مقدّمة

المؤلّف

هو شيخ الامّة ، ورئيس متكلّميها ، ورأس فقهائها : أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان بن عبد السلام بن جابر بن النعمان ابن التابعي الجليل الشهيد سعيد بن جبير ، العكبري البغداديّ ، المعروف ب‍ (ابن المعلّم) الشهير في الآفاق ب‍ (الشيخ المفيد) (١)

ولد في الحادي عشر من ذي القعدة بعكبرا ـ وهي مدينة تقع في شمال بغداد على الضفة الشرقية لنهر دجلة ـ سنة (٣٣٦) أو (٣٣٨) ه‍.

وتوفّي ببغداد ليلة الجمعة لثلاث خلون من شهر رمضان المبارك سنة (٤١٣) وكان يوم وفاته كيوم الحشر كما وصفه بعض المؤرّخين ، شيّعه ثمانون ألفا ، وصلّى عليه تلميذه الشريف المرتضى عليّ بن الحسين بميدان الأشنان ، الذي ضاق على الناس رغم سعته ، ولم ير يوم أكبر

__________________

(١) ـ روي أن عليّ بن عيسى الرمّاني لقّبه بالمفيد ، بعد مناظرة طريفة جرت بينهما ، أفحم الرمّاني فيها ، وقيل أن الذي لقّبه بالمفيد هو القاضي عبد الجبّار المعتزلي. انظر تفصيل ذلك في روضات الجنّات ٦ : ١٥٩.

منه لشدّة زحام الناس للصلاة عليه ، ومن كثرة بكاء المؤالف والمخالف ، ولا عجب فقد فقد العلم به حامل لوائه ، وزعيم طلائعه ، ورائد الفكر وفارسه المعلّم وكميّه المقدام ، وثلم الدين بموته ثلمة لا يسدّها شيء.

كان (١) قدّس سرّه شيخا ربعة ، نحيفا ، أسمر ، خشن اللباس ، كثير الصلاة والصوم والتقشّف والتخشّع والصدقات ، عظيم الخشوع ، ما كان ينام من الليل إلاّ هجعة ثمّ يقوم ويصلّي ، أو يتلو كتاب اللّه ، أو يطالع ، أو يدرّس.

كان مديما للمطالعة والتعليم ، ومن أحفظ الناس ، قيل إنّه ما ترك للمخالفين كتابا إلاّ حفظه ، وبهذا قدر على حلّ شبه القوم.

كان دقيق الفطنة ، ماضي الخاطر ، حاضر الجواب ، حسن اللسان والجدل ، ضنين السرّ ، جميل العلانية ، بارعا في جميع العلوم ، حتّى كان يقال : له على كلّ إمام منّة.

كان نشيطا للبحث والمناظرة ، صبورا على الخصم ، وكان يناظر أهل كلّ عقيدة فلا يدرك شأوه ، ولم يكن في زمانه من يدانيه أو يضاهيه في هذا المضمار ، حتّى جعل المخالفين في ضيق شديد بقوّة حجّته وتأثير

__________________

(١) ـ كلّ ما سنورده من أحواله وصفاته ومديحه فهو ممّا أطراه به كبار علماء الرجال والتاريخ من الفريقين ، كصهره أبي يعلى الجعفري وتلميذيه النجاشيّ والطوسيّ؛وكأبي حيّان التوحيدي وابن النديم والخطيب البغداديّ واليافعي والذهبي وابن الجوزي وابن حجر العسقلاني وابن كثير الشاميّ وغيرهم.

كلامه في الناس الذين راحوا يتهافتون لولوج باب السعادة والفوز ، وسلوك نهج واحد أصيل وواضح ، ألا وهو نهج آل البيت عليهم‌السلام ، ممّا أثار حفيظة بعض المتعصّبين ـ الذين كان دأبهم الانتصار لأنفسهم ، فجانبوا الإنصاف بحق من خالفهم وإن كان محقّا دونهم ـ كابن العماد الحنبلي واليافعي والخطيب البغداديّ الذين راحوا يعلنون فرحهم وسرورهم بوفاة هذا المصلح العظيم ، ناسين جليل قدره ، فقالوا : «هلك به خلق من الناس إلى أن أراح اللّه المسلمين منه»!!!.

كان شديدا على أهل البدع والأهواء وحملة الأفكار المنحرفة ، وكان بعضهم يتفادى مناظرته ويخشى حجاجه ، وله مع البعض الآخر كالقاضي عبد الجبّار المعتزلي والقاضي أبي بكر الباقلاني رئيس الأشاعرة مناظرات كثيرة رواها تلامذته ومترجموه ، وحفلت بها كتبه ك‍ (العيون والمحاسن) ، وكتب أكثر من خمسين كتابا ورسالة في الرد عليهم وتفنيد آرائهم ، ومن أقطابهم : الجاحظ ، ابن عبّاد ، ابن قتيبة ، ثعلب ، الجبّائي ، أبو عبد اللّه البصري ، ابن كلاب القطّان ـ من رؤساء الحشويّة ـ ، الخالدي ، النسفيّ ، النصيبي ، الكرابيسي ، ابن رشيد ، ابن الاخشيد ، الحلاّج وغيرهم ، ألزمهم فيها الحجّة بالمنطق والدليل الذي لا ينقض.

كما خصّ الإمامة وما يتفرع عنها من بحوث عقائدية وكلامية بمجموعة من مصنّفاته القيّمة ، وما يهمّنا منها هنا كتابه :

الإفصاح في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام

وهو هذا الكتاب الذي بين يديك ، قال في ديباجته :

«إنّي ـ بمشيئة اللّه وتوفيقه ـ مثبت في هذا الكتاب جملا من القول في الإمامة يستغنى ببيانها عن التفصيل ، ومعتمد في إيضاحها على موجز يغني عن التطويل ، وراسم في أصول ذلك رسوما يصل بها إلى فروعها ذوو التحصيل ... والغرض فيما نورده الآن تلخيص جنس مفرد لم يتميّز بالتحديد فيما أسلفناه ، ولا وجدناه على ما نؤمّه لأحد من أصحابنا المتقدّمين رضي اللّه عنهم ولا عرفناه ، مع صدق الحاجة إليه فيما كلّفه اللّه تعالى جميع من ألزمه فروضه وأمره ونهاه ، إذ كان به تمام الإخلاص لمن اصطفاه سبحانه من خلقه وتولاّه ، وكمال الطاعة في البراءة إليه ممّن بمعصيته له عاداه».

وقال في خاتمته :

«قد أثبتّ في هذا الكتاب جميع ما يتعلّق به أهل الخلاف في إمامة أئمتهم من تأويل القرآن والإجماع والعمد لهم في الأخبار على ما يتّفقون عليه من الإجماع دون ما يختلفون فيه ، لشذوذه ودخوله في باب الهذيان ، وبيّنت عن وجوه ذلك بواضح البيان ، وكشفت عن الحقيقة فيه بجليّ البرهان».

أورد فيه أدلّة علماء العامّة على صحّة إمامة أئمتهم ، وآراء المتكلّمين والمفسّرين وأصحاب النظريات المختلفة والمذاهب المتعدّدة ، ثمّ أجاب عنها بفهم قوي ، ونظر دقيق ، وأسلوب جميل ، وبيان فصيح ،

مبيّنا ضعفها وسقمها من عدّة وجوه ، ثمّ يفترض صحّة الدليل الذي احتجّوا به ، تاركا ما أورده عليه من إشكالات جانبا ، ليردّه بوجوه وأدلة اخرى ذات معان جديدة تختلف عن سابقتها ، مستشهدا في جميع ذلك بكثير من الآيات القرآنية ، مستعينا بطريقي : النقل الصحيح المتواتر المتّفق عليه ، والعقل ، فيستوفي البحث في المسألة الواحدة حتّى يسقطها من الاعتبار ، وبدلا من أن تكون دليلا لهم تصبح دليلا وحجّة عليهم ، غير تارك لهم ثغرة يلجئون إليها إلاّ التسليم واتّباع نهج الحقّ والصراط المستقيم بما جاءهم به من البيّنة والبرهان (فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلّٰهِ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذٰلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوٰاءَ السَّبِيلِ يُحَاجُّونَ فِي اللّٰهِ مِنْ بَعْدِ مٰا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دٰاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعليهمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذٰابٌ شَدِيدٌ.)

كما حاجج في هذا الكتاب أبرز الفرق وأشهرها كالسنّة والمعتزلة والحشويّة والخوارج فيما بينهم ، بذكر حجج وأدلّة وشبه بعضهم على البعض الآخر ، مؤكّدا قدرته وتفوّقه وسعة اطلاعه بأفكار وعقائد الفرق والمذاهب الأخرى.

والمباحثات المذكورة في هذا الكتاب ليست كلّها افتراضية أو غير واقعية ، كما قد يتصوّر البعض ، بل إنّ بعضها كان قد حدث فعلا ، كما هو واضح في محاججته مع بعض متكلّمي المعتزلة ، وبعض المرجئة ، قال في نهايتها بعد غلبته عليهما : «فلحق بالأوّل في الانقطاع ، ولم

أحفظ منه إلاّ عبارات فارغة داخلة في باب الهذيان» (١).

وقد ضمّنه مؤلّفه منتخبا من كتابه (المسألة الكافئة) كما ذكر ذلك في معرض إحالته إليه (٢).

وأحال فيه أيضا إلى كتابه الآخر (العيون والمحاسن) (٣) الذي ألّفه سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة ٤ ، أي قبل وفاته بأربعين سنة ، وكان عمره الشريف آنذاك خمسا أو سبعا وثلاثين سنة ، فيكون تأليفه للإفصاح بعد هذا العمر.

والمتيقّن لدينا أنّ الإفصاح ليس آخر كتاب ألّفه ، لأنّه وعد في آخره بتأليف كتاب في (إمامة أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام من القرآن) وقد ألّفه فعلا ، إذ عدّه تلميذه أبو العبّاس أحمد بن علي النجاشيّ (٣٧٢ ـ ٤٥٠ ه‍) من تأليفاته (٥).

نسخ الكتاب

اعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب على ثلاث نسخ خطية ورابعة مطبوعة.

النسخة الأولى : وهي المحفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة ملك ،

__________________

(١) الإفصاح : ١٢٠.

(٢) الإفصاح : ١٢٩.

(٣) الإفصاح : ١٩٢.

(٤) الفصول المختارة من العيون والمحاسن ٢ : ٩٩.

(٥) رجال النجاشيّ : ٤٠.

في طهران ، برقم (٢٩٢٦) ، وتقع في (٥٧) ورقة ، ليس فيها اسم الناسخ ولا تاريخ الاستنساخ ، وكتب في رأس الصفحة الأولى (كتاب الإيضاح لشيخنا الأعز الأجلّ السديد الشيخ المفيد طاب ثراه) كذا ورد عنوان الكتاب في هذه النسخة ولكن الصحيح (الإفصاح) بدليل ما في سائر النسخ والمعاجم المختصّة والفهارس المعنية بالتراث. وقد رمزنا لها بـ (أ).

النسخة الثانية : وهي المحفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة المجلس النيابي الإيراني (مجلس شوراى إسلامي) ، في طهران ، برقم (١٠٥٤٧) ، وتقع في (٤٠) ورقة ، ليس فيها اسم الناسخ ولا تاريخ الاستنساخ.

ورمزنا لها ب‍ (ح).

النسخة الثالثة : وهي المحفوظة في خزانة مخطوطات المكتبة المركزية العامّة (آستان قدس رضوي) في مدينة مشهد المقدّسة ، برقم (٧٤٤٣) ، وتقع في (٥١) ورقة ، كتب في أوّلها :

(هذا كتاب الإفصاح في إثبات إمامة مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام ، من مصنّفات الشيخ أبي عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المعروف بالشيخ المفيد قدس اللّه سرّه السعيد).

وفي آخرها :

(يقول العبد الفقير إلى اللّه الغني ابن زين العابدين محمّد حسن الارموي ، النزيل عند سيّده ومولاه أمير المؤمنين علي في مشهد الغري ، على مشرّفه آلاف التحيّة والسلام : قد اتفق لي الفراغ من كتابة هذه

النسخة الشريفة ليومين خلتا (كذا) من شهر رمضان من شهور سنة ألف وثلاثمائة وخمسون (كذا) الهجرية على هاجرها الصلوات والسلام ، والمرجو من المنتفعين أن يذكرني (كذا) بالمغفرة والاستغفار ، واللّه ولي التوفيق ، سنة ١٣٥٠).

ورمزنا لها بـ (ب).

النسخة الرابعة : وهي المطبوعة في النجف الأشرف ، المطبعة الحيدريّة ، سنة (١٣٦٨ ه‍) ، في (١٣٦) صفحة ، وجاء في آخرها :

(إلى هنا تمّ كتاب الإفصاح للشيخ السديد الشيخ المفيد ... استنساخا على يد الفقير إلى ربّه الغني عبد الرزاق ١بن السيّد محمّد ابن السيّد عبّاس بن السيّد حسن بن السيّد قاسم الموسوي نسبا المقرّمي لقبا ، في النجف الأشرف على مشرّفه الصلاة والسلام ، عصر يوم الأحد الثاني من شهر ذي الحجة الحرام من سنة الألف والثلاثمائة والخمسين هجرية على مهاجرها ألف صلاة وتحية ، سنة ١٣٥٠ ذي الحجة.

صحّح مقابلة من أوّله إلى تمامه على نسخة العلامة الشيخ شير محمّد بن صفر علي الهمداني الجورقاني دام بقاه).

وأعادت مكتبة المفيد في قم المقدّسة طبعها بالأوفسيت ضمن

__________________

(١) وهو العلامة الحجّة ، له تأليفات بلغت أكثر من اثنين وأربعين كتابا ورسالة ، جلّها في تاريخ الشهداء العلويين وأئمة آل البيت عليهم‌السلام ، ولد في النجف الأشرف سنة (١٣١٦ ه‍) وتوفي فيها سنة (١٣٩١ ه‍) ، وصدر له من منشورات مؤسّسة البعثة (مقتل الحسين) عليه‌السلام.

كتاب (عدّة رسائل للشيخ المفيد).

ورمزنا لها ب‍ (م).

منهج التحقيق

لاحظنا أن النسخ الثلاث المخطوطة والنسخة المطبوعة في النجف الأشرف مليئة بالتصحيف والتحريف والسقط ، فكان من العسير اختيار نسخة من بينها يصحّ الاعتماد عليها كي تكون أصلا في التحقيق ، لذا اعتبرناها كلّها أصولا معتمدة وبمرتبة واحدة ، إذ تعدّ كل واحدة منها مكملة للأخرى ، فعمدنا إلى مقابلة جميع النسخ مع بعضها البعض.

ثمّ تلا المقابلة تخريج الأحاديث والآثار والأشعار من امّهات المصادر المعتمدة عند الفريقين.

وفي مرحلة تقويم متن الكتاب وتصحيحه ، قمنا بما يلي :

١ ـ إثبات أنسب الألفاظ وأصحّها ـ عند اختلاف النسخ ـ في متن الكتاب ، ثمّ الإشارة إلى الاختلافات ذات الوجوه المحتملة الواردة في النسخ الأخرى.

٢ ـ تقطيع المتن بأحسن وجه يحفظ له المعنى ويسهل على القارئ تقبّله ، ويضيف عليه جمالية في الإخراج.

٣ ـ ضبط بعض الكلمات الصعبة والأعلام.

٤ ـ شرح المفردات الغامضة شرحا موجزا باعتماد أهم معاجم اللغة.

٥ ـ ترجمة موجزة لبعض الرواة والأعلام الواردة في الكتاب.

٦ ـ التعليق المقتضب عند الضرورة.

ومن ثمّ تأتي مرحلة ترتيب هوامش الكتاب وفقا للمعلومات والملاحظات المثبتة في الفقرات المتقدمة.

وأخيرا قمنا بإعداد الفهارس الفنيّة الشاملة لمحتويات هذا الكتاب.

شكر وثناء

يسرّ مؤسّسة البعثة إذ تقدم للقارئ الكريم هذا الأثر القيّم أن تتقدّم بالثناء والتقدير للإخوة الأفاضل الذين ساهموا في إنجازه كلّ بحسب تخصّصه ، وكما يلي :

١ ـ مقابلة النسخ : الأخ كريم راضي الواسطي والأخ إسماعيل الموسوي.

٢ ـ تخريج النصوص : الأخ عصام البدريّ.

٣ ـ تقويم النصّ : الأخ علي موسى الكعبي والأخ شاكر شبع.

٤ ـ تثبيت الهوامش : الأخ عبد الكريم البصري.

٥ ـ إعداد الفهارس : الشيخ كريم الزّريقي.

نسأل اللّه سبحانه أن يوفّق كلّ العاملين في خدمة دينه المبين إلى ما يحب ويرضى ، وأن يوفّقنا لأداء واجبنا في حقل إحياء تراث أهل البيت عليهم‌السلام إنّه تعالى ولي التوفيق.

قسم الدراسات الإسلامية

مؤسّسة البعثة ـ قم

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله موجب الحمد ومستحقه وصلواته على خيرته من خلقه محمد وآله.

أما بعد :

فإني بمشيئة الله وتوفيقه مثبت في هذا الكتاب جملا من القول في الإمامة يستغنى ببيانها عن التفصيل ومعتمد في إيضاحها على موجز يغني عن التطويل وراسم في أصول ذلك رسوما يصل بها إلى فروعها ذوو التحصيل وإن كان ما خرج من تصنيفاتي وأمالي في هذا الباب يوفي (١) والله المحمود على ما تضمن معناه من كل كتاب ويعرف الزيادة فيه متأمله من ذوي الألباب.

__________________

(١) (يوفي) ليس في ب.

والغرض فيما نورده الآن بمعونة الله عزوجل بعد الذي ذكرناه ووصفنا حاله وبيناه تلخيص جنس مفرد لم يتميز بالتحديد فيما أسلفناه ولا وجدناه على ما نؤمه لأحد من أصحابنا المتقدمين رضي الله عنهم ولا عرفناه مع صدق الحاجة إليه فيما كلفه الله تعالى جميع من ألزمه فروضه وأمره ونهاه (١) ، إذ كان به تمام الإخلاص لمن اصطفاه سبحانه من خلقه وتولاه وكمال الطاعة في البراءة إليه ممن بمعصيته (٢) له عاداه وبالله أستعين وإياه أستهدي إلى سبيل الرشاد

__________________

(١) في ب ، ونهية.

(٢) في ب : مّمن يرى بمعصية. وفي أ ، ح : مّمن يرى منه معصيته

مسألة

إن سأل سائل فقال أخبروني عن الإمامة ما هي في التحقيق على موضوع الدين واللسان

قيل له : هي التقدم فيما يقتضي طاعة (١) صاحبه والاقتداء به فيما تقدم فيه على البيان. فإن قال : فحدثوني عن هذا التقدم بما ذا حصل لصاحبه أبفعل نفسه أم بنص مثله في الإمامة عليه ، أم باختياره؟

قيل له : بل بإيثار سبق ظهور حاله أوجب له ذلك عند الله تعالى ليزكي أعماله فأوجب على الداعي إليه بما يكشف عن مستحقه النص عليه دون ما سوى ذلك مما عددت في الأقسام.

فإن قال : فخبروني عن المعرفة بهذا الإمام أمفترضة على الأنام أم مندوب إليها كسائر التطوع الذي يؤجر فاعله ولا يكتسب تاركه الآثام.

__________________

(١) (طاعة) ليس في ب ، م.

قيل له : بل فرض لازم كأوكد فرائض الإسلام.

فإن قال : فما الدليل على ذلك وما الحجة فيه والبرهان؟

قيل له : الدليل على ذلك من أربعة أوجه :

أحدها : القرآن وثانيها : الخبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وثالثها : الإجماع ورابعها : النظر القياسي والاعتبار.

فأما القرآن فقول الله سبحانه وتعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (١) فأوجب معرفة الأئمة من حيث أوجب طاعتهم كما أوجب (٢) معرفة نفسه ومعرفة نبيه ـ عليه وآله السلام ـ بما ألزم من طاعتهما (٣) على ما ذكرناه.

وقول الله تعالى (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) (٤) وليس يصح أن يدعي أحد بما لم يفترض عليه علمه والمعرفة به.

وأما الخبر فهو المتواتر (٥) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال ((من مات وهو لا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية)) (٦) وهذا صريح بأن الجهل

__________________

(١) سورة النساء ٥٩ : ٤.

(٢) (معرفة الائمة ... كما أوجب) ليس في أ.

(٣) في أ : طاعتها

(٤) سورة الأسْرَاء ٧١ : ١٧.

(٥) في أ : التواتر.

(٦) كمال الدين ٤١٢ : ٢/١٠ ، الكافي ٣٠٨ : ١/٣ ، غيبة النعماني : ٣٣٠/٥ ، حلية الأولياء

٢٢٤ : ٣ ، مسند أحمد بن حنبل ٩٦ : ٤ ، مجمع الزواند ٢١٨ : ٥.

بالإمام يخرج صاحبه عن الإسلام.

وأما الإجماع : فإنه لا خلاف بين أهل الإسلام أن معرفة إمام (١) المسلمين واجبة على العموم كوجوب معظم الفرائض في الدين.

وأما النظر والاعتبار : فإنا وجدنا الخلق منوطين بالأئمة في الشرع إناطة يجب بها عليهم معرفتهم على التحقيق وإلا كان ما كلفوه من التسليم لهم في أخذ الحقوق منهم والمطالبة لهم في أخذ مالهم والارتفاع إليهم في الفصل عند الاختلاف والرجوع إليهم في حال الاضطرار والفقر إلى حضورهم لإقامة الفرائض من صلوات وزكوات وحج وجهاد تكليف ما لا يطاق ولما استحال ذلك على الحكيم الرحيم سبحانه ثبت أنه فرض معرفة الأئمة ودل على أعيانهم بلا ارتياب.

فإن قال : فخبروني الآن من كان الإمام بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله والقائم في رئاسة الدين مقامه لأعرفه فأؤدي بمعرفته ما افترض له علي من الولاء.

قيل له : من أجمع المسلمون على اختلافهم في الآراء والأهواء على إمامته بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) ولم يختلفوا من بعد وفاته فيما أوجب له ذلك من اجتماع خصال الفضل له والأقوال فيه والأفعال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام.

__________________

(١) في أ ، ح ، م : أئمة

(٢) في أ ، ح زيادة : علي حال.

فإن قال : أبينوا لي عن صحة هذا المقال فإني أراكم مدعين الإجماع فيما ظاهره الاختلاف ولست أقنع منكم فيه إلا بالشرح لوجهه والبيان. (١)

قيل له : ليس فيما حكيناه من الإجماع (٢) اختلاف ظاهر ولا باطن فإن ظننت ذلك لبعدك عن الصواب أفلا ترى أن الشيعة من فرق الأمة تقطع بإمامته عليه‌السلام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بلا فصل وتقضي له بذلك إلى وقت وفاته وتخطئ من شك في هذا المقال على كل حال والحشوية (٣) والمرجئة (٤) والمعتزلة متفقون على إمامته عليه‌السلام بعد عثمان وأنه

__________________

(١) في ب ، م : والمقال

(٢) (من الإجماع) ليس في ب ، م.

(٣) سمّيت الحشوية بهذا الاسم ، لأّنهم يحشون الأحاديث التي لا أصل لها في الاحاديث المروية عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أي يدخلونها فيها وليست منها ، وهم من فرق المرجّئة يقولون بالجبر والتشبيه ، وإن الله تعالى موصوف عندهم بالنفس واليد والسمع والبصر ، وقالوا : كلّ ثقة من العلماء يأتي بخبر مسند عن النبيّ فهو حجة. ((المقالات)) والفرق : ١٣٦ ، ٦)). وأراد المصنّف بالحشويّة هنا أهل السنّة عموماً ، أنظرص ٢١٦,٩١.

(٤) المُرّجئِة : اختلف فيهم علي أقوال : فقيل هم فرقة من الفرقة الإسلام بعتقدون أنّه لا يضرّ مع الإيمان معصية كما لاينفع مع الكفر طاعة ، سمّوا مرجئة لاعتقادهم أن الله تعالي أرجأ تعذيبهم عن المعاصي ، أي أخّرة عنهم.

وقيل : هم الذين يقولون الإيمان قول بلا عمل ، لأنّهم يقدّمون القول ويؤخّرون العمل القول ويؤخّرون العمل.

وفيل : ما عدا الشيعة من العامة وسمّوا مرجئة لأنعم زعموا أنّ الله تعالى أخّر نصب الإمام ليكون نصبه باختيار الأّمة بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ((المقالات والفرق : ١٣١ ، ٥ مجمع البحرين ـ رجا ـ ١٧٧ : ١))

لم يخرج عنها حتى توفاه الله تعالى راضيا عنه سليما من الضلال والخوارج وهم أخبث أعدائه وأشدهم عنادا يعترفون له بالإمامة. كاعتراف الفرق الثلاث وإن فارقوهم بالشبهة في انتهاء الحال؟

ولا سادس في الأمة لمن ذكرناه يخرج بمذهبه عما شرحناه فيعلم بذلك وضوح ما حكمنا به من الإجماع على إمامته بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كما وصفناه.

فأما الإجماع على ما يوجب له الإمامة من الخلال فهو إجماعهم على مشاركته عليه‌السلام لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في النسب ومساهمته له في كريم الحسب واتصاله به في وكيد السبب وسبقه كافة الأمة إلى الإقرار وفضله على جماعتهم في جهاد الكفار وتبريزه عليهم في المعرفة والعلم بالأحكام وشجاعته وظاهر زهده اللذين لم يختلف فيهما اثنان وحكمته في التدبير وسياسة الأنام وغناه بكماله في التأديب المحوج إليه المنقص عن الكمال وببعض هذه الخصال يستحق الإمامة فضلا عن جميعها على ما قدّمناه.

وأما الإجماع على الأفعال الدالة على وجوب الإمامة والأقوال :

__________________

(١) في أ ، ح زيادة : له.

(٢) في أ : بإمامته.

(٣) في أ : التسب

(٤) في أ : الذي لم بختلف فيه.

(٥) في ب ، ح ، م : النقص.

فإن الأمة متفقة على أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قدمه في حياته وأمره على جماعة من وجوه أصحابه واستخلفه في أهله واستكفاه أمرهم عند خروجه إلى تبوك قبل وفاته واختصه لإيداع أسراره وكتب عهوده وقيامه مقامه في نبذها إلى أعدائه وقد كان ندب ليعرض ذلك من تقدم عليه فعلم الله سبحانه أنه لا يصلح له فعزله بالوحي من سمائه.

ولم يزل يصلح به إفساد من كان على الظاهر من خلصائه ويسد به خلل أفعالهم المتفاوتة بحكمه وقضائه وليس يمكن أحد ادعاء هذه الأفعال من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله لغير أمير المؤمنين عليه‌السلام على اجتماع ولا اختلاف فيقدح بذلك في أس ما أصلناه وبيناه.

وأما الأقوال المضارعة لهذه الأفعال في الدلالة فهي أكثر من أن تحصى على ما شرطناه في الاختصار وإن كنا سنورد منها ما فيه كفاية إن شاء الله تعالى.

فمنها : ما سلم لروايته الجميع من قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم بعد أن قرر أمته على المفترض له من الولاء الموجب لإمامته عليهم والتقدم لسائرهم في الأمر والنهي والتدبير فلم ينكره أحد منهم

__________________

(١) (يزل) ليس في أ.

(٢) الأس : الأصل ((الصحاح ـ اسس ـ ٩٠٣ : ٣))

(٣) في أ ، ب ، ح : علي شرطنا.

(٤) خُم : بئر حفرها مرّة بن كعب ، ونسب إلى ذلك غدير خمّ ، وهو بين مكّة والمدينة. ((معجم البلدان ٣٨٨ : ٢)).

وأذعنوا بالإقرار له طائعين من كنت مولاه فعلي مولاه فأعطاه بذلك حقيقة الولاية وكشف به عن مماثلته له في فرض الطاعة والأمر لهم والنهي والتدبير والسياسة والرئاسة وهذا نص لا يرتاب بمعناه من فهم اللغة بالإمامة.

ومنها أيضا : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله بلا اختلاف بين الأمة أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فحكم له بالفضل على الجماعة والنصرة والوزارة والخلافة في حياته وبعد وفاته والإمامة له بدلالة أن هذه المنازل كلها كانت لهارون من موسى عليه‌السلام في حياته وإيجاب جميعها لأمير المؤمنين عليه‌السلام إلا ما أخرجه الاستثناء منها ظاهرا وأوجبه بلفظ بعد له من بعد وفاته وبتقدير ما كان يجب لهارون من موسى لو بقي بعد أخيه فلم يستثنه النبي صلّ الله عليه وآله فبقي لأمير المؤمنين عليه‌السلام عموم ما حكم له من المنازل وهذا نص على إمامته لا خفاء به على من تأمله وعرف وجوه القول فيه وتبينه.

ومنها : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله على الاتفاق اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر فجاءه بأمير المؤمنين عليه‌السلام فأكل

__________________

(١) الكافي ٢٢٧ : ١/١ ، علل الشرائع : ١٤٤ ، أمالي الصدوق : ٢٩١ ، حلية الأوليا ٢٣ : ٤ ، مسند أحمد ٣٣١ : ١ ، المستدرك للحاكم ١٣٤ : ٣.

(٢) (والسياسية) ليس في ا.

(٣) علل الشرائع : ٢٢٢ ، أمالي الصدوق : ١٤٦/٧ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١٠ : ٢/٢٣. سنن الترمذي ٦٤١ : ٥/٣٧٣١ ، مسند أحمد ٤٣٨ : ٦ ، مجمع مجمع الزوائد ١٠٨ : ٩.

(٤) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١٨٧ : ٢/.أمالي الصدوق ٥٢١/٣ ، الخصال ٥٥٥.

معه وقد ثبت أن أحب الخلق إلى الله تعالى أفضلهم عنده إذ كانت محبته منبئة عن الثواب دون الهوى وميل الطباع وإذا صح أنه أفضل خلق الله تعالى ثبت أنه كان الإمام لفساد تقدم المفضول على الفاضل في النبوة وخلافتها العامة في الأنام.

ومنها : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم خيبر ((لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه)) (١) فأعطاها من بين أمته جميعا عليا عليه‌السلام ثم بين له من الفضيلة بما بان به من الكافة ولو لا ذلك لاقتضى الكلام خروج الجماعة من هذه الصفات على كل حال وذلك محال أو كان التخصيص بها ضربا من الهذيان وذلك أيضا فاسد محال وإذا وجب أنه أفضل الخلق بما شرحناه ثبت أنه كان الإمام دون من سواه على ما رتبناه.

وأمثال ما ذكرناه مما يطول به التقصاص من تفضيله له عليه‌السلام على كافة أصحابه وأهل بيته بأفعاله به وظواهر الأقوال فيه ومعانيها المعقولة لمن فهم الخطاب والشهادة له بالصواب ومقتضى العصمة من الذنوب والآفات مما يدل على غناه عن الأمة ويكشف بذلك عن كونه

__________________

صحيح الترمذي ٦٣٦ : ٥/٣٧٢١ ، المستدرك ١٣٠ : ٣ مجمع الزواند ١٣٨ : ٧.

(١) أما لي الطوسي ّ ٣١٣ : ١ إرشاد المفيد : ٣٦ ، إعلام الورى : ٩٩ : مسند أحمد ١٨٥ : ١.

صحيح مسلم ١٨٧١ : ٤/٣٢ ، صحيح الترمذي ٦٣٩ : ٥ ، المناقب لابن المغازلي : ١٧٧.

مناقل الخوارزميّ : ١٠٥ ، ذخائر العقبى : ٧٢ الرياض النضرة ١٤٨ : ٣ و ١٥١.

(٢) في أ : بذكرة والتقاصاض : التتلع. اُنظر المعجم الوسيط ٧٣٩ : ٢.

إماما بالتنزيل الذي رسمناه وقد استقصينا القول في أعيان هذه المسائل على التفصيل والشرح والبيان في غير هذا المكان فلا حاجة بنا إلى ذكره هاهنا مع الغرض الذي أخبرنا به عنه ووصفناه.

واعلم أرشدك الله تعالى أن فيما رسمناه من هذه الأصول أربع مسائل يجب ذكرها والجواب عنها لتزول به شبهة أهل الخلاف :

أولها : السؤال عن وجه الدلالة من الإجماع الذي ذكرناه في إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على إمامته من بعده على الفور دون من قام ذلك المقام ممن يعتقد الجمهور في فعله الصواب.

ثانيها : عن الدلالة على أن أمير المؤمنين عليه‌السلام الأفضل عند الله تعالى من الجميع وإن كان أفضل منهم في ظاهر الحال.

ثالثها : عن الدليل على فساد إمامة المفضول على الفاضل بحسب ما ذكرناه.

رابعها : عن حجة دعوى الإجماع في سائر ما عددناه مع ما يظن فيه من خلاف البكرية والعثمانية والخوارج وما يعتقدونه من الدفع لفضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام.

الجواب عن السؤال الأول : أنه إذا ثبت بالحجة القاهرة من الإجماع وجود إمام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بلا فصل وثبوت إمامته على الفور ولم يكن على من ادعي ذلك له سوى أمير المؤمنين عليه‌السلام إجماع على حال

__________________

(١) انظر رسالته " تفضيل امير المؤمنين على سائر الصحابة " والفصول المختارة من العيون والمحاسن ١ : ٦٤ من الأحوال لما يعرف من مذاهب شيعة علي بن أبي طالب عليه‌السلام والعباس في أبي بكر وتقدمه في ذلك المقام ونفي الإمامة عنه على كل حال ومذهب شيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام فيما تدعيه الراوندية (١) من إمامة العباس وأنها لم تصح له في حال ولم يكن دليل من كتاب ولا سنة ولا اعتبار على إمامة المتقدم فينوب ذلك مناب الإجماع ثبت أن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان إماما في تلك الحال ومستقبلها إلى أن قبضه الله تعالى إلى جنته على ما وصفناه وإلا خرج الحق عن الإجماع (٢) وبطل قول كافة الأمة فيما شهدوا به من وجود الإمام (٣) وثبوت الإمامة له على القطع والثبات وذلك فاسد بالنظر الصحيح والإجماع.

والجواب عن السؤال الثاني : أن الدلائل قد قامت على أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم ينطق عن الهوى ولا فعل في شرعه شيئا ولا قال إلا (٤) يوحى وقد علمنا أن الوحي من الله جل اسمه العالم بالسر وأخفى وأنه جل اسمه لا يحابي خلقه ولا يبخس أحدا منهم حقه فلو لا أن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان الأفضل عنده جل اسمه لما فرض على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله التفضيل له على الكافة والتنويه بفضله من بين

__________________

(١) الراوندبة : هم شيعة ولد العبّاس بن عبد المطلب ، قالوا : إنّ أحقّ الناس بالإمامة بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله العبّاس بن عبد المطلب لأنّه عمّه ووارثه وعصبته. ((المقالات والفرق : ١٨٠ ، قرق الشيعة ٤٦))

(٢) (عن الإجماع) ليس في أ.

(٣) في أ : الإمامة.

(٤) في أشيئاَ وقال إن هو إلّا وحيل ، وفي ب ، م شيئاَ إلًّا بوحي.

الجماعة والإقرار له من التعظيم بما لم يشركه فيه غيره لأنه لو لم يكن ذلك كذلك لكان محابيا له وباخسا لغيره حقه أو غير عالم بحقيقة الأمر في مستحقه وذلك كله محال فثبت أن الفضل الذي بان به أمير المؤمنين عليه‌السلام في الظاهر من الجماعة بأفعال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وأقواله أدل دليل على فضله في الحقيقة وعند الله سبحانه على ما ذكرناه.

والجواب عن السؤال الثالث : ما قدمناه في فساد نبوة المفضول على الفاضل ومشاركة الإمامة للنبوة في معنى التقدم والرفعة والرئاسة وفرض الطاعة وبما يفسد به علو المفضول على الفاضل في الثواب ودلالة التعظيم الديني على منزلة المعظم في استحقاق الجزاء بالأعمال وثبوت علو تعظيم الإمام على الرعية في شريعة الإسلام وفي كل ملة وعند أهل كل نحلة وكتاب.

والجواب عن السؤال الرابع : أنا لا نعلم بكريا ولا عثمانيا ولا خارجيا دفع إجماع المختلفين على تسليم ما رويناه من فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام وعددناه وكيف ينكرون رواية ذلك وهم أنفسهم قد رووه ونقلوه عن أسلافهم وتقبلوه وأعملوا أفكارهم في الاستخراج لوجوهه وتأولوه وليس خلافهم للشيعة فيما تعلقوا به من معانيه خلافا في صحة سنده والتسليم لرواته كما أن اختلاف المسلمين في تأويل القرآن لا يوجب إنكارهم للتنزيل. ومن دفع ما وصفناه من هذه الحال وجب رده إلى أصحاب

الحديث ممن سميناه وإن كان الموجود في أصولهم ـ من نقلهم (١) ـ شاهدا عليهم بما ذكرناه على أننا لا ننكر أن يدفع المتفق عليه واحد من أهل النظر أو اثنان أو ألف من العامة أو ألفان لكنه لا يكون ذلك باتفاق الحجة قادحا فيما انعقد به الإجماع لوجود أمثاله فيما نعتناه.

وإنما مدار الأمر على اصطلاح (٢) معظم العلماء واجتماع المختلفين على التسليم عند السلام ة من العصبية وحال السكون عن المماراة (٣) والمجادلة ونقل المتضادين في الآراء والاعتقادات مع العداوة في أصل الديانات والمناصبة ولو لا أن الأمر كذلك لما ثبت إجماع (٤) على شيء من شريعة الإسلام لوجود المختلفين فيها على كل حال.

وهاهنا منصفة بيننا وبين أهل الخلاف وهي أن يذكروا شيئا من فرائض الشريعة وواجبات الأحكام أو مدائح قوم من الصحابة أو تفضيلا لهم على غيرهم من الأنام ممن يلجئون في صحته إلى الإجماع فإن لم نوجدهم خلافا فيه من أمثال المنكرين لما عددناه من فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام وإلا فقد ظهرت الحجة لهم فيما ادعوه وهيهات.

فإن قال قائل (٥) : فإذا كان أمير المؤمنين عليه‌السلام هو الإمام بعد

__________________

(١) في أ ، ح : نقله. والمراد ظاهرا الحديث.

(٢) يقال اصطلح القوم : زال ما بينهم من خلاف واتفقوا. «المعجم الوسيط ١ : ٥٢٠».

(٣) المماراة : الجدال والنزاع. «الصحاح ـ مرا ٦ : ٢٤٩١».

(٤) في ب ، م : إجماع في.

(٥) (قائل) ليس في ب ، ح ، م.

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دون سائر الناس فعلى أي وجه تقدم عليه أبو بكر وعمر وعثمان وادعوا الإمامة دونه وأظهروا أنهم أحق بها على كل حال.

قيل له : لقد كان ذلك على وجه الدفع له صلى‌الله‌عليه‌وآله عن حقه والخلاف عليه في مستحقه وليس ذلك بمستحيل ممن ارتفعت عنه العصمة وإن كان في ظاهر الأمر على أحسن الصفات.

فإن قال : فكيف يجوز ذلك ممن سميناه وهم وجوه أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والمهاجرين والسابقين إلى الإسلام؟

قيل له : أما وجوه الصحابة ورؤساء المهاجرين وأعيان السابقين إلى الإيمان بواضح الدليل وبين البرهان فهو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أخو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ووزيره وناصره ووصيه وسيد الأوصياء وعم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله سيد الشهداء رضوان الله عليهم وابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جعفر بن أبي طالب الطيار مع الملائكة في الجنان رضي الله عنه وابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أيضا عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه الذين سبقوا من سميت إلى الإيمان وخرجوا في مواساة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الديار والأوطان وأثنى الله عليهم في محكم القرآن وأبلوا دون أصحابه (١) في الجهاد وبارزوا الأقران وكافحوا الشجعان وقتلوا الأبطال وأقاموا عمود الدين وشيدوا الإسلام.

__________________

(١) (في) أ : أصحابك

ثم الطبقة التي تليهم كخباب وعمار وأبي ذر والمقداد وزيد بن حارثة ونظرائهم في الاجتهاد وحسن الأثر والبلاء والإخلاص لله ولرسوله عليه‌السلام في السر والإعلان.

وبعد : فلو سلمنا لك دعواك لمن ادعيت الفضل لهم على ما تمنيت لم يمنع مما ذكرناه لأنه لا يوجب لهم العصمة من الضلال ولا يرفع عنهم جواز الغلط والسهو والنسيان ولا يحيل منهم تعمد العناد.

وقد رأيت ما صنع شركاؤهم في الصحبة والهجرة والسبق إلى الإسلام حين رجع الأمر إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام باختيار الجمهور منهم والاجتماع فنكث بيعته طلحة والزبير وقد كانا بايعاه على الطوع والإيثار وطلحة نظير أبي بكر والزبير أجل منهما على كل حال وفارقه سعد بن أبي وقاص وهو أقدم إسلاما من أبي بكر وأشرف منه في النسب وأكرم منه في الحسب وأحسن آثارا من الثلاثة في الجهاد.

وتبعه على فراقه وخذلانه محمد بن مسلمة وهو من رؤساء الأنصار واقتفى آثارهم في ذلك وزاد عليها بإظهار سبه والبراءة منه حسان فلو كانت الصحبة مانعة من الضلال لمنعت من ذكرناه ومعاوية

__________________

(١) خباب بن الارت التميمي ، صحابي ، من نجباء السابقين ، شهد المشاهد كلها ، ونزل الكوفة فمات سنة (٣٧) ه‌. " سير أعلام النبلاء ٢ : ٣٢٣ / ٦٢. حلية الاولياء ١ : ٣٥٩ ، الاصابة ٢ : ١٠١ / ٢٢٠٦ ، رجال الشيخ الطوسي : ١٩ / ٣

(٢) والاجتماع) ليس في ب ، م.

(٣) في ب ، ح ، م : وزاد عليهم في سبه.

بن أبي سفيان وأبا موسى الأشعري وله من الصحبة والسبق ما لا يجهل وقد علمتم عداوتهم لأمير المؤمنين عليه‌السلام وإظهارهم البراءة منه والقنوت عليه وهو ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأميره على أبي بكر وعمر وعثمان.

ولو كانت الصحبة أيضا مانعة من الخطإ في الدين والآثام لكانت مانعة لمالك بن نويرة وهو صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على الصدقات ومن تبعه من وجوه المسلمين من الردة عن الإسلام.

ولكانت صحبة السامري لموسى بن عمران عليه‌السلام وعظم محله منه ومنزلته تمنعه من الضلال باتخاذ العجل والشرك بالله عزوجل ولاستحال أيضا على أصحاب موسى نبي الله عليه‌السلام وهم ستمائة ألف إنسان وقد شاهدوا الآيات والمعجزات وعرفوا الحجج والبينات أن يجتمعوا على خلاف نبيهم وهو حي بين أظهرهم وباينوا خليفته وهو يدعوهم ويعظهم ويحذرهم من الخلاف وينذرهم فلا يصغون إلى شيء من قوله ويعكفون على عبادة العجل من دون الله عزوجل.

ولكان أيضا أصحاب عيسى عليه‌السلام معصومين من الردة ولم يكونوا كذلك بل فارقوا أمره وغيروا شرعه وادعوا عليه أنه كان يأمرهم بعبادته واتخاذه إلها مع الله تعالى تعمدا للكفر والضلال وإقداما على العناد من غير شبهة ولا سهو ولا نسيان.

__________________

(١) نصبت عطفا على الاسم الموصول (من).

(٢) في ب ، م : حتى دعوا عليه في قنوت الصلاة.

(٣) في أ : المؤمنين.

فإن قال : فإذا كان الأمر على ما ذكرتموه وكان القوم قد دفعوا حقا لأمير المؤمنين عليه‌السلامكما وصفتموه فلم أقرهم على ذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام واتبعهم عليه الأنصار والمهاجرون وما بال أمير المؤمنينعليه‌السلاملم يجاهدهم كما جاهد الناكثين والقاسطين والمارقين.

قيل له : لم يقرهم على ذلك جميع المسلمين ولا تبعهم عليه سائر الأنصار والمهاجرين وإن كان الراضي بذلك منهم الجمهور والمؤثر في العدد هم الأكثرون وليس ذلك علامة على الصواب بل هو في الأغلب دليل على الضلال وقد نطق بذلك القرآن قال الله تعالى (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ).

وقال تعالى (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) وقال تعالى (وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ).

وقال تعالى (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)

وقال تعالى (وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) في آيات يطول بإثباتها الكتاب.

__________________

(١) في ب : أمرهم

(٢) سورة يوسف ١٢ : ١٠٣.

(٣) سورة يوسف ١٢ : ١٠٦.

(٤) سورة المائدة ٥ : ٥٩.

(٥) سورة ص ٣٨ : ٢٤.

(٦) سورة هود ١١ : ٤٠.

على أن هذا القول وإن كان حجة فيما ذكرناه فالوجود شاهد لصحته على ما وصفناه ألا ترى أن أكثر الخلق على مرور الأيام والأوقات عصاة لله تعالى والقليل منهم مطيعون له على الإخلاص والجمهور الأكثر منهم جهال على كل حال والعلماء قليل يحصرهم العدد بلا ارتياب وأهل التصون والمروءة من بين الخلق أفراد وأهل المناقب في الدين والدنيا آحاد فيعلم بذلك أن الأكثر لا معتبر بهم في صحيح الأحكام.

وبعد فإنه لم يتمكن قط متملك إلا وكان حال الخلق معه حالهم مع أبي بكر وعمر وعثمان وهذه عادة جارية إلى وقتنا هذا وإلى آخر الزمان ألا ترى إلى اجتماع الأمة على متاركة معاوية بن أبي سفيان حين ظهر أمره عند مهادنة الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام وسكوت الكافة عنه وهو يلعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام على المنابر ويقنت عليه في الصلوات ويضرب رقاب المسلمين على الولاية له ويجيز على البراءة منه بالأموال.

وكذلك كانت حالهم مع يزيد لعنه الله وقد قتل الحسين بن

__________________

(١) في أ : على مرور الازمات ، وفي ح ، م : على مرور الأوقات.

(٢) التصوّن : حفظ النفس من المعائب " أقرب الموارد ـ صون ـ ١ : ٦٧١ ".

(٣) في ب ، م : ملك.

(٤) (الأمة) ليس في ب.

(٥) المتاركة : المسالمة ، والمصالحة. " أقرب الموارد ـ ترك ـ ١ : ٧٦ " ، وفي ب ، ح ، م : مشاركة.

علي عليه‌السلام ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وحبيبه وقرة عينه ظلما وعدوانا وسبى أهله ونساءه وذراريه وهتكهم بين الملإ وسيرهم على الأقتاب في الفلوات واستباح حرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في وقعة الحرة وسفك دماء أهل الإيمان وأظهر الردة عن الإسلام فلم يجاهره أحد من الأمة بنكيرة وأطبقوا على إظهار التسليم له والائتمام به والاتباع له والانقياد.

ولم يزل الأمر يجري في الأمة بعد يزيد لعنه الله مع الجبارين من بني أمية ومروان على ما وصفناه وكذلك كانت صورتهم من عهد آدم عليه‌السلام وإلى وقت من سميناه ومن بعدهم إلى الآن وإنما ينظر الناس إلى من حصل له الاتفاق في الرئاسة والسلطان وينقادون له كما ذكرناه ويجتنبون خلافه على ما بيناه سواء كان من الله أو من الشيطان أو كان عادلا في الرعية أو كان ظالما من الفجار.

بل قد وجدنا الجمهور في كثير الأحوال يتحيزون عن أولياء

__________________

(١) في أ : وذريته.

(٢) وقعة الحرة : حدثت في أيام يزيد بن معاوية في سنة (٦٣ ه‌) ، وكان أمير الجيش فيها مسلم بن عقبة ، وسموه لقبيح صنيعه مسرفا ، حيث قدم المدينة ونزل (حرة واقم) ـ شرق المدينة ـ فخرج أهل المدينة لمحاربته فكسرهم ، وقتل من الموالي ثلاثة آلاف وخمسمائة رجل ، ومن الانصار ألفا وأربعمائة ، وقيل ألفا وسبعمائة ، ومن قريش ألفا وثلاثمائة ، ودخل جنده المدينة فنهبوا الاموال وسبوا الذرية واستباحوا الفروج ، وأحضروا أعيان المدينة لمبايعة يزيد بن معاوية ، " مروج الذهب ٣ : ٦٩ والكامل في التاريخ ٣ : ٦٣ ".

(٣) (يجري في الامة) ليس في ب.

(٤) في ب ، م : يحترزون ، وتحيز عنه : تنحى.

الله تعالى ويخالفون أنبيائه ويسفكون في العناد لهم الدماء ويطبقون على طاعة أعداء الله عزوجل ويسلمون لهم على الطوع والإيثار وربما اتفق للظالم المتغلب والناقص الغبي الجاهل من الجماعة الرضا به والاتباع فانقادت الأمور له على منيته فيها والمحاب واختلفت (١) على العادل المستحق الكامل الحكيم العالم (٢) واضطربت عليه الأمور وكثرت له المعارضات وحصلت في ولايته الفتن والمنازعات والخصومات والمدافعات (٣).

وقد عرف أهل العلم ما جرى على كثير من أنبياء الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الأذى والتكذيب والرد لدعواهم والاستخفاف بحقوقهم والانصراف عن إجابتهم والاجتماع على خلافهم والاستحلال لدمائهم.

فأخبر الله تعالى بذلك فيما قص به (٤) من نبئهم في القرآن فكان من الاتباع للفراعنة والنماردة وملوك الفرس والروم على الضلال ما لا يحيل (٥) على ذي عقل ممن سمع الكتاب فيعلم بما شرحناه أنه لا معتبر في الحق بالاجتماع ولا معتمد في الباطل على الاختلاف وإنما مدار

__________________

(١) في أ ، ب ، ح : واختلف.

(٢) (العالم) ليس في ب ، ح ، م.

(٣) في م : المرافعات.

(٤) في أ : بهم.

(٥) في أ : لا يحل.

الأمر في هذين البابين على الحجج والبينات لما وصفناه من وجود الاجتماع على الضلال والاختلاف والتباين في الهدى والصواب بما بيناه ولا سبيل إلى دفعه إلا بالعناد

فصل

فأما قوله فلم لم يجاهدهم أمير المؤمنين عليه‌السلامكما جاهد الناكثين والقاسطين والمارقين فقد ذكر أمير المؤمنين عليه‌السلام ذلك فيما تظاهر عنه من الأخبار فكان من (١) الجواب حيث يقول أما ((والله لو لا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر (٢) وما أخذ الله على العلماء (٣) أن لا يقاروا على كظة (٤) ظالم ولا سغب (٥) مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها)) (٦)

فدل على أنه عليه‌السلام إنما ترك جهاد الأولين لعدم الأنصار وجاهد الآخرين لوجود الأعوان وكان ذلك هو الصلاح الشامل على معلوم الله تعالى وشرائط حكمته في التدبيرات.

__________________

(١) في ب ، ح ، م : هو.

(٢) في أ ، ح : لولا حضور الناصر ، ولزوم الحجة.

(٣) في أ ، ح : على أولياء الامر.

(٤) الكظة : شئ يعتري الانسان عند الامتلاء من الطعام ، والمراد استئثار الظالم بالحقوق. " الصحاح ـ كظظ ـ ٣ : ١١٧٨ ".

(٥) السغب : الجوع ، والمراد منه هضم حقوق المظلوم. " الصحاح ـ سغب ١ : ١٤٧.

(٦) نهج البلاغة ، الخطبة الشقشقية : ٣١.

فإن قال : أفليس قد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال ما كان الله ليجمع أمتي على ضلال)). (١) فكيف يصح اجتماع الأمة على دفع المستحق عن حقه والرضا بخلاف الصواب وذلك ضلال بلا اختلاف.

قيل له : أول ما في هذا الباب أن الرواية لما ذكرت غير معلومة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وإنما جاءت بها الأخبار على اختلاف من المعاني والألفاظ وقد دفع صحتها جماعة من رؤساء أهل النظر والاعتبار وأنكرها إمام المعتزلة وشيخها إبراهيم بن سيار النظام. (٢)

وبعد : فلو ثبت ما ضرنا فيما وصفناه لأنا لا نحكم بإجماع أمة الإسلام على الرضا بما صنعه المتقدمون على أمير المؤمنين عليه‌السلام فكيف نحكم بذلك ونحن نعلم يقينا كالاضطرار خلاف الأنصار في عقد الإمامة على المهاجرين وإنكار بني هاشم وأتباعهم على الجميع في تفردهم بالأمر دون أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد جاءت الأخبار مستفيضة بأقاويل جماعة من وجوه (٣) الصحابة في إنكار ما جرى وتظلم أمير المؤمنين عليه‌السلام من ذلك (٤) برفع الصوت والإجهار.

__________________

(١) انظر الرد على هذا الحديث في الاحتجاج : ١١٥ ، الخصال ٢ : ٥٤٩ / ٣٠. ومن مصادره سنن الترمذي ٤ : ٤٦٦ / ٢١٦٧ ، مسند أحمد ٥ : ١٤٥ ، سنن الدرامي ١ : ٢٩.

(٢) انظر ترجمته في : " تاريخ بغداد ٦ : ٩٧ / ٣١٣١ ، سير أعلام النبلاء ١٠ : ٥٤١ / ١٧٢ ، لسان الميزان ١ : ٦٧ / ١٧٣ ، الكنى والالقاب ٣ : ٢٥٣ ".

(٣) (وجوه) ليس في ب ، م.

(٤) (من ذلك) ليس في ب ،

وكان من قول العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما قد عرفه الناس ومن أبي سفيان بن حرب والزبير بن العوام أيضا ما لا يخفى على من سمع الأخبار وكذلك من عمار بن ياسر وسلمان وأبي ذر والمقداد وبريدة الأسلمي وخالد بن سعيد بن العاص في جماعات يطول بذكرها الكلام.

وهذا يبطل ما ظنه الخصم من اعتقاد (١) الإجماع على إمامة المتقدم (٢) على أمير المؤمنين عليه‌السلام على أنه لا شبهة تعرض في إجماع (٣) الأمة على أبي بكر وعمر وعثمان إلا وهي عارضة في قتل عثمان بن عفان وإمامة معاوية من بعد صلح الحسن عليه‌السلام وطاعة يزيد بعد الحرة وإمامة بني أمية وبني مروان.

فإن وجب (٤) لذلك القطع بالإجماع على الثلاثة المذكورين حتى تثبت إمامتهم ويقضى لهم بالصواب ليكون جميع من ذكرناه شركاؤهم في الإمامة وثبوت الرئاسة الدينية والسلطان إذ العلة واحدة فيما أوجب لهم ذلك فهو ظاهر التسليم والانقياد على الاجتماع وترك النكير والخلاف وهذا ما يأباه أهل العلم كافة ولا يذهب إليه أحد من أهل التمييز لتناقضه في الاعتقاد.

__________________

(١) في أ : اعتقادنا.

(٢) في ب : من تقدم.

(٣) في ب ، م : في التعرض على إجماع.

(٤) (وجب) ليس في ب.

فإن قال : أليس قد روى أصحاب الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال خير القرون القرن الذي أنا فيه ثم الذين يلونه (١))) (٢)

وقال عليه‌السلام إن الله تعالى اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)). (٣)

وقال عليه‌السلام أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)) (٤) فكيف يصح مع هذه الأحاديث أن يقترف (٥) أصحابه السيئات أو يقيموا على الذنوب والكبائر الموبقات.

قيل له : هذه أحاديث آحاد وهي مضطربة الطرق والإسناد والخلل ظاهر في معانيها والفساد وما كان بهذه الصورة لم يعارض الإجماع ولا يقابل (٦) حجج الله تعالى وبيناته الواضحات (٧) مع أنه قد عارضها من الأخبار التي جاءت بالصحيح من الإسناد ورواها الثقات

__________________

(١) في ب : ثم الذي يليه.

(٢) مسند أحمد ٢ : ٢٢٨ ، سنن أبي داود ٤ : ٢١٤ / ٤٦٥٧ ، صحيح مسلم ٤ : ١٩٦٢ / ٢١٠ ، وفيها : خير أمتي القرن ..

(٣) مسند أحمد ١ : ٨٠ و ٢ : ٢٩٥ ، صحيح مسلم ٤ : ١٩٤١ / ١٦١ ، صحيح البخاري ٦ : ٣٦٣ / ٣٨٣ ، سنن الدرامي ٢ : ٣١٣.

(٤)] لسان الميزان ٢ : ١٣٧ ، تفسير البحر المحيط ٥ : ٥٢٨ ، أعلام الموقعين ٢ : ٢٢٣ ، كنز العمال ١ : ١٩٩ / ١٠٠٢ ، كشف الخفاء ومزيل الالباس ١ / ١٣٢. وانظر تلخيص الشافي ٢ : ٢٤٦.

(٥) في م : يعترف.

(٦) في أ : يعترض الاجماعات ولا قايل ، في ب : تعترض الاجماعات ولا تقابل.

(٧) في أ : وموضحاته.

عند أصحاب الآثار وأطبق على نقلها الفريقان من الشيعة والناصبة على الاتفاق ما ضمن خلاف ما انطوت (١) عليه فأبطلها على البيان.

فمنها : ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم فقالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن إذن؟!)) (٢).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي توفي فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها الآخرة (٣) شر من الأولى (٤)

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله في حجة الوداع لأصحابه إلا وإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلا ليبلغ الشاهد منكم الغائب ألا لأعرفنكم ترتدون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ألا إني قد شهدت وغبتم (٥).

وقال عليه‌السلام لأصحابه أيضا إنكم محشورون إلى الله تعالى يوم

__________________

(١) في أ : انطق.

(٢) مسند أحمد ٢ : ٥١١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٣٢٢ / ٣٩٩٤ ، صحيح البخاري ٤ : ٣٢٦ / ٢٤٩.

(٣) في ب : آخره.

(٤) مسند أحمد ٣ : ٤٨٩ ، مجمع الزوائد ٩ : ٢٤ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٣١٠ / ٣٩٦١.

(٥) الجامع الصحيح للترمذي ٤ : ٤٦١ / ٢١٥٩ و ٤٨٦ / ٢١٩٣ ، صحيح البخاري ٧ : ١٨٢ و ٨ : ٢٨٥ / ١٤ و ٩ : ٩٠ / ٢٧ ، صحيح مسلم ٣ : ١٣٠٥ / ٢٩ ـ ٣١ ، سنن أبي داود ٤ : ٢٢١ / ٤٦٨٦ قطعة منه ، مسند أحمد ١ : ٢٣٠ ، سنن النسائي ٧ : ١٢٧ قطعة منه ، سنن الدرامي ٢ : ٦٩ قطعة منه.

القيامة حفاة عراة وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم)) (١).

وقال عليه‌السلام أيها الناس بينا أنا على الحوض إذ مر بكم زمرا فتفرق بكم الطرق فأناديكم ألا هلموا إلى الطريق فيناديني مناد من ورائي إنهم بدلوا بعدك فأقول ألا سحقا ألا سحقا)) (٢).

وقال عليه‌السلام ما بال أقوام يقولون إن رحم (٣) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا تنفع يوم القيامة بلى والله إن رحمي لموصولة في الدنيا والآخرة وإني أيها الناس فرطكم على الحوض فإذا جئتم قال الرجل منكم يا رسول الله أنا فلان بن فلان وقال الآخر أنا فلان بن فلان فأقول أما النسب فقد عرفته ولكنكم أحدثتم بعدي فارتددتم القهقرى)) (٤).

وقال عليه‌السلام وقد ذكر عنده الدجال أنا لفتنة بعضكم أخوف مني لفتنة الدجال)) (٥).

__________________

(١) صحيح البخاري ٦ : ١٠٨ ، صحيح مسلم ٤ : ٢١٩٤ / ٥٨ ، الجامع الصحيح للترمذي ٤ : ٦١٥ / ٢٤٢٣ ، سنن النسائي ٤ : ١١٧.

(٢) مسند أحمد ٦ : ٢٩٧.

(٣) (إن رحم) ليس في ب ، ح ، م.

(٤) مسند أحمد ٣ : ١٨ و ٦٢ قطعة منه.

(٥) كنز العمال ١٤ : ٣٢٢ / ٢٨٨١٢.

وقال عليه‌السلام إن من أصحابي من لا يراني بعد أن يفارقني)) (١).

في أحاديث من هذا الجنس يطول شرحها وأمرها في الكتب عند أصحاب الحديث أشهر من أن يحتاج فيه إلى برهان على أن كتاب الله عزوجل شاهد بما ذكرناه ولو لم يأت حديث فيه لكفى في بيان ما وصفناه.

قال الله سبحانه وتعالى (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) (٢) فأخبر تعالى عن ردتهم بعد نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله على القطع والثبات.

وقال جل اسمه (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٣) فأنذرهم الله سبحانه من الفتنة في الدين وأعلمهم أنها تشملهم على العموم إلا من خرج بعصمة الله من الذنوب.

وقال سبحانه وتعالى (الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ) (٤) وهذا صريح في الخبر عن

__________________

(١) مسند أحمد ٦ : ٣٠٧.

(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤.

(٣) سورة الانفال ٨ : ٢٥.

(٤) سورة العنكبوت ٢٩ : ١ ـ ٤.

فتنتهم بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالاختبار وتمييزهم بالأعمال.

وقوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) (١) لى آخر الآية دليل على ما ذكرناه.

وقوله تعالى (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ) (٢) يزيد ما شرحناه.

ولو ذهبنا إلى استقصاء ما في هذا الباب من آيات القرآن والأخبار عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لانتشر القول فيه وطال به الكتاب.

وفي قول أنس بن مالك دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المدينة فأضاء منها كل شيء فلما مات عليه‌السلام أظلم منها كل شيء وما نفضنا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الأيدي ونحن في دفنه حتى أنكرنا قلوبنا (٣) ـ شاهد عدل على القوم بما بيناه.

مع أنا نقول لهذا السائل المتعلق بالأخبار الشواذ المتناقضة ما قدمنا حكايته وأثبتنا أن أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذين توهمت أنهم لا يقارفون الذنوب ولا يكتسبون السيئات هم الذين حصروا عثمان بن عفان وشهدوا عليه بالردة عن الإسلام وخلعوه عن إمامة الأنام

__________________

(١) سورة المائدة ٥ : ٥٤.

(٢) سورة محمد صلى الله عليه وآله ٤٧ : ٢٩.

(٣) الجامع الصحيح للترمذي ٥ : ٥٨٨ / ٣٦١٨ ، مسند أحمد بن حنبل ٣ : ٢٢١ / ٢٦٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٢٢ / ١٦٣١.

وسفكوا دمه على استحلال وهم الذين نكثوا بيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد العهود والإيمان وحاربوه بالبصرة وسفكوا دماء أهل الإسلام وهم القاسطون بالشام ومنهم رؤساء المارقة عن الدين والإيمان ومن قبل منع جمهورهم الزكاة حتى غزاهم إمام عدل عندكم (١). وسبى ذراريهم وحكم عليهم بالردة والكفر والضلال.

فإن زعمت أنهم (٢) فيما قصصناه من أمرهم (٣) على الصواب فكفاك خزيا بهذا المقال وإن حكمت عليهم أو على بعضهم (٤) بالخطاء وارتكاب الآثام بطلت أحاديثك ونقضت ما بينته (٥) من الاعتلال (٦).

ويقال له أيضا وهؤلاء الصحابة الذين رويت ما رويت فيهم من الأخبار وغرك منهم التسمية لهم بصحبة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان أكابرهم وأفاضلهم أهل بدر الذين زعمت أن الله قطع لهم المغفرة والرضوان هم الذين نطق القرآن بكراهتهم للجهاد ومجادلتهم للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في تركه وضنهم بأنفسهم من نصره ورغبتهم في الدنيا وزهدهم في الثواب فقال جل اسمه (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى

__________________

(١) (عندكم) ليس في ب ، م.

(٢) في أ ، ح : أن جميعهم.

(٣) في أ : امورهم.

(٤) (أو على بعضهم) ليس في ب ، م.

(٥) في أ : بنيته.

(٦) في أ : الاعتدال.

الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ). (١)

ثم زجرهم الله تعالى عن شقاق نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله لما علم من خبث نياتهم وأمرهم بالطاعة والإخلاص وضرب لهم فيما أنبأ به من بواطن (٢) أخبارهم وسرائرهم الأمثال وحذرهم من الفتنة بارتكابهم قبائح الأعمال وعدد عليهم نعمه ليشكروه ويطيعوه فيما دعاهم إليه من الأعمال وأنذرهم العقاب من الخيانة لله جلت عظمته ولرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ

__________________

(١) سورة الانفال ٨ : ٥ ـ ٨ ، وفي م زيادة : نفاقهم.

(٢) في أ : مواطن.

تَشْكُرُونَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (١).

ومن قبيل هذا ما أكده عليهم من فرض الصبر في الجهاد وتوعدهم بالغضب على الهزيمة لما علم من ضعف بصائرهم فلم يلتفتوا إلى وعيده وأسلموا نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عدوه في مقام بعد مقام.

فقال سبحانه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٣).

هذا وقد أخبر جل اسمه عن عامة من حضر بدرا من القوم ومحبتهم للحياة وخوفهم من الممات وحضورهم ذلك المكان طمعا في الغنائم والأموال وأنهم لم يكن لهم نية في نصرة الإسلام فقال تعالى (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ

__________________

(١) سورة الانفال ٨ : ٢٠ ـ ٢٨.

(٢) سورة الانفال ٨ : ٤٥.

(٣) سورة الانفال ٨ : ١٥ ، ١٦.

لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ). (١)

وقال في القوم بأعيانهم وقد أمرهم نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله بالخروج إلى بدر فتثاقلوا عنه واحتجوا عليه ودافعوه عن الخروج معه.

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عليهمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) (٢) الآية

وقال تعالى فيهم وقد كان لهم في الأسرى من الرأي ما كان (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٣).

فأخبر سبحانه بالنص الذي لا يحتمل التأويل أنهم أرادوا الدنيا دون الآخرة وآثروا العاجلة على الآجلة وتعمدوا من العصيان ما لو لا

__________________

(١) سورة الانفال ٨ : ٤٢ ، ٤٣.

(٢) سورة النساء ٤ : ٧٧ ، ٧٨.

(٣) سورة الانفال ٨ : ٦٧ ، ٦٨.

سابق علم الله وكتابه لعجل لهم العقاب.

وقال تعالى فيما قص (١) من نبأهم في يوم أحد وهزيمتهم من المشركين وتسليم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله :

(إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (٢).

وقال جل اسمه في قصتهم بحنين وقد ولوا الأدبار ولم يبق مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أحد غير أمير المؤمنين عليه‌السلام والعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه وسبعة من بني هاشم ليس معهم غيرهم من الناس (٣).

(وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ...) (٤) يعني أمير المؤمنين عليه‌السلام والصابرين معه من بني هاشم دون سائر المنهزمين.

وقال سبحانه في نكثهم عهود النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو حي بين أظهرهم موجود.

(وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ

__________________

(١) في أ : فيما نص به.

(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٥٣.

(٣) إرشاد المفيد : ٧٤ ، مجمع البيان ٥ : ٢٨ ، السيرة الحلبية ٣ : ٦٧ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٦٢ ، مع اختلاف.

(٤) سورة التوبة ٩ : ٢٥ ، ٢٦

اللهِ مَسْؤُلاً). (١)

وقد سمع كل من سمع الأخبار ما كان يصنعه كثير منهم والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حي بين أظهرهم والوحي ينزل عليه بالتوبيخ لهم والتعنيف والإيعاد ولا يزجرهم ذلك عن أمثال ما ارتكبوه من الآثام

فمن ذلك ما روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يخطب على المنبر في يوم الجمعة إذ جاءت عير لقريش قد أقبلت من الشام ومعها من يضرب بالدف ويصفر (٣) ويستعمل ما حظره الإسلام فتركوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قائما على المنبر وانفضوا عنه إلى اللهو واللعب رغبة فيه وزهدا في سماع موعظة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وما يتلوه عليهم من القرآن.

فأنزل الله عزوجل فيهم (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (٤)

. وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم (٥) يصلي بهم إذ أقبل رجل

__________________

(١) سورة الاحزاب ٣٣ : ١٥.

(٢) في أ : افلت.

(٣) (ويصفر) ليس في ب ، م.

(٤) تأويل الآيات ٢ : ٦٩٣ / ٣ ، تفسير القمي ٢ : ٣٦٧ ، مجمع البيان ١٠ : ٤٣٣ ، مسند أحمد ٣ : ٣١٣ و ٣٧٠ ، صحيح البخاري ٦ : ٢٦٧ / ٣٩٣ ، الجامع الصحيح للترمذي ٥ : ٤١٤ / ٣٣١١ ، جامع البيان للطبري ٢٨ : ٦٧ ، الدر المنثور ٨ : ١٦٥ ، والآية من سورة الجمعة ٦٢ : ١١.

(٥) (ذات يوم) ليس في أ.

ببصره سوء يريد المسجد للصلاة فوقع في بئر كانت هناك فضحكوا منه واستهزءوا به وقطعوا الصلاة ولم يوقروا الدين ولا هابوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما سلم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال ((من ضحك فليعد وضوءه والصلاة)) (١).

ولما تأخرت عائشة وصفوان بن المعطل (٢) في غزوة بني المصطلق أسرعوا إلى رميها بصفوان وقذفوها بالفجور وارتكبوا في ذلك البهتان وكان منهم في ليلة العقبة من التنفير لناقته صلى‌الله‌عليه‌وآله والاجتهاد في رميه عنها وقتله بذلك ما كان ثم لم يزالوا يكذبون عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله في الأخبار حتى بلغه ذلك

فقال كثرت الكذابة علي فما أتاكم عني من حديث فاعرضوه على القرآن)). (٣)

فلو لم يدل على تهاونهم بالدين واستخفافهم بشرع نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا أنهم كانوا قد تلقوا عنه أحكام الإسلام على الاتفاق فلما مضى صلى‌الله‌عليه‌وآله من بينّهم جاءوا بجميعها على غاية الاختلاف لكفى في ظهور حالهم ووضح به أمرهم وبان فكيف وقد ذكرنا من ذلك طرفا

__________________

(١) سنن الدارقطني ١ : ١٦١ ـ ١٧٢ بعدة طرق ، تاريخ بغداد ٩ : ٣٧٩ ، وكنز العمال ٩ : ٣٣١ / ٢٦٢٨١.

(٢) انظر ترجمته في اسد الغابة ٣ : ٢٦ ، الجرح والتعديل ٤ : ٤٢٠ / ١٨٤٤ ، سير أعلام النبلاء ٢ : ٥٤٥ / ١١٥ ، الاصابة ٣ : ٢٥٠ / ٨٠٨٤.

(٣) الاحتجاج ٢ : ٤٤٧

يستبصر به أهل الاعتبار وإن عدلنا عن ذكر الأكثر إيثارا للاختصار.

فأما من كان منهم يظاهر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالإيمان ممن يقيم معه الصلاة ويؤتي الزكاة وينفق في سبيل الله ويحضر الجهاد ويباطنه بالكفر والعدوان (٢) فقد نطق بذكره القرآن كما نطق بذكر من ظهر منه النفاق :

قال الله تعالى (إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً). (٣)

وقال جل اسمه فيهم (وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ) (٤).

وقال تعالى (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) (٥).

وقال سبحانه (وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ

__________________

(١) في ب ، م : فأما من كان منهم زمن حياة النبي صلى الله عليه وآله بظاهر الايمان.

(٢) في ب ، م : وبباطنه الكفر والعدوان.

(٣) سورة النساء ٤ : ١٤٢.

(٤) سورة التوبة ٩ : ٥٤.

(٥) سورة التوبة ٩ : ١٠١

وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) (١).

وقال جل وعز (وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عليهمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٢).

وقال فيهم وقد أحاطوا بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وجعلوا مجالسهم منه عن يمينه وشماله ليلبسوا بذلك على المؤمنين :

(فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) (٣)

ثم دل الله تعالى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله على جماعة منهم وأمره بتألفهم والإغضاء عمن ظاهره النفاق منهم فقال (سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٤).

وقال (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) (٥) وقال تعالى (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ

__________________

(١) سورة محمد صلى الله عليه وآله ٤٧ : ٣٠

(٢) سورة المنافقون ٦٣ : ٤.

(٣) سورة المعارج ٧٠ : ٣٦ ـ ٣٩.

(٤) سورة التوبة ٩ : ٩٥.

(٥) سورة الاعراف ٧ : ١٩٩

عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (١).

وجعل لهم في الصدقة سهما منصوصا وفي الغنائم جزءا مفروضا وكان من عددناه وتلونا فيه القرآن وروينا في أحواله (٢) الأخبار قد كانوا من جملة الصحابة (٣) وممن شملهم اسم الصحبة ويتحقق إلى الاعتزاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على طبقاتهم في الخطإ والعمد والضلال والنفاق بحسب ما شرحناه فهل يتعلق عاقل بعد هذا بذكر الصحبة ومشاهدة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في القطع على فعل الصواب وهل يوجب بذلك (٤) العصمة والتأييد إلا بأنه مخذول مصدود (٥) عن البيان

__________________

(١) سورة فصلت ٤١ : ٣٤ ، ٣٥.

(٢) في ب : أحوالهم.

(٣) في أ ، ح : العصابة.

(٤) في ب ، م زيادة : بدون.

(٥) في ب ، : الامامة حاشا فإنه غني.

فصل

فإن قال قائل لسنا ندفع أنه قد كان في وقت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طوائف من أهل النفاق يستترون (١) بالإسلام وأن منهم من كان أمره مطويا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومنهم من فضحه الوحي وعرفه الله تعالى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا ندفع أيضا أنه قد وقع من جماعة من الصحابة الأخيار ذلك سهوا عن الصواب وخطأ في الهزيمة من الذي فرض عليهم مصابرته في الجهاد فإن الله تعالى قد عفا عنهم بما أنزله في ذلك من القرآن.

لكنا ندفعكم عن تخطئة أهل السقيفة ومن اتبعهم من أهل السوابق والفضائل ومن قطع له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالسلامة ، وحكم له بالصواب (٢) وأخبر عنه أنه من أهل الجنان كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي عليه‌السلام وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن نفيل وعبد الرحمن بن عوف الزهري وأبي عبيدة بن الجراح الذين (٣) قال

__________________

(١) في م : يستهزؤن.

* في بعض النسخ : وسهو عن الصواب.

(٢) في أ ، ح : بالثواب.

(٣) (وأبي عبيدة بن الجراح ، الذين) ليس في ب.

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فيهم عشرة من أصحابي في الجنة)). (١) على ما جاء به الثابت في الأخبار ومن قاربهم في الفضائل وماثلهم في استحقاق الثواب فيجب أن يكون الكلام في هؤلاء القوم على الخصوص دون العموم في الأتباع والأصحاب.

قيل لهم : لو كان سؤالكم فيما سلف عن خاصة من عممتموه على الإطلاق لصدر جوابنا عنه بحسب ذلك على التمييز والإفراد لكنكم تعلقتم بالاسم الشامل فاغتررتم باستحقاق التسمية بالصحبة والاتباع على الإطلاق فأوضحنا لكم عن غلطكم فيما ظننتموه منه بما لا يستطاع دفعه على الوجوه كلها والأسباب.

وإذا كنتم الآن قد رغبتم عن ذلك السؤال واعتمدتم في المسألة عمن ذكرتموه على الخصوص دون كافة الأصحاب فقد سقط أعظم أصولكم في الكلام وخرجت الصحبة والاتباع والمشاهدة وسماع الوحي والقرآن وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإنفاق والجهاد من إيجاب الرحمة والرضوان وسقط الاحتجاج في الجملة بالعصمة من كبائر الآثام والردة عن الإسلام بذلك وبما رويتموه عن (٢) النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الأخبار ولم يبق لكم فيمن تتولونه وتدينون (٣) بإمامته إلا الظن والعصبية

__________________

(١) سنن أبي داود ٤ : ٢١١ / ٤٦٤٩ ، سنن الترمذي ٥ : ٦٤٨ / ٣٧٤٨ ، كنز العمال ١١ : ٦٣٨ / ٣٣١٠٥ ، و ٦٤٦ / ٣٣١٣٧ مع اختلاف.

(٢) (وسماع الوحي .. رويتموه عن) من نسخة أ.

(٣)] في أ : فيما توالونه وتتقو

للرجال والتقليد في الاعتقاد والاعتماد على ما يجري مجرى الأسمار (١) والخرافات وما لا يثبت على السبر والامتحان (٢) وسنقفكم على حقيقة ذلك فيما نورده من الكلام إن شاء الله تعالى.

فصل

وعلى أن الذي تلوناه في باب الأسرى وإخبار الله تعالى عن إرادة المشير به لعرض الدنيا وحكمه عليه باستحقاق تعجيل العقاب لو لا ما رفع عن أمة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من ذلك وأخر للمستحقين منهم إلى يوم المآب لخص أبا بكر ومن شاركه في نيته وإرادته فيه لأنه هو المشير في الأسرى بما أشار على الإجماع من الأمة والاتفاق فما عصمته السوابق والفضائل على ما ادعيتموه له من الأخبار بعاقبته والقطع له بالجنان حسب ما اختلقتموه من الغلط في دين الله عزوجل والتعمد لمعصية الله وإيثار عاجل الدنيا على ثواب الله تعالى حتى وقع من ذلك ما أبان الله به عن سريرته وأخبر لأجله عن استحقاقه لعقابه وهو وعمر وعثمان وطلحة والزبير عبد الرحمن وسعد وسعيد وأبو عبيدة بن الجراح في جملة من انهزم يوم أحد وتوجه إليهم الوعيد من الله عزوجل ولحقهم التوبيخ والتعنيف على ما اكتسبوه بذلك من الآثام في قوله

__________________

(١) أي أحاديث الليل. انظر النهاية ٢ : ٣٩٩.

(٢) في ب : والاستحسان

تعالى (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ) (١) الآية.

وكذلك كانت حاله يوم حنين بلا اختلاف بين نقله الآثار ولم يثبت أحد منهم مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكان أبو بكر هو الذي أعجبته في ذلك اليوم كثرة الناس فقال لن نغلب اليوم من قلة ثم كان أول المنهزمين ومن ولى من القوم الدبر فقال الله تعالى (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) (٢) فاختص من التوبيخ به لمقاله بما لم يتوجه إلى غيره وشارك الباقين في الذم على نقض العهد والميثاق.

وقد كان منه ومن صاحبه يوم خيبر ما لم يختلف فيه من أهل العلم اثنان وتلك أول حرب حضره المسلمون بعد بيعة الرضوان فلم يفيا لله تعالى بالعقد مع قرب العهد وردا راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على أقبح ما يكون من الانهزام حتى وصفهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالفرار وأخرجهما من محبة الله عزوجل ومحبة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله بفحوى مقالة لأمير المؤمنين عليه‌السلام وما يدل عليه الخطاب حيث يقول لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه فأعطاها أمير المؤمنين عليه‌السلام

. هذا وقد دخل القوم كافة سوى أمير المؤمنين عليه‌السلام في قوله تعالى

__________________

(١) سورة آل عمران ٣ : ١٥٣.

(٢) سورة التوبة ٩ : ٢٥.

(٣) تقدم مع تخريجاته في ص ٣٤

(وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً) (١).

فأما ما تعلقوا به في العفو عنهم في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ) (٢) الآية فإنه طريف يدل على جهلهم وضعف عقولهم وذلك أنهم راموا بما تعلقوا به من السوابق التي زعموا لأئمتهم والقضايا والأخبار عن العواقب دفعا عن إضافة الظلم إليهم والخطإ في دفع النص على أمير المؤمنين عليه‌السلام وجحد حقوقه بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بما جلب عليهم إيجاب التخطئة لهم في حياة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله والحكم عليهم بنقض العهود وارتكاب كبائر الذنوب وتوجه الذم إليهم من أجل ذلك والوعيد ثم اشتغلوا بطلب الحيل في تخليصهم من ذلك (٣) وتمحل وجوه العفو عنهم فيما لا يمكنهم دفاعه من خلافهم على الله تعالى وعلى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو بين أظهرهم وما كان أغناهم عن هذا التخليط والتهور لو سلكوا طريق (٤) الرشاد ولم تحملهم العصبية على تورطهم وتدخلهم في (٥) العناد.

__________________

(١) سورة الاحزاب ٣٣ : ١٥.

(٢) سورة آل عمران ٣ : ١٥٥.

(٣) (من ذلك) ليس في ب ، م.

(٤) في أ : طرق.

(٥) في أ : ويدخلهم فيه.

وبعد : فإن العفو من الله سبحانه قد يكون عن العاجل من العقاب وقد يكون عن الآجل من العذاب وقد يكون عنهما جميعا إذا شاء وليس في الآية أنه عفا عنهم على كل حال ولا أنه يعفو عنهم في يوم المآب بل ظاهرها يدل على الماضي دون المستقبل ويؤيده قوله تعالى (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً) (١).

فقد ثبت أنه لا يكون العفو في كل حال وإن عفا فقد عفا عن السؤال فإذن لا بد أن يكون معنى العفو على ما قلناه في الدنيا عن العاجل دون الآجل كما عفا سبحانه عنهم في يوم بدر لما كان منهم من الرأي في الأسرى وقد أخبر أنه لو لا ما سبق في كتابه من دفع العقاب عن أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وترك معاجلتهم بالنقمات لمسهم منه جل جلاله عذاب عظيم أو يكون العفو عن خاص من القوم دون العموم وإلا لتناقض (٢) القرآن.

وعلى أي الوجهين ثبت العفو عن المذكورين فقد خرج الأمر عن يد خصومنا في براءة ساحة من يذهبون إلى إمامته وتعظيمه والولاية له (٣) لأنه لا تتميز الدعوى إلا بدليل ولا دليل للقوم إلا ما تلوناه في العفو وذلك غير موجب بنفسه التغيير والتمييز بخروجه عن

__________________

(١) سورة الاحزاب ٣٣ : ١٥.

(٢) في أ : تناقض.

(٣) (وتعظيمه والولاية له) ليس في ب

الاستيعاب وعن الوقوع على كل حال.

على أنا لو سلمنا لهم العفو عنهم على ما تمنوه لما أوجب ذلك لهم العفو عما اكتسبوه من بعد من الذنوب ولا دل على عصمتهم فيما يستقبل من الأوقات ولا خروجهم عن العمد في المعاصي والشبهات فأين وجه الحجة لهم فيما اعتمدوه لو لا ضعف الرأي واليقين.؟!

فأما ما ادعوه على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من قوله عشرة من أصحابي في الجنة)). ثم سموا أبا بكر وعمر وعثمان ومن تقدم ذكره فيما حكيناه فإنه ساقط من غير وجه :

فمنها : أن الذي رواه فيما زعموا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سعيد بن زيد بن نفيل وهو أحد العشرة بما تضمنه لفظ الحديث على شرحهم إياه وقد ثبت أن من زكى غيره بتزكية نفسه لم تثبت تزكيته لذلك في شريعة الإسلام ومن شهد لغيره بشهادة له فيها نصيب لم تقبل شهادته باتّفاق.

ومنها : أن سعيدا واحد ورواية الواحد لا يقطع بها على الحق عند الله سبحانه.

ومنها : أن دليل العقل يمنع من القطع بالجنة والأمان من النار لمن تجوز منه مواقعة قبائح الأعمال ومن ليس بمعصوم من الزلل والضلال لأنه متى قطع له بما ذكرناه وهو من العصمة خارج بما

__________________

(١) في أ : ولا دليل.

(٢) تقدمت مصادر الحديث ص ٦٦

وصفناه كان مغرى بمواقعة الذنوب والسيئات مرحا في ارتكاب ما تدعوه إليه الطبائع والشهوات لأنه يكون آمنا من العذاب مطمئنا إلى ما أخبر به من حسن عاقبته وقطع له به من الثواب في الجنات وذلك فاسد لا يجوز على الحكيم سبحانه ولا يصح منه في تدبير العباد.

وإذا وجب ما ذكرناه وكانت الأمة مجمعة على ارتفاع العصمة عمن ضمن الخبر أسماءهم سوى أمير المؤمنين عليه‌السلام لما تذهب إليه الشيعة من عصمته ومفارقته للجماعة في التوفيق للصواب ثبت أن الحديث باطل مختلق مضاف إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

فصل

على أنه يقال لهم لو كان الخبر كما زعمتم صحيحا وكان الاتفاق عليه من الجماعة حسب ما تدعون واقعا لكان الأمان من عذاب الله لأبي بكر وعمر وعثمان به حاصلا وكان الذم عنهم في حقيقة ذلك زائلا ولو كان الأمر كذلك لما جزع القوم عند احتضارهم من لقاء الله تعالى ولا اضطربوا من قدومهم على أعمالهم مع اعتقادهم أنها مرضية لله سبحانه ولا شكوا بالظفر في ثواب الله عزوجل.

ولجروا في الطمأنينة لعفو الله تعالى لثقتهم بخبر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله مجرى أمير المؤمنين عليه‌السلام في التضرع إلى الله عزوجل في حياته أن يقبضه الله تعالى إليه ويعجل له السعادة بما وعده من الشهادة وعند احتضاره أظهر من سروره بقرب لقائه برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله واستبشاره بالقدوم

على الله عزوجل لمعرفته بمكانه منه ومحله من ثوابه وقد سبق من كلام الصالحين أن من أطاع الله أحب لقاءه ومن عصاه كره لقاءه.

والخبر الظاهر أن أبا بكر جعل يدعو بالويل والثبور عند احتضاره وأن عمر تمنى أن يكون ترابا عند وفاته وود لو أن أمه لم تلده وأنه نجا من أعماله كفافا لا له ولا عليه وما ظهر من جزع عثمان بن عفان عند حصر القوم له وتيقنه بهلاكه دليل على أن القوم لم يعرفوا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما تضمنه الخبر من استحقاقهم الجنة على كل حال ولا أمنوا من عذاب الله سبحانه لقبيح ما وقع منهم من الأعمال.

وبعد فكيف ذهب عن عثمان بن عفان الاحتجاج بهذا الخبر إن كان حقا على حاصريه في يوم الدار وما الذي منعه من الاحتجاج به عليهم في استحلال دمه وقد ثبت في الشرع حظر دماء أهل الجنان وما باله تعلق في دفعهم عن نفسه بكل ما وجد إليه السبيل من الاحتجاج ولم يذكر هذا الخبر في جملة ما اعتمده في هذا المقال كلا لو كان الأمر على ما ظنه الجهال من صحة هذا الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو روايته في وقت عثمان لما ذهب عنه التعلق به على ما بيّناه.

مع أنا لو سلمنا لهم ما يتمنونه من ثبوت الخبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما أمكنهم به دفع ما ذكرناه من إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام وجحد القوم لفرض طاعته على الشبهة والعناد لأنهم قد علموا ما جرى بين أمير

المؤمنين عليه‌السلام وبين طلحة والزبير من المباينة في الدين والتخطئة من بعضهم لبعض والتضليل والحرب وسفك الدم على الاستحلال به دون التحريم وخروج الجميع من الدنيا على ظاهر التدين بذلك دون الرجوع عنه بما يوجب العلم واليقين.

فإن كان ما وقع من الفريقين صوابا مع ما ذكرناه لم ينكر أن يعتقد أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه الإمام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بلا فصل ويرى أبو بكر وعمر وعثمان خلاف ذلك وكونهم على صواب.

وإن كان أحد الفريقين على خطإ لم ينكر أيضا أن يكون المتقدمون على أمير المؤمنين عليه‌السلام في النص وإنكاره على خلاف الصواب وإن كانوا جميعا من أهل الثواب (١).

وإن كان الفريقان في حرب البصرة على ضلال وذلك لا يضرهما في استحقاق النعيم والأمان من الجحيم كان المتقدمون في الإمامة ودفعها على خطاء وإن كانوا من أهل النعيم ولم يضر ذلك بأمانهم من عذاب السعير وهذا أقرب لأنه جرى ما جرى من أهل البصرة وفي ذلك زيادة عليه بالحرب وسفك الدماء وإظهار البراءة والتفسيق.

وإن زعم مخالفونا أن المحق من الفريقين أمير المؤمنين عليه‌السلام

__________________

(١) في أ : الصواب.

(٢) تحرفت في النسخ إلى : بإمامتهم

وأصحابه دون من خالفهم غير أن المخالفين تابوا قبل خروجهم من الدنيا فيما بينهم وبين الله عزوجل بدلالة الخبر وما تضمنه من استحقاقهم لثواب الله تعالى على التحقيق.

فكذلك يقال لهم إن المتقدمين على أمير المؤمنين عليه‌السلام كانوا بذلك ضالين ولكنهم تابوا قبل خروجهم من الدنيا في سرائرهم وفيما بينهم وبين خالقهم وإن لم يكن ذلك منهم على الظهور بدلالة الخبر على ما رتبوه وهذا يدمر متعمدهم فيما تعلقوا به من الحديث في دفع النص على إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام لتقدم من سموه وزعموا أنه من أهل الجنة ولا يجوز لهم دفع الحق على كل الوجوه والله الموفق

__________________

(١) في ب ، م : أنهم

فصل

فإن قال قائل فإني أترك التعلق بالخبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بأن القوم في الجنة لما طعنتم به فيه مما لا أجد منه مخلصا ولكن خبروني عن قوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١).

أليس قد أوجب لأبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد جنات عدن ومنع بذلك من تجويز الخطإ عليهم في الدين والزلل عن الطريق المستقيم فكيف يصح القول مع ذلك بأن الإمامة كانت دونهم لأمير المؤمنين عليه‌السلام وأنهم دفعوه بالتقدم عليه عن حق وجب له على اليقين وهل هذا إلا متناقض.؟!

قيل له : إن الله سبحانه لا يعد أحدا بالثواب إلا على شرط الإخلاص والموافاة بما يتوجه الوعد بالثواب عليه وأجل من أن يعري

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ١٠٠

ظاهر اللفظ بالوعد عن الشروط لما في العقل من الدليل على ذلك والبرهان.

وإذا كان الأمر على ما وصفناه فالحاجة ماسة إلى ثبوت أفعال من ذكرت في السبق والطاعة لله في امتثال أوامره ظاهرا على وجه الإخلاص ثم الموافاة بها على ذكرناه حتى يتحقق لهم الوعد بالرضوان والنعيم المقيم وهذا لم يقم عليه دليل ولا تثبت لمن ذكرت حجة توجب العلم واليقين فلا معنى للتعلق بظاهر الآية فيه مع أن الوعد من الله تعالى بالرضوان إنما توجه إلى السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار دون أن يكون متوجها إلى التالين الأولين.

والذين سميتهم من المتقدمين على أمير المؤمنين عليه‌السلام ومن ضممت إليهم في الذكر لم يكونوا من الأولين في السبق وإنما كانوا من التالين للأولين والتالين للتالين.

والسابقون الأولون من المهاجرون هم أمير المؤمنين عليه‌السلام وجعفر بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وخباب وزيد بن حارثة وعمار وطبقتهم.

ومن الأنصار النقباء المعروفون (١) كأبي أيوب وسعد بن معاذ وأبي الهيثم بن التيهان وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين ومن كان في طبقتهم من الأنصار.

__________________

(١) في أ : المقربون.

فأما أصحابك فهم الطبقة الثانية ممن ذكرناه والوعد إنما حصل للمتقدمين في الإيمان دونهم على ما بيناه وهذا يسقط ما توهّمت

فصل

ثم يقال له قد وعد الله المؤمنين والمؤمنات في الجملة مثل ما وعد به السابقين من المهاجرين والأنصار ولم يوجب ذلك نفي الغلط عن كل من استحق اسم الإيمان ولا إيجاب العصمة له من الضلال ولا القطع له بالجنة على كل حال.

قال الله عزوجل (وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١).

فإن وجب للمتقدمين على أمير المؤمنين عليه‌السلام الثواب على كل حال لاستحقاقهم الوصف بأنهم من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار على من ادعيت لهم في المقال فإنه يجب مثل ذلك لكل من استحق اسم الإيمان في حال من الأحوال بما تلوناه وهذا ما لا يذهب إليه أحد من أهل الإسلام.

ويقال له أيضا : قد وعد الله الصادقين مثل ذلك فقطع لهم بالمغفرة والرضوان فقال سبحانه (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ٧٢

وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١).

فهل يجب لذلك أن يقطع على كل من صدق في مقاله بالعصمة من الضلال ويوجب له الثواب المقيم وإن ضم إلى فعله قبائح الأفعال؟!

فإن قال نعم خرج عن ملة الإسلام وإن قال لا يجب ذلك لعلة من العلل قيل له في آية السابقين مثل ما قال فإنه لا يجد فرقا.

ويقال له أيضا ما تصنع في قول الله تعالى (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عليهمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (٢)؟!

أتقول إن كل من صبر (٣) على مصاب فاسترجع مقطوع له بالعصمة والأمان من العذاب وإن كان مخالفا لك في الاعتقاد بل مخالفا للإسلام؟!

فإن قال نعم ظهر خزيه وإن قال لا يجب ذلك وذهب في الآية إلى الخصوص دون الاشتراك سقط معتمده من عموم آية السابقين ولم يبق معه ظاهر فيما اشتبه به الأمر عليه في إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام وخطأ المتقدمين عليه حسب ما ذكرناه.

وهذا باب إن بسطنا القول فيه واستوفينا الكلام في معانيه ـ

__________________

(١) المائدة ٥ : ١١٩.

(٢) سورة البقرة ٢ : ١٥٥ ـ ١٥٧.

(٣) في ب : أتقول إن كان من خبر.

طال به الخطاب وفيما اختصرناه كفاية لذوي الألباب.

فصل

فإن قال في أصل الجواب إنه لا يجوز تخصيص السابقين الأولين ولا الاشتراط فيهم لأنه سبحانه قد اشترط في التابعين وخصهم بقوله (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ) (١).

فلو كان في السابقين الأولين من يقع منه غير الحسن الجميل لما أطلق الرضا عنهم في الذكر ذلك الإطلاق واشترط كما اشترط فيمن وصله بهم من التابعين.

قيل له : أول ما في هذا الباب أنك أوجبت للسابقين بهذا الكلام العصمة من الذنوب ورفعت عنهم جواز الخطاء وما يلحقهم به من العيوب والأمة مجمعة على خلاف ذلك لمن زعمت أن الآية فيه صريحة (٢) لأن الشيعة تذهب إلى تخطئة المتقدمين على أمير المؤمنين عليه‌السلام والمعتزلة والشيعة وأكثر المرجئة وأصحاب الحديث يضللون طلحة والزبير في قتالهم لأمير المؤمنين عليه‌السلام والخوارج تخطئ أمير المؤمنين عليه‌السلام وتبرأ منه ومن عثمان وطلحة والزبير ومن كان في حيزهما وتكفرهم بحربهم أمير المؤمنين عليه‌السلام وولايتهم (٣) عثمان بن عفان فيعلم

__________________

(١) سورة التورة ٩ : ١٠٠.

(٢) (صريحة) ليس في أ ، ب ، ح.

(٣) في م : وتوليتهم.

أن إيجاب العصمة لمن يزعم أن الله تعالى عناه في الآية (١) بالرضوان باطل والقول به خروج عن الإجماع.

على أن قوله تعالى (وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) (٢) ليس هو شرطا في التابعين وإنما هو وصف للاتباع وتمييز له من ضروبه التي لا يوجب شيء منها الرحمة والغفران وهذا مما لا يبطل الخصوص في السابقين والشرط في أفعالهم على ما ذكرناه.

مع أنا قد بينا أن المراد بالسابقين الأولين هم الطبقة الأولى من المهاجرين والأنصار وذكرنا أعيانهم وليس من المتقدمين على أمير المؤمنين عليه‌السلام والمخالفين عليه من كان من الأولين وإن كان فيهم جماعة من التالين ولسنا ندفع ظاهر الأولين من القوم وأنهم من أهل الثواب وجنات النعيم على عمومهم دون الخصوص وهذا أيضا يسقط تعلقهم بما ذكروه في التابعين على أنه لا يمتنع أن يكون الشرط في التابعين شرطا في السابقين ويكتفى به بذكر السابقين للاختصار ولأن وروده (٣) في الذكر على الاقتران.

ويجري ذلك مجرى قوله تعالى (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) (٤)

__________________

(١) (في الاية) ليس في ب ، ح ، م.

(٢) سورة التوبة ٩ : ١٠٠.

(٣) (وروده) ليس في ب ، ح ، وفي أ : الجميع.

(٤) سورة التوبة ٩ : ٦٢.

وقوله تعالى (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (١).

ويقال له أيضا أليس الله تعالى يقول (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) (٢).

وفي الأنفس من لم يرده ولم يستثنه لفظا وهم الأطفال والبله (٣) والبهائم والمجانين وإنما يدل استثناؤهم لفظا (٤) على استثناء أهل (٥) العقول.

فبم ينكر أن يكون الشرط في السابقين مثل الشرط في التابعين وأن اللفظ من ذكر السابقين موجود في التابعين وهذا بين لمن تدبره.

على أن الذي ذكرناه في الخبر وبينا أنه لا يجوز من الحكيم تعالى أن يقطع بالجنة إلا على شرط الإخلاص لما تحظره الحكمة من الإغراء بالذنوب يبطل ظنهم في تأويل هذه الآية وكلما يتعلقون به من غيرها في القطع على أمان أصحابهم من النار للإجماع على ارتفاع العصمة عنهم وأنهم كانوا ممن يجوز عليه اقتراف الآثام وركوب الخلاف لله تعالى على العمد والنسيان وقد تقدم ذلك فيما سلف فلا حاجة لنا إلى الإطالة فيه

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ٣٤.

(٢) سورة المدثر ٧٤ : ٣٨ ، ٣٩.

(٣) البله : جمع أبله : ضعيف العقل. " مجمع البحرين ـ بله ـ ٦ : ٣٤٣ ".

(٤) وإنما يدلّ علي استثنائهم لفظاً استثناء أهل العقول صحّ ظ.

(٥) (أهل) ليس في أ ، ب ، ح.

فصل آخر

ويمكن أيضا ما ذكرناه من أمر طلحة والزبير وقتالهما لأمير المؤمنين عليه‌السلام وهما عند المخالفين من السابقين (١) الأولين ويضم إليه ما كان من سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار ومن السابقين الأولين ونقباء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في السقيفة ترشح (٢) للخلافة ودعا أصحابه إليه وما راموه من البيعة له على الإمامة حتى غلبهم المهاجرون على الأمر فلم يزل مخالفا لأبي بكر وعمر ممتنعا عن بيعتهما في أهل بيته وولده وأشياعه إلى أن قتل بالشام على خلافهما ومباينتهما (٣).

وإذا جاز من بعض السابقين دفع الحق في الإمامة واعتقاد الباطل فيها وجاز من بعضهم استحلال الدم على الضلال والخروج من الدنيا على غير توبة ظاهرة للأنام فما تنكر من وقوع مثل ذلك من المتقدمين على أمير المؤمنين عليه‌السلام وإن كانوا من السابقين الأولين (٤) ـ وما الذي يعصمهم مما وقع من شركائهم في السبق والهجرة وغير ذلك مما تعدونه لهم في الصفات وهذا مما لا سبيل إلى دفعه

__________________

(١) في ب ، ح ، م : التابعين.

(٢) في ب : توشحه.

(٣) انظر تفصيل ذلك في : الكامل في التاريخ ٢ : ٣٣١ ، الطبقات الكبرى ٣ : ٦١٦ ، اسد الغابة ٢ : ٢٨٤.

(٤) (وان .. الاولين) ليس في ب ، ح ، م.

فصل

فإن قال فإذا كنتم قد أخرجتم المتقدمين على أمير المؤمنين عليه‌السلام والمحاربين له والقاعدين عنه من رضا الله تعالى وما ضمنته آية السابقين بالشرط على ما ذكرتم والتخصيص الذي وصفتم ولما اعتمدتموه من تعريهم من العصمة وما واقعة من سميتموه منهم على الإجماع من الذنوب فخبروني عن قوله تعالى (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (١).

فكيف يصح لكم تأويله بما يخرج القوم من الرضا والغفران والإجماع منعقد على أن أبا بكر وعمر (٢) وطلحة والزبير وسعدا وسعيدا قد بايعوا تحت الشجرة وعاهدوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أوليس هذا الإجماع يوجب الرضا على البيان؟

قيل له : القول في الآيتين جميعا سواء وهو في هذه الآية أبين

__________________

(١) سورة الفتح ٤٨ : ١٨.

(٢) زاد في م : وعثمان ، والثابت أنه لم يبايع تحت الشجرة. انظر الدر المنثور ٧ / ٥٢١.

وأوضح وأقرب طريقا وذلك أن الله تعالى ذكر المبايعين (١) وخصص من توجه إليه الرضا من جملتهم بعلامات نطق بها التنزيل ودل بذلك على أن أصحابك أيها الخصم خارجون عن الرضا على التحقيق فقال جل اسمه (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عليهمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (٢)

فخص سبحانه بالرضا منهم من علم الله منهم الوفاء وجعل علامته من بينهم ثباته في الحروب بنزول السكينة عليه وكون الفتح القريب به وعلى يديه ولا خلاف بين الأمة

أن أول حرب لقيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد بيعة الرضوان حرب خيبر وأنه قدم أبا بكر فيها فرجع منهزما فارا من مرحب وثنى بعمر فرجع منهزما فارا يجبن أصحابه ويجبنونه.

فلما رأى ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله تعالى على يديه)). (٣) فأعطاها أمير المؤمنين عليه‌السلام فلقي مرحبا فقتله ، وكان الفتح على يديه واختص الرضا به ومن كان معه من أصحابه وأتباعه وخرج صاحباك من الرضا بخروجهما عن الوفاء

__________________

(١) في ب ، م : السابقين.

(٢) سورة الفتح ٤٨ : ١٨

(٣) تقدم مع تخريجاته في ص ٣٤.

(٤) (واختص الرضى به) ليس في ب ، م.

وتعريهما من السكينة لانهزامها وفرارهما وخيبتهما من الفتح القريب لكونه على يد غيرهما وخرج من سميت من أتباعهما (١) منه إذ لا فتح لهم ولا بهم على ما ذكرناه (٢) وانكشف على الرجلين خاصة بدليل قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويحبه الله ورسوله ما كان مستورا لاستحقاقهما في الظاهر ضد ذلك من الوصف كما استحقا اسم الفرار دون الكرار ولو لا أن الأمر كما وصفناه لبطل معنى كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يكن له فائدة وفسد تخصيصه عليا عليه‌السلام بما ضمنه من الثناء على ما شرحناه.

ومما يؤيد ذلك ويزيده بيانا قول الله عزوجل (وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً) (٣).

فدل على أنه تعالى يسأل المولين (٤) يوم القيامة عن العهد ويعاقبهم بنقض العهد وليس يصح اجتماع الرضا والمسألة والعقاب لشخص واحد فدل ذلك على خصوص الرضا ووجب إلحاقه في الحكم بمن لا يتوجه إليه السؤال وإذا وجب ذلك بطل تعلق الخصم في الآية بالعموم وسقط اعتماده على البيعة في الجملة.

وعلى كل حال هذا إن لم يكن في الآية نفسها وفيما تلوناه بعدها دليل على خروج القوم من الرضا وكان الأمر ملتبسا فكيف وفيها

__________________

(١) في أ : أتباعا.

(٢) (على ما ذكرناه) ليس في ب ، ح ، م.

(٣) سورة الاحزاب ٣٣ : ١٥.

(٤) في أ : المؤمنين.

أوضح برهان بما رتبناه؟!

ومما يدل على خصوص الآية أيضا قوله تعالى (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١).

فتوعد على الفرار بالغضب والنار كما وعد على الوفاء بالرضا والنعيم فلو كانت آية الرضا في المبايعين على العموم وعدم الشرط لبطل الوعيد وخرجت الآية النازلة عن الحكمة (٢) ولم يحصل لها فائدة ولا مفهوم وذلك فاسد بلا ارتياب.

ومما يدل على ذلك أيضا قوله تعالى (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عليه فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (٣).

وهذا صريح باختصاص الرضا بطائفة من المبايعين دون الجميع وبثبوت الخصوص في الموفين بظاهر التنزيل الذي لا يمكن لأحد دفعه إلا بالخروج عن الدين.

على أن بعض أصحابنا قد سلم لهم ما ظنوه من توجه الرضا إلى جميع المبايعين (٤) وأراهم أنه غير نافع لهم فيما اعتقدوه لأن الرضا

__________________

(١) سورة الانفال ٨ : ١٦.

(٢) في ب ، ح ، م : النازلة منافية للحكمة.

(٣) سورة الاحزاب ٣٣ : ٢٣.

(٤)] في م : المتابعين.

للماضي من الأفعال وما هو في الحال لا يعصم من وقوع ضده الموجب للسخط في المستقبل وما يتوقع من الأحوال وهذا ما لا يمكن لأحد من خصومنا دفعه إلا من قال منهم بالموافاة فإنه يتعلق بها وكلامي المتقدم يكفي في الكثير على الجميع والحمد لله

فصل

فإن قال قد فهمت ما ذكرتموه في هذه وما قبلها من الآي ولست أرى لأحد حجة في دفعه لوضوحه في البيان ولكن خبروني عن قوله تعالى في سورة النور (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (١).

أليس قد ذكر المفسرون أنها في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام؟! واستدل المتكلمون من مخالفيكم على صحة ذلك بما حصل لهم من جميع هذه الصفات :

فأولها : أنهم كانوا حاضرين لنزولها بدليل كاف المواجهة (٢) بلا اختلاف ثم إنهم كانوا ممن خاف في أول الإسلام فآمنهم الله تعالى ومكن لهم في البلاد وخلفوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأطاعهم العباد فثبت أنها

__________________

(١) سورة النور ٢٤ : ٥٥.

(٢) المراد منها كاف الخطاب في الآية.

نزلت فيهم بهذا الضرب من الاعتبار وإلا فبينوا لنا الوجه في معناها إن لم يكن الأمر على ما ذكرناه.

قيل له : إن تفسير القرآن لا يؤخذ بالرأي ولا يحمل على اعتقادات الرجال والأهواء وما حكيته من ذلك عن المفسرين فليس هو إجماعا منهم ولا مرجوعا به إلى ثقة ممن تعاطاه ومن ادعاه لم يسنده إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا إلى من تجب طاعته على الأنام.

وممن فسر القرآن عبد الله بن عباس والمحكي عنه في تأويل هذه الآية غير ما وصفت بلا تنازع بين حملة الآثار وكذلك المروي عن محمد بن علي عليه‌السلام وعن عطاء ومجاهد (١) وإنما ذكر ذلك برأيه وعصبيته مقاتل بن سليمان وقد عرف نصبه لآل محمد عليه‌السلام وجهله وكثرة تخاليطه في الجبر والتشبيه وما ضمنته كتبه في معاني القرآن.

على أن المفسرين للقرآن طائفتان شيعة وحشوية فالشيعة لها في هذه الآية تأويل معروف تسنده إلى أئمة الهدى عليه‌السلام والحشوية مختلفة في أقاويلها على ما ذكرناه فمن أين يصح إضافة ما ادعوه من التأويل إلى مفسري القرآن جميعا على الإطلاق لو لا عمى العيون وارتكاب العناد؟!

فأما ما حكوه (٢) في معناها عن المتكلمين منهم فقد اعتمده

__________________

(١) انظر سعد السعود : ١٦٦ ـ ١٧٣ ، مجمع البيان ٧ : ٢٣٩ ، تفسير الطيري ١٨ : ١٢٢ ، تفسير القرطبي ١٢ : ٢٩٧.

(٢) في ب ، م : حكموه.

جميعهم على ما وصفوه بالاعتبار الذي ذكروه وهو ضلال عن المراد (١). وخطأ ظاهر الفساد من وجوه لا تخفى على من وفق للرشاد.

أحدها : أن الوعد مشترط بالإيمان على التحقيق وبالأعمال الصالحات وليس على ما يذهب إليه مخالفونا من إيمان أصحابهم على الحقيقة وأنهم كانوا من أصحاب الصالحات إجماع ولا دليل يقطع به على الحق عند الله بل الخلاف في ذلك ظاهر بينهم وبين خصومهم والمدافعة عن الأدلة على ذلك موجودة كالعيان.

والثاني : أن المراد في الآية بالاستخلاف إنما هو توريث الأرض والديار والتبقية لأهل الإيمان بعد هلاك الظالمين لهم من الكفار دون ما ظنه القوم من الاستخلاف في مقام النبوة وتملك الإمامة وفرض الطاعة على الأنام.

ألا ترى أن الله سبحانه قد جعل ما وعد به من ذلك مماثلا لما فعله بالمؤمنين وبالأنبياء عليه‌السلام قبل هذه الأمة في الاستخلاف (٣) ، وأخبر بكتابه عن حقيقة ذلك وصورته ومعناه وكان بصريح ما أنزله من القرآن مفيدا لما ذكرناه من توريث الديار والنعم والأموال عموم المؤمنين دون خصوصهم ومعنى ما بيناه دون الإمامة التي هي خلافه للنبوة والإمرة والسلطان.

__________________

(١) في أ : المرام.

(٢) في أ : التنقية ، وفي م : النعمة.

(٣) في ب ، م : الآية بالاستخلاف.

قال الله تعالى في سورة الأعراف (قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (١).

فبشّرهم بصبرهم على أذى الكافرين بميراث أرضهم والملك لديارهم من بعدهم والاستخلاف على نعمتهم ولم يرد بشيء من ذلك تمليكهم مقام النبوة والإمامة على سائر الأمة بل أراد ما بيناه.

ونظير هذا الاستخلاف من الله سبحانه لعباده ومما هو في معناه قوله جل اسمه في سورة الأنعام (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ) (٢) وليس هذا الاستخلاف من الإمامة وخلافة النبوة في شيء وإنما هو ما قدمنا ذكره ووصفناه.

وقوله تعالى (ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (٣) فإنما أراد بذلك تبقيتهم بعد هلاك الماضين وتوريثهم ما كانوا فيه من النعم فجعله (٥) من مننه عليهم ولطفه بهم

__________________

(١) سورة الاعراف ٧ : ١٢٨ ، ١٢٩.

(٢) سورة الانعام ٦ : ١٣٣.

(٣) سورة يونس ١٠ : ١٤.

(٤) في أ : تبعيتهم.

(٥) في م : فجعلوا

ليطيعوه ولا يكفروا به كما فعل الأولون.

ومنه قوله تعالى (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) (١) وقد علم كل ذي عقل أن هذا الاستخلاف مباين للعامة في معناه وقد وفى الله الكريم موعده لأصحاب نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله جميعا في حياته وبعد وفاته ففتح لهم البلاد وملكهم رقاب العباد وأحلهم الديار وأغنمهم الأموال فقال عز من قائل (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها) (٢).

وإذا كان الأمر على ما وصفناه ثبت أن المراد بالآية من الاستخلاف ما ذكرناه ولم يتضمن ذلك الإمامة وخلافة النبوة على ما بيناه وكان الوعد به عموما لأهل الإيمان (٣) بما شرحناه وبطل ما تعلق به خصومنا في إمامة المتقدمين على أمير المؤمنين عليه‌السلام ووضح جهلهم في الاعتماد على التأويل الذي حكيناه عنهم للآية بما تلوناه من كتاب الله تعالى وفصلنا وجهه وكشفناه.

وقد حكى هذا المعنى بعينه في تأويل هذه الآية الربيع عن أبي العالية (٤) والحسين بن محمد عن الحكم وغيرهما من جماعات من

__________________

(١) للإمامة ط.

(٢) سورة الحديد ٥٧ : ٧.

(٣) الاحزاب ٣٣ : ٢٧.

(٤) في أ : البيان و.

() هو رفيع بن مهران الرياحي البصري ، أدرك الجاهلية لكنه أسلم بعد وفاة

التابعين ومفسري القرآن (١).

فصل

على أن عموم الوعد بالاستخلاف للمؤمنين الذين عملوا الصالحات من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على ما اختصوا به من الصفات في عبادتهم لله تعالى على الخوف والأذى والاستسرار بدين الله جل اسمه على ما نطق به القرآن يمنع مما ادعاه (٢) أهل الخلاف من تخصيص أربعة منهم دون الجميع لتناقض اجتماع معاني العموم على الاستيعاب والخصوص ووجوب دفع أحدهما صاحبه بمقتضى العقول (٣).

وإذا ثبت عموم الوعد وجب صحة ما ذكرناه في معنى الاستخلاف من توريث الديار والأموال وظهور عموم ذلك لجميعهم (٤) في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعده بلا اختلاف وبطل ما ظنه الخصوم في ذلك وتأولوه على المجازفة والعدول عن النظر الصحيح

__________________

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قارى ، حافظ مفسر ، روى عنه الربيع بن أنس الخراسانيّ ، راجع تهذيب الكمال ٢١٤ : ٩ وسير اعلام النبلاء ٢٠٧ : ٤.

(١) انظر تفسير الطبري ١٨ : ١٢٢ ، الدر المنثور ٦ : ٢١٥.

(٢) في ب : أعاده.

(٣) في أ : القول.

(٤) في أ : والظهور بالدين لعموم ذلك جميعهم

فصل

فإن قال منهم قائل : إن الآية وإن كان ظاهرها العموم فالمراد بها الخصوص بدليل وجود الخلافة فيمن عددناه دون الجميع وعلى هذا يعتمد متكلموهم.

قيل له : أحلت في ذلك من قبل أنك إنما أوجبت لأصحابك الإمامة وقضيت لهم بصحة الخلافة بالآية وجعلتها ملجأ لك في حجاج خصومك ودفعهم عما وصفوا به من فساد عقلك فلما لم يتم (١) لك مرادك من الآية بما أوجبه عليك عمومها بظاهرها ودليل متضمنها عدلت إلى تصحيح تأويلك منها بادعاء ما تورعت فيه من خلافة القوم وثبوت إمامتهم الذي أفقرك عدم البرهان عليه إلى تصحيحه عندك بالآية فصرت دالا على وجود معنى تنازع فيه بوجود شيء تتعلق صحة وجوده بوجود ما دفعت (٢) عن وجوده وهذا تناقض من القول وخبط أوجبه لك (٣) الضلال وأوقعك فيه التقليد والعصبية للرجال نعوذ بالله من الخذلان.

ثم يقال له : خبرنا عما تدعيه من استخلاف الله تعالى لأئمتك على الأنام وصحة إمامتهم على ما زعمت فيما سلف لك من الكلام أبظاهر أمرهم ونهيهم وتملكهم علمت ذلك وحكمت به على

__________________

(١) في م : لم يتبين.

(٢) في ب ، ح ، م : وقعت.

(٣) في ب ، م : أوجبك.

القطع والثبات أم بظاهر الآية ودليلها على ما قدمت من الاعتبار أم بغير ذلك من ضروب الاستدلال؟

فإن قال : بظاهر أمرهم ونهيهم في الأمة ورئاستهم الجماعة ونفوذ أمرهم وأحكامهم في البلاد علمت ذلك وقطعت به على أنهم خلفاء الله تعالى والأئمة بعد رسوله عليه‌السلام وجب على وفور هذه العلة القطع بصحة إمامة كل من ادعى خلافة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ونفذت أحكامه وقضاياه في البلاد وهذا ما لا يذهب إليه أحد من أهل الإيمان.

وإن قال : إنما علمت صحة خلافتهم بالآية ودلائلها على الاعتبار

قيل له : ما وجه دلالة الآية على ذلك وأنت دافع لعمومها في جميع أهل الإيمان وموجب خصوصها بغير معنى في ظاهرها ولا في باطنها ولا مقتضاها على الأحوال فلا يجد شيئا يتعلق به فيما ادعاه وإن قال إن دلالتي على ما ادعيت من صحة خلافتهم معنى غير الآية نفسها بل من الظاهر (٢) من أمر القوم ونهيهم وتأمرهم على الأنام خرجت الآية عن يده وبانت فضيحته فيما قدره منها وظنه في تأويلها وتمناه وهذا ظاهر بحمد الله

__________________

(١) (أمرهم و) ليس في ب ، م.

(٢) في أ ، ح : والظاهر. بدل : بل من الظاهر.

فصل

مع أنا لو سلمنا لهم في معنى الاستخلاف أن المراد في الآية ما ذكروه من إمامة الأنام لما وجب به ما ذهبوا إليه من صحة خلافة المتقدمين على أمير المؤمنين عليه‌السلام بل كانت الآية نفسها شاهدة بفساد أمرهم وانتقاضه على البيان وذلك أن الله جل اسمه وعد المؤمنين من أصحاب نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بالاستخلاف ثوابا لهم على الصبر والإيمان والاستخلاف من الله تعالى للأئمة لا يكون استخلافا من العباد ولما ثبت أن أبا بكر كان منصوبا باختيار عمر وأبي عبيدة بن الجراح وعمر باستخلاف أبي بكر دون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعثمان باختيار عبد الرحمن فسد أن يكونوا داخلين تحت الوعد بالاستخلاف لتعريهم من النص بالخلافة من الله تعالى وإقرار مخالفينا إلا من شذ منهم أن إمامتهم كانت باختيار وثبت أن الآية مختصة بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام دونهم لإجماع شيعته على أن إمامته باستخلاف الله تعالى له ونصه عليه وإقامة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله علما للأمة وإماما لها بصريح المقال

فصل آخر

ويقال لهم ما تنكرون أن يكون خروج أبي بكر وعمر وعثمان من الخوف في أيام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يخرجهم (١) عن الوعد بالاستخلاف لأنه

__________________

(١) في ب ، ح ، م : بخروجهم والظاهر أنها : خروجهم.

إنما توجه إلى من كان يلحقه الخوف من أذى المشركين وليس له مانع منهم كأمير المؤمنين (١) عليه‌السلام وما مني به مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعمار وأمه وأبيه والمعذبين بمكة ومن أخرجهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مع جعفر بن أبي طالب إلى بلاد الحبشة لما كان ينالهم من الفتنة والأذى في الدين (٢).

فأما أبو بكر فإن الشيعة تذكر أنه لم يكن خائفا في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لأسباب نحن أغنياء عن شرحها وأنتم تزعمون أن الخوف مرتفع عنه لعزته في قريش ومكانه منهم وكثرة ماله واتساع (٣) جاهه وإعظام القوم له لسنه وتقدمه حتى أنه كان يجير ولا يجار عليه ويؤمن ولا يحتاج إلى أمان وزعمتم أنه اشترى تسعة نفر من العذاب.

وأن عمر بن الخطاب لم يخف قط ولا هاب أحدا من الأعداء وأنه جرد سيفه عند إسلامه وقال لا يعبد الله اليوم سرا ثقة بنفسه وطمأنينة إلى سلامته وأمنا من الغوائل وأنه لن يقدم عليه أحد بسوء لعظم رهبة الناس منه وإجلالهم لمكانه.

وأن عثمان بن عفان كان آمنا ببني أمية وهم ملاك الأمر إذ ذاك فكيف يصح لكم مع هذا القول أن تستدلوا بالآية على صحة خلافتهم ودخولهم (٤) تحت الوعد بالاستخلاف وهم من الوصف المنافي لصفات

__________________

(١) في ب ، م : مانع في أمير المؤمنين.

(٢) في ب ، م : والاذى فيه.

(٣) في ب ، م : وامتناع.

(٤) (أن تستدلوا .. ودخلوهم) ليس في ب ، م.

الموعودين بالاستخلاف على ما ذكرناه لو لا أنكم تخبطون فيما تذهبون إليه خبط عشواء

فصل

ويقال لهم : أليس يمكنكم إضافة ما تلوتموه من هذه الآية في أئمتكم إلى صادق عن الله تعالى فيجب العمل به وإنما أسندتم قولكم فيه إلى ضرب من الرأي والاعتبار الفاسد بما أوضحناه.

وقد ورد عن تراجمة القرآن من آل محمد عليه‌السلام في تأويلها ما هو أشبه من تأويلكم وأولى بالصواب فقالوا إنها نزلت في عترة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وذريته الأئمة الأطهار عليه‌السلام وتضمنت البشارة لهم بالاستخلاف والتمكن في البلاد وارتفاع الخوف عنهم عند قيام المهدي منهم فكانوا عليه‌السلام هم المؤمنين العاملين الصالحات بعصمتهم (١) من الزلات.

وهم أحق بالاستخلاف على الأنام ممن عداهم لفضلهم على سائر الناس وهم المدالون (٢) على أعدائهم في آخر الزمان حتى يتمكنوا في البلاد ويظهر دين الله تعالى بهم ظهورا لا يستخفى على أحد من العباد ويأمنون بعد طول خوفهم من الظالمين المرتكبين في

__________________

(١) في ب ، م : الصالحين عصمهم الله.

(٢) المدالون : المنصورون ، يقال : أداله على عدوه : نصره. " الصحاح ـ دول ـ ٤ : ١٧٠٠ ". وفي أ : الموالون ، وفي ب ، م : المذلون.

أذاهم الفساد (١) وقد دل القرآن على ذلك وجاءت به الأخبار :

قال الله عزوجل (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) (٢).

وقال تعالى (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (٣).

وقال تعالى (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عليهمْ شَهِيداً) (٤) وكل هذه أمور منتظرة غير ماضية ولا موجودة في الحال.

ومثلهم فيما بشرهم الله تعالى به من ذلك ما تضمنه قوله تعالى (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) (٥) قوله تعالى في بني إسرائيل (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عليهمْ وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) (٦).

ومما أنزله فيهم سوى المثل لهم عليه‌السلام قوله تعالى (الَّذِينَ إِنْ

__________________

(١) في أ ، ح : العناد.

(٢) سورة الانبياء ٢١ : ١٠٥.

(٣) سورة آل عمران ٣ : ٨٣.

(٤) سورة النساء ٤ : ١٥٩.

(٥) سورة القصص ٢٨ : ٥ ، ٦.

(٦) سورة الاسراء ١٧ : ٦.

مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) (١) فصار معاني جميع ما تلوناه راجعا إلى الإشارة إليهم عليه‌السلام بما ذكرناه.

ويحقق (٢) ذلك ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على الاتفاق من قوله لن تنقضي الأيام والليالي حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي يملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا)). (٣)

وأما ما تعلقوا به من كاف المواجهة فإنه لا يخل بما شرحناه في التأويل من آل محمد عليه‌السلام لأن القائم من آل محمد والموجود من أهل بيته في حياته فهو من المواجهين في الحقيقة والنسب والحسب وإن لم يكن من أعيانهم فإذا كان منهم بما وصفناه فقد دخل تحت الخطاب وبطل ما توهم أهل الخلاف

فصل

على أنه يقال لهم ما الفصل بينكم فيما تأولتم به هذه الآية (٤) وبين من تأولها خلاف تأويلكم فأوجب حكمها في غير من سميتم ولجأ

__________________

(١) سورة الحج ٢٢ : ٤١.

(٢) في ب ، م : وتحقيق.

(٣) سنن أبى داود ٤ : ١٠٦ ، سنن الترمذي ٤ : ٥٢ ، مسند أحمد ١ : ٣٧٦ ، ٣٧٧ ، ٤٣٠ ، ٤٤٨. وراجع إحقاق الحق ١٣ : ٢٣٤ ـ ٢٤٧.

(٤) (هذه الاية) ليس في ب ، م.

في صحة مقاله إلى مثل عيوبكم فقال

إن الله جل اسمه بشر في هذه الآية بالاستخلاف أبا سفيان صخر بن حرب ومعاوية ويزيد ابني أبي سفيان وذلك أنى قد وجدتهم انتظموا صفات الموعودين بالاستخلاف وكانوا من الخائفين عند قوة الإسلام لخلافهم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فتوجه إليهم الوعد من الله سبحانه بالأمن من الخوف بشرط الانتقال إلى الإيمان واستئناف الأعمال الصالحات والاستخلاف بعد ذلك والتمكين لهم في البلاد ثوابا لهم على طاعة الله وطاعة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله وترغيبا لهم في الإيمان فأجابوا الله تعالى إلى ما دعاهم إليه وأذعنوا بالإسلام وعملوا الصالحات فأمنوا من المخوفات.

واستخلفهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في حياته وكانوا من بعده خلفاء لخلفائه الراشدين ألا ترى أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله استخلف أبا سفيان على سبي الطائف وهم يومئذ ستة آلاف إنسان واستعمله من بعد ذلك على نجران فلم يزل عامله عليها حتى قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو خليفته فيها من غير عزل له ولا استبدال.

واستعمل أيضا صلى‌الله‌عليه‌وآله يزيد بن أبي سفيان على صدقات أخواله بني فراس بن غنم فجباها (١) وقدم بها على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلقيه أبوه أبو سفيان فطلب منه مال الصدقات فأبى أن يعطيه فقال

__________________

(١) (فجباها) ليس في ب ، ح ، م. أنظر الاصابة ٦ : ٣٤١ ، الاعلام للزركلي ٩ : ٢٣٧. إذا صرت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أخبره بذلك فأخبره فقال له خذ المال فعد به إلى أبيك)). فسوغه مال الصدقات كله صلة لرحمه وإكراما له وتمييزا له من كافة أهل الإسلام.

واستعمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على كتابته معاوية وكان والي خليفته من بعده عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وولى أبو بكر يزيد بن أبي سفيان ربع أجناد الشام وتوفي وهو خليفته على ذلك فأقره عمر بن الخطاب إلى أن مات في خلافته.

وإذا كان أبو سفيان ومعاوية ويزيد ابناه على ظاهر الإسلام والإيمان والعمل الصالح وكان لهم من الخلافة في الإسلام ما وصفناه ثم الذي حصل لمعاوية خاصة من الإمرة بعد أمير المؤمنين عليه‌السلام وبيعة الحسن بن علي عليه‌السلام وتسليم الأمر إليه حتى سمي عامه عام الجماعة للاتفاق ولم يسم عام أحد من الخلفاء قبله بذلك ثبت أنهم المعنيون في الآية ببشارة الاستخلاف دون من ادعيتم له ذلك بمعنى الاستدلال على ما انتظمتموه من الاعتبار.

وهذا أشبه من تأويل المعتزلة للآية في أبي بكر وعمر وعثمان وهو ناقض لمذاهبهم ومضاد لاعتقاداتهم ولا فضل لأحد منهم فيه إلا أن يرجع في العبرة (١) إلى ما شرحناه أو يعتمد في التفسير على الأثر حسبما قدمناه فيبطل حينئذ توهمه فيما تأوله على ما بيناه والحمد لله.

__________________

(١) في العبرة) ليس في ب ، ح ، م.

(٢) (على ما بيناه) ليس في ب.

فصل

ثم يقال لهم أيضا ألستم تعلمون أن الوليد بن عقبة بن أبي معيط وعبد الله بن أبي سرح قد كانا واليين على المسلمين من قبل عثمان بن عفان وهو إمام عدل عندكم مرضي الفعال وقد كان مروان بن الحكم كذلك ثم خطب له على المنابر في الإسلام بإمرة المؤمنين كما خطب لعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وكذلك أيضا ابنه عبد الملك ومن بعده من بني أمية قد حكموا في العباد وتمكنوا في البلاد وفبأي شيء تدفعون صرف معنى الآية إليهم والوعد بالاستخلاف لهم وإدخالهم في جملة من سميتموه وزعمتم أنهم أئمة عدل خلفاء واعتمدتم في صحة ذلك على ما ذكرناه في أمر أبي سفيان ومعاوية ويزيد ابنيه حسبما شرحناه؟!

فلا يجدون مهربا من ذلك بما قدمناه على الترتيب الذي رسمناه وكذلك السؤال عليهم في عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري فإنهما ممن كانا على ظاهر الإسلام والعمل الصالح عند الجمهور من الناس وكانا من المواجهين بالخطاب وممن خاف في صدر الإسلام وحصلت لهما ولايات (١) في حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخلافة له ولخلفائه على أصولهم بغير إشكال وليس يمكن لخصومنا دفع التأويل فيهما بما يتعلقون به في بني (٢) أمية وبني مروان من الخروج عن الخوف

__________________

(١) في ب ، ح ، م : وحصلت لهم.

(٢) (بني) ليس في ب.

في صدر الإسلام وهذا كله تخليط ورطهم الجهل فيه بدين الله تعالى والعداوة لأوليائه عليهم‌السلام

__________________

(١) في أ : والولاية.

فصل

فإن قال قد وضح لي ما ذكرتموه في أمر هذه الآية وأثبتموه في معناها كما ظهر الحق لي فيما تقدمها (١) وانكشف بترادف الحجج التي أوردتموها ما كان مستورا عني من ضعف تأول مخالفيكم لها غير أني واصف استدلالا لهم من آي أخر على ما يدعونه من إمامة أبي بكر وعمر لأسمع ما عندكم فيه فإن أمره قد اشتبه علي ولست أجد محيصا عنه وذلك أنهم قالوا وجدنا الله تعالى يقول في سورة الفتح (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً) (٢).

ثم قال (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) (٣).

__________________

(١) (في امر .. تقدمها) ليس في ب ، م.

(٢) سورة الفتح ٤٨ : ١٥.

(٣) سورة الفتح ٤٨ : ١٦.

قالوا فحظر الله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله إخراج المخلفين معه بقوله (قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ).

ثم أوجب عليهم الخروج مع الداعي لهم من بعده إلى قتال القوم الذين وصفهم بالبأس الشديد من الكفار وألزمهم طاعته في قتالهم حتى يجيبوا إلى الإسلام ووجدنا الداعي لهم إلى ذلك من بعده أبا بكر وعمر لأن أبا بكر (١) دعاهم إلى قتال المرتدين وكانوا أولي بأس شديد على الحال المعروفة ثم دعاهم عمر بن الخطاب من بعده إلى قتال أهل فارس وكانوا كفارا أشداء فدل ذلك على إمامتهما بما فرض الله تعالى في كتابه من طاعتهما (٢) فهذا دليل للقوم على نظامه الذي حكيناه فما قولكم فيه؟

قيل له : ما نرى في هذا الكلام على إعجاب أهل الخلاف به حجة تؤنس ولا شبهة تلتبس وليس فيه أكثر من الدعوى العرية عن البرهان ومن لجأ إلى مثله فيما يجب بالحجة والبيان فقد كشف عن عجزه وشهد على نفسه بالخذلان وذلك أن متضمن الآي ينبئ عن منع المخلفين من اتباع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عند الانطلاق إلى المغانم التي سأله القوم اتباعه ليأخذوها (٣) وليس فيه حظر عليه صلوات الله عليها إخراجهم

__________________

(١) (لان أبا بكر) ليس في ب ، م.

(٢) ممن ذهب إلى هذا الرأي ابن جريج والقرطبي والزمخشري والبيضاوي ، انظر تفسير القرطبي ١٦ : ٢٧٢ ، الكشاف ٤ : ٣٣٨ ، تفسير البيضاوي ٢ : ٤١٠ ، الدر المنثور ٧ : ٥٢٠.

(٣) في ب ، ح ، م ، له وأخذها.

معه في غير ذلك الوجه ولا منع له من إيجاب الجهاد عليهم معه في مغاز أخر.

وبعد تلك الحال فمن أين يجب إذا كان الله تعالى قد أمره بإيذانهم عند الرد لهم عن وجه الغنيمة بالدعوة فيما بعد إلى قتال الكافرين أن يكون ذلك بدعاء من بعده دون أن يكون بدعائه هو بنفسه صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان صلى‌الله‌عليه‌وآله قد دعا أمته إلى قتال طوائف من الكفار أولي بأس شديد بعد هذه الغزاة التي غنم فيها المسلمون وحظر الله تعالى فيها على المخلفين الخروج وهل فيما ذكروه من ذلك أكثر من الدعوى على ما وصفناه.

فصل

ثم يقال لهم أليس الوجه الذي منع الله تعالى المخلفين من اتباع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فيه الوصول إلى الغنائم منه بالخروج معه هو فتح خيبر الذي بشر الله تعالى به أهل بيعة الرضوان على ما اتفق عليه أهل التفسير وتواتر به أهل السير والآثار فلا بد من أن يقولوا بلى وإلا سقط الكلام معهم فيما يتعلق بتأويل القرآن ويرجع فيه إلى علماء التفسير ورواه الأخبار إذ ما وصفناه إجماع ممن سميناه.

فيقال لهم : أولستم تعلمون أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد غزا بعد غزوة خيبر غزوات عديدة وسار بنفسه وأصحابه إلى مواطن كثيرة ،

__________________

(١) معالم التنزيل ٥ : ١٧٠ ، الكشاف ٤ : ٣٣٧ ، تفسير الرازي ٢٨ : ٩٠ ، تفسير القرطبي ١٦ : ٢٧٠ وغيرها.

واستنفر (١) الأعراب وغيرهم فيها إلى جهاد الكفار ولقي المسلمون في تلك المقامات من أعدائهم ما انتظم وصف الله تعالى له بالبأس الشديد لا سيما بمؤتة (٢) وحنين وتبوك سوى ما قبلها وما بينها وبعدها من الغزوات ولا بد أيضا من أن يقولوا بلى وإلا وضح من جهلهم ما يحظر مناظرتهم في هذا الباب.

فيقال لهم : فمن أين يخرج لكم مع ما وصفناه أيها الضعفاء الأوغاد وجوب طاعة المخلفين من الأعراب بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دون أن يكون هو الداعي لهم بنفسه على ما بيناه فلا يجدون حيلة في إثبات ما ادعوه مع ما شرحناه.

فصل

ثم يقال لهم ينبغي أن تنتبهوا من رقدتكم وتعلموا أن الله تعالى لو أراد منع المخلفين من اتباع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع غزواته على ما ظننتموه لما خص ذلك بوقت معين دون ما سواه ولكان الحظر له واردا على الإطلاق وبما يوجب عمومه في كل حال ولما لم يكن الأمر كذلك بل كان مختصا بزمان الغنائم التي تضمن البشارة فيها القرآن وبوصف مسألتهم له بالاتباع دون حال الامتناع منه أو الإعراض (٣) عن

__________________

(١) في أ : واستبق ، وفي م : استفزًّ.

(٢) مؤته : قرية في حدود الشام. " معجم البلدان ٥ : ٢١٩ ".

(٣) في أ ، ب ، م : والإعراض.

السؤال دل على بطلان ما توهمتموه ووضح لكم بذلك الصواب.

فصل آخر

وقد ظن بعض أهل الخلاف بجهله وقلة (١) علمه أن هؤلاء المخلفين من الأعراب هم الطائفة الذين تخلفوا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في غزوة تبوك وكانت مظاهرة له بالنفاق فتعلق فيما ادعاه من حظر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم الاتباع له على كل حال بقوله جل اسمه في سورة التوبة (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ) (٢).

فقال هذا هو المراد بقوله في سورة الفتح (كَذلِكُمْ قالَ اللهُ مِنْ قَبْلُ) (٣) وإذا كان قد منعه من إخراجهم معه أبدا ثبت أن الداعي لهم إلى قتال القوم الذين وصفهم بالبأس الشديد هو غيره وذلك مصحح عند نفسه ما ادعاه من وجوب طاعة أبي بكر وعمر وعثمان على ما قدمنا القول فيه وبيناه آنفا.

فيقال له : أيها الغافل الغبي الناقص أين يذهب بك وهذه

__________________

(١) في ب ، ح ، م : دون.

وممّن ذهب إلى هذا الرأي ابن زيد والجبائي والفخر الرازي ، انظر تفسير الطبري ٢٦ : ٥١ ، والثعالبي ٤ : ١٧٥ والفخر الرازي ٢٨ : ٩٠.

(٢) سورة التوبة ٩ : ٨٣.

(٣) سورة الفتح ٤٨ : ١٥.

الآية وما قبلها من قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) (١) نزلت في غزوة تبوك بإجماع علماء الأمة ولتفصيل ما قبلها من التأويل قصص طويله قد ذكرها المفسرون وسطرها مصنفو السير والمحدثون؟!

ولا خلاف أن الآيات التي نزلت في سورة الفتح نزلت في المخلفين عن الحديبية وبين هاتين الغزوتين من تفاوت الزمان ما لا يختلف فيه اثنان من أهل العلم وبين الفريقين أيضا في النعت والصفات اختلاف في ظاهر القرآن.

فكيف يكون ما نزل بتبوك وهي سنة تسع من الهجرة متقدما على النازل في عام الحديبية وهي سنة ست لو لا أنك في حيرة تصدك عن الرشاد؟!

ثم يقال له فهب أن جهلك بالأخبار وقلة معرفتك بالسير والآثار سهل عليك القول في تأويل القرآن بما قضى على بطلانه التأريخ المتفق عليه بواضح البيان أما سمعت الله جل اسمه يقول في المخلفين من الأعراب (سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) (٢).

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ٣٨.

(٢) سورة الفتح ٤٨ : ١٦.

فأخبر عن وقوع الدعوة لهم إلى القتال على الاستقبال وإرجاء أمرهم في الثواب والعقاب بشرطه في الطاعة منهم والعصيان ولم يقطع بوقوع أحد الأمرين منهم على البيان.

وقال جل اسمه في المخلفين الآخرين من المنافقين المذكورين في سورة براءة (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ) (١).

فقطع على استحقاقهم العقاب (٢) وأخبر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بخروجهم من الدنيا على الضلال ونهاه عن الصلاة عليهم إذا فارقوا الحياة ليكشف بذلك عن نفاقهم لسائر الناس وشهد عليهم بالكفر بالله عز اسمه وبرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله بصريح الكلام ولم يجعل لهم في الثواب شرطا على حال وأكد ذلك بقوله تعالى (وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ) (٣) وهذا جزم من الله تعالى على كفرهم في الحال وموتهم على الشرك

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ٨٣ ، ٨٤.

(٢) في ب نسخة بدل ، وفي ح : العذاب.

(٣) سورة التوبة ٩ : ٨٥.

به وسوء عاقبتهم وخلودهم في النار وقد ثبت في (١) العقول فرق ما بين المرجأ أمره فيما يوجب الثواب والعقاب (٢) وبين المقطوع له بأحدهما (٣) على الوجوه كلها.

وأن الإرجاء لما ذكرناه والشرط الذي ضمنه كلام الله تعالى فيما تلوناه لا يصح اجتماعه مع القطع بما شرحناه من متضمن الآي الأخر على ما بيناه لشخص واحد ولا لأشخاص متعددة على جميع الأحوال وأن من جوز (٤) ذلك وارتاب في معناه فليس بمحل من يناظر في الديانات لأنه لا يصير إلى ذلك إلا بآفة تخرجه عن حد (٥) العقلاء أو مكابرة ظاهرة وعناد وهذا كاف في فضيحة هؤلاء الضلال الذين حملهم الجهل بدين الله والنصب لآل محمد نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله على القول في القرآن بغير هدى ولا بيان نسأل الله التوفيق ونعوذ به من الخذلان

فصل

على أنا لو سلمنا لهم تسليم نظر ما توهموه من تضمن الآية لوجوب طاعة داع للمخلفين من الأعراب إلى القتال بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) في أزيادة : بدائة.

(٢) (فيما .. والعقاب) ليس في ب ، م.

(٣) في ب ، ح ، م : العقاب.

(٤) في أ : جهل.

(٥) في ب : جد.

على ما اقترحوه واعتبرنا فيما ادعوه من ذلك لأبي بكر وعمر وعثمان بمثل ما اعتبروه لكان بأن يكون دلالة على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام أولى من أن يكون دلالة على إمامة من ذكروه وذلك أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قد دعا بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى قتال الناكثين بالبصرة والقاسطين بالشام والمارقين بالنهروان واستنفر الكافة إلى قتالهم وحربهم وجهادهم حتى ينقادوا بذلك إلى دين الله تعالى الذي فارقوه ويخرجوا به عن الضلال الذي اكتسبوه وقد علم كل من سمع الأخبار ما كان من شدة أصحاب الجمل وصبرهم عند اللقاء حتى قتل بين الفريقين على قول المقل عشرة آلاف إنسان.

وتقرر عند أهل العلم أنه لم تر حرب في جاهلية ولا إسلام أصعب ولا أشد من حرب صفين ولا سيما ما جرى من ذلك ليلة الهرير حتى فات أهل الشام فيها الصلاة وصلى أهل العراق بالتكبير والتهليل والتسبيح بدلا من الركوع والسجود والقراءة لما كانوا عليه من الاضطرار (١) بتواصل اللقاء في القتال حتى كلت السيوف بينهم لكثرة الضراب وفنى النبل وتكسرت الرماح بالطعان ولجأ كل امرئ منهم عند عدم سلاحه إلى قتال صاحبه بيده وفمه حتى هلك جمهورهم بما وصفناه وانكشفت الحرب بينهم عن قتل نيف وعشرين ألف (٢)

__________________

(١) في ب ، ح ، م : الاضطراب.

(٢) في ب ، م : قتل عشرين ألف.

إنسان على قول المقل أيضا وضعف هذا العدد أو قريب من الضعف على قول آخرين بحسب اختلافهم في الروايات.

فأما أهل النهروان فقد بلغ وظهر من شدتهم وبأسهم وصبرهم على القتال مع أمير المؤمنين عليه‌السلام بالبصرة والشام ما لم يرتب فيه من أهل العلم (١) اثنان وظهر من إقدامهم بعد التحكيم على قتل النفوس والاستسلام للموت والبأس والنجدة ما يغني أهل العلم به عن الاستدلال عليه والاستخراج لمعناه ولو لم يدل على عظم بأسهم وشدتهم في القتال إلا أنهم كانوا بالاتفاق أربعة آلاف إنسان فصبروا على اللقاء حتى قتل سائرهم سوى أربعة أنفس شذوا منهم على ما جاءت به الأخبار.

ولم يجر أمر أبي بكر وعمر في الدعوة مجرى أمير المؤمنين عليه‌السلام لأنهما كانا مكتفيين بطاعة الجمهور لهما وانقياد الجماعات إلى طاعتهما وعصبية الرجال لهما فلم يظهر من دعائهما إلى قتال من سير إليه الجيوش ما ظهر من أمير المؤمنين عليه‌السلام في الاستنفار والترغيب في الجهاد والترهيب من تركه والاجتهاد في ذلك والنكير له حالا بعد حال لتقاعد الجمهور عن نصرته وخذلان من خذله من أعدائه الشاكين في أمره والمعاندين له وما مني به من تمويه خصومة وتعلقهم في استحلال قتاله بالشبهات.

ثم لم يبن من شدة أهل الردة وفارس مثل ما ذكرناه من أهل

__________________

(١) في أ : الاسلام.

البصرة والشام والنهروان على ما شرحناه بل ظهر منهم خلاف ذلك لسرعة انفضاضهم عمن لقيهم من أهل الإسلام وتفرقهم وهلاكهم بأهون سعي وأوحى (١) مدة وأقرب مؤنة على ما تواترت به الآثار وعلمه كافة من سمع الأخبار فبان بما وصفناه أننا مع التسليم للخصوم بما ادعوه في معنى الآية وباعتبارهم الذين اعتمدوه أولى بالحجة منهم في صرف تأويلها إلى إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام دون من سموه على ما قدمناه.

ولو تكافأ القولان ولم يكن لأحدهما رجحان على صاحبه في البرهان لكانت المكافأة مسقطة لما حكموا به من تخصيص أبي بكر وعمر بدلالة الآية على الترتيب الذي أصلوا الكلام عليه في الاستدلال وهذا ظاهر جلى ولله الحمد

فصل

قد كان بعض متكلمي المعتزلة رام الطعن في هذا الكلام بأن قال قد ثبت أن القوم الذين فرض الله تعالى قتالهم بدعوة من أخبر عنه كفار خارجون عن ملة الإسلام بدلالة قوله تعالى (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) (٢).

__________________

(١) الوحى : السرعة. " الصحاح. وحى ـ ٦ : ٢٥٢ " ، وفي ب ، ح ، م : وفي أرحى.

(١) سورة الفتح ٤٨ : ١٦.

وأهل البصرة والشام والنهروان فيما زعم لم يكونوا كفارا بل كانوا من أهل ملة الإسلام إلا أنهم فسقوا عن الدين وبغوا على الإمام فقاتلهم بقوله تعالى (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) (١).

وأكد ذلك عند نفسه بسيرة أمير المؤمنين عليه‌السلام فيهم ، وبخبر رواه عنه عليه‌السلام أنه سئل عنهم فقال إخواننا بغوا علينا)) (٢) ولم يخرجهم عن حكم أهل الإسلام.

قال : فثبت بذلك أن الداعي إلى قتال من سماه الله تعالى ووصفه بالبأس الشديد إنما هو أبو بكر وعمر دون أمير المؤمنين عليه‌السلام

فصل

فقلت له ما أبين غفلتك وأشد عماك أنسيت قول أصحابك في المنزلة بين المنزلتين وإجماعهم على أن من استحق التسمية بالفسق خارج بما به استحق ذلك عن الإيمان والإسلام غير سائغ تسميته بأحد هذين الاسمين في الدين على التقييد والإطلاق أم جهلت هذا من أصل الاعتزال أم تجاهلت وارتكبت العناد.

__________________

(١) سورة الحجرات ٤٩ : ٩.

(٢) قرب الاسناد : ٤٥ ، سنن البيهقي ٨ : ١٨٢ ، حياة الصحابة ٢ : ٤٩٦.

(٣) في ب ، ح ، م : والشدة.

أولست تعلم أن المتعلق بإيجاب الإسلام على أهل البصرة والشام (١) والنهروان لا يلزمه بذلك إكفارهم ولا يمنعه من نفي الكفر عنهم بحسب ما نبهناك عليه من مقالة أصحابك في الأسماء والأحكام ، فكيف ذهب عليك هذا الوجه من الكلام وأنت تزعم أنك متحقق بعلم الحجاج فاستحى لذلك وبانت فضيحته بما كان يدافع به من الهذيان

فصل

قال بعض المرجئة وكان حاضر الكلام قد نجونا نحن من المناقضة التي وقع فيها أهل الاعتزال لأنا لا نخرج أحدا من الإسلام إلا بكفر يضاد الإيمان فيجب على هذا الأصل أن يكون الكلام بيننا في إكفار القوم على ما تذهبون إليه وإلا لزمكم معنى الآي.

فقلت له : لسنا نحتاج إلى ما ظننت من نقل الكلام على الفرع (٢) وإن كان مذهبك في الأسماء ما وصفت لأن الإسلام عندنا وعندك إنما هو الاستسلام والانقياد ولا خلاف بيننا أن الله عزوجل قد أوجب على محاربي أمير المؤمنين عليه‌السلام مفارقة ما هم عليه بذلك من العصيان وألزمهم الاستسلام له والانقياد إلى ما يدعوهم إليه من الدخول في الطاعة وكف القتال فيكون قوله تعالى (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ

__________________

(١) (والشام) ليس في ب ، ح ، م.

(٢) (على الفرع) ليس في ب ، ح ، م

يُسْلِمُونَ) خارجا على هذا المعنى الذي ذكرناه وهو موافق لأصلك وجار على أصل اللغة التي نزل بها القرآن فلحق بالأول في الانقطاع ولم أحفظ منه إلا عبارات فارغة داخلة في باب الهذيان

فصل

على أنه يقال للمعتزلة والمرجئة والحشوية جميعا لم أنكرتم إكفار محاربي أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد فارقوا طاعة الإمام العادل وأنكروها وردوا فرائض الله تعالى عليه وجحدوها واستحلوا دماء المؤمنين وسفكوها وعادوا أولياء الله المتقين في طاعته ووالوا أعداءه الفجرة الفاسقين في معصيته وأنتم قد أكفرتم مانعي أبي بكر الزكاة وقطعتم بخروجهم عن ملة الإسلام ومن سميناه قد شاركهم في منع أمير المؤمنين عليه‌السلام الزكاة وأضاف إليه من كبائر الذنوب ما عددناه وهل فرقكم بين الجميع في أحكام الكفر والإيمان إلا عناد في الدين وعصبية للرجال

فصل

فإن قالوا مانعو الزكاة إنما منعوها على وجه العناد ومحاربو أمير المؤمنين إنما حاربوه ومنعوه زكاتهم واستحلوا الدماء في خلافه على

__________________

(١) سورة الفتح ٤٨ : ١٦.

(٢) في ب ، م : في الاحكام.

التأويل دون العناد فلهذا افترق الأمران.

قيل لهم : انفصلوا (١) ممن قلب القصة عليكم فحكم على محاربي أمير المؤمنين عليه‌السلام في حروبه واستحلال دماء المؤمنين من أصحابه ومنعه الزكاة وإنكار حقوقه بالعناد وحكم على مانعي أبي بكر الزكاة بالشبهة والغلط في التأويل وهذا أولى بالحق والصواب لأن أهل اليمامة لم يجحدوا فرض الزكاة وإنما أنكروا فرض حملها إلى أبي بكر وقالوا نحن نأخذها من أغنيائنا ونضعها في فقرائنا ولا نوجب على أنفسنا حملها إلى من لم يفترض له ذلك علينا بسنة ولا كتاب.

ولم نجد لمحاربي أمير المؤمنين عليه‌السلام حجة في خلافه واستحلال قتاله ولا شبهة أكثر من أنهم نكثوا بيعته فقد أعطوه إياها من أنفسهم بالاختيار وادعوا بالعناد أنهم أجابوا إليها بالاضطرار وقرفوه (٢) بقتل عثمان وهم يعلمون اعتزاله فتنة عثمان وطالبوه بتسليم قتلته إليهم وليس لهم في الأرض سلطان ولا يجوز تسليم القوم إليهم على الوجوه كلها والأسباب ودعاه المارقون منهم إلى تحكيم الكتاب فلما أجابهم إليه زعموا أنه قد كفر بإجابتهم إلى الحكم بالقرآن وهذا ما لا يخفى العناد من جماعتهم فيه على أحد من ذوي الألباب

__________________

(١) في ب ، م : انقضوا.

(٢) قرفه : اتهمه. " الصحاح ـ قرف ـ ٤ : ١٤١٥.

فصل

فإن قالوا فإذا كان محاربو أمير المؤمنين عليه‌السلام كفارا عندكم بحربة مرتكبي العناد في خلافه فما باله عليه‌السلام لم يسر فيهم بسيرة الكفار فيجهز على جرحاهم ويتبع مدبرهم ويغنم جميع أموالهم ويسبي نسائهم وذراريهم وما أنكرتم أن يكون عدوله عن ذلك في حكمهم يمنع من صحة القول عليهم بالإكفار.

قيل لهم : إن الذي وصفتموه في حكم الكفار إنما هو شيء يختص بمحاربي المشركين ولم يوجد في حكم الإجماع والسنة فيمن سواهم في سائر الكفار فلا يجب أن يعدى منهم إلى غيرهم بالقياس ألا ترون أن أحكام الكافرين تختلف فمنهم من يجب قتله على كل حال ومنهم من يجب قتله بعد الإمهال ومنهم من تؤخذ منه الجزية ويحقن دمه بها ولا يستباح ومنهم من لا يحل دمه ولا تؤخذ منه الجزية على حال ومنهم من يحل نكاحه ومنهم من يحرم بالإجماع فكيف يجب اتفاق الأحكام من الكافرين على ما أوجبتموه فيمن سميناه إذا كانوا كفارا وهي على ما بيناه في دين الإسلام من الاختلاف

فصل

ثم يقال لهم خبرونا هل تجدون في السنة أو الكتاب أو الإجماع الحكم في طائفة من الفساق بقتل المقبلين منهم وترك المدبرين وحظر

__________________

(١) (الحكم) ليس في ب ، م.

الإجهاز على جرحى المقاتلين وغنيمة ما حوى عسكرهم دون ما سواه من أمتعتهم وأموالهم أجمعين.

فإن ادعوا معرفة ذلك ووجوده طولبوا بتعيينه فيمن عدا البغاة من محاربي أمير المؤمنين عليه‌السلام فإنهم يعجزون عن ذلك ولا يستطيعون إلى إثباته سبيلا.

وإن قالوا إن ذلك وإن كان غير موجود في طائفة من الفاسقين فحكم أمير المؤمنين عليه‌السلام به في البغاة دليل على أنه في السنة أو الكتاب وإن لم يعرف وجه التعيين.

قيل لهم : ما أنكرتم أن يكون حكم أمير المؤمنين عليه‌السلام في البغاة ممن سميتموه دليلا على أنه حكم الله تعالى في طائفة من الكافرين موجود في السنة والكتاب وإن لم يعرف الجمهور الوجه في ذلك على التعيين فلا يجب أن يخرج القوم من الكفر لتخصيصهم من الحكم بخلاف ما حكم الله تعالى به فيمن سواهم من الكافرين كما لا يجب خروجهم من الفسق بتخصيصهم من الحكم بخلاف ما حكم الله تعالى به فيمن سواهم من الفاسقين وهذا ما لا فصل فيه

فصل

على أن أكثر المعتزلة يقطعون بكفر المشبهة والمجبرة ولا

__________________

(١) في ب : في السنة والكتاب.

(٢) (الكافرين كما .. سواهم من) ليس في أ ، ب ، م.

يخرجونهم بكفرهم عن الملة ويرون (١) الصلاة على أمواتهم ودفنهم في مقابر المسلمين وموارثتهم ومنهم من يرى مناكحتهم ولا يلحقونهم بغيرهم من الكفار في أحكامهم المضادة لما وصفناه ولا يلزمون أنفسهم مناقضة في ذلك.

وأبو هاشم الجبائي (٢) خاصة يقطع بكفر من ترك الكفر وأقام على قبيح أو حسن يعتقد قبحه ولا يجري عليه شيئا من أحكام الكافرين من قتل أو أخذ جزية أو منع من موارثة أو دفن في مقابر المسلمين أو صلاة عليه بعد أن يكون مظهرا للشهادتين والإقرار بجميع ما جاء به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على الإجمال وهذا يمنعه فيمن تقدم ذكره من المعتزلة وأصحابهم من المطالبة في محاربي أمير المؤمنين عليه‌السلام بما سلف حكايته عن الخصوم ولا يسوغ لهم الاعتماد بذكر الإسلام من الأذى (٣).

فصل

فإن قالوا كيف يصح لكم إكفار أهل البصرة والشام وقد سئل

__________________

(١) في أ : بكفرهم عن المسألة ، وترك.

(٢) هو عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي ، أبو هاشم ، من كبار المعتزلة ، عالم بالكلام ، له آراء انفرد بها عنهم ، وله مصنفات في الاعتزال ، ولد ببغداد ، وتوفي بها في سنة ٣٢١ ه‌. انظر " تاريخ بغداد ١١ : ٥٥ / ٥٧٣٥ ، وفيات الاعيان ٣ : ١٨٣ / ٣٨٣ ، سير أعلام النبلاء ١٥ : ٦٣ / ٣٢ ".

(٣) (ولا يسوغ .. الاذى) ليس في ب ، ح ، م.

أمير المؤمنين عليه‌السلام عنهم فقال إخواننا بغوا علينا)) (١). لم ينف عنهم الإيمان ولا حكم عليهم بالشرك والإكفار.

قيل لهم : هذا خبر شاذ لم يأت به التواتر من الأخبار ولا أجمع على صحته رواة الآثار وقد قابله ما هو أشهر منه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام وأكثر نقله وأوضح طريقا في الإسناد وهو أن رجلا سأل أمير المؤمنين عليه‌السلام بالبصرة والناس مصطفون للحرب فقال له علام نقاتل هؤلاء القوم يا أمير المؤمنين ونستحل دمائهم وهم يشهدون شهادتنا ويصلون إلى قبلتنا؟

فتلا عليه‌السلام هذه الآية رافعا بها صوته (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ). (٢)

فقال الرجل حين سمع ذلك كفار ورب الكعبة وكسر جفن سيفه ولم يزل يقاتل حتى قتل

. وتظاهر الخبر عنه عليه‌السلام أنه قال يوم البصرة والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ

__________________

(١) تقدم مع تخريجاته في ص ١١٨.

(٣) سورة التوبة : ٩ : ١٢.

(٣) الاحتجاج : ١٦٩ ـ ١٧٠.

اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (١)

. وجاء مثل ذلك عن عمار وحذيفة رحمة الله عليهما (٢) وغيرهما من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فالأمر في اجتماع أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام على إكفار عثمان والطالبين بدمه وأهل النهروان أظهر من أن يحتاج فيه إلى شرح وبيان وعنه أخذت الخوارج مذهبها الموجود في أخلافها اليوم من الإكفار لعثمان بن عفان وأهل البصرة والشام وإن كانت الشبهة دخلت عليهم في سيرته عليه‌السلام فيهم وما استعمله من الأحكام حتى ناظره أسلافهم عند مفاقتهم له فحججهم (٣) بما قد تواترت به الأخبار

فصل

على أنا لو سلمنا لهم الحديث في وصفهم بالإخوة له عليه‌السلام لما منع من كفرهم كما لم يمنع من بغيهم ولم يضاد ضلالهم باتفاق مخالفينا ولا فسقهم عن الدين واستحقاقهم اللعنة والاستخفاف والإهانة وسلب اسم الإيمان عنهم والإسلام والقطع عليهم بالخلود في الجحيم.

__________________

(١) أمالي الطوسي ١ : ١٣٠ ، تفسير العياشي ٢ : ٧٩ / ٢٧ ، مناقب ابن شهر آشوب ١٤٨ : ٣ ، شواهد التنزيل ١ : ٢٠٩ / ٢٨٠ و ٢٨١ ، والآية من سورة المائدة ٥ : ٥٤.

(٢) تفسير التبيان ٣ : ٥٥٥ ، مجمع البيان ٣ : ٣٢١ ، مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ١٤٨.

(٣) في م : في حبهم.

قال الله تعالى (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً) (١) فأضافه عليهم بالإخوة وهو نبي الله وهم كفار بالله عزوجل.

وقال تعالى (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً) (٢)

وقال (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) (٣) ولم يناف ذلك كفرهم ولا ضاد ضلالهم وشركهم فأحرى أن لا يضاد تسمية أمير المؤمنين عليه‌السلام محاربيه بالإخوة مع كفرهم بحربة وضلالهم عن الدين بخلافه وهذا بين لا إشكال فيه

فصل

ومما يدل على كفر محاربي أمير المؤمنين عليه‌السلام علمنا بإظهارهم التدين بحربة والاستحلال لدمه ودماء المؤمنين من ولده وعترته وأصحابه وقد ثبت أن استحلال دماء المؤمنين أعظم عند الله من استحلال (٤) جرعة خمر لتعاظم المستحق (٥) عليه من العقاب بالاتفاق وإذا كانت الأمة مجمعة على إكفار مستحل الخمر وإن شهد الشهادتين وأقام الصلاة وآتى الزكاة فوجب القطع على كفر مستحلّ

__________________

(١) سورة الاعراف ٧ : ٦٥ ، سورة هود ١١ : ٥٠.

(٢) سورة الاعراف ٧ : ٧٣ ، سورة هود ١١ : ٦١.

(٣) سورة الاعرف ٧ : ٨٥ ، سورة هود ١١ : ٨٤.

(٤) في أزيادة : شرب.

(٥) في ب : المستحل.

دماء المؤمنين لأنه أكبر من ذلك وأعظم في العصيان بما ذكرناه وإذا ثبت ذلك صح الحكم بإكفار محاربي أمير المؤمنين عليه‌السلام على ما وصفناه.

دليل آخر : ويدل أيضا على ذلك ما تواترت به الأخبار من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام حربك يا علي حربي وسلمك سلمي)) (٢).

وقد ثبت أنه لم يرد بذلك الخبر عن كون حرب أمير المؤمنين عليه‌السلام حربه على الحقيقة وإنما أراد التشبيه في الحكم دون ما عداه وإلا كان الكلام لغوا ظاهر الفساد وإذا كان حكم حربه عليه‌السلام كحكم حرب الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وجب إكفار محاربيه كما يجب بالإجماع إكفار محاربي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

دليل آخر وهو أيضا ما أجمع على نقله حملة الآثار من قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من آذى عليا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله تعالى)). (٣)

ولا خلاف بين أهل الإسلام أن المؤذي للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالحرب والسب والقصد له بالأذى والتعمد لذلك كافر خارج عن ملة الإسلام فإذا ثبت ذلك وجب الحكم بإكفار محاربي أمير المؤمنين عليه‌السلام بما أوجبه

__________________

(١) في أ : أكثر ، وفي ب ، م : أكفر.

(٢) أمالي الطوسي ١ : ٣٧٤ ، تفسير فرات : ١٨١ ، مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٢١٧ ، مناقب الخوارزمي : ٧٦ ، مناقب ابن المغازلي : ٥٠ / ٧٣ ، الفصول المختارة : ١٩٧.

(٣) الرياض النضرة ٣ : ١٢٢ ، ذخائر العقبى : ٦٥ ، الجامع الصغير للسيوطي : ١٢٢ ، ينابيع المودة : ٢٠٥ ، مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٢١١.

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من ذلك بما بيناه.

دليل آخر : وهو أيضا ما انتشرت به الأخبار وتلقاه العلماء بالقبول عن رواة الآثار من قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنين عليه‌السلام اللهم وال من والاه وعاد من عاداه)). (١)

وقد ثبت أن من عادى الله تعالى وعصاه على وجه المعاداة فهو كافر خارج عن الإيمان فإذا ثبت أن الله تعالى لا يعادي أولياءه وإنما يعادي أعداءه وصح أنه تعالى معاد لمحاربي أمير المؤمنين عليه‌السلام لعداوتهم له بما ذكرناه من حصول العلم بتدينهم بحربه عليه‌السلام بما ثبت به عداوة محاربي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويزول معه الارتياب وجب إكفارهم على ما قدمناه.

وقد استقصيت الكلام في هذا الباب في كتابي المعروف بالمسألة الكافئة وفيما أثبته منه هاهنا كفاية إن شاء الله

فصل

ثم يقال للمعتزلة ومن وافقهم في إنكار إمامة معاوية بن أبي

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٤٦٠ / ٢ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ٤٧ / ١٨٣ و ٥٩ / ٢٢٧ ، مشكل الآثار ٢ : ٣٠٧ ، مسند أحمد ١ : ٨٨ و ٤ : ٣٧٠ ، أخبار أصفهان ٢ : ٢٢٧ ، تاريخ بغداد ١٤ / ٢٣٦ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١١٠.

(٢) ذكر هذا الكتاب تلميذاه النجاشي والطوسي وسمياه " المسألة الكافئة في إبطال توبة الخاطئة ". انظر رجال النجاشي : ٣٩٩ ، فهرست الطوسى : ١٥٨.

سفيان وبني أمية من عقلاء أصحاب الحديث ما الفرق بينكم فيما تأولتم به الآية وأوجبتم به منها طاعة أبي بكر وعمر وبين الحشوية فيما أوجبوا به منها طاعة معاوية وبني أمية وجعلوه حجة لهم على إمامتهم وعموا بالمعني بها أبا بكر وعمر وعثمان ومن ذكرناه.

وذلك أن أكثر فتوح الشام وبلاد المغرب والبحرين والروم وخراسان كانت على يد معاوية بن أبي سفيان وأمرائه كعمرو بن العاص وبسر بن أرطاة ومعاوية بن خديج وغير من ذكرناه ومن بعدهم على أيدي بني أمية وأمرائهم بلا اختلاف.

فإن جروا (١) على ذلك خرجوا عن أصولهم وزعموا أن الله سبحانه أوجب طاعة الفاسقين وأمر باتباع الظالمين ونص على إمامة المجرمين وإن امتنعوا منه لعلة من العلل مع ما وصفناه من قتالهم بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لقوم كفار (أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) منعوا من ذلك في الرجلين بمثلها فلا يجدون فصلا مع ما يلحق مقالتهم من الخلل والتناقض بالتخصيص على التحكم دون الحجة والبيان ومن الله نسأل التوفيق

__________________

(١) في ب ، ح ، أ : أقروا.

فصل

فإن قال قد قطعتم عذري في الجواب عما تعلق به خصماؤكم من تأويل هذه الآية وأزلتم بحمد الله ما اشتبه على من مقالهم فيها ولكن كيف يمكنكم تأويل قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (١)

وقد علمتم أنه لم يقاتل المرتدين بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا أبو بكر فوجب أن يكون إماما وليا لله تعالى بما ضمنه التنزيل وهذا ما لا نرى لكم عنه محيصا.

قيل له : قد بينا فيما سلف وجه التأويل لهذه الآية وذكرنا (٢) عن خيار الصحابة أنها نزلت في أهل البصرة بما رويناه عن حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر وقد جاءت الأخبار بمثل ذلك عن أمير

__________________

(١) سورة المائدة ٥ : ٥٤.

(٢) تقدم البحث حوله مع التخريجات في ص ١٢٥ و ١٢٦

المؤمنين عليه‌السلام ووردت بمعناه عن عبد الله بن مسعود ودللنا أيضا على كفر محاربي أمير المؤمنين عليه‌السلام بما لا يخفى الصواب فيه على ذوي الإنصاف وذلك موجب لردتهم عن الدين الذي دعا الله تعالى إليه العباد فبطل صرف تأويلها عن هذا الوجه إلى ما سواه

فصل

مع أن متضمن الآية وفوائدها وما يتصل بها مما بعدها يقضي بتوجهها إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فإنه المعني بالمدحة فيها والمشار إليه في جهاد المرتدين دون من ظنوه بغير بصيرة وتوهموه.

وذلك أن الله سبحانه توعد المرتدين عن دينه بالانتقام منهم بذي صفات مخصوصة بينها في كتابه وعرفها كافة عباده بما يوجب لهم العلم بحقائقها وكانت بالاعتبار الصحيح خاصة لأمير المؤمنين عليه‌السلام دون المدعى له ذلك بما لا يمكن دفعه إلا بالعناد.

فأولها : وصفهم بأنهم يحبون الله تعالى ويحبهم الله.

وقد علم كل من سمع الأخبار اختصاص أمير المؤمنين عليه‌السلام بهذا الوصف من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وشهادته له به يوم خيبر حيث يقول : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه فأعطاها عليا عليه‌السلام ولم

__________________

(١) تقدم مع تخريجاته في ص ٣٤.

يرد خبر ولا جاء أثر بأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله وصف أبا بكر ولا عمر ولا عثمان بمثل ذلك في حال من الأحوال بل مجيء هذا الخبر بوصف أمير المؤمنين عليه‌السلام بذلك عقيب ما كان من أبي بكر وعمر في ذلك اليوم من الانهزام واتباعه بوصف الكرار دون الفرار موجب لسلب الرجلين معنى هذه المدحة كما سلبهما مدحة الكر وألزمهما ذم الفرار.

وثانيها : وصف المشار إليه في الآية باللين على المؤمنين والشدة على الكافرين حيث يقول جل اسمه (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) (١) وهذا وصف لا يمكن أحدا دفع أمير المؤمنين عليه‌السلام عن استحقاقه بظاهر ما كان عليه من شدته على الكافرين ونكايته في المشركين وغلظته على الفاسقين ومقاماته المشهورة في تشييد الملة ونصرة الدين ورأفته بالمؤمنين ورحمته للصالحين.

ولا يمكن أحدا ادعاؤه لأبي بكر إلا بالعصبية أو الظن دون اليقين لأنه لم يعرف له قتيل في الإسلام ولا بارز قرنا ولم ير له (٢) موقف عني فيه بين يدي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ولا نازل بطلا ولا سفك بيده لأحد المشركين دما ولا كان له فيهم جريح ولم يزل من قتالهم هاربا ومن حربهم ناكلا وكان على المؤمنين غليظا ولم يكن بهم رحيما.

__________________

(١) سورة المائدة ٥ : ٥٤. ـ

(٢) (بارز .. له) ليس في أ ، ب ، م.

(٣) في ب ، زيادة : ولا بارز قرنا.

ألا ترى ما فعله بفاطمة سيدة نساء العالمين عليه‌السلام وما أدخله من الذل على ولدها وما صنع بشيعتها (١) وما كان من شدته على صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعامله على الصدقات ومن كان في حيزه من المسلمين حتى سفك دمائهم بيد المنافق الرجيم (٢) واستباح حريمهم بما لا يوجب ذلك في الشرع والدين.

فثبت أنه كان من الأوصاف على ضد ما أوجبه الله تعالى في حكمه لمن أخبر عن الانتقام به من المرتدين.

ثم صرح تعالى فيما أوصله بالآية (٣) من الذكر الحكيم بنعت (٤) أمير المؤمنين عليه‌السلام وأقام البرهان الجلي على أنه عناه بذلك وأراده خاصة بما حازه به من صفاته التي تحقق بالانفراد بها من العالمين.

فقال جل اسمه (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) (٥).

فصارت الآية متوجهة إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام بدلالة متضمنها وما اتصل بها على حسب ما شرحناه وسقط توهم المخالف فيما ادعاه لأبي

__________________

(١) للتوسع في هذا البحث راجع الشافي ٤ : ٥٧ ـ ١٢٣ ، تقريب المعارف : ١٦٣ ـ ١٦٨ ، الصراط المستقيم ٢ : ٢٨٢ ـ ٣٠٢ ، نهج الحق : ٢٦٥ ـ ٢٧٢.

(٢) في أ : الذميم.

(٣) في ب ، ح ، م : ثم خرج به جل اسمه بما وصله في الآية.

(٤) في ب ، ح ، م : حازه بدل (بنعت).

(٥) سورة المائدة ٥ : ٥٥ : ٥٦.

بكر على ما بيناه

فصل

ويؤيد ذلك إنذار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قريشا بقتال أمير المؤمنين عليه‌السلام لهم من بعده حيث جاءه سهيل بن عمرو (١) في جماعة منهم فقالوا يا محمد إن أرقاءنا لحقوا بك فارددهم علينا.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لتنتهن يا معشر قريش أو ليبعثن الله عليكم رجلا يضربكم على تأويل القرآن كما ضربتكم على تنزيله فقال له بعض أصحابه من هو يا رسول الله أبو بكر فقال لا فقال فعمر فقال لا ولكنه خاصف النعل في الحجرة وكان علي عليه‌السلام يخصف نعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الحجرة (٢)

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأمير المؤمنين عليه‌السلام تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين)) (٣).

__________________

(١) سهيل بن عمرو بن عبد شمس ، القرشي العامري من لؤي ، خطيب قريش وأحد ساداتها في الجاهلية ، أسلم يوم الفتح بمكة ، وهو الذي تولى أمر الصلح بالحديبية. توفي بالشام في ١٨ ه‌. " سير أعلام النبلاء ١ : ١٩٤ / ٢٥ ، الجرح والتعديل ٤ : ٢٤٥ / ١٠٥٨ ، صفوة الصفوة ١ : ٧٣١ / ١١٢ ، الاصابة ٣ : ١٤٦ / ٣٥٦٦.

(٢) إرشاد المفيد : ٦٤ ، صحيح الترمذي ٥ : ٦٣٤ / ٣٧٥١ ، مستدرك الحاكم ٢ : ١٢٥ و ١٣٧ ، مسند أحمد ٣ : ٨٢ ، مناقب ابن المغازلي : ٤٣٨ ـ ٤٤٠ ، دلائل النبوة للبيهقي ٦ : ٤٣٥.

(٣) مستدرك الحاكم ٣ : ١٣٩ ، اسد الغابة ٤ : ٣٣ ، تاريخ بغداد ١٣ : ١٨٧ ، مجمع الزوائد ٦ : ٢٣٥ ، مناقب الخوارزمي : ١٢٢ و ١٢٥ ، الطرائف : ١٠٤ / ١٥٤ ، فرائد السمطين ١ : ٢٨٢ /.

وقول الله عزوجل (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) (١) وهي في قراءة عبد الله بن مسعود منهم بعلي منتقمون (٢) وبذلك جاء التفسير عن علماء التأويل (٣).

وإذا كان الأمر على ما وصفناه ولم يجر لأبي بكر وعمر في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما ذكرناه فقد صح أن المراد بمن ذكرناه أمير المؤمنين عليه‌السلام خاصة على ما بيناه.

وقد صح أنه المراد بقوله تعالى (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) (٤) على ما فصلنا القول به من انتظام الكلام ودلالة معانيه وما في السنة مما بينا الغرض فيه وشرحناه

فصل

على أنا متى حققنا النظر في متضمن هذه الآية ولم نتجاوز المستفاد من ظاهرها وتأويله على مقتضى اللسان إلى القرائن من الأخبار على نحو ما ذكرناه آنفا لم نجد في (٥) ذلك أكثر من الأخبار

__________________

(١) سورة الزخرف ٤٣ : ٤١.

(٢) (وهي في .. منتقمون) ليس في ب ، ح.

(٣) انظر الفرودس ٣ : ١٥٤ / ٤٤١٧ ، شواهد التنزيل ج ٢ : ١٥١ ـ ١٥٥ ، الدر المنثور ٧ : ٣٨٠.

(٤) سورة المائدة ٥ : ٥٤.

(٥) في أ ، ب ، م : نفي.

بوجود بدل من (١) المرتدين في جهاد من فرض الله جهاده من الكافرين على غير تعيين لطائفة دون طائفة من مستحقي القتال ولا عموم الجماعة بما يوجب استغراق الجنس في المقال.

ألا ترى لو أن حكيما أقبل على عبيد له وقال لهم يا هؤلاء من يعصني منكم ويخرج عن طاعتي فسيغنيني الله عنه بغيره ممن يطيعني ويجاهد معي على الإخلاص في النصيحة لي ولا يخالف أمري

لكان كلامه هذا مفهوما مفيدا لحث عبيده على طاعته وإخباره بغناه عنهم عند مخالفتهم ووجود من يقوم مقامهم في طاعته على أحسن من طريقتهم ولم يفد بظاهره ولا مقتضاه الأخبار بوجود من يجاهدهم أنفسهم على القطع وإن كان محتملا لوعيدهم بالجهاد على الجواز له دون الوجوب لموضع الإشارة بذكر الجهاد إلى مستحقه.

وهذا هو نظير الآية فيما انطوت عليه ومماثل ألفاظها فيما تفضي إليه ومن ادعى فيه خلاف ما ذكرناه لم يجد إليه سبيلا وإن رام فيه فصلا عجز عن ذلك ورجع بالخيبة حسيرا ومن الله نسأل التوفيق.

__________________

(١) في أ ، ب ، م : بوجوده يدل على. وزاد عليها في ب ، م : ان.

فصل

فإن قال أفليس الله تعالى يقول في سورة الفتح (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ) (١)

وقد علمت الكافة أن أبا بكر وعمر وعثمان من وجوه أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ورؤساء من كان معه وإذا كانوا كذلك فهم أحق الخلق بما تضمنه القرآن من وصف أهل الإيمان ومدحهم بالظاهر من البيان وذلك مانع من الحكم عليهم بالخطإ والعصيان (٢)؟!

قيل لهم : إن أول ما نقول في هذا الباب أن أبا بكر وعمر وعثمان ومن تضيفه (٣) الناصبة إليهم في الفضل كطلحة والزبير وسعد وسعيد وأبي عبيدة وعبد الرحمن لا يتخصصون من هذه المدحة بما خرج عنه

__________________

(١) سورة الفتح ٤٨ : ٢٩.

(٢) في ب ، ح ، م : النسيان.

(٣) في أ : يصفه ، وفى ب ، م : تضفه.

أبو هريرة وأبو الدرداء بل لا يتخصصون بشيء لا يعم عمرو بن العاص وأبا موسى الأشعري والمغيرة بن شعبة وأبا الأعور السلمي ويزيد ومعاوية بن أبي سفيان بل لا يختصون منه بشيء دون أبي سفيان صخر بن حرب وعبد الله بن أبي سرح والوليد بن عقبة بن أبي معيط والحكم بن أبي العاص ومروان بن الحكم وأشباههم من الناس لأن كل شيء أوجب دخول من سميتهم في مدحة القرآن فهو موجب دخول من سميناه وعبد الله بن أبي سلول ومالك بن نويرة وفلان وفلان.

إذ إن جميع هؤلاء أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن كان معه ولأكثرهم من النصرة للإسلام والجهاد بين يدي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والآثار الجميلة والمقامات المحمودة ما ليس لأبي بكر وعمر وعثمان فأين موضع الحجة لخصومنا في فضل من ذكره على غيره من جملة من سميناه وما وجه دلالتهم منه على إمامتهم فإنا لا نتوهمه بل لا يصح أن يدعيه أحد من العقلاء؟!

فصل

ثم يقال لهم خبرونا عما وصف الله تعالى به من كان مع نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بما تضمنه القرآن أهو شامل لكل من كان معه عليه الصلوة والسلام

__________________

(١) في ب ، ح : بن.

(٢) (ومالك بن نويرة) ليس في ب ، ح ، م.

في الزمان أم في الصقع والمكان أم في ظاهر الإسلام أم في ظاهره وباطنه على كل حال أم الوصف به علامة تخصيص مستحقه بالمدح دون من عداه أم لقسم آخر غير ما ذكرناه.

فإن قالوا : هو شامل لكل من كان مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الزمان أو المكان أو ظاهر الإسلام ظهر سقوطهم وبان جهلهم وصرحوا بمدح الكفار وأهل النفاق وهذا ما لا يرتكبه عاقل.

وإن قالوا : إنه يشمل كل من كان معه على ظاهر الديانة وباطنها معا دون من عددتموه من الأقسام.

قيل لهم : فدلوا على أئمتكم وأصحابكم ومن تسمون من أوليائكم أنهم كانوا في باطنهم على مثل ما أظهروه من الإيمان ثم ابنوا حينئذ على هذا الكلام وإلا فأنتم مدعون ومتحكمون بما لا تثبت معه حجة ولا لكم عليه دليل وهيهات أن تجدوا دليلا يقطع به على سلامه بواطن القوم من الضلال إذ ليس به قرآن ولا خبر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن اعتمد فيه على غير هذين فإنما اعتمد على الظن والحسبان.

وإن قالوا إن متضمن القرآن من الصفات المخصوصة إنما هي علامة على مستحقي المدحة من جماعة مظهري الإسلام دون أن تكون منتظمة لسائرهم على ما ظنه الجهال.

قيل لهم : فدلوا الآن على أن من سميتموه كان مستحقا لتلك الصفات لتتوجه إليه المدحة ويتم لكم فيه المراد وهذا ما لا سبيل إليه حتي يلج الجمل في سم الخياط.

فصل

ثم يقال لهم : تأملوا معنى الآية وحصلوا فائدة لفظها وعلى أي وجه تخصص متضمنها من المدح وكيف مخرج القول فيها تجدوا أئمتكم أصفارا مما ادعيتموه لهم منها وتعلموا أنهم باستحقاق الذم وسلب الفضل بدلالتها أولى منهم بالتعظيم والتبجيل من مفهومها وذلك أن الله تعالى ميز مثل قوم من أصحاب نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله في كتبه الأولى وثبوت صفاتهم بالخير والتقى (١) في صحف إبراهيم وموسى وعيسى عليه‌السلام ثم كشف عنهم بما ميزهم به من الصفات التي تفردوا بها من جملة المسلمين وبانوا بحقيقتها عن سائر المقربين.

فقال سبحانه (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) (٢).

وكان تقدير الكلام أن الذين بينت أمثالهم في التوراة والإنجيل من جملة أصحابك ومن معك يا محمد هم أشداء على الكفار والرحماء بينهم الذين تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا.

__________________

(١) في أ : بالجبر والنفي.

(٢) سورة الفتح ٤٨ : ٢٩.

(٣) في ب : يثبت ، وفي ح : ثبت.

وجرى هذا في الكلام مجرى من قال زيد بن عبد الله إمام عدل والذين معه يطيعون الله ويجاهدون في سبيل الله ولا يرتكبون شيئا مما حرم الله وهم المؤمنون حقا دون من سواهم إذ هم أولياء الله الذين تجب مودتهم دون من معه ممن عداهم وإذا كان الأمر على ما وصفناه فالواجب أن تستقرئ الجماعة في طلب هذه الصفات فمن كان عليها منهم فقد توجه إليه المدح وحصل له التعظيم ومن كان على خلافها فالقرآن اذن منبه على ذمه وكاشف عن نقصه ودال على موجب لومه ومخرج له عن منازل التعظيم.

فنظرنا في ذلك واعتبرناه فوجدنا أمير المؤمنين عليه‌السلام وجعفر بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث وعمار بن ياسر والمقداد بن الأسود وأبا دجانة وهو سماك بن خرشة الأنصاري وأمثالهم من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم قد انتظموا صفات الممدوحين من الصحابة في متضمن القرآن.

وذلك أنهم بارزوا من أعداء الملة الإقران وكافحوا منهم الشجعان وقتلوا منهم الأبطال وسفكوا في طاعة الله سبحانه دماء الكفار وبنوا بسيوفهم قواعد الإيمان وجلوا عن نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله الكرب

__________________

(١) أبو دجانة الانصاريّ : صحابي ، كان شجاعا بطلّا ، له آثار جميلة في الاسلام ، شهد بدراً ، وثبت يوم اُحد ، واصيب بجراحات كثيرة ، واستشهد باليمامة في سنة (١١ ه‌) " معجم رجال الحديث ٨ : ٣٠٣ ، سير أعلام النبلاء ١ : ٢٤٣ / ٣٩ ، اُسد الغابة ٢ : ٣٥٢.

والأحزان وظهر بذلك شدتهم على الكفار كما وصفهم الله تعالى في محكم القرآن وكانوا من التواصل على أهل الإسلام والرحمة بينهم على ما ندبوا إليه فاستحقوا الوصف في الذكر والبيان.

فأما إقامتهم الصلاة وابتغاؤهم من فضل الله تعالى القربات فلم يدفعهم عن علو الرتبة في ذلك أحد من الناس فثبت لهم حقيقة المدح لحصول مثلهم فيما أخبر الله تعالى عنهم في متقدم الكتب واستغنينا بما عرفنا لهم مما شرحناه في استقراء غيرهم ممن قد ارتفع في حاله الخلاف وسقط الغرض بطلبه على الاتفاق.

ثم نظرنا فيما ادعاه الخصوم لأجل أئمتهم وأعظمهم قدرا عندهم من مشاركة من سميناه فيما ذكرنا من الصفات وبيناه فوجدناهم على ما قدمناه من الخروج عنها واستحقاق أضدادها على ما رسمناه.

وذلك أنه لم يكن لأحد منهم مقام في الجهاد ولا عرف لهم قتيل من الكفار ولا كلم كلاما في نصرة الإسلام بل ظهر منه الجزع في مواطن القتال وفر في يوم خيبر وأحد وحنين وقد نهاهم الله تعالى عن الفرار وولوا الأدبار مع الوعيد لهم على ذلك في جلي البيان وأسلموا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله للحتوف في مقام بعد مقام فخرجوا بذلك عن الشدة على الكفار وهان أمرهم على أهل الشرك والضلال وبطل أن يكونوا

__________________

(١) في ب ، م : للخوف.

من جملة المعنيين (١) بالمدحة في القرآن ولو كانوا على سائر ما عدا ما ذكرناه من باقي الصفات وكيف وأنى يثبت لهم شيء منها بضرورة ولا استدلال لأن المدح إنما توجه إلى من حصل له مجموع الخصال في الآية دون بعضها وخروج القوم من البعض بما ذكرناه (٢) مما لا يمكن دفعه إلا بالعناد ووجوب الحكم عليهم بالذم بما وصفناه وهذا بين جلي والحمد لله

فصل

ثم يقال لهم قد روى مخالفوكم عن علماء التفسير من آل محمد عليه‌السلام أن هذه الآية إنما نزلت في أمير المؤمنين والحسن والحسين والأئمة عليه‌السلام من بعدهم خاصة دون سائر الناس وروايتهم لما ذكرنا عمن سمينا أولى بالحق والصواب مما ادعيتموه بالتأويل والظن والحسبان والرأي لإسنادهم مقالتهم في ذلك إلى من ندب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الرجوع إليه عند الاختلاف وأمر باتباعه في الدين وأمن متبعة من الضلال.

ثم إن دليل القرآن يعضده البيان وذلك أن الله تعالى أخبر عمن ذكره بالشدة على الكفار والرحمة لأهل الإيمان والصلاة له والاجتهاد في الطاعات بثبوت صفته في التوراة والإنجيل وبالسجود لله تعالى

__________________

(١) في ب ، ح : المعينين.

(٢) من البعض بما ذكرناه) ليس في ب ، م.

وخلع الأنداد ومحال وجود صفة ذلك لمن سجوده للأوثان وتقربه للات والعزى دون الله الواحد القهار لأنه يوجب الكذب في المقال أو المدحة بما يوجب الذم من الكفر والعصيان.

وقد اتفقت الكافة على أن أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعدا وسعيدا وأبا عبيدة وعبد الرحمن قد عبدوا قبل بعثه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الأصنام وكانوا دهرا طويلا يسجدون للأوثان من دون الله تعالى ويشركون به الأنداد فبطل أن تكون أسماؤهم ثابتة في التوراة والإنجيل بذكر السجود على ما نطق به القرآن.

وثبت لأمير المؤمنين والأئمة من ذريته عليه‌السلام ذلك للاتفاق على أنهم لم يعبدوا قط غير الله تعالى ولا سجدوا لأحد سواه وكان مثلهم في التوراة والإنجيل واقعا موقعه على ما وصفناه مستحقا به المدحة قبل كونه لما فيه من الإخلاص لله سبحانه على ما بيناه.

ووافق دليل ذلك برهان الخبر عمن ذكرناه من علماء آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله بما دل به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من مقاله الذي اتفق العلماء عليه وهذا أيضا مما لا يمكن التخلص منه مع الإنصاف

فصل

على أنه يقال لهم خبرونا عن طلحة والزبير أهما داخلان في جملة الممدوحين بقوله تعالى (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى

الْكُفَّارِ) (١) إلى آخره أم غير داخلين في ذلك؟

فإن قالوا : لم يدخل طلحة والزبير ونحوهما في جملة القوم خرجوا من مذاهبهم وقيل لهم ما الذي أخرجهم من ذلك وأدخل أبا بكر وعمر وعثمان فكل شيء تدعونه في استحقاق الصفات فطلحة والزبير أشبه أن يكونا عليها منهم لما ظهر من مقاماتهم في الجهاد الذي لم يكن لأبي بكر وعمر وعثمان فيه ذكر على جميع الأحوال فلا يجدون شيئا يعتمدون عليه في الفرق بين القوم أكثر من الدعوى الظاهرة الفساد.

وإن قالوا : إن طلحة والزبير في جملة القوم الممدوحين بما في الآي قيل لهم فهلا عصمهما المدح الذي ادعيتموه لهم من دفع أمير المؤمنين عليه‌السلام عن حقه وإنكار إمامته واستحلال حربه وسفك دمه والتدين بعداوته على أي جهة شئتم كان ذلك من تعمد أو خطإ أو شبهة أو عناد أو نظر أو اجتهاد!

فإن قالوا إن مدح القرآن على ما يزعمون لم يعصمهما من ذلك ولا بد من الاعتراف بما ذكرناه لأن منع دفعه جحد الاضطرار.

قيل لهم : فبما تدفعون أن أبا بكر وعمر وعثمان قد دفعوا أمير المؤمنين عليه‌السلام عن حقه وتقدموا عليه وكان أولى بالتقدم عليهم وأنكروا إمامته وقد كانت ثابتة ودفعوا النصوص عليه وهي له واجبة ولم

__________________

(١) سورة الفتح ٤٨ : ٢٩.

يعصمهم ذلك توجه المدح لهم من الآية كما لم يعصم طلحة والزبير مما وصفناه ووقع منهم في إنكار حق أمير المؤمنين عليه‌السلام كما وقع من الرجلين المشاركين لهم فيما ادعيتموه من مدح القرآن وعلى الوجه الذي كان منهما ذلك من تعمد أو خطإ أو شبهة أو اجتهاد أو عناد وهذا ما لا سبيل لهم إلى دفعه وهو مبطل لتعلقهم بالآية ودفع أئمتهم عن الضلالة وإن سلم لهم منها ما تمنوه تسليم جدل للاستظهار

فصل

ويؤكد ذلك أن الله تعالى مدح من وصف بالآية بما كان عليه في الحال ولم يقض بمدحه له على صلاح العواقب ولا أوجب العصمة له من الضلال ولا استدامة لما استحق به المدحة في الاستقبال.

ألاترى أنه سبحانه قد اشترط في المغفرة لهم والرضوان الإيمان في الخاتمة ودل بالتخصيص لمن اشترط له ذلك على أن في جملتهم من يتغير حاله فيخرج عن المدح إلى الذم واستحقاق العقاب فقال تعالى فيما اتصل به من وصفهم (١) ومدحهم بما ذكرناه من مستحقهم في الحال (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (٢).

__________________

(١) (به من وصفهم) ليس في ب ، ح ، م.

(٢) سورة الفتح ٤٨ : ٢٩

فبعضهم في الوعد ولم يعمهم به وجعل الأجر مشترطا لهم بالأعمال الصالحة ولم يقطع على الثبات ولو كان الوصف لهم بما تقدم موجبا لهم الثواب ومبينا لهم المغفرة والرضوان لاستحال الشرط فيهم بعده وتناقض الكلام وكان التخصيص لهم موجبا بعد العموم ظاهر التضاد وهذا ما لا يذهب إليه ناظر فبطل ما تعلق به الخصم من جميع الجهات وبان تهافته على اختلاف المذاهب في الأجوبة والإسقاطات والمنة لله

مسألة أخرى

وقد تعلق هؤلاء القوم أيضا بعد الذي ذكرناه عنهم فيما تقدم من الآي بقوله تعالى (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (١).

فزعموا بجهلهم أن هذه الآية دالة على أن أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعدا وسعيدا وعبد الرحمن وأبا عبيدة بن الجراح من أهل الجنة على القطع والثبات إذ كانوا ممن أسلم قبل الفتح وأنفقوا وقاتلوا الكفار وقد وعدهم الله الحسنى وهي الجنة وما فيها من الثواب وذلك مانع من وقوع معصية منهم يجب عليهم بها العقاب وموجب لولايتهم في الدين وحجيتهم على كل حال (٢).

__________________

(١) سورة الحديد ٥٧ : ١٠

(٢) ممن ذهب إلى هذا الرأي الكلبي والزمخشري والقرطبي والنسفي والفخر الرازي ، انظر تفسير الكشاف ٤ : ٤٧٤ ، تفسير القرطبي : ١٧ / ٢٤٠ ، تفسير النسفي ٣ : ٤٧٨ ، تفسير الفخر الرازي ٢٩ : ٢١٩.

فصل

فيقال لهم إنكم بنيتم كلامكم في تأويل هذه الآية وصرف الوعد فيها إلى أئمتكم على دعويين.

إحداهما : مقصورة عليكم لا يعضدها برهان ولا تثبت بصحيح الاعتبار.

والأخرى : متفق على بطلانها لا تنازع في فسادها ولا اختلاف ومن كان أصله فيما يعتمده ما ذكرناه فقد وضح جهله لذوي الألباب.

فأما الدعوى الأولى : فهي قولكم إن أبا بكر وعمر قد أنفقا قبل الفتح وهذا ما لا حجة فيه بخبر صادق ولا كتاب ولا عليه من الأمة إجماع بل الاختلاف فيه موجود والبرهان على كذبه (١) لائح مشهود.

وأما الدعوى الأخيرة : وهي قولكم إنهما قاتلا الكفار فهذه مجمع على بطلانها غير مختلف في فسادها إذ ليس يمكن لأحد من العقلاء أن يضيف إليهما قتل كافر معروف ولا جراحة مشرك موصوف ولا مبارزه قرن ولا منازلة كفء ولا مقام مجاهد.

وأما هزيمتهما من الزحف فهي أشهر وأظهر من أن يحتاج فيه إلى الاستشهاد وإذا خرج الرجلان من الصفات التي تعلق الوعد بمستحقها من جملة الناس فقد بطل ما بنيتم على ذلك من الكلام.

__________________

(١) في أ : على كذب مدعيه.

وثبت بفحوى القرآن ودلائله استحقاقهما الوعيد بضد ما استحقه أهل الطاعة

فصل

على أن اعتلالكم يوجب عموم الصحابة كلها بالوعد ويقضي لهم بالعصمة من كل ذنب لأنهم بأسرهم بين رجلين أحدهما أسلم قبل الفتح وأنفق وقاتل والآخر كان ذلك منه بعد الفتح ومن دفع منهم عن ذلك كانت حاله حال أبي بكر وعمر وعثمان في دفع الشيعة لهم عما أضافه إليهم أشياعهم من الإنفاق لوجه الله تعالى وإذا كان الأمر على ما وصفناه وكان القرآن ناطقا بأن الله تعالى قد وعد جماعتهم الحسنى فكيف يختص بذلك من سميتموه لو لا العصبية والعناد

فصل

ثم يقال لهم إن كان لأبي بكر وعمر وعثمان الوعد بالثواب لما ادعيتموه لهم من الإنفاق والقتال وأوجب ذلك عصمتهم من الآثام لأوجب ذلك لأبي سفيان ويزيد بن أبي سفيان ومعاوية وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص أيضا بل هو لهؤلاء أوجب وهم به أحق من أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم ممن سميتموه لما نحن مثبتوه في المقال.

__________________

(١) في ب م ، وقع.

(٢) (ومعاوية) ليس في ب ، ح ، م.

وذلك أنه لا خلاف بين الأمة أن أبا سفيان أسلم قبل الفتح بأيام وجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الأمان لمن دخل داره تكرمة له وتمييزا عمن سواه وأسلم معاوية قبله في عام القضية (١) وكذلك كان إسلام يزيد بن أبي سفيان (٢).

وقد كان لهؤلاء الثلاثة من الجهاد بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما لم يكن لأبي بكر وعمر وعثمان لأن أبا سفيان أبلى يوم حنين بلاء حسنا وقاتل يوم الطائف قتالا لم يسمع بمثله في ذلك اليوم لغيره وفيه ذهبت عينه وكانت راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مع ابنه يزيد بن أبي سفيان وهو يقدم بها بين يدي المهاجرين والأنصار.

وقد كان أيضا لأبي سفيان بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مقامات معروفة في الجهاد وهو صاحب يوم اليرموك وفيه ذهبت عينه الأخرى وجاءت الأخبار أن الأصوات خفيت فلم يسمع إلا صوت أبي سفيان وهو يقول يا نصر الله اقترب والراية مع ابنه يزيد وقد كان له بالشام وقائع مشهورات (٣).

ولمعاوية من الفتوح بالبحر وبلاد الروم والمغرب والشام في أيام عمر وعثمان وأيام إمارته وفي أيام أمير المؤمنين عليه‌السلام وبعده ما لم يكن لعمر

__________________

(١) كان معاوية يقول أنه أسلم عام القضية وكتم إسلامه من أبيه وامه. انظر اسد الغابة ٤ : ٣٨٥.

(٢) أسلم يوم فتح مكة. انظر سير إعلام النبلاء ١ : ٣٢٩ ، اسد الغابة ٥ : ١١٢.

(٣) انظر الاصابة ٣ : ٢٣٧ ، سير أعلام النبلاء ٢ : ١٠٦.

بن الخطاب.

وأما خالد بن الوليد وعمرو بن العاص فشهرة قتالهما مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبعده تغني عن الإطالة بذكره في هذا الكتاب وحسب عمرو بن العاص في فضله على أبي بكر وعمر تأمير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إياه عليهما في حياته (١) ولم يتأخر إسلامه عن الفتح فيكون لهما فضل عليه بذلك كما يدعى في غيره.

وأما خالد بن الوليد فقد أمره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حياته وأنفذه في سرايا كثيرة (٢).

ولم ير لأبي بكر وعمر ما يوجب تقديمهما على أحد في أيامه صلى‌الله‌عليه‌وآله فإن أنصف الخصوم جعلوا ما عددناه لهؤلاء القوم فضلا على من سموه في متضمن الآي وإلا فالتسوية واجبة بينهم في ذلك على كل حال وهذا يسقط تعلقهم بالتخصيص فيما سلمناه لهم تسليم جدل من التفضيل على ما ادعوه في التأويل وإن القول فيه ما قدمناه

فصل

ثم يقال لهم أليست الآية قاضية بالتفضيل ودالة على الثواب والأجر لمن جمع بين الإنفاق والقتال معا ولم يفرد أحدهما عن الآخر.

__________________

(١) عقد رسول الله صلى الله عليه وآله لواء لعمرو على أبي بكر وعمر في غزوة ذات السلاسل. انظر سير أعلام النبلاء ٣ / ٥٧ و ٦٧.

(٢) انظر سير أعلام النبلاء ١ : ٣٦٦.

فيكون مختصا به على الانفراد فلا بد من أن يقولوا بلى وإلا خالفوا ظاهر القرآن.

فيقال لهم : هب أنا سلمنا لكم أن لأبي بكر وعمر وعثمان إنفاقا ولم يصح ذلك بحجة من خبر صادق ولا إجماع ولا دليل قرآن وإنما هي دعوة عرية عن البرهان فأي قتال لهم قبل الفتح أو بعده مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى يكونوا بمجموع الأمرين مستحقين للتفضيل على غيرهم من الناس فإن راموا ذكر قتال بين يدي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يجدوا إليه سبيلا على الوجوه كلها والأسباب اللهم إلا أن يقولوا ذلك على التخرص والبهت بخلاف ما عليه الإجماع وذلك باطل بالاتفاق.

ثم يقال لهم : قد كان للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله مقامات في الجهاد وغزوات معروفات ففي أيها قاتل أبو بكر وعمر وعثمان أفي بدر فليس لعثمان فيها ذكر واجتماع ولم يحضرها باتفاق وأبو بكر وعمر كانا في العريش محبوسين عن القتال لأسباب تذكرها الشيعة وتدعون أنتم خلافا لما تختصون (١) به من الاعتقاد؟!

أم بأحد والقوم بأسرهم ولوا الأدبار ولم يثبت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سوى أمير المؤمنين عليه‌السلام وانضاف إليه نفر من الأنصار.

أم بخيبر وقد عرف العلماء ومن خالطهم من العامة ما كان من أمر أبي بكر وعمر فيها من الفساد والرجوع من الحرب والانهزام.

__________________

(١) في أ ، ب ، ح : تختصمون.

حتى غضب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقال لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه)) (١) فأعطاها أمير المؤمنين عليه‌السلام وكان الفتح على يديه كما أخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله؟!

أم في يوم الأحزاب فلم يكن لفرسان الصحابة وشجعانها ومتقدميها في الحرب إقدام في ذلك اليوم سوى أمير المؤمنين عليه‌السلام خاصة وقتله عمرو بن عبد ود ففتح الله بذلك على أهل الإسلام؟!

أم في يوم حنين وأصل هزيمة المسلمين كانت فيه بمقال من أبي بكر واغتراره بالجمع واعتماده على كثرة القوم دون نصر الله ولطفه وتوفيقه ثم انهزم هو وصاحبه أول الناس ولم يبق مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا تسعة نفر من بني هاشم أحدهم أمير المؤمنين عليه‌السلام وثبتوا به في ذلك المقام ثم ما بين هذه الغزوات وبعدها فحال القوم فيها في التأخر عن الجهاد ما وصفناه لغيرهم من الطلقاء والمؤلفة قلوبهم ومسلمة الفتح وأضرابهم من الناس وطبقات الأعراب في القتال والإنفاق وما هو مشهور عند نقله الآثار وقد نقلنا لأبي سفيان وولديه في هذا الباب ما لا يمكن دعوى مثله لأبي بكر وعمر وعثمان على ما قدمناه وشرحناه.

وإذا لم يكن للقوم من معاني الفضل ما يوجب لهم الوعد (٢) بالحسنى على ما نطق به القرآن ولا اتفق لهم الجمع بين الإنفاق والقتال

__________________

(١) تقدم تخريجاته في ص ٣٤.

(٢) في ب ، ح : الوجه.

بالإجماع وبالدليل (١) الذي ذكرناه فقد ثبت أن الآية كاشفة عن نقصهم دالة على تعريتهم مما يوجب الفضل ومنبهة على أحوالهم المخالفة لأحوال مستحقي التعظيم والثواب

فصل

ثم يقال لهم أيضا أخبرونا عن عمر بن الخطاب بما ذا قرنتموه بأبي بكر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن فيما ادعيتموه لهم من الفضل في تأويل الآية ولم يكن له قتال قبل الفتح ولا بعده ولا ادعى له أحد إنفاقا على كل حال!

وهب أن الشبهة دخلت عليكم في أمر أبي بكر بما تدعونه من الإنفاق وفي عثمان ما كان منه من النفقة في تبوك وفي طلحة والزبير وسعيد بالقتال أي شبهة دخلت عليكم في عمر بن الخطاب ولا إنفاق له ولا قتال وهل ذكركم إياه في القوم إلا عصبية وعنادا وحمية في الباطل وإقداما على التخرص في الدعاوي والبهتان

فصل آخر

ثم يقال لهم : خبرونا عن طلحة والزبير ما توجه إليهما من الوعد

__________________

(١) في أ : دليله.

(٢) في أ : تعريهم.

(٣) في أ : قربتموه إلى أبي بكر

بالحسنى في الآية على ما ادعيتموه للجماعة وهل عصمهما ذلك من خلاف أمير المؤمنين عليه‌السلام وحربه وسفك دماء أنصاره وشيعته وإنكار حقوقه التي أوجبها الله تعالى له ودفع إمامته؟!

فإن قالوا : لم يقع من الرجلين شيء من ذلك وكانا معصومين عن جميعه كابروا وقبحت المناظرة لهم لأنهم اعتمدوا العناد في ذلك ودفعوا علم الاضطرار.

وإن قالوا : إن الوعد من الله سبحانه لطلحة والزبير بالحسنى لم يمنعهما من سائر ما عددناه للاتفاق منهم على وقوعه من جهتهما والإجماع.

قيل لهم : ما أنكرتم أن يكون ذلك أيضا غير عاصم لأبي بكر وعمر وعثمان مع دفع أمير المؤمنين عليه‌السلام عن حقه وإنكار فضله وجحد إمامته والنصوص عليه ولا يمنع التسليم لكم ما ادعيتموه من دخولهم في الآية وتوجه المدحة إليهم منها والوعد بالحسنى والنعيم على غاية منيتكم فيما ذكرته الشيعة في إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام وحال المتقدمين عليه كما رتبنا ذلك فيما تقدم من السؤال فلا تجدون منه مهرباً.

فصل

وقد زعم بعض الناصبة أن الآية قاضية بفضل أبي بكر على أمير

__________________

(١) في أ ، ب ، ح : فرضه.

المؤمنين عليه‌السلام فإن زعم أن أبا بكر له إنفاق بالإجماع وقتال مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأن عليا لم يكن له إنفاق (١) على ما زعم وكان له قتال ومن جمع الأمرين كان أفضل من المنفرد بأحدهما على النظر الصحيح والاعتبار.

فيقال له : أما قتال أمير المؤمنين عليه‌السلام وظهور جهاده مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله واشتهاره فمعلوم بالاضطرار وحاصل عليه من الآية بالإجماع والاتفاق وليس لصاحبك قتال بين يدي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله باتفاق العلماء ولا يثبت له جهاد بخبر ولا قرآن ولا يمكن لأحد ادعاء ذلك له على الوجوه كلها والأسباب إلا أن يتخرص باطلا على الظن والعناد.

وأما الإنفاق فقد نطق به القرآن لأمير المؤمنين عليه‌السلام في آية النجوى (٢) بإجماع علماء القرآن وفي آية المنفقين بالليل والنهار (٣) وجاء التفسير بتخصيصها فيه عليه‌السلام ونزل الذكر بزكاته عليه‌السلام في الصلاة (٤).

__________________

(١) (بالاجماع .. إنفاق) ليس في ب ، ح ، م.

(٢) وهي قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) سورة المجادلة ٥٨ : ١٢. وانظر مستدرك الحاكم ٢ : ٤٨٢ والرياض النضرة ٣ : ٢٢٢.

(٣) وهي قوله تعالى : (الذين ينفقون أموالهم باليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولاخوف عليهم ولا هم يحزنون) سورة البقرة ٢ : ٢٧٤. وانظر مناقب ابن المغازلي : ٢٨٠ / ٣٢٥ ، الرياض النضرة ٣ : ١٧٨ ، شواهد التنزيل ١ : ١٠٩.

(٤) وهو قوله تعالى : (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) سورة المائدة ٥ : ٥٥ وانظر تفسير الحبريّ ٢٥٨ / ٢١

وصدقته على المسكين واليتيم والأسير في (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) (١).

وليس يثبت لأبي بكر إنفاق يدل عليه القرآن بظاهره ولا قطع العذر به من قول إمام صادق في الخبر عن معناه ولا يدل عليه تواتر ولا إجماع مع حصول العلم الضروري بفقر أبي بكر وما كان عليه من الاضطرار المانع لصحة دعوى الناصبة له ذلك حسب ما تخرصوه في المقال ولا فرق بين من ادعى لأبي بكر القتال مع ما بيناه وبين من ادعى مثل ذلك لحسان وبين من ادعى له الإنفاق مع ما بيناه وبين من ادعى مثله لأبي هريرة وبلال.

وإذا كانت الدعوى لهذين الرجلين على ما ذكرناه ظاهرة البطلان فكذلك ما شاركها في دلالة الفساد من الدعوى لأبي بكر على ما وصفناه فبطل مقال من ادعى له الفضل في الجملة فضلا عمن ادعاه له على أمير المؤمنين عليه‌السلام على ما بنى عليه الناصب الكلام وبان جهله والله الموفق للصواب

__________________

و ٢٦٠ / ٢٢ ، معرفة علوم الحديث للحاكم : ١٠٢ ، فرائد السمطين ١ : ١٨٧ ـ ١٩٥.

(١) سورة الانسان ٧٦ : ١. وانظر تفسير الحبري : ٣٢٦ / ٦٩ ، شواهد التنزيل ٢ : ٢٩٨ ـ ٣١٥.

باب آخر

من السؤال عن تأويل القرآن

وأخبار يعزونها إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

وأنه قد مدح أئمتهم على التخصيص والإجمال

مسألة

فإن قالوا وجدنا الله تعالى قد مدح أبا بكر في مسارعته إلى تصديق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وشهد له بالتقوى على القطع والثبات فقال الله تعالى (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (١).

وإذا ثبت أن هذه الآية نزلت في أبي بكر على ما جاء به الأثر استحال أن يجحد فرض الله تعالى وينكر واجبا ويظلم في أفعاله ويتغير عن حسن أحواله وهذا ضد ما تدعونه عليه وتضيفونه (٢) إليه

__________________

(١) سورة الزمر ٣٩ : ٣٣ ـ ٣٥.

(٢) في أو يصفونه.

من جحد النص على أمير المؤمنين عليه‌السلام فقولوا في ذلك كيف شئتم لنقف عليه

جواب :

قيل له : قد أعلمناكم فيما سلف أن تأويل كتاب الله تعالى لا يجوز بأدلة الرأي ولا تحمل معانيه على الأهواء ومن قال فيه بغير علم فقد غوى والذي ادعيتموه من نزول هذه الآية في أبي بكر على الخصوص فهذا راجع إلى الظن والعمل عليه غير صادر عن اليقين وما اعتمدتموه من الخبر فهو مخلوق وقد سبرنا الأخبار ونخلنا الآثار فلم نجده في شيء منها معروف ولا له ثبوت من عالم بالتفسير موصوف ولا يتجاسر أحد من الأمة على إضافته إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فإن عزاه إلى غيره فهو كداود ومقاتل بن سليمان (١) وأشباههما من المشبهة الضلال والمجبرة الأغفال الذين أدخلوا في تأويل كلام الله تعالى الأباطيل وحملوا معانيه على ضد الحق والدين وضمنوا تفسيرهم الكفر بالله العظيم والشناعة (٢) للنبيين والملائكة المقربين عليه‌السلام ومن

__________________

(١) مقاتل بن سليمان بن بشير البلخي ، من أعلام المفسرين ، كان متروك الحديث إذ نسبه الكثيرون إلى الكذب ووضع الحديث ، عاش في بغداد وتوفي بالبصرة في سنة ١٥٠ ه‌. " تهذيب التهذيب ١٠ : ٢٧٩ / ٥٠١ ، الجرح والتعديل ٨ : ٣٥٤ / ١٦٣٠ ، سير أعلام النبلاء ٧ : ٢٠١ / ٧٩ ، وفيات الاعيان ٥ : ٢٥٥ / ٧٣٣ ".

(٢) في أ : والشتم.

اعتمد (١) في معتقده على دعاوي ما وصفناه فقد خسر الدنيا والآخرة بما بيناه وبالله العصمة وإياه نسأل التوفيق.

فصل

على أن أكثر العامة وجماعة الشيعة يروون عن علماء التأويل وأئمة القول في معاني التنزيل أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب عليه‌السلام على الخصوص وإن جرى حكمها في حمزة وجعفر وأمثالهما من المؤمنين السابقين وهذا يدفع (٢) حكم ما ادعيتموه لأبي بكر ويضاده ويمنع من صحته ويشهد بفساده ويقضي بوجوب القول به دون ما سواه إذ كان واردا من طريقين ومصطلحا عليه من طائفتين مختلفتين ومتفقا عليه من (٣) الخصمين المتباينين فحكمه ذلك حكم الإجماع وما عداه فهو من طريق كما وصفناه مقصور على دعوى الخصم خاصة بما بيناه وهذا ما لا يحيل الحق فيه على أحد من العقلاء فممن روى ذلك على ما شرحناه.

إبراهيم بن الحكم عن أبيه عن السدي عن ابن عباس في قوله تعالى (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ)

__________________

(١) في ب ، م : ومن اعتقد.

(٢) في أ : يرفع ، وفي ب نسخة بدل : يرجع.

(٣) في أ ، ب ، ح : وثانيا قرآن ، بدل : ومتفقا عليه من.

قال هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام (١).

ورواه عبيدة بن حميد عن منصور عن مجاهد مثل ذلك سواء (٢)

وروى سعيد عن الضحاك مثل ذلك أيضا (٣).

وروى أبو بكر الحضرمي عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام في قوله تعالى (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) هو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَصَدَّقَ بِهِ) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٤)

وروى علي بن أبي حمزة عن أبي بصير (٥) عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام مثل ذلك سواء (٦).

فصل

وقد روى أصحاب الحديث من العامة عن طرقهم خاصة أنها نزلت في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وحده دون غيره من سائر الناس.

فروى علي بن الحكم عن أبي هريرة قال بينا هو يطوف

__________________

(١ و ٢) مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٩٢ ، تلخيص الشافي ٣ : ٢١٥ ، تفسير الحبري : ٣١٥ / ٦٢.

(٣) مناقب ابن شهر آشوب ٣ : ٩٢ ، مجمع البيان ٨ : ٧٧٧ ، شواهد التنزيل ٢ : ١٢٢ / ٨١٣.

(٤) كشف الغمة ١ : ٣٢٤ ، تلخيص الشافي ٣ : ٢١٤.

(٥) (عن أبي بصير) ليس في ب ، ح ، م ، وعليّ بن أبي حمزة يروي عن الصادق عليه‌السلام مباشرة وكذلك بتوسط أبي بصير ، راجع معجم رجال الحديث ١١ : ٢٢٧.

(٦) تلخيص الشافي ٣ : ٢١٥ ، وانظر مناقب ابن المغازلي ٢٦٩ / ٣١٧ ، كفاية الطالب : ٢٣٣ ، ترجمة الامام علي عليه‌السلام من تاريخ دمشق ٢ : ٤١٨ و ٤١٩ / ٩٢٤ / ٩٢٥.

بالبيت إذ لقيه معاوية بن أبي سفيان فقال له أبو هريرة يا معاوية حدثني الصادق المصدق (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) أنه يكون أمرا (١) يود أحدكم لو علق بلسانه منذ خلق الله السماوات والأرض وأنه لم يل ما ولي (٢).

ورووا عن السدي وغيره من السلف عن قوله تعالى (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) قال جاء بالصدق عليه‌السلام وصدق به نفسه عليه‌السلام (٣).

وفي حديث لهم آخر قالوا (جاءَ) محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) يوم القيامة إذا جاء به شهيدا (٤).

فصل

وقد رووا أيضا في ذلك ما اختصوا بروايته دون غيرهم عن مجاهد في قوله تعالى (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) أنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والذي صدّق به أهل القرآن يجيئون (٥) به يوم القيامة فيقولون هذا الذي دعوتمونا إليه (٦) قد اتبعنا ما فيه (٧).

__________________

(١) في ب ، م : يكون أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٢) تلخيص الشافي ٣ : ٢١٤.

(٣) مجمع البيان ٨ : ٧٧٧ ، تلخيص الشافي ٣ : ٢١٤.

(٤) تلخيص الشافي ٣ : ٢١٤.

(٥) في م : يحدثون.

(٦) في أوالمصادر : أعطيتمونا.

(٧) تلخيص الشافي ٣ : ٢١٥ ، الدر المنثور ٧ : ٢٢٩ ، تفسير الطبري : ٢٤ : ٤ ، تفسير القرطبي ١٥ : ٢٥٦.

فصل

وقد زعم جمهور متكلمي العامة وفقهائهم أن الآية عامة في جميع المصدقين برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتعلقوا في ذلك بالظاهر أو العموم وبما تقدمه (١) من قول الله تعالى (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ). (٢)

وإذا كان الاختلاف بين روايات العامة وأقاويلهم في تأويل هذه الآية على ما شرحناه وإذا تناقضت أقوالهم فيه بما بيناه سقط جميعها بالمقابلة والمكافأة وثبت تأويل الشيعة للاتفاق الذي ذكرناه ودلالته على الصواب حسب ما وصفناه والله الموفق للصواب

مسألة

فإن قال قائل منهم كيف يتم لكم تأويل هذه الآية في أمير المؤمنين عليه‌السلام وهي تدل على أن الذي فيه قد كانت له ذنوب كفرت عنه بتصديقه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث يقول الله تعالى (لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (٣).

ومن قولكم إن أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يذنب ذنبا ولا قارف معصية

__________________

(١) في ب ، ح ، وربما تعلق به.

(٢) سورة الزمر ٣٩ : ٣٢ ، ٣٣.

(٣) سورة الزمر ٣٩ : ٣٥.

صغيرة ولا كبيرة على خطإ ولا عمد فكيف يصح أن الآية مع ما وصفناه فيه؟!

جواب

قيل لهم لسنا نقول في عصمة أمير المؤمنين عليه‌السلام بأكثر من قولنا في عصمة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا نزيد على قول أهل العدل في عصمة الرسل عليه‌السلام من كبائر الآثام وقد قال الله تعالى في نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) (١).

وقال تعالى (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) (٢).

وقال تعالى (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) (٣).

فظاهر هذا الكلام يدل على أنه قد قارف الكبائر وقد ثبت أنه مصروف عن ظاهره بضروب من البرهان فكذلك القول فيما تضمنته الآية في أمير المؤمنين عليه‌السلام.

وجه آخر : أن المراد بذكر التكفير إنما هو ليؤكد التطهير له صلوات الله عليه من الذنوب وهو وإن كان لفظه لفظ الخبر على الإطلاق فإنه مشترط بوقوع الفعل لو وقع وإن كان المعلوم أنه غير واقع أبدا للعصمة بدليل العقل الذي لا يقع فيه اشتراط.

__________________

(١) سورة الفتح ٤٨ : ٢.

(٢) سورة التوبة ٩ : ١١٧.

(٣) سورة الشرح ٩٤ : ٢ ، ٣.

وجه آخر : وهو أن التكفير المذكور بالآية إنما تعلق بالمحسنين الذين أخبر الله تعالى بجزائهم من التنزيل وجعله جزاء للمعني بالمدح للتصديق دون أن يكون متوجها إلى المصدق المذكور وهذا يسقط ما توهمه الخصوم.

مسألة أخرى

فإن قالوا فما عندكم في قوله تعالى (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) (١) مع ما جاء في الحديث أنها نزلت في أبي بكر على التخصيص (٢) وهذا ظاهر عند (٣) الفقهاء وأهل التفسير؟

الجواب : قيل لهم في ذلك كالذي قبله وهو من دعاوي العامة بغير بينة ولا حجة تعتمد ولا شبهة وليس يمكن إضافته إلى صادق عن الله سبحانه ولا فرق بين من ادعاه لأبي بكر وبين من ادعاه لأبي هريرة أو المغيرة بن شعبة أو عمرو بن العاص أو معاوية بن أبي سفيان في تعري دعواه عن البرهان وحصولها في جملة الهذيان مع أن ظاهر الكلام يقتضي عمومه في كل معط من أهل التقوى والإيمان وكل

__________________

(١) سورة الليل ٩٢ : ٥ ـ ٧.

(٢) الدر المنثور ٨ : ٥٣٥ ، جامع البيان للطبري ٣٠ : ١٤٢ ، الكشاف ٤ : ٧٦٢ ، تفسير الثعالبي ٤ : ٤٢٠ ، تفسير الرازي ٣١ : ١٩٨.

(٣) في أ : مع.

من خلا من أهل الكفر والطغيان ومن حمله على الخصوص فقد صرفه عن الحقيقة إلى المجاز ولم يقنع منه فيه إلا بالجلي من البرهان

فصل

على أن أصحاب الحديث من العامة قد رووا ضد ذلك عن عبد الله بن عباس وأنس بن مالك وغيرهما من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد ذكروا أنها نزلت في أبي الدحداح الأنصاري وسمرة بن جندب وأخبروا عن سبب نزولها فيهما بما يطول شرحه وأبو الدحداح الأنصاري هو الذي (أَعْطى وَاتَّقى) وسمرة بن جندب هو الذي (بَخِلَ وَاسْتَغْنى) وفي روايتهم لذلك إسقاط لما رواه بعضهم من خلافه في أبي بكر ولم يسنده إلى صحابي معروف ولا إمام من أهل العلم موصوف وهذا بين لمن تدبره

فصل

مع أنه لو كانت الآية نازلة في أبي بكر على ما ادعاه الخصوم لوجب ظهورها فيه على حد يدفع (٢) الشبهة والشكوك ويحصل معه اليقين بسبب ذلك والمعنى الذي لأجله نزل التنزيل وأسباب ذلك

__________________

(١) تفسير القمي ٢ : ٤٢٥ ، مجمع البيان ١٠ : ٧٥٩ ، أسباب النزول للسيوطي : ١٩٥ ، تفسير البحر المحيط ٨ : ٤٨٣.

(٢) في أ : يرفع.

متوفرة من الرغبة في نشره والأمان من الضرر في ذكره ولما لم يكن ظهوره على ما وصفناه دل على بطلانه بما بيناه والحمد لله

مسألة أخرى

فإن قالوا : أفليس قد وردت الأخبار بأن أبا بكر كان يعول على مسطح ويتبرع عليه فلما قذف عائشة في جملة أهل الإفك امتنع من بره وقطع عنه معروفه وآلى في الامتناع من صلته فأنزل الله تعالى (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢).

وأخبر أن أبا بكر من أهل الفضل والدين والسعة في الدنيا وبشره بالمغفرة والأجر العظيم وهذا أيضا يضاد معتقدكم فيه.

الجواب

قيل لهم لسنا ندفع أن الحشوية قد روت ذلك إلا أنها لم تسنده

__________________

(١) أسباب النزول للسيوطي ٢ : ٣٠ ، الجامع لاحكام القرآن للقرطبي ١٢ : ٢٠٧ ، الكشاف ٣ : ٢٢٢ تفسير البيضاوي ٢ : ١١٩ ، تفسير الرازي ٢٣ : ١٨٦.

(٢) سورة النور ٢٤ : ٢٢.

إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا روته عن حجة في الدين وإنما أخبرت به عن مقاتل والضحاك وداود الحواري والكلبي وأمثالهم ممن فسر القرآن بالتوهم وأقدم على القول فيه بالظن والتخرص حسب ما قدمناه.

وهؤلاء بالإجماع ليسوا من أولياء الله المعصومين ولا أصفيائه المنتجبين ولا ممن يلزم المكلفين قولهم والاقتداء بهم على كل حال في الدين بل هم ممن يجوز عليه الخطأ وارتكاب الأباطيل.

وإذا كان الأمر على ما وصفناه لم يضرنا ما ادعوه في التفسير ولا ينفع خصومنا على ما بيناه ممن يوجب اليقين على أن الآثار الصحيحة والروايات المشهورة والدلائل المتواترة قد كشفت عن فقر أبي بكر ومسكنته ورقة حاله وضعف معيشته فلم يختلف أهل العلم أنه كان في الجاهلية معلما وفي الإسلام خياطا (١) وكان أبوه صيادا فلما كف بذهاب بصره وصار مسكينا محتاجا قبضه عبد الله بن جذعان لندي (٢) الأضياف إلى طعامه وجعل له في كل يوم على ذلك أجرا درهما (٣) ومن كانت حالته في معيشته على ما وصفناه وحال أبيه على ما ذكرناه خرج عن جملة أهل السعة في الدنيا ودخل في الفقراء فما أحوجهم إلى

__________________

(١) ذكر ابن رسته في الاعلاق النفيسة : ١٩٢ أن أبا بكر كان بزازا.

(٢) ندوت القوم : جمعتهم في مجلس ، والمراد هنا يدعوهم إلى الطعام. " الصحاح ـ ندا ـ ٦ : ٢٥٠٥ ".

(٣) انظر الشافي ٤ : ٢٤ و ٢٥ ، تلخيص الشافي ٣ : ٢٣٨.

المسألة والاجتداء وهذا يبطل ما توهموه

فصل

على أن ظاهر الآية ومعناها موجب لتوجهها إلى الجماعة دون الواحد والخطاب بها يدل على تصريحه على ذلك فمن تأول القرآن بما يزيله عن حقيقته وادعى المجاز فيه والاستعارة بغير حجة قاطعة فقد أبطل (١) بذلك وأقدم على المحظور وارتكب الضلال

فصل

على أنا لو سلمنا لهم أن سبب نزول هذه الآية امتناع أبي بكر من بر مسطح والإيلاء منه بالله تعالى لا يبره ويصله (٢) لما أوجب من فضل أبي بكر ما ادعوه ولو أوجبه لمنعه من خطئه في الدين وإنكاره النص على أمير المؤمنين عليه‌السلام وجحده ما لزمه الإقرار به على اليقين للإجماع على أن ذلك غير عاصم من الضلال ولا مانع من مقارفة الآثام فأين موضع التعلق بهذا التأويل في دفع ما وصفناه آنفا لو لا الحيرة والصد عن السبيل؟!

__________________

(١) أي جاء بالباطل. " المعجم الوسيط ـ بطل ـ ١ : ٦١ ".

(٢) في ب ، ح ، م لامتناع بره وفضله بدل (لا يبره ويصله).

فصل

وبعد فليس يخلو امتناع أبي بكر عيلولة مسطح والإنفاق عليه من أن يكون مرضيا لله تعالى وطاعة له ورضوانا أو أن يكون سخطا لله ومعصية وخطأ فلو كان مرضيا لله سبحانه وقربة إليه لما زجر عنه وعاتب عليه وأمر بالانتقال عنه وحض على تركه وإذا لم يك لله تعالى طاعة فقد ثبت أنه معصية مسخوطة وفساد في الدين وهذا دال على نقص الرجل وذمه وهو بالضد مما توهّموه

فصل

على أن مسطحا من بني عبد مناف (١) وهو من ذوي القربى للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وما نزل من القرآن في إيجاب صلته وبره والنفقة عليه فإنما هو شيء على استحقاقه ذلك عند الله تعالى ودال على فضله وعائد على قومه بالتفضل وأهله وعشيرته وكاشف عما يجب بقرابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من التعظيم لمحسنهم والعفو عن مسيئهم والتجاوز عن الخاطئ منهم وليس يتعدى ذلك إلى المأمور به ولا يكسبه شيئا وفي هذا إخراج لأبي بكر من الفضيلة بالآية على ما شرحناه

__________________

(١) هو مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب بن عبد مناف. انظر جمهرة أنساب العرب : ٧٣ ، سير أعلام النبلاء ١ : ١٨٧.

فصل

على أن مسطحا وإن كان من بني عبد مناف فإنه ابن خالة أبي بكر لأن أمه أثاثة بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم. وكان أبو بكر يمونه لرحمه منه دون حقه بالهجرة والإيمان فلما كان منه من أمر عائشة ما كان امتنع من عيلولته وجفاه وقطع رحمه غيظا عليه وبغضا له فنهاه الله تعالى عن ذلك وأمره بالعود إلى بره وأخبره بوجوب ذلك عليه لهجرته وقرابته من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ودل بما أنزله فيه على خطئه في حقوقه وقطيعته من استحقاقه لضد ذلك بإيمانه وطاعته لله تعالى وحسن طريقته فأين يخرج من هذا فضل لأبي بكر إلا أن تكون المثالب مناقب والذم مدحا والقبيح حسنا والباطل حقا وهذا نهاية الجهل والفساد

فصل

ويؤكد ذلك أن الله عزوجل رغب للنهي عن قطيعة من سماه في صلته في المغفرة إذا انتهى عما نهاه عنه وصار إلى مثل (١) ما أمره به حيث يقول (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ) (٢).

فلو لا أنه كان مستحقا للعقاب لما جعل المغفرة له بشرط الانتقال وإذا لم تتضمن الآية انتقاله مع ما دلت عليه قبحت حاله

__________________

(١) في أ ، ب ، ح : إلى ضد.

(٢)] سورة النور ٢٤ : ٢٢.

وصارت وبالا عليه حسب ما ذكرناه

فصل

فأما ادعاؤهم أن الله تعالى شهد لأبي بكر بأنه من أهل الفضل والسعة فليس الأمر كما ظنوه وذلك لقوله تعالى (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ) (١) إنما هو نهي يختص بذكر أهل الفضل والسعة يعم في المعنى كل قادر عليه وليس بخبر في الحقيقة ولا المجاز وإنما يختص بذكر من سميناه على حسب اختصاص الأمر بالطاعات بأهل الإيمان حيث يقول تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) (٢) و (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) (٣).

وإن كان المعني من الأمر بذلك عاما لجميع المكلفين والمراد في الاختصاص من اللفظ على ما ذكرناه ملاءمة الوصف لما دعا إليه من الأعمال وهو يجري مجرى قول القائل لمن يريد تأديبه ووعظه لا ينبغي لأهل العقل والمروءة والسداد أن يرتكبوا الفساد ولا يجوز لأهل الدين والعفاف أن يأتوا (٤) قبائح الأفعال وإن كان المخاطب بذلك ليس من أهل المروءة والسداد ولا أهل الديانة والعفاف وإنما خص

__________________

(١) سورة النور ٢٤ : ٢٢.

(٢) سورة الانفال ٨ : ٢٠.

(٣) سورة آل عمران ٣ : ١٠٢.

(٤) في ب ، ح ، م : أن يرتكب

بالمنكر ما وصفناه لما قدمناه وبيناه.

فيعلم أن ما تعلق به المخالف فيما ادعاه من فعل أبي بكر من لفظ القرآن على خلاف ما توهمه وظنه وأنه ليس من الخبر في شيء على ما بيناه.

وأما قولهم : إن أبا بكر كان من أهل السعة في الدنيا بظاهر القرآن فالقول فيه كالمتقدم سواء ومن بعد ذلك فإن الفضل والسعة والنقص والفقر من باب التضايف فقد يكون الإنسان من ذوي الفضل بالإضافة إلى من دونه من أهل الضائقة والفقر (١) ويكون مع ذلك مسكينا بالإضافة إلى من هو أوسع حالا منه وفقيرا إلى من هو محتاج إليه.

وإذا كان الأمر على ما وصفناه لم ينكر وصف أبي بكر بالسعة عند إضافة حاله إلى مسطح وأنظاره من المضطرين بالفقر ومن لا معيشة له ولا عائدة عليه كما يكون السقف سماء لمن هو تحته وتحتا لمن هو فوقه ويكون الخفيف ثقيلا عند ما هو أخف منه وزنا والقصير طويلا بالإضافة إلى من هو أقصر منه وهذا ما لا يقدح في قول الشيعة ودفعها الناصبة عما ادعته لأبي بكر من الإحسان والإنفاق على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حسب ما تخرصوه من الكذب في ذلك وكابروا به العباد وأنكروا به ظاهر الحال وما جاء به التواتر من الأخبار ودل عليه صحيح النظر والاعتبار وهذا بين لمن تدبره

__________________

(١) في ب : الاضافة والفضل.

فصل

وقد روت الشيعة سبب نزول هذه الآية من كلام جرى بين بعض المهاجرين والأنصار فتظاهر المهاجرون عليهم وعلوا في الكلام فغضبت الأنصار من ذلك وآلت بينها أن لا تبر ذوي الحاجة من المهاجرين وأن تقطع معروفها عنهم فأنزل الله سبحانه هذه الآية فاتعظت الأنصار بها وعادت إلى بر القوم وتفقدهم وذكروا في ذلك حديثا طويلا وشرح جوابه أمرا بينا.

فإذا ثبت مذهبهم في ذلك سقط السؤال من أصله ولم يكن لأبي بكر فيه ذكر واستغني بذلك عن تكلف ما قدمناه إلا أنا قد تطوعنا على القوم بتسليم ما ادعوه وأوضحنا لهم عن بطلان ما تعلقوا به فيه استظهارا للحجة وإصدارا عن البيان والله الموفق للصواب

فصل آخر

ثم يقال لهم خبرونا عما ادعيتموه لأبي بكر من الفضل في الدنيا لو انضاف إلى التقوى ونزل القرآن أن تصريح الشهادة له به عودا بعد سدى هل كان موجبا لعصمته من الضلال في مستقبل الأحوال ودالا على صوابه في كل فعل وقول وأنه لا يجوز عليه الخطأ والنسيان وارتكاب الخلاف لله تعالى والعصيان؟

فإن ادعوا له بالعصمة من الآثام وأحالوا من أجله عليه الضلال في الاستقبال خرجوا عن الإجماع وتفردوا بالمقال بما لم يقبله

أحد من أهل الأديان وكابروا دلائل العقول وبرهان السمع ودفعوا الأخبار.

وقيل لهم : دلوا على صحة ما ادعيتموه من ذلك فلا يجدون شيئا يعتمدونه على كل حال.

وإن قالوا : ليس يجب له بالفضل والسعة وسائر ما عددناه وانضاف إليه ونطق به القرآن العصمة من الضلال بل جائز عليه الخطأ مع استحقاقه بجميعه ومقارفة الذنوب في الاستقبال.

قيل لهم : فهب أنا سلمنا لكم (١) الآن من تأويل الآية على ما اقترحتموه ما أنكرتم في ضلال الرجل فيما بعد من إنكاره النص على أمير المؤمنين عليه‌السلام ودفعه عما أوجب الله تعالى عليه الإقرار به من الفرض وتغيير حاله من الفضل بالنقص إذ كانت العصمة مرتفعة عنه والخطأ جائز عليه والضلال عن الحق موهوم منه ومظنون به فلا يجدون حيلة في دفع ذلك ولا معتمدا في إنكاره وهذا مما تقدم معناه إنما ذكرته للتأكيد والبيان وهو مما لا محيص لهم عنه والحمد لله

__________________

(١) في ب ، ح : لهم.

مسألة أخرى

فإن قالوا أفليس قد آنس الله تعالى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بأبي بكر في خروجه (١) إلى المدينة للهجرة وسماه صاحبا له في محكم كتابه وثانيا لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله في سفره ومستقرا معه في الغار لنجاته فقال تعالى (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عليه وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٢) وهذه فضيلة جليلة يشهد بها القرآن فهل تجدون من الحجة مخرجا.

جواب

قيل لهم : أما خروج أبي بكر مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فغير مدفوع وكونه في الغار معه غير مجحود واستحقاق اسم الصحبة معروف إلا أنه ليس في واحدة منها ولا في جميعها ما يظنون له من الفضل فلا تثبت

__________________

(١) في ب زيادة : من مكة.

(٢) سورة التوبة ٩ : ٤٠.

له منقبة في حجة سمع ولا عقل بل قد شهدت الآية التي تلوتموها في ذلك بزلل الرجل ودلت على نقصه وإنبات عن سوء أفعاله بما نحن موضحون عن وجهه إن شاء الله تعالى.

وأما ما ادعيتموه من أنس الله تعالى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله فهو توهم منكم وظن يكشف عن بطلانه الاعتبار وذلك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مؤيد بالملائكة المقربين الكرام والوحي ينزل عليه من الله تعالى حالا بحال. والسكينة معه في كل مكان وجبرئيل عليه‌السلام آتيه بالقرآن وعصمته والتوفيق من الله تعالى والثقة بما وعده من النصر والظفر يرفع عنه الاستيحاش. فلا حاجة إلى أنيس سوى من ذكرنا لا سيما وبمنقوص عن منزلة الكمال خائف وجل يحتاج إلى التسكين والرفق والمداراة.

وقد نطق بصفته هذه صريح القرآن وأنبأ بمحنة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وما عالجه من تدبيره له بالتسكين والتشجيع وتلافي ما فرط منه لشدة جزعه وخوفه وقلقه كي لا يظهر منه ما يكون به عظيم الفساد حيث يقول سبحانه فيما أخبر به عن نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله (لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا) (١).

وبعد فلو كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مؤنس على ما ادعاه الجاهل لم يكن له بذلك فضل في الدين لأن الأنس قد يكون لأهل التقوى والإيمان بأمثالهم من أهل الإيمان وبأغيارهم من أهل الضلال والبهائم والشجر والجمادات بل ربما أنس العاقل بمن يخالفه في دينه

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ٤٠.

واستوحش ممن يوافقه وكان أنسه بعبده وإن كان ذميا أكثر من أنسه بعالم وفقيه وإن كان مهذبا ويأنس بوكيله أحيانا ولا يأنس برئيسه كما يأنس بزوجته أكثر من أنسه بوالدته ويأنس إلى الأجنبي فيما لا يأنس فيه إلى الأقرب منه وتأتي عليه الأحوال يرى أن التأنس ببعيره وفرسه أولى من التأنس بأخيه وابن عمه كما يختار المسافر استصحاب من يخبره بأيام الناس ويضرب له الأمثال وينشده الأشعار ويلهيه بالحديث عن الذكر وما يبهج الخواطر بالبال ولا يختار استصحاب أعبد الناس وأعرفهم بالأحكام ولا أقرأهم للقرآن وإذا كان الأمر على ما وصفناه لم يثبت لأبي بكر فضل بالأنس به ولو سلمناه ولم نعترض في بطلانه بما قدمناه وهذا بين لا إشكال فيه عند ذوي الألباب.

وأما كونه للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثانيا فليس فيه أكثر من الأخبار بالعدد في الحال وقد يكون المؤمن في سفره ثاني كافر أو فاسق أو جاهل أو صبي أو ناقص كما يكون ثاني مؤمن وصالح وعالم وبالغ وكامل وهذا ما ليس فيه اشتباه فمن ظن به فضلا فليس من العقلاء.

وأما الصحبة فقد تكون بين المؤمن والكافر كما تكون بينه وبين المؤمن وقد يكون الصاحب فاسقا كما يكون برا تقيا ويكون أيضا بهيمة وطفلا فلا معتبر باستحقاقها فيما يوجب المدح أو الذم ويقتضي

__________________

(١) في أ : عن الفكر وما ينتج.

الفضل أو النقص.

قال الله تعالى فيما خبر به عن مؤمن وكافر (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً) (١) فوصف أحدهما بالإيمان والآخر بالكفر والطغيان وحكم لكل واحد منهما بصحبة الآخر على الحقيقة (٢) وظاهر البيان ولم يناف الصحبة اختلاف ما بينهما في الأديان.

وقال الله سبحانه مخاطبا الكفار الذين بهتوا نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله وادعوا عليه الجنون والنقصان (وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) (٣) فأضافه عليه‌السلام إلى قومه بذكر الصحبة ولم يوجب ذلك لهم فضلا ولا بإقامتهم كفرا وذما فلا ينكر أن يضيف إليه عليه‌السلام رجلا بذكر الصحبة (٤) وإن كان المضاف إليه كافرا ومنافقا وفاسقا كما أضافه إلى الكافرين بذكر الصحبة وهو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسيد الأولين والآخرين ولم يوجب لهم فضلا ولا وفاقا (٥) في الدين ولا نفى عنهم بذلك نقصا ولا ضلالا عن الدين.

وقد ثبت أن إضافته إليهم بذكر الصحبة أوكد في معناها من

__________________

(١) سورة الكهف ١٨ : ٣٧ ، ٣٨.

(٢) (على الحقيقة) ليس في ب ، م.

(٣) سورة التكوير ٨١ : ٢٢ ، ٢٣.

(٤) (وإن كان المضاف .. بذكر الحصبة) ليس في ب ، ح ، م.

(٥) في أ : رفاقا.

إضافة أبي بكر بها لأن المضاف إليه أقوى في السبب من المضاف وهذا ظاهر البرهان.

فأما استحقاق الصبي اسم الصحبة من الكامل العاقل وإن لم يوجب ذلك له كمالا فهو أظهر من أن يحتاج فيه إلى الاشتهار بإفاضته على ألسن الناس العام والخاص ولسقوطه بكل لسان ...

وقد تكون البهائم صاحبا وذلك معروف في اللغة قال عبيد بن الأبرص

بل رب ماء أردت آجن

سبيله خائف جديب

قطعته غدوة مسيحا

وصاحبي بادن خبوب

يريد بصاحبه بعيره بلا اختلاف (١).

وقال أمية بن أبي الصلت

إن الحمار مع الحمار مطية

فإذا خلوت به فبئس الصاحب (٢)

وقال آخر :

زرت هندا وذاك بعد اجتناب

ومعي صاحب كتوم اللسان (٣)

يعني به السيف فسمى سيفه صاحبا.

وإذا كان الأمر على ما وصفناه لم يثبت لأبي بكر بذكر الصحبة فضيلة ولا كانت له منقبة على ما بيناه وشرحناه.

وأما حلوله مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في الغار فهو كالمتقدم غير موجب له

__________________

(١) ديوان عبيد بن الابرص : ٢٧ ، وفيه بل رب ماء وردت آجن.

(٢ و ٣) كنز الفوائد للكراجكي ٢ : ٥٠.

فضلا ولا رافع عنه نقصا وذما وقد يحوي المكان البر والفاجر والمؤمن والكافر والكامل والناقص والحيوان والجماد والبهيمة والإنسان وقد ضم مسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي هو أشرف من الغار المؤمنين وأهل النفاق وحملت السفينة البهائم وأهل الإيمان من الناس ولا معتبر حينئذ بالمكان ومن اعتقد به فضلا لم يرجع في اعتقاده ذلك إلى حجة عقلية ولا عبارة ولا سمع ولا قياس ولم يحصل بذلك إلا على ارتكاب الجهالات.

فإن تعلقوا بقوله تعالى (إِنَّ اللهَ مَعَنا) فقد تكون (مَعَنا) للواحد كما تكون للجماعة وتكون للموعظة والتخويف كما تكون للتسكين والتبشير وإذا احتملت هذه الأقسام لم تقتض فضلا إلا أن ينضم إليها دليل من غيرها وبرهان وليس مع التعلق بها أكثر من ظاهر الإسلام

فصل

فأما الحجج منها على ما يوجب نقص أبي بكر وذمه فهو قوله تعالى فيما أخبر به من نهي نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله لأبي بكر عن الحزن في ذلك المكان فلا يخلو أن يكون ذلك منه على وجه الطاعة لله سبحانه وعليه لما نهاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عنه ولا لفظ له في تركه لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله لا ينهى عن طاعات ربه ولا يؤخر عن قربه.

__________________

(١) في ب ، ح ، م : اختلفت

ومن وصفه بذلك فقد قدح في نبوته وأخرجه عن الإيمان بالله تعالى وأدخله في جملة أعدائه وأهل مخالفته وذلك ضلال عظيم.

وإذا خرج أبو بكر بحزنه الذي كان منه في الغار على الاتفاق من طاعة الله تعالى فقد دخل به في معصية الله إذ ليس بين الطاعة والمعصية في أفعال العاقل الذاكر واسطة على تحقيق النظر ومن جعل بينهما قسما ثالثا وهو المباح لزمه فيه ما لزم في الطاعة إذ كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يحظر ما أباحه الله تعالى ولا يزجر عما شرعه الله.

وإذا صح أن أبا بكر كان عاصيا لله سبحانه بحزنه المجمع على وقوعه منه في الغار دل على استحقاقه الذم دون المدح وكانت الآية كاشفة عن نقصه بما بيّنّاه.

ومنها : أن الله سبحانه أخبر في هذه الآية أنه خص نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله بالسكينة دون أبي بكر وهذا دليل على أن حاله غير مرضية لله تعالى إذ لو كان من أولياء الله وأهل محبته لعمته السكينة مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذلك المقام كما عمت من كان معه صلى‌الله‌عليه‌وآله ببدر وحنين ونزل القرآن فقال تعالى في هذه السورة (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) (١).

__________________

(١) سورة التوبة ٩ : ٢٥ ، ٢٦.

وقال في سورة الفتح (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عليهمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (١).

وقال فيها أيضا (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (٢).

فدل عموم السكينة كل من حضر مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من المؤمنين مقاما سوى الغار بما أنزل به القرآن على صلاح حال القوم وإخلاصهم لله تعالى واستحقاقهم الكرامة منه بالسكينة التي أكرم بها نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله وأوضح بخصوص نبيه في الغار بالسكينة دون صاحبه في تلك الحال على ما ذكرناه عن خروجه من ولاية الله تعالى وارتكابه لما أوجب في العدل والحكمة الكرامة بالسكينة من قبائح الأعمال وهذا بين لم تحجب عنه العباد وقد استقصيت الكلام في هذه المسألة في مواضع من كتبي وخاصة كتاب (العيون والمحاسن) (٣) فإنني فرغت فيها الكلام واستوفيت ما فيه على التمام فلذلك خففت القول هاهنا وتحريت الاختصار وفيما أثبته كفاية إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) سورة الفتح ٤٨ : ١٨.

(٢) سورة الفتح ٤٨ : ٢٦.

(٣) راجع الفصول المختارة من العيون والمحاسن ١ : ١٩ ـ ٢٤ ، بحار الانوار ١٠ : ٤١٨ ـ ٤٢٤ ، وانظر الاحتجاج ٢ : ٤٩٩ والشافي ٤ : ٢٥.

مسألة أخرى

فإن قالوا : إن الأمة مجمعة على أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خص أبا بكر وعمر يوم بدر بالكون معه في العريش وصانهما عن البذل في الحرب وأشفق على حياتهما عن ضرب السيوف وفزع إليهما في الرأي والتدبير وهذا أمر أبين فضلا وأجل منقبة فقولوا في ذلك ما عندكم في معناه.

جواب

قيل لهم : ما أراكم تعتمدون في الفضائل إلا على الرذائل ولا تصلون المناقب إلا بذكر المثالب وذلك دليل خذلانكم وخزيكم في الدين وضلالكم.

أما كون أبي بكر وعمر مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في العريش ببدر فلسنا ننكره لكنه لغير ما ظننتموه والأمر فيه أوضح من أن يلتبس بما توهمتموه وذلك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما علم من جبنهما عن الحروب وخوفهما من البراز للحتوف وجزعهما من لقاء الأبطال وضعف بصيرتها وعدم ثباتهما في القتال ما أوجب في الحكمة والدين والتدبير ـ

حبسهما في ذلك المكان ومنعهما من التعرض إلى القتال والاحتياط عليهما لأن لا يوقعا في تدبيره الفساد.

ولو علم صلى‌الله‌عليه‌وآله منهما قوة في الجهاد وبصيرة في حرب أهل العناد ونية في الإصلاح والسداد لما حال بينهما وبين اكتساب الثواب ولا منعهما من التعرض لنيل المنازل العالية بجهاد الأعداء ولا اقتصر بهما على منازل القاعدين ولا أدخلهما في حكم المفضولين بما نطق به الذكر الحكيم حيث يقول سبحانه (لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) (١).

ويؤكد ذلك أن الله تعالى أخبر عباده في كتابه بأنه (اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عليه حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٢).

فلا يخلو أن يكونا في جملة المؤمنين الذين نعتهم الله وأخبر عنهم بما ضمنه القرآن أو أن يكونا من غيرهم بخلاف صفاتهم التي جاء بها

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ٩٥.

(٢) سورة التوبة ٩ : ١١١.

التنزيل فلو كانوا من جملة المؤمنين (١) لما منعهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الوفاء بشرط الله عليهم في القتال ولا حال بينهم وبين التوصل بالجهاد إلى ما وعد الله عليه أهل الإيمان من عظيم الثواب في محل النعيم والأجر الكبير الذي من ظفر به كان من الفائزين لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله إنما بعث بالحث على أعمال الخيرات والاجتهاد في القرب والطاعات والترغيب في بذل النفوس في جهاد الأعداء وإقامة المفترضات.

ولما وجدناه قد منع هذين الرجلين من الجهاد وحبسهما عما ندب إليه خيار (٢) العباد دل على أنهما بخلاف صفات من اشترى الله تعالى نفسه بالجنة من أهل الإيمان وهذا واضح لذوي العقول والأذهان.

ويزيد ذلك بيانا انهزامهما مع المنهزمين في يوم أحد وفرارهما من مرحب يوم خيبر وكونهما من جملة المولين للأدبار في يوم الخندق وأنهما لم يثبتا لقرن قط ولا بارزا بطلا ولا أراقا في نصره الإسلام دما ولا احتملا في الذب عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ألما وكل ذلك يؤكد ما ذكرناه في معناه ويزيل عن ذوي الاعتبار الشبهات فيما ذكره أهل الضلالات.

وأما قولهم : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صانهما عن البذل في الحرب وأشفق عليهما من ضرب السيف فهو أوهن كلام وأضعفه وذلك أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله عرض في ذلك اليوم عمه حمزة أسد الله وأسد رسوله للحرب. وبذل إليها أخاه وابن عمه وصهره وأحب الخلق إليه أمير المؤمنين علي

__________________

(١) ((الذين نعتهم الله .. جملة المؤمنين)) ليس في ب ، ح ، م.

(٢) في ب ، ح ، م : حيال.

ابن أبي طالب عليه‌السلام وابن عمه عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب رحمة الله عليه وأحباءه من الأخيار وخلصاءه من أهل الإيمان (١).

فكان عليه‌السلام يقدم كل من عظمت منزلته عنده للجهاد معرضا له بذلك إلى أجل منازل الثواب ويرى أن تأخره عن ذلك حط له عن شيء من المقام إلا أن يكون بصفة من ذكرناه من المرتابين في الإيمان والشاكين في نعيم الجنان.

ولم يك عليه‌السلام من أبناء الدنيا والداعين إليها وإلى التمسك بأعمال أهلها والترغيب عن حطامها فيتصور بما ذكره الجاهلون من الإشفاق على أحبته من الشهادة والمنع لهم ما يعقب لهم من الراحة ويحصل به الفضيلة ولو كان بهذه الصفة لخرج عن النبوة ولحق بأهل الكبر والجبرية وحاشاه صلى‌الله‌عليه‌وآله من ذلك

فصل

على أنه يقال لهم : لو كان الأمر على ما ظننتموه في منع الرجلين من الجهاد كان سببه المحبة والإشفاق لأشفق عليهما من ذلك في خيبر ولم يعرضهما له حتى افتضحا بالهزيمة بين المسلمين وأبان عليه‌السلام ذلك لأمته أجمعين عن حالهما في الظاهر وما كانا عليه في السر والباطن وسماهما فرارين وأخرجهما عن محبة الله تعالى حيث يقول عند

__________________

(١) في ح ، م : الاديان.

فرارهما : ((لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه)) (١).

وقد بينا ما يقتضيه فيهما من فحوى هذا الكلام فيما تقدم ولا حاجة لنا إلى تكراره

فصل

وأما قولهم : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إنما حبسهما عن القتال لحاجة منه إلى رأيهما في التدبير فإنه نظير ما سلف من جهلهم بل أفحش منه وذلك لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان معصوما وكانا بالاتفاق غير معصومين وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله مؤيدا بالملائكة ولم يكونا مؤيدين.

وقد ثبت أن العاقل لا يستمد الرأي إلا ممن يعتقد فضله عليه ومتى استمد ممن يساويه أو يقاربه في معناه فلجواز عدوله عن صوابه بالغلط عن طريقه وما يلحقه من الآفات في النظر ويحول بينه وبين الحق فيه من الشبهات.

وإذا فسد القول بفضل أبي بكر وعمر على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في الرأي بل في كل شيء من الأشياء وبطل مساواتهما له ومقاربتهما إياه مع ما يبطل من جواز الغلط عليه ولحوق الآفات به لعصمته (٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله استحال مقال من زعم أنه كان محتاجا إليهما في الرأي

__________________

(١) تقدم مع تخريجاته في ص : ٣٤.

(٢) في أزيادة : ورأفته.

فصل

على أنه لو كان ممن يجوز عليه الخطأ في الدين والغلط في التدبير لكان ما يقع منه مستدركا بجبرئيل وميكائيل وأمثالهما من الملائكة عليه‌السلام ولم يكله الله تعالى في شيء منه إلى رعيته ولا أحوجه فيه إلى أحد من أمته لما تقتضيه الحكمة في تولى حراسته وتهدئته وغناه بذلك عمن أحوجه الله سبحانه إليه من جميع بريته.

ولو جاز أن يلجئه الله تعالى إلى أحد من أمته في الرأي لجاز أن يضطر إليه في جميع معرفة الأحكام ولجعله تابعا لهم فيما يدركونه بالاجتهاد والقياس وهذا ما لا يذهب إليه مسلم فثبت ما بيناه من الغرض في حبس الرجلين عن القتال فإنه كما شرحناه وبينا وجهه وأوضحناه دون ما ظنه الجاهلون والحمد لله

فصل

ثم يقال لهم : خبرونا عن حبس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر وعمر عن القتال في يوم بدر لحاجة إلى مشورتهما عليه وتدبيرهما الأمر معه أقلتم ذلك ظنا أو حدسا أم قلتموه واعتمدتم فيه على اليقين؟

فإن زعموا أنهم قالوا ذلك بالظن والحدس والترجيم فكفاهم بذلك خزيا في مقالهم وشناعة وقبحا وإن ادعوا العلم به والحجة فيه طولبوا بوجه البرهان عليه وهل ذلك من وجه العقل أدركوه أم وجوه السمع والتوقيف فلا يجدون شيئا يتعلقون به من الوجهين جميعا.

ثم يقال لهم : أما العريش فكان من رأى الأنصار بلا اختلاف ولم يكن لأبي بكر وعمر وغيرهما من المهاجرين مقال وأما المشورة فلم تكن فيه وإنما أشار في الأسرى بعد القتال واختلفا عند المشورة في الرأي.

وعدل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ ذاك عن رأى عمر بن الخطاب لمعرفته أنه صدر عن تراث بينه وبين القوم وقصد الشناعة (١) على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وشفاء غيظ بني عبد مناف ولم يرد بما قال وجه الله تعالى وصار إلى رأى أبي بكر لما أراد الله تعالى من المحنة لذلك.

فنزل القرآن بتخطئة صاحبكم وجاء الخبر عن علام الغيوب بخيانته في الدين وركونه إلى الدنيا وإرادته لحطامها وضعف بصيرته في الجهاد وأظهر منه ما كان يخفيه وكشف عن ضميره وفضحه الوحي بها ورد فيه حيث يقول الله سبحانه (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٢).

وهذا يدل على أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حينما استشارهما لم يكن لفقر منه في الرأي والتدبير إليهما وإنما كان لاستبراء أحوالهما والإظهار لباطنهما في النصيحة له أو ضدها كما أخبره الله سبحانه بتعريفه ذلك

__________________

(١) (الشناعة) ليس في ب.

(٢) سورة الانفال ٨ : ٦٧ ، ٦٨.

عند نطقهما في الأمور وكلامهما وغيرهما من أضرابهما فقال تعالى (وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) (١).

وإذا كان الأمر على ما وصفناه بطل ما ادعوه في العريش وكانت المشورة بعده من أوضح البرهان على نقص الرجلين دون فضلهما على ما قدمناه (٢).

__________________

(١) سورة محمد ٤٧ : ٣٠.

(٢) للتوسع راجع الفصول المختار ١ : ١٤ و ١٥ ، الشافي ٤ : ٤١٧ ، الغدير ٧ : ٢٠٧.

مسألة أخرى

فإن قالوا : أفليس قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر في حياته على جميع أهل بيته وأصحابه حيث أمره أن يصلي بالناس في مرضه مع قوله عليه‌السلام ((الصلاة عماد الدين)) (١). وقوله عليه‌السلام إمامكم خياركم)) (٢) وهذا أوضح دليل على إمامته بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وفضله على جميع أمته؟!

جواب

قيل لهم : أما الظاهر المعروف فهو تأخير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر عن الصلاة وصرفه عن ذلك المقام وخروجه مستعجلا وهو من ضعف الجسم بالمرض على ما لا يتحرك معه العاقل إلا بالاضطرار ولتدارك ما يخاف بفوته عظيم الضرر والفساد حتى كان عزله عما كان تولاه من تلك الصلاة.

__________________

(١) كنز العمال ٧ : ٢٨٤ / ١٨٨٨٩ و ١٨٨٩١.

(٢) كنز العمال ٧ : ٥٩٦ / ٣٠٤٣٣ ، عوالي اللئالي ١ : ٣٧ / ٢٧ ، وفيهما : ليؤمكم خياركم.

فأما تقدمه على الناس فكان بقول عائشة دون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وبذلك جاءت الأخبار وتواترت الأحاديث والآثار ومن ادعى غير ذلك ف عليه حجة البرهان والبيان

فصل

على أننا لو صححنا حديث عائشة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسلمنا لهم صدقها فيه (١) تسليم جدل وإن كانت الأدلة تبطله وتقضي بفساده من كل وجه لما أوجب ما ادعوه من فضله على الجماعة لأنهم مطبقون على أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى خلف عبد الرحمن بن عوف الزهري (٢) ولم يوجب ذلك له فضلا عليه ولا على غيره من المسلمين.

ولا يختلفون أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر عمرو بن العاص على أبي بكر وعمر وجماعة من المهاجرين والأنصار وكان يؤمهم طول زمان إمارته في الصلاة عليهم ولم يدل ذلك على فضله عليهم في الظاهر ولا عند الله تعالى على حال من الأحوال.

وهم متفقون على أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأمته ((صلّوا خلف كل بر وفاجر)). (٣) وأباح لهم الصلاة خلف الفجار وجوز بذلك إمامة إمام لهم

__________________

(١) (صدقها فيه) ليس في ب.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٢٣٠ / ٨١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٩٢ / ١٢٣٦ ، سنن النسائي ١ : ٧٧ ، سنن أبي داود ١ : ٣٨ / ١٥٥٢.

(٣) كنز العمال ٦ : ٥٤ / ١٤٨١ عن سنن البيهقى ، عوالي اللئالى ١ : ٣٧ / ٢٨.

في الصلاة منقوص مفضول بل فاسق فاجر مرذول بما تضمنه لفظ الخبر ومعناه وإذا كان الأمر على ما ذكرناه بطل ما اعتمدوه من فضل أبي بكر في الصلاة

فصل

ثم يقال لهم : قد اختلف المسلمون في تقديم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر للصلاة

فقال المسمون لسنة إن عائشة أمرت بتقديمه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله. وقالت الشيعة إنها أمرته بذلك عن نفسها دون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بلا اختلاف بينهم أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج إلى المسجد وأبو بكر في الصلاة فصلى تلك الصلاة فلا يخلو أن يكون صلاها إماما لأبي بكر والجماعة أو مأموما لأبي بكر مع الجماعة أو مشاركا لأبي بكر في إمامتهم وليس قسم رابع يدعى فنذكره على التقسيم.

فإن كان صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاها إماما لأبي بكر والجماعة فقد صرفه بذلك عما أوجب فضله عندكم من إمامة القوم وحطه عن الرتبة التي ظننتم حصوله فيها بالصلاة وبطل ما اعتمدتموه من ذلك ووجب له خلافه من النقص والخروج عن الفضل على التأبيد إذ كان آخر أفعال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جار حكمها على التأبيد وإقامة الشريعة وعدم

__________________

(١) في ح : ما ادعيتموه.

(٢) في ح ، م : الندب.

نسخها إلى أن تقوم الساعة وهذا بين لا ريب فيه.

وإن كان صلى‌الله‌عليه‌وآله مأموما لأبي بكر فقد صرف إذن عن النبوة وقدم عليه من أمره الله تعالى بالتأخر عنه وفرض عليه غض الطرف عنده ونسخ بذلك نبوته وما يجب له بها من إمامة الجماعة والتقدم عليهم في الدين وهذا ما لا يطلقه مسلم.

وإن كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إماما للجماعة مع أبي بكر على الاشتراك في إمامتهم وكان ذلك آخر أعماله في الصلاة فيجب أن يكون سنة وأقل ما فيه جوازه وارتفاع البدعة منه والإجماع منعقد على ضد ذلك وفساد إمامة نفسين في الصلاة معا لجماعة من الناس وإذا كان الأمر على ما وصفناه فقد سقط ما تعلق به القوم من صلاة أبي بكر وما ادعوه له بها من الفضل على تسليم الخبر دون المنازعة فيه فكيف وقد بينا سقوطه بما قدمناه

فصل

على أن الخبر بصلاة أبي بكر وإن كان أصله من حديث عائشة ابنته خاصة على ما ذكروه فإنه قد جاء عنها في التناقض والاختلاف وذلك شاهد بفساده على البيان :

فروى أبو وائل عن مسروق عن عائشة قالت صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه الذي مات فيه خلف أبي بكر قاعدا (١).

__________________

(١) تاريخ الطبري ٤ : ١٨١٢ ، السيره الحلبيه ٣ : ٤٦٤.

وروى إبراهيم عن الأسود عن عائشة في حديث في الصلاة أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى عن يسار أبي بكر قاعدا وكان أبو بكر يصلي بالناس قائما (١).

وفي حديث وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة أيضا قالت صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في مرضه عن يمين أبي بكر جالسا وصلى أبو بكر قائما بالناس (٢).

وفي حديث عروة بن الزبير عن عائشة قالت صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بحذاء أبي بكر جالسا وكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والناس يصلون بصلاة أبي بكر (٣).

فتارة تقول كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إماما بأبي بكر وتارة تقول كان أبو بكر إماما وتارة تقول صلى عن يمين أبي بكر وتارة تقول صلى عن يساره وتارة تقول صلى بحذائه وهذه أمور متناقضة تدل بظاهر ما فيها من الاضطراب والاختلاف على بطلان الحديث وتشهد بأنه موضوع

فصل آخر

على أن الخبر الثابت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من قوله إنما جعل

__________________

(١) السيرة الحلبية ٣ : ٤٦٤.

(٢) السيرة الحلبية ٣ : ٤٦٧ ، سيرة ابن هشام ٤ : ٣٠٢.

(٣) السيرة الحلبية ٣ : ٤٦٤ و ٤٦٥.

الإمام إماما ليؤتم به فإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين)) (١) يبطل أيضا حديث صلاة أبي بكر ويدل على اختلاقه لأنه يتضمن مناقضة ما أمر به مع ترك المتمكن منه على فاعله ومتى ثبت أوجب تضليل أبي بكر وتبديعه على الإقدام على خلاف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

واستدلوا بمثل ذلك في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ كان هو المؤتم بأبي بكر وفي كلا الأمرين بيان فساد الحديث مع ما في الوجه الأول من دليل فساده

فصل آخر

مع أن الرواية قد جاءت من غير طريق عن عائشة أنها قالت جاء بلال فأذن بالصلاة ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مغمى عليه فانتظرنا إفاقته وكاد الوقت يفوت فأرسلنا إلى أبي بكر يصلي بالناس (٢).

وهذا صريح منها بأن صلاته كانت عن أمرها ورأيها دون أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإذنه ورأيه ورسمه.

والذي يؤيد ذلك ويكشف عن صحته الإجماع على أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خرج مبادرا معجلا بين يدي رجلين من أهل بيته

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ٢ : ٢١٤ ، ٤٢٠ ، صحيح البخاري ١ : ١٧١ / ٤٤ ، صحيح مسلم ١ : ٣٠٨ / ٧٧ ، صحيح الترمذي ٢ : ١٩٤ / ٣٦١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٧٦ / ٨٤٦ ، سنن النسائي ٢ : ٨٣.

(٢) كنز العمال ٥ : ٦٣٤ / ٤١١٦ عن اللالكائي في السنة.

حتى تلافى الأمر بصلاته وعزل الرجل عن مقامه.

ثم الإجماع أيضا على قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حين أفاق لعائشة وحفصة إنكن كصويحبات يوسف عليه‌السلام)) (١) ذما لهما على ما افتنتا به أمته وإخبارا عن إرادة كل واحدة منهما المنزلة بصلاة أبيها بالناس ولو كان هو صلى‌الله‌عليه‌وآله تقدم بالأمر لأبي بكر بالصلاة لما حال بينه وبين تمامها ولا رجع باللوم على غيره فيها وهذا ما لا خفاء به على ذوي الأبصار.

وفي هذه المسألة كلام كثير قد سبق أصحابنا رحمهم‌الله إلى استقصائه وصنف أبو عيسى محمد بن هارون الوراق (٢) كتابا مفردا في معناه سماه كتاب السقيفة يكون نحو مائتي ورقة لم يترك لغيره زيادة عليه فيما يوضح عن فساد قول الناصبة وشبههم التي اعتمدوها من الخبر بالصلاة وأشار إلى كذبهم فيه فلذلك عدلت عن الإطالة في ذكر البراهين على ما قدمت واقتصرت على الاختصار وإن كان فيما أثبته كفاية لذوي الأبصار والحمد لله

__________________

(١) كنز العمال ٥ : ٦٣٤ / ٤١١٦ عن اللالكائي في السنة.

(٢) ترجم له النجاشي في رجاله : ٣٧٢ / ١٠١٦ وعد من تصانيفه كتاب السقيفة ، وأطراه المحقق الداماد في الراشحة الثامنة من الرواشح السماوية وقال : هو من أجلة المتكلمين من اصحابنا وأفاضلهم.

مسألة أخرى

فإن قالوا إن لأبي بكر من الإنفاق على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والمواساة بماله ما لم يكن لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام ولا لغيره من الصحابة حتى جاء الخبر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال ما نفعنا مال كمال أبي بكر)) (١).

وقال عليه‌السلام في موطن آخر ما أحد من الناس أعظم نفعا علينا حقا في صحبته وماله من أبي بكر بن أبي قحافة)) (٢).

جواب :

قيل لهم : قد تقدم لنا من القول فيما يدعى من إنفاق أبي بكر ما يدل المتأمل له على بطلان مقال أهل الخلاف وإن كنا لم نبسط الكلام في معناه بعد فإن أصل الحديث في ذلك عائشة وهي التي ذكرته عن

__________________

(١) مسند أحمد ٢ : ٢٥٣ و ٣٦٦. وأخرجه في كنز العمال ١١ : ٥٤٩ / ٣٢٥٧٦ و ٥٥٥ / ٣٢٦٠٨ ، ١٢ : ٥٠٥ / ٣٥٦٤٨ عن مسند أحمد ، وابن ماجة ، وحلية الاولياء ، وابن عساكر.

(٢) كنز العمال ١١ : ٥٥٤ / ٣٢٦٠٤ عن الطبراني في المعجم الكبير

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإضافته بغير حجة وقد عرفت ما كان من خطئها في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وارتكابها معصية الله تعالى في خلافه حتى نزل فيها وفي صاحبتها حفصة بنت عمر بن الخطاب (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عليه فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) (١).

ثم الذي كان منها في أمر عثمان بن عفان حتى صارت أوكد الأسباب في خلعه وقتله فلما كان من أمره ما كان وبايع الناس لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام حسدته على ذلك وكرهت أمره ورجعت عن ذم عثمان بن عفان إلى مدحه وقرفت أمير المؤمنين عليه‌السلام بدمه وخرجت من بيتها إلى البصرة إقداما على خلاف الله تعالى فيما أمرها به في كتابه فألبت عليه ودعت إلى حربه واجتهدت في سفك دمه واستئصال ذريته وشيعته وأثارت من الفتنة ما بقي في الأمة ضررها في الدين إلى هذه الغاية.

ومن كانت هذه حالها لم يوثق بها في الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا أمنت على الإدغال (٢) في دين الله تعالى لا سيما فيما تجر به نفعا إليها وشهادة بفضل متى صح لكان لها فيه الحظ الأوفر وهذا ما لا يخفى على ذوي حجا.

__________________

(١) سورة التحريم ٦٦ : ٤.

(٢) أدغل في الامر : أدخل فيه ما يخالفه ويفسده. " الصحاح ـ دغل ـ ٤ : ١٦٩٧ ".

فصل

على أنه لو كان لأبي بكر إنفاق على ما تدعيه الجهال لوجب أن يكون له وجه معروف وكان يكون ذلك لوجه ظاهر مشهور كما اشتهرت صدقة أمير المؤمنين عليه‌السلام بخاتمه وهو في الركوع حتى علم به الخاص والعام وشاعت نفقته بالليل والنهار والسر والإعلان ونزل بها محكم القرآن ولم تخف صدقته التي قدمها بين يدي نجواه حتى أجمعت عليها أمة الإسلام وجاء بها صريح القول في البيان واستفاض إطعام المسكين واليتيم والأسير وورد الخبر به مفصلا في (هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ) (٢).

فكان أقل ما يجب في ذلك أن يكون كشهرة نفقة عثمان بن عفان في جيش العسرة حتى لم يختلف في ذلك من أهل العلم اثنان ولما خالف الخبر في إنفاق أبي بكر ما ذكرناه وكان مقصورا على ابنته خاصة ويكفي في وصفها ما شرحناه مضافا إلى من في طريقه من أمثال الشعبي وأشباهه المعروفين بالعصبية لأبي بكر وعمر وعثمان والتقرب إلى بني أمية بالكذب والتخرص والبهتان دل على فساده بلا ارتياب.

__________________

(١) (حتى أجمعئت .. المسكين) ليس في ح ، وفي ب : وصدقته حين اجمع المسكين.

(٢) سورة الانسان ٧٦ : ١.

(٣) (فكان أقل .. اثنان) ليس في ب ، ح ، م.

فصل

مع أن الله تعالى قد أخبر في ذلك بأنه المتولي غنى نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله عن سائر الناس ورفع الحاجة عنه في الدين والدنيا إلى أحد من العباد فقال تعالى (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) (١).

فلو جاز أن يحتاج مع ذلك إلى نوال أحد من الناس لجاز أن يحتاج في هداه إلى غير الله تعالى ولما ثبت أنه غنى في الهدى بالله وحده ثبت أنه غنى في الدنيا بالله تعالى دون الخلق كما بيناه

فصل

على أنه لو كان فيما عدده الله تعالى من أشياء يتعدى الفضل إلى أحد من الناس فالواجب أن تكون مختصة بآبائه عليه‌السلام وبعمه أبي طالب رحمه‌الله وولده عليه‌السلام وبزوجته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ولم يكن لأبي بكر في ذلك حظ ولا نصيب على كل حال.

وذلك أن الله تعالى آوى يتمه بجده عبد المطلب ثم بأبي طالب من بعده فرباه وكفله صغيرا ونصره وواساه ووقاه من أعدائه بنفسه وولده كبيرا وأغناه بما رزقه الله من أموال آبائه رحمهم‌الله تعالى وتركاتهم وهم ملوك العرب وأهل الثروة منهم واليسار بلا اختلاف ثم ما أفاده من

__________________

(١) سورة الضحى ٩٣ : ٦ ـ ٨.

بعده في خروجه إلى الشام من الأموال وما كان انتقل إليه من زوجته خديجة بنت خويلد.

وقد علم جميع أهل العلم ما كانت عليه من سعة الأحوال وكان لها من جليل الأموال وليس لأبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن وأبي عبيدة بن الجراح وغيرهم من سائر الناس سوى من سميناه سبب لشيء من ذلك يتعدى به فضلهم إليه (١) على ما بيناه بل كانوا فقراء فأغناهم الله بنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله وكانوا ضلالا فدعاهم إلى الهدى ودلهم على الرشاد وكانوا أذلة فتوسلوا بإظهار اتباع نبوته إلى الملك والسلطان.

وهب أن في هؤلاء المذكورين من كان له قبل الإسلام من المال ما ينسب به إلى اليسار وفيهم من له شرف بقبيلة يبين به ممن عداه هل لأحد من سامعي الأخبار وأهل العلم بالآثار ريب في فقر أبي بكر وسوء حاله في الجاهلية والإسلام ورذالة قبيلته من قريش كلها وظهور المسكنة في جمهورهم على الاتفاق؟

ولو كان له من السعة ما يتمكن به من صلة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والإنفاق عليه ونفعه بالمال كما ادعاه الجاهلون لاغنى أباه ببعضه عن النداء على مائدة عبد الله بن جدعان (٢) بأجرة على ذلك (٣) بما يقيم به

__________________

(١) في أ : فضل منه إليهم ، وفي ب : فضله إليهم.

(٢) في أ : لينتال.

(٣) (باجرة على ذلك) ليس في م.

رمقه ويستر به عورته بين الناس ولارتفع هو عن الخياطة وبيع الخلقان (١) بباب بيت الله الحرام إلى مخالطة وجوه التجار ولكان غنيا به في الجاهلية عن تعليم الصبيان ومقاساة (٢) الأطفال في ضرورته إلى ذلك لعدم ما يغنيه عنه ما وصفناه وهذا دليل على ضلال الناصبة فيما ادعوه له من الإنفاق للمال وبرهان يوضح عن كذبهم فيما أضافوه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من مدحه على الإنفاق

فصل آخر

مع أنه لو ثبت لأبي بكر نفقة مال على ما ظنه الجهال لكان خلو القرآن من مديح له على الإجماع وتواتر الأخبار مع نزوله بالمدح على اليسير من ذوي الإنفاق دليلا على أنه لم يكن لوجه الله تعالى وأنه يعتمد بالسمعة والرياء وكان فيه ضرب من النفاق.

وإذا ثبت أن الله عدل كريم لا ينوه بذكر اليسير من طاعاته ويخفي الكثير ولا يمدح الصغير ويهمل الكبير ففي خلو القرآن من ذكر إنفاق أبي بكر أو مدحة له بذكر الإنفاق على الشرط الذي وصفناه أوضح برهان على ما قدّمناه.

ثم يقال لهم قد علمت الكافة أن نفقات الصحابة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إنما كانت في السلاح والكراع ومعونة الجهاد وصلات

__________________

(١) الخلقان : جمع خلق ، الثوب البالي. " الصالح ـ خلق ٤ : ١٤٧٢ ".

(٢) المقاساة : المكابدة والمعالجة. " تاج العروس ـ قسا ـ ١٠ : ٢٩٣ ".

فقراء المسلمين وتزويد المرملين (١) ومعونة المساكين ومواساة المهاجرين وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يسترفد (٢) أحدا منهم ولا استوصله ولا جعل عليه قسما من مؤنته ولا التمس منهم شيئا لأهله وعشيرته وقد حرم الله تعالى عليه وعلى أهل بيته أكل الصدقات وأسقط عن كافتهم الأجر له على تبليغهم عن الله تعالى الرسالات ونصب الحجج لهم وإقامة البينات في دعائهم إلى الأعمال الصالحات واستنقاذهم بلطفه من المهلكات وإخراجهم بنور الحق عن الظلمات.

وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله من أزهد الناس في الدنيا وزينتها ولم يزل مخرجا لما في يديه من مواريث آبائه وما أفاء الله تعالى من الغنائم والأنفال وجعله له خالصا دون الناس إلى فقراء أصحابه وذوي الخلة من أتباعه حتى استدان من المال (٣) ما قضاه أمير المؤمنين عليه‌السلام بعد وفاته وكان هو المنجز لعداته (٤) فأي وجه مع ما وصفناه من حاله صلى‌الله‌عليه‌وآله لإنفاق أبي بكر على ما ادعوه لو لا أن الناصبة لا تأنف من الجهل ولا تستحيي من العناد؟!

__________________

(١) المرمل : الذي نفد زاده. " الصحاح ـ رمل ـ ٤ : ١٧١٣.

(٢) الاسترفاد : الاستعانة. " مجمع البحرين ـ رفد ـ ٣ : ٥٤.

(٣) في ب : الشرع بدل (المال).

(٤) تهذيب الآثار ١ : ٦٠ ، فردوس الاخبار ٣ : ٦١ / ٤١٧٠ ، شواهد التنزيل ١ : ٣٧٣؟ ٥١٥ و ٥١٦ ، وأخرجه في كنز العمال ٧ : ٢٤٩ / ١٨٧٨٢ عن ابن أبي شيبة وقال : رجاله ثقات.

فصل

مع أنا لا نجدهم يحيلون على وجه فيما يذكرونه من إنفاق أبي بكر إلا على ما ادعوه من ابتياعه بلال بن حمامة (١) من مواليه وكانوا عزموا بعد الإيمان ليردوه عنه إلى الكفر والطغيان.

وهذا أيضا من دعاويهم الباطلة المتعرية من الحجج والبرهان وهو راجع في أصله إلى عائشة وقد تقدم من القول فيما ترويه وتضيفه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ما يغني عن الزيادة فيه والتكرار.

ولو ثبت على غاية أمانيهم في الضلال لما كان مصححا لروايتهم مدح أبي بكر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وإخباره بانتفاعه بنفقته عليه ومواساته بالمال لأن بلالا لم يكن ولدا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا أخا ولا والدا ولا قريبا ولا نسيبا فيكون خلاصه من العذاب بمال أبي بكر نافعا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا مختصا به دون سائر أهل الإسلام.

ولو تعدى ما خص بلالا من الانتفاع بمال أبي بكر إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لموضع إيمانه برسالته وإقراره بنبوته ولكونه في جملة أصحابه لتعدى ذلك إلى جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وجميع ملائكة الله تعالى وأنبيائه وعباده الصالحين لأن الإيمان برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يتضمن الإيمان بجميع النبيين والملائكة والمؤمنين والصديقين والشهداء

__________________

(١) هو بلال بن رباح ، وحمامة امه ، مؤذن رسول الله صلى الله عليه وآله ، توفي بدمشق في الطاعون سنة (١٨) وقيل غير ذلك ، انظر ترجمته في رجال الكشي : ٣٨ / ٧٩ ، رجال الطوسى : ٨ / ٤ ، معجم رجال الحديث ٣ : ٣٦٤ ، سير أعلام النبلاء ١ : ٣٤٧.

والصالحين وقد انكشف عن جهالات الناصبة وتجرئهم في بدعهم وضعف بصائرهم وسخافة عقولهم ومن الله نسأل التوفيق

فصل

على أن الثابت من الحديث في مدح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خديجة بنت خويلد رضي الله عنها دون أبي بكر والظاهر المشهور من انتفاع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بمالها يوضح عن صحته واختصاصها به دون من ادعي له بالبهتان وقد اشترك في نقل الحديث الفريقان من الشيعة والحشوية وجاء مستفيضا عن عائشة بنت أبي بكر على البيان.

فروى عبد الله بن المبارك عن مجالد (١) عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا ذكر خديجة أحسن الثناء عليها فقلت له يوما ما تذكر منها وقد أبدلك الله خيرا منها فقال ما أبدلني الله خيرا منها صدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله الولد منها ولم يرزقني من غيرها)) (٢)

وهذا يدل على بطلان حديثها في مدح أبي بكر بالمواساة ويوجب تخصيصها بذلك دونه ويوضح عن بطلان ما تدعيه الناصبة أيضا من

__________________

(١) في ب ، ح ، م : مجاهد ، وهو تصحيف صوابه ما في المتن من نسخة أو المصادر ، وانظر ترجمة مجالد بن سعيد ، في طبقات ابن سعد ٦ : ٢٤٣ ، تهذيب التهذيب ١٠ : ٣٩ ، سير أعلام النبلاء ٦ : ٢٨٤.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ٦ : ١١٧ عن شيخه علي بن إسحاق ، عن ابن المبارك ، سير أعلام النبلاء ٢ : ١١٧ ، كنز العمال ١٢ : ١٣٢.

سبق أبي بكر جماعة الأمة إلى الإسلام إذ فيه شهادة من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله بتقدم إيمان خديجة رحمها الله على سائر الناس

مسألة أخرى

فإن قالوا فما تصنعون في الخبر المروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال لأصحابه اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر)) (١)؟

أليس هذا نص منه على إمامتهما وإيجاب على الأمة جميعا فرض طاعتهما وفي ذلك أدل دليل على طهارتهما وصوابهما فيما صنعاه من التقدم على أمير المؤمنين وصحة خلافتهما؟!

جواب

قيل لهم : هذا حديث موضوع والخلل في سنده مشهور والتناقض في معناه ظاهر وحاله في متضمنه لائحة للمعتبر الناظر.

فأما خلل إسناده فإنه معزى إلى عبد الملك بن عمير (٢) ، عن

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ٥ : ٣٨٢ و ٣٨٥ و ٣٩٩ و ٤٠٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٧ / ٩٧ ، سنن الترمذي ٥ : ٦٠٩ / ٣٦٦٢ ، مستدرك الحاكم ٣ : ٧٥. مصابيح السنة ٤ : ١٦٢ / ٤٧٤٢ و ٢١٨ / ٤٨٨٩.

(٢) قال الشيخ الطوسي في تلخيص الشافي ٣ : ٣٣ : كان فاسقا جريئا على الله ، وهو الذي قتل عبد الله بن يقطر رسول الحسين بن علي إلى مسلم بن عقيل .. وكان مروانيا.

ربعي بن حراش ثم من بعده تارة يعزى إلى حذيفة بن اليمان وتارة إلى حفصة بنت عمر بن الخطاب.

فأما عبد الملك بن عمير فمن أبناء الشام وأجلاف محاربي أمير المؤمنين عليه‌السلام المشتهرين بالنصب والعداوة له ولعترته ولم يزل يتقرب إلى بني أمية بتوليد الأخبار الكاذبة في أبي بكر وعمر والطعن في أمير المؤمنين عليه‌السلام حتى قلدوه القضاء وكان يقبل فيه الرشا ويحكم بالجور والعدوان وكان متجاهرا بالفجور والعبث بالنساء فمن ذلك

أن الوليد بن سريع خاصم أخته كلثم بنت سريع إليه في أموال وعقار وكانت كلثم من أحسن نساء وقتها وأجملهن فأعجبته فوجه القضاء على أخيها تقربا إليها وطمعا فيها فظهر ذلك واستفاض عنه فقال فيه هذيل الأشجعي (١)

أتاه وليد بالشهود يقودهم

على ما ادعي من صامت المال والخول

يسوق إليه كلثما وكلامها

شفاء من الداء المخامر والخبل

فما برحت تومي إليه بطرفها

وتومض (٢) أحيانا إذا خصمها غفل

 __________________

وقال أحمد بن حنبل : مضطرب الحديث جدا مع قلة روايته ، وذكر إسحاق الكوسج عن أحمد أنه ضعفه جدا. انظر ترجمته في الجرح والتعديل : ٥ : ٣٦٠ ، تهذيب التهذيب ٦ : ٤١١ ، سير أعلام النبلاء ٥ : ٤٣٨.

(١) مسند أحمد بن حنبل ٥ : ٣٨٢ و ٣٨٥ و ٣٩٩ و ٤٠٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٧ / ٩٧ ، سنن الترمذي ٥ : ٦٠٩ / ٣٦٦٢ ، مستدرك الحاكم ٣ : ٧٥. مصابيح السنة ٤ : ١٦٢ / ٤٧٤٢ و ٢١٨ / ٤٨٨٩.

(٢) قال الشيخ الطوسي في تلخيص الشافي ٣ : ٣٣ : كان فاسقا جريئا على الله ، وهو الذي قتل عبد الله بن يقطر رسول الحسين بن علي إلى مسلم بن عقيل .. وكان مروانيا.

وكان لها دل وعين كحيلة

فأدلت بحسن الدل منها وبالكحل

فأفتنت القبطي حتى قضى لها

بغير قضاء الله في المال والطول

فلو كان من في القصر يعلم علمه

لما استعمل القبطي فينا على عمل

له حين يقضي للنساء تخاوص (١)

وكان وما منه التخاوص والحول

إذا ذات دل كلمته بحاجة

فهم بأن يقضي تنحنح أو سعل

وبرق عينيه ولاك لسانه

يرى كل شيء ما خلا سخطها خبل (٢)

ثم الذي عزاه إليه هو ربعي بن حراش عند أصحاب الحديث من المعدودين في جملة الروافض المستهزءين على أبي بكر وعمر وإضافته إليه مع ما وصفناه ظاهرة البطلان مع أن المشهور عن حذيفة بن اليمان في أصحاب العقبة يضاد روايته هذا الحديث عنه.

وأما روايته عن حفصة بنت عمر بن الخطاب فهي من البرهان على فساده ووجوب سقوطه في باب الحجاج لأن حفصة متهمة فيما ترويه من فضل أبيها وصاحبه ومعروفة بعداوتها لأمير المؤمنين عليه‌السلام وتظاهرها ببغضه وسبه والإغراء به والانحطاط في هوى أختها عائشة بنت أبي بكر في حربه والتأليب عليه ثم لاجترارها بما يتضمنه أفضل وجوه النفع إليهما به وقد سلف (٤) كتاب في هذا المعنى ما يستغنى به

__________________

(١) تخاوص : غض من بصره شييئا ، وهو في كل ذلك يحدق النظر كأنه يقوم سهما. " لسان العرب ـ خوص ٧ : ٣١ ".

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٧ : ٦٢.

(٣) انظر تاريخ بغداد ٨ : ٤٣٣.

(٤) زاد في ب : منا.

عن الإطالة في هذا المقام والله ولي التوفيق (١).

فصل

على أنه لو ثبت هذا الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لأوجب عصمة أبي بكر وعمر من الآثام وقضى لهما بالكمال ونفى السهو والغلط عنهما على كل حال وذلك أن فرض الاقتداء بهما يوجب صواب الفاعل له عند الله تعالى وأن علمه في ذلك واقع موقع الرضا فلو لم يكونا معصومين من الخطإ ولا يؤمن منهما وقوعه كان المقتدي بهما فيه ضالا عن الصراط وموقعا من الفعل ما ليس بصواب عند الله تعالى ولا موافق لرضاه كما أن الله تعالى لما فرض طاعة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمر بالاقتداء به كما أمره بالاقتداء بمن تقدم من أنبيائه عليه‌السلام حيث يقول (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) (٢) أوجب عصمته صلى‌الله‌عليه‌وآله كما أوجب عصمة من تقدم من الأنبياء عليه‌السلام ولم يجز في حكمته فرض الاقتداء بمن ذكرناه مع ارتفاع العصمة منهم لما بيناه.

وفي الإجماع أن أبا بكر وعمر لم يكونا معصومين عن الخطإ وإقرارهما على أنفسهما بذلك أظهر حجة على اختلاق الخبر وفساده كما ذكرنا.

__________________

(١) أنظر الشافي ٢ : ٣٠٦ ـ ٣١١ ، تلخيص الشافي ٣ : ٣٢ ، الصراط المستقيم ٣ : ١٤٤ ـ ١٤٦.

(٢) سورة الانعام ٦ : ٩٠.

فصل آخر

مع أن التباين بين أبي بكر وعمر في كثير من الأحكام يمنع من فرض الاقتداء بهما على كل حال لاستحالة اتباعهما فيما اختلفا فيه ووجوب خلاف أحدهما في وفاق صاحبه وخلاف صاحبه في اتباعه

وقد ثبت أن الله تعالى لا يكلف عباده المحال ولا يشرع ذلك منه صلى‌الله‌عليه‌وآله وإذا بطل وجوب الاقتداء بهما في العموم لما بيناه لم يبق إن سلم الحديث إلا وجوبه في الخصوص وذلك غير موجب للفضل فيهما ولا مانع من ضلالهما ونقصهما وهو حاصل في مثل ذلك من أهل الكتاب ولوفاق المسلمين لهم في خاص من الأقوال مع كفرهم وضلالهم بالإجماع فبان بما وصفناه سقوط الحديث وفساد معانيه على ما قدمناه

فصل آخر

على أن أصحاب الحديث قد رووه بلفظين مختلفين على وجهين من الإعراب متباينين أحدهما الخفض وقد سلف قولنا بما بيناه والآخر النصب وله معنى غير ما ذهب إليه أهل الخلاف.

وذلك أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما دعا الأمة إلى التمسك بكتاب الله تعالى وبعترته عليه‌السلام حيث يقول ((إني مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)). (١) وكان عالما بما أوحى الله تعالى إليه أن أول

__________________

(١) حديث الثقلين من الاحاديث الصحيحة المتواترة ، تنتهي سلسلة أسانيده إلى جماعة من.

ناقض لأمره في ذلك وعادل عنه هذان الرجلان فأراد عليه‌السلام تأكيد الحجة عليهما بتخصيصهما بالأمر باتباع الكتاب والعترة بعد عمومهما به ودخولهما في جملة المخاطبين من سائر الناس فناداهما على التخصيص لما قدمناه من التوكيد في الحجة عليهما فقال : ((اقتدوا باللذين من بعدي أبا بكر وعمر)) وكانا هما المناديين بالاتباع دون أن يكون النداء إليهما على ما شرحناه.

وليس بمنكر أن يبتدئ بالأمر بلفظ الجمع للاثنين أو بلفظ الاثنين للجمع اتساعا كما يعبر عن الواحد وليس فيه من معاني الجمع قليل ولا كثير بلفظ الاثنين أو الجمع قال الله عزوجل (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ) (١).

وقال (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) إلى قوله (خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ) (٢).

وإذا كان الأمر على ما وصفناه فقد سقط ما تعلق به الناصبة من الحديث ولم يبق فيه شبهة والحمد لله

__________________

أجلة الصحابة ، رواه في صحيح مسلم ٤ : ١٨٨٣ / ٣٦ و ٣٧ ، سنن الترمذي ٥ : ٦٦٢ / ٣٧٨٦ و ٦٦٣ / ٣٧٨٨ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٣١ ، سنن البيهقي ٢ : ١٤٨ و ٧ : ٣٠ و ١٠ : ١١٤ ، مسند أحمد ٣ : ١٤ و ١٧ و ٢٦ و ٥٩ و ٤ : ٣٦٦ و ٣٧١ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٠٩ و ١٤٨.

(١) سورة الحج ٢٢ : ١٩.

(٢) سوره ص ٣٨ : ٢١ ، ٢٢.

سؤال

فإن قالوا : فإنا نجد الأمة قد وصفت أبا بكر بالصديق ونعتت عمر بالفاروق ووسمت عثمان بذي النورين وشاع ذلك فيهم واستفاض حتى لم يخف على أحد من الناس وهذا من أوضح الدليل على أن القوم من أهل الثواب وأنهم كانوا في أمرهم على محض الحق والصواب ولو لم يكونوا كذلك لما شاع هذا المدح وذاع.

جواب

قيل لهم : لا معتبر لانتشار الصفات ولا يعتمد ذلك عاقل على حال لأنه قد يوصف بالمدح بها من لا يستحق ذلك للعصبية والضلال كما يوصف بذلك من يستحقه (١) بصحيح الاعتبار لا سيما الدولة والمملكة في استفاضة ذلك من أوكد الأسباب وإن لم يكن ثابتا بحجة تظهر أو بيان.

ألا ترى أن نعت الأصنام بالألوهية قد كان مستفيضا في

__________________

(١) في أ : كما ينفق في المدح بها غير المستحق.

الجاهلية قبل الإسلام وإن كنا نعلم بطلانه ووجود من يعتقد خلافه في تلك الأزمان وأن الوصف بالربوبية قد شاع فيما سلف لكثير من ملوك الزمان مع ثبوت خلاف أهل الحق وتيقنهم (١) في ترك إظهار الخلاف.

وقد استفاض من أوصاف ملوك بني العباس ما يقتضي جليل المدحة كما شاع وانتشر لمنازعيهم في الإمامة الطالبيين مثل ذلك حتى صاروا فيه على حد سواء ولم يجب بذلك اجتماع الفريقين في الصواب ولا اتفاقهم في الاستحقاق.

وكان وصف أبي جعفر بالمنصور كوصف محمد بن عبد الله بن الحسن بالمهدي ووصف القائم بعد أبي جعفر المنصور بالمهدي وابنه بالهادي وابن ابنه بالرشيد كوصف من ذكرناه من الطبقة الأخرى بالناصر والهادي والرشيد والمنصور أيضا والمعز والعزيز.

وإذا كانت الاستفاضة في أوصاف من سميناه على طريقه واحدة استحال انتظام الحق لجميعها لما يدخل ذلك من الخلل ويلحقه من التناقض وبطل ما تعلق به الخصوم في تسمية العامة المتقدمين على أمير المؤمنين عليه‌السلام كل ما يفيد المدحة لهم في الدين ولم يجب باشتهاره ثبوت إمامتهم على اليقين.

ثم يقال للمعتزلة والخوارج وأهل العدل والمرجئة وعقلاء أصحاب الحديث أنتم تعلمون أنه قد شاع لمعاوية بن أبي سفيان

__________________

(١) في ب ، ح ، م : ونفيهم ، والظاهر أنها تصحيف : وتقيتهم.

واستفاض أنه خال المؤمنين وكاتب وحي رب العالمين كما شاع واستفاض لأبي بكر أنه صديق ولعمر أنه فاروق ولم يجب بذلك عندكم أن يكون خال المؤمنين على التحقيق ولا مستحقا لكتابة الوحي والتنزيل.

فما أنكرتم أن يكون الشائع لأبي بكر وعمر مما ذكرتموه لا يجب لهما به حق في الدين وهذا مما لا فرق لهم فيه

فصل

ثم يقال للمعتزلة ليس يمكنكم دفاع ما قد شاع لكم من لقبكم بالقدرية كما شاع من لقب أصحاب المخلوق بالجبر والمحكمة بالخارجية وشيعة علي عليه‌السلام بالرافضة وأصحاب الحديث بالحشوية ولم يجب بذلك عندكم ولا عند فريق ممن سميناه استحقاقهم الشائع مما وصفناه ولا خروجهم به من الدين كما ذكرناه فما أنكرتم أن يكون المشتهر في العامة لأبي بكر وعمر من لفظ المدحة لا يوجب لهما فضلا ولا يخرجهما عن نقص وذلك مما لا تجدون إلى دفعه سبيلا.

__________________

(١) في أ : والا فهلموا فضلا ، وذلك ما لا يجدون إليه بدل (وذلك مما .. دفعه).

سؤال

فإن قالوا ما أنكرتم أن يكون العقد لأبي بكر وعمر الإمامة وتقدمهما على الكافة في الرئاسة يدل على فضلهما في الإسلام وعلوهما في الديانة وإن كنا لا نحيط علما بذلك الفضل ولم يتصل بنا من جهة الأثر والنقل.

وذلك أنهما لم يكونا من أشرف القوم نسبا فيدعو ذلك إلى تقديهما لأن بني عبد مناف أشرف منهما ولا كانا من أكثرهم مالا فيطمع العاقدون لهما في نيل أموالهما ولا كانا أعزهم عشيرة فيخافون عشيرتهما.

فلم يبق إلا أن المقدمين لهما على أمير المؤمنين عليه‌السلام والعباس بن عبد المطلب وسائر المهاجرين والأنصار إنما قدموهما لفضل عرفوه لهما. وإلا فما السبب الموجب لاتباع العقلاء المخلصين لأمرهما ونصبهما إمامين لجماعتهم ورئيسين لكافتهم لو لا الذي ادعيناه.

جواب

قيل لهم لو كان للرجلين فضل حسب ما ادعيتموه وكان ذلك

معروفا عند أهل زمانهما كما ذكرتموه لوجب أن تأتي به الأخبار وترويه نقلة السير والآثار بل وجب أن يظهر على حد يوجب علم اليقين والاضطرار ويزيل الريب فيه حتى لا يختلف في صحته اثنان لأن جميع الدواعي إلى انتشار فضائل الرجال متوفرة في نقل ما كان لهذين الرجلين مما يقتضي التعظيم لمن وجد لهما والإخبار بها.

ألا ترى أنهما كانا أميري الناس وحصلت لهما القدرة على الكافة والسلطان وكان المظهر لولايتهما في زمانهما ومن بعد إلى هذه الحال هو الظاهر على عدوه المتوصل به إلى ما يصلح به الأحوال والمظهر لعداوتهما مهدور الدم أو خائف مطرود عن البلاد والمظنون به من الإفصاح ببغضها مبعد عن الدنيا مستخف باعتقاده عند الجمهور متوقع منهم ما يخافه ويحذره حتى صار القتل مسنونا لمن أظهر ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام وإن كان مظهرا لمحبة أبي بكر وعمر متدينا بها على الاعتقاد وحتى جعل بنو أمية الامتحان بالبراءة من أمير المؤمنين عليه‌السلام طريقا إلى استبراء الناس في اعتقاد إمامة من تقدمه وكل من امتنع من البراءة حكموا عليه بعداوة الشيخين والبراءة من عثمان ومن تبرأ من أمير المؤمنين عليه‌السلام حكموا له باعتقاد السنة وولاية أبي بكر وعمر وعثمان.

ونال أكثر أهل الدنيا مما تمنوه منها (١) من القضاء والشهادات

__________________

(١) في ب ، ح ، م : تمناه منهم.

والإمارات وحازوا الأموال وقربت منازلهم من خلفاء بني أمية وبني العباس بالعصبية لأبي بكر وعمر وعثمان والدعاء إلى إمامتهم والتفضيل لهم على كافة الصحابة والتخرص بما يضيفونه إليهم من الفضل الذي يمنع بالقرآن وينفى بالسنة ويستحيل في العقول ويظهر فساده بيسير الاعتبار.

وإذا كان الأمر على ما وصفناه ولم يمكن لعاقل رفع ما بيناه وشرحناه بطل أن يكون العلم بفضل الرجلين والثالث أيضا على الحد الذي ذكرناه مما يزول معه الارتياب لتوفير الدواعي (١) على موجبه لو كان بل لم يقدر الخصم على ادعاء شيء في هذا الباب أقوى عنده مما حكيناه عنهم فيما سلف من هذا الكتاب وأوضحنا عن وهن التعلق به وكشفناه وبان بذلك جهل الناصبة فيما ادعوه لهما من الفضل المجهول على ما توهموه كما وضح به فساد مقالهم فيما تعلقوا به من ذلك في تأويل المسطور وتخرصوه من الخبر المفتعل الموضوع والمنة لله تعالى.

فصل

ثم يقال لهم : قد سبرنا أحوال المتقدمين على أمير المؤمنين عليه‌السلام فيما يقتضي لهم فضلا يوجب تقدمهم فلم نجده على شيء من الوجوه وذلك أن خصال الفضل معروفة ووجوهه ظاهرة مشهورة وهي السبق

__________________

(١) في أ : الرواة بدل (الدواعي).

إلى الإسلام والجهاد بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والعلم بالدين والإنفاق في سبيل الله جل اسمه والزهد في الدنيا.

أما السبق إلى الإسلام فقد تقدم أمير المؤمنين عليه‌السلام أبا بكر باتفاق العلماء وإجماع الفقهاء وإن كان بعض أعدائه يزعم أنه لم يكن على يقين وإنما كان منه لصغر سنه على جهة التعليم وقد تقدمه أيضا بعد أمير المؤمنين عليه‌السلام زيد وجعفر وخباب رضي الله عنهم وغيرهم من المهاجرين وجاء بذلك الثبت في الحديث.

فروى سالم بن أبي الجعد عن محمد بن سعد بن أبي وقاص أنه قال لأبيه سعد كان أبو بكر أولكم إسلاماً

قال لا قد أسلم قبله أكثر من خمسين رجلا (٢).

فأما عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان فإنه لا يشتبه على أحد من أهل العلم أنهما ينزلان عن مرتبة التقدم على السابقين وأنهما لم يكونا من الأولين في الإسلام وقد تقدمهما جماعة من المسلمين.

__________________

(١) في أ : الامة بدل (الفقهاء). قال الحاكم النيسابوري في معرفة علوم الحديث : ٢٢ : لا أعلم خلافا بين أصحاب التواريخ أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أولهم إسلاما. وحديث أن عليا عليه‌السلام أولهم إسلاما مروي في مصادر معتبرة كثيرة وبطرق ومتون شتى. فرواه الترمذي في صحيحه ٥ : ٦٤٠ / ٣٧٢٨ ، والحاكم في مستدركه على الصحيحين ٣ : ١٣٦ ، ١٨٣ ، ٤٦٥ ، وأبو نعيم في حلية الاولياء ١ : ٦٥ ، ٦٦ ، والخطيب في تاريخ بغداد ٢ : ١٨ و ٤ : ٢٣٣.

(٢) تاريخ الطبري ٢ : ٢١٥ ، الاعلام بحقيقة إسلام أمير المؤمنين عليه‌السلام : ٤٠٩.

وأما الجهاد فإنه لا قدم لأحدهم فيه فلا يمكن لعاقل دعوى ذلك على شيء من الوجوه وقد ذكر الناس من كان منه ذلك سواهم فلم يذكرهم أحد ولا تجاسر على القول بأنهم بارزوا وقتا من الأوقات قرنا ولا سفكوا لمشرك دما ولا جرحوا في الحرب كافرا ولا نازلوا من القوم إنسانا فالريب في هذا الباب معدوم والعلم بما ذكرناه حاصل موجود.

وأما العلم بالدين فقد ظهر من عجزهم فيه ونقصهم عن مرتبة أهل العلم في الضرورة إلى غيرهم من الفقهاء في أحوال أماراتهم ما أغنى عن نصب الدلائل عليه.

وقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حكم لجماعة من أصحابه بأحكام فيه فما حكم لأحد من الثلاثة بشيء منه فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله أقرأكم أبي وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ وأفرضكم زيد وأقضاكم علي)) (١).

فكان صلى‌الله‌عليه‌وآله ناحلا لكل من سميناه سهما من العلم وجامعا سائره لأمير المؤمنين عليه‌السلام بما حكم له بالقضاء الذي يحتاج صاحبه إلى جميع ما سماه من العلوم وأخرج أبا بكر وعمر وعثمان من ذلك كله ولم يجعل لهم فيه حظا كما ذكرناه وهذا مما لا إشكال فيه على ذوي العقول.

وأما الإنفاق فقد قلنا فيما تقدم فيه قولا يغني عن إعادته

__________________

(١) سنن الترمذي ٥ : ٦٦٤ / ٣٧٩٠ و ٣٧٩١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٥ / ١٥٤ ، مسند أحمد ٣ : ٢٨١ ، مصابيح السنة ٤ : ١٧٩ / ٤٧٨٧ ، مستدرك الحاكم ٣ : ٤٢٢.

هاهنا وعمر بن الخطاب من بين الثلاثة صفر منه بالاتفاق أما عثمان فقد كان له ذلك وإن كان بلا فضل فإن خلو القرآن من مديح له على ما كان منه دليل على أنه لا فضل له فيه ولو حصل له به قسط من الفضل لكان كسهم غيره من المنفقين الذين لم يجب لهم التقدم بذلك في إمامة المسلمين.

وأما الزهد في الدنيا فقد قضى بتعرية الثلاثة منه مثابرتهم على الإمارة ومضاربتهم الأنصار على الرئاسة ومسابقتهم إلى الحيلة في التظاهر باسم الإمامة وتركوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مسجى بين أظهرهم لم يقضوا له بذلك في مصابه حقا ولا حضروا له غسلا وتجهيزا ولا صلاة ولا تشييعا ولا دفنا وتوفروا على مخاصمة من سبقهم إلى السقيفة طمعا في العاجل وزهدا في الآجل وسعيا في حوز الشهوات وتناولا للذات وتطاولا على الناس بالرئاسات ولم يخرجها الأول منهم عن نفسه حتى أيقن بهلاكه فجعلها حينئذ في صاحبه ضنا بها على سائر الناس وغبطة لهم.

وكان من أمر الثاني في الشورى ما أوجب تحققه بها بعد وفاته وتحمل من أوزارها ما كان غنيا عنه لو سنحت بها نفسه إلى مستحقها وظهر بعده من الثالث ما استحل به أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دمه من إطراح الدين والانقطاع إلى الدنيا وقضاء الذمامات بأموال الله تبارك وتعالى وتقليد الفجار من بني أمية ومروان رقاب أهل الأديان ولما طولب بنزعها عنه ليقوم بها من سلك طرق الدين امتنع من ذلك

حبا للدنيا وتأكد طمعه فيها إلى أن سفك القوم دمه على الاستحلال له ورفع الحظر والتحريم.

ثم فأي زهد حصل لهم مع ما وصفناه وأي شبهة تبقى على مخالف في خروجهم عن خصال الفضل كلها مع ما ذكرناه لو لا أن العصبية ترين على القلوب؟!

فصل

وأما سؤالهم عن علة تقديم الناس لهم مع ما ذكروه من أحوالهم في النزول عن الشرف وقلة العشيرة والمال فلذلك غير علة :

إحداها : أنهم قصدوا إلى من ليس بأشرفهم فقدموه ليكون ذلك ذريعة إلى نيل جماعاتهم الإمامة مع اختلافهم في منازل الشرف ولا يمنع أحدا منهم انحطاطه عن أعلى الرتب في النسب من التقدم إلى من هو أشرف منه ولو حصروها في أعلى القوم نسبا وأكرمهم حسبا لاختصت بفريق وحصل الباقون منها أصفارا ثم لو جعلوها فيمن كان غيره أكثر منه مالا لطمع الفقراء كلهم بذلك فيها وتقديرهم حوز الأفعال ولم يحصروها في أعزهم عشيرة مخافة أن يتغير عليهم فلا يتمكنون من إخراجها منه ولامتنع عنهم بعشيرته فلا يبلغون منه المراد.

__________________

(١) في أ ، ب ، ح : وبفقرهم ، بدل : (ولامتنع عنهم).

والثانية : أن الذي قدموه كان متعريا مما أوجب عندهم تأخيره فلم يك على حال من الفضل يبعث على الحسد فيحول ذلك بينه وبين التقديم.

والثالثة : أن الأكثر كانوا إلى الرجل أسكن منهم إلى غيره لبعده عن عداوتهم وخروجه عن آصارهم بوتر من وترهم في الدين.

والرابعة : ملاءمة العاقدين للمعقود له في الباطن واجتماعهم على السر من أمرهم والظاهر فتشابهت لذلك منهم القلوب.

والخامسة : استحكام طمع الاتباع في النيل من المتقدمين مراداتهم في الرئاسات والسيرة فيهم بما يؤثرونه من الأحكام المخالفة للمفترضات والمسنونات والتجاوز لهم عن العثرات والزلات وهذا أيضا من الأسباب الداعية إلى إخراج الحق عن أهله بلا اختلاف.

والسادسة : الاتفاق الذي لا يرجع فيه إلى أصل ثابت ولا نتيجة نظر وقد جرت به العادات وقضت بوجود أمثاله الشهادات ألا ترى إلى اجتماع أهل الجاهلية على عبادة الأوثان وهي جمادات لا تنفع أحدا ولا تضره ولا تجلب إليه خيرا ولا تدفع عنه شرا مع انصرافهم عن عبادة الله الذي خلقهم وأراهم في أنفسهم وغيرهم الآيات.

وكذلك كانت حال من تقدمهم في عبادة الأصنام مع تقريع

__________________

(١) في ب ، ح ، م ، زيادة : من اخرجوه.

(٢) في ب ، ح ، م ، الاصنام وعبادتها بدل (عبادة الاصنام).

الأنبياء لهم وتوبيخ الحكماء.

وكذلك كانت حال قوم موسى عليه‌السلام حين خالفوا نبيهم في عبادة العجل واتبعوا السامري فتركوا (١) هارون نبي الله ولم يصغوا إلى وعظه ولا التفتوا إلى قوله ولا اعتنوا بحجته ولم يكن السامري أكثر القوم مالا ولا أشرفهم نسبا ولا أعزهم عشيرة.

وقد اتبع كثير من العرب مسيلمة الكذاب مع ظهور نقصه وعجزه وحماقته واشتهار كذبه وسخفه وتركوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مع ظهور فضله وكمال عقله واشتهار صدقه فيهم وأمانته وشرف أصله وكرم فرعه وبرهان أمره ووضوح حجته وعجيب آياته ولم يك مسيلمة أعزهم عشيرة ولا أكثرهم مالا ولا أشرفهم نسبا بل كان بالضد من هذه الصفات كلها ولم يمنع ذلك من الضلال به وتقديم أتباعه له وارتداد جماعة ممن كان قد أسلم عن دينه واللحوق به.

وقد ظهر من اتباع الجمهور لأراذل الناس وانصرافهم عن أفاضلهم على مرور (٢) الأوقات ما لا يمكن دفعه ولم يك ذلك لعز عشيرة ولا لشرف نسب ولا كثرة مال بل كان بتمام حيلة وجد في الدنيا واتفاق حتى ساست النساء الرجال وتقدم الأطفال على العقلاء واسترق العبيد الأحرار واستعبد الأوضاع الأشراف وحكم الجهال على العلماء.

__________________

(١) في أ : فشكوا بدل (فتركوا).

(٢) في ب زيادة : الايام و.

وقد قال الله عزوجل (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) (١).

وقال تعالى (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) (٢) وكان الجمهور في زمان أكثر الأنبياء أتباع المجرمين فضل بهم أكثر أممهم وغيروا شرائعهم وصدوا عن سبيلهم ودعوا إلى غير دينهم ولم يدعهم إلى ذلك شرف المضلين ولا عزهم في عشائرهم ولا كثرة أموالهم وإنما دعاهم إليه ما ذكرناه من الداعي إلى تقديم من سميناه.

ولو ذهبنا إلى تتبع هذا المعنى وتعداد من حصل له وشرح الأمر فيه لطال الخطاب وفي الجملة أن الأغلب في حصول الدنيا لأهلها والأكثر فيها تمام الرئاسة لأهل الجهل والمعهود في ملكها والغلبة عليها لأهل الضلال والكفر وإنما يخرج عن هذا العهد إلى أهل الإيمان وذوي الفضل والكمال في النادر الشاذ ومن دفع ما وصفناه وأنكر ما شرحناه كان جاهلا أو مرتكبا للعناد

فصل

ثم يقال لهم لسنا ننكر أن تقديم المفضول على الفاضل مخالف لأحكام العقول وأن سياسة الناقص الكامل من الحكم المعكوس

__________________

(١) سورة الفرقان ٢٥ : ٣١.

(٢) سورة الانعام ٦ : ١١٢.

المرذول لكنه غير بدع عند أهل الضلال ولا عجب من اختيارهم فيما سلف من الأزمان والأحوال وأن تقديم تيم وعدي على بني هاشم وعبد مناف إنما هو كتقديم العبيد على السادات وتغلب أبي بكر بن أبي قحافة على مقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ودفع أخيه ووصيه وصهره ووزيره ووارثه وخليفته في أهله وأحب الخلق إلى الله تعالى وإليه لعجيب تكاد النفوس منه تذوب لكنا إذا وكلنا الأمر إلى ما قدمناه من ذكر أمثاله في البدائع من الأمور فيما سلف سلت لذلك القلوب.

وقد قال الشاعر :

أجاء نبي الحق من آل هاشم

لتملك تيم دونهم عقدة الأمر

وتصرف عن قوم بهم تم أمرها

ويملكها بالصفر منهم أبو بكر

أفي حكم من هذا فنعرف حكمه

لقد صار عرف الدين نكرا إلى نكر (١)

وقال أيضا رحمه‌الله :

أترى صهاكا وابنها وابن ابنها

وأبا قحافة آكل الذبان

كانوا يرون وفي الأمور عجائب

يأتي بهن تصرف الأزمان

أن الخلافة من وراثة هاشم

فيهم تصير وهيبة السلطان (٢)

 __________________

(١) الصراط المستقيم ٢ : ٣٠٦ قال : من أحسن ما روته العباسة من شعر أبيها السيد الحميري. وذكر الابيات.

(٢) ديوان السيد الحميري : ٧٩٢.

فصل

اعلموا رحمكم الله أنه لو لا ما اتفق لهؤلاء الثلاثة من التقدم على آل محمد عليه‌السلام والتسلط على الخلق بسلطانهم والترؤس بالغطرسة عليهم لما سل بين المسلمين سيفان ولا اختلف في الشريعة اثنان ولا استحل أتباع الجمل وأهل الشام والنهروان دماء أهل الإيمان ولا سفك دم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام جهلا على التدين به والاستحلال ولا قتل الحسنان عليه‌السلام ولا استحلت حرمات العترة وأريقت دماؤهم كما يستباح ذلك من أهل الردة عن الإسلام.

لكنهم أصلوا ذلك بدفعهم عليا أمير المؤمنين عليه‌السلام عن مقامه وسنوه باستخفافهم بحقه وأوجبوه باستهانتهم بأمره وسهلوه بوضعهم من قدره وسجلوه بحطهم له عن محله وأباحوه بما أظهروا من عداوته ومقته فباءوا لذلك بإثمه وتحملوا أوزاره وأوزار من ضل بهم عن الحق بأسره كما قال الله تعالى (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ) (١).

__________________

(١) سورة العنكبوت ٢٩ : ١٣

ولقد أحسن شاعر آل محمد عليه‌السلام في جملة ما فصلناه في هذا المقام حيث يقول

تبيت النشاوى من أمية نوما

وفي الطف قتلى ما ينام حميمها

وما ضيع الإسلام إلا عصابة

تأمر نوكاها (١) فدام نعيمها

فأضحت قناة الدين في كف ظالم

إذا أعوج منها جانب لا يقيمها (٢)

وقال الآخر في ذلك :

لعمري لئن جارت أمية واعتدت

لأول من سن الضلالة أجور

وقال الكميت بن زيد رحمه‌الله وقد ذكر مقتل الحسين عليه‌السلام :

يصيب به الرامون عن قوس وترهم (٣)

فيا آخرا يبدي (٤) له الغي أول (٥)

وقد أثبت في هذا الكتاب والله المحمود جميع ما يتعلق به أهل الخلاف في إمامة أئمتهم من تأويل القرآن والإجماع والعمد لهم في الأخبار على ما يتفقون عليه من الإجماع دون ما يختلفون فيه لشذوذه ودخوله في باب الهذيان وبينت عن وجوه ذلك بواضح البيان وكشفت عن الحقيقة فيه بجلي البرهان.

__________________

(١) أي الحمقي. انظر الصحاح ٤ : ١٦١٢ ـ نوك ـ.

(٢) أمالي المرتضى ١ : ١١٨ ، مقتل الحسين للخوارزمي ٢ : ١٩١ ، معجم البلدان ٤ : ٣٦ ، والابيات لابي دهبل الجمحي.

(٣) في ح نسخة بدل وفي المصدرين : غيرهم.

(٤) في شرح الهاشميات : سدى. وفي الاغاني : أسدى. وهو الانسب.

(٥) شرح هاشميات الكميت لابي رياش أحمد بن إبراهيم القيسي : ١٦٨ ، الاغاني ١٧ : ٣١.

وأنا بمشيته وعونه تعالى أفرد فيما تعتمده الشيعة في إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام من آيات القرآن المحكمات والأخبار الصادقة بحجج التواتر والقرآن من البينات كتابا أشبع فيه معاني الكلام ليضاف إلى هذا الكتاب وتكمل به الفوائد في هذه الأبواب والله تعالى اسمه هو الموفق والهادي إلى الصواب.

* * *

إلى هنا تم كتاب (الإفصاح) للشيخ السديد المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام بن جابر بن النعمان بن سعيد العكبري البغدادي قدس‌سره السعيد

__________________

(١) عد تلميذه الشيخ أبو العباس النجاشي في رجاله : ٤٠٠ من كتب أستاذه كتابا في إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام من القرآن.

الفهارس الفنّية :

١ ـ فهرس الآيات القرآنية.

٢ ـ فهرس الأحاديث.

٣ ـ فهرس الأعلام.

٤ ـ فهرس الكتب المذكورة في المتن.

٥ ـ فهرس الأشعار.

٦ ـ فهرس المواضع والبلدان.

٧ ـ فهرس الايام والوقائع التاريخية.

٨ ـ فهرس الفرق والمذاهب والقبائل والأقوام.

٩ ـ فهرس المصادر والمراجع.

١٠ ـ المحتوي.

١ ـ فهرس الآيات القرآنية

الآية

رقمها

الصحفة

سورة البقرة (٢)

 (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا ...)

١٥٥ ـ ١٥٧

٨٠

سورة آل عمران (٣)

 (وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا ...)

٨٣

١٠١

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ...)

١٠٢

١٨٠

 (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ...)

١٤٤

٥٢

 (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ ...)

١٥٣

٥٨ ـ ٦٨

 (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا ...)

١٥٥

٦٩

سورة النساء (٤)

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ...)

٥٩

٢٨

 (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا ...)

٧٧

٥٧

 (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَة ...)

٧٨

٥٧

 (لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ...)

٩٥

١٩٤

 (أنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا ...)

١٤٢

٦١

 (وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ ...)

١٥٩

١٠١

سورة المائدة (٥)

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي ...)

٥٤

٥٣ ـ ١٢٥ ـ ١٣١ ـ ١٣٣ ـ ١٣٦

 (وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ...)

٥٦ و ٥٥

١٣٤

 (وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ)

٥٩

٤٢

 (هَـٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ ...)

١١٩

٧٩

سورة الأنعام (٦)

 (أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّه فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)

٩٠

٢٢٢

 (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ)

١١٢

٢٣٨

 (وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ ...)

١٣٣

٩٣

سورة الأعراف (٧)

 (وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ...)

٦٥

٢٧

 (إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ...)

٧٣

١٢٧

 (إِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ...)

٨٥

١٢٧

 (قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ ...)

١٢٨

٩٣

 (قَالُوا أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِيَنَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا ...)

١٢٩

٩٣

 (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)

١٩٩

٦٢

سورة الأنفال (٨)

 (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا ...)

٨,٥

٥٤

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا ...)

١٦,١٥

٥٦

(وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِّقِتَالٍ ...)

١٦

٨٨

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ ...)

٢٨,٢٠

١٨,٥٥

(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ...)

٢٥

٥٢

 (إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَىٰ وَالرَّكْبُ ...)

٤٣,٤٢

٥٦

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا ...)

٤٥

٥٦

 (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ...)

٦٨,٦٧

١٩٩,٥٧

سورة التوبة (٩)

 (إِن نَّكَثُوا أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا ...)

١٢

١٢٥

 (وَيَوْمَ حُنَ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا ...)

٢٦,٢٥

١٩١ ـ ٦٨ ـ ٥٨

 (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي ...)

٣٤

٨٣

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا ...)

٣٨

١١٢

(إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ)

٤٠

١٨٥ ـ ١٨٦ ـ ١٩٠

 (وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا ...)

٥٤

٦١

 (وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ)

٦٢

٨٢

 (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ...)

٧٢

٧٩

 (فَإِن رَّجَعَكَ اللَّهُ إِلَىٰ طَائِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ ...)

٨٥,٨٣

١٣,١١١

 (ولَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَا إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم ...)

٨٥

١١٣

 (سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا ...)

٩٥

٦٢

 (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ ...)

١٠٠

٨١,٧٧ ، ,٨٢

 (وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُو وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ...)

١٠١

٦١

 (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ ...)

١١١

١٩٤

 (لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ)

١١٧

١٦٩

سورة يونس (١٠)

 (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ...)

١٤

٩٣

سورة هود (١١)

 (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلُ)

٤٠

٤٢

 (وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا)

٥٠

١٢٧

 (وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا)

٦١

١٢٧

 (وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا)

٨٤

١٢٧

سورة يوسف (١٢)

 (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ)

١٠٣

٤٢

 (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ)

٠٦

٤٢

سورة الإسراء (١٧)

 (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عليهمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ)

٦

١٠١

 (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ ...)

٧١

٢٨

سورة الكهف (١٨)

 (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ ...)

٣٨,٣٧

١٨٨

سورة الأنبياء (٢١)

 (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا ...)

١٠٥

١٠١

سورة الحج (٢٢)

 (هَـٰذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ...)

١٩

٢٢٤

 (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ ...)

٤١

١٠١

سورة النور (٢٤)

 (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا ...)

٢٢

١٧٩,١٧٥,١٨٠

 (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ)

٥٥

٩٠

سورة الفرقان (٢٥)

 (وكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ...)

٣١

٢٣٨

سورة القصص (٢٨)

 (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ...)

٦,٥

١٠١

سورة العنكبوت

 (الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا)

٤ ـ ١

٥٢

 (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ...)

١٣

٢٤١

سورة الأحزاب (٣٣)

 (لَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ ...)

١٥

٦٩,٥٨,٨٧,٧٠

 (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عليه فَمِنْهُم ...)

٢٣

٨٨

 (وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا ...)

٢٧

٩٤

سورة ص (٣٨)

 (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ ...)

٢٢,٢١

٢٢٤

 (وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ ...)

٢٤

٤٢

سورة الزمر (٣٩)

 (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ ...)

٣٢

١٦٨

 (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ...)

٣٣ ـ ٣٥

١٦٥ ـ ١٦٣ ـ ١٦٧ ـ ١٦٦ ـ ١٦٨

 (لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ ...)

٣٥

١٦٨

سورة فصلت (٤١)

 (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ ...)

٣٤ ـ ٣٥

٦٢

سورة الزخرف (٤٣)

 (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ)

٤١

١٣٦

سورة محمد (ص) (٤٧)

 (وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ ...)

٣٠

٢٠٠,٦١

سورة الفتح (٤٨)

 (لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ)

٢

١٦٩

 (سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ...)

١٥

١٠٧

 (كَذَٰلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ ...)

١٥

١١١

 (قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُولِي ...)

١٦

١٠٧

 (سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ)

١٦

١١٢ ـ ١١٧ ـ ١١٩

 (لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)

١٨

١٩٢,٨٦,٨٥

 (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ...)

٢٦

١٩٢

 (زَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ ...)

٢٩

١٤٨

 (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ...)

٢٩

١٣٩ ـ ١٤٢ ـ ١٤٦

سورة الحجرات (٤٩)

 (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا)

٩

١١٨

سورة الحديد (٥٧)

 (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ...)

٧

٩٤

 (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ...)

١٠

١٥١

سورة الجمعة (٦٢)

 (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ ...)

١١

٥٩

سورة المنافقون (٦٣)

 (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا ...)

٤

٦٢

سورة التحريم (٦٦)

 (إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُ وَإِن تَظَاهَرَا ...)

٤

٢٠٩

سورة المعارج (٧٠)

 (فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) عَنِ الْيَمِينِ ...)

٣٩,٣٦

٦٢

سورة المدثر (٧٤)

 (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ)

٣٩,٣٨

٨٣

سورة الإنسان (٧٦)

 (هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ ...)

١

٢١٠,١٦١

سورة التكوير (٨١)

 (وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (٢٢) وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ)

٢٣,٢٢

١٨٨

سورة الليل (٩٢)

 (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ ...)

٧,٥

١٧١

 (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ (٦) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ ...)

٨,٦

٢١١

سورة الشرح (٩٤)

 (وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ)

٣,٢

١٦٩

٢ ـ فهرس الأحاديث

الحديث

الصحفة

إخواننا بغوا علينا.

١١٨ ـ ١٢٥

أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهديتم.

٤٩

أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ، يتبع آخرها أوّلها الآخر اوّلها الآخر شر من الأول.

٥٠

اقتدوا باللذين من بعدي ، أبابكر وعمر.

٢٢٤

اقتدوا باللذين من بعدي ، أبي بكر وعمر.

٢١٩

أقرأكم أبيّ ، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ ، وأفرضكم زيد ، أقضاكم علي.

٢٣٣

ألا وإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، ألا ليبلَّغ الشاهد منكم الغائب ، ألا لأعرفنَّكم وترتدّون بعدى كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ، ألا إنّي قد شهدتُ وغبتم.

٥٠

اللهم ائتني بأحب خلقك إليك. يأكل معي من هذا الطائر.

٣٣

اللهم وال من والا ، وعاد من عاداء.

١٢٩

إمامكم خياركم.

٢٠١

أما والله ، لولا حضور الحاضر ، قيام الحجة بوجود الناصر ، وما أخذ الله علي العلماء أن لا يقارّوا علي كظّة ظالم ، سغب مظلوم ، لألقيت حلبها علي غاربها ولسقيت آخرها بكأس أوَّلها.

٤٦

أنا لفتنة بعضكم أخوف متّي لفتنة الدجَّال.

٥١

أنت متّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبي بعدي.

٣٣

إنكم محشورون إلى الله تعالى يوم القيامة حُفاة عُراة ، وإنّه سيُجاء برجال من أُمني ، فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول يارب أصحابي : فُيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، إنهم لم يزالو مرتدّين علي أعقابهم منذ فارقتهم.

٥٠

إنكنّ كصويحبات يوسف.

٢٠٧

إن الله تعالي إطلع علي أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم ، فقد غفر لكم.

٤٩

إنمّا جعل الإمام إماماً ليؤتم به ، فإذا صلي جالساً فصلّوا جلساً أجمعين.

٢٠٥

إنّ من اصحابي من لا يراني بغد أن يفارقني.

٥٢

إني مُخلّفّ فيكم الثقلين ، ما إن تمسَّكم بهما لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنهما لن بفترها حتي يردا علي الحوض.

٢٢٣

أيها الناس ، بينا أنا علي الحوض إذمُر لك زُمراً فتفرّق بكم الطرق ، فأناديكم : إلا هلمّوا إلي الطريق ، فيناديني مُناد من ورائي : إنّهم بَّدلوا بعدك ، فأقول : ألا سُحقاًن ، ألا سُحقاً.

٥١

تقاتل بعد الناكثين والقاسطين والمارقين.

١٣٥

حربك يا علي ، حربي ، سلمك سلمي.

١٢٨

خُذ المال فُعد به إلي أبيك.

١٠٤

خير القرون القرن الذي إنا فيه ، ثم الذي يلونه.

٤٩

الصلاة عماد الدين.

٢٠١

صلّوا خلف كلّ برّ وفاجر.

٢٠٢

عشرة من أصحابي في الجنّة.

٦٦ ـ ٧١

فّمن إذن؟.

٥٠

كثرت الكذَّابة عليَّ ، فما أتاكم عنّي من حديث فاعرضوه علي القرآن.

٦٠

لأعطين الرَّاية غداً رجلَّا يحب الله ورسوله ، كرّار غير فرّار ، لايرجع حتّى يفتح الله علي يديه.

٣٤ ـ ٣٨ ـ ٨٦ ـ ١٣٢ ـ ١٥٧ ـ ١٩٧.

لا ولكنّه خاصف النعل في الحجرة.

١٣٥

لتتعبنَّ سنن من كان قبلكم ، شبراً بشبر ، وذراعا بذراغ ، حتّي لو دخلوا في جحر ضبّ لا تبعتموهم.

٥٠

لتنتهنَّ يا معشر قريش ، أو ليبعثنَّ الله عليكم رجلًا يضربكم علي تأويل القرآن ، كما ضربتكم علي تنزيلة.

١٣٥

لن تنقضي الأيام والليالي حتي يبعث الله رجلًا من أهل بيتي ، يواطيء اسمه اسمي ، يملأها قسطاً وعدلًا ، كما مُلئتْ ظُلماً وجوراً.

١٠٢

ما أبدلني الله خيراً منها ـ أي خديجة ـ صدقتني إذ كذّبني الناس ، وواستني بما لها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله الولد منها ، ولم يرزقني من غيرها.

٢١٦

ما أحد من الناس أعظم نفعاً علينا حقّاً في صحبته وماله من أبي بكر لن أبي قحافة.

٢٠٨

ما بال أقوام يقولون : إنّ رحم رسول الله با تنفع يو القيامة؟! بلي والله ، إنّ رحمي لموصولة في الدنيا والآخرة ، وإنّي أيّها الناس فرطكم علي الحوض ، فإذا جئتم قال الرجل منكم : يارسول الله ، أنا فلان بن فلان؛ وقال الآخرة : أنا فلان بن فلان؛ فأقول : أمّا النسل فقد عرفته ولكنكم أحدثتم بعدي ، فارتددتم القهقري.

٥١

ما كان الله ليجمع أمّتي علي ضلال.

٤٧

ما نفعنا مال كمال أبي بكر.

٢٠٨

من آذي عليّاً فقد آذاني ، من آذاني فقد آذي الله تعالي.

١٢٨

من ضحك فلعيد وضوءه والصلاة.

٦٠

من كنت مولا فعلي مولاه.

٣٣

من مات هو لا يعرف إمام زمانة ، مات ميتةً جاهلية

٢٨

والله ، ما قوتل أهل هذه الآية حتّي اليوم.

١٢٥

ويحبّه الله ورسوله (حديث الراية).

٨٧

٣ ـ فهرس الأعلام

محمد رسول الله صلي الله عيله وآله : ٢٥ ـ ٢٨ ـ ٤١ ـ ٤٤ ـ ٤٧ ـ ٥٦ ـ ٥٨ ـ ٦٣ ـ ٦٥ ـ ٧٤ ـ ٧٧ ـ ٨٤ ـ ٨٧ ـ ٩٠ ـ ٩١ ـ ٩٤ ـ ٩٥ ـ ٩٧ ـ ١٠٠ ـ ١٠٢ ـ ١٠٥ ـ ١٠٨ ـ ١١١ ـ ١١٣ ـ ١١٥ ـ ١٢٤ ـ ١٢٦ ـ ١٢٨ ـ ١٣٦ ـ ١٣٩ ـ ١٤٤ ـ ١٤٦ ـ ١٥٤ ـ ١٥٧ ـ ١٦٠ ـ ١٦٣ ـ ١٦٤ ـ ١٦٦ ـ ١٦٩ ـ ١٧٢ ـ ١٧٦ ـ ١٧٨ ـ ١٨١ ـ ١٨٥ ـ ١٩٣ ـ ١٩٥ ـ ١٩٧ ـ ١٩٩ ـ ٢٠١ ـ ٢٠٩ ـ ٢١١ ـ ٢١٧ ـ ٢١٩ ـ ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ـ ٢٣٢ ـ ٢٣٤ ـ ٢٣٧ ـ ٢٣٨.

علي بن أبي طالب أمير المومنين عليه‌السلام ٢٩ ـ ٣٢ ـ ٤٣ ـ ٤٦ ـ ٤٨ ـ ٥٤ ـ ٥٨ ـ ٦٥ ـ ٦٨ ـ ٦٩ ـ ٧٢ ـ ٧٥ ـ ٧٧ ـ ٨٢ ـ ٨٤ ـ ٨٧ ـ ٩٠ ـ ٩٤ ـ ٩٨ ـ ٩٩ ـ ١٠٤ ـ ١١٥ ـ ١٣٦ ـ ١٤٣ ـ ١٤٥ ـ ١٤٨ ـ ١٥٤ ـ ١٥٦ ـ ١٥٧ ـ ١٥٩ ـ ١٦١ ـ ١٦٤ ـ ١٦٩ ـ ١٧٧ ـ ١٨٣ ـ ١٩٥ ـ ٢٠٨ ـ

٢١٠ ـ ٢١٤ ـ ٢١٩ ـ ٢٢١ ـ ٢٢٦ ـ ٢٢٧ ـ ٢٢٩ ـ ٢٣٢ ـ ٢٤١ ـ ٢٤٢.

فاطمة الزهرا سيّدة النساء العالمين عليها السلام : ١٣٤.

الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام : ٤٣ ـ ٤٨ ـ ١٠٤ ـ ١٤٥.

الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام : ٤٣ ـ ١٤٥ ـ ٢٤٢.

الحسنان عليهما السلام : ٢٤١.

محمد بن علي الباقر عليه‌السلام : ٩١ ـ ١٦٦.

جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام : ١٦٦.

القائم المهدي ، عليه‌السلام : ١٠٠ ـ ١٠٢.

آدم عليه‌السلام : ٤٤.

آكل الذبان : ٢٣٩.

إبراهيم عليه‌السلام : ١٤٢ ـ ٢٠٥.

إبراهيم بن الحكم : ١٦٥.

إبراهيم بن سيّار النظّام ، إمام المعزلة وشيخها : ٤٧.

ابن عباس : عبد الله بن عباس : ١٩٥

أبوالأعور السلمي : ١٤٠.

أبو أيوب : ٧٨

أبو بصير : ١٦٦

أبوبكر : ٣٦ ـ ٣٩ ـ ٤١ ـ ٤٣ ـ ٦٥ ـ ٦٧ ـ ٧١ ـ ٧٤ ـ ٧٧ ـ ٨٤ ـ ٨٦ ـ ٩٠ ـ ٩٨ ـ ٩٩ ـ ١٠٤ ـ ١٠٧ ـ ١٠٨ ـ ١١١ ـ ١١٥ ـ ١١٨ ـ ١٢٠ ـ ١٢١ ـ ١٣٠ ـ ١٣١ ـ ١٣٣ ـ ١٣٦ ـ ١٣٩ ـ ١٤٠ ـ ١٤٦ ـ

أبوبكر الحضرمي : ١٦٦.

أبوجعفر المنصور : ٢٢٦.

أبوالدحاح الأنصاري : ١٧٢

أبو الدرداء : ١٤٠

أبوذر : ٤٨,٤٠

أبوسفيان : صخر بن حرب : ٤٨,١٠٤,١٠٥,١٥٣,١٥٤,١٥٧

أبوطالب : ٢١١

أبوالعالية : ٩٤.

أبو عبيدة بن الجراح : ٢١٢ ، ١٥١ ، ١٤٦ ، ١٣٩ ، ٩٨ ، ٦٧ ، ٦٥.

أبوعمّار بن ياسر : ٩٩.

أبوموسي الأشعري : ١٤٠,١٠٥ ، ٤١.

أبوهاشم الجبائي : ١٢٤.

أبوهريرة : ١٧١ ، ١٦٧ ، ١٦٦ ، ١٦١ ، ١٤٠.

أبو وائل : ٢٠٤

أبوالهيثم بن التّهيان : ٧٨.

أُبي : ٢٣٣.

اُثاثة بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم : ١٧٩.

إسرافيل عليه‌السلام : ٢١٥.

الأسود : ٢٠٥.

الأعمش : ٢٠٥.

أُمُّ عمّار بن ياسر : ٩٩.

أنس بن مالك : ١٧٢,٥٣.

بريدة الأسلمي : ٤٨.

بسربن أرطاة : ١٣٠.

بلال ٢١٥,٢٠٦ ، ١٦١

بلال بن حمامة : ٢١٥.

جبرئيل عليه‌السلام : ٢١٥,٢٠٩,١٩٨,١٨٦.

جعفر بن أبي طالب الطيّار : ٢٣٢,١٦٥,١٤٣,٩٩,٧٨,٣٩,

حذيفة : ١٢٦.

حذيفة بن اليمان : ٢٢١,٢٢٠,١٣١.

حسّان بن ثابت ١٦١,٤٠.

الحسين بن محمد : ٩٤.

حفصة بنت عمر بن الخطاب : ٢٢١,٢٢٠,٢٠٩

الحكم : ١٦٥,٩٤

الحكم بن أبي العاصي : ١٤٠.

حمزة بن عبدالمطلب سيىد الشهداء١٩٥,١٦٥,١٤٣,٧٨,٣٩.

خالد بن سعيىد بن العاص : ٤٨.

خالد بن الوليد : ١٥٥,١٥٣.

خبّاب بن الأرتّ : ٢٣٢,٧٨,٤٠

خديجة بنت خويلد رضي الله عنها : ٢١٧,٢١٦,٢١٢,٢١١.

خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين : ٧٨

داود : ١٦٤.

داود الحواري : ١٧٦.

الدجال : ٥١.

ربعي بن حراش : ٢٢١,٢٢٠

الربيع : ٩٤

الزبير : ٢١٢,١٥٩,١٥٨,١٥١

,١٤٨,١٤٦,١٣٩,٨٥,٨٤,٨١

,٧٧,٧٤,٦٧,٦٥,٤٨,٤٠

زيد بن حارثة : ٢٢٢,٧٨,٤٠

زيد بن عبد الله : ١٤٣.

سالم بن أبي الجعد : ٢٣٢.

السامري (صاحب العجل) ٢٣٧,٤١.

السُدّي : ١٦٧,١٦٥.

سعد : ١٥٨,١٥١,١٤٦,١٣٩,٨٥,٧٧,٦٧.

سعد بن أبي وقاّص : ٦٥,٤٠.

سعد بن عبادة : ٨٤.

سعد بن معاذ : ٧٨.

سعيد : ٢١٢,١٦٦,١٥٨,١٥١,١٤٦,١٣٩

,٨٥,٧٧,٧١,٦٧.

سعيد بن زيد بن نغيل : ٧١,٦٥.

سلمان الفارسي : ٤٨.

سماك بن خَرشَة الأنصاري : ١٤٣.

سمرة بن جندب : ١٧٢.

سهيل بن عمرو : ١٣٥.

الشعبي : ٢١٦,٢١٠.

شعيب عليه‌السلام : ١٢٧.

الشيخان : أبوبكر وعمر : ٢٣٠.

صالح عليه‌السلام : ١٢٧.

صخر بن حرب أبو سفيان : ١٤٠,١٠٣.

صفوان بن المعطل : ٦٠.

صهاك : ٢٣٩.

الضحّاك : ١٧٦.١٦٦.

طلحة : ٢١٢

,١٥٩,١٥٨,١٥١,١٤٨,١٤٦,١٣٩,٨٥

,٨٤,٨١,٧٧,٧٤,٦٧,٦٥,٤٠.

عائشة بن أبي بكر : ٢٢١ ,٢١٦,٢١٥,٢٠٨,٢٠٢,١٧٩,١٧٥,٦٠

العباس بن عبد المطلب : ٢٢٩,٥٨,٤٨,٣٦.

عبد الرحمن بن عوف : ٢٠٢ ,١٥٨,١٥١,١٤٦,١٣٩,١١٢,٩٨,٦٧,٦٥.

عبد الله بن أبي سرح : ١٤٠,١٠٥.

عبد الله بن أبي سلول : ١٤٠.

عبد الله بن جُدعان : ٢١٢,١٧٦.

عبد الله بن عباس= ابن عباس : ١٧٢,٩١.

عبد الله بن المبارك : ٢١٦.

عبد الله بن مسعود : ١٣٦,١٣٢.

عبد الملك : ١٠٥

عبد الملك بن عمير : ٢٢٠,٢١٩.

عبد المطّلب : ٢١١.

عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب : ١٩٦.١٤٣.٣٩

عبيدة بن حُمَيْد : ١٦٦.

عثمان بن عفّان : ٥٣.٤٨.٤٣.٤١.٣٩.٣٠

٩٠.٨١.٧٧.٧٤.٧١.٦٧.٦٥

١١٥.١١١.١٠٥.١٠٤.٩٩.٩٨.

١٣٩.١٣٣.١٣٠.١٢٦.١٢١.

١٥٣.١٥١.١٤٧.١٤٦.١٤٠.

٢١٠.٢٠٩.١٥٩.١٥٦.١٥٤.

٢٣٤.٢٣٠.٢٢٥.٢١٢.

عروة بن الزبير : ٢٠٥.

العزّي (صنم) : ١٤٦.

عطاء : ٩١.

علي بن أبي حمزة : ١٦٦.

علي بن الحكم : ١٦٦.

عمّار بن ياسر : ١٢٦.٩٩.٧٨.٤٨.٤٠.

١٤٣.١٣١.

عمر بن الخطاب : ٣٩ ـ ٤١ ـ ٤٣ ـ ٤٨ ـ ٦٥ ـ ٦٧ ـ ٧١ ـ ٧٤ ـ ٧٧ ـ ٨٤ ـ ٨٦ ـ ٩٠ ـ ٩٨ ـ ٩٩ ـ ١٠٤ ـ ١٠٥ ـ ١٠٧ ـ ١٠٨ ـ ١١١ ـ ١١٥ ـ ١١٨ ـ ١٣٠ ـ ١٣٣ ـ ١٣٥ ـ ١٣٦ ـ ١٣٩ ـ ١٤٠ ـ ١٤٦ ـ ١٤٧ ـ ١٥١ ـ ١٥٩ ـ ١٩٣ ـ ١٩٧ ـ ١٩٩ ـ ٢٠٢ ـ ٢١٠ ـ ٢١٢ ـ ٢١٩ ـ ٢٢٣ ـ ٢٢٥ ـ ٢٢٧ ـ ٢٢٩ ـ ٢٣٠ ـ ٢٣٤

عمرو بن العاص : ١٠٥ ـ ١٣٠ ـ ١٤٠ ـ ١٥٣ ـ ١٥٥ ـ ١٧١ ـ ٢٠٢

عمرو بن عبد ودّ : ١٥٧.

عيسي عليه‌السلام : ١٤٢.٤١.

فرعون : ١٠١.

كلثم بنت سريع : ٢٢٠.

الكلبي : ١٧٦.

اللات (صنم) : ١٤٦.

مالك بن نويرة : ١٤٠.٤١.

مجالد : ٢١٦.

مجاهد : ١٦٧.١٦٦.٩١.

محمد بن سعد بن أبي وقاص : ٢٣٢.

محمد بن عبد الله بن الحسن المهدي : ٢٢٦.

محمد بن محمد النعمان ، أبو عبد الله الشيخ المفيد رحمه الله : ٢٤٢

محمد بن مسلمة : ٤٠.

محمد بن هارون الورّاق : ٢٠٧.

مَرْحَب : ١٩٥.٨٦

مروان بن الحكم : ١٤٠.١٠٥

مسروق : ٢١٦.٢٠٤

مِسطَح : ١٨١.١٧٩.١٧٧.١٧٥.

معاوية بن أبوسفيان : ١٠٣.٤٨.٤٣.٤٠

١٥٣.١٤٠.١٣٠.١٢٩.١٠٥.

٢٢٦.١٧١.١٦٧.١٥٤.

معاوية بن حُدَيْج : ١٣٠.

مسيلمة الكذّاب ٢٣٧.

معاذ : ٢٣٣.

المغير بن شعبة : ١٧١.١٤٠

مقاتل بن سليمان : ١٧٦.١٦٤.٩١.

المقداد بن الأسود : ١٤٣.٤٨.٤٠.

منصور : ١٦٦.

موسي بن عمران عليه‌السلام : .٩٣.٤١.٣٣

٢٣٧.١٤٢

ميكائيل عليه‌السلام : ٢١٥.

هارون عليه‌السلام : ٣٣.

هاشم : ٢٣٩.

هامان : ١٠١.

هذيل الأشجعي : ٢٢٠.

هند : ١٨٩.

هود عليه‌السلام : ١٢٧.

الوليد بن سريع : ٢٢٠.

الوليد بن عقبة بن أبي معيط : ١٤٠.١٠٥.

وكيع : ٢٠٥.

يزيد : ١٤٠.

يزيد بن أبي سفيان : ١٥٤.١٥٣.١٠٤.١٠٣.

يزيد بن معاوية : ٤٨.٤٤.٤٣.

٤ ـ فهرس الكتب المذكورة في المتن

أمالي الشيخ المفيد قدس سرة : ٢٥.

الإنجيبل : ١٩٤.١٤٦.١٤٥.١٤٢.١٣٩.

التوراة : ١٣٩ ، ١٤٢ ، ١٤٥ ، ١٤٦ ، ١٩٤.

الزبور : ١٠١.

السقيفة لأبي عيسي محمد بن هارون الورّاق : ٢٠٧

صحف إبراهيم : ١٤٢

العيون والمحاسن : ١٩٢

القرآن : ٢٨ ، ٣٧ ، ٣٩ ، ٤٢ ، ٤٥ ، ٥٢ ، ٥٤ ، ٥٧ ـ ٦٠ ، ٦٣ ، ٦٥ ، ٦٦ ، ٧٠ ، ٩١ ، ٩٢ ، ٩٥ ، ١٠٠ ، ١٠١ ، ١٠٩ ، ١١٠

١١٢ ، ١١٤ ، ١٢٠ ، ١٢١ ، ١٣٥ ، ١٣٩ ، ١٤١ ، ١٤٣ ، ١٤٨ ، ١٥٣ ، ١٥٦ ، ١٦٠ ، ١٦١ ، ١٦٣ ، ١٦٧ ، ١٧٦ ، ١٧٨ ، ، ١٨١ ، ١٨٣ ، ١٨٥ ، ١٨٧ ، ١٩١ ، ١٩٢ ، ١٩٤ ، ١٩٩ ، ٢١٠ ، ٢١٣ ، ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٣١ ، ٢٣٤ ، ٢٤٢ ،

كتاب (للشيخ المفيد قدس سرة لم يذكر اسمه) : ٢٢١ ،

المسالة الكافئة : ١٢٩

٥ ـ فهرس الأشعار

صدر البيت

القافية

القائل

الصحفة

بل ربّ ماءٍ أردت آجن

جديبُ

عبيد بن الأبرص

١٨٩

إن الحمار مع الحمار مطيّة

الصاحب

أُميّة بن أبي الصلت

١٨٩

لعمري لئن جارت أُمية واعتدت

أُجوّر

مجهول

٢٤٢

أجاء نبيّ الحق من آل هاشم

الأمر

السيد الحميري

٢٣٩

أتا وليد بالشهود يقودهم

والخَوَلْ

هذيل الأشجعي

٢٢٠

يصيب به الرامون عن قوس وترهم

أوّل

الكميت بن زيد

٢٤٢

تبيت النشاوي من أُميّة نوّماً

حممُها

أبو دهبل الجمحي

٢٤٢

زرت هنداً وذاك بعد اجتناب

اللسان

مجهول

١٨٩

أترى صهاكا وابنها وابن ابنها

الذبّان

السيد الحميري

٢٣٩

٦ ـ فهرس المواضع والبلدان

البحرين : ١٣٠.

البصرة : ٥٤ ، ١١٥ ، ١١٦ ، ١١٧ ، ١١٨ ، ١١٩ ، ١٢٤ ، ١٢٥ ، ١٢٦ ، ١٣١ ، ٢٠٩ ،

الحبشة : ٩٩.

الحجرة (حجرة النبي) : ١٣٥.

خراسان : ١٣٠.

الروم ، بلاد : ١٣٠ ، ١٥٤.

السقيفة : ٦٥ ، ٨٤ ، ٢٣٤.

الشام : ٥٤ ، ٥٩ ، ٨٤ ، ١٠٤ ، ١٢٤ ، ١٢٦ ، ١٥٤ ، ٢١٢ ، ٢١٥ ، ٢١٦ ، ٢١٧ ، ٢١٨ ، ٢١٩ ، ٢٢٠ ، ٢٤١.

الطف : ٢٤٢.

العراق : ١١٥.

العربش : ١٥٦ ، ١٩٣ ، ١٩٩ ، ٢٠٠.

العتبة : ٦٠ ، ٢٢١.

الغار : ١٨٥ ، ١٩٠ ، ١٩١ ، ١٩٢.

غديرخم : ٣٢.

فارس : ١٠٨ ، ١١٦.

المدينة المنورّة : ٥٣ ، ٦١ ، ١٨٥.

مسجد النبي : ١٩٠ ، ٢٠٣.

المغرب : ١٣٠ ، ١٥٤.

مقاير المسلمين : ١٢٤.

مكّة المكرّمة : ٩٩ ، ١٢٥ ، ٢١٣. نجران : ١٠٣.

النهروان : ١١٥ ، ١١٩ ، ١٢٦ ، ٢٤١ ،

اليمامة : ١٢١.

٧ ـ فهرس الأيام والوقائع التاريخچة

البعتة : ١٤٦.

بيعة الرضوان : ٦٨ ، ٨٦ ، ١٠٩.

بيعة الشجرة : ١٩٢.

التحكيم : ١١٦.

جيش العسرة = تبوك ٢١٠.

حجة الوداع : ٥٠.

حنين : ٥٨ ، ٦٨ ، ١١٠ ، ١٤٤ ، ١٥٤ ، ١٥٧ ، ١٩١ ،

الخندق : ١٩٥.

خيبر : ٣٤ ، ٦٨ ، ٨٦ ، ١٠٩ ، ١٣٢ ، ١٤٤ ، ١٥٦ ، ١٩٥ ، ١٩٦.

صفين : ١١٥.

الطائف : ١٠٣ ، ١٥٤.

عام الجماعة : ١٠٤.

غروة أحد : ٥٨ ، ٦٧ ، ١٤٤ ، ١٥٦ ، ١٩٥.

غزوة بدر : ٥٤ ، ٥٦ ، ٥٧ ، ١٥٦ ، ١٩١ ، ١٩٣ ،

١٩٨.

غزوة بني المطلق : ٦٠.

غزوة تبوك : ٣٢ ، ١١٠ ، ١١١ ، ١١٢ ، ١٥٨.

غزوة الحديبية : ١١٢.

الفتح : ١٥١ ، ١٥٨.

ليلة العقبة : ٦٠.

ليلة الهرير : ١١٥.

مقتل الحسين : ٢٤٢.

مؤتة : ١١٠.

الهجرة : ٤٠ ، ٨٤ ، ١٧٩ ، ١٧٥ ،

وقعة الحّرة : ٤٤ ، ٤٨.

يوم الأحزاب : ١٥٧.

يوم البصرة : ٧٤ ، ١٢٥.

يوم الدار : ٧٣.

يوم اليرموك : ١٥٤.

٨ ـ فهرس الفرق والمذاهب والقبائل والأقوام

آل محمد عليهم‌السلام : ٢٥ ، ٩١ ، ١٠٠ ، ١٠٢ ، ١١٤ ، ١٤٥ ، ١٤٦ ، ٢٤١ ، ٢٤٢.

آل هاشم : ٢٣٩.

الأئمة عليهم‌السلام : ٩١ ، ١٠٠ ، ١٤٥ ، ١٤٦.

أتباع الجمل : ٢٤١.

أصحاب العقبة : ٢٢١.

الأعراب : ٦١ ، ١٠٧ ، ١١٠ ، ١١٢ ، ١١٤ ، ١٥٧.

الأمة : ٦٧ ، ٧٠ ، ٧٢ ، ٨١ ، ٩٢ ، ٩٧ ، ٩٨ ، ١٠٩ ، ١١٢ ، ١٢٧ ، ١٥٢ ، ١٥٤ ، ١٦٤ ، ١٩٣ ، ١٩٦ ، ١٩٨ ، ١٩٨ ، ٢٠١ ، ٢٠٢ ، ٢٠٧ ، ٢٠٩ ، ٢١٠ ، ٢١٧ ، ٢١٩ ، ٢٢٣ ، ٢٢٥.

الأنبياء عليهم‌السلام : ٩٢ ، ١٦٤ ، ٢٢٢ ، ٢٣٧.

الأنصار : ٤٠ ، ٤٢ ، ٧٧ ، ٧٩ ، ٨٢ ، ٨٤ ، ١٤٣.

١٥٦ ، ١٦٩ ، ١٨٢ ، ١٩٩ ، ٢٠٢ ، ٢٢٩ ، ٢٣٤.

أهل الإعتزال = المعنزلة : ١١٩.

أهل بدر : ٥٤.

أهل البصرة : ١١٧ ، ١١٩ ، ١٢٤ ، ١٢٦ ، ١٣١.

أهل البيت عليهم‌السلام : ٣٤ ، ١٠٢ ، ٢٠١ ، ٢٠٦ ، ٢١٤.

أهل بيعة الرضوان : ١٠٩.

أهل الجاهلية : ٢٣٦.

أهل الجنان : ٦٥.

أهل الخلاف = المخالفون : ١٠٨ ، ١١١ ، ٢٢٣ ، ٢٤٢.

أهل الردّة : ١١٦ ، ٢٤١.

أهل السقيفة : ٦٥.

أهل السوايق والفضائل : ٦٥.

أهل الشام : ١١٥ ، ١١٧ ، ١١٩ ، ١٢٤ ، ١٢٦ ، ٢٢٠ ، ٢٤١.

أهل العدل : ٢٢٦.

أهل العراق : ١١٥.

أهل الفارس : ١٠٨.

أهل الكتاب : ١٠١ ، ٢٢٣.

أهل النعيم : ٧٤.

أهل النقاق = المنافقون : ٦٥.

أهل النهروان : ١١٦ ، ١١٩ ، ١٢٦ ، ٢٤١.

أهل اليمامة : ١١٩.

الأثاوان : ٢٣٦.

البغاة : ١٢٣.

البكرية : ٣٥ ، ٣٧.

بنو اسرائيل : ١٠١.

بنو أميّة : ٤٤ ، ٤٨ ، ٩٩ ، ١٠٥ ، ١٣٠ ، ٢١٠ ، ٢٢٠ ، ٢٣٠ ، ٢٣٤ ، ٢٤٢.

بنو العباس : ٢٢٦.

بنو عبد مناف : ١٧٨ ، ١٧٩ ، ١٩٩ ، ٢٢٩ ، ٢٣٨.

بنو فراس بن غنم : ١٠٣.

بنو مروان : ٤٤ ، ٤٨ ، ١٠٥ ، ٢٣٤.

بنو هاشم : ٤٧ ، ٥٨ ، ١٥٧ ، ٢٣٨.

التابعون : ٨٢.

تيم : ٢٣٩.

ثمود : ١٢٧.

الجبّارون = بنو أمية وبنو العباس : ٤٤.

الحشوية : ٣٠ ، ٩١ ، ١٢٠ ، ١٣٠ ، ١٧٥ ، ٢١٦ ، ٢٢٧.

الخلفاء : ١٠٣ ، ١٠٥.

خلفاء بني أميّة : ٢٣١.

خلفاء بني العبّاس : ٢٣١.

الخوراج : ٣١ ، ٣٥ ، ٣٧ ، ٨١ ، ١٢٦ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧.

ذوو القربي : ١٧٨.

الراوندية : ٣٦.

الروافض : ٢٢١ ، ٢٢٧.

السُّنُّة : ٢٠٣.

الشيعة : ٣٠ ، ٣٦ ، ٣٧ ، ٥٠ ، ٧٢ ، ٨١ ، ٩١ ، ٩٨ ، ٩٩ ، ١٣٤ ، ١٥٣ ، ١٥٦ ، ١٥٩ ، ١٦٥ ، ١٦٨ ، ١٨١ ، ١٨٢ ، ٢٠٣ ، ٢٠٩ ، ٢١٦ ، ٢٢٧ ، ٢٤٢.

الصالحون : ٧٣.

الصحابة : ٤٧ ، ٤٩ ، ٥٤ ، ٦٣ ، ٦٥ ، ٦٦ ، ٧١ ، ٧٤ ، ٨٨ ، ٩٨ ، ١٢٦ ، ١٣١ ، ١٣٩ ، ١٤٠ ، ١٤٢ ، ١٤٣ ، ١٥٧ ، ١٧٢ ، ٢٠١ ، ٢٠٨ ، ٢١٣ ، ٢١٤ ، ٢١٩ ، ٢٣١ ، ٢٣٣ ، ٢٣٤.

الطالبيون : ٢٢٦.

الطلقاء : ١٥٧.

العامة : ٣٨ ، ٩٤ ، ١٥٦ ، ١٦٥ ، ١٦٦ ، ١٦٨ ، ١٧١ ، ١٧٢ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧.

العترة : ٢٢٠ ، ٢٢٣ ، ٢٢٤ ، ٢٤١.

عترة أمير المؤمنين : ١٢٧.

عترة النبي : ١٠٠.

العثمانية : ٣٥ ، ٣٧.

عدي : ٢٣٩.

العرب : ٢٣٧.

العلماء : ٤٦.

الفراعنة : ٤٥.

القاسطون : ٤٢ ، ٤٦ ، ٥٤ ، ١١٥ ، ١٢٣ ، ١٣٣ ، ١٣٥.

القدرية : ٢٢٧.

قريش : ٥٩ ، ١٣٥ ، ٢١٢.

قوم موسي عليه‌السلام : ٢٣٧.

الكفّار : ٣١ ، ٥٠ ، ٥٥ ، ٥٦ ، ٩٢ ، ٩٣ ، ١٠٨ ، ١١٠ ، ١١٣ ، ١١٧ ، ١١٨ ، ١٢٢ ، ١٢٥ ، ١٣١ ، ١٣٣ ، ١٣٧ ، ١٣٩ ، ١٤٢ ، ١٤٥ ، ١٤٧ ، ١٤٨ ، ١٥١ ، ١٦٨ ، ١٨٨.

المقارقون : ٤٢ ، ٤٦ ، ٥٤ ، ١١٥ ، ١٢١ ، ١٣٥.

المؤلفة قلوبهم : ١٥٧.

المؤمنون : ٥٤ ، ٥٨ ، ٦٢ ، ١٢٥ ، ١٢٧ ، ١٢٨ ، ١٣١ ، ١٣٣ ، ١٦٥.

المجبرة : ١٢٣ ، ١٦٤ ، ٢٢٧.

المحكّمة = الخوارج : ٢٢٧.

المخالفون : ٧٥ ، ٨٤ ، ٩٢ ، ٩٥ ، ٩٨ ، ١٠٧ ، ١٢٦.

مدين : ١٢٧.

المرتدّون : ١٠٨ ، ١٣٢ ، ١٣٤ ، ١٣٧ ،

المُرْجِئة : ٣٠ ، ٨١ ، ١١٩ ، ١٢٠ ، ٢٢٦ ،

مسلمة الفتح : ١٥٧.

المسلمون : ٢٩ ، ٣٧ ، ٤١ ، ٤٣ ، ٦٨ ، ١٠٥ ، ١٠٩ ، ١١٠ ، ١٢٤ ، ١٣٤ ، ١٤٢ ، ١٥٧ ، ١٩٦ ، ٢٠٢ ، ٢٠٣ ، ٢١٤ ، ٢٢٣ ، ٢٣٢ ، ٢٣٤ ، ٢٤١ ،

المشبّهة : ١٢٣ ، ١٦٤.

المشركون : ٩٩.

المعتزلة = أهل الإعتزال : ٣٠ ، ٤٧ ، ٨٤ ، ١١٧ ، ١٢٠ ، ١٢٣ ، ١٢٤ ، ١٢٦ ، ١٢٩ ، ٢٢٦ ، ٢٢٧ ،

الملائكة : ١٦٤ ، ١٨٦ ، ١٩٨ ، ٢٠٩ ، ٢١٥.

ملوك الروم : ٤٥.

ملوك العرب : ٢١١.

ملوك الفرس : ٤٥.

المنافقون : ٦١ ، ١١٣.

المهاجرون : ٤٢ ، ٤٧ ، ٧٧ ، ٧٩ ، ٨٢ ، ٨٤ ، ١٤٣ ، ١٦٩ ، ١٧٥ ، ١٨٢ ، ١٩٩ ، ٢٠٢ ، ٢١٤ ، ٢٢٩ ، ٢٣٢.

الناصبة : ٥٠ ، ١٣٩ ، ١٥٩ ، ١٦١ ، ١٨١ ، ٢٠٧ ، ٢١٣ ، ٢١٤ ، ٢١٦ ، ٢٢٤ ، ٢٣١.

النّاكثون : ٤٢ ، ٤٦ ، ١١٥ ، ١٣٥ ،

النصاوي : ٥٠.

النقباء : ٧٨.

النهاردة : ٤٥.

اليهود : ٥٠.

٩ ـ فهرس المصادر والمراجع

١ ـ القرآن الكريم

٢ ـ الأحتجاج

لأبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي ـ من علماء القرن السادس ـ تحقيق محمد باقر الموسوي الخرسان ـ نشر المرتضي ـ مطبعة سعيد ـ مشهد ـ ١٤٣٠ هـ.

٣ ـ احقاق الحق وإزهاق الباطل :

للعلامة القاضي السيد نور الله الحسيني التستري ، الشهيد سنة (١٠١٩) ـ مكتبة آية الله المرعشي قدس سرة ـ قم المقدسة.

٤ ـ أخبار أصفهان :

لأبي نُعَيْم أحمد بن عبد الله الأصبهاني ـ مطبعة ليدن.

٥ ـ الإرشاد في معرفة حجج الله علي العباد :

لأبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي ، المعروف بالشيخ المفيد (ت ٤١٣ هـ) ـ منشورات مكتبة بصيرتي ـ قم المقدسة.

٦ ـ أسباب النزول :

لأبي الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري (ت ٤٦٨ هـ) عالم الكتب ـ بيروت.

٧ ـ أسْد الغابة في معرفة الصاحبة :

لغز ّ الدين أبي الحسن علي بن محمد بن محمد الشيباني ، المعروف بإبن الأثير (٥٥٥ ـ ٦٣٠ هـ) ـ دار إحيا التراث العربي ـ ييروت.

٨ ـ الإصابة في تمييز الصحابة :

لشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي (٧٧٣ ـ ٨٥٢ هـ) ـ مطبعة السعادة ـ مصر ـ ١٣٢٣ هـ.

٩ ـ الأعلاق النفيسة :

لأبي علي أحمد بن عرم ين رُسْتهَ (القرن الثالث الهجري) ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ الطبعة الأولي ـ ١٤٠٨/١٩٨٨.

١٠ ـ الإعلام بحقيقة إسلام أمير المؤمنين عليه‌السلام :

لأبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي (ت ٤٤٩ هـ) ـ تحقيق علي موسي الكعبي ـ مجلة تراثنا / ٢١ ـ نشر مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث.

١١ ـ الأعلام :

لخير الدين الرزكلي (١٣١٠ ـ ١٣٩٦ هـ) ـ دار العلم للعلايين ـ بيروت ـ الطبعة السابعة ـ سنة ١٩٨٦ م.

١٢ ـ أعلام الموقعين عن رب العالمين :

لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر ، المعروف بابن قيّم الجْوزيُة (ت ٧٥١ هـ) تحقيق طه عبد الرؤوف سعد ـ دار الجيل ـ بيروت.

١٣ ـ إ علام الورى بأعلام الهدي :

لأمين الإسلام أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي ـ من أعلام القرن السادس ـ تحقيق السيد محمد مهدي السيد حسين الخرسان ـ منشورات درا الكتب الإسلامية ـ قم المقدسة ـ الطبعة الثالثة ـ سنة ١٩٧٠ م.

١٤ ـ الأغاني :

لعلي بن الحسين بن محمد القرشي ، المعروف بأبي الفرج الإصبهاني ـ نشر مؤسسة عز الدين ـ بيروت.

١٥ ـ أقرب الموارد في فُصَحِ العربية والشّوارد :

للعلامة السعيد سعيد الخوري الشَّرتوني اللبناني.

١٦ ـ الأمالي :

للشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (ت ٣٨١ هـ) ـ مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت ـ سنة ١٤٠٠ هـ/١٩٨٠ م.

١٧ ـ الأمالي :

لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ) مطبعة النعمان ـ النجف الأشرف ـ سنة ١٣٨٤ هـ/١٩٦٤ م.

١٨ ـ أمالي المرتضي ، غرر الفوائد ودرر القلائد :

للشريف المرتضي علي بن الحسين الموسوي العلوي (٣٥٥ ـ ٤٣٦ هـ) ـ تحقيق محمّد أبوالفضل إبراهيم دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ الطبعة الثانية ـ سنة ١٣٧٨ هـ / ١٩٧٦ م.

١٩ ـ بحار الأنوار :

للشيخ محمد باقر المجلسي (ت ١١١١ هـ) ـ دار الكتب الإسلامية ـ طهران.

٢٠ ـ البداية والنهاية :

لأبي الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي (٧٠١ ـ ٧٧٤ هـ) ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ الطبعة الرابعة ـ ١٤٠٨ هـ/١٩٨٨ م.

٢١ ـ تاج العروس :

لمحب الدين ابي الفيض السيد محمدم مرتضي الحسيني الواسطي الزبيدي (١١٤٥ ـ ١٢٠٥ هـ) ـ المطبعة الخيرية ـ مصر ـ الطبعة الأولي ـ ١٣٠٦ هـ.

٢٢ ـ تاريخ الأمم والملوك :

لأبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري (٢٢٤ ـ ٣١٠ هـ) ـ الطبعة الأولي ـ مصر.

٢٣ ـ تاريخ بغداد :

لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (٣٩٢ ـ ٤٦٣ هـ) ـ مطبعة السعادة ـ مصر ـ سنة ١٣٤٩ هـ/١٩٣١ م.

٢٤ ـ تاريخ الخلفاء :

لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (٨٤٩ ـ ٩١١ هـ) ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ١٤٠٨ هـ/١٩٨٨ م.

٢٥ ـ تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة.

للمفسَّر السيّد شرف الدين علي الحسيني الأستر آبادي النجفي ـ من أعلام القرن العاشر ـ تحقيق ونشر مدرسة الإمام المهدي ـ قم المقدسة ـ الطبعة الأولي ـ سنة ١٤٠٧ هـ / ١٣٦٦

٢٦ ـ التبيان في تفسيير القرآن :

لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ) ـ الطبعة العلمية ـ النجف الأشرف ـ سنة ١٣٧٦ هـ/١٩٥٧ م.

٢٧ ـ ترجمة الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام من تاريخ دمشق :

لعلي بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر الشافعي (٤٩٩ ـ ٥٧١ هـ) ـ تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي ـ مؤسسة المحمودي للطباعة والنشر ـ بيروت ـ الطبعة الثانية ـ سنة ١٣٩٨ هـ/١٩٧٨ م.

٢٨ ـ تفسير البحر المحيط :

لأثير الدين أبي عبد الله محمد بن يوسف الأندلسي الغرناطي الجياني ، الشهير بأبي حيان (٦٥٤ ـ ٧٥٤ هـ) ـ مكتبة ومطايع النصر الحديثة ـ الرياض.

٢٩ ـ تفسير اليضاوي ، أنوار التنزيل وأسرار التأويل :

لناصر الدين أبي سعيد عبدالله بن عمر بن محمد الشيرازي البيضاوي (ت ٧٩١ هـ) ـ دار الكتب العلمبة ـ بيروت ـ الطبعة الأولى ـ سنة ١٤٠٨ هـ/١٩٨٨ م.

٣٠ ـ تفسير الثعالبي ، جواهر الحسان في تفسير القرآن :

لعبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي ـ مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت.

٣١ ـ تفسير الحِبَري :

لأبي عبدالله الحسين بن الحكم مسلم الحبري الكوفي (ت ٢٨٦ هـ) ـ تحقيق الحجّة السيّد محمد رضا الحسيني ـ مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ـ بيروت ـ الطبعة الأولي ـ سنة ١٤٠٨ هـ ١٩٧٨ م.

٣٢ ـ تفسير الطبري ، حامع البيان في تفسيبر القرآن :

لأبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري (٢٢٤ ـ ٣١٠ هـ) ـ دارالمعرفة ـ بيروت ـ بالأوفيست عن الطبعة الأولي للمطبعة الأميرية ببولاتي ـ مصر ـ سنة ١٣٢٣ هـ.

٣٣ ـ تفسير العياشي :

لأبي النضر محمد بن مسعود بن عياش السَّلمي السمرقندي ، المعروف بالعياشي ـ من أعلام القرن الرابع الهجري ـ تحقيق الحاج السيد هاشم الرسولي المحلاتي ـ المكتبة العلمية الإسلامية ـ طهران ـ ١٣٨٠ هـ.

٣٤ ـ تفسير فرات الكوفي :

لفرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي ـ من علماء القرن الثالث الهجري ـ الطبعة الحيدرية ـ النجف الأشرف.

٣٥ ـ تفسير القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن :

لأبي عبدالله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (ت ٦٧١ هـ) ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

٣٦ ـ تفسير القمي :

لأبي الحسن علي بن إبراهيم القمي ـ من أعلام القرنين الثالث والرابع الهجري ـ تحقيق السيّد طيب الموسوي الجزائري ـ مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر ـ قم المقدسة ـ الطبعة الثالثة ـ ١٤٠٤ هـ

٣٧ ـ التفسير الكبير :

لأبي عبد الله محمد بن عمر القرشي الشافعي ، المعروف بفخر الدين الرازي (٥٣٤ ـ ٦٠٦ هـ) دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ بالأوفسيت عن طبعة المطبعة البهية ـ مصر.

٣٨ ـ تفسير النسفي ، مدارك التنزيل وحقائق التأويل :

لأبي البركات عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي (ت ٧٠١ أو ٧١٠ هـ) ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت.

٣٩ ـ تقريب المعارف :

للشيخ تقي الدين أبي الصلاح الحلبي (٣٧٤ ـ ٤٤٧ هـ) تحقيق الشيخ رضا الاستادي ـ الطبعة الأولي ـ ١٤٠٤ هـ.

٤٠ ـ تلخيص الشافي :

لشيخ الطائفة أبي جعفر بن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ) ـ دار الكتب

الإسلامية ـ قم المقدّسة الطبعة الثالثة ـ سنة ١٣٩٤ هـ/ ١٩٧٤ م.

٤١ ـ تهذيب الآثار وتفضيل الثابت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الأخبار :

لأبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري (٢٢٤ ـ ٣١٠ هـ) ـ تحقيق محمود شاكر منشورات المؤسسة السعودية المصريّة.

٤٢ ـ تهذيب التهذيب :

لشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ بالأوفيست عن الطبعة الأولي لمطبعة مجلس دائرة المعارف النظافية ـ حيدر آباد الدكان ـ سنة ١٣٢٥ هـ.

٤٣ ـ تهذيب الكمال في أسماء الرجال :

لجمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي (٦٥٤ ـ ٧٤٢ هـ) ـ تحقيق الدكتور بشّار عوّاد معروف ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ الطبعة الرابعة ـ سنة ١٤٠٦ هـ / ١٩٨٥ م.

٤٤ ـ الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير :

لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (٨٤٩ ـ ٩١١ هـ) ـ دار الفكر ـ بيروت.

٤٥ ـ الجرح والتعديل :

لأبي محمد عبد الرحمن بن ابي حاتم محمد بن ادريس بن المنذر التميمى الحنظلي الرازي (ت ٣٢٧ هـ) ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ بالأفيست عن طبعة مجلس دائرة المعارف الثمانية ـ حيدر آباد الدكن ـ سنة ١٢٧١ هـ / ١٩٥٢ م.

٤٦ ـ جمهرة الأنساب العرب :

لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي (٣٨٤ ـ ٤٥٦ هـ) ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ الطبعة الأولي ـ سنة ١٤٠٣ هـ/١٩٨٣ م.

٤٧ ـ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء :

للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني (ت ٤٣٠ هـ) ـ دار الكتب العليمة ـ بيروت ـ الطبعة الأولي ـ سنة ١٤٠٩ هـ/١٩٨٨ م.

٤٨ ـ حياة الصحابة :

لمحمد يوسف الكاندهلوي (ت ١٩٦٥ م) ـ تحقيق علي شيري ـ دار إحيا الترث العربي

ـ بيروت ـ الطبعة الأولي ـ سنة ١٤٠٦ هـ/ ١٩٨٦ م.

٤٩ ـ الخصال :

للشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابوية القمي (ت ٣٨١ هـ ـ تحقيق علي أكبر الغفاري ـ منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية ـ قم المقدسة.

٥٠ ـ الدر المنثور في التفسير المأثور :

لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي (٨٤٩ ـ ٩١١ هـ) ـ دار الفكر ـ بيروت ـ الطبعة الأولي ـ سنة ١٤٠٣/١٩٨٣ م.

٥١ ـ دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة :

لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (٣٨٤ ـ ٤٥٨ هـ) ـ تحقيق الدكتور عبد المعطي قلمجي ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ الطبعة الأولي ـ سنة ١٤٠٥ ه/١٩٨٥ م.

٥٢ ـ ديوان السيد الحميري : طبعة النجف ١٩٦٢.

٥٣ ـ ديوان عبيد بن الأبرص : دار بيروت للطبعة والنشر.

٥٤ ـ ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربي :

لمحب الدين أحمد بن عبد الله الطبري (٦١٥ ـ ٦٩٤ هـ) ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ بالأوفيست عن طبعة مكتبة القدسي ـ القاهرة ـ سنة ١٣٥٦ هـ.

٥٥ ـ الذريعة إلى تصانيف الشيعة :

للشيخ محمد محسن بن محمد رضا الرازي ، المعروف الطهراني (١٢٩٣ ـ ١٣٨٩ ه) ـ دار الأضواء ـ بيروت ـ الطبعة الثانية ـ ينة ١٤٠٣/١٩٨٣ م.

٥٦ ـ رجال الطوسي :

لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت ٤٠٦ هـ) تحقيق السيد محمّد صادق لحر العلوم ـ مكتبة الحيدرية ـ النجف الأشرف ـ الطبعة الأولي ـ سنة ١٣٨١ هـ/١٩٦١ م.

٥٧ ـ رجال الكشي ، أو أختيار معرفة الرجال :

لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ) ـ كلية الإلهيات والمعارف الإسلامية ـ مشهد المقدسة ـ سنة ١٣٨٤ هـ ش.

٥٨ ـ الرجال :

لأبي العباس أحمد بن علي الأسدي الكوفي النجاشي (٣٧٢ ـ ٤٥٠ هـ) ـ تحقيق السيّد موسي الشبيري الزنجاني ـ مؤسسة النشر الإسلامي ـ قم المقدّسة ـ ١٤٠٧ هـ.

٥٩ ـ الرواشح السماوية في شرح الأحاديث الإمامية :

للعلامة السيد محمد باقر الحسيني المرعشي الداماد ـ منشورات مكتبة آية الله العظمي المرعشي ـ قم القدسة ـ سنة ١٤٠٥ هـ.

٦٠ ـ روضات الجنّات في أحوال العلماء والسادات :

للسيد محمد باقر الخوانساري (١٢٢٦ ـ ١٣١٣ هـ) ـ منشورات مكتبة اسماعيليان ـ قم المقدسة ـ ١٣٩٠ هـ.

٦١ ـ الرياض النضرة في مناقب العشرة :

لأبي جعفر بن أحمد الشهير بالمحب الطبري ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.

٦٢ ـ سعد السعود :

للسيّد رضي الدين أبي القاسم علي بن موسي بن جعفر ابن طاوُس الحسني (٥٨٩ ـ ٦٦٤ هـ) ـ منشورات الرض ـ قم المقدسة.

٦٣ ـ سنن أبي داوود :

لأبي داود سليمان اين الأشعت السجستاني الأزردي (٢٠٢ ـ ٢٧٥ هـ) ـ تحقيق محمد يحيي الدين عبد الحميد ـ دار إحياء السُنّة النبوية ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.

٦٤ ـ السنن :

لأبي محمد بن عبد الله بن يزيد ابن ماجة (١٨١ ـ ٢٥٥ هـ) ـ دار إحياء السُنة النبوية ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.

٦٥ ـ السنن :

لأبي عبد الله محمد بن يزيد اين ماجة (٢٠٧ ـ ٢٧٥ هـ) ـ تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ـ دار الفكر بيروت.

٦٦ ـ السنن ، الجامع الصحيح :

لأبي عيسي محمد بن عيسي بن سورة الترمذي (٢٠٩ ـ ٢٧٩ هـ) تحقيق أحمد محمد شاكر

درا إحياء التراث العربي ـ بيروت.

٦٧ ـ السنن :

لأ[ي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (ت ٣٠٣ هـ) ـ دار الكتب العربي ـ بيروت.

٦٨ ـ السنن :

لعلي بن عرم الدار قطني (٣٠٦ ـ ٣٨٥ هـ) ـ تحقيق عبد الله هشام يماني المدني ـ دار المحاسن للطباعة ـ القاهرة.

٦٩ ـ السنن الكبري :

لأبي بكر أحمد بن بن الحسين بن علي البيهقي (٣٨٤ ـ ٤٥٨ هـ) ـ دار المعرفة ـ بيروت.

٧٠ ـ سير أعلام النبلاء :

لشمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (٦٧٣ ـ ٧٤٨ هـ) مؤسسة الرسالة ـ بيروت الطباعة الثالثة ـ سنة ١٤٠٥ هـ / ١٩٨٥ م.

٧١ ـ السيرة الحلبية ، أو إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون :

لعلي بن برهان الدين الحلبي (١٩٧٥ ـ ١٠٤٤ هـ) ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ سنة ١٤٠٠ هـ/ ١٩٨٠ م.

٧٢ ـ السيرة النبوية :

لأبي محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري (ت ٢١٣ أو ٢١٨ هـ) ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ سنة ١٤٠٠ هـ / ١٩٨٠ م.

٧٣ ـ الشافي في الإمامة :

للسيد الشريف أبي القاسم علي بن الحسين المرتضي (٣٥٥ ـ ٤٣٦ هـ) ـ تحقيق السيد عبد الزهراء الحسيني الخطيب ـ منشورات مؤسسة الصادق للطباعة والنشر ـ طهران ـ الطبعة الثانية ـ ١٤١٠ هـ

٧٤ ـ شرح نهج البلاغة :

لعزالدين أبي حامد بن هبة الله بن محمد ابن أبي الحديد المدائني المعتزل (٥٨٦ ـ ٦٥٦ هـ) ـ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ـ دار إحياء الكتب العربية ـ عيسي البابي الحلبي وشركاء ـ مصر ـ الطبعة الأولي ـ سنة ١٣٧٨ هـ / ١٩٥٩ م.

٧٥ ـ شرح هاشميات الكميت بن زيد الأسدي

لأبي رياش أحمد بن إبراهيم القيسي (ت ٣٣٩ هـ) ـ تحقيق الدكتور داود سلوم والدكتور نوري حمودي القيسي ـ عالم الكتب ومكتبة النهضة العربية ـ الطبعة الثالثية ـ سنة ١٤٠٦ هـ/ ١٩٨٦ م.

٧٦ ـ شواهد التنزيل لقواعد التفضيل :

للحافظ عبيدالله لن عبد الله بن أحمد الحاكم الحسكاني الحنفي (المتوفي بعد سنة ٤٧٠ هـ) ـ تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي ـ مؤسسة الأعلمي ـ بيروت ـ سنة ١٣٩٣ هـ / ١٩٧٤ م.

٧٧ ـ الصحاح :

لإسماعيل بن حماد حماج الجوهري (ت ٣٩٣ هـ) ـ تحقيق أحمد عبد الغفور عطار ـ دار العلم للملابين ـ بيروت الطبعة الرابعة ـ ينةن ١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م.

٧٨ ـ الصحيح :

لأبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري (١٩٤ ـ ٢٥٦ هـ) ـ عالم الكتب ـ بيروت ـ الطبعة الخامسة ـ سنة ١٤٠٦ هـ / ١٩٨٦ م.

٧٩ ـ الصحيح :

لأبي الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري النيسابوري (٢٠٦ ـ ٢٦١ هـ) ـ دار الفكر ـ بيروت ـ الطبعة الثانية ـ سنة ١٣٨٩ هـ / ١٩٨٧ مز

٨٠ ـ الصراط المستقيم إلي مستحقّي التقديم :

للشيخ زين الدين أبي محمد علي بن يونس العاملي النّباطي البياضي (ت ٨٧٧ هـ) ـ تحقيق محمد باقر البهبودي ـ نشر المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية ـ ايران ـ مطبعة الحيدري الطبعة الأولي ـ سنة ١٣٨٤ هـ.

٨١ ـ صِفَة الصَّفوة :

لجمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي (٥١٠ ـ ٥٩٧ هـ) ـ تحقيق محمود فاخوري ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ الطبعة الرابعة ـ سنة ١٤٠٦ هـ / ١٩٨٦ م.

٨٢ ـ الطبقات الكبري :

لأبي عبدالله محمد بن سعد بن منيع البصري الزهري (١٦٨ ـ ٢٣٠ هـ) دار صادر ـ

بيروت ـ سنة ١٤٠٥ هـ / ١٩٨٥ م.

٨٣ ـ الطوائف في معرفة مذاهب الطوائف :

للسيد رضي الدين أبي القاسم علي بن موسي لن جعفر ابن طاوس الحسني الحسيني (٥٨٩ ـ ٦٤٤ هـ) مطبعة الخيام ـ قم المقدسة ـ ١٤٠١ ه.

٨٤ ـ علل الشرايع :

للشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابوية القمي (ت ٣٨١) ـ تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم ـ مكتبة الحيدرية ـ النجف الأشرف ـ سنة ١٣٨٥ هـ /١٩٦٦ م.

٨٥ ـ عوالي اللآلي ، العزيزية في الأحاديث الدينية :

للشيخ محمد بن علي بن إبراهيم الإحساني المعروف بابن بايوية أبي جمهور (ت ٩٤٠) ـ تحقيق الحاج مجتبي العراقي ـ مطبعة سيىد الشهداء ـ قم المقدّسة ـ الطبعة الأولي ـ سنة ١٤٠٣ هـ / ١٩٨٣ م.

٨٦ ـ عيو أخبار الرضا :

للشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابوية القمي (ت ٣٨١ هـ) ـ تحقيق السيد مهدي الحسيني اللاجوردي ـ إيران.

٨٧ ـ الغدير في الكتاب والسنّة والأدب :

للشيخ عبدالحسين أحمد الأميني النجفي (١٣٢٠ ـ ١٣٩٠ هـ) ـ دار الكتب الإسلامية ـ طهران ـ ١٣٧٢ هـ

٨٨ ـ الغيبة :

للشيخ محمد بن إبراهيم ابن أبي زينب النعماني ـ من أعلام القرن الرابع الهجري ـ تحقيق علي أكبر الغفاري ـ مكتبة الصدوق ـ طهران.

٨٩ ـ فراند السمطين في فضائل المرتضي والبتول والسبطين والأئمة من ذريتهم عليهم‌السلام :

للمحدث إبراهيم بن محمّد بن المؤيّد الجويني (٦٤٤ ـ ٧٣٠ هـ) ـ تحقيق الشيخ محمد باقر المحمودي ـ مؤسسة المحمودي للطباعة والنشر ـ بيروت ـ سنة ١٣٩٨ هـ / ١٩٧٨ م.

٩٠ ـ الفردوس بمأثور الخطاب :

لأبي شجاع شيروية بن شهردار الديلمي (٤٤٥ ـ ٥٠٩ هـ) ـ تحقيق السعيد بن بسيوني زغلول ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ الطبعة الأولي ـ سنة ١٤٠٦ هـ/ ١٩٨٦ م.

٩١ ـ فرق الشيعة :

لأبي محمد الحسن بن موسي النوبختي ـ من أعلام القرن الثالث الهجري ـ تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم ـ المكتبة المرتضوية ـ النجف الأشرف ـ المطبعة الحيدرية ـ سنة ١٣٥٥ هـ / ١٣٩٦ م.

٩٢ ـ الفصول المختارة من العيون والمحاسن :

للسيد الشريف أبي القاسم علي بن الحسين المرتضي (٣٥٥ ـ ٤٣٦ هـ) ـ دار الأضواء ـ بيروت ـ الطبعة الرابعة ـ سنة ١٤٠٥ هـ / ١٩٨٥ م.

٩٣ ـ الفهرست :

لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ هـ) ـ تحقيق السيد محمد صادق بحر العلوم ـ المكتبة المرتضوية ـ النجف الأشرف.

٩٤ ـ قرب الأسناد :

لأبي العباس عبدالله بن جعفر الحميري القمي ـ من أصحاب الإمام العسكري عليه‌السلام ـ مكتبة نينوي الحديثة ـ طهران.

٩٥ ـ الكافي :

لابي جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي (ت ٣٢٨ أو ٣٢٩ هـ) ـ تحقيق علي أكبر الغفاري ـ المكتبة الإسلامية ـ طهران ـ سنة ١٣٨٨ هـ.

٩٦ ـ الكامل في تاريخ :

لعزّ الدين أبي الحسن علي بن محمد الشيباني ، المعروف بابن الأثير (٥٥٥ ـ ٦٣٠ هـ) دار صادر ـ بيروت ـ سنة ١٤٠٢ هـ / ١٩٨٢ م.

٩٧ ـ الكشّاف عن حقائق غوامض النزيل :

لجار الله محمود بن عمر الزمخشري (ت ٥٢٨ هـ) ـ نشر أدب الحوزة.

٩٨ ـ كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث علي ألسنة الناس :

للشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الجراحي (ت ١١٦٢ هـ) ـ دار إحياء التراث ـ بيروت ـ الطبعة الثالثة ـ سنة ١٣٥١ هـ.

٩٩ ـ كشف الغمة في معرفة الأئمة :

للعلامة أبي الحسن علي بن عيسي بن أبي الفتح الأربُلي ـ تحقيق السيد هاشم الرسولي ـ مكتبة بني هاشم ـ تبريز ـ الطبعة العلمية ـ قم المقدسة ـ سنة ١٣٨١ هـ.

١٠٠ ـ كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه‌السلام :

لأبي عبدالله محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي (ت ٦٨٥ هـ) ـ تحقيق الشيخ محمد هادي الأميني ـ دار إحياء تراث أهل البيت عليهم‌السلام ـ الطبعة الثالثة ـ سنة ١٤٠٤ هـ / ١٣٦٣ ه ش.

١٠١ ـ كمال الدين وتمام النعمة :

للشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابوية القمي (ت ٣٨١ هـ) ـ تحقيق علي أكبر الغفاري ـ مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرسين ـ قم المقدسة ـ سنة ١٤٠٥ هـ / ١٣٦٣ ه ش.

١٠٢ ـ الكني والألقاب :

للشيخ عباس القمي (ت ١٣٥٩ هـ) ـ مكتبة الصدر ـ طهران الطبعة الخامسة ـ سنة ١٤٠٩ هـ.

١٠٣ ـ كنز العمال في سنن الأقوال والأفقال :

لعلاء الدين علي المتي بن حسام الهندي (ت ٩٧٥ هـ) ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ الطبعة الخامسة ـ سنة ١٤٠٥ هـ / ١٩٨٥ م.

١٠٤ ـ كنز الفوائد :

للشيخ محمد بن علي بن عثمان الكراجكي الطرابلسي (ت ٤٤٩ هـ) ـ تحقيق الشيخ عبدالله نعمة ـ دار الأضواء ـ بيروت ـ سنة ١٤٠٥ هـ / ١٩٨٥ م.

١٠٥ ـ لسان الميزان :

لشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) ـ مؤسسة

الأعلمي ـ بيروت ـ بالأوقيست عن الطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية في حيدر آباد الدكن ـ الطبعة الثالثة ـ سنة ١٤٠٦ هـ / ١٩٨٦ م.

١٠٦ ـ لسان العرب :

لابي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم اين منظور الأفريقي المصري (٦٣٠ ـ ٧١١ هـ) ـ نشر أدب الحوزة ـ قم المقدسة ـ سنة ١٤٠٥ هـ.

١٠٧ ـ مجمع البحرين ومطلع النيرين :

للشيخ فخر الدين بن محمد علي الطريحي (٩٧٩ ـ ١٠٨٧ هـ) ـ تحقيق السيد أحمد الحسيني ـ المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية ـ طهران ـ الطبعة الثانية ـ سنة ١٣٦٥ هـ ش.

١٠٨ ـ مجمع البيان في تفسير القرآن :

للشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت ٥٤٨ هـ) ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ الطبعة الأولي ـ ١٤٠٦ هـ / ١٩٨٦ م.

١٠٩ ـ مجمع الزوائد ومنبع الفوائد :

للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (٧٣٥ ـ ٨٠٧ هـ) ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ الطبعة الثالثة ـ سنة ١٤٠٢ هـ / ١٩٨٢ م.

١١٠ ـ مروج الذهب ومعادن الجوهر :

لأبي الحسن علي بن الحسين المسعودي (ت ٣٤٦ هـ) ـ دار الأندلس ـ بيروت ـ الطبعة الأولي ـ سنة ١٣٨٦٥ هـ / ١٩٦٥ م.

١١١ ـ المستدرك علي الصحيحين :

لأبي عبدالله محمد بن عبدالله النيسابوري (١٦٤ ـ ٢٤١ هـ) ـ دار الفكر ـ بيروت.

١١٢ ـ المسند :

لأحمد بن حنبل (١٦٤ ـ ٢٤١ هـ) دار الفكر ـ بيروت.

١١٣ ـ مشكل الآثار :

لأبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الحنفي الطحاوي (٢٣٩ ـ ٣٢١ هـ) ـ مطبعة دائرة المعارف ـ حيدر آباد ـ الهند ـ ١٣٣٣ هـ.

١١٤ ـ مصابيح السنّة :

لأبي محمد الحسين بن مسعود بن محمد الفرّاء البغوني (٤٣٣ ـ ٥١٦ هـ) ـ تحقيق الدكتور يوسف عبد الرحمن المرعشعلي ومحمد سليم سمارة وجمال حمدي الذهبي ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ الطبعة الأولي ـ سنة ١٤٠٧ هـ / ١٩٨٧ م.

١١٥ ـ معجم البلدان :

لشهاب الدين ابي عبدالله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي (ت ٢٦٢ هـ) ـ دار صادر ودار بيروت ـ بيروت ـ سنة ١٣٨٨ هـ / ١٩٦٨ م.

١١٦ ـ معجم الرجال الحديث :

للإمام أبوالقاسم الخوئي دام ظللة ـ منشورات مدينة العلم ـ قم المقدسة.

١١٧ ـ المعجم الوسيط :

لجماعة من الأساتذة في مجمع اللغة العربية ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

١١٨ ـ معرفة علوم الحديث :

لأبي عبدالله محمد بن عبد الله الحافظ النيسابوري ـ تحقيق الدكتور معظم حسين ـ المكتبة العلمية بالمدينة المنورة ـ الطبعة الثالثة ـ سنة ١٣٩٧ هـ / ١٩٧٧ م.

١١٩ ـ المقالات والفرق :

لسعد بن عبدالله أبي خلف الأشعري القمي (المتوفي في حدود ٣٠١ هـ) ـ تحقيق الدكتور محمد جواد مشكور ـ مركز الإنتشارات العلمية والثقافية ـ طهران ـ سنة ١٣٦١ هـ ش.

١٢٠ ـ مقتل الحسين عليه‌السلام :

للسيد عبد الرزاق الموسوي المقرم (١٣١٦ ـ ١٣٩١ هـ) ـ منشورات مؤسسة البعثة طهران.

١٢١ ـ مقتل الحسين عليه‌السلام :

لأبي المؤيد الموفق بن أحمد المكي المعروف بأخطب خوارزم (ت ٥٦٨ هـ) ـ تحقيق الشيخ محمد السماوي ـ مكتبة المفيد ـ قم المقدسة ـ بالأوفيست عن طبعة مطبعة الزهراء في النجف الأشرف المطبوع في سنة ١٣٦٧ هـ / ١٩٤٨ م.

١٢٢ ـ مناقب آل أبي طالب :

لأبي جعفر محمد بن علي بن شهر آشوب السّروي المازندراني (ت ٥٨٨ هـ) ـ دار الأضواء

ـ بيروت ـ سنة ١٤٠٥ هـ / ١٩٨٥ م.

١٢٣ ـ مناقب الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام :

للحافظ أبي الحسن علي بن محمد ابن مغازلي الشافعي (ت ٤٨٣ هـ) ـ تحقيق الشيخ محمد باقر البهبودي ـ درا الأضواء ـ بيروت ـ سنة ١٤٠٣ هـ/ ١٩٨٣ م.

١٢٤ ـ مناقب الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام :

للحافط أبي المؤيّد الموفق بن أحمد بن محمد البكري المكّي الحنفي ، المعروف بأخطب خوارزم (٤٨٤ ـ ٥٦٨ هـ) ـ مكتبة نينوي ـ طهران ز

١٢٥ ـ النهاية في غريب الحديث :

لمجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري المعروف بإبن الأثير (٥٤٤ ـ ٦٠٦ هـ) ـ تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطفاحي ـ المكتبة الإسلامية ـ بيروت.

١٢٦ ـ نهج البلاغة :

شرح الشيخ محمد عبده ـ تحيقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ـ المكتبة التجارية الكبري ـ مصر ـ مطبعة السعادة.

١٢٧ ـ نهج الحق وكشف الصدق :

للحسن بن يوسف المطهر الحلي ، المعروف بالعلامة الحلي (ت ٧٢٦ هـ) ـ تحقيق الشيخ عين الله الحسني الارموي ـ مؤسسة دار الهجر ـ إيران.

١٢٨ ـ وفيات الأعيان وأبناء أبناء الزمان :

لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد ابن خلكان (٦٠٨ ـ ٦٨١ هـ) ـ تحقيق الدكتور إحسان عباس ـ منشورات الرضي ـ قم المقدسة ـ بالأوفيست عن طبعة بيروت.

١٢٩ ـ ينابيع المودة :

للحافظ سليمان بن إبراهيم القندوزي الحنفي (١٢٢٠ ـ ١٢٩٤ هـ) ـ مكتبة بصيرتي ـ قم المقدسة ـ بالأوفسيت عن طبعة دار الكتب العراقية في الكاظيمة ومكتبة المحمدي في قم سنة ١٣٨٥ هـ / ١٩٦٦ م.

المحتوي

مقدمة التحقيق :

التعريف بالمؤلَّف............................................................... ٧

التعريف بالمؤلَّف............................................................. ١٠

نسخ الكتاب................................................................ ١٢

منهج التحقيق............................................................... ١٥

متن الكتاب :

مقدّمة المؤلَّف............................................................... ٢٥

تعريف الإمامة ومعرفة الإمام................................................... ٢٧

الدليل علي أنّ معرفة الإمام فرض.............................................. ٢٨

إجماع المسلمين علي إمامة علي عليه‌السلام........................................... ٢٩

الخلال الموجبة له عليه‌السلام الإمامة................................................. ٣١

الأفعال الدالة علي وجوب امامتِه عليه‌السلام......................................... ٣١

الأقوال الدالة علي وجوب امامة عليه‌السلام.......................................... ٣٢

الإجماع علي وجود إمام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله......................................... ٣٥

أفضلية علي عليه‌السلام عند الله ورسولة صلى‌الله‌عليه‌وآله........................................ ٣٦

فساد إمامة المفضول علي الفاضل.............................................. ٣٧

الإجماع علي فضائل علي عليه‌السلام................................................ ٣٧

وجه دفع علي عليه‌السلام عن حقّه.................................................. ٣٩

الصحبة لا توجب العصمة من الضلال والغلط.................................. ٤٠

عدم إقرار المهاجرين والأنصار لتقدّم أبي بكر..................................... ٤٢

الكثرة ليست علامة علي الصواب............................................. ٤٢

علّة ترك أمير المومنين عليه‌السلام جهاد المتقدّمين عليه.................................. ٤٦

عدم إجماع الأّمة علي الرضا بإمامة إبي بكر...................................... ٤٧

إيراد الروايات الدالّة علي تنزية كافّة الصحابة والردّ عليها.......................... ٤٩

فصل :

إدّعاء أنّ النزية خاص بأهل السقيفة ومن أتّبعهم ، وردّة........................... ٦٥

إدعاء العفوعن المنهزمين يوم أُحد وردّه.......................................... ٦٩

الكلام حول حول حديث العشرة المبشّرة بالجنّة.................................. ٧١

فصل :

ادّعاء أن آية (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ) أوجبت لأبي بكر وأصحابة الجنّة وردّه.......... ٧٧

تسمية السابقين الأوّلين...................................................... ٧٨

وعد الله المؤمنين والمؤمنات والصادقين الجنّة في الجملة............................. ٧٩

الكلام في أصحابة بيعة الشجرة ورضا الله عنهم.................................. ٨٥

الكلام في آية (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) وردّه................................. ٩٠

فصل :

إدعاء إمامة أبي بكر وعمر من آية (قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ) وردّه............ ٧٧

إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام من الآية....................................... ١١٤

الكلام حول كفر محاربي أمير المؤمنين عليه‌السلام.................................... ١١٧

فصل :

إدعاء إمامة أبي بكر من آية (مَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ) وردّه.................. ١٣١

إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام من الآية....................................... ١٣٢

فصل :

ردّ الإستدلال علي فضل أبي بكر وأصحابة من آية (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ ...) ١٣٩

فصل :

إدعاء أن آية (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ) أوجبت لأبي بكر واصحابه الجنّة وردّه ١٥١

ردّ من زعم أنّ الآية قاضية بفضل أبي بكر علي أمير المؤمنين عليه‌السلام................ ١٥٩

باب آخر من السؤال عن تأويل القرآن وأخبار يغزونها إلي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّه قد مدح أئمتهم علي التخصص والإجمال  ١٦٣

ردّ ادّعاء نزول آية (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) في أبي بكر............... ١٦٣

إثبات النزول الآية في أمير المؤمنين عليه‌السلام....................................... ١٦٥

وجه آخر في نزول الآية في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله......................................... ١٦٦

وجة آخر في نزول الآية في أهل القرآن........................................ ١٦٧

وجة آخر في نزول الآية في جميع المصدّقين به صلى‌الله‌عليه‌وآله............................. ١٦٨

تبيين وجه نزول الآية في أمير المؤمنين عليه‌السلام.................................... ١٦٨

مسألة أُخري :

ردّ أدّعاء نزول آية (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَى) في أبي بكر........................ ١٧١

مسالة أُخري :

ردّ ادّعاء نزول آية (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ) في أبي بكر............ ١٧٥

ردّ من زعم أن أبابكر كان من أهل الفضل والسعة.............................. ١٨٠

مسالة أُخري :

بيان بطلان ما زعموه من فضائل لأبي بكر في آية (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ). ١٨٥

مسالة أُخري :

ردّ الفضائل المزعومة للشيخين لكونها مع النبي صلي الله عليها وآلة في العريش....... ١٩٣

مسالة أُخري :

الكلام حول صلاة أبي بكر بالناس في مرض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله......................... ٢٠١

مسالة أُخري :

الكلام حول إنفاق أبي بكر ومواسانه لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بماله...................... ٢٠٩

مسالة أُخري :

إثبات أنّ حديث ((اقتدوا باللذين من بعدي)) موضوع.......................... ٢١٩

سؤال :

الكلام حول ألقاب : الصدّيق ، الفاروق ، ذي النورين ودلالاتها................. ٢٢٥

سؤال :

ردّ الإستدلال علي فضل الشيخين من تقدّمها في الإمامة........................ ٢٢٩

الإجماع علي أنّ عليّاَّ عليه‌السلام أوّل من أسلم...................................... ٢٣٢

بيان علّة تقديم الناس الشيخين في الإمامة..................................... ٢٣٥

فصل :

نتائج تقدّم الثلاثة علي أمير المؤمنين عليه‌السلام..................................... ٢٤١

الفهارس الفنّية

فهرس الآيات القرآنية....................................................... ٢٤٧

فهرس الأحاديث........................................................... ٢٥٥

فهرس الأعلام............................................................. ٢٥٩

فهرس الكتب الواردة في المتن................................................. ٢٦٣

فهرس الأشعار............................................................. ٢٦٣

فهرس المواضع والبلدان...................................................... ٢٦٤

فهرس الأيّام والوقائع التاريخيّة................................................ ٢٦٥

فهرس الفرق والمذاهب والقبائل والأقوام........................................ ٢٦٦

فهرس المصادرة والمراجع...................................................... ٢٦٩

المحتوي.................................................................... ٢٨٥

الإفصاح في الإمامة

المؤلف: محمّد بن محمّد النعمان العكبري [ الشيخ المفيد ]
الصفحات: 288
  • مقدمة التحقيق :
  • التعريف بالمؤلَّف 7
  • التعريف بالمؤلَّف 10
  • نسخ الكتاب 12
  • منهج التحقيق 15
  • متن الكتاب :
  • مقدّمة المؤلَّف 25
  • تعريف الإمامة ومعرفة الإمام 27
  • الدليل علي أنّ معرفة الإمام فرض 28
  • إجماع المسلمين علي إمامة علي عليه‌السلام 29
  • الخلال الموجبة له عليه‌السلام الإمامة 31
  • الأفعال الدالة علي وجوب امامتِه عليه‌السلام 31
  • الأقوال الدالة علي وجوب امامة عليه‌السلام 32
  • الإجماع علي وجود إمام بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله 35
  • أفضلية علي عليه‌السلام عند الله ورسولة صلى‌الله‌عليه‌وآله 36
  • فساد إمامة المفضول علي الفاضل 37
  • الإجماع علي فضائل علي عليه‌السلام 37
  • وجه دفع علي عليه‌السلام عن حقّه 39
  • الصحبة لا توجب العصمة من الضلال والغلط 40
  • عدم إقرار المهاجرين والأنصار لتقدّم أبي بكر 42
  • الكثرة ليست علامة علي الصواب 42
  • علّة ترك أمير المومنين عليه‌السلام جهاد المتقدّمين عليه 46
  • عدم إجماع الأّمة علي الرضا بإمامة إبي بكر 47
  • إيراد الروايات الدالّة علي تنزية كافّة الصحابة والردّ عليها 49
  • فصل :
  • إدّعاء أنّ النزية خاص بأهل السقيفة ومن أتّبعهم ، وردّة 65
  • إدعاء العفوعن المنهزمين يوم أُحد وردّه 69
  • الكلام حول حول حديث العشرة المبشّرة بالجنّة 71
  • فصل :
  • ادّعاء أن آية (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ) أوجبت لأبي بكر وأصحابة الجنّة وردّه 77
  • تسمية السابقين الأوّلين 78
  • وعد الله المؤمنين والمؤمنات والصادقين الجنّة في الجملة 79
  • الكلام في أصحابة بيعة الشجرة ورضا الله عنهم 85
  • الكلام في آية (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ) وردّه 90
  • فصل :
  • إدعاء إمامة أبي بكر وعمر من آية (قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ) وردّه 77
  • إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام من الآية 114
  • الكلام حول كفر محاربي أمير المؤمنين عليه‌السلام 117
  • فصل :
  • إدعاء إمامة أبي بكر من آية (مَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ) وردّه 131
  • إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه‌السلام من الآية 132
  • فصل :
  • ردّ الإستدلال علي فضل أبي بكر وأصحابة من آية (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ ...) 139
  • فصل :
  • إدعاء أن آية (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ) أوجبت لأبي بكر واصحابه الجنّة وردّه 151
  • ردّ من زعم أنّ الآية قاضية بفضل أبي بكر علي أمير المؤمنين عليه‌السلام 159
  • باب آخر من السؤال عن تأويل القرآن وأخبار يغزونها إلي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّه قد مدح أئمتهم علي التخصص والإجمال  163
  • ردّ ادّعاء نزول آية (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) في أبي بكر 163
  • إثبات النزول الآية في أمير المؤمنين عليه‌السلام 165
  • وجه آخر في نزول الآية في النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله 166
  • وجة آخر في نزول الآية في أهل القرآن 167
  • وجة آخر في نزول الآية في جميع المصدّقين به صلى‌الله‌عليه‌وآله 168
  • تبيين وجه نزول الآية في أمير المؤمنين عليه‌السلام 168
  • مسألة أُخري :
  • ردّ أدّعاء نزول آية (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَى) في أبي بكر 171
  • مسالة أُخري :
  • ردّ ادّعاء نزول آية (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ) في أبي بكر 175
  • ردّ من زعم أن أبابكر كان من أهل الفضل والسعة 180
  • مسالة أُخري :
  • بيان بطلان ما زعموه من فضائل لأبي بكر في آية (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ). 185
  • مسالة أُخري :
  • ردّ الفضائل المزعومة للشيخين لكونها مع النبي صلي الله عليها وآلة في العريش 193
  • مسالة أُخري :
  • الكلام حول صلاة أبي بكر بالناس في مرض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله 201
  • مسالة أُخري :
  • الكلام حول إنفاق أبي بكر ومواسانه لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بماله 209
  • مسالة أُخري :
  • إثبات أنّ حديث ((اقتدوا باللذين من بعدي)) موضوع 219
  • سؤال :
  • الكلام حول ألقاب : الصدّيق ، الفاروق ، ذي النورين ودلالاتها 225
  • سؤال :
  • ردّ الإستدلال علي فضل الشيخين من تقدّمها في الإمامة 229
  • الإجماع علي أنّ عليّاَّ عليه‌السلام أوّل من أسلم 232
  • بيان علّة تقديم الناس الشيخين في الإمامة 235
  • فصل :
  • نتائج تقدّم الثلاثة علي أمير المؤمنين عليه‌السلام 241
  • الفهارس الفنّية
  • فهرس الآيات القرآنية 247
  • فهرس الأحاديث 255
  • فهرس الأعلام 259
  • فهرس الكتب الواردة في المتن 263
  • فهرس الأشعار 263
  • فهرس المواضع والبلدان 264
  • فهرس الأيّام والوقائع التاريخيّة 265
  • فهرس الفرق والمذاهب والقبائل والأقوام 266
  • فهرس المصادرة والمراجع 269
  • المحتوي 285