
قول الإمام أحمد فى طاعة ولاة الأمر والواجب تجاههم
قال أبو بكر
الخلال :
٤٣٠ ـ أنبأ أحمد
بن محمد بن الحجاج أبو بكر المروزي قال : سمعت أبا عبد الله وذكر له السنة
والجماعة والسمع والطاعة فحث على ذلك وأمر به .
الروايات عن
الإمام أحمد فى هذا المعنى كثيرة ومتنوعة. وممن نقلها عنه :
٤٣١ ـ أبو بكر
المروزي أن أبا عبد الله قال : السمع والطاعة ما لم يؤمر بمعصية.
٤٣٢ ـ قال : سمعت
أبا عبد الله وذكر الخليفة المتوكل رحمهالله فقال : إنى لأدعو له بالصلاح والعافية .
٤٣٣ ـ قال : سمعت
أبا عبد الله يأمر بكف الدماء وينكر الخروج إنكارا شديدا .
٤٣٤ ـ أن أبا عبد
الله ذكر الحسن بن صالح فقال : كان يرى السيف ولا نرضى مذهبه .
__________________
٤٣٥ ـ أحمد بن
الحسين بن حسان قال : سمعت أبا عبد الله وسئل عن طاعة السلطان فقال بيده عافى الله
السلطان ، تنبغى ، سبحان الله السلطان .
٤٣٦ ـ محمد بن عوف
الطائى قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : والفتنة إذا لم يكن إمام يقوم بأمر الناس .
٤٣٧ ـ ابنه صالح
أن أباه قال لابن الكلبى والمظفر رسول الخليفة : أرى طاعته فى العسر واليسر
والمنشط والمكره والأثرة .
٤٣٨ ـ أبو الحارث
الصائغ قال : سألت أبا عبد الله فى أمر كان حدث ببغداد. وهمّ قوم بالخروج. فقلت :
يا أبا عبد الله ما تقول فى الخروج مع هؤلاء؟ فأنكر ذلك عليهم. وجعل يقول : سبحان
الله الدماء الدماء لا أرى ذلك ولا آمر به. الصبر على ما نحن فيه خير من الفتنة
يسفك فيها الدماء ويستباح فيها الأموال وينتهك فيها المحارم أما علمت ما كان الناس
فيه ـ يعنى أيام الفتنة ـ قلت : والناس اليوم أليس هم في فتنة يا أبا عبد الله؟
قال : وإن كان فإنما هى فتنة خاصة فإذا وقع السيف عمت الفتنة وانقطعت السبل. الصبر
على هذا ، ويسلم لك دينك خير لك. ورأيته ينكر الخروج على الأئمة وقال : الدماء لا
أرى ذلك ولا آمر به .
٤٣٩ ـ حنبل بن
إسحاق قال : فى ولاية الواثق اجتمع فقهاء بغداد إلى أبى عبد الله: أبو بكر بن عبيد
وإبراهيم بن على المطبخى وفضل بن عاصم فجاءوا إلى أبى عبد الله ، فاستأذنت لهم.
فقالوا : يا أبا عبد الله هذا الأمر قد
__________________
تفاقم وفشا ـ يعنون
إظهاره لخلق القرآن وغير ذلك ـ فقال لهم أبو عبد الله : فما تريدون؟ قالوا : أن
نشاورك فى أنا لسنا نرضى بإمرته ولا سلطانه فناظرهم أبو عبد الله ساعة وقال لهم:
عليكم بالنكرة فى قلوبكم ولا تخلعوا يدا من طاعة ولا تشقوا عصا المسلمين ولا
تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم انظروا فى عاقبة أمركم واصبروا حتى يستريح بر
ويستراح من فاجر ودار فى ذلك كلام كثير لم أحفظه. ومضوا ودخلت أنا وأبى على أبى
عبد الله بعد ما مضوا فقال أبى لأبى عبد الله : نسأل الله السلامة لنا ولأمة محمد صلىاللهعليهوسلم وما أحب لأحد أن يفعل هذا. وقال أبى : يا أبا عبد الله هذا
عندك صواب؟ قال : لا. هذا خلاف الآثار التى أمرنا فيها بالصبر .
٤٤٠ ـ عبدوس بن
مالك قال : سمعت أحمد يقول : ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين وقد كان الناس
اجتمعوا عليه وأقروا له بالخلافة بأى وجه كان بالرضا أو الغلبة فقد شق هذا الخارج
عصا المسلمين وخالف الآثار عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإن مات الخارج مات ميتة جاهلية ولا يحل قتال السلطان ولا
الخروج عليه لأحد من الناس فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق .
٤٤١ ـ الحسن الربعى
قال : قال لى أحمد : ... والصبر تحت لواء السلطان على ما كان فيه من عدل أو جور
وأن لا تخرج على الأمراء بالسيف وإن جاروا .
٤٤٢ ـ محمد بن
حبيب قال : سمعت أحمد يقول : ... ولا تخرج عليهم بسيفك .
__________________
وفى كتاب السنة له
ورسالة الإصطخرى عنه قال : ولا تخرج عليه بسيفك حتى يجعل الله لك فرجا ومخرجا وفى
موضع آخر قال : فإن أمرك السلطان بأمر هو لله عزوجل معصية فليس لك أن تطيعه البتة وليس لك أن تخرج عليه ولا
تمنعه حقه .
وفى الصلاة خلفهم
وخلف من ولوه نقل عنه :
٤٤٣ ـ أبو بكر المروزي
، أن أبا عبد الله قال : قد قلت لابن الكلبى صاحب الخليفة : ما أعرف نفسى منذ كنت
حدثا إلى ساعتى هذه إلا أدى الصلاة خلفهم وأعتد إمامته .
٤٤٤ ـ يوسف بن
موسى قال : قيل له : صلاة الجمعة والعيدين جائزة خلف الأئمة : البر والفاجر ما
داموا يقيمونها؟ قال : نعم . وعند ابن أبى يعلى : قال ـ أى يوسف ـ : قال أحمد : صلاة
الجمعة ... إلى يقيمونها. جعلها من قوله .
٤٤٥ ـ عبدوس بن
مالك قال : سمعت أحمد يقول : ... وصلاة الجمعة خلفه وخلف من ولاه جائزة تامة
ركعتين من أعادها فهو مبتدع تارك للآثار مخالف للسنة .
٤٤٦ ـ مسدد بن
مسرهد كتب أحمد إليه ... والصلاة خلفهم صلاة الجمعة والعيدين .
٤٤٧ ـ وفى كتاب
السنة له ورسالة الإصطخرى عنه قال : والجمعة والعيدان مع الأئمة وإن لم يكونوا
بررة عدولا أتقياء .
__________________
٤٤٨ ـ محمد بن
حبيب قال : سمعت أحمد يقول ... وصلاة العيدين والجمعة والجماعات مع كل أمير بر
وفاجر . وفى الحج والجهاد معهم نقل عنه :
٤٤٩ ـ عبدوس بن
مالك قال : سمعت أحمد يقول ... والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة البر
والفاجر لا يترك. وقسمة الفيء وإقامة الحدود إلى الأئمة ماض ليس لأحد أن يطعن
عليهم ولا ينازعهم. ودفع الصدقات إليهم جائزة نافذة من دفعها إليهم أجزأت عنه برا
كان أو فاجرا .
٤٥٠ ـ مسدد بن
مسرهد كتب إليه أحمد ... والخروج مع كل إمام فى غزوة وحجة .
٤٥١ ـ الحسن
الربعى قال : قال لى أحمد : ... والجهاد مع كل خليفة بر وفاجر.
٤٥٢ ـ محمد بن
حبيب قال : سمعت أحمد يقول : ... والجهاد ماض منذ بعث الله عزوجل محمدا صلىاللهعليهوسلم إلى آخر عصابة يقاتلون الدجال لا يضرهم جور جائر .
٤٥٣ ـ وفى كتاب
السنة له ورسالة الإصطخرى عنه قال : والجهاد ماض قائم مع الإمام برا أو فاجرا ولا
يبطله جور جائر ولا عدل عادل .
__________________
٤٥٤ ـ حنبل بن
إسحاق قال : قال أبو عبد الله : الأضحى إلى الإمام والفطر إذا أفطر الإمام أفطر
الناس وإذا ضحى الإمام ضحى الناس والصلاة إليه أيضا .
٤٥٥ ـ إسماعيل
الشالنجى قال : سألت أحمد عن الجهاد والجمعات معهم؟ قال : تجاهد معهم وسئل عن بعض الأحاديث فى هذه المسألة وأجاب عنها كما فى
رواية :
٤٥٦ ـ أبى داود
قال : سمعت أبا عبد الله : ذكر حديث صالح بن كيسان ، عن الحارث بن فضيل الخطمى ،
عن جعفر بن عبد الله بن الحكم ، عن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة ، عن أبى رافع ،
عن عبد الله بن مسعود عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «يكون أمراء يقولون ما
لا يفعلون فمن جاهدهم بيده . قال أحمد : جعفر هذا هو أبو عبد الحميد بن جعفر والحارث بن فضيل ليس بمحمود الحديث . وهذا الكلام لا يشبه كلام
__________________
ابن مسعود. ابن
مسعود يقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اصبروا حتى تلقونى» .
٤٥٧ ـ إسماعيل
الشالنجى قال : سألت أحمد : ما القول فى الأحاديث التى جاءت عن النبي صلىاللهعليهوسلم أمر فى بعضها بالسمع والطاعة فى العسر واليسر وقال فى
بعضها : قيل له : يحرمون من الفيء والعطاء قال :
«قاتلوهم» قال : «أما
ما صلوا فلا». وقال فى بعضها : «سلوا سيوفكم وبيدوا خضراءهم» فقلت : فما القول فى ذلك؟ قال : الكف لأنا نجد النبي صلىاللهعليهوسلم من غير وجه : أما ما صلوا فلا وحديث «سلوا سيوفكم» رواه ثوبان مرفوعا.
__________________
٤٥٨ ـ قال حنبل بن
إسحاق : سمعت أبا عبد الله قال : الأحاديث خلاف هذا ـ وذكر أحمد بعض الأحاديث التى
تحث على السمع والطاعة ـ ثم قال : فالذى يروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم خلاف حديث ثوبان وما أدرى ما وجهه. اه
٤٥٩ ـ وقال حمدان
بن على : ذكرت لأحمد حديث الأعشى حديث ثوبان «استقيموا لقريش ما استقاموا لكم»
فقال : حدثنا وكيع قال : «استقيموا لقريش ما استقاموا لكم» إلى هاهنا فقط.
٤٦٠ ـ وقال مهنا
بن يحيى : سألت أحمد عن حديث الأعمش عن سالم بن أبى الجعد عن ثوبان : «أطيعوا
قريشا ما استقاموا لكم» فقال : ليس بصحيح ، سالم بن أبى الجعد لم يلق ثوبان. قال :
وسألت أحمد عن على بن عابس يحدث عنه الحمانى عن أبى فزارة عن أبى صالح مولى أم
هانئ عن أم هانئ قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم مثل حديث ثوبان : «استقيموا لقريش». فقال : ليس بصحيح. هو
منكر .
التعليق :
طاعة ولاة الأمر
فرع من أصل مسألة عظيمة وهى الإمامة. ولا بدّ أن أتطرق إلى بعض جوانب هذه المسألة.
ذلك لما لهذا الموضوع من أهمية كبرى فهو يمس كل فرد فى الأمة ولقد كانت هذه
المسألة ـ بجميع جوانبها ـ وما تزال سببا مباشرا فى كثير من الويلات التى حلت بهذه
الأمة.
ولعظم شأنها
وخطرها نجد اهتمام علماء الأمة بها متقدميهم ومتأخريهم. والإمام أحمد له جهد كبير
فى إيضاح بعض جوانبها. وقد كان له تجربة مباشرة مع بعض ولاة الأمر.
وكما ذكرت آنفا لا
بدّ من إيضاح بعض جوانب هذه المسألة ولكن بإيجاز
__________________
فأقول وبالله
التوفيق :
إن نصب إمام
للمسلمين أمر لا يستغنى عنه بحال بل هو واجب عنه عامة المسلمين ولم يخالف فى هذا إلا من عميت بصيرتهم من الخوارج
والمعتزلة .
يقول ابن حزم رحمة
الله : اتفق جميع أهل السنة وجميع المرجئة والخوارج على وجوب الإمامة ، وأن الأمة
واجب عليها الانقياد لإمام عادل ، يقيم فيهم أحكام الله ، ويسوسهم بأحكام الشريعة
التى أتى بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم حاشا النجدات من الخوارج فإنهم قالوا : لا يلزم الناس فرض
الإمامة ، وإنما عليهم أن يتعاطوا الحق بينهم . اه
ووجوب نصب الإمام
دل عليه الشرع قال الله عزوجل : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ
مِنْكُمْ) ، وإن كان فى المراد بولى الأمر خلاف إلا أن الراجح أنهم
من يلى أمر المسلمين «فيما كان لله طاعة وللمسلمين مصلحة ».
وقال جل وعلا : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما
أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ
بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ) . وفى جميع آيات الحدود والقصاص دلالة شرعية على وجوب نصب
الإمام.
والأدلة من السنة
من الكثرة بمكان أذكر منها ما رواه مسلم عن عبد الله
__________________
ابن عمر قال :
سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «... ومن مات وليس فى عنقه بيعة مات ميتة جاهلية».
فلا يمكن أن يتصور
انضباط الناس دون إمام يسوسهم. وخلو أى مجتمع من إمام يدير شئونهم يعنى ضرورة
انتشار الفوضى والتعدى على الأعراض والأنفس والأموال فى ذلك المجتمع. وكذا تفاقم
الفتن.
والإمام أحمد يصور
لنا هذا الوضع بقوله فى رسالة محمد بن عوف الطائى : والفتنة إذا لم يكن إمام يقوم
بأمر الناس .
وخلاصة القول : إن
نصب الإمام وراءه من الفوائد ما لا يعد ولا يحصى فى جميع النواحي. ومن أهم تلك
الفوائد وأعظمها على الإطلاق إقامة شرع الله عزوجل وأمره فى هذه الحياة. قال جل شأنه : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي
الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ
وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) .
والإمامة تنعقد
بالاختيار أو الاستخلاف وهما طريقان شرعيان متفق عليهما وقد تنعقد الإمامة عن طريق
القهر والغلبة وهذه الطريقة وإن كانت دون الأولى إلا أن الإمامة تنعقد بها على
الأصح وهو ما ذهب إليه أهل السنة. وفى بعض الروايات عن الإمام أحمد ما يدل على
ذلك. ففى رسالة عبدوس بن مالك قال : «والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين : البر
والفاجر ممن ولى الخلافة واجتمع الناس عليه ورضوا به ، ومن خرج عليهم بالسيف حتى
صار خليفة وسمى أمير المؤمنين» وفى موضع آخر قال : «ومن خرج على إمام من الأئمة
المسلمين وقد كان الناس اجتمعوا عليه ، وأقروا له بالخلافة ، بأى وجه كان بالرضا
والغلبة فقد شق هذا الخارج عصا المسلمين .
__________________
وفى رواية أبى
الحارث الصائغ قال فى الإمام يخرج عليه من يطلب الملك فيكون مع هذا قوم ومع هذا
قوم : تكون الجمعة مع من غلب. واحتج بأن ابن عمر صلى بأهل المدينة فى زمن الحرة.
وقال : «نحن مع من غلب ».
يقول النووى رحمهالله : «أما الطريق الثالث فهو القهر والاستيلاء ، فإذا مات
الإمام فتصدى للإمامة من جمع شرائطها من غير استخلاف ولا بيعة ، وقهر الناس بشوكته
وجنوده ، انعقدت خلافته ، لينتظم شمل المسلمين ، فإن لم يكن جامعا للشرائط ، بأن
كان فاسقا أو جاهلا فوجهان أصحهما انعقادها لما ذكرناه وإن كان عاصيا بفعله» .
وقال ابن بطال :
وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من
الخروج عليه لما فى ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء اه
قلت : فإذا كان
هذا هو موقف علماء الأمة ممن ولى أمر المسلمين بالقهر والغلبة فكيف بمن كانت
ولايته بالاختيار أو الاستخلاف. ومن هنا يتضح لنا حرص أهل السنة والجماعة على وحدة
المسلمين وحقن دمائهم وصيانتهم. والإمام أحمد يشدد على طاعة ولاة الأمر والصبر
عليهم فى سبيل هذا الهدف.
وبعد أن أوضحت ما
يدل على وجوب نصب إمام للمسلمين ، وكذا طرق انعقاد الإمامة أعود إلى ما عنونت له
وهو : طاعة ولاة الأمر.
ولما لهذا الأمر
من أهمية فالواجب معرفة بعض الحقوق التى يتوجب على الإمام القيام بها ، ومن
المعلوم أن ولاية المسلمين أمانة عظمى لا يستطيع القيام بها إلا من كان على درجة
تؤهله لحملها. ومن أدى هذه الأمانة بنية خالصة دخل في
__________________
عداد من يظلهم
الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله .
ومن أعظم الواجبات
التى يتعين عليه القيام بها فى الأمة إقامة شرع الله عزوجل وأمره فى هذه الحياة قال تعالى : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي
الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ
وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) .
فسياسة الناس وفق
شرع الله أمر لا يمكن أن يتساهل فى تركه قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى
الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ
مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا
أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) وقال جل وعلا : (فَلا وَرَبِّكَ لا
يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي
أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) وقال جل شأنه : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) .
وقال تبارك وتعالى
: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) .
وقال سبحانه
وتعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ
بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) وقال جل شأنه : (وَيَقُولُونَ آمَنَّا
بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ
ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ
لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) (إِنَّما كانَ قَوْلَ
الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ
يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وقال تبارك
__________________
وتعالى : (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ
وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)
وفى تحقيق الإمام
لهذا المطلب الأساسى تحقيق لجميع المتطلبات من العدل وإزالة الظلم وحفظ الدين وكل
ما تنشده الرعية ، فطاعة الإمام فى هذه الحالة من أوجب الواجبات قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) .
وقد ذكرت سابقا أن
الّذي يترجح بالمراد بولاة الأمر هم من يلى أمر المسلمين وقيل إنها تشمل العلماء
أيضا.
يقول ابن تيمية : «وأولو
الأمر أصحابه وذووه ، وهم الذين يأمرون الناس وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدرة
وأهل العلم والكلام ، فلهذا كان أولو الأمر صنفين : العلماء والأمراء فإذا صلحوا
صلح الناس وإذا فسدوا فسد الناس .
والأحاديث الصحيحة
عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى الحث على طاعة ولاة الأمر فى غير معصية كثيرة جدا مما
جعل الإمام أحمد يشدد على وجوب طاعة ولاة الأمر ـ فى غير معصية ـ وينكر الخروج
عليهم.
ومن تلك الأحاديث
:
ما رواه البخارى عن أنس بن مالك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشى كأن رأسه
زبيبة».
وروى مسلم عن أم الحصين قالت : حججت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم حجة الوداع قالت : فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم قولا كثيرا
__________________
ثم سمعته يقول : «إن
أمر عليكم عبد مجدع يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا».
وروى البخارى ومسلم عن عبادة بن الصامت قال : دعانا النبي صلىاللهعليهوسلم فبايعناه. فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع
والطاعة فى منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله.
قال : «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان».
وروى البخارى ومسلم عن عبد الله بن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ، ما
لم يؤمر بمعصية ، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة».
من هنا يتضح لنا
أن طاعة ولاة الأمر ليست على إطلاقها ، قال تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ
مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ
إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ
تَأْوِيلاً) .
يقول الطيبى :
أعاد الفعل فى قوله : (وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ) إشارة إلى استقلال الرسول بالطاعة ولم يعده فى أولى الأمر
إشارة إلى أن يوجد فيهم من لا تجب طاعته. ثم بين ذلك بقوله : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ) كأنه قيل :
__________________
فإن لم يعلموا
بالحق فلا تطيعوهم وردوا ما تخالفتم فيه إلى حكم الله ورسوله .
ويقول ابن تيمية :
فأهل السنة لا يطيعون ولاة الأمور مطلقا إنما يطيعونهم فى ضمن طاعة الرسول صلىاللهعليهوسلم كما قال تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) .
والروايات عن
الإمام أحمد تشير إلى وجوب طاعته ما لم يأمر بمعصية.
وأما حثه فى
روايات أخرى على السمع والطاعة وإن كان الإمام فاسقا أو جائرا ، فهو مذهب أهل
السنة أيضا وهو لا يناقض القول الأول لأن هنالك فرقا بين أن يأمر ولى الأمر
بالمعاصي ويجيز إظهارها والترويج لها ، وبين أن لا يفعل ذلك بل يكون فاسقا فى
نفسه.
__________________
قول الإمام أحمد فى قتال اللصوص
قال أبو بكر
المروزي :
٤٦١ ـ قلت لأبى
عبد الله : إن ابن شداد يريد الخروج إلى الثغر وقد قال أن أسألك ، وهذا الطريق
طريق الأنبار مخيف. فإن عرض له اللصوص ترى أن يقاتلهم؟ قال : إن طلبوا شيئه
قاتلهم. لأن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من قتل دون ماله فهو شهيد» .
* نقل نحو هذا عن
أحمد :
٤٦٢ ـ عبد الملك
الميمونى : أن أبا عبد الله قال له فى هذه المسألة : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من قتل دون ماله فهو شهيد».
٤٦٣ ـ ابنه صالح
أنه : سأل أباه عن قتال اللصوص فقال : كل من عرض لك يريد مالك ونفسك فلك أن تدفع
عن نفسك ومالك.
٤٦٤ ـ عبد الكريم
بن الهيثم العاقولى : أنه قال لأبى عبد الله : يقاتل اللصوص؟ قال : إن كان
يدفع عن نفسه.
__________________
٤٦٥ ـ أحمد بن
الحسن الترمذي قال : سألت أبا عبد الله عن اللصوص يخرجون يريدون مالى ونفسى قال :
قاتلهم حتى تمنع نفسك ومالك.
٤٦٦ ـ محمد بن
الحكم الأحول أنه : سأل أبا عبد الله عن قتال اللصوص قال : أرى قتال اللصوص إذا
أرادوا مالك ونفسك .
التعليق :
قتال المسلم دون
ماله مما أباحه له الشرع ، لأن الإسلام يصون حقوق المسلم أيا كانت. وكل ما يحصل
للمتعدى من جرح أو قتل فهو هدر وليس على المدافع إثم .
روى مسلم عن أبى هريرة قال : جاء رجل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالى؟ قال
: «فلا تعطه مالك» قال : أرأيت إن قاتلنى؟ قال : «قاتله». قال : أرأيت إن قتلنى؟ قال
: «فأنت شهيد». قال : أرأيت إن قتلته؟ قال : «هو فى النار».
قال النووى : فيه
جواز قتل القاصد لأخذ المال بغير حق سواء كان المال قليلا أو كثيرا لعموم الحديث
وهذا قول الجماهير من العلماء. وقال بعض أصحاب مالك : لا يجوز قتله إذا طلب شيئا
يسيرا كالثوب والطعام وهذا ليس بشيء والصواب ما قاله الجماهير ... والمدافعة عن المال جائزة غير واجبة . والله أعلم. وأما قوله صلىاللهعليهوسلم فلا تعطه فمعناه لا يلزمك أن تعطيه وليس المراد تحريم
الإعطاء. وأما قوله صلىاللهعليهوسلم فى الصائل إذا قتل هو فى النار فمعناه أنه يستحق ذلك وقد
يجازى وقد يعفى عنه إلا أن يكون مستحلا لذلك
__________________
بغير تأويل فإنه
يكفر ولا يعفى عنه. والله أعلم .
وقال الخطابى :
وقد كره ذلك قوم ، زعموا أن الواجب عليه أن يستسلم ولا يقاتل عن نفسه ، وذهبوا فى
ذلك إلى أحاديث رويت فى ترك القتال فى الفتن وفى الخروج على الأئمة. وليس هذا من ذاك فى شيء ، إنما جاء
هذا فى قتال اللصوص وقطاع الطريق وأهل البغى والساعين فى الأرض بالفساد ، ومن دخل
فى معناهم من أهل العبث والإفساد. اه
وبهذا يتضح لنا أن
اللصوص إذا قصدوا المال فله أن يدفعه لهم وله أن يقاتل دونه. وإذا أرادوا ماله
وقتله أيضا فروايتان عن أحمد.
يقول ابن تيمية :
وأما إذا كان مقصوده قتل الإنسان ، جاز له الدفع عن نفسه وهل يجب عليه؟ على قولين
للعلماء فى مذهب أحمد وغيره .
__________________
قول الإمام أحمد فى القتال دون الحرمات والأهل
قال أبو بكر
الخلال :
٤٦٧ ـ أخبرنى عبد
الملك الميمونى أنه : قال لأبى عبد الله فى هذه المسألة : ودون أهله؟ فقال :
الرواية عنه : ماله وواحد يقول : «دون أهله وماله» .
٤٦٨ ـ أخبرنى
زكريا بن يحيى قال : حدثنا أبو طالب / وأخبرنى الحسين ابن الحسن قال : حدثنا إبراهيم بن الحارث أن أبا عبد الله قال : يقاتل
دون حرمته .
* هذا هو المشهور
عن الإمام أحمد. يدل عليه أيضا ما جاء فى رواية :
٤٦٩ ـ محمد بن
الحكم الأحول أنه سأله : أرأيت إن دخل على رجل فى بيته فى الفتنة؟ قال : لا يقاتل
فى الفتنة. قلت : فإن أريد النساء؟ قال : إن النساء لشديد قال ـ أى أحمد ـ إن فى حديث
يروى عن عمر يرويه الزهرى عن القاسم بن محمد قال : أحسبه عن عبيد بن عمير أن رجلا
ضاف ناسا من هذيل فأراد امرأة على نفسها فرمته بحجر فقتلته. فقال والله لا يؤدى
أبدا
__________________
وحديث أيضا عن عمر
أن رجلا وجد مع امرأته رجلا فضربهما بالسيف فقطع فخذ المرأة وفخذ الرجل. كان عمر
أهدر دمه . اه
٤٧٠ ـ محمد بن
داود قال : سألت أبا عبد الله : الرجل فى مصر فى فتنة فيطرقه الرجل فى داره ليلا؟
قال : أرجو إذا جاءت الحرمة ودخل عليه منزله قيل له : فمن احتج بعثمان أنه دخل
عليه قال : تلك فضيلة لعثمان وأما إذا دخل داره وجاءت الحرم قيل فيدفعه فكأنه لم
ير بأسا وقال : قد أصلت ابن عمر على لص السيف قال : فلو تركناه لقتله . اه
وقد روى عنه خلاف
المشهور والمعروف عنه.
٤٧١ ـ على بن سعيد
إذ قال : أن أبا عبد الله سئل عن الرجل يقاتل دون حرمته وأهله فقال : ما أدرى :
وفى أخرى : ما أدرى لم يبلغنى فيه شيء .
التعليق :
الإمام أحمد يوافق
جمهور أهل العلم على جواز القتال دون الحرمات. وهذا أمر متفق عليه ، فإذا جاز
القتال دون المال فمن باب الأولى جوازه فى هذا الأمر. وقد جاء حديث الترمذي بجواز
القتال دون المال والأهل.
يقول ابن تيمية :
وأما إذا كان مطلوبة الحرمة مثل أن يطلب الزنا بمحارم الإنسان ، أو يطلب المرأة ،
أو الصبى المملوك أو غيره الفجور به ، فإنه يجب
__________________
عليه أن يدفع عن
نفسه بما يمكن ، ولو بالقتال ، ولا يجوز التمكين منه بحال ، لأن بذل المال جائز ،
وبذل الفجور بالنفس أو الحرمة غير جائز .
وفى موضع آخر يقول
:
ولهذا يجوز له
قتله دفعا عنها باتفاق العلماء إذا لم يندفع إلا بالقليل بالاتفاق ، ويجوز فى أظهر
القولين قتله وإن اندفع بدونه ، كما فى قصة عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، لما أتاه
رجل بيده سيف فيه دم ، وذكر أنه وجد رجلا تفخذ امرأته فضربه بالسيف فأقره عمر على
ذلك وشكره ، وقبل قوله أنه قتله لذلك إذ ظهرت دلائل ذلك .
__________________
قول الإمام أحمد فيمن قاتل دون مال غيره
قال أبو بكر
المروزي :
٤٧٢ ـ قلت ـ أى
لأحمد ـ : فإن عرضوا للرفقة ترى أن يقاتلهم؟ قال : لا. حتى يطلبوه هو. ولم ير أن
يقاتل عن الرفقة بالسيف .
٤٧٣ ـ وعند أبى
بكر الخلال عنه قال : سألت أبا عبد الله عن اللصوص يعرضون للرجل فى الطريق قال :
يقاتلهم دون ماله. قلت : فإن عرضوا للرفقة ولم يعرضوا لماله ترى أن يقاتلهم قال :
لا أرى أن يقاتلهم بالسيف إلا دون ماله .
* ونحو هذا نقل
عنه :
٤٧٤ ـ حرب
الكرمانى قال : قلت لأحمد : كنت فى سفر وأمامى رجل فوقع عليه العدو فنادى واستغاث
بى قال : ما أدرى لو كان مالك لم يكن فى قلبى شيء فأما مال غيرك فما أدرى .
٤٧٥ ـ جعفر بن
محمد النسائى أن أبا عبد الله قيل له : فيقاتل عن أهل رفقته قال: يقاتل عن ماله
إنما قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من قتل دون ماله فهو شهيد».
٤٧٦ ـ أحمد بن
الحسن الترمذي أنه قال لأبى عبد الله : فإن منعت نفسى ومالى وأخذ من صاحبى فاستغاث
بى أغيثه. قال : نعم تغيثه ولا تقاتله لأنه لم يبح لك أن تقتله لمال غيرك إنما
أبيح لك أن تقاتله لنفسك ومالك.
__________________
٤٧٧ ـ محمد بن
يحيى الكحال أنه قال لأبى عبد الله : الرجل يكون معه المال لغيره فيقاتل عنه. قال
: اعفني من الجواب فيها. قلت : أليس يروى : من قتل دون جاره فهو شهيد. قال : ليس
يصح هذا وإنما هو من قتل دون ماله .
التعليق :
كأن الإمام أحمد رحمهالله رأى الوقوف عند النص فلم ير أن يقاتل المسلم عن مال غيره ،
مع حثه على إغاثته ومساعدته بحيث لا يصل الأمر إلى القتل وعلل ذلك بقوله : لأنه لم
يبح لك أن تقتله لمال غيرك إنما أبيح لك أن تقاتله عن نفسك ومالك.
يقول القاضى أبو
يعلى بن الفراء فى كتابه الروايتين والوجهين :
فقد توقف ـ أى
أحمد ـ عن الجواب فى رواية حرب ومحمد بن يحيى الكحال فقال : لو كان ماله لم يكن فى
قلبى منه شيء وأما غيره فلا أدرى وقد صرح بالمنع فى رواية أحمد بن الحسن الترمذي ،
والمروزي ، فقال : لا يقاتل بالسيف إلا عن ماله : لم يبح لك قتله عن مال غيرك ،
أما توقفه فيحتمل أن يقتضي الجواز لما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» ولأنه دافع عن غيره جورا كما لو دفع عن نفسه ولأنه لما جاز
له أن يدفع عن مال نفسه كما يدفع عن نفسه كذلك فى حق الغير لما جاز أن يدفع عن نفس
غيره جاز أن يدفع عن ماله أيضا. ويحتمل أن يقتضي توقفه المنع وقد صرح به فى رواية
المروزي وغيره والوجه فيه ما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد
إيمان ،
__________________
أو زنا بعد إحصان
، أو قتل نفس بغير نفس» .
ولأنه لو أتلف مال
غيره لم يبح ذلك قتله فى مقابلتها كذلك إذا هم بأخذه وإتلافه لم يبح ذلك قتله.
ويفارق هذا النفس لأنه لو أتلف نفس غيره أبيح قتله فى مقابلتها وكذلك إذا هم
بإتلافها أبيح قتله ولا يلزم على هذا مال نفسه إذا طلبه غيره أنه مباح للمالك أن
يقاتل عنه ، وإن لم يكن إتلاف ماله موجبا لقتل المتلف لأن القياس يقتضي المنع أيضا
، لكن تركنا القياس ، كما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من قتل دون ماله فهو شهيد» فأباح القتال دون
ماله فتركنا القياس لذلك ولم يرد فى مال الغير خبر. فترك له القياس ، ولأن القتال
عن مال نفسه هو لمعنى فى نفسه والقتال عن مال غيره هو لمعنى فى غيره ، وفرق بينهما
ألا ترى أنها لو أفطرت لمرض قضت ، ولا فدية عليها ، ولو أفطرت الحامل والمرضع (خوفا
على ولديهما) كان عليهما القضاء والكفارة لأن فطرها لمرض لمعنى فى نفسها ، فكانت
معذورة فخفف عنها وفطرها لأجل الولد لمعنى فى غيرها فغلظ عليها فوجبت الفدية .
__________________
قول الإمام أحمد فى الرجل يقاتل اللصوص مع علمه بأنه لا
طاقة له بهم وقد يقتلونه
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٤٧٨ ـ سألت أبى عن
الرجل يقاتل اللصوص وهو يعلم أنه لا طاقة له بهم فيقتلوه؟ فقال : إن كان يغلب عليه
أنه إذا أعطى ما بيده خلوا سبيله فإن لم يقاتلهم رجوت أن يكون ذلك له. وإن كان
يغلب عليه أنهم يقتلونه فليدفع عن نفسه ما استطاع .
* نقل نحو هذا :
٤٧٩ ـ أبو الحارث
الصائغ أنه قال لأبى عبد الله : فإن علم أنه لا طاقة له بهم وإن هو قاتل قتل فما
ترى له يقاتل أو يعطى (ما) بيده ويسلم ماله؟ قال : إن كان الّذي ترى أنه إن أعطاهم
ماله خلى سبيله ولم يقتل فترك القتال رجوت أن لا يكون به بأس وإن كان الغالب على
أمره منهم أنه إن أعطى (ما) بيده قتل فليدفع عن نفسه بطاقته ما استطاع.
التعليق :
ذكرت سابقا أن
القتال دون المال حق مشروع وهذا الأمر يعود لتقدير المتعدى عليه فإن رأى أن اللصوص
لا يطلبون إلا ماله ولم يجد فى نفسه طاقة لقتالهم فالأولى له أن يعطيهم ما أرادوا حفاظا
على نفسه وإن كان هذا لا يمنعه حقه الشرعى من قتالهم. أما إن غلب عليه أنهم قاتلوه
ففى وجوب الدفع عن نفسه قولان كما تقدم. وبالله التوفيق.
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد من حثه على عدم تعمد قتل اللصوص
عند مواجهتهم ومحاولة الدفع قدر الإمكان دون القتل
قال أبو بكر
الخلال :
٤٨٠ ـ حدثنى زكريا
بن يحيى أبو يحيى الناقد حدثنا أبو طالب : سئل أبو عبد الله عن اللصوص دخلوا على
رجل مكابرة. قال : يقاتلهم ولكن لا ينوى القتل. قيل له : يضربهم بالسيف. قال :
يدفعهم عن نفسه بكل ما يقدر بالسيف وغيره ولا ينوى قتله. قال : فإن ضربه فقتله ليس
عليه شيء. قلت له : السلطان لا يلزمه منه شيء قال : إذا علم الناس وقتله فى داره
ما عليه ليس عليه شيء إنما يقاتل دون ماله ودون نفسه .
* الروايات عن
الإمام أحمد فى توقى قتل اللص قدر الإمكان متعددة نقلها :
٤٨١ ـ أيوب بن
إسحاق بن سافرى أن أن أبا عبد الله قيل له : من قتل دون ماله فهو شهيد.
قيل له فيقاتل دون ماله؟ فقال : لا يقاتل لأن نفسه ـ يعنى اللص ـ عليك حرام ولكن
ادفع عن مالك قيل : كيف أدفع قال : لا تريد قتله ولا ضربه ولكن ادفع عن نفسك فإن
أصابه منك شيء فهو حد نزل به مثل من أقيم عليه الحد فمات. اه
٤٨٢ ـ مهنا بن
يحيى قال : سألت أبا عبد الله عن الرجل تلقاه
__________________
اللصوص يريدون
ماله قال : يدفعهم عنه قلت : يقاتلهم. قال : يدفعهم عنه.
٤٨٣ ـ محمد بن
داود : أن أبا عبد الله قال : يدفع عن نفسه ولا يتعمد قتله .
التعليق :
القتال دون المال
مشروع كما بينت آنفا. وإباحته إنما جاءت لعلة وإلا فقتل اللص فى نفسه حرام ولا
يهدر دمه بمجرد كونه لصا لكن الطريقة التى انتهجها فى السرقة أباحت دمه. والعلة هى
حفظ مال المتعدى عليه. فإذا كانت هنالك طرق دون القتل لدفع اللص وحفظ المال
فالأولى اتباعها وإن لم يكن هنالك سبيل إلا القتل فله ذلك ولا حرج عليه كما سبق
بيانه.
يقول ابن تيمية :
فالقطاع إذا طلبوا مال المعصوم لم يجب عليه أن يعطيهم شيئا باتفاق الأئمة ، بل
يدفعهم بالأسهل فالأسهل ، فإن لم يندفعوا إلا بالقتال فله أن يقاتلهم ، فإن قتل
كان شهيدا وإن قتل واحدا منهم على هذا الوجه كان دمه هدرا .
ويقول فى موضع آخر
:
فإذا كان مطلوبه
المال جاز دفعه بما يمكن فإذا لم يندفع إلا بالقتال قوتل ، وإن ترك القتال وأعطاهم
شيئا من المال جاز .
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد من التنبيه على عدم جواز الإجهاز
على اللصوص ونحوه عند التمكن منهم وذلك لانتفاء العلة التى
أباحت القتل ونحوه
فى رسالة عبدوس بن
مالك العطار قال :
٤٨٤ ـ وقتال
اللصوص والخوارج جائز إذا عرضوا للرجل فى نفسه وماله فله أن يقاتل عن نفسه وماله
ويدفع عنها بكل ما يقدر وليس له إذا فارقوه أو تركوه أن يطلبهم ولا يتبع آثارهم
ليس لأحد إلا الإمام أو ولاة المسلمين إنما له أن يدفع عن نفسه فى مقامه ذلك وينوى
بجهده أن لا يقتل أحدا. فإن أتى على بدنه فى دفعه عن نفسه فى المعركة فأبعد الله
المقتول وإن قتل هذا فى تلك الحال وهو يدفع عن نفسه وماله رجوت له الشهادة كما جاء
فى الأحاديث.
وجميع الآثار فى
هذا إنما أمر بقتاله ولو يؤمر بقتله ولا اتباعه ولا يجهز عليه إن صرع أو كان جريحا
وإن أخذه أسيرا فليس له أن يقتله ولا يقيم عليه الحد ولكن يرفع أمره إلى من ولاه
الله فيحكم فيه .
* ونقل نحو هذا عن
أحمد :
٤٨٥ ـ أحمد بن
الحسن الترمذي أن أبا عبد الله قال : فإن جرحته منعته نفسك فليس لك أن تعيد عليه
الضرب حتى تقتله إنما لك أن تمنع عن نفسك ومالك فقد منعته.
٤٨٦ ـ إسحاق
الكوسج أنه قال لأبى عبد الله : يقاتل اللص؟ قال : إذا كان مقبلا تقاتله وإذا ولى
فلا تقاتله .
__________________
٤٨٧ ـ الفضل بن
زياد قال : سمعت أبا عبد الله يقول : فإن ولى فلا تتبعه وإن صار فى موضع تعلم أنه
لا يصل إليك فلا تتبعه.
٤٨٨ ـ أيوب بن
إسحاق قال : قال أبو عبد الله : وإن ولى فلا تطلبه دعه يذهب عنك.
٤٨٩ ـ أحمد بن
الحسن أنه قال لأبى عبد الله : فإن هرب أتبعه؟ قال : لا. إلا أن يكون متاعك معه.
٤٩٠ ـ أبو طالب
أنه : سمع أبا عبد الله قال : فإن ولى ليدعه ولا يتبعه قيل له : فإذا أخذ مالى
وذهب أتبعه؟ قال : إن أخذ مالك فاتبعه قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من قاتل دون ماله» فأنت تطلب مالك فإن ألقاه إليك فلا
تتبعه ولا تضربه دعه يذهب وإن لم يلقه إليك ثم ضربته وأنت لا تنوى قتله إنما تريد
تأخذ شيئك وتدفعه عن نفسك فإن مات فليس عليك شيء لأنك إنما تقاتل دون مالك.
٤٩١ ـ محمد بن
الحكم الأحول قال سمعته يقول فى قتال اللصوص قال : أرى أن يدفع الرجل عن ماله
ويقاتل لأنه يروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «من قاتل دون ماله فقتل فهو شهيد» قال : ولكن إذا ولى
اللص لا تتبعه. قلت : أليس اللص محاربا؟ قال : أنت لا تدرى قتل أم لا. فأما إذا
كان لص معروف مشهور أنه قد قتل وشق عصا المسلمين فهو محارب يفعل به الإمام ما أحب.
٤٩٢ ـ وفى رواية
أخرى عن أبى عبد الله فى هذه المسألة قال ـ أى الإمام أحمد ـ : أرى قتال اللصوص
إذا أرادوا مالك ونفسك فأما أن تذهب إليهم أو تتبعهم إذا ولوا فلا يجوز لك قتالهم .
__________________
التعليق :
ذكرت آنفا العلة
التى لأجلها أبيح قتال اللصوص فإذا انتفت هذه العلة انتفى أيضا ما أبيح لأجلها.
وأما خبر عبد الله
بن عمر المتقدم والّذي فيه أنه أصلت السيف على لص دخل عليه داره. يقول
نافع راوى الخبر : فلو تركناه لقتله.
يقول ابن قدامة :
وفعل ابن عمر يحمل على قصد الترهيب لا على قصد إيقاع الفعل . اه
وقد نقل إسحاق
الكوسج أنه قال لأبى عبد الله : يقاتل اللص؟ قال : إذا كان مقبلا تقاتله وإذا ولى
فلا تقاتل.
قال إسحاق : قال :
إسحاق بن راهويه : كما قال.
قلت : أخذ ابن عمر
لصا فى داره فأصلت السيف.
قال : إذا كان
مقبلا وأما موليا فلا.
قال ابن راهويه :
كما قال .
__________________
قول الإمام أحمد فى مناشدة اللصوص قبل قتالهم
قال أبو بكر
الخلال :
٤٩٣ ـ أخبرنى
زكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم قال : سئل أبو عبد الله عن لصوص دخلوا على رجل
مكابرة يقاتلهم أو يناشدهم؟ قال : قد دخلوا حرمته ما يناشدهم يقاتلهم يدفعهم عن
نفسه ولكن لا ينوى القتل .
٤٩٤ ـ وحدثنى
الحسين بن الحسن الوراق حدثنا إبراهيم بن الحارث قيل لأبى عبد الله / وحدثنى
الحسين بن الحسن حدثنا محمد بن داود قال : سألت أبا عبد الله فذكر المسألة. فذكر
لأبى عبد الله المناشدة للص فى غير الفتنة فقال : حديث قابوس عن سلمان ولم يثبته .
التعليق :
مناشدة اللصوص
وتذكيرهم بالله عزوجل ورد به الحديث فعن قابوس بن مخارق عن أبيه قال : جاء رجل
إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : الرجل يأتينى فيريد مالى. قال : ذكره بالله. قال :
فإن لم يذكر. قال : فاستعن عليه من حولك من المسلمين. قال : فإن لم يكن حولى أحد
من المسلمين قال : فاستعن عليه بالسلطان قال : فإن نأى السلطان عنى. قال : قاتل
دون مالك حتى تكون من شهداء الآخرة أو تمنع ذلك . هكذا ولم يذكر سلمان.
__________________
وعن عمرو بن قهيد
الغفارى عن أبى هريرة قال : جاء رجل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله أرأيت إن عدى على مالى قال : فانشد
بالله. قال : فإن أبوا عليّ. قال : فانشد بالله. قال : فإن أبوا عليّ. قال : فانشد
بالله. قال : فإن أبوا عليّ. قال : فقاتل فإن قتلت ففى الجنة وإن قتلت ففى النار .
هذا بالنسبة لمن
أراد المال.
أما من أراد
الحرمة فإن أمرها شديد. والمناشدة قد تكون مفوتة له لأن يأخذ أهبته للدفاع عن أهله
وقد يستغل ذلك المعتدى.
لذا نرى الإمام
أحمد يقول : ما يناشدهم يقاتلهم.
والحديث نص فى
المال. والله تعالى أعلم.
وفى الختام أقول :
إنه لا يخفى علاقة ما تقدم بالعقيدة ومسائلها فما ذكر يعد من المسائل ذات الجوانب
العقدية والفقهية والتى لم أهملها فى هذا البحث بل جمعت منها ما وجدت فيه كلاما
للإمام أحمد وتناولت فى التعليق الجانب العقدى فقط.
__________________
قول الإمام أحمد
فى تارك الصلاة ج : ٢ / ٣٦.
قول الإمام أحمد
فى مانع الزكاة ج : ٢ / ٤٨.
قول الإمام أحمد
فى تارك الصيام ج : ٢ / ٥١.
قول الإمام أحمد
فيمن استحل محرما ج : ٢ / ٥٥.
قول الإمام أحمد
فى المرتد والمرتدة ج : ٢ / ٥٧.
قول الإمام أحمد
فى الزنادقة وأحكامهم ج : ٢ / ٦٨.
قول الإمام أحمد
فى المحكم والمتشابه ج : ٢ / ٩٠.
قول الإمام أحمد
فى حكم من شتم الرب جل وعلا ج : ٢ / ٩٣.
قول الإمام أحمد
فى حكم من شتم النبي صلىاللهعليهوسلم ج : ٢ / ٩٥.
قول الإمام أحمد فى تارك الصلاة
قال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٤٩٥ ـ حضرت رجلا
عند أبى عبد الله وهو يسأله : فجعل الرجل يقول : وأن لا يكفر أحد بذنب؟.
قال أبو عبد الله
: اسكت ، من ترك الصلاة فقد كفر .
* جاء عن الإمام أحمد روايات فى تكفير
تارك الصلاة مطلقا وممن نقل عنه ذلك :
٤٩٦ ـ عبدوس بن
مالك قال : سمعت أحمد يقول .. ومن ترك الصلاة فقد كفر وليس من الأعمال شيء تركه
كفر إلا الصلاة من تركها فهو كافر .
٤٩٧ ـ حنبل بن
إسحاق قال : سمعت أحمد يقول : لم نسمع فى شيء من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة .
٤٩٨ ـ إسماعيل
الشالنجى قال : سألت أحمد عن قول النبي صلىاللهعليهوسلم «من غشنا فليس منا»
قال : على التأكيد والتشديد ولا أكفر أحدا إلا بترك الصلاة .
٤٩٩ ـ أبو الحارث
الصائغ أنه قال لأبى عبد الله : فيكون بتركه الصلاة كافرا. فقال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «بين العبد والكفر ترك
__________________
الصلاة» .
٥٠٠ ـ وفى كتاب
السنة له ورسالة الإصطخرى عنه قال : والكف عن أهل القبلة ولا نكفر أحدا منهم بذنب
ولا نخرجهم من الإسلام بعمل إلا أن يكون فى ذلك حديث فيروى الحديث كما جاء وكما
روى نصدقه ونقبله ونعلم أنه كما روى نحو ترك الصلاة . ونقل عنه ما يفيد عدم تفريقه فى الحكم بين من تركها جحدا
أو تهاونا. وممن نقل عنه ذلك:
٥٠١ ـ الحسن بن
على الإسكافى قال : قال أبو عبد الله فى تارك الصلاة : لا أعرفه إلا هكذا من ظاهر
الحديث فأما من فسره جحودا فلا نعرفه. وقد قال عمر رضى الله عنه حين قيل له
الصلاة. قال : لا حظ فى الإسلام لمن ترك الصلاة .
٥٠٢ ـ أبو بكر
المروزي قال : سألت أبا عبد الله عن الرجل يدع الصلاة استخفافا ومجونا فقال :
سبحان الله إذا تركها استخفافا ومجونا فأى شيء بقى. قلت : إنه يسكر ويمجن. قال :
هذا تريد تسأل عنه. قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة» . قلت : ترى أن تستتيبه فأعدت عليه فقال : إذا تركها
استخفافا ومجونا فأى شيء بقى . المصدر السابق.
__________________
٥٠٣ ـ عبد الملك
الميمونى أنه قال لأبى عبد الله : الرجل يقر بالصلاة والفرائض ولا يفعلها قال :
هذا أشد ولم يجيء فى شيء ما جاء فى الصلاة .
٥٠٤ ـ أبو الحارث
الصائغ قال : قلت : فإن كان رجل نراه مواظبا على الصلاة ثم تركها فقيل له : صل.
فقال : لا أصلي ولم يقل : إن الصلاة فرض فقال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : من ترك الصلاة فقد كفر .
٥٠٥ ـ أبو داود
قال : سمعت أحمد يقول : إذا قال الرجل لا أصلي فهو كافر .
٥٠٦ ـ أحمد بن
الحسين بن حسان قال : سئل أبو عبد الله عمن ترك الصلاة متعمدا. قال : ليس بين
الإيمان والكفر إلا ترك الصلاة .
٥٠٧ ـ عبد الله بن
أحمد بن حنبل قال : سألت أبى رحمهالله : عن ترك الصلاة متعمدا قال : يروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة . ونقل عنه فى استتابة تارك الصلاة وإباحة دمه إذا أصر على
عدم القيام بها.
٥٠٨ ـ ابنه عبد
الله قال : قال أبى : والّذي يتركها لا يصليها ... أدعوه ثلاثا فإن صلى وإلا ضربت
عنقه هو عندى بمنزلة المرتد. يستتاب ثلاثا فإن تاب وإلا قتل على حديث عمر .
٥٠٩ ـ إسحاق
الكوسج أن أبا عبد الله قال : إذا ترك الصلاة أستتيبه ثلاثة أيام على حديث عمر رضى
الله عنه.
__________________
٥١٠ ـ إبراهيم بن
هانئ قال : سمعت أبا عبد الله يسأل عن المرتد وتارك الصلاة قال : يستتاب فإن تاب
وإلا ضربت عنقه.
٥١١ ـ وقال فى
موضع آخر فى رجل ترك الصلاة قال : يستتاب ثلاثة أيام.
٥١٢ ـ الفضل بن
زياد قال : سألت أبا عبد الله عمن ترك الصلاة قال : أما أنا فأذهب إلى أن يترك
ثلاثة أيام فإن صلى وإلا أومى بيده ـ أى يقتل ـ.
٥١٣ ـ ابنه صالح
قال : قال أبى : إذا قال : لا أجحد ولا أصلي عرض عليه الإسلام فإن صلى وإلا قتل
وإذا قيل له : صل فقال : لا أصلي يعرض عليه ثلاثا.
٥١٤ ـ وفى رواية
أخرى : أنه قال لأبيه : فإن تركها فلم يصلها قال : إذا كان عامدا استبته ثلاثا فإن
تاب وإلا قتل. (قلت) : فتوبته أن يصلى؟ قال : نعم.
٥١٥ ـ عبد الملك
الميمونى قال : قرأت على أبى عبد الله : من قال أعلم أن الصلاة فرض ولا أصلي فأملى
عليّ : يستتاب فإن تاب وإلا قتل. قلت : فى صلاة أو صلاتين. قال : لا فى ثلاثة أيام
يحبس فإن تاب وإلا قتل. قلت : تأول حديث عمر رضى الله عنه «فهلا حبستموه». قال : نعم
.
٥١٦ ـ أبو بكر
المروزي قال : سمعت أبا عبد الله يقول فى الّذي يدع الصلاة يدعى إليها ثلاثة أيام
فإن صلى وإلا ضربت عنقه. قال أبو عبد الله : وكذا إذا قال : لا أجحد ولا أصلي عرض
عليه ثلاثا وقتل وإذا قيل له صل فقال : لا أصلي عرضت عليه ثلاثا والحجة فيه ما قال
النبي صلىاللهعليهوسلم : «يكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن ميقاتها» ولم يكفروا بتأخيرها وقال لى
__________________
أبو عبد الله :
ناظرت بشارا الخفاف فى هذا فقال : إذا ترك الصلاة قتل.
٥١٧ ـ سألت أبا
عبد الله عن تارك الصلاة فقال : إذا قال لا أصلي قتل. قلت : إذا أقر وقال : بلى
إنى أصلي. قال : يستتاب ثلاثا فإن تاب وإلا ضربت عنقه. قلت : أليس الحديث «من بدل
دينه فاقتلوه» قال : ذاك المقيم على الشيء.
٥١٨ ـ قال أبو عبد
الله : أذهب إلى الاستتابة فقال له أبو طالب الخراساني : سمعت وكيعا يقول فى الرجل
يقول الصلاة عليّ ولكنى لا أصلي فيجىء وقتها فلا يصلى. قال وكيع : أستتيبه ثلاثا
فإن تاب وإلا ضربت عنقه. فأعجب أبا عبد الله قوله وقال : قد كان عند وكيع الحديث .
__________________
قال الإمام أحمد بن حنبل فى الرسالة الموسومة بالصلاة
٥١٩ ـ هذا كتاب فى
الصلاة ، وعظم خطرها ، وما يلزم الناس من تمامها وأحكامها يحتاج إليه أهل الإسلام
، لما قد شملهم من الاستخفاف بها ، والتضييع لها ومسابقة الإمام فيها. كتبه أبو
عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل إلى قوم صلى معهم بعض الصلوات.
وقد جاء الحديث
قال : «لا حظ فى الإسلام لمن ترك الصلاة» فكل مستخف بالصلاة مستهين بها : هو مستخف بالإسلام مستهين
به وإنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم من الصلاة. ورغبتهم فى الإسلام على قدر
رغبتهم فى الصلاة.
فاعرف نفسك يا عبد
الله واعلم أن حظك من الإسلام وقدر الإسلام عندك بقدر حظك من الصلاة وقدرها عندك.
واحذر أن تلقى الله عزوجل ولا قدر للإسلام عندك. فإن قدر الإسلام فى قلبك كقدر الصلاة
فى قلبك. وقد جاء الحديث عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «الصلاة عمود الإسلام» ألست تعلم أن
الفسطاط إذا سقط عموده سقط الفسطاط ، ولم ينتفع بالطنب
__________________
ولا بالأوتاد؟
وإذا قام عمود الفسطاط انتفعت بالطنب والأوتاد. فكذلك الصلاة من الإسلام. فانظروا
رحمكم الله واعقلوا ، وأحكموا الصلاة ، واتقوا الله فيها ، وتعاونوا عليها
وتناصحوا فيها بالتعليم من بعضكم لبعض ، والتذكير من بعضكم لبعض من الغفلة
والنسيان. فإن الله عزوجل قد أمركم أن تعاونوا على البر والتقوى. والصلاة أفضل البر.
وجاء الحديث عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما تفقدون
منه الصلاة وليصلين أقوام لا خلاق لهم وجاء الحديث : «أن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من
عمله صلاته. فإن تقبلت منه صلاته تقبل منه سائر عمله. وإن ردت صلاته رد سائر عمله»
فصلاتنا آخر ديننا وهى أول ما نسأل عنه غدا من أعمالنا. فليس بعد ذهاب الصلاة
إسلام ولا دين. فإذا صارت الصلاة آخر ما يذهب من الإسلام فكل شيء يذهب آخره فقد
ذهب جميعه فتمسكوا رحمكم الله بآخر دينكم وليعلم المتهاون بصلاته ، المستخف بها ،
المسابق الإمام فيها أنه لا صلاة له. وأنه إذا ذهبت صلاته فقد ذهب دينه. فعظموا
الصلاة رحمكم الله وتمسكوا بها واتقوا الله فيها خاصة. وفى أموركم عامة.
واعلموا أن الله عزوجل قد عظم خطر الصلاة فى القرآن وعظم أمرها وشرف أهلها ،
وخصها بالذكر من بين الطاعات كلها فى مواضع من القرآن كثيرة وأوصى بها خاصة.
فمن ذلك أن الله
تعالى ذكر أعمال البر التى أوجب لأهلها الخلود فى الفردوس. فافتتح تلك الأعمال
بالصلاة ، وختمها بالصلاة وجعل تلك الأعمال التى جعل لأهلها الخلود فى الفردوس بين
ذكر الصلاة مرتين قال الله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ) فبدأ من صفتهم بالصلاة عند مديحه إياهم ، ثم وصفهم
بالأعمال الطاهرة الزاكية المرضية إلى قول الله عز
__________________
وجل : (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ
وَعَهْدِهِمْ راعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ أُولئِكَ
هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ) . فأوجب الله عزوجل لأهل هذه الأعمال الشريفة الزاكية المرضية الخلود فى
الفردوس ، وجعل هذه الأعمال بين ذكر الصلاة مرتين ، ثم عاب الله عزوجل الناس كلهم وذمهم ونسبهم إلى اللؤم والهلع والجزع ، والمنع
للخير ، إلا أهل الصلاة فإنه استثناهم منهم فقال الله عزوجل : (إِنَّ الْإِنْسانَ
خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ
مَنُوعاً) ثم استثنى المصلين منهم ، فقال : (إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ
عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ
لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) ثم وصفهم بالأعمال الزاكية الطاهرة المرضية الشريفة ، إلى
قوله : (وَالَّذِينَ هُمْ
بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ) ثم ختم بثنائه عليهم ومدحهم ، بأن ذكرهم بمحافظتهم على
الصلاة ، فقال : (وَالَّذِينَ هُمْ
عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ) فأوجب لأهل هذه الأعمال الكرامة فى الجنة ، وافتتح ذكر هذه
الأعمال بالصلاة وختمه بالصلاة فجعل ذكر هذه الأعمال بين ذكر الصلاة مرتين. ثم ندب
الله عزوجل رسوله صلىاللهعليهوسلم إلى الطاعة كلها جملة وأفرد الصلاة بالذكر من بين الطاعة
كلها. والصلاة هى من الطاعة فقال عزوجل : (اتْلُ ما أُوحِيَ
إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ) ففى تلاوة الكتاب فعل جميع الطاعات ، واجتناب جميع
المعصية. فخص الصلاة بالذكر فقال : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ
إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) . وإلى الصلاة خاصة ندبه الله عزوجل فقال : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ
بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ) فأمره أن يأمر أهله بالصلاة ويصطبر عليها. ثم أمر الله
تعالى جميع المؤمنين بالاستعانة على طاعته كلها بالصبر ثم خص الصلاة بالذكر
__________________
من بين الطاعة
كلها فقرنها مع الصبر بقوله (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ
الصَّابِرِينَ) فكذلك أمر الله تعالى بنى إسرائيل بالاستعانة بالصبر
والصلاة على جميع الطاعة. ثم أفرد الصلاة من بين الطاعة فقال : (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ
وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) . ومثل ذلك ما أخبر الله عزوجل به من حكمه ووصيته خليله إبراهيم ولوطا وإسحاق ويعقوب فقال
: (يا نارُ كُونِي
بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ) إلى قوله : (وَنَجَّيْناهُ
وَلُوطاً) إلى قوله (وَوَهَبْنا لَهُ
إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) إلى قوله : (وَأَوْحَيْنا
إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ) .
فذكر الخيرات كلها
جملة ، وهى جميع الطاعات واجتناب جميع المعصية ، وأفرد الصلاة بالذكر وأوصاهم بها
خاصة. ومثل ذلك ما ذكر عن إسماعيل فى قوله : (وَكانَ يَأْمُرُ
أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) فبدأ بالصلاة. ومثل ذلك عن نجيه موسى عليهالسلام (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ
مُوسى) إلى قوله : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ
لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) . فأجمل الطاعة واجتناب المعصية فى قوله لموسى : (فَاعْبُدْنِي) وأفرد الصلاة وأمر بها خاصة وقال عزوجل : (وَالَّذِينَ
يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ) والتمسك بالكتاب يأتى على جميع الطاعة واجتناب المعصية ،
ثم خص الصلاة بالذكر فقال: (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) وإلى تضييع الصلاة نسب الله عزوجل من أوجب له العذاب قبل المعاصى فقال : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ
أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) فمن اتباع الشهوات ركوب جميع المعاصى ،
__________________
فنسبهم الله عزوجل إلى جميع المعصية فى تضييع الصلاة.
فهذا ما أخبر الله
تعالى به من آي القرآن ، من تعظيم الصلاة ، وتقديمها بين يدى الأعمال كلها ،
وإفرادها بالذكر من بين جميع الطاعات والوصية بها دون أعمال البر عامة. فالصلاة
خطرها عظيم وأمرها جسيم.
وبالصلاة أمر الله
تبارك وتعالى رسوله ، أول ما أوحى إليه بالنبوة ، قبل كل عمل ، وقبل كل فريضة.
وبالصلاة : أوصى النبي صلىاللهعليهوسلم عند خروجه من الدنيا فقال : «الله الله فى الصلاة وفيما
ملكت أيمانكم» فى آخر وصيته إياهم وجاء الحديث : «أنها آخر وصية كل نبى
لأمته وآخر عهده إليهم عند خروجه من الدنيا». وجاء فى حديث آخر عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «أنه كان يجود بنفسه ويقول : الصلاة ، الصلاة ، الصلاة».
فالصلاة أول فريضة فرضت عليهم ، وهى آخر ما أوصى به أمته. وآخر ما يذهب من
الإسلام. وهى أول ما يسأل عنه العبد من عمله يوم القيامة وهى عمود الإسلام. وليس
بعد ذهابها دين ، ولا إسلام ، فالله الله فى أموركم عامة ، وفى صلاتكم خاصة ،
فتمسكوا بها واحذروا تضييعها والاستخفاف بها ومسابقة الإمام فيها ، وخداع الشيطان
أحدكم عنها ، وإخراجه إياكم منها فإنها آخر دينكم ، ومن ذهب آخر دينه فقد ذهب دينه
كله فتمسكوا بآخر دينكم.
__________________
التعليق :
إقامة الصلاة ركن
من أركان الإسلام الخمسة وتأتى فى المرتبة الثانية بعد شهادة أن لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله ، ولست فى مقام إبراز ما يدل على مكانتها فى الدين فذلك معلوم
إن شاء الله للجميع. ويكفى أنه قد أمر بها فى القرآن فى ما يقارب ثلاثة وعشرين
موضعا ، إضافة إلى عشرات الآيات التى تمتدح القائمين بها ، وتعظيم شأنها .
وما أريد بحثه هنا
هو حكم تارك هذه الفريضة التى افترضها الله عزوجل على عباده وأمرهم بالقيام بها.
وقد لخص النووى رحمهالله تعالى أقوال العلماء فى هذا إذ يقول :
وأما تارك الصلاة
فإن كان منكرا لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين خارج عن ملة الإسلام إلا أن يكون
قريب عهد بالإسلام ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة عليه.
وإن كان تركه
تكاسلا مع اعتقاده وجوبها كما هو حال كثير من الناس فقد اختلف العلماء فيه.
فذهب مالك والشافعى
والجماهير من السلف والخلف إلى أنه لا يكفر بل يفسق ويستتاب فإن تاب وإلا قتلناه
حدا كالزانى المحصن ولكنه يقتل بالسيف وذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر وهو مروى
عن على بن أبى طالب رضى الله عنه وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل وبه قال :
عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه وهو وجه لبعض أصحاب الشافعى وذهب أبو حنيفة
وجماعة من أهل الكوفة والمزنى صاحب الشافعى أنه لا يكفر ولا يقتل بل يعزر ويحبس
حتى يصلى اه وبذا يتضح أنه لا خلاف فى كفر من جحدها. وعلى هذا
يستتاب فإن تاب وإلا قتل كفرا إجماعا.
__________________
والخلاف تركز فى
مسألتين :
١ ـ حكم من تركها
تكاسلا وتهاونا.
٢ ـ على قول من
قال بقتله بعد الاستتابة هل يقتل كفرا أو حدا.
أما المسألة
الأولى : فأكثر الروايات المنقولة عن الإمام أحمد تفيد تكفيره لتارك الصلاة مطلقا
، وإن نقل عنه البعض ما يشير إلى التفريق ، لكن المشهور عنه الأول.
أما فى الاستتابة
فقد نقل عنه : ادعوه ثلاثا ـ أى ثلاث صلوات أو ثلاثة أيام ـ ونقل عنه : إن ترك
صلاتين. ونقل عنه أيضا : أنه إذا دعى إلى صلاة فى وقتها وامتنع حتى فاتت قتل. لكن
معظم الروايات عنه تدل على أنه يستتاب ثلاثة أيام.
ثم إذا لم يتب هل
يقتل كفرا أو حدا؟
قال ابن قدامة :
واختلفت الرواية هل يقتل لكفره أو حدا فروى أنه يقتل لكفره كالمرتد فلا يغسل ولا
يكفن ولا يدفن بين المسلمين ولا يرثه أحد ولا يرث أحدا ، اختارها أبو إسحاق بن
شاقلا وابن حامد ...
والرواية الثانية
: يقتل حدا مع الحكم بإسلامه كالزانى المحصن وهذا اختيار أبى عبد الله بن بطة ...*
__________________
قول الإمام أحمد فى مانع الزكاة
قال أبو بكر
الخلال :
٥٢٠ ـ أخبرنا محمد
بن على قال : حدثنا الأثرم قال : قيل لأبى عبد الله فتارك الزكاة؟ قال : قد جاء عن
عبد الله ما تارك الزكاة بمسلم. وأبو بكر قاتل عليها والحديث فى
الصلاة .
* ونحو هذا نقل
عنه :
٥٢١ ـ أبو الصقر
الوراق : أن أبا عبد الله قال : من ترك الزكاة ليس بمسلم هكذا قال ابن مسعود : ما
تارك الزكاة بمسلم وقد قاتل أبو بكر أهل الردة على ترك الزكاة وقال : لو منعونى
عقالا مما أدوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قاتلتهم ، وفى قتالهم واستتابتهم نقل عنه :
٥٢٢ ـ عبد الملك
الميمونى قال : قلت يا أبا عبد الله : من منع الزكاة يقاتل؟ قال : قد قاتلهم أبو
بكر رضى الله عنه. قلت : فيورث ويصلى عليه قال : إذا منعوا الزكاة كما منعوا أبا
بكر وقاتلوا عليها لم يورث ولم يصل عليه فإذا كان الرجل يمنع الزكاة يعنى من بخل
أو تهاون ولم يقاتل ولم يحارب على المنع يورث ويصلى عليه حتى يكون يدفع عنها :
بالخروج والقتال كما فعل أولئك بأبى بكر فيكون حينئذ يحاربون على منعها ولا يورث
ولا يصلى عليه.
٥٢٣ ـ إسحاق
الكوسج أنه قال لأبى عبد الله : يقاتل من منع الزكاة؟ قال : نعم ، أبو بكر رضى
الله عنه قاتلهم حتى يؤدوا. قال أبو عبد الله :
__________________
وكل من منع فريضة
فعلى المسلمين قتاله حتى يأخذوها منه.
٥٢٤ ـ أبو بكر
المروزي قال : سألت أبا عبد الله عن القوم إذا منعوا الزكاة يقاتلون عليها؟ قال :
إذا كان إمام عدل قاتلهم عليها.
٥٢٥ ـ : سمعت أبا
عبد الله يقول : إذا منعوا الزكاة يحاربون مع الإمام العادل وذهب إلى فعل أبى بكر
رضى الله عنه.
٥٢٦ ـ قلت لأبى
عبد الله : فقالوا للإمام : لا تؤدى ترى أن يحاربوا؟ قال : إذا كان إمام عدل
حاربهم ـ أو قال ـ قاتلهم حتى يؤدوا ولم ير أن تسبى الذرية لأن لهم عهدا محتجا بما
احتجت به امرأة علقمة بن علاثة : إن كان زوجى قد كفر فإنى لم أكفر .
٥٢٧ ـ أبو طالب
قال : سألت أبا عبد الله عمن قال : الصلاة فرض ولا أصلي؟ قال : يستتاب فإن تاب
وصلى وإلا ضربت عنقه. قلت : فرجل قال : الزكاة على ولا أزكى قال : يقال له مرتين
أو ثلاثة زك فإن لم يزك يستتاب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا ضربت عنقه. قلت لأحمد :
ابن أبى خالد الخطابى روى أنك قلت فى الزكاة يضرب عنقه على المكان ولا يستتاب قال
: لم يحفظ «يستتاب ثلاثة أيام» .
التعليق :
أداء الزكاة ركن
من أركان الإسلام الخمسة أمر الله عزوجل بإيتائها فى ما يقارب أربعة عشر موضعا من القرآن الكريم ومتى ما توفرت شروطها وجب أداؤها وهذا أمر معلوم ولله
الحمد لعامة المسلمين.
لكن ما الحكم فيمن
ترك هذه الفريضة التى أمر الله عزوجل بها؟
__________________
والجواب : إن كان
تركه لها جاحدا لوجوبها منكرا لها فهو كافر يستتاب فإن تاب وإلا قتل كفرا إجماعا.
يقول ابن قدامة :
فمن أنكر وجوبها جهلا به ، وكان ممن يجهل ذلك ، إما لحداثة عهده بالإسلام أو لأنه
نشأ ببادية نائية عن الأمصار ـ عرف وجوبها ولا يحكم بكفره ، لأنه معذور ، وإن كان
مسلما ناشئا ببلاد الإسلام بين أهل العلم فهو مرتد ، تجرى عليه أحكام المرتدين
ويستتاب ثلاثا ، فإن تاب وإلا قتل. لأن أدلة وجوب الزكاة ظاهرة فى الكتاب والسنة
وإجماع الأمة فلا تكاد تخفى على أحد ممن هذه حاله ، فإذا جحدها فلا يكون إلا
لتكذيبه الكتاب والسنة وكفره بهما . اه
وأما إن منعها مع
الإقرار بوجوبها : فإن قاتل عليها قوتل وإن قتل كان كافرا لا يصلى عليه ولا يورث.
وهذا ما تفيده رواية الميمونى عن أحمد.
وأما إذا لم يقاتل
عليها بل منعها شحا وبخلا. ففى رواية الأثرم : «حكى قول عبد الله بن مسعود وفعل
أبى بكر ، ولم يقطع به لأنه قال الحديث فى الصلاة يعنى الحديث الوارد بالكفر ،
ولأن الزكاة حق فى المال فلم يكفر بمنعه ، والقتال عليه كالكفارات وحقوق الآدميين».
ذكر هذا التعليق على رواية الأثرم أبو يعلى ابن الفراء .
وسيأتى مزيد من
التفضيل حول مذهب الإمام أحمد وغيره فى حكم تارك مبانى الإسلام فى المبحث التالى.
__________________
قول الإمام أحمد فى تارك الصيام
قال أبو بكر
الخلال :
٥٢٨ ـ أخبرنى محمد
بن على : قال حدثنا الأثرم قال : قيل لأبى عبد الله : تارك صوم شهر رمضان مثل تارك
الصلاة فقال : الصلاة أوكد إن ما جاء فى الصلاة فليست كغيرها .
* ونحو هذا نقل
عنه :
٥٢٩ ـ أبو طالب
أنه قال لأبى عبد الله : فإن قال الصوم فرض ولا أصوم قال : ليس الصوم مثل الصلاة
والزكاة لم يجيء فيه شيء. عمر رضى الله عنه استتاب فى المرتد وأبو بكر رضى الله
عنه فى الزكاة ، والصوم لم يجيء فيه شيء. قلت : ولا تجعله مثل الصلاة والزكاة. قال
: لم يقولوا فيه شيئا. وفى رواية أخرى أن تاركه يستتاب وإن أقر به ، نقلها عنه :
٥٣٠ ـ عبد الملك
الميمونى قال : قرأت على أبى عبد الله : من قال أعلم أن الصوم فرض ولا أصوم. فأملى
على : يستتاب فإن تاب والا ضربت عنقه. وفى رواية : استتابة تاركه إن جحد به ،
نقلها عنه :
٥٣١ ـ جعفر بن
محمد قال : سمعت أبا عبد الله يسأل عن الرجل يترك الصوم متعمدا جاحدا قال : يستتاب
وتضرب عنقه ويحبس .
__________________
التعليق :
صوم شهر رمضان من
أركان الإسلام الخمسة ويأتى فى المرتبة الرابعة بعد الشهادتين والصلاة والزكاة وقد
أمر الله عزوجل به فى محكم التنزيل إذ يقول جل وعلا : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ
عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ) . وتارك الصيام إن كان جاحدا لفرضيته منكرا لوجوبه فحكمه
حكم تارك الصلاة والزكاة ، وإن كان مقرا به هل يحكم بكفره أم لا؟ اختلفت الرواية
عن أحمد.
يقول ابن تيمية :
وأما مع الإقرار بالوجوب إذا ترك شيئا من هذه الأركان الأربعة ـ يقصد الصلاة
والزكاة والصيام والحج ـ ففى التكفير أقوال للعلماء هى روايات عن الإمام أحمد :
أحدها : أنه يكفر
بترك واحد من الأربعة حتى الحج ، وإن كان فى جواز تأخيره نزاع بين العلماء ، فمتى
عزم على تركه بالكلية كفر ، وهذا قول طائفة من السلف ، وهى إحدى الروايات عن أحمد.
والثانى : أنه لا
يكفر بترك شيء من ذلك مع الإقرار بالوجوب ، وهذا هو المشهور عند كثير من الفقهاء
من أصحاب أبى حنيفة ومالك والشافعى ، وهو إحدى الروايات عن أحمد.
والثالث : لا يكفر
إلا بترك الصلاة ، وهى الرواية الثانية عن أحمد وقول كثير من السلف وطائفة من
أصحاب مالك والشافعى وطائفة من أصحاب أحمد.
والرابع : يكفر
بتركها ، وترك الزكاة فقط.
والخامس : بتركها
وترك الزكاة إذا قاتل الإمام عليها دون ترك الصيام والحج. وهذه المسألة لها طرفان
:
أحدهما : فى إثبات
الكفر الظاهر.
__________________
والثانى : فى
إثبات الكفر الباطن.
وأما الطرف الثانى
: فهو مبنى على مسألة كون الإيمان قولا وعملا كما تقدم ، ومن الممتنع أن يكون
الرجل مؤمنا إيمانا ثابتا فى قلبه ، بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام
والحج ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة ولا يصوم من رمضان ، ولا يؤدى لله زكاة ولا يحج
إلى بيته ، فهذا ممتنع ، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق فى القلب وزندقة ، لا مع إيمان
صحيح . اه
وفى حالة استتابته
وعدم رجوعه هل يلحق تارك الزكاة والصوم والحج بتارك الصلاة فى وجوب قتله على قول
من قال بقتله أعنى إذا أقر ولم يقم بها.
يقول ابن القيم :
فيه ثلاث روايات عن الإمام أحمد :
إحداها : يقتل
بترك ذلك كله كما يقتل بترك الصلاة. وحجة هذه الرواية أن الزكاة والصيام والحج من
مبانى الإسلام ، فيقتل بتركها جميعا كالصلاة ، ولهذا قاتل الصديق مانعى الزكاة
وقال : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، إنها لقرينتها فى كتاب الله
وأيضا فإن هذه المبانى من حقوق الإسلام والنبي صلىاللهعليهوسلم لم يؤمر برفع القتال إلا عمن التزم كلمة الشهادة وحقها ،
وأخبر أن عصمة الدم لا تثبت إلا بحق الإسلام. فهذا قتال للفئة الممتنعة ، والقتل
للواحد المقدور عليه إنما هو لتركه حقوق الكلمة وشرائع الإسلام وهذا أصح الأقوال.
والرواية الثانية
: لا يقتل بترك غير الصلاة ، لأن الصلاة عبادة بدنية لا تدخلها النيابة ، ولقول
عبد الله بن شقيق : كان أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة . ولأن الصلاة قد اختصت ـ من سائر الأعمال ـ بخصائص ليست
لغيرها : فهى أول ما فرض الله من الإسلام ، ولهذا أمر النبي صلىاللهعليهوسلم نوابه ورسله أن يبدءوا بالدعوة إليها بعد الشهادتين فقال
لمعاذ : «ستأتى قوما من أهل الكتاب ، فليكن
__________________
أول ما تدعوهم
إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وأن الله فرض عليهم خمس
صلوات فى اليوم والليلة» ، ولأنها أول ما يحاسب عليها العبد من عمله ، ولأن الله
فرضها فى السماء ليلة المعراج. ولأنها أكثر الفروض ذكرا فى القرآن ولأن أهل النار
لما يسألون : (ما سَلَكَكُمْ فِي
سَقَرَ) لم يبدءوا بشيء غير ترك الصلاة ، ولأن فرضها لا يسقط عن
العبد بحال دون حال ما دام عقله معه ، بخلاف سائر الفروض فإنها تجب فى حال دون حال
، ولأنها عمود فسطاط الإسلام ، وإذا سقط عمود الفسطاط وقع الفسطاط ، ولأنها آخر ما
يفقد من الدين ، ولأنها فرض على الحر والعبد والذكر والأنثى والحاضر والمسافر
والصحيح والمريض والغنى والفقير ، ولم يكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقبل من أجابه إلى الإسلام إلا بالتزام الصلاة ... ولأن
قبول سائر الأعمال موقوف على فعلها فلا يقبل الله من تاركها صوما ولا حجا ولا صدقة
ولا جهادا ولا شيئا من الأعمال ...
والرواية الثالثة : يقتل بترك الزكاة
والصيام ولا يقتل بترك الحج لأنه مختلف فيه هل هو على الفور أو على التراخى فمن
قال : هو على التراخى قال : كيف يقتل بأمر موسع له فى تأخيره. وهذا المأخذ ضعيف
جدا. لأن من يقتله بتركه لا يقتله بمجرد التأخير ، وإنما صورة المسألة أن يعزم على
ترك الحج ويقول : هو واجب عليّ ولا أحج أبدا. فهذا موضع النزاع ، والصواب القول
بقتله لأن الحج من حقوق الإسلام ، والعصمة لا تثبت لمن تكلم بالإسلام إلا بحقه
والحج من أعظم حقوقه (١) اه والله تعالى أعلم.
__________________
قول الإمام أحمد فيمن استحل محرما
قال أبو بكر
الخلال :
٥٣٢ ـ قال حنبل :
سألت أبا عبد الله عن هذا فقال : المستحل لحرمة الله إذا كان مقيما عليها باستحلال
لها غير متأول لذلك ولا نازعا عنه رأيت استتابته منها فإن تاب ونزع عن ذلك ورجع
تركته وإلا فاقتل مثل الخمر بعينها والزنا وما أشبهه ، هذا فإذا كان رجل أتى شيئا
من هذا على جهالة بلا استحلال ولا رد لكتاب الله تعالى فإن الحد يقام عليه إذا غشى
منها شيئا .
ونحو هذا نقل عنه
:
٥٣٣ ـ أبو الحارث
الصائغ أن أبا عبد الله سئل عن رجل قال : الخمر حلال. قال: يستتاب فإن تاب وإلا
ضربت عنقه.
٥٣٤ ـ جعفر بن
محمد ، بكر بن محمد ، حنبل بن إسحاق كلهم مثل رواية أبى الحارث.
٥٣٥ ـ وفى رواية
محمد بن يحيى الكحال قال : لو أن رجلا قال : الخمر حلال كان رادا لكتاب الله تبارك
وتعالى .
التعليق :
استحلال ما حرم
الله عزوجل كفر.
يقول ابن تيمية :
وأما الفرائض الأربع فإذا جحد وجوب شيء منها بعد بلوغ الحجة فهو كافر وكذلك من جحد
تحريم شيء من المحرمات الظاهرة المتواتر
__________________
تحريمها ... وأما
من لم تقم عليه الحجة مثل أن يكون حديث عهد بالإسلام ، أو نشأ ببادية بعيدة ، لم
تبلغه فيها شرائع الإسلام ونحو ذلك ، أو غلط فظن أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات
يستثنون من تحريم الخمر كما غلط فى ذلك الذين استتابهم عمر ، وأمثال ذلك فإنهم يستتابون وتقام الحجة عليهم ، فإن
أصروا كفروا حينئذ ولا يحكم بكفرهم قبل ذلك .
__________________
قول الإمام أحمد فى المرتد والمرتدة
قال إسحاق الكوسج
:
٥٣٦ ـ قال أحمد :
المرتد يستتاب ثلاثا والمرأة المرتدة تستتاب ثلاثا الروايات عن الإمام أحمد فى استتابة المرتدين والاستدلال
لذلك كثيرة وممن نقلها :
٥٣٧ ـ ابنه عبد
الله قال : سمعت أبى يقول فى المرتد يستتاب ثلاثا فإن تاب وإلا قتل على حديث عمر
بن الخطاب . اه
٥٣٨ ـ أبو طالب ،
إسحاق الكوسج أنهم سمعوا أبا عبد الله وسألوه عن المرتد يستتاب؟ قال : نعم. قيل كم
: قال : ثلاثة أيام أذهب إلى حديث عمر رضى الله عنه فإن تاب وإلا ضربت عنقه.
٥٣٩ ـ ابنه صالح
أن أباه قال فى هذه المسألة وابن مسعود (قال) : يستتاب وقتل. وحديث يروى عن عمر
أدخلهم فى الباب الّذي خرجوا منه أحب إلى من كذا وكذا وقصة معاذ حين قدم اليمن وقد
كان أبو موسى استتاب الرجل شهرا فقال معاذ : لا أنزل حتى أضرب عنقه.
٥٤٠ ـ عبد الملك
الميمونى أن أبا عبد الله قال : يحبس ثلاثة أيام ثم يقتل يذهب إلى أن عمر رضى الله
عنه حبسه ثلاثة أيام ثم قتله وقول عمر : «ألا حبستموه ألا خوفتموه». فقلت لأبى عبد
الله : فحديث معاذ حين أتى اليمن وقال : لا أبرح حتى يقتل . فقال : أليس كان فى الحبس فأخرجه أبو موسى.
__________________
٥٤١ ـ حنبل بن
إسحاق قال : سمعت أبا عبد الله يقول : يستتاب المرتد ويقتل . ونقل عنه ما يؤكد استتابة المرتد ثلاثا وأن لا يقتل على
الفور. وأن هذا لا يتعارض مع قوله صلىاللهعليهوسلم : «من بدل دينه فاقتلوه».
٥٤٢ ـ محمد بن
الحكم الأحول عن أبى عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من بدل دينه فاقتلوه» قلت : كيف التبديل؟ قال : أن يقيم
عليه يستتاب فإن تاب لم يكن مقيما على التبديل. قلت : تذهب إلى أن يستتاب ثلاثة.
قال : نعم وأذهب إلى حديث عمر رضى الله عنه وحديث النبي صلىاللهعليهوسلم : «من بدل دينه فاقتلوه» فلا يكون تبديلا وهو راجع يقول :
قد أسلمت.
٥٤٣ ـ أبو طالب
قال : قال أحمد : إنما من بدل دينه من أقام على التبديل دينه ، وقال فى موضع آخر
قال : من بدل دينه فثبت ولم يرجع فيقولون : يستتاب فإن أقام على التبديل قتل :
ونقل عنه استتابته
فإن أقام على التبديل قتل. ونقل عنه استتابته حتى وإن ارتد مرات ما دام يتوب وممن
نقل عنه ذلك :
٥٤٤ ـ إسحاق
الكوسج أنه قال لأبى عبد الله : الرجل يسلم ثم يرتد ثم يسلم ثم يرتد؟ قال أحمد :
ما دام يتوب يستتاب.
ونقل عنه ما يفيد
عدم قبول توبته إذا تكرر ذلك منه مرات كثيرة وممن نقل عنه ذلك:
٥٤٥ ـ عبد الملك
الميمونى أنه سأل أبا عبد الله : ما تقول فيمن خرج من الإسلام إلى الكفر ثم قال :
قد تبت تقبل توبته؟ قال لى : نعم. قلت : فإن عاد آنفا. قال : قد تبت تقبل توبته؟
قال : نعم ، قلت : فإذا فعل ذلك أبدا يؤخذ ويقول : قد تبت. قال : ما يعجبنى هذا لا
آمن أن يكون هذا يتلاعب
__________________
بالإسلام يقتل.
قلت : فكم تقبل منه التوبة؟ قال : (قال) عمر : فهلا حبستموه ثلاثة أيام هكذا فأرى
أن يستتاب ثلاث مرات فأما إذا كثر ذا منه فلا. قلت له : مالك فيما أحسبه يقول :
كلما تاب قبلت توبته. قال : ما أشبه ذا بقوله.
٥٤٦ ـ أحمد بن
الحسن الترمذي قال : سألت أبا عبد الله عن القوم إذا أسلموا ثم أغاروا على
المسلمين قال : هو نقض العهد. قلت : فإن غزوهم المسلمون فقالوا : نحن مسلمون؟ قال
: ما أحسن أن يقبل منهم أول مرة وأما إذا فعلوا مرارا فلا يقبل منهم واحتج فى ذلك
بقول : عمر بن الخطاب رضى الله عنه لليهودى الّذي صرع المرأة من الحمار فأمر عمر
بقتله. وقال : ليس على هذا عاهدناهم .
ونقل عنه أن من
اتهم بالردة وأنكر فالقول قوله. وممن نقل عنه ذلك :
٥٤٧ ـ محمد بن
الحكم الأحول قال : سمعته يقول : لو أن نصرانيا أو يهوديا أسلم ثم تهود أو تنصر
فشهد قوم عدول أنه قد تنصر أو تهود وقال هو : إنى لم أفعل أنا مسلم قال: أقبل قوله
ولا أقبل شهادتهم.
والمشهور عنه أنه
لا فرق بين من ولد على الإسلام ثم ارتد وبين من كان كافرا ثم أسلم ثم ارتد.
٥٤٨ ـ أبو بكر
الأثرم قال : قلت لأبى عبد الله : من الناس من يفرق بين المرتدين فيقول : إذا ولد
مسلما ثم ارتد لم أستتبه فما تقول؟ قال : كلهم عندى سواء أنا أستتيبهم كلهم على
حديث ابن الغازى.
٥٤٩ ـ أبو النصر
العجلى قال : قال أبو عبد الله : كل من بدل دينه قتل. قلت : فترى أن يستتاب من
ارتد وولد على الفطرة أو دخل الإسلام؟
__________________
قال : نعم .
والروايتان اللتان
نقلتا عنه التفريق تعتبر شاذة . ولا فرق عنده فى كل ما قدمناه عنه بين المرتد والمرتدة
فالكل عنه ما يفيد ذلك.
٥٥٠ ـ إسحاق
الكوسج انظر روايته المتقدمة ج : ٢ / ٥٨ وفى أخرى قال : قال أحمد : المرأة تستتاب
ثلاثا وإلا ضربت عنقها .
٥٥١ ـ أبو بكر
المروزي قال : سمعت أبا عبد الله يقول فى المرأة إذا ارتدت قتلت.
٥٥٢ ـ عبد الملك
الميمونى قال : (قال أحمد) : من بدل دينه من رجل أو امرأة يحبس ثلاثة أيام ثم يقتل
نذهب إلى حديث عمر بن الخطاب اه يعنى يستتاب فى الحبس ثلاثا.
٥٥٣ ـ وفى موضع
آخر أنه قال لأبى عبد الله : المرأة المرتدة تقتل؟ قال : نعم ، الساحرة كما ترى
حفصة قتلت ساحرة فبلغ ذلك عثمان فكرهه لأنه كان دونه. فقال نافع : عن ابن عمر أنه
ذهب إلى عثمان (رضى الله عنه) فقال : إنها قد أقرت. قال أبو عبد الله : فثلاثة من
أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى قتل الساحرة وقتل المرأة فى الارتداد تقتل فيه.
وإبراهيم أيضا يروى عنه فى المرتدة تقتل.
٥٥٤ ـ ونقل أبو
بكر الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل تحفظ عن ابن عمر فى المرتدة تقتل؟ قال : رأى
ابن عمر قتل الساحر فكأن أبا عبد الله أنزل الساحر بمنزلة المرتد.
٥٥٥ ـ ابنه صالح
أن أباه قال : المرأة إذا ارتدت يعرض عليها الإسلام
__________________
فإن أسلمت وإلا
قتلت.
٥٥٦ ـ أبو طالب
أنه قال لأبى عبد الله فى المرأة تستتاب قال : المرأة والرجل سواء ، قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «من بدل دينه فاقتلوه» المرأة والرجل يستتابون فإن تابوا
وإلا قتلوا قلت : المرأة تستتاب؟ قال : نعم ثلاثة أيام فإن تابت وإلا قتلت.
٥٥٧ ـ حنبل بن
إسحاق قال : سمعت أبا عبد الله قال فى المرأة إذا ارتدت عن الإسلام تستتاب فإن
تابت وإلا قتلت حكمها وحكم الرجل واحد لقول النبي صلىاللهعليهوسلم.
٥٥٨ ـ محمد بن
الحسن بن هارون قال : سألت أبا عبد الله عن المرأة ترتد عن الإسلام قال : تستتاب
فإن تابت وإلا ضربت عنقها وأنكر على من زعم أن المرأة المرتدة لا تقتل بحجة أن النبي
صلىاللهعليهوسلم نهى عن قتل النساء والصبيان وممن نقل عنه ذلك :
٥٥٩ ـ حنبل بن
إسحاق قال : سمعت أبا عبد الله يقول فى المرأة ترتد قال : قالوا : لا تقتل قيل لهم
: لم؟ قالوا : نهى النبي صلىاللهعليهوسلم عن قتل النساء. قيل لهم : النبي صلىاللهعليهوسلم نهى عن قتل النساء والشيخ والراهب. فلو أن رجلا ارتد ثم
ترهب لم يقتل!! أو شيخا كان مسلما فارتد لم يقتل!! هذا حكم وهذا حكم هذا فى
الارتداد والقتل وذاك فى الحرب والسرايا لا يقتل النساء.
٥٦٠ ـ عبد الملك
الميمونى قال : سئل أبو عبد الله عن المرأة ترتد تقتل .. قال : الأغلب على إذا
ارتدت استتيبت فإن لم تتب قتلت. قال : ومن الناس من يحتج بقول النبي صلىاللهعليهوسلم أنه نهى عن قتل النساء والصبيان ذاك غير ذا ليس هو فى ذا
بشيء.
__________________
٥٦١ ـ أبو بكر
الأثرم قال : قلت لأبى عبد الله : المرأة ترتد؟ قال : تستتاب فإن تابت وإلا ضربت
عنقها. قلت : احتجوا بحديث عمر فى أم الولد إذا كفرت وزنت وفجرت فى أن المرأة إذا
ارتدت لا تقتل. قال : وأى حجة فى هذا لهم.
٥٦٢ ـ محمد بن
الحكم الأحول سأله عن المرأة ترتد عن الإسلام قال : تقتل. قلت : إن سفيان يقول :
تحبس فلا تقتل. قلت : من أين قال الثورى وأصحاب أبى حنيفة تحبس ولا تقتل. قال : من
حديث النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا تقتل المرأة ولا عسيفا» . قال أبو عبد الله : وهذا لا يشبه ذاك أولئك أهل حرب وهم
مماليك لنا وهذه امرأة مسلمة ارتدت عن الإسلام وأولئك كفار لم يسلموا وقال رسول
الله صلىاللهعليهوسلم : «من بدل دينه فاقتلوه» .
التعليق :
الردة فى اللغة :
هى الرجوع عن الشيء إلى غيره. قال الله تعالى : (وَلا تَرْتَدُّوا
عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ) .
وأما الردة فى
الشرع : فهى الرجوع عن الإسلام إلى الكفر . قال تعالى : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ
مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ
فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) . وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ
وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ) . وقال جل وعلا : (إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا
__________________
ثُمَّ
ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) . ويقول جل ذكره : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ
بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ
عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ
ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) .
يقول الماوردى :
فإذا ثبت حظر الردة بكتاب الله تعالى فهى موجبة للقتل بسنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإجماع صحابته ـ رضى الله عنهم ـ ثم ذكر حديث ابن عباس عن
النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من بدل دينه فاقتلوه» . وحديث عثمان عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد
إيمان ، أو زنا بعد إحصان أو قتل نفس بغير نفس» . ثم قال ـ أى الماوردى ـ : وقاتل أبو بكر الصديق بعد رسول
الله صلىاللهعليهوسلم أهل الردة ووضع فيهم السيف حتى أسلموا . اه
وقوله صلىاللهعليهوسلم : «من بدل دينه فاقتلوه» خاص بالمسلمين دون سواهم وهو
الّذي عليه جمهور العلماء فمن بدل دينه من أهل الإسلام فجزاؤه القتل أما أهل الملل
الأخرى فالصحيح أن الحديث لا يشملهم.
يقول القرطبى :
واختلفوا من خرج من كفر إلى كفر فقال مالك وجمهور الفقهاء : لا يتعرض له لأنه
انتقل إلى ما لو كان عليه فى الابتداء لأقر عليه . اه
__________________
وقد قال أحمد فى
رواية حنبل : من بدل دينه فاقتلوه من المسلمين ، لو أن يهوديا تنصر أو نصرانيا
تهود لم يقتل .
وبذا يتضح لنا
الإجماع على وجوب قتل المرتد عن الإسلام إلى أى ملة أو ونحلة وذلك بعد استتابته
كما سيأتى تفصيله ، ولكن هل هنالك شروط يجب توافرها للحكم بالردة؟
ذكر أهل العلم
ثلاثة شروط يجب توافرها حتى يحكم بردة المرتد :
الشرط الأول :
البلوغ على خلاف فيه.
يقول ابن قدامة ـ بعد
ذكره للأقوال فى إسلام الصبى قبل بلوغه وما يترتب عليه ـ تعليقا على قول الخرقى : «فإن
رجع وقال : لم أدر ما قلت لم يلتفت إلى قوله وأجبر على الإسلام».
«وجملته أن الصبى
إذا أسلم وحكمنا بصحة إسلامه لمعرفتنا بعقله بأدلته فرجع وقال: لم أدر ما قلت لم
يقبل قوله ولم يبطل إسلامه الأول وروى عن أحمد : أنه يقبل منه ولا يجبر على
الإسلام. قال أبو بكر : هذا قول محتمل لأن الصبى فى مظنة النقص فيجوز أن يكون
صادقا قال : والعمل على الأول لأنه قد ثبت عقله للإسلام ومعرفته به بأفعاله أفعال
العقلاء وتصرفاته تصرفاتهم وتكلمه بكلامهم وهذا يحصل به معرفة عقله ولهذا اعتبرنا
رشده بعد بلوغه بأفعاله وتصرفاته وعرفنا جنون المجنون وعقل العاقل بما يصدر عنه من
أفعاله وأقواله وأحواله.
فلا يزول ما
عرفناه بمجرد دعواه. وهكذا كل من تلفظ بالإسلام أو أخبر عن نفسه به ثم أنكر معرفته
بما قال لم يقبل إنكاره وكان مرتدا نص عليه أحمد فى مواضع. إذا ثبت هذا فإنه إذا
ارتد صحت ردته وبهذا قال أبو حنيفة. وهو الظاهر من مذهب مالك وعند الشافعى لا يصح
إسلامه ولا ردته وقد روى عن أحمد أنه يصح إسلامه ولا تصح ردته لقوله عليهالسلام : «رفع القلم عن ثلاث عن الصبى
__________________
حتى يبلغ» . وهذا يقتضي أن لا يكتب عليه ذنب ولا شيء ولو صحت ردته
لكتب عليه. وأما الإسلام فلا يكتب عليه إنما يكتب له. ولأن الردة أمر يوجب القتل
فلم يثبت حكمه فى حق الصبى كالزنا ولأن الإسلام إنما صح منه لأنه تمحض مصلحة فأشبه
الوصية والتدبير ، والردة تمحضت مضرة ومفسدة فلم تلزم صحتها. فعلى هذا حكمه حكم من
لم يرتد ، فإذا بلغ فإن أصر على الكفر كان مرتدا حينئذ . اه
وهذا ـ والله أعلم
ـ هو الراجح ـ وهو قول للإمام أبى حنيفة ورواية عن أحمد.
الشرط الثانى :
العقل : ومعلوم ما للعقل من ركنية فى التكليف. لذا لا تصح ردة المجنون ومن فى حكمه
. وفى صحة ردة السكران روايتان عن أحمد ذكرها ابن قدامة .
الشرط الثالث : أن
يكون ذلك باختياره من غير إكراه عليه . كما أنه لا يحكم بردته إلا بإقراره إما بنفسه أو بعد
شهادة الشهود عليه . وإذا أنكر شهادة الشهود فالقول قوله كما نص عليه أحمد فى
رواية محمد بن الحكم .
فإن ثبتت ردته. هل
يقتل على الفور أم يستتاب؟
المشهور عن أحمد
استتابته ثلاثا على روايتين فى وجوبها أو استحبابها والأول أشهر.
__________________
يقول ابن قدامة :
... لا يقتل حتى يستتاب ثلاثا هذا قول أكثر أهل العلم منهم عمر وعلى وعطاء والنخعى
ومالك والثورى والأوزاعى وإسحاق وأصحاب الرأى وهو أحد قولى الشافعى ، وروى عن أحمد
رواية أخرى أنه لا تجب استتابته لكن تستحب وهذا القول الثانى للشافعى .
وفى موضع آخر يقول
: ولأن الردة إنما تكون لشبهة ولا تزول فى الحال فوجب أن ينتظره مدة يرتئى فيها
وأولى ذلك ثلاثة أيام للأثر فيها وأنها مدة قريبة وينبغى أن ... يكرر دعايته لعله
يتعطف قلبه فيراجع دينه إن لم يتب قتل وهو قول عامة الفقهاء . اه
قلت : ولا فرق عند
الإمام أحمد فيما تقدم بين من ولد على الإسلام ثم ارتد وبين من كان كافرا ثم أسلم
ثم ارتد ، وكذا لا فرق عنده بين الرجل والمرأة كما سبق إيضاحه عند ذكر الروايات
عنه.
يقول الماوردى :
فإذا ثبت وجوب القتل بردة المسلم إلى الكفر فسواء كان المسلم مولودا على الإسلام
أو كان كافرا فأسلم أو صار مسلما بإسلام أبويه أو أحدهما ... لأنه لما جرى عليه
أحكام الإسلام فى العبادات وأحكام المسلمين فى المواريث والشهادات وجب أن يجرى
عليه حكم الإسلام فى الردة كغيره من المسلمين ، كما كان فى غير الردة كسائر
المسلمين.
ولأن الإسلام لا
تبعض فيه فلم تبعض فيه أحكام الإسلام .
ويقول أيضا :
يستوى فى القتل بالردة الحر والعبد والرجل والمرأة وتقتل المرتدة كما يقتل المرتد.
__________________
وبه قال من
الصحابة : أبو بكر وعلى.
ومن التابعين :
الحسن والزهرى.
ومن الفقهاء :
مالك والأوزاعى والليث بن سعد وأحمد وإسحاق .
__________________
قول الإمام أحمد فى الزنادقة
وأحكامهم
٥٦٣ ـ قال حنبل بن
إسحاق : سمعت أبا عبد الله يقول : الزنادقة الذين ينتحلون الإسلام وهم على دين غير
ذلك .
وقال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٥٦٤ ـ سألت أبى عن
الزنديق يستتاب ثلاثا؟
قال : نعم يستتاب
ثلاثا ، استتابه عثمان ، وعلى بن أبى طالب .
والمشهور عنه استتابة الزنديق وممن نقل
عنه ذلك.
٥٦٥ ـ أبو طالب
أنه سأل أبا عبد الله عن الزنديق يستتاب قال : نعم ثلاثا فإن تاب وإلا ضربت عنقه.
قلت : على رضى الله عنه لم يستتبه قال :
__________________
ذاك على أتى
بزنادقة وأنا أذهب إلى أن يستتاب ثلاثة أيام ويروى عن على رضى الله عنه أنه
يستتاب. اه
٥٦٦ ـ وفى أخرى :
قيل لأبى عبد الله فالزنادقة قال : أهل المدينة يقولون : يضرب عنقه ولا يستتاب
وكنت أنا أقول أيضا ثم هبته. قال : مالك يقول : هم يصومون ويصلون معنا ويكتمون
الزندقة فما أستتيبهم قال : أبو عبد الله : هو قول حسن لأنهم يصومون ويصلون فلا
يعلم الناس شرهم فإذا علموا بهم قالوا : نتوب ولا نعرف توبتهم. قلت : فلم هبته؟
قال : ليس فيه حديث.
٥٦٧ ـ ابن هانئ
قال : سمعت أبا عبد الله وسئل عن الزنديق يستتاب؟ قال : نعم.
٥٦٨ ـ أبو بكر
المروزي قال : سألت أبا عبد الله : هل يستتاب هؤلاء؟ قال : أنا أرى أن أستتيب
الزنادقة وغيرهم.
٥٦٩ ـ سمعت أبا
عبد الله وذكر الزنادقة فقال : أرى أن أستتيبهم.
٥٧٠ ـ ابنه صالح
أن أباه حدثه قال : الزنديق يستتاب. الناس فيه مختلفون يستتاب ثلاثا. ونقل عنه عدم
استتابته. نقل عنه ذلك :
٥٧١ ـ إسحاق
الكوسج قال : قال أبو عبد الله : الزنديق لا يستتاب. ونقل عنه ما يفيد هذا. نقل
ذلك :
٥٧٢ ـ يعقوب بن
بختان وحنبل بن إسحاق. قال يعقوب : إن أبا عبد الله سئل عن الزنديق. وقال حنبل :
سمعت أبا عبد الله سئل عن الزنديق والساحر يستتابان؟ قال : وكيف تعلم توبتهما أما
الزنديق فإنه يصوم ويصلى ورأى قتلهما. اه
والزنديق كما هو
المشهور من مذهبه يستتاب فإن لم يتب فليس له إلا القتل وقد أنكر على من سأله عن
إمكانية أخذ الجزية منهم ... نقل ذلك :
٥٧٣ ـ أبو الحارث
الصائغ قال : سئل عن الزنادقة تؤخذ منهم الجزية فأنكر ذلك وقال : لا بل تضرب
أعناقهم ما سمعنا بهذا فى الإسلام ثم قال : سبحان الله تؤخذ الجزية من الزنادقة ،
منكرا لذلك جدا.
٥٧٤ ـ أبو بكر
الأثرم قال : وأظهر ـ أى أحمد ـ إنكار ذلك واستعظمه. أما مال الزنديق بعد قتله فيؤول
إلى بيت المال ، نقل ذلك عنه :
٥٧٥ ـ أبو طالب أن
أبا عبد الله قال : مال الزنديق فى بيت مال المسلمين .
__________________
قال الإمام أحمد رحمهالله تعالى فى كتابه
الرد على الزنادقة والجهمية
٥٧٦ ـ الحمد لله
الّذي جعل فى كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى
ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله عزوجل الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لإبليس قد
أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم.
ينفون عن كتاب
الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة
وأطلقوا عنان الفتنة فهم مختلفون فى الكتاب مخالفون للكتاب (ق ٣ / ب)
مجمعون على مفارقة الكتاب يقولون على الله وفى الله وفى كتاب الله بغير علم يتكلمون
بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم فنعوذ بالله من فتن
المضلين.
__________________
باب بيان ما ضلت فيه الزنادقة من متشابه القرآن
قال أحمد فى قول
الله عزوجل : (كُلَّما نَضِجَتْ
جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) .
قالت الزنادقة :
فما بال جلودهم التى عصت قد احترقت ، وأبدلهم الله جلودا غيرها؟ فلا نرى إلا أن
الله يعذب جلودا لم تذنب ، حين يقول : (بَدَّلْناهُمْ
جُلُوداً غَيْرَها) ، فشكوا فى القرآن ، وزعموا أنه متناقض.
فقلت : إن قول الله
عزوجل : (بَدَّلْناهُمْ
جُلُوداً غَيْرَها) ليس يعنى جلودا غير جلودهم ، وإنما يعنى بدلناهم جلودا
غيرها ، تبديلها تجديدها ، لأن جلودهم إذا نضجت جددها الله ، وذلك لأن القرآن فيه
خاص وعام ، ووجوه كثيرة ، وخواطر يعلمها العلماء.
وأما قول الله عزوجل : (هذا يَوْمُ لا
يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) ثم قال فى آية أخرى : (ثُمَّ إِنَّكُمْ
يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) فقالوا : كيف يكون هذا من الكلام المحكم. قال : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ). ثم قال فى موضع آخر : (ثُمَّ إِنَّكُمْ
يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ
__________________
تَخْتَصِمُونَ) فزعموا أن هذا الكلام (ق ٤ / أ) ينقض بعضه بعضا ، فشكوا فى
القرآن.
أما تفسير (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ). الآية : فهذا أول ما تبعث الخلائق على مقدار ستين سنة لا
ينطقون ، ولا يؤذن لهم فى الاعتذار فيعتذرون. ثم يؤذن لهم فى الكلام فيتكلمون.
فذلك قوله : (رَبَّنا أَبْصَرْنا
وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً) الآية. فإذا أذن لهم فى الكلام فتكلموا واختصموا فذلك قوله
: (ثُمَّ إِنَّكُمْ
يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) عند الحساب ، وإعطاء المظالم. ثم يقال لهم بعد ذلك : (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَ) أى عندى (وَقَدْ قَدَّمْتُ
إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ) يعنى فى الدنيا. فإن العذاب مع هذا القول كائن .
وأما قوله عزوجل : (وَنَحْشُرُهُمْ
يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) وقال فى آية أخرى : (وَنادى أَصْحابُ
النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ) (وَنادى أَصْحابُ
الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ) فقالوا كيف يكون هذا من الكلام المحكم (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى
وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا) ثم يقول فى موضع آخر : أنه ينادى بعضهم بعضا ، فشكوا فى
القرآن من أجل ذلك.
أما تفسير : (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ
النَّارِ وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ) فإنهم أول ما يدخلون النار يكلم بعضهم بعضا وينادون (يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ.
قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) ويقولون (رَبَّنا أَخِّرْنا
إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) (ق ٤ / ب) و (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا) فهم
__________________
يتكلمون حتى يقال
: (اخْسَؤُا فِيها وَلا
تُكَلِّمُونِ) صاروا عميا وبكما وصما ، وينقطع الكلام ، ويبقى الزفير
والشهيق ، فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة من قول الله وعزوجل .
(وأما قوله) : (فَلا أَنْسابَ
بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) وقال فى آية أخرى : (فَأَقْبَلَ
بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) فقالوا : كيف يكون هذا من المحكم فشكوا فى القرآن من أجل
ذلك.
فأما قوله عزوجل : (فَلا أَنْسابَ
بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) فهذا عند النفخة الثانية ، إذا قاموا من القبور لا
يتساءلون ، ولا ينطقون فى ذلك الموطن ، فإذا حوسبوا ودخلوا الجنة والنار : أقبل
بعضهم على بعض يتساءلون. فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة.
وأما قول الله عزوجل : (ما سَلَكَكُمْ فِي
سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) وقال فى آية أخرى : (فَوَيْلٌ
لِلْمُصَلِّينَ) فقالوا : إن الله قد ذم قوما كانوا يصلون فقال : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) وقد قال فى قوم أنهم إنما دخلوا النار لأنهم لم يكونوا
يصلون ، فشكوا فى القرآن من أجل ذلك ، وزعموا أنه متناقض.
__________________
قال : أما قوله : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) عنى بها المنافقين (الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلاتِهِمْ ساهُونَ) حتى يذهب (ق ٥ / أ) الوقت (الَّذِينَ هُمْ
يُراؤُنَ) يقول : إذا رأوهم صلوا وإذا لم يروهم لم يصلوا. وأما قوله
: (ما سَلَكَكُمْ فِي
سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) يعنى الموحدين المؤمنين فهذا ما شكت فيه الزنادقة .
وأما قول الله عزوجل : (خَلَقَكُمْ مِنْ
تُرابٍ) ثم قال : (مِنْ طِينٍ لازِبٍ) ثم قال : (مِنْ سُلالَةٍ) ثم قال : (مِنْ حَمَإٍ
مَسْنُونٍ) ثم قال : (مِنْ صَلْصالٍ) فشكوا فى القرآن ، وقالوا : هذا ملابسة ، ينقض بعضه بعضا.
(نقول) فهذا بدء خلق آدم خلقه الله أول بدئه من تراب ، ثم من طينة
حمراء وسوداء وبيضاء ، من طينة طيبة وسبخة. فلذلك ذريته : طيب وخبيث أسود وأحمر
وأبيض ، ثم بل ذلك التراب فصار طينا. فذلك قوله : (مِنْ طِينٍ) فلما لصق الطين بعضه ببعض فصار طينا ، لازبا ، يعنى لاصقا.
ثم قال : (مِنْ سُلالَةٍ مِنْ
طِينٍ) يقول : مثل الطين إذا عصر انسل من بين الأصابع ، ثم نتن
فصار حمأ مسنونا فخلق من الحمأ فلما جف صار صلصالا
__________________
كالفخار. يقول صار
(له) صلصلة كصلصلة الفخار له دوى كدوى الفخار. فهذا بيان خلق آدم. وأما قوله : (مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) فهذا بدء خلق ذريته من سلالة ، يعنى النطفة إذا انسلت من
الرجل ، فذلك قوله : (مِنْ ماءٍ) يعنى النطفة (مَهِينٍ) يعنى الضعيف فهذا ما شكت (ق ٥ / ب) فيه الزنادقة.
وأما قول الله : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) و (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ
الْمَغْرِبَيْنِ) و (بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) فشكوا فى القرآن وقالوا : كيف يكون هذا من الكلام المحكم.
أما قوله : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) فهذا اليوم الّذي يستوى فيه الليل والنهار. أقسم الله
سبحانه بمشرقه ومغربه ، وأما قول : (رَبُّ
الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) فهذا أطول يوم فى السنة ، وأقصر يوم فى السنة. أقسم الله
تعالى بمشرقهما ومغربهما. وأما قوله : (بِرَبِّ الْمَشارِقِ
وَالْمَغارِبِ) فهو مشارق السنة ومغاربها فهذا تفسير (ما شكت) فيه الزنادقة .
وأما قول الله عزوجل : (وَإِنَّ يَوْماً
عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) وقال فى آية أخرى : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ
مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ
مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) وقال فى آية أخرى : (تَعْرُجُ
الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ
سَنَةٍ فَاصْبِرْ صَبْراً
__________________
جَمِيلاً) .
فقالوا : كيف يكون
هذا من الكلام المحكم ، وهو ينقض بعضه بعضا. قال : أما قوله: (وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ
كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) فهذا من الأيام التى خلق الله فيها السموات والأرض ، كل
يوم كألف سنة. وأما قوله : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ
مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ
مِقْدارُهُ) (ق ٦ / أ) (أَلْفَ سَنَةٍ) وذلك أن جبرائيل كان ينزل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ويصعد إلى السماء فى كل (يوم) كان مقداره ألف سنة ، وذلك أن من السماء إلى الأرض مسيرة
خمسمائة سنة. فهبوط : خمسمائة عام. وصعود : خمسمائة عام فذلك ألف سنة. وأما قوله :
(فِي يَوْمٍ كانَ
مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) يقول : لو ولى حساب الخلائق غير الله ما فرغ منه فى يوم
كان مقداره خمسين ألف سنة ، ويفرغ الله منه مقدار نصف يوم من أيام الدنيا ، إذا
أخذ فى حساب الخلائق ، فذلك قوله : (وَكَفى بِنا
حاسِبِينَ) يعنى لسرعة الحساب .
وأما قوله : (يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ
نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) إلى قوله : (ما كُنَّا
مُشْرِكِينَ) . فأنكروا أن كانوا مشركين وقال فى آية أخرى (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) فشكوا فى القرآن. وزعموا أنه متناقض. أما قوله : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) وذلك : أن أهل الشرك إذا رأوا ما يتجاوز الله عن أهل التوحيد ، يقول بعضهم لبعض
: إذا سألنا نقول : لم نكن مشركين. فلما جمعهم الله وجمع أصنامهم وقال :
__________________
(أَيْنَ شُرَكائِيَ
الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) قال الله (ق ٦ / ب) تعالى : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ
فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) فلما كتموا الشرك ختم على أفواههم ، وأمر الجوارح فنطقت
بذلك فذلك قوله : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ
عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ) الآية فأخبر الله عزوجل عن الجوارح حين شهدت. فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة .
أما قوله عزوجل : (وَيَوْمَ تَقُومُ
السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ) وقال : (يَتَخافَتُونَ
بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً) وقال : (إِنْ لَبِثْتُمْ
إِلَّا يَوْماً) وقال : (إِنْ لَبِثْتُمْ
إِلَّا قَلِيلاً) من أجل ذلك شكت الزنادقة.
وأما قوله : (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً) وذلك إذا خرجوا من قبورهم ، فنظروا إلى ما كانوا يكذبون به
من أمر البعث ، قال بعضهم لبعض : إن لبثتم فى القبور إلا عشر ليال ، استكثروا
العشر ، فقالوا : إن لبثتم إلا يوما فى القبور ، ثم استكثروا اليوم فقالوا : (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) ثم استكثروا القليل فقالوا : إن لبثتم إلا ساعة من نهار ،
فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة .
وأما قوله : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ
فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا) وقال فى آية أخرى : (وَيَقُولُ
الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ) . فقالوا : كيف يكون هذا يقولون : لا علم لنا. وأخبر عنهم
أنهم
__________________
يقولون : (هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى
رَبِّهِمْ) ، فزعموا أن القرآن ينقض بعضه بعضا (ق ٧ / أ).
أما قوله : (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ
ما ذا أُجِبْتُمْ) فإنه يسألهم عند زفرة جهنم. فيقول : ما ذا أجبتم فى
التوحيد. فتذهب عقولهم عند زفرة جهنم ، فيقولون : لا علم لنا ، ثم ترجع إليهم
عقولهم من بعد ، فيقولون : هؤلاء الذين كذبوا على ربهم.
فهذا تفسير ما شكت
فيه الزنادقة .
وأما قول الله عزوجل : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) وقال فى آية أخرى : (لا تُدْرِكُهُ
الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) .
فقالوا : كيف يكون
هذا يخبر أنهم ينظرون إلى ربهم ، وقال فى آية أخرى (لا تُدْرِكُهُ
الْأَبْصارُ) فشكوا فى القرآن وزعموا أنه ينقض بعضه بعضا أما قوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) يعنى الحسن والبياض (إِلى رَبِّها
ناظِرَةٌ) يعنى تعاين ربها فى الجنة.
وأما قوله : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) يعنى فى الدنيا دون الآخرة ، وذلك أن اليهود قالوا لموسى :
(أَرِنَا اللهَ
جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) فماتوا وعوقبوا لقولهم : (أَرِنَا اللهَ
جَهْرَةً) وقد سألت مشركو العرب النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا : (أَوْ تَأْتِيَ
بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) فلما سألوا النبي صلىاللهعليهوسلم هذه المسألة قال الله تعالى : (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا
رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) حين (ق ٧ / ب) قالوا : (أَرِنَا اللهَ
جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) الآية ، فأنزل الله سبحانه يخبر أنه لا تدركه الأبصار أى
أنه لا يراه
__________________
أحد فى الدنيا دون
الآخرة فقال : (لا تُدْرِكُهُ
الْأَبْصارُ) يعنى فى الدنيا ، وأما فى الآخرة فإنهم يرونه.
فهذا تفسير ما شكت
فيه الزنادقة .
وأما قول موسى : (سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا
أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) وقال السحرة : (إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ
يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : (إِنَّ صَلاتِي
وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) إلى قوله : (وَأَنَا أَوَّلُ
الْمُسْلِمِينَ) .
فقالوا : كيف قال
موسى : (وَأَنَا أَوَّلُ
الْمُؤْمِنِينَ) وقد كان قبله إبراهيم مؤمنا ويعقوب وإسحاق ، فكيف جاز
لموسى أن يقول : (وَأَنَا أَوَّلُ
الْمُؤْمِنِينَ) قالت السحرة : (أَنْ كُنَّا أَوَّلَ
الْمُؤْمِنِينَ) وكيف جاز للنبى أن يقول : (وَأَنَا أَوَّلُ
الْمُسْلِمِينَ) وقد كان قبله مسلمون كثير ، مثل عيسى ومن تابعه فشكوا فى
القرآن وقالوا : إنه متناقض.
أما قول موسى : (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) فإنه حين قال : (رَبِّ أَرِنِي
أَنْظُرْ إِلَيْكَ) قال الله تعالى : (لَنْ تَرانِي) ولا يرانى أحد فى الدنيا إلا مات. (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ
جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً) فلما أفاق قال : (سُبْحانَكَ تُبْتُ
إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) (ق ٨ / أ) يعنى
أول المصدقين أنه لا يراك أحد فى الدنيا إلا مات. وأما قول السحرة : (أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) يعنى أول من صدق بموسى من أهل مصر من القبط. وأما قول
النبي صلىاللهعليهوسلم : (وَأَنَا أَوَّلُ
الْمُسْلِمِينَ) يعنى من أهل مكة.
__________________
فهذا تفسير ما شكت
فيه الزنادقة .
وأما قوله عزوجل : (أَدْخِلُوا آلَ
فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) وقال فى آية أخرى : (فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ
عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) وقال فى آية أخرى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ
فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) فشكوا فى القرآن وقالوا : إنه ينقض بعضه بعضا.
أما قوله : (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ
الْعَذابِ) يعنى عذاب ذلك الباب الّذي هم فيه.
وأما قوله : (فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا
أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) وذلك أن الله مسخهم خنازير ، فعذبهم بالمسخ ما لم يعذب من
سواهم من الناس.
وأما قوله : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ
الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) ولأن جهنم لها سبعة أبواب : جهنم ، ولظى ، والحطمة ، وسقر
، والسعير ، والهاوية ، وهم فى أسفل درك فيها .
وأما قول الله
تعالى : (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ
إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) ثم قال : (إِنَّ شَجَرَةَ
الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ) فقد أخبر أن لهم طعاما غير الضريع فشكوا فى القرآن (ق ٨ /
ب) وزعموا أنه متناقض.
أما قوله : (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ
ضَرِيعٍ) يقول : ليس لهم طعام فى
__________________
ذلك الباب إلا من
ضريع ، ويأكلون الزقوم فى غير ذلك الباب ، فذلك قوله : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ
الْأَثِيمِ).
فهذا تفسير ما شكت
فيه الزنادقة .
وأما قوله : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ
آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) وقال فى آية أخرى : (رُدُّوا إِلَى اللهِ
مَوْلاهُمُ الْحَقِ) ، فقالوا : كيف يكون هذا من الكلام المحكم ، يخبر أنه مولى
من آمن ثم قال : (وَأَنَّ الْكافِرِينَ
لا مَوْلى لَهُمْ) ، فشكوا فى القرآن.
أما قوله : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ
آمَنُوا) يقول : ناصر الذين آمنوا وأن الكافرين لا ناصر بهم.
وأما قوله : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ
الْحَقِ) لأن فى الدنيا أرباب باطل .
فهذا ما شكت فيه
الزنادقة.
وأما قوله : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) وقال فى آية أخرى : (وَأَمَّا
الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً) .
فقالوا : كيف يكون
هذا من الكلام المحكم.
أما قوله : (وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا
لِجَهَنَّمَ حَطَباً) يعنى العادلون بالله الذين يجعلون لله عدلا من خليقته
فيعبدونه مع الله.
__________________
وأما قوله : (وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ). يقول اعدلوا فيما بينكم وبين (ق ٩ / أ) الناس إن الله يحب
الذين يعدلون.
وقال فى آية أخرى
: (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ
بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) يعنى : يشركون.
فهذا تفسير ما شكت
فيه الزنادقة .
وأما قوله : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ
أَوْلِياءُ بَعْضٍ) وقال فى آية أخرى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) .
وكان هذا عند من
لا يعرف معناه ينقض بعضه بعضا.
أما قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا
ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) ، يعنى من الميراث ، وذلك أن الله عزوجل حكم على المؤمنين لمّا هاجروا إلى المدينة أن لا يتوارثوا
إلا بالهجرة ، فإن مات رجل بالمدينة مهاجرا مع النبي صلىاللهعليهوسلم وله أولياء بمكة لم يهاجروا : كانوا لا يتوارثون ، وكذلك
إن مات رجل بمكة وله ولى مهاجر مع النبي صلىاللهعليهوسلم : كأنه لا يرثه المهاجر فذلك قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا
ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) من الميراث (حَتَّى يُهاجِرُوا) فلما كثر المهاجرون رد الله الميراث على الأولياء هاجروا
أو لم يهاجروا ، وذلك قوله : (وَأُولُوا
الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُهاجِرِينَ) .
وأما قوله : (الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ
بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) يعنى فى الدين ،
__________________
والمؤمن (ق ٩ / ب)
يتولى المؤمن فى دينه.
فهذا تفسير ما شكت
فيه الزنادقة .
وأما قوله لإبليس
: (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ
لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) وقال موسى حين قتل النفس : (هذا مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطانِ) .
فشكوا فى القرآن
وزعموا أنه متناقض.
أما قوله : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ
سُلْطانٌ) يقول : عبادى الذين استخلصهم الله لدينه ليس لإبليس عليهم
سلطان أن يضلهم فى دينهم أو فى عبادة ربهم ولكنه يصيب منهم من قبل الذنوب ، فأما
فى الشرك فلا يقدر إبليس أن يضلهم عن دينهم ، لأن الله سبحانه استخلصهم لدينه.
وأما قول موسى : (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) يعنى من تزيين الشيطان كما زين ليوسف ولآدم ، وحوى وهم
عباد الرحمن المخلصون.
فهذا تفسير ما شكت
فيه الزنادقة .
وأما قول الله
للكفار : (الْيَوْمَ نَنْساكُمْ
كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) وقال فى آية أخرى : (فِي كِتابٍ لا
يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى) .
فشكوا فى القرآن.
أما قوله : (الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ
لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) يقول نترككم فى النار (كَما نَسِيتُمْ) كما تركتم العمل للقاء يومكم هذا.
__________________
وأما قوله : (فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا
يَنْسى). يقول : لا يذهب من حفظه ولا ينساه .
وأما قول الله عزوجل : (ق ١٠ / أ) : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ
الْقِيامَةِ أَعْمى) قال فى الآية الأخرى : (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ
حَدِيدٌ) .
فشكوا فى القرآن.
أما قوله : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) يعنى : عن حجته ، (قالَ رَبِّ لِمَ
حَشَرْتَنِي أَعْمى) عن حجتى ، (وَقَدْ كُنْتُ
بَصِيراً) بها مخاصما بها فذلك قوله : (فَعَمِيَتْ
عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ) يقول : الحجج (فَهُمْ لا
يَتَساءَلُونَ).
وأما قوله : (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) وذلك أن الكافر إذا خرج من قبره شخص بصره ، ولا يطرف بصره
، حتى يعاين جميع ما كان يكذب به من أمر البعث فذلك قوله (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا
فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) يقول : غطاء الآخرة ، فبصرك يحد النظر لا يطرف حتى يعاين
جميع ما كان يكذب به من أمر البعث.
فهذا تفسير ما شكت
فيه الزنادقة .
وأما قوله لموسى :
(إِنَّنِي مَعَكُما
أَسْمَعُ وَأَرى) وقال فى موضع آخر :
__________________
(إِنَّا مَعَكُمْ
مُسْتَمِعُونَ) .
وقالوا : كيف قال
: (إِنَّنِي مَعَكُما) وقال فى آية أخرى : (إِنَّا مَعَكُمْ
مُسْتَمِعُونَ).
فشكوا فى القرآن
من أجل ذلك.
أما قوله : (إِنَّا مَعَكُمْ) فهذا فى مجاز اللغة يقول الرجل للرجل : إنا سنجرى عليك رزقك (ق ١٠ / ب) إنا
سنفعل بك كذا.
وأما قوله : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) فهو جائز فى اللغة ، يقول الرجل الواحد للرجل : سأجرى عليك
رزقك ، أو سأفعل بك خيرا .
__________________
التعليق :
الزنديق جمعه
زنادقة ، وقبل الحديث عن استعمالات هذه الكلمة فى العصر الإسلامى أود أن أتطرق إلى
ما قيل فى أصل هذا الكلمة واكتفى هنا بما ذكره ابن حجر إذا يقول.
قال أبو حاتم السجستانى
وغيره : الزنديق فارسى معرب أصله :
«زنده كرداى» يقول
بدوام الدهر لأن زنده الحياة وكرد العمل ... وقال ثعلب : ليس فى كلام العرب زنديق
وإنما قالوا زندقى لمن يكون شديد التحيل ، وإذا أرادوا ما تريد العامة قالوا :
ملحد ودهرى بفتح الدال أى بدوام الدهر ، وإذا قالوها بالضم أرادوا كبر السن.
وقال الجوهرى :
الزنديق من الثنوية ، كذا قال ، وفسره بعض الشراح بأنه الّذي يدعى أن مع الله إلها
آخر ، وتعقب بأنه يلزم منه أن يطلق على كل مشرك ، والتحقيق ما ذكره من صنف فى
الملل أن أصل الزنادقة أتباع ديصان ثم مانى ثم مزدك الأول وحاصل مقالتهم أن النور
والظلمة قديمان وأنهما امتزجا فحدث العالم كله منهما ، فمن كان من أهل الشر فهو من
الظلمة ومن كان من أهل الخير فهو من النور ، وأنه يجب السعى فى تخليص النور من
الظلمة فيلزم إزهاق كل نفس ، وإلى ذلك أشار المتنبى حيث قال فى قصيدته المشهورة.
وكم لظلام الليل
عندك من
|
|
يد تخبر أن
المانوية تكذب
|
وكان بهرام جد
كسرى تحيل على مانى حتى حضر عنده وأظهر له أنه قبل مقالته ثم قتله وقتل أصحابه
وبقيت منهم بقايا اتبعوا مزدك المذكور وقام الإسلام والزنديق يطلق على من يعتقد
ذلك ، وأظهر جماعة منهم الإسلام خشية القتل اه.
__________________
هذا ملخص ما قيل
حول أصل هذه الكلمة.
أما فى العصر
الإسلامى فقد أطلقت على كل من أسرّ الكفر وأظهر الإسلام ، وبذا عرّف الإمام أحمد
الزنديق كما تقدم.
وقد أطلقت هذه
الكلمة على الجهمية والمعتزلة أيضا وقد أثر عن الإمام أحمد ما يفيد هذا .
وكذا تطلق هذه
الكلمة على الملاحدة المنكرين وجود الله عزوجل.
والحاصل أن الكلمة
أطلقت على من أظهر الإسلام وأسر نحلة أخرى وعلى الملاحدة وعلى المبتدعة كالجهمية
المنكرين للصفات الزاعمين أنه عزوجل لم يستو على العرش وغيرهم من المشككين فى آيات القرآن
الكريم الزاعمين تعارضها أو تناقضها فكل هؤلاء زنادقة وإن كانوا متفاوتين فى الاعتقاد.
لكن ما أعنيه منهم
فى الاستتابة أو القتل هم الذين أظهروا الإسلام ولهم دين آخر كأولئك الذين أحرقهم
على وكالذين قتلهم عثمان أيضا لأن هذا يشبه الردة وقد ظهر هؤلاء فى عهد المنصور
والمهدى فقتلوا .
وهؤلاء فى
استتابتهم روايتان عن أحمد أشهر هما أنه يستتاب ثلاثا.
يقول ابن قدامة :
إن كلام الخرقى أنه إن تاب قبلت توبته ولم يقتل ، أى كفر كان وسواء كان زنديقا
يستسر بالكفر أو لم يكن وهذا مذهب الشافعى والعنبرى ويروى ذلك عن على وابن مسعود
وهو إحدى الروايتين عن أحمد واختيار أبى بكر الخلال وقال إنه أولى على مذهب أبى
عبد الله.
والرواية الأخرى :
لا تقبل توبة الزنديق ومن تكررت ردته وهو قول
__________________
مالك والليث
وإسحاق وعن أبى حنيفة روايتان كهاتين ... والزنديق لا تظهر منه علامة تبين رجوعه
وتوبته لأنه كان مظهرا للإسلام مسرا للكفر فإذا وقف على ذلك فأظهر التوبة لم يزد
على ما كان منه قبلها وهو إظهار الإسلام وأما من تكررت ردته فقد قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا
ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ
لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) .. وفى الجملة فالخلاف بين الأئمة فى قبول توبتهم فى
الظاهر من أحكام الدنيا من ترك قتلهم وثبوت أحكام الإسلام فى حقهم وأما قبول الله
تعالى لها فى الباطن وغفرانه لمن تاب وأقلع ظاهرا أم باطنا فلا خلاف فيه فإن الله
تعالى قال فى المنافقين (إِلَّا الَّذِينَ
تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ
فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً
عَظِيماً) اه.
وذكر البعض أن
الزنديق لا يقتل واحتج بأن المنافقين كانوا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم يظهرون الإسلام ويسرون الكفر ومع هذا لم يكن النبي صلىاللهعليهوسلم يقتلهم .
والصواب : أن
هنالك فروقا بين الزنديق والمنافق فكل زنديق منافق وليس كل منافق زنديقا .
__________________
قول الإمام أحمد فى المحكم والمتشابه
قال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٥٧٧ ـ قلت لأبى
عبد الله : كيف للرجل أن يعرف المتشابه من المحكم؟ قال : المتشابه : الّذي يكون فى
موضع كذا وفى موضع كذا مختلف والمحكم ليس فيه اختلاف .
التعليق :
قال الله عزوجل : (هُوَ الَّذِي
أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ
وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ
ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ
تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ
كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) .
وقد اختلف فى
تفسير المحكمات والمتشابهات.
وقد لخص الشوكانى
ـ رحمهالله ـ الخلاف فى المسألة إذ يقول : قيل إن المحكم ما عرف
تأويله وفهم معناه وتفسيره والمتشابه ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل ومن القائلين
بهذا : جابر بن عبد الله والشعبى وسفيان الثورى قالوا : وذلك نحو الحروف المقطعة
فى أوائل السور.
وقيل : المحكم :
ما لا يحتمل إلا وجها واحدا والمتشابه : ما يحتمل وجوها فإذا ردت إلى وجه واحد
وأبطل الباقى صار المتشابه محكما.
وقيل المحكم :
ناسخه وحرامه وحلاله وفرائضه وما نؤمن به ونعمل عليه والمتشابه : منسوخه وأمثاله
وأقسامه وما نؤمن به ولا نعمل به روى هذا عن ابن عباس.
__________________
وقيل : المحكم :
الناسخ والمتشابه : المنسوخ. روى عن ابن مسعود وقتادة والربيع والضحاك وقيل :
المحكم : الّذي ليس فيه تصريف ولا تحريف عما وضع له ، والمتشابه : ما فيه تصريف
وتحريف وتأويل قاله مجاهد وابن إسحاق. قال ابن عطية : وهذا أحسن الأقوال.
وقيل : المحكم :
ما كان قائما بنفسه لا يحتاج إلى أن يرجع فيه إلى غيره والمتشابه : ما يرجع فيه
إلى غيره.
قال النحاس : وهذا
أحسن ما قيل فى المحكمات والمتشابهات.
قال القرطبى : ما
قاله النحاس يبين ما اختاره ابن عطية وهو الجارى على وضع اللسان ....
قال الشوكانى :
والأولى أن يقال : إن المحكم هو الواضح المعنى الظاهر الدلالة إما باعتبار نفسه أو
باعتبار غيره. والمتشابه ما لا يتضح معناه أو لا تظهر دلالته لا باعتبار نفسه ولا
باعتبار غيره. وإذا عرفت هذا عرفت أن هذا الاختلاف الّذي قدمناه ليس كما ينبغى ،
وذلك لأن أهل كل قول عرّفوا المحكم ببعض صفاته وعرّفوا المتشابه بما يقابلها ،
وبيان ذلك أن أهل القول الأول جعلوا المحكم ما وجد إلى علمه سبيل والمتشابه ما لا
سبيل إلى علمه ولا شك أن مفهوم المحكم والمتشابه أوسع دائرة مما ذكروه فإن مجرد
الخفاء أو عدم الظهور أو الاحتمال أو التردد يوجب التشابه ، وأهل القول الثانى
خصوا المحكم بما ليس فيه احتمال والمتشابه بما فيه احتمال ، ولا شك أن هذا بعض
أوصاف المحكم والمتشابه لا كلها ، وهكذا أهل القول الثالث ، والأمر أوسع مما قالوه
جميعا ، وأهل القول الخامس خصوا المحكم بوصف عدم التصريف والتحريف ، وجعلوا
المتشابه مقابله وأهملوا ما هو أهم من ذلك مما لا سبيل إلى علمه من دون تصريف
وتحريف كفواتح السور المقطعة ، وأهل القول السادس خصوا المحكم بما يقوم بنفسه
والمتشابه بما لا يقوم بها ، وأن هذا هو بعض أوصافهما . اه.
__________________
وقد تعرض القاضى
أبو يعلى بن الفراء فى كتابه العدة فى أصول الفقه إلى كلام الإمام أحمد فى هذه
المسألة إذ يقول :
ظاهر كلام أحمد أن
المحكم : ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان. والمتشابه : ما احتاج إلى بيان ، لأنه
قال فى كتاب السنة : بيان ما ضلت فيه الزنادقة فى القرآن ، ثم ذكر آيات تحتاج إلى
بيان.
وقال فى رواية ابن
إبراهيم : المحكم : الّذي ليس فيه اختلاف ، والمتشابه : الّذي يكون فى موضع كذا
وفى موضع كذا ، ومعناه ما ذكرناه ، لأنه قوله : المحكم : الّذي ليس فيه اختلاف ،
هو المستقل بنفسه ، وقوله : المتشابه : الّذي يكون فى موضع كذا وفى موضع كذا ،
معناه : الّذي يحتاج إلى بيان ، فتارة يبين بكذا وتارة يبين بكذا ، لحصول الاختلاف
فى تأويله .
هذا موجز لما قيل
حول هذه المسألة ومن أراد الاستزادة فليراجع كتب التفسير والله تعالى أعلم.
__________________
قول الإمام أحمد فى حكم
من شتم الرب جلا وعلا
٥٧٨ ـ قال عبد
الله بن أحمد بن حنبل : سألت أبى عن رجل قال لرجل : يا ابن كذا وكذا ، أنت ومن
خلقك؟ قال أبى : هذا مرتد عن الإسلام ، قلت لأبى : تضرب عنقه قال : نعم تضرب عنقه .
قال أبو بكر
الخلال : أخبرنى عصمة بن عصام قال :
٥٧٩ ـ حدثنا حنبل
بن إسحاق قال : سمعت أبا عبد الله قال : كل من ذكر شيئا يعرض به الرب تبارك وتعالى
فعليه القتل مسلما كان أو كافرا ، هذا مذهب أهل المدينة .
التعليق :
من سب الله عزوجل فقد كفر ، ولا فرق بين المستهزئ أو غيره . يقول جل وعلا : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ
لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ
وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ
إِيمانِكُمْ) وإذا كان الساب مسلما فهو فى حكم المرتد لأن سب الله عزوجل أو النبي صلىاللهعليهوسلم مظهر من مظاهر الردة.
__________________
وفى قبول توبته
روايتان عن أحمد .
وفرق البعض بين سب
الله عزوجل وسب نبيه صلىاللهعليهوسلم فى قبول التوبة ، وأقصد بقبولها : أى الأخذ بها وإسقاط
القتل عنه ، ثم أمره إلى الله عزوجل.
يقول ابن تيمية :
ومن فرق بين سب الله وسب الرسول قالوا : سب الله تعالى كفر محض وهو حق لله وتوبة
من لم يصدر منه إلا مجرد الكفر الأصلي أو الطارئ مقبولة مسقطة للقتل بالإجماع ...
فإن الرجل لو أتى من الكفر والمعاصى بملء الأرض ثم تاب تاب الله عليه وهو سبحانه
لا تلحقه بالسب غضاضة ولا معرة وإنما يعود ضرر السب على قائله ، وحرمته فى قلوب
العباد أعظم من أن تنتهكها جرأة الساب ، وبهذا يظهر الفرق بينه وبين الرسول فإن
السب هناك قد تعلق به حق آدمى والعقوبة الواجبة لآدمى لا تسقط بالتوبة والرسول
تلحقه المعرة والغضاضة بالسب فلا تقوم حرمته ، ولا تثبت فى القلوب مكانته إلا
باصطلام سابه لما أن هجوه وشتمه ينقص من حرمته عند كثير من الناس فإن لم يحفظ هذا
الحمى بعقوبة المنتهك وإلا أفضى الأمر إلى الفساد ، وهذا الفرق يتوجه بالنظر إلى
أن حد سب الرسول حق لآدمى كما يذكره كثير من الأصحاب وبالنظر إلى أنه حق لله أيضا
فإن ما انتهكه من حرمة الله لا ينجبر إلا بإقامة الحد فأشبه الزانى والسارق
والشارب إذا تابوا بعد القدرة عليهم . اه
ورواية حنبل تفيد
عدم التفريق بين المسلم وغيره.
__________________
قول الإمام أحمد فى حكم من شتم النبي صلىاللهعليهوسلم
٥٨٠ ـ قال عبد
الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبى يقول فيمن سب النبي صلىاللهعليهوسلم. قال : تضرب عنقه .
٥٨١ ـ وقال إسحاق
الكوسج : قلت : يقتل أحد شتم أحدا قال : إن شتم النبي صلىاللهعليهوسلم فنعم ، وأما غير النبي فلا ، قال إسحاق :كما قال .
وقال أيضا.
٥٨٢ ـ قلت :
يستتاب من شتم النبي صلىاللهعليهوسلم؟ قال : لا ، قلت : ما الشتيمة التى بها القتل ، فلم يقم
على شيء ، قال : نرى فى التعريض الحد فكان مذهبه فيما يجب الحد من الشتيمة
التعريض.
قال إسحاق : إذا
عرض بعيب النبي صلىاللهعليهوسلم قام مقام الشتم يقتل إذا لم يكن ذاك من سهو .
قال أبو بكر
الخلال : أخبرنى عصمة بن عصام قال :
٥٨٣ ـ حدثنا حنبل
بن إسحاق قال : سمعت أبا عبد الله يقول : من شتم النبي صلىاللهعليهوسلم أو تنقصه مسلما كان أو كافرا فعليه القتل.
٥٨٤ ـ أخبرنى
زكريا بن يحيى قال : حدثنا أبو طالب أن أبا عبد الله سئل عن من شتم النبي صلىاللهعليهوسلم قال : يقتل فقد نقض العهد .
__________________
٥٨٥ ـ قال حنبل :
سمعت أبا عبد الله يقول كل من نقض العهد وأحدث فى الإسلام حدثا مثل هذا رأيت عليه
القتل ليس على هذا أعطوا العهد والذمة.
٥٨٦ ـ أخبرنى محمد
بن عيسى أن أبا الصقر حدثهم قال : سألت أبا عبد الله عن رجل من أهل الذمة شتم
النبي صلىاللهعليهوسلم ما ذا عليه؟ قال : إذا قامت البينة عليه يقتل من شتم النبي
صلىاللهعليهوسلم مسلما كان أو كافرا.
٥٨٧ ـ أخبرنى حرب
قال : سألت أحمد عن رجل من أهل الذمة شتم النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يقتل إذا شتم النبي صلىاللهعليهوسلم .
التعليق :
شيخ الإسلام ابن
تيمية ألف كتابا عظيما فى هذه المسألة عرض فيه جميع جوانبها سماه «الصارم المسلول
على شاتم الرسول» وقد ذكر شيخ الإسلام انعقاد الإجماع على كفر من سب رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وقد عرف السب
الموجب لهذا إذ يقول : «هو الكلام الّذي يقصد به الانتقاص والاستخفاف وهو ما يفهم
منه السب فى عقول الناس على اختلاف اعتقاداتهم كاللعن والتقبيح ونحوه وهو الّذي دل
عليه قوله تعالى : (وَلا تَسُبُّوا
الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) . اه
__________________
ولم يخالف أحد فى
قتل من سب رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
يقول السبكى : «وهل
أن القتل هو لعموم الردة أو لخصوص السبب أو لهما معا ... ولا شك أن الردة موجبة
للقتل بالإجماع والنصوص ، وخصوص السبب هو موجب السب لحديث «من سب نبيا فاقتلوه» وبترتب الحكم على الأذى وبترتب الحكم على خصوص الوصف يشعر
بأنه هو العلة وقد وجد فى الساب المسلم المعنيان جميعا أعنى الردة والسب فيكون اجتمع
على قتله علتان كل منهما موجبة للقتل ، والقتل : حد لكل منهما وقد تجتمع علتان
شرعيتان على معلول واحد ولهذا البحث أثر ظاهر فيما إذا صدر السب من كافر فإنه
ينفرد فيه السب عن الارتداد» . اه
__________________
قول الإمام أحمد
فى السحر ص : ١٠١.
قول الإمام أحمد
فى حكم الساحر والساحرة ص : ١٠٤.
قول الإمام أحمد
فى الكاهن والعراف وحكمهما ص : ١٠٦.
قول الإمام أحمد
فى الرقى ص : ١١٢.
قول الإمام أحمد
فى تعليق التمائم ص : ١١٨.
قول الإمام أحمد
فى التبرك ص : ١٢١.
ما أثر عن الإمام
أحمد فى معنى حديث : «أقروا الطير على مكناتها» ص : ١٢٤.
ما أثر الإمام
أحمد فى الذبح لغير الله وحكم أكل ما ذبح لغيره جل وعلا ص : ١٢٩.
قول الإمام أحمد
فيمن قال : لعمرى ولعمرك ص : ١٣٥.
ما أثر عن الإمام
أحمد فى الإسراء والمعراج ص : ١٤٠.
ما أثر عن الإمام
أحمد فى ما قيل حول رؤية النبي صلىاللهعليهوسلم لربه ليلة المعراج ، وقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «رأيت ربى تبارك وتعالى» ص : ١٤٥.
ما أثر عن الإمام
أحمد فى الإيمان بملك الموت ص : ١٥٢.
ما أثر عن الإمام
أحمد فى الصلاة على من مات من أهل القبلة ص : ١٥٣.
قول الإمام أحمد
فى الصلاة على القاتل نفسه والغال ص : ١٥٦.
قول الإمام أحمد
فى النياحة ص : ١٦٠.
قول الإمام أحمد
فى التعزية ص : ١٦٥.
قول الإمام أحمد
فى ارتفاع القبر ص : ١٦٨.
قول الإمام أحمد
فى القراءة عند القبور ص : ١٧٠.
قول الإمام أحمد
فى الذبح عند القبر ص : ١٧٦.
قول الإمام أحمد
فى عذاب القبر ونعيمه ص : ١٧٧.
قول الإمام أحمد
فى زيارة القبور ص : ١٨٤.
قول الإمام أحمد
فى مستقر الأرواح ما بين الموت إلى يوم القيامة ص : ١٨٨.
ما أثر عن الإمام
أحمد من وجوب الإيمان بخروج الأعور الدجال وقتل عيسى ابن مريم له ص : ١٩٠.
ما أثر عن الإمام
أحمد من وجوب الإيمان بالنفخ فى الصور والبعث والحساب والثواب والعقاب ص : ١٩٦.
ما أثر عن الإمام
أحمد من وجوب الإيمان بالحوض ص : ٢٠١.
ما أثر عن الإمام
أحمد من وجوب الإيمان بالميزان ص : ٢٠٣.
ما أثر عن الإمام
أحمد من وجوب الإيمان بالصراط ص : ٢٠٨.
ما أثر عن الإمام
أحمد فى الشفاعة ص : ٢١١.
ما أثر عن الإمام
أحمد من وجوب الإيمان بخروج الموحدين من النار ص : ٢١٤.
قول الإمام أحمد
فى رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة ص : ٢١٥.
ما أثر عن الإمام
أحمد فى الجنة والنار ص : ٢٢٥.
ما أثر عن الإمام
أحمد من وجوب الإيمان بذبح الموت بين الجنة والنار ص : ٢٢٨.
قول الإمام أحمد فى السحر
قال إسحاق الكوسج
:
٥٨٨ ـ قلت : السحر
حق؟ قال : بلى ، أليس قد سحر النبي صلىاللهعليهوسلم قال إسحاق : كما قال . اه
٥٨٩ ـ وفى رواية
إبراهيم بن هاشم قال : سئل أحمد وأنا أسمع : الكاهن شر أو الساحر؟ قال : كل
شر .
٥٩٠ ـ وفى رواية
جعفر بن محمد قال : الكاهن يدعى الغيب والساحر يعقد .
التعليق :
يقول ابن قدامة : (السحر)
عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئا يؤثر فى بدن المسحور أو قلبه أو
عقله من غير مباشرة له وله حقيقة فمنه ما يقتل وما يمرض وما يأخذ الرجل عن امرأته
فيمنعه وطأها ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه وما يبغض أحدهما إلى الآخر أو يحبب
اثنين وهذا قول الشافعى . اه
__________________
ثم تطرق إلى
النزاع فى حقيقة السحر ثم قال :
إذا ثبت هذا فإن
تعلم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم قال أصحابنا : ويكفر
الساحر بتعلمه وفعله سواء اعتقد تحريمه أو إباحته . اه
والسحر حق ، قال
تعالى : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ
الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ
النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) .
يقول ابن قدامة :
ولو لا أن السحر له حقيقة لما أمر الله تعالى بالاستعاذة منه وقال الله تعالى : (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما
أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ) إلى قوله : (فَيَتَعَلَّمُونَ
مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) . ثم ذكر حديث عائشة .
وحديث عائشة رضى
الله عنها فيه دلالة قوية على حقيقة السحر. فقد روى مسلم عن عائشة قالت : سحر رسول الله صلىاللهعليهوسلم يهودى من يهود بنى زريق يقال له : لبيد بن الأعصم قالت :
حتى كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله حتى إذا كان ذات يوم
أو ذات ليلة دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم دعا ثم دعا ثم قال : «يا عائشة أشعرت أن الله أفتانى
فيما استفتيته فيه؟ جاءنى رجلان فقعد أحدهما عند رأسى والآخر عند رجلى فقال الّذي
عند رأسى للذى عند رجلى والّذي عند رجلى للذى عند رأسى ما وجع الرجل؟ قال : مطبوب.
قال : من طبه؟ قال : لبيد بن الأعصم. قال : فى أى شيء قال : فى مشط ومشاطة. قال :
وجب طلعة ذكر. قال : فأين هو؟ قال : فى بئر ذى أروان ...» اه
__________________
وأنكر المعتزلة
وغيرهم أن يكون للسحر حقيقة وذكروا أنه ضرب من التخييل ، يقول المازرى : مذهب أهل
السنة وجمهور علماء الأمة على إثبات السحر وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء
الثابتة خلافا لمن أنكر ذلك ، ونفى حقيقته وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا
حقائق لها وقد ذكره الله تعالى فى كتابه وذكر أنه مما يتعلم وذكر ما فيه إشارة إلى
أنه مما يكفر به وأنه يفرق بين المرء وزوجه وهذا كله لا يمكن فيما لا حقيقة له ،
وهذا الحديث أيضا مصرح بإثباته وأنه أشياء دفنت وأخرجت وهذا كله يبطل ما قالوه . اه
والأحاديث فى ذم
السحر والتحذير من تعاطيه وأنه من الموبقات كثيرة وبالله التوفيق.
__________________
قول الإمام أحمد فى حكم الساحر والساحرة
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل.
٥٩١ ـ سمعت أبى
يقول : إذا عرف بذلك فأقر يقتل ، يعنى الساحر
* وفى قتل الساحر
والساحرة إن كانوا مسلمين نقل عنه :
٥٩٢ ـ إسحاق
الكوسج قال : قلت لأحمد الساحر والساحرة قال : يقتلان. قال إسحاق ـ أى ابن راهويه
ـ كما قال. قال سفيان : إذا تبين سحرهما بإقرار له علم ذلك .
٥٩٣ ـ حنبل بن
إسحاق ويعقوب بن بختان : أن أبا عبد الله سئل عن الزنديق والساحر فرأى قتلهما.
٥٩٤ ـ أبو الصقر
الوراق قال : سألت أبا عبد الله ما الحكم فى الساحر وما السحر؟
قال : الحكم فى الساحر إذا عرف السحر القتل.
٥٩٥ ـ حرب
الكرمانى قال : سألت أحمد قلت : الساحر إذا أخذ ما يصنع به؟ قال : يقتل. قلت : كيف
يعلم أنه ساحر؟ قال : الشأن فى هذا أن يعلم أنه ساحر وكان علم هذا عنده شديد.
__________________
٥٩٦ ـ أبو بكر
المروزي : أنه سأل أبا عبد الله عن الساحر والساحرة أيقتلان؟ قال نعم إذا بان ذلك
أنهم مسلمون قتلا. قيل : فإن كانون يهودا؟ قال : الكفر أعظم وكأنه وقف فى قتل
اليهود.
٥٩٧ ـ ابن هانئ
قال : سألت أبا عبد الله عن الساحر والساحرة يقتلان فذكر مثله وقال : الكفر أشد
ووقف فى قتله.
٥٩٨ ـ أبو طالب :
أنه سأل أبا عبد الله عن الساحر والساحرة يقتلان؟ قال : نعم إذا صح ذلك وعلم منه.
قلت : فإذا كان ساحرا من أهل الكتاب من غير المسلمين. قال : ما فيه من الكفر أعظم
قد سحر النبي صلىاللهعليهوسلم رجل من اليهود فلم يقتله.
٥٩٩ ـ عبد الملك
الميمونى : أن أبا عبد الله قال : حفصة قتلت ساحرة فبلغ ذلك عثمان فكرهه لأنه كان
دونه فقال نافع عن ابن عمر أنه قال : ذهب إلى عثمان فقال : إنها أقرت . قال أبو عبد الله : فثلاثة من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم فى قتل الساحر. اه
وهم : عمر وحفصة
وجندب بن كعب بن عبد الله.
٦٠٠ ـ أبو بكر
الأثرم قال : سمعت أبا عبد الله يسأل : تحفظ عن ابن عمر رضى الله عنهما فى المرتدة
تقتل؟ قال : رأى ابن عمر قتل الساحر.
٦٠١ ـ حنبل بن
إسحاق أيضا قال : بعد ذكره لقصة حفصة والتى فيها : أنها أمرت عبد الرحمن بن زيد بن
الخطاب فقتلها ـ أى جاريتها التى سحرتها ـ بعد اعترافها فأنكر ذلك عثمان ... قال
عمى ـ أى أحمد بن حنبل ـ : أمرهم إلى السلطان هو يحكم فى ذلك والقتل عليهم إذا كان
ذلك وتبين أمرهم . ونقل عنه حبسهم فقط ، وسيأتى إيضاح هذا عند قول الإمام
أحمد فى الكاهن والعراف وحكمهما .
__________________
قول الإمام أحمد فى الكاهن والعراف وحكمهما
قال أبو بكر
الخلال :
٦٠٢ ـ أخبرنى
منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله سئل عن الساحر
والكاهن شيء واحد؟ قال : لا. الكاهن يدعى الغيب والساحر يعقد ويفعل كذا .
٦٠٣ ـ ونقل عنه
حنبل بن إسحاق أنه سئل عن الكاهن فقال : هو نحو العراف والساحر أخبث لأن السحر
شعبة من الكفر.
وقد تقدم عند
الكلام عن السحرة ذكر الروايات عن الإمام أحمد فى حكمهم وأوردت مجموعة من الروايات
عنه تفيد قتل الساحر والساحرة إذا أقرا وكانا مسلمين لكن هل القتل يكون على الفور
بمجرد المعرفة والإقرار أم أنهم يستتابون كما هو الحال فى غيرهم أم أنه يكتفى
بحبسهم حتى يتوبوا؟
٦٠٤ ـ وفى ما نقله
أبو بكر المروزي دلالة على أنهم يستتابون. فقد سأل أبا عبد الله عن الزنادقة فقال
: هل يستتاب هؤلاء؟ قال أحمد : أنا أرى أن أستتيب الزنادقة وغيرهم.
٦٠٥ ـ وفى رواية
أخرى لحنبل بن إسحاق سئل عن الساحر والكاهن والعراف ثم قيل له : فإن كان رجلا
يتقلد الإسلام وهو يعمل هذا. قال : أرى أن يستتاب من هذه الأفاعيل كلها فإنه عندى
فى معنى المرتد فإن تاب وراجع. قلت له : يقتل؟ قال : لا ، يحبس. قلت له : لم؟ قال
: إذا كان يصلى لعله يتوب ويرجع.
__________________
٦٠٦ ـ وفى رواية
أخرى لحنبل قال : الساحر والكاهن حكمهما القتل لأنهما يلبسان أمرهم أو الحبس حتى
يتوبا وحديث عمر رضى الله عنه «اقتلوا كل ساحر وكاهن ، وليس هو من أمر الإسلام .
التعليق.
قال أبو السعادات
: الكاهن الّذي يتعاطى الخبر عن الكائنات فى مستقبل الزمان ويدعى معرفة الأسرار.
وقد كان فى العرب كهنة كشق وسطيح وغيرهما. فمنهم من كان يزعم أن له تابعا من الجن
ورئيا يلقى إليه الأخبار ومنهم من كان يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات أسباب يستدل
بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله وهذا يخصونه باسم العراف ،
كالذى يدعى معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوها . اه
قلت : فكل من ادعى
أمرا من أمور الغيب فهو يندرج ضمن هذه المسميات. لذا قال ابن تيمية : العراف اسم
للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ، ممن يتكلمون فى معرفة الأمور بهذه الطرق . اه
وهذا ما تفيده
الروايات عن أحمد.
وقد جاءت الأحاديث
متضمنة الوعيد الشديد لهؤلاء ولمن أخذ عنهم وفى بعض هذه الأحاديث التصريح بكفرهم.
من ذلك ما رواه
البزار عن عمران بن حصين مرفوعا «ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له
أو سحر أو سحر له. ومن أتى كاهنا فصدقه
__________________
بما يقول : فقد
كفر بما أنزل على محمد» وإسناده جيد كما قال ابن حجر . وقال الهيثمى : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا إسحاق
بن ربيع وهو ثقة .
وكذا ما رواه أحمد
وابن ماجة وأبو داود عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل
على محمد صلىاللهعليهوسلم ...» الحديث. وهذا لفظ أحمد وابن ماجة.
وروى مسلم عن بعض أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين
ليلة».
ولمسلم أيضا عن معاوية بن الحكم السلمى قال : قلت يا رسول الله
أمورا كنا نصنعها فى الجاهلية كنا نأتى الكهان. قال : «فلا تأتوا الكهان».
مما تقدم يتضح أن
إتيان الكهان والسحرة والمشعبذين ومن هو على شاكلتهم فيه مخالفة لما أمر الله
تعالى به من التوكل والاعتماد عليه وحده وتفويض الأمور إليه جل وعلا. والّذي يجب
على المسلم أن يعيه ويؤمن به هو أن ما أصابه لم يكن ليخطأه وما أخطأه لم يكن
ليصيبه. فمن آمن بذلك وأيقن به اطمأنت نفسه ، وترك الالتفات إلى ما سوى الله؟ وحقق
التوكل عليه. يقول الله تعالى : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ
اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ
عَلى كُلِ
__________________
شَيْءٍ
قَدِيرٌ) .
وعن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «قد جف القلم بما هو كائن فلو أن الخلق كلهم
جميعا أرادوك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم
يقضه الله عليك لم يقدروا عليه» .
يقول شارح
الطحاوية : والواجب على ولى الأمر وكل قادر أن يسعى فى إزالة هؤلاء المنجمين
والكهان والعرافين ... وهؤلاء الذين يفعلون هذه الأفعال الخارجة عن الكتاب والسنة
أنواع : نوع منهم أهل تلبيس وكذب وخداع ، الذين يظهر أحدهم طاعة الجن له ، أو يدعى
الحال من أهل المحال ، من المشايخ النصابين .
وبعد أن أوضحت بعض
ما يتعلق بالسحر والكهانة وتبين الوعيد الشديد لمن تعاطاهما ولمن سار فى فلك
السحرة والكهان. بقى أن أذكر حكم الشرع فى الساحر والكاهن.
أما الساحر :
فمعظم الروايات عن أحمد تفيد بأن حكمه : القتل إذا كان مسلما وعرف ذلك وتحقق منه وأقر بما نسب إليه. والمشهور عنه
بالنظر إلى مجمل الروايات عنه فى المرتدين والزنادقة وغيرهم استتابته ثلاثا ،
والله أعلم.
يقول ابن قدامة :
وحد السحر القتل روى ذلك عن عمر وعثمان بن عفان وابن عمر وحفصة وجندب بن عبد الله
وجندب بن كعب وقيس بن سعد وعمر ابن عبد العزيز وهو قول أبى حنيفة ومالك ولم ير
الشافعى عليه القتل بمجرد السحر وهو قول ابن المنذر ورواية عن أحمد . ووجه ذلك أن عائشة رضى الله عنها باعت مدبرة سحرتها ولو
وجب قتلها لما حل بيعها. ولأن النبي صلى الله عليه
__________________
وسلم قال : «لا
يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان أو زنا بعد إحصان ، أو قتل نفس
بغير حق» ولم يصدر منه أحد الثلاثة فوجب أن لا يحل دمه.
ثم ذكر الأخبار
الدالة على الرأى الأول.
ثم قال : وهل
يستتاب الساحر فيه روايتان :
إحداهما : لا يستتاب وهو ظاهر ما نقل عن الصحابة فإنه لم ينقل عن أحد منهم أنه
استتاب ساحرا. وفى الحديث الّذي رواه هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن الساحرة
سألت أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم وهم متوافرون هل لها من توبة. فما أفتاها أحد ، ولأن السحر
معنى فى قلبه لا يزول بالتوبة فيشبه من لم يتب.
والرواية الثانية : يستتاب فإن تاب قبلت توبته لأنه ليس بأعظم من الشرك ، والمشرك يستتاب ومعرفته
السحر لا تمنع قبول توبته فإن الله تعالى قبل توبة سحرة فرعون وجعلهم من أوليائه
فى ساعة ، ولأن الساحر لو كان كافرا فأسلم صح إسلامه وتوبته فإذا صحت التوبة منهما
صحت من أحدهما كالكفر ولأن الكفر والقتل إنما هو بعمله بالسحر لا بعلمه بدليل
الساحر إذا أسلم والعمل به يمكن التوبة منه وكذلك اعتقاد ما يكفر باعتقاده يمكن
التوبة منه كالشرك وهاتان الروايتان فى ثبوت حكم التوبة فى الدنيا من سقوط القتل
ونحوه فأما فيما بينه وبين الله تعالى وسقوط عقوبة الدار الآخرة عنه فيصح فإن الله
تعالى لم يسد باب التوبة عن أحد من خلقه ومن تاب إلى الله قبل توبته لا نعلم فى
هذا خلافا .
يقول شارح
الطحاوية : وجمهور العلماء يوجبون قتل الساحر كما هو مذهب أبى حنيفة ومالك وأحمد
فى المنصوص عنه. وهذا هو المأثور عن الصحابة كعمر وابنه وعثمان وغيرهم ، ثم اختلف
هؤلاء هل يستتاب أم لا؟ وهل يكفر
__________________
بالسحر أم يقتل
لسعيه فى الأرض بالفساد؟ وقال طائفة : إن قتل بالسحر يقتل وإلا عوقب بدون القتل ،
إذا لم يكن فى قوله وعمله كفر وهذا هو المنقول عن الشافعى وهو قول فى مذهب أحمد . اه
هذا بالنسبة
للساحر أما الكاهن ومن فى حكمه فقد قال ابن قدامة ـ بعد أن ذكر الروايات التى
أوردتها آنفا عن حنبل بن إسحاق ـ : «وهذا يدل أن كل واحد منهما فيه روايتان.
إحداهما : أنه يقتل إذا لم يتب. والثانية : لا يقتل لأن حكمه أخف من حكم الساحر
وقد اختلف فيه. فهذا بدرء القتل عنه أولى» . اه
ويقول شارح
الطحاوية ـ فى معرض كلامه عن الكهان ومن فى حكمهم ـ : فهؤلاء يستحقون العقوبة
البليغة التى تردعهم وأمثالهم عن الكذب والتلبيس. وقد يكون فى هؤلاء من يستحق
القتل ، كمن يدعى النبوة بمثل هذه الخزعبلات أو يطلب تغيير شيء من الشريعة ونحو
ذلك . اه
__________________
قول الإمام أحمد فى الرقى
٦٠٧ ـ قال إسحاق
الكوسج : قلت : ما يكره من الرقى وما يرخص منها؟ قال : التعليق كله يكره والرقى ما كان من القرآن فلا بأس به.
قال إسحاق : كما قال.
٦٠٨ ـ قلت : يكره
التفل فى الرقية؟ قال : أليس قال : إذا رقى نفخ ولم يتفل قال إسحاق : كما قال .
قال القاضى أبو
يعلى بن الفراء :
٦٠٩ ـ قال أحمد فى
رواية الفرج بن على الصباح البرزاطى فى الرجل يزعم أنه يعالج المجنون من الصرع بالرقى والعزائم
، ويزعم أنه يخاطب الجن ويكلمهم ، ومنهم من يخدمه ويحدثه.
(قال) : ما أحب
لأحد أن يفعله وتركه أحب إلى .
٦١٠ ـ قال عبد
الله بن أحمد بن حنبل : رأيت أبى يكتب التعاويذ للذى يفزئع للحمى لأهله وقراباته ، ويكتب للمرأة إذا عسر عليها
الولادة فى
__________________
جام أو شيء لطيف ويكتب حديث ابن عباس إلا أنه كان يفعل ذلك عند
وقوع البلاء ، ولم أره يفعل هذا قبل وقوع البلاء ، ورأيته يعوذ فى الماء ويشربه
المريض ، ويصب على رأسه منه. قال عبد الله بن أحمد : قرأت على أبى : يعلى ابن عبيد
قال : حدثنا سفيان ، عن محمد بن أبى ليلى ، عن الحكم ، عن سعيد ابن جبير عن ابن
عباس قال : إذا عسر على المرأة ولادتها فلتكتب : بسم الله الّذي لا إله إلا الله
الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين. (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما
يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ
إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) قال أبى : وزاد فيه وكيع : وينضح ما دون سرتها .
ونحو هذا نقل عنه
:
٦١١ ـ أبو داود
قال : قلت لأحمد : الرقية من العين قال : لا بأس بها.
٦١٢ ـ سمعت أحمد
سئل عن الرجل يكتب القرآن فى شيء ثم يغسله ويشربه قال : أرجو أن لا يكون به بأس.
٦١٣ ـ سمعت أحمد
قبل له : يكتبه فى شيء ثم يغسله فيغتسل به؟ قال : لم أسمع فيه بشيء .
٦١٤ ـ ابنه صالح
قال : كنت ربما اعتللت فيأخذ أبى قدحا فيه ماء
__________________
فيقرأ فيه ثم يقول
: اشرب منه واغسل وجهك ويديك .
التعليق.
الرقية : العوذة
التى يرقى بها صاحب الآفة كالحمى والصرع وغير ذلك من الآفات.
وقد جاء فى بعض
الأحاديث إباحة الرقية وفى بعضها منعها.
فمن الأول : ما
رواه مسلم وأبو داود عن عوف بن مالك قال : كنا نرقى فى الجاهلية فقلنا يا رسول
الله كيف ترى فى ذلك فقال : «اعرضوا عليّ رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك».
ومن الثانى : ما
رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن الرقى والتمائم والتولة شرك».
ولا تعارض ولله
الحمد فإنما رخص الرسول صلىاللهعليهوسلم فى الرقى التى لا ضرر فيها من جهة الشرع ، كأن تكون بآيات
قرآنية أو بأسماء الله تعالى وصفاته وإذا كانت بغير ذلك فهى ممنوعة.
قال ابن حجر : وقد
أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط : أن تكون بكلام الله تعالى أو
بأسمائه وصفاته وباللسان العربى أو بما يعرف معناه من غيره ، وأن يعتقد أن الرقية
لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى انتهى
__________________
كلام ابن حجر.
وأما من استحق الثناء فلتركه الاسترقاء ـ أى الطلب من غيره أن يرقيه ـ فاستحقاقه
للثناء ليس لتركه ما هو جائز من الرقى وإنما لعدم التفاته إلى غير الله اعتمادا
وتوكلا على الله وهذا التوكل والاعتماد على الله هو ما أورثه دخول الجنة بغير حساب
، كما فى قوله صلىاللهعليهوسلم فى الحديث الّذي فيه : عرضت على الأمم ... ثم قيل لى انظر
إلى هذا الجانب الآخر فإذا سواد عظيم فقيل : هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون
الجنة بغير حساب ولا عذاب ... فقال : «هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون
وعلى ربهم يتوكلون» .
والإمام أحمد كما
تقدم عنه وافق السلف فى جواز الرقية بالشروط المذكورة. أما إذا كانت الرقية
بخزعبلات أو كلمات يزعم أنه يخاطب بها الجن كما هو الحاصل فى كثير من الأحيان فهذه
محرمة قطعا وقد تكون شركا بل هى شرك كما فى قوله صلىاللهعليهوسلم : «إن الرقى والتمائم والتولة شرك».
فائدة : جاء فى
رواية أبى داود قلت لأحمد : الرقية من العين؟ قال : لا بأس بها. اه.
يقول ابن حجر :
والعين : نظر باستحسان مشوب بحسد يحصل للمنظور منه ضرر اه
وروى البخارى ومسلم من حديث أبى هريرة يرفعه «العين حق».
وعند مسلم من حديث ابن عباس يرفعه : «العين حق ولو كان شيء سابق
القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا».
__________________
قال النووى :
ومعناه أن الأشياء كلها بقدر الله تعالى ولا تقع إلا على حسب ما قدرها الله تعالى
وسبق بها علمه فلا يقع ضرر العين ولا غيره من الخير والشر إلا بقدر الله تعالى
وفيه صحة أمر العين وأنها قوية الضرر . اه
وللبخارى ومسلم عن عائشة أنها قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمرنى أن أسترقي من العين.
وروى مالك أن عامر بن ربيعة رأى سهل بن حنيف يغتسل ، فقال : والله ما
رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة عذراء. قال : فلبط سهل فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عامرا ، فتغيظ عليه وقال : علام يقتل أحدكم أخاه؟ ألا بركت
، اغتسل له ، فغسل له عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخله :
إزاره فى قدح ، ثم صب عليه ، فراح مع الناس.
وفى رواية أخرى
للحديث : «أن العين حق ، توضأ له» فتوضأ له.
وفى البخارى ومسلم عن أم سلمة أن النبي صلىاللهعليهوسلم رأى فى بيتها جارية فى وجهها سفعة فقال : «استرقوا لها فإن
بها النظرة».
قال المازرى : أخذ
جماهير العلماء بظاهر هذه الأحاديث وقالوا : العين حق وأنكره طوائف من المبتدعة ،
والدليل على فساد قولهم أن كل معنى ليس مخالفا فى نفسه ولا يؤدى إلى قلب حقيقة ولا
إفساد دليل فإنه من مجوزات العقول إذا أخبر الشرع بوقوعه وجب اعتقاده ولا يجوز
تكذيبه وهل من فرق بين تكذيبهم بهذا وتكذيبهم مما يخبر به من أمور الآخرة اه
__________________
ويقول ابن حجر :
وقد أشكل ذلك على بعض الناس فقال : كيف تعمل العين من بعد حتى يحصل الضرر للمعيون اه. ونقل أقوالا كثيرة فى كيفية تأثير العين ، وكذا فعل
ابن القيم فى كتابيه زاد المعاد والطب النبوى وما ذكرا لا يعدو كونه اجتهادا لكون هذا الأمر من الأمور
الغيبية التى يقف العقل عندها ولا يستطيع مجاوزتها ومعرفة كيفيتها. والله أعلم.
__________________
قول الإمام أحمد فى تعليق التمائم
٦١٥ ـ قال إسحاق
الكوسج :
قلت : ما يكره من
المعاليق؟ قال : كل شيء يعلق فهو مكروه قال : من يعلق تميمة وكل إليها. قال إسحاق
: كما قال. إلا أن يفعله بعد نزول البلاء فهو حينئذ مباح له. قالت عائشة ذلك اه
٦١٦ ـ قال أبو
داود : رأيت على ابن لأحمد وهو صغير تميمة فى رقبته من أديم .
التعليق.
يقول ابن الأثير :
التمائم جمع تميمة وهى خزرات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين فى
زعمهم فأبطلها الإسلام. كانوا يعتقدون أنها تمام الدواء والشفاء . اه
وقبل ذكر الخلاف فى
تعليق التمائم وما يصح منها وما لا يصح سأورد بعض الأحاديث المتعلقة بالتمائم
وتعليقها ، فمن تلك الأحاديث :
ما روى عن عبد
الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن الرقى والتمائم والتولة شرك» .
__________________
وروى أحمد عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له».
وروى أحمد عن عبد الله بن عكيم عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من تعلق شيئا وكل إليه».
وروى أحمد عن عقبة بن عامر الجهنى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أقبل إليه رهط فبايع تسعة وأمسك عن واحد فقالوا : يا رسول
الله بايعت تسعة وتركت هذا قال : «إن عليه تميمة» فأدخل يده فقطعها فبايعه وقال : «من
علق تميمة فقد أشرك».
قال ابن الأثير :
وإنما جعلها شركا لأنهم أرادوا بها دفع المقادير المكتوبة عليهم ، فطلبوا دفع
الأذى من غير الله الّذي هو دافعه اه
قلت : ولا خلاف فى
تحريم التمائم المستندة إلى ما عدا القرآن الكريم وأسماء الله وصفاته ، وأنها شرك
كما جاء فى الحديث.
والخلاف وقع فى
تلك التمائم التى من القرآن وأسماء الله وصفاته ، وقد لخصه الشيخ سليمان بن عبد
الله ـ (ت ١٢٣٣ ه) ـ إذ يقول :
اعلم أن العلماء
من الصحابة والتابعين فمن بعدهم اختلفوا فى جواز تعليق التمائم التى من القرآن
وأسماء الله وصفاته ، فقالت طائفة : يجوز ذلك وهو قول
__________________
عبد الله بن عمرو
بن العاص وغيره وهو ظاهر ما روى عن عائشة وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد فى رواية.
وحملوا الحديث على التمائم الشركية ، أما التى فيها القرآن وأسماء الله وصفاته فكالرقية
بذلك. قلت : وهو ظاهر اختيار ابن القيم.
وقالت طائفة : لا
يجوز ذلك وبه قال ابن مسعود وابن عباس وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم
رضى الله عنهم وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد فى رواية
اختارها كثير من أصحابه وجزم بها المتأخرون واحتجوا بهذا الحديث وما فى معناه فإن
ظاهره العموم لم يفرق بين التى فى القرآن وغيرها بخلاف الرقى فقد فرق فيها ، ويؤيد
ذلك أن الصحابة الذين رووا الحديث فهموا العموم كما تقدم عن ابن مسعود ... وأما
القياس على الرقية بذلك فقد يقال بالفرق ، فكيف يقاس التعليق الّذي لا بد فيه ورق
أو جلود ونحوهما على ما لا يوجد ذلك فيه فهذا إلى الرقى المركبة من حق وباطل أقرب.
هذا اختلاف
العلماء فى تعليق القرآن وأسماء الله وصفاته فما ظنك بما حدث بعدهم من الرقى
بأسماء الشياطين وغيرهم وتعليقها؟ بل والتعلق بهم ، والاستعاذة بهم والذبح بها
وسؤالهم كشف الضر ، وجلب الخير مما هو شرك محض ، وهو غالب على كثير من الناس إلا
من سلم الله .
__________________
قول الإمام أحمد فى التبرك
٦١٧ ـ قال عبد
الله بن أحمد بن حنبل : ورأيت أبى يأخذ شعرة من شعر النبي صلىاللهعليهوسلم فيضعها على فيه يقبلها ، وأحسب أنى قد رأيته يضعها على
رأسه أو عينيه فغمسها فى الماء ثم شربه ، يستشفى به ، ورأيته قد أخذ قصعة النبي صلىاللهعليهوسلم بعث بها إليه أبو يعقوب بن سليمان ابن جعفر فغسلها فى حب الماء ثم شرب فيها ، ورأيته غير مرة يشرب من ماء زمزم
يستشفى به ، ويمسح به يديه ووجهه . اه
٦١٨ ـ قال ابن أبى
يعلى فى ترجمة على بن عبد الله الطيالسى : نقل عن إمامنا أشياء منها قال : مسحت يدى على أحمد بن حنبل ثم مسحت يدى على
بدنى وهو ينظر ، فغضب غضبا شديدا ، وجعل ينفض نفسه ويقول : عمن أخذتم هذا وأنكره
إنكارا شديدا اه
التعليق.
الكلام حول هذه
المسألة على شقين :
الأول : أنه كان يتبرك بآثار وجدت منسوبة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
__________________
والثانى : التبرك بالأشخاص أنفسهم أو من يسمون بالصالحين أو بآثارهم.
أما الشق الأول : فإنه أثر عن بعض الصحابة التبرك برسول الله صلىاللهعليهوسلم فى حياته.
والشق الثانى : مرتبط بالشق الأول فإذا كان بعض أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد تبرك به عليه الصلاة والسلام إما بعرقه مثلا أو سؤر
وضوئه ، فهذا لا يعنى بحال جواز ذلك على إطلاقه فى غير رسول الله صلىاللهعليهوسلم. لذلك نرى أن الإمام أحمد أنكر وبشدة على ذلك الرجل الّذي
تمسح به.
يقول الشيخ سليمان
بن عبد الله (ت ١٢٣٣ ه) : ذكر بعض المتأخرين أن التبرك بآثار الصالحين مستحب كشرب
سؤرهم والتمسح بهم أو بثيابهم ، وحمل المولود إلى أحد منهم ليحنكه بتمرة حتى يكون
أول ما يدخل جوفه ريق الصالحين والتبرك بعرقهم ونحو ذلك ، وقد أكثر من ذلك أبو
زكريا النووى فى شرح مسلم فى الأحاديث التى فيها أن الصحابة فعلوا شيئا من ذلك مع
النبي صلىاللهعليهوسلم وظن أن بقية الصالحين فى ذلك كالنبى صلىاللهعليهوسلم.
وهذا خطأ صريح
لوجوه :
منها : عدم
المقاربة فضلا عن المساواة للنبى صلىاللهعليهوسلم فى الفضل والبركة.
ومنها : عدم تحقق
الصلاح ، فإنه لا يتحقق إلا بصلاح القلب وهذا أمر لا يمكن الاطلاع عليه إلا بنص ،
كالصحابة الذين أثنى الله عليهم ورسوله أو أئمة التابعين ، ومن شهر بصلاح ودين
كالأئمة الأربعة ونحوهم من الذين تشهد لهم الأمة بالصلاح وقد عدم أولئك ، أما
غيرهم فغاية الأمر أن نظن أنهم صالحون فنرجو لهم.
__________________
ومنها : أنا لو
ظننا صلاح شخص فلا نأمن أن يختم له بخاتمة سوء ، والأعمال بالخواتيم فلا يكون أهلا
للتبرك بآثاره.
ومنها : أن
الصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك مع غيره لا فى حياته ، ولا بعد موته ، ولو كان خيرا
لسبقونا إليه ، فهلا فعلوه مع أبى بكر وعمر وعثمان وعلى ونحوهم من الذين شهد لهم
النبي صلىاللهعليهوسلم بالجنة ، وكذلك التابعون هلا فعلوه مع سعيد بن المسيب وعلى
بن الحسين وأويس القرنى والحسن البصرى ونحوهم ... فدل أن ذلك مخصوص بالنبىصلىاللهعليهوسلم.
ومنها : أن فعل
هذا مع غيره صلىاللهعليهوسلم لا يؤمن أن يفتنه وتعجبه نفسه فيورثه العجب والكبر والرياء
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد فى معنى حديث
«أقروا الطير على مكناتها»
فى مسائل أبى داود
:
٦١٩ ـ ص / ٢٦٧
أخبرنا أبو بكر قال : حدثنا أبو داود قال : سمعت أحمد يقول فى حديث «أقروا
الطير على مكناتها» أى أنها لا تضركم. قال : كان أحدهم ـ يعنى فى الجاهلية ـ يريد
الأمر فيثير الطير. يعنى فيقال : إن جاء عن يمينه كان كذا وإن جاء عن يساره كان
كذا.
فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أقروا الطير على مكناتها فإنها لا تضركم».
٦٢٠ ـ وقال فى
رواية عبد الله : قال بعضهم : كانت العرب إذا أراد
__________________
أحدهم أن يخرج نفر
الطير ، فإن أخذ يعنى فى طريق أخذ منه كأنه من الطيرة. وقال بعضهم: لا بل هو «أقروا
الطير على مكناتها» أن لا تؤخذ من أوطانها .
التعليق.
هذا الحديث كما
تقدم اختلف فى المراد به لكن الّذي عليه أكثر العلماء أن المقصود به النهى عن
التطير ، وهو المفهوم من عامة كلام أحمد.
والطيرة باب من
الشرك منافية للتوكل لما فيها من الاعتماد والالتفات إلى غير الله تعالى ، حيث إن
المتطير الّذي أحجم عما كان قد اعتزمه بسبب ما رآه أو سمعه ، اعتقد أنه بعمله هذا
يمكنه أن يرد قضاء الله وقدره. وهذا خلاف التوكل المأمور به وهو أن يثق المسلم
بالله عزوجل ويعلم أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، وأنه لن
يصيبه إلا ما كتبه الله له وقدره.
روى أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي والبخارى عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الطيرة شرك وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل».
وفى أحد إسنادى
أحمد : «الطيرة شرك الطيرة شرك ولكن الله يذهبه بالتوكل».
قال الخطابى :
قوله : «وما منا إلا» معناه إلا من يعتريه التطير وسبق إلى قلبه الكراهة فيه ،
فحذف اختصارا للكلام واعتمادا على فهم السامع وقال
__________________
محمد بن اسماعيل :
كان سليمان بن حرب ينكر هذا ويقول : هذا الحرف ليس من قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكأنه قول ابن مسعود رضى الله عنه .
قال ابن القيم :
وهو الصواب فإن الطيرة نوع من الشرك ، كما هو فى أثر مرفوع : من ردته الطيرة فقد
قارن الشرك ، وفى أثر آخر : «من أرجعته الطيرة عن حاجته فقد أشرك» قالوا : وما
كفارة ذلك؟ قال : «أن يقول أحدكم اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك» .
وفى صحيح مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمى أنه قال لرسول اللهصلىاللهعليهوسلم : ومنا أناس يتطيرون فقال : «ذاك شيء يجده أحدكم فى نفسه
فلا يصدنكم». فأخبر أن تأذيه وتشاؤمه بالتطير إنما هو فى نفسه وعقيدته لا فى
المتطير به فوهمه وخوفه وإشراكه هو الّذي يطيره ويصده ، لا ما رآه وسمعه ، فأوضح صلىاللهعليهوسلم لأمته الأمر وبين لهم فساد الطيرة ليعلموا أن الله سبحانه
لم يجعل لهم عليها علامة ولا فيها دلالة ، ولا نصبها سببا لما يخافونه ويحذرونه
لتطمئن قلوبهم وتسكن نفوسهم إلى وحدانيته تعالى التى أرسل بها رسله وأنزل بها كتبه
، وخلق لأجلها السموات والأرض وعمر الدارين الجنة والنار ، فبسبب التوحيد ومن أجله
جعل الجنة دارا للتوحيد وموجباته وحقوقه والنار دار الشرك ولوازمه وموجباته فقطع صلىاللهعليهوسلم علق الشرك من قلوبهم ، لئلا يبقى فيها علقة منها ولا
يلتبسوا بعمل من أعمال أهل النار البتة اه
هذا بالنسبة
للطيرة أما الفأل فليس هو منها فى شيء وقد كان صلىاللهعليهوسلم يحب الفأل.
__________________
قال ابن الأثير :
الفأل مهموز فيما يسر ويسوء ، والطيرة لا تكون إلا فيما يسوء ، وربما استعملت فيما
يسر. يقال : تفاءلت بكذا وتفالت على التخفيف والقلب. وقد أولع الناس بترك الهمزة
تخفيفا.
وإنما أحب الفأل :
لأن الناس اذا أملوا فائدة الله تعالى ، ورجوا عائدته عند كل سبب ضعيف أو قوى فهم
على خير ، ولو غلطوا فى جهة الرجاء فإن الرجاء لهم خير ، وإذا قطعوا أملهم ورجاءهم
من الله كان ذلك من الشر.
وأما الطيرة فإن
فيها سوء الظن بالله ، وتوقع البلاء. ومعنى التفاؤل مثل أن يكون رجل مريض فيتفاءل
بما يسمع من كلام ... .
وكما ذكر آنفا أنه
صلىاللهعليهوسلم كان يحب الفأل فقد روى البخارى ومسلم وأحمد عن أبى هريرة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «لا طيرة وخيرها الفأل» قالوا : وما الفأل يا رسول
الله؟ قال : «الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم».
يقول ابن القيم فى
شرح الحديث الآنف الذكر : أخبر صلىاللهعليهوسلم أن الفأل من الطيرة وهو خيرها ، فأبطل الطيرة وأخبر أن
الفأل منها ، ولكنه خيرها ، ففصل بين الفأل والطيرة لما بينهما من الامتياز
والتضاد ، ونفع أحدهما ومضرة الآخر ، ونظير هذا منعه من الرقى بالشرك وإذنه فى
الرقية إذا لم تكن شركا لما فيها من المنفعة الخالية من المفسدة ... فقوله صلىاللهعليهوسلم «لا طيرة وخيرها
الفأل» ينفى عن الفأل مذهب الطيرة من تأثير أو فعل أو شركة ويخلص الفأل منها وفى
الفرقان بينهما فائدة كبيرة وهى أن التطير هو التشاؤم من الشيء المرئى أو المسموع
فإذا استعملها الإنسان فرجع بها من سفره وامتنع بها مما عزم عليها عليه فقد قرع
باب الشرك بل ولجه وبرئ من التوكل على الله وفتح على
__________________
نفسه باب الخوف
والتعلق بغير الله والتطير مما يراه ويسمعه وذلك قاطع له من مقام : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ
نَسْتَعِينُ) و (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) و (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ
أُنِيبُ) فيصير قلبه متعلقا بغير الله عبادة وتوكلا ... فأين هذا من
الفأل الصالح السار للقلوب المؤيد للآمال الفاتح باب الرجاء المسكن للخوف الرابط
للجأش الباعث على الاستعانة بالله والتوكل عليه والاستبشار المقوى لأمله السار
لنفسه. فهذا ضد الطيرة. فالفأل يفضى بصاحبه إلى الطاعة والتوحيد ، والطيرة تفضى
بصاحبها إلى المعصية والشرك ، فلهذا استحب صلىاللهعليهوسلم الفأل وأبطل الطيرة .
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد فى الذبح لغير الله
وحكم أكل ما ذبح لغيره جل وعلا
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٦٢١ ـ سألت أبى
عمن ذبح للزهرة ؟ قال : لا يعجبنى. قلت لأبى : أحرام أكله؟ قال : لا أقول
حرام ، ولكن لا يعجبنى. قلت لأبى : فرجل يذبح للكوكب؟ قال : ولا يعجبنى ، أكره كل
شيء يذبح لغير الله ، وقد كره بعضهم ما ذبح للكنيسة .
وقال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٦٢٢ ـ سألت أبا
عبد الله عن ذبيحة الجنة؟ : قال : لا بأس بها .
وقال أبو بكر
الخلال :
٦٢٣ ـ أخبرنى عصمة
بن عصام قال : حدثنا حنبل قال حدثنى أبو عبد الله قال : حدثنى الوليد بن مسلم قال : سمعت الأوزاعى قال : سألت ميمون بن مهران عن ما ذبح النصارى لأعيادهم وكنائسهم فكره
__________________
أكله. قال حنبل :
سمعت أبا عبد الله قال : لا تؤكل لأنه أهل لغير الله به وكل ما سوى ذلك ، وإنما
أحل الله عزوجل من طعامهم ما ذكر اسم الله عليه. قال الله عزوجل : (وَلا تَأْكُلُوا
مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) وقال : (وَما أُهِلَّ
لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) فكل ما ذبح لغير الله فلا يؤكل لحمه.
٦٢٤ ـ أخبرنى عصمة
بن عصام قال : حدثنا حنبل قال : حدثنا أبو جعفر الأنبارى قال : حدثنا الهذيل بن بلال قال : سألت عطاء عن ذبيحة النصارى سمعته يقول : باسم المسيح؟ قال : كل. قال
حنبل : سمعت أبا عبد الله يسأل عن ذلك قال : لا يؤكل. قال الله جل ثناؤه : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ
اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) فلا أرى هذا ذكاة. (وَما أُهِلَّ
لِغَيْرِ اللهِ بِهِ).
٦٢٥ ـ أخبرنى عبيد
الله بن حنبل قال : حدثنى أبى قال : قال عمى : أكره كل ما ذبح لغير الله والكنائس
إذا ذبح لها ، وما ذبح أهل الكتاب على معنى الذكاة فلا بأس به ، وإذا ذبح يريد به
غير الله فلا تأكله وما ذبحوا فى أعيادهم أكرهه.
٦٢٦ ـ أخبرنا
الميمونى قال : سألت أبا عبد الله عن ذبائح أهل الكتاب فقال : إن كان مما يذبحون
لكنائسهم. فقال : يدعون التسمية على عمد إنما يذبحون للمسيح.
٦٢٧ ـ أخبرنا أبو
بكر المروزي أن أبا عبد الله قال : (وَما ذُبِحَ عَلَى
النُّصُبِ) قال : على الأصنام. وقال : كل شيء ذبح على الأصنام لا
يؤكل.
__________________
٦٢٨ ـ أخبرنا أبو
بكر فى موضع آخر قال : قرئ على أبى عبد الله (وَما ذُبِحَ عَلَى
النُّصُبِ). فذكر مثله .
التعليق.
الكلام حول هذه
المسألة على شقين :
الأول : حكم الذبح لغير الله تعالى.
الثانى : حكم أكل ما ذبح لغير الله تعالى.
وسوف أذكر إن شاء
الله تعالى ما يفى بالغرض حول هاتين النقطتين مع تحليل ما أثر عن الإمام أحمد فى
هذه المسألة.
قال الله تبارك
وتعالى فى محكم التنزيل : (قُلْ إِنَّ صَلاتِي
وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ
وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) .
قال العلماء :
النسك الذبح فى الحج والعمرة.
ونقل عن سعيد بن
جبير والضحاك فى قول الله عزوجل : (وَنُسُكِي) أى ذبحى .
قال الشيخ سليمان
بن عبد الله ـ [ت ١٢٣٣] ـ : وفي الآية دلائل متعددة على أن الذبح لغير الله شرك ،
كما هو بين عند التأمل .
وقال جل وعلا : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) .
__________________
ذكر ابن كثير فى
معنى الآية : أى أخلص له صلاتك وذبيحتك ، فإن المشركين يعبدون الأصنام ، ويذبحون
لها ، فأمر الله بمخالفتهم والانحراف عما هم فيه والإقبال بالقصد والنية والعزم
على الإخلاص لله تعالى .
وروى مسلم وأحمد عن على بن أبى طالب رضى الله عنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «لعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من آوى محدثا
ولعن الله من لعن والديه ولعن الله من غير منار الأرض».
قال النووى فى شرح
هذا الحديث :
وأما الذبح لغير
الله فالمراد به أن يذبح باسم غير الله تعالى كمن ذبح للصنم أو الصليب أو لموسى أو
لعيسى صلى الله عليهما أو للكعبة ونحو ذلك فكل هذا حرام ولا تحل الذبيحة سواء كان
الذابح مسلما أو نصرانيا أو يهوديا نص عليه الشافعى واتفق عليه أصحابنا فإن قصد مع
ذلك تعظيم المذبوح له غير الله تعالى والعبادة له كان ذلك كفرا فإن كان الذابح
مسلما قبل ذلك صار بالذبح مرتدا اه
وقال جل وعلا : (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ
وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ) الآية.
يقول ابن تيمية فى
قوله تعالى : (وَما أُهِلَّ بِهِ
لِغَيْرِ اللهِ).
ظاهره أن ما ذبح
لغير الله مثل أن يقال : هذه الذبيحة لكذا. وإذا كان هذا هو المقصود فسواء لفظ به
أو لم يلفظ. وتحريم هذا أظهر من تحريم ما ذبحه للحم ، وقال فيه : باسم المسيح
ونحوه ، كما أن ما ذبحناه متقربين به إلى الله كان أزكى وأعظم مما ذبحنا للحم ،
وقلنا عليه : بسم الله. فإن عبادة الله بالصلاة
__________________
له والنسك له أعظم
من الاستعانة باسمه فى فواتح الأمور ، فكذلك الشرك بالصلاة لغيره ، والنسك لغيره
أعظم من الاستعانة باسم غيره فى فواتح الأمور ، فإذا حرم ما قيل فيه باسم المسيح
أو الزهرة ، فلأن يحرم ما قيل فيه لأجل المسيح أو الزهرة أو قصد به ذلك أولى ، فإن
العبادة لغير الله أعظم كفرا من الاستعانة بغير الله ، كما قد يفعله طائفة من
منافقى هذه الأمة الذين قد يتقربون إلى الكواكب بالذبح والنجوم ونحو ذلك وإن كان
هؤلاء مرتدين لا تباح ذبيحتهم بحال ، لكن يجتمع فى الذبيحة مانعان. ومن هذا الباب
ما يفعله الجاهلون بمكة من الذبح للجن ، ولهذا روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه نهى عن ذبائح الجن اه
أما ما نقل عن
الإمام أحمد عند ما سئل عمن ذبح للزهرة فقال : لا يعجبنى فيجب أن يعلم أن بعض
الأئمة يطلقون لفظ الكراهة على سبيل التحريم ـ بعض الأحيان ـ وزيادة فى الإيضاح
أنقل ما ذكره ابن القيم إذ يقول :
وقد غلط كثير من
المتأخرين من أتباع الأئمة على أئمتهم بسبب ذلك حيث تورع الأئمة على إطلاق لفظ
التحريم وأطلقوا لفظ الكراهة فنفى المتأخرون التحريم عما أطلق عليه الأئمة الكراهة
، ثم سهل عليهم لفظ الكراهة وخفت مئونته عليهم فحمله بعضهم على التنزيه ، وتجاوز
به آخرون إلى كراهة ترك الأولى وهذا كثير جدا فى تصرفاتهم ، فحصل بسببه غلط عظيم
على الشريعة وعلى الأئمة ، وقد قال الإمام أحمد فى الجمع بين الأختين بملك اليمين
: أكرهه ، ولا
__________________
أقول هو حرام ،
ومذهبه تحريمه ، وإنما تورع عن إطلاق لفظ التحريم لأجل قول عثمان.
وقال أبو القاسم
الخرقى فيما نقله عن أبى عبد الله : ويكره أن يتوضأ فى آنية الذهب والفضة ، ومذهبه
أنه لا يجوز.
وقال فى رواية
إسحاق بن منصور : إذا كان أكثر مال الرجل حراما فلا يعجبنى أن يؤكل ماله ، وهذا على
سبيل التحريم.
وقال فى رواية
ابنه عبد الله : لا يعجبنى أكل ما ذبح للزهرة ولا الكواكب ولا الكنيسة ، وكل شيء
ذبح لغير الله ، قال الله عزوجل : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ
الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) فتأمل كيف قال : لا يعجبنى فيما نص الله سبحانه على
تحريمه. واحتج هو أيضا بتحريم الله له فى كتابه. وقال فى رواية الأثرم : أكره لحوم
الجلالة وألبانها ، وقد صرح بالتحريم فى رواية حنبل وغيره. وقال فى رواية عبد الله
: أكره أكل لحم الحية والعقرب ، لأن الحية لها حمة ولا يختلف مذهبه فى تحريمه.
وقال فى رواية حرب
: إذا صاد الكلب من غير أن يرسل فلا يعجبنى لأن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «اذا أرسلت كلبك وسميت» .
فقد أطلق لفظة : «لا
يعجبنى» على ما هو حرام عنده.
وسئل عن شعر
الخنزير فقال : لا يعجبنى ، وهذا على التحريم ... وهذا فى أجوبته أكثر من أن
يستقصى وكذلك غيره من الأئمة اه.
أما ما جاء فى
رواية ابن هانئ فلا شك أنه لم يرد به جواز أكل ما ذبح للجن فكل ما ذبح لغير الله
فأكله حرام. ولعل مقصوده جواز أكل ما يذبح لله عزوجل على سبيل التقرب إليه والاعتصام والالتجاء به وطلب صرف
أذاهم. والله تعالى أعلم.
__________________
قول الإمام أحمد فيمن قال : لعمرى ولعمرك
٦٢٩ ـ قال إسحاق قلت : يكره لعمرى ولعمرك؟ قال : ما أعلم به بأسا.
قال إسحاق : تركه أسلم لما قال إبراهيم : كانوا يكرهون أن يقولوا لعمر الله اه
التعليق.
«لعمرى ولعمرك لم
يدخلها بعض العلماء فى باب الحلف بغير الله ورأى البعض إدخالها وسأفصل مسألة الحلف بغير الله عموما.
روى البخارى ومسلم عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أدرك عمر بن الخطاب ـ وهو يسير فى ركب ، يحلف بأبيه ـ فقال
: «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت».
وروى الترمذي عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك». قال الترمذي :
هذا حديث حسن
__________________
ورواه أحمد وأبو داود بلفظ : «فقد أشرك». وفى رواية أخرى لأحمد «فقد كفر أو أشرك».
قال الشيخ سليمان
بن عبد الله (ت ١٢٣٣ ه) : أجمع العلماء على أن اليمين لا تكون إلا بالله ، أو
بصفاته ، وأجمعوا على المنع من الحلف بغيره.
قال ابن عبد البر
: لا يجوز الحلف بغير الله بالإجماع اه
ولا اعتبار بمن
قال من المتأخرين إن ذلك على سبيل كراهة التنزيه ، فإن هذا قول باطل. وكيف يقال
ذلك لما أطلق عليه الرسول صلىاللهعليهوسلم أنه كفر أو شرك ، بل ذلك محرم. ولهذا اختار ابن مسعود رضى
الله عنه أن يحلف بالله كاذبا ، ولا يحلف بغيره صادقا. فهذا يدل على أن الحلف بغير
الله أكبر من الكذب ، مع أن الكذب من المحرمات فى جميع الملل فدل ذلك أن الحلف
بغير الله من أكبر المحرمات.
فإن قيل : إن الله
أقسم بالمخلوقات فى القرآن.
قيل : ذلك يختص
بالله تبارك وتعالى فهو يقسم بما شاء من خلقه ... أما المخلوق فلا يقسم إلا
بالخالق تعالى فالله تعالى يقسم بما يشاء من خلقه. وقد نهانا عن الحلف بغيره فيجب
على العبد التسليم والإذعان لما جاء من عند الله ... فإن قيل : قد جاء فى الحديث
أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال للأعرابى الّذي سأله عن أمور الإسلام فأخبره ، فقال
النبي صلىاللهعليهوسلم : «أفلح وأبيه إن صدق». رواه البخارى .
__________________
وقال للذى سأله :
أى الصدقة أفضل «أما وأبيك لتنبأنه» رواه مسلم ، ونحو ذلك من الأحاديث.
قيل : ذكر العلماء
عن ذلك أجوبة :
أحدها : ما قاله ابن عبد البر فى قوله : «أفلح وأبيه إن صدق». هذه اللفظة غير
محفوظة ، وقد جاءت عن راويها إسماعيل بن جعفر : «أفلح والله إن صدق» قال : وهذا
أولى من رواية من روى عنه بلفظ «أفلح وأبيه» لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح
، ولم تقع فى رواية مالك أصلا ، وزعم بعضهم أن بعض الرواة عنه صحف قوله : «وأبيه»
من قوله : «والله» .
وهذا جواب عن هذا
الحديث الواحد فقط ولا يمكن أن يجاب به عن غيره.
الثانى : أن هذا اللفظ كان يجرى على ألسنتهم من غير قصد للقسم به ، والنهى إنما ورد
فى حق من قصد حقيقة الحلف ذكره البيهقى وقال النووى : إنه المرضى.
قلت : هذا جواب
فاسد ، بل أحاديث النهى عامة مطلقة ليس فيها تفريق بين من قصد القسم وبين من لم
يقصد ، ويؤيد ذلك أن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه حلف مرة باللات والعزى ، ويبعد أن يكون أراد حقيقة الحلف بهما ، ولكنه جرى على
لسانه من غير قصد على ما كانوا يعتادونه قبل ذلك ومع هذا نهاهم النبي صلىاللهعليهوسلم. غاية ما يقال : إن من جرى ذلك على لسانه من غير قصد معفو
عنه ، أما أن يكون ذلك أمرا جائزا للمسلم أن يعتاده فكلا. وأيضا فهذا يحتاج إلى
نقل أن ذلك كان يجرى على ألسنتهم
__________________
من غير قصد للقسم
، وأن النهى إنما ورد فى حق من قصد حقيقة الحلف وأنى يوجد ذلك؟.
الثالث : أن مثل هذا يقصد به التأكيد لا التعظيم إنما وقع النهى عما يقصد به
التعظيم.
قلت : وهذا أفسد
من الّذي قبله ، وكأن من قال ذلك لم يتصور ما قال ، فهل يراد بالحلف إلا تأكيد
المحلوف عليه بذكر من يعظمه الحالف والمحلوف له؟.
فتأكيد المحلوف
عليه بذكر المحلوف به مستلزم لتعظيمه.
وأيضا فالأحاديث
مطلقة ليس فيها تفريق ، وأيضا فهذا يحتاج إلى نقل أن ذلك جائز للتأكيد دون التعظيم
وذلك معلوم.
الرابع : أن هذا كان فى أول الأمر ثم نسخ ، فما جاء من الأحاديث فيه ذكر شيء من
الحلف بغير الله فهو قبل النسخ ثم نسخ ذلك ونهى عن الحلف بغير الله. وهذا الجواب
ذكره الماوردى. قال السهيلى : أكثر الشراح عليه ، حتى قال ابن العربى : روى أنه صلىاللهعليهوسلم كان يحلف بأبيه حتى نهى عن ذلك. قال السهيلى : ولا يصح ذلك
، وكذلك قال غيرهم.
وهذا الجواب هو
الحق ، يؤيده أن ذلك كان مستعملا سائغا حتى ورد النهى عن ذلك كما فى حديث ابن عمر
أن النبي صلىاللهعليهوسلم أدرك عمر ـ ذكر الحديث ـ وعنه أيضا قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله» وكانت قريش تحلف
بآبائها فقال : «ولا تحلفوا بآبائكم» رواه مسلم . وعن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه قال : حلفت مرة باللات
والعزى ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ثم انفث عن يسارك
ثلاثا وتعوذ ولا تعد». رواه النسائى
__________________
وابن ماجة ، وهذا لفظه. وفى هذا المعنى أحاديث ، فما ورد فيه ذكر
الحلف بغير الله ، فهو جار على العادة قبل النهى ، لأن ذلك هو الأصل حتى ورد النهى
عن ذلك. وقوله : «فقد كفر أو أشرك» أخذ به طائفة من العلماء فقالوا : يكفر من حلف
بغير الله كفر شرك ، قالوا : ولهذا أمره النبي صلىاللهعليهوسلم بتجديد إسلامه بقول : لا إله إلا الله فلو لا أنه كفر ينقل
عن الملة لم يؤمر بذلك.
وقال الجمهور : لا
يكفر كفرا ينقله عن الملة ، لكنه من الشرك الأصغر كما نص على ذلك ابن عباس وغيره ،
وأما كونه أمر من حلف باللات والعزى أن يقول : لا إله إلا الله ، فلأن هذا كفارة
له مع استغفاره كما قال فى الحديث الصحيح : «ومن حلف فقال فى حلفه واللات والعزى
فليقل : «لا إله إلا الله». وفى رواية : «فليستغفر» فهذا كفارة له فى كونه تعاطى
صورة تعظيم الصنم ، حيث حلف به لا أنه لتجديد إسلامه ، ولو قدر ذلك فهو تجديد
لإسلامه لنقصه بذلك لا لكفره ... فهذا هو تفصيل القول فى هذا المسألة .
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد فى الإسراء والمعراج
قال القاضى أبو
يعلى بن الفراء :
لا يختلف أصحابنا
فى إثبات ليلة الإسراء وأنها وحى من الله تعالى إلى نبيه وقد نص على هذا فى مواضع
:
٦٣٠ ـ فقال أبو
بكر المروزي : قلت لأبى عبد الله يحكى عن موسى ابن عقبة أنه قال : أحاديث الإسراء منام. فقال : هذا كلام الجهمية. وقال
: منام الأنبياء وحى.
٦٣١ ـ وكذلك نقل
يعقوب بن بختان عنه وقد سئل عن المعراج فقال : رؤيا الأنبياء وحى. فقد نص على
إثبات ذلك وأنه وحى .
التعليق :
قال الله جل وعلا (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ
لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) .
__________________
وروى مسلم وأحمد عن حماد بن سلمة ، حدثنا ثابت البنانى عن أنس ابن مالك أن
رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل
يضع حافره عند منتهى طرفه. قال : فركبته حتى أتيت بيت المقدس. قال : فربطته
بالحلقة التى يربط بها الأنبياء. قال : ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ، ثم خرجت
فجاءنى جبريل عليهالسلام بإناء من خمر وإناء من لبن ، فاخترت اللبن ، فقال جبريل :
اخترت الفطرة ، ثم عرج بنا إلى السماء ، فاستفتح جبريل فقيل : من أنت؟ قال :
جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد. قيل : وقد بعث إليه؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح
لنا ، فإذا أنا بآدم ، فرحب بى ودعا لى بخير ثم عرج بنا إلى السماء الثانية ،
فاستفتح جبريل عليهالسلام فقيل : من أنت؟ قال : جبريل ، قيل ومن معك؟ قال : محمد.
قيل : وقد بعث إليه؟ قال : قد بعث إليه ففتح لنا ، فإذا أنا بابنى الخالة عيسى ابن
مريم ويحيى بن زكريا صلوات الله عليهما ، فرحبا ودعوا لى بخير ، ثم عرج بى إلى
السماء الثالثة فاستفتح جبريل. فقيل من أنت؟ قال : جبريل. قيل : من معك؟ قال :
محمد. قيل وقد بعث إليه؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا ، فإذا أنا بيوسف صلىاللهعليهوسلم إذا هو قد أعطى شطر الحسن فرحب بى ودعا لى بخير ، ثم عرج
بنا إلى السماء الرابعة ، فاستفتح جبريل عليهالسلام قيل : من هذا؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد. قال
: وقد بعث إليه؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا ، فإذا أنا بإدريس فرحب ودعا لى
بخير. قال الله عزوجل : (وَرَفَعْناهُ مَكاناً
عَلِيًّا) ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة ، فاستفتح جبريل قيل : من
هذا؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد. قيل : وقد بعث إليه؟ قال : قد بعث
إليه ، ففتح لنا ، فإذا أنا بهارون صلىاللهعليهوسلم فرحب ودعا لى بخير ، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة.
فاستفتح جبريل عليهالسلام ، قيل : من هذا؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد صلىاللهعليهوسلم ، قيل : وقد بعث إليه؟ قال :
__________________
قد بعث إليه ،
ففتح لنا فإذا أنا بموسى صلىاللهعليهوسلم فرحب ودعا لى بخير ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح
جبريل ، فقيل : من هذا؟ قال : جبريل. قيل : ومن معك؟ قال : محمد صلىاللهعليهوسلم. قيل له : وقد بعث إليه؟ قال : قد بعث إليه ، ففتح لنا
فإذا أنا بإبراهيم صلىاللهعليهوسلم مسندا ظهره إلى البيت المعمور ، وإذا هو يدخله كل يوم
سبعون ألف ملك لا يعودون إليه ، ثم ذهب بى إلى (سدرة المنتهى) ، وإذا ورقها كآذان الفيلة ، وإذا ثمرها كالقلال. قال ، لما
غشيها من أمر الله ما غشى تغيرت ، فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها
، فأوحى الله إلى ما أوحى ، ففرض عليّ خمسين صلاة فى كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى صلىاللهعليهوسلم فقال : ما فرض ربك على أمتك؟ قلت : خمسين صلاة ، قال :
ارجع إلى ربك ، فاسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيقون ذلك فإنى قد بلوت بنى إسرائيل
وخبرتهم. قال : فرجعت إلى ربى فقلت : يا رب خفف على أمتى ، فحط عنى خمسا ، فرجعت
إلى موسى فقلت : حط عنى خمسا ، قال : إن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فاسأله
التخفيف ، قال : فلم أزل أرجع بين ربى تبارك وتعالى وبين موسى عليهالسلام حتى قال : يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة ، لكل صلاة
عشر ، فذلك خمسون صلاة ، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، فإن عملها كتبت
له عشرا ، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا فإن عملها كتبت سيئة واحدة ، قال
: فنزلت حتى انتهيت إلى موسى صلىاللهعليهوسلم فأخبرته فقال : ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فقال رسول
الله صلىاللهعليهوسلم : فقلت :قد رجعت إلى ربى حتى استحييت منه». اه هذا لفظ
مسلم.
قال القاضى عياض :
جود ثابت رحمهالله هذا الحديث عن أنس ما شاء الله ولم يأت أحد عنه بأصوب من
هذا وقد خلط فيه غيره عن أنس تخليطا كثيرا لا سيما من رواية شريك بن أبى نمر. اه
__________________
قلت : أحاديث
الإسراء والمعراج رويت فى الصحيحين عن عدد من صحابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وما ذكره القاضى عياض رحمهالله عن رواية شريك بينه العلماء وأوضحوا مواضع وهمه ومنها :
قوله : «قبل أن يوحى إليه» .
قال ابن حجر :
أنكرها الخطابى وابن حزم وعبد الحق والقاضى عياض . اه
قال القاضى عياض :
وهو غلط لم يوافق عليه فإن الإسراء أقل ما قيل فيه أنه كان بعد مبعثه صلىاللهعليهوسلم بخمسة عشر شهرا وقال الحربى : كان ليلة سبع وعشرين من شهر
ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة. وقال الزهرى : كان ذلك بعد مبعثه صلىاللهعليهوسلم بخمس سنين. وقال ابن إسحاق : أسرى به وقد فشا الإسلام بمكة
والقبائل. وأشبه هذه الأقوال قول الزهرى وابن إسحاق إذ لم يختلفوا أن خديجة رضى
الله عنها صلت معه صلىاللهعليهوسلم بعد فرض الصلاة عليه ولا خلاف أنها توفيت قبل الهجرة بمدة
قيل : بثلاث سنين ، وقيل : بخمس.
ومنها أن العلماء
مجمعون على أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء فكيف يكون هذا قبل أن يوحى إليه؟
قال القاضى عياض
أيضا : وأما قوله فى رواية شريك وهو نائم وفى الرواية الأخرى : «بينا أنا عند
البيت بين النائم واليقظان» فقد يحتج به من يجعلها رؤيا نوم ولا حجة فيه إذ قد يكون
ذلك حالة أول وصول الملك إليه وليس فى الحديث ما يدل على كونه نائما فى القصة
كلها.
__________________
قلت : وقد ذكر
القاضى الاختلاف فى الإسراء برسول الله صلىاللهعليهوسلم هل كان مناما أم أنه يقظة ثم قال :
والحق الّذي عليه
أكثر الناس ومعظم السلف وعامة المتأخرين من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين أنه أسرى
بجسده صلىاللهعليهوسلم ، والآثار تدل عليه لمن طالعها وبحث عنها ولا يعدل عن
ظاهرها إلا بدليل ولا استحالة فى حملها عليه فيحتاج إلى تأويل . اه
قلت : والروايات
عن الإمام أحمد تشير إلى ما ذهب إليه الجمهور من أن الإسراء والمعراج كان بجسد
رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقظة لا مناما ، وقد أنكر على من قال : إن أحاديث الإسراء
منام. وأما قوله : منام الأنبياء وحى فهو على ما ذكره القاضى أبو يعلى بن الفراء.
والله تعالى أعلم.
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد فى : ما قيل حول رؤية النبي
صلىاللهعليهوسلم
لربه ليلة المعراج
وقول النبي صلىاللهعليهوسلم
«رأيت ربى تبارك وتعالى»
قال القاضى أبو
يعلى بن الفراء :
واختلفت الرواية
هل رأى ربه تعالى فى ليلة الإسراء أم لا على ثلاث روايات :
أحدها : أنه رآه.
٦٣٢ ـ قال المروزي
: قلت لأبى عبد الله : يقولون إن عائشة قالت : من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم
الفرية فبأى شيء ندفع قول عائشة؟
(قال) : يقول النبي صلىاللهعليهوسلم : رأيت ربى .
قول النبي (صلىاللهعليهوسلم) أكثر من قولها .
__________________
٦٣٣ ـ وذكر
المروزي فى موضع آخر أنه قال لأبى عبد الله : هاهنا رجل يقول : إن الله يرى فى
الآخرة ، ولا أقول إن محمدا رأى ربه فى الدنيا. فغضب وقال : هذا أهل أن يجفى يسلم
الخبر كما جاء ، فظاهر هذا أنه أثبت رؤية عين.
الرواية الثانية :
٦٣٤ ـ ونقل حنبل
قلت لأبى عبد الله : النبي رأى ربه؟ (قال) : رؤيا حلم رآه بقلبه. فظاهر هذا نفى الرؤية.
٦٣٥ ـ وكذلك نقل
الأثرم وقد سأله عن حديث عبد الرحمن بن عائش عن النبيصلىاللهعليهوسلم رأيت ربى فى أحسن صورة. فقال : مضطرب لأن معمرا رواه عن
أيوب ، عن معبد ، عن عبد الرحمن بن عائش عن النبي صلىاللهعليهوسلم . ورواه حماد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس .
__________________
ورواه يوسف بن
عطية ، عن قتادة ، عن أنس .
ورواه عبد الرحمن
بن يزيد بن جابر ، عن خالد بن اللجلاج ، عن عبد الرحمن بن عائش ، عن رجل من أصحاب
النبي صلىاللهعليهوسلم .
ورواه يحيى بن أبى
كثير فقال : عن ابن عابس ، عن معاذ ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم . وأصل الحديث واحد.
__________________
الرواية
الثالثة :
٦٣٦ ـ قال الأثرم
: قلت لأبى عبد الله إلى أى شيء نذهب؟ قال : الأعمش عن زياد بن الحصين ، عن أبى
العالية ، عن ابن عباس قال : رأى محمد ربه بقلبه .
__________________
٦٣٧ ـ ونقل الأثرم
أن رجلا قال لأحمد عن حسين الأشيب أنه قال : لم ير النبي عليهالسلام ربه تعالى ، فأنكر عليه إنسان وقال : لم لا تقول : رآه ولا
تقول : بعينيه ولا بقلبه كما جاء الحديث (فاستحسن) . الأشيب فقال أبو عبد الله : حسن.
فظاهر هذا إثبات
رؤية لا يعقل معناها هل كانت بعينه أو بقلبه . ثم ذكر وجه كل رواية .
التعليق :
مسألة رؤية النبي صلىاللهعليهوسلم لربه عزوجل من المسائل التى اختلفت فيها النقول عن الإمام أحمد ووقع
الكلام فيها مبكرا فى عهد الصحابة رضوان الله عليهم. وقبل البدء فى إيضاح هذه
المسألة أود أن أشير إلى أن الأمة أجمعت على أن الله عزوجل لا يراه أحد فى الدنيا بعينه.
روى مسلم ، والترمذي عن النبي صلىاللهعليهوسلم فى حديث يحذر أمته الدجال : «تعلموا أنه لن يرى أحد منكم
ربه عزوجل حتى يموت» وفى لفظ الترمذي :
__________________
«تعلمون».
والخلاف إنما وقع
فى حصول الرؤية للنبى صلىاللهعليهوسلم. والمأثور عن عائشة رضى الله عنها الإنكار الشديد على من
قال بأن النبي صلىاللهعليهوسلم رأى ربه جل وعلا بعينه حتى إنها قالت من زعم ذلك فقد أعظم
على الله الفرية ، وهذا النفى مروى عن غيرها من الصحابة كابن مسعود.
أما ما جاء عن ابن
عباس رضى الله عنه فليس فيه تصريح بالرؤية البصرية بل فى بعضها التصريح بالرؤية
مطلقا وفى الأخرى التقييد بالرؤية القلبية.
يقول ابن حجر :
يجب حمل مطلقها على مقيدها ، ويقول أيضا : يمكن الجمع بين إثبات ابن عباس ونفى
عائشة بأن يحمل نفيها على رؤية البصر وإثباته على رؤية القلب ، ثم المراد برؤية
الفؤاد رؤية القلب لا مجرد حصول العلم لأنه صلىاللهعليهوسلم كان عالما بالله على الدوام . اه
وهذا الجمع ارتضاه
العلماء.
وحديث عائشة
السابق صريح فى أن المرئى فى قوله تعالى : (وَلَقَدْ رَآهُ
نَزْلَةً أُخْرى). هو جبريل عليهالسلام.
وحديث أبى ذر رضى
الله تعالى عنه صريح فى نفى الرؤية البصرية إذ يقول : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم هل رأيت ربك؟ قال : «نور أنى أراه» .
يقول ابن تيمية :
وليس فى الأدلة ما يقتضي أنه رآه بعينه ولا ثبت ذلك عن أحد من الصحابة ولا فى
الكتاب والسنة ما يدل على ذلك بل النصوص
__________________
الصحيحة على نفيه
أدل ـ ثم ذكر حديث أبى ذر . اه
أما الروايات
المنقولة عن الإمام أحمد فليس فيها ما يدل على إثبات الرؤية البصرية وقول القاضى
أبى يعلى فى رواية المروزي : «فظاهر هذا أنه أثبت رؤية عين» ، لا يسلم لهرحمهالله.
فالروايات عن
الإمام أحمد بعضها مطلق وبعضها مقيد بالرؤية القلبية.
وإن كان فى بعضها
ما يشير إلى الرؤية البصرية فهو من تصرف الرواة.
يقول ابن تيمية :
وقد صح عنه ـ أى النبي صلىاللهعليهوسلم ـ أنه قال : «رأيت ربى تبارك وتعالى» ولكن لم يكن هذا فى
الإسراء ولكن كان فى المدينة لما احتبس ... ثم أخبرهم عن رؤية ربه تبارك وتعالى
تلك الليلة فى منامه. وعلى هذا بنى الإمام أحمد رحمهالله تعالى وقال : نعم رآه حقا فإن رؤيا الأنبياء حق ولا بدّ ،
ولكن لم يقل أحمد رحمهالله تعالى أنه رآه بعينى رأسه يقظة ومن حكى عنه ذلك فقد وهم
عليه ولكن قال مرة رآه ومرة قال : رآه بفؤاده فحكيت عنه روايتان وحكيت عنه الثالثة
من تصرف بعض أصحابه أنه رآه بعينى رأسه وهذه نصوص أحمد موجودة ليس فيها ذلك . اه
فالحاصل أن الإمام
أحمد لم يصح عنه مطلقا أنه قال بالرؤية البصرية لا فى ليلة المعراج ولا فى الحديث
المتأخر عنها.
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد فى الإيمان بملك الموت
فى رسالته لمسدد
بن مسرهد قال :
٦٣٨ ـ والإيمان
بملك الموت يقبض الأرواح ثم ترد فى الأجساد فى القبور ، فيسألون عن الإيمان
والتوحيد .
التعليق :
قال الله جل وعلا
: (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ
مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ) . وقال تبارك وتعالى : (حَتَّى إِذا جاءَ
أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) .
قال ابن كثير :
الظاهر من هذه الآية أن ملك الموت شخص معين من الملائكة ... وقد سمى فى بعض الآثار
بعزرائيل وهو المشهور قاله قتادة وغير واحد وله أعوان . اه
ولا أعلم هذا
الاسم فى حديث صحيح ، ولعله أخذ من الإسرائيليات. والله تعالى أعلم. وقد قطع
الشوكانى بهذا الاسم إذ يقول عند تفسير الآية : وملك الموت هو عزرائيل .
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد فى الصلاة
على من مات من أهل القبلة
فى رسالته لمسدد
بن مسرهد قال :
٦٣٩ ـ والصلاة على
من مات من أهل هذه القبلة وحسابهم على الله عزوجل ومثل هذا جاء فى رواية الحسن بن إسماعيل الربعى عدا :
وحسابهم على الله ... .
وفى رسالة عبدوس
بن مالك قال :
٦٤٠ ـ ومن مات من
أهل القبلة موحدا يصلى عليه ويستغفر له ولا يحجب عنه الاستغفار ولا يترك الصلاة
عليه لذنب أذنبه صغيرا أو كبيرا أمره إلى الله تعالى .
التعليق :
الّذي عليه السلف
ـ رحمهمالله ـ عدم ترك الصلاة على أى من أهل القبلة وهذا بناء على
قواعدهم السابقة فى الإيمان ، فهم لا يكفرون أحدا بذنب يرجون للمحسن ويخافون على
المسىء ولا يحجبون عنه الاستغفار والدعاء قال جل وعلا : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ
بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ).
يقول شارح
الطحاوية فى معرض كلامه عن هذه المسألة :
__________________
ولكن المظهرون
للإسلام قسمان : إما مؤمن ، وإما منافق ، فمن علم نفاقه لم تجز الصلاة عليه
والاستغفار له ، ومن لم يعلم ذلك منه صلى عليه ، فإذا علم شخص نفاق شخص لم يصل
عليه هو ، وصلى عليه من لم يعلم نفاقه وكان عمر رضى الله عنه لا يصلى على من لم
يصل عليه حذيفة ، لأنه كان فى غزوة تبوك قد عرف المنافقين ، وقد نهى الله سبحانه
وتعالى رسوله صلىاللهعليهوسلم عن الصلاة على المنافقين ، وأخبر أن لا يغفر لهم باستغفاره
، وعلل ذلك بكفرهم بالله ورسوله ، فمن كان مؤمنا بالله ورسوله لم ينه عن الصلاة
عليه ، ولو كان له من الذنوب الاعتقادية البدعية أو العلمية أو الفجورية ما له ،
بل قد أمره الله تعالى بالاستغفار للمؤمنين فقال تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا
اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) فأمره سبحانه بالتوحيد والاستغفار لنفسه وللمؤمنين
والمؤمنات ، فالتوحيد أصل الدين ، والاستغفار له وللمؤمنين كماله ، فالدعاء لهم
بالمغفرة والرحمة وسائر الخيرات ، إما واجب وإما مستحب ، وهو على نوعين : عام وخاص
، أما العام فظاهر ، كما فى هذه الآية ، وأما الدعاء الخاص ، فالصلاة على الميت ،
فما من مؤمن يموت إلا وقد أمر المؤمنين أن يصلوا عليه صلاة الجنازة ، وهم مأمورون
فى صلاتهم عليه أن يدعوا له ، كما روى أبو داود ، وابن ماجة عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء» . اه
قلت : وما سبق
تقريره عن الإمام أحمد هو فى الصلاة على جنائز الفساق من هذه الأمة وهو كما أسلفت
أمر متفق عليه.
أما المبتدعة فقد
نقل ابن قدامة عن أحمد قوله : لا أشهد الجهمية ولا
__________________
الرافضة ويشهدهم
من شاء وسيأتى عند قول الإمام أحمد فى حكم المبتدعة مزيد من الإيضاح حول موقفه من الصلاة خلف المبتدعة وعليهم.
قال ابن عبد البر
: وسائر العلماء يصلون على أهل البدع والخوارج وغيرهم .... وسيأتى فى الصفحة التالية الصلاة على الغال والمنتحر.
__________________
قول الإمام أحمد فى : الصلاة على القاتل نفسه والغال
قال عبد الملك بن
عبد الحميد الميمونى :
٦٤١ ـ قلت لأحمد :
من قتل نفسه يصلى عليه الإمام؟ قال : لا يصلى الإمام على من قتل نفسه ولا على من
غل . قلت : فالمسلمون؟ قال : يصلون عليهما . ومثله : نقل عن أحمد : أبو داود ، وابن هانئ ، وصالح بن أحمد بن حنبل .
التعليق :
ما ذهب إليه
الإمام أحمد فى هذه المسألة مبنى على حديث زيد بن خالد الجهنى : أن رجلا من أصحاب
النبي صلىاللهعليهوسلم توفى يوم خيبر فذكر ذلك للنبى صلىاللهعليهوسلم فقال : صلوا على صاحبكم فتغيرت وجوه القوم لذلك فلما رأى
الّذي بهم قال : «إن صاحبكم غل فى سبيل الله» ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزا من خرز
اليهود ما يساوى در همين .
__________________
هذا بالنسبة
للغال.
أما المنتحر : فقد
روى أبو داود عن جابر بن سمرة قال : مرض رجل ، فصيح عليه ، فجاء جاره
إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال له : إنه قد مات قال : «وما يدريك»؟ قال : أنا رأيته
، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنه لم يمت» قال : فرجع ، فصيح عليه ، فجاء إلى رسول
الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إنه قد مات ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنه لم يمت» فرجع فصيح عليه ، فقالت امرأته : انطلق إلى
رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبره ، فقال الرجل : اللهم العنه. قال : ثم انطلق الرجل
، فرآه قد نحر نفسه بمشقص معه ، فانطلق إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبره أنه قد مات فقال : «وما يدريك» قال : رأيته ينحر
نفسه بمشاقص معه ، قال : «أنت رأيته؟» قال : نعم ، قال : «إذا لا أصلي عليه».
ورواه مسلم وأحمد والترمذي وابن ماجة مختصرا.
قال الترمذي : هذا
حديث حسن صحيح واختلف أهل العلم فى هذا فقال بعضهم : يصلى على كل من صلى إلى
القبلة وعلى قاتل النفس وهو قول الثورى وإسحاق.
وقال أحمد : لا
يصلى الإمام على قاتل النفس ، ويصلى عليه غير الإمام .
قلت : وأما من قتل
فى حد من الحدود فالراجح أنه يصلى عليه الإمام وغيره فقد روى عن عمران بن حصين قال
: إن امرأة من جهينة أتت نبى الله صلىاللهعليهوسلم وهى حبلى من الزنى. فقالت : يا نبى الله أصبت حدا فأقمه
__________________
عليّ فدعا نبى
الله صلىاللهعليهوسلم وليها فقال : «أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها» ، ففعل ،
فأمر بها نبى الله صلىاللهعليهوسلم ، فشكت عليها ثيابها ، ثم أمر بها فرجمت ، ثم صلى عليها ،
فقال له عمر : تصلى عليها يا نبى الله وقد زنت؟ فقال : «لقد تابت توبة لو قسمت بين
سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى» .
وفى خبر الغامدية أيضا جاء أنه صلى عليها عليه الصلاة والسلام.
يقول ابن القيم :
واختلف عنه فى الصلاة على المقتول حدا كالزانى المرجوم فصح عنه أنه صلىاللهعليهوسلم صلى على الجهنية ... وذكر البخارى فى صحيحه قصة ماعز بن
مالك وقال : فقال له النبي صلىاللهعليهوسلم خيرا وصلى عليه. وقد اختلف على الزهرى فى ذكر الصلاة عليه
فأثبتها محمود بن غيلان ، عن عبد الرزاق عنه وخالفه ثمانية من أصحاب عبد الرزاق
فلم يذكروها ... قال البيهقى : وقول محمود بن غيلان أنه صلى عليه خطأ لإجماع أصحاب
عبد الرزاق على خلافه ثم إجماع أصحاب الزهرى على خلافه. وقد اختلف فى قصة ماعز بن
مالك فقال أبو سعيد الخدرى : ما استغفر له ولا سبه وقال بريدة بن الحصيب أنه قال :
«استغفروا لماعز بن مالك» ذكرهما مسلم . قال جابر فصلى عليه وذكره البخارى وهو حديث عبد الرزاق المعلل وقال أبو برزة الأسلمي لم يصل
عليه النبي صلىاللهعليهوسلم ولم ينه عن الصلاة عليه ذكره أبو داود .
قلت : حديث
الغامدية لم يختلف فيه أنه صلى عليها ، وحديث ماعز إما أن يقال : لا تعارض بين
ألفاظه فإن الصلاة فيه هى دعاؤه له بأن يغفر الله له وترك الصلاة فيه هى تركه
الصلاة على جنازته تأديبا وتحذيرا ، وإما أن يقال :
__________________
إذا تعارضت ألفاظه
عدل عنه إلى حديث الغامدية . اه
وقال النووى : بعد
ذكره للخلاف فى المسألة قال القاضى ـ يعنى عياض ـ : مذهب العلماء كافة الصلاة على
كل مسلم ومحدود ومرجوم وقاتل نفسه وولد الزنا وعن مالك وغيره : أن الإمام يجتنب
الصلاة على مقتول فى حد وأن أهل الفضل لا يصلون على الفساق زجرا لهم وعن الزهرى :
لا يصلى على مرجوم ويصلى على المقتول فى قصاص. وقال أبو حنيفة : لا يصلى على محارب
ولا على قتيل الفئة الباغية . اه
قلت : وما ذكره
القاضى من إجماع العلماء هو المعول عليه والله تعالى أعلم.
وسيأتى من اختلف
فى الصلاة عليهم كالشهيد ومن قتله اللصوص وهو باب آخر.
__________________
قول الإمام أحمد فى : النياحة
قال أبو بكر
الخلال :
٦٤٢ ـ أخبرنى حرب
بن إسماعيل قال : قلت لأحمد بن حنبل : الرجل يستمع النوح فيترقق؟ قال : ما أدرى.
٦٤٣ ـ أخبرنا أبو
بكر المروزي قال : سمعت أبا عبد الله يقول : النياحة من فعل الجاهلية.
٦٤٤ ـ أخبرنى عصمة
بن عصام : حدثنا حنبل قال : سألت أبا عبد الله قلت : ما ترى فى النياحة إذا كنت فى
موضع تنهى أن تنوح؟ قال : أجل من المعروف قال الله تعالى : (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) يعنى النياحة وهى معصية.
٦٤٥ ـ أخبرنى محمد
بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال : سألت أحمد عن الرجل يدعى ليغسل الميت فيسمع
عندهم صوت النوح فيما ترى؟ يدخل يغسله وهم ينوحون؟ قال : نعم ولكن ينهاهم .
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٦٤٦ ـ سألت أبى عن
الجنازة معها نوائح أو صوائح تتبع؟ قال : قال الحسن : لا ندع حقا لباطل .
__________________
التعليق :
النوح على الأموات
من عادات الجاهلية ، وقد حرمه الإسلام ، وأعنى بالنوح رفع الصوت والصياح وضرب
الوجوه وما شابه ذلك وهذا بخلاف البكاء الّذي يكون على وجه الرحمة والحزن .
ففى النوح تسخط
على قضاء الله وقدره وترك التسليم لأمره جل وعلا وسأذكر بعض ما صح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى هذه المسألة حتى يتضح لنا مدى التحذير من هذا الأمر :
روى مسلم عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اثنتان فى الناس هما بهم كفر : الطعن فى النسب والنياحة
على الميت».
وروى مسلم عن أبى مالك الأشعرى أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أربع فى أمتى من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر
فى الأحساب ، والطعن فى الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة» وقال : «النائحة
إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب».
وروى البخارى ومسلم عن أم عطية قالت : أخذ علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع البيعة ألا ننوح.
وروى الحاكم عن أبى هريرة قال : لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلىاللهعليهوسلم صاح أسامة بن زيد ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليس هذا منى ، وليس بصائح حق ، القلب يحزن ، والعين
تدمع ، ولا يغضب
__________________
الرب».
وروى البخارى ومسلم عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليس منا من ضرب الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى
الجاهلية».
وروى البخارى ومسلم عن أبى بردة بن أبى موسى قال : وجع أبو موسى وجعا فغشى
عليه ، ورأسه فى حجر امرأة من أهله ، فصاحت امرأة من أهله ، فلم يستطع أن يرد
عليها شيئا ، فلما أفاق قال : أنا بريء مما برئ منه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة.
وروى أبو داود عن أسيد بن أبى أسيد عن امرأة من المبايعات قالت : كان
فيما أخذ علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى المعروف الّذي أخذ علينا أن لا نعصيه فيه : أن لا نخمش
وجها ولا ندعو ويلا ولا نشق جيبا وأن لا ننشر شعرا.
من هنا يتضح أنه
لا مجال للاجتهاد فى هذا الأمر وأن حرمته قطعية بنص الأحاديث. والروايات عن الإمام
أحمد فى مجملها تفيد هذا ، أما ما نقله ابن قدامة فى المغنى إذ يقول:
ونقل حرب عن أحمد
كلاما فيه احتمال إباحة النوح والندب واختاره الخلال وصاحبه.
قال ابن حجر معلقا
: ونقل ابن قدامة عن أحمد رواية أن بعض النياحة
__________________
لا تحرم وفيه نظر
، وكأنه أخذه من كونه صلىاللهعليهوسلم لم ينه عمة جابر لما ناحت عليه فدل على أن النياحة إنما
تحرم إذا انضاف إليها فعل من ضرب خد أو شق جيب ، وفيه نظر ، لأنه صلىاللهعليهوسلم إنما نهى عن النياحة بعد هذه القصة لأنها كانت بأحد ، وقد
قال فى أحد : «لكن حمزة لا بواكى له» ثم نهى عن ذلك وتوعد عليه ، وذلك بين فيما
أخرجه أحمد وابن ماجة وصححه الحاكم من طريق أسامة بن زيد ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله
صلىاللهعليهوسلم مر بنساء بنى عبد الأشهل يبكين هلكاهن يوم أحد فقال : «لكن
حمزة لا بواكى له» ، فجاء نساء الأنصار يبكين حمزة فاستيقظ رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «ويحهن ، ما انقلبن بعد ، مروهن فلينقلبن ، ولا
يبكين على هالك بعد اليوم ».
قلت : ولعل ابن
قدامة يشير إلى رواية حرب التى تقدمت وإن كان يقصدها ـ وهو الغالب ـ فليس فيها ما
يدل على الإباحة بل الروايات كما أسلفت تدل على التحريم ففى إحداها قال : هو من
فعل الجاهلية وفى الأخرى أخذ بحديث أم عطية. قالت : لما نزلت هذه الآية : (يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ
بِاللهِ شَيْئاً ... وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) قالت : كان منه النياحة .
وفى أخرى قال :
ينهاهم والمباح لا ينهى عنه. وعند ما سئل عن الجنائز التى تتبعها النوائح قال :
تتبع واستشهد بقول الحسن : لا ندع حقا لباطل.
والباطل لا يكون
مباحا. والله تعالى أعلم.
قال المرداوى :
يحرم عليه أن يتبعها ومعها منكر عاجز عن منعه على الصحيح من المذهب نص عليه. نحو
طبل أو نوح أو لطم نسوة وتصفيق ورفع
__________________
أصواتهن وعنه : يتبعها
وينكر بحسبه ويلزم القادر فلو ظن أنه إذا اتبعها أزيل المنكر ، لزمه على الروايتين
لحصول المقصودين .
__________________
قول الإمام أحمد فى : التعزية
فى مسائل أبى داود
:
٦٤٧ ـ أخبرنا أبو
بكر قال : حدثنا أبو داود قال : قلت لأحمد : التعزية عند القبر؟ قال : أرجو أن لا
يكون به بأس.
٦٤٨ ـ قال أبو
داود : رأيت أحمد عزى مصابا فقال : أعظم الله أجرك وتكلم بكلام نحوه ولم أحفظه قال
فيه : ورحم ميتكم.
٦٤٩ ـ قلت لأحمد :
أولياء الميت يقعدون فى المسجد يعزون؟ قال : أما أنا فلا يعجبنى أخشى أن يكون
تعظيما للميت أو قال للموت .
وقال ابن أبى يعلى
فى ترجمة أحمد بن محمود الساوى : ذكره أبو بكر الخلال فى الأصحاب.
٦٥٠ ـ نقلت من
كتاب الجنائز لأبى بكر الخلال ، قال أحمد بن محمود الساوى : رأيت أبا عبد الله جاء يعزى أبا طالب ، فوقف بباب المسجد
، فقال : عظم الله أجركم ، وأحسن عزاءكم ، ثم جلس ، ولم يقصد أحدا منهم .
التعليق :
المقصود بالتعزية
الحث على الصبر واحتساب الأجر عند الله عزوجل والدعاء للميت وهى من الأمور المشروعة فقد روى النسائى عن معاوية
__________________
ابن قرة عن أبيه
قال : كان نبى الله صلىاللهعليهوسلم إذا جلس يجلس إليه نفر من أصحابه وفيهم رجل له ابن صغير
يأتيه من خلف ظهره فيقعده بين يديه فهلك فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة لذكر ابنه
فحزن عليه ففقده النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : ما لي لا أرى فلانا؟ قالوا يا رسول الله بنيه الّذي
رأيته هلك فلقيه النبي صلىاللهعليهوسلم فسأله عن بنيه فأخبره أنه هلك فعزاه عليه ... الحديث.
ورواه أحمد مختصرا.
وأحسن ما يعزى به
ما ورد فى الحديث الصحيح : عن أسامة بن زيد قال : أرسلت ابنة النبي صلىاللهعليهوسلم إليه : إن ابنا لى فى الموت فأتنا ، فأرسل يقرئ السلام
ويقول : «إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل عنده بأجل مسمى ، فلتصبر ولتحتسب» الحديث .
وعن أم سلمة قالت
: دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أبى سلمة وقد شق بصره فأغمضه فضجّ ناس من أهله ، فقال
: «لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون» ثم قال : «اللهم
اغفر لأبى سلمة وارفع درجته فى المهديين واخلفه فى عقبه فى الغابرين واغفر لنا وله
يا رب العالمين ، وأفسح له فى قبره ونور له فيه» اه
وقد ظهرت جملة من
البدع فى التعزية :
ومنها : اجتماع
الناس للتعزية فى مكان معين وجلب القراء ونحوه وهذا لم يشرع عن النبي صلىاللهعليهوسلم ولم يكن معروفا عند سلفنا الصالح ، وقد كرهه الإمام أحمد.
يقول ابن القيم :
وقد كان من هديه صلىاللهعليهوسلم تعزية أهل الميت
__________________
ولم يكن من هديه
أن يجتمع للعزاء ويقرأ له القرآن لا عند قبره ولا غيره وكل هذه بدعة حادثة مكروهة
وكان من هديه السكون والرضا بقضاء الله والحمد لله والاسترجاع ... وكان من هديه أن
أهل الميت لا يتكلفون الطعام للناس بل أمر أن يصنع الناس لهم طعاما .
وقال أبو الخطاب :
يكره الجلوس للتعزية ، وقال ابن عقيل : يكره الاجتماع بعد خروج الروح لأن فيه
تهييجا للحزن ، وقال أحمد : أكره التعزية عند القبر إلا لمن لم يعز ، فيعزى إذا
دفن الميت أو قبل أن يدفن . اه
قال النووى : وأما
الجلوس للتعزية فنص الشافعى والمصنف وسائر الأصحاب على كراهته ، قالوا : يعنى
بالجلوس لها أن يجتمع أهل الميت فى بيت فيقصدهم من أراد التعزية ، قالوا : بل
ينبغى أن ينصرفوا فى حوائجهم فمن صادفهم عزاهم ولا فرق بين الرجال والنساء فى
كراهة الجلوس لها . اه
وفى تعزية أهل
الذمة روايتان عن أحمد مخرجة على عيادتهم.
قال ابن قدامة :
إحداهما : لا
نعودهم. فكذلك لا نعزيهم ...
والثانية :
نعودهم. فعلى هذا نعزيهم ... .
__________________
قول الإمام أحمد فى ارتفاع القبر
فى مسائل أبى داود
:
٦٥١ ـ أخبرنا أبو
بكر قال : حدثنا أبو داود قال : سمعت أحمد قال : لا يزاد على القبر من تراب غيره
إلا أن يستوى بالأرض فلا يعرف. فكأنه رخص إذ ذاك .
التعليق :
هذه المسألة يلحق
بها تجصيص القبور والبناء عليها. وكذا الكتابة عليها وكلها أمور نهى الشارع عنها.
فقد روى عن جابر بن عبد الله أنه قال : «نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه» .
وفى بعض الروايات
زاد : «أو يزاد عليه أو يكتب عليه» .
وفى بعضها زاد : «أو
يكتب عليه» .
وروى عن أبى
الهياج الأسدى قال : قال لى على بن أبى طالب : ألا أبعثك على ما بعثنى عليه رسول
الله عليهالسلام أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته .
__________________
وروى عن ثمامة بن
شفى قال : كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم فتوفى صاحب لنا فأمر فضالة بن عبيد
بقبره فسوى ثم قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمر بتسويتها .
والّذي يظهر من
كلام أحمد ـ والله أعلم ـ تحريم الزيادة على القبر إلا بالقدر الّذي يعرف أنه قبر
حتى يصان عن المشى عليه ونحوه .
ومن باب أولى
تحريم البناء عليها واتخاذ القباب والمشاهد ، وهذا هو الظاهر من الأحاديث.
وقد حمل البعض
رواية أبى داود ـ المتقدمة عن أحمد ـ على الكراهة فقط .
قلت : أما التجصيص
والكتابة فقد اختلف فيهما فمن قائل بالتحريم وقائل بالكراهة . وكذا زيادة التراب ـ إن لم يكن له حاجة ـ وأما البناء عليها بوضع القباب ونحوه مما هو مشاهد فى
بقاع كثيرة فلا شك فى أن ذلك محرم ، وقد كان هذا الفعل سببا فى وقوع الشرك. إذ إن
هذه المشاهد أصبحت تقصد وتشد الرحال إليها ويطلب من المقبورين فيها قضاء الحوائج
وتحقيق المطالب ، ويقع عندها من الشرك والمنكرات ما لا يشك معه عاقل من وجوب
اقتلاع تلك الأبنية والمشاهد الوثنية ، والله تعالى نسأل أن يبصر المسلمين بأمور
دينهم وأن يريهم الحق حقا ويرزقهم اتباعه ويريهم الباطل باطلا ويرزقهم اجتنابه .
__________________
قول الإمام أحمد فى القراءة عند القبور
قال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٦٥٢ ـ سألت أبا
عبد الله عن القراءة على القبر؟ فقال : القراءة على القبر بدعة .
٦٥٣ ـ وقال أبو
داود : سمعت أحمد وسئل عن القراءة عند القبر؟ فقال : لا.
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٦٥٤ ـ سمعت أبى
سئل عن رجل يقرأ عند القبر على الميت. قال : أرجو أن لا يكون به بأس.
٦٥٥ ـ سألت أبى عن
الرجل يحمل معه المصحف إلى القبر يقرأ عليه؟ قال : هذه بدعة. قلت لأبى : وإن كان
يحفظ القرآن يقرأ؟ قال : لا ، يجيء ويسلم ، ويدعو وينصرف .
قال أبو بكر
الخلال :
٦٥٦ ـ قال الدورى : سألت أحمد بن حنبل قلت : تحفظ فى القراءة على القبور
شيئا؟ فقال : لا.
__________________
٦٥٧ ـ وأخبرنى
الحسن بن أحمد الوراق قال : حدثنى على بن موسى الحداد وكان صدوقا ، وكان ابن حماد المقرئ يرشد إليه ، فأخبرنى قال : كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن
قدامة الجوهرى فى جنازة ، فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر ،
فقال له أحمد : يا هذا ، إن القراءة عند القبر بدعة ، فلما خرجنا من المقابر قال
محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل : يا أبا عبد الله ، ما تقول فى مبشر الحلبى؟ قال :
ثقة . قال : كتبت عنه شيئا؟ قلت : نعم. قال : فأخبرنى. قلت : فأخبرنى مبشر عن عبد
الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها
وقال : سمعت ابن عمر يوصى بذلك. فقال أحمد : ارجع فقل للرجل يقرأ .
__________________
٦٥٨ ـ وأخبرنا أبو
بكر بن صدقة قال : سمعت عثمان بن أحمد بن إبراهيم الموصلى قال : كان
أبو عبد الله أحمد بن حنبل فى جنازة ، ومعه محمد ابن قدامة الجوهرى قال : فلما قبر
الميت جعل إنسان يقرأ عنده فقال أبو عبد الله لرجل : تمر إلى ذلك الرجل الّذي يقرأ
فقل له : لا تفعل فلما مضى قال له محمد بن قدامة : مبشر الحلبى كيف هو ، فذكر
القصة بعينها .
٦٥٩ ـ أخبرنى
العباس بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز قال : حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن النيسابورى عن سلمة بن شبيب قال : أتيت أحمد بن حنبل يصلى خلف ضرير
يقرأ على القبور . اه
٦٦٠ ـ قال ابن أبى
يعلى فى ترجمة : محمد بن أحمد المروروذى : ذكره أبو بكر الخلال فقال : روى عن أبى
عبد الله مسائل لم تقع إلى غيره ، ثقة من أهل الروذ ، سمعت عنه من بطل ثقة من أهل
أصبهان وذكره بجميل. حدثنى الحسن بن مهران بن الوليد الأصبهانى قال : سمعت محمد بن
أحمد المروروذى يقول : سمعت أحمد بن حنبل يقول : إذا دخلتم المقابر فاقرءوا آية
الكرسى ثلاث مرات ، وقل هو الله أحد ، ثم قولوا : اللهم فضله لأهل المقابر .
__________________
٦٦١ ـ وروى أبو
بكر فى الشافى قال : قال محمد بن أحمد المروروذى : سمعت محمد بن أحمد بن حنبل يقول
: إذا دخلتم المقابر فاقرءوا آية الكرسى وثلاث مرات قل هو الله أحد ثم قولوا :
اللهم إن فضله لأهل المقابر.
٦٦٢ ـ وروى أبو
بكر فى الشافى قال : قال محمد بن أحمد المروروذى : سمعت أحمد بن حنبل يقول : إذا
دخلتم المقابر فاقرءوا بفاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد واجعلوا ثواب ذلك
لأهل المقابر فإنه يصل إليهم.
التعليق :
الكلام فى هذه
المسألة على شقين : القراءة عند القبر وقت الدفن فقط ، والقراءة بصفة عامة.
وقبل الكلام عن
كلا الشقين أقول : إنه لم يؤثر عن النبي صلىاللهعليهوسلم هذا الأمر لا بفعله هو عليه الصلاة والسلام ولا بإقراره لغيره ، بل إن مجموع الأحاديث التى جاءت عن
النبي صلىاللهعليهوسلم فيما يتعلق بالقبور وزيارتها يؤخذ منها أن هذا الفعل محدث
، فالنبى صلىاللهعليهوسلم كان يزور القبور وكان يحضر الدفن غالبا ولو كان هذا أمرا
حسنا لما سكت عنه صلىاللهعليهوسلم ولبينه للناس ، بل المأثور عنه عليه الصلاة والسلام أنه
إذا زار المقابر قال : «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون
وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد» .
وعن بريدة قال :
كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول : «السلام
عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله للاحقون ، أسأل الله لنا
ولكم العافية» .
__________________
هذا هو الهدى
النبوى.
أعود إلى الخلاف
فى المسألة وأقول : إن شارح الطحاوية قد لخصه إذ يقول : «اختلف العلماء فى قراءة
القرآن عند القبور على ثلاثة أقوال : هل تكره ، أم لا بأس بها وقت الدفن ، وتكره
بعده؟ فمن قال بكراهتها كأبي حنيفة ومالك وأحمد فى رواية ـ قالوا : لأنه محدث لم
ترد به السنة والقراءة تشبه الصلاة والصلاة عند القبور منهى عنها فكذلك القراءة ،
ومن قال : لا بأس بها كمحمد ابن الحسن وأحمد فى رواية استدلوا بما نقل عن ابن عمر
رضى الله عنهما : أنه أوصى أن يقرأ على قبره وقت الدفن بفواتح سورة البقرة
وخواتمها ، ونقل أيضا عن بعض المهاجرين قراءة سورة البقرة ، ومن قال : لا بأس بها
وقت الدفن فقط وهو رواية عن أحمد أخذ بما نقل عن ابن عمر وبعض المهاجرين ، وأما
بعد ذلك كالذين يتناوبون القبر للقراءة عنده فهذا مكروه فإنه لم تأت به السنة ولم
ينقل عن أحد من السلف مثل ذلك أصلا ...» .
وقال ابن تيمية :
فيها ثلاث روايات عن أحمد ... والثانية : أن ذلك مكروه وهذه الرواية هى التى رواها
أكثر أصحابه عنه وعليها قدماء أصحابه الذين صحبوه كعبد الوهاب الوراق وأبى بكر
المروزي ونحو هما ، وهى مذهب جمهور السلف كأبي حنيفة ومالك وهشيم بن بشير وغير هم
ولا يحفظ عن الشافعى نفسه فى هذه المسألة كلام لأن ذلك عنده بدعة.
وقال مالك : ما
علمت أحدا يفعل ذلك . اه
قال أبو يعلى بن
الفراء : قال أبو بكر ـ يعنى الخلال ـ نقل أبو بكر المروزي وأبو داود ومنها وحنبل
وأبو طالب وابن بدينا وإسحاق بن إبراهيم وغيرهم : أن القراءة لا تجوز عند القبر.
وبعضهم يروى أنها بدعة. وعلى هذا كان مذهبه ، ورجع أبو عبد الله رجوعا أبان عن
نفسه فقال : يقرأ ، وقال
__________________
أبو حفص بن مسلم
العكبرى : وقد روى عن أبى عبد الله بضع عشرة نفسا كلهم يقول : بدعة ومحدث فأكرهه
وبهذه الرواية أقول . اه
قلت : وهذا القول
الأخير هو الّذي يتلاءم مع ما عرف عن الإمام أحمد من كراهة كل محدث.
وأما ما جاء فى
رواية المروروذى عن أحمد : إذا دخلتم المقابر ... فعلى تقدير ثبوت هذه الرواية عن
الإمام أحمد فإن هذا لم يرد عن النبي صلىاللهعليهوسلم وقد تقدم ما كان يقوله عليه الصلاة والسلام عند زيارة
المقابر.
__________________
الذبح عند القبر
٦٦٣ ـ قال الإمام
أحمد فى رواية المروزي : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا عقر فى الإسلام» كانوا إذا مات لهم الميت نحروا جزورا على قبره ، فنهى
النبي صلىاللهعليهوسلم عن ذلك. كره أبو عبد الله أكل لحمه .
__________________
قول الإمام أحمد فى : عذاب القبر ونعيمه
قال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٦٦٤ ـ قيل له : وعذاب القبر ومنكر ونكير؟
قال أبو عبد الله
: نؤمن بهذا كله ومن أنكر واحدة من هذه فهو جهمى.
٦٦٥ ـ سمعت أبا
عبد الله يقول : قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين» وقوله : «يا صاحب السبتيتين اخلع سبتيتك» .
قال أبو عبد الله
: خلع النعال أمر من النبي صلىاللهعليهوسلم فى المقابر وقوله : «إنه ليسمع خفق نعالهم» مثل ضربه النبي
صلىاللهعليهوسلم من سرعة ما يسأل الرجل فى قبره .
٦٦٦ ـ وقال أبو
بكر المروزي : قال لنا أبو عبد الله : عذاب القبر حق ، ما ينكره إلا ضال مضل .
* ونحو ما تقدم
نقل عنه :
٦٦٧ ـ عبدوس بن
مالك قال : سمعت أحمد يقول : والإيمان بعذاب القبر وأن هذه الأمة تفتن فى قبورها
وتسأل عن الإيمان والإسلام ومن ربه ومن نبيه ويأتيه منكر ونكير كيف شاء وكيف أراد
والإيمان به والتصديق به .
__________________
٦٦٨ ـ مسدد بن
مسرهد : كتب إليه أحمد ... والإيمان بمنكر ونكير وعذاب القبر .
٦٦٩ ـ محمد بن عوف
الطائى قال : أملى عليّ أحمد ... والإيمان بعذاب القبر وبفتنة القبر يسأل العبد عن
الإيمان والإسلام ومن ربه وما دينه ومن نبيه وبمنكر ونكير .
٦٧٠ ـ محمد بن
حبيب قال : سمعت أحمد يقول : والإيمان بعذاب القبر والإيمان بمنكر ونكير .
٦٧١ ـ حنبل بن
إسحاق قال : قلت لأبى عبد الله فى عذاب القبر فقال : هذه أحاديث صحاح نؤمن بها
ونقر بها. كلما جاء عن النبي صلىاللهعليهوسلم إسناد جيد أقررنا به. إذا لم نقر بما جاء به رسول صلىاللهعليهوسلم ودفعناه رددنا على الله أمره. قال الله تعالى : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) .
٦٧٢ ـ قلت له :
وعذاب القبر حق قال : حق يعذبون فى القبر.
٦٧٣ ـ قال : وسمعت
أبا عبد الله يقول : نؤمن بعذاب القبر وبمنكر ونكير وأن العبد يسأل فى قبره (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا
بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) فى القبر.
٦٧٤ ـ أحمد بن
القاسم قال : قلت يا أبا عبد الله تقر بمنكر ونكير وما يروى فى عذاب القبر قال :
سبحان الله نقر بذلك كله ونقوله قلت : هذه اللفظة تقول : منكر ونكير هكذا أو تقول
: ملكين قال : منكر ونكير ، قلت : يقولون : ليس فى حديث : منكر ونكير قال : هو
هكذا يعنى أنهما منكر ونكير .
__________________
٦٧٥ ـ وفى كتاب
السنة له ورسالة الإصطخرى عنه قال : وعذاب القبر حق يسأل العبد عن دينه وعن ربه
ويرى مقعده من النار والجنة ، ومنكر ونكير حق وهما فتانا القبور نسأل الله عزوجل الثبات .
التعليق :
عذاب القبر ثابت
بنص السنة. وقد ذكر العلماء أن فى قول الله تعالى : (يُثَبِّتُ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) وفى قوله جل وعلا : (إِذِ الظَّالِمُونَ فِي
غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ
الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ) وفى قوله تبارك وتعالى : (سَنُعَذِّبُهُمْ
مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) وفى قوله تعالى وتقدس : (وَحاقَ بِآلِ
فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) وفى قوله عزوجل : (فَذَرْهُمْ حَتَّى
يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ
كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً
دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) .
أقول : ذكروا أن
فيها دلالات على عذاب القبر ، واستدلوا عليه بآيات أخر أيضا.
أما من السنة
فالأحاديث الدالة صراحة عليه كثيرة أذكر منها :
ما رواه مسلم عن البراء بن عازب عن النبي صلىاللهعليهوسلم
__________________
قال : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا
بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) قال : نزلت فى عذاب القبر. فيقال له من ربك؟ فيقول : ربى
الله ونبى محمد صلىاللهعليهوسلم فذلك قوله عزوجل : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ
آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ).
وروى مسلم عن زيد بن ثابت قال : بينما النبي صلىاللهعليهوسلم فى حائط لبنى النجار على بغلة له ونحن معه إذ حادت به
فكادت تلقيه وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة فقال : «من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟»
فقال رجل : أنا. قال : «فمتى مات هؤلاء» قال : ماتوا فى الإشراك. فقال : «إن هذه
الأمة تبتلى فى قبورها فلو لا أن تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر
الّذي أسمع منه». ثم أقبل علينا بوجهه فقال : «تعوذوا بالله من عذاب النار» قالوا
: نعوذ بالله من عذاب النار. فقال : «تعوذوا بالله من عذاب القبر» ... الحديث.
وروى البخارى عن ابن عباس قال : مر النبي صلىاللهعليهوسلم على قبرين فقال : «إنهما ليعذبان وما يعذبان فى كبير ثم
قال : بلى أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة وأما أحدهما فكان لا يستتر من بوله» ...
الحديث.
وروى البخارى ومسلم عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشى إن
كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال : هذا
مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة».
والأحاديث كما
أسلفت كثيرة وفى بعضها تفصيل لهذا الحدث الّذي سيواجه كل مسلم . فليراجع ذلك فى مظانه فى كتب الحديث والعقائد.
__________________
وإلى هذه الآيات
والأحاديث ذهب «أهل السنة والجماعة» فأثبتوا عذاب القبر وأقروا به وهو من جملة
عقيدتهم التى يدينون لله عزوجل بها ، وعندهم أن النعيم أو العذاب يقع على البدن والروح
معا.
يقول شارح
الطحاوية : وليس السؤال فى القبر للروح وحدها كما قال ابن حزم وغيره وأفسد منه قول
من قال : إنه للبدن بلا روح والأحاديث الصحيحة ترد القولين. وكذلك عذاب القبر يكون
للنفس والبدن جميعا باتفاق أهل السنة والجماعة تنعم النفس وتعذب مفردة عن البدن
ومتصلة به . اه
والنعيم والعذاب
حاصل سواء قبر الميت أو لم يقبر ، ولكن لما كان الغالب على الموتى أنهم يقبرون كان
ألصق فى التسمية».
يقول شارح
الطحاوية : «واعلم أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ فكل من مات وهو مستحق للعذاب ناله
نصيبه منه قبر أو لم يقبر أكلته السباع أو احترق حتى صار رمادا ونسف فى الهواء أو
صلب أو غرق فى البحر وصل إلى روحه وبدنه من العذاب ما يصل إلى المقبور» .
وقد اختلف هل
السؤال فى القبر خاص بمن يدعى الإيمان محقا كان أم مبطلا كالمنافق أم أنه يشمل
الكافر.
والصواب ـ والله
أعلم ـ أن السؤال يشمل الجميع ففى حديث أنس فى عذاب القبر ، قال عليه الصلاة والسلام
: «وأما المنافق والكافر فيقال له : ما كنت تقول فى هذا الرجل» ...
وفى رواية له : «وأما
الكافر أو المنافق» وفى رواية أبى داود من حديث أبى هريرة : «وإن الكافر إذا وضع»
وفى رواية أحمد من حديث أبى سعيد : «وإن كان كافرا أو منافقا» وفى رواية عن أسماء
: «فإن كان فاجرا أو كافرا» وفى رواية أخرى لها فى الصحيحين : «وأما المنافق أو
المرتاب» ...
__________________
يقول ابن حجر :
فاختلفت هذه الروايات لفظا وهى مجتمعة على أن كلا من الكافر والمنافق يسأل ، ففيه
تعقيب على من زعم أن السؤال إنما يقع على من يدعى الإيمان إن محقا وإن مبطلا
ومستندهم ما رواه عبد الرزاق من طريق عبيد بن عمير أحد كبار التابعين قال : «إنما يفتن رجلان مؤمن ومنافق
وأما الكافر فلا يسأل عن محمد ولا يعرفه» وهذا موقوف. والأحاديث الناصة على أن
الكافر يسأل مرفوعة مع كثرة طرقها الصحيحة فهى أولى بالقبول . اه
قال ابن حجر :
ومال ابن عبد البر إلى الأول ـ أى الرأى القائل أن الكافر لا يسأل ـ وقال : الآثار
تدل على أن الفتنة لمن كان منسوبا إلى أهل القبلة وأما الكافر والجاحد فلا يسأل عن
دينه.
قال ابن حجر :
وتعقبه ابن القيم فى كتاب الروح ... .
قلت : وقد أجلى
ابن القيم المسألة وبين ـ بالأدلة الكثيرة ـ أن الكافر يسأل فراجع المصدر المذكور . اه واختلف فى مسألة أخرى وهى : هل السؤال فى القبر خاص
بهذه الأمة أم أنه وقع على الأمم قبلها على ثلاثة أقوال : أحدها التوقف .
أما تسمية الملكين
بمنكر ونكير فقد ورد فى حديث أبى هريرة مرفوعا والّذي رواه الترمذي وقال : حسن غريب وابن أبى عاصم
__________________
والآجرى .
قال الألبانى :
جيد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم. وفى ابن إسحاق وهو العامرى كلام لا يضر . اه
وبعد أن بينت موقف
أهل السنة من هذه المسألة العظيمة ـ عذاب القبر ونعيمه ـ يجدر التنبيه إلى أن
هنالك من عميت بصيرته فجحده أو أثبته إثباتا يوافق هواه أما الأحاديث المتواترة الصحيحة فلم يلتفتوا إليها وكثير
منهم نظر إلى المسألة من زاوية عقلية صرفة مع أن العقل لا يحيل ذلك مطلقا فقدرة
الله تبارك وتعالى عظيمة وهى فوق كل شيء ولم يرد فى الشريعة أمر تحيله العقول وقد
يرد فيها ما تحار فيه العقول ، وفى هذا دافع على زيادة الإيمان والتسليم لله جل
وعلا والمعرفة بعظيم قدرته وسلطانه.
فعذاب القبر
ونعيمه بعد هذه النصوص لا ينكره إلا ضال مضل كما قال الإمام أحمد رحمهالله.
__________________
قول الإمام أحمد فى زيارة القبور
فى مسائل أبى داود
:
٦٧٦ ـ أخبرنا أبو
بكر قال : حدثنا أبو داود قال : سألت أحمد عن زيارة النساء القبر؟ قال : لا ، قلت
: الرجال أيسر؟ قال : نعم ثم ذكر حديث ابن عباس رحمهماالله : لعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم زوارات القبور .
وقال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٦٧٧ ـ قلت : ما
تقول فى زيارة القبور؟ قال : لا بأس بها. سئل عن النساء أيخرجن إلى المقابر؟ قال :
لا تخرج المرأة إلى المقابر ولا إلى غيرها .
٦٧٨ ـ قال أبو
يعلى بن الفراء : ونقل محمد بن الحسن بن هارون وقد سئل عن المرأة تزور القبر؟ قال
: أرجو أن لا يكون به بأس. واحتج بحديث عائشة .
التعليق :
زيارة الرجال
للقبور على الوجه المشروع من الأمور المشروعة لما يحصل من الاتعاظ للزائر والدعاء
للميت فقد روى مسلم عن بريدة بن الحصيب
__________________
قال : قال رسول
الله صلىاللهعليهوسلم «نهيتكم عن زيارة
القبور فزوروها».
وفى رواية لأحمد
زاد : «فإن فى زيارتها عظة وعبرة» وفى أخرى
«ولا تقولوا هجرا» وهذه الزيادات عند غيره أيضا.
قال ابن الأثير : «الهجر
: الفحش. يقال أهجر فى منطقه يهجر إهجارا إذا أفحش وكذلك إذا أكثر الكلام فيما لا
ينبغى» .
قلت : ومن هنا
يتضح لنا بطلان ما يفعله بعض الجهلة من الصياح ورفع الأصوات عند المقابر فهذا كله
مخالف للزيارة المشروعة ، أما ما يفعله البعض من الاستغاثة بأصحاب القبور والتضرع
إليهم ودعائهم فهذا شرك.
فزيارة الرجال
للقبور إن لم يتخللها محظور وكانت على الوجه المأثور عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فهى مشروعة. وإن كان البعض قد كرهها فلعله لم تبلغه
الأحاديث التى نسخت النهى لأن النبي صلىاللهعليهوسلم نهى عن زيارتها فى بادئ الأمر .
قال ابن قدامة :
قال على بن سعيد : سألت أحمد عن زيارة القبور تركها أفضل عندك أو زيارتها؟ قال :
زيارتها وقد صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «كنت نهيتكم ...» الحديث .
هذا بالنسبة
للرجال وأما زيارة النساء للقبور فقد اختلف فيها :
يقول النووى :
فيها خلاف للعلماء وهى ثلاثة أوجه لأصحابنا أحدها : تحريمها عليهن لحديث : «لعن
الله زوارات القبور» والثانى : يكره ، والثالث : يباح ويستدل له بهذا الحديث ـ يقصد
حديث عائشة ـ وبحديث «كنت نهيتكم
__________________
عن زيارة القبور
فزوروها» ويجاب عن هذا بأن «نهيتكم» ضمير ذكور فلا يدخل فيه النساء على المذهب
الصحيح المختار فى الأصول .
ويقول ابن حجر :
واختلف فى النساء فقيل : دخلن فى عموم الإذن وهو قول الأكثر ، ومحله إذا أمنت
الفتنة. ويؤيد الجواز حديث الباب ، وموضع الدلالة منه أنه صلىاللهعليهوسلم لم ينكر على المرأة قعودها عند القبر ، وتقريره حجة.
وممن حمل الإذن
على عمومه للرجال والنساء عائشة فروى الحاكم من طريق ابن أبى مليكة أنه رآها زارت قبر أخيها عبد الرحمن
فقيل لها : أليس قد نهى النبي صلىاللهعليهوسلم عن ذلك؟ قالت : نعم ، كان نهى ثم أمر بزيارتها.
وقيل : الإذن خاص
بالرجال ولا يجوز للنساء زيارة القبور وبه جزم الشيخ أبو إسحاق فى المهذب واستدل
له بحديث عبد الله بن عمرو وبحديث : «لعن الله زوارات القبور».
واختلف من قال
بالكراهة فى حقهن هل هى كراهة تحريم أو تنزيه . اه
__________________
قلت : ومن أقوى
أدلة المانعين حديث لعن زوارات القبور وقد أجيب عنه بأنه منسوخ وهذا يحتاج إلى
دليل قطعى.
وقد أجيب بجواب
آخر ذكره ابن حجر عن القرطبى : «هذا اللعن إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه
الصفة من المبالغة ، ولعل السبب ما يفضى إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج وما
ينشأ منهن من الصياح ونحو ذلك فقد يقال : إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الإذن لأن
تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء» . اه
يقول ابن قدامة :
والنهى المنسوخ كان عاما للرجال والنساء ويحتمل أنه كان خاصا للرجال ، ويحتمل أيضا
كون الخبر فى لعن زوارات القبور بعد أمر الرجال بزيارتها فقد دار بين الحظر
والإباحة ، فأقل أحواله الكراهة ، ولأن المرأة قليلة الصبر كثيرة الجزع ، وفى
زيارتها للقبر تهييج لحزنها وتجديد لذكر مصابها ولا يؤمن أن يفضى بها ذلك إلى فعل
ما لا يجوز بخلاف الرجل. ولهذا اختصصن بالنوح والتعديد وخصصن بالنهى عن الحلق
والصلق ونحوهما . اه
قلت : وكلام أحمد
بمجموعه يدل على المنع. والله أعلم.
__________________
قول الإمام أحمد فى مستقر الأرواح
ما بين الموت إلى يوم القيامة
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٦٧٩ ـ سألت أبى عن
أرواح الموتى أتكون فى أقبية قبورها ، أم فى حواصل طير أم تموت كما تموت الأجساد؟.
فقال : قد روى عن
النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «نسمة المؤمن طائر يعلق بشجر الجنة حتى يرجعه
الله إلى جسده يوم يبعثه» .
وقد روى عن عبد
الله بن عمرو قال : إن أرواح المؤمنين فى أجواف طير خضر كالزائر يتعارفون فيها ،
ويرزقون من ثمرها . وقال بعض الناس : أرواح الشهداء فى أجواف طير خضر ، تأوى
إلى قناديل فى الجنة معلقة بالعرش قال ابن أبى يعلى : ذكر الوالد فى المعتمد قال : روى عبد
الله عن أبيه قال : أرواح الكفار فى النار وأرواح المؤمنين فى الجنة .
__________________
التعليق :
الكلام على هذه
المسألة مبنى على ما ذهب إليه أهل السنة من أن الروح محدثة مخلوقة وهو ما دل عليه
السمع والعقل خلافا لمن قال : بأنها قديمة .
وكذا مبنى على ما
ذهبوا إليه أيضا من أن الروح لا تفنى بعد خروجها من الجسد عند الموت .
وعلى هذا القول
الصحيح اختلف في مستقر الأرواح وتعددت الأقوال وإن كان كثير منها لا يمكن الاعتماد
عليه لأنه لا يمكن القطع بقول ما لم يكن مستندا إلى دليل صحيح صريح ، وقد لخص لنا
شارح الطحاوية الأقوال في المسألة . ولعل أصحها ما ذهب إليه أبو هريرة وعبد الله بن عمر أن
أرواح المؤمنين عند الله تعالى فى الجنة شهداء كانوا أم غير شهداء إذا لم يحبسهم
عن الجنة كبيرة ولا دين وتلقاهم ربهم بالعفو عنهم.
فقد روى مالك بإسناد صحيح عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنما نسمة المؤمن طير يعلق فى شجر الجنة حتى يرجعه الله
تعالى إلى جسده يوم يبعثه». والنسمة : الروح .
فهذا القول مسند
بحديث صحيح. وهو ما ذهب إليه الإمام أحمد. والله تعالى أعلم .
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد من وجوب الإيمان بخروج الأعور
الدجال وقتل عيسى بن مريم له
فى رسالته إلى
مسدد بن مسرهد قال :
٦٨٠ ـ والدجال
خارج فى هذه الأمة لا محالة وينزل عيسى بن مريم ويقتله بباب لد .
وفى رسالة عبدوس
بن مالك قال :
٦٨١ ـ والإيمان أن
المسيح الدجال خارج مكتوب بين عينيه كافر وللأحاديث التى جاءت فيه والإيمان بأن
ذلك كائن ، وأن عيسى بن مريم عليهالسلام ينزل فيقتله بباب لد .
وفى كتاب السنة له
ورسالة الإصطخرى عنه قال :
٦٨٢ ـ والأعور
الدجال خارج لا شك فى ذلك ولا ارتياب وهو أكذب الكذابين .
التعليق :
قال ابن الأثير :
أصل الدجل : الخلط. يقال : دجل إذا لبس وموه والدجال هو الّذي يظهر فى آخر الزمان
يدعى الألوهية ، وفعال من أبنية المبالغة : أى يكثر من الكذب والتلبيس . اه
__________________
قلت : والأحاديث
الصحيحة فى ذكر الدجال وخروجه من الكثرة بمكان أذكر منها :
ما رواه مسلم عن النواس بن سمعان قال : ذكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه فى طائفة النخل ،
فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا فقال : «ما شأنكم» قلنا : يا رسول الله ذكرت الدجال
غداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه فى طائفة النخل فقال : «غير الدجال أخوفنى عليكم ،
إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم ، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه ، والله
خليفتى على كل مسلم أنه شاب قطط عينه طافئة كأنى أشبهه بعبد العزى بن قطن فمن
أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف ، إنه خارج خلة بين الشام والعراق فعاث
يمينا وعاث شمالا يا عباد الله فاثبتوا» قلنا : يا رسول وما لبثه فى الأرض قال : «أربعون
يوما. يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامكم». قلنا : يا رسول الله
فذلك اليوم الّذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: «لا ، اقدروا له قدره» قلنا : يا
رسول الله وما إسراعه فى الأرض؟ قال : «كالغيث استدبرته الريح فيأتى على القوم
فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم
سارحتهم أطول ما كانت ذرا ، وأسبغه ضروعا ، وأمده خواصر ثم يأتى القوم فيدعوهم
فيردون عليه قوله ، فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ويمر
بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ثم يدعو رجلا ممتلئا
شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك ،
فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح بن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقى دمشق
بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه
جمان كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهى حيث ينتهى طرفه ،
فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله ثم يأتى عيسى بن مريم قوم قد عصمهم الله منه
__________________
فيمسح عن وجوههم
ويحدثهم بدرجاتهم فى الجنة ، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى أنى قد أخرجت
عبادا لى ، لا يدان لأحد بقتالهم ، فحرز عبادى إلى الطور ويبعث الله يأجوج ومأجوج
...» هذا حديث صحيح عظيم أوضح فيه نبى الله محمد صلىاللهعليهوسلم أمر الدجال وما سيكون عند خروجه ، ولا شك أن فتنة الدجال
عظيمة حتى إنه كان عليه الصلاة والسلام يستعيذ بالله منه وأمر أمته بالاستعاذة
منه.
فقد روى البخارى ومسلم عن عائشة أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يدعو فى الصلاة : «اللهم إنى أعوذ بك من عذاب القبر
وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ...» الحديث.
وروى مسلم عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع
: من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر المسيح
الدجال».
والأحاديث الصحيحة
فيما تقدم كثيرة فلتراجع فى مظانها فى كتب الحديث والعقائد.
وإلى هذا ذهب أهل
السنة فالإيمان بخروج الدجال كما أخبر المصطفى عليه الصلاة والسلام من جملة
عقائدهم التى يدينون لله عزوجل بها.
أما إنكار
المبتدعة ومن سار فى ركابهم للدجال فلا يلتفت إليه فالنصوص عن رسول الهدى صلىاللهعليهوسلم واضحة وصريحة وهو لا ينطق عن الهوى وليس فى عدم ذكر الدجال
فى القرآن الكريم ما يقلل من الإيمان بخروجه كما أخبر المصطفى صلىاللهعليهوسلم فالسنة الصحيحة صنو القرآن الكريم. علما بأن بعض العلماء
قالوا إن الدجال قد ذكر فى القرآن ضمنا .
__________________
قال القاضى عياض :
هذه الأحاديث التى ذكرها مسلم وغيره فى قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق فى صحة وجوده وأنه شخص
بعينه ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من إحياء الميت
الّذي يقتله ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه وجنته وناره ونهريه واتباع كنوز
الأرض له وأمر السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى
ومشيئته ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره ويبطل
أمره ويقتله عيسى صلىاللهعليهوسلم ويثبت الله الذين آمنوا.
هذا مذهب أهل
السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار خلافا لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج
والجهمية وبعض المعتزلة .
قلت : وكما مر بنا
فإن عيسى بن مريم عليهالسلام ينزل فيقتله ، ونزول عيسى من جملة عقائد أهل السنة وهو من
أشراط الساعة الكبرى فقد روى مسلم عن حذيفة بن أسيد الغفارى قال : اطلع النبي صلىاللهعليهوسلم علينا ونحن نتذاكر الساعة فقال : «ما تذاكرون» قالوا :
نذكر الساعة. قال : «إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات فذكر الدخان والدجال
والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم صلىاللهعليهوسلم ...». اه
وقد ذكر العلماء
أن فى القرآن إشارة إلى نزوله وذلك فى قول الله تعالى (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا
لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ).
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل : سألت أبى عن هذه الآية فقال : ابن عباس وغيره قالوا عيسى ثم تلا : (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ
شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ
بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ
اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً. وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ
إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ) .
__________________
قال : فهذا يدل
على أنه عيسى ليس هو محمدا صلىاللهعليهوسلم وإنما هو عيسى . اه
قلت : وإن كان
كلام أحمد هذا ليس فيه ما يدل على أن المقصود بالآية نزوله عليهالسلام لكن فيه موافقته على أن المقصود بالآية هو عيسى عليهالسلام ، وإن كان استشهاده بقول ابن عباس يدل على أنه كان يرى أن
فى الآية دلالة على نزوله لأن هذا قول ابن عباس ، والخلاف فى عود الضمير فى قوله (قَبْلَ مَوْتِهِ) :
يقول الشوكانى :
والمعنى وما من أهل الكتاب أحد إلا والله ليؤمنن به قبل موته والضمير به راجع إلى
عيسى والضمير فى موته راجع إلى ما دل عليه الكلام وهو لفظ أحد المقدر أو الكتابى
المدلول عليه بأهل الكتاب. وقيل : كلا الضميرين لعيسى. أى أنه لا يموت عيسى حتى
يؤمن به كل كتابى فى عصره وقيل : الضمير الأول لله ، وقيل : إلى محمد ، وقد اختار
كون الضميرين لعيسى ابن جرير وقال به جماعة من السلف وهو الظاهر ، والمراد الإيمان
به عند نزوله فى آخر الزمان كما وردت بذلك الأحاديث المتواترة . اه
قلت : يؤيده ما
رواه البخارى ومسلم عن أبى هريرة أنه قال : بعد ذكره لحديث نزول عيسى ـ الآتى
ـ : واقرءوا إن شئتم (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ
الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ
يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً). اه
كما أن فى قول
الله تعالى : (وَلَمَّا ضُرِبَ
ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) إلى قوله جل وعلا : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ
لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) إشارة إلى ما ذكرته.
__________________
قال الشوكانى عند
قول الله تعالى : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ
لِلسَّاعَةِ) : قال مجاهد والضحاك والسدى وقتادة : إن المراد المسيح وإن
خروجه مما يعلم به قيام الساعة لكونه شرطا من أشراطها ، لأن الله سبحانه ينزله من
السماء قبيل قيام الساعة كما أن خروج الدجال من أعلام الساعة. وقال الحسن وسعيد بن
جبير : القرآن ، لأنه يدل على قرب مجىء الساعة ، وبه يعلم أهوالها وأحوالها ، وقيل
المعنى : أن حدوث المسيح من غير أب وإحياءه للموتى دليل على صحة البعث ، وقيل : الضمير
لمحمد صلىاللهعليهوسلم والأول أولى .
يقول ابن كثير :
... بل الصحيح أنه عائد ـ أى الضمير ـ على عيسى عليه الصلاة والسلام فإن السياق فى
ذكره ، ثم المراد بذلك نزوله قبل يوم القيامة . اه
هذا ما ذكره
العلماء عن هذه الآيات ولو رجعنا إلى السنة لوجدنا أن الأحاديث الصحيحة الصريحة فى
شأن نزول عيسى من الكثرة بمكان من ذلك : ما رواه البخارى ومسلم عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «والّذي نفسى بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما
عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الحرب ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة
خيرا من الدنيا وما فيها». اه ، والأحاديث أوضحت أنه عليهالسلام ينزل حاكما بشريعة محمد صلىاللهعليهوسلم لا يستقل بشريعة ولا رسالة فلا يقبل ذلك الوقت إلا الإسلام
أو القتل .
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد من وجوب الإيمان بالنفخ فى الصور
والبعث والحساب والثواب والعقاب
فى رسالته لمسدد
بن مسرهد قال :
٦٨٣ ـ والإيمان
بالنفخ فى الصور. والصور قرن ينفخ فيه إسرافيل .
وفى كتاب السنة له
ورسالة الإصطخرى عنه قال :
٦٨٤ ـ والصور حق
ينفخ فيه إسرافيل عليهالسلام فيموت الخلق ثم ينفخ فيه أخرى فيقومون لرب العالمين عزوجل للحساب والقصاص والثواب والعقاب والجنة والنار.
ويعرض عليه العباد
يوم الفصل الدين ، ويتولى حسابهم بنفسه لا يولى ذلك غيرهعزوجل .
التعليق :
النفخ فى الصور
ذكر فى القرآن فى عدة آيات ، قال تعالى (قَوْلُهُ الْحَقُّ
وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) الآية وقال جل وعلا (وَنُفِخَ فِي
الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً) وقال جل ذكره (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي
الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً) وقال تبارك وتعالى (فَإِذا نُفِخَ فِي
الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ
__________________
يَوْمَئِذٍ
وَلا يَتَساءَلُونَ) وقال تعالى وتقدس (وَيَوْمَ يُنْفَخُ
فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) وقال سبحانه وتعالى (وَنُفِخَ فِي
الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) وقال تقدست أسماؤه (وَنُفِخَ فِي
الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ
اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) وقال تباركت أسماؤه (وَنُفِخَ فِي
الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ) وقال جل جلاله (فَإِذا نُفِخَ فِي
الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) وقال جل ذكره (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي
الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً) وذكر عن ابن عباس أن المراد بالناقور فى قول الله تعالى (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) الصور والصور : قرن ينفخ فيه .
وينفخ الملك
الموكل بالصور مرتين الأولى نفخة الفزع يفزع الناس ويصعقون إلا من شاء الله ،
والثانية نفخة البعث فيقوم الناس من قبورهم لله رب العالمين وبينهما أربعون . وقد جاء فى بعض الأحاديث أن الملك الموكل بالنفخ
__________________
فى الصور اسمه
إسرافيل .
وقيل : هما ملكان .
وقد ورد ذكر الصور
والنفخ فيه فى أحاديث كثيرة منها :
ما رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا : «قال : فيبقى شرار
الناس فى خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثل لهم
الشيطان فيقول : ألا تستجيبون ، فيقولون : فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان ،
وهم فى ذلك دار رزقهم حسن عيشهم. ثم ينفخ فى الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا
ورفع ليتا. قال وأول من يسمعه رجل يلوط حوض أبله قال : فيصعق ويصعق الناس ...»
الحديث.
ثم بعد هذا البعث
والخروج.
والبعث فى اللغة :
الإثارة ، ويأتى بمعنى الإرسال كما فى قوله عزوجل : (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ
بَعْدِهِمْ مُوسى) .
وهو فى معنى الشرع
: خروج الناس من قبورهم للحساب والجزاء. ولا حاجة لإيراد النصوص للدلالة عليه
فالقرآن الكريم مملوء بالآيات الدالة عليه.
يقول شارح
الطحاوية : الإيمان بالمعاد مما دل عليه الكتاب والسنة والعقل والفطرة ، فأخبر
الله سبحانه عنه فى كتابه العزيز وأقام الدليل عليه ورد على منكريه فى غالب سور
القرآن ... فإن الإقرار بالرب عام فى بنى آدم وهو فطرى ، كلهم يقر بالرب ، إلا من
عاند كفرعون ، بخلاف الإيمان باليوم الآخر فإن منكريه كثيرون ، ومحمد صلىاللهعليهوسلم لما كان خاتم الأنبياء ، وكان قد بعث هو والساعة كهاتين ،
وكان هو الحاشر المقفى ـ بين تفصيل الآخرة بيانا لا يوجد
__________________
فى شيء من كتب
الأنبياء . اه
قلت : والإيمان
بالبعث أحد أركان الإيمان الأساسية.
ثم بعد هذا الحساب
الدقيق قال جل وعلا : (فَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) وقال جل ذكره (وَوُضِعَ الْكِتابُ
فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما
لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها
وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) وقال تبارك وتعالى : (فَأَمَّا مَنْ
أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) وقال : (وَإِنْ كانَ مِثْقالَ
حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) وقال : (أُولئِكَ لَهُمْ
سُوءُ الْحِسابِ) وقال : (وَيَخْشَوْنَ
رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) وقال : (فَإِنَّما عَلَيْكَ
الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) وقال : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ) والآيات فى هذا كثيرة .
وروى البخارى ومسلم عن ابن عمر قال : سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «يدنى المؤمن من ربه حتى يضع عليه كنفه فيقرره
بذنوبه : تعرف ذنب كذا؟ يقول : أعرف ، يقول: رب أعرف مرتين فيقول سترتها فى الدنيا
وأغفرها لك اليوم ، ثم تطوى صحيفة حسناته ، وأما الآخرون ـ أو الكفار ـ
__________________
فينادى على رءوس
الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم». اه ، هذا لفظ البخارى ، وعند مسلم : «وأما
الكفار والمنافقون» ، ويستثنى من الحساب السبعون ألفا الذين استثناهم الحديث.
وقد اختلف فى
الكفار هل يحاسبهم الله عزوجل بنفسه قيل هذا وقيل : يأمر الملائكة بحسابهم والأول أصح.
وقد استدل من قال
: بأن الله عزوجل لا يحاسبهم بنفسه بقول الله جل وعلا : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ
يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) وقوله : (وَلا يُسْئَلُ عَنْ
ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) وقوله : (وَلا يُكَلِّمُهُمُ
اللهُ) .
ولكن لو رجعنا إلى
النصوص فى هذه المسألة لوجدناها تشمل الجميع قال تعالى : (فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ
إِلَيْهِمْ) وقوله : (وَلَوْ تَرى إِذْ
وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ) وقوله : (فَوَ رَبِّكَ
لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) وغير هذا من الآيات.
أما الآيات التى
استدل بها المانعون فيمكن أن يجاب أن القيامة مواطن فموطن يكون فيه سؤال وكلام
وموطن لا يكون ذلك.
وهناك أجوبة أخرى
ذكرها العلماء .
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد من وجوب الإيمان بالحوض
فى رسالته لمسدد
بن مسرهد قال :
٦٨٥ ـ والإيمان
بالحوض .
وفى رسالة عبدوس
بن مالك قال :
٦٨٦ ـ والإيمان
بالحوض وأن لرسول الله حوضا يوم القيامة ترد عليه أمته عرضه مثل طوله مسيرة شهر
آنيته كعدد نجوم السماء على ما صحت به الأخبار من غير وجه .
وفى رسالة محمد بن
عوف الطائى قال :
٦٨٧ ـ وإن لرسول
الله صلىاللهعليهوسلم حوضا آنيته أكثر من عدد نجوم السماء .
وفى رسالة محمد بن
حبيب الأندرانى :
٦٨٨ ـ صفة المؤمن
من أهل السنة والجماعة ... والإيمان بالحوض .
وفى كتاب السنة له
ورسالة الإصطخرى عنه قال :
٦٨٩ ـ وحوض النبي صلىاللهعليهوسلم حق ترده أمته وله آنية يشربون بها منه .
__________________
التعليق :
الأحاديث التى
وردت فى ذكر الحوض كثيرة بلغت حد التواتر كما بينه العلماء ، فقد رواها أكثر من
ثلاثين صحابيا . وذكر شارح الطحاوية أن الحافظ ابن كثير قد استقصى طرقها
فى آخر كتابه البداية والنهاية.
ومن تلك الأحاديث
: ما رواه البخارى ومسلم عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «حوضى مسيرة شهر ، ماؤه أبيض من اللبن ، وريحه أطيب من
المسك وكيزانه كنجوم السماء ، من شرب منه فلا يظمأ أبدا».
قال شارح الطحاوية
: والّذي يتلخص من الأحاديث الواردة فى صفة الحوض : أنه حوض عظيم ومورد كريم يمد
من شراب الجنة ، من نهر الكوثر الّذي هو أشد بياضا من اللبن ، وأبرد من الثلج ،
وأحلى من العسل وأطيب ريحا من المسك ، وهو فى غاية الاتساع عرضه وطوله سواء كل
زاوية من زواياه مسيرة شهر .
قال ابن حجر : قال
القرطبى فى المفهم تبعا للقاضى عياض فى غالبه : «مما يجب على كل مكلف أن يعلمه
ويصدق به أن الله سبحانه وتعالى قد خص نبيه محمدا صلىاللهعليهوسلم بالحوض المصرح باسمه وصفته وشرابه فى الأحاديث الصحيحة
الشهيرة ... وأجمع على إثباته السلف وأهل السنة من الخلف وأنكرت ذلك طائفة من
المبتدعة ...».
قلت : أنكره
الخوارج وبعض المعتزلة . اه
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد من وجوب الإيمان بالميزان
وفى رسالته لمسدد
بن مسرهد قال.
٦٩٠ ـ والميزان حق
.
وفى رسالة عبدوس
بن مالك قال :
٦٩١ ـ والإيمان
بالميزان يوم القيامة كما جاء : يوزن العبد يوم القيامة فلا يزن جناح بعوضة ،
وتوزن أعمال العباد كما جاء فى الأثر ، والتصديق به والإعراض عمن رد ذلك وترك
مجادلته .
وفى رسالة محمد بن
عوف الطائى قال :
٦٩٢ ـ وأن العباد
يوزنون بأعمالهم فمنهم من لا يزن جناح بعوضة :
وفى كتاب السنة له
ورسالة الإصطخرى عنه قال :
٦٩٣ ـ والميزان حق
توزن به الحسنات والسيئات كما شاء أن توزن .
قال ابن حجر :
وحكى حنبل بن إسحاق فى كتاب السنة عن أحمد بن حنبل أنه قال ردا على من أنكر
الميزان ما معناه : قال الله تعالى : (وَنَضَعُ
الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) ، وذكر النبي صلىاللهعليهوسلم الميزان يوم القيامة فمن رد على النبي فقد رد على الله عزوجل.
__________________
التعليق :
وضع الموازين يوم
القيامة لوزن أعمال العباد دل عليه الكتاب والسنة يقول الله تعالى : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ
لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ
مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) ويقول جل علا : (فَمَنْ ثَقُلَتْ
مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ
فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ) ، ويقول جل ذكره (فَأَمَّا مَنْ
ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ
مَوازِينُهُ فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) .
وروى البخارى ومسلم عن أبى هريرة قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان
فى الميزان سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم». وإلى هذا وغيره من الأدلة ذهب
أهل السنة فأثبتوا الميزان ، وهو من جملة عقائدهم وأنكره المبتدعة من المعتزلة
وغيرهم معللين هذا الإنكار بأن الله عزوجل لا يحتاج إلى الميزان.
قلت : ومن قال إن
الله عزوجل محتاج إليه فأهل السنة لم يثبتوا الميزان على هذا الأساس ـ
تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ـ بل هو عزوجل أعلم بعباده وما عملوا من خير أو شر لكن ـ وكما قال شارح
الطحاوية ـ : «لو لم يكن من الحكمة فى وزن الأعمال إلا ظهور عدله سبحانه لجميع
عباده فإنه لا أحد أحب إليه العذر من الله ، من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين
ومنذرين. فكيف ووراء ذلك من الحكم ما لا اطلاع لنا عليه» . اه
ويقول أيضا :
والّذي دلت عليه السنة أن ميزان الأعمال له كفتان حسيتان مشاهدتان .
__________________
قلت : أما الموزون
فقيل صحائف الأعمال. فقد روى الترمذي والحاكم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله سيخلص رجلا من أمتى على رءوس الخلائق يوم
القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر ، ثم يقول : أتنكر من
هذا شيئا؟ أظلمك كتبتى الحافظون؟ فيقول : لا يا رب. فيقول : أفلك عذر؟ فيقول : لا
يا رب. فيقول : بلى إن لك عندنا حسنة ، فإنه لا ظلم عليك اليوم ، فتخرج بطاقة فيها
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فيقول : أحضر وزنك ، فيقول :
يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال : إنك لا تظلم ، قال : فتوضع السجلات
فى كفة والبطاقة فى كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ، فلا يثقل مع اسم الله شيء».
قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم. اه
وأخرجه أحمد أيضا بلفظ مقارب.
وقيل : يوزن
العامل مع عمله ، فقد روى البخارى عن أبى هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنه ليأتى الرجل السمين يوم القيامة لا يزن عند
الله جناح بعوضة. وقال : اقرءوا إن شئتم (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ
يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) .
وروى أحمد عن ابن مسعود أنه كان يجتنى سواكا ... فضحك الصحابة من دقة
ساقيه فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ... «والّذي نفسى بيده لهما فى الميزان أثقل من أحد».
وقيل : إن العمل
نفسه يوزن بحيث تحال من أعراض إلى أجسام. فقد روى
__________________
مسلم عن أبى مالك الأشعرى قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان» اه. وقال
عليه الصلاة والسلام : «ما من شيء أثقل فى الميزان من حسن الخلق» وليس فى قلب العرض إلى جسم إحالة عقلية ، فقدرة الله عزوجل أعظم من كل شيء والسنن الكونية المشاهدة فى الحياة الدنيا
لا يصح أن نجعلها مقياسا فى كل شيء وقد ورد فى عدة أحاديث ما يدل على قلب الأعراض
إلى أجسام منها : ما تقدم : أن القرآن يأتى يوم القيامة فى صورة شاب شاحب اللون .
والحديث الآخر :
تأتى البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان .
والمراد : الثواب
، كما سبق بيانه.
قال شارح الطحاوية
بعد ذكره لهذه الأقوال الثلاثة : «فثبت وزن الأعمال والعامل وصحائف الأعمال وثبت
أن الميزان له كفتان. والله أعلم بما وراء ذلك من الكيفيات» .
ويقول ابن كثير :
وقد يمكن الجمع بين هذه الآثار بأن يكون ذلك كله صحيحا ـ يقصد الأقوال الثلاثة
المتقدمة ـ فتارة توزن الأعمال ، وتارة توزن محالها ، وتارة يوزن فاعلها ، والله
أعلم . اه
واختلف هل توزن
أعمال الكفار أم لا. وهذا الخلاف مبنى على ما قيل فى مخاطبة الكفار بفروع الشريعة.
والراجح : أن حسنات
الكفار إن وزنت فإنما توزن قطعا للحجة فالكافر
__________________
لا تنفعه حسناته.
قال جلا وعلا : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ
عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) . اه
قال القرطبى :
واختلف فى الميزان والحوض أيهما قبل الآخر فقيل : الميزان قبل وقيل : الحوض ، قال
أبو الحسن القابسى : والصحيح أن الحوض قبل.
قلت : والمعنى
يقتضيه فإن الناس يخرجون عطاشا من قبورهم فيقدم قبل الصراط والميزان. والله أعلم . اه
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد من وجوب الإيمان بالصراط
فى رسالته لمسدد
بن مسرهد قال :
٦٩٤ ـ الصراط حق .
وفى كتاب السنة له
ورسالة الإصطخرى عنه قال :
٦٩٥ ـ والصراط حق
يوضع على شفير جهنم ويمر الناس عليه والجنة من وراء ذلك نسأل الله عزوجل السلامة فى الجواز .
التعليق :
الصراط ورد ذكره
صريحا فى السنة وذكر العلماء أن فى قول الله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ
إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) إشارة إليه.
قال شارح الطحاوية
: اختلف المفسرون فى المراد بالورود المذكور فى قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) ما هو؟ والأظهر الأقوى أنه المرور على الصراط ، قال تعالى
: (ثُمَّ نُنَجِّي
الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا).
وفى الصحيح أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «والّذي نفسى بيده لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة».
قالت حفصة : فقلت يا رسول الله أليس الله يقول : (وَإِنْ مِنْكُمْ
إِلَّا وارِدُها) فقال : «ألم تسمعيه قال : (ثُمَّ نُنَجِّي
الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا)» .
__________________
قلت : وهذا الّذي
ذكره شارح الطحاوية هو الراجح ـ والله أعلم ـ خلافا لمن قال : إن المراد بالورود
الدخول الحقيقى لجهنم وإن أذاها وحرها يصرف عن المؤمنين.
قال شارح الطحاوية
ـ بعد ذكره للحديث السابق ـ أشار صلىاللهعليهوسلم إلى أن ورود النار لا يستلزم دخولها ، وأن النجاة من الشر
لا تستلزم حصوله بل تستلزم انعقاد سببه ، فمن طلبه عدوه ليهلكوه ولم يتمكنوا منه
يقال : نجاه الله منهم ، ولهذا قال تعالى : (وَلَمَّا جاءَ
أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً) (فَلَمَّا جاءَ
أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً) (وَلَمَّا جاءَ
أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً) ولم يكن العذاب أصابهم ولكن أصاب غيرهم ، ولو لا ما خصهم
الله به من أسباب النجاة لأصابهم ما أصاب أولئك وكذلك حال الوارد فى النار. يمرون
فوقها على الصراط ... فقد بين صلىاللهعليهوسلم فى حديث جابر المذكور : أن الورود هو الورود على الصراط . اه
قلت : وقيل : إن
المراد بالورود : حضورها والقرب منها .
قال الشوكانى :
وقد توقف كثير من العلماء عن تحقيق هذا الورود وحمله على ظاهره لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا
الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) ... ولا يخفى أن القول بأن الورود هو المرور على الصراط ...
فيه جمع بين الأدلة من الكتاب والسنة فينبغى حمل الآية على ذلك ... هذا ما قيل حول الصراط فى القرآن الكريم ، أما السنة
فقد ذكر فيها الصراط موصوفا بصفات عديدة من ذلك :
__________________
ما رواه البخارى فى الحديث الطويل عن أبى هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم وفيه : «... ويضرب جسر جهنم فأكون أول من يجيز ودعاء الرسل
يومئذ اللهم سلم سلم ، وبه كلاليب مثل شوك السعدان ... فتخطف الناس بأعمالهم منهم
الموبق بعمله ...»
وفى رواية مسلم : «ويضرب الصراط بين ظهرى جهنم».
وفى الحديث الطويل
الّذي رواه البخارى ومسلم عن أبى سعيد الخدرى عن النبي صلىاللهعليهوسلم والّذي فيه : «... ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ،
ويقولون : اللهم سلم سلم» قيل يا رسول الله وما الجسر؟ قال : «دحض مزلة فيه خطاطيف
وكلاليب وحسك ... فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد
الخيل والركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكدوس فى نار جهنم ...».
وفى حديث عبد الله
بن مسعود المرفوع : «فيمرون على قدر أعمالهم حتى يمر الّذي نوره على قدر إبهام
قدمه يجر يدا وتعلق يد ويجر رجلا وتعلق رجل وتصيب جوانبه النار فيخلصون فإذا خلصوا
قالوا : الحمد لله الّذي نجانا منك بعد الّذي أراناك».
رواه الحاكم وقال : صحيح على شرط الشيخين ، وأقره الذهبى.
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد فى الشفاعة
فى رسالته لمسدد
بن مسرهد قال :
٦٩٦ ـ والإيمان
بالشفاعة .
ومثل هذا نقل عنه
: عبدوس بن مالك ومحمد بن حبيب الأندرانى .
وفى موضع آخر قال
:
٦٩٧ ـ وأن الله
يخرج أقواما من النار بشفاعة محمد صلىاللهعليهوسلم .
ومثل هذا نقل عنه
: محمد بن عوف الطائى .
التعليق :
قال أبو السعادات
: قد تكرر ذكر الشفاعة فى الحديث فيما يتعلق بأمور الدنيا والآخرة ، وهى السؤال فى
التجاوز عن الذنوب والجرائم بينهم. يقال شفع يشفع فهو شافع وشفيع ، والمشفع الّذي
يقبل الشفاعة ، والمشفع الّذي تقبل شفاعته اه
والشفاعة ثابتة
بنص الكتاب والسنة.
وهى على قسمين :
مثبتة : ولها شرطان : إذن الله عزوجل للشافع أن يشفع ورضاه تعالى وتقدس عن المشفوع له ، قال
تعالى : (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ
فِي
__________________
السَّماواتِ
لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ
يَشاءُ وَيَرْضى) وقال جل وعلا (يَوْمَئِذٍ لا
تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً) .
وهذا القسم يندرج
تحته شفاعة النبي صلىاللهعليهوسلم يوم القيامة وكذا شفاعة المؤمنين لبعضهم.
وشفاعة النبي صلىاللهعليهوسلم أنواع فمنها :
الشفاعة الكبرى
العظمى فى أهل الموقف التى يتأخر عنها أولو العزم من الرسل. قال تعالى : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ
نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) .
قال العلماء :
المقام المحمود هى شفاعته صلىاللهعليهوسلم يوم القيامة للناس فى الموقف ، ليريحهم الله مما هم فيه من
شدة.
وقد جاءت الأحاديث
الصحيحة الصريحة فى ذكر هذه الشفاعة العظمى من ذلك :
ما رواه البخارى ومسلم عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يجمع الله الناس يوم القيامة فيقولون : لو استشفعنا على
ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا قال : فيأتون آدم فيقولون : أنت آدم أبو الخلق ...
اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا .. فيأتون عيسى فيقول : لست لها ولكن عليكم
بمحمد صلىاللهعليهوسلم فيأتونى فأقول : أنا لها ...» الحديث. انظر أحاديث الشفاعة
فى كتب الحديث والعقائد.
ومنها : شفاعته صلىاللهعليهوسلم لأهل الجنة أن يدخلوها :
روى مسلم عن أنس بن مالك عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أنا أول الناس
__________________
يشفع فى الجنة
وأنا أكثر الأنبياء تبعا».
ومنها : شفاعته صلىاللهعليهوسلم لبعض العصاة من أمته قد استوجبوا النار أن لا يدخلوها.
ومنها : شفاعته صلىاللهعليهوسلم للعصاة من أهل التوحيد الذين دخلوا النار بذنوبهم.
أما شفاعة
المؤمنين لبعضهم فقد دلت عليها عدة أحاديث.
هذه بعض أنواع
الشفاعة المثبتة.
وأما الشفاعة
المنفية الباطلة فهى التى تطلب من غير الله عزوجل أو بغير إذنه أو لأهل الشرك ، قال تعالى : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا
شَفِيعٍ يُطاعُ) وقال تبارك وتعالى : (فَما تَنْفَعُهُمْ
شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) وقد أنكر الخوارج والمعتزلة شفاعة النبي صلىاللهعليهوسلم لأهل الكبائر بناء على أصلهم الفاسد فى تخليد أهل الكبائر
من أهل التوحيد فى النار ، وحصروا معنى الشفاعة فى زيادة الأجر والثواب لمن أطاع
الله عزوجل ، واحتجوا بما تقدم من الآيات ونحوها النافية للشفاعة ،
وهذه الآيات ـ كما ذكر أهل العلم ـ فى حق الكافرين دون المؤمنين بدليل قوله تعالى
: (وَلا تَنْفَعُ
الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) . وبقوله عزوجل (وَلا يَشْفَعُونَ
إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) .
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد من وجوب الإيمان
بخروج الموحدين من النار
فى رسالة محمد بن
حبيب الأندرانى قال :
٦٩٨ ـ والإيمان
بأن الموحدين يخرجون من النار بعد ما امتحشوا كما جاءت الأحاديث فى هذه الأشياء عن
النبي صلىاللهعليهوسلم .
٦٩٩ ـ ومثله فى
رسالة عبدوس وزاد : فيؤمر بهم إلى نهر على باب الجنة .
٧٠٠ ـ وفى كتاب
السنة له ورسالة الإصطخرى عنه قال :
ويخرج قوم من
النار برحمة الله عزوجل بعد ما لبثوا فيها ما شاء الله عزوجل وقوم يخلدون فيها أبدا ، وهم أهل الشرك والتكذيب والجحود
والكفر بالله عزوجل .
التعليق :
تعرضت عند الكلام
عن الفاسق الملى لهذه المسألة . وقد أجمعت الأمة ـ للأحاديث الصحيحة الصريحة ـ أن من أدخل النار من أهل التوحيد بسبب ذنوبه لا بد له أن
يخرج منها بفضل الله وكرمه. ولم يخالف فى هذا إلا الخوارج والمعتزلة ومن تبعهم
فقالوا : بتخليد أهل الكبائر فى النار إن لم يتوبوا وما طرحوه من شبه لا يمكن أن
تقاوم النصوص الواضحة والله تعالى أعلم.
__________________
قول الإمام أحمد فى : رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٧٠١ ـ رأيت أبى رحمهالله يصحح الأحاديث التى تروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم فى الرؤية ويذهب إليها ، وجمعها أبى رحمهالله فى كتاب وحدثنا بها .
قال أبو بكر
الخلال :
٧٠٢ ـ حدثنا أبو
بكر المروزي رحمهالله قال : سألت أبا عبد الله عن الأحاديث التى تردها الجهمية
فى الصفات والرؤية وقصة العرش فصححها أبو عبد الله وقال : قد تلقتها العلماء
بالقبول. نسلم الأخبار كما جاءت. قال : فقلت له : إن رجلا اعترض فى بعض هذه
الأخبار كما جاءت فقال : يجفى وقال : ما اعتراضه فى هذا الموضع يسلم الأخبار كما
جاءت .
* النقول كثيرة عن الإمام أحمد فى إثبات
رؤية الله عزوجل للمؤمنين يوم القيامة وممن نقل عنه :
٧٠٣ ـ ابن هانئ
قال : قيل له : وإن الله عزوجل يرى فى الآخرة قال : نعم .
٧٠٤ ـ عبدوس بن
مالك قال : سمعت أحمد يقول : والإيمان بالرؤية يوم القيامة كما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم من الأحاديث الصحاح .
٧٠٥ ـ مسدد بن
مسرهد كتب له أحمد ... وإن أهل الجنة يرون ربهم
__________________
لا محالة . ومثله نقل محمد بن عوف الطائى ـ وعنده عيانا ـ ومحمد بن حبيب الأندرانى وأحمد بن جعفر الإصطخرى .
٧٠٦ ـ حنبل بن
إسحاق قال : قلت لأبى عبد الله فى الرؤية؟ قال : أحاديث صحاح نؤمن بها ونقر وكل ما
روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم بأسانيد جيدة نؤمن به ونقر .
٧٠٧ ـ يوسف بن
موسى : أن أبا عبد الله قيل له : أهل الجنة ينظرون إلى ربهم ويكلمونه ويكلمهم قال
: نعم. ينظر إليهم وينظرون إليه ويكلمهم ويكلمونه كيف شاء .
قال أبو داود
السجستانى :
٧٠٨ ـ سمعت أحمد
وذكر له عن رجل شيء فى الرؤية فغضب وقال : من قال إن الله لا يرى فهو كافر .
ونقل نحو هذا :
٧٠٩ ـ أبو بكر
المروزي قال : سمعت أحمد يقول : من زعم أن الله لا يرى فى الآخرة فهو كافر .
٧١٠ ـ حنبل بن
إسحاق قال : سمعت أبا عبد الله يقول : من زعم أن الله لا يرى فى الآخرة فقد كفر
بالله وكذب بالقرآن ورد على الله أمره والله تعالى لا يرى فى الدنيا ويرى فى
الآخرة .
__________________
٧١١ ـ ابن هانئ قال
: سمعت أبا عبد الله يقول : من لم يؤمن بالرؤية فهو جهمى والجهمى كافر .
٧١٢ ـ شاهين بن
السميذع قال : سألت أبا عبد الله عمن يبطل الرؤية ويقول : إن الله تبارك وتعالى لا
يرى فى القيامة؟ فقال : هذا من الجهمية من زعم أن الله لا يرى فى القيامة فقد أبطل
حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم .
٧١٣ ـ الفضل بن
زياد أنه : بلغه ـ أى أحمد ـ عن رجل أنه قال : إن الله لا يرى فى القيامة فقال :
لعنه الله من كان من الناس أليس الله يقول (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) وقال : (كَلَّا إِنَّهُمْ
عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) .
__________________
قال الإمام أحمد فى كتابه الرد على الجهمية
٧١٤ ـ ق ١٩ / ب
باب بيان ما جحدت الجهمية من قول الله سبحانه (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) .
قال أحمد رحمهالله تعالى : فقلنا لهم : لم أنكرتم أن أهل الجنة ينظرون إلى
ربهم قالوا : لا ينبغى لأحد أن ينظر إلى الله لأن المنظور إليه (معلوم موصوف لا
يرى إلا شيء يفعله) .
فقلنا : أليس قال
الله سبحانه وتعالى : (إِلى رَبِّها
ناظِرَةٌ) قالوا معناها :إلى ربها ناظرة «ينتظرون» الثواب من ربها وإنما ينظرون إلى فعله وقدرته وتلوا آية من
القرآن : (أَلَمْ تَرَ إِلى
رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) (فقالوا) : إنهم لم يروا ربهم ولكن معنى ذلك : ألم تر إلى فعل ربك.
فقلنا لهم : إن
فعل الله لم يزل العباد يرونه وإنما قال : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) فقالوا : إنما ينتظرون الثواب من ربهم (ق ٢٠ / أ).
فقلنا لهم : إنها
مع ما تنتظر الثواب من ربها هى ترى ربها.
فقالوا : إن الله
لا يرى فى الدنيا ولا فى الآخرة وتلوا آية من المتشابه (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ
يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) .
فقلنا : أخبرونا
عن النبي صلىاللهعليهوسلم حين قال : «إنكم سترون
__________________
ربكم كما ترون
القمر» أليس النبي كان
يعرف قول الله : (لا تُدْرِكُهُ
الْأَبْصارُ) وقال: سترون ربكم وإنما قال لموسى : (لَنْ تَرانِي) ولم يقل لم أرى فأيما أولى أن يتبع النبي صلىاللهعليهوسلم حين قال : «سترون ربكم» أو قول الجهمى حين قال : لا ترون
ربكم.
والأحاديث فى أيدى
أهل العلم عن النبي صلىاللهعليهوسلم أن أهل الجنة يرون ربهم لا يختلف فيه أهل العلم وهو من
حديث سفيان ، عن أبى إسحاق ، عن عامر بن سعد : (لِلَّذِينَ
أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) قال : النظر إلى وجه الله تعالى .
ومن حديث ثابت
البنانى ، عن عبد الرحمن بن أبى ليلى ، عن صهيب ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : إذا استقر أهل الجنة فى الجنة نادى مناد يا أهل
الجنة إن الله قد وعدكم الزيادة قال : فيكشف الحجاب فيتجلى لهم ، وذكر الحديث .
قال أحمد رضى الله
عنه (ق ٢٠ / ب) وأنا أرجو أن يكون الجهمى
__________________
وشيعته ممن لا
ينظرون إلى ربهم ويحجبون عن الله يقول للكفار : (كَلَّا إِنَّهُمْ
عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) فإذا كان الكافر يحجب عن الله والمؤمن يحجب عن الله فما
فضل المؤمن على الكافر فالحمد لله الّذي لم يجعلنا مثل جهم وشيعته وجعلنا ممن اتبع
ولم يجعلنا ممن ابتدع والحمد لله وحده.
التعليق :
رؤية المؤمنين لله
عزوجل يوم القيامة أمر أجمعت عليه الأمة للأدلة الصريحة الكثيرة
من الكتاب والسنة ولم يخالف فى هذا إلا من عميت بصائرهم من الخوارج والجهمية
والمعتزلة وغيرهم متمسكين بما يرون فيه إحالة للرؤية كقول الله عزوجل (لا تُدْرِكُهُ
الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ).
يقول ابن القيم :
والاستدلال بهذا أعجب فإنها من أدلة النفاة وقد قرر شيخنا ـ يقصد ابن تيمية ـ وجه
الاستدلال به أحسن تقرير وألطفه وقال لى : أنا ألتزم أنه لا يحتج مبطل بآية أو
حديث صحيح على باطله إلا وفى ذلك الدليل ما يدل على نقيض قوله ، فمنها هذه الآية
وهى على جواز الرؤية أدل منها على امتناعها فإن الله سبحانه وتعالى إنما ذكرها فى
سياق التمدح ومعلوم أن المدح إنما يكون بالأوصاف الثبوتية ، وأما العدم المحض فليس
بكمال ولا يمدح الرب تبارك وتعالى بالعدم إلا إذا تضمن أمرا وجوديا كتمدحه بنفى
السنة والنوم المتضمن كمال القيومية ... فقوله : (لا تُدْرِكُهُ
الْأَبْصارُ) يدل على غاية عظمته وأنه أكبر
__________________
من كل شيء وأنه
لعظمته لا يدرك بحيث يحاط به ، فإن الإدراك هو الإحاطة بالشيء ، وهو قدر زائد على
الرؤية ... اه
ومما تمسكوا به
أيضا ما جاء فى سورة الأعراف حكاية عن نبى الله موسى عليهالسلام قال : (رَبِّ أَرِنِي
أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ
اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي) .
وهذه الآية أيضا
من الأدلة على جواز الرؤية لا على نفيها فلو كانت رؤية الله عزوجل لا تجوز مطلقا لم يجز لنبى أن يسأله ما لا يجوز أو يستحيل
، وفى قوله تعالى (فَإِنِ اسْتَقَرَّ
مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي) دلالة على جواز الرؤية ، وليس فى قوله تعالى : (لَنْ تَرانِي) إحالة للرؤية فهو عزوجل لا يرى فى الدنيا . ويراه المؤمنون فى الآخرة على الوجه الّذي يشاؤه جل وعلا.
أما الآيات
الصريحة فى إثبات الرؤية فقد تأولوها على عادتهم فقالوا إن المقصود بقول الله
تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) أى : منتظرة .
يقول البيهقى رحمهالله تعالى فى رد هذا التأويل.
وليس يخلو النظر
من وجوه إما أن يكون الله عزوجل عنى به نظر الاعتبار كقوله : (أَفَلا يَنْظُرُونَ
إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) ، أو يكون عنى به نظر الانتظار كقوله (ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً
واحِدَةً) ، أو يكون عنى به نظر التعطف والرحمة كقوله (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ) ، أو يكون عنى الرؤية كقوله
__________________
(يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ
نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) ، ولا يجوز أن يكون الله سبحانه عنى بقوله : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) نظر التفكر والاعتبار لأن الآخرة ليست بدار استدلال
واعتبار وإنما هى دار اضطرار ولا يجوز أن يكون عنى الانتظار لأنه ليس فى شيء من
أمر الجنة انتظار لأن الانتظار فيه تنغيص وتكدير والآية خرجت مخرج البشارة وأهل
الجنة فيما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من العيش السليم والنعيم
المقيم فهم ممكنون مما أرادوا وقادرون عليه وإذا خطر ببالهم شيء أتوا به مع خطوره
ببالهم وإذا كان ذلك كذلك لم يجز أن يكون الله أراد بقوله : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) نظر الانتظار ولأن النظر إذا ذكر مع ذكر الوجوه فمعناه نظر
العينين اللتين فى الوجه كما قال تعالى (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ
وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) ، وأراد بذلك تقلب عينيه نحو السماء ، ولأنه قال : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) ونظر الانتظار لا يكون مقرونا ب «إلى» لأنه لا يجوز عند
العرب أن يقولوا فى نظر الانتظار (إِلى) ألا ترى أن الله عزوجل لما قال : (ما يَنْظُرُونَ
إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) لم يقل «إلى» إذ كان معناه الانتظار وقالت بلقيس فيما أخبر
الله عنها : (فَناظِرَةٌ بِمَ
يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) ، فلما أرادت الانتظار لم تقل «إلى» قلنا : ولا يجوز أن
يكون الله سبحانه أراد نظر التعطف والرحمة ، لأن الخلق لا يجوز أن يتعطفوا على
خالقهم ، فإذا فسدت هذه الأقسام الثلاثة صح القسم الرابع من أقسام النظر وهو أن
معنى قوله : (إِلى رَبِّها
ناظِرَةٌ) أنها رائية ترى الله عزوجل ، ولا يجوز أن يكون معناه : إلى ثواب ربها ناظرة لأن ثواب
الله غير الله وإنما قال الله عزوجل : (إِلى رَبِّها) ولم يقل إلى غير ربها ناظرة والقرآن على ظاهره ... . اه
وفى حقيقة الأمر
أن أدلتهم قائمة على فلسفة عقلية ليس لها مجال فى أمور الغيب.
__________________
من ذلك قولهم : إن
الرؤية توجب كون المرئى محدثا وحالا فى مكان قال ابن بطال بعد ذكره لهذا الادعاء :
والرؤية فى تعلقها بالمرئى بمنزلة العلم فى تعلقه بالمعلوم فإذا كان تعلق العلم
بالمعلوم لا يوجب حدوثه فكذلك المرئى . اه
وعند ما أقول إنها
قائمة على فلسفة عقلية لا يعنى أن فى الأمر استحالة عقلية بل المقصود أنهم قاسوا
نتاج عقولهم ومرئياتهم الدنيوية على أمور غيبية لا تخضع لهذا القياس ، وإلا فإن
كثيرا من العلماء ذكروا أدلة عقلية كثيرة على جواز الرؤية .
وبعد هذا العرض
الموجز أشير إلى بعض الأدلة من السنة المصرحة بالرؤية وقد ذكرت آنفا أنها من
الكثرة بمكان وأشرت إلى بعض المراجع التى احتوت جزءا كبيرا منها وسأذكر هنا بعض
تلك الأدلة.
روى البخارى ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : إن الناس قالوا يا رسول
الله هل نرى ربنا يوم القيامة فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هل تضارون فى القمر ليلة البدر؟ قالوا : لا يا رسول
الله. قال : فهل تضارون فى الشمس ليس دونها سحاب قالوا : لا يا رسول الله. قال
فإنكم ترونه كذلك ... الحديث. وروى نحوه البخارى ومسلم من حديث أبى سعيد الخدرى.
وروى البخارى عن جرير قال : كنا جلوسا عند النبي صلىاللهعليهوسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر قال : إنكم سترون ربكم كما
ترون هذا القمر لا تضامون فى رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع
الشمس
__________________
وقبل غروب الشمس
فافعلوا .
يقول الدارمى : قد
صحت الآثار عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فمن بعده من أهل العلم وكتاب الله الناطق به فإذا اجتمع
الكتاب وقول الرسول وإجماع الأمة لم يبق لمتأول عندها تأويل إلا لمكابر أو جاحد .
ويقول ابن القيم
بعد ذكره لبعض أحاديث الرؤية : ... فإن الّذي جاء بهذه الأحاديث هو الّذي جاء
بالقرآن والشريعة والّذي بلغها هو الّذي بلغ الدين فلا يجوز أن يجعل كلام الله
ورسوله عضين بحيث يؤمن ببعض معانيه ويكفر ببعضها فلا يجتمع فى قلب العبد بعد
الاطلاع على هذه الأحاديث وفهم معناها إنكارها .
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد فى الجنة والنار
فى رسالته لمسدد
بن مسرهد قال :
٧١٥ ـ وإن الله
خلق الجنة قبل الخلق وخلق لها أهلا ونعيمها دائم ومن زعم أنه يبيد من الجنة شيء
فهو كافر ، وخلق النار قبل خلق الخلق وخلق لها أهلا وعذابها دائم .
وفى رسالة عبدوس
بن مالك قال :
٧١٦ ـ والجنة
والنار مخلوقتان كما جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «دخلت الجنة فرأيت قصرا» ، «ورأيت الكوثر» ، اطلعت فى الجنة فرأيت أكثر أهلها كذا واطلعت فى النار
فرأيت كذا وكذا ، فمن زعم أنهما لم يخلقا فهو مكذب بالقرآن وأحاديث رسول
الله صلىاللهعليهوسلم ولا أحسبه يؤمن بالجنة والنار .
وفى كتاب السنة له
ورسالة الإصطخرى عنه قال :
٧١٧ ـ ... فإن
احتج مبتدع أو زنديق بقول الله عزوجل : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ
إِلَّا وَجْهَهُ) ، وبنحو هذا من متشابه القرآن. قيل له : كل شيء مما كتب
الله عزوجل عليه الفناء والهلاك هالك والجنة والنار خلقهما الله
للبقاء لا للفناء ولا للهلاك وهما من الآخرة لا من الدنيا .
__________________
التعليق :
الأدلة من الكتاب
والسنة على أن الجنة والنار مخلوقتان وموجودتان كثيرة جدا ففى القرآن الكريم آيات
كثيرة تدل على خلقهما وما أعد الله عزوجل فيهما للفريقين من نعيم مقيم لأهل الجنة ومن عذاب وشقاء
لأهل النار.
وإلى هذه الآيات
والأحاديث ذهب أهل السنة.
وخالف المعتزلة
ومن تبعهم صريح القرآن الكريم والسنة الصحيحة وقالوا : بل ينشئهما الله يوم
القيامة.
قال شارح الطحاوية
: وحملهم على ذلك أصلهم الفاسد الّذي وضعوا به شريعة لما يفعله الله ، وأنه ينبغى
أن يفعل كذا ولا ينبغى له أن يفعل كذا!! وقاسوه على خلقه فى أفعالهم ، فهم مشبهة
فى الأفعال ودخل التجهم فيهم ، فصاروا مع ذلك معطلة! وقالوا : خلق الجنة قبل
الجزاء عبث ، لأنها تصير معطلة مددا متطاولة فردوا من النصوص ما خالف هذه الشريعة
الباطلة التى وضعوها للرب تعالى ـ وحرفوا النصوص عن مواضعها ، وضللوا وبدعوا من
خالف شريعتهم . اه
قال الطحاوى :
والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان ولا تبيدان . اه.
قلت : والقول
بأبدية الجنة أجمع عليه أهل السنة وجمهورهم على أن النار أيضا لا تفنى ولا تبيد .
والأدلة على خلود
أهل الجنة فى الجنة وخلود أهل النار فى النار كثيرة جدا فى الكتاب والسنة. والله
أعلم.
قال شارح الطحاوية
: وقال بفناء الجنة والنار الجهم بن صفوان إمام المعطلة
__________________
وليس له سلف قط لا
من الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان ولا من أئمة المسلمين ولا من أهل السنة ،
وأنكره عليه عامة أهل السنة وكفروه به ، وهذا قاله لأصله الفاسد الّذي اعتقده وهو
امتناع وجود ما لا يتناهى من الحوادث .
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد من وجوب الإيمان
بذبح الموت بين الجنة والنار
فى رسالة أحمد بن
جعفر الإصطخرى قال :
٧١٨ ـ ويذبح الموت
يوم القيامة بين الجنة والنار .
التعليق :
روى الإمام أحمد ـ بسند صحيح ـ عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «يؤتى بالموت كبشا أغثر فيوقف بين الجنة والنار
فيقال : يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون ويقال : يا أهل النار فيشرئبون وينظرون
ويرون أنه قد جاء الفرج فيذبح فيقال : خلود لا موت».
ورواه الترمذي وابن ماجة من طرق أخرى عن أبى هريرة بألفاظ متقاربة ، وروى البخارى ومسلم عن أبى سعيد الخدرى قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادى مناد. يا أهل الجنة
فيشرئبون وينظرون فيقول : هل تعرفون هذا فيقولون : نعم. هذا الموت. وكلهم قد رآه
فيذبح ، ثم يقول : يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت ثم قرأ :
(وَأَنْذِرْهُمْ
يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا
يُؤْمِنُونَ) .
__________________
ورواه البخارى ومسلم عن ابن عمر بلفظ مقارب.
وإلى هذا ذهب أهل
السنة قالوا : إن الموت يذبح حقيقة فى صورة الكبش.
وذهب أهل الكلام
إلى أن المراد بهذا التمثيل والتشبيه ، وقالوا : «إن الموت عرض والعرض لا ينقلب
جسما» . اه
وقد ذكرت سابقا أن
السنن الكونية المشاهدة والنظريات المتعارف عليها لا يصح أن نجعلها مقياسا فى كل
شيء ، فالواجب الإيمان والتسليم ، فليس فى الأمر إحالة عقلية ، وإن كان فيه إحارة
عقلية يعلم منها عظيم قدرة الله عزوجل. والعجب من هؤلاء الذين يردون هذه الأحاديث أو يؤولونها
لأنها لا توافق صريح العقول بزعمهم ، وكيف يجوز لعاقل أن يعرض قدرة الله عزوجل على نتاج عقله فالعقل يستخدم ضمن حدود معينة والأمور
الغيبية هى فوق العقل وقدراته مهما أوتى من قوة.
__________________
قول الإمام أحمد
فى : التوكل والعمل والكسب ص ٢٣٣.
قول الإمام أحمد
فى : المسألة ص ٢٤٦.
قول الإمام أحمد
فى : الحب فى الله ص ٢٥٠.
قول الإمام أحمد
فى : الخوف والرجاء ص ٢٥٢.
ما أثر عن الإمام
أحمد فى الخوف من الوقوع فى النفاق : ص ٢٦١.
قول الإمام أحمد
فى : الدعاء ص ٢٦٣.
قول الإمام أحمد
فى : العزلة ص ٢٦٨.
قول الإمام أحمد
فى : بعض مظاهر التصوف :
السياحة ص ٢٧٠.
الجوع ص ٢٧٠.
ترك النكاح ص ٢٧٢.
التغبير ص ٢٧٤.
الاجتماع لسماع
القصائد ص ٢٧٦.
الخطرات ص ٢٧٩.
قول الإمام أحمد
فى : التعريف بالأمصار ص ٢٨١.
قول الإمام أحمد
فى : قراءة القرآن بالألحان ص ٢٨٣.
قول الإمام أحمد
فى : الغناء وآلات اللهو ص ٢٩٠.
قول الإمام أحمد
فى : النرد والشطرنج ص ٣٠٧.
قول الإمام أحمد
فى : الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ص ٣١٥.
ما أثر عن الإمام
أحمد فيما يجب اعتقاده فى الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم ص ٣٢٥.
إنكار الإمام أحمد
على من قال : إن اليهود والنصارى من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم ص ٣٢٩.
ما أثر عن الإمام
أحمد فى معنى قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «أخرجوا
المشركين من جزيرة
العرب» وقوله عليه الصلاة والسلام : «لا يبقى دينان فى جزيرة العرب» ص ٣٣١.
قول الإمام أحمد
فى : أعياد الكفار وخروج المسلمين فيها ص ٣٣٦.
قول الإمام أحمد
فى : إظهار أهل الذمة للصليب وإقامة الكنائس والبيع والضرب بالناقوس فى مدائن
المسلمين ص ٣٣٩.
قول الإمام أحمد
فى : أهل الذمة هل لهم أن يظهروا الخمر فى مدائن المسلمين أو يبيعوه ص ٣٤٨.
قول الإمام أحمد فى : التوكل والعمل والكسب
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٧١٩ ـ سألت أبى عن
قوم يقولون : نتكل على الله ولا نكتسب؟ قال أبى : ينبغى للناس كلهم أن يتوكلوا على
الله ولكن يعودون على أنفسهم بالكسب قال الله تبارك وتعالى : (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا
الْبَيْعَ) . فهذا قد علم أنهم يكتسبون ويعلمون ، وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من عال ابنتين أو ثلاثة فله الجنة» ، يعنى من قال بخلاف هذا فهذا قول إنسان أحمق .
قال أبو بكر
الخلال فى كتابه الحث على التجارة والرد على من يدعى التوكل (ق / ١) فى ترك العمل
:
٧٢٠ ـ حدثنا أبو
بكر المروزي قال : سمعت رجلا يقول لأبى عبد الله ـ رحمهالله ـ إنى فى كفاية ، فقال : الزم السوق تصل به الرحم وتعود
به.
٧٢١ ـ وأخبرنا أبو
بكر قال : قال رجل لأبى عبد الله ـ رحمهالله ـ من أصحاب ابن أسلم : ترى أن أعمل؟ قال : نعم وتصدق بالفضل على قرابتك.
__________________
٧٢٢ ـ أخبرنا أبو
بكر المروزي قال : سمعت أبا عبد الله يقول : قد أمرتهم ـ يعنى لولده ـ أن يختلفوا
إلى السوق ، وأن يتعرضوا للتجارة. وقال : قد روى عن عائشة رضى الله عنها عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه» .
٧٢٣ ـ أخبرنى محمد
بن الحسين . أن الفضل بن زياد حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله يأمر
بالسوق ، ويقول : ما أحسن الاستغناء عن الناس.
٧٢٤ ـ أخبرنى محمد
بن موسى قال : سمعت على بن جعفر قال : مضى أبى ، إلى أبى عبد الله ـ رحمهالله ـ وذهب بى معه فقال له : يا أبا عبد الله ، هذا ابنى فدعا
لى وقال لأبى : ألزمه السوق .
٧٢٥ ـ أخبرنا
يعقوب بن يوسف أبو بكر المطوعى قال : سمعت أبا بكر بن حماد يقول : سمعت الجصاص قال : سألت أحمد بن حنبل ـ رحمهالله ـ فقلت : أربعة دراهم : درهم من تجارة برة ، ودرهم من صلة
الإخوان ودرهم من أجر التعليم ودرهم من غلة بغداد ـ قال : أحبها إلى من تجارة برة
، وأكرهها عندى الّذي من صلة الإخوان ، وأما أجر التعليم فإن احتاج فليأخذه ، وأما غلة بغداد فأنت تعرفها فليش تسألنى عنها.
٧٢٦ ـ أخبرنى عبد
الملك الميمونى قال : قال لى أبو عبد الله ـ رحمهالله ـ يوما مبتدئا : يا أبا الحسن استغن عن الناس بجهدك فلم أر
مثل الغنى عن الناس. قلت : ولم ابتدأتنى بهذا؟ قال : لأنه إن كان لك شيء تصلحه
وتكون
__________________
فيه وتصلحه
وتستغنى به عن الناس فإن الغنى من العافية ، فحثنى غير مرة على الإصلاح والاستغناء
بإصلاح ما رزقت عن الناس وأقبل يغلظ الحاجة إلى الناس.
٧٢٧ ـ أخبرنى محمد
بن موسى قال : سمعت أحمد بن عبد الرحمن الزهرى يقول : قال لى أبو عبد الله ـ رحمهالله ـ سنة تسع عشرة حين قدم المعتصم وأتيته وهو يعمل بيده شيئا يرمه بطين أى هذا ويشير إلى
السكان كأنه يعنى يرمه للكرى.
٧٢٨ ـ أخبرنى زهير
بن صالح بن أحمد بن حنبل ـ رضى الله عنه ـ قال : سمعت أبى قال : كان ربما أخذ
القدوم وخرج إلى دار السكان يعمل الشيء بيده.
٧٢٩ ـ أخبرنى أبو
بكر المروزي قال : سمعت أبا عبد الله يقول : فليتق الله العبد ولا (ق / ٨) يطعمهم
إلا طيبا يعنى العيال. قلت لأبى عبد الله : إن رجلا قال : «لا أكسب حتى تصح النية»
وله عيال. قال : إذا كان يجب عليه أن يعفهم فمن النية صيانتهم .
٧٣٠ ـ أخبرنى محمد
بن أبى هارون أن إسحاق حدثهم قال : سئل أبو عبد الله عن رجل خلف عيالا وصبية ويخشى
أن يضيعوا وقد حج ويريد الخروج إلى الكوفة ولعله يحج من الكوفة. قال أبو عبد الله
: لا يخرج ولا يضيعهم قال : «كفى بالمرء إثما أن يضيّع من يقوت» .
٧٣١ ـ أخبرنى أحمد
بن الحسين بن حسان ويوسف بن موسى : أن أبا عبد الله سئل عن الحديث : «كفى بالمرء إثما أن
يضيع من يقوت». قال :
__________________
إذا كان يسعى على
عياله كيف يضيّعهم؟ قيل له : فإن أطعمهم حراما يكون ضيعة لهم؟ قال : شديدا.
٧٣٢ ـ أخبرنا أحمد
بن الحسين بن حسان أن أبا عبد الله قال له رجل : إنى أحب أن أخرج إلى مكة فتأمرنى
بذلك قال له : إن كنت تطيق ، وإلا فلا ، إلا بزاد وراحلة ، لا تخاطر.
٧٣٣ ـ أخبرنى أحمد
بن الحسين بن حسان أن أبا عبد الله سئل عن الرجل يدخل المفازة بغير زاد فأنكره
إنكارا شديدا ، وقال : أف أف لا لا ـ ومد بها صوته ـ إلا بزاد وراحلة.
٧٣٤ ـ سمعت أبا
بكر المروزي يقول : سمعت أبا عبد الله ـ رحمهالله ـ يقول : حججت خمس حجج ثنتين منها على قدمى ، وقد كفى بعض
الناس إلى مكة أربعة عشر درهما. قلت : من يا أبا عبد الله؟ قال : أنا فمن قدر على
هذا فنعم فأما أن يخاطر فيخرج بغير زاد وهو لا يؤمل من نفسه هذا فقد كرهت العلماء
ذلك.
وقد أنكر أبو عبد
الله على المتكلمين فى ذلك إنكارا شديدا.
٧٣٥ ـ أخبرنى
إبراهيم بن الخليل أن أحمد بن نصر أبا حامد حدثهم أن أبا عبد الله قد سأله رجل : أيخرج إلى مكة متوكلا
لا يحمل معه شيئا؟ قال : لا يعجبنى ، فمن أين يأكل قال : يتوكل فيعطيه الناس. قال
: فإذا لم يعطوه. أليس يستشرف لهم حتى يعطوه؟ لا يعجبنى هذا . لم يبلغنى أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
والتابعين فعل هذا ، ولكن يعمل ويطلب ويتحرى.
قال أبو بكر
المروزي فى هذه المسألة : إن أبا عبد الله جاءه رجل من
__________________
أصحاب ابن أسلم
فقال : ما تقول فى رجل يريد سفرا أيما أحب إليك يحمل معه زادا أو يتكل؟ قال أبو
عبد الله : يحمل زادا ويتوكل.
٧٣٦ ـ أخبرنا محمد
بن على السمسار أن محمد بن موسى بن مشيش حدثهم أن أبا عبد الله سأله رجل خراسانى فقال : أحج بلا
زاد؟ فقال : لا ، اعمل واحترف واخرج ، النبي صلىاللهعليهوسلم زود أصحابه ، فقال الخراسانى : فهؤلاء الذين يغزون ويحجون
بلا زاد هم على الخطأ فقال : نعم هم على الخطأ.
٧٣٧ ـ وأخبرنى محمد
بن أحمد بن جامع الرازى قال : سمعت أبا معين الحسين بن الحسن الرازى قال : شهدت أحمد بن حنبل ـ رضى الله عنه ـ جاءه رجل من أهل
خراسان فقال له : يا أبا عبد الله معى درهم وأراه قال أحج بهذا الدرهم؟ فقال له
أحمد : اذهب إلى باب الكرخ فاشتر بهذا الدرهم منا واحمل على رأسك حتى يصير عندك
ثلاثمائة فإذا صار عندك ثلاثمائة فحج. قال : يا أبا عبد الله ما ترى مكاسب الناس.
قال أحمد : انظر إلى هذا الخبيث يريد أن يفسد على الناس معايشهم. قال : يا أبا عبد
الله أنا متوكل. قال : فتدخل البادية وحدك أو مع الناس. قال : لا ، مع الناس. قال
: كذبت لست أنت بمتوكل فادخل وحدك ، وإلا فأنت متوكل على جرب الناس.
٧٣٨ ـ أخبرنا أبو
بكر المروزي قال : قلت لأبى عبد الله : هؤلاء المتوكلة الذين لا يتجرون ولا يعملون
يحتجون بأن النبي صلىاللهعليهوسلم (ق / ١١) زوج على
سورة من القرآن فهل كان معه شيء من الدنيا. قال :
__________________
وما علمهم أنه كان
لا يعمل. قال : قلت : يقولون : نقعد وأرزاقنا على الله عزوجل. قال : ذا قول ردىء خبيث ، الله تبارك وتعالى يقول : (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ
الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) فأيش هذا إلا البيع والشراء.
٧٣٩ ـ أخبرنا
المروزي قال : قلت لأبى عبد الله : إن قوما كانوا بمكة فى مسجد فجاءهم رجل فقال :
قوموا خذوا هذا اللحم فقالوا : لا أو تذهب فتشويه وتجيء به فقال : أما الساعة فقد
أمر بالعمل ، ثم قال : إذا قال لا أعمل فجىء إليه بشيء مما قد عمل واكتسبوه لأى
شيء يقبله. قلت : يقول : هذا رزقى. قال : هو يقبل ممن يعمل. كان على بن أبى طالب
رضى الله عنه يعمل حتى تدبر يده وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعملون.
٧٤٠ ـ أخبرنا عبد
الله بن أحمد قال : سمعت أبى ـ رحمهالله ـ يقول : الاستغناء عن الناس بطلب ـ يعنى العمل ـ أعجب
إلينا من الجلوس وانتظار ما فى أيدى الناس.
٧٤١ ـ وأخبرنى
محمد بن على حدثنا صالح أنه سأل أباه ـ رحمهالله ـ عن التوكل فقال : «التوكل حسن ، ولكن ينبغى للرجل أن لا
يكون عيالا على الناس ينبغى أن يعمل حتى يغنى نفسه وعياله» (ق / ١٢) ولا يترك
العمل.
٧٤٢ ـ قال : وسئل
أبى ـ رحمهالله ـ وأنا شاهد عن قوم لا يعملون ويقولون : نحن متوكلون. فقال
: هؤلاء مبتدعة .
٧٤٣ ـ وأخبرنا عبد
الله بن أحمد بن حنبل قال : قلت لأبى : ترى إن اكتسب رجل قوت يوم أفضل؟ قال : إن
اكتسب فضلا فعاد به على قرابته أو داره أو ضيف فهو أحب إلى من أن لا يكتسب وأحب
إلى أن يستعف.
٧٤٤ ـ أخبرنا محمد
بن جعفر . أن أبا الحارث حدثهم قال :
__________________
سألت أبا عبد الله
قلت : الرجل يدع العمل ويجلس ويقول : ما أعرف إلا ظالما أو غاصبا فأنا آخذ من
أيديهم ولا أعينهم ولا أقواهم على ظلمهم. قال : ما ينبغى لأحد أن يدع العمل ويقعد
ينتظر ما فى أيدى الناس ، أنا أختار العمل ، والعمل أحب إلى ، إذا جلس الرجل ولم
يحترف دعته نفسه إلى أن يأخذ ما فى أيدى الناس ، فإذا أعطوه أو منعوه أشغل نفسه
بالعمل والاكتساب ترك الطمع قال صلىاللهعليهوسلم : «لأن يحمل الرجل حبلا فيحتطب ثم يبيعه فى السوق ويستغنى
به خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه» ، فقد أخبر النبي صلىاللهعليهوسلم أن العمل خير من المسألة ، وقال الله تعالى : (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا
الْبَيْعَ) فقوله هذا إذن فى الشراء والبيع ، وأنا أختار للرجل
الاضطراب فى طلب الرزق والاستغناء عما فى أيدى الناس ، وهو عندى أفضل. قلت : إن
هاهنا قوما يقولون : نحن متوكلون ولا نرى العمل إلا بغير الظلمة والقضاة وذلك أنى
لا أعرف إلا ظالما ، فقال أبو عبد الله : ما أحسن الاتكال على الله عزوجل ولكن لا ينبغى لأحد أن يقعد ولا يعمل شيئا حتى يطعمه هذا
أو هذا ، ونحن نختار العمل ونطلب الرزق ونستغنى عن المسألة والاستغناء عن الناس
بالعمل أحب إلى من المسألة.
٧٤٥ ـ أخبرنا أبو
بكر المروزي قال : قيل لأبى عبد الله : أى شيء صدق (ق / ١٣) التوكل على الله عزوجل؟ فقال : أن يتوكل على الله ولا يكن فى قلبه أحد من
الآدميين يطمع أن يجيئه بشيء وإذا كان كذلك كان الله يرزقه وكان متوكلا.
٧٤٦ ـ حدثنا أبو
بكر فى موضع آخر قال : ذكرت لأبى عبد الله ـ رحمهالله ـ التوكل فأجازه لمن استعمل فيه الصدق. اه
٧٤٧ ـ وفى رواية
يعقوب بن بختان قال : سمعت أحمد وسئل عن التوكل فقال : هو قطع الاستشراف بالإياس
من الخلق .
__________________
٧٤٨ ـ وفى كتاب
السنة له ورساله الإصطخرى عنه قال :
ومن حرم المكاسب
والتجارة وطلب الرزق من وجهه فقد جهل وأخطأ وخالف ، بل المكاسب من وجهها حلال قد
أحلها الله ورسوله والرجل ينبغى له أن يستعين على نفسه وعياله من فضل ربه تبارك
وتعالى فإن كان لا يرى الكسب فهو مخالف .
٧٤٩ ـ وفى رواية
ابن هانئ قال : رأيت أبا عبد الله أعطى ابنه درهما ... وقال : اذهب به إلى المعلم
فادفعه إليه .
التعليق :
أصل التوكل الوكول
، يقال : توكل بالأمر إذا ضمن القيام به ، ووكلت أمرى إلى فلان أى ألجأته إليه
واعتمدت فيه عليه ، ووكل فلان فلانا إذا استكفاه أمره ثقة بكفايته أو عجز عن
القيام بأمر نفسه .
هذا هو التعريف
اللغوى للتوكل. أما المعنى الشرعى للتوكل فهو : اعتماد القلب على الله وحده ، مع
الأخذ بالأسباب المأمور بها واعتقاد أنها لا تجلب بذاتها نفعا ولا تدفع ضرا ، بل
السبب والمسبب فعل الله والكل بمشيئته.
وقد أمر الله عزوجل بالتوكل وأوجبه وأثنى على المتوكلين عليه وحده المكتفين به
دون سواه فقال جل من قائل : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ
الْمُتَوَكِّلِينَ) ، وقال تبارك وتعالى : (وَعَلَى اللهِ
فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) ، وقال جل شأنه : (وَقالَ مُوسى يا
قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ
مُسْلِمِينَ) ، وقال
__________________
سبحانه وتعالى (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ
كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) .
يقول ابن القيم :
فجعل التوكل شرطا فى الإيمان ، فدل على انتفاء الإيمان عند انتفاء التوكل ، وجعل
دليل صحة الإسلام التوكل.
وقال تعالى : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ
الْمُؤْمِنُونَ) فذكر اسم الإيمان هاهنا دون سائر أسمائهم دليل على استدعاء
الإيمان للتوكل وأن قوة التوكل وضعفه بحسب قوة الإيمان وضعفه ، وكلما قوى إيمان
العبد كان توكله أقوى وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكل وإذا كان التوكل ضعيفا فهو دليل
على ضعف الإيمان ولا بد والله تعالى يجمع بين التوكل والعبادة وبين التوكل
والإيمان وبين التوكل والإسلام وبين التوكل والتقوى وبين التوكل والهداية ... فظهر
أن التوكل أصل لجميع مقامات الإيمان والإحسان ولجميع أعمال الإسلام وأن منزلته
منها منزلة الجسد من الرأس فكما لا يقوم الرأس إلا على البدن فكذلك لا يقوم
الإيمان ومقاماته وأعماله إلا على ساق التوكل .
ويقول أيضا :
وحقيقة الأمر أن التوكل حال مركبة من مجموع أمور لا تتم حقيقة التوكل إلا بها ،
فأول ذلك : معرفة بالرب وصفاته : من قدرته وكفايته وقيوميته وانتهاء الأمور إلى
علمه وصدورها من مشيئته وقدرته.
قال شيخنا : ولذلك
لا يصح التوكل ولا يتصور من فيلسوف ولا من القدرية النفاة القائلين : بأنه يكون فى
ملكه ما لا يشاء ولا يستقيم أيضا من الجهمية النفاة لصفات الرب جل جلاله ولا
يستقيم التوكل إلا من أهل الإثبات . اه
وفى كتابه الفوائد
يقول :
التوكل على الله
نوعان :
أحدهما : توكل عليه فى جلب حوائج العبد وحظوظه الدنيوية أو دفع
__________________
مكروهاته ومصائبه
الدنيوية.
الثانى : التوكل عليه فى حصول ما يحبه هو ويرضاه من الإيمان واليقين والجهاد
والدعوة إليه.
وبين النوعين من
الفضل ما لا يحصيه إلا الله فمتى توكل عليه العبد فى النوع الثانى حق توكله كفاه
النوع الأول تمام الكفاية ومن توكل عليه فى النوع الأول دون الثانى كفاه أيضا ،
لكن لا يكون له عاقبة المتوكل عليه فيما يحبه ويرضاه فأعظم التوكل عليه : التوكل
فى الهداية وتجريد التوحيد ومتابعة الرسول وجهاد أهل الباطل .
ويقول الشيخ
سليمان بن عبد الله (ت ١٢٣٣ ه) :
لكن التوكل على
غير الله قسمان :
أحدهما : التوكل
فى الأمور التى لا يقدر عليها إلا الله كالذين يتوكلون على الأموات والطواغيت فى
رجاء مطالبهم من النصر والحفظ والرزق والشفاعة فهذا شرك أكبر فإن هذه الأمور
ونحوها لا يقدر عليها إلا الله تبارك وتعالى.
الثانى : التوكل
فى الأسباب الظاهرة العادية كمن يتوكل على أمير أو سلطان فيما جعله الله بيده من
الرزق أو دفع الأذى ونحو ذلك فهذا نوع شرك خفى. والوكالة الجائزة هى توكل الإنسان
فى فعل مقدور عليه. لكن ليس له أن يتوكل عليه وإن وكله. بل يتوكل على الله ويعتمد
عليه فى تيسير ما وكله فيه كما قرره شيخ الإسلام . اه
وبهذه النقول تتضح
لنا صور التوكل ومتعلقاته.
والروايات
المتقدمة عن الإمام أحمد تناولت جانبا من الجوانب المتعلقة بالتوكل وهو العمل
والكسب وضرورة اتخاذ الأسباب وأن ذلك لا ينافى مطلقا التوكل المأمور به ، وهذا هو
المفهوم الصحيح للتوكل لا كما يفهمه البعض الذين
__________________
تركوا الأسباب
المشروعة ظنا منهم أن فى الأخذ بها قدحا فى التوكل ، وهذا الفهم جهل بالتوكل
ومعناه.
يقول ابن القيم
بعد ذكره لعدة أحاديث أمرت بالتداوى.
فقد تضمنت هذه
الأحاديث إثبات الأسباب والمسببات وإبطال قول من أنكرها والأمر بالتداوى وأنه لا
ينافى التوكل كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها ، بل لا
تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التى نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرا
وشرعا ، وأن تعطيلها يقدح فى نفس التوكل كما يقدح فى الأمر والحكمة ويضعفه من حيث
يظن معطلها أن تركها أقوى من التوكل فإن تركها عجز ينافى التوكل الّذي حقيقته
اعتماد القلب على الله فى حصول ما ينفع العبد فى دينه ودنياه ودفع ما يضره فى دينه
ودنياه ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب وإلا كان معطلا للأمر والحكمة
والشرع فلا يجعل العبد عجزه توكلا ولا توكله عجزا . اه
وما من شك أن الله
سبحانه وتعالى قد كتب لكل إنسان رزقه وما هو مقسوم له فالرزق مضمون وما على المؤمن
إلا أن يتوكل على الله عزوجل ويثق به ويتخذ الأسباب المشروعة والمأمور بها لتحصيل ما
كتبه الله تعالى له.
وقد يعتقد البعض
أن اتخاذ الأسباب المشروعة لا فائدة منه ويقول : إن كان قد قدر لى شيء حصل وإن لم
يقدر لم يحصل سواء سعيت أم لم أسع وهذا مفهوم خاطئ فالله سبحانه وتعالى جعل السبب
لحصول المطلوب ويقضى الله بحصوله بإذنه إذا فعل العبد السبب وقام به.
يقول ابن الجوزى :
وقد تشبث القاعدون عن التكسب بتعللات قبيحة منها أنهم قالوا : لا بد أن يصل إلينا
رزقنا وهذا فى غاية القبح فإن الإنسان لو ترك الطاعة وقال : لا أقدر بطاعتى أن
أغير ما قضى الله عليّ فإن كنت من أهل الجنة فأنا إلى الجنة أو من أهل النار فأنا
من أهل النار. قلنا له : هذا يرد
__________________
الأوامر كلها ...
ومعلوم أننا مطالبون بالأمر لا بالقدر . اه
والعمل والكسب إلى
جانب مشروعيته فهو أيضا مما يؤجر ويثاب عليه المسلم وذلك لما يترتب عليه من اكتفاء
المسلم ومن يعول عن سؤال الناس والتطلع إلى ما فى أيديهم.
فمن ترك العمل
وقعد عن البحث عن مصادر الرزق التى أحلها الله عزوجل بحجة التوكل فقد جهل معنى التوكل بل جهل جانبا من مفهوم
هذا الدين العظيم ، فالعجز والتواكل والتكاسل له آثار خطيرة على الفرد والمجتمع ،
فمن بعض هذه الآثار تفشى الفقر والبطالة فى المجتمع الإسلامى ، وهذا يناقض أهداف
الإسلام. فترك العمل سبيل للتخلف والضعف والهوان والإسلام دين العزة والمنعة.
والمطلوب من المسلم
العمل فى هذه الحياة لما يحقق له ولأسرته الاكتفاء وعدم الحاجة إلى الغير لكن لا
يجعل العمل وجمع الأموال هو هدفه الرئيس في هذه الحياة فالهدف من وجوده عبادة الله
عزوجل قال تعالى : (وَما خَلَقْتُ
الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وإنما شرع له العمل صيانة لنفسه ولأسرته وهو فى نفسه ـ أى
العمل ـ عبادة إذا كان بنية خالصة وكان الدافع الاكتفاء عن الناس والتقوى بكسبه
على طاعة الله عزوجل والإنفاق والتصدق ، وهذا تفيده أحاديث صحيحة كثيرة.
وأيضا جمع المال
من الطرق المشروعة لا ينافى التوكل ولا يخالفه خلافا لما يعتقده البعض من أن فى
جمع المال منافاة للتوكل وأنه لا يصح التوكل إلا بالخروج والتجرد من الأموال ،
وهذا قصور فى فهم التوكل ، والأحاديث الدالة على شرف المال وجواز جمعه بالطرق
المشروعة كثيرة ، والله عزوجل عظّم قدر المال وأمر بحفظه ونهى عن تبذيره فقال تعالى (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ
الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) ، وقال : (فَإِنْ آنَسْتُمْ
مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ
__________________
أَمْوالَهُمْ) .
فجمع المال ليس
فيه منافاة للتوكل بأى حال من الأحوال ، بل قد يكون المال معينا لصاحبه فى التقرب
إلى الله عزوجل ، فالمال بحد ذاته نعمة من نعم الله عزوجل على الإنسان ومن الحماقة رفض ما أنعم الله تعالى به وأباحه
، وإنما المهم هو كيفية التصرف بهذه النعمة فمن جمع المال من الطرق المشروعة وأنفقه
فيما يحبه الله ويرضاه فهذا قد وفق إلى سلوك الصراط المستقيم ، وأما من يجمع المال
ثم ينفقه فى معصية الله فسوف يعود عليه بالوبال وسوء الحال ، فالعلة إذا ليست فى
جمع المال وإنما فى كيفية التصرف فيه. وبالله التوفيق.
__________________
قول الإمام أحمد فى المسألة
قال أبو داود :
٧٥٠ ـ سمعت أحمد
سئل عن من تحل له المسألة. فقال : لا تحل لرجل عنده ما يبيته .
وقال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٧٥١ ـ سمعت أبا
عبد الله وسئل عن حديث عمر رضى الله عنه فى الاستشراف فقال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما آتاك الله عزوجل من هذا المال من غير مسألة ولا إشراف فخذه وتموله» .
قال أبو عبد الله
: وإشراف النفس أن تقول : يبعث إلى فلان بكذا وكذا. ولا بأس أن يأخذ إذا كان من
غير إشراف فله أن يرد أو يأخذ وهو بالخيار ، وإذا كان عن إشراف نفس فلا يأخذ .
التعليق :
تقدمت الروايات عن
الإمام أحمد والتى يحث فيها على العمل والكسب وأن هذا لا ينافى التوكل مطلقا ،
وتقدمت الإشارة أيضا فى بعض تلك الروايات إلى النهى عن المسألة لما فيها من تعريض
المسلم نفسه وأهله للذل والهوان خاصة إذا كان السائل مقتدرا على الكسب والعمل ، والإمام
أحمد استلهم ذلك كله مما جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم. روى أحمد ، وأبو داود ،
__________________
وابن ماجة ، والبيهقى عن أنس بن مالك : أن رجلا جاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فشكى إليه الفاقة ثم رجع فقال : يا رسول الله جئتك من عند
أهل بيت ما أرانى أرجع إليهم حتى يموت بعضهم قال : فقال له : «انطلق هل تجد من شيء؟»
قال : فانطلق فجاء بحلس وقدح فقال يا رسول الله : هذا الحلس كانوا يفترشون بعضه
ويكتسون بعضه وهذا القدح كانوا يشربون فيه. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من يأخذها منى بدرهم» فقال رجل : أنا يا رسول الله.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من يزيد على درهم» فقال رجل : أنا آخذهما باثنين. فقال
: «هما لك» فدعا الرجل فقال له : «اشتر بدرهم فأسا ، وبدرهم طعاما لأهلك» قال :
ففعل ثم رجع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «انطلق إلى هذا الوادى فلا تدع حاجا ولا شوكا ولا
حطبا ولا تأتينى خمسة عشر يوما» قال : فانطلق فأصاب عشرة قال : «فانطلق فاشتر
بخمسة طعاما لأهلك وبخمسة كسوة لأهلك». فقال : يا رسول الله لقد بارك الله لى فيما
أمرتنى ، فقال : «هذا خير من أن تجيء يوم القيامة وفى وجهك نكتة المسألة إن
المسألة لا تصلح إلا لثلاثة : لذى دم موجع وغرم مفظع وفقر مدقع» وهذا لفظ البيهقى.
وروى أحمد ، وابن ماجة ، والنسائى ، والحاكم ، وغيرهم عن أبى هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تحل الصدقة لغنى ولا لذى مرة سوى».
__________________
ورواه عبد الرزاق وأبو داود والترمذي والدارقطنى والحاكم . وغيرهم من حديث عبد الله بن عمر.
ورواه أحمد ، وعبد الرزاق ، وأبو داود ، وابن ماجة ، والحاكم ، من حديث أبى سعيد الخدرى وروى أبو داود ، والنسائى عن عبيد الله ابن عدى بن الخيار أن رجلين حدثاه أنهما أتيا
رسول الله صلىاللهعليهوسلم يسألانه من الصدقة فقلب فيهما البصر فرآهما جلدين فقال
رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن شئتما ولا حظ فيها لغنى ولا لقوى مكتسب».
وروى البخارى ومسلم وأحمد وابن ماجة عن الزبير بن العوام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتى الجبل فيجىء بحزمة من حطب
على ظهره فيبيعه فيستغنى بها ، خير من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه».
قال ابن حجر :
وفيه الحث على التعفف عن المسألة والتنزه عنها ولو امتهن
__________________
المرء نفسه فى طلب
الرزق وارتكب المشقة فى ذلك ... وذلك لما يدخل على السائل من ذل السؤال ومن ذل
الرد إذا لم يعط ...
وأما قوله : «خير
له» فليست بمعنى أفعل التفضيل إذ لا خير فى السؤال مع القدرة على الاكتساب . اه
فمن أهم نتائج
العمل الترفع عما فى أيدى الناس وعدم سؤالهم فالسائل لغير الله عزوجل إذا كان قادرا على الكسب أو عنده ما يكفيه كأنه بسؤاله
للناس متوكلا عليهم منتظرا منهم العطاء أو المنع وهذا مخالف للتوكل على الله عزوجل لما فيه من الذلة
وإراقة ماء الوجه والالتفات إلى غير الله تعالى فى السؤال والطلب.
يقول النووى :
مقصود الباب وأحاديثه النهى عن السؤال واتفق العلماء عليه إذا لم تكن ضرورة
واختلفوا فى مسألة القادر على الكسب على وجهين :
أصحهما : أنها
حرام لظاهر الأحاديث.
والثانى : حلال مع
الكراهة بثلاث شروط : أن لا يذل نفسه ، ولا يلح فى السؤال ، ولا يؤذى المسئول فإن
فقد أحد هذه الشروط فهى حرام باتفاق. والله أعلم .
__________________
قول الإمام أحمد فى الحب فى الله
قال ابن أبى يعلى
:
٧٥٢ ـ أنبأنا أبو
بكر المقرى أخبرنا أحمد السوسنجردى . أخبرنا أبو بكر بن بخيت حدثنا محمد بن عيسى حدثنا أبو بكر المروزي قال : قيل لأبى عبد الله : ما الحب
فى الله؟ قال : هو أن لا تحبه لطمع فى دنياه . اه
التعليق :
روى البخارى ، ومسلم من حديث أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله : ...
ورجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ...» الحديث.
وروى البخارى ، ومسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ثلاث من كن فيه وجد طعم الإيمان من كان يحب المرء لا
يحبه إلا لله ...» الحديث. فالتحاب فى الله عزوجل له منزلة عظيمة فهو دلالة على
__________________
حب الله.
يقول شارح
الطحاوية : فمحبة رسل الله وأنبيائه وعباده المؤمنين من محبة الله ، وإن كانت المحبة
التى لله لا يستحقها غيره ، فغير الله يحب فى الله لا مع الله ، فإن المحب يحب ما
يحب محبوبه ويبغض ما يبغضه ، ويوالى من يواليه ، ويعادى من يعاديه ، ويرضى لرضائه
ويغضب لغضبه ، ويأمر بما يأمر به ، وينهى عما ينهى عنه ، فهو موافق لمحبوبه فى كل
حال ، والله تعالى يحب المحسنين ويحب المتقين ويحب التوابين ، ويحب المتطهرين ونحن
نحب من أحبه الله والله لا يحب المفسدين ولا يحب المستكبرين ونحن لا نحبهم أيضا
ونبغضهم موافقة له سبحانه وتعالى . اه
__________________
قول الإمام أحمد فى الخوف والرجاء
قال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٧٥٣ ـ قال أبو عبد
الله : ينبغى للمؤمن أن يكون رجاؤه وخوفه واحدا .
التعليق :
كما ذكر الإمام
أحمد يجب أن يكون الخوف والرجاء من الله متوازنين فى قلب المؤمن فلا يطغى الخوف
على الرجاء أو الرجاء على الخوف وكما قال أبو على الروذبارى : الخوف والرجاء
كجناحى الطائر إذا استويا استوى الطائر وتم طيرانه وإذا نقص واحد منهما وقع فيه
النقص وإذا ذهبا جميعا صار الطائر فى حد الموت ، لذلك قيل : لو وزن المؤمن ورجاؤه
لاعتدلا . اه
وسأتكلم الآن عن
كل واحد منها لتتضح لنا مكانتهما من الإيمان وضرورة تساويهما.
أما الخوف من الله
تعالى فهو شرط فى تحقيق الإيمان وهو على ثلاثة أقسام ذكرها الشيخ سليمان بن عبد
الله (ت ١٢٣٣ ه) ـ إذ يقول :
أحدها : خوف السر وهو أن يخاف من غير الله أن يصيبه بما يشاء من مرض أو فقر
أو قتل ونحو ذلك بقدرته ومشيئته ، سواء ادعى أن ذلك كرامة للمخوف بالشفاعة ، أو
على سبيل الاستقلال ، فهذا لا يجوز تعلقه بغير الله أصلا ، لأن هذا من لوازم
الإلهية فمن اتخذ مع الله ندا يخافه هذا الخوف فهو مشرك ، وهذا هو الّذي كان
المشركون يعتقدونه فى أصنامهم وآلتهم ولهذا كان المشركون يخوفون بها أولياء الرحمن
كما خوفوا إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال لهم (وَلا أَخافُ ما
تُشْرِكُونَ
__________________
بِهِ
إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا
تَتَذَكَّرُونَ وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ
أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً فَأَيُّ
الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) .
الثانى : أن يترك الإنسان ما يجب عليه من الجهاد والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
بغير عذر إلا لخوف من الناس ، فهذا محرم وهو الّذي نزلت فيه الآية : (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ
أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) . وهو الّذي جاء فى الحديث : «أن الله تعالى يقول للعبد يوم
القيامة : ما منعك إذا رأيت المنكر أن لا تغيره فيقول : يا رب خشيت الناس فيقول :
إياى كنت أحق أن تخشى». رواه أحمد .
الثالث : خوف وعيد الله الّذي توعد به العصاة وهو الّذي قال الله فيه : (ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ
وَعِيدِ) ... وهذا الخوف من أعلى مراتب الإيمان ونسبة الأول إليه
كنسبة الإسلام إلى الإحسان وإنما يكون محمودا إذا لم يوقع فى القنوط واليأس من روح
الله . اه
قلت : وهذا هو ما
عناه الإمام أحمد بقوله السابق ، وهذا الخوف باعث على القيام بما أمر الله تعالى
به قال تعالى : (يَخافُونَ رَبَّهُمْ
مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) .
يقول ابن القيم :
ونقصان الخوف من الله إنما هو لنقصان معرفة العبد به فأعرف الناس أخشاهم لله ...
وهو ينشأ من ثلاثة أمور :
أحدها : معرفة الجناية وقبحها.
والثانى : تصديق الوعيد وأن الله رتب على المعصية عقوبتها.
__________________
والثالث : أنه لا يعلم لعله يمنع من التوبة ويحال بينه وبينها إذا ارتكب الذنب.
فبهذه الأمور
الثلاثة يتم له الخوف وبحسب قوتها وضعفها تكون قوة الخوف وضعفه . اه
قلت : ومن أسباب
الخوف من الله ومن دواعيه المعرفة بعظيم قدرة الله وسلطانه وقوته ونفاذ مشيئته فى
خلقه ، وهذه المعرفة موجبة للخوف منه سبحانه وتعالى لا محالة يقول تعالى : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ
وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ
بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) .
والخوف من الله
تعالى يثمر الالتزام بما أمر الله به والانتهاء عما نهى عنه.
فترك المعصية ـ مثلا
ـ والإقلاع عن مقارفتها مع قوة الداعى إليها من أعظم أنواع هذا الخوف من الله
تعالى لما فى ذلك من مجاهدة النفس ومحاربتها وكبح جماحها ، وهذا ناتج عن العلم
واليقين بأن الله عزوجل بكل شيء محيط. وبأنه لا يخفى عليه أحد من خلقه وأنه تعالى
مطلع على ظواهرهم وبواطنهم. فمن كان هذا حاله وهو يعلم يقينا أن الله تعالى ناظر
إليه سامع ما يقوله لا يغيب عنه لحظة واحدة أورثه هذا العلم الخوف منه والمداومة
على طاعته وعدم التجرؤ عليه بالمعاصي وهو يراه وينظر إليه.
وفى الحديث الصحيح
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله : الإمام
العادل ، وشاب نشأ فى عبادة ربه ، ورجل قلبه معلق فى المساجد ، ورجلان تحابا فى فى
الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال إنى أخاف
الله ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله
خاليا ففاضت عيناه» . اه
__________________
فالإحجام عن
الوقوع فيما حرم الله مع قوة الداعى إليه دليل على كمال الإيمان وامتلاء القلب
خوفا من الله تعالى وقد أورثه هذا الخوف هذه المنزلة العظيمة بأن جعله الله فى ظله
يوم لا ظل إلا ظله جزاء له على محاربته لشهوته وقمعها مع قوة تسلطها وهذا فى سبيل
مرضاة الله تعالى والالتزام بأمره والانتهاء عما نهى عنه.
وفى الختام أقول :
إن الخوف من الله سبحانه وتعالى من أعظم الدوافع لمراجعة العبد لنفسه ومحاسبتها
وتقويم عمله فى هذه الحياة فإن كان محسنا ازداد وإن كان مسيئا رجع وتاب.
ولا بد مع ما ذكر
أن لا يخرج الخوف بصاحبه عن الحد المألوف والصحيح وهو أن يكون باعثا على الالتزام
بالأوامر والانتهاء عن النواهى مقترنا بالرجاء وحسن الظن بالله تعالى.
يقول ابن رجب :
والقدر الواجب من الخوف ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم ، فإن زاد على
ذلك بحيث صار باعثا للنفوس على التشمير فى نوافل الطاعات والانكفاف عن دقائق
المكروهات كان ذلك فضلا محمودا ، فإن تزايد على ذلك بأن أورث مرضا أو موتا أو هما
لازما بحيث يقطع عن السعى فى اكتساب الفضائل المطلوبة المحبوبة لله عزوجل لم يكن محمودا ولهذا كان السلف يخافون على عطاء السليمى من شدة خوفه الّذي أنساه القرآن ، وصار صاحب فراش ، وهذا
لأن خوف العقاب ليس مقصودا لذاته إنما هو سوط يساق به المتوانى عن الطاعة إليها . ومن هنا كانت النار من جملة نعم الله على عباده الذين
خافوه واتقوه ولهذا المعنى عدها الله سبحانه من جملة آلائه على الثقلين فى سورة الرحمن
... ولا ننكر أن خشية الله وهيبته وعظمته فى الصدور وإجلاله مقصود أيضا ، ولكن
القدر النافع من ذلك ما كان عونا على التقرب إلى الله بفعل ما يحبه وترك ما يكرهه
ومتى صار الخوف مانعا من ذلك وقاطعا فقد انعكس
__________________
المقصود منه . اه
ويقول ابن القيم :
والخوف المحمود الصادق : ما حال بين صاحبه وبين محارم الله عزوجل فإذا تجاوز ذلك خيف منه اليأس والقنوط ، وسمعت شيخ الإسلام
ابن تيمية يقول : الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله . اه
أما الرجاء : فهو
التوقع والأمل. تقول : رجوته أرجوه رجوا ورجاء ورجاوة ، وهمزته منقلبة عن واو ،
بدليل ظهورها فى رجاوة وقد جاء فيها رجاءة . اه
واختلف فى تعريف
الرجاء فقيل : هو الاستبشار بجود وفضل الرب تبارك وتعالى ، والارتياح لمطالعة كرمه
سبحانه. وقيل : هو الثقة بجود الرب تعالى.
والفرق بين الرجاء
والتمنى : أن الرجاء يكون مع بذل الجهد وحسن التوكل ، أما التمنى فيكون مع الكسل
ولا يسلك بصاحبه طريق الجد والاجتهاد.
ولذا أجمع العلماء
على أن الرجاء لا يصح إلا مع العمل .
والعمل دافعه
الخوف من الله عزوجل وتحقيق أمره والانتهاء عن نهيه خوفا من عقوبته وطمعا فى
جنته.
والله عزوجل قرن الخوف بالرجاء فى غير آية وجعله من صفات المؤمنين قال
تعالى : (وَادْعُوهُ خَوْفاً
وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) .
وقال جل وعلا : (وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ
عَذابَهُ) ، وقال جل ذكره : (وَيَدْعُونَنا
رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ) .
__________________
يقول ابن القيم :
والفرق بين الرغبة والرجاء أن الرجاء طمع والرغبة طلب ، فهى ثمرة الرجاء ، فإنه
إذا رجا الشيء طلبه والرغبة من الرجاء كالهرب من الخوف فمن رجا شيئا طلبه ورغب فيه
ومن خاف شيئا هرب منه . اه
روى البخارى ومسلم عن أبى هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ، ما طمع
بجنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد». واللفظ
لمسلم.
يقول ابن حجر فى
شرح الحديث : اشتمل على الوعد والوعيد المقتضيين للرجاء والخوف ، فمن علم أن من
صفات الله تعالى الرحمة لمن أراد أن يرحمه والانتقام ممن أراد أن ينتقم منه لا
يأمن انتقامه من يرجو رحمته ولا ييأس من رحمته من يخاف انتقامه ، وذلك باعث على
مجانبة السيئة ولو كانت صغيرة وملازمة الطاعة ولو كانت قليلة . اه
قلت : فالخوف
والرجاء لا بد أن يكونا فى قلب المؤمن لأن انفراد الخوف يخاف منه القنوط واليأس
وانفراد الرجاء قد يؤدى إلى الجرأة على اقتراف المعاصى والآثام وترك الفرائض.
يقول الكرمانى :
إن المكلف ينبغى له أن يكون بين الخوف والرجاء حتى لا يكون مفرطا فى الرجاء بحيث
يصير من المرجئة القائلين لا يضر مع الإيمان شيء ، ولا فى الخوف بحيث لا يكون من
الخوارج والمعتزلة القائلين بتخليد صاحب الكبيرة إذا مات من غير توبة فى النار بل
يكون وسطا بينهما كما قال تعالى (يَرْجُونَ رَحْمَتَهُ
وَيَخافُونَ عَذابَهُ) ومن تتبع دين الإسلام وجد قواعده أصولها وفروعها كلها فى
جانب الوسط . اه
__________________
قلت : ولا يحسن
بالمسلم أن يؤمل العفو من رب العزة والجلال وهو غارق فى المعاصى والذنوب مجترئ على
الله تعالى بفعل ما نهى عنه وترك ما أمر به ، فالواجب على المسلم أن يكون بين
الخوف والرجاء ، فخوفه من الله يمنعه من معصيته ورجاؤه من الله يورث الطمأنينة فى
قلبه ، ورجاء المسلم لا بد أن يكون مبنيا على أساس صحيح وواضح فلا يمكن أن يصح
الرجاء ممن أعرض عن سبيل الله القويم واقتحم المعاصى والآثام فإن هذا ليس من باب
الرجاء بل من باب العجز والتفريط فلا بد للمسلم من الأخذ بالأسباب الموصلة للنجاة
وذلك بالمداومة على طاعة الله والإقلاع عن المعاصى والتوبة منها. ثم يرجو الله
ويحسن ظنه به وأنه بإذنه تعالى مجازيه على إحسانه واستقامته قابل لتوبته ، فهذا هو
الرجاء الصحيح الّذي يورث صاحبه الاطمئنان والأمن.
يقول ابن القيم :
ولا ريب أن حسن الظن إنما يكون مع الإحسان فإن المحسن حسن الظن بربه أن يجازيه على
إحسانه ولا يخلف وعده ... ومن تأمل هذا الموضع حق التأمل علم أن حسن الظن بالله هو
حسن العمل نفسه ، فإن العبد إنما يحمله على حسن العمل حسن ظنه بربه أن يجازيه على
أعماله ويثيبه عليها ، فالذى حمله على العمل حسن الظن فكما حسن ظنه حسن عمله وإلا
فحسن الظن مع اتباع الهوى عجز .
ويقول أيضا : وقد
تبين الفرق بين حسن الظن والغرور وأن حسن الظن إن حمل على العمل وحث عليه وساعده
وساق إليه فهو صحيح وإن دعا إلى البطالة والانهماك فى المعاصى فهو غرور وحسن الظن
هو الرجاء ، فمن كان رجاؤه جاذبا إلى الطاعة زاجرا له عن المعصية فهو رجاء صحيح ،
ومن كانت بطالته رجاء أو رجاؤه بطالة وتفريطا فهو المغرور وقد قال الله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ
هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ) فتأمل كيف جعل رجاءهم بإتيانهم بهذه الطاعات ... وسر
المسألة أن الرجاء وحسن الظن إنما يكون مع الإتيان بالأسباب التى اقتضتها حكمة
الله فى شرعه وقدره
__________________
وثوابه وكرامته
فيأتى العبد بها ثم يحسن ظنه بربه ويرجوه أن لا يكله إليها وأن يجعلها موصلة إلى
ما ينفعه ويصرف ما يعرضها للحبوط ويبطل أثرها.
ويقول أيضا : ومما
ينبغى أن يعلم أن من رجا شيئا استلزم رجاؤه ثلاثة أمور :
أحدها : محبته ما يرجوه.
والثانى : خوفه من فواته.
والثالث : سعيه فى تحصيله بحسب الإمكان ، وأما رجاء لا يقارنه شيء من ذلك فهو من باب
الأمانى والرجاء شيء والأمانى شيء آخر فكل راج خائف والله سبحانه وصف أهل السعادة
بالإحسان مع الخوف ووصف الأشقياء بالإساءة مع الأمن .
ويقول أيضا : إن
الرجاء حاد يحدو به فى سيره إلى الله ، ويطيب له المسير ويحثه عليه ، ويبعثه على
ملازمته ، فلو لا الرجاء لما سار أحد ، فإن الخوف وحده لا يحرك العبد وإنما يحركه
الحب ويزعجه الخوف ويحدوه الرجاء . اه
وما دعانى للتوسع
فى هذا المبحث هو أهميته حيث نجد البعض يقنط الناس ـ بأسلوبه فى الدعوة ـ من رحمة
الله وذلك بإبراز ما يتعلق بعذاب الله ، ولا يبرز الجانب الآخر ظنا منه أن ذلك
أصلح الناس ، وهذا قد يؤدى إلى نتائج عكسية ، فإن العبد إذا أذنب ذنبا وعلم أن له
ربا كريما محسنا يقبل التوب ويغفر الذنب تاب من ذنبه وأقلع بخلاف اليائس من رحمة
الله القانط من مغفرته فإن قنوطه ويأسه سوف يؤدى به إلى الزيادة فى المعاصى
واقتحام الذنوب.
وفى قول الله
تعالى : (نَبِّئْ عِبادِي
أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ) منهج عظيم فى هذا الموضوع وعلى الداعى إلى الله أن يضع هذه
الآية نصب عينيه فالواجب التنبيه على سعة رحمة الله وعلى شدة عذابه أيضا دون
__________________
التنبيه على
أحدهما وإغفال الآخر حتى يجتمع الخوف والرجاء عند المؤمن وهذا هو المطلوب.
وكما تقدم أن
للخوف أقساما فكذلك الرجاء وما ذكرته سابقا متعلق بنوع من أنواعه ، وهنالك الرجاء
المتعلق بالحاجات فمن رجا شيئا من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فهو مشرك
شركا أكبر ، سواء كان رجاؤه متعلقا بالأموات كما يفعله البعض أو متعلقا بغيرهم
فالرجاء بهذا المفهوم عبادة لا يجوز صرف شيء منه لغير الله تعالى. وبالله التوفيق.
ما أثر عن الإمام أحمد فى الخوف من
الوقوع فى النفاق
قال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٧٥٤ ـ قلت لأبى
عبد الله : ما تقول فيمن لا يخاف على نفسه النفاق.
قال : ومن يأمن
على نفسه النفاق .
٧٥٥ ـ وأخرج ابن
الجوزى فى مناقب الإمام أحمد بسنده ـ عن أبى بكر المروزي قال: سمعت رجلا يقول لأبى
عبد الله ـ وذكر الصدق والإخلاص ـ فقال أبو عبد الله : بهذا ارتفع القوم .
التعليق :
قال ابن الأثير :
قد تكرر فى الحديث ذكر النفاق وما تصرف منه اسما وفعلا وهو اسم إسلامى ، لم تعرفه
العرب بالمعنى المخصوص به وهو الّذي يستر كفره ويظهر إيمانه وإن كان أصله فى اللغة
معروفا . اه
قلت : والنفاق كما
حققه غير واحد من العلماء نوعان : اعتقادى وعملى.
والأول هو ما أشار
إليه ابن الأثير : إظهار الإيمان وإبطال الكفر.
وهو ما عناه
الإمام أحمد بقوله : والنفاق هو الكفر أن يكفر بالله ويعبد غيره ويظهر الإسلام فى
العلانية مثل المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم . اه
__________________
وهذا يوجب لصاحبه
الخلود فى الدرك الأسفل من النار قال تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ
فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) .
وأما الثانى : فهو
ما جاء به الحديث الّذي رواه الشيخان عن عبيد الله ابن عمرو بن العاص أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة
منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا ائتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر
وإذا خاصم فجر».
ومقصود الروايات
عن الإمام أحمد ـ المثبتة تحت العنوان السابق ـ الخوف من الرياء الّذي ذكر فى
الحديث الّذي رواه أحمد عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. قالوا : وما الشرك
الأصغر يا رسول الله؟ قال : الرياء. يقول الله يوم القيامة إذا جزى الناس بأعمالهم
: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون فى الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء» فى هذا
الحديث حث على معاهدة النفس وتطهير العمل وإخلاصه لله عزوجل وتحذير شديد من صرف أى عمل لسواه قل أو كثر
__________________
قول أحمد فى الدعاء
٧٥٦ ـ قال ابن أبى
يعلى فى ترجمة : أحمد بن إبراهيم الكوفى نقل عن إمامنا أشياء منها قال : إن دعا فى
الصلاة بحوائجه أرجو .
وهذا محمول على ما
عاد بمصالح دينه ، يوضح ذلك :
٧٥٧ ـ ما نقله
حنبل : لا يكون من دعائه رغبة فى الدنيا.
٧٥٨ ـ وقال أيضا
فى رواية الحسن بن محمد : يدعو بما قد جاء ، ولا يقول : اللهم أعطنى كذا ، وقال
الخرقى : وإن دعا فى تشهده بما ذكر فى الأخبار فلا بأس .
قال ابن أبى يعلى :
وهذه مسألة سطرها الوالد فى كتبه ، وقال خلافا للشافعى فى قوله : يجوز أن يدعو
بحوائج دنياه ، وذكر الدلالة عليه .
التعليق :
قال الخطابى : أصل
هذه الكلمة ـ أى الدعاء ـ مصدر من قولك : دعوت الشيء ، أدعوه ، دعاء ، أقاموا
المصدر مقام الاسم ، تقول : سمعت دعاء كما تقول : سمعت صوتا وكما تقول : اللهم
اسمع دعائى ، وقد يوضع المصدر موضع
__________________
الاسم. كقولهم :
رجل عدل.
ومعنى الدعاء :
استدعاء العبد ربه عزوجل العناية واستمداده إياه المعونة . اه
قلت : وللدعاء
الدرجة العظمى فى صلة العبد بربه ففى الدعاء يظهر التجاء المؤمن وافتقاره وتذلله
لله عزوجل ولقد أمر سبحانه وتعالى عباده بالدعاء فقال تعالى : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ، وقال : (ادْعُوا رَبَّكُمْ
تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) وغير ذلك من الآيات التى تحض على الدعاء كما تواترت
الأحاديث عن النبي صلىاللهعليهوسلم فى الحث على الدعاء والترغيب فيه.
فكل ما يعرض لمسلم
من حاجة عليه أن يسأل الله أن يعينه على قضائها وإن كانت صغيرة فالدعاء ليس مخصوصا
بما كان عظيما فى نظر الداعى فالكل عند الله عزوجل سواء وللمسلم أن يدعو الله بما شاء ما لم يكن فى ذلك إثم
أو قطيعة رحم كما جاء فى الحديث وسواء كان المدعو به أمرا دينيا أو دنيويا فى
الصلاة وفى غيرها.
فالمطلوب من
المسلم أن يكون دائم الالتجاء إليه وفى جميع الأوقات مستعينا به فى جميع أموره ما
تعلق منها بمعاشه أو مآله أما قول ابن أبى يعلى ـ تعليقا على رواية أحمد بن
إبراهيم ـ وهذا محمول على ما عاد بمصالح دينه.
فلست على يقين من
معرفة مراده بهذا القول فإن أراد بقوله هذا أنه لا يجوز له أن يدعو بحوائجه
الدنيوية فى الصلاة ـ وهو الظاهر من كلامه ـ فهو غير مسلم به ، فكما قدمنا أن
الأحاديث متواترة فى أن للمسلم أن يدعو الله بما شاء إذا لم يكن هناك محظور شرعى
فى الدعاء سواء فى الصلاة أو فى غيرها وإن كان هناك بعض الأدعية المأثورة عند
الانتهاء من التشهد مثلا ، لكن هذا
__________________
لا يمنع أن يدعو
المسلم بغير ذلك وكما جاء فى الحديث : «إن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» .
وعلى كل فالمؤمن
يستعين بدنياه على آخرته ولعل توفر بعض الأمور الدنيوية للمؤمن سبب لزيادة العبادة
والتوجه إلى الله عزوجل.
أما ما جاء فى
رواية حنبل والحسن بن محمد السابقتين وخاصة فى رواية محمد بن الحسن فى أنه لا يدعو
فى التشهد إلا بما ورد فقد أوضح ابن قدامة الخلاف عند تعليقه على كلام الخرقى
السابق إذ يقول :
وجملته : إن
الدعاء فى الصلاة بما وردت به الأخبار جائز. قال الأثرم : قلت لأبى عبد الله : إن
هؤلاء يقولون : لا يدعو فى المكتوبة إلا بما فى القرآن ، فنفض يده كالمغضب وقال :
من يقف على هذا؟ وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بخلاف ما قالوا قلت لأبى عبد الله : إذا جلس فى الرابعة
يدعو بعد التشهد بما شاء؟ قال : بما شاء لا أدرى ، ولكن يدعو بما يعرف وبما جاء ،
فقلت : على حديث عمرو بن سعد قال : سمعت عبد الله (بن مسعود) يقول : إذا جلس أحدكم
فى صلاته ـ ذكر التشهد ـ ثم ليقل : ....
وقول الخرقى : بما
ذكر فى الأخبار يعنى أخبار النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه والسلف رحمة الله عليهم ، فإن أحمد ذهب إلى حديث
ابن مسعود فى الدعاء وهو موقوف عليه ، وقال : يدعو بما جاء وبما يعرف ولم يقيده
بما جاء عن النبي صلىاللهعليهوسلم ... وقال الشافعى : يدعو بما أحب لقوله صلىاللهعليهوسلم فى حديث ابن مسعود فى التشهد «ثم ليتخير من الدعاء أعجبه
إليه» متفق عليه . ولمسلم : «ثم ليتخير من المسألة ما شاء أو ما أحب» وفى
حديث أبى هريرة : إذا تشهد أحدكم فليتعوذ من أربع ثم يدعو لنفسه ما بدا له ...
(قال ابن قدامة) :
فأما الدعاء بما يتقرب به إلى الله عزوجل مما ليس
__________________
بمأثور ، ولا يقصد
به ملاذ الدنيا. فظاهر كلام الخرقى وجماعة من أصحابنا : أنه لا يجوز ويحتمله كلام
أحمد لقوله : ولكن يدعو بما جاء وبما يعرف وحكى عنه ابن المنذر أنه قال : لا بأس
يدعو الرجل بجميع حوائجه من حوائج دنياه وآخرته وهذا هو الصحيح إن شاء الله لظواهر
الأحاديث . اه
قلت : والمؤمن إذا
استعان بما يتوفر له من أمور الدنيا ووظفه لما ينفعه فى آخرته فهذا محمود أما إن
كانت الرغبة فى الدنيا ومطالبها للدنيا ذاتها مع اللهو والانصراف عن الله عزوجل فهذا يختلف والأجدر فى الدعاء أن يكون متوجها الوجهة
الصحيحة فإن طلب المال ـ مثلا ـ لا يطلبه لأجل التفاخر والتعالى على خلق الله بل
يطلبه ليستعين به على أمر دينه ودنياه وهكذا.
وقد جهل البعض
المعنى الكبير للدعاء وزعموا أن الأفضل ترك الدعاء والاستسلام للقضاء والقدر فإن
الشيء المدعو به إن كان قد قدر فما فائدة الدعاء ، فلا بد من وقوعه إذن دعا أو لم
يدع ولا يخفى بطلان زعمهم هذا.
يقول ابن تيمية :
زعم قوم من المبطلين متفلسفة ومتصوفة أنه لا فائدة فيه أصلا فإن المشيئة الإلهية
والأسباب العلوية إما أن تكون قد اقتضت وجود المطلوب وحينئذ فلا حاجة إلى الدعاء ،
أو لا تكون قد اقتضته وحينئذ فلا ينفع الدعاء.
وقال قوم : بل
الدعاء علامة ودلالة على حصول المطلوب وجعلوا ارتباطه بالمطلوب ارتباط الدليل
بالمدلول لا ارتباط السبب بالمسبب بمنزلة الخبر الصادق والعلم السابق ، والصواب ما
عليه الجمهور من أن الدعاء سبب لحصول الخير المطلوب أو غيره كسائر الأسباب المقدرة
والمشروعة وسواء سمى سببا أو شرطا أو جزءا من السبب فالمقصود هنا واحد فإذا أراد
الله بعبد خيرا ألهمه دعاءه والاستعانة به وجعل استعانته ودعاءه سببا للخير الّذي
قضاه له . اه
قال الخطابى : ومن
أبطل الدعاء : فقد أنكر القرآن ، ورده ولا خفاء بفساد قوله ، وسقوط مذهبه . اه
__________________
ويجدر التنبيه إلى
مسألة مهمة فى الدعاء وهو ما يحدث من البعض من صرف الدعاء إلى غير الله تعالى وهذا
شرك ، فالدعاء عبادة بل هو من أعظم العبادات وأجلها وصرفه لغير الله تعالى هو من
أعظم الشرك ، فالمدعو لا بد أن يكون مالكا للنفع والضر وإن لم يكن كذلك فدعاؤه
وسؤاله من أعظم الشرك وأبطل الباطل ولا يملك النفع والضر إلا الله سبحانه وتعالى
فلزم من ذلك أن يكون هو سبحانه المدعو دون سواه والمؤمل فى حصول النفع ودفع الضر
دون غيره ، فمن توجه إلى غير الله بالسؤال والرجاء والطلب فيما لا يقدر عليه إلا
الله فهو مشرك قال تعالى : (وَمَنْ أَضَلُّ
مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ
الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ) ويقول تعالى : (وَلا تَدْعُ مِنْ
دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً
مِنَ الظَّالِمِينَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ
وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ
عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ويقول جل ذكره : (وَالَّذِينَ
تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) .
يقول ابن القيم :
الدعاء نوعان : دعاء العبادة ودعاء المسألة ، فإن الدعاء فى القرآن يراد به هذا
تارة وهذا تارة ، ويراد به مجموعهما وهما متلازمان ، فإن دعاء المسألة هو طلب ما
ينفع الداعى وطلب كشف ما يضره أو دفعه ، وكل من يملك الضرر والنفع فإنه هو المعبود
حقا ، والمعبود لا بدّ أن يكون مالكا للنفع والضر ، ولهذا أنكر الله تعالى على من
عبد من دونه ما لا يملك ضرا ولا نفعا ... وهذا فى القرآن كثير. بين أن المعبود لا
بد أن يكون مالكا للنفع والضر فهو يدعى للنفع والضر دعاء مسألة ويدعى خوفا ورجاء
دعاء العبادة فعلم أن النوعين متلازمان ، فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة وكل
دعاء مسألة مستلزم لدعاء العبادة .
__________________
قول الإمام أحمد فى العزلة
قال ابن أبى يعلى
فى ترجمته : الحسن بن محمد بن الحارث السجستانى : نقل عن إمامنا أشياء منها قال :
٧٥٩ ـ قلت لأبى
عبد الله : التخلى أعجب إليك؟ فقال : التخلى على علم. وقال : يروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «الّذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم» ثم قال أبو عبد الله : رواية شعبة عن الأعمش ، ثم قال : من
يصبر على أذاهم.
وقال فى ترجمة
يحيى بن يزداد الوراق ، أبو الصقر : ذكر أبو بكر الخلال فقال : عنده مسائل حسان .
٧٦٠ ـ أخبرنى محمد
بن أبى هارون أن أبا الصقر : سأل أبا عبد الله عن حديث النبي صلىاللهعليهوسلم ، وذكر الفتن ، ثم قال : «خير الناس مؤمن معتزل فى شعب من
الشعاب» . هل على الرجل بأس أن يلحق بجبل مع أهله وولده فى غنيمة له
ينتقل من ماء إلى ماء يقيم صلاته ويؤدى زكاته ، ويعتزل الناس ، يعبد الله حتى
يأتيه الموت وهو على ذلك هذا عندك أفضل أو يقيم بالأمصار وفى الناس ما قد علمت وفى
العزلة من السلامة ما قد علمت قال إذا كانت الفتنة فلا بأس أن يعتزل الرجل حيث
شاء. وأما إذا لم تكن فتنة فالأمصار خير .
__________________
التعليق :
تكلم العلماء فى
أمر العزلة بين مادح لها وذام ، وقد صنف بعضهم فى ذلك كالخطابى فله كتاب ـ مطبوع ـ
أسماه «العزلة».
والّذي يظهر أن
الأمر ليس على إطلاقه فليس من الصواب مدح العزلة مطلقا ولا ذمها مطلقا ففى بعض
الأحيان تكون العزلة مذمومة إذا أدت إلى الانقطاع عما شرعه الله عزوجل من الجمع والجماعات ونحو ذلك.
وأما الاعتزال عن
أهل الشر ... فلعل فى ذلك فائدة إذ يتحصن المؤمن من أذاهم فقد يكون فى مخالطتهم
تأثير ينعكس عليه فيغرق فيما غرقوا به ، وإن كان فى مقدوره دعوتهم إلى الله عزوجل وتنبيههم إلى خطورة ما هم فيه من البعد عن الله فذلك ـ ولا
شك ـ أولى وأفضل من اعتزالهم والله تعالى أعلم.
قول الإمام أحمد فى بعض مظاهر التصوف
السياحة :
قال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٧٦١ ـ سئل عن
الرجل يسيح يتعبد أحب إليك أو المقام فى الأمصار؟
قال : ما السياحة
من الإسلام فى شيء ولا من فعل النبيين ولا الصالحين .
التعليق :
هذا الأمر الّذي
اتخذه البعض مسلكا لم يؤثر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولا عن صحابته الكرام ومن تبعهم بإحسان ، ذلك بأنهم
كانوا على النهج القويم مستمدين عقيدتهم من النبع الصافى كتاب الله وسنة رسوله صلىاللهعليهوسلم ، وليس فى ترك الأهل والأوطان والهيام فى كل مكان نوع
عبادة خلا أن يكون خروج الإنسان للعلم النافع والدعوة إلى الله على بصيرة. أما أن
تكون السياحة بالمعنى المفهوم والّذي اتخذه البعض دينا وطريقا فهذا مرفوض تماما
ولا يمكن أن يقر.
الجوع :
قال ابن أبى يعلى
فى ترجمة عقبة بن مكرم قال : ـ أى عقبة ـ.
٧٦٢ ـ سألت أبا
عبد الله فقلت : هؤلاء الذين يأكلون قليلا ويقللون مطعمهم فقال : ما يعجبنى ، سمعت
عبد الرحمن بن مهدى يقول : فعل قوم هكذا فقطعهم عن الفرض .
__________________
التعليق :
ترك ما أحل الله عزوجل من طعام وشراب ليس مفتاحا للآخرة ولا طريقا إلى الفوز بها
بل مفتاح ذلك الإخلاص فى عبادة الله عزوجل وحده على هدى وبصيرة وفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه
والتقرب إليه بالنوافل وبما يحبه ويرضاه ، وترك ما أحله الله تعالى من الطيبات ليس
فيه جنس عبادة أو تقرب إليه تعالى ، بل هو منهى عنه. قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) وقال جل وعلا : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا
وَلا تُسْرِفُوا) وقال تعالى : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ
زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ
هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ
كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) .
يقول ابن الجوزى
فى معرض حديثه عن مسالك بعض الزهاد : ومن تلبيسه عليهم : أنه يوهمهم أن الزهد ترك المباحات
فمنهم من لا يزيد على خبز الشعير ، ومنهم من لا يذوق الفاكهة ، ومنهم من يقلل
المطعم ويعذب نفسه ، وما هذه طريقة الرسول صلىاللهعليهوسلم ولا طريقة أصحابه وأتباعهم ، وإنما كانوا يجوعون إذا لم
يجدوا شيئا فإذا وجدوا أكلوا وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأكل اللحم ويحبه ويأكل الدجاج ويحب الحلوى. اه
ويقول فى موضع آخر
: ونحن لا نأمر بالشبع إنما ننهى عن جوع يضعف البدن ويؤذى البدن وإذا ضعف البدن
قلت العبادة .
__________________
ترك النكاح : قال
أبو بكر المروزي :
٧٦٣ ـ سمعت أبا
عبد الله يقول : ليس العزوبة من أمر الإسلام فى شيء ، النبي صلىاللهعليهوسلم تزوج أربع عشرة ، ومات عن تسع ، ثم قال : لو كان بشر بن
الحارث تزوج ، لكان قد تم أمره كله. لو ترك الناس النكاح لم يغزوا
، ولم يحجوا ، ولم يكن كذا ولم يكن كذا. فقال: كان النبي يصبح وما عندهم شيء ويمسى
وما عندهم شيء ، ومات عن تسع ، وكان يختار النكاح ويحث عليه.
٧٦٤ ـ وسمعت أبا
عبد الله يقول : نهى النبي صلىاللهعليهوسلم عن التبتل فمن رغب عن فعل النبي صلىاللهعليهوسلم ، فهو على غير الحق. ومن رغب عن فعل أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، والمهاجرين والأنصار ، فليس هو من الدين فى شيء. قال
النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنى مكاثر بكم الأمم» ويعقوب فى حزنه ، قد تزوج وولد له ، والنبي صلىاللهعليهوسلم قال : «حبب إلى النساء» وأصحاب الرسول صلىاللهعليهوسلم تزوجوا. قلت : إنهم يقولون : قد ضاق عليهم الكسب من وجهه.
فقال : إن النبي صلىاللهعليهوسلم قد زوج على خاتم لمن ليس عنده شيء. قلت : وعلى سورة قال :
ينبغى أن يتزوج الرجل ، فإن كان عنده أنفق عليها ، وإن لم يكن عنده صبر. قلت :
أنتم تقولون لى ، إن لم أجد ما أنفق أطلق ، وقع لى عمل ، وكان مهرها ألف درهم وليس
عندى شيء فضحك ثم قال : تزوج على خمسة دراهم ، ابن المسيب زوج ابنته على درهمين.
قلت : لا يرضى أهل بيتى أن أتزوج على خمسة دراهم. قال : ها جئتنى بأمر الدنيا.
فهذا شيء آخر. قلت : إن إبراهيم بن أدهم يحكى عنه أنه قال : لروعة صاحب عيال. فما
__________________
قدرت أن أتم
الحديث ، حتى صاح بى وقال : وقعنا فى بنيات الطريق انظر عافاك الله ما كان عليه
محمد وأصحابه .
قال صالح بن أحمد
بن حنبل :
٧٦٥ ـ سألته عن
رجل يعمل بالخوص وليس يصيب منه أكثر من قوته هل يقدم على التزوج قال أبى : يقدم
على التزوج فإن الله يأتى برزقها وقال : يتزوج ويستقرض .
قال ابن أبى يعلى
:
٧٦٦ ـ نقلت أنا من
خط أبى حفص البرمكي حدثنا أبو محمد الخطبى حدثنا أبو على بشر بن موسى بن صالح بن شيخ بن عميرة حدثنا أبو عبد الله أحمد بن حنبل وسألته عن التزوج؟ فقال :
أراه ، ورأيته يحض عليه. وقال : إلى رأى من يذهب الّذي لا يتزوج؟ وقد كان النبي صلىاللهعليهوسلم له تسع نسوة ، وكانوا يجوعون. ورأيته لا يرخص فى تركه .
٧٦٧ ـ قال إسحاق
الكوسج :
قلت : الرجل يأتى
أهله وليس له شهوة فى النساء أيؤجر على ذلك؟ قال : إي والله يحتسب الولد. قلت :
وإن لم يرد الولد إلا أنه يقول : هذه امرأة شابة؟ قال : لم لا يؤجر.
__________________
التعليق :
من الأمور الخاطئة
التى وقع فيها البعض : ترك النكاح اعتقادا منهم أن فى ذلك زهدا وتقربا إلى الله عزوجل فعطلوا سنة من سنن الله فى هذا الكون.
ونبى هذه الأمة ـ عليهالسلام ـ رغب فى هذا الأمر وحض عليه.
فكيف يسوغ ترك أمر
شرعه الله عزوجل وحض عليه رسوله صلىاللهعليهوسلم خاصة إذا صاحب ذلك اعتقاد أن فى ذلك تقربا إلى الله عزوجل.
أما إن كان ترك
النكاح ليس رغبة عن سنة الله ورسوله ولا اعتقادا بأنه قربة إلى الله وإنما لأمور
أخرى كالانشغال عنه بالعلم مثلا كما حصل من بعض العلماء الأجلاء. فذلك أمر لا شيء
فيه فإن النكاح فى حد ذاته ليس واجبا ، وإنما أنكر على من تركه معتقدا فيه خلاف ما شرع الله وسن
رسوله صلىاللهعليهوسلم. والله الهادى إلى سواء السبيل.
التغبير :
٧٦٨ ـ قال إسحاق :
قلت يكره أن يجتمع القوم يدعون الله ويرفعون أيديهم. قال : ما أكرهه للإخوان إذا
لم يجتمعوا على عمد إلا أن يكثروا. قال إسحاق : كما قال وإنما يعنى أن لا يكثروا يقول : لا يتخذونها
عادة يعنى يعرفوا بها .
٧٦٩ ـ وقال أبو
بكر الخلال : حدثنا صالح بن على الحلبى من آل ميمون بن مهران قال : سمعت أحمد بن حنبل وجعل الناس
يسألونه عن التغبير وهو ساكت حتى دخل منزله.
__________________
٧٧٠ ـ وأخبرنى
محمد بن على والحسين بن عبد الله أن محمد بن حرب حدثهم قال : سألت أبا عبد الله عن التغبير؟
فقال : كل شيء محدث ، كأنه كرهه.
٧٧١ ـ وأخبرنى
محمد بن على أن أبا بكر الأثرم حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله يقول : التغبير هو
بدعة محدثة.
٧٧٢ ـ وأخبرنى
يوسف بن موسى أنه سأل أبا عبد الله عن التغبير فقال : لا تسمعه. قيل له : هو بدعة؟
قال : حسبك.
٧٧٣ ـ أخبرنى محمد
بن أبى هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال : سألت أبا عبد الله : ما ترى
فى التغبير أنه يرقق القلب؟ فقال : بدعة.
٧٧٤ ـ أنا الحسين
بن صالح العطار ، حدثنا هارون بن يعقوب الهاشمى قال : سمعت أبى أنه سأل أبا عبد الله عن التغبير فقال : هو
بدعة محدث.
٧٧٥ ـ وأخبرنى
محمد بن على السمسار أن يعقوب بن بختان : سأل أبا عبد الله عن التغبير فكرهه ،
ونهى عن استماعه.
٧٧٦ ـ وأخبرنى
سليمان بن الأشعث قال : سمعت رجلا ضريرا سأل أبا عبد الله عن التغبير ، ما يقول
فيه؟ فقال : لا يعجبنى .
٧٧٧ ـ وأخبرنى
إسماعيل بن إسحاق الثقفى ، أن أبا عبد الله سئل عن استماع التغبير ، فكرهه .
__________________
الاجتماع لسماع
القصائد والمدائح :
قال أبو بكر
الخلال :
٧٧٨ ـ أخبرنا
إسماعيل بن إسحاق الثقفى أن أبا عبد الله سئل عن سماع القصائد فقال : أكرهه.
٧٧٩ ـ أخبرنى محمد
بن موسى قال : سمعت عبدان الحذاء قال : سمعت عبد الرحمن المتطبب قال : سألت أحمد بن حنبل
قلت : ما تقول فى أهل القصائد؟ قال : بدعة لا يجالسون .
التعليق :
مجمل الروايات عن
الإمام أحمد تفيد نهيه عن هذه الأمور بل وصفها بالبدعة ولا شك أن ما ذهب إليه
الإمام أحمد هو عين الصواب ، ففى كتاب الله عزوجل وفى سنة رسوله صلىاللهعليهوسلم الغنية عن كل هذا ولله الحمد ، وليس فى الشريعة نقص حتى
نبتدع أمورا لتكميلها فالأمر واضح والنهج مستقيم فمن حاد عنه حاد عن الصواب والحق.
وهذا الاجتماع
الّذي كان يسمى بالتغبير أو الاجتماع لسماع القصائد والمدائح كان موجودا بكثرة
وكان بعض الجهلة يعتقدون أن فى فعل ذلك قربة إلى الله تعالى.
أما فى العصر
الحاضر فهذا موجود أيضا بكثرة بين أصحاب الطرق الصوفية التى ضلت الطريق وكذا
يتواجد فيما يسمى بالمولد النبوى وكان الأحرى بهؤلاء أن ينبذوا هذه البدع التى قد
يتخللها الشرك فى كثير من الأحيان وأن يعودوا
__________________
إلى النبع الصافى
السليم إلى كتاب الله وسنة رسوله والاقتداء بهما وبما كان عليه سلف هذه الأمة.
قال ابن رجب :
سماع القصائد الرقيقة المتضمنة للزهد والتخويف والتشويق (كان) كثير من أهل السلوك
والعبادة يستمعون ذلك وربما أنشدوها بنوع من الألحان استجلابا لترقيق القلوب بها
ثم صار منهم من يضرب مع إنشادها على جلد ونحوه بقضيب ونحوه وكانوا يسمون ذلك
التغبير وقد كرهه أكثر العلماء.
قال يزيد بن هارون
: ما يغبر إلا فاسق ومتى كان التغبير؟ وصح عن الشافعى من رواية الحسن بن عبد
العزيز الجروى ويونس بن عبد الأعلى أنه قال : تركت بالعراق شيئا يسمونه التغبير وضعته
الزنادقة يصدون به الناس عن القرآن.
قال ابن رجب : إن
الله تعالى أمر عباده فى كتابه وعلى لسان رسوله بجميع ما يصلح قلوب عباده ويقربها
منه ونهاهم عما ينافى ذلك ويضاده ولما كانت الروح تقوى بما تسمعه من الحكمة
والموعظة الحسنة وتحيا بذلك شرع الله لعباده سماع ما تقوى به قلوبهم وتتغذى وتزداد
إيمانا ، فتارة يكون ذلك فرضا عليهم كسماع القرآن والذكر والموعظة يوم الجمعة فى
الخطبة والصلاة وكسماع القرآن فى الصلوات الجهرية من المكتوبات ، وتارة يكون ذلك
مندوبا إليه غير مفترض كمجالس الذكر المندوب إليها فهذا السماع حاد يحدو قلب
المؤمن إلى الوصول إلى ربه يسوقه ويشوقه إلى قربه وقد مدح الله المؤمنين بوجود
مزيد أحوالهم بهذا السماع وذم من لا يجد منه ما يجدونه فقال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا
ذُكِرَ
__________________
اللهُ
وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً) وقال : (فَوَيْلٌ
لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ اللهُ
نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ
جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ
إِلى ذِكْرِ اللهِ) وقال : (أَلَمْ يَأْنِ
لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ
الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ
عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) ... فهذه الآية تتضمن توبيخا وعتابا لمن سمع هذا السماع
ولم يحدث له فى قلبه صلاحا ورقة وخشوعا فإن هذا الكتاب المسموع يشتمل على نهاية
المطلوب وغاية ما تصلح به القلوب وتنجذب به الأرواح فيحيا بذلك القلب بعد مماته
ويجتمع بعد شتاته وتزول قسوته بتدبر خطابه وسماع آياته فإن القلوب إذا أيقنت بعظمة
ما سمعت واستشعرت شرف نسبة هذا القول إلى قائله أذعنت وخضعت فإذا تدبرت ما احتوى
عليه من المراد ووعت اندكت من مهابة الله وجلاله وخشعت فإذا هطل عليها وابل
الإيمان من سحب القرآن أخذت ما وسعت فإذا بذر فيها القرآن من حقائق العرفان وسقاه
ماء الإيمان أنبتت ما زرعت ومتى فقدت القلوب غذاءها وكانت جاهلة به طلبت العوض من
غيره فتغذت به فازداد سقمها بفقدها ما ينفعها والتعوض بما يضرها فإذا سقمت مالت
إلى ما فيه ضررها ولم تجد طعم غذائها الّذي فيه نفعها فتعوضت عن سماع الآيات بسماع
الأبيات وعن تدبر معانى التنزيل بسماع الأصوات.
قال عثمان بن عفان
رضى الله عنه : لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم.
__________________
الخطرات :
قال ابن أبى يعلى
:
٧٨٠ ـ أنبأنا
المبارك عن الحسن بن محمد الحافظ أخبرنا أبو عمر ابن حيويه ـ إجازة ـ قال : حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن
عبيد الله بن سعد الزهرى حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن حية الأعمش قال : سمعت أحمد بن حنبل سئل عن الوساوس والخطرات. فقال :
ما تكلم فيها الصحابة ولا التابعون .
التعليق :
إن ما يسمى
بالخطرات أو تلك المصطلحات الصوفية الموجودة بكثرة فى كتب التصوف لم تعرف عن
الصحابة والتابعين كما ذكر الإمام أحمد وفى الحقيقة ليس هنالك حاجة لهذه الأمور.
يقول ابن الجوزى :
... ثم جاء أقوام فتكلموا لهم فى الجوع والفقر والوسواس والخطرات وصنفوا فى ذلك ...
__________________
وصنف لهم عبد
الكريم بن هوزان القشيرى كتاب الرسالة فذكر فيه العجائب من الكلام فى الفناء والبقاء والقبض
والبسط والوقت والحال والوجد والوجود والجمع والتفرقة والصحو والسكر والذوق والشرب
والمحو والإثبات والتجلى والمحاضرة والمكاشفة واللوائح والطوالع واللوامع والتكوين
والتمكين والشريعة والحقيقة .
__________________
قول الإمام أحمد فى : «التعريف بالأمصار»
قال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٧٨١ ـ سئل عن
التعريف فى القرى. فقال : قد فعله ابن عباس بالبصرة وفعله عمرو بن حريث بالكوفة.
قال أبو عبد الله
: ولم أفعله أنا قط ، وهو دعاء ، دعهم ، يكثر الناس قيل له : فترى أن ينهوا؟ قال :
لا ، دعهم لا ينهون. وقال مبارك : رأيت الحسن وابن سيرين وناسا يفعلونه.
٧٨٢ ـ سألته عن :
التعريف بالأمصار؟ قال : لا بأس به .
وقال ابن أبى يعلى
فى ترجمة : عبد الكريم بن الهيثم .
٧٨٣ ـ قال : وسألت
أبا عبد الله عن التعريف بهذه القرى ، مثل جرجرايا ودير العاقول ؟ فقال : قد فعله ابن عباس بالبصرة ، وعمرو بن حريث بالكوفة
وهو دعاء. قيل له : يكثر الناس قال وإن كثروا هو دعاء وقد
__________________
كان يفعله محمد بن
واسع وابن سيرين والحسن وذكر جماعة من البصريين .
وقال فى ترجمة
يعقوب بن إبراهيم الدورقى.
٧٨٤ ـ وقال يعقوب
الدورقى : سألت أبا عبد الله عن الرجل يحضر فى المسجد يوم عرفة. قال : لا بأس أن
يحضر المسجد فيحضر دعاء المسلمين قد عرّف ابن عباس بالبصرة. فلا بأس أن يأتى الرجل
المسجد فيحضر دعاء المسلمين لعل الله أن يرحمه. إنما هو دعاء .
التعليق :
هذه المسألة تكلم
عنها ابن تيمية فقال : أما قصد الرجل المسلم مسجد بلده يوم عرفة للدعاء والذكر ،
فهذا هو التعريف بالأمصار الّذي اختلف العلماء فيه ففعله ابن عباس وعمرو بن حريث
من الصحابة وطائفة من البصريين والمدنيين ، ورخص فيه أحمد وإن كان مع ذلك لا
يستحبه ، هذا هو المشهور عنه.
وكرهه طائفة من
الكوفيين والمدنيين : كإبراهيم النخعى وأبى حنيفة ومالك وغيرهم. ومن كرهه قال : هو
من البدع فيندرج فى العموم لفظا ومعنى ومن رخص فيه قال : فعله ابن عباس بالبصرة
حين كان خليفة لعلى بن أبى طالب ولم ينكر عليه ، وما يفعل فى عهد الخلفاء الراشدين
من غير إنكار لا يكون بدعة.
لكن ما يزاد على
ذلك من رفع الأصوات الرفع الشديد فى المساجد بالدعاء وأنواع الخطب والأشعار
الباطلة فمكروه فى هذا اليوم وفى غيره . اه
قلت : وإن كان هذا
قد فعله بعض الصحابة رضوان الله عليهم إلا أن تركه أولى خاصة بعد انتشار البدع
والتجمعات التى فيها من الانحرافات العقدية والمخالفات الشيء الكثير فأين هذا
الوضع من ذلك العصر السليم.
__________________
قول الإمام أحمد فى قراءة القرآن بالألحان
قال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ.
٧٨٥ ـ سألت أبا
عبد الله : أيهما أعجب أليك من القراءات. قال : قراءة نافع . أو كما قرأ نافع ، ثم قال : كما قرأ عاصم .
٧٨٦ ـ وقال أبو
عبد الله يوما وكنت أسأله ـ تدرى ما معنى «من لم يتغن بالقرآن» قلت : لا. قال : هو الرجل يرفع صوته ، هذا معناه إذا رفع
صوته فقد استغنى به .
وقال عبد الله بن
أحمد بن حنبل.
٧٨٧ ـ سألت أبى عن
القراءة بالألحان؟ فقال : محدث إلا أن يكون طباع ذلك يعنى الرجل طبعه كما كان أبو
موسى الأشعرى .
قال أبو بكر
الخلال :
٧٨٨ ـ أخبرنى يوسف
بن موسى أن أبا عبد الله سئل عن القراءة
__________________
بالألحان ، فقال :
لا يعجبنى ، إلا أن يكون جرمه قيل له : فيقرأ بحزن يتكلف ذلك؟ قال : لا يتعلمه إلا أن
يكون جرمه.
٧٨٩ ـ وأخبرنى
محمد بن على السمسار أن يعقوب بن بختان حدثهم أنه قال لأبى عبد الله : فالقرآن
بالألحان؟ فقال : لا ، إلا أن يكون جرمه ـ أو قال : صوته مثل صوت أبى موسى ، أما
أن يتعلمه فلا.
٧٩٠ ـ وأخبرنى
محمد بن الحسن أن الفضل حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله سئل عن الألحان ، فكرهه
وقال : يحسنه بصوته من غير تكلف.
٧٩١ ـ وأخبرنى
محمد بن على ، حدثنا صالح أنه قال لأبيه : «زينوا القرآن بأصواتكم» ما معناه؟ قال : التزيين : أن يحسنه.
٧٩٢ ـ أخبرنى محمد
بن على قال : حدثنا صالح ، أنه سأل أباه عن الرجل يتغنى بالقرآن ، ما تفسيره؟ قال
: أما سفيان بن عيينة فكان يفسره قال : يستغنى به وبعض الناس يقولون : إذا رفع صوته فهو يتغنى به .
٧٩٣ ـ أخبرنى
منصور بن الوليد قال : حدثنا على بن سعيد قال : سألت أبا عبد الله عن القراءة
بالألحان فقال : ما يعجبنى ، هو محدث .
٧٩٤ ـ أخبرنى
الحسين بن الحسن قال : حدثنا إبراهيم بن الحارث قال : سئل أبو عبد الله عن القراءة
بالألحان / وأنا محمد بن على قال : حدثنا أبو بكر الأثرم قال : سألت أبا عبد الله
عن القراءة بالألحان ، فقال : كل شيء محدث فإنه لا يعجبنى ، إلا أن يكون صوت الرجل
، لا يتكلفه. قلت : ما لم يكن شيئا بعينه لا يعدوه؟ قال : نعم.
__________________
٧٩٥ ـ أخبرنى محمد
بن جعفر ، أن أبا الحارث حدثهم أن أبا عبد الله قيل له : القراءة بالألحان والترنم
عليه؟ قال : بدعة. قيل له : إنهم يجتمعون عليه ويسمعونه. قال : الله المستعان .
٧٩٦ ـ وأنا أبو
بكر المروزي قال : سئل أبو عبد الله عن القراءة بالألحان؟ فقال : بدعة لا يسمع .
٧٩٧ ـ أخبرنى
الحسن بن صالح العطار قال : حدثنا يعقوب الهاشمى قال : سمعت أبى سأل أبا عبد الله
عن القراءة بالألحان فقال : هو بدعة ومحدث. قلت : تكرهه يا أبا عبد الله؟ قال :
نعم ، إلا ما كان من طبع ، كما كان أبو موسى الأشعرى ، أما من يتعلمه بالألحان
فمكروه قلت : إن محمد بن سعيد الترمذي ذكر أنه قرأ ليحيى بن سعيد . فقال : صدقت ، كان قرأ له ، وقال : قراءة القرآن بالألحان
مكروهة .
٧٩٨ ـ أخبرنى محمد
بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله يقول : يعجبنى من قراءة
القرآن السهلة ، فأما هذه الألحان فلا تعجبنى.
٧٩٩ ـ وأخبرنى أبو
بكر المروزي قال : قلت لأبى عبد الله : إنهم قالوا عنك : إنك كنت عند وهب بن جرير ، فسألت ابن سعيد أن يقرأ ، فقال : ما سمعت منها شيئا قط ، وقال : لا يعجبنى إلا أن يكون جرم الرجل
__________________
مثل أبى موسى
الأشعرى حين قال له عمر : ذكرنا ربنا يا أبا موسى ، فقرأ عنده. وذكر عن أنس وعن التابعين فيه كراهية. قلت : أليس يروى عن معاوية بن
قرة أن النبي صلىاللهعليهوسلم رجع عام الفتح وقال : لو شئت أن أحكى لكم اللحن. فأنكر أبو عبد الله أن
يكون هذا على معنى الألحان. وما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما أذن لشيء ما أذن لنبى أن يتغنى بالقرآن» .
وقوله : «ليس منا
من لم يتغن بالقرآن». قال : كان ابن عيينة يقول : فيستغنى بالقرآن ، يعنى : الصوت
، وقال وكيع : يستغنى به ، وقال الشافعى : يرفع صوته.
وأنكر أبو عبد
الله الأحاديث التى يحتج بها فى الرخصة فى الألحان .
قال ابن أبى يعلى
فى ترجمة : عبد الرحمن أبو الفضل المتطبب .
٨٠٠ ـ نقلت من
كتاب أبى بكر الخلال : أخبرنى جعفر بن محمد العطار قال : سمعت أبا الحسن محمد بن محمد بن أبى الورد يقول : كان عبد الرحمن المتطبب عندى ، فقال : دخلت على أبى
عبد الله ، فقلت : ما تقول فى قراءة الألحان؟ قال : بدعة ، بدعة.
__________________
٨٠١ ـ قال الخلال
: وأخبرنى المروزي قال : سمعت عبد الرحمن المتطبب يقول : قلت لأبى عبد الله فى
قراءة الألحان؟ فقال : يا أبا الفضل اتخذوه أغانيا ، اتخذوه أغانيا.
٨٠٢ ـ قال الخلال
: وأخبرنى محمد بن أبى هارون الوراق قال : سمعت عبدان الحذاء قال : سمعت عبد
الرحمن المتطبب قال : سألت أبا عبد الله عن هذه الألحان؟ فقال : اتخذوه أغانيا. لا
تسمع من هؤلاء .
التعليق :
ذكر ابن القيم
الخلاف فى هذه المسألة فقال : طائفة تكره قراءة الألحان ومما نص على ذلك أحمد
ومالك وغيرهما ... وممن رويت عنه الكراهة أنس بن مالك وسعيد بن المسيب وسعيد بن
جبير والقاسم بن محمد والحسن وابن سيرين وإبراهيم النخعى.
قال ابن بطال :
وقالت طائفة التغنى بالقرآن ـ يشير إلى الحديث السابق ـ هو تحسين الصوت به
والترجيع بقراءته والتغنى بما شاء من الأصوات واللحون . اه
قلت : ولم يخالف
أحد ممن كره قراءة الألحان بأن تحسين الصوت به مطلوب لكن ما يشاهد من الإفراط فى
المد ونحوه لا يدخل فى تحسين الصوت به.
يقول ابن قدامة :
أما قراءته من غير تلحين فلا بأس به وإن حسن صوته فهو أفضل ...
فأما القراءة
بالتلحين فينظر فيه فإن لم يفرط فى المطيط والمد وإشباع الحركات فلا بأس به ...
وقال القاضى : هو مكروه على كل حال ... والصحيح أن هذا القدر من التلحين لا بأس به
...
فأما إذا أفرط فى
المد والتمطيط وإشباع الحركات بحيث يجعل الضمة واوا
__________________
والفتحة ألفا
والكسرة ياء كره ذلك ومن أصحابنا من يحرمه لأنه يغير القرآن ويخرج الكلمات عن
وضعها ويجعل الحركات حروفا . اه
قال القاضى عياض :
كرهها ـ أى القراءة بالألحان ـ مالك والجمهور لخروجها عما جاء القرآن له من الخشوع
والتفهم وأباحها أبو حنيفة وجماعة من السلف للأحاديث ولأن ذلك سبب للرقة وإثارة
الخشية وإقبال النفوس على استماعه.
قال النووى : قال
الشافعى فى موضع : أكره القراءة بالألحان وقال فى موضع : لا أكرهها قال أصحابنا :
ليس له فيها خلاف وإنما هو اختلاف حالين فحيث كرهها أراد إذا مطط وأخرج الكلام عن
موضعه بزيادة ونقص أو مد غير ممدود وإدغام ما لا يجوز إدغامه ونحو ذلك وحيث أباحها
أراد إذا لم يكن فيها تغير لموضوع الكلام . اه
قلت : ومما استدل
به من أباح القراءة بالألحان مطلقا قوله صلىاللهعليهوسلم : «ليس منا من لم يتغن بالقرآن».
يقول ابن الجوزى :
اختلفوا فى معنى قوله : «يتغنى» على أربعة أقوال.
أحدها : تحسين
الصوت.
والثانى :
الاستغناء.
والثالث : التحزن.
والرابع : التشاغل
به. تقول العرب : تغنى بالمكان أقام به . اه
وقد قتل ابن القيم
هذه المسألة بحثا وقال بعد استعراضه لأدلة الفريقين :
ومنتهى احتجاج
الطائفتين وفصل النزاع أن يقال : التطريب والتغنى على وجهين :
__________________
أحدهما : ما
اقتضته الطبيعة وسمحت به من غير تكلف ولا تمرين وتعليم بل إذا خلى وطبعه واسترسلت
طبيعته جاءت بذلك التطريب والتلحين فذلك جائز وإن أعان طبيعته فضل تزيين وتحسين ...
فهذا هو الّذي كان السلف يفعلونه ويستمعونه وهو التغنى الممدوح المحمود وهو الّذي
يتأثر به السامع والتالى وعلى هذا الوجه تحمل أدلة أرباب هذا القول كلها.
الوجه الثانى : ما
كان من ذلك صناعة من الصنائع وليس فى الطبع السماحة به بل لا يحصل إلا بتكلف وتصنع
وتمرن كما يتعلم أصوات الغناء بأنواع الألحان البسيطة والمركبة على إيقاعات مخصوصة
وأوزان مخترعة لا تحصل إلا بالتعليم والتكلف فهذه هى التى كرهها السلف وعابوها
وذموها ومنعوا القراءة بها وأنكروا على من قرأ بها وأدلة أرباب هذا القول إنما
تتناول هذا الوجه وبهذا التفصيل يزول الاشتباه ويتبين الصواب من غيره ، وكل من له
علم بأحوال السلف يعلم قطعا أنهم براء من القراءة بالألحان الموسيقية المتكلفة
التى هى إيقاع وحركات موزونة ومحدودة وأنهم اتقى لله من أن يقرءوا بها أو يسوغوها ...
__________________
قول الإمام أحمد فى الغناء وآلات اللهو
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٨٠٣ ـ سألت أبى عن
الغناء فقال : ينبت النفاق فى القلب لا يعجبنى .
وقال أبو بكر
الخلال :
٨٠٤ ـ أخبرنى جعفر
بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم أنه سأل أبا عبد الله : عن القوم يؤذونه بالغناء؟
فقال : تقدم إليهم وانههم .
٨٠٥ ـ أخبرنى
منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد النسائى حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله سئل عن
الرجل يمر بالقوم يغنون قال : إذا ظهر له ، هم داخل. قلت : لكن الصوت يسمع فى
الطريق. قال : هذا قد ظهر عليه أن ينهاهم .
٨٠٦ ـ أخبرنى
منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد حدثهم قال : قلت لأبى عبد الله حديث الزهرى ، عن
عروة ، عن عائشة وهشام عن أبيه عن
__________________
عائشة عن جوار
يغنين أيش هذا الغناء قال : غناء الركب أتيناكم.
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٨٠٧ ـ سمعت أبى
يقول فى رجل يرى مثل الطنبور أو العود أو الطبل أو ما أشبه هذا ما يصنع به؟ قال :
إن كان مغطى فلا وإن كان مكشوفا كسره .
قال أبو داود
السجستانى :
٨٠٨ ـ قيل لأحمد :
وكذلك إن كسر عودا أو طنبورا؟ قال : نعم .
٨٠٩ ـ سمعت أحمد :
سئل عن الرجل يرى الطنبور والطبل ونحو ذلك واجب عليه تغييره قال : ما أدرى ما واجب
إن غير فله فضل .
__________________
قال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٨١٠ ـ سئل أبو عبد
الله ـ وأنا أسمع ـ : عن القوم يكون معهم المنكر مغطى مثل طنبور ... وأشباه ذلك أيكسره
إن رآه قال : إن كان مغطى فلا يكسره .
٨١١ ـ سئل عن
الرجل يرى الطنبور مغطى أيكسره. قال : إذا كان يثبته أنه طنبور أو طبل كسره .
قال أبو بكر
الخلال :
٨١٢ ـ أخبرنى محمد
بن أبى هارون أن مثنى الأنبارى قال : سلمت على أحمد ورضعت عنده قرطاسا وقلت : انظر فيها
واكتب لى جوابها وفيها : ما تقول إن رأى الرجل الطنبور تباع فى سوق من أسواق
المسلمين مكشوفة فأيهما أحب إليك : ذهابه إلى السلطان فيها ، أو يأمر بكسرها ، أو
يكون منه فيها بعض التغيير ، أو جلوسه عن الذهاب إلى السلطان وهو يأمر بلسانه
وينكر بقلبه.
فكتب : يغير ذلك
إذا لم يخف ، فإن خاف أنكر بقلبه ، وأرجو أن يسلم على إنكاره .
٨١٣ ـ أخبرنى محمد
بن يحيى الكحال أنه قال : لأبى عبد الله : يكون لنا الجار يضرب بالطنبور والطبل.
قال : انهه. قلت : أذهب إلى السلطان؟ قال : لا. قلت : فلم ينته ، يجزئنى نهيى له؟
قال : نعم ، إنما يكفيك أن تنهاه .
٨١٤ ـ أخبرنى أحمد
بن بشر بن سعيد الكندى قال : حدثنى عبد الله
__________________
ابن الطيب قال :
كان لى جار يؤذينى بضرب الطنابير والعيدان ، فأتيت أحمد ابن حنبل ، فقال لى :
انهه. فقلت : قد نهيته فعاد. فقال : هذا عليك فقلت : السلطان؟ قال : لا. إنما عليك
أن تنهاه .
٨١٥ ـ أخبرنى يوسف
بن موسى وأحمد بن الحسين وهذا لفظ يوسف ، أن أبا عبد الله سئل عن الرجل يسمع صوت
الطبل والمزمار ولا يعرف مكانه فقال : ما عليه إذا لم يعرف مكانه.
٨١٦ ـ أخبرنى عبد
الكريم بن الهيثم العاقولى قال : سمعت أبا عبد الله سئل عن الرجل يسمع حس الطبل
والمزمار ولا يعرف مكانه ، فقال : وما عليك؟ وقال : ما غاب فلا تفتش .
٨١٧ ـ أخبرنى محمد
بن أبى هارون أن مثنى الأنبارى حدثهم قال : سمع أحمد بن حنبل حس طبل فى جواره ،
فقام إليهم من مجلسنا ، حتى أرسل إليهم فنهاهم.
٨١٨ ـ أخبرنى
منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد النسائى حدثهم قال : ورأى أن ينكر الطبل. يعنى إذا سمع حسه .
٨١٩ ـ وأخبرنى أبو
بكر المروزي أنه قال لأبى عبد الله فى الطنبور إذا كان مغطى قال : إذا ستر عنك
فلا.
٨٢٠ ـ وأخبرنى
يوسف بن موسى وأحمد بن الحسن ـ والمعنى واحد ـ قال أحمد : سألت أبا عبد الله عن
الرجل يرى الطنبور والمنكر مما يشبهه؟ وقال يوسف : والعود ، يكسره؟ قال : لا بأس.
قلت : وإن كان من وراء الثوب وهو يصفه أو يبينه؟ قال : لا ، إذا كان مغطى فلا أرى
له .
__________________
٨٢١ ـ أخبرنى محمد
بن على والحسن بن عبد الوهاب ، أن محمد بن أبى حرب حدثهم قال : قلت لأبى عبد الله : رجل لقى رجلا ومعه عود أو
طبل أو طنبور مغطى قال : يكسره .
٨٢٢ ـ أخبرنى أبو
بكر المروزي قال : سألت أبا عبد الله عن كسر الطنبور. قال : يكسر. قلت : الطنبور
الصغير يكون مع الصبى. قال : يكسر أيضا ، إذا كان مكشوفا فاكسره.
٨٢٣ ـ أخبرنى عمر
بن صالح بطرسوس قال : رأيت أحمد بن حنبل مر به عود مكشوف فقام
فكسره .
٨٢٤ ـ أخبرنى عصمة
بن عصام قال : حدثنا حنبل قال : سمعت أبا عبد الله قال : أكره الطبل ، وهو :
الكوبة . نهى عنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم .
٨٢٥ ـ أخبرنا أحمد
بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى أن أبا طالب حدثهم أنه قال لأبى عبد الله : هذه
الطبالة تبيع الطبول ، أكسرها؟ قال : إذا دخلت الدور كيف تكسرها؟ قيل له : فهذه
الطبول التى فى الأسواق أكسرها؟ قال : لا تقوى يا أبا بكر ـ يعنى المروزي ـ أن
تكسرها فى الأسواق. قلت
__________________
له : سمعت من يقول
: لما قدم على بن المدينى قال : رأيت معزفة مع جارية فأردت أن أكسرها ، فقال أبو
عبد الله : يكسرها.
٨٢٦ ـ أخبرنى أبو بكر
المروزي قال : قلت لأبى عبد الله : أمر فى السوق فأرى الطبول تباع ، أفأكسرها؟ قال
: ما أراك تقوى ، إن قويت .
٨٢٧ ـ أخبرنى محمد
بن أبى هارون أن يحيى بن يزداد أبا السقر حدثهم ، أنه سأل أبا عبد الله عن رجل رأى فى يد رجل عودا ،
أو طنبورا ، فكسره ، أصاب أو أخطأ ، وما عليه فى كسره شيء؟ فقال : قد أحسن وليس
عليه فى كسره شيء .
٨٢٨ ـ أخبرنى أحمد
بن الحسن بن حسان أن أبا عبد الله سئل عن الدفوف فقال : قد ترخص فيه الكوفيون ،
يروون عن محمد بن حاطب فيها. ويروى عن الحسن قال : ليس الدفوف من أمر المسلمين فى شيء وأصحاب عبد الله
بن مسعود كانوا يشققونها.
قيل له : فهذه
الدفوف هى؟ قال : لا أدرى أخبرك.
٨٢٩ ـ حدثنا أحمد
بن محمد بن حازم أن إسحاق بن منصور حدثهم : أنه قال لأبى عبد الله فى بيع
الدفوف فكرهه. قال أحمد : أذهب إلى حديث إبراهيم كان أصحاب عبد الله يستقبلون الجوارى
فى الطريق معهن الدفوف فيخرقونها. وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «فصل ما بين الحلال والحرام ضرب الدف» .
قال أحمد : الدف
على ذلك أيسر الطبل ليس فيه رخصة .
__________________
٨٣٠ ـ أخبرنى محمد
بن أبى هارون أن إسحاق حدثهم قال : سألت أبا عبد الله عن الرجل يكسر الطبل أو
الطنبور ، أو مسكرا ، عليه فى ذلك شيء؟ قال أبو عبد الله : اكسر هذا كله وليس
يلزمك شيء. قلت له : فالدف؟ وفى موضع آخر. قلت : الدف الّذي يلعب به الصبيان؟ قال
: الدف لا يعجبنى كسره ، وكان أصحاب عبد الله يشددون فيه. قال إبراهيم : كنا نتبع
الأزقة نخرق الدفوف من أيدى الصبيان.
٨٣١ ـ أخبرنى
منصور بن جعفر حدثهم قال : سألت أبا عبد الله عمن كسر الطنبور والعود والطبل فلم
ير عليه شيئا. قيل له : الدف؟ فرأى أن الدف لا يعرض له وقال : قد روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم فى العرس. قيل له : يكون فيه جرس؟ قال : لا. وقد ذكر
كراهية أصحاب عبد الله فى الدف ولم يذهب إليه .
٨٣٢ ـ وأخبرنى أبو
بكر المروزي قال : سئل أبو عبد الله : ما ترى فى الناس اليوم يحركون الدف فى أملاك
أو بناء بلا غناء؟ فلم يكره ذلك. قيل له فى الحديث الّذي جاء : «فصل ما بين الحلال
والحرام الضرب» . فعرفه وذهب إليه.
أخبرنى محمد بن
على السمسار حدثنا يعقوب بن بختان أن أبا عبد الله سئل عن ضرب الدف فى الزفاف ما
لم يكن غناء فلم ير به بأسا ولم يكره ذلك .
٨٣٣ ـ أخبرنى عبد
الله بن عبد الحميد حدثنا بكر بن محمد عن أبيه عن أبى عبد الله ، وسأله عن
الرجل ينفخ فى المزمار. فقال : أكرهه ، أليس
__________________
به عن النبي صلىاللهعليهوسلم فى حديث زمارة الراعى. فقلت : أليس هو منكرا؟ فقال :
سليمان بن موسى يرويه عن نافع عن ابن عمر ثم قال : أكرهه .
التعليق :
يقول ابن رجب :
هذه المسائل انتشر فيها من الناس المقال وكثر القيل فيها والقال وصنف
الناس فيها تصانيف مفردة وذكرت فى أثناء التصانيف ضمنا وتكلم فيها أنواع الطوائف
من الفقهاء وأهل الحديث والصوفية ثم منهم من يميل إلى الرخصة ومنهم من يميل إلى
المنع والشدة. اه
قلت : وسنتناول
هنا من هذه المسائل مسألتين :
١ ـ الغناء وحكمه
ـ ونقصد بالغناء هنا ذلك المشتمل على ذكر أوصاف النساء وهو على شقين : مقترن بآلات
اللهو ومجرد عنها.
٢ ـ آلات اللهو.
أما المسألة
الأولى فقد فصلها ابن رجب إذ يقول : فأكثر العلماء على تحريم
__________________
ذلك أعنى سماع
الغناء وسماع آلات الملاهى كلها وكل منها محرم بانفراده قد حكى أبو بكر الآجرى
وغيره إجماع العلماء على ذلك والمراد بالغناء المحرم ما كان من الشعر الرقيق الّذي
فيه تشبيب بالنساء ونحوه مما توصف فيه محاسن من تهيج الطباع بسماع وصف محاسنه فهذا
هو الغناء المنهى عنه وبذلك فسره الإمام أحمد وإسحاق ابن راهويه وغيرهما من
الأئمة.
فهذا الشعر إذا
لحن وأخرج بتلحينه على وجه يزعج القلوب ويخرجها عن الاعتدال ويحرك الهوى الكامن
المجبول فى طباع البشر فهو الغناء المنهى عنه فإن أنشد هذا الشعر على غير وجه
التلحين فإن كان محركا للهوى بنفسه فهو محرم أيضا لتحريكه الهوى وإن لم يسم غناء
فأما ما لم يكن فيه شيء من ذلك فإنه ليس بمحرم وإن سمى غناء ، وعلى هذا حمل الإمام
أحمد حديث عائشة رضى الله عنها فى الرخصة فى غناء نساء الأنصار وقال : هو غناء
الركبان أتيناكم أتيناكم يشير إلى أنه ليس فيه ما يهيج الطباع إلى الهوى ويشهد
لذلك حديث عائشة أن الجاريتين اللتين كانتا تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث
وعلى مثله يحمل كل حديث ورد فى الرخصة فى الغناء كحديث الحبشية التى نذرت أن
تضرب بالدف فى مقدم النبي صلىاللهعليهوسلم وما أشبهه من الأحاديث. ويدل عليه أيضا ما فى صحيح البخارى
عن الربيع بنت معوذ قالت : دخل عليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم غداة بنى بى فجلس على فراشى وجويريات لنا يضرب بالدف
ويندبن من قتل من آبائى يوم بدر إلى أن قالت جارية منهن : وفينا نبى يعلم ما فى غد
، فقال لها : أمسكى عن هذه وقولى التى كنت تقولين قبلها . وفى مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجة أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لعائشة : «أهديتم الجارية إلى بيتها» قالت : نعم قال :
«فهلا بعثتم معها من يغنيهم يقول : أتيناكم أتيناكم ... فحيونا نحييكم فإن الأنصار
قوم فيهم غزل» . وعلى مثل ذلك أيضا حمل طوائف من العلماء قول من رخص فى
__________________
الغناء من الفقهاء
من أصحابنا وغيرهم ، وقالوا : إنما أرادوا الأشعار التى لا تتضمن ما يهيج الطباع
إلى الهوى وقريب من ذلك الحداء ، وليس فى شيء من ذلك ما يحرك النفوس إلى شهواتها
المحرمة.
قال ابن الجوزى :
أما حديث عائشة فإنهم كانوا ينشدون الشعر وسمى ذلك غناء لنوع يثبت فى الإنشاد
وترجيع ، ومثل ذلك لا يخرج الطباع عن الاعتدال وكيف يحتج بذلك الواقع فى الزمان
السليم عند قلوب صافية على هذه الأصوات الواقعة فى زمان كدر عند نفوس قد تملكها
الهوى ما هذا إلا مغالطة للفهم ... وإنما ينبغى للمفتى أن يزن الأحوال ... وأين
الغناء بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث من غناء يذكر فيه الخد والقد قال ابن رجب : ولنذكر ما ورد فى الكتاب والسنة والآثار من
تحريم الغناء وآلات اللهو فأما تحريم الغناء فقد استنبط من القرآن من آيات متعددة
فمن ذلك قول الله عزوجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) الآية. قال ابن مسعود رضى الله عنه : هو والله الغناء . وقال ابن عباس : هو الغناء وأشباهه وفسره أيضا بالغناء خلق من التابعين منهم : مجاهد وعكرمة
والحسن وسعيد بن جبير وقتادة والنخعى وغيرهم .
وقال مجاهد فى
قوله تعالى : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ
اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) قال : الغناء والمزامير ، وقال ابن عباس رضى الله عنهما فى
قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ سامِدُونَ) قال : هو الغناء بالحميرية .
وقال بعض التابعين
فى قوله تعالى : (وَإِذا مَرُّوا
بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً)
__________________
قال : إن اللغو
هنا : الغناء.
وعن أبى أمامة عن
النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تبيعوا
القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير فى تجارة فيهن وثمنهن حرام» فى مثل هذا
أنزلت هذه الآية : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) الآية خرجه الإمام أحمد والترمذي من رواية عبيد الله بن زحر عن على بن يزيد عن القاسم عن أبى أمامة ، وقال : قد تكلم بعض أهل العلم فى على بن
يزيد وضعفه وهو شامى. وذكر فى كتاب العلل أنه سأل البخارى عن هذا الحديث فقال :
على بن يزيد ذاهب الحديث ووثق عبيد الله بن زحر والقاسم بن عبد الرحمن وخرجه محمد
بن يحيى الهمذانى الحافظ الفقيه الشافعى فى صحيحه وقال : عبيد الله بن زحر ، قال
أبو زرعة : لا بأس به صدوق.
قلت : على بن يزيد
لم يتفقوا على ضعفه ، بل قال فيه أبو مسهر ـ وهو من بلده وهو أعلم بأهل بلده من
غيرهم ـ قال فيه : ما أعلم فيه إلا خيرا وقال ابن عدى هو فى نفسه صالح إلا أن يروى
عنه ضعيف فيؤتى من قبل ذلك الضعيف وهذا الحديث قد رواه عنه غير واحد من الثقات.
وقد خرّج الإمام
أحمد من رواية فرج بن فضالة عن على بن يزيد عن القاسم عن بى أمامة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الله بعثنى رحمة وهدى للعالمين وأمرنى أن أمحق
المزامير والبرابط والمعازف والأوثان»
__________________
وذكر بقية الحديث
وفى آخره ولا يحل بيعهن ولا شراؤهن وتعليمهن وتجارة فيهن وثمنهن حرام يعنى الضاربات ، وفرج بن فضالة مختلف فيه أيضا ووثقه
الإمام أحمد وغيره. وخرج الإسماعيلي وغيره من حديث عمر بن الخطاب رضى
الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «ثمن المغنية حرام وغناؤها حرام» وإسناده كلهم ثقات متفق عليهم سوى يزيد بن عبد الملك
النوفلى فإنه مختلف فى أمره ، وخرج حديثه هذا محمد بن يحيى
الهمذانى فى صحيحه وقال : فى النفس من يزيد بن عبد الملك مع أن ابن معين قال : ما
كان به بأس ، وبوب الهمذانى هذا فى صحيحه على تحريم بيع المغنيات وشرائهن وهو من
أصحاب ابن خزيمة وكان عالما بأنواع العلوم ... اه
قلت : من هنا يتضح
لنا أن تحريم الغناء هو قول العلماء المعتد بهم ومن أثر عنه الترخيص فى ذلك فمراده
ذلك الإنشاد المسمى بالحداء حاشاهم أن يبيحوا الغناء المشاهد اليوم المشتمل على
الفجور والدعوة المبطنة للزنا والسفور وكما قيل : الغناء رقية الزنى .
يقول ابن رجب : ...
فتبين بهذه الروايات أن ترخص الصحابة رضى الله عنهم إنما كان فى إنشاد شعر
الجاهلية وفيه من الحكم وغيرها ـ على طريقة الحداء ونحوه ـ مما لا يهيج الطباع إلى
الهوى ، ولهذا كانوا يفعلونه فى مسجد المدينة ولم يكن فى شيء من ذلك غزل ولا تشبيب
بالنساء ولا وصف محاسنهن ولا
__________________
وصف خمر ونحوه مما
حرمه الله تعالى.
وقال ابن جريج :
سألنا عطاء عن الغناء بالشعر فقال : لا أرى به بأسا ما لم يكن فحشا وهذا يشير إلى
ما ذكرناه ، وعلى مثل ذلك يحمل ما روى فيه عن عروة بن الزبير وغيره من التابعين من
الرخصة.
وقال إسحاق بن
منصور (الكوسج) قلت لأحمد بن حنبل : ما تكره من الشعر قال : الهجاء والشعر الرقيق
الّذي يشبب بالنساء ، وأما الكلام الجاهلى فيما أنفعه قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن من الشعر لحكمة» .
قال إسحاق بن
راهويه : كما قال ، وقد كان النبي صلىاللهعليهوسلم يسمع شعر حسان وغيره واستنشد من شعر أمية بن أبى الصلت فمن استدل بشيء من ذلك على إباحة الغناء المذموم فقد غلط
وقد روى المنع من الغناء عن خلق التابعين فمن بعدهم حتى قال الشعبى : لعن المغنى
والمغنى له وكان أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمهالله وهو من أعلام التابعين وأحد الخلفاء الراشدين يبالغ فى
إنكار الغناء والملاهى ويذكر أنها بدعة فى الإسلام وكفى بأمير المؤمنين قدوة ...
وروى ابن أبى
الدنيا بإسناد له : أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى مؤدب ولده : ليكن أول ما يعتقدون
من أدبك ، بغض الملاهى ، التى بدؤها من الشيطان وعاقبتها سخط الرحمن جل جلاله ،
فإنه بلغنى عن الثقات من حملة العلم أن حضور المعازف واستماع الأغانى واللهج بها
ينبت النفاق فى القلب كما ينبت النبت الماء .
وقد حكى زكريا بن
يحيى الساجى فى كتابه اختلاف العلماء : اتفاق العلماء على النهى عن الغناء إلا
إبراهيم بن سعد المدنى وعبيد الله بن الحسن العنبرى قاضى البصرة ، وهذا فى الغناء
دون سماع آلات الملاهى فإنه لا يعرف عن أحد
__________________
ممن سلف الرخصة
فيه إنما يعرف ذلك عن بعض المتأخرين من الظاهرية والصوفية ممن لا يعتد بهم.
ومن حكى شيئا من
ذلك عن مالك فقد أبطل ... وقد قال الإمام أحمد حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع قال :
سألت مالك بن أنس عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء فقال : إنما يفعله عندنا
الفساق وكذا قال إبراهيم بن المنذر الحزامى وهو من علماء المدينة فتبين بهذا موافقة علماء أهل المدينة المعتبرين لعلماء
سائر الأمصار فى النهى عن الغناء وذمه ومنهم القاسم بن محمد وغيره كما هو قول
علماء أهل مكة كمجاهد وعطاء وعلماء أهل الشام كمكحول والأوزاعى وعلماء أهل مصر
كالليث بن سعد ، وعلماء أهل الكوفة كالثورى وأبى حنيفة ومن قبلهما كالشعبى والنخعى
وحماد ومن قبلهم من التابعين أصحاب ابن مسعود وقول الحسن وعامة أهل البصرة وهو قول
فقهاء أهل الحديث كالشافعى وأحمد وإسحاق وأبى عبيد وغيرهم وكان الأوزاعى يعد قول
من رخص فى الغناء من أهل المدينة من زلات العلماء التى يؤمر باجتنابها وينهى عن
الاقتداء بها.
وقد صنف القاضى
أبو الطيب الطبرى الشافعى رحمهالله مصنفا فى ذم السماع وافتتحه بأقوال العلماء فى ذمه وبدأ
بقول الشافعى ... ثم قال : فقد أجمع علماء الأمصار على كراهته والمنع منه قال :
وإنما فارق الجماعة هذان الرجلان : إبراهيم بن سعد وعبيد الله العنبرى فالمصير إلى
قول الجماعة أولى.
وهذا الخلاف الّذي
ذكره فى سماع الغناء المجرد.
فأما سماع آلات
اللهو فلم يحك فى تحريمه خلاف وقال : إن استباحتها فسق قال : وإنما يكون الشعر
غناء إن لحن وصيغ صيغة تورث الطرب وتزعج القلب وتثير الشهوة الطبيعية .
__________________
قال ابن رجب :
والمعنى المقتضى لتحريم الغناء : أن النفوس مجبولة على حب الشهوات كما قال تعالى :
(زُيِّنَ لِلنَّاسِ
حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ) الآية. فجعل النساء أول الشهوات المزنية والغناء المشتمل
على وصف ما جبلت النفوس على حبه والشغف به ، من الصور الجميلة يثير ما كمن فى
النفوس من تلك المحبة ويشوق إليها ويحرك الطبع ويزعجه ويخرجه عن الاعتدال ويؤزه
إلى المعاصى أزا ... وقد افتتن بسماع الغناء خلق كثير فأخرجهم استماعه إلى العشق
وفتنوا فى دينهم فلو لم يرد نص صريح فى تحريم الغناء بالشعر الّذي توصف فيه الصور
الجميلة لكان محرما بالقياس على النظر إلى الصور الجميلة التى يحرم النظر إليها
بالشهوة بالكتاب والسنة وإجماع من يعتد به من علماء الأمة فإن الفتنة كما تحصل
بالنظر والمشاهدة فكذلك تحصل بسماع الأوصاف واجتلائها من الشعر الموزون المحرك
للشهوات ولهذا نهى النبي صلىاللهعليهوسلم أن تصف المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها لما يخشى من ذلك من الفتنة وقد جعل النبي صلىاللهعليهوسلم «زنا العينين
النظر وزنا الأذنين الاستماع» . اه
تنبيه : الإمام
أحمد ـ كما هو واضح من مجموع الروايات عنه ـ وكما بينه آنفا ابن رجب ـ كغيره من
العلماء يمنع من الغناء ولا يرخص فيه البتة ومن حكى عنه الرخصة ـ فإنما أراد بذلك
سماع القصائد الزهدية المجردة ففى ذلك عنه روايتان. فليتنبه لهذا.
يقول ابن الجوزى :
وقد ذكر أصحابنا عن أبى بكر الخلال وصاحبه عبد العزيز إباحة الغناء وإنما أشار إلى
ما كان فى زمانهما من القصائد الزهديات وعلى هذا يحمل ما لا يكرهه أحمد ويدل على ما قلت أن أحمد
بن حنبل سئل عن
__________________
رجل مات وترك ولدا
وجارية مغنية فاحتاج الصبى إلى بيعها. فقال : لا تباع على أنها مغنية فقيل له إنها
تساوى ثلاثين ألف درهم ولعلها إذا بيعت ساذجة تساوى عشرين دينارا فقال : لا تباع
على أنها ساذجة.
وهذا دليل على أن
الغناء محظور إذ لو لم يكن محظورا ما أجاز تفويت المال على اليتيم ، وصار هذا كقول
أبى طلحة للنبى صلىاللهعليهوسلم : عندى خمر لأيتام فقال : أرقها . فلو جاز استصلاحها لما أمره بتضييع أموال اليتامى .. فبان
أن الروايتين عن أحمد فى الكراهة وعدمها تتعلق بالزهديات ...
فأما الغناء
المعروف اليوم فمحظور عنده كيف ولو علم ما أحدث الناس من الزيادات . اه
قلت : أما آلات
الملاهى ـ كالمعازف الموجودة سابقا والمحدثة فهى محرمة بنص الحديث الصحيح الّذي
رواه البخارى فى صحيحه إذ قال : «قال هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عبد
الرحمن بن يزيد بن جابر حدثنا عطية ابن قيس الكلابى حدثنا عبد الرحمن بن غنم
الأشعرى قال : حدثنى أبو عامر أو أبو مالك الأشعرى ـ والله ما كذبنى : سمع النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «ليكونن من أمتى أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر
والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم ، يأتيهم ـ يعنى الفقير
ـ لحاجة فيقولون ارجع إلينا غدا فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير
إلى يوم القيامة» .
قال ابن رجب : هكذا
ذكره البخارى فى كتابه بصيغة التعليق المجزوم به والأقرب أنه مسند فإن هشام بن
عمار أحد شيوخ البخارى وقد قيل : إن البخارى إذا قال فى صحيحه : قال فلان ولم يصرح
بروايته عنه وكان قد سمعه منه فإنه يكون قد أخذه عنه عرضا أو مناولة أو مذاكرة
وهذا كله لا يخرجه
__________________
عن أن يكون مسندا.
والله أعلم .
وقال ابن حجر :
الحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح .
قال ابن رجب :
وخرجه البيهقى من طريق الحسن بن سفيان حدثنا هشام ابن عمار فذكره.
فالحديث صحيح
محفوظ عن هشام بن عمار وخرج أبو داود هذا الحديث مختصرا بإسناد متصل إلى عبد الرحمن بن جابر
بهذا الإسناد ...
وخرجه ابن ماجة وابن حبان فى صحيحه ....
ثم ذكر ـ أى ابن
رجب ـ أحاديث أخرى مشابهة له ثم قال :
وقد روى فى هذا
المعنى أحاديث متعددة عن النبي صلىاللهعليهوسلم من رواية ابن مسعود وسلمان وعبادة بن الصامت وعبد الله بن
بسر وعائشة وغيرهم رضى الله عنهم ولا تخلو أسانيدها من مقال لكن تقوى بانضمام
بعضها إلى بعض ويعضد بعضها بعضا وقد ذكر البيهقى أنها شواهد لحديث أبى مالك الأشعرى.
وخرج الإمام أحمد
وأبو داود عن ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لوفد عبد القيس «إن الله حرم عليّ ـ أو حرم الخمر
والميسر والكوبة» قال : والكوبة : الطبل كذا فسره بعض رواة الحديث.
__________________
وخرج أحمد وأبو
داود أيضا من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلىاللهعليهوسلم نهى عن الخمر والميسر والكوبة .
قال الإمام أحمد :
أكره الطبل وهو الكوبة نهى عنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم . اه
أما الضرب بالدف
فى الأعراس للنساء فهو جائز على أن لا يصاحبه كلام فاحش وأن لا يظهر صوت المرأة
وإلا امتنع والله تعالى أعلم وهو الهادى إلى سواء السبيل.
النرد والشطرنج
قال أبو داود
السجستانى :
٨٣٤ ـ سمعت أحمد
سئل عن قوم يلعبون الشطرنج فنهاهم فلم ينتهوا فأخذ الشطرنج فرمى به؟ فقال : قد
أحسن. فقيل لأحمد : ليس عليه شيء؟ قال : لا .
قال إسحاق الكوسج
:
٨٣٥ ـ قلت : الرجل
يمر على قوم يلعبون بالنرد أو بالشطرنج يسلم عليهم؟ قال : ما هؤلاء بأهل أن يسلم
عليهم. قال إسحاق ـ أى ابن راهويه ـ : لا بل إن كان يريد أن يبين لهم ما هم فيه ثم
أمر ونهى وإن لم يرد ذلك فلا كرامة .
__________________
قال أبو بكر
الخلال :
٨٣٦ ـ أخبرنى محمد
بن أبى هارون والحسن بن جحدر أن الحسن بن ثواب حدثهم قال : سمعت أبا عبد الله وقال له
رجل ـ وأنا أسمع ـ : ما ترى فى القوم يلعبون بالشطرنج أجيبهم فى حاجة؟ أسلم عليهم؟
قال : انههم ، عظهم.
٨٣٧ ـ أخبرنى عبد
الملك بن عبد الحميد أن مملوكا سأل أبا عبد الله فقال : إن مولاه يرسله إلى قوم
يلعبون بالشطرنج ، فأسلم أو لا أسلم؟ فقال له : عظهم ، قل لهم : هذا لا يحل لكم ،
ولا يسعكم ، مرهم فأعاد عليه المملوك ، فأعاد عليه الكلام.
٨٣٨ ـ أخبرنا أحمد
بن محمد بن مطر أن أبا طالب حدثهم أنه سأل أبا عبد الله : أمر بالقوم يلعبون
بالشطرنج أقلبها أو أنهاهم؟ قال : النرد أشد والشطرنج أيضا. فقلت : إن غطوها أو
جعلوها خلفهم قال : لا تتعرض لهم إذا سترها أو ستروها عنك.
٨٣٩ ـ أخبرنى محمد
بن على السمسار قال : حدثنى مهنا ، سألت أبا عبد الله عن اللعب بالشطرنج ، هل تعرف
فيه شيئا؟ قال : لا أعلم إلا قول على. قلت : كيف هو اذكره ، قال : فحدثنى غير واحد
منهم : وكيع ، عن فضيل بن مرزوق ، عن ميسرة بن حبيب النهدى قال : مر على بقوم يلعبون بالشطرنج فقال : ما هذه التماثيل
التى أنتم لها عاكفون.
فسألت أحمد فقلت :
أدرك ميسرة عليا؟ قال : لا. فقلت : من أين
__________________
ميسرة؟ فقال :
كوفى روى عن شعبة. قلت : سمع ميسرة من شعبة؟ قال : نعم. وسألت أحمد مرة أخرى ، قلت
: كرهه أحد غير على؟ قال نعم. قلت : من؟ قال : ابن عمر. قلت : من ذكره؟ قال : أبو
بدر شجاع عن عبيد الله بن عمر كذا قال : ليس فيه نافع : أن ابن عمر كره لعب الشطرنج .
التعليق :
النرد : هو قطع
صغيرة من العاج أو العظم أو الخشب وله أوجه ستة ولكل وجه من الأوجه نقاط مرتبة من
الواحد إلى الستة وهى جميعا منقسمة بحيث يكون مجموع النقاط فى وجهين متقابلين
سبعة.
يقال : وضعه
أردشير بن بابك أحد ملوك الفرس ولهذا يقال النرد شير وهو اسم أعجمى معرب .
وفى العصر الحديث
له أسماء من أكثرها شيوعا : الطاولة.
وأما الشطرنج :
فقد عرف قديما. واختلف فى أول من أحدثه.
وقد جاء النهى عن
اللعب بالنرد :
__________________
فقد روى أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجة عن بريدة بن الحصيب أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده فى لحم خنزير ودمه».
وروى مالك والبخارى وأبو داود وابن ماجة ـ وغيرهم ـ عن سعيد بن أبى هند عن أبى موسى الأشعرى قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله».
وسعيد لم يدرك أبا
موسى.
وروى أحمد عن سعيد بن أبى هند عن رجل عن أبى موسى أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من لعب بالكعاب فقد عصى الله ورسوله».
وروى أحمد أبو داود والنسائى عن عبد الله بن مسعود : كان نبى الله صلىاللهعليهوسلم يكره عشر خلال : ... والضرب بالكعاب. اه فذهب كثير من
العلماء إلى إطلاق التحريم.
يقول النووى :
وهذا الحديث ـ أى حديث بريدة الّذي فى الصحيح ـ حجة للشافعى والجمهور فى تحريم
اللعب بالنرد وقال : وقال أبو إسحاق المروزي من أصحابنا : يكره ولا يحرم اه.
__________________
قلت : واللعب به
على شرط المال محرم باتفاق وإن لم يكن كذلك ففيه خلاف والجمهور على تحريمه والبعض
يقول : مكروه . قال ابن القيم : وتحرير المسألة وفقهها أن الله سبحانه
لما حرم الميسر هل هو لأجل ما فيه من المخاطرة المتضمنة لأكل المال بالباطل فعلى
هذا إذا خلا عن العوض لم يكن حراما فلهذا طرد من طرد ذلك الأصل وقال : إذا خلا
النرد أو الشطرنج عن العوض لما يكونا حراما ولكن هذا القول خلاف النص والقياس كما
سنذكره ، أو حرمه لما يشتمل عليه فى نفسه من المفسدة وإن خلا من العوض فتحريمه من
جنس تحريم الخمر فإنه يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، وأكل
المال وفيه عون وذريعة إلى الإقبال عليه واشتغال النفوس به فإن الداعى حينئذ يقوى
من وجهين : من جهة المغالبة ومن جهة أكل المال فيكون حراما من الوجهين وهذا المأخذ
أصح نصا وقياسا وأصول الشريعة وتصرفاتها تشهد له بالاعتبار قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا
الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ
الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ
أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ
وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) . فقرن الميسر بالأنصاب والأزلام وأخبر أن الأربعة رجس
وأنها من عمل الشيطان ثم أمر باجتنابها وعلق الفلاح باجتنابها ثم نبه على وجود
المفسدة المقتضية للتحريم فيها وهو ما يوقعه الشيطان بين أهلها من العداوة
والبغضاء ومن الصد عن ذكر الله وعن الصلاة وكل أحد يعلم أن هذه المفاسد ناشئة من
نفس العمل من مجرد أكل المال به فتعليل التحريم بأنه متضمن لأكل المال بالباطل
تعليل بغير الوصف المذكور فى النص وإلغاء للوصف الّذي نبه النص عليه وأرشد إليه . اه
قلت : والكلام فى
الشطرنج لا يختلف كثيرا عن الكلام فى النرد. إلا أن النرد جاء فيه نص صحيح ، أما
الشطرنج فغاية ما فيه أقوال أثرت عن بعض الصحابة والتابعين.
__________________
والعلماء لم
يختلفوا فى أن اللعب بالشطرنج على شرط المال حرام واختلفوا إن لم يكن كذلك.
يقول النووى :
وأما الشطرنج فمذهبنا أنه مكروه ليس بحرام وهو مروى عن جماعة من التابعين وقال
مالك وأحمد : حرام ، قال مالك : هو شر من النرد وألهى عن الخير وقاسوه على النرد
وأصحابنا يمنعون القياس ويقولون هو دونه . اه
وقد سئل شيخ
الإسلام ابن تيمية عن اللعب بالشطرنج أحرام هو أم مكروه أم مباح؟ فقال : اللعب بها
: منه ما هو محرم متفق على تحريمه ومنه ما هو محرم عند الجمهور ومكروه عند بعضهم
وليس من اللعب بها ما هو مباح مستوى الطرفين عند أحد من أئمة المسلمين فإن اشتمل
اللعب بها على العوض كان حراما بالاتفاق. قال أبو عمر بن عبد البر : أجمع العلماء
على أن اللعب بها على العوض قمار لا يجوز. وكذلك لو اشتمل اللعب بها على ترك واجب
أو فعل محرم : مثل أن يتضمن تأخير الصلاة عن وقتها أو ترك ما يجب فيها من أعمالها
الواجبة باطنا أو ظاهرا فإنها حينئذ تكون حراما باتفاق العلماء ...
قال ابن تيمية :
والمقصود أن الشطرنج متى شغل عما يجب باطنا أو ظاهرا حرام باتفاق العلماء ، وشغله
عن إكمال الواجبات أوضح من أن يحتاج إلى بسط وكذلك لو شغل عن واجب من غير الصلاة :
من مصلحة النفس أو الأهل أو الأمر بالمعروف أو النهى عن المنكر أو صلة الرحم أو بر
الوالدين ... وقلّ عبد اشتغل بها إلا شغلته عن واجب فينبغى أن يعرف أن التحريم فى
مثل هذه الصورة متفق عليه ، وكذلك إذا اشتملت على محرم أو استلزمت محرما فإنها
تحرم بالاتفاق : مثل اشتمالها على الكذب واليمين الفاجرة أو الخيانة ... أو على
الظلم أو الإعانة عليه فإن ذلك حرام باتفاق المسلمين ولو كان ذلك فى المسابقة
والمناضلة فكيف إذا كان بالشطرنج والنرد ونحو ذلك وكذلك إذا قدر أنها مستلزمة
فسادا غير ذلك : مثل اجتماع على مقدمات الفواحش أو التعاون على العدوان أو غير ذلك
ومثل أن يفضى اللعب بها إلى الكثرة والظهور الّذي يشتمل معه على ترك واجب أو فعل
محرم فهذه الصورة وأمثالها مما يتفق المسلمون على تحريمها فيها.
__________________
وإذا قدر خلوها عن
ذلك كله فالمنقول عن الصحابة المنع من ذلك وصح عن على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه
ـ وذكر الخبر ثم قال : والمنقول عن أبى حنيفة وأصحابه وأحمد وأصحابه تحريمها.
وأما الشافعى فإنه
قال : أكره اللعب بها للخبر ، واللعب بالشطرنج والحمام بغير قمار وإن كرهناه أخف
حالا من النرد ، وهكذا نقل عنه غير هذا اللفظ مما مضمونه : أنه يكرهها ، ويراها
دون النرد ، ولا ريب أن كراهته كراهة تحريم فإنه قال للخبر ، ولفظ الخبر الّذي
رواه هو عن مالك : «من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله» ... وقد نقل عنه أنه توقف
فى التحريم وقال : لا يتبين لى أنها حرام وما بلغنا أن أحدا نقل عنه لفظا يقتضي
نفى التحريم.
وقد تنازع الجمهور
هل يسلم على اللاعب بالشطرنج؟ فمنصوص أبى حنيفة وأحمد والمعافى بن عمران وغيرهم :
أنه لا يسلم عليه ، ومذهب مالك وأبى يوسف ومحمد : أنه يسلم عليه. ومع هذا فإن مذهب
مالك أن الشطرنج شر من النرد ، ومذهب أحمد أن النرد شر من الشطرنج ، كما ذكره
الشافعى. والتحقيق فى ذلك أنهما إذا اشتملا على عوض أو خلوا عن عوض فالشطرنج شر من
النرد. لأن مفسدة النرد فيها وزيادة مثل صد القلب عن ذكر الله وعن الصلاة وغير ذلك
... واشتغال القلب بالتفكير فى الشطرنج أكثر ، وأما إذا اشتمل على عوض فالنرد شر ،
لاستشعارهم أن العوض يكون فى النرد دون الشطرنج . اه
قلت : وخلاصة
القول إن من أقوى ما استدل به من ذهب إلى تحريم الشطرنج مطلقا هو القياس فقد قال
تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ
رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّما
يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي
الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ
أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ).
فهذه العلل متحققة
فى الغالب فيمن يمارس هذا الأمر ، وأيضا التصريح
__________________
فى الحديث بتحريم
النرد وقد يقاس عليه. والله تعالى أعلم.
قول الإمام أحمد : فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
قال أبو بكر
المروزي :
٨٤٠ ـ قلت لأبى
عبد الله : كيف الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟ فقال : باليد وباللسان ، وبالقلب
هو أضعف.
٨٤١ ـ وشكوت إلى
أبى عبد الله جارا لنا يؤذينا بالمنكر. قال : تأمره بينك وبينه. قلت : قد تقدمت
إليه مرارا فكأنه تمحل. قال : أى شيء عليك ، إنما هو على نفسه ، أنكر بقلبك ودعه.
قلت لأبى : فيستعان بالسلطان عليه؟ قال : لا. ربما يأخذ منه الشيء ويترك .
وقال إسحاق بن
هانئ :
٨٤٢ ـ قلت لأبى
عبد الله : متى يجب على الأمر؟ قال : ما لم تخف سوطا ولا عصا .
٨٤٣ ـ قلت : متى
يجب على الرجل الأمر والنهى. قال : ليس هذا زمان نهى ، إذا غيرت بلسانك فإن لم
تستطع فبقلبك فهو أضعف الإيمان وقال لى : لا تتعرض للسلطان فإن سيفه مسلول وعصاه .
٨٤٤ ـ سألت أبا
عبد الله قلت : رجل تكلم بكلام سوء يجب عليّ أن أغيره فى ذلك الوقت فلا أقدر على
تغييره وليس لى أعوان يعينونى عليه.
قال : إذا علم
الله عزوجل من قلبك أنك منكر لذلك فأرجو أن لا يكون عليك شيء.
__________________
وقال أبو داود
السجستانى :
٨٤٥ ـ قلت لأحمد :
مثل زماننا ترجو أن لا يلزم الرجل القيام بالأمر والنهى؟ قال : إذا خاف أن ينال
منه. قلت : فالصلاة تراهم لا يحسنون؟ قال : مثل هذا تأمرهم. قال : قلت : يشتم؟ قال
: يتحمل من يريد أن يأمر وينهى لا يريد أن ينتصر بعد ذلك .
٨٤٦ ـ سمعت أحمد
قيل له : يصلى الرجل فى المسجد فيرى أهل المسجد يسيئون الصلاة؟ قال يأمرهم. قال :
إنهم يكثرون وربما كان عامة أهل المسجد؟ قال : يقول لهم. قيل له : يقول لهم مرتين
أو ثلاثا فلا ينتهون يتركهم بعد ذلك؟ قال : أرجو أن يسلم أو كلمة نحوها .
٨٤٧ ـ سمعت أحمد
سئل عن رجل له جار يعمل بالمنكر لا يقوى ينكر عليه وآخر ضعيف يعمل بالمنكر أيضا
يقوى على هذا الضعيف أن ينكر عليه؟ قال : نعم ينكر على هذا الّذي يقوى أن ينكر
عليه .
٨٤٨ ـ قيل لأحمد :
فإن أصابه من قبل السلطان فى ذلك مكروه وترجو أن يؤجر فرأى له فضلا. تكلم بشيء
كأنه يغبطه.
٨٤٩ ـ سمعت أحمد
يقول : نحن نرجو إن أنكره بقلبه فقد سلم ، وإن أنكره بيده فهو أفضل .
قال أبو بكر
الخلال :
٨٥٠ ـ أخبرنى موسى
بن سهل قال : حدثنا محمد بن أحمد الأسدى قال : حدثنا إبراهيم بن يعقوب ، عن
إسماعيل بن سعيد قال : سألت أحمد عمن ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر عند من
لا يخاف سيفه ولا سوطه. قال :
__________________
إذا استطاع فليغير
، فلا يسعه غيره .
٨٥١ ـ أخبرنى أبو
بكر المروزى ، أن أبا بكر الأثرم قال : قيل لأبى عبد الله : رجل رأى منكرا ، أيجب
عليه تغييره؟ قال : إذا غير بقلبه فأرجو. ثم قال : إن منهم من يخاف منه ، فإذن
يغير بقلبه.
٥٨٢ ـ وأخبرنى
الحسين بن محمد ببيت المقدس قال : كتبت من مسائل أبى على الدينورى ، من مسائل ابن
مزاحم : أن أبا عبد الله قيل له : رجل رأى منكرا أيجب عليه تغييره؟ قال : إذا غير
بقلبه فأرجو .
٨٥٣ ـ أخبرنى
منصور بن الوليد ، حدثنا جعفر بن محمد النسائى قال : قلت لأبى عبد الله : يجب
الأمر والنهى على الإنسان؟ قال : يا أبا محمد ، فى هذا الزمان أظنه شديدا ، مع أن
فى حديث أبى سعيد تسهيلا. قلت له : «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده». قال : نعم ،
قال : «بقلبه وذلك أضعف الإيمان» .
قلت : هذا أشدها
عليّ. قال : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، وقال صلىاللهعليهوسلم : «ما أمرتكم من الأمر فأتوا منه ما استطعتم» فسكت .
٨٥٤ ـ وأخبرنى
محمد بن على قال : حدثنا صالح أن أباه قال : التغيير باليد ، ليس بالسيف والسلاح .
٨٥٥ ـ وأخبرنى
محمد بن على ، حدثنا مهنا قال : سئل أبو عبد الله
__________________
عن الرجل يأمر
المعروف بيده؟ فقال : إن قوى على ذلك فلا بأس به. فقلت : أليس قد جاء عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «ليس للمؤمن أن يذل نفسه» بأن يعرضها من البلاء ما لا طاقة له به؟ قال : ليس هذا من
ذلك .
٨٥٦ ـ أخبرنى عصمة
بن عصام قال : حدثنا حنبل ، أنه سمع أبا عبد الله يقول : والناس يحتاجون إلى
مداراة ورفق فى الأمر بالمعروف بلا غلظة ، إلا رجلا مباينا معلنا بالفسق والردى
فيجب عليك نهيه وإعلانه ، لأنه يقال : ليس لفاسق حرمة ، فهذا لا حرمة له.
٨٥٧ ـ أخبرنى جعفر
بن محمد أن يعقوب بن بختان حدثهم أن أبا عبد الله سئل عن الأمر فقال : كان أصحاب
عبد الله يقولون : مهلا رحمكم الله مهلا.
٨٥٨ ـ وأخبرنا
محمد بن أبى هارون قال : سمعت أبا العباس قال : صلى بأبى عبد الله يوما جوين ،
فكان إذا سجد جمع ثوبه بيده اليسرى ، وكنت بجنبه ، فلما صلينا قال لى وخفض من صوته
: قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إذا قام أحدكم فى الصلاة فلا يكف شعرا ولا ثوبا» ، فلما قمنا قال لى جوين : أى شيء كان يقول لك؟ قلت : قال
لى كذا وكذا ، وما أحسب المعنى إلا لك .
٨٥٩ ـ أخبرنى محمد
بن على السمسار قال : حدثنى مهنا قال : سألت أبا عبد الله عن الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر. كيف ينبغى أن يأمر؟
__________________
قال : يأمر بالرفق
والخضوع. ثم قال : إن أسمعوه ما يكره لا يغضب ، فيكون يريد ينتصر لنفسه.
٨٦٠ ـ أخبرنى
زكريا بن يحيى الناقد أن أبا طالب حدثهم أنه قال لأبى عبد الله : إذا أمرته
بالمعروف فلم ينته ، ادعه ، لا أقول له شيئا؟ قال الأمر بالمعروف ، وصرت تنتصر
لنفسك ، فتخرج إلى الإثم فإذا أمرت بالمعروف فإن قبل منك وإلا فدعه .
٨٦١ ـ وأخبرنى
زكريا بن يحيى الناقد أن أبا طالب حدثهم : سئل أبو عبد الله : إذا أمرت بالمعروف
فلم ينته ، ما أصنع؟ قال : فدعه ، قد أمرته ، وقد أنكرت عليه بلسانك وجوارحك ، لا
تخرج إلى غيره ، ولا ترفعه للسلطان يتعدى عليه ، كان أصحاب عبد الله إذا تلاحى قوم
قالوا ، مهلا بارك الله فيكم ، مهلا بارك الله فيكم.
٨٦٢ ـ وأخبرنى
محمد بن أبى هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال : سألت أبا عبد الله قلت
: الرجل يأمر بالمعروف فلا يقبل منه ، فترى إذا رأى منكرا وهو يعلم أنه لا يقبل
منه إن سكت ولا يتكلم؟ قال : إذا رأى المنكر فليغير بما أمكنه. قلت له : فإن أمره
ونهاه وتقدم إليه فى ذلك فلم يقبل منه ، ترى أنه يستعين عليه بالسلطان؟ قال : أما
السلطان فما أرى ذلك .
٨٦٣ ـ أخبرنا أبو
بكر المروزي قال : قلت لأبى عبد الله : فإن كان للرجل قرابة فيرى عندهم المنكر ،
فيكره أن يغيره ، أو يقول لهم فيخرج إلى ما يغتم به من أهل بيته ، وهو لا يرى بدا.
أو يرى المنكر فى غيره فيكره أن يغير للذى فى قرابته. قال : إن صحت نيتك لم تبال.
٨٦٤ ـ أخبرنى عمر
بن صالح بطرسوس قال : قال لى أبو عبد الله : يا أبا حفص ، يأتى على الناس زمان
يكون المؤمن فيه بينهم مثل الجيفة ، ويكون
__________________
المنافق يشار إليه
بالأصابع. فقلت : يا أبا عبد الله ، وكيف يشار إلى المنافق بالأصابع؟ فقال : يا
أبا حفص ، صيروا أمر الله فضولا. وقال : المؤمن إذا رأى أمرا بالمعروف أو نهيا عن
المنكر لم يصبر حتى يأمر وينهى. يعنى قالوا : هذا فضول. قال : والمنافق كل شيء
يراه قال بيده على فمه. فقالوا : نعم الرجل ، وليس بينه وبين الفضول عمل.
٨٦٥ ـ أخبرنى أحمد
بن محمد بن مطر قال : حدثنى عباس العنبرى قال : كنت مارا مع أبى عبد الله بالبصرة ، قال : فسمعت
رجلا يقول لرجل : يا ابن الزانى. فقال الآخر : يا ابن الزانى. قال : فوقفت ومضى
أبو عبد الله فالتفت فقال لى : يا أبا الفضل ، امش ، قال : فقلت : قد سمعنا قد وجب
علينا. قال : امض ليس هذا من ذلك .
التعليق :
المعروف : اسم
جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه ، وكل ما ندب إليه الشرع ، والمنكر ضد
ذلك .
والأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر قد يكون فرضا على الكفاية وقد يتعين والأصل فيه قول الله تعالى :
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ
أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ) ، وقوله جل وعلا : (الَّذِينَ إِنْ
مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) ، وقوله عزوجل : (الْآمِرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ
__________________
وَالْحافِظُونَ
لِحُدُودِ اللهِ) وقوله تبارك وتعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) ، وقال حكاية عن لقمان : (يا بُنَيَّ أَقِمِ
الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ) ، وقال عزوجل : (كُنْتُمْ خَيْرَ
أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ) .
وروى مسلم عن أبى سعيد الخدرى قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع
فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان».
قال النووى :
تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة وهو
أيضا من النصيحة التى هى الدين ولم يخالف فى ذلك إلا بعض الرافضة ولا يعتد بخلافهم
كما قال أبو المعالى : لا يكترث بخلافهم فى هذا فقد أجمع المسلمون عليه قبل أن ينبغ
هؤلاء ، ووجوبه بالشرع لا بالعقل خلافا للمعتزلة ، وأما قول الله عزوجل : (عَلَيْكُمْ
أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) فليس مخالفا لما ذكرناه لأن المذهب الصحيح عند المحققين فى
معنى الآية : أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به فلا يضركم تقصير غيركم مثل قوله تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وإذا كان كذلك فمما كلف به الأمر بالمعروف والنهى عن
المنكر فإذا فعله ولم يمتثل المخاطب فلا عتب بعد ذلك على الفاعل لكونه أدى ما عليه
فإنما عليه الأمر والنهى لا القبول والله أعلم.
ثم إن الأمر
بالمعروف والنهى عن المنكر فرض كفاية إذا قام به بعض الناس
__________________
سقط الحرج عن الباقين
وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف ثم إنه قد يتعين كما إذا كان
فى موضع لا يعلم به إلا هو أولا يتمكن من إزالته إلا هو.
قال العلماء : ولا
يسقط الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لكونه لا يفيد فى ظنه بل يجب عليه فعله فإن
الذكرى تنفع المؤمنين وإن الّذي عليه : الأمر والنهى لا القبول كما قال الله عزوجل : (وَما عَلَى
الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ) .
قال العلماء : ولا
يشترط فى الآمر والناهي أن يكون كامل الحال ممتثلا ما يأمر به مجتنبا ما ينهى عنه
بل عليه الأمر وإن كان مخلا بما يأمر به والنهى وإن كان متلبسا بما ينهى عنه فإنه
يجب عليه شيئان : أن يأمر نفسه وينهاها ويأمر غيره وينهاه فإذا أخل بأحدهما كيف
يباح له الإخلال بالآخر.
قال العلماء : ولا
يختص الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بأصحاب الولايات بل ذلك جائز لآحاد
المسلمين. قال إمام الحرمين : والدليل عليه إجماع المسلمين فإن غير الولاة فى
الصدر الأول والعصر الّذي يليه كانوا يأمرون الولاة بالمعروف وينهونهم عن المنكر
مع تقرير المسلمين إياهم. اه
ثم إنه إنما يأمر
وينهى من كان عالما بما يأمر به وينهى عنه وذلك يختلف باختلاف الشيء فإن كان من
الواجبات الظاهرة والمحرمات المشهورة كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها فكل
المسلمين علماء بها وإن كان من دقائق الأفعال والأقوال ومما يتعلق بالاجتهاد لم
يكن للعوام مدخل فيه ولا لهم إنكاره بل ذلك للعلماء ثم العلماء إنما ينكرون ما
أجمع عليه ، أما المختلف فيه فلا إنكار فيه لأن على أحد المذهبين : كل مجتهد مصيب
، وهذا هو المختار عند كثير من المحققين أو أكثرهم ، وعلى المذهب الآخر : المصيب
واحد والمخطئ غير متعين لنا والإثم مرفوع عنه لكنه إن ندبه على جهة النصيحة إلى
الخروج من الخلاف فهو حسن محبوب
__________________
مندوب إلى فعله
برفق فإن العلماء متفقون على الحث على الخروج من الخلاف إذا لم يلزم منه إخلال
بسنة أو وقوع فى خلاف آخر ...
واعلم أن هذا
الباب ـ أعنى باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ـ قد ضيع أكثره من أزمان متطاولة
ولم يبق منه فى هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جدا وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه
وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن
يعمهم الله تعالى بعقابه : (فَلْيَحْذَرِ
الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ
عَذابٌ أَلِيمٌ) فينبغى لطالب الآخرة والساعى فى تحصيل رضا الله عزوجل أن يعتنى بهذا الباب فإن نفعه عظيم لا سيما وقد ذهب معظمه
ويخلص نيته ولا يهابن من ينكر عليه لارتفاع مرتبته فإن الله تعالى قال : (وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) وقال تعالى : (وَمَنْ يَعْتَصِمْ
بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وقال تعالى : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا
فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) وقال تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ
أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا
وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) .
واعلم أن الأجر
على قدر النصب ولا يتاركه أيضا لصداقته ومودته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده ودوام
المنزلة فإن صداقته ومودته توجب له حرمة وحقا ومن حقه أن ينصحه ويهديه إلى مصالح
آخرته وينقذه من مضارها ، وصديق الإنسان ومحبه هو من سعى فى عمارة آخرته وإن أدى
ذلك إلى نقص فى دنياه وعدوه من يسعى فى ذهاب أو نقص آخرته وإن حصل بسبب ذلك صورة
نفع فى دنياه . اه
__________________
وبعد هذا الكلام
النفيس نقول : إن الروايات المتقدمة عن الإمام أحمد فى الأمر بالمعروف والنهى عن
المنكر فيها منهج شامل لهذه المسألة بجميع جوانبها : فالأمر بالمعروف والنهى عن
المنكر يكون باليد وباللسان وبالقلب فإذا أمكن إزالة المنكر باليد فهو أفضل وإن
خاف على نفسه أنكر بلسانه وإن كان غير ممكن أيضا أنكر بقلبه والإنكار بالقلب معناه
: الكراهة للمنكر ، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يكون برفق ولين قدر الإمكان
حتى يتحقق المقصود ، وإن كان هذا راجعا فى المقام الأول لنوع المنكر. والله تعالى
أعلم.
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد فيما يجب اعتقاده فى الأنبياء والرسل
صلوات الله وسلامه عليهم
فى رسالته لمسدد
بن مسرهد قال :
٨٦٦ ـ والأنبياء
حق ، وعيسى بن مريم رسول الله وكلمته.
وفى موضع آخر :
٨٦٧ ـ والتصديق
بما جاءت به الرسل .
وفى رسالة محمد بن
حبيب الأندرانى قال :
٨٦٨ ـ وأقر بجميع
ما أتت به الأنبياء والرسل .
التعليق :
الإيمان بالرسل
صلوات الله وسلامه عليهم وبما جاءوا به من عند الله عزوجل أحد أركان الإيمان. قال تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ
إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ
وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) وقال تعالى : (وَلكِنَّ الْبِرَّ
مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ
وَالنَّبِيِّينَ) وقال جل وعلا : (وَمَنْ يَكْفُرْ
بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ
ضَلالاً بَعِيداً) .
__________________
وفى حديث جبريل
قال : أخبرنى عن الإيمان قال : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ... . اه
والأصل الّذي جاءت
به الرسل واحد وهو الدعوة إلى الله عزوجل وإخلاص العبادة له ، وإن اختلفت فى الفروع ، إلا أن هذه
الشرائع والمناهج قد نسخت ببعثة محمد صلىاللهعليهوسلم فلا شرعة إلا شرعة الإسلام قال تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ
دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) .
يقول شارح الطحاوية
: وأما الأنبياء والمرسلون فعلينا الإيمان بمن سمى الله تعالى فى كتابه من رسله
والإيمان بأن الله تعالى أرسل رسلا سواهم وأنبياء لا يعلم أسماءهم وعددهم إلا الله
تعالى الّذي أرسلهم فعلينا الإيمان بهم جملة لأنه لم يأت فى عددهم نص ، وقد قال
تعالى : (وَرُسُلاً قَدْ
قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) وقال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا
رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ
نَقْصُصْ عَلَيْكَ) .
وعلينا الإيمان
بأنهم بلغوا جميع ما أرسلوا به على ما أمرهم الله به وأنهم بينوه بيانا لا يسع
أحدا ممن أرسلوا إليه جهله ولا يحل خلافه. قال تعالى : (فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا
الْبَلاغُ الْمُبِينُ) وقال تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا
فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) ....
وأما أولو العزم
من الرسل ، فقد قيل فيهم أقوال أحسنها : ما نقله البغوى وغيره عن ابن عباس وقتادة
: أنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم. قال وهم
المذكورون فى قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ
النَّبِيِّينَ
__________________
مِيثاقَهُمْ
وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) وفى قوله تعالى : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ
الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا
بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا
فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ) وأما الإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم فتصديقه واتباع ما جاء به من الشرائع إجمالا وتفصيلا . اه
قلت : ومما يجب
اعتقاده فى الأنبياء والرسل أنهم بشر من خلق الله عزوجل أكرمهم الله سبحانه وتعالى واصطفاهم برسالته. فليس لهم من
خصائص الألوهية والربوبية أى شيء. قال تعالى : (وَقالُوا لَنْ
نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ
جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً أَوْ
تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ
وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي
السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً
نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) وقال جل وعلا : (قُلْ لا أَمْلِكُ
لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ
الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا
إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) وقال : (قُلْ إِنِّي لا
أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ
أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) . ولم يتميز عيسى عليه الصلاة والسلام عنهم إلا بكونه خلق
من غير أب كما أن آدم عليهالسلام خلق من طين فسبحان الخلاق العظيم. قال تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ
كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) وقال جل وعلا : (إِذْ قالَتِ
الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ
الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ
الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُ
__________________
النَّاسَ
فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ. قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي
وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا
قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) وقال عزوجل : (يا أَهْلَ الْكِتابِ
لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا
الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى
مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ
انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ
لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) وقال جل ذكره : (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ما كانَ لِلَّهِ أَنْ
يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ
فَيَكُونُ) وقال تبارك وتعالى : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ
مِنْ دُونِ اللهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي
بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا
أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ما قُلْتُ لَهُمْ
إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ
عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ
الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) .
هذا هو عيسى بن
مريم عليه الصلاة والسلام خلق من خلق الله وعبد من عباده فلعنة الله على المشركين.
__________________
إنكار الإمام أحمد على من قال : إن اليهود والنصارى من أمة
محمد صلىاللهعليهوسلم
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٨٦٩ ـ سألت أبى عن
اليهود والنصارى والمجوس من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم هم؟ فقال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم فى حديث الشفاعة فأقول أمتى أمتى .
قال أبى : فليس
يرى أن النبي يشفع إلا فى أمته المسلمين . فقلت لأبى : فأمة من هم. فقال : قال عليهالسلام : «بعثت إلى الأحمر والأسود» فمن أسلم منهم فقد دخل فى أمته .
وقال أبو بكر
الخلال :
٨٧٠ ـ أخبرنا محمد
بن على قال : حدثنا يعقوب بن بختان أنه سأل أبا عبد الله عن اليهود والنصارى من
أمة محمد. قال : فغضب وقال : يقول هذا مسلم؟! أو كما قال.
٨٧١ ـ أخبرنى محمد
بن عبد الله بن إبراهيم أن أباه حدثه قال :
__________________
حدثنى أحمد بن
القاسم / وأخبرنى زكريا بن الفرج عن أحمد بن القاسم قال : ذكرت لأبى عبد الله من
يقول إن اليهود والنصارى من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم / وأخبرنى محمد بن أبى هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث
حدثهم ولفظ بعضهم فى بعض قال : سألت أبا عبد الله عن اليهود والنصارى من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم هم أم لا فإن قوما قد اختلفوا فيهم فقال : أى شيء هذا؟!
منكرا المسألة وغضب ، قلت : إن هاهنا من يقول هذا قال : دعنا وتغير لونه. قلت :
نرد عليهم ننكر عليهم ما يقولون. قال : نعم شديد الرد والإنكار.
٨٧٢ ـ أخبرنى محمد
بن على الوراق قال : حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل قال لأبيه : أحد يقول إن اليهود
والنصارى من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم فقال : سبحان الله! النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «اختبأت شفاعتى لأمتى» يشفع إذا لليهود والنصارى!! أحد يقول هذا .
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد فى معنى قول النبي صلىاللهعليهوسلم :
«أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» وقوله عليه الصلاة والسلام :
«لا يبقى دينان فى جزيرة العرب»
قال أبو بكر
الخلال :
٨٧٣ ـ أخبرنى عبد
الله بن محمد قال : حدثنى بكر بن محمد ، عن أبيه ، عن أبى عبد الله
وسأله عن قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» قال : إنما الجزيرة موضع العرب وأما موضع يكون فيه أهل
السواد والفرس فليس هى جزيرة العرب ، موضع العرب الّذي يكونون فيه .
٨٧٤ ـ أخبرنا أبو
بكر المروزي قال : سئل أبو عبد الله عن قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» قال : هم الذين قاتلوا
النبي صلىاللهعليهوسلم ليست لهم ذمة مثل اليهود والنصارى أى يخرجون من مكة
والمدينة ودون الشام .
٨٧٥ ـ أخبرنى عبد
الله بن حنبل قال : حدثنى أبى قال : قال عمى : جزيرة العرب هى المدينة وما والاها لأن النبي صلىاللهعليهوسلم أجلى يهود فليس لهم أن يقيموا بها.
__________________
٨٧٦ ـ أخبرنى عبد
الله بن أحمد قال : سمعت أبى يقول : حديث النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا يبقى دينان بجزيرة العرب» تفسيره : ما لم يكن فى يد فارس والروم.
وقال الأصمعى : كل
ما كان دون أطراف الشام.
٨٧٧ ـ أخبرنى
الحسن عبد الوهاب قال : حدثنى إبراهيم بن هانئ قال : سئل أبو عبد الله عن
جزيرة العرب فقال : ما لم يكن فى يد فارس والروم قيل له : ما كان خلف العرب قال :
نعم .
التعليق :
قبل الشروع فى
الكلام حول هذا المسألة أود أن أورد ما ذكر حول حدود جزيرة العرب.
__________________
يقول النووى : قال
أبو عبيد : قال الأصمعى : جزيرة العرب ما بين أقصى عدن اليمن إلى ريف العراق فى
الطول وأما فى العرض فمن جدة وما والاها إلى أطراف الشام ... .
وحكى الهروى عن
مالك أن جزيرة العرب هى المدينة والصحيح المعروف عن مالك أنها مكة والمدينة
واليمامة واليمن . اه
ويقول ابن حجر :
قال الزبير بن بكار فى أخبار المدينة أخبرت عن مالك ، عن ابن شهاب قال : جزيرة
العرب : المدينة قال الزبير : قال غيره : جزيرة العرب ما بين العذيب إلى حضر موت ،
قال الزبير : وهذا أشبه ، وحضر موت آخر اليمن . اه
قلت : ومن المعلوم
أن جزيرة العرب هى المنطقة الممتدة من سواحل حضر موت فى الجنوب إلى أطراف العراق
والشام فى الشمال ومن سواحل البحر الأحمر فى الغرب إلى سواحل الخليج العربى فى
الشرق.
هذا هو المتعارف
عليه وهو ما ذكره الأصمعى وأبو عبيد وغيرهما.
لكن هل يمنع
اليهود والنصارى من سكناها جميعها أم أن فى المسألة تفصيلا؟.
يقول ابن القيم :
قال مالك : أرى أن يجلوا من أرض العرب كلها لأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يجتمع دينان فى جزيرة العرب». ثم ذكر حديث عمر
السابق الّذي رواه مسلم.
وقال الشافعى :
يمنعون من الحجاز ، وهو مكة والمدينة ، واليمامة وقراها.
__________________
وأما غير الحرم
منه فيمنع الكتابى وغيره من الاستيطان والإقامة به وله الدخول بإذن الإمام لمصلحة
كأداء رسالة أو حمل متاع يحتاج إليه المسلمون وإن دخل لتجارة ليس فيها كثير حاجة
لم يأذن له إلا بشرط أن يأخذ من تجارته شيئا ولا يمكن من الإقامة أكثر من ثلاث.
وقد أدخل بعض أصحاب الشافعى اليمن فى جزيرة العرب ، ومنعهم من الإقامة فيها ، وهذا
وهم ، فإن النبي صلىاللهعليهوسلم بعث معاذا قبل موته إلى اليمن ، وأمره أن يأخذ من كل حالم
دينارا ، وأقرهم فيها وأقرهم أبو بكر بعده ، وأقرهم عمر وعثمان وعلى رضى الله عنهم
، ولم يجلوهم من اليمن مع أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ، فلم يعرف عن إمام
أنه أجلاهم من اليمن. وإنما قال الشافعى وأحمد يخرجون من مكة والمدينة واليمامة
وخيبر وينبع ومخاليفها ولم يذكر اليمن ....
وأما الحرم فإن
كان حرم مكة فإنهم يمنعون من دخوله بالكلية .
فلو قدم رسول لم
يجز أن يأذن له الإمام فى دخوله ويخرج الوالى أو من يثق به إليه ، ولا يختص المنع
بخطة مكة بل بالحرم كله ، وأما حرم المدينة فلا يمنع من دخوله لرسالة أو تجارة أو
حمل متاع ، فهذا تفصيل مذهب الشافعى.
وأما مذهب أحمد
فعنده : يجوز لهم دخول الحجاز للتجارة ، لأن النصارى كانوا يتجرون إلى المدينة فى
زمن عمر ، وحكى أبو عبد الله بن حمدان عنه رواية : أن حرم المدينة كحرم مكة فى
امتناع دخوله ، والظاهر أنها غلط على أحمد ، فإنه لم يخف عليه دخولهم بالتجارة فى زمن عمر وبعده
وتمكينهم من ذلك ولا يأذن لهم بالإقامة أكثر من ثلاثة أيام وقال القاضى : أربعة ...
قال أصحاب الإمام أحمد : فإن دخلوا غير الحرم لم يجز إلا بإذن مسلم ، وأما الحرم
فيمنعون دخوله بكل حال ولا يجوز للإمام أن يأذن فى دخوله فإن دخل أحدهم فمرض أو
مات أخرج وإن دفن نبش. وهل يمنعون من حرم المدينة؟ حكى عن أحمد فيه روايتان كما
تقدم.
__________________
وأما تفصيل مذهب
مالك : فإنهم يقرون عنده فى جميع البلاد إلا جزيرة العرب وهى مكة والمدينة وما
والاها وروى عيسى بن دينار دخول اليمن فيها ....
وأما أبو حنيفة
فعنده : لهم دخول الحرم كله حتى الكعبة نفسها ، ولكن لا يستوطنون به ، وأما الحجاز
فلهم الدخول إليه والتصرف فيه والإقامة بقدر قضاء حوائجهم ، وكأن أبا حنيفة رحمهالله قاس دخولهم مكة على دخولهم مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولا يصح هذا القياس فإن لحرم مكة أحكاما يخالف بها المدينة
، على أنها ليست عنده حرما ... .
__________________
قول الإمام أحمد فى أعياد الكفار وخروج المسلمين فيها
قال أبو بكر
الخلال
٨٧٨ ـ أخبرنى عمر
بن صالح قال : قال أبو عبد الله فى معنى الحديث : لا يخرجون ـ يعنى أهل الذمة ـ إلى
باعوث قال أبو عبد الله : الباعوث يخرجون كما تخرج فى الفطر والأضحى.
٨٧٩ ـ أخبرنا
الحسن بن عبد الوهاب قال : حدثنا إبراهيم بن هانئ أن أبا عبد الله قال : ولا
يتركوا أن يجتمعوا فى كل أحد ولا يظهروا لهم خمرا ولا ناقوسا.
٨٨٠ ـ أخبرنى
إبراهيم بن رحمون قال : حدثنا نصر بن عبد الملك قال : حدثنا يعقوب بن بختان أن أبا عبد الله قال : ولا
يتركوا يجتمعون فى كل أحد ولا يظهروا لهم خمرا ولا ناقوسا فى كل مدينة بناها
المسلمون. قيل له : يضربون الخيام فى الطريق يوم الأحد؟ قال : لا إلا أن يكون
مدينة صولحوا عليها فلهم ما صولحوا عليه.
٨٨١ ـ أخبرنى محمد
بن على قال : حدثنا مهنا قال : سألت أحمد عن شهود هذه الأعياد التى تكون عندنا
بالشام يشهده المسلمون يشهدون الأسواق ويجلبون فيه البقر والغنم وغير ذلك إلا أنه
إنما يكون فى الأسواق يشترون ولا يدخلون عليهم بيعهم قال : إذا لم يدخلوا عليهم
بيعهم وإنما يشهدون السوق فلا بأس .
__________________
التعليق :
نقل ابن القيم قول
أحمد هذا فى تفسير الباعوث ، ونقل رواية الأثرم وقال : فإن اجتماعهم المذكور هو
غاية الباعوث ونهايته فإنهم ينبعثون إليه من كل ناحية ، وليس مراد أبى عبد الله
منع اجتماعهم فى الكنيسة إذا تسللوا إليها لواذا وإنما مراده إظهار اجتماعهم كما
يظهر المسلمون ذلك يوم عيدهم ، ولهذا قال فى رواية يعقوب ابن بختان : وقد سئل هل
يضربون الخيام ـ ذكر الرواية كما هنا ـ ثم قال : فإن ضرب الخيام على الطريق يوم
عيدهم هو من إخراج الباعوث وإظهار شعائر الكفر ، فإذا اختفوا فى كنائسهم باجتماعهم
لم يعرض لهم فيها ما لم يرفعوا أصواتهم بقراءتهم وصلاتهم.
وأما الشعانين فهى
أعياد لهم أيضا ، والفرق بينها وبين الباعوث أنه اليوم والوقت الّذي ينبعثون فيه
على الاجتماع والاحتشاد ....
قال أبو القاسم
هبة الله بن الحسين بن منصور الطبرى : ولا يجوز للمسلمين أن يحضروا أعيادهم لأنهم
على منكر وزور وإذا خالط أهل المعروف أهل المنكر بغير الإنكار عليهم كانوا
كالراضين به المؤثرين له ....
وقال أبو الحسن
الآمدي : لا يجوز شهود أعياد النصارى واليهود نص عليه أحمد فى رواية مهنا ، واحتج
بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ لا
يَشْهَدُونَ الزُّورَ) قال : الشعانين وأعيادهم .
يقول ابن تيمية
بعد ذكره لهذه الرواية : وإنما رخص أحمد رحمهالله فى شهود السوق بشرط أن لا يدخلوا معهم بيعهم فعلم منعه من
دخول بيعهم. وكذلك أخذ الخلال من ذلك : المنع من خروج المسلمين فى أعيادهم ، فقد
نص أحمد على مثل ما جاء عن عمر رضى الله عنه من المنع من دخول كنائسهم فى أعيادهم . اه
__________________
قلت : ونشاهد
اليوم بعض السفهاء فى كثير من البلدان الإسلامية ـ عربية وغير عربية ـ قد اشتد
ولعهم بحضور أعياد النصارى كالعيد الّذي يسميه النصارى عيد الميلاد وعيد رأس السنة
بل إنهم يقيمونها بأنفسهم.
وهذه المسألة ـ أعنى
مسألة أعياد الكفار ومتعلقاتها ـ بحثها شيخ الإسلام ابن تيمية بحثا مستفيضا فراجعه
فى اقتضاء الصراط المستقيم ص ١٨٠ ـ ٢٢٠ وراجع ما بعده أيضا.
قول الإمام أحمد فى : إظهار أهل الذمة للصليب وإقامة
الكنائس والبيع والضرب بالناقوس فى مدائن المسلمين
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٨٨٢ ـ سمعت أبى
يقول : ليس لليهود ولا للنصارى أن يحدثوا فى مصر مصره المسلمون بيعة ولا كنيسة ولا
يضربوا فيه بناقوس إلا ما كان لهم صلح وليس لهم أن يظهروا الخمر فى أمصار المسلمين
على حديث ابن عباس : أيما مصر مصره المسلمون .
٨٨٣ ـ سألت أبى : ألأهل
الذمة أن يحدثوا الكنائس فى أرض العرب وهل ترى لهم أن يزيدوا فى كنائسهم التى
صالحوا عليها؟
فقال : لا يحدثوا
فى مصر مصرته العرب كنيسة ولا بيعة ولهم ما صالحوا عليه فإن كان فى عهدهم أنهم
يزيدون فى الكنائس فلهم وإلا فلا وما انهدم فلهم أن يبنوها .
٨٨٤ ـ وهذه
الرواية أخرجها الخلال عن عبد الله بن أحمد وعنده : وما انهدم فليس لهم أن يبنوها.
٨٨٥ ـ وفى رواية
أخرى عنده : لا يقر لهم أن يحدثوا إلا ما صولحوا
__________________
عليه إلا أن بينوا
ما انهدم مما كان لهم قديما .
وقال إسحاق الكوسج
:
٨٨٦ ـ قلت للنصارى
أن يظهروا الصليب ويضربوا بالناقوس؟ قال : ليس لهم أن يظهروا شيئا لم يكن فى
صلحهم.
قال إسحاق : ليس لهم أن يظهروا الصليب أصلا لما نهى عمر بن الخطاب عن
ذلك.
٨٨٧ ـ قلت : سئل
عن قتل الخنازير وإفساد الخمر وكسر الصليب. قال : أكره قتل البهائم فأما الخمر
والصليب فأفسد إن شئت .
قال أبو بكر
الخلال :
٨٨٨ ـ أخبرنى محمد
بن أبى هارون ومحمد بن جعفر قالا : حدثنا أبو الحارث قال : سئل أبو عبد الله عن
البيع والكنائس التى بناها أهل الذمة وما أحدثوا فيها ما لم يكن ، قال : يهدم وليس
لهم أن يحدثوا شيئا من ذلك فيما مصره المسلمون يمنعون من ذلك إلا ما صولحوا عليه.
قيل لأبى عبد الله
: أيش الحجة فى أن يمنع أهل الذمة أن يبنوا بيعة أو كنيسة إذا كانت الأرض ملكهم
وهم يؤدون الجزية ، وقد منعنا من ظلمهم وأذاهم؟
__________________
قال : حديث ابن
عباس : أيما مصر مصرته العرب.
٨٨٩ ـ أخبرنى حمزة
بن القاسم وعبيد الله بن حنبل وعصمة قالوا : حدثنا حنبل قال : قال
أبو عبد الله : وإذا كانت الكنائس صلحا تركوا على ما صولحوا عليه فأما العنوة فلا
وليس لهم أن يحدثوا بيعة أو كنيسة لم تكن ولا يضربوا ناقوسا ولا يرفعوا صليبا ولا
يظهروا خنزيرا ولا يرفعوا نارا ولا شيئا مما يجوز لهم وكل (ما) فى دينهم يمنعون من
ذلك ولا يتركوا. قلت : للمسلمين أن يمنعوهم من ذلك؟ قال : نعم على الإمام منعهم من
ذلك. قال : الإمام السلطان يمنعهم من الإحداث إذا كانت بلادهم فتحت عنوة وأما
الصلح فلهم ما صولحوا عليه يوفى لهم به وقال : الإسلام يعلو ولا يعلى ولا يظهرون
خمرا.
٨٩٠ ـ كتب إلى
يوسف بن عبد الله الإسكافى قال : حدثنا الحسن ابن على بن الحسن أنه سأل أبا عبد الله عن البيعة والكنيسة تحدث قال : يرفع
أمرها إلى السلطان.
٨٩١ ـ أخبرنا
المروزي قال لى أبو عبد الله : سألونى عن الديارات فى المسائل التى وردت من قبل
الخليفة. قلت : أى شيء تذهب أنت. قال : ما كان من صلح يقر وما كان أحدث يهدم .
التعليق :
قال الله جل وعلا (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا
تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) وقال تبارك وتعالى : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ
اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ
وَالْآصالِ) ، وقال عزوجل : (وَلَوْ لا دَفْعُ
اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ
__________________
صَوامِعُ
وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ) .
يقول ابن القيم :
قال الزجاج : تأويل هذا : لو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدم ـ فى كل شريعة نبى
ـ المكان الّذي يصلى فيه ، فلو لا الدفع لهدم فى زمن موسى الكنائس التى كان يصلى
فيها فى شريعته ، وفى زمن عيسى الصوامع والبيع وفى زمن محمد المساجد.
وقال الأزهرى : «أخبر
الله سبحانه أنه لو لا دفعه بعض الناس عن الفساد ببعضهم لهدمت متعبدات كل فريق من
أهل دينه وطاعته فى كل زمان فبدأ بذكر الصوامع والبيع لأن صلوات من تقدم من أنبياء
بنى إسرائيل وأصحابهم كانت فيها قبل نزول القرآن ، وأخرت المساجد لأنها حدثت بعدهم».
وقال ابن زيد : «الصلوات
صلوات أهل الإسلام تنقطع إذا دخل عليهم العدو». قال الأخفش : «وعلى هذا القول
الصلوات لا تهدم ، ولكن تحل محل فعل آخر ، كأنه قال : تركت صلوات».
وقال أبو عبيدة :
إنما يعنى مواضع الصلوات.
وقال الحسن : «يدفع
عن مصليات أهل الذمة بالمؤمنين» وعلى هذا القول لا يحتاج إلى التقدير الّذي قدره
أصحاب القول الأول ، وهذا ظاهر اللفظ ولا إشكال فيه بوجه : فإن الآية دلت على الواقع
، لم تدل على كون هذه الأمكنة ـ غير المساجد ـ محبوبة مرضية له ، لكنه أخبر أنه لو
لا دفعه الناس بعضهم ببعض لهدمت هذه الأمكنة التى كانت محبوبة له قبل الإسلام وأقر
منها ما أقر بعده وإن كانت مسخوطة له كما أقر أهل الذمة وإن كان يبغضهم ويمقتهم ،
ويدفع عنهم بالمسلمين مع بغضه لهم. وهكذا يدفع عن مواضع متعبداتهم التى أقروا
عليها شرعا وقدرا فهو يحب الدفع عنها وإن كان يبغضها كما يحب الدفع عن أربابها وإن
كان يبغضهم.
__________________
وهذا القول هو
الراجح إن شاء الله تعالى وهو مذهب ابن عباس فى الآية ....
والبلاد التى تفرق
فيها أهل الذمة والعهد ثلاثة أقسام :
أحدها : بلاد
أنشأها المسلمون فى الإسلام.
الثانى : بلاد
أنشئت قبل الإسلام فافتتحها المسلمون عنوة وملكوا أرضها وساكنيها.
الثالث : بلاد
أنشئت قبل الإسلام وفتحها المسلمون صلحا.
فأما القسم الأول :
فهو مثل البصرة والكوفة وواسط وبغداد والقاهرة ... فهذه البلاد صافية للإمام إن
أراد الإمام أن يقر أهل الذمة فيها ببذل الجزية جاز فلو أقرهم الإمام على أن
يحدثوا فيها بيعة أو كنيسة أو يظهروا فيها خمرا أو خنزيرا أو ناقوسا لم يجز وإن
شرط ذلك وعقد عليه الذمة كان العقد والشرط فاسدا ، وهو اتفاق من الأمة لا يعلم
بينهم فيه نزاع ثم ذكر ـ أى ابن القيم ـ بعض الروايات المتقدمة عن أحمد
وكذا بعض النصوص الدالة على هذا ثم قال : وهذا الّذي جاءت به النصوص والآثار هو
مقتضى أصول الشرع وقواعده : فإن إحداث هذه الأمور إحداث شعار الكفر ....
(وأما) الأمصار
التى أنشأها المشركون ومصروها ثم فتحها المسلمون عنوة وقهرا بالسيف ، فهذه لا يجوز
أن يحدث فيها شيء من البيع والكنائس وأما ما كان فيها من ذلك قبل الفتح فهل يجوز إبقاؤه أو يجب
هدمه فيه قولان فى مذهب أحمد ، وهما وجهان لأصحاب الشافعى وغيره :
أحدهما : يجب
إزالته وتحرم تبقيته لأن البلاد قد صارت ملكا
__________________
للمسلمين ... وهذا
هو القول الصحيح.
والقول الثانى :
يجوز بقاؤها ، لقول ابن عباس رضى الله عنه : «أيما مصر مصرته العجم ففتحه الله على
العرب فنزلوه فإن للعجم ما فى عهدهم» ، ولأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتح خيبر عنوة وأقرهم على معابدهم فيها ، ولم يهدمها ولأن
الصحابة رضى الله عنهم فتحوا كثيرا من البلاد عنوة فلم يهدموا شيئا من الكنائس
التى بها ويشهد لصحة هذا وجود الكنائس والبيع فى البلاد التى فتحت عنوة ، ومعلوم
قطعا أنها ما أحدثت بل كانت موجودة قبل الفتح وقد كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله
أن : لا تهدموا كنيسة ولا بيعة ولا بيت نار» ولا يناقض هذا ما حكاه الإمام أحمد أنه أمر بهدم الكنائس
فإنها التى أحدثت فى بلاد الإسلام ، ولأن الإجماع قد حصل على ذلك فإنها موجودة فى
بلاد المسلمين من غير نكير.
وفصل الخطاب أن
يقال : إن الإمام يفعل فى ذلك ما هو الأصلح للمسلمين ، فإن كان أخذها منهم أو
إزالتها هو المصلحة ـ لكثرة الكنائس أو حاجة المسلمين إلى بعضها وقلة أهل الذمة ـ فله
أخذها أو إزالتها بحسب المصلحة. وإن كان تركها أصلح ـ لكثرتهم وحاجتهم إليها وغنى
المسلمين عنها ـ تركها ، وهذا الترك تمكين لهم من الانتفاع بها لا تمليك لهم
رقابها ، فإنها قد صارت ملكا للمسلمين ، فكيف يجوز أن يجعلها ملكا للكفار ، وإنما
هو امتناع بحسب المصلحة فللإمام انتزاعها متى رأى المصلحة فى ذلك ... فبهذا
التفصيل تجتمع الأدلة وهو اختيار شيخنا ـ يعنى ابن تيمية ـ وعليه يدل فعل الخلفاء
الراشدين ومن بعدهم ، وعمر بن عبد العزيز هدم منها ما رأى المصلحة فى هدمه وأقر ما
رأى المصلحة فى إقراره ، وقد أفتى الإمام أحمد المتوكل بهدم كنائس السواد وهى أرض
العنوة.
الضرب الثالث : ما
فتح صلحا ، وهذا نوعان :
أحدهما : أن
يصالحهم على أن الأرض لهم ، ولنا الخراج عليها ، أو يصالحهم على مال يبذلونه وهى
الهدنة. فلا يمنعون من إحداث ما يختارونه فيها ،
__________________
لأن الدار لهم كما
صالح رسول الله صلىاللهعليهوسلم أهل نجران ، ولم يشترط عليهم ألا يحدثوا كنيسة ولا ديرا.
النوع الثانى : أن
يصالحهم على أن الدار للمسلمين ، ويؤدون الجزية إلينا فالحكم فى البيع والكنائس
على ما يقع عليه الصلح معهم من تبقية وإحداث وعمارة ، لأنه إذا جاز أن يقع الصلح
معهم على أن الكل لهم جاز أن يصالحوا على أن يكون بعض البلد لهم. والواجب عند القدرة
أن يصالحوا على ما صالحهم عليه عمر رضى الله عنه ويشترط عليهم الشروط المكتوبة فى
كتاب عبد الرحمن ابن غنم : «ألا يحدثوا بيعة ولا صومعة راهب ولا قلاية» فلو وقع
الصلح مطلقا من غير شرط حمل على ما وقع عليه صلح عمر وأخذوا بشروطه لأنها صارت
كالشرع ، فيحمل مطلق صلح الأئمة بعده عليها ... .
وقد اختلفت
الرواية عن أحمد فى بناء المستهدم ورم الشعث فعنه المنع فيهما ونصر هذه الرواية
القاضى فى خلافة وعنه الجواز فيهما وعنه يجوز رم شعثها دون بنائها ... اه
قلت : وقد تقدم فى
رواية عبد الله التى نقلتها من مسائله قول أحمد : «وما انهدم فلهم أن يبنوها».
ورواها الخلال عن عبد الله وفيها : «وما انهدم فليس لهم أن يبنوها».
يقول ابن القيم :
قال القاضى فى تعليقه : (مسألة فى البيع والكنائس التى يجوز إقرارها على ما هى
عليه) : إذا انهدم منها شيء أو تشعث فأرادوا عمارته فليس لهم ذلك ـ فى إحدى
الروايات ـ نقلها عبد الله قال : ورأيت بخط أبى حفص البرمكي فى رسالة أحمد إلى
المتوكل فى هدم البيع رواية عبد الله بن أحمد عن أبيه ـ وذكر فيها كلاما طويلا ـ إلى
أن قال : وما انهدم فلهم أن يبنوها قال : وهذا يقتضي اختلاف اللفظ عن عبد الله
ويغلب فى ظنى أن ما ذكره أبو بكر أضبط ـ يعنى الخلال ـ فإنه قال : أخبرنى عبد الله
قال : قال أبى : وما انهدم فليس لهم أن يبنوها ... واختار الخلال منع البناء وجواز
رم
__________________
الشعث .
واختلف أصحاب
الشافعى فى ذلك فقال أبو سعيد الإصطخرى : يمنعون من ذلك ... وأبى ذلك سائر أصحاب
الشافعى وقالوا : نحن قد أقررناهم على البيع فلو منعناهم من رقع ما استرم منه
وإعادة ما انهدم كان بمنزلة القلع والإزالة. إذ لا فرق بين أن يزيلها وبين أن
يقرها عليهم ثم يمنعهم من عمارتها.
واختلف المالكية
على قولين أيضا ... قال المجوزون ، وهم أصحاب أبى حنيفة والشافعى وكثير من أصحاب
مالك وبعض أصحاب أحمد : لما أقررناهم عليها تضمن إقرارنا لهم جواز رمها وإصلاحها
وتجديد ما خرب منها ، وإلا بطلت رأسا ، لأن البناء لا يبقى أبدا ، فلو لم يجز
تمكينهم من ذلك لم يجز إقرارها.
قال المانعون :
نحن نقرهم فيها مدة بقائها كما نقر المستأمن مدة أمانه ، وسر المسألة : أنا
أقررناهم اتباعا لا تمليكا ، فإنا ملكنا رقبتها بالفتح وليست ملكا لهم.
واختار صاحب
المغنى : جواز رم الشعث ومنع بنائها إذا استهدمت قال : لأن فى كتاب أهل الجزيرة
لعياض بن غنم «ولا نجدد ما خرب من كنائسنا». قال : ولأن هذا بناء كنيسة فى الإسلام
، فلم يجز ، كما لو ابتدئ بناؤها وفارق رم ما شعث منها ، فإنه إبقاء واستدامة وهذا
إحداث قال : وقد حمل الخلال قول أحمد : «لهم أن يبنوا ما انهدم منها» أى إذا انهدم
بعضها «ومنعه من بناء ما انهدم» على ما إذا انهدمت كلها فجمع بين الروايتين . اه
وبعد هذا التفصيل
فى أحكام كنائسهم وبيعهم نتكلم الآن عن بعض شعائرهم ونخص بالحديث الضرب بالناقوس
وإظهار الصليب.
يقول ابن القيم :
لما كان الضرب بالناقوس هو شعار الكفر وعلمه الظاهر اشترط عليهم تركه وقد تقدم قول
ابن عباس «أيما مصر مصرته العرب فليس
__________________
للعجم أن يبنوا
فيه بيعة ، ولا يضربوا فيه ناقوسا» ....
وقال فى النهاية :
وإذا أبقيناهم على كنيستهم فالمذهب أنا نمنعهم من صوت النواقيس : فإن هذا بمثابة
إظهار الخمور والخنازير وأبعد بعض الأصحاب فى تجويز تمكينهم من صوت النواقيس فإنها
من أحكام الكنيسة وقال : وهذا غلط لا يعتد به. اه
وأما قولهم فى
كتاب الشروط : ولا نضرب بالناقوس إلا ضربا خفيا فى جوف كنائسنا «فهذا وجوده كعدمه
إذ الناقوس يعلق فى أعلى الكنيسة كالمنارة ويضرب به فيسمع صوته من بعد فإذا اشترط
عليهم أن يكون الضرب به خفيا فى جوف الكنيسة لم يسمع له صوت ، فلا يعتد به ، فلذلك
عطلوه بالكلية إذ لم يحصل به مقصودهم وكان هذا الاشتراط داعيا لهم إلى تركه وقد
أبطل الله سبحانه بالأذان ناقوس النصارى وبوق اليهود فإنه دعوة إلى الله سبحانه
وتوحيده وعبوديته ورفع الصوت به إعلاء لكلمة الإسلام وإظهار لدعوة الحق وإخماد
لدعوة الكفر ، فعوض عباده المؤمنين بالأذان عن الناقوس والطنبور ... ولما كان
الصليب من شعائر الكفر الظاهرة كانوا ممنوعين من إظهاره ... وإظهار الصليب بمنزلة
إظهار الأصنام : فإنه معبود النصارى كما أن الأصنام معبود أربابها ومن أجل هذا
يسمعون عباد الصليب ولا يمكنون من التصليب على أبواب كنائسهم وظواهر حيطانها ولا
يتعرض لهم إذا نقشوا ذلك داخلها .
__________________
قول الإمام أحمد فى : أهل الذمة هل لهم أن يظهروا الخمر
فى مدائن المسلمين أو يبيعوه
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٨٩٢ ـ سألت أبى هل
ترى لأهل الذمة أن يدخلوا الخمر فى مدائن المسلمين ظاهرا؟ فقال : ليس لهم أن
يظهروا بيع الخمر ولا يدخلوه إلا أن يكون فى صلحهم.
٨٩٣ ـ سمعت أبى
يقول : ليس لليهود ولا للنصارى أن يحدثوا فى مصر مصره المسلمون بيعة ولا كنيسة ولا
يضربوا بناقوس إلا ما كان لهم صلح وليس لهم أن يظهروا الخمر فى أمصار المسلمين على
حديث ابن عباس : «أيما مصر مصره المسلمون» .
قال أبو بكر
الخلال :
٨٩٤ ـ أخبرنا أحمد
بن محمد بن حازم قال : حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبى عبد الله : اليهودى
والنصرانى والمجوسى يتخذون الخمر؟ قال : أما شيء يظهرونه فلا.
٨٩٥ ـ كتب إلى
يوسف بن عبد الله الإسكافى قال : حدثنا الحسن ابن على أنه سأل أبا عبد الله عن
الخمر يجيزونه الطريق مع أهل الذمة قال : إذا أمكنك فأهرقه.
٨٩٦ ـ أخبرنا محمد
بن على قال : حدثنا مهنا قال : سألت أحمد هل ترى أن يفسد على أهل الذمة شرابهم
يطرح عليه شيء حتى يفسد؟ قال : أنا أرى أن يهراق فكيف لا أرى أن يفسده.
__________________
٨٩٧ ـ أخبرنا أحمد
بن محمد بن مطر وزكريا بن يحيى قال : حدثنا أبو طالب قال : سمعت أبا عبد الله يقول
: رحم الله عمر بن عبد العزيز غير أشياء فى قلة ما ولى أمر أن تكسر المعاصر .
التعليق :
ليس لأهل الذمة أن
يظهروا الخمر فى مدائن المسلمين ، ومما كان يشترط عليهم ألا يظهروا خمرا ولا
يبيعوه ظاهرا وكذلك ليس لهم نقله من موضع إلى موضع فى بلاد الإسلام.
فإذا أظهروا
فللمسلم إفسادها أو كسر آنيتها ولا شيء عليه ، وقد روى عن عمر بن الخطاب وعلى بن أبى طالب وعمر بن عبد
العزيز نحو ما ذكره أحمد من كسر أوانى الخمر وإتلافها إذا أظهرت .
فإذا كان إظهار
الخمور والصلبان ممنوعا على أهل الذمة فكيف بما يشاهد الآن من إظهار هذه المنكرات
من غير أهل الذمة فى بلاد المسلمين ولا تجد من ينكر ذلك. فالله المستعان.
__________________
مسائل الفرق
قول الإمام أحمد
فى الخوارج ص : ٣٥٢.
قول الإمام أحمد
فى الرافضة ص : ٣٥٧.
قول الإمام أحمد
فى حكم من شتم رجلا من الصحابة رضوان الله عليهم ص : ٣٦٣.
قول الإمام أحمد
فى المرجئة ص : ٣٦٩.
قول الإمام أحمد
فى المعتزلة ص : ٣٧٢.
قول الإمام أحمد
فى الجهمية ص : ٣٧٥.
ما أثر عن الإمام
أحمد فى التحذير من أصحاب الكلام والجدل والحث على التمسك بالسنة ص : ٣٩٨.
قول الإمام أحمد
فى حكم المبتدعة ص : ٤١٢.
قول الإمام أحمد
فى الصلاة خلف الفساق ص : ٤١٥.
قول الإمام أحمد فى : الخوارج
قال أبو بكر
الخلال :
٨٩٨ ـ أخبرنى محمد
بن على قال : حدثنا الأثرم قال : حدثنا أبو عبد الله بحديث ذكر فيه الصفرية فقال :
الصفرية الخوارج.
٨٩٩ ـ أخبرنى حرب
بن إسماعيل الكرمانى أن أبا عبد الله قال : الخوارج قوم سوء لا أعلم فى الأرض قوما
شرا منهم وقال : صح الحديث فيهم عن النبي صلىاللهعليهوسلم ومن عشرة وجوه .
٩٠٠ ـ وأخبرنى
يوسف بن موسى أن أبا عبد الله قيل له : أكفر الخوارج؟ قال : هم مارقة قيل : أكفار هم؟ قال : هم مارقة ، مرقوا من الدين.
__________________
٩٠١ ـ وأخبرنا
أحمد بن محمد بن حازم أن إسحاق بن منصور حدثهم أنه قال لأبى عبد الله : الحرورية ما ترى فيهم؟ قال : إذا دعوا إلى ما هم عليه إلى دينهم
فقاتلهم وإذا طلبوا مالك فقاتلهم وأما إذا قالوا : نكون ولاتكم فلا تقاتلوا.
قال إسحاق بن
منصور : قال إسحاق بن راهويه : كما قال .
وقال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٩٠٢ ـ سئل عن
الحرورية والمارقة يكفرون وترى قتالهم؟ فقال : اعفني من هذا وقل كما جاء فيهم فى
الحديث .
وفى كتاب السنة له
ورسالة الإصطخرى عنه قال :
٩٠٣ ـ وأما
الخوارج فمرقوا من الدين وفارقوا الملة وشذوا عن الإسلام (وشذوا عن الجماعة فضلوا
عن السبيل والهدى وخرجوا على السلطان) وكفروا من خالفهم إلا من قال بقولهم (وكان على مثل قولهم
ورأيهم) وثبت معهم فى دار ضلالتهم.
(وهم يشتمون أصحاب
محمد صلىاللهعليهوسلم وأصهاره وأختانه ويتبرءون منهم ويرمونهم بالكفر والعظائم
ويرون خلافهم فى شرائع الإسلام) ولا يؤمنون بعذاب القبر ولا يرون الحوض والشفاعة ولا خروج
أحد من النار ، ويقولون من كذب كذبة أو أتى صغيرة أو كبيرة من الذنوب ثم مات من
غير توبة فهو فى النار خالدا مخلدا أبدا .
__________________
وهم يرون تأخير
الصلاة عن وقتها ويرون الصوم قبل رؤية الهلال والفطر قبل رؤيته ، وهم يرون النكاح
من غير ولى ولا سلطان ... ويرون الدرهم بالدرهمين يدا بيد حلالا ولا يرون الصلاة
فى الخفاف والمسح عليها ولا يرون لقريش عليهم خلافة ، وأشياء كثيرة يخالفون عليها
الإسلام وأهله وكفى بقوم ضلالة أن يكون هذا رأيهم ومذهبهم ودينهم .
ومن أسماء الخوارج
الحرورية وهم أصحاب حروراء ، والأزارقة : وهم أصحاب نافع بن الأزرق (وقولهم
أخبث الأقوال وأبعده من الإسلام والسنة) .
والنجدية : وهم
أصحاب نجدة بن عامر (الحرورى) .
__________________
والإباضية : وهم
أصحاب عبد الله بن إباض ، (والمهلبية والحارثية) .
__________________
__________________
قول الإمام أحمد فى الرافضة
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٩٠٤ ـ سألت أبى من
الرافضة؟ فقال : الذين يشتمون أو يسبون أبا بكر وعمر.
وقال إسحاق الكوسج
:
٩٠٥ ـ سئل أحمد عن
أبى بكر وعمر فقال : ترحم عليهما وتبرأ ممن يبغضهما.
قال إسحاق بن
راهويه : كما قال .
وقال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٩٠٦ ـ سئل عن
الّذي يشتم معاوية أيصلى خلفه؟ قال : لا يصلى خلفه ولا كرامة .
قال أبو بكر
الخلال :
٩٠٧ ـ أخبرنا أحمد
بن حمدويه الهمذانى قال : حدثنا محمد بن أبى عبد الله قال : حدثنا أحمد بن أبى عبدة أن أبا عبد الله قيل له فى رجل يقولون
__________________
إنه يقدم عليا على
أبى بكر وعمر رحمهماالله فأنكر ذلك وعظمه وقال : أخشى أن يكون رافضيا.
٩٠٨ ـ أخبرنى محمد
بن يحيى الكحال أن أبا عبد الله قال : الرافضى الّذي يشتم.
٩٠٩ ـ أخبرنا أبو
بكر المروزي قال : سألت أبا عبد الله عن من يشتم أبا بكر وعمر وعائشة قال : ما
أراه على الإسلام قال : وسمعت أبا عبد الله يقول : قال مالك : الّذي يشتم أصحاب
النبي صلىاللهعليهوسلم ليس لهم سهم أو قال : نصيب فى الإسلام.
٩١٠ ـ وأخبرنى عبد
الملك بن عبد الحميد قال : سمعت أبا عبد الله قال : من شتم أخاف عليه الكفر مثل
الروافض ثم قال : من شتم أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم لا نأمن أن يكون قد مرق عن الدين.
٩١١ ـ أخبرنا
زكريا بن يحيى قال : حدثنا أبو طالب أنه قال لأبى عبد الله : الرجل يشتم عثمان
فأخبرونى أن رجلا تكلم فيه فقال : هذه زندقة .
قال ابن الجوزى :
٩١٢ ـ أخبرنا عبد
الرحمن بن محمد القزاز قال : أنا عبد العزيز ابن على الحربى ، قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن المخلص قال : حدثنا عبد الله ابن محمد بن زياد قال : سمعت عبد الملك بن عبد الحميد الميمونى ، يقول :
__________________
قال أحمد بن حنبل
: يا أبا الحسن إذا رأيت رجلا يذكر أحدا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بسوء فاتهمه على الإسلام .
قال ابن أبى يعلى
فى ترجمة : شاهين بن السميذع أبى سلمة العبدى : نقل عن إمامنا أشياء :
٩١٣ ـ منها : ما
قرأته بخط أبى حفص البرمكي قال : قرأت على ابن مردك حدثك على بن سعيد الخفاف ، حدثنا شاهين بن السميذع قال : سألت أبا عبد الله قلت :
أصلي خلف الجهمى؟ قال : لا تصل خلف الجهمى ، ولا خلف الرافضى .
وقال فى ترجمة :
سعيد بن أبى سعيد ، أبى نصر الأرطائى. نقل عن إمامنا أشياء :
٩١٤ ـ منها : قال
عبد الرحمن بن أبى حاتم : حدثنا سعيد بن أبى سعيد أبو نصر الأرطائى قال : سمعت
أحمد بن حنبل ، وسئل عن الصلاة خلف المبتدعة فقال : أما الجهمية ، فلا ، وأما
الرافضة الذين يردون الحديث فلا .
وفى رسالته إلى
مسدد بن مسرهد قال :
٩١٥ ـ وأما
الرافضة : فقد أجمع من أدركنا من أهل العلم أنهم قالوا : إن عليا بن أبى طالب أفضل
من أبى بكر الصديق ، وإن إسلام على كان أقدم من إسلام أبى بكر ، فمن زعم أن عليا
بن أبى طالب أفضل من أبى بكر فقد
__________________
رد الكتاب والسنة
لقول الله عزوجل : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ
اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ) فقدم الله أبا بكر بعد النبي صلىاللهعليهوسلم : وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لو كنت متخذا لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن الله قد اتخذ
صاحبكم خليلا ولا نبى بعدى».
فمن زعم أن إسلام
على أقدم من إسلام أبى بكر فقد كذب لأن أول من أسلم عبد الله بن عثمان بن عتيق بن
أبى قحافة وهو يومئذ ابن خمس وثلاثين سنة وعلى ابن سبع سنين لم تجر عليه الأحكام
والفرائض والحدود .
وفى كتاب السنة له
ورسالة الإصطخرى عنه قال :
٩١٦ ـ ...
والمنصورية وهم رافضة أخبث الروافض ... والسبئية : وهم رافضة ... وصنف منهم يقولون : على يبعث قبل يوم
القيامة وهذا كذب
__________________
وزور وبهتان.
وأما الرافضة :
فإنهم يسمون أهل السنة : ناصبة. (وكذبت الرافضة بل هم أولى بهذا لانتصابهم لأصحاب
رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالسب والشتم وقالوا فيهم بغير الحق ونسبوهم إلى غير العدل
كفرا وظلما وجرأة على الله عزوجل واستخفافا بحق الرسول صلىاللهعليهوسلم وهم أولى بالتعبير والانتقام منهم ، وهم فيما يزعمون
ينتحلون حب آل محمد صلىاللهعليهوسلم وكذبوا بل هم المبغضون لآل محمد صلىاللهعليهوسلم دون الناس إنما الشيعة لآل محمد المتقون أهل السنة والأثر
من كانوا وحيث كانوا الذين يحبون آل محمد صلىاللهعليهوسلم وجميع أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم ولا يذكرون أحدا منهم بسوء ولا عيب ولا منقصة فمن ذكر أحدا
من أصحاب محمد عليهالسلام بسوء أو طعن عليهم أو تبرأ من أحد منهم أو سبهم أو عرض
بعيبهم فهو رافضى خبيث مخبث) .
التعليق :
الشيعة بدأ أمرهم
فى آخر خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه. إذ ادعوا محبة آل البيت وغلوا فى ذلك
وكفروا كثيرا من الصحابة ، وهم فرق كثيرة على درجات متفاوتة تجمعهم أمور عدة سبق
ذكر بعضها عند الكلام عن الخلافة والتفضيل أما إطلاق اسم الرافضة
عليهم فقد جاء متأخرا إذ كانوا يلقبون بالخشبية وسبب تسميتهم بالرافضة أنهم طلبوا
من زيد بن على بن الحسن بن على بن أبى طالب أن يتبرأ من أبى بكر وعمر رضى الله
عنهما حتى يكونوا معه فأبى ذلك وقال : بل أتولاهما وأتبرأ ممن تبرأ منهما فرفضوه
فسموا بذلك.
__________________
وقيل : سموا بذلك
لرفضهم إمامة الشيخين ، وهو قريب ، والبعض منهم يحاول التمويه ويقول : سموا بذلك
لرفضهم الباطل ، والحق : أنهم رفضوا الحق وقبلوا الباطل.
أما مذاهبهم فى
أصول الدين فهم ـ فى باب الصفات مثلا ـ : بعضهم مشبهة وبعضهم معطلة .
وأما القرآن فهم
يرون أنه مخلوق ولهم أكاذيب شنيعة فى شأن القرآن الكريم الّذي قال الله عزوجل عنه : (إِنَّا نَحْنُ
نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) .
فادعوا أن بعض
الصحابة حرفوه وهذا بهتان من الروافض عظيم كما أنهم عمدوا إلى بعض الآيات محاولين
تسييرها وفق أفكارهم ومعتقداتهم الباطلة ، وفى هذا تحريف صارخ لمعانى القرآن
الكريم.
وخلاصة القول : إن
كثيرا من معتقداتهم لا تمت إلى الإسلام بصلة بل فيها خروج فاضح عليه وإن ادعوا
تمسكهم به.
__________________
قول الإمام أحمد فى : حكم من شتم رجلا من الصحابة
رضوان الله عليهم أجمعين
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٩١٧ ـ سألته عن من
شتم رجلا من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم. فقال أبى : أرى أن يضرب. فقلت له : حد ، فلم يقف على الحد إلا أنه قال : يضرب. وقال : ما أراه
إلا على الإسلام.
سمعت أبى يقول :
لا يضرب أكثر من عشرة إلا فى حد .
اختلف النقل عن
الإمام أحمد فمنهم من ينقل : ما أراه على الإسلام ومنهم من ينقل: ما أراه إلا على
الإسلام . وهذه الرواية أخرجها ابن الجوزى كما هنا وفى أخرى عنده :
٩١٨ ـ وما أراه
على الإسلام وهذا اللفظ ـ أى الأخير عند ابن شكر وابن تيمية ـ من رواية
عبد الله .
٩١٩ ـ وروى الخلال
عن أبى بكر المروزي قال : سألت أبا عبد الله عن من يشتم أبا بكر وعمر وعائشة قال :
ما أراه على الإسلام قال : وسمعت أبا عبد الله يقول : قال مالك : الذين يشتمون
أصحاب رسول الله صلى الله عليه
__________________
وسلم ليس لهم سهم
أو قال : نصيب فى الإسلام .
٩٢٠ ـ وفى رواية
الميمونى قال : إذا رأيت أحدا يذكر أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بسوء فاتهمه على الإسلام .
٩٢١ ـ وفى كتاب
السنة له ورسالة الإصطخرى عنه قال :
... ثم أصحاب محمد
صلىاللهعليهوسلم لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم ولا يطعن على أحد
منهم ، فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ، ليس له أن يعفو عنه ، بل
يعاقبه ثم يستتيبه فإن تاب قبل منه وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة وجلده فى المجلس
حتى يتوب ويراجع .
التعليق :
هذه المسألة بحثها
شيخ الإسلام ابن تيمية ومما قاله : فأما من سب أحدا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ من أهل بيته وغيرهم ـ قال أبو طالب : سألت أحمد عن من
شتم أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم قال : القتل أجبن عنه ولكن أضربه ضربا نكالا ـ ثم ذكر
رواية عبد الله والميمونى والإصطخرى ثم قال :
وحكى الإمام أحمد
هذا عمن أدركه من أهل العلم وحكاه الكرمانى عنه وعن إسحاق والحميدى وسعيد بن منصور
وغيرهم ، فقد نص (أحمد) على وجوب تعزيره واستتابته حتى يرجع بالجلد وإن لم ينته
حبس ... وقال : ما أراه على الإسلام وقال : واتهمه على الإسلام وقال : أجبن عن
قتله.
وقال إسحاق بن
راهويه : من شتم أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم
__________________
يعاقب ويحبس.
... وهو المشهور
من مذهب مالك ، قال مالك : من شتم النبي صلىاللهعليهوسلم قتل ومن سب أصحابه أدب ....
وقال ابن المنذر :
لا أعلم أحدا يوجب قتل من سب من بعد النبي صلىاللهعليهوسلم.
وقال القاضى أبو
يعلى : الّذي عليه الفقهاء فى سب الصحابة إن كان مستحلا لذلك كفر ، وإن لم يكن
مستحلا فسق ولم يكفر سواء كفرهم أو طعن فى دينهم مع إسلامهم ...
قال أحمد فى رواية
أبى طالب فى الرجل يشتم عثمان : هذا زندقة ، وقال فى رواية المروزي : من شتم أبا
بكر وعمر وعائشة ما أراه على الإسلام.
قال القاضى أبو
يعلى : فقد أطلق القول فيه أنه يكفر بسبه لأحد من الصحابة وتوقف فى رواية عبد الله
وأبى طالب عن قتله وكمال الحد ، وإيجاب التعزير يقتضي أنه لم يحكم بكفره.
قال : فيحتمل أن
يحمل قوله «ما أراه على الإسلام» إذا استحل سبهم بأنه يكفر بلا خلاف ويحمل إسقاط
القتل على من لم يستحل ذلك بل فعله مع اعتقاده لتحريمه كمن يأتى المعاصى ، قال :
ويحتمل قوله : «ما أراه على الإسلام» على سب يطعن فى عدالتهم ....
ويحتمل أن يحمل
كلامه على ظاهره فتكون فى سابهم روايتان :
إحداهما : يكفر ،
والثانية : يفسق.
وعلى هذا استقر
قول القاضى وغيره ، حكوا فى تكفيرهم روايتين.
ونحن نرتب الكلام
فى فصلين :
أحدهما : فى سبهم
مطلقا ، والثانى فى تفصيل أحكام الساب.
أما الأول : فسب
أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم حرام بالكتاب
والسنة ، أما
الأول : فلأن الله سبحانه يقول : (وَلا يَغْتَبْ
بَعْضُكُمْ بَعْضاً) وأدنى أحوال الساب لهم أن يكون مغتابا ، وقال تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) وقال تعالى : (وَالَّذِينَ
يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ
احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) وهم صدور المؤمنين فإنهم هم المواجهون بالخطاب ، فى قوله
تعالى : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا) حيث ذكرت ، ولم يكتسبوا ما يوجب أذاهم ، لأن الله سبحانه
رضى عنهم مطلقا بقوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ
الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ
بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) ، فرضى عن السابقين من غير اشتراط إحسان ولم يرض عن
التابعين إلا أن يتبعوهم بإحسان ... وقال سبحانه وتعالى : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ
يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا
بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا
إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) ... فعلم أن الاستغفار لهم وطهارة القلب من الغل لهم أمر
يحبه الله ويرضاه ويثنى على فاعله كما أنه قد أمر بذلك رسوله فى قوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا
اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) وقال تعالى : (فَاعْفُ عَنْهُمْ
وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) ومحبة الشيء كراهة لضده ، فيكون الله يكره السب لهم الّذي
هو ضد الاستغفار والبغض لهم الّذي هو ضد الطهارة ، وهذا معنى قول عائشة رضى الله
عنها : «أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد فسبوهم». رواه مسلم .
__________________
وعن مجاهد عن ابن
عباس قال : «لا تسبوا أصحاب محمد فإن الله قد أمر بالاستغفار لهم ، وقد علم أنهم
سيقتتلون» رواه أحمد.
وأما فى السنة ففى
الصحيحين ... عن أبى سعيد رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تسبوا أصحابى فو الّذي نفسى بيده لو أن أحدكم أنفق
مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه».
وبعد ذكره لعدة
أحاديث قال :
ثم من قال : لا
أقتل بشتم غير النبي صلىاللهعليهوسلم ، فإنه يستدل بقصة أبى بكر ، وهو أن رجلا أغلظ له ، وفى
رواية شتمه ، فقال له أبو برزة : أقتله ، فانتهره وقال : ليس هذا لأحد بعد النبي صلىاللهعليهوسلم ....
ولأن الله تعالى
ميز بين مؤذى الله ورسوله ومؤذى المؤمنين فجعل الأول ملعونا فى الدنيا والآخرة
وقال فى الثانى : (فَقَدِ احْتَمَلَ
بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) . ومطلق البهتان والإثم ليس بموجب للقتل ، وإنما هو موجب
للعقوبة فى الجملة ، فتكون عليه عقوبة مطلقة ، ولا يلزم من العقوبة جواز القتل ...
ومطلق السبب لغير الأنبياء لا يستلزم الكفر لأن بعض من كان على عهد النبي عليه
الصلاة والسلام كان ربما سب بعضهم بعضا ولم يكفر أحد بذلك ....
وأما من قال : «يقتل
الساب» أو قال : «يكفر» فلهم دلالات احتجوا بها. منها : قوله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ
مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ
__________________
بَيْنَهُمْ) إلى قوله تعالى : (لِيَغِيظَ بِهِمُ
الْكُفَّارَ) فلا بد أن يغيظ بهم الكفار ، وإذا كان الكفار يغاظون بهم ،
فمن غيظ بهم فقد شارك الكفار فيما أذلهم الله به وأخزاهم وكبتهم على كفرهم ، ولا
يشارك الكفار فى غيظهم الّذي كبتوا به جزاء لكفرهم ، لأن المؤمن لا يكبت جزاء
للكفر ، بوضح ذلك أن قوله تعالى : (لِيَغِيظَ بِهِمُ
الْكُفَّارَ) تعليق للحكم بوصف مشتق مناسب ، لأن الكفر مناسب لأن يغاظ
صاحبه فإذا كان هو الموجب لأن يغيظ الله صاحبه بأصحاب محمد ، فمن غاظه الله بأصحاب
محمد فقد وجد فى حقه موجب ذاك وهو الكفر.
قال عبد الله بن
إدريس الأودى الإمام : ما آمن أن يكونوا قد ضارعوا ـ يعنى الرافضة ـ لأن الله
تعالى يقول : (لِيَغِيظَ بِهِمُ
الْكُفَّارَ) ، وهذا معنى قول الإمام أحمد : ما أراه على الإسلام ...
قال شيخ الإسلام :
فصل فى تفصيل القول فيهم :
أما من اقترن بسبه
دعوى أن عليا إله ، أو أنه كان هو النبي وإنما غلط جبريل فى الرسالة ، فهذا لا شك
فى كفره ، بل لا شك فى كفر من توقف فى تكفيره.
وكذلك من زعم منهم
أن القرآن نقص منه آيات وكتمت أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة
ونحو ذلك وهؤلاء يسمون القرامطة والباطنية ، ومنهم التناسخية ، وهؤلاء لا خلاف فى
كفرهم.
وأما من سبهم سبا
لا يقدح فى عدالتهم ولا فى دينهم ـ مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن ، أو قلة العلم
، أو عدم الزهد ، ونحو ذلك ـ فهذا هو الّذي يستحق التأديب والتعزير ، ولا نحكم
بكفره بمجرد ذلك ، وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم.
وأما من لعن وقبح
مطلقا فهذا محل الخلاف فيهم ، لتردد الأمر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد.
__________________
وأما من جاوز ذلك
إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا نفرا قليلا لا
يبلغون بضعة عشر نفسا ، أو أنهم فسقوا بعامتهم ، فهذا أيضا لا ريب فى كفره ، لأنه
مكذب لما نصه القرآن فى غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم ... فإن مضمون هذه
المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق ... وبالجملة فمن أصناف السابة من لا
ريب فى كفره ، ومنهم من لا يحكم بكفره ومنهم من تردد فيه .
قول الإمام أحمد فى : المرجئة
قال إسحاق الكوسج
:
٩٢٢ ـ قلت لأحمد :
فسر لى المرجئة؟ قال : الّذي يقول : الإيمان قول ، ومثله نقل حرب الكرمانى والمروزي وأحمد بن الحسين بن
حسان وأحمد بن أصرم .
وقال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٩٢٣ ـ سمعت أبى رحمهالله وسئل عن الإرجاء فقال : نحن نقول : الإيمان قول وعمل يزيد
وينقص إذا زنى وشرب الخمر نقص إيمانه .
قال أبو داود
السجستانى :
٩٢٤ ـ قلت لأحمد :
لنا أقارب بخراسان يرون الإرجاء فنكتب إلى خراسان نقرئهم السلام؟ قال : سبحان الله
لم لا نقرئهم.
٩٢٥ ـ قلت أحمد :
نكلمهم؟ قال : نعم إلا أن يكون داعيا ويخاصم فيه .
__________________
وقال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٩٢٦ ـ سألته عن من
قال : الإيمان قول ، يصلى خلفه؟ قال : إذا كان داعية إليه لا يصلى خلفه ، وإذا كان
لا علم لديه ، أرجو أن لا يكون به بأس.
٩٢٧ ـ قلت لأبى
عبد الله : أول من تكلم فى الإيمان من هو؟ قال : يقولون : أول من تكلم فيه ذر .
قال أبو بكر
الخلال :
٩٢٨ ـ وأخبرنى
موسى بن سهل قال : حدثنا محمد بن أحمد الأسدى قال : حدثنا إبراهيم بن يعقوب عن
إسماعيل بن سعيد قال : سألت أحمد هل تخاف أن يدخل الكفر من قال : الإيمان قول بلا
عمل؟ فقال : لا يكفرون بذلك.
٩٢٩ ـ وأخبرنا أبو
بكر المروزي قال : قيل لأبى عبد الله : المرجئة يقولون : الإيمان قول. فأدعو لهم؟
قال : ادعوا لهم بالصلاح .
٩٣٠ ـ أخبرنا أبو
بكر المروزي وسليمان بن الأشعث وأحمد بن أصرم المزنى وهذا لفظ سليمان قال : قلت
لأحمد : يصلى خلف المرجئ؟ قال : إذا كان داعية فلا تصل خلفه.
٩٣١ ـ وأخبرنى حرب
بن إسماعيل قال : سمعت أحمد يقول : لا يصلى خلف من زعم أن الإيمان قول إذا كان
داعية.
٩٣٢ ـ وأخبرنى
محمد بن موسى أن أبا الحارث حدثهم قال : قال أبو عبد الله : لا يصلى خلف مرجئ.
٩٣٣ ـ وأخبرنى أبو
بكر المروزي قال : سمعت أبا عبد الله يقول : المرجئ إذا كان يخاصم فلا يصلى خلفه.
__________________
٩٣٤ ـ أخبرنا أحمد
بن محمد بن حازم قال : حدثنا إسحاق بن منصور أنه قال لأبى عبد الله : المرجى إذا
كان داعيا؟ قال إي والله يجفى ويقصى.
٩٣٥ ـ أخبرنى محمد
بن أبى هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم أن أبا عبد الله قال : إذا كان
المرجئ داعية فلا تكلمه .
وفى كتاب السنة له
ورسالة الإصطخرى عنه قال :
٩٣٦ ـ المرجئة :
وهم الذين يزعمون أن الإيمان مجرد النطق باللسان وأن الناس لا يتفاضلون فى الإيمان
، وأن إيمانهم وإيمان الملائكة والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم واحد وأن
الإيمان لا يزيد ولا ينقص وأن الإيمان ليس فيه استثناء وأن من آمن بلسانه ولم يعمل
فهو مؤمن حقا.
هذا كله قول
المرجئة وهو أخبث الأقاويل. وقال فى موضع آخر :
فأما المرجئة
فيسمون أهل السنة شكاكا (وكذبت المرجئة بل هم بالشك أولى وبالتكذيب أشبه)
التعليق :
المرجئة : اشتقت
من الإرجاء وهو على معنيين : التأخير أو إعطاء الرجاء وكلاهما يصح إطلاقه على المرجئة فهم يؤخرون الأعمال عن
الإيمان ويغلو فى إثبات الوعد والرجاء ، والمرجئة كما يذكر أبو الحسن الأشعرى
اثنتا عشرة فرقة .
وشيخ الإسلام ابن
تيمية أرجعها إلى ثلاثة أصناف :
__________________
الأول : الذين
يقولون : الإيمان مجرد ما فى القلب ثم من هؤلاء من يدخل فيه أعمال القلوب وهم أكثر
فرق المرجئة ....
الثانى : من يقول
: هو مجرد قول اللسان وهذا لا يعرف لأحد قبل الكرامية.
الثالث : تصديق
القلب وقول اللسان وهذا هو المشهور عن أهل الفقه والعبادة منهم . اه
والإرجاء أول ما
ظهر لم يكن بهذا المفهوم وإنما كان المقصود منه إرجاء أمر ما حصل بين بعض الصحابة
رضوان الله عليهم. ويقال : إن أول من أظهره على هذا النحو : الحسن بن محمد بن
الحنفية ، ووضع كتابا فيه وروى عنه أنه ندم على ذلك.
وقد ذكر ابن حجر
مقطعا مما فى ذلك الكتاب ونحن نورده حتى يتضح لنا الإرجاء المنسوب إليه فمما يقوله
فى الكتاب : «ونوالى أبا بكر وعمر رضى الله عنهما ونجاهد فيهما لأنهما لم تقتتل
عليهما الأمة ولم تشك فى أمرهما ونرجئ من بعدهما ممن دخل فى الفتنة فنكل أمرهم إلى
الله» .
أما الإرجاء
بالمعنى المعروف الشائع فتشير بعض المصادر إلى أنه ظهر فى نهاية القرن الأول ،
وكان تشديد الخوارج فى مرتكب الكبيرة سببا رئيسيا فى ظهور الإرجاء فالخوارج
والمرجئة على طرفى نقيض.
قول الإمام أحمد فى : المعتزلة
قال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٩٣٧ ـ سمعت أبا
عبد الله يقول : كان عمرو بن عبيد رأس المعتزلة وأولهم فى الاعتزال وروى عنه الثورى وكان الربيع بن
__________________
صبيح معتزليا وكان خيرا من عمرو بن عبيد .
وقال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٩٣٨ ـ سألت أبى رحمهالله عن الصلاة خلف أهل البدع قال : لا تصل خلفهم مثل الجهمية والمعتزلة .
وفى كتاب السنة له
ورسالة الإصطخرى عنه قال :
٩٣٩ ـ والمعتزلة
هم الذين يقولون بقول القدرية ويكذبون بعذاب القبر (والشفاعة) والحوض ويزعمون أن أعمال العباد ليست فى اللوح المحفوظ .
التعليق :
الاعتزال بدأ فى
أوائل القرن الثانى ، وواضع أصوله واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد ـ المتقدم آنفا ـ من تلامذته ـ وسبب التسمية
أن واصلا هذا كان تلميذا للحسن البصرى وقد ظهرت فى تلك الفترة مقولة الخوارج فى
تكفير مرتكب الكبيرة ومقولة المرجئة المضادة لها فجاء رجل إلى الحسن البصرى ـ فى
حلقته ـ فقال : لقد ظهرت فى زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر وجماعة يرجئون أصحاب
الكبائر فلا تضر مع الإيمان عندهم كبيرة كما لا تنفع مع الكفر طاعة فكيف تحكم لنا
فى ذلك اعتقادا؟ فتفكر الحسن فى ذلك وقبل أن يجيب
__________________
قال واصل : أنا لا
أقول إن صاحب الكبيرة مؤمن مطلق ولا كافر مطلق بل هو فى منزلة بين المنزلتين لا
مؤمن ولا كافر ثم قام واعتزل إلى أسطوانة فى المسجد فقال الحسن : اعتزل عنا واصل.
وبطبيعة الحال اجتمع حوله من استحسن رأيه ، لذا كان قتادة يقول : أولئك المعتزلة ،
لجلوسهم معتزلين. هذا هو سبب التسمية كما يذكره أصحاب كتب الفرق وغيرهم.
هذا وقد بنوا
مذهبهم على الأصول الخمسة التى أسموها : العدل والتوحيد وإنفاذ الوعيد ، والمنزلة
بين المنزلتين ، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .
يقول شارح
الطحاوية :
فأما العدل :
فستروا تحته نفى القدر وقالوا إن الله لا يخلق الشر ولا يقضى به إذ لو خلقه ثم
يعذبهم عليه يكون جورا والله تعالى عادل لا يجور ، ويلزم على هذا الأصل الفاسد أن
الله تعالى يكون فى ملكه ما لا يريده ....
وأما التوحيد :
فستروا تحته القول بخلق القرآن.
قلت : وستروا تحته
أيضا نفى الصفات.
وأما الوعيد :
فقالوا : إذا أوعد بعض عبيده وعيدا فلا يجوز أن لا يعذبهم ويخلف وعيده ، لأنه لا
يخلف الميعاد فلا يعفو عمن يشاء ، ولا يغفر لمن يريد عندهم.
وأما المنزلة بين
المنزلتين : فعندهم أن من ارتكب كبيرة يخرج من الإيمان ولا يدخل فى الكفر.
وأما الأمر
بالمعروف : فهو أنهم قالوا : علينا أن نأمر غيرنا بما أمرنا وأن نلزمه بما يلزمنا
وذلك هو الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وضمنوه أنه يجوز الخروج على الأئمة
بالقتال إذا جاروا.
__________________
وعندهم أن التوحيد
والعدل من الأصول العقلية التى لا يعلم صحة السمع إلا بعدها اه
ومن المعلوم أن
هذه الفرقة تنبت الاتجاه العقلى ، والّذي يتتبع آراءهم فى المسائل العقدية يجد ذلك
واضحا جليا ، وقد تعرضت لكثير منها عند الكلام على بعض المسائل.
قول الإمام أحمد فى : الجهمية
قال أبو بكر
الخلال :
٩٤٠ ـ أخبرنى محمد
بن موسى ومحمد بن على أن حمدان بن على الوراق حدثهم قال : سألت أحمد وذكر عنده
المرجئة فقلت له : إنهم يقولون إذا عرف الرجل ربه بقلبه فهو مؤمن. فقال : المرجئة
لا تقول هذا بل الجهمية تقول بهذا .
وقال ابن الجوزى :
٩٤١ ـ أخبرنا هبة
الله بن الحسين الحاسب قال : أنا الحسن بن أحمد بن البنا قال : أنا أبو الفتوح بن أبى الفوارس قال : حدثنا أبو بكر أحمد
__________________
ابن جعفر بن سلم قال : حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن عيسى الجوهرى قال : حدثنا صالح بن أحمد قال : سمعت أبى يقول : افترقت
الجهمية على ثلاث فرق : فرقة قالوا : القرآن مخلوق ، وفرقة قالوا : كلام الله
وسكتوا ، وفرقة قالوا : لفظنا بالقرآن مخلوق .
وقال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٩٤٢ ـ وسمعته يقول
: الجهمية قوم سوء .
٩٤٣ ـ وسئل عن
الصلاة خلف الجهمية فقال : لا يصل ولا كرامة .
وقال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٩٤٤ ـ سألت أبى رحمهالله عن الصلاة خلف أهل البدع قال : لا تصل خلفهم مثل الجهمية
والمعتزلة .
٩٤٥ ـ سمعت أبى رحمهالله يقول : من قال ذلك القول لا يصلى خلفه الجمعة ولا غيرها
إلا أنا لا ندع إتيانها فإن صلى رجل أعاد الصلاة ، يعنى من قال : القرآن مخلوق .
__________________
وقال أبو داود
السجستانى :
٩٤٦ ـ قلت أيام
كان يصلى الجمع الجهمية قلت له : الجمعة؟ قال : أنا أعيد ومتى ما صليت خلف أحد ممن
يقول : القرآن مخلوق فأعد .
قلت : وتعرفه؟ قال
: نعم.
٩٤٧ ـ وروى ابن
الجوزى ـ بسنده ـ عن صالح عن أبيه قال : لا يصلى خلف من قال : القرآن مخلوق فإن
صلى رجل أعاد .
قال ابن أبى يعلى
فى ترجمة : شاهين بن السميذع نقل عن إمامنا أشياء :
٩٤٨ ـ منها : ما
قرأته بخط أبى حفص البرمكي قال : قرأت على ابن مردك : حدثك على بن سعيد الخفاف
حدثنا شاهين بن السميذع قال : سألت أبا عبد الله قلت : أصلي خلف الجهمى؟ قال : لا
تصل خلف الجهمى ولا خلف الرافضى .
وقال فى ترجمة :
أحمد بن سعد الجوهرى : روى عن إمامنا أشياء :
٩٤٩ ـ منها قال :
سمعت أحمد بن حنبل يقول : ما أحد على أهل الإسلام أضر من الجهمية ، ما يريدون إلا
إبطال القرآن وأحاديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم .
وفى رسالته لمسدد
بن مسرهد قال :
٩٥٠ ـ واحذروا رأى
جهم فإنه صاحب رأى وكلام وخصومات .
__________________
وفى كتاب السنة له
ورسالة الإصطخرى عنه قال :
٩٥١ ـ والجهمية :
هم أعداء الله. منهم الذين يزعمون أن القرآن مخلوق وأن اللهعزوجل لم يكلم موسى وأن الله عزوجل لم يتكلم وأنه عزوجل لا يرى ويقولون : ليس للهعزوجل عرش ولا كرسى وكلاما كثيرا أكره حكايته وهم كفار .
٩٥٢ ـ وفى موضع
آخر قال :
(وأما الجهمية :
فإنهم يسمون أهل السنة المشبهة وكذبت الجهمية أعداء الله بل هم أولى بالتشبيه والتكذيب
افتروا على الله عزوجل الكذب وقالوا الإفك والزور وكفروا بقولهم) .
__________________
قال الإمام أحمد فى كتابه الرد على الجهمية
٩٥٣ ـ (ق ١٠ / ب)
وكان الجهم وشيعته كذلك ، دعوا الناس إلى المتشابه من القرآن والحديث
فضلوا وأضلوا بكلامهم معشرا كثيرا ، وكان فيما بلغنا من أمر الجهم عدو الله أنه كان من أهل خراسان
من أهل الترمذ ، وكان صاحب خصومات وكلام ، وكان أكثر كلامه فى الله فلقى
ناسا من الكفار يقال لهم السمنية فعرفوا الجهم فقالوا له : نكلمك ، فإن ظهرت حجتنا
عليك دخلت فى ديننا ، وإن ظهرت حجتك علينا دخلنا فى دينك ، وكان ما كلموا به جهما
أن قالوا له : ألست تزعم أن لك إلها؟ فقال الجهم : نعم. فقالوا له : فهل رأيت عين
إلهك؟ قال : لا. قالوا : فهل سمعت كلامه؟ قال : لا. قالوا : فشممت له رائحة؟ قال :
لا. قالوا : فهل وجدت له حسا؟ قال : لا. قالوا : فوجدت له مجسا؟ قال : لا. قالوا :
فما يدريك أنه إله؟ فتحير الجهم فلم يدر من يعبد أربعين يوما (ق ١١ / أ) ثم إنه
استدرك حجة مثل حجة النصارى الزنادقة ، وذلك أن زنادقة النصارى يزعمون أن الروح
التى هى فى عيسى بن مريم هى روح الله من ذات الله ، فإذا فإذا أراد الله أن يحدث
أمرا دخل فى بعض خلقه فتكلم على لسانه ، فيأمر بما شاء وينهى عما شاء ، وهو روح
غائب عن الأبصار ، فاستدرك الجهم حجة مثل هذه الحجة ، فقال للسمنى : ألست تزعم أن
فيك روحا؟ فقال : نعم. فقال : فهل رأيت روحك؟ قال : لا. قال : فهل سمعت كلامه :
قال : لا. قال : فهل وجدت له حسا أو مجسا؟ قال : لا. قال : فكذلك الله تعالى لا
__________________
يرى له وجه ، ولا
يسمع له صوت ، ولا يشم له رائحة ، وهو غائب عن الأبصار ، ولا يكون فى مكان دون
مكان.
ووجد ثلاث آيات من
القرآن من المتشابهات : قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ) و (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي
الْأَرْضِ) و (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ
يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) .
فبنى أصل كلامه
كله على هؤلاء الآيات وتأول القرآن على غير تأويله وكذب أحاديث النبي عليهالسلام وزعم أن من وصف الله بشيء مما وصف به نفسه فى كتابه أو حدث
به عن النبي صلىاللهعليهوسلم كان كافرا وكان من المشبهة ، فأضل بشرا كثير. (ق ١١ / ب)
وتبعه على قوله رجال من أصحاب أبى حنيفة ، وأصحاب عمرو بن عبيد بالبصرة ، ووضع دين الجهمية.
فإذا سألهم الناس
عن قول الله عزوجل : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ
شَيْءٌ) ما تفسيره؟ يقولون : ليس كمثله شيء من الأشياء ، وهو تحت
الأرض السابعة ، كما هو على العرش ، لا يخلو منه مكان ، ولا هو فى مكان دون مكان .
ولا يتكلم ولا
يكلم ، ولا ينظر إليه أحد فى الدنيا ، ولا ينظر إليه أحد فى الآخرة ولا يوصف ولا يعرف بصفة ، ولا يفعل ولا له غاية ، ولا
__________________
منتهى ، ولا يدرك بعقل ، وهو وجه كله ، وهو علم كله ، وهو سمع كله ، وهو بصر كله
، وهو نور كله ، وهو قدرة كله ، ولا يكون شيئين مختلفين ، ولا يوصف بوصفين مختلفين
، وليس له أعلى ولا أسفل ، ولا نواحى ولا جوانب ، ولا يمين ، ولا شمال ، ولا
هو خفيف ولا ثقيل ، ولا له لون ، ولا له جسم وليس بمعلوم أو معقول وكلما خطر بقلبك أنه شيء تعرفه فهو
على خلافه .
قال أحمد : فقلنا
: فهو شيء ، قالوا : هو شيء لا كالأشياء ، فقلنا : إن الشيء الّذي لا كالأشياء قد
عرف أهل العقل : أنه لا شيء. فعند ذلك تبين للناس أنهم لا يثبتون شيئا ولكنهم
يدفعون عن أنفسهم الشنعة (ق ١٢ / أ) بما يقرون من العلانية.
فإن قيل لهم : فمن
تعبدون؟ قالوا : نعبد من يدبر أمر هذا الخلق ، قلنا : فهذا الّذي يدبر أمر هذا
الخلق هو مجهول لا يعرف بصفة ، قالوا : نعم قلنا : فقد عرف المسلمون أنكم لا
تثبتون شيئا ، وإنما تدفعون عن أنفسكم الشنعة بما تظهرون.
وقلنا لهم : هذا
الّذي يدبر هو الّذي كلم موسى؟ قالوا : لم يتكلم ولا يتكلم ، لأن الكلام لا يكون إلا بجارحة ، والجوارح عن الله
منفية.
فإذا سمع الجاهل
قولهم يظن أنهم من أشد الناس تعظيما لله سبحانه ، ولا يشعر أنهم يعود قولهم إلى
فرية فى الله ، ولا يعلم أنهم إنما يعود قولهم إلى ضلالة وكفر. اه
__________________
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
(ق ٧٦ / ب) وجدت
فى كتاب أبى بخط يده مما يحتج به على الجهمية من القرآن المجيد.
فى سورة البقرة : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما
أَنْزَلَ اللهُ مِنَ الْكِتابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما
يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ
الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) .
وقال فى يس : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً
أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ
شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) .
وقال فى سورة
البقرة أيضا : (بَدِيعُ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (وَقالَ الَّذِينَ لا
يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ) .
وقال الله فى سورة
آل عمران : (إِذْ قالَتِ
الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ
الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) .
وقال : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ
اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ
وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا
يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) .
وقال عزوجل : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) .
__________________
وقال : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي
دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ
فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) .
وقال فى سورة
الأنعام : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ
رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ) .
وقال فى سورة
النمل : (فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ
أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ
الْعالَمِينَ يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَأَلْقِ عَصاكَ
فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا
مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) .
وقال فى سورة
الأعراف : (وَالشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ
تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) .
وقال فى القصص : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ
لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) .
وقال فى الرحمن : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَيَبْقى
وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) .
وقال فى طه : (وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي إِذْ تَمْشِي
أُخْتُكَ) .
وقال فى البقرة : (ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا
النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ
عَذابٌ أَلِيمٌ) .
__________________
وقال فى آل عمران
: (أَنَّ اللهَ
يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً) (ق ٧٧ / أ) (وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ
الصَّالِحِينَ) .
وقال فى سورة
النساء (وَكَلَّمَ اللهُ
مُوسى تَكْلِيماً) .
وقال : (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ
مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) .
وقال فى الأنعام :
(حَتَّى أَتاهُمْ
نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ) (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ
رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ) .
وقال فى طه : (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى
إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً
وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا
أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) .
وقال فى الكهف : (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ
كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) .
وقال : (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً
لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي
وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) .
وقال فى التوبة : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) .
__________________
وقال فى حم عسق : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ
اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) .
وقال فى سورة
لقمان : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي
الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ
أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .
وفى القصص : (فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ
الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا
مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) .
وفى الأعراف : (وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا
وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي
وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي
فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً
فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ
قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي
فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) .
وفى الفتح : (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) .
وفى البقرة : (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ
فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) .
وفى الكهف : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ
يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) .
وفى الأعراف : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى
عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا)
__________________
(وَلَمَّا جاءَ مُوسى
لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ) .
وفى الأنفال : (وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ
بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) .
وفى التوبة : (وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى
وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) .
وفى يونس : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ
رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) .
وفى يونس : (كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى
الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (لَهُمُ الْبُشْرى فِي
الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ) وقال : (وَيُحِقُّ اللهُ
الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) وقال : (إِنَّ الَّذِينَ
حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ) .
وفى فصلت : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ
رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) .
(ق ٧٧ / ب) وفى
هود : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ
رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) .
__________________
وفى الكهف : (وَاتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ
كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) .
وفى طه : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ
رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً) .
وفى الصافات : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا
لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ) .
وفى المؤمن : (وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ
عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) .
وفى (حم عسق) : (وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ
إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)
(وَما كانَ لِبَشَرٍ
أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) .
وفى الفتح : (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ
اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا) .
وفى التحريم : (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها
وَكُتُبِهِ) .
وفى المؤمن : (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ
يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) .
وفى النحل : (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ
رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا)
(ينزل الملائكة
بالروح من أمره على من يشاء من عباده)
__________________
وفى الإسراء : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ
الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) .
وفى (حم عسق) : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً
مِنْ أَمْرِنا) .
وفى الشعراء : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى
قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) .
وقال فى (عم
يتساءلون) : (يَوْمَ يَقُومُ
الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ
الرَّحْمنُ) .
وفى الواقعة : (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ
تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً
فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) .
وقال : (أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشاءُ
جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ) .
وقال : (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ
مُدْهِنُونَ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) .
وفى الروم : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ
فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً)
وفى (ن والقلم) : (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ
كَالْمُجْرِمِينَ) .
__________________
وفى المرسلات : (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ
فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ فَقَدَرْنا فَنِعْمَ
الْقادِرُونَ) .
وفى الأنعام : (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ
يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، (وَجَعَلُوا لِلَّهِ
مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً) ، (وَجَعَلُوا لِلَّهِ
شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ) .
وفى الأعراف : (وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ
أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ، (وَاذْكُرُوا إِذْ
جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ) ، (وَاذْكُرُوا إِذْ
جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) ، (يا مُوسَى اجْعَلْ
لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) ، (فَلا تُشْمِتْ بِيَ
الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) .
وفى الرعد : (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ
خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ) (وَجَعَلُوا لِلَّهِ
شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ) .
وفى هود : (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا
عالِيَها سافِلَها) .
__________________
وقال فى الشعراء :
(لَئِنِ اتَّخَذْتَ
إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ) ، (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ
صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ) (ق ٧٨ / أ).
وفى فصلت : (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ
بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ
رَبُّ الْعالَمِينَ) .
وفى النمل : (وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ
خُلَفاءَ الْأَرْضِ) ، (إِذا دَخَلُوا
قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً) .
وفى القصص : (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ
وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً) .
وفى الذاريات : (وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ
الرِّيحَ الْعَقِيمَ ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ
كَالرَّمِيمِ) وقال : (وَلا تَجْعَلُوا مَعَ
اللهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) .
وفى القصص : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ
اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ
الْوارِثِينَ) وقال : (إِنَّا رَادُّوهُ
إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) وقال : (فَأَوْقِدْ لِي يا
هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً) (وَجَعَلْناهُمْ
أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) وقال : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ
إِنْ جَعَلَ اللهُ
__________________
عَلَيْكُمُ
اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) وقال : (تِلْكَ الدَّارُ
الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا
فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (قُلْ أَرَأَيْتُمْ
إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً) .
وفى إبراهيم : (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) ، (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً
مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) ، (رَبِّ اجْعَلْنِي
مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) ، (وَجَعَلُوا لِلَّهِ
أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) .
وفى الحجر : (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) (الَّذِينَ
يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) (فَأَخَذَتْهُمُ
الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها) .
وفى النحل : (وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ
نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ) (وَيَجْعَلُونَ
لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ) (وَيَجْعَلُونَ
لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ) (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ
جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً) (وَاللهُ جَعَلَ
لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً) (وَلا تَنْقُضُوا
الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً) .
__________________
وفى الإسراء : (وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ
وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) (وَلا تَجْعَلْ مَعَ
اللهِ إِلهاً آخَرَ) .
وفى الفرقان : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ
عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) (وَقَوْمَ نُوحٍ
لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً) (وَهُوَ الَّذِي
خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ
قَدِيراً) (وَلَقَدْ آتَيْنا
مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً) .
وفى العنكبوت : (فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ
وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ) (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ
كَعَذابِ اللهِ) .
وفى سبأ : (وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ
أَحادِيثَ) (وَجَعَلْنَا
الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا) .
وفى إبراهيم : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ
هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) .
وفى المائدة : (ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا
سائِبَةٍ) .
وفى التوبة : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ
وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) .
__________________
(ق ٧٨ / ب) وفى
يونس : (فَكَذَّبُوهُ
فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا
الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) (عَلَى اللهِ
تَوَكَّلْنا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) .
وفى الزخرف : (فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً
لِلْآخِرِينَ) (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا
مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) .
وفى الفيل : (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) .
وفى سورة الأنبياء
: (وَتَاللهِ
لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ
جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ) (وَأَرادُوا بِهِ
كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) (وَوَهَبْنا لَهُ
إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَجَعَلْناهُمْ
أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) وقال : (فَما زالَتْ تِلْكَ
دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ) .
وفى الصافات : (فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ فَأَرادُوا
بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ) (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ
وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) .
وفى ص : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ
الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) .
__________________
وفى الزمر : (ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا
ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً) .
وفى يوسف : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ) وقال : (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ
بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ) (اجْعَلُوا
بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ) .
وفى الأعراف : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى
فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما
كانُوا يَعْمَلُونَ) .
وفى الإسراء : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا
الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) .
وفى النساء : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً
مُبِيناً) .
وفى الواقعة : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) .
وفى البروج : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) .
وفى الزخرف : (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا
لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) .
وفى فصلت : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ) .
__________________
(حم وَالْكِتابِ
الْمُبِينِ) ، (يس وَالْقُرْآنِ
الْحَكِيمِ) .
وفى الفرقان : (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ
وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ
فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) (الر تِلْكَ آياتُ
الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) .
وفى فصلت : (لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ
الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ
حَمِيدٍ) (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ
الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً
وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) .
وفى الأنعام : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ
فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) .
وفى فصلت : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً
أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ
هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ
وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى) .
وفى (حم عسق) : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً
عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) ، (حم وَالْكِتابِ
الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) .
وفى سورة العلق : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرى
كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً
__________________
بِالنَّاصِيَةِ) .
وفى المائدة : (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ
ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) .
وفى الأنعام : (قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ
الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) (سَلامٌ عَلَيْكُمْ
كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) .
وفى الطور : (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ
بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) (ق ٧٩ / أ).
وفى البقرة : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ
فَتابَ عَلَيْهِ) (يَسْمَعُونَ كَلامَ
اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ) .
وفى طه : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) .
وفى مريم : (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ
وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) (وَأَلْقَيْتُ
عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي) .
وفى لقمان : (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا
كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) .
وفى النساء : (مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا
فَعِنْدَ اللهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ
__________________
وَكانَ
اللهُ سَمِيعاً بَصِيراً) .
وفى الزمر : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ
وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ
بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) .
وفى المائدة : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ
غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ
كَيْفَ يَشاءُ) .
وفى الفتح : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما
يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما
يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) .
وفى طه : (قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ
يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ
وَأَرى فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي
إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ
عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى) .
وفى القيامة : (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ
وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) .
وفى المطففين : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ
يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ) (إِنَّ الْأَبْرارَ
لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) .
وفى الملك : (قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ
وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ
الَّذِينَ كَفَرُوا) .
__________________
وفى النجم : (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى ما
كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً
أُخْرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) .
ما أثر عن الإمام أحمد فى التحذير من أصحاب الكلام
والجدل والحث على التمسك بالسنة
قال أحمد فى
رسالته للخليفة المتوكل فى أمر القرآن :
٩٥٤ ـ ولست بصاحب
كلام ولا أرى الكلام فى شيء من هذا إلا ما كان فى كتاب الله عزوجل أو فى حديث عن النبي صلىاللهعليهوسلم أو عن أصحابه أو عن التابعين ، فأما غير ذلك فإن الكلام
فيه غير محمود .
وقال صالح بن أحمد
بن حنبل :
٩٥٥ ـ كتب رجل إلى
أبى يسأله عن مناظرة أهل الكلام والجلوس معهم فأملى على جوابه :
أحسن الله عاقبتك
ودفع عنك كل مكروه ومحذور ، الّذي كنا نسمع وأدركنا عليه من أدركنا من أهل العلم
أنهم كانوا يكرهون الكلام والخوض مع أهل الزيغ وإنما الأمر فى التسليم والانتهاء
إلى ما فى كتاب الله جل وعز ولا يعد ذلك ، ولم يزل الناس يكرهون كل محدث من وضع
كتاب أو جلوس مع مبتدع ليورد عليه بعض ما يلبس عليه فى دينه فالسلامة إن شاء الله
فى ترك
__________________
مجالستهم والخوض
معهم فى بدعهم وضلالهم فليتق الله رجل وليصر إلى ما يعود عليه نفعه غدا من عمل
صالح يقدمه لنفسه ولا يكون ممن يحدث أمرا فإذا هو خرج منه أراد الحجة له فيحمل
نفسه المحال فيه ، وطلب الحجة لما خرج منه بحق أو باطل ليزين به بدعته وما أحدث ،
وأشد ذلك أن يكون وضعه فى كتاب فأخذ عنه فهو يريد يزين ذلك بالحق والباطل وإن وضح
له الحق فى غيره. نسأل الله التوفيق لنا ولك ولجميع المسلمين والسلام عليك .
٩٥٦ ـ وأخرج ابن
بطة عن حنبل بن إسحاق قال : كتب رجل إلى أبى عبد الله كتابا يستأذن فيه أن يضع
كتابا يشرح فيه الرد على أهل البدع وأن يحضر مع أهل الكلام فيناظرهم ويحتج عليهم
فكتب إليه أبو عبد الله : بسم الله الرحمن الرحيم أحسن الله عاقبتك ... فذكره كما
هنا.
٩٥٧ ـ ونقل عنه
أيضا كلاما فى الحث على التمسك بالسنة والتحذير من الكلام : حنبل بن إسحاق وأبو
بكر المروزي وأبو الحارث الصائغ .
قال ابن أبى يعلى
فى ترجمة : بديل بن محمد : نقل عن إمامنا أشياء :
٩٥٨ ـ منها : ما
ذكره أبو نصر السجزى الحافظ رحمهالله قال : إن أبا العباس أحمد بن على بن الحسن المقرئ كتب إلى ـ وأدى إلى إجازته القاضى أبو الحسن بن الصخر
الأزدى ـ حدثنا أحمد بن الحسن بن إسحاق
__________________
الرازى حدثنا أبو طاهر بن أبى عبيد الله المدينى حدثنى بديل بن محمد بن أسد قال : دخلت أنا وإبراهيم بن
سعيد الجوهرى على أحمد بن حنبل رضى الله عنه فى اليوم الّذي مات فيه ـ أو
مات فى تلك الليلة التى تستقبل ذلك اليوم ـ قال : فجعل أحمد يقول نا : عليكم
بالسنة ، عليكم بالأثر ، عليكم بالحديث .
وقال فى ترجمة :
أحمد بن محمد الأدمى :
٩٥٩ ـ أنبأنا رزق
الله عن أبى الفتح بن أبى الفوارس أخبرنا محمد بن حيويه حدثنا أبو بكر الأدمى المقرئ حدثنا الفضل بن زياد القطان ـ
صاحب أبى عبد الله أحمد بن حنبل ـ قال : سمعت أبا عبد الله يقول : من رد حديث رسول
الله صلىاللهعليهوسلم فهو على شفا هلكة .
وقال فى ترجمة :
أبى الحارث الصائغ :
٩٦٠ ـ قال أبو
الحارث : سمعت أبا عبد الله يقول : من أحب الكلام لم يخرج من قلبه .
وقال فى ترجمة :
العباس بن غالب : سأل إمامنا عن أشياء :
٩٦١ ـ منها قال :
قالت لأحمد بن حنبل : يا أبا عبد الله ، أكون فى المجلس ليس فيه من يعرف السنة
غيرى ، فيتكلم مبتدع فيه ، أرد عليه؟ فقال : لا
__________________
تنصب نفسك لهذا ،
أخبره بالسنة ولا تخاصم ، فأعدت عليه القول ، فقال : ما أراك إلا مخاصما .
٩٦٢ ـ أخبرنا عبد
الملك قال : أنا عبد بن محمد قال : أنا إسحاق بن إبراهيم قال : أنا جدى قال : أنا يعقوب بن إسحاق قال : حدثنى محمد بن إبراهيم بن الوليد الأصبهانى قال : سمعت أبا عمران موسى بن عبد الله الطرسوسى قال :
سمعت أحمد بن حنبل يقول : لا تجالسوا أهل الكلام وإن ذبوا عن السنة .
٩٦٣ ـ أنبأنا زاهر
بن طاهر قال : أنا أبو بكر بن الحسين البيهقى قال : أنا أبو عبد
الله بن محمد بن عبد الله الحاكم قال : سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد بن أمية
القرشى يقول : سمعت أبا على الحسين ابن أحمد بن الفضل البلخى يقول : دخلت على أحمد بن حنبل فجاء رسول
__________________
الخليفة يسأله عن
الاستعانة بأصحاب الأهواء؟ فقال أحمد : لا يستعان بهم .
٩٦٤ ـ أخبرنا محمد
بن ناصر قال : أنا المبارك بن عبد الجبار قال : أنا أبو طالب محمد بن على البيضاوى
قال : أنا أبو عمر بن حيويه ، قال : حدثنا أبو مزاحم موسى بن عبيد الله بن
يحيى بن خاقان قال : قال لى عمى أبو على عبيد الرحمن ابن يحيى بن خاقان : أمر المتوكل بمسألة أحمد بن حنبل عمن يتقلد القضاء
فسألته : قال أبو مزاحم : فسألت عمى أن يخرج إلى جوابه فوجه إلى بنسخة فكتبتها ثم
عددت إلى عمى فأقر لى بصحة ما بعث به.
وهذا نسخته :
...........................
وفى الجملة إن أهل
البدع والأهواء لا ينبغى أن يستعان بهم فى شيء من أمور المسلمين ، فإن فى ذلك أعظم
الضرر على الدين ، مع ما عليه رأى أمير المؤمنين أطال الله بقاءه من التمسك بالسنة
والمخالفة لأهل البدع .
وفى رسالته إلى
مسدد بن مسرهد قال :
٩٦٥ ـ ثم بعد كتاب
الله : سنة النبي صلىاللهعليهوسلم والحديث عنه وعن المهديين أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، واتباع سنة النجاة وهى التى نقلها أهل العلم كابرا عن
كابر ، واحذروا البدع كلها ، ولا تشاور أحدا من أهل البدع فى دينك .
وفى رسالة عبدوس
بن مالك قال : أصول السنة عندنا :
__________________
٩٦٦ ـ التمسك بما
كان عليه أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم والاقتداء بهم ، وترك البدع وكل بدعة فهى ضلالة (وترك
المراء والجدال والخصومات فى الدين) .
قال ابن أبى يعلى
فى ترجمة : محمد بن أحمد بن صالح بن أحمد بن حنبل .
٩٦٧ ـ قرأت فى
كتاب أبى جعفر محمد بن أحمد بن صالح بن أحمد ابن محمد بن حنبل : حدثنى عمى زهير بن
صالح قال : قرأ عليّ أبى صالح ابن أحمد هذا الكتاب وقال : هذا كتاب عمله أبى رضى
الله عنه فى مجلسه ، ردا على من احتج بظاهر القرآن ، وترك ما فسره رسول الله صلىاللهعليهوسلم ودل على معناه ، وما يلزم من اتباعه صلىاللهعليهوسلم وأصحابه رحمة الله عليهم.
قال أبو عبد الله
:
إن الله جل ثناؤه
وتقدست أسماؤه بعث محمدا نبيه صلىاللهعليهوسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ،
وأنزل عليه كتابه الهدى والنور لمن اتبعه. وجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم الدال على معنى ما أراد من ظاهره وبالسنة ، وخاصه وعامه ،
وناسخه ومنسوخه وما قصد له الكتاب.
فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو المعبر عن كتاب الله الدال على معانيه ، شاهده فى ذلك
أصحابه ، من ارتضاه الله لنبيه واصطفاه له ، ونقلوا
__________________
ذلك عنه ، فكانوا
هم أعلم الناس برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وبما أخبر عن معنى ما أراه الله من ذلك بمشاهدتهم ما قصد
له الكتاب ، فكانوا هم المعبرين عن ذلك بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وقال جابر بن عبد الله «ورسول الله صلىاللهعليهوسلم بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به
من شيء عملنا». فقال قوم : بل نستعمل الظاهر وتركوا الاستدلال برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولم يقبلوا أخبار أصحابه وقال ابن عباس للخوارج : «أتيتكم
من عند أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم المهاجرين والأنصار ومن عند ابن عم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصهره وعليهم نزل القرآن وهو أعلم بتأويله منكم وليس فيكم
منهم أحد وذكر تمام الكتاب بطوله .
٩٦٨ ـ قال عبد
الله بن أحمد بن حنبل : سألت أبى قلت : ما تقول فى السنة تقضى على الكتاب قال :
قال ذلك قوم منهم : مكحول والزهرى. قلت : فما تقول أنت؟ قال : أقول : السنة تدل
على معنى الكتاب .
٩٦٩ ـ قال أبو
داود : سمعت أحمد سئل عن حديث : السنة قاضية على الكتاب ما تفسيره؟ قال : أجبن أن
أقول فيه ولكن السنة تفسر القرآن ولا ينسخ القرآن غير القرآن.
٩٧٠ ـ وفى رسالة
عبدوس بن مالك قال : والسنة تفسر القرآن وهى دلائل القرآن اه
٩٧١ ـ قال أبو
داود السجستانى : سمعته يقول : الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلىاللهعليهوسلم وعن أصحابه ثم هو من بعد التابعين مخير.
٩٧٢ ـ وسمعت أحمد
سئل : إذا جاء الشيء من التابعين لا يوجد فيه
__________________
عن النبي صلىاللهعليهوسلم يلزم الرجل أن يأخذ به؟ قال : لا. ولكن لا يكاد الشيء إلا
ويوجد فيه عن أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم يعنى : عندى ما يمثل عليه ذلك الشيء.
٩٧٣ ـ وسمعت أحمد
غير مرة سئل : يقال : لما كان من فعل أبى بكر وعمر وعثمان وعلى رضى الله عنهم سنة؟
قال : نعم. وقال مرة : لحديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين» فسماها سنة. قيل :
فعمر بن عبد العزيز؟ قال : لا. قال : أليس هو إماما؟ قال : بلى. فقيل له : فنقول
لمثل قول أبى ومعاذ وابن مسعود سنة؟ قال : ما أدفعه أن أقول وما يعجبنى أن أخالف
أحدا منهم. قلت لأحمد : الأوزاعى هو أتبع من مالك؟ قال : لا تقلد فى دينك أحدا من
هؤلاء ، ما جاء عن النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه فخذ به ثم التابعين بعد ، الرجل فيه مخير .
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٩٧٤ ـ سمعت أبى
يقول : ذكر الله تبارك وتعالى طاعة رسوله صلىاللهعليهوسلم فى القرآن فى غير موضع ، فذكرها أبى كلها أو عامتها فلم أحفظ فكتبتها بعد من
كتابه.
قال الله تعالى فى
آل عمران : (وَاتَّقُوا النَّارَ
الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ) وقال تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ
وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) .
__________________
وقال فى النساء : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى
يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً
مِمَّا قَضَيْتَ) الآية ، وقال : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ
وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ) . إلى هنا قرأ علينا عبد الله بن أحمد ، ثم قرئ عليه من هنا
وأنا أسمع : وقال تعالى : (وَأَرْسَلْناكَ
لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً. مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ
أَطاعَ اللهَ) . وقال : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ
مِنْكُمْ. فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) وقال : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ
وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ
فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ
حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ) ، وقال : (إِنَّا أَنْزَلْنا
إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا
تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) .
وقال فى المائدة :
(وَأَطِيعُوا اللهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما
عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) .
وقال تعالى فى
الأنفال : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ
الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا
ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) وقال : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ
تَسْمَعُونَ) وقال تعالى : (وَأَطِيعُوا اللهَ
وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا
__________________
وَتَذْهَبَ
رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) .
وقال فى النور : (إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ
إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا
سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وقال تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ
وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) وقال : (وَأَقِيمُوا
الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) وقال : (قُلْ أَطِيعُوا اللهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ
وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ
إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) وقال : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ
الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ
يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ
أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) وقال : (إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى
أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ) .
وقال فى آخر
الأحزاب : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ
وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) وقال : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ
وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ
الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ
ضَلالاً مُبِيناً) وقال : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ
فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ
الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) .
__________________
وقال فى الذين
كفروا : (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا
أَعْمالَكُمْ) .
وقال فى الحجرات :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ
اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) .
وكان الحسن يقول :
لا تذبحوا قبل ذبحه .
وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ
بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ
لا تَشْعُرُونَ) وقال : (إِنَّ الَّذِينَ
يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ
قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) .
وقال فى سورة
الفتح : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ
وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَنْ
يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً أَلِيماً) .
وقال فى النجم : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ
صاحِبُكُمْ وَما غَوى) .
وقال فى الحشر : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما
نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) .
وقال فى التغابن :
(وَأَطِيعُوا اللهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ
الْمُبِينُ) .
__________________
وقال فى الطلاق : (فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ
الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا
عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) .
وقال : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً
وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ
وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) فقال عكرمة : يقاتلون معه بالسيف وقال تعالى : (فَأَنْزَلَ اللهُ
سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ
التَّقْوى) فقال هى : لا إله إلا الله . إلى هاهنا مختصرة.
وقرأ علينا عبد
الله من هاهنا :
وقال فى سورة هود
: (أَفَمَنْ كانَ عَلى
بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) .
وقال ابن عباس :
جبريل وقال مجاهد : محمد صلىاللهعليهوسلم (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ
مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ
بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ) .
قال سعيد بن جبير
: الأحزاب الملل كلها (فَالنَّارُ
مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) .
__________________
التعليق :
الإمام أحمد رحمهالله تعالى كان من أشد المتمسكين بسنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم الداعين إلى تطبيقها.
والسنة فى اللغة :
تطلق ويراد بها أمور عدة والمقصود بها هنا الطريقة المستقيمة.
وفى الشرع : كل ما
ثبت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قول أو فعل أو تقرير فهو سنة .
قال ابن الجوزى :
والبدعة عبارة عن فعل لم يكن فابتدع والأغلب فى المبتدعات أنها تصادم الشريعة
بالمخالفة وتوجب التعاطى عليها بزيادة أو نقصان. فإن ابتدع شيء لا يخالف الشريعة
ولا يوجب التعاطى عليها فقد كان جمهور السلف يكرهونه وكانوا ينفرون من كل مبتدع
وإن كان جائزا حفظا للأصل وهو الاتباع اه
وكما كان رحمهالله شديد التمسك بالسنة داعيا إليها كان فى المقابل شديدا على
أهل البدع والكلام والجدل ، وكان كثيرا ما يحذر منهم ، وذلك لما فى أفكارهم
ومعتقداتهم من خطر بين على عقيدة المسلم.
يقول شارح
الطحاوية ـ فى معرض كلامه عن أهل الكلام ـ :
وسبب الإضلال
الإعراض عن تدبر كلام الله وكلام رسوله ، والاشتغال بكلام اليونان والآراء
المختلفة ، وإنما سمى هؤلاء أهل الكلام ، لأنهم لم يفيدوا علما لم يكن معروفا ،
وإنما أتوا بزيادة كلام قد لا يفيد وهو ما يضربونه من القياس والإيضاح ما علم
بالحس ، وإن كان هذا القياس وأمثاله ينتفع به فى موضع آخر ، ومع من ينكر الحس ،
وكل من قال برأيه وذوقه وسياسته ـ مع
__________________
وجود النص أو عارض
النص بالمعقول ـ فقد ضاهى إبليس ، حيث لم يسلم لأمر ربه بل قال : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ
نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) وقال تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ
فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) .
وقال تعالى : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ
فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ
رَحِيمٌ) .
وقال تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى
يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً
مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) .
أقسم سبحانه أنهم
لا يؤمنون حتى يحكموا نبيه ويرضوا بحكمه ويسلموا تسليما ... (فكل) من عدل عن
الكتاب والسنة إلى علم الكلام المذموم أو أراد أن يجمع بينه وبين الكتاب والسنة ،
وعند التعارض يتأول النص ويرده إلى الرأى والآراء المختلفة فيؤول أمره إلى الحيرة
والضلال والشك ....
قال أبو عبد الله
محمد بن عمر الرازى فى كتابه الّذي صنفه أقسام اللذات : لقد تأملت الطرق الكلامية
والمناهج الفلسفية ، فما رأيتها تشفى عليلا ، ولا تروى غليلا ، ورأيت أقرب الطرق طريق القرآن ... ثم ذكر مقالات لبعض المتكلمين الذين تركوا طريق الكتاب
والسنة وخاضوا فيما سواهما وكانت النتيجة الشك والريب والاضطراب النفسى.
__________________
قول الإمام أحمد فى : حكم المبتدعة
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٩٧٥ ـ سألت أبى عن
رجل ابتدع بدعة يدعو إليها وله دعاة عليها هل ترى أن يحبس؟
قال : نعم أرى أن
يحبس وتكف بدعته عن المسلمين .
٩٧٦ ـ قلت لأبى :
ما تقول فى أصحاب الحديث يأتون الشيخ لعله يكون مرجئا أو شيعيا أو فيه شيء من خلاف
السنة أينبغي أن أسكت فلا أحذر عنه؟ قال : إن كان يدعو إلى بدعة وهو إمام فيها
ويدعو إليها قال : نعم تحذر عنه .
وقال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
٩٧٧ ـ سألت أبا
عبد الله عن رجل مبتدع داعية يدعو إلى بدعة أيجالس؟ قال : لا يجالس ولا يكلم لعله
أن يرجع .
٩٧٨ ـ وسئل : أيصلى
خلف صاحب بدعة؟ فقال : إذا كان داعية أو يخاصم فيها أو يدعو إليها لا يصلى خلفه
ولا يكلم. فقلت : فمن كان فيه شيء إلا أنه لا يخاصم فيه؟ قال : هو أهون. قلت :
فيصلى خلف هذا؟ قال :
__________________
نعم. قلت : أفليس
هذا صاحب بدعة؟ قال : بلى ولكن هذا لعله لا يدرى يرجع ، وهذا يدعو إليها .
وقال أبو داود
السجستانى :
٩٧٩ ـ سمعت أحمد
سئل عن رجل تكلم ببدعة فقيل له : إن هذا بدعة فرجع عنه. قال : فصلوا خلفه إذا كنتم
ترضونه ورجع عن الّذي تكلم به .
قال ابن أبى يعلى
فى ترجمة : أبى بكر المروزي :
٩٨٠ ـ قال المروزي
: سئل أحمد : أمر فى الطريق فأسمع الإقامة ترى أن أصلي ، فقال : قد كنت أسهل فأما
إذ كثرت البدع فلا تصل إلا خلف من تعرف . اه
وفى كتاب السنة له
قال :
٩٨١ ـ ولا أحب
الصلاة خلف أهل البدع .
التعليق :
هذه الروايات
تتناول مسألتين.
أولها : اتخاذ بعض
ما يرى أنه مناسب لردع أهل البدع.
والثانى : الصلاة
خلف المبتدعة.
أما الأول :
فالروايات عنه تشير إلى أنه من المفيد اتخاذ بعض ما هو مناسب ضد دعاة البدع حماية
للعقيدة الصحيحة ودفاعا عنها ، وأما الصلاة خلف المبتدعة
__________________
فعموم الروايات
عنه تفيد جواز الصلاة خلف المبتدع ما لم يكن داعية إلى بدعته أو مخاصما فيها.
قال الخرقى : ومن
صلى خلف من يعلن ببدعته أعاد.
قال ابن قدامة فى
الشرح : الإعلان : الإظهار ، وهو ضد الإسرار ، وظاهر هذا : أن من ائتم بمن يظهر
بدعته ويتكلم بها ، ويدعو إليها ، أو يناظر عليها فعليه الإعادة ، ومن لم يظهر
بدعته ، فلا إعادة على المؤتم به ، وإن كان معتقدا لها.
قال الأثرم : قلت
لأبى عبد الله : الرافضة الذين يتكلمون بما تعرف فقال : نعم أمره أن يعيد. قيل
لأبى عبد الله : وهكذا أهل البدع كلهم؟ قال : لا إن منهم من يسكت ، ومنهم من يقف ،
ولا يتكلم. وقال : لا تصل خلف أحد من أهل الأهواء ، إذا كان داعية إلى هواه وقال :
لا تصل خلف المرجئ إذا كان داعية ، وتخصيصه الداعية ومن يتكلم بالإعادة دون من يقف
، ولا يتكلم يدل على ما قلناه.
وقال القاضى :
المعلن بالبدعة من يعتقدها بدليل ، وغير المعلن من يعتقدها تقليدا.
قال ابن قدامة :
إن حقيقة الإعلان هو الإظهار ، وهو ضد الإخفاء والإسرار قال الله تعالى : (وَيَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما
تُعْلِنُونَ).
وقال تعالى مخبرا
عن إبراهيم : (رَبَّنا إِنَّكَ
تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ) ولأن المظهر لبدعته لا عذر للمصلى خلفه لظهور حاله ،
والمخفى لها من يصلى خلفه معذور ، وهذا له أثر فى صحة الصلاة ولهذا لم تجب الإعادة
خلف المحدث والنجس إذا لم يعلم حالهما لخفاء ذلك منهما ووجبت على المصلى خلف
الكافر والأمى لظهور حالهما غالبا.
__________________
وقد روى عن أحمد
أنه لا يصلى خلف مبتدع بحال.
قال فى رواية أبى
الحارث : لا يصلى خلف مرجئ ولا رافضى ولا فاسق. إلا أن يخافهم فيصلى ثم يعيد.
وقال أبو داود :
قال أحمد : متى ما صليت خلف من يقول القرآن مخلوق فأعد. قلت : وتعرفه؟ قال : نعم .
وعن مالك : أنه لا
يصلى خلف أهل البدع.
فحصل من هذا : أن
من صلى خلف مبتدع معلن ببدعته فعليه الإعادة ، ومن لم يعلنها ففى الإعادة خلفه
روايتان. وأباح الحسن وأبو جعفر والشافعى الصلاة خلف أهل البدع ... وقال نافع : كان
ابن عمر يصلى مع الخشبية والخوارج زمن ابن الزبير وهم يقتتلون ... اه.
وقد ألحقت بهذه
المسألة مسألة الصلاة خلف الفساق فراجعها ففيها زيادة إيضاح. والله تعالى أعلم.
ما أثر عن الإمام أحمد فى الصلاة خلف الفساق
قال القاضى أبو
يعلى بن الفراء :
واختلف فى إمامة
الفاسق هل تصح أم لا؟
٩٨٢ ـ فنقل أبو
الحارث عنه : لا يصلى خلف الفاجر ولا خلف المبتدع ولا فاسق إلا أن يخافهم فيصلى
ويعيد.
٩٨٣ ـ وكذلك نقل
أحمد بن أبى عبدة : لا يصلى خلف إمام يكذب إذا كثر كذبه.
__________________
٩٨٤ ـ وكذلك نقل
أبو الصقر : لا يصلى خلف من يأكل الربا لما روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لا يؤمن فاجر برا» ولأنها إحدى الإمامتين فيصح أن ينافيها الفسق فى الدين
دليله الإمامة الكبرى.
٩٨٥ ـ ونقل أبو
الحارث ـ وقد سئل هل يصلى خلف من يغتاب الناس؟ فقال : لو كان كل من عصا الله تعالى
لا يصلى خلفه من يؤم الناس على هذا.
٩٨٦ ـ وقال فى
رواية حرب : يصلى خلف كل بر وفاجر فلا يكفر أحد بذنب ، ظاهر هذا صحة الإمامة ،
لأنه لما صحت صلاته صحت إمامته كالعدل .
التعليق :
هذه المسألة بحثها
ابن قدامة أيضا ومما قاله ـ بعد أن ذكر روايات عن الإمام أحمد فى النهى عن الصلاة
خلف من يتناول المسكر ـ : «وفى معنى شارب ما يسكر كل فاسق فلا يصلى خلفه ، نص عليه
أحمد فقال : لا نصلى خلف فاجر ولا فاسق.
وقال أبو داود :
سمعت أحمد رحمهالله سئل عن إمام قال : أصلي بكم رمضان بكذا وكذا درهما ، قال :
أسأل الله العافية من يصلى خلف هذا؟ وروى عنه أنه قال : لا تصل خلف من لا يؤدى
الزكاة ، ولا تصل خلف من يشارط ، ولا بأس أن يدفعوا إليه من غير شرط ، وهذه النصوص
: تدل على أنه لا يصلى خلف فاسق.
وعنه رواية أخرى :
أن الصلاة جائزة ذكرها أصحابنا ، وهذا مذهب الشافعى ثم ذكر ـ أى ابن قدامة ـ الأحاديث
الدالة على جواز الصلاة خلفهم
__________________
ثم قال :
فأما الجمع
والأعياد فإنها تصلى خلف كل بر وفاجر وقد كان أحمد يشهدها مع المعتزلة ، وكذلك
العلماء الذين فى عصره ....
قال أحمد : أما
الجمعة فينبغى شهودها ، فإن كان الّذي يصلى منهم أعاد ، وروى عنه أنه قال : من
أعادها فهو مبتدع.
وهذا يدل على
عمومه على أنها لا تعاد خلف فاسق ولا مبتدع لأنها صلاة أمر بها فلم تجب إعادتها
كسائر الصلوات ، فإذا كان المباشر لها عدلا ، والمولى له غير مرضى الحال لبدعته أو
فسقه لم يعدها نص عليه ، وقيل له : إنهم يقولون : إذا كان الّذي وضعه يقول بقولهم
فسدت الصلاة ، قال : لست أقول بهذا ، ولأن صلاته إنما ترتبط بصلاة إمامه ، فلا يضر
وجود معنى فى غيره ، كالحدث أو كونه أميا ، وعنه تعاد والصحيح الأول اه
وبعد هذا العرض
المفصل لمذهب الإمام أحمد على ضوء ما نقل عنه من روايات أقول : إن الظاهر من عموم
الروايات عنه أن الصلاة خلف الفساق جائزة ، وأن فسقهم لا يمنع من الصلاة خلفهم ،
وهذا هو الّذي عليه عامة السلف ، وقد صلى بعض الصحابة كابن عمر وابن مسعود وغيرهم
خلف أئمة فساق.
يقول شارح
الطحاوية : والفاسق والمبتدع صلاته فى نفسها صحيحة ، فإذا صلى المأموم خلفه لم
تبطل صلاته لكن إنما كره من كره الصلاة خلفه لأن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
واجب ، ومن ذلك : أن من أظهر بدعة وفجورا لا يرتب إماما للمسلمين ، فإنه يستحق
التعزير حتى يتوب ، فإن أمكن هجره حتى يتوب كان حسنا ، وإذا كان بعض الناس إذا ترك
الصلاة خلفه وصلى خلف غيره أثر ذلك فى إنكار المنكر حتى يتوب أو يعزل أو ينتهى
الناس عن مثل ذنبه : فمثل هذا إذا ترك الصلاة خلفه كان فى ذلك مصلحة شرعية ، ولم
تفت المأموم جمعة ولا جماعة. وأما إذا كان ترك الصلاة خلفه يفوت المأموم الجمعة
والجماعة فهنا لا يترك الصلاة خلفه إلا مبتدع مخالف للصحابة رضى الله عنهم ، وكذلك
__________________
إذا كان الإمام قد
رتبه ولاة الأمر ليس فى ترك الصلاة خلفه مصلحة شرعية ، فهنا لا يترك الصلاة خلفه ،
بل الصلاة خلفه أفضل ، فإذا أمكن الإنسان أن لا يقدم مظهرا للمنكر فى الإمامة ،
وجب عليه ذلك ، لكن إذا ولاه غيره ، ولم يمكنه صرفه عن الإمامة ، أو كان لا يتمكن
من صرفه عن الإمامة إلا بشر أعظم ضررا من ضرر ما أظهر من المنكر : فلا يجوز دفع
الفساد القليل بالفساد الكثير ، ولا دفع أخف الضررين بحصول أعظمهما ، فإن الشرائع
جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها ، بحسب الإمكان فتفويت
الجمع والجماعات أعظم فسادا من الاقتداء فيهما بالإمام الفاجر ، لا سيما إذا كان
التخلف عنها لا يدفع فجورا ، فيبقى تعطيل المصلحة الشرعية بدون دفع تلك المفسدة ،
وأما إذا أمكن فعل الجمعة والجماعة خلف البر ، فهذا أولى من فعلها خلف الفاجر ،
وحينئذ فإذا صلى خلف الفاجر من غير عذر ، فهو موضع اجتهاد العلماء : منهم من قال :
يعيد ، ومنهم من قال : لا يعيد .
__________________
«مسائل متفرقة»
ما أثر عن الإمام
أحمد فى ضابط الكبيرة ص : ٢٤٠.
ما أثر عن الإمام
أحمد فى المسح على الخفين ص : ٤٢١.
قول الإمام أحمد
فى المتعة ص : ٤٢٢.
ما أثر عن الإمام
أحمد فى وجوب الرجم على الزانى المحصن ص : ٤٢٤.
ما أثر عن الإمام
أحمد فى بعض متعلقات النكاح ص : ٤٢٥.
ما أثر عن الإمام
أحمد فى التكبير على الجنائز ص : ٤٢٥.
قول الإمام أحمد
فى الصلاة على الشهيد وغسله وعلى من قتله اللصوص ص : ٤٢٦.
ما أثر عن الإمام
أحمد فى مضاعفة السيئة فى الحرم ص : ٤٢٨.
قول الإمام أحمد
فى الفتوى ص : ٤٢٩.
ما أثر عن الإمام أحمد فى ضابط الكبيرة
قال القاضى أبو
يعلى بن الفراء :
وقد حد أحمد رحمهالله الكبائر : بما يوجب حدا فى الدنيا ووعيدا فى الآخرة.
٩٨٧ ـ فقال فى
رواية جعفر بن محمد : سمعت سفيان بن عيينة يقول فى قوله تعالى : (إِلَّا اللَّمَمَ) قال : ما بين حدود الدنيا والآخرة. قال أبو عبد الله :
حدود الدنيا مثل السرقة والزنا ، وعد أشياء ، وحد الآخرة : ما يحد فى الآخرة ،
واللمم : الّذي بينهما .
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد فى المسح على الخفين
فى رسالته لمسدد
بن مسرهد قال :
٩٨٨ ـ والمسح على
الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة .
وفى رسالة محمد بن
حبيب الأندرانى قال :
٩٨٩ ـ صفة المؤمن
من أهل السنة والجماعة ... والمسح على الخفين فى السفر والحضر .
وفى رسالة الحسن
بن إسماعيل بن الربعى قال :
٩٩٠ ـ والمسح على
الخفين :
وفى كتاب شرح
اعتقاد الإمام أحمد قال على بن شكر :
٩٩١ ـ قال ابن
شاهين قال أحمد عن أبى بكر المروزي قال : وسمعت أبا عبد الله (وقيل له) : قوم لا
يرون المسح ـ يعنى ـ على الخفين. فقال : هؤلاء خوارج قوم من الإباضية .
__________________
التعليق :
المسح على الخفين
رواه عن النبي صلىاللهعليهوسلم نحو من أربعين صحابيا وذكر ابن قدامة عن الحسن قال : حدثنى
سبعون من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مسح على الخفين اه
قال ابن القيم :
صح عنه أنه مسح فى الحضر والسفر ولم ينسخ ذلك حتى توفى .
وذكر شارح
الطحاوية أن الروافض ـ أيضا ـ تخالف هذه السنة المتواترة .
قول الإمام أحمد فى المتعة
فى رسالته إلى
مسدد بن مسرهد قال :
٩٩٢ ـ والمتعة
حرام إلى يوم القيامة .
التعليق :
تحريم المتعة ثبت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالأحاديث الصحاح.
__________________
روى مسلم وغيره ـ وغيره ـ عن الربيع بن سبرة الجهنى أن أباه حدثه
أنه كان مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا أيها الناس إنى قد كنت أذنت لكم فى الاستمتاع من
النساء. وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة. فمن كان عنده منهن فليخل سبيله. ولا
تأخذوا مما آتيتموهن شيئا.
وروى ابن ماجة عن ابن عمر قال : لما ولى عمر بن الخطاب خطب الناس فقال :
إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أذن لنا فى المتعة ثلاثا ثم حرمها. والله لا أعلم أحدا
يتمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة إلا أن يأتينى بأربعة يشهدون أن رسول الله
أحلها بعد إذ حرمها ، إلى غير ذلك من الأحاديث الصريحة فى تحريمها بعد الإذن فيها.
قال البغدادى : اتفق أهل السنة على تضليل من ثبت على حكم اتفق على نسخة كتضليل الرافضة
فى المتعة .
وقال الخطابى :
تحريم المتعة كالإجماع إلا عن بعض الشيعة ، ولا يصح على قاعدتهم فى الرجوع فى
المختلفات (إلا) إلى على وآل بيته فقد صح عن على أنها نسخت .
وقال القرطبى :
الروايات كلها متفقة على أن زمن إباحة المتعة لم يطل وأنه حرم ، ثم أجمع السلف
والخلف على تحريمها إلا من لا يلتفت إليه من الروافض .
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد فى وجوب الرجم على الزانى المحصن
فى رسالة عبدوس بن
مالك قال :
٩٩٣ ـ والرجم حق
على من زنا وقد أحصن إذا اعترف أو قامت عليه بينة. قد رجم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورجمت الأئمة الراشدون .
التعليق :
قال ابن بطال : أجمع
الصحابة وأئمة الأمصار على أن المحصن إذا زنى عامدا عالما مختارا فعليه الرجم ، ودفع ذلك
الخوارج وبعض المعتزلة واعتلوا بأن الرجم لم يذكر فى القرآن ، واحتج الجمهور بأن
النبي صلىاللهعليهوسلم رجم وكذلك الأئمة بعده اه
روى البخارى ومسلم عن ابن عباس قال : قال عمر بن الخطاب وهو جالس على منبر
رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن الله قد بعث محمدا صلىاللهعليهوسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل عليه آية الرجم ، فقرأناها ووعيناها وعقلناها ، فرجم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ورجمنا بعده. فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : ما
نجد الرجم فى كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ، وإن الرجم فى كتاب الله
حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو
الاعتراف. اه
وقد رجم النبي صلىاللهعليهوسلم ما عزا والغامدية ....
__________________
ما أثر عن الإمام أحمد فى بعض متعلقات النكاح
فى رسالته إلى
مسدد بن مسرهد قال :
٩٩٤ ـ ولا نكاح
إلا بولى وخاطب وشاهدى عدل
ما أثر عن الإمام أحمد فى التكبير على الجنائز
فى رسالته إلى
مسدد بن مسرهد قال :
٩٩٥ ـ والتكبير
على الجنائز أربع ، فإن كبر خمسا فكبر معه
قال ابن مسعود :
كبر ما كبر إمامك. قال أحمد : خالفنى الشافعى وقال : إن زاد على أربع تكبيرات أعاد
الصلاة واحتج عليّ بأن النبي صلىاللهعليهوسلم : صلى على النجاشى فكبر عليه أربع تكبيرات .
وفى رسالة محمد بن
حبيب الأندرانى قال :
٩٩٦ ـ والتكبير
على الجنائز أربعا .
٩٩٧ ـ قال عبد
الله بن محمد البغوى : رأيت أحمد يكبر على الجنائز أربعا .
__________________
قول الإمام أحمد فى : الصلاة على الشهيد وغسله وعلى من
قتله اللصوص
قال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
٩٩٨ ـ سألت أبى عن
الشهيد يغسل؟ قال : إذا حمل من المعركة وبه رمق غسل ، وإن مات فى المعركة لم يغسل .
٩٩٩ ـ قرأت على
أبى قلت : من قتل فى المعركة وبه رمق حمل. قال : يغسل. ومن قتل ولا رمق فيه ، يدفن
فى ثيابه ، يلف فى دمائه ، إلا أن يكون عليه جلد ، أو خف ، ينزع ذلك عنه ، وإن كان
عليه سرد. قال : يعجبنى أن ينزع عنه الحديد .
١٠٠٠ ـ سألت أبى
قلت : يصلى على الشهيد؟ قال : نعم .
وقال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
١٠٠١ ـ سألت أبا
عبد الله عن حديث جابر أن النبي صلى الله عليه
__________________
وسلم لم يصل على
قتلى أحد ولم يغسلهم قال : قد اختلفوا فيه. فقال : عبد ربه ابن سعيد عن الزهرى عن
جابر ، وقال الأوزاعى : عمن حدثه ، عن جابر وقال ابن أبى صعير حديث محمد بن إسحاق
: ابن أبى صعير قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وقال انيث بن سعد
، عن الزهرى ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن جابر. وقال زيد بن أسلم ، عن
الزهرى ، عن أنس. وقد اختلفوا فيه وأرى إن كان بهم رمق أن يغسلوا ويصلى عليهم وما يضرهم من
الصلاة؟ هذا عمر بن الخطاب قد كان شهيدا قد صلى عليه ولكنه حمل وبه رمق وأرى إذا
حمل من المعركة وبه رمق أن يغسل ويصلى عليه .
قال إسحاق الكوسج
:
١٠٠٢ ـ قلت : رجل
قتله اللصوص أيغسل أم لا؟ قال : كل قتيل يغسل إلا من قتل فى المعركة. قال إسحاق : كما قال .
__________________
وقال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
١٠٠٣ ـ قرأت على
أبى : من قتله اللصوص ، يغسل ويصلى عليه؟ قال : إذا قتل فى المعركة فهو بمنزلة
الشهيد إلا أن يحمل وبه رمق .
قال أبو يعلى بن
الفراء :
١٠٠٤ ـ نقل صالح
وأبو الحارث : أنه كشهيد المعركة لا يغسل وهل يصلى عليه؟ على روايتين. ونقل أبو
طالب : أنه كسائر الأموات يغسل ويصلى عليه .
ما أثر عن الإمام أحمد فى : مضاعفة السيئة فى الحرم
١٠٠٥ ـ قال إسحاق : قلت لأبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رحمهالله أبلغك فى شيء من الحديث أن السيئة تكتب أكثر من واحدة؟
قال : لا. ما سمعت
إلا بمكة لتعظيم البلد .
__________________
قول الإمام أحمد فى : الفتوى
قال إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ :
١٠٠٦ ـ سألت أبا
عبد الله عن الّذي جاء فى الحديث : «أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار» ما معناه؟ قال أبو عبد الله : يفتى بما لم يسمع.
١٠٠٧ ـ وجاءه رجل
يسأله عن شيء فقال : لا أجيبك فى شيء ثم قال : قال عبد الله : إن كل من يفتى الناس فى كل ما يستفتونه لمجنون. قال
الأعمش : فذكرت ذلك للحكم فقال : لو حدثنى به قبل اليوم لما أفتيت فى كثير مما كنت
أفتى فيه.
١٠٠٨ ـ قيل له :
ويكون الرجل فى قرية فيسأل عن الشيء الّذي فيه اختلاف؟ قال : يفتى بما وافق الكتاب
والسنة يفتى به وما لم يوافق الكتاب والسنة أمسك عنه. قيل له : أفتخاف عليه؟ قال :
لا .
وقال عبد الله بن
أحمد بن حنبل :
١٠٠٩ ـ كنت أسمع
أبى كثيرا يسأل عن المسائل ، فيقول : لا أدرى ، وذلك إذا كانت مسألة فيها اختلاف ،
وكثيرا ما كان يقول : سل غيرى ، فإن قيل له : من نسأل؟ يقول : سلوا العلماء ، ولا
يكاد يسمى رجلا بعينه .
__________________
وقال أبو داود
السجستانى :
١٠١٠ ـ وما أحصى
ما سمعت أحمد سئل عن كثير مما فيه الاختلاف من العلم فيقول : لا أدرى .
١٠١١ ـ قال ابن
أبى يعلى فى ترجمة : محمد بن النقيب بن أبى حرب الجرجرائى ذكره أبو بكر الخلال ، فقال : عنده عن أبى عبد الله مسائل
مشبعة كنت سمعتها منه يقول : سمعت أبا عبد الله ـ وسئل عن الرجل يفتى بغير علم ـ قال
: يروى عن أبى موسى قال : يمرق من دينه ، وقال أبو عبد الله يكون عند الرجل سنة عن
نبيه صلىاللهعليهوسلم ويفتى بغيرها وشدد فى ذلك .
التعليق :
هذه مسألة عظيمة
فمن المشاهد فى كثير من الأحيان أن يتصدى للأمر غير أهله ـ وخاصة فى أمور الشرع ـ فنجد
الكثير ممن يتجرأ على إطلاق التحريم أو التحليل وليس له مستند أو بينة وكذلك نرى
كثيرا ممن يتساهل فى إفتاء الناس بأمور شرعية وهو ليس أهلا لذلك فينتج عن ذلك
مفاسد عظيمة.
يقول ابن الجوزى
فى معرض كلامه عن هؤلاء.
ومن ذلك إقدامهم
على الفتوى وما بلغوا مرتبتها وربما أفتوا بواقعاتهم المخالفة للنصوص ... ثم ذكر
بعضا مما أثر عن الصحابة والسلف الصالح فى عدم التجرؤ على الفتوى وقال : وإنما
كانت هذه سجية السلف لخشيتهم الله عزوجل وخوفهم منه ، ومن نظر فى سيرتهم تأدب اه
__________________
قلت : ومن هذا
الباب أيضا ما ذكره الطحاوى بقوله : «ونقول : الله أعلم فيما اشتبه علينا علمه».
قال الشارح : ...
من تكلم بغير علم فإنما يتبع هواه وقد قال تعالى : (وَمَنْ أَضَلُّ
مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ) وقال تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ كُتِبَ
عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ
السَّعِيرِ) وقال تعالى : (الَّذِينَ
يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ
اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ
مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) وقال تعالى : (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ
رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ
بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً
وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) .
... وقال أبو بكر
الصديق رضى الله عنه : أى أرض تقلنى وأى سماء تظلنى إن قلت فى آية من كتاب الله
برأيى ، أو بما لا أعلم ... وإن أبا بكر نزلت به قضية فلم يجد فى كتاب الله منها
أصلا ، ولا فى السنة أثرا فاجتهد برأيه ثم قال : هذا رأيى ، فإن يكن صوابا فمن
الله ، وإن يكن خطأ فمنى وأستغفر الله . اه
هذا والله تعالى
أعلم (رَبَّنا لا
تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) .
والحمد لله رب
العالمين
__________________
الفهارس
١ ـ فهرس الأحاديث
ص : ٤٣٥
٢ ـ فهرس نقلة
المسائل ص : ٤٤٨
٣ ـ فهرس الأعلام
المترجم لهم ص : ٤٥٧
٤ ـ فهرس الفرق
والطوائف ص : ٤٧٠
٥ ـ فهرس المصادر
والمراجع ص : ٤٧١
٦ ـ فهرس
الموضوعات ص : ٤٩٣
فهرس الأحاديث
(أ)
ـ أتانى ربى عزوجل الليلة
|
٢ / ١٤٦
|
ـ أتدرون ما الإيمان
|
١ / ١١٦
|
ـ اتقى الله واصبرى
|
٢ / ١٨٦
|
ـ أتيت بالبراق وهو دابة
|
٢ / ١٤١
|
ـ اثنتان فى الناس هما بهم كفر
|
٢ / ١٦١
|
ـ احتج آدم وموسى
|
١ / ٣٠٨
|
ـ أخرجوا المشركين من جزيرة العرب
|
٢ / ٣٣١
|
ـ ادعى لى أبا بكر وأخاك
|
١ / ٣٧٦
|
ـ إذا استقر أهل الجنة فى الجنة
|
٢ / ٢١٩
|
ـ إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه
|
٢ / ٧٢
|
ـ إذا صليتم على الميت
|
٢ / ١٥٤
|
ـ إذا ضرب أحدكم فليتجنب الوجه
|
١ / ٣٥٩
|
ـ إذا فرغ أحدكم من التشهد
|
٢ / ١٩٢
|
ـ إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه
|
١ / ٣٥٩
|
ـ إذا قبر الميت أتاه ملكان
|
٢ / ١٨٢
|
ـ إذا قضى الله الأمر فى السماء
|
١ / ٢١٥
|
ـ إذا كان يوم القيامة ماج الناس .. «حديث
الشفاعة»
|
١ / ٩٧
|
ـ إذا مات أحدكم فلا تجلسوا
|
٢ / ١٧١
|
ـ إذا لا أصلي عليه
|
٢ / ١٥٧
|
ـ أربع فى أمتى من أمر الجاهلية
|
٢ / ١٦١
|
ـ أرواحهم فى جوف طير
|
٢ / ١٨٨
|
ـ استرقوا لها فإن بها النظرة
|
٢ / ١١٦
|
ـ استقيموا لقريش ما استقاموا لكم
|
٢ / ١٠
|
ـ اسكن فما عليك إلا نبى وصديق وشهيد
|
١ / ٤٠٣
|
ـ اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد
|
٢ / ١٥
|
ـ اطلعت فى الجنة فرأيت
|
٢ / ٢٢٥
|
ـ أعتقها فإنها مؤمنة
|
١ / ٨٦
|
ـ اعرضوا عليّ رقاكم
|
٢ / ١١٤
|
ـ أعيذكما بكلمات الله التامات
|
١ / ١٩٧
|
ـ افتح له الباب وبشره بالجنة
|
١ / ٤٠٣
|
ـ أفلح وأبيه إن صدق
|
٢ / ١٣٧
|
ـ اقرءوا البقرة وآل عمران
|
١ / ٢٢١
|
ـ أقروا الطير على مكناتها
|
٢ / ١٢٤
|
ـ أكمل المؤمنين إيمانا
|
١ / ٨٣
|
ـ الله أعلم بما كانوا عاملين
|
١ / ١٧٤
|
ـ الله أنت السلام
|
١ / ٢٧٢
|
ـ الله الله فى الصلاة
|
٢ / ٤٥
|
ـ اللهم إنى أعوذ بك
|
٢ / ١٩٢
|
ـ أما وأبيك لتنبأنه
|
٢ / ١٣٧
|
ـ أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا
|
١ / ٦٦
|
ـ أنا أول من يشفع فى الجنة
|
٢ / ٢١٢
|
ـ إن أحدكم إذا مات
|
٢ / ١٨٠
|
ـ إن أحدكم يجمع خلقه خلقه فى بطن أمه
|
١ / ١٣٦
|
ـ إن أمر عليكم عبد مجدع يقودكم بكتاب الله
|
٢ / ١٦
|
ـ إن أول ما خلق الله القلم
|
١ / ١٦٤
|
ـ إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة
|
٢ / ٤٢
|
ـ إن الله عزوجل خلق آدم ثم خلق الخلق من ظهره
|
١ / ١٣٦
|
ـ إن الله سيخلص رجلا من أمتى على رءوس
الخلائق
|
٢ / ٢٠٥
|
ـ إن الله يحدث من أمره ما يشاء
|
٢ / ٢٩٥
|
ـ أنت الأول فليس قبلك شيء
|
١ / ٣٢٧
|
ـ أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا
نبى بعدى
|
١ / ٣٨٧
|
ـ إن الرقى والتمائم
|
٢ / ١١٤
|
ـ انصر أخاك ظالما أو مظلوما
|
٢ / ٢٥
|
ـ انطلقوا إلى يهود
|
٢ / ٣٣٢
|
ـ إن عليه تميمة
|
٢ / ١١٩
|
ـ إن فى الجنة مائة درجة
|
١ / ٣٣٨
|
ـ إن قلوب بنى آدم كلها بين إصبعين من أصابع
الرحمن
|
١ / ٣١٣
|
ـ إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر
|
٢ / ٢٢٣
|
ـ إنكم لن ترجعوا إلى الله عزوجل بشيء
|
١ / ٢٠١
|
ـ إن لله ما أخذ وله ما أعطى
|
٢ / ١٦٦
|
ـ إن لم تجدينى فأتى أبا بكر
|
١ / ٣٧٦
|
ـ إنما نسمة المؤمن
|
٢ / ١٨٩
|
ـ إن المقسطين عند الله على منابر
|
١ / ٣٠٧
|
ـ إن الميت يصير إلى القبر
|
١ / ١٢٣
|
ـ إنها ستكون أثرة وأمور تنكرونها
|
٢ / ٩
|
ـ إنها لن تقوم حتى ترون
|
٢ / ١٩٣
|
ـ إنه قد شهد بدرا وما يدريك
|
١ / ٤٠٥
|
ـ إن هذه الصلاة لا يصلح فيها
|
١ / ١٩٧
|
ـ إنه ليأتى الرجل السمين
|
٢ / ٢٠٥
|
ـ إنه ليسمع خفق نعالهم
|
٢ / ١٧٧
|
ـ إنهما ليعذبان
|
٢ / ١٨٠
|
ـ أهل الجنة عشرون ومائة
|
١ / ٤٠٦
|
ـ أو غير ذلك يا عائشة إن الله خلق للجنة أهلا
|
١ / ١٧٠
|
ـ أولاد المشركين خدم أهل الجنة
|
١ / ١٧٧
|
ـ أول شيء خلق الله تعالى القلم
|
١ / ١٦٥
|
ـ أول ما تفقدون من دينكم الأمانة
|
٢ / ٤٢
|
ـ أو مسلما إنى لأعطى الرجل
|
١ / ١١٠
|
ـ ألا إن الله ينهاكم أن تخلفوا بآبائكم
|
٢ / ١٣٥
|
ـ إلا أن تروا كفرا بواحا
|
٢ / ١٦
|
ـ ألا إن ربى أمرنى أن أعلمكم ما جهلتم ومما
علمنى يومى هذا وأنى خلقت عبادى حنفاء
|
١ / ١٨٣
|
ـ ألا تأمنونى وأنا أمين من فى السماء
|
١ / ٣٣٣
|
ـ ألا رجل يحملنى إلى قومه فإن قريشا
|
١ / ١٩٧
|
ـ أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد
|
١ / ١٧١
|
ـ الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته
|
١ / ١١٥
|
ـ الإيمان بضع وسبعون شعبة
|
١ / ٨٤
|
(ب)
ـ البذاذة من الإيمان
|
١ / ٨٣
|
ـ بعثت إلى الأحمر والأسود
|
٢ / ٣٢٩
|
ـ بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان
|
٢ / ١٤٣
|
ـ بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة
|
٢ / ٣٨
|
(ث)
(ح)
ـ الحياء شعبة من الإيمان
|
١ / ٨٣
|
ـ حبب إلى من الدنيا
|
٢ / ٢٧٢
|
(خ)
ـ خلق الله عزوجل آدم على صورته
|
١ / ٣٥٩
|
ـ خلافة نبوة ثلاثون سنة
|
١ / ٣٦٩
|
ـ خيار أئمتكم الذين تحبونهم
|
٢ / ٩
|
ـ خير الناس قرنى
|
١ / ٣٩٦
|
(د)
ـ دخلت الجنة فرأيت قصرا
|
١ / ٤٠٣
|
(ذ)
ـ ذاك شيء يجده أحدكم
|
٢ / ١٢٦
|
(ر)
ـ رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة
|
٢ / ٤١
|
ـ رأيت ربى تبارك وتعالى
|
٢ / ١٤٦
|
ـ ربك أعلم بما كانوا عاملين .. «فى أولاد
المشركين»
|
١ / ١٧٦
|
ـ رفع القلم عن ثلاث
|
٢ / ٦٤
|
(س)
ـ سبعة يظلهم الله فى ظله
|
٢ / ١٤
|
ـ السمع والطاعة على المرء المسلم
|
٢ / ١٦
|
ـ السلام عليكم دار قوم مؤمنين
|
١ / ١٢٣ ، ٢ / ١٧٣
|
(ص)
ـ صغارهم دعاميص الجنة
|
١ / ١٧١
|
ـ صلوا على صاحبكم
|
٢ / ١٥٦
|
ـ الصلاة الصلاة
|
٢ / ٤٥
|
(ض)
ـ ضحك ربنا من قنوط عباده
|
١ / ٣١٧
|
(ط)
ـ الطهور شطر الإيمان
|
٢ / ٢٠٦
|
ـ الطيرة شرك
|
٢ / ١٢٥
|
(ع)
ـ عرضت عليّ الأمم
|
٢ / ١١٥
|
ـ علام يقتل أحدكم أخاه
|
٢ / ١١٦
|
ـ العين حق
|
٢ / ١١٥
|
ـ العين حق ولو كان شيء سابق القدر
|
٢ / ١١٥
|
(ف)
ـ فأقول أمتى أمتى «حديث الشفاعة»
|
٢ / ٣٢٩
|
ـ فلا تأتوا الكهان
|
٢ / ١٠٨
|
ـ فلا تعطه مالك
|
٢ / ١٩
|
ـ فيأتيهم الجبار فى صورة ... «من الحديث
الطويل فى أهوال الموقف»
|
١ / ٣٥٢
|
ـ فيبقى شرار الناس
|
٢ / ١٩٨
|
ـ فيكشف عن ساقه فيسجد له كل مؤمن .. «من
الحديث الطويل فى أهوال الموقف»
|
١ / ١٧٨
|
ـ فيمرون على قدر أعمالهم
|
٢ / ٢١٠
|
(ك)
ـ كان الله ولم يكن شيء غيره
|
١ / ١٦٤ ، ٣٣٧
|
ـ كتب الله مقادير الخلائق
|
١ / ١٦٤ ، ١٣٥
|
ـ كل شيء بقدر حتى العجز والكيس
|
١ / ١٣٦
|
ـ كلمتان حبيبتان إلى الرحمن
|
٢ / ٢٠٤
|
ـ كل مولود يولد على الفطرة
|
١ / ١٨١
|
(ل)
ـ لأخرجن اليهود والنصارى
|
٢ / ٣٣٢
|
ـ لعن الله من ذبح لغير الله
|
٢ / ١٣٢ ، ١ / ٣٧٢
|
ـ لعن المؤمن كقتله
|
١ / ٤٠٩
|
ـ لقد احتظرت بحظار شديد من النار
|
١ / ١٧١
|
ـ لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس
|
١ / ٢٣١
|
ـ لقد تابت توبة لو قسمت
|
٢ / ١٥٨
|
ـ لقد قلت بعدك أربع كلمات
|
١ / ٣٣٨
|
ـ لكل نبى دعوة مستجابة
|
٢ / ٣٣٠
|
ـ لكل نبى دعوة مستجابة وإنى اختبأت دعوتى
|
١ / ١٢٣
|
ـ لكن حمزة لا بواكى له .. ولا يبكين على هالك
بعد اليوم
|
٢ / ١٦٣
|
ـ لما قضى الله الخلق كتب فى كتاب
|
١ / ٣٢٧ ، ٣٣٩
|
ـ لو كنت متخذا خليلا
|
٢ / ٣٦٠ ، ١ / ٣٧٥
|
ـ لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم
|
١ / ١٥٤
|
ـ ليس منا من تطير أو تطير له
|
٢ / ١٠٧
|
ـ ليس منا من ضرب الخدود
|
٢ / ١٦٢
|
ـ ليس هذا منى وليس بصائح حق
|
٢ / ١٦١
|
(م)
ـ ما أخرجك من بيتك يا فاطمة
|
٢ / ١٨٦
|
ـ ما بين النفختين أربعون
|
٢ / ١٩٧
|
ـ ما تقرب العباد إلى الله
|
١ / ٢٠٢
|
ـ ما شأنكم .. غير الدجال أخوفنى عليكم
|
٢ / ١٩١
|
ـ ما لى لا أرى فلانا
|
٢ / ١٦٦
|
ـ ما من شيء أثقل فى الميزان من
|
٢ / ٢٠٦
|
ـ ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله
|
١ / ٢٨٩ ، ٣٠٠
|
ـ ما منكم من أحد إلا قد كتب مقعده
|
١ / ١٣٦
|
ـ ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد
|
١ / ١٧٢
|
ـ ما من الناس من مسلم يتوفى له
|
١ / ١٧١
|
ـ ما يسرك أن لا تأتى بابا من أبواب الجنة
|
١ / ١٧٢
|
ـ مراء فى القرآن كفر
|
١ / ٢٠٠
|
ـ من أتى عرافا
|
٢ / ١٠٨
|
ـ من أتى كاهنا أو عرافا
|
٢ / ١٠٨
|
ـ من بدل دينه فاقتلوه
|
٢ / ٦٣
|
ـ من تعلق تميمة فلا أتم الله له
|
٢ / ١١٩
|
ـ من تعلق شيئا وكل إليه
|
٢ / ١١٩
|
ـ من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك
|
٢ / ١٣٥
|
ـ من خلع يدا من طاعة .. ومن مات وليس فى عنقه
بيعة
|
٢ / ١٢
|
ـ من سب الأنبياء قتل
|
٢ / ٩٧
|
ـ من سب نبيا فاقتلوه
|
٢ / ٩٧
|
ـ من علق تميمة فقد أشرك
|
٢ / ١١٩
|
ـ من غشنا فليس منا
|
١ / ١٢٦
|
ـ من قتل دون ماله فهو شهيد
|
٢ / ١٨
|
ـ من لعنته أو سببته
|
١ / ٤٠٩
|
ـ من مر بالمقابر فقرأ قل هو الله أحد .. (موضوع)
|
٢ / ١٧٢
|
ـ من يعرف أصحاب هذه الأقبر
|
٢ / ١٨٠
|
ـ مهلا يا قوم بهذا أهلكت الأمم
|
١ / ١٦٨
|
ـ من رأى منكم منكرا
|
١ / ٣٢١
|
(ن)
ـ النبي فى الجنة والشهيد فى الجنة
|
١ / ١٧٩
|
ـ نزلت فى عذاب القبر
|
٢ / ١٨٠
|
ـ نسمة المؤمن طائر
|
٢ / ١٨٨
|
ـ نهيتكم عن زيارة القبور
|
٢ / ١٨٥
|
ـ نور أنى أراه
|
٢ / ١٥٠
|
(ه)
ـ هل تضارون فى القمر ليلة البدر
|
٢ / ٢٢٣
|
ـ «هم منهم» قاله صلىاللهعليهوسلم لما سئل عن الذرارى من المشركين
|
١ / ١٧٦
|
ـ هو أشد تفصيا من صدور الرجال
|
١ / ٢٣٦
|
(و)
ـ واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا
|
٢ / ١٤٩
|
ـ والّذي نفسى بيده لهما فى الميزان
|
٢ / ٢٠٥
|
ـ والّذي نفسى بيده ليوشكن
|
٢ / ١٩٥
|
ـ والله إنى لأرجو أن أكون أخشاكم
|
١ / ١٢٣
|
ـ ويضرب جسر جهنم
|
٢ / ٢١٠
|
(لا)
ـ لا إله إلا الله العليم الحليم
|
١ / ٣٣٩
|
ـ لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير
|
٢ / ١٦٦
|
ـ لا تخيرونى على موسى فإن الناس يصعقون يوم
القيامة
|
١ / ٣٣٨
|
ـ لا تزال جهنم تقول هل من مزيد
|
١ / ٣١١
|
ـ لا تسبوا أصحابى
|
١ / ٣٩٨ ، ٢ / ٣٦٧
|
ـ لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم
|
١ / ٣١٥
|
ـ لا تقبحوا الوجه فإن الله عزوجل
|
١ / ٣٥٩ ، ٣٦٠
|
ـ لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله
|
١ / ٤١١
|
ـ لا تماروا فى القرآن فإن مراء فيه كفر
|
١ / ٢٠١
|
ـ لا طيرة وخيرها الفأل
|
٢ / ١٢٧
|
ـ لا عقر فى الإسلام
|
٢ / ١٧٦
|
ـ لا يبقى دينان بجزيرة العرب
|
٢ / ٣٣٢
|
ـ لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث
|
٢ / ٦٣
|
ـ لا يدخل النار إن شاء الله
|
١ / ٤٠٦
|
ـ لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة
أحد
|
١ / ٤٠٦
|
ـ لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن
|
١ / ٩٥
|
ـ لا يكون لأحد ثلاث بنات أو ثلاث أخوات
|
٢ / ٢٣٣
|
ـ لا يؤم فاجر مؤمنا
|
٢ / ٤١٦
|
(ى)
ـ يا أيها الناس إنى قد كنت أذنت لكم
|
٢ / ٤٢٣
|
ـ يا صاحب السبتيتين
|
٢ / ١٧٧
|
ـ يا عائشة أشعرت أن الله أفتانى
|
٢ / ١٠٢
|
ـ يا غلام احفظ الله يحفظك
|
٢ / ١٠٩
|
ـ يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل
|
١ / ٣٣٣
|
ـ يجمع الله المؤمنين يوم القيامة
|
١ / ٣٠٨
|
ـ يجمع الله الناس يوم القيامة
|
٢ / ٢١٢
|
ـ يجيء القرآن يوم القيامة
|
١ / ٢٢٠
|
ـ يحشر الناس يوم القيامة
|
١ / ٣٠٣
|
ـ يخرج ناس من أمتى من قبل المشرق
|
٢ / ٣٥٢
|
ـ يدنى المؤمن من ربه
|
٢ / ١٩٩
|
ـ يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر
|
١ / ٣١٦
|
ـ يقول الله عزوجل : أنا الرحمن خلقت الرحم
|
١ / ٢٦٦
|
ـ يقول الله : يا آدم
|
١ / ٣٠٣
|
ـ يكون أمراء يقولون ما لا يفعلون
|
٢ / ٨
|
ـ يكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة
|
٢ / ٣٩
|
ـ ينزل ربنا تبارك وتعالى
|
١ / ٣٤٩
|
ـ يؤتى بالموت كبشا
|
٢ / ٢٢٨
|
أحاديث لها حكم الرفع
ـ أخذ علينا رسول الله صلىاللهعليهوسلم مع البيعة ألا ننوح .. «أم عطية»
|
٢ / ١٦١ ، ١٦٢
|
ـ أنا بريء مما برئ منه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ..
|
|
برئ من الصالقة «أبو
موسى الأشعرى»
|
٢ / ١٦٢
|
ـ أن يهوديا جاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا محمد إن الله يمسك السموات على إصبع «عبد الله
بن مسعود»
|
١ / ٣١٣
|
ـ ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن لا تدع تمثالا إلا طمسته «على بن أبى طالب»
|
٢ / ١٦٨
|
ـ بايعت النبي صلىاللهعليهوسلم على السمع والطاعة «جرير بن عبد الله»
|
١ / ٩٥
|
ـ سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمر بتسويتها «فضالة بن عبيد»
|
٢ / ١٦٩
|
ـ كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمرنى أن أسترقي من العين. «السيدة عائشة»
|
٢ / ١١٦
|
ـ كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر «بريدة بن الحصيب»
|
٢ / ١٧٣
|
ـ لعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم زوارات القبور «عبد الله ابن عباس»
|
٢ / ١٨٤
|
ـ لم يصل عليهم ولم يغسلهم ـ أى شهداء أحد ـ «جابر
ابن عبد الله»
|
٢ / ٤٢٧
|
ـ نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يجصص القبر «جابر ابن عبد الله»
|
٢ / ١٦٨
|
ـ نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذبائح الجن. «روى مرسلا عن الزهرى وموصولا أيضا عن
أبي هريرة»
|
٢ / ١٣٣
|
ـ نعم كان نهى ثم أمر بزيارتها. «السيدة عائشة»
|
٢ / ١٨٦
|
الموقوف
ـ أشهد أن النبي صلىاللهعليهوسلم فى الجنة.
|
|
«سعيد بن زيد
رضى الله عنه»
|
١ / ٤٠٣
|
ـ إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أذن لنا فى. «عمر بن الخطاب»
|
٢ / ٤٢٣
|
ـ ثلاث من تكلم بواحدة منهن. «السيدة عائشة»
|
٢ / ١٤٥
|
ـ رحمك الله إن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع
صاحبيك.
|
|
«على بن أبى
طالب»
|
١ / ٣٩٢
|
ـ قلت لأبى : أى الناس خير بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أبو بكر. «محمد بن على بن أبى طالب»
|
١ / ٣٩١
|
ـ كنا نعد ورسول الله صلىاللهعليهوسلم حي فنقول أبو بكر.
|
|
«عبد الله بن
عمر»
|
١ / ٣٨٤
|
ـ لما حولت القبلة إلى الكعبة قال أصحاب رسول
الله صلىاللهعليهوسلم. «البراء بن مالك ، ابن عباس»
|
١ / ٨١
|
* * *
فهرس نقلة المسائل
(أ)
إبراهيم بن أبان
الموصلى
|
١ / ٢٤٦
|
إبراهيم بن
الحارث العبادى
|
١ / ٨٦
|
إبراهيم بن
الحكم القصار
|
١ / ٢٥٧
|
إبراهيم بن سعيد
الجوهرى
|
٢ / ٤٠٠
|
إبراهيم بن سويد
الأرمنى
|
١ / ٣٨٢
|
إبراهيم بن موسى
بن آزر
|
١ / ٤٠٠
|
إبراهيم بن هاشم
بن الحسين
|
٢ / ١٠١
|
إبراهيم بن
يعقوب الجوزجانى
|
١ / ١٢٦
|
أحمد بن إبراهيم
الدورقى
|
١ / ٢٣٤
|
أحمد بن أبى
عبدة
|
٢ / ٣٥٧
|
أحمد بن بكر بن
حماد المقرئ
|
١ / ٤٠٣
|
أحمد بن أصرم
المزنى
|
١ / ١٢٤
|
أحمد بن جعفر الإصطخرى
|
١ / ٣٩
|
أحمد بن الحسن
بن جنيدب الترمذي
|
١ / ٦٣
|
أحمد بن الحسن
بن على البزورى
|
١ / ٢٤٧
|
أحمد بن الحسين
بن حسان
|
١ / ١٤٩
|
أحمد بن حميد
المشكانى
|
١ / ١١٨
|
أحمد بن زرارة
المقرئ
|
١ / ٣٨٢
|
أحمد بن زنجويه
|
١ / ٢٣٩
|
أحمد بن سعد
الجوهرى
|
٢ / ٣٧٧
|
أحمد بن سعيد
الدارمى
|
١ / ١٨٩
|
أحمد بن عبد
الله بن ميمون
|
١ / ٣٨٥
|
أحمد بن القاسم
|
١ / ٦٤
|
أحمد بن محمد
الصائغ
|
١ / ٧٢
|
أحمد بن محمد بن
الحجاج المروزي
|
١ / ٤٥
|
أحمد بن محمد بن
صدقة
|
٢ / ١٧٢
|
أحمد بن محمد بن
الليث
|
١ / ٢٥٥
|
أحمد بن محمد بن
مطر
|
١ / ٤٠٨
|
أحمد بن محمد بن
هانئ
|
١ / ٣٤٣
|
أحمد بن محمد بن
واصل
|
١ / ٨٩
|
أحمد بن محمود
الساوى
|
١ / ١٦٥
|
أحمد بن نصر
|
٢ / ٢٣٦
|
إسحاق بن
إبراهيم البغوى
|
١ / ٢٢٤
|
إسحاق بن
إبراهيم الجبلى
|
١ / ٣٨٢
|
إسحاق بن
إبراهيم بن هانئ
|
١ / ٣٠
|
إسحاق بن حية
الأعمش
|
٢ / ٢٧٩
|
إسحاق بن منصور
الكوسج
|
١ / ٣١
|
إسماعيل بن إسحاق
الثقفى
|
١ / ١٢٥
|
إسماعيل بن سعيد
الشالنجى
|
١ / ٩٩
|
إسماعيل بن عبد
الله بن ميمون العجلى
|
١ / ٢٨٣
|
أعين بن زيد
الشوبى
|
١ / ١٨٨
|
أيوب بن إسحاق
بن سافرى
|
٢ / ٢٨
|
(ب)
بديل بن محمد بن
أسد
|
٢ / ٤٠٠
|
بكر بن محمد
الأحول
|
١ / ١٧٤
|
(ج)
جعفر بن أحمد بن
سام
|
١ / ٨١
|
جعفر بن محمد
النسائى
|
١ / ١٤٤
|
(ح)
حبيش بن سندى
|
١ / ١١٨
|
حرب بن إسماعيل
الكرمانى
|
١ / ٨٩
|
الحسن بن
إسماعيل الربعى
|
١ / ٣٧
|
الحسن بن أيوب
البغدادى
|
١ / ١٨٩
|
الحسن بن ثواب
المخرمى
|
١ / ١٨١
|
الحسن بن على
الإسكافى
|
١ / ٨٧
|
الحسن بن محمد
السجستانى
|
٢ / ٢٦٨
|
الحسن بن محمد
الأنماطى
|
|
الحسن بن الهيثم
البزار
|
١ / ١٨٧
|
الحسين بن إسحاق
التسترى
|
١ / ٢٣٧
|
الحسين بن الحسن
الرازى
|
٢ / ٢٣٧
|
الحسن بن منصور
السلمى
|
١ / ١٢٢
|
حنبل بن إسحاق
بن حنبل
|
١ / ٦٣
|
(خ)
(ر)
(ز)
زكريا بن يحيى
الناقد
|
١ / ٣٨٩
|
زياد بن أيوب
البغدادى
|
١ / ١٢١
|
(س)
سعيد بن أبى
سعيد الأرطائى
|
٢ / ٣٥٩
|
سلمة بن شبيب
المسمعى
|
١ / ١٨٩
|
سليمان بن
الأشعث السجستانى
|
١ / ٣٠
|
(ش)
(ص)
صالح بن أحمد بن
حنبل
|
١ / ٣١
|
(ع)
العباس بن غالب
الوراق
|
٢ / ٤٠٠
|
عباس بن محمد
الدورى
|
٢ / ١٧٠
|
عبد الرحمن بن
عمرو النصرى
|
١ / ٢٧
|
عبد الصمد بن
يحيى
|
٢ / ١٤٦
|
عبد الكريم بن
الهيثم العاقولى
|
٢ / ١٨
|
عبد الله بن
أحمد بن حنبل
|
١ / ٢٨
|
عبد الله بن عمر
مشكدانة
|
١ / ١٨٧
|
عبد الله بن
محمد البغوى
|
٢ / ٤٢٥
|
عبد الله بن
محمد بن المهاجر
|
١ / ١٨٨
|
عبد الملك بن عبد
الحميد الميمونى
|
١ / ٦٣
|
عبدوس بن مالك
العطار
|
١ / ٣٥
|
عبد الرحمن بن
عمرو ، أبو زرعة
|
١ / ٢٧٠
|
عبد الرحمن بن
يحيى بن خاقان
|
٢ / ٤٠٢
|
عبيد الله بن
يحيى بن خاقان
|
١ / ١٩٩
|
عصمة بن عصام
|
١ / ١٤٧
|
عصمة بن أبى
عصمة
|
٢ / ٤٠٨
|
عقبة بن مكرم
العمى
|
٢ / ٢٧٠
|
على بن أبى خالد
|
|
على بن زكريا
|
١ / ٣٨٢
|
على بن سعيد
النسائى
|
١ / ١٤١
|
على بن سهل بن
المغيرة
|
١ / ٣٨٦
|
على بن عبد الله
الطيالسى
|
٢ / ١٢١
|
على بن الفرات
الأصبهانى
|
١ / ١٨٨
|
عيسى بن فيروز
الأنبارى
|
١ / ٦٤
|
(ف)
الفرج بن على بن
الصباح البزراطى
|
٢ / ١١٢
|
الفضل بن زياد
القطان
|
١ / ٦٤
|
(م)
المثنى بن جامع
الأنبارى
|
١ / ٤٠٤
|
محمد بن إبراهيم
البوشنجى
|
١ / ٦٤
|
محمد بن إبراهيم
القيسى
|
١ / ٣٤٣
|
محمد بن أبى
عتاب
|
١ / ١٩٢
|
محمد بن أحمد بن
الجراح الجوزجانى
|
١ / ٦٨
|
محمد بن أحمد بن
واصل المقرئ
|
١ / ٨٩
|
محمد بن إسماعيل
السلمى
|
١ / ٢٢٤
|
محمد بن حبيب الأندرانى
|
١ / ٨٩
|
محمد بن حبيب
البزار
|
|
محمد بن الحسن
بن هارون
|
١ / ١١٧
|
محمد بن الحكم
الأحول
|
١ / ١٤٤
|
محمد بن حماد بن
بكر المقرئ
|
١ / ١١٨
|
محمد بن داود
المصيصى
|
٢ / ٢٢
|
محمد بن سليمان
الجوهرى
|
١ / ٢٤٠
|
محمد بن شداد
الصفدى
|
١ / ٢٣٩
|
محمد بن عبد
الملك بن زنجويه
|
١ / ٢٤٧
|
محمد بن على
الوراق
|
١ / ٧٣
|
محمد بن عوف
الطائى
|
١ / ٤١
|
محمد بن مسلم
الرازى
|
١ / ١٨٨
|
محمد بن موسى بن
مشيش
|
٢ / ٢٣٧
|
محمد بن النقيب
الجرجرائى
|
١ / ٤٠٤
|
محمد بن يحيى
الكحال
|
١ / ١٤٢
|
محمد بن يحيى بن
فارس الذهلى
|
١ / ٣٨٥
|
محمد بن يونس
السرخسى
|
١ / ٣٨
|
محمود بن خالد
الخانقينى
|
١ / ١٨٨
|
محمود بن خداش
الطالقانى
|
١ / ٢٣٨
|
مسدد بن مسرهد
|
١ / ٣٣
|
مهنا بن يحيى
الشامى
|
١ / ٤١
|
موسى بن هارون
الحمال
|
٢ / ٤٠١
|
(و)
وريزة بن محمد
الحمصى
|
١ / ٣٨٣
|
(ه)
هارون بن سفيان
المستملى
|
١ / ١٧٤
|
هارون بن عبد
الله الحمال
|
١ / ١٨٨
|
هارون بن يعقوب
الهاشمى
|
١ / ٣٥٩
|
هشام بن منصور
السكسكى
|
١ / ٣٨٣
|
(ى)
يحيى بن زكريا
المروزى
|
١ / ٢٢٤
|
يحيى بن معين
الغطفانى
|
١ / ٣٨٤
|
يحيى بن يزداد
العسكرى
|
٢ / ١٠٤
|
يعقوب بن
إبراهيم الدورقى
|
١ / ١٩٦
|
يعقوب بن بختان
|
١ / ١٠٤
|
يعقوب بن العباس
الهاشمى
|
١ / ٣٤٢
|
يعقوب بن يوسف المطوعى
|
١ / ٢٥٥
|
يوسف بن موسى بن
راشد القطان
|
١ / ٨٩
|
من اشتهر منهم بكنيته أو لقب أو نسب
إلى أبيه أو جده ونحو ذلك
أبو إسحاق العبادى : إبراهيم بن الحارث.
أبو إسماعيل
الترمذي : محمد بن إسماعيل السلمى.
أبو بكر الأثرم :
أحمد بن محمد بن هانئ.
أبو بكر بن الأعين
: محمد بن أبى عتاب.
أبو بكر بن حماد
المقرئ : محمد بن حماد بن بكر بن حماد.
أبو بكر بن زنجويه
: محمد بن عبد الملك.
أبو بكر المروزى :
أحمد بن محمد بن الحجاج.
أبو بكر المطوعى :
يعقوب بن يوسف.
أبو توبة الحلبى :
الربيع بن توبة.
أبو الحارث الصائغ
: أحمد بن محمد.
أبو داود : سليمان
بن الأشعث.
أبو زرعة : عبد
الرحمن بن عمرو.
أبو الصقر الوراق
: يحيى بن يزداد.
أبو طالب : أحمد
بن حميد المشكانى.
أبو طالب العكبرى
: عصمة بن أبى عصمة.
أبو القاسم الجبلى
: إسحاق بن إبراهيم.
أبو النضر العجلى
: إسماعيل بن عبد الله بن ميمون.
ابن بدينا : محمد
بن الحسن بن هارون.
ابن أبى الحوارى :
أحمد بن عبد الله بن ميمون.
ابن زنجويه : أحمد
بن زنجويه.
ابن هانئ : إسحاق
بن إبراهيم بن هانئ.
ابن وارة : محمد
بن مسلم.
الإصطخرى : أحمد
بن جعفر.
الأندرانى : محمد
بن حبيب.
البرزاطى : الفرج
بن على بن الصباح.
البوشنجى : محمد
بن إبراهيم.
الجوزجانى :
إبراهيم بن يعقوب.
الجوزجانى : محمد
بن أحمد بن الجراح.
الخانقينى : محمود
بن خالد.
الدورقى : أحمد بن
إبراهيم.
الدورقى : يعقوب
بن إبراهيم.
الدورى : عباس بن
محمد.
الربعى : الحسن بن
إسماعيل.
الشالنجى :
إسماعيل بن سعيد.
الطالقانى : محمود
بن خداش.
العاقولى : عبد
الكريم بن الهيثم.
فوران : عبد الله
بن محمد بن المهاجر.
الكحال : محمد بن
يحيى.
الكوسج : إسحاق بن
منصور.
مشكدانة : عبد
الله بن عمرو.
المصيصى : محمد بن
داود.
الميمونى : عبد
الملك بن عبد الحميد.
حمدان : محمد بن
على الوراق.
محمد بن أبى حرب :
محمد بن النقيب.
مشيش : محمد بن
موسى.
فهرس الأعلام المترجم لهم
(أ)
ـ إبراهيم بن أحمد بن شاقلا
|
١ / ٢٥٨
|
ـ إبراهيم بن أدهم البلخى
|
٢ / ٢٧٢
|
ـ إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي
|
١ / ٤٢
|
ـ أحمد بن جعفر بن سلم
|
٢ / ٣٧٦
|
ـ أحمد بن الحسن الباقلانى ، أبو طاهر
|
١ / ٣٧
|
ـ أحمد بن الحسين أبو بكر البيهقى
|
١ / ٥٣
|
ـ أحمد بن أبى داود الأيادى ، المعتزلى
|
١ / ١٩٠
|
ـ أحمد بن سعيد الشيحى
|
١ / ٤١
|
ـ أحمد بن عبيد الله العكبرى ، ابن كادش
|
١ / ٣٨
|
ـ أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمى ، أبو بكر
الأدمى
|
٢ / ٤٠٠
|
ـ أحمد بن محمد بن عبد الرحيم البردعى
|
١ / ٣٤
|
ـ أحمد بن محمد بن عبد الله ، أبو بكر بن صدقة
|
١ / ٢٥٩
|
ـ أحمد بن محمد بن عيسى ، ابن الميراثى
|
١ / ٣٩
|
ـ أحمد بن محمد بن هارون ، أبو بكر الخلال
|
١ / ٢٥
|
انظر : ترجمته
والتعريف بما أفدت من مصنفاته.
|
|
ـ أحمد بن المظفر التمار
|
١ / ٣٧
|
ـ أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الجرجانى ، أبو
بكر الإسماعيلي
|
١ / ٢٤١
|
ـ إسحاق بن أبى إسحاق القراب ، أبو يعقوب
|
١ / ٣٤
|
(ب)
ـ بشر بن السرى الأفوه
|
١ / ٣٥٧
|
ـ بشر بن غياث المريسى
|
١ / ١٩٠
|
ـ بشر بن الحارث الحافى
|
٢ / ٢٧٢
|
ـ بكر بن خنيس العابد
|
١ / ٢٦٧
|
(ث)
ـ ثعلبة بن مشكان ، الخارجى
|
٢ / ٣٥٥
|
ـ ثمامة بن أشرس النميرى ، وإليه تنسب
الثمامية إحدى فرق المعتزلة
|
١ / ١٧٧
|
(ج)
ـ الجعد بن درهم
|
١ / ١٨٩
|
ـ جعفر بن عبد الله بن الحكم
|
٢ / ٨
|
ـ جعفر بن المعتصم
|
١ / ١٩٩
|
ـ الجهم بن صفوان الترمذي
|
١ / ١٨٩
|
(ح)
ـ الحارث بن يزيد ـ الخارجى الأباضى
|
٢ / ٣٥٥
|
ـ حبيب بن أبى حبيب ، كاتب مالك
|
١ / ٣٥٥
|
ـ الحسن بن أحمد بن البنا
|
٢ / ٣٧٥
|
ـ الحسن بن حامد البغدادى ، أبو عبد الله
|
١ / ٢٦٠
|
ـ الحسن بن صالح بن حي
|
٢ / ٣
|
ـ الحسن بن محمد بن الحنفية
|
٢ / ٣٧٢
|
ـ الحسين بن على بن يزيد الكرابيسى
|
١ / ٢٤٢
|
ـ الحسين بن محمد النجار ، وإليه تنسب
النجارية
|
١ / ١٩٥
|
ـ حفص الفرد
|
١ / ١٩٥
|
ـ الحكم بن عتيبة الكندى
|
٢ / ٤٢٩
|
ـ حمزة بن القاسم ، أبو عمر الإمام
|
٢ / ٣٤١
|
ـ الحارث بن أسد المحاسبى
|
١ / ٣٠٥
|
ـ الحجاج بن يوسف الثقفى
|
١ / ٤١١
|
ـ الحسن بن عبد العزيز الجروى
|
٢ / ٢٧٧
|
ـ الحسن بن عبد الوهاب بن أبى العنبر العنبرى
|
٢ / ٢٩٤
|
ـ الحسن بن موسى الأشيب
|
٢ / ١٤٩
|
ـ الحسن بن جحدر
|
٢ / ٣٠٨
|
ـ حماد بن أبى سليمان
|
١ / ٧٩
|
(خ)
ـ الخضر بن المثنى
|
١ / ٤٤
|
ـ خالد بن خداش
|
١ / ١٥٧
|
ـ الخليل بن أحمد الفراهيدى
|
١ / ٢٦٥
|
(ذ)
ـ ذر بن زرارة المرهبيّ
|
٢ / ٣٧٠
|
(ر)
ـ الربيع بن صبيح السعدى
|
٢ / ٣٧٢
|
ـ رزق الله بن عبد الوهاب التميمى
|
١ / ٥٢
|
(ز)
ـ الزبير بن العوام رضى الله عنه
|
١ / ٤٠٢
|
ـ زاهر بن طاهر الشحامى
|
٢ / ٤٠١
|
ـ زهير بن صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل
|
٢ / ٤٠٣
|
ـ زياد بن الأصفر ، الخارجى
|
٢ / ٣٥٢
|
(س)
ـ سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه
|
١ / ٤٠٢
|
ـ سعيد بن زيد رضى الله عنه
|
١ / ٤٠٢
|
ـ سالم بن أبى الجعد
|
|
ـ سباع بن ثابت
|
٢ / ١٢٤
|
ـ السرى السقطى
|
١ / ٢٦٠
|
ـ سسويه ، أو سوسن القدرى
|
١ / ١٤١
|
ـ سعيد بن جهمان
|
١ / ٣٦٩
|
ـ سعيد بن داود بن أبى زنبر
|
١ / ١٠٠
|
ـ سليمان بن أحمد ، أبو القاسم الطبرانى
|
١ / ٣٥٨
|
ـ سهل بن عبد الله التسترى
|
١ / ٤٢
|
(ش)
ـ شبابة بن سوار المدائنى
|
١ / ٧٢
|
ـ شجاع بن الوليد ، أبو بدر
|
٢ / ٣٠٩
|
(ض)
ـ ضرار بن عمرو ، وإليه تنسب الضرارية
|
١ / ١٩٥
|
(ط)
ـ طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه
|
١ / ٤٠٢
|
ـ طاوس بن كيسان اليمانى
|
١ / ١٢٤
|
ـ طلحة بن يحيى التيمى
|
١ / ١٧٠
|
(ع)
ـ عبد الله بن عثمان ـ أبو بكر الصديق رضى
الله عنه
|
١ / ٤٠٢
|
ـ عمر بن الخطاب رضى الله عنه
|
١ / ٤٠٢
|
ـ عثمان بن عفان رضى الله عنه
|
١ / ٤٠٢
|
ـ على بن أبى طالب رضى الله عنه
|
١ / ٤٠٢
|
ـ عامر بن عبد الله بن الجراح ، أبو عبيدة رضى
الله عنه
|
١ / ٤٠٢
|
ـ عمرو بن حريث رضى الله عنه
|
٢ / ٢٨١
|
ـ عاصم بن بهدلة ـ ابن أبى النجود المقرئ
|
٢ / ٢٨٣
|
ـ عامر بن سعد البجلي
|
٢ / ٢١٩
|
ـ عامر بن واثلة ـ أبو الطفيل
|
١ / ٣٧٢
|
ـ عبد الرحمن بن عائش الحضرمى أو السكسكى
|
٢ / ١٤٦
|
ـ عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق ، ابن مندة
|
١ / ٣٥٨
|
ـ عبد الرحمن بن محمد بن حاتم الرازى
|
٢ / ٣٥٩
|
ـ عبد الرحمن بن محمد القزاز
|
٢ / ٣٥٨
|
ـ عبد الرحمن بن مهدى
|
١ / ١٣٢
|
ـ عبد العزيز بن أبى رزمة
|
١ / ٩٣
|
عبد العزيز بن
جعفر ، غلام الخلال
|
١ / ٤٤
|
ـ عبد العزيز بن الحارث ، أبو الحسن التميمى
|
١ / ٣٤٤
|
ـ عبد العزيز بن على الأزجى
|
١ / ٣٥
|
ـ عبد العزيز بن على الأنماطى العتابى
|
٢ / ٣٥٨
|
ـ عبد الكريم بن عجرد ـ الخارجى
|
٢ / ٣٥٥
|
ـ عبد الله بن أباض التميمى ـ الخارجى
|
٢ / ٣٥٥
|
ـ عبد الله بن حنبل بن إسحاق بن حنبل ـ وقيل :
عبيد الله
|
٢ / ٣٣١
|
ـ عبد الله بن الزبير بن عيسى الحميدى
|
١ / ٣٥٧
|
ـ عبد الله بن سبأ الحميرى
|
٢ / ٣٦٠
|
ـ عبد الله بن سعيد بن كلاب
|
١ / ٢٩٢
|
ـ عبد الله بن الصفار السعدى ـ الخارجى
|
٢ / ٣٥٢
|
ـ عبد الله بن عميرة
|
١ / ٣٢٥
|
ـ عبد الله بن المبارك
|
١ / ٩٣
|
ـ عبد الله بن محمد الأنصارى أبو إسماعيل
الهروى
|
١ / ٣٤
|
ـ عبد الله بن محمد بن زياد ، أبو بكر بن زياد
|
٢ / ٣٥٨
|
ـ عبد الله بن محمد بن عبد الحميد القطان
|
١ / ١٧٤
|
ـ عبد الله بن هارون الرشيد
|
١ / ١٩٠
|
ـ عبد الملك بن أبى القاسم
|
١ / ٣٤
|
ـ عبد الواحد بن عبد العزيز التميمى
|
١ / ٥٢
|
ـ عبيد الله بن سعيد ، أبو نصر السجزى
|
٢ / ٣٩٩
|
ـ عبيد الله بن محمد العكبرى ، ابن بطة
|
١ / ٣٣
|
ـ عثمان بن أحمد ، ابن السماك
|
١ / ٣٥
|
ـ عطاء السليمى
|
٢ / ٢٥٥
|
ـ على بن أحمد بن محمد البسرى
|
١ / ٣٣
|
ـ على بن إسماعيل ، أبو الحسن الأشعرى
|
١ / ٧٤
|
ـ على بن الحسن بن هارون
|
١ / ٨١
|
ـ على بن عبد العزيز ، ابن مردك
|
٢ / ٣٥٩
|
ـ على بن عبيد الله ، ابن الزاغونى
|
١ / ٣٥٥
|
ـ على بن عقيل ، أبو الوفاء
|
١ / ٣٥٥
|
ـ على بن عمر البرمكي
|
١ / ٣٩
|
ـ على بن محمد بن بشران ، أبو الحسين
|
١ / ٣٥
|
ـ على بن محمود الزوزنى
|
١ / ٣٨
|
ـ على بن هارون الحنبلى
|
١ / ٢٢٥
|
ـ على بن يحيى بن جعفر ، ابن عبدكويه
|
١ / ٣٥٨
|
ـ عمر بن أحمد ، أبو حفص بن شاهين
|
٢ / ٤٢١
|
ـ عمر بن الحسين الخرقى
|
٢ / ٢٦٣
|
ـ عمر بن محمد بن عيسى الجوهرى
|
٢ / ٣٧٦
|
ـ عمرو بن عبيد المعتزلى
|
٢ / ٣٧٢
|
ـ عبد الله بن محمد بن ناجية
|
١ / ٢٤١
|
ـ عبد الله بن إدريس الأودى
|
٢ / ٣٦٨
|
ـ عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن
الخطاب
|
٢ / ٣٠٩
|
ـ عبيد الله بن زحر
|
٢ / ٣٠٠
|
ـ عبد القادر الجيلى
|
١ / ٢٦١
|
عبد السلام بن محمد
، أبو هاشم الجبائى
|
١ / ٢٦٤
|
ـ عبد الواحد بن محمد ، أبو الفرج الأنصارى
|
١ / ٢٦١
|
ـ على بن شوكر
|
١ / ٥٠
|
ـ على بن يزيد
|
٢ / ٣٠٠
|
ـ عمر بن أحمد ، أبو حفص العكبرى
|
١ / ٢٤٠
|
(غ)
ـ غيلان بن أبى غيلان الدمشقى
|
١ / ١٤١
|
(ف)
(ق)
ـ القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي
|
٢ / ٣٠٠
|
(م)
ـ المبارك بن عبد الجبار الصيرفى ، ابن
الطيورى
|
١ / ٣٥
|
ـ مبشر الحلبى
|
٢ / ١٧١
|
ـ محمد بن إبراهيم بن عبد الله زوزان
|
١ / ٤٠
|
ـ محمد بن أحمد بن صالح بن أحمد بن حنبل
|
٢ / ٤٠٣
|
ـ محمد بن أحمد بن فارس ، أبو الفتح بن أبى الفوارس
|
٢ / ٣٧٥
|
ـ محمد بن أحمد بن محمد الجرجرائى ، أبو بكر
المفيد
|
١ / ٣٧
|
ـ محمد بن حاتم بن نعيم المروزى
|
١ / ٦٨
|
ـ محمد بن الحسين بن محمد ، أبو يعلى بن
الفراء
|
١ / ٤٦
|
ـ محمد بن الطيب ، أبو بكر الباقلانى
|
١ / ٥٣
|
ـ محمد بن العباس بن محمد ، أبو عمر بن حيويه
|
١ / ٤٢
|
ـ محمد بن عبد الرحمن المخلص
|
٢ / ٣٥٨
|
ـ محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة ، ابن أبى
ذئب
|
١ / ١٠٨
|
ـ محمد بن عبد العزيز بن أبى رزمة
|
١ / ٩٣
|
ـ محمد بن عبد الله الحاكم ـ ابن البيع
|
٢ / ٤٠١
|
ـ محمد بن عبد الملك بن خيرون
|
١ / ٣٧
|
ـ محمد بن على البيضاوى
|
٢ / ٤٠٢
|
ـ محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب
|
١ / ١١٠
|
ـ محمد بن على بن شعيب السمسار
|
١ / ٧٣
|
ـ محمد بن على بن محمد بن صخر ، ابن صخر
الأزدى
|
٢ / ٣٩٩
|
ـ محمد بن كرام السجستانى
|
١ / ٦٩
|
ـ محمد بن محمد بن الحسين ، ابن أبى يعلى
|
١ / ٣٢
|
ـ محمد بن محمد بن محمود ، أبو منصور
الماتريدى
|
١ / ٧٥
|
ـ محمد بن موسى أبو الفضل الوراق
|
١ / ٧٣
|
ـ محمد بن ناصر السلامى
|
١ / ٣٧
|
ـ مرداس بن أدية التميمى ـ الخارجى
|
٢ / ٣٥٢
|
ـ معبد بن خالد الجهنى القدرى
|
١ / ١٤١
|
ـ موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان
|
٢ / ٤٠٢
|
ـ موسى بن عقبة بن أبى عياش الأسدى
|
٢ / ١٤٠
|
ـ محمد بن أحمد ، أبو الحسين بن سمعون
|
١ / ٢٦١
|
ـ محمد بن الحسن بن فورك
|
١ / ٢٦٤
|
ـ محمد بن نصر المروزى
|
١ / ٥٠
|
ـ ميسرة بن حبيب النهدى
|
٢ / ٣٠٨
|
(ن)
ـ نافع بن الأزرق التميمى ـ الخارجى
|
٢ / ٣٥٤
|
ـ نافع بن عبد الرحمن ـ القارئ
|
٢ / ٢٨٣
|
ـ نجدة بن عامر الحنفى ـ الخارجى
|
٢ / ٣٥٤
|
ـ النعمان بن ثابت ، أبو حنيفة الإمام
|
١ / ٧٧
|
ـ نوح بن أبى حبيب
|
١ / ٣٧٨
|
(ه)
ـ هارون بن المعتصم
|
١ / ١٩١
|
ـ هبة الله بن الحسين الحاسب
|
٢ / ٣٧٥
|
ـ هلال بن على بن أسامة العامرى
|
١ / ٨٦
|
(و)
ـ واصل بن عطاء المعتزلى
|
٢ / ٣٧٣
|
ـ الوليد بن أبى ثور
|
|
ـ وكيع بن حدس
|
١ / ٣١٧
|
من اشتهر منهم بكنية أو لقب أو نسب
إلى أبيه أو جده ونحو ذلك
أبو بكر الصديق : عبد الله بن عثمان رضى
الله تعالى عنه.
أبو إسماعيل
الهروى : عبد الله بن محمد الأنصارى.
أبو بكر الأدمى :
أحمد بن محمد بن إسماعيل.
أبو بكر
الإسماعيلي : أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل.
أبو بكر الباقلانى
: محمد بن الطيب.
أبو بكر الخلال :
أحمد بن محمد بن هارون.
أبو بكر بن صدقة :
أحمد بن محمد بن عبد الله.
أبو بكر المفيد :
محمد بن أحمد.
أبو الحسن الأشعرى
: على بن إسماعيل.
أبو الحسين بن
سمعون : محمد بن أحمد.
أبو حنيفة :
النعمان بن ثابت.
أبو رافع القبطى :
مولى رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
أبو عبد الله بن
حامد : الحسن بن حامد.
أبو عمر بن حيويه
: محمد بن العباس.
أبو الفتح بن أبى
الفوارس : محمد بن أحمد بن فارس.
أبو الفرج
الأنصارى : عبد الواحد بن محمد.
أبو منصور العجلى
: الرافضى.
أبو منصور
الماتريدى : محمد بن محمد بن محمود.
أبو هاشم الجبائى
: عبد السلام بن محمد.
أبو يعلى بن
الفراء : محمد بن الحسين.
ابن بشران : على
بن محمد بن بشران.
ابن الحنفية :
الحسن بن محمد.
ابن خيرون : محمد
بن عبد الملك.
ابن الزاغونى :
على بن عبيد الله.
ابن زوزان : محمد
بن إبراهيم.
ابن شاقلا :
إبراهيم بن أحمد.
ابن شاهين : عمر
بن أحمد.
ابن الصخر : محمد
بن على بن صخر.
ابن الطيورى :
المبارك بن عبد الجبار.
ابن عبدكويه : على
بن يحيى بن جعفر.
ابن عربى : ١ /
٣٢٤
ابن عقيل : على بن
عقيل.
ابن الفارض : ١ /
٣٢٤
ابن فورك : محمد
بن الحسن.
ابن كادش : أحمد
بن عبيد الله العكبرى.
ابن كلاب : عبد
الله بن سعيد.
ابن مردك : على بن
عبد العزيز.
ابن الميراثى :
أحمد بن محمد بن عيسى.
ابن أبى يعلى :
محمد بن محمد بن الحسن.
البرمكي : إبراهيم
بن عمر.
البرمكي : على بن
عمر.
البرمكي : عمر بن
أحمد.
البسرى : على بن
أحمد.
البيضاوى : محمد
بن على.
البيهقى : أحمد بن
الحسين.
الحاكم : محمد بن
عبد الله.
الحميدى : عبد
الله بن الزبير بن عيسى.
الخرقى : عمر بن
الحسين.
الزوزنى : على بن
محمود.
السلامى : محمد بن
ناصر.
الشيحى : أحمد بن
سعيد.
الطبرانى : سليمان
بن أحمد.
غلام الخلال : عبد
العزيز بن جعفر.
القراب : إسحاق بن
أبى إسحاق.
الكرابيسى :
الحسين بن على.
المأمون : الخليفة
: عبد الله بن هارون الرشيد.
المتوكل : الخليفة
: محمد بن هارون الرشيد.
المخلص : محمد بن
عبد الرحمن.
المعتصم : الخليفة
: جعفر بن المعتصم.
الهيتى : أحمد بن
محمد.
الواثق : الخليفة
: هارون بن المعتصم.
الطوائف والفرق
١ ـ الخوارج
|
٢ / ٣٥٢ ـ ٣٥٦
|
الأباضية
|
٢ / ٣٥٥
|
الأزارقة
|
٢ / ٣٥٤
|
الثعالبة
|
٢ / ٣٥٥
|
الحارثية
|
٢ / ٣٥٥
|
الحرورية
|
٢ / ٣٥٤
|
الصفرية
|
٢ / ٣٥٢
|
العجاردة
|
٢ / ٣٥٥
|
النجدية
|
١ / ٣٥٤
|
الضرارية
|
٢ / ١٩٥
|
٢ ـ الرافضة
|
٢ / ٣٥٧
|
السبئية
|
٢ / ٣٦٠
|
المنصورية
|
٢ / ٣٦٠
|
٣ ـ المرجئة
|
٢ / ٣٦٩ ـ ٣٧٢
|
٤ ـ المعتزلة
|
٢ / ٣٧٢ ـ ٣٧٥
|
الثمامية
|
١ / ١٧٧
|
النجارية
|
١ / ١٩٥
|
٥ ـ الجهمية
|
٢ / ٣٧٥ ـ ٣٩٨
|
٦ ـ الكرامية
|
١ / ٦٨
|
٧ ـ الأشاعرة
|
١ / ٧٤
|
٨ ـ الماتريدية
|
١ / ٧٥
|
٩ ـ الاتحادية
|
١ / ٣٢٤
|
١٠ ـ الحلولية
|
١ / ٣٢٤
|
١١ ـ الزنادقة
|
٢ / ٦٨
|
فهرس المصادر والمراجع
(أ)
ـ الإبانة عن أصول
الديانة ، لأبى الحسن الأشعرى (ت : ٣٢٤ ه) ، إدارة الطباعة المنيرية.
ـ الإبانة الكبرى
، لابن بطة ، له صورة فى مكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية وقد حقق فى رسالتى
دكتوراه.
ـ إبطال التأويلات
لأخبار الصفات ، لأبى يعلى بن الفراء (ت : ٤٥٨ ه) مخطوط ، مكتبة نعمان الألوسى ،
بغداد ، ومنه صورة فى مكتبة فضيلة الشيخ حماد بن محمد الأنصارى ـ المدينة النبوية.
ـ الإتقان ، للسيوطى
(ت : ٩١١ ه) دار الفكر.
ـ إثبات الحد لله
، للدشتى ، مخطوط مصور فى الجامعة الإسلامية ، مجموع : ٦٨.
ـ اجتماع الجيوش
الإسلامية ، لابن القيم (ت : ٧٥١ ه). إدارة الطباعة المنيرية.
ـ أحكام أهل الذمة
، لابن القيم ، تحقيق : د / صبحى الصالح ، ط ٣ ، ١٩٨٣ م.
ـ أحكام أهل الملل
، لأبى بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال (٢٣٤ ـ ٣١١ ه) ، مخطوط ، له صورة فى
مكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
ـ الأحكام
السلطانية ، للماوردى (ت : ٤٥٠ ه) ط / ٣ ، ١٣٩٣ ه ، مطبعة مصطفى البابى الحلبى.
ـ الأحكام
السلطانية ، لأبى يعلى بن الفراء ، تصحيح وتعليق : محمد حامد الفقى ، دار الكتب
العلمية ، بيروت ـ لبنان ، ١٤٠٣ ه ـ ١٩٨٣ م.
ـ أحكام النساء ،
أحمد بن حنبل ، تحقيق : عبد القادر أحمد عطا ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان.
ط / ١ ، ١٤٠٦ ه ـ ١٩٨٦ م.
ـ إحياء علوم
الدين ، للغزالى (ت : ٥٠٥ ه) مطبعة دار الكتب العربية الكبرى بمصر.
ـ أخبار أصبهان ،
لأبى نعيم (ت : ٤٣٠ ه). طبعة ليدن ، ١٩٣٤ م.
ـ الاختلاف فى
اللفظ والرد على الجهمية والمشبهة ، لابن قتيبة (ت : ٢٧٦ ه) ضمن عقائد السلف ،
مكتبة الآثار السلفية ، على النشار ، عمار الطالبى.
ـ الأديان والفرق
والمذاهب المعاصرة ، لعبد القادر شيبة الحمد.
ـ الأربعين فى
أصول الدين ، للرازى فخر الدين (ت : ٦٠٦ ه) ط / ١ مطبعة مجلس دائرة المعارف
العثمانية ، ١٣٥٣ ه.
ـ الأربعين فى
دلائل التوحيد ، للهروى (ت : ٤٨١ ه) تحقيق : د / على بن محمد بن ناصر الفقيهى ، ط
/ ١ ، ١٤٠٤ ه ـ ١٩٨٤ م.
ـ الإرشاد إلى
قواطع الأدلة فى أصول الاعتقاد ، للجوينى عبد الملك (ت : ٤٧٨ ه) تحقيق : محمد
يوسف وعلى عبد المنعم ، مطبعة السعادة بالقاهرة ، ١٩٥٠ م.
ـ الأسماء والصفات
، للبيهقى ، تحقيق : الكوثرى ، مطبعة السعادة بمصر.
ـ الأشربة ، أحمد
بن حنبل ، تحقيق : صبحى السامرائى ، عالم الكتب ، ط / ٢ ، ١٤٠٥ ه ـ ١٩٨٥ م. بيروت
ـ لبنان.
ـ الإصابة ، لابن
حجر العسقلانى (ت : ٨٥٢ ه) ط ، البجاوى.
ـ أصول الدين ،
عبد القادر بن طاهر البغدادى (ت : ٤٢٩ ه) ، دار الكتب العلمية ، ط ٣ ، ١٤٠١ ه.
ـ اعتقاد القاضى
محمد بن أحمد الهاشمى ، مخطوط ، له نسخة مصورة فى مكتبة المخطوطات بالجامعة
الإسلامية بالمدينة النبوية.
ـ الاعتقاد المروى
عن الإمام أبى عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل فى أصول الدين ، إملاء الشيخ أبى
الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز التميمى. مخطوط ، له نسخة مصورة فى مكتبة
المخطوطات بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية عن الظاهرية.
ـ الاعتقاد
والهداية إلى سبيل الرشاد ، للبيهقى (ت : ٤٥٨ ه). تعليق : كمال يوسف الحوت ، ط /
١ ، ١٤٠٣ ه ـ ١٩٨٣ م. عالم الكتب.
ـ الأعلام ، خير
الدين الزركلى ، ط / ٣.
ـ إعلام الموقعين
، لابن القيم ، تعليق : طه عبد الرءوف ، مكتبة الكليات الأزهرية ، ١٣٨٨ ه ـ ١٩٦٨
م.
ـ إغاثة اللهفان
من مصايد الشيطان ، لابن القيم ، تحقيق : محمد حامد الفقى ، مكتبة السنة المحمدية.
ـ اقتضاء الصراط
المستقيم لابن تيمية ، مطبعة الحكومة ، مكة المكرمة ، ١٣٨٩ ه.
ـ الإكمال ، لابن
مأكولا.
ـ الإمامة والرد
على الرافضة ، لأبى نعيم الأصبهانى (٣٣٦ ه ـ ٤٣٠ ه) تحقيق : د. على بن محمد ناصر
فقيهى ، مكتبة العلوم والحكم ، المدينة المنورة ، ط / ١ ، ١٤٠٧ ه ـ ١٩٨٧ م.
ـ الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر ، لأبى بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال ، تحقيق : عبد القادر
أحمد عطا ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان ، ط / ١ ، ١٤٠٦ ه ـ ١٩٨٦ م.
ـ الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر ، لأبى يعلى بن الفراء. مخطوط. له نسخة مصورة فى مكتبة المخطوطات
بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية عن الظاهرية مجموع : (٩٨٧).
ـ الأموال لأبى
عبيد (ت ٢٢٤ ه) تحقيق : محمد خليل هراس ، ط / ٣ ، ١٤٠١ ه ، مكتبة الكليات
الأزهرية بالقاهرة.
ـ الأنساب
للسمعانى (ت : ٥٦٢ ه) تصحيح : عبد الرحمن يحيى المعلمى ، مجلس دائرة المعارف
العثمانية.
ـ الإنصاف ،
للمرداوى (ت : ٨٨٥ ه) تحقيق : محمد حامد الفقى ، ط / ١ ، ١٩٥٧ م ، مطبعة السنة
المحمدية.
ـ الإيمان لابن
أبى شيبة (ت : ٢٣٥ ه).
ـ الإيمان ، لشيخ
الإسلام ابن تيمية (ت : ٧٢٨ ه) ، المكتب الإسلامى ، ١٤٠٦ ه ـ ١٩٨٦ م.
ـ الإيمان ، لأبى
عبيد (ت : ٢٢٤ ه) ضمن كنوز السنة ، تحقيق : محمد ناصر الدين الألبانى ، دار
الأرقم ـ الكويت.
ـ الإيمان ،
للعدنى (ت : ٢٤٣ ه) تحقيق : حمد حمدى الجابرى الحربى ، الدار السلفية ، ط / ١ ،
١٤٠٧ ه ـ ١٩٨٦ م.
ـ الإيمان ، لابن
مندة (ت : ٣٩٥ ه) تحقيق : على محمد ناصر الفقيهى ط / ٢ ، ١٤٠٦ ه ـ ١٩٨٦ م. مؤسسة
الرسالة.
ـ الإيمان ، لأبى
يعلى بن الفراء. مخطوط ، له نسخة مصورة فى مكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية
بالمدينة المنورة ، عن الظاهرية مجموع (٩٨٧).
(ب)
ـ بدائع الفوائد ،
لابن القيم ، تصحيح : محمود غانم ، مكتبة القاهرة ، وطبعة أخرى: إدارة الطباعة
المنيرية.
ـ البداية
والنهاية ، لابن كثير (ت : ٧٧٤ ه) ط / ١ ، ١٩٦٦ م.
ـ بيان تلبيس
الجهمية فى تأسيس بدعهم الكلامية لابن تيمية ، تعليق : محمد عبد الرحمن قاسم ، ط /
١ ، ١٣٩١ ه.
(ت)
ـ تاريخ الأدب
العربى ، لكارل بروكلمان ، نقله إلى العربية : عبد الحليم النجار.
ـ تاريخ بغداد ،
للخطيب البغدادى (ت : ٤٦٣ ه) ، دار الكتاب العربى ، بيروت.
ـ تاريخ التراث
العربى ، فؤاد سزكين ، نقله إلى العربية : محمود فهمى حجازى وفهمى أبو الفضل ،
الهيئة المصرية العامة للكتاب ، ١٩٧٧ م.
ـ تاريخ جرجان ،
للسهمى ، تحقيق : عبد الرحمن المعلمى ، دائرة المعارف العثمانية.
ـ تاريخ الخلفاء ،
للسيوطى (ت : ٩١١ ه) المكتبة التجارية الكبرى ، القاهرة ، ١٣٨٩ ه ـ ١٩٦٩ م.
ـ تأويل مختلف
الحديث ، لابن قتيبة ، تصحيح ، محمد زهدى النجار ، دار الجيل ، بيروت ، ١٣٩٣ ه ـ ١٩٧٣
م.
ـ تحفة المريد شرح
جوهرة التوحيد ، لإبراهيم اللقانى ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط / ١ ، ١٤٠٣ ه.
ـ تذكرة الحفاظ ،
للذهبى (ت : ٧٤٨ ه) ، دار إحياء التراث العربى بيروت.
ـ التذكرة فى
أحوال الموتى وأمور الآخرة ، للقرطبى (ت : ٦٧١ ه) ، تحقيق أحمد حجازى ، مكتبة
الكليات الأزهرية ، ١٤٠٠ ه ـ ١٩٨٠ م.
ـ تذكرة الموضوعات
، للفتنى (ت : ٩٨٦ ه) ، ط / المنيرية.
ـ ترتيب القاموس ،
للزواوى. ط / البابى الحلبى.
ـ تعظيم قدر
الصلاة ، لمحمد بن نصر المروزى (ت : ٣٩٤ ه) تحقيق : عبد الرحمن الفريوائى ، ط / ١
، ١٤٠٦ ه ، مكتبة الدار بالمدينة المنورة.
ـ تفسير ابن كثير (ت
: ٧٧٤ ه) تعليق وتصحيح : عبد الوهاب عبد اللطيف ومحمد الصديق ، مكتبة النهضة
الحديثة ، ط / ١ ، ١٣٨٤ ه ـ ١٩٦٥ م.
ـ تقريب التهذيب ،
ابن حجر العسقلانى (٧٧٣ ـ ٨٥٢ ه) ، تحقيق : عبد الوهاب عبد اللطيف ، دار المعرفة
للطباعة والنشر ، بيروت ، لبنان ط / ٢ ، ١٣٩٥ ه ـ ١٩٧٥ م ، ونسخة أخرى بتحقيق
محمد عوامة ، دار الرشيد.
ـ تلبيس إبليس ،
لابن الجوزى (ت : ٥٩٦ ه) تحقيق : محمود مهدى مؤسسة علوم القرآن. دمشق ١٣٩٦ ه ـ ١٩٧٦
م.
ـ التلخيص الحبير
، لابن حجر العسقلانى. مكتبة الكليات الأزهرية.
ـ التمهيد ، لأبى
بكر الباقلانى. المكتبة الشرقية ، بيروت ، ١٩٥٧ م.
ـ التمهيد لما فى
الموطأ من المعانى والأسانيد ، لابن عبد البر (ت : ٤٦٣ ه) نشر : وزارة الأوقاف
المغربية : الرباط ، ١٩٦٧ م.
ـ تنزيه الشريعة
المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة ، لابن عراق (ت : ٩٦٣ ه) تحقيق : عبد
الوهاب بن عبد اللطيف ، وعبد الله محمد الصديق دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط / ١
، ١٣٩٩ ه ـ ١٩٧٩ م.
ـ تهذيب تاريخ
دمشق ، لابن البدرى (ت : ١٣٤٦ ه) ، المكتبة العربية ، دمشق.
ـ تهذيب التهذيب ،
لابن حجر العسقلانى ، تصوير دار صادر ، بيروت ، عن ط / ١ ، بمطبعة دائرة المعارف ،
حيدر أباد ، ١٣٢٧ ه.
ـ التوحيد ، لابن
خزيمة (ت : ٣١١ ه) ، تعليق : محمد خليل هراس ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ١٣٩٨
ه ـ ١٩٧٨ م.
ـ تيسير العزيز
الحميد ، لسليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (ت : ١٢٣٣ ه) المكتب
الإسلامى ، ط / ٣.
ـ تحريم النرد
والشطرنج والملاهى ، للآجرى (ت : ٣٦٠ ه) تحقيق : عمر العمروى ، دار البخارى.
(ج)
ـ الجامع لأحكام
القرآن ، للقرطبى ، دار الكتب ، القاهرة ، ١٣٨٣ ه.
ـ جامع بيان العلم
وفضله ، لابن عبد البر (ت : ٤٦٣ ه) ، تحقيق : عبد الرحمن محمد عثمان ، ط / ١
المكتبة السلفية بالمدينة المنورة.
ـ جامع البيان فى
تفسير القرآن ، للطبرى (ت : ٣١٠) ، دار الفكر ، ١٤٠٥ ه ـ ١٩٨٤ م.
ـ جامع الرسائل ،
لابن تيمية ، تحقيق : محمد رشاد سالم ، مطبعة المدنى.
ـ الجامع الصحيح
للترمذى (ت : ٢٧٩ ه) مطبعة البابى الحلبى.
ـ الجرح والتعديل
، للرازى (ت : ٣٢٧ ه) ، مجلس دائرة المعارف العثمانية ، حيدر أباد ، ١٣٧٢ ه.
ـ جلاء العينين ،
لنعمان الألوسى (ت : ١٣١٧ ه) قدم له : على السيد صبيح المدنى ، مطبعة المدنى ،
١٤٠١ ه ـ ١٩٨١ م.
ـ الجواب الكافى ،
لابن القيم ، مطبعة أمين عبد الرحمن ، ط / ٣ ، ١٣٤٦ ه ـ ١٩٢٨ م.
ـ جمع الجوامع ،
للسيوطى (ت : ٩١١ ه). مصور عن مكتبة أوقاف بغداد.
ـ التاريخ الكبير
، للبخارى (ت : ٢٥٦ ه) ، دار الكتب العلمية ، بيروت.
(ح)
ـ حادى الأرواح ،
لابن القيم.
ـ حاشية البيجورى
على متن السنوسية ، مطبعة دار الكتب العربية.
ـ حاشية الدسوقى
على شرح أم البراهيم ، للدسوقى ، مطبعة عيسى الحلبى.
ـ حاشية الصاوى
على شرح الخريدة البهية ، مطبعة الاستقامة.
ـ الحث على
التجارة ، لأبى بكر الخلال ، تحقيق : محمود بن محمد الحداد ، دار العاصمة ـ الرياض.
ط / ١ ـ ١٤٠٧ ه.
ـ الحث على
التجارة والرد على من يدعى التوكل فى ترك العمل والحجة عليهم فى ذلك ، لأبى بكر
أحمد بن محمد بن هارون الخلال (٢٣٤ ـ ٣١١ ه) مخطوط ، له نسخة مصورة فى مكتبة
المخطوطات فى الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، عن الظاهرية.
ـ الحسبة ، لابن
تيمية ، تحقيق : صلاح عزام ، ط / ١ ، ١٩٧٦ م ، دار الشعب.
ـ حكم المرتد ،
للماوردى (ت : ٤٥٠ ه) تحقيق : إبراهيم صندقجى ط / ١ ، ١٤٠٧ ه ـ ١٩٨٧ م.
(خ)
ـ الخطط المقريزية
، للمقريزى ، مؤسسة الحلبى وشركاه.
ـ خلق أفعال
العباد ، للبخارى ، تحقيق : بدر البدر ، ط / ١ ، الدار السلفية ، ١٤٠٥ ه ـ ١٩٨٥
م.
(د)
ـ دائرة المعارف ،
للبستانى.
ـ درء تعارض العقل
والنقل ، لابن تيمية ، ط / ١ ، تحقيق : محمد رشاد سالم.
ـ الدر المنثور فى
التفسير بالمأثور ، للسيوطى ، دار المعرفة ، بيروت.
ـ دفع إيهام
الاضطراب عن آيات الكتاب للشيخ محمد الأمين الشنقيطى ، مطبعة المدنى ـ القاهرة.
ـ دفع شبه التشبيه
، لابن الجوزى (ت : ٥٩٧ ه) ، تحقيق محمد زاهد الكوثرى ، المكتبة التوفيقية.
(ذ)
ـ ذم الملاهى ،
لابن أبى الدنيا (ت : ٢٨٠ ه) ، مخطوط له صورة فى مكتبة المخطوطات بالجامعة
الإسلامية.
ـ ذيل طبقات
الحنابلة ، ابن رجب الحنبلى (ت : ٧٩٥ ه). الناشر : دار المعرفة للطباعة والنشر ،
بيروت ، لبنان.
ـ ذكر محنة الإمام
أحمد بن حنبل ، لحنبل بن إسحاق ، تحقيق : د / محمد نغش.
(ر)
ـ رد الإمام
الدارمى عثمان بن سعيد على بشر المريسى العنيد ، تصحيح وتعليق : محمد حامد الفقى ،
دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان.
ـ الرد على
الجهمية ، أحمد بن محمد بن حنبل ، مخطوط. له نسخة مصورة فى مكتبة المخطوطات
بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، عن مكتبة ندوة العلماء لكناوى ـ الهند.
ـ الرد على
الجهمية ، للدارمى عثمان بن سعيد ، ضمن عقائد السلف ، على النشار وعمار الطالبى.
نشر : منشأة المعارف بالإسكندرية.
ـ الرد على
الجهمية ، لابن مندة ، تحقيق : على محمد ناصر الفقيهى ، ط / ٢ ، ١٤٠٢ ه ـ ١٩٨٢ م.
ـ الرد على
الجهمية والزنادقة ، أحمد بن محمد بن حنبل ، تحقيق : عبد الرحمن عميرة ، دار
اللواء ، ط / ٢ ، ١٤٠٢ ه ـ ١٩٨٢ م.
ـ الرد على
الزنادقة والجهمية ، أحمد بن محمد بن حنبل ، تحقيق : محمد حسن راشد ، المطبعة
السلفية.
ـ الرد على
الزنادقة والجهمية ، أحمد بن محمد بن حنبل ، مخطوط ، له نسخة مصورة بالجامعة
الإسلامية عن مكتبة روان كشك ، (٢١٨٧).
ـ الرد على
الزنادقة والجهمية ، أحمد بن محمد بن حنبل ، مخطوط ، له نسخة مصورة فى مكتبة
المخطوطات بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عن الظاهرية ، مجموع : (٢٤٦٦).
ـ الرد على من
أنكر الحرف والصوت للسجزى ، مخطوط ، له صورة فى مكتبة المخطوطات بالجامعة
الإسلامية ، وقد حقق فى الجامعة نفسها كرسالة ماجستير.
ـ الرد على من
يقول القرآن مخلوق ، أحمد بن سلمان النجاد ، مخطوط ، له نسخة مصورة فى مكتبة فضيلة
الشيخ حماد بن محمد الأنصارى بالمدينة المنورة.
ـ رسالة عبدوس عن
الإمام أحمد ، مخطوط ، له نسخة مصورة فى مكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية فى
المدينة المنورة ، عن الظاهرية.
ـ رسالة فى حروف
القرآن وأصواتنا به ، لابن تيمية ، ضمن شذرات البلاتين ، جمع : محمد حامد الفقى.
ـ الرسالة
المستطرفة ، للكتانى ، ط / ١٩٦٣ م ، دمشق.
ـ الروايتان
والوجهان ، للقاضى أبى يعلى بن الفراء ، مخطوط ، له نسخة مصورة فى المكتبة
المركزية بالجامعة الإسلامية ، قسم المخطوطات.
ـ الروايتان
والوجهان ، لأبى يعلى بن الفراء ، تحقيق : عبد الكريم اللاحم ، ٣ / ج ، وتشمل
المسائل الفقهية فقط ، مكتبة المعارف.
ـ الروح ، لابن
القيم ، تحقيق : محمد إسكندر ، دار الكتب العلمية ـ بيروت ، ط / ١ ، ١٤٠٢ ه ـ ١٩٨٢
م.
ـ روضة الطالبين ،
للنووى (ت : ٦٧٦ ه) ، المكتب الإسلامى.
(ز)
ـ زاد المسير فى
علم التفسير ، لابن الجوزى ، ط / ١ ، المكتب الإسلامى ، ١٣٨٥ ه ـ ١٩٦٥ م.
ـ زاد المعاد ،
لابن القيم ، دار الكتب العلمية ، بيروت.
ـ الزهد ، للإمام
أحمد ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ١٤٠٣ ه ـ ١٩٨٣ م.
(س)
ـ سلسلة الأحاديث
الصحيحة ، للألبانى ، المكتب الإسلامى.
ـ سنن الدارمى ،
عبد الله بن عبد الرحمن (ت : ٢٥٥ ه) دار الكتب العلمية ، بيروت.
ـ سنن أبى داود (ت
: ٢٧٥ ه) تعليق : عزت عبيد الدعاس ، ط / ١ ، حمص ، ١٣٨٨ ه ـ ١٩٦٩ م.
ـ السنن الكبرى ،
للبيهقى ، مع الجوهر النقى لابن التركمان (ت : ٧٤٥ ه) طبعة مصورة عن دائرة المعارف
النظامية ، حيدرآباد ، ١٣٤٤ ه.
ـ سنن ابن ماجة (ت
: ٢٧٥ ه) تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقى ، دار الفكر.
ـ سنن النسائى (ت
: ٣٠٣ ه) المكتبة العلمية ، بيروت ، بشرح الحافظ السيوطى.
ـ السنة ، لأبى
بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال (٢٣٤ ـ ٣١١ ه) مخطوط ، مكتبة المخطوطات
بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ـ مصور عن نسخة خدا بخش.
ـ السنة ، لابن
أبى عاصم الضحاك (ت : ٢٨٧ ه) ، تحقيق : محمد ناصر الدين الألبانى ، المكتب
الإسلامى ، ط / ٢ ، ١٤٠٥ ه ـ ١٩٨٥ م.
ـ السنة ، عبد
الله بن أحمد بن حنبل ، تحقيق : محمد بن سعيد القحطانى ، دار ابن القيم ، ط / ١ ،
١٤٠٦ ه ـ ١٩٨٦ م.
ـ السنة ، عبد
الله بن أحمد بن حنبل ، تحقيق : محمد بن سعيد بن بسيونى ، دار الكتب العلمية ،
بيروت ، ١٤٠٥ ه ـ ١٩٨٥ م.
ـ السنة ، عبد
الله بن أحمد بن حنبل ، مخطوط ، مكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
، مصور عن نسخة خدا بخش ، بتنة ـ الهند.
ـ السنة ، عبد
الله بن أحمد بن حنبل ، (٢١٣ ه ـ ٣٩٠ ه) ، مخطوط ، مكتبة المخطوطات بالجامعة
الإسلامية بالمدينة المنورة ـ مصور عن نسخة الظاهرية.
ـ السياسة الشرعية
، لابن تيمية ، ط / ٤ ، ١٩٦٩ م ، دار الكتاب العربى ، بيروت.
ـ سير أعلام
النبلاء ، للذهبى (ت : ٧٤٨ ه) بإشراف لجنة من المحققين ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ،
ط / ١ ، ١٤٠١ ه.
ـ السيف المسلول
على من سب الرسول ، للسبكى (ت : ٧٧١ ه) ، مخطوط له نسخة مصورة بالجامعة الإسلامية
، مكتبة المخطوطات.
(ش)
ـ شأن الدعاء ،
للخطابى (ت : ٣٨٨ ه) ، تحقيق : أحمد يوسف الدقاق ، ط / ١ ، ١٤٠٤ ه ، دار المأمون
للتراث.
ـ شذرات البلاتين
، مجموعة رسائل جمعها : محمد حامد الفقى.
ـ شذرات الذهب ،
لابن العماد (ت : ١٠٨٩ ه) المطبعة التجارية للنشر والتوزيع ، بيروت.
ـ شرح أصول اعتقاد
أهل السنة والجماعة ، لأبى القاسم اللالكائى ، ٤ / ج ، تحقيق : أحمد سعد حمدان ،
دار طيبة للنشر والتوزيع.
ـ شرح الأصول
الخمسة ، للقاضى عبد الجبار بن أحمد (ت : ٤١٥ ه).
ـ شرح اعتقاد
الإمام أحمد بن محمد بن حنبل ، لأبى الحسن على بن شكر بن أحمد بن شكر ، الجزء
الأول ، مخطوط ، له نسخة مصورة فى مكتبة فضيلة الشيخ حماد بن محمد الأنصارى ،
المدينة المنورة.
ـ شرح أم البراهين
، للسنوسى ، مطبعة الاستقامة ، ١٣٥١ ه.
ـ شرح حديث النزول
، لابن تيمية.
ـ شرح السنة ،
أحمد بن محمد بن غالب الباهلى غلام خليل ، مخطوط ، له نسخة مصورة فى مكتبة المخطوطات
بالجامعة الإسلامية فى المدينة المنورة ، عن الظاهرية مجموع : (٩٠).
ـ شرح السنة
للبغوى (ت : ٥١٦ ه) تحقيق : شعيب الأرناءوط وزهير الشاويش ، المكتب الإسلامى ،
١٩٧١ م.
ـ شرح العقيدة
الطحاوية ، المكتب الإسلامى.
ـ شرح الفقه
الأكبر ، ملا على القارى.
ـ شرح المقاصد ،
للتفتازانى.
ـ الشرح والإبانة
، لابن بطة ، تحقيق : رضا نعسان ، المكتبة الفيصلية ، ١٤٠٤ ه ـ ١٩٨٤ م.
ـ الشريعة ، محمد
بن الحسين الآجرى (ت : ٣٦٠ ه) تحقيق : محمد حامد الفقى ، دار الكتب العلمية ،
بيروت ، ط / ١ ، ١٤٠٣ ه ـ ١٩٨٣ م.
ـ شعب الإيمان ،
للبيهقى ، مخطوط ، له نسخة مصورة فى مكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية.
ـ شفاء العليل فى
مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ، لابن القيم ، دار المعرفة للطباعة والنشر
، بيروت ، ١٣٩٨ ه ـ ١٩٧٨ م.
ـ الشفاء ، للقاضى
عياض.
ـ الشريعة والمتعة
، محمد مال الله ، ط / ١ ، ١٤٠٧ ه ، دار الصحوة الإسلامية.
(ص)
ـ الصارم المسلول
على شاتم الرسول ، لابن تيمية ، طبعة الحرس الوطنى.
ـ صحيح مسلم بشرح
النووى ، دار إحياء التراث العربى ، بيروت ، ط / ١ ، ١٣٤٧ ه ـ ١٩٢٩ م.
ـ صحيح مسلم (ت :
٢٦١ ه) ، تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقى ، دار إحياء التراث العربى ، ط / ٢ ، ١٩٧٢
م.
ـ صريح السنة ،
للطبرى تحقيق ، بدر يوسف المعتوق ، ط / ١ ، ١٩٨٥ م ، دار الخلفاء للكتاب الإسلامى.
ـ الصلاة وحكم
تاركها ، لابن القيم ، دار الكتب العلمية ، بيروت.
(ض)
ـ الضعفاء ،
للعقيلى ، (ت : ٣٢٢ ه) ، تحقيق : عبد المعطى أمين قلعجى ، دار الكتب العلمية ،
بيروت ، ط / ١.
(ط)
ـ طبقات الحفاظ ،
للسيوطى ، تحقيق : على محمد عمر ، مكتبة وهبة ط / ١ ، ١٣٩٣ ه.
ـ طبقات الحنابلة
، لابن أبى يعلى ، الناشر : دار المعرفة للطباعة والنشر ، بيروت ، لبنان.
ـ طبقات الشافعية
، للسبكى ، ط / ١ ، ١٣٨٣ ه ، مطبعة عيسى الحلبى.
ـ طبقات القراء ،
لابن الجوزى (ت : ٨٣٣ ه).
ـ الطبقات الكبرى
، لابن سعد (ت : ٢٣٠ ه) ، طبعة دار التحرير ودار صادر ، بيروت ، ١٣٧٦ ه.
ـ الطبقات الكبرى
، لابن سعد ، القسم المتمم لتابعى أهل المدينة ومن بعدهم ، تحقيق : زياد محمد
منصور ، ط / ١ ، نشر المجلس العلمى بالجامعة الإسلامية.
ـ طبقات المفسرين
، للداودى (ت : ٩٤٥ ه) ، تحقيق : على محمد عمر ، مكتبة وهبة.
ـ طريق الهجرتين
وباب السعادتين ، لابن القيم ، تصحيح : محب الدين الخطيب ، المطبعة السلفية
بالقاهرة ، ط / ٢ ، ١٣٩٤ ه.
(ع)
ـ العبر ، للذهبى
، طبعة الكويت.
ـ عجائب المخلوقات
وغرائب الموجودات ، للقزوينى ، على هامش حياة الحيوان ، للدميرى.
ـ العدة فى أصول
الفقه ، لأبى يعلى بن الفراء ، تحقيق : أحمد بن على المباركى ، مؤسسة الرسالة ، ط
/ ١ ، ١٤٠٠ ه.
ـ العرش ، لابن
أبى شيبة (ت : ٢٩٧ ه) ، تحقيق : محمد حمد الحمود ، مكتبة المعلّى ، الكويت ، ط /
١ ، ١٤٠٦ ه ـ ١٩٨٦ م.
ـ عقائد السلف
للأئمة : أحمد بن حنبل والبخارى وابن قتيبة وعثمان الدارمى ، جمع : على سامى
النشار ، عمار جمعى الطالبى ، الناشر : منشأة المعارف بالإسكندرية ١٩٧١ م.
ـ عقيدة الإمام
أبى إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزنى ، مخطوط له نسخة مصورة فى مكتبة فضيلة الشيخ
حماد بن محمد الأنصارى ، المدينة المنورة ، ونسخة أخرى مصورة فى مكتبة المخطوطات
بالجامعة الإسلامية فى المدينة المنورة.
ـ عقيدة السلف
وأصحاب الحديث ، لأبى عثمان الصابونى (ت : ٤٤٩ ه) ضمن مجموعة الرسائل المنيرية ،
إدارة الطباعة المنيرية ، ١٩٧٠ م.
ـ العقيدة
النظامية ، للجوينى عبد الملك.
ـ العقيدة
الواسطية ، لابن تيمية ، بشرح : محمد خليل هراس ، مكتبة ابن تيمية.
ـ العلو ، للذهبى
، تحقيق : عبد الرحمن محمد عثمان ، المكتبة السلفية.
ـ عمل اليوم
والليلة ، لابن السنى (ت : ٣٦٤ ه) تحقيق : عبد القادر أحمد عطا ، دار المعرفة ،
بيروت ، ١٣٩٩ ه.
(غ)
ـ غاية الأمانى فى
الرد على النبهانى ، لمحمود شكرى الألوسى ، مطابع نجد التجارية ، ١٣٤٢ ه.
ـ غاية المرام فى
علم الكلام ، للآمدى ، تحقيق : حسن محمود ، مطابع الأهرام ، ١٣٩١ ه.
(ف)
ـ فتح البارى ،
لابن حجر العسقلانى ، ترقيم : محمد فؤاد عبد الباقى ، دار المعرفة للطباعة والنشر
، بيروت.
ـ فتح القدير ،
للشوكانى ، (ت : ١٢٥٠ ه) ، دار المعرفة للطباعة والنشر ، بيروت.
ـ الفرقان بين
أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ، لابن تيمية تصحيح : محمود فائد ، ط / ٢ ، مطبعة
محمد على صبيح.
ـ الفرق بين الفرق
، عبد القاهر بن طاهر البغدادى (ت : ٤٢٩ ه).
ـ الفصل فى الملل
والأهواء والنحل ، لابن حزم (ت : ٤٥٦ ه) وبهامشه الملل والنحل للشهرستانى (ت :
٥٤٨ ه) ، مكتبة الخانجى ، مصر.
ـ فضائل الصحابة ،
لأحمد بن حنبل ، تحقيق : وصى الله عباس ، نشر : جامعة أم القرى.
ـ فهرس أحاديث
مسند الإمام أحمد بن حنبل ، إعداد : محمد السعيد بن بسيونى ، دار الكتب العلمية ،
بيروت ـ لبنان ، ط / ١ ، ١٤٠٥ ه ـ ١٩٨٥ م.
ـ الفهرست ، لابن
النديم (ت : ٣٨٥ ه) دار المعرفة ، بيروت.
ـ فهرس الخزانة
التيمورية ، طبعة القاهرة.
ـ فهرس مخطوطات
جامعة الدول العربية ، فؤاد السيد ، ط / القاهرة.
ـ فهرس مخطوطات
الظاهرية ، الحديث ، الألبانى ، المجلس العلمى بدمشق.
ـ الفوائد البهية
فى تراجم الحنفية ، لأبى الحسنات اللكنوى.
ـ فوات الوفيات ،
للكتبى ، مكتبة النهضة المصرية.
ـ فيض القدير فى
شرح الجامع الصغير ، المناوى ، المكتبة التجارية الكبرى بمصر ، ط / ١ ، ١٣٥٦ ه ـ ١٩٣٨
م.
ـ الفتح الربانى
لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل ، أحمد بن عبد الرحمن البنا دار الشهاب ،
القاهرة.
ـ الفروسية ، لابن
القيم ، دار الكتب العلمية ، تصحيح ، عزت العطار.
(ق)
ـ القاموس المحيط
، للفيروزآبادي (ت : ٨١٧ ه) مطبعة السعادة بمصر.
(ك)
ـ الكامل فى
التاريخ ، لابن الأثير (ت : ٦٣٠ ه) ، دار الكتاب العربى بيروت ، ط / ٢ ، ١٣٨٧ ه.
ـ الكشاف ،
للزمخشرى ، مطبعة الاستقامة.
ـ كشف الأستار على
زوائد البزار على الكتب الستة ، للهيثمى على بن أبى بكر (ت : ٨٠٧ ه) تحقيق : حبيب
الرحمن الأعظمى ، مؤسسة الرسالة ، ط / ١ ، ١٣٩٩ ه ـ ١٩٧٩ م.
ـ كشف الظنون عن
أسامى الكتب والفنون ، حاجى خليفة ، مكتبة المثنى بغداد.
ـ كف الرعاع عن
محزمات اللهو والسماع ، للهيثمي ابن حجر (ت : ٩٧٤ ه) تحقيق : محمد عبد القادر عطا
، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط / ١ ، ١٤٠٦ ه ـ ١٩٨٦ م.
(ل)
ـ اللباب فى تهذيب
الأنساب ، لابن الأثير (ت : ٦٣٠ ه).
ـ لسان العرب ،
لمحمد بن مكرم الأنصارى (ت : ٧١١ ه) الدار المصرية للتأليف والترجمة.
ـ لسان الميزان ، لابن
حجر العسقلانى ، منشورات الأعلمي ، بيروت ، مصور عن الطبعة الهندية.
ـ لمع الأدلة ،
للجوينى ، إمام الحرمين ، تحقيق : فوقية حسين ، المؤسسة المصرية ، ١٣٨٥ ه.
ـ اللمع ، للأشعرى
، تصحيح : حمودة غرابة ، مطبعة مصر ، ١٩٥٥ م.
ـ لمعة الاعتقاد
الهادى إلى سبيل الرشاد ، لابن قدامة (ت : ٦٢٠ ه) ، تحقيق : بدر عبد الله البدر ،
ط / ١ ، الدار السلفية ، ١٤٠٦ ه ـ ١٩٨٦ م.
(م)
ـ المبدع ، لابن
مفلح إبراهيم بن محمد (ت : ٨٨٤ ه) المكتب الإسلامى ، ١٩٨٠ م.
ـ المبسوط ،
للسرخسى (ت : ٤٩٠ ه) ، مطبعة السعادة بالقاهرة ، ١٣٢٤ ه.
ـ متشابه القرآن ،
للقاضى عبد الجبار ، تحقيق : عدنان محمد زوزو ، طبع دار النصر للطباعة ، بالقاهرة.
ـ المجروحين ،
لابن حبان (ت : ٣٥٤ ه) ط / القاهرة ، ١٣٩٦ ه.
ـ مجمع الزوائد ،
للهيثمى ، على بن أبى بكر ، (ت : ٨٠٧ ه) ، تصوير دار الكتب ، بيروت عن ط / ٢.
ـ مجموع الفتاوى ،
لابن تيمية ، جمع وترتيب : عبد الرحمن محمد قاسم ، مكتبة المعارف ، الرباط.
ـ المجموع ،
للنووى.
ـ مجموعة الرسائل
والمسائل ، لابن تيمية ، مطبعة محمد على صبيح.
ـ محاسن التأويل ،
للقاسمي (ت : ١٣٣٢ ه) ترقيم : محمد فؤاد عبد الباقى ، مطبعة عيسى الحلبى.
ـ المحدث الفاصل ،
الرامهرمزى (ت : ٣٦٠ ه) تحقيق : محمد عجاج الخطيب ، دار الفكر للطباعة ، ط / ١ ،
١٣٩١ ه ـ ١٣٧١ ه.
ـ المحلى ، لابن
حزم ، دار الاتحاد العربى للطباعة ، ١٣٨٧ ه.
ـ مختصر إبطال
التأويل للقاضى أبى يعلى الفراء ، مخطوط.
ـ مختصر الصواعق
المرسلة على الجهمية والمعطلة ، لابن القيم ، دار الفكر.
ـ المختصر فى أصول
الدين ، للقاضى عبد الجبار ضمن مجموعة رسائل العدل والتوحيد ، تحقيق : محمد عمارة.
ـ مختصر المعتمد
فى أصول الدين ، للقاضى أبى يعلى بن الفراء ، دار المشرق ، بيروت ، تحقيق وديع
زيدان.
ـ مدارج السالكين
، لابن القيم ، دار الكتب العلمية ، ط / ١ ، ١٤٠٣ ه ، بيروت.
ـ المدخل إلى مذهب
الإمام أحمد بن حنبل ، عبد القادر بن بدران ، تقديم : أسامة عبد الكريم الرفاعى ،
١ / ج ، مؤسسة دار العلوم ، بيروت ، لبنان.
ـ مراتب الإجماع
فى العبادات والمعاملات والاعتقادات ، لابن حزم ، دار الكتب العلمية ، بيروت.
ـ مرآة الجنان ،
لليافعى (ت : ٧٦٨ ه) تصوير مؤسسة الأعلى ، بيروت ط / ٢ ، ١٣٩٠ ه.
ـ مروج الذهب ،
للمسعودى (ت : ٣٤٦ ه) ، المكتبة التجارية ، القاهرة.
ـ مسائل الإمام
أحمد بن حنبل ، رواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ ، تحقيق : زهير الشاويش ، المكتب
الإسلامى.
ـ مسائل الإمام
أحمد بن حنبل ، رواية أبى داود سليمان بن الأشعث السجستانى اعتنى بتصحيحه والتعليق
عليه : محمد بهجت البيطار ومحمود رشيد رضا.
ـ مسائل الإمام
أحمد بن حنبل ، رواية أبى داود سليمان بن الأشعث السجستانى ، مخطوط ، المكتبة
المحمودية ، المدينة المنورة.
ـ مسائل الإمام
أحمد بن حنبل ، رواية عبد الله بن أحمد بن حنبل ، تحقيق : زهير الشاويش ، المكتب
الإسلامى ، ج / ١.
ـ مسائل الإمام
أحمد بن حنبل ، رواية عبد الله بن أحمد بن حنبل ، تحقيق : على سليمان المهنّأ. ج /
٣ ، مكتبة الدار ، المدينة المنورة ، ط / ١ ، ١٤٠٦ ه ـ ١٩٨٦ م.
ـ مسائل الإمام
أحمد بن حنبل ، رواية عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوى ، مخطوط ، له نسخة
مصورة فى مكتبة فضيلة الشيخ حماد بن محمد الأنصارى ، المدينة المنورة.
ـ مسائل الإمام
أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ، رواية إسحاق بن منصور الكوسج المروزى (ت : ٢٥١ ه)
مخطوط ، نسخة مصورة عن دار الكتب المصرية.
ـ مسائل البغوى ،
تحقيق : محمود الحداد ، دار العاصمة ـ الرياض.
ـ المسائل التى
حلف عليها الإمام أحمد بن محمد بن حنبل ، تأليف : أبى الحسن محمد بن القاضى أبى
يعلى بن الفراء ، مخطوط ، له نسخة مصورة فى مكتبة فضيلة الشيخ / حماد بن محمد
الأنصارى ، المدينة المنورة.
ـ مسائل صالح بن
أحمد بن حنبل ، مخطوط.
ـ مسألة فى
الإيمان ، للأشعرى ، مخطوط ضمن مجموعة فى دار الكتب المصرية.
ـ المستدرك على
الصحيحين ، للحاكم (ت : ٤٠٥ ه) تصوير دار الفكر ، بيروت ، عن الطبعة الهندية ،
١٣٩٨ ه.
ـ المستفاد من ذيل
تاريخ بغداد ، لابن النجار (ت : ٦٤٣ ه) ، دار الكتاب العربى ، بيروت.
ـ المسند ، أحمد
بن حنبل ، المكتب الإسلامى.
ـ مسند الحميدى (ت
: ٢١٩ ه) تحقيق : حبيب الرحمن الأعظمى ، عالم الكتب ، بيروت.
ـ مشكل الحديث ،
لابن فورك (ت : ٤٠٦ ه) ، ط / ١ ، مطبعة دائرة المعارف العثمانية.
ـ المصنف ، ابن
أبى شيبة (ت : ٢٣٥ ه) ، الدار السلفية ، ط / ٣ ، ١٤٠٣ ه.
ـ المصنف ، عبد
الرزاق الصنعانى (ت : ٢١١ ه) ، تحقيق حبيب الرحمن الأعظمى ، المكتب الإسلامى ،
بيروت ، ط / ١ ، ١٣٩٠ ه.
ـ معالم السنن ،
للخطابى ، بهامش سنن أبى داود ، تحقيق : عزت الدعاس ط / ١ ، ١٣٨٨ ه.
ـ المعجم الكبير ،
للطبرانى (ت : ٣٦٠ ه) تحقيق : حمدى عبد المجيد السلفى ، مطبعة الوطن العربى ،
بغداد ، ط / ١ ، ١٤٠٠ ه ـ ١٩٨٠ م.
ـ معجم متن اللغة
، أحمد رضا ، دار مكتبة الحياة ، بيروت.
ـ المعجم المفهرس
، لابن حجر ، مخطوط ، له صورة فى مكتبة المخطوطات بالجامعة الإسلامية.
ـ المعجم المفهرس
لألفاظ القرآن الكريم ، وضع : محمد فؤاد عبد الباقى.
ـ المغنى ، للقاضى
عبد الجبار المعتزلى.
ـ مفتاح دار
السعادة ، لابن القيم ، تصحيح محمود حسن ، مكتبة حميدو ، الإسكندرية ، ط / ٣ ،
١٣٩٩ ه ـ ١٩٧٩ م.
ـ مقالات
الإسلاميين واختلاف المصلين ، لأبى الحسن على بن إسماعيل الأشعرى.
ـ مناقب الإمام
أحمد بن حنبل ، لابن الجوزى ، تحقيق : د / عبد الله بن عبد المحسن التركى ، ط / ١
، ١٣٩٩ ه ـ ١٩٧٩ م ، مكتبة الخانجى بمصر.
ـ المنتظم فى
تاريخ الملوك والأمم ، لابن الجوزى ، ط / ١ ، مطبعة دائرة المعارف العثمانية.
ـ منهاج السنة ،
لابن تيمية. دار الكتب العلمية ، بيروت.
ـ المنهج الأحمد
فى تراجم أصحاب الإمام أحمد ، لأبى اليمن العليمى (٨٦٠ ـ ٩٢٨ ه) ، تحقيق وتعليق :
محمد محيى الدين عبد الحميد ، عادل نويهض ، عالم الكتب ، ط / ١ ، ١٤٠٤ ه ـ ١٩٨٤
م.
ـ المواقف ،
للإيجي ، مطبعة العلوم ـ القاهرة.
ـ الموطأ ، للإمام
مالك (ت : ١٧٩ ه) ترقيم : محمد فؤاد عبد الباقى مطبعة.
عيسى الحلبى ،
١٣٧٠ ه.
ـ الموطأ بشرح
الزرقانى (ت : ١١٢٢ ه) ، مطبعة مصطفى البابى الحلبى ، ط / ١ ، ١٣٨١ ه.
ـ ميزان الاعتدال
فى نقد الرجال ، للذهبى ، تحقيق : على محمد البجاوى ، ط / ١ ، مطبعة عيسى الحلبى ،
١٣٨٢ ه ، ونسخة أخرى ، دار الفكر.
(ن)
ـ النجوم الزاهرة
فى ملوك مصر والقاهرة ، لابن تغرى (ت : ٨٧٤ ه) ، دار الكتب المصرية ، القاهرة ،
١٣٤٨ ه.
ـ النزول ،
للدارقطنى (ت : ٣٨٥ ه) تحقيق : على بن محمد بن ناصر الفقيهى ، ط / ١ ، ١٤٠٣ ه ـ ١٩٨٣
م.
ـ نقض أساس
التقديس ، لابن تيمية ، جزء مخطوط.
ـ نهاية الإقدام
فى علم الكلام ، للشهرستانى ، تحقيق : الفرد جيوم.
ـ النهاية فى غريب
الحديث ، لابن الأثير ، المكتبة الإسلامية.
ـ نيل الأوطار ،
للشوكانى ، مكتبة الدعوة الإسلامية.
ـ نزهة الأسماع فى
مسألة السماع ، لابن رجب (ت : ٧٩٥ ه) تحقيق : الوليد ابن عبد الرحمن الفريان ،
دار طيبة. ط / ١ ، ١٤٠٧ ه ـ ١٩٨٦ م.
(و)
ـ الوافى بالوفيات
، الصفدى (ت : ٧٦٤ ه) ط / ٢.
ـ الورع ، رواية
المروزي عن الإمام أحمد بن حنبل ، تحقيق : زينب القاروط دار الكتب العلمية ، بيروت
، ط / ١ ، ١٤٠٣ ه.
ـ الوابل الصيب من
الكلم الطيب ، لابن القيم (ت : ٧٥١ ه) ، تحقيق : إسماعيل الأنصارى ـ ط : النصر
الحديثة ـ الرياض.
ـ وفيات الأعيان ،
لابن خلكان (ت : ٦٨١ ه) ، تصوير دار الثقافة ، بيروت.
فهرس الموضوعات
الجزء الأول
المقدمة.......................................................................... ٣
شكر وتقدير.................................................................... ٤
الباب الأول
المبحث الأول................................................................ ٧
اسم المؤلف ونسبه................................................................ ٧
كنيته........................................................................... ٧
مولده ونشأته.................................................................... ٧
أسرته........................................................................... ٧
عصره
الحالة السياسية.................................................................. ٨
الحالة الاجتماعية................................................................. ٨
الحالة العلمية.................................................................... ٨
المبحث الثانى
نشأته العلمية.................................................................. ١١
رحلاته........................................................................ ١١
سعة علمه..................................................................... ١١
شيوخه........................................................................ ١٢
تلاميذه....................................................................... ١٣
المبحث الثالث
مؤلفاته........................................................................ ١٤
ثباته على الحق................................................................. ١٨
وفاته.......................................................................... ٢٠
الباب الثانى
المبحث الأول
المصادر المعتمدة
فى جمع هذه المسائل والرسائل...................................... ٢٥
المبحث الثانى :
رسالتا التميميين ومدى صحة نسبة ما فيهما للإمام أحمد........... ٥٢
المبحث الثالث
أهمية جمع هذه
المسائل والرسائل.................................................. ٥٤
المبحث الرابع
منهجى فى الجمع
والتحقيق....................................................... ٥٦
القسم الثانى
مباحث الرسالة
مسائل الإيمان
١ ـ قول الإمام
أحمد فى تعريف الإيمان............................................. ٦٣
٢ ـ أقوال
المخالفين فى تعريف الإيمان ونقض الإمام أحمد لها :
تعريف الكرامية
للإيمان....................................................... ٦٨
قول الإمام أحمد
فيما نقله عن شبابة فى الإيمان.................................. ٧٢
تعريف الجهمية
للإيمان....................................................... ٧٣
تعريف الأشاعرة
والماتريدية للإيمان........................................ ٧٤
، ٧٥
تعريف الخوارج
للإيمان........................................................ ٧٦
تعريف المعتزلة
للإيمان........................................................ ٧٦
مذهب الإمام أبى
حنيفة فى الإيمان............................................. ٧٧
٣ ـ ما احتج به
الإمام أحمد على دخول الأعمال فى الإيمان........................... ٨١
٤ ـ قول الإمام
أحمد فيما احتجت به المرجئة من الأحاديث.......................... ٨٦
٥ ـ قول الإمام
أحمد فى زيادة الإيمان ونقصانه....................................... ٨٩
٦ ـ قول الإمام
أحمد فى معنى الزيادة والنقصان فى الإيمان............................. ٩٠
٧ ـ اختلاف عبارات
السلف فى مدلول الزيادة والنقص وقول الإمام أحمد فى ذلك....... ٩٣
٨ ـ بعض ما احتج
به الإمام أحمد على زيادة الإيمان ونقصانه من الكتاب والسنة........ ٩٤
٩ ـ قول الإمام
أحمد فيمن قال : يزيد ولا ينقص.................................... ٩٨
مذهب الإمام أبى
حنيفة فى الزيادة والنقص.................................... ١٠٢
مذهب المعتزلة............................................................. ١٠٢
مذهب الأشاعرة........................................................... ١٠٣
١٠ ـ قول الإمام
أحمد فى المعرفة هل تزيد وتنقص.................................. ١٠٤
١١ ـ قول الإمام
أحمد فى الإسلام والإيمان........................................ ١٠٨
١٢ ـ بعض ما احتج
به الإمام أحمد على تفريقه بين الإسلام والإيمان................. ١٠٩
١٣ ـ قول الإمام
أحمد فى الاستثناء فى الإيمان..................................... ١١٧
١٤ ـ قول الإمام
أحمد فيمن ترك الاستثناء فى الإيمان............................... ١٢٠
١٥ ـ ذكر بعض ما
احتج به الإمام أحمد فى الاستثناء فى الإيمان..................... ١٢٣
١٦ ـ قول الإمام
أحمد فيمن يسأل : «أمؤمن أنت»............................... ١٢٤
١٧ ـ قول الإمام
أحمد فى الفاسق الملى........................................... ١٢٦
مسائل القدر
١ ـ قول الإمام
أحمد فى القدر................................................... ١٣٥
٢ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد من وجوب الإيمان بالقدر............................... ١٣٨
٣ ـ قول الإمام
أحمد فى ذكر أول من تكلم فى القدر............................... ١٤١
٤ ـ قول الإمام
أحمد فيمن جحد العلم من القدرية................................. ١٤٢
٥ ـ قول الإمام
أحمد فى أفعال العباد............................................. ١٤٧
٦ ـ قول الإمام
أحمد فى الجبرية.................................................. ١٥٧
٧ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد من وجوب الإيمان باللوح المحفوظ والقلم.................. ١٦٢
٨ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى الصلاة خلف القدرية ومجادلتهم...................... ١٦٧
٩ ـ قول الإمام
أحمد فى من مات من أطفال المسلمين.............................. ١٧٠
١٠ ـ قول الإمام
أحمد فى من مات من أطفال المشركين............................. ١٧٤
١١ ـ قول الإمام
أحمد فى معنى حديث : «كل مولود يولد على الفطرة»............. ١٨١
مسائل القرآن الكريم
١ ـ قول الإمام
أحمد فى القرآن الكريم............................................ ١٨٧
٢ ـ معنى قول
السلف : «منه بدأ وإليه يعود».................................... ١٩٢
٣ ـ أدلة الإمام
أحمد على أن القرآن كلام الله غير مخلوق........................... ١٩٦
رسالة الإمام أحمد
إلى الخليفة المتوكل فى أمر القرآن............................. ١٩٩
رد الإمام أحمد
على الجهمية ونقضه لمزاعمهم.................................. ٢٠٦
٤ ـ قول الإمام
أحمد فيمن قال : القرآن مخلوق.................................... ٢٢٣
٥ ـ أدلة الإمام
أحمد على تكفير من قال بخلق القرآن.............................. ٢٢٥
٦ ـ قول الإمام
أحمد فيمن قال : لفظى بالقرآن مخلوق............................. ٢٣٢
٧ ـ قول الإمام
أحمد فيمن قال : لفظى بالقرآن غير مخلوق.......................... ٢٤٦
٨ ـ قول الإمام
أحمد فى الواقفة.................................................. ٢٥٢
٩ ـ قول الإمام
أحمد فى الإيمان هل هو مخلوق أم لا................................ ٢٥٧
١٠ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى حروف المعجم هل هى مخلوقة أم لا؟................ ٢٦٠
مسائل الأسماء والصفات
١ ـ قول الإمام
أحمد فى أسماء الله عزوجل........................................... ٢٧٠
٢ ـ قول الإمام
أحمد فى الصفات................................................ ٢٧٦
٣ ـ قول الإمام
أحمد فى صفة العلم.............................................. ٢٨٣
٤ ـ قول الإمام
أحمد فى صفة الكلام............................................. ٢٨٧
٥ ـ قول الإمام
أحمد فى مسألة الحرف والصوت................................... ٣٠٢
٦ ـ قول الإمام
أحمد فى صفة اليدين............................................. ٣٠٧
٧ ـ قول الإمام
أحمد فى صفة القدم.............................................. ٣١٠
٨ ـ قول الإمام
أحمد فى صفة الأصابع............................................ ٣١٤
٩ ـ قول الإمام
أحمد فى صفة الضحك........................................... ٣١٥
١٠ ـ قول الإمام
أحمد فى العلو.................................................. ٣١٧
١١ ـ قول الإمام
أحمد فى العرش................................................ ٣٣٥
١٢ ـ قول الإمام
أحمد فى صفة الاستواء.......................................... ٣٤٢
١٣ ـ قول الإمام
أحمد فى صفة النزول............................................ ٣٤٨
١٤ ـ قول الإمام
أحمد فى صفة الإتيان والمجىء..................................... ٣٥٢
١٥ ـ قول الإمام
أحمد فى الحديث المروى عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن الله خلق آدم على صورته» ٣٥٦
١٦ ـ قول الإمام
أحمد فى المشبهة................................................ ٣٦٤
مسائل الخلافة ، والتفضيل ، والصحابة ،
والقطع للمعين بجنة أو نار ، ولعن المخصوص
١ ـ قول الإمام
أحمد فى الخلافة................................................. ٣٦٨
٢ ـ قول الإمام
أحمد فى خلافة أبى بكر الصديق رضى الله عنه...................... ٣٦٩
٣ ـ قول الإمام
أحمد فى خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه....................... ٣٧٨
٤ ـ قول الإمام
أحمد فى خلافة على بن أبى طالب رضى الله عنه..................... ٣٨١
٥ ـ قول الإمام
أحمد فى التفضيل................................................ ٣٨٤
٦ ـ قول الإمام
أحمد فى الصحبة................................................ ٣٩٤
٧ ـ قول الإمام
أحمد فيما يجب نحو صحابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم......................... ٣٩٥
٨ ـ قول الإمام
أحمد فى ما وقع بين بعض أصحاب رسول الله رضوان الله عليهم أجمعين. ٣٩٩
٩ ـ قول الإمام
أحمد فيمن يشهد له بالجنة........................................ ٤٠٢
١٠ ـ قول الإمام
أحمد فى القطع للمعين بالجنة أو النار............................. ٤٠٧
١١ ـ قول الإمام
أحمد فى يزيد بن معاوية......................................... ٤٠٨
الجزء الثانى
مسائل ولاة الأمر ، والقتال دون الحرمات ، والأموال
١ ـ قول الإمام
أحمد فى طاعة ولاة الأمر والواجب تجاههم............................. ٣
٢ ـ قول الإمام
أحمد فى قتال اللصوص............................................ ١٨
٣ ـ قول الإمام
أحمد فى القتال دون الحرمات والأهل................................. ٢١
٤ ـ قول الإمام
أحمد فيمن قاتل دون مال غيره...................................... ٢٤
٥ ـ قول الإمام
أحمد فى الرجل يقاتل اللصوص مع علمه بأنه لا طاقة له بهم وقد يقتلونه.. ٢٧
٦ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد من حثه على عدم تعمد قتل اللصوص عند مواجهتهم ومحاولة الدفع قدر
الإمكان دون القتل ٢٨
٧ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد من التنبيه على عدم جواز الإجهاز على اللصوص ونحوه عند
التمكن منهم وذلك
لانتفاء العلة التى أباحت القتل ونحوه............................ ٣٠
٨ ـ قول الإمام
أحمد فى مناشدة اللصوص قبل قتالهم................................. ٣٣
مسائل ترك الصلاة ، والصوم ، ومنع الزكاة ،
واستحلال المحرمات ، والمرتدين والزنادقة
ومن فى حكمهم
١ ـ قول الإمام
أحمد فى تارك الصلاة.............................................. ٣٦
٢ ـ قول الإمام
أحمد فى مانع الزكاة................................................ ٤٨
٣ ـ قول الإمام
أحمد فى تارك الصيام............................................... ٥١
٤ ـ قول الإمام
أحمد فيمن استحل محرما........................................... ٥٥
٥ ـ قول الإمام
أحمد فى المرتد والمرتدة.............................................. ٥٧
٦ ـ قول الإمام
أحمد فى الزنادقة وأحكامهم......................................... ٦٨
٧ ـ قول الإمام
أحمد فى المحكم والمتشابه............................................ ٩٠
٨ ـ قول الإمام
أحمد فى حكم من شتم الرب جل وعلا.............................. ٩٣
٩ ـ قول الإمام
أحمد فى حكم من شتم النبي صلىاللهعليهوسلم................................... ٩٥
مسائل السحر ، والكهانة ، والرقى ، والتمائم ، والتبرك
والطيرة ، والذبح لغير الله ، والحلف بغير الله
١ ـ قول الإمام
أحمد فى السحر................................................. ١٠١
٢ ـ قول الإمام
أحمد فى حكم الساحر والساحرة................................... ١٠٤
٣ ـ قول الإمام
أحمد فى الكاهن والعراف وحكمهما................................ ١٠٦
٤ ـ قول الإمام
أحمد فى الرقى................................................... ١١٢
٥ ـ قول الإمام
أحمد فى تعليق التمائم............................................ ١١٨
٦ ـ قول الإمام
أحمد فى التبرك.................................................. ١٢١
٧ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى معنى حديث : «أقروا الطير على مكناتها»............. ١٢٤
٨ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى الذبح لغير الله وحكم أكل ما ذبح لغيره جل وعلا...... ١٢٩
٩ ـ قول الإمام
أحمد فيمن قال : لعمرى ولعمرك.................................. ١٣٥
مسائل الإسراء والمعراج
١ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى الإسراء والمعراج..................................... ١٤٠
٢ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى ما قيل حول رؤية النبي صلىاللهعليهوسلم لربه ليلة المعراج وقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «رأيت ربى تبارك وتعالى» ١٤٥
مسائل تتعلق بالإيمان بملك الموت ، والصلاة على أهل القبلة
،
والنياحة ، والتعزية ، وارتفاع القبر ، والقراءة عند القبور
وزيارتها ، وعذاب القبر ونعيمه ، ومستقر الأرواح
١ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى الإيمان بملك الموت.................................. ١٥٢
٢ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى الصلاة على من مات من أهل القبلة.................. ١٥٣
٣ ـ قول الإمام
أحمد فى الصلاة على القاتل نفسه والغال............................ ١٥٦
٤ ـ قول الإمام
أحمد فى : النياحة................................................ ١٦٠
٥ ـ قول الإمام
أحمد فى : التعزية................................................ ١٦٥
٦ ـ قول الإمام
أحمد فى : ارتفاع القبر............................................ ١٦٨
٧ ـ قول الإمام
أحمد فى : القراءة عند القبور...................................... ١٧٠
٨ ـ قول الإمام
أحمد فى : الذبح عند القبر........................................ ١٧٦
٩ ـ قول الإمام
أحمد فى : عذاب القبر ونعيمه..................................... ١٧٧
١٠ ـ قول الإمام
أحمد فى : زيارة القبور........................................... ١٨٤
١١ ـ قول الإمام
أحمد فى : مستقر الأرواح ما بين الموت إلى يوم القيامة............... ١٨٨
مسائل تتعلق بالإيمان بخروج الأعور الدجال ، والنفخ في
الصور ، والبعث ،
والحساب ، والحوض ، والميزان ، والصراط ، والشفاعة ،
وخروج الموحدين من النار ، ورؤية المؤمنين
ربهم يوم القيامة
١ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد من وجوب الإيمان بخروج الأعور الدجال وقتل عيسى بن مريم له ١٩٠
٢ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد من وجوب الإيمان بالنفخ فى الصور
والبعث والحساب
والثواب والعقاب........................................... ١٩٦
٣ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد من وجوب الإيمان بالحوض............................. ٢٠١
٤ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد من وجوب الإيمان بالميزان............................... ٢٠٣
٥ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد من وجوب الإيمان بالصراط............................. ٢٠٨
٦ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى الشفاعة........................................... ٢١١
٧ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد من وجوب الإيمان بخروج الموحدين من النار............... ٢١٤
٨ ـ قول الإمام
أحمد فى رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة.............................. ٢١٥
٩ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى الجنة والنار......................................... ٢٢٥
١٠ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد من وجوب الإيمان بذبح الموت بين الجنة والنار........... ٢٢٨
مسائل التوكل ، والحب فى الله ، والخوف والرجاء والدعاء ،
والعزلة ، ومظاهر التصوف ، والتعريف بالأمصار ، والقراءة
بالألحان والغناء ، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
١ ـ قول الإمام
أحمد فى : التوكل والعمل والكسب................................. ٢٣٣
٢ ـ قول الإمام
أحمد فى : المسألة................................................ ٢٤٦
٣ ـ قول الإمام
أحمد فى : الحب فى الله........................................... ٢٥٠
٤ ـ قول الإمام
أحمد فى : الخوف والرجاء......................................... ٢٥٢
٥ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى : الخوف من الوقوع فى النفاق........................ ٢٦١
٦ ـ قول الإمام
أحمد فى : الدعاء................................................ ٢٦٣
٧ ـ قول الإمام
أحمد فى : العزلة................................................. ٢٦٨
٨ ـ قول الإمام
أحمد فى : بعض مظاهر التصوف السياحة.......................... ٢٧٠
الجوع.................................................................... ٢٧٠
ترك النكاح............................................................... ٢٧٢
التغبير.................................................................... ٢٧٤
الاجتماع لسماع
القصائد................................................... ٢٧٦
الخطرات.................................................................. ٢٧٩
٩ ـ قول الإمام
أحمد فى التعريف بالأمصار........................................ ٢٨١
١٠ ـ قول الإمام
أحمد فى قراءة القرآن بالألحان.................................... ٢٨٣
١١ ـ قول الإمام
أحمد فى الغناء وآلات اللهو...................................... ٢٩٠
١٢ ـ قول الإمام
أحمد فى النرد والشطرنج......................................... ٣٠٧
١٣ ـ قول الإمام
أحمد فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر......................... ٣١٥
مسائل تتعلق بالرسل ، واليهود والنصارى ، وإخراجهم من
جزيرة العرب وحضور أعيادهم ، وإظهار أهل الذمة
منهم للصلبان والخمور والضرب بالنواقيس ونحو ذلك
١ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فيما يجب اعتقاده فى الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم ٣٢٥
٢ ـ إنكار الإمام
أحمد على من قال : إن اليهود والنصارى من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم......... ٣٢٩
٣ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى معنى قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» وقوله عليه الصلاة
والسلام : «لا يبقى دينان فى جزيرة العرب»............................................................. ٣٣١
٤ ـ قول الإمام
أحمد فى : أعياد الكفار وخروج المسلمين فيها....................... ٣٣٦
٥ ـ قول الإمام
أحمد فى : إظهار أهل الذمة للصليب وإقامة الكنائس ، والبيع والضرب بالناقوس فى
مدائن المسلمين ٣٣٩
٦ ـ قول الإمام
أحمد فى أهل الذمة هل لهم أن يظهروا الخمر فى مدائن المسلمين أو يبيعوه؟ ٣٤٨
مسائل الفرق
١ ـ قول الإمام
أحمد فى الخوارج................................................. ٣٥٢
٢ ـ قول الإمام
أحمد فى الرافضة................................................. ٣٥٧
٣ ـ قول الإمام
أحمد فى حكم من شتم رجلا من الصحابة رضوان الله عليهم........... ٣٦٣
٤ ـ قول الإمام
أحمد فى المرجئة.................................................. ٣٦٩
٥ ـ قول الإمام
أحمد فى المعتزلة.................................................. ٣٧٢
٦ ـ قول الإمام
أحمد فى الجهمية................................................. ٣٧٥
٧ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى التحذير من أصحاب الكلام والجدل والحث على التمسك
بالسنة....................................................................... ٣٩٨
٨ ـ قول الإمام
أحمد فى حكم المبتدعة........................................... ٤١٢
٩ ـ قول الإمام
أحمد فى الصلاة خلف الفساق.................................... ٤١٥
مسائل متفرقة
١ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى ضابط الكبيرة...................................... ٤٢٠
٢ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى المسح على الخفين.................................. ٤٢١
٣ ـ قول الإمام
أحمد فى المتعة................................................... ٤٢٢
٤ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى وجوب الرجم على الزانى المحصن...................... ٤٢٤
٥ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى بعض متعلقات النكاح.............................. ٤٢٥
٦ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى التكبير على الجنائز................................. ٤٢٥
٧ ـ قول الإمام أحمد
فى الصلاة على الشهيد وغسله وعلى من قتله اللصوص......... ٤٢٦
٨ ـ ما أثر عن
الإمام أحمد فى مضاعفة السيئة فى الحرم............................. ٤٢٨
٩ ـ قول الإمام
أحمد فى الفتوى.................................................. ٤٢٩
|