بسم الله الرّحمن الرّحيم

(وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً ۚ فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)

(١٢٢)

مقدّمة بقلم : آية الله العظمى جعفر السبحاني

بسم الله الرّحمن الرّحيم

القول السديد في الاجتهاد والتقليد

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله محمد وآله الطاهرين.

أمّا بعد :

إنّ البحث في الاجتهاد والتقليد ليس من المسائل الأصولية ، لأنّها عبارة عما يقع في طريق الاستنباط. والبحث في واقع الاجتهاد والتقليد وما يرجع إليهما من بحوث لا يقع في طريق الاستنباط ، ولذلك عاد أصحابنا الأصوليون يبحثون عنهما في الكتب الأصولية كخاتمة للكتاب ، والمعروف أنّ الخاتمة كالمقدمة ليست داخلة في صميم العلم.

إلّا أنّ العلّامة الحلي ـ مؤلف الكتاب ـ لم يتابع سيرة الأصحاب وجرى على مسلك الآخرين حيث إنّهم يبحثون عنهما بصورة مسألة أصولية ، وقد أفاض الكلام فيهما في المقصد الثالث عشر من الكتاب ، وقد شغلت هذه

المباحث نصف هذا الجزء الّذي بين يدي القارئ ، وبقي النصف الآخر خاصّا بالتعادل والترجيح.

والعجب أنّه قدّم البحث في الاجتهاد والتقليد على التعادل والترجيح مع أنّ الأنسب هو العكس ، لأنّ الثاني من المسائل الأصولية حيث يقع ما هو المختار (الرجوع إلى المرجحات والتخيير عند عدمها ، أو الترجيح بالمرجحات والتخيير عند عدمها) عند تعارض الأدلّة في طريق الاستنباط.

فكان عليه أن يخص المقصد الثاني عشر بالتعادل والترجيح والخاتمة بمباحث الاجتهاد والتقليد.

ونحن في غنى عن التعليق على ما أتى به المصنّف في هذه الأبواب من دلائل مشرقة على مختاراته. لكن قسما منها ربما يحتاج إلى بسط في الكلام ولذلك اخترنا مواضع خاصة للتعليق ، وهي كما يلي :

١. النبي والاجتهاد.

٢. وجود الاجتهاد عند الصحابة.

٣. في تجزؤ الاجتهاد.

٤. التخطئة والتصويب في الأصول والفروع.

٥. دور الزمان والمكان في الاستنباط.

٦. دور الحكم في رفع التزاحم بين الاحكام الأولية.

١

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والاجتهاد

ذكر المصنّف قدس‌سره اختلاف الناس في أنّ النبي هل كان متعبدا بالاجتهاد كسائر الفقهاء ، أو لم يكن كذلك؟ فالإمامية ـ عن بكرة أبيهم ـ على أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن متعبدا بالاجتهاد في شيء في بيان الأحكام الشرعية الكلية ، وأمّا القضاء في المرافعات فهو أمر آخر لا صلة له بالموضوع ، وسيوافيك بيانه.

وقد ذكر المصنّف أدلة شافية في ترفيع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن حاجته إلى الاجتهاد بعد ما كان (فضل الله عليه كبيرا) ، واللوح المكتوبة فيه الأحكام مكشوفا له يراه بأمّ عينيه أو بأمّ قلبه.

ومع ذلك كله فسوف نستطرد هذا الموضوع ببيان آخر ربّما يكون بين البحثين تداخل في بيان الأدلة وإشكالاتها.

والفضل في ذلك يرجع إلى المصنّف وإلى بقية علمائنا المتقدمين.

فنقول : الاجتهاد : هو استنباط الحكم من الأدلّة الشرعية ، كالكتاب والسنّة ببذل الجهد والتفكير ، والمجتهد يخطئ ويصيب شأن كلّ إنسان غير

معصوم ، وإن كان المخطئ مأجورا كالمصيب ، إنّما الكلام في أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هل كان مجتهدا في بيان الحكم الشرعي كالآخرين يخطئ ويصيب ، أو أنّ علمه بعقائد الدين وأحكامه بلغ إلى مستوى أغناه عن الاجتهاد؟

والإمعان فيما سنتلوه عليك من النصوص يدعم النظر الثاني :

أ. قال سبحانه : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً). (١)

وقد ذكر المفسّرون أسباب نزول متعدّدة لهذه الآية تجمعها أنّه رفعت إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واقعة كان الحق فيها غير واضح ، فأراه الله سبحانه حقيقة الواقع الذي تخاصم فيها المتحاكمان وعلّله بقوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ).

ففضل الله ورحمته صدّاه عن الحكم بالباطل ، وهل كان فضله سبحانه ورحمته مختصين بهذه الواقعة ، أو أنّهما خيّما عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طيلة عمره الشريف؟ مقتضى قوله سبحانه في ذيل الآية : (وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) هو انّه حظي بهما طيلة عمره الشريف. فهو في كلّ الحوادث والوقائع يحكم بمرّ الحق ونفس الواقع مؤيدا من قبل الله ، ومن اختصّ بهذه المنزلة الكبيرة فقد استغنى عن الاجتهاد المصيب تارة والمخطئ أخرى.

__________________

(١) النساء : ١١٣.

ب. انّه سبحانه يخاطب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله : (ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ).(١)

والشريعة هي طريق ورود الماء ، والأمر أمر الدين ومعنى الآية انّه تبارك وتعالى أورد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طريقا موصلة للشريعة قطعا ، ومن حظي بتلك المنزلة ، فما يصدر عنه إنّما يصدر عن واقع الدين لا عن الدين المظنون الذي يخطئ ويصيب ، وليست تلك الخصيصة من خصائصه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقط بل قد حظي بها معظم الأنبياء ، قال سبحانه : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً). (٢)

ج. إنّ طبيعة الاجتهاد خاضعة للنقاش والنقد ، فلو اجتهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بعض الأحكام فنظره كغيره قابل للنقد والنقاش ، ومعه كيف يكون حلال محمد حلالا إلى يوم القيامة وحرامه حراما إلى يوم القيامة ، وكيف تكون شريعته خاتمة الشرائع؟!

كلّ ذلك يعرب عن أنّ نسبة الاجتهاد إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعيدة عن الصواب ، وإنّما يتفوّه بها من ليس له أدنى إلمام بمقامات الأنبياء ، لا سيما خاتم النبيين أفضل الخليقة.

قال الشوكاني : اختلفوا في جواز الاجتهاد للأنبياء في الأحكام الشرعية على مذاهب:

__________________

(١) الجاثية : ١٨.

(٢) المائدة : ٤٨.

المذهب الأوّل : ليس لهم ذلك لقدرتهم على النص بنزول الوحي ، وقد قال سبحانه : (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى). (١) والضمير يرجع إلى النطق المذكور قبله بقوله : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) وقد حكى هذا المذهب الأستاذ أبو منصور عن أصحاب الرأي ، وقال القاضي في «التقريب» : كلّ من نفى القياس أحال تعبّد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالاجتهاد. قال الزركشي : وهو ظاهر اختيار ابن حزم.

واحتجّوا أيضا بأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا سئل ينتظر الوحي ويقول : «ما أنزل عليّ في هذا شيء» كما قال لمّا سئل عن زكاة الحمير فقال : لم ينزل عليّ إلّا هذه الآية الجامعة : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ.)(٢) وكذا انتظر الوحي في كثير ممّا سئل عنه ، ومن الذاهبين إلى هذا المذهب أبو علي وأبو هاشم. (٣)

أقول : لقد لخّص الشوكاني ما ذكره ابن حزم في ذلك المجال وقال : إنّ من ظنّ بأنّ الاجتهاد يجوز لهم في شرع شريعة لم يوح إليهم فيها فهو كفر عظيم ، ويكفي في إبطال ذلك أمره ـ تعالى ـ نبيه أن يقول : (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ)(٤) وقوله : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى). (٥) وقوله : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ. لَأَخَذْنا

__________________

(١) النجم : ٤.

(٢) الزلزلة : ٧ و ٨.

(٣) إرشاد الفحول : ٢٢٥.

(٤) الأنعام : ٥٠.

(٥) النجم : ٣ و ٤.

مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ)(١).

وانّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يسأل عن الشيء ، فينتظر الوحي ، ويقول : «وما نزل عليّ في هذا شيء» ذلك في حديث زكاة الحمير وميراث البنتين مع العم والزوجة ، وفي أحاديث جمّة. (٢) وقبل أن أذكر المذهب الثاني الوارد في كلام الشوكاني ، أشير إلى كلمة للعلّامة الحلّي ، تعرب عن موقف الإمامية في المسألة.

قال رحمه‌الله بعد تعريف الاجتهاد : ولا يصح (الاجتهاد) في حقّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبه قال الجبائيان. لقوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) ولأنّ الاجتهاد إنّما يفيد الظن ، وهو صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قادر على تلقّيه من الوحي ، وانّه كان يتوقّف في كثير من الأحكام حتى يرد الوحي ، فلو ساغ له الاجتهاد ، لصار إليه ، لأنّه أكثر ثوابا ، ولأنّه لو جاز له (الاجتهاد) لجاز لجبرئيل عليه‌السلام ، وذلك يسدّ باب الجزم بأنّ الشرع الذي جاء به محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الله تعالى.

ولأنّ الاجتهاد قد يخطئ وقد يصيب ، ولا يجوز تعبّده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم به ، لأنّه يرفع الثقة بقوله.

وكذلك لا يجوز لأحد من الأئمّة الاجتهاد عندنا ، لأنّهم معصومون ، وإنّما أخذوا الأحكام بتعليم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو بإلهام من الله تعالى. (٣)

__________________

(١) الحاقة : ٤٤ ـ ٤٦.

(٢) الإحكام في أصول الأحكام : ٥ / ١٢٣.

(٣) مبادئ الأصول : ٥١.

المذهب الثاني : انّه يجوز لنبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولغيره من الأنبياء الاجتهاد وإليه ذهب الجمهور واحتجوا بالوجوه التالية :

الأوّل : انّ الله سبحانه خاطب نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما خاطب عباده ، وضرب له الأمثال وأمره بالتدبّر والاعتبار ، وهو من أجلّ المتفكّرين في آيات الله وأعظم المعتبرين.

أقول : إنّ ما ضرب به من الأمثال جلّها من باب «إيّاك أعني واسمعي يا جارة» وهل يصحّ أن يقال انّه سبحانه أراده بقوله : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ)(١) مع أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ممّن هداه الله (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ). (٢)

على أنّه سبحانه أمر بالتفكّر والتدبّر فيما يرجع إلى العوالم الغيبية والأسرار المكنونة في الطبيعة وأنّى ذلك من التفكّر في الأحكام الشرعية.

الثاني : انّ المراد من قوله : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) هو القرآن ، لأنّهم قالوا إنّما يعلّمه بشر ، ولو سلم لم يدل على نفي اجتهاده ، لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا كان متعبّدا بالاجتهاد بالوحي لم يكن نطقا عن الهوى ، بل عن الوحي.

أقول : إنّ قوله سبحانه : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) وإن كان واردا في مورد القرآن ، ولكنّه آب عن التخصيص بدلالة انّ ورود التخصيص عليه يستلزم

__________________

(١) الزمر : ٦٥.

(٢) الزمر : ٣٧.

الاستهجان ، فلو قيل النبي لا ينطق عن الهوى إلّا في غير مورد القرآن لرأيت التخصيص مستهجنا ، على أنّ الدليل ليس منحصرا بهذه الآية ، وقد استعرضنا الدلائل السابقة.

نعم لو ثبت انّ الوحي أمره بالاجتهاد ، لكان ما يفتي به إفتاء منتهيا إلى الوحي الإجمالي ، ولكن الكلام في صدور الترخيص له.

الثالث : إذا جاز لغيره من الأمّة أن يجتهد بالإجماع مع كونه معرضا للخطإ ، فلأن يجوز لمن هو معصوم عن الخطأ بالأولى.

أقول : إنّ هذا الاستدلال من الوهن بمكان ، لأنّ غير النبي يجتهد لانحصار باب المعرفة به ، وهذا بخلاف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّ أمامه طرقا كثيرة إلى الحقّ أوضحها الوحي.

الرابع : الاستدلال ببعض الأمثلة التي تدلّ بظاهرها على أنّ النبي اجتهد في الحكم الشرعي ، وسيوافيك توضيح بعضها. (١)

ثمّ إنّ هناك مذهبا ثالثا يدعى مذهب الوقف عن القطع بشيء في ذلك ، وزعم الصيرفي في شرح الرسالة ، انّه مذهب الشافعي ، لأنّه حكى الأقوال ولم يختر شيئا منها ، واختار هذا القاضي أبو بكر الباقلاني ، والغزالي. (٢)

__________________

(١) إرشاد الفحول : ٢٢٥.

(٢) المصدر السابق : ٢٢٦.

اجتهاد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتسرّب الخطأ إليه

قد سبق انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غنى عن الاجتهاد في الأحكام وانّه سبحانه أورده منهل الشريعة ، وأمره باتّباعها ، ولو افترضنا جواز الاجتهاد عليه ، فهل يمكن أن يتسرّب إليه الخطأ أو لا؟

ذهبت الإمامية إلى صيانة اجتهاده (على فرض جواز الاجتهاد له) عن الخطأ ، واستدل عليه المحقّق بوجوه :

الأوّل : انّه معصوم من الخطأ عمدا ونسيانا بما ثبت في الكلام ، ومع ذلك يستحيل عليه الغلط.

الثاني : إنّنا مأمورون باتّباعه ، فلو وقع منه الخطأ في الأحكام لزم الأمر بالعمل بالخطإ وهو باطل.

الثالث : لو جاز ذلك الخطأ لم يبق وثوق بأوامره ونواهيه ، فيؤدي ذلك إلى التنفير عن قبول قوله. (١)

ثمّ إنّ المخالف استدل بوجوه ، منها :

الأوّل : قوله تعالى : (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ). (٢)

أقول : إنّ وجه المماثلة ليس تطرّق الخطأ بل عدم استطاعته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى

__________________

(١) معارج الأصول : ١١٨ ـ ١١٩.

(٢) الكهف : ١١٠.

تحقيق كلّ ما يقترحون عليه من المعاجز والآيات حيث أرادوا منه أن يأتي لهم بكلّ ما يقترحون عليه من عجائب الأمور ، فوافته الآية بأنّه بشر مثلكم ، والفرق انّه يوحى إليه دونهم ، فكيف يتمكّن من القيام بما يقترحون عليه من المعاجز والآيات بلا إذن منه سبحانه؟!

الثاني : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «فمن قضيت له بشيء من حقّ أخيه ، فلا يأخذنّ إنّما أقطع له به قطعة من النار» (١) وهذا يدلّ على أنّه يجوز منه الغلط في الحكم.

أقول : إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان مأمورا بالقضاء بما أدّت إليه البيّنة واليمين ، فما يقضي به هو نفس الحكم الشرعي في باب القضاء سواء أكان مطابقا للواقع أم لم يكن ، فإنّه كان مأمورا في فصل الخصومات بالظواهر لا بالبواطن.

وبذلك يعلم انّه لو سوّغنا الاجتهاد للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يخطئ في مجال الإفتاء ، بل ينتهي إلى نفس الواقع.

وأمّا باب القضاء ، فاتّفق الجميع على أنّه كان مأمورا بالظواهر دون البواطن ، سواء أكانت الظواهر مطابقة للواقع أم لا ، فقد كانت المصالح تقتضي ذلك. مع العلم بحقيقة الحال.

__________________

(١) الوسائل : ١٨ ، الباب ٢ من أبواب كيفية الحكم ، الحديث ٣.

العلم بالملاك غير الاجتهاد

قد تحدثنا آنفا عن الاجتهاد ، وعرفت أنّه عبارة عن استخراج الحكم من الكتاب والسنّة وهو قد يخطئ وقد يصيب ، وليس الحكم المستخرج مصيبا للواقع على الإطلاق.

نعم هناك أمر آخر يعدّ كرامة اختصّ الله تعالى بها نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو انّه أدّب رسوله فأحسن تأديبه ، وعلّمه مصالح الأحكام ومفاسدها ، وأوقفه على ملاكاتها ومناطاتها ، ولمّا كانت الأحكام تابعة لمصالح ومفاسد كامنة في متعلّقاتها وقد أطلع الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليها مع اختلاف درجاتها ومراتبها ، لا يكون الاهتداء إلى أحكامه سبحانه عن طريق الوقوف على عللها ، بأقصر من الطرق التي وقف بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حلاله وحرامه. وإلى هذا يشير الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام بقوله :

«وعقلوا الدين عقل وعاية ورعاية لا عقل سماع ورواية ، فإنّ رواة العلم كثير ورعاته قليل». (١)

فما ورد عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من التشريع ، فإنّما هو تشريع بالعلم بالملاك ، وبإذن خاص منه سبحانه ، وقد ورد في السنّة الشريفة :

١. إنّ الله فرض الصلاة ركعتين ركعتين ، ليكون المجموع عشر ركعات ، فأضاف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الركعتين ركعتين ، وإلى المغرب ركعة.

__________________

(١) نهج البلاغة : الخطبة رقم ٢٣٤.

٢. إنّ الله فرض في السنة صوم شهر رمضان ، وسنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صوم شعبان ، وثلاثة أيام من كلّ شهر.

٣. إنّ الله حرم الخمر بعينها ، وحرّم رسول الله المسكر من كلّ شراب.

٤. إنّ الله فرض الفرائض في الإرث ، ولم يقسم للجد شيئا ، ولكن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أطعمه السدس. (١)

وليس هذا اللون من التشريع اجتهادا منه ولا منافيا لاختصاص التشريع بالله سبحانه ، لما عرفت من أنّ التسنين في هذه المقامات إنّما هو بتعليم منه سبحانه بملاكات الأحكام وإذنه.

أسئلة وأجوبة

الأوّل : ربما يتراءى من بعض تفسير الآيات والروايات انّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اجتهد في بعض الأحكام ثمّ وافاه النص على الخلاف.

قال سبحانه : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). (٢)

(لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ). (٣)

(فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). (٤)

__________________

(١) أصول الكافي : ١ / ٢٠٩ ـ ٢١٠.

(٢) الأنفال : ٦٧.

(٣) الأنفال : ٦٨.

(٤) الأنفال : ٦٩.

نزلت الآيات في غزوة بدر حيث استشار الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صحابته في أمر الأسرى ، فقال أبو بكر : عشيرتك فأرسلهم ، وقال عمر : اقتلهم ، ففاداهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأنزل الله معاتبا له ولصحابته بقوله : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى ...).

رواه أهل السير ، وأخرج مسلم وأحمد حديثا في ذلك. (١)

التحليل يتوقف على توضيح مفاد الآيات ، وهو انّ السنّة الجارية في الأنبياء الماضين عليهم‌السلام هي انّهم إذا حاربوا أعداءهم ، وظفروا بهم ينكلون بهم قتلا ليعتبر بهم من وراءهم ، فيكفّوا عن معاداة الله ورسوله ، وكانوا لا يأسرون أحدا حتى يثخنوا في الأرض ، ويستقر دينهم بين الناس ، فإذا بلغوا تلك الغاية كان لهم الحقّ في أخذ الأسرى ، ثمّ المن أو الفداء ، كما قال تعالى في سورة أخرى مخاطبا المسلمين عند ما علا أمر الإسلام وتمّت له القوة والغلبة في الحجاز واليمن : (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً). (٢)

فعلم من ذلك انّ مقتضى الجمع بين الآيتين هو ممنوعية أخذ الأسرى قبل الإثخان في الأرض وجوازه بعده ، ثمّ المن ، أو الفداء بعد الإثخان.

إذا عرفت ذلك فهلمّ معي نبحث في مفاد الآيات الثلاث ، فنقول :

أوّلا : انّ اللوم انصبّ على أخذ الأسرى لا على الفداء.

__________________

(١) تاريخ التشريع الإسلامي : ٩٩.

(٢) محمد : ٤.

ثانيا : انّ اللوم لم يتوجّه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبدا وإنّما توجّه إلى من أخذ الأسرى.

والشاهد على الأمر الأوّل قوله : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) أي الأمر الممنوع هو أخذ الأسرى فقط لا الفداء والمن ، وإلّا لكان له عطف الفداء والمن عليه ، ولو كان الممنوع هو الفداء لما قال سبحانه في الآية الثالثة : (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ومن الواضح انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن له أيّ دور في أخذ الأسرى ، بل كان هو القائد والمجاهدون هم الذي يأخذون الأسرى قبل الإثخان في الأرض بالقتل والتنكيل.

والشاهد على الأمر الثاني قوله سبحانه : (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ.) والمخاطب هم المقاتلون لا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

أضف إلى ذلك قوله : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ).

فملخّص القول : إنّ اللوم انصبّ على المقاتلين المجاهدين الذين أسروا الأعداء ، ولم يكن للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيّ دور في ذلك.

وأمّا الروايات الواردة ، فهي مختلفة جدا لا يمكن الركون إلى الخصوصيات الواردة فيها.

وقد اختلفت التفاسير حسب اختلاف الروايات ، فمن قائل بأنّ العتاب والتهديد متوجه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمؤمنين جميعا ، إلى آخر بأنّه متوجه إلى

النبي والمؤمنين ما عدا عمر ، إلى ثالث أنّه متوجه إلى النبي والمؤمنين ما عدا عمر وسعد بن معاذ ، إلى رابع أنّه متوجه إلى المؤمنين دون النبي ، إلى خامس أنّه متوجه إلى شخص أو أشخاص أشاروا إليه بالفداء بعد ما استشارهم.

وعليه لا يمكن الركون إلى تلك الروايات والأخذ بها ، والآيات الواردة في المقام محكمة ناصعة البيان ليست بحاجة إلى تفسير من قبل الروايات الآنفة الذكر. فالاستدلال على أنّ النبي كان مجتهدا وانّه اجتهد خطاء في هذه الواقعة غريب جدا.

* * *

الثاني : إذا كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصدر الأحكام بإلهام منه سبحانه دون أن يكون له اجتهاد فيها ، فما معنى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث السواك : «لو لا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسواك».

ومثله قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم فتح مكة : «إنّ هذا البلد حرّمه الله يوم خلق السماوات والأرض ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، وانّه لم يحلّ القتال فيه لأحد قبلي ، ولم يحلّ لي إلّا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ، ولا ينفّر صيده ، ولا يلتقط لقطته إلّا من عرفها ، ولا يختلى خلاه».

فقال العباس : يا رسول الله إلّا الإذخر ، فإنّه لقينهم ولبيوتهم.

فقال : «إلّا الإذخر». (١)

__________________

(١) صحيح البخاري : ٤ / ١٠٥ ، باب اسم الغادر للبر والفاجر قبيل كتاب بدء الخلق.

فاستثناء الإذخر بعد التعميم أخذا برأي العباس كان اجتهادا منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والحديث أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من أهل السنن. (١)

الجواب : أمّا الحديث الأوّل فبيان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحكم لم يصدر عن الاجتهاد وضرب الأدلّة بعضها ببعض ، وإنّما وقف على الحكم الشرعي وهو الاستحباب عن طريق الوحي ولمّا بيّن للأمّة أهميته من الناحية الصحية ، ظهر فيه ملاك الإلزام ، ولكن لم يتابعه التشريع ، لما في الإلزام من حرج ومشقة.

وأمّا الحديث الثاني فقد روى البخاري انّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «ولا يختلى خلاه».

قال ابن الأثير : ففي حديث تحريم مكة «لا يختلى خلاها» الخلى ـ مقصور ـ النبات الرطب الرقيق ما دام رطبا ، واختلاؤه قطعه ، وأخلت الأرض : كثر خلاها ، فإذا يبس فهو حشيش. (٢)

وأمّا استثناء الإذخر فلم يكن اجتهادا من النبي بل بيانا لواقع الحكم حيث كان قطعه مستثنى في الشريعة ، وكان للنبي أن يذكر العام دون المخصّص لمصلحة في التأخير ، ولكن لمّا تكلّم العباس بالمخصّص ، صدّقه وبيّن المخصص فورا.

ووجه الاستثناء ابتلاء الحدّاد والصائغ والناس في بيوتهم بهذا النبات

__________________

(١) تاريخ التشريع الإسلامي : ٣.

(٢) النهاية : ٢ / ٧٤.

الطيب الرائحة قال الجزري : وفي حديث العباس «إلّا الإذخر فإنّه لقيوننا» القيون : جمع قين ، وهو الحدّاد والصائغ. (١)

الثالث : لما أمسى الناس في اليوم الذي فتحت عليهم ـ يعني خيبر ـ أوقدوا نيرانا كثيرة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما هذه النيران؟ على أي شيء توقدون؟» قالوا : على لحم ، قال : «أي لحم؟» قالوا : الحمر الأنسية ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أهريقوها واكسروها» فقال رجل : أو يهرقوها ويغسلوها؟ قال : «أو ذاك». (٢)

وجه الاستدلال : أنّ النبيّ أمر بكسر القدور أوّلا ، ولمّا طلب منه الاكتفاء بالإهراق والغسل اقتصر عليه. فلو كان الكسر بوحي منه سبحانه لما كان له العدول عنه.

الجواب أوّلا : إنّ الرواية نقلت بصور مختلفة حتى أنّ البخاري نقلها كالتالي :

أ. فجاء منادي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا وأهريقوها.

ب. فنادى منادي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اكفئوا القدور. (٣)

ولم يعلم أنّ النبي أمر بكسرها.

__________________

(١) النهاية : ٤ / ١٣٥ ؛ وفي بعض النصوص القين وتعني الزينة ، وهو الأظهر ممّا ذكره صاحب النهاية.

(٢) صحيح مسلم : ٥ / ١٨٦ ، باب غزوة خيبر.

(٣) صحيح البخاري : ٥ / ١٣٦ ، باب غزوة خيبر.

وثانيا : إذا سلّمنا أنّه أمر بالكسر ، فليس هناك مانع من أن يكون للكراهة الشديدة مراحل فالأولى هو كسر القدور وطرحها جانبا ، والثانية إهراقها وغسلها ، فبدأ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما هو الأولى ، ولمّا كان شاقا على الناس ، أمضى الحكم الثاني ، وهو إخلاؤها وإكفاؤها.

ولعمري ليس في تلك الأمور أي دلالة على أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يجتهد كاجتهاد الآخرين ، والعجب من ابن قيّم الجوزية انّه عقد فصلا بيّن فيه فتاوى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال :

ولنختم الكتاب بذكر فصول يسير قدرها ، عظيم أمرها من فتاوى إمام المفتين ورسول ربّ العالمين تكون روحا لهذا الكتاب ، ورقما على جلة هذا التأليف. (١)

فذكر أحاديثه وكلماته في العقائد والأحكام باسم الفتوى ، فيتبادر إلى الذهن أنّه كان يفتي كالآخرين مع أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يرشد الناس لحكم الله سبحانه بطرق مختلفة ، فالإفتاء في كلامه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كالإفتاء في قوله سبحانه : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ). (٢)

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأمور الدنيوية

لا شكّ انّ هناك أمورا دنيوية كالزراعة والطب والحرب وفنونها

__________________

(١) إعلام الموقعين : ٤ / ٢٦٦ ـ ٤١٤.

(٢) النساء : ١٧٦.

يكتسبها الناس عبر التجربة ، ولم يزل المجتمع الإنساني يتقدّم ويرتقي كلّما كثرت تجاربه وخبراته المادية ، والإنسان يخطئ ويصيب في الوقوف على أسرار الكون ونواميسه ، وتلك الخطوات وإن أخفقت في بعض المراحل ، لكنّها تنتهي إلى كشف الحقائق ولمس الواقع ، وهذه هي الأسس التي بنيت عليها الحضارات.

إنّما الكلام في أنّ سبيل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى هذه الأمور هل هو كسبيل سائر الناس يجتهد ويخطئ ، أو أنّه لا يخطئ في تلك الأمور بإلهام من الله سبحانه مسدّد الخطى نحو الصواب؟

يقول أحد الكتاب المعاصرين : إنّ النبي يجتهد في شئون الزراعة والطب اجتهاد غيره يخطئ ويصيب وليس شرعا ، ولذا قال في تأبير النخل : «أنتم أعلم بأمور دنياكم».

ففي الصحيحين انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرّ بقوم يلقحونه ، فقال : «لو لم تعملوا لصلح» قال : فخرج شيصا (١) فمرّ بهم ، فقال : «ما لنخلكم؟» قالوا : قلت كذا وكذا ، قال : «أنتم أعلم بأمور دنياكم».

أقول : إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل الخليقة وأفضل من أبينا آدم أبي البشر ، وقد علّمه سبحانه الأسماء قال سبحانه : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ* قالَ يا آدَمُ

__________________

(١) يقال : شيّصت النخلة : فسدت وحملت الشيص ، وهو تمر رديء.

أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ). (١)

قال صاحب المنار في تفسير تلك الآيات : أودع في نفسه علم جميع الأشياء من غير تحديد ولا تعيين ، فالمراد من الأسماء المسمّيات عبّر عن المدلول بالدليل لشدّة الصلة بين المعنى واللفظ الموضوع له ـ إلى أن قال : ـ علّم الله آدم كلّ شيء ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون له هذا العلم في آن واحد ، أو في آونة متعدّدة ، والله قادر على كلّ شيء.

ولأجل تلك المكانة جعله الله خليفة في الأرض ، وأمر الملائكة بالسجود له. (٢)

فإذا كانت هذه مكانة آدم ومنزلته من حيث العلم بحقائق الأشياء وأسرار الكون ، فكيف بأفضل الخليقة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهل من المعقول أن لا يقف على ما وقف عليه أبونا آدم؟!

فالقرآن الكريم هو المهيمن على الكتب السماوية ، فليكن مهيمنا على كلّ المأثورات المعزوّة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال سبحانه : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ). (٣)

وعلى ضوء ذلك ، فكل ما نسب إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الجهل بأسرار

__________________

(١) البقرة : ٣١ ـ ٣٣.

(٢) تفسير المنار : ١ / ٢٦٢ ـ ٢٦٥.

(٣) المائدة : ٤٨.

الطبيعة ورموزها ، فهو موضوع على لسانه فضلا عن جهله بأبسط الأمور وأوضحها التي يعرفها صبيان العرب. ولنتناول بعض الأحاديث في هذا الصدد مع النقد والتعليق عليها :

١. روى مسلم ، عن موسى بن طلحة ، عن أبيه ، قال : مررت ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوم على رءوس النخل ، فقال : «ما يصنع هؤلاء؟» فقالوا : يلقحونه ، يجعلون الذكر في الأنثى فتلقح ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما أظن يغني ذلك شيئا» ، فأخبروا بذلك ، فتركوه ، فأخبر رسول الله بذلك ، فقال : «إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه ، فإنّي إنّما ظننت ظنا ، فلا تؤاخذوني بالظن ، ولكن إذا حدّثتكم عن الله شيئا فخذوا به ، فإنّي لن أكذب على الله عزوجل». (١)

وروى عن رافع بن خديج ، قال : قدم نبي الله المدينة وهم يأبرون النخل يقولون : يلقحون النخل فقال : «ما تصنعون؟» قالوا : كنّا نصنعه ، قال : «لعلّكم لو لم تفعلوا كان خيرا» فتركوه ، فنقصت قال : فذكروا ذلك له ، فقال : «إنّما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به ، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنّما أنا بشر». (٢)

والعجب أنّ مسلما النيسابوري مؤلف الصحيح ذكر الحديث في باب أسماه ب «وجوب امتثال ما قاله شرعا دون ما ذكره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من معايش الدنيا على سبيل الرأي» نحن نعلّق على الحديث بشيء يسير ، ونترك التفصيل إلى القارئ.

__________________

(١) صحيح مسلم : ١٥ / ١٢٥ ، الباب ٣٨ ، كتاب الفضائل.

(٢) صحيح مسلم : ١٥ / ١٢٦ ، الباب ٣٨ ، كتاب الفضائل.

أوّلا : لنفترض أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن نبيا ، ولا أفضل الخليقة ، ولم يصنع على عين الله تعالى ، فعلّمه من لدنه علما وآتاه الكتاب والحكمة ، أفلم يكن عربيا صميما قد ولد في أرض الحجاز ، وعاش بين ظهراني قومه وغيرهم في الحضر والبادية ، وتوالى سفره إلى الشام؟ أفيجهل إنسان عاش تلك الظروف مثل هذا الأمر ولم يقف على أنّ النخيل لا يثمر إلّا بالتلقيح؟ وهل أنّ هذا الموضوع كان من الخفاء بحيث يسأل ما يصنع هؤلاء؟! فيجيبونه بقولهم : إنّهم «يلقحونه»؟

ثانيا : كيف يمكن للنبي النهي عن التلقيح الذي هو سنّة من سنن الله أودعها في الطبيعة ، وقال سبحانه : (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً)(١) ومع ذلك فكيف يقول : «ما أظن يغني ذلك شيئا»؟!

ثالثا : انّ الاعتذار الوارد في الرواية يسيء الظن بكل ما يخبر به عن الله بلسانه ويخرج من شفتيه ، والأسوأ من ذلك ما نسب إليه من الاعتذار بقوله : «وإذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به ، فإنّي لن أكذب على الله عزوجل» ، لأنّ فيه تلميحا إلى أنّه ـ والعياذ بالله ـ يكذب في مواضع أخر.

فلو كانت الرواية ونظائرها مصدرا للعقيدة ، فسيعقبها جهل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأبسط السنن الجارية في الحياة ، فهل يصح التفوّه بذلك؟!

٢. روى ابن هشام أنّ الحباب بن المنذر بن الجموح قال لرسول

__________________

(١) فاطر : ٤٣.

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غزوة بدر : يا رسول الله أرأيت هذا المنزل ، أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدّمه ، ولا نتأخّر عنه ، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟

قال : «بل هو الرأي والحرب والمكيدة؟» فقال : يا رسول الله ، فإنّ هذا ليس بمنزل ، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم ، فننزله ثمّ نغور ما وراءه من القلب ، ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء ، ثمّ نقاتل القوم ، فنشرب ولا يشربون.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لقد أشرت بالرأي». فنهض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن معه من الناس ، فسار حتى إذا أتى أدنى ماء من القوم نزل عليه ، ثمّ أمر بالقلب فغوّرت ، وبنى حوضا على القلب الذي نزل عليه فملئ ماء ، ثمّ قذفوا فيه الآنية. (١)

أقول : إنّ متابعة قول الصحابي الحباب بن المنذر لم ينشأ عن خطأ رأي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنزل الذي نزلوه ، بل انّ كلا الرأيين كانا على صواب ، ولكنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزل عند رغبة الحباب إجلالا له واستمالة لقلوب الأصحاب وتسكينا لنفوسهم ، ودعما لمبدأ الشورى الذي يهدف الإسلام إلى تعزيزه بين المسلمين في مجالات حياتهم ، في دعوة منه إلى مشاركة أكثر في صنع القرارات ، ودرءا لمحاولات الاستبداد بالرأي والتحكّم بالقرار قال سبحانه : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ

__________________

(١) السيرة النبوية : ٢ / ٦٢٠.

فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ.)(١) هذا إذا صحّت الرواية وإلّا فلتطرح.

فلم تكن مشاورة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في واحد من تلك المواقف نابعة عن جهله (نعوذ بالله) بما فيه مصلحة الأمّة ، بل كانت المصلحة يومذاك تقتضي المشاورة والوقوف على الآراء ، ثمّ العزم على ما تقتضيه المصلحة ، ومن هنا استشارهم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غزوة بدر قائلا : «أشيروا عليّ أيّها الناس» ومبتغيا بذلك معرفة رأي الأنصار ومدى استعدادهم للحرب ، ذلك أنّهم كانوا يؤلّفون الأكثرية وانّهم حينما بايعوه بالعقبة فإنّما بايعوه على أن يدافعوا عنه مثلما يدافعون عن أبنائهم ونسائهم ولم يبايعوه للهجوم والقتال ، ولما كان المسير إلى وادي بدر مسيرا للقتال ، فلم يكن له بدّ من استشارتهم ، فلمّا اطمأنّ إلى استعدادهم لأكثر ممّا بايعوه بالعقبة ، قال : «سيروا وأبشروا».

روى ابن هشام : انّ سعد بن معاذ ، قام وقال : فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضنا معك ، ما تخلّف منّا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا انّا لصبر في الحرب وصدق في اللقاء ، لعل الله يريك منّا ما تقرّ به عينك ، فسر بنا على بركة الله. فسرّ رسول الله بقول سعد ونشطه ذلك ، ثمّ قال : «سيروا وأبشروا». (٢)

وهذه هي الضابطة الكلية في كلّ ما شاور النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحروب

__________________

(١) آل عمران : ١٥٩.

(٢) السيرة النبوية : ٢ / ٦١٥.

وغيرها ، وقد كمنت المصلحة في نفس المشاورة عن طريق استقطاب آراء الصحابة دون أن تكون الغاية من ورائها الوصول إلى الواقع ورفع أغشية الجهل نعوذ بالله.

٣. أخرج السيوطي في «الدر المنثور» وقال : لمّا توفّي عبد الله بن أبيّ أتى ابنه عبد الله رسول الله يسأله أن يعطيه قميصه وليكفّنه فيه ، فأعطاه ، ثمّ سأله أن يصلّي عليه ، فقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقام عمر بن الخطاب فأخذ ثوبه ، فقال : يا رسول الله أتصلّي عليه ، وقد نهاك الله أن تصلّي على المنافقين؟ فقال : «إنّ ربي خيّرني فقال : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ)(١) وسأزيد على السبعين» فقال : إنّه منافق ، فصلّى عليه ، فأنزل الله تعالى : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ)(٢) فترك الصلاة عليهم. (٣)

وفي هذا المعنى روايات أخرى رواها أصحاب الجوامع ، ورواة الحديث عن عمر بن الخطاب وجابر وقتادة ، وفي بعضها : انّه كفّنه بقميصه ونفث في جلده ونزل في قبره.

وفي رواية أخرى قال عمر فيها : يا رسول الله قد عرفت عبد الله ونفاقه أتصلّي عليه ، وقد نهاك الله أن تصلّي عليه؟ فقال : وأين؟ فقال : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ

__________________

(١) التوبة : ٨٠.

(٢) التوبة : ٨٤.

(٣) الدر المنثور : ٤ / ٢٥٨.

لَهُمْ) قال : فإنّي سأزيد على سبعين ، فأنزل الله : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) الآية. (١)

قال : فأرسل إلى عمر فأخبره بذلك ، وأنزل الله : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ).

هذا وقد قسّم ابن قيّم الجوزيّة الرأي المحمود إلى أنواع وعدّ منه رأي الصحابة ، وعرّفه بأنّه رأي أفقه الأمّة وأبر الأمّة قلوبا وأعمقهم علما. ثمّ أيّد كلامه بما نقله عن الشافعي ، انّه قال : البدعة ما خالفت كتابا أو سنّة أو أثرا عن بعض أصحاب رسول الله ، وجعل ما خالف قول الصحابي بدعة ، ثمّ قال : لمّا توفي عبد الله بن أبيّ قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلّي عليه ، فقام عمر فأخذ بثوبه فقال : يا رسول الله إنّه منافق ، فصلّى عليه رسول الله ، فأنزل الله عليه : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ). (٢)

أقول : إنّ العاطفة قد حملت الراوي على اختلاق هذا الحديث ووضعه ، وعلائم الوضع فيه ظاهرة لوجوه :

١. انّ قوله سبحانه : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ...) ظاهر في أنّ المراد لغوية الاستغفار للمنافقين دون التحديد ، وعدد السبعين كناية عن المبالغة ، والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجلّ من أن يجهل بمفهوم الآية ويحملها على التحديد. ويقول فإنّي سأزيد على السبعين.

__________________

(١) المصدر السابق : ٤ / ٢٥٨.

(٢) إعلام الموقعين : ١ / ٨١.

٢. انّ الآيات الناهية عن الاستغفار للمنافقين والصلاة عليهم تعلّل النهي بفسقهم وكفرهم.

يقول سبحانه : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ). (١)

وقال سبحانه : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ). (٢)

ومثله قوله سبحانه : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ). (٣)

فالآيات ظاهرة في أنّ الاستغفار أمر لغو ، لكفر المستغفر له وفسقه ، وعند ذلك فما معنى الاستغفار الذي عزي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟!

ثم ما معنى نزول قوله سبحانه : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) في صلاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على المنافق «عبد الله بن أبيّ» مع أنّه نزل في غزوة بني المصطلق ، ويرجع تاريخه إلى العام السادس من الهجرة في حين توفّي عبد الله بن أبيّ في العام التاسع.

ثمّ إنّ هناك من حاول تصحيح تلك الروايات بقوله : إنّ النبي استغفر وصلّى على عبد الله ليستميل قلوب رجال منافقين من الخزرج إلى الإسلام. (٤)

__________________

(١) المنافقون : ٦.

(٢) التوبة : ٨٠.

(٣) التوبة : ١١٣.

(٤) تفسير المنار : ١٠ / ٦٦٩.

وهذه المحاولة من الوهن بمكان ، إذ كيف يصحّ للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يخالف النص القرآني الصريح بغية استمالة قلوب المنافقين والمداهنة معهم ، وقد ندّد الله سبحانه بمثل هذا العمل وتوعد به وقال : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ ... إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً). (١)

والحقّ انّ رواة هذا الحديث حاولوا تعظيم أمر الخليفة بما يمسّ كرامة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من حيث لا يشعرون ، وليس هذا بجديد ، فقد رووا في غير واحد ما يشبهه حيث نقلوا :

١. انّ الخليفة رأى ان تحجب نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنزل القرآن بموافقته. (٢)

٢. رأى الخليفة أن يتخذ من مقام إبراهيم مصلّى ، فنزل القرآن بموافقته. (٣)

وقد مرّ أنّ عمر رأى في أسارى بدر أن تضرب أعناقهم ، فنزل القرآن بموافقته ، ولعل من أبرز الدوافع إلى وضع تلك الروايات هو العاطفة الجامحة تجاه الخليفة والغلوّ في حقّه.

__________________

(١) الإسراء : ٧٣ ـ ٧٥.

(٢) الدر المنثور : ٦ / ٦٣٩.

(٣) الدر المنثور : ١ / ٢٩٠.

٢

وجود الاجتهاد عند الصحابة

أوجز المصنّف الكلام في وجود الاجتهاد في زمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنّ كان ما ذكره وافيا بالمقام ، وبما أنّ باب الاجتهاد قد أغلق عبر القرون الماضية واختص الاجتهاد بمذهب أحد الأئمة الأربعة ، فنفيض الكلام فيه حتّى يتبيّن أنّ غلق باب الاجتهاد كان خسارة عظيمة للفقه وأهله ، ولا بد أن يفتح على مصراعيه ، فنقول :

إنّ الاجتهاد كان مفتوحا في زمن النبوة وبين أصحابه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضلا عن غيرهم ، وفضلا عن سائر الأزمنة التي بعده ، نعم غايته إنّ الاجتهاد يومئذ ، كان خفيف المئونة جدا ، لقرب العهد ، وتوفّر القرائن ، وإمكان السؤال المفيد للعلم القاطع ، ثم كلّما بعد العهد من زمن الرسالة وكثرت الآراء والأحاديث والروايات ، ربّما قد دخل فيها الدس والوضع ، وتوفرت دواعي الكذب على النبي ، أخذ الاجتهاد ومعرفة الحكم الشرعي ، يصعب ويحتاج إلى مزيد من المئونة واستفراغ الوسع. (١)

__________________

(١) أصل الشيعة وأصولها : ١١٩ طبعة بيروت.

ويرشدك إلى وجوده في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قول الرسول لأمير المؤمنين عليه‌السلام عند ما بعثه إلى اليمن : قال علي عليه‌السلام : بعثني رسول الله إلى اليمن ، قلت : يا رسول الله تبعثني وأنا شاب أقضي بينهم ولا أدري ما القضاء؟ قال : فضرب بيده في صدري وقال : «اللهمّ اهد قلبه وثبّت لسانه» فو الذي نفسي بيده ما شككت في قضاء بين اثنين. (١)

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمعاذ بن جبل حين وجّهه إلى اليمن : بم تقضي؟ قال : بما في كتاب الله ، قال : فإن لم تجد؟ قال : بما في سنّة رسول الله ، قال : فإن لم تجد؟ قال : اجتهد رأيي ولا آلو جهدا ، فسرّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال : الحمد لله الذي وفّق رسول رسوله بما يرضي رسوله. (٢)

«وبطبيعة الحال ، أنّ الصحابي قد يسمع من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في واقعة ، حكما ويسمع الآخر في مثلها خلافه ، وتكون هناك خصوصية في أحدهما اقتضت تغاير الحكمين وغفل أحدهما عن الخصوصية أو التفت إليها وغفل عن نقلها مع الحديث فيحصل التعارض في الأحاديث ظاهرا ، ولا تنافي واقعا ، ولهذه الأسباب وأضعاف أمثالها ، احتاج حتى نفس الصحابة الذين

__________________

(١) أعلام الورى : ١٣٧ ؛ والبحار : ٢١ / ٣٦١. وشتان بين علمه واجتهاده عليه‌السلام وعلم الآخرين واجتهادهم.

(٢) الطبقات الكبرى : ٢ / ٣٤٧ ؛ الاستيعاب ، لابن عبد البر ، في ترجمة «معاذ» واللفظ للثاني. أقول : لو صح الحديث يكون المراد منه باعتبار وروده في أمر القضاء ، هو فصل الخصومة في الأموال والنفوس ، بما يعدها العقلاء عدلا وإنصافا وهذا المراد من قوله : اجتهد رأيي. وعندئذ لا يكون الحديث دليلا على صحة مطلق الرأي حتى المستند إلى القياس والاستحسان وأشباههما التي لا قيمة لها عندنا في عالم الاستنباط.

فازوا بشرف الحضور ، في معرفة الأحكام إلى الاجتهاد ، والنظر في الحديث وضم بعضه إلى بعض والالتفات إلى القرائن الحالية ، فقد يكون للكلام ظاهر ، ومراد النبي خلافه اعتمادا على قرينة في المقام ، والحديث نقل ، والقرينة لم تنقل».

«وكل واحد من الصحابة ، ممن كان من أهل الرأي والرواية ، تارة يروي نفس ألفاظ الحديث ، للسامع من بعيد أو قريب ، فهو في هذا الحال راو ومحدّث وتارة يذكر الحكم الذي استفاده من الرواية أو الروايات ، بحسب نظره فهو في هذا الحال ، مفت وصاحب رأي» (١).

ولم يزل هذا الباب مفتوحا عند الشيعة ، من زمن صاحب الرسالة إلى يومنا هذا ، وقد تخرج منهم الآلاف من المجتهدين والفقهاء ، قد أحيوا الشريعة وأنقذوها من الانطماس ، وأغنوا بذلك الأمّة الإسلامية في كل مصر وعصر ، عن التطلع إلى موائد الغربيين ، وألّفوا مختصرات ومطوّلات ، لا يحصيها إلّا الله سبحانه.

وقد اقتدى الشيعة في فتح هذا الباب على مصراعيه في وجه الأمّة بأئمّة دينهم وخلفاء رسولهم ، الذين حثوا شيعتهم بأقوالهم وأفعالهم ، على التفقّه في الدين والاجتهاد فيه ، وأنّه «من لم يتفقّه ، فهو أعرابي» وأرشدوهم إلى كيفية استخراج الفروع المتشابكة ، بالتدبر في الآيات والأصول المتلقاة عنهم ، وأمروا أصحابهم بالتفريع (٢) ، وقد بلغت عنايتهم بذلك ما جعلهم

__________________

(١) أصل الشيعة وأصولها : ١١٨.

(٢) ستوافيك روائع نصوصهم في هذا المضمار.

ينصبون بعض من يعبأ بقوله ورأيه في منصب الإفتاء ، إلى غير ذلك.

والاجتهاد كما عرّفناك هو بذل الجهد في استنباط الأحكام من أدلّتها الشرعية فلا يحتج به إلّا إذا بنيت أحكامه على أساس الكتاب والسنّة ، وما يرجع إليها فهو مقيد من هذه الجهة وإن كان متحررا من سوى ذلك ، فلا يتقيد بمذهب ولا برأي ، بل هو فوق المذاهب.

غير أنّ أئمّة أهل السنّة ، قد أقفلوا باب الاجتهاد ، إلّا الاجتهاد في مذهب خاص ، كمذهب أبي حنيفة والشافعي ، وبما أنّ الفتاوى المنقولة عنهم ، مختلفة أخذ علماء كل مذهب يبذلون جهدهم لتشخيص ما هو رأي كل إمام في هذا الباب.

ولا أدري لما ذا أقفل هذا الباب المفتوح منذ زمن الرسول ، وإن تفلسف في بيان وجهه ، بعض الكتّاب من متأخّريهم ، وقال : ولم يكن مجرد إغلاق باب الاجتهاد باجتماع بعض العلماء وإصدار قرار منهم ، وإنّما كان حالة نفسية واجتماعية ذلك أنّهم رأوا غزو التتار لبغداد وعسفهم بالمسلمين ، فخافوا على الإسلام ورأوا أنّ أقصى ما يصبون إليه ، هو أن يصلوا إلى الاحتفاظ بتراث الأئمّة مما وضعوه واستنبطوه. (١)

ولا يكاد يخفى على القارئ الكريم ما في اعتذاره من الإشكال.

ولقد صدع بالحق الدكتور «حامد حفني داود» أستاذ الأدب العربي

__________________

(١) رسالة الإسلام : العدد الثالث ، من السنة الثالثة عن مقال لأحمد أمين المصري.

بكلية الألسن في القاهرة في ما قدمه على كتاب عقائد الإمامية (١) وقال :

إنّ الصورة المتوارثة عن جهابذة أهل السنّة أنّ الاجتهاد أقفل بابه بأئمّة الفقه الأربعة : أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وابن حنبل.

هذا إذا عنينا الاجتهاد المطلق أمّا ما حاوله الفقهاء بعد هؤلاء من اجتهاد لا يعدو أن يكون اجتهادا في المذهب أو اجتهادا جزئيا في الفروع ، وأنّ هذا ونحوه لا يكاد يتجاوز عند أهل السنّة القرن الرابع بحال من الأحوال ، أمّا ما جاء عن الغزالي في القرن الخامس ، وأبي طاهر السلفي في القرن السادس ، وعزّ الدين بن عبد السلام وابن دقيق العيد في القرن السابع ، وتقي الدين السبكي وابن تيمية في القرن الثامن ، والعلّامة جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي في القرن التاسع ... فإنّ هذا ونحوه لا يتجاوز ـ في نظر المنهج العلمي الحديث ـ باب الفتوى ولا يدخل في شيء من الاجتهاد ، وهو القدر الذي أوضحناه في كتابنا «تاريخ التشريع الإسلامي في مصر».

أمّا علماء الشيعة الإمامية فإنّهم يبيحون لأنفسهم الاجتهاد في جميع صوره التي حدّثناك عنها ، ويصرّون عليه كل الإصرار ولا يقفلون بابه دون علمائهم في أي قرن من القرون حتى يومنا هذا.

وأكثر من ذلك تراهم يفترضون بل يشترطون وجود «المجتهد المعاصر» بين ظهرانيهم ، ويوجبون على الشيعة اتباعه رأسا دون من مات من

__________________

(١) للعلّامة المغفور له الشيخ محمد رضا المظفر راجع ص ١٧ ـ ١٨ من المقدمة.

المجتهدين ما دام هذا المجتهد المعاصر استمد مقوّمات اجتهاده ـ أصولها وفروعها ـ من المجتهدين ، وورثها عن الأئمّة كابرا عن كابر.

وليس هذا غاية ما يلفت نظري أو يستهوي فؤادي في قولهم بالاجتهاد.

وإنّما الجميل والجديد في هذه المسألة أنّ الاجتهاد على هذا النحو الذي تقرأه عنهم يساير سنن الحياة وتطوّرها ، ويجعل النصوص الشرعية حية متحركة نامية متطورة ، تتمشى مع نواميس الزمان والمكان ، فلا تجمد ذلك الجمود الذي يباعد بين الدين والدنيا ، أو بين العقيدة والحياة الذي نشاهده في أكثر المذاهب التي تخالفهم. ولعل ما نلاحظه من كثرة عارمة في مؤلفات الإمامية وتضخّم مطّرد في مكتبة التشيّع راجع ـ في نظرنا ـ إلى فتح باب الاجتهاد على مصراعيه».

هذا هو الاجتهاد ، وهذا دوره في خلود الدين وصلوحه للظروف والبيئات ولم يكن إغلاقه إلّا جهلا بأهميته أو ابتغاء للفتنة ، أو تزلفا إلى أبناء الدنيا ، أو جبنا عن النطق بالصواب ، وعلى أي تقدير فقد تنبّه بعض الجدد (١) من أهل النظر بلزوم فتحه وإنمائه ، وأنّ الاجتهاد أحد مصادر الشريعة التي تسع كل تطور تشريعي ، قال في مقال له حول الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية بمصر وإثبات ما عليه القواعد الشرعية من سموّ وشمول ودقة وإحكام مع اتّسامها دائما بالجدة ، وملائمة أحكامها لكل حضارة ولكل بيئة

__________________

(١) الأستاذ علي علي منصور المصري مستشار مجلس الدولة لمحكمة القضاء الإداري.

ولكل زمان : «النصوص الشرعية للأحكام التي وردت في الكتاب والسنّة قليلة إذا ما قيست بمواد القانون في أي شريعة وضعية ، إذ الآيات القرآنية التي تضمّنت اصول الأحكام على ما أحصاها ابن قيم الجوزية لا تعدو مائة وعشرين آية من نيف وستة آلاف آية ، أمّا الأحاديث فخمسمائة من أربعة آلاف حديث ، ولقد أراد الله بذلك أن يهيّئ للناس فرصة الاجتهاد في الفروع دون الأصول ، فجعل النصوص الأصلية لقواعد الشريعة عامة ، دون التعمّق في التفاصيل ليتسع لها عقل من نزل فيهم القرآن وليترك للقوى الإنسانية التي أودعها مخلوقاته ، فرصة العمل والتفكير والتدبير واستنباط الأحكام فيما لا نص فيه من كتاب أو سنّة ، لما يجد ويعرض لهم في حياتهم من مشاكل وأقضية تختلف باختلاف الزمان والمكان ، وهذا هو الاجتهاد وهو أحد مصادر الشريعة المحمدية.

ومشروعية هذا المصدر ثابتة من حديث معاذ بن جبل إذ أنّه لمّا بعثه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى اليمن قال له : «بم تقض يا معاذ؟ قال : بكتاب الله ، قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فإن لم تجد؟ قال : فبسنّة رسول الله ، قال : وإن لم تجد؟ قال : اجتهد برأيي ، فأقره على ذلك». (١) وما كان يمكن أن ينزل الكتاب والسنّة على غير هذا الإجمال والتعميم ، لأنّ هذه الشريعة إنّما نزلت لكل زمان وكل مكان : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً).

ولو أنّ صاحب الشريعة عني بالتفاصيل والجزئيات لوجب أن يقدر ما

__________________

(١) قد مر المراد من الحديث فلاحظ.

سيكون عليه العالم من نظم مختلفة واختراعات مستحدثة في جميع الأمكنة والأزمنة فيضع لها ولما تفرّع عنها ، من التفاصيل ، ولو أنّه فعل ذلك لما اتسع وقت الرسالة لهذا كلّه ، بل لأعرض الناس عن هذه الدعوة لتعقدها ، ولأنّها تضمّنت أحكاما عن جزئيات ومخترعات لا تقع تحت حسهم ، ويصعب عليهم تصورها ، لأنّها لم تعرف في زمانهم ، ولنضرب لذلك مثلا فقد نزلت في القرآن آية تضمّنت الحكم العام لآداب التلاوة وجرت على نسق مختصر : (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)(١) وحدث بعد نزولها بنيف وألف وثلاثمائة عام أن اخترع المذياع (الراديو) والتلفزيون ، ولما بدأ بإذاعة آيات الذكر الحكيم به ، بدأ التساءل عن حكم الشرع والدين في ذلك أحلال هو أم حرام؟ وهل تصح إذاعته في منتدى ترتكب فيه الآثام والموبقات وتدار كئوس الخمر؟

لا بدع في أنّ حكم هذه الجزئية لم يرد بنص صريح في الكتاب ، وانّ ذلك ترك للاجتهاد على هدى الحكم العام الوارد بالآية الشريفة ، لا بدع في ذلك ، إذ لو أريد للشريعة أن تتضمّن الأحكام المفصلة لجميع الفروع والجزئيات لوجب أوّلا إفهام الذين نزل عليهم الدين وقت الرسالة ما هو الراديو وما هو التلفزيون ، ولو حاول الرسول ذلك وقال لهم : إنّ مخترعات البشر بإذن الله ستجيء للعالم بعد ألف وثلاثمائة عام بآلة يستطيع بها الإنسان أن يسمع ويرى صورة المحدث وهو على بعد آلاف الفراسخ والأميال ، لما صدّقوه لعدم إمكانهم تصوره ولجادلوه فأكثروا جداله في كنه

__________________

(١) الأعراف : ٢٠٤.

تلك الآلة ، ولما لزمتهم حجته في أنّ الذي يقوله ليس من عنده وإنّما هو من عند الله لأنّ الحجة لا تلزمها صفة الإقناع إلّا متى دخلت مناط العقل ، أمّا إذا كانت فوق إدراك المرسل إليهم فهي داحضة ...

والاجتهاد هو الباب الذي دخلت منه إلى حضيرة الشريعة الإسلامية كل الحضارات بما فيها من مشاكل قانونية ومالية واجتماعية فوسعها جميعا وبسط عليها من محكم آياته وسديد قواعده ما أصاب المحجة ، فكان للشريعة الإسلامية في ذلك تراث ضخم تسامى على كل الشرائع وأحاط بكل صغيرة وكبيرة من أمور الدين والدنيا ...

أفبعد ذلك يصح في الأفهام أن تتهم الشريعة الإسلامية بالقصور ، أو بأنّها نزلت لعرب الجزيرة لتعالج أمورهم في حقبة من الزمان انقضى عهدها ، أو أنّها تضيق عن أن تجد الحلول لمشاكل الحضارات الحديثة ، ارجعوا إليها وإلى تراثها الضخم تجدوا أنّها عالجت الجليل والخطير والصغير والكبير من أمور الدين والدنيا فيها ذكر ما مضى ، وفيها ذكر الحاضر ، وفيها ذكر المستقبل وسيظل العلم الحديث يكشف عمّا فيها من كنوز ، وستترى المشاكل على العالم جيل بعد جيل ، ويضطرب العالم في محاولة الحلول لها دون جدوى إلّا إذا رجع إلى أحكام هذا الدين وهذه الشريعة المحكمة السمحة ، حيث الدواء الشافي والعلاج الحاسم لكل ما يجيب العالم في حاضره وفي مستقبله. (١)

__________________

(١) مجلة رسالة الإسلام لجماعة دار التقريب العدد الأوّل من السنة الخامسة : ٥١.

وممّا يؤيد لزوم انفتاح باب الاجتهاد إلى يوم القيامة هو ما ذكره المقريزي في خططه حيث قال ما هذا ملخّصه :

انّه لم يكن كل واحد من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متمكنا من دوام الحضور عنده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأخذ الأحكام عنه ، بل كان في مدة حياته يحضره بعضهم دون بعض وفي وقت دون وقت ، وكان يسمع جواب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن كل مسألة يسأل عنها بعض الأصحاب ويفوت عن الآخرين فلمّا تفرق الأصحاب بعد وفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في البلدان تفرقت الأحكام المروية عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها ، فيروى في كل بلدة منها جملة ، ويروى عنه في غير تلك البلدة جملة أخرى حيث إنّه قد حضر المدني من الأحكام ما لم يحضره المصري ، وحضر المصري ما لم يحضره الشامي ، وحضر الشامي ما لم يحضره البصري ، وحضر البصري ما لم يحضره الكوفي إلى غير ذلك ، وكان كل منهم يجتهد فيما لم يحضره من الأحكام.

ولعدم تساوي هؤلاء المجتهدين في العلوم والإدراكات وسائر القوى والملكات تختلف طبعا الآراء والاجتهادات ، فمجرد تفاوت أشخاص الصحابة تسبب اختلاف فتواهم ثم تزايد ذلك الاختلاف بعد عصر الصحابة.

ثم قال : ثم بعد الصحابة تبع التابعون فتاوى الصحابة فكانوا لا يتعدون عنها غالبا ، ولما مضى عصر الصحابة والتابعين صار الأمر إلى فقهاء الأمصار أبي حنيفة وسفيان وابن أبي ليلى بالكوفة ، وابن جريج بمكة ، ومالك وابن الماجشون بالمدينة ، وعثمان التيمي (الظاهر عثمان بن مسلم البطي) وسوار

بالبصرة ، والأوزاعي بالشام والليث بن سعد بمصر فكان هؤلاء الفقهاء يأخذون من التابعين وتابعيهم أو يجتهدون.

وذكر المقريزي في الجزء الرابع من الخطط ما هذا ملخّصه :

انّه تولّى القاضي أبو يوسف القضاء من قبل هارون الرشيد بعد سنة ١٧٠ ه‍ إلى أن صار قاضي القضاة فكان لا يولّي القضاء إلّا من أراده ، ولمّا كان هو من أخصّ تلاميذ أبي حنيفة فكان لم ينصب للقضاء ببلاد خراسان والشام والعراق وغيرها إلّا من كان مقلّدا لأبي حنيفة ، فهو الذي تسبب في نشر مذهب الحنفية في البلاد.

وفي أوان انتشار مذهب الحنفية في المشرق نشر مذهب مالك في افريقية المغرب ، بسبب زياد بن عبد الرحمن ، فإنّه أوّل من حمل مذهب مالك إليها ، وأوّل من حمل مذهب مالك إلى مصر سنة ١٦٠ هو عبد الرحمن بن القاسم.

قال : ونشر مذهب محمد بن إدريس الشافعي في مصر بعد قدومه إليها سنة ١٩٨ ه‍ وكان المذهب في مصر لمالك والشافعي إلى أن أتى القائد «جوهر» بجيوش مولاه «المعز لدين الله أبي تميم معد» الخليفة الفاطمي ، إلى مصر سنة ٣٥٨ ه‍ فشاع بها مذهب الشيعة حتى لم يبق بها مذهب سواه (أي سوى مذهب الشيعة).

ثمّ إنّ المقريزي بيّن بدء انحصار المذاهب في أربعة فقال :

فاستمرت ولاية القضاة الأربعة من سنة ٦٦٥ حتى لم يبق في مجموع أمصار الإسلام مذهب يعرف من مذاهب الإسلام غير هذه الأربعة وعودي من تمذهب بغيرها ، وانكر عليه ولم يول قاض ولا قبلت شهادة أحد ما لم يكن مقلدا لأحد هذه المذاهب وأفتى فقهاؤهم في هذه الأمصار في طول هذه المدة بوجوب اتباع هذه المذاهب وتحريم ما عداها ، والعمل على هذا إلى اليوم. (١)

وهذه الكلمة الأخيرة «وتحريم ما عداها» تكشف عن أعظم المصائب على الإسلام حيث إنّه قد مضى على الإسلام ما يقرب من سبعة قرون ومات فيها على دين الإسلام ما لا يحصي عددهم إلّا ربّهم ولم يسمع أحد من أهل القرنين الأوّلين اسم المذاهب أبدا ثم فيما بعد القرنين كان المسلمون بالنسبة إلى الأحكام الفرعية في غاية من السعة والحرية ، كان يقلد عاميهم من اعتمد عليه من المجتهدين وكان المجتهدون يستنبطون الأحكام عن الكتاب والسنّة على موازينهم المقررة عندهم في العمل بالسنّة النبوية ، فأي شيء أوجب في هذا التاريخ على عامة المسلمين : «العامي المقلد والفقيه المجتهد» أن لا يخرج أحد في الأحكام الشرعية عن حد تقليد الأئمّة الأربعة ، وبأي دليل شرعي صار اتباع أحد المذاهب الأربعة واجبا مخيرا ، والرجوع إلى ما وراءها حراما معيّنا مع علمنا بأحوال جميع المذاهب من بدئها وكيفية نشرها وتأثير العوامل في تقدم بعضها على غيرها ، بالقهر والغلبة من الدولة

__________________

(١) راجع الخطط المقريزية : ٢ / ٣٣٣ و ٣٣٤ و ٣٤٤.

والحكومة كما أفصح عن بعض ذلك ما ذكره ابن الفوطي في الحوادث الجامعة ، ص ٢١٦ في وقائع سنة ٦٤٥ ه‍ يعني قبل انقراض بني العباس بإحدى عشرة سنة في أيام المستعصم الذي قتله هولاكو ، سنة ٦٥٦ ه‍ فلاحظ ذلك الكتاب (١).

وفي الختام نلفت نظر القارئ الكريم لمعرفة قضية الاجتهاد وتطوره وعلل إيصاد بابه لدى بعض المسلمين إلى المصادر التالية :

١ ـ المواعظ والاعتبار في الخطط والآثار : تأليف الشيخ تقي الدين أبي العباس أحمد بن علي المعروف بالمقريزي ، المولود في بعلبك عام ٧٦٦ ه‍ والمتوفّى بالقاهرة عام ٨٤٥ ه‍.

٢ ـ تاريخ اليعقوبي المعروف بابن واضح الأخباري من أعلام القرن الثالث الهجري.

٣ ـ الحوادث الجامعة في المائة السابعة لكمال الدين عبد الرزاق بن المروزي الفوطي البغدادي المتوفّى سنة ٧٢٣ ه‍.

٤ ـ الإنصاف في بيان سبب الاختلاف.

٥ ـ عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد : ألّفهما ولي الله الدهلوي ، المولود سنة ١١١٤ ه‍ والمتوفّى ١١٨٠ ه‍.

٦ ـ الاقليد لأدلّة الاجتهاد والتقليد.

__________________

(١) راجع تاريخ حصر الاجتهاد لشيخنا العلامة الطهراني : ١٠٤.

٧ ـ الطريقة المثلى في الإشارة إلى ترك التقليد : ألّفهما صديق حسن خان القنوجي البخاري المتوفّى سنة ١٣٠٧ ه‍ ، وطبعا بالاستانة عام ١٢٩٥ ه‍.

٨ ـ حصول المأمول من علم الأصول : له أيضا طبع في الجوائب سنة ١٢٩٦ ه‍.

٩ ـ مقالة صاحب السعادة أحمد تيمور باشا ابن إسماعيل بن محمد المولود في القاهرة سنة ١٢٨٨ وهي تحت عنوان : «نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الأربعة» ، طبعت مستقلة في القاهرة سنة ١٣٤٤ ه‍.

١٠ ـ ما كتبه محمد فريد وجدي في دائرة معارفه في مادتي «جهد وذهب» وما كتبه يعد أبسط ما كتب في الموضوع.

١١ ـ أعلام الموقعين عن ربّ العالمين : للحافظ ابن قيم الجوزية (المتوفّى ٧٥١ ه‍).

١٢ ـ تاريخ حصر الاجتهاد : لشيخنا العلّامة آقا بزرگ الطهراني المتوفّى يوم الجمعة ١٣ ذي الحجة عام ١٣٨٩ ه‍.

إلى غير ذلك من المؤلفات ، وقد أشار إلى غير ما ذكرنا صديق حسن خان في كتابه «حصول المأمول في علم الأصول» ص ١٩٨.

شبهة حول الاجتهاد الدارج في عصرنا

ربّما يختلج في أذهان بعض القصّر من النّاس عدم مشروعية الاجتهاد الدّارج في أعصارنا هذه ، مستدلا بأنّ الفقه فيها أخذ لنفسه صورة فنيّة ، وجاء على طراز سائر العلوم العقليّة الفكرية بعد ما كان في أعصار المتقدمين من العلوم البسيطة المبنيّة على سماع الأحكام من النبيّ والأئمة عليهم‌السلام وبثها بين الناس من دون اجتهاد من الراوي في تشخيص حكم الله تعالى بترجيح دليل على آخر أو تقييده أو تخصيص واحد بالآخر ، إلى غير ذلك من الأصول الدّارجة في زماننا.

الجواب :

إنّ ذلك أشبه شيء بالشّبهة ويمكن الإجابة عنها بوجهين :

الأوّل : إنّ الاجتهاد بالمعنى الوسيع وإعمال النظر في الروايات والتدقيق في دلالتها وترجيح بعضها على بعض ، كان موجودا في أعصارهم ، دارجا بين أصحابهم عليهم‌السلام ، فإنّ الاجتهاد وإن توسّع نطاقه في أعصارنا وبلغ مبلغا عظيما ، إلّا أنّ أصله بالمعنى الجامع بين عامّة مراتبه كان دارجا في تلك العصور ، وإنّ الأئمة عليهم‌السلام أرجعوا شيعتهم إلى فقهاء أعصارهم ، وكانت السيرة آنذاك هي الرّجوع إليهم من دون تزلزل وتردّد ، والدالّ على وجود الاجتهاد بهذا المعنى آنذاك عدّة من الروايات وهي كالتالي :

الأولى : ما رواه ابن إدريس رضى الله عنه في «مستطرفات السرائر» نقلا عن

هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إنمّا علينا أن نلقي إليكم الأصول وعليكم أن تفرّعوا». (١)

الثانية : ما روي عن كتاب أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن الرّضا عليه‌السلام قال : «علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع» (٢).

أقول : إنّ التفريع الّذي هو استخراج الفروع عن الأصول الكليّة الملقاة وتطبيقها على مواردها وصغرياتها ، إنّما هو شأن المجتهد وما هو إلا الاجتهاد ، نعم التفريع والاجتهاد يتفاوت صعوبة لتفاوت نطاقه حسب مرور الزمن ، فإذا قال الإمام عليه‌السلام : «لا تنقض اليقين بالشك» أو روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا ضرر ولا ضرار» كان على المخاطبين وعلى علماء الأعصار المستقبلة استفراغ الوسع في تشخيص صغرياتها ، وما يصلح أن يكون مصداقا له وما لا يصلح ، وهذا ما نسمّيه بالاجتهاد.

الثالثة : ما رواه الصّدوق رضى الله عنه في «معاني الأخبار» عن داود بن فرقد قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «أنتم أفقه النّاس إذا عرفتم معاني كلامنا ، إنّ الكلمة لتنصرف على وجوه ، فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب». (٣)

أقول : إنّ عرفان معاني الكلام ليس إلّا تشخيص ما هو الأظهر بين

__________________

(١) الوسائل : ١٨ ، كتاب القضاء ، الباب ٦ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٥١.

(٢) الوسائل : ١٨ ، كتاب القضاء ، الباب ٦ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٥٢.

(٣) الوسائل : ٨٤ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٧.

المحتملات بالفحص عن القرائن الحافّة بالكلام ، وبعرض أخبارهم عليهم‌السلام على الكتاب والسنّة إلى غير ذلك ممّا يوضّح به المراد ويعيّن المفاد ، وليس هذا إلّا الاجتهاد.

الرابعة : ما رواه الصدوق رضى الله عنه في عيونه بإسناده عن الرضا عليه‌السلام قال : «من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه فقد هدي إلى صراط مستقيم ـ ثم قال عليه‌السلام : ـ إنّ في أخبارنا محكما كمحكم القرآن ومتشابها كمتشابه القرآن ، فردّوا متشابهها إلى محكمها ، ولا تتّبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا». (١)

أقول : إنّ ردّ المتشابه إلى محكمه ، بجعل أحدهما قرينة على الآخر ، وتحقّقه موقوف على الاجتهاد.

الخامسة : الروايات الواردة في تعليم أصحابهم عليهم‌السلام كيفيّة استفادة أحكام الفروع من الذكر الحكيم ، رواية زرارة عن الباقر عليه‌السلام قوله : ألا تخبرني من أين علمت وقلت : إنّ المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟ فضحك فقال عليه‌السلام : «يا زرارة ، قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونزل به الكتاب من الله عزوجل ، لأنّ الله عزوجل قال : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) فعرفنا أنّ الوجه كلّه ينبغي أن يغسل ، ثمّ قال : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) ، فوصل اليدين إلى المرفقين بالوجه ، فعرفنا أنّه ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين ، ثمّ فصل بين الكلام فقال : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فعرفنا حين قال : (بِرُؤُسِكُمْ) أنّ المسح ببعض الرأس لمكان الباء ، ثمّ وصل الرّجلين بالرّأس كما وصل اليدين

__________________

(١) الوسائل : ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٢.

بالوجه فقال : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فعرفنا حين وصلهما بالرّأس أنّ المسح على بعضهما ، ثمّ فسّر ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للنّاس فضيّعوه». (١)

السادسة : ما في رواية عبد الأعلى مولى آل سام بعد ما سأل الإمام عليه‌السلام عن حكم المسح على المرارة ، قال عليه‌السلام : «يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عزوجل قال الله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٢) ، امسح عليه» (٣).

أقول : لقد أوضح للسائل كيفيّة الاستنباط ، وردّ الفروع إلى أصولها ، ونظير ما تقدّم بل أقوى منه ما في مرسلة يونس (٤) الطويلة الواردة في أحكام الحائض والمستحاضة فإنّ فيها موارد ترشدنا إلى طريق الاجتهاد ، وغير ذلك من الروايات المرشدة إلى دلالة الكتاب وكيفيّة الاستدلال ،

__________________

(١) الوسائل : ١ ، الباب ٢٣ من أبواب الوضوء ، الحديث ١.

(٢) الحج : ٧٨.

(٣) الوسائل : ١ ، الباب ٣٩ من أبواب الوضوء ، الحديث ٥.

(٤) الوسائل : ٢ ، الباب ٣ من أبواب الحائض ، الحديث ٤.

وهناك حديث أيضا في أبواب الحيض ، الباب ٤١ الحديث ٥ ـ ص ٥٨٩ يمكن أن يفي بالمطلوب ، وهو عن إسماعيل الجعفيّ عن أبي جعفر عليه‌السلام قال الراوي : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إنّ المغيرة بن سعيد ، روى عنك أنّك قلت له : إنّ الحائض تقضي الصّلاة؟ فقال عليه‌السلام : «ما له ، لا وفّقه الله ، إنّ امرأة عمران نذرت ما في بطنها محرّرا ، والمحرّر للمسجد يدخله ثمّ لا يخرج منه أبدا ، فلمّا وضعتها قالت : ربّ إنّي وضعتها أنثى وليس الذكر كالأنثى ، فلمّا وضعتها أدخلتها المسجد ، فساهمت عليها الأنبياء ، فأصابت القرعة زكريّا عليه‌السلام فكفلها ، فلم تخرج من المسجد حتّى بلغت ، فلمّا بلغت ما تبلغ النساء خرجت ، فهل كانت تقدر على أن تقضي تلك الأيّام التي خرجت وهي عليها أن تكون الدهر في المسجد».

وهي منبثّة في طيّات أبواب الفقه فراجع.

السابعة : قول الباقر عليه‌السلام لزرارة ومحمّد بن مسلم حيث سألاه عليه‌السلام وقالا له : ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي؟ وكم هي؟ فقال عليه‌السلام : «إنّ الله عزوجل يقول : (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ)(١) فصار التقصير في السّفر واجبا كوجوب التمام في الحضر» قالا : قلنا له : قال الله عزوجل : (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) ولم يقل «افعلوا» فكيف أوجب ذلك؟ فقال عليه‌السلام : «أو ليس قد قال الله عزوجل في الصّفا والمروة : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما)(٢) ، ألا ترون أنّ الطواف بهما واجب مفروض لأنّ الله عزوجل ذكره في كتابه ، وصنعه نبيّه ، وكذلك التقصير ، شيء صنعه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذكره الله في كتابه» (٣).

الثامنة : مقبولة عمر بن حنظلة ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحلّ ذلك؟ قال عليه‌السلام : «من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطّاغوت ، وما يحكم له فإنّما يأخذ سحتا ، وإن كان حقّا ثابتا له ، لأنّه أخذه بحكم الطاغوت ، وقد أمر الله أن يكفر به ، قال الله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ)».

قلت : فكيف يصنعان؟ قال عليه‌السلام : «ينظران (إلى) من كان منكم ممّن قد

__________________

(١) النساء : ١٠١.

(٢) البقرة : ١٥٨.

(٣) الوسائل : ٥ ، الباب ٢٢ من أبواب صلاة المسافر ، الحديث ٢.

روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإنّي قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنّما استخفّ بحكم الله وعلينا ردّ ، والرّاد علينا رادّ على الله وهو على حدّ الشرك بالله».

قلت : فإن كان كلّ رجل اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا النّاظرين في حقّهما واختلفا فيما حكما ، وكلاهما اختلفا في حديثكم؟ قال عليه‌السلام : «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر».

(إلى أن قال) : قلت : جعلت فداك ، أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامّة والآخر مخالفا لهم ، بأيّ الخبرين يؤخذ؟

قال عليه‌السلام : «ما خالف العامّة ففيه الرّشاد». (١) وفي المقبولة إرشاد إلى كيفيّة استنباط الحكم من الكتاب والسنّة ، وعلاج الخبرين المتعارضين بعرضهما عليهما ، وهذا واضح لمن تأمّلها ، وهي صريحة بوجود الاجتهاد ـ بالمعنى الدارج في زماننا ـ في عصر الصادق عليه‌السلام.

التاسعة : روى العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : ذكر أنّ ابن أبي ليلى وابن شبرمة دخلا المسجد الحرام فأتيا محمّد بن علي عليه‌السلام فقال لهما : «بم تقضيان»؟ فقالا : بكتاب الله والسنّة ، قال عليه‌السلام : «فما لم تجداه في

__________________

(١) الوسائل : ١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.

الكتاب والسنّة»؟ قالا : نجتهد رأينا ، قال عليه‌السلام : «رأيكما أنتما؟! فما تقولان في امرأة وجاريتها كانتا ترضعان صبيّين في بيت وسقط عليهما فماتتا وسلم الصبيّان»؟ قالا : القافّة ، قال عليه‌السلام : «القافة (١) ـ يتجهّم منه لهما ـ» قالا : فأخبرنا؟ قال : «لا»!!

قال ابن داود مولى له : جعلت فداك بلغني أنّ أمير المؤمنين عليّا عليه‌السلام قال : «ما من قوم فوّضوا أمرهم إلى الله وألقوا سهامهم إلّا خرج السّهم الأصوب» ، فسكت (٢).

العاشرة : روى الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : رجل طلّق امرأته طلاقا لا تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره ، فتزوّجها رجل متعة أتحلّ للأوّل؟ قال عليه‌السلام : «لا ، لأنّ الله تعالى يقول : (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها ...) والمتعة ليس فيها طلاق» (٣).

الحادية عشرة : روى الحسن بن الجهم قال : قال لي أبو الحسن الرضا عليه‌السلام : «يا أبا محمّد ، ما تقول في رجل تزوّج نصرانيّة على مسلمة»؟ قال : قلت : جعلت فداك وما قولي بين يديك؟ قال عليه‌السلام : «لتقولنّ فإنّ ذلك يعلم به قولي». قلت : لا يجوز تزويج نصرانيّة على مسلمة ولا غير مسلمة.

__________________

(١) القافة جمع قائف وهو الّذي يعرف الآثار. وفي جامع أحاديث الشيعة : ٢٤ / ٥١٤ التعليقة : تجهّم لهما أي : استقبلهما بوجه عبوس كريه ، كناية عن عدم علم القافة وعدم تشخيصها ، ـ القافة تلحقهما بهما ـ في نسخة الوافي.

(٢) التهذيب : ٩ / ٣٦٣ ح ١٨ ، باب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم.

(٣) الوسائل : ١٥ ، كتاب الطلاق ، الباب ٩ من أبواب أقسام الطلاق وأحكامه ، الحديث ٤.

قال عليه‌السلام : «ولم»؟ قلت : لقول الله عزوجل : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ...)(١).

قال عليه‌السلام : «فما تقول في هذه الآية :

(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ...؟)» (٢).

قلت : فقوله : (لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ) نسخت هذه الآية؟ فتبسّم عليه‌السلام ثمّ سكت (٣).

الثانية عشرة : عن جعفر بن سماعة أنّه سأل عن امرأة طلّقت على غير السنّة : ألي أن أتزوّجها؟ فقال : نعم ، فقلت له : ألست تعلم أنّ عليّ بن حنظلة روى : إيّاكم والمطلّقات ثلاثا على غير السنّة ، فإنّهنّ ذوات الأزواج؟ فقال : يا بنيّ رواية عليّ بن أبي حمزة أوسع على الناس ، روى عن أبي الحسن عليه‌السلام أنّه قال : «ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم ، وتزوّجوهنّ فلا بأس بذلك» (٤).

فقدّم الخبر الثاني على الأوّل بإحدى ملاكات التقديم. هذا إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة الظاهرة في وجود الاجتهاد بين أصحاب الأئمّة عليهم‌السلام.

__________________

(١) البقرة : ٢٢١.

(٢) المائدة : ٥.

(٣) الوسائل : ١٤ ، كتاب النّكاح ، الباب ١ من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ، الحديث ٣.

(٤) الوسائل : ١٥ ، الباب ٣٠ من أبواب مقدّمات الطّلاق وشرائطه ، الحديث ٦.

٣

في تجزؤ الاجتهاد

يقع الكلام في التجزؤ في الاجتهاد في مقامين ـ وان لم يفصله المصنّف في مورده ـ فنقول :

تارة نبحث في إمكان التجزؤ وأخرى في أحكامه.

القول في إمكان التجزّؤ

اختلفت كلمتهم في إمكان التجزؤ فالغزالي والآمدي وغيرهما يرون جواز تجزئة الاجتهاد ، ونقل عن أبي حنيفة أنّ الاجتهاد غير متجزّي حيث قال : إنّ الفقيه هو الّذي له ملكة الاستنباط في الكلّ (١) والمعروف بين الأصحاب هو إمكانه. هذا :

واستدلّ القائل بالامتناع على أنّ الملكة أمر بسيط وحدانيّ ، والبسيط لا يتجزّأ ، فإن وجدت ملكة الاستنباط فهو الاجتهاد المطلق وإلّا فلا اجتهاد.

__________________

(١) حاشية الأزميريّ على مرقاة الوصول المسمّاة بمرآة الأصول لملّا خسرو من الحنفيّة ـ (نقلا عن كتاب الاجتهاد في الإسلام ـ د ـ نادية شريف العمريّ).

وكذا الأمر لو فسّر الاجتهاد بنفس الاستنباط لا ملكته فإنّه أيضا أمر بين الوجود والعدم لا بين الكلّ والبعض.

يلاحظ عليه بأحد أمرين :

الأوّل : أنّه ملكة بسيطة ذات مراتب متعدّدة ، فهناك مرتبة يمكن بها استنباط المسائل السهلة أو مسائل كتاب واحد كالإرث أو الدماء الثلاثة وهناك مرتبة يمكن بها استنباط المسائل الصعبة المعضلة. فكونها بسيطة لا ينافي أنّها ذات مراتب تختلف شدّة وضعفا.

الثاني : أنّ الاجتهاد ليس ملكة واحدة ، بل هناك ملكات مختلفة ومتعدّدة ، فإنّ ملكة الاستنباط في باب المعاملات غيرها في باب العبادات ، والاستنباط في قسم من مسائلها يبتني على معرفة القواعد الفقهيّة والارتكازات العرفيّة في تلك المجالات من دون حاجة إلى معرفة فنّ الحديث ورجاله وأسناده وكيفيّة الجمع بين متعارضيه ، وهذا بخلاف أبواب العبادات فإنّ الاستنباط فيها لا ينفكّ عن هذه الأمور وغيرها ، وعليه تكون ملكة الاستنباط فيها ملكتين لا ملكة واحدة ، ولا مانع من حصول إحداهما دون الأخرى. (١)

__________________

(١) كما قيل : إنّ مدّعي إمكان التجزّي لا يريد بذلك أنّ ملكة الاجتهاد قابلة للتّجزّي وأنّ للمتجزّي نصف الملكة أو ثلثها ، بل مراده أنّ متعلّق القدرة في المتجزّي أضيق دائرة من متعلّقها في المجتهد المطلق لأنّها فيه أوسع. وقيل : التجزّي تبعيض في أفراد الكلّي ، لا التبعيض في أجزاء الكلّ (التفريق لأجزاء المركّب) فالفرق بين المطلق والمتجزّي إنّما هو بزيادة أفراد ملكة الاستنباط ونقيصتها لا بشدّة الملكة وضعفها.

قال الغزالي : وليس الاجتهاد عندي منصبّا لا يتجزّأ ... فمن عرف طريق النظر القياسيّ فله أن يفتي في مسألة قياسية وإن لم يكن ماهرا في علم الحديث ... ثم ضرب أمثلة أخرى ، مثلا أن يكون عارفا بأصول الفرائض ومعانيها وإن لم يكن قد حصّل الأخبار التي وردت في مسألة تحريم المسكرات أو في مسألة النكاح بلا وليّ ، فلا استمداد لنظر هذه المسألة منها ولا تعلّق لتلك الأحاديث بها ... ومن عرف أحاديث قتل المسلم بالذّميّ وطريق التصرّف فيه فما يضرّه قصوره عن علم النحو الّذي يعرف قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ.) .. وليس من شرط المفتي أن يجيب عن كلّ مسألة فقد سئل مالك عن أربعين مسألة فقال في ستة وثلاثين منها : لا أدري ، وكم توقّف الشافعي بل الصحابة في المسائل. (١)

وقال الآمدي : وأما الاجتهاد في حكم بعض المسائل ، فيكفي فيه أن يكون عارفا بما يتعلّق بتلك المسألة ، وما لا بدّ منه فيها ، ولا يضرّه في ذلك جهله بما لا تعلّق له بها ممّا يتعلّق بباقي المسائل الفقهيّة. (٢)

واستدلّ القائل بالإمكان بوجهين :

الأوّل : إنّ أبواب الفقه مختلفة مدركا ، والمدارك متفاوتة سهولة وصعوبة ، عقلية أو نقلية مع اختلاف الأشخاص ، وربّ شخص له مهارة في النقليات دون العقليات وكذلك العكس ، وهذا يوجب حصول القدرة القويّة في بعضها دون بعض.

__________________

(١) المستصفى : ٢ / ٣٥٣ و ٣٥٤.

(٢) الإحكام في أصول الأحكام : ٤ / ١٧١.

الثاني : استحالة حصول اجتهاد مطلق عادة غير مسبوق بالتجزّؤ للزوم الطّفرة. (١)

وأورد عليه : بأنّ الأفراد (الاستنباطات) كلّها في عرض واحد ، ولا يكون بعضها مقدّمة لبعض آخر حتى يتوقّف الوصول إلى المرتبة العالية على طيّ المراتب النّازلة ، فلا مانع عقلا من حصوله دفعة ـ وبلا تدريج ـ ولو بنحو من الإعجاز من نبيّ أو إمام ، إلّا أن يكون مراده من الاستحالة ، العاديّة لا العقلية فإنّه لا يمكن عادة حصول الاجتهاد المطلق دفعة بل هو متوقّف على التدرّج شيئا فشيئا. (٢)

في أحكام المتجزّئ

قد وقفت على إمكان التّجزّي في الاجتهاد ، فيقع الكلام في أحكامه وهي عبارة عن:

الأوّل : جواز عمله بما استنبط.

الثاني : جواز رجوع الغير إليه.

الثالث : نفوذ قضائه.

أمّا الأوّل : فلا شك في أنّه يجوز له العمل بما استنبط وإلّا فلا بدّ من

__________________

(١) كفاية الأصول : ٢ / ٤٦٧.

(٢) مصباح الأصول : ٣ / ٤٤٢ وقال رضى الله عنه بعد ذلك : «فإن كان مراده هذا فهو صحيح ، لكنّه خلاف ظاهر كلامه من الاستدلال بلزوم الطفرة ، فإنّ ظاهره الاستحالة العقلية».

الاحتياط أو الرجوع الى الغير ، والأوّل غير واجب باتفاق الكلّ أو حرام لاستلزامه العسر والحرج ، وجواز الثاني موقوف على تحقّق موضوعه وهو كونه غير عالم أو جاهل سواء كان مستند التّقليد ما ورد في الآيات والروايات من الرجوع إلى أهل الذكر والعلم ، أم السيرة العقلائية ، فإنّ الموضوع على كلّ تقدير هو غير العارف والجاهل ، فلا يعمّ العالم.

وأمّا الثاني : فإن كان هناك من هو أفقه منه ـ أو على تعبير القوم ـ أعلم منه ، فإن قلنا بوجوب الرجوع إليه فلا يجوز الرجوع إلى المتجزّي في المقام ، بلغ ما بلغ من العلم ، وإلّا فلا مانع من الرجوع إليه ، ويكون المتجزّي والمطلق في جواز الرّجوع سيّان.

نعم ، ربّما يكون رأي المتجزّي أقرب إلى الواقع من المطلق ، كما إذا بذل جهده في باب أو أبواب مترابطة سنين ، وبرز وبرع وظهرت مقدرته فيه أو فيها ، وإذا كانت الفقاهة أمرا قابلا للتفصيل فهذا المتجزّي أكثر فقاهة من المطلق الّذي صرف عمره في جميع الأبواب ، ولم يتوفّق للدّقة والإمعان في كلّ باب بحسبه.

وقد مضى أنّ مبادئ الاستنباط في العبادات غيرها في المعاملات ، وأنّ كلا يحتاج إلى شيء لا يحتاج إليه الآخر ، بل يحتاج إلى أمر آخر ، فلا مانع أن يكون رأي المتجزّي الملمّ في العبادات مثلا أقرب إلى الواقع من المطلق الملمّ في جميع أبواب الفقه إلّا أنّه لم تظهر الدقّة والبراعة القويتين منه.

فإن قلت : قد مضى أنّ المقبولة والمشهورة المتقدّمتين غير آبيتين عن

الرجوع إلى المتجزّي إذا استنبط مقدارا معتدّا به من الأحكام ، وجاز قضاؤه ونفذ حكمه ، فلما ذا لا يجوز أخذ الفتوى منه؟

قلت : إنّ مورد الروايتين هو القضاء والحكومة وهما غير أخذ الفتوى ، وعدم اشتراط الاجتهاد المطلق فضلا عن الأعلمية في نفوذ القضاء ، لا يكون دليلا على عدم اشتراطهما في الفتوى ، ضرورة أنّ اشتراط الأعلمية في القاضي موجب لسد باب القضاء في وجه الأمّة إلّا في بلد يعيش فيه الأعلم ، وهو واضح البطلان بخلاف اشتراطهما في أخذ الفتوى أو المفتي ، فإنّ فتواه تكفي لجميع الأمّة.

وأمّا الثالث فالحق هو : صلاحيّة المتجزّي للقضاء إذا استنبط شيئا معتدّا به ، وإن قصرت يده عن معضلات المسائل ، فإنّ أهمّ ما يدلّ على شرطية الاجتهاد المطلق هو قوله عليه‌السلام في المقبولة : «نظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا» إلّا أنّه وارد في قبال المنع عن الرجوع إلى حكام الجور وقضاتهم ، بمعنى وجوب الرجوع إلى من كان نظر في حلالهم وحرامهم وعرف أحكامهم عليهم‌السلام ، لا إلى من نظر في حلال الآخرين وحرامهم وعرف أحكامهم التي هي مقابل أحكامهم عليهم‌السلام ، وعليه فمن استنبط شيئا معتدّا به من الحلال والحرام والأحكام ، كان مصداقا لقوله عليه‌السلام : «نظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا».

وبذلك يعلم حال المشهورة الأولى لأبي خديجة حيث جاء فيها : «قد عرف حلالنا وحرامنا» ، فإنّ هذه الجملة وما في المقبولة ـ من قوله عليه‌السلام : «قد

روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا» ـ تتضمّن وراء المعنى الإيجابيّ معنى سلبيّا وهو نفي الرجوع إلى الغير ، والواجب هو الرّجوع إلى من عرف حلالهم وحرامهم نظر فيهما ، وهو صادق في حقّ الطبقة العالية من المتجزّءين إذا استنبطوا شيئا معتدا به كما تقدّم.

ويؤيد ذلك أمران :

الأوّل : إنّ القضاة الّذين كانت الشيعة تفزع إليهم في تلك الأيّام ، لم يكونوا إلّا في هذه الدرجة من العلم والعرفان ، ولم تكن لهم معرفة فعليّة بجميع الأحكام ، لتفرّق الروايات وتشتّتها بين الرواة ، وعدم وجود جامع بين الحكّام حتّى يكونوا متدرّعين بالعلم بجميع الأحكام.

الثاني : كان الأمر في عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والوصي عليه‌السلام أيضا كذلك ، فقد بعث النبي معاذا إلى اليمن وقال له : «كيف تقتضي إذا عرض لك القضاء؟ قال : أقضي بكتاب الله ، قال : فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال : بسنّة رسول الله ...» (١). أتظنّ أنّ معاذا كان عارفا بجميع الأحكام الشرعية يوم ذاك.

وقد كتب الإمام عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام إلى واليه مالك الأشتر رضى الله عنه في عهده : «ثمّ اختر للحكم بين النّاس أفضل رعيّتك في نفسك ممّن لا تضيق به الأمور ولا تمحكه (٢) الخصوم ـ إلى أن قال عليه‌السلام : ـ وأوقفهم في الشبهات

__________________

(١) جامع الأصول من أحاديث الرّسول لابن الأثير : ١٠ / ٥٥١ رقم ٧٦٥١ ، الفصل السادس : في كيفية الحكم.

(٢) أمحكه : جعله محكان أي : عسر الخلق ، لجوج.

وآخذهم بالحجج ...». (١) فهل كانت مصر آنذاك تطفح بفقهاء ومجتهدين عارفين بجميع الأحكام الشرعية؟ نعم كانوا يحفظون من الكتاب والسنة وعمل الخلفاء أشياء يقضون ويحكمون بها ، فلو كان الاجتهاد المطلق شرطا ، لعطّل باب القضاء في مصر.

نعم كلّما تقدّمت الحضارة الإسلامية وتفتّحت العقول ، وازداد العلماء علما وفهما ، وعددا وكميّة ، تسنّم منصب القضاء من له خبرة كاملة في الفقه وعلم بحدود الشريعة علما محيطا ، إلّا أنّ ذلك ليس بوازع دينيّ ، بل كان نتيجة لسير العلم وتقدّمه وازدهار الثقافة.

نعم أخذ القضاء في عصرنا لونا فنيا ، وصار عملا يحتاج إلى التدريب والتمرين.

فلا مناص من إشراف قاض ذي تجربة وممارسة ، على عمل القضاة المتجزّءين في الاجتهاد حتى تحصل لهم قدم راسخة لا تزلّ بفضله سبحانه.

في تصدّي المقلّد للقضاء

يتصوّر تصدّي المقلّد لأمر القضاء على أنحاء ثلاثة :

الأوّل : أن يستقلّ في القضاء بلا نصب من جانب من له أهليّة الفتوى ولا وكالة منه ، بل يقضي على طبق رأي مقلّده.

الثاني : أن ينصّب من جانبه لهذا الأمر الخطير.

__________________

(١) نهج البلاغة : ٢ / ٩٤ رقم ٥٢ قسم الكتب والرسائل ، شرح الشيخ محمد عبده.

الثالث : أن يوكّله في القضاء.

والفرق بين الأخيرين واضح ، فإنّ القضاء في الثاني عمل نفس القاضي ، بخلاف الثالث فإنّه عمل نفس من نصّبه كما هو الحال في جميع موارد الوكالة.

ثمّ إنّ أمر القاضي ونهيه يختلف بالقياس إلى أمر الآمر بالمعروف والنّاهي عن المنكر ، فإنّ الأمر والنهي في الثاني إرشاد إلى ما هو تكليف الغير الثابت عليه ، مع قطع النظر عن أمر الآمر ونهي النّاهي ، وفي هذا المجال المجتهد والمقلّد سواء ، يجوز لكلّ منهما أمر الغير ونهيه إرشادا إلى تكاليفه الثابتة مطلقا ، وهذا بخلاف أمر القاضي ، فإنّ ما يحكم به ليس تكليفا للغير مع غضّ النظر عن حكمه ، وإنّما يكون تكليفا له بعد الحكم والقضاء. مثلا : لو اختلف العامل والمالك ، فادّعى العامل ردّ رأس المال وأنكره المالك ، فحكم القاضي بأنّ القول قول المالك حينئذ يتنجّز على العامل دفع العين مع وجودها وإلّا فعليه دفع المثل أو القيمة سواء دفع المال في الواقع أو لا ، وهذا الإلزام جاء من جانب القاضي بحكمه ، ولم يكن ثابتا من قبل ، وبما أنّه خلاف القاعدة ـ إذ أنّ الأصل عدم حجيّة رأي أحد في حق أحد ونفوذه ـ احتاج نفوذه إلى الدليل وقد عرفت وجود الدليل وثبوته في المجتهد المطلق والمتجزّي الذي استنبط شيئا معتدّا به.

٤

التخطئة والتصويب في الأصول والفروع

عقد المصنّف رحمه‌الله فصلا في حكم المجتهدين في الأصول وعقد فصلا آخر في حكم الاجتهاد في المسائل الشرعية ، والّذي يجمع هذين الفصلين هو هل المصيب في الأصول والفروع واحد ، أو أكثر ، وقلما يتفق من يقول بتصويب عامّة الآراء في الأصول ومن قال به فإنّما يقول به في الفروع ، ونحن نطرح المسألة هنا على صعيد التحقيق في كلا الجانبين.

التخطئة والتصويب في الأصول

اختلفت أنظار الفقهاء في التخطئة والتصويب ، وهل أنّ كلّ مجتهد مصيب في اجتهاده أو لا؟ واتفقوا على أنّ الحقّ واحد في موارد وهي :

الأوّل : إنّ الحقّ في الأصول والمعارف أمر واحد ، وما وافقه هو الحقّ والصّواب وما خالفه هو الخطأ ولم يقل أحد من المسلمين إلّا من شذّ بالتّصويب في العقائد (١).

__________________

(١) قال الغزالي في المستصفى : ٢ / ٣٥٩ ـ ٣٦٠ : مسألة : ذهب عبد الله بن الحسن العنبريّ إلى أنّ ـ

قال المرتضى قدس‌سره : «ولا شبهة في أنّ العبادة بالمذاهب المختلفة إنّما يجوز فيما طريقه العمل دون العلم ، وأنّ الأصول المبنية على العلم نحو التوحيد والعدل والنبوّة ، لا يجوز أن يكون الحقّ فيها إلّا واحدا ، لأنّ الله تعالى لا يجوز أن يكون جسما أو غير جسم ويرى ولا يرى على وجهين مختلفين ، وبإضافة إلى مكلّفين متغايرين ، وقد يجوز أن يكون الشيء الواحد حراما على زيد وحلالا على عمرو ـ إلى أن قال : ـ فمن جمع بين أصول الدّين وفروع الشرع ، في هذا الباب فقد ضلّ وأبعد عن الصّواب» (١).

وقال الشيخ الطوسيّ رضى الله عنه : «اعلم أنّ كلّ أمر لا يجوز تغييره عما هو عليه من وجوب إلى حظر أو من حسن إلى قبح ، فلا خلاف بين أهل العلم المحصّلين أنّ الاجتهاد في ذلك لا يختلف وأنّ الحقّ في واحد وأنّ من خالفه ضال فاسق ، وربّما كان كافرا وذلك نحو القول بأنّ العالم قديم أو محدث ، وإذا كان محدثا هل له صانع أم لا ، والكلام في صفات الصّانع وتوحيده وعدله والكلام في النبوّة والإمامة وغير ذلك». (٢)

الثاني : لا شك أنّ الحقّ في الموضوعات ، كالقبلة وأروش الجنايات وقيم المتلفات واحد ، فأحد الظنون حقّ وغيره باطل. وأمّا إطلاق التصويب

__________________

ـ كلّ مجتهد مصيب في العقليات كما في الفروع.

وقال الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٨٤ ، المسألة الثالثة : وزاد عبد الله بن الحسن العنبريّ بأن قال : كلّ مجتهد في العقليّات مصيب.

(١) الذريعة إلى أصول الشريعة : ٢ / ٧٩٣ و ٧٩٤.

(٢) العدّة : ٢ / ١١٣ الكلام في الاجتهاد.

فيها ، فإنّما لغاية كفاية الظنّ في صحّة الصلاة وعدم الإعادة (١).

قال المرتضى قدس‌سره بعد التمثيل بما ذكرناه : «وكلّ مجتهد فيما جرى هذا المجرى مصيب ، ألا ترى أنّ من أدّاه اجتهاده إلى أمارة ظهرت له أنّ القبلة في جهة من الجهات ، لزمته الصلاة إلى تلك الجهة بعينها ، فإذا أدّى غيره اجتهاده إلى أنّ القبلة في غيرها ، لزمته الصلاة إلى ما غلب في ظنّه أنّه جهة القبلة ، وكلّ منهما مصيب وإن اختلف التكليف». (٢)

الثالث : ومثل الأمرين المتقدّمين ، الموضوعات التي ثبتت أحكامها ببداهة ، فلا يتطرّق إليها التصويب بل الحقّ فيها واحد. قال الشيخ قدس‌سره :

«وكذلك الكلام في أنّ الظلم والعبث والكذب قبيح على كل حال ، وأنّ شكر المنعم وردّ الوديعة والإنصاف حسن على كلّ حال وما يجري مجرى ذلك ، وإنّما قالوا ذلك ، لأنّ هذه الأشياء لا يصحّ تغيّرها في نفسها ولا خروجها عن صفتها التي هي عليها ... وحكي عن قوم شذاذ لا يعتمد بأقوالهم أنهم قالوا : إنّ كلّ مجتهد فيها مصيب وقولهم باطل». (٣)

الرابع : إذا كان في المسألة نصّ قطعي السّند والدّلالة فلا موضوع للاجتهاد وبالتالي لا موضوع للتصويب والتّخطئة. قال ابن القيّم ناقلا عن الشافعي :

__________________

(١) أي : الحكم الوضعيّ.

(٢) الذريعة إلى أصول الشريعة : ٢ / ٧٩٣.

(٣) عدّة الأصول : ٢ / ١١٣.

«أجمع النّاس على أنّ من استبانت له سنّة عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس وتواتر عنه (أي الشافعيّ) أنّه قال : وإذا صحّ الحديث فاضربوا بقولي الحائط ، وصحّ عنه أنّه قال : إذا رويت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديثا ولم آخذ به ، فاعلموا أنّ عقلي قد ذهب ، وصحّ عنه أنّه قال : لا قول لأحد مع سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم». (١)

إذا تبيّن موضع النّقاش وعلم أنّ النزاع في التخطئة والتصويب في أمر آخر وهو هل أنّ لله في كلّ حادثة حكما معيّنا قبل اجتهاد المجتهد أو لا؟

نقول : مذهب أصحابنا وجماعة من أهل السنّة والأباضيّين (٢) إلى أنّ لله سبحانه في كلّ واقعة حكما معينا يتّجه إليه المجتهد فيصيبه تارة ويخطئه أخرى فالحقّ واحد قد يدرك وقد لا ، ويبدو أنّ النزاع في التصويب والتخطئة نشأ من تجويز العمل بالقياس وبأخبار الآحاد ، قال الطوسيّ رضى الله عنه :

«واعلم أنّ الأصل في هذه المسألة القول بالقياس والعمل بأخبار الآحاد ، لأنّ ما طريقه التواتر وظواهر القرآن فلا خلاف بين أهل العلم أنّ الحقّ فيما هو معلوم من ذلك ، وإنّما اختلف القائلون بهذين الأصلين فيما ذكرناه». (٣)

__________________

(١) أعلام الموقعين لابن القيم الجوزية : ٢ / ٢٨٢.

(٢) الاباضيّة أتباع عبد الله بن إباض المقاعسيّ المريّ التميمي من بني مرّة بن عبيد بن مقاعس ، وإليه نسبتهم وقد عاصر معاوية وعاش إلى أواخر أيّام عبد الملك بن مروان (على ما عليه الأباضيّة) ، توفّي عام ٨٦ (بحوث في الملل والنحل : ٥ / ٢١٨).

(٣) عدّة الأصول : ٢ / ١١٤.

إذا عرفت ما ذكرناه ، فاعلم أنّه يظهر من الشيخ أنّ أكثر المتكلّمين والفقهاء من غير الشيعة على التصويب وأنّ المخالف منهم بشر المريسيّ وأبو بكر الأصمّ ، والأباضيّة والظّاهريّة (١).

قال رضى الله عنه : «ذهب أكثر المتكلّمين والفقهاء إلى أنّ كلّ مجتهد مصيب في اجتهاده وفي الحكم ، وهو مذهب أبي علي وأبي هاشم وأبي الحسن (الأشعري) وأكثر المتكلّمين ، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه فيما حكاه أبو الحسن عنهم.

وقد حكى غيره من العلماء عن أبي حنيفة.

وذهب الأصمّ (٢) وبشر المريسيّ (٣) إلى أنّ الحقّ في واحد من ذلك وهو ما يقولون به وأنّ ما عداه خطأ ، حتى قال الأصمّ : إنّ حكم الحاكم ينقض به ويقولون : إنّ المخطئ غير معذور في ذلك إلّا أن يكون خطاؤه صغيرا وإنّ سبيل ذلك سبيل الخطأ في أصول الدّيانات.

وذهب أهل الظاهر ـ فيما عدا القياس من الاستدلال وغيره ـ أنّ الحقّ

__________________

(١) الظاهرية : أتباع داود بن عليّ الأصفهاني الظاهري (٢٠٠ ـ ٢٧٠ ه‍) وما أسّسه من المذهب يرتبط بالفروع والأحكام لا العقائد والأصول ، فالمصدر الفقهيّ عنده هو النّصوص ، بلا رأي في حكم من أحكام الشرع ، فهم يأخذون بالنّصوص وحدها ، وإذا لم يكن النصّ أخذوا بالإباحة الأصليّة. (بحوث في الملل والنّحل : ٣ / ١٣٧ ـ ١٣٨).

(٢) هو عبد الرحمن بن كيسان ، أبو بكر الأصم المعتزليّ الأصولي المفسّر ، كان يخطّئ عليا عليه‌السلام في كثير من أفعاله ويصوب معاوية في بعض أفعاله. توفّى نحو ٢٢٥ ه‍. الأعلام : ٣ / ٣٢٣.

(٣) هو بشر بن غياث المريسيّ ، فقيه معتزليّ وهو رأس الطائفة المريسيّة القائلة بالإرجاء وإليه نسبتها وأوذي في دولة هارون الرّشيد ، توفّي عام ٢١٨ ه‍. الأعلام : ٢ / ٥٥.

من ذلك في واحد ، وأمّا الشافعيّ فكلامه مختلف في كتبه ...

ـ إلى أن قال رضى الله عنه : ـ والذي أذهب إليه وهو مذهب جميع شيوخنا المتكلّمين من المتقدّمين والمتأخّرين وهو الّذي اختاره سيّدنا المرتضى (قدّه) وإليه كان يذهب شيخنا أبو عبد الله ، أنّ الحقّ في واحد». (١)

ويظهر من الغزالي أنّ مورد النزاع في التصويب والتخطئة هو الواقعة التي لا نصّ فيها ، وليس لله سبحانه فيها حكم معيّن بل الحكم يتبع الظنّ قال : وقد اختلف الناس فيها واختلفت الرواية عن الشافعيّ وأبي حنيفة ، وعلى الجملة قد ذهب قوم إلى أنّ كلّ مجتهد في الظنّيات مصيب ، وقال قوم : المصيب واحد ، واختلف الفريقان جميعا في أنّه هل في الواقعة التي لا نصّ فيها حكم معيّن لله تعالى هو مطلوب المجتهد ، فالّذي ذهب إليه محقّقو المصوّبة أنّه ليس في الواقعة التي لا نصّ فيها حكم معيّن يطلب بالظنّ بل الحكم يتبع الظنّ وحكم الله تعالى على كلّ مجتهد ما غلب على ظنّه وهو المختار وإليه ذهب القاضي.

وذهب قوم من المصوبة إلى أنّ فيه حكما معيّنا يتوجّه إليه الطّلب إذ لا بدّ للطلب من مطلوب ، لكن لم يكلّف المجتهد إصابته ، فلذلك كان مصيبا وإن أخطأ ذلك الحكم المعيّن الذي لم يؤمر بإصابته بمعنى أنّه أدّى ما كلّف فأصاب ما عليه. (٢)

__________________

(١) عدة الأصول : ٢ / ١١٣ و ١١٤.

(٢) المستصفى : ٢ / ٣٦٣.

وعلى ذلك فالمصوّبة على فرقتين : فرقة تنكر وجود الحكم المشترك ، وفرقة تثبته ولكن تنكر الأمر بإصابته ، ولكن في عدّ الفرقة الثانية من المصوبة نوع خفاء ، فإنّ المخطّئة تقول بنفس المقالة لأنّ المفروض عدم وجود نصّ في الواقعة ، فمعه كيف يكون مأمورا بإصابته ، وعليه يصير الحكم الواقعي حينئذ حكما إنشائيّا (لا فعليا).

وعلى كلّ تقدير : فإنّ فتوى المفتي على قول الفرقة الأولى أشبه بالأحكام الأوّليّة الثانويّة (١) عندنا إذ لله سبحانه في ذلك المجال حكم مشخص تابع للمصالح والمفاسد ، ولأجل ذلك تختلف الأحكام الأوّلية وجوبا وحرمة باختلاف الأزمنة والأمكنة ، كما أنّها على قول الفرقة الثانية أشبه بالأحكام الظاهرية التي توافق الواقع تارة وتخالفه أخرى ، فعند الموافقة يكون المؤدّى نفس الواقع ، وعند المخالفة لا يكون مأمورا بإصابته.

ولمّا كان القول بإنكار الحكم الإلهيّ في الوقائع التي لا نص فيها ، يحبط من جامعيّة الإسلام في مجال العقيدة والشريعة ، حاول بعض أهل السنّة تفسير التصويب بمعنى لا يخالف ذلك ، ومجمل ما أفاد : إنّ القول بالتّصويب ليس بمعنى نفي حكم الله في الواقع ، وإنّ حكم الله تابع لرأي المفتي ، بل هو في قبال القول بالتأثيم وأنّ المجتهد إذا أخطأ يأثم ، فصار القائل بالتصويب ـ بردّ ذلك المتقدّم ـ يعني نفي الإثم لا إصابة الواقع ، فعليه يصير النزاع في التصويب والتخطئة لفظيا ، وإليك توضيحه :

__________________

(١) راجع رسالة «القول المفيد في الاجتهاد والتقليد» (المطبوع ضمن الرسائل الأربع ، الرسالة الثالثة) : ٨٩ ـ ٩٠.

إنّ أهل السنّة في مجال فتوى المفتي على طوائف :

الأولى : إنّ المجتهد لم يكلّف بإصابة الواقع لخفائه وغموضه فلذلك لم يكن مأمورا به.

الثانية : أمر المجتهد بطلبه وإذا أخطأ لم يكن مأجورا لكن حطّ الإثم عنه تخفيفا.

الثالثة : إنّ المجتهد الذي أخطأ الدليل القطعيّ آثم غير فاسق ولا كافر.

وهذا قول بشر المريسي ، ونسبه الغزالي والآمدي إلى ابن علّية (١) وأبي بكر الأصمّ ، وهؤلاء هم المؤثّمة (٢).

وعلى ضوء ذلك : فالمراد من التصويب هو نفي القول بالإثم الذي أصرّ عليه بشر المريسيّ ، لا إصابة كلّ مجتهد للحقّ الملازم لنفي الحكم المشترك ، وكيف يمكن نسبة القول بالتصويب بمعنى نفي حكم الله في الواقعة مع أنّهم

__________________

(١) إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي ، كان جهميا يقول بخلق القرآن ، له مناظرات مع الشافعيّ ، ولد سنة ١٥١ ه‍ وتوفّي عام ٢١٨ ه‍. الأعلام : ١ / ٣٢.

(٢) قال الغزالي في المستصفى : ٢ / ٣٦١ : ذهب بشر المريسي إلى أن الإثم غير محطوط عن المجتهدين في الفروع ، بل فيها حقّ معين وعليه دليل قاطع ، فمن أخطأه فهو آثم كما في العقليات ، لكن المخطئ قد يكفّر كما في أصل الإلهيّة والنبوّة ، وقد يفسّق كما في مسألة الرؤية وخلق القرآن ونظائرها ، وقد يقتصر على مجرّد التأثيم كما في الفقهيات وتابعة على هذا من القائلين بالقياس ابن عليّة وأبو بكر الأصمّ ووافقه جميع نفاة القياس ومنهم الإمامية.

وقال الآمدي في إحكامه : ٤ / ١٨٨ ـ ١٨٩ : «وذهب بشر المريسيّ وابن عليّة وأبو بكر الأصمّ ونفاة القياس كالظاهريّة والإمامية إلى أنّه ما من مسألة إلّا والحقّ فيها متعيّن ، وعليه دليل قاطع ، فمن أخطأه فهو آثم غير كافر ولا فاسق.

رووا في كتبهم عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران ، وإذا أخطأ فله أجر. (١)

وممّن جزم بذلك الشوكاني فقال : «إنّ المجتهد لا يأثم بالخطإ بل يؤجر على الخطأ بعد أن يوفي الاجتهاد حقّه ، ولم نقل : إنّه مصيب للحق الذي هو حكم الله في المسألة ، فإنّ هذا خلاف ما نطق به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحديث حيث قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر.

فقسّم ما يصدر عن المجتهد في الاجتهاد في مسائل الدّين إلى قسمين : أحدهما هو مصيب فيه ، والآخر هو مخطئ ، فكيف يقول قائل : إنّه مصيب للحق سواء أصاب أو أخطأ ، وقد سمّاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مخطئا ... فمن زعم أنّ مراد القائل بتصويب المجتهد من الإصابة للحق مطلقا فقد غلط عليهم غلطا بيّنا ... إنّ مقصودهم : إنّهم مصيبون من الصواب الذي لا ينافي الخطأ لا من الإصابة التي هي مقابلة للخطإ ، فهذا لا يقول به عالم ومن لم يفهم هذا المعنى فعليه أن يتّهم نفسه. (٢)

فتبيّن لنا ممّا تقدّم أمران :

__________________

(١) أخرجه البخاري في صحيحه : ٨ / ١٥٧ ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة ، ومسلم في صحيحه : ٥ / ١٣١ ، باب بيان أجر الحاكم بسندهما عن عمرو بن العاص.

وقال الشيخ الأنصاري رضى الله عنه في رسائله : ١ / ١٠ : وقد اشتهر أنّ للمصيب أجرين وللمخطئ أجرا واحدا.

(٢) القول المفيد في الاجتهاد والتقليد للشوكاني : ٨٧. نقلا عن «الاجتهاد في الإسلام» لنادية العمري : ١٦٢ و ١٦٣.

الأوّل : إنّ القدر المتيقّن من القول بالتصويب هو الأحكام التي لم يرد فيها نصّ وعوّل أمرها إلى المجتهدين ، وبما أنّه ليس فيها واقع محفوظ ، يكون الكلّ مصيبا كالأحكام الحكوميّة.

الثاني : إنّه من المحتمل جدّا أنّ المراد من التصويب هو نفي الإثم عن المجتهد ، لا إصابة الواقع.

نعم ، ما ذكره الشوكاني ربما لا ينطبق على بعض تعبيراتهم ، وعلى كلّ تقدير فالتصويب بالمعنى المشهور باطل عند الإمامية لتضافر الروايات على أنّ حكم الله مشترك بين العالم والجاهل (١).

ثمّ إنّ الدّاعي إلى القول بالتصويب هو الإشكال الموجود في الجمع بين الأحكام الواقعيّة والأمارات الظنّية التي ثبتت حجيّتها ، مع العلم بأنّ بعضها على خلاف الحكم الواقعي ، فزعموا أنّه لا بدّ من رفع اليد عن إطلاقات الأدلّة القائلة بعدم اختصاص مداليلها بالعالمين بل شمولها للجاهلين ، وإلّا لزم اجتماع الضدّين وتفويت المصلحة أو الإبقاء في المفسدة ، وقد أوضحنا الحال في باب الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري وأنّ المفاسد كلّها خطابيّة كانت أو ملاكيّة ، مرتفعة ، فلاحظ.

__________________

(١) قيل : لا تضافر فضلا عن التواتر الذي ادّعاه الشيخ الأنصاريّ رضى الله عنه (١ / ١٤٤) في الرّوايات والآثار على نحو الدلالة المطابقيّة ، ولم ترد على ذلك رواية واحدة ـ بعد الفحص ـ نعم هو مفاد الرّوايات الآمرة بالتوقف والاحتياط على نحو الدّلالة الالتزامية ، فإنّها دالة على وجود حكم واقعي لكلّ مسألة ، وأنّ الأمر بالاحتياط إنما هو لأجل التحفظ عليه وعدم الوقوع في مخالفته.

ثم إنّ العلّامة لم يبحث عن أمرين مهمين ألا وهما :

١. دور الزمان والمكان في الاستنباط.

٢. دور الحاكم في رفع التزاحم بين الأحكام الأولية.

وها نحن نبحث فيهما في فصلين مستقلين.

٥

دور الزمان والمكان في الاستنباط

أو

الإسلام ومتطلّبات العصر

تقديم

دلّت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية واتّفاق المسلمين على أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو النبي الخاتم ، وكتابه خاتم الكتب ، وشريعته خاتمة الشرائع ، ونبوته خاتمة النبوات ، فما جاء على صعيد التشريع من قوانين وسنن تعدّ من صميم ثوابت هذا الدين لا تتطاول عليها يد التغيير ، فأحكامه في العبادات والمعاملات وفي العقود والإيقاعات ، والقضاء والسياسات أصول خالدة مدى الدهر إلى يوم القيامة وقد تضافرت عليها الروايات :

١. روى أبو جعفر الباقر عليه‌السلام قال : قال جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أيّها

الناس حلالي حلال إلى يوم القيامة ، وحرامي حرام إلى يوم القيامة ، ألا وقد بيّنهما الله عزوجل في الكتاب وبيّنتهما لكم في سنتي وسيرتي» (١).

٢. كما روى زرارة عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الحلال والحرام ، فقال : «حلال محمد حلال أبدا إلى يوم القيامة ، لا يكون غيره ولا يجيء بعده». (٢)

والروايات في هذا الصدد عن النبي الأعظم وأهل بيته ـ صلوات الله عليهم ـ كثيرة ، وقد جمعنا طائفة منها في كتابنا مفاهيم القرآن فبلغت ١٣٥ حديثا ، وبما أنّ خلود شريعته أمر لم يشكّ فيه أحد من المسلمين ، وهو من ضروريات الدين نقتصر على هذا المقدار ، ونطرح السؤال التالي :

إذا كانت الحياة الاجتماعية على وتيرة واحدة لصحّ أن يديرها تشريع خالد ودائم ، وأمّا إذا كانت متغيرة تسودها التحوّلات والتغييرات الطارئة ، فكيف يصحّ لقانون ثابت أن يسود في جميع الظروف مهما اختلفت وتباينت؟

إنّ الحياة الاجتماعية التي يسودها الطابع البدوي والعشائري كيف تلتقي مع حياة بلغ التقدم العلمي فيها درجة هائلة ، فكلّ ذلك شاهد على لزوم تغيير التشريع حسب تغيير الظروف.

هذا السؤال كثيرا ما يثار في الأوساط العلمية ويراد من ورائه أمر آخر ،

__________________

(١) الوسائل : ١٨ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٧.

(٢) الكافي : ١ / ٥٨ ، الحديث ١٩.

وهو التحرّر من قيود الدين والقيم الأخلاقية ، مع نسيان أو تناسي حقيقة انّ تغير ألوان الحياة لا يصادم ثبات التشريع وخلوده على النحو الذي بيّنه المحقّقون من علماء الإسلام.

وذلك لأنّ السائل قد قصر نظره على ما يحيط به من الظروف المختلفة المتبدلة ، وذهل عن أنّ للإنسان خلقا وغرائز ثابتة قد فطر عليها وهي لا تنفك عنه ما دام الإنسان إنسانا ، وهذه الغرائز الثابتة تستدعي لنفسها تشريعا ثابتا يدوم بدوامها ، ويثبت بثباتها عبر القرون والأجيال ، وإليك نماذج منها :

١. انّ الإنسان بما هو موجود اجتماعي يحتاج لحفظ نسله إلى الحياة العائلية ، وهذه حقيقة ثابتة في حياة الإنسان وجاء التشريع وفقا لها ، يقول سبحانه : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ)(١).

٢. العدالة الاجتماعية توفّر مصلحة المجتمع وتدرأ عنه الفساد والانهيار والفوضى ، فليس للإنسان في حياته الاجتماعية إلّا السير وفق نهج العدل والابتعاد عن الظلم ، قال سبحانه : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(٢).

٣. انّ الفوارق الرئيسية بين الرجل والمرأة أمر طبيعي محسوس ، فهما

__________________

(١) النور : ٣٢.

(٢) النحل : ٩٠.

يختلفان في الخلقة على رغم كلّ الدعايات المزيّفة التي تبغي إزالة كلّ تفاوت بينهما ، وبما انّ هذا النوع من الاختلاف ثابت لا يتغير بمرور الزمان فهو يقتضي تشريعا ثابتا على شاكلة موضوعه ، يقول سبحانه : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ)(١).

٤. الروابط العائلية هي روابط طبيعية ، فالأحكام المنسّقة لهذه الروابط من التوارث ولزوم التكريم ثابتة لا تتغير بتغير الزمان ، يقول سبحانه : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ)(٢) والمراد من الأولوية هي الأقربية.

٥. انّ الحياة الاجتماعية رهن الحفاظ على الأخلاق ، وممّا لا شكّ فيه انّ الخمر والميسر والإباحة الجنسية تقوّض أركان الأخلاق ، فالخمر يزيل العقل ، والميسر يورث العداء في المجتمع ، والإباحة الجنسية تفسد النسل والمجتمع فتتبعها أحكامها في الثبات والدوام.

هذه نماذج استعرضناها للحياة الاجتماعية التي لا تمسّها يد التغير ، وهي ثابتة ، فإذا كان التشريع على وفق الفطرة ، وكان نظام التشريع قد وضع وفق ملاكات واقعية ، فالموضوعات تلازم أحكامها ، ملازمة العلة لمعلولها ، والأحكام تتبع موضوعاتها تبعيّة المعاليل لعللها.

هذا جواب إجمالي ، وأمّا الجواب التفصيلي فهو رهن الوقوف على

__________________

(١) النساء : ٣٤.

(٢) الأنفال : ٧٥.

الدور الذي يلعبه الزمان والمكان في مرونة الأحكام الشرعية ، وتطبيع الأحكام على متطلبات العصر ، وهذا هو الذي سنقوم بدراسته.

دور الزمان والمكان في الاستنباط

قد يطلق الزمان والمكان ويراد منهما المعنى الفلسفي ، فيفسر الأوّل بمقدار الحركة ، والثاني بالبعد الذي يملأه الجسم ، والزمان والمكان بهذا المعنى خارج عن محط البحث ، بل المراد هو المعنى الكنائي لهما ، أعني : تطور أساليب الحياة والظروف الاجتماعية حسب تقدم الزمان وتوسع شبكة الاتصالات. وهذا المعنى هو الذي يهمّنا في هذا البحث ، ودراسته تتم في ضمن بحوث خمسة :

الأوّل : دراسة الروايات الواردة في ذلك المضمار.

الثاني : نقل مقتطفات من كلمات الفقهاء.

الثالث : تطبيقات عملية.

الرّابع : دور الزمان والمكان في الأحكام الحكوميّة.

الخامس : في دراسة العنصرين في الفقه السني.

وإليك دراسة الجميع واحدا تلو الآخر.

البحث الأوّل

استعراض الروايات الواردة

في ذلك المضمار

قد أشير في غير واحد من الروايات عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام إلى أنّ للزمان والمكان دورا في تغير الحكم إمّا لتبدّل موضوعه بتبدّل الزمان ، أو لتغير ملاك الحكم إلى ملاك آخر ، أو لكشف ملاك أوسع من الملاك الموجود في عصر التشريع أو غير ذلك ممّا سيوافيك تفسيره عند البحث في التطبيقات.

وأمّا ما وقفنا عليه في ذلك المجال من الأخبار ، فنذكره على الترتيب التالي :

١. سئل علي عليه‌السلام عن قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «غيّروا الشيب ولا تشبّهوا باليهود».

فقال عليه‌السلام : «إنّما قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك والدين قلّ ، فأمّا الآن وقد اتسع نطاقه وضرب بجرانه فامرؤ وما اختار». (١)

__________________

(١) نهج البلاغة ، قسم الحكم ، رقم ١٧.

فقول الإمام يشير إلى إنّ عنوان التشبّه كان قائما بقلّة المسلمين وكثرة اليهود ، فلو لم يخضّب المسلمون الشيب يوم كانوا أقلية صار عملهم تشبها باليهود وتقوية لهم ، وأمّا بعد انتشار الإسلام في أقطار الأرض على نحو صار اليهود فيه أقلية ، فلا يصدق التشبّه بهم إذا ترك الخضاب.

٢. روى محمد بن مسلم وزرارة عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام أنّهما سألاه عن أكل لحوم الحمر الأهلية ، فقال : «نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن أكلها يوم خيبر ، وإنّما نهى عن أكلها في ذلك الوقت لأنّها كانت حمولة الناس ، وإنّما الحرام ما حرّم الله في القرآن». (١)

والحديث يشير إلى أنّ نهي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن أكل لحومها كان لأجل أنّ ذبحها في ذلك الوقت يورث الحرج والمشقة ، لأنّها كانت سببا لحمل الناس والأمتعة من مكان إلى آخر ، فإذا ارتفعت الحاجة في الزمان الآخر ارتفع ملاك الحرمة.

٣. روى محمد بن سنان ، أنّ الرضا عليه‌السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : «كره أكل لحوم البغال والحمر الأهلية لحاجة الناس إلى ظهورها واستعمالها والخوف من فنائها وقلّتها لا لقذر خلقها ولا قذر غذائها». (٢)

٤. روى عبد الرحمن بن الحجاج ، عمّن سمعه ، عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال : سألته عن الزكاة ما يأخذ منها الرجل؟ وقلت له : إنّه بلغنا أنّ

__________________

(١) وسائل الشيعة : ١٦ ، الباب ٤ من كتاب الأطعمة والأشربة ، الحديث ١.

(٢) وسائل الشيعة : ١٦ ، الباب ٤ من كتاب الأطعمة والأشربة ، الحديث ٨.

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أيّما رجل ترك دينارين فهما كيّ بين عينيه ، قال : فقال : «أولئك قوم كانوا أضيافا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإذا أمسى ، قال : يا فلان اذهب فعشّ هذا ، فإذا أصبح قال : يا فلان اذهب فغدّ هذا ، فلم يكونا يخافون أن يصبحوا بغير غذاء ولا بغير عشاء ، فجمع الرّجل منهم دينارين ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه هذه المقالة ، فإنّ الناس إنّما يعطون من السنة إلى السنة فللرّجل أن يأخذ ما يكفيه ويكفي عياله من السنة إلى السنة». (١)

٥. روى حماد بن عثمان ، قال : كنت حاضرا عند أبي عبد الله عليه‌السلام إذ قال له رجل: أصلحك الله ، ذكرت أنت علي بن أبي طالب كان يلبس الخشن ، يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك ، ونرى عليك اللباس الجيّد ، قال : فقال له : «إنّ علي بن أبي طالب صلوات الله عليه كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر ، ولو لبس مثل ذلك اليوم لشهر به ، فخير لباس كلّ زمان ، لباس أهله». (٢)

٦. روى مسعدة بن صدقة : دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله عليه‌السلام فرأى عليه ثياب بيض كأنّها غرقئ البيض ، فقال : إنّ هذا اللباس ليس من لباسك ، فقال الإمام ـ بعد كلام ـ «إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان في زمان مقفر جدب ، فأمّا إذا أقبلت الدنيا فأحقّ أهلها بها أبرارها لا فجّارها ، ومؤمنوها لا منافقوها ، ومسلموها لا كفّارها». (٣)

__________________

(١) معاني الأخبار : ١٥٢ ، باب معنى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «أيما رجل ترك دينارين».

(٢) الوسائل : ٣ ، الباب ٧ من أبواب أحكام الملابس ، الحديث ٧.

(٣) الوسائل : ٣ ، الباب ٧ من أبواب أحكام الملابس ، الحديث ١٠.

٧. روى عبد الله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «بينا أنا في الطواف وإذا برجل يجذب ثوبي ، وإذا هو عباد بن كثير البصري» ، فقال : يا جعفر بن محمد تلبس مثل هذه الثياب وأنت في هذا الموضع مع المكان الذي أنت فيه من علي عليه‌السلام؟! فقلت : «فرقبيّ اشتريته بدينار ، وكان علي عليه‌السلام في زمان يستقيم له ما لبس فيه ، ولو لبست مثل ذلك اللباس في زماننا لقال الناس هذا مراء مثل عباد». (١)

٨. روى المعلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إنّ عليّا كان عندكم فأتي بني ديوان (٢) واشترى ثلاثة أثواب بدينار ، القميص إلى فوق الكعب والإزار إلى نصف الساق ، والرداء من بين يديه إلى ثدييه ومن خلفه إلى أليتيه ، وقال : هذا اللباس الذي ينبغي للمسلمين أن يلبسوه ، قال أبو عبد الله : «ولكن لا يقدرون أن تلبسوا هذا اليوم ولو فعلناه لقالوا مجنون ، ولقالوا مرائيّ». (٣)

٩. روى أبو بكر الحضرميّ ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «لسيرة علي عليه‌السلام في أهل البصرة كانت خيرا لشيعته ممّا طلعت عليه الشمس أنّه علم أنّ للقوم دولة ، فلو سباهم تسب شيعته». (٤)

__________________

(١) الوسائل : ٣ ، الباب ٧ من أبواب أحكام الملابس ، الحديث ٣.

(٢) كذا ، وفي الوافي نقلا عن الكافي : (فأتي ببرد نوار) وقال في بيانه : النوار : النيلج الذي يصبغ به.

(٣) الكافي : ٦ ، باب تشمير الثياب من كتاب الزي والتجمل ، الحديث ٢.

(٤) الكافي : ٥ ، كتاب الجهاد : ٣٣ باب (لم يذكر عنوان الباب) الحديث ٤.

١٠. روى السراد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : أبيع السلاح؟ قال : «لا تبعه في فتنة». (١)

١١. روى المعلى بن خنيس إذا جاء حديث عن أوّلكم وحديث عن آخركم بأيّهما نأخذ؟ فقال : «خذوا به حتى يبلغكم عن الحي ، فخذوا بقوله ، أما والله لا ندخلكم إلّا فيما يسعكم». (٢) فإنّ الحكم الثاني المخالف لما روي سابقا رهن حدوث تغير في جانب الموضوع أو تبدل الملاك أو غير ذلك من العناوين المؤثرة لتبدّل الحكم.

١٢. روى محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال : «إنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى أن تحبس لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام من أجل الحاجة ، فأمّا اليوم فلا بأس به». (٣)

١٣. روى محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن إخراج لحوم الأضاحي من منى؟ فقال : «كنّا نقول : لا يخرج منها بشيء لحاجة الناس إليه ، وأمّا اليوم فقد كثر الناس فلا بأس بإخراجه». (٤)

١٤. روى الحكم بن عتيبة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قلت له : إنّ الديات إنّما كانت تؤخذ قبل اليوم من الإبل والبقر والغنم ، قال : فقال : «إنّما كان ذلك

__________________

(١) الكافي : ٥ ، باب بيع السلاح منهم ، الحديث ٤ وفي الباب ما له صلة بالمقام.

(٢) الكافي : ١ ، باب اختلاف الحديث ، الحديث ٩.

(٣) الوسائل : ١٠ ، الباب ٤١ من أبواب الذبح ، الحديث ٣.

(٤) الوسائل : ١٠ ، الباب ٤٢ من أبواب الذبح ، الحديث ٥.

في البوادي قبل الإسلام ، فلمّا ظهر الإسلام وكثرت الورق في الناس قسّمها أمير المؤمنين عليه‌السلام على الورق» قال الحكم : قلت : أرأيت من كان اليوم من أهل البوادي ، ما الذي يؤخذ منهم في الدية اليوم؟ إبل؟ أم ورق؟ فقال : «الإبل اليوم مثل الورق بل هي أفضل من الورق في الدية ، انّهم كانوا يأخذون منهم في دية الخطأ مائة من الإبل يحسب لكلّ بعير ، مائة درهم ، فذلك عشرة آلاف».

قلت له : فما أسنان المائة بعير؟ فقال : «ما حال عليه الحول ذكران كلّها» (١).

يلاحظ على المقرر من الديات الست من خلال الوجوه التالية :

الأوّل : عدم وجود التعادل والتساوي بين الأمور الست في بدء الأمر ، الواردة في بعض الأحاديث.

١٥. روى عبد الرحمن بن الحجاج دية النفس بالشكل التالي :

أ : مائة إبل كانت في الجاهلية وأقرّها رسول الله.

ب : مائتا بقرة على أهل البقر.

ج : ألف شاة ثنيّة على أهل الشاة.

د : ألف دينار على أهل الذهب.

__________________

(١) الوسائل : ١٩ ، الباب ٢ من أبواب ديات النفس ، الحديث ٨.

ه : عشرة آلاف درهم على أهل الورق.

و : مائتا حلّة على أهل اليمن. (١)

فأين قيمة مائتي حلة من قيمة مائة إبل أو غيرها؟ إن ذلك أوجد مشكلة في أداء الدية خصوصا إذا قلنا بما هو المشهور من أنّ اختيار أي واحد منها بيد القاتل ، فإذا كيف يتصور التخيير بين الأقل والأكثر؟!

والجواب : أنّه من المحتمل أن تكون جميع هذه الموارد متقاربة القيمة ، لأنّ الحلل اليمانية وإن كانت زهيدة الثمن إلّا أنّ صعوبة اقتنائها حال دون انخفاض قيمتها.

وعلى فرض انخفاض قيمتها لما كان للجاني اختيار الحلل أخذا بالمتيقن من مورد النص للجاني.

الثاني : المراد من الورق الوارد في النصوص هو الدينار والدرهم المسكوكين الرائجين ، وهذا غير متوفر في غالب البلدان ، لأنّ المعاملات تتم بالعملة الرائجة في كلّ بلد ، وهي غير النقدين ، وعلى فرض وجود النقدين في الأعصار السابقة ، فليسا برائجين.

الثالث : لم يرد في النصوص الاجتزاء بالعملة الرائجة فما ورد من الدينار والدرهم فغير رائجين وما هو الرائج اليوم كالعملة الورقية فلم يرد فيها نصّ.

__________________

(١) الوسائل : ١٩ ، الباب ١ من أبواب دية النفس ، الحديث ١.

والجواب عن الأخيرين هو : أنّ تقويم دية النفس بالأنعام أو الحلل ، لم يكن لخصوصية فيها دون غيرها ، بل لأجل انّ قلّة وجود النقدين كانت سببا لتعامل الناس بالأجناس فكان الثمن أيضا جنسا كالمثمن ولمّا كثر الورق ، قسّمها الإمام على الورق.

وهذا يعرب عن أنّ الدية الواقعية هو قيمة هذه الأنعام والحلل ، لا أنفسها بما هي هي ، بنحو لو أدى قيمتها لما أدّى الدية الواقعية.

ولو صحّ ذلك فلا فرق عندئذ بين النقدين والعملة الرائجة في البلاد هذه الأيام ، إذ الغرض أداء قيمة النفس بأشكالها المختلفة.

١٦. روى الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألت عن الوباء يكون في ناحية المصر فيتحول الرجل إلى ناحية أخرى ، أو يكون في مصر فيخرج منه إلى غيره؟

فقال : «لا بأس إنّما نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن ذلك لمكان ربيئة كانت بحيال العدو فوقع فيهم الوباء فهربوا منه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الفارّ منه كالفار من الزحف كراهية أن تخلو مراكزهم» (١).

فدلّ الحديث على أنّ النهي كان بملاك خاص ، وهو انّ الخروج كان سببا لضعف النظام الإسلامي وإلّا فلا مانع من أن يخرجوا منه بغية السلامة.

__________________

(١) الوسائل : ٢ ، الباب ٢٠ من أبواب الاحتضار ، الحديث ١.

١٧. روى علي بن المغيرة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : القوم يكونون في البلد فيقع فيه الموت ، ألهم أن يتحوّلوا عنها إلى غيرها ، قال : «نعم» ، قلت : بلغنا أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عاب قوما بذلك ، فقال : «أولئك كانوا ربيئة بازاء العدو فأمرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يثبتوا في موضعهم ولا يتحولوا عنه إلى غيره ، فلما وقع فيهم الموت تحولوا من ذلك المكان إلى غيره ، فكان تحويلهم عن ذلك المكان إلى غيره كالفرار من الزحف». (١)

١٨. روى عبد الله بن بكير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : لا ينبغي أن يتزوج الرجل الحرّ المملوكة اليوم ، إنّما كان ذلك حيث قال الله عزوجل :

(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً) والطول المهر ، ومهر الحرة اليوم مثل مهر الأمة أو أقل. (٢)

فالحديث يهدف إلى تفسير قوله سبحانه :

(وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ)(٣).

فالآية تعلّق جواز تزويج الأمة بعدم الاستطاعة على نكاح الحرة لأجل غلاء مهرها بخلاف مهر الأمة فإنّها كانت زهيدة الثمن.

__________________

(١) الوسائل : ٢ ، الباب ٢٠ من أبواب الاحتضار ، الحديث ٢.

(٢) الوسائل : ١٤ الباب ٤٥ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، الحديث ٥.

(٣) النساء : ٢٥.

فإذا عاد الزمان إلى غير هذا الوضع وصار مهر الأمة والحرة على حدّ سواء بل كان مهر الحرة أقل ، فلا ينبغي أن يتزوج المملوكة لأنّ الظروف تغيّرت ، فيتغيّر الحكم من الجواز إلى الكراهة أو التحريم.

١٩. روى بكير بن محمد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سأله رجل وأنا حاضر ، فقال : يكون لي غلام فيشرب الخمر ويدخل في هذه الأمور المكروهة فأريد عتقه ، فهل أعتقه أحبّ إليك أم أبيعه وأتصدق بثمنه؟ فقال : «إنّ العتق في بعض الزمان أفضل ، وفي بعض الزمان الصدقة أفضل ، فإن كان الناس حسنة حالهم ، فالعتق أفضل ، وإذا كانوا شديدة حالهم فالصدقة أفضل ، وبيع هذا أحبّ إليّ إذا كان بهذه الحال». (١)

٢٠. روى محمد بن سنان ، عن الإمام موسى بن جعفر عليهما‌السلام في حديث : «ليس بين الحلال والحرام إلّا شيء يسير ، يحوله من شيء إلى شيء فيصير حلالا وحراما». (٢)

هذا بعض ما وقفنا عليه ، ولعلّ الباحث في غضون الجوامع الحديثيّة يقف على أكثر من ذلك.

__________________

(١) الوسائل : ١٦ ، الباب ٢٧ من أبواب العتق ، الحديث ١.

(٢) بحار الأنوار : ٦ / ٩٤ ، الحديث ١ ، باب علل الشرائع والأحكام.

حصيلة الروايات

إنّ الإمعان في مضامين هذه الروايات يثبت أنّ تغير الحكم إنّما كان لإحدى الجهات التالية :

١. إذا كان حكما حكوميا وولائيا نابعا من ولاية النبي وصلاحياته في إدارة المجتمع وحفظ مصالحه ، فمثل هذا الحكم لا يكون حكما شرعيا إلهيا نزل به أمين الوحي عن ربّ العالمين ، بل حكما مؤقّتا يدور مدار المصالح والمفاسد التي أوجبت تشريع هذا النوع من الأحكام.

ومن هذا القبيل النهي عن إخراج اللحم من منى قبل ثلاثة أيّام ، أو النهي عن أكل لحوم الحمير ، ولذلك قال الإمام بعد تبيين علّة النهي إنّما الحرام ما حرّم الله في القرآن ، مشيرا إلى أنّه لم يكن هذا النهي كسائر النواهي النابعة من المصالح والمفاسد الذاتية ، كالخمر والميسر بل نجم عن مصالح ومفاسد مؤقتة.

ونظيرهما النهي عن الخروج من مكان ظهر فيه الطاعون ، حيث إنّ النهي كان لأجل أنّ تحوّلهم من ذلك المكان كان أشبه بالفرار من الزحف فوافاهم النهي ، فإذا زال هذا القيد فلا مانع حينئذ من خروجهم.

٢. انّ تبدل الحكم كان لأجل انعدام الملاك السابق ، وظهور ملاك مباين ، كما هو الحال في حديث الدينارين ، بخلاف عصر الإمام الصادق حيث كان يعطون من السنة إلى السنة.

ومثله جواز نكاح الأمة مع القدرة على الحرة ، لأنّ ملاك الجواز هو غلاء مهر الحرة ، وقد انتفى في ذلك العصر ، بل صار الأمر على العكس كما في نفس الرواية.

٣. طروء عنوان محرم عليه ، كما في الأحاديث التي تعرّضت لأحكام الملابس ، مثل أن يكون اللباس لباس شهرة ، أو باعثا على السخرية والرمي بالجنون. كما قد يحصل تبدّل في الملاك ، ومثاله الرواية التي ربطت بين نوع الملابس وبين طبيعة العصر ، من حيث القفر والجدب أو النعيم والرخاء.

٤. كون الملاك أوسع كما هو الحال بالاكتفاء بالدرهم والدينار في دية النفس ، في عصر الإمام علي عليه‌السلام فانّ الملاك توفر ما يقوّم به دم المجني عليه ، ففي أهل الإبل الإبل ، وفي أهل البقر والغنم بهما ، وفي أهل الدرهم والدينار بهما.

البحث الثاني

مقتطفات من كلمات الفقهاء

إنّ تأثير الظروف في تفسير الروايات والفتاوى في كلام الفقهاء أمر غير عزيز ، وقد وقفوا على ذلك منذ أمد بعيد ، ونذكر هنا مقتطفات من كلامهم :

١. الصدوق (٣٠٦ ـ ٣٨١ ه‍)

١. روى الصدوق في الفقيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه قال : «الفرق بين المسلمين والمشركين التلحي بالعمائم».

ثمّ قال الصدوق في شرح الحديث : ذلك في أوّل الإسلام وابتدائه ، وقد نقل عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا انّه أمر بالتلحّي ونهى عن الاقتعاط. (١)

قال الفيض الكاشاني بعد نقل الحديث : التلحّي إدارة العمامة تحت الحنك ، والاقتعاط شدّها من غير إدارة ، وسنّة التلحّي متروكة اليوم في أكثر بلاد الإسلام كقصر الثياب في زمان الأئمة ، فصارت من لباس الشهرة المنهي عنها. (٢)

__________________

(١) الفقيه : ١ / ٢٦٠ برقم ٨٢١.

(٢) الوافي : ٢٠ / ٧٤٥.

٢. العلّامة الحلّي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه‍)

قال في مبحث تجويز النسخ : الأحكام منوطة بالمصالح ، والمصالح تتغير بتغير الأوقات ، وتختلف باختلاف المكلّفين ، فجاز أن يكون الحكم المعين مصلحة لقوم في زمان فيؤمر به ، ومفسدة لقوم في زمان آخر فينهى عنه. (١)

٣. الشيخ الشهيد محمد بن مكي العاملي (٧٣٤ ـ ٧٨٦ ه‍)

قال : يجوز تغيير الأحكام بتغير العادات كما في النقود المتعاورة (٢) والأوزان المتداولة ، ونفقات الزوجات والأقارب فإنّها تتبع عادة ذلك الزمان الذي وقعت فيه ، وكذا تقدير العواري بالعوائد.

ومنه الاختلاف بعد الدخول في قبض الصداق ، فالمروي تقديم قول الزوج ، عملا بما كان عليه السلف من تقديم المهر على الدخول.

ومنه : إذا قدّم بشيء قبل الدخول كان مهرا إذا لم يسم غيره ، تبعا لتلك العادة فالآن ينبغي تقديم قول الزوجة ، واحتساب ذلك من مهر المثل (٣).

فقد أشار بقوله : «ينبغي تقديم قول الزوجة» إلى مسألة التنازع بينهما

__________________

(١) كشف المراد : ١٧٣ ، ط مؤسسة الإمام الصادق عليه‌السلام.

(٢) المتعاورة أي المتداولة.

(٣) القواعد والفوائد : ١ / ١٥٢ ، القاعدة الخامسة ، ط النجف الأشرف.

فيما إذا ادّعت الزوجة بعد الدخول بعدم تسلم المهر ، وادّعى الرجل تسليمه إليها ، فقد روى الحسن بن زياد ، قال : إذا دخل الرجل بامرأته ، ثمّ ادّعت المهر وقال : قد أعطيتك فعليها البيّنة وعليه اليمين. (١)

غير أنّ لفيفا من الفقهاء حملوا الرواية على ما إذا كانت العادة الإقباض قبل الدخول وإلّا فالبيّنة على الزوج.

قال صاحب الجواهر : الظاهر أنّ مبنى هذه النصوص على ما إذا كانت العادة الإقباض قبل الدخول ، بل قيل إنّ الأمر كذلك كان قديما ، فيكون حينئذ ذلك من ترجيح الظاهر على الأصل. (٢)

٤. المحقّق الأردبيلي (المتوفّى ٩٩٣ ه‍)

قال : ولا يمكن القول بكلية شيء بل تختلف الأحكام باعتبار الخصوصيات والأحوال والأزمان والأمكنة والأشخاص وهو ظاهر ، وباستخراج هذه الاختلافات والانطباق على الجزئيات المأخوذة من الشرع الشريف ، امتياز أهل العلم والفقهاء ، شكر الله سعيهم ورفع درجاتهم. (٣)

__________________

(١) الوسائل : ١٥ ، الباب ٨ من أبواب المهور ، الحديث ٧.

(٢) الجواهر : ٣١ / ١٣٣.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٣ / ٤٣٦.

٥. صاحب الجواهر (المتوفّى ١٢٦٦ ه‍)

قال في مسألة بيع الموزون مكيلا وبالعكس : إنّ الأقوى اعتبار التعارف في ذلك وهو مختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة. (١)

٦. الشيخ الأنصاري (١٢١٤ ـ ١٢٨١ ه‍)

وقال الشيخ الأنصاري في بحث ضمان المثلي والقيمي : بقي الكلام في أنّه هل يعد من تعذر المثل خروجه عن القيمة كالماء على الشاطئ إذا أتلفه في مفازة والجمد في الشتاء إذا أتلفه في الصيف أم لا؟ الأقوى ، بل المتعيّن هو الأوّل بل حكي عن بعض نسبته إلى الأصحاب وغيرهم والمصرح به في محكي التذكرة والإيضاح والدروس قيمة المثل في تلك المفازة ويحتمل آخر مكان أو زمان يخرج المثل فيه عن المالية. (٢)

٧. الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (١٢٩٤ ـ ١٣٧٣ ه‍)

قال في تحرير المجلة في ذيل المادة ٣٩ : «لا ينكر تغيير الأحكام بتغير الأزمان» قد عرفت أنّ من أصول مذهب الإمامية عدم تغيير الأحكام إلّا بتغيير الموضوعات أمّا بالزمان والمكان والأشخاص ، فلا يتغير الحكم ودين الله

__________________

(١) الجواهر : ٢٣ / ٣٧٥.

(٢) المكاسب : ١١٠.

واحد في حقّ الجميع لا تجد لسنّة الله تبديلا ، وحلال محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حلال إلى يوم القيامة وحرامه كذلك.

نعم يختلف الحكم في حقّ الشخص الواحد باختلاف حالاته من بلوغ ورشد وحضر وسفر وفقر وغنى وما إلى ذلك من الحالات المختلفة ، وكلّها ترجع إلى تغيير الموضوع فيتغير الحكم فتدبر ولا يشتبه عليك الأمر. (١)

الظاهر انّه يريد من قوله : «امّا بالزمان والمكان والأشخاص فلا يتغير الحكم» أنّ مرور الزمان لا يوجب تغيير الحكم الشرعي بنفسه ، وأمّا إذا كان مرور الزمان سببا لطروء عناوين موجبة لتغير الموضوع فلا شكّ انّه يوجب تغير الحكم وقد أشار إليه في ذيل كلامه.

٨. السيد الإمام الخميني (١٣٢٠ ـ ١٤٠٩ ه‍)

قال : إنّي على اعتقاد بالفقه الدارج بين فقهائنا وبالاجتهاد على النهج الجواهري ، وهذا أمر لا بدّ منه ، لكن لا يعني ذلك انّ الفقه الإسلامي لا يواكب حاجات العصر ، بل انّ لعنصري الزمان والمكان تأثيرا في الاجتهاد ، فقد يكون لواقعة حكم لكنّها تتخذ حكما آخر على ضوء الأصول الحاكمة على المجتمع وسياسته واقتصاده. (٢)

وقد طرح هذه المسألة غير واحد من أعلام السنّة ، منهم :

__________________

(١) تحرير المجلة : ١ / ٣٤.

(٢) صحيفة النور : ٢١ / ٩٨.

١. ابن قيم الجوزية (المتوفّى ٧٥١ ه‍) فقد عقد في كتابه فصلا تحت عنوان «تغيّر الفتوى واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأموال والنيات والعوائد».

يقول في ذيل هذا الفصل :

هذا فصل عظيم النفع ، ووقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة أوجب من الحرج والمشقة ، وتكليف ما لا سبيل إليه ، ما يعلم أنّ الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به ، فإنّ الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد ، وهي عدل كلّها ، ورحمة كلّها ، ومصالح كلّها ، وحكمة كلّها ، فكلّ مسألة خرجت عن العدل إلى الجور ، وعن الرحمة إلى ضدها ، وعن المصلحة إلى المفسدة ، وعن الحكمة إلى العبث ، فليست من الشريعة. (١)

٢. أبو إسحاق الشاطبي (المتوفّى ٧٩٠ ه‍) ، قال في الموافقات : المسألة العاشرة : إنّا وجدنا الشارع قاصدا لمصالح العباد والأحكام العادية تدور معه حيثما دار ، فترى الشيء الواحد يمنع في حال لا تكون فيه مصلحة فإذا كان فيه مصلحة جاز. (٢)

وقال في موضع آخر : النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا ، كانت الأفعال موافقة أو مخالفة ، وذلك انّ المجتهد لا يحكم على فعل من

__________________

(١) اعلام الموقعين : ٣ / ١٤ وقد استغرق بحثه في هذا الكتاب ٥٦ صفحة.

(٢) الموافقات : ٢ / ٣٠٥ ، ط دار المعرفة.

الأفعال الصادرة عن المكلّفين بالإقدام أو بالإحجام إلّا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل. (١)

٣. العلّامة محمد أمين أفندي الشهير ب «ابن عابدين» مؤلف كتاب «مجموعة رسائل» قال ما هذا نصّه :

اعلم أنّ المسائل الفقهية إمّا أن تكون ثابتة بصريح النص ، وإمّا أن تكون ثابتة بضرب اجتهاد ورأي ، وكثيرا منها ما يبينه المجتهد على ما كان في عرف زمانه بحيث لو كان في زمان العرف الحادث لقال بخلاف ما قاله أوّلا ، ولهذا قالوا في شروط الاجتهاد انّه لا بدّ فيه من معرفة عادات الناس ، فكثير من الأحكام تختلف باختلاف الزمان لتغيّر عرف أهله ، أو لحدوث ضرورة ، أو فساد أهل الزمان بحيث لو بقي الحكم على ما كان عليه أوّلا للزم منه المشقة والضرر بالناس ، ولخالف قواعد الشريعة المبنيّة على التخفيف والتيسير ودفع الضرر والفساد لبقاء العالم على أتم مقام وأحسن أحكام ، ولهذا ترى مشايخ المذهب خالفوا ما نص عليه المجتهد في مواضع كثيرة بناها على ما كان في زمنه لعلمهم بأنّه لو كان في زمنهم لقال بما قالوا به أخذا في قواعد مذهبه. (٢)

٤. الفقيه الأستاذ أحمد مصطفى الزرقا ، قال في كتابه «المدخل الفقهي العام» :

__________________

(١) الموافقات : ٤ / ١٤٠ ، ط دار الكتب العلمية ، والعبارة الأولى أصرح في المقصود.

(٢) رسائل ابن عابدين : ٢ / ١٢٣.

الحقيقة أنّ الأحكام الشرعية التي تتبدّل بتبدّل الموضوعات مهما تغيرت باختلاف الزمان ، فإنّ المبدأ الشرعي فيها واحد وليس تبدّل الأحكام إلّا تبدّل الوسائل والأساليب الموصلة إلى غاية الشارع ، فإنّ تلك الوسائل والأساليب في الغالب لم تحدّد في الشريعة الإسلامية بل تركتها مطلقة لكي يختار منها في كلّ زمان ما هو أصلح في التنظيم نتاجا وأنجح في التقويم علاجا.

ثمّ إنّ الأستاذ جعل المنشأ لتغيير الأحكام أحد أمرين :

أ : فساد الأخلاق وفقدان الورع وضعف الوازع ، وأسماه بفساد الزمان.

ب : حدوث أوضاع تنظيمية ووسائل فرضية وأساليب اقتصادية.

ثمّ إنّه مثّل لكلّ من النوعين بأمثلة مختلفة اقتبس بعضها من رسالة «نشر العرف» للشيخ ابن عابدين ، ولكنّه صاغ الأمثلة في ثوب جديد. (١)

٥. الدكتور وهبة الزحيلي ، لخّص في كتابه «أصول الفقه الإسلامي» ما ذكره الأستاذ السابق وقال في صدر البحث : تغير الأحكام بتغير الأزمان.

إنّ الأحكام قد تتغير بسبب تغير العرف أو تغير مصالح الناس أو لمراعاة الضرورة أو لفساد الأخلاق وضعف الوازع الديني أو لتطور الزمن وتنظيماته المستحدثة ، فيجب تغير الحكم الشرعي لتحقيق المصلحة ودفع المفسدة وإحقاق الحق والخير ، وهذا يجعل مبدأ تغير الأحكام أقرب إلى

__________________

(١) المدخل الفقهي العام : ٢ / ٩٢٤.

نظرية المصالح المرسلة منها إلى نظرية العرف. (١)

وقبل إيراد تطبيقات هذا الأصل ، نود أن نشير إلى أمور يتبين بها حدّ هذا الأصل :

الامر الأوّل : حصر التشريع في الله سبحانه

دلّت الآيات القرآنية على حصر التشريع بالله سبحانه وانّه ليس مشرّع سواه ، قال سبحانه : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(٢).

والمراد من الحكم هو الحكم التشريعي بقرينة قوله : (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) وقد أوضحنا ذلك في موسوعتنا «مفاهيم القرآن».

وينبغي التأكيد على نكتة وهي انّ تغير الحكم وفق الزمان والمكان يجب أن لا يتنافى مع حصر التشريع بالله سبحانه.

الثاني : خلود الشريعة

دلّ القرآن والسنّة على خلود الشريعة الإسلامية وانّ الرسول خاتم الأنبياء وكتابه خاتم الكتب ، وشريعته خاتمة الشرائع ، فحلاله حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة وبذلك تضافرت الآيات والروايات ، كما تقدم.

__________________

(١) أصول الفقه الإسلامي : ٢ / ١١١٦.

(٢) يوسف : ٤٠.

فاللازم أيضا أن لا يكون أيّ تناف بين خلود الشريعة وتأثير الزمان والمكان على الاستنباط.

ومن حسن الحظ انّ الأستاذ أحمد مصطفى الزرقا قد صرح بهذا الشرط ، وهو انّ عنصري الزمان والمكان لا يمسان كرامة الأحكام المنصوصة في الشريعة ، وإنّما يؤثران في الأحكام المستنبطة عن طريق القياس والمصالح المرسلة والاستحسان وقال ما هذا نصّه :

قد اتفقت كلمة فقهاء المذاهب على أنّ الأحكام التي تتبدّل بتبدّل الزمان وأخلاق الناس هي الأحكام الاجتهادية من قياسية ومصلحية ، أي التي قررها الاجتهاد بناء على القياس أو على دواعي المصلحة ، وهي المقصودة من القاعدة المقررة «تغيير الأحكام بتغير الزمان».

أمّا الأحكام الأساسية التي جاءت الشريعة لتأسيسها وتوطيدها بنصوصها الأصلية الآمرة ، الناهية كحرمة المحرمات المطلقة وكوجوب التراضي في العقود ، والتزام الإنسان بعقده ، وضمان الضرر الذي يلحقه بغيره وسريان إقراره على نفسه دون غيره ، ووجوب منع الأذى وقمع الإجرام ، وسد الذرائع إلى الفساد وحماية الحقوق المكتسبة ، ومسئولية كلّ مكلّف عن عمله وتقصيره ، وعدم مؤاخذة بريء بذنب غيره ، إلى غير ذلك من الأحكام والمبادئ الشرعية الثابتة التي جاءت الشريعة لتأسيسها ومقاومة خلافها ، فهذه لا تتبدل بتبدل الأزمان ، بل هي الأصول التي جاءت بها الشريعة لإصلاح الأزمان والأجيال ، ولكن وسائل تحقيقها وأساليب تطبيقها

قد تتبدل باختلاف الأزمنة المحدثة. (١)

وكلامه صريح في أنّ المتغير عندهم هو الأحكام الاجتهادية لا الأحكام المنصوصة ، ويريد من الأحكام الاجتهادية ما استنبطه المجتهد من القواعد الخاصّة ، كالقياس والمصالح المرسلة ، وقد صرّح بذلك الدكتور وهبة الزحيلي حيث قال : وذلك كائن بالنسبة للأحكام الاجتهادية ـ القياسية أو المصلحية ـ المتعلقة بالمعاملات أو الأحوال المدنية من كلّ ما له صلة بشئون الدنيا وحاجات التجارة والاقتصاد وتغير الأحكام فيها في حدود المبدأ الشرعي ، وهو إحقاق الحق وجلب المصالح ودرء المفاسد.

أمّا الأحكام التعبدية والمقدرات الشرعية وأصول الشريعة الدائمة ، فلا تقبل التبديل مطلقا ، مهما تبدل المكان وتغير الزمان ، كحرمة المحارم ، ووجوب التراضي في العقود ، وضمان الضرر الذي يلحقه الإنسان بغيره ، وسريان إقراره على نفسه ، وعدم مؤاخذة بريء بذنب غيره. (٢)

نعم ، نقل تقديم بعض الأحكام الاجتهادية على النص عن أحمد بن إدريس المالكي ، ونجم الدين أبو ربيع المعروف بالطوفي ، وبما انّا لم نقف على نصوص كلامهم نتوقف عن القضاء في حقّهم.

وعلى أي تقدير يجب على من يقول بتأثير العاملين على استنباط الحكم الشرعي أن يحددهما بشكل لا يمس الأصلين المتقدمين أي نحترز

__________________

(١) المدخل الفقهي العام : ٢ / ٩٢٤ ـ ٩٢٥.

(٢) أصول الفقه : ٢ / ١١١٦.

أولا عن تشريع الحكم ، وثانيا عن مس كرامة تأبيد الأحكام ، وعلى ذلك فلا فرق بين الأحكام الاجتهادية والمنصوصة إذا كان الأصلان محفوظين.

الثالث : انّ المراد من تأثير الزمان والمكان على الاستنباط ، هو أن يكون تغير الوضع موجبا لتبدل الحكم من دون أن يكون في النص إشارة إلى هذا النوع من التغيير ، وإلّا فلو كان التشريع الأوّل متضمنا لتغير الحكم في الزمان الثاني فهو خارج عن موضوع بحثنا وإن كان يمكن الاستئناس به ، وعلى ذلك تخرج الموارد التالية عن موضوع البحث.

أ : اختلاف الحكم الشرعي في دار الحرب مع غيرها ، مثلا لو ارتكب المسلم فعلا يستتبع الحد فلا يقام عليه في دار الحرب ، بخلاف ما لو كان في دار الإسلام.

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «لا يقام على أحد حدّ بدار العدو». (١)

ب : من زنى في شهر رمضان نهارا كان أو ليلا عوقب على الحد لانتهاكه الحرمة ، وكذا لو كان في مكان شريف أو زمان شريف. (٢)

ج : اختلاف المجاهدين والمنفقين قبل الفتح وبعده ، يقول سبحانه : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ

__________________

(١) الوسائل : ١٨ ، الباب ١٠ من أبواب مقدمات الحدود ، الحديث ١. ولاحظ الخلاف : ٥ / ٥٢٢. قال ابن قدامة في المغني : ١٠ / ٥٣٨. قال أبو حنيفة : لا حدّ ولا قصاص في دار الحرب ولا إذا رجع.

(٢) الشرائع : ٤ / ٩٤١ ، كتاب الحدود ، المسألة العاشرة.

الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).(١)

د : نسخ الحكم في الزمان الثاني ، كما في قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً)(٢) فقد نسخ بقوله سبحانه : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ ...)(٣).

ه : تغير الأحكام بطروء العناوين الثانوية كالضرر والحرج وتقديم الأهم على المهم ، والنذر والعهد واليمين وما أشبه ذلك.

وحصيلة الكلام : أنّ محور البحث هو انّ الظروف المختلفة هي العامل الوحيد لتغير الأحكام بعد التشريع الأوّل ، وهذه هي التي تبعث الفقيه على الإمعان في بقاء التشريع الأوّل أو زواله ، وأمّا إذا قام الشارع بنفسه ببيان اختلاف الحكمين في الظرفين فهو خارج عن محل البحث وإن كان ربما يقرّب فكرة التأثير ، ويستأنس بها المجتهد. أو كان التغيير لأجل طروء عناوين ثانوية كالاضطرار والحرج فهو خارج عن مجال البحث وبذلك يعلم انّ استناد بعض من نقلنا نصوصهم من أعلام السنّة إلى تلك العناوين ، خروج عن مصب البحث.

__________________

(١) الحديد : ١٠.

(٢) المجادلة : ١٢.

(٣) المجادلة : ١٣.

الرابع : إذا قلنا بتأثير الزمان والمكان على الاستنباط ، فالحكم المستنبط عندئذ حكم واقعي وليس حكما ظاهريا كما هو معلوم ، لعدم أخذ عنوان الشكّ في موضوعه ولا حكما واقعيّا ثانويا أي ما يعتمد على عنواني الضرر والحرج أو غير ذلك من العناوين الثانوية ، فالمجتهد يبذل جهده في فهم الكتاب والسنّة لاستنباط الحكم الشرعي الواقعي في هذه الظروف ، ويكون حكمه كسائر الأحكام التي يستنبطها المجتهد في غير هذا المقام ، فالحكم بجواز بيع الدم أو المني أو سائر الأعيان النجسة التي ينتفع بها في هذه الأيام ليس حكما ظاهريا ولا مستخرجا من باب الضرر والحرج ، وإنّما هو حكم واقعي كسابقه (أي التحريم) غير أنّ الحكم السابق كان مبنيا على عدم الانتفاع بالأعيان النجسة انتفاعا معتدا به ، وهذا الحكم مبني على تبدل الموضوع.

وإن شئت قلت بتبدل مصداق الموضوع إلى مصداق موضوع آخر ، تكون الحرمة والجواز كلاهما حكمين شرعيين واقعيين.

البحث الثالث

تطبيقات عملية

إذا وقفت على الروايات الواردة حول تأثير الزمان والمكان ، وعلى كلمات المحقّقين من الفريقين في هذا المضمار فقد آن الأوان للبحث عن التطبيقات والفروع المستنبطة على ضوء ذلك الأصل ، وبما أنّ تأثير الزمان والمكان على الاستنباط ليس تأثيرا عشوائيا بل هو خاضع لمنهاج خاص يسير على ضوئه ، فلنضع بين يديك هذه الأمثلة التي تحكمها ضوابط معينة ، بغية درء المحاولات التي تستهدف إنكار ثبات الأحكام ودوامها :

الأوّل : تأثيرهما في تطبيق الموضوعات على مواردها

لا شكّ انّ هناك أمورا وقعت موضوعا لأحكام شرعية نظير :

١. الاستطاعة : قال سبحانه : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً). (١)

٢. الفقر : قال سبحانه : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ ... وَابْنِ السَّبِيلِ).(٢)

__________________

(١) آل عمران : ٩٧.

(٢) التوبة : ٦٠.

٣. الغنى : قال سبحانه : (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ).(١)

٤. بذل النفقة للزوجة : قال سبحانه : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ).(٢)

٥. إمساك الزوجة بالمعروف : قال سبحانه : (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ).(٣)

ومن الواضح انّ مصاديق هذه الموضوعات تتغير حسب تغير أساليب الحياة ، فالإنسان المستطيع بالأمس للحجّ ، لا يعد مستطيعا اليوم ، لكثرة حاجات الإنسان في الزمان الثاني دون الأوّل ، وبذلك يتضح حال الفقر والغنى ، فربّ غني بالأمس فقير اليوم.

ـ كما أنّ نفقة الزوجة في السابق كانت منحصرة في الملبس والمأكل والمسكن ، وأمّا اليوم فقد ازدادت حاجاتها على نحو لو لم يقم الرجل ببعض تلك الحاجات يعد عمله بخسا لحقها ، وامتناعا من بذل نفقتها.

ـ إنّ المثلي والقيمي والمكيل والموزون موضوعات للأحكام الشرعية ، مثلا : لا تجوز معاوضة المتماثلين إذا كان مكيلا أو موزونا إلّا بمثله قدرا ووزنا ، دون المعدود والموزون ، فيجوز تبديلهما بأكثر منهما فالمثلي

__________________

(١) النساء : ٦.

(٢) الطلاق : ٦.

(٣) البقرة : ٢٣١.

يضمن بالمثلي ، والقيمي بالقيمي ، وقد عرّف المثلي بكثرة المماثل ، والقيمي بقلّته ، ولذلك عدت الثياب والأواني من القيميات ، لكن صارا اليوم بفضل الصناعة الحديثة ، مثليين.

ثمّ إنّ المتبع في كون شيء مكيلا أو موزونا أو معدودا هو عرف البلد الذي يتعامل فيه وهو يختلف حسب اختلاف الزمان والمكان.

وبذلك اتضح انّ عنصري الزمان والمكان يؤثران في صدق المفاهيم في زمان دون زمان.

الثاني : تأثيرهما في تغير الحكم بتغيّر مناطه

لا شكّ انّ الأحكام الشرعية تابعة للملاكات والمصالح والمفاسد ، فربما يكون مناط الحكم مجهولا ومبهما ، وأخرى يكون معلوما بتصريح من قبل الشارع ، والقسم الأوّل خارج عن محلّ البحث ، وأمّا القسم الثاني فالحكم دائر مدار مناطه وملاكه.

فلو كان المناط باقيا فالحكم ثابت ، وأمّا إذا تغيّر المناط حسب تغير الظروف فيتغير الحكم قطعا ، مثلا :

١. لا خلاف في حرمة بيع الدم بملاك عدم وجود منفعة محلّلة فيه ، ولم يزل حكم الدم كذلك حتى اكتشف العلم له منفعة محلّلة تقوم عليها رحى الحياة ، وأصبح التبرع بالدم إلى المرضى كإهداء الحياة لهم ، وبذلك

حاز الدم على ملاك آخر فحلّ بيعه وشراؤه. (١)

قال السيد الإمام الخميني : الأقوى جواز الانتفاع بالدم في غير الأكل وجواز بيعه لذلك. (٢) وعلى ذلك تعارف من بيع الدم من المرضى وغيرهم لا مانع منه فضلا عمّا إذا صالح عليه أو نقل حق الاختصاص ويجوز نقل الدم من بدن إنسان إلى آخر ، وأخذ ثمنه بعد تعيين وزنه بالآلات الحديثة ، ومع الجهل لا مانع من الصلح عليه ، والأحوط أخذ المبلغ للتمكين على أخذ دمه مطلقا ، لا مقابل الدم ولا يترك الاحتياط ما أمكن.

٢. انّ قطع أعضاء الميت أمر محرّم في الإسلام ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إيّاكم والمثلة ولو بالكلب العقور» (٣) ومن الواضح انّ ملاك التحريم هو قطع الأعضاء لغاية الانتقام والتشفّي ، ولم تكن يومذاك أية فائدة تترتّب على قطع أعضاء الميت سوى تلبية رغبة نفسية ذميمة ـ الانتقام ـ ولكن ظهرت اليوم فوائد جمّة من وراء قطع أعضاء الميت ، حيث صارت عملية زرع الأعضاء أمرا ضروريا يستفاد منها لنجاة حياة المشرفين على الموت. ويمكن أن يكون من هذه المقولة المثال التالي :

٣. لا شكّ انّ التوالد والتناسل أمر مرغوب في الشرع. روى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «تزوّجوا فإنّي

__________________

(١) المكاسب المحرّمة : ١ / ٥٧.

(٢) المكاسب المحرّمة : ١ / ٥٧.

(٣) لاحظ نهج البلاغة : قسم الرسائل ، برقم ٤٧.

مكاثر بكم الأمم غدا يوم القيامة». (١)

وروى جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما يمنع المؤمن أن يتّخذ أهلا ، لعلّ الله يرزقه نسمة تثقل الأرض بلا إله إلّا الله». (٢)

حتّى أنّه سبحانه يمن على عباده بكثرة المال والبنين ، ويقول : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ)(٣).

إلى غير ذلك من الآيات والروايات الحاثّة على تكثير النسل ، لكن ربما تعتري البلاد أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة لا تتمكن فيها من توفير الخدمات اللازمة لمواطنيها ، وتأمين حياة كريمة لهم ، فعند ذلك ينقلب ملاك الحكم الاستحبابي إلى غيره ، لأنّ هدف الشارع من تكثير النسل هو توفير العزّة والمنعة ، فإذا تعسّر فحينها يكون تحديد النسل هو الحل المطلوب.

وهناك أمثلة أخرى لم نستعرضها لعدم ثبوت تغيير الملاك عندنا ، كصناعة التماثيل فربما يتصور انّ الملاك في التحريم هو كون صناعة التماثيل ذريعة لعبادة أصحابها ، وأمّا اليوم فقد انتفى ذلك الملاك وعادت من الفنون الجميلة.

__________________

(١) الوسائل : ١٤ ، الباب الأوّل من أبواب مقدمات النكاح ، الحديث ٢.

(٢) الوسائل : ١٤ ، الباب الأوّل من أبواب مقدمات النكاح ، الحديث ٣.

(٣) نوح : ١٠ ـ ١٢.

هذا بالنظر إلى البلاد الإسلامية ، وأمّا بالنظر إلى دول جنوب آسيا فالتجسيم هناك رمز العبادة والشرك وذريعة إليه فهل يكفي في الحلّية خلوّ العمل من الملاك في بلد خاص ، أو يجب أن يكون كذلك في كافة البلدان أو أغلبها؟ والثاني هو المتعيّن.

الثالث : تأثيرهما في كشف مصاديق جديدة للموضوع

إنّ الزمان والمكان كما يؤثران في تغيّر الملاك وتبدّله ، كذلك يؤثران في إسراء الحكم إلى موضوع لم يكن موجودا في عصر التشريع وذلك بفضل الملاك المعلوم ، ولنذكر هنا أمثلة:

١. انّ السبق والرماية من التمارين العسكرية التي تكتسب بها المهارة اللازمة للدفاع عن النفس وللقتال والظاهر من بعض الروايات حصرها في أمور ثلاثة.

روى حفص بن غياث ، عن الإمام الصادق عليه‌السلام قال : «لا سبق إلّا في خف أو حافر أو نصل ـ يعني : النضال ـ». (١)

وروى عبد الله بن سنان عنه عليه‌السلام قال : سمعته يقول : «لا سبق إلّا في خف أو حافر أو نصل ـ يعني النضال ـ». (٢)

وروى الإمام الصادق عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه كان يقول : «إنّ

__________________

(١) الوسائل ١٣ ، الباب ٣ من أبواب السبق والرماية ، الحديث ١ ، ٢.

(٢) الوسائل ١٣ ، الباب ٣ من أبواب السبق والرماية ، الحديث ٣.

الملائكة تحضر الرهان في الخف والحافر والريش وما سوى ذلك فهو قمار حرام» (١).

ومن المعلوم أنّ المناط للسبق بهذه الأمور هو تقوية البنية الدفاعية ، فتحصيل هذا الملاك في هذه الأعصار لا يقتصر على السبق بهذه الأمور الثلاثة ، بل يتطلب وسائل أخرى أكثر تطورا.

قال الشهيد الثاني في «المسالك» : لا خلاف بين المسلمين في شرعية هذا العقد ، بل أمر به النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عدّة مواطن لما فيه من الفائدة المذكورة ، وهي من أهمّ الفوائد الدينية لما يحصل بها من غلبة العدو في الجهاد لأعداء الله تعالى ، الذي هو أعظم أركان الإسلام وبهذه الفائدة يخرج عن اللهو واللعب المنهي عن المعاملة عليهما. (٢)

فإذا كانت الغاية من تشريعها الاستعداد للقتال والتدرب للجهاد ، فلا يفرق عندئذ بين الدارج في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيره أخذا بالملاك المتيقن.

وعلى ذلك فالحصر ناظر إلى السبق فيما يعد لهوا كاللعب بالحمام كما في رواية عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «كلّ لهو المؤمن باطل إلّا في ثلاث : في تأديبه الفرس ، ورميه عن قوسه ، وملاعبته امرأته فانّهن حقّ». (٣)

٢. الدفاع عن بيضة الإسلام قانون ثابت لا يتغير ، وإليه يرشد قوله

__________________

(١) الوسائل ١٣ ، الباب ٣ من أبواب السبق والرماية ، الحديث ٥.

(٢) المسالك : ٦ / ٦٩.

(٣) الوسائل : ١٣ ، الباب ١ من أحكام السبق والرماية ، الحديث ٥.

سبحانه : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ)(١) ، فكان الدفاع في الصور السابقة بالسهم والنصل والسيف وما أشبه ذلك.

وأمّا اليوم وفي ظل التقدم العلمي الهائل ، فقد أصبحت المعدّات الحربية تدور حول الدبابات والمدرعات والصواريخ والطائرات المقاتلة والبوارج البحريّة.

٣. أمر الإسلام بنشر الثقافة والتعليم والتربية وكانت الوسائل المستخدمة في هذا الصدد يوم ذاك لا تتعدى أمورا بسيطة كالمداد والدواة ، ولكن اليوم وفي ظل التقدم العلمي أصبحت وسائل التعليم متطورة للغاية حتى شملت الكامبيوتر والتلفاز والمذياع وشبكة المعلومات «الانترنت».

٤. لقد ذهب المشهور إلى تخصيص الاحتكار بأجناس معدودة.

روى السكوني ، عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «الحكرة في ستة أشياء : في الحنطة والشعير والتمر والزيت والسمن والزبيب». (٢)

وروى غياث ، عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، قال : «ليس الحكرة إلّا في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن». (٣)

__________________

(١) الأنفال : ٦٠.

(٢) الوسائل ١٢ ، الباب ٢٧ من أبواب آداب التجارة ، الحديث ١٠.

(٣) الوسائل ١٢ ، الباب ٢٧ من أبواب آداب التجارة ، الحديث ٤.

وقد ذهب الشيخ الطوسي في النهاية بعد عدّها إلى أنّه لا يكون الاحتكار في سوى هذه الأجناس ، وتبعه لفيف من الفقهاء. (١)

وثمة احتمال آخر وهو انّ الأجناس الضرورية يومذاك كانت منحصرة بما ورد في الروايات على نحو ينجم عن احتكارها أزمة في المجتمع الإسلامي ، دون سائر الأجناس ، وأمّا اليوم فلا شكّ انّه اتسعت الحاجات وتغيرت فعاد ما لم يكن ضروريا في الماضي أمرا ضروريا في عصرنا هذا ، فلو أوجدت الحكرة في غير هذه الأجناس نفس الأزمة ، يكون الجميع على حد سواء ، خصوصا وانّ الحلبي روى عن الإمام الصادق عليه‌السلام انّه قال : سألته عن الرجل يحتكر الطعام ويتربص به ، هل يصلح ذلك ، ثمّ قال : «إن كان الطعام كثيرا يسع الناس فلا بأس به وإن كان الطعام قليلا لا يسع الناس فانّه يكره أن يحتكر الطعام ويترك الناس ليس لهم طعام». (٢)

فإذا كان الميزان هو وجود ما يسع الناس وعدمه ، فلا فرق بين الطعام وغيره ، فلا يبعد أن تعمّ حرمة الحكرة إلى غيره.

إذ من المعلوم انّ الأحكام الشرعية تابعة للملاكات فانّها شرعت على أساس المصالح والمفاسد ، وهذا يقتضي استيعاب الحكرة لغير ما نصّ عليه ، وقد عرفت أنّ الروايات الحاصرة ناظرة إلى عمدة ما يحتاج إليه الناس في العصور الماضية.

__________________

(١) الحدائق الناضرة : ١٨ / ٦٢.

(٢) وسائل الشيعة : ١٢ ، الباب ٢٧ من أبواب آداب التجارة ، الحديث ٢.

وهذا هو خيرة صاحب الجواهر فانّه قال : بل هو كذلك في كلّ حبس لكلّ ما تحتاجه النفوس المحترمة ويضطرون إليه ولا مندوحة لهم عنه من مأكول أو مشروب أو ملبوس أو غيرها ، من غير تقييد بزمان دون زمان ، ولا أعيان دون أعيان ، ولا انتقال بعقد ، ولا تحديد بحدّ ، بعد فرض حصول الاضطرار ... بل لا يبعد حرمة قصد الاضطرار بحصول الغلاء ولو مع عدم حاجة الناس ووفور الأشياء ، بل قد يقال بالتحريم بمجرد قصد الغلاء وحبه وإن لم يقصد الإضرار ، ويمكن تنزيل القول بالتحريم على بعض ذلك. (١)

وقال أيضا : لو اعتاد الناس طعاما في أيّام القحط مبتدعا جرى فيه الحكم لو بني فيه على العلة وفي الأخبار ما ينادي بأنّ المدار على الاحتياج وهو مؤيد للتنزيل على المثال ، وإن كان فيه ما لا يخفى. (٢)

وإلى ذلك ذهب فقيه عصره السيد أبو الحسن الاصفهاني ، قال : الاحتكار وهو حبس الطعام وجمعه يتربص به الغلاء حرام مع ضرورة المسلمين وحاجتهم وعدم وجود من يبذلهم قدر كفايتهم ... وإنّما يتحقّق الاحتكار بحبس الحنطة والشعير والتمر والزبيب والدهن ، وكذا الزيت والملح على الأحوط لو لم يكن الأقوى ، بل لا يبعد تحققه في كلّ ما يحتاج إليه عامة أهالي البلد من الأطعمة كالارز والذرة بالنسبة إلى بعض البلاد. (٣)

__________________

(١) جواهر الكلام : ٢٢ / ٤٨١.

(٢) جواهر الكلام : ٢٢ / ٤٨٣.

(٣) وسيلة النجاة : ٢ / ٨.

وقال المحقّق الحائري : إذا فرض الاحتياج إلى غير الطعام من الأمور الضرورية للمسلمين كالدواء والوقود في الشتاء بحيث استلزم من احتكارها الحرج والضرر على المسلمين فمقتضى أدلة الحرج والضرر حرمته وإن لم يصدق عليه لغة الاحتكار.

ويمكن التمسّك بالتذييل الذي هو في مقام التعليل بحسب الظاهر المتقدم في معتبر الحلبي ، بناء على أنّه إذا كان الظاهر أنّ التعليل بأمر ارتكازي فيحكم بإلغاء قيد الطعام ، لأنّه ليس بحسب الارتكاز إلّا من جهة توقّف حفظ النفس عليه ، فإذا وجد الملاك المذكور في الدواء مثلا فلا ريب انّه بحكمه عرفا ، وهذا يوجب إلغاء الخصوصية المأخوذة في التعليل. (١)

أقول : إنّ صاحب الجواهر والمحقّق الحائري حكما بتحريم الاحتكار لأجل الاضطرار ، فصارت الحرمة حكما ثانويا.

ولكن الحقّ انّ الحرمة حكم أوّلي لما عرفت من أنّ الملاك هو كون الناس في السعة والضيق فيجوز في الأوّل ، ويحرم في الثاني ، ولا أظن انّ الضيق الناجم عن احتكار الدواء للمرضى والجرحى أقل وطأة من حكر الملح والسمن والزيت. (٢)

__________________

(١) ابتغاء الفضيلة في شرح الوسيلة : ١ / ١٩٧.

(٢) راجع في حكم الاحتكار ، مفتاح الكرامة : ٤ / ١٠٧ ؛ مصباح الفقاهة : ٥ / ٤٩٨.

الرابع : تأثيرهما في تغير أساليب تنفيذ الحكم

١. تضافرت النصوص على حلّية الأنفال للناس ، ومن الأنفال : الآجام والأراضي الموات ، وقد كان انتفاع الناس بها في الأزمنة الماضية لا يورث مشكلة في المجتمع ، وذلك لبساطة الأدوات المستخدمة وقتذاك ، ومحدودية الاستفادة منها ، ولذا لم يكن هناك أيّ ملزم للحد من انتفاع الناس من الأنفال ، وأمّا اليوم فقد تطورت أساليب الانتفاع بها وازداد جشع الإنسان حيالها ، فدعت الضرورة إلى وقف الاستغلال الجشع لهذه الأنفال من خلال وضع قوانين كفيلة بتحديد هذا الانتفاع.

٢. اتّفق الفقهاء على أنّ الغنائم الحربية تقسم بين المقاتلين على نسق خاص بعد إخراج خمسها لأصحابها ، لكن الغنائم الحربية في عصر صدور الروايات كانت تدور حول السيف والرمح والسهم والفرس وغير ذلك ، ومن المعلوم انّ تقسيمها بين المقاتلين كان أمرا ميسرا آنذاك ، وأمّا اليوم وفي ظل التقدم العلمي الهائل فقد أصبحت الغنائم الحربية تشمل الدبابات والمدرّعات والحافلات والطائرات المقاتلة والبوارج البحريّة ، ومن الواضح عدم إمكان تقسيمها بين المقاتلين بل هو أمر متعسّر ، فعلى الفقيه أن يتخذ أسلوبا في كيفية تطبيق الحكم على صعيد العمل ليجمع فيه بين العمل بأصل الحكم والابتعاد عن المضاعفات الناجمة عنه.

٣. انّ الناظر في فتاوى الفقهاء السابقين فيما يرجع إلى الحج من

الطواف حول البيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار والذبح في منى يحس بحرج شديد في تطبيق أعمال الحج على هذه الفتاوى ، ولكن تزايد وفود حجاج بيت الله عبر الزمان يوما بعد يوم أعطى للفقهاء رؤى وسيعة في تنفيذ تلك الأحكام على موضوعاتها ، فأفتوا بجواز التوسع في الموضوع لا من باب الضرورة والحرج ، بل لانفتاح آفاق جديدة أمامهم في الاستنباط.

كانت الفتاوى في الأعصار السابقة على تحديد المطاف ب ٢٦ ذراعا ، ومن المعلوم انّ هذا التحديد كان يرجع فيما إذا كان عدد الحجاج لا يزيد على ١٠٠ ألف حاج ، وأمّا اليوم فعدد الطائفين تجاوز هذا الحد بكثير حتى بلغ عددهم في هذه الأعصار إلى مليوني حاج بل أزيد ، فإذا خوطب هؤلاء بالطواف على البيت فهل يفهم منه انّه يجب عليهم الطواف بين الحدين؟ إذ معنى ذلك أن يحرم الكثير من هذه الفريضة ، أو يفهم منه إيجاد التناوب بين الطائفين حتى لا يطوف حاج طوافا ندبيا إلى أن يفرغ الحجاج من الفريضة ، أو يفهم منه ما فهمه الآخرون من أنّهم يطوفون بالبيت الأقرب فالأقرب؟ وإلى تينك الحالتين تشير الروايتان التاليتان (١) :

١. فقد روى محمد بن مسلم مضمرا ، قال : سألته عن حدّ الطواف بالبيت الذي من خرج عنه لم يكن طائفا بالبيت؟ قال : «كان النّاس على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يطوفون بالبيت والمقام وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام

__________________

(١) الوسائل : ٩ ، الباب ٢٨ من أبواب الطواف ، الحديث ١ و ٢.

وبين البيت ، فكان الحدّ موضع المقام اليوم ، فمن جازه فليس بطائف ، والحدّ قبل اليوم واليوم واحد قدر ما بين المقام وبين البيت من نواحي البيت كلّها ، فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك كان طائفا بغير البيت بمنزلة من طاف بالمسجد لأنّه طاف في غير حدّ ولا طواف له».

٢. محمّد بن علي الحلبيّ قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الطواف خلف المقام؟ قال : «ما أحبّ ذلك وما أرى به بأسا ، فلا تفعله إلّا أن لا تجد منه بدا».

فالأولى ناظرة إلى الحالة التي يتمكن الحاج من الطواف بين الحدين بلا مشقة كثيرة ، ولعلّ الإمام المروي عنه هو أبو جعفر الباقر عليه‌السلام ، ولم يكن يوم ذاك زحام كثير ؛ والثانية منهما ناظرة إلى عصر الزحام بحيث يعسر للحاج أن يراعي ذلك الحدّ.

٣. أفتى القدماء بأنّ الإنسان يملك المعادن المركوزة في أرضه تبعا لها دون أي قيد أو شرط ، وكان الداعي من وراء تلك الفتوى هو بساطة الوسائل المستخدمة لذلك ، فلم يكن بمقدور الإنسان الانتفاع إلّا بمقدار ما يعد تبعا لأرضه ، ولكن مع تطور الوسائل المتاحة للاستخراج ، استطاع أن يتسلط على أوسع مما يعدّ تبعا لأرضه ، وانطلاقا من ذلك لا يبقى مجال للإفتاء بأنّ صاحب الأرض يملك المعدن المركوز تبعا لأرضه بلا قيد أو شرط ، بل يحدد بما يعد تبعا لها عرفا ، وأمّا الخارج عنها فهو إمّا من الأنفال أو من المباحات التي يتوقف تملّكها على إجازة الإمام.

نعم لا ينبغي التأمل في قيام السيرة العقلائية بل وكذا الشرعية ـ وإن انتهت إليها ـ على دخولها في ملك صاحب الأرض بتبع ملكه للأرض ، فتلحق الطبقة السافلة بالعالية والباطنة بمحتوياتها بالظاهرة أخذا بقانون التبعية وإن لم يتم هذا الإلحاق من ناحية الإحياء حسبما عرفت ، ومن ثمّ لو باع ملكه فاستخرج المشتري منه معدنا ملكه وليس للبائع مطالبته بذلك ، لأنّه باعه الأرض بتوابعها.

ولكن السيرة لا إطلاق لها والمتيقن من موردها ما يعد عرفا من توابع الأرض وملحقاتها كالسرداب والبئر وما يكون عمقه بهذه المقادير التي لا تتجاوز عن حدود الصدق العرفي فما يوجد أو يتكون ويستخرج من خلال ذلك فهو ملك لصاحب الأرض بالتبعية كما ذكر.

وأمّا الخارج عن نطاق هذا الصدق غير المعدود من التوابع كآبار النفط العميقة جدا التي ربما تبلغ الفرسخ أو الفرسخين ، أو الآبار العميقة المستحدثة أخيرا لاستخراج المياه من عروق الأرض البالغة في العمق والبعد نحو ما ذكر أو أكثر ، فلا سيرة في مثله ولا تبعية ، ومعه لا دليل على إلحاق نفس الأرض السافلة بالعالية في الملكية فضلا عن محتوياتها من المعادن ونحوها.

نعم في خصوص المسجد الحرام ورد أنّ الكعبة من تخوم الأرض إلى عنان السماء. ولكن الرواية ضعيفة السند. ومن ثمّ ذكرنا في محله لزوم استقبال عين الكعبة لجميع الأقطار لا ما يسامتها من شيء من الجانبين.

٤. انّ روح القضاء الإسلامي هو حماية الحقوق وصيانتها ، وكان الأسلوب المتبع في العصور السابقة هو أسلوب القاضي الفرد ، وقضاؤه على درجة واحدة قطعية ، وكان هذا النوع من القضاء مؤمّنا لهدف القضاء ، ولكن اليوم لما دبّ الفساد في المحاكم ، وقلّ الورع اقتضى الزمان أن يتبدل أسلوب القضاء إلى أسلوب محكمة القضاة الجمع ، وتعدّد درجات المحاكم حسب المصلحة الزمانية التي أصبحت تقتضي زيادة الاحتياط.

الخامس : تأثيرهما في بلورة موضوعات جديدة

إنّ التطور الصناعي والعلمي أسفر عن موضوعات جديدة لم يكن لها وجود من ذي قبل ، فعلى الفقيه دراسة هذه الموضوعات بدقة وإمعان ولو بالاستعانة بأهل الخبرة والتخصص في ذلك المجال ، وها نحن نشير إلى بعض العناوين المستجدة.

١. التأمين بكافة أقسامه ، فهناك من يريد دراسة هذا الموضوع تحت أحد العناوين المعروفة في الفقه كالصلح والضمان وغيره ، مع أنّه عقد مستقل بين العقلاء ، فعلى الفقيه دراسة ذلك العنوان كالموجود بين العقلاء.

٢. لقد ظهرت حقوق عقلائية مستجدّة لم تكن مطروحة بين العقلاء ، كحقّ التأليف ، وحقّ براءة الاختراع ، وحق الطبع ، وحق النشر ، وغيرها من الآثار الخلّاقة ، وهذا ما يعبر عنه بالمالكية الفكرية وقد أقرّ بها الغرب واعترف بها رسميا ، ويعدّ المتجاوز على هذه الحقوق متعديا.

٣. المسائل المستجدّة في عالم الطب كثيرة مثل التلقيح الصناعي ، وزرع الأعضاء وبيعها ، والاستنساخ البشري ، والتشريح ، وتغيير الجنس ، إلى غير ذلك من المسائل.

٤. الشركات التجارية ، التي تقوم بدور أساسي في الحياة الاقتصادية ، وهي على قسمين : شركات الأشخاص ، وشركات الأموال.

أمّا الأولى ، فمثل التضامن ، وشركات التوصية ، والشركات الخاصة.

وأمّا الثانية فأهم أقسامها : شركات المساهمة ، فعلى الفقيه استنباط حكم هذه الشركات على ضوء النصوص والقواعد.

* * *

إلى هنا تبيّن أنّ تغيير الأحكام من خلال تبدّل الظروف خاضع لأصول صحيحة لا تتنافى مع سائر الأصول وليس التغيير في ضوئها مصادما لحصر التشريع أو لتأبيد الأحكام أو سائر الأصول.

السادس : تأثيرهما في تفسير القرآن الكريم

لا ينحصر تأثير الزمان والمكان على الاستنباط بل يشمل حقل التفسير أيضا ، فإنّ للقرآن الكريم آفاقا لا متناهية ، تتجلّى أمام الفكر النيّر العميق ، وهو كما وصفه الإمام علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام عند ما سأله سائل : ما بال القرآن لا يزداد عند النشر والدرس إلّا غضاضة؟

فأجاب عليه‌السلام : «إنّ الله تعالى لم يجعله لزمان دون زمان ، ولا لناس دون ناس ، فهو في كلّ زمان جديد وعند كلّ قوم غضّ إلى يوم القيامة». (١)

فالإمام الرضا عليه‌السلام لا يشير في هذا الحديث إلى موضوع خلود القرآن فقط ، بل يشير أيضا إلى سرّ خلوده وبقائه غضا جديدا لا يتطرق إليه البلى والذبول.

فكأنّ القرآن هو النسخة الثانية لعالم الطبيعة الواسع الأطراف الذي لا يزيد الباحث عن حقائقه وأسراره إلّا معرفة بأنّه لا يزال في الخطوات الأولى على طريق الوصول إلى مكامنه الخفية وأغواره السحيقة ، وكتاب الله تعالى مثل عالمنا هذا ، حافل بالحقائق والأسرار والعجائب التي لا تنقضي ، لأنّه منزل من عند الله الذي لا تتصور له نهاية ، ولا يمكن تحديده بحدود وأبعاد ، فيجب أن تكون في كتابه لمعة من لمعاته ، ويثبت بنفسه أنّه من عنده ، ويضمّ بين دفتيه مثل عالمنا هذا ، حافل بما يدلّ على أنّه كتاب سماوي ، وليس من صنع البشر ، وهو خالد إلى ما شاء الله تعالى.

إنّ نبي الإسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو أوّل من لفت الأنظار إلى تلكم المزية التي تعدّ من أهم مزاياه ، حيث يقول في وصفه للقرآن : «له ظهر وبطن ، وظاهره حكم وباطنه علم ، ظاهره أنيق وباطنه عميق ، له تخوم وعلى تخومه تخوم ، لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه ، فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة». (٢)

__________________

(١) البرهان في تفسير القرآن : ١ / ٢٨.

(٢) الكافي : ٢ / ٥٩٩ ، كتاب القرآن.

فلنستعرض مثالا يتبيّن فيه دور الزمان في كشف اللثام عن مفهوم الآية.

إنّه سبحانه يصف عامة الموجودات بالزوجية من دون فرق بين ذي حياة وغيره ، يقول : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(١).

وقد شغلت الآية بال المفسرين وفسّروها بما وصلت إليه علومهم ، قال الراغب في تفسير الآية : وفي الآية تنبيه على أنّ الأشياء كلّها مركبة من جوهر وعرض ، ومادة وصورة ، وان لا شيء يتعرّى من تركيب يقتضي كونه مصنوعا وأنّه لا بدّ له من صانع ، تنبيها على أنّه تعالى هو الفرد ، فبيّن أنّ كلّ ما في العالم زوج ، حيث إنّ له ضدا أو مثلا ما ، أو تركيبا ما ، بل لا ينفك بوجه من تركيب وإنّما ذكر هاهنا زوجين ، تنبيها على أنّ الشيء وإن لم يكن له ضد ولا مثل ، فإنّه لا ينفك من تركيب جوهر وعرض ، وذلك زوجان. (٢)

غير أنّ الزمان فسّر حقيقة هذه الزوجية العامة ، بتركيب الذرّة (Atom) من جزءين معروفين.

وقد عبّر القرآن عن هذين الجزءين الحاملين للشحنتين المختلفتين ، بالزوجية ، حتى لا يقع موقع التكذيب والردّ ، إلى أن يكشف الزمان مغزى الآية ومفادها.

__________________

(١) الذاريات : ٤٩.

(٢) مفردات الراغب : ٢١٦ ، مادة «زوج».

وبذلك يعلم سرّ ما روي عن ابن عباس انّه قال : إنّ القرآن يفسره الزمان. (١)

فكما أنّ الزمان يفسر الحقائق الكونية الواردة في القرآن الكريم فكذلك يفسر إتقان تشريعه في مجال الفرد والمجتمع ، كما هو أيضا يفسر أخباره الغيبية الواردة فيه ، وعلى ذلك فللزمان دور في الإفصاح عن معاني الآيات كدوره في استنباط الأحكام.

السابع : تأثيرهما في تفسير السنّة

ربما يرى الباحث اختلافا في السنة المروية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته الطاهرين ، فيعمد إلى رفع الاختلاف بوجوه عديدة مذكورة في الكتب الأصولية ، ولكن ثمة حل لطائفة من هذه السنن المتخالفة ، وهو أنّ لكلّ من الحكمين ظرفا زمانيا خاصا يستدعي الحكم على وفقه ، فإذا كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد حارب قريشا في بدر وأحد فلمصلحة ملزمة في ذلك الزمان ، وإذا أظهر المرونة وتصالح معهم في الحديبية فلمصلحة ملزمة أيضا ، ولذا لم يصغ إلى مقالة من قال : «أنعطي الدنيّة في ديننا» وتصور أنّ في الصلح تنازلا عن الرسالة الإلهية والأهداف السامية وغفل عن آثاره البنّاءة التي كشف عنها سير الزمان كما هو مذكور في تاريخ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

__________________

(١) راجع النبات في حقل الحياة ، تأليف نقي الموصلي ، الشيخ العبيدين.

التفسير الخاطئ لتأثير الزمان والمكان

لا شكّ انّ الأحكام الشرعية تابعة لمصالح ومفاسد في متعلقاتها فلا واجب إلّا لمصلحة في فعله ، ولا حرام إلّا لمفسدة في اقترافه ، إذ انّ للتشريع الإسلامي نظاما لا تعتريه الفوضى ، وهذا الأصل وإن خالف فيه بعض المتكلّمين ، غير أنّ نظرهم محجوج بكتاب الله وسنّة نبيّه ونصوص خلفائه عليهم‌السلام.

ترى أنّه سبحانه يعلل حرمة الخمر والميسر بقوله :

(إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)(١).

ويستدل على وجوب الصلاة بقوله سبحانه : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ)(٢) إلى غير ذلك من الفرائض والمناهي التي أشير إلى ملاكات تشريعهما في الذكر الحكيم.

وقد قال الإمام الطاهر علي بن موسى الرضا عليهما‌السلام : «إنّ الله تبارك وتعالى لم يبح أكلا ولا شربا إلّا لما فيه المنفعة والصلاح ، ولم يحرّم إلّا ما فيه الضرر والتلف والفساد» (٣).

والآيات القرآنية تشهد بجلاء على ما قاله الإمام الطاهر حيث إنّها تعلّل

__________________

(١) المائدة : ٩١.

(٢) العنكبوت : ٤٥.

(٣) مستدرك الوسائل : ٣ / ٧١.

تشريع الجهاد بقوله : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا)(١) كما تعلّل القصاص بقوله : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(٢).

إلى غير ذلك من الآيات الدالّة على ذلك بوضوح ، ومع أنّ المعروف عن الإمام الأشعري هو عدم تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد بزعم انّ القول بذلك يستلزم تضييقا للإرادة الإلهية ، ولكن المحقّقين من أهل السنة على خلاف ذلك ، منهم الشاطبي ، قال في موافقاته :

وقد ثبت أنّ الشريعة موضوعة لتحقيق مصالح الناس عاجلا أم آجلا ، إمّا بجلب النفع لهم ، أو لدفع الضرر والفساد عنهم ، كما دلّ عليه الاستقراء وتتبع مراد الأحكام. (٣)

وعلى ضوء ذلك فالمصالح المستكشفة عبر الزمان إذا كانت مصالح عامة أو مفاسد كذلك ولم يرد في موردها أمر ولا نهي ، فللفقيه أن يستكشف من المصلحة الملزمة أو المفسدة كون الشيء واجبا أم حراما وذلك ، كتعاطي المخدرات في مورد المفاسد ، وتزريق الأمصال فيما إذا انتشر الداء في المجتمع الذي لا ينقذه إلّا التزريق ، ففي هذه الموارد التي ليس للإسلام فيها حكم إلزامي يمكن أن يستكشف الوجوب أو الحرمة ببركة إدراك العقل للمصلحة النوعية أو المفسدة كذلك.

__________________

(١) الحج : ٣٩.

(٢) البقرة : ١٧٩.

(٣) الموافقات : ٢ / ٦.

إنّ استكشاف العقل للمصالح والمفاسد إنّما يقع ذريعة للتشريع إذا كان المورد من موارد «منطقة الفراغ» أي لم يكن للشارع هناك حكم بالإلزام بالفعل أو الترك ، وأمّا إذا كان هناك حكم شرعي قطعي فلا يصح للمستنبط تغيير الحكم بالمصالح والمفاسد المزعومة ، فإنّه يكون من قبيل تقديم المصلحة على النص ، وهو أمر غير جائز ، وقد عرفت في صدر البحث انّ تأثير الزمان والمكان إنّما هو في الأحكام الاجتهادية دون الأحكام المنصوصة.

والحاصل انّه إذا كان هناك نص من الشارع ولم يكن الموضوع ضمن (منطقة الفراغ) فلا معنى لتقديم المصلحة على النص ، فانّه تشريع محرّم يتّخذ ذريعة للتخلص من الالتزام بالأحكام الشرعية.

وبذلك يعلم أنّ ما صدر من بعض السلف في بعض الموارد من تقديم المصالح على النصوص قد جانب الصواب بلا شكّ كالمثال التالي :

دلّ الكتاب والسنّة على بطلان الطلاق ثلاثا ، من دون أن يتخلّل بينها رجوع أو نكاح ، فلو طلّق ثلاثا مرّة واحدة أو كرّر الصيغة فلا يحتسب إلّا طلاقا واحدا. وقد جرى عليه رسول الله والخليفة الأوّل وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يمضي من الطلقات الثلاث إلّا واحدة منها ، وكان الأمر على هذا المنوال إلى سنتين من خلافة الخليفة الثاني ، وسرعان ما عدل عن ذلك قائلا : إنّ الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم. (١)

__________________

(١) صحيح مسلم : ٤ / ١٨٣ ، باب الطلاق الثلاث ، الحديث ١.

جدير بالذكر أنّ إعمال الرأي فيما فيه نصّ من كتاب أو سنّة ، أمر خاطئ ، ولو صحّ إعماله فإنّما هو فيما لا نصّ فيه ، ومع ذلك حاول بعضهم تبريره بتغيّر الأحكام بالمصالح والمفاسد ، لا سيما ابن قيم الجوزية ، الذي قال : لمّا رأى الخليفة الثاني انّ مفسدة تتابع النصّ في إيقاع الطلاق لا تندفع إلّا بإمضائها على الناس ، ورأى مصلحة الإمضاء أقوى من مفسدة الإيقاع ، أمضى عمل الناس ، وجعل الطلاق ثلاثا ، ثلاثا. (١)

يلاحظ عليه : أنّ إبطال الشريعة أمر محرّم لا يستباح بأي عنوان ، فلا يصحّ لنا تغيير الشريعة بالمعايير الاجتماعية من الصلاح والفساد ، وأمّا مفسدة تتابع النص في إيقاع الطلاق الثلاث فيجب أن تدفع عن طريق آخر ، لا عن طريق إمضاء ما ليس بمشروع ، وجعله مشروعا.

والعجب انّ ابن القيم التفت إلى ذلك ، وقال : كان أسهل من ذلك (تصويب الطلقات ثلاثا) أن يمنع الناس من إيقاع الثلاث ، ويحرّمه عليهم ، ويعاقب بالضرب والتأديب من فعله لئلّا يقع المحذور الذي يترتّب عليه ، ثمّ نقل عن عمر بن الخطاب ندامته على التصويب ، قائلا : قال الخليفة الثاني : ما ندمت على شيء مثل ندامتي على ثلاث. (٢)

وهنا كلمة للشيخ محمد شلتوت شيخ الأزهر حول عدّ الاجتهاد من مصادر التشريع حيث قال فيها :

__________________

(١) أعلام الموقعين : ٣ / ٤٨.

(٢) أعلام الموقعين : ٣ / ٣٦ ، وأشار إليه في كتابه الآخر إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان : ١ / ٣٣٦.

ويشمل الاجتهاد أيضا ، النظر في تعرف حكم الحادثة عن طريق القواعد العامة وروح التشريع ، التي عرفت من جزئيات الكتاب وتعرفات الرسول ، وأخذت في نظر الشريعة مكانة النصوص القطعية التي يرجع إليها في تعرف الحكم للحوادث الجديدة.

وهذا النوع هو المعروف بالاجتهاد عن طريق الرأي وتقدير المصالح. وقد رفع الإسلام بهذا الوضع جماعة المسلمين عن أن يخضعوا في أحكامهم وتصرفاتهم لغير الله ، ومنحهم حق التفكير والنظر والترجيح واختيار الأصلح في دائرة ما رسمه من الأصول التشريعية ، فلم يترك العقل وراء الأهواء والرغبات ، ولم يقيده في كلّ شيء بمنصوص قد لا يتفق مع ما يجدّ من شئون الحياة ، كما لم يلزم أهل أي عصر باجتهاد أهل عصر سابق دفعتهم اعتبارات خاصة إلى اختيار ما اختاروا. (١)

ما ذكره حقّ ليس وراءه شيء إلّا أنّي لا أوافقه في قوله : «ولم يقيده في كلّ شيء بمنصوص قد لا يتفق مع ما يجدّ من شئون الحياة» فإنّه هفوة من الأستاذ ، إذ أي أصل وحكم شرعي منصوص لا يتفق مع ما يجدّ من شئون الحياة؟ وليس ما ذكره إلّا من قبيل تقديم المصلحة على النص ، وهو تشريع محرم ، وتقدّم على الله ورسوله ، قال سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ)(٢).

ومن هنا يفترض بكلّ مسلم أن يتجنّب هذا النوع من الاستصلاح.

__________________

(١) رسالة الإسلام ، السنة الرابعة ، العدد الأوّل ، ص ٥.

(٢) الحجرات : ١.

البحث الرابع

دراسة في تأثير الزمان والمكان

في الفقه السنّي

طرحت هذه المسألة من قبل بعض فقهاء السنّة قديما وحديثا ، وإليك التنويه بأسمائهم وببعض كلماتهم :

١. ابن القيم الحنبلي (المتوفّى ٧٥١ ه‍) يقول في فصل «تغيّر الفتوى واختلافها بحسب تغيّر الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيّات والعوائد» :

هذا فصل عظيم النفع ، وقد وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة أوجب من الحرج والمشقّة ، وتكليف ما لا سبيل إليه ، ما يعلم انّ الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به ، فإنّ الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد ، وهي عدل كلّها ، ورحمة كلّها ، ومصالح كلّها ، وحكمة كلّها ، فكلّ مسألة خرجت عن العدل إلى الجور ، وعن الرحمة إلى ضدها ، وعن المصلحة إلى المفسدة ، وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة. (١)

__________________

(١) اعلام الموقعين : ٣ / ١٤ ط دار الفكر وقد استغرق بحثه ٥٦ صفحة. فلاحظ.

٢. السيد محمد أمين أفندي الشهير ب «ابن عابدين» (١) ، قال ما نصّه :

اعلم أنّ المسائل الفقهية إمّا أن تكون ثابتة بصريح النص ، وإمّا أن تكون ثابتة بضرب اجتهاد ورأي ، وكثيرا منها ما يبيّنه المجتهد على ما كان في عرف زمانه بحيث لو كان في زمان العرف الحادث لقال بخلاف ما قاله أوّلا ، ولهذا قالوا في شروط الاجتهاد انّه لا بدّ فيه من معرفة عادات الناس ، فكثير من الأحكام تختلف باختلاف الزمان لتغيّر عرف أهله ، أو لحدوث ضرورة ، أو فساد أهل الزمان بحيث لو بقي الحكم على ما كان عليه أوّلا ، للزم منه المشقة والضرر بالناس ، ولخالف قواعد الشريعة المبنيّة على التخفيف والتيسير ودفع الضرر والفساد لبقاء العالم على أتم نظام وأحسن أحكام ، ولهذا ترى مشايخ المذهب خالفوا ما نصّ عليه المجتهد في مواضع كثيرة بناها على ما كان في زمنه لعلمهم بأنّه لو كان في زمنهم لقال بما قالوا به أخذا في قواعد مذهبه.

ثمّ إنّ ابن عابدين ذكر أمثلة كثيرة لما ذكره من الكبرى تستغرق عدّة صحائف. (٢) ولنذكر بعض الأمثلة :

أ. افتاؤهم بجواز الاستئجار على تعليم القرآن ونحوه لانقطاع عطايا المعلّمين التي كانت في الصدر الأوّل ، ولو اشتغل المعلّمون بالتعليم بلا أجرة يلزم ضياعهم وضياع عيالهم ، ولو اشتغلوا بالاكتساب في حرفة وصناعة ،

__________________

(١) هو محمد أمين الدمشقي ، فقيه الديار الشامية وإمام الحنفية في عصره ، ولد عام ١١٩٨ ه‍ وتوفي عام ١٢٥٢ ه‍ ، له من الآثار «مجموعة رسائل» مطبوعة.

(٢) انظر رسائل ابن عابدين : ٢ / ١٢٣ ـ ١٤٥.

يلزم ضياع القرآن والدين ، فأفتوا بأخذ الأجرة على التعليم وكذا على الإمامة والأذان كذلك ، مع أنّ ذلك مخالف لما اتّفق عليه أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني من عدم جواز الاستئجار وأخذ الأجرة عليه كبقية الطاعات من الصوم والصلاة والحج وقراءة القرآن ونحو ذلك.

ب. قول الإمامين بعدم الاكتفاء بظاهر العدالة في الشهادة مع مخالفته لما نصّ عليه أبو حنيفة بناء على ما كان في زمنه من غلبة العدالة ، لأنّه كان في الزمن الذي شهد له رسول الله بالخيريّة ، وهما أدركا الزمن الذي فشا فيه الكذب ، وقد نصّ العلماء على أنّ هذا الاختلاف اختلاف عصر وأوان ، لا اختلاف حجّة وبرهان. (١)

ج. تحقّق الإكراه من غير السلطان مع مخالفته لقول الإمام «أبي حنيفة» بناء على ما كان في زمنه من أنّ غير السلطان لا يمكنه الإكراه ثمّ كثر الفساد فصار يتحقّق الإكراه من غيره ، فقال محمد (ابن الحسن الشيباني) باعتباره ، وأفتى به المتأخّرون لذلك.

وقد ساق الأمثلة على هذا النمط إلى آخر الرسالة.

__________________

(١) الظاهر انّه يريد بالإمامين تلميذي أبي حنيفة : أبا يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني ولم يكن الفارق الزمني بين الإمام أبي حنيفة وبينهما طويلا ، فقد توفّي أبو حنيفة عام ١٥٠ ه‍ وتوفّي أبو يوسف عام ١٨٢ ه‍ وتوفي الشيباني عام ١٨٩ ه‍. وإذا كان كذلك فلما ذا يعدّون القرون الثلاثة الأولى خير القرون ، والحقّ انّ بين السلف والخلف رجالا صالحين وأشخاصا طالحين ، ولم يكن السلف خيرا من الخلف ، ولا الخلف أكثر شرّا من السلف وإنّما هي دعايات فارغة فقد شهد القرن الأوّل وقعة الطفّ والحرّة في المدينة.

٣. وقد طرق هذا البحث أيضا الأستاذ مصطفى أحمد الزرقا في كتابه القيّم «المدخل الفقهي العام» وقال ما نصّه :

الحقيقة انّ الأحكام الشرعية التي تتبدّل بتبدّل الموضوعات مهما تغيرت باختلاف الزمن ، فإنّ المبدأ الشرعي فيها واحد وليس تبدّل الأحكام إلّا تبدّل الوسائل والأساليب الموصلة إلى غاية الشارع ، فإنّ تلك الوسائل والأساليب في الغالب لم تحدّد من الشريعة الإسلامية بل تركتها مطلقة لكي يختار منها في كلّ زمان ما هو أصلح في التنظيم نتاجا وأنجح في التقويم علاجا.

ثمّ إنّ الأستاذ جعل المنشأ لتغير الأحكام أحد أمرين :

أ. فساد الأخلاق ، وفقدان الورع وضعف الوازع ، وأسماه بفساد الزمان.

ب. حدوث أوضاع تنظيمية ، ووسائل فرضية ، وأساليب اقتصادية.

ثمّ إنّه مثّل لكل من النوعين بأمثلة مختلفة اقتبس بعضها من رسالة «نشر العرف» للشيخ ابن عابدين ، ولكنّه صاغ الأمثلة في ثوب جديد ، ولنذكر كلا الأمرين وأمثلتهما.

أ. تغيير الأحكام الاجتهادية لفساد الزمان

١. من المقرر في أصل المذهب الحنفي انّ المدين تنفذ تصرفاته في أمواله بالهبة والوقف وسائر وجوه التبرّع ، ولو كانت ديونه مستغرقة أمواله كلّها ، باعتبار انّ الديون تتعلّق بذمّته فتبقى أعيان أمواله حرة ، فينفذ

فيها تصرّفه ، وهذا مقتضى القواعد القياسية.

ثمّ لما فسدت ذمم الناس وكثر الطمع وقلّ الورع وأصبح المدينون يعمدون إلى تهريب أموالهم من وجه الدائنين عن طريق وقفها ، أو هبتها لمن يثقون به من قريب أو صديق ، أفتى المتأخرون من فقهاء المذهبين الحنبلي والحنفي بعدم نفاذ هذه التصرفات من المدين إلّا فيما يزيد عن وفاء الدين من أمواله (١).

هذا في الفقه السنّي ، وأمّا في الفقه الإمامي فليس ثمة مشكلة تقتضي التوسل بعنصر الزمان ، والالتزام بتغيّر الأحكام في ظلّه ، لأنّ للمحجور حالتين :

الأولى : إذا حجر عليه الحاكم وحكم بإفلاسه فعند ذاك يتعلّق حقّ الغرماء بأمواله لا بذمّته ، نظير تعلّق حقّ المرتهن بالعين المرهونة فلا يجوز له التصرف فيها بعوض كالبيع والإجارة ، وبغير عوض كالوقف والهبة إلّا بإذنهم وإجازتهم.

الثانية : إذا لم يحجر عليه فتصرفاته على قسمين : قسم لا يريد به الفرار من أداء الديون ولا يلازم حرمان الديّان ، فيجوز له التصرّف بأمواله كيفما شاء ، وقسم آخر (كالصلح أو الهبة) يريد به الفرار من أداء الديون ، فالحكم بصحة تصرفاته ـ فيما إذا لم يرج حصول مال آخر له باكتساب ونحوه ـ مشكل. (٢)

__________________

(١) المدخل الفقهي العام : ٢ / ٩٢٦ ، برقم ٥٤٣.

(٢) لاحظ وسيلة النجاة : ١٣٣ ، كتاب الحجر ، المسألة الأولى ؛ تحرير الوسيلة : ٢ / ١٦.

وجهه : انّ الحكم بلزوم تنفيذها حكم ضرري يلحق بأصحاب الديون فلا يكون نافذا ، أضف إلى ذلك انصراف عمومات الصلح والهبة وسائر العقود عن مثل هذه العقود. وعلى ذلك فلا داعي لتبنّي تغير الحكم الشرعي بالعنصرين. بل الحكم الشرعي السائر مع الزمان موجود في أصل الشرع بلا حاجة إلى التوسل بعنصر «فساد الزمان».

٢. في أصل المذهب الحنفي انّ الغاصب لا يضمن قيمة منافع المغصوب في مدة الغصب بل يضمن العين فقط إذا هلكت أو تعيّبت ، لأنّ المنافع عندهم ليست متقوّمة في ذاتها وإنّما تقوم بعقد الإجارة ولا عقد في الغصب.

ولكن المتأخرين من فقهاء المذهب الحنفي نظروا تجرّؤ الناس على الغصب وضعف الوازع الديني في نفوسهم ، فأفتوا بتضمين الغاصب أجرة المثل عن منافع المغصوب إذا كان المغصوب مال وقف أو مال يتيم أو معدا للاستغلال على خلاف الأصل القياسي في المذهب زجرا للناس عن العدوان لفساد الزمان.

ثمّ أضاف إليها في التعليقة بأنّ الأئمّة الثلاثة ذهبوا إلى عكس ما ذهب إليه الاجتهاد الحنفي ، فاعتبروا المنافع متقوّمة في ذاتها ، كالأعيان ، وأوجبوا تضمين الغاصب أجرة المثل عن المال المغصوب مدة الغصب ، سواء استعرض الغاصب منافعه أو عطّلها ثمّ قال : وهذا الاجتهاد أوجه وأصلح. (١)

__________________

(١) المدخل الفقهي العام : ٢ / ٩٢٧ ، برقم ٥٤٤.

أقول : إنّ القول بعدم ضمان الغاصب المنافع المستوفاة مستند إلى ما تفرّد بنقله عروة بن الزبير عن عائشة أنّ رسول الله قضى أنّ الخراج بالضمان. (١)

فزعمت الحنفية انّ ضمان قيمة المغصوب لا يجتمع مع ضمان المنافع ، وذلك لأنّ ضمان العين في مقابل كون الخراج له ، ولكن الاجتهاد غير صحيح جدا ، لأنّ الحديث ناظر إلى البيوع الصحيحة ، مثلا : إذا اشترى عبدا أو غيره فيستغلّه زمانا ثمّ يعثر منه على عيب كان فيه عند البائع ، فله ردّ العين المبيعة وأخذ الثمن ، ويكون للمشتري ما استغله ، لأنّ المبيع لو تلف في يده لكان في ضمانه ولم يكن له على البائع شيء ، والباء في قوله بالضمان متعلّق بمحذوف تقديره : الخراج مستحق بالضمان ، أي في مقابلة الضمان ، أي منافع المبيع بعد القبض تبقى للمشتري في مقابلة الضمان اللازم عليه بطرف المبيع.

هذا هو معنى الحديث ، وعليه شرّاح الحديث (٢) ولا صلة للحديث بغصب الغاصب مال الغير واستغلال منافعه.

والذي يفسّر الحديث وراء فهم الشرّاح انّ عروة بن الزبير نقل عن عائشة أنّ رجلا اشترى عبدا ، فاستغلّه ثمّ وجد به عيبا فردّه ، فقال : يا رسول

__________________

(١) مسند أحمد : ٦ / ٤٩ ؛ سنن الترمذي : ٣ ، كتاب البيوع برقم ١٢٨٦ ؛ سنن النسائي : ٧ / ٢٥٤ ، باب الخراج بالضمان.

(٢) لاحظ شرح الحافظ جلال الدين السيوطي وحاشية الإمام السندي على سنن النسائي وغيره.

الله إنّه قد استغلّ غلامي ، فقال رسول الله : «الخراج بالضمان» (١).

وقد ورد من طرقنا أنّ الإمام الصادق عليه‌السلام لمّا سمع بفتوى أبي حنيفة بعدم ضمان الغاصب قيمة المنافع التي استوفاها ، قال : «في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها وتمنع الأرض بركتها». (٢)

ثمّ إنّه يدل على ضمان المنافع المستوفاة عموم قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا يحل مال امرئ مسلم لأخيه إلّا عن طيب نفسه» والمنافع مال ، ولأجل ذلك يجعل ثمنا في البيع وصداقا في النكاح ، مضافا إلى السيرة العقلائية في تضمين الغاصب المنافع المستوفاة ، وعلى ذلك فليس هاهنا مشكلة حتى تعالج بعنصر الزمان ، ولم يكن الحكم المزعوم حكما شرعيّا حتى يتغير لأجل فساد أهل الزمان.

٣. في أصل المذهب الحنفي انّ الزوجة إذا قبضت مؤجّل مهرها تلزم بمتابعة زوجها حيث شاء ، ولكن المتأخّرين لحظوا انقلاب الأخلاق وغلبة الجور ، وانّ كثيرا من الرجال يسافرون بزوجاتهم إلى بلاد نائية ليس لهنّ فيها أهل ولا نصير ، فيسيئون معاملتهنّ ويجورون عليهنّ ، فأفتى المتأخرون بأنّ المرأة لو قبضت مؤجل مهرها لا تجبر على متابعة زوجها إلى مكان إلّا إذا كان وطنا لها وقد جرى فيه عقد الزواج بينهما ، وذلك لفساد الزمان وأخلاق

__________________

(١) سنن ابن ماجة : ٢ ، برقم ٢٢٤٣.

(٢) وسائل الشيعة : الجزء ١٣ ، الباب ١٧ من أبواب أحكام الإجارة ، الحديث ١. والحديث طويل جدير بالمطالعة.

الناس ، وعلى هذا استقرت الفتوى والقضاء في المذهب. (١)

أقول : إنّ لحلّ هذا النوع من المشاكل طريقا شرعيا في باب النكاح ، وهو اشتراط عدم إخراجها من وطنها أو أن يسكنها في بلد خاص ، أو منزل مخصوص في عقد النكاح ، فيجب على الزوج الالتزام به. وليس مثل هذا الاشتراط مخالفا للكتاب والسنّة.

ولو افترضنا غفلة أولياء العقد عن الاشتراط وأراد الزوج إخراجها إلى بلاد نائية يصعب عليها العيش فيها ويعد حرجيّا لها ، فللزوجة رفع الشكوى إلى الحاكم بغية عدم إخراجها من وطنها ، فيحكم بعد تبيّن الحال بعدم الإخراج نتيجة طروء العناوين الثانوية كالحرج والضرر ، فليس للزمان هنا أي مدخلية في تغيير الحكم ، بل يكمن الحكم الشرعي في نفس الشرع.

٤. في أصل المذهب الحنفي وغيره انّ القاضي يقضي بعلمه الشخصي في الحوادث ، أي أنّ علمه بالوقائع المتنازع فيها يصح مستندا لقضائه ، ويغني المدّعي عن إثبات مدّعاه بالبيّنة ، فيكون علم القاضي بواقع الحال هو البيّنة ، وفي ذلك أقضية مأثورة عن عمر وغيره ، ولكن لوحظ فيما بعد أنّ القضاة قد غلب عليهم الفساد والسوء وأخذ الرشا ، ولم يعد يختار للقضاء الأوفر ثقة وعفة وكفاية بل الأكثر تزلّفا إلى الولاة وسعيا في استرضائهم وإلحافا في الطلب.

لذلك أفتى المتأخّرون بأنّه لا يصحّ أن يقضي القاضي بعلمه الشخصي

__________________

(١) المدخل الفقهي العام : ٢ / ٩٢٨ ، برقم ٥٤٦.

في القضاء بل لا بدّ أن يستند قضاؤه إلى البيّنات المثبتة في مجلس القضاء حتى لو شاهد القاضي بنفسه عقدا أو قرضا أو واقعة ما بين اثنين خارج مجلس القضاء ثمّ ادّعى به أحدهما وجحدها الآخر ، فليس للقاضي أن يقضي للمدّعي بلا بيّنة ، إذ لو ساغ ذلك بعد ما فسدت ذمم كثير من القضاة ، لزعموا العلم بالوقائع زورا ، وميلا إلى الأقوى وسيلة من الخصمين ، فهذا المنع وإن أضاع بعض الحقوق لفقدان الإثبات لكنّه يدفع باطلا كثيرا ، وهكذا استقر عمل المتأخرين على عدم نفاذ قضاء القاضي بعلمه.

على أنّ للقاضي أن يعتمد على علمه في غير القضاء من أمور الحسبة والتدابير الإدارية الاحتياطية ، كما لو علم ببينونة امرأة مع استمرار الخلطة بينها وبين زوجها ، أو علم بغصب مال ؛ فإنّ له أن يحول بين الرجل ومطلقته ، وأن يضع المال المغصوب عند أمين إلى حين الإثبات. (١)

أقول : يشترط المذهب الإمامي في القاضي : العدالة والاجتهاد المطلق ، فالقاضي الجائر لا يستحق القضاء ولا ينفذ حكمه.

وعلى ضوء ذلك فلا يترتب على عمل القاضي بعلمه أي فساد ، لأنّ العدالة تصدّه عن ارتكاب الآثام.

ولو افترضنا إشغال منصة القضاء بالفرد الجائر فليس للقاضي العمل بعلمه في حقوق الله سبحانه ، كما إذا علم أنّ زيدا زنى أو شرب الخمر أو غير ذلك ، فلا يصحّ له إقامة الدعوى وإجراء الحدود لاستلزامه وحدة القاضي

__________________

(١) المدخل الفقهي العام : ٢ / ٩٢٨ ـ ٩٢٩ ، برقم ٥٤٦.

والمدعي من غير فرق بين كونه عادلا أو غيره.

وأمّا العمل بعلمه في حقوق الناس فلا يعمل بعلم غير قابل للانتقال إلى الغير بل يقتصر في العمل بعلمه بنحو لو طولب بالدليل لعرضه وإلّا فلا يجوز ، وقد حقّق ذلك في كتاب القضاء.

٥. من المبادئ المقرّرة في أصل المذهب انّ العمل الواجب على شخص شرعا لا يصحّ استئجاره فيه ولا يجوز له أخذ أجرة عليه ، ومن فروع هذا المذهب الفقهي انّ القيام بالعبادات والأعمال الدينية الواجبة كالإمامة وخطبة الجمعة وتعليم القرآن والعلم لا يجوز أخذ الأجرة عليه في أصل المذهب بل على المقتدر أن يقوم بذلك مجانا لأنّه واجب ديني.

غير أنّ المتأخّرين من فقهاء المذهب لحظوا قعود الهمم عن هذه الواجبات ، وانقطاع الجرايات من بيت المال عن العلماء ممّا اضطرهم إلى التماس الكسب ، حتى أصبح القيام بهذه الواجبات غير مضمون إلّا بالأجر ، ولذلك أفتى المتأخّرون بجواز أخذ الأجور عليها حرصا على تعليم القرآن ونشر العلم وإقامة الشعائر الدينية بين الناس. (١)

أمّا الفقه الإمامي ، فالمشكلة فيه مرتفعة بوجهين :

الأوّل : إذا كان هناك بيت مال معدّا لهذه الأغراض لا تبذل الأجرة في مقابل العمل ، بل الحاكم يؤمّن له وسائل الحياة حتى يتفرّغ للواجب.

__________________

(١) المدخل الفقهي العام : ٢ / ٩٣٠ ، برقم ٥٤٧.

الثاني : امّا إذا لم يكن هناك بيت مال فإذا كان أخذ الأجرة حراما منصوصا عليه وكان من صلب الشريعة فلا يمسّه عنصر الزمان ولكن يمكن الجمع بين الأمرين وتحليله عن طريق آخر ، وهو أن يجتمع أولياء الصبيان أو غيرهم ممّن لهم حاجة إلى إقامة القضاء والأذان والإفتاء فيشاركون في سد حاجة المفتي والقاضي والمؤذن والمعلم حتى يتفرّغوا لأعمالهم العبادية بلا هوادة وتقاعس ، على أنّ ما يبذلون لا يعد أجرة لهم وإنّما هو لتحسين وضعهم المعاشي.

وبعبارة أخرى : القاضي والمفتي والمؤذّن والمعلم يمارس كلّ أعماله لله سبحانه ، ولكن بما انّ الاشتغال بهذه المهام يتوقّف على سد عيلتهم ورفع حاجتهم فالمعنيّون من المؤمنين يسدّون عيلتهم حتى يقوموا بواجبهم وإلّا فكما أنّ الإفتاء واجب ، فكذلك تحصيل الضروريات لهم ولعيالهم أيضا واجب. وعند التزاحم يقدّم الثاني على الأوّل إذ في خلافه ، خوف هلاك النفوس وانحلال الأسرة ، ولكن يمكن الجمع بين الحكمين على الطريق الذي أشرنا إليه.

٦. انّ الشهود الذين يقضى بشهادتهم في الحوادث يجب أن يكونوا عدولا ، أي ثقات ، وهم المحافظون على الواجبات الدينية المعروفون بالسرّ والأمانة ، وأنّ عدالة الشهود شريطة اشترطها القرآن الكريم لقبول شهادتهم ، وأيّدتها السنّة وأجمع عليها فقهاء الإسلام.

غير أنّ المتأخّرين من فقهائنا لحظوا ندرة العدالة الكاملة التي فسّرت

بها النصوص لفساد الزمن وضعف الذمم وفتور الحس الديني الوازع ، فإذا تطلب القضاة دائما نصاب العدالة الشرعية في الشهود ضاعت الحقوق لامتناع الإثبات ، فلذا أفتوا بقبول شهادة الأمثل فالأمثل من القوم حيث تقلّ العدالة الكاملة.

ومعنى الأمثل فالأمثل : الأحسن فالأحسن حالا بين الموجودين ، ولو كان في ذاته غير كامل العدالة بحدها الشرعي ، أي أنّهم تنازلوا عن اشتراط العدالة المطلقة إلى العدالة النسبية. (١)

أقول : إنّ القرآن ـ كما تفضّل به الكاتب ـ صريح في اشتراط العدالة في تنفيذ الشهادة ، يقول سبحانه : (وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ)(٢) وقال سبحانه : (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ)(٣).

مضافا إلى الروايات الواردة في هذا المضمار ، فتنفيذ شهادة غير العدل تنفيذ بلا دليل أو مخالف لصريح الكتاب ، ولكن يمكن للقاضي تحصيل القرائن والشواهد التي منها شهادة الأمثل فالأمثل التي تثبت أحد الطرفين على وجه يفيد العلم للقاضي ، ويكون علمه قابلا للانتقال إلى الآخرين من دون حاجة إلى العمل بقول الأمثل فالأمثل.

ثمّ إنّ ترك العمل بشهادة غير العدول كما هو مظنّة إضاعة الحقوق ،

__________________

(١) المدخل الفقهي العام : ٢ / ٩٣٣ ـ ٩٣٤ برقم ٥٥١.

(٢) البقرة : ٢٨٢.

(٣) الطلاق : ٢.

فكذلك هو مظنّة الإضرار بالمحكوم عليه لعدم وجود العدالة في الشاهد حتّى تصونه عن الكذب عليه ، فالأمر يدور بين المحذورين.

لو فسّر القائل العدالة بالتحرّز عن الكذب وإن كان فاسقا في سائر الجوارح لكان أحسن من تفسيره بالعدالة المطلقة ثمّ العدول عنها لأجل فساد الزمان.

٧. أفتى المتأخّرون في إثبات الأهلّة لصيام رمضان وللعيدين بقبول رؤية شخصين ، ولو لم يكن في السماء علّة تمنع الرؤية من غيم أو ضباب أو غبار بعد أن كان في أصل المذهب الحنفي ، لا يثبت إهلال الهلال عند صفاء السماء إلّا برؤية جمع عظيم ، لأنّ معظم الناس يلتمسون الرؤية ، فانفراد اثنين بادّعاء الرؤية مظنّة الغلط أو الشبهة.

وقد علّل المتأخّرون قبول رؤية الاثنين بقعود الناس عن التماس رؤية الهلال ، فلم تبق رؤية اثنين منهم مظنّة الغلط إذا لم يكن في شهادتهما شبهة أو تهمة تدعو إلى الشك والريبة. (١)

وأمّا في الفقه الإمامي ، فلا يعتبر قول العدلين عند الصحو وعدم العلّة في السماء إذا اجتمع الناس للرؤية وحصل الخلاف والتكاذب بينهم بحيث يقوى احتمال اشتباه العدلين.

وأمّا إذا لم يكن هناك اجتماع للرؤية ـ كما هو مورد نظر الكاتب حيث

__________________

(١) المدخل الفقهي العام : ٢ / ٩٣٤ برقم ٥٤٩.

قال : لقعود الناس عن التماس رؤية الهلال ـ فقبول قول العدلين على أساس القاعدة لا على خلافها ، فليس للزمان هنا تأثير في الحكم الشرعي.

وبعبارة أخرى : ليس في المقام دليل شرعي على وجه الإطلاق يدل على عدم قول العدلين في الصحو وعدم العلّة في السماء حتّى يؤخذ بإطلاقه في كلتا الصورتين : كان هناك اجتماع للرؤية أم لم يكن ، بل حجّية دليل البيّنة منصرف عن بعض الصور ، وهو ما إذا كان هناك اجتماع للرؤية وحصل الخلاف والتكاذب بحيث قوى احتمال الاشتباه في العدلين ، وأمّا في غير هذه الصورة فإطلاق حجّية أدلّة البيّنة باق بحالها ، ومنها ما إذا ادّعى العدلان ولم يكن اجتماع ولا تكاذب ولا مظنّة اشتباه.

هذه هي المسائل التي طرحها الأستاذ مصطفى أحمد الزرقا مثالا لتغيّر الآراء الفقهية والفتاوى لأجل فساد الزمان ، وقد عرفت أنّه لا حاجة لنا إلى العدول عن الحكم الشرعي ، وذلك لأحد الأمرين التاليين :

أ. إمّا لعدم ثبوت الحكم الأوّلي كما في عدم ضمان الغاصب للمنافع المستوفاة.

ب. أو لعدم الحاجة إلى العدول عن الحكم الشرعي ، بل يمكن حل المشكل عن طريق آخر مع صيانة الحكم الأوّلي ، كما في الأمثلة الباقية.

* * *

ب. تغيير الأحكام الاجتهادية لتطوّر الوسائل والأوضاع

قد سبق من هذا الكاتب انّ عوامل التغيير على قسمين :

أحدهما : ما يكون ناشئا عن فساد الأخلاق ، وفقدان الورع ، وضعف الوازع ، وأسماه بفساد الزمان ، وقد مرّت عليك أمثلته كما مرّت مناقشاتنا.

والآخر : ما يكون ناشئا عن أوضاع تنظيمية ، ووسائل زمنية جديدة من أوامر قانونية مصلحية وترتيبات إدارية ، وأساليب اقتصادية ونحو ذلك ، وهذا النوع ـ عند الكاتب ـ كالأوّل موجب لتغيير الأحكام الفقهية الاجتهادية المقرّرة قبله إذا أصبحت لا تتلاءم معه ، لأنّها تصبح عندئذ عبثا أو ضررا ، والشريعة منزّهة عن ذلك ، وقد قال الإمام الشاطبي (المتوفّى ٧٩٠ ه‍) في «الموافقات» : لا عبث في الشريعة.

ثمّ طرح لها أمثلة وإليك بيانها :

١. ثبت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه نهى عن كتابة أحاديثه ، وقال لأصحابه : «من كتب عني غير القرآن فليمحه» واستمر الصحابة والتابعون يتناقلون السنّة النبوية حفظا وشفاها لا يكتبونها حتى آخر القرن الهجري الأوّل ، عملا بهذا النهي.

ثمّ انصرف العلماء في مطلع القرن الثاني بأمر من (الخليفة العادل) عمر بن عبد العزيز ، إلى تدوين السنّة النبوية ، لأنّهم خافوا ضياعها بموت حفظتها ورأوا أنّ سبب نهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن كتابتها إنّما هو خشية أن تختلط

بالقرآن ، إذ كان الصحابة يكتبون ما ينزل منه على رقاع ، فلمّا عمّ القرآن وشاع حفظا وكتابة ، ولم تبق هناك خشية من اختلاطه بالحديث النبوي ، لم يبق موجب لعدم كتابة السنّة ، بل أصبحت كتابتها واجبة لأنّها الطريقة الوحيدة لصيانتها من الضياع. (١)

أقول : إنّ ما ذكره من أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن كتابة حديثه غير صحيح من وجوه :

أوّلا : روى البخاري أنّ رجلا من أهل اليمن طلب من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يكتب له خطبته فقال : اكتب لي يا رسول الله ، فقال : اكتبوا لأبي فلان إلى أن قال : كتبت له هذه الخطبة. (٢)

أضف إلى ذلك أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر في غير واحد من الموارد بكتابة حديثه ، يجدها المتفحص في مصادرها. (٣)

ومع هذه الموارد الكثيرة التي أذن فيها النبيّ بكتابة الحديث ، والعمل به ، يثار الشك في صحة ما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من كتب عنّي غير القرآن فليمحه».

__________________

(١) المدخل الفقهي العام : ٢ / ٩٣٣ ، ويوجد تصحيف في الطبعة العاشرة في ترقيم الصفحات في المقام.

(٢) صحيح البخاري : ١ / ٢٩ ، باب كتابة العلم.

(٣) سنن الترمذي : ٥ / ٣٩ ، باب كتابة العلم ، الحديث ٢٦٦٦ ؛ سنن الدارمي : ١ / ١٢٥ ، باب من رخص في كتابة العلم ؛ سنن أبي داود : ٢ / ٣١٨ ، باب في كتابة العلم ، ومسند أحمد : ٢ / ٢١٥ و ٣ / ١٦٢.

ثانيا : هل يصحّ أن يأمر الله سبحانه بكتابة الدّين حفظا له ، واحتياطا عليه ، وفي الوقت نفسه ينهى نبيّه عن كتابة الحديث الذي يعادل القرآن في الحجّية؟!

ثالثا : العجب من الأستاذ أنّه سلّم بوجه المنع ، وهو أن لا يختلط الحديث بالقرآن ، وكان قد نحته الخطيب البغدادي (١) في كتاب «تقييد العلم» (٢) مع أنّه غير تام ، لأنّ القرآن الكريم في أسلوبه وبلاغته يغاير أسلوب الحديث وبلاغته ، فلا يخشى على القرآن أن يختلط به غيره مهما بلغ من الفصاحة والبلاغة ، فقبول هذا التبرير يلازم إبطال إعجاز القرآن الكريم ، وهدم أصوله.

والكلمة الفصل أنّ المنع من كتابة الحديث كان منعا سياسيّا صدر عن الخلفاء لغايات وأهداف خاصّة ، والخسارة التي مني الإسلام والمسلمون بها من جرّاء هذا المنع لا تجبر أبدا ، وقد فصلنا الكلام في فصل خاص من كتابنا «بحوث في الملل والنحل». (٣)

٢. قبل إنشاء السجلات العقارية الرسميّة التي تحدد العقارات ، وتعطي كلا منها رقما خاصّا ، كان التعاقد على العقار الغائب عن مجلس العقد لا بدّ لصحّته من ذكر حدود العقار ، أي ما يلاصقه من الجهات الأربع ليتميّز العقار

__________________

(١) أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي (٣٩٢ ـ ٤٦٣ ه‍) مؤلّف تاريخ بغداد.

(٢) تقييد العلم : ٥٧.

(٣) لاحظ : الجزء الأوّل من الكتاب المذكور : ٨٧ ـ ١٠٨ ، نشر مؤسسة الإمام الصادق عليه‌السلام ، قم ـ ١٤٢٧ ه‍.

المعقود عليه عن غيره ، وفقا لما تقضي به القواعد العامة من معلومية محل العقد.

ولكن بعد إنشاء السجلات العقارية في كثير من الممالك والبلدان أصبح يكتفى قانونا في العقود بذكر رقم محضر العقار ، دون ذكر حدوده ، وهذا ما يوجبه فقه الشريعة ، لأنّ الأوضاع والتنظيمات الزمنية أوجدت وسيلة جديدة أسهل وأتم تعيينا وتمييزا للعقار من ذكر الحدود في العقود العقارية ، فأصبح اشتراط ذكر الحدود عبثا ، وقد قدّمنا أنّه لا عبث في الشريعة.

أقول : إنّ الحكم الشرعي الأوّلي هو معلومية المبيع ، وهذا هو لبّ الشريعة ، وأمّا الباقي فهو بمثابة ثوب يتغير بتغير الأزمان ، فلا تحديد العقارات من الجهات الأربع حكم أصلي ، ولا ذكر رقم محضر العقار ، فالجميع طريق إلى الحكم الشرعي وهو معلومية المبيع وخروجه عن كونه مجهولا ، والشرط يحصل بكلا الوجهين ، وتغيير الثوب ليس له صلة بتغيير الحكم.

٣. كذلك كان تسليم العقار المبيع إلى المشتري لا يتم إلّا بتفريغ العقار وتسليمه فعلا إلى المشتري ، أو تمكينه منه بتسليم مفتاحه ونحو ذلك ، فإذا لم يتمّ هذا التسليم يبقى العقار معتبرا في يد البائع ، فيكون هلاكه على ضمانه هو ومسئوليته ، وفقا للأحكام الفقهية العامّة في ضمان المبيع قبل التسليم.

ولكن بعد وجود الأحكام القانونية التي تخضع العقود العقارية للتسجيل في السجل العقاري ، استقر الاجتهاد القضائي أخيرا لدينا على

اعتبار التسليم حاصلا بمجرد تسجيل العقد في السجلّ العقاري ، ومن تاريخ التسجيل ينتقل ضمان هلاك المبيع من عهدة البائع إلى عهدة المشتري ، لأنّ تسجيل المبيع فيه تمكين للمشتري أكثر ممّا في التسليم الفعلي ، إذ العبرة في الملكية العقارية قانونا ، لقيود السجلّ العقاري ، لا للأيدي والتصرفات ، وبتسجيل المبيع لم يبق البائع متمكنا أن يتصرف في العقار المبيع بعقد آخر استنادا إلى وجوده في يده ، وجميع الحقوق والدعاوي المتفرعة عن الملكية ، كطلب نزع اليد ، وطلب الأجرة وغير ذلك ، تنتقل إلى المشتري بمجرّد التسجيل.

فبناء على ذلك يصبح من الضروري في فقه الشريعة أن يعتبر لتسجيل العقد العقاري حكم التسليم الفعلي للعقار في ظل هذه الأوضاع القانونية التنظيمية الجديدة. (١)

أقول : اتّفق الفقهاء على أنّه إذا تلف المبيع الشخصي قبل قبضه بآفة سماوية فهو من مال بائعه ، والدليل عليه من طرقنا هو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه». (٢)

وروى عقبة بن خالد عن الإمام الصادق عليه‌السلام في رجل اشترى متاعا من رجل وأوجبه غير أنّه ترك المتاع عنده ولم يقبضه ، قال : آتيك غدا إن شاء الله فسرق المتاع ، من مال من يكون؟ قال : «من مال صاحب المتاع الذي هو

__________________

(١) المدخل الفقهي العام : ٢ / ٩٣١.

(٢) مستدرك الوسائل : ١٣ ، الباب ١ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

في بيته حتى يقبض المتاع ويخرجه من بيته ، فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقّه حتى يرد ماله إليه». (١)

وأمّا من طرق أهل السنّة ، روى البيهقي عن محمد بن عبيد الله الثقفي أنّه اشترى من رجل سلعة فنقده بعض الثمن وبقي بعض ، فقال : ادفعها إليّ فأبى البائع ، فانطلق المشتري وتعجّل له بقية الثمن فدفعه إليه ، فقال : ادخل واقبض سلعتك ، فوجدها ميتة ، فقال له : رد عليّ مالي ، فأبى ، فاختصما إلى شريح ، فقال شريح : رد على الرجل ماله وارجع إلى جيفتك فادفنها. (٢)

وعلى هذا فالميزان في رفع الضمان على البائع هو تسليم المبيع وتسليم كلّ شيء بحسبه ، والجامع هو رفع المانع من تسليط المشتري على المبيع وإن كان مشغولا بأموال البائع أيضا إذ لم يكن هنا أي مانع من الاستيلاء والاستغلال.

وعلى ضوء ذلك فتسليم البيت والحانوت مثلا بإعطاء مفتاحهما ، وأمّا جعل مجرّد تسجيل العقد في السجل العقاري رافعا للضمان بحجة انّ تسجيل البيع فيه تمكين للمشتري أكثر ممّا للتسليم الفعلي اجتهاد في مقابل النص بلا ضرورة ما لم يكن تسجيل العقد في السجل العقاري متزامنا مع رفع الموانع من تسلّط المشتري على المبيع ، إذ في وسع المتبايعين تأخير التسجيل إلى رفع الموانع.

__________________

(١) الوسائل : ١٢ ، الباب ١٠ من أبواب الخيار ، الحديث ١.

(٢) سنن البيهقي : ٥ / ٣٣٤ ، باب المبيع يتلف في يد البائع قبل القبض.

وبعبارة أخرى : الميزان في رفع الضمان هو تحقّق التسليم بالمعنى العرفي ، وهو قد يزامن التسجيل في السجل العقاري وقد لا يزامن ، كما لو سجّل العقد في السجل ولكن البائع أوجد موانع عاقت المشتري عن التسلّط على المبيع ، فما لم يكن هناك إمكان التسلّط فلا يصدق التسليم.

على أنّ المشتري بالتسجيل وإن كان يستطيع أن يبيع العقار ولكنّه يعجز عن الانتفاع بالمبيع الذي هو المهم له ما لم يكن هناك تسليم فعلي.

٤. أوجب الشرع الإسلامي على كلّ زوجة تطلّق من زوجها عدّة تعتدها ، وهي أن تمكث مدة معيّنة يمنع فيها زواجها برجل آخر ، وذلك لمقاصد شرعية تعتبر من النظام العام في الإسلام ، أهمها ، تحقّق فراغ رحمها من الحمل منعا لاختلاط الأنساب.

وكان في الحالات التي يقضي فيها القاضي بالتطليق أو بفسخ النكاح ، تعتبر المرأة داخلة في العدّة ، ويبدأ حساب عدّتها من فور قضاء القاضي بالفرقة ، لأنّ حكم القاضي في الماضي كان يصدر مبرما واجب التنفيذ فورا ، لأنّ القضاء كان مؤسسا شرعا على درجة واحدة ، وليس فوق القاضي أحد له حق النظر في قضائه.

لكن اليوم قد أصبح النظام القضائي لدينا يجعل قضاء القاضي خاضعا للطعن بطريق الاستئناف ، أو بطريق النقض ، أو بكليهما. وهذا التنظيم القضائي الجديد لا ينافي الشرع ، لأنّه من الأمور الاستصلاحية الخاضعة لقاعدة المصالح المرسلة ، فإذا قضى القاضي اليوم بالفرقة بين الزوجين

وجب أن لا تدخل المرأة في العدّة إلّا بعد أن يصبح قضاؤه مبرما غير خاضع لطريق من طرق الطعن القضائي. وذلك إمّا بانقضاء المهل القانونية دون طعن من الخصم ، أو بإبرام الحكم المطعون فيه لدى المحكمة المطعون لديها ورفضها للطعن حين ترى الحكم موافقا للأصول.

فمن هذا الوقت يجب اليوم أن تدخل المرأة في العدة ويبدأ حسابها لا من وقت صدور الحكم الابتدائي ، لأنّها لو اعتدّت منذ صدور الحكم الابتدائي لربما تنقضي عدتها وتتحرّر من آثار الزوجية قبل الفصل في الطعن المرفوع على حكم القاضي الأوّل بانحلال الزوجية ثمّ ينقض هذا الحكم لخلل تراه المحكمة العليا فيه ، وهذا النقض يرفع الحكم السابق ويوجب عودة الزوجية. (١)

أقول : إنّ الحكم الأوّلي في الإسلام هو انّ الطلاق بيد من أخذ بالساق (٢) ، فللزوج أن يطلّق على الشروط المقرّرة قال سبحانه : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ).(٣)

نعم لو اشترط الزوجان في سجل العقد أن يكون الطلاق بيد المحكمة بمعنى انّه إذا أدركت انّ الطلاق لصالح الزوجين فله أن يحكم بالفرقة والانفصال ، والمراد من الحكم بالفرقة أمران :

__________________

(١) المدخل الفقهي العام : ٢ / ٩٣٢.

(٢) مجمع الزوائد : ٤ / ٣٣٤ ، باب لا طلاق قبل النكاح.

(٣) الطلاق : ١.

أوّلا : انّ الطلاق لصالح الزوجين.

ثانيا : تولّي إجراء صيغة الطلاق.

فلو كان قضاء القاضي بالفرقة على درجة واحدة ، وليس فوقه أحد ، له حقّ النظر في قضائه فيقوم بكلا الأمرين : حق الانفصال وتنفيذه بإجراء صيغة الطلاق ويكون الحكم بالفرقة مبدأ للاعتداد.

ولو كان النظام القضائي يجعل قضاء القاضي خاضعا للطعن بطريق الاستئناف ، أو بطريق النقض أو بكليهما ، فلأجل الاجتناب عن بعض المضاعفات التي أشير إليها تقتصر المحكمة الأولى على الأمر الأوّل ـ إنّ الطلاق لصالح الزوجين ـ ويؤخر الأمر الثاني إلى إبرامه ، فعند ذلك تجري صيغة الطلاق من قبل المحكمة الثانية وتدخل المرأة في العدة ويبدأ حسابها.

وبذلك يعلم أنّ ما ضرب من الأمثلة لتأثير الزمان والمكان بعيد عمّا يروم إليه ، سواء كان العامل للتأثير هو فساد الأخلاق وفقدان الورع وضعف الوازع ، أو حدوث أوضاع تنظيمية ووسائل زمنية ، فليس لنا في هذه الأمثلة أيّ حافز للعدول عمّا عليه الشرع.

وحصيلة الكلام : أنّ الأستاذ قد صرّح بأنّ العاملين ـ الانحلال الأخلاقي والاختلاف في وسائل التنظيم ـ يجعلان من الأحكام التي أسّسها الاجتهاد في ظروف مختلفة خاضعة للتغيير ، لأنّها صدرت في ظروف تختلف عن الظروف الجديدة.

ولكنّه في أثناء التطبيق عمد تارة إلى التصرّف في الأحكام الأساسية المؤبدة التي لا يصحّ للفقيه الاجتهاد فيها ، ولا أن يحدث بها أيّ خدش ، وأخرى إلى ضرب أمثلة لم يكن فيها للزمان أيّ تأثير في تغيير الحكم المستنبط.

٦

دور الحاكم في رفع التزاحم بين الأحكام الأولية

ربّما يحصل تزاحم بين الأحكام الأولية ولا يمكن الجمع بينهما فللحاكم هنا دور في تقديم أحدهما على الآخر ، فنقول : إنّ تقدّم العناوين الثانوية على الأوّلية يحلّ العقد في مقامين :

الأوّل : إذا كان هناك تزاحم بين الحكم الواقعيّ الأوليّ وأحكام العناوين الثانوية ، فتقدم الثانية على الأولى ، إمّا من باب الحكومة أو من باب التوفيق العرفيّ.

الثاني : إذا كان هناك تزاحم بين الأحكام الواقعيّة بعضها مع بعض بحيث لو لا القضاء والحكومة لفك العقد وحفظ الحقوق لحصلت مفاسد ، وهنا يأتي دور الحاكم والفقيه الجامع للشرائط الشاغل منصبه الولاء لا الإفتاء ، أي : بتقديم بعض الأحكام الواقعيّة على بعض في المقام.

بل بمعنى تعيين أنّ المورد من صغريات أيّ واحد من الحكمين

الواقعيين ، ولا يحكم الحاكم في المقام إلّا بعد دقة وإمعان ودراسة للظروف الزمانية والمكانية ومشاورة العقلاء والخبراء.

وبعبارة أخرى : إذا وقع التزاحم بين الأحكام الأوّليّة بعضها مع بعض ، فيقدّم بعضها على بعض في ظلّ هذه العناوين الثانويّة ، (١) ويقوم به الحاكم الإسلاميّ بفضل الولاية المعطاة له ، فتصير هذه العناوين مفاتيح بيد الحاكم ، يرتفع بها التزاحم والتنافي ، فمعنى مدخليّة الزّمان والمكان في حكم الحاكم عبارة عن لزوم رعاية المصالح العامّة الإسلامية في زمانه ومكانه ، حتّى يتّضح أنّ المقام صغرى لأي كبرى من الكبريات ، وأيّ حكم من الأحكام الواقعية ، فيكون حكمه بتقديم إحدى الكبريين شكلا إجرائيّا لجريان الأحكام الواقعية ومراعاة لحفظ الأهمّ وتخطيطا لحفظ النّظام وعدم اختلاله.

وبذلك يظهر أنّ حكم الحاكم الإسلاميّ يتمتّع بميزتين :

الأولى : إنّ حكمه بتقديم إحدى الكبريين وحكمه على وفقها ، ليس حكما مستنبطا من الكتاب والسنّة مباشرة وإن كان أساس الولاية وأصلها مستنبطا ومستخرجا منهما ، إلّا أنّ الحاكم لمّا اعتلى منصّة الحكم ووقف على أنّ المقام من صغريات ذلك الحكم الواقعيّ دون الآخر للمقاييس التي عرفتها ، يصير حكمه حكوميّا وولائيا في طول الأحكام الأوّليّة والثّانويّة

__________________

(١) العناوين الثانوية عبارة عن : ١ ، الضرورة والاضطرار. ٢. الضرر والضرار. ٣. العسر والحرج. ٤. الأهم فالأهم. ٥. التقيّة. ٦. الذرائع للواجبات والمحرمات. ٧. المصالح العامّة للمسلمين. وهذه العناوين أدوات بيد الحاكم ، يحل بها مشكلة التزاحم بين الأحكام الواقعية والأزمات الاجتماعية.

وليس الهدف من تسويغ الحكم له إلّا الحفاظ على الأحكام الواقعيّة برفع التزاحم ، ولذلك سمّيناه حكما إجرائيّا ولائيّا حكوميّا لا شرعيّا ـ مثل : وجوب الوضوء ـ لما عرفت من أنّ حكمه علاجيّ يعالج به تزاحم الأحكام الواقعية في ظلّ العناوين الثانوية ، وما يعالج به حكم لا من سنخ المعالج ، ولو جعلناه في عرض الحكمين لزم انخرام توحيد التقنين والتشريع.

الثانية : إنّ حكم الحاكم لمّا كان نابعا من المصالح العامّة وصيانة القوانين الإسلامية لا يخرج حكمه عن إطار الأحكام الأوّليّة والثّانويّة ، ولأجل ذلك قلنا إنّه يعالج التزاحم فيها ، في ظلّ العناوين الثانويّة ، نعم ربّما يقال بأنّ ولاية الفقيه أوسع من إطار الأحكام الأوّلية والثانوية.

والقول بولاية الفقيه على هذا الحد يرفع جميع المشاكل الماثلة في حياتنا ، فإنّ العناوين الثانوية التي تلوناها عليك أدوات بيد الفقيه يسد بها كل فراغ حاصل في المجتمع ، وهي في الوقت نفسه تغيّر الصغريات ولا تمس بكرامة الكبريات.

ولأجل توضيح المقام ، نأتي بأمثلة تتبيّن فيها مدخليّة المصالح الزمانية والمكانية في حكم الحاكم وراء دخالتهما في فتوى المفتي.

الأوّل : لا شكّ أنّ تقوية الإسلام والمسلمين من الوظائف الهامّة ، وتضعيف وكسر شوكتهم من المحرّمات الموبقة ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر فإنّ بيع وشراء التنباك أمر محلّل في الشرع ، والحكمان من الأحكام الأوّلية ولم يكن أيّ تزاحم بينهما إلّا في فترة خاصة عند ما أعطى

الحاكم العرفيّ امتيازا للشّركة الأجنبية ، فصار بيعه وشراؤه بيدها ، ولمّا أحسّ الحاكم الشرعيّ آنذاك ـ السيد الميرزا الشّيرازي قدس‌سره ـ انّ استعماله يفتح الباب لسيطرة الكفّار على المجتمع الإسلامي ، حكم قدس‌سره بأنّ استعماله بجميع أنواع الاستعمال في هذه الفترة كالمحاربة مع وليّ العصر عليه‌السلام. (١) فلم يكن حكمه نابعا إلّا من تقديم الأهمّ على المهمّ أو من نظائره ، ولم يكن الهدف من الحكم إلّا بيان أنّ المورد من صغريات حفظ مصالح الإسلام واستقلال البلاد ، ولا يحصل إلّا بترك استعمال التّنباك بيعا وشراء وتدخينا وغيرها ، فاضطرّت الشّركة حينئذ إلى فسخها.

الثاني : إنّ حفظ النفوس من الأمور الواجبة ، وتسلّط النّاس على أموالهم وحرمة التصرّف في أموالهم أمر مسلّم في الإسلام أيضا ، إلّا أنّ حفظ النفوس ربّما يتوقّف على فتح الشوارع في البلاد داخلها وخارجها ولا يحصل إلّا بالتصرّف في الأراضي والأملاك ، فلو استعدّ مالكها بطيب نفس منه فهو وإلّا فللحاكم في المقام دور وهو ملاحظة الأهمّ بتقديمه على المهمّ فيقدّم الحكم الأوّل وهو حفظ النفوس على الثاني ، ويحكم بجواز التصرّف بلا إذن ، غاية الأمر يضمن لصاحب الأراضي قيمتها السوقية.

الثالث : إنّ إشاعة القسط والعدل ممّا ندب إليه الإسلام وجعله غاية لبعث الرّسل ، قال سبحانه : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ

__________________

(١) أصدر الميرزا الشيرازي الحكم عام ١٨٩١ م ونصّه كالتالي : بسم الله الرّحمن الرحيم : «اليوم استعمال التنباك والتتن ، بأي نحو كان ، بمثابة محاربة إمام الزمان (عجّ)».

الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ)(١).

ومن جانب إنّ النّاس مسلّطون على أموالهم يتقلّبون فيها كيفما شاءوا ، فإذا كان هناك تزاحم بين الحكمين الواقعيين ، كما في احتكار المحتكر أيّام الغلاء أو إجحاف أصحاب الحرف والصّنعة وغيرهم ، فللحاكم الإسلامي ـ حسب الولاية الإلهيّة ـ الإمعان والدقة والاستشارة والمشورة في حلّ الأزمة الاجتماعية حتّى يتبيّن له أنّ المقام من صغريات أيّ حكم من الحكمين فلو لم تحلّ العقد بالوعظ والنصيحة ، فآخر الدواء الكيّ ، أي : بفتح المخازن وبيع ما احتكر بقيمة عادلة وتسعير الأجناس وغير ذلك.

الرابع : لا شكّ أنّ الناس أحرار في تجاراتهم مع الشركات الداخلية والخارجية ، إلّا أنّ إجراء ذلك ، إن كان موجبا لخلل في النظام الاقتصاديّ أو ضعف في البنية الماليّة للمسلمين ، فللحاكم تقديم أهمّ الحكمين على الآخر حسب ما يرى من المصالح.

الخامس : لو رأى الحاكم أنّ بيع العنب إلى جماعة لا يستعملونه إلّا لصنع الخمر وتوزيعه بالخفاء أورث فسادا عند بعض أفراد المجتمع وانحلالا في شخصيّتهم ، فله أن يمنع من بيع العنب إلى هؤلاء.

إلى غير ذلك من المواضيع الكثيرة التي لا يمكن للفقيه المفتي أو الحاكم غضّ النّظر عن الظروف المحيطة به ، حتى يتضح له أنّ المجال مناسب لتقديم أي الحكمين على الآخر وتشخيص الصغرى كما لا يخفى.

__________________

(١) الحديد : ٢٥.

تمّ الكلام في ما يهمنا من التقديم لهذا الجزء من «نهاية الوصول إلى علم الأصول» والغرض إكمال ما لم يتوسع فيه المصنّف من الكلام مع أنّها من المباحث المهمة في حياتنا المعاصرة وبهذا الجزء تتم هذه الموسوعة الأصولية لنابغة عصره ونادرة دهره العلّامة الحلي قدس‌سره.

والحمد لله الّذي بنعمته تتم الصالحات

جعفر السبحاني

قم المشرفة ـ مؤسسة الإمام الصادق عليه‌السلام

٨ شوال المكرم ١٤٢٨ ه

المقصد الثالث عشر :

في الاجتهاد والتقليد

والتعادل والترجيح

وفيه فصول :

الفصل الأوّل :

في الاجتهاد

وفيه مطالب :

الأوّل : في ماهيته

الاجتهاد لغة عبارة عن استفراغ الوسع في تحقيق أمر من الأمور مستلزم للكلفة والمشقة ، يقال اجتهد في حمل الثقيل أي استفرغ وسعه فيه ، ولا يقال : اجتهد في حمل النواة.

وأمّا في عرف الفقهاء فهو : استفراغ الوسع في طلب الظن بشيء من الأحكام الشرعية بحيث ينتفي اللوم عنه بسبب التقصير. فاستفراغ الوسع كالجنس للمعنى اللغوي والاصطلاحي وما بعده مميّز للمعنى الأصولي عن اللغوي.

وإنّما قلنا : «في طلب الظن» ليخرج الأحكام القطعية.

وقولنا : «بشيء من الأحكام الشرعية» ليخرج الاجتهاد في الأمور العقلية.

وقولنا : «بحيث ينتفي اللوم بسبب التقصير» ليخرج اجتهاد المقصّر مع

إمكان المزيد عليه ، فإنّه لا يعد في الاصطلاح اجتهادا معتبرا.

وهذه سبيل مسائل الفروع ولذلك تسمّى هذه المسائل مسائل الاجتهاد ، والناظر فيها مجتهد ، وليس هذه حال الأصول.

وإذا ثبت هذا فالاجتهاد نسبة وإضافة بين أمرين : أحدهما أن يقال له المجتهد ، وهو الناظر المتصف بصفة الاجتهاد ؛ والثاني المجتهد فيه ، وهي المسائل الفرعية.

المطلب الثاني : في المجتهد

وفيه مباحث :

الأوّل : في شرائطه

وينظمها شيء واحد كون المكلّف بحيث يتمكّن من الاستدلال بالدلائل الشرعية على الأحكام. وهذه المكنة مشروطة بأمور (١) :

الأوّل : أن يكون عارفا بمقتضى اللفظ ومعناه ، وإلّا لم يستفد منه شيئا ، فيكون عارفا باللغة والوضع العرفي والشرعي لجواز النقل عنها.

الثاني : أن يعرف من حال المخاطب أنّه يعني باللفظ ما يقتضيه ظاهره ، إن تجرّد ، أو ما يقتضيه مع القرينة إن وجدت ، لأنّه لو لا ذلك لما حصل الوثوق بخطابه ، لجواز أن يعني به غير ظاهره مع أنّه لم يبيّنه. وذلك إنّما

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٩٦.

يحصل بحكمة المتكلّم ، وعصمته ، والحكم بكونه تعالى حكيما مبني على العلم بأنّه تعالى عالم بقبح القبيح ، وبأنّه غني عنه. وإنّما يتمشّى ذلك على قواعد المعتزلة.

واعتذر الأشاعرة بأنّ جائز الوقوع عقلا قد يعلم عدم وقوعه ، كانقلاب ماء البحر دما ، كذا هنا يجوز من الله تعالى كلّ شيء لكنّه خلق فينا علما بديهيّا بأنّه لا يعني بهذه الألفاظ إلّا ظواهرها.

وليس بجيد ، لتعذّر العلم مع حصول التجويز للنقيض.

الثالث : أن يعرف تجرّد اللفظ أو اقترانه بقرينة إن كانت معه ، وإلّا لجاز فيما حكم بتجرّده أن يكون معه قرينة تصرفه عن ظاهره.

والقرينة إمّا عقلية يظهر بها ما يجوز إرادته من اللفظ ممّا لا يجوز. وإمّا سمعية وهي الأدلة المقتضية للتخصيص. وإمّا في الأعيان أو الأزمان كالنسخ ، أو المقتضية لتعميم الخاص كالقياس عند القائلين به ، وحينئذ يجب أن يعرف شرائطه.

ولمّا كانت الأدلّة السّمعية نقلية ، وجب أن يكون عارفا بالنقل المتواتر والآحاد ، وأن يعرف شرائطهما. ولمّا كانت الأدلّة قد تتعارض ولا يمكن العمل بجميعها ولا إهمالها ولا بالبعض محاباة (١) ، بل لا بدّ من العمل بالراجح منها ، وجب أن يكون عارفا بجهات الترجيح وطرقه.

والضابط ما قاله الغزالي هنا وهو : أنّ مدارك الأحكام أربعة : الكتاب

__________________

(١) في «أ» و «ب» : مجانا ، وفي «ج» : مجابا. والمحاباة أي التساهل والتطوّع بلا مرجّح.

والسنّة والإجماع والعقل ، فيجب معرفة هذه الأربعة ، ولا بدّ معها من أربعة أخرى : اثنان مقدّمان :

أ. معرفة شرائط الحدّ والبرهان على الإطلاق.

ب. معرفة النحو واللغة والتصريف ، لأنّ الأدلّة عربية وإنّما يمكن معرفة دلالتها بعد معرفة كلام العرب ، وما يتوقّف معرفة الواجب المطلق عليه فهو واجب.

وأمّا العلمان المؤخّران (١) فأحدهما يتعلّق بالكتاب ، وهو معرفة الناسخ والمنسوخ. والآخر بالسنّة وهو معرفة الرجال وجرحهم وتعديلهم ، والواجب الاقتصار هنا على تعديل الفقهاء والمشايخ السابقين ، لتعذّر معرفة أحوال الرجال مع طول المدة وكثرة الوسائط.

فهذه الأمور الثمانية لا بدّ من معرفتها.

ولا يشترط معرفة الكتاب العزيز بجملته ، بل ما يتعلّق بالأحكام ، وهو خمسمائة آية.

ولا يشترط حفظها أيضا ، بل أن يعرف مواقعها حتى يطلب الآية المحتاج إليها عند الحاجة.

وكذا السنّة يجب أن يعرف الأحاديث الدالّة على الأحكام ، وهي مع كثرتها مضبوطة في الكتب.

__________________

(١) في «أ» و «ب» : المتمّمان.

ولا يلزم حفظها أيضا ، بل أن يكون عنده أصل مصحّح شامل للأحاديث المتعلّقة بالأحكام الشرعية دون المواعظ والآداب وأحكام الآخرة.

وأمّا الإجماع فيجب أن يعرف مواقعه ، لئلّا يفتي بخلافه. وطريق ذلك أن يفتي بما يوافق قوله قول بعض الفقهاء المتقدّمين ، أو يظن تولد هذه الواقعة في عصره ولم يبحث أهل الإجماع عنها.

وأمّا العقل فيعرف البراءة الأصليّة ، وإنّا مكلّفون بالتمسك بها إلّا مع قيام دليل صارف عنه ، وهو : نص أو إجماع أو غيرهما.

هذا فيما يتعلّق بمعرفة الطرق الشرعية ؛ وأمّا ما يتعلّق بالأصولية فيجب أن يكون عارفا بالله تعالى وصفاته وما يجب له ويمتنع عليه ، لأنّه شرط في الإيمان ؛ وأن يعرف الرسول ، ويحكم بنبوته ، وما جاء به من الشرع المنقول بما ظهر من المعجزات.

ولا يشترط معرفته بدقائق علم الكلام والتبحّر فيه ، بل معرفته بما يتوقّف عليه الإيمان ، ولا يجب عليه قدرته على تفصيل الأدلّة بحيث يتمكّن من الجواب عن الشبهات والتخلّص عن الإيرادات.

وهذه شرائط المجتهد المطلق المتصدي للحكم والإفتاء في جميع مسائل الفقه. أمّا الاجتهاد في حكم بعض المسائل فيكفي فيه معرفته بما يتعلّق بتلك المسألة ، وما لا بدّ منه فيها. (١)

__________________

(١) هذا هو التجزؤ في الاجتهاد ، وقد تقدّم بيانه في مقدمة العلّامة السبحاني في هذا الجزء ص ٥٨.

ولا يشترط معرفة المجتهد بجميع الأحكام والاطّلاع على مدارك جميع المسائل ، لأنّه غير مقدور للبشر.

البحث الثاني : في أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن متعبّدا بالاجتهاد

اختلف الناس في ذلك فالذي عليه الإمامية (١) والجبّائيان أنّه لم يكن متعبّدا بالاجتهاد في شيء من الأحكام. وقال الشافعي وأبو يوسف بالجواز. وقال آخرون : إنّه متعبّد بالاجتهاد في الحروب ، فأمّا في أحكام الدين فلا. وتوقّف الباقون. (٢)

لنا وجوه :

الأوّل : قوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)(٣) ، وقوله تعالى : (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ)(٤) وهو ينفي أن يكون الحكم الصادر عنه بالاجتهاد.

الثاني : قال له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعض الصحابة في منزل نزله : «إن كان هذا بوحي من الله فالسمع والطاعة ، وإلّا فليس هو بمنزل مكيدة». فدلّ على جواز

__________________

(١) مر بيان ما هو الحق في هذه المسألة في مقدمة هذا الجزء لآية الله السبحاني : ٩ وما بعدها ، فراجع.

(٢) راجع المحصول : ٢ / ٤٨٩ ؛ الإحكام : ٤ / ١٧٢.

(٣) النجم : ٣ ـ ٤.

(٤) يونس : ١٥.

مراجعته في اجتهاده ، ولا تجوز مراجعته في أحكام الشرع فيلزم أن لا يكون فيها ما هو اجتهاده.

الثالث : الاجتهاد يفيد الظن خاصة ، والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قادر على معرفة الحكم من جهة القطع بالوحي من الله تعالى ، والقادر على العلم لا يجوز له الاكتفاء بالظن ، كمن يقدر على علم القبلة فإنّه لا يجوز له التقليد والرجوع إلى الظنّ.

الرابع : مخالفه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحكم كافر ، لقوله تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ)(١) ، والمخالف في الاجتهاد لا يكفّر ، لأنّ الرجل إذا اجتهد وأخطأ فله أجر واحد بحكم النص ، والمستوجب للأجر لا يحكم بكفره.

الخامس : لو جاز له العمل بالاجتهاد لما توقّف على نزول الوحي في شيء من الأحكام ؛ لأنّ حكم العقل في الكلّ كان معلوما له ، وطرق الاجتهاد كانت معلومة له ، فإذا حدث واقعة ليس فيها وحي كان مأمورا بالاجتهاد ، فلا يتوقّف عنه إلى نزول الوحي ، لكنّه توقّف كما في مسألة الظهار واللعان.

السادس : لو جاز له الاجتهاد لجاز لجبرئيل عليه‌السلام ، فلا يعلم أنّ الحكم الّذي نزل به من الله تعالى أو من اجتهاد جبرئيل عليه‌السلام.

السابع : الاجتهاد عرضة للخطإ والرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منزّه عنه معصوم عن

__________________

(١) النساء : ٦٥.

الزلل ، فلا يجوز استناد حكمه إلى ما يجوز أن يكون خطأ.

الثامن : الاجتهاد مشروط بعدم النص ، وهذا غير ثابت في حقه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنّ الوحي متوقّع في حقّه في كلّ حالة ، وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط.

التاسع : لو كان في الأحكام الصادرة عنه ما يكون عن اجتهاد لجاز أن لا يجعل أصلا لغيره.

العاشر : لو كان متعبّدا بالاجتهاد لأظهره ، لما فيه من فائدة الاقتداء والتأسّي به.

الحادي عشر : الأحكام الشرعية مبنية على المصالح الّتي لا علم للخلق بها ، فلو قيل له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : احكم بما ترى ، كان ذلك تفويضا إلى من لا علم له بالأصلح. وهو يقتضي اختلال المصالح الدينية والأحكام الشرعية.

الثاني عشر : لنا صواب في الرأي وصدق في الخبر ، وقد أجمعنا على أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس له أن يخبر بما لا يعلم كونه صدقا ، فكذا لا يجوز له أن يحكم بما لا يعلم أنّه صواب.

الثالث عشر : لو جاز أن يتعبّده الله تعالى بالاجتهاد لجاز أن يرسل إليه رسولا ، ويجعل له أن يشرّع شريعة برأيه ، وأن ينسخ شرائع الله المنزلة على الأنبياء ، وأن ينسخ أحكاما أنزلها الله تعالى عليه برأيه ، وكلّ ذلك باطل.

الرابع عشر : لو جاز صدور الأحكام الشرعية عن رأيه واجتهاده لأورث

ذلك تهمة في حقّه ، وانّه هو الواضع للشريعة من تلقاء نفسه ، وهو مخلّ بمقصود البعثة ، وهو ممتنع.

اعترض على الأوّل بأنّ الآية تنصرف إلى ما ينطق به دون ما يظهر منه فعلا فمن أين ان كلّ ما فعله كان وحيا ؛ قاله قاضي القضاة. (١)

وقال أبو الحسين : إنّ قوله : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) لا يمنع من كونه مجتهدا ، لأنّ الحكم بالاجتهاد ليس هو عن هوى. (٢)

وقيل أيضا إنّه تعالى إذا قال له : مهما ظننت كذا فاعلم أنّ حكمي كذا ، فهنا العمل بالظن عمل بالوحي لا بالهوى. (٣)

وفيه نظر ، لأنّ القصد ليس النطق اللساني ، بل الحكم الشامل للذهن والنطق.

سلّمنا ، لكنّه إذا اجتهد فلا بد وأن ينطق بحكم اجتهاده والإخبار عمّا ظنّه من الحكم فتكون الآية متناولة له. ومن المعلوم أنّ ما ينطق به إذا كان مستنده الاجتهاد لم يكن عن وحي ولم يقتصر على قوله : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) حتى عقبه بقوله : (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) فيخرج عنه كون الاجتهاد ليس عن هوى.

وعلى قوله تعالى : (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي) أنّه

__________________

(١) نقله عنه أبو الحسين البصري في المعتمد : ٢ / ٢٤٢.

(٢) المعتمد : ٢ / ٢٤٢.

(٣) القائل هو الرازي في المحصول : ٢ / ٤٩٢.

يدلّ على أنّ تبديله للقرآن ليس من تلقاء نفسه بل بالوحي ، والنزاع إنّما وقع في الاجتهاد.

وفيه نظر ، لأنّه عقبه بقوله : (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) ، وهو يدلّ على عدم تخصيص التبديل.

وعلى الثاني. بأنّ ذلك إنّما يدلّ على جواز مراجعته في الآراء الّتي ليست من الأحكام ، كالآراء في الحروب ، والأحكام الشرعية خارجة عن ذلك ؛ قاله أبو الحسين. (١)

وفيه نظر ، لدلالة الحديث على أنّ ما يكون بالوحي لا يجوز مراجعته فيه ، وما يكون بالرأي يجوز مراجعته ، سواء كان في الحرب أو غيره ، لجواز اشتمال النزول على حكم شرعي ، فالسائل لم يتعرّض لكونه شرعيا أو لا ، بل لكونه اجتهاديا أو لا.

وعلى الثالث (٢). بأنّ الاجتهاد إنّما يجوز فيما لم يوجد فيه نصّ ، وإذا كان كذلك لم يكن متمكّنا من معرفة الحكم بالنصّ.

وفيه نظر ، إذ كلّ قضية لا بدّ فيها من حكم معيّن وانّ الله تعالى عليه دليلا ، فإذا سأل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجب في حكمته تعالى إعلامه به.

وعلى الرابع (٣). أنّ الحكم مظنون أوّلا ، إلّا أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما أفتى به ، وجب

__________________

(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ٢٤٢.

(٢) المعترض هو الرازي في المحصول : ٢ / ٤٩٣.

(٣) المعترض هو الرازي في المحصول : ٢ / ٤٩٣.

القطع به ، كما في الإجماع الصادر عن الاجتهاد.

وفيه نظر ، لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على تقدير الاجتهاد لا يعلم الحكم قطعا ، فكيف يحصل لغيره العلم به مع نصّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتجويز خلافه؟

وعلى الخامس (١). أنّ العمل بالاجتهاد مشروط بالعجز عن وجدان النصّ ، فلعلّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصبر مقدار ما يعرف به أنّ الله لم ينزل فيه وحيا.

وفيه نظر ، لأنّ الشرط إمّا عدم الوحي في الماضي ، أو في المستقبل. والثاني باطل ، إذ كلّ وقت يمكن حصول الوحي ، فلا يصلح أن يكون شرطا.

والأوّل باطل أيضا ، لأنّه عارف بما أوحي إليه.

وعلى السادس (٢). أنّه مدفوع بالإجماع.

وفيه نظر ، لأنّه إبطال للّازم ، وهو إحدى مقدّمات دليلنا.

وعلى السابع (٣). نمنع كون كلّ اجتهاد عرضة للخطإ ، لإجماع الصحابة على الاجتهاد.

وفيه نظر ، للفرق فإنّ الإجماع عندنا يشترط فيه قول المعصوم فلا يكون خطأ.

وعلى الثامن (٤). بأنّ المانع من الاجتهاد هو وجود النص لا إمكانه ، ثم

__________________

(١) المعترض هو الرازي في المحصول : ٢ / ٤٩٣.

(٢) المعترض هو الرازي في المحصول : ٢ / ٤٩٣.

(٣) المعترض هو الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٨١.

(٤) المعترض هو الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٨١.

ينتقض باجتهاد الصحابة في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وفيه نظر ، لأنّ المانع بالذات ليس إلّا التمكّن من حصول العلم إذ النص إنّما منع من هذه الحيثية والإمكان هنا متحقّق ، واجتهاد الصحابة ممنوع لما سبق في القياس.

وعلى التاسع. قال أبو الحسين : إنّ ذلك ليس من حقّ الاجتهاد على الإطلاق ، فإنّ الأمّة لو أجمعت عن اجتهاد ، وجب أن يجعل أصلا. (١)

وفيه نظر ، إذ الاجتهاد متساوي النسبة إلى كلّ مجتهد ، فليس البعض بالأصالة أولى من الآخر ، والإجماع عن اجتهاد ممنوع على ما تقدّم.

وعلى العاشر (٢). بأنّه لا مانع أن يكون متعبّدا بالاجتهاد وإن لم يظهره صريحا ، لمعرفة ذلك.

وفيه نظر ، فإنّ إخفاء مثل هذا الأصل العظيم غير جائز على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما لا يجوز إخفاء الكتاب والسنّة ، ولا نسلّم معرفة ذلك ، فإنّ أبا علي الجبائي ادّعى الإجماع على أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن متعبّدا بالاجتهاد ، فكيف يكون نقيض ذلك معلوما؟!

وعلى الحادي عشر (٣). بأنّه مبني على وجوب رعاية المصالح ، وهو ممنوع. وقد تقدّم جوابه.

__________________

(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ٢٤٢.

(٢) المعترض هو الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٨٠.

(٣) المعترض هو الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٨٠.

وعلى الثاني عشر (١). بالفرق ، فإنّ الإخبار بما لا يعلم كونه صدقا قد لا يأمن فيه الكذب وهو الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه ، وذلك ممّا لا يجوز لأحد الإقدام عليه. والاجتهاد بخلافه ، إذ كلّ مجتهد مصيب.

وفيه نظر ، فإنّ المجتهد مخبر عن الله تعالى ، فاستلزم ما يستلزمه الخبر من المحذور ، ويمنع إصابة كلّ مجتهد على ما يأتي.

وعلى الثالث عشر (٢). بجواز ذلك فإنّه تعالى يفعل ما يشاء ، ولا قبح في أفعاله. وقد تقدّم جوابه.

وعلى الرابع عشر (٣). بانتفاء التهمة ، لصدقه فيما يدّعيه من تبليغ الأحكام بجهة الرسالة.

وفيه نظر ، لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم ينص على كلّ حكم حكمه بأنّه منزل من الله تعالى بوحي إليه ، وإلّا لكان الحكم الّذي اجتهده معلوما وهو ما عداه ، وليس كذلك.

واعلم أنّ السيد المرتضى رحمه‌الله جوّز ذلك عقلا لكن منع من وقوعه.

وهو مذهب جماعة. (٤)

واحتجّ المثبتون بوجوه (٥) :

__________________

(١) المعترض هو الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٨٠.

(٢) المعترض هو الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٨١.

(٣) المعترض هو الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٨١.

(٤) راجع الذريعة إلى أصول الشريعة : ٢ / ٧٩٤.

(٥) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٩٠ ـ ٤٩١ ؛ والآمدي في الإحكام : ٤ / ١٧٢ ـ ١٧٥.

الأوّل قوله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا)(١) وهو عام ، وهو صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان أعلى الناس بصيرة ، وأكثرهم اطّلاعا على شرائط القياس ، وما يجب ويجوز معرفة المناط والفوارق ، وذلك مندرج تحت الآية ، فكان مأمورا به فكان فاعلا له ، وإلّا قدح في عصمته.

وفيه نظر ، بمنع دلالته على القياس كما تقدّم.

سلّمنا لكن يفارق الأمّة بتمكّنه من استعلام الحكم قطعا ، فلا يجوز له المصير إلى الظن ، والأصل فيه مع تسليم الدلالة على القياس أنّه واجب عند نزول الحادثة والظن بانتفاء النص في الماضي عليها. ولا خلاف في عدم ذلك في حقه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنّه كان ينتظر الوحي فلا يكون مندرجا تحت العموم.

الثاني : إذا غلب على ظنّ تعليل الحكم بوصف ثمّ علم أو ظن وجوده في غيره ظن المساواة في الحكم ، وترجيح الراجح على المرجوح من مقتضيات العقول ، وهو يقتضي وجوب العمل بالقياس عليه.

ويرد عليه ما تقدّم من تمكّنه من العلم ، فلا يجوز الرجوع إلى الظن.

الثالث : العمل بالاجتهاد أشقّ من العمل بالنصّ فيكون أكثر ثوابا ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أفضل الأعمال أحمزها» (٢) أي أشقّها ، فلو لم يعمل

__________________

(١) الحشر : ٢.

(٢) تفسير الرازي : ٢ / ٢١٧ و ٢٣٣ وج ٤ / ١٥٢ وج ٥ / ١٥٦ ؛ تفسير البيضاوي : ١ / ٥٣٦ ؛ ـ

الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالاجتهاد مع أنّ الأمّة عملت به كانت الأمّة أفضل منه. وهو باطل إجماعا.

لا يقال : إنّه يقتضي أن لا يعمل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا باجتهاد ، لأنّه أفضل. وأيضا فإنّما يجب هذا المنصب لو لم يجد أعلى منه لكنّه وجده ، لأنّه كان يتمكّن من معرفة الأحكام بالوحي ، وهو أعلى من الاجتهاد.

لأنّا نجيب عن الأوّل. بأنّه غير ممكن ، فإنّ العمل بالاجتهاد مشروط بالنصّ على أحكام الأصول ، فلا يمكن العمل بالقياس في الجميع.

وعن الثاني. أنّ الوحي وإن كان أعلى درجة إلّا أنّه خال عن تحمّل المشقّة في استدراك الحكم ، ولا يظهر فيه أثر دقّة الخاطر ، وجودة القريحة ، وإذا كان فيه نوع فضيلة لم يجز خلوه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منه.

وفيه نظر ، فإنّ المشقّة إنّما تؤثر زيادة الثواب لو كان العمل الّذي اشتملت عليه مطلوبا للشارع ، أمّا إذا لم يكن مطلوبا فلا. ونحن نمنع من جواز الاجتهاد في حقّه على أنّا نمنع من اشتمال الاجتهاد على زيادة المشقّة ، بل جاز أن يكون في الوحي مشقّة زائدة على الاجتهاد بما يحصل له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الخوف والخشية من الله تعالى حال نزول الوحي عليه ؛ وجودة القريحة إنّما يحتاج إليها من قصرت فطنته عن بلوغ نهاية الكمال الإنسي ، وهو منتف في حقّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

__________________

ـ تفسير الآلوسي : ٢ / ٤٦ ؛ شرح نهج البلاغة : ١٩ / ٨٣ ؛ بحار الأنوار : ٦٧ / ١٩١ و ٢٣٧ وج ٧٩ / ٢٢٨.

الرابع : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «العلماء ورثة الأنبياء» (١) فثبت له رتبة الاجتهاد ليرثوه عنهم. (٢)

لا يقال : المراد به في إثبات أركان الشرع.

لأنّا نقول : إنّه تقييد من غير دليل.

وفيه نظر ، إذ لا يجب أن يكون كلّ تكليف العلماء ممّا كلّف به الأنبياء عليهم‌السلام فإنّ المصير إلى الإجماع ثابت في حقّ العلماء دون الأنبياء عليهم‌السلام. وأيضا الإرث إنّما هو فيما يثبت للأنبياء ، ونحن نمنع من ثبوته لهم ، فالمراد الإرث في تبليغ الأحكام إلى العامّة.

الخامس : أنّ بعض السنن مضافة إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلا يكون بالوحي ، وإلّا انتفت فائدة الإضافة ؛ كما لا يقال لمن أثبت حكما بالنص الظاهر الجلي عن الحاجة إلى الاجتهاد أنّه مذهب فلان ، فلا يقال : مذهب الشافعي وجوب الصلاة ، بخلاف ما إذا أثبته بضرب من الاجتهاد فإنّه يضاف إليه ، فكذا هنا.

وفيه نظر ، لمنافاة قوله تعالى : (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)، ويجوز

__________________

(١) سنن ابن ماجة : ١ / ٨١ ؛ سنن أبي داود : ٢ / ١٧٥ برقم ٣٦٤١ ؛ سنن الترمذي : ٤ / ١٥٣ برقم ٢٨٢٣ ؛ مجمع الزوائد : ١ / ١٢٦ ؛ الكافي : ١ / ٣٢ ح ٢ ، باب صفة العلم وفضله ، وص ٣٤ ح ١ باب ثواب العالم ؛ أمالي الصدوق : ١١٦ ح ٩٩ ؛ ثواب الأعمال : ١٣١ ؛ عوالي اللآلي : ١ / ٣٥٨ برقم ٢٩ وج ٢ / ٢٤١ برقم ٩ ؛ بحار الأنوار : ١ / ١٦٤ وج ٢ / ٩٢ و ١٥١ ح ٣١.

(٢) العبارة في المحصول كما يلي : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «العلماء ورثة الأنبياء» وهذا يوجب أن تثبت له درجة الاجتهاد ليرثوه عنه ، إذ لو ثبت لهم ذلك ابتداء لم يكونوا وارثين عنه.

أمّا قول العلّامة : «ليرثوه عنهم» يعني به : ليرث العلماء الاجتهاد عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

إضافة السنّة إليه فيما لم يتل الحكم فيه.

السادس : قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ)(١) وهو عام في المنصوص والمستنبط ، لأنّ كلا منهما يصدق عليه انّه ممّا أراه الله تعالى له. وقرره أبو علي الفارسي فقال : لا يجوز إراءة العين لاستحالتها في الأحكام ولا الاعلام وإلّا لوجب ذكر المفعول الثالث لوجود المفعول الثاني ، وهو الضمير الراجع إلى ما ، فإذن المعنى لتحكم بين الناس بما جعله الله لك رأيا.

وفيه نظر ، فإنّ مفهوم سياق الكلام تعليل الإنزال بالحكم بما اشتمل عليه المنزل ، وهو ينافي الاجتهاد. وما مصدرية ، فلا يرجع إليها ضمير ، فانتفى دليل فساد إرادة الإعلام.

السابع : قوله تعالى : (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)(٢) والمشاورة إنّما تكون فيما يحكم فيه بطريق الاجتهاد لا فيما يحكم فيه بطريق الوحي.

وفيه نظر ، لأنّه ليس في الأحكام الشرعية ، بل في المصالح العملية في الدنيا ومصالح الحرب ، وإلّا لكان مستفيدا للأحكام من اجتهاد غيره. وهو باطل قطعا ، وإلّا لكان ذلك الغير أكمل منه. ولا يستلزم المشاورة المصير إلى ما يذهب إليه القوم ، لجواز إرادة استعلام معرفة كلّ منهم بالحروب بحيث يفوض إلى كلّ من يستصلحه لشيء ذلك الشيء.

__________________

(١) النساء : ١٠٥.

(٢) آل عمران : ١٥٩.

الثامن : قوله تعالى بطريق العتاب في أسارى بدر وقد أطلقهم : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ)(١) فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو نزل من السماء إلى الأرض عذاب لما نجا منه إلّا عمر (٢) ، لأنّه كان قد أشار بقتلهم.

وفيه نظر ، لاستلزامه التخطئة له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو محال على ما بيّناه ، فلا يكون ذلك بطريق العتاب له ؛ ويلزم أن يكون عمر أفضل منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث حكم بالخلاص له دونه ، وهو باطل بالإجماع. فإذن الوجه أنّه كان مخيرا (٣) بالوحي بين قتل الكلّ وإطلاق الكلّ أو فداء الكلّ ، فأشار بعض الأصحاب بإطلاق (٤) البعض دون البعض ، فنزل العتاب لذلك البعض لا له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبهذا جاء بصيغة الجمع في قوله : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا)(٥) ومعلوم أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن كذلك.

التاسع : قوله تعالى : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ)(٦) عاتبه على ذلك ونسبه إلى الخطأ. وهو لا يكون فيما حكم فيه بالوحي فلم يبق سوى الاجتهاد.

__________________

(١) الأنفال : ٦٧.

(٢) الإحكام : ٤ / ١٧٣. ولم نعثر عليه في المصادر الحديثية. راجع تعليق التنكابني على الرواية في كتابه سفينة النجاة : ٢٨٤.

(٣) في «أ» و «ج» : مخبرا.

(٤) في «د» : بفداء.

(٥) الأنفال : ٦٧.

(٦) التوبة : ٤٣.

وفيه نظر ، لأنّا بيّنّا امتناع الخطأ عليه ، فإن كان عتابا له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دون أصحابه ، فإنّما هو على ترك الأولى ، وهو راجع إلى مصالح الدنيا لا الأحكام الشرعية.

العاشر : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مكة : «لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها» فقال العباس : إلّا الإذخر قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إلّا الإذخر». (١) ومعلوم أنّ الوحي لم ينزل عليه في تلك الحال ، فكان الاستثناء بالاجتهاد.

وفيه نظر ، لأنّ الوحي إذا كان عامّا لم يجز الاستثناء إلّا لدليل ، ولو لم يكن بوحي لكان عن اجتهاد ويتعذّر ، بل يمتنع حصوله لو كان متعبّدا به في تلك الحال ، فإنّ سرعة الوحي أشدّ من سرعة الاجتهاد ، فالحكم بالتعذّر في الوحي يستلزم أولوية الحكم به في الاجتهاد.

لا يقال : إنّه مستند إلى اجتهاد سابق.

لأنّا نقول : فجاز استناده إلى وحي سابق ، ولأنّه ممتنع وإلّا لوجب عليه إظهاره إزالة للتلبيس باعتقاد العموم ، بل الحق انّه كان يريد الاستثناء فسبقه العباس.

الحادي عشر : روي الشعبي أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقضي القضية

__________________

(١) صحيح البخاري : ٢ / ٩٥ ، باب في الجنائز ؛ وص ٢١٣ ، باب لا يعضد شجر الحرم ؛ صحيح مسلم : ٤ / ١٠٩ ، باب تحريم مكة وصيدها ؛ سنن ابن ماجة : ٢ / ١٠٣٨ ؛ سنن أبي داود : ١ / ٤٤٨ برقم ٢٠١٧ ؛ سنن النسائي : ٥ / ٢٠٣ ؛ مسند أحمد : ١ / ٢٥٣ و ٢٥٩ و ٣١٦ و ٣٤٨ ؛ الكافي : ٤ / ٢٢٦ ح ٣ ؛ من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٢٤٦ برقم ٢٣١٦ ؛ وسائل الشيعة : ١٢ / ٥٥٧ ، ح ١ و ٤ ، باب تحريم صيد الحرم. وقد ورد الحديث باختلاف في الألفاظ.

وينزل القرآن بعد ذلك بغير ما كان قضى به ، فيترك ما كان قضى به على حاله ، ويستقبل ما نزل به القرآن ، والحكم بغير القرآن لا يكون إلّا بالاجتهاد.

وفيه نظر ، لاستلزامه التخطئة في الأحكام ، وهو محال عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أنّ الخبر مرسل فلا حجّة فيه. ونمنع أنّ الحكم بغير القرآن لا يكون إلّا بالاجتهاد ، بل يكون بالوحي ثمّ ينسخ بالقرآن ، وعلى هذا تحمل الرواية إن صحّت.

الثاني عشر : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي» (١) ولا يستقيم ذلك في ما كان بالوحي.

وفيه نظر ، لأنّ أفعال الحج لا بد وأن تكون بالوحي لعدم دلالة العقل على تفاصيلها. نعم لمّا بيّن له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحج قارنا ، فبادر ثم أوحي إليه فضيلة التمتع وأنّه ليس للقارن ذلك ، تأسف على المبادرة إلى القران وفوات العمرة.

البحث الثالث : في عدم جواز الخطاء عليه

اختلف القائلون بجواز الاجتهاد له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في جواز الخطأ عليه في اجتهاده فالأكثر على المنع وجوزه الباقون بشرط أن لا يقرّ عليه وهذا البحث ساقط عنا من وجهين :

الأوّل : امتناع الخطأ عليه مطلقا ووجوب عصمته.

__________________

(١) سنن أبي داود : ١ / ٤٠١ برقم ١٧٨٤ ؛ سنن البيهقي : ٥ / ٦ ؛ عوالي اللآلي : ١ / ٤٥ برقم ٥٩ و ٢١٣ برقم ٦٧ وج ٢ / ٢٣٥ برقم ٣ ؛ بحار الأنوار : ٣٠ / ٦٣٢.

الثاني : امتناع تسويغ الاجتهاد له.

احتجّ المانعون (١) بأنّا مأمورون باتّباعه في الحكم لقوله تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ)(٢) ولقوله : (فَاتَّبِعُوهُ)(٣) ، [ولقوله :](أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)(٤) وغير ذلك من الآيات ، فلو جاز عليه الخطأ لكنّا مأمورين بالخطإ ، فلا يكون خطأ.

احتجّ الآخرون (٥) بقوله تعالى : (عَفَا اللهُ عَنْكَ)(٦) ، وهو يدلّ على أنّه أخطأ فيما أذن لهم.

وقال تعالى في أسارى بدر : (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)(٧) ، وهو يدلّ على الخطأ في أخذ الفداء.

وقال تعالى : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ)(٨) ويجوز الخطأ علينا فكذا عليه.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّكم لتختصمون لديّ ولعلّ بعضكم ألحن بحجته من

__________________

(١) وهو مختار الرازي في المحصول : ٢ / ٤٩٣.

(٢) النساء : ٦٥.

(٣) الأنعام : ١٥٣ و ١٥٥.

(٤) النساء : ٥٩ ؛ النور : ٥٤.

(٥) راجع المحصول : ٢ / ٤٩٣ ـ ٤٩٤.

(٦) التوبة : ٤٣.

(٧) الأنفال : ٦٨.

(٨) الكهف : ١١٠.

غيره ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه فإنّما أقطع له قطعة من النار». (١)

ولأنّه يجوز أن يغلط في أفعاله فكذا في أقواله كغيره من المجتهدين.

والجواب عن الآيتين السابقتين ما تقدّم. وعن الثالثة أنّ المراد المماثلة في عدم العلم بالغيب ولهذا عقب بقوله : (يُوحى إِلَيَّ.) والقضاء حقّ ، والخطاء في طريقه من شهادة الزور أو الإقرار بالكذب ، ويمنع غلط أفعاله.

البحث الرابع : في الاجتهاد في زمانه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

اتّفق القائلون بالاجتهاد على جوازه بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. واختلفوا في جوازه في زمانه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فالأكثر جوّزوه عقلا ومنع منه الأقل.

واختلف القائلون بالجواز في أمور ثلاثة :

الأوّل : جوازه للقضاة والولاة في غيبته دون حضوره ، ومنهم من أطلق الجواز.

الثاني : منهم من قال : يجوز ذلك مطلقا إذا لم يوجد منع.

__________________

(١) صحيح البخاري : ٣ / ١٦٢ ، كتاب الشهادات وج ٨ / ٦٢ ، كتاب الحيل ؛ صحيح مسلم : ٥ / ١٢٩ ، باب الحكم بالظاهر ؛ سنن ابن ماجة : ٢ / ٧٧٧ ؛ سنن أبي داود : ٢ / ١٦٠ ؛ سنن الترمذي : ٢ / ٣٩٨ برقم ١٣٥٤ ؛ سنن النسائي : ٨ / ٢٣٣ و ٢٤٧ ؛ مسند أحمد : ٢ / ٣٣٢ وج ٦ / ٢٠٣ و ٢٣٠ ؛ الكافي : ٧ / ٤١٤ ح ١ ، باب أن القضاء بالبينات ؛ بحار الأنوار : ٧٣ / ٣٤٣. وقد وردت الرواية باختلاف في اللفظ.

ومنهم من قال : لا يكفي عدم المنع بل لا بدّ من الإذن فيه.

ومنهم من قال : السكوت عنه مع العلم بوقوعه كاف.

الثالث : اختلفوا في وقوع التعبّد به سمعا : منهم من قال : إنّه كان متعبّدا به ، ومنهم من توقّف كالجبائي ، ومنهم من توقّف في حق الحاضرين دون من غاب كالقاضي عبد الجبار. (١)

واعلم أنّ الوجه الجواز العقلي للحاضر فإنّه لا يمتنع عقلا أن يقول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قد أوحي إليّ أنّكم مأمورون بالاجتهاد والعمل بما يقتضيه ظنكم.

وأمّا الغائب فلا شك في جوازه خصوصا عند تعذّر الرجوع إليه وضيق الوقت.

وأمّا وقوع التعبّد به للحاضرين فقال قوم لم يقع لوجهين (٢) :

الأوّل : لو اجتهد الصحابة في عصره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لنقل كما نقل اجتهادهم بعده.

اعترض بجواز قلّته فلم ينقل على أنّه قد نقل اجتهاد سعد بن معاذ.

الثاني : الصحابة كانت تفزع إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحوادث ، ولو جاز لهم الاجتهاد لفعلوه ولم يرجعوا إليه.

__________________

(١) راجع الإحكام : ٤ / ١٨١ ـ ١٨٢.

(٢) المحصول : ٢ / ٤٩٥.

اعترض بأنّهم فزعوا فيما لم يظهر وجه الاجتهاد أو تركوه لصعوبته وسهولة وجدان النص.

واحتجّ المثبتون بوجهين (١) :

الأوّل : انّه حكّم سعد بن معاذ في بني قريظة ، فحكم بقتل مقاتليهم وسبي ذراريهم ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة». (٢)

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعمرو بن العاص وعقبة بن عامر الجهني (٣) لمّا أمرهما أن يحكما بين خصمين : «إن أصبتما فلكما عشر حسنات ، وإن أخطأتما فلكما حسنة واحدة». (٤)

اعترض بأنّه خبر واحد ، فلا يجوز التمسّك به في العلميات.

الثاني : أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بالمشاورة ولا فائدة إلّا جواز الحكم على حسب الاجتهاد.

__________________

(١) المصدر نفسه.

(٢) إرشاد المفيد : ١ / ١١٠ ؛ سعد السعود : ١٣٩ ؛ بحار الأنوار : ٢٠ / ٢١٢ و ٢٣٦ و ٢٦٢ ؛ مستدرك الوسائل : ١١ / ١٢٨ ح ١٩ ؛ فتح الباري : ٧ / ٣١٧ ؛ الكشاف : ٣ / ٢٥٧.

(٣) هو عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدي بن عمرو بن رفاعة الجهني ، أبو حماد ويقال أبو عامر ، صحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وروى عنه. وشهد صفين مع معاوية ، وحضر فتح مصر مع عمرو بن العاص ، وولي مصر سنة ٤٤ ه‍ وعزل عنها سنة ٤٧ ه‍. ومات بمصر سنة ٥٨ ه‍. الأعلام : ٤ / ٢٤٠ ؛ تهذيب الكمال : ٢ / ٢٠٥ برقم ٣٩٧٨.

(٤) المحصول : ٢ / ٤٩٥. ولم نعثر عليه في المصادر الحديثية.

اعترض بأنّه في الحروب ومصالح الدنيا لا أحكام الشرع.

وأمّا في حقّ الغائب فالأكثر على جواز الاجتهاد كخبر معاذ.

البحث الخامس : في تجزّؤ الاجتهاد

اختلف الناس في أنّه هل يتجزأ الاجتهاد أو لا؟ فذهب جماعة إلى الجواز فينال العالم منصب الاجتهاد في حكم دون آخر ؛ فمن نظر في مسألة القياس ، فله الإفتاء في مسألة قياسية وإن لم يكن ماهرا في الحديث ؛ ومن عرف الفرائض جاز له الإفتاء فيها وإن جهل مسائل البيع وغيره.

واحتجّوا بوجهين :

الأوّل : أنّ مالكا كان فقيها إجماعا مع أنّه سئل عن أربعين مسألة فقال في ست وثلاثين : لا أدري ، فلو شرط في الفقه العلم بجميع الفتاوى لما جاز لمالك أن يفتي. وأجيب بجواز تعارض الأدلّة عنده أو أنّه عجز في تلك الحال عن المبالغة في النظر ، وإن كان في وقت آخر ناظرا.

الثاني : إذا اطّلع على دليل مسألة على الاستقصاء ، استوى هو والعالم بكلّ المسائل في العلم بتلك المسألة ، فكما جاز للثاني الإفتاء فكذا للأوّل.

اعترض بجواز أن يكون في بعض المسائل الّتي لا يعلمها تعلّق بهذه المسألة.

وفيه نظر ، لمنافاته الغرض ؛ ولأنّا لا نشترط الاستقصاء في جميع

المسائل بل الأكثر ، فجاز أن يكون للأقل مدخل في مسائل الأكثر ، فلمّا لم يعتد بهذا التجويز فكذا هنا ؛ ولأنّ ذلك نادر فلا يعتدّ به في التكليف.

احتجّ الآخرون بأنّ ما يقدر جهله يجوز تعلّقه بالحكم المفروض.

واعترض بأنّ التقدير حصول جميع الأمارات في ظنّه إمّا عنه ، أو بعد تحرير الفضلاء السابقين الأمارات.

المطلب الثالث : ما فيه الاجتهاد

وهو كلّ حكم شرعي ليس فيه دليل قطعي ، فبالشرعي خرج العقلي ومسائل الكلام.

وقولنا : ليس فيه دليل قطعي ، خرج ما وجد فيه دليل قاطع ، كوجوب الصلوات الخمس والزكوات ، وما اتّفقت عليه الأمّة من المسائل الظاهرة.

وقال أبو الحسين : المسألة الاجتهادية هي الّتي اختلف فيها المجتهدون من الأحكام الشرعية. (١)

واعترض (٢) بأنّ جواز اختلاف المجتهدين فيها مشروط بكون المسألة اجتهادية ، فلو عرفنا كونها اجتهادية باختلافهم فيها ، لزم الدور.

وفيه نظر ، إذ لا دور في اشتراط جواز الاختلاف الشرعي بكون المسألة اجتهادية وتعريف الاجتهادية بما وقع فيها الخلاف بين العلماء.

__________________

(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ٣٩٧.

(٢) المعترض هو الرازي في المحصول : ٢ / ٥٠٠.

المطلب الرابع : في حكم الاجتهاد

وفيه مباحث :

الأوّل : في حكم المجتهدين في الأصول

خالف الجاحظ وأبو عبيد الله بن الحسن العنبري (١) سائر المسلمين في ذلك فذهبا إلى أنّ كلّ مجتهد في الأصول مصيب ، سواء أخطا أو لا ، ولم يريدا بذلك مطابقة الاعتقاد للمعتقد للعلم الضروري بفساده ، بل نفي الإثم والخروج عن عهدة التكليف. وباقي العلماء على فساده وانّه إثم لوجوه (٢) :

الأوّل : الله تعالى نصب الأدلّة القاطعة على هذه المطالب ومكّن العقلاء من معرفتها ، فوجب أن لا يخرجوا عن العهدة إلّا بالعلم.

الثاني : يعلم بالضرورة أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر اليهود والنصارى بالإيمان ، وذمهم على إصرارهم على عقائدهم ، وقاتل بعضهم ، وكان يكشف عمّن بلغ منهم

__________________

(١) هو عبيد الله بن الحسن بن حصين بن أبي الحر مالك بن الخشخاش بن جناب بن الحارث بن مخفر العنبري البصري القاضي ، روى عن : خالد الحذاء وداود بن أبي هند وسعيد الجريري. وروى عنه : إسماعيل بن سويد وخالد بن الحارث ، ورافع بن دحية المسلي. ولد سنة مائة ، وولي القضاء سنة سبع وخمسين ومائة ، وتوفّي في ذي القعدة سنة ثمان وستين ومائة. تهذيب الكمال : ١٩ / ٢٣ برقم ٣٦٢٧.

(٢) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٠٠ ـ ٥٠١.

ويقتله ، ومعلوم أنّ المعاند العارف ممّا يقلّ ، وإنّما الأكثر مقلّدة عرفوا دين آبائهم تقليدا ولم يعرفوا المعجزة.

الثالث : قوله تعالى : (ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ)(١) ، وقوله تعالى : (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ)(٢) وذمّ المكذّبين للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ممّا لا ينحصر في الكتاب والسنّة.

الرابع : إجماع المسلمين على أنّهم من أهل النار ، ولو كانوا غير آثمين لما ساغ ذلك.

اعترض (٣) على الأوّل. بمنع نصب الأدلّة القاطعة وتمكين العقلاء من معرفتها ، خصوصا ونحن نرى الخلق مختلفين في الأديان والعقائد من زمن وفاة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ويبعد أن يكون أحد منهم مكابرا.

سلّمنا ، لكن لا نسلّم اقتضاء ذلك أمرهم بالعلم ، فجاز أنّهم كانوا مأمورين بالظن الغالب ، سواء كان مطابقا أو لا. وحينئذ يعذر الآتي به.

ويدلّ على أنّ التكليف إنّما وقع بالظن : أنّ اليقين التام المتولّد من البديهيتين المرتبتين ترتيبا صحيحا متعسر ، ولا يصل إليه إلّا الآحاد فلا يقع التكليف به لجميع الخلق ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «بعثت بالحنيفية السهلة السمحة» (٤) ،

__________________

(١) ص : ٢٧.

(٢) فصّلت : ٢٣.

(٣) راجع المحصول : ٢ / ٥٠١ ـ ٥٠٢.

(٤) مسند أحمد : ٥ / ٢٦٦ ؛ مجمع الزوائد : ٢ / ٢٦٠ وج ٤ / ٣٠٢ ؛ كنز العمال : ١ / ١٧٨ برقم ٩٠٠ ـ

ولا حرج أعظم من تكليف الإنسان في لحظة واحدة معرفة ما عجز الخلق عن معرفته في خمسمائة سنة.

ولأنّا نعلم أنّ الصحابة لم يكونوا عارفين بهذه الأدلّة والدقائق والجواب عن شبهات الفلاسفة ، كما لم يكونوا عارفين بدقائق الهندسة وعلم الهيئة والحساب مع أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكم بإيمانهم.

سلّمنا أنّهم كلّفوا بالعلم لكن نمنع عقاب المخطئ والإجماع في محلّ الخلاف ممنوع.

وعلى الثاني. بأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبلهم (١) لجهلهم بالحق مع إصرارهم على ترك التعلّم لا للجهل مطلقا ، فلعلّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالغ في إرشادهم ولم يلتفتوا إلى بيانه واشتغلوا باللهو والطرب ، وأمّا من بالغ في الطلب والبحث فيمنع أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قتله. سلّمنا قتله ، لكن نمنع عقابه.

وعلى الثالث بأنّه ذمّ الكافر ، والكفر لغة الستر ، وهو لا يتحقّق إلّا في المعاند الّذي عرف الدليل ثمّ أنكره ، أو المقلّد الّذي يعرف أنّه لا يعرف الدليل على صحّة الشيء ثمّ يقول به. أمّا العاجز المتوقّف الّذي بالغ في الطلب ولم يصل فلا يكون ساترا لما ظهر عنده ، فلا يكون كافرا.

__________________

ـ وج ٣ / ٣٤ برقم ٥٣٤١ و ٦٦٩ برقم ٨٤١٢ وج ٤ / ٣١٨ برقم ١٠٦٨٩ ؛ أمالي الطوسي : ٥٢٨ ، المجلس ١٩ ؛ عوالي اللآلي : ١ / ٣٨١ برقم ٣ ؛ بحار الأنوار : ٦٤ / ١٣٦ وج ٦٥ / ٣١٨ و ٣٤٦.

وقد ورد الحديث في هذه المصادر باختلاف في اللفظ.

(١) في «أ» و «ب» : قتلهم.

ثمّ احتجّا بأنّه تعالى ملك رحيم كريم ، واستقراء أحكام الشرع يدلّ على أنّ الغالب على الشرع التخفيف والمسامحة ، حتى لو احتاج إلى تعب في طلب الماء أسقط عنه فرض الوضوء ، فكيف يليق بكرمه ورحمته معاقبة من أفنى طول عمره في البحث والفكر؟!

وفي الأوّل نظر ، لأنّ المطلوب من المسائل الأصولية العلم ، فلو لم ينصب دليلا عليه ويمكّن منه ، لزم نسبته تعالى إلى القبيح ، وهو تكليف ما لا يطاق وهو محال ، ومنع تعسّر الوصول إلى العلم ؛ ونحن لا نوجب في اللحظة الواحدة معرفة ما عجز عنه الخلق في المدد المتطاولة ، بل نوجب الفكر في الأدلة وهي ظاهرة واضحة ، ولا يشترط معرفة الأدلّة على كلّ مسألة من فروع الأصول ، ولا الجواب عن الشبهات ، والإجماع على العقاب ثابت ، ولا عبرة بنزاعهما في خرقه.

وفي الثاني نظر ، لأنّ قتله على بقاء الكفر فيستدعي العقاب ، ونمنع المبالغة في الطلب والبحث مع عدم الوصول إلى الحق.

وفي الثالث نظر ، للإجماع على أنّ اسم الكافر لمن خالف الملّة الإسلامية ، سواء كان عن عناد أو لا ، والتغطية هنا ثابتة من حيث إنّه اعتقاد نقيض الحق. واحتجاجهما باطل بما تقدّم من منع عدم الوصول إلى الحقّ مع المبالغة في البحث والنظر ، بل الواجب مع استيفاء النظر والبحث الوصول إلى الحق ؛ وقد تأوّل بعض المعتزلة قول الجاحظ والعنبري بالحمل على المسائل الكلامية المختلف فيها بين المسلمين ، ولا يكفر مخالفها ، كمسألة

الرؤية وخلق الأعمال وقدم الكلام وغير ذلك ، لأنّ الأدلّة فيها ظنّية متعارضة ، والمشهور غير ذلك.

البحث الثاني : في حكم الاجتهاد في المسائل الشرعية

اختلف الناس في المجتهد المخطئ في الأحكام الشرعية هل هو مأثوم أم لا؟ والأكثر على عدم تأثيمه ، وقال بعض الإمامية (١) والظاهرية وبشر المريسي وابن علية وأبو بكر الأصم (٢) إلى أنّ الحق متعيّن في كلّ مسألة وعليه دليل ، فمن أخطأه فهو آثم لكنّه ليس بكافر ولا فاسق. (٣)

احتجّ الأوّلون (٤) بالنقل المتواتر أنّ الصحابة اختلفوا فيما بينهم في المسائل الفقهية واستمروا على الاختلاف إلى أن انقرضوا ، ولم ينكر أحد منهم على غيره ، ولا حكم بتأثيمه ، لا على سبيل الإبهام ولا التعيين ، مع العلم بأنّه لو خالف أحد في وجوب العبادات الخمس وتحريم الخمر والزنا لبادروا إلى تخطئته وتأثيمه ، فلو كانت [المسائل] الاجتهادية كذلك في كونها قطعية ومأثوما على المخالفة فيها ، لبالغوا في الإنكار والتأثيم كما بالغوا في الإنكار على المخالف في وجوب الصلوات الخمس.

__________________

(١) لاحظ ما كتبه العلّامة السبحاني حول التخطئة والتصويب في مقدمة هذا الجزء ص ٦٧.

(٢) هو أبو بكر عبد الرحمن بن كيسان الأصم ، فقيه معتزلي مفسّر ، له مناظرات مع ابن الهذيل ، قال ابن المرتضى : كان يخطئ عليا عليه‌السلام في كثير من أفعاله ويصوّب معاوية في بعض أفعاله ، توفّي نحو ٢٢٥ ه‍. الأعلام : ٣ / ٣٢٣.

(٣) راجع الإحكام : ٤ / ١٨٨ ـ ١٨٩.

(٤) وهو مختار الآمدي في الإحكام : ٤ / ١٨٩.

واحتجّ الآخرون بأنّ الإنكار قد وقع من بعضهم على بعض في العمل بالرأي والاجتهاد في المسائل الفقهية ، كما تقدّم في القياس.

ولأنّ الحكم واحد معين على ما يأتي ، فلا بدّ له من دليل يتمكّن كلّ مكلّف بالحكم من الوصول إليه ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق ؛ وكلّ مكلّف بالحكم مكلّف بإقامة الدليل المنصوب عليه ، وإلّا كان الحكم تشهيا ، وهو محال. فالمخطئ إمّا أن يكون لتقصيره في الاجتهاد فيكون مأثوما بترك ما كلف به ، أو لعدم تمكّنه من الوصول إلى الحكم ، وهو محال لاستلزامه التكليف بما لا يطاق.

البحث الثالث : في أنّ المجتهد في الفروع مطلقا هل هو مصيب أم لا؟

اختلف الناس في أنّ كلّ مجتهد في الأحكام الشرعية هل هو مصيب أم لا؟

وتقريره أن يقال : المسألة الاجتهادية إمّا أن يكون لله تعالى فيها قبل الاجتهاد حكم معين ، أو لا.

والثاني : قول من حكم بإصابة كلّ مجتهد. وهو قول أبي الحسن الأشعري والقاضي أبي بكر من الأشاعرة ، ومن المعتزلة قول أبي الهذيل العلّاف وأبي علي وأبي هاشم وأتباعهم. (١)

__________________

(١) راجع المحصول : ٢ / ٥٠٣.

واختلف هؤلاء فمنهم من قال بالأشبه ، وهو أنّه وإن لم يوجد في الواقعة حكم ، إلّا أنّه وجد ما لو حكم الله تعالى بحكم لما حكم إلّا به. وهو منسوب إلى كثير من المصوّبين.

وامّا أن لا يقال بذلك أيضا ، وهو قول باقي المصوّبين.

وأمّا الأوّل : وهو أنّ في الواقعة حكما معينا ، فذلك الحكم إمّا أن لا يكون عليه أمارة ولا دلالة ، أو يكون عليه أمارة لا دلالة ، أو يكون عليه دلالة.

أمّا الأوّل ، وهو حصول الحكم من غير دلالة ولا أمارة ، وهو قول جماعة من الفقهاء والمتكلّمين ، قالوا : وهذا الحكم مثل دفين يعثر عليه الطالب اتفاقا ، فلمن عثر عليه أجران ، ولمن اجتهد ولم يصبه فله أجر واحد على ما تحمله من الكد في الطلب لا على حرمان الإصابة.

وأمّا الثاني ، وهو أنّ عليه أمارة ، فهو قول جماعة ، واختلفوا :

فقال بعضهم : إنّ المجتهد لم يكلف بإصابة ذلك الدليل الظني لخفائه وغموضه ، فلهذا عذر المخطئ وأجر عليه. وهو قول الفقهاء كافة ونسب إلى الشافعي وأبي حنيفة.

وقال آخرون : بأنّه مأمور بطلبه أوّلا فإن أخطأ وغلب على ظنّه شيء آخر تغيّر التكليف وصار مأمورا بالعمل بمقتضى ظنه ، وسقط عنه الإثم تحقيقا. (١)

__________________

(١) راجع المحصول : ٢ / ٥٠٤.

وأمّا الثالث ، وهو أنّ عليه دليلا قطعيا فهؤلاء اتّفقوا على أنّ المجتهد مأمور بطلبه لكن اختلفوا في موضعين (١) :

أحدهما : المخطئ هل يستحق الإثم أو لا؟ فذهب بشر المريسي إلى أنّه يستحقّ الإثم ، ونفاه الباقون.

ثانيهما : هل ينقض قضاء القاضي فيه؟ قال الأصمّ : ينقض. وخالف فيه الباقون ، والأقوى في هذه المطالب انّ لله تعالى في كلّ واقعة حكما معينا ، وأنّ عليه دليلا ظاهرا لا قاطعا ، وأنّ المخطئ فيه معذور ، وأنّ قضاء القاضي لا ينقض به.

بيان تعيين الحكم وجوه (٢) :

الأوّل : إذا اعتقد أحد المجتهدين رجحان أمارة الثبوت والآخر رجحان أمارة العدم ، فأحد الاعتقادين خطأ ؛ لأنّ إحدى الأمارتين إن كانت راجحة ، كان اعتقاد رجحانه صوابا واعتقاد رجحان الآخر غير مطابق للمعتقد فيكون خطأ ؛ وإن لم تكن إحداهما راجحة ، كان كلّ من الاعتقادين غير مطابق للمعتقد فلا يكون الاعتقادان مطابقين معا ، بل أحدهما بخلاف المعتقد قطعا ، فيكون أحدهما خطأ ، فلا يكون كلّ مجتهد مصيبا بمعنى كون اعتقاده مطابقا للمعتقد.

ولأنّ الاعتقاد الّذي لا يكون مطابقا للمعتقد جهل ، والجهل بإجماع

__________________

(١) ذكرهما الرازي في المحصول : ٢ / ٥٠٤.

(٢) راجع المحصول : ٢ / ٥٠٤ ـ ٥١١ ؛ الإحكام : ٤ / ١٩١ ـ ١٩٦.

الأمّة غير مأمور به ، فلا يكون الكلّ مصيبين بمعنى الإتيان بالمأمور به.

اعترض بمنع كون أحد الاعتقادين خطأ.

قوله : لأنّه اعتقد أحدهما فيما ليس براجح أنّه راجح.

قلنا : اعتقد فيما ليس براجح أنّه راجح في نفس الأمر ، أو في ظنه. الأوّل ممنوع ، والثاني مسلّم. فإنّ المجتهد لا يعتقد رجحان أمارته على أمارة صاحبه في نفس الأمر ، بل في ظنّه ، وهو حاصل ، فيكون اعتقاده مطابقا ، وعدم الرجحان الخارجي لا يوجب عدم الرجحان الذهني ، فأمكن تصويب الاعتقادين معا.

سلّمنا اعتقاد الرجحان في نفس الأمر ، لكنّه لم يجزم بذلك الرجحان ، بل جوّز خلافه. ونمنع النهي عن الاعتقاد الخطأ المقارن لهذا التجويز بخلاف الجهل ، لأنّ مخالفة المعتقد فيه مقارنة للجزم.

والجواب : الرجحان في الذهن إمّا أن يكون نفس اعتقاد رجحانه في الخارج ، أو ما يستلزمه ؛ لأنّا نعلم ضرورة أنّا لو اعتقدنا مساواة وجود الشيء لعدمه ، امتنع حينئذ كون اعتقاد وجوده راجحا على اعتقاد عدمه ، فيجب عند حصول الظن اعتقاد كونه راجحا في نفسه ، إمّا لأنّ الظنّ نفس هذا الاعتقاد ، أو لا ينفك عنه. ومعهما يحصل المقصود.

قوله : إنّه غير جازم.

قلنا : بل هو جازم ، لأنّ اعتقاد أولوية وجود الشيء غير اعتقاد وجوده ،

واعتقاد أولوية الموجود حاصل مع الجزم ، لأنّ المجتهد يقطع بأولوية اعتبار أمارته نظرا إلى هذه الجهة. نعم أنّه غير جازم بالحكم ، لكنّ الجزم بالأولوية لا يقتضي الجزم بالوقوع ، كما يقطع بأولوية وقوع المطر من الغيم الرطب مع أنّه قد لا يوجد المطر ، وعدم المطر لا يقدح في الأولوية ، بل هي مقطوع بها ، كذا هنا. فثبت حصول اعتقاد جازم غير مطابق لأحد المجتهدين فيكون خطأ وجهلا ومنهيا عنه.

الثاني : المجتهد إن كلّف بالحكم لا عن طريق ، لزم خرق الإجماع على امتناع الحكم بمجرد التشهّي.

وإن كان عن طريق ، فإن لم يكن له معارض تعيّن العمل به إجماعا ، فيكون تاركه مخطئا.

وإن كان له معارض فإن كان أحدهما راجحا تعيّن العمل به إجماعا ، لامتناع وقوع العمل بالمرجوح ، فيكون تاركه مخطئا. وإن لم يكن أحدهما راجحا فحكم تعادل الأمارتين إمّا التخيير أو تساقطهما والرجوع إلى غيرهما.

وعلى كلّ تقدير فالحكم واحد ومخالفه مخطئ.

والاعتراض : لم لا يجوز أن يكلّف بالحكم لا عن طريق ، والحكم في الدين بمجرّد التشهّي حرام إذا وجد الدليل لا عند عدمه ، إذ العمل بالدليل مشروط بوجود الدليل وإلّا كان تكليفا بما لا يطاق وفي المسائل الاجتهادية لا دليل ، لأنّه لو وجد لكان تارك العمل به تاركا للمأمور به فيكون عاصيا ،

فيستحق النار ، لأنّ الأمر للوجوب ، ولمّا أجمعوا على عدم استحقاق النار علم انتفاء الدليل ، وإذا لم يوجد دليل جاز العمل بالحدس والتوهّم ، كالمشتبه عليه أمارات القبلة يعمل بالوهم والحدس.

سلّمنا ، الأمر بالحكم بطريق لكن يجوز حصول طريق آخر مقابل ، ويكون أحدهما راجحا.

وإنّما يجب العمل بالراجح على من علم بالرجحان لا على من لا يعلم به ، لأنّ الأمارة الراجحة إنّما يجب العمل بها على من اطّلع عليها ، أمّا من لا يطّلع عليها فإنّه يجوز أن يكون مكلّفا بالأضعف ، إذ لا يستبعد عقلا أن تكون مصلحة أحد المجتهدين العمل بأقوى الأمارات ومصلحة الآخر العمل بأضعفها.

فحينئذ يخلق الله تعالى في قلب من مصلحته العمل بالأقوى الخاطر بوجوه الترجيح ، ويشغل الآخر عنها فيظن أنّها أقوى الأمارات ؛ لأنّ مصلحته العمل على أضعف الأمارات ، والظنّ بأنّها أقوى مع كونها في نفسها أضعف غير قبيح ، كما لا يقبح ظن كون زيد في الدار وليس فيها.

والجواب : الدليل موجود ، وهو الإجماع على وجود الترجيح بأمور حقيقية لا خيالية ، ووجود الترجيح يستدعي وجود أصل الدليل ، أعني : القدر المشترك بين الدليل اليقيني والظاهري.

قوله : يجوز العمل بالأضعف إذا لم يعرف الأقوى.

قلنا : مقدار رجحان القوي على الضعيف إن لم يمكن الاطّلاع عليه لم يكن معتبرا في حقّ المكلّف ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق ، فيكون القدر المعتبر بين الأمارتين في حقّ المكلّف متساويا لا راجحا.

وإن أمكن الاطّلاع فإن وجب تحصيل العلم بتلك الأمارة إلى أقصى الإمكان كان من لم يصل إلى معرفتها إلى الأقصى تاركا للواجب فيكون مخطئا.

وإن لم يجب ، فهو محال ؛ لأنّه إن كان هناك حدّ ما متى لم يصل إليه لم يكن معذورا. وإذا وصل إليه لم يكلّف بالزيادة عليه وجب تخطئة من لم يصل إليه ومن وصل إليه كان مصيبا ، وهو خلاف الإجماع ، إذ لم يدّع أحد حدّا معيّنا في الاجتهاد بحيث يخطّئ القاصر عنه ، ولا يعذر ، ويصيب الواصل إليه.

وإن لم يكن هناك حدّ لم يكن بعض المراتب أولى بالتخطئة عندها من بعض ، فإمّا أن لا يخطئ أصلا فيكون العامل بالظن كيف كان ولو مع ألف تقصير مصيبا ، وهو باطل إجماعا ؛ أو يكون مخطئا إلّا إذا وصل النهاية الممكنة ، وهو المطلوب.

الثالث : المجتهد مستدل بأمر على آخر ، والاستدلال : استحضار العلم بأمور يستلزم وجودها وجود المطلوب. واستحضار العلم بالشيء يتوقّف على وجود ذلك الشيء ، فالاستدلال متوقّف على وجود الدليل ، ووجود ما يدل على الشيء يتوقّف على وجود المدلول ، لأنّ دلالته عليه نسبة بينه وبين

المدلول ، فيتوقّف ثبوتها على ثبوت كلا المنتسبين ، فوجود المطلوب متقدّم على الاستدلال بمراتب ، والظن متأخّر عن الاستدلال ، لأنّه نتيجته ، فلو كان الحكم إنّما يحصل بعد الظن كان المتقدّم على الشيء بمراتب نفس المتأخّر عنه بمراتب ، وهو محال.

الرابع : المجتهد طالب ، فله مطلوب متقدّم في الوجود على وجود الطلب ، فيثبت الحكم قبل الطلب فيكون مخالفه مخطئا.

لا يقال : لا نسلّم طلب المجتهد حكم الله تعالى ، بل عليه الظن كمن يقال له : إن ظننت السلامة أبيح لك ركوب البحر ، وإن ظننت العطب حرم ؛ وقيل الظن لا حكم فيه عليك ، بل يترتّب حكمه على ظنّك بعد حصوله ، فهو طلب للظن دون الإباحة والتحريم.

لأنّا نقول : المجتهد لا يطلب الظن كيف كان ، إجماعا ، بل الظن الصادر عن النظر في أمارة تقتضيه ، والنظر في الأمارة يتوقّف على وجودها ، ووجودها يتوقّف على وجود المدلول ، فطلب الظن موقوف على وجود المدلول بمراتب ، فلو توقّف وجود المدلول على حصول الظن دار.

الخامس : قوله تعالى : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ* فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ)(١) خصّ سليمان بفهم الحق في الواقعة ، وهو يدلّ على عدم فهم داود ،

__________________

(١) الأنبياء : ٧٨ ـ ٧٩.

وإلّا لما كان التخصيص مفيدا ، وهو دليل اتّحاد حكم الله تعالى في الواقعة وانّ المصيب واحد.

اعترض بأنّ المفهوم ليس بحجّة.

سلّمنا لكنّه روي أنّهما حكما في تلك القضية بالنص حكما واحدا ، ثمّ نسخ الله تعالى الحكم في مثل تلك القضية في المستقبل ، وعلم سليمان بالنص الناسخ دون داود ، فكان هذا هو الفهم الّذي أضيف إليه.

ويدلّ عليه قوله تعالى : (وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً) ولو كان أحدهما مخطئا لما كان قد أوتي في تلك الواقعة حكما وعلما.

سلّمنا اختلاف حكمهما ، لكن يحتمل أنّهما حكما بالاجتهاد مع الإذن فيه وكانا محقّين في الحكم إلّا أنّه نزل الوحي على وفق ما حكم به سليمان ، فصار ما حكم به حقا متعيّنا بنزول الوحي ، وبسبب ذلك نسب التفهيم إلى سليمان.

السادس : قوله تعالى : (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)(١) ، وقوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)(٢). ولو لا ثبوت حكم معيّن في محل الاستنباط ، لما كان كذلك.

اعترض بوجوب حملها على الأمور القطعية دون الاجتهادية ، لقوله :

__________________

(١) النساء : ٨٣.

(٢) آل عمران : ٧.

(لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ) وقوله : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ) والقضايا الاجتهادية لا علم فيها.

سلّمنا إرادة القضايا الاجتهادية ، لكن قوله : (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ) وقوله : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ) يدلّ على تصويب المستنبطين والراسخين في العلم ، وليس فيه ما يدل على تصويب البعض منهم دون البعض ، بل غايته الدلالة بمفهومه على عدم ذلك في حقّ العوام ومن ليس من أهل الاستنباط والرسوخ في العلم.

السابع : قوله تعالى : (وَلا تَفَرَّقُوا)(١) ، (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا)(٢) ، (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا)(٣) ، وهو يدلّ على اتّحاد الحق في كلّ واقعة.

واعترض بأنّ المراد النهي عن التفرّق في أصل الدين والتوحيد وما يطلب فيه القطع دون الظن ، لأنّ القائلين بجواز الاجتهاد أجمعوا على أنّ كلّ واحد من المجتهدين مأمور باتّباع ما أوجبه ظنّه ومنهي عن مخالفته ، وهو أمر بالاختلاف ونهي عن الاتفاق في الأمور الاجتهادية.

الثامن : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد» (٤) وهو صريح في انقسام الاجتهاد إلى خطأ وصواب.

__________________

(١) آل عمران : ١٠٣.

(٢) الأنفال : ٤٦.

(٣) آل عمران : ١٠٥.

(٤) شرح صحيح مسلم للنووي : ١١ / ٩١ ؛ عمدة القاري : ٢ / ١٧١ ؛ تفسير ابن كثير : ٣ / ١٩٦.

اعترض بالقول بموجب الخبر وأنّ الحاكم إذا أخطأ في اجتهاده فله أجر واحد ، غير أنّ الخطأ عندنا في ذلك إنّما يتصوّر فيما إذا كان في المسألة نص أو إجماع أو قياس جلي ، وخفي عليه بعد البحث التام عنه ، وهو غير متحقّق في محلّ النزاع ، أو فيما إذا أخطأ في مطلوبه من ردّ المال إلى مستحقّه بسبب ظنّه صدق الشهود وهم كاذبون ، أو مغالطة الخصم لكونه ألحن بحجته لا فيما وجب عليه من حكم الله تعالى. ولهذا قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّما أحكم بالظاهر ، وانّكم لتختصمون إليّ ، ولعلّ أحدكم ألحن بحجته من صاحبه ، فمن حكمت له بشيء من مال أخيه فلا يأخذه فإنّما أقطع له قطعة من النار» (١).

التاسع : الإجماع على إطلاق الخطأ في الاجتهاد.

قال أبو بكر : أقول في الكلالة برأيي ، فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمنّي ومن الشيطان ، والله ورسوله بريئان من ذلك. (٢)

وحكم عمر بقضية فقال رجل حضره : هذا والله الحق ، فقال عمر : إنّ عمر لا يدري أنّه أصاب الحق ، لكنّه لم يأل جهدا. (٣)

وقال لكاتبه اكتب : هذا ما رأى عمر فإن يكن خطأ فمنه وإن كان صوابا فمن الله.

__________________

(١) مرّ مصدره. راجع ص ١٨٧ ـ ١٨٨ من هذا الجزء.

(٢) الإحكام : ٤ / ١٩٣ ؛ المستصفى : ٢ / ٤٢٨ ؛ بحار الأنوار : ٣٤ / ٣٧٧ ؛ إحقاق الحق : ٣٣٥.

(٣) الإحكام : ٤ / ١٩٣.

وقال لمّا ردّت عليه امرأة في المبالغة في المهر : أصابت امرأة وأخطأ عمر. (١)

وقال علي عليه‌السلام في المرأة الّتي استحضرها عمر فاجهضت ما في بطنها ، وقد قال له عثمان وعبد الرحمن بن عوف : إنّما أنت مؤدّب لا نرى عليك بأسا : «إن كانا قد اجتهدا فقد أخطئا ، وإن لم يجتهدا فقد غشاك ، أرى عليك الدية». (٢)

وقال ابن مسعود في المفوّضة : أقول فيها برأيي فإن كان صوابا فمن الله ورسوله ، وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان. (٣)

وأنكر ابن مسعود وزيد على ابن عباس في ترك العول ، وأنكر عليهما القول به وقال : من شاء أن يباهلني باهلته ، إنّ الّذي أحصى رمل عالج عددا لم يجعل في مال واحد نصفا ونصفا وثلثا ، هذان نصفان ذهبا بالمال فأين موضع الثلث؟! (٤)

وقال ابن عباس : ألا يتّقي الله زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابنا ولا يجعل أب الأب أبا. (٥) وغير ذلك من الوقائع الكثيرة الدالّة على حكمهم بالتخطئة من غير إنكار فكان إجماعا.

__________________

(١) تفسير القرطبي : ٥ / ٩٩ ؛ الإحكام : ٤ / ١٩٣ ؛ المستصفى : ٢ / ٤٢٨ ؛ الغدير : ٦ / ٩٨.

(٢) المجموع : ١٩ / ١٣ و ١٤٤ ؛ الإحكام : ٤ / ١٩٣ ؛ الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام : ٢٥.

(٣) الإحكام : ٤ / ١٩٣ ـ ١٩٤.

(٤) الإحكام : ٤ / ١٩٤.

(٥) شرح نهج البلاغة : ٢٠ / ٢٧ ؛ تفسير الرازي : ٤ / ٨٥ ؛ الإحكام : ٤ / ١٩٤.

اعترض بتسليم وقوع الخطأ في الاجتهاد لكن فيما إذا لم يكن المجتهد أهلا للاجتهاد فيه ، أو كان أهلا وقصّر أو لم يقصّر لكنّه خالف نصا أو إجماعا أو قياسا جليّا.

أمّا ما تمّ فيه الاجتهاد من أهله ولم يوجد له معارض مبطل ، فليس فيما ذكروه من قضايا الصحابة ما يدلّ على وقوع الخطأ فيه.

العاشر : القول بتصويب المجتهدين يفضي إلى الجمع بين النقيضين ، والتالي محال بالضرورة فالمقدّم مثله.

بيان الشرطية ؛ أنّ أحد المجتهدين قد يقول بالنفي والآخر بالإثبات أو أحدهما بالحلّ والآخر بالحرمة ، فلو كانا حقّا لزم الجمع بين المتناقضين.

الحادي عشر : الإجماع على تجويز البحث والمناظرة ، ولو كان كلّ واحد مصيبا لم يكن للمناظرة معنى ولا فائدة ، لاعتقاد كلّ واحد حقّية ما ذهب إليه مخالفه وإصابته فيه وفائدة المناظرة إمّا معرفة صواب مذهب خصمه ، أو ردّه عنه.

وفي الأوّل تحصيل الحاصل ، وفي الثاني ارتكاب الحرام ، إذ ردّ المصيب عمّا أصاب فيه حرام.

الثاني عشر : لو صح تصويب المجتهدين لوجب عند الاختلاف في الآنية بالطهارة والنجاسة أن يقضى بصحّة اقتداء كلّ واحد من المجتهدين بالآخر ، لاعتقاد المأموم صحّة صلاة إمامه.

الثالث عشر : القول بتصويب المجتهدين يستلزم التنازع. فإنّ الشافعي لو قال لزوجته الحنفية : «أنت بائن» وكانا مجتهدين فإنّه بالنظر إلى ما يعتقده الزوج من جواز الرجعة بجواز المراجعة ، وبالنظر إلى ما تعتقده المرأة من تحريم الرجعة يحرم عليها تسليم نفسها إليه ، وذلك مفض إلى التنازع الّذي يمتنع رفعه شرعا ، وهو محال.

وكذا لو نكح امرأة بغير ولي ، ونكحها آخر بعده بولي ، فإنّه يلزم من صحّة المذهبين حلّها للزوجين ، وهو محال.

وإذا استفتى العامي مجتهدين واختلفا ، استحال العمل بقولهما وتركهما وترك أحدهما ، لعدم الأولوية.

الرابع عشر : الأصل عدم التصويب ودوام كلّ متحقّق ، إلّا ما خرج عنه لدليل ، والأصل عدم الدليل المخالف فيما نحن فيه ، فيبقى فيه على حكم الأصل ، خالفناه في تصويب واحد غير معين للإجماع ، ولا إجماع فيما نحن فيه ، فوجب الحكم بنفيه.

احتجّ القائلون بأنّه لا حكم لله تعالى في الواقعة بأمور (١) :

الأوّل : لو كان في الواقعة حكم فإن لم يكن عليه دليل قطعي ولا ظنّي لزم تكليف ما لا يطاق ؛ وإن كان عليه ما يفيد أحدهما وجب قدرة المكلّف على تحصيله فيكون متمكّنا من تحصيل العلم به أو الظن ، والحاكم بغيره حاكم بغير ما أنزل الله تعالى ، فيكون كافرا ، أو فاسقا ، لقوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٥١١ ـ ٥١٩.

يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)(١) ، (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ)(٢) ، ويكون من أهل النار قطعا ، لأنّه تارك لأمر الله تعالى فيكون عاصيا ، والعاصي من أهل النار ، لقوله تعالى : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها)(٣) ، والإجماع على فساد هذه اللوازم ، فيعلم انتفاء دليل الحكم.

لا يقال : هذه العمومات مخصوصة ، لأنّ أدلّة هذه الأحكام غامضة ، فالتكليف باتّباعها حرج ، فيكون منفيا لقوله : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٤).

لأنّا نقول : غموض أدلّة الأحكام دون أدلّة المسائل العقلية مع كثرة مقدّماتها والشبه فيها وكان الخطأ فيها كفرا وضلالا فكذا هنا ، وإذا بطل وجود الدليل وعدمه على تقدير ثبوت الحكم ، وجب القول بنفيه.

الثاني : لو كان هناك حكم لوجب أن يكون عليه دليل قاطع ، والتالي باطل فالمقدّم مثله.

بيان الشرطية : أنّ على تقدير وجود الحكم إن لم يوجد عليه دليل البتّة ، كان التكليف به تكليفا بما لا يطاق ؛ وإن وجد عليه دليل فإن لم يستلزم المدلول قطعا ولا ظاهرا استحال التوصّل به إلى المدلول ؛ وإن استلزمه

__________________

(١) المائدة : ٤٧.

(٢) المائدة : ٤٤.

(٣) النساء : ١٤.

(٤) الحج : ٧٨.

ظاهرا ، فإن لم يمكن وجوده بدون المدلول كان استلزامه قطعا لا ظاهرا ؛ وإن أمكن وجوده بدون المدلول في بعض الصور واستلزمه في صورة أخرى ، فإن لم يتوقّف كونه مستلزما له على انضمام قيد آخر إليه لزم الترجيح من غير مرجّح ، لأنّ ذلك الشيء تارة ينفك عن المدلول ، وتارة لا ينفك عنه مع تساوي نسبة الوقتين. وإن توقّف كان المستلزم للمدلول هو المجموع لا ما فرض دليلا ، ثمّ ذلك المجموع إن أمكن انفكاكه عن المدلول استحال استلزامه إلّا بقيد آخر ويتسلسل ، وإن لم يمكن كان دليلا قطعيا لا ظاهرا.

لا يقال : الدليل الظاهر هو الّذي يستلزم كون المدلول أولى بالوجود أولوية غير منتهية إلى الوجوب ، وهذا المعنى ملازم له أبدا.

لأنّا نقول : لا نعقل الأولوية من دون الوجوب ، لأنّ العدم مع الأولوية إن امتنع كان وجوبا ، وإلّا أمكن حصوله معها تارة ، والوجود أخرى ؛ فرجحان أحدهما على الآخر إن توقّف على أمر زائد لم يكن الأوّل كافيا في الرجحان ، وإن لم يتوقّف لزم ترجيح الممكن من غير مرجح ، فثبت أنّ الّذي لا يستلزم الشيء قطعا لا يستلزمه بوجه من الوجوه ، فثبت أنّه لو وجد في الواقعة حكم لكان عليه دليل قاطع ؛ ولما انعقد الإجماع على أنّه ليس كذلك ، علمنا انتفاء الحكم.

الثالث : الإجماع على أنّ المجتهد مأمور بالعمل على وفق ظنّه ، ولا يعني بحكم الله تعالى إلّا ما أمر به ، فإذا كان مأمورا بالعمل بمقتضى ظنّه

وعمل به كان مصيبا للقطع (على أنّه) (١) عمل بما أمره الله تعالى به فكلّ مجتهد مصيب.

الرابع : لو حصل في الواقعة حكم معيّن لكان غيره باطلا ، ويستلزم التالي أمورا أربعة:

أحدها : أن لا يجوز من الصحابة تولية بعضهم بعضا مع المخالفة في المذاهب ، لأنّ التمكين منه تمكين من ترويج الباطل ، وهو غير جائز ، لكنّه قد وقع ؛ فإنّ أبا بكر ولّى زيدا مع مخالفته إيّاه في الحدّ ، وولّى عمر شريحا مع مخالفته إيّاه في كثير من الأحكام.

ثانيها : يلزم أن لا يمكّنه من الفتوى ، وقد كانوا يفعلون ذلك.

ثالثها : كان يجب نقض أحكام مخالفيهم ، بل الواحد ينقض حكم نفسه الّذي رجع عنه ، لأنّ كثيرا منهم قضى بقضايا مختلفة ولم ينقل النقض.

رابعها : اختلفوا في الدماء والفروج والخطأ في ذلك كثير ، فإنّه لا فرق بين أن يمكّن غيره بفتواه بالباطل من القتل وأخذ المال ، وبين أن يباشرهما في كونه كبيرا ووجوب تفسيق فاعله والبراءة منه. ولمّا لم يوجد شيء من ذلك ، علمنا انتفاء الحكم.

لا يقال : يجوز أن يكون ذلك الخطأ صغيرة فلم يجب الامتناع من التولية ، ولا المنع من الفتوى ولا البراءة ولا التفسيق.

__________________

(١) في المحصول : ٢ / ٥١٢ : لأنّه.

سلّمنا أنّه كبيرة فجاز أن يقال : إنّما يلزم هذه الأمور لو حصل في المسائل طريق مقطوع به. أمّا إذا كثرت وجوه الشبه وتزاحمت جهات التأويلات والترجيحات ، صار ذلك سببا للعذر وسقوط الذم.

سلّمنا صحّة دليلكم ، لكنّه معارض بما روي عن الصحابة من التصريح بالتخطئة.

ولأنّ الصحابة اختلفوا قبل العقد لأبي بكر فقالت الأنصار : «منّا أمير ومنكم أمير» (١) وكانوا مخطئين لمخالفتهم قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الأئمة من قريش» (٢) ولم يلزم من ذلك الخطأ البراءة والفسق ، فكذا هنا.

ولأنّهم اختلفوا في مانع الزكاة هل يقاتل؟ وقضى عمر في الحامل المعترفة بالزنا بالرجم ، وكان ذلك على خلاف النص.

ويمنع كون الاختلاف في الدماء والفروج كبيرا ، فإنّه لمّا لم يمتنع كون الأقوال المختلفة صوابا على مذهبك ، جاز أن يكون الخطأ فيها صغيرا.

ويمنع تساوي مباشرة القتل والغصب والتمكن منهما بالفتوى الباطلة ، ولم لا يجوز أن يكون تمسّكه في ذلك بما يشبه الدليل سببا لسقوط العقاب والتفسيق؟

__________________

(١) راجع السيرة النبوية لابن هشام : ٤ / ١٠٧٤.

(٢) مسند أحمد : ٣ / ١٢٩ وج ٤ / ٤٢١ ؛ مستدرك الحاكم : ٤ / ٧٦ ؛ سنن البيهقي : ٣ / ١٢١ وج ٨ / ١٤١ ؛ مجمع الزوائد : ٥ / ١٩٢ ؛ نهج البلاغة : ٢ / ٢٧ ؛ بصائر الدرجات : ٥٣ ؛ الكافي : ٨ / ٣٤٣ ؛ بحار الأنوار : ١٨ / ١٣٣ وج ٢٤ / ١٥٧ ح ١٧ وج ٢٥ / ١٠٤ ، باب الأئمة من قريش وج ٢٨ / ١٧١ و ٢٦١ و ٣٨٠. وقد وردت العبارة ضمن أحاديث مختلفة الألفاظ.

لأنّا نجيب عن الأوّل. بأنّ الدليل على كونه كبيرة لو كان خطأ أنّ تارك العمل به تارك للمأمور به ، فيكون عاصيا فيستحق النار.

وعن الثاني. أنّ غموض الأدلّة وكثرة الشبه أقل ممّا في العقليات مع أنّ المخطئ فيها كافر ، أو فاسق.

وعن الثالث. أنّ ترك البراءة والتفسيق مع التمكين من الفتوى والعمل منقول عمّن نقلتم عنهم التصريح بالتخطئة فلا بد من التوفيق ، وقد تعذّر صرفه إلى كون الخطأ صغيرا لما بيّنّا فساده ، فطريق التوفيق ليس إلّا صرف ما نقلناه إلى قسم وما نقلتموه إلى آخر ؛ فإنّا لا ندّعي التصويب في كلّ الاختلافات في المسائل الشرعية حتى يضرّنا ما ذكرتم ، وأنتم تدّعون الخطأ في كلّ الاختلافات فيضرّكم ما ذكرناه ؛ فنحمل التخطئة على ما إذا وجد في المسألة نصّ قاطع ، أو على ما إذا لم يستقص المجتهد في وجوه الاستدلال.

وأمّا الأنصار فإنّهم لمّا سمعوا ذلك الحديث لا جرم لم يستحقّوا التفسيق والبراءة ، بخلاف هذه المسائل فإنّ كلّ واحد من المجتهدين عرف حجّة صاحبه واطّلع عليها ، فلو كان مخطئا لكان مصرّا على الخطأ بعد اطّلاعه عليها ، فأين أحد البابين من الآخر؟

وهذا هو الجواب أيضا عن اختلافهم في مانعي الزكاة وقصة (١) المجهضة.

__________________

(١) في «ب» و «د» : قضية.

قوله : لمّا جاز أن تكون المذاهب المختلفة في الدماء والفروج خفيّة فلم لا يجوز أن يكون الخطأ فيها صغيرا.

قلنا : قد بيّنّا الدليل على كونه كبيرا فإنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «في من سعى في دم مسلم ولو بشطر كلمة ، جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه : آيس من رحمة الله» (١). وهذا وأمثاله ممّا لا يحصى كثرة يدلّ على أنّ الخطأ كبيرة.

الخامس : لو كان المجتهد مخطئا لما حصل القطع بكون الخطأ منه مغفورا ، وقد حصل فهو غير مخطئ.

بيان الشرطية. أنّه لو حصل القطع بكونه مغفورا لكان في ذلك الوقت إمّا أن يجوز المخطئ كونه مخلّا بنظر يلزمه فعله ، أو لا يجوز ذلك.

فإن لم يجز كان كالساهي عن النظر الزائد فلم يكن مكلّفا بفعله ، فلا يستحقّ العقاب بتركه ، فلا يكون مخطئا وقد فرض مخطئا. هذا خلف.

وإن جوّز كونه مخلّا بنظر زائد فإمّا أن يعلم في تلك الحالة أنّه مغفور له إخلاله بذلك النظر الزائد ، أو لا يعلم. فإن علم لم يصحّ ، لأنّ المجتهد لا يعلم المرتبة الّتي إذا انتهى إليها غفر له ما بعدها ، لأنّه إن اقتصر على أوّل المراتب لم يغفر له ما بعده ، وما من مرتبة ينتهي إليها إلّا ويجوز أن لا يغفر له

__________________

(١) سنن ابن ماجة : ٢ / ٨٧٤ ؛ سنن البيهقي : ٨ / ٢٢ ؛ مجمع الزوائد : ٧ / ٢٩٨ ؛ المعجم الكبير : ١١ / ٦٦ ؛ كنز العمال : ١٥ / ٢٢ برقم ٣٩٨٩٥ ؛ من لا يحضره الفقيه : ٤ / ٩٤ ؛ عوالي اللآلي : ١ / ٢٨٣ برقم ١٢٣ و ٣٦٥ برقم ٥٧ ؛ بحار الأنوار : ٧٢ / ١٤٨ ح ٣ وص ١٤٩ ح ١٠ وج ١٠١ / ٣٨٣ ح ١. وقد ورد الحديث باختلاف في الألفاظ.

ما بعدها. ولا يتميّز له بعض تلك المراتب من بعض. ولأنّه لو عرف تلك المرتبة القريبة لكان مغرى بالمعصية ، لعلمه بانتفاء المضرة عليه في ترك النظر الزائد مع كونه مشقة.

فإذن لا يعرف تلك المرتبة ، وإذا لم يعرفها جوّز أن لا يغفر له إخلاله بما بعدها من النظر ، وجوز أيضا في كلّ مخطئ من المجتهدين أنّهم لم ينتهوا إلى المرتبة الّتي يغفر لهم ما بعدها ، وهو يتضمّن تجويز كونهم غير مغفور لهم.

فظهر أنّه لو كان مخطئا لما حصل القطع بكونه مغفورا له ، لكنّه حصل القطع بذلك ، لأنّهم اتّفقوا من زمن عصر الصحابة إلى يومنا هذا على أنّ ذلك مغفور ، فعلمنا أنّ المجتهد ليس بمخطئ.

السادس : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» خيّر في تقليد أصحابه ، وقد كانوا يختلفون في المسائل ، فلو كان بعضهم مخطئا في الحكم أو الاجتهاد لكان قد حثّهم على الخطأ والمصير إليه ، وهو باطل.

السابع : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا رتب معاذ الاجتهاد على السنّة والسنّة على الكتاب : «أصبت». حكم بتصويبه مطلقا ، ولم يفصّل بين حالة وأخرى ، فالمجتهد مصيب مطلقا.

الثامن : تعيين الحق يستلزم نصب دليل قاطع دفعا لإزاحة الإشكال وقطعا لحجّة المحتج ، كما هو المألوف من عادة الشارع في كلّ ما دعا إليه.

لقوله تعالى : (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)(١).

وقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ)(٢).

وقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً)(٣). ولو كان عليه دليل قاطع لوجب الحكم بفسق مخالفه. (٤)

التاسع : لا خلاف في ترجيح الأدلّة المتقابلة في المسائل الاجتهادية بما لا يستقل بإثبات أصل الحكم ولا نفيه ، فدلّ على أنّ الدليل من الجانبين ما هو خارج عن الترجيح ، فالدليل على كلّ واحد من الحكمين قائم ، فكان حقّا. (٥)

والجواب عن الأوّل. أنّ على الحكم دليلا ظاهرا لا قطعا ولا يلزم الكفر ولا الفسق.

قيل (٦) : لأنّ المجتهد قبل الخوض في الاجتهاد كان تكليفه طلب ذلك الحكم الّذي عيّنه الله تعالى ونصب عليه ذلك الدليل الظاهر ، فإذا اجتهد

__________________

(١) النساء : ١٦٥.

(٢) إبراهيم : ٤.

(٣) طه : ١٣٤.

(٤) راجع الإحكام : ٤ / ١٩٩.

(٥) راجع الإحكام : ٤ / ٢٠٠.

(٦) القائل هو الرازي في المحصول : ٢ / ٥١٩.

وأخطأ ولم يصل إلى ذلك الحكم وظن شيئا آخر ، تغيّر التكليف في حقّه وصار مأمورا بالعمل بمقتضى ظنّه. وحينئذ يكون حاكما بما أنزل الله لا بغيره فسقط ما ذكروه من الاستدلال.

وهو الجواب عن الثاني. لأنّا نسلم أنّ المجتهد بعد أن اجتهد وظن أنّ الحكم كذا فإنّه مكلّف بالعمل بمقتضى ظنّه ، وحكمه تعالى في حقّه ليس إلّا ذلك ، لكن يجوز أن يقال : إنّه قبل خوضه في الاجتهاد كان مأمورا بذلك الحكم الّذي عيّنه الله تعالى ونصب عليه الدليل ، لكنّه بعد الاجتهاد ووقوع الخطأ تغيّر التكليف ، وما ذكروه لا ينفي هذا الاحتمال.

ولأنّ هذه الدلالة تنتقض بما لو وجد نصّ في المسألة ولم يجده المجتهد بعد الطلب ، ثمّ ظنّ بمقتضى القياس خلاف ذلك الحكم ، فإنّ تكليفه حينئذ العمل بمقتضى ذلك القياس مع الإجماع على كونه مخطئا في هذه الصورة ، فجوابهم جوابنا.

ومن المصوّبة من منع من التخطئة في هذه الصورة ، فالأصل في الجواب ما تقدم.

وهو الجواب عن الثالث ، لأنّه إنّما يجب البراءة والتفسيق لو عمل بغير حكم الله تعالى ، لكنّه بعد الخطأ مكلّف بالعمل بمقتضى ظنّه ، فيكون عاملا بحكم الله تعالى فلا يلزم شيء ممّا ذكروه.

وفيه نظر ، فإنّ الحكم تابع للمصالح لا للظنون ، ولا نسلّم تغيّر حكم الله تعالى باعتبار حصول ظنّ غير الحكم المعيّن ، بل الحق في الجواب أنّ

التكليف لم يتغير ، نعم لا يأثم ولا يفسق من حيث العذر الحاصل له باعتبار أنّه مكلّف بإصابة الحكم المعين مستندا إلى الدليل الظاهر ، فلمّا حصل له ظنّ غيره لتقصير في اجتهاد ظنّ إصابة الحق فأهمل استيفاء النظر باعتبار توهّمه بسبب ظنّه أنّه فعل المأمور به.

وعن الخامس. أنّ المرتبة الّتي عندها يحكم بكونه مغفورا له ما بعدها هي الإتيان بما يقدر عليه من غير تقصير.

وعن السادس. أنّه معارض بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من اجتهد واخطأ فله أجر واحد».

وأيضا فهو خبر واحد ، وما ذكرناه دلائل قاطعة فلا يحصل التعارض. وهو الجواب عن السابع.

وعن الثامن. لا مانع من اقتضاء الحكمة طلب ظن ذلك الحكم بناء على الأدلّة الظنيّة لا طلب العلم به ، فلا يجب نصب دليل قطعي ولا يلزم حصول العذر.

وعن التاسع. أنّ بتقدير تسليم أنّ الترجيح قد يكون بما لا يستقل بالحكم ، فلا نمنع ذلك من اعتباره جزءا من الدليل وحينئذ لا يكون المرجوح دليلا ، ولو كان دليلا فلا نسلّم وجوب ترتيب الحكم على المرجوح مع وجود الراجح في نفس الأمر. (١)

__________________

(١) ذكر الرازي هذه الأجوبة في المحصول : ٢ / ٥١٩ ـ ٥٢٠ ، فراجع.

البحث الرابع : في القول بالأشبه

هذا لا يجيء على رأي الإمامية ومن وافقهم فإنّ لله تعالى في كلّ مسألة حكما معينا ، وإنّما يأتي على رأي المصوبة.

وقد اختلف القائلون بعدم الحكم فقال بعضهم : بالأشبه ، وهو أنّه وإن لم يكن لله تعالى فيها حكم لكن لو حكم لم يحكم إلّا بكذا. ونفاه المحقّقون. وهو الحق. (١)

لنا : انّ ذلك الأشبه إن كان هو العمل بأقوى الأمارات وكان موجودا ، كان الأمر به واردا بالإجماع على وجوب العمل بأقوى الأمارات. فحينئذ يكون الحكم بذلك الأشبه واردا ، وقد فرض غير وارد. هذا خلف.

وإن لم يكن أقوى الأمارات موجودا لم يكن الأشبه أيضا موجودا ، لأنّا فرضنا الأشبه هو أقوى الأمارات.

وأمّا أن يكون الأشبه شيئا غير العمل بأقوى الأمارات ، استحال أن يكون مفسدة للمكلّف ، إذ لا قائل بوجوب حكم في كلّ واقعة لو نصّ الله تعالى على حكم فيها لنصّ عليه مع كونه مفسدة للمكلّف.

وإن كان مصلحة فإن قلنا بوجوب رعاية المصالح ـ كما هو مذهبنا ومذهب المعتزلة ـ وجب أن ينص الله تعالى عليه ، ليتمكّن المكلف من

__________________

(١) وهو مختار الرازي في المحصول : ٢ / ٥٢٠.

استيفاء تلك المصلحة ؛ وإن لم يجب ـ كما هو رأي الأشاعرة ـ جاز أن ينص على غيره ، فيبطل القول بأنّه لو نصّ على الحكم لما نصّ إلّا عليه.

وإن لم يكن مصلحة ولا مفسدة فهو إنّما يتمشّى على رأي الأشاعرة الذين نفوا وجوب رعاية المصلحة في الأحكام ، وكلّ من قال بذلك قال : إنّه لا يتعيّن عليه أن يحكم على وجه معين ، بل له الحكم كيف شاء فيمتنع القول بالأشبه.

احتجّ القائلون به بوجهين (١) :

الأوّل : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر واحد» صرّح بالتخطئة وليست لأجل مخالفة حكم واقع ، لأنّا دللنا على أنّه لا حكم ، فيكون لأجل حكم مقدّر وهو الأشبه.

الثاني : المجتهد طالب ، فلا بدّ له من مطلوب ، ولمّا لم يكن المطلوب معيّنا وقوعا ، وجب أن يكون معيّنا تقديرا.

والجواب. أنّ ذلك الأشبه إن كان هو العمل بأقوى الأمارات فهو حقّ. وهو قولنا.

وإن كان غيره مع أنّه تعالى لم ينصّ عليه ، ولا أقام عليه دلالة ولا أمارة فكيف يكون مخطئا بالعدول عنه ، وكيف ينقص ثوابه إذا لم يظفر بما لم يكلّف بإصابته ، ولا سبيل له إلى إصابته.

__________________

(١) راجع المحصول : ٢ / ٥٢١ ـ ٥٢٢.

البحث الخامس : في فصل التنازع بين المجتهدين المختلفين

اعلم أنّ القائلين بأنّ المصيب واحد أوردوا على المصوبة إشكالا ، وهو أنّ تصويب الكلّ يفضي إلى التنازع بحيث لا يمكن حمله كما قلنا في الزوج لو قال لامرأته : «أنت بائن» وكانا مجتهدين ، ثمّ راجعها وكان شافعيا يرى الرجعة والمرأة حنفية ترى أنّ الكنايات بوائن ؛ فهاهنا يتمكّن الزوج شرعا من مطالبتها بالوطء والمرأة مأمورة بالامتناع ، ولا يمكن قطع هذه المنازعة.

قال المصوّبون : هذا الإشكال وارد عليكم أيضا فإنّ المحقّقين ساعدوا على أنّه يجب على المجتهد العمل بموجب ظنّه إذا لم يعلم كونه مخطئا ، فهو وارد عليكم أيضا.

وطريق التخلّص أن يقول : الحادثة إن نزلت بمجتهد واختصّت به ، عمل على ما يؤدّيه اجتهاده إليه ، فإن تساوت الأمارات فيها تخيّر بينها ، أو يعاود الاجتهاد إلى أن يظهر الرجحان. وإن تعلّقت بغيره فإن كان يجري فيها الصلح كالأموال ، اصطلحا فيه أو رجعا إلى حاكم يفصل بينهما إن وجد ؛ وإن لم يوجد رضيا بمن يحكم بينهما ، فإذا حكم لزمهما ولم يجز الرجوع عنه.

وإن لم يجز فيه الصلح كالمسألة المفروضة ، رجعا إلى من يفصل بينهما ، سواء كان صاحب الحادثة مجتهدا أو حاكما أو لم يكن ،

فإنّه لا يجوز للحاكم أن يحكم لنفسه على غيره ، بل ينصب من يقضي بينهما.

وإن كان مقلّدا فإن كانت الحادثة تخصّه عمل على ما اتّفق عليه الفتوى ؛ فإن اختلفوا ، عمل بفتوى الأعلم الأزهد ؛ فإن استويا ، تخيّر بينهما ؛ وإن تعلّقت بغيره ، عمل كما تقدّم في المجتهدين. (١)

البحث السادس : في نقض الاجتهاد

إذا تغيّر اجتهاد المجتهد فإن كان في حقّه مثل أن يكون قد أدّاه اجتهاده إلى جواز التزويج بغير ولي أو إلى أنّ الخلع فسخ فنكح امرأة خالعها ثلاثا ، ثمّ تغيّر اجتهاده فيهما ؛ فإن كان الحكم الأوّل قد اتّصل به حكم حاكم وقضاء قاض ، سواء كان المجتهد نفسه أو غيره ، لم ينقض النكاح وكان صحيحا ، لأنّ قضاء القاضي لمّا اتّصل به فقد تأكّد فلا يؤثر فيه بغير الاجتهاد محافظة على حكم الحاكم ومصلحته. (٢)

وفيه نظر ، لأنّ الحكم من القاضي تابع للحكم في نفسه لا متبوعا ، لأنّ الحكم عندنا لا يتغيّر بحكم القاضي وعدمه ، فإن كان سائغا لم يتغيّر ، وكذا إن كان غيره فلا يصير حكم القاضي ما ليس بحلال في نفسه حلالا.

وإن لم يتّصل به حكم الحاكم لزمه مفارقتها إجماعا ، وإلّا كان

__________________

(١) راجع المحصول : ٢ / ٥٢٢ ـ ٥٢٣.

(٢) راجع المحصول : ٢ / ٥٢٣.

مستديما (١) يحل الاستمتاع بها على خلاف معتقده ، ومرتكبا لما يحرم بتحريمه ، وهو خلاف الإجماع.

وإن كان قد أفتى غيره وعمل بفتواه ثمّ تغير الاجتهاد ، كما لو أفتاه بأنّ الخلع فسخ فنكح العامّي ثم تغيّر اجتهاد المفتي ، فقد اختلفوا في أنّ المقلّد هل يجب عليه مفارقة الزوجة لتغيّر اجتهاد المفتي والحق وجوبه ؛ كما لو قلّد من ليس من أهل الاجتهاد من هو من أهله في جهة القبلة ثمّ تغير اجتهاد المجتهد إلى جهة أخرى في أثناء صلاة المقلّد ، فإنّه يجب عليه التحوّل إلى الجهة الأخرى ؛ بخلاف قضاء القاضي فإنّه متى اتّصل بالحكم استقرّ على ما تقدّم من الإشكال.

وأمّا قضاء القاضي فإن كان قد خالف دليلا قاطعا كنص أو إجماع أو قياس جلي وهو ما نص فيه على العلّة ، فإنّه ينقض إجماعا لظهور خطائه قطعا. وإن لم يكن قد خالف دليلا قاطعا بل اجتهد وحكم باجتهاده ، فإنّه لا يجوز نقض حكمه ، وإلّا لزم اضطراب الأحكام وعدم استقرار الشرع ، إذ لو جاز للحاكم أن ينقض حكم نفسه أو حكم غيره بتغيّر اجتهاده المفيد للظن لجاز نقض البعض عند تغيّر الاجتهاد ، وهكذا إلى غير النهاية ، وهو يقتضي عدم الوثوق بحكم الحاكم ، وهو خلاف المصلحة الّتي نصب الحاكم لها.

__________________

(١) في «ب» : مستدعيا.

البحث السّابع : في أنّه لا يجوز أن يقول الله تعالى للنبي أو العالم : احكم بمهما شئت فإنّما تحكم بالصواب

اختلف الناس في جواز تفويض الله تعالى إلى المكلّف أن يحرم ويوجب ويبيح باختياره بأن يقال له : احكم بما رأيت أو بما شئت فإنّك لا تحكم إلّا بالصواب.

فجزم بجوازه مطلقا مويس (١) بن عمران.

وقال أبو علي الجبائي : يجوز أن يقال ذلك للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دون غيره.

وتوقّف الشافعي في امتناعه وجوازه (٢) ، وجمهور المعتزلة على الامتناع. (٣)

والسيد المرتضى وإن جزم في صدر كلامه بالمنع وأنّه لا بدّ في كلّ حكم من دليل لا يرجع إلى اختيار الفاعل والعلم بأنّه لا يختار إلّا الصواب غير كاف في هذا الباب ، إلّا أنّه في أثناء دلالته يشعر باختيار ذلك في الحكم الواحد لا في الأحكام المتعدّدة. (٤)

__________________

(١) في النسخ الّتي بأيدينا موسى ويونس بن عمران ، وما أثبتناه من كتب الرجال والأصول كالذريعة وعدة الأصول والمحصول وإكمال الكمال.

وهو مويس بفتح الواو وبعدها ياء ساكنة ، أحد المتكلّمين ، ذكره الجاحظ وروى عنه حكايات. إكمال الكمال : ٧ / ٣٠٠.

(٢) وهو مختار الرازي في المحصول : ٢ / ٥٦٦.

(٣) راجع المحصول : ٢ / ٥٦٦ ؛ الإحكام : ٤ / ٢١٥.

(٤) الذريعة إلى أصول الشريعة : ٢ / ١٧٤.

احتجّ المانعون بوجوه (١) :

الأوّل. من أجاز هذا التكليف ، إن جعل الاختيار ممّا تتم به المصلحة فهو محال لوجهين :

أحدهما : أنّه على هذا التقدير يسقط التكليف ، فإنّه إذا قيل له : إن اخترت فافعله وإن لم تختر فلا تفعله ، كان محض إباحة الفعل لا تكليفا. (٢)

واعترض بفرض الكلام في حكمين يجوز الخلو عنهما كالوجوب والتحريم.

ثانيهما. أنّ الإنسان لا ينفك من النقيضين فلا يجوز تكليفه بما لا يمكنه الانفكاك عنه ، بخلاف تخيير الكفّارات لتمكّنه من الانفكاك عنها أجمع.

وإن جعل الفعل مصلحة في نفسه ثمّ يختاره المكلّف ، استحال التفويض حينئذ لوجوه :

أوّلها. إمّا أن يجوز التفويض في الحوادث الكثيرة ، أو في حادثة وحادثتين.

والأوّل محال للعلم القطعي بامتناع حصول الإصابة دائما على سبيل الاتّفاق ؛ وكما لا يجوز أن يقال للأمّي : اكتب كتابا فإنّك لا تخط بيمينك إلّا ما

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٦٦.

(٢) في «ب» بزيادة : وانّه باطل.

طابق ترتيب الكتاب ، ولا أن يقال للجاهل : اخبر بما شئت فإنّك لا تخبر إلّا بالصدق. وإلّا لزم بطلان الاستدلال بالاحكام على العلم وبطلان الاستدلال بالأخبار عن الغيب على النبوة ؛ فكذا لا يجوز أن يقال له : احكم فإنّك لا تختار إلّا الصواب.

وأمّا الثاني وهو جوازه في القليل فإنّه وإن كان جائزا ، إلّا أنّ القول به خارق للإجماع ، فإنّ كلّ من منع من الكثير منع من القليل ، فالفرق خارج عن الإجماع.

وفيه نظر ، للفرق بين الكتابة المفتقرة إلى تقدّم المعرفة بالصيغة وبين الإخبار المنبئ عن تقدّم غيره ، وكذا فرق بين الإخبار (١) والإخبار المتوقّف على علم المطابقة.

ثانيها. إنّما يحسن القصد إلى فعل علم أو ظنّ كونه حسنا ، فلا بد وأن يتميّز له الحسن عن القبيح قبل الإقدام على الفعل. فإذا لم تتقدّم هذه الأمارة المميّزة كان التكليف باختيار الحسن دون القبيح تكليفا بما لا يطاق.

لا يقال : المميّز موجود وهو قوله : قد علمنا أنّك لا تختار إلّا الحسن.

لأنّا نقول : هذا يقتضي أنّ العلم بالحسن بعد فعله وبعد الفعل يزول التكليف عنه. فالدور لازم لوجوب تقدّم المميز بين الحسن والقبح على الاختيار ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق.

__________________

(١) في «أ» و «ج» : الاختبار.

وقوله : «إنّك لا تحكم إلّا بالصواب» إنّما يحصل معه التمييز بعد الفعل ، والمتقدم لا يجوز أن يكون هو المتأخّر.

وفيه نظر ، لأنّ وجوب تقدّم العلم أو الظن بالحسن على الفعل إنّما ثبت على تقدير جواز وقوع القبيح ، أمّا على تقدير عدمه فلا ، والجواز هنا منتف.

ثالثها : لو جاز أن يقول : «احكم فإنّك لا تحكم إلّا بالصواب» لجاز أن يكلّفه تصديق النبي وتكذيب المتنبّي عن غير دليل ، بل تفويضه إلى اختياره ؛ ولجاز أن يكلّفه الإخبار بمهما شاء فإنّه لا يخبر إلّا عن حق ، ولجاز أن يصيب في مسائل الأصول من غير اجتهاد ، ولجاز أن يفوض إليه تبليغ أحكام الله تعالى من غير وحي نزل عليه وهو باطل إجماعا.

ورابعها : لو جاز ذلك في حقّ العالم لجاز في حقّ العامّي.

[الوجه الثاني] وهو يدلّ على عدم الوقوع. [وفيه أمران :]

١. لو كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مأمورا باتّباع إرادته من غير دليل ، لما نهي عن اتّباع هواه ، إذ معناه الحكم بكلّ ما يميل قلبه إليه من غير دليل ، لكنّه قد نهي بقوله تعالى : (وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى)(١) ، (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى)(٢).

لا يقال : إذا قيل له : «احكم فإنّك لا تحكم إلّا بالحق» كان نصا على حقّيّة كلّ ما يميل قلبه إليه ، فلا يكون اتّباعا للهوى.

__________________

(١) ص : ٢٦.

(٢) النجم : ٣.

لأنّا نقول : فيبقى اتّباع الهوى منه ممتنعا.

وفيه نظر ، لإمكانه لو لا القول : وفيما عدا ما خيّر (١) فيه.

٢. لو قيل له : «احكم فإنّك لا تحكم إلّا بالصواب» لما قيل : لم فعلت ، لكنّه قد قيل له : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ)(٢) وهو يدلّ على عدم الوقوع أيضا.

وفيه نظر ، لتوجه العتاب إلى الأمّة ، ولأنّ توجّه العتاب إلى فعل لا يمنع من التخيير في غيره.

احتجّ مويس بوجوه (٣) :

أحدها. نادى مناديه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم فتح مكة أن اقتلوا مقيس بن صبابة (٤) وابن أبي سرح (٥) وإن وجدتموهما متعلّقين بأستار الكعبة لقوله : «من تعلّق

__________________

(١) في «أ» و «ب» : خبر.

(٢) التوبة : ٤٣.

(٣) راجع المحصول : ٢ / ٥٦٩ ـ ٥٧١.

(٤) هو مقيس بن صبابة بن حزن بن يسار الكناني القرشي ، شاعر ، اشتهر في الجاهلية ، شهد بدرا مع المشركين ، قتل أخوه خطأ على يد رجل من الأنصار فأخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ديته ، ثم قدم مقيس المدينة مظهرا الإسلام ، فأمر له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالدية فقبضها ، ثم ترقّب قاتل أخيه حتّى ظفر به وقتله ، وارتد ولحق بقريش ، قال شعرا في ذلك ، فأهدر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دمه ، فقتله نميلة بن عبد الله الليثي يوم فتح مكة سنة (٨ ه‍) ، وقيل : رآه المسلمون بين الصفا والمروة فقتلوه بأسيافهم. الأعلام : ٧ / ٢٨٣.

(٥) هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي العامري ، أخو عثمان من الرضاعة ، ارتدّ فأهدر ـ

بأستار الكعبة فهو آمن». (١) ثم شفع عثمان في ابن أبي سرح فعفا عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولو كان قتله بأمر من الله تعالى لم يقبل فيه شفاعة أحد إلّا بوحي آخر ولم يوجد ، إذ لنزوله علامات يعرفونها ، ولم يظهر في ذلك الوقت شيء منها.

ثانيها : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم فتح مكة : «إنّ الله حرّم مكة يوم خلق السماوات والأرض لا يختلى خلاها ، ولا يعضد شجرها» فقال العباس : يا رسول الله إلّا الإذخر! ، فقال : «إلّا الإذخر». (٢) ولم يكن الاستثناء بالوحي ، لعدم ظهور علاماته.

ثالثها : نادى مناديه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا هجرة بعد الفتح» (٣) حتى استفاض ، فبينا المسلمون كذلك إذ أقبل مجاشع بن مسعود (٤) بالعباس شفيعا ليجعله

__________________

ـ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دمه ، ثم عاد مسلما واستوهبه عثمان يوم الفتح من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولي مصر لعثمان ولم يبايع عليا ، توفّي سنة تسع وخمسين على قول ، وقيل : الأصحّ وفاته في خلافة علي عليه‌السلام. سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣٥ برقم ٨.

(١) تفسير السمرقندي : ٤٤ ؛ إرشاد المفيد : ١ / ١٣٦ باختلاف في اللفظ ؛ المحصول : ٢ / ٥٦٩.

(٢) صحيح البخاري : ١ / ٣٦ ، كتاب العلم ، وج ٢ / ٩٥ ، باب الجنائز ، وص ٢١٣ ، باب لا يعضد شجر الحرم ، وج ٣ / ١٣ ، كتاب البيوع ، وج ٨ / ٣٨ ، كتاب الديات ؛ سنن النسائي : ٥ / ٢١١ ؛ سنن البيهقي : ٥ / ١٩٥ ؛ مسند أحمد : ١ / ٢٥٣ ؛ الكافي : ٤ / ٢٢٦ ح ٣ ؛ من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٢٤٦ برقم ٢٣١٦ ؛ وسائل الشيعة : ١٢ / ٥٥٨ ، باب ٨٨ من أبواب تروك الإحرام ، ح ٤.

(٣) صحيح البخاري : ٣ / ٢٠٠ و ٢١٠ ، كتاب الجهاد والسير ، وج ٤ / ٣٨ ، باب لا هجرة بعد الفتح ؛ صحيح مسلم : ٦ / ٢٨ ، باب المبايعة بعد الفتح ؛ سنن الترمذي : ٣ / ٧٥ برقم ١٦٣٨ ؛ مسند أحمد : ١ / ٢٢٦ و ٣٥٥ وج ٣ / ٢٢ و ٤٦٨ و ٤٦٩ وج ٥ / ١٨٧ ؛ عوالي اللآلي : ١ / ٤٤ و ١٦٢.

(٤) مجاشع بن مسعود بن ثعلبة السلمي ، صحابي ، استخلفه المغيرة بن شعبة على البصرة في خلافة عمر ، وغزا كابل وصالحه صاحبها الأصبهبذ ، وقيل : على يديه فتح «حصن أبرويز» ـ

مهاجرا بعد الفتح! فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أشفّع عمّي ولا هجرة بعد الفتح».

رابعها : لما قتل النضر بن الحارث (١) جاءته ابنته (٢) فأنشدته.

أمحمد ولأنت ضنء نجيبة

في قومها والفحل فحل معرق

ما كان ضرّك لو مننت وربّما

منّ الفتى وهو المغيظ المحنق

إلى آخر الأبيات.

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لو كنت سمعت شعرها ما قتلته».

وهذا إنّما يكون لو كان القتل بغير وحي ، إذ لو كان بأمره تعالى لقتله ولو سمع الشعر.

خامسها : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق». (٣) وإسناد العفو عن الزكاة إليه يدلّ على عدم الوحي فيه.

__________________

ـ بفارس ، وكان يوم الجمل مع عائشة أميرا على بني سليم فقتل فيه سنة ٣٦ ه‍. الأعلام : ٥ / ٢٧٧.

(١) هو النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف ، من بني عبد الدار ، صاحب لواء المشركين ببدر ، كان من شجعان قريش ووجوهها ومن شياطينها ، له اطّلاع على كتب الفرس وغيرهم ، وهو ابن خالة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وآذى رسول الله كثيرا ، أسره المسلمون يوم بدر وقتلوه بالأثيل قرب المدينة. الأعلام : ٨ / ٣١.

(٢) وهي قتيلة بنت النضر ، شاعرة من الطبقة الأولى في النساء ، أدركت الجاهلية والإسلام ، وقتل أبوها في وقعة بدر بعد أسره ، فرثته بقصيدة ضمنها البيتين المذكورين في المتن ، وأسلمت بعد مقتله وروت الحديث ، وتوفّيت في خلافة عمر. الأعلام : ٥ / ١٩٠.

(٣) مسند أحمد : ١ / ١٢١ و ١٣٢ و ١٤٦ ؛ سنن الدارمي : ١ / ٣٨٣ ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ٥٧٠ و ٥٧٩ ؛ سنن الترمذي : ٢ / ٦٦ برقم ٦١٦ ؛ بحار الأنوار : ٩٣ / ٣٢ ح ٩.

سادسها : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أيها الناس كتب عليكم الحج» فقال الأقرع (١) : أكل عام يا رسول الله؟ يقول ذلك ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ساكت ، فلمّا أعاد قال : «والذي نفسي بيده لو قلتها لوجبت ، ولو وجبت ما قمتم بها ، دعوني ما ودعتكم» (٢).

سابعها : أخّر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العشاء ذات ليلة فخرج ورأسه يقطر فقال : «لو لا أن أشقّ على أمّتي لجعلت وقت هذه الصلاة هذا الحين». (٣)

ثامنها : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن عشت إن شاء الله أن أنهى أمّتي أن يسمّوا ؛ نافعا ، وأفلح ، وبركة» (٤).

تاسعها : قال جابر : لما قيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ ماعزا رجم! قال : «هلّا تركتموه حتى انظر في أمره» (٥). ولو لم يكن حكم الرجم إليه لما قال ذلك.

__________________

(١) هو الأقرع بن حابس بن عقال المجاشعي الدارمي التميمي ، صحابي قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في وفد من بني دارم فأسلموا ، وكان من المؤلّفة قلوبهم ، وكان مع خالد بن الوليد في أكثر وقائعه حتّى اليمامة. توفّي سنة ٣١ ه‍. الأعلام : ٢ / ٥.

(٢) مسند أحمد : ١ / ٣٧١ ؛ سنن النسائي : ٥ / ١١١ ؛ مستدرك الحاكم : ١ / ٤٧٠.

(٣) المصنّف لابن أبي شيبة : ١ / ٣٦٦ برقم ١٥ ، تأويل مختلف الحديث : ١٨٤ ؛ كنز العمال : ٨ / ٥٦ برقم ٢١٨٤٦.

(٤) سنن أبي داود : ٢ / ٤٦٨ برقم ٤٩٦٠ ؛ شرح صحيح مسلم للنووي : ١٤ / ١١٨ ؛ كنز العمال : ١٦ / ٤٢٦ برقم ٤٥٢٤٦ ؛ تفسير الآلوسي : ٢٧ / ٦٤.

(٥) مسند أحمد : ٥ / ٢١٧ ؛ سنن أبي داود : ٢ / ٣٤٤ ؛ سنن الترمذي : ٢ / ٤٤١ برقم ١٤٥٣ ؛ مستدرك الحاكم : ٤ / ٣٦٣ ؛ سنن البيهقي : ٨ / ٢١٩ و ٢٢٨.

عاشرها : قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها ، وعن لحوم الأضاحي ألا فانتفعوا بها» (١).

حادي عشر : قوله تعالى : (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ)(٢).

ثاني عشر : القياس على خصال الكفّارة فإنّه قد سبق أنّ الواجب واحد ، ثمّ إنّه تعالى فوّضها إلى المكلّف لمّا علم أنّه لا يختار إلّا ذلك الواجب ، فكذا هنا.

ثالث عشر : الواجب في التكليف يمكن المكلّف من الفعل المخرج عن العهدة ، فإذا قال له تعالى : «إنّك لا تفعل إلّا الصواب» علم أنّ كلّما يصدر عنه صواب ، وكان متمكّنا من الخروج عن العهدة ، فكان جائزا.

رابع عشر : إذا استوى عند المستفتي مفتيان ، وأفتى أحدهما بالتحريم والآخر بالإباحة تخيّر المستفتي بينهما ، ولا فرق في العقل بين خبر يقول : «بأيّهما شئت فإنّك لا تفعل إلّا الصواب» وبين «افعل ما شئت فإنك لا تفعل إلّا الصّواب».

خامس عشر : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لو لا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسّواك عند كلّ صلاة» (٣).

__________________

(١) صحيح مسلم : ٣ / ٦٥ ، كتاب الجنائز ؛ سنن الترمذي : ٣ / ٣٧٠ برقم ١٥٠٤ ؛ مستدرك الحاكم : ١ / ٣٧٥ ؛ سنن البيهقي : ٤ / ٧٦ ؛ المعجم الأوسط : ١ / ٨٢ وج ٦ / ٢٧٤ ؛ الجامع الصغير للسيوطي : ٢ / ٢٩٧.

(٢) آل عمران : ٩٣.

(٣) صحيح البخاري : ١ / ٢١٤ ، باب السواك يوم الجمعة ، وج ٢ / ٢٣٤ ، كتاب الصوم ، وج ٨ / ـ

سادس عشر : الإجماع عن الصحابة في قول أحدهم عن حكمه : «إن كان صوابا فمن الله ورسوله وإن كان خطأ فمنّي ومن الشيطان» أضاف الحكم إلى نفسه ولم ينكر عليه أحد ، فصار إجماعا ، ولأنّ آحاد الصحابة كانوا يرجعون عمّا حكموا به أوّلا من غير إنكار عليه ، ولو لم يكن ذلك من تلقاء نفسه بل عن (١) دليل من الشارع لما ساغ ذلك منه ، ولوجب على الباقين الإنكار عليه.

سابع عشر : إذا جاز الحكم بالأمارة الظنّية مع جواز الخطأ فيها ، جاز الحكم بما يختاره المجتهد من غير دليل وإن جاز عدوله عن الصواب.

والجواب عن الوجوه العشرة الّتي ذكرها مويس (٢) أوّلا : باحتمال أن يقال : ورد الوحي بها قبل تلك الوقائع مشروطا ، كأن يقال له : إذا استثنى أحد شيئا فاستثني له ، وكذا باقي الصور.

وتحريم إسرائيل على نفسه جاز أن يكون بالنذر ، ويمنع تعيين الواجب المخير عند الله تعالى على ما تقدّم ، ولأنّ إسرائيل عليه‌السلام لم يكن من جملة بنيه حتى يكون داخلا في عموم الآية.

__________________

ـ ١٣١ ، كتاب الأحكام ؛ صحيح مسلم : ١ / ١٥١ ، باب السواك ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ١٠٥ ، باب السواك ؛ سنن أبي داود : ١ / ١٩ ، باب السواك ؛ سنن الترمذي : ١ / ١٨ و ١٩ ، باب ما جاء في السواك ؛ سنن النسائي : ١ / ١٢ ، باب السواك ؛ مسند أحمد : ١ / ٨٠ و ١٢٠ ؛ الكافي : ٣ / ٢٢ ح ١ ، باب السواك ؛ بحار الأنوار : ٧٣ / ١٢٦ ح ٣ و ١٣٧ وج ٧٧ / ٣٤٠ و ٣٤١.

(١) في «ب» : غير ، وفي «د» : من غير.

(٢) راجع المحصول : ٢ / ٥٧٣ ـ ٥٧٤ ؛ الإحكام : ٤ / ٢١٧ ـ ٢١٩.

وأمّا الإذخر فقيل : إنّه ليس من الخلا فلا يدخل في التحريم ، فإباحته للاستصحاب ، والاستثناء من العباس والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان مؤكّدا.

ويجوز نزول الوحي بأمرهم بالسّواك الشاق عند كلّ صلاة إن اختار صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذلك ، لاستحالة استناد الأوامر الشرعية إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لقوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى).

وإضافة العفو إلى نفسه بمعنى أنّه لم يأخذ صدقة الخيل والرقيق منهم لا بمعنى أنّه المسقط لها.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ولو قلت نعم لوجبت» لا يدلّ على استناد الوجوب إلى قوله : «نعم» من تلقاء نفسه ، بل لأنّه لا يقول ما يقول إلّا بوحي لما تقدّم.

وجاز أن يباح له القتل وتركه في ابن أبي سرح والنضر وماعز.

وإضافة الخطأ إلى آحاد الصحابة لا يدلّ على أنّ من حكم منهم إنّما حكم من غير دليل ، بل أنّه حكم بدليل في ظنّه ثم اظهر أنّه غالط فيه ، ولو كان ذلك باعتبار اختيار أبيح لهم لم يشكّوا في كونه صوابا.

ورجوع آحاد الصحابة عن ما حكم به إلى غيره إنّما كان لظهور خطائه فيما ظنّه دليلا.

ولا يلزم من التخيير في خصال الكفّارة من غير اجتهاد جواز ذلك في الأحكام الشرعية ، لأنّ للعامي التخيّر في الخصال بخلاف التخيّر في الأحكام.

ولا يلزم من العمل بالأمارة المفيدة للظن العمل بالاختيار من غير ظن مفيد للحكم.

واعترض القائلون بالوقف على الأوّل من حجج المانعين (١) بجواز كون الاختيار ممّا يتمّ به المصلحة وليس فيه إسقاط للتكليف ، لأنّه إذا قيل للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن اخترت الفعل فاحكم على الأمّة بالفعل ، وإن اخترت الترك فاحكم بالترك» فهذا لا يكون إسقاطا للتكليف ، بل يكون مكلّفا بأمر الخلق بمتعلق اختياره.

وفيه نظر ، إذ البحث أعم موضوعا من التكليف بأمر الخلق.

وعلى قوله : لا يخلو المكلّف عن الفعل والترك انّ الحكم على الخلق بالفعل أو الحكم بالترك قد ينفك عنهما. وفيه ما تقدّم.

قالوا : ويشكل بالمستفتي إذا اختلف المفتيان ، والعذر واحد.

ونمنع عدم كثرة الاتّفاقي ، فإنّ حكم المتّفقات في الماهية واحد.

وحال الأمثلة الّتي ذكرتموها كالكتابة وغيرها إن كانت مثل هذه الحال في المتنازع ، افتقر الفرق بين القليل والكثير إلى دليل ، ومنعنا الحكم فيها وإلّا امتنع القياس على أنّ القياس لا يفيد اليقين.

سلّمنا عدم دوام الاتّفاقي ، لكن إذا لم يكن الاتّفاقي ببعض الجهات معلوم السبب بسائر الجهات ، فإنّ من الجائز أن يعلم الله تعالى أنّ مصلحة

__________________

(١) راجع المحصول : ٢ / ٥٧١ ـ ٥٧٣.

المكلّفين أكل الطعام الحلو في هذه السنة ، ويعلم أنّهم خلقوا على وجه لا يشتهون إلّا الطعام الحلو ، فإذا كان تناول الطعام الحلو مصلحة للمكلّف طول عمره ، لم يكن جهله بكون الفعل مصلحة مانعا له في هذه الصورة من الإقدام عليه في أكثر أوقاته.

سلمنا تعذّر ذلك في الكثير ، فجاز في القليل ، والإجماع ممنوع.

وعلى الثاني. نمنع وجوب تقدّم التمييز بين الحسن والقبيح على الفعل لما تقدّم في الجواب عن الأوّل.

سلّمنا ، لكنّه حاصل هنا ، إذا التقدير من المكلّف من فعل القبيح ، وأي فرق بين نصب أمارة قبل الفعل وبين جعل الأمارة نفس الفعل ، فإنّه على التقديرين يأمن الخطأ ولا يلزم ما قالوه من عدم الأمن من فعل القبيح لو لم تتقدّم الأمارة.

وعلى الثالث والرابع. أنّ الله تعالى لمّا نصّ في تلك الصور بأنّ المكلّف لا يختار إلّا الصواب ، فلم قلت : إنّه لا يجوز ورود الأمر بمتابعة إرادته؟ ولا يلزم من عدم التزام مويس ذلك عدم جواز التزام غيره له.

وعلى الخامس والسادس. إنّ قوله تعالى للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّك لا تحكم إلّا بالصواب» ورد في زمان متأخّر ، وما ذكروه ورد في زمان متقدّم ، فلا يتنافيان.

الفصل الثاني :

في التقليد

وفيه مطالب :

المطلب الأوّل : في ماهية التقليد

هو العمل بقول الغير من غير حجّة ملزمة ، مأخوذ من تقليده بالقلادة وجعلها في عنقه ، وذلك كالأخذ بقول العامي ، وأخذ المجتهد بقول من هو مثله. وحينئذ فالرجوع إلى قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإلى ما أجمع عليه أهل العصر من المجتهدين ، ورجوع العامي إلى قول المفتي ، وعمل القاضي بقول الشاهدين ليس بتقليد ، لاشتماله على الحجّة الملزمة لوجوب قبول قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووجوب الرجوع إلى حكم الإجماع بقول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والآيات الدالّة عليه ، ووجوب قبول قول المفتي والشاهدين للإجماع عليه وقيام الأدلّة كالنصوص ، وقد يسمّى ذلك تقليدا بعرف الاستعمال ، والنزاع لفظي.

وأمّا المفتي فهو الفقيه ، وقد تقدّم ، والمستفتي مقابله.

واعلم أنّ المفتي (١) إمّا أن يكون قد بلغ رتبة الاجتهاد ، أو لا يكون.

__________________

(١) في «ج» : المستفتى.

فإن كان الأوّل فما أدّى إليه اجتهاده لا يجوز له مخالفته ولا التقليد فيه ؛ وإن لم يكن قد اجتهد ، فقد ذهب قوم إلى أنّه لا يجوز له اتّباع غيره.

وإن كان الثاني فإن كان عامّيا صرفا فقد اختلفوا في جواز التقليد له ، وكذلك اختلفوا فيما إذا بلغ دون رتبة الاجتهاد. والحق أنّ من لم يبلغ رتبته يجوز له التقليد.

وإذا تقرّر هذا فإن كان الاجتهاد متجزيا ظهر الفرق بين المفتي والمستفتي ، فإنّ كلّ من كان أعلم من غيره في مسألة فهو مفت بالنسبة إلى ذلك الغير والغير مستفت وإن لم يقل بالتجزية فالمفتي هو الّذي يكون من أهل الاجتهاد ، وأمّا ما فيه الاستفتاء فهو المسائل الاجتهادية من الشرعيات دون العقليات.

المطلب الثاني : في المفتي

وفيه مباحث :

البحث الأوّل : في أنّه هل يجوز خلو الزمان عن مجتهد أم لا؟

اختلف الناس في أنّه هل يجوز خلو عصر من الأعصار عن مجتهد يمكن تفويض الفتاوى إليه؟

فمنع منه قوم كالحنابلة وغيرهم ، وجوّزه آخرون.

أمّا الإمامية فإنّ الزمان عندهم لا يجوز خلوّ المعصوم منه (١) مع وجود التكليف ، لكنّه لا يسمّى مجتهدا ، لأنّ الأحكام عندهم متلقّاة من الوحي أو مستنبطة منه.

وأمّا المعتزلة فالقائلون بوجوب التكليف أوجبوا وجود مجتهد في كلّ عصر فيه تكليف ، لاستحالة التكليف بما لا يطاق.

احتجّ الموجبون بوجوه (٢) :

الأوّل : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا يزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله وحتى يظهر الدجال». (٣)

__________________

(١) اتّفقت الإمامية على أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله على خلقه ، إمّا ظاهر مشهور أو خائف مغمور. راجع اعتقادات الصدوق : ٩٤ ، باب الاعتقاد في عدد الأنبياء والأوصياء ؛ الهداية : ٨ ؛ غيبة الطوسي : ٢٤٣ ؛ رسائل في الغيبة للمفيد : ٢ / ١٥ ؛ كشف اليقين للعلامة : ٧٤ و ١٨٥ ؛ أصل الشيعة وأصولها : ٢٢٨ ؛ الشيعة في الإسلام : ٥٣ ؛ إحقاق الحق : ١٩ / ٧٠٥.

وقد وردت الروايات في ذلك عن الأئمة الطاهرين عليهم‌السلام ؛ فعن علي أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : «لا تخلو الأرض من قائم بحجّة الله ، إمّا ظاهر مشهور ، وإمّا خائف مغمور ، لئلّا تبطل حجج الله وبيّناته». وقد ورد هذا الحديث بصيغ مختلفة وألفاظ متعددة. راجع : الكافي : ١ / ١٧٨ ، باب الأرض لا تخلو من حجة ؛ بصائر الدرجات : ٥٠٤ ، باب الأرض لا تخلو من حجّة ؛ أمالي الصدوق : ٢٥٣ ح ١٥ ؛ أمالي المفيد : ٢٥٠ ؛ مناقب آل أبي طالب : ١ / ٢١١ ؛ بحار الأنوار : ٢٣ / ١ ـ ٥٦ ، باب الاضطرار إلى الحجة وأن الأرض لا تخلو من حجة ؛ وغيرها كثير.

(٢) ذكرها الآمدي في الإحكام : ٤ / ٢٣٩.

(٣) مسند أحمد : ٤ / ٩٩ و ٢٥٢ ؛ سنن الدارمي : ٢ / ٢١٣ ؛ صحيح البخاري : ٤ / ١٧٨ وج ٨ / ١٤٩ ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ؛ صحيح مسلم : ٦ / ٥٢ و ٥٣ (عبارة : وحتّى يظهر الدجال ، غير موجودة في هذه المصادر). عوالي اللآلي : ٤ / ٦٢ برقم ١٣ ؛ الإحكام : ٤ / ٢٣٩.

وفيه نظر ، لعدم الملازمة بين ارتكاب الحقّ وبين وجود المجتهد ، لجواز الاستناد إلى قول المعصوم ، أو أن يقال : يجوز الإصابة دائما اتّفاقا.

الثاني : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «وا شوقاه إلى إخواني» قالوا : يا رسول الله ألسنا إخوانك؟

فقال : «أنتم أصحابي ، إخواني قوم يأتون بعدي يهربون بدينهم من شاهق إلى شاهق ، ويصلحون إذا فسد الناس». (١)

وفيه نظر ، لعدم دلالته على وجوب وجود المجتهد في كلّ وقت ، بل يدلّ على وجود قوم صلحاء حال فساد الناس ، وليس ذلك من الاجتهاد في شيء.

الثالث : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «العلماء ورثة الأنبياء». (٢) وأحق الأمم بالوراثة بالورثة هذه الأمة ، وأحق الأنبياء بإرث العلم عنه نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وفيه نظر ، لدلالته على استحقاق الإرث للعلماء لا على وجوب وجود الوارث.

الرابع : التفقّه في الدين والاجتهاد فيه فرض كفاية بحيث يأثم الكلّ لو

__________________

(١) الإحكام : ٤ / ٢٣٩. لم نعثر عليه في المصادر الحديثية لكن ورد مضمونه في المصادر التالية : سنن النسائي : ١ / ٩٤ ؛ مجمع الزوائد : ١٠ / ٦٦ ؛ المعجم الأوسط : ٥ / ٣٤١ ؛ كنز العمال : ١٢ / ١٨٣ و ١٨٤.

(٢) سنن ابن ماجة : ١ / ٨١ برقم ٢٢٣ ؛ سنن أبي داود : ٢ / ١٧٥ ؛ سنن الترمذي : ٤ / ١٥٣ ؛ مجمع الزوائد : ١ / ١٢٦ ؛ الكافي : ١ / ٣٢ و ٣٤ ؛ بحار الأنوار : ١ / ١٦٤ و ٢ / ٩٢ و ١٥١.

تركوه ، فلو جاز خلو العصر عن من يقوم به لزم اتّفاق أهل العصر على الخطأ والضلال ، وهو ممتنع بما تقدّم في دلائل الإجماع.

وفيه نظر ، إذ ترك الواجب على الكفاية قد لا يتعقّبه الإثم بأن يظن كلّ طائفة قيام الغير به ، فجاز في المتنازع ذلك.

الخامس : طريق معرفة الأحكام الشرعية إنّما هو الاجتهاد ، فلو خلا العصر عن مجتهد يمكن الاستناد إليه في معرفة الأحكام ، لزم تعطيل الشريعة واندراس الأحكام ، وهو ممتنع.

وفيه نظر ، لمنع حصر الطريق في الاجتهاد.

واعترض (١) على النصوص بالمعارضة بنقيضها كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ». (٢)

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعا ، ولكن يقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم ، اتّخذ الناس رؤساء جهّالا فسئلوا فأفتوا بغير علم ، فضلّوا وأضلّوا». (٣)

__________________

(١) المعترض هو الآمدي في الإحكام : ٤ / ٢٤٠.

(٢) صحيح مسلم : ١ / ٩٠ ، باب أنّ الإسلام بدأ غريبا ؛ سنن ابن ماجة : ٢ / ١٣١٩ ، باب الإسلام بدأ غريبا ؛ مجمع الزوائد : ٧ / ٢٧٧ ، باب أنّ الإسلام بدأ غريبا.

(٣) صحيح البخاري : ١ / ٣٤ ، كتاب العلم ؛ صحيح مسلم : ٨ / ٦٠ ، باب رفع العلم ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ٢٠ ؛ سنن الترمذي : ٤ / ١٣٩ برقم ٢٧٩٠ ؛ مسند أحمد : ٢ / ١٦٢ ؛ تحف العقول : ٣٧ ؛ مستدرك الوسائل : ١٧ / ٢٤٥ و ٣٠٨ ؛ أمالي المفيد : ٢٠ ، المجلس ٣ ؛ بحار الأنوار : ٢ / ٨٣ و ١١٠ و ١٢١ وج ٧٤ / ١٤١.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «تعلّموا الفرائض وعلّموها الناس ، فإنّها أوّل ما ينسى». (١)

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «خير القرون القرن الّذي أنا فيه ، ثمّ الّذي يليه ، ثمّ الّذي يليه ، ثمّ تبقى حثالة كحثالة التمر لا يعبأ الله بهم». (٢)

وفيه نظر ، لعدم دلالتها على خلو العصر من مجتهد ، فإنّ غرابة الإسلام قد يجامع وجود مجتهدين قليلين ، وكذا قبض العلماء يصدق مع قبض الأكثر ، ونسيان الفرائض لا يستلزم نفي المجتهد ، وانتهاء الحال إلى الحثالة يجامع قلة المجتهدين كما يصدق مع عدمهم.

وعلى الآخرين بأنّ التفقّه في الدين والتأهّل للاجتهاد فرض كفاية في كلّ عصر ، إذا لم يمكن اعتماد العوام على الأحكام المنقولة إليهم في كلّ عصر عمّن سبق من المجتهدين في العصر الأوّل بالنقل المغلب على الظن ، ولكن لا نسلّم امتناع ذلك.

وفيه نظر ، لما يأتي من امتناع تقليد الميت.

واحتجّ المجوّزون (٣) بأنّ الامتناع ليس ذاتيا لعدم المحال لو فرض واقعا ، ولا بغيره لأصالة عدمه.

__________________

(١) سنن ابن ماجة : ٢ / ٩٠٨ ؛ مستدرك الحاكم : ٤ / ٣٣٢ ؛ سنن البيهقي : ٦ / ٢٠٩.

(٢) الإحكام : ٤ / ٢٤٠. ولم نعثر عليه في المصادر الحديثية بهذا النص ، ولكن ورد نحوه في المصادر التالية : عمدة القاري : ١٤ / ١٨٠ ؛ تفسير ابن كثير : ٣ / ٣٣١ ؛ البداية والنهاية : ٦ / ٢٨٣.

(٣) وهو مختار الآمدي في الإحكام : ٤ / ٢٣٩.

البحث الثاني : في تكرر الاجتهاد

المجتهد إذا أدّاه اجتهاده إلى حكم ما وأفتى به ثمّ سئل ثانيا عن تلك المسألة هل يجب عليه الاجتهاد ثانيا ، أم لا؟

قال قوم : يجب تكرر الاجتهاد ، لاحتمال أن يتغيّر اجتهاده ويطّلع على ما لم يطّلع عليه أوّلا.

وقال قوم : لا يجب ، لأنّه فعل الواجب وخرج عن عهدة التكليف بالاجتهاد ، والأمر لا يقتضي التكرار ، والأصل عدم اطّلاعه على ما لم يطّلع عليه أوّلا.

وقال آخرون بالتفصيل ، وهو انّه إن كان ذاكرا للطريق الأوّل فهو مجتهد ويجوز له الإفتاء ، كما لو اجتهد في الحال. وإن نسيه لزم أن يستأنف الاجتهاد ، لأنّه في حكم من لم يجتهد.

وفيه نظر ، لأنّ غير المجتهد لا يظن الحكم وهذا ظان له ، فيجب عليه العمل بما ظنّه ؛ ولأنّ تجويز الاطّلاع ثانيا على ما لم يطّلع عليه أوّلا لو منع من العمل بما أدّاه اجتهاده مع الذكر أو النسيان ، لم يستقر العمل بالاجتهاد إلّا مع إفادة اليقين بوجود المانع.

على كلّ تقدير إذا عرفت هذا فلو اجتهد لم يمنع منه إجماعا ، فإن أدّاه اجتهاده الثاني إلى خلاف فتواه في الأوّل رجع عن الأوّل وأفتى بالثاني ، ويعرّف المستفتي أوّلا برجوعه عن ذلك القول ، لأنّ المستفتي إنّما يعوّل

على قوله ، فإذا ترك هو قول نفسه بقي عمل المستفتي بغير موجب.

وقد روي عن ابن مسعود أنّه كان يقول في تحريم أمّ المرأة مشروط بالدخول ، فذاكر الصحابة فكرهوا أن يتزوّجوا ، فرجع ابن مسعود إلى المستفتي وقال : سألت أصحابي فكرهوا.

البحث الثالث : في الإفتاء عن الحكاية

اختلفوا في أنّ من ليس من أهل الاجتهاد هل يجوز له الإفتاء بمذاهب غيره من المجتهدين ، وبما يحكيه عن الغير؟

فمنع منه أبو الحسين البصري (١) وجماعة من الأصوليّين ، لأنّه إنّما يسأل عمّا عنده لا عمّا عند غيره ، ولأنّه لو جاز الإفتاء بطريق الحكاية عن مذهب الغير لجاز للعامي ذلك. والتالي باطل بالإجماع ، فالمقدّم مثله ، والشرطية ظاهرة.

وقال آخرون بالجواز إذا ثبت ذلك عنده بنقل من يثق بقوله.

وقال آخرون بالتفصيل وهو من وجهين :

الأوّل : قال قوم (٢) : إن كان المفتي مجتهدا في المذهب بحيث يكون له أهلية الاطّلاع على مأخذ المجتهد المطلق الّذي يقلّده ، وقدرة التفريع على قواعد إمامه وأقواله ، متمكّنا من الجمع والفرق والنظر والمناظرة كان له

__________________

(١) نقله عنه الآمدي في الإحكام : ٤ / ٢٤١.

(٢) وهو مختار الآمدي في الإحكام : ٤ / ٢٤١.

الإفتاء تميّزا له عن العامّي ، لانعقاد الإجماع من أهل كلّ عصر على قبول مثل هذا النوع من الفتوى ، وإن لم يكن كذلك فلا.

الثاني : قال آخرون (١) : إن حكى عن ميت لم يجز الأخذ بقوله ، إذ لا قول للميت ، لانعقاد الإجماع مع خلافه بعد موته دون حياته ، فدلّ على أنّه لم يبق له قول.

وفائدة تصنيف الكتب مع موت مصنّفها استفادة طريقة الاجتهاد من تصرّفهم في الحوادث ، وكيفية بناء بعضها على بعض. ومعرفة المجمع عليه من المختلف فيه.

واعترض بأنّ الراوي إذا كان ثقة متمكّنا من فهم كلام المجتهد الفقيه العالم الّذي مات ثمّ روى للعامّي قوله ، حصل عند العامّي ظنّ صدقه. فيظن أنّ حكمه تعالى ما روى له ، والعمل بالظن واجب ، فيجب على العامّي العمل به. ولانعقاد الإجماع في زماننا على جواز العمل بهذا النوع من الفتوى ، لعدم المجتهد في هذا الزمان ، والإجماع حجة.

وفيه نظر ، لأنّ غير المجتهد عامّي ، فلا عبرة بالإجماع حينئذ.

وإن حكى عن حي مجتهد فإن سمعه منه مشافهة ، جاز له العمل به ، وجاز للغير المحكى له العمل أيضا ، ولهذا ساغ للحائض الرجوع إلى قول زوجها فيما يحكيه عن المجتهدين.

__________________

(١) راجع المحصول : ٢ / ٥٢٦ ـ ٥٢٧.

وإن رجع إلى حكاية من يوثق به ، فحكمه حكم السماع كما أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ينفذ الآحاد إلى القبائل لتعريف الأحكام ، ولو لا وجوب القبول عليهم لما كان للإنفاذ فائدة.

وإن رجع إلى كتاب ، فإن وثق به جرى مجرى المكتوب من جواب المفتي في جواز العمل به ، ولهذا كان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكتب الكتب وينفذها إلى الأقطار.

وإن لم يثق به لم يجز العمل ، لكثرة ما يتّفق من الغلط في الكتب ، وهذا هو الأجود عندي.

المطلب الثالث : في المستفتي وشرائط الاستفتاء ومحلّه

وفيه مباحث :

الأوّل : في العامّي

اتّفق المحقّقون على أنّه يجوز للعامّي تقليد المجتهدين في فروع الشرع ، وكذا من ليس بمجتهد وإن كان محصلا لبعض العلوم المعتبرة في الاجتهاد ، بل يجب عليه ذلك والأخذ بقول المفتي.

وقال بعض معتزلة بغداد : لا يجوز ذلك إلّا بعد أن يتبيّن له صحّة اجتهاده بدليله.

وقال أبو علي الجبّائي : يجوز ذلك في مسائل الاجتهاد دون غيرها كالعبادات الخمس. (١)

__________________

(١) للاطّلاع على الأقوال راجع الإحكام : ٤ / ٢٣٤.

لنا وجوه (١) :

الأوّل : قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٢) أمر بالسؤال ، وهو عام لكلّ من لا يعلم وهو عام أيضا.

وفيه نظر أمّا أوّلا : فللمنع من العموم ، إذ ليست الصيغة من صيغ العموم. وأمّا ثانيا : فلوروده عقيب إرسال الرجال (٣) فيعود عليه.

الثاني : الإجماع فإنّه لم تزل العامّة في زمن الصحابة والتابعين قبل حدوث المخالفين يرجعون في الأحكام إلى قول المجتهدين ويستفتونهم في الأحكام الشرعية ، والعلماء يسارعون إلى الأجوبة من غير إشارة إلى ذكر دليل ولا ينهونهم عن ذلك ، فكان إجماعا.

الثالث : العامّي إذا حدثت به حادثة [فإن لم يكن] متعبّدا بشيء [فهو باطل] وليس مجازا إجماعا ، بل لا بدّ من طريق [الاستدلال] ، وليس البحث والنظر في الدليل المثبت للحكم [أمرا ميسورا] للإفضاء ذلك إلى تعطيل المعاش والاشتغال بالفكر في فروع المسائل عن مصالح العباد ، وهو يستلزم خراب الدنيا وفساد الحرث والنسل ، وذلك من أعظم الحرج المنفي بقوله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٤) وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا ضرر

__________________

(١) راجع المحصول : ٢ / ٥٢٧ ؛ الإحكام : ٤ / ٢٣٤.

(٢) النحل : ٤٣.

(٣) إشارة إلى قوله سبحانه : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) النحل : ٤٣.

(٤) الحج : ٧٨.

ولا إضرار في الإسلام» (١) ، ولا يكفي التمسّك بالبراءة الأصلية إجماعا. [فتعيّن الثاني أي التقليد](٢).

الرابع : لو لزمه الاستدلال لم يكن حال كمال عقله لوجهين :

أ. أنّ الصحابة لم يلوموا تارك طلب العلم ولم يطلب رتبة المجتهد في أوّل كمال عقله.

ب. يمنعه ذلك من الاشتغال بأمور الدنيا كما بيّنّا.

ولا حال حدوث الواقعة ، وإلّا لوجب عليه اكتساب صفة المجتهد عند نزول الحادثة ، وهو غير مقدور.

لا يقال : المانعون من جواز التقليد لا يقولون بالإجماع ولا بخبر الواحد ، ولا يجوز التمسّك بالظواهر المحتملة. وحينئذ يسهل الأمر عليهم ، فإنّهم قالوا : ثبت أنّ الأصل عقلا في اللّذات الإباحة ، وفي المضار التحريم ؛ فإن ورد في بعض الحوادث نصّ قاطع في متنه ودلالته يقتضي ترك ذلك الأصل ، عملنا به. وإلّا وجب البقاء عليه ، فالعامّي إذا حدث به نازلة وبه شيء من الذكاء ، عرف حكم العقل فيه ؛ وإن كان في غاية البلادة ، نبّهه المفتي على حكم العقل.

__________________

(١) مسند أحمد : ١ / ٣١٣ ؛ مجمع الزوائد : ٤ / ١١٠ ؛ من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٢٣٣ وج ٤ / ٣٣٤ برقم ٥٧١٨ ؛ عوالي اللآلي : ١ / ٣٨٣ برقم ١١ وج ٢ / ٧٤ برقم ١٩٥ ؛ بحار الأنوار : ٧٣ / ٣٤٥.

(٢) ما بين المعقوفتين إضافة منا يقتضيه كمال المعنى ؛ والعبارة في جميع النسخ مشوشة وتمّ تصحيحها وفق «المحصول» و «الإحكام».

وكما أنّ طلب المعاش غير مانع من الاشتغال في مسائل الأصول ، كذا لا يمنع من معرفة هذا القدر اليسير ، لأنّ وجود نص قاطع المتن والدلالة يدركه بأدنى إشارة من قول المفتي. وإن لم يوجد نبّهه على حكم الأصل.

نعم المنع من التقليد يصعب عند الموجبين للعمل بالقياس وخبر الواحد ، أمّا من يمنعهما فلا صعوبة ولو منع المعاش عن ذلك لكان منعه عن وجوب النظر في مسائل الأصول أولى ، لما فيها من الصعوبة والافتقار إلى الكدّ الشديد ، ومعلوم أنّ الصحابة كانوا يلومون من لم يتعلّم علم الكلام في أوّل زمان بلوغه.

لأنّا نقول (١) : الواجب في معرفة مسائل الأصول معرفة أدلّة التوحيد والنبوة إجمالا لا تفصيلا ، وهو سهل يحصل بأدنى تأمّل ، بخلاف فروع الشرع المفتقرة إلى علوم كثيرة وبحث شديد. وإنّما يتمّ هذا الفرق إذا حصل الفرق بين صاحب الجملة والتفصيل. وهو باطل ، لأنّ الدليل المركّب من مقدّمات عشر مثلا ، لو حصلت مقدّماته للمستدلّ بأسرها حصل العلم من غير زيادة ، لأنّ العشرة مستقلة بالانتاج فيستحيل ضم أخرى إليها مؤثّرة فيه.

وإن لم يحصل العلم بأسرها ، بل حصل بعضها بالضرورة أو بالدليل والبعض بالتقليد، كانت النتيجة مستندة إلى التقليد ، فالتمسّك بالدليل لا يقبل الزيادة ولا النقصان ، كما يقال : صاحب الجملة يكفيه الاستدلال على ثبوت الصانع بالحوادث المتجدّدة. وهو باطل، لأنّ هذه الحوادث لا بدّ لها من مؤثر ،

__________________

(١) راجع المحصول : ٢ / ٥٢٨ ـ ٥٣٠.

وهو معلوم للعوام ؛ وذلك المؤثر مختار ، وهو غير معلوم لهم ، فإنّه ما لم يثبت أنّه ليس بموجب لم يجب اسناده إلى المختار ، فقطع العامّي بأنّه مختار من دون الاستدلال عليه ، يكون تقليدا في هذه المقدّمة وفي النتيجة.

وإذا شاهد فعلا خارقا للعادة صدر عن بشر أو استدلّ به على ثبوته من غير أن يبرهن على أنّه من فعله تعالى دون خاصية نفس الرسول ، أو خاصية دواء أو فعل جنّي ، أو ملك.

وعلى أنّه تعالى فعله لغرض التصديق لا غير كان مقلّدا في بعض المقدّمات ، فكذا في النتيجة فبطل فرقهم بين صاحب الجملة والتفصيل. فلم يبق إلّا أن يقال : «أدلّة الأصول على التفصيل سهل» (١) وهو مكابرة ، أو أنّه يجوز التقليد فيهما ، فينتفي الفرق بينهما.

احتجّ المانعون بوجوه (٢) :

الأوّل : قوله تعالى : (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٣). والتقليد قول بغير المعلوم فكان منهيا عنه.

الثاني : أنّه تعالى ذمّ المقلّدين في قوله تعالى : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ)(٤) فلا يكون جائزا لقبح الذم على الجائز.

__________________

(١) أي أنّ الإحاطة بالأدلة على تفصيلها وتدقيقها شيء سهل ويسير.

(٢) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٣١ ـ ٥٣٢.

(٣) البقرة : ١٦٩.

(٤) الزخرف : ٢٣.

الثالث : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة» (١) خرج بعض العلوم عنه ، للإجماع ، فيبقى العلم بفروع الشريعة داخلا فيه.

الرابع : القول بجواز التقليد يفضي إلى بطلانه ، لأنّه يقتضي جواز تقليد من يمنع من التقليد ، فيكون باطلا.

الخامس : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اجتهدوا فكلّ ميسّر لما خلق له» (٢) أمر بالاجتهاد مطلقا.

السادس : التقليد ارتكاب لما لا يؤمن معه الخطأ والضرر ، فيكون منهيا عنه.

بيان ذلك : أنّه لا يأمن فسق من قلّده وكذبه وغلطه في الاجتهاد ، فيلزم أمر العامّي باتّباع الخطأ والكذب والفسق ، وهو غير صادر من الشارع لقبحه.

السابع : لو جاز التقليد في الأمور الشرعية لجاز في مسائل الأصول.

والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.

بيان الشرطية : أنّ المقتضي لجواز التقليد هناك ليس إلّا حصول أمارة

__________________

(١) سنن ابن ماجة : ١ / ٨١ ؛ مجمع الزوائد : ١ / ١١٩ و ١٢٠ ؛ كنز العمال : ١٠ / ١٣٠ و ١٣١ و ١٣٨ ؛ الكافي : ١ / ٣٠ و ٣١ ؛ بحار الأنوار : ١ / ١٧١ و ١٧٢ و ١٧٧ و ١٧٩ و ١٨٠.

(٢) صحيح البخاري : ٦ / ٨٦ ، تفسير سورة الانشراح ؛ صحيح مسلم : ٨ / ٤٧ ، باب كيفية خلق الآدمي ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ٣٠ ؛ سنن الترمذي : ٣ / ٣٠٢ برقم ٢٢١٩ ؛ مسند أحمد : ١ / ٨٢ و ١٥٧ وج ٣ / ٣٠٤. وقد علّق على هذا الحديث العلّامة الطباطبائي وناقشه في الميزان : ١١ / ٣٥ وما بعدها ، فراجع.

توجب ظن صدق المفتي ، والعمل بالظن واجب ، وهذا المقتضي ثابت هنا ، فثبت الاكتفاء بالفتوى في الأصول.

والجواب عن الأوّل. النقض بالظنون الّتي يجب العمل بها ، كالأمور الدنيوية وقيم المتلفات وأروش الجنايات ، وخبر الواحد والقياس لو جوّزوا العمل بهما. وينتقض بالشهادة ، ولأنّه مشترك الإلزام فإنّ النظر والاجتهاد إنّما يثمر الظن ، وهو قول بما ليس بمعلوم ولا بدّ من سلوك أحدهما ، وليس في الآية دليل على تعيين امتناع أحدهما ، فإذن الواجب حملها على ما لا يعلم فيما يشترط فيه العلم.

وعن الثاني. بالحمل على ذمّ التقليد فيما يطلب فيه العلم جمعا بين الأدلّة.

وعن الثالث. أنّه متروك بالإجماع في صورة النزاع ، فإنّ الناس بين قائلين : قائل بوجوب التقليد ، وقائل بوجوب النظر والاجتهاد ، وكلاهما لا يفيدان العلم.

وعن الخامس. نمنع دلالته على الوجوب ، ولو دلّ على الاجتهاد فلا عموم له بالنسبة إلى كلّ مطلوب ، فلا يلزم دخول صورة النزاع فيه.

سلّمنا عمومه ، لكن يحمل على من له أهلية الاجتهاد جمعا بين الأدلة.

وعن السادس. أنّه مشترك الإلزام ، فإنّ العامّي وإن اجتهد فلا يأمن من وقوع الخطأ فيه ، بل هو أقرب إلى الخطأ لعدم أهليته.

وعن السابع. بما تقدّم من الفرق بين ما يطلب فيه العلم وما يطلب فيه الظن.

وأمّا عموم جواز التقليد في مسائل الاجتهاد وغيرها ، فلأنّا لو كلّفناه الفصل بين الأمرين لكنّا قد ألزمناه بأن يكون من أهل الاجتهاد لتوقّف الفصل عليه ، فيعود المحذور.

احتجّ الجبّائي (١) : بأنّ ما ليس من مسائل الاجتهاد الحقّ فيه واحد ، فتجويز التقليد فيه يستلزم عدم الأمن من التقليد في خلاف الحق ، بخلاف مسائل الاجتهاد لتصويب كلّ مجتهد فيها.

والجواب. نمنع إصابة كلّ مجتهد.

سلّمنا ، لكن لا نأمن في مسائل الاجتهاد من التقصير في الاجتهاد من المفتي ، بل تركه ومن الإفتاء بغير ما أدّاه اجتهاده إليه.

فإن قلت : مصلحة العامّي العمل بما يفتيه المفتي.

قلنا : وكذا الأمر في صورة النزاع.

__________________

(١) نقله عنه الرازي في المحصول : ٢ / ٥٣٢.

البحث الثاني : في غير العامّي

الرجل الّذي تنزل به الواقعة إن كان عامّيا صرفا وجب عليه الاستفتاء كما تقدّم.

وإن كان عالما فإما أن يبلغ رتبة الاجتهاد ، أو لا.

والثاني يجوز له الاستفتاء على الأقوى.

والأوّل إمّا أن يكون قد اجتهد ، أو لا. فإن اجتهد وغلب على ظنّه حكم ، لم يجز له أن يقلّد مخالفه ويعمل بظن غيره إجماعا.

وإن لم يجتهد لم يجز له التقليد أيضا. وهو مذهب أكثر الأشاعرة.

وقال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وسفيان الثوري : يجوز للعالم أن يقلّد العالم مطلقا. وعن أبي حنيفة في ذلك روايتان. (١)

وفصّل آخرون وذكروا فيه وجوها (٢) :

الأوّل : قال الشافعي في القديم : يجوز لمن بعد الصحابة تقليد الصحابة ، ولا يجوز تقليد غيرهم.

الثاني. قال محمد بن الحسن الشيباني : يجوز للعالم تقليد الأعلم.

الثالث. قال بعض العراقيين : يجوز التقليد فيما يخصّه دون ما يفتي به.

__________________

(١) راجع المحصول : ٢ / ٥٣٤ ـ ٥٣٥.

(٢) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٣٥.

الرابع. قال ابن سريج : يجوز أن يقلّد فيما يخصّه إذا خاف الفوات لو اشتغل بالاجتهاد.

لنا وجوه (١) :

الأوّل. أنّه مأمور بالاعتبار ، ولم يأت به ، فيكون عاصيا. ولا ينتقض بالعامي لعجزه. وفيه ما تقدّم.

الثاني. أنّه متمكّن من الوصول بفكره إلى حكم المسألة ، فيحرم عليه التقليد كما في مسائل الأصول. والجامع وجوب الاحتراز عن الخطأ المحتمل عند القدرة على الاحتراز عنه.

لا يقال : المعتبر في الأصول اليقين ولا يحصل بالتقليد بخلاف الفروع المعتبر فيها الظن ، ويمكن حصوله بالتقليد ، ولهذا حرم على العامي التقليد في الأصول دون الفروع.

وينتقض ما ذكرتموه بقضاء القاضي حيث يحرم مخالفته ، وإن تمكن من معرفة الحكم ، فإنّه لا معنى للتقليد سوى وجوب العمل من غير حجّة.

وينتقض بالقريب من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّه يجوز أن يسأل الواسطة مع تمكّنه من سؤاله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

لأنّا نجيب عن الأوّل. بأنّا إنّما أوجبنا على المكلّف تحصيل اليقين لقدرته ، والدليل حاضر ، فوجب عليه تحصيله حذرا من الخطأ المحتمل.

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٣٥ ـ ٥٣٦.

وهذا المعنى حاصل في مسألتنا للمكلّف والدليل المعيّن للظن الأقوى حاصل ، فوجب عليه تحصيله احترازا عن الخطأ المحتمل في الظن الضعيف.

وعن الثاني. أنّ الدليل لمّا دلّ على عدم قبح قضاء القاضي بالاجتهاد لم يكن العمل به تقليدا ، بل لذلك الدليل.

وعن الثالث. نمنع الاكتفاء بسؤال الواسطة مع القدرة على سؤال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

احتجّ المخالف بوجوه (١) :

الأوّل : قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٢). والعالم قبل اجتهاده لا يعلم ، فجاز له السؤال.

الثاني : قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)(٣). والعلماء من أولي الأمر لنفوذ أمرهم على الأمراء والولاة.

الثالث : قوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ)(٤). أوجب الحذر عند إنذار الفقيه مطلقا ، فيتناول العالم كالعامي.

الرابع : إجماع الصحابة عليه ، فإنّ عبد الرحمن بن عوف قال لعثمان :

__________________

(١) ذكرها مع الأجوبة عنها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٣٦ ـ ٥٣٨.

(٢) النحل : ٤٣.

(٣) النساء : ٥٩.

(٤) التوبة : ١٢٢.

أبايعك على كتاب الله وسنّة رسوله وسيرة الشيخين ، فقبل ، ولم ينكر عليه باقي الصحابة الحاضرون.

لا يقال : إنّ عليا عليه‌السلام خالف فيه.

لأنّا نقول : إنّه لم ينكر جوازه ، لكنّه لم يقبله ، ولكن لا يوجبه حتى يضرّنا ذلك.

الخامس : حكم يسوغ فيه الاجتهاد ، فجاز لغير العالم به تقليد العالم كالعامّيّ ، والجامع وجوب العمل بالظن المستند إلى قول المفتي.

السادس : الإجماع على قبول خبر الواحد عن المجتهد ، بل عن العامّيّ. ووجوب عمل المجتهد به اعتمادا على عقله ودينه ، وهنا قد أخبر المجتهد عن منتهى اجتهاده بعد بذل الجهد ، فجواز العمل به أولى.

السابع : إذا ظنّ المجتهد العمل بفتوى مجتهد آخر ، فقد ظنّ أنّ حكم الله ذلك ، فيحصل ظن العقاب بترك العمل ، فيجب العمل دفعا للضرر المظنون.

والجواب عن الأوّل. أنّ الأمر يقتضي وجوب السؤال ، وهو منفي في حقّ العالم إجماعا ولأنّه يقتضي وجوب السؤال على المجتهد بعد اجتهاده ، لأنّه بعد الاجتهاد غير عالم ، بل ظان وهو منفي بالإجماع. ولأنّه أمر بالسؤال من غير تعيين المسئول عنه ، فيحمل على السؤال عن وجه الدليل.

وفيه نظر ، لأنّ المراد بالعلم هنا يحتمل ما يشتمل العلم والظن.

سلّمنا ، لكن سؤال (١) أهل الذكر أي العالم ممنوع ، والمسئول هنا ليس بعالم ، فامتنع السؤال لتعذّره.

وعن الثاني. نمنع عموم وجوب الطاعة على كلّ شيء وإن دلّت على وجوبها مطلقا ، فيحمل على وجوب الطاعة في القضايا والأحكام. ولو دلّت الآية على تناول صورة النزاع ، لوجب التقليد ، وهو منفي إجماعا.

وفيه نظر ، لأنّ الغرض بالآية إنّما يتمّ بالتعميم ، ولأنّ المفعول عام بالنسبة إلى الله تعالى ، فكذا في المعطوف عليه لاتّحاد الفعل. ونمنع الإجماع على عدم وجوب التقليد مع عدم التمكّن من الاجتهاد ولضيق الوقت أو لغيره من الأعذار.

وعن الثالث. أنّ الآية دالّة على وجوب الحذر عند إنذاره لا عند كلّ إنذار ، ونحن نقول بالأوّل فإنّا نوجب العمل بروايته.

وفيه نظر ، لأنّ الإنذار عقيب التفقّه إنّما يفهم منه الإفتاء.

وعن الرابع. يحتمل أن يكون المراد من سيرة الشيخين طريقتهما في العدل.

وعن الخامس. بالفرق ، فإنّ العامّيّ عاجز فجاز له التقليد ، بخلاف العالم.

وعن السادس. أنّ المفتي ربّما بنى اجتهاده على خبر الواحد ، فإذا

__________________

(١) في «أ» و «ب» : المسئول.

تمسّك به المجتهد أوّلا كان احتمال الغلط فيه أقل ممّا إذا قلّد غيره.

وفيه نظر ، إذ قد يكون اجتهاد المفتي أقوى من اجتهاده ، أو مساويا ، أو أضعف.

وعن السابع. أنّ مجرّد الظن يجب العمل به إذا لم يصرفنا عنه دليل سمعي ، وما ذكرناه من الأدلّة السمعية يوجب العدول عنه.

البحث الثالث : في شرائط الاستفتاء

الإجماع على أنّه لا يجوز استفتاء من اتّفق ، بل يجب أن يجمع المفتي وصفين :

أ. الاجتهاد.

ب. الورع.

ولا يجب على المستفتي الاجتهاد البالغ في معرفة المجتهد المتورّع ، بل يكفيه البناء على الظاهر ، وذلك بأن يراه منتصبا للفتوى بمشهد الخلق ، ويرى اجتماع الخلق عليه والانقياد إلى ما يفتيهم به ، وإقبال المسلمين على سؤاله.

وقد وقع الإجماع على أنّه لا يجوز أن يقلّد من يظنّه غير عالم ، ولا متديّن وإنّما وجب عليه ذلك ، لأنّه بمنزلة نظر المجتهد في الأمارات.

وإذا تعدّد المجتهدون ، فإن اتّفقوا على الحكم وجب على المستفتي

العمل به ، وإن اختلفوا وجب على المستفتي الاجتهاد في معرفة الأعلم الأورع ، لأنّ ذلك طريق إلى قوة ظنه يجري مجرى قوة ظن المجتهد. وهو قول جماعة من الأصوليّين والفقهاء وأحمد بن حنبل وابن سريج من الشافعية والقفّال منهم. والكتاب العزيز يدلّ عليه وهو قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)(١).

وقال آخرون ، كالقاضي أبي بكر وجماعة من الأصوليّين والفقهاء : لا يجب عليه الاجتهاد ، بل يتخيّر في الرجوع إلى من شاء منهم ، لأنّ العلماء في كلّ عصر لم ينكروا على العوام في ترك النظر في أحوال العلماء ، وهو ممنوع.

فإذا اجتهد ، فإن ظنّ الاستواء مطلقا تخيّر في تقليد من شاء كالدليلين المتعارضين ولا ترجيح. وقيل : بعدم جواز وقوعه كما لا يجوز استواء أمارتي الحل والحرمة. وقيل : يسقط التكليف ، لأنّا جعلنا له أن يفعل ما شاء.

وإن ظنّ الرّجحان مطلقا تعيّن عليه العمل بقول الراجح ، كما لو حصل للمجتهد رجحان إحدى الأمارتين.

وإن ظنّ رجحان كلّ منهما على الآخر باعتبار ففيه صور (٢) :

الأولى : أن يستويا في الدين ويتفاضلا في العلم ، فالحقّ وجوب الأخذ

__________________

(١) يونس : ٣٥.

(٢) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٣٣ ـ ٥٣٤.

بقول الأعلم ، لمرتبته ورجحانه ولهذا تقدّم في الصلاة ؛ ولأنّ ظن إصابته للحق أقوى فيتعيّن العمل بقوله.

وقيل : يتخيّر بينهما ، وليس بمعتمد.

الثانية : أن يتساويا في العلم ويتفاضلا في الدين ، فالأقرب وجوب الأخذ بقول الأدين ، لقوة الظن ؛ ويحتمل التخيير ، إذ مناط التقليد وهو الورع والعلم موجود ولا ترجيح فيما يتعلّق بالاجتهاد الّذي هو العلم.

الثالثة : أن يكون أحدهما أرجح في دينه والآخر في علمه ، فالأقرب ترجيح الأعلم ، لاستفادة الحكم من علمه لا من دينه. وقيل (١) : يؤخذ بقول الأدين. والوجه الأوّل.

لا يقال : العامي ربّما اغترّ بالظواهر فيقدّم المفضول على الفاضل ويستفتي من يتعيّن استفتاء غيره ، فيجب عليه الاجتهاد فيمن يقلده والبحث عنه وعن اجتماع الشرائط فيه ، فإنّه لو جاز أن يحكم بغير بصيرة في ترجيح بعض العلماء على بعض ، فليجز أن يحكم في المسألة بما يقع له ابتداء ، إذ لا فرق بين الأمرين.

لأنّا نقول : إن أردت بالاجتهاد في معرفة الأفضل استفادته من تواتر الأخبار عن الفاضل بأنّه أفضل ومن إذعان المفضول له ومن الأمارات الدالّة عليه والقرائن الّتي لا تخفى دون البحث عن نفس العلم ، فهو مسلّم ونحن نشترط ذلك ونوجبه ، وأمّا ما عدا ذلك فلا.

__________________

(١) القائل هو الرازي في المحصول : ٢ / ٥٣٤.

تذنيب : في عدول المقلّد في غير ما قلّد فيه

إذا تبع العامّيّ بعض المجتهدين في حكم حادثة وعمل بقوله فيها ، لم يجز له الرجوع عنه في ذلك الحكم بعد ذلك إلى غيره ، إجماعا.

والوجه عندي جواز العدول إلى غيره في مساواته لا فيه نفسه.

وهل له اتّباع غير ذلك المجتهد في حكم آخر؟

اختلفوا (١) : فمنهم من جوزه وهو الوجه عندي ، إذ العلماء لم يوجبوا في كلّ عصر رجوع من استفتاهم في حكم إليهم في جميع الأحكام ، بل سوّغ الصحابة وغيرهم استفتاء العامّي لكلّ عالم في مسألة ، ولم يحجروا على العامّة في ذلك ، ولو كان ذلك واجبا لمّا سوغوا السكوت عنه ؛ ولأنّ كلّ مسألة لها حكم مختصّ بها ، فكما لم يتعيّن في المسألة الأولى الاتّباع لشخص معين ، بل كان مخيّرا في اتّباع من شاء ، فكذا باقي المسائل لعدم الربط بينها ، وبعضهم منع من ذلك. وليس بجيد.

أمّا لو عيّن العامّي لنفسه مذهبا معينا ، كمذهب الشافعي أو أبي حنيفة أو غيره وقال : أنا على مذهبه وملتزم به ، فهل له الرجوع إلى الأخذ بقول غيره في مسألة من المسائل؟

اختلفوا (٢) : فجوّزه قوم ، لأنّ التزامه بمذهب معيّن غير ملزم له.

__________________

(١) راجع الإحكام : ٤ / ٢٤٢ ـ ٢٤٣.

(٢) راجع الإحكام : ٤ / ٢٤٣.

ومنع منه آخرون ، لأنّه بالتزامه المذهب صار لازما له كما لو التزم مذهبه في حكم حادثة. وقيل : إنّ كلّ مسألة من مذهب الأوّل اتصل عمله بها فليس له تقليد الغير فيها ، وما لم يتّصل عمله بها فلا مانع له من اتّباع غيره فيها. هذا خلاف الجمهور.

أمّا الإمامية فلمّا كانت الإمامة عندهم ركنا في الدين وأصلا من أصوله ، لم يجز التقليد فيها وأوجبوا اتّباع أئمتهم ومن يدين بمقالتهم خاصة في كلّ الأحكام.

البحث الرابع : في محلّه

قد بيّنا أنّه يجوز التقليد في المسائل الفروعية الاجتهادية وبيّنا الخلاف فيه ، وأمّا المسائل الأصولية فالحقّ أنّه لا يجوز التقليد في مسائل أصول الدين ـ كوجود الصانع وما يجب له ويمتنع ، والنبوة ، والعدل وغيرها ـ للمجتهد ولا للعامي ، بل يجب على كلّ واحد منهما النظر والبحث خلافا لعبيد الله بن الحسن العنبري والحشوية والتعليمية حيث ذهبوا إلى جوازه ، بل ربّما ذهب بعضهم إلى وجوبه. (١)

لنا وجوه (٢) :

الأوّل : أنّ تحصيل العلم في أصول الدين قد كان واجبا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيكون واجبا علينا.

__________________

(١) راجع الإحكام : ٤ / ٢٢٩.

(٢) راجع الإحكام : ٤ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠ ؛ المحصول : ٢ / ٥٣٩.

أمّا الأولى فلقوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ)(١) وأمّا الثانية فلقوله : (وَاتَّبِعُوهُ)(٢) وغيرها من الأدلّة الدالّة على وجوب التأسّي.

لا يقال : نمنع إمكان إيجاب العلم بالله تعالى ، لأنّ المأمور إن لم يكن عالما به تعالى استحال أن يكون عالما بأمره ، وحال ما يمتنع أن يكون عالما بأمره يمتنع كونه مأمورا من قبله ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق. وإن كان عالما به استحال أمره بالعلم به لاستحالة تحصيل الحاصل.

لأنّا نقول : قد بيّنا أنّ الحق أنّ وجوب المعرفة والنظر عقلي لا سمعي ودلالة السمعي للمطابقة والتوافق. (٣)

الثاني : القرآن دلّ على ذمّ التقليد في مواضع متعدّدة. خرج عنه التقليد في المسائل الفرعية لمشقّة الاجتهاد ، فينصرف ذمّ التقليد إلى مسائل الأصول.

الثالث : الإجماع على أنّه لا يجوز تقليد غير المحقّ ، وإنّما يعلم المحقّ من غيره بالنظر والاستدلال على أنّ ما يقوله حق وصواب ، فإذن لا يجوز له التقليد إلّا بعد الاستدلال ، وإذا صار مستدلّا امتنع كونه مقلّدا.

اعترض ، بالمعارضة بالتقليد في الأمور الشرعية ، فإنّه لا يجوز له تقليد المفتي إلّا إذا كان المفتي قد أفتاه بناء على الدّليل الشرعي ، فإن اكتفيت بالظن

__________________

(١) محمد : ١٩.

(٢) الأعراف : ١٥٨.

(٣) في «أ» و «ب» : التوفيق.

وإن كان المفتي مخطئا لحطّ ذلك الخطأ عنه فليجز مثله في مسائل الأصول.

وفيه نظر ، للفرق بين الخطأ في المسائل الأصولية والفرعية ، فإنّ الخطأ في الأولى يقتضي التكفير بخلافه في الثانية ، فساغ في الثانية ما لم يسغ في الأولى.

الرابع : النظر واجب ، لأنّه لمّا نزل قوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(١) الآية ، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ويل لمن لاكها بين لحييه ولم يتفكّر فيها» (٢) توعّد على ترك النظر والتفكّر فيها. فيكون واجبا ، والتقليد ترك لهذا الواجب فيكون حراما.

الخامس : الإجماع على وجوب المعرفة وما يجب عليه ويمتنع. والتقليد ليس طريقا إلى المعرفة ، لأنّ تقليد من ليس بمعصوم لا يوجب العلم لجواز الكذب عليه ؛ ولأنّه لو أفاد التقليد العلم ، لزم اجتماع الضدين على تقدير تقليد من يعتقد الحدوث ومن يعتقد القدم ؛ ولأنّ العلم الحاصل عن التقليد ليس ضروريا لعدم الاشتراك ، ولا نظريا لعدم دليله.

احتجّ المخالف بوجوه (٣) :

الأوّل : النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكلّف الأعرابي الجاهل بأكثر من تلفّظه بالشهادتين ، وكان يحكم بإيمانه باعتبار تلفّظه بهما ، وما ذلك إلّا للتقليد.

__________________

(١) البقرة : ١٦٤.

(٢) تخريج الأحاديث والآثار : ١ / ٢٦١ ؛ الإحكام : ٤ / ٢٢٩.

(٣) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٥٣٩ ـ ٥٤٠ ؛ والآمدي في الإحكام : ٤ / ٢٣٠.

الثاني : معلوم أنّ هذه العلوم إنّما تحصل بعد الممارسة الشديدة والبحث الطويل ، وأكثر الصحابة لم يمارسوا شيئا منها فيستند اعتقادهم إلى التقليد.

الثالث : إنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يسأل أحدا تلفظ بكلمة الشهادة هل علمت حدوث الأجسام أم لا؟ وهل علمت أنّه تعالى قادر أو لا؟ إلى غير ذلك من المسائل. فعلم أنّ حضور تلك المسائل غير معتبر في الإيمان لا تقليدا ولا علما.

الرابع : النظر غير واجب للنهي عنه في قوله تعالى : (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا)(١) والنظر يفتح باب الجدال.

ولأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى الصحابة يتكلّمون في مسألة القدر فنهاهم عن الكلام فيها وقال : «إنّما هلك من كان قبلكم لخوضهم في هذا» (٢).

ولقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «عليكم بدين العجائز» (٣) والمراد ترك النظر ، فلو كان واجبا لم يكن منهيا عنه.

ولأنّه لم ينقل عن أحد من الصحابة الخوض في مسائل الكلام مطلقا ، ولو وجد ذلك منهم لنقل كما نقل عنهم النظر في المسائل الفقهية ، ولو كان واجبا لكانوا أولى بالمحافظة عليها.

__________________

(١) غافر : ٤.

(٢) الإحكام : ٤ / ٢٣٠. لم نعثر عليه في المصادر الحديثية.

(٣) البداية والنهاية : ١٢ / ١٨٩ ؛ تفسير الرازي : ٢ / ٩٥ ؛ الإحكام : ٤ / ٢٣٠.

ولأنّه لم ينقل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا عن أحد من الصحابة والتابعين ومن بعدهم الإنكار على العوام في ترك النظر ، بل حكموا بإسلامهم وأقرّوهم على جهلهم.

الخامس : النظر مظنّة الوقوع في الشبهات والتورّط في الضلال ، بخلاف التقليد فإنّه أقرب إلى السلامة ، فيكون أولى.

السادس : الأصول أغمض أدلّة من الفروع وأخفى ، فإذا جاز التقليد في الأسهل كان الجواز في الأصعب أولى.

السابع : الأصول والفروع سواء في التكليف بهما ، وقد جاز التقليد في الفروع فليجز في الأصول.

والجواب عن الأوّل. أنّ فيه نظرا لمنع الاكتفاء بالشهادتين ، لورود الأمر بالنظر والفكر كما في قوله تعالى : (قُلِ انْظُرُوا)(١) ، (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ)(٢) ، (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)(٣) ، (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ)(٤) إلى غير ذلك من الآيات.

وفي الثاني نظر لأنّ الصحابة لمشاهدتهم المعجزات وقوة معارفهم

__________________

(١) يونس : ١٠١.

(٢) الروم : ٨.

(٣) الزمر : ٩.

(٤) الرعد : ١٩.

وشدة ذكائهم لا يحتاجون إلى تعب شديد في إدراك معارفهم ، فلهذا لم يحتاجوا إلى الطلب الشديد.

وفي الثالث نظر ، لاحتمال أن يكون صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علم من حاله العلم بشرائط الإسلام ، أو أنّه كان يقبل منه ذلك للتمرس ثمّ يتبين له بعد وقت ما يحتاج إليه من المعارف.

وعن الرابع : بأنّ المراد الجدال بالباطل كما في قوله تعالى : (وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ)(١) ولم يرد الجدال بالحقّ لقوله : (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(٢) ، (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(٣). ولو كان الجدال مطلقا منهيا عنه لما أمر به.

والنظر غير منهي عنه لورود الثناء على فاعله في قوله تعالى : (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٤).

ولم يثبت اسناد قوله : «عليكم بدين العجائز» ، ولو ثبت حمل على إرادة التفويض إلى الله تعالى.

ولو لم ينظر الصحابة لزم نسبتهم إلى الجهل بمعرفة الله تعالى وصفاته فيكون الواحد منّا أفضل منهم ، وهو باطل إجماعا. وإذا كانوا عالمين وليس

__________________

(١) غافر : ٥.

(٢) النحل : ١٢٥.

(٣) العنكبوت : ٤٦.

(٤) آل عمران : ١٩١.

بالضرورة فهو بالاستدلال ، ولم ينقل المناظرة عنهم في ذلك لاتّفاقهم على المطالب الحقّة وصحّة عقائدهم وعدم من يحوجهم إلى ذلك ، بخلاف مسائل الفروع لتفاوت الظنون ، وهي اجتهادية متفاوتة.

وإنّما لم ينكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والصحابة ومن بعدهم على العوام بترك النظر بحصول المعرفة الواجبة لهم ، وهي المعرفة المستندة إلى الدليل.

وعن الخامس : أنّ اعتقاد المقلّد إن كان عن تقليد لزم إمّا التسلسل ، أو الانتهاء إلى من يعتقد عن نظر لانتفاء الضرورة ، فيلزم ما ذكرتم من المحذور مع زيادة آخر وهو احتمال كذب المقلّد فيما يخبر المقلّد به ، بخلاف الناظر مع نفسه فإنّه لا يكابر نفسه فيما أدّى إليه نظره.

وعن السادس : أنّ المطلوب في الأصول القطع واليقين ، وذلك لا يحصل بالتقليد ، بخلاف الفروع المطلوب فيها الظن. وهو الجواب عن السابع.

الفصل الثالث :

في التعادل

وفيه بحثان :

الأوّل : في جوازه

الإجماع على أنّه لا يجوز تعادل الأدلّة العقلية المتقابلة بالنفي والإثبات لوجوب حصول المدلول عند وجود الدليل ، فلو تعادل دليلان في نفسهما لزم حصول مدلوليهما ، وهو يستلزم اجتماع النقيضين.

وأمّا الأمارات الظنّية فقد اختلفوا في تعادلها ، فمنعه الكرخي وأحمد بن حنبل ، وجوّزه الباقون. ثمّ اختلف المجوّزون في حكمه عند وقوعه فقال الجبّائيان والقاضي أبو بكر من الأشاعرة : حكمه التخيير ، وعند بعض الفقهاء أنّهما يتساقطان ويرجع إلى مقتضى العقل.

واعلم أنّ تعادل الأمارتين قد يقع في حكمين متنافيين والفعل واحد ، كتعارض الأمارتين الدالّتين على كون الفعل قبيحا ومباحا. وقد يكون في فعلين متنافيين والحكم واحد ، كوجوب التوجه إلى جهتين غلب في ظنّه أنّهما جهتا القبلة.

والحق أن يقول : أمّا بالنسبة إلى مجتهدين ، فإنّه جائز مطلقا ولا يعلم فيه خلافا. وأمّا بالنسبة إلى مجتهد واحد فنقول بالجواز في القسمين معا ، لكن الأوّل غير واقع شرعا.

أمّا جواز الأوّل فالوجدان دال عليه ، إذ لا نمنع أن يخبرنا رجلان بالنفي والإثبات ويستويان في العدالة والصدق بحيث لا يتميّز أحدهما عن الآخر بمائز في ذلك.

وأمّا جواز الثاني فلقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في زكاة الإبل : «في كلّ أربعين بنت لبون ، وفي كلّ خمسين حقّة» فمن ملك مائتين مخير في إخراج أيّهما شاء ، لأنّه بأيّهما فعل أدّى الواجب ولا أولوية لأحدهما.

والمصلّي في الكعبة ، يتخيّر في استقبال أي الجدران شاء.

والولي إذا لم يجد من اللبن إلّا ما يكفي أحد الصغيرين ، ولو صرفه إليهما معا ماتا ، ولو صرفه إلى واحد منهما عاش دون الآخر ، فإنّه يتخيّر لعدم الأولوية.

ولأنّ ثبوت الحكم في الفعلين المتنافيين يقتضي إيجاب أحد الضدين وذلك يقتضي إيجاب فعل كلّ منهما بدلا عن الآخر.

وأمّا عدم وقوع الأوّل شرعا ، فلأنّه لو تعادلت أمارتان على الحظر والإباحة :

فإمّا أن يعمل بهما ، وهو محال ، وإلّا لزم إباحة الفعل وحظره في

وقت واحد لمكلّف واحد ، وهو محال.

أو لا يعمل بهما ، وهو محال ، لأنّهما لمّا كانتا في نفسيهما بحيث لا يمكن العمل بهما البتّة كان وضعهما عبثا ، وهو غير جائز على الله تعالى.

أو يعمل بأحدهما دون الأخرى فإمّا على التعيين ، وهو ترجيح من غير مرجّح ، فيكون قولا في الدين بمجرد التشهّي ؛ أو لا على التعيين ، وهو يقتضي العمل بإحدى الأمارتين ، لأنّا إذا خيّرناه بين الفعل والترك فقد أبحنا له الفعل ، فيكون ذلك ترجيحا لأمارة الإباحة بعينها على أمارة الحظر ، وهو القسم الّذي تقدّم بطلانه.

اعترض من وجوه (١) :

الأوّل : (يجوز العمل) (٢) بإحدى الأمارتين على التعيين إمّا لأنّها أحوط ، أو أخذ بالأولى.

الثاني : لم لا يجوز اقتضاء التعادل التخيير وليس ذلك إباحة لجواز أن يقول الله تعال : «أنت مخيّر في الأخذ بأمارة الإباحة وبأمارة الحظر ، لكن متى أخذت بأمارة الإباحة فقد أبحت لك الفعل ، وإن أخذت بأمارة الحظر فقد حرمته عليك» وليس هذا إذنا في الفعل والترك مطلقا ، بل هو إباحة وحظر في حالين متغايرين ، كالمسافر المخيّر في التمام والتقصير في أحد الأماكن إن

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٣٥ ـ ٤٤٠.

(٢) في «أ» : بجواز الأخذ ، وفي «د» : لم لا يجوز العمل.

شاء صلّى أربعا فرضا وإن شاء صلّى ركعتين ، فالركعتان واجبتان ويجوز تركهما بشرط قصد الترخّص ؛ وكذا من عليه درهمان إذا قال له المالك : تصدّقت عليك بدرهم إن قبلت وإن أبيت فالاثنين أخذتهما منك عن الدين الواجب ، فإن شاء قبل الصدقة ودفع درهم ، وإن شاء دفع الدرهمين عن الواجب. فكذا هنا إذا سمع المكلّف قوله تعالى : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ)(١) حرم عليه الجمع بين المملوكتين ، وإنّما يجوز له الجمع إذا قصد العمل بموجب الدليل الثاني ، وهو قوله تعالى : (إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ)(٢) ، كما قال عثمان : أحلّتهما آية وحرمتهما آية.

الثالث : سلّمنا ، لكن هذه الدلالة تتمّ عند تعارض أمارة الحظر والإباحة ، وأمّا عند تعارض أمارة الحظر والوجوب فإنّ التخيير يستلزم الترجيح من غير مرجّح ، فدليلكم على امتناع التعادل غير متناول لكلّ الصور.

الرابع : سلّمنا فساد القول بالتخيير فلم لا يجوز التساقط ، والعبث غير لازم لجواز أن يكون لله تعالى فيه حكمة خفية لا يطّلع عليها.

الخامس : التعادل في نفس الأمر وإن كان ممتنعا ، لكن لا شك في وقوع التعادل بحسب أذهاننا ، فإذا انتفى العبث عن التعادل الذهني جاز أن لا يكون التعادل الخارجي عبثا.

السادس : يشكل ما ذكرتموه بما إذا أفتى أحد المفتيين بالإباحة والآخر

__________________

(١) النساء : ٢٣.

(٢) النساء : ٢٤.

بالتحريم واستويا عند المستفتي فإنّهما بالنسبة إلى العامي كالأمارة.

والجواب عن الأوّل : إن جاز الترجيح بالأحوط أو بالأخف فوجوده بنفي التعادل ، وإن لم يجز بطل كلامكم.

وعن الثاني : إنّما كان التخيير إباحة ، لأنّ المحظور هو الّذي منع من فعله والمباح هو الّذي لا يمنع منه ، وإذا حصل الإذن في الفعل لا يقع الحجر فلا يبقى حظر البتة ، وهو معنى الإباحة.

قوله : الفعل محظور بشرط الأخذ بأمارة الحظر ، ومباح بشرط الأخذ بأمارة الإباحة مطلقا.

قلنا : إنّه باطل ؛ لأنّ أمارتي الحظر والإباحة إن قامتا على ذات الفعل وماهيته باعتبار واحد ، فإن رفعنا الحظر عن ماهيّة الفعل كان ذلك إباحة ، فيكون ترجيحا لإحدى الأمارتين بعينها ؛ وإن لم يرفع الحظر كان حظرا وهو ترجيح الأمارة الأخرى.

وإن لم تقم الأمارتان على ذات الفعل باعتبار واحد بل قامت أمارة الإباحة على الفعل المقيّد بقيد ما ، وقامت أمارة الحظر على الفعل المقيّد بقيد آخر ، كان ذلك غير المتنازع ، لأنّ صورة النزاع أن تقوم الأمارتان على إباحة شيء وحظره ، وعلى تقدير ما ذكروه تقوم أمارة الإباحة على شيء وأمارة الحظر على آخر ، فإنّهم لما قالوا عند الأخذ بأمارة الحرمة : يحرم الفعل ، كان معناه أنّ أمارة الحرمة قائمة على حرمة هذا الفعل حال الأخذ بأمارة الحرمة ؛ وأمارة الإباحة قائمة على إباحة هذا الفعل حال عدم الأخذ بأمارة الحرمة ،

فالأمارتان إنّما قامتا على شيئين متباينين غير متلازمين ، لا على شيء واحد ، وكلامنا في أمارتين قامتا على حكمين متنافيين في شيء واحد لا في شيئين.

وأيضا : إن عنيتم بالأخذ بإحدى الأمارتين اعتقاد رجحانها فهو باطل ، لأنّها إذا لم تكن راجحة كان اعتقاد رجحانها جهلا. ولأنّا نفترض الكلام فيما إذا حصل العلم بانتفاء الرجحان ، ففي هذه الصورة يمتنع حصول اعتقاد الرجحان. وإن عنيتم به العزم على الإتيان بمقتضاها ، فإن كان عزما جزما بحيث يتّصل بالفعل لا محالة ، كان الفعل في ذلك الوقت واجب الوقوع ، فيمتنع ورود الإباحة والحظر ، لأنّه يكون ذلك إذنا في إيقاع ما يجب وقوعه ، أو منعا عن وقوع ما يجب وقوعه. وإن لم يكن جازما جاز له الرجوع ، لأنّه إذا عزم عزما غير جازم على الترك ، فلو أراد الرجوع عنه وقصد الإقدام على الفعل جاز له ذلك.

وعن الثالث : أنّه لا قائل بالفرق بين أمارتي الوجوب والإباحة ، وبين أمارتي الوجوب والحظر. ولأنّ الإباحة منافية للوجوب والحظر ، فعند تعادل أمارتي الوجوب والحظر لو حصلت الإباحة كان ذلك قولا بتساقطهما معا وإثباتا لحكم لم يدلّ عليه دليل البتة.

وعن الرابع : أنّ المقصود من وضع الأمارة التوسّل بها إلى المدلول ، فإذا كان في ذاته بحيث يمتنع التوسّل به إلى الحكم كان خاليا عن المقصود الأصلي ، وهو معنى العبث. وهذا بخلاف وقوع التعارض في أفكارنا ، لأنّ الرجحان حاصل في نفس الأمر فلم يكن وضعه عبثا ، نعم لمّا قصرنا في

النظر لم ننتفع به. أمّا إذا كان الرجحان منتفيا في نفس الأمر ، كان الوضع عبثا.

وأمّا وقوع الثاني فلما تقدم من الصور.

واحتجّ المانع من التخيير بأنّ أمارات وجوب كلّ من الفعلين اقتضت وجوبه على وجه لا يسوغ الإخلال به ، والتخيير بينه وبين ضده يقتضي تسويغ الإخلال به ، فالتخيير مخالف لمقتضى الأمارتين.

والجواب أمارة وجوب الفعل يقتضي وجوبه فقط ، والمنع من الإخلال به على كلّ حال موقوف على عدم الدلالة على قيام غيره مقامه ، وحينئذ لا يكون التخيير مخالفا لمقتضى الأمارتين.

وفيه نظر ، إذ مقتضى الوجوب المنع من التخيير.

تذنيب

التعادل إن وقع للإنسان في عمل نفسه تخيّر.

وللمفتي : تخيير المستفتي في العمل بأيّهما شاء ، كما يلزمه في حقّ نفسه.

وللحاكم : معيّن لأنّه نصب لقطع التنازع ، فتخيير الخصمين يفتح باب المخاصمة ، لأنّ كلا منهما يختار الأوفق له بخلاف المفتي.

ولا يمتنع عقلا أن يقضي الحاكم بحكم إحدى الأمارتين في قضية ثم يقض بالأخرى في غيرها إلّا أن يمنع منه مانع شرعي كما روي أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال

لأبي بكر : «لا تقض في شيء واحد بحكمين مختلفين» (١).

وما روي عن عمر أنّه قضى في مسألة بحكمين وقال : ذاك على ما قضينا وهذا على ما نقضي (٢) ، يحتمل أن لا يكون ذلك لتعادل الأمارتين ، بل لأنّه ظن في الأوّل قوة أمارة ، وفي الثاني قوة الأخرى.

البحث الثاني : في تعدّد أقوال المجتهد

إذا نقل عن مجتهد واحد قولان في مسألة واحدة ، فإمّا أن يكون في موضعين بأن يقول في كتاب بتحريم الشيء وفي آخر بتحليله ، أو في موضع واحد.

والأوّل إن علم التاريخ ، كان الثاني رجوعا عن الأوّل ظاهرا.

وإن لم يعلم حكى عنه القولان ، ولا يحكم عليه برجوع عن واحد منهما بعينه للجهل به ، بل يحكم بالرجوع المطلق عن أحدهما لا بعينه. وإن كان الثاني بأن يقول في موضع واحد : في المسألة قولان ، فإن عقب بما يشعر بتقوية أحدهما كان ذلك قولا له ، لأنّ قول المجتهد ليس إلّا ما يترجّح عنده ، وإن لم يعقب قال بعض الناس : إنّه يقتضي التخيير ، وهو باطل لما تقدّم.

ولأنّه حينئذ يكون له في المسألة قول واحد هو التخيير لا قولان ، بل الوجه دلالة ذلك على توقّفه في المسألة ولم يظهر له وجه رجحان.

__________________

(١) المحصول : ٢ / ٤٤٠. لم نعثر عليه في المصادر الحديثية.

(٢) المحصول : ٢ / ٤٤٠. لم نعثر عليه في المصادر الحديثية.

والمتوقّف في المسألة لا يكون له فيها قول فضلا عن القولين. أمّا إذا لم يعرف قوله في المسألة وعرفنا قوله في نظيرها ، فالظاهر أنّه إن لم يكن بين المسألتين فرق يجوز أن يذهب إليه ذاهب ، كان قوله في إحدى المسألتين هو قوله في الأخرى ، وإن كان بينهما فرق لم يحكم بأنّ قوله في المسألة كقوله في نظيرها لجواز أن يذهب إلى الفرق.

إذا عرفت هذا فقد وجد للشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه‌الله ولغيره من الفقهاء أقوال مختلفة في مسألة واحدة ويحمل على وجوه (١) :

الأوّل : أن يكون قد ذكر في كتبه القديمة شيئا وفي الجديدة غيره ونقلهما المتأخّرون وجعلوهما قولين ويكون المتأخّر ناسخا ، وهو يدلّ على قوة دينه وشدة طلبه ، لأنّه يدلّ على اشتغاله بالطلب في كلّ وقت ، وأنّه متى ظهر له شيء من أمور الدين أظهره ، ولم يتعصّب لما قاله أوّلا ، بل رجع عنه.

الثاني : أن يتّحد الموضع فيذكر في كتاب واحد قولين ، وينصّ على الترجيح لقوله عقيب ذكر القولين : وهذا أولى ، أو أشبهه بالحق ، أو به أقول. أو يفرع على أحدهما وترك التفريع على الآخر ، وهو يدلّ على أنّ الّذي فرّع عليه أقوى عنده.

الثالث : أن يذكر في المسألة قولان ولا يبيّن الترجيح ، ويحتمل وجوها :

أحدهما : أن يكونا لبعض الناس ، ويذكرهما للتنبيه على مأخذهما

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٤١.

وإيضاح القول فيما لكلّ منهما وعليهما. ولأنّه لو لم يذكرهما لتعطّل الإفتاء بأحدهما ، إذ قد يقوى أحدهما عند بعض الناظرين ولا يمكنه القول به ، لظنّه أنّه قول حادث ، خارق للإجماع ، فإذا نقل عرف أنّه لم يخرق الإجماع.

ثانيهما : لعلّ المراد احتمال قولين يمكن أن يقول بهما قائل لقوتهما وبطلان ما عداهما ، فالتمييز بينهما غير ممكن إلّا للبالغ في التحقيق ، فلهذا أفرد بالذكر دون سائر الوجوه الممكنة. وكما يقال : الخمر مسكر وهو في الدن ، والسكين قاطع وهو لم يقطع على إرادة الصلاحية ، كذا هنا.

واعلم أنّه لا خلاف في إمكان اعتقاد الوجوب والتحريم أو النفي والإثبات معا في مسألتين مختلفتين ، كوجوب الصلاة وتحريم الزنا ؛ وفي إمكان اعتقاد الجمع بين الأحكام المختلفة الّتي لا تقابل بينها في شيء واحد ، كالتحريم ووجوب الحد ونحوه ؛ وفي اعتقاد وجوب فعلين متضادين على البدل كالاعتداد بالطهر والحيض ، أو فعلين غير متضادين كخصال الكفّارة ؛ وأمّا اعتقاد حكمين متقابلين في شيء واحد على سبيل البدل ففيه الخلاف.

الفصل الرابع :

في التراجيح

وفيه مطالب :

المطلب الأوّل : في مقدّماته

وفيه مباحث :

البحث الأوّل : في ماهيته

الترجيح : تقوية أحد الطريقين على الآخر ، ليعلم الأقوى فيعمل به ويترك الأضعف. إنّما قلنا أحد الطريقين ، لأنّه لا يصحّ الترجيح بين أمرين إلّا بعد تكامل كونهما طريقين ، لو انفرد كلّ منهما ، إذ لا يصحّ ترجيح الطريق على ما ليس بطريق.

وقيل : إنّه عبارة عن اقتران أحد الصّالحين للدلالة على المطلوب مع تعارضهما بما يوجب العمل به وإهمال الآخر.

فقولنا : «اقتران أحد الصالحين» احتراز عمّا ليس بصالح للدلالة ، أو أحدهما صالح دون الآخر ، فإنّ الترجيح إنّما يتحقّق مع تحقّق التعارض ، ولا

تعارض مع عدم الصلاحية لهما أو لأحدهما.

وقولنا : المتعارضان ليخرج الصالحان اللّذان ليس بينهما تعارض ، فإنّ الترجيح يطلب عند التعارض لا عند عدمه ، وهو عام للمتعارضين مع التوافق في الاقتضاء ، كالعلل المتعارضة في أصل القياس. وللمتعارضين مع التنافي في الاقتضاء كالأدلّة المتعارضة في الصور المختلف فيها نفيا وإثباتا.

وقولنا : «بما يوجب العمل بأحدهما وإهمال الآخر» احتراز عمّا اختصّ به أحد الدليلين عن الآخر من الصفات الذاتية والعرضية ، ولا مدخل له في التقوية والترجيح.

البحث الثاني : في جوازه

المحقّقون على وجوب العمل بالراجح من الطريقين على جواز الترجيح ، وأنكر بعضهم.

لنا وجوه (١) :

الأوّل : الإجماع على العمل بالترجيح والمصير إلى الراجح من الدليلين فإنّهم قدّموا خبر التقاء الختانين على خبر أبي هريرة : «إنّما الماء من الماء» (٢). وقدّم بعضهم خبر أبي هريرة: «من أصبح جنبا فلا صوم له» على

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٤٣ ـ ٤٤٤ ؛ والآمدي في الإحكام : ٤ / ٢٤٦.

(٢) صحيح مسلم : ١ / ١٨٦ ، باب إنّما الماء من الماء ؛ صحيح ابن خزيمة : ١ / ١١٧ عن أبي سعيد الخدري ؛ كنز العمال : ٩ / ٣٧٦ برقم ٢٦٥٤٥.

خبر عائشة (١) أنّه كان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصبح جنبا وهو صائم. (٢) وقوّى علي عليه‌السلام خبر أبي بكر فكان لا يحلّفه وكان يحلّف غيره من الرواة. وقوّى عمر خبر أبي موسى في الاستيذان بموافقة أبي سعيد الخدري.

الثاني : إذا تعارض الظنّان ثمّ رجح أحدهما تعيّن العمل بالراجح عرفا فكذا شرعا ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن». (٣)

الثالث : لو لم يعمل بالراجح لزم العمل بالمرجوح ، ولقبح عقلا ترجيح المرجوح على الراجح.

الرابع : تقرير النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معاذا لمّا بعثه قاضيا إلى اليمن في ترتيب الأدلّة وتقديم بعضها على بعض.

احتجّ المنكرون بوجهين (٤) :

الأوّل : إنّما قوله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا)(٥) وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «نحن نحكم بالظاهر» (٦) يقتضي عدم الالتفات إلى زيادة الظن فإنّ

__________________

(١) في الإحكام : ٤ / ٢٤٦ : تقديم خبر عائشة على خبر أبي هريرة لكونها أعرف بحال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حسب ما قال ، فراجع.

(٢) مسند أحمد : ٦ / ١٨٤ و ٢٠٣ و ٢٦٦ و ٣١٣ ؛ سنن البيهقي : ٤ / ٢١٣ ، باب من أصبح جنبا في شهر رمضان ؛ سنن النسائي : ٢ / ١٧٦ ، باب صيام من أصبح جنبا.

(٣) مستدرك الحاكم : ٣ / ٧٨ ؛ مجمع الزوائد : ١ / ١٧٧.

(٤) ذكرهما الرازي في المحصول : ٢ / ٤٤٤ ؛ والآمدي في الإحكام : ٤ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧.

(٥) الحشر : ٢.

(٦) عمدة القاري : ٧ / ٢٤٩ ؛ تفسير الرازي : ٣ / ٢١٥ ؛ تفسير الآلوسي : ١ / ١٠٣ ؛ المحصول : ٢ / ٤٤٤.

الدليل المرجوح ظاهر وحصل فيه الاعتبار.

الثاني : لو اعتبر الترجيح في الأمارات لاعتبر في البيّنات المتعارضة في الحكومات. والتالي باطل لعدم تقديم شهادة الأربعة على الاثنين ، فالمقدّم مثله.

وبيان الشرطية. انّ العلّة وهي ترجيح الأظهر على الظاهر موجود هنا.

والجواب : أنّ ما ذكرناه دليل قطعي وما ذكرتموه ظنّي ، فلا يعارضه. على أنّ غاية الآية دلالتها على وجوب النظر والاعتبار ، وليس فيها ما ينافي القول بوجوب العمل بالراجح.

والخبر يدلّ على جواز العمل بالظاهر ، والظاهر هو ما ترجّح أحد طرفيه على الآخر ، ومع وجود الدليل الراجح فالمرجوح المخالف له لا يكون راجحا من جهة مخالفته للراجح ، فلا يكون ظاهرا فيه.

ونمنع نفي الترجيح في باب الشهادة فإنّه يقدّم عندنا قول الأربعة على قول الاثنين.

سلّمنا لكن عدم الترجيح في الشهادة ربّما كان مذهب أكثر الصحابة ، وقد ألف منهم اعتبار الترجيح في تعارض الأدلة دون الشهادة.

البحث الثالث : في محلّه

الترجيح لا يجري في الأمور اليقينية لوجوه (١) :

الأوّل : الدليل اليقيني إنّما يحصل لو كانت مقدّماته ضرورية ، أو لازمة عنها لزوما ضروريا ، إمّا ابتداء أو بواسطة شأنها ذلك ، إمّا واحدة أو متعدّدة. وهذا إنّما يصحّ عند اجتماع علوم أربعة :

أ. العلم ضروري بحقيقة تلك المقدّمات إمّا ابتداء ، أو بواسطة شأنها ذلك.

ب. العلم الضروري بصحّة تركيبها.

ج. العلم الضروري بلزوم النتيجة عنها.

د. العلم الضروري بأنّ ما لزم عن الضروري لزوما ضروريا فهو ضروري. وهذه العلوم الأربعة يستحيل حصولها في النقيضين معا ، وإلّا لزم القدح في الضروريات ، وإذا استحال ثبوتها انتفى التعارض.

الثاني : الترجيح هو التقوية ، واليقين لا يقبل التقوية ، لأنّه إن قارنه احتمال النقيض ولو على وجه ما ، كان ظنا لا علما ، وإن لم يقارنه لم يقبل التقوية.

اعترض بجواز كون أحد النقيضين (٢) راجحا.

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٤٥ ؛ والآمدي في الإحكام : ٤ / ٢٤٧ ـ ٢٤٨.

(٢) في «أ» و «ب» : اليقينين.

الثالث : الترجيح إنّما يكون بين متعارضين وهو غير متصوّر في القطعي ، لأنّ المعارض له لا يجوز أن يكون قطعيا ، وإلّا لكان العمل بهما جمعا بين النقيضين ، وتركهما رفعا للنقيضين ، والعمل بأحدهما دون الآخر ترجيحا من غير مرجّح. ولا أن يكون ظنيا لامتناع ترجيح الظني على القطعي ، وامتناع طلب الترجيح في القاطع ، كيف والدليل القاطع لا يكون في مقابلته دليل صحيح ، فإذن محلّ الترجيح الطرق الظنية.

تذنيب

المشهور أنّ العقليات لا يجري فيها الترجيح. وفيه تفصيل فإنّ العوام إن اقتنع منهم بالاعتقاد الجازم الحاصل عن تقليد أمكن تطرق التقوية إليه ، فجرى فيه الترجيح.

البحث الرابع : في الترجيح بكثرة الأدلّة

اعلم أنّ الترجيح في الأدلّة يحصل بالكثرة ، فإذا كان أحد الحكمين مدلولا عليه بعدّة أدلّة كان أولى من الحكم الّذي يستدلّ عليه بأدلّة أقل. وبه قال الشافعي ، خلافا لبعضهم حيث قال : لا يحصل بكثرة الأدلة ترجيح ومن صور النزاع ترجيح أحد الخبرين بكثرة الرّواة.

لنا وجهان (١) :

__________________

(١) ذكرهما الرازي في المحصول : ٢ / ٤٤٦ ـ ٤٤٧.

الأوّل : الظن التابع للأمارة يقوى بكثرتها ويضعف بقلّتها ، والعمل بأقوى الظنين واجب.

بيان الصغرى من وجوه :

أ. كثرة الرواة قد ينتهي إلى حصول العلم ، فكلّما كانت المقارنة إلى ذلك الحد أشد كان اعتقاد صدقهم أقوى.

ب. قول كلّ واحد يفيد قدرا من الظن ، فعند الاجتماع يستحيل حصول ذلك القدر خاصة ، وإلّا لزم اجتماع المؤثرات على أثر واحد ، وهو محال ، فلا بدّ من الزيادة.

ج. احتراز العدد عن تعمّد الكذب أكثر من احتراز الواحد ، وتطرق الخطأ والغلط إلى العدد أبعد من تطرّقه إلى الواحد ، فالظن الحاصل بخبر العدد أقوى من ظن الواحد.

د. العاقل يحترز عن كذب يطّلع عليه غيره أكثر من احترازه من كذب لا يطّلع عليه سواه ، وإذا كان احتراز الكذب هناك أكثر كان الظن أقوى.

ه. إذا فرضنا تعارض دليلين متساويين في القوة ذهنا ثم اعتضد أحدهما بآخر يساوي أحدهما فالمجموع زائد على ذلك الواحد ، لأنّ مجموعهما أعظم من كلّ واحد منهما ، وكلّ واحد منهما يكون لذلك الآخر ، والأعظم من المساوي أعظم.

و. إجماع الصحابة على أنّ الظن الحاصل بقول الاثنين أقوى من الظن

الحاصل بقول الواحد ؛ فإنّ أبا بكر لم يعمل بخبر المغيرة في مسألة الجد حتى شهد له محمد بن مسلمة ، وعمر لم يقبل خبر أبي موسى حتّى شهد له أبو سعيد الخدري ، فلو لا أنّ كثرة الرواة يؤثر [في] قوة الظن لما كان كذلك. فثبت بذلك أنّ الظن أقوى فيجب العمل به للإجماع على جواز الترجيح بقوة الدليل ، وإنّما يكون لزيادة القوة في أحد الجانبين ، وهذا حاصل في الترجيح بكثرة الأدلّة ، إلّا أنّ ترجيح القوة يستلزم حصول الزيادة مع المزيد عليه في محل واحد ، وترجيح الكثرة يختلف محل الزيادة والمزيد عليه فيه ، ولا أثر لذلك بالضرورة.

الثاني : مخالفة الدليل على خلاف الأصل ، فإذا تعدّدت الأدلّة في طرف واتّحدت في آخر كانت المخالفة في الأوّل أشد محذورا منها في الثاني ، فاشترك المحذوران في قدر واختصّ أحدهما بزيادة منفية عن الآخر ، فلولا الترجيح لزم ارتكاب القدر الزائد من المحذور لا لموجب ، وهو محال.

احتجّوا بوجوه (١) :

الأوّل : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «نحن نحكم بالظاهر» (٢) يدلّ بإيمائه على أنّ المعتبر أصل الظهور ، وأنّ الزائد عليه ملغى ترك العمل به في الترجيح بقوة الدليل ، لاتّحاد محلّ الزيادة مع المزيد عليه والقوى تتزايد عند اجتماعها في محل وتتناقص حال التفرد ، أمّا كثرة الأدلّة فإنّ المحلّ في الزيادة والمزيد

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٤٧.

(٢) مرّ مصدره. راجع ص ١٨٨ و ٢٠٨ من هذا الجزء.

عليه لمّا تعدّد ، ضعفت القوة ولم يحصل كمالها.

الثاني : القياس على الشهادة والفتوى ، فإنّ الإجماع دلّ على عدم الترجيح فيها بالكثرة ، فكذا هنا.

الثالث : القياس على خبر الواحد لو عارضه قياسات متعدّدة كثيرة فإنّه يترجّح على الجميع ، وهو يدلّ على أنّ الترجيح لا يحصل بكثرة الأدلّة.

والجواب عن الأوّل. أنّه متروك في الترجيح بالقوة فيترك بالترجيح بالكثرة لجامع قوة الظن ، إذ هو المعتبر ، والمحل في الكثرة وإن تعدّد واتّحد في القوة لكن مجموع الزيادة مع المزيد عليه يؤثر في قوة الظن. وبهذا لو أخبر عدل بأمر حصل ظن وقوعه ، فإذا وافقه ثان زاد الظن ، فإذا تظاهر ثالث قوي الظن ، ثمّ لا يزال الظن بتزايد ترادف الأخبار إلى أن ينتهي إلى العلم ، فعلم أنّ الفرق الّذي ذكروه غير قادح في تقوية الظن.

وفيه نظر ، فإنّ لمانع أن يمنع استناد الترجيح هنا إلى كثرة الأدلّة ، بل إلى قوتها ؛ ولأنّ الإجماع لا يؤثر في شيء واحد ، بل قول الواحد أفاد ظنّا ما ، والثاني أفاد ظنا آخر ، وهكذا حتى حصل العلم.

وعن الثاني. بالمنع من عدم الترجيح بكثرة الشهود ، فإنّ الإمامية ومالك بن أنس ذهبوا إلى حصول الترجيح فيها بكثرة الشهود ، وفرّق الباقون بأنّ مقتضى الدليل منع كون الشهادة حجّة لما فيه من توهّم الكذب وتطرق الخطأ ، وجعل قول شخص نافذا في آخر مثله ، إلّا أنّ الشرع اعتبرها لقطع

الخصومات فوجب اعتبارها على وجه لا يفضي إلى تطويل الخصومة ، لئلّا يرجع على موضوعه بالنقض ، فلو أثر كثرة العدد في الترجيح طالت الخصومة ، فإنّهما لو أقاما الشهادة في الطرفين على السواء كان لأحدهما طلب الإمهال ليأتي بعدد زائد ، فإذا أمهل وأقام بعد المدة كان للآخر ذلك أيضا فلا تنقطع الخصومة البتة ، فأسقط الشرع اعتبار الترجيح بالكثرة دفعا لهذا المحذور.

وفيه نظر ، إذ يمكن دفع هذا المحذور بضابط مدة كما ضبط المدة في مدّعي البيّنة بالقبض.

وأمّا الترجيح بكثرة المقتضي فقد جوّزه بعض العلماء.

وعن الثالث. أنّ أصول تلك القياسات إن كانت شيئا واحدا قدّم الخبر عليها ، لعدم تغاير تلك الأقيسة ، لما عرفت من أنّه لا يجوز تعليل الحكم الواحد بعلّتين مستنبطتين ، وإن تعدّدت منعنا عدم الترجيح.

وفيه نظر ، فإنّ الوجه في الجواب أنّ شرط العمل بالقياس عدم الوجدان في الكتاب والسنّة كما دلّ عليه خبر معاذ ، وخبر الواحد من السنة ، فلهذا قدّم على الأقيسة الكثيرة.

البحث الخامس : في الجمع بين الأدلّة المتعارضة

إذا تعارض دليلان لم يمكن العمل بكلّ منهما من كلّ وجه وإلّا فلا تعارض بل لا بدّ من إبطال أحدهما من كلّ وجه أو من بعض الوجوه ، أو إبطالهما معا من كلّ وجه أو من بعض الوجوه. فإن أمكن العمل بكلّ منهما من وجه دون وجه كان أولى من العمل بأحدهما وإبطال الآخر بالكلية ، لأنّ دلالة اللفظ على جزء المفهوم تابعة لدلالته على كلّ مفهومه الّتي هي دلالة أصلية. فإذا عمل بكلّ منهما من وجه دون آخر فقد تركنا العمل بالدلالة التبعية ، وإذا عملنا بأحدهما دون الثاني فقد تركنا العمل بالدلالة الأصلية ، والأوّل أولى.

فالعمل بكلّ منهما من وجه دون وجه أولى من العمل بأحدهما من كلّ وجه دون الثاني.

وفيه نظر ، لأنّ العمل بكلّ منهما من وجه دون وجه عمل بالدلالة التبعية وإبطال للأصلية من الدليلين ، والعمل بأحدهما دون الآخر عمل بالدلالة الأصلية والتبعية في أحد الدّليلين وإبطال لهما في الآخر ، ولا شكّ في أولوية العمل بأصل وتابع على العمل بالتابعين وإبطال الأصلين.

إذا تقرر هذا فنقول : العمل بكلّ منهما من وجه على أقسام ثلاثة (١) :

الأوّل : الاشتراك والتوزيع إن كان قبل التعارض يقبل ذلك.

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٤٩ ـ ٤٥٠.

الثاني : أن يقتضي كلّ واحد منهما أحكاما فيعمل بكلّ منهما في حقّ بعض الأحكام.

الثالث : العامّان المتعارضان يعمل بكلّ منهما في بعض الصور ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ألا أنبّئكم بخير الشهود؟» ، قيل : نعم يا رسول الله ، قال : «أن يشهد الرجل قبل أن يستشهد». (١)

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ثم يفشو الكذب حتى يشهد الرجل قبل أن يستشهد» (٢). فيعمل بالأوّل في حقوقه تعالى ، وبالثاني في حقوق عباده.

البحث السادس : في تقسيم الأدلّة المتعارضة

إذا تعارض الدليلان فإمّا أن يكونا عامّين على الإطلاق ، أو خاصّين ، أو يكون أحدهما عاما والآخر خاصا ، أو يكون كلّا منهما أعمّ من الآخر من وجه وأخصّ من وجه. فالأقسام أربعة. (٣)

وعلى هذه التقادير الأربعة فإمّا أن يكونا معلومين ، أو مظنونين ، أو بالتفريق.

وعلى التقادير كلّها إمّا أن يكون المتقدّم معلوما أو المتأخّر ، أو لا يكون واحد منهما معلوما.

__________________

(١) صحيح مسلم : ٥ / ١٣٣ ، باب استحباب إصلاح الحاكم بين الخصمين ؛ سنن أبي داود : ٢ / ١٦٣ برقم ٣٥٩٦ ؛ سنن الترمذي : ٣ / ٣٧٣ برقم ٢٣٩٧ ؛ مسند أحمد : ٥ / ١٩٣ ؛ كنز العمال : ٧ / ١٢ برقم ١٧٧٣٠.

(٢) مجمع الزوائد : ٥ / ٢٢٥ ؛ المعجم الأوسط : ٧ / ١٩٣.

(٣) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٥٠ ـ ٤٥٣.

الأوّل : أن يكونا عامّين :

فإن كانا معلومين ، فإن علم التاريخ وكان المدلول قابلا للنسخ كان المتأخّر ناسخا ، (سواء القرآن والسنّة في ذلك). (١)

والشافعي وإن منع من نسخ القرآن بالخبر المتواتر ومن عكسه فإنّه يجوّز ذلك بحيث لو وقع لكان المتأخّر ناسخا لكنّه ينفي الوقوع لا الجواز.

وإن لم يقبل المدلول النسخ تساقطا ووجب الرجوع إلى غيرهما. ولو تقارنا فإن أمكن التخيير بينهما تعيّن ، لأنّه إذا امتنع الجمع لم يبق إلّا التخيير. ولا يترجّح أحدهما بقوة الاسناد ، لما ثبت من أنّ المعلوم لا يقبل الترجيح ؛ ولأنّ ما يرجع إلى الحكم بأن يكون أحدهما يقتضي التحريم أو إثبات حكم شرعي لاستلزامه طرح المعلوم بالكلية.

وإن جهل التاريخ وجب الرجوع إلى غيرهما ، لأنّا نجوّز تأخّر كلّ واحد منهما ، فيكون ناسخا للمتقدّم ولا أولوية ، فيطرحان معا.

وإن كانا مظنونين ، فالمتأخّر ناسخ ، ولو تقارنا أو جهل التاريخ وجب الرجوع إلى الترجيح فيعمل بالأقوى ، وإن تساويا وجب التخيير.

وفيه نظر ، إذ مع جهالة التاريخ يمكن تأخير أحدهما فيكون ناسخا.

وإن كان أحدهما معلوما والآخر مظنونا فإن كان المعلوم متأخرا كان

__________________

(١) العبارة في المحصول : ٢ / ٤٥٠ كما يلي : سواء كانا آيتين ، أو خبرين ، أو أحدهما آية والآخر خبرا متواترا.

ناسخا للمتقدم وإن كان بالعكس لم يكن المتأخر ناسخا فإنّ المعلوم لا ينسخ بالمظنون ، وإن جهل التاريخ تعيّن المعلوم ، لأنّه إن كان متأخرا كان ناسخا وإن كان متقدما لم يكن منسوخا ، وإن تقارنا كان المعلوم راجحا فيتعين العمل به على كلّ تقدير.

الثاني : أن يكونا خاصّين ، وتفصيله كما تقدّم في تفصيل العامّين.

الثالث : أن يكون كلّ منهما عاما وخاصا باعتبارين كما في قوله تعالى : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ)(١) مع قوله : (إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ)(٢).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلّها إذا ذكرها» (٣) مع نهيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الصلاة في الأوقات الخمسة المكروهة ، فالأوّل عام في الأوقات ، خاص في صلاة القضاء ؛ والثاني عام في الصلاة خاص في الأوقات ؛ فإن علم تقدّم أحدهما وكانا معلومين ، أو مظنونين ، أو كان المتأخّر معلوما كان المتأخّر ناسخا للمتقدّم عند من قال : العام ينسخ الخاص المتقدّم ، لأنّ المتأخّر وإن كان أعم من وجه لكنّه أخص من آخر ، فإن كان العام من كلّ وجه ينسخ الخاص المتقدّم والعام (٤) من وجه أولى بجواز النسخ. وإن كان المتقدّم معلوما وجب الرجوع إلى الترجيح عندهم ، ولم ينسخ الثاني الأوّل ، لامتناع نسخ المعلوم بالمظنون.

__________________

(١) النساء : ٢٣.

(٢) النساء : ٢٤.

(٣) سنن الدارمي : ١ / ٢٨٠ ، باب من نام عن صلاة أو نسيها ؛ سنن البيهقي : ٢ / ٢١٦ ؛ عمدة القاري : ٤ / ٢٩.

(٤) في «ج» : في العام ، وفي «ب» : كالعام.

أمّا من بنى العام المتأخّر على الخاص المتقدّم وأخرج بالخاص المتأخّر بعض ما دخل تحت العام المتقدّم ، فالأنسب بمذهبه عدم النسخ في شيء من هذه الأقسام ، بل يرجع إلى الترجيح ، إذ لا يتخلّص كون المتأخّر أخصّ من المتقدّم حتى يخرج من المتقدّم ما دخل تحت المتأخّر.

وإن جهل التاريخ فإن كانا معلومين لم يجز الترجيح بقوة الإسناد ، بل بما يتضمّنه أحدهما من كونه محظورا ، أو مثبتا بحكم شرعي ، لأنّ الحكم بذلك طريقة الاجتهاد ، وليس في ترجيح أحدهما على الآخر إطراح للمرجوح ؛ بخلاف ما لو تعارضا من كلّ وجه ، وإن لم يترجّح أحدهما على الآخر فالحكم التخيير.

وإن كانا مظنونين جاز الترجيح بقوة الإسناد ، وبما يتضمّنه من الحكم. فإن لم يترجّح فالتخيير ، وإن كان أحدهما معلوما والآخر مظنونا ، جاز ترجيح المعلوم لكونه معلوما. فإن ترجّح المظنون عليه بما يتضمّنه من الحكم ، كالمحرم والشرعي حتى حصل التعارض ، فالحكم ما تقدّم.

الرابع : أن يكون أحدهما عاما والآخر خاصا ، فإن اتّفقا علما أو ظنّا وتأخّر الخاص كان ناسخا للعام المتقدّم في مورد الخاص. وإن تأخّر العام كان ناسخا للخاص المتقدّم عند أبي حنيفة. والحق عندنا وعند الشافعي بناء العام على الخاص وقد تقدّم. وإن وردا معا كان الخاص مخصّصا للعام بالإجماع. وإن جهل التاريخ بني العام على الخاص ، وعند الحنفية الوقف (١).

__________________

(١) راجع المحصول : ٢ / ٤٥٣.

وإن كان أحدهما معلوما والآخر مظنونا قدّم المعلوم على المظنون إجماعا ، إلّا إذا كان المعلوم عامّا والمظنون خاصا ووردا معا ، كتخصيص الكتاب والسنّة المتواترة بخبر الواحد ، وقد تقدّم.

المطلب الثاني : في وجوه التراجيح

قد عرفت فيما تقدّم أنّ التعارض إنّما يقع في الأدلّة الظنّية إمّا من كلّ وجه كخبر الواحد العام ، أو من بعض الوجوه كالآيات العامّة وأخبار الآحاد الخاصّة. فإنّ الأوّل وإن كان قطعيا في متنه إلّا أنّ دلالته على موارده ظنّية ، والثاني بالعكس.

وإذا ثبت هذا فقد يقع التعارض بين الكتاب العزيز والسنّة المتواترة وبين غيرهما من الأدلّة الظنّية ؛ ولمّا كانت أنواع الأدلّة هي الكتاب والسنّة والإجماع والقياس عند بعضهم والاستدلال عند آخرين ، وجب النظر في الترجيح بينها ، فهاهنا أبواب :

[الباب] الأوّل : في الترجيح بين الأدلّة النقلية

وفيه مقدّمة ومباحث.

أمّا المقدّمة : فاعلم أنّ الأدلّة النقلية لمّا اشتملت على نقل هو السند ، ومنقول هو المتن ، ومنقول عنه وكان العائد إلى السند منه ما يعود إلى الراوي ، ومنه ما يعود إلى نفس الرواية. وما يعود إلى الراوي إمّا أن يعود إلى نفسه ، أو إلى تزكيته ، وجب النظر في ذلك كلّه.

البحث الأوّل : في التراجيح الحاصلة بسبب الراوي

اعلم أنّ الترجيح لأحد الخبرين على الآخر بالنظر إلى الراوي إمّا أن يقع بكثرة الرواة ، أو بأحوالهم. أمّا الواقع بالكثرة فمن وجهين (١) :

الأوّل : أن يكون رواة أحدهما أكثر من رواة الآخر فيكون أرجح ، خلافا للكرخي ، لأنّ الظن الحاصل به أكثر من الآخر ، لأنّ احتمال وقوع الغلط والكذب على العدد الأكثر أقل من احتمال وقوعه في العدد الأقل ، إذ خبر كلّ واحد يفيد الظن والظنون المجتمعة أقوى من الواحد ، ولهذا لمّا كان الحد الواجب بالزنا من أكبر الحدود وآكدها جعلت الشهادة عليه أكثر عددا من غيره ، ولم يعمل أبو بكر بخبر المغيرة : «أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أطعم الجدّ السدس» ، حتى اعتضد بخبر محمد بن مسلمة.

الثاني : أن يكون أحد الخبرين أعلى إسنادا فإنّه أرجح من الآخر ، وإنّه كلّما كانت الرواة أقل كان احتمال الغلط والكذب أقل ، ومهما كان ذلك أقل كان احتمال الصحّة أظهر ، وحينئذ يجب العمل به ؛ فعلو الإسناد راجح من هذا الوجه ، إلّا أنّه مرجوح باعتبار ندوره.

وفيه نظر ، فإنّ احتمال الغلط والخطاء في العدد الأقل إنّما يكون أقل لو اتّحدت أشخاص الرواة في الخبرين أو تساووا في الصفات ، أمّا إذا تعدّدت أو كانت صفات الأكثر أكثر فلا.

__________________

(١) ذكرهما الرازي في المحصول : ٢ / ٤٥٣.

وأمّا الواقعة بأحوال الراوي فهي : إمّا العلم ، أو الورع ، أو الذكاء ، أو الشهرة ، أو زمان الرواية ، أو كيفية الرواية.

أمّا الحاصلة بالعلم فمن وجوه (١) :

الأوّل : رواية الفقيه راجحة على رواية غيره مطلقا عند قوم وهو الحق ، لأنّه يميّز بين ما يجوز وما لا يجوز ، فإذا حضر المجلس وسمع كلاما لا يجوز إجراؤه على ظاهره بحث عنه وسأل عن مقدّمته وسبب نزوله ، فيطّلع على سبب يزيل الإشكال. أمّا من لم يكن عالما فإنّه لا يعرف الجائز من غيره ، فينقل ما سمعه فربّما كان ذلك القدر وحده سببا للضلال.

وقال آخرون : هذا الترجيح إنّما يعتبر في خبرين مرويين بالمعنى ، أمّا اللفظ فلا. والحق ما تقدّم.

الثاني : رواية الأفقه راجحة على رواية الفقيه ، لأنّ احترازه عن الغلط أكثر ، فالظن الحاصل بخبره أقوى.

الثالث : العالم بالعربية أرجح رواية من غيره ، لتمكّنه من التحفّظ عن مواقع الزلل ، وقدرته على ما لا يقدر غيره عليه. وقيل : بل غيره أرجح ، لأنّ العارف بالعربية يعتمد على معرفته فلا يبالغ في الحفظ اعتمادا على خاطره ، والجاهل يكون خائفا فيبالغ في الحفظ.

وفيه نظر ، فإنّ معرفته تقتضي اختلاف دلالات الألفاظ باختلاف

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٥٤ ؛ والآمدي في الإحكام : ٤ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣.

أحوالها وتغيّر المعاني بتغيّر أدنى سبب في إعرابها ، وتشوقه إلى تحقيق ما يسمعه أكثر من الجاهل بالفرق بين المعاني المختلفة بسبب تغير الإعراب.

الرابع : رواية الأعلم بالعربية راجحة على رواية العالم بها ، لأنّ ظن احترازه أقوى.

الخامس : أن يكون أحدهما صاحب الواقعة فتترجح روايته على رواية الآخر. كما روت ميمونة قالت تزوجني النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونحن حلالان. فإنّها مقدّمة على رواية ابن عباس : انّه نكحها وهو حرام. (١) لكونها أعرف بحال العقد من غيرها ، لشدة اهتمامها به. خلافا للجرجاني من الحنفية.

السادس : أن يكون أحدهما مباشرا والآخر غير مباشر فالمباشر أولى ، لأنّه أعرف بما روى. كرواية أبي رافع أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نكح ميمونة وهو حلال ، فإنّه راجح على رواية ابن عباس ، لأنّ أبا رافع كان هو السّفير بينهما والقابل نكاحها عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكان أعرف بالقضية ؛ ولهذا رجّحنا حديث عائشة وأوجبنا الغسل من التقاء الختانين على رواية غيرها عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّما الماء من الماء» ، لأنّ عائشة مباشرة ، فكانت أشد علما بذلك. (٢)

السابع : الّذي يسمع مشافهة أرجح رواية من غيره. كرواية القاسم بن

__________________

(١) سنن الدارمي : ٢ / ٣٨ ؛ سنن أبي داود : ١ / ٤١٣ برقم ١٨٤٣ و ١٨٤٤ ؛ سنن البيهقي : ٧ / ٢١١ ، باب نكاح المحرم ؛ الإحكام : ٤ / ٢٥٣.

(٢) الإحكام : ٤ / ٢٥٣ ؛ ورود باختلاف في سنن البيهقي : ٥ / ٦٦ وج ٧ / ٢١٠.

محمد بن أبي بكر (١) عن عائشة أنّ بريرة عتقت وكان زوجها عبدا ، فإنّها راجحة على رواية الأسود فإنّه روى عنها أنّه كان حرّا ، لأنّها عمة القاسم بخلاف الأسود فإنّه سمع من وراء الحجاب. (٢)

الثامن : أن يكون أحدهما أقرب إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند سماعه. كرواية ابن عمر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه أفرد وكان تحت ناقته حين لبى. (٣)

التاسع : رواية من مجالسته للعلماء أكثر راجحة على رواية غيره ، لتفطّن الأوّل لما لا يتفطّن له الآخر ، فيقوى الظن بخبر الأوّل على الظن بخبر الثاني.

العاشر : رواية من مجالسته للمحدثين أكثر أرجح من رواية غيره.

الحادي عشر : من طريقه أقوى أرجح رواية إذا روى ما يقلّ اللبس فيه. كما إذا روى أنّه شاهد زيدا وقت الظهر بالبصرة ، وروى الآخر أنّه رآه في ذلك اليوم ببغداد. فالأوّل أرجح ، لأنّ تطرق الاشتباه إلى الثاني أكثر.

وأمّا الحاصلة بالورع فمن وجوه (٤) :

__________________

(١) القاسم بن محمد بن أبي بكر عدّه الشيخ تارة في أصحاب السجاد عليه‌السلام ، وأخرى في أصحاب الباقر عليه‌السلام ، وذكره البرقي في أصحاب الصادق ، وهو جد الإمام الصادق عليه‌السلام لأمّه أم فروة ، أحد الفقهاء السبعة في المدينة ، ولد فيها وتوفي بقديد (بين مكّة والمدينة) حاجّا أو معتمرا ، كان صالحا ثقة من سادات التابعين. معجم رجال الحديث : ١٥ / ٤٨ برقم ٩٥٥٨ ؛ الأعلام : ٥ / ١٨١.

(٢) الإحكام : ٤ / ٢٥٧. ولم نعثر عليها في المصادر الحديثية.

(٣) الإحكام : ٤ / ٢٥٣. ولم نعثر عليها في المصادر الحديثية.

(٤) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٥٥.

الأوّل : رواية الأعدل أرجح من رواية العدل ، لأنّ الظن بقول الأوّل أقوى.

الثاني : رواية من عرفت عدالته بالاختبار أرجح من رواية مستور الحال عند من يقبل روايته.

الثالث : رواية من عرفت عدالته بالاختبار أولى من رواية من عرفت عدالته بالتزكية ، لإمكان غلط المزكّي وخطائه.

الرابع : رواية من زكّاه كثير أولى من رواية من زكّاه قليل.

الخامس : رواية من عرفت عدالته بتزكية من يكثر بحثه عن أحوال الرجال ويداوم على التطلّع عليها أولى من رواية من عرفت عدالته بتزكية من ليس كذلك.

السادس : رواية من عرفت عدالته بتزكية الأعلم الأزهد أولى من رواية من عرفت عدالته بتزكية العالم الزاهد.

السابع : رواية من ذكر المزكّي سبب عدالته أرجح من رواية من أطلق المزكّي العدالة.

الثامن : رواية من استندت تزكيته إلى عمل المزكّي بخبره أولى من رواية من استندت تزكيته إلى الرواية عنه.

التاسع : رواية العدل غير المبتدع أرجح من رواية العدل المبتدع وإن لم توجب بدعته كفرا.

وأمّا الحاصلة بسبب الذكاء فوجوه (١) :

الأوّل : رواية زائد الضبط ، الأقل نسيانا أرجح من رواية ضده.

الثاني : لو كان أحدهما أشدّ ضبطا لكنّه أكثر نسيانا ، والآخر أضعف ضبطا لكنّه أقل نسيانا ، ولم تكن قلة الضبط ولا كثرة النسيان مانعة من قبول خبره ، قيل يتعارضان ، ويحتمل ترجيح الأوّل.

الثالث : أن يكون أحدهما أقوى حفظا لألفاظ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّه أرجح من غيره ، إذ الحجّة في قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

الرابع : الجازم بالرواية أولى من الظان.

الخامس : دائم سلامة العقل من الاختلال أرجح رواية ممّن يعتوره اختلاط العقل ، إذا لم يعرف أنّه أدّى الخبر حال سلامة العقل أو حال الاختلال.

السادس : رواية حافظ الحديث أرجح من رواية المعول على المكتوب ، لأنّه أبعد من الشبهة ، ويحتمل الضد.

السابع : رواية ذاكر الحديث راجحة على رواية المستند إلى خط.

وأمّا الحاصلة بسبب شهرة الراوي فأمور (٢) :

أحدها : رواية الكبير من الصحابة أو غيرهم أرجح من غيره في طبقته ،

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٥٦.

(٢) راجع المحصول : ٢ / ٤٥٧.

لأنّ دينه كما يمنعه من اعتماد الكذب كذا علو منصبه يمنعه منه أيضا ، ولهذا كان علي عليه‌السلام يحلّف بعض الرواة دون أبي بكر.

ثانيها : غير المدلّس أرجح من المدلّس.

ثالثها : صاحب الاسمين مرجوح بالنسبة إلى صاحب الاسم الواحد.

رابعها : رواية معروف النسب راجحة على رواية المجهول.

خامسها : رواية غير المتلبّس برجال ضعفاء أرجح من رواية من تلبّس اسمه باسم رجال ضعفاء مع صعوبة التمييز بينهم.

وأمّا التراجيح المستندة إلى زمان الرواية فأمور (١) :

الأوّل : رواية البالغ في جميع زمان الرواية أرجح من رواية الصّبي في بعض أوقات الرواية البالغ في الآخر.

الثاني : رواية البالغ وقت التحمّل والرواية أرجح من رواية المتحمّل وقت الصغر والكبر إذا لم يرو إلّا حالة البلوغ.

الثالث : من انتفى عنه احتمال هذين الوجهين أرجح رواية ممّن يحتمل فيه الوجهان.

وأمّا التراجيح العائدة إلى كيفية الرواية فأمور (٢) :

أحدها : أن يقع الخلاف في أحدهما أنّه موقوف على الراوي أو مرفوع

__________________

(١) راجع المحصول : ٢ / ٤٥٧.

(٢) راجع المحصول : ٢ / ٤٥٧ ـ ٤٥٨.

إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فالمتّفق على رفعه أرجح.

ثانيها : الخبر المنسوب إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قولا أرجح من المنسوب إليه اجتهادا ، بأن يروي أنّه وقع ذلك في مجلس الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم ينكر عليه ، فالأوّل أولى ، لقلة الاحتمال فيه وعدم الخلاف عنه.

ثالثها : المقترن بالسبب بأن يذكر الراوي سبب نزول ذلك الحكم أرجح من المجرد عنه ، لشدة اهتمام الأوّل بمعرفة ذلك الحكم بخلاف الثاني.

رابعها : الخبر المنقول بلفظه راجح على المنقول معناه خاصة وعلى ما يحتمل انّه نقل معناه ، للإجماع على قبول الأوّل والخلاف في الثاني ، ولأنّ تطرّق الغلط إلى الثاني أكثر ، فالظنّ فيه أضعف.

خامسها : المعتضد بحديث سابق أرجح من غيره.

سادسها : إذا أنكر الراوي الأصلي الرواية عنه كان مرجوحا بالقياس إلى ما لا يكون كذلك. وقد تقدّم تفصيل القول فيه.

سابعها : المسند أرجح من المرسل إن عملنا (١) بالمرسل على المذهب الحق. وقال عيسى بن أبان : المرسل أولى ، وقال القاضي عبد الجبار بالتساوي.

لنا : إنّ المرسل عدالته معلومة لرجل واحد وهو الراوي عنه ، والمسند

__________________

(١) في «أ» و «ب» و «د» : علمنا ، وفي المحصول : قبلنا.

عدالته معلومة لكلّ أحد لتمكن كل واحد من البحث عنه وعن سبب جرحه وعدالته ، ومعلوم رجحان رواية من علمت عدالته عند الجميع على رواية من اختصت المعرفة بعدالته لرجل واحد ، فإنّ العدالة من الأمور الباطنة قد تخفى على شخص واحد ويبعد خفاؤها عن الأكثر.

احتجّ المخالف بوجهين (١) :

الأوّل : الثقة لا يسند القول إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويشهد به إلّا مع القطع والجزم أو مقاربة بأنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ذلك ، بخلاف ما إذا استند وذكر الواسطة فإنّه لم يحكم على ذلك الخبر بالصحّة ، ولم يزد على الحكاية بأنّ فلانا زعم أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ذلك ، فكان الأوّل أولى.

الثاني : قال الحسن البصري : إذا حدّثني أربعة نفر من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحديث تركتهم وقلت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. فأخبر عن نفسه أنّه لا يستجيز هذا الإطلاق إلّا مع شدة الوثوق.

والجواب عن الأوّل : أنّ قول الراوي : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذا ، يقتضي ظاهره الجزم بصحّة خبر الواحد ، وهو جهل غير جائز فلا يمكن إجراؤه على ظاهره ، فيحمل على إرادة الظّن أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ذلك أو سمعت أو رويت ، كان الإسناد المشتمل على ذكر الراوي أولى لمعرفة عدالته للكلّ.

وهو الجواب عن الثاني [بعينه].

واعلم أنّ رجحان المرسل على المسند إنّما يصحّ لو قال الراوي : قال

__________________

(١) ذكرهما الرازي مع الإجابة عنهما في المحصول : ٢ / ٤٥٨ ـ ٤٥٩.

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أمّا لو قال : عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّه لا يترجّح ، لأنّه في معنى قوله روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

[و] لو كان أحد الراويين لا يرسل إلّا عن عدل وعرف منه ذلك ، والآخر لا يعرف منه ذلك ؛ فالأوّل أرجح ، وهذا يختص بالأخبار المرسلة. وقد رجّح قوم بالحرية والذكورة قياسا على الشهادة ولا بأس به.

البحث الثاني : في الترجيح المستند إلى حال ورود الخبر

وهو من وجوه (١) :

الأوّل : إذا كان أحد الخبرين أو الآيتين مدنيا والآخر مكّيّا قدّم المدني ، لأنّ غالب المكّي وقع قبل الهجرة والمدني متأخّر عنها ، والمكّي المتأخّر عن المدني قليل ، والقليل ملحق بالكثير ، فيكون العمل على المدني لظن تأخّره ، فيكون ناسخا.

الثاني : الوارد بعد قوة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشدّة شوكته وعلو شأنه راجح على الخبر الّذي لا يكون كذلك ، لتأخّر الأوّل فيكون العمل عليه ، لأنّ علو شأنه كان في آخر زمانه ، فقد يتضمّن الخبر الوارد بعد علو شأنه ما يقتضي تأخّره عن الأوّل.

وفصّل آخرون فقالوا : إن دلّ الأوّل على علو الشأن والثاني على الضعف كان الأوّل مقدّما ، أمّا إن لم يدلّ الثاني لا على القوة ولا

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٥٩ ـ ٤٦١.

على الضعف فمن أين يجب تقديم الأوّل عليه.

وفيه نظر ، لأنّ الأوّل معلوم أنّه في آخر وقته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والثاني مشكوك فيه ، والمعلوم مقدّم على المظنون.

الثالث : أن يكون راوي أحدهما متأخّر الإسلام ويعلم أنّ سماعه حصل بعد إسلامه ، وراوي الآخر متقدّم الإسلام ، فيقدّم الأوّل ، لأنّه أظهر تأخّرا.

وقيل : إذا كان المتقدّم موجودا مع المتأخّر لم يمنع تأخّر روايته عن رواية المتأخّر ، وهو حسن. أمّا إذا علم موت المتقدّم قبل إسلام المتأخّر ، أو علمنا أنّ أكثر روايات المتقدّم متقدّمة على روايات المتأخّر حكم بالرجحان ، لأنّ النادر ملحق بالغالب.

الرابع : أن يحصل إسلام الراويين معا ، كإسلام خالد وعمرو بن العاص ، لكن يعلم أنّ سماع أحدهما بعد إسلامه ولا يعلم ذلك في سماع الآخر ، فيقدّم الأوّل لظهور تأخّره.

الخامس : المؤرّخ مقدّم على المطلق لظهور تأخّره.

وفيه نظر ، لإمكان تأخّر المطلق. نعم لو كان المؤرّخ في آخر زمانه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّه أولى من المطلق بظن تأخّر الأوّل.

السادس : أن يكون أحدهما مؤقّتا بوقت متقدّم والآخر مطلق ، فالمطلق أرجح ، لأنّه أشبه بالمتأخّر.

السابع : إذا وردت حادثة كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يغلظ فيها زجرا لهم عن العادات القديمة ثمّ خفف فيها نوع تخفيف قيل : يرجّح التخفيف على التغليظ لظهور تأخّره. ويضعف بأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يغلظ آخر أمره عند علو شأنه ، فيظن تأخيره حينئذ.

الثامن : العموم الوارد ابتداء أرجح من العموم الوارد على السبب ، لوقوع الخلاف في أنّ الثاني هل هو مقصور على سببه أو لا؟ وهو وإن كان ضعيفا إلّا أنّه مرجّح. وهذه الوجوه ضعيفة الترجيح.

البحث الثالث : فيما يرجع إلى اللفظ

وهو على وجوه (١) :

الأوّل : الفصيح راجح على الركيك ، لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان أفصح العرب. وردّ بعضهم الركيك لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لفصاحته لا يتكلّم بغير الفصيح ، ومنهم من قبله وحمل الركيك على أنّ الراوي رواه بلفظ نفسه. وعلى كلّ تقدير فالفصيح راجح عليه إجماعا.

الثاني : قال بعضهم : الأفصح يقدّم على الفصيح. وليس بمعتمد ، لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يتكلّم بهما معا ، وكذا وجد في القرآن العزيز.

الثالث : الخاص مقدّم على العام. وقد تقدّم.

الرابع : قيل : الحقيقة تقدّم على المجاز ، لأنّ دلالتها أظهر فإذا اشتمل

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٦١ ـ ٤٦٤.

أحد الخبرين على الحقيقة والآخر على المجاز ، قدّم الأوّل. وهو ضعيف ، لأنّ المجاز الراجح أظهر في الدلالة من الحقيقة المرجوحة ، ولأنّ المجاز الّذي هو الاستعارة أظهر دلالة من الحقيقة ، فإنّ قولنا : فلان ينحر أقوى دلالة من قولنا : يضحي.

الخامس : أن يكونا حقيقتين إلّا أنّ أحدهما أظهر في المعنى ، لكثرة ناقليه ، أو لكون ناقله أقوى وأتقن من غيره أو لغير ذلك والترجيحات العائدة إلى الراوي آتية هنا.

السادس : أن يكون وضع أحدهما على مسمّاه مجمعا عليه ووضع الآخر مختلف فيه ، فالأوّل أرجح.

السابع : المستغني عن الإضمار أرجح من المفتقر إليه.

وفيه نظر ، لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يتكلّم بهما معا.

الثامن : الدالّ على المقصود منه بالوضع الشرعي أو العرفي أولى من الدالّ عليه بالوضع اللغوي. والوجه أن يقال : حمل اللفظ الّذي صار شرعيا في غير ما وضع له في اللغة على الشرعي أولى من حمله على اللغوي ، لأنّ اللغوي منسوخ حينئذ. أمّا الّذي ليس كذلك مثل أن يكون لفظ يدلّ بوضعه الشرعي على حكمه ولفظ آخر يدلّ بوضعه اللغوي على حكمه ، ولا عرف للشرع في هذا اللفظ فإنّه لا يترجّح الأوّل عليه ، لأنّ هذا اللغوي حيث لم ينقله الشرع يكون لغويا عرفيا شرعيا. والأوّل شرعي لا غير ، والنقل على خلاف الأصل فلا ترجيح حينئذ.

التاسع : أكثر المجازين شبها بالحقيقة أرجح من مقابله.

العاشر : إذا تعارض خبران ولا يمكن العمل بأحدهما إلّا بمجازين ويمكن العمل بالآخر بمجاز واحد ، كان الثاني أولى لقلّة مخالفته للأصل.

الحادي عشر : ما لم يدخله التخصيص أرجح ممّا دخله ، لصيرورة الثاني مجازا بخلاف الأوّل لبقائه في تمام مسمّاه.

الثاني عشر : الدالّ على المراد بوجهين أرجح ممّا يدل بوجه واحد ، لأنّ الظنّ الحاصل منه أقوى.

وفيه نظر ، فإنّ قوة الدلالة لا توجب التأخير في التاريخ.

الثالث عشر : الحكم إذا اقترن بالعلّة كان راجحا على المنفرد عنها ؛ ومن هذا الباب أن يقترن أحدهما بالمعنى المناسب والآخر يكون معلّقا بمجرد الاسم ، فإنّ الأوّل أولى.

الرابع عشر : أن يكون أحدهما تنصيصا على الحكم مع اعتباره بمحلّ الآخر والآخر ليس كذلك ، يقدّم الأوّل في المشبّه والمشبّه به معا ، لأنّ اعتبار محلّ بمحلّ إشارة إلى وجود علّة جامعة. كقول الحنفي في قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أيّما إهاب دبغ فقد طهر» (١) كالخمر يتخلّل فيحلّ ، رجّحناه في المشبّه على قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب» (٢) ، وفي

__________________

(١) مسند أحمد : ١ / ٢١٩ و ٢٧٠ و ٣٤٣ ؛ سنن الدارمي : ٢ / ٨٥ ؛ سنن ابن ماجة : ٢ / ١١٩٣ ؛ سنن الترمذي : ٣ / ١٣٥ برقم ١٧٨٢ ؛ سنن النسائي : ٧ / ١٧٣.

(٢) مسند أحمد : ٤ / ٣١٠ و ٣١١ ؛ سنن ابن ماجة : ٢ / ١١٩٤ ؛ سنن أبي داود : ٢ / ٢٧٤ و ٢٧٥ ؛ سنن الترمذي : ٣ / ١٣٦ ؛ سنن النسائي : ٧ / ١٧٥.

المشبّه به في مسألة تخليل الخمر على قوله : «أرقها».

الخامس عشر : المؤكّد أرجح من غيره كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «والله لأغزون قريشا والله لأغزون قريشا والله لأغزون قريشا». (١)

السادس عشر : أن يكون أحدهما تنصيصا على الحكم مع ذكر المقتضي لضدّه كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها» (٢) فإنّه مقدّم على ما ليس كذلك ، لدلالة اللفظ على ترجيح مدلوله على ضده ، ولأنّ تقديمه يقتضي وحدة النسخ وتقديم ضده يقتضي تعدّده مرّتين والأوّل أولى.

السابع عشر : المقترن بتهديد مقدّم على غيره كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم» (٣). وكذا ما كثر التهديد فيه راجح على ما قلّ فيه.

الثامن عشر : الدليل المقتضي للحكم بغير واسطة راجح على ما يقتضيه بواسطة ، كما إذا كانت المسألة ذات صورتين فالمعلّل إذا فرض الكلام في صورة وأقام الدليل ، فالمعترض إذا أقام الدليل على خلافه في الصورة الثانية ثم توسّل إلى الصورة الأخرى بواسطة الإجماع يقول المعلّل : دليلي أرجح ،

__________________

(١) سنن أبي داود : ٢ / ٩٨ ؛ سنن البيهقي : ١٠ / ٤٧ و ٤٨ ؛ مجمع الزوائد : ٤ / ١٨٢ ؛ كنز العمال : ٤ / ٤٣٨ و ٤٤٣.

(٢) مستدرك الحاكم : ١ / ٣٧٤ و ٣٧٦ ؛ المعجم الأوسط : ٣ / ٢١٩ ؛ الجامع الصغير : ٢ / ٢٩٧ ؛ عوالي اللآلي : ١ / ٤٥ وج ٢ / ٦١ ؛ بحار الأنوار : ١٠ / ٤٤١ وج ٩٦ / ٢٨٦.

(٣) صحيح البخاري : ٢ / ٢٢٩ ، كتاب الصوم ؛ مستدرك الحاكم : ١ / ٤٢٤ ؛ سنن البيهقي : ٤ / ٢٠٨.

لأنّه بغير واسطة ودليل المعترض بواسطة. والأوّل راجح ، لأنّ كثرة الوسائط الظنّية تقتضي كثرة الاحتمالات ، فيكون مرجوحا.

التاسع عشر : المنطوق مقدّم على المفهوم إن قلنا بأنّه حجّة ، لأنّ المنطوق أقوى دلالة على الحكم من المفهوم.

العشرون : يرجّح المجاز على المجاز الآخر لشهرته أو قوته أو قرب جهته أو رجحان دليله أو شهرة استعماله.

الحادي والعشرون : المجاز راجح على المشترك. وقد تقدم الخلاف فيه.

الثاني والعشرون : الحقيقة المشهورة أرجح من غيرها.

الثالث والعشرون : إذا كان أحد الخبرين قد اشتمل على لفظ موضوع في اللغة لمعنى والشارع قد استعمله في ذلك المعنى ، والآخر قد اشتمل على لفظ قد وضعه الشارع لمعنى من غير وضع أهل اللغة له ، فالأوّل راجح ؛ لأنّ الأصل موافقة الشرع اللغة. وهذا بخلاف ما إذا كان اللفظ واحدا منفردا واستعمل في اللغة لمعنى وفي الشرع الآخر فإنّ المعهود من الشرع أنّه إذا أطلق اللفظ فإنّما يريد به معناه الّذي وضعه هو بازائه.

الرابع والعشرون : أن يدلّا بجهة الاقتضاء إلّا أنّ العمل بأحدهما في مدلوله لضرورة صدق المتكلّم أو لضرورة وقوع الملفوظ به عقلا والآخر لضرورة وقوع الملفوظ به شرعا ، فالأوّل أرجح ؛ لأنّ الخلف في كلام الشارع ومخالفة المعقول ممتنعان ، بخلاف مخالفة المشروع.

الخامس والعشرون : أن يدلّا بجهة التنبيه والإيماء إلّا أنّ أحدهما لو لم يفد كون المذكور علّة للحكم لكان ذكره عبثا وحشوا فإنّه راجح على الإيماء بما رتّب فيه الحكم بفاء التعقيب.

السادس والعشرون : أن يدلّا من حيث المفهوم إلّا أنّ أحدهما يدلّ من حيث مفهوم الموافقة والآخر بمفهوم المخالفة ، فالأوّل راجح للإجماع عليه بخلاف الثاني. وقيل : الثاني أولى ، لأنّ فائدة مفهوم الموافقة التأكيد وفائدة مفهوم المخالفة شرع الحكم ابتداء ، وهو أولى من التأكيد.

السابع والعشرون : الدال من حيث الاقتضاء راجح على الدال من قبيل الإشارة ، لترجّحها بقصد المتكلّم لها بخلاف الثاني.

الثامن والعشرون : دلالة الاقتضاء أرجح من دلالة الإيماء ، لتوقّف صدق المتكلّم أو مدلول منطوقه عليه بخلاف الثاني.

التاسع والعشرون : دلالة الاقتضاء أولى من دلالة المفهوم ، للإجماع على الأوّل والخلاف في الثاني.

الثلاثون : إذا كان العمل بأحدهما يقتضي تخصيص العام والعمل بالآخر يقتضي تأويل الخاصّ ، والأوّل أولى لكثرته بخلاف الثاني.

الحادي والثلاثون : إذا كان عموم أحدهما من قبيل الشرط والجزاء والآخر من قبيل النكرة المنفية وغيرها ، فالأوّل أولى ، لأنّ الشرط كالعلّة والمعلّل أولى من غيره.

الثاني والثلاثون : الجمع المفيد للعموم ، ومن وما أرجح دلالة على العموم من المعرّف بلام الجنس عليه ، للاتّفاق بين القائلين بالعموم في الأوّل دون الثاني.

الثالث والثلاثون : أن يكون أحدهما إجماعا والآخر نصا ، فالأوّل أولى للأمن من النسخ في الأوّل بخلاف الثاني.

الرابع والثلاثون : الإجماع راجح على غيره من الأدلّة.

البحث الرابع : في التراجيح العائدة إلى الحكم

وهي من وجوه (١) :

الأوّل : إذا كان أحد الخبرين مقرّرا لحكم الأصل وكان الآخر ناقلا عنه ، اختلفوا : فالأكثر ترجيح الناقل ، وقال بعضهم : بل المقرر أولى (٢).

احتجّ الأوّلون بوجهين (٣) :

أ. الناقل يستفاد منه ما لا يعلم إلّا منه والمقرّر حكم معلوم بالعقل ، فكان اعتبار الأوّل أولى.

ب. العمل بالناقل يقتضي تقليل النسخ ، لأنّه يقتضي إزالة حكم العقل فقط ؛ أمّا لو جعلنا المقرر متأخّرا تكثير النسخ ، لأنّ الناقل أزال

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٦٤ ـ ٤٦٩.

(٢) وهو مختار الرازي في المحصول : ٢ / ٤٦٤.

(٣) راجع المحصول : ٢ / ٤٦٥.

حكم العقل ، ثمّ المقرر أزال حكم الناقل مرة أخرى.

اعترض على أ. لو جعلنا المبقي متأخّرا استفدنا منه ما لا يستقل العقل به ، ولو جعلناه متقدّما استفدنا منه ما يتمكّن العقل من معرفته.

وعلى ب. أنّ ورود الناقل بعد ثبوت حكم الأصل ليس بنسخ ، لأنّ دلالة العقل إنّما تقيّد بشرط عدم دليل السمع ، فإذا وجد انتفى دليل العقل ، فلا يكون الدليل السمعي رافعا لحكم العقل ، بل يكون مبيّنا لانتهائه ، فلا يكون ذلك خلاف الأصل.

ولأنّه معارض بأنّا لو جعلنا المبقي متقدّما لكان المنسوخ حكما ثبت بدليلين : العقل ، والسمع وهو أشدّ مخالفة ، لأنّه نسخ للأقوى بالأضعف.

احتجّ الآخرون بأنّ حمل الحديث على ما لا يستفاد إلّا من الشرع أولى من حمله على ما يستقلّ العقل بمعرفته ، إذ فائدة التأسيس أقوى من فائدة التأكيد ، وحمل كلام الشارع على ما هو أكثر فائدة أولى ، فلو جعلنا المبقي متقدّما على الناقل لكنّا قد جعلناه واردا حيث لا حاجة إليه ، لأنّا نعرف ذلك الحكم بالعقل. ولو جعلنا المبقي واردا بعد الناقل لكان واردا حيث يحتاج إليه ، فكان الحكم بتأخيره أولى.

تذنيب

قال قاضي القضاة (١) : العمل بالناقل كما ذهب إليه الجمهور ، أو

__________________

(١) نقله عنه الرازي في المحصول : ٢ / ٤٦٥ ـ ٤٦٦.

بالمنفي كما ذهب إليه الآخرون ، ليس من باب الترجيح لوجهين :

أ. أنّا نعمل بالناقل على أنّه ناسخ ، والعمل بالناسخ ليس من باب الترجيح.

ب. لو كان العمل بالناقل ترجيحا لوجب العمل بالآخر لولاه ، لأنّه حكم كل خبرين رجح أحدهما على الآخر. ومعلوم أنّه لو لا الناقل لكنّا عاملين بموجب الخبر الآخر لدلالة العقل لا للخبر. (١)

واعترض على أ. بأنّ النسخ يلزم لو علمنا تأخّر الناقل لكنّا لا نقطع بذلك ، بل نقول : الظاهر بآخره مع جواز خلافه ، فهو حينئذ داخل في باب الأوّل ، وهذا ترجيح.

وعلى ب. بأنّه لو لا الناقل لعلمنا بالآخر لأجله ، لأنّا نجعله حكما شرعيا ، ولهذا لا يصحّ رفعه إلّا بما يصحّ النسخ به ، ولو لا صيرورته شرعيا بعد ورود الخبر ، وإلّا لما كان كذلك.

* * *

[الوجه] الثاني (٢) : إذا كان أحد الخبرين يقتضي الإثبات والآخر النفي وكانا شرعيّين ، قال القاضي عبد الجبار : إنّهما سواء. وضرب لذلك أمثلة ثلاثة :

__________________

(١) في المحصول : ٢ / ٤٦٦ العبارة كما يلي : ومعلوم أنّه لو لا الخبر الناقل لكنّا إنّما نحكم بموجب الخبر الآخر لدلالة العقل ، لا لأجل الخبر.

(٢) الوجه الثاني من وجوه التراجيح العائدة إلى الحكم.

أ. إذا اقتضى العقل حظر الفعل ، ثمّ ورد خبران أحدهما في إباحته والآخر في وجوبه.

ب. أن يقتضي العقل وجوب الفعل ، ثمّ يرد خبران أحدهما يدلّ على الحظر والآخر على الإباحة.

ج. أن يقتضي العقل إباحة الفعل ، ثم يرد خبران أحدهما يقتضي الوجوب والآخر الحظر.

قال أبو الحسين : لقائل أن يقول لا بد وأن يكون أحدهما مطابقا لحكم العقل ، إذ كلّ فعل له في العقل له حكم الحسن أو القبح أو ما زاد على الحسن ، ولا يكون أحد الخبرين نفيا والآخر إثباتا إلّا والنفي منهما نفي لواحد من الأحكام ، والإثبات منهما إثبات لبعضها. (١)

وقال فخر الدين الرازي : هذا يستقيم على مذهبنا في أنّ العقل لا يستقلّ بشيء من الأحكام إثباتا ونفيا ، بل إنّما يستفاد ذلك من الشرع فحينئذ لا مزية لأحدهما على الآخر. ولا يتمّ على مذهب المعتزلة ، لأنّ كلّ نفي وإثبات تواردا على حكم واحد فلا بدّ وأن يكون أحدهما عقليا.

فإنّ الإباحة تشارك الوجوب في جواز الفعل ، وتخالفه في جواز الترك ؛ وتشارك الحظر في جواز الترك وتخالفه في جواز الفعل. فهي تشارك كلّ واحد من الوجوب والحظر بما به تخالف الآخر. وإذا تقرر هذا فنقول : إذا اقتضى العقل الحظر اقتضى جواز الترك لصدق جائز الترك على المحظور ،

__________________

(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ١٨٤.

فإذا ورد خبر الإباحة والوجوب كانت الإباحة منافية للوجوب من حيث إنّها تقتضي جواز الترك ، لا من حيث إنّها تقتضي جواز الفعل. وجواز الترك حكم عقلي ، فثبت أنّه لا بدّ في النفي والإثبات هنا من كون أحدهما عقليا.

وأمّا إذا اقتضى العقل الوجوب ثمّ ورد خبران في الحظر والإباحة فالكلام فيه كما تقدم.

وأمّا إذا اقتضى العقل الإباحة ثمّ ورد خبران في الوجوب والتحريم ، فنقول : ثبت أنّ الإباحة تشارك كلّا من الوجوب والتحريم بما به تخالف الآخر ، فإذا كانت الإباحة مقتضى العقل لزم أن يكون الوجوب مقررا للحكم العقلي من وجه ، وناقلا من آخر. وكذا التحريم فهنا أيضا لا بدّ في النفي والإثبات المتواردين على أمر واحد من أن يكون أحدهما عقليا ، وإذا ثبت أنّ النفي والإثبات لا بدّ وأن يكون أحدهما عقليا رجع الترجيح إلى ما تقدّم من أنّ الناقل أرجح أم المبقي. (١)

وفيه نظر ، لأنّ الإباحة بالمعنى الأخص منافية لكلّ من الحظر والوجوب ، وهي المراد بالحكم الشرعي.

تذنيب

إذا اقتضى العقل الحظر ثمّ ورد خبران بالإباحة والوجوب ، وقد عرفت مشاركة الإباحة للحظر من وجه ومخالفتها له من آخر ، فخبر الإباحة يقتضي

__________________

(١) المحصول : ٢ / ٤٦٦ ـ ٤٦٧.

بقاء حكم العقل من وجه هو الّذي حصلت به المشاركة ، والنقل من وجه هو الذي حصلت به المباينة. وأمّا الوجوب فإنّه يخالف الحظر في القيدين معا ، فيكون مقتضيا للنقل من وجهين فمن رجّح الناقل رجّح خبر الوجوب ، ومن رجّح المقرر رجّح خبر الإباحة.

وكذا القول لو اقتضى العقل الوجوب ثمّ ورد خبران بالإباحة والحظر. وأمّا لو كان مقتضى العقل الإباحة ثمّ ورد خبران بالوجوب والتحريم وكلّ منهما يشارك الإباحة من وجه دون آخر ، فيكون كلّ منهما ناقلا من وجه ومقررا من آخر ، فيحصل التساوي.

قال أبو الحسين (١) : وقد مثل قاضي القضاة الخبرين الوارد أحدهما بالإثبات والآخر بالنفي بما روي أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى في الكعبة وما روي : أنّه لم يصل ، وما روت أم سلمة أنّه لم يقبّلها وهو صائم وما روت عائشة أنّه قبّلها وهو صائم ، قال : وليس هذا بمثال للمسألة ، لأنّ القبلة والصلاة ونفيهما أفعال لا أحكام فيقال إنّها عقلية أو شرعية وإنّما الأحكام جواز الصلاة ونفي جوازها ، والعقل لو تجرّد لكان مطابقا لنفي جوازها لأنّها (٢) غير مصلحة ، وكون القبلة غير مفسدة للصوم هو مقتضى العقل ، وكذا تزويج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ميمونة وهو حلال أو حرام هو إيقاع فعل في أحوال ، وليس ذلك بحكم وإنّما الحكم هو حسن ذلك مع الإحرام أو قبحه ، ومقتضى العقل هو حسنه ، هذا إذا كان هو الأصل في العقل.

__________________

(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ١٨٤.

(٢) في «أ» و «ب» : فإنّها.

أمّا ما يكون الأصل من حال المروي عنه نحو ما روي أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يصلّ في الكعبة ولم يقبّل وهو صائم ، وأنّه تزوّج ميمونة وهو حلال ، لأنّ الأصل منه عدم ذلك.

فالخبر المروي أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى في الكعبة أولى ، وتحمل رواية من لم يصل على حسب اعتقاده وأنّه خفي عليه بعض أحوال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ورواية القبلة راجحة على رواية نفيها ، لأنّ أم سلمة روت عن حالها معه فلا تعارض رواية عائشة أنّه قبّلها وهو صائم.

وعدالة راوي تزويج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو حرام تقتضي أن يثبت رواية «تزويجه إياها وهو حلال» إلى أنّه استدام الأصل ، فكانت هذه الرواية أولى أن تثبت العدالة.

* * *

[الوجه] الثالث : إذا تعارض خبران في الحظر والإباحة وكانا شرعيّين ، قال أبو هاشم وعيسى بن أبان : إنّهما يستويان فيطرحان فيرجع المجتهد إلى غيرهما من الأدلّة.

وقال الكرخي وجماعة من الفقهاء : خبر الحظر راجح لوجوه (١) :

الأوّل : قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما اجتمع الحرام والحلال إلّا وغلب الحرام الحلال». (٢)

__________________

(١) راجع المحصول : ٢ / ٤٦٨.

(٢) عوالي اللآلي : ٣ / ٤٦٦ برقم ١٧ ؛ بحار الأنوار : ٦٢ / ١٤٤ ؛ مستدرك الوسائل : ١٣ / ٦٨.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك». (١) ولا يريبه جواز ترك هذا الفعل ، لأنّه بين أن يكون حراما ومباحا ، وإنّما يريبه جواز فعله فيجب تركه.

الثاني : لو طلق واحدة من نسائه ونسيها حرم عليه وطء الجميع ، وكذا لو أعتق إحدى إمائه.

الثالث : دار بين ارتكاب الحرام أو ترك المباح ، وترك المباح أولى ، فكان الترجيح للمحرم احتياطا.

لا يقال : يحتمل أن يكون الفعل مباحا ، فاعتقاد تحريمه إقدام على ما لا يؤمن كونه جهلا.

لأنّا نقول : إذا استباح المحظور أقدم على محظورين : الفعل ، واعتقاد إباحته ؛ أمّا إذا امتنع عن المباح فقد أقدم على محظور واحد هو اعتقاد التحريم.

قال أبو الحسين : وقد نصر هذا القول بوجوه :

أوّلها : الحظر أدخل في التعبّد من الإباحة ، لأنّه أشق.

واعترضه بأنّ الفعل قد يتعبّدنا الله بحظره ، وقد يتعبّدنا باعتقاد إباحته ، ويرد الشرع بإباحته ، وقد يرد الشرع بإباحة ما لم يكن في العقل مباحا كما

__________________

(١) مسند أحمد ٣ / ١١٢ و ١٥٣ ؛ مستدرك الحاكم : ١ / ٥١ وج ٢ / ١٣ ؛ مجمع الزوائد : ١ / ٢٣٨ وج ٥ / ٥٦.

يرد بحظر ما لم يكن محظورا فليس أحدهما أدخل في التعبّد من الآخر.

ثانيها : إذا تعارض خبر حظر وإباحة فقد حصلت جهة حظر وجهة إباحة. وهاتان الجهتان متى اجتمعتا كان الحظر أولى ، فإنّ الأمة بين الشريكين لمّا اجتمع فيها ملكه وهو مبيح وملك الآخر وهو محرم ، قدّم الحظر.

واعترضه بأنّ ملك أحد الشريكين لبعض الأمة ليس بجهة مبيحة للوطء ، بل الجهة المبيحة ملك الجميع فلم يحصل في هذه الأمة جهتان إحداهما لو انفردت أباحت ، والأخرى لو انفردت حظرت ، بخلاف الخبرين فإنّ كلّ واحد منهما لو انفرد لثبت حكمه.

ثالثها : لو غرق جماعة من الأقارب وخفي المتقدّم جعلناهم كأنّهم غرقوا معا ، ولم نورّث بعضهم من بعض وغلبنا حظر التوارث بينهم.

واعترضه بأنّ ذلك حجّة للمخالف ، لأنّهم قد نزلوا منزلة من لم يموتوا. وفرّق قاضي القضاة بجواز أن يكونوا قد غرقوا دفعة فجاز أن يجريهم هذا المجرى ، بخلاف الخبر المبيح مع المحرم فإنّه لا يجوز ورودهما معا ، فلا يصحّ تقديرهما هذا التقدير.

لا يقال : ليس إذا تعارضت البينتان في الملك لم يسقطا وعمل عليهما ، فهلّا وجب مثله في الخبرين؟

لأنّا نقول : إنّه يمكن العمل على البيّنتين في الملك فيجعل بينهما ، وأجاب قاضي القضاة بأنّ البيّنتين يجوز صدقهما بأن تستند الشهادة إلى

التصرف ويكون المتداعيان قد تصرفا ، فيثبت لكلّ منهما الملك بحكم اليد ، بخلاف الحظر والإباحة معا. (١)

[الوجه] الرابع : إذا كان أحد الخبرين مثبتا للطلاق والعتاق والآخر نافيا لهما ، قال الكرخي : نقدّم المثبت لهما على النافي ، وقال آخرون بالتسوية.

احتجّ الكرخي : أنّ مشروعية ملك النكاح واليمين على خلاف الأصل ، فيكون زوالهما على وفق الأصل. والخبر المتأيّد بموافقة الأصل راجح على الواقع بخلاف الأصل. (٢)

وقيل : النافي لهما أولى ، لأنّه على وفق الدليل المقتضي لصحّة النكاح وإثبات ملك اليمين الراجح على النافي له.

[الوجه] الخامس : النافي للحد مقدّم على المثبت له عند بعض الفقهاء ، خلافا للمتكلّمين لوجوه (٣) :

أحدها : الحد ضرر فتكون مشروعيته على خلاف الأصل ، والنافي له على وفق الأصل ، فيكون النافي راجحا.

ثانيها : ورود الخبر في نفي الحد إن لم يوجب الجزم بذلك النفي فلا أقل من إفادته الشبهة ، وإذا حصلت الشبهة سقط الحد لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ادرءوا الحدود بالشبهات» (٤).

__________________

(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ١٨٧ ـ ١٨٨.

(٢) راجع المحصول : ٢ / ٤٦٩.

(٣) راجع المحصول : ٢ / ٤٦٩ ؛ الإحكام : ٤ / ٢٥٩.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ٤ / ٧٤ برقم ٥١٤٦ ؛ مستدرك الوسائل : ١٨ / ٢٦ ح ٣ و ٤ ؛ عوالي اللآلي : ١ / ٢٣٦ برقم ١٤٧ وج ٢ / ٣٤٩ برقم ٤.

ثالثها : إذا كان الحدّ يسقط بتعارض البيّنتين مع ثبوته في أصل الشرع فليس يسقط بتعارض الخبرين في الجملة ، ولم يتقدّم له ثبوت أولى.

رابعها : النهي من حيث هو نهي راجح على الأمر ، لأنّ طلب الترك أشدّ ، إذ القائل بالمرّة في الأمر قائل بالتكرار في النهي ، ولقلّة تردّد النهي في محامله التي هي التحريم والكراهة وكثرة محامل الأمر الّتي هي الوجوب والندب والإباحة ؛ ولأنّ غالب النهي طلب دفع المفسدة وغالب الأمر تحصيل المصلحة ، واهتمام العقلاء بدفع المفاسد أكثر من اهتمامهم بتحصيل المصالح.

خامسها : الأمر راجح على المبيح لانتفاء الضرر بمخالفة المبيح دون مخالفة الأمر. وقد يرجح المبيح باتّحاد مدلوله وتعدّد مدلول الأمر ؛ ولأنّ في العمل بالمبيح تأويل الأمر على بعض محامله ، وفي العمل بالأمر تعطيل المبيح بالكلية ، والتأويل أولى من التعطيل.

سادسها : الخبر راجح على الأمر ، لاتّحاد مدلول الخبر فيبعد عن الاضطراب ؛ ولأنّه أقوى في الدلالة ، ولهذا امتنع نسخه عند بعضهم ؛ ولأنّ في ترك العمل به محذور الكذب في خبر الشارع ، وهو فوق المحذور اللازم من فوات مقصود الأمر ، فكان الخبر أولى.

سابعها : المبيح مقدّم على النهي ، كما تقدّم في الأمر مع المبيح وفيه ما تقدّم.

ثامنها : الخبر مقدّم على النهي كما في الأمر ، وعلى المبيح.

تاسعها : الخبر المشتمل على الزيادة أرجح لإمكان خفائها عن الآخر ، كرواية من روى أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كبّر في العيد سبعا (١) فإنّها مقدّمة على رواية من روى أربعا. (٢)

عاشرها : إذا اقتضى أحدهما الحظر والآخر الوجوب فالأوّل راجح ، لأنّ غالب الحرمة دفع مفسدة ملازمة للفعل أو تقليلها ، وفي الوجوب تحصيل مصلحة ملازمة للفعل أو تكميلها ، واهتمام الشارع والعقلاء بدفع المفاسد أتمّ. ولأنّ إفضاء الحرمة إلى مقصودها أتمّ من إفضاء الوجوب إلى مقصوده ، لأنّ مقصود الحرمة يتأتى بالترك ، سواء كان مع قصد أو غفلة بخلاف فعل الواجب.

حادي عشر : المقتضي للتحريم راجح على المقتضي للكراهة للمساواة بينهما في طلب الترك وزيادة التحريم بما يدلّ على الذم عند الفعل ؛ ولأنّ المقصود منهما الترك لما يلزم من دفع المفسدة الملازمة للفعل ، والحرمة أولى بتحصيل ذلك المقصود فكانت أولى بالمحافظة ؛ ولأنّ العمل بالمحرم لا يستلزم إبطال دلالة المقتضي للكراهة وهو طلب الترك ، والعمل بالمقتضي للكراهة بما يجوز معه الفعل ، وفيه إبطال دلالة المحرم. ولا يخفى أنّ العمل بما لا يفضي إلى الإبطال يكون أولى.

__________________

(١) مسند أحمد : ١ / ٧٣ وج ٦ / ٦٥ ؛ سنن أبي داود : ١ / ٢٥٦ ، باب التكبير في العبدين ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ٤٠٧ ؛ سنن البيهقي : ٣ / ٢٨٥ ؛ الإحكام : ٤ / ٢٦٦.

(٢) سنن أبي داود : ١ / ٢٥٦ برقم ١١٥٣ ؛ سنن البيهقي : ٣ / ٢٨٩ ؛ الإحكام : ٤ / ٢٦٦.

وفيه نظر ، لأنّ دلالة مقتضي الكراهة ليس هو مطلق طلب الترك ، بل الطلب غير المانع من النقيض.

ثاني عشر : معقول المعنى أرجح لسرعة القبول وسهولة الانقياد ، وما شرعه أفضى إلى تحصيل مقصود الشرع يكون أولى ، ولهذا كان شرع المعقول أغلب من شرع غيره حتى قيل انّ كلّ حكم فهو معقول المعنى حتى في ضرب الدية على العاقلة وغيره ممّا يظن أنّه غير معقول المعنى ، ولاشتماله على فائدة التعدية مطلقا عند قوم ، وإلى عموم (١) الموافقة عندنا.

ثالث عشر : التكليفي وإن ترجّح باعتبار اشتماله على زيادة الثواب المنوط بالتكليف ، إلّا أنّ الوضعي راجح من حيث إنّه لا يتوقّف على ما يتوقّف عليه التكليفي من أهلية المخاطب وفهمه وتمكّنه من الفعل.

رابع عشر : قيل الأخف أولى ، لأنّ مبنى الشريعة على التخفيف ، كما قال تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)(٢) ، (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(٣).

وقيل : الأثقل أرجح ، لأنّ القصد بالشرع مصالح المكلّفين وإنّما تحصل المصلحة التامّة بالأشقّ لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ثوابك على قدر مشقتك» (٤) ، ولأنّ الغالب تأخّر الأثقل.

__________________

(١) «أ» و «ب» : مفهوم.

(٢) البقرة : ١٨٥.

(٣) الحج : ٧٨.

(٤) الإحكام : ٤ / ٢٧٣. ولم نجده في المصادر الحديثية.

البحث الخامس : في التراجيح بالأمور الخارجية

وهي من وجوه (١) :

الأوّل : الترجيح بكثرة الأدلّة. وقد سبق.

الثاني : لو عمل بعض الفضلاء من الصحابة أو قال بخلافه والخبر ممّا لا يخفى عنه ، قال بعضهم : يحمل على نسخه ، أو أنّه لا أصل له. وإلّا لما خالف ، والحقّ أنّه ليس كذلك ، نعم إذا عارضه خبر آخر لا يكون كذلك كان راجحا عليه. وبه قال الشافعي.

الثالث : إذا عمل بأحد الخبرين أكثر السلف ممّن لا يجب تقليده ، قال عيسى بن أبان : يجب ترجيحه لأنّ الأكثر يوفّق للصواب ما لا يوفّق له الأقل. وبه قال بعض علماء الإمامية.

وقال آخرون : لا يحصل به الترجيح ، لأنّه لا يجب تقليدهم. والأوّل أنسب ، لأنّ عدم وجوب التقليد لا يستلزم نفي الترجيح.

الرابع : خبر الواحد فيما تعمّ به البلوى مرجوح ، لأنّ كونه ممّا تعمّ به البلوى ، وإن لم يوجب القدح فلا أقل من إفادة المرجوحية ، ولأنّ فيه خلافا بخلاف غيره.

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٧٠.

تذنيب

ما يرجّح به الخبر قد يكون بعضه أقوى من بعض ، فإذا استوى الخبران في كمية وجوه الترجيح وجب اعتبار الكيفية ، فإن ترجح أحدهما فيها تعيّن العمل به ، وإن تساويا تساقطا ورجع إلى غيرهما إن وجدا ووجب التخيير أو الوقف ، وكذا إن تساويا في الكيفية وتفاوتا في الكمية وجب العمل بالأكثر كمية. وإن كان أحدهما أكثر كيفية وأقل كمية أو بالعكس وجب على المجتهد أن يقابل ما في أحد الجانبين من الرجحان بما في الجانب الآخر منه فإن رجح أحدهما تعيّن العمل به ، وإلّا فالحكم ما تقدّم من التساقط أو التخيير أو الوقف ، ويعتبر حال قوة الظن.

البحث السادس : في بقايا تراجيح الأخبار

وهي من وجوه :

الأوّل : ما يوافقه دليل أقوى أرجح ممّا يوافقه الأضعف ، كما أنّ ما يوافقه دليل آخر أقوى ممّا لا يوافقه شيء البتّة.

الثاني : ما يوافق عمل علماء المدينة أو الأفضل أرجح ، لأنّ أهل المدينة أعرف بالتنزيل وأخبر بمواقع الوحي والتأويل.

الثالث : ما تأويله أقوى أرجح ممّا تأويله أضعف.

الرابع : العامّان إذا ورد أحدهما على سبب خاص وتعارضا بالنسبة إلى

ذلك السبب ، فالوارد عليه أقوى ، لكونه أخصّ به ؛ ولأنّ محذور المخالفة فيه أشد من حيث اشتماله على تأخير البيان عن وقت الحاجة. وإن تعارضا في غيره فالمطلق أولى ، لأنّ عمومه أقوى من عموم مقابله لاستوائهما في صيغة العموم ، وحصول الشك بتخصيص ما ورد على الواقعة بها نظر إلى بيان ما دعت الحاجة إليه وإلى أصالة مطابقة ما ورد في معرض البيان لما نسب إليه الحاجة وللخلاف فيه.

الخامس : أن يكون أحدهما قد وردت به المخاطبة على سبيل الإخبار بالوجوب أو التحريم أو غيره كما في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ)(١) ، أو في معرض الشرط والجزاء كقوله تعالى : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)(٢) ، والآخر وردت به المخاطبة شفاها كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ)(٣) ، (يا أَيُّهَا النَّاسُ)(٤) ، فإن تقابلا في حق من وردت المخاطبة إليه شفاها فخطاب المشافهة أولى ، وإن كان بالنظر إلى غيره من وردت المخاطبة إليه شفاها كان الآخر أولى لما تقدّم من أولوية العام المطلق على الوارد على السبب. ولأنّ الشفاهي إنّما هو للحاضرين وتعميمه بالنسبة إلى غيرهم إنّما هو بالنظر إلى دليل آخر إمّا من إجماع الأمّة على عدم التفرقة ، أو من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «حكمي على الواحد حكمي على الجماعة».

__________________

(١) المجادلة : ٣.

(٢) آل عمران : ٩٧.

(٣) البقرة : ١٧٨ و ١٨٣.

(٤) البقرة : ٢١ و ١٦٨ ، و...

وفيه نظر ، للتساوي من هذا الوجه ، إذ التكليف منوط بالوجود الشفاهي.

السادس : ما وقع الخلاف في نسخه أو جاز تطرّق النسخ إليه أضعف من مقابله لقلّة تطرّق المنافي إليه.

السابع : العامّان إذا اتّفق على العمل بأحدهما في صورة من صور موارده وإن غلب على الظن زيادة اعتباره على مقابله إلّا أنّ العمل بما لم يعمل به في صورة متّفق عليها أولى ، لعدم إفضاء العمل به إلى تعطيل الآخر لكونه قد عمل به في الجملة ، والعمل بما عمل به يفضي إلى تعطيل ما لم يعمل به ، وما يفضي إلى التأويل أولى ممّا يفضي إلى التعطيل ، وما عمل به في صورة الوفاق وإن ترجح فيها على الآخر إلّا أنّه يحتمل استناد الرجحان إلى أمر خارج لا وجود له في محل النزاع.

الثامن : أن يكون أحدهما قد قصد فيه بيان الحكم المختلف فيه بخلاف الآخر فهو أولى من الآخر ، لأنّه أمسّ بالمقصود لقوله تعالى : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ)(١) ، فإنّه قصد به بيان تحريم الجمع بين الأختين في الوطء بملك اليمين ، فيقدّم على قوله تعالى : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ)(٢) حيث لم يقصد به بيان الجمع.

التاسع : ما هو أقرب إلى الاحتياط وبراءة الذمّة أرجح ، لكونه أقرب إلى تحصيل المصلحة ودفع المضرة.

__________________

(١) النساء : ٢٣.

(٢) النساء : ٣.

العاشر : ذاكر السبب في ورود ذلك النصّ أولى من غيره لشدّة اهتمامه بما رواه ، وكذا المقترن بتفسير الراوي بفعله أو قوله فإنّه يكون راجحا على ما ليس كذلك.

الحادي عشر : إذا كان الراوي من كبار الصحابة فروايته أرجح من رواية من هو من صغارهم ، لأنّ الغالب قرب الأوّل إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حالة السماع لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى». (١) ولأنّ محافظته على منصبه يوجب التحرّز عن الكذب أكثر من الأصغر ، وكذا متقدّم الإسلام أرجح رواية من متأخّره لزيادة أصالته في الإسلام وتحرّزه فيه.

الثاني عشر : من زكّاه الأكثر أو الأعدل أو الأفقه أرجح ، وكذا من زكّي بصريح المقال أرجح ممّن زكّي بالرواية عنه أو بالعمل بروايته أو الحكم بشهادته عنه ، ورواية من زكّي بالحكم بشهادته أرجح من رواية من زكّي بالرواية عنه.

الثالث عشر : المتواتر واجب العمل به دون الآحاد لو تعارضا.

والمعنعن أولى من الخبر الّذي طريقه مشهور مع عدم التنكير ، ومن الّذي طريقه الإسناد إلى كتاب من كتب المحدّثين لبعده عن الغلط والتصحيف.

__________________

(١) صحيح مسلم : ٢ / ٣٠ ؛ مسند أحمد : ١ / ٤٥٧ وج ٤ / ١٢٢ ؛ سنن الدارمي : ١ / ٢٩ ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ٣١٣ ؛ سنن أبي داود : ١ / ١٥٨ ؛ سنن الترمذي : ١ / ١٤٤ برقم ٢٢٨ ؛ سنن النسائي : ٢ / ٨٧ و ٩٠.

وما طريقه الشهرة أولى من المستند إلى كتاب من كتب المحدّثين.

والمستند إلى كتاب مشهور بالصحّة أولى من غيره.

والذي روايته بقراءة الشيخ عليه أولى من الّذي يقرأ هو على الشيخ ، أو بخبره له ، أو مناولته ، أو يراه بخطّه.

والمناولة أولى من الإجازة ، لأنّ المناولة غير كافية وهو أن يقول : «خذ هذا الكتاب» ما لم يقل : «وحدّث به عنّي فقد سمعته من فلان» وعلى هذا يكون إجازة وزيادة.

والإجازة راجحة على رواية الخط في الكتاب ، لأنّ الخطوط ممّا يشتبه. وكذا لو قال الشيخ : «هذا خطّي» فالإجازة أولى ، لأنّ دلالة لفظ الشيخ على الرواية عمّن روى عنه أظهر من دلالة خطّه عليها.

والخبر الّذي لم ينكره راوي الأصل أرجح من الّذي أنكره ، والّذي أنكره راوي الأصل إنكار نسيان وتوقّف أرجح من الّذي أنكره الأصل إنكار تكذيب وجحود.

البحث السابع : في تراجيح الإجماعات

اعلم أنّ بعض الإجماعات قد يرجّح على بعض ، وهو من وجوه (١) :

الأوّل : الإجماع الّذي دخل فيه أهل العصر أرجح من الّذي دخل فيه

__________________

(١) راجع الإحكام : ٤ / ٢٦٦ ـ ٢٦٨.

أهل الحل والعقد خاصة ، لأنّه أغلب على الظن وأبعد عن الخلاف.

واعلم أنّ لنا في ترجيح بعض الإجماعات على البعض الآخر نظرا ، وذلك أنّهما إن لم يتعارضا فلا ترجيح ، وإن تعارضا لزم أن يكون أحد الإجماعين خطاء ، وهو باطل بما تقدّم.

الثاني : الإجماع الّذي دخل فيه مع أهل الحل والعقد الفقهاء الذين ليسوا أصوليّين والأصوليّين الذين ليسوا فقهاء وخرج عنه العوام راجح على العكس ، لقربهم من المعرفة والإحاطة بأحكام الشرع واستنباطها من مداركها. وكذا ما دخل فيه الأصولي الّذي ليس بفقيه ولم يدخل فيه الفقيه أرجح من العكس ، لأنّ الأصولي أعرف بمدارك الأحكام وكيفية تلقّيها من المنطوق والمفهوم والأمر والنهي وغير ذلك.

الثالث : ما دخل فيه المجتهد المبتدع الّذي ليس بكافر أولى ممّا لم يدخل فيه ، لبعده عن الخلاف.

الرابع : إجماع الصحابة أولى من إجماع التابعين ، وكذا إجماع التابعين أولى من إجماع تابعي التابعين ، وهكذا.

الخامس : الإجماع الّذي انقرض عصره أولى ، لاستقراره وبعده عن الخلاف.

السادس : الإجماع على إثبات القول الثالث أولى من انقسام الأمّة إلى قسمين في أنّه إجماع على نفي الثالث ، لبعده عن اللبس.

السابع : الإجماع غير المسبوق بالخلاف راجح على المسبوق به.

الثامن : ما لم يرجع فيه بعض المجتهدين إلى دليل ظهر له عن موافقة الباقين أرجح ممّا قد رجع فيه البعض.

خاتمة

لمّا كان الكتاب العزيز متواترا لم يقع فيه الترجيح بسبب النقل بل بسبب المتن ، ولمّا تطرّق إليه النسخ وكان حكم المنسوخ مرتفعا لم يقع بينه وبين الناسخ ترجيح ، لوجوب العمل بالناسخ ، فبقي الترجيح في الدلالة من حيث العموم والخصوص ، فيقدّم الخاص على العام في مورده خاصّة جمعا بين الأدلّة. ومن حيث المطلق والمقيد فيعمل بالمقيد ويحمل المطلق عليه ، لأنّه أولى من جعل المقيد للندب.

وإذا تعارض الكتاب وخبر الواحد فإن كان الكتاب معلوم المتن كما هو معلوم النقل تعيّن العمل به ، لأنّه معلوم وخبر الواحد مظنون فلا يعارضه. وإن كان مظنون الدلالة كالعام مع خبر الواحد الخاص ، كان الجمع بينهما أولى بأن يخص العموم به ، وقد سبق.

الباب الثاني : في تراجيح الأقيسة

قد بيّنّا فيما سلف أنّ القياس لا يجوز العمل به إلّا إذا كانت العلّة منصوصة ، خلافا للأكثر ، والتفريع هنا على قول الأكثر.

واعلم أنّ الترجيح في الأقيسة إمّا أن يكون بحسب ماهية العلّة ، أو بحسب ما يدلّ على وجودها ، أو بحسب ما يدلّ على علّتها ، أو بحسب ما يدلّ على ثبوت الحكم في الأصل ، أو بحسب ماهية ذلك الحكم ، أو بحسب محلّ ذلك الحكم ، أو بحسب محالّ العلّة ، أو بحسب أمور خارجة. فهنا مباحث :

[البحث] الأوّل : في التراجيح المعتبرة بحسب ماهيّة العلّة

اعلم أنّ العلّة إمّا أن تكون وصفا حقيقيا ، أو حكمة ، أو حاجة ، أو وصفا عدميا ، أو إضافيا ، أو تقديريا ، أو حكما شرعيا. وعلى كلّ تقدير فإمّا أن تكون مفردة ، أو مركبة من أمرين ، أو أزيد. وقد تقدّم البحث في ذلك كلّه. واعتمد بعضهم في الترجيح على أمرين :

أحدهما : أن يكون أحدهما أشبه بالعلل العقلية فإنّه راجح على ضده ، لأنّ العقل أصل للنقل ، والفرع كلّما كان أشبه بالأصل كان أقوى.

ثانيهما : المتّفق عليه أولى من المختلف فيه ، لأنّ المتّفق عليه تكون المقدّمة فيه يقينية ، ولا شك في أنّ القياس الّذي يكون بعض مقدّماته يقينيا وبعضها ظنيا أقوى من الّذي يكون جميع مقدّماته ظنّيا ، لأنّ الاحتمال في الأوّل أقل فيكون الطريق أقوى.

وفيه نظر ، لأنّه إنّما يكون أقوى لو كانت النسبة بين الظنّين محفوظة ، أمّا على تقدير زيادة ظن ما تكون مقدّماته ظنّية على ظنّ المقدّمة الظنّية من

الآخر فلا يلزم ذلك ، لجواز أن يكون في غلبة الظن هنا وفاء برجحان اليقين هناك وزيادة. إذا ثبت هذا فنقول الترجيح يقع من وجوه (١) :

الأوّل : الوصف الحقيقي أولى في التعليل به من باقي الأوصاف ، للإجماع عليه بين القائسين ، والخلاف في البواقي.

الثاني : التعليل بالحكمة أولى من التعليل بالوصف العدمي ، لأنّ العلم بالعدم لا يدعو إلى شرع ذلك الحكم إلّا إذا حصل العلم باشتمال ذلك العدم على نوع مصلحة ، وحينئذ يبقى الداعي إلى شرع الحكم في الحقيقة إنّما هو تلك المصلحة لا العدم ، فيكون التعليل بها أولى من التعليل بالعدم.

لا يقال : يلزم ذلك في الوصف الثبوتي.

لأنّا نقول : قد كان الواجب ذلك ، إلّا أنّ الوصف الثبوتي لمّا كان أدخل في الضبط من الحاجة وأبعد من الاضطراب بخلاف المصلحة رجع إليه في التعليل دون المصلحة ، وأمّا العدم المحض فإنّه غير منضبط ولا يتقيد إلّا بالإضافة إلى الوجود ، وإذا لم يكن منضبطا لم يكن صالحا للتعليل.

الثالث : التعليل بالحكمة أولى من التعليل بالوصف الإضافي ، لأنّ الإضافات ليست ثبوتية ، بل هي أمور عدمية ، وقد سبق رجحان التعليل بالحكمة على التعليل بالعدمي.

الرابع : التعليل بالحكمة أولى من التعليل بالوصف التقديري والحكم

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٧١ ـ ٤٧٣.

الشرعي ، لأنّ التعليل بالحاجة تعليل بنفس المؤثر ، وهذا يقتضي منع التعليل بغيره ترك العمل به في الوصف الثبوتي ، للإجماع عليه ولاشتماله على الضبط ؛ ولأنّه أشبه بالعلل العقلية فيبقى في غيره على الأصل.

الخامس : لمّا كان العدمي أشبه بالأمور الحقيقية من الحكم الشرعي ، وكان الشرعي أشبه بالوجود من العدمي ، احتمل أولوية كلّ منهما على صاحبه بهذين الاعتبارين.

السادس : الأقرب أولوية التعليل بالعدم على الصفات التقديرية ، لأنّ المقدّر معدوم أعطى حكم الموجود ، فكلّ محذور ثبت في المعدوم ثبت في المقدّر مع زيادة محذور آخر ، وهو إعطاؤه حكم الوجود مع كونه عدميا.

السابع : تعليل الحكم الوجودي بالعلّة الوجودية أولى من تعليل الحكم العدمي بالوصف العدميّ ، ومن تعليل الحكم العدميّ بالوصف الوجوديّ ، ومن تعليل الحكم الوجوديّ بالوصف العدميّ ، لأنّ كون العلّة والمعلول عدميّين يستدعي تقدير كونهما وجوديّين ، إذ العلّيّة والمعلولية وصفان ثبوتيّان ، فحملهما على المعدوم لا يمكن إلّا إذا قدّر المعدوم موجودا. وتعليل العدم بالعدم أولى من القسمين الباقيين ، للمشابهة. وأمّا أنّ تعليل العدم بالوجود أولى من تعليل الوجود بالعدم ، ففيه احتمال ، ونمنع كون العلّية والمعلولية ثبوتيّين ، وقد تقدّم.

الثامن : التعليل بالحكم الشرعي أولى من التعليل بالوصف المقدّر ، لاشتماله على وفق الأصل بخلاف الثاني.

التاسع : العلّة المفردة أولى من المركّبة ، لقلّة الاحتمال في المفردة وكثرته في المركّبة. فإنّ المفرد لو وجد لوجد بتمامه ، ولو عدم عدم بتمامه ؛ وأمّا المركّب إذا كان من قيدين يحتمل في جانب الوجود أمورا ثلاثة : أن يوجد هذا الجزء بدلا عن ذلك ، وبالعكس ، وأن يوجد المجموع. وكذا في طرف العدم والمركّب من قيود ثلاثة فيه احتمالات تسعة (١) في طرف الوجود وكذا في طرف العدم ، ولا شك أنّ ما قلّ الاحتمال فيه أولى.

البحث الثاني : في الترجيح العائد إلى ما يدلّ على وجود ذات العلّة

العلم بوجود ذات العلّة إمّا أن يكون بديهيا ، أو حسيا ، أو استدلاليا. والاستدلالي إمّا أن يفيد علما ، أو ظنا. وعلى التقديرين فذلك الدليل إمّا أن يكون عقليا محضا ، أو نقليا محضا ، أو مركّبا منهما. أمّا إذا كان الطريق يفيد اليقين فإنّه لا يقبل الترجيح ، سواء كان بديهيا أو حسيّا أو استدلاليا يقينيا ، وسواء كان عقليا محضا أو نقليا محضا أو مركبا ، وسواء كثرت مقدّماته أو قلّت ، خلافا لأبي الحسين (٢) ، لأنّ القطعيات لا تقبل الترجيح على ما سبق.

لا يقال : الضروري أولى من النظري ، لأنّ الضروري لا يقبل الشك والشبهة والنظري يقبلهما.

لأنّا نقول : كلّ من البديهي والكسبي واجب الحصول ، فالأوّل عقيب

__________________

(١) في المحصول : ٢ / ٤٧٣ : سبعة.

(٢) نقله عنه الرازي في المحصول : ٢ / ٤٧٤.

تصوّر طرفيه ، والثاني عقيب حصول مقدّمتيه ، وكما يزول النظري عند زوال بعض ما لا بد في حصوله منها كذا الضروري يزول عند زوال أحد تصوراته الّتي يتوقّف عليها ، فلا بد في وجوب الجزم من حصول موجباته في البابين. نعم النظري يتوقّف على أمور أكثر ممّا يتوقّف عليه الضروري ، فلا جرم كان زوال النظري أكثر من زوال الضروري. أمّا في جانب الوجود والعدم فلا فرق بينهما في وجوب الوجود وامتناع العدم عند حصول كلّ ما لا بدّ منه. فإذن لا فرق بين الضروري والنظري.

وفيه نظر ، إذ الحكم ترجيح العلّة المفردة في القياس على المركبة باعتبار قلّة شرط وجود الأولى ، وكثرة شرط الثانية تناقض عدم الترجيح هنا.

أمّا إذا كان الطريق الدالّ على وجود العلّة ظنيا ، فقد أطلق بعضهم القول فيه بقوة القياس المشتمل على مقدّمات أقل النتيجة لذلك الظن على ما اشتمل على مقدّمات أكثر ، لأنّ قلّة المقدّمات يستلزم قلّة احتمال الغلط ، وقلّة احتمال الغلط يستلزم قوة ظن الصواب وهذا على عمومه ليس بحق ، لقبول الظن الشدة والضعف ، فإذا كان ذو المقدّمات القليلة مشتملا على ظن ضعيف في كلّ مقدماته ، وكان ذو المقدّمات الكثيرة مشتملا على ظن قوي في كلّ مقدّماته ، حصل التعادل أو الترجيح للثاني على الأوّل ، إذ أحدهما أزيد في الكيفية والآخر في الكمية.

إذا ثبت هذا فالدليل الظنّي الدال على وجود العلّة إمّا أن يكون نصا ، أو إجماعا ، أو قياسا.

والقياس الكلام فيه كما في الأوّل ولا يتسلسل ، بل ينتهي إلى النصّ أو الإجماع.

وأمّا النصّ فقد تقدّم طريق الترجيح فيه.

وأمّا الإجماع فإن كانا قطعيّين أو أحدهما لم يقبل الترجيح ، لاستحالة تعارض الأدلة القطعية ، ووجوب العمل بالمعلوم دون المظنون. وأمّا إن كانا ظنيّين فإنّه يقع على وجهين (١) :

الأوّل : أن يكون أحدهما من الإجماعات المختلف فيها عند المجتهدين ، كالإجماع الحادث عن قول بعض وسكوت الباقين.

الثاني : الإجماع المنقول بالآحاد. فهذان في محلّ الترجيح. وأمّا ما يقال من أنّ أحدهما متّفق عليه والآخر مختلف فيه ، فإن أريد به عدم الاختلاف في أحدهما ووقوعه في الآخر فليس من الترجيح ، لأنّ تقديم المعلوم على المظنون قطعي. وإن عني قلّة الاختلاف في أحدهما وكثرته في الآخر ، منعنا وجوب الترجيح به.

وفيه نظر ، لأنّ الاختلاف مظنّة الخطاء ، فكلّما كان أقلّ كان احتمال الخطأ فيه أقل ، فحصل به الرجحان.

واعلم أنّ وجود العلّة إذا كان معلوما في أحد القياسين كان راجحا على الآخر ، لأنّ الّذي بعض مقدّماته معلوم راجح على ما كانت مقدّماته كلّها ظنّية.

__________________

(١) ذكرهما الرازي في المحصول : ٢ / ٤٧٥.

البحث الثالث : في الترجيح العائد إلى دلائل طريق العلّيّة في الأصل

قد عرفت فيما تقدّم أنّ الطريق الدالّ على علّية الوصف في الأصل قد يكون نقليا ، وقد يكون عقليا. والنقلي إمّا نص ، أو إيماء.

والنصّ قد لا يحتمل سوى العلّيّة ، مثل : لعلّه كذا ، وبسبب كذا ، ولموجب كذا وهو مقدّم على جميع الطرق ، لعدم الاحتمال فيه ووجوده في غيرها.

وأمّا الّذي يحتمل غير العلّيّة لكنّه ظاهر فيها فألفاظه ثلاثة : اللام ، وإنّ ، والباء.

واللّام مقدّم عليهما ، لظهوره في التعليل ، ولفظة «إنّ» قد ترد للتأكيد المحض. و «الباء» للإلصاق ، مثل : «كتبت بالقلم». وقد يفيد كونه محكوما به ، نحو أنا أقضي بالظاهر.

وفيه نظر ، فإنّ الإلصاق التقديري هنا ثابت ، وهو أولى من جعله مشتركا.

وإذا لم تأت «لا» للآلة ولا لكونه محكوما به ، فإنّها مرادفة للام لعدم الفرق بين قتله بجنايته ولجنايته ، وفي أولوية تقديم «الباء» على «أنّ» وبالعكس احتمال. وأمّا الإيماءات فتشتمل على مسائل :

الأولى : قد عرفت أنّ دلالة الإيماء على علّيّة الوصف في الأصل لا تتوقّف على كونه مناسبا ، لكنّ المناسب راجح على ما لا يكون كذلك.

الثانية : إيماء الدلالة اليقينيّة راجح على إيماء الدلالة الظّنية ، إذ قد ثبت أولوية ما بعض مقدّماته قطعية ممّا يكون جميع مقدّماته ظنّية. وأمّا إذا ثبت عليه الوصفين بإيماء خبر الواحد ، فالترجيح بينهما باعتبار تراجيح الأخبار الظنّية. وقد تقدّم.

الثالثة : ما ظهرت علّيّته بالإيماء راجح على ما ظهرت علّيّته بغيره من الوجوه العقلية ، كالمناسبة والدوران. ويشكل بأنّ الإيماء لمّا لم يوجد فيه لفظ يدلّ على العلّيّة فلا بد وأن يكون الدالّ على علّيّته شيئا آخر سوى اللفظ ، ولمّا بحثنا لم نجد شيئا يدل على العلّيّة سوى المناسبة والدوران والسبر على ما تقدّم في باب الإيماءات. وإذا ثبت أنّ الإيماء إنّما يدلّ بواسطة أحد هذه الطرق ، ولا شك في أولوية الأصل على الفرع لوجود مفاسد الأصل في الفروع دون العكس. وكان كلّ واحد من الثلاثة أقوى من الإيماءات.

الرابعة : أقسام الإيماءات خمسة كما تقدّم ، ويندرج تحت كلّ واحد منها أمور كثيرة ، ولا يمكن الاستقصاء في هذا الباب إلّا بعد الكلام في تفاصيل كلّ واحد منها ونسبته إلى صاحبه ، ثمّ يتكلّم في كلّ واحد من جزئيات تلك الأقسام مع مشاركته في جنسه وما هو خارج عنه ، لإمكان أن

يكون أحد الجنسين أقوى من الآخر ، ويكون بعض أنواع الضعيف أقوى من بعض أنواع القوي ، ولمّا كثرت تركناها للاختصار.

وأمّا الطرق العقلية فقد ذكر منها ستة : المناسب ، والمؤثر ، والشبه ، والدوران ، والسبر ، والطرد. فهنا مسائل (١) :

الأولى : المناسبة أقوى من الدوران ، خلافا لقوم حيث قالوا العلّة المطردة المنعكسة أقوى ممّا لا تكون كذلك.

لنا : أنّ المناسبة علّة لكون الوصف علّة ، فهي علّة العلّة ، وليس تأثير الوصف لاطّراده مع الحكم وجودا وعدما ، لأنّ الدوران ليس من لوازم العلّة ، فإنّها قد تكون أخصّ فتنفك عن الدوران. والدوران قد ينفك عن العلّة وقد سبق ذكر أمثلته. فإذن الاستدلال بالمناسبة أقوى.

احتجّوا بوجهين :

أ. العلّة المطّردة المنعكسة أشبه بالعلل العقلية فتكون أرجح ، لما تقدّم من رجحان المشبهة للعقلية دون غيرها.

ب. الإجماع على صحّة المطّرد المنعكس. وقد أنكر بعضهم عليه ما لا يكون منعكسا.

والجواب عن أ. نمنع وجوب العكس في العلل العقلية.

سلّمنا ، لكن لا نسلّم أولوية الأشبه بالعلل العقلية.

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٧٨ ـ ٤٨٠.

وعن ب. أنّ ذلك يقتضي ترجيح المناسب المطّرد المنعكس على الّذي لا يكون مطّردا أو منعكسا ولا نزاع فيه. ولا يقتضي ترجيح الدوران المنفك عن المناسبة على المناسب المنفك عن الدوران ، فإنّه إذا وجد الدوران بدون المناسبة فقد لا تحصل العلّة ، كرائحة الخمر مع حرمتها.

الثانية : المناسب أقوى من التأثير ، إذ معنى التأثير ليس إلّا أنّه قد عرف تأثير هذا الوصف في نوع هذا الحكم وفي جنسه ، وكون الشيء مؤثّرا في شيء لا يقتضي كونه مؤثرا فيما يشاركه في جنسه. وأمّا المناسبة فهي الموجبة لكون الوصف مؤثرا في الحكم فكان الاستدلال على العلّيّة بالمناسبة أقوى من التأثير.

الثالثة : السبر إن كان قطعيا في جميع مقدّماته تعيّن العمل به ، وليس ترجيحا. وإن كان مظنونا في الجميع بأن يظن تعليل الحكم ، ويظن انحصار العلّة في هذين الوصفين ، ويظن انتفاء العلّيّة عن أحدهما فيحصل ظن ثبوتها للآخر ، فالمناسبة أولى ، لأنّ الدليل الدال على المقدّمات الثلاث ليس النصّ ، وإلّا كانت يقينية وقد فرضت ظنّية. هذا خلف.

وإن كان إيماء فقد عرفت أنّه مرجوح بالنسبة إلى المناسبة.

وإن كان بعض الطرق العقلية فالمناسبة أولى ، لاستقلال المناسبة بانتاج العلّيّة ، والسبر لا ينتجها إلّا بعد مقدّمات كثيرة. فالمثبت لتلك المقدّمات إن كان المناسبة كانت المناسبة أولى من السبر ، للاكتفاء بالمناسبة الواحدة في ثبوت الحكم ، والافتقار في السبر إلى ثلاث مقدّمات. وإن كان غيرها

فالمناسبة أولى ، لأنّها علّة لعلّيّة العلّة ، وغير المناسبة ليس كذلك.

وإن كان مظنونا في بعض المقدّمات معلوما في البعض جاء (١) الترجيح في تلك المقدّمات المظنونة.

الرابعة : المناسبة أقوى من الشبه والطرد ، وهو ظاهر.

هذا فيما يرجع إلى الطرق الستّة العقلية بحسب الجنس ، أمّا ترجيح الأنواع فاعلم أنّ ترجيح بعض المناسبات على البعض إمّا أن يكون بأمور عائدة إلى ماهياتها ، أو بأمور خارجة عنها.

أمّا الأوّل فتقريره : أنّ كون الوصف مناسبا إمّا لمصلحة ترجع إلى الدنيا ، أو إلى الدين.

والأوّل إمّا أن يكون في محلّ الضرورة ، أو الحاجة ، أو الزينة. ولا شك في رجحان المناسبة الضرورية على الحاجة ، والحاجة على الزينة. والضرورية خمسة وأولاها ما يتعلّق بحفظ أصل الدين نظرا إلى ثمرته من حصول السعادة الأبدية.

اعترض (٢) بأنّ ما يفضي إلى حفظ مقصود النفس أولى وأرجح ، لأنّ مقصود الدين حقّ الله تعالى وغيره حقّ الآدمي ، وهو مرجّح على حقّه تعالى ، لأنّ حقّ الآدمي مبني على الشح والمضايقة ، وحقوقه تعالى مبنية على المسامحة والمساهلة ، فإنّه تعالى لا يتضرّر بفوات حقّه بخلاف الآدمي ، وما

__________________

(١) في المحصول : ٢ / ٤٨٠ : عاد.

(٢) ذكره الآمدي وأجاب عنه في الإحكام : ٤ / ٢٨٧.

يتضرّر بفوات حقّه أولى بالمحافظة من حقّ لا يتضرّر مستحقّه بفواته ، ولهذا لو كفر وقتل فإنّا نقتله قصاصا لا بكفره.

ورجّحنا مصلحة النفس على مصلحة الدين في المسافر حيث أسقط عنه ركعتان ، وأداء الصوم في رمضان ، وأسقط عن المريض الصوم والقيام في الصّلاة ، ورجّحنا مصلحة النفس على مصلحة الصلاة في إنجاء الغريق ، بل رجّحنا مصلحة المال على الدين حيث سوّغنا ترك الجمعة والجماعة لحفظ قليل من المال ، ورجّحنا مصالح المسلمين المتعلّقة ببقاء الذمّي بين أظهرهم على مصلحة الدّين حتى عصمنا دمه وماله مع وجود الكفر المبيح.

وأجيب بأنّ النفس وإن كانت متعلّق حق الآدمي بالنظر إلى بعض الأحكام ، فهي متعلّق حقّ الله تعالى بالنظر إلى أحكام أخر ، ولهذا يحرم عليه قتل نفسه والتصرف بما يفضي إلى تفويتها ، فالتقديم إنّما هو لمتعلّق الحقّين ، ولا امتناع في تقديم حقّ الله تعالى وحقّ الآدمي على حقّه تعالى.

كيف وأنّ مقصود الدين متحقّق بأصل شرعية القتل وقد تحقّق ، والقتل بالفعل انما هو لتحقّق الوعيد به ، والمقصود بالقصاص إنّما هو التشفّي والانتقام ، ولا يحصل ذلك للوارث بشرع القتل دون القتل بالفعل على ما يشهد به العرف ، فكان الجمع بين الحقّين أولى من تضييع أحدهما.

كيف وأنّ تقديم حقّ الآدمي هنا لا يفضي إلى تفويت حقّ الله تعالى فيما يتعلّق بالعقوبة البدنية مطلقا ، لبقاء العقوبة الأخروية ؛ وتقديم حقّ الله

تعالى ممّا يفضي إلى فوات حق الآدمي من العقوبة البدنية مطلقا ، فكان لذلك أولى.

وتخفيف المسافر والمريض ليس تقديما لمقصود النفس على مقصود أصل الدين ، بل على فروعه ، وفروع الشيء ليست كأصله ، على أنّ مشقّة الركعتين في السفر تقوم مقام مشقّة الأربع في الحضر ، وكذا صلاة المريض قاعدا بالنسبة إليه قائما صحيحا.

وأداء الصوم لا يفوت مطلقا ، بل إلى خلف هو القضاء.

وكذا إنقاذ الغريق ، وترك الجمعة والجماعة ، وبقاء الذمّي بين أظهر المسلمين معصوم الدم والمال لا لمصلحة المسلمين ، بل لاطّلاعه على محاسن الشريعة وقواعد الدين ليسهل انجذابه ويتيسّر استرشاده ، وذلك مصلحة دينية.

وكما أنّ مقصود الدين مقدّم على غيره من مقاصد الضرورة ، فكذا ما يتعلّق به مقصود النفس فيكون مقدّما على غيره من باقي المقاصد الضرورية.

أمّا بالنسبة إلى حفظ النسب ، فلأنّ حفظ النسب إنّما قصد لأجل حفظ الولد فلا يبقى ضائعا لا كافل له فلا يطلب لعينه ، بل لأدائه إلى بقاء النفس.

وأمّا بالنسبة إلى المال فكذلك ، لأنّ بقاءه ليس مطلوبا لذاته ، بل لأجل بقاء النفس مترفّهة منعّمة حتى يأتي بوظائف التكليف وفروض العبادات.

وأمّا بالنسبة إلى حفظ العقل ، فلأنّ النفس أصل والعقل تبع ، والمحافظة على الأصل أولى ، وكذا حفظ النسب أولى من المقصود في حفظ العقل ، والمال لكونه عائدا إلى حفظ النفس ، وما يفضي إلى حفظ العقل مقدّم على ما يفضي إلى حفظ المال ، لكونه محلّا للأمانة ومناط التكليف والمقصود بالخطاب للعباد بنفسه من غير واسطة بخلاف المال.

واعلم أنّ الوصف المناسب للحكم قد يكون نوعه مناسبا لنوع الحكم ، وقد يناسب جنسه نوع الحكم ، وقد يناسب نوعه جنس الحكم ، وقد يناسب جنسه جنس الحكم. وقد عرفت ذلك فيما تقدّم ومعلوم تقدّم الأوّل على الثلاثة الأخيرة ، والثاني والثالث كالمتعارضين ، ولا شك في تقدّمهما على الرابع.

ثمّ الجنس إمّا قريب أو بعيد ، والمناسبة المتولّدة من القريب متقدّمة على المتولّدة من البعيد.

ثمّ المناسبة في كلّ واحدة من هذه قد تكون جلية ، وهي الّتي يلتفت الذهن إليها في أوّل سماع الحكم ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا يقضي القاضي وهو غضبان». (١) فإنّ الذهن يلتفت عند سماع هذا الكلام إلى أن الغضب إنّما منع من الحكم ، لكونه مانعا من استيفاء الفكرة.

__________________

(١) صحيح البخاري : ٨ / ١٠٨ ، باب هل يقضي الحاكم وهو غضبان ؛ سنن ابن ماجة : ٢ / ٧٧٦ ، باب لا يحكم وهو غضبان ؛ سنن أبي داود : ٢ / ١٦١ ؛ سنن الترمذي : ٢ / ٣٩٦ ؛ من لا يحضره الفقيه : ٣ / ١١ برقم ٣٢٣٤ ؛ تهذيب الأحكام : ٦ / ٢٢٦ برقم ٥٤٢.

وقد تكون خفية ، وهي ما لا تكون كذلك. ولا شك في تقدّم الجلي على الخفي.

وأمّا الثاني : وهو ترجيح بعض المناسبات على بعض بأمور خارجة ، فهو على وجوه (١) :

الأوّل : المناسبة المعتضدة بسائر الطرق من الإيماء والدوران والسبر راجحة على ما لا تكون كذلك ، ويرجع حاصله إلى الترجيح بكثرة الأدلّة.

الثاني : المناسبة الخالية عن المعارض راجحة على ما لا تكون كذلك ، فإنّ المناسبة وإن لم تبطل بالمعارضة لكنّها مرجوحة بالنسبة إلى ما لا يكون كذلك.

الثالث : المناسب من وجهين راجح على المناسب من وجه واحد ، وكذا ما زاد على الاثنين بالنسبة إلى الاثنين ، وهكذا.

أمّا الدوران فإنّ الحاصل في صورة واحدة راجح على الحاصل في صورتين ، لقلّة احتمال الخطأ في الأوّل دون الثاني ، فإنّ العصير لمّا لم يكن مسكرا فلم يكن محرّما ، فإذا كان مسكرا صار محرما ، فإذا زالت صفة الإسكار زالت الحرمة ، فها هنا يعلم أنّ شيئا من الصفات الباقية في الأحوال الثلاثة لا يصلح لعلّيّة هذا الحكم ، وإلّا وجدت العلّة بدون الحكم ، وهو خلاف الأصل (٢).

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٨١.

(٢) في «أ» : الصواب.

وأمّا الدوران في الصورتين فهو كقول الحنفي في مسألة الحلي : «كونه ذهبا موجب للزكاة ، لأنّ التبر لمّا كان ذهبا وجب الزكاة فيه ، والثياب لمّا لم تكن ذهبا لم تجب الزكاة فيها». وهنا لا يمكن القدح في علّيّة الصفات الباقية بمثل ما ذكرناه في الصورة الأولى. فيثبت أنّ احتمال المعارض في الصورة الأولى أقلّ ، فكان الظنّ فيها أقوى.

وأمّا الشبه فقد يكون شبها في الحكم الشرعي ، وقد يكون شبها في الصفة واختلفوا في الراجح. والظاهر أنّ الشبه في الصفة أولى ، لأنّها بالعلل العقلية أشبه.

البحث الرابع : في التراجيح العائدة إلى دليل الحكم

في الأصل دليل الحكم الشرعي يكون شرعيا ، فإمّا أن يكون في القياسين المتعارضين قطعيا ، أو ظنيا ، أو بالتفريق. فإن كان قطعيا استحال الترجيح في ذلك ، لما تقدّم. وإن كان ظنّيا فإمّا أن يكون الدليل الدالّ عليه لفظيا ، أو إجماعا ، أو قياسا.

فإن كان إجماعا فقد ذهبوا إلى أنّ القياس الّذي ثبت الحكم في أصله بالإجماع أقوى من الّذي ثبت الحكم في أصله بالدلائل اللفظية ، لقبولها التخصيص والتأويل بخلاف الإجماع ، ويشكل بأنّا أثبتنا الإجماع بالدلائل القطعية ، فالفرع لا يكون أقوى حالا من الأصل.

وفيه نظر ، فإنّ الإجماع قد ثبت كونه حجّة ، وقد دلّت الأدلّة عليه فلا يقبل المعارضة.

واعلم أنّا قد بيّنا أنّ حكم الأصل لا يجوز أن يثبت بالقياس ، خلافا لقوم حيث جوزوه لكنّهم اتّفقوا على أنّ القياس الثابت حكمه بالنص راجح على ما ثبت حكم أصله بالقياس ، لأنّ ذلك الحكم لا يتفرّع على قياس آخر إلى غير النهاية ، بل لا بدّ من الانتهاء إلى ما ثبت حكم أصله بالنصّ ، فالنصّ أصل للقياس والأصل راجح على الفرع.

وفيه نظر ، فإنّا قد بيّنّا أنّ بعض الجزئيات الضعيف قد يقوى على بعض الجزئيات القوي إذا تقاربت الأنواع فيها بالشدّة والضعف.

إذا عرفت هذا فالأدلّة اللفظية إن كانت متواترة ، لم يمكن ترجيح بعضها على بعض إلّا بما يرجع إلى المتن.

وإن كانت آحادا ، أمكن الترجيح بما يتعلّق بالمتن والإسناد. وقد تقدّمت.

وإذا كان ثبوت الحكم في الأصل أقوى كان القياس أرجح فإن كان ثبوت حكم الأصل في أحد القياسين مقطوعا به وفي الآخر مظنونا ، كان الأوّل أرجح.

وفيه نظر ، فإنّ حكم الأصل مقدّمة ولا يلزم من الترجيح في مقدّمة الترجيح المطلق ، إلّا مع التساوي في باقي المقدّمات في القوة والضعف ، أو تكون مقدّمات الأقوى أقوى.

وإذا ثبت الحكم في أحد الأصلين بإيماء خبر متواتر كان راجحا على

ما ثبت بإيماء خبر واحد بشرط التعادل في الإيمائين ، ولو ثبت حكم الأصلين بخبر الواحد ، كان المشتمل على الحقيقة راجحا على المشتمل على المجاز.

البحث الخامس : في ترجيح الحاصل بسبب كيفية الحكم

وهو يقع على وجوه (١) :

الأوّل : القياس الموجب للحكم الشرعي راجح على الموجب للعقلي ، لأنّ القياس دليل شرعي ، ولأنّ تقدير تقديم العلّة المثبتة للحكم الشرعي [على] المثبتة للعقلي يستلزم النسخ مرتين ، وتقديم العقلي يستلزمه مرة.

لا يقال : كيف يجوز أن يستخرج من أصل عقلي علّة شرعية؟

لأنّا نقول : يجوز ذلك إذا لم ينقلنا عنه الشرع ، فنستخرج العلّة الّتي لأجلها لم ينقلنا عنه الشرع. أمّا لو كان أحد الحكمين نفيا والآخر إثباتا وكانا شرعيّين فقال قوم إنّهما يتساويان ، وقد سلف وجوب كون أحدهما عقليا.

الثاني : الترجيح بكون الحكم في أحد الفرعين تحريما ؛ فإن كان شرعيا كان راجحا على الإباحة ، لأنّه شرعي ، ولأنّ الاحتياط يقتضيه. وإن كان عقليا اجتمع فيه جهتان : راجحية التحريم ومرجوحية العقلي ، فيرجع إلى

__________________

(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٨٣.

غيرهما ، ولا بدّ في الحظر والإباحة من كون أحدهما عقليا.

الثالث : أن يكون حكم أحد العلّتين العتق والأخرى الرق ، فمثبت العتق أولى لموافقة الأصل ، ولأنّ فيه مزيد قوة.

الرابع : المسقط للحدّ أولى من مثبته ، لأنّ ثبوته على خلاف الأصل.

لا يقال : مثبت العقوبة يثبت حكما شرعيا والدارئ يثبت حكما عقليا ، ومثبت الشرعي أولى.

لأنّا نقول : الشرع إذا ورد بالسقوط صار السقوط شرعيا ، ولهذا يمتنع نسخه إلّا بما ينسخ به الحكم الشرعي.

الخامس : المشتمل على زيادة حكم إحدى العلّتين راجح على الآخر ، فمثبت الندب راجح على مثبت الإباحة ، لأنّ فيه إباحة وزيادة.

السادس : مثبت الطلاق راجح على نافيه لقوة الطلاق.

السابع : القياس على الحكم الوارد على وفق قياس الأصول أولى من القياس الوارد بخلافها ، للاتّفاق على الأوّل والخلاف في الثاني ، ولخلو الأوّل عن المعارض بخلاف الثاني.

الثامن : القياس على أصل أجمعوا على تعليل حكمه أولى من غيره ، لأنّ إحدى مقدّمتيه قطعية ، وهو تعليل حكم الأصل.

التاسع : الترجيح بشهادة الأصول للحكم تارة أن يكون جنس ذلك الحكم ثابتا في الأصول ، وتارة دلالة الكتاب والسنّة والإجماع على ذلك

الحكم. وهذه إن كانت صريحة فهي الأصل في إثبات الحكم ، فلا يجوز الترجيح بها ؛ وإن اشتملت على احتمال شديد ، جاز ترجيح القياس بها.

العاشر : الترجيح يحصل بقول الصحابي ، لأنّه أعرف بمقاصد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. وكذا إذا عضّدت العلّة علّة أخرى ، كما ترجّح أخبار الآحاد بكثرة بعضها على بعض.

الحادي عشر : إذا استلزم ثبوت حكم الفرع تخصيص عموم أو ترك ظاهر أو ترجيح مجاز على حقيقة ، فهو مرجوح بالنسبة إلى ما لا يكون كذلك. وفرق بين هذا الترجيح وبين ما ذكرناه من شهادة الأصول ، لأنّ الحكم الشرعي قد يكون بحيث يوجد في الشرع أصول تشهد بصحّته وأصول أخر تشهد ببطلانه ، فالقوة الحاصلة بسبب وجود الأصول الّتي تشهد بصحّته غير القوة الحاصلة بسبب عدم ما يشهد ببطلانه. ومن هذا الباب كون الحكم لازما للعلّة في كلّ الصور ، فإنّ من يجوّز تخصيص العلّة يسلّم أنّ العلّة المطّردة أولى من المخصوصة.

البحث السادس : في الترجيح الحاصل بسبب محلّ العلّة

محلّ العلّة إمّا الأصل ، أو الفرع ، أو مجموعهما.

أمّا الأصل فبأن تشهد للعلّة الواحدة أصول كثيرة ، فإنّه راجح على خلافه ، فإنّ شهادة الأصل دليل اعتبار العلّة ، وكلّ شهادة دليل مستقل بالترجيح ، فالشهادات الكثيرة ترجيح بكثرة الدلائل.

وأمّا الفرع وفيه صور (١) :

الأولى : المتعدّية أولى من القاصرة عند الأكثر ، خلافا لبعض الشافعية ، لكثرة فائدة المتعدية ، وللاتّفاق عليها بخلاف القاصرة ، والأخذ بالمتّفق أولى.

احتجّوا بأنّ التعدية فرع الصحّة ، والفرع لا يقوّي الأصل.

والجواب أنّه وإن لم يقو الأصل ، لكنّه قد يدلّ على قوّته.

الثانية : ما كثرت فروعها من العلل أرجح من الأقل خلافا لبعضهم ، لأنّ كثرة الفروع يستلزم كثرة الفائدة ، فكانت أولى.

لا يقال : إنّما يكون أولى لو كثرت فوائدها الشرعية ، وكثرة فروعها ترجع إلى كثرة ما خلق الله تعالى من ذلك النوع ، وليس ذلك بأمر شرعي.

لأنّا نقول : كثرة وجود الفرع ليس بأمر شرعي ، لكنّ الفروع لمّا كثرت لزم من جعل هذا الوصف علّة كثرة الأحكام ، فكان أولى.

احتجّوا بوجوه :

الأوّل : لو كان أعمّ العلّتين أرجح من أخصّهما ، لكان العمل بأعمّ الخطابين أولى من أخصّهما.

الثاني : التعدية فرع صحّة العلّة في الأصل ، فلو توقّفت صحّتها على التعدية ، دار.

__________________

(١) راجع المحصول : ٢ / ٤٨٦ ـ ٤٨٧.

الثالث : كثرة الفروع ترجع إلى كثرة ما خلق الله تعالى من ذلك النوع ، وليس [ذلك] بأمر شرعي ، بخلاف كثرة الأصول.

والجواب عن الأوّل. إنّما لم يترجّح أعمّ الخطابين لاستلزامه طرح أخصّهما ، بخلاف العمل بأخصّهما. أمّا العلّة فإذا انتهى الأمر إلى الترجيح ، وترجيح إحداهما يوجب طرح الأخرى ، فكان طرح ما تقلّ فائدته أولى.

وعن الثاني والثالث. ما تقدّم.

[الصورة] الثالثة : العلّة المثبتة للحكم في كلّ الفروع راجحة على المثبتة في بعضها ، لأنّ الدال على الحكم في كلّ الفروع يجري مجرى الأدلّة الكثيرة ، لأنّ العلّة تعود على كلّ منهما ، ولأنّ دلالته على ثبوت الحكم في كلّ واحد من تلك الفروع يقتضي ثبوته في البواقي ، إذ لا قائل بالفرق ، فهذه العلّة العامة قائمة مقام الأدلّة الكثيرة. وأمّا العلّة الخاصّة بالصورة الواحدة فهي دليل واحد فقط ، فكان الأوّل أولى.

وفيه نظر ، فإنّ الترجيح بكثرة الأدلة إنّما هو مع اتحاد المحل ، نعم وجه الترجيح هنا كثرة الفائدة.

وأمّا الراجع إلى الأصل والفرع معا فهو أن تكون العلّة يردّ بها الفرع إلى ما هو من جنسه والأخرى يردّ بها الفرع إلى خلاف جنسه ، كقياس الحنفي الحلي على التبر أولى من قياسه على سائر الأموال ، لأنّ الاتّحاد من حيث الجنسية ثابت بينهما.

البحث السّابع : في بقايا ترجيحات الأقيسة

وهو من وجوه (١) :

الأوّل : القياس المتّفق على أنّ حكم أصله غير منسوخ أرجح من المختلف فيه.

الثاني : حكم الأصل إذا لم يعدل به عن سنن القياس راجح على المعدول عن سننه لقربه من المعقول وموافقة الدليل.

الثالث : ما قام دليل خاص على وجوب تعليله وجواز القياس عليه أرجح ممّا لم يقم عليه [دليل] خاص.

الرابع : الحكم القطعي في أحد الأصلين لكنّه معدول به عن سنن القياس مرجوح بالنسبة إلى القياس الظنّي حكم أصله الموافق لسنن القياس. (٢)

الخامس : حكم الأصل الظنّي المتّفق على تعليله أرجح من حكم الأصل القطعي المختلف في تعليله ، لأنّ التعدية إلى الفرع فرع تعقّل العلّة في الأصل وتحقّق وجودها في الفرع ، واحتمال معرفة ذلك في المتّفق عليه

__________________

(١) راجع الإحكام : ٤ / ٢٧٩.

(٢) العبارة في الإحكام : ٤ / ٢٨٠ كما يلي : أن يكون حكم أحد الأصلين قطعيا لكنّه معدول به عن سنن القياس ، والآخر ظني لكنه غير معدول به عن سنن القياس ، فالظني الموافق لسنن القياس أولى لكونه موافقا للدليل وأبعد عن التعبد.

أغلب ؛ واحتمال الخلل بالنظر إلى الحكم الظنّي وإن كان قائما ومأمونا في جانب الحكم ، إلّا أنّ احتمال قطع القياس فيما لم يتّفق على تعليله لعدم الاطّلاع على ما هو المقصود من حكم الأصل أغلب من احتمال انقطاع القياس لخلل يلتحق بالظاهر الدال على حكم الأصل مع ظهور دليله وعدم الاطّلاع عليه بعد البحث التام.

وكذا إن كان دليل ثبوت الحكم الأصل أحدهما راجحا على دليل الآخر ، إلّا أنّه لم يقم دليل خاص على وجوب تعليله وعلى جواز القياس عليه بخلاف الآخر ، فما ظهر الترجيح في دليله أولى.

السادس : إذا كان حكم أصل أحدهما غير معدول به عن القاعدة العامّة ، لأنّه لم يقم دليل خاص على وجوب تعليله وجواز القياس عليه بخلاف الآخر ، فما هو على وفق القاعدة العامة أولى ، لأنّ العمل به عمل بأغلب ما يرد به الشرع ، والعمل بمقابله بالعكس ؛ ولأنّ أكثر من قال باشتراط كون الحكم في الأصل غير معدول به عن القاعدة العامّة ، خالف في اشتراط قيام الدليل في وجوب تعليل الحكم وجواز القياس عليه ، ولم يشترط غير الشذوذ.

السابع : إذا كان نفي الفارق في أصل أحد القياسين مقطوعا به وفي الآخر مظنونا ، فالأوّل أولى لقوّة الظن فيه.

البحث الثامن : في الترجيح بين المنقول والمعقول

المنقول إن كان خاصّا دالّا بمنطوقه ، فهو أولى بالنسبة إلى الرأي ، لكونه أصلا له ، وقلّة تطرق الخلل إليه. وإن دلّ بمفهومه ، فمنه ما هو ضعيف جدّا ، ومنه ما هو قوي جدّا ، وبين المرتبتين مراتب كثيرة. وحينئذ يحصل الترجيح بحسب ما يقع للمجتهد في نظره من قوة الدلالة وضعفها ، وذلك غير منضبط ، إذ لا حاصر له يمكن الإشارة إليه.

وإن كان عامّا فقيل : إنّه يقدّم على القياس ، وقيل : بالتوقّف ، وقيل : بتقديم القياس ، وقيل : بتقديم الجليّ دون الخفيّ ، وقيل : بتقديم القياس فيما دخله التخصيص دون ما لم يدخله. وقد تقدّم البحث في ذلك. (١)

واعلم أنّ الترجيح كما يعرض في التصديقات كذا يعرض في الحدود المفيدة للتصوّرات. فإن كان الحد سمعيا فالمشتمل على ألفاظ صريحة (ناصة دالّة على المعنى) (٢) من غير تجوّز ولا استعارة أولى من مقابله.

وكذا الحال [لا] عن اشتراك وغرابة واضطراب أولى من مقابله ، وما يكون المعرف في أحدهما أعرف من المعرف في الآخر أولى ، لأنّه أفضى إلى التعريف.

والتعريف بالأمور الذاتية والآخر بالأمور العرضية ، فالمعرف بالأمور

__________________

(١) راجع الإحكام : ٤ / ٢٩٣.

(٢) في الإحكام : ٤ / ٢٩٥ ؛ ناجمة على الغرض المطلوب.

الذاتية أولى ، لأنّه يشارك المعرف بالأمور العرضية في التمييز ويزيد إفادة تصوّر الحقيقة كما هي.

وقيل : أعمّ الحدين أولى من أخصّهما ، لتناوله محدود الآخر.

وقيل : الأصل أولى ، لأنّ مدلوله متّفق عليه ومدلول الآخر من الزيادة مختلف فيه ، وهو عن التحقيق بمعزل.

والمشتمل على جميع الذاتيات أولى من المشتمل على بعضها.

والموافق للنقل السمعي رجح على خلافه.

وما طريق اكتساب أحدهما أرجح أولى.

والموافق للوضع اللغوي أو الأقرب إلى موافقته أولى.

ومقرر الحظر ومقرر الإثبات أولى.

والمستلزم لتقرير حكم معقول أولى.

وقد يحصل في باب التصديقات والتصوّرات ترجيحات كثيرة وتركب من الأنواع ترجيحات أخر ، ولا يخفى تحصيل ذلك لمن له أدنى فطانة.

* * *

قال المصنف رحمه‌الله : وليكن هذا آخر ما نورده في هذا الكتاب ، ونسأل الله تعالى أن يجعل ما أثبتناه فيه حجّة لنا لا علينا ، وأن يجعل سعينا فيه خالصا

لوجهه ، ويجازينا عليه بأحسن الجزاء ، ويجعله زادا لنا يوم اللقاء ، ويوفق كلّ مستعد للاستفادة منه ويبعد كلّ ممار مجادل عنه ، والحمد لله ربّ العالمين. (١)

__________________

(١) في «أ» قال الناسخ بعد كلام المصنف هذا : خاتمة : ولقد وقع الفراغ من نسخه في يوم السبت من ثلاث وعشرين من شهر محرم الحرام من شهور السنة الخامسة والثلاثين ومائتين بعد الألف من الهجرة النبوية على هاجرها ألف سلام وتحية حرّره الأقل علي أصغر الچهارمحالي من نسخة قديمة نسخت في زمان المصنّف رحمه‌الله لكنها كانت مشوشة وكان في آخرها : قال المصنّف أدام الله ظلاله : وليكن هذا آخر ما نورده في هذا الكتاب إلى آخر ما أفاد. ثم نسخ بعد ذلك الناسخ : وكان الفراغ من سطر بعضه في ثامن عشر في جمادى الآخرة من شهور سنة خمس وخمسين وسبعمائة هجرية وصلى الله على سيد البرية وعلى آله العترة الطاهرة الزكية.

الفهارس الفنية

١. فهرس الآيات القرآنية.

٢. فهرس الأحاديث.

٣. فهرس الأعلام.

٤. فهرس الأنبياء عليهم‌السلام.

٥. فهرس المعصومين عليهم‌السلام.

٦. فهرس مصادر التحقيق.

٧. فهرس إجمالي للأجزاء الخمسة.

٨. فهرس محتويات الجزء الخامس.

فهرس الآيات القرآنية

سورة الفاتحة / ١

الآية

رقم الآية

الجزء والصفحة

(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)

٢

٣ / ٣٣٢

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)

٥

١ / ٥٦٦

سورة البقرة / ٢

(الم)

١

١ / ٣٤٠

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)

٦

١ / ٥٤٨ وج ٣ / ١٤٧ وج ٤ / ١٢٥

(اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ)

١٥

١ / ٢٦٩

(يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ)

٢١

١ / ٥٧١

(فَأْتُوا بِسُورَةٍ)

٢٣

١ / ٣٧٤

(كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ)

٢٨

١ / ٥٦٤

(خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ... وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)

٢٩

٢ / ٣٤٨ وج ٤ / ١١٦ ، ٤٣٤ ، ٤٣٥

(إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)

٣٠

٤ / ٤٣٧

(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ)

٣١

١ / ١٥٢ ، ١٥٦ وج ٤ / ٣٠٣

(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ)

٣٤

١ / ٤٥٧ وج ٢ / ٢٤٦

(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ)

٤٣

١ / ٣٥٤ ، ٣٥٥ ، ٣٧٣ ، ٤٣٧ وج ٢ / ٧٨ ، ٣٩٦ ، ٤٤٣ ، ٤٩٩

(الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)

٤٦

٣ / ٣٧٠

(وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ)

٥٨

١ / ٣١٥

(كُونُوا قِرَدَةً)

٦٥

١ / ٣٧٤

(إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ)

٦٨

٢ / ٤٥١

(ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها ... إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ)

٦٩

٢ / ٤٥١ ، ٤٦٣ ، ٤٦٤

(إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ ... وَما كادُوا يَفْعَلُونَ)

٧١

٢ / ٤٥١ ، ٤٦٣

(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ)

٧٩

١ / ٥٦٢

(أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا)

٨٦

١ / ٥٦٤

 (وَجِبْرِيلَ)

٩٨

٢ / ١٨٤

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)

١٠٤

٢ / ٣٤٩

(ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

١٠٦

٢ / ٦٠٣ ، ٦١٩ وج ٣ / ٤٥ ، ٤٦ ، ٧١ ٧٧ ، ٧٨ ، ٨٠

(فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ)

١١٥

٣ / ٨٣

(إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً)

١٢٤

٣ / ١٤٢

(وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ)

١٣٠

٤ / ٤١٩

(سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها)

١٤٢

٢ / ٦٢٠

(وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ ... وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ)

١٤٣

١ / ٢٥١ وج ٣ / ١٦٧ ، ١٦٨ ، ١٧٢ ، ٢٠٩ ، ٣٥٢ ، ٣٩٣

(فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا)

١٤٤

٢ / ٦٢٠ وج ٤ / ١٦٣

(أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ)

١٥٧

٣ / ١٦٤

(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى)

١٥٩

٣ / ٣٩٣ ، ٣٩٤

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)

١٦٤

٥ / ٢٦٩

(وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)

١٦٩

٣ / ١٩٠ ، ٤١١ ، ٥٣٩ وج ٤ / ٤٥٥ وج ٥ / ٢٥٤

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ)

١٧٨

٥ / ٣٣٣

(وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ)

١٧٩

٤ / ٩٣

(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ)

١٨٠

٣ / ٨٩

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ)

١٨٣

٥ / ٣٣٣

(فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)

١٨٤

١ / ٥٨٣ وج ٢ / ٣٨٩

(فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ... يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)

١٨٥

١ / ١١٦ ، ٥٣٩ وج ٣ / ٤٦ وج ٤ / ١١٦ ، ٤٤٣ ، ٤٤٤ وج ٥ / ٣٣٠

(فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ ... ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ)

١٨٧

١ / ٣٢٦ ، ٤٣٣ وج ٢ / ٢٧٩ وج ٣ / ٨٤ ، ١١٢

(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ)

١٨٨

٣ / ١٥٣ ، ١٩٠ ، ٥٧٠

(فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ)

١٩٤

١ / ٢٦٨ ، ٢٧٤ وج ٤ / ٤٢٠

(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ... وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ... فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ)

١٩٦

١ / ٣١٨ ، ٤٣٤ ، ٣٤١ ، وج ٢ / ٣٨٩

(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ)

١٩٧

١ / ٩٤ ، ٢٦٩

(وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ)

٢٢١

٢ / ٢٨٦ ، ٣١٣ وج ٣ / ١٥٢

(وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ)

٢٢٢

١ / ٤٣٣ وج ٢ / ٢٧٩ ، ٥١٧ وج ٣ / ٦٣٤

(وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ... وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ)

٢٢٨

١ / ٢١٤ ، ٢٢٥ ، ٢٢٨ ٣٩٩ وج ٢ / ١٩٣ ، ٢٨٦ ، ٣٦٠ ، ٣٦١ ، ٣٦٣ ، ٣٦٤

(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ)

٢٣٣

١ / ١٨٥ ، ٣٤٩ ، ٣٩٩

(لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ)

٢٣٦

٢ / ٣٦٣

(فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ)

٢٣٧

١ / ٩٣ وج ٢ / ٣٦٣ ، ٣٦٥ ، ٤٠١ وج ٣ / ٦٣٤

(حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)

٢٣٨

٣ / ١٠٢

(وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ)

٢٦٧

١ / ٢٦٩

(وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)

٢٧٥

١ / ٣٠٩ وج ٢ / ١٦٦ ، ٣٢٤ ، ٣٣٠ ، ٣٧٦ وج ٣ / ٦٣٩

(وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ ... وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ)

٢٨٢

١ / ٣٧٣ ، ٤١٨ وج ٣ / ١٠٨

(وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ)

٢٨٣

١ / ٣٢٣ ، ٤٦٤

(لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)

٢٨٤

٤ / ٤٣٤ ، ٤٣٦

(لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ ... رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ)

٢٨٦

١ / ١٣١ ، ٥٤٧ ، ٥٦٠ ، ٥٦١ وج ٤ / ٤٣٦

سورة آل عمران / ٣

(وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)

٧

١ / ٣٤ ، ٤٠١ وج ٥ / ٢٠٦ ، ٢٠٧

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً)

١٣

٣ / ٥٥٠

(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ)

١٩

١ / ٢٥١

(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ)

٣١

٢ / ٥٣٦ ، ٥٥٣

(وَاسْجُدِي وَارْكَعِي)

٤٣

١ / ٣١٥

(وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ)

٥٤

١ / ٢٩٨

(لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ)

٧١

١ / ٥٦٥

(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ)

٧٥

٢ / ٥١٥ ، ٥١٦

(وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ)

٨٥

١ / ٢٥١

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ)

٩٠

١ / ٥٦٤

(كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ)

٩٣

٣ / ٥٨٢ وج ٥ / ٢٣٥

(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)

٩٧

١ / ٥٧١ وج ٢ / ٢٨٢ ، ٤٨٥ وج ٣ / ٥٦٩ وج ٥ / ٣٣٣

(لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ)

٩٩

١ / ٥٦٥

(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا)

١٠٣

٣ / ١٧٧ وج ٥ / ٢٠٧

(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا)

١٠٥

٥ / ٢٠٧ ، ٥٢٤

(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)

١١٠

٣ / ١٧٣ ، ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، ٢٦٦ ، ٢٧٥ ، ٣٥٢ وج ٤ / ٤٢٧

(وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)

١٣٣

١ / ٤٥٣ ، ٥٦٥

(فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ ... وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)

١٥٩

١ / ٥٦٧ وج ٥ / ١٨٣

(الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ)

١٧٣

٢ / ١٧٢ ، ٢١٤ وج ٣ / ١٦٤

(وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً)

١٩١

٥ / ٢٧٢

(إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ)

١٩٢

١ / ٢٥١

سورة النساء / ٤

(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ)

٢

٣ / ٥٣٢ ، ٥٧٠

(فَانْكِحُوا ... أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ)

٣

١ / ٤١٨ وج ٢ / ٢٢٧ وج ٥ / ٣٣٤

(إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى)

١٠

٣ / ٥٧٠

(يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ... وَوَرِثَهُ أَبَواهُ ... فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ)

١١

١ / ٤٨٤ وج ٢ / ١٦٢ ، ١٧٠ ، ١٧١ ، ٢٢٧ ، ٢٩١ ، ٢٩٩ وج ٣ / ٩٢ ، ٥٧٩

(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها)

١٤

١ / ٣٤٩ وج ٣ / ٥٩٦ وج ٥ / ٢١٢

(فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً)

١٥

٢ / ٦٠١

(وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً)

٢٠

٣ / ٢٢٩

(وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ)

٢٢

١ / ٣٠٧ وج ٢ / ١٠٢ ، ١٠٤

(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ ... وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ ... وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَ ... وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ)

٢٣

١ / ٤٨١ وج ٢ / ٩١ ، ١٢٠ ، ٢٢٧ ، ٣١٣ ، ٤٠٣ ، ٤٠٥ ، ٤١٩ ، ٤٩٨ وج ٥ / ٢٧٨ ، ٢٩٨ ، ٣٣٤

(وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ)

٢٤

٢ / ٢٩٩ ، ٣٩٨ وج ٣ / ٨٩ وج ٥ / ٢٧٨ ، ٢٩٨

(فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ)

٢٥

٣ / ٣٦٤

(لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ)

٢٩

٢ / ٢٤٣

(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا)

٣٥

١ / ٤٨١

(وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا)

٣٩

١ / ٥٦٤

(إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ)

٤٠

١ / ٥٤٨ ، ٥٦٤

(لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ... أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ)

٤٣

١ / ٣١٠ ، ٦٠٠ ، ٦٠١

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ)

٥٩

٣ / ١٧٩ ، ١٩٠ ، ٢٠٥ ، ٥٥٧ وج ٤ / ٤٢٣ وج ٥ / ١٨٧ ، ٢٦٠

(فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ)

٦٥

٥ / ١٧٣ ، ١٨٧

(وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)

٨٢

٣ / ٥٢٤ ، ٥٣٠

(وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)

٨٣

٣ / ٥٥٩ وج ٥ / ٢٠٦ ، ٢٠٧

(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً ... فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا)

٩٢

١ / ٣١٥ وج ٢ / ٢٤٣ ، ٢٦٩ ، ٥٢٠

(فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ)

٩٣

١ / ٣٥٥

(لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ)

٩٥

٢ / ١٥٥

(أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ)

١٠١

١ / ٤٦٤

(إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ)

١٠٥

٥ / ١٨٣

(وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ)

١١٥

٣ / ١٤٤ ، ١٥٧ ، ١٩١ ، ٢٠٩ ، ٢٣٢ ، ٢٦٦ ، ٢٧٥ ، ٢٧٦

(مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ)

١٢٣

١ / ٥٦٣

(وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً)

١٢٤

١ / ٥٤٧

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ)

١٣٥

٣ / ٣٩٥

(وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً)

١٤١

٢ / ٣٧٥

(ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ)

١٥٧

٢ / ٢٤٣ ، ٢٤٧

(إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ)

١٦٣

٤ / ٤١٧

(رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)

١٦٥

١ / ١٣٥ وج ٣ / ١٠٠ وج ٥ / ٢١٩

(فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ)

١٧٠

١ / ٥٦٦

(إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ)

١٧٦

١ / ٤٧٦

سورة المائدة / ٥

(أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ)

١

٢ / ٣٩٨ ، ٤٠٦

(وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا)

٢

١ / ٣٧٤ ، ٤١٨ ، ٤٣٣

(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ)

٣

٢ / ٤٠٣ ، ٤٠٥ وج ٣ / ٥٦٤

(أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ)

٤

٤ / ٤٣٨

(وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ)

٥

٢ / ٢٨٦ ، ٣١٣

(إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)

٦

١ / ٣٢٦ ، ٣٥٢ ، ٤٣٩ ، ٤٤٥ وج ٢ / ٢٧٩ ، ٤٠٧ ، ٥٠٣ وج ٣ / ١٠٨ ، ٣٦٤ ، ٦٢٦

(وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً)

١٢

٣ / ٣٢٤

(فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ)

٣٠

١ / ٥٦٣

(مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ)

٣٢

٣ / ٦٢٤

(أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ ... وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ)

٣٣

١ / ٢٥١ ، ٣١٥

(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)

٣٨

١ / ٣١٦ وج ٢ / ١٦٦ ، ٢١١ ، ٢٢٤ ، ٢٩٩ ، ٤٢٥ ، ٤٤٥ ، ٤٨٤ ، ٥٣٣ وج ٣ / ٦٢٦ ، ٦٢٧

(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ ... وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ)

٤٤

٣ / ٤١٨ وج ٤ / ٤١٧ ، ٤١٩ وج ٥ / ٢١٢

(وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ)

٤٥

٣ / ٢٩٤ وج ٤ / ٤١٨

(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)

٤٧

٣ / ٤١٨ وج ٥ / ٢١١

(فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ ... فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ)

٤٨

١ / ٥٤٢ ، ٥٤٣

(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ)

٤٩

٣ / ٥٤٠ ، ٥٤٢

(إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)

٥٥

٢ / ١٧٢ وج ٣ / ١٦٤ ، ٣٤٩

(كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ)

٦٤

١ / ٢٦٩

(يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ)

٦٧

٢ / ١٨٠ ، ٤٧٧ وج ٣ / ٣٩٥

(لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ)

٨٧

٣ / ٥٨١

(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ)

٨٩

٣ / ٦٣٤

(أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ)

٩١

٤ / ٩٤

(أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)

٩٢

٢ / ٥٣٦

(لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)

٩٥

١ / ٤٧٣ وج ٢ / ١٥٤ وج ٤ / ١٣٩

(لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ)

١٠١

٢ / ٦٩

(وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

١٢٠

٢ / ٢١٠

سورة الأنعام / ٦

(أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)

٢٣

١ / ٥٧٢

(انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ)

٢٤

١ / ٥٧٣

(ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ)

٣٨

١ / ١٥٣ وج ٣ / ٥٣٠ ، ٥٤٠ ، ٥٦١ ، ٥٦٤

(وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ)

٥٩

٣ / ٥٤٠ ، ٥٦١

(الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ)

٨٢

١ / ٢٥٦ وج ٢ / ١٥٥

(فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ)

٩٠

٤ / ٤١٧

(قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى)

٩١

٢ / ١٥٤ وج ٤ / ١٩١

(وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)

١٠١

٢ / ٢١٢ ، ٢٣٢ ، ٣٩٩

(هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)

١٠٢

٢ / ٣٢٦

(إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ)

١١٦

١ / ٥٦٢ وج ٣ / ٣٧٧ ، ٤١١ ، ٥٣٩

(وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ)

١٢١

٤ / ٣٢١

(يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ)

١٢٥

١ / ٢٥٧

(وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ)

١٤١

٢ / ٣٦١ ، ٣٩٥ ، ٣٩٨

(قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً)

١٤٥

٣ / ٨٩ ، ٩٠

(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا)

١٤٨

١ / ٥٦٥

(فَاتَّبِعُوهُ)

١٥٣

٢ / ٢٩٥ ، ٥٥٣ ، ٥٥٥ ، ٥٥٨ وج ٤ / ٤٥٨ وج ٥ / ١٨٧

(ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ)

١٥٤

٢ / ٤٥٨

(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً)

١٥٩

٣ / ٥٢٤

(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها)

١٦٠

١ / ٥٦٣

سورة الأعراف / ٧

(ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ)

١٢

١ / ٤٠٣ ، ٤٠٤ ، ٤٥٣ ، ٥٦٤

(رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا)

٢٣

١ / ٥٦٧

(خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)

٣١

٢ / ٥٤٥

(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ)

٣٢

٤ / ٤٣٨

(فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ)

٣٩

١ / ٥٦٨

(مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ)

٥٤

١ / ٣٦١ ، ٣٦٢

(اسْتَعِينُوا بِاللهِ)

١٢٨

١ / ٥٦٦

(وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها)

١٤٥

٤ / ٣٩٩

(وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً)

١٥٥

٣ / ٣٢٥

(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ ... وَاتَّبِعُوهُ)

١٥٨

٢ / ٣٥٠ ، ٣٥١ ، ٥٣٦ ، ٥٤٣ وج ٣ / ٧٩ وج ٥ / ٢٦٨

(وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً)

١٦١

١ / ٣١٥

(وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ)

١٧٩

٣ / ٦٢٣

(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا)

١٨٤

١ / ٥٥٢

سورة الأنفال / ٨

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ)

٢

١ / ٣٢٩

(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ)

١٣

٤ / ١٦٨

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ)

٢٤

١ / ٤١٤ ، ٤١٥ ، ٥٦٦

(وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ)

٣٠

١ / ٢٦٩

(وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى)

٤١

٢ / ٤٥٣ ، ٥٠٩

(وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا)

٤٦

٣ / ٥٢٤ ، ٥٤٤ وج ٥ / ٢٠٧

(حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)

٥٣

١ / ٥٦٢

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)

٦٤

٣ / ٣٢٤

(إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ)

٦٥

٣ / ٣٢٤

(الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ)

٦٦

٣ / ٩٤ ، ٩٥ ، ٩٦

(ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا)

٦٧

٥ / ١٨٤

(لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)

٦٨

٥ / ١٨٧

سورة التوبة / ٩

(فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ)

٥

١ / ٣١٠ ، ٤٣٤ ، ٤٣٨ وج ٢ / ٢١١ ، ٢٢٢ ، ٢٢٤ ، ٢٩٩ ، ٣٢٦ ، ٣٩٨ ، ٤٧٩ ، ٤٨٠

(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)

٣٤

٢ / ٣٥٥ ، ٤٢٥

(وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ)

٤١

٢ / ٤٥٤

(عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ)

٤٣

١ / ٥٦٥ وج ٥ / ١٨٤ ، ١٨٧ ، ٢٣١

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ)

٥٨

٢ / ٥٠١

(وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا)

٥٩

٢ / ٥٠١

(إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ)

٦٠

٢ / ٥٠٠ ، ٥٠١

(إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ)

٨٠

١ / ٤٦٦

(لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى)

٩١

٢ / ٤٥٤

(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ)

١٠٠

٤ / ٤٣١

(خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً)

١٠٣

١ / ٥٩١ وج ٢ / ٢٠١ ، ٣٧٢ وج ٤ / ٣٩٦

(فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ)

١٢٢

٣ / ٣٨٣ ، ٣٨٤ ، ٣٨٥ ، ٣٨٦ ، ٣٨٧ ، ٣٨٨ ، ٣٩٠ ، ٣٩١ ، ٤٥٧ ، ٤٦٥ وج ٥ / ٢٦٠

(أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ)

١٢٦

١ / ٥٦٧

سورة يونس / ١٠

(قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ)

١٥

٣ / ٧٩ وج ٥ / ١٧٢ ، ١٧٥ ، ١٧٦

(أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)

٣٥

٥ / ٢٦٤

(إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)

٣٦

٣ / ٣٧٧ ، ٥٤٠ وج ٤ / ٤٥٤

(ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ)

٤٦

٢ / ٤٥٨ ، ٤٦١

(فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ)

٧١

٣ / ١٢٥

(قُلِ انْظُرُوا)

١٠١

١ / ٥٥٢ وج ٥ / ٢٧١

سورة هود / ١١

(كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ)

١

٢ / ٤٥٢

(وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ)

٢٧

٣ / ٢١٢

(أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ)

٣٦

١ / ٥٤٨ ، ٥٥٨

(حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا)

٤٠

١ / ٣٦٠ ، ٣٦١

(لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ)

٤٣

٢ / ٢٤٤

(وَنادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي)

٤٥

٢ / ١٦٢

(رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ)

٤٧

١ / ٥٦٧

(أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ)

٧٣

١ / ٣٦٠

(فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ)

٩٧

١ / ٣٦٠ ، ٣٦٢

(وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)

١١٣

٣ / ٤١٧

سورة يوسف / ١٢

(إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا)

٢

١ / ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، ٢٦٠

(بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ)

١٨

١ / ٥٦٣ ، ٥٦٧

(فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي)

٨٠

٢ / ١٧٣

(وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ)

٨٢

١ / ٢٣٧ ، ٢٦٧ ، ٢٩٤ ، ٢٩٥ ، ٣١٤ وج ٢ / ٤٠٠ ، ٤٠٦ ، ٥١٤

(عَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً)

٨٣

٢ / ١٧١ ، ١٧٣

(مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي)

١٠٠

١ / ٥٦٧

(وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ)

١٠٣

٢ / ٢٥٠

(وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)

١٠٦

١ / ٢٥٢

(هذِهِ سَبِيلِي)

١٠٨

٣ / ١٥٩

(لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ)

١١١

٣ / ٣٨٥

سورة الرعد / ١٣

(حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)

١١

١ / ٥٦٢

(اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)

١٦

٢ / ٢١٠ ، ٣٤٨

(إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ)

١٩

٥ / ٢٧١

(يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ)

٣٩

٣ / ٣٣

سورة إبراهيم / ١٤

(وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ)

٤

١ / ١٥٤ ، ٢٤٩ وج ٥ / ٢١٩

(لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)

٧

٤ / ١٠٠

(إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ)

١٠

٣ / ٥٥٩ وج ٤ / ٣٩٠

(إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ)

١١

٣ / ٥٦٠

(إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي)

٢٢

١ / ٥٦٣

(قُلْ تَمَتَّعُوا)

٣٠

١ / ٣٧٤

(وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً)

٤٢

٢ / ٦٩

سورة الحجر / ١٥

(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)

٩

٢ / ٢١٤

(فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ)

٢٩

١ / ٤٥٧

(فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ)

٣٠

٢ / ١٥٧ ، ٢٤٠ ، ٢٤٣

(إِلَّا إِبْلِيسَ)

٣١

٢ / ٢٤٠ ، ٢٤٣

(إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ)

٤٢

٢ / ٢٤٩

(ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ)

٤٦

١ / ٣٧٤ ، ٣٩٥

(وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ)

٨٥

١ / ٥٦٤

(لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ)

٨٨

٢ / ٦٩

سورة النحل / ١٦

(ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ)

٢٨

١ / ٥٧٢ ، ٥٧٣

(فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)

٤٣

٣ / ٣٩٤ وج ٥ / ٢٥١ ، ٢٦٠

(لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)

٤٤

٢ / ٢٨٧ ، ٢٩٠ ، ٢٩٢ وج ٣ / ٧٨ ، ٨٦ ، ٣٩٥ ، ٤٠٩

(لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ)

٥١

١ / ٣٤١

(إِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً)

٦٦

٣ / ٥٥٠ ، ٥٥٤

(وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ)

٨٩

١ / ١٥٣ وج ٢ / ٢٨٨ ، ٢٩٢ ج ٣ / ١٩٠

(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ)

٩٠

٤ / ١٤٩ ، ٤٥٨

(فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ)

٩٨

١ / ٥٦٦

(وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ)

١٠١

٢ / ٦٢٠ وج ٣ / ٧٨

(قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ)

١٠٢

٣ / ٧٨

(وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ)

١٠٦

١ / ٢٥٧

(فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ)

١١٤

١ / ٣٧٤

(إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً)

١٢٠

٣ / ٢٦٥

(ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً)

١٢٣

٤ / ٤١٧ ، ٤١٩

(ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)

١٢٥

٣ / ١٥٩ وج ٥ / ٢٧٢

سورة الإسراء / ١٧

(وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها)

٧

٤ / ٤٣٤

(وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)

١٥

١ / ١٢٧ ، ١٤٣ وج ٣ / ١٠٠

(فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ)

٢٣

٢ / ٢٠٠ ، ٥١٣ وج ٣ / ٦٠٠

(وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِ)

٢٤

١ / ٢٦٩

(وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ)

٣١

١ / ٤٧٣ ، ٤٨١

(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى)

٣٢

٣ / ٣٦٣

(وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)

٣٦

٣ / ٣٧٤ ، ٣٧٧ ، ٤١١ ، ٥٣٩

(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ)

٧٠

٤ / ١١٥

(وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً)

٧١

١ / ٥٤٧

(نافِلَةً لَكَ)

٧٩

٢ / ١٨٢

(وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى)

٩٤

١ / ٥٦٤

سورة الكهف / ١٨

(وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً)

٢٣

٢ / ٢٣٩

(إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ)

٢٤

٢ / ٢٣٩

(فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ)

٢٩

١ / ٥٦٥

(وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)

٤٩

١ / ٥٤٨

(إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ)

٥٠

٢ / ٢٤٣

(وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً)

٦٩

١ / ٤١٠

(جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ)

٧٧

١ / ٢٦٧

(قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَ)

١١٠

٥ / ١٨٧ ، ١٨٨

سورة مريم / ١٩

(كهيعص)

١

١ / ٣٤٠

(وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً)

٤

١ / ٢٦٩

(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ)

٥٩

٤ / ١٥٨

(وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ)

٧٤

٢ / ١٣٨

سورة طه / ٢٠

(وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)

١٤

١ / ٢٥٣ وج ٤ / ٤١٨

(كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى)

١٥

١ / ٥٦٣

(لا تَفْتَرُوا عَلَى اللهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ)

٦١

١ / ٣٢٢

(وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ)

٧١

١ / ٣٢٤

(أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي)

٩٣

١ / ٣٤٩ ، ٤١٠

(وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)

١١٤

٢ / ٤٥٢ ، ٤٦٩

(فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً)

١١٥

١ / ١١٤

(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي)

١٢٤

١ / ٥٦٣

(وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً)

١٣٤

٥ / ٢١٩

سورة الأنبياء / ٢١

(لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)

٢٢

٤ / ٣٩١ ، ٣٩٣

(قالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ)

٦٦

٤ / ٤٤١

(وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ)

٧٨

٢ / ١٧٠ وج ٥ / ٢٠٥

(فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً)

٧٩

٥ / ٢٠٥ ، ٢٠٦

(وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ)

٨٠

١ / ١٥٥

(سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)

٨٧

١ / ٥٦٧

(إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ)

٩٨

٢ / ١٥٣ ، ٤٥٢ ، ٤٦٥

(إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى)

١٠١

٢ / ١٥٣ ، ٤٥٢ ، ٤٦٧

(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)

١٠٧

٤ / ١١٥

سورة الحج / ٢٢

(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُ)

١٨

١ / ٢٢٥

(هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ)

١٩

٢ / ١٧١ ، ١٧٣

(وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)

٢٩

٣ / ١١٣

(فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ)

٣٠

١ / ٣٢٥

(لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ)

٤٠

١ / ٢٦٩

(فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ)

٥٢

٣ / ٧١

(تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ)

٦٥

١ / ٣٦١

(ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا)

٧٧

١ / ٣١٧ ، ٣٧٥ ، ٥٦٦

(وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)

/ ٧٨ / ١ / ٥٤٧ ، ٥٦١ وج ٤ / ١١٦ ، ١٢٨ ، ٢٥٠ ، ٤٤٣ ، ٤٤٤ وج ٥ / ٢١٢ ، ٢٥١ ، ٣٣٠

سورة المؤمنون / ٢٣

(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ)

٥

٢ / ٤٢٥

(إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ)

٦

٢ / ٤٢٥

(ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا)

٤٤

٣ / ٢٩٩

(رَبِّ ارْجِعُونِ)

٩٩

١ / ٥٦٨

(رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها)

١٠٧

١ / ٥٦٨

(اخْسَؤُا)

١٠٨

١ / ٣٩٧

(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً)

١١٥

٤ / ١١٤ ، ٤٤٠

سورة النور / ٢٤

(الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ)

٢

١ / ٣١٦ ، ٤٤٥ وج ٢ / ٢١١ ، ٢٩١ وج ٣ / ٧٦ ، ٣٦٤

(الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً)

٣

٣ / ٣٦٣

(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ .. وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ)

٤

٢/٢٦٣،٢٦٢

(إِلَّا الَّذِينَ تابُو)

٥

٢/٢٦٩،٢٦٣

(فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ... وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً)

٣٣

١ / ٤١٨ ، ٤٦٤ وج ٢ / ٣٦١

(اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)

٣٥

١ / ٢٦٩

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً)

٤٤

٣ / ٥٥٠

(أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)

٥٤

٥ / ١٨٧

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ)

٦٢

١ / ٢٥١

(لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً ... فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)

٦٣

١ / ٤٠٧ وج ٢ / ٥٣٥ ، ٥٤٠

سورة الفرقان / ٢٥

(وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ)

٦٨

١ / ٥٧٤

(يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ)

٦٩

١ / ٥٧٤

سورة الشعراء / ٢٦

(إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ)

١٥

٢ / ١٧١ ، ١٧٣

(فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ)

٢٠

٣ / ١٨٨

(فَما ذا تَأْمُرُونَ)

٣٥

١ / ٣٨٥

(أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ)

٤٣

١ / ٣٧٥

(فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ)

٧٧

٢ / ٢٤٤

(بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)

١٩٥

١ / ٢٤٩ ، ٢٦٠

سورة النمل / ٢٧

(وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ)

١٥

١ / ١٣٨

(وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ)

٢٣

٢ / ٢١١ ، ٢٨٥ ، ٣٤٩

(رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ)

٤٤

١ / ٢٧٠ ، ٥٦٧

(وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً)

٥٠

١ / ٢٧١

(هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)

٩٠

١ / ٥٦٣

سورة العنكبوت / ٢٩

(فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً)

١٤

٢ / ٢٢١ ، ٢٥٥

(إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ)

٣١

٢ / ١٦٢ ، ٤٥٢

(إِنَّ فِيها لُوطاً ... نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ)

٣٢

٢ / ١٦٢ ، ٤٥٢ ، ٤٦٩

(إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ)

٣٣

٢ / ١٦٢

(إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ)

٤٥

١ / ٥٦٧

(وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)

٤٦

٥ / ٥٧٢

(يا عِبادِيَ)

٥٦

٢ / ٣٤٩

سورة الروم / ٣٠

(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ)

٨

٥ / ٢٧١

(وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ)

٢٢

١ / ١٥٢

سورة لقمان / ٣١

(هذا خَلْقُ اللهِ)

١١

٤ / ٤٣٧

(وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ)

١٤

٢ / ٥١٥

سورة السجدة / ٣٢

(الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)

٧

١ / ٥٦٤

(فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً)

١٢

١ / ٥٦٨

(جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)

١٧

٣ / ٦٢٥

سورة الأحزاب / ٣٣

(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ)

٢١

٢ / ٥٣٦ ، ٥٤٩ ، ٥٥٣ ، ٥٥٥ ، ٥٥٨ ، ٥٧٧

(إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)

٣٣

٣ / ٢١٧

(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ... وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ)

٣٥

٢ / ١٨٤ ، ٣٨٦

(وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)

٣٦

١ / ٤٠٥

(فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً)

٣٧

٢ / ١٨٢ ، ١٨٣ ، ٥٣٦ ، ٥٥٢ ، ٥٥٤

(خالِصَةً لَكَ)

٥٠

٢ / ١٨٢

(فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا)

٥٣

١ / ٤٣٣

(إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ)

٥٦

١ / ٢٢٥

سورة سبأ / ٣٤

(أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ)

٨

٣ / ٢٩٦

(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ)

٢٨

١ / ٢٦٠ وج ٢ / ١٩٤ ، ٣٦٩ وج ٣ / ٤١٠

(وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ)

٣١

١ / ٥٦٨

(أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ)

٣٢

١ / ٥٦٨

سورة يس / ٣٦

(لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)

٧

١ / ٥٤٨

(مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ)

٣٦

١ / ٢٨٥

(فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ)

٤٣

٢ / ٢٤٤

(إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا)

٤٤

٢ / ٢٤٤

(كُنْ فَيَكُونُ)

٨٢

١ / ٣٧٥

سورة الصافات / ٣٧

(كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ)

٦٥

١ / ٣٤٠

(وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ)

٩٦

١ / ٨٦

(إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ)

١٠٢

١ / ٩٨ وج ٣ / ٣٦

(قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا)

١٠٥

٣ / ٣٥

(إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ)

١٠٦

٣ / ٣٦

(وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)

١٠٧

٣ / ٣٦

سورة ص / ٣٨

(إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ)

٢١

٢ / ١٧٠ ، ١٧٣

(إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ)

٢٢

٢ / ١٧٠ ، ١٧١ ، ١٧٣

(وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ)

٢٤

٤ / ٣٩٨

(وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى)

٢٦

٥ / ٢٣٠

(ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ)

٢٧

٥ / ١٩٤

(فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)

٨٢

٢ / ٢٤٩

(إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)

٨٣

٢ / ٢٤٩

سورة الزمر / ٣٩

(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)

٩

٥ / ٢٧١

(فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)

١٨

٤ / ٣٣٩ ، ٤٠٠

(وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ)

٥٤

١ / ٥٦٦

(وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ)

٥٥

١ / ٥٦٦ وج ٤ / ٤٠٠

(لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)

٥٨

١ / ٥٦٨

(اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)

٦٢

٢ / ٢٨١

(لَئِنْ أَشْرَكْتَ)

٦٥

٢ / ١٨٠

سورة غافر / ٤٠

(ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا)

٤

٥ / ٢٧٠

(وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ)

٥

٥ / ٢٧٢

(الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ)

١٧

١ / ٥٤٨ ، ٥٦٣

(ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ)

١٨

١ / ٣٨٧

(وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ)

٣١

١ / ٥٤٧

سورة فصلت / ٤١

(وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ)

٦

١ / ٥٧٤

(الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ)

٧

١ / ٥٧٤

(وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ)

٢٣

٥ / ١٩٤

(لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ)

٣٧

٢ / ٧٦

(اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ)

٤٠

١ / ٣٧٤ ، ٥٦٥

(لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ)

٤٢

٢ / ٦٢١

(وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌ)

٤٤

١ / ٢٦٠

(وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)

٤٦

١ / ٥٤٧

سورة الشورى / ٤٢

(حم عسق)

١

١ / ٣٤٠

(وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ)

١٠

٣ / ٢٤٣

(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)

١١

١ / ٢٣٧ ، ٢٦٧

(شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً ... وَلا تَتَفَرَّقُوا)

١٣

٣ / ٥٢٤ وج ٤ / ٤١٧ ، ٤١٨

(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)

٢٣

٣ / ٢٢١

(وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ)

٢٧

١ / ٥٦٧

(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها)

٤٠

١ / ٢٦٨

سورة الزخرف / ٤٣

(وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً)

١٩

٢ / ٢٤٦

(وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ)

٢٠

١ / ٥٦٥

(إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ)

٢٣

٥ / ٢٥٤

(وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً)

٣٣

١ / ٥٦٧

سورة الدخان / ٤٤

(وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ)

٣٨

٤ / ٤٤٠

(ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِ)

٣٩

٤ / ١١٥

(ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)

٤٩

١ / ٣٧٤

سورة الجاثية / ٤٥

(الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)

٢٨

١ / ٥٦٣

(إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)

٢٩

٢ / ٥٨٠

سورة الأحقاف / ٤٦

(وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً)

١٥

١ / ١٨٥ ، ٣٤٩ وج ٢ / ٥١٥

(تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ)

٢٥

٢ / ٢١١ ، ٢٨٥

(أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ)

٣١

١ / ٥٦٦

سورة محمد / ٤٧

(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ)

١٩

١ / ٥٥١ ، ٦٠٠ وج ٥ / ٢٦٨

(وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)

٣٠

٢ / ٥١٥

سورة الفتح / ٤٨

(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)

١٨

٣ / ٢٤١ وج ٤ / ٤٣١

سورة الحجرات / ٤٩

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ)

١

٣ / ٥٣٩ ، ٥٤٥

(إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)

٦

٣ / ٣٩١ ، ٤١٧ ، ٤٢٢ ، ٤٢٥ ، ٤٤٢ ، ٤٥٧ ، ٤٦٥

(وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا)

٩

١ / ٢٥٧ وج ٢ / ١٧١

(قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا)

١٤

١ / ٢٥٧

سورة الذاريات / ٥١

(فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)

٣٦

١ / ٢٥١

(ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ)

٤٢

٢ / ٢١١ ، ٢٨٥

(وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)

٥٦

٣ / ٦٢٢ وج ٤ / ١١٥

سورة الطور / ٥٢

(فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا)

١٦

١ / ٣٧٤

(كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ)

٢١

١ / ٥٦٣

سورة النجم / ٥٣

(وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى)

٣

٢ / ٢٩٢ وج ٣ / ٨٢ ، ٢٥٠ ، ٥٧٣ وج ٥ / ١٧٢ ، ١٧٥ ، ٢٣٠ ، ٢٣٧

(إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى)

٤

٢ / ٢٩٢ ، وج ٣ / ٢٥٠ ، ٥٧٣ وج ٥ / ١٧٢ ، ١٨٢ ، ٢٣٧

(إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ)

٢٣

١ / ١٥٢

(وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)

٢٨

٣ / ٤١١ ، ٤٢٢ ، ٤٣٩ وج ٤ / ٢٥٠

(وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى)

٣٧

١ / ٥٦٣

(أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)

٣٨

١ / ٥٦٣

(وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)

٣٩

٤ / ٢٥٣

سورة القمر / ٥٤

(وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ)

٥٠

١ / ٣٦١ ، ٣٦٢

سورة الرحمن / ٥٥

(فَبِأَيِ)

١٦

١ / ٣٣٩

سورة الواقعة / ٥٦

(لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً)

٢٥

٢ / ٢٤٣

(إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً)

٢٦

٢ / ٢٤٣

(لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)

٧٩

١ / ٣٩٩

سورة الحديد / ٥٧

(هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)

٣

٢ / ١٣٨

(لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ)

٢٣

١ / ٢٧٠

سورة المجادلة / ٥٨

(الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ)

٣

٥ / ٣٣٣

(فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ ... فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً)

٤

٢ / ٣٨٩ ، ٥٠٢

(فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ)

١٣

٢ / ٦١٨ وج ٣ / ٤٠

(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ)

١٨

١ / ٥٧٢ ، ٥٧٣

(لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ... كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ)

٢٣

١ / ٢٥٧ وج ٣ / ٢٢١

سورة الحشر / ٥٩

(يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ)

٢

١ / ١٦١ ، وج ٣ / ٥٤٩ وج ٤ / ١٤٣ ، ١٦٨ ، ٢٨٩ ، ٢٩٦ ، ٣١١ ، ٣١٥ ، ٤٢٣ ، ٤٥٨ وج ٥ / ١٨٠

(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ)

٤

٣ / ٦٢٥

(كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)

٧

٢ / ٦٩ ، ١٨١ ، ٥٣٦ ، ٥٤٤ وج ٣ / ٧٩ ، ٦٢٤

(لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ)

٢٠

٢ / ١٧٦

سورة الممتحنة / ٦٠

(فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ)

١٠

٢ / ٢٤٧ وج ٣ / ٣٤ ، ٤١ ، ٨٥

سورة الجمعة / ٦٢

(فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ)

٩

٣ / ٦٣٥

سورة المنافقون / ٦٣

(إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ)

١

١ / ٣٨٣

سورة التغابن / ٦٤

(مَا اسْتَطَعْتُمْ)

١٦

٢ / ٣٧٥

سورة الطلاق / ٦٥

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ ... لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً)

١

١ / ٢٦٤ وج ٢ / ١٨١ ، ٣٦٣ وج ٣ / ٥٩٣

(وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ)

٢

٣ / ٣٦٥

(وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ)

٤

٢ / ٢٨٦

سورة التحريم / ٦٦

(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ)

١

١ / ٥٦٥ وج ٣ / ٥٨١ ، ٥٩٢

(قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ)

٢

٣ / ٥٨١ ، ٥٩٢

(إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما)

٤

/ ٢ / ١٧١

(لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ)

٦

١ / ٤١١

(لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ)

٧

٢ / ٦٩

(يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ)

٨

١ / ٢٥١ ، ٢٥٧

(يا أَيُّهَا النَّبِيُ)

٩

٢ / ١٨٠

(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ)

١٠

٣ / ٣٦٦

سورة الملك / ٦٧

(ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ)

٣

١ / ٥٦٤

(فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللهُ)

٩

١ / ٥٦٨

سورة القلم / ٦٨

(قالَ أَوْسَطُهُمْ)

٢٨

٣ / ١٦٩

سورة الحاقة / ٦٩

(نَفْخَةٌ واحِدَةٌ)

١٣

١ / ٣٤١

(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ)

٢٤

١ / ٣٩٥

سورة الجن / ٧٢

(وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ)

٢٣

١ / ٤١١

سورة المزمل / ٧٣

(يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ)

١

٢ / ١٨٠ ، ٢٥١

(قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً)

٢

٢ / ٢٥١

(نِصْفَهُ)

٣

٢ / ٢٥١

سورة المدثر / ٧٤

(لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ)

٣٧

١ / ٥٦٥

(كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)

٣٨

١ / ٥٦٣

(يَتَساءَلُونَ)

٤٠

١ / ٥٧٤

(عَنِ الْمُجْرِمِينَ)

٤١

١ / ٥٧٤

(ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ)

٤٢

١ / ٥٧٢

(قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ)

٤٣

١ / ٥٦٨ ، ٥٧٢ ، ٥٧٤

(وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ)

٤٤

١ / ٥٧٢ ، ٥٧٤

(وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ)

٤٦

١ / ٥٧٢

(فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ)

٤٩

١ / ٥٦٥

(فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ)

٥٥

١ / ٥٦٥

سورة القيامة / ٧٥

(إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ)

١٧

٢ / ٤٥١ ، ٤٥٩

(فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ)

١٨

٢ / ٤٥١ ، ٤٦٠

(ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ)

١٩

٢ / ٤٥١ ، ٤٥٨

(فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى)

٣١

١ / ٥٧٤

(وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى)

٣٢

١ / ٥٧٤

سورة الإنسان / ٧٦

(وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً)

٢٤

٢ / ١٠٧

سورة المرسلات / ٧٧

(وَيْلٌ)

١٩

١ / ٣٢٩

(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)

٤٧

١ / ٤٠٤

(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ)

٤٨

١ / ٤٠٤

سورة عبس / ٨٠

(فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ)

١٢

١ / ٥٦٥

سورة التكوير / ٨١

(وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ)

١٧

١ / ٢١٤

سورة الانفطار / ٨٢

(إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ)

١٣

٢ / ٣٥٥

(وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ)

١٤

٢ / ٣٥٥

سورة الانشقاق / ٨٤

(فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)

٢٠

١ / ٥٦٤

سورة البلد / ٩٠

(ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا)

١٧

٢ / ٤٥٨

سورة الشمس / ٩١

(وَالسَّماءِ وَما بَناها)

٥

٢ / ١٥٣ ، ٤٦٦

سورة الليل / ٩٢

(وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى)

٣

٢ / ٤٦٦

سورة الضحى / ٩٣

(وَوَجَدَكَ ضَالًّا)

٧

٣ / ١٨٨

سورة الشرح / ٩٤

(فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ)

٧

١ / ٢٧٠

(وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ)

٨

١ / ٢٧٠

سورة العلق / ٩٦

(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)

١

٢ / ٤٥٣

(عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ)

٥

١ / ١٥٣

سورة القدر / ٩٧

(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ)

٣

٣ / ٥٢٠

سورة البينة / ٩٨

(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا)

١

١ / ٥٧٧

(وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)

٥

١ / ٢٥٠ ، ٥٧٧ ، ٦٠٤

سورة الزلزلة / ٩٩

(وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها)

٢

١ / ٢٨٥

سورة العصر / ١٠٣

(إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ)

٢

٢ / ١٦٦

(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا)

٣

٢ / ١٦٦

سورة الكوثر / ١٠٨

(إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)

٣

٣ / ٣٦٥

سورة الكافرون / ١٠٩

(وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ)

٣

٢ / ١٢٠ ، ٤٦٦

سورة المسد / ١١١

(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ)

١

١ / ١٣١ ، ٥٤٨

(سَيَصْلى ناراً)

٣

١ / ٥٥٧

سورة التوحيد / ١١٢

(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)

١

١ / ٣٤٧

فهرس الأحاديث

أ

الأئمة من قريش (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ١٥٦ وج ٣ / ٣٩٧ وج ٥ / ٢١٥

ابدءوا بما بدأ الله به (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٣١٦ ، ٣١٧ ، ٣١٩

الاثنان فما فوقهما جماعة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ١٧١ ، ٤٢٢

اجتمع رأيي ورأي عمر في أم الولد أن لا تباع ، وقد رأيت الآن بيعهن (أمير المؤمنين عليه‌السلام) ٣ / ٥٧٧

اجتهدوا فكل ميسر لما خلق له (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٢٥٥

أحلّت لي مكة ساعة من نهار (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٣٥

أخطأت وأخطأت في أوّل فتواك ، إنّما قال ذلك لمن حضره يومئذ ، وهل الرجاء إلّا بعد مائة (أمير المؤمنين عليه‌السلام ردّا على ابن مسعود) ٣ / ٣٥٥

ادرءوا الحدود بالشبهات (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٤ / ٣٠٩ وج ٥ / ٣٢٧

إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٢٠١ وج ٥ / ٢٠٧ ، ٢٢٣

إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم يدا بيد (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٦٣٤

إذا استيقظ أحدكم من نوم الليل فلا يغمس يده في الإناء حتّى يغسلها ثلاثا ، فإنّه لا يدري أين باتت يده (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٥٧٢

إذا أصبتم المعنى فلا بأس (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٤٧٢

إذا التقى الختانان وجب الغسل (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤٧٧ وج ٢ / ٥٤٧

إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤٣١ ، ٤٣٨ ، ٥٨٥

إذا روي عني حديث فاعرضوه على كتاب الله تعالى فما وافقه فاقبلوه ، وما خالفه فردّوه (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٣٠٠ ، ٣٠١ وج ٣ / ٣٦٤ ، ٤٥٣

إذا لم تستح فافعل ما شئت (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٣٩٩

أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان ينفعه ذلك ... فدين الله أحق بالقضاء (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٣٤١ وج ٣ / ٥٦٩ ، ٦٣٢

استنج بثلاثة أحجار (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٥٠٠

أشفّع عمي ولا هجرة بعد الفتح (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٢٣٣

أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٢٠٥ ، ٢٣٨ ، ٢٤١ ، ٢٦٨ وج ٤ / ٤٢٧ وج ٥ / ٢١٨

أعندك شيء؟ فقالت عائشة : لا ، فقال إنّي إذن أصوم (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٤٢٣

أفضل الأعمال أحمزها (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ١٨٠

اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٢٣٨ وج ٤ / ٤٢٨

ألا أنبئكم بخير الشهود؟ قيل : نعم يا رسول الله ، قال : أن يشهد الرجل قبل أن يستشهد (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٢٩٦

الله أطعمك وسقاك (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٣٩٦

ألم آت بها بيضاء نقية ، لو كان أخي موسى حيا لما وسعه إلّا اتباعي (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٤ / ٤١٢

أمّا أنا فأفيض الماء على رأسي (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٢٠٠

أمّا أنا فيكفيني أن أحثو على رأسي ثلاث حثيات من ماء (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٥٢٨

أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا لا إله إلّا الله (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ١٥٧

أمسك أربعا منهنّ وفارق سائرهنّ (قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لابن غيلان وقد أسلم على عشر نسوة) ٢ / ١٩٢ ، ٤٩٥

امكثي في بيتك حتّى تنقضي عدتك (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٣٩٨

إن أصبتما فلكما عشر حسنات ، وإن أخطأتما فلكما حسنة واحدة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ١٩٠

أنّ أعرابيا جاء إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو لاطم وجهه ... وهو يقول : هلكت

وأهلكت ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما ذا صنعت؟ فقال : واقعت أهلي في نهار رمضان ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اعتق رقبة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٦٢٨

إنّ الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ... (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ١٨٥ ، ٢٣٢

إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعا ، ولكن يقبض العلماء حتّى إذا لم يبق عالم ، اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم ، فضلّوا وأضلّوا (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٥٤ وج ٥ / ٢٤٥

إن جلدته فارجم صاحبك (أمير المؤمنين عليه‌السلام) ٣ / ٢٢٩

انّ رجلا من فزارة قال للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ امرأتي ولدت غلاما أسود فلم يجعله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاذفا ولكن قال له : ألك إبل ... (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٦٠٢

إن عشت إن شاء الله أن أنهى أمّتي أن يسمّوا نافعا وأفلح وبركة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٢٣٤

إن كان هذا جهد رأيهم فقد قصروا ، وإن كانوا قاربوك فقد غشّوك (أمير المؤمنين عليه‌السلام) ٣ / ٣٥٥

إن كانا قد اجتهدا فقد أخطئا ، وإن لم يجتهدا فقد غشاك ، أرى عليك الدية (قول علي عليه‌السلام لعمر) ٥ / ٢٠٩

إن لم يجتهد فقد غشك ، وإن اجتهد فقد أخطأ ، أرى عليك الغرة (قول علي عليه‌السلام لعمر) ٤ / ٢٣١

إنّ المدينة لتنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٢٣٥

إنّ من التمر خمرا (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ١٦٢

أنا أقضي بالظاهر والله يتولى السرائر (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤٢٤ وج ٣ / ٢١٦ ، ٤٢٦ ، ٤٦١ وج ٤ / ٣٦٩ ، ٤٠٦ ، ٤٤٤ وج ٥ / ٢٨٧ ، ٢٩٢

أنا أقضي بينكم بالرأي فيما لم ينزل فيه وحي (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٥٧٢ ، ٥٧٣

إنك على خير (قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأم سلمة في حديث الكساء) ٣ / ٢١٨ ، ٢٢٠

إنك (معاوية) كنت ذات يوم تسوق بأبيك ويقود به أخوك ... فلعن رسول الله الجمل وراكبه وقائده وسائقه ... (الحسن عليه‌السلام) ٣ / ٣٦٥

إنّكم لتختصمون لديّ ولعل بعضكم ألحن بحجّته من غيره ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه فإنّما أقطع له قطعة من النار (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ١٨٨ ، ٢٠٨

إنّما الأعمال بالنيات وإنّما لكل امرئ ما نوى (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٥٤٢ ، ٦٠٣ وج ٢ / ٤١١ ، ٥١٧ ، ٥٢١

إنّما الربا في النسيئة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٤٩٤

إنّما الماء من الماء (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤٧٧ وج ٥ / ٢٨٦ ، ٣٠٣

إنّه إذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وحدّ المفتري ثمانون (علي عليه‌السلام) ٣ / ٢٥٥ وج ٤ / ١١٩

إنّه ليبكى عليه وإنّه ليعذّب (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٣٥٣

إنّها (الهرة) ليست نجسة إنّها من الطوافين عليكم والطوافات (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٤٠٠ وج ٣ / ٥٧٢ ، ٦٢٥ ، ٦٣٠

إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي حبلان متصلان لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٢٢٢

أوتيت جوامع الكلم واختصرت لي الحكمة اختصارا (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٥٢٤

أوتيت جوامع الكلم واختصر لي الكلام اختصارا (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٣٠٧

أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليّها فنكاحها باطل (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٥٠٦

أيما إهاب دبغ فقد طهر (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٣٤٥ وج ٥ / ٣١٤

أينقص الرطب إذا يبس؟ فقالوا : نعم فقال : فلا آذن (قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند ما سئل عن بيع الرطب بالتمر) ٢ / ٣٣٠ وج ٣ / ٥٧١ ، ٦٣١

أيها الناس كتب عليكم الحج ، فقال الأقرع : أكل عام يا رسول الله؟ ... قال : والّذي نفسي بيده لو قلتها لوجبت ، ولو وجبت ما قمتم بها ، دعوني ما ودعتكم (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٢٣٤

ب

بئس خطيب القوم أنت ، قل : ومن عصى الله ورسوله فقد غوى (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٣١٧

بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٩٠ وج ٥ / ٢٤٥

بعثت إلى الأسود والأحمر (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٢٥٩ وج ٢ / ١٩٤ ، ٣٦٩ وج ٣ / ٤١٠

بعثت إلى الناس كافة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٣٦٩

بعثت بالحنيفية السهلة السمحة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١١٦ ، ٤٤٤ وج ٥ / ١٩٤

البينة على المدّعي واليمين على من أنكر (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٤ / ٣٩٢

ت

التاجر فاجر (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٣٥١

ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه (علي عليه‌السلام) ٣ / ٥٣٠

تعلموا الفرائض فإنّها أوّل ما تنسى (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٥٤ ، ١٩٠ وج ٥ / ٢٤٦

تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب وبرهة بالسنّة وبرهة بالقياس ، فإذا فعلوا ذلك فقد ضلّوا (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٥٤٠

ث

ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن : إخلاص العمل لله ، والنصح لأئمة المسلمين ، ولزوم الجماعة فإنّ دعوتهم تحيط من ورائهم (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٨٢

ثمرة طيبة وماء طهور (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٦٣١

ثم يفشو الكذب وانّ الرجل يصبح مؤمنا ويمسي كافرا (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٢٦٨ وج ٥ / ٢٩٦

ثوابك على قدر مشقتك (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٣٣٠

ثوابك على قدر نصبك (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٥١٩

ح

حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٦١٣

حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدي ، وحديث جدي حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلا حرج عليكم إذا سمعتم منّا حديثا أن تقولوا : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (الإمام الصادق عليه‌السلام) ٣ / ٣٥٢

حرمت الخمر لعينها (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٦٣٩

حشا الله قبورهم نارا (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٨٥

الحق ثقيل مر ، والباطل خفيف وبيء (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٤ / ٤٤٥

حكمي على الواحد حكمي على الجماعة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ١٩٤ ، ٢٩٧ ، ٣٦٩ وج ٣ / ٤٧٩ ، ٦٠٠ وج ٤ / ٤٣٧ وج ٥ / ٣٣٣

خ

الخال وارث من لا وارث له (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٤ / ٢١٠

خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء إلّا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٣٣٥

خمس يقتلن في الحرم (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٤ / ٢٨٩

خير الأمور أوسطها (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٧٠

خير القرون القرن الّذي أنا فيه ، ثم الّذي يليه ... (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٩١ وج ٤ / ٤٢٥ ، ٤٣١ وج ٥ / ٢٤٦

خير المال عين ساهرة لعين نائمة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٢٧٠

د

دباغها طهورها (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٣٤٥ ، ٣٤٦

دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤٢٩ وج ٥ / ٣٢٥

دعي الصلاة أيام اقرائك (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ١٠١ ، ١٠٤ ، ٤٢٥

رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ١٨٥ ، ٦٠٢ ، ٦٠٣ وج ٢ / ١٨٥ ، ٤١٨ ، ٥١٤ ، ٥٢٠

رفع القلم عن ثلاث : عن الصبي حتّى يبلغ ... (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٥٩٠ ، ٥٩٧ ، ٥٩٨

الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٣٧

ز

زمّلوهم بكلومهم ودمائهم فإنّهم يحشرون يوم القيامة وأوداجهم تشخب دما (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٣٦٧ وج ٣ / ٥٧٢ ، ٦٢٤

س

سأل عمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قبلة الصائم ، فقال : أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته أكنت شاربه (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٥٦٧ ، ٦٣١

سأل عمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما رآه جمع بطهارة واحدة بين صلاتين عام الفتح قال : أعمدا فعلت هذا يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ فقال : نعم ١ / ٤٣٨

سألت ربي أن لا تجتمع أمتي على ضلالة فأعطانيها (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٨١

ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أعظمهم فتنة قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحرّمون الحلال ويحلّلون الحرام (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٥٤٠

ستفترق أمتي كذا وكذا فرقة كلها في النار إلّا فرقة واحدة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٨٣

سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤١٧ وج ٢ / ٤٨٠

سيكذب عليّ (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٣٤٩

ش

شريعتي مؤبّدة غير منسوخة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٦٠٦

الشؤم في ثلاثة : المرأة والدار والفرس (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٣٥٠

ص

الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٥٤١

صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤٦٣

صلّوا كما رأيتموني أصلّي وخذوا عني مناسككم (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٣١٩ وج ٢ / ٤٣١ ، ٤٣٢ ، ٥٣٣ ، ٥٤٥ ، ٥٤٦ ، ٥٧٥

ض

الضب لا آكله ولا أحلّه ولا أحرّمه (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٣٥٣

ط

طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٢٥٥

طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبعا ١ / ٤٧٨

الطواف بالبيت صلاة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٣٠١ ، ٣٠٩ وج ٢ / ٤٢٢ وج ٣ / ١١٣

ظ

ظن المؤمن لا يخطئ (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٤ / ٤٥٧

ع

عشر رضعات يحرّمن (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤٧٨

عفوت عن صدقة الخيل والرقيق (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٢٣٣

علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٥٨٢

العلماء ورثة الأنبياء (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ١٨٢ ، ٢٤٤

عليكم بالسواد الأعظم (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٨١ ، ٢٤٤

عليكم بالنمط الأوسط (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٧٠

عليكم بدين العجائز (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٢٧٠ ، ٢٧٢

عليكم بسنتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي عضّوا عليها بالنواجذ (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٢٣٨ ، ٢٤١ ، ٢٦٨ وج ٤ / ٤٢٨

غ

غدا أجيبكم ... إن شاء الله (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٢٣٩

ف

فإذا زادت الإبل على مائة وعشرين استؤنفت الفريضة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٤٩٤

فإن وقع في الماء فلا تأكل منه ، لعلّ الماء أعان على قتله (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٥٧٢

فإن مسها فلها المهر بما استحلّ من فرجها (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٥٠٧

في أربعين شاة شاة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٤٩٨

في خمس من الإبل شاة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٣٠٦

في الرقّة ربع العشر (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٤٢٦

في الغنم السائمة زكاة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤٧٠ وج ٢ / ١٢١ ، ٣٣٢ ، ٣٣٧ ، ٥١٣ ، ٥١٦ ، ٥٢١ وج ٣ / ١٠٣

في كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٢٧٦

في النفس المؤمنة مائة من الإبل (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٣٢٤

فيما سقت السماء العشر وفيما سقي بنضح أو دالية نصف العشر (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٢٩٠ ، ٤٣٧ ، ٥١٠ وج ٣ / ٦٠٢

ق

قضيت بالشفعة للجار (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ١٩٨

ك

الكبائر تسع : الشرك بالله وقتل النفس المحرمة وقذف المحصنة والزنا والفرار من الزحف والسحر وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين المسلمين والإلحاد في البيت الحرام (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٤٢٨

كتاب الله يقضي بالقصاص وليس في الكتب ما يقضي بالقصاص في السن سوى التوراة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٤ / ٤١٧

كل ممّا يليك (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٣٧٣

كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي لأجل الدافّة فادّخروها (رسول

الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٥٧١ ، ٦٢٢

كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنّها تذكركم الآخرة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٨٦ ، ٥٧١ وج ٥ / ٢٣٥ ، ٣١٥

ل

لا إنّما أنا شفيع (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤١٦

لا تبيعوا البر بالبر إلّا سواء بسواء (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٤٩٤ وج ٣ / ٤٩٧

لا تبيعوا الطعام بالطعام إلّا مثل بمثل (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٥١٧ وج ٤ / ٢٧٨

لا تجتمع امتي على خطأ (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٨١ ، ١٨٦ ، ٢٠٤ ، ٢٠٩ ، ٢٦٦ ، ٢٧٥

لا تجتمع امتي على الضلالة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٨١

لا تحرّم الرضعة ولا الرضعتان (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٣١٣

لا تخمروا رأسه ولا تقربوه طيبا فإنّه يحشر يوم القيامة ملبيا (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٣٦٧ وج ٣ / ٥٧١ ، ٦٢٤ ، ٦٢٧

لا ترجعوا بعدي كفّارا يضرب بعضكم رقاب بعض (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٥٤ ، ١٦٦ ، ١٩٠

لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق حتّى يقاتلون الدجال (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٨٢ ، ١٩٢ وج ٥ / ٢٤٣

لا تقوم الساعة إلّا على شرار أمتي (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٥٣ ، ١٦٦

لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٣١٤

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبي بكر : لا تقض في شيء واحد بحكمين مختلفين ٥ / ٢٨٢

لا تنكح المرأة على عمّتها ولا على خالتها (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ١٥٤ وج ٣ / ٨٩ ، ٩٠

لا تنكح المرأة المرأة ولا المرأة نفسها (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٣٩٩

لا تنكح اليتيمة حتّى تستأمر (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٣٩٩

لا ربا إلّا في النسيئة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٤٦٦

لا زكاة فيما دون خمسة أوسق (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٢٩٠

لا صلاة إلّا بطهور (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٨٣ ، ١٠٤ ، ٢٥٧

لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٤١٠

لا صيام لمن لم يبيّت الصيام من الليل (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٣١١ وج ٢ / ٤١٠ ، ٥٠٨ ، ٥١٤ وج ٣ / ١٢٥ وج ٤ / ٣٨٧

لا ضرر ولا ضرار في الإسلام (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٤ / ١١٦ ، ٤٤٣ ، ٤٤٤ ، ٤٥٧ وج ٥ / ٢٥١

لا عمل إلّا بنية (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٤١٠ ، ٥١٤

لا قطع إلّا في ثمن المجن (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٣١٦

لا قطع إلّا في ربع دينار (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٢٩٩

لا ندع كتاب ربنا وسنّة نبينا بقول أعرابي بوّال على عقبيه (الإمام علي عليه‌السلام) ٣ / ٨٧

لا نكاح إلّا بولي (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٢٥٧

لا وصيّة لوارث (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٧٧ ، ٨٩ ، ٩٠

لا يبولنّ أحدكم في الماء الراكد (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٦١٢

لا يتوارث أهل ملتين (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٢٩١

لا يزال طائفة من أمتي على الحق حتّى يأتي أمر الله (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٨٢ ، ٢٦٥

لا يزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من خالفهم (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٨٢

لا يزال طائفة من أمتي على الحق لا يضرهم من ناواهم إلى يوم القيامة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٨٣

لا يرث القاتل (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ١٥٤ ، ٢٩١ ، ٢٩٩ وج ٣ / ٦٣٣

لا يرث الكافر من المسلم (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٢٩٩

لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ١٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٧٣

لا يقضي القاضي وهو غضبان (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٦٣٦ وج ٥ / ٣٥٢

لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤٧٥

لست كأحدكم إنّي أظلّ عند ربي يطعمني ويسقيني (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٥٣٧

لعن الله اليهود حرّمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا أثمانها ٢ / ٤٠٤ وج ٣ / ٥٧٠

لقد حكمت بحكم الله من فوق سبعة أرقعة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ١٩٠

لقد وافق حكمه حكم الله تعالى (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٥٧٠

للراجل سهم وللفارس سهمان (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٦٣٤

لم يكن الله ليجمع أمتي على ضلال ولا على خطأ (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٨١

لمّا بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معاذا وأبا موسى إلى اليمن قال : بم تقضيان؟ ... (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٥٦٠

لمّا بعث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معاذا قاضيا إلى اليمن قال : بم تحكم؟ قال : بكتاب الله ، قال : فإن لم تجد؟ قال : بسنة رسول الله ، قال : فإن لم تجد؟ قال : اجتهد رأيي فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الحمد لله الّذي وفّق رسول رسول الله لما يحبّه الله ورسوله ٣ / ٤٤٨ ، ٥٦٠ وج ٤ / ٤١٤

لمّا قيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّ ماعزا رجم قال : هلّا تركتموه حتّى انظر في أمره» ٥ / ٢٣٤

لن يتقرّب المتقربون إلي بمثل أداء ما افترضت عليهم (حديث قدسي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٥٨٤

له غنمه وعليه غرمه (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٤ / ٤٣٦

لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ١٨٦

لو أنفق غيرهم ملء الأرض ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٢٤١

لو كان الدين يؤخذ قياسا لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره (الإمام علي عليه‌السلام) ٣ / ٥٤٢

لو لا أن أشق على أمّتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ١ / ٤١٥ وج ٥ / ٢٣٥

لو لا أن أشق على أمّتي لجعلت وقت هذه الصلاة هذا الحين (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٢٣٤

لو لا أنّا نعصي الله لما عصانا (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤١٣

ليّ الواجد يحل عرضه وعقوبته (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤٧٥

ليس في الخضراوات صدقة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٥١١

ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٣٣٥

م

ما اجتمع الحرام والحلال إلّا وغلب الحرام الحلال (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٣٢٤

ما أجهلك بلغة قومك ، أما علمت أنّ ما لما لا يعقل ومن لمن يعقل (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٤٦٧

ما احتلم نبي قط (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٣٧

ما حدّثني أحد بحديث إلّا استحلفته إلّا أبي بكر (الإمام علي عليه‌السلام) ٣ / ٣٧٤

ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤٢٣ وج ٢ / ٢٣١ وج ٣ / ١٨١ ، ١٨٧ ، ٦٠٥ وج ٤ / ١٨١ ، ٢٧٥ ، ٣٩٩ ، ٤٠٠ وج ٥ / ٢٨٧

ما منعك أن لا تستجيب وقد سمعت قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ) (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤١٤

ما هذه الكتب أكتابا مع كتاب الله ... (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٣٦٤

متى كان خليلك (أمير المؤمنين عليه‌السلام ردّا على أبي هريرة) ٣ / ٣٥٧

مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٥٩٠

مطل الغني ظلم (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤٧٥

ملكت نفسك فاختاري (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٦٢٦

من اجتهد واخطأ فله أجر واحد (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٢٢١

من أحيا أرضا ميتة فهي له (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٦٢٦

من أدخل في ديننا ما ليس منه فهو رد (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٩٠

من أراد أن يقتحم جراثيم جهنم فليقل في الجد برأيه (الإمام علي عليه‌السلام) ٣ / ٥٤٢

من أشراط الساعة أن يرتفع العلم ويكثر الجهل (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٥٤

من أصبح جنبا فلا صوم له (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٤٦٥ وج ٥ / ٢٨٦

من أعتق شريكا له من عبد قوّم عليه نصيب شريكه (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٤ / ١٥٦

من أعتق شركا من عبد قوّم عليه الباقي (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٩٤

من بدّل دينه فاقتلوه (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٤٩٧

من تعلق بأستار الكعبة فهو آمن (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٢٣١

من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٨٢ ، ١٨٧

من خرج من الطاعة وفارق الجماعة مات ميتة جاهلية (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٨٢

من سره بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة ، فإنّ الشيطان مع الواحد ... (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٨٣ ، ٢٤٤

من سعى في دم مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٢١٧

من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٤٨١

من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٣١٥

من صلى على جنازة فله قيراط من الأجر (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٤٦٦

من قاء أو رعف أو أمذى فليتوضأ (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٤ / ٢٧٩

من قرأ القرآن وأعربه فله بكل حرف منه عشر حسنات (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٤٧

من قرن الحج إلى العمرة فليطف لهما طوافا واحدا (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٤٣٥

من ملك ذا رحم محرم عتق عليه (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٥٠٩

من نام عن صلاة أو نسيها فليقضها إذا ذكرها (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٥٨٣ وج ٤ / ٤١٨ وج ٥ / ٢٩٨

ن

نحن معاشر الأنبياء لا نورث (أبو بكر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ١٦٣

النساء ناقصات عقل ودين ... (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٥١٤

نضّر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها ، فرب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٤٤٢ ، ٤٧٣ ، ٤٩٦ وج ٤ / ٤٣١

النظرة الأولى لك والثانية عليك (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٤ / ٤٣٦

نعم الإدام الخل (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٥٧٦

نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن البيع الغرر ٢ / ١٩٧

نهيت عن قتل المصلّين (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٢٥١ ، ٢٥٦ ، ٥٧٢

ه

هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٣٥٤

هؤلاء أهل بيتي (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ٢١٨

هو الطهور ماؤه الحل ميتته (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٣٣٤ ، ٣٣٥

و

وا شوقاه إلى إخواني ، قالوا يا رسول الله : ألسنا إخوانك؟ فقال : أنتم أصحابي ، إخواني قوم يأتون بعدي يهربون بدينهم من شاهق إلى شاهق ويصلحون إذا فسد الناس (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٩٢ وج ٥ / ٢٤٤

والله لأزيدنّ على السبعين (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٤٦٧

والله لأغزونّ قريشا والله لأغزونّ قريشا والله لأغزونّ قريشا ... إن شاء الله (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٢٣٨ وج ٥ / ٣١٥

الوضوء ممّا خرج (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٤ / ١٦٧

الولد للفراش (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٣٤١

ويل للذين يمسّون فروجهم ثم يصلّون ولا يتوضئون (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ١٨٤

ويل لمن لاكها بين لحييه ولم يتفكّر فيها (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٥ / ٣٦٩

ي

يا مثبّت القلوب ثبّت قلبي على دينك (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ١ / ٢٥٧

يجزئ عنك ولا يجزئ عن أحد بعدك (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ١٩٥ ، ٢٠٩ ، ٣٧٠

يد الله على الجماعة (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٣ / ١٨١

يكفيك آية الصيف (رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) ٢ / ٤٥٧

فهرس الأعلام

أ

إبراهيم النخعي : ٣ / ٣٥٩ ، ٤٨١.

ابن الأشعث : ٣ / ٣٥٥.

ابن جنّي : ١ / ١٦٩ ، ١٧١ ، ٢٣٩ ، ٢٨١ ، ٣٢٧ ، ٤٠٨ وج ٤ / ٣٠١.

ابن الحاجب : ١ / ٣٦٢.

ابن خطل : ٣ / ٤٢.

ابن داب : ٣ / ٣٦٥.

ابن الراوندي : ٣ / ٣٢٦.

ابن الزبعرى : ٢ / ١٥٣ ، ٤٥٢ ، ٤٦٦ ، ٤٦٧.

ابن زمعة : ٢ / ٣٤١.

ابن سريج (أحمد بن عمر) : ١ / ١٥٩ ، ٤٦١ وج ٢ / ٢٣٠ ، ٣١٩ ، ٤٨٦ ، ٥٣٤ وج ٣ / ٧٥ ، ٣٨٢ وج ٤ / ٣٠١ وج ٥ / ٢٥٩ ، ٢٦٤.

ابن سيرين : ٣ / ١٩٦ ، ١٩٩ ، ٣٦٠ ، ٤٧٠ ، ٥٤٣.

ابن شريح : ٤ / ٢٨٠.

ابن عليّة : ٤ / ١٤١ وج ٥ / ١٩٧.

ابن غيلان : ٢ / ١٩٢.

ابن القاص (أحمد بن أبي أحمد) : ٢ / ٣٠٦.

ابن متّويه (إبراهيم بن محمد) : ١ / ٢٨١.

ابن المنذر : ١ / ٣٨٦.

أبو إسحاق (إبراهيم بن محمد) الأسفراييني : ١ / ١٥١ ، ١٥٤ ، ٤٣٥ ، ٥٤١ ، ٥٤٢ وج ٢ / ١٦٨ ، ٥٩٠ ، ٥٩١ وج ٣ / ١٩٢ وج ٤ / ٢٠٤ ، ٣٢٦.

أبو إسحاق الشيرازي : ٤ / ٢٦٣ ، ٣١٥ ، ٣٢٦.

أبو إسحاق المروزي : ٢ / ٤٤١.

أبو إسحاق النظام : ٢ / ٩٦ وج ٣ / ١٢٦ ، ١٣١ ، ٣٣٨ ، ٣٣٩ ، ٣٥٣ ، ٣٥٤ ، ٣٥٨ ، ٣٥٩ ، ٣٦٠ ، ٣٦٢ ، ٣٦٣ ، ٤٠١ ، ٤٠٣ ، ٥١٨ ، ٥٢٠ ، ٥٢١ ، ٥٨٤ ، ٦٠٣.

أبو بردة : ٢ / ١٩٥ ، ٢٠٩ ، ٣٧٠.

أبو بكر : ١ / ٣٨٤ وج ٢ / ١٥٧ ، ١٦٢ ، ٢٢٧ وج ٣ / ٤٨ ، ١٤١ ، ٢١٣ ، ٢٣٩ ، ٢٤٣ ، ٢٤٥ ، ٢٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٦٢ ، ٣٧٤ ، ٣٩٧ ، ٤٠٠ ، ٤٠١ ، ٤٣٨ ، ٤٣٩ ، ٤٥٧ ، ٥٤١ ، ٥٧٥ ، ٥٧٧ ، ٥٨٣ ، ٥٨٤.

وج ٤ / ١١٩ ، ٤٢٢ ، ٤٢٤ ، ٤٢٨ ، ٤٣٢ وج ٥ / ٢٠٨ ، ٢١٤ ، ٢١٥ ، ٢٨٧ ، ٢٩٢ ، ٣٠١ ، ٣٠٧.

أبو بكر (محمد بن الحسن الأنصاري) ابن فورك : ١ / ٧٨ ، ١٥٠ وج ٣ / ٢٠٩.

أبو بكر الأصم : ٥ / ١٩٧ ، ٢٠٠.

أبو بكر الدقاق : ١ / ٤٦٨ ، ٤٦٩.

أبو بكر الرازي الجصاص : ١ / ٥٠٥ ، ٥٤٠ ، ٥٨٧ وج ٢ / ٢١٧ ، ٣٥٢ وج ٣ / ٢٣٧ ، ٢٤٢ ، ٤٨٨ وج ٤ / ٤٢٢.

أبو بكر الصيرفي (محمد بن عبد الله) : ١ / ١٤٠ وج ٢ / ٢٣٠ ، ٢٣١ ، ٣٥٠ ، ٣٥١ ، ٤٢٧ ، ٤٤١ ، ٤٨٥ ، ٥٣٤ وج ٣ / ٢٤ ، ٢٠٠ ، ٢٠٣ ، ٥٣٢ وج ٤ / ٣٦٣.

أبو بكر القفّال (محمد بن أحمد الشاشي) : ١ / ٤٧٠ وج ٢ / ٨٥ ، ٢١٣ ، ٥٨١ وج ٣ / ٣٨٢ ، ٥١٩ ، ٥٣٨.

أبو ثور (إبراهيم بن خالد الكلبي) : ٢ / ٢٢٣ ، ٣٣٥ ، ٣٤٥.

أبو جندل (سهيل بن عمرو) : ٣ / ٤١.

أبو حامد الاسفراييني : ١ / ٥٧٠.

أبو الدرداء : ٣ / ٤٠٠ ، ٥٨٤.

أبو ذر : ٣ / ٣٦٧.

أبو زيد (عبد الله بن عمر الدبوسي) : ٢ / ١٠١ وج ٤ / ٩١ ، ٣٠٦.

أبو الحسن الأشعري : ١ / ٨٠ ، ١٤٠ ، ١٥٠ ، ١٥٢ ، ٣٥٨ ، ٤٠٢ ، ٤٧٠ ، ٥٢٨ ، ٥٤٥ ، ٦٠٦ ، ٦٠٧ وج ٢ / ١٢٢ ، ٣١٨ ، ٤٢٩ وج ٣ / ٢٨ ، ٢٠٣ وج ٥ / ١٩٨.

أبو الحسين البصري : ١ / ١٤٠ ، ١٩٣ ، ٢١٩ ، ٢٣٩ ، ٢٤٠ ، ٣٥٠ ، ٣٥٩ ، ٣٦٣ ، ٣٧١ ، ٣٨٥ ، ٤٠٠ ، ٤٠١ ، ٤٣٥ ، ٤٥١ ، ٤٦٤ ، ٤٨٣ ، ٤٨٥ ، ٤٨٦ ، ٤٩٣ ، ٥٠٤ ، ٥٠٥ ، ٥٢١ ، ٥٢٢ ، ٥٢٤ ، ٥٢٨ ، ٥٨٨ ، ٥٨٩.

وج ٢ / ٨٥ ، ٩٥ ، ١٠٥ ، ١٠٩ ، ١١٠ ، ١١٥ ، ١٢٤ ، ١٧٩ ، ٢٠٤ ، ٢١٧ ، ٢١٩ ، ٢٦١ ، ٣٠٦ ، ٣٠٧ ، ٣١٨ ، ٣٥٧ ، ٣٦٠ ، ٣٦٤ ، ٣٦٦ ، ٣٨٥ ، ٣٨٦ ، ٣٩٣ ، ٣٩٦ ، ٤١٠ ، ٤١٢ ، ٤١٥ ، ٤١٨ ، ٤٢٠ ، ٤٢٨ ، ٤٢٩ ، ٤٣٠ ، ٤٣٢ ، ٤٣٤ ، ٤٣٦ ، ٤٣٧ ، ٤٤٢ ، ٤٧٧ ، ٤٧٩ ، ٤٨٧ ، ٥٣٠ ، ٥٣١ ، ٥٤٠ ، ٥٤٢ ، ٥٥٨ ، ٥٦٠ ، ٥٦٦ ، ٥٧٧ ، ٥٨١ ، ٥٨٨ ، ٦٠٨ ، ٦١١ ، ٦١٢ ، ٦١٥.

وج ٣ / ٥١ ، ٥٣ ، ٥٨ ، ٦٤ ، ٦٧ ، ٧٢ ، ٨٠ ، ٩٧ ، ١٠٣ ، ١١٤ ، ١١٥ ، ١١٦ ، ١١٩ ، ١٢٠ ، ١٧١ ، ١٧٨ ، ١٨٠ ، ٢٠٤ ، ٢١٠ ، ٢٥٦ ، ٢٧٣ ، ٢٩٢ ، ٢٩٤ ، ٣٠٤ ، ٣٠٥ ، ٣٠٦ ، ٣٠٧ ، ٣١٣ ، ٣١٨ ، ٣٣٠ ، ٣٧٩ ، ٣٨١ ، ٣٨٢ ، ٣٩٦ ، ٤٠٥ ، ٤٠٧ ، ٤١٧ ، ٤١٩ ، ٤٤٧ ، ٥٠٢ ، ٥١٩ ، ٥٣٣ ، ٥٣٨ ، ٥٤٧ ، ٦٠٣ ، ٦١٥.

وج ٤ / ١٦٩ ، ٢٣٣ ، ٢٤٢ ، ٣٦٣ ، ٣٩٠ ، ٣٩٧ ، ٤٠٧.

وج ٥ / ١٧٥ ، ١٧٦ ، ١٧٨ ، ١٩٢ ، ٢٤٨ ، ٣٢١ ، ٣٢٣ ، ٣٢٥ ، ٣٢٦ ، ٣٤٢.

أبو حنيفة : ١ / ٢٨٥ ، ٣٣٣ ، ٤٧٠ ، ٥٧٠.

وج ٢ / ٨٢ ، ٨٣ ، ٨٥ ، ١٠١ ، ١٦٨ ، ١٧٦ ، ١٨٠ ، ١٨٨ ، ٢٥٦ ، ٢٦٠ ، ٢٦٧ ، ٢٧٨ ، ٢٨٨ ، ٣٠٦ ، ٣٠٨ ، ٣١١ ، ٣١٨ ، ٣٤١ ، ٤٩٥ ، ٤٩٦ ، ٤٩٨ ، ٥٠٦ ، ٥٠٨ ، ٥١٠.

وج ٣ / ١١٣ ، ٢٠٣ ، ٢٠٩ ، ٢٥٤ ، ٤٢٢ ، ٤٣٦ ، ٤٤٢ ، ٤٥٩ ، ٤٨٤ ، ٤٨٨ ، ٥١٨ ، ٥٤٤ ، ٥٦٢ وج ٤ / ٩٩ ، ١٦٣ ، ٢٤٢ ، ٢٩٠ ، ٣٩٨ وج ٥ / ٢٥٨ ، ٢٩٩.

أبو الحسين الخياط : ٣ / ٢٤٢.

أبو رافع : ٥ / ٣٠٣.

أبو سعيد الخدري : ١ / ٤١٤ وج ٣ / ٢٤٦ ، ٣٥٤ ، ٣٥٥ ، ٣٥٨ ، ٣٦١ ، ٣٩٩ ، ٤٠١ ، ٤٣٨ وج ٥ / ٢٨٧ ، ٢٩٢.

أبو سعيد الاصطخري : ٢ / ٣١٩ ، ٥٣٤.

أبو سنان الأشجعي : ٣ / ٤٠١ ، ٤٢٣ ، ٤٢٤ ، ٤٢٦.

أبو عباس : ٤ / ٢٨٠.

أبو عبد الله البصري : ١ / ٢١٩ ، ٢٢٣ ، ٢٣٦ ، ٢٣٨ ، ٣٥٢ ، ٤٦١ ، ٤٧٠ ، ٥٠٥ ، ٥٨٨.

وج ٢ / ٨٥ ، ٩٤ ، ٢٢٣ ، ٣١٦ ، ٤٠٣ ، ٤١٠ ، ٤١١ ، ٤٢٨ ، ٥٣٠.

وج ٣ / ٥١ ، ١٠٢ ، ١٠٣ ، ٢٢٦ ، ٢٥٥ ، ٢٧٩ ، ٢٨٨ ، ٢٩١ ، ٣٤٣ ، ٤٩٥ ، ٥٣٢ ، ٦٠٣ ، ٦٠٨ وج ٤ / ٢٤٢ ، ٢٨٤.

أبو عبد الله الجرجاني : ٣ / ٢٤٣.

أبو عبيد (القاسم بن سلام الهروي) : ١ / ٤٧٠ ، ٤٧٥ ، ٤٧٦ ، ٤٧٨.

أبو عبيد الله بن الحسن العنبري : ٥ / ١٩٣ ، ١٩٦.

أبو عبيدة : ٣ / ٥٨٥.

أبو علي بن أبي هريرة : ١ / ١٣٩ وج ٢ / ٥٣٤ وج ٣ / ٢٢٦ ، ٢٣٠.

أبو علي بن خلاد : ٢ / ٥٢٩ ، ٥٥٢.

أبو علي بن خيران : ٢ / ٥٣٤.

أبو علي بن سينا : ١ / ١٩٤.

أبو علي الجبائي : ١ / ٢٣٦ ، ٤٠٠ وج ٢ / ١٦٤ ، ٣١٨ ، ٤٠٩ ، ٤٢٩ ، ٤٧٩ ، ٤٨٣.

وج ٣ / ١٠٢ ، ١٠٣ ، ٢٢٦ ، ٢٩٠ ، ٤٣٧ وج ٥ / ١٧٨ ، ١٩٨ ، ٢٢٧ ، ٢٥٠.

أبو علي الفارسي : ١ / ٣١٣ ، ٣٢٧ وج ٤ / ٣٠١ ، ٣٠٣ وج ٥ / ١٨٣.

أبو عمرو (زبان) ابن العلاء التميمي : ١ / ١٦٨ ، ١٧١.

أبو عمرو الشيباني (إسحاق بن مرار) : ١ / ١٦٨.

أبو لهب : ١ / ١٢٦ ، ١٣١ ، ٥٥٧ وج ٣ / ١٤٧.

أبو مسلم (محمد) بن بحر الاصفهاني : ٢ / ٦٠٢ ، ٦١٧ ، ٦١٨ ، ٦١٩ ، ٦٢٠ ، ٦٢١.

أبو موسى الأشعري : ٣ / ٣٥٤ ، ٣٥٦ ، ٤٠١ ، ٤٣٨ ، ٤٥٧ ، ٥٦٠ ، ٥٧٤ ، ٥٨٤ ، ٥٨٧ وج ٥ / ٢٨٧ ، ٢٩٢.

أبو هاشم الجبائي : ١ / ١٥٠ ، ١٥٤ ، ١٦٣ ، ١٥٤ ، ٢١٩ ، ٢٢٨ ، ٢٣٦ ، ٤٠١ ، ٥٦٩ ،

٥٧٩ وج ٢ / ٧٠ ، ٨١ ، ١٦٤ ، ٢٤٥ ، ٣١٨ ، ٤٢٩ ، ٤٧٩ ، ٥٥٢.

وج ٣ / ٨٠ ، ١٠٢ ، ٢٢٦ ، ٢٣٠ ، ٢٩٠ ، ٣٤٣ ، ٤٥٩ ، ٥٠٢ ، ٥٣٣ ، ٦٠٣ ، ٦١٥.

وج ٤ / ٢٩٦ وج ٥ / ١٩٨ ، ٣٢٤.

أبو الهذيل العلاف : ٢ / ٤٧٩ وج ٥ / ١٩٨.

أبو هريرة : ٢ / ٣٤٤.

وج ٣ / ٢٣٦ ، ٢٤٠ ، ٣٥١ ، ٣٥٥ ، ٣٥٧ ، ٣٥٨ ، ٤٠٢ ، ٤٣٤ ، ٤٤٠ ، ٤٤٩ ، ٤٥٤ ، ٤٦٥ ، ٤٦٦ ، ٦٠٢ وج ٥ / ٢٨٦.

أبو وائل : ٣ / ٢٤١.

أبو يوسف (يعقوب بن إبراهيم الأنصاري) : ١ / ٢٨٥ وج ٢ / ١٨٨ وج ٣ / ٤٤١ ، ٤٧٦ ، ٤٨٤ ، ٤٨٨ وج ٥ / ١٧٢.

أبي بن كعب : ٣ / ٣٩٩ ، ٥٨٤.

أحمد بن حنبل : ١ / ٣٢٠ ، ٤٦٩ ، ٤٧٠ وج ٢ / ٨٠ ، ٨٥ ، ١٨٠.

وج ٣ / ٧٦ ، ٩٩ ، ٢٠٩ ، ٢١٠ ، ٢١١ ، ٢٣٧ ، ٢٣٩ ، ٢٤٠ ، ٢٤٢ ، ٣٧١ ، ٤٢١ ، ٤٤٠ ، ٤٤١ ، ٤٤٧ ، ٤٥٩ ، ٤٧٠ ، ٤٧٥ ، ٤٨٨ ، ٥١٨.

وج ٤ / ٣٩٨ ، ٤١١ ، ٤٢٢ وج ٥ / ٢٥٨ ، ٢٦٤ ، ٢٧٥.

الأخطل (غياث بن غوث) : ١ / ٣٨٤.

الأخفش (سعيد بن مسعدة المجاشعي) : ١ / ٤٧٦.

إسحاق بن راهويه : ٥ / ٢٥٨.

أشيم الضبابي : ٣ / ٣٩٨.

الأصمعي : ١ / ١٦٨ ، ١٧٠ ، ١٧١ ، ٢٨٤.

الأعشى (ميمون بن قيس) : ١ / ٣٢٨.

أقليدس : ٣ / ٣٠٢.

أم سلمة : ٢ / ٢٠٠ ، ٥٣٧ وج ٣ / ٢١٨ ، ٢٢٠ ، ٥٦٩ وج ٥ / ٣٢٣ ، ٣٢٤.

أنس بن مالك : ٣ / ٤٨ ، ٢٤٠ ، ٣٥٥ ، ٣٩٩.

ب

بخت نصر : ٢ / ٦٠٩ وج ٣ / ٣٠٣ ، ٣١٧ ، ٣١٨.

البراء بن عازب : ٣ / ٤٦٥.

البرذعي : ٤ / ٤٢٢.

بريرة : ١ / ٤١٦ وج ٥ / ٣٠٤.

بشر المريسي : ٤ / ٢٨٩ وج ٥ / ٢٠٠.

بكر بن محمد المازني البصري : ١ / ١٧٠ ، ١٧١.

بلال : ٣ / ٣٩٧ ، ٤٣٨.

البلخي (عبد الله بن أحمد الكعبي) : ١ / ٣٦٧ ، ٣٨٩ ، ٣٩٠ ، ٥٢٣ ، ٥٣١ ، ٥٣٧ وج ٢ / ٢٢٣ وج ٣ / ٣٠٤.

ج

جابر بن زيد : ٣ / ٣٥٤ ، ٣٦١.

الجاحظ : ٣ / ٢٩٦ وج ٥ / ١٩٣ ، ١٩٦.

جالينوس : ٣ / ٣٠١.

الجبائيان : ١ / ١٣٠ ، ١٩٣ ، ٣٨٩ ، ٤٥١ ، ٥٠٤ وج ٢ / ٧٧ ، ٩٧ ، ٤٤٢ ، ٤٥٥.

وج ٣ / ٥٥ ، ٢٨٨ ، ٢٩٤ وج ٥ / ١٧٢ ، ٢٧٥.

جعفر بن حرب : ٣ / ٥١٨.

جعفر بن مبشر : ٣ / ٥١٨.

الجوئي : ٢ / ٣٣٥.

الجوهري : ٣ / ١٧٠.

الجويني (عبد الملك بن عبد الله) : ١ / ٧٨ ، ٨٠ ، ٣٢١ ، ٣٦٩ ، ٤٠٠ ، ٥٢٨ ، ٦٠٤ ، ٦٠٦.

وج ٢ / ١٦٨ ، ٢١٧ ، ٢٢١ ، ٣٢٠ ، ٣٦٤ ، ٤٨٦ ، ٥٣٤ ، ٥٨٧ ، ٥٩٥.

وج ٣ / ١٨٨ ، ٢٠٣ ، ٢٦٤ ، ٣٠٤ ، ٣٣٨ وج ٤ / ١٠٦ ، ٢٢٣ ، ٢٣٢.

ح

حذيفة : ٣ / ٣٥٣.

الحسن البصري : ٢ / ٤٠٩ وج ٣ / ٢٤١ ، ٤٦٦ ، ٤٧٠ وج ٥ / ٣٠٩.

حفصة : ٣ / ٣٥٨.

الحكم بن أبي العاص : ٣ / ٤٠١ ، ٤٣٨.

الحليمي (الحسين بن الحسن) : ٢ / ٣٥٠.

حمزة (عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : ٣ / ٢٧٠.

حمل بن مالك : ٣ / ٣٩٨ ، ٤٣٨.

خ

خالد بن الوليد : ٣ / ٣٩٢ وج ٥ / ٣١١.

الخليل بن أحمد الفراهيدي : ١ / ١٦٨.

د

داود الظاهري : ٢ / ١٦٨ ، ٥١٨ ، ٥١٩ وج ٣ / ٢٢٦ ، ٢٥٢ ، ٢٦٦.

دحية الكلبي : ٣ / ٣١٣.

دريد بن الصمّة : ١ / ٣٨٥.

الدقاق : ٣ / ٣٠٤.

ر

رافع بن خديج : ٢ / ٣٧٤ وج ٣ / ٣٦١ ، ٣٩٩ ، ٤٣٨.

ربيعة بن أبي عبد الرحمن : ٣ / ٤٤٠.

ربيعة بن أبي ليلى : ١ / ٣٢٠.

رؤبة بن العجاج التميمي البصري : ١ / ١٧٠ ، ١٧١.

ز

الزباء : ١ / ٣٦٠.

الزبير : ٣ / ٥٨٥ ، ٥٩٦.

الزجاج : ٢ / ٥٠٥.

زيد بن أرقم : ٣ / ٥٤٣.

زيد بن الأصم : ٣ / ٣٥٣.

زيد بن ثابت : ٢ / ١٦٨ وج ٣ / ٢٣٧ ، ٣٦١ ، ٥٧٤ ، ٥٧٩ ، ٥٨٤ وج ٥ / ٢٠٩ ، ٢١٤.

س

سراقة بن مالك : ١ / ٤٤٠.

سعد بن أبي وقاص : ٢ / ٢١٤.

سعد بن عبادة : ٣ / ٢٤٥.

سعد بن معاذ : ٣ / ٥٧٠ وج ٥ / ١٩٠.

سعيد بن جبير : ٣ / ٢٤٠ ، ٢٤١ ، ٣٦١.

سعيد بن المسيب : ٣ / ٢٤١ ، ٤٦٠ ، ٤٦٦.

سفيان الثوري : ٣ / ٢٠٠ وج ٥ / ٢٥٨.

سلمة بن صخر : ٢ / ٣٣٧.

سهل بن أبي حثمة : ٣ / ٣٥٩.

سهيل بن أبي صالح : ٣ / ٤٤٠.

سيبويه : ١ / ١٥٩ ، ١٦٩ ، ٢٢٦ ، ٣١٣ وج ٢ / ١٣٦ ، ١٥٨ ، ٢٦٨ ، ٢٧٠.

ش

الشافعي : ١ / ٢١٨ ، ٢١٩ ، ٢٢٣ ، ٢٢٧ ، ٣٢٠ ، ٣٣٦ ، ٤٠٠ ، ٤٠١ ، ٤٧٠.

وج ٢ / ٨٢ ، ٨٣ ، ١٦٨ ، ١٧٦ ، ٢٦٠ ، ٢٦٢ ، ٢٧٨ ، ٣٠٦ ، ٣١١ ، ٣١٢ ، ٣١٨ ، ٣٣٥ ، ٣٤٤ ، ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٦٠ ، ٣٦٧ ، ٣٧٦ ، ٣٩٣ ، ٤٠٨ ، ٤٣٠ ، ٤٩٥ ، ٤٩٩ ، ٥٠١ ، ٥٠٢ ، ٥٠٦ ، ٥٣٤ ، ٥٦٧ ، ٥٧٦ ، ٥٧٧.

وج ٣ / ٧٦ ، ٨٣ ، ٨٦ ، ١١٣ ، ١٤٤ ، ٢٢٦ ، ٢٢٨ ، ٢٥٤ ، ٢٧٧ ، ٤٢٠ ، ٤٢١ ، ٤٣٠ ، ٤٣٥ ، ٤٤١ ، ٤٤٦ ، ٤٥٣ ، ٤٥٤ ، ٤٥٥ ، ٤٥٦ ، ٤٥٩ ، ٤٦١ ، ٤٧٠ ، ٤٧٩ ، ٤٨٤ ، ٥١٨ ، ٥٤٤ ، ٥٦٢.

وج ٤ / ١٠٦ ، ١٤٠ ، ١٤١ ، ١٤٢ ، ١٦٣ ، ١٨٨ ، ١٩١ ، ٢٤٢ ، ٢٧٨ ، ٢٨٤ ، ٢٩٠ ، ٣٠٩ ، ٣١١ ، ٣٢٢ ، ٣٢٤ ، ٣٢٥ ، ٣٣٣ ، ٣٦٥ ، ٣٨٥ ، ٣٨٦ ، ٣٩٨ ، ٣٩٩ ، ٤٢١ ، ٤٢٢ ، ٤٣٢ ، ٤٤٥ ، ٤٤٦.

وج ٥ / ١٧٢ ، ٢٢٧ ، ٢٥٨ ، ٢٩٠ ، ٢٩٩.

شريح القاضي : ٣ / ٢٤١ ، ٥٤١ وج ٥ / ٢١٤.

الشريف المرتضى : ١ / ٧٩ ، ٨٦ ، ٨٧ ، ٢١٨ ، ٢١٩ ، ٢٣٩ ، ٣٥٩ ، ٣٦٠ ، ٣٨٥ ، ٣٨٦ ، ٣٩٠ ، ٤٠١ ، ٤٣٢ ، ٤٣٥ ، ٤٤٣ ، ٤٥١ ، ٤٦٠ ، ٥٠٤ ، ٥١٨ ، ٥٢٣ ، ٥٢٨ ، ٥٣٠ ، ٥٧٥ ، ٥٧٩.

وج ٢ / ٨٦ ، ١٠٠ ، ١٠٦ ، ١١١ ، ١١٥ ، ١٣٧ ، ١٧٢ ، ٢٤٥ ، ٢٦٠ ، ٢٧٢ ، ٢٩٨ ، ٣٢٤ ، ٣٢٧ ، ٣٦٤ ، ٣٨٥ ، ٣٩٦ ، ٤٠٨ ، ٤٠٩ ، ٤١٦ ، ٤٢٨ ، ٤٢٩ ، ٤٤١ ، ٥٣٤.

وج ٣ / ٦٨ ، ٩١ ، ١٠٢ ، ١٠٧ ، ١٠٨ ، ١١١ ، ١١٦ ، ١١٧ ، ١١٩ ، ٢٠١ ، ٢٢٦ ، ٢٧٢ ، ٢٩٤ ، ٣٠٤ ، ٣٠٥ ، ٣٢٠ ، ٣٨٢ ، ٤٠١ ، ٤٠٣ ، ٤٩٠ ، ٤٩١ ، ٥١٨ ، ٥٧٥.

وج ٤ / ٣٦٣ ، ٣٩٠ ، ٤٠٧ ، ٤١١.

وج ٥ / ١٧٩ ، ٢٢٧.

الشعبي (عامر بن شرحبيل) : ٣ / ٢٤١ ، ٣٥٩ ، ٤٦٦ ، ٥٤٣ وج ٥ / ١٨٥.

ص

صدقة بن يسار : ٣ / ٣٦٠.

ض

الضحاك : ٣ / ٣٩٨.

ط

الشيخ الطوسي : ٢ / ٨٥ وج ٣ / ٣٨٢ ، ٤٠٣ وج ٥ / ٢٨٣.

طلحة : ٣ / ٥٩٦.

ع

عائشة : ١ / ٤٦٣ وج ٢ / ١٨٤ ، ٥٣٨ ، ٥٤٧.

وج ٣ / ٢٤٢ ، ٣٥٠ ، ٣٥١ ، ٣٥٤ ، ٣٥٧ ، ٣٥٨ ، ٣٦٠ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧ ، ٣٩٩ ، ٤٣٤ ، ٤٣٨ ، ٤٤٣ ، ٤٥٠ ، ٥٤٣ ، ٥٧٥.

وج ٥ / ٢٨٧ ، ٣٠٣ ، ٣٠٤ ، ٣٢٣ ، ٣٢٤.

عباس بن سليمان الصيمري : ١ / ١٥٠.

عبادة بن الصامت : ٣ / ٣٥٦.

العباس : ٣ / ٥٨٤.

العباس (عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم) : ٥ / ٢٣٢ ، ٢٣٧.

عبد الرحمن بن عوف : ١ / ٤١٧ وج ٢ / ١٩٥ ، ٢٩٩ ، ٣٧٠ وج ٣ / ٢٤٠ ، ٢٤٢ ، ٢٥٥ ، ٣٤٣ ، ٣٩٨ ، ٤٣٨.

وج ٤ / ٢٣١ ، ٤٢٨ وج ٥ / ٢٠٩ ، ٢٦٠.

عبد القاهر الجرجاني : ١ / ٢٤٠.

عبد الكريم بن أبي العوجاء : ٣ / ٣٥١.

عبد الله بن أبي مليكة : ٣ / ٣٥٩.

عبد الله بن الزبير : ٣ / ٤١٦ ، ٥٨٥.

عبد الله بن سعد بن أبي سرح : ٥ / ٢٣١ ، ٢٣٢ ، ٢٣٧.

عبد الله بن سعيد : ١ / ٥٩٦ ، ٥٩٧ وج ٣ / ٢٨.

عبد الله بن سلام : ٢ / ٦١٠ وج ٤ / ٤١٥.

عبد الله بن عباس : ١ / ٢٥٩ ، ٢٧٠ ، ٢٨٤ ، ٣١٨ ، ٣٢٠ ، ٣٣٧ ، ٣٧٣ ، ٤٧٦ ، ٤٧٨.

وج ٢ / ١٦٨ ، ١٧٠ ، ٢٢٧ ، ٢٣٧ ، ٢٣٩ ، ٢٤٠ ، ٢٤٦ ، ٢٨٩ ، ٣٠٨ ، ٣١٦ ، ٤٦٣ ، ٤٦٤ ، ٤٦٥.

وج ٣ / ٩٢ ، ١٩٥ ، ١٩٦ ، ٢٠٠ ، ٢٢٧ ، ٢٢٩ ، ٢٣٦ ، ٢٤٠ ، ٢٤٢ ، ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، ٢٤٦ ، ٣٥٣ ، ٣٥٨ ، ٣٦٠ ، ٣٦١ ، ٣٦٢ ، ٣٩٩ ، ٤١٦ ، ٤٤٩ ، ٤٥٠ ، ٤٥٩ ، ٤٦٦ ، ٤٩٤ ، ٥٤٢ ، ٥٧٤ ، ٥٧٦ ، ٥٧٩ ، ٥٨٤ ، ٥٨٥ ، ٥٨٨ ، ٥٨٩ ، ٥٩٠.

وج ٤ / ١٨٢ وج ٥ / ٢٠٩ ، ٣٠٣.

عبد الله بن عمر : ٢ / ٣١٣ وج ٣ / ٢٤٠ ، ٣٥٣ ، ٣٥٤ ، ٣٩٩ ، ٤٠٢ ، ٤٢٨ ، ٤٦٦ ، ٥٤٣ وج ٥ / ٣٠٤.

عبد الله بن مسعود : ١ / ٣٣٣ ، ٣٣٤ ، ٣٣٥ ، ٣٣٨.

وج ٣ / ١٣٠ ، ٢٤٣ ، ٣٥٥ ، ٣٦٣ ، ٣٦٧ ، ٤٧٢ ، ٥٧٥ ، ٥٨٤ ، ٥٨٧.

وج ٤ / ١٨٢ وج ٥ / ٢٠٩ ، ٢٤٨.

عبيد بن أم كلاب : ٣ / ٣٦٧.

عبيدة بن عمرو السلماني : ٣ / ٢١٢ ، ٢١٣.

عتبة بن أبي سفيان : ٣ / ٣٦٥.

عثمان البتي : ٤ / ٢٨٨.

عثمان بن عفان : ٣ / ٣٥٣ ، ٣٦٥ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧ ، ٣٩٨ ، ٤٠١ ، ٤٣٨ ، ٥٧٦ ، ٥٧٧ ، ٥٨٤ ، ٥٩٦.

وج ٤ / ٤٢٨ ، ٤٢٩ وج ٥ / ٢٠٩ ، ٢٣٢ ، ٢٦٠ ، ٢٧٨.

عثمان بن مظعون : ٢ / ١٤١ ، ١٤٢.

عروة : ٣ / ٣٥٩ ، ٣٦٢.

عطاء بن أبي رباح : ٣ / ٣٦١.

عقبة بن عامر الجهني : ٥ / ١٩٠.

عكرمة : ١ / ٢٥٩ وج ٣ / ٣٦١.

عمّار : ٣ / ٣٦٧.

عمر بن الخطاب : ١ / ٣١٧ ، ٣١٩ ، ٣٨٤ ، ٤٣٨ ، ٤٤٢ ، ٤٦٢.

وج ٢ / ١٥٧ ، ٢١٤ ، ٢١٥ ، ٣٠١ ، ٤٥٧ ، ٤٧٣ ، ٥٣٨ ، ٥٤٧.

وج ٣ / ٧٦ ، ٨٧ ، ١٤١ ، ٢١٢ ، ٢١٣ ، ٢٢٧ ، ٢٢٩ ، ٢٣٩ ، ٢٥٥ ، ٣٥٤ ، ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٥٨ ، ٣٦٢ ، ٣٩٧ ، ٤٠٠ ، ٤٠١ ، ٤٠٢ ، ٤٢٣ ، ٤٢٤ ، ٤٢٦ ، ٤٣٨ ، ٤٣٩ ، ٤٤٨ ، ٤٥٧ ، ٥٤١ ، ٥٦٧ ، ٥٧٤ ، ٥٧٥ ، ٥٧٧ ، ٥٨٤ ، ٥٨٧ ، ٥٨٩ ، ٦٣١ ، ٦٣٢.

وج ٤ / ١١٩ ، ٢٣١ ، ٤١٢ ، ٤٢٢ ، ٤٢٤ ، ٤٢٨ ، ٤٣٢.

وج ٥ / ١٨٤ ، ٢٠٨ ، ٢١٤ ، ٢١٥ ، ٢٨٢ ، ٢٨٧ ، ٢٩٢.

عمر بن شعيب : ٣ / ٣٥٩.

عمر بن يحيى : ٣ / ٤٧٥.

عمران بن الحصين : ٣ / ٣٥٣.

عمرو بن أحمد الباهلي : ١ / ١٦٩.

عمرو بن حزم : ٣ / ٣٩٧ ، ٤٣٦.

عمرو بن العاص : ١ / ٣٨٥ وج ٣ / ٣٦٥ وج ٥ / ١٩٠ ، ٣١١.

عمرو بن عبيد : ٣ / ٤١٩.

عيسى بن أبان : ٢ / ٢١٦ ، ٢٢٣ ، ٢٩٨ ، ٣١٦ ، ٣١٩ ، ٣٤٢ ، ٣٤٤.

وج ٣ / ٩١ ، ٤٤٧ ، ٤٥٣ ، ٤٦١ وج ٥ / ٣٠٨ ، ٣٢٤.

غ

الغزالي (أبو حامد محمد بن محمد) : ١ / ٧٩ ، ٨٥ ، ١١٠ ، ١٥١ ، ٢١٩ ، ٣٦٩ ، ٤٠٢ ، ٥٢٨ ، ٥٣٠ ، ٥٣١ ، ٥٣٢ ، ٥٣٤ ، ٥٣٥ ، ٥٤٥ ، ٦٠٧.

وج ٢ / ٧٧ ، ٨٥ ، ١١١ ، ١١٥ ، ١٢٣ ، ١٦٨ ، ٢٠٠ ، ٢٠١ ، ٢١٦ ، ٢٣٤ ، ٢٧٤ ، ٣٢٠ ، ٣٢٥ ، ٣٧٤ ، ٣٧٥ ، ٣٧٦ ، ٣٩٥ ، ٤٢١ ، ٤٢٢ ، ٤٢٣ ، ٤٢٤ ، ٤٢٩ ، ٤٧٠ ، ٤٨٦ ، ٤٨٨ ، ٤٩٠ ، ٥٢١ ، ٥٨٠ ، ٥٨٤.

وج ٣ / ٣٣ ، ٦٠ ، ٩٣ ، ١١٦ ، ١٢٦ ، ١٢٧ ، ٢٠٣ ، ٢١٥ ، ٢٣٧ ، ٣٠٤ ، ٣٣٤ ، ٣٣٦ ، ٣٣٨ ، ٦١٧.

وج ٤ / ١٠٦ ، ١٦٠ ، ١٦١ ، ٢٣٠ ، ٢٣٢ ، ٣٢٦ ، ٣٦٣ ، ٣٨٥ ، ٣٩٠ ، ٤٠٣ ، ٤٠٧ ، ٤٣٢ وج ٥ / ١٦٩.

ف

فاطمة بنت قيس : ٢ / ٣٠١ وج ٣ / ٣٥٤ ، ٤٠١ ، ٤٢٣ ، ٤٢٤ ، ٤٢٦.

فخر الدين الرازي : ١ / ١٨٨ ، ١٩٤ ، ٢٠٦ ، ٢١٧ ، ٢١٩ ، ٢٢٧ ، ٢٣٨ ، ٢٨٧ ، ٢٨٩ ، ٢٩٠ ، ٣٠١ ، ٣٠٢ ، ٣٢٦ ، ٤٠٠ ، ٤٣٥ ، ٥٣٥ ، ٥٣٦ ، ٥٧٣.

وج ٢ / ٧٧ ، ٨٥ ، ١١٣ ، ٣٦٤ ، ٣٩٢ ، ٣٩٤ ، ٤٨٧.

وج ٣ / ١٣١ ، ٢٧٩ ، ٣٥٢ وج ٤ / ١٣١ ، ٤٤٠ وج ٥ / ٣٢١.

الفراء (يحيى بن زياد) : ١ / ٣١٣.

الفرزدق (همام بن غالب التيمي الدارمي) : ١ / ٣٢٨.

فريعة بنت مالك : ٣ / ٣٩٨.

الفضل بن العباس : ٣ / ٣٥٨ ، ٤٦٦.

فيروز الديلمي : ٢ / ٤٩٥ ، ٤٩٨.

ق

القاساني : ٣ / ٤٠٣ ، ٥٣٨.

القاسم بن محمد : ٣ / ٣٦٠.

القاسم بن محمد بن أبي بكر : ٥ / ٣٠٤.

القاضي أبو بكر الباقلاني (محمد بن الطيب) : ١ / ٧٨ ، ٩٢ ، ١١٠ ، ١١١ ، ١٥١ ، ١٥٩ ، ٢١٨ ، ٢٢٣ ، ٢٢٧ ، ٢٤٦ ، ٢٤٧ ، ٣٣٦ ، ٣٦٩ ، ٤٠٢ ، ٤٥١ ، ٤٧٠ ، ٥٢٨ ، ٥٣٠ ، ٥٣٢ ، ٥٣٣ ، ٥٣٤ ، ٥٤٠ ، ٦٠٧.

وج ٢ / ٧٧ ، ١٢٢ ، ١٦٨ ، ٢١٦ ، ٢٢١ ، ٢٤٩ ، ٢٦١ ، ٢٨٨ ، ٢٩٨ ، ٣٢٠ ، ٣٢٩ ، ٣٣١ ، ٣٦٧ ، ٣٦٨ ، ٣٧٣ ، ٤١٠ ، ٤٢٣ ، ٤٦٩ ، ٤٨٦ ، ٥٢١ ، ٥٢٧ ، ٥٦٨ ، ٥٨٠ ، ٥٨٤ ، ٥٩٠.

وج ٣ / ٢٦٠ ، ٣٢١ ، ٣٣٠ ، ٣٤٨ ، ٤١٧ ، ٤٢٠ ، ٤٣١ ، ٤٤٧ ، ٤٦١ ، ٤٧٧ ، ٥٠٣.

وج ٤ / ١٤٠ ، ١٤٢ ، ٢٢٣ ، ٢٣٢ ، ٢٤٢ ، ٤٣٣.

وج ٥ / ١٩٨ ، ٢٦٤ ، ٢٧٥.

القاضي (عبد الجبار بن أحمد) قاضي القضاة : ١ / ٢١٨ ، ٢١٩ ، ٢٢٧ ، ٣٥٠ ، ٤٣٤ ، ٤٦١ ، ٤٨٣ ، ٤٨٥ ، ٥٢٥ ، ٥٢٨ ، ٥٧٨ ، ٥٧٩ ، ٥٨٨.

وج ٢ / ٨٥ ، ١٠٠ ، ١١٠ ، ١٢٤ ، ١٢٨ ، ١٧٩ ، ٢١٧ ، ٢٢١ ، ٢٢٤ ، ٢٦١ ، ٢٨٥ ، ٣٠٦ ، ٣٥٦ ، ٣٦٤ ، ٣٩٣ ، ٤٠٧ ، ٤٠٩ ، ٤٤٢ ، ٤٥٥ ، ٤٧٢ ، ٤٧٧ ، ٥٣٠ ، ٥٣١ ، ٥٦٥ ، ٥٦٦ ، ٥٧٦ ، ٦١١ ، ٦١٤.

وج ٣ / ٥١ ، ٥٥ ، ٦٣ ، ٦٧ ، ٧٢ ، ٩٧ ، ١٠٢ ، ١١٦ ، ١١٩ ، ١٩٤ ، ٢٠٤ ، ٢٠٥ ، ٢٧٢ ، ٢٨٨ ، ٢٨٩ ، ٢٩١ ، ٣٧٩ ، ٣٨١ ، ٤٠٦ ، ٤٠٧ ، ٤١٧ ، ٤٣٧ ، ٤٥٣ ، ٤٥٤ ، ٥٠٢ ، ٥٣٢ ، ٥٣٣ ، ٥٤٦.

وج ٤ / ٢٤٢ ، ٤٠٧.

وج ٥ / ١٧٥ ، ١٨٩ ، ٣٠٨ ، ٣١٩ ، ٣٢٠ ، ٣٢٣.

قتادة : ٣ / ٤١٩.

القعقاع : ٢ / ٢١٤ ، ٢١٥.

ك

الكسائي (علي بن حمزة الأسدي) : ٢ / ٢٧٠.

الكرخي (عبيد الله بن الحسين) : ١ / ٢١٩ ، ٣٥٢ ، ٥٠٥ ، ٥٤٠ ، ٥٨٨.

وج ٢ / ٨٥ ، ٢٢٣ ، ٢٩٤ ، ٢٩٨ ، ٣١٩ ، ٣٧٢ ، ٤٠٣ ، ٤٣٧ ، ٤٤١ ، ٥٧٦.

وج ٣ / ٩٨ ، ١٠٢ ، ١١٦ ، ١١٩ ، ١٢٠ ، ٣٤٣ ، ٤٤٧ ، ٤٥٤ ، ٤٥٦ ، ٤٧٩ ، ٤٨٠ ، ٤٨١.

وج ٤ / ٢٤٢ ، ٢٨٤ ، ٢٨٦ ، ٣٠٩ ، ٣١٤ ، ٣٩٦ ، ٤٢٢.

وج ٥ / ٢٧٥ ، ٣٠١ ، ٣٢٤ ، ٣٢٧.

كعب الأحبار : ٢ / ٦١٠ وج ٣ / ٣٥١ وج ٤ / ٤١٥.

ل

لبيد : ٢ / ١٤١.

الليث بن سعد : ١ / ٣٢٠.

م

مارية القبطية : ٣ / ٥٨١.

المازني : ٤ / ٣٠١ ، ٣٠٣.

ماعز (بن مالك الأسلمي) : ٢ / ٣٣٩ ، ٣٦٩ ، ٦٠٠ ، ٦٢٦ وج ٥ / ٢٣٤ ، ٢٣٧.

مالك : ١ / ٦٥ ، ٣٢٠ ، ٤٦٩ ، ٤٧٠.

وج ٢ / ٧٧ ، ٨٥ ، ١٦٨ ، ٣١٨ ، ٥٣٤.

وج ٣ / ٧٥ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٣٧ ، ٤٤١ ، ٤٥٩ ، ٤٧٠ ، ٥١٨.

وج ٤ / ١٠٦ ، ١٦٦ ، ٤٠٣ ، ٤٠٤ ، ٤٢٢ وج ٥ / ١٩١ ، ٢٩٣.

المبرد (محمد بن يزيد الثمالي الأزدي) : ١ / ٣٢٢ وج ٢ / ١٦٤.

مجاشع بن مسعود : ٥ / ٢٣٢.

مجزز المدلجي : ٢ / ٥٦٧ ، ٥٦٨.

محمد ابن العلامة الحلي : ١ / ٦٢.

محمد بن أبي عمير : ٣ / ٤٦١.

محمد بن إسحاق : ٣ / ٣٥٩.

محمد بن جرير الطبري : ٣ / ٢٤٢ ، ٢٥٢.

محمد بن الحسن الشيباني : ٢ / ١٠١ وج ٤ / ٣٩٧ وج ٥ / ٢٥٨.

محمد بن خالد : ٣ / ٤٥٩.

محمد بن شجاع الثلجي : ١ / ٥٠٤.

محمد بن مسلمة : ٣ / ٤٠١ ، ٤٣٨ وج ٥ / ٢٩٢ ، ٣٠١.

مروان : ٣ / ٣٥٧.

المزني (إسماعيل بن يحيى) : ٢ / ٣٣٥ وج ٣ / ٤٧٦ وج ٤ / ٣٦٣.

مسروق : ٣ / ١٩٦ ، ٢٤٠ ، ٢٤١ ، ٥٤٣ ، ٥٧٥ ، ٥٩٣.

معاذ : ٢ / ٤٥٣ ، ٤٦٩ وج ٣ / ١٥٣ ، ٢٢٩ ، ٤٤٨ ، ٤٤٩ ، ٥٦٠ ، ٥٦٢ ، ٥٨٤ ، ٥٨٥ ، ٥٨٧.

وج ٤ / ٣١١ ، ٤١٤ ، ٤١٥ ، ٤٤٧ وج ٥ / ٢٨٧.

معاوية بن أبي سفيان : ١ / ٢٧٠ ، ٣٨٥ وج ٣ / ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٤٠٠.

المعري : ٣ / ٢٨٤.

المغيرة بن شعبة : ٣ / ٢٢٩ ، ٣٦٥ ، ٣٦٦ ، ٣٩٧ ، ٤٠٠ ، ٤٣٨ ، ٤٥٧.

ج ٥ / ٢٩٢ ، ٣٠١.

المقداد : ٣ / ٣٩٩ ، ٤٣٨.

مقيس بن صبابة : ٥ / ٢٣١.

مويس بن عمران : ٥ / ٢٢٧ ، ٢٣١ ، ٢٣٦.

الميداني (أحمد بن محمد) : ١ / ١٨٧.

ميمونة : ٥ / ٣٠٣ ، ٣٢٤.

ن

النابغة (زياد بن معاوية) : ٢ / ٢٤٤.

النضر بن الحارث : ٥ / ٢٣٣ ، ٢٣٧.

النعمان بن بشير : ٣ / ٤١٦.

نعيم بن مسعود الأشجعي : ٢ / ٢١٤ وج ٣ / ١٦٤.

النهرواني : ٣ / ٥٣٨.

ه

هلال بن أمية : ٢ / ٣٣٧.

و

الواقدي (محمد بن عمر بن واقد) : ٣ / ٤١.

الوليد بن عقبة : ٣ / ٣٦٥ ، ٣٩٢.

وهب بن منبه : ٢ / ٦١٠ وج ٤ / ٤١٥.

ي

يحيى الاسكافي : ٣ / ٥١٨.

يزيد ابن المهلّب : ١ / ٣٨٦.

يعلى بن أمية : ١ / ٤٦٢.

يونس بن حبيب : ١ / ١٧١.

فهرس الأنبياء عليهم‌السلام

آدم عليه‌السلام : ٢ / ٢٤٦.

إبراهيم عليه‌السلام : ١ / ١٣٨ ، ٣٩٦ ، ٣٩٨ ، ٦٠٩ ، ٦١١.

وج ٢ / ١٦٢ ، ٤٥٢ ، ٤٦٩ وج ٣ / ٣٣ ، ٣٧ ، ٣١٤ وج ٤ / ٤١٧.

إسماعيل عليه‌السلام : ١ / ٣٩٦ ، ٣٩٨ وج ٣ / ٣٣.

داود عليه‌السلام : ١ / ١٣٨ وج ٢ / ١٧٠ وج ٥ / ٢٠٥ ، ٢٠٦.

سليمان عليه‌السلام : ١ / ١٣٨ وج ٢ / ١٧٠ وج ٥ / ٢٠٥ ، ٢٠٦.

عيسى عليه‌السلام : ١ / ٤٦٨ وج ٢ / ١٥٣ ، ٤٥٢ ، ٤٦٥ ، ٤٦٧ ، ٤٦٨ ، ٦٠٧ ، ٦٠٨.

وج ٣ / ١٥٧ ، ٣٠١ ، ٣١٢ ، ٣١٣ ، ٣٢٦ وج ٤ / ٤١٨.

لوط عليه‌السلام : ٢ / ١٦٢ ، ٤٥٢.

رسول الله ، النبي الأكرم محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ١ / ٦١ ، ٦٤ ، ٧٠ ، ٧٢ ، ٧٣ ، ٩٧ ، ١٢٢ ، ١٢٦ ، ١٣٠ ، ١٣٤ ، ١٣٥ ، ١٥٣ ، ١٦٢ ، ١٦٨ ، ١٧٢ ، ٢٢٨ ، ٢٥١ ، ٢٥٦ ، ٢٥٧ ، ٢٦١ ، ٢٦٤ ، ٢٧٠ ، ٣٠١ ، ٣٠٦ ، ٣٠٩ ، ٣١١ ، ٣١٦ ، ٣١٧ ، ٣١٩ ، ٣٢٤ ، ٣٣٢ ، ٣٣٣ ، ٣٣٤ ، ٣٣٦ ، ٣٣٧ ، ٣٣٨ ، ٣٤٠ ، ٣٥٤ ، ٣٧٣ ، ٣٩٩ ، ٤١٣ ، ٤١٤ ، ٤١٥ ، ٤١٦ ، ٤٢٣ ، ٤٢٤ ، ٤٢٩ ،

٤٣١ ، ٤٣٤ ، ٤٣٨ ، ٤٣٩ ، ٤٤٠ ، ٤٤٢ ، ٤٦٣ ، ٤٦٧ ، ٤٦٨ ، ٤٧٠ ، ٤٧١ ، ٤٧٧ ، ٤٧٨ ، ٥٤١ ، ٥٤٢ ، ٥٥٧ ، ٥٧١ ، ٥٧٦ ، ٥٨٣ ، ٥٨٤ ، ٥٨٥ ، ٥٩٠ ، ٥٩١ ، ٥٩٥ ، ٥٩٦ ، ٥٩٧ ، ٥٩٨ ، ٦٠٢ ، ٦٠٣ ، ٦١٣.

وج ٢ / ٨٣ ، ٩٠ ، ٩٥ ، ١٠١ ، ١٠٤ ، ١٢٠ ، ١٢١ ، ١٥٣ ، ١٥٤ ، ١٥٦ ، ١٥٧ ، ١٦٣ ، ١٧١ ، ١٧٤ ، ١٨١ ، ١٨٢ ، ١٨٣ ، ١٨٥ ، ١٩٢ ، ١٩٣ ، ١٩٤ ، ١٩٥ ، ١٩٦ ، ١٩٧ ، ١٩٨ ، ١٩٩ ، ٢٠٠ ، ٢٠٩ ، ٢٢٢ ، ٢٣١ ، ٢٣٨ ، ٢٣٩ ، ٢٥٧ ، ٢٨٨ ، ٢٩٠ ، ٢٩١ ، ٢٩٢ ، ٢٩٤ ، ٢٩٦ ، ٢٩٧ ، ٢٩٩ ، ٣٠٠ ، ٣٠١ ، ٣٠٤ ، ٣١٣ ، ٣١٦ ، ٣١٩ ، ٣٣٠ ، ٣٣٢ ، ٣٣٣ ، ٣٣٤ ، ٣٣٥ ، ٣٤٠ ، ٣٤١ ، ٣٤٢ ، ٣٤٥ ، ٣٤٦ ، ٣٤٩ ، ٣٥٠ ، ٣٥١ ، ٣٥٢ ، ٣٥٦ ، ٣٥٧ ، ٣٦٧ ، ٣٦٨ ، ٣٦٩ ، ٣٧٣ ، ٣٧٥ ، ٣٧٦ ، ٣٩٥ ، ٣٩٨ ، ٤٠٠ ، ٤٠٤ ، ٤٠٧ ، ٤١٠ ، ٤١١ ، ٤١٨ ، ٤٢٢ ، ٤٢٣ ، ٤٢٥ ، ٤٢٦ ، ٤٣١ ، ٤٣٢ ، ٤٣٣ ، ٤٣٥ ، ٤٣٧ ، ٤٣٩ ، ٤٥٣ ، ٤٥٤ ، ٤٥٧ ، ٤٦٠ ، ٤٦٦ ، ٤٦٧ ، ٤٧٢ ، ٤٧٦ ، ٤٧٧ ، ٤٨٠ ، ٤٨٤ ، ٤٩٤ ، ٤٩٥ ، ٤٩٧ ، ٤٩٨ ، ٤٩٩ ، ٥٠٠ ، ٥٠١ ، ٥٠٦ ، ٥٠٧ ، ٥٠٨ ، ٥٠٩ ، ٥١٠ ، ٥١١ ، ٥١٢ ، ٥١٤ ، ٥١٦ ، ٥١٧ ، ٥٢٠ ، ٥٢١ ، ٥٢٨ ، ٥٢٩ ، ٥٣١ ، ٥٣٢ ، ٥٣٣ ، ٥٣٥ ، ٥٣٦ ، ٥٣٧ ، ٥٣٨ ، ٥٣٩ ، ٥٤٠ ، ٥٤١ ، ٥٤٣ ، ٥٤٤ ، ٥٤٥ ، ٥٤٦ ، ٥٤٧ ، ٥٤٩ ، ٥٥٠ ، ٥٥٢ ، ٥٥٣ ، ٥٥٤ ، ٥٥٦ ، ٥٦٢ ، ٥٦٣ ، ٥٦٥ ، ٥٦٦ ، ٥٦٧ ، ٥٦٨ ، ٥٦٩ ، ٥٧٥ ، ٥٧٦ ، ٥٧٧ ، ٥٨٥ ، ٦٠٣ ، ٦٠٦ ، ٦٠٨ ، ٦٠٩ ، ٦١٠ ، ٦١٥ ، ٦١٨.

وج ٣ / ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٧ ، ٤٠ ، ٤٧ ، ٦١ ، ٦٣ ، ٦٤ ، ٦٥ ، ٧٢ ، ٧٦ ، ٧٧ ، ٧٨ ، ٨٢ ، ٨٥ ، ٨٦ ، ٨٩ ، ٩٠ ، ٩٤ ، ٩٦ ، ٩٨ ، ٩٩ ، ١١٢ ، ١٢٦ ، ١٢٨ ، ١٣٠ ، ١٤٥ ، ١٤٦ ، ١٥٣ ، ١٥٤ ، ١٦٣ ، ١٦٦ ، ١٦٨ ، ١٧٠ ، ١٧٦ ، ١٨٠ ، ١٨١ ، ١٨٤ ، ١٨٦ ، ١٨٧ ، ١٩٠ ، ١٩٢ ، ٢٠١ ، ٢٠٤ ،

٢٠٥ ، ٢٠٦ ، ٢٠٩ ، ٢١١ ، ٢١٢ ، ٢١٥ ، ٢١٦ ، ٢١٨ ، ٢١٩ ، ٢٢٢ ، ٢٢٤ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٣٦ ، ٢٣٨ ، ٢٤١ ، ٢٤٤ ، ٢٤٦ ، ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، ٢٦٤ ، ٢٦٥ ، ٢٦٨ ، ٢٦٩ ، ٢٧٠ ، ٢٧٢ ، ٢٧٣ ، ٢٧٨ ، ٢٨٠ ، ٣٠١ ، ٣١٢ ، ٣١٣ ، ٣١٨ ، ٣٣٤ ، ٣٤١ ، ٣٤٢ ، ٣٤٥ ، ٣٤٦ ، ٣٤٧ ، ٣٤٩ ، ٣٥٠ ، ٣٥١ ، ٣٥٢ ، ٣٥٣ ، ٣٥٤ ، ٣٥٥ ، ٣٥٦ ، ٣٥٧ ، ٣٥٨ ، ٣٦٠ ، ٣٦٤ ، ٣٦٦ ، ٣٦٨ ، ٣٧٦ ، ٣٧٨ ، ٣٩١ ، ٣٩٢ ، ٣٩٣ ، ٣٩٥ ، ٣٩٦ ، ٣٩٨ ، ٤٠٠ ، ٤٠١ ، ٤٠٢ ، ٤٠٣ ، ٤٠٥ ، ٤٠٦ ، ٤١٠ ، ٤٢٥ ، ٤٢٦ ، ٤٢٨ ، ٤٣٣ ، ٤٣٨ ، ٤٤٢ ، ٤٤٣ ، ٤٤٤ ، ٤٤٨ ، ٤٥٢ ، ٤٥٦ ، ٤٥٧ ، ٤٥٨ ، ٤٥٩ ، ٤٦١ ، ٤٦٢ ، ٤٦٥ ، ٤٦٦ ، ٤٦٧ ، ٤٦٩ ، ٤٧٢ ، ٤٧٣ ، ٤٧٥ ، ٤٧٧ ، ٤٨١ ، ٤٩٣ ، ٤٩٤ ، ٤٩٦ ، ٤٩٧ ، ٥١٩ ، ٥٢٤ ، ٥٣٧ ، ٥٤٠ ، ٥٤٤ ، ٥٤٦ ، ٥٤٨ ، ٥٥٠ ، ٥٦٠ ، ٥٦١ ، ٥٦٢ ، ٥٦٥ ، ٥٦٧ ، ٥٦٩ ، ٥٧٠ ، ٥٧٢ ، ٥٧٣ ، ٥٧٦ ، ٥٨٢ ، ٦٠٠ ، ٦٠٢ ، ٦٠٣ ، ٦٠٥ ، ٦١٢ ، ٦٢٢ ، ٦٢٤ ، ٦٢٥ ، ٦٢٦ ، ٦٢٧ ، ٦٢٨ ، ٦٢٩ ، ٦٣٠ ، ٦٣١ ، ٦٣٢ ، ٦٣٣ ، ٦٣٤ ، ٦٣٦ ، ٦٣٩.

وج ٤ / ١١٦ ، ١٥٦ ، ١٦٧ ، ١٨١ ، ٢١٠ ، ٢٧٥ ، ٢٧٨ ، ٢٧٩ ، ٢٨٩ ، ٣٠٩ ، ٣١١ ، ٣١٤ ، ٣٢٧ ، ٣٦٨ ، ٣٨٧ ، ٣٩٢ ، ٣٩٦ ، ٣٩٩ ، ٤٠٥ ، ٤١٠ ، ٤١٢ ، ٤١٣ ، ٤١٤ ، ٤١٦ ، ٤٢٣ ، ٤٢٥ ، ٤٢٧ ، ٤٢٩ ، ٤٣١ ، ٤٣٦ ، ٤٣٧ ، ٤٤٣ ، ٤٤٤ ، ٤٤٥ ، ٤٥٧ ، ٤٥٩.

وج ٥ / ١٧٢ ، ١٧٣ ، ١٧٤ ، ١٧٦ ، ١٧٧ ، ١٧٨ ، ١٧٩ ، ١٨٠ ، ١٨١ ، ١٨٢ ، ١٨٤ ، ١٨٥ ، ١٨٦ ، ١٨٧ ، ١٨٨ ، ١٨٩ ، ١٩٠ ، ١٩٣ ، ١٩٤ ، ١٩٥ ، ٢٠٧ ، ٢٠٨ ، ٢١٥ ، ٢١٧ ، ٢١٨ ، ٢٢١ ، ٢٢٣ ، ٢٣٠ ، ٢٣٢ ، ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، ٢٣٧ ، ٢٣٨ ، ٢٣٩ ، ٢٤٣ ، ٢٤٤ ، ٢٤٥ ، ٢٤٦ ، ٢٥٠ ، ٢٥١ ، ٢٥٥ ، ٢٦٩ ، ٢٧٠ ، ٢٧١ ، ٢٧٢ ، ٢٧٣ ، ٢٧٦ ، ٢٨١ ، ٢٨٧ ، ٢٩٢ ، ٢٩٦ ، ٢٩٨ ، ٣٠١ ، ٣٠٣ ، ٣٠٤ ، ٣٠٨ ، ٣٠٩ ، ٣١٠ ، ٣١٤ ، ٣١٥ ، ٣٢٣ ، ٣٢٤ ، ٣٢٥ ،

٣٢٧ ، ٣٣٠ ، ٣٣٣ ، ٣٣٥ ، ٣٥٢.

موسى عليه‌السلام : ٢ / ١٧١ ، ١٧٣ ، ٤٦٣ ، ٦٠٤ ، ٦٠٥ ، ٦٠٦ ، ٦٠٧ ، ٦٠٨ ، ٦٠٩ ، ٦١١.

وج ٣ / ٣٤ ، ١٥٧ ، ٣٠١ ، ٣١٢ ، ٣٩٩ وج ٤ / ٤١٨ ، ٤٢٠.

نوح عليه‌السلام : ١ / ٥٥٨ وج ٢ / ١٦٢ ، ٦٠٤ وج ٣ / ٣١٤ وج ٤ / ٤١٨.

هارون عليه‌السلام : ٢ / ١٧١ ، ١٧٣.

يوسف عليه‌السلام : ٢ / ١٧١ ، ١٧٣.

فهرس المعصومين عليهم‌السلام

علي عليه‌السلام : ٢ / ٢٢٧ ، ٦١٨.

وج ٣ / ٤٠ ، ٨٧ ، ٨٨ ، ١٤١ ، ١٦٤ ، ٢١١ ، ٢١٢ ، ٢١٣ ، ٢١٨ ، ٢١٩ ، ٢٢٣ ، ٢٢٩ ، ٢٣٦ ، ٢٣٨ ، ٢٤٥ ، ٢٥٥ ، ٣٢٠ ، ٣٢٧ ، ٣٥٥ ، ٣٥٧ ، ٣٦٥ ، ٣٦٦ ، ٣٦٧ ، ٣٧٤ ، ٣٩٩ ، ٤٠١ ، ٤٢٣ ، ٤٢٤ ، ٤٢٦ ، ٤٢٨ ، ٤٣٨ ، ٥٣٠ ، ٥٤٢ ، ٥٧٤ ، ٥٧٥ ، ٥٧٧ ، ٥٩٦.

وج ٤ / ١١٩ ، ٢٣١ ، ٤٢٤ ، ٤٢٨ ، ٤٢٩ ، ٤٣٠ ، ٤٣٢.

وج ٥ / ٢٠٩ ، ٢٦١ ، ٢٨٧ ، ٣٠٧.

فاطمة عليها‌السلام : ٢ / ١٦٢ ، ٢٢٧ ، وج ٣ / ٢١٨ ، ٢١٩.

الحسن عليه‌السلام : ٣ / ٢١٨ ، ٢١٩ ، ٣٦٥.

الحسين عليه‌السلام : ٣ / ٢١٨ ، ٢١٩.

الصادق عليه‌السلام : ٣ / ٣٥٢.

* * *

جبرئيل عليه‌السلام : ١ / ٢٢٨ ، ٣٣٧ وج ٢ / ٣٥١ ، ٣٥٢ ، ٤٥٣ ، ٤٥٤ ، ٥٤٥ ، ٦١٥.

وج ٣ / ٩٩ ، ٣١٣ وج ٥ / ١٧٣.

فهرس مصادر التحقيق

نبدأ تبركا بالقرآن الكريم

حرف الألف

١. إبطال القياس : ابن حزم الأندلسي (٣٨٤ ـ ٤٥٦ ه‍) مطبعة جامعة دمشق ـ ١٣٧٩ ه‍.

٢. الاحتجاج : أبو منصور أحمد بن علي الطبرسي (من أعلام القرن السادس الهجري) مؤسسة الأعلمي ، بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

٣. إحقاق الحق : القاضي نور الله التستري المرعشي (المتوفّى ١٠١٩ ه‍) منشورات مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، قم.

٤. الإحكام في أصول الأحكام : علي بن محمد الآمدي (٥٥١ ـ ٦٣١ ه‍) دار الكتاب العربي ، بيروت ـ ١٤٠٤ ه‍.

٥. الإحكام في أصول الأحكام : ابن حزم الأندلسي : محمد بن علي الظاهري (٣٨٤ ـ ٤٥٦ ه‍) دار الجيل ، بيروت ـ ١٤٠٧ ه‍.

٦. أحكام القرآن : أحمد بن علي الجصاص (المتوفّى ٣٧٠ ه‍) دار الكتاب العربي ، بيروت ـ ١٤٠١ ه‍.

٧. اختيار معرفة الرجال : محمد بن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه‍) تحقيق مهدي الرجائي ، مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ، قم.

٨. الأربعون حديثا : سليمان بن عبد الله الماحوزي البحراني (١٠٧٥ ـ ١١٢١ ه‍) تحقيق مهدي الرجائي ، قم ـ ١٤١٧ ه‍.

٩. الإرشاد : المفيد محمد بن محمد بن النعمان (٣٣٦ ـ ٤١٣ ه‍) قم ـ ١٤٠٢ ه‍.

١٠. أسباب نزول الآيات : علي بن أحمد الواحدي النيسابوري (المتوفّى ٤٦٨ ه‍) مؤسسة الحلبي وشركاه ، القاهرة ـ ١٣٨٨ ه‍.

١١. الاستذكار : ابن عبد البر (المتوفّى ٤٦٣ ه‍) دار الكتب العلمية ، بيروت ـ ٢٠٠٠ م.

١٢. الاستيعاب : ابن عبد البر (المتوفّى ٤٦٣ ه‍) دار النهضة ، القاهرة ، مصر.

١٣. أسد الغابة : ابن الأثير الجزري (المتوفّى ٦٣٠ ه‍) دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

١٤. الإصابة : ابن حجر العسقلاني (المتوفّى ٨٥٢ ه‍) دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

١٥. أصل الشيعة وأصولها : الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء (١٢٩٥ ـ ١٣٧٣ ه‍) مطبعة العرفان ، صيدا ـ ١٣٥٥ ه‍.

١٦. أصول السرخسي : أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي

(المتوفّى ٤٩٠ ه‍) تحقيق أبي الوفاء الأفغاني ، مكتبة المعارف ، الرياض.

١٧. الأصول العامة للفقه المقارن : محمد تقي الحكيم (١٣٤١ ـ ١٤٢٢ ه‍) مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام للطباعة والنشر ، الطبعة الثانية ـ ١٩٧٩ م.

١٨. أصول الفقه : محمد رضا المظفر (١٣٢٢ ـ ١٣٨٣ ه‍) مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، قم.

١٩. أصول الفقه : محمد بن مفلح المقدسي الحنبلي (المتوفّى ٧٦٣ ه‍) مكتبة العبيكان ، الرياض ـ ١٤٢٠ ه‍.

٢٠. أضواء البيان : محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي (المتوفّى ١٣٩٣ ه‍) دار الفكر ، بيروت ـ ١٤١٥ ه‍.

٢١. الأعلام : خير الدين الزركلي (١٣١١ ـ ١٣٩٦ ه‍) دار العلم للملايين ، بيروت ـ ١٤٠٤ ه‍.

٢٢. أعيان الشيعة : السيد محسن الأمين العاملي (المتوفّى ١٣٧١ ه‍) دار التعارف ، بيروت.

٢٣. الأغاني : أبو الفرج علي بن الحسين الاصفهاني (المتوفّى ٣٥٦ ه‍) طبع بيروت.

٢٤. الإفصاح : الشيخ المفيد (٣٣٦ ـ ٤١٣ ه‍) مؤسسة البعثة ، قم ـ ١٤١٢ ه‍.

٢٥. إكمال الكمال : ابن ماكولا علي بن هبة الله بن علي (٤٢١ ـ ٤٧٥ ه‍) دار الكتاب الإسلامي ، القاهرة.

٢٦. الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : حسن محمد مكي العاملي (محاضرات الشيخ جعفر السبحاني) المركز العالمي للدراسات الإسلامية ، قم ـ ١٤١١ ه‍.

٢٧. الأم : محمد بن إدريس الشافعي (١٥٠ ـ ٢٠٤ ه‍) دار المعرفة ، بيروت ـ ١٤٠٨ ه‍.

٢٨. الأمالي : الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (المتوفّى ٣٨١ ه‍) المكتبة الإسلامية ، طهران.

٢٩. الأمالي : الطوسي محمد بن الحسن (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه‍) مؤسسة البعثة ، قم ـ ١٤١٤ ه‍.

٣٠. الأمالي : المفيد محمد بن محمد بن النعمان (٣٣٦ ـ ٤١٣ ه‍) مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، قم ـ ١٤٠٣ ه‍.

٣١. الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام : عبد الحليم الجندي ، مطبعة الأهرام التجارية ، القاهرة ـ ١٣٩٧ ه‍.

٣٢. إمتاع الأسماع : أحمد بن علي المقريزي (المتوفّى ٨٤٥ ه‍) طبع مصر.

٣٣. الإيضاح : الفضل بن شاذان (المتوفّى ٢٦٠ ه‍) نشر جامعة طهران ـ طهران ـ ١٤٠٤ ه‍.

حرف الباء

٣٤. بحار الأنوار : محمد باقر المجلسي (المتوفّى ١١١٠ ه‍) مؤسسة الوفاء ،

بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

٣٥. بحوث في الملل والنحل : جعفر السبحاني (تولد ١٣٤٧ ه‍) مؤسسة الإمام الصادق عليه‌السلام ، قم ـ ١٤٢٧ ه‍.

٣٦. بدائع الصنائع : أبو بكر الكاشاني (المتوفّى ٥٨٧ ه‍) المكتبة الحبيبية ، باكستان ـ ١٤٠٩ ه‍.

٣٧. بداية المجتهد : ابن رشد القرطبي (٥٢٠ ـ ٥٩٥ ه‍) دار المعرفة ، بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

٣٨. البداية والنهاية : ابن كثير الدمشقي (المتوفّى ٧٧٤ ه‍) دار الفكر ، بيروت ـ ١٤٠٢ ه‍.

٣٩. البرهان في أصول الفقه : عبد الملك بن عبد الله الجويني (٤١٩ ـ ٤٧٨ ه‍) دار الوفاء ، المنصورة ، ١٤٢٠ ه‍.

٤٠. بصائر الدرجات : محمد بن الحسن بن فروخ الصفّار القمي (المتوفّى ٢٩٠ ه‍) طبع منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ، قم ـ ١٤٠٤ ه‍.

٤١. بلوغ المرام : ابن حجر العسقلاني (٧٧٣ ـ ٨٥٢ ه‍) دار الفكر ، بيروت.

حرف التاء

٤٢. تاج العروس : محمد مرتضى الحسيني الزبيدي (١١٤٥ ـ ١٢٠٥ ه‍) دار الفكر ، بيروت ـ ١٤١٤ ه‍.

٤٣. تاريخ ابن خلدون : عبد الرحمن بن محمد بن خلدون المغربي (المتوفّى ٨٠٨ ه‍) مؤسسة الأعلمي ، بيروت ـ ١٣٩١ ه‍.

٤٤. تاريخ الإسلام : محمد بن أحمد الذهبي (المتوفّى ٧٤٨ ه‍) دار الكتاب العربي ، بيروت.

٤٥. تاريخ بغداد : الخطيب البغدادي أحمد بن علي (المتوفّى ٤٦٣ ه‍) المكتبة السلفية ، المدينة المنورة.

٤٦. تاريخ الطبري (تاريخ الأمم والملوك) : محمد بن جرير الطبري (المتوفّى ٣١٠ ه‍) مؤسسة الأعلمي ، بيروت.

٤٧. تاريخ مدينة دمشق : علي بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر (٥٠٠ ـ ٥٧٣ ه‍) دمشق ـ ١٣٣٢ ه‍ ؛ دار التعارف ، بيروت ـ ١٣٩٥ ه‍.

٤٨. تاريخ اليعقوبي : أحمد بن أبي يعقوب المعروف بابن واضح الأخباري اليعقوبي (من علماء القرن الثالث) دار صادر ، بيروت.

٤٩. تأويل مختلف الحديث : ابن قتيبة عبد الله بن مسلم (٢١٣ ـ ٢٧٦ ه‍) دار الجيل ، بيروت ـ ١٣٩٣ ه‍.

٥٠. التبيان في تفسير القرآن : محمد بن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه‍) دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٥١. تحف العقول : الحسن بن علي الحرّاني (من أعلام القرن الرابع الهجري) مؤسسة الأعلمي ، بيروت ـ ١٤٠٨ ه‍.

٥٢. تحفة الأحوذي : محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري (١٢٨٣ ـ ١٣٥٣ ه‍) دار الكتب العلمية ، بيروت ـ ١٤١٠ ه‍.

٥٣. تخريج الأحاديث والآثار : جمال الدين الزيلعي (المتوفّى ٧٦٢ ه‍) دار ابن خزيمة ، الرياض ـ ١٤١٤ ه‍.

٥٤. تذكرة الحفاظ : الذهبي محمد بن أحمد (المتوفّى ٧٤٨ ه‍) دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٥٥. تفسير الآلوسي (روح المعاني) : محمود الآلوسي البغدادي (المتوفّى ١٢٧٠ ه‍) دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٥٦. تفسير ابن عربي : محيي الدين ابن عربي : محمد بن علي بن محمد الحاتمي الأندلسي (٥٦٠ ـ ٦٣٨ ه‍) دار الكتب العلمية ، بيروت ـ ١٤٢٢ ه‍.

٥٧. تفسير ابن كثير (تفسير القرآن العظيم) : إسماعيل بن كثير الدمشقي (المتوفّى ٧٧٤ ه‍) دار الفكر ، بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

٥٨. تفسير البيضاوي (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) : عبد الله بن عمر بن محمد البيضاوي الشافعي (المتوفّى ٦٨٥ ه‍) دار الفكر ، بيروت.

٥٩. تفسير الرازي (مفاتيح الغيب) : محمد بن عمر الخطيب (٥٤٤ ـ ٦٠٦ ه‍) دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

٦٠. تفسير السمرقندي : نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي (المتوفّى ٣٨٣ ه‍) دار الفكر ، بيروت.

٦١. تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن) : محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي (المتوفّى ٦٧١ ه‍) دار إحياء التراث العربي ، بيروت ـ ١٤٠٥ ه‍.

٦٢. التقريب والإرشاد الصغير في أصول الفقه : القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني (المتوفّى ٤٠٣ ه‍) مؤسسة الرسالة ، بيروت ـ ١٤١٨ ه‍.

٦٣. تقريب التهذيب : ابن حجر العسقلاني (المتوفّى ٨٥٢ ه‍) بيروت ـ ١٩٧٥ م.

٦٤. تلبيس إبليس : أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي (المتوفّى ٥٩٧ ه‍) بيروت ـ ١٣٦٨ ه‍.

٦٥. التمهيد : القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني (المتوفّى ٤٠٣ ه‍) طبع القاهرة ـ ١٣٦٦ ه‍.

٦٦. تنزيه الأنبياء والأئمة : الشريف المرتضى علي بن الحسين (المتوفّى ٤٣٦ ه‍) مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي ، قم ـ ١٤٢٢ ه‍.

٦٧. تهذيب الأحكام : محمد بن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه‍) دار الكتب الإسلامية ، طهران ـ ١٣٩٠ ه‍.

٦٨. تهذيب التهذيب : أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (٧٧٣ ـ ٨٥٣ ه‍) دار الفكر ، بيروت ـ ١٤٠٤ ه‍.

٦٩. تهذيب الكمال في أسماء الرجال : جمال الدين المزي (٦٥٤ ـ ٧٤٢ ه‍) مؤسسة الرسالة ، بيروت ـ ١٤٠٦ ه‍.

٧٠. تهذيب اللغة : محمد بن أحمد الأزهري (المتوفّى ٣٧٠ ه‍) المؤسسة المصرية العامة ، القاهرة ـ ١٣٨٤ ه‍.

حرف الثاء

٧١. الثقات : محمد بن حبان التميمي الدارمي (المتوفّى ٣٥٤ ه‍) مؤسسة الكتب الثقافية ، حيدرآباد الدكن ، الهند ـ ١٣٩٣ ه‍.

٧٢. ثواب الأعمال : الشيخ الصدوق (المتوفّى ٣٨١ ه‍) منشورات الرضي ، قم ـ ١٣٦٨ ه‍. ش.

حرف الجيم

٧٣. جامع الأصول : ابن الأثير الجزري : المبارك بن محمد (٥٤٤ ـ ٦٠٦ ه‍) دار الفكر ، بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

٧٤. جامع البيان (تفسير الطبري) : محمد بن جرير الطبري (المتوفّى ٣١٠ ه‍) دار المعرفة ، بيروت.

٧٥. الجامع الصغير : جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (٨٤٩ ـ ٩١١ ه‍) دار الفكر ، بيروت.

٧٦. الجرح والتعديل : أبو حاتم الرازي (المتوفّى ٣٢٧ ه‍) دار إحياء التراث العربي ، بيروت ـ ١٣٧١ ه‍.

٧٧. الجوهر النقي في ذيل سنن البيهقي : علي بن عثمان ابن التركماني المارديني (المتوفّى ٧٤٥ ه‍) دار الفكر ، بيروت.

حرف الحاء

٧٨. الحاصل من المحصول : محمد بن الحسين الأرموي (المتوفّى ٦٥٦ ه‍) منشورات جامعة قان يونس ، بنغازي ـ ١٩٩٤ م.

٧٩. الحد الفاصل : القاضي الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي (المتوفّى ٣٦٠ ه‍) دار الفكر ، بيروت ـ ١٤٠٤ ه‍.

حرف الخاء

٨٠. خزانة الأدب : عبد القادر بن عمر البغدادي (١٠٣٠ ـ ١٠٩٣ ه‍) دار صادر ، بيروت.

٨١. الخصال : الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي (المتوفّى ٣٨١ ه‍) مؤسسة النشر الإسلامي ، قم ـ ١٤٠٣ ه‍.

٨٢. الخلاصة (رجال العلّامة الحلّي) : الحسن بن يوسف بن المطهر المعروف بالعلّامة الحلي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه‍) المطبعة الحيدرية ، النجف الأشرف ـ ١٣٨١ ه‍.

٨٣. خلاصة عبقات الأنوار : السيد حامد النقوي (المتوفّى ١٣٠٦ ه‍) مؤسسة البعثة ، قم ـ ١٤٠٤ ه‍.

٨٤. الخلاف : محمد بن الحسن الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه‍) دار الكتب العلمية ، قم.

حرف الدال

٨٥. دائرة معارف القرن العشرين : فريد وجدي ، مطبعة دائرة معارف القرن العشرين ـ ١٣٨٦ ه‍.

٨٦. الدر المنثور : جلال الدين السيوطي (٨٤٩ ـ ٩١١ ه‍) دار الفكر ، بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

٨٧. دعائم الإسلام : القاضي النعمان بن محمد بن منصور التميمي المغربي (المتوفّى ٣٦٣ ه‍) دار المعارف ، القاهرة ـ ١٣٨٣ ه‍.

٨٨. دعوات الراوندي : قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي (المتوفّى ٥٧٣ ه‍) مؤسسة الإمام المهدي (عج) ، قم ـ ١٤٠٧ ه‍.

٨٩. ديوان الأعشى : دار صادر ، بيروت ، المكتبة الثقافية ، بيروت.

٩٠. ديوان امرئ القيس (المتوفّى ٥٦٥ م) ، دار صادر ، بيروت.

٩١. ديوان زهير بن أبي سلمى : دار صادر ، بيروت.

حرف الذال

٩٢. الذريعة إلى أصول الشريعة : الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي (المتوفّى ٤٣٦ ه‍) طهران ـ ١٣٤٨ ه‍.

حرف الراء

٩٣. الرجال : ابن داود الحسن بن علي الحلي (من أعلام القرن السابع

الهجري) منشورات الرضي ، قم المقدسة.

٩٤. الرجال : الطوسي محمد بن الحسن (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه‍) مؤسسة النشر الإسلامي ، قم.

٩٥. رسائل في الغيبة : المفيد محمد بن محمد بن النعمان (٣٣٦ ـ ٤١٣ ه‍) ضمن مصنفات الشيخ المفيد ، نشر مؤتمر الذكرى الألفية لوفاة المفيد ، قم ـ ١٤١٣ ه‍.

٩٦. رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب : تاج الدين السبكي (المتوفّى ٧٧١ ه‍) عالم الكتب ، بيروت ـ ١٤١٩ ه‍.

٩٧. ريحانة الأدب : الميرزا محمد علي المدرس (١٢٩٦ ـ ١٣٧٣ ه‍) مطبعة شفق ، تبريز.

حرف السين

٩٨. السنن : ابن ماجة محمد بن يزيد القزويني (٢٠٧ ـ ٢٧٥ ه‍) دار إحياء التراث العربي ، بيروت ـ ١٣٩٥ ه‍.

٩٩. السنن : أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني (٢٠٢ ـ ٢٧٥ ه‍) دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

١٠٠. السنن : البيهقي أحمد بن الحسين (المتوفّى ٤٥٨ ه‍) دار المعرفة ، بيروت ـ ١٤٠٦ ه‍.

١٠١. السنن : الترمذي محمد بن عيسى بن سورة (٢٠٩ ـ ٢٧٩ ه‍) دار إحياء

التراث العربي ، بيروت.

١٠٢. السنن : الدارقطني علي بن عمر (المتوفّى ٣٨٥ ه‍) دار الكتب العلمية ، بيروت ـ ١٤١٧ ه‍.

١٠٣. السنن : الدارمي عبد الله بن عبد الرحمن (١٨١ ـ ٢٥٥ ه‍) دار إحياء السنّة النبوية.

١٠٤. السنن : النسائي أحمد بن شعيب (٢١٥ ـ ٣٠٣ ه‍) دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

١٠٥. سعد السعود : علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاوس الحسني (المتوفّى ٦٦٤ ه‍) منشورات الرضي ، قم ـ ١٣٦٣ ه‍.

١٠٦. سير أعلام النبلاء : محمد بن أحمد الذهبي (المتوفّى ٧٤٨ ه‍) مؤسسة الرسالة ، بيروت ـ ١٤٠٩ ه‍.

١٠٧. السيرة النبوية : ابن هشام عبد الملك بن أيوب الحميري (المتوفّى ٢١٣ أو ٢١٨ ه‍) دار التراث العربي ، بيروت.

حرف الشين

١٠٨. شذرات الذهب : ابن عماد الحنبلي (١٠٣٢ ـ ١٠٨٩ ه‍) دار الفكر ، بيروت ـ ١٣٩٩ ه‍.

١٠٩. شرح تجريد الاعتقاد : الفاضل علاء الدين القوشجي (المتوفّى ٨٧٩ ه‍) الطبعة الحجرية ، تبريز ـ ١٣٠٧ ه‍.

١١٠. شرح صحيح مسلم : النووي يحيى بن شرف (٦٣١ ـ ٦٧٦ ه‍) دار القلم ، بيروت ـ ١٤٠٧ ه‍.

١١١. شرح المعالم في أصول الفقه : ابن التلمساني عبد الله بن محمد بن علي (المتوفّى ٦٤٤ ه‍) عالم الكتب ، بيروت ـ ١٤١٩ ه‍.

١١٢. شرح نهج البلاغة : ابن أبي الحديد (المتوفّى ٦٥٥ ه‍) دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة ـ ١٣٧٨ ه‍.

١١٣. شواهد التنزيل : الحاكم الحسكاني عبيد الله بن عبد الله (من أعلام القرن الخامس الهجري) مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي ، طهران ـ ١٤١١ ه‍.

١١٤. الشيعة في الإسلام : محمد حسين الطباطبائي (المتوفّى ١٤٠٢ ه‍) دار التعارف ، بيروت.

حرف الصاد

١١٥. الصحاح : الجوهري إسماعيل بن حماد (المتوفّى ٣٩٣ ه‍) دار العلم للملايين ، بيروت ـ ١٤٠٧ ه‍.

١١٦. الصحيح : محمد بن حبان بن أحمد (المتوفّى ٣٥٤ ه‍) مؤسسة الرسالة ، تحقيق شعيب الأرناءوط ـ ١٤١٤ ه‍.

١١٧. الصحيح : ابن خزيمة محمد بن إسحاق النيسابوري (٢٢٣ ـ ٣١١ ه‍) المكتب الإسلامي ، تحقيق محمد مصطفى الأعظمي ، ١٤١٢ ه‍.

١١٨. الصحيح : البخاري محمد بن إسماعيل (١٩٤ ـ ٢٥٦ ه‍) مكتبة عبد الحميد أحمد حنفي ، مصر ـ ١٣١٤ ه‍.

١١٩. الصحيح : مسلم بن الحجاج القشيري (المتوفّى ٢٦١ ه‍) مؤسسة عزّ الدين ، بيروت ـ ١٤٠٧ ه‍.

١٢٠. الصراط المستقيم : علي بن يونس البياضي العاملي (المتوفّى ٨٧٧ ه‍) المكتبة الرضوية لإحياء الآثار الجعفرية ـ ١٣٨٤ ه‍.

١٢١. الصوارم المهرقة : القاضي الشهيد نور الله التستري (المتوفّى ١٠١٩ ه‍) تحقيق السيد جلال الدين محدث ، مطبعة نهضت ـ ١٣٦٧ ه‍.

حرف الطاء

١٢٢. طبقات الشافعية : عبد الرحيم الأسنوي (المتوفّى ٧٧٢ ه‍) دار الكتب العلمية ، الطبعة الأولى ، لبنان ـ ١٤٠٧ ه‍.

١٢٣. الطبقات الكبرى : محمد بن سعد (المتوفّى ٢٣٠ ه‍) دار صادر ، بيروت ـ ١٣٨٠ ه‍.

١٢٤. طبقات المعتزلة (المنية والأمل) : أحمد بن يحيى المرتضى الزيدي (٧٦٤ ـ ٨٤٠ ه‍) دار صادر ، بيروت.

١٢٥. الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف : السيد ابن طاوس علي بن موسى الحلي (المتوفّى ٦٦٤ ه‍) مطبعة الخيام ، قم ـ ١٣٩٩ ه‍.

١٢٦. الطراز : يحيى بن حمزة العلوي اليمني ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ ١٤٠٢ ه‍.

حرف العين

١٢٧. عدة الأصول : الشيخ الطوسي (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه‍) مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ، قم ـ ١٤٠٣ ه‍.

١٢٨. عمدة القاري في شرح صحيح البخاري : محمود بن أحمد العيني الحنفي ، طبع مصر.

١٢٩. عوالي اللآلي : ابن أبي جمهور الأحسائي : محمد بن علي بن إبراهيم (المتوفّى ٩٤٠ ه‍) قم ـ ١٤٠٨ ه‍.

١٣٠. العين : الخليل بن أحمد الفراهيدي (١٠٠ ـ ١٧٥ ه‍) مؤسسة الأعلمي ، بيروت ـ ١٤٠٨ ه‍.

١٣١. عيون الأخبار : ابن قتيبة عبد الله بن مسلم الدينوري (٢١٣ ـ ٢٧٦ ه‍) دار الكتاب العربي ، بيروت.

١٣٢. عيون أخبار الرضا : الشيخ الصدوق (٣٠٦ ـ ٣٨١ ه‍) مؤسسة الأعلمي ، بيروت ـ ١٤٠٤ ه‍.

حرف الغين

١٣٣. الغدير : العلّامة عبد الحسين أحمد الأميني (١٣٢٠ ـ ١٣٩٠ ه‍) دار الكتاب العربي ، بيروت ـ ١٣٨٧ ه‍.

١٣٤. غريب الحديث : ابن قتيبة عبد الله بن مسلم الدينوري (٢١٣ ـ ٢٧٦ ه‍) دار الكتب العلمية ، بيروت ـ ١٤٠٨ ه‍.

١٣٥. غريب الحديث : أبو عبيد القاسم بن سلام الهروي (المتوفّى ٢٢٤ ه‍) دار الكتاب العربي ، بيروت ـ ١٣٨٤ ه‍.

١٣٦. الغيبة : الطوسي محمد بن الحسن (٣٨٥ ـ ٤٦٠ ه‍) مؤسسة المعارف الإسلامية ، قم ـ ١٤١١ ه‍.

١٣٧. الغيبة : النعماني محمد بن إبراهيم (المتوفّى حدود ٣٦٠ ه‍) منشورات أنوار الهدى ، قم ـ ١٤٢٢ ه‍.

حرف الفاء

١٣٨. الفائق في رواة وأصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام : عبد الحسين الشبستري مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، قم ـ ١٤١٨ ه‍.

١٣٩. فتح الباري : أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفّى ٨٥٢ ه‍) دار إحياء التراث العربي ، بيروت.

١٤٠. الفصول في الأصول : أحمد بن علي الرازي الجصاص (المتوفّى ٣٧٠ ه‍) دار الكتب العلمية ، بيروت ـ ١٤٢٠ ه‍.

١٤١. الفصول المختارة من العيون والمحاسن للمفيد : الشريف المرتضى (٣٥٥ ـ ٤٣٦ ه‍) مكتبة الداوري ، قم ـ ١٣٩٦ ه‍.

١٤٢. الفهرست : ابن النديم محمد بن إسحاق (٢٩٦ ـ ٣٨٥ ه‍) القاهرة ـ ١٣٤٨ ه‍.

١٤٣. فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت : محمد بن نظام الدين الأنصاري

الهندي (المتوفّى ١٢٢٥ ه‍) دار إحياء التراث العربي ، بيروت ـ ١٤١٨ ه‍.

١٤٤. فيض القدير شرح الجامع الصغير : عبد الرءوف المناوي (المتوفّى ١٠٣١ ه‍) دار الكتب العلمية ، بيروت ـ ١٤١٥ ه‍.

حرف القاف

١٤٥. قرب الاسناد : عبد الله بن جعفر الحميري القمي (من أعلام القرن الثالث الهجري) مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث ، قم المقدسة ـ ١٤١٣ ه‍.

١٤٦. قوانين الأصول : أبو القاسم القمي (المتوفّى ١٣٣٢ ه‍) الطبعة الحجرية.

حرف الكاف

١٤٧. الكافي : محمد بن يعقوب الكليني (المتوفّى ٣٢٩ ه‍) دار الكتب الإسلامية ، طهران ـ ١٣٩٧ ه‍.

١٤٨. الكاشف عن المحصول : محمد بن محمود العجلي الاصفهاني (المتوفّى ٦٥٣ ه‍) دار الكتب العلمية ، بيروت ـ ١٤١٩ ه‍.

١٤٩. الكشاف في تفسير القرآن : محمود بن عمر الزمخشري (المتوفّى ٥٣٨ ه‍) مكتبة مصطفى البابي الحلبي ، القاهرة ـ ١٣٦٧ ه‍.

١٥٠. كشف الخفاء : إسماعيل بن محمد العجلوني (المتوفّى ١١٦٢ ه‍) دار الكتب العلمية ، بيروت ـ ١٤٠٨ ه‍.

١٥١. كشف اليقين : العلامة الحلي الحسن بن يوسف (٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه‍) طهران ـ ١٤١١ ه‍.

١٥٢. الكنى والألقاب : عباس القمي (المتوفّى ١٣٥٩ ه‍) مكتبة الصدر ، طهران.

١٥٣. كنز العمال : المتقي الهندي (المتوفّى ٩٧٥ ه‍) مؤسسة الرسالة ، بيروت ـ ١٤٠٥ ه‍.

حرف اللام

١٥٤. لسان العرب : ابن منظور محمد بن مكرم (المتوفّى ٧١١ ه‍) قم ـ ١٤٠٥ ه‍.

حرف الميم

١٥٥. المبسوط : محمد بن أحمد السرخسي (المتوفّى ٤٩٠ ه‍) دار المعرفة ، بيروت ـ ١٤٠٦ ه‍.

١٥٦. المثل السائر : ابن الأثير الموصلي نصر الله بن محمد بن محمد (المتوفّى ٦٣٧ ه‍) المكتبة العصرية ، بيروت ـ ١٤٢٠ ه‍.

١٥٧. المجازات النبوية : الشريف الرضي (المتوفّى ٤٠٦ ه‍) مكتبة بصيرتي ، قم.

١٥٨. مجمع الأمثال : أحمد بن محمد النيسابوري الميداني (المتوفّى ٥١٨ ه‍) دار الفكر ، بيروت ـ ١٣٩٣ ه‍.

١٥٩. مجمع البحرين : فخر الدين الطريحي (المتوفّى ١٠٨٥ ه‍) مكتب نشر الثقافة الإسلامية ، الطبعة الثانية ـ ١٤٠٨ ه‍.

١٦٠. مجمع البيان : الفضل بن الحسن الطبرسي (٤٧١ ـ ٥٤٨ ه‍) دار المعرفة ، بيروت ـ ١٤٠٨ ه‍.

١٦١. مجمع الزوائد : علي بن أبي بكر الهيثمي (٧٣٥ ـ ٨٠٧ ه‍) دار الكتاب العربي ، بيروت ـ ١٤٠٢ ه‍.

١٦٢. المجموع : يحيى بن شرف النووي (٦٣١ ـ ٦٧٦ ه‍) دار الفكر.

١٦٣. المحاسن : أحمد بن محمد البرقي (المتوفّى ٢٧٤ ه‍) طبع طهران.

١٦٤. المحصول في علم الأصول : محمد بن عمر بن الحسين الرازي (٥٤٤ ـ ٦٠٦ ه‍) دار الكتب العلمية ، بيروت ـ ١٤٠٨ ه‍.

١٦٥. المحلّى في فقه الظاهرية : ابن حزم علي بن أحمد (المتوفّى ٤٥٦ ه‍) تحقيق محمد أحمد شاكر ، دار الآفاق الجديدة ، بيروت.

١٦٦. مرآة الجنان : عبد الله بن سعد بن علي اليافعي (المتوفّى ٧٦٨ ه‍) مؤسسة الأعلمي ، بيروت ـ ١٣٩٠ ه‍.

١٦٧. المستدرك : الحاكم النيسابوري محمد بن عبد الله (المتوفّى ٤٠٥ ه‍) دار المعرفة ، بيروت.

١٦٨. مستدرك الوسائل : المحدّث حسين النوري (المتوفّى ١٣٢٠ ه‍) مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام ، قم ـ ١٤٠٧ ه‍.

١٦٩. مستدركات علم رجال الحديث : علي النمازي الشاهرودي (المتوفّى ١٤٠٥ ه‍) طهران ، الطبعة الأولى ـ ١٤١٢ ه‍.

١٧٠. المستصفى من علم الأصول : محمد بن محمد بن محمد الغزالي (٤٥٠ ـ ٥٠٥ ه‍) مؤسسة الرسالة ، بيروت ـ ١٤١٧ ه‍.

١٧١. مسند أبي يعلى الموصلي : أحمد بن علي بن المثنى (٢١٠ ـ ٣٠٧ ه‍) دار المأمون للتراث ، تحقيق حسين سليم أسد.

١٧٢. المسند : أحمد بن حنبل (المتوفّى ٢٤١ ه‍) دار الفكر ، بيروت.

١٧٣. المسند : الطيالسي سليمان بن داود الجارود (المتوفّى ٢٠٤ ه‍) دار المعرفة ، بيروت.

١٧٤. مشاهير علماء الأمصار : محمد بن حبان بن أحمد التميمي البستي (المتوفّى ٣٥٤ ه‍) دار الوفاء ، المنصورة ـ ١٤١١ ه‍.

١٧٥. المصنف : أبو بكر ابن أبي شيبة (المتوفّى ٢٣٥ ه‍) دار الفكر ، بيروت ـ ١٤٠٩ ه‍.

١٧٦. معارج الأصول : المحقق الحلي جعفر بن الحسن (٦٠٢ ـ ٦٧٦ ه‍) تحقيق محمد حسين الرضوي الكشميري ، قم ـ ١٤٢٣ ه‍.

١٧٧. معالم المدرستين : السيد مرتضى العسكري (المتوفّى ١٤٢٨ ه‍) مؤسسة النعمان ، بيروت ـ ١٤١٠ ه‍.

١٧٨. معاني الأخبار : الشيخ الصدوق (٣٠٦ ـ ٣٨١ ه‍) دار المعرفة ، بيروت ـ ١٣٩٩ ه‍.

١٧٩. المعتمد في أصول الفقه : أبو الحسين محمد بن علي البصري المعتزلي (المتوفّى ٤٣٦ ه‍) دار الكتب العلمية ، بيروت.

١٨٠. المعجم الأوسط : سليمان بن أحمد الطبراني (٢٦٠ ـ ٣٦٠ ه‍) دار الحرمين ـ ١٤١٥ ه‍.

١٨١. معجم البلدان : ياقوت بن عبد الله الحموي (المتوفّى ٦٢٦ ه‍) دار إحياء التراث العربي ، بيروت ـ ١٣٩٩ ه‍.

١٨٢. معجم رجال الحديث : السيد أبو القاسم الخوئي (المتوفّى ٤١٣ ه‍) بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

١٨٣. معجم الفرق الإسلامية : شريف يحيى الأمين ، دار الأضواء ، بيروت ـ ١٤٠٦ ه‍.

١٨٤. المعجم الكبير : أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (٢٦٠ ـ ٣٦٠ ه‍) دار إحياء التراث العربي ، بيروت ـ ١٤٠٤ ه‍.

١٨٥. معجم المطبوعات العربية : يوسف اليان سركيس (المتوفّى ١٣٥١ ه‍) مكتبة آية الله المرعشي النجفي ، قم ـ ١٤١٠ ه‍.

١٨٦. المعجم الوسيط : نخبة من الأساتذة ، إصدار مجمع اللغة العربية ، القاهرة ؛ ودار الدعوة ، استنبول ، تركية ـ ١٩٨٩ م.

١٨٧. معرفة السنن والآثار : أحمد بن الحسين البيهقي (المتوفّى ٤٥٨ ه‍) دار الكتب العلمية ، بيروت.

١٨٨. المغرب : علي بن موسى بن سعيد المغربي الغرناطي (٦١٠ ـ ٦٨٥ ه‍) دار الكتب العلمية ، بيروت ـ ١٤١٧ ه‍.

١٨٩. المغني : عبد الله بن قدامة (٥٤١ ـ ٦٢٠ ه‍) مطبعة الإمام ، مصر.

١٩٠. مقاتل الطالبيين : أبو الفرج الاصفهاني (٢٨٤ ـ ٣٥٦ ه‍) مؤسسة دار الكتاب ، قم.

١٩١. مكارم الأخلاق : الحسن بن الفضل الطبرسي (من أعلام القرن السادس الهجري) منشورات الشريف الرضي ، قم ـ ١٣٩٣ ه‍.

١٩٢. الملل والنحل : الشهرستاني محمد بن عبد الكريم (٤٧٩ ـ ٥٤٨ ه‍) دار المعرفة ، بيروت ـ ١٤٠٢ ه‍.

١٩٣. المناقب : الخوارزمي أحمد بن محمد (المتوفّى ٥٦٨ ه‍) مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، قم ـ ١٤١١ ه‍.

١٩٤. مناقب آل أبي طالب : ابن شهرآشوب محمد بن علي السروي المازندراني (٤٨٨ ـ ٥٨٨ ه‍) المطبعة العلمية ، قم.

١٩٥. مناقب علي بن أبي طالب : ابن المغازلي علي بن محمد الشافعي الواسطي (المتوفّى ٤٨٣ ه‍) دار الأضواء ، بيروت ـ ١٤١٢ ه‍.

١٩٦. منتهى الوصول والأمل في علمي الأصول والجدل : ابن الحاجب عثمان بن عمرو (المتوفّى ٦٤٦ ه‍) دار الكتب العلمية ، بيروت ، الطبعة الأولى ـ ١٤٠٥ ه‍.

١٩٧. المنجد في اللغة والأعلام : لويس معلوف ، دار المشرق ، بيروت ـ ١٩٧٣ م.

١٩٨. المنخول من تعليقات الأصول : أبو حامد محمد بن محمد الغزالي (المتوفّى ٥٠٥ ه‍) دار الفكر ، دمشق ـ ١٤٠٠ ه‍.

١٩٩. من لا يحضره الفقيه : الشيخ الصدوق (المتوفّى ٣٨١ ه‍) دار الكتب الإسلامية ، طهران ـ ١٣٩٠ ه‍.

٢٠٠. منية المريد : الشهيد الثاني زين الدين العاملي (٩١١ ـ ٩٦٥ ه‍) مكتب

الإعلام الإسلامي ، قم ـ ١٤٠٩ ه‍.

٢٠١. موسوعة طبقات الفقهاء : تأليف اللجنة العلمية في مؤسسة الإمام الصادق ، قم ـ ١٤١٨ ه‍.

٢٠٢. الموطأ : مالك بن أنس (المتوفّى ١٧٩ ه‍) دار الآفاق الجديدة ، بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

٢٠٣. ميزان الأصول : محمد بن أحمد السمرقندي الحنفي (المتوفّى ٥٣٩ ه‍) مكتبة دار الحديث ، القاهرة.

٢٠٤. ميزان الاعتدال : محمد بن أحمد الذهبي (٦٧٣ ـ ٧٤٨ ه‍) دار المعرفة ، بيروت.

٢٠٥. الميزان في تفسير القرآن : العلّامة الطباطبائي (١٣٢١ ـ ١٤٠٢ ه‍) مؤسسة الأعلمي ، بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

حرف النون

٢٠٦. نصب الراية : جمال الدين الزيلعي (المتوفّى ٧٦٢ ه‍) دار الحديث ، القاهرة ـ ١٤١٥ ه‍.

٢٠٧. نفائس الأصول : أحمد بن إدريس القرافي (المتوفّى ٦٨٤ ه‍) دار الكتب العلمية ، بيروت ـ ١٤٢١ ه‍.

٢٠٨. النهاية : ابن الأثير مبارك بن محمد الجزري (المتوفّى ٦٠٦ ه‍) مؤسسة إسماعيليان ، قم ـ ١٤٠٥ ه‍.

٢٠٩. نهاية السئول في شرح منهاج الأصول : جمال الدين الأسنوي (المتوفّى ٧٧٢ ه‍) دار الكتب العلمية ، بيروت ـ ١٤٢٠ ه‍.

٢١٠. نهج الإيمان : علي بن يوسف بن جبر (من أعلام القرن السابع الهجري) مجتمع الإمام الهادي عليه‌السلام ، مشهد ـ ١٤١٨ ه‍.

٢١١. نور البراهين : نعمة الله الموسوي الجزائري (١٠٥٠ ـ ١١١٢ ه‍) مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين ، قم ـ ١٤١٧ ه‍.

٢١٢. نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار : قاضي القضاة محمد بن علي بن محمد الشوكاني (المتوفّى ١٢٥٥ ه‍) دار الجيل ، بيروت ـ ١٩٧٣ م.

حرف الواو

٢١٣. وسائل الشيعة : الحر العاملي محمد بن الحسن (١٠٣٣ ـ ١١٠٤ ه‍) دار إحياء التراث العربي ، بيروت ـ ١٤٠٣ ه‍.

٢١٤. الوسيط في أصول الفقه : جعفر السبحاني (تولد ١٣٤٧ ه‍) مؤسسة الإمام الصادق عليه‌السلام ، قم ـ ١٤٢٦ ه‍.

٢١٥. وفيات الأعيان : ابن خلّكان أحمد بن محمد (٦٠٨ ـ ٦٨١ ه‍) منشورات الشريف الرضي ، قم ـ ١٣٦٤ ه‍.

٢١٦. وقعة صفين : نصر بن مزاحم النقري (المتوفّى ٢١٢ ه‍) دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة ـ ١٣٦٥ ه‍.

فهرس إجمالي لكتاب

نهاية الوصول إلى علم الأصول

المقصد الأوّل

في المقدمات

وفيه سبعة فصول

الفصل الأوّل : في ماهية علم الأصول........................................ ١ / ٦٣

الفصل الثاني : في غايته وبيان موضوعه....................................... ١ / ٦٧

الفصل الثالث : في مبادئه................................................... ١ / ٦٩

الفصل الرابع : في مرتبته ونسبته إلى غيره من العلوم............................. ١ / ٧١

الفصل الخامس : في وجوب معرفته........................................... ١ / ٧٤

الفصل السادس : في مصادر يذكر تعريفها هنا للحاجة إليها..................... ١ / ٧٥

الفصل السابع : في تقسيم الحكم............................................ ١ / ٩١

المقصد الثاني

في اللغات

وفيه مقدّمة وثمانية فصول

المقدّمة فيها بحثان : الماهية والغاية........................................... ١ / ١٤٥

الفصل الأوّل : في مباحث كلّية............................................ ١ / ١٥٠

الفصل الثاني : في تقاسيم دلالة الألفاظ..................................... ١ / ١٧٣

الفصل الثالث : في الأسماء المشتقة.......................................... ١ / ١٨٧

الفصل الرابع : في الألفاظ المترادفة والمؤكّدة................................... ١ / ٢٠٣

الفصل الخامس : في مباحث الاشتراك....................................... ١ / ٢٠٩

الفصل السادس : في الحقيقة والمجاز......................................... ١ / ٢٣٥

الفصل السابع : في التعارض بين أحوال الألفاظ.............................. ١ / ٢٩٩

الفصل الثامن : في تفسير حروف يبحث عنها الفقهاء......................... ١ / ٣١٣

المقصد الثالث

في كيفية الاستعمال

وفيه فصلان

الفصل الأوّل : في الكتاب................................................. ١ / ٣٣١

الفصل الثاني : في أحكام خطابه تعالى...................................... ١ / ٣٤٠

المقصد الرابع

في الأمر والنهي

وفيه ثمانية فصول

الفصل الأوّل : في المقدمات............................................... ١ / ٣٥٧

الفصل الثاني : في البحث عن الصيغة....................................... ١ / ٣٧٣

الفصل الثالث : في مقتضيات الصيغة....................................... ١ / ٤٠٠

الفصل الرابع : في أقسام الأمر............................................. ١ / ٤٨٨

الفصل الخامس : في أحكام الوجوب........................................ ١ / ٥١٨

الفصل السادس : في المأمور به............................................. ١ / ٥٤٥

الفصل السابع : في المأمور................................................. ١ / ٥٩٤

الفصل الثامن : في النهي.................................................... ٢ / ٦٧

المقصد الخامس

في العموم والخصوص

وفيه أربعة أبواب

الباب الأوّل : في العموم ، وفيه فصلان..................................... ٢ / ١٠٩

الفصل الأوّل : في ألفاظه.................................................. ٢ / ١٠٩

الفصل الثاني : فيما لحق بالعام وليس منه.................................... ٢ / ١٦٤

الباب الثاني : في الخصوص................................................ ٢ / ٢٠٣

الباب الثالث : في المقتضي للتخصيص ، وفيه فصول......................... ٢ / ٢٣٣

الفصل الأوّل : في الأدلة المتصلة........................................... ٢ / ٢٣٣

الفصل الثاني : في الأدلة المنفصلة........................................... ٢ / ٢٨١

الفصل الثالث : في بناء العام على الخاص................................... ٢ / ٣٠٤

الفصل الرابع : فيما ظنّ أنّه من مخصصات العموم............................ ٢ / ٣١٨

الباب الرابع : في المطلق والمقيد............................................. ٢ / ٣٧٨

المقصد السادس

في باقي صفات الدلالة

وفيه ثلاثة أبواب

الباب الأوّل : في المجمل والمبين ، وفيه فصلان................................ ٢ / ٣٩١

الفصل الأوّل : في المجمل.................................................. ٢ / ٣٩١

الفصل الثاني : في البيان والمبين............................................. ٢ / ٤٢٧

الباب الثاني : في الظاهر والمؤوّل............................................ ٢ / ٤٨٧

الباب الثالث : في المنطوق والمفهوم.......................................... ٢ / ٥١٢

المقصد السابع

في الأفعال

وفيه سبعة مباحث

المبحث الأوّل : في عصمة الأنبياء.......................................... ٢ / ٥٢٥

المبحث الثاني : في معنى التأسّي والموافقة والمخالفة............................. ٢ / ٥٢٨

المبحث الثالث : هل يدل فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حكم في حقنا؟................... ٢ / ٥٣٣

المبحث الرابع : في وجوب التأسي.......................................... ٢ / ٥٥٢

المبحث الخامس : في جهة العلم بالتأسي.................................... ٢ / ٥٥٦

المبحث السادس : في طريق معرفة أفعاله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.............................. ٢ / ٥٦٢

المبحث السابع : في التعارض في أقواله وأفعاله................................ ٢ / ٥٦٩

المقصد الثامن

في النسخ

وفيه أربعة فصول

الفصل الأوّل : في حقيقته................................................. ٢ / ٥٧٩

الفصل الثاني : في جواز النسخ............................................. ٢ / ٦٠٠

الفصل الثالث : في المنسوخ................................................. ٣ / ٢٣

الفصل الرابع : في الناسخ................................................... ٣ / ٧١

المقصد التاسع

في الإجماع

وفيه سبعة فصول

الفصل الأوّل : في ماهيته وتحقّقه وكونه حجّة................................ ٣ / ١٢٥

الفصل الثاني : في ما أخرج من الإجماع وهو منه.............................. ٣ / ١٩٣

الفصل الثالث : في ما أدخل في الإجماع وليس منه............................ ٣ / ٢٢٦

الفصل الرابع : في مدرك الإجماع............................................ ٣ / ٢٤٨

الفصل الخامس : في المجمعين............................................... ٣ / ٢٥٧

الفصل السادس : في الحكم الثابت بالإجماع................................. ٣ / ٢٧١

الفصل السابع : في حكم الإجماع.......................................... ٣ / ٢٧٨

المقصد العاشر

في الخبر

وفيه سبعة فصول

الفصل الأوّل : في ماهية الخبر.............................................. ٣ / ٢٨٣

الفصل الثاني : في المتواتر.................................................. ٣ / ٢٩٩

الفصل الثالث : في باقي الأخبار المعلومة الصدق............................. ٣ / ٣٣١

الفصل الرابع : في الخبر المقطوع بكذبه...................................... ٣ / ٣٤٥

الفصل الخامس : في خبر الواحد............................................ ٣ / ٣٧٠

الفصل السادس : في شرائط الراوي......................................... ٣ / ٤١٤

الفصل السابع : فيما ظن أنّه شرط وليس كذلك............................. ٣ / ٤٣٧

المقصد الحادي عشر

في القياس

وفيه سبعة فصول

الفصل الأوّل : في ماهيته وأركانه........................................... ٣ / ٥٠١

الفصل الثاني : في أنّه هل يعتد بالقياس أم لا؟............................... ٣ / ٥١٨

الفصل الثالث : في طرق التعليل............................................ ٣ / ٦١٤

الفصل الرابع : في مبطلات العلّة........................................... ٤ / ١٦٦

الفصل الخامس : فيما يصحّ التعليل به وما يمتنع.............................. ٤ / ٢٢٣

الفصل السادس : في باقي أركان القياس..................................... ٤ / ٢٨٢

الفصل السابع : في الاعتراضات............................................ ٤ / ٣١٨

المقصد الثاني عشر

في الاستدلال

وفيه سبعة فصول

الفصل الأوّل : في التلازم.................................................. ٤ / ٣٥٨

الفصل الثاني : في الاستصحاب............................................ ٤ / ٣٦٣

الفصل الثالث : في الاستحسان............................................ ٤ / ٣٩٥

الفصل الرابع : في المصالح المرسلة........................................... ٤ / ٤٠٢

الفصل الخامس : في شرع من قبلنا.......................................... ٤ / ٤٠٧

الفصل السادس : في مذهب الصحابي...................................... ٤ / ٤٢١

الفصل السابع : في باقي أدلة شرعية اختلف فيها المجتهدون.................... ٤ / ٤٣٤

المقصد الثالث عشر

في الاجتهاد والتقليد والتعادل والترجيح

وفيه أربعة فصول

الفصل الأوّل : في الاجتهاد................................................ ٥ / ١٦٧

الفصل الثاني : في التقليد.................................................. ٥ / ٢٤١

الفصل الثالث : في التعادل................................................ ٥ / ٢٧٥

الفصل الرابع : في التراجيح................................................ ٥ / ٢٨٥

فهرس محتويات الجزء الخامس

مقدّمة بقلم آية الله العظمى جعفر السبحاني تحت عنوان

القول السديد في الاجتهاد والتقليد.............................................. ٧

وفيها فصول

١. النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والاجتهاد..................................................... ٩

اجتهاد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتسرّب الخطأ إليه......................................... ١٦

العلم بالملاك غير الاجتهاد.................................................... ١٨

أسئلة وأجوبة............................................................... ١٩

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأمور الدنيوية.................................................. ٢٥

٢. وجود الاجتهاد عند الصحابة.............................................. ٣٦

شبهة حول الاجتهاد الدارج في عصرنا.......................................... ٥٠

٣. في تجزؤ الاجتهاد........................................................ ٥٨

القول في إمكان التجزّؤ...................................................... ٥٨

في أحكام المتجزّئ........................................................... ٦١

في تصدّي المقلّد للقضاء...................................................... ٦٥

٤. التخطئة والتصويب في الأصول والفروع..................................... ٦٧

التخطئة والتصويب في الأصول................................................ ٦٧

٥. دور الزمان والمكان في الاستنباط أو الإسلام ومتطلّبات العصر................. ٧٨

تقديم......................................................................... ٧٨

دور الزمان والمكان في الاستنباط ، وفيه بحوث...................................... ٨٢

البحث الأوّل : استعراض الروايات الواردة في ذلك المضمار........................... ٨٣

حصيلة الروايات................................................................ ٩٣

البحث الثاني : مقتطفات من كلمات الفقهاء...................................... ٩٥

١. الصدوق (٣٠٦ ـ ٣٨١ ه‍)............................................... ٩٥

٢. العلّامة الحلّي (٦٤٨ ـ ٧٢٦ ه‍)........................................... ٩٦

٣. الشيخ الشهيد محمد بن مكي العاملي (٧٣٤ ـ ٧٨٦ ه‍)...................... ٩٦

٤. المحقّق الأردبيلي (المتوفّى ٩٩٣ ه‍).......................................... ٩٧

٥. صاحب الجواهر (المتوفّى ١٢٦٦ ه‍)........................................ ٩٨

٦. الشيخ الأنصاري (١٢١٤ ـ ١٢٨١ ه‍).................................... ٩٨

٧. الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (١٢٩٤ ـ ١٣٧٣ ه‍)..................... ٩٨

٨. السيد الإمام الخميني (١٣٢٠ ـ ١٤٠٩ ه‍)................................. ٩٩

حصر التشريع في الله سبحانه................................................... ١٠٣

خلود الشريعة................................................................ ١٠٣

البحث الثالث : تطبيقات عملية............................................... ١٠٩

الأوّل : تأثيرهما في تطبيق الموضوعات على مواردها............................. ١٠٩

الثاني : تأثيرهما في تغير الحكم بتغيّر مناطه..................................... ١١١

الثالث : تأثيرهما في كشف مصاديق جديدة للموضوع.......................... ١١٤

الرابع : تأثيرهما في تغير أساليب تنفيذ الحكم................................... ١٢٠

الخامس : تأثيرهما في بلورة موضوعات جديدة.................................. ١٢٤

السادس : تأثيرهما في تفسير القرآن الكريم..................................... ١٢٥

السابع : تأثيرهما في تفسير السنّة............................................. ١٢٨

التفسير الخاطئ لتأثير الزمان والمكان.......................................... ١٢٩

البحث الرابع : دراسة في تأثير الزمان والمكان في الفقه السنّي........................ ١٣٤

تغيير الأحكام الاجتهادية لفساد الزمان.......................................... ١٣٧

تغيير الأحكام الاجتهادية لتطوّر الوسائل والأوضاع............................. ١٤٩

٦. دور الحاكم في رفع التزاحم بين الأحكام الأولية............................. ١٥٩

* * *

المقصد الثالث عشر

في الاجتهاد والتقليد والتعادل والترجيح

الفصل الأوّل : في الاجتهاد ، وفيه مطالب....................................... ١٦٧

الأوّل : في ماهيته.......................................................... ١٦٧

المطلب الثاني : في المجتهد................................................... ١٦٨

الأوّل : في شرائطه......................................................... ١٦٨

البحث الثاني : في أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن متعبّدا بالاجتهاد.................... ١٧٢

البحث الثالث : في عدم جواز الخطاء عليه.................................... ١٨٦

البحث الرابع : في الاجتهاد في زمانه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.................................. ١٨٨

البحث الخامس : في تجزّؤ الاجتهاد.......................................... ١٩١

المطلب الثالث : ما فيه الاجتهاد............................................ ١٩٢

المطلب الرابع : في حكم الاجتهاد ، وفيه بحوث............................... ١٩٣

الأوّل : في حكم المجتهدين في الأصول........................................ ١٩٣

البحث الثاني : في حكم الاجتهاد في المسائل الشرعية.......................... ١٩٧

البحث الثالث : في أنّ المجتهد في الفروع مطلقا هل هو مصيب أم لا؟............ ١٩٨

البحث الرابع : في القول بالأشبه............................................ ٢٢٢

البحث الخامس : في فصل التنازع بين المجتهدين المختلفين....................... ٢٢٤

البحث السادس : في نقض الاجتهاد......................................... ٢٢٥

البحث السّابع : في أنّه لا يجوز أن يقول الله تعالى للنبي أو العالم : احكم بمهما شئت فإنّما تحكم بالصواب         ٢٢٧

الفصل الثاني : في التقليد ، وفيه مطالب......................................... ٢٤١

المطلب الأوّل : في ماهية التقليد............................................. ٢٤١

المطلب الثاني : في المفتي ، وفيه بحوث........................................ ٢٤٢

البحث الأوّل : في أنّه هل يجوز خلو الزمان عن مجتهد أم لا؟.................... ٢٤٢

البحث الثاني : في تكرر الاجتهاد............................................ ٢٤٧

البحث الثالث : في الإفتاء عن الحكاية....................................... ٢٤٨

المطلب الثالث : في المستفتي وشرائط الاستفتاء ومحلّه ، وفيه بحوث............... ٢٥٠

الأوّل : في العامّي......................................................... ٢٥٠

البحث الثاني : في غير العامّي............................................... ٢٥٨

البحث الثالث : في شرائط الاستفتاء......................................... ٢٦٣

تذنيب : في عدول المقلّد في غير ما قلّد فيه................................... ٢٦٦

البحث الرابع : في محلّه..................................................... ٢٦٧

الفصل الثالث : في التعادل ، وفيه بحثان......................................... ٢٧٥

الأوّل : في جوازه.......................................................... ٢٧٥

البحث الثاني : في تعدّد أقوال المجتهد......................................... ٢٨٢

الفصل الرابع : في التراجيح ، وفيه مطالب....................................... ٢٨٥

المطلب الأوّل : في مقدّماته ، وفيه بحوث..................................... ٢٨٥

البحث الأوّل : في ماهيته................................................... ٢٨٥

البحث الثاني : في جوازه.................................................... ٢٨٦

البحث الثالث : في محلّه.................................................... ٢٨٩

البحث الرابع : في الترجيح بكثرة الأدلّة....................................... ٢٩٠

البحث الخامس : في الجمع بين الأدلّة المتعارضة................................ ٢٩٥

البحث السادس : في تقسيم الأدلّة المتعارضة.................................. ٢٩٦

المطلب الثاني : في وجوه التراجيح............................................ ٣٠٠

[الباب] الأوّل : في الترجيح بين الأدلّة النقلية ، وفيه بحوث..................... ٣٠٠

البحث الأوّل : في التراجيح الحاصلة بسبب الراوي............................. ٣٠١

البحث الثاني : في الترجيح المستند إلى حال ورود الخبر.......................... ٣١٠

البحث الثالث : فيما يرجع إلى اللفظ........................................ ٣١٢

البحث الرابع : في التراجيح العائدة إلى الحكم................................. ٣١٨

البحث الخامس : في التراجيح بالأمور الخارجية................................. ٣٣١

البحث السادس : في بقايا تراجيح الأخبار.................................... ٣٣٢

البحث السابع : في تراجيح الإجماعات....................................... ٣٣٦

الباب الثاني : في تراجيح الأقيسة ، وفيه بحوث.................................... ٣٣٨

الأوّل : في التراجيح المعتبرة بحسب ماهيّة العلّة................................. ٣٣٩

البحث الثاني : في الترجيح العائد إلى ما يدلّ على وجود ذات العلّة............... ٣٤٢

البحث الثالث : في الترجيح العائد إلى دلائل طريق العلّيّة في الأصل.............. ٣٤٥

البحث الرابع : في التراجيح العائدة إلى دليل الحكم............................. ٣٥٤

البحث الخامس : في ترجيح الحاصل بسبب كيفية الحكم........................ ٣٥٦

البحث السادس : في الترجيح الحاصل بسبب محلّ العلّة......................... ٣٥٨

البحث السّابع : في بقايا ترجيحات الأقيسة................................... ٣٦١

البحث الثامن : في الترجيح بين المنقول والمعقول................................ ٣٦٣

الفهارس الفنية

فهرس الآيات القرآنية.......................................................... ٣٦٩

فهرس الأحاديث............................................................. ٤١٩

فهرس الأعلام................................................................ ٤٤١

فهرس الأنبياء عليهم‌السلام........................................................... ٤٦١

فهرس المعصومين عليهم‌السلام........................................................ ٤٦٥

فهرس مصادر التحقيق........................................................ ٤٦٧

فهرس إجمالي لكتاب نهاية الوصول إلى علم الأصول............................... ٤٩٣

فهرس محتويات الجزء الخامس................................................... ٥٠١

نهاية الوصول إلى علم الأصول - ٥

المؤلف: الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
الصفحات: 508
ISBN: 978-964-357-284-6
  • المقصد الأوّل
  • في المقدمات
  • وفيه سبعة فصول
  • الفصل الأوّل : في ماهية علم الأصول 1 / 63
  • الفصل الثاني : في غايته وبيان موضوعه 1 / 67
  • الفصل الثالث : في مبادئه 1 / 69
  • الفصل الرابع : في مرتبته ونسبته إلى غيره من العلوم 1 / 71
  • الفصل الخامس : في وجوب معرفته 1 / 74
  • الفصل السادس : في مصادر يذكر تعريفها هنا للحاجة إليها 1 / 75
  • الفصل السابع : في تقسيم الحكم 1 / 91
  • المقصد الثاني
  • في اللغات
  • وفيه مقدّمة وثمانية فصول
  • المقدّمة فيها بحثان : الماهية والغاية 1 / 145
  • الفصل الأوّل : في مباحث كلّية 1 / 150
  • الفصل الثاني : في تقاسيم دلالة الألفاظ 1 / 173
  • الفصل الثالث : في الأسماء المشتقة 1 / 187
  • الفصل الرابع : في الألفاظ المترادفة والمؤكّدة 1 / 203
  • الفصل الخامس : في مباحث الاشتراك 1 / 209
  • الفصل السادس : في الحقيقة والمجاز 1 / 235
  • الفصل السابع : في التعارض بين أحوال الألفاظ 1 / 299
  • الفصل الثامن : في تفسير حروف يبحث عنها الفقهاء 1 / 313
  • المقصد الثالث
  • في كيفية الاستعمال
  • وفيه فصلان
  • الفصل الأوّل : في الكتاب 1 / 331
  • الفصل الثاني : في أحكام خطابه تعالى 1 / 340
  • المقصد الرابع
  • في الأمر والنهي
  • وفيه ثمانية فصول
  • الفصل الأوّل : في المقدمات 1 / 357
  • الفصل الثاني : في البحث عن الصيغة 1 / 373
  • الفصل الثالث : في مقتضيات الصيغة 1 / 400
  • الفصل الرابع : في أقسام الأمر 1 / 488
  • الفصل الخامس : في أحكام الوجوب 1 / 518
  • الفصل السادس : في المأمور به 1 / 545
  • الفصل السابع : في المأمور 1 / 594
  • الفصل الثامن : في النهي 2 / 67
  • المقصد الخامس
  • في العموم والخصوص
  • وفيه أربعة أبواب
  • الباب الأوّل : في العموم ، وفيه فصلان 2 / 109
  • الفصل الأوّل : في ألفاظه 2 / 109
  • الفصل الثاني : فيما لحق بالعام وليس منه 2 / 164
  • الباب الثاني : في الخصوص 2 / 203
  • الباب الثالث : في المقتضي للتخصيص ، وفيه فصول 2 / 233
  • الفصل الأوّل : في الأدلة المتصلة 2 / 233
  • الفصل الثاني : في الأدلة المنفصلة 2 / 281
  • الفصل الثالث : في بناء العام على الخاص 2 / 304
  • الفصل الرابع : فيما ظنّ أنّه من مخصصات العموم 2 / 318
  • الباب الرابع : في المطلق والمقيد 2 / 378
  • المقصد السادس
  • في باقي صفات الدلالة
  • وفيه ثلاثة أبواب
  • الباب الأوّل : في المجمل والمبين ، وفيه فصلان 2 / 391
  • الفصل الأوّل : في المجمل 2 / 391
  • الفصل الثاني : في البيان والمبين 2 / 427
  • الباب الثاني : في الظاهر والمؤوّل 2 / 487
  • الباب الثالث : في المنطوق والمفهوم 2 / 512
  • المقصد السابع
  • في الأفعال
  • وفيه سبعة مباحث
  • المبحث الأوّل : في عصمة الأنبياء 2 / 525
  • المبحث الثاني : في معنى التأسّي والموافقة والمخالفة 2 / 528
  • المبحث الثالث : هل يدل فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حكم في حقنا؟ 2 / 533
  • المبحث الرابع : في وجوب التأسي 2 / 552
  • المبحث الخامس : في جهة العلم بالتأسي 2 / 556
  • المبحث السادس : في طريق معرفة أفعاله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم 2 / 562
  • المبحث السابع : في التعارض في أقواله وأفعاله 2 / 569
  • المقصد الثامن
  • في النسخ
  • وفيه أربعة فصول
  • الفصل الأوّل : في حقيقته 2 / 579
  • الفصل الثاني : في جواز النسخ 2 / 600
  • الفصل الثالث : في المنسوخ 3 / 23
  • الفصل الرابع : في الناسخ 3 / 71
  • المقصد التاسع
  • في الإجماع
  • وفيه سبعة فصول
  • الفصل الأوّل : في ماهيته وتحقّقه وكونه حجّة 3 / 125
  • الفصل الثاني : في ما أخرج من الإجماع وهو منه 3 / 193
  • الفصل الثالث : في ما أدخل في الإجماع وليس منه 3 / 226
  • الفصل الرابع : في مدرك الإجماع 3 / 248
  • الفصل الخامس : في المجمعين 3 / 257
  • الفصل السادس : في الحكم الثابت بالإجماع 3 / 271
  • الفصل السابع : في حكم الإجماع 3 / 278
  • المقصد العاشر
  • في الخبر
  • وفيه سبعة فصول
  • الفصل الأوّل : في ماهية الخبر 3 / 283
  • الفصل الثاني : في المتواتر 3 / 299
  • الفصل الثالث : في باقي الأخبار المعلومة الصدق 3 / 331
  • الفصل الرابع : في الخبر المقطوع بكذبه 3 / 345
  • الفصل الخامس : في خبر الواحد 3 / 370
  • الفصل السادس : في شرائط الراوي 3 / 414
  • الفصل السابع : فيما ظن أنّه شرط وليس كذلك 3 / 437
  • المقصد الحادي عشر
  • في القياس
  • وفيه سبعة فصول
  • الفصل الأوّل : في ماهيته وأركانه 3 / 501
  • الفصل الثاني : في أنّه هل يعتد بالقياس أم لا؟ 3 / 518
  • الفصل الثالث : في طرق التعليل 3 / 614
  • الفصل الرابع : في مبطلات العلّة 4 / 166
  • الفصل الخامس : فيما يصحّ التعليل به وما يمتنع 4 / 223
  • الفصل السادس : في باقي أركان القياس 4 / 282
  • الفصل السابع : في الاعتراضات 4 / 318
  • المقصد الثاني عشر
  • في الاستدلال
  • وفيه سبعة فصول
  • الفصل الأوّل : في التلازم 4 / 358
  • الفصل الثاني : في الاستصحاب 4 / 363
  • الفصل الثالث : في الاستحسان 4 / 395
  • الفصل الرابع : في المصالح المرسلة 4 / 402
  • الفصل الخامس : في شرع من قبلنا 4 / 407
  • الفصل السادس : في مذهب الصحابي 4 / 421
  • الفصل السابع : في باقي أدلة شرعية اختلف فيها المجتهدون 4 / 434
  • المقصد الثالث عشر
  • في الاجتهاد والتقليد والتعادل والترجيح
  • وفيه أربعة فصول
  • الفصل الأوّل : في الاجتهاد 5 / 167
  • الفصل الثاني : في التقليد 5 / 241
  • الفصل الثالث : في التعادل 5 / 275
  • الفصل الرابع : في التراجيح 5 / 285
  • مقدّمة بقلم آية الله العظمى جعفر السبحاني تحت عنوان
  • القول السديد في الاجتهاد والتقليد 7
  • وفيها فصول
  • 1. النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والاجتهاد 9
  • اجتهاد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتسرّب الخطأ إليه 16
  • العلم بالملاك غير الاجتهاد 18
  • أسئلة وأجوبة 19
  • النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأمور الدنيوية 25
  • 2. وجود الاجتهاد عند الصحابة 36
  • شبهة حول الاجتهاد الدارج في عصرنا 50
  • 3. في تجزؤ الاجتهاد 58
  • القول في إمكان التجزّؤ 58
  • في أحكام المتجزّئ 61
  • في تصدّي المقلّد للقضاء 65
  • 4. التخطئة والتصويب في الأصول والفروع 67
  • التخطئة والتصويب في الأصول 67
  • 5. دور الزمان والمكان في الاستنباط أو الإسلام ومتطلّبات العصر 78
  • تقديم 78
  • دور الزمان والمكان في الاستنباط ، وفيه بحوث 82
  • البحث الأوّل : استعراض الروايات الواردة في ذلك المضمار 83
  • حصيلة الروايات 93
  • البحث الثاني : مقتطفات من كلمات الفقهاء 95
  • 1. الصدوق (306 ـ 381 ه‍) 95
  • 2. العلّامة الحلّي (648 ـ 726 ه‍) 96
  • 3. الشيخ الشهيد محمد بن مكي العاملي (734 ـ 786 ه‍) 96
  • 4. المحقّق الأردبيلي (المتوفّى 993 ه‍) 97
  • 5. صاحب الجواهر (المتوفّى 1266 ه‍) 98
  • 6. الشيخ الأنصاري (1214 ـ 1281 ه‍) 98
  • 7. الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء (1294 ـ 1373 ه‍) 98
  • 8. السيد الإمام الخميني (1320 ـ 1409 ه‍) 99
  • حصر التشريع في الله سبحانه 103
  • خلود الشريعة 103
  • البحث الثالث : تطبيقات عملية 109
  • الأوّل : تأثيرهما في تطبيق الموضوعات على مواردها 109
  • الثاني : تأثيرهما في تغير الحكم بتغيّر مناطه 111
  • الثالث : تأثيرهما في كشف مصاديق جديدة للموضوع 114
  • الرابع : تأثيرهما في تغير أساليب تنفيذ الحكم 120
  • الخامس : تأثيرهما في بلورة موضوعات جديدة 124
  • السادس : تأثيرهما في تفسير القرآن الكريم 125
  • السابع : تأثيرهما في تفسير السنّة 128
  • التفسير الخاطئ لتأثير الزمان والمكان 129
  • البحث الرابع : دراسة في تأثير الزمان والمكان في الفقه السنّي 134
  • تغيير الأحكام الاجتهادية لفساد الزمان 137
  • تغيير الأحكام الاجتهادية لتطوّر الوسائل والأوضاع 149
  • 6. دور الحاكم في رفع التزاحم بين الأحكام الأولية 159
  • المقصد الثالث عشر
  • في الاجتهاد والتقليد والتعادل والترجيح
  • الفصل الأوّل : في الاجتهاد ، وفيه مطالب 167
  • الأوّل : في ماهيته 167
  • المطلب الثاني : في المجتهد 168
  • الأوّل : في شرائطه 168
  • البحث الثاني : في أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن متعبّدا بالاجتهاد 172
  • البحث الثالث : في عدم جواز الخطاء عليه 186
  • البحث الرابع : في الاجتهاد في زمانه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم 188
  • البحث الخامس : في تجزّؤ الاجتهاد 191
  • المطلب الثالث : ما فيه الاجتهاد 192
  • المطلب الرابع : في حكم الاجتهاد ، وفيه بحوث 193
  • الأوّل : في حكم المجتهدين في الأصول 193
  • البحث الثاني : في حكم الاجتهاد في المسائل الشرعية 197
  • البحث الثالث : في أنّ المجتهد في الفروع مطلقا هل هو مصيب أم لا؟ 198
  • البحث الرابع : في القول بالأشبه 222
  • البحث الخامس : في فصل التنازع بين المجتهدين المختلفين 224
  • البحث السادس : في نقض الاجتهاد 225
  • البحث السّابع : في أنّه لا يجوز أن يقول الله تعالى للنبي أو العالم : احكم بمهما شئت فإنّما تحكم بالصواب         227
  • الفصل الثاني : في التقليد ، وفيه مطالب 241
  • المطلب الأوّل : في ماهية التقليد 241
  • المطلب الثاني : في المفتي ، وفيه بحوث 242
  • البحث الأوّل : في أنّه هل يجوز خلو الزمان عن مجتهد أم لا؟ 242
  • البحث الثاني : في تكرر الاجتهاد 247
  • البحث الثالث : في الإفتاء عن الحكاية 248
  • المطلب الثالث : في المستفتي وشرائط الاستفتاء ومحلّه ، وفيه بحوث 250
  • الأوّل : في العامّي 250
  • البحث الثاني : في غير العامّي 258
  • البحث الثالث : في شرائط الاستفتاء 263
  • تذنيب : في عدول المقلّد في غير ما قلّد فيه 266
  • البحث الرابع : في محلّه 267
  • الفصل الثالث : في التعادل ، وفيه بحثان 275
  • الأوّل : في جوازه 275
  • البحث الثاني : في تعدّد أقوال المجتهد 282
  • الفصل الرابع : في التراجيح ، وفيه مطالب 285
  • المطلب الأوّل : في مقدّماته ، وفيه بحوث 285
  • البحث الأوّل : في ماهيته 285
  • البحث الثاني : في جوازه 286
  • البحث الثالث : في محلّه 289
  • البحث الرابع : في الترجيح بكثرة الأدلّة 290
  • البحث الخامس : في الجمع بين الأدلّة المتعارضة 295
  • البحث السادس : في تقسيم الأدلّة المتعارضة 296
  • المطلب الثاني : في وجوه التراجيح 300
  • [الباب] الأوّل : في الترجيح بين الأدلّة النقلية ، وفيه بحوث 300
  • البحث الأوّل : في التراجيح الحاصلة بسبب الراوي 301
  • البحث الثاني : في الترجيح المستند إلى حال ورود الخبر 310
  • البحث الثالث : فيما يرجع إلى اللفظ 312
  • البحث الرابع : في التراجيح العائدة إلى الحكم 318
  • البحث الخامس : في التراجيح بالأمور الخارجية 331
  • البحث السادس : في بقايا تراجيح الأخبار 332
  • البحث السابع : في تراجيح الإجماعات 336
  • الباب الثاني : في تراجيح الأقيسة ، وفيه بحوث 338
  • الأوّل : في التراجيح المعتبرة بحسب ماهيّة العلّة 339
  • البحث الثاني : في الترجيح العائد إلى ما يدلّ على وجود ذات العلّة 342
  • البحث الثالث : في الترجيح العائد إلى دلائل طريق العلّيّة في الأصل 345
  • البحث الرابع : في التراجيح العائدة إلى دليل الحكم 354
  • البحث الخامس : في ترجيح الحاصل بسبب كيفية الحكم 356
  • البحث السادس : في الترجيح الحاصل بسبب محلّ العلّة 358
  • البحث السّابع : في بقايا ترجيحات الأقيسة 361
  • البحث الثامن : في الترجيح بين المنقول والمعقول 363
  • الفهارس الفنية
  • فهرس الآيات القرآنية 369
  • فهرس الأحاديث 419
  • فهرس الأعلام 441
  • فهرس الأنبياء عليهم‌السلام 461
  • فهرس المعصومين عليهم‌السلام 465
  • فهرس مصادر التحقيق 467
  • فهرس إجمالي لكتاب نهاية الوصول إلى علم الأصول 493
  • فهرس محتويات الجزء الخامس 501