهات الأولى كونهما مطلوبين بالطلب الاستحبابى النفسى الثانية كونهما مطلوبين
بالطلب النفسى الوجوبى الضمنى الثالثة كونهما مطلوبين بالطلب الغيرى الوجوبى وعند
اجتماع الجهات تندك الجهة الاولى فى الثانية دون الثالثة والضابط ان الامر الوجوبى
ان كان متعلقا بعين ما تعلق به الامر الاستحبابى فلا بد وان يندك احدهما فى الآخر
فيتحصل منهما طلب واحد اكيد لامتناع اجتماع المثلين فى موضوع واحد واما اذا كان
احدهما فى طول الآخر ومتعلقا بالفعل الماتى به بداعى الامر الاول بان يكون المامور
به فى الامر الثانى هو الفعل المقيد بكون الداعى له هو الامر الاول ـ اى الامر
الاستحبابى يتعلق بذات الطهارات الثلاث والامر الغيرى متعلق بما يؤتى به يقصد
الامر النفسى ـ فيتعدد الموضوع فلا اشكال مثال الاول تعلق النذر بفعل مستحب فى حد
ذاته كصلاة الليل ـ يندك الامر الاستحبابى فى الوجوب ويكتسب الامر الاستحبابى ما
كان فاقده وهو تاكد الطلب كما ان الامر الوجوبى الناشى من قبل النذر يكتسب من
الامر الاستحبابى ما هو فاقده وهى تعبدية الامر فتكون ـ وجوبا واحدا نفسيا تعبديا
ومثال الثانى الإجارة على صلاة الليل عن ميت ـ فان الامر الاستحبابى متعلق باتيان
العمل عن الغير وبدلا عنه بداعى امتثال الامر المتعلق به فهو متعلق بذات العمل
بخلاف الامر الوجوبى الناشئ من الاجارة فانه متعلق باتيان الصلاة بداعى امتثال
امرها الاول فقد اخذ الامر الاول فى موضوع الامر الثانى فلا يعقل تبدل احدهما
بالآخر لكونه فى طوله ـ الى ان قال ـ والعجب من
.................................................................................................
______________________________________________________
العلامة الانصارى
انه خلط الوجوب الغيرى بالوجوب الضمنى فحكم فى المقام باتحاد الامر النفسى
الاستحبابى مع الامر الغيرى المترشح واندكاكه فيه مع انهما طوليان الخ واورد عليه
المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٨٤ مضافا الى ما تقدم من عدم انبساط الامر النفسى
على الشرائط ـ اى ليتكلم فى ان الامر الاستحبابى المتعلق بالشرط كالطهارات هل يندك
فى ضمن الامر الوجوبى المتعلق بالواجب المشروط بها ام لا ـ اى بعد عدم الانبساط ـ ان
طولية الامر الغيرى بالإضافة الى الاستحبابى النفسى لا يجدى لان انبساط الامر
الغيرى على ذوات الافعال يوجب كونها متعلقا لكل من الامر النفسى الاستحبابى والامر
الغيرى فلا محاله يجتمع الامر الغيرى مع الاستحباب النفسى فى ذوات الطهارات الثلاث
وعليه لا مناص من التخلص عن هذا المحذور بما تقدم فى جواب الاشكال الخ واجاب عن
المحقق النّائينيّ استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص ١٧٨ لا يخفى ان الامر
المتعلق بكل مكلف انما يمكن امتثاله فى الخارج من ذلك المكلف ولا معنى لامتثال غير
المكلف التكليف المتوجه الى شخص آخر خصوصا فيما اذا فرض سقوط ذلك التكليف بموت او
بغيره فلا وجه لدعوى ان النائب لا بد له ان يقصد امتثال الامر المتعلق بالمنوب عنه
بل اللازم على النائب ان يقصد فى عمله امتثال الامر المتوجه اليه المتعلق باتيان
العمل عن الغير سواء كان ذلك الامر وجوبيا او كان استحبابيا ، ثم ان الامر
الاستحبابى المتعلق بالنيابة فى العبادات بما انه عبادى فهو متعلق بذات العمل
الصادر نيابة عن الغير وبصدوره عن داع قربى وبما ان المفروض تعلق الامر الناشى من
قبل الاجارة بذلك ايضا فمتعلق احدهما عين متعلق الآخر فيكون الحال فى موارد
الاستيجار كالحال فى موارد تعلق النذر بعبادة مستحبة فى نفسها ويترتب على ذلك صحة
العبادة الاستيجارية اذا اتى بها بداعى امتثال الامر الناشى من قبل الاجارة ايضا
ولو كان الآتي بها غافلا عن تعلق الامر الاستحبابى بالنيابة فى نفسها الخ وفيه اى
الامر الايجارى توصلى كيف يحصل منه القربة بل انما النيابة والايجار لزوم جعل
النائب نفسه بمنزلة المتوب عنه لا ازيد وانما يحصل القربة للنائب بالامر المتعلق
على الفعل للمنوب عنه بعنوان القضاء والنيابة وإلّا مجرد الامر الايجارى لا يوجب
التقرب للصلاة اصلا وبادلة النيابة ثبت جواز اتيان عمل الواجب على الغير بعد موته
من الصلاة والصيام والحج ونحوه وفى بعض الموارد
.................................................................................................
______________________________________________________
عن الاحياء ولازمه
السقوط وإلّا فمقتضى القاعدة عدم جواز النيابة ـ مضافا الى ان الامر الاستحبابى
المتعلق بالنيابة ليس عباديا بل توصلى كيف يحصل معه القربة فالكلام فى استحباب اصل
العمل عبادة وهى صلاة الليل لا استحبابى النيابة فتدبر جيدا واستحبابه اندك فى
الوجوب الضمنى والوجوب الغيرى فى الرتبة الثانية عن الوجوب الضمنى مضافا الى انه
هذا يخالف ان الوجوب فى ذمة المكلف يجعله المولى وبالموت لا يسقط ما فى الذمة كما
هو واضح ـ والتحقيق ما افاده المحقق العراقى فى كتاب القضاء ص ١٧ فى حل الاشكال ان
يقال ان التقرب بالعبادة تارة ذاتى ناشى عن اتيانه بداعى امره واخرى قصدى ناشى عن
قصد مقربية العمل لنفسه او لغيره ولو من جهة العلم بوفاء العمل بهذا القصد بالغرض
العبادى وفى المقام ما لا يمكن صدوره منه هو التقرب بالنحو الاول لعدم توجه امر
الميت اليه وعلى فرض التوجه ايضا لا يفى ذلك بمقربية عمله للميت واما التقرب
بالنحو الاخير فلا باس بصدوره عن النائب وانه من جهة علمه بوفاء العمل بغرضه يقصد
مقربيته للغير وهو واف بالغرض الراجع الى غيره ـ وقال فى ص ١٥ ولذا التزم بعض
الاعاظم بان الأجرة فى العبادات المستأجرة نيابة عن الميت بازاء النيابة وان العمل
يقع من النائب خالصا لوجه ربه ولكن لا يخفى ان ما افيد انما يصح لو كان قصد الوفاء
داعيا بدويا على العمل فى عرض داعى التقرب به واما لو كان طوليا كطولية داعى
الثواب مثلا فلا ينافى ذلك المقدار مع الخلوص الى آخر كلامه بان ياتى العمل القربى
بداع الأجرة.
(بقى فى المقام
شيء) وهو ان المكلف لو اتى باحدى الطهارات الثلاث بداعى التوصل بها الى شيء من
غاياتها ولكنه بدا له بعد ايجادها عن الاتيان بالغاية فهل يمنع ذلك عن حصول الطاعة
بها ذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ١٨١ اما على القول بالمقدمة الموصلة
فلا اشكال فى ان عدم الايصال الخارجى يكشف عن عدم تعلق الوجوب بها من اول الامر
وكان تعلق الامر بها تخيلا من الفاعل واما بناء على عدم اعتبار الايصال فى الاتصاف
بالوجوب كما هو الاقوى فيظهر من بعض اعتباره فى العبادية وترتب الثواب على المقدمة
ولكنه خلاف التحقيق لما عرفت من ان المحرك فى فرض قصد التوصل هو الامر النفسى وبما
ان الاتيان بها فى هذا الفرض انما كان بتحريك الامر النفسى وبداعى اطاعته ولا
يعتبر فى العبادة ازيد من كونها بداعى الامر
بقى الكلام (١) فى
تحرير المبحث فيما هو الواجب (٢) فان فى هذا المقام ايضا
______________________________________________________
وبتحريكه فلا مناص
عن الحكم بالصحة فى مفروض الكلام فان الشى لا ينقلب عما وقع عليه والبداء بعد
العمل لا يغير ما وقع عبادة عما هو عليه الخ واجاب عنه المحقق العراقى فى البدائع
ص ٣٨٤ والتحقيق فى المقام يقضى بالصحة وحصول الطاعة مطلقا اما على القول بوجوب
مطلق المقدمة فواضح واما على القول بوجوب خصوص الموصلة فلان الحسن الفاعلى المعتبر
انضمامه الى الحسن الفعلى فى تحقق الطاعة لا يعتبر فيه ان يكون ناشئا من قبل قصد
التقرب بذلك الحسن الفعلى بل يكفى وان كان ناشئا من قصد التقرب بجهة اخرى ولو لم
تكن منطبقة على ذلك الفعل ففى المقام حيث ان الطهارات راجحة فى انفسها يكفى فى
تحقق الطاعة بها الاتيان بها بقصد التوصل الى غاياتها وان انكشف بعد ذلك عدم تعلق
الامر الغيرى بها لفرض عدم الايصال خارجا فالحسن الفاعلى من ناحية قصد الامر
الغيرى اذا انضم الى محبوبيتها فى انفسها يكفى فى تحقق عنوان الطاعة وان لم يكن
عنوان الواجب الغيرى منطبقا عليها الخ وقد تبعه استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١
ص ١٨١ وقال عدم ترتب الواجب النفسى على الطهارات وان كان يكشف عدن عدم انطباق
الواجب الغيرى عليها بناء على ما هو الصحيح من اختصاص الوجوب الغيرى بالمقدمة
الموصلة إلّا انه لا يكشف عن فسادها بعد فرض كونها محبوبة من غير جهة توقف الواجب
النفسى عليها ايضا وحصول التقرب بها خارجا الخ والامر كما ذكروه ولا اشكال.
فى كيفية وجوب المقدمة
(١) اذا عرفت ذلك
كله فيقع الكلام فى اصل وجوب المقدمة وكيفيته.
(٢) اما الكلام فى
كيفيته وما هو الواجب ففيه القوال احدها قال فى الكفاية ج ١ ص ١٨١ لا شبهة فى ان
وجوب المقدمة بناء على الملازمة يتبع فى الاطلاق والاشتراط وجوب ذى المقدمة كما
اشرنا اليه فى مطاوى كلماتنا ولا يكون مشروطا بارادته كما يوهمه ظاهر عبارة صاحب
المعالم رحمة الله فى بحث الضد قال وايضا فحجة القول بوجوب المقدمة على تقدير
تسليمها انما تنهض دليلا على الوجوب فى حال كون المكلف مريدا للفعل المتوقف عليها
كما لا يخفى على من اعطاها حق النظر وانت خبير بان نهوضها على التبعية واضح لا
يكاد يخفى وان كان نهوضها على اصل
.................................................................................................
______________________________________________________
الملازمة لم يكن
بهذه المثابة كما لا يخفى الخ ووجه وضوحها فى الاول انه لو لا التبعية فى الاطلاق
بان يكون وجوب ذى المقدمة مطلقا ووجوبها مشروطا يلزم جواز تركها وهو فاسد كما
تضمنته الحجة على الاطلاق واما التبعية فى الاشتراط بمعنى انه ان كان وجوب ذى
المقدمة مشروطا كان وجوبها كذلك فالحجة لا تنهض عليها إلّا بملاحظة عدم صحة
الاحتجاج بها على الوجوب ح ، قال استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٢٩٢ ولكن التحقيق
عندنا على ما اخترناه من ان الحكم فى الواجب المشروط والمعلق فعلى وان الملازمة
بين ذات الوجوبين لا طورهما لا بد ان نقول بان اطلاق المقدمة وتقييدها لا يكون
تابعا لذيها فان السريان يكون فى الوجوب فقط فيمكن ان تكون مطلقة ويكون ذوها
مشروطا ـ اى فى المقدمات المفوتة والمقدمات التى يعتبر وجودها من باب الاتفاق
فيمكن ان يكون الوضوء مثلا واجبا مطلقا مع كون الصلاة مشروطة بالدلوك فطور الوجوب
لا يسرى اليها ويكون الملازمة بين اصل الحكمين الخ ونعم ما قال هذا فى الاطلاق
والاشتراط فلا يتبع المقدمة ذيها واماما افاده صاحب المعالم فقد اجاب عن المعالم
المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٣٢ فيرد عليه اولا ان وجوب المقدمة كما عرفت
تابع لوجوب ذيها اطلاقها واشتراطا فان اختار ان وجوب نفس الواجب ايضا مشروط
بارادته فهو محال وان اختار أنه مطلق إلّا ان وجوب المقدمة مشروط بها فالتفكيك غير
معقول كما عرفت ، وثانيا ان مرتبة الارادة هى مرتبة الاطاعة والامتثال لا مرتبة
البعث والايجاب فكيف يعقل ان يكون وجوب المقدمة مشروطا بها الخ والمراد من
المحالية ما ذكره المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢٠٤ اذ لا يعقل اشتراط وجوب
ذيها بارادته للزم انقلاب الايجاب الى الإباحة كك لا يعقل اشتراط ايجاب المقدمة
بارادة ذيها لانه فرع اشتراط وجوب ذيها الخ لكن يرد على الأول ان الوجوب مطلق لكن
متعلق الوجوب حصة خاصه من المقدمة وهو ما اذا اراد المكلف الاتيان بذيها فلا يخل
ذلك بالمتابعة فى الاطلاق والاشتراط لو سلم اعتبارها ، وبذلك يجاب عن الثانى بترشح
الوجوب على حصة خاصه لا على جميع الحصص فلا يكون ما هو فى الرتبة المتأخرة قيدا فى
الوجوب اصلا ، واجاب عن المعالم المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٨٥ ان ارادة الاتيان
بذى المقدمة ان كانت ماخوذة فى المقدمة بنحو شرط الوجوب فهو باطل من وجهين الأوّل
ان وجوب
حوصات وصيحات
عظيمة فمنهم ذهب الى انّ الواجب منها مطلق المقدمة ولو لم يوصل ولا قصد به التوصل
الى ذيها ، (١) ومنهم ذهب الى انّ الواجب ما قصد به التوصل ولو لم يوصل ، (٢)
ومنهم ذهب الى انّ الواجب خصوص الموصل منها و
______________________________________________________
المقدمة على القول
بالملازمة تابع لوجوب ذيها فى الاطلاق والتقييد حيث ان وجوب المقدمة وجوب غيرى
يترشح من وجوب ذى المقدمة فيستحيل تخلفه عنه ومن الواضح بالضرورة انه يستحيل تقيد
وجوب ذى المقدمة بارادته لكونه من قبيل طلب الحاصل فيستحيل ان يكون وجوب المقدمة
منوطا بارادته ، الثانى ان اشتراط وجوب المقدمة بارادة ذيها يستلزم تقييد وجوب
المقدمة بارادتها لان ارادة ذى المقدمة يستحيل انفكاكها عن ارادة مقدمته فاناطة
وجوب المقدمة بارادة ذيها ترجع فى الحقيقة الى تعليق وجوبها على تعلق ارادة المكلف
بها وقد تقدم فى الوجه الاول استحالة ان يكون وجوب الواجب مشروطا بارادته ، هذا
كله على تقدير ارجاع ارادة ذى المقدمة فى قول صاحب المعالم «قده» الى شرط الوجوب ،
واما اذا كانت الارادة ماخوذة فيها بنحو شرط الواجب فان كان المراد منه اعتبار قصد
التوصل كما ينسب الى الشيخ «قده» فسيجيء ما فيه ، وان كان المراد منه اعتبار
الارادة فى المقدمة الواجبة من دون ان يرجع الى قصد التوصل فيرده عدم الملاك لهذا
القيد على القول بالملازمة حيث ان ملاك القول بالملازمة هو التوقف ومن المعلوم ان
ارادة ذى المقدمة لا دخل له فى ذلك هذا الخ واورد عليه استادنا الآملي فى المجمع ج
١ ص ٢٩٤ هو ان من الممكن ان لا تكون المقدمة تابعة لذيها اطلاقا وتقييدا فيمكن ان
يكون وجوب الصلاة مطلقا ووجوب الوضوء مشروطا بارادة الصلاة فالاناطة تكون بين الارادتين
لا الوجوبين حتى يلزم الاشكالان ـ نعم هذا من الممكن ولكن الاثبات يحتاج الى دليل
اى اثبات اطلاق المقدمة مع كون ذيها مشروطا فلا اشكال على صاحب المعالم إلّا
اثباتا لا ثبوتا.
(١) كما عليه صاحب
الكفاية ج ١ ص ١٨٢ اولا يعتبر فى وقوعه كذلك شيء منهما ـ اى قصد التوصل والايصال ـ
الظاهر عدم الاعتبار الخ على تسليم الملازمة وسيأتى مفصلا.
(٢) وهو المنسوب
الى شيخ الاعظم الانصارى قال المحقق الماتن فى البدائع وربما يقال ان المقدمة
الواجبة هى خصوص ما قصد بها التوصل الى ذى المقدمة كما
.................................................................................................
______________________________________________________
ينسب الى الشيخ
الانصارى وتحقيق الحال فى ذلك يتوقف على بيان محتملات ما ينسب اليه ـ اى فى
التقريرات ـ فنقول ان عبارات مقرر بحثه فى المقام مختلفه فظاهر بعضها اعتبار قصد
التوصل فى وجوب المقدمة ـ اى قال فى التقريرات ص ٧٢ وهل يعتبر فى وقوعه على صفة
الوجوب ان يكون الاتيان بالواجب الغيرى لاجل التوصل به الى الغير اولا وجهان
اقواهما الاول ـ وظاهر بعضها الآخر اعتباره بنحو شرط الواجب فى خصوص المقدمات
العبادية ـ اى فى خصوص المقدمات العبادية قال ص ٧١ ما حاصله ان الامتثال مما يتوقف
على قصد عنوان الواجب وقصد عنوان الواجب هنا هو قصد عنوان المقدمية وقصد عنوان
المقدمية مما لا يتحقق بدون قصد التوصل بها الى ذيها وحكى ايضا عنه بان الذى يظهر
من كلماته فى نية الوضوء من كتاب الطهارة ان قصد التوصل شرط فى عبادية الواجب
الغيرى قال «ره» فى كلام له فان الامتثال بالواجب الغيرى والاتيان به لاجل امر
الشارع توصلا الى اباحة الصلاة مع عدم قصد التوصل به الى الغير بل لغرض آخر لا يعد
اطاعة وموافقة لذلك الامر ولا يصلح ان يكون هذا الفعل اطاعة لذلك الامر الغيرى الخ
ـ ويظهر من بعضها اعتباره بنحو شرط الواجب فى خصوص المقدمة المحرمة المنحصرة ـ اى
قال ص ٧٣ نعم تظهره الثمرة من جهة بقاء الفعل المقدمى على حكمه السابق فلو قلنا
بعدم اعتبار قصد الغير فى وقوع المقدمة على صفة الوجوب لا يحرم الدخول فى ملك
الغير اذا كانت مقدمة لانقاذ غريق بل يقع واجبا سواء ترتب عليه الغير اولا وان
قلنا باعتباره فى وقوعها على صفة الوجوب فيحرم الدخول ما لم يكن قاصد الانقاذ
الغريق ـ كما ان ظاهر بعضها الآخر اعتباره بنحو شرط الواجب فى مطلق المقدمة ـ اى
بملاحظة الاوامر العرفية المعمولة عند الموالى والعبيد قال ص ٧٢ فان الموالى اذا
امروا عبيدهم بشراء اللحم الموقوف على الثمن فحصل العبد الثمن لا لاجل اللحم لم
يكن ممتثلا للامر الغيرى قطعا وان كان بعد ما بدا له الامتثال مجزيا ـ وعليه
فينبغى البحث فى كل من هذه المحتملات الخ وذكر المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص
٢٣٤ ثم ان المقرر «قده» رتب على اعتبار قصد الامتثال فروعا يبعد كونها من المحقق
العلامة الانصارى «قده» ص ٧٢ مطارح الانظار منها عدم صحة صلاة من كان مكلفا
بالصلاة الى الجهات الاربع اذا لم يكن من قصده الصلاة الى جميعها ، ولا يخفى عدم
ارتباطه بما نحن فيه اصلا فان محل الكلام
لو لم يقصد به
التوصل (١) ، والتحقيق هو الاخير (٢) ثم الأول (٣) وأردأ الوجوه
______________________________________________________
فى المقام انما هو
اعتبار قصد التوصل وعدمه فى المقدمة الوجودية للواجب واما المقدمة العلمية فاعتبار
قصد الاتيان بتمام اطرافها فى صحة العبادة او عدمه اجنبى عن القول بوجوب المقدمة
فضلا عن اعتبار قصد التوصل فيها ومنها ص ٧٢ عدم جواز الاتيان بالغايات المشروطة
بالطهارة اذا لم يكن المتوضى قاصدا به لتلك الغايات بل اتى به لغاية اخرى لكنه «قده»
اشكل على ذلك بان الوضوء ليس له إلّا ماهية واحدة فلو اتى به باى غاية مشروعة
لترتب عليه الطهارة ويصح الاتيان بكل ما هو مشروط بالطهارة فلا يكون لاعتبار قصد
التوصل ثمرة فى هذا المقام اصلا نعم يتم ذلك فى باب الاغسال فانها ماهيات متعددة
وان اشتركت جميعها فى اسم واحد اقول ان ما افاده فى باب الوضوء من كفاية قصد غاية
واحدة فى صحة الاتيان بغيرها من الغايات متين جدا لكن عدم تعدية ذلك الى الاغسال
من الغرائب فان الخلاف فى ان الاغسال هل هى متعددة ماهية او متحدة انما هو باعتبار
اسبابها كالجنابة والحيض ونحوهما لا باعتبار غاياتها ـ اى الصوم والصلاة اذا لمس
او المكث فى المساجد ونحوها المترتبة عليها اذ لم يحتمل احد فضلا عن القول به ان
تكون الاغسال متعددة ماهية باعتبار غاياتها فهى من جهة الغايات لا فرق بينها وبين
الوضوء والكلام فيه هو الكلام فيه فلا تغفل الخ.
(١) وعليه صاحب
الفصول قال فى ص ٨٧ قد ذكرنا ان وجوب المقدمة غيرى وبيّنا ايضا انه يعتبر فى اتصاف
الواجب الغيرى بالوجوب كونه بحيث يترتب عليه الغير الذى يجب له حتى انه لو انفك
عنه كشف عن عدم وقوعه على الوجه الذى يجب فلا يتصف بالوجوب ـ لا بمعنى ان وجوبها
مشروط بوجوده فيلزم الا يكون خطاب بالمقدمة اصلا على تقدير عدمه فان ذلك متضح
الفساد كيف واطلاق وجوبها وعدمه عندنا تابع لاطلاق وجوبه وعدمه بل بمعنى ان وقوعها
على الوجه المطلوب منوط بحصول الواجب حتى انها اذا وقعت مجرّدة عنه تجردت عن وصف
الوجوب والمطلوبية لعدم وجوبها على الوجه المعتبر فالتوصل بها الى الواجب من قبيل
شرط الوجود لها لا من قبيل شرط الوجوب الخ واليه ذهب جماعة من المحققين «قده».
(٢) منهم المحقق
الماتن «قده».
(٣) فان ابيت عن
وجوب المقدمة الموصلة فلا بد من الالتزام بوجوب المقدمة
هو الوسط (١) وذلك
(٢) لانّ (٣) ما هو تمام الموضوع للارادة الغيريّة ليس الّا ذات المقدمة (٤) ولذا
يترشح الارادة من الاغراض الاصليّة الى ذوات الافعال فى كلّية
______________________________________________________
مطلقا وانه
المتعين.
(١) واضعف الوجوه
ما نسب الى الشيخ الاعظم الانصارى من قصد التوصل الى ذيها ثم قام فى بيان ضعفه وقد
عرفت ان هناك احتمالات فى كلام الشيخ الاعظم الانصارى.
(٢) قال المحقق
الماتن فى البدائع ص ٣٨٥ اما اشتراط الوجوب بقصد التوصل فيستحيل من حيث رجوعه الى
اشتراط وجوب المقدمة بارادتها اذ لا يعقل قصد التوصل بها الى ذيها من دون تعلق
ارادة المكلف بها وقد تقدم ان دخل ارادة الواجب فى وجوبه غير معقول ووجهه هو ان
ظرف تعلق الوجوب بالشيء ظرف ثبوته وظرف تعلق الارادة به هو ظرف سقوط الوجوب وهو
كما ترى متنافيان فكيف يعقل اعتبار احدهما فى تحقق الآخر ، واما دخله فى الواجب فى
خصوص المقدمات العبادية فغاية تقريبه هو ان يقال ان المقدمة فى باب المقدمات
العبادية هى خصوص الحصة العبادية منها ومن الواضح ان تحقق العبادية لا يكون إلّا
بقصد القربة وحيث لا يمكن تحقق ذلك بقصد الامر الغيرى لاستلزامه الدور على ما تقدم
ينحصر الامر فى قصد التوصل بالمقدمة فيتحقق ما هو الواجب وهو العبادة ، ويردّه ما
تقدم من امكان تحقق عبادية المقدمة بقصد الامر الغيرى من دون لزوم محذور ، مضافا
الى كفاية قصد المحبوبية النفسيّة فى ذلك فلا حاجة الى قصد التوصل اصلا الخ.
(٣) وقال المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٣٣ اما عدم اعتبار قصد التوصل ودخله فى اتصافها بالوجوب
فظاهر بلحاظ ان ملاك الحكم الغيرى انما كان ثابتا لذات المقدمة.
(٤) وحيثية القصد
المزبور كانت اجنبية عن ذلك بالمرة ومن ذلك لو اتى بالمقدمة لا بقصد التوصل كان
اتيانه ذلك محصلا لما هو غرض الامر بلا كلام وح فمع اجنبية القصد المزبور عن ذلك
لا يكاد يترشح الواجب الغيرى ايضا الاعلى نفس ذات المقدمة وهو واضح هذا اذا اريد
من دخل قصد التوصل فى الواجب دخل التقيد فى موضوع الوجوب الخ وبمثل ذلك اجاب فى
الكفاية ج ١ ص ١٨٢ اما عدم اعتبار قصد التوصل فلاجل ان الوجوب لم يكن بحكم العقل
الا لاجل المقدميّة والتوقف وعدم
الواجبات النفسيّة
التى كانت الارادة المتعلق بها ناشئة من الغرض المترتب عليها (١) ، كيف (٢) ولو
كان لقصد التوصل الى ذيها دخيلا فى وجوب المقدمة يلزم عدم ترشح الارادة من الغرض
الى ذوات الافعال بل لا بد من دخل قصد التوصل به الى الغرض دخيلا فى وجوب العمل
ولازمه فى مقام التقرّب فى الواجبات النفسية عدم كفاية اتيان ذات العمل بداعى
محبوبيته ومراديته لدى المولى بل لا محيص من اتيانه بقصد التوصل به الى الغرض. وهو
مضافا الى انه فاسد جدا (٣)
______________________________________________________
دخل قصد التوصل
فيه واضح ولذا اعترف بالاجتزاء بما لم يقصد به ذلك فى غير المقدمات العبادية لحصول
ذات الواجب فيكون تخصيص الوجوب بخصوص ما قصد به التوصل من المقدمة بلا مخصص فافهم
نعم انما اعتبر ذلك فى الامتثال لما عرفت من انه لا يكاد يكون الآتي بها بدونه
ممتثلا لامرها الخ.
(١) قال المحقق
الماتن فى البدائع ص ٣٨٧ ومما يشهد بعدم دخل قصد التوصل فى المقدمة الواجبة ان
الواجبات النفسية باسرها واجبات غيرية لبا بمقتضى ما تتضمنه من المصالح النفسية
الداعية الى وجوبها مع انه لا يلتزم احد بلزوم قصد التوصل بالواجبات النفسية الى
مصالحها الواقعية فى امتثال او امرها الخ.
(٢) مضافا الى انه
فى الواجبات النفسية لو اعتبر قصد التوصل لا يكفى اتيان ذات الافعال مع قصد القرب
لحصول العمل بل لا بد من اتيان العمل بقصد التوصل بداعى الامر حتى يحصل الغرض.
(٣) قال المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٣٣ اما ان اريد به اناطة موضوع الوجوب بكونه فى ظرف
القصد الى ذى المقدمة نظير اناطة التجارة بكونها عن تراض الملازم ذلك لاعتبار
الموضوع فى عالم الجعل فى رتبة متاخرة عن القيد والمنوط به ففساده افحش بلحاظ
استلزامه لكون المقدمة التى هى موضوع الوجوب الغيرى فى الرتبة المتاخرة عن القصد
المزبور التى هى رتبة وجود ذيها وهو كما ترى من المستحيل فان المقدمة لا بد من
كونها فى رتبة سابقه عن وجود ذيها فيستحيل ح اخذها فى رتبة وجود ذيها كما هو واضح
الخ واما دخله فى الواجب مطلق المقدمة ـ
.................................................................................................
______________________________________________________
هو الذى ذكره
المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢٠٤ قد عرفت آنفا ان الحيثيات التعليلية فى
الاحكام العقلية راجعة الى التقييدية ، وان الاغراض فى الاحكام العقلية عناوين
لموضوعاتها ـ اى ان المقدمة اذا كانت واجبة بحكم العقل فمتعلق الوجوب الغيرى انما
هو عنوان المقدمة لا ذاتها لان الجهات التعليلية فى الاحكام العقلية جهات تقييديه
ضرورة ان حكم العقل باستحالة شيء لاستلزام الدور مثلا حكم باستحالة الدور حقيقة
وعلى ذلك فحكم العقل بوجوب شيء لكونه مقدمة للواجب حكم بوجوب عنوان المقدمة قهرا ـ
فاذا كانت مطلوبية المقدمة لا لذاتها بل لحيثية مقدميتها والتوصل بها فالمطلوب
الجدى والموضوع الحقيقى للحكم العقلى نفس التوصل ومن البين ان الشيء لا يقع على
صفة الوجوب ومصداقا للواجب بما هو واجب إلّا اذا اتى به عن قصد وعمد حتى فى
التوصليات لان البعث تعبديا كان او توصليا لا يتعلق إلّا بالفعل الاختيارى ـ اى
وبما ان متعلق الوجوب يلزم ان يكون امرا اختياريا لاستحالة جعل الداعى الى غير
المقدور سواء كان الواجب تعبديا ام توصليا لا بد من ان يكون عنوان المقدمة مقصودا
فى وقوع المقدمة فى الخارج على صفة الوجوب فما لم يقصد عنوان المقدمة لا تقع
المقدمة فى الخارج على تلك الصفة ـ فالغسل الصادر بلا اختيار وان كان مطابقا لذات
الواجب ومحصلا لغرضه لكنه لا يقع على صفة الوجوب اى مصداقا للواجب بما هو واجب بل
يستحيل ان يتعلق الوجوب بمثله فكيف يكون مصداقا له فاعتبار قصد التوصل فى وقوع
المقدمة على صفة الوجوب مطلقا من جهة ان المطلوب الحقيقى بحكم العقل هو التوصل وما
لم يقع الواجب على وجهه المتعلق به الوجوب وهو كونه عن قصد وعمد لا يقع مصداقا
للواجب الخ ومن المعلوم ان قصد عنوان المقدمة هو بنفسه عزم على اتيان الواجب
النفسى وح لا يرد على ذلك محذور التفكيك بين وجوب ذى المقدمة ووجوب مقدمته فى
الاطلاق والاشتراط اذا المفروض ان القيد اعنى قصد التوصل الى الواجب النفسى قيد
للواجب لا للوجوب هذا ما ذكره المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٨٧ لتوجيه هذا لقول ،
واجاب عنه المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٨٧ بقوله يرد على ذلك اولا انا لا نسلم ان
الجهات التعليلية فى الاحكام العقلية جهات تقييديه لوضوح ان العقل يرى لحكمه
موضوعا وعلة ولا معنى لارجاع العلة الى الموضوع بحيث يصير موضوعا للحكم نعم قد
يتسامح فى التعبير بارجاعها
كما تقدم لازمه (١)
عدم التقرب بدعوة امرها اذ نفس قصد التوصل به الى الغرض كاف فى التقرب بها فلا
تنتهى النوبة بحصول التقرب بدعوة امره الذى هو فى الرتبة المتاخرة عن قصد التوصل
المزبور بعد الجزم بان فى عبادة وعمل واحد لا يكون تقرّبان كما لا يخفى ولعمرى ان
هذا البيان برهان جزمى فى عدم دخل قصد التوصل فى وجوب المقدمة وانما هى من تبعات
التقرب بها ولو لم يكن واجبة لا انها دخيلة فى وجوبها (٢).
______________________________________________________
الى الموضوع ،
وثانيا ان ما تقدم من رجوع الجهات التعليلية فى الاحكام العقلية الى الجهات
التقييدية على تقدير ثبوته لا يكاد يتم فى مثل المقام مما كان الوجوب فيه بحكم
الشارع وليس دخل العقل فيه إلّا بنحو الكاشفية والطريقية فالقاعدة المزبورة على
تقدير تسليمها مختصة بما يدركه العقل من الاحكام ولا تكاد تجرى فيما يكون ثابتا من
الشارع باستكشاف من العقل الخ من باب الملازمة لادرك العقل الملاك والحكم به ثم
يتعبه حكم الشرع ، وتبع فى هذا الجواب الثانى استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج ١ ص
٢٣٣ والتحقيق فى المقام هو ان ما افيد وان كان صحيحا فى الاحكام العقلية إلّا ان
الوجوب المبحوث عنه فى المقام شرعى لا عقلى نعم الحاكم بالملازمة بين الوجوب
النفسى والغيرى هو العقل فالعقل بعد استقلاله بالملازمة المزبورة يستكشف وجوبا
شرعيا متعلقا بالمقدمة حين تعلق الوجوب النفسى بما يتوقف عليها فعنوان المقدمية
متمحضة فى كونها جهة تعليلية الخ وهو الصحيح ايضا.
(١) قال المحقق
الماتن فى البدائع ص ٣٨٨ مضافا الى ان قصد التوصل لو كان ماخوذا فى الواجب لما
امكن حصول التقرب بقصد الامر فى مورد من الموارد اذ ان قصد التوصل المفروض اخذه فى
المتعلق محقق للتقرب فلا يبقى مجال لقصد الامر للزوم اجتماع تقربين فى الفعل الواحد
وهو مستحيل الخ لكن فيه ما تقدم ان القياس بالواجبات النفسية لا وجه له فان غايات
الواجبات النفسية ليست بواجبه بل ليس بمقدور كما مر الكلام فيه والعمدة هو الجواب
الاول.
(٢) قال المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٣٤ وان حصول القرب باتيانها عن قصد التوصل بها الى ذيها
غير موجب لانحصار القرب بذلك بل هو كما يتحقق
نعم هنا وجه آخر (١)
فى عدم تعدّى الوجوب عن صورة قصد التوصل بالمقدمة
______________________________________________________
بذلك يتحقق ايضا
باتيانها بداعى امرها ومراديتها للمولى ومن ذلك نقول بان شان الاوامر الغيرية كلية
انما كان هو التوسعة فى مقام التقرب باتيان متعلقه عن دعوته وعلى فلا مجال ايضا
لاثبات اعتبار قصد التوصل فى المقدمة فى وقوعها على صفة الوجوب بمثل هذا البيان
ايضا كما هو واضح الخ وفى هذا الجواب قصور ولعل المراد عدم امكان التقربين كما مر
قريبا.
(١) وهذا هو الذى
ذكره المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٣٥ وقال وان كان نظره «قدسسره» ـ اى
الشيخ الاعظم الانصارى ـ الى اعتبار قصد التوصل فى مقام المزاحمة كما تساعد عليه
جملة من عبارات التقريرات ويؤيده ما نقله الاستاذ دام ظله عن استاده المحقق السيد
العلامة الاصفهانى «قده» من انه كان ينسب ذلك الى الشيخ «قده» وان كان دام ظله
تردد فى ان النسبة المزبورة كانت مستندة الى استظهار نفسه ام الى سماعه ذلك من
المحقق سيد اساتيذنا العلامة الشيرازى «قده» عن استاده المحقق العلامة الانصارى «قده»
فهو وان كان يمكن تقريبه بان المقدمة اذا كانت محرمة وتوقف عليها واجب فعلى فغاية
ما يقتضيه التوقف المزبور فى مقام المزاحمة هو ارتفاع الحرمة عن المقدمة فيما اذا
اتى بها بقصد التوصل واما مع عدم قصده فلا مقتضى لارتفاع حرمتها ، ولا يرد عليه ح
ما يقال من ان وجوب ذى المقدمة ان لم يقتض وجوبها فى غير حال قصد التوصل بها فلا
بد وان يكون كذلك فى المقدمات المباحة ايضا فالمقدمة المباحة التى لم يقصد بها
التوصل الى ذيها لا تتصف بالوجوب المقدمى وعليه فما هو الوجه فى تخصيص اعتبار قصد
التوصل بالمقدمات المحرمة وذلك لان الاباحة لما كانت ناشئة من عدم المقتضى للبعث
او الزجر فلا تزاحم الوجوب حتى يختص الواجب بما قصد به التوصل وهذا بخلاف الحرمة
فانها مقتضية للترك فلا محاله يقع التزاحم بينها وبين الوجوب فلا بد من الالتزام
باعتبار قصد التوصل بالمقدمة المحرمة فى ارتفاع حرمتها إلّا انه يرد عليه ان
المزاحمة انما هى بين حرمة المقدمة ووجوب ما يتوقف عليها ولو لم نقل بوجوب المقدمة
اصلا فالتزاحم انما هو بين وجوب الانقاذ وحرمة التصرف فى الارض المغصوبة مثلا فلا
مناص عن الالتزام بارتفاع الحرمة لفرض كون الواجب اهم سواء فى ذلك القول بوجوب
المقدمة والقول بعدمه فاعتبار قصد التوصل فى متعلق الوجوب المقدمى اجنبى عما به
يرتفع التزاحم
الى ذيها فى بعض
الفروض وهو صورة انحصار المقدمة بالمحرم واقوائية وجوب ذيها عن حرمتها (١) بدعوى
ان مفسدة الحرمة يقتضى مبغوضيّة المقدمة على الاطلاق ولكن حيث اقترن بها جهة محسنة
فقهرا يصير قوة تاثير المفسدة فى مبغوضيّتها اضعف وبعد ذا فاذا فرضنا ان الوجوب
متعلق بالجامع بين ما فيه جهة محسنة وعدمه فالعقل يحكم بترجيح ما فيه الجهة
المحسّنة فى ترشح الوجوب اليه على غيره ففى غيره على اقتضاء حرمته ولازمه ح انحصار
الوجوب فيما نحن فيه بصورة اقترانه بقصد التوصل اذ فيها جهة محسنة حسب صلاحيّتها
للتقرب بها (٢) دون غيرها ففى غيرها على حرمتها ولا يتعدّى
______________________________________________________
المذكور بالكلية
هذا وقد ذكرنا فى محله ان التزاحم بين الخطابين انما يوجب سقوط اطلاق الخطاب
بالمهم دون أصله وعليه يترتب ان حرمة المقدمة فى مفروض الكلام انما ترتفع بامتثال
الامر بذى المقدمة لا بنفسه فلا مانع من فعليّة الخطابين على نحو ترتب احدهما على
عصيان الآخر الخ وفيه انه على مبناه من انبساط الامر النفسى المتعلق على ذى
المقدمة للمقدمة ايضا فلا محاله يتزاحم الوجوب الضمنى مع الحرمة مضافا الى ان
الامر الغيرى يلازم وجوب ذى المقدمة فيتزاحم مع الحرمة على المقدمة نعم انما الامر
الغيرى المصلحة فى ذيها لانفسها فلا يفرق فى ذلك لتزاحم الوجوب مع الحرمة.
(١) قال المحقق
الماتن فى البدائع ص ٣٨٦ فملخص تصويره هو ان ملاك ترشح الامر الغيرى من الوجوب
النفسى هو المقدمية والتوقف ونتيجة ذلك هى تعلق الامر الغيرى بطبيعى ما يتوقف عليه
الواجب وح فالمكلف يتخير بحكم العقل بين افراد ذلك الطبيعى باسرها عند تساوى تلك
الافراد بنظر العقل واذا لم تكن متساوية كما اذا كان بعض الافراد محرما فالعقل
يحكم بلزوم تطبيق الطبيعى المزبور على خصوص الافراد غير المشتملة على المنقصة.
(٢) وبعين هذا
الملاك يخص العقل فيما لو انحصرا المقدمة فى المحرم بما يقصد به التوصل لان
الاتيان بالمقدمة بداعى امتثال ذى المقدمة يوجب تحقق مزية فى نفس المقدمة وبذلك
يضعف ملاك مبغوضيتها اذا كانت محرمة.
الوجوب ح اليها (١)
وذلك ايضا لا لعدم المقتضى فيه (٢) بل لوجود المانع من بقاء تاثير الحرمة فيها
بحاله هذا نهاية بيان لمرام بعض الاعظام فى وجه اختصاص الوجوب فى مثل هذا الفرض
بخصوص ما قصد به التوصل ، وفرع عليه (٣) بان جواز العبور عن الارض المغصوبة لانقاذ
الغريق عند حصر الطريق به انما هو منحصر فى خصوص ما قصد به التوصل لا مطلقا وهكذا
الامر فى نظائره ، ولكن لنا فى المقام كلام وهو انّ ذلك انما يتمّ لو فرض كون
الجهة المحسنة فى احد الفردين (٤)
______________________________________________________
(١) فالعقل يحكم
بلزوم تطبيق الطبيعى على ذلك الفرد المتصف بالرججان فينحصر الواجب الغيرى فى خصوص
ما يقصد به التوصل الى الواجب من المقدمة المحرمة المنحصرة الخ.
(٢) هذا اشاره الى
عدم اعتبار قصد التوصل فى مطلق المقدمة لان الإباحة لا اقتضاء.
(٣) اشاره الى ما
مثله من المقدمة المحرمة وهى العبور عن الارض المغصوب لانقاذ الغريق.
(٤) قال المحقق
الماتن فى البدائع ص ٣٨٦ ويرد عليه اولا ان ما ذكر انما يتم اذا كان قصد التوصل فى
مثل ذلك مفردا وموجبا لكون المقدمة المحرمة ذات فردين اذ ح يلزم تطبيق ذلك الجامع
على فرده الراجح ومن الواضح بالضرورة ان الامر ليس كذلك لان قصد التوصل وعدمه
حالتان متبادلتان على الواحد الشخصى واجنبيان عما هو الدخيل فى مقدميته فلا موجب
اصلا لاعتبار القصد المزبور فى الواجب ـ اى الذات ح فى حال عدم وجدانها للخصوصية
بعنيها هى تلك الذات حال فقدانها لها وانما لاختلاف ممحضا فى الوجدان والفقدان
وليس من الكلى المتواطى والطبيعى مع الافراد كالآباء مع الافراد الذى يشتمل كل فرد
حصة من الطبيعى اصلا بل جامع التشكيك وعلى ذلك نقول بانه اذا اقتضى اهمية الانقاذ
فى المثال مطلوبية شخص هذه الذات المحفوظة بين الحالتين وهو الغصب ومغلوبية مفسدته
لا يفرق بين حال وجدانها لخصوصية قصد التوصل وحال فقط انها لها ومعه فلا يتعين
عليه قصد
او الحالين (١)
جهة محسنة ملزمة اذ ح لازم الجمع بين اغراض المولى مهما امكن تخصيص الوجوب بما فيه
تلك الجهة ، واما لو فرض كون الجهة المحسنة غير ملزمة كما نحن فيه فلا شبهة فى ان
العقل ايضا يحكم بحفظ اغراض المولى بنحو كان المولى بصراط حفظه واذا فرضنا ان
المزيّة الزائدة لم تكن لدى المولى لازمة التحصيل فالعقل ح لا يحكم بلزوم حفظ اغراضه
حتى ما لا يلزم حفظه لديه بل غاية الامر يحكم باستحسانه لا بلزومه وهذا المقدار لا
يقتضى حتى فيما فرضت اختصاص ما قصد به التوصل بالوجوب بل كان ذلك مورد استحسانه فى
اختياره ولقد شرحنا نظير هذا المقالة فى العبادات المكروهة فراجع باب اجتماع الامر
والنهى ترى ما ذكرنا فى المقامين حقيقا بالقبول هذا كله فى دفع توهم دخل قصد
التوصل فى وجوب المقدمة ، واما توهّم وجوب مطلق المقدّمة (٢) فعمدة النظر
______________________________________________________
التوصل بها الى
الواجب ـ.
(١) وثانيا ان قصد
التوصل على تقدير تسليم تاثيره فى الرجحان انما يتعين اذا كان تاثيره بالغا حد اللزوم
وإلّا فلا يحكم العقل إلّا برجحان التطبيق عليه ومن المعلوم انه لا يوجب الرجحان
بحد اللزوم اذ لو كان كذلك لوجب تحققه فى كل مقدمة وان لم تكن محرمة وهو خلاف
الفرض الخ وبالجملة فى المقام الذى لا يوجد فيه فرد مباح ولابدية الاتيان باحد
الفردين بمقتضى اهمية الانقاذ فقهرا يكون نتيجه الامر بالجامع فيهما بعد عدم بلوغ
رجحان الخصوصية الى مرتبه المنع عن النقيض هو التخيير بينهما كما هو واضح وعلى فرض
انه يوجب المزية للمقدمة فلا محاله لا بد من التعدى الى كل مقدمه ويخرج عن احد
فردى التخيير مع ان المفروض يختص بالمحرمة هذا كله بالنسبة الى قصد التوصل.
(٢) اما القول
بوجوب مطلق المقدمة فالوجه فيه هو ابطال القول بوجوب المقدمة الموصلة قال المحقق
الماتن فى البدائع ص ٣٨٨ وربما يقال ان الواجب هو خصوص المقدمة الموصلة كما عن
صاحب الفصول «قده» وبيان صحة هذه الدعوى وسقمها يستدعى بيان ما يتصور عقلا من
الصور فى اخذ الايصال قيدا ثم التكلم فى كل
فيه ايضا الى عدم
دخل حيثيّة الايصال الى ذيها فى وجوبها لانه ان كان من باب دخله (١) فى وجوبه (٢)
فيلزم وجوب المقدمة فى ظرف وجوب وجوده (٣) اذ وجود ذيها يستحيل انفكاكه منها (٤)
وهو كما ترى (٥) وضوح فساده ، وان كان
______________________________________________________
منها فنقول ان
ترتب ذى المقدمة على المقدمة اما ان يعتبر فى المقدمة بنحو شرط الوجوب او بنحو شرط
الواجب وعلى كل من التقديرين اما ان يكون من قبيل الشرط المقارن او يكون من قبيل
الشرط المتاخر فالصور اربع.
(١) اما الصورة
الأولى وهى ان يكون من قبيل الشرط المقارن للوجوب ـ اى دخل الايصال الى ذى المقدمة
شرط مقارن لوجوب المقدمة ـ فهى مستحيله لان وجود ذى المقدمة فى الخارج لا يعقل
انفكاكه عن وجود مقدمته فلو كان وجوبها منوطا بوجوده لكان من قبيل تحصيل الحاصل
وهو بديهى الاستحالة ، واما الصورة الثانية وهى ان تكون من قبيل الشرط المتاخر
للوجوب فالمحذور المتقدم وان لم يكن واردا عليها كما هو واضح إلّا انها تستحيل من
ناحية استلزامها التهافت فى نظر الآمر لانه بلحاظه وجود ذى المقدمة شرط لوجوبها
يراه متقدما وبلحاظه وجود ذى المقدمة بمنزلة المعلول لوجوب المقدمة يراه متاخر او
ذلك مستحيل بالوجدان.
(٢) ـ الصحيح ـ وجوبها
فنرجع الى بيان الصورة الاولى وتوضيحها.
(٣) اى وجود ذى
المقدمة فان حيثيّة الايصال والترتب نظير عنوان الموضوعية انما كانت منتزعة عن
رتبة متاخرة عن وجود ذى المقدمة وح فاناطة الوجوب المتعلق بها اى بالمقدمة بالوصف
المزبور اى الايصال يكون ملازمة لاناطته اى ايجاب ذى المقدمة بوجود موضوعه اى ذى
المقدمة وهو من المستحيل من جهة كونه تحصيل الحاصل.
(٤) اى بعد ما لا
بد فى مقام الايجاب والاناطة من لحاظه اى الايجاب فى ظرف لحاظ قيده اى كالايصال فى
المقام بجعل المنوط به هو الشى بوجوده العلمى اللحاظى طريقا الى الخارج فقهرا فى
ظرف القيد اى الايصال يرى كون الوجود متحققا اذ يرى كونه ظرفا لوجود المقدمة الذى
هو ظرف سقوط الامر عنها.
(٥) ـ اى ومعه
يستحيل كونه ظرف لثبوت الامر بها كى امكن البعث نحوها بالايجاد كما هو واضح ـ.
من باب دخله فى
الواجب (١) فمرجعه الى كون الواجب من المقدمة مقيّدا بوجود ذيها فلازمه تقيّد
الواجب بشيء يستلزم استحالة تركه وهو افحش فسادا من الأول ، فلا محيص من عدم دخل
حيثية الايصال الى ذيها فى الوجوب او الواجب مضافا (٢) الى حكم الوجدان بان تمام
المناط فى الوجوب الغيرى هو ذات المقدمة بلا دخل شيء زائد عن المقدمية فى وجوبه
كما اسلفنا ذلك سابقا ايضا ، ثم نقول (٣) ايضا ان الغرض من كل مقدمة الذى هو
الداعى على ايجابه ليس إلّا ما يترتّب عليه وح ليس وجود ذيها غرضا لكل مقدمة مقدمة
اذ يستحيل ترتب ذيها بكل واحد منها فلا محيص من كون الغرض من كل مقدمة حفظ وجود
ذيها من قبله وسد باب عدمه من ناحيته ولازمه ترتب مثل هذا الغرض
______________________________________________________
(١) واما الصورة
الثالثة والرابعة اعنى ان يكون ترتب ذى المقدمة شرطا فى الواجب باحد النحوين من
المقارن والمتاخر فقد يورد عليهما اولا بان تقييد المقدمة الواجبة بترتب ذى
المقدمة عليها يرجع الى تقييد الواجب بما لا يمكن انفكاك الواجب عنه على تقدير
تحققه ومثل ذلك مستحيل لانه يئول الى اشتراط الواجب وتقيده بوجود نفسه ـ اى ذلك
لان وجود ذى المقدمة لا ينفك قهرا عن وجود المقدمة فلو كان وجود المقدمة مقيدا
بوجود ذيها يلزم ان يكون وجود المقدمة مقيدا بوجود نفسه وهو لغو ومحال.
(٢) وثانيا ان
الوجدان اقوى شاهد على عدم دخل ما سوى ذات المقدمة فيما هو الملاك لوجوبها الغيرى.
(٣) وثالثا ان
الغرض من اى مقدمة الداعى الى ايجابها ليس إلّا ما يترتب على وجودها ومن الواضح
بالضرورة انه لا يترتب على كل فرد من افراد المقدمة وجود ذى المقدمة فى الخارج
إلّا اذا كانت من قبيل السبب التوليدى لذيها وانما المترتب على كل مقدمة هو امكان
تحقق ذى المقدمة من ناحية تلك المقدمة المعبر عنه بحفظ وجود ذى المقدمة من ناحية
هذه المقدمة او بسد باب العدم عنه من هذه الجهة وح فلا محيص عن كون الداعى الى
ايجاب المقدمة هو ذلك ومن البديهى ان تمام الدخيل فى تحصيل هذا الغرض هو ذات
المقدمة من دون احتياج الى ضم باقى المقدمات اليها.
على كلّ مقدمة ولو
لم ينضم اليه غيره ولا يتحقق وجود ذى المقدمة ويستتبعه ح وجوب ذاته وان لم يوصل ،
مضافا (١) الى ان بوجود كل مقدمة يسقط وجوبه و
______________________________________________________
(١) ورابعا ان
الامر الغيرى المتعلق بكل مقدمة يسقط بمجرد الاتيان بتلك المقدمة كما يشهد به
الوجدان فلو كان المتعلق مقيدا بما هو خارج عن ذات المقدمة لكان سقوط الامر من دون
ان يتحقق تمام المتعلق بلا سبب يقتضيه ، ثم انه يقرب القول بوجه آخر ذكر المحقق
النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٤٠ بقى الكلام فيما افاده المحقق صاحب الحاشية فى
المقام من ان المقدمة انما وجبت من حيث الايصال لا مقيدة بكونها موصلة وقد اصر على
ذلك فى موضع من كلامه وانكر وجوب المقدمة الموصلة وهذا الكلام وان كان مجملا فى
بدو النظر إلّا ان الظاهر انه اراد به ان الداعى الى ايجاب المقدمة هو كونها مما
يتوصل به الى الواجب النفسى المتوقف عليها وإلّا فلا غرض يترتب على ايجابها الغيرى
اصلا فكل واحدة من المقدمات انما تقع فى الخارج على صفة المطلوبية فيما اذا وقعت
فى سلسلة العلة التامة لوجود ذى المقدمة واما اذا كانت منفكة عن ذلك ووقعت مجردة
عن بقية اجزاء العلة فبما انها لم يترتب عليها الغرض الداعى الى ايجابها فلا تقع
فى الخارج على صفة الوجوب كما هو الحال فى اجزاء الواجب النفسى فان كان واحد منها
انما يقع على صفة الوجوب النفسى فى ضمن تعلقه بالمركب اذا وقع فى الخارج منضما الى
بقية اجزائه لا اذا وقع منفكا عنها فحال المقدمة فى انطباق الواجب الغيرى عليها
كحال الاجزاء فى انطباق الواجب النفسى عليها بعينها ولكنه مع ذلك لم يؤخذ الايصال
قيدا فى اتصاف المقدمة بالوجوب لا بنحو يكون شرطا للوجوب ولا بنحو يكون قيدا
للواجب فتقيد المقدمة بتحقق الواجب النفسى بعدها كنفس تحققه فى الخارج لا يكون
شرطا للوجوب الغيرى ولا متعلقا له فيكون القيد والتقيد كلاهما خارجين ـ الى ان قال
ـ وعلى ما ذكرناه فلا مناص عن الاهمال وان يكون الواجب الغيرى كوجوبه غير مقيد بالايصال
ولا مطلقا من هذا الجهة كما هو الحال فى الوجوب النفسى المتعلق بذى المقدمة فانه
يستحيل ان يكون مقيدا بوجوده او مطلقا بالقياس اليه وهذا هو الفرق بين ما ذهب اليه
المحقق صاحب الحاشية من كون المقدمة واجبة عن حيث الايصال وما ذهب اليه صاحب
الفصول من تقييد الواجب بالايصال فان لازم كلام المحقق المذكور عدم امكان الاطلاق
والتقييد فى المقام اصلا اذا عرفت ذلك فاعلم ان المقدمة المحرمة اذا لم تقع فى
الخارج على
.................................................................................................
______________________________________________________
صفة الايصال فهى
تقع على صفة الحرمة بناء على ما ذهب اليه صاحب الفصول من اختصاص الوجوب الغيرى
بالمقدمة الموصلة بلا احتياج الى الالتزام بالترتب فان المقدمة على ذلك تنقسم الى
قسمين قسم منها يكون واجبا والقسم الآخر يبقى على حكمها السابق واما بناء على ما
ذهب اليه المحقق المذكور فبما ان التقييد الموجب لانقسام المقدمة الى قسمين كان
محالا فالحكم بحرمة المقدمة المحرمة فى ظرف عدم ايصالها الى الواجب يكون على نحو
الترتب ـ بيان ذلك انه «قده» التزم فى مبحث الضد بان ترك احد الضدين مقدمة للآخر
فاذا كان ترك الصلاة مقدمة لواجب اهم كالإزالة فيكون الترك واجبا من حيث الايصال
فاذا فرضنا ان المولى لم يصل الى غرضه من الايجاب المذكور فلا محاله يوجب الصلاة
فى هذه المرتبة لعدم المزاحمة فيكون ايجابها مشروطا بعصيان خطاب الامر بتركها ومنه
يتضح حال المقدمة المحرمة بل المباحة فى المقام فان تحريمها او اباحتها انما يكون
فى مرتبه عصيان الامر بها وعدم ترتب غرض المولى على ايجابها واما الامر بها فهو
غير مقيد ولا مطلق فيكون النتيجة هو تعلق خطابين بموضوع واحد لكن مترتبا ونحن وان
صححنا الترتب فى محله الا انا قد اشترطنا فى ذلك كون احد الخطابين مترتب على عصيان
الخطاب الآخر المتعلق بموضوع آخر لا فى مرتبه عصيان خطاب آخر متعلق بهذا الموضوع
بعينه وعليه فتكون الحرمة او الاباحة فى المقدمة مترتبة على عصيان الامر بذى
المقدمة كما ان الامر بالصلاة فى مبحث الضد يكون مترتبا على عصيان الامر بالازاله
لا على عصيان الامر بترك الصلاة كما ذكره المحقق المزبور «قده» الخ ، وتوضيح ذلك
قال المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٨٩ ونتيجه ذلك هو ان الغرض من ايجاب مقدمة الواجب
ليس إلّا حفظ وجود الواجب فى الخارج ولازمه ترشح امر غيرى واحد من الوجوب النفسى
على مجموع المقدمات لان المفروض وحدة الغرض الداعى الى ايجابها فينبسط ذلك الامر
الغيرى على كل مقدمة انبساط الوجوب على اجزاء الواجب النفسى فتاخذ كل مقدمة حصة من
ذلك الامر الغيرى وتكون واجبة بالوجوب الغيرى الضمنى ويترتب على ذلك ان متعلق كل
امر ضمنى من تلك الاوامر الغيرية حصة من المقدمة وهى المقارنة لوجود سائر المقدمات
الخ.
واورد عليه المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٤٠ ولكن فيه ما لا يخفى اذ
يستحيل بقاء وجوبه
ولو لا قيام الوجوب بها على الاطلاق يستحيل سقوط وجوبه حتى فى حال انفراده عن بقية
المقدمات وهذا غاية بيان لمرام القائل بوجوب المقدمة بذاتها على الاطلاق بلا دخل
شيء آخر فيه. ولكن لنا فى مقامنا هذا كلام وهو ان هذه البيانات (١) بعد تماميّتها
فى نفسها انما ينتج المقصود لو كان كل سد باب مترتب على مقدمة مطلوبا مستقلا (٢)
______________________________________________________
نقول بان الغرض من
الامر بكل مقدمة ليس إلّا ما يترتب على وجودها من الملاك وح فاذا كان دخل كل مقدمة
من حيث كونها سادة لباب من ابواب عدم ذيها فى الخارج ـ اى نفس وجود ذيها ـ فلا جرم
لا يكاد يكون الغرض من ايجاب كل مقدمة الا ذلك وفى مثله يستحيل كونه هو التوصل الى
الوجود ويترتب الواجب عليها كيف وانه بعد مدخلية الارادة ايضا فى تحقق الواجب
يستحيل كون الترتب المزبور من آثار مجموع المقدمات فضلا عن كل واحدة منها وح فاذا
لم يكن دخل كل مقدمة الا كونها سادة لباب من ابواب عدم ذيها ولا كان الغرض من
ايجاب كل مقدمة ايضا الا ما يترتب عليها من الحفظ من جهتها لا ترتب الوجود فلا
محيص بمقتضى البيان المزبور من الالتزام بان الواجب هو نفس ذات المقدمة لا هى بما
انها موصلة نظرا الى وضوح ترتب مثل هذا الغرض ح بمحض تحقق المقدمة فى الخارج وان
لم يتحقق بقية المقدمات ولم يترتب عليها ذوها فى الخارج اصلا كما لا يخفى الخ قال
المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٩٠ ولا يخفى ان هذا التقريب ـ اى من المحقق صاحب
الحاشية ـ وان تم من ناحية اختصاص الوجوب الغيرى بحال الايصال على نحو القضية
الحينية لانحصار ملاك الوجوب بهذا الحال وهو حفظ وجود الواجب فى الخارج لكن ما رتب
عليه من تعلق امر غيرى واحد بمجموع المقدمات غير تام الخ كما ستعرف ، واجاب المحقق
الماتن فى البدائع ص ٣٩٠ عن الاهمال الذى ذكروه من ان الاطلاق التابع للتقييد
امكانا وامتناعا هو الاطلاق اللحاظى واما الاطلاق الذاتى فلا يكون تابعا للتقييد
فالسر فى عدم وجوب مطلق المقدمة هو ما ذكرنا ـ اى سيأتى ـ من قصور المقتضى الخ
والامر كما ذكره الاستاد.
(١) اى الوجوه
التى ذكروها لاجل وجوب المقدمة مطلقا من دون شرط.
(٢) اى يبتنى ما
ذكروها على ان كل مقدمة واجب مستقل فى قبال سائر
واما لو بنينا (١)
على ان مطلوبيّة السدود (٢) انما هو من لوازم مطلوبية وجود الشيء فلا شبهة فى عدم
اقتضاء مطلوبية الوجود بطلب واحد الا مطلوبية مجموع السدود بنحو الارتباط ومقتضاه
ح تعلق الطلب الضمنى بكل واحد بنفس ذاته فى حال الانضمام بسدّ آخر لا مطلقا ولا
مقيدا (٣) كما هو الشأن فى وجوب كل جزء من اجزاء المركب (٤) وح من المعلوم ان من
هذا النحو من الطلب القائم بالسد المترتب على كل مقدمة لا يترشح إلّا نحوه الى
المقدمة (٥) لا اقول ان
______________________________________________________
المقدمات بل فى
قبال نفس الواجب النفسى وانما يترشح منه فقط ويلازمه ولا ارتباط بعض المقدمات ببعض
اصلا وهذا باطل بالبداهة.
(١) اى ينشأ فى
تخصيص الوجوب الغيرى بخصوص المقدمة الموصلة قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص
٣٤٠ لكن من جهة قصور الوجوب الغيرى فى نفسه عن الشمول للمقدمة الا فى حال الايصال
الى ذيها.
(٢) اى غير خفى ان
مطلوبية المقدمات من شئون مطلوبية ذى المقدمة والغرض من مطلوبية كل مقدمة سد باب
عدم من اعدام ذى المقدمة والمطلوب جميع هذه السدود فكل واحد من هذه السدود مطلوب
فى ضمن المجموع لا مستقلا.
(٣) اى معروض
الوجوب ليس هى الذات المطلقة او المقيدة بقيد الايصال بل هى الذات التوأمة مع
الايصال والحصة التوأمة مع وجود ذى المقدمة من تلك الذات غير سائر الحصص فى حد
نفسه من دون احتياج الى تقييده بشيء.
(٤) نظير ما
ذكرناه غير مرة فى الاوامر الضمنية المتعلقة بالاجزاء فى المركبات الارتباطية فى
اختصاص شمولها لكل جزء من المركب بحال انضمام بقية الاجزاء ايضا وقصورها بنفسها
لضمنيتها عن الشمول لجزء عند عدم انضمام بقية الاجزاء.
(٥) وذلك انما هو
بتقريب ان دخل كل مقدمة وان لم يكن الاسد باب عدم ذيها من قبلها ـ إلّا ان التكليف
المتعلق بكل واحد من السدود المزبورة حيثما كان تكليفا انحلاليا ضمنيا ـ وكان من
جهة ضمنيته فى تعلقه بالسد من هذه الجهة وتلك الجهة قاصر الشمول لحال عدم تحقق
بقية السدود وعدم انحفاظ المطلوب من الجهة الاخرى ـ فلا جرم نقصها وقصورها ذلك
يوجب كون الطلب الغيرى المترشح منها الى
مجموع المقدمات
واجبة بوجوب وحدانى ارتباطى (١) كيف ولقد اشرنا بان اختلاف انحاء دخل المقدمة اوجب
استقلال كل بارادة (٢) وانما اقول ان مطلوبية الغرض منها اذا كان طلبا ناقصا ضمنيا
لا ينتج ذلك بالنسبة الى كل مقدمة الا طلبا مستقلا غير منفك عن مطلوبية الغرض (٣)
وحيث ان المطلوب من كل
______________________________________________________
المقدمات الموجبة
للسدود المزبورة ايضا طلبا ناقصا غير تام بنحو يقصر فى تعلقه بكل مقدمة عن حال
انفرادها عن بقية المقدمات الأخر.
(١) اى لا انه امر
واحد منبسط على جميع تلك المقدمات نظير انبساط الوجوب على اجزاء الواجب بل المتعلق
بها اوامر متعددة مستقلة متلازمة الثبوت والسقوط وذلك لان التلازم فى الثبوت
والسقوط لا يقتضى وحدة الحكم بل هو لازم لوحدة الامر الناشئة من وحدة الغرض والفرض
تلازم الاوامر المستقلة الناشئة من الاغراض المتلازمة.
(٢) اى ما نحن فيه
كذلك لان دخل كل مقدمة اعنى به التقيد يكون مختلفا اذ قد يكون على نحو الاقتضاء
وقد يكون على نحو الشرطية وقد يكون على نحو الاعداد فلا محاله تختلف انحاء التقيد
بحيث لا ترجع الى نحو واحد.
(٣) فان الغرض من
الامر بكل مقدمة وان كان هو جهة وفائها مما يخصها من سد باب ذيها من قبلها إلّا
انه من جهة ضمنيته باعتبار تعلقه بمجموع السدود يكون قاصر الشمول فى تعلقه بالسد
من هذه الجهة عن حال عدم تحقق بقية السدود ـ اى ان محبوب النفسى للامر حفظ ذى
المقدمة على الاطلاق اما سد باب العدم من ناحيتها لا يكون محبوبا الا فى ظرف سد
باب العدم من سائر الجهات فما فى الكفاية ج ١ ص ١٨٤ لا يكاد يعتبر فى الواجب الا
ما له دخل فى غرضه الداعى الى ايجابه والباعث على طلبه وليس الغرض من المقدمة الا
حصول ما لولاه لما امكن حصول ذى المقدمة ضرورة انه لا يكاد يكون الغرض الا ما
يترتب عليه من فائدته واثره ولا يترتب على المقدمة الا ذلك الخ قد عرفت ما فيه فان
كون الغرض من الوجوب الغيرى لو كان مجرد التمكن من الواجب النفسى يلزم القول بوجوب
فعل المقدمة ولو مع تعذر بقية المقدمات لترتب الغرض على فعلها والوجوب منوط بغرضه
وسد باب من ابواب عدمه مع انه لا يلتزم به احد ولذا نقول ان الغرض من الواجب
الغيرى هو نفس الوجود
سد هو ذات السد
التوأم مع بقية السدود كذلك الواجب من المقدمة ايضا هو الذات التوام مع البقية بلا
اطلاق ولا تقيد (١) ولئن شئت تقول ان عدم سراية الوجوب من المقدمة الى حال انفراده
عن الغير انما هو لقصور فى وجوبه (٢) لا من جهة تقييد فى الواجب بشيء (٣) وبعد ما
اتضح ذلك نجيب عن البرهان
______________________________________________________
الفعلى للواجب
النفسى لا شيء آخر بحكم العقل فيترشح الوجوب الى هذا الحصة الخاصة التوأمة مع
الايصال.
(١) اى لازم ذلك
ان ينشأ من الامر الضمنى المتوجه الى كل واحد من التقيدات امر غيرى مستقل متوجه
الى كل واحد من المقدمات وحيث ان الغرض المرتب على جميع تلك التقيدات على اختلاف
اطوارها تحصيل وجود متعلق الامر فلا محاله تكون الاوامر الغيرية الناشئة من تلك
الاوامر الضمنية ناقصة مرتبطة بحيث تكون متلازمة فى الثبوت والسقوط ويشهد لك امكان
الاتيان بكل مقدمة بقصد امرها الاستقلالى كالوضوء فى باب الصلاة فلو كان الامر
المتوجه الى المقدمة ضمنيا لما جاز ذلك لانه ح يكون من صغريات التشريع هكذا ذكر
المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٩٠.
(٢) اذ لا يمكن ح
ان يكون هذا الطلب الغيرى الناشى من الطلب الضمنى طلبا مستقلا تاما فى حد نفسه
وقابلا للامتثال على الاطلاق حتى فى ظرف عدم تحقق بقية المقدمات للتالى مع كون
الطلب المترشح منه هذا الطلب الغيرى طلبا ناقصا غير تام فى نفسه.
(٣) اى يكون الوجه
لعدم وجوب مطلق المقدمة هو قصور الاقتضاء لا تقييد وجوبها بالايصال ـ قال المحقق
الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٤١ وعلى ذلك نقول بانه اذا كان التكليف المتعلق بكل
مقدمة تبعا للتكليف النفسى الضمنى المترشح منه ناقصا غير تام فى حد نفسه بنحو يقصر
عن الشمول لحال عدم تحقق بقية المقدمات فلا جرم يوجب نقصه وقصوره ذلك تخصيص
المطلوب ايضا بما لا يكاد انفكاكه عن بقية المقدمات التى منها الارادة الملازم مع
الايصال الى وجود ذيها فى الخارج ومعه يكون الواجب قهرا عبارة عن خصوص ما هو ملازم
مع الايصال بنحو لا يكاد انفكاكه فى الخارج عن وجود الواجب لا مطلق وجود المقدمة
ولو فى حال الانفكاك عن
الاخير (١) مضافا
بالنقض باجزاء الواجب والواجب المشروط بامر متاخر عنه (٢) ، ان (٣) فى امثال
المقام (٤) يسقط الوجوب عن الفاعلية ولو فى فرض
______________________________________________________
الايصال وعن ترتب
الواجب عليها فالواجب بما هو واجب وان لم يكن مقيدا بالايصال ولكنه لقصور فى حكمه
عن الشمول لحال الانفكاك عن بقية المقدمات لا يكون مطلقا ايضا بنحو يشمل حال عدم
الايصال الى ذيه الخ.
(١) ويراد منه
صاحب الكفاية ج ١ ص ١٨٦ ولانه لو كان معتبرا فيه الترتب لما كان الطلب يسقط بمجرد
الاتيان بها من دون انتظار لترتب الواجب عليها بحيث لا يبقى فى البين إلّا طلبه
وايجابه كما اذا لم يكن هذه بمقدمة او كانت حاصلة من الاول قبل ايجابه مع ان الطلب
لا يكاد يسقط الا بالموافقة او بالعصيان والمخالفة او بارتفاع موضوع التكليف كما
فى سقوط الامر بالكفن او الدفن بسبب غرق الميت احيانا او حرقه ولا يكون الاتيان
بها بالضرورة من هذا الامور غير الموافقة الخ.
(٢) واجاب عنه
المحقق الماتن اولا ـ واليك توضيحه قال المحقق العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٤٣ مضافا
بالنقض باجزاء المركبات الارتباطية والمشروطات بالشرط المتاخر المعلوم فيها ايضا
عدم وجوب الاتيان ثانيا بالجزء الماتى به من المركب ما دام على صلاحيته للانضمام
ببقية الاجزاء مع معلومية عدم سقوط الامر عنه الا بعد لحوق الجزء الاخير من المركب
بلحاظ توأمية الاوامر الضمنية المتعلقة بالاجزاء ثبوتا وسقوطا.
(٣) اى ثانيا.
(٤) ان عدم وجوب
الاتيان بالجزء الماتى به هناك وبالمقدمة فى المقام انما هو من جهة سقوط الامر ح
عن المحركية والفاعلية لا من جهة سقوطه بالمرة فحيث انه لم يكن قصور فى ظرف الماتى
به اوجب اتيانه سقوط امره عن الفاعلية والمحركية نحو الاتيان ثانيا وثالثا ولكن
الامر والتكليف لقصور فيه قد بقى على فعليته الى حين لحوق بقية الاجزاء فى
المركبات وتحقق بقية المقدمات فى المقام ومن ذلك لو فرض خروج الماتى به عن
القابلية بالمرة يجب الاتيان به ثانيا بنفس التكليف الاول وليس ذلك إلّا من جهة
بقاء التكليف به بعد ذلك على فعليته وكون الساقط مع الاتيان هو مرتبة محركيته لا
مرتبة فعليته ولا تنافى ايضا بين فعلية الامر والتكيف وعدم فاعليته حيث امكن
التفكيك بينهما ومن ذلك ايضا فككنا نحن بين فعلية التكليف وفاعليته
فعليته فى الواقع.
وعمدة النكتة (١) فيه ان مؤثرية الوجوب فى الايجاد انما هو فى ظرف عدم وجوده واما
بعد ما وجد فلا مجال لتأثيره ، لا يقال انه مع وجود الموضوع لا يبقى وجوب اصلا (٢)
، لانه يقال (٣) ان ذلك كذلك فى الواجبات المستقلة واما فى الضمنيات فقهرا يكون
سقوط به توأما مع سقوط غيره وبعد فرض عدم سقوط الوجوب عن غيره يستحيل سقوط وجوبه
غاية الامر حيث وجد موضوعه يسقط الوجوب عن التاثير وهذا معنى ما ذكرنا من التفكيك
بين الفعليّة والفاعلية فى امثال هذا الاوامر فتدبر وح نتيجة ما ذكرنا ليس الّا
وجوب
______________________________________________________
فيما تصورناه من
الواجب المشروط وعليه فلا مجال للكشف عن وجوب المقدمة على الاطلاق بمحض سقوط الامر
بها عن المحركية والفاعلية بإتيان ذى المقدمة الخ قال المحقق العراقى فى البدائع ص
٣٩٤ ويظهر ذلك جليا بالتأمل فى اجزاء الواجب النفسى فان تحقق كل منها لا يوجب سقوط
امره الضمنى وانما يسقط به تحريكه وبعثه لان الغرض من توجيه الوجوب الى المركب منه
ومن غيره ارتباطى قائم بمجموع الاجزاء ولا يعقل سقوط الامر الناشئ من غرض قبل تحقق
ذلك الغرض الخ.
(١) وبالجملة ان
فعلية الوجوب مع فاعليته ومحركيته غير متلازمين فربما يكونان معا كما فى غالب
الموارد وربما تكون الفعلية محققه كما فى الواجب المشروط على المختار والفاعلية
والمحركية غير متحققة ومنها المقام فعند ما لم تكن المقدمة محققه فالفعلية
والفاعلية موجودة وان كانت المقدمة محققه له الفعلية دون المحركية على النحو الذى
تقدم.
(٢) وهذا لعله
اشارة الى ما فى الكفاية ج ١ ص ١٨٦ ان الطلب لا يكاد يسقط إلّا بالموافقة او
بالعصيان والمخالفة او بارتفاع موضوع التكليف ولا يكون الاتيان بها بالضرورة من
هذه الامور غير الموافقة الخ.
(٣) واجاب عنه
المحقق الماتن بما ملخصه ان ذلك يتم فى الواجبات المستقلة كدفن الميت والصلاة
والصوم ونحوها واما الواجبات الضمنية يكون سقوط الوجوب الضمنى عن كل جزء او الضمنى
الغيرى عن كل مقدمة يكون توأما مع سائر الاجزاء او المقدمات لا مطلقا ولا مقيدا
به.
ذات المقدمة فى
حال الايصال لا بشرطه ولا لا بشرطه ولئن شئت تقول (١) ان
______________________________________________________
(١) والحاصل قال
المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٤٣ لا محيص بمقتضى ما ذكرنا من المصير الى ان
الواجب من المقدمات هو خصوص ما يلازم خارجا مع الايصال وترتب ذيها فى الخارج عليها
فيكون حيثية الايصال على ذلك ح من قبيل العناوين المشيرة الى ما هو الواجب بانه
عبارة عن الذات الخاصة التوأمة مع الايصال بنحو لا يكاد انفكاكها فى ظرف التطبيق
على الخارج عن وجود ذيها ـ لا من جهة كونه قيدا له الخ وقال فى الكفاية ج ١ ص ١٩٠
وصريح الوجدان انما يقضى بان ما اريد لاجل غاية وتجرد عن الغاية بسبب عدم حصول
سائر ما له دخل فى حصولها ـ كالارادة ـ يقع على ما هو عليه من المطلوبية الغيرية ،
كيف وإلّا ـ اى لو كان وقوع المقدمة على صفة المطلوبية الغيرية منوطا بحصول ذى
المقدمة ـ يلزم ان يكون وجودها ـ اى الغاية ـ من قيوده ـ اى قيود ما اريد وهو ذى
الغاية ـ و ـ يكون ذى المقدمة ـ مقدمة لوقوعه ـ اى ما اريد ـ على نحو يكون
الملازمة بين وجوبه ـ ما اريد ـ بذاك النحو ـ اى غيريا ـ ووجوبها ـ اى الغاية ـ وهو
كما ترى الخ فان الغاية لا تكون من قيود ذى الغاية وإلّا لزم ان يكون الواجب
النفسى مطلوبا غيريا بطلب المقدمة واجاب عنه المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٩٣ عن
الثانى فهو ناشئ من تخيل انتزاع عنوان الموصلية من ترتب ذى المقدمة على المقدمة
وقد عرفت بما لا مزيد عليه انه منتزع من ذات المقدمة ـ وعن الأول ـ ان الغرض
الداعى الى ايجاب المقدمة هو التوصل الى وجود ذى المقدمة بالوجدان وح فان التزمنا
برجوع الجهات التعليلية فى امثال المقام الى الجهات التقييدية فلا مناص عن
الالتزام بتقييد المقدمة بقيد الايصال وان لم نلتزم بذلك كما هو الصحيح فلا بد من
جعل الايصال ظرفا لان غاية ما يحكم به العقل هو الملازمة بين الوجوب النفسى ووجوب
المقدمة فى ظرف تحقق سائر المقدمات الخ وقال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٤٤
نعم قد يقال ح بعدم انفكاك هذا القول عن القول باعتبار قصد التوصل نظرا الى دعوى
احتياج امتثال الامر الغيرى ح الى تطبيق عنوان الواجب على الماتى به واحتياج
التطبيق المزبور الى قصد التوصل بالمقدمة الى ذيها او قصد ذيها من جهة انه بدون
القصد المزبور لا يكاد تطبيق عنوان الواجب على الماتى به حتى يصح اتيانها بداعى
امرها فمن ذلك لا يكاد انفكاك القول بوجوب المقدمة الموصلة عن القول باعتبار قصد
التوصل ولكنه مدفوع اذ نقول
.................................................................................................
______________________________________________________
بان المحتاج اليه
فى مقام تطبيق عنوان الواجب على المقدمة انما هو العلم بترتب ذيها عليها خارجا
فيكفى ح مجرد العلم بتحقق الواجب فيما بعد فى تطبيق الواجب على الماتى به وان لم
يكن من قصده التوصل بالمقدمة الى ذيها ولا كان ايضا قاصدا ومريدا لذيها حال
الاتيان بها بوجه اصلا كما لا يخفى الخ قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٨٥ واما ترتب
الواجب فلا يعقل ان يكون الغرض الداعى الى ايجابها والباعث على طلبها فانه ليس
باثر تمام المقدمات فضلا عن إحداها فى غالب الواجبات فان الواجب الا ما قل فى
الشرعيات والعرفيات فعل اختيارى يختار المكلف تارة اتيانه بعد وجود تمام مقدماته
واخرى عدم اتيانه فكيف يكون اختيار اتيانه غرضا من ايجاب كل واحدة من مقدماته مع
عدم ترتبه على تمامها فضلا عن كل واحدة منها نعم فيما كان الواجب من الافعال
التسبيبية والتوليدية أي الاحراق والقتل ـ كان مترتبا لا محاله على تمام مقدماته
لعدم تخلف المعلول عن علته ـ الى ان قال ـ نعم وان استحال صدور الممكن بلا علة
إلّا ان مبادى اختيار الفعل الاختيارى ـ اى الارادة ـ من اجزاء علية وهى لا تكاد
تتصف بالوجوب لعدم كونها بالاختيار وإلّا لتسلسل الخ فلا وجه لتخصيص الوجوب بالحصة
الخاصة من المقدمة واجاب عنه المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٩١ قلت لا محيص عن
الالتزام بان الغرض الموجب لالزام المولى بالمقدمة هو التوصل الى وجود ذى المقدمة
فى الخارج بعد فرض ان الداعى الى وجوبها ليس محبوبتيها النفسية وذلك يقتضى ان
يتوجه الوجوب الناشى عن ذلك الغرض الى مجموع المقدمات الدخيلة فى تحصيله حتى
الارادة المتعلقة بذى المقدمة وتوهم ان الارادة غير اختيارية فى غير محله لما
حققناه فى محله من انها اختيارية ومستندة الى صفة الاختيار والشاهد لذلك وقوعها فى
حيّز الامر فى جميع الاوامر التعبدية لان المطلوب فيها هو الفعل الإرادي ولكن قد
عرفت سابقا خروج الارادة عن دائرة الامر الغيرى للزوم التهافت فى لحاظ الامر إلّا
انه لا مانع من توجه الوجوب الناشى عن ذلك الغرض الى بقية المقدمات بقيد ايصالها
الى الواجب المتوقف على تعلق الارادة به لان الارادة من الممكنات وان لم تكن
اختيارية على الفرض او غير قابلة للامر الغيرى لما ذكرنا واذا صح توجه الوجوب الى
مجموع المقدمات ما سوى الارادة بنحو التقيد بالايصال يصح توجيهه اليها بنحو اخذ
الايصال ظرف بالطريق الأولى ومحصل ذلك
الواجب فى باب
المقدمة ما هو الموصل منها بحيث يكون هذا العنوان كعنوان نفس المقدمية من العناوين
المشيرة الى ما هو واجب لا انه بنفس هذا العنوان كان واجبا واظن ان غرض صاحب
الفصول ايضا ليس بازيد من ذلك وان لا يفى به بيانه (١) فتدبر.
______________________________________________________
هو تعلق الارادة
الغيرية من المولى بمجموع ما سوى الارادة من المقدمات فى ظرف تحقق الارادة بنحو
القضية الجبنية الخ ولعل التنافى ان شأن التكليف ان يكون داعيا الى تعلق الإرادة
بالموضوع والارادة بمقدماته فلو كان التكليف متعلقا بها لدار ولزم تقدم الشيء على
نفسه.
(١) وقال صاحب
الفصول ص ٨٧ وايضا لا ياتى العقل ان يقول الامر الحكيم اريد الحج واريد المسير
الذى يتوصل به الى فعل الحج له دون ما لا يتوصل به اليه وان كان من شانه ان بتوصل
به اليه بل الضرورة قاضية بجواز التصريح بمثل ذلك ـ وذلك آية عدم الملازمة بين
وجوب الفعل ووجوب مقدمته على تقدير عدم التوصل بها اليه الخ فاجاب عنه فى الكفاية
ج ١ ص ١٨٨ وقد انقدح منه ـ اى من العقل الحاكم بالملازمة دل على وجوب مطلق المقدمة
ـ انه ليس للامر الحكيم الغير المجازف بالقول ذلك التصريح وان دعوى ان الضرورة قاضية
بجوازه مجازفة كيف يكون ذا مع ثبوت الملاك فى الصورتين بلا تفاوت اصلا الخ والجواب
عنه يظهر من التدبر فى نفس عبارة الفصول ص ٨٧ ان مقدمة الواجب لا تتصف بالوجوب
والمطلوبية من حيث كونها مقدمة إلّا اذا ترتب عليها وجود ذى المقدمة لا بمعنى ان
وجوبها مشروط بوجوده فيلزم ان لا يكون خطاب بالمقدمة اصلا على تقدير عدمه فان ذلك
متضح الفساد كيف واطلاق وجوبها وعدمه عندنا تابع لاطلاق وجوبه وعدمه بل بمعنى ان
وقوعها على الوجه المطلوب منوط بحصول الواجب حتى انها اذا وقعت مجردة عنه تجردت عن
وصف الوجوب والمطلوبية لعدم وجوبها على الوجه المعتبر فالتوصل بها الى الواجب من
قبيل شرط الوجود لها لا من قبيل شرط الوجوب ـ والذى يدل على ذلك ان وجوب المقدمة
لما كان من باب الملازمة العقلية فالعقل لا يدل عليه زائدا على القدر المذكور الخ
ومن هنا اتضح فساد ما افاده فى الكفاية ج ١ ص ١٩١ ثم انه لا شهادة على الاعتبار فى
صحة منع المولى من مقدماته بانحائها الا فيما اذا رتب عليه الواجب
ثم انه قد يقال (١)
فى ثمرة المسألة (٢) بانه على القول بالايصال يلزم تصحيح
______________________________________________________
لو سلم اصلا ضرورة
انه وان لم يكن الواجب منها ح غير الموصلة إلّا انه ليس لاجل اختصاص الوجوب بها فى
باب المقدمة بل لاجل المنع من غيرها المانع من الاتصاف بالوجوب هاهنا كما لا يخفى
مع ان فى صحة امنع منه كذلك نظرا وجهه انه يلزم ان لا يكون ترك الواجب حينئذ
مخالفة وعصيانا لعدم التمكن شرعا منه لاختصاص جواز مقدمته بصورة الاتيان به
وبالجملة يلزم ان يكون الايجاب مختصا بصورة الاتيان لاختصاص جواز المقدمة بها وهو
محال فانه يكون من طلب الحاصل المحال الخ واوضح بانه من قبيل شرط الوجود لا الواجب
ولا يلزم طلب الحاصل وهو ان الايجاب يتوقف على جواز المقدمة وهو يتوقف على ايصالها
وهو يتوقف على اتيان بها وهو يتوقف على فعل المقدمة فيلزم توقف ايجاب المقدمة على
فعلها وهو طلب تحصيل الحاصل وفيه ان موضوع الجواز الذات فى حال الايصال فلا توقف
اصلا.
فى الثمرة على الاقوال فى المقدمة
(١) بقى الكلام فى الثمرة المترتبة
على القول بوجوب المقدمة الموصلة تعرض لها فى الفصول والكفاية وغيرهما.
(٢) قال المحقق
الماتن فى البدائع ، ص ٣٩٤ ، ذكروا ان ثمرته تظهر فى العبادة اذا كان تركها مقدمة
لواجب اهم كترك الصلاة الذى هو مقدمة للازالة فان الصلاة فى فرض ترك الازالة تكون
فاسدة بناء على وجوب مطلق المقدمة اذ يكون تركها ح واجبا مقدمة للازالة بعد تسليم
مقدمية ترك احد الضدين لوجود الضد الآخر فيكون فعلها محرما والتحريم فى العبادة
يقتضى الفساد وتكون صحيحة بناء على وجوب خصوص المقدمة الموصلة فان ترك الصلاة وان
كان مقدمة للواجب الفعلى إلّا ان الواجب منه هو خصوص الموصل الى ذلك الواجب ومن
الواضح ان ايجابه وان كان مستلزما لتحريم نقيضه إلّا ان نقيضه ليس هو الفعل ليكون
محرما بل هو عدم الترك الخاص وهو قد يكون مقارنا مع الفعل وقد لا يكون كذلك وحرمة
الشيء لا تسرى الى لازمه فضلا عن مقارنه فلا موجب لفساد العبادة من هذه الجهة اصلا
الخ وقد تبع فى هذا التقريب شيخنا الاعظم الانصارى وصاحب الكفاية ، ج ١ ، ص ١٩٢ ،
وهو ان ثمرة القول بالمقدمة الموصلة هو تصحيح العبادة ـ اى الصلاة ـ التى يتوقف
على تركها فعل
العبادة (١) حتى
بناء على المقدمية لانه فى ظرف اتيان العبادة (٢) لا يكون عدمها محبوبا (٣) كى
يستلزم مبغوضية وجوده (٤) لعدم تصور الايصال لعدمها ح (٥) نعم
______________________________________________________
الواجب ـ اى
الازالة ـ بناء على كون ترك الضد مما يتوقف على فعل ضده فان تركها ـ اى ترك الصلاة
ـ على هذا القول لا يكون مطلقا واجبا ليكون فعلها محرما فتكون فاسدة بل ـ اى ترك
الصلاة الذى يتوصل الى الازالة ـ فيما يترتب عليه الضد الواجب ومع الاتيان بها ـ اى
الصلاة ـ لا يكاد يكون هناك يترتب فلا يكون تركها مع ذلك واجبا فلا يكون فعلها
منهيا عنه فلا تكون فاسدة الخ وهناك تقريب آخر فى المتن ستعرف إن شاء الله تعالى
ونتيجتهما متحد.
(١) اى فعل الواجب
كالازالة وضدها العبادى كالصلاة.
(٢) اى اتيان الصلاة
وترك الازالة.
(٣) اى لا يكون
المحبوب والواجب ترك الصلاة على نحو المطلق وهو الضد المطلق بل الواجب عبارة عن
الترك الخاص اى ترك الصلاة الموصل للازالة.
(٤) فحينئذ نقيضه
لا يكون إلا رفعه الذى هو ترك الترك الخاص دون الفعل المطلق بشهادة امكان ارتفاع
كل من الفعل المطلق والترك الموصل بالترك المجرد غير الموصل كامكان ارتفاع كل من
الترك الموصل والترك المجرد بالفعل المطلق مع وضوح امتناع ارتفاع النقيضين
كاجتماعهما.
(٥) وح فاذا لم
يكن الفعل المطلق نقيضا للترك الموصل بل كان مما يقارن ما هو النقيض من رفع الترك
الخاص المجامع مع تارة ومع الترك المجرد اخرى فلا جرم لا يحرم ايضا بمقتضى وجوب
الترك الموصل ومعه تقع صحيحة لا محاله بلحاظ عدم سراية حرمة الشيء الى ما يلازمه
ويقارنه هكذا بينة المحقق الماتن فى النهاية ، ج ١ ، ص ٣٤٤ ، فالصلاة الماتى بها
تركها ليس تركا موصلا لكون المفروض ترك الازالة واذ لا يكون تركها موصلا لا يكون
فعلها حراما فلا تكون فاسدة وهذا الوجه هو الذى افاده فى الفصول ، ص ٩٩ ، وقد عرفت
ان قضية رجحان ترك خاص مرجوحية ترك هذا الترك الخاص دون الفعل فلا ينافى رجحانه
على بعض الوجوه وقد بيّنا ان رجحان فعل الضد مبنى على تقدير عدم التوصل تركه الى
فعل الواجب فقضيته مرجوحية تركه على هذا التقدير لا مطلقا ومرجعه الى مرجوحية تركه
الغير المتوصل به لان تقييد الموصوف من حيث الاتصاف فلا ينافى رجحان الترك المتوصل
به فان دفع المنافاة لان مبناه على
يصح البطلان لو
بنى على الاطلاق فى وجوب المقدمة ، وقد يتوهم (١)
______________________________________________________
اجتماع وصفى
الرجحان والمرجوحية فى محل واحد وعلى ما قررنا يغاير مورد كل واحد لمورد الآخر
وانما يلزم الاجتماع اذا كان ترك الضد راجحا على الاطلاق او راجحية فعله على
الاطلاق او على تقدير التوصل بتركه وقد بينا خلافه ـ ان المقام ليس من باب اجتماع
الامر والنهى الذى نقول بامتناعه اذ يعتبر فى ذلك تعلق النهى بمعنى طلب الترك
المطلق بمورد الامر ليلزم منه كون الشيء الواحد واجبا وحراما ـ وهو غير حاصل هنا
اذ المطلوب بالنهى الغير المتعلق بالضد عندنا الترك المقيد بالتوصل به لا المطلق
وقضية ذلك تحريم هذا الترك المقيد دون الفعل فلا يلزم من وجوبه على تقدير عدم
التوصل بتركه اجتماع الوجوب والتحريم فى شيء منهما الخ.
(١) المتوهم هو ما
نسب الى شيخنا الاعظم الانصارى فى التقريرات ص ٧٨ ، قال ان الترك الخاص يعنى به
الترك الموصل نقيضه رفع ذلك الترك وهو اعم من الفعل والترك المجرد لان نقيض الاخص
اعم مطلق كما قرر فى محله فيكون الفعل لازما لما هو من افراد النقيض وهذا يكفى فى
اثبات الحرمة وإلّا لم يكن الفعل المطلق محرما فيما اذا كان الترك المطلق واجبا
لان الفعل على ما عرفت ليس نقيضا للترك لانه امر وجودى ونقيض الترك انما هو رفعه
ورفع الترك انما يلازم الفعل مصداقا وليس عينه كما هو ظاهر عند التأمل فكما ان هذه
الملازمة تكفى فى اثبات الحرمة لمطلق الفعل فكذلك فى المقام يكفى ـ غاية الامر ان
ما هو النقيض فى مطلق الترك انما ينحصر مصداقه فى الفعل فقط واما النقيض للترك
الخاص فله فردان وذلك لا يوجب فرقا فيما نحن بصدده كما لا يخفى الخ فوجوب الترك
الخاص يوجب حرمة جميع افراد نقيضه التى منها الفعل فيقع فاسدا وان شئت قلت ان
الترك الصلاة كترك الصلاة يكون مقدمة لوجود الضد الاهم كالازالة وشرطا فيكون فعله
الصلاة من مقارنات الترك اى ترك الصلاة ولا تكون موصلة لكن وجود الضد وهو وجود
الصلاة علة لعدم الازالة فتكون مقدمة موصلة فيكون مبغوضا لان ترك الازالة مبغوض
هذا توضيحا لما فى المتن ، واجاب عنه فى الكفاية ، ج ١ ، ص ١٩٣ ، وانت خبير بما
بينهما من الفرق فان الفعل فى الاول لا يكون إلّا مقارنا لما هو النقيض من رفع
الترك المجامع معه تارة ومع الترك المجرد اخرى ولا يكاد يسرى حرمة الشيء الى ما
يلازمه فضلا عما يقارنه احيانا نعم لا بد ان لا يكون الملازم محكوما فعلا بحكم آخر
على خلاف حكمه لا ان يكون
.................................................................................................
______________________________________________________
محكوما بحكمه وهذا
بخلاف الفعل فى الثانى فانه بنفسه يعاند الترك المطلق وينافيه لا ملازم لمعانده
ومنافيه فلو لم يكن عين ما يناقضه بحسب الاصطلاح مفهوما لكنه متحد معه عينا وخارجا
فاذا كان الترك واجبا فلا محاله يكون الفعل منهيا عنه قطعا الخ وقال المحقق
النائينى فى الاجود ، ج ١ ، ص ٢٤٤ ورده المحقق صاحب الكفاية مع توضيح منا بان
الفعل بنفسه رافع للعدم المطلق ونقيض له وان عبر عن النقيض بعدم العدم فهو باعتبار
انطباقه على الوجود خارجا وان كان مغايرا معه مفهوما فترك الترك عنوان ومرآة
للوجود الخارجى الذى هو النقيض بالحقيقة ويستحيل اجتماعه مع العدم وارتفاعهما معا
فاذا كان احدهما مطلوبا فالآخر يكون منهيا عنه واما الترك الخاص فنقيضه عدم الترك
الخاص ولو لعدم الخصوصية لا وجود الفعل بداهة ان العدم يستحيل ان يكون له فردان
احدهما الوجود والآخر العدم المحض لعدم تعقل الجامع بينهما فلا محاله يكون الفعل
من مقارنات النقيض لا من افراده نظير مقارنة ترك الصوم للصلاة ضرورة ان كون الصلاة
من افراد ترك الصوم مما لا يتوهمه احد اصلا ومن المعلوم عدم اقتضاء النهى عن شيء
للنهى عن مقارنه ولقد اجاد (قده) فى التفرقة بين المقامين فالحق صحة ما ذهب اليه
صاحب الفصول من انكار الثمرة على مختاره من اختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة الخ
واجاب عنه المحقق العراقى فى البدائع ، ص ٣٩٥ والحق اندفاع ما اورد على الشيخ (قده)
فى المقام وتوضيحه هو ان المقدمة الواجبة حيث كانت عند صاحب الفصول هى الذات
المقيدة بالايصال ، فلا محاله ينحل الواجب الى ذات وخصوصية وان وحدتها فى عالم
الموضوعية ليست إلّا امرا اعتباريا ناشئا من وحدة الحكم نظير الوحدة الطارية على
المركبات الخارجية ولا يعقل ان يكون مورد الحكم فى مثل المقام واحدا حقيقيا ـ اى
ذاتيا كوجود الانسان ـ مع اختلاف الذات والتقيد المأخوذ فيها من المقولة ونتيجة
الانحلال هو عروض الحكم على الامور المتكثرة ومن شأن الامور المتكثرة تكثر نقيضها
بلا حاجة الى تصور جامع بينها كى يستشكل فى المقام بعدم معقولية كون العدم جامعا
بين الوجود والعدم المحض إلّا ان لازم تعدد النقيض للواجب المتعدد بالحقيقة هو
مبغوضية اول نقيض يتحقق فى الخارج لانه بوجوده يتحقق عصيان الامر فيسقط فلا يبقى
موضوع لمبغوضية غيره لعدم الامر على الفرض وتوضيح ذلك فى المثال المعروف هو ان
المقدمة الموصلة للازالة
بان (١) من طرف
شرطية عدمه لوجود ضده فالامر كما ذكرت واما من جهة علّية الوجود للعدم فالمقدمة
موصلة فيصير الوجود مبغوضا ناشئا من مبغوضية ترك ضده ولكن (٢) قد تقدم سابقا انه
مع وجود الضد لا يكون المقتضى للآخر موجودا فالعدم ح مستند الى عدم المقتضى لا
وجود المانع بل المانع فى هذه الحالة خارج عن المقدمية الفعلية وبعد ذا وجوده كيف
يجلب المبغوضية من
______________________________________________________
الواجبة هى ترك
الصلاة وارادة الازالة على نحو التركب فى متعلق الوجوب الغيرى ونقيض هذا المتعلق
المركب هو ما يعاند كلاجزئية فيقيض ترك الصلاة هو فعل الصلاة او ترك تركها المنطبق
على فعلها ونقيض ارادة الازالة عدم ارادتها وليس نقيض هذا المتعلق المركب عنوانا
بسيطا كعنوان ترك الترك الخاص حتى يقال لا يعقل كونه جامعا بين الترك المجرد وفعل
الصلاة وح اذا كان الشخص الآتى بالصلاة مريدا للازالة فى فرض عدم اتيانه بالصلاة
فأول نقيض لمتعلق الوجوب الغيرى المفروض تركبه هو فعل الصلاة فتصير مبغوضة
لصيرورتها نقيضا لترك الصلاة الموصل للازالة بعد فرض تعلق الارادة بالازالة على
تقدير عدم الاتيان بالصلاة كما تقدم ، واما اذا كان الشخص الآتي بالصلاة غير مريد
للازالة على تقدير عدم الاتيان بها فأوّل نقيض للواجب الغيرى المركب هو عدم ارادة
الازالة فيكون هو المبغوض ولا تصل النوبة الى مبغوضية الصلاة لسقوط الامر الغيرى
بعصيانه بترك ارادة الازالة فتبقى الصلاة على محبوبيتها لان تركها فى هذا الفرض لا
يكون موصلا للازالة لوجود الصارف عن الازالة كما فرضناه.
(١) ان قلت مقتضى
كون فعل الصلاة سببا لترك الازالة الواجبة هو حرمتها على الاطلاق فلا وجه لتخصيص
الحرمة بما اذا تعلقت الارادة بالازالة على تقدير ترك الصلاة.
(٢) قلت ان ترك
الازالة فى صورة عدم تعلق الارادة بها لا يستند الى وجود الصلاة بل هو مستند الى
عدم المقتضى للازالة فلا مقتضى لمبغوضية الصلاة فى هذا الفرض فتحقق ان ثمرة القول
بوجوب المقدمة الموصلة فى الصلاة المزاحمة للازالة تختص بما اذا كانت الازالة
مرادة فى فرض ترك الصلاة لا مطلقا الخ.
عدم ضده هذا ،
ولكن مع ذلك يمكن دعوى ان هذا الوجود لا يصير محبوبا على الاطلاق اذ لو كان بمثابة
لو ترك هذا ليريد ايجاد غيره فلا شبهة ح فى ان عدم هذا الوجود محبوب لكونه فى هذا
الفرض موصلا ولازمه مبغوضية وجوده ح نعم (١) يكفى فى الثمرة عدم مبغوضية الوجود
ولو فى فرض عدم ارادة غيره
______________________________________________________
(١) فاذا كان
الترك مستندا الى الصارف وعدم الارادة لا موجب فى البين ح يقتضى حرمة العبادة على
القول بالمقدمة الموصلة حتى تقع فاسدة هذا وذكر المحقق الماتن فى النهاية ، ج ١ ،
ص ٣٤٦ ويظهر منه انه على مختاره ايضا كذلك وسيأتى قال ـ وان لم يكن للمقيد فى
الخارج الا وجود واحد ولا كان لحيثية التقييد ما بازاء فى الخارج إلّا ان تعدد
الجهات والحيثيات فيه لما كانت توجب انحلال الامر به الى الاوامر المتعددة تكون لا
محالة كالمتكثرات الخارجية فيكون لكل حيثية نقيض مستقل غير انه كان المتصف
بالمبغوضية هو اول نقيض من جهة خروج بقية الحيثيات الأخر بعد ذلك عن دائرة
المطلوبية وعليه نقول فى المقام ايضا بان نقيض ذات الترك الذى هو احدى الحيثيات
المأخوذة فى الموضوع بعد ان كان رفعه المساوق للوجود الذى هو الفعل فقهرا يصير
الفعل بمقتضى النهى عن النقيض مبغوضا ومنهيا عنه ومعه يقع لا محاله باطلا اذا كان
عبادة فيرتفع ح الثمرة المزبورة من جهة بطلان الضد العبادى ح على كل تقدير ، ثم ان
هذا كله على مسلك اخذ الايصال قيدا للواجب كما عليه ظاهر الفصول (قده) واما على ما
سلكناه فى تخصيص الوجوب بالمقدمة الموصلة من جعل الموضوع عبارة عما لا يكاد
انفكاكه عن بقية المقدمات الآخر الملازم قهرا مع الايصال وترتب وجود ذيها فى
الخارج فلا باس باستنتاج النتيجة المزبورة فى تصحيح الضد العبادى اذ نقول ح بان
الوجوب المتعلق بالمقدمة بعد كونه ناقصا غير تام بنحو لا يكاد يشمل الا الترك فى
حال ارادة الضد الواجب فلا محاله يكون البغض الناشى من هذا الوجوب الناقص بالنسبة
الى النقيض وهو الفعل ايضا بغضا ناقصا غير تام بحيث لنقصه وقصوره لا يشمل إلّا
الفعل فى حال ارادة الضد لا مطلق وجوده ولو فى ظرف الصارف وعدم ارادة الواجب وح
فاذا خرج الفعل فى ظرف الصارف وعدم الارادة عن دائرة المبغوضية لاختصاص البغض
بالفعل فى حال ارادة الواجب ولم يتمكن ايضا من الفعل الا فى ظرف الصارف وعدم ارادة
الضد الواجب من جهة امتناع اجتماع ارادة
.................................................................................................
______________________________________________________
الواجب مع فعل ضده
وهو الصلاة فلا جرم يقع الفعل منه غير مبغوض فيقع صحيحا ومعه يتّجه النتيجة
المزبورة ـ وح فلا يبقى فى البين الا جهة مقدمية الوجود لترك الضد الواجب الذى هو
مبغوض بالبغض التام وهذا ايضا مما قد عرفت الجواب عنه باستناد الترك ح دائما الى
الصارف وعدم وجود المقتضى وهو الارادة لا الى وجود الفعل وح فحيث ان الفعل مسبوق
دائما بالصارف وعدم ارادة الضد الواجب فلا جرم يكون عدم الضد مستند الى الصارف دون
الفعل ومعه يقع الفعل العبادى قهرا غير مبغوض فيقع صحيحا هذا وقد تظهر الثمرة بين
القولين فى ضمان الاجرة على المقدمة فيما لو امر بالحج او الزيارة عنه واخذ
المأمور بالمشى فمات قبل الوصول الى المقصد فانه على القول بوجوب مطلق المقدمة
يستحق المأمور الاجرة على ما اتى به من المقدمات من جهة ان الامر بالحج عنه امر
بمقدماته التى منها المشى وطى الطريق وبذلك يستحق عليه الاجرة على المقدمة واما
على القول بوجوب المقدمة الموصلة فلا استحقاق له للاجرة على المقدمة نظرا الى عدم
كون الماتى به من المقدمات مأمورا به حتى يقتضى ذلك تضمين الامر للاجرة عليه وذلك
من جهة فرض اختصاص امره بخصوص المقدمة الموصلة ومجرد تخيل المأمور واعتقاده يكون
المقدمة الماتى بها واجبة ومأمورا به ايضا غير مقتضى لضمان الامر وإلّا لاقتضى
تضمينه فى غيره من الموارد الأخر كما لو اعتقد بان زيدا امره بكنس داره فكنس داره
بموجب هذا الامر الزعمى مع انه كما ترى لا يظن من احد الالتزام به ، وتظهر الثمرة
ايضا فى فرض انحصار المقدمة بالفرد المحرم كالمشى فى الارض المغصوبة لانقاذ الغريق
فانه على القول بوجوب مطلق المقدمة يكون المشى المزبور واجبا وان لم يترتب عليه
الانقاذ واما على المقدمة الموصلة يقع المشى المزبور حراما مع عدم الايصال سواء
قصد به الايصال ايضا ام لم يقصد غايته انه مع قصد الايصال يكون منقادا كما انه مع
عدم قصد الايصال يكون واجبا اذا كان ترتب عليه الانقاذ الواجب غايته انه يكون
متجريا ح فى فعله كما هو واضح الخ ويرد على الثمرة الاولى من الاخيرين ان الإجارة
والنذر وشبههما خارجان عن ثمرة المسألة الاصولية فان الاجارة ان وقعت على الاعمال
فقط فلا تستحق الاجرة اصلا سواء قلنا بوجوب المقدمة الموصلة ام المطلقة وان كانت
على المقدمات والاعمال معا ولعله كذلك غالبا لاجل غلاء الاجرة فتستحق الاجرة حتى
فى غير الموصلة
على فرض تركه هذا
لانه ح لم يكن تركه موصلا كما لا يخفى. بقى الكلام (١) فى بيان الوجه فى اصل
وجوبها موصلة غير موصلة (٢) ويكفى فيه شهادة
______________________________________________________
لان الحياة وعدم
العذر بالضد ونحوه ليس تحت اختياره حتى يشترط عليه ذلك فتكون متعلق الاجارة المشى
والاعمال فيسقط الاجرة عليهما كما لا يخفى ، واما فى المقدمة المحرمة فسيأتى عن
قريب ، ثم ان استادنا الخوئى قد تبع المحقق العراقى فى القول بالمقدمة الموصلة على
القول بالملازمة. قال فى هامش الاجود ، ج ١ ، ص ٢٣٨ والتحقيق ان القول باختصاص
الوجوب الغيرى بالمقدمة الموصلة لا يقتضى اعتبار الواجب النفسى قيدا للواجب الغيرى
اصلا فان الغرض من التقييد بالايصال ليس إلّا الاشارة الى ذات المقدمة التى تقع فى
سلسلة علة وجود الواجب النفسى فالقائل باختصاص الوجوب الغيرى بالمقدمة الموصلة
انما يدعى الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدماته الملازمة له فى الوجود واما
المقدمات المفارقة له فى الوجود فلا مقتضى لايجابها اصلا وستعرف انه بناء على ثبوت
الملازمة لا مناص عن اختيار هذا القول ومن هذا البيان يظهر الجواب عما افيد فى
المتن ايضا من استلزام القول بالاختصاص المزبور التسلسل فانك قد عرفت ان الايصال
لم يعتبر قيدا زائدا فى متعلق الوجوب الغيرى لتكون ذات المقدمة مقدمة لتحقق الواجب
الغيرى فى الخارج بل الغرض من التقييد انما هو الاشارة الى ذات ما هو متصف بالوجوب
الغيرى فلا اشكال الخ اى ردا على المحقق النّائينيّ قده.
فى الدليل على وجوب المقدمة
(١) فى المسألة
اقوال قول بوجوب المقدمة مطلقا وقول بعدم الوجوب مطلقا ويكتفى بحكم العقل والثالث
التفصيل بين السبب فواجب دون غيره او الشرط الشرعى فواجب دون غيره وسيأتى.
(٢) اما القول
بوجوب المقدمة شرعا مطلقا ذكروا له وجوها الاول من شهادة الوجدان الذى تمسك به
الشيخ الانصارى فى التقريرات وصاحب الكفاية والمحقق النائينى والمحقق العراقى
وغيرهم وكل على مسلكه من وجوب المقدمة مطلقا او بشرط التوصل او حيث الايصال او
الموصلة.
الوجدان (١) على
نشوه الارادات من ناحية الاغراض المترتب عليها اذ لبّها فى كثير من الواجبات
النفسية غيرية (٢) ولو لا ترشح الارادة الغيرية من الشيء الى مقدمته لما يترشح
الارادة من الاغراض الاصلية على الافعال التى كانت مقدمة لترتب الاغراض (٣) ولعمرى
ان هذا الوجدان اصدق شاهد على المدعى بلا
______________________________________________________
(١) قال المحقق
العراقى فى البدائع ص ٣٩٩ والحق هو الاول وهو وجوب المقدمة بالوجوب القهرى الترشحى
المعلول لوجوب ذى المقدمة والبرهان على ذلك هو ان الارادة التشريعية تابعة للارادة
التكوينية امكانا وامتناعا ووجودا او عدما فكل ما امكن تعلق الارادة التكوينية به
امكن تعلق التشريعية به وكل ما استحال تعلق التكوينية به استحال ان يكون متعلقا
للتشريعية وهكذا كل ما يكون موردا للارادة التكوينية عند تحققه من نفس المريد يكون
موردا للتشريعية عند صدوره من غير المريد ومن الواضح ان المريد لفعل بالارادة
التكوينية تتعلق ارادته ايضا بالتبع بايجاد مقدماته وان كان غافلا عن مقدميتها
لذلك الفعل بمعنى انه لو التفت الى توقفه عليها فى مقام وجوده لارادها ولازم ذلك
بمقتضى التبعية المتقدمة ان يكون تعلق الارادة التشريعية من الامر بفعل مستلزما لتعلق
الارادة التشريعية التبعية بمقدمات ذلك الفعل الخ وهذا هو الحق عندنا لا سترة فيه.
(٢) اى قد عرفت
سابقا بان ذلك مقتضى اكثر الواجبات فى العرفيات والشرعيات حيث كان وجوبها بحسب
اللب وجوبا غيريا من جهة انتهائها بالاخرة الى امر واحد يكون هو المراد والمطلوب
النفسى.
(٣) قال صاحب
الكفاية ، ج ١ ، ص ٢٠٠ ، والاولى احالة ذلك الى الوجدان حيث انه اقوى شاهد على
الانسان اذا اراد شيئا له مقدمات اراد تلك المقدمات لو التفت اليها بحيث ربما
يجعلها فى قالب الطلب مثله ويقول مولويا ادخل السوق واشتر اللحم مثلا بداهة ان
الطلب المنشا بخطاب ادخل مثل المنشا بخطاب اشتر فى كونه بعثا مولويا وانه حيث
تعلقت ارادته بايجاد عبده الاشتراء ترشحت منها له ارادة اخرى بدخول السوق بعد
الالتفات اليه وانه يكون مقدمة له كما لا يخفى ويؤيد الوجدان بل يكون من اوضح
البرهان ووجود الاوامر الغيرية فى الشرعيات ـ كقوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ
فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) ، مائدة ، آية ٦ واغسل ثوبك من
.................................................................................................
______________________________________________________
ابوال ما لا يأكل
لحمه وغيرهما ـ والعرفيات لوضوح انه لا يكاد يتعلق بمقدمة امر غيرى إلّا اذا كان
فيها مناطه واذا كان فيها كان فى مثلها فيصح تعلقه به ايضا لتحقق ملاكه ومناطه الخ
ويظهر من بعضهم على وجه دقيق دعوى الوجدان يصح بالنسبة الى الارادة والبعث دون
المولوية قال المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ، ص ٢١٥ وقال دعوى الوجدان فى مثل
الارادة حيث آنها من الكيفيات النفسانية الحاضرة للنفس بذاتها لا شبهة فى صحتها
انتهى توضيحه فان من اراد ان يفعل شيئا له مقدمات اراد مقدماته بارادة مثل ارادته
للشيء غاية الامر ان احداهما نفسية والاخرى غيرية والارادة التشريعية كالارادة
التكوينية كما مر مرارا ثم قال المحقق الاصفهانى واما بالاضافة الى البعث والتحريك
مع عدم كونهما من الامور الباطنة المدركة بالحواس الباطنة ـ اى الكيفيات النفسانية
ـ فبملاحظة ان البعث الحقيقى ـ اى انما يكون بالنسبة الى الامر النفسى على ذى
المقدمة و ـ ليس إلّا الانشاء بداعى البعث والانبعاث فهو متقوم بما لا يدرك إلّا
بالحواس الباطنة فيصح فيها دعوى الوجدان انتهى اى بالنسبة الى الامر النفسى
وتوضيحه ربما يقال صحة البعث مولويا الى المقدمة زائدا على البعث الى ذيها وهو
باطل فان البعث الى ذيها كاف فى البعث اليها فى نظر العقل فيكون البعث اليها لغوا
ان قلت من انه يكفى فى رفع لغويته صلاحيته للدعوة بنفسه قلت بانه كيف يصلح لذلك مع
ما تقدم من انه لا يوجب ثوابا ولا عقابا فان ذلك مانعا عن ثبوت الداعوية له فلا
يصلح للبعث والتحريك الى متعلقة قال المحقق الاصفهانى واما مولوية الامر فانما تتم
فى خصوص البعث ـ اى من توابع البعث ـ دون الارادة لان المولوية من صفات الامر اذ
الانشاء لو كان بداع البعث جدا ولجعل الداعى حقيقة فهو امر من المولى بما هو مولى
وسيد حيث لا يكون الانشاء داعيا وباعثا إلّا باعتبار ما يترتب على مخالفته
وموافقته من العقاب والثواب والقرب والبعد وهو شأن امر المولى دون غيره كما ان
الامر الارشادى ما اذا كان بداعى النصح والارشاد الى ما يترتب على ذات المأمور به
من الصلاح والفساد لا لجعل الداعى فهو امر من الآمر بما هو ناصح ومرشد لا بما هو
مولى وسيد وعليه فالمولوية والارشادية من شئون الامر لا من شئون الارادة ايضا حيث
لا يعقل ان يكون الارادة لجعل الداعى بل هى كيفية نفسانية معلولة للداعى اليها لا
فعل يوجد بداع من الدواعى حتى يفرض فيها انها لجعل
.................................................................................................
______________________________________________________
الداعى او لغيره
من الدواعى إلّا ان شهادة الوجدان على ارادة المقدمة من الغير عند ارادة ذيها
نافعة لكون الامر بها مولويا اذ لا ارادة تشريعية فى المقدمة بناء على الارشادية
اذ لا شان للناصح والمرشد الا اظهار النصح والارشاد الى ما فى نفس الشيء من الصلاح
والفساد وهذا لا يقتضى ارادة المرشد لذات المأمورية قلبا وارادة الارشاد تكوينية
لا تشريعية ـ اى ان الوجدان تيم فى الارادة وهى الكيفيات النفسانية والمولوية
للزوم كون امر المقدمة اراد تشريعية دون التحريك ـ الى ان قال ـ حيث ان الامر
المقدمى من رشحات الامر بذى المقدمة فيمكن ان يكون داعيا باعتبار ما يترتب على
تركه المستلزم لمخالفة الامر النفسى المترتب عليه العقاب وقد مر مرارا ان دعوة
الامر المقدمى كاصله تبعية فكذا شئونات دعوته نعم حيث ان العقل يذعن بان ذا
المقدمة المفروض استحقاق العقاب على تركه لجعل الداعى نحوه لا يوجد إلّا بايجاد
مقدمية فلا محاله ينقدح الارادة فى نفس المنقاد للبعث النفسى ولا حاجة الى جعل داع
آخر الى المقدمة بنفسها وليس جعل الداعى كالشوق بحيث ينقدح فى النفس قهرا بعد حصول
مباديه فنلتزم بارادة المقدمة دون جعل الداعى نحوها ـ اى عليه البعث والتحريك من
الامر على ذى المقدمة ـ وقال ايضا ـ نعم بناء على ان اوامر الشارع كلا خالية عن
الارادة كما بيّناه فى مبحث الطلب والارادة يسقط هذه الشهادة ـ اى شهادة الوجدان ـ
عن درجة القبول إلّا انه مسلك آخر ليس على ما هو المشتهر عند اهل النظر الخ وفيه
انه كيف يكون الارادة والمولوية الامر محققتان دون التحريك والبعث وانما لتحريك من
امر ذى المقدمة فيلزم ان يكون لغوا فالتحريك من لوازم الارادة والمولوية الامر
عقلا ويترتب عليه لا محاله وقال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٩٩ ان قلت ما ثمرة
هذه الارادة التشريعية التبعية بعد حكم العقل بلابدية الاتيان بالمقدمات وهل هو
الا من اللغو الواضح ، قلت هذه الارادة ليست إلّا إرادة قهرية ترشحية معلولة
لارادة الواجب كما تقدم فى البرهان ومثلها لا يتوقف على وجود غاية وثمرة الخ وبمثل
ذلك ذكر المحقق النائينى فى الاجود ج ١ ص ٢٣١ بقوله ان المدعى هو تعلق الارادة به
قهرا عند ارادة ذى المقدمة فلا يتمكن المريد لذى المقدمة من عدم ارادتها ليتوقف
تحققها على فائدة وغاية نعم لو كان الوجوب المبحوث عنه فى المقام هو الوجوب
الاستقلالى كما يظهر من المحقق القمى (قده) لكان انكاره للزوم اللغوية فى
.................................................................................................
______________________________________________________
محله لكنك قد عرفت
ان محل الكلام هو الوجوب القهرى الخ ثم ذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٩٩ لا
يقال ان تحقق الارادة التشريعية التبعية فى المقدمات على تقدير تسليمه لا يستلزم
الالتزام بالوجوب الغيرى فيها اذ الحكم اما ان يكون منتزعا من مقام ابراز الارادة
او يكون مجعولا بنفسه او بنحو جعل العهدة وعلى كل فهو فعل اختيارى للامر ولا ريب
فى تبعية الفعل الاختيارى للغرض والفائدة فلا مجال له فيما لا ثمرة مترتبة عليه
كالمقام لانا نقول الحكم وان كان فعلا اختياريا للامر إلّا ان الحكم المترتب على
المقدمة وهو وجوبها الغيرى معلول لحكم ذى المقدمة الذى يصدر من الآمر باختياره
فالتبعية للثمرة والغرض تكون فى العلة وهو الوجوب النفسى لا فى المعلول ان قلت
مقتضى تحقق حكم العقل بلابدية الاتيان بالمقدمة هو ان يكون الوجوب الغيرى المعلول
للوجوب النفسى ارشادا اليه لا حكما مولويا الخ وبمثل ذلك ذكر جماعة من الأساتذة
منهم استادنا الخوئى فى المحاضرات ج ٢ ص ٤٣٨ ان الصحيح فى المقام ان يقال انه لا
دليل على وجوب المقدمة وجوبا مولويا شرعيا كيف حيث ان العقل بعد ان رأى توقف الواجب
على مقدمته ورأى ان المكلف لا يستطيع على امتثال الواجب النفسى الا بعد الاتيان
بها فبطبيعة الحال يحكم العقل بلزوم الاتيان بالمقدمة توصلا الى الاتيان بالواجب
ومع هذا لو امر الشارع بها فلا محالة يكون ارشادا الى حكم العقل بذلك لاستحالة
كونه مولويا الخ وقال المحقق العراقى فى البدائع ص ٤٠٠ قلت يستحيل كونه ارشاد اليه
الى الحكم العقلى المزبور مع فرض كونه مترشحا من الوجوب النفسى المولوى ومعلولا له
وقد تحقق بما ذكرناه صحة القول بوجوب المقدمة وجوبا غيريا معلولا لوجوب ذيها ويؤيد
ذلك ما ورد فى بعض الاخبار من الامر ببعض المقدمات الخ ولعل التأييد كما فى
الكفاية ج ١ ص ٢٠٠ ويؤيد الوجدان بل يكون من اوضح البرهان الخ لاجل ما ذكره المحقق
الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢١٦ بناء على ظهورها فى الانشاء بداعى البعث الجدى فى
نفسها وإلّا فبناء على ظهور الاوامر المتعلقة بالاجزاء والشرائط فى الارشاد الى
شرطيتها وجزئيتها كظهور النواهى فى الموانع والقواطع الى مانعيتها وقاطعيتها نظير
ظهور النواهى فى باب المعاملات فى الارشاد الى الفساد فلا يتم المطلوب ويؤيد هذا
الاحتمال نفس الاوامر المتعلقة بالاجزاء مع انه لا وجوب مقدمى فيها الخ هذا هو
احتياج فيه على
اقامة البرهان بتقريب (١) انه لو لم يجب لجاز تركه وح ان بقى الواجب على وجوبه
يلزم التكليف بما لا يطاق وإلّا يلزم خروج الواجب عن كونه واجبا كى يرد عليه (٢)
بمنع الملازمة بين عدم الوجوب وجواز الترك فعلا اذ
______________________________________________________
العمدة فى الوجه
وهو الوجدان وعدم الايراد عليه وحكم العقل انما فى مرحلة الامتثال وترشح الارادة
القهرية فى رتبة العلل والثبوت فلا موطن لحكم العقل حتى يكون ارشادا اليه اصلا.
(١) ذكر فى
الكفاية ج ١ ص ٢٠١ وهو ما ذكره ابو الحسن البصرى الاشعري وهو انه لو لم يجب
المقدمة لجاز تركها وح فان بقى الواجب على وجوبه ـ اى مع فرض توقف وجوده على
المقدمة ـ يلزم التكليف بما لا يطاق ـ اى هو قبيح عقلا ـ وإلّا خرج الواجب المطلق
عن كونه واجبا الخ اى انقلب الى المشروط بوجود المقدمة لا مطلقا وهو خلاف الفرض من
سقوط التكليف ح.
(٢) واجاب عنه فى
الكفاية وتبعه المحقق الماتن وغيره قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٠١ وفيه بعد اصلاحه
بارادة عدم المنع الشرعى من التالى ـ اى قوله لجاز تركها فيراد منه انه لم يكن منع
شرعى عن تركها ـ فى الشرطية الاولى لا الاباحة الشرعية والّا ـ اى وان كان المراد
الاباحة الشرعية ـ كانت الملازمة واضحة البطلان ـ اى انتفاء وجوبها لا يقتضى ثبوت
الاباحة شرعا بل يتردد بين الاحكام الاربعة الباقية نعم لا يجوز اتصافها بحكم آخر
يضاده ـ وارادة الترك ـ اى تركها خارجا عما اضيف اليه الظرف ـ اى اذ المضاف اليه
كلمة حين ـ لا نفس الجواز ـ اى ليس المراد حين ان جاز تركها ـ وإلّا فمجرد الجواز
بدون الترك ـ اى الترك خارجا ـ لا يكاد يتوهم صدق القضية الشرطية الثانية ـ اى لو
كان المراد حين اذ جاز تركها فيوجب كذب الشرطية الثانية لان بقاء الواجب على وجوبه
على تقدير جواز الترك لا يوجب التكليف بما لا يطاق وانما يقتضى ذلك على تقدير
الترك الخارجى للمقدمة ـ ما لا يخفى ـ اى الجواب عن الاستدلال بعد الاصلاح ـ فان
الترك بمجرد عدم المنع شرعا لا يوجب صدق احدى الشرطتين ـ اى القضيّتين الشرطيتين
كقولك اذا اطلعت الشمس وجدت الظلمة فانها قضية شرطية كاذبة فالمراد الشرط والجزاء
جميعا ـ اى الشرط والجزاء معا ـ فلا يرد عليه ما افاده استادنا الحكيم فى الحقائق
ج ١ ص ٢٩٨ فيكون محصل الايراد المنع من
بعد حكم العقل (١)
بلابدّية ايجادها مقدمة لامتثال ذيها لا يبقى مجال لحكم الشرع بجواز تركه فعلا اذ
حكم هذه المقدمة حكم الغير المقدور تركه الآبي عن تعلق الحكم المولوى ايجابا او ترخيصا
نحوه نعم (٢) لئن اغمض عن منع
______________________________________________________
بطلان احد
اللازمين اى التكليف ما لا يطاق والخلف مع الالتزام بصدق الشرطيتين معا لا بطلان
احدى الشرطيتين كما قد يظهر من العبارة الخ ـ ولا يلزم احد المحذورين ـ اى التكليف
ما لا يطاق وخروج الواجب المطلق عن كونه واجبا ـ فانه ـ اى عند تركه فتختار ـ وان
لم يبق له وجوب معه ـ اى مع تركها خارجا ولكن لا يوجب خروج الواجب المطلق عن كونه
واجبا فان ترك المقدمة يوجب ترك ذيها ـ إلّا انه كان ذلك بالعصيان لكونه متمكنا من
الاطاعة والاتيان وقد اختار تركه بترك مقدمته بسوء اختياره مع حكم العقل بلزوم
اتيانها ارشادا الى ما فى تركها من العصيان المستتبع للعقاب ـ اى كما ان التكليف
يسقط بالطاعة يسقط بالمعصية ـ نعم لو كان المراد من الجواز جواز الترك شرعا وعقلا
يلزم احد المحذورين ـ اى كلا المحذورين من تكليف ما لا يطاق وخروج الواجب المطلق
عن كونه واجبا مطلقا بل يصير مشروطا باتيان المقدمة لانه اذ اجاز ترك المقدمة عقلا
كان ترك ذيها ليس معصية فيكون خروج الواجب عن كونه واجبا بلا طاعة ولا معصية باطل
ـ إلّا ان الملازمة على هذا فى الشرطية الأولى ـ اى ان المقدمة لو لم تكن واجبة
لجاز تركها ـ ممنوعة بداهة انه لو لم يجب شرعا لا يلزم ان يكون جائزا شرعا وعقلا
لامكان ان لا يكون محكوما بحكم شرعا وان كان واجبا عقلا ارشادا الخ.
(١) قال المحقق
العراقى فى البدائع ص ٤٠٠ اذ بعد حكم العقل بلابدية الاتيان بالمقدمة لامتثال
الامر بذيها لا يبقى مجال لحكم الشارع بجواز تركها فعلا لان شان المقدمة بعد تعلق
الحكم العقلى المزبور بها شان غير المقدور تركه فى عدم قابليته لتوجه الترخيص
الشرعى اليه.
(٢) نعم لو سلمت
الملازمة بين عدم وجوبها وجوازها الشرعى بالفعل لم يكن به عن توجه احد المحذورين
على سبيل منع الخلو لان توجه الالزام الشرعى الى ذى المقدمة فى فرض ترخيص الشارع
بالفعل فى تركها الراجع الى ترخيصه فى ترك ذيها يستلزم التكليف بما لا يطاق كما ان
عدم توجه الوجوب اليه فى هذا لفرض يستلزم
الملازمة المزبورة
امكن تصحيح التالى بلا ورود اشكال عليه لانه لو فرض جواز الترك من ناحية الشرع فلو
بقى الوجوب لزم التكليف بما رخّص فى تركه ومن المعلوم ان لازم الترخيص الفعلى ان
له اختيار تركه ففى هذا الظرف لو التزم بايجاد ذيها يلزم التكليف بما لا يطاق
وإلّا يلزم خروج الواجب عن كونه واجبا وح العمدة فى رد البرهان المزبور منع
الملازمة المسطورة ولكن قد عرفت ان شهادة الوجدان (١) تكفينا لاثبات المدعى بلا
احتياج فيه الى اقامة برهان
______________________________________________________
الخلف الخ وتقريبا
هو عين عبارة المقالات مع اختلاف يسير جدا واذكر صريح عبارة القوم لئن تعرف ان ما
اختاره الأساتذة من المطالب بل بعض العبارة مقتبس من المحققين الاعلام كالمحقق
النّائينيّ والمحقق الاصفهانى تبعا لصاحب الكفاية الذى يقول استادنا البجنوردي ان
الكفاية قرآن الاصول قدس الله ارواحهم جميعا.
(١) فعمده الوجه
هو الوجدان والارتكاز فى الواجبات العرفية والشرعية وفى الارادات التكوينية
للانسان المتعلقة بماله من المقدمات وفى ذلك كفاية ، قال فى الكفاية ، ج ١ ، ص ٢٠٢
واما التفصيل بين السبب ـ اى العقود والايقاعات بالنسبة الى المسببات كعلقة
الملكية والزوجية والحرية ونحوها فتجب ـ وغيره ـ اى كان من المعدات كدخول السوق
لشراء اللحم او نصب السلم للكون على السطح ونحوهما فلا تجب ـ فقد استدل على وجوب
السبب بان التكليف لا يكاد يتعلق إلّا بالمقدور والمقدور لا يكون إلّا هو السبب
وانما المسبب من آثاره المترتبة عليه قهرا ولا يكون من افعال المكلف وحركاته او
سكناته فلا بد من صرف الامر المتوجه اليه عنه الى سببه ـ اى الى مقدمته لعدم
القدرة على المسبب هذا فى الاول دون الثانى فانه بنفسه مقدور للمكلف فلا ملزم
لصرفه عنه الى مقدمته فلا تجب مقدمته ـ واجاب عنه صاحب الكفاية والمحقق العراقى
وغيرهما قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٠٢ لا يخفى ما فيه من انه ليس بدليل على التفصيل بل
على ان الامر النفسى انما يكون متعلقا بالسبب دون المسبب ، مع وضوح فساده ضرورة ان
المسبب مقدور للمكلف وهو متمكن عنه بواسطة السبب ولا يعتبر فى التكليف ازيد من
القدرة كانت بلا واسطة او معها كما لا يخفى الخ وذكر المحقق الماتن فى البدائع ص
٤٠١ وفيه ان ذلك ليس دليلا على
.................................................................................................
______________________________________________________
التفصيل بين السبب
وغيره فى الملازمة لان مرجعه الى ان الامر النفسى المتوجه الى المسبب فمتعلقة
بالسبب حقيقة ، وحيث انتهى الكلام بنا الى هذا لمقام فلا باس بالتعرض لتحقيق هذا
لامر وهو رجوع الامر بالمسبب الى الامر بالسبب فى الحقيقة وعدمه والاقوال فى ذلك
ثلاثة ثالثها التفصيل بين ان يكون السبب من قبيل الآلة بالنسبة الى المسبب فلا
يرجع الامر بالمسبب الى الامر بالسبب وان لا يكون كذلك فيرجع الامر به الى الامر
بالسبب ، حجة القول برجوع الامر بالمسبب الى الامر بالسبب مطلقا امران الاول انه
يعتبر فى متعلق التكليف ان يكون مقدورا والمسبب ليس مقدورا للمكلف وانما الذى تحت اختياره
هو السبب ، الثانى انه يعتبر فى متعلق التكليف ان يكون فعلا صادرا من المكلف
والمسبب ليس كذلك لانه صادر من السبب ولو بالطبع كالاحراق المسبب من النار ، ويرد
على الاول ان مقدورية متعلق التكليف لا يلزم ان تكون بالمباشرة بل هى اعم من
المباشرة والتسبيب والمسبب مقدور للمكلف بواسطة القدرة على سببه ، ويرد على الثانى
ان المسبب من افعال المكلف بنظر العرف على انه يكفى فى متعلق التكليف مجرد
الاستناد الى المكلف وان لم يكن فعلا له والمسبب مستند الى المكلف بالنظر الدقى
ومن هنا يظهر وجه القول بالتفصيل والتحقيق عدم الرجوع مطلقا ويظهر وجهه مما ذكرناه
فى دفع وجهى القول الاول.
بقى فى المقام شيء
وهو ان المسبب الذى يكون سببه مركبا من فعل المكلف وفعل غيره كالبيع المتوقف وجوده
على الايجاب والقبول هل يكون الامر به راجعا الى الامر بالجزء الاختيارى من سببه
بالنظر الى عدم مقدورية تمام السبب للمكلف حتى يكون المسبب مقدورا له او لا يكون
الامر به راجعا اليه لان المسبب فى هذا الفرض مقدور للمكلف بمقدار حفظ وجوده من
ناحيته ، الحق هو الثانى لان تعلق الامر بالمسبب فى هذا الفرض كما انه ظاهر فى ان
المأمور به هو المسبب حقيقة له ظهور ايضا فى انه لازم التحصيل بتمامه ومن جميع
جهاته وحيث ان التحفظ على كلا الظهورين غير ممكن يقع التعارض بينهما فيرفع اليد عن
الظهور الثانى لكونه اهون من رفع اليد عن الظهور الاول الخ وذكر المحقق الماتن فى
النهاية ج ١ ص ٣٥٤ واما ما قيل بان العلة والمعلول اما ان يكون لكل منهما وجود
ممتاز عن الآخر فى الخارج كما فى شرب الماء ورفع العطش حيث كانا امرين ممتازين
وجودا فى الخارج واما ان
.................................................................................................
______________________________________________________
يكونا عنوانين
لفعل واحد غايته طوليا لا عرضيا كالقاء والاحراق المتصف بهما فعل المكلف فى الخارج
حيث كان صدق عنوان الالقاء متقدما على صدق عنوان الاحراق فان كانا من قبيل الاول
ففى مثله يتعلق الارادة الفاعلية بالمعلول اوّلا لقيام المصلحة به ثم تتعلق بعلته
وسببه لتوقفه عليها ونحوه الارادة التشريعية الآمرية فانها ايضا تتعلق اوّلا
بالمعلول والمسبب ثم بعلّته وسببه فيصير سببه واجبا بالوجوب الغيرى المقدمى واما
ان كانا من قبيل الثانى كما فى الالقاء والاحراق وعنوان الغسل والتطهير ونحوهما
فيلزمه كون الامر بالمسبب والمعلول عين الامر بسببه وعلّته والامر بالسبب عين
الامر بالمسبب لانه فى تعلق الامر بالمسبب يكون السبب مأخوذا فيه لا محاله كما انه
فى تعلقه بالسبب يكون معنونا بالمسبب فعلى كل تقدير يكون الامر بكل منهما امرا
بالآخر وفى مثله لا يكاد اتصاف السبب بالوجوب الغيرى بوجه اصلا كما لا يخفى ،
فمدفوع بان مثل عنوان الالقاء والاحراق عنوانان ممتازان وجودا كل منهما عن الآخر
حيث كان الالقاء الذى هو فعل المكلف سببا لملاصقة الخشب مع النار التى هى سبب
لتحقق الحرقة فى الخارج ـ اى للخشب ـ فالحرقة لها وجود مستقل فى قبال الالقاء الذى
هو من فعل المكلف نظير حركة اليد وحركة المفتاح اللتين هما وجودان من الحركة
إحداهما معلولة للاخرى نعم غاية ما هناك انه ينتزع من وجود المعلول عنوانان احدهما
عنوان الاحراق بالاضافة الى الفاعل والآخر عنوان الحرقة بالاضافة الى نفسه نظير
الايجاد والوجود ولكن مجرد ذلك لا يقتضى صدق عنوان الاحراق وانطباقه حقيقة على
الالقاء الذى هو فعل المكلف وعليه فاذا كان العنوانان كل منهما ممتاز وجودا عن
الآخر فى الخارج فلا محاله يكون حالهما حال شرب الماء ورفع العطش فى اتصاف الالقاء
بالوجوب الغيرى عند تعلق الامر بالاحراق وعدم كون الامر بالاحراق امرا حقيقة
بالالقاء كما هو واضح. ثم ان هذا كله اذا كان المسبب والمعلول من آثار فعل المكلف
خاصة على معنى كون فعله علة تامة لتحققه بحيث لا يكون لفعل الغير ايضا واختياره
دخل فى ترتب المسبب والمعلول وتحققه ، واما اذا كان لفعل الغير واختياره ايضا دخل
فى تحققه كعنوان حقيقة البيع مثلا الذى هو مترتب على مجموع ايجاب البائع وقبول
المشترى فقد يقال ح بان التكليف بالمسبب وهو البيع حقيقة تكليف سببه وهو الايجاب
من جهة خروج المسبب ح بعد مدخلية قبول المشترى عن حيّز
.................................................................................................
______________________________________________________
قدرة البائع حتى
بالواسطة فمن ذلك لو ورد امر بشخص بيع داره لا جرم لا بد بعد خروجه عن حيّز قدرته
من صرفه الى سببه وهو ايجابه الناشى منه من جهة امتناع بقائه على ظاهره فى التعلق
بعنوان البيع ، ولكنه ايضا مدفوع بانه كذلك اذا كان قضية الامر بالبيع امرا
بايجاده على الاطلاق واما اذا كان امرا بحفظ وجوده من قبل ما هو تحت قدرته
واختياره فلا يلزم ارجاعه وصرفه عنه الى سببه بل يجعل الامر فى تعلقه بالمسبب على
حاله ح ويقال بان الواجب هو حفظ وجوده من قبل ما هو تحت اختياره كما هو الشأن ايضا
فى كلية المقيّدات ببعض القيود غير الاختيارية اذ كان مرجع للتكليف بها ايضا الى
التكليف بسد باب عدمه وحفظه من قبل ما هو تحت الاختيار فى ظرف انحفاظه من قبل سائر
القيود غير الاختيارية وح فاذا كان الواجب هو حفظ وجود المعلول والمسبب من قبل ما
هو فعل اختيارى للمكلف وهو ايجابه وكان هذا المقدار من الحفظ بتوسيط القدرة على
الايجاب تحت قدرته واختياره فلا جرم يكون الايجاب الذى هو سبب لهذا لمقدار من
الحفظ متصفا بالوجوب الغيرى لا بالواجب النفسى كما توهم الخ وذكرناه بطوله لمزيد
الفائزة ، واما التفصيل بين الشرط الشرعى وغيره قال صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٠٣ فقد
استدل على الوجوب فى الاول ـ اى الشرط الشرعى كالطهارات الثلاث والستر والقبلة
ونحوها ـ بانه لو لا وجوبه شرعا لما كان شرطا حيث انه ليس مما لا بد منه عقلا او
عادة الخ كالسير الى الحج او دخول السوق لشراء اللحم او نصب السلم للصعود على
السطح مما يتوقف عليه الواجب عقلا او عادة فهو غير واجب شرعا وبعبارة اخرى قال
المحقق الماتن فى البدائع ص ٤٠٢ ان المقدمة اذا لم تكن من الشروط الشرعية فالعقل
حاكم بلابدية الاتيان بها ومعه لا مجال لتوجيه الحكم المولوى من قبل الشارع بلزوم
تحصيلها لكونها لغوا واذا كانت من قبيل الشروط الشرعية فلا بد فى لزوم تحصيلها من
الالزام المولوى لكون العقل اجنبيا عن ادراك دخلها فى الواجب حتى يحكم بلابدية
الاتيان بها الخ واجاب عنه صاحب الكفاية اوّلا ج ١ ص ٢٠٣ بقوله وفيه مضافا الى ما
عرفت من رجوع الشرط الشرعى الى العقلى الخ هذا على مسلكه وقد تقدم وبينا الخدشة
فيه ولذا اجاب عن التفصيل المحقق العراقى فى البدائع ص ٤٠٢ ويرد عليها اوّلا ان
الشرطية للواجب لا يمكن ان تستفاد من الامر الغيرى الترشحى بل ينحصر استفادتها فى
تعلق الامر النفسى
.................................................................................................
______________________________________________________
بما هو مقيد بشيء
آخر وح فالمقدمة الشرعية وغيرها سيان فى حكم العقل بلابدية الاتيان بها ، وثانيا
ما تقدم من ان حكم العقل بلابدية الاتيان بالمقدمة لا يمنع من ترشح الامر الغيرى
القهرى عليها من قبل الامر بذيها الخ واجاب صاحب الكفاية ثانيا ج ١ ص ٢٠٣ انه لا
يكاد يتعلق الامر الغيرى إلّا بما هو مقدمة الواجب ، ولو كانت مقدميته متوقفة على
تعلقه بها ـ اى كون التكليف والامر من قبيل الواسطة فى الثبوت بالنسبة الى الشرطية
والمقدمية بحيث لو لا امر الشارع لما كان مقدمة وشرطا ـ لدار ـ اى بداهة ان الامر
الغيرى انما يتعلق بما هو مقدمة الواجب وشرطه فلو كان مقدميته متوقفة على الامر
الغيرى بها لدار وصار التوقف من الطرفين ـ والشرطية وان كانت منتزعة عن التكليف
إلّا انه عن التكليف النفسى المتعلق بما قيد بالشرط لا عن الغيرى الخ وقال المحقق
الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٥٦ وان اريد كون التكليف والامر من قبيل الواسطة فى
الاثبات بالنسبة الى المقدمية والشرطية بحيث يكشف امر الشارع به عن كونه مقدمة
وشرطا فى الواقع ، ففيه مع انه كثيرا ما يكون دليل الشرطية بغير لسان التكليف كما
فى قوله لا صلاة إلّا بطهور ولا صلاة الّا الى القبلة نقول بانه لا يكون ذلك تفصيلا
فى المسألة لان مقتضاه ح هو وجوب كل ما يتوقف عليه الواجب بالوجوب الغيرى ولو كان
الطريق الى المقدمية غير امر الشارع كما هو واضح الخ. فعليه يكون التكليف بما هى مقدمة واقعا كما ستعرف ولا دور.
واجاب عن الدور المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢١٧ ومنه تعرف ايضا عدم ورود
الدور لان الوجوب المقدمى تعلق بما هى مقدمة واقعا لتوقف مصلحة الواجب عليها ـ اى
فى مرحلة الثبوت ـ وحيث انه شرط شرعى اتفاقا فلا منشأ لانتزاعه الا الوجوب المتعلق
به وح فالجواب ان منشائه الوجوب النفسى المتعلق بالصلاة عن طهارة مثلا ـ اى انتزاع
عنوان الشرطية اثباتا يتوقف على تعلق الوجوب النفسى المتعلق بما قيد ـ لا الوجوب
المقدمى كما فى المتن الخ اى الشرطية المتوقفة عليها الوجوب الغيرى غير الشرطية
المتوقفة على الوجوب الغيرى هو فى مرحلة الثبوت وهذا فى مرحلة الاثبات.
بقى الكلام فى
جهات ثلاث الجهة الاولى فى تأسيس الاصل فى باب الملازمة قال فى الكفاية ج ١ ص ١٩٩
اعلم انه لا اصل فى محل البحث فى المسألة فان
.................................................................................................
______________________________________________________
الملازمة بين وجوب
المقدمة ووجوب ذى المقدمة وعدمها ليست لها حالة سابقة بل تكون الملازمة او عدمها
ازلية الخ وقال المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٩٨ لا ريب فى عدم وجود اصل عملى فى
هذه المسألة من الناحية الاصولية وهى جهة الملازمة لانها على تقدير تقررها فى
الواقع ونفس الامر ولو لم يتحقق طرفاها ليس لها حالة سابقة معلومة بل هى اما ثابتة
ازلا او معدومة ازلا وعلى تقدير كونها تابعة فى التقرر لتحقق طرفيها ليس لها حالة
سابقة معلومة بمفاد ليس الناقصة كى تستصحب كما هو واضح واما حالتها السابقة بمفاد
ليس التامة عند عدم تحقق طرفيها فلا اثر لاستصحابها لعدم كون وجوب المقدمة من آثار
الملازمة الخ اى شرعا وقال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٥٠ وحديث الرفع ايضا
غير جار فيها لعدم كونه امر شرعيا ولا موضوعا ايضا لاثر شرعى لان ترتب فعلية
الوجوب عليها ح ترتب عقلى لا شرعى كما هو واضح الخ وبذلك اعترف المحقق النّائينيّ
فى الاجود ج ١ ص ٢٣٠ وغيره ، مضافا الى ان الملازمة عقلية والعقل لا يشك فى موضوع
حكمه وقال فى الكفاية ج ١ ص ١٩٩ نعم نفس وجوب المقدمة يكون مسبوقا بالعدم حيث يكون
حادثا بحدوث وجوب ذى المقدمة والاصل عدم وجوبها الخ وقال المحقق العراقى فى
البدائع ص ٣٩٨ واما الجهة الفقهية لهذه المسألة فالظاهر جريان استصحاب عدم وجوب
المقدمة فيها لمعلومية عدم وجوبها فى ظرف عدم وجوب ذيها فيستصحب الخ واورد عليه
المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٣٠ فعدم جريان الاصل فيها لعدم ترتب الاثر
عليه بعد فرض لزوم الاتيان بالمقدمة عقلا وما لم يكن لنفى الوجوب او لاثباته اثر
عملا لا معنى لجريان الاصل العملى فى مورده نفيا واثباتا الخ فلا يترتب على نفى
وجوبها ثمرة اصلا من حيث الحركة والسكون ، فاجاب عن هذا الايراد المحقق الماتن فى
البدائع ص ٣٩٨ وفيه ان وجوب المقدمة وان لم يكن ذا اثر عملى بنفسه إلّا ان ضمه الى
كبريات أخر على ما تقدم يوجب ترتب الاثر عليه فلا مانع من جريان الاصل المزبور الخ
وسيأتى فى الثمرة وتوضيحه ولكن قال المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٥١ بعدم
انحصار الاثر ح بحيث الحركة والسكون وانه يكفى فيه التوسعة فى التقرب باتيان
المقدمة بداعى مراديتها حيث انه بنفى وجوبها ح يترتب نفى هذا لاثر فيتضيق بذلك
دائرة التقرب ، واما توهم عدم كون مثل هذا الاثر ح شرعيا لانه من
.................................................................................................
______________________________________________________
كيفيات الاطاعة
التى هى من الآثار العقلية فلا يكاد يمكن اثباتها بمثل هذه الاصول التعبدية فمدفوع
كنفس الاطاعة من لوازم مطلق وجوب الشى ولو ظاهرا ـ اى اثرا شرعيا ـ ولكن مع ذلك
كله يشكل الاكتفاء بمثل هذا الاثر فى جريان الاستصحاب ينشأ من عدم كونه اثرا للمستصحب
حتى يجرى الاستصحاب بلحاظه وكونه من آثار نفس الحكم ـ اى الوجوب ـ الاستصحابيّ اذ
ح جريان الاستصحاب بلحاظ مثل هذا الاثر لعله من المستحيل فلا بد ح من التماس اثر
فى البين للمستصحب حتى يكون جريان الاستصحاب بلحاظه وحيثما لا يكون فى البيع اثر
عملى يترتب على المستصحب فلا مجال لجريانه بوجه اصلا الخ والجواب عنه يكفى الاثر
للنقيض عند عدم جريان الاصل كما ذكر هو قدسسره فى الاصل العدم الازلى وقال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٩٩ وتوهم
عدم جريانه بانه لكون وجوبها على الملازمة من قبيل لوازم الماهية ـ اى بالاضافة
الى وجوب ذى المقدمة ـ غير مجعولة ـ اى شرعا فالمجعول هو وجوب ذى المقدمة فقط ـ ولا
اثر آخر مجعول مترتب عليه ـ اى ما يتوهم كونه اثرا له ليس باثر ـ ولو كان لم يكن
بمهم هاهنا ـ اى كالنذر ونحوه والمعتبر فى جريان الاستصحاب ان يكون المستصحب حكما
مجعولا او موضوعا ذا حكم شرعى مجعول ـ مدفوع بانه ـ اى وجوب المقدمة ـ وان كان غير
مجعول بالذات لا بالجعل البسيط الذى هو مفاد كان التامة ـ اى الوجود النفسى وهو
وجود الشيء فى نفسه ويقال له الوجود المحمولى ووجود الرابط وهو مفاد كان التامة
مثل قولنا وجد زيد ـ ولا بالجعل التأليفى الذى هو مفاد كان الناقصة ـ اى وجوده لا
فى نفسه مثل قولنا كان زيد قائما ـ إلّا انه مجعول بالعرض ويتبع جعل وجوب ذى
المقدمة وهو كاف فى جريان الاصل الخ اى ينسب اليه الجعل بالعرض والمجاز ، وايضا
دفع التوهم المحقق العراقى فى البدائع ، ص ٣٩٨ ان وجوب المقدمة له تحقق مستقل
منحاز عن وجوب ذى المقدمة ونسبته اليه نسبة المعلول الى علته لا نسبة لوازم
الماهية الى الماهية لان لازم الماهية ليس مجعولا مستقلا وانما هو مجعول بالعرض
الخ وتوضيح ذلك ذكر المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢١٤ ظاهر كلامه ـ اى
الكفاية ـ زيد فى علو مقامه تسليم كون المورد من قبيل لوازم الماهية إلّا ان حاله
حالها فى عدم قبول الجعل استقلالا وبالذات وقبول الجعل بالعرض وهو كاف فى جريان
الاصل ، والتحقيق كونه من قبيل لوازم الوجود لا
.................................................................................................
______________________________________________________
لوازم الماهية اذ
ليست ارادة المقدمة بالاضافة الى ارادة ذيها كالزوجية بالاضافة الى الاربعة فان
الزوجية من المعانى الانتزاعية من الاربعة بلحاظ نفسها مع قطع النظر عن الوجودين
من الذهن والعين ـ اى لوازم الماهية امور انتزاعية اعتبارية يكون منشأ انتزاعها
واعتبارها نفس الماهية كما عرفت ولاجل ذلك كان جعلها عرضا بجعل الماهية حقيقة ـ وهو
مناط كون الشى من لوازم الماهية فنفس وضع الماهية كافية فى صحة انتزاعه منها فلذا
لا وجود له غير وجودها فلا جعل له غير جعلها والجعل الواحد ينسب الى الماهية
بالذات والى لازمها بالعرض بخلاف ارادة المقدمة فانها بحسب الوجود غير ارادة ذيها
لا ان ارادة واحدة متعلقة بذيها بالذات وبها بالعرض ومع تعدد الوجود يجب تعدد
الجعل فلا يعقل كون الوجوب المقدمى بالاضافة الى الوجوب النفسى من قبيل لوازم
الماهية التى لا اثنينية لها مع الماهية وجودا وجعلا نعم حيث ان الغرض الاصيل
يدعوا الى ارادة ذى المقدمة اوّلا وبالذات والى ارادة المقدمة ثانيا وبالتبع يطلق
على جعل وجوب المقدمة انه جعل بالتبع وهو غير الجعل بالعرض الذى ينسب الى لازم
الماهية فى قبال جعل الماهية والى جعل الماهية فى قبال الوجود ـ هذا على ما هو
المعروف فى لوازم الماهية واما على ما هو التحقيق من ان الوجود هو الاصيل وان
الماهية اعتبارية فلا يعقل ان ينتزع ماهية من ماهية اخرى ويستحيل ان تكون ماهية
مستلزمة لماهية اخرى وإلّا كان الاستلزام والاستتباع جزء ذات الماهية بل المراد من
لوازم الماهية لوازمها سواء كانت موجودة فى الذهن او فى العين لا مع قطع النظر عن
الوجودين لكن تلك اللوازم حيث انها منتزعة عن الماهية الموجودة ذهنا الخ ـ هذا ان
اريد الاشكال على اصل الجعل ـ هذا حال الارادة الغيرية بالاضافة الى الارادة
النفسية ، وذكر استادنا الحكيم فى الحقائق ج ١ ص ٢٩٥ واما حال الوجوب الغيرى
بالاضافة الى الوجوب النفسى فان اريد من الوجوب نفس اظهار الارادة بداعى البعث
فاظهار الارادة الغيرية اجنبى عن اظهار الارادة النفسية فانه مثله وهما معا امران
حقيقيان معلولان للارادتين اللتين احداهما معلولة للاخرى وان اريد من الوجوب الامر
الاعتبارى المنتزع عن مقام اظهار الارادة فهو وان كان امرا اعتباريا لكنه اجنبى عن
الوجوب النفسى بل جعله بجعل منشإ اعتباره كما ان الوجوب ، النفسى كذلك الخ وهنا
توهم ثالث لجريان اصالة عدم وجوب المقدمة ذكر فى الكفاية ج ١ ص ١٩٩ ولزوم
.................................................................................................
______________________________________________________
التفكيك بين
الوجوبين ـ اى الوجوب النفسى لذى المقدمة والوجوب الغيرى للمقدمة ـ مع الشك ـ اى
احتمال الملازمة ـ لا محاله لاصالة عدم وجوب المقدمة مع وجوب ذى المقدمة الخ
وتوضيح ذلك ذكر المحقق العراقى فى البدائع ص ٣٩٨ انه يعتبر فى جريان الاستصحاب ان
يكون التعبد الشرعى بالمستصحب او اثره ممكنا عقلا فى حد نفسه ومن الواضح انه على
تقدير الملازمة بين وجوب ذى المقدمة ووجوب مقدمته لا يمكن التعبد الشرعى بعدم وجوب
المقدمة فى فرض وجوب ذيها وحيث نشك فى الملازمة كما هو المفروض نشك فى امكان
التعبد الشرعى بعدم وجوبها الخ فيكون من الشبهة المصداقية لموضوع الاستصحاب واورد
عليه صاحب الكفاية ج ١ ص ٢٠٠ لا ينافى الملازمة بين الواقعتين واما ينافى الملازمة
بين الفعليين ـ اى الاصل يوجب العلم بالانفكاك ظاهرا وهو لا ينافى احتمال الملازمة
بينهما واقعا ـ نعم لو كانت الدعوى هى الملازمة المطلقة حتى فى المرحلة الفعلية
يصح التمسك بذلك ـ اى احتمال الملازمة بينهما ظاهر ايضا فيرد الاشكال ـ فى اثبات
بطلانها الخ وتوضيحه والمناقشة فيه ذكر المحقق الماتن فى البدائع ص ٣٩٩ وقد اجاب
عنه فى الكفاية بان استلزام جريان استصحاب عدم وجوب المقدمة فى فرض وجوب ذيها
التفكيك بين الوجوبين فى مقام الفعلية لا ينافى الملازمة بينهما فى مرحلة الواقع
نعم لو كانت الملازمة المدعاة بين الوجوبين غير مختصة بمرحلة الواقع وثابتة فى
مرحلة الفعلية ايضا لما جرى الاستصحاب المزبور ، ولا يخفى ما فى الجواب المزبور اذ
من يدعى الملازمة يثبتها حتى فى مقام الفعلية ، والجواب الصحيح عن الشبهة هو ما
سيأتى فى محله من انه لا يعتبر فى التعبد الشرعى احراز عدم امتناعه عقلا بل يكفى
عدم ثبوت الامتناع فلا مانع من جريان استصحاب فى المقام بعد فرض كون الملازمة بين
الوجوبين فى مرحلة الفعلية مشكوكة الخ وبمثل ذلك اجاب المحقق الاصفهانى فى النهاية
ج ١ ص ٢١٥ بل الدعوى فى خصوص مرتبة الفعلية فان الوجدان والبرهان ليس الاعلى استلزام
ارادة ذى المقدمة لارادة المقدمة وعلى استلزام البعث الحقيقى نحوه للبعث الحقيقى
نحوها بلا نظر الى مرتبة الانشاء بما هى انشاء بداهة عدم الوجدان والبرهان فى
مثلها والجواب ح ما ذكرناه فى امثال المقام فى اول مبحث الظن ان احراز الامكان فى
موارد العمل غير لازم بل احراز الاستحالة مانع وإلّا
.................................................................................................
______________________________________________________
احتمال الاستحالة
غير حجة فلا يمنع عن تصديق الحجة الخ ولاجل ذلك كله او بعضها تبع استادنا الخوئى
المحقق النّائينيّ وقال فى المحاضرات ج ٢ ص ٤٣٥ اما ما افاده بالاضافة الى المسألة
الفرعية من وجود الاصل فيها ـ لا يخلو من ان يكون البراءة او الاستصحاب والاولى لا
تجرى بكلا قسميها اما العقلية فلانها واردة لنفى المؤاخذة والعقاب والمفروض انه لا
عقاب على ترك المقدمة وان قلنا بوجوبها والعقاب انما هو على ترك الواجب النفسى
واما الشرعية فبما انها وردت مورد الامتنان فيختص موردها بما اذا كانت فيه كلفه
على المكلف ليكون فى رفعها بها امتنانا والمفروض انه لا كلفه فى وجوب المقدمة حيث
لا عقاب على تركها على ان العقل يستقل بلزوم الاتيان بها لتوقف الواجب عليها سواء
قلنا بوجوبها ام لم نقل فاذن اى اثر ومنة فى رفع الوجوب عنها ـ والاستصحاب ـ لا
يجرى لان موضوعه وان كان تاما إلّا انه لا اثر له بعد استقلال العقل بلزوم الاتيان
بها الخ ولكن قد عرفت الاثر من توسع دائرة القربة على القول به وان لابديته عقلا
غير مانع عن وجوبها شرعا قهرا كما لا يخفى. وقد تقدم مفصلا وذكره المحقق الاصفهانى
ايضا فى النهاية ج ١ ص ٢١٤ وان اريد الاشكال على اختيارية الايجاب المقدمى حيث انه
لا يتمكن المولى من عدمه بعد ايجاب ذى المقدمة فقد اشرنا سابقا الى دفعه من ان
الايجاب بالاختيار لا ينافى الاختيار فان العلة المتأصلة فيهما واحدة ـ اى الغرض ـ
فاذا تمت تلك العلة وبلغت حد الوجوب وجد معلولها قهرا وهو عين الايجاد بالارادة
والاختيار وإلّا لزم صدور المعلول عن غير علته التامة او امكان انفكاك المعلول عن
علته التامة الخ وكل ذلك محال فايجاب ذى المقدمة بعد ما كان اختيارا فلا محاله
يلازم قهرا مع ايجاب المقدمات وهو يكفى فى اختياريته وذلك بعد تحقق العلة وهى
الغرض والملاك.
بقى شيء وينفع
للمسألة الآتية ايضا قال المحقق الحائرى فى الدرر ج ١ ص ١٠١ لو شك فى كون ترك الضد
مقدمة بعد علمه بوجوب مقدمة الواجب وعلمه بوجوب فعل الضد الآخر فهل الاصل يقتضى
الحكم بصحة العمل ان كان من العبادات او الفساد قد يقال بالاول لان فعلية الخطاب
مرتفعة بواسطة الشك خصوصا فى الشبهة الموضوعية التى قط اطبقت على اجراء البراءة
فيها كلمة العلماء من الاصوليين والاخباريين واذا لم يكن الوجوب فعليا لا مانع من
صحة العمل لان المانع قد تحقق فى
.................................................................................................
______________________________________________________
محله انه الوجوب
الفعلى ولذا افتى العلماء بصحة الصلاة فى الارض المغصوبة فى صورة نسيان الغصبية
ولو انكشف الخلاف بعد ذلك لم يجب عليه الإعادة والقضاء وما نحن فيه من هذا القبيل
واوضح من ذلك صورة القطع بعدم المقدمية وانكشاف خطاء قطعه بعد ذلك فان الحكم بفساد
صلاته موجب لفعلية الخطاب حين القطع بعدمه والحق ان الشك فى المقام ليس موردا
لاصالة البراءة لا عقلا ولا شرعا اما الاول فلان مقتضاها هو الأمن من العقاب على
مخالفة التكليف الواقعى على تقدير ثبوته ولا يمكن جريانها هنا لان العقاب لا يترتب
على مخالفة التكليف المقدمى ولا يمكن الحكم بسقوط العقاب عن التكليف النفسى اذا استند
تركه الى هذه المقدمة المشكوكة مقدميتها لان التكليف النفسى معلوم ويعلم ان
الاتيان به ملازم لهذا الترك الذى يحتمل كونه مقدمه انما الشك فى ان هذا الترك
الذى قد علم كونه ملازما لفعل الواجب المعلوم هل هو مقدمة ام لا وهذا لا يوجب سقوط
العقاب عن الواجب النفسى المعلوم كما هو واضح واما الثانى فلانه على تقدير كون
الترك مقدمة فالوجوب المتعلق به بحكم العقل على حد الوجوب المتعلق بفعل ضده فكما
انه فى هذا الحال يكون فعليا منجزا كذلك مقدمته وعلى هذا الفرض لا يعقل الترخيص
والمفروض احتمال تحقق الفرض فى نظر الشاك وإلّا لم يكن شاكا ومع هذا الاحتمال يشك
فى امكان الترخيص وعدمه عقلا فلا يمكن القطع بالترخيص ولو فى الظاهر لا يقال بعد
احتمال كون الترخيص ممكنا لا مانع من التمسك بعموم الادلة الدالة على اباحة جميع
المشكوكات واستكشاف الامكان بالعموم الدال على الفعلية لانا نقول فعلى هذا يلزم من
ثبوت هذا الحكم عدمه اذ لو بنينا على انكشاف الامكان بعموم الادلة فاللازم
الالتزام بدلالة العموم على عدم كون ترك الضد مقدمة اذ مع بقاء هذا الشك لا يمكن
انكشاف الامكان فلو علم من عموم الحكم عدم كون ترك الضد مقدمة فلا مجرى له لان
موضوعه الشك وبالجملة فلا ارى وجها لجريان اصالة الاباحة فى المقام الخ ولكن فيه
انه من الاقل والاكثر الارتباطى بالنسبة الى التقيد بالمقدمة ومجرى البراءة شرعا
وعقلا لان التقيد يترتب عليه العقاب لو كان مقيدا باعتبار القيد.
كما لا يخفى.
خاتمة (١) فى بيان
ثمرة المسألة واحسن ثمراتها (٢) التوسعة فى دائرة التقرب بالمقدمة عباديّا كما
اشرنا فى بحث التقرب بالمقدمة فى طىّ تقسيم الوجوب بالنفسى والغيرى فراجع (٣)
______________________________________________________
فى الثمرة الفقهية لمقدمة الواجب
(١) الجهة الثانية فى بيان الثمرة
لمسألة وجوب المقدمة.
(٢) منها ما ذكر
فى التقريرات ص ٨٢ لشيخنا الاعظم الانصارى ان القول بوجوب المقدمة مما يؤثر فى
صحتها اذا كانت عبادة كما ان القول بعدم الوجوب مما يقضى بفسادها ح الخ.
(٣) وهذه الثمرة
مرضية عند المحقق الماتن وغيره وجعلها العمدة قال فى الفصول ص ٨٨ منها فى صحة قصد
الامتثال والقربة بفعلها من حيث كونها مقدمة فعلى القول بالوجوب يصح قصد ذلك لان
تعلق الطلب بفعل ولو للغير يوجب صحة قصد الآتي به لتعلق الطلب به انه يأتى به لذلك
فيصح وقوعها على وجه العبادة اذا كان مشروعيتها كذلك كما فى الصلاة الى الجهات وفى
الاثواب المشتبهة ولا يصح على القول الآخر لانتفاء الطلب الخ وتبعه المحقق العراقى
فى البدائع ص ٣٩٦ ان ثمرة المسألة الاصولية ليست إلّا وقوع نتيجتها فى طريق
استنباط الحكم الفرعى كما تقدم مرارا ـ اى استخراج الاحكام الالهية كما صرح المحقق
الماتن فى المتن وذلك لأن يشمل الاصول العملية التعريف ـ وتطبيق ذلك فى المقام هو
انه اذا بنينا على الملازمة بين وجوب الواجب ووجوب مقدمته التى هى فى الحقيقة
عبارة اخرى عن وجوب المقدمة وضممنا هذه الكبرى الى كل من صغرياتها فقيل مثلا
الوضوء مقدمة للصلاة ومقدمة الواجب واجبة تنتج مسألة فرعية وهى وجوب الوضوء فى هذا
المورد وهذه النتيجة وان لم تكن بنفسها ذات اثر عملى بعد حكم العقل بلابدية
الاتيان بالمقدمة إلّا ان بتطبيق كبريات أخر مستفادة من محالها عليها كتحقق التقرب
فى كل واجب بقصد امره وكضمان الآمر بامر معاملى بالنسبة الى المأمور بذلك الامر
تتحقق الثمرة لتلك النتيجة فانه بعد فرض وجوب المقدمة يمكن تحقق التقرب بقصد امرها
كما يمكن
.................................................................................................
______________________________________________________
التقرب بقصد
التوصل بها الى ذى المقدمة فتتحقق بذلك التوسعة فى التقرب بها وكذلك اذا امر شخص
شخصا آخر امرا معامليا بفعل له مقدمات فاتى المأمور بتلك المقدمات ولم يأت بذلك
الفعل يكون ضامنا للشخص المأمور اجرة المقدمات بعد فرض كون الامر بالفعل امرا
بمقدماته وقد ظهر بذلك ان الثمرة العملية لمسألة وجوب مقدمة الواجب انما تتحقق بضم
نتيجتها الى كبريات أخر منقحه فى مواردها وقد اورد على اثبات الثمرة لمسألة وجوب
مقدمة الواجب بأمور منها ان ثمرة المسألة الاصولية هى ان تقع نتيجتها فى طريق
استنباط الحكم الفرعى وذلك لا يتحقق فى المسألة المزبورة لان نتيجتها ان كانت هى
الملازمة بين الوجوبين فضم هذه النتيجة الى كل صغرى من صغرياتها لا ينتج حكما
فرعيا وانما هو من باب تطبيق الكبرى الاصولية على مواردها الخاصة وان كانت هى وجوب
المقدمة فذلك بنفسه حكم فرعى فكيف يقع فى طريق استنباط الحكم الفرعى ويظهر هذا من
المحقق الأصفهاني فى النهاية ج ١ ص ٢١٢ قال لا يخفى عليك ان جعل الوضوء مقدمة
والحكم عليه بان كل مقدمة يستلزم وجوب ذيها وجوبها وهو نتيجة المسألة ينتج ان
الوضوء يستلزم وجوب ذيه وهذا تطبيق النتيجة الكلية الاصولية على مصاديقها لا ان
القياس المزبور منتج لوجوب المقدمة لتكون نتيجته حكما فقهيا كما ان جعل الوضوء
مقدمة والحكم على كل مقدمة بالوجوب كذلك فان هذا تطبيق محض يتوقف على الفراغ عن
وجوب كل مقدمة حتى يصح ان يقال الوضوء مقدمة وكل مقدمة واجب مع ان هذه الكلية ليست
نتيجة البحث عن المسألة الاصولية بل نتيجة تلك المسألة ثبوت الملازمة فالقياس
المنتج للوجوب المناسب للفقه ان يجعل ثبوت الملازمة كلية صغرى للقياس المنتج للحكم
الشرعى فيقال كل مقدمة يستلزم وجوب ذيها وجوبها وكل ما كان كذلك فهو واجب فيستنتج
منه ان كل مقدمة واجب ثم هذا القياس الفقهى ينطبق على موارده الخ وعليه فلا ثمرة
لمسألة الملازمة فى الحكم الفرعى قال المحقق العراقى فى البدائع ويرد عليه ان
نتيجة المسألة المزبورة هى الملازمة وهى عين وجوب المقدمة ولكن ذلك ليس حكما فرعيا
بل هو كبرى من الكبريات الاصولية لما تقدم فى صدر المبحث من الضابط لتشخيص الكبرى
الاصولية عن الكبرى الفرعية وبضم هذه الكبرى الكلية الى صغرياتها كقولنا الوضوء
مقدمة للصلاة ومقدمة الواجب واجبة نستنتج حكما فرعيا كليا
وايضا ربما يظهر
الثمرة (١) فى ما لو امر بفعل له مقدمة فعلى القول بملازمة امره بالفعل امره
بمقدمته ربما يستحق الفاعل المأمور الاجرة على المقدمة ايضا لانه ايضا تحت امره
وامّا لو لم نقل بالملازمة المزبورة فلا يقتضى امره بالفعل الا استحقاق الاجرة على
ذى المقدمة لا المقدمة لانه لم يكن بامر الامر وانما الملزم له لابدية وجوده عقلا
وذلك غير مرتبط بالآمر ، ثم فى هذه الثمرة ربما يفرّق بين القول بوجوب مطلق
المقدمة او الموصلة منها فى فرض اتيانه بالمقدمة محضا فيستحق الاجرة عليها على
الأول دون الثانى كما لا يخفى واما بقية الثمرات المذكورة لها من عدم جواز اخذ
الاجرة عليه (٢) بناء على وجوبه وجوازه بناء
______________________________________________________
وهو وجوب الوضوء
فى المثال ، ومنها ان وجوب المقدمة وان سلم كونه كبرى اصولية وان ضمه الى صغرياتها
ينتج حكما فرعيا كوجوب الوضوء مثلا إلّا ان هذا الحكم الفرعى ليس له اثر عملى لان
العقل حاكم بلابدية الاتيان به بعد فرض كونه مقدمة ، ويرده ان الحكم الفرعى المستنتج
فى المقام وان لم يكن بنفسه ذا اثر عملى إلّا ان تطبيق كبريات آخر مستفادة من
محالها عليه يحقق الثمرة ويوجب ترتب الاثر العملى عليه على ما تقدم بيانه فى تصوير
الثمرة لهذه المسألة الخ من تحقق العبادية بقصد الامر الغيرى.
(١) هذه الثمرة
ذكروها للفرق بين المقدمة الموصلة ومطلق المقدمة كما فى الفصول ص ٦٢ واما لو اتى
بالواجب الغيرى للامتثال بالغير ولم يترتب عليه اختيارا كما لو نقض عزمه او
اضطرارا كما لو طرأ مانع عقلى او شرعى لم يمتثل به من حيث كونه واجبا فى الواقع ـ والى
هذا ـ اى هذا التفصيل ـ ينظر قولهم بان الاجير على الحج من البلدان قطع المسافة
وفاته الحج لموت وشبهه استحق اجرة القطع بالنسبة وان تركه متعمدا لم يستحق شيئا
الخ ونحن تعرضنا له هناك مفصلا وعن قريب ايضا فلا نعيد.
(٢) ومنها عدم
جواز اخذ الاجرة على الواجبات ان كانت المقدمة واجبة شرعا وعدمه ان لم تكن واجبة تقدم
فى محله عدم تمامية اصل الكبرى على اطلاقه كما ستعرف ايضا.
على عدمه او النذر
(١) باتيان واجب او واجبين مثلا فى يومه وامثال ذلك مما ذكر فى المطولات فلا مجال
لا تمامها اذا النذر (٢) لا يصلح ان يقع ثمرة فى المسائل الاصولية الواقعة فى طريق
استخراج احكام كلية كما اشرنا اليه فى بحث الصحيح والاعم كما ان جواز الاجرة (٣)
على المقدمة وعدمه تابع مجانيّة وجوده لدى الشارع وعدمها من دون دخل وجوبه وعدمه
فى جهة مجانيّته اذ لا ملازمة بين الجهتين (٤) كما لا يخفى وقس عليهما حال بقية
الثمرات
______________________________________________________
(١) ومنها قال فى
الفصول ص ٨٩ وقد يجعل من ثمرة النزاع براءة ذمة الناذر وعدمها فى ما لو نذر ان
يأتى بواجب فاتى بمقدمته فانه تبرأ ذمته بفعلها على القول بوجوب المقدمة ولا تبرأ
على القول الآخر ، وهذا انما يتم اذا نوى مطلق الواجب وإلّا فالاطلاق ينصرف الى
الواجب النفسى الخ.
(٢) واجاب عنه صاحب
الكفاية ج ١ ص ١٩٦ وهى فى المسألة الاصولية كما عرفت سلفا ليست إلّا ان يكون
نتيجتها صالحة للوقوع فى طريق الاجتهاد واستنباط حكم فرعى ـ اى كلى فرعى ـ ومنه قد
انقدح انه ليس منها مثل بر النذر الخ وتوضيح ذلك ما ذكره المحقق العراقى فى
البدائع ص ٣٤٨ فلمنع كونه ثمرة اصولية اذ هو انما يكون ثمرة لمسألة فرعية لانه من
تطبيق كبرى فرعية وهى كبرى وجوب الوفاء على المورد واين ذلك والمسألة الاصولية
التى من شأنها وقوع نتيجتها فى طريق استنباط ـ اى الاستخراج الحكم الفرعى الكلى
وبالجملة نقول بان المسألة الاصولية عبارة عما وقع نتيجتها فى طريق استنباط الحكم
الفرعى الكلى لا فى طريق تطبيق الحكم الشرعى الكلى على المورد ومسألة النذر انما
كانت من قبيل الثانى الخ.
(٣) وذكر صاحب
الكفاية ج ١ ص ١٩٦ وعدم جوا اخذ الاجرة على المقدمة الخ بناء على الملازمة بلحاظ
خروجها ح عن ملكه وعن حيطة سلطانه من حيث الفعل والترك فكان اخذ الاجرة عليها اكلا
للمال بالباطل.
(٤) والجواب عنه
مضافا الى ما تقدم من عدم كونها ثمرة للمسألة الاصولية وانما من باب تطبيق الحكم
الفرعى المستفاد من الدليل على المورد ، ذكر المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٤٩
فلوضوح عدم اقتضاء مجرد وجوب شيء على المكلف عينا ام
.................................................................................................
______________________________________________________
كفاية لخروجه عن
المالية بحيث لا يجوز له اخذ الاجرة بازائه ما لم يعتبر كونه على وجه المجانية ومن
ذلك ترى جواز اخذ الاجرة على كثير من الواجبات كالصناعات الواجبة عينا ام كفاية
وكموارد المخمصة التى امر فيها ببذل الاموال فان ذلك كله شاهد عدم اقتضاء مجرد
الامر ببذل الاعمال والاموال ووجوب اتلافها لخروجها عن المالية رأسا بحيث كان اخذ
العوض بازائه من اكل المال بالباطل وح فيحتاج حرمة اخذ الاجرة عليه الى قيام دليل
بالخصوص يقتضى ايجاب بذله على نحو المجان كما ورد فى مثلا الاذان والقضاء ونحوهما
وإلّا فلو كنّا نحن ومجرد وجوب العمل عليه عينا ام كفاية فلا يقتضى هذا المقدار
خروجه عن المالية حتى يحرم عليه اخذ الاجرة بازائه كما هو واضح الخ وظاهر كلامه بل
صريح ذلك بقرينة استثناء الاذان هو الاعم من الواجب التوصلى والتعبدى ولكن قال فى
الكفاية ج ١ ص ١٩٧ واخذ الاجرة على الواجب لا بأس به اذا لم يكن ايجابه على المكلف
مجانا وبلا عوض بل كان وجوده المطلق مطلوبا كالصناعات الواجبة كفائية التى لا يكاد
ينتظم بدونها البلاد ويختل لولاها معاش العباد بل ربّما يجب اخذ الاجرة عليها لذلك
اى لزوم الاختلال وعدم الانتظام لو لا اخذها هذا فى الواجبات التوصلية واما
الواجبات التعبدية فيمكن ان يقال بجواز اخذ الاجرة على اتيانها بداعى امتثالها لا
على نفس الاتيان كى ينافى عباديتها فيكون من قبيل الداعى الى الداعى غاية الامر
يعتبر فيها كغيرها ان يكون فيها منفعة عائدة الى المستأجر كيلا يكون المعاملة
سفهية واخذ الاجرة عليها اكلا للمال بالباطل الخ وتوضيحه ان الاجرة تارة تبذل
بازاء نفس العمل واخرى بازاء صدوره عن داعى امتثال الامر والنحو الاول غير جائز
لانه يمنع من تحقق الاطاعة للامر بل الفعل يكون اطاعة للمستأجر لا غير اما النحو
الثانى فلا باس به لان المستاجر عليه الفعل عن داعى الامر فلا بد فى مقام الوفاء
بالاجارة من قصد الفعل لله سبحانه ويكون الداعى اليه امره تعالى غاية الامر يقصد
صدور الفعل عن داعى الامر بداعى امر المستأجر فيكون من قبيل داعى الداعى ويكون
الفعل واجدا لما يعتبر فيه من كونه طاعة وعبادة ، وهو الذى عليه المحقق الماتن
ايضا قال فى تعليقته الاستدلالية على العروة ص ٩٩ فى الاجرة على الاذان قال اذا
كان اخذ الاجرة من دواعى نفس العمل واما لو كان بنحو الداعى على الداعى القربى ففى
البطلان تأمل لعدم دليل على اعتبار ازيد من ذلك
المذكورة (١) فى
المقام من دون مساعدة الفرصة لتعرضها ودفعها والله العالم.
______________________________________________________
فالاصل يقتضى
خلافه الخ ان قلت قال استادنا الحكيم فى الحقائق ج ١ ص ٢٩٢ ان داعى الامر المعتبر
فى صدق الطاعة والعبادة يعتبر ان يكون بنحو يستحق به على الآمر الجزاء وبه يكون
متقربا اليه والفعل الصادر على النحو المذكور ليس كذلك ولذا لو امر زيد بكرا
باطاعة عمرو فاطاعه لم يستحق على عمرو توابا اصلا ولا يكون إلّا مستحقا على زيد لا
غير لانه اطاعة له دون عمرو ولاجل هذا ونحوه كانت اوامر الاطاعة ارشادية لا مولوية
ـ وكفى شاهدا بما ذكرنا ما فى مرتكز المتشرعة من كون العبادة على النحو المذكور من
اوضح المنكرات الشرعية الخ قلت اوّلا كما يصدق عرفا اطاعة زيد يصدق عرفا اطاعة
عمرو ايضا وانكاره مكابرة جزما وثانيا اجنبى عن اوامر الاطاعة بان تكون ارشادية
فان اوامر الاطاعة ارشاد الى حكم العقل وهنا ارشاد الى اى شيء فلو كان ارشاديا
يكون امر زيد ارشاد الى اوامر العمرو لا ان يكون اوامر العمر وإرشادية مع ان عمرو
هل يكون اوامره واجب الاطاعة ام لا وعلى كلا التقديرين اطاعة لهما وثالثا ان ما
ذكره من الارتكاز لا دليل عليه ولذا قال المحقق النّائينيّ فى الاجود ج ١ ص ٢٤٦
واما اذا كان الواجب هو المعنى المعبر عنه باسم المصدر الموجب لكون العمل مملوكا
لله تبارك وتعالى فان كان عينيا كالصلاة ونحوها فلا يجوز اخذ الاجرة عليه وان
كفائيا وكان مما يدخله النيابة بحيث يكون الثواب والاطاعة للمستنيب لا للنائب كما
فى استنابه مريد الحج غيره وفى الجهاد الواجب عليه كفاية على القول بجوازها فيجوز
اخذ الاجرة عليه ايضا وإلّا فلا الخ فيدفع ذلك ما تقدم من صاحب الكفاية من لزوم
منفعة عائدة الى المستأجر وليس فى هذه الموارد اى الواجبات العينية تلك المنفعة
وتمام الكلام فى محله إن شاء الله تعالى.
(١) ومنها ما نقل فى
الكفاية ج ١ ص ١٩٦ وحصول الفسق بترك واجب واحد بمقدماته اذا كانت له مقدمات كثيرة
لصدق الاصرار على الحرام بذلك ـ اى الجواب عنه مضافا الى انها ليست ثمرة للمسألة
الاصولية كما مر مرارا ـ ولا يكاد يحصل الاصرار على الحرام بترك واجب ولو كانت له
مقدمات غير عديدة لحصول العصيان بترك اول مقدمة لا يتمكن معه من الواجب فلا يكون
ترك سائر المقدمات بحرام اصلا ـ اى يخرج بقية المقدمات عن حيّز الوجوب فلا يتحقق
الاصرار الموجب للفسق ـ لسقوط التكليف ح كما هو واضح الخ واجاب ايضا المحقق
العراقى فى النهاية
.................................................................................................
______________________________________________________
ج ١ ص ٣٤٩ مضافا
الى ذلك ، بان تعدد العصيان انما يكون تابعا لتعدد الغرض فاذا لا يتحقق من ترك
الواجب بماله من المقدمات العديدة إلّا فوت غرض واحد لا يكاد يترتب عليه إلّا
عصيان واحد الخ ومنها وهى المنسوبة الى الوحيد البهبهانى فى الكفاية ج ١ ص ١٩٨
وربما يجعل من الثمرة اجتماع الوجوب والحرمة اذا قيل بالملازمة فيما اذا كانت
المقدمة محرمة فيبتنى على جواز اجتماع الامر والنهى وعدمه ـ اى على القول بجواز
اجتماع الامر والنهى له الاتيان بالمقدمة بداعى كونها مرادة للمولى ـ بخلاف ما لو
قيل بعدمها ـ اى عدم الملازمة فانه لا يندرج فى باب الاجتماع حتى يبتنى على الخلاف
فى تلك المسألة ـ وفيه اوّلا انه لا يكون من باب الاجتماع ـ اى على الملازمة ـ كى
يكون مبتنية عليه لما اشرنا اليه غير مرة ان الواجب ـ اى بعد كون عنوان المقدمية
من الجهات التعليلية لا التقييدية عبارة عن ـ ما هو بالحمل الشائع مقدمة ـ اى الفعل
الموقوف عليه ـ لا بعنوان المقدمة فيكون على الملازمة من باب النهى فى العبادة
والمعاملة ـ اى لا من باب الاجتماع كى يكون مبنيا عليه الخ واجاب عنه المحقق
العراقى فى النهاية ج ١ ص ٣٥٠ ان المقدمية وان كانت من الجهات التعليلية لا
التقييدية ولكن الواجب بعد كونه فى المقام عبارة عن الجامع بين الفردين
والخصوصيتين فلا محاله يندرج فى مسألة الاجتماع حيث يصير الفرد المحرم ح مجمع
العنوانين فكان باحد العنوانين وهو الجامع المنطبق عليه متعلقا للحكم الوجوبى
وبالعنوان الآخر متعلقا للحكم التحريمى لا فى مسألة النهى فى العبادة او المعاملة
الذى ملاكه توارد الحكمين على موضوع واحد من جهة واحدة وهذا واضح بعد معلومية عدم
سراية مصلحة الجامع الى الخصوصية ولا مفسدة الخصوصية الى الجامع المزبور ووقوف كل
منهما على نفس متعلقة فانه فى مثله ينحصر التزاحم بين الملاكين فى عالم الوجود
محضا وإلّا ففى مقام التأثير فى الحب والبغض لا يكون بينهما مزاحمة اصلا الخ وذكر
صاحب الكفاية ج ١ ص ١٩٨ وثانيا لا يكاد يلزم الاجتماع اصلا لاجتماع الوجوب بغير
المحرم فى غير صورة الانحصار به وفيها اما لا وجوب للمقدمة لعدم وجوب ذى المقدمة
لاجل المزاحمة واما لا حرمة لها لذلك كما لا يخفى الخ وفيه انه تعلق التكليف على
الجامع بين الافراد وفى صورة عدم الانحصار هذا الفرد مبتلا بنقص لا يتحقق معه
الامتثال وفى صورة الانحصار يكون التزاحم بين الملاكين و
.................................................................................................
______________________________________________________
المدار على اقوى
ملاكا ، ثم قال صاحب الكفاية ج ١ ص ١٩٨ وثالثا ان الاجتماع وعدمه لا دخل له فى
التوصل بالمقدمة المحرمة وعدمه اصلا فانه يمكن التوصل بها ان كانت توصلية ـ اى
كقطع المسافة ـ ولو لم نقل بجواز الاجتماع وعدم جواز التوصل بها ان كانت تعبدية
على القول بالامتناع قيل بوجوب المقدمة او بعدمه وجواز التوصل بها على القول
بالجواز كذلك اى قيل بالوجوب او بعدمه وبالجملة لا يتفاوت الحال فى جواز التوصل
بها وعدم جوازه اصلا بين ان يقال بالوجوب او يقال بعدمه كما لا يخفى الخ يعنى ان
مجرد صيرورة المقدمة من صغريات مسألة الاجتماع على القول بالوجوب لا يصلح ان يكون
ثمرة للمسألة الاصولية إلّا بلحاظ ترتب الثمرة المترتبة على تلك المسألة عليها مع
انها لا ترتب عليها لان الوجوب الغيرى لا يصحح عبادية المقدمة فلا ينفع القول به
فى صحتها على القول بالجواز او الامتناع وتقديم جانب الامر وان قيل بالصحة هناك
بناء على ذلك ، وفيه تقدم ان قصد الامر الغيرى ايضا محقق لعبادية المقدمة كما لا
يخفى ، ومنها ما افاده فى الكفاية ج ١ ص ١٩٦ كما لو قيل بالملازمة فى المسألة فانه
بضميمة مقدمة كون شيء مقدمة لواجب يستنتج انه واجب الخ بمعنى ان كبرى الملازمة قد
ثبت فى الاصول والوضوء مقدمة للصلاة على ما ثبت فى الفقه وهو الصغرى فيشمله الكبرى
فتكون النتيجة هو الملازمة بين وجوب المقدمة وهو الوضوء ووجوب ذيها وهو الصلاة
فالملازمة تتعلق بالحكم الوجوبى ـ اى هنا تبين ان المقدمة تكون واجبة لكن لا مطلقا
بل التوأمة مع الايصال خلافا لما عليه صاحب الكفاية من وجوب المقدمة مطلقا على
القول بالملازمة وخلافا لما عليه الشيخ الاعظم الانصارى من اعتبار قصد التوصل فى
وجوبها وخلافا لصاحب الفصول من وجوب المقدمة بقيد الايصال كما تقدم الكلام فيها.
فى المقدمات غير الوجوبية
الجهة الثالثة فى
المقدمات المندوبة والمحرمة والمكروهة والمباحة قال فى الكفاية ج ١ ص ٢٠٣ لا شبهة
فى ان مقدمة المستحب كمقدمة الواجب فتكون مستحبة لو قيل بالملازمة الخ لاتحاد
المناط فى المقامين وذلك بناء على استقلال العقل بالملازمة بين ارادة الشيء وارادة
ما يتوقف عليه ذلك لا فرق بين ارادة الشيء ايجابا و
.................................................................................................
______________________________________________________
ارادته استحبابا
ففى كليهما تتعلق الارادة بالمقدمة غايته انه ان كانت ايجابية فايجابية وان كانت
استحبابية فاستحبابية والوجدان اقوى شاهد عليه ، واما مقدمة الحرام والمكروه قال
المحقق العراقى فى البدائع ص ٤٠٢ فملخص الكلام فيها انها ان كانت بالاضافة الى
ذيها توليدية ـ اى كالالقاء فى النار والاحتراق وقطع الاوداج وشق البطن المهلك
ونحوهما فى القتل ـ فهى محكومة بحكم ذيها بالتبع سواء كانت امرا بسيطا ام مركبا من
اجزاء متلازمة فى الوجود او جزء اخيرا من العلة المركبة من اجزاء غير متلازمة فى
الوجود ، وان لم تكن توليدية ـ اى كالزنا والقمار وشرب الخمر ونحوهم ـ بحيث يكون
المكلف بعد ايجادها مختارا فى ايجاد ذيها ففى كونها محكومة بحكم ذيها وعدمه اقوال
احدها عدم الملازمة مطلقا كما اختاره صاحب الكفاية قده ثانيها تبعيتها لحكم ذيها
فى خصوص مورد الايصال بنحو القضية الحينية كما هو المختار ثالثها التبعية فى خصوص
موارد قصد التوصل بها الى الحرام او المكروه وقد استدل للقول الاول الخ وهو صاحب
الكفاية فى ج ١ ص ٢٠٣ واما مقدمة الحرام والمكروه فلا تكاد تتصف بالحرمة او
الكراهة اذ منها ما يتمكن معه من ترك الحرام او المكروه اختيارا كما كان متمكنا
قبله ـ اى كالزنا والقمار ونحوهما ـ فلا دخل له اصلا فى حصول ما هو المطلوب من ترك
الحرام او المكروه فلم يترشح من طلبه طلب ترك مقدمتهما ، نعم ما لم يتمكن معه من
الترك المطلوب لا محاله يكون مطلوب الترك ويترشح من طلب تركهما طلب ترك خصوص هذه
المقدمة ـ اى كالقتل والالقاء فى حفيرة النار ونحوهما ـ فلو لم يكن للحرام مقدمة
لا يبقى معها اختيار تركه لما اتصف بالحرمة مقدمة من مقدماته لا يقال كيف ولا يكاد
يكون فعل إلّا عن مقدمة لا محاله معها يوجد ـ ولا تكون معها الاختيار وهى العلة
التامة ـ ضرورة ان الشيء ما لم يجب لم يوجد ، فانه يقال نعم لا محاله يكون من
جملتها ما يجب معه صدور الحرام لكنه لا يلزم ان يكون ذلك من المقدمات الاختيارية
بل من المقدمات الغير الاختيارية كمبادئ الاختيار التى لا تكون بالاختيار وإلّا
لتسلسل الخ ومن المعلوم ان ما لا يكون بالاختيار لا تتصف بالحرمة او الكراهة كسائر
المقدمات ، واوضح ذلك المحقق الاصفهانى فى النهاية ج ١ ص ٢١٨ فقال والسر فى الفرق
بين المحبوبية والمبغوضية وسراية الاولى الى جميع المقدمات دون الثانية ان شيئا
منهما فى حد ذاته لا يوجب
.................................................................................................
______________________________________________________
السراية الا فى
مقام تحصيل المقصود وفى هذا المقام يظهر الفرق فان المحبوب لا يرادا لا وجوده وهو
موقوف على تمام المقدمات والمبغوض لا يرادا لا تركه وهو يتحقق بترك احدى مقدمات
الوجود ومنه علم ان مقتضى القاعدة وجوب احد التروك تخييرا وتعيّنه فى ترك المقدمة
الاخيرة لا وجوب ترك الاخيرة بقول مطلق نعم اذا كانت المقدمة الاخيرة هى الارادة
التى بنوا على عدم تعلق التكليف بها فلا محاله لا يجب شيء من التروك لا تعيينا ولا
تخييرا اما تعيينا فواضح ـ اى لما تقدم من عدم توقف ترك الحرام على ترك كل واحدة
من المقدمات ـ واما تخييرا فلان احد الاطراف ـ اى الارادة ـ ما لا يعقل تعلق
التكليف به مطلقا فكيف يجب التروك تخييرا فتدبر ـ اى مقتضى ذلك عدم امكان التخيير
بين جميع التروك الخ بيانه ان من جهة ان التروك ليست متساوية الاقدام من ناحية
استناد ترك الحرام اليها لان عدم المبغوض يستند الى ما هو السابق من التروك وهو
ترك الارادة كما ان الفعل يستند فى وجوده الى اسبق اجزاء العلة وهو المقتضى فما
عدى ترك الارادة من التروك اجنبى عن استناد ترك المبغوض اليه فلا ملاك فيه للوجوب
التخييرى والمفروض ان ترك الارادة خارج عن الاختيار فلا يكون واجبا حتى يحرم نقيضه
وهو الارادة فتحصل ان ملاك الوجوب التعيينى والتخييرى ليس له تحقق فى شيء من
التروك فلا يحرم شيء من مقدمات الحرام ، واجاب عنه المحقق الماتن فى البدائع ص ٤٠٣
وقال ويرد عليه اوّلا ان الجزء الاخير من العلة المركبة من اجزاء غير متلازمة فى
الوجود انما يسرى اليه الحكم الثابت فى المعلول بملاك انه من اجزاء العلة فقط
فيلزم بمقتضى هذا الملاك سراية الحكم الى جميع الاجزاء ـ اى لان ما يتوقف عليه ذى
المقدمة هو الجميع ـ وثانيا ان الاستدلال على عدم سراية الحرمة من الحرام الى
المقدمات التى ليست بالاضافة اليه توليدية بارجاع مبغوضية الحرام الى محبوبية تركه
وان تركه مستند الى السابق من التروك على ما تقدم توضيحه ليس بمستقيم لان
المبغوضية كالمحبوبية قائمة بوجود الفعل اوّلا وبالذات واتصاف ترك المبغوض
بالمحبوبية كاتصاف ترك المحبوب بالمبغوضية يكون ثانيا وبالعرض ولذا لم يكن ترك
الواجب حراما نفسيا فمقوم الحرمة هو مبغوضية الوجود كما ان مقوم الوجوب محبوبيته
ومقتضى ذلك سراية البغض الى علة الفعل المبغوض فيكون كل جزء من اجزاء العلة التوأم
مع وجود سائر
.................................................................................................
______________________________________________________
اجزائها بنحو
القضية الحينية مبغوضا بالبغض التبعى وحراما بالحرمة الغيرية كما كان الامر فى
مقدمة الواجب من دون فرق بينهما اصلا وبذلك يتضح اندفاع القول الاوّل الخ وذكر
استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٣١٦ وثانيا ان مقدمات الارادة تكون تحت الاختيار
ولو لم تكن اصل الارادة ارادية واختيارية فلا وجه للقول بان الترك حيث يستند الى
اسبق العلل وهو الارادة وهى خارجة عن الاختيار لا تكون المقدمات كلها محرمة ،
وثالثا لو كان الامر كذلك يجب ويلزم ان لا يكون الحرام حراما لانه بعد جميع
المقدمات يحصل الحرام فاذا كان بعضها غير محرمة يكون جزئها الاخير ايضا غير حرام
ولازمه عدم حرمة الفعل من أصله الخ والمراد فى غير التوليدية ثم ذكر المحقق
العراقى فى البدائع ص ٤٠٣ واما القول الثالث فان كان المصير اليه من طريق مبغوضية
وجود الحرام كما قربناه آنفا فيرد عليه جميع ما تقدم فى رد القول بوجوب خصوص ما
يقصد به التوصل الى الواجب من مقدمات الواجب وان كان اختياره من ناحية محبوبية
الترك كما هو مبنى المشهور فينحصر المدرك له بانطباق عنوان التجرى عليه ومقتضى ذلك
عدم عده قولا ثالثا فى هذه المسألة ـ اى نفس القول الاول ـ وبما تقدم كله يتضح
توجه القول الثانى وهو حرمة خصوص المقدمة المقارنة لوجود سائر مقدمات الحرام بنحو
القضية الحينية مطلقا من دون اختصاص ببعض المقدمات الخ وقال المحقق الماتن فى
النهاية ج ١ ص ٣٥٧ ومن ذلك ايضا نقول بانه لو اتى بمقدمة الحرام ولو لا بقصد
التوصل بها الى المحرم بل بقصد التوصل بها الى امر واجب واتفق بعد ذلك ترتب الحرام
عليها كان ما اتى به حراما فعليا فى الواقع كما نه لو اتفق عدم ترتب الحرام عليها
لا يكون ما اتى به حراما وان كان من قصده التوصل به الى الحرام فالمدار حينئذ فى
اتصاف المقدمة بالحرمة وعدم اتصافها بها على ترتب الحرام عليها وعدمه الخ نعم لا
يبعد فى الفرض الاخير من التجرى ومن هنا اتضح ان ما افاده استادنا الخوئى فى هامش
الاجود ج ١ ص ٢٥٠ ان الحرمة الغيرية بناء على ثبوت الملازمة تختص بالمقدمة التى لا
يتمكن المكلف من ترك الحرام بعدها واما غيرها من المقدمات فلا موجب لحرمتها
الغيرية اصلا الخ لا يتم على القول بالملازمة والقول بوجوب المقدمة الموصلة كما
عرفت مفصلا فلا محيص من حرمة المقدمة عند الايصال كما لا يخفى وتبعهم فى انكار
حرمة جميع مقدمات الحرام المحقق الحائرى فى هامش
.................................................................................................
______________________________________________________
الدرر ج ١ ص ٩٩
قلت ان المطلوب فى جانب النهى انما هو عدم الفعل ومبغوضية الفعل من مبادى انقداح
هذا الطلب فى نفس الامر كما انها من مقدمات انقداح الارادة من نفس الفاعل وبالجملة
فالطلب فى جانب النهى يتعلق بالعدم كما يتعلق بالفعل فى طرف الامر وعلى هذا فنقول
مقدمة عدم الفعل عبارة عن عدم احدى مقدمات الوجود فاللازم من مطلوبية عدم احدها
وهى عبارة اخرى عن حرمة احدى المقدمات لا بشخصها الخ والجواب عنه ما ذكره تبعا
للمحقق العراقى استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٣١٥ ان ما توهم من القديم من ان
الحرام هو ما كان تركه محبوبا والواجب ما كان تركه حراما لا وجه له لان الترك
يستحيل ان يتعلق به الامر لانه لا يكون شيئا يؤمر به وينهى عنه فان العدم لا يصير
متعلقا لهما بل الحرام ما يكون فعله مبغوضا والواجب ما يكون فعله محبوبا فعلى هذا
اذا كان شيئا ما مبغوضا فعله يكون جميع المقدمات التى تكون دخيلة فى وجوده حراما
فيسرى البغض منه الى جميع المقدمات لا الى خصوص الارادة فقط الخ كما اختاره صاحب
الكفاية ولا احدى المقدمات كما لا يخفى. قال استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٣١٥
الظاهر لا اشكال فى صورة كون المكلف منصرفا عن الحرام فى عدم كون المقدمة حراما
نعم اذا كان فى طريق الوصول اليه لا يفيد الانصراف عنه عدم الحرمة مثل من يرى انه
اذا دخل المجلس الفلانى يصير مجبورا الى شرب المسكر فانه يحرم عليه دخوله سواء كان
منصرفا عنه او لم يكن ولو فعل بعض المقدمات بحيث خرجت البقية عن اختياره نقول ايضا
بحرمتها لان الامتناع بالاختيار لا ينافى الاختيار فالمقدمة الموصلة الى الحرام
بمعنى كونها فى طريق الوصول اليه حرام ويترشح البغض من ذيها اليها الخ. والامر كما
ذكره الاستاد وذكر المحقق الحائرى فى الدرر ج ١ ص ٩٩ تفصيلا بين ما كان الفعل تحت
الاختيار حرام وبين غيره فتحرم المقدمة فى الثانى دون الاول فقال ان العناوين
المحرمة على ضربين احدهما ان يكون العنوان بما هو مبغوضا من دون تقييده بالاختيار
وعدمه من حيث المبغوضية وان كان له دخل فى استحقاق العقاب اذ لا عقاب الاعلى الفعل
الصادر عن اختيار الفاعل ـ اى كشريك البارى والسجدة لغير الله ونحوهما ـ والثانى
ان يكون الفعل الصادر عن ارادة واختيار مبغوضا بحيث لو صدر عن غير اختياره لم يكن
منافيا لغرض المولى ـ اى كشرب الخمر ونحوه ـ فعلى الاول علّة الحرام هى المقدمات
.................................................................................................
______________________________________________________
الخارجية من دون
مدخلية الارادة بل هى علة لوجود علة الحرام وعلى الثانى تكون الارادة من اجزاء
العلة التامة اذا عرفت هذا فنقول نحن اذا رجعنا وجداننا نجد الملازمة بين كراهة
الشيء وكراهة العلة التامة له من دون سائر المقدمات كما اذا رجعنا الوجدان فى طرف
ارادة الشيء نجد الملازمة بينها وبين ارادة كل واحدة من مقدماته وليس فى هذا الباب
دليل امتن واسد منه وما سوى ذلك مما اقاموه غير نقى من المناقشة وعلى هذا ففى
القسم الاول ان كانت العلة التامة مركبة من امور يتصف المجموع منها بالحرمة وتكون
احدى المقدمات لا بشخصها محرمة إلّا اذا وجد باقى الاجزاء وانحصر اختيار المكلف فى
واحدة منها فتحرم عليه شخصا من باب تعين احد افراد الواجب التخييرى بالعرض فى ما
اذا تعذر الباقى فان ترك احد الاجزاء واجب على سبيل التخيير فاذا وجد الباقى
وانحصر اختيار المكلف فى واحد معين يجب تركه معينا واما القسم الثانى اعنى فيما
اذا كان الفعل المقيد بالارادة محرما فلا يتصف الاجزاء الخارجية بالحرمة لان العلة
التامة للحرام هى المجموع المركب منها ومن الارادة ولا يصح اسناد الترك الا الى
عدم الارادة لانه اسبق رتبة من ساير المقدمات الخارجية الخ والارادة غير اختيارية
فلا يتعلق بها التكليف واجاب عنه استادنا الآملي فى المجمع ج ١ ص ٣١٦ اوّلا هو ان
وجوب المقدمة وحرمتها ان كان ناشئا عن وجوب ذيها وحرمته لا نتصور القسمين لان
الارادة على ذى المقدمة تترشح على مقدمته فكما انه يتعلق النهى به اذا صدر عن
اختيار كذلك يتعلق النهى بمقدمته ، وان كان من الافعال التوليدية التى تترتب عليها
ذو المقدمة بدون الارادة فلا شبهة فى حرمته بلا كلام ، وثانيا ان المبنى الذى
اختاره ممن ان البغض يرجع الى حب الترك ممنوع كما مر وان الارادة اختيارية
بمباديها والمقدمات كلها مبغوضة ، وثالثا ان كان ذو المقدمة غير مجعول ويكون اصل
وجوده من حيث ذاته مبغوضا فكيف تكون مقدمته لها الحرمة المجعولة فان الفعل يتعلق
به النهى والامر اذا صدر عن اختيار لا ما يكون خارجا عنه ، اشكال ودفع ، اما
الاشكال فهو ان مقدمة الحرام لو كانت حراما لم يقم حجر على حجر لان القصاب الذى
يبيع اللحم والخباز الذى يبيع الخبز والمشترى الذى يشترى كلهم يكونون فى مصير
تحصيل مقدمة الحرام لان هذا اللحم والخبز ربما يوجب قوة المرء على الزنا وهو حرام
وهكذا يوجب القدرة على القمار وغيره اما الدفع فهو انه اذا علم
.................................................................................................
______________________________________________________
ان المشترى يشترى
اللحم والخبز ليقوى على ذلك يكون الفعل حراما واما مع عدم العلم به واحتماله فقط
لا يكون حراما والاصل يقتضى البراءة ـ فان المقدمة فى ظرف الايصال الى الحرام حرام
وإلّا فلا الخ ، وذكر المحقق الماتن فى النهاية ج ١ ص ٣٥٧ ثم ان الثمرة بين
المسلكين تظهر فى التوضى فى المصب الغصبى بالماء المباح مع تمكنه من المنع عن وصول
ماء الوضوء الى المصب ولو بجعل كفه مانعا عنه فانه على المشهور من تخصيص الحرمة
بالجزء الاخير يقع وضوئه صحيحا من جهة ان الجزء الاخير من العلة ح انما هو عدم
ايجاد الحائل عن وصول الماء الى المصب الغصبى الذى هو امر اجنبى عن وضوئه فيكون هو
المحرم والمنهى عنه دون وضوئه فمن ذلك يقع وضوئه صحيحا من غير فرق بين علمه بذلك
من الاول وبين صورة عدم علمه به ، ولكن ذلك بخلافه على ما اخترناه اذ عليه فى ظرف
عدم منعه عن وصول الماء الى المصب يقع اصل وضوئه حراما ومنهيا عنه فيقع باطلا اذا
كان من نيّته عدم ايجاد المانع عن وصول الماء الى المصب نعم لو لم يعلم بذلك من
الاول كما لو كان بانيا من الاول على احداث المانع عن وصول ماء وضوئه اليه فاتفق
بعد ذلك وصول الماء اليه ولو من جهة حصول البداء له عن احداث المانع يقع وضوئه
صحيحا وان كان حراما فى الواقع نظرا الى وضوح عدم اقتضاء مجرد وقوع وضوئه على وجه
الحرمة فى الواقع لفساد وضوئه وبطلانه كما هو واضح الخ لحصول نية القربة ح قال
المحقق النائينى فى الاجود ج ١ ص ٢٤٩ فاما ان يكون عنوان الحرام وعنوان ما هو
مقدمة له منطبقين على شيء واحد كما فى الافعال التوليدية نظير اجراء الماء على
اجزاء البدن للوضوء المنصب على ارض مغصوبة بلا وساطة جريانه على ارض اخرى مباحة ـ الى
ان قال وعلى الاول فالحكم المتعلق بالفعل التوليدى يكون بنفسه متعلقا بما يتولد
منه كما عرفت سابقا فتكون الحرمة المتعلقة بالغصب متعلقة باجراء الماء على البدن
فيدخل بذلك فى باب اجتماع الامر والنهى وعلى الثانى ـ اى يكون عنوان الحرام منطبقا
على غير ما ينطبق عليه عنوان المقدمة ـ فاما ان تكون المقدمة علة تامة للحرام بحيث
لا يتمكن المكلف من امتثال تكليف الحرمة بعد الاتيان بها فلا اشكال فى حرمتها
فانها هى التى تتعلق بها القدرة والارادة بها اولا وبالذات والمعلول انما يكون
مقدورا بتبعها فتسرى اليها الحرمة المتعلقة به مثال ذلك اجراء الماء فى الوضوء على
الارض
.................................................................................................
______________________________________________________
المباحة المشتملة
على ميزاب يجرى منه الماء على الارض المغصوبة بحيث لا يتمكن المكلف بعد جريان
الماء على الارض المباحة من منع انصبابه على الارض المغصوبة نعم لو فرضنا عدم صدق
التصرف عرفا كوقوع قطرات يسيره على الارض المغصوبة لما كان المعلول محرما شرعا حتى
يترشح منه الحرمة على علته وعلى الثانى ـ اى ان لم تكن علة تامة ـ الى ان قال ـ فلا
موجب لحرمتها من قبل حرمة ذى المقدمة الخ وهى الثمرة التى تقدمت فى كلام المحقق
العراقى ومشى على مسلكه من عدم حرمة المقدمة وذكر استادنا الخوئى فى هامش الاجود ج
١ ص ٢٥٠ يظهر منه قدسسره التسالم على حرمة المقدمة فى هذا الفرض وانما الكلام فى
منشأ الحكم بالحرمة وانه التجرى والعزم على المعصية لانه لم يكن عازما على منع
ترتب الحرام على ذلك من سد الميزاب ـ او الملازمة مع ان لمنع حرمتها بناء على عدم
حرمة قصد المعصية كما هو الظاهر مجالا واسعا الخ وهو غير بعيد فانه قال والحق فى
هذا القسم عدم حرمة المقدمة من باب السراية فان امتثال الحرام لا يتوقف على تركها
على الفرض لتمكن المكلف من ذلك بعد الاتيان بها ايضا فعصيانه بعد ذلك بالاختيار لا
يوجب حرمة المقدمة التى لا يتوقف امتثال الحرام على تركها الخ فانه منع حرمة
المقدمية لا غير.
واما المقدمة
المباحة قال المحقق المشكينى فى حاشيته على الكفاية المحشى ج ١ ص ٢٠٤ انه لا اشكال
فى عدم ترشح الاباحة من المباح الى مقدمته نعم ما لا ينفك عنه وجوده من مقدماته لا
يمكن اتصافه بغير الاباحة من الاحكام مع بقائه على اباحته اذ لا يمكن اختلاف
المتلازمين فى الحكم بل لا بد من ارتفاع عدم الحكمين وان كان الغالب ارتفاع
الاباحة لكونها ناشئة غالبا عن اللااقتضاء واذا فرض كونها عن اقتضاء فلا بد من
ملاحظة الاهم فى البين فاما ان ترتفع الاباحة او الحكم الآخر الخ لكن المباح على
قسمين قسم لا اقتضائية كالمباحات الاصلية وهو كل شىء مطلق ومباح فالامر كما ذكر لا
ترشح لذيها عليها بل المقدمة مباحة فى عرض اباحة ذيها لكن القسم الثانى الاباحة
الاقتضائية كعصير العنبى اذا غلا وذهب ثلثاه يحل شربه فان ورد الدليل على خلافه
يعارضه فلا محاله تسرى الاباحة الى مقدماتها كالوجوب كما لا يخفى.
هذا اتمام الكلام
فى مقدمة الواجب والحمد لله رب العالمين.
فهرست
الجزء الثانى من نماذج الاصول
نموذج ١ فى
مادة الامر.............................................................. ٦
الجهة الأولى فى مفهوم الامر......................................................... ٦
الجهة ٢ فى مدلول صيغ الانشاء.................................................... ١٥
الجهة ٣ فى اعتبار العلو........................................................... ٢٠
الجهة ٤ فى حقيقة الامر الطلب الوجوبى ام لا........................................ ٢٢
الجهة ٥ فى الطلب والارادة........................................................ ٣٠
نموذج ٢ فى ما يتعلق بصيغة الامر.................................................. ٧٣
نموذج ٣ فى التعبدى والتوصلى..................................................... ٩٥
نموذج ٤ فى اطلاق الصيغة يقتضى النفسية واخواتها................................. ١٨١
نموذج ٥ فى الامر عقيب الحظر وتوهمه............................................. ١٨٥
نموذج ٦ فى الامر يدل المرة او التكرار.............................................. ١٨٨
وفى الامتثال بعد الامتثال........................................................ ٢٠٨
نموذج ٧ فى دلالة الامر على الفور................................................ ٢١١
نموذج ٨ فى الاجزاء............................................................. ٢١٨
نموذج ٩ فى مقدمة الواجب...................................................... ٣٢٨
نوع ١ فى تقسيم المقدمة الى الداخلية والخارجية..................................... ٣٤٤
نوع ٢ فى تقسيم المقدمة الى العقلية والشرعية والعادية................................ ٣٦٧
نوع ٣ فى تقسيم المقدمة الى المقتضى والشرط وعدم المانع والمعد....................... ٣٧٢
نوع ٤ فى تقسيم المقدمة الى المتقدمة والمتاخرة والمقارنة................................ ٣٧٨
نوع ٥ فى تقسيم المقدمة الى الوجود والصحة والعلم................................. ٤٢٧
نوع ٦ فى تقسيم المقدمة الى مقدمة الوجوب والواجب............................... ٤٢٩
١ ـ فى تقسيم الواجب الى المطلق والمشروط......................................... ٤٣٥
فى حقيقة الحكم................................................................ ٤٤٥
فى كيفية دخل القدرة فى الحكم................................................... ٤٤٧
فى المقدمات المفوتة.............................................................. ٤٧٣
٢ ـ وجوب التهيئي والنفسى...................................................... ٤٧٦
وجوب معرفة الاحكام........................................................... ٤٨٢
٣ ـ فى الموقت وغير الموقت....................................................... ٤٨٧
٤ ـ فى التعيينى والتخييرى........................................................ ٤٩٥
٥ ـ فى العينى والكفائى........................................................... ٥١٢
٦ ـ فى المعلق والمنجز............................................................. ٥١٧
٧ ـ فى الاصلى والتبعى.......................................................... ٥٦٢
٨ ـ فى النفسى والغيرى.......................................................... ٥٦٦
فى قصد التقرب فى الطهارات الثلاث.............................................. ٥٩٠
فى كيفية وجوب
المقدمة.......................................................... ٦٠٣
فى الثمرة على الاقوال فى المقدمة.................................................. ٦٢٩
الجهة الاولى فى تاسيس الاصل فى باب الملازمة...................................... ٦٤٧
فى الدليل على وجوب المقدمة.................................................... ٦٣٦
الجهة الثانية فى الثمرة الفقهية لمقدمة الواجب....................................... ٦٥٤
الجهة الثالثة فى المقدمات غير الوجوبية............................................. ٦٦١
|