بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على آلائه والصلاة والسلام على خاتم النبيين محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين واللعن على اعدائهم اجمعين

واما بعد فهذا هو الجزء الرابع من كتاب هداية الاصول فيقول العبد المذنب الراجى الى فضل ربه حيدر على المدرسى لما فرغ من تأليف الجزء الثالث من كتاب هداية الاصول ويشرع إن شاء الله بعونه وفضله فى تأليف الجزء الرابع من باب الاستصحاب.

قوله : فصل فى الاستصحاب وفى حجيته اثباتا ونفيا اقوال للاصحاب الخ.

وكلمة الاستصحاب مأخوذة فى اصل اشتقاقها من كلمة الصحبة من باب الاستفعال فتقول استصحبت هذا الشيء اى حملته معك قال الشيخ (قده) هو لغة اخذ الشيء مصاحبا.

واما تعريفه عند الاصوليين فانما كان بعبارات المختلفة :

الاول ما عن الشيخ البهائى (قده) من انه اثبات الحكم فى الزمان الثانى تعويلا على ثبوته فى الزمان السابق.

الثانى ما عن الفاضل التونى (قده) من انه التمسك بثبوت ما ثبت فى وقت او حال على بقائه فيما بعد ذلك الوقت.

الثالث ما عن صاحب القوانين (قده) من انه كون حكم يقيني الحصول او وصف يقيني الحصول فى الزمان السابق مشكوك البقاء فى الآن اللاحق.

الرابع ما عن صاحب الفصول (قده) من انه ابقاء ما علم ثبوته فى الزمان السابق فيما يحتمل بقائه فى الزمان اللاحق وكذا عرف بعبارات اخرى لكن لا حاجة الى ذكرها قال صاحب الكفاية الا انها تشير الى مفهوم واحد اى ان التعارف الواردة فى كتب القوم تشير الى مفهوم واحد ومعنى فارد وهو الحكم ببقاء حكم او موضوع.

واعلم ان الاقوال فى الاستصحاب تشعب الى تشعبات كثيرة يصعب حصرها ويذكر هنا بعض الاقوال : الاول القول بالحجيّة مطلقا : الثانى عدمها مطلقا : الثالث التفصيل بين الوجودى والعدمى : الرابع التفصيل بين الامور الخارجية وبين الحكم الشرعى فلا يصح فى الاول : الخامس التفصيل بين الحكم الشرعى الكلي وغيره فلا يعتبر فى الاول : السادس التفصيل بين الاحكام الشرعية والوضعية : السابع التفصيل بين الشك فى المقتضى والرافع : الثامن التفصيل مع اختصاص الشك بوجود الغاية اى العلة الغائية لا الرافع.

واما صاحب الكفاية فذهب الى القول الاول اى كون الاستصحاب حجة مطلقا اى بالنسبة الى الحكم التكليفى والوضعى فقال وهو الحكم ببقاء حكم او موضوع ذى حكم اما من جهة بناء العقلاء على ذلك الخ.

أى لا شك فى ان العقلاء من الناس على اختلاف مشاربهم

واذواقهم جرت سيرتهم فى عملهم وفى سلوكهم العملي الاخذ بالمتيقن السابق عند الشك اللاحق فى بقائه أى جرت سيرة العقلاء على الحكم بالبقاء فى احكامهم العرفية مطلقا يعنى فى جميع الموارد أى سواء كان الشك فى المقتضى ام الرافع وسواء كان المستصحب حكما كليا ام جزئيا او جرت سيرة العقلاء فى الجملة اى اعتبر الاستصحاب بناء العقلاء فى بعض الموارد كالعمل به فى الشك فى الرافع لا المقتضى.

ولا يخفى ان بناء العقلاء على الحكم بالبقاء اما يكون تعبدا أى ولو لم يحصل الظن الشخصي ولا النوعي ببقاء الحالة السابقة المتيقنة يعنى ان بناؤهم كان رجاء او احتياطا أى الحكم بالبقاء اما يكون تعبدا واما يكون للظن به الناشى عن ملاحظة ثبوته سابقا يعنى ان بناؤهم على بقاء ما كان اما يكون للظن به الحاصل لملاحظة وجوده فى السابق.

قوله ولا يخفى ان هذا المعنى هو القابل لان يقع فيه النزاع والخلاف الخ.

واعلم ان النزاع اما لفظي واما معنوى مثلا اذا قال شخص ان زيدا عالم ويقول الشخص الآخر ان زيدا ليس بعالم فهو يتصور على القسمين اما ان يكون المراد شخصا واحدا. واما ان يكون المراد الشخصين المسميين بزيد فان كان هذا المورد من القسم الاول فيصير النزاع معنويا اى يصير من قبيل تقابل الايجاب والسلب.

واما ان كان المورد من القسم الثانى فيصير النزاع لفظيا

حيث إنّه من يقول ان زيدا عالم يريد ابن بكر ومن يقول ان زيدا ليس بعالم يريد ابن خالد فهذا النزاع لفظي.

اذا عرفت هذا الجملة المعترضة فاعلم ان النزاع فى ما نحن فيه انما يصير معنويا اذا قلنا ان الاستصحاب هو الحكم ببقاء حكم او موضوع ذى حكم وقال المصنف : ولا يخفى ان هذا المعنى هو القابل لان يقع فيه النزاع.

توضيحه انه لا ريب فى كون الاستصحاب من الامور المبحوث عنها من القدماء فاثبته قوم ونفاه آخرون ومن المعلوم ان اختلاف الاصحاب فيه معنوى لعدم استحقاق النزاع اللفظى للبحث اذ لا فائدة بالبحث عن هذا النزاع.

الحاصل ان النزاع فى اصل اعتبار الاستصحاب وعدمه معنوى لتوارد النفى والاثبات حينئذ على مفهوم واحد فالقائل باعتبار الاستصحاب يدعى حجيته بالتعريف المذكور اى الحكم ببقاء حكم او موضوع ذى حكم واما النافى فينكر نفس هذا المعنى فيصير من قبيل زيد قائم وزيد ليس بقائم ويكون هذا من تقابل الايجاب والسلب فيرجع النزاع فى ما نحن فيه الى ان الاستصحاب بناء على التعريف المذكور كان معتبرا ولم يكن معتبرا فهذا النزاع معنوى.

واما اذا عرف الاستصحاب بانه التمسك بثبوت ما ثبت فى وقت بعد ذلك الوقت فانه يكون على هذا التعريف نفس بناء العقلاء اى ان الاستصحاب هو نفس البناء العملي على الحالة السابقة فيصير النزاع بناء على هذا التعريف لفظيا لتعدد مورد النفى والاثبات اى لم يكن النزاع فى اعتبار الاستصحاب فانه

مسلم عند الطرفين لكن النزاع الذى بينهما فهو لفظى فيقول هذا الشخص ان الاستصحاب هو نفس بناء العقلاء.

واما النافى فيقول انه لم يكن نفس بنائها بل الاستصحاب ما به تمسك بثبوت ما ثبت فى وقت او حال على بقائه فلا يكون النزاع بين الطرفين فى اعتبار الاستصحاب بل النزاع بينهما فى نفس التعريف فعرف احدهما ان الاستصحاب هو التمسك بثبوت ما ثبت فى وقت بعد ذلك الوقت وعرف الآخر ان الاستصحاب ما بسببه يتمسك على ثبوت ما ثبت بعد ذلك الوقت.

فظهر ان النزاع انما يكون فى تعريف الاستصحاب لا فى نفسه كما قال صاحب الكفاية : ضرورة انه لو كان الاستصحاب هو نفس بناء العقلاء لما تقابل فيه الاقوال ولما كان النفى والاثبات واردين على مورد واحد بل موردين.

قوله وتعريفه بما ينطبق على بعضها وان كان ربما يوهم ان لا يكون هو الحكم بالبقاء الخ.

هذا جواب عن السؤال المقدر تقدره هكذا قال المصنف ولا يخفى ان عباراتهم فى تعريفه وان كانت شتى الا انها تشير الى مفهوم واحد وهو الحكم ببقاء حكم او موضوع فلا يصح هذا بالنسبة الى بعض الاقوال فى تعريف الاستصحاب مثلا عرفه الفاضل التونى فى الوافية بقوله انه التمسك بثبوت ما ثبت فى وقت او حال على بقائه فيفهم من هذا التعريف ان الاستصحاب هو نفس التمسك بثبوت ما ثبت لكن ليس الامر كذلك لانه ما به يتمسك لاثبات ما ثبت لان الاستصحاب بناء على حجيته من باب

الظن هو الظن بالبقاء او الظن بالملازمة بين الثبوت والبقاء فيتمسك بالظن بثبوت ما ثبت.

فظهر من البيان المذكور ان التعريف المذكور لم يكن منعكسا اى لم يكن جامعا للاقوال الآخرين قد ذكر الى هنا محصل السؤال.

واما الجواب فقد رتبت او لا مقدمة وهى ان التعريف اما ان يكون بحد او رسم واما يكون بتبديل لفظ الى لفظ آخر لشرح مدلوله ويقال بتعبير آخر ان ما كان مطلوبا بما الشارحية فهو تعريف الشرح الاسمى كقولنا ما العنقاء فيطلب بما الكشف عن معناه دون ماهيته لان العنقاء ليست بموجودة حتى يسأل عن ماهيتها فتعريف العنقاء تعريف لفظي واما ما كان مطلوبا بما الحقيقية فهو تعريف حقيقى اى فيطلب بما الحقيقية ماهية الشىء وحقيقته فتعريف هذا الشىء تعريف حقيقى كتعريف انسان بحيوان ناطق.

فيشرع بعد توضيح المقدمة المذكورة فى بيان ما نحن فيه فيقال ان تعريف الاستصحاب تعريف لفظى وانه كان مطلوبا بما الشارحية فليست تعارف الاستصحاب فى مقام بيان حقيقته حتى يصير اختلاف الحدود كاشفا عن اختلاف ماهية المحدود بل كان تعريف الاستصحاب تعريفا لفظيا للكشف عن معناه دون ماهية.

قوله وان كان ربما يوهم ان لا يكون هو الحكم بالبقاء بل ذلك الوجه.

هذا اشارة الى ان تعريف الاستصحاب تعريف لفظي اى ربما يوهم ان لا يعرف بكونه الحكم بالبقاء بل يحتمل ان يكون المراد

منه ذاك الوجه اى الوجه المذكور عن الفاضل التونى من انه نفس التمسك بثبوت ما ثبت لكن لم يشترط فى هذا التعريف الانعكاس والاطراد لكونه تعريفا لفظيا.

قوله ثم لا يخفى ان البحث فى حجيته مسئلة اصولية الخ.

اى كان البحث عن حجية الاستصحاب مسئلة اصولية لا المسألة الفقهية ويبين هنا لاجل توضيح ما نحن فيه الفرق بين المسألة الاصولية والفقهية والظاهر ان المسألة الاصولية ما تقع فى طريق استنباط الاحكام وعلى قول شيخنا الاستاد ان المسألة الاصولية ما تقع نتيجتها فى جواب لم : عند سؤال سائل.

واما المسألة الفقهية فهى ما تستنبط بها الاحكام الشرعية ابتداء كقاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكذا كل شرط مخالف للكتاب والسنة باطل وكذا كل حكم ضررى او حرجى مرفوع فهذه المسألة كالمسألة الاصولية من حيث استنباط الاحكام الفرعية لكن المسألة الفقهية تتعلق اولا بالاحكام الشرعية كما ذكر.

واما المسألة الاصولية فتقع نتيجتها اولا فى جواب السائل بلم : فيثبت الحكم الشرعى بتوسط هذا الجواب مثلا تقال صلاة الجمعة واجبة فيسأل السائل لم : واجبة فيقال فى الجواب ان خبر الواحد قام على وجوبها وخبر الواحد حجة فيتنجز وجوبها بعد هذا الجواب.

فائدة الفرق بين القاعدة الفقهية والمسألة الفقهية ان القاعدة الفقهية تتعلق بالاحكام الكلية واما المسألة الفقهية

تتعلق بالاحكام الجزئية كحكم الخمر والخل كوجوب الصلاة والصوم اى تكون هذه المسألة نتيجة للمسألة الاصولية اما القاعدة الفقهية فتتعلق بالاحكام الكلية كقاعدة لا ضرر ولا حرج تتعلق على العبادات والمعاملات.

قوله وليس مفادها حكم العمل بلا واسطة الخ.

هذا بيان لكون الاستصحاب مسئلة اصولية اى ليس مفاد حجية الاستصحاب حكم العمل بلا واسطة يعنى ان الاستصحاب لا يتعلق على العمل بلا واسطة ويؤكد هذا بقوله كيف وربما لا يكون مجرى الاستصحاب الا حكما اصوليا الخ.

اى كيف استفهام تقريرى والمقصود من هذه الجملة ان الاستصحاب الجارى فى المسألة الاصولية كالحجية فكونه من مسائل علم الاصول اظهر اذ ليس مجراه حكما فرعيا.

قوله وكيف كان فقد ظهر مما ذكرنا فى تعريفه اعتبار امرين فى مورده الخ.

اى قال المصنف فى تعريف الاستصحاب بقوله فى ما سبق ولا يخفى ان عباراتهم فى تعريفه وان كانت شتى الا انها تشير الى مفهوم واحد وهو الحكم ببقاء حكم او موضوع ذى حكم شك فى بقائه.

فيستفاد من هذا التعريف امران : احدهما اليقين بثبوت شيء وهو يستفاد من قوله شك فى بقائه اذ الشك فى بقاء الشيء انما يكون بعد حدوثه : وثانيهما الشك فى البقاء.

ولا يخفى ان الشك فى البقاء الذى هو احد ركنى الاستصحاب

متقوم باتحاد القضية المتيقنة والمشكوة بحسب الموضوع والمحمول اذ مع عدم اتحادهما لا يكون من الشك فى البقاء بل من الشك فى الحدوث لان البقاء هو الوجود الاستمرارى للموجود السابق.

فثبت من البيان المذكور اشتراط اتحاد القضية المشكوكة والمتيقنة من حيث الموضوع والمحمول فلا غبار فى اتحاد القضيتين فى الموضوعات الخارجية

قوله واما الاحكام الشرعية سواء كان مدركها العقل ام النقل الخ.

اى ذكر انه اشترط اتحاد القضيتين فى جربان الاستصحاب وقال بعد ذاك انه لا غبار فى وجود هذا الشرط فى الموضوعات الخارجية.

لكن يشكل احرازه فى استصحاب الاحكام الشرعية وجه الاشكال ان الشك فى بقاء الحكم الشرعى انما يوجد فى هذا المقام لاجل احتمال زوال وصف من اوصاف الموضوع مما يحتمل دخله فيه أو يحتمل وجود ما يحتمل ان يكون عدمه شرطا فى الموضوع فيصير هذا الاحتمال المذكور سببا لرجوع الشك فى بقاء الحكم الى الشك فى بقاء موضوعه فلا يحرز فى هذه الصورة بقاء الموضوع حتى يصح استصحاب الحكم.

فيذكر المثال لتوضيح ما ذكر نحو اذا ثبتت النجاسة للماء المتغير بوصف التغير ووجوب صلاة الجمعة فى زمان حضور الامام

عليه‌السلام ثم زال تغير الماء وكذا اذا غاب الامام عليه‌السلام فان الشك فى بقاء النجاسة ووجوب صلاة الجمعة حينئذ يستند الى الشك فى بقاء الموضوع لاحتمال دخل التغيّر والحضور فى موضوع نجاسة الماء ووجوب صلاة الجمعة فلا يحرز وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة.

الحاصل انه اذا شك فى الحكم لاجل الشك فى بقاء موضوعه بسبب تغير ما احتمل دخله فيه حدوثا أو بقاء فلم يحرز وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة قد ذكر فيما تقدم انه اذا ثبتت النجاسة للماء المتغير بوصف التغير ثم زال تغير الماء فالشك فى بقاء النجاسة يستند الى الشك فى بقاء الموضوع لاحتمال دخل التغير فى موضوع النجاسة حدوثا وبقاء فالشك فى الموضوع موجب لعدم وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة.

قال صاحب الكفاية : والا لا يتخلف الحكم عن موضوعه الا بنحو البداء.

أى ثبت من البيان المذكور ان اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة مما لا شك فيه فى استصحاب الموضوعات الخارجية فى الجملة أى فى أكثرها واما اتحاد قضية المتيقنة والمشكوكة فى استصحاب الاحكام الشرعية فيشكل حصول اتحاد القضيتين وقد ذكر وجه الاشكال مفصلا أى لا يكاد يشك فى بقاء الحكم الا من جهة الشك فى بقاء موضوعه ولا يخفى انه مع العلم ببقاء الموضوع لا وجه للشك فى الحكم لانه لا يتخلف عن موضوعه قد ذكر فى محله ان الموضوع علة للحكم والاشكال المذكور وارد

فى الصورة التى كان الشك فى الحكم فيها ناشئا من الشك فى بقاء الموضوع.

واما اذا كان الموضوع معلوم البقاء فلم يتصور الشك حينئذ فى بقاء الحكم لعدم تخلفه عن موضوعه لان الموضوع كالعلة له فلا ينفك المعلول عن العلة لكن يتصور تخلف الحكم عن موضوعه بنحو البداء بالمعنى المستحيل فى حقه تعالى وان لم يكن مستحيلا فى حق الممكن لانه يتخيل حسن الشىء الى الابد فيجعل الحكم مطلقا ثم تبين له انه ليس له الحسن الا فى الماضى فينسخه لكن هذا المعنى مستحيل فى حقه تعالى.

الحاصل ان المراد من البداء هو اظهار شىء بعد خفائه هذا المعنى مستحيل فى حقه تعالى لانه مستلزم للجهل ولذا كان النسخ بحسب الحقيقة دفعا لا رفعا والمراد بالدفع ان الحكم من اول الامر كان محدودا بهذا الحد وتأخر بيان هذا الحد لمصلحة لا ان هذا الحكم شرع الى الابد ثم نسخ فى هذا الزمان فانه مستحيل فى حقه تعالى لانه مستلزم للجهل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

قوله : ويندفع هذا الاشكال بان الاتحاد فى القضيتين بحسبهما وان كان مما لا محيص عنه الخ.

أى قد ذكر فى ما سبق انه يرد الاشكال فى جريان الاستصحاب فى الاحكام الشرعية على نحو القضية المنفصلة أى اما ان يشك فى بقاء الموضوع بسبب تغير بعض مما احتمل دخله فيه حدوثا أو بقاء فلا يحرز فى هذه الصورة وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة واما ان لا يكون الشك فى الحكم ناشئا من الشك فى

بقاء الموضوع بل كان متحقق البقاء فلا يتصور حينئذ الشك فى بقاء الحكم لعدم تخلفه عن موضوعه.

فاجاب المصنف عن الاشكال المذكور بقوله ويندفع هذا الاشكال الخ.

اى سلمنا الشك فى بقاء موضوع الحكم بسبب تغيّر بعض ما احتمل دخله فيه لكن هذا لا يضر على وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة من حيث النظر العرفى.

حاصل دفع الاشكال ان وحدة الموضوع وان كانت مما لا بد منه فى جريان الاستصحاب الا ان المدار فى الاتحاد هو النظر العرفى لا العقلى أى يسهل الامر فى احراز وحدة القضيتين فى استصحاب الاحكام.

واما اذا اختل بعض اوصاف مما لا يكون بنظر العرف مقوما له فهذا لم يضر فى وحدة الموضوع فى القضيتين وان كان هذا الوصف بالنظر الدقى العقلى دخيلا فى الموضوع مثلا فى وجوب الصلاة الجمعة لا يكون حضور الامام عليه‌السلام مقوما للموضوع بنظر العرف بل من حالاته وعوارضه وكذا ثبوت النجاسة للماء المتغير فان التغير وصف للماء ولا يكون مقوما له بالنظر العرفى ولا يضر زواله بوحدة الموضوع عرفا.

قوله : ضرورة صحة امكان دعوى بناء العقلاء على البقاء تعبدا أو لكونه مظنونا الخ.

اى هذا اشارة الى دفع ما يتوهم من ان كون الموضوع عرفيا الذى هو الملاك فى اندفاع الاشكال منحصر فيما كان المدرك هو

الاخبار أى قد ذكر ان الموضوع فى القضية المتيقنة والمشكوكة واحد بالنظر العرفى واذا كان مدرك الاستصحاب هو الاخبار فالوحدة العرفية كافية فى القضية المتيقنة والمشكوكة.

واما اذا كان مدرك الاستصحاب سيرة العقلاء او الاجماع فلم يتم الجواب عن الاشكالان الموضوع على فرض تغير وصفه لم يكن واحدا بالدقة العقلية.

والجواب عن هذا التوهم انه يمكن الزام العقلاء فى الموضوع بلحاظ العرف أى بناء العقلاء ناظر الى هذا الموضوع العرفى كالاخبار فظهر من البيان المذكور ان المتبع فى تشخيص الموضوع وصدق الشك فى البقاء هو النظر العرفى وكذا ظهر دفع التوهم لان التزام العقلاء وكذا الاجماع والظن انما يكون بلحاظ الموضوع العرفى.

ولا يخفى ان بناء العقلاء مدرك للاستصحاب مطلقا أى سواء كان بنائهم على البقاء تعبدا وان لا يحصل الظن به أم كان بنائهم عليه لحصول الظن به أى بالبقاء كما بينه المصنف بقوله ضرورة صحة امكان دعوى الخ ولا فرق فى الظن بين الظن الشخصى والنوعى.

قوله : بلا تفاوت فى ذلك بين كون دليل الحكم نقلا أو عقلا الخ

هذا الكلام اشارة الى دفع ما ذكره الشيخ (قدس‌سره) أى فصل بين كون دليل الحكم عقليا ونقليا بعدم جريان الاستصحاب فى الاول يعنى فى ما كان دليل الحكم الذى استصحب عقليا مثلا

اذا حكم العقل بحرمة التصرف فى مال الغير عدوانا ثم عرض الاضطرار الى التصرف فيه وكذا اذا حكم العقل بوجوب رد الامانة ثم عرض احتمال الخوف من الرد وشك فى الحكم السابق أى شك فى حرمة التصرف بعد عروض الاضطرار وكذا شك فى وجوب رد الامانة بعد عروض الخوف منه فلم يصح استصحاب الحكم السابق فى المثالين المذكورين لان دليل الحكم عقلى.

ولا يخفى ان المناط فى حكم العقل هو التحسين والتقبيح العقلى ولا يدر كان بعد عروض عارض كالاضطرار والخوف فى المثالين المذكورين فلا يصح استصحاب الحكم العقلى السابق لانتفاء حكم العقل بعدم ادراك ملاكه قد فصل الى هنا المورد الذى كان دليل الحكم فيه عقليا.

واما اذا كان دليل الحكم الذى استصحب نقليا فيصح استصحاب الحكم السابق بعد عروض الشك لان الدليل الشرعى للحكم السابق لم يتغير حاله بعد عروض عارض هذا ما فصل الشيخ (قده) بين دليل كون الحكم عقليا ونقليا ولكن صاحب الكفاية (قدس‌سره) قد دفع هذا التفصيل بقوله بلا تفاوت فى ذلك بين كون دليل الحكم نقلا او عقلا توضيح الدفع انه ان كنا قائلين فى موضوع الاستصحاب بالدقة العقلية فلازمه عدم جريان الاستصحاب مطلقا سواء كان دليل الحكم المستصحب عقليا ام نقليا.

واما اذا قلنا ان كون الموضوع العرفى كافيا فى جريان الاستصحاب فيصح استصحاب الحكم السابق سواء كان دليله عقليا

ام نقليا قد مر تفصيل الموضوع العرفى واشار الى ما ذكر المصنف.

بقوله : اما الاول فواضح.

أى اذا كان دليل الحكم نقليا فجريان الاستصحاب واضح فى صورة اعتبار وحدة الموضوع بالنظر العرفى لان الدليل الشرعى ناظر الى هذا الموضوع العرفى.

واما الثانى اى فى صورة كون دليل الحكم عقليا فايضا يصح استصحاب الحكم السابق لان الموضوع لم يكن مشكوك البقاء عرفا لان انتفاء ما احتمل دخله فى الموضوع لا يضر فى بقاء الموضوع عرفا ولم يكن ما انتفى مقوما للموضوع عرفا وان كان لا حكم للعقل بدونه قطعا لان الموضوع لم يكن باقيا بدقة العقلية بعد انتفاء ما يحتمل دخله فى الموضوع لانه كان مقوما للموضوع بدقة العقلية لكن يكشف الحكم الشرعى بالاستصحاب باعتبار بقاء الموضوع عرفا فيصح استصحاب الحكم الشرعى باعتبار وحدة الموضوع عرفا فثبت استصحاب الحكم الشرعى اذا كان الموضوع باقيا عرفا سواء كان دليل الحكم عقليا او نقليا قد بين الى هنا توضيح دفع كلام الشيخ من التفصيل بين كون دليل الحكم نقليا وعقليا.

قوله : ان قلت كيف هذا مع الملازمة بين الحكمين.

أى ذكر آنفا ان يستصحب الحكم الشرعى فى صورة انتفاء دخل ما احتمل فى موضوعه لان الموضوع باق بنظر العرف والجزء المنفى لم يكن مقوما للموضوع.

واما الموضوع فى الفرض المذبور لم يكن باقيا عند العقل

فلا حكم له عند انتفاء ما احتمل دخله فى الموضوع لانه مقوم الموضوع عند العقل فثبت الانفكاك بين الحكم العقلى والشرعى واشكل عليه.

بقوله : ان قلت كيف هذا الخ.

أى كيف يتصور التفكيك بين حكم العقل والشرع بجعل الاول مقطوع الانتفاء عند زوال بعض القيود والثانى مشكوك البقاء أى يجعل الحكم الشرعى بعد زوال القيود مشكوك البقاء ويحكم ببقائه بالاستصحاب تعبدا توضيح الاشكال ان الملازمة بين الحكم العقلى والشرعى تقتضى عدم انفكاكهما اى اذا انتفى الحكم العقلى فالقاعدة الملازمة تقتضى انتفاء الحكم الشرعى أيضا ولا يصح بقاء الحكم الشرعى مع انتفاء الحكم العقلى.

قوله : قلت ذلك لان الملازمة انما تكون فى مقام الاثبات الخ.

أى يقال فى الجواب عن التفكيك المذكور ان الملازمة بين حكم العقل والشرع انما تكون فى مقام الاثبات والاستكشاف لا فى مقام الثبوت أى اذا استدل بالعقل لاثبات والاستكشاف الحكم الشرعى وحصل العلم بالحكم وخطاب الشارع ثبت فى هذا المورد الملازمة بين الحكمين.

بعبارة اخرى ان المراد من الملازمة فى القضية الملازمة الاثباتية بمعنى دوران الحكم الشرعى مدار الحكم العقلى الفعلى فى مقام الاثبات وجودا لا عدما أى اذا انتفى الحكم العقلى فلم يلزم انتفائه انتفاء الحكم الشرعى فلا ينافى دلالة الطريق الآخر على وجوده كادلة الاستصحاب فى المقام اذ لا دليل على انحصار علية

العقل للحكم الشرعى فلا يصح القول انه لو لم يكن للعقل حكم لم يكن للشرع حكم أيضا.

فظهر ان الملازمة بين حكم العقلى والشرعى اثباتى لا الثبوتى اى لم تكن الملازمة بينهما وجود او عدما واما هذه الملازمة الثبوتية فانما هى بين الحكم الشرعى وملاكه الواقعى اى الملازمة فى مقام الثبوت انما هى دائرة بين الحكم الشرعى وملاكه وجودا اعنى حكم الشرع انما يتبع ما هو ملاك حكم العقل واقعا لا ما هو مناط حكمه فعلا أى لم يكن المناط للحكم العقلى فعلا لانتفاء قيد من قيود موضوعه قد بين مورد انتفاء موضوع حكم العقل مفصلا.

قوله : فعدم استقلال الا فى حال غير ملازم لعدم حكم الشرع فى تلك الحال الخ.

ذكر فى الحاشية المشكيني ان هذه العبارة تحتاج الى الاصلاح وايده بعض آخر ولا يخفى ان الاصلاح يكون بزيادة كلمة الا وكون كلمة لانحصار بدل كلمة لعدم فتصير العبارة المذكورة على هذا النحو أى فعدم استقلال العقل فى حال غير ملازم لانحصار حكم الشرعى فى تلك الحال الخ اى قد ذكر ان دوران الحكم الشرعى مدار الحكم العقلى الفعلى انما يكون فى مقام الاثبات وجودا لا عدما اى اذا عدم الحكم العقلى لانتفاء موضوعه بانتفاء بعض قيوده فلم ينتف الحكم الشرعى بل يكون الحكم منحصرا فى الحكم الشرعى فى تلك الحال أى حال عدم الحكم العقلى لانتفاء موضوعه بانتفاء بعض قيوده.

قد ذكر ان الملازمة بين الحكم العقلى والشرعى انما تكون فى مقام الاثبات لا فى مقام العدم أى لم تكن الملازمة بين عدم الحكم العقلى وعدم الحكم الشرعى فيكون ملاك حكم الشرع باقيا على حاله فى كلتا الحالتين أى فى حالة بقاء حكم العقل وانتفائه اعنى المصلحة أو المفسدة التى هى ملاك حكم العقل كان على حاله فى الواقع لاحتمال عدم دخل تلك الحال فى الملاك الواقعى أى عدم دخل انتفاء موضوع الحكم العقلى فى الملاك أو احتمال ملاك آخر مع الحكم الشرعى ولا دخل لاحتمال انتفاء موضوع الحكم العقلى فى هذا الملاك الآخر ولكن كان مدخل لهذه الحالة فى انتفاء الملاك الذى هو معلوم عند العقل.

توضيح ما ذكر ان ملاك الحكم الشرعى باق عند انتفاء الحكم العقلي بانتفاء موضوعه مثلا المصلحة أو المفسدة التى هي ملاك لحكم العقل فهو باق واقعا عند الانتفاء الحكم العقلى بانتفاء موضوعه فيصير هذا الملاك ملاكا للحكم الشرعي وايضا يحتمل ان يكون للحكم الشرعي ملاك آخر اى كانت المصلحة او المفسدة الاخرى التى هي ملاك للحكم الشرعي اى صارت المصلحة او المفسدة ذات قسمين.

احدهما ما هو مدرك عند العقل فهو منتف بعد انتفاء الحكم العقل.

وثانيهما ما هو مدرك عند الشرع يعنى المصلحة او المفسدة التى كانت مدركة شرعا فهى باقية الحاصل ان استصحاب الحكم الشرعي يصح بعد انتفاء الحكم العقلي لان حكم الشرع باق باعتبار بقاء ملاكه.

قوله ثم إنّه لا يخفى اختلاف آراء الاصحاب فى حجية الاستصحاب الخ.

اى قد ذكر فى اول باب الاستصحاب اختلاف عباراتهم فى تعريفه وكذا اختلافهم فى حجيته فليرجع الى ما ذكر.

قوله فقد استدل عليه بوجوه الوجه الاول استقرار بناء العقلاء الخ.

اى قد ذكر انما المهم الاستدلال على ما هو المختار من حجية الاستصحاب مطلقا فاستدل بوجوه فقال الوجه الاول استقرار بناء العقلاء اى المراد منه هو الاجماع العملي فى قبال الاجماع القولي ولا يخفى ان دليلية بناء العقلاء على حجية الاستصحاب بمعنى كون الحكم على طبق الحالة السابقة موقوفة على مقدمات الثلاث :

الاولى احراز البناء على العمل على الوجه المذكور حتى فى الاحكام الشرعية لو كانوا من اهل الشرع.

الثانية عدم الردع من الشارع بل يستكشف رضائه.

الثالثة عدم المانع منه اذا تمت هذه المقدمات فحينئذ يصير الاستصحاب دليلا امضائيا واشكل على هذا الوجه بقوله وفيه أوّلا منع استقرار بنائهم اى لم يكن عمل العقلاء على طبق الحالة السابقة تعبدا بل كان منشأ بنائهم الظن او الاحتياط او كان عملهم على طبق الحالة السابقة غفلة كما هو الحال فى ساير الحيوانات.

قد ذكر ان دليلية بناء العقلاء على حجية الاستصحاب موقوفة

على مقدمات ثلاث الاولى احراز بناء العقلاء على العمل بها على الحالة السابقة اى تعويلهم عليها تعبدا اعني كفاية نفس الوجود السابق بما هو متيقن واما فى المقام فليس كذلك بل كان استنادهم الى منشأ العقلائى من رجاء او احتياط او اطمينان بالبقاء او الظن ولو سلمنا كون بناء العقلاء على نحو التعبد فلم يعلم ان الشارع راض به وهو عنده ماض بل وجد الردع عنه ويكفى فى الردع ما دل من الكتاب والسنة على النهى عن اتباع غير العلم.

قوله الوجه الثانى ان الثبوت فى السابق موجب للظن به فى اللاحق الخ.

الدليل الثانى لحجية الاستصحاب هو ادعاء الظن ببقاء الحالة السابقة الناشئ من ثبوتها اى مجرد ثبوت شيء مع عدم الظن بارتفاعه يوجب الظن بالبقاء يعنى ان الغالب هو البقاء للشيء الموجود فى السابق ما لم يعلم ارتفاعه بعد العلم بثبوته وأورد المصنف على هذا الوجه الثانى.

بقوله وفيه منع اقتضاء مجرد الثبوت للظن بالبقاء فعلا ولا نوعا الخ.

حاصل هذا الايراد ان مجرد الوجود السابق لم يكن علة للظن بالبقاء لان الممكن كما يحتاج فى حدوثه الى العلة كذلك فى بقائه فلا يقتضى مجرد الوجود السابق للظن بالبقاء فعلا ولا نوعا اى لا يحصل الظن الشخصى ولا النوعي بالبقاء بمجرد الوجود السابق.

قوله ولو سلم فلا دليل على اعتباره بالخصوص الخ.

قد ذكر منع علية مجرد الوجود السابق للظن بالبقاء اى لا

نسلم حصول الظن بالبقاء ومع فرض تسليم ما ذكر لا دليل على حجية هذا الظن بالخصوص فهو باق تحت عموم الادلة الناهية عن العمل بالظن فيبقى هذا الظن تحت الاصل الاولى على القول من يقول ان الاصل عدم العمل بالظن الا ما خرج بالدليل.

قوله الوجه الثالث دعوى الإجماع عليه كما عن المبادى الخ.

الدليل الثالث هو الاجماع بالبناء على الحالة السابقة عند الشك فيها ولو لم يكن الاستصحاب حجة لكان ترجيحا لاحد طرفى الممكن من غير مرجح : فكان ترجيح الحالة السابقة بالاستصحاب.

قوله وفيه ان تحصيل الاجماع الخ.

اى هذا اشكال على الدليل الثالث حاصله ان الاجماع اما محصل واما منقول فلا يصح الاول لان تحصيل الاجماع الكاشف عن قول المعصوم عليه‌السلام فى المسألة التى لها مدارك مختلفة هو فى غاية الصعوبة لاحتمال استناد بعضهم الى بعض تلك المباني وبعضهم الى بعض المباني الآخر فيكون الاجماع حينئذ مدركيا فلا عبرة به اذ العبرة بالمدرك.

الحاصل ان المصنف اشار الى رد الاجماع المحصل بوجهين : الاول ان هذا الاجماع مدركي فينظر الى مدركه :

الثانى : يمنع اصل تحقق الاتفاق لكثرة الاقوال فى المسألة ومع كثرتها لا يحصل اتفاق فثبت الى هنا رد الاجماع المحصل واما الاجماع المنقول فليس حجة فى نفسه كما ثبت فى محله.

قال المصنف ونقله موهون جدا لذلك اى الاجماع المنقول موهون لوقوع الاختلاف الكثيرة فى مسئلة الاستصحاب ولو قلنا

بحجية الاجماع المنقول مع عدم الاشكال فى تحصيل الاجماع لكن الاشكال الذى ذكر فى الاجماع المحصل يمنع عن حجية الاجماع المنقول.

قوله الوجه الرابع وهو العمدة فى الباب الاخبار المستفيضة الخ.

اى الدليل الرابع لحجية الاستصحاب هو الاخبار المستفيضة : الخبر الاول صحيحة زرارة فى الشك فى الوضوء فيقع الكلام فيها من جهات الاولى لا اشكال فى اعتبارها سندا واما لكون المضمر مثل زرارة المطمئن بعدم سؤاله عن غير الامام عليه‌السلام او لكون الاهتمام الواقع فى السؤال دالا على كون المسئول هو الامام.

وايضا يقال ان هذه الرواية مسندة الى مولانا ابى جعفر عليه‌السلام فى بعض الكتب المعتبرة كالقوانين والفصول والحدائق فثبت صحة السند من البيان المذكور.

الثانية فى دلالتها على اصل حجية الاستصحاب اى ان مورد الاستدلال بهذه الصحيحة هو قوله (ع) والا فانه على يقين ولا يخفى ان مفاده عدم وجوب الوضوء فى صورة عدم تيقن النوم هذا هو استصحاب اليقين السابق.

الثالثة ان مضمونها لم يكن منحصرا فى باب الوضوء وجه عدم الانحصار ان النهى عن نقض اليقين بالوضوء بالشك فيه ليس لخصوصية فى الوضوء بل لكونه من صغريات القضية الكلية الارتكازية اى ما ارتكز فى اذهان العقلاء لم يكن مختصا بباب دون

باب وايضا ان المثال لم يكن موجبا لانحصار قاعدة الاستصحاب فى مورده

قوله تقريب الاستدلال بها الخ.

اى هذا بيان الاستدلال بهذه الرواية حاصله ان مورد الاستدلال بهذه الصحيحة هو قوله عليه‌السلام والا فانه على يقين اى وان لا يستيقن انه قد نام فلا يجب الوضوء لانه كان متيقنا بالوضوء هذا هو الاستصحاب حيث ثبت عدم وجوب الوضوء فيستصحب اليقين السابق بقوله (ع) فانه على يقين فهذه الجملة الاسمية ظاهرة فى تحقق اليقين فعلا اى فى زمان تحقق الشك اللاحق لكن ان اليقين تعلق بالحدوث والشك بالبقاء فالمكلف متيقن فى حال عروض الخفقة والخفقتين بتحقق الوضوء سابقا والشك انما يعرض فى الزمان اللاحق.

ولا يخفى ان النهى عن نقض اليقين بالوضوء بالشك فيه ليس لخصوصية فى الوضوء بل لكونه من صغريات القضية الكلية الارتكازية على ما هو ظاهر التعليل فقوله والا فانه على يقين من وضوئه بمنزلة الصغرى ولا ينقض اليقين بالشك ابدا بمنزلة الكبرى وهذه الكبرى مفادها قاعدة الاستصحاب وهي البناء على اليقين السابق وعدم نقضه بالشك اللاحق فيفهم منها ان كل يقين لا ينقضه الشك اللاحق.

قوله واحتمال ان يكون الجزاء هو قوله : فانه على يقين ... الخ.

اى قد تقدم ان جزاء الشرط فى قوله عليه‌السلام : والا فانه

على يقين من وضوئه محذوف وقيام علته مقامه وهي قوله عليه‌السلام فانه على يقين من وضوئه قد تقدم الكلام فيه ويقال هنا انه يحتمل ان يكون الجزاء نفس قوله عليه‌السلام فانه على يقين.

وأورد صاحب الكفاية عليه بقوله واحتمال ان يكون الجزاء قوله (ع) فانه على يقين غير سديد حاصله ان قوله (ع) جملة خبرية لا يصح وقوعها جزاء للشرط فيما نحن فيه لان الجزاء يكون مترتبا على الشرط كترتب المعلول على العلة ولم ينطبق هذه القاعدة على المقام لان كونه سابقا على اليقين بالوضوء غير مترتب على الشرط المذكور اى ان لم يستيقن انه قد نام : لعدم كون ذلك اليقين معلولا لعدم العلم بالنوم قال المصنف بعد ايراد المذكور فانه لا يصح الا بالارادة لزوم العمل على طبق يقينه اى لا يصح ان يجعل قوله (ع) فانه على يقين جزاء للشرط الا بعد انسلاخه عن الخبرية الى الانشائية بان يكون المراد انشاء وجوب العمل بالحالة السابقة والبناء على وجود الوضوء السابق من حيث الآثار.

ولكن الانشاء تارة يكون بلسان جعل الحكم كاقيموا الصلاة واخرى يكون بلسان جعل الموضوع كقوله عليه‌السلام الطواف بالبيت صلاة وكذا انت متيقن بالوضوء فيصير معنى الجملة حينئذ انه لم يستيقن النوم فليبن على وضوئه فضابط الجزاء ينطبق حينئذ على المقام لان تعبد بالبقاء على الحالة السابقة

مترتب على اليقين بالوضوء والشك فى النوم.

قال المصنف وهو الى الغاية بعيد.

اى الحمل على الانشاء بعيد الى الغاية لان حمل الخبر على الانشاء مخالف للاصل لا يصار اليه الا بالقرينة وهي مفقودة فى المقام اذ لا احتياج الى ذلك بعد كون الجزاء محذوفا قد مر تفصيله.

قوله وابعد منه. كونه الجزاء. قوله ولا ينقض بالشك ابدا.

اى هذا الاحتمال ابعد من الاحتمال السابق من كون الجزاء هو قوله فانه على يقين قد مر الاشكال على هذا الاحتمال.

واما احتمال كون الجزاء هو قوله (ع) ولا ينقض اليقين بالشك فهو ابعد من الاحتمال السابق لكونه مخالفا للقواعد العربية من لزوم خلو الجزاء عن الواو الظاهرة فى المغايرة ما بعدها مع ما قبلها واما الجزاء فيقتضى الاتصال بالشرط لشدة الاتصال والارتباط بين الشرط والجزاء لما عرفت من ترتب الجزاء على الشرط كترتب المعلول على العلة وبين المصنف وجه الابعدية بالطريق الآخر.

بقوله وقد ذكر فانه على يقين للتمهيد.

اى توطئة ومقدمة لبيان هذا الجزاء فيصير المعنى حينئذ وان لم يستيقن انه قد نام فلا ينقض اليقين بالوضوء بالشك فى النوم فيختص هذه القاعدة بباب الوضوء بل تختص بخصوص الشك فى النوم.

قوله قد انقدح بما ذكرنا ضعف احتمال اختصاص قضية لا تنقض الخ.

اى قد ذكر وجه عدم اختصاص الصحيحة المذكورة فى باب الوضوء من ان النهى عن نقض اليقين بالوضوء بالشك فيه ليس لخصوصية فى الوضوء بل لكونه من صغريات القضية الكلية على ما هو ظاهر التعليل بقوله فانه على يقين فيظهر من هذا التعليل الامر الارتكازى اى عدم نقض اليقين مطلقا سواء كان فى باب الوضوء ام فى غيره فان الاختصاص خلاف ظاهر التعليل لظهوره فى الارتكازية التى تقتضى اطراد الحكم المعلل وعدم اختصاصه بباب دون باب

وايضا يدل على عدم الاختصاص تعليل الحكم بالمضى مع الشك فى غير باب الوضوء فى الرواية الاخرى.

قال صاحب الكفاية مع أنّه لا موجب لاحتماله الا احتمال كون اللام للعهد الخ.

هذه اشارة الى انه لا وجه لاحتمال اختصاص لا تنقض فى هذه الصحيحة بباب الوضوء الا كون اللام للعهد بان يكون اشارة الى اليقين فى قوله فانه على يقين من وضوئه لكن لا وجه لاحتمال كون اللام للعهد هنا لان الظاهر كون اللام للنجس الا مع قرينة موجبة للحمل على العهد وهى مفقود فى المقام فيراد جنس اليقين لا اليقين الخاص.

قوله مع أنّه غير ظاهر فى اليقين بالوضوء الخ.

وهذا اشارة الى عدم تقييد اليقين فى الصحيحة المذكورة

فى باب الوضوء فيمنع ظهور اليقين فى اليقين الوضوئي وذلك لان هذا الظهور انما يكون اذا تعلق من وضوئه باليقين حتى يكون من قيوده ومتعلقاته.

واما اذا كان متعلقا بالظرف اى لفظة على فى قوله على يقين قد ذكر فى محله ان الظرف من العوامل اذا كان متضمنا لمعنى استقر او ثبت او مستقر او كائن او نحوه فلا يكون من وضوئه من قيود اليقين فكان المعنى انه كان من طرف وضوئه على يقين ويكون اليقين مطلقا وترتيب القياس من الشكل الاول هكذا المكلف من كان على اليقين من ناحية وضوئه ثم شك فى حدث النوم كل من كان على اليقين وشك لم ينقضه به فالمكلف لم ينقضه به فظهر فى القياس المذكور ان حد الوسط والاصغر لا يكون الا اليقين لا يقين بالوضوء.

قوله ثم لا يخفى حسن اسناد النقض وهو ضد الابرام الخ.

قد ذكر ان العمدة فى حجية الاستصحاب الاخبار المستفيضة منها صحيحة الزرارة وانما اخذت قاعدة لا تنقض اليقين بالشك من هذه الصحيحة وغيرها فيبحث هل يكون الاستصحاب حجة مطلقا اى سواء كان الشك فى المقتضى ام الرافع هذا مختار صاحب الكفاية.

واما الشيخ فيقول ان الاستصحاب حجة اذا كان اليقين بالمقتضى والشك فى وجود الرافع واما اذا كان الشك فى المقتضى فلم يكن حجة ودليله ان المراد من النقض هو رفع الشيء المبرم والمستحكم فيدل الصدر اى لا تنقض على استحكام اليقين

اعنى اليقين على المقتضى واما الذيل اعنى اليقين فيدل على مطلق اليقين اى سواء كان مستحكما ام لا.

بعبارة اخرى سواء كان الشك فى المقتضى ام الرافع فيقدم الشيخ الصدر على الذيل فيصير اليقين صغيرا اى اليقين الذى كان المقتضى فيه موجودا فيقدم على قول الشيخ ظهور الصدر اى لا تنقض.

بعبارة شيخنا الاستاد شيخ مى گويد استصحاب حجت مى باشد مع وجود المقتضى وشك در وجود الرافع اگرچه متعلق لا تنقض كه يقين باشد مطلق است لكن شيخ مى گويد آن را كوچك مى سازم مراد همان يقين است كه مقتضى داشته باشد پس دانسته شد كه شيخ مقدم مى كند ظهور صد را كه لا تنقض باشد.

ذكر مى شود اينجا مثال از جهت توضيح ما ذكر نحو لا تضرب احدا پس ضرب ظهور دارد در ضرب مؤلم احدا ظهور دارد در مطلق ضرب چه مؤلم باشد يا نباشد فيشمل ذيل ضرب اموات را ايضا پس مقدم مى شود در مثال مذكور ظهور صدر كه ضرب باشد اى ضرب مؤلم كه در احياء باشد.

واعلم ان المراد من الشك من حيث المقتضي هو الشك من حيث الاقتضاء والقابلية فى ذاته للبقاء كالشك فى بقاء الليل والنهار فيفهم من ذلك انه ليس المراد من المقتضى كما ينصرف ذلك من اطلاق كلمة المقتضى مقتضى الحكم اى الملاك والمصلحة فيه ولا مقتضى لوجود الشيء فى باب الاسباب والمسببات بحسب الجعل الشرعي مثل ان يقال الوضوء مقتضى للطهارة وعقد النكاح مقتضى للزوجية.

فائدة قد اشكل فى جملة لا تنقض اليقين بالشك حاصل الاشكال انه يلزم فى هذه الجملة تناقض الصدر والذيل لان الصدر اى لا تنقض يدل على ان المراد من اليقين هو اليقين المبرم والمستحكم وذيل هذه الجملة اى اليقين يدل ان المراد من اليقين هو مطلق اليقين سواء كان بنحو الابرام والاستحكام ام لا فاجيب عن هذا التناقض بأن يقدم الصدر على الذيل فيراد من اليقين اليقين المستحكم بعبارة اخرى يجعل الصد قرينة للذيل.

ولا يخفى ان ما ذكر فى حجية الاستصحاب مبني على قول الشيخ (قدس‌سره) اى فصل بين الشك فى المقتضى والرافع وحكم بالحجية فى الثانى دون الاول وقال ان متعلق لا ينقض يقين المبرم والمستحكم هو عبارة عن اليقين فى وجود المقتضى والشك فى وجود الرافع.

الآن يشرع فى توضيح عبارة صاحب الكفاية (قدس‌سره)

من عند قوله ثم لا يخفى حسن اسناد النقض الخ.

حاصل كلامه ان الاستصحاب حجة سواء كان الشك فى المقتضى او الرافع فقال ان اسناد النقض الذى هو ضد الابرام والاستحكام انما يكون الى اليقين لكونه شيئا مبرما ومستحكما ولا فرق بين كون الشك فى المقتضى او الرافع اى يكون نفس اليقين مستحكما ولو كان متعلقا بما ليس فيه اقتضاء بعبارة اخرى ولو كان الشك فى المقتضى ولا يصدق الابرام والاستحكام على الظن لتزلزله وعدم ثباته فلا يصح اسناد النقض اليه لانه يسند الى الشيء المبرم والمستحكم وان كان المظنون فيه اقتضاء البقاء.

قوله والا لصح ان يسند الى نفس ما فيه المقتضى له.

اى ان لم يكن مصحح النقض ما فى اليقين من الابرام والاستحكام بل قلنا ان المصحح للنقض انما يكون المتيقن باعتبار وجود المقتضى فيصح استعمال النقض فيما فيه مقتضى البقاء وهذا مثل نقضت الحجر من مكانه مع عدم صحة اسناد النقض فى هذا المثال الى الحجر لان المراد من نقضه بقرينة هو نقله الى مكان آخر ومن المعلوم عدم ورود النقض بمعنى النقل.

وايضا ان كان اسناد النقض الى المتيقن باعتبار وجود المقتضى فلا يصح ان يقال انتقض اليقين باشتعال السراج فيما اذا شك فى بقائه للشك فى استعداده مع ان اسناد نقض فى هذا المثال صحيح الى اشتعال السراج فثبت من البيان المذكور اسناد النقض الى اليقين المبرم والمستحكم وان كان الشك فى المقتضى.

قوله وبالجملة لا يكاد يشك فى ان اليقين كالبيعة والعهد الخ.

هذا بمنزلة النتيجة لما ذكر من ان النقض يسند الى نفس اليقين لثباته واستحكامه فى نفسه وذكر المصنف نظيرا مثلا يسند النقض الى البيعة والعهد لما فيهما من الثبات والاستحكام وكذا يسند النقض الى نفس اليقين فلا موجب لما ذكره الشيخ الاعظم من ان يسند النقض الى المتيقن الذى فيه اقتضاء البقاء.

واذا صح اسناده الى نفس اليقين فلا موجب لارادة المتيقن الذى فيه اقتضاء البقاء بعبارة اخرى ان قوله فلا موجب لارادة

ما هو اقرب الى الامر المبرم الخ.

جواب عن السؤال المقدر حاصله ان النقض يسند الى المتيقن الذى فيه استعداد البقاء واما فى المورد الذى يسند النقض الى نفس اليقين فيراد منه اقرب المجازات اى يراد المعنى المجازي الذى هو اقرب الى المعنى الحقيقى فيراد من اليقين المتيقن المبرم والمستحكم.

فاجاب صاحب الكفاية (قدس‌سره) عن هذا السؤال بقوله فلا موجب الخ.

اى لا موجب لارادة المعنى المجازي بعد صحة المعنى الحقيقى فيسند النقض الى نفس اليقين ولا وجه لارادة المعنى المجازي.

قوله فان قلت نعم ولكنه حيث لا انتقاض لليقين فى باب الاستصحاب الخ.

هذا القائل يراد اثبات مقالة الشيخ اى ان الاستصحاب حجة فى صورة الشك فى الرافع ولم يكن حجة فى صورة الشك فى المقتضي فاشكل على اسناد النقض الى اليقين بلفظ ان قلت حاصله ان النقض فى باب الاستصحاب لا يسند الى اليقين حقيقة لبقاء اليقين بالحدوث على حاله فلا بد من اقتضاء البقاء فى المتيقن حتى يصح اسناد النقض الى اليقين على نحو المجاز فاذا كان اقتضاء البقاء فى المتيقن فهو مصحح لاسناد النقض الى اليقين مجازا فان اليقين فى صورت اقتضاء المتيقن للبقاء يصير بمنزلة امر مستمر مستحكم قد عرض فيه الشك من حيث الرافع.

قوله : قلت الظاهر ان وجه الاسناد هو لحاظ اتحاد متعلقى اليقين والشك ذاتا الخ.

هذا جواب الاشكال ان وجه اسناد النقض الى اليقين هو لحاظ اتحاد متعلقى اليقين والشك ذاتا وعدم ملاحظة تعددهما زمانا.

الحاصل ان الاشكال المذكور مبنى على دخل الزمان فى متعلقى اليقين والشك اى اذا كان الزمان دخيلا فى متعلقيهما فزمان اليقين مقدم على زمان الشك فلا يكون هذا الشك موجبا لنقض اليقين لاختلاف زمانهما واما اذا لم يكن للزمان مدخل فى متعلقى اليقين والشك فيصح اسناد النقض الى اليقين بالشك ويكفى اتحاد متعلقى اليقين والشك ذاتا فى صحة اسناد النقض الى اليقين من باب الاستعارة.

قد ذكر فى محله ان المراد من الاستعارة الاصطلاحية هى اللفظ المستعمل فيما شبه بمعناه الاصلى لعلاقة المشابهة كاسد فى قولنا رأيت اسدا يرمى.

واما فى مقام البحث فاستعير اسناد النقض الى اليقين لعلاقة المشابهة أى تشبيه اليقين بالامر المبرم المستحكم واثبات اثر هذا الامر للمشبه اعني اثبات النقض لليقين فيكون هذا نظير ما ذكر فى باب الاستعارة فى علم البيان نحو واذا المنية انشبت اظفارها اى اريد من لفظة المنية الحيوان المفترس.

فثبت صحة اسناد النقض الى اليقين عرفا سلمنا ان اسناد النقض الى اليقين مع المقتضى اقرب بالانتقاص لكن هذا لا يكون موجبا لتعيين اسناد النقض الى المتيقن فى صورة وجود المقتضى

لان الاعتبار فى الاقربية انما هو بنظر العرف لا الاعتبار العقلى.

واعلم ان البحث الى هنا فى الكلمات المفردة من حيث المادة أى كان البحث فى مادة النقض وكذا فى مادة اليقين قد بين هذا مفصلا حاصله ان الشيخ جعل الصدر قرينة للذيل مثلا فى لا تنقض اليقين بالشك جعل لا تنقض قرينة ليقين بان يدل لا تنقض على ان المراد من اليقين هو اليقين المبرم والمستحكم ولكن على قول صاحب الكفاية ان الصدر لا يصلح ان يكون قرينة للذيل اى لا تصلح كلمة لا تنقض لان تكون قرينة لتخصيص اليقين بان يراد منه اليقين المبرم والمستحكم واذا لم تصلح كلمة لا تنقض قرينة للذيل اريد من كلمة اليقين مطلق اليقين فيثبت حجية الاستصحاب مطلقا أى سواء كان الشك فى الرافع ام فى المقتضى.

قوله : واما الهيئة فلا محالة يكون المراد منها النهى عن الانتقاض بحسب البناء والعمل الخ.

قد ذكر البحث فى لا ينقض اليقين من حيث المادة واما البحث من حيث الهيئة فقال الشيخ ان هيئة لا ينقض اليقين كانت لتخصيص عموم اليقين بموارد فى الشك فى الرافع بارادة المتيقن من اليقين اى جعل الشيخ هيئة لا تنقض قرينة للذيل بان يراد من اليقين المتيقن المستحكم اعني كون الشك فى الرافع لا المقتضي.

واما صاحب الكفاية فيمنع ما ذكره الشيخ ويقول ان النقض الحقيقى لا يصح هنا سواء اريد باليقين نفسه ام المتيقن من باب المجاز فى الكلمة ام آثار المتيقن من باب المجاز بالاضمار

والتقدير.

توضيحه انه لا يصح ان تدل هيئة لا تنقض على عدم نقض اليقين ولا على عدم نقض المتيقن أو آثاره وجه عدم صحة ما ذكر ان عدم نقض اليقين ليس تحت اختيارنا لوضوح انتقاضه قهرا بعد عروض الشك أى لا وجود لليقين حينئذ حتى يصح تعلق النهى بنقضه وكذا لا يصح اسناد عدم النقض الى المتيقن أو آثاره لان بعد انتقاض اليقين لم يكن المجال للمتيقن وآثاره.

اذا لم يصح اسناد عدم النقض الى ما ذكر فلا محالة يراد عدم النقض من حيث العمل اذ مرجع عدم النقض حينئذ الى عدم رفع اليد عن العمل السابق الواقع على طبق اليقين فيصير لا تنقض اليقين أبق عملك المطابق لليقين هذا المعنى قابل لتعلق الخطاب مثلا كان الشخص يصلى ويطوف ويمس المصحف فى حال الشك ويبقى هذه الاعمال فى حال الشك.

ولا يخفى ان الابقاء من حيث العمل لا فرق فيه بين تعلق اليقين بما فيه اقتضاء البقاء وتعلقه بما ليس فيه ذلك أى سواء كان الشك فى المقتضى ام الرافع فيصدق الابقاء العملي فى كلتا الصورتين.

وقد اتضح من البيان المذكور عدم الحاجة فى التصرف فى لا تنقض بارادة المتيقن من اليقين او اضمار آثار اليقين أى لا وجه لجعل لا تنقض من باب المجاز فى الكلمة او من باب المجاز الناشى من الحذف بعد صحة اسناد لا تنقض الى البناء والعمل.

قوله : لا يقال لا محيص عنه الخ.

هذا اشكال على صاحب الكفاية اى صرح بقوله فلا يكاد يجدى التصرف بذلك حاصله ان المصنف صرح بعدم الاحتياج الى التصرف فى كلمة اليقين بالتجوز أو الاضمار.

فاشكل عليه بقوله لا يقال توضيحه انه لا محيص عن التصرف فى متعلق النقض أى اليقين بان يراد منه المتيقن وذلك لان المراد من اليقين فى الصحيحة أى اليقين بالوضوء هو طريقى محض الى الوضوء لان الآثار الشرعية من جواز الدخول فى الصلاة وغيره تترتب على نفس الوضوء لا على اليقين به فلا اثر لليقين حتى يترتب عليه بنهى الشارع عن نقضه.

فظهر ان اليقين طريقى اى طريق الى المتيقن فيترتب الآثار الشرعية على المتيقن ولا تترتب الآثار على اليقين الطريقى واما اذا كان اليقين موضوعيا فصح ترتب الآثار عليه شرعا ولكن المفروض كون اليقين فى مورد الصحيحة طريقيا محضا فلا يترتب عليه شرعا الآثار والاحكام فان النهى عن النقض بالنسبة الى اليقين وآثاره لا يصح فى المقام لمنافاة النقض بحسب العمل مع مورد الصحيحة اذا اسند الى اليقين لكون اليقين فيه طريقيا محضا فلا يترتب عليه الاثر الشرعى بل يترتب الاثر الشرعى فى مورد الصحيحة على المتيقن أى الوضوء.

قوله : فانه يقال انما يلزم لو كان اليقين ملحوظا بنفسه الخ.

هذا جواب الاشكال الذى اورد على صاحب الكفاية من انه لا محيص عن التصرف فى متعلق لا تنقض بان يراد من اليقين المتيقن لان اليقين فى الصحيحة طرقى أى طريق الى الوضوء

فلا بد التصرف فى متعلق النقض بان يكون المراد من اليقين : المتيقن من باب المجاز فى الكلمة أو يكون المراد آثار المتيقن من باب المجاز فى الحذف.

وأيضا ان اسند النقض الى اليقين لزم منافاته مع مورد الصحيحة لان اسناد النقض فى الصحيحة انما يكون الى المتيقن كالوضوء على نحو ما مر تفصيله هذا حاصل الاشكال.

واما الجواب الذى ذكر بقوله فانه يقال الخ فتوضيحه يحتاج الى ترتيب المقدمة : وهى ان النظر الى الشىء اما ان يكون على نحو الآلي واما ان يكون بنظر الاستقلالى كما ذكر فى محله ان النظر الى الحروف آلى والنظر الى الاسماء استقلالى بتعبير آخر ان الشىء اما ان يكون فيه ينظر واما ان يكون به ينظر مثلا النظر فى المرآة اما ان يكون لتشخيص جنسها واما ان يكون لرؤية الوجه.

اذا تمت المقدمة المذكورة فنقول ان النظر الى اليقين اما ان يكون بالنظر الآلي واما ان يكون بالنظر الاستقلالى والاشكال المذكور يلزم اذا كان اليقين ملحوظا بنفسه وبالنظر الاستقلالى أى فلا يترتب حينئذ على اليقين الاثر الشرعى.

واما اذا كان ملحوظا بنحو المرآتية وبالنظر الآلي فلم يلزم الاشكال المذكور فيلاحظ اليقين فى مثل قضية لا تنقض بنحو المرآتية وبالنظر الآلي اى يكون لا تنقض اليقين عرفا كناية عن لزوم البناء والعمل على التزام حكم مماثل للمتيقن اى اذا كان المتيقن حكما بنى العمل على التزام الحكم الذى كان مماثلا للحكم

المتيقن السابق وكذا بنى العمل على حكم المتيقن اذا كان هذا المتيقن موضوعا كالوضوء.

قوله : لا عبارة عن لزوم العمل بآثار نفس اليقين بالالتزام الخ.

قد ذكر ان قضية لا تنقض اليقين حيث تكون ظاهرة عرفا فى عدم نقض العمل الذى كان على طبق يقين سابق أى يكون اليقين ملحوظا بنظر الآلي فلوحظ لكونه آلة ومقدمة للزوم العمل فتسري الالية من اليقين الخارجى الى المفهوم الكلى فذكر المصنف تفصيل هذه السراية.

بقوله : وذلك لسراية الالية من اليقين الخارجى الى المفهوم الكلى الخ.

هذا دفع لما يتوهم حاصل التوهم ان الطريقية والاستقلالية انما تكونان من الحالات العارضة على اليقين المصداقى أى اليقين الخارجى انما يكون آلة لغيره دون اليقين المفهومى لان المفهوم اليقين لا يكون مرآتا حتى يلاحظ فيه المرآتية وكذا مفهوم المرآة لا يكون آلة للنظر والاراءة بل الآلة والمرآة انما تكون المصداق الخارجى واما اليقين فى قولهم (ع) لا تنقض اليقين قد استعمل فى اليقين المفهومى فلا يصح ان يلاحظ مرآة للمتيقن هذا حاصل الاشكال الذى اورد على صاحب الكفاية.

فاجاب عن الاشكال المذكور.

بقوله : وذلك لسراية الالية الخ.

توضيحه سلمنا ان الطريقية والاستقلالية من عوارض اليقين الخارجى لكن هذا الفرد مصداق الكلى الطبيعى قد ذكر فى

حله ان الكلى الطبيعى موجود بوجود افراده فتسري الالية من هذا الفرد الخارجى الى المفهوم الكلى أى مفهوم اليقين فيؤخذ اليقين موضوع الحكم بهذا الاعتبار أى باعتبار المفهوم الكلى وقد يجعل نفس اليقين موضوعا للحكم كما ذكر فى باب القطع واما فى المقام فوقع اليقين موضوعا للحكم باعتبار كونه مرآة للمفهوم الكلى.

قوله انه حيث كان كل من الحكم الشرعى وموضوعه مع الشك قابلا للتنزيل الخ.

كان البحث فى صحيحة زرارة للاستدلال بها على حجية الاستصحاب وقد ذكر وجه الاستدلال بها على حجيته وقوله حيث إنّه الخ وجه آخر على حجية الاستصحاب بصحيحة زرارة والمراد من هذا الوجه اثبات عمومية الصحيحة لحجية الاستصحاب فى كل من الموضوع والحكم.

توضيحه ان اليقين فى قولهم عليهم‌السلام لا تنقض اليقين بالشك مطلق يشمل اليقين بكل من الموضوع والحكم ولم تقم القرينة على ارادة احدهما بالخصوص فمقتضى اطلاق الدليل هو ارادة كل اليقين اى سواء تعلق بالموضوع ام بالحكم واما اذا تعلق بالموضوع فيكون مقتضى لا تنقض جعل حكم مماثل لحكم هذا الموضوع مثلا اذا شك المكلف فى الطهارة بعد كونه متيقنا فيها صح استصحاب الطهارة وجعل حكم مماثل لها من جواز اتيان الصلاة ومس كتابة القرآن واما اذا كان اليقين بالحكم فيكون مقتضى لا تنقض جعل حكم مماثل لنفس الحكم المتيقن فى السابق

مثلا اذا كان المكلف متيقنا بوجوب اعطاء دينار لزيد بالنذر وشك بعد ذلك فمقتضى لا تنقض هو جعل حكم مماثل لنفس الحكم المذكور اى وجوب اعطاء درهم.

فثبت صحة الاستدلال بصحيحة زرارة لحجية الاستصحاب فى كل الحكم الشرعي وموضوعه اى سواء تعلق اليقين بالحكم او الموضوع صح استصحابهما بعد عروض الشك والدليل للاستصحاب المذكور هو مقتضى لا تنقض اليقين بالشك ولا يحتاج هذا الاستصحاب الى التصرف فى اليقين او النقض.

الحاصل ان قضية لا تنقض ظاهرة فى اعتبار الاستصحاب فى الشبهات الحكمية والموضوعية ولا يخفى ان اتيان المثال من الوضوء لم يكن موجبا لاختصاص لا تنقض بالشبهة الموضوعية لان المثال والمورد لم يكن مخصصا والغرض من اتيان المثال هو التوضيح لا الحصر والاختصاص.

قوله منها صحيحة اخرى لزرارة الخ.

هذه الصحيحة مضمرة ايضا لكن لا اشكال فيها لان المضمر زرارة ولعين ما تقدم فى المضمرة الاولى من اسنادها الى الامام ابى جعفر الباقر عليه الصلاة والسلام فهذه الصحيحة الثانية تدل على حجية الاستصحاب مطلقا اى فى كل من الموضوع والحكم وان كانت فى مورد استصحاب الموضوع وقد ذكر ان المورد لم يكن مخصصا.

حاصل الاستدلال ان الامام (ع) امر باعادة الصلاة لاستصحاب النجاسة المتيقنة اى كان الشخص متيقنا بدم الرعاف وهو بضم

الراء الذى يخرج من الانف : المدرك مجمع البحرين.

قوله قلت فان لم اكن رأيت موضعه وعلمت انه قد اصابه الخ.

هذا الكلام اشارة الى انه لا فرق بين العلم الاجمالى والتفصيلى وقد حكم فى الفرض المزبور على نجاسة الثوب بالعلم الاجمالى اى قد تيقن الشخص بان القذارة اصابت ثوبه وتفحص عنها ولم يظفر بها وصلى ثم رأى تلك النجاسة فسئل هذا الشخص ما فعله عن الامام (ع) واجاب عليه‌السلام بلزوم غسل الثوب واعادة الصلاة.

قوله قلت فان ظننت انه قد اصابه ولم اتيقن ذلك الخ.

وهذا الفرع الثالث ويبين حكم رؤية النجاسة بعد الصلاة مع الظن بالاصابة قبلها اى علم المكلف بطهارة ثوبه ثم ظن بانه اصابه الدم وتفحص عنه ولم يظفر به وصلى ثم وجده

واجاب الامام عليه‌السلام بوجوب تطهير الثوب للصلاة الآتية وعدم وجوب الاعادة وسئل زرارة عن الامام (ع) بحكمه بعدم الاعادة مع وقوع الصلاة فى النجاسة فاجاب عليه‌السلام عن عدم الاعادة لانك على يقين من طهارتك فشككت ولا ينبغى نقض اليقين بالطهارة بالشك فى النجاسة.

قوله قد ظهر مما ذكرنا فى الصحيحة الاولى تقريب الاستدلال الخ.

اى استدل فى الصحيحة الاولى على حجية الاستصحاب بقوله عليه‌السلام ولا ينقض اليقين بالشك ابدا ولكن ينقضه بيقين

آخر فيظهر من الاستدلال المذكور تقريب الاستدلال فى صحيحة اخرى انه قد ذكر فيها ستة امور بلفظة قلت وجعل محل الاستشهاد المورد الثالث والسادس اى قال سائل قلت فان ظننته انه قد اصابه ولم اتيقن فنظرت فلم أر شيئا فصليت قال تغسله ولا تعيد الصلاة قلت لم ذلك قال لانك كنت على يقين من طهارتك.

وكذا جعل محل الاستشهاد المورد السادس وهو قوله قلت ان رأيته فى ثوبي وانا فى الصلاة الخ.

اى سئل سائل ان رأيت النجاسة فى ثوبي فى حال الصلاة فما التكليف قال عليه‌السلام تنقض الصلاة وتعيدها اذا شككت فى موضعه ثم رأيته.

وايضا قال عليه‌السلام وان لم تشك ثم رأيته رطبا قطعت الصلاة وغسلته ثم بنيت على الصلاة فليس ينبغى لك ان تنقض اليقين بالشك قد مر توضيح الاستدلال فى الصحيحة الاولى فلا حاجة الى الاعادة.

قوله نعم دلالته فى المورد الاول على الاستصحاب مبنى على ان يكون المراد من اليقين الخ.

هذا استدراك على الامر الاول وهو قوله قلت فان ظننته انه قد اصاب الخ توضيح هذا الاستدراك انه يحتمل ان يكون المراد من اليقين فى قوله (ع) لانك كنت على اليقين من طهارتك هو اليقين بالطهارة قبل ظن اصابة النجاسة والمراد بالشك هو احتمال وقوع النجاسة بعد ذلك اليقين مثلا اذا كان المكلف عالما بطهارة الثوب قبل الصلاة ثم ظن بالاصابة فى الوقت الثانى فتفحص ولم يجد النجاسة وصلى ورأى بعد الصلاة النجاسة

واحتمل وقوعها على الثوب قبل الصلاة فلا يوجب هذا الاحتمال زوال اليقين السابق فيصح استصحاب فى الصورة المذكورة. وكذا يحتمل ان يكون المراد باليقين فى المورد المذكور هو اليقين بالطهارة الحاصل بالنظر والفحص فالرؤية الحاصلة بعد الصلاة تسرى الى اليقين الذى حصل بالفحص والنظر لان هذا اليقين فى حال تزلزل.

قوله ثم إنّه اشكل على الرواية بان الاعادة بعد انكشاف وقوع الصلاة الخ.

اى قد استدل بالصحيحة على حجية الاستصحاب فى المورد الاول وهو قوله قلت فان ظننته انه قد اصابه الخ قال (ع) لا تعيد الصلاة لانك على يقين من طهارتك.

فاشكل الشيخ على هذا الاستدلال حكاية عن السيد الصدر شارح الوافية توضيح الاشكال ان الاعادة ليست نقضا لليقين بالشك حتى تحرم بالنهى عنه فى قوله عليه‌السلام لا تنقض اليقين بالشك اى ليس هذا المورد نقض اليقين بالشك بل هو نقض اليقين باليقين اذ المفروض هو حصول العلم بالنجاسة ووقوع الصلاة فيها فتكون الاعادة نقضا لليقين بالطهارة باليقين بضدها فلا تنطبق قاعدة لا تنقض اليقين بالشك على المقام بل كان مما ينطبق عليه وانقضه بيقين آخر.

قوله نعم انما يصح ان يعلل به الخ

هذا بيان لمشروعية الدخول فى الصلاة المشروطة بالطهارة بهذا اليقين مع الشك فيها بعده وكذا يظهران الامتناع عن الدخول فيها نقض لآثار تلك الطهارة المتيقنة واما بالنسبة الى

الاعادة فلا يلزم نقض اليقين بالشك بل بالنسبة اليها كان نقض اليقين بيقين آخر.

قوله ولا يكاد يمكن التفصى عن هذا الاشكال الخ.

قد اشكل فى الصحيحة الاخرى بان اعادة الصلاة لم تكن نقض اليقين بالشك بل كانت نقض اليقين باليقين.

واما الجواب عن هذا الاشكال والتحقيق فى حله فيقال ان التعليل انما هو بلحاظ حال الصلاة والمراد من التعليل هو قوله لانك كنت على يقين من طهارتك اى كان هذا التعليل بلحاظ حال الصلاة حيث ان المكلف فى هذا الحال كان على يقين من طهارة فشك فيها فلا يصح نقض اليقين السابق بالشك اللاحق.

توضيح الجواب ان الشرط فى الصلاة هو الطهارة الخبثية فى الفرض المزبور وايضا ان الطهارة الخبثية شرط علميّ للصلاة بمعنى كفاية احرازها ولو باصل معتبر فاحرز المكلف الطهارة باستصحاب اليقين السابق فظهر ان شرط فى المقام هو احراز الطهارة الخبثية وليست شرطا واقعيا كالطهارة الحدثية فيصح من هذا البيان التعليل المزبور لان الشرط للمكلف الملتفت هو احراز الطهارة لا نفسها فيحسن التعليل بعدم وجوب الاعادة بكون الاعادة نقضا لليقين بالشك حيث إنّه فى حال الصلاة كان شاكا فى بقاء الطهارة بعد ما كان متيقنا بها قبل الدخول فى العبادة ثم ظن اصابة النجاسة.

والظاهر ان هذا الظن ملحق بالشك حكما لعدم الدليل على اعتباره فلذا يقال انه شاك فى بقاء الطهارة فظهر ان الاستصحاب

اوجب احراز الطهارة فى حال الصلاة فالاعادة تكون نقضا لليقين بالشك لان الشرط العلمي موجود فى حال الصلاة وكان المكلف محرزا للطهارة فالاعادة بعد كشف النجاسة تكشف عن النقض وعدم حجية الاستصحاب فيلزم نقض القاعدة التى ذكرت فى الصحيحة.

قوله لا يقال لا مجال حينئذ لاستصحاب الطهارة الخ.

قد ذكر ان الشرط فى الفرض المزبور هو احراز الطهارة فاشكل عليه بان الطهارة اذا لم تكن شرطا للصلاة فلا مجال لاستصحابها لان شرط المستصحب ان يكون حكما او موضوعا لحكم واما الطهارة اذا لم تكن شرطا فلم يكن موضوعا لحكم وكذا ليست حكما فلا يصح استصحابها لفقدان الشرط اى لم تكن الطهارة حكما وموضوعا لحكم.

قوله فانه يقال ان الطهارة وان لم يكن شرطا فعلا الخ.

هذا جواب الاشكال الذى ورد فى استصحاب الطهارة من انها ليست حكما وكذا ليست موضوعا لحكم فلا يصح استصحابها فاجيب هذا الاشكال بقوله لا يقال الخ. اى يصح استصحاب الطهارة الواقعية لكونها شرطا اقتضائيا توضيحه ان الشرط بمقتضى ظاهر الادلة الطهارة الواقعية لكن دل مثل الصحيحة المذكورة ان الشرط فى المقام هو احراز الطهارة لا نفسها فالطهارة الواقعية لم تكن منعزلة عن الشرطية بل هي شرط واقعي فى مرتبة الاقتضاء واما الشرط الفعلى فهو احراز الطهارة.

فيكون هذا الجواب موجبا للجمع بين ما دل على اعتبار

الطهارة الواقعية وبين ما دل على اعتبار احراز الطهارة فان مقتضى الجمع بين هاتين الطائفتين هو حمل الطائفة الاولى على الشرطية الاقتضائية اى تحمل الادلة التي تدل على كون الشرط هو الطهارة الواقعية على الشرطية الاقتضائية وتحمل الادلة التى تدل على ان الشرط هو احراز الطهارة على الشرطية الفعلية.

والجواب الثانى عن الاشكال المذكور ان الطهارة وان لم تكن شرطا لكنها قيد لما هو شرط مثلا استصحاب طهارة الماء الذى يتوضأ به يصح باعتبار كونها شرطا للشرط فان شرط الصلاة هو الوضوء واما طهارة الماء فهى قيد للوضوء وكذا الحكم فى المقام اذا فرض كون الشرط فى المقام احراز الطهارة وتصير الطهارة قيدا للاحراز الذى هو الشرط فيصح استصحاب هذا القيد اى الطهارة وبيّن المصنف هذا الجواب الثانى.

بقوله مع كفاية كونها من قيود الشرط حيث إنّه كان احرازها بخصوصها لا غيرها شرطا.

اى كان احراز الطهارة شرطا بخصوصها لا غير احراز الطهارة هذا بيان لكون الطهارة قيدا للشرط اى الاحراز الحاصل انه يصح بهذين الجوابين المذكورين جريان الاستصحاب فى الطهارة لاجل احرازها ويصح انطباق التعليل على المورد وهو قوله لانك على يقين من طهارتك.

قوله لا يقال سلمنا ذلك لكن قضية ان يكون علة عدم الاعادة الخ.

حاصل هذا الاشكال انه لو كان الاحراز شرطا للزم تعليله

بالاحراز بان يقال لانك احرزت الطهارة لا بالصغرى والكبرى المذكورة المنتجين لنفس الطهارة لا يصح التعليل بقوله لانك كنت على يقين من طهارتك لان هذا التعليل دال على استصحاب الطهارة لا الاحراز.

قوله فانه يقال نعم لكن التعليل انما يكون بلحاظ حال قبل انكشاف الحال الخ.

هذا جواب الاشكال اى قال المستشكل ان التعليل لم يكن مناسبا لاستصحاب احراز الطهارة والمناسب له ان يقال لانك احرزت الطهارة بل التعليل المذكور اى لانك كنت على يقين من طهارتك كان مناسبا لاستصحاب نفس الطهارة هذا حاصل الاشكال.

واجاب المصنف عنه بقوله فانه يقال نعم الخ توضيح الجواب انه لو كان التعليل بلحاظ حال بعد الصلاة لكان المعين التعليل بالثانى اى ان كان التعليل فى مقام عدم وجوب الاعادة بعد فراغ عن الصلاة فالمعين هو التعليل الثانى يعنى ان يقال لانك احرزت الطهارة ولا سبيل الى التعليل الاول يعنى بان يقال لانك كنت على يقين من طهارتك اى لا يصح هذا التعليل فى حال بعد الفراغ عن الصلاة اذ المفروض بعد الصلاة هو وقوع الصلاة فى الثوب المتنجس فلا يصح بعد انكشاف الخلاف ان يقال انك كنت على يقين من طهارتك لعدم الطهارة بعد الصلاة وانكشاف الخلاف وجدانا.

واما لو كان التعليل بلحاظ حال الصلاة لصح بكلا الامرين

اى يصح ان يعلل بقوله لانك كنت على يقين من طهارتك وكذا يصح ان يعلل بان يقال لانك احرزت الطهارة لكن تعليل امام عليه‌السلام بقوله لانك كنت على يقين من طهارتك كان لنكتة اى كان هذا التعليل للتنبيه على حجية الاستصحاب اى يعلم من قوله لانك كنت على يقين حجية الاستصحاب واما التعليل بالاحراز بان يقال لانك احرزت الطهارة فلا يفيد هذا المعنى اى لا يفيد حجية الاستصحاب لجواز كونه بقاعدة اخرى كقاعدة الطهارة واشار الى هذه النكتة.

بقوله انه كان هناك استصحاب مع وضوح استلزام ذلك الخ.

اى كان قبل كشف الخلاف استصحاب الطهارة بان يكون هذا الاستصحاب مجديا بعد الصلاة وكشف الخلاف لاستصحاب احراز الطهارة اى لا يصح استصحاب نفس الطهارة بعد كشف الخلاف فالمستصحب بعد كشف الخلاف هو احراز الطهارة والا لما كانت الاعادة نقضا لليقين واما اذا كان المستصحب احراز الطهارة فكانت الاعادة مستلزمة النقض اليقين.

قوله ثم إنّه لا يكاد يصح التعليل لو قيل باقتضاء الامر الظاهرى للاجزاء الخ.

توضيح هذا الكلام ان المكلف اذا كان متيقنا بالطهارة وشك فى الزمان الثانى فيها فالامر الظاهرى كاف للاجزاء وعدم الاعادة فلا حاجة الى التعليل بقوله (ع) لانك كنت على يقين لان الخطاب الظاهرى للصلاة دال للاجزاء وعدم الاعادة فلا يبقى المورد للزوم النقض من الاعادة فاجيب عن هذا الاشكال.

بقوله اللهم الا ان يقال ان التعليل به الخ.

حاصل هذا الجواب ان هذا التعليل أى لانك كنت على يقين انما يكون بلحاظ حال الصلاة فالعلة لعدم الاعادة حينئذ هى مجموع الصغرى والكبرى والمراد من الاولى أى الصغرى وهى حرمة نقض اليقين بالشك فى حال الصلاة المحققة للامر الظاهرى بالصلاة والمراد من الثانية أى الكبرى هى اقتضاء الامر الظاهرى للاجزاء فتدل هاتين المقدمتين على عدم جواز الاعادة.

بعبارة اخرى ان ثبوت الاعادة اما ينشأ من انتفاء الاولى اعنى حرمة النقض أى بانتفاء حرمته ثبت جواز النقص واما ينشأ ثبوت الاعادة من انتفاء الثانية اعنى الكبرى أى عدم اقتضاء الامر الظاهرى للاجزاء فاذا لم يكن هذا الامر مقتضيا للاجزاء ثبت الاعادة.

فاذا كان للشيء علة مركبة يصح فى مقام التعليل وجوه الثلاثة الاكتفاء بالصغرى فقط او الكبرى فقط او كلا الامرين مثلا اذا اريد بيان تعليل حدوث العالم يقال تارة لانه متغير أى الصغرى فقط واخرى لان كل متغير حادث أى الكبرى فقط وثالثة لانه متغير كل متغير حادث أى كلا الامرين واما فى المقام فقد اكتفى بالصغرى أى حرمة نقض اليقين بالشك فثبت من البيان المذكور صحة التعليل بقوله (ع) لانك كنت على يقين ولا يضر فيه ملاحظة ضميمة اقتضاء الامر الظاهرى للاجزاء قال أيضا صاحب الكفاية فى جواب الاشكال مع أنّه لا يكاد يوجب الاشكال فيه الخ.

توضيح هذا الجواب انه قد اجيب عن الاشكال الذى ورد على التعليل بقوله اللهم ان يقال الخ قد علم هذا الجواب مفصلا آنفا.

واما المراد من هذا الجواب فانه لا يوجب الاشكال الذى ورد فى التعليل المذكور مع تسليم العجز عن التفصى عنه اشكالا فى دلالة الرواية على الاستصحاب والمراد من هذا الجواب انه لو كان الاشكال المتقدم منحصرا فى تطبيق الصحيحة على الاستصحاب ولا يجرى الاشكال المذكور فى قاعدة اليقين لكان وروده قرينة على كون المراد هو قاعدة اليقين لا الاستصحاب لكن الاشكال وارد فيها ايضا أى بعد ورود الاشكال فى قاعدة اليقين ايضا : فلا وجه لتطبيق الصحيحة على القاعدة المذكورة.

واما لو فرض انحصار الاشكال فى تطبيق الصحيحة على قاعدة الاستصحاب لكان هذا قرينة على تطبيق الصحيحة على قاعدة اليقين لكن الاشكال المذكور وارد على كلا القاعدتين فلا وجه لتطبيق الصحيحة على قاعدة اليقين مع كون الصحيحة ظاهرة فى الاستصحاب.

فان قلت ان ورود الاشكال على كلا القاعدتين يكون قرينة على ارادة المورد الثالث : قلت انا نقطع بكون احدهما مراد أى نقطع ان احدى القاعدتين مراد لزرارة لان نقض اليقين بالشك لا يتصور الا فى هاتين القاعدتين والفرق بين قاعدة اليقين والاستصحاب : ان اليقين ان ارتفع بالشك اللاحق رأسا فهو قاعدة اليقين واما ان كان الشك متعلقا ببقاء اليقين لا بحدوثه فهو قاعدة الاستصحاب أى فى صورة الاستصحاب لا يرتفع اليقين حدوثا بالشك اللاحق بل يتعلق باليقين بقاء.

فظهر مما ذكر انه لا تصح ارادة القاعدة الثالثة فى المقام كقاعدة المقتضى وعدم المانع فلا مجال لهذه القاعدة لان المورد مما علم فيه المانع وهو النجاسة فلا اثر للمقتضى عند وجود المانع.

قوله : ومنها صحيحة ثالثة لزرارة الخ.

قد استدل لحجية الاستصحاب فى الروايتين المذكورتين وبين وجه الاستدلال مفصلا واما وجه الاستدلال فى هذه الصحيحة الثالثة فكان الشك بين الثلاث والاربع وان ابتدأ فى الرواية او لا الشك بين الاثنين والاربع لكن لم يستدل فى هذا القسم لعدم اشتهاره.

وقد استدل فى هذه الصحيحة بالشك بين الثلاث والاربع وجه الاستدلال فيبنى الشاك على الثلاث لانه كان متيقنا بعدم اتيان الاربع لكن عرض له الشك فى الزمان اللاحق فيه فلا ينقض اليقين بالشك أى اليقين بعدم اتيان الاربع لا ينقض بالشك هذا حاصل الاستدلال لحجية لاستصحاب لكن وقد اشكل بعدم امكان ارادة ذلك على مذهب الخاصة الخ.

أى اشكل على هذا الاستدلال الشيخ (قده) حاصل الاشكال ان الاستدلال بهذه الرواية انما يصح على طبق مذهب العامة بان يبنى على الثلاث واضيف اتيان ركعة موصولة.

واما على مذهب الخاصة فيبنى على الاربع وقد استقر على اضافة ركعة بعد التسليم مفصولة وعلى هذا تكون هذه الرواية دليلا لقاعدة الفراغ أى الامام عليه‌السلام علّم المكلف بالبناء على الاكثر فى صورة الشك بين الثلاث والاربع فتجرى هنا قاعدة

الفراغ لان الاشتغال اليقينى يقتضى الفراغ اليقينى فيحتاط بركعة مفصولة بعد التسليم فثبت ان اتيان هذه الركعة المفصولة من باب الاحتياط لا الاستصحاب فاجاب المصنف عن الاشكال المذكور.

بقوله ويمكن الذب عنه بان الاحتياط كذلك الخ.

أى اجيب عن الاشكال المذكور بوجهين.

الاول ان قول الامام عليه‌السلام انما يكون للتقية والا الحكم الواقعى هو البناء على الاكثر فاتيان ركعة كان من باب الاستصحاب.

الثانى ان الدليل على اتيان المتصلة ما هو أى انتم تقولون ان اتيان المنفصلة دليل على قاعدة الفراغ فنقول ما الدليل على اتيان المتصلة ان قلت ان الدليل على الاتصال هو كون الصلاة رباعية وكذا اطلاق لا تنقض يقين بالشك يدل على اتيان الركعة المتصلة فنقول ان اطلاق لا تنقض لم يكن دالا على اتيان الركعة المتصلة بل يدل على عدم جواز نقض اليقين بالشك اى يدل لا تنقض على كون المشكوك واجب الاتيان فلم تصح دلالة اطلاق لا تنقض على الاتصال.

واما الدليل الاول أى كون الصلاة رباعية فيصح دلالته على اتيان الركعة المتصلة هذا ما يستفاد من كلام شيخنا الاستاد واما صاحب الكفاية فيقول ان اطلاق لا تنقض يدل على اتيان الركعة المتصلة كما قال فى قوله غاية الامر اتيانها مفصولة ينافى اطلاق النقض.

الحاصل ان الاحتياط لا يأبى عن الاستصحاب أى يستصحب عدم اتيان الركعة الرابعة لانه متيقن واما اتيان الركعة المفصولة انما يكون بدليل الخارج كما قال المصنف بقوله غاية الامر اتيانها مفصولة ينافى الاطلاق وقد قام الدليل على التقييد أى قام الدليل على اتيان الركعة المفصولة فى صورة الشك فى الرابعة أو غيرها.

فظهر من البيان المذكور رد قول المستشكل اى اشكل ان اتيان الركعة المفصولة دليل على قاعدة الفراغ فرد هذا الاشكال بان الدليل الخارجي قام على اتيان الركعة المشكوكة مفصولة فلا يضر هذا الانفصال على الاستصحاب.

قوله وربما اشكل ايضا بانه لو سلم دلالتها على الاستصحاب الخ.

وهذا الاشكال وارد على الرواية بعد تسليم دلالتها على الاستصحاب حاصل الاشكال ان الرواية واردة فى المورد الخاص ولم تكن دلالتها عامة لجميع الموارد ضرورة ظهور الفقرات فى كونها مبنية للفاعل الخ.

هذا دليل لدلالة الرواية على المورد الخاص اى ادعى الضرورة فى ظهور الفقرات المذكورة فى خصوص المورد والمراد من هذه الفقرات هى قام واضاف فى قوله قدا حرز الثلاث قام فاضاف اليها اخرى. فاتيانهما مبنيا للفاعل وكون الفاعل هو المصلي الشاك قرينة لاختصاص الرواية فى المورد الخاص وكذا قوله لا ينقض اليقين بالشك معطوف على الفقرات

المذكورة فكان الفاعل فيه ايضا المصلي الشاك ان قلت ان المورد لم يكن مخصصا قلت ان الغاء خصوصية المورد ليس بيدكم.

فيقال فى مقام الجواب ان لا ينقص اليقين بالشك وما يقاربه نحو لا يدخل اليقين بالشك مؤيد على عدم اختصاص الرواية فى المورد الخاص واصل الجواب عن الاشكال هو.

قوله بل الدعوى ان الظاهر من نفس القضية هو ان مناط حرمة النقض انما يكون لاجل ما فى اليقين الخ.

حاصل هذا الجواب ان قضية لا تنقض اليقين بالشك لا تكون مختصة فى المورد الخاص اى حرمة نقض اليقين بالشك لم تكن مختصة فى هذا المورد اى الشك فى اتيان الركعة الرابعة بل كان مفاد هذه القضية عدم انتقاض الشيء العالي بالسافل.

بعبارة شيخنا الاستاد لا تنقض مى گويد شىء عالى به شىء پست نقض نشود فظهر عدم اختصاص قضية فى مورد خاص ودفع اشكال من قال ان الرواية مختصة فى المورد الخاص قال المصنف بل الدعوى ان الظاهر الخ غير بعيدة اى هذا الدعوى والجواب عنده صحيح قوله ومنها قوله من كان على يقين فاصابه الشك فليمض على يقينه الخ.

اى استدل على حجية الاستصحاب بالروايتين اللتين كانتا فى الخصال عن محمد ابن مسلم عن ابى عبد الله عليه‌السلام اى استدل بالروايتين.

الاولى من كان على يقين فشك فليمض على يقينه ان الشك لا ينقض اليقين.

الثانية من كان على يقين فاصابه الشك فليمض على يقينه فان اليقين لا يدفع او لا يرفع بالشك ذكر المصنف هذه الرواية بلفظ منها ولم يقل صحيحة فلان لان سندها ضعيف لان المذكور فى سندها القاسم ابن يحيى فانه لا توثيق له.

واما وجه الاستدلال فان قوله عليه‌السلام ان الشك لا ينقض اليقين او فان اليقين لا يدفع او لا يرفع بالشك انما يكون دليلا للاستصحاب.

قال صاحب الكفاية وهو ان كان يحتمل قاعدة اليقين الخ.

فلا بد من ترتيب المقدمة لتوضيح الفرق بين قاعدة اليقين والاستصحاب قد ذكر فى الرواية فشك وفاصاب الشك وايضا قد ذكر فى محله اى علم النحو كما قال ابن مالك : والفاء للترتيب باتصال : وثم للترتيب بانفصال : فالفاء فى قوله (ع) فشك وفاصاب دال على ترتيب اليقين والشك واختلاف زمانهما.

واذا تمت هذه المقدمة فنقول اذا كنا مع هذه الرواية فيصح الاستدلال بها على قاعدة اليقين دون الاستصحاب لان الفاء فى قوله (ع) فشك وقوله فاصاب شك دال على الترتيب واختلاف زمان المعطوف والمعطوف عليه وكذا كان فى قوله (ع) من كان على يقين فشك فانه من الروابط الزمانية اى يربط بين المتقدم والمتأخر فهذا ايضا دليل فى تطبيق الرواية على قاعدة اليقين دون الاستصحاب لان فيه يشرط اتحاد زمان اليقين والشك.

ويذكر هنا لتوضيح ما ذكر الفرق بين قاعدة اليقين والاستصحاب الفرق الاول بينهما ان الشرط فى قاعدة

الاستصحاب هو اتحاد زمان اليقين والشك وجودا واما اتحادهما حدوثا فلم يشترط فيمكن اتحادهما حدوثا ويمكن عدم اتحادهما حدوثا الفرق الثانى ان متعلق اليقين والشك فى قاعدة الاستصحاب ما شيء واحد والمراد من متعلقهما هو المتيقن والمشكوك.

واما فى قاعدة اليقين فيشترط اختلاف زمان يقين والشك اى زمان اليقين فيها مقدم على زمان الشك اذا جاء الشك زال اليقين السابق واما متعلق اليقين والشك فى قاعدة اليقين شيء واحد بعبارة شيخنا الاستاد در قاعدة يقين : يقين وشك به يك چيز خورده اى متيقن ومشكوك شيء واحد مى باشد.

اذا عرفت فرق قاعدة اليقين والاستصحاب فاعلم ان المناسب فى الرواية هو قاعدة اليقين لان زمان اليقين مقدم على زمان الشك فكل من يقبل قاعدة اليقين فهو يقبل هذه الرواية.

فان قلت اذا كان الامر كذلك فلم : استدل بهذه الرواية لقاعدة الاستصحاب فنقول ان الاستدلال يصح بهذه الرواية للاستصحاب لان زمان اليقين والشك انما يختلف باعتبار اختلاف زمان المتيقن والمشكوك.

توضيح هذا الجواب يحتاج الى ترتيب المقدمة وهي ان العلم قد عرف بانه صورة حاصلة من الشيء عند العقل فاعلم ان الصورة على قسمين اى الذهنية والخارجية وايضا الصورة الذهنية معلومة بالذات والخارجية معلومة بالعرض فيعلم من قوله العلم صورة الخ انه يفنى فى المعلوم اى العلم يفنى فى صورة حاصلة الخ فيصير العلم مع معلومه شيئا واحدا لكون العلم فانيا فى معلومه

لكن صورة حاصلة باعتبار نفسها معلوم وباعتبار وجودها فى الذهن علم فيسرى ما فى المعلوم من الحسن والقبح الى العلم مثلا العلم بالذات الواجب الوجود يصير اجلا لكون المعلوم اجلا اى شرف العلم انما يكون بشرف المعلوم.

اذا تمت المقدمة المذكورة فيرجع الى ما نحن فيه اى كان البحث فى جواب الاشكال واجيب عن الاشكال بان اختلاف زمان اليقين والشك انما يكون باعتبار زمان متعلقهما اى المتيقن والمشكوك قد ذكر فى المقدمة بان يسرى الحسن والقبح من المعلوم الى العلم.

بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية اگر معلوم چيزى داشته باشد سرايت مى كند بسوى علم پس در مقام بحث اختلاف زمان سرايت مى كند از متيقن ومشكوك به سوى يقين وشك.

بعبارة اخرى ان ما فى المتيقن يسرى فى اليقين وكذا ان ما فى المشكوك يسرى فى الشك وقد علم ان زمان المتيقن والمشكوك فى قاعدة الاستصحاب اثنان فيسرى هذا الى نفس اليقين والشك اى يصير زمان اليقين والشك اثنين مجازا كما قال صاحب الكفاية ولعله بملاحظة اختلاف الموصوفين وسرايته الى الوصفين الخ.

قد ذكر ان الشرط فى قاعدة الاستصحاب هو اتحاد زمان اليقين والشك واما مورد الاستدلال فيدل على تعدد زمانهما هذا حاصل الاشكال.

فاجاب صاحب الكفاية ولعله بملاحظة اختلاف الزمان الخ

اى يرجى ان يكون اختلاف زمان الوصفين بملاحظة اختلاف الموصوفين وسرايته الى الوصفين لما بين اليقين والمتيقن من نحو الاتحاد وقد ذكر فى ترتيب المقدمة ان اليقين يفني فى المتيقن فيصيران شيئا واحدا ولا يخفى ان المراد من الوصفين فى عبارة هو اليقين والشك والمراد من الموصوفين هو المتيقن والمشكوك.

الحاصل ان شرط قاعدة الاستصحاب هو اتحاد زمان الوصفين اما زمان الموصوفين فهو مختلف لكن الشرط فى قاعدة اليقين هو اختلاف زمان الوصفين مع اتحاد زمان الموصوفين وقد ظهر صحة الاستدلال بالروايتين المذكورتين وايضا ظهر ان اختلاف زمان الموصوفين يسرى الى الوصفين اى يصير زمانهما اثنين مجازا وكذا يصح الاستدلال بالرواية لوضوح قوله (ع) فان الشك لا ينقض اليقين اى استدل للاستصحاب فى هذه الرواية فى موارد كثيرة فصار هذه القضية من القضايا المرتكزة فى الاذهان فى باب حجية الاستصحاب

قوله ومنها خبر الصفار عن على بن محمد القاسانى الخ.

ووجه الاستدلال بهذا الخبر من وجهين

احدهما ظهور قوله (ع) اليقين لا يدخله الشك فى ان اليقين بشىء لا يزاحمه الشك فى بقائه.

الثانى ما اشار اليه فى المتن من تفريع وجوب الصوم على رؤية هلال شهر رمضان ولا ينقض اليقين السابق اى اليقين بعدم وجوب الصوم الا برؤية هلال رمضان وبعبارة اخرى ان يوم

الشك فى انه من الشعبان او رمضان يبنى على انه من شعبان لانه متيقن فلا يرفع اليقين السابق باحتمال دخول رمضان ولو صامه بنية الشعبان ندبا أجزأ عن رمضان لو كشف الخلاف وكذا قوله عليه‌السلام صم للرؤية وافطر للرؤية فتدل هذه الرواية على ان اليقين بالشعبان لا ينقض بالشك.

ولا يخفى ان الرؤية فى هذا المقام اما أن تكون من باب السببية والموضوعية واما أن تكون من باب الطريقية فان كان الملاك للعلم فى هلال رمضان الرؤية من باب الموضوعية فاذا ثبت رؤية الهلال فى المكة المعظمة فلا يثبت حكم الرؤية فى الايران لان الموضوع للعلم هو رؤية الهلال فما ثبت فيه واما اذا كانت رؤية الهلال من باب الطريقية فلا اثر لاختلاف الافق اى يحصل العلم فى هلال رمضان فى غير مكان الرؤية ايضا بسبب رؤيته فى احد الامكنة اى فى اىّ مكان حصل العلم فى الهلال فيكفي.

بعبارة شيخنا الاستاد اگر رؤية طريقية داشته باشد براى علم پيدا كردن ثبوت هلال اختلاف افق از بين مى رود واين جور مى شود كه هرجا علم حاصل شد درست مى شود علم در ثابت شدن هلال در جاهاى ديگر ايضا همين اختلاف مذكور سبب شده از براى اختلاف مجتهدين در فتوى.

قوله وربما يقال ان مراجعة الاخبار الواردة فى يوم الشك الخ.

هذا الاشكال عن الشيخ الحر العاملي فى الوسائل حاصله ان المراد من اليقين فى القضية المذكورة ليس اليقين السابق بل

فريضة الصوم التى لا بد من كون الدخول فيها والخروج عنها بنحو اليقين اى قال الشيخ فى الوسائل ان المراد من اليقين هو اليقين اللاحق لا السابق.

فالظاهر : ان المراد من عقد الباب فى الوسائل هو ما كان بعنوان الباب الثالث قد ذكر فيه مجموع الاخبار الواردة بهذا المضمون اى على كون المراد باليقين فى الرواية هو اليقين بدخول شهر رمضان وليس المراد اليقين السابق حتى يصح الاستصحاب كما قال المصنف اين هذا من الاستصحاب الخ.

قوله ومنها قوله (ع) كل شىء طاهر حتى تعرف انه قذر الخ.

واصل النسخة هكذا كل شيء نظيف لكن لمّا كان لفظ الطاهر معروفا ذكر فى رواية وكان الرواية الاولى والثانية عن عمار وعن ابى عبد الله (ع) واما الرواية الثالثة فهى عن الكلينى وعن ابى عبد الله (ع) فهذه الروايات دالة على حجية الاستصحاب وقد ذكرت كلمة حتى فيها ومعناها انتهاء الغاية وجه دلالة هذه هذه الاخبار على الاستصحاب ان الغاية فيها انما تكون لبيان استمرار الطهارة والحلية ذكر هنا اختلاف الاقوال فى الروايات المذكورة.

الاول قول المشهور من انها دالة على قاعدة الطهارة والمراد منها هو الشك فى الطهارة والنجاسة فيحكم بالطهارة اى اذا شك فى طهارة الشيء ونجاسته حكم على طهارته وانما جعل الشارع هذه القاعدة لتسهيل الامور.

ولا يخفى ان قاعدة الطهارة تجرى فى كل من الشبهة الحكمية

والموضوعية والظاهر ان الشبهة الموضوعية محل الابتلاء للمقلدين والشبهة الحكمية محل الابتلاء للمجتهدين وقال الشارع انى أتسامح لكم فى مورد الشبهة مثلا اذا شك فى كون هذا الشيء طاهرا او نجسا حكم على طهارته بناء على قاعدة الطهارة.

فيقول المشهور ان قوله (ع) كل شىء طاهر حتى تعلم انه قذر والماء كله طاهر حتى تعلم انه نجس دالان على قاعدة الطهارة وقوله (ع) كل شيء حلال حتى تعرف انه حرام دال على قاعدة الحلية ولم تكن هذه الروايات المذكورة فى بيان قاعدة الاستصحاب ولو فرض الحالة السابقة للطهارة والحلية وكانت كلمة حتى قيدا للموضوع اى كل شيء طاهر والمراد من الطهارة فى صورة القاعدة المذكورة هى طهاره ظاهرية.

الثانى ان الروايات المذكورة تدل على قاعدة الاستصحاب فان قوله (ع) كل شيء الخ دال على استمرار الطهارة الى زمان كشف الخلاف اى تعرف قاعدة الاستصحاب من نفس الرواية لا من كلمة حتى وهذا القول الثانى عن الشيخ الطوسى.

الثالث ان الرواية المذكورة تدل على كل من القاعدة الاستصحاب والطهارة وهذا القول عن صاحب الفصول وفهم عن الرواية المذكورة قاعدتين اى الاستصحاب والطهارة لكن اشكل عليه بان يلزم استعمال لفظ واحد فى اكثر من معنى بعبارة اخرى يلزم ان يكون شيء واحد فى آن واحد ظرفا لغوا ومستقرا اى يلزم كون كلمة حتى مستعملة فى المعنيين اعنى قاعدة الاستصحاب

والطهارة وايضا يلزم كون حتى فى قوله (ع) حتى تعلم انه قذر ظرفا لغوا ومستقرا.

واما وجه لزوم ما ذكر فان كلمة حتى فى صورة قاعدة الطهارة قيد للموضوع اى كل شيء طاهر فمتعلقها هو ثابت او حاصل او نحوهما فتصير حتى ظرفا مستقرا ويصير مفاد الرواية نحو كل شيء طاهر ثابت حتى تعلم انه قذر واما بناء على الاستصحاب فيتعلق كلمة حتى على المحمول اى طاهر فتصير ظرفا لغوا فبيّن الى هنا قول صاحب الفصول والاشكال الوارد عليه من استعمال لفظ واحد فى اكثر من معنى وايضا يلزم كون حتى ظرفا لغوا ومستقرا قد مر تفصيلهما.

الرابع قول المصنف فى فوائده قد قال هناك ان الرواية المذكورة دالة على المعانى الثلاثة.

الاول ان الحكم الاولى فى الرواية الاولى والثانية هو الطهارة اى العنوان الاولى فى قوله (ع) كل شيء طاهر هو طهارة الشيء.

الثانى ان هذه الرواية تدل على قاعدة الطهارة.

الثالث انها تدل على قاعدة الاستصحاب ولم يذكر هذا القول الرابع هنا قال شيخنا الاستاد لما كان هذا القول موردا للاشكال لم يذكره فى هذا الكتاب اى الاشكال الذى ورد على صاحب الفصول من استعمال لفظ واحد فى آن واحد فى المعنيين وايضا كون كلمة حتى ظرفا لغوا ومستقرا ورد هذا الاشكال على قول المصنف ايضا.

الخامس ما يفهم من عبارة الكتاب اى يفهم من صدر الرواية قاعدة الطهارة ومن ذيلها قاعدة الاستصحاب اى هذه الرواية

دالة على لاستصحاب بالغاية اى حتى تعلم انه قذر فتدل الغاية على استمرار الحكم الواقعى ظاهرا ما لم يعلم بطرو ضده او نقيضه والمراد من النقيضين فى المقام هو الطهارة والقذارة لان الطهارة عدم القذارة فالقذارة وعدمها متناقضان وقد علم فى محله ان المتناقضين عبارة من وجود شىء وعدمه والمراد من الضدين فى المقام الحلية والحرمة لانهما شيئان وجوديان.

الحاصل ان كل شيء طاهر دال على قاعدة الطهارة وحتى تعلم انه قذر دال على قاعدة الاستصحاب لان الغاية فى المقام انما هى لبيان استمرار الحكم اى حتى تعلم انه قذر متعلق للطاهر وتكون حتى ظرفا لغوا.

قوله لا تحديد الموضوع كى يكون الحكم بهما قاعدة مضروبة

اى لم تكن الغاية قيدا للموضوع يعنى كل شيء طاهر فان كانت قيدا للموضوع صارت هذه الرواية دليلا على قاعدة الطهارة والاستصحاب وتجعل كلمة حتى ظرفا مستقرا ولغوا وقد مر تفصيل الظرف اللغو والمستقر عند بيان قول صاحب الفصول.

فظهر من عبارة الكتاب ان صدر الرواية دال على الحكم الواقعى لان اللفظ بالعنوان الاولى وضع للمفهوم مثلا وضع لفظ الماء بالعنوان الاولى للماء الطاهر وكذا قوله (ع) كل شيء طاهر وضع بالعنوان الاولى للشيء الطاهر لا مشكوك الطهارة مثلا الماء وضع بعنوانه الاولى للماء الطاهر واما بالعنوان الثانوى يستعمل فى ماء مشكوك طهارته ففى المقام يدل كل شيء طاهر على الطهارة الواقعية فصدر الرواية اى المغيا

دال على ان كل شيء بعنوانه الاولى طاهر واما الغاية اى حتى تعلم انه قذر فدالة على قاعدة الاستصحاب.

ولا يخفى ان ما ذكر من توضيح عبارة الكتاب مطابق لتقرير شيخنا الاستاد الآن يرجع الى ما يفهم من ظاهر العبارة.

قوله لا لتحديد الموضوع كى يكون الحكم بهما قاعدة مضروبة الخ.

اى الغاية فى الروايتين انما تكون لاستمرار الحكم لا تحديد الموضوع اعنى كل شيء اى لم تكن الغاية قيدا للموضوع حتى تصح قاعدة الطهارة ووجه عدم كون الغاية قيدا للموضوع ان المغيا فى هذه الروايات فى بيان الحكم للاشياء بعناوينها الاولية اى الطهارة الواقعية ولم تكن فى بيان احكام المشكوكة حتى تصح قاعدة الطهارة والظاهر ان هذه القاعدة انما تكون فى بيان الحكم الظاهرى فلم يناسب المغيّا بذيل ونفس القاعدة ولا الاستصحاب لكن الغاية تدل على قاعدة الاستصحاب فثبت ان الروايات دالة على حجية الاستصحاب.

قوله وانما يلزم لو جعلت الغاية مع كونها من حدود الموضوع وقيوده غاية لاستمرار حكمه الخ.

اى هذا اشارة الى ان الغاية لو جعلت قيدا للموضوع والحكم معا للزم استعمال اللفظ فى آن واحد فى المعنيين.

بعبارة اخرى ان الغاية لو جعلت قيدا للموضوع وكذا جعلت غاية لاستمرار الحكم للزم استعمال اللفظ فى المعنيين وايضا يلزم كون كلمة حتى ظرفا مستقرا ولغوا قد ذكر : ان هذا الاشكال

وارد على صاحب الفصول لانه جعل الغاية قيدا للموضوع اى كل شيء وايضا جعل الغاية غاية لاستمرار الحكم اى طاهر وحلال.

لكن لا يلزم الاشكال المذكور على مذهب صاحب الكفاية لان كل شيء طاهر انما يكون بيانا لحكم الاشياء بعناوينها الاولية اى كل شيء طاهر او حلال الا ما استثني كالكلب والخنزير وغيرهما واما الغاية فهى قيد للحكم اى طاهر او حلال فظهر من البيان المذكور ان المغيا فى الروايات المذكورة دالة على الحكم الواقعى واما الغاية فهى قيد للحكم الظاهرى اى طاهر او حلال فتدل على الاستصحاب.

قوله ولا يذهب عليك انه بضميمة عدم القول بالفصل الخ.

هذا جواب عن سؤال المقدر حاصله ان هذه الروايات مختصة فى باب الحل والطهارة فالاستصحاب حجة فى هذين البابين خاصة.

والجواب عنه ان هذه الروايات بضميمة عدم القول بالفصل يعم جميع الابواب اى كل من قال فى حجية الاستصحاب فى هذين البابين فهو قائل فى حجيته فى غيرهما ايضا وكل من قال بعدم حجية الاستصحاب فى غير هذين البابين فهو قائل بعدم حجيته فى هذين البابين ايضا.

فائدة قد ذكر فى عبارة لفظ الغاية والمغيّا فالشيء الذى يذكر بعد كلمة حتى او الى يسمى غاية ونفس كلمة حتى تسمّى اداة الغاية وايضا تسمّى الغاية وما يذكر قبل اداة الغاية يسمى المغيّا وكذا تكرر فى العبارة لفظ الموضوع والحكم فالمراد ما

هو فى الروايات المذكورة نحو قوله كل شىء طاهر فكل شيء موضوع وطاهر حكم وكذا قوله (ع) كل شيء حلال فكل شيء موضوع وحلال حكم قوله ثم لا يخفى ان ذيل موثقة عمار فاذا علمت فقد قذر الخ قد ذكر اختلاف الاقوال فى الروايات قال بعض انها دالة على قاعدة الطهارة وقال بعض آخر انها تحتمل الاستصحاب والطهارة واما صاحب الكفاية فقال ان صدرها دال على الحكم الاولى اى جعل الله كل شىء طاهرا الا ما استثنى كالكلب والخنزير وغيرهما فجعل بالعنوان الاولى والذاتى الطهارة : هذا ما يدل عليه صدر الرواية.

واما ذيلها فتدل على استمرار الحكم الى زمان عدم العلم بالقذارة قد ذكر : ان الرواية الاولى عن عمار وعن ابى عبد الله (ع) ويذكر اولا متنها وهو كل شىء طاهر حتى تعلم انه قذر فاذا علمت فقد قذر وما لم تعلم فليس عليك فيعلم من ذيل هذه الرواية حجية الاستصحاب قد جعل مفهوم الغاية فى ذيل هذه الرواية فى صورة المنطوق والمراد من المنطوق هو قوله (ع) فاذا علمت فقد قذر والمراد بالمفهوم وهو قوله (ع) وما لم تعلم فليس عليك فجعل هذا فى صورة المنطوق.

واما وجه جعله فى صورته فهو الاختلاف فى حجية المفهوم قد تقدم عدم حجية مفهوم الوصف والشرط وكذا اختلف فى مفهوم الغاية فلما كان المفهوم فى ذيل هذه الرواية مهمّا جعل فى صورة المنطوق.

ولا يخفى ان النزاع فى المفهوم صغروى اى البحث من وجود المفهوم وعدمه صغروى واما الكبرى اى اذا ثبت المفهوم فلا نزاع فى حجيته وكذا النزاع فى باب اجتماع الامر والنهى صغروى اى يبحث عن جواز اجتماع الامر والنهى وعدمه.

اذا عرفت ما ذكر فاعلم ان الغاية فى الرواية دالة على استمرار الحكم الى حينها والغاية هى حتى وايضا قيل حتى لانتهاء الغاية فالاضافة بيانية بعبارة شيخنا الاستاد حتى در رواية دلالت دارد كه حكم تا اينجا مى باشد مفهومش مى گويد كه بعد از حتى آن حكم مذكور نيست.

واعلم ان الشىء فى قوله (ع) كل شىء من المفاهيم العامة أى دال على التوسعة حتى يشمل الله تعالى كما يقال ان الله شىء لا كالاشياء فالموضوع فى المغيا مرسل اى كان من المفاهيم العامة لكن يصير مقيدا بعد حتى بالعلم يعنى حتى تعلم انه قذر فالظاهر ان ذيل الرواية بيان للغاية لا المغيا لان موضوع فى المغيّا مرسل لا المقيد فلا يصلح ان يكون ذيل الرواية بيانا للمغيى ولكن يصح ان يكون ذيل الرواية بيانا للغاية لما ذكر من ان الموضوع بعد حتى مقيد بالعلم فيكون ذيل الرواية متفرعا بالغاية وبيانا لها.

الحاصل ان ذيل الرواية دليل على حجية الاستصحاب فيكون مؤيدا لقول صاحب الكفاية قد ذكر ان حكم المغيا واقعى ثابت بعنوانه الاولى وايضا ذكر ان الشىء فى موضوع المغيا من المفاهيم العامة دال على الارسال فلا ربط لذيل الرواية فى المغيا بل هو بمنطوقه ومفهومه بيان للغاية قد ذكر شرح المنطوق

والمفهوم سابقا من ان المنطوق هو قوله (ع) فاذا علمت فقد قذر والمفهوم هو قوله (ع) وما لم تعلم فليس عليك.

قوله : ثم انك اذا حققت ما تلونا عليك مما هو مفاد الاخبار الخ.

قال صاحب الكفاية قد تلونا ان الروايات دالة على حجية الاستصحاب فلا حاجة الى نقل الاقوال والنقض والابرام وكذا لا فرق فى حجية الاستصحاب بالنسبة الى الحكم التكليفى والوضعى وان اختص الفاضل التونى حجيته فى الحكم الوضعى قال المصنف ولا فرق بينهما فى حجية الاستصحاب.

فيبحث هنا من جعلهما اى هل يكون كل منهما مجعولا بالجعل المستقل او كان الحكم الوضعى منتزعا عن الحكم التكليفى فيظهر الحال من كلام المصنف فى قوله فنقول وبالله الاستعانة الخ.

اى لا اشكال فى اختلاف الحكم التكليفى والوضعى مفهوما ومصداقا والظاهر ان الاحكام التكليفية خمسة اى الوجوب والندب والاباحة والحرمة والكراهة قال صاحب المعالم ان موضوع علم الفقه هو افعال المكلفين من حيث الاقتضاء والتخيير اى احكام التكليفية اقتضائى والتخييرى فثبت فى الوجوب والاستحباب الاقتضاء فى الفعل وفى الحرمة والكراهة الاقتضاء فى الترك واما التخيير اى الاباحة فلا اقتضاء فيه وانما جعلت الاباحة من الاحكام التكليفية من باب التغليب.

واما الاحكام الوضعية فهي خمسة ايضا اى المانعية والسببية والشرطية والصحة والبطلان الآن يبحث فى اتحاد واختلافهما

فيقال ان الحكم التكليفى والوضعى اختلفا مفهوما ومصداقا.

فان قيل هل يمكن اجتماع الحكم التكليفى والوضعي فيقال نعم يمكن اجتماعهما مصداقا لان بينهما من النسب اعم من وجه فمادة الاجتماع كافطار صوم شهر الرمضان من غير الموجب الشرعى فهذا الافطار حرام وسبب للكفارة ومادة الافتراق عن جانب حكم الوضعى كالزوال فانه سبب لوجوب الصلاة ومادة الافتراق عن جانب الحكم التكليفى كاتيان الصلاة الفريضة وصومها.

فثبت بمادة افتراقهما الاختلاف مصداقا وان قال المصنف لا خلاف ولا اشكال فى اختلاف التكليف والوضع مفهوما وقال ان اختلاف الحكم الوضعي والتكليفى امر بدهى.

ولا يخفى ان المصنف ادعى اختلافهما مفهوما واما فى مقام التفصيل فبيّن الاختلاف فى المصداق اى فى مقام المثال مثل بما صدق عليه المفهوم اى قال لبداهة الاختلاف بين مفهوم السببية والشرطية ومفهوم مثل ايجاب والاستحباب فان الشرطية والسببية من مصاديق الحكم الوضعي واما الايجاب والاستحباب فهما من المصاديق الحكم التكليفي.

واما مفهومهما فالتكليف من الكلفة والوضعي من الوضع اى نهادن فالمغايرة بينهما انما يكون مصداقا وان قال المصنف ان الاختلاف بين التكليف والوضع انما يكون مفهوما وايضا تقسيم الحكم الشرعي الى التكليفى والوضعى دليل على اختلافهما.

قوله وان لم يصح تقسيمه اليهما ببعض معانيه الخ.

قال المصنف ان تقسيم الحكم الشرعى الى التكليفى والوضعي دليل على اختلافهما واستدرك عن هذا بقوله وان لم يصح تقسيمه الخ توضيحه ان الحكم الشرعي يطلق على المعنيين.

احدهما خطاب الله المتعلق بافعال العباد من حيث الاقتضاء والتخيير قد ذكر هذا المعنى فى بيان تعريف الحكم التكليفى.

وثانيهما ان المراد من الاحكام الشرعية ما يصح اخذه من الشارع وانشائه له اى المراد منها هو جعل القوانين : فعلى المعنى الاول لا يصح تقسيم الحكم الشرعي الى التكليفى والوضعى لانه يلزم تقسيم الشيء الى نفسه وغيره واما على المعنى الثانى فيصح تقسيم الحكم الشرعي اليهما لانه مفهوم كلي اى اذا كان الحكم الشرعي بمعنى ما يؤخذ من الشارع بما هو شارع فهذا المعنى مفهوم كلي لذا صح تقسيمه الى الحكم التكليفى والوضعي كتقسيم الحيوان الى الناطق وغيره.

قال المصنف ويشهد على التقسيم المذكور كثرة اطلاق الحكم على الحكم الوضعي فى كلمات الفقهاء ولا طريق الى ارادته مجازا بل هذا الاطلاق حقيقي فثبت الى هنا الاختلاف بين الحكم التكليفى والوضعى.

قوله وكذا لا وقع للنزاع فى انه محصور فى امور مختصة الخ.

قال المصنف لا خلاف كما لا اشكال فى اختلاف الحكم التكليفى والوضعى مفهوما ويقول الآن انه لا موقع للنزاع فى كون الحكم الوضعى محصورا فى امور مخصوصة كالشرطية والسببية

والعلامية اى مثلا خفاء الجدران علامة على حد الترخص.

وجعل بعض من الاحكام الوضعية العزيمة والرخصة واعلم انه ليس المراد من الرخصة بمعنى الاباحة ولا العزيمة بمعنى الوجوب بل هما امر اعتبارى يترتب عليهما بعض احكام التكليفية ويظهر ذلك للمراجع فى الفقه مثلا قال الشهيد الاول قدس‌سره فى اللمعة ويسقط الاذان فى عصرى عرفه والجمعة وعشاء ليلة المزدلفة فقال الشهيد الثانى قدس‌سره لشرح ما ذكر هل هو سقوطه فى هذه المواضع رخصة فيجوز الاذان ام عزيمة فلا يشرع فعلم ان المراد من الرخصة هو الجواز والاذن والمراد من العزيمة هو عدم المشروعية فيصح كونهما من الاحكام الوضعية بالمعنيين المذكورين.

فقال المصنف ان الحكم الوضعي ليس بمحصور بل ما هو غير حكم تكليفى كله حكم وضعى ولا فرق بين دخله فى الحكم التكليفى او فى متعلقه او فى موضوعه مثلا لزوال الشمس عن وسط السماء دخل فى الحكم التكليفى اى وجوب الصلاة ومثال دخل الحكم الوضعى فى متعلق الحكم التكليفى كالشرطية والمانعية فلهما دخل فى متعلق التكليف اى الصلاة ومثال الحكم الوضعى الذى لا دخل له فى التكليف ولا فى متعلقه كما لرخصة والعزيمة : والظاهر انه لا وجه لاختصاص الحكم الوضعي فى ما ذكر ولا ثمرة المهمة للنزاع المذكور.

قوله وانما المهم فى النزاع ان الوضع كالتكليف فى انه مجعول تشريعا الخ.

اى يقول المصنف انما المهم هو صرف الكلام الى كون الحكم

الوضعى مجعولا كالحكم التكليفى ام لا وقال الشيخ فى الرسائل ان الحكم الوضعي منتزع من الحكم التكليفى مثلا حجية خبر واحد ينتزع من قوله يجب العمل به وكذا الملكية ينتزع من جواز التصرف وكذا زوجية ينتزع من جواز الوطي.

ولكن صاحب الكفاية يقول ان الاحكام الوضعية عندى على ثلاثة اقسام : الاول ما لم يكن قابلا للجعل تشريعا اصلا اى لا استقلالا ولا تبعا وان كان مجعولا تكوينا بالعرض وقال صاحب الكفاية وما عدّ من الوضع على انحاء اى قال المصنف انه ما لم يتعلق عليه الوضع لم يصح عندنا اطلاق الحكم الوضعي عليه ولكن عدّ من الوضع.

ولا يخفى انه لا يمكن وجود شىء من دون الجعل والعلة فالاشياء التكوينية والتشريعية كلها محتاج الى الجعل والعلة فالقسم الاول من الاحكام الوضعية لم يكن مجعولا بالجعل التشريعي ولكنه مجعول بالجعل التكويني ثانيا وبالعرض.

قد ذكر هنا امثلة للجعل التكويني من تقرير شيخنا الاستاد (قده) اى ذكر فى باب القطع ان حجية القطع ليست مجعولة بالجعل التكوينى بل مجعولة بالتبع وبالعرض مثلا اوجد الله تعالى لك العلم لكن جعل حجيته بالعرض اى الاراءة الى المقطوعات كانت بالعرض وبالتبع وايضا ان اللازم على الانسان ان يعرف افعاله اولا وافعاله تعالى ثانيا كما قال ابو الحسن الرضا (ع) لا يعرف ما هناك الا بما هاهنا اى لا يعرف الله تعالى الا بمعرفة الانسان نفسه.

ويذكر لتوضيح جعل بالذات وبالعرض مثال آخر نحو جعل

الاربعة والزوجية مثلا اذا قيل اجعل الاربعة فجعل شخص اربعة افراد من الفرس او البقر اى اوجد هذه الافراد فان قيل له اجعل الزوجية فيقول فى الجواب انى جعلتها ثانيا وبالعرض اى اذا جعلت الاربعة اولا وبالذات فجعلت الزوجية ثانيا وبالعرض فجعلت الاربعة فى المرتبة الاولى والزوجية فى المرتبة الثانية.

وكذا الحكم فى ما نحن فيه اى ان الحكم الوضعي مجعول تكوينا ثانيا وبالعرض مثلا اذا حصلت البرودة فى الغرفة اوجد صاحبها النار فجعل اولا بالذات النار واما جعل الحرارة فهو بالعرض وبالتبع قد ذكر المصنف بقوله اما النحو الاول فهو كالسببية والشرطية والمانعية والرافعية الخ.

اى كان البحث فى القسم الاول من اقسام الاحكام الوضعية وهو ما لا يتعلق به الجعل التشريعى اصلا اى لا استقلالا ولا تبعا ولكن كان مجعولا بالجعل التكوينى ثانيا وبالعرض.

فيبحث هنا عن الامثلة التى ذكرها المصنف ويحتاج الى تفصيل السبب والشرط وعدم المانع والرافع مثلا الزوال سبب لوجوب الصلاة وكذا البلوغ والعقل شرط له وكذا الحيض ان كان قبل الزوال فهو مانع عنه واما اذا كان بعد الزوال فهو رافع عنه اى اذا صارت المرأة حيضا بعد نصف الساعة فهو رافع عن وجوب الصلاة فيشترط عدم المانع وعدم الرافع فى وجوبها.

ولا يخفى ان السببية والشرطية الخ لم تكن قابلة للجعل التشريعى لا اولا وبالذات ولا ثانيا وبالعرض فيحتاج توضيح ما ذكر الى ترتيب مقدمة وهى ان التابع لا وجود له من دون المتبوع فلا بد من ان يتقدم المتبوع عليه وكذا لا وجود للشيء الانتزاعي

من دون منشأ الانتزاع مثلا فوقية تنتزع من السطح فلا بد من تقدمه عليها بعبارة شيخنا الاستاد كاسه از آش داغ تر نمى شود پس تابع قبل از متبوع موجود نمى شود كذا شيء انتزاعى قبل از منشأ انتزاع موجود نمى شود.

اذا عرفت هذه المقدمة فاعلم ان السببية والشرطية وعدم المانعية والرافعية من اجزاء العلة لوجوب الصلاة اى هذه الاجزاء علة للحكم التكليفى والظاهر ان العلة مقدمة على المعلول فهذه المذكورات مقدمة على الاحكام التكليفية اى هذه الاحكام الوضعية مقدمة وعلة للحكم التكليفي اعنى وجوب الصلاة مثلا فلو جعل الحكم الوضعي عن الحكم التكليفى للزم كونه مؤخرا فيلزم كون الشيء الواحد مقدما ومؤخرا هذا واضح البطلان اى الحكم الوضعي من حيث كونه علة للحكم التكليفى مقدم واما ان كان جعله من الحكم التكليفى فيلزم كونه مؤخرا فهذا بطلانه واضح كما قال صاحب الكفاية حيث إنّه لا يكاد يعقل انتزاع هذه العناوين لها من التكليف المتأخر عنها ذاتا الخ.

اى لا يعقل انتزاع هذه العناوين للاحكام الوضعية من الحكم التكليفى المتأخر عن هذه العناوين ذاتا وحدوثا وارتفاعا اى الحكم التكليفى كوجوب الصلاة متأخر عن السببية والمانعية ذاتا من حيث الحدوث فيحدث الحكم الشرعي بعد هذه المذكورات فالسببية مقدمة على الحكم الشرعي وكذا الشرطية.

واما مانعية فهى مقدمة على عدم التكليف فتكون مقدمة على نفس التكليف ايضا حفظا لاتحاد مرتبة النقضين اى التكليف وعدمه واما الرافعية فهى مقدمة على عدم التكليف بقاء فتكون مقدمة على

بقائه لما تقدم من حفظ اتحاد مرتبة النقيضين فيكون التكليف فى البقاء متأخرا عن الرافعية.

قوله كما ان اتصافها بها ليس الا لاجل ما عليها من الخصوصية الخ.

هذا الدليل الثانى لعدم جعل الحكم الوضعي بالجعل التشريعي وهو انه كل ما له دخل فى الشيء تأثيرا لا بد فيه من الخصوصية اى اذا كانت الاحكام الوضعية كالسببية ونحوها علة للحكم التكليفي فلا بد بين العلة والمعلول من الربط والسنخية والا يلزم صدور كل شيء من كل شيء اى اذا لم تشرط السنخية بين العلة والمعلول فليصدر الحرارة من الماء وكذا البرودة من النار مع عدم وجود هذا بالوجدان اى اذا لم يصدر الحرارة من الماء والبرودة من النار فهذا دال على عدم السنخية بين ما ذكر.

ولا يخفى ان الخصوصية اما جنسية واما نوعية واما شخصية فالخصوصية الجنسية مؤثرة فى الجنس والنوعية مؤثرة فى النوع والشخصية مؤثرة فى الشخص فيرجع الى ما نحن فيه اى الخصوصية التى كانت بين الدلوك ووجوب الصلاة اذا وجدت شروط اخرى كان الزوال مؤثرا فى وجوب الصلاة وكان الوجوب للسنخية التى بين الزوال ووجوب الصلاة.

وايضا السنخية قد تكون مخفية لنا وقد تكون ظاهرة لنا كالسنخية بين الحرارة والنار اى ارتباط بين الحرارة والنار ظاهر بالوجدان واما السنخية بين وجوب الصلاة والزوال مخفية لنا لكنها ثابتة بينهما فاذا ثبت السنخية بينهما فالسبب مقدم على

الحكم التكليفى وكذا السنخية مقدمة عليه فلا يكون وجوب الصلاة اذا لم تكن السنخية ولو قال الشارع الصلاة واجبة عند الزوال.

بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية اگر سنخية بين زوال ووجوب صلاة نباشد الف مرة شارع بگويد صلاة واجب است در نزد زوال اين كلام فائدة ندارد فاذا كان المقصود انشاء الحكم فلا فائدة لقوله الصلاة واجبة عند الزوال من دون السنخية بينهما واما اذا قيل ما ذكر على وجه اخبار فلا اشكال فيه.

الحاصل ان السببية والشرطية من الاجزاء العلة للتكليف فالعلة والسنخية مقدمتان على التكليف اى الحكم الوضعي مقدم على الحكم التكليفى اذا تعلق الجعل على الحكم الوضعى فلا بد تأخره من الحكم التكليفى فيلزم كون شيء واحد مؤخرا ومقدما فى آن واحد فلم يكن الحكم الوضعى مجعولا بالذات ولا بالعرض.

بعبارة اخرى ان الحكم الشرعى يجعل بالملاك اى ان كان الملاك موجودا فيحكم الشارع بوجوب الصلاة اى اذا ثبت السنخية والملاك اولا وجد الحكم التكليفى ثانيا فلم يكن الحكم الوضعي مجعولا عن الشارع لا ذاتا ولا عرضا لانه مقدم على التكليف.

قوله ومنه انقدح ايضا عدم انتزاع السببية له حقيقة من ايجاب الصلاة الخ.

اى كان الكلام فى القسم الاول من الاحكام الوضعية وايضا قال إنّه يعد من الاحكام الوضعية ولم يكن ما ذكر حقيقة منها لان الحكم الوضعى الشيء الذى ليس له التكوين فقال بعد ذلك ان

الحكم الوضعى لم يكن مجعولا شرعا لا اولا وبالذات ولا ثانيا وبالعرض.

وقد ذكر وجهان لعدم مجعوليته وايضا ذكر ان سببية دلوك انما كانت لاجل الخصوصية ولم يكن من دون هذا الخصوصية سببا لوجوب الصلاة ولو قال الشارع جعلته سببا او قال الصلاة واجبة عند الدلوك وكذا عند وجود الشرط وعدم المانع وعدم الرافع اى لا بد من وجود الخصوصية عند تكليف الشارع بعد وجود ما ذكر فان لم تكن هذه الخصوصية ويقول الشارع الصلاة واجبة عند دلوك اى الدلوك سبب لوجوب الصلاة فهذا مجاز.

ولا يخفى ان ما ذكر من تفصيل بين العلة والمعلول تكرار للدرس السابق تبعا لشيخنا الاستاد الآن يشرع فى شرح

قوله ومنه قد انقدح ايضا الخ.

قد علم ان الدلوك لم يكن مجعولا شرعا لانه مع وجود الخصوصية مقدم على وجوب الصلاة فيظهر من هذا عدم انتزاع السببية للدلوك من ايجاب الصلاة تبعا اى اذا اوجب الشارع الصلاة عند دلوك فلم ينتزع السببية للدلوك من ايجاب الصلاة حقيقة.

واما اتصاف الدلوك بالسببية مجازا فلا بأس به لان باب المجاز اوسع وجه اتصاف الدلوك بالسببية مجازا ان وجود السببية له عند ايجاب الصلاة تنبيه بوجود المسببات عند اسبابها من باب الملازمة فيصح مجازا اتصاف الدلوك بالسببية والا ففي الحقيقة يكون كلا الامرين معلولين عن الخصوصية اى لم يكن

الدلوك علة وسببا حقيقة لوجوب الصلاة لان العلة حقيقة لسببية الدلوك وايجاب الصلاة هى الخصوصية الموجودة.

وقال شيخنا الاستاد ان انتزاع سببية الدلوك من ايجاب الصلاة يتصور على وجهين احدهما انا لا نعلم سببية الدلوك فمن ايجاب الصلاة يحصل لنا العلم فيها فهذا الوجه صحيح.

وثانيهما ان ايجاب الصلاة سبب لسببية الدلوك فهذا لا يصح بعبارة اخرى انا سلمنا مقام الاثبات اى سلمنا بان يحصل العلم بسببية الدلوك من ايجاب الصلاة عنده ولكن لا نسلم مقام الثبوت أى لا نسلم ان ايجاب الصلاة فى الواقع سبب لسببية الدلوك.

بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية اگر بگويم اقيموا الصلاة سبب است از براى سببية دلوك هم صحيح است وهم صحيح نيست چون اگر بگويم من علم نداشتم در سببية دلوك از اقيموا الصلاة علم پيدا مى كنم كه بايد دلوك باشد اين صحيح است اگر بگويم اقيموا الصلاة در مقام ثبوت وواقع سبب است از براى سببية دلوك اين صحيح نيست.

الحاصل ان النحو الاول من الاحكام الوضعية ما لم يكن قابلا للجعل التشريعى اصلا اى لا استقلالا ولا تبعا أى لم يكن للحكم الوضعى الانشاء التشريعى وإن ثبت له الانشاء التكوينى والمراد من الانشاء التكوينى هو ايجاد الشىء والانشاء التشريعى هو جعل الشارع فثبت للسببية والشرطية الانشاء التكوينى اى ايجادهما لكن ليس لهما الجعل التشريعى لان موضعه هو الذى لم يكن فيه الجعل التكوينى فما ذكر ثبت له الجعل التكوينى.

فان سئل ان ما ذكر دال على عدم الجعل التكوينى للتشريعات

مع ان الشىء الموجود محتاج الى الجعل التكوينى فالجواب ان الجعل التشريعى فيها بمنزلة الجعل التكوينى قد ذكر دليلان لعدم الجعل التشريعى فى الحكم الوضعى الدليل الاول دال على عدم الجعل التشريعي له اولا وبالذات واما الدليل الثانى فهو دال على عدم جعل التشريعى له اصلا اى لا اولا وبالذات ولا ثانيا وبالعرض انتهى القسم الاول من الاحكام الوضعية وقد ذكر المصنف.

بقوله : نعم لا بأس باتصافه بها عناية الخ.

ولا يخفى ان اطلاق السبب على الدلوك انما يكون عناية ومجازا لان باب المجاز اوسع مثلا يعبّر الشارع عن انشاء وجوب الصلاة عند الدلوك بانه سبب لوجوب الصلاة اى يعبر عن انشاء وجوب الصلاة بان الدلوك سبب لوجوبها فكنى باحد المتلازمين فى الوجود عن الآخر مثلا الدلوك ووجوب الصلاة متلازمان فى الوجود الخارجى فيذكر احد المتلازمين اى كون الدلوك سببا ويراد المتلازم الآخر أى وجوب الصلاة عند الدلوك هذا مراد من الكناية اى يذكر اللازم ويراد منه الملزوم او بالعكس او يذكر احد المتلازمين ويراد منه المتلازم الآخر كما فى المقام.

وقد ذكر فى العبارة لفظة الوجوب والايجاب ولا يخفى انهما شىء واحد فاذا نسب الى الجاعل فيطلق له الايجاب واما اذا نسب الى المجعول فيطلق له الوجوب وايضا ذكر ان اجزاء العلة لوجوب الصلاة مثلا اربعة أى السببية والشرطية وعدم المانع وعدم الرافع ولم تكن هذه الاربعة مجعولة شرعا لا استقلالا ولا تبعا واعلم ان مقصود الجملة المذكورة ذكر فى ما سبق مفصلا واما ذكر هذا الجملة هنا فكان لتوضيح العبارة.

قوله : واما النحو الثانى فهو كالجزئية والشرطية والمانعية والقاطعية الخ.

قد ذكر ان الاحكام الوضعية على ثلاثة اقسام قد عرف القسم الاول منها مفصلا الآن يذكر القسم الثانى منها وهو ما كان الحكم الوضعى مجعولا بالجعل التشريعى تبعا وبالعرض والمراد من هذا القسم الثانى هو الجزئية والشرطية والمانعية والقاطعية الفرق بين المانع والقاطع ان المانع ما يكون مضرا بالاجزاء واما القاطع فهو مضر بالاكوان.

فكان البحث فى القسم الثانى عن الجزئية والشرطية ويحتاج توضيح هذا البحث الى ترتيب المقدمة أى قد ذكر فى المنطق ان اتصاف ذات الموضوع بوصفه وعنوانه يسمى عقد الوضع أى اتصاف ذات الموضوع بالوصف العنوانى اصطلح فى المنطق بعقد الوضع مثلا اتصاف الذات بالكتابة لا يصح من دون هذا الوصف العنوانى فبعد اتصاف الذات بالكتابة يقال الكاتب متحرك الاصابع.

اذا عرفت المقدمة فاعلم ان اتصاف الشىء بالجزئية والشرطية انما يكون بعد اتصاف الشىء بالمأمور به اى يطلق ما ذكر على المأمور به لا الماهية مثلا يطلق كون الشىء جزء او شرطا للصلاة باعتبار كونه مأمورا به مثلا اذا امر باتيان الصلاة المقيدة أى اذا امر بالشىء المقيد انتزع عن هذا الجزئية او الشرطية والفرق بينهما انه اذا دخل القيد والمقيد فى المأمور به فهو المسمى بالجزء واما اذا دخل المقيد فى المأمور به دون القيد كالامر بالصلاة المقيدة بالطهارة فهو المسمى بالشرط لان الطهارة

خارجة عن الصلاة وكذا تقييد الصلاة بعدم المانع والرافع مثلا وجوب الصلاة على النساء مقيد بعدم كونها حائضا فان الحيض ان وجد قبل وقت الصلاة فيسمى مانعا وان وجد بعد دخول وقت الصلاة فيسمى رافعا.

الحاصل ان الجزئية والشرطية لا تكونان الا بعد الامر بالمركب أى لا يحصل هذا العنوان من دون الامر ولا يخفى ان اطلاق الكل والجزء انما يصح بعد تركب ولا يصح اطلاق الجزء على الشىء قبله وكذا لا يصح عنوان المأمور به الا بعد الامر اى اذا وجد الامر على المركب صدق على اجزاء المركب عنوان المأمور به فالجزئية والشرطية انما تكونان مجعولتين ثانيا وبالتبع اى لا يكاد يتصف شىء بكونه جزءا او شرطا للمأمور به الا بملاحظة الامر بما يشمل عليه مقيدا بشىء آخر أى يلاحظ ان الامر بالشىء مقيدا شامل لشيء آخر كالجزء والشرط فكان ما ذكر مجعولا عن عنوان المأمور به أى الاحكام الوضعية كالجزئية والشرطية مجعولة ثانيا وبالتبع عن عنوان المأمور به.

قوله : وجعل الماهية واجزائها ليس الا لتصور ما فيه المصلحة الخ.

هذا اشارة الى الجواب عن السؤال المقدر تقديره انكم تقولون ان الجزئية لم تكن مجعولة من دون الامر فما تقولون فى جعل الماهية أى جعل الماهية يكفى فى جعل الجزئية والشرطية فلا نحتاج الى الامر.

والجواب عنه ان المراد من جعل الماهية هو تصور الشارع

المصلحة والمفسدة واما كون الشيء جزء او شرطا لا يصح من دون الامر وان صح الاتصاف الجزئية والشرطية للمتصور فى الواقع او اتصف بالجزئية والشرطية لذى المصلحة لكن هذا لا يفيد فى جعل الجزئية والشرطية بل جعلهما محتاج الى الامر.

قوله : واما النحو الثالث فهو كالحجية والقضاوة والولاية الخ.

قد ذكر ان الاحكام الوضعية على ثلاثة اقسام القسم الاول ما يعد من الاحكام الوضعية اى حسب منها وان لم يكن منها لانه مجعول بالجعل التكوينى والاحكام الشرعية لم تكن مجعولة بهذا الجعل أى هذا القسم من الاحكام الوضعية لم يكن مجعولا بالجعل التشريعي اصلا اى لا استقلالا ولا تبعا.

وأيضا ذكر ان القسم الثانى من الاحكام الوضعية ما كان مجعولا بالتبع اى ذكر اما النحو الثانى فهو كالجزئية والشرطية والمانعية والقاطعية وهذه المذكورات مجعولة بالجعل التشريعي تبعا أى يوجد عنوان الجزئية والشرطية الخ بعد عنوان المأمور به قد مر تفصيله.

الآن يبحث من القسم الثالث فيقال ان الاحكام الوضعية موضوع للاحكام التكليفية اذا كان الامر كذلك فتصير مجعولة تبعا توضيحه مثلا ان الزوجية شىء انتزاعى فهى موضوع للحكم التكليفي كجواز الوطى ووجوب النفقة وكذا الملكية فهى موضوع لجواز التصرف كالاكل والبيع والهبة وغيرها وكذا الحجية فهى موضوع لجواز العمل بالخبر الواحد وكذا القضاوة فهى موضوع لوجوب الاطاعة وكذا العتاق والطلاق فانهما من الاحكام الوضعية

وكانا موضوعا للحكم التكليفي فالطلاق موضوع لجواز تزويج المرأة لشخص آخر وكذا العتاق موضوع لجواز التصرف والمالكية فى المال أى بعد العتق وجد جواز التصرف والمالكية.

الحاصل ان القسم الثالث من الاحكام الوضعية الاعتبارية وهو موضوع للاحكام التكليفية فهل يكون هذا القسم الثالث مجعول بالتبع او بالاستقلال قال الشيخ (قدس‌سره) ان هذا القسم من الاحكام الوضعية مجعول بالتبع مثلا الملكية تنتزع عن جواز التصرف وكذا القضاوة تنتزع عن انفاذ حكم الشخص ووجوب العمل بقوله وكذا ينتزع عن جواز تصرف الاب فى مال الاولاد الصغار الولاية.

واما صاحب الكفاية (قدس‌سره) فلا يقبل هذا فقال اولا وان كانت من الممكن انتزاعها من الاحكام التكليفية الخ.

أى هذه الاحكام الوضعية يمكن انتزاعها من الاحكام التكليفية ويمكن أن تكون هذه الاحكام الوضعية مجعولة بنفسها.

فيبحث اولا ان المراد من الامكان ما هو والجواب ان المراد من الامكان هو الامكان الاحتمالى لا الامكان الذى هو بمعنى الجواز وكذا كان الامكان بمعنى الاحتمال فى قوله كلما قرع سمعك فذره بقعة الامكان اى فذره فى بقعة الاحتمال العقلى وكذا فى المقام ان المراد من الامكان هو الامكان الاحتمالى أى يحتمل عقلا انتزاع المذكورات من الاحكام التكليفية.

فلا يصح فى المقام ان يكون الامكان بمعنى الجواز للزوم التناقض فى قول المصنف اى ان كان المراد فى المقام من الامكان الجواز فهذا مستلزم للتناقض فى قوله بان يقول أاو لا يمكن اى يجوز

انتزاع ما ذكر من الاحكام التكليفية ويقول ثانيا يمتنع انتزاع هذه المذكورات من الحكم التكليفي فهذا تناقض واضح واما ان كان الامكان بمعنى الاحتمال فلا يلزم التناقض فى قوله.

فقال المصنف او لا يحتمل انتزاع الاحكام الوضعية من الاحكام التكليفية لكن يقول بعد هذا انه يمتنع انتزاع الاحكام الوضعية من الاحكام التكليفية بالادلة الثلاثة.

الدليل الاول ان الحكم الوضعي موضوع للحكم التكليفي فالموضوع مقدم رتبة على المحمول فالحكم الوضعي مقدم على التكليفي فلا يصح انتزاع الشيء المتقدم من المتأخر.

الدليل الثانى ان الاحكام الوضعية مجعولة بالاستقلال من مجرد جعله تعالى او من بيده الامر من قبله وهو النبي والائمة عليهم‌السلام اى يجعل فى الموارد الكثيرة الحكم الوضعي من دون لحاظ الحكم التكليفي مثلا اذا قال شخص ملكت فينتزع منه الملكية واما الآثار والاحكام التكليفية فلم تلاحظ قط وكذا الحكم فى مسئلة الزوجية والطلاق والعتاق فالمقصود فى كلها هو الاحكام الوضعية اى تنتزع هذه المذكورات بمجرد العقد او الايقاع ممن بيده الاختيار ولا تلاحظ الاحكام التكليفية فيها.

الدليل الثالث لو كان الحكم الوضعي منتزعا من الحكم التكليفي للزم ان لا يقع ما قصد ويقع ما لم يقصد اى يلزم ان يكون المقصود غير واقع والواقع غير مقصود اذ المقصود هو الحكم الوضعي كالملكية والزوجية هذا لم يقع واما جواز التصرف وجواز الوطى فهذا وقع وان لم يكن مقصودا.

توضيح ما ذكر ان الحكم الوضعي ان كان منتزعا من الحكم التكليفي مثلا انتزع الملكية من جواز التصرف فيقع جواز التصرف اى الحكم التكليفي لانه منشأ الانتزاع فهذا مع أنّه لم يكن مقصودا وقع ولكن الحكم الوضعي كالملكية فى المثال المذكور فلم يقع مثلا جواز التصرف وجد اولا واما الملكية فلم توجد بعد فيلزم تخلف قاعدة تبعية العقود للقصود لان المقصود من ملكت او بعت هو الملكية فلم يقع واما الحكم التكليفي اى جواز التصرف فهو وقع ولم يكن مقصودا فهذا مخالفة القاعدة المشهورة اى قاعدة تبعية العقود للقصود فانقدح من البيان المذكور ان الامور الاعتبارية انما تكون مجعولة بنفسها بالجعل الاستقلالى وقال المصنف كما لا ينبغى ان يشك فى عدم انتزاعها عن مجرد التكليف الخ.

هذا ايضا دليل لعدم انتزاع الحكم الوضعي من الحكم التكليفي ووجه الاستدلال ان الحكم التكليفي يوجد فى اكثر الموارد ولا ينتزع الحكم الوضعي منه مثلا يوجد إباحة التصرف من دون الملكية فى نحو تصرف الولي فى مال المجنون اى الشخص المجنون ممنوع التصرف فى ماله لكن جاز التصرف فى ماله للاب والجد مع عدم الملكية لهما فى مال المجنون وكذا الحكم فى صورة إباحة الطعام لشخص فيوجد جواز التصرف من دون الملكية وكذا يوجد الحكم التكليفي من دون الحكم الوضعي فى نحو تحليل المولى امته للغير فيجوز الوطي من دون الملكية.

فلا ينتزع فى اكثر الموارد الحكم الوضعي من الحكم التكليفي اى لا ينتزع فى الموارد المذكورة الملكية من إباحة التصرف وإن

ثبت بنحو الموجبة الجزئية انتزاع الحكم الوضعي من الحكم التكليفي لكنها لا تفيد فى مقام الاستدلال قد تمت هنا الاستدلال بالادلة الثلاثة على عدم انتزاع الحكم الوضعي من الحكم التكليفي بل ثبت ان الحكم الوضعي مجعول بنفسه بمجرد انشائه اى انما يكون ايجاد الامور الاعتبارية بنفس الانشاء.

الحاصل ان الامور الاعتبارية تنتزع ممن بيده الاعتبار اى الله تعالى وكذا يصح الاعتبار من المخلوق مثلا يجعل الاعتبار فى يد شخص بالتوكيل فى اجراء عقد النكاح ومثلا قوله تعالى الزكاة للفقراء والمساكين فجعل هنا الملكية واما المالك فى هذا النحو فهو الجهة وكذا المالك فى باب الخمس فهو جهة ايضا.

ولا يخفى ان الحكم الوضعي اما ابتدائى واما امضائى فالتشريعيات اكثرها امضائي فالبيع والشراء امضائي فالجعل انما يكون من الله تعالى بنحو التأسيس او الامضاء ولكن لا يتعلق الامضاء على كل افعالنا مثلا لا يتعلق على البيع الربوى بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية تمام كارهاى پرت وپلا وچرندوپرند شما را شارع امضاء نمى كند.

قوله وهم ودفع اما الوهم فهو ان الملكية كيف جعلت من الاعتبارات الخ.

اما الوهم فيقال ان الملكية من الاعراض التسعة فكيف جعلت من الامور الاعتبارية قد ذكر فى محله ان الملكية انما تكون من المحمولات بالضميمة.

واما الامور الاعتبارية فانما تكون خارج المحمول والفرق

بينهما اى بين خارج المحمول والمحمول بالضميمة ان كليهما خارجان من حقيقة ذات الموضوع اى المحمول بالضميمة ايضا خارج عن ذات الموضوع نحو زيد ضاحك فالضاحك خارج عن حقيقة ذات زيد فالمحمول بالضميمة عبارة اخرى عن حمل العرض.

واما خارج المحمول فهو حمل العرض ايضا لكن فرق بينهما وهو ان العرض فى المحمول بالضميمة موجود فى الخارج مثلا الضاحك موجود فى الخارج وكذا الابيض واما العرض فى الخارج المحمول لم يكن موجودا فى الخارج مثلا الزوجية لم تكن موجودة فى الخارج وكذا الكلية والجزئية.

الحاصل ان الملكية لم تكن قابلة للجعل والاعتبار لانها من الخارجيات وقابل الجعل هو الشيء الاعتبارى فالملكية لم تكن قابلة للجعل اصلا اى لا استقلالا ولا تبعا وهذا الذى ذكر تفصيل للوهم.

قوله واما لدفع فهو ان الملك يقال بالاشتراك على ذلك الخ.

الكلام فى دفع الوهم قد ذكر توضيح الوهم وذكر المصنف ان القسم الثالث من الاحكام الوضعية قابل للجعل الاستقلالي وهذا كالملكية والقضاوة والولاية فالاشكال وارد على الملكية فقط اى ان الملكية من المحمولات بالضميمة لم تكن قابلة للجعل.

واما جواب ودفع الاشكال فان هذا الوهم من المغالطات قد ذكر فى المنطق ان المغالطات ثلاثة عشر قسما اى تنقسم الى اللفظية والمعنوية فالاولى ستة اقسام والثانية سبعة اقسام فمن

المغالطات استعمال اللفظ المشترك من دون القرينة مثلا مختار قد يكون اسما للشخص هذا لا اعلال فيه وقد يكون مع الاعلال فهذا مشترك لفظى بين المختير بكسر العين اى اسم فاعل وبين المختير بفتح العين اى اسم مفعول وكذا فى المقام فان الملك مشترك بين اربعة معان.

الاول الهيئة حاصلة من التعمم والتقمص والتنعل فهذه الهيئة حاصلة بسبب كون جسم فى محيط بحيث ينتقل المحيط بانتقال المحاط مثلا العباء محيط وانت محاط عليه وكذا العمامة محيط والشخص الذى لبسها محاط عليه ولا فرق بين كون المحيط على تمام الجسم او على بعضه فتسمى هذه الهيئة عند اهل المعقول الملك والجدة وله فيحصل هذا الملك عن انتقال المحيط بانتقال محاط عليه اى اذا حصل النقل لك حصل للعباء والعمامة والملكية بهذا المعنى من المحمولات بالضميمة لان لها ما يحاذيها فى الخارج وقد ذكر ان هذا الملك موجود فى الخارج فلم يكن من الامور الاعتبارية.

الثانى الاضافة الاشراقية اى يكون وجود المضاف بالمضاف اليه كاضافة العالم الى الله اى وجوده عن الله تعالى فكان له تعالى الاضافة الاشراقية لكل الموجودات اى أعطى الله تعالى الوجود لها.

قال شيخنا الاستاد تتصور الاضافية الاشراقية لنا ايضا كايجاد الكلام اضافة اشراقية لنا بان يكون وجوده عنا وكذا الخياليات مثلا بعض يتخيل كونه سلطانا هذا اضافة اشراقية فظهر مما ذكر ان العالم ملك له تعالى لاستناد وجوده الى الله تعالى وهذه الملكية من مقولة الاضافة الاشراقية.

الثالث الاضافة المقولية اى القسم الثالث من معانى الملك وهذا القسم من الملك يحصل من التصرف مثلا الفرس لمن ركبه وكذا الدار ملك لمن كان ساكنا فيها وكذا يحصل الملكية باحياء الموات وحيازة المباحات.

الرابع من معانى الملك ما ينشأ بقوله بعت او ملكت او وهبت وهذا القسم من الاضافة المقولية ايضا فالملكية التى حصلت بهذه الاضافة اما حقيقية واما اعتبارية فان حصلت من التصرف فهى حقيقية وان حصلت من الانشاء فهى اعتبارية.

ولا يخفى ان الملكية الاضافية كانت بالاسباب المختلفة كبعت او ملكت او وهبت فالسبب الاول هو اعتبارى وقال بعض السبب الاول للملكية هو الحيازة كملكية آدم عليه‌السلام وايضا تنشأ الملكية من سبب غير اختيارى كالموت الموجب لملكية الوارث لما تركه الميت.

الحاصل ان الملك على ثلاثة معان الاول ما يكون من مقولات تسع قد ذكر ان يسمى هذا القسم الملك والجدة وله وكان هذا القسم من المحمولات بالضميمة ولا يخفى ان الاعراض التسعة كلها من المحمولات بالضميمة قد ذكر الفرق بين الخارج المحمول والمحمول بالضميمة من ان كلاهما خارجان عن ذات الموضوع لكن فى المحمول بالضميمة يضم العرض مع المعروضات.

واما وجه التسمية مع كون هذا المحمول ايضا خارج عن ذات الموضوع فانه لا يلزم الاطراد فى التسمية مثلا يسمى شخص بنته الجميلة مع فقد الجمال منها وكان شخص آخر بالعكس فالمحمول بالضميمة من الخارجيات ولم يكن قابلا للجعل والانتزاع.

ويذكر هنا اقسام العرض من باب الكلام يجر الكلام من تقرير شيخنا الاستاد فان الاعراض من الاضافات ولكن تكرر النسبة فى بعضها كالابوة فتسمى نسبة مكررة اى نسبتك الى الابن ونسبته اليك ولا يخفى ان هذه الاضافة حقيقية وايضا النسبة موجودة فى المقولات التسع ولكن ليست مكررة.

قاعدة ليس اثنان من الاعراض التسعة من الامور النسبية وهما الكم والكيف وسبعة منها من الاعراض النسبية مثلا اين نسبة فى المكان ومتى نسبة فى الزمان ولكن واحد منها نسبة مكررة كالابوة والبنوة وقد كان بحث الاعراض هنا تبعا لشيخنا الاستاد وايضا كان ذكر هذا البحث لتوسعة الاذهان.

الثانى الاضافة الاشراقية اى كون الملكية من الاضافة الاشراقية قد ذكر شرحها من ان المراد منها وجود المضاف بالمضاف اليه اى وجود الشيء عن الله اضافة اشراقية وكذا وجود الشيء بيدك ايضا اضافة اشراقية.

الثالث ما يحصل باعتبار كقولك بعت او وهبت فيبحث ان حصول الملك هنا هل يكون بالانشاء او يكون باللفظ فاعلم ان الملك بالمعنى الاول والثانى خارج عن محل البحث وانما يكون محلا للبحث بالمعنى الثالث اى ما يحصل بالانشاء بقولك بعت او وهبت فهذا القسم من الملكية قابل للانتزاع بالاستقلال قد ذكر ان هذا قسم من الاضافات المقولية واما القسم الآخر منها فما يحصل بالتصرف والاستعمال نحو حدوث الملكية باحياء الموات وحيازة المباحات.

قوله فيكون شىء ملكا لاحد بمعنى ولآخر بالمعنى الآخر.

قد ذكر ان الملك مشترك بين معان وواحد منها من المقولات التسع ولم يكن اعتباريا واما باقى المعانى فهو من الامور الاعتبارية والاضافية.

فيمكن ان يكون شىء ملكا لاحد بمعنى ولآخر بالمعنى الآخر مثلا اذا اشتريت فرسا وغصبه الشخص الآخر فهذا الفرس ملك لك بالشراء وملك للغاصب بالتصرف وكذا العباء ملك لك واخذه الشخص الآخر جبرا وظلما وكذا العمامة اذا اخذه الظالم فانهما ملك للغاصب بالجدة لانهما محيطان له واذا اخذ الغاصب الفرس فيكون ملكا لك واقعا وملكا للغاصب بالتصرف وملكا لله تعالى بالاضافة الاشراقية الحاصل ان الملك مشترك بين معان.

الاول ما يكون من مقولات التسع ويسمى هذا القسم الملك والجدة وله.

الثانى الاضافة فهى على ثلاثة اقسام : الاولى الاضافة الاشراقية : الثانية الاضافة المقولية بالتصرف : الثالثة الاضافة المقولية بالاعتبار نحو بعت هذا بهذا فالقسم الاول لم يكن مجعولا والقسم الثانى مجعول بالتبع والقسم الثالث مجعول بالاستقلال وهو كالحجية والقضاوة والولاية والنيابة والملكية ولا يخفى ان الملكية بالمعنى الثالث قابلة للجعل بالاستقلال.

قوله : اذا عرفت اختلاف الوضع فى الجعل الخ.

أى اذا عرفت ان قسما من الحكم الوضعي غير قابل الجعل

الشرعي اصلا أى لا اصالة ولا تبعا فلا مجال للاستصحاب فى القسم الاول من الاحكام الوضعية لان شرط المستصحب ان يكون حكما شرعيا او موضوعا ذا اثر شرعى واما هذا القسم من الحكم الوضعي فليس كذلك مثلا ان نحو السببية والشرطية ليس حكما شرعيا ولا موضوعا ذا اثر شرعى فلا يصح الاستصحاب فى هذا القسم من الحكم الوضعي وقد ذكر سابقا ان السببية وشرطية من اجزاء العلة لوجوب الصلاة وكذا عدم المانع فلا بد بين العلة والمعلول من السنخية والخصوصية وذكر ان الدلوك ذا خصوصية لذا جعلت الصلاة واجبة عنده لكن هذه الخصوصية مخفية عندك والظاهر انها لم تكن حكما شرعيا.

فان قلت ان هذه الخصوصية ذات اثر شرعى اى وجوب الصلاة مترتب عليها قلت سلمنا هذا لكن يشترط فى باب الاستصحاب بان يكون ترتب هذا الاثر الشرعي على المستصحب شرعيا.

واما فى المقام فلم يكن ترتب وجوب الصلاة على تلك الخصوصية شرعيا لان المقام كترتب المعلول على العلة عقلى أى يحكم العقل على ترتب المعلول على العلة وترتب المشروط على الشرط وترتب المسبب على السبب.

فظهر ان ترتب وجوب الصلاة على الخصوصية المذكورة عقلى فلم يصح الاستصحاب فى القسم الاول من الحكم الوضعي.

واما القسم الثانى من الاحكام الوضعية فهو ما كان مجعولا بالتبع أى اذا كان شىء جزء او شرطا للمأمور به فيصح استصحابه فكان القسم الثانى من الاحكام الوضعية مجعولا بالتبع اى استصحاب هذا المجعول صحيح لان امر وضعه ورفعه بيد الشارع وان لا يسمى

حكما تكليفيا فكونه مجعولا بالتبع كاف فى صحة الاستصحاب.

لكن يرد الاشكال فيه بان الجزء موجود فى ضمن الكل والامر انما يتعلق على الكل فهو المستصحب اى وان صح استصحاب هذا الجزء المجعول بالتبع الا انه لا تصل النوبة الى جريانه فيه لوجود اصل الحاكم وهو استصحاب الكل أى الحكم التكليفي.

وقد ذكر فى باب الاقل والاكثر انه يستصحب عدم وجوب الاكثر واشكل عليه بانه يعارض باستصحاب عدم وجوب الاقل فيصح استصحاب عدم الاقل لكن مع وجود الاصل السببى لا تصل النوبة الى الاصل المسببى الا اذا وجد الاشكال على الاصل السببى فيصح الاصل المسببى.

الحاصل انه اذا صح استصحاب نفس المأمور به والكل فلا تصل النوبة الى استصحاب الجزء لان الكل سبب ومنشأ الانتزاع ومع الاصل السببى فلا تصل النوبة الى الاصل المسببى وقال بعد هذا فافهم هذا اشارة الى انه لو وجد المانع على الاصل السببى بعبارة شيخنا الاستاد اگر اصل سببى خراب شد نوبت باصل مسببى مى رسد اى ربما لا يجرى الاصل فى منشأ الانتزاع لمعارضته باصالة عدم الجزئية.

وكذا الحكم فى الاقل والاكثر اى الاصل عدم وجوب الاكثر لكن اذا كان استصحاب عدم وجوب الاقل معارضا لاستصحاب عدم وجوب الاكثر فلا تجرى اصالة عدم الاكثر.

الحاصل ان الاستصحاب يجرى فى المجعول التبعى اذا كان للاصل السببى معارضا يمنع عن جريانه مثلا اذا كان استصحاب عدم وجوب الاقل نفسيا فهو مانع عن استصحاب عدم وجوب

الاكثر فانه يجرى حينئذ استصحاب عدم جزئية المشكوك بلا مانع.

واما القسم الثالث من الاحكام الوضعية فيجرى الاستصحاب فيه لانه مجعول مستقل كالحكم التكليفي أى قد ذكر ان الحجية والقضاوة والولاية من المجعولات الشرعية بالاستقلال.

فى تنبيهات الاستصحاب

فى تنبيهات الاستصحاب قوله : ثم ان هاهنا تنبيهات الاول انه يعتبر فى الاستصحاب فعلية الشك واليقين الخ.

ولا يخفى ان الاستصحاب حجة عند المصنف مطلقا أى سواء كان الشك فى المقتضى ام الرافع واما الشيخ فقائل بالتفصيل وهو ان كان الشك فى الرافع فالاستصحاب حجة واما اذا كان الشك فى المقتضى فلم يكن حجة قد ذكر المصنف فى هذه التنبيهات احكام الاستصحاب وذكر الشيخ هذه التنبيهات فى الرسائل ولكن لم يذكر التنبيه الاول فى سلسلة التنبيهات بل ذكره قبل ادلة الاستصحاب.

والمصنف ذكرها بهذا الترتيب المذكور اى قوام الاستصحاب هو اليقين بالحدوث والشك فى البقاء واما ان كان شك فى الحدوث فهذا قاعدة اليقين لا الاستصحاب فيبحث انه هل يعتبر ان يكون اليقين والشك فعليا ام يكفى كونهما تقديريا قال المصنف انه يعتبر فى الاستصحاب فعلية الشك واليقين لانه يعلم من عنوان لسان الادلة فعليتهما أى عنوان الادلة ظاهر فى فعليتهما والمراد من الشك التقديري ان المتكلم لو التفت لشك لكن غفل فلا يكون له الشك الفعلى فلا استصحاب مع الغفلة عن الشك.

قد ذكر فروع فى الفقه مثلا يحكم بصحة صلاة من احدث ثم غفل وصلى ثم شك بعد الصلاة فى انه تطهر قبل الصلاة فصح صلاته لقاعدة الفراغ ولا يخفى ان صحة الصلاة انما تكون فى صورة احتمال الوضوء بعد الحدث.

واما فى صورة عدم احتمال الوضوء بعد الحدث فلا تصح الصلاة لان هذا الشخص متيقن فى الحدث وكذا لا تصح صلاة من التفت الى الحدث قبل الصلاة وشك فيه لاحتمال الوضوء ثم غفل وصلى لان الشك هنا فعلى فيستصحب الحدث ولا تجرى قاعدة الفراغ لان اليقين فى الحدث والشك فى الطهارة كانا قبل الصلاة ثم غفل اى كان الشك فى هذا الصورة فعليا وكان الشك فى فرض السابق تقديريا.

الحاصل انه يعتبر فى الاستصحاب ان يكون الشك واليقين فعليا قد ذكر مثال الشك التقديرى اى لو التفت لشك ومثال اليقين التقديرى مثلا كان الشخص جنبا ثم غفل صلى فعلم انه كان جنبا اى لو التفت قبل الصلاة لعلم انه محدث فظهر ان قوام الاستصحاب هو كون الشك واليقين فعليا لان موضوعات الاحكام مفروضة الوجود.

ولا يخفى ان العناوين التى اخذت فى لسان الدليل هى موضوع للاحكام مثلا لا تنقض اليقين بالشك فالمراد من اليقين والشك هو مفروض الوجود وفعلى لانهما موضوع للحكم أى لا تنقض قوله لا يقال نعم الخ قد ذكر ان الشك اذا كان تقديريا أى لم يلتفت الشخص الى شكه فصلى ثم شك فى الطهارة فصلاته

صحيحة لقاعدة الفراغ فاشكل عليه بقوله لا يقال حاصله ان الشخص كان محدثا او لا ثم شك فى الطهارة فاستصحب الحدث ويحكم على بطلان الصلاة.

فاجيب عن هذا الاشكال بقوله فانه يقال نعم الخ اى سلمنا استصحاب الحدث فى صورة التفات الى الشك قبل الصلاة واما اذا التفت الى الشك بعد الصلاة فيحكم بصحة الصلاة لقاعدة الفراع وهى مقدمة على اصالة الفساد ولا يخفى انما يحكم بصحة الصلاة مع احتمال الطهارة بعد الحدث.

قوله : الثانى انه هل يكفى فى صحة الاستصحاب الشك فى بقاء الشيء على تقدير ثبوته الخ.

ويبحث فى هذا التنبيه انه اذا لم يكن القطع بنجاسة الشيء ولكن قامت البينة عليها فشك فى طهارته فهل يصح استصحاب الطهارة وكذا اذا قام الخبر الواحد على وجوب صلاة الجمعة حال حضور الامام عليه‌السلام وشك فى زمان الغيبة فى بقائه.

فاشكل فى جريان الاستصحاب فى مثل هذا المورد بان الامارة لا تفيد اليقين بل لا تفيد الظن فضلا عن اليقين فعلى المذهب الحق كانت حجية الامارات غير العلمية من باب المنجزية والمعذرية ولا يجعل الحكم بالامارة غير العلمية أى تكون حجيتها من باب الطريقية المحضة ولا يجعل الحكم فى مقابل الامارة واما اهل السنة فهم قائلون بجعل الحكم بالامارة.

وحاصل الاشكال ان الامارة انما تكون حجة من باب الطريقية مثلا اذا دلت الامارة على نجاسة الشيء فهى حجة واذا شك فى

طهارته فلا يصح استصحاب النجاسة لعدم اليقين السابق أى الدليل دال على عدم نقض اليقين يعنى لا تنقض اليقين بالشك ففى صورة اقامة البينة على نجاسة الشيء لم يكن اليقين عليها حتى تستصحب أى فى مورد الامارة لم يكن اليقين السابق وهو شرط فى جريان الاستصحاب.

والجواب عن الاشكال بناء على تقرير شيخنا الاستاد ان المراد من اليقين فى مورد الامارات هو اليقين الطريقى اى نقطع على كون الامارة حجة عن الشارع مثلا نقطع بحجية البينة شرعا فالمراد من اليقين فى مورد الامارة هو اليقين فى حجيتها وهذا ما يستفاد من قول الشيخ فى الرسائل وكذا صاحب المعالم اى قال ان ظنية الطريق لا ينافى قطعية الحكم فسلمنا كون الطريق ظنيا ولكن حجيته قطعي اى قطعنا ان شارع جعل البينة حجة وعلمنا قول الشارع بان يعمل على طبقها فيقطع بالحكم الظاهرى بناء على العمل بالحجة.

هذا جواب الاشكال على تقرير شيخنا الاستاد لكن اشكل عليه بان امارات انما يكون حجة من باب الطريقية فلا يكون الظن بالحكم فضلا عن القطع.

والجواب عن الاشكال قد ذكر فى باب القطع من انه على خمسة اقسام الاول القطع الطريقى الثانى القطع الموضوعى وهو على اربعة اقسام : الاول يؤخذ فى الموضوع على نحو الصفتية فاما ان يكون تمام الموضوع واما ان يكون جزئه او انه مأخوذ فى الموضوع على وجه الطريقية وهو ايضا اما ان يكون تمام الموضوع واما ان يكون جزئه.

ثم من خواص القطع الطريقى قيام الامارات مقامه بنفس

دليل الاعتبار وكذا قامت الامارات مقامه اذا كان مأخوذا فى الموضوع على وجه الطريقية واما اذا كان مأخوذا فيه على وجه الصفتية فلا تقوم الامارات مقامه.

اذا عرفت ما ذكر فاعلم ان اليقين مأخوذ فى الموضوع على وجه الطريقية فيصح قيام لامارات مقامه مثلا قوله لا تنقض اليقين بالشك فالمراد من اليقين هو الحجة فالامارات المعتبرة حجة ايضا لا يجوز نقضها بالشك كما قال الشيخ فى الرسائل ان القطع على خمسة اقسام وقال ان كان مأخوذا فى الموضوع على وجه الطريقية فيجوز قيام الامارات مقامه ان ظهر من دليل الحكم او من دليل خارج اعتبار القطع على وجه الطريقية للموضوع.

توضيح ما ذكر بعبارة اخرى ان قوله لا تنقض اليقين بالشك من اى عين يشرب الماء هل يشرب الماء من العين التى يقول بها الشيخ او يشرب الماء من العين الاخرى وقد ذكر ان القطع ان اخذ فى الموضوع على وجه الطريقية فيجوز قيام الامارة مقامه ثم يصح الاستصحاب لان المراد من اليقين فى قوله لا تنقض اليقين هو الحجة اى لا تنقض الحجة فنعلم ان الشارع جعل نحو البينة والخبر الواحد حجة فيشمله لا تنقض اليقين.

فجواب الشيخ عن الاشكال على النحو المذكور سهل ولكن المصنف قائل بعدم جواز قيام الامارات مقام القطع الموضوعى ولو كان على وجه الطريقية.

واذا لم يصح الجواب المذكور عند المصنف فلا بد ان يجيب بالجواب الآخر وهو ان لا تنقض اليقين يحمل على خلاف الظاهر اى تثبت الملازمة بين ثبوت والبقاء فيبنى على البقاء وان لم يكن

اليقين على الثبوت فيثبت بلا تنقض الملازمة وان كانت دلالته على ثبوت الملازمة خلاف الظاهر اى كانت الملازمة بين ثبوت والبقاء من باب التعبد اعنى حكم الشارع على الملازمة بينهما.

بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية دو تا برادر دست بدست شده اند تا استصحاب بقاء صحيح شود اى امارات ثبوت را درست مى كند ولا تنقض اليقين ملازمة را درست مى كند بعد از آنكه درست شد ثبوت بتوسط امارة يقين بكار نيست.

واعلم ان اليقين لم يؤخذ فى موضوع الاستصحاب على النحو الصفتية بل هو مأخوذ فى الموضوع على النحو الطريقية فيصح قيام الامارات مقامه على قول الشيخ.

واما صاحب الكفاية فيقول انه لا يصح قيام الامارة مقام هذا القطع فاجاب عن الاشكال عدم جريان الاستصحاب فى صورة عدم دلالة الامارة على حكم او على موضوع ذى اثر ـ بالجواب الآخر اى فلا بد منه يعنى حمل لا تنقض على خلاف الظاهر والمراد منه ان جملة لا تنقض اليقين تصح الملازمة بين ثبوت الشيء وبقائه ففى صورة الشك فى البقاء يبنى عليه.

قد ذكر فى السابق ان الامارة دالة على ثبوت الحكم او الموضوع وجملة لا تنقض تدل على الملازمة بين الحدوث والبقاء اى اذا شك فى البقاء فيستصحب ولا يخفى ان الحدوث يجيء من جهة الامارات فلا يشترط فيه اليقين لان الامارات حجة بجعل الشارع فهى كافية فى الحدوث.

فائدة الملازمة على القسمين اى العقلية والشرعية مثلا ان كانت الشمس طالعة فالنهار موجود فالملازمة فى هذا المثال بين

طلوع الشمس ووجود النهار عقلية ومثال الملازمة الشرعية نحو ان سافرت فقصر فالملازمة بين المسافرة ووجوب قصر الصلاة والصوم شرعية ولا يخفى انه لا يشترط فى باب التلازم ثبوت المتلازمين اذ قد يكون الملازمة بين الممتنعين نحو ان كانت الارض فوقنا فكان السماء تحتنا فهذا المثال وان كان ذاتا ممتنعا ولكن يصح من باب الفرض والتقدير.

اذا عرفت ان التلازم على قسمين فاعلم ان الملازمة بين الحدوث والبقاء انما تكون تعبدية اى قال الشارع ان الملازمة ثابتة بين الثبوت والبقاء ولا يخفى انه اذا كانت الملازمة من باب الفرض فلم يعتبر اليقين فى الثبوت بل يقول الشارع ان فرض ثبوت الشيء باقامة الحجة فهو مستلزم لبقائه فتصح الملازمة بين الثبوت والبقاء مع عدم اليقين فى الثبوت اذا كان التعبد فى البقاء مع فرض الثبوت.

قوله ان قلت كيف وقد اخذ اليقين بالشيء الخ.

اى اشكل على استصحاب البقاء على تقدير الثبوت حاصل الاشكال ان ادلة الاستصحاب لا تشمل الثبوت التقديري لان اليقين مأخوذ فى ادلته وليس اليقين بالثبوت فى الامارات فيكف يصح استصحاب البقاء مع ان اليقين بالثبوت دخيل فى الحكم بالبقاء.

قوله قلت نعم لكن الظاهر انه اخذ كشفا عنه الخ.

هذا جواب الاشكال حاصله انه يرد الاشكال المذكور اذا اخذ اليقين فى الموضوع ولكن الظاهر ان اليقين فى اخبار الاستصحاب لم يؤخذ فى الموضوع مثلا قوله لا تنقض اليقين بالشك لم يكن اليقين موضوعا للحكم بل كان طريقا الى الواقع فحكم الشارع فى

بقاء شيء ثبت وكان ثبوته بالحجة المعتبرة

ولا يخفى ان التعبد فى البقاء انما يكون مع فرض الثبوت وان لم يكن اليقين فيه قد ذكر هذا الجواب فى السابق بعبارة اخرى اى ان لا تنقض اليقين حمل على خلاف الظاهر وهو ان المراد منه اثبات الملازمة بين الحدوث والبقاء ولو كان من باب الفرض والتقدير وقد ذكر ان الشارع حكم بالملازمة بينهما.

قوله الثالث انه لا فرق فى المتيقن السابق بين ان يكون خصوص احد الاحكام او ما يشترك بين الاثنين منها الخ.

البحث فى التنبيه الثالث من تنبيهات الاستصحاب ويبحث فى هذا التنبيه من استصحاب الكلى قد ذكر فى الموارد المتعددة ان هذا المورد من القسم الثالث من استصحاب الكلى كما سيجيء

فيبين هنا أوّلا اصل استصحاب الكلى بناء على وجود الكلى الطبيعى اى بناء على مبنى من قال ان الكلى الطبيعى موجود فى الخارج فيبحث من استصحاب الكلى فى هذه الصورة واما على مبنى من قال ان الكلى الطبيعى لم يكن موجودا فى الخارج بل افراد موجود فيه فهو خارج عن محل البحث اى اذا قلنا ان وجود الكلى الطبيعى بمعنى وجود اشخاصه اعنى ان وجود الكلى الطبيعى عين وجود اشخاصه فهذا محل البحث واما اذا قلنا ان اشخاص الكلى الطبيعى موجود لا نفسه فهو خارج عن محل البحث.

قال شيخنا الاستاد ان البحث من الوجود والعدم بحث فلسفى لا المنطقى واما اهل منطق فقد بحث ان الكلى الطبيعى موجود او لم يكن موجودا فهو من باب المناسبة اى يبحث فى المنطق من

الاقسام الكلى فيبحث فيه من وجود الكلى الطبيعى من باب المناسبة فبعد ذكر هذه الجملة المعترضة يرجع الى ما نحن فيه اى يصح استصحاب الكلى الطبيعى اذا قلنا بوجوه فى الخارج.

فلا فرق فى جريان الاستصحاب بين ان يكون المستصحب كليا او جزئيا ويعلم هذا من المتعلق المحذوف فى قوله لا تنقض اليقين بالشك اى كان اصله لا تنقض اليقين بالشيء فحذف بشىء لافادته العموم يعنى سواء كان كليا او جزئيا واذا شك فى الكلى بعد التيقن فى وجوده صح استصحابه باعتبار نفسه وفرده مثلا اسماء الاجناس وضعت للمفهوم الكلى فيصح استصحابه ولا يخفى ان اسماء الاجناس تسمّى كليا طبيعيا وتسمّى فى الادبيات اسماء الاجناس.

فثبت من البيان المذكور ان الكلى الطبيعى موجود بوجودات المتعددة اى قلنا ان وجوده عين وجود اشخاصه فتكون نسبة الكلى الطبيعى الى افراده كنسبة الآباء الى اولادها لا كنسبة اب واحد الى اولاده.

فاذا قلنا ان الكلى الطبيعى موجود صح استصحابه بعد الشك فيه لاجل الشك فى الفرد الذى كان الكلى فى ضمنه مثلا قطعنا بوجود زيد فى الدار فى يوم الجمعة ثم حصل الشك بوجوده فيها فى يوم الاحد فيشك فى وجود الكلى اى الانسان لان وجود الكلى انما يكون فى ضمن وجود الفرد فيصح استصحاب الانسان باستصحاب زيد لان وجود الكلى عين وجود فرده هذا القسم الاول من الاستصحاب الكلى فيصح هذا الاستصحاب اذا كان المستصحب ذا اثر شرعى.

ولا يخفى ان الفرد فى اغلب الموارد كان ذا اثر دون الكلى مثلا يقال ان زيدا نابغة الدهر فلا يلزم ان يكون كل الانسان نابغة الدهر اى لا يصح ان يقال ان كل ما يصح على الفرد يصح على الكلى ولكن العكس صحيح اى كل ما يصح على الكلى يصح على الفرد هذه القاعدة قاعدة كلية واذا كان الكلى ذا اثر فيصح استصحابه واستصحاب الفرد واما اذا كان الفرد ذا اثر فيستصحب هذا الفرد.

والظاهر ان المثال الذى ذكر لاستصحاب الكلى هذا مثال عرفى واما المثال الشرعي فان الشخص كان محدثا بالبول فشك فى رفع الحدث بالوضوء فيستصحب هذا الحدث الكلى وكذا اذا كان المرأة بحدث الحيض فشكت فى الغسل فيستصحب الحدث فالمستصحب فى المثالين هو الحدث الكلى.

القسم الثانى من استصحاب الكلى وهو الذى نقطع بوجود الكلى فى ضمن الفرد ولكن كان الشك فى بقاء العام من جهة تردد الخاص الذى يكون العام فى ضمنه بين الخاص الذى هو باق قطعا كالفيل فانه طويل العمر فان كان الكلى فى ضمن هذا الفرد من الحيوان فهو باق قطعا وبين الخاص الذى هو مرتفع قطعا كالبق فان كان الكلى فى ضمن هذا الفرد من الحيوان فهو لم يبق لان هذا الفرد قصير العمر.

الحاصل اذا قطنا بكون الحيوان فى الدار لكن لم نعلم ان هذا الكلى فى ضمن الفيل او البق وان كان فى ضمن الفيل فهو باق قطعا لانه طويل العمر وان كان هذا الكلى فى ضمن البق فهو مرتفع قطعا لان هذا الفرد قصير العمر هذا مثال عرفى والمثال

من الشرعيات كبلل مشتبه بين البول والمنى اى اذا خرج هذا البلل من مكلف ووضأ فهو شاك فى ارتفاع هذا الحدث اى فان كان بولا فقد ارتفع وان كان منيا فهو باق.

بعبارة اخرى ان كان حدثا أصغر فقد ارتفع بالوضوء واما ان كان حدثا أكبر فهو باق فيصح استصحاب الكلى اى الحدث فى هذا القسم الثانى واما اشكل فى المكاسب بان هذا يكون من قبيل الشك فى المقتضى فلا يكون الاستصحاب حجة فى هذا المورد.

وايضا اشكل فى القسم الثانى من استصحاب الكلى بأن وجود الكلى عين وجود اشخاصه والظاهر ان حدوث الفرد لم يكن متيقنا اى حدوث حيوان طويل العمر فى المثال المذكور كان مشكوكا فلم يكن شرط الاستصحاب فى هذا المورد موجودا.

والجواب سلمنا ان وجود الكلى عين وجود اشخاصه لكن هذا لا يضر باستصحاب الكلى لان شرائط الاستصحاب فى الكلى موجودة اى كان الاستصحاب بالنسبة الى الكلى تمام اى اليقين السابق والشك اللاحق واما اركان الاستصحاب بالنسبة الى الفرد فلم تتم لان الفرد مرتفع قطعا واما الفرد الطويل فهو مشكوك الحدوث فلا يصح استصحاب الفرد واما استصحاب الكلى فيصح لان وجود الكلى متعدد بتعدد افراده لان الكلى قابل حصص بحصص افراده ولا يعدم بعدم بعض افراده واما اركان الاستصحاب فلا تتم بالنسبة الى الافراد لعدم اليقين بحدوث الفرد الطويل واما الفرد القصير فهو مع فرض وجوده مرتفع قطعا.

قوله نعم يجب رعاية التكاليف معلومة اجمالا الخ.

قد ذكر ان استصحاب الفرد لا يصح فى صورة تردد الفرد

بين الطويل والقصير ولكن يثبت الحكم لكليهما من باب العلم الاجمالى مثلا اذا خرج بلل مشتبه بين البول والمني فيجب الوضوء والغسل وكذا بالنسبة الى التطهير اذا تنجس به الثوب فيغسل مرتين بينهما عصر فهذا الحكم ثابت للعلم الاجمالى بالتكليف فى البين ولم يكن ثبوته بالاستصحاب وتوهم كون الشك فى بقاء الكلى الذى فى ضمن ذاك المردد الخ.

هذا اشكال آخر على جريان الاستصحاب حاصله ان الشك فى بقاء الكلى وارتفاعه مسبب عن الشك فى حدوث الفرد الطويل والظاهر ان الحادث لو كان الفرد القصير لكان ارتفاع الكلى معلوما ولا شك فى بقائه واما حدوث الطويل فكان مشكوكا فيه وهو منشأ الشك فى بقاء الكلى فيجرى استصحاب عدم هذا الفرد الطويل ومع هذا الاستصحاب لا يصل النوبة الى استصحاب الكلى.

بعبارة شيخنا الاستاد ان الاصل السببى مقدم على الاصل المسببي مثلا اذا شك فى وجود الحيوان فمنشأ هذا الشك هو الشك فى وجود الفيل فتجرى اصالة عدم وجود الفيل هو اصل سببي ولا شك ان مع الاصل السببي لا تصل النوبة الى الاصل المسببي اى لا يبقى المورد لاستصحاب الكلى يعنى بعد استصحاب عدم وجود الفيل لا تصل النوبة الى استصحاب الحيوان.

الحاصل ان البق فى المثال المذكور متيقن الارتفاع واما الفيل فهو مشكوك حدوث فيستصحب عدمه فلا يبقى المورد لاستصحاب الحيوان.

قوله فاسد قطعا الخ.

هذا خبر لقوله وتوهم كون الشك فى بقاء الكلي اى اجيب

عن الاشكال بالوجوه الثلاثة الاول يمنع كون الفرد الطويل سببا لحدوث الكلي وارتفاعه حتى لا يجرى الاستصحاب فى عدم الكلى لاجل الاستصحاب فى عدم حدوث الفرد الطويل.

وبعبارة اخرى ان بقاء الكلى مسبب عن كون الحادث هو الفرد الطويل وارتفاعه عن كون الحادث هو الفرد القصير فالارتفاع موقوف على كون الحادث هو القصير وهو ليس مجرى للاصل بنفسه لعدم الحالة السابقة له لانه ليس زمان يكون فيه الحادث متصفا بكونه فى ضمن القصير يقينا ثم شك فيه حتى يستصحب بل الحادث من اول حدوثه اما فى ضمن طويل واما فى ضمن قصير.

الحاصل ان الحادث حدوثه انما يكون بالفرد الطويل واما ارتفاعه انما يكون بالفرد القصير فارتفاع القصير لا يكون سببا لارتفاع الكلى الذى كان حدوثه بالفرد الطويل واما ان قلنا بالاصل المثبت فيصح ان يكون ارتفاع القصير سببا لارتفاع الكلى اى قلنا إنّه اذا ارتفع القصير فلازمه عدم وجود الكلى لان وجود الكلى عين وجود اشخاصه.

والجواب الثانى عن الاشكال ان الاصل السببي والمسببى انما يكون بين اللازم والملزوم وليست الملازمة بين الكلى وافراده لان وجود الكلى انما هو عين وجود افراده اى لا تعدد بين الكلى واشخاصه واما اصل السببي والمسببي فيكونان المتعددين والمتغائرين فى الوجود.

واما فى المقام فالتعدد مفقود اى لم يكن الوجود الكلى مغايرة لوجود افراده ولم يكن وجوده من لوازم وجود الفرد حتى يكون

استصحابه مغنيا عن استصحاب الكلى بل الكلى موجود بعين وجود الفرد فلا تعدد بينهما مع اشتراط التعدد بين السبب والمسبب ففى المقام ليس كذلك حتى يندرج فى ضابط الاصل السببي والمسببي هذا الجواب الثانى عن الاشكال المذكور بين المصنف هذا الجواب بقوله مع ان بقاء القدر المشترك انما هو بعين بقاء الخاص الخ.

الجواب الثالث عن الاشكال المذكور انه قد ذكر فى الجواب الثانى ان الكلى لم يكن من لوازم حدوث الاشخاص واما المقصود من الجواب الثالث فمرجعه الى تسليم كون الكلى من لوازم وجود الخاص المشكوك الحدوث اى وسلمنا انه من صغريات الشك السببى والمسببى الا انه مع ذلك لا يجرى هنا الاصل السببى حتى يغنى عن جريانه فى المسبب اى الكلى وهذا لفقدان شرط الاستصحاب وهو كون المسبب من لوازم السبب شرعا واما فى المقام فترتب الكلى على الفرد عقلى حيث ان وجود الكلى من لوازم وجود الفرد عقلا لا شرعا والاصل السببى انما كان مغنيا عن الاصل المسببى اذا كان اللزوم والترتب شرعيا.

واما فى المقام فلا يغنى جريان الاصل فى الحادث الطويل عن جريانه فى الكلى لان الترتب بينهما عقلى وانما يغنى جريان الاصل فى الفرد عن جريان الاصل فى الكلى اذا كان ترتب الكلى على الفرد شرعيا.

الحاصل ان البحث كان فى القسم الثانى من استصحاب الكلى فاشكل عليه بان وجود الكلى مسبب عن وجود الفرد الذى هو سبب لوجود الكلى فاذا كان الفرد مشكوك الوجود يجرى الاصل فيه لان

اصل السببى مقدم على الاصل المسببى فلا تصل النوبة الى لاصل المسببى اى فلا يصح استصحاب الكلى وقد اجيب عن هذا الاشكال بالاجوبة الثلاثة فصح القسم الثانى من استصحاب الكلى على مذهب المصنف.

ولا يخفى انه بقى مطلب من اول التنبيه الثالث اى قال المصنف الثالث انه لا فرق فى المتيقن السابق بين ان يكون خصوص احد الاحكام او ما يشترك بين الاثنين منها الخ.

وقال الشيخ ان الكلى ان كان موجودا وشك فى الزمان الثانى فيستصحب هذا الكلى واما المصنف فعبر بالاحكام اى قال لا فرق بين ان المتيقن بين ان يكون خصوص احد الاحكام وما يشترك بين الاثنين منها.

توضيح ما ذكر ان الشك اما ان يكون فى خصوص احد الاحكام مثلا صلاة الجمعة واجبة فى حال الحضور وجد الشك فى وجوبها فى حال الغيبة واما ان يكون حكم المتيقن السابق مشتركا بين الاثنين مثلا الجواز مشترك بين الوجوب والاستحباب اى جواز الفعل مع المنع من الترك هذا واجب واما جواز الفعل وجواز الترك مع رجحان الفعل فهذا مستحب فهذا الحكم اى جواز صار مشتركا بين الاثنين.

واما ان يكون مشتركا بين الازيد اى الجواز الجامع بين ما عد الحرمة من الاحكام الخمسة مثلا الجواز امر عام مشترك بين الاربعة من الاحكام الخمسة اى اذا شك فى الجواز فى صورة الشك فى الوجوب اى الجواز مع المنع من الترك وكذا اذا شك فيه فى صورة الشك فى الاستحباب اى جواز الترك مع رجحان الفعل وكذا اذا شك

فيه فى صورة الشك فى الكراهة اى جواز الفعل مع رجحان الترك وكذا اذا شك فيه فى صورة الشك فى الاباحة اى جواز الفعل والترك.

فيستصحب الجواز اى العام الذى هو مشترك بين الاربعة من الاحكام الخمسة فى جميع الصور المذكورة فى صورة الشك فى الخاص كالوجوب والاستحباب والاباحة والكراهة.

قد ذكر هنا الاشكال عن شيخنا الاستاد وهو ان وجود الكلى الطبيعى عين وجود افراده ففى القسم الثانى من الاستصحاب الكلى لا يتم اركان الاستصحاب لان الفرد القصير متيقن الارتفاع والفرد الطويل مشكوك الحدوث فلم يكن اليقين السابق على وجود الكلى فاجيب بالجوابين احدهما ان الكلى وان كان متعددا بتعدد افراده لكن واحد عرفا والمعتبر عندنا هو الوحدة العرفية.

وثانيهما اى الجواب الثانى عن الاشكال المذكور ان الكلى انما يكون جزء الفرد مثلا زيد فرد فهو مركب من الجوهر والاعراض التسعة فالجوهر اى الانسانية ركب مع هذه الاعراض فوجد من هذا المجموع زيد فعلم ان الكلى جزء فرد لم يكن متعددا واما هذا القول فيمكن ان يشكل عليه بان الكلى اى الانسان لم يكن جزء الفرد لان الكلى هو الانسان والاعراض عارضة عليه.

ويذكر هنا قاعدة اخرى وهى ان الكلى الطبيعى لم يكن مرهون الجزئية والكلية ولكن يصدق عليه الكلى باعتبار ما كان اى يصدق فى الذهن على الكثيرين واما يصدق الكلى على الكلى الطبيعى باعتبار ما يئول اليه اى يصدق فى الخارج على زيد وعمرو وبكر الخ وكذا يصدق عليه الجزئى فى الخارج باعتبار

كونه جزء الفرد فعلم ان الكلى الطبيعى فى نفسه لم يكن مرهون الكلية والجزئية قد ذكر الى هنا قسمان من اقسام استصحاب الكلى الآن يشرع فى القسم الثالث منه.

قوله واما اذا كان الشك فى بقائه من جهة الشك فى قيام خاص آخر الخ.

وقد كان البحث فى استصحاب الكلى والظاهر انه على ثلاثة اقسام : القسم الاول اذا كان الفرد موجودا وشك فى وجوده فى الزمان الثانى فيصح الاستصحاب فى هذه الصورة اى يصح استصحاب الكلى والفرد فى هذا القسم بشرط وجود الملاك فيهما.

القسم الثانى من استصحاب الكلى ما كان الكلى فيه مشكوكا بين الطويل والقصير اى ان كان فى ضمن الطويل فهو باق واما ان كان فى ضمن الفرد القصير فهو مرتفع قطعا فيصح استصحاب الكلى فى هذا القسم ان كان ذا اثر واما استصحاب الفرد فلا يصح لان الفرد القصير متيقن الارتفاع والفرد الطويل مشكوك الحدوث فتجرى اصالة عدم الحادث.

الآن يشرع فى القسم الثالث من استصحاب الكلى وهو ما كان الكلى فى ضمن فرد الذى قد زال لكن يشك فى بقاء الكلى لمجىء فرد آخر مكانه مثلا علمنا ان زيد موجود فى الدار وخرج منها فى الوقت الثانى لكن يشك فى بقاء الكلى اى الحيوانية لمجىء عمرو مكانه فلا يكون هذا القسم مورد الاستصحاب لان فرد اليقين الحدوث خرج من الدار واما مجىء عمرو حين خروجه فهو

مشكوك والظاهر ان الشك فى حدوث الفرد هو شك فى حدوث الكلى وقد علم ان وجود الكلى هو عين وجود اشخاصه.

واعلم ان الشيخ (قدس‌سره) قسم القسم الثالث من استصحاب الكلى الى ثلاثة اقسام :

الاول ان الكلى موجود فى ضمن فرد وزال هذا الفرد فى الزمان الثانى لكن يشك بانه هل كان فرد آخر موجودا حين زوال هذا الفرد ام لا مثلا خرج زيد من الدار ولكن هل كان عمرو حين خروجه موجودا فيها ام لا.

الثانى ان زيدا خرج من الدار ولكن يشك فى مجىء عمرو حين خروجه فلا يصح الاستصحاب فى هذين القسمين.

الثالث انه كان للشيء مرتبة شديدة وزالت هذه المرتبة فى الزمان الثانى ولكن المرتبة الضعيفة باقية مثلا كان للشيء سواد شديد وزال هذا ولكن بقى السواد الضعيف فيصح استصحاب الكلى اى السواد فى هذا القسم اى يصح الاستصحاب بواسطة المرتبة الضعيفة لان كل القوى فى المرتبة الاولى ضعيف فيترقى من هذه المرتبة الضعيفة الى القوية.

واما صاحب الكفاية (قدس‌سره) قسم القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلى الى اربعة اقسام : القسم الاول والثانى منها عين ما ذكر فى بيان قول الشيخ لكن صاحب الكفاية قسم القسم الثالث الى القسمين والمراد منه انه كان للشيء مرتبة شديدة وزالت هذه المرتبة فهذا على مذهبه يتصور على القسمين : الاول ان يكون الشك فى مجىء الفرد الضعيف حين زوال الفرد القوى. الثانى : ان يكون الشك فى وجود الفرد الضعيف قبل زوال الفرد القوى.

توضيح هذين القسمين بالمثال وهو انه اذا زال الوجوب فهو مورد للشك فى بقاء الاستحباب اى يشك بعد زوال الوجوب فى بقاء ملاك الاستحباب فهذا يتصور على القسمين :

الاول يشك فى وجود ملاك الاستحباب بعد زوال الوجوب بعبارة اخرى يشك فى مجىء ملاك استحباب حين زوال الوجوب.

الثانى ان يشك فى وجود ملاكه حين زوال الوجوب فيصح استصحاب الكلى فى هذين القسمين والمراد من الكلى هو الطلب اى بعد الشك فى ملاك الاستحباب يصح استصحاب هذا الكلى لعدم الفرق بين الايجاب والاستحباب الا بالشدة والضعف اى شدة الطلب وضعفه.

والظاهر ان ايجاب والاستحباب كانا من قبيل السواد الشديد والضعيف فكان وجود السواد الضعيف بعد زوال الشديد وكذا فى المقام فان الاستحباب باق بعد زوال الوجوب.

بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية ايجاب واستحباب مثل ميزانية بالا مى رود وپايين مى آيد واما ميزانية همان ميزانية است كذا فى المقام ان الطلب شيء واحد لكن هذا الطلب فى الوجوب شديد وفى الاستحباب ضعيف بعبارة اخرى انه لم يفصل العدم فى البين اى بين الايجاب والاستحباب واما فى صورة فصل العدم بينهما فلا يصح استصحاب الكلى اى الطلب لعدم وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة.

توضيح ما ذكر انه فى صورة المذكورة لم يتخلل العدم بين الوجوب والاستحباب وقد ذكر انه لا فرق بينهما الا بالشدة والضعف والاستحباب متصل مع الايجاب فالاتصال مساوق للوحدة

والانفصال مساوق للكثرة واذا اتحد الوجوب والاستحباب لعدم الفصل بينهما ثبت وحدتهما فيصح استصحاب الكلى اى الطلب بعد زوال الوجوب لوحدة القضية المتيقنة والمشكوكة.

ان قلت اذا قلنا بقبول الانقسامات للاجزاء وبطلان جزء لا يتجزى فيلزم اشكال آخر وهو كون غير المتناهى بين المحاصرين توضيح هذا انه فهم من قولكم وحدة ايجاب والاستحباب اى اذا لم يتخلل العدم بينهما لزم اتصالهما فهو مساوق للوحدة وايضا يقال كل متصل قابل للانقسامات غير المتناهية اى يقسم او لا حسا ويقسم بعد هذا عقلا.

الحاصل ان كل متصل قابل انقسامات غير متناهية وايضا يقال ان الاتصال مساوق للوحدة فيلزم كون غير المتناهية بين المحاصرين وهذا واضح البطلان.

والجواب عن هذا الاشكال ان كون غير المتناهى بين المحاصرين انما يكون باطلا اذا كان غير المتناهى بين المحاصرين بالفعل واما اذا كان غير المتناهى بالقوة فلا يلزم البطلان.

ويذكر هنا خلاصة ما ذكر من القسم الثالث من استصحاب الكلى مفصلا اى قد ذكر ان القسم الثالث من استصحاب الكلى يتصور على قول المصنف على اربعة اقسام :

الاول ارتفع فرد وكان الكلى فى ضمنه ولكن يشك فى مجىء فرد آخر حين ارتفاعه.

الثانى قد ارتفع فرد وكان الكلى فى ضمنه ولكن يشك فى وجود فرد آخر مع هذا الفرد المرتفع.

الثالث ان المرتبة الشديدة قد ارتفعت والمرتبة الضعيفة

باقية ولكن يشك بمجيء الملاك لهذه المرتبة حين زوال المترتبة الشديدة.

الرابع ان يشك بعد زوال المرتبة الشديدة بوجود الملاك لهذه المرتبة الضعيفة قبل زوال الشديدة اى هل يكون ملاك الاستحباب موجودا فى زمان الايجاب ام لا ولا يخفى ان اتيان المثال بالايجاب والاستحباب كان على طبق كلام المصنف اى قال كما اذا شك فى الاستحباب بعد القطع بارتفاع الايجاب.

قال صاحب الكفاية لا يصح استصحاب الكلى فى كل هذه الاقسام الاربعة لعدم الاتحاد بين قضية المتيقنة والمشكوكة واما شيخنا الاستاد فقد قال إنّه يصح استصحاب الكلى فى القسم الثالث والرابع من هذه الاقسام وقد اشكل فى المتن على المصنف بقوله لا يقال ان الامر وان كان كما ذكر الخ.

حاصل هذا الاشكال انه لا فرق بين الايجاب والاستحباب الا بالشدة والضعف اى المراد من الايجاب هو الطلب الشديد والمراد من الاستحباب هو الطلب الضعيف اذا زال الايجاب بقى الاستحباب وكذا الحرمة والكراهة اذا زال الطلب الشديد اى الحرمة بقى الطلب الضعيف اى الكراهة فالايجاب والاستحباب شىء واحد وهذا الشيء الواحد اما قوى واما ضعيف فالايجاب كالسواد الشديد والاستحباب كالسواد الضعيف فاذا زال الايجاب بقي الضعيف اى الاستحباب.

فيصح استصحاب الكلى اى الطلب فانه موجود فى ضمن القوى اى الوجوب فيشك فى وجوده فى ضمن الضعيف اى الاستحباب فيستصحب هذا الكلى اى الطلب لاتحاد القضية المشكوة والمتيقنة

قد ذكر وجه اتحادهما مفصلا.

واجيب عن هذا الاشكال بقوله فانه يقال اى سلمنا ان الايجاب والاستحباب شىء واحد والفرق بينهما بالشدة والضعف ولكن هذه الوحدة انما تكون بالدقة العقلية اى يحكم العقل بالوحدة بينهما لعدم التخلل بينهما بالعدم واما فى باب الاستصحاب فالمعتبر هو الوحدة العرفية فالعرف يرى ان الايجاب والاستحباب فردان متباينان.

واعلم ان النسبة بين الوحدة العقلية والعرفية عموم من وجه ومادة الاجتماع مثلا كان زيد فى الدار فصار مجروحا فشك فى حياته فالقضية المتيقنة والمشكوكة واحدة عقلا وعرفا.

ومادة الافتراق عن جانب الوحدة العرفية مثلا كان الماء قدر كر ونقص منه مقدار قليل اى شرب منه شخص مقدار رفع العطش فهذا كر عرفا وان لم يكن كرا بالدقة العقلية لنقصه.

ومادة الافتراق عن جانب الوحدة العقلية مثلا كان الشيء اسودا ولكن نقص سواده ومال الى الاحمر فهذا واحد بالدقة العقلية ولم يكن واحدا عرفا وكذا الايجاب والاستحباب لم يكونا واحدا عرفا فاذا شك فى بقاء الطلب بعد زوال الوجوب فلم يصح استصحابه لان وجوده كان فى ضمن الوجوب الذى زال والاستحباب قضية اخرى عرفا.

الحاصل ان البحث فى التنبيه الثالث فى بيان استصحاب الكلى وقد ذكر ان استصحابه على اقسام وايضا ذكر ان القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلى قسّم الى اربعة اقسام على

مذهب المصنف ولا يصح استصحاب الكلى فى هذه الاقسام على قوله وان صح استصحاب فى القسم الثالث والرابع هذه الاقسام على مذهب شيخنا الاستاد وغيره.

ويذكر هنا الجملة المعترضة تبعا لشيخنا الاستاد اى قد ذكر ان وجود الكلى عين وجود اشخاصه قال الشيخ ابن سينا ذهبت الى المدرسة ورأيت شخصا مشغولا بالتدريس ويقول ان الكلى الطبيعى موجود بوجود افراده قال ابن سينا قلت والاحسن ان يقال ان نسبة الكلى الى افراده كنسبة الآباء الى اولادها اى كان للكلى وجودات متعددة.

قوله الرابع انه لا فرق فى المتيقن بين ان يكون من الامور القارة او التدريجية الخ.

اى وضع هذا التنبيه لدفع الاشكال حاصله ان المستصحب لم يكن قارا فى بعض الموارد فكيف يصح استصحابه.

وكذا وضع التنبيه الثانى لدفع الاشكال وحاصل هذا الاشكال قد ذكر هناك اى ذكر فى التنبيه الثانى انه قد اقامت الامارة على نجاسة الشيء ولم تكن هذه الامارة مفيدة لليقين بل لم تكن مفيدة للظن فكيف يصح استصحاب اذا شك فيها فى الزمان الثانى اى لا يصح استصحاب النجاسة لعدم اليقين السابق فيها وقد اجيب عن هذا الاشكال فى محله.

الآن يذكر الاشكال الذى فى التنبيه الرابع وهو ان المستصحب قد يكون من الامور التدريجية الغير القارة وان وجودها ينصرم فكيف يصح الاستصحاب فيها وقد ذكر فى العروة

انه اذا شك فى وجود النهار استصحب وجوده وكذا اذا شك فى وجود الليل استصحب وجوده.

وقد اشكل على الاستصحاب المذكور بان الاستصحاب انما يصح فى المورد الذى كان المستصحب من الامور القارة اى يشترط فى الاستصحاب اليقين فى البقاء السابق وليس البقاء للزمان لكونه من الامور التدريجية وقد ذكر ان الشعبان لا تنقض مع الشك فى الرمضان وكذا لا تنقض الرمضان مع الشك فى الشوال.

ولا يخفى ان الشعبان محدود وغير قار وكذا الرمضان وان النهار محدود غير قار وكذا الليل اى يكون النهار بين المبدا والمنتهى والمبدا هو المشرق والمنتهى هو المغرب فهذا نهار وكذا الليل فالمبدأ فيه هو المغرب والمنتهى هو المشرق فهذا ليل.

واعلم ان الموجودات اما قارة واما تدريجية فتوضيح الفرق بينهما ان المراد من التدريجية ما لا يمكن الاجتماع بين اجزائها فى الوجود كاللّيل والنهار فان الاجزاء فيهما لم تكن قابلة للاجتماع فى الوجود وكذا التكلم والسير فان اجزائهما لا تجتمع فى الوجود فهذه المذكورات كلها تدريجية.

واما القارة فيجتمع اجزائها فى الوجود مثل وجود الاشخاص فان وجود الشخص متوقف على اجتماع اجزائه فى الوجود مثلا اذا ذهب من عمر زيد خمسون سنة فلم يفرق فى وجود زيد واجتماع اجزائه بعبارة اخرى ان الموجودات القارة ما تجتمع فى الوجود واما الموجودات الغير القارة لا تجتمع فى الوجود

اى يفنى الجزء الاول فيجد الجزء الثانى.

وبعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية در تدريجيات جزء اول فانى مى شود جزء ديگر مى آيد مثل راه رفتن وحرف زدن وقرائت كردن در تمام اين ها جزء اول فانى مى شود جزء ثانى مى آيد وكذا جزء ثانى فانى مى شود جزء ثالث مى آيد.

فيشكل فى جريان الاستصحاب فى الامور التدريجية لعدم الشك فى البقاء بل كان اليقين على الزوال لان الجزء الاول زال والجزء البعدى مشكوك الحدوث اى لم يكن اليقين فى البين كما قال على امير المؤمنين عليه‌السلام : فاغتنم الفرصة بين العدمين : وهذا اليوم الحاضر بين العدمين لان الماضى قد مضى والمستقبل لم يجيء وكذا هذه الساعة والدقيقة كانتا بين العدمين.

ولا يخفى ان استصحاب الليل والنهار انما يكون من قبيل مفاد كان التامة لا الناقصة مثلا اذا شك فى وجود النهار استصحب وجوده او استصحب عدم وجوده فهو من قبيل مفاد ليس التامة واما استصحاب الجزء من النهار فهذا لا يصح لعدم الحالة السابقة وكذا لا يصح استصحاب عدمه.

والظاهر ان استصحاب الجزء او عدمه مفاد كان الناقصة او ليس الناقصة اى لا يصح هذا الاستصحاب لعدم الحالة السابقة لهذا الجزء المشكوك اى لم يكن اليقين السابق فى كون هذا جزء من الزمان وكذا لا يصح استصحاب عدم كون هذا جزء من الزمان لعدم الحالة السابقة اى عدم كونه جزء من الزمان لم يكن سابقا مثلا فرض وجود الجزء فى السابق وعدم كونه جزء من

النهار فهذه الحالة لم تكن فى السابق حتى تستصحب بعد الشك.

قد ذكر الى هنا الاشكال فى جريان الاستصحاب فى الامور التدريجية وايضا ذكر تعريف الامور القارة والتدريجية.

والجواب عن الاشكال ما بينه المصنف بقوله انه لا فرق فى المتيقن بين ان يكون من الامور القارة او التدريجية الخ.

اى لا فرق فى جريان الاستصحاب بين ان يكون المستصحب من الامور القارة او التدريجية بعبارة اخرى لا فرق فى المستصحب بين ان يكون زمانا او زمانيا.

والمراد من الزمان ما كان وجوده جزء فجزء بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية مراد از زمان آن است كه به قسم انطباق مى باشد يعنى خرده خرده موجود مى شود.

والمراد من الزمانى ما يكون وجوده فى الزمان فالموجودات كالحيوانات والنباتات والجمادات كلها زمانى فنحن زمانى اى الزمانى ما كان فوق الفلك ولم يكن وجوده بحركته فيكون وجودنا فوقه.

واما الزمان ما يكون وجوده بحركة الفلك اى الشمس على قول القدماء واما على قول المتأخرين من الفلاسفة فكان وجود الزمان بحركة الارض.

الحاصل ان المصنف يقول لا فرق فى جريان الاستصحاب بين الامور القارة والتدريجية فيصح استصحاب الليل والنهار لاتصال اجزائهما قد ذكر ان وجودهما انما يكون بنحو الانطباق اى خرده خرده موجود مى شود اى يجد الجزء الثانى بعد فناء

الجزء الاول وكذا يجد الجزء الثالث بعد فناء الجزء الثانى ولكن وجود الاجزاء كان بنحو الاتصال اى لم يتخلل العدم بينها.

وقد علم ان الاتصال مساوق للوحدة فيكون وجود كل الليل والنهار وجودا واحدا لاتصال اجزائهما ولم يتخلل العدم فى البين اى لم يتخلل العدم بين اجزاء يوم واحد وكذا الليلة الواحدة وما يقال ان النهار مركب من آنات وكذا الليل فهذا لا يصح لان ما ذكر من التقسيمات هى الفريضة والا كل يوم واحد من طلوع الشمس الى غروبها وايضا كل يوم واحد عرفا.

قد ذكر ان الوحدة العرفية كافية فى باب الاستصحاب مثلا اذا تكلم الخطيب ساعة فهذا التكلم كله واحد فى صورة عدم تخلل العدم فى البين واما اذا تخلل الشيء القليل قهرا او اختيارا فيصدق الوحدة عرفا مثلا اذا صدر السّرفة قهرا فى بين التكلم او شرب الخطيب الماء اختيارا فى بينه صدق على هذا التكلم الوحدة عرفا لان التخلل قليل.

فظهر مما ذكر ان الاستصحاب يصح فى الامور التدريجية ولكن الاستصحاب فى الامور التدريجية بنحو كان التامة وليس التامة مثلا اذا شك فى وجود النهار استصحب وجوده اى الوجود مفاد كان التامة وعدمه مفاد ليس التامة.

وحاصل الجواب عن الاشكال ان الامور التدريجية كانت الاجزاء فيها بنحول الاتصال وهو مساوق للوحدة حقيقة واما أن تكون وحدة الاجزاء عرفا فى صورة تخلل شىء قليل قهرا او اختيارا هذا جواب عن الاشكال اولا واجاب عنه المصنف ثانيا

بقوله مع ان الانصرام والتدرج فى الوجود فى الحركة فى الاين وغيره انما هو فى الحركة القطعية الخ.

ويحتاج تفصيل هذا الجواب الى ترتيب المقدمة والمراد منها ان الحركة على قسمين اى القطعية والتوسطية والمراد من الحركة القطعية كون الشيء متحركا وتقتضى هذه الحركة ستة امور اى المبدأ والمنتهى والمتحرك والمحرك وما فيه الحركة والزمان والمراد من المتحرك مثلا زيد اعضاء وجوارحه متحرك والمراد من ما فيه الحركة كالاين اى المكان والكم والكيف والوضع والمراد من المحرك هو حياة الشخص او القوة النامية فى مطلق الجسم النامى.

والمراد من الزمان هو مقدار الحركة وليس المراد منه الزمان الذى هو مقدم على الحركة وان كان كذلك فيلزم الاشكال المشهور وهو ان الزمان المقدم ان كان من اجزاء العلة للحركة لزم الفاصلة بين العلة والمعلول وكذا يلزم هذا الاشكال فى قولنا ان الله قديم والعالم حادث حاصل الاشكال انه يلزم الفصل بين العلة والمعلول لكون الله تعالى قديما والاشياء حادثا فكيف يصح كونه تعالى علة للاشياء.

وقال بعض فى دفع الاشكال ان الاشياء قديم والمراد هو القديم فى الزمان لا فى الذات بل الاشياء فيها حادث.

وقد ذكر ان الحركة القطعية كانت فى الاين والكم والكيف والوضع : والمراد من الحركة فى الاين اى كون الشيء فى مكان غير مكان اول مثلا اذا ذهبت الى الكوفة فمكان كل خطوة غير اخرى اى الكون الاول غير الكون الثانى اعنى هذا الكون على

حد غير حد آخر : والمراد من الحركة فى الكم مثل الفواكه فانها كانت صغيرة فصارت كبيرة : والمراد من الحركة فى الكيف ككون الفاكهة أبيض فصار أصفر وأحمر.

والمراد من الحركة فى الوضع هو نسبة بعض اجزاء الانسان الى بعض اخرى ونسبة هذه الاجزاء الى الخارج مثلا اجزاء جسم الانسان فى حال الصلاة تشغل قليل من الارض فى حال القيام وتشغل مقدار كثير من الارض فى حال الجلوس وكذا نسبة اجزاء الانسان بالنسبة الى الخارج كانت هذه الاجزاء فى حال الركوع على هيئة وفى حال السجود على هيئة اخرى وفى حال الجلوس على قسم آخر.

ولا يخفى انه تجتمع هذه الحركات الاربعة فى الفواكه اى يجتمع الحركة فى الكم والكيف والاين والوضع فى الفواكه ولا يخفى ان اجتماع الحركات الثلاثة فى الفاكهة ظاهر واما حركة فى الوضع فيه نسبة اجزائه الى الاخرى ونسبتها الى الخارج اى تشغل مقدار من المكان لكن يفرق هذا فى حال الصغر والكبر.

ولا يخفى ان الحركة توجد فى اربعة من الاعراض التسعة اى الاين والكم والكيف والوضع فلا توجد فى غير هذه الاربعة المذكورة من باقى الاعراض التسعة وكذا لا توجد فى الجوهر.

واعلم ان ما ذكر من تعريف الحركة القطعية كان من تقرير شيخنا الاستاد فلا يصح الاستصحاب فى الامور التى كانت لها الحركة القطعية لان الحركة الاولى قطعت والثانية توجد بعد انقطاع الاولى فلا يجرى الاستصحاب فى الشيء المنقطع فسلم اشكال عدم جريان الاستصحاب فيما له الحركة القطعية وقد ذكر

فى السابق ان الحركة على قسمين الاولى القطعية قد مر تعريفه.

القسم الثانى الحركة التوسطية وهى كون الشيء بين المبدا والمنتهى كالنهار مثلا فالمبدأ فيه هو المشرق والمنتهى هو المغرب فكان الحركة فى هذه الصورة قارة بين المبدا والمنتهى لان الاكوان فى هذه الحركة متصلة والاتصال مساوق مع الوحدة فلا اشكال فى جريان الاستصحاب فيما كان له الحركة التوسطية مثلا اذا شك فى وصول الشمس الى نقطة المغرب جرى الاستصحاب فى عدم وصولها اليها هذا الجواب الثانى عن الاشكال فى جريان الاستصحاب فى الامور التدريجية.

حاصله ان الاستصحاب يجرى فى الامور التدريجية اذا كانت فيها الحركة التوسطية لان هذه الامور موجودة بين المبدا والمنتهى بعبارة اخرى ان وجود كل شىء وبقائه بحسبه فالوجود التدريجى عبارة عن كونه بين المبدا والمنتهى.

الظاهر انه يقتضى من كل شىء اثره مثلا يقتضى من الجوهر وجوده ومن العرض وجوده كما ذكر فى علم النحو ان المعنى الحرفى ليس موجودا فهو صحيح اى ليس المعنى الاسمى فيه وايضا يقال ان المعنى الحرفى موجود فهو صحيح ايضا اى المعنى الحرفى موجود فيه فظهر ان كل شىء موجود بحسبه.

قوله وكذا كلما اذا كان الشك فى الامر التدريجى من جهة الشك فى انتهاء الحركة الخ.

واعلم ان الشيخ جعل محل البحث فى ثلاثة اقسام : الاول فى الموجودات القارة : الثانى فى الموجودات الغير القارة وهى على

قسمين اى الزمان والزمانى فيصح الاستصحاب فى التدريجى وغير القارة اذا شك فى انتهاء حركته.

بعبارة اخرى اذا شك فى الرافع فيصح الاستصحاب فى قطعات الزمان اى المراد من الزمان الذى كان مورد البحث فى باب الاستصحاب هو قطعاته والا نفس الزمان فهو موجود الى يوم القيامة اى لا يقع الشك فى وجود نفسه فيكون الزمان غير القارة باعتبار الآنات اى يزول الاول فيجيء الآن الثانى وهكذا الآن البعدى.

فالشيخ بحث اولا من الزمان فجعل مورد البحث الزمانى ثانيا لكن جميع الموجودات فى الحقيقة زمانى اى وان قيل ان الموجودات زمانى وغير زمانى لكن موجودات كلها زمانى الا ذات واجب الوجود فانه فوق زمان واما باقى الموجودات فكلها زمانى فالزمان زمانيته بذاته كما يقال ان وسمة الاشياء بالدهن ووسمة الدهن بنفسه وكذا زمانية الزمان بنفسه.

الحاصل ان الشيخ جعل الزمان بابا مستقلا وكذا الزمانى اى بحث بعد الزمان عن الفعل المقيد بالزمان واما المصنف فجعل الزمان والزمانى بابا واحدا ولكن جعل الزمانى بعد هذا على ثلاثة اقسام :

الاول كان الزمانى غير القارة والشك فى الرافع مثلا اذا كان الشخص مشغولا بالخطابة وشك بعد انقطاعها فى انتهائها اى هل انتهى هذه الخطابة ام سدّ الخطيب فمه فكان هذا شكا فى الرافع ويصح استصحاب وصول الخطابة الى المنتهى.

الثانى الزمانى غير القارة ايضا لكن كان الشك فى هذا

القسم فى المقتضى مثلا اذا شك فى بقاء الماء فى المنبع بعد جريانه او شك فى بقاء الدم فى الرحم بعد خروجه وسيلانه اى ان كان جريان الماء على نحو البطوء بقى شىء فى المنبع واما ان كان على نحو السريع فلم يبق فيه وكذا فى مسئلة الدم اى ان كان خروجه وسيلانه على نحو السريع فلم يبق فى الرحم شىء واما ان كان على نحو البطؤ فبقى فيه شىء وكان الشك فى هذا القسم فى المقتضى ويصح الاستصحاب فيه على مذهب صاحب الكفاية.

الثالث ان يشك فى كون الماء فى المنبع قليلا او كثيرا وان كان قليلا فيشك فى وجود ماء آخر فى المنبع وكذا يشك فى وجود دم آخر فى الرحم فيشكل جريان الاستصحاب فى هذا القسم الثالث وجه الاشكال ان الشك فيه كان فى الحدوث اى يشك فى كون الماء فى المنبع قليلا او كثيرا وايضا ان كان قليل فهل حدث فى المنبع ماء آخر او هل حدث فى الرحم دم آخر فهذا شك فى الحدوث فلم يكن موردا للاستصحاب.

فيصح الاستصحاب فى الامور القارة وغير القارة سواء كان غير القارة زمانا او زمانيا لكن الاستصحاب فى التدريجيات فى صورة اتصال اجزائها لان الاتصال مساوق مع الوحدة.

قوله ثم إنّه لا يخفى ان استصحاب بقاء الامر التدريجى الخ.

اى استصحاب امر التدريجى اما ان يكون من قبيل الاستصحاب الشخصى واما ان يكون من قبيل الاستصحاب الكلى قد علم ان الاستصحاب الكلى على ثلاثة اقسام :

الاول ما يصح فيه استصحاب الشخص والكلى مثلا اذا شك

فى القراءة اى فى القراءة السورة المعلومة فى تتميمها صح هنا استصحاب الشخص والكلى بشرط وجود الاثر فيه.

الثانى ما يصح فيه استصحاب الكلى دون الشخص مثلا ان كان الشك فى الكلى من جهة تردد السورة بين القصيرة كالقدر والجمعة والطويلة كالبقرة فلا يصح استصحاب الشخص فى هذا القسم لان السورة القصيرة متيقنة الارتفاع اما الطويلة فهى مشكوكة الحدوث لكن استصحاب الكلى هنا يصح باعتبار كونه متيقن الحدوث.

الثالث : اى القسم الثالث من الكلى فلا يصح فيه استصحاب الشخص والكلى كلاهما لان الشك فى القراءة اذا كان الشخص متيقنا باتمام سورة الحمد وكان شاكا فى الشروع فى سورة التوحيد بعد تمام الحمد فلا يصح استصحاب الكلى اى اشتغال فى القراءة لان السورة الثانية مشكوكة الحدوث والسورة الاولى تمت يقينا فيصير الكلى مشكوك الحدوث لان وجود الكلى عين وجود اشخاصه واذا شك فى وجود الفرد حصل الشك فى وجود الكلى : فلا يصح استصحاب الكلى فى هذا القسم الثالث.

فتم الى هنا استصحاب الزمان والزمانى ويشرع فى القسم الثانى اى استصحاب فعل المقيد بالزمان قد ذكر ان المصنف جعل الزمان والزمانى بابا واحدا واما الشيخ قد جعل بحث الزمان بابا مستقلا وكذا الزمانى وجعل الفعل المقيد بالزمان بابا ثالثا.

قوله : واما لفعل المقيد بالزمان فتارة يكون الشك فى حكمه الخ.

ويتصور هذا على اربعة اقسام الاول ان يكون الشك فيه ناشئا من الشك فى بقاء القيد كما اذا شك فى بقاء النهار فانه قيد للامساك فيصح فى هذا القسم استصحاب القيد والمقيد اى بقاء النهار ووجوب الامساك وهذا يصح سواء كانت الشبهة موضوعية ام حكمية مثلا اذا شك فى الغروب لاجل المانع كالغيم فهذا شبهة موضوعية.

وقد يكون هذا الشك بنحو الشبهة الحكمية كما اذا لم يعلم ان الغروب باستتار قرص او بذهاب الحمرة المشرقية هذا شبهة حكمية لان هذه الشبهة ترجع الى شبهة وجوب الامساك وعدمه اى الشيء المشتبه فى الحقيقة هو وجوب الامساك وعدم وجوبه قدتم الى هنا القسم الاول من استصحاب الفعل المقيد بالزمان.

الثانى ان يكون الشك فى الحكم مع القطع بانقضاء الزمان هذا يتصور على ثلاثة اقسام : الاول ان يكون الزمان ظرفا نحو اجلس يوم الجمعة فيصح الاستصحاب.

الثانى ان يكون الزمان قيدا للحكم وهذا ايضا يتصور على الوجهين الاول ان يكون الزمان قيدا للحكم بنحو وحدة المطلوب فكان له المدخلية فى اصل المطلوب فكان الوجوب فى المثال المذكور مقيدا بيوم الجمعة فينتفى الوجوب بعد انتفاء القيد اى بعد مضى يوم الجمعة ينتفى وجوب الجلوس فلا يصح فى هذه الصورة استصحاب الوجوب بعد انتفاء القيد.

الثانى ان يكون الزمان قيدا للحكم بنحو تعدد المطلوب فكان مدخلية الزمان فى كمال المطلوب اى يكون ذات الجلوس مطلوبة واما ايقاعه فى يوم الجمعة فهو مطلوب آخر بالنحو

الاكمل فيصح استصحاب الوجوب اى وجوب الجلوس فى المثال المذكور لانه باق والظاهر ان الموضوع فى هذه الصورة شىء واحد فهو باق بعد انتفاء القيد اى الزمان.

ولا يخفى ان القيد فى المستحبات انما كان لمدخلية فى كمال المطلوب وقد ذكر هنا شيخنا الاستاد مثالا لتوضيح كمال المطلوب ويذكر هذا المثال من باب التيمّن والتبرك مثلا من ذهب الى الكربلاء كان اصل المطلوب زيارة الحسين عليه‌السلام واما كون الزيارة مع الوضوء والغسل فهو كمال المطلوب.

وقد ذكر هنا فى الرسائل كلام من الفاضل النراقى حاصله انه اذا كان الزمان ظرفا للحكم جرى استصحابان اى احدهما وجودى والآخر عدمى اى يستصحب وجوب الفعل بعد انتفاء الزمان لانه ظرف الفعل وكذا يستصحب عدم وجوب الفعل لان الزمان فى الحقيقة قيد للموضوع فيتعارضان ويتساقطان.

فالشيخ رد كلام الفاضل ابتداء واما صاحب الكفاية فبيّن او لا توجيه كلامه اى يجرى استصحاب الوجودى والعدمى وقال ان الزمان فى الظاهر ظرف ولكن كل ظرف له مدخل فى المصلحة واقعا والا لزم كونه لغوا واذا كان الزمان دخيلا فى المصلحة فهو بمنزلة القيد لوجوب الفعل فينتفى الوجوب بعد انتفاء الزمان.

ولا يخفى ان الزمان فى لسان الدليل ظرف للفعل مثلا يقول المولى يجب الجلوس فى المسجد يوم الجمعة فالزمان ظرف للفعل فيصح استصحاب الوجودى باعتبار كون الزمان ظرفا للفعل اى يستصحب وجوب الجلوس عند انتفاء الزمان وكذا يصح الاستصحاب العدمى باعتبار كون الزمان قيدا للموضوع اى يستصحب عدم

وجوب الجلوس عند انتفاء القيد.

بعبارة اخرى ان الاستصحاب عند العرف وجودى لان الزمان ظرف للفعل فيصح استصحاب وجوب الجلوس عند مضى يوم الجمعة واما الاستصحاب عند العقل فهو عدمى لان الزمان قيد للموضوع اى ينتفى الموضوع عند انتفاء القيد فيستصحب عدم وجوب الجلوس عند انتفاء الزمان.

ففصل المصنف الى هنا كلام الفاضل النراقى تبرعا واجاب بعد هذا التوجيه بعدم صحة الاستصحابين حاصل الجواب انه قد ذكر سابقا ان النسبة بين النظر العقلى والعرفى اعم من وجه فالمعتبر فى مقام البحث هو النظر العرفى لان الخطابات الشرعية مطابقة له ولا يجوز اجتماع النظر العقلى والعرفى فى هذا المورد لانه مستلزم للتناقض اى جواز نقض اليقين وعدم جوازه يعنى استصحاب وجوب الجلوس وعدمه.

وقال المصنف لا يمكن الجمع بينهما لكمال المنافاة بينهما اى لكمال المنافاة بين النظر العرفى والعقلى لا يمكن الجمع بينهما فيقول النظر العرفى يحرم النقض لوجود اليقين السابق بوجوب الجلوس واما لنظر العقلى فيقول لا يحرم النقض لان الجلوس مقيد بزمان قد زال بزوال القيد اى الزمان وقد ذكر البحث المذكور على طبق تقرير شيخنا الاستاد الآن يبيّن عبارة الكتاب

قوله : ازاحة وهم لا يخفى ان الطهارة الحديثية والخبيثة وما يقابلها الخ.

قد ذكر ان التوهم من الفاضل النراقى فى اجتماع استصحاب

الوجودى والعدمى فى صورة كون الزمان ظرفا للفعل مثلا قال المولى يجب الجلوس فى المسجد يوم الجمعة فيتعارض هنا استصحابان على ما مر توضيح تعارضهما فى المثال المذكور ودفع هذا التوهم الشيخ وصاحب الكفاية (قدس‌سرهما) حاصل الدفع انه لا يجتمع الاستصحاب الوجودى والعدمى فى المثال المذكور لان المعتبر هو النظر العرفى قد مر تفصيله.

ولا يخفى ان الوهم كان من الفاضل النراقى (قدس‌سره) فى كون الزمان ظرفا للفعل وتذكر هنا امثلة اخرى للتعارض المذبور وقد ذكر الشيخ (قد) ثلاثة موارد والمصنف (قد) موردين ولا ربط للزمان فى هذه الموارد مثلا ان الصوم واجب فى شهر رمضان فاذا صام الشخص وعرض الحمى له وشك فى وجوب الصوم استصحب وجوبه هذا استصحاب وجودى وايضا يجرى الاستصحاب العدمى لان الصوم لم يكن مجعولا قبل شهر رمضان وصار مجعولا فيه فشك بعد عروض الحمى مجعوليته اى هل كان الصوم مجعولا فيه مع عروض المرض فيستصحب عدم مجعوليته فيتعارض الاستصحاب الوجودى والعدمى ويتساقطان ويرجع الى اصالة عدم الرافع.

والمثال الثانى من الموارد الثلاثة ما اذا خرج المذى من من المتطهر فانه يجرى فيه استصحاب الطهارة قبل خروجه واستصحاب عدم جعل الوضوء سببا للطهارة بعد المذى.

بعبارة اخرى اذا خرج المذى وشك فى الطهارة اى شك فى رافعية المذى فيستصحب الطهارة هذا اصل وجودى وايضا يجرى فيه استصحاب عدم سببية الوضوء اى الاصل هو عدم جعل

الوضوء سببا للطهارة بعد خروج المذى فيتعارضان ويتساقطان ويرجع الى اصالة عدم الرافع.

والمثال الثالث من الموارد المذكورة ما اذا غسل ثوبه المتنجس بالبول مرة وشك فى حصول الطهارة له بذلك الغسل فانه يجرى فيه استصحاب النجاسة قبل الغسل مرة ثانية وكذا يجرى استصحاب عدم كون ملاقاة البول سببا للنجاسة بعد الغسل مرة.

بعبارة اخرى انه يغسل الثوب المتنجس بالبول مرتين واما اذا غسل مرة واحدة فيشك فى طهارته فيستصحب نجاسته هذا اصل وجودى وايضا يجرى اصالة عدم كون ملاقاة البول سببا للنجاسة بعد الغسل مرة فيتعارضان ويتساقطان فيرجع الى اصالة عدم سببية هذا الغسل للطهارة قد ذكر الى هنا الوهم الذى وقع من الفاضل النراقى (قد) ودفع هذا الوهم عن الشيخ وصاحب الكفاية «قدس‌سرهما».

فائدة : قد اختلف ان الطهارة والنجاسة هل كانتا من الامور الاعتبارية ام كانتا من الامور الواقعية والفرق بينهما ان الامور الاعتبارية ما اعتبره الشارع واما الامور الواقعية فهى ما ادركه الشارع مثلا نجاسة يد الكافر ادركها الشارع وكذا نجاسة بنت الكافر اذا كانت جميلة فلا فرق بينها وبين بنت المسلم عندنا ولكن الشارع يدرك نجاسة الامرأة الكافرة.

اذا تمت هذه الجملة المتعرضة فيشرع فى ازالة الوهم اى قال المصنف لم يكن فى الموارد المذكورة الا الاصل الوجودى سواء كانت الطهارة والنجاسة من الامور الاعتبارية ام كانتا من

الامور الواقعية فقال صاحب الكفاية ان الشك فى الطهارة والنجاسة كان من قبل الشك فى الرافع مثلا اذا شك فى وجوب الصوم بعد عروض الحمى كان الشك هنا فى رافعية الشيء الموجود فيستصحب وجوب الصوم فى المثال المذكور : هذا الاستصحاب وجودى.

وكذا ما اذا خرج المذى من المتطهر فيشك فى الرافع اى رافعية المذى للطهارة فيجرى فيه الاستصحاب الوجودى اى استصحاب الطهارة.

وكذا ما اذا غسل الثوب المتنجس بالبول مرة وشك فى حصول الطهارة له بعد الغسل مرة فانه يجرى فيه الاستصحاب الوجودى : اى استصحاب النجاسة قبل الغسل فانه كان من قبل الشك فى الرافع اى شك فى رافعية الغسل مرة للنجاسة فيستصحب النجاسة فظهر انه يجرى الاستصحاب الوجودى فى صورة الشك فى الرافع اى ان كان الشيء طاهرا فهو طاهر بعد الشك فى الرافع ايضا واما ان كان نجسا فهو نجس بعد الشك فى الرافع ايضا.

واعلم ان المصنف بجرى فى الموارد المذكورة الاصل الوجودى لكونها من قبل الشك فى الرافع ولكن يجرى بعض الاصل العدمى ويجعل هذه الموارد من قبل الشك فى المقتضى مثلا بعد خروج المذى يشك فى سببية الوضوء للطهارة فيجرى استصحاب عدم جعل الوضوء سببا بعد المذى.

وحاصل ازالة الوهم على قول صاحب الكفاية انه يجرى فى

الموارد المذكورة الاصل الوجودى فقط واما عند البعض فيجرى فيها الاصل العدمى ولا يجرى فيها اصلان حتى يتعارضا ويتساقطا فقد دفع ما توهمه الفاضل النراقى من جريان الاصلين فى الموارد المذكورة ولزوم التعارض وقد ذكر الشيخ الامثلة الثلاثة فى المقام ولكن المصنف ذكر المثالين ولم يذكر مثال عروض الحمى فى صوم شهر رمضان.

قوله : الخامس انه كما لا اشكال فيما اذا كان المتيقن حكما فعليا مطلقا الخ.

اى كان الغرض من عقد هذا التنبيه بيان الاستصحاب التعليقى لكن تشخيص الموضوع مشكل اى لا اشكال فى جريان الاستصحاب فى الحكم المطلق والمنجز والفعلى وهذه الثلاثة من قبيل الالفاظ المترادفة اى كل هذه الالفاظ عبارة اخرى لغيره وكذا لا اشكال فى جريان الاستصحاب فى الحكم المعلق والمشروط مثلا ان الحج واجب عند حصول الاستطاعة لكنه معلق على حصول الموسم فيصح جريان الاستصحاب فيه عند الشك.

وكذا لا اشكال فى جريان الاستصحاب فى الواجب المنجز والمعلق اذا شك فى النسخ وعدمه لكن اذا وجد التغيّر فى الموضوع فهذا محل بحث مثلا العنب اذا غلى نجس اى العصير العنبى اذا غلى واشتد ولم يذهب ثلثاه فهو نجس.

واما اذا غير الموضوع فهذا محل بحث فى الاستصحاب التعليقى مثلا اذا غلى العصير الزّبيبي وشك فى نجاسته بعد الغليان فهو محل اختلاف الاقوال.

وقال المصنف انه يجرى فيه استصحاب النجاسة على ما كان عليه سابقا فى حال عنبية من ان العصير العنبى يصير نجسا بعد الغليان فكذا اذا جف العنب وانقلب زبيبا اى اذا غلى العصير الزّبيبي وشك فى نجاسته استصحب نجاسته وهذا استصحاب تعليقى اى الحكم المذكور معلق على الغليان.

فيذكر هنا اختلاف الاقوال فى الاستصحاب التعليقى فانكر صاحب المناهل اى ابن صاحب الرياض الاستصحاب التعليقى وكذا صاحب الفصول والمحقق النائينى «قدس‌سرهم» ويجوزه البحر العلوم «قد».

ويذكر هنا التاريخ منه وهو ان بحر العلوم «قد» قال لاهله خذوا رسالة من الشيخ جعفر الكاشف الغطاء وكان فيها جواز وضع الزبيب بين الغذاء فى حال الطبخ ولما كان اهله مقلدا للشيخ الكاشف الغطاء وضع الزبيب بين الغذاء فلم يأكل منه البحر العلوم وقال لاهله يجوز لكم الاكل من هذا الغذاء لان مقلدكم لا يجوز الاستصحاب التعليقى ولا يخفى ان بحر العلوم لم يكتب الرسالة العميلة لاشتغاله فى جميع الاوقات فى التدريس.

وقد ذكر ان الكاشف الغطاء لا يجوز الاستصحاب التعليقى فى باب السبق والرماية ولكن يجوز فى هذا المورد وقال شيخنا الاستاد ولو كان الامر بالعكس لكان الاولى فعلم من ذكر هذا

التاريخ ان بحر العلوم يجوز الاستصحاب التعليقى والشيخ الكاشف الغطاء لا يجوزه وكذا يجوزه الشيخ الاعظم والمصنف والمحقق العراقى اى آقا ضياء العراقى.

وحاصل الاستصحاب التعليقى مثلا العنب اذا غلى صار نجسا او حراما وكذا اذ جف وصار زبيبا استصحب هذا الحكم التعليقى عند الشك اى يحكم بان العصير الزّبيبي يكون على ما هو عليه سابقا فى حال عنبية اى لو شك فى الحرمة او النجاسة فى العصير الزّبيبي فيستصحب الحكم المعلق الذى كان فى العصير العنبى وقد ذكر ان العنب اذا غلى نجس او حرم اى كان الحكم مشروطا ومعلقا على الغليان فيستصحب هذا الحكم المعلق اذا شك فى حكم العصير الزّبيبي كما قال صاحب الكفاية لو شك فيها فكما يحكم ببقاء ملكيته يحكم بحرمته على تقدير غليانه.

هذا اشارة الى ان المغايرة لا تضر فى جريان الاستصحاب التعليقى فى العصير الزّبيبي كما لا تضر المغايرة فى ملكيته وقد علم ان المراد من الاستصحاب التعليقى هو استصحاب الحكم المشروط الذى كان فى العصير العنبى اى اذا نشّ الزبيب وشك فى حرمته استصحب حكم العصير العنبى والمراد من نشيش الزبيب هو غليانه فيقال للزبيب اذا نشا وللعنب اذا غلى.

قد فصل الى هنا الاستصحاب التعليقى علي قول المجوزين ولكن اشكل عليه باشكالين عن المانعين.

الاول انه يشترط فى الاستصحاب وحدة الموضوع فى

القضية المتيقنة والمشكوكة ولم يوجد هذا الشرط فى المقام لان الزبيب غير عنب.

الثانى انه يشترط ان يكون المستصحب ذا اثر شرعى ولم يكن هذا الشرط موجودا فى الاستصحاب التعليقى لان الاحكام المعلقة لم تكن موجودة الا بعد وجود شرطها فلم يكن الاثر الشرعي للمستصحب فى المقام.

والجواب عن الاول انا نبحث بعد فرض وحدة الموضوع ففرض فى مسئلة الزبيب ان الموضوع هو نفس الموضوع الذى كان فى قضية العنب.

والجواب عن الاشكال الثانى ان الاثر الشرعي يجد حين جريان الاستصحاب مثلا فى نحو ان جاء زيد فاكرمه لم يكن الحكم قبل التكلم وانما يجيء بعده بعبارة شيخنا الأستاد مخاطب قبل از گفتن اين كلام راحت مى باشد واما بعد از گفتن ان جاء زيد فاكرمه وجوب اكرام مى آيد.

وحاصله ان وجود كل شىء بحسبه اى ان الحكم قد يكون مطلقا فوجوده فعلى وقد يكون معلقا فوجوده تعليقى فالحكم فى الواجب المعلق موجود بالوجود التعليقى واما ان قلنا ان الحكم ليس موجودا فيه فالمراد هو الوجود الفعلى.

قوله وتوهم انه لا وجود للمعلق قبل وجود ما علق عليه الخ.

هذا بيان الاشكال الثانى اى يقول المتوهم انه لا وجود للمعلق اى الحكم قبل وجود ما علق عليه اى الشرط قال صاحب الكفاية هذا التوهم وفاسد لان وجود كل شىء بحسبه اى ليس

وجود كل شىء على نسق واحد بل الشيء الفعلى وجوده فعلي والشيء التعليقى وجوده تعليقى.

قوله وبالجملة يكون الاستصحاب متمما لدلالة الدليل الخ.

اى ان كان الدليل للحكم فلا مورد للاستصحاب واما اذا شك فى الزمان الثانى فيه فالاستصحاب مثبت للحكم السابق والظاهر ان دليل الاستصحاب يشمل المورد الذى اهمل او اجمل الحكم فيه والفرق بين الاجمال والاهمال ان الاجمال ما يكون من ناحية اللفظ والاهمال ما يكون من ناحية المتكلم وقد اختلف فى الفرق بينهما واما على قول شيخنا الاستاد فالاولى هو الفرق المذكور ان قلت نعم ولكنه لا مجال لاستصحاب المعلق الخ.

هذا اشارة الى الاشكال الثانى على الاستصحاب التعليقى ولا يخفى ان اشكال عدم اتحاد الموضوع لم يكن مذكورا فى المتن ولذا اطلق عليه الاشكال الثانى وهو يرجع الى وجود المانع فى هذا الاستصحاب.

وتوضيحه انه يلزم فى المقام تعارض الاستصحابين احدهما الاستصحاب التعليقى وثانيهما استصحاب الحكم الفعلى الذى هو ضد الحكم المعلق فلا اثر لهذا الاستصحاب لابتلائه دائما بالمعارض مثلا الزبيب يكون حكمه فى حال عنبية : الاباحة وبعد عروض الزبيبية كما تستصحب الحرمة المعلقة على الغليان كذلك تستصحب الحلية المطلقة الثابتة قبل الزبيبية اى فى حال العنبية وبعد تعارض الاستصحابين يرجع الى قاعدة الحل.

قوله قلت لا يكاد يضر استصحابه الخ.

هذا جواب عن الاشكال المذكور واجاب الشيخ الاعظم عن هذا الاشكال بان الاستصحاب التعليقى حاكم على الاستصحاب المطلق اى استصحاب الحرمة المعلقة رافع لاستصحاب الحلية المطلقة واما صاحب الكفاية فاجاب بعدم وجود المعارضة فى المقام.

توضيحه ان الشيخ اجاب عن الاشكال بعدم التعارض بين الاستصحابين اى سلم وجودهما ولكن لم يكن المنافاة بينهما لان الاستصحاب المعلق انما يكون بعد الغليان قد ذكر فى محله انه يشترط فى التناقض الوحدة الثمانية ومنها وحدة الزمان ولم تكن هذه الوحدة فى المقام لان الاستصحاب المعلق انما يكون بعد المطلق مثلا استصحاب الحلية فى المثال المذكور كان قبل الغليان واما استصحاب الحرمة انما يكون بعد الغليان فيكون هذا الاستصحاب حاكما على استصحاب الحلية المطلقة فلا تعارض فعلا بين الاستصحابين.

وقال المصنف فى الحاشية منه ان جواب الشيخ احسن اى وجد التعارض بين الاستصحابين لكن استصحاب الحكم المعلق حاكم على استصحاب الحكم المطلق هذا جواب الشيخ عن الاشكال.

واما المصنف فاجاب بعدم وجود الاستصحابين بل استصحاب الحلية والحرمة كان فى الخارج واحدا اى بعد عروض الزبيبية يشك فى بقاء هذا المستصحب على ما كان عليه من الحلية والحرمة اى كان حليته الى الغاية وكان حرمته بعدها فالشك

انما يكون فى حال الزبيبية فى بقاء الحكم السابق فتستصحب الحالة السابقة من المطلق والمعلق.

بعبارة اخرى ان المغيا اى حلية العنب انما كان قبل الغاية اى الغليان الذى هو غاية للحلية واما بعد الغليان فيثبت الحرمة اى يثبت الحكم العنب بالدليل الذى قام به ويثبت حكم الزبيب بالاستصحاب فلا يكون تعارض الاستصحابين فى المقام لعدم المنافاة بين المغيا اى الحلية المطلقة وبين الغاية اى الحرمة المعلقة بالغليان فيمكن استصحاب المغيا اى الحلية وايضا يمكن استصحاب الحرمة باعتبار الغاية اى الغليان فلم تكن المعارضة فى المقام.

وهذا جواب المصنف عن الاشكال وقد عرفت جواب الشيخ وهو ان التعارض ثابت بين الاستصحابين ولكن الاستصحاب المعلق حاكم على استصحاب الحلية المطلقة ولا يخفى ان ما ذكر من جواب الاشكال كان على طبق تقرير شيخنا الاستاد وفهم المتن موقوف على فهم ما ذكر.

قوله السادس لا فرق ايضا بين ان يكون المتيقن من احكام هذه الشريعة او الشريعة السابقة الخ.

اى كان عقد هذا التنبيه تعميم حجية استصحاب عدم النسخ بالنسبة الى جميع حكم إلهي اى سواء كان من احكام هذه الشريعة ام من احكام الشرائع السابقة ومثل الشيخ لهذا المورد بان يحيى وعيسى عليهما‌السلام كانا حضورا اى عدم اختيارهما الزوجة فهو دال على رجحان هذا الوصف واذا شك فى نسخ

هذا الحكم فى الشريعة الاسلامية استصحب عدم نسخه.

ومثال آخر ما ذكر فى قضية اليعقوب عليه‌السلام اذا فقد جام السلطنة قيل لبنيه من كفيلكم فعينوا شخصا للكفالة وكان هذا من كفالة ما لم يجب اى كان ضمان ما لم يجب فى الشرائع السابقة فان شك فى نسخه فى الشريعة الاسلامية استصحب عدمه والمراد من هذا الضمان مثلا لم يكن فى ذمة زيد شىء وكفل عمرو عنه من دون الموجب.

وكان هذا النوع من الضمانة فى الشرائع السابقة فصح استصحاب عدم النسخ فى هذه الشريعة اذا شك عند الشيخ وصاحب الكفاية «قدس‌سرهما» وخالف فيه صاحب الشرائع والقوانين والفصول «قدس سرّهم»

فاشكل المانعون باشكالين الاول انه لم تتم اركان الاستصحاب فى هذا المورد لعدم اليقين على الحدوث اى يكون هذا الحكم مختصا للشرائع السابقة ولم يكن الحكم المذكور لنا فيكون الاشكال من ناحية الشك فى المقتضى اى الشك فى حدوث هذه الاحكام لنا.

الثانى اى الاشكال الثانى انه لا يتصور الشك فى البقاء لانه فرع اليقين على الحدوث ولم يكن فى المقام اليقين على الحدوث ولو سلم الركن الاول اى اليقين على الثبوت لانتفى الركن الثانى اى لم يكن الشك فى البقاء بل كان اليقين بارتفاع الاحكام السابقة بالنسخ فيكون الاشكال من جهة المانع اى نسخ الشرائع السابقة مانع جريان الاستصحاب.

والجواب عن الاشكال الاول انه قد علم فى المنطق ان

القضية حقيقية وخارجية والمراد من الثانى ما ثبت الحكم فيه للافراد الموجودة فى الخارج والمراد من الاول اى القضية الحقيقية ما ثبت الحكم فيه للافراد المحققة والمقدرة والاشكال يرد اذا كانت الشرائع السابقة على نحو القضية الخارجية اى يكون الحكم للموجودين فى ذلك الزمان وليس هذا الحكم لنا.

واما اذا كان الحكم فى الشرائع السابقة على نحو القضية الحقيقية فلا يرد الاشكال لان الحكم شامل للافراد الموجودة اى اهل الشرائع السابقة وللافراد المقدرة اى اهل هذه الشريعة الاسلامية مثلا كل فاعل مرفوع سواء كان موجودا فعلا ام يجد فى الزمان البعدى

وكذا الحكم فى مقام البحث اى كان الحكم فى الشرائع السابقة على نحو القضية الحقيقية فيشمل لهم ولنا فاذا شك فى حكم الشرائع المذكورة فهو كالشك فى حكم شرعنا اى اذا شك فى نسخه وعدمه استصحب عدمه قال شيخنا الاستاد ان الحكم فى الشرائع السابقة كان للعنوان اى المكلف الذى وجد او يجد فى المستقبل هذا جواب عن الاشكال الاول.

واما الجواب عن الاشكال الثانى اى قد اشكل ان الشرائع السابقة نسخت بعد مجىء شرعنا فالنسخ مانع عن جريان الاستصحاب اى قد علمنا ان الشرائع المذكورة نسخت فلا مجال لاستصحابها هذا حاصل الاشكال الثانى واما الجواب فنقول ان الشرع اللاحق لا يكون موجبا لنسخ الشرع السابق والدليل له انه قال العيسوى ان عيسى عليه‌السلام جاء لتكميل الشرع السابق اى شرع موسى (ع) وكذا يقول لنا ان محمدا «ص» لم يجيء لنسخ الشرائع السابقة بل جاء لتكميلها.

واجاب المصنف عن الاشكال المذكور بانا سلمنا النسخ ولكن لم ينسخ جميع احكامها فيجرى الاستصحاب فيما شك فى نسخه فليس مقتضى النسخ ارتفاع تمام احكام الشريعة السابقة بل مراد من نسخ الشريعة هو نسخ بعض احكامها.

قوله والعلم اجمالا بارتفاع بعضها انما يمنع عن استصحاب ما شك الخ.

هذه اشارة الى دليل آخر عن المنكرين لحجية استصحاب عدم نسخ حكم من احكام الشرائع السابقة ومرجعه الى ان علم الاجمالى بوجود النسخ يمنع عن استصحاب عدم النسخ مثلا اذا علمنا النسخ خمسين حكما من احكام الشرائع السابقة اجمالا ولم نعرف موارد هذه الاحكام المنسوخة تفصيلا فهذا العلم الاجمالى يمنع من استصحاب عدم النسخ لتقدمه على الاستصحاب هذا اشكال عن المنكرين لحجية استصحاب عدم النسخ.

واجاب المصنف عن هذا الاشكال بان العلم الاجمالى ينحل الى العلم التفصيلى اى لم يكن المورد المشكوك من اطرافه مثلا نعلم اجمالا بنسخ جملة من احكام الشرائع السابقة وايضا نعلم ان المورد المشكوك ليس منها فثبت انحلال العلم الاجمالى بالنسبة الى هذا الفرد المشكوك بان نعلم ان هذا ليس من اطرافه فيصح استصحاب عدم النسخ فى هذا الفرد المشكوك.

قال شيخنا الاستاد ان هذا البحث لم يكن كثير الجدوى اى لا نحتاج الى استصحاب عدم نسخ احكام الشرائع السابقة لكون نبينا اشرف الانبياء ولو كان الانبياء السابقة موجودين فى زمان رسالة نبينا لعملوا بهذه الشريعة اى بعد مجىء الشريعة

الاسلامية ليس لنا الاحتياج الى الشرائع السابقة فارسل نبينا مع جميع الاحكام الشرعية فلو استصحب احكام الشرع السابق للزم متابعته للشرائع السابقة وسلم قول العيسوى اى يقولون ان محمدا (ص) جاء لتكميل الشرائع السابقة فان استصحب احكام الشرع السابق يلزم تصديق القول العيسوي.

الحاصل انه ليس الجدوى لاستصحاب ما ذكر وقد جعل جميع. الاحكام فى هذه الشريعة اى اما جعل مثل الاحكام السابقة واما جعل ضدها فلا نحتاج الى استصحاب احكام الشريعة السابقة.

قوله ثم لا يخفى انه يمكن ارجاع ما افاد شيخنا العلامة اعلى الله فى الجنان مقامه الخ.

اى اجاب الشيخ عن الاشكال الاول على استصحاب عدم النسخ والمراد من هذا الاشكال هو تغاير الموضوع لان الموضوع فى القضية المتيقنة هو اهل الشرائع السابقة والموضوع فى القضية المشكوكة هو اهل هذه الشريعة هذا حاصل الاشكال.

فاجاب الشيخ عن هذا الاشكال بالجوابين وكان الجواب الثانى ذا احتمالين اى اجاب عن الاشكال بان الموضوع كلي ولا مدخلية للافراد فان كان مراده عدم مدخلية الافراد المحققة والخارجية وهذا موافق للجواب الذى ذكرناه من ان الاحكام للشرائع السابقة كانت بنحو القضية الحقيقية اى سواء كانت الافراد محققة ام مقدرة.

واما ان كان مراد ان الموضوع هو الكلى من حيث هو هو ولا مدخلية للافراد مثلا مالك الزكاة هو الكلي ولا مدخلية

للاشخاص وكذا وقف العام فانه للكلي ولا مدخل فيه للاشخاص لكن اشكل بان الكلى من حيث هو كلى لا وجود له فلا يصلح المالكية للزكاة وقال الشيخ ان الكلى يصلح لها اى عنوان الفقر مالك وليس شخص الفقير مالكا لها ولذا لا يجوز اخذه الزكاة بيده لان المالك هو النوع.

الحاصل ان جواب الشيخ ذو احتمالين احدهما موافق لجواب المصنف ان الموضوع لاحكام الشرائع السابقة هو الكلى لا مدخلية للافراد الخاصة واما ان كان المراد ان الموضوع هو الكلى من حيث هو هو فلا يتفق هذا الاحتمال لمذهب المصنف قد بين الى هنا الجواب الثانى عن الشيخ فى الاشكال الذى على استصحاب عدم نسخ الشرائع السابقة.

قوله واما ما افاده من الوجه الاول الخ.

اى هو الجواب الاول عن الشيخ عن اشكال صاحب الفصول على استصحاب عدم النسخ اى اجاب عن هذا الاشكال بانّا نفرض الشخص الواحد مدركا للشريعتين فاذا ثبت فى حقه حكم فى الشريعة السابقة وشك فى بقائه فى الشر اللاحقة فلا مانع من استصحاب عدم نسخ حكم الشريعة السابقة فى حقه.

فاعترض على هذا الجواب بانه اخص من المدعى وهو حجية استصحاب عدم النسخ مطلقا اى فى حق الجميع لا خصوص مدرك الشريعتين واما الجواب فهو مختص لمدرك الشريعتين كالسليمان عليه‌السلام فاستصحاب عدم النسخ مختص فى حقه والمدعى هو حجية عدم النسخ مطلقا اى لجميع المكلفين.

وقال الشيخ ان الحكم يشمل غير المدركين لاشتراك الملة الواحدة فى التكليف مثلا سليمان عليه‌السلام مدرك الشريعتين واما غيره فهو شريك معه فيصح استصحاب عدم النسخ فى الجميع من باب اشتراك فى التكليف.

وقال صاحب الكفاية انه لا تجرى فى المقام قاعدة الاشتراك فى التكليف لان هذه القاعدة مشروطة بوحدة الموضوع فمع انتفاء هذا الشرط لا تجرى قاعدة اشتراك فى التكليف فى حق المعدومين فهذا الشرط منتف فى مقام البحث لان حدوث الحكم لمدرك الشريعتين متيقن ولم يكن متيقنا فى حق غيره اى بعض الاحكام مختص لمدرك الشريعتين فيكون اليقين بحدوثه له ولكن لم يكن حدوثه لغيره متيقنا حتى يجرى استصحاب عدم النسخ فى حقه.

وبعبارة اخرى سلمنا الاشتراك فى التكليف واما الاستصحاب فانما يجرى فى كل حكم تيقن فى حدوثه فشك اى ان مقتضى الاشتراك ليس الا ان الاستصحاب حكم المتيقن والشاك : ولا ان الاستصحاب حكم الكل ولو من لم يكن متيقنا وشاكا فيصح الاستصحاب فى حق من كان متيقنا فى الحدوث فحصل له الشك فى البقاء اى يشترط فى الاستصحاب ان يكون المتيقن والشاك شخصا واحدا.

ويذكر لتوضيح ما نحن فيه جملة معترضة قد ذكر فى العروة الوثقى لفظة ختام فى باب الصلاة وذكرت مرة اخرى فى باب الزكاة بعبارة شيخنا الاستاد عروة الوثقى يك ختام در باب صلاة دارد ويك ختام ديگر در باب زكاة دارد.

وقد ذكر فى هذا الختام مسئلة الاستصحاب وهى مات شخص وشك وارثه فى اخراج الزكاة فلا يصح استصحاب عدم اخراجها من الوارث مثلا مات الاب وشك ولده فى اخراج الزكاة فلا يصح استصحابهم عدم اخراجها لان مورد الاستصحاب هو شك الاب لا شك الوارث وقد كانت الزكاة فى ذمته فلا بد ان يكون الشك منه اى من الاب لاشتراط وحدة الموضوع فى القضية المتيقنة والمشكوكة اى يشترط كون المتيقن والشاك شخصا واحدا.

وايضا ذكر فى العروة الوثقى لفظة خامسة فى باب النجاسات وكانت هنا مسئلة فى الاستصحاب وهى ان يدنا المرطوبة وصلت الى الشيء المتنجس وشك فى تطهيره بعد كونه متنجسا فشك فى تنجيس اليد فتستصحب نجاستها لان ملاقاتها للشيء المتنجس قطعى وشرط المذكور اى وحدة الموضوع موجود فى المسألة المذكورة لان المتيقن والشاك شخص واحد.

اذا تمت الجملة المعترضة رجع الى مقام البحث وهو ان الاستصحاب يصح لمدرك الشريعتين ولا يصح لنا توضيحه ان مدرك الشريعتين اذا شك فى بقاء حكم الشريعة السابقة جاز له استصحاب عدم نسخ الحكم السابق ولا يجوز هذا للمعدومين وغير مدركي الشريعة السابقة فيصح الاستصحاب فيما كان الموضوع فيه باقيا وان تغير فلا يجوز ولا يخفى ان مدرك الشريعتين موضوع للحكم السابق واما غير المدركين فهو موضوع آخر وانما تجرى قاعدة الاشتراك مع وحدة الموضوع ولا تجرى مع تغيّره.

قوله السابع لا شبهة فى ان قضية اخبار الباب هو انشاء حكم مماثل الخ.

الغرض من عقد هذا التنبيه هو البحث عن حجية الاصل المثبت اى هل يثبت بالاستصحاب اللوازم العقلية والعادية وكذا هل يثبت به الآثار الشرعية التى كانت بتوسط الآثار العادية بعبارة اخرى هل تكون الاصول المثبتة حجة ام لا.

ويبحث اولا ان العمدة فى حجية هى الاخبار فليرجع اليها وليتأمل فيها فلا بد ان يتصور فى قوله (ع) لا تنقض اليقين بالشك ولا يخفى ان متعلق النهى هو الشيء المبغوض ومتعلق الامر هو الشيء المحبوب فيبحث فى المقام من كلمة لا تنقض اى هل يكون متعلقها الشيء المبغوض ام يكون شيئا آخرا فيسأل عن الداعى اى ما الداعى الى النهى وهل يكون الداعى مبغوضية المتعلق ام يكون شيئا آخرا قال المصنف ان الداعى هو الحكم المماثل فالداعى الى قوله (ع) لا تنقض اليقين هو الحكم المماثل اى اثباته للمستصحب او يكون الداعى حجية اليقين فى مرتبة البقاء وكان حجيته فى المرتبة الاولى ذاتية وكانت فى المرتبة الثانية مجعولة بجعل الشارع اى اذا الشك فى البقاء فيقول الشارع لا تنقض اليقين اى انه حجة.

وقال شيخنا الاستاد ان كون الداعي حجية اليقين هو اولى من ان يكون اثبات الحكم المماثل لان المستصحب ان كان موضوعا فلم يكن قابلا للجعل ولكن المراد من لا تنقض على قول الشيخ وقول صاحب الكفاية «قدس‌سرهما» هو جعل الحكم

المماثل مثلا كان الشيء واجبا وشك فى الزمان الثانى فيه فاستصحاب الوجوب اثبات الحكم المماثل واما ان يكون المستصحب موضوعا فيجعل مثل حكم هذا الموضوع اى لا يجعل نفس الحكم السابق.

واعلم ان المستصحب فى مقام الثبوت يتصور على ثلاثة اقسام الاول ان يكون المستصحب مجعولا شرعيا بلا واسطة كاستصحاب الوجوب او الحرمة.

الثانى ان يستصحب المجعول الشرعي بتوسط اللازم العقلى او العادى ومثال اللازم العقلى كملاقاة الثوب المتنجس للماء الذى شك فى بقاء كريته فالمستصحب هو كرية الماء واللازم العقلى هو ملاقاة الثوب له فى حال الكرية ويترتب على هذا اللازم العقلى طهارة الثوب التى هى اثر شرعى.

ومثال اللازم العادى للمستصحب كنبت اللحية الذى هو لازم عادى لهذا الشخص الغالب اذا جرى استصحاب حياته فهذا مستلزم عادة لنبت لحيته فهل يثبت باستصحاب هذا اللازم العادى الآثار الشرعية من حرمة حلقها واستحباب تصريحها.

الثالث ان يكون المترتب طبيعة الاثر اى القسم الثالث من الاقسام المتصورة ان ينزل اثر الواسطة منزلة اثر المستصحب لاجل ان اثر الاثر اثر مثلا طبخ المرق كان اثر حرارة الماء وحرارته اثر للنار فطبخ المرق اثر لها وكذا فى المقام مثلا نبت اللحية اثر الحياة والسرح اثر له فاثر الاثر اثر وهذه الاقسام المذكورة ثابتة فى مقام الثبوت.

واما فى مقام الاثبات فالصحيح هو القسم الاول اى ترتب

الحكم المماثل للمستصحب بلا واسطة وقد ذكر ان المراد من لا تنقض هو اثبات الحكم المماثل اى دليل حجية الاستصحاب راجع الى قدر المتيقن ولم يكن الاطلاق لادلة الاستصحاب كأدلة الامارات فيراد فى صورة الاجمال القدر المتيقن واثبات الحكم المماثل للمستصحب بلا واسطة.

ولا يصح فى مقام الاثبات القسم الثانى وهو ما كان للمستصحب اللازم العقلى او العادى وكان من لازم هذا اللازم الحكم الشرعي مثلا كانت النار موجودة فشك فيها فاستصحب وثبت اللازم العقلى اى الحرارة ولا يثبت لازم هذا اللازم اى الضمان الذى هو اثر شرعى.

فلا يصح هذا القسم الثانى لان ادلة الاستصحاب لا تشمله قد ذكر ان الشرط فى المستصحب ان يكون متيقنا فى السابق فلا يكون هذا الاثر العقلى متيقنا بل كان القطع بعدمه سابقا فكذا الاثر الشرعي الذى كان لازما له وشرط الاستصحاب ان يكون المستصحب متيقنا وكذا لازمه وكذا يشترط ان يكون المستصحب حكما شرعيا او موضوعا ذا اثر شرعى وان لم يكن كذلك فالاستصحاب لغو.

فثبت من البيان المذكور ان المستصحب ان كان من القسم الاول اى تنزيل المستصحب بلحاظ الاثر الشرعي الذى رتب عليه وقد ذكر ان القدر المتيقن هذا القسم اى وان لم يكن القسم الثانى والثالث موجودين فالقسم الاول موجود وان كانا موجودين فهو موجود ايضا وهذا بيان لكون القسم الاول قدرا متيقنا.

ولا يصح القسم الثانى والثالث لكونهما من الاصول المثبتة

قد ذكر ان الاصول العملية لم تكن مثبتاتها حجة وايضا ذكر ان المراد من اصل المثبت هو الذى يثبت به الاثر الشرعي الذى هو اثر اللازم العقلى او العادى واما وجه التسمية هذا الاصل بالاصل المثبت فهو الاصطلاح عندهم والا قد يستصحب عدم اللوازم العقلى وعدم اللوازم العادى ويستلزم هذا لعدم الحكم الشرعي لان هذا الحكم كان لازما للازم العقلى فمع عدم هذا اللازم يعدم هذا الاثر الشرعي فيسمى هذا ايضا الاصل المثبت مع عدم اثبات الحكم فى هذا المورد.

قوله نعم لا يبعد ترتيب خصوص ما كان منها محسوسا بنظر العرف الخ.

هذا اشارة الى المورد الذى استثنى من عدم حجية الاصل المثبت قد ذكر ان الشرط فى المستصحب ان يكون حكما شرعيا او موضوعا ذا اثر شرعى واما اذا كان المستصحب ذا لازم عقلى وثبت لهذا اللازم اثر شرعى فلم يكن هذا الاستصحاب حجة لانه الاصل المثبت.

ولكن استثنى من عدم الحجية المورد الذى كانت الواسطة فيه فى غاية الخفاء بحيث يعد اثرها اثر النفس المستصحب عرفا بلا واسطة كاستصحاب الثوب الذى القاه الريح على الارض المتنجسة الجافة فان نجاسة الثوب ليست اثرا بلا واسطة لرطوبة الثوب الملاقى للارض بل هى اثر لسراية النجاسة من المتنجس الى ملاقيه بواسطة الرطوبة والسراية واسطة عقلية بين المستصحب وهى الرطوبة وبين النجاسة التى هى اثر السراية

لكنه يترتب مع ذلك نجاسة باستصحاب بقاء الرطوبة فى الثوب الملاقى للارض المتنجسة بدعوى خفاء الواسطة وهى السراية بحيث يرى العرف نجاسة الثوب من آثار ملاقاته مع رطوبة للارض لا من آثار السراية.

ويذكر هنا المثال الآخر لخفاء الواسطة مثلا كان الذباب على العذرة الرطبة ثم جلس على يدنا او على ثوبنا تستصحب النجاسة يتوسط الملاقاة ويجعل الاثر لنفس المستصحب اى العذرة المذكورة.

ولكن قد اشكل على المثال المذكور بان الذباب لا تسرى اليه الرطوبة ولو جلس على الماء فلا يصح جعله واسطة فى النجاسة.

ويذكر هنا المثال الآخر لخفاء الواسطة قد ذكر فى اثبات الهلال ويعلم شهر رمضان بمضى ثلاثين يوما من شعبان اى اذا لم يثبت رؤية الهلال فكاف فى ثبوته مضى ثلاثين يوما من الشهر السابق وكذا يثبت الآثار الشرعية مثلا يثبت احياء ليلة القدر بتوسط ثبوت رمضان بمضى المقدار المذكور من شعبان هذا اثر شرعى واما الواسطة اى كون هذه الليلة ليلة القدر خفى لانه اثر عقلى.

وكذا يثبت شوال بمضى ثلاثين يوما من رمضان فيترتب الاثر الشرعي اى صلاة عيد واما الواسطة وهى ثبوت هلال شوال فهى خفية لانها اثر عقلى.

قوله فافهم.

اشارة الى الاشكال حاصله ان العرف معتبر بالنسبة الى

تفهيم الالفاظ واما بالنسبة الى تطبيقها فلا مدخل للعرف فيها فلا فائدة للمسامحة العرفية فى المقام بان يقال ان الواسطة خفية فهى بمنزلة المعدوم.

قوله كما لا يبعد ترتيب ما كان بواسطة ما لا يمكن التفكيك عرفا الخ.

هذا اشارة الى المورد الثانى من الموارد التى استثنيت من عدم حجية الاصل المثبت اى قد ذكر انه اذا كانت الواسطة خفية جعل الاثر الشرعي اثرا لنفس المستصحب وكذا اذا كانت الواسطة جلية بحيث لا يتصور الانفكاك بينها وبين ذيها فيجعل فى هذه الصورة الاثر الشرعي اثر المستصحب.

بعبارة اخرى كان تنزيل احدهما دليلا على تنزيل الآخر كما هو كذلك فى المتضايفين لان الظاهر ان تنزيل ابوة زيد لعمرو يلازم تنزيل بنوة عمرو له فلا ينفك احدهما عن الآخر فى المثال المذكور وكذا استصحاب عدم ابوة زيد لا ينفك عن عدم بنوة عمرو وكذا الفوقية والتحتية اى استصحاب الفوقية لا ينفك عن كون الشيء الذى له التحتية اى لا تفكيك بين المتضايفين واقعا.

قوله او بواسطة ما لاجل وضوح لزومه له الخ.

هذا اشارة الى المورد الثالث من الموارد التى استثنيت من عدم حجية الاصل المثبت اى قد ذكر سابقا ان القسم الثالث من الاقسام المتصورة هو ان يكون اثر الواسطة اثرا للمستصحب اى ان الواسطة فى هذا القسم الثالث جلية ولكن نزل اثر الواسطة منزلة اثر المستصحب لاجل ان اثر الاثر اثر اى الواسطة اثر

للمستصحب فاثرها ايضا اثر له مثلا ضوء الشمس لازم لطلوعها وطهارة الارض والحصر والبوارى اثر لضوئها فان استصحاب بقاء الشمس ملازم لبقاء ضوئها الموجب لترتيب اثره الشرعي وهو طهارة الارض كما ذكر فى باب المطهرات وتطهر الشمس ما جففته باشراقها عليه وزالت عين النجاسة عنه وهو كالأرض والحصر والبوارى.

وكذا صورة الملازمة بين الشيئين قد ذكر ان هذا القسم كالمتضايفين فان استصحاب ابوة زيد لعمرو يلازم استصحاب بنوة عمرو له فعمر واجب نفقته على زيد وكذا العكس.

الحاصل ان الموارد التى استثنيت من عدم حجية الاصل المثبت ثلاثة اقسام : الاول أن تكون الواسطة خفية بحيث ان يجعل اهل العرف اثرها المستصحب قد ذكرت امثلة خفاء الواسطة : الثانى لم تكن الواسطة خفية بل تكون جلية ولكن لا تنفك هذه الواسطة من المستصحب فيجعل الاثر الشرعي اثرا له : الثالث ان ينزل نفس الاثر اى ينزل اثر اللازم منزلة اثر المستصحب.

قال صاحب كفاية عد اثره اثرا لهما اى للواسطة والمستصحب فان لم يترتب فى الاقسام المذكورة اثر الواسطة على المستصحب لزم نقض اليقين بالشك فثبت حجية الاصل المثبت فى الموارد المذكورة لانها مستثناة من عدم حجية الاصل المثبت واما فى غير هذه المستثناة فلم يكن حجة لكن المهم معرفة وجه عدم حجيته وبينه المصنف بقوله ثم لا يخفى وضوح الفرق بين

الاستصحاب وسائر الاصول تعبدية الخ.

قد ذكر ان الاصول العملية لم تكن مثبتاتها حجة واما مثبتات الطرق والامارات فهى حجة اى اللوازم العقلى والعادى حجة فى باب الطرق والامارات اذا كان لها الاثر الشرعي دون الاصول فما الفرق بينهما وما الوجه فى عدم حجية مثبتات الاصول فيفرق هنا أوّلا بين الامارات والطرق وثانيا بينهما وبين الاصول ولا يخفى ان الفرق بين الطرق والامارات انما كان نسبيا مثلا اذا كان خبر الواحد لاثبات الاحكام الكلية والشرعية فهو يسمى طريقا واما اذا كان لاثبات الموضوعات الخارجية فيسمى امارة وهذا الفرق انما يكون اصطلاحا.

ولا يخفى ان خبر الواحد حجة فى الاحكام الكلية وكذا فى الموضوعات الخارجية الا فى الموضوعات التى تقتضى البينة كمسألة اثبات الحقوق والسرقة وغيرهما قد بيّن الى هنا فرق الطرق والامارات فيفرق الاصول وهما قال صاحب الكفاية ان الفرق بين الاصول والامارات واضح ولا يخفى ان الطرق والامارات جعلتا فى هذا الفرق مقابل الاصول فيبين الفرق بين الاصول والامارات. قد ذكرت ثلاثة اوجه للفرق بين الاصول والامارات

الاول ان يقال فلينظر الى ما فهم من دليل الامارات هذا يحتاج الى ترتيب مقدمة وهى ان حجية القطع ذاتية وقد سبق فى اول الكتاب فى المقصد السادس تفصيلها واما الامارات فجعلت منزلة العلم فى الحجية اى هو هوية اعتبارية بين العلم والامارات فلم تكن علما ذاتا وما يقال ان الامارات علم فهو اعتبارى وكذا

لا يحصل العلم من البينة الا ان يعطى الشارع اعتبارا لها وكذا القرطاس لم يكن ذهبا لكن ثابت بينهما هو هوية اعتبارية مثلا يقال للقرطاس المعين هذا دينار فهذا يصح باعتبار المعتبر.

ولا يخفى ان مالية بعض الاشياء ذاتية كالحنطة والشعير وغيرهما وكذا الذهب والفضة فانهما من المعدن اى استخرجا من الارض اى جعل الله هذه المذكورات كذلك فيصح اطلاق المالية الذاتية عليها واما المالية الاعتبارية فهى بيد من له الاعتبار وقد تمت الى هنا المقدمة.

فيشرع فى فرق الاصول والامارات من حيث الحجية فلينظر الى ما يفهم من دليل حجيتهما قد ذكر فى المقدمة ما يفهم من دليل حجية الامارات اى جعلت الامارات منزلة العلم من حيث الاعتبار فثبت بينهما هو هوية اعتبارية اى الامارة علم من حيث اعتبار المعتبر مثلا زيد اسد هذا اعتبارى والا حقيقة فهو الحيوان المفترس اى من بيده الاعتبار اعتبر هذا فثبت من البيان المذكور ان الامارات علم من حيث الاعتبار اى بينهما هو هوية اعتبارية وكذا ان حجية العلم ذاتية فكان العلم بالملزوم علم بلازمه وكذا العلم باحد المتلازمين علم بالآخر.

واذا صارت الامارات منزلة العلم اعتبارا فلا فرق فى حجية الامارات بالنسبة الى الملزوم واللازم مثل خبر الثقة مفيد للظن فلا فرق فيه بين الملزوم واللازم اى الظن بلازم العقلى او العادى حجة لانه جعل منزلة العلم اعتبارا واما البحث فى مقدار اعتبار الامارات والطرق.

بعبارة شيخنا الاستاد آيا امارات منزلة علم قرار داده شده تا گاو : وماهى فجعلها بعض منزلة العلم بالغاء احتمال الخلاف لكن اشكل عليه بان الغائه اما حقيقي واما شرعى فان كان المراد هو الاول فهو لا يصح لان الغاء احتمال الخلاف حقيقة انما يكون فى نفس العلم فتصير الامارات علما فى الفرض المذكور واما اذا كان المراد الغاء احتمال الخلاف شرعا فهذا غير مفيد لانه باق حقيقة وان ألغي شرعا ولا يخفى ان ذكر الفروعات المذكورة انما يكون لتوضيح ما نحن فيه اى لتوضيح عدم حجية مثبتات الاصول.

فيقال ان الاصول العملية لم تجعل منزلة العلم بل كانت لجعل الحكم المماثل وذكر ان دليل الاستصحاب اى لا تنقض اليقين بالشك دال على اثبات الحكم المماثل للمستصحب ولم يجعل منزلة العلم وكذا البراءة والاحتياط والتخيير اى لم تجعل هذه المذكورات منزلة العلم قد تم الى هنا الوجه الاول من وجوه الفرق بين الاصول والامارات.

الوجه الثانى ان الامارات كاشفة عن الواقع اى الفرق الثانى بين الاصول والامارات هو ثبوت الكاشفية والطريقية للامارات دون الاصول اى كانت الكاشفية الناقصة للامارات قبل جعلها منزلة العلم والفرق بين هذا والوجه الاول ان الوجه الاول يقول ان الشارع جعل الامارات منزلة العلم لانه كان الاعتبار بيده.

واما الوجه الثانى فيقول انه ثبت الكاشفية للامارات من دون جعل الشارع لكن كاشفيتها ناقصة فتحكى الامارات عن

المدلول ولازمه مثلا اذا اخبر بحياة زيد فمدلولها ثلاثة اشياء اى اخبار عن حيوة زيد واخبار عن اللازم اى نبت اللحية فيدل هذا الخبر على المعنى المطابقى والالتزامى والتضمينى واما الاصول فليس فيها الكاشفية والطريقية فلا تحكى عن المدلول المطابقى والالتزامى.

الوجه الثالث ان الامارات حجة من باب الظن النوعى والفرق بين الظن النوعى والشخصى والمراد من الاول هو ان يقول الشارع ان الامارة مفيدة للظن والظن حجة نوعا اى وان لم يحصل الظن للشخص الخاص واما المراد من الظن الشخصى هو ما يحصل لكل شخص وان لم يحصل فلم يكن الظن اى وان كان الخبر بالنسبة الى الغير مفيد الظن ولم يكن مفيد الظن لهذا الشخص فلم يكن له الظن.

الحاصل ان المراد من الوجه الثالث هو ان الامارات حجة من باب الظن النوعى فلا فرق فيه بالنسبة الى اللازم والملزوم مثلا اذا حصل الظن النوعى بحياة زيد حصل هذا الظن بنبت اللحية له واما الاصول فلم تكن حجة كذلك مثلا لا تنقض دليل لحجية الاستصحاب فيثبت الملازمة بين الظن بالحدوث والبقاء والمراد ظن شخصى قد تمت الى هنا وجوه الفرق بين الامارات والاصول.

قال المصنف حيث إنّه كما يحكى عن المؤدى اى امارات تحكى عن المدلول المطابقى وكذلك تحكى عن اطرافه اى المعنى الالتزامى يعنى ان المخبر اخبر ثلاث مرات اى الملزوم واللازم

والاثر الذى ثابت للازم واما الاصول فلا تحكى عن ما ذكر فانها تابعة لدليل الحجية كما ذكر فى مسئلة الاستصحاب.

قوله : الثامن انه لا تفاوت فى الاثر المترتب بين ان يكون مترتبا عليه بلا واسطة شىء الخ.

ويكون انعقاد هذا التنبيه لدفع التوهم الذى كان عن استاد المصنف اى الشيخ الاعظم «قدس‌سرهما» فجعل المصنف ضابطة يعرف بها مورد الاصل المثبت وغيره والمراد من التوهم انه يلزم الاصل المثبت بجريان الاستصحاب فى الموارد التى تذكر بعدا ودفع صاحب الكفاية هذا التوهم بجعل الضابطة.

وتوضيحها ان ثبوت الحكم الواقعى لموضوع انما يكون بلا واسطة وكذا فى باب الاستصحاب اى يكون اثبات الحكم الظاهرى للمستصحب بلا واسطة اذا ثبت معها فهو الاصل المثبت قد ذكر شيخنا الاستاد امثلة لثبوت الحكم الواقعى بلا واسطة المثال الاول ما ذكر فى باب النكاح وهو : يحرم على الذكر بالنسب تسعة اصناف من الاناث وذكر بعده ويحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب اى يثبت الحكم الواقعى لهذا العنوان بلا واسطة مثلا يثبت لعنوان الرضاع بلا واسطة فلا يثبت الحكم الواقعى له مع الواسطة.

مثلا اذا تزوج شخص بامرأة مات زوجها وكانت لها بنت من الزوج السابق وكان لهذا الشخص ابن من الزوجة السابقة فلم يثبت الحكم اى حرمة النكاح بينهما لعدم صدق عنوان الرضاع بينهما بلا واسطة وان صدق مع الواسطة اى كانت

لهذه الزوجة بنت من الزوج الثانى وهى واسطة لصدق العنوان اى كان هذا الابن اخا لتلك البنت بتوسط البنت التى كانت لأبه من الزوجة الثانية هذا مثال لعدم ثبوت الحكم الواقعى مع الواسطة.

المثال الثانى اذا عقد شخص امرأة بالعقد الفضولى ولا يخفى ان الاجازة فيه من اجزاء العقد وهى اما ناقلة واما كاشفة وايضا الكشف اما حقيقي واما حكمى ولا كلام فى الكشف الحقيقي واما اذا كان حكيما فهو محل بحث وقد ذكر فى محله ان المراد من الكشف هو كشف حكمى لان العقد الفضولى خلاف القاعدة والمراد منه ان يترتب آثار الزوجية من حين العقد اى الآثار التى تترتب بلا واسطة كوجوب النفقة وعدم الجمع بينها وبين اختها وحرمة امها ابدا.

واما اذا زنى شخص بهذه المرأة هل يصدق عليه الزنا بذات البعل ام لا؟ اى تصير محرمة عليه حراما مؤبدا فيقال لم يكن هذا زناء بذات البعل لان هذا الحكم يثبت مع الواسطة لان الاجازة جعلت كاشفا حكميا فهذه الاجازة ثابتة للزوجية وبعد هذه الواسطة يترتب الزناء بذات البعل فلا اعتبار بهذا الحكم لان الحكم الواقعى ما يترتب بلا واسطة ولكن الحكم المذكور انما يترتب بتوسط كون الاجازة كاشفا حكيما قد ثبت الى هنا ان الحكم الواقعى ما يثبت للشيء بلا واسطة.

وكذا فى باب الاستصحاب فان المراد فيه هو اثبات الحكم الظاهرى للمستصحب بلا واسطة وقد علم انه يصح فى بعض الموارد استصحاب الشخص وكذا يصح استصحاب الكلى والظاهر ان الحكم يجيء على العنوان الكلى مثلا الحرمة تجىء على

طبيعة الخمر لا على فرده ولكن اذا اخذ الموضوع من الخارج وثبت الحكم له فليس هذا اصلا مثبتا مثلا جعل زيد موضوعا وثبت حكم الانسان له فلا اشكال فيه اى اذا شك فى كون زيد فى الدار استصحب وجوده فيها فيحمل آثار الانسان عليه ولا يخفى ان هذا لم يكن اصلا مثبتا لان هذا استصحاب كلى باعتبار الوجود اى وجود الكلى انما يكون باعتبار وجود الشخص فان لم يكن للشخص اثر فالاثر مختص للكلى لكن يحمل على الفرد الخارجى لان وجود الكلى عين وجوده.

واعلم ان الكلى اما ذاتى واما عرضى والاول على ثلاثة أقسام اى الجنس والنوع والفصل مثلا اذا استصحب الشخص وحمل عليه اثر الجنس او النوع فلم يكن هذا اصلا مثبتا لعدم وجود المستقل لهذه المذكورات بل وجودها عين وجود الاشخاص كما قال صاحب القوانين «قدس‌سره» مثلا زيد قد يلاحظ مع البقر والغنم فينتزع عنه الحيوانية وقد يلاحظ مع الشجر فينتزع عنه النامية وقد يلاحظ مع الحجر فينتزع عنه الجسمية فظهر ان وجود الكلى انما يكون بوجود اشخاصه هذا بيان للكلى الذاتى.

واما ان يكون الكلى عرضيا وهو قسمان اى الاعراض الخاصة والعامة مثلا استصحب شخص ويحمل عليه اثر العنوان العرضى أى اثر الكاتبية والضاحكية وايضا ان العنوان العرضى على القسمين اى خارج المحمول والمحمول بالضميمة والفرق بينهما ان خارج المحمول لم يكن بحذائه شىء فى الخارج الا منشأ انتزاعه اى هو خارج عن الذات ويحمل عليها واذا كان الاثر لهذا العنوان العرضى

ورتب على الفرد فهذا صحيح ولم يكن الاصل المثبت لعدم وجود المستقل للخارج المحمول بل يكون وجود هذا العنوان بوجود اشخاصه.

وقد عرف الى هنا الخارج المحمول الآن يبين المحمول بالضميمة قال شيخنا الاستاد ان تسمية هما بالاسمين محض اصطلاح والاكل منهما خارج عن الذات وكان الكلام فى الفرق بينهما وعرف الخارج المحمول واما المحمول بالضميمة فهو ما كان مبدأ اشتقاقه موجودا فى الخارج.

وتوضيحه ان السواد والبياض منشأ الاشتقاق وكان لهما وجود مستقل ويحملان مع ضميمة فاذا كان لهما اثر فلم يصح اثباته للفرد لكونه اصلا مثبتا اى اذا كان للواسطة وجود مستقل فترتب اثرها للمستصحب من الاصل المثبت وقال بعض ان المحمول بالضميمة هو الاسود والابيض فلا يصح لان وجودهما ليس مستقلا.

وكذا يلزم الاصل المثبت اذا كان المستصحب والواسطة متبائنين مثلا اذا تعلق العلم الاجمالى بنجاسة احد الظرفين واستصحب طهارة احدهما فلم يثبت حكم النجاسة للآخر لان وجوده مستقل بل كان فيه الشك البدوى فتجرى اصالة الطهارة فان قلت ان قضية العلم الاجمالى نجاسة احدهما فكيف تجرى اصالة الطهارة فيه قلت انه ينحل لخروج احد الطرفين بالاستصحاب وخرج الطرف الآخر عن محل الابتلاء.

الحاصل ان التنبيه الثامن كان لدفع التوهم الناشي عن الشيخ والمراد منه ان ثلاثة موارد الاصل المثبت على مذهبه

ولكن المصنف جعل الاصل المثبت موردا واحدا توضيحه ان الاثر : اما ان يكون للعنوان الذاتى اى الكلى الذى كان وجوده عين وجود اشخاصه : واما ان يكون الاثر للعنوان العرضى وهذا اما ان يكون الخارج المحمول واما ان يكون المحمول بالضميمة.

فقال الشيخ انه لا يصح اثبات الاثر للمستصحب بتوسط هذه العناوين لانه مستلزم للاصل المثبت واما المصنف فدفع هذا التوهم بان الاصل المثبت انما يكون فى مورد واحد وهو ما كان العنوان العرضى فيه محمولا بالضميمة وكذا المصنف جعل الضّابطة لمعرفة الاصل المثبت اى اذا كان الاثر للشيء الذى كان له الوجود المستقل فاثبات هذا الاثر للمستصحب اصل مثبت واما اذا كان الاثر للشيء الذى لم يكن له وجود مستقل فاثبات هذا الاثر للمستصحب لم يكن اصلا مثبتا.

قوله كذا لا تفاوت فى الاثر المستصحب او المترتب عليه الخ.

كان الكلام فى اول التنبيه الثامن مع الشيخ (قده) واجاب المصنف عن توهمه اى قد توهم الشيخ ان ثلاثة موارد اصل مثبت واجاب المصنف بان الاصل المثبت انما يكون فى المورد الواحد اى فى المورد الذى كان العنوان العرضى محمولا بالضميمة الآن يبحث من المورد الثانى من الموارد التى توهم كون الاصل فيها مثبتا كاستصحاب الجزئية والشرطية فاجاب المصنف عن هذا التوهم بقوله وكذا لا تفاوت فى الاثر المستصحب الخ. والظاهر ان المستصحب اما ان يكون حكما كاستصحاب الوجوب

او الحرمة واما ان يكون موضوعا ذا اثر شرعى كاستصحاب الاستطاعة فى مسئلة الحج فيترتب عليه وجوب الحج وكاستصحاب حيوة زيد فيترتب عليه وجوب نفقة زوجته.

وكذا يصح الاستصحاب اذا كان المستصحب من الاحكام الوضعية كالقضاوة والولاية والوكالة فهذه الاحكام مجعولة بجعل الشارع مثلا اذا شك فى القضاوة فاستصحابها صحيح اى كان الشخص قاضيا فشك فيه فيستصحب قضاوته لوجود اليقين السابق والشك اللاحق وكذا يصح استصحاب الوكالة والولاية فلا اشكال فى هذه المذكورات لكونها مجعولة بالجعل الاستقلالى.

واما اذا كان الحكم الوضعي مجعولا بالتبع وبمنشإ انتزاعه كالجزئية والشرطية والمانعية فتوهم بعض انها ليست من الآثار الشرعية فلا يصح استصحابها ولكن المصنف يقول لا تفاوت بين ان يكون مجعولا شرعا بنفسه كالحكم التكليفي وبعض انحاء الحكم الوضعي كالقضاوة والولاية.

وكذا لا تفاوت فى المستصحب ان يكون مجعولا بمنشإ انتزاعه اى لا يضر فى الاستصحاب ان يكون المستصحب مجعولا بالتبع مثلا الطهارة مجعولة شرعا فينتزع منها الشرطية اى ينتزع من الطهارة الحدثية والخبثية الشرطية والطهارة من الحدث من الامور الواقعية بالجعل الشارع واما الطهارة من الخبث فهى من الامور الظاهرية مثلا اذا كان الشخص متيقنا بالطهارة وشك فى الزمان الثانى فيها استصحب بقاء الطهارة.

وكذا يصح استصحاب الشرطية لكونها مجعولة بمنشإ انتزاعها اى الطهارة وكذا يصح استصحاب الجزئية مثلا جعل

المركب مأمورا به كالصلاة فهى مركبة من الفاتحة والسورة والركوع والسجود اى كان المركب كالمعجون فيجعل الجزئية لكل هذه الاجزاء لكن المجعول اولا نفس المركب اى الامر تعلق على الصلاة لكن السورة مجعولة بالتبع فيصح استصحابها.

وكذا المانعية والرافعية فانهما مجعولتان بالتبع والفرق بينهما ان الحدث ان كان اولا فهو مانع عن الصلاة وان وقع فى بينها فهو رافع فاستصحاب الطاهرة او المانع كنجاسة الخبثية لترتب الآثار الشرطية وهى جواز الدخول فى الصلاة وترتيب آثار المانعية وهى عدم جواز الدخول فيها ليس بمثبت اى استصحابهما ليس مثبتا لكون الشرطية والمانعية مجعولتين شرعا بجعل منشأ انتزاعهما مثلا الطهارة مجعولة والشرطية منتزعة عنها وكذا ازالة النجاسة شرط فى الصلاة والمانعية منتزعة عنها اى عن النجاسة.

وقد ذكر فى اول باب الاستصحاب عند قوله ومنها ما يمكن فيه الجعل استقلالا بانشائه وتبعا للتكليف بكونه منشئا لانتزاعه قد ذكر اولا البحث السببية والشرطية والمانعية وذكر ثانيا البحث الجزئية والشرطية والمانعية والقاطعية فان هذه المذكورات تنتزع من المستصحب مثلا ينتزع من استصحاب الطهارة الشرطية فيصح استصحاب ذات الشرط وذات مانع وكذا يصح استصحاب العنوان المنتزع.

والفرق بينهما ان المراد من ذات الشرط اى الطهارة وذات المانع اى الحدث والنجاسة والمراد من العنوان المنتزع هو

الوصف العنوانى كالشرطية والجزئية والمانعية فاستصحاب هذا العنوان لم يكن اصلا مثبتا لانها مجعولة بالتبع وان توهم الشيخ ان استصحابها الاصل المثبت.

قوله فافهم.

اشارة الى ان المستصحب انما يكون ذات الشرط والمانع ولا يصح استصحاب الوصف العنوانى اى هذا تأييد لقول الشيخ.

قوله وكذا لا تفاوت فى المستصحب او المترتب بين ان يكون بثبوت الاثر ووجوده الخ.

هذا اشارة الى المقام الثالث اى ان الشيخ توهم بعدم صحة الاستصحاب فى الموارد الثلاثة قد ذكر المورد ان منها مع دفع توهمه الآن يذكر المورد الثالث اى ذكر سابقا ان المستصحب حكم شرعى او موضوع ذو اثر شرعى فلا اشكال فيه واما اذا استصحب عدم وجوب الشيء او عدم حرمته فهذا شىء عدمى فلا يصح استصحابه لان العدم لم يكن مجعولا شرعيا والمستصحب اما ان يكون حكما شرعيا او موضوعا ذا اثر شرعى.

فاجاب المصنف عن هذا التوهم بقوله وكذا لا تفاوت فى المستصحب اى لا فرق فى الاستصحاب بين الشيء الوجودى والعدمى لان المراد من المستصحب ما كان وضعه ورفعه بيد الشارع فاستصحاب العدم كان الرفع بيد الشارع وهذا يكفى فى كون المستصحب ذا اثر شرعى وسلمنا ان العدم ليس حكما شرعيا لكن لما كان رفعه ووضعه بيد الشارع فهذا المقدار كاف فى مقام الاستصحاب وكذا لا تنقض اليقين بالشك يشمل صورة

اثبات التكليف وصورة نفيه فيصح استصحاب عدم الوجوب وعدم الحرمة. واما الشيخ فقال فى الرسائل فلا وجه للاستصحاب عدم التكليف لان المستصحب ما كان له اثر شرعى وليس اثر لنفى التكليف ولو فرض الاثر لعدم الفعل وعدم الحرمة فهو عدم استحقاق العقاب والظاهر ان هذا الاثر عقلى.

فاجاب المصنف عن هذا الاشكال بان عدم التكليف وضعه ورفعه بيد الشارع فهذا كاف فى مقام الاستصحاب وقال المصنف. ايضا انه يمكن ان يكون عدم استحقاق العقاب اثرا شرعيا لانه اثر عقلى بالنسبة الى الواقع واما اذا كان اعم من الظاهر والواقع فيمكن ان يقال ان عدم استحقاق العقاب اثر لعدم المنع فى الظاهر فهذا اثر تعبدى.

قوله فتأمل.

هذا اشارة الى قول الشيخ اى يقول ان عدم استحقاق العقوبة لا يحتاج الى استصحاب عدم المنع من الفعل لان عدم العلم بالمنع من الفعل كاف فى عدم استحقاق العقاب اى الشك فى المنع من الفعل كاف فيه.

بعبارة شيخنا الاستاد ان مقصود الشيخ فى المقام ابو حكم واحد اى يبحث ان الموضوع لعدم استحقاق هو هل العلم بعدم التكليف ام هو عدم العلم به فقال الشيخ ان الموضوع فى المقام هو عدم العلم بالفعل اى ابو حكم واحد ولم يكن الموضوع العلم بعدم التكليف.

ولا يخفى ان بعض الاشياء ابو الحكمين اى فى صورة العلم

له حكم وفى صورة عدم العلم له حكم آخر اى مقام البحث ابو الحكمين على مذهب صاحب الكفاية ففى صورة العلم بعدم التكليف يحكم بعدم استحقاق العقوبة فى اتيان الفعل او تركه واما فى صورة عدم العلم بالمنع فلا يجوز اتيان الفعل ولا يحكم بعدم استحقاق العقوبة فنحتاج الى استصحاب عدم المنع او عدم امر.

واما على قول الشيخ فالمقام ابو حكم واحد اى فى صورة عدم العلم بالتكليف يحكم بعدم استحقاق العقوبة ولا حاجة الى استصحاب عدم المنع.

فائدة ان المراد من الاصل المثبت ما يثبت الاثر الشرعي بواسطة اثر عقلى واما اذا كان للمستصحب اثر عقلى من دون ان يترتب عليه اثر شرعى فلا يطلق عليه الاصل المثبت.

واشكل هنا شيخنا الاستاد على المصنف حاصله قد ذكر انه يصح استصحاب الجزئية والشرطية والمانعية فهذا لا يصح بالنسبة الى الجزئية لانها اما ان يعطى الوجود لها واما ان لا يعطى اى ليس الوجود الخارجى للجزئية فلا حاجة الى الاستصحاب فى اثبات الجزئية بل يستصحب فيه نفس الامر واما استصحاب الشرطية والمانعية فهو صحيح لوجودهما فى الخارج.

قوله التاسع انه لا يذهب عليك ان عدم ترتب الاثر الغير الشرعي الخ.

ولا يخفى ان الامر الثامن والتاسع والعاشر من متممات الامر السابع لكن جعل المصنف كل منها امرا مستقلا لئلا يخالط ما

هو مقصود من هذه الامور قد علمت فى الامر السابع ان مثبتات الاستصحاب لم تكن حجة لان قاعدة الاستصحاب هى استصحاب حكم شرعى او استصحاب موضوع ذى اثر شرعى واما الاثر الشرعي الذى يترتب على المستصحب بتوسط اللازم العقلى فهو الاصل المثبت وقد ذكر ان ثلاثة موارد محل الاختلاف بين الشيخ وصاحب الكفاية «قدهما» وتوهم الشيخ انها الاصل المثبت ودفع المصنف هذا التوهم.

وقد علم ان المراد من هذه الموارد الثلاثة الاول : ما يكون المستصحب فيه كليا. والثانى ما يكون المستصحب فيه عرضيا وهذا على قسمين اى اما أن يكون خارج المحمول واما ان يكون محمولا بالضميمة قد عرف شرحهما وايضا ذكر ان المجعول اعم من ان يكون بالاستقلال كالقضاوة والوكالة او بالتبع كالجزئية والشرطية وايضا علم ان استصحاب عدم الفعل وعدم الحرمة صحيح ايضا.

فبين المصنف فى الامر التاسع ان الموارد المذكورة لم تكن اصلا مثبتا قد ذكر سابقا ان المستصحب ما يكون وضعه ورفعه بيد الشارع من حيث إنّه شارع لا من حيث إنّه مكون فاذا لم يكن المستصحب حكما شرعيا ولا موضوعا ذا اثر شرعى فهذا الاصل المثبت اى هو ما ثبت فيه اللازم الشرعي بتوسط اللازم العقلى واما اذا لم يكن الاثر الشرعي بل كان المقصود اثبات اللازم العقلى فقط فليس هنا الاصل المثبت ويقال انه لم يكن اثر شرعى فى هذا المورد والظاهر انه اذا استصحب الوجوب ترتبت الآثار العقلية والشرعية.

وقد ذكر سابقا ان بعد الاستصحاب يجعل الحكم المماثل اى كان اعم من الحكم الواقعى والظاهرى فلا فرق بين القطع والظن والاستصحاب فى اثبات الحكم اى دليل الاستصحاب دال على ترتب الآثار العقلية والشرعية على المستصحب وايضا ذكر ان الدليل دال على جعل الحجية للاستصحاب اى لا تنقض اليقين بالشك كان هذا الدليل بمنزلة لا تنقض الحجة.

فيبحث فى باب الاستصحاب للمناسبة من الملازمة بين الحكم العقل والشرع قد علم هذا البحث فى باب مقدمة الواجب اى هل تجب المقدمة بوجوب ذى المقدمة ام لا ولا يخفى ان المقدمة واجبة عقلا ولا نزاع فيه والبحث انما يكون فى الوجوب الشرعي للمقدمة اى هل يتولد من ارادة ذى المقدمة ارادة اخرى الى ـ المقدمة بعبارة اخرى هل يتعدى الوجوب من ذى المقدمة الى المقدمة.

ومن باب المناسبة يذكر هنا الجملة المعترضة قال شيخنا الاستاد ان السيد الجوادى كان مقبرته فى صحن امير المؤمنين عليه‌السلام وكان عالما ومتكلما وسافر لتبليغ الاحكام الاسلامية الى الكاظمين وذهب الى كليسا اى المعبد المسيحى وجاء العالم المسيحى سئل عنه ما تدريسكم فى النجف قال فى الجواب ان دروسنا الفقه والاصول وايضا سئل ما الفقه وما الاصول فقال فى الجواب الفقه ما يبحث فيه من العبادات والمعاملات الى الحدود والقصاص والديات واما الاصول فهو مقدمة للفقه.

وقد ذكر هذه الجملة المعترضة لتوضيح المقدمة فيرجع

الى المقصود اى ان الملازمة بين المقدمة وذى المقدمة عقلية مثلا يجب نصب السلم عقلا واما ترشح الوجوب عنه اليها فهو محل البحث مثلا الحج واجب ولكن يبحث فى وجوب مقدمته شرعا فاذا استصحب وجوب ذى المقدمة فهل استصحب وجوب المقدمة شرعا اى هل تثبت الملازمة بين حكم العقل والشرع فى وجوبها مثل اذا استصحب ذو المقدمة يترتب عليه وجوب المقدمة عقلا فهل يثبت وجوب المقدمة شرعا من باب الملازمة بين حكم العقل والشرع.

قوله فان آثاره شرعية كانت او غيرها تترتب عليه الخ.

واعلم ان الاقسام المتصورة فى هذا المقام على عشرة اقسام ويحتمل أن تكون هذه الاقسام من الاصل المثبت واستثنى اربعة اقسام من الاحتمال المذكور ولكن لا يظهر ان هذا الاستثناء متصل او منقطع اى هذه الاقسام الاربعة لم تكن اصلا مثبتا على مذهب المصنف.

وتوضيح هذه الاقسام : الاول ما استصحب الحكم بتوسط الاثر العقلى الذى كان اعم من الظاهرى والواقعى فيترتب حينئذ الاثر الشرعي الذى كان لازما للاثر العقلى. والثانى : ما استصحب الموضوع وكان له الاثر العقلى الذى اعم من الظاهرى والواقعى فان كان له الاثر الشرعي صح ترتبه. الثالث : ما استصحب الموضوع الذى كان له الاثر الشرعي بتوسط اثر عقلى اعم من الظاهر والواقع. الرابع : ما استصحب الموضوع الذى كان مجعولا شرعيا ويترتب عليه الاثر الشرعي بتوسط

الاثر العقلى الذى كان اعم من الظاهرى والواقعى.

فيصح ترتب الاثر الشرعي والعقلى فى هذه الموارد الاربعة لتحقق الموضوع بتوسط اثر عقلى اعم من الظاهرى والواقعى.

واما الصور التى لا يصح الاستصحاب فيها فهى ستة : والاول ما يترتب فيه اللازم العقلى على الموضوع الخارجى الذى كان غير مجعول : والثانى ان يترتب الاثر العقلى على الموضوع الخارجى كان مجعولا ولكن كان هذا الاثر مختصا للواقع : والثالث ان يستصحب موضوع الحكم الذى كان له اثر شرعى بتوسط الاثر العقلى الواقعى : والرابع ان يستصحب الموضوع الخارجى الذى كان له اثر شرعى بتوسط الاثر العقلى الواقعى : والخامس ان يستصحب الشيء الذى كان له الاثر العقلى الواقعى : والسادس ان يترتب الحكم العقلى على وجود الحكم الواقعى الذى استصحب.

فلا يصح هذه الصور المذكورة لانها الاصل المثبت ولا يخفى ان الآثار العقلية فى هذه الموارد انما تكون للموضوع الواقعى فلا تترتب بالاستصحاب مثلا اذا نذر شخص باعطاء درهم للفقير ان كان زيد حيّا مع انبات اللحية فهو مختص بالواقع اى فليكون انباتها فى الواقع فلا يترتب الحكم الشرعي اى وجوب اعطاء الدرهم فى هذه الصورة لعدم ثبوته فى الواقع اى لا يثبت هذا بالاستصحاب

قوله : العاشر انه قد ظهر مما مر لزوم ان يكون المستصحب حكما شرعيا الخ.

قد ذكر ان المستصحب اما حكم واما موضوع ذو حكم

فيسأل هل يعتبر هذا فى حال الثبوت والبقاء ام يكفى ما ذكر فى حال البقاء وقال المتوهم ان المعتبر كون المستصحب حكما او موضوعا ذا حكم فى حال الثبوت والبقاء فدفع هذا التوهم اى يكفى ما ذكر فى حال البقاء

ولا يخفى ان النسبة بين الحالتين هى العموم والخصوص من وجه اى يمكن ان يكون المستصحب حكما شرعيا فى مرحلة الثبوت والبقاء وكذا يمكن ان يكون حكما شرعيا فى مرحلة الثبوت فقط وايضا يمكن ان يكون حكما شرعيا فى مرحلة البقاء فحسب والظاهر انما يكفى هذا فى صورة اثبات الحكم المماثل واما ان قلنا انما يثبت بالاستصحاب نفس الحكم السابق فلا بد ان يكون المستصحب حكما فى مقام الثبوت فهذا دال على صحة قول المتوهم اى يعتبر ثبوت حكم او موضوع ذى حكم فى مرحلة الثبوت.

واما صاحب الكفاية فيقول ان المعتبر هو ثبوت حكم او موضوع ذى حكم فى مرحلة البقاء واما ان كان الحكم فى مرحلة الثبوت ايضا فهو نور على نور بعبارة شيخنا الاستاد اگر حكم ويا موضوع صاحب حكم هم در مرحلة ثبوت باشد وهم در مرحلة بقاء باشد اين شيرين تر مى شود.

وقد بيّن هنا الموارد التى كان الحكم موجودا فيها فى مرحلة البقاء وان لم يكن كذلك فى مرحلة الثبوت اى كان الحكم موجودا بقاء فى اربعة موارد.

الاول ما استصحب فيه عدم التكليف لانه حادث بل كل موجود حادث وقد ذكر الشيخ فى الرسائل ان العالم حادث اى ذكر

هناك فى باب القطع : وكلما حصل القطع من دليل نقلى مثل القطع الحاصل من اجماع جميع الشرائع على حدوث العالم زمانا فلا يجوز ان يحصل القطع على خلافه من دليل عقلى اى قال ان النقل مقدم على العقل فالعالم حادث وهذا ضرورى عند كل ملل ونحل.

فثبت حدوث التكليف بالبيان المذكور واذا شك فى الاحكام التكليفية استصحب عدمها فهذا المستصحب لم يكن بحكم مجعول فى الازل اى هو عدم ازلى وكذا يقال له هو عدمى فى لم يزل فهما اى ازل ولم يزل عبارة من الماضى والمراد من ازلى اى لا اول له وابدى اى لا آخر له وسرمدى اى لا اول ولا آخر له ولا يخفى ان ما ذكر من اوصافه تعالى ولم يزل اخذ من مادة زال واما ازل فاخذ من مادة اخرى.

فيرجع الى ما نحن فيه اى لم يكن الحكم فى الازل وفى لم يزل ولكن كان الحكم فى لا يزال اى المستقبل والظاهر ان استصحاب عدم التكليف مجعول فيما لا يزال وهو عبارة من المستقبل فيصح استصحاب عدم الحكم لان الرفع والدفع انما يكون بيد الشارع من حيث إنّه شارع لا من حيث إنّه مكون فاذا كان رفع الشيء ودفعه بيد الشارع من حيث إنّه مكون فهذا خارج عن محل البحث.

والظاهر ان نسبة القدرة الى الوجود والعدم مساوية واذا كان وجود الشيء بيد الشارع فعدمه بيده ايضا فظهر ان عدم التكليف لم يكن مجعولا فى الازل ومقام الثبوت واما فى مقام البقاء فيصح ان يكون مجعولا قد ذكر الى هنا المورد الاول وهو

ما لم يكن حكما اصلا كما فى استصحاب العدم الازلى للاحكام.

الثانى ما كان كذلك اى كان حكم للشيء ولكن لم يكن فعليا كما فى استصحاب الحرمة المعلقة فى مسئلة الزبيب.

الثالث ما كان موضوعا لا حكم له كاستصحاب عدم القرشية حين عدم وجود المرأة فانه لا اثر له وانما هو بعد وجودها اى كان الاثر فى مرتبة البقاء بعد وجود المرأة فاذا شك فى قرشيتها استصحب عدم قرشية واما فى مرتبة الثبوت فالموضوع هو العدم الازلى اى لم يكن فى الازل المرأة حتى تكون قرشية.

الرابع ما له حكم غير فعلى اى كان الموضوع ذا حكم ولم يكن هذا الحكم فعليا فى مرتبة الثبوت ولكن كان الحكم الفعلى لهذا الموضوع فى مرتبة البقاء مثلا اذا أتيت الصلاة غفلة فليس لها حكم فى هذا الحال ولكن يصح استصحاب الوجوب بعدا.

فتمت الى هنا الموارد الاربعة التى لا يقبل الخصم استصحابا فيها بان يقول لا حكم فى هذه الموارد فى مرتبة الثبوت اى لم يكن المستصحب فى هذه الموارد حكما ولا موضوع ذا حكم فى مقام الثبوت.

واما صاحب الكفاية فيقول ان الاستصحاب صحيح فى هذه الموارد باعتبار مرتبة البقاء اى ان كان الحكم فى مرحلة البقاء او كان موضوع ذو حكم فيها فهذا كاف فى صحة الاستصحاب وقد ذكر ان استصحاب عدم قرشية لا اثر له فى مقام الثبوت لان هذا عدم ازلى اى لم تكن المرأة موجودة حتى يترتب عليها عدم قرشية واما فى مقام البقاء اى بعد وجود المرأة فيصح استصحاب عدم قرشيتها وكذا اتيان الصلاة غفلة اى لم يكن الحكم الفعلى

لهذه الصلاة واما فى مرتبة البقاء فلها حكم فعلى لانها واجبة فاذا شك فى وجوبها استصحب وكذا استصحاب حياة زيد الى زمان موت والده مثلا سافر زيد الى مكان بعيد فشك فى حياته فلا اثر لاستصحاب الحياة بالنسبة الى الارث من الاب لكونه معلقا على موته ولكن كان الاثر الفعلى لهذا الاستصحاب فى مرتبة البقاء اى بعد موت والده.

وكذا لا حكم فى عدم التكليف فى الازل اى لا حكم فيه حتى يقال انه بيد الشارع واما فى مرحلة البقاء اى بعد جعل القانون فكان الحكم الذى هو بيد الشارع وقد ذكر ان نسبة القدرة مساوية الى الوجود والعدم فاستصحاب عدم التكليف حينئذ صحيح لان رفعه ودفعه فى يده كوجوده والظاهر ان اثبات حكم مماثل انما يكون فى المورد الذى كان دفعه بيد الشارع.

ولا يخفى ان الجعل الذى كان عن الله تعالى على قسمين اى تكوينى وتشريعى والمراد من الجعل التشريعي اى تشريع القانون والقواعد التى يعمل بها فكان البحث فيه اى اذا شك فى هذه القواعد استصحب عدمها لان الشارع من حيث إنّه شارع كان الرفع والدفع بيده ولا بحث فى هذا المقام من حيث إنّه مكون لانه انما يكون فى مقام التشريع.

قوله : الحادى عشر لا اشكال فى الاستصحاب فيما كان الشك فى اصل التحقق حكم او موضوع الخ.

اى فيجرى استصحاب عدم الحكم وعدم الموضوع من غير الفرق بين ان يكون الاثر مترتبا على نفس العدم او على الوجود

ولا يخفى ان اصل وضع التنبيه الحادى عشر انما يكون لبيان ما هو معروف فى الالسنة من اصالة تأخر الحادث اى هل يصح هذا ام لا؟ فقال ان هذا صحيح وقال بعض انه لا يصح جريان هذا الاصل وقال بعض آخر ان التفصيل حسن اى ان كان هذا الحادث بسيطا فلا يجرى الاصل واما ان كان مركبا فيجرى ويجيء تفصيل هذا.

ورتبت هنا مقدمة لتوضيح ما نحن فيه وهى ان التقدم والتأخر كانا من المتضايفين اى لا يمكن تعقل كل منهما الا بالقياس الى تعقل الآخر مثلا لا يتعقل مفهوم التقدم الا بتعقل مفهوم التأخر فالمراد من التقدم هو عبارة عن وجود الشيء قبل وجود شىء آخر ولا فرق فى ذلك بين الزمان والزمانى مثلا لم يكن هذا فى يوم السبت فلم يكن فى يوم الاحد هذا مثال تقدم الزمان واما تقدم وتأخر زمانى فكتقديم اب على ابن.

ولا يخفى ان التقدم امر بسيط وعنوان منتزع مثلا اذا وجد شىء قبل شىء آخر انتزع عن هذا التقدم وكذا التأخر فانه امر بسيط انتزاعى مثلا اذا وجد الشيء بعد شىء آخر انتزع عنه التأخر هذا بيان للتقدم والتأخر البسيطين.

واما اذا قلنا ان التقدم والتأخر مركبان فالتقدم عبارة عن وجود الشيء قبل وجود شىء آخر والتأخر هو وجود الشيء بعد الشيء السابق اى كان وجود اللاحق بعد وجود الشيء السابق وكذا العدم اى ما كان معدوما فى السابق فوجد فى اللاحق وقد بين الى هنا معنى التقدم والتأخر.

واما الحدوث فهو فى مقابل القدم فهو نحو من الوجود

الخاص اى اول وجود فى مقابل القديم او البقاء فالحدوث امر بسيط انتزاعى اى ينتزع من اول وجود فى الوقت المعين ويحتمل ان يكون الحدوث مركبا من العدم السابق والوجود اللاحق اى اول وجود.

واذا تمت المقدمة فيرجع الى ما نحن فيه اى اذا كان الشك فى تقدمه بعد القطع بتحققه وحدوثه فى زمان فهل يثبت الحكم او الموضوع فى هذا المورد بالاستصحاب ام لا مثلا ثبت الكرية ولكن لا يعلم انها كانت فى يوم الجمعة او فى يوم السبت واذا استصحب عدمها فى يوم الجمعة فلم يثبت التأخر اى لم يثبت وجود الكرية فى يوم السبت لان هذا اصل مثبت.

ويذكر هنا مثال آخر لتوضيح ما نحن فيه قد ذكر فى الفقه انه لا يجوز للراهن التصرف فى العين المرهونة الا باذن المرتهن ومع اذنه يجوز تصرفه فيها ولكن اذا رجع عن اذنه فلا يجوز التصرف واذا شك ان هذا الرجوع هل كان فى يوم الخميس ام فى يوم الجمعة فاذا استصحب عدمه فى يوم جمعة فلم يثبت انه كان فى يوم الخميس حتى يصح بيع العين المرهونة فى يوم الجمعة وكذا الكرية لا تثبت بالاصل مثلا اذا استصحب عدمها فى يوم الجمعة فلم يثبت انها كانت فى يوم السبت.

فظهر ان التقدم والتأخر عنوان انتزاعى بسيط فلا يثبت بالاصل واما اذا كانا مركبين صح اثباتهما بالاصل اى فى صورة التركيب يثبت احد الجزءين بالاصل والآخر بالوجدان والمراد من المركب هو ان يكون التقدم مركبا من الوجود والعدم مثلا يقال ان التقدم عبارة من الوجود بان لم يكن قبل هذا فيصح ان

يقال ان الاصل عدم التقدم الطهارة فلازمه تأخرها ولكن تأخرها ذو اثر ويترتب هذا الاثر لعدم التقدم لان الواسطة اى تأخر الطهارة خفية وكذا يصح ترتب الاثر فى صورة عدم التفكيك بين اصالة عدم التقدم الطهارة وبين الاثر الذى كان لتأخرها

واما الحدوث ففى صورة كونه بسيطا لا يثبت بالاصل اى اذا استصحب عدم الشيء فى يوم الخميس فلم يثبت حدوثه فى الجمعة واما اذا قلنا ان الحدوث مركب من الوجود والعدم فهو ثابت بالاصل اى يثبت احد الجزءين بالاصل والآخر بالوجدان مثلا العدم فى الخميس يثبت بالاصل واما وجوده فى يوم الجمعة فيثبت بالوجدان.

قد ذكر الى هنا مطلبان الاول ما ذكر المصنف بقوله لا اشكال فى الاستصحاب فيما كان الشك فى اصل تحقق حكم او موضوع اى اذ شك فى تحقق حكم او موضوع ذى حكم استصحب عدهما ولا فرق بين استصحاب الوجود والعدم ولا يخفى ان العدم اما ان يكون الاثر لنفسه كعدم ازلى اى كان اثر لنفسه لان رفعه ودفعه بيد الشارع واما ان يكون الاثر للمضاف اليه كاستصحاب عدم الوجوب اى كان الاثر للمضاف الذى هو الوجوب فيصح استصحاب عدم ترتب اثر الوجوب.

المطلب الثانى اى اذا كان الشك فى التقدم والتأخر فى الزمان مثلا اذا شك فى كرية الماء فهل كانت فى يوم الجمعة ام فى يوم السبت قد ذكر انه اذا استصحب عدم الكرية فى يوم الجمعة فلم يثبت تأخر فى يوم السبت.

واما اذا قلنا ان التقدم مركب من الوجود والعدم فيصح ترتيب اثر التأخر لعدم التقدم اى كان ترتب هذا الاثر اما من باب عدم التفكيك بين هذا الاثر وبين عدم التقدم واما يترتب اثر التأخر لعدم التقدم من جهة خفاء الواسطة والمراد منها التأخر الذى هو لازم لعدم التقدم وكذا الحدوث اى هو كالتقدم اذا قلنا إنّه مركب من الوجود والعدم فيصح اثباته بالاصل اى يثبت الجزء العدمى بالاصل والجزء الوجودى بالوجدان.

وبعبارة اخرى يثبت اثر الحدوث المتأخر لعدم تقدمه اما من باب عدم انفكاك بين عدم الحدوث فيما تقدم وبين الاثر المتأخر واما يثبت هذا الاثر لخفاء الواسطة اى تأخر الحدوث خفى عند العرف قد كرر هذان المطلبان تبعا لشيخنا الاستاد.

قوله نعم لا بأس بترتيبها بذاك الاستصحاب.

اى هذا بيان لجواز ترتيب آثار حدوث الحادث فى يوم الجمعة باستصحاب عدم حدوثه يوم الخميس بناء على كون الحدوث من الموضوع المركب وقد بين وجه تركبه وقد كان البحث اولا فى اصل الحدوث اى اذا شك فى حدوث حكم او موضوع فالاصل عدمه وايضا ذكر ان الاثر اما يكون لنفس العدم واما يكون لما اضيف اليه وذكر ثانيا ان الموضوع متحقق واما الشك فى زمانه ويذكر هنا المورد الثالث بقوله وان لوحظ بالاضافة الى حادث آخر علم بحدوثه ايضا الخ.

هذا معطوف على قوله فان لوحظ بالاضافة الى اجزاء الزمان والبحث هنا فى الحادثين الذين علم حدوثهما والشك انما يكون

فى التقدم والتأخر اى هذا على قسمين : احدهما ان يكون تاريخ حدوث كليهما مجهولا : وثانيهما ان يكون تاريخ احدهما معلوما والآخر مجهولا مثلا اذا توضأ شخص وصدر عنه الحدث ايضا وشك فى متأخر منهما مع تيقن وقوعهما فهذا محل البحث فى جريان الاستصحاب فى مجهولى التاريخ والمثال الآخر كموت المتوارثين اى كموت الاب والابن فى صورة كون تاريخهما مجهولا فلا يعلم ان موت الاب مقدم او الابن.

وقال الشيخ يستصحب عدم موت احدهما الى الموت الآخر اى يستصحب عدم موت الاب الى موت الابن وكذا يستصحب عدم موت الابن الى موت الاب فيتعارض الاصلان ويتساقطان فلا يثبت اصالة عدم التقدم لاجل التعارض وقال الشيخ يثبت التقارن فى هذا المقام اى اذا قلنا ان الاصل عدم تقدم موت الاب وكذا قلنا الاصل عدم تقدم موت الابن اى يثبت بتوسط جريان هذين الاصلين التقارن فيترتب آثاره اى كان هذه الآثار لعدم تقدم موت الاب والابن كانت الواسطة خفية والمراد منها هو التقارن لانه لازم لاصالة عدم تقدم موت الاب وعدم تقدم موت الابن

فكان دعوى المصنف مع استاده الشيخ (قدس‌سرهما) فى صورة الشك فى التقدم والتأخر اذا كان التاريخ مجهولا قد ذكر كلام الشيخ ويذكر الآن كلام المصنف اى قال إنّه يتصور فى كل من الحادثين ثلاثة عناوين اى التقارن وتقدم موت الاب وبالعكس اى تقدم موت الابن ولكن قد لا يمكن اجتماع العناوين الثلاثة كالوجوب والحرمة اى فى حدوث هذين الحكمين لا يتصور التقارن فيصدق عليهما التقدم والتأخر ولا يخفى ان التقدم

والتأخر من المتضايفين اى يتوقف تعقل احدهما على الآخر وكذا التقارن.

والظاهر ان الاستصحاب انما يصح فى صورة مجهولى التاريخ اذا كان الاثر لاحدهما بنحو خاص مثلا اذا كان موت الاب ذا اثر خاص اى كان الاثر مختصا بتقدمه او تأخره او تقارنه واما اذا كان الآثار للتقدم موت الاب وتأخره فلم يصح الاستصحاب لمعارضة استصحاب تقدم موته مع تأخره وكذا لا يصح استصحاب تقدم موت الاب اذا كان الاثر لتقدم موت الابن وجه عدم الصحة هو تعارض الاستصحابين اى استصحاب تقدم موت الاب والابن.

ويذكر هنا الصور السّتّة واما الاستصحاب فيصح فى الصورة الواحدة ولا يخفى ان توضيح هذه الصور انما يكون بالمثال الفرضى اى موت الاب والابن : الصورة الاولى ان يكون الاثر لتقدم موت الاب والابن. والثانية : ان يكون الاثر لتأخرهما. الثالثة : ان يكون الاثر لتقارنهما. والرابعة : ان يكون الاثر لتقدم وتأخرهما. والخامسة : ان يكون الاثر لتقدم وتأخر وتقارنهما. والسادسة ان يكون الاثر لتقدم موت الاب خاصة ولا يكون لتأخره وتقارنه اى ان كان الاثر لتقدمه وتأخره فيتعارض استصحاب تقدم موت الاب مع استصحاب تأخره وكذا لا يكون الاثر فى هذه الصورة لتقدم وتأخر موت الابن.

وقد ذكر انه اذا كان الاثر فى تقدم موتهما او كان فى تأخرهما فاستصحابهما يتعارضان ويتساقطان فظهر ان الاستصحاب انما يصح فى الصورة السادسة فقط اى اذا كان الاثر لتقدم موت الاب فحسب.

واعلم ان استصحاب التقدم والتأخر انما يصح فى هذه الصورة اذا كان بنحو مفاد كان التامة اى وجود محمولى واما اذا كان على نحو مفاد كان الناقصة فلا يصح الاستصحاب توضيحه ان استصحاب عدم تقدم موت الاب يصح اذا كان بنحو مفاد كان التامة والوجود المحمولى مثلا اذا استصحب الوجود المقدم فهذا صحيح وكذا يستصحب عدم الوجود لان هذا عدم ازلى وله حالة سابقة.

واما اذا كان بنحو مفاد الناقصة والوجود النعتى فلا يصح استصحاب عدم تقدم موت الاب فى المثال المذكور لاختلال احد ركنى الاستصحاب اى اليقين السابق حيث ان اتصاف موت زيد بكونه مقدما على موت ابنه غير متيقن سابقا حتى يستصحب اى لم يكن متيقنا فى الزمان السابق وكذا لا يصح استصحاب مفاد ليس الناقصة والمراد منه هو كان الناقصة مع زيادة ما نافية فى اوله وجه عدم صحة الاستصحاب هو عدم الحالة السابقة لمفاد ليس الناقصة لان هذا تابع للوجود اى ان كان للوجود حكم فكذا العدم.

والظاهر ان الاثر انما يكون للوجود الاول واما فى صورة ليس الناقصة فيصير هذا الوجود معدوما مثلا كرية اول وجود ويصير معدوما فى الزمان الثانى ولا يخفى ان المراد من الحادث هو الوجود الاول واما الوجود الثانى والثالث والرابع فلا يطلق عليها الحادث بل يطلق عليها بقاء الوجود.

واما اذا كان على نحو كان التامة فالاستصحاب صحيح وكذا

اذا كان على نحو مفاد ليس التامة والمراد منه هو كان التامة اذا دخل عليه ما النافية والا لم يوجد استعمال ليس التامة عند نحويين كما قال ابن مالك فى ألفيته : والنقص فى فتى وليس زال دائما قفى : اى استصحاب عدم تقدم موت الاب يصح على نحو ليس التامة والمراد منه العدم الازلى بعبارة اخرى يصح من باب القضية السالبة بانتفاء الموضوع.

قوله واخرى كان الاثر لعدم احدهما فى زمان الآخر فالتحقيق انه ايضا ليس بمورد للاستصحاب الخ.

وهذا معطوف على قوله فتارة كان الاثر الشرعي لوجود احدهما بنحو خاص اى ذكر ان المتقدم والمتأخر اذا كانا مجهولى التاريخ فتارة كان اثر الشرعي بنحو خاص اى كان الاثر لعدم تقدم موت الاب فحسب وايضا يصح هذا الاستصحاب اذا كان ترتب الاثر مفاد كان التامة واما اذا كان ترتب الاثر على نحو كان الناقصة فلا يصح الاستصحاب.

ويقول لا يصح ايضا فى مورد آخر توضيحه انه اذا كان اثر مترتبا على المعدوم فى زمان وجود الآخر اى يترتب الاثر على المعدوم عند وجود الآخر فهل يصح الاستصحاب فى هذا المورد ام لا وقال المصنف فالتحقيق انه ايضا ليس بمورد للاستصحاب لان شرط الاستصحاب هو اتصال اليقين السابق مع الشك اللاحق واذا لم يكونا متصلين فهذا موجب لانتفاء الحالة السابقة.

ولا يخفى ان العنوان الذى يكون مأمورا به او المنهى عنه فشرطه ان يكون محققا ولا يجيء الامر فى صورة الشك فى

العنوان فكذا فى المقام انما يجرى الاستصحاب فى المعدوم الذى كان محققا اى الوجود الاول الذى صار معدوما عند وجود الآخر شرطه ان يكون محققا.

وبعبارة اخرى شرط الاستصحاب هو تحقق الصغرى ونظير ذلك مثلا احراز الخمر انما يكون بيدك والحكم بحرمته كان عن الشارع اى لم يكن احراز الموضوع بيد الشارع بل يبين الحكم الكلى فكذا فى المقام اذا تحقق العدم السابق فلا يجوز نقضه بالشك.

واما اذا شك فى نقض اليقين بالشك فلم يكن فى هذا المورد نقض اليقين مثلا اذا فرضنا العلم بعدم الكرية والملاقاة يوم الاربعاء وايضا فرضنا العلم بحدوثهما يومى الخميس والجمعة مع الجهل بتقدم احدهما على الآخر فلا يصح استصحاب الكرية قبل الملاقاة وكذا لا يصح استصحاب عدم الكرية قبل الملاقاة لعدم العلم بالحالة السابقة ولا يخفى ان الفرض المزبور انما يكون فى صورة ترتب الاثر على نحو كان الناقصة او ليس الناقصة وبعبارة اخرى بان يكون الاثر مترتبا على عدم النعتى.

واما اذا كان الاثر مترتبا على عدم احدهما فى زمان على نحو ليس التامة بمعنى عدم تقيد احدهما بالآخر مثلا يترتب الاثر على عدم الكرية من دون تقييده بالملاقاة فحكم هذا النحو هو عدم جريان الاستصحاب ايضا لعدم اتصال زمان المشكوك بزمان المتيقن توضيحه بالمثال المذكور ان عدم الكرية كان يوم الاربعاء وكان العلم بحدوثهما يومى الخميس والجمعة وكان الشك فى عدمها يوم السبت ففصل العلم الاجمالى بالكرية اى

ثبتت اما قبل الملاقاة واما بعدها فليس هنا اليقين بعدم الكرية فى زمان الملاقاة بعبارة اخرى ليس هنا العلم بالحالة السابقة.

قوله : فالتحقيق انه ايضا ليس بمورد للاستصحاب فيما كان الاثر المهم مترتبا على ثبوته للحادث الخ.

هذا اشارة الى عدم صحة الاستصحاب اذا كان ترتب الاثر على المعدوم السابق بنحو مفاد ليس الناقصة وهو كون العدم نعتيا وقد ذكر عدم الحالة السابقة لهذا العدم فلا يصح استصحابه لان الاثر المهم مترتب للحادث المتصف بالعدم فى زمان حدوث الآخر فلم يكن لهذا العدم اليقين السابق وذكر فى العبارة الاثر المهم والمراد منه الاثر الشرعي الاولى واما الاثر الذى هو ناش من النذر والعهد فلا يطلق عليه هذا الوصف.

قوله : لا يقال لا شبهة فى اتصال مجموع الزمانين بذلك الآن الخ.

اى كان الكلام فى المورد الذى يترتب فيه الاثر لعدم احدهما فى زمان وجود آخر بنحو كان التامة وليس التامة وكان النزاع فى هذا المورد بين صاحب الكفاية واستاده الشيخ (قدهما) قال صاحب الكفاية انه لا يجرى الاستصحاب فى هذا المورد لوجود الفصل بين الشك اللاحق واليقين السابق وقال الشيخ انه يجرى الاستصحاب فى المورد المذكور اى اذا ترتب الاثر على عدم احدهما فى زمان وجود الآخر صح استصحاب كل منهما فى زمان وجود الآخر فيتعارضان ويتساقطان مثلا يستصحب عدم موت

زيد فى زمان وجود عمرو وكذا يصح استصحاب عدم موت عمرو فى زمان وجود زيد.

وذكر هذا المثال للتوضيح ومثال آخر لما نحن فيه اى قد ثبت عدم كرية وعدم الملاقاة فى الساعة الاولى وثبت الكرية والملاقاة فى الساعة الثانية والثالثة ولكن لا يعلم ان الكرية مقدمة او الملاقاة وشك فى الساعة الثالثة فى عدم الكرية ففصل الساعة الثانية والثالثة بين اليقين السابق والشك اللاحق فلا يصح الاستصحاب فى هذا المورد لان اليقين زال بتوسط الفصل.

واما الشيخ فيقول ان الاستصحاب صحيح اذا كان استصحاب عدم كل منهما ذا اثر مثلا استصحاب عدم الكرية فى زمان وجود الملاقاة وكذا استصحاب عدمها عند وجود الكرية فتعارضا وتساقطا واما اذا كان الاثر لاحدهما اى مثلا اذا كان الاثر لعدم الكرية فى زمان الملاقاة صح استصحاب هذا العدم بلا معارض.

ولكن صاحب الكفاية يقول لا يصح الاستصحاب فى هذه الصورة ايضا لان اتصال زمان اليقين والشك من اركان الاستصحاب واما فى المقام فاذا كان استصحاب عدم الكرية عند وجود الملاقاة ذا أثر فلم يصح الاستصحاب لانفصال زمان اليقين والشك اى لم تكن الحالة السابقة فى هذا المورد لوجود الفاصلة بين الزمانين ففصل الزمان الثانى اى زمان وجود احدهما بين زمان عدم الكرية وزمان الثالث اعنى زمان الشك ولا يخفى ان الفاصلة لم تكن هنا قطعية لان وجود احدهما فى الزمان الثانى يحتمل ان يكون هذا وجود الكرية ولكن احتمال الفاصلة كاف فى زوال

احد ركنى الاستصحاب.

قوله : لا يقال لا شبهة فى اتصال مجموع الزمانين بذلك الآن الخ.

وهذا اشكال على قول المصنف اى قال لا يصح الاستصحاب فى هذا المورد لوجود الفصل بين زمان اليقين والشك فاجيب عنه بقوله لا يقال اى ان زمانهما متصل فى هذا المورد لان زمان الشك انما هو مجموع الساعة الثانية والثالثة فهو متصل فى الساعة الاولى اى ساعة عدم الكرية والملاقاة فيصح استصحاب عدم الكرية فى المثال المذكور فرد لا يقال.

بقوله فانه يقال نعم ولكنه اذا كان بلحاظ اضافته الى اجزاء الزمان الخ.

اى يقال فى رد لا يقال ان اتصال مجموع الزمانين انما يصح اذا كان الشك فى عمود الزمان مثلا لم يكن الكرية محققة فى الزمان الثانى فشك فى تحققها اى فهذا انما يصح بالنسبة الى الساعة الثانية واما بالنسبة الى الساعة الثالثة فلم يكن الشك فى عمود الزمان لان فيها ثبت العلم الاجمالى بوجودهما اى الكرية والملاقاة ولكن الشك انما يكون فى التقدم والتأخر لا فى اصل وجودهما وقد ظهر ان الاستصحاب انما يصح اذا كان الاثر لعدم كل منهما فى زمان وجود الآخر واما اذا لم تكن الحالة السابقة لهذا العدم فى الفرض المذكور فلم يصح استصحابه.

قوله واما لو علم تاريخ احدهما فلا يخلو ايضا اما يكون الاثر

المهم مترتبا على وجود الخاص الخ.

قد ذكر ان الحادثين اذا كانا فى عمود الزمان فيجرى الاستصحاب فى القطعة المشكوكة ان لم يكن المانع عنه كتعارض الاستصحابين اى قد صار تصور مجهولى التاريخ على اربعة اقسام : الاول ان يكون الاثر مال الوجود على نحو كان التامة. الثانى : الاثر مال العدم على النحو المذكور. الثالث : ان يكون الاثر مال العدم فى زمان وجود الآخر على نحو ليس التامة. الرابع : ان يكون الاثر مال احدهما عند وجود الآخر على نحو ليس الناقصة.

فيكون البحث هنا فيما يكون فيه تاريخ احدهما معلوما والآخر مجهولا مثلا اذا كان الوارث كافرا فاسلم ومات مورثه وكان تاريخ الموت معلوما وتاريخ الاسلام مجهولا فهذا يتصور على اربعة اقسام كمجهولى التاريخ. الاول : ان يكون الاثر المهم مترتبا على وجود الخاص من المقدم والمؤخر والمقارن اى يترتب على احدها فان كان الاثر لتقدمه وتأخره لم يصح استصحابهما للتعارض والتساقط وكذا لا يصح اذا كان الاثر لتقدمهما لذلك ففى المقام يصح الاستصحاب اذا كان الاثر للمقدم فقط مثلا اذا اسلم الوارث الكافر فيكون الاثر له فى صورة تقدمه على موت المورث.

واما اذا كان الاثر لتقدم اسلام الوارث وتأخره فلا يصح الاستصحاب لان استصحابهما يتعارضان ويتساقطان وكذا لا يصح لاجل التعارض اذا كان الاثر لتقدم اسلامه وتقدم موت المورث مثلا.

والظاهر انه يصح استصحاب عدم الحادث فى صورة الشك فى وجود المقدم كالمثال المذكور اى اذا شك فى وجود الاسلام قبل موت المورث القسم الثانى ما بينه المصنف بقوله واما يكون مترتبا على ما اذا كان متصفا بكذا الخ.

هذا اشارة الى القسم الثانى وهو كون الاثر الشرعي مترتبا على وجود احد الحادثين على نحو مفاد كان الناقصة والوجود النعتى مثلا كان الاثر فى الفرض المزبور لوجود الاسلام المقدم فلا مورد للاستصحاب فى هذا القسم لا فى مجهول التاريخ ولا فى معلومه والوجه لعدم صحة الاستصحاب هو عدم الحالة السابقة للوجود المتصف بالتقدم واشار الى القسم الثالث.

بقوله واما يكون مترتبا على عدمه الذى هو مفاد ليس التامة الخ.

هذا اشارة الى ما كان الاثر الشرعي فيه مترتبا على عدم احد الحادثين على نحو مفاد ليس التامة اى على نحو العدم المحمولى فيصح الاستصحاب فى هذا القسم فى مجهول التاريخ مثلا يجرى استصحاب عدم اسلام الوارث قبل موت المورث لاتصال زمان الشك واليقين اى كان اليقين بعدم اسلامه فى الزمان السابق فشك فيه.

واما جريان الاستصحاب فلا يصح فى معلوم التاريخ كموت المورث فى المثال المذكور لانتفاء الشك فيه اى ليس الشك فى زمان حدوثه وانما يكون الشك فيه بالنسبة الى اسلام الوارث ولا يكون الشك فى اصل حدوث موت المورث وقد ذكر الى هنا

ثلاثة اقسام من الاقسام الاربعة ولم يذكر المصنف القسم الرابع لوضوحه اى ما كان الاثر فيه لعدم السابق على نحو مفاد ليس الناقصة ولا يخفى ان ترك هذا القسم كان لاجل وضوحه اى ليس اليقين السابق للعدم الموصوف فى الوقت المعين.

قوله قد عرفت جريانه فيهما تارة وعدم جريانه كذلك اخرى الخ.

هذا تكرار لجميع الاقسام المذكورة ولا يكون هذا التكرار مختصا بالقسم الثالث كما توهمه بعض توضيح هذا قد عرفت ان الاستصحاب صحيح فى القسم الاول اى فيما يكون اثر المهم مترتبا على وجود الخاص وقد مر تفصيله وايضا قد عرفت عدم جريانه فى القسم الثانى اى فيما كان الاثر مترتبا على الوجود على نحو مفاد كان الناقضة وكذا عرفت عدم جريان الاستصحاب فى القسم الثالث اى فيما يكون الاثر مترتبا على العدم بمفاد ليس التامة فى زمان وجود الآخر.

وقد مر المثال فى اقسام مجهولى التاريخ مثلا لم تكن فى الساعة الاولى الكرية والملاقاة ووجد فى الساعة الثانية إحداهما وفى الساعة الثالثة أخراهما فلا يصح استصحاب العدم هنا لاحتمال الفصل بين اليقين والشك اى يحتمل وجود الكرية فى الساعة الثانية فهذا فاصل بين زمان اليقين والشك لان زمان الشك فى الساعة الثالثة واما الشيخ فيقول ان الاستصحاب يجرى فى المورد الثانى والثالث ايضا وهذا البيان انما يكون بالنسبة الى الحادثين مجهولى التاريخ.

واما اذا كان احد الحادثين مجهول التاريخ والآخر معلوم التاريخ فيتوافق صاحب الكفاية والشيخ فى المورد الثالث اى فيما يكون الاثر مترتبا على العدم الذى هو مفاد ليس التامة فى زمان وجود الآخر كترتب عدم الكرية عند وجود الملاقاة فقال الشيخ ان استصحاب العدم يجرى فى هذا المورد فى مجهول التاريخ ولا يجرى فى معلوم التاريخ.

فالمصنف موافق للشيخ فى هذا المورد اى يقول المصنف له انت لا تجوز استصحاب العدم فى معلوم التاريخ وانا لا اجوزه فيه ايضا لوجود الفاصل بين زمان اليقين والشك وهو القطع بوجود ما كان تاريخه معلوما واما فى مجهول التاريخ فيصح استصحاب عدم الحادث لاتصال زمان اليقين والشك مثلا كان فى الزمان الاول القطع بعدم اسلام هذا الوارث وشك فى الزمان الثانى فيه فلا مانع من استصحاب عدم الاسلام قبل موت المورث ولكن لا يصح هذا الاستصحاب فى معلوم التاريخ اى موت المورث فلا يصح استصحاب عدمه فى الزمان الاول لاحتمال وجوده قبل اسلام الوارث.

قوله ولا بين مجهوله ومعلومه فى المختلفين فيما اعتبر فى الموضوع خصوصية من اضافة احدهما الخ.

اى قد ذكر انه لا فرق فى جريان الاستصحاب وعدمه بين الحادثين اذا كانا مجهولى التاريخ وبين ما كان حادثان مختلفين اى كان تاريخ احدهما معلوما والآخر مجهولا وايضا ذكر انه لا يجرى الاستصحاب فى صورة المختلفين فى معلوم التاريخ ولكن

يجرى فى هذه الصورة فى المجهول التاريخ اذا كان على نحو مفاد ليس التامة.

فثبت الفرق بين المختلفين فى الفرض المذكور ويذكر الآن عدم الفرق بين الحادثين فى صورة كون احد الحادثين معلوم التاريخ والآخر مجهول التاريخ اى لا فرق بينهما فى عدم جريان الاستصحاب اذا كان على نحو مفاد ليس الناقصة واعتبر فى الموضوع الخصوصية كما قال المصنف ان الخصوصية ناشئة من اضافة احد الحادثين الى الآخر بحسب الزمان من التقدم او احد ضدية اى التأخر والتقارن مثلا استصحب عدم تقدم اسلام الوارث بالنسبة الى زمان موت المورث فينشأ من هذه الاضافة تقييد العدم بالوقت المعين فلا يصح استصحاب هذا العدم المقيد لانه لم يكن متيقنا فى السابق اى لم يكن له الحالة السابقة واشار الى ما ذكر المصنف بقوله ولا بين مجهوله ومعلومه فى المختلفين فيما اعتبر فى الموضوع خصوصية الخ.

اى قد انقدح انه لا فرق فى عدم جريان الاستصحاب فى المختلفين فى معلوم التاريخ ومجهوله اذا كان مفاده على نحو ليس الناقصة والعدم النعتى وعبر المصنف عن هذا بالخصوصية اى قال لا فرق فى المختلفين فيما اعتبر فى الموضوع خصوصية والمراد منها هو تقييد العدم فى الوقت المعين اى يكون الاثر مترتبا لعدم هذا الحادث فى زمان وجود الآخر فى الوقت المعين فلا يجرى الاستصحاب فى المختلفين فى مجهول التاريخ ومعلومه لعدم الحالة السابقة للمستصحب.

فظهر عدم جريان الاستصحاب فى المختلفين اى لم يكن

الفرق فيهما بين مجهول التاريخ ومعلومه فى الصورة المذكورة واما اذا كان الاثر مترتبا على عدم احد الحادثين عند وجود الآخر على نحو ليس التامة فيصح الاستصحاب فى المختلفين فيما كان تاريخه مجهولا ولا يصح فيهما فى ما كان تاريخه معلوما لاحتمال تقدم وجوده فثبت الفرق فى المختلفين فى هذه الصورة بين مجهول التاريخ ومعلومه.

قوله كما انقدح انه لا مورد للاستصحاب ايضا فيما تعاقب حالتان متضادان الخ.

كان البحث الى هنا فى الحادثين كموت الاب والابن وكان الشك فى التقدم والتأخر منهما وقد جعل مجهول التاريخ على اربعة اقسام وكان الاثر مترتبا فى قسمين على الوجود وفى قسمين آخرين على العدم واما اذا كان الاثر مال الوجود فيستصحب العدم ايضا اى يستصحب عدم وجود السابق وكذا جعل على اربعة اقسام اذا كان احد الحادثين معلوم التاريخ والآخر مجهول التاريخ.

ويبحث هنا عن تعاقب حالتين متضادين فى محل واحد اذا شك فى التقدم والتأخر مثلا اذا علم حدوث الطهارة والحدث وشك فى المتقدم والمتأخر فيبحث فى هذا المقام عن جريان الاستصحاب وعدمه اى هل يكون عدم جريانه فى الحادثين المتضادين للتعارض ام يكون لعدم اتصال زمان اليقين والشك وكان النزاع مع الشيخ اى قال إنّه لا يجرى الاستصحاب للتعارض اى تعارض الاستصحابين الحادثين ويقول المصنف انه لا يجرى الاستصحاب لزوال اليقين السابق لعدم احراز اتصال زمان

اليقين والشك.

واعلم ان الفرق بين ما سبق من الحادثين الذين شك فى المتقدم والمتأخر منهما ـ وبين هذا المورد الذى كان الحادثان فيه متضادين كالطهارة والحدث ـ يكون من وجوه اى يكون الفرق بين الموردين من وجوه : الاول انه ثبت الحادثان فيما سبق فى الموضوعين كموت الاب والابن واما فى هذا المورد فكانا فى موضوع واحد اى كان حدوث الطهارة والنجاسة لشخص واحد.

والفرق الثانى انه كان فيما تقدم احتمال تقارن الحادثين واما فى هذا المورد فلا يمكن تقارن الحادثين المتضادين مثلا لا يمكن وجود الحدث والطهارة فى زمان واحد واما فى هذا المورد فيحتمل العنوانان اى التقدم وتأخر دون التقارن.

الفرق الثالث ان الاستصحاب فى الحادثين فى السابق كان عدميا اى كان المستصحب عدم تقدم موت الاب واما فى الحادثين المتضادين فالاستصحاب وجودى اى يستصحب وجود الطهارة او النجاسة.

واذا عرفت فرق مورد السابق وهذا المورد فاعلم ان الاستصحاب لا يجرى فيما تعاقب حالتان متضادان كالطهارة والنجاسة او كالطهارة والحدث واما عدم جريان الاستصحاب فى هذا المورد انما يكون لعدم اتصال زمان اليقين والشك مثلا وجد احد الضدين فى الساعة الاولى ووجد الآخر فى الساعة الثانية وحصل اليقين بوجودهما فى الساعة الثالثة وشك فى الساعة الرابعة فى الطهارة والحدث اى شك فى كون الشخص متطهرا او محدثا.

فلا يصح الاستصحاب هنا لوجود الفاصلة بين زمان اليقين والشك لان الحادثين كانا مجهولى التاريخ فاذا شك فى الطهارة فلم يصح استصحابها لاحتمال ان يكون الحدث بعد الطهارة فهذا الاحتمال يفصل بين زمان اليقين والشك وهذا كاف فى زوال اليقين السابق وقد ذكر سابقا انه يزول بالفاصلة.

فيسأل هنا اذا لم يصح استصحاب الطهارة فى الحادثين المتضادين فما الوظيفة للمكلف ويقال فى الجواب ان الاشتغال يقتضى البراءة اليقينية وقد ذكر فى اللمعة والشاك فيهما اى فى المتأخر من الطهارة والحدث مع تيقن وقوعهما محدث.

فظهر ان عدم جريان الاستصحاب فى الحادثين المتضادين انما يكون لعدم اتصال زمان اليقين والشك واما عدم جريانه فيما سبق انما هو لتعارض الاستصحابين وقد ذكر سابقا ان عدم جريان الاستصحاب فى عدم تقدم موت الاب او الابن انما يكون لعدم احراز الحالة السابقة او يسقط لاجل التعارض بين الاستصحابين.

قوله الثانى عشر انه قد عرفت ان مورد الاستصحاب لا بد ان يكون حكما شرعيا الخ.

اى كان اصل وضع هذا التنبيه لجريان الاستصحاب فى الامور الاعتقادية كالنبوة ووضع ثانيا لدفع التوهم اى الاستصحاب هل يكون مختصا للاحكام الشرعية بان يكون المستصحب حكما شرعيا او موضوعا ذا حكم شرعى فاجيب فى هذا التنبيه عن هذا التوهم اى يصح جريان الاستصحاب فى الاحكام الشرعية وكذا

فى الامور الاعتقادية فلا فرق فى جريان الاستصحاب فى الحكم الشرعي والعقيدتي وكذا لا فرق فى الموضوع اى سواء كان ذا اثر شرعى او عقيدتى.

قال المصنف فلا اشكال فيما كان المستصحب من الاحكام الفرعية او الموضوعات الصرفة الخارجية ولا يخفى ان الموضوعات الصرفة تكون فى مقابل الموضوعات المستنبطة واما فى هذا المورد فتكون فى مقابل الموضوعات اللغوية اى يصح الاستصحاب اذا كانت ذات آثار شرعية دون غيرها وقد ذكر هذا فى القوانين فى مبحث الحقيقة الشرعية.

وحاصل ما ذكر هناك ان الصلاة اذا استعمل من دون القرينة ولم يعلم ان هذا الاستعمال هل يكون قبل النقل ام بعده فلم يصح هناك استصحاب الموضوع اللغوى لعدم الاثر الشرعي له اى ليس اثر شرعى للمعنى اللغوى هناك ومثال آخر للموضوع اللغوى كلفظ السعيد الموضوع حقيقة لغة لمطلق وجه الارض واذا شك فى نقله الى معنى آخر فانه لا مانع من استصحاب ذلك المعنى لترتب الحكم الشرعي وهو جواز التيمم وقد ذكر ان هذا التنبيه انما وضع لبيان جريان الاستصحاب فى الامور الاعتقادية كالنبوة.

توضيح هذا من تقرير شيخنا الاستاد ان وضع هذا التنبيه اشارة الى ما وقع بين العالم الاسلامى والمسيحى ويذكر اولا هنا الجملة المعترضة وهى ان الطائفة النصارى تابعة لشريعة موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام واما الطائفة اليهود فهى تابعة لشريعة موسى فقط فقال العالم المسيحى للعالم الاسلامى

ان نبوة موسى وعيسى متيقنة ونبوة نبيكم مشكوكة فعليكم باثباتها.

وقد ذكر نظير هذه المسألة فى القوانين باسم بعض الافاضل الاجلة والمراد منه بحر العلوم اى السيد المهدى قد وضع هذا اللقب له فى المشهد المقدس وكان مقبرته فى الجامع الطوسى وكتاب رجاله معروف عند العلماء وقد كتب فى تاريخ حياته انه سافر من النجف الاشرف الى البغداد واذا رجع منه اقام الليل فى چيى فيل وهو مدينة بين النجف والبغداد اذا رجع شخص من البغداد الى مقصد النجف لا يصل اليه من دون السيارة.

واذا اقام البحر العلوم فى مدينة چيى فيل جاء العالم المسيحى عنده وشرع معه فى بحث النبوة اى قال ان نبوة نبينا متيقنة فلا تحتاج الى الدليل واما انتم فتحتاجون فى اثبات نبوة نبيكم الى الدليل لانها مشكوكة فما الدليل لكم فلم يكتب فى الرجال مغلوبية بحر العلوم ولا غالبيته واما فى القوانين فكتب انه صار مغلوبا فى هذا المبحث ولكن قال فى الرجال ان موسى وعيسى لم يكونا كليا بل هما شخصى فلا يصح استصحابهما فقال العالم المسيحى فى الجواب انهما كلى.

اذا تمت الجملة المعترضة رجع الى ما هو مقصود فى هذا المقام وقد ذكر ان هذا التنبيه وضع اولا وبالذات لبيان استصحاب النبوة وكان جوابا عن اشكال العالم المسيحى فقال هنا ان الاستصحاب يجرى فى الامور الشرعية الفرعية وكذا يجرى فى الامور الشرعية الاعتقادية اى قد اشترط فى الامور الفرعية

كون المستصحب حكما شرعيا او موضوعا ذا اثر شرعى وكذا اشترط فى الامور الاعتقادية كون المستصحب حكما شرعيا اعتقاديا او موضوعا ذا أثر اعتقادى.

والفرق بين الاحكام الشرعية الفرعية والاحكام الشرعية الاعتقادية ان الاحكام الفرعية تتعلق على الجوارح اى اللسان واليد والرجل مثل الصلاة تتعلق على ما ذكر واما الاحكام الاعتقادية تتعلق على الجوانح والقلب والمراد منه النفس والروح لا الشكل الصنوبرى اى عضو صنوبرى الشكل فى جانب يسرى بين ريتين.

فائدة قد ذكر فى خاتمة دليل الانسداد ان الظن حجة فى زمان انسداد باب العلم والعلمى اما من باب الحكومة واما من باب الكشف وايضا ذكر هناك ان الظن لم يكن حجة فى باب العقائد ولا يخفى ان العقائد على قسمين احدهما ان المهم فيه هو عقد القلب. وثانيهما : ان المهم فيه المعرفة وعقد القلب كمعرفة الله ومعرفة النبى والامام على قول اى يجب عقلا وشرعا المعرفة والعقد القلب فيما ذكر فلا يكفى فى معرفة الله ومعرفة نبيه العلم وحده ولا عقد القلب وحده بل لا بد فيهما العلم والعقد القلب.

والظاهر ان عقد القلب غير العلم مثلا اكثر الناس كان لهم علم بولاية امير المؤمنين عليه‌السلام ولكن ليس لهم العقيدة مثلا علماء اليهود يعرفون النبى كما يعرفون ابنائهم ولكن لا يعتقدون عليه اى لم يكن لهم عقد القلب به وهو بالفارسية اى گره ثبت فى القلب كگره نخ على نخ آخر هذا تشبيه معقول بالمحسوس

واعلم ان الاستصحاب يصح فى القسم الاول من الامور

الاعتقادية اى التى كان المهم فيها شرعا الانقياد وبعبارة اخرى كان المطلوب فيها هو الالتزام والانقياد دون اليقين والمعرفة كخصوصيات عالم البرزخ فان الواجب منها علينا هو التسليم لها والاعتقاد بها على ما هو عليه فيجرى فى هذا القسم كل من الاستصحاب الحكمى والموضوعى وهذا كما اذا شك فى بقاء سؤال نكيرين فى بعض الامكنة المشرفة كالنجف الاشرف والكربلاء المعلى اى كان القطع بسؤال النكيرين واما اذا دفن الميت فى هذه الامكنة المشرفة فشك فيه فانه يجرى الاستصحاب فى بقاء الموضوع المذكور فيترتب الحكم الشرعي عليه والمراد منه هو وجوب العقيدة بالسؤال المذكور.

والظاهر ان دليل الاستصحاب اى لا تنقض اليقين بالشك مطلق فيشمل مطلق الحكم الشرعي وهو سواء كان بالدليل العقلى ام الشرعي واما الاحكام العقلية فلا تجرى فيها الاستصحاب لعدم الشك فى موضوع حكم العقل لانه اما يثبت واما لا يثبت وقد ذكر الى هنا القسم الاول من الامور الاعتقادية.

واما القسم الثانى منها وهو ما كان المهم فيه شرعا وعقلا المعرفة كمعرفة الله توضيحه انه اذا كان الموضوع وجوب الاعتقاد والتسليم الامور الاعتقادية والقطع واليقين بها فلا يجرى الاستصحاب الموضوعى فى هذه الامور مثلا ان وجود الصانع وتوحيده والنبوة المهم فيها هو المعرفة لانها موضوع لوجوب الالتزام والاعتقاد فلا يثبت هذا الموضوع بالاستصحاب مثلا لو شك فى حياة امام الزمان فلا يجرى فيها الاستصحاب لان المطلوب هو لزوم المعرفة.

قوله وكونه اصلا عمليا انما هو بمعنى انه وظيفة الشاك الخ.

اى قد ذكر انه يجرى الاستصحاب فى الامور الاعتقادية اذا كانت حكما شرعيا او موضوعا ذا اثر شرعى قد ذكر مثال هذا سابقا فيما اذا شك فى سؤال النكيرين على الميت الذى دفن فى بعض البقاع المكرمة كالنجف الاشرف والكربلاء المعلى فانه يجرى الاستصحاب فى هذا الموضوع لانه ذو اثر شرعى اى وجوب الاعتقاد على السؤال المذكور ولكن اشكل عليه بان الاستصحاب اصل عملى وهو يجرى فى الاحكام الفرعية ولا يجرى هذا الاصل فى الامور الاعتقادية لان الاصول العملية انما تكون فى مقام العمل.

فاجيب عن هذا الاشكال بقوله وكونه اصلا عمليا الخ اى ان المراد من هذا الاصل ما يكون مقابل الامارات ولا منافاة بين كون الاستصحاب اصلا عمليا وبين جريانه فى الامور الاعتقادية وليس المراد من الاصل العملي ما يجرى فى الفروعات بل المراد منه ما جعل وظيفة للشاك فى مقام العمل بخلاف الامارة فانها تحكى عن الواقع ولا يخفى ان المراد من العمل ما يعم العمل الخارجي والجانحى فظهر من البيان المذكور جريان الاستصحاب على كل الامور الفرعية والاعتقادية.

قوله وقد انقدح بذلك انه لا مجال فى نفس النبوة اذا كانت ناشئة من كمال النفس الخ.

قد ذكر ان الداعى الى عقد هذا التنبيه هى المناظرة الواقعة

بين بحر العلوم وبين بعض اهل الكتاب حيث إنّه تمسك فى بقاء الشريعة السابقة بالاستصحاب فصار بحر العلوم مغلوبا على ما حكى وقد ذكر فى هذا التنبيه ان الاستصحاب لا يختص بالامور الفرعية بل يجرى فى الامور الاعتقادية ايضا والمراد منها ما يتعلق على النفس والقلب والجوانح واما الامور الفرعية ما يتعلق بالجوارح اى على اللسان واليد والرجل كالصلاة فلا فرق فى جريان الاستصحاب بين الامور الفرعية والاعتقادية مع وجود الشرائط اى كون المستصحب حكما شرعيا او موضوعا ذا اثر شرعى.

واما النبوة ففيه بحث فى جريان الاستصحاب توضيحه ان النبوة اما كانت صفة نفسانية تكوينية وتؤخذ هذه الصفة النفسانية من المبدأ الاعلى بلا توسط بشر بل كان اخذها بتوسط جبرائيل فلا يصح استصحابها.

واما أن تكون موهبة عن الله تعالى اى منصب مجعول الهى كولاية الاب والجد وتعطى هذه الموهبة لمن كان اهلا لها ولائقا لها فكانت النبوة بهذا المعنى من المناصب المجعولة كبعض الاحكام الوضعية وقد ذكر ان بعضها مجعولة شرعا فيصح استصحابها كالولاية والقضاوة اى كان النبوة على هذا المعنى مجعولا شرعيا فيصح استصحابها كما قال صاحب الكفاية لكانت موردا للاستصحاب بنفسها اى اذا كانت النبوة مجعولة صح استصحابها فيترتب آثارها ولو كانت عقلية فقال المصنف لا يصح الاستصحاب فى هذا المورد ايضا لانه مستلزم للدور والى هذا اشار بقوله لكنه يحتاج الى دليل كان هناك غير منوط بها

والا لدار وهذا مبين للاشكال الذى يرد على جريان الاستصحاب فى هذا المورد لان حجيته يحتاج الى دليل غير منوط بالنبوة واما قولكم فحجية الاستصحاب فى هذا المورد منوطة بها لان دليلها اخذ من النبى فالاستصحاب متوقف على النبوة وايضا هى متوقف على الاستصحاب على قولكم اى انتم تستدلون على بقاء النبوة به اى لا بد من بقاء النبى اولا حتى يستصحب فيتوقف الاستصحاب ببقائه وايضا على قولكم يتوقف اثبات النبوة عليه هذا دور مصرح.

قوله ثم لا يخفى ان الاستصحاب لا يكاد يلزم به الخصم الخ.

اى لا يصح استصحاب النبوة سواء كانت ناشئة من كمال النفس ام كانت من المناصب المجعولة والدليل الاول لعدم جريان الاستصحاب فى النبوة هو عدم وجود شرطه اى اليقين السابق والشك اللاحق فلم يكن فى المقام الشك فى بقائها لانها كمال النفس اى ان النبوة من الملكات الفاضلة وهى تحصل بتكرر الاعمال الحسنة بعبارة اخرى انها من الملكات النفسانية فلا شك فى بقائها فان قلت ان الشك يحصل فيه بعد الموت قلت انه كان سببا لرفعة مرتبة الانسان اى يترقى من مرتبة السفلى الى العليا بالموت فلا تزول الصفات النفسانية به فلا شك لنا فى صفات كمالية موسى وعيسى عليهما‌السلام فلم تكن نبوتهما موردا للاستصحاب هذا الدليل الاول لرد قول الخصم.

واما الدليل الثانى لرده وعدم جريان الاستصحاب فى النبوة فيقال ان حجية الاستصحاب ليست من المستقلات العقلية كحجية

القطع بل لا بد من دليل شرعى امضائى او تأسيسى فان كان هذا الدليل من الشرع السابق لزم الدور فان حجية الاستصحاب موقوفة على حجية الدليل المذكور المتوقف على بقاء الشرع المتوقف على حجية الاستصحاب وان كان هذا الدليل من الشرع اللاحق لزم الخلف لانه اعتراف بحقية الشرع اللاحق هذا مراد من قول المصنف والاتكال على قيامه فى شرعنا لا يكاد يجديه الا على نحو محال.

وبعبارة اخرى يقال للعالم الكتابى ان الاستصحاب لا ينفع لكم فى اثبات نبيكم موسى وعيسى لان حجية الاستصحاب تحتاج الى الدليل فان كان من نبيكم فهذا مستلزم للدور لان الاستصحاب متوقف على بقاء نبيكم وايضا اثباته متوقف على الاستصحاب على قولكم اى انتم تستدلون على اثبات نبوة نبيكم بالاستصحاب.

واما ان كان دليل حجية الاستصحاب من نبينا فلم يكن هذا الدليل فى مقام اثبات النبوة بل كان فى مقام اثبات الاحكام وايضا ان كان الدليل من نبينا فيلزم من وجوده عدم نبيكم.

والحاصل ان النبوة ان كانت مجعولا شرعيا فيصح ترتيب آثارها وان كانت عقلية كوجوب الاطاعة واما حجية الاستصحاب فتحتاج الى الدليل فهل تأخذوه من نبيكم ام من نبينا فان اخذتم الدليل منه فهذا مستلزم للدور وان المراد منه فى اكثر المسائل الاصولية نتيجة الدور ولكن فى هذا المقام المراد منه الدور المصرح لان دليل الاستصحاب اى لا تنقض اليقين بالشك متوقف على بقاء نبيّكم لكونكم تأخذون الدليل منه وايضا اثبات نبوة نبيكم متوقف بالاستصحاب على قولكم اى انتم مثبتون النبوة به.

واما ان اخذتم الدليل من نبينا اى ان اخذتم لا تنقض اليقين بالشك من پيغمبرنا فيشمل هذا الدليل الاحكام الفرعية ولا يدل على اثبات النبوة فان شمل لا تنقض الخ النبوة حصل اليقين بنبوة نبينا لان هذا الدليل من پيام برنا على الفرض المذكور فلا يشمل هذا الدليل نبيكم اى ان اخذتم لا تنقض من نبينا فهذا موجب لنفى مطلوبكم بعبارة اخرى ان اخذتم الدليل من رسولنا فيلزم الخلف اى لا يثبت ما تريدون اثباته بل ينفى. قوله منه انقدح انه لا موقع لتشبث الكتابى باستصحاب نبوة موسى اصلا الخ.

اى ذكر ان العالم الكتابى لا يصح استدلاله بالاستصحاب لنبوة موسى وعيسى عليهما‌السلام ولا يلزم خصمه بهذا الاستدلال والمراد من الخصم هو المسلم الذى هو منكر لنبوة موسى وعيسى فلا يكون هذا الدليل الزاما للمسلم ولا اقناعا له والمراد من الالزام هو دعوة المسلم الى اليهودية والنصرانية والمراد من الاقناع هو اثبات الدعوى واقناع الخصم فى بقائه على الشريعة السابقة وبعبارة اخرى ان المراد من الالزام هو قبول الخصم قول الكتابى بالدليل والمراد من الاقناع هو الكلام الذى يؤتى للتفصى عن الخصم واقناعه.

واما عدم موقعية لتشبث الكتابى بالاستصحاب فلانه مشروط بالشروط الثلاثة : والاول ان يكون الشك فى بقاء النبوة والشرط الثانى التعبد والتنزيل من الشارع. والشرط الثالث : ان يكون حجية الاستصحاب بالدليل اما من نبيكم واما من نبينا.

واما الشرط الاول اى الشك فى نبوة موسى وعيسى فهو معدوم فى المقام لان النبوة من الامور التكوينية وهى قائمة بنفسه المقدسة اى النبوة كالملكة مثلا اذا كانت ملكة العدالة موجودة فلا يميل الشخص الى المعصية كالنظر الى الاجنبية وكاكل مال الغير من غير الوجه الشرعي وبعبارة اخرى ان النبوة من الصفات النفسانية هى موجبة لسير النبى الى ما وراء الطبيعة كسير نبينا الى المقام الذى يعجز جبرائيل من السير اليه وقال لو دنوت لاحترقت.

اذا عرفت هذه الجملة المعترضة فاعلم ان النبوة من الصفات التكوينية وتصير موجبة لاتصال النبى بالعالم الاعلى فليست قابلة للشك فانتفى الشرط الاول وقد انتفى هنا الشرط الثانى ايضا اى التعبد والتنزيل لان النبوة امر تكوينى وليست من الامور المجعولة والاستصحاب انما يجرى فيها لا فى الامور التكوينية وكذا منتف فى المقام الشرط الثالث اى ليس الدليل للاستصحاب من نبيكم وقد ذكر وجهه اى ان كان لا تنقض اليقين بالشك من نبيكم فهذا مستلزم للدور قد ذكر تفصيله وان كان الدليل من نبينا فهذا مستلزم للخلف.

فظهر ان استصحاب النبوة لم يكن الزاما للخصم اى المسلم لانتفاء الشروط الثلاثة المذكورة هذا بيان لعدم صحة تشبث الكتابى باستصحاب نبوة موسى وعيسى من حيث الزام المسلم وكذا لا يصح تشبث الكتابى بالاستصحاب اقناعا للمسلم اى ان قلنا ان نبوة مجعولا شرعيا فيمكن الشك ولكن لم يكن التشبث بالاستصحاب اقناعا للخصم لان النبوة من الامور الاعتقادية فيجب

تحصيل المعرفة فيها بالنظر الى المعجزات ودلائل النبوة اى يجب التفحص من حالات النبى ومعجزاته ولا فائدة هنا فى جريان الاستصحاب وجريانه محتاج الى الدليل قد ذكر انه لا دليل من شريعة موسى وعيسى له كما قال المصنف وعدم الدليل على التعبد بشريعته لا عقلا ولا شرعا.

قال والاتكال على قيامه فى شريعتنا لا يكاد يجديه الخ.

اى اتيان الدليل من شريعتنا للاستصحاب لا يجد الكتابى الا على نحو المحال اى ان اخذ لا تنقض من نبينا فلا يجدى لاثبات نبوة موسى وعيسى الا على نحو محال فاتيان الدليل من شريعتنا لا يجديه لانه محال اى خلف وقد سبق توضيحه وايضا هذا المقام مورد للاحتياط لا الاستصحاب وهو العمل بكلتا الشريعتين ما لم يلزم منه اختلال النظام اى ان فحص الكتابى ولم يحصل العلم بنبوة موسى فيجب الاحتياط والمراد منه العمل باحوط القولين وكذا ان قال احد الشريعتين ان هذا حرام وقال الاخرى ان هذا حلال فالاحتياط يقتضى الاجتناب.

فثبت وجوب الاحتياط عقلا للعلم الاجمالى بثبوت احدى الشريعتين والحاصل انه اذا لم يحصل للكتابى العلم بمعرفة نبيه فليؤخذ بالاحتياط بان يؤخذ ما قال الشريعة السابقة انه أحوط وكذا يؤخذ ما قال شريعتنا انه احوط وكذا ذكر فى باب التقليد انه اذا لم يثبت الاعلم فليؤخذ باحوط القولين مثلا اذا قال احدى الشريعتين ان هذا واجب وقال الاخرى ان هذا مستحب فالاحتياط يقتضى الاتيان واما اذا قال إحداهما ان هذا حرام

وقال اخرى ان هذا حلال فمقتضى الاحتياط هو الترك.

قوله الا اذا علم بلزوم البناء على الشريعة السابقة ما لم يعلم الحال.

هذا استثناء من قوله ووجوب العمل بالاحتياط عقلا الا اذا علم بلزوم البناء على الشريعة السابقة بالاستصحاب اى اذا ثبت حجية الاستصحاب بنظر العقل فيعمل بما يقتضيه من بقاء الشريعة السابقة.

قوله الثالث عشر انه لا شبهة فى عدم جريان الاستصحاب فى مقام مع دلالة مثل العام الخ.

وضع هذا التنبيه لبيان جريان الاستصحاب وعدمه فى المورد الذى خص فيه العام اى خرج بعض افراده فهل يكون بعد زمان الخاص موردا لاستصحابه او يتمسك بالعام مثلا اوفوا بالعقود عام وخصص هذا العام باخراج بعض الافراد من تحته مثلا خرج قطعة من الزمان من تحت عموم بجعل الخيار من البائع او المشترى الى ساعة فبعد هذه الساعة هل يستصحب حكم الخاص اى ثبوت الخيار ام يتمسك بالعام اى يحكم بلزوم وفاء بالعقد.

والظاهر ان مقابلة الجمع بالجمع تفيد العموم اى اوفوا الجمع وكذا عقود فيحكم على كل المكلفين بالوفاء فى كل الموارد فى كل العقود ولكن يجيء المخصص بعد ذلك مثلا يقال ان وقع الغبن فانتم بالخيار فيخرج من تحت العام القطعة من الزمان وهى مقدار اعمال الخيار اى اذا كان مقدار زمان الخيار ساعة فلم يعمله ذو الخيار فى هذه الساعة فهل يستصحب حكم الخاص فيما

بعد ويجوز الفسخ ام يعمل بالعام اى اوفوا بالعقود.

ولا يخفى ان استصحاب حكم الخاص انما يصح فى القطعة المشكوكة واما اذا لم تكن هذه القطعة فلا مورد لاستصحاب الخاص بعبارة اخرى انما يجوز استصحاب الخاص اذا لم يكن دليل الخيار عاما واما مع عمومية دليل الخيار كالعيوب التى موجبة لفسخ عقد النكاح فلم يكن هنا القطعة المشكوكة حتى تستصحب مثلا اذا وجد فى الزوجة البرص والجذام او الافضاء فهذه المذكورات موجبة لخيار فسخ العقد ولا يحتاج الزوج فى هذه الموارد الى الطلاق بل كان هذا الخيار ثابتا له دائما.

واما اذا كان دليل الخيار شاملا لقطعة من الزمان فهذا محل البحث اى فهل يجرى فى القطعة المشكوكة حكم العام ام حكم الخاص فليرجع فى تحقيق هذا البحث الى كلام العلماء فصاحب جامع المقاصد يتمسك بالعام وكذا المحقق والشهيد والدليل لهم ان العام دليل اجتهادى والاستصحاب اصل عملى فمع وجود العام لا يصل النوبة الى الاصل فان ذكر فى بعض الموارد الاصل فى رديف العام مثلا يقال هذا للعموم والاصل فهذا تأييد لما ذكر اى ان لم يكن العام فيصل النوبة اليه واما مع وجوده فلا يصل النوبة الى الاصل بعبارة اخرى ان الاصل فى طول العام.

وقال المصنف ان هذا المورد قابل للتفصيل ويجيء توضيحه فى المتن فيبحث المصنف اولا من مرحلة الثبوت اى فصور المسألة فى المقام اربع فيؤخذ الزمان تارة قيدا لكل من العلم والخاص واخرى ظرفا لكل منهما وثالثة قيدا للعام وظرفا للخاص ورابعة بالعكس بان يكون الزمان ظرفا للعام وقيدا للخاص.

توضيح هذه الاقسام بالمثال نحو اكرم العلماء الا فى يوم الخميس فان الزمان اما يكون ظرفا لموضوع الحكم واما يكون قيدا له والمراد منه فى المثال المذكور هو الاكرام وايضا يقال انه متعلق الحكم فسمى هنا موضوع الحكم فان كان الزمان ظرفا لكل من العام والخاص فلا بد من استصحاب حكم الخاص فى القطعة المشكوكة لان العام لا يشمل هذه القطعة واشار الى هذا المصنف بقوله لعدم دلالة للعام على حكم الخاص لعدم دخوله على حدة فى موضوع العام اى فى صورة ظرفية الزمان للعام فكان مفاده استمرار الحكم ودوامه.

وبعبارة اخرى كان للعام فى هذه الصورة حكم واحد على نحو الاستمرار فاذا خرج قطعة من الزمان عن الوسط لاجل الخيار كخيار الغبن فينتفى حكم العام ويستصحب حكم الخاص ويقطع حكم العام لان قطع الوسط بالخيار موجب لانتفاء الاستمرار والدوام بعبارة شيخنا الاستاد چون خيار غبن در وسط آمد عام بريده مى شود واستمرار از بين مى رود.

وقد ذكر ان الزمان اذا كان ظرفا للعام والخاص فمذهب البعض والمصنف هو التفصيل والمراد منه ان وقع الخاص فى الوسط فينتفى حكم العام مثلا خيار الغبن يقع فى وسط العام فيقطع استمراره ويستصحب حكم الخاص واما اذا وقع الخاص فى الاول قبل العام فيتمسك فى هذا المورد بالعام مثلا خيار الحيوان وخيار المجلس يقطعان العام اولا فيخرج هذا المقدار من الاول لكونه قدرا متيقنا فيتمسك فى الباقى بالعام اى يستمر

حكم العام بعد مضى ما قطع اولا كخيار المجلس والحيوان اذا لم يفسخ ذو الخيار فى هذا القطعة من الزمان.

اذا عرفت هذا التفصيل فاعلم توضيح كون الزمان ظرفا للعام والخاص او قيدا لهما مثلا اكرم العلماء الا فى يوم الخميس فاذا كان الزمان ظرفا للعام فيقع ظرفا لموضوع الحكم اى الاكرام فى المثال المذكور وايضا قيل فى بعض العبارات ان الزمان ظرف او قيد لمتعلق الحكم فعبر من الاكرام به واما توضيح كون الزمان شرطا او قيدا للخاص فجعل يوم الخميس فى المثال المذكور ظرفا او قيدا لعدم وجوب الاكرام اى لم يجب الاكرام فى هذه القطعة من الزمان وقد علم شرح كون الزمان ظرفا للعام

واما اذا كان الزمان قيد للعام والخاص فيتمسك بالعام فى القطعة المشكوكة اى اذا كان الزمان قيدا للعام والخاص فيصير المورد من نحو متكثر الموضوع فيقيد الاكرام فى المثال المذكور بكل يوم ويصير اكرم العلماء عاما اصوليا اى ينحل اكرم الى متعدد فلا يستصحب فى هذه الصورة حكم الخاص والا يلزم تعدى حكم من موضوع الى موضوع آخر فلا بد فى المقام اخراج قطعة من الزمان من تحت حكم العام ويجرى فى الباقى حكم العام لتكثره فى كل يوم اى فى كل يوم وساعت موضوع وحكم بالاستقلال واشار اليه المصنف بقوله وان كان مفادهما على النحو الثانى فلا بد من التمسك بالعام بلا كلام الخ.

اى اذا كان مفاد العام والخاص على نحو كون الزمان قيدا لهما فلا بد من التمسك بالعام فى القطعة المشكوكة بلا كلام

لكونها من افراد موضوع حكم العام وقد ذكر الى هنا القسمان المتفقان من الاقسام الاربعة اى اذا كان ظرفا للعام والخاص او قيدا لهما نحو اكرم العلماء الا النحويين فى يوم الخميس فالعموم فى هذا المثال زمانى لكوننا زمانيا وكذا الحكم زمانى ايضا فخصص قطعة من الزمان وكذا خصص بعض الافراد اى خرج قطعة من الزمان من تحت العام وكذا خرج من تحته بعض الافراد فاذا شك فى غير القطعة المتيقنة فهل يستصحب حكم الخاص ام يتمسك بالعام.

فيقال فى الجواب ان كان الزمان ظرفا للعام والخاص فمذهب المصنف هو التفصيل والمراد منه ان كان المخصص فى الوسط كخيار الغبن فيستصحب فى القطعة المشكوكة حكم الخاص لان العام فى هذه الصورة من حيث الزمان عموم مجموعى فلوحظ وحدة الحكم والموضوع واذا وقع المخصص فى الوسط قطع العام فهو منتف.

واما اذا وقع المخصص فى الاول كخيار الحيوان والمجلس فيتمسك بالعام فى غير مورد التخصيص اى يلاحظ العموم المجموعى بعد مضى القطعة الاولى فيتمسك بالعموم بعد زمان المخصص فظهر التفصيل على مذهب المصنف فى صورة كون الزمان ظرفا واما الشيخ فيقول انه لا يجوز التمسك بالعام فى الصورة المذكورة سواء كان فى الوسط ام فى الاول.

واما اذا كان الزمان قيدا للعام والخاص فيتمسك على القطعة المشكوكة بالعام اى يلاحظ عام فى هذه الصورة على نحو عموم استغراقى وتكثر الموضوع وقد ذكر الى هنا صورتان متفقان

من الصور الاربع اى اما يكون الزمان ظرفا للعام والخاص واما يكون قيدا لهما واما صورتان مختلفتان فما بينه المصنف بقوله وان كان مفاد العام على النحو الاول والخاص على النحو الثانى الخ.

اى اذا كان الزمان ظرفا للعام وقيدا للخاص فلا مورد لاستصحاب حكم الخاص وكذا لا يتمسك فى هذا المورد بالعام واما عدم التمسك به فانه مقطوع بالمخصص لانه كان على نحو العموم المجموعى بعبارة شيخنا الاستاد زمانى كه مخصص در وسط واقع شود عموم مذكور منتفى مى شود چون وسط آن بريده شده.

واما عدم استصحاب حكم الخاص فهو لتكثر الموضوع فانه دال على خروج خصوص هذه القطعة عن العام فلا يدل على خروج فرد آخر لانه موضوع آخر فان استصحب فى القطعة المشكوكة حكم الخاص لزم اسراء وتعدى حكم موضوع الى موضوع آخر لان الزمان قيد للخاص فيصير باعتبار هذا القيد الموضوع متعددا والصورة الثانية من المختلفتين ما اشار اليه المصنف بقوله وان كان مفادهما بالعكس كان المرجع هو العام الخ.

اى ان كان الزمان قيدا للعام وظرفا للخاص فالمرجع هو العام للاقتصار فى تخصيص العام على القدر المتعين اى مقدار دلالة الخاص فيرجع فى غير هذا المقدار الى العام.

قوله فتأمل تعرف ان اطلاق كلام الشيخ اعلى الله مقامه الخ.

قال صاحب الكفاية ان كلام الشيخ موقع للنظر نفيا فى

الموردين واثباتا فى مورد واحد.

واعلم ان الشيخ لم يذكر الخاص وانحصر كلامه فى العام اى قال ان الزمان اما ظرف للعام واما قيد له واما المصنف فقال ان الزمان اما يكون ظرفا للعام والخاص واما يكون قيدا لهما فكان مقام الثبوت قسمين على قول الشيخ واربعة اقسام على قول المصنف الاول ان يكون الزمان ظرفا للعام والخاص فيكون حكم العام على نحو الاستمرار والعموم المجموعى اى يكون من الاول الى الآخر الحكم الواحد والموضوع الواحد.

فقال المصنف ان كان المخصص فى الوسط كخيار الغبن فلا يجوز التمسك بالعام اى اوفوا بالعقود واما ان كان المخصص فى الاول فيجوز التمسك بالعام بعد اخراج القدر المتيقن.

واما الشيخ فقال بطور المطلق انه لا يجوز التمسك بالعام اذا كان الزمان ظرفا له اى نفى التمسك بالعام على نحو المطلق فى صورة كون الزمان ظرفا للعام ولم يتعرض للمورد الذى وقع المخصص فيه فى الاول وقد ذكر ان المصنف قائل بجواز التمسك بالعام فى صورة وقوع المخصص فى الاول كخيار المجلس والحيوان وهذا احد مورد النظر فى كلام الشيخ نفيا والثانى من مورد النظر فى كلامه نفيا فيما اذا كان الزمان قيدا للعام وظرفا للخاص فقال يجوز التمسك بالعام فى هذا المورد ولا يجوز استصحاب حكم الخاص لان العام حاكم على الخاص.

واما المصنف فيقول ان المانع من استصحاب حكم الخاص هو العام فقط لان العام فى هذا المورد بنحو التكثر فينحل الى

موضوعات متعددة ويكون حاكما على الخاص واما اذا وجد لهذا العام معارض فيجوز استصحاب حكم الخاص.

وبعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية اگر بالاى اين عام يك بلاى ديگر آمد مثلا يك عام ديگر معارض شود از براى اين عام پس جايز مى شود استصحاب حكم خاص واما الشيخ فلم يتعرض لما ذكر بل قال على نحو المطلق انه اذا كان الزمان قيدا للعام فلم يجز استصحاب حكم الخاص فقد ثبت مورد ان للنظر نفيا فى كلام الشيخ.

واما المورد الذى وقع كلامه فيه مورد النظر اثباتا فانه قال على نحو المطلق انه لا يجوز التمسك بالعام اذا كان الزمان ظرفا له بل يستصحب حكم الخاص ولا يخفى ان اطلاق كلامه يشمل الصورة التى كان الزمان فيها ظرفا للعام وقيدا للخاص فلا يجوز فى هذا المورد التمسك بالعام واما من اطلاق كلامه فيظهر جواز استصحاب حكم الخاص.

ولكن قد ظهر من كلام المصنف عدم جوازه فى هذه الصورة اى اذا كان الزمان قيدا للخاص فيصير الموضوع متكثرا فينحل هذا الى الاحكام المتعددة فيثبت فى كل آن حكم وموضوع وينحل ما ذكر الى الموضوعات المتعددة والاحكام المتعددة وقد علم ان شرط الاستصحاب هو اتحاد الموضوع واما فى الصورة المذكورة فالموضوع متعدد فلا يصح الاستصحاب فى القطعة المشكوكة مثلا اذا قيل اكرم العلماء ولا تكرم النحويين فى يوم الجمعة فعدم الاكرام فى يوم الجمعة موضوع مستقل وكذا فى يوم السبت لان الزمان قيد للموضوع فيصير متعددا باعتباره فلا يجرى الاستصحاب

فى الفرد المشكوك لانه مستلزم اسراء حكم من موضوع الى موضوع آخر.

قوله : الرابع عشر الظاهر ان الشك فى اخبار الباب وكلمات الاصحاب هو خلاف اليقين الخ.

والمراد من اخبار الباب هو اخبار باب الاستصحاب اى لا تنقض اليقين بالشك واعلم ان اصل وضع هذا التنبيه لبيان معنى الشك فيشمل الظن ايضا ولم يكن المراد منه المعنى الخاص اى ما يساوى فيه احتمال الطرفين بل يراد منه ما يعم الظن فيشمل الخبر المذكور الشك والظن فالمراد من الشك هو خلاف اليقين فيدل على عدم جواز نقض اليقين بالشك والظن.

واعلم ان تصور الاقسام الاربعة اى اليقين والظن والوهم والشك انما يكون عند الفلاسفة واما لسان الاخبار فهو على قسمين اى اليقين والشك فيأتى المصنف الادلة الاربعة لكون الشك بالمعنى الاعم ولا يخفى ان هذا يصح اذا كان حجية الاستصحاب من باب الاخبار وذكر سابقا الادلة الاربعة لها وهى استقرار بناء العقلاء : وان الثبوت السابق موجب للظن : ودعوى الاجماع : والاخبار وايضا ذكر هنا الوجه الرابع وهو العمدة فى حجية الاستصحاب اعنى الاخبار المستفيضة اى اذا كان الاستصحاب حجة من بابها صح ان يراد من الشك المعنى الاعم وهو ما يشمل الشك والظن اى جعل فى الاخبار الشك خلاف اليقين.

وقد استدل لما ذكر بالادلة الاربعة : الاول استعمال اهل اللغة كما فى الصحاح اى المراد من خلاف اليقين هو الشك

والظن : الثانى قد تعارف استعمال الشك فى المعنى الاعم فى الاخبار فى غير باب الاستصحاب : والثالث والرابع قد استعمل فى هذا المعنى فى اخبار الاستصحاب اى قد ذكر فى قوله (ع) لا تنقض اليقين بالشك ولكن تنقضه بيقين آخر فيعلم من هذا ان غير اليقين يسمى شكا وايضا قوله عليه‌السلام فى الصحيحة : لا حتى يستيقن انه قد نام.

توضيحه ان اطلاق جواب الامام (ع) بعدم وجوب الوضوء على من تيقن الطهارة وعرضته الخفقة والخفقتان بحيث لم يلتفت الى تحريك الشيء فى جنبه فترك عليه‌السلام الاستفصال بين افادة الخفقة التى من امارات النوم عادة للظن به وعدمها اى ان اطلاق جوابه (ع) يدل على ان الحكم المذكور اعنى عدم وجوب الوضوء ثابت ما لم يحصل العلم بالخلاف فلا يجب الوضوء مع الظن بالخلاف فيراد من الشك ما هو خلاف اليقين.

وهذا ما يستفاد من الاخبار اى لا يخلوا الانسان من القطع او الشك وكذا يفهم هذا من علم الاصول قد ذكر هنا ان موضوع الاصول العملية هو الشك فى الحكم الواقعى والمراد من الشك هو التحير فيخرج الانسان منه اذا حصل له القطع واما الظن فهو كالشك فى عدم خروج من التحير به.

وقد علم هذا من قوله عليه‌السلام لا تنقض اليقين بالشك اى حكم بعدم وجوب اعادة الوضوء الا بعد اليقين بالنوم اى لا يجب الوضوء فى المثال المذكور لعدم اليقين بالنوم فعلم ان مع الظن بالنوم ايضا لا يجب الوضوء فالمغيا اى عدم وجوب الوضوء انما

يكون مع عدم القطع بالنوم فمع الظن والوهم والشك يثبت المغيا اى لا يجب الوضوء فيستفاد من الاخبار ان مقابل القطع هو الشك بالمعنى الاعم واما اهل المنطق والفلسفة فجعلوا ما يعرض للانسان اربعة اقسام اى القطع والظن والشك والوهم.

قوله : قد استدل عليه ايضا بوجهين الآخرين الخ.

حاصل هذا التنبيه اى الرابع عشر انما يكون لبيان شرط الاستصحاب فيشترط فيه اليقين السابق والشك اللاحق فلا يصح نقض اليقين بالشك وايضا علم فى هذا التنبيه ان المراد من الشك هو خلاف اليقين فيشمل الظن اى اذا كان حجية الاستصحاب من باب الاخبار فيعلم منها ان الشك استعمل بالمعنى الاعم فكان لسان الاخبار عدم جواز نقض اليقين بخلاف اليقين اى سواء كان ظنا ام وهما ام شكا.

وبعبارة اخرى ان المراد من اليقين ما يشمل الحجية المعتبرة اى فلا فرق بين أن تكون الحجة قطعا او ظنا معتبرا واما غير الحجة سواء كان ظنا ام وهما ام شكا فيسمى شكا فلسان لا تنقض اليقين بالشك اى لا تنقض الحجة بغيرها ولو كان ظنا.

وقد ذكر ان الاستصحاب اذا كان حجة من الاخبار صح ان يراد من الشك ما هو خلاف اليقين واما اذا كان حجية الاستصحاب من باب بناء العقلاء او الاجماع او الظن فلم يصح ان يراد من الظن ما هو خلاف اليقين فان العقلاء يقولون ان المراد من الشك ما تساوى فيه طرفان وكذا اذا كان حجية الاستصحاب من باب الظن فالمراد من الشك ما هو مقابل للظن.

وقد بيّن هنا دليلان آخر ان لما ذكر الاول الاجماع القطعى على اعتبار الاستصحاب اى استدل بالاجماع على كون الشك فى باب الاستصحاب هو خلاف اليقين ورد المصنف هذا الاستدلال بقوله وفيه انه لا وجه لدعواه اى هذا الاجماع مدركى فلينظر الى مدركه وبعبارة اخرى ان هذا الاجماع اخذ من الاخبار فلا بد من ملاحظة نقشها اى بعد تسليمه هو مدركى فالمعتبر هو المدرك لا الاجماع.

قوله : الثانى ان الظن الغير المعتبر ان علم بعدم اعتباره بالدليل الخ.

اى قد زاد الشيخ دليلين آخرين لكون المراد من الشك هو خلاف اليقين : الاول الاجماع اى اتفقوا على عدم نقض اليقين مع الظن بالخلاف فرد هذا الاستدلال بان هذا الاجماع مدركى فلينظر الى مدركه.

والدليل الثانى اى الوجه الثانى الذى استدل به الشيخ على المدعى توضيح هذا الاستدلال ان الظن غير المعتبر على القسمين : احدهما ما قام الدليل على عدم حجيته وهو كالقياس قد اشتهر عن اهل الخلاف ان معرف الشيعى هو عدم قبول القياس : وثانيهما اى الثانى من قسمى الظن غير المعتبر هو ما لم يكن الدليل على حجيته فلا يحتاج هذا القسم الى التعب لان عدم الدليل كاف على عدم حجيته فوجود هذا الظن كعدمه.

فظهر من البيان المذكور ان لا تنقض اليقين بالشك يشمل كلا القسمين من الظن غير المعتبر لانه كالشك فى عدم جواز

نقض اليقين به بعبارة اخرى ان هذا الظن مساو للشك فى الحكم المذكور هذا هو الدليل الثانى للشيخ على كون المراد من الشك هو خلاف اليقين.

قوله : وفيه ان قضية عدم اعتباره لالغائه او لعدم الدليل على اعتباره الخ.

هذا جواب عن الاستدلال الثانى اى استدل الشيخ لكون الشك خلاف اليقين بوجهين آخرين : الوجه الاول هو الاجماع قد ذكر مع جوابه : الوجه الثانى ان الظن غير المعتبر على القسمين : احدهما ما قام الدليل على عدم اعتباره فهو كالعدم : وثانيهما ما لم يقم الدليل على اعتباره فلا يجوز نقض اليقين بهذين القسمين من الظن لان هذا يرجع الى نقض اليقين بالشك هذا حاصل استدلال الشيخ بالوجه الثانى.

فاجيب عنه بقوله وفيه ان قضية عدم اعتباره لالغائه : توضيح هذا الجواب انه لا حاجة الى جعل القسمين فى الظن غير المعتبر اى سواء قام الدليل على عدم حجيته ام لا فيجعل هذا الظن كالعدم لان الظن غير المعتبر ما قام الدليل على عدم حجيته ولكن الدليل المذكور اما ان يكون عاما واما ان يكون خاصا مثلا القياس قد اقام الدليل الخاص على عدم حجيته.

واما الظن الذى لم يقم الدليل حجيته فهو داخل تحت العمومات التى تمنع عن العمل بالظن فيجعل الظن غير المعتبر بعد وجوده كعدمه فالمراد من جعل وجوده كعدمه هو عدم اثبات المظنون بهذا الظن وليس المراد ترتيب آثار الشك عليه بل لا بد

حينئذ من الرجوع الى الاصول الاخرى.

فينتج ما ذكر العمل بالاصل من الاصول العملية بعد عدم ثبوت المظنون بهذا الظن فلا يدل هذا الوجه الثانى على كون الظن بمعنى الشك.

وقال شيخنا الاستاد ان المصنف جعل فى الجواب كأسين كأسا واحدا اى جعل الوجهين وجها واحدا فلم يعتن بالوجه الثانى الذى ذكره الشيخ توضيحه انه جعل الظن غير المعتبر على القسمين احدهما ما قام الدليل على عدم حجيته كالقياس فيجعل هذا الظن كالعدم وثانيهما ما لم يقم الدليل على حجيته فيصير هذا الظن مشكوك الحجية ويجعل فى حكم الشك.

واما المصنف فلم يعتن فى جواب هذا الوجه الثانى لكونه مردود عند المصنف لان مشكوك الحجية لا يدخل فى حكم الشك فلا يكون منع العمل بهذا الظن لاجل نقض اليقين بالشك اى لم يكن الشك فى الفرض المذبور فلم يتعرض المصنف لجواب الوجه الثانى وجعل كأسين كأسا واحدا اى جعل الوجهين وجها واحدا فادخل الوجه الثانى فى الوجه الاول واجاب عنهما جوابا واحدا وهو ان قضية عدم اعتبار الظن عدم اثبات المظنون لا ترتيب آثار الشك وذلك لعدم وجود الشك فى المورد المذكور حتى يقال انه لا يترتب آثار الشك لاجل لزوم نقض اليقين بالشك فالمراد فى هذا المورد هو الرجوع الى الاصول الاخرى فى صورة عدم ثبوت المظنون بهذا الظن.

قوله : فتأمل جيدا.

اى امر على التأمل فيما ذكر هذا شارة الى الوجه الثانى الذى استدل به الشيخ على كون الشك بالمعنى الاعم وقد ذكر هذا الوجه مع الاشكال عليه ولكن يذكر هذا مكررا بعد الامر بالتأمل تبعا لشيخنا الاستاد اى استدل الشيخ على ان المراد بالشك هو خلاف اليقين ـ بوجهين آخرين : الاول الاجماع قد مر مع الاشكال عليه. الوجه الثانى : لما ذكر ان المراد من الظن هو الظن غير المعتبر وهو على الوجهين.

الاول ما قام الدليل على عدم اعتباره كالقياس فجعل هذا الوجه وجوده كالعدم اى كل ما هو موجود فى صورة عدمه فهو فى صورة وجوده مثلا اليقين فى الصورة التى لم يكن فيها هذا الظن وايضا هذا اليقين ثابت فى مكانه مع وجود هذا الظن.

الوجه الثانى ما لم يقم الدليل على حجيته فاذا لم يقم على اعتباره صار هذا الظن مشكوك الحجية وجعل فى حكم الشك فان نقض اليقين بهذا الظن مستلزم لنقض اليقين بالشك هذا استدلال الشيخ على ان المراد من الشك هو خلاف اليقين.

واما المصنف فرد هذين الوجهين المذكورين لكن يقول ان الوجه الثانى أردأ الوجوه لان الظن اذا كان مشكوك الحجية فلم يثبت المظنون به ولم يكن مستلزما لنقض اليقين بالشك ولم يجعل هذا الظن فى حكم الشك ولما كان هذا الوجه الثانى من أردأ الوجوه عند المصنف فلم يتعرض لجوابه بل جعل الوجهين وجها واحدا بعبارة شيخنا الاستاد جعل كأسين كأسا واحدا اى ادخل الوجه الثانى فى الوجه الاول وذكر جوابا واحدا عنهما.

توضيح الجواب هو عدم الفرق بين ان يقام الدليل الخاص على عدم اعتبار الظن وبين ان يقام الدليل العام عليه فاذا لم يقم الدليل الخاص على عدم اعتباره فالدليل العام كاف عليه والمراد منه العمومات التى تدل على عدم حجية الظن فجعل كلا الوجهين وجودهما كالعدم واذا صار الامر كذا لك فلم يثبت المظنون ولم يكن هذا موردا للشك حتى يترتب آثاره فيرجع فى هذه الصورة الى الاصول الاخرى ولا حاجة الى الاستصحاب فى صورة عدم الدليل له.

الحاصل انه اذا جعل وجود هذا الظن كالعدم فلم يثبت المظنون به وليس المراد ان يجعل هذا فى حكم الشك واعلم ان قوله فتأمل جيدا اشارة الى ما ذكر لكن لم يقل المصنف انه لا فرق بين ان يقام الدليل الخاص او العام على عدم اعتباره فيجعل حينئذ وجوده كالعدم اى لم يذكر اقامة الدليل العام على عدمه لان نظره عدم التعب الى اقامته بل عدم الدليل كاف فى عدم اعتبار هذا الظن.

قوله تتمة لا يذهب عليك انه لا بد فى الاستصحاب من بقاء الموضوع الخ.

ذكر المصنف بعد تنبيه الرابع عشر تتمة فبين فى هذه التتمة شرطين آخرين للاستصحاب : احدهما بقاء الموضوع وثانيهما عدم اقامة الامارة على خلافه ولا على وفقه وبيّن شروط اخرى له فى صدر الباب اى قال هناك ان قوام الاستصحاب انما يكون باليقين والشك وايضا ذكر ان المراد من الشك هو

الشك فى البقاء لا في الحدوث لان الشك فيه مورد لجريان قاعدة اليقين لاجل الشك السارى وليس هذا موردا للاستصحاب.

وقد ذكر ايضا ان شرط المستصحب ان يكون حكما شرعيا او موضوعا ذا حكم شرعى وذكر المصنف شرطين من شروط الاستصحاب فى هذه التتمة. الاول : بقاء الموضوع. والثانى : عدم قيام الامارة على خلاف المستصحب ولا على وفقه قد ذكر فى محله ان الامارة تكون الرقم الثانى والاصول انما تكون الرقم الثالث ومع وجود الرقم السابق لا يصل النوبة الى الرقم اللاحق.

فيبحث من الشرطين المذكورين فى التتمة ويبحث اولا ان المراد من بقاء الموضوع ما هو فقال المصنف ان المراد منه هو اتحاد القضية المشكوكة مع المتيقنة موضوعا اذ مع اختلافهما لا يصدق الشك فى بقاء الموجود السابق بل يكون الشك فى حدوث شىء آخر وايضا لا يشمل لا تنقض اليقين بالشك هذا المورد لان القضية المشكوكة فى صورة الاختلاف بين القضيتين غير القضية المتيقنة فلا يلزم نقض اليقين بالشك لعدم ربط بين القضيتين.

وهذا بيان بقاء الموضوع على مذهب المصنف واما الشيخ فقال ان المراد منه هو احراز وجود الموضوع حتى يصح الاستصحاب اى لما كان وجوده مقوم الاستصحاب فلم يصح الاستصحاب من دون احرازه مثلا لا يصح استصحاب العدالة من دون وجود الموضوع اى لا فائدة للاستصحاب مع عدم وجوده لانه مقوم له.

فاستدل الشيخ على احراز وجود الموضوع باستحالة انتقال

العرض الى موضوع آخر مثلا العدالة عرض والظاهر ان تقوم العرض انما يكون بالموضوع فلا يثبت الحكم للعرض من دون موضوعه فلا الحكم للعدالة من دون احراز موضوع كزيد وإن ثبت الحكم للعدالة بتوسط موضوع آخر لزم انتقال العرض الى موضوع آخر فلا يثبت الحكم للعرض المتيقن لعدم احراز موضوعه والظاهر ان تشخص العرض انما يكون بموضوعه فاذا وجد هذا العرض فى غير موضوعه فهذا عرض آخر مثلا بياض هذا القرطاس غير بياض قرطاس آخر فثبت ان وجود كل عرض انما يكون بوجود موضوعه واذا لم يحرز موضوعه فلم يكن الحكم لهذا العرض.

وهذا بيان لبقاء الموضوع على طبق مذهب الشيخ واما المصنف فقال ان المراد من بقاء الموضوع هو اتحاد القضية المشكوكة مع القضية المتيقنة وايضا قال ان اعتبار بقاء الموضوع بالمعنى المذكور لا يحتاج الى اقامة البرهان فاشكل المصنف على استدلال الشيخ اى قال ان المراد من بقائه هو احراز وجوده واستدل عليه بانتقال العرض من موضوع الى موضوع آخر اى اذا لم يحرز وجود الموضوع لزم ما ذكر.

ورد المصنف هذا الاستدلال بقوله والاستدلال عليه باستحالة انتقال العرض من موضوع الى موضوع آخر غريب اى قال المصنف ان المراد من بقاء الموضوع وهو اتحاد القضية المشكوكة والمتيقنة ولم يكن المراد منه احراز وجود الموضوع ولم يشترط فى استصحاب العرض احراز وجود الموضوع ومن اشترطه فيه خلط بين الحكم الحقيقي والحكم التعبدى العرضى

فاستصحاب الحكم العرضى تعبدى وهذا يصح من دون احراز وجود الموضوع.

الحاصل ان المصنف قال فى جواب الشيخ انه قد تكون المدخلية للاستصحاب وجود المستصحب وقد لا يكون الامر كذا توضيحه ان احراز وجود الموضوع انما يكون لشيء آخر لا الاستصحاب مثلا اذا استصحب عدالة زيد لجواز التقليد فلم يشترط فيه احراز وجود الموضوع اى زيد لجواز البقاء على تقليد الميت فلم يشترط فى هذا المورد احراز وجود زيد ويصح استصحاب عدالته ويجوز تقليده.

ولكن يشترط احراز وجود الموضوع فى موارد اخرى مثلا اذ كان المقصود من استصحاب العدالة الاقتداء فى الصلاة فهو متوقف على احراز وجود الموضوع وكذا اذا كان المقصود اجراء صيغة الطلاق عنده او كان المقصود الانفاق عليه فيشترط احراز وجوده فى الصور المذكورة لما ذكر ولم يشترط الاحراز المذكور لاجل الاستصحاب.

فثبت من البيان المذكور ان اتحاد القضية المشكوكة والمتيقنة شرط فى جريان الاستصحاب وقد علم انه فى صورة عدم اتحاد القضيتين لم يكن الشك فى البقاء بل كان الشك فى الحدوث وايضا لا يشمل لا تنقض اليقين بالشك هذا المورد فلا اشكال فى بقاء الموضوع على قول المصنف اى قال ان المراد من بقاء الموضوع هو اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة فلا يحتاج اعتبار بقاء الموضوع بهذا المعنى الى اقامة البرهان.

واما الشيخ فقال ان المراد من بقاء الموضوع هو احراز

وجوده فهذا لا يتم قد ذكر وجه عدم تماميته اى لم يكن اشتراط احراز وجود الموضوع لاجل الاستصحاب بل كان هذا الاشتراط لاجل الامور الاخرى ولا مدخل له فى الاستصحاب.

قوله وانما الاشكال كله فى ان هذا الاتحاد هل هو بنظر العرف الخ.

قد ذكر انه لا اشكال فى اعتبار بقاء الموضوع بالمعنى الذى اختاره المصنف من اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة ويبحث هنا ان هذه الاتحاد هل هو بنظر عرف ام بحسب الدليل الذى يدل على الحكم ام بنظر العقل.

وهذا فى مقام التصور واما فى مقام الاثبات فانه لو كان مناط الاتحاد بنظر العقل فلا مجال للاستصحاب فى الاحكام لان العقل يحكم بوجود نفس الموضوع فان ثبت العرض فى موضوع آخر فينتفى هذا العرض الخاص مثلا اذا قطع المكلف بوجوب صلاة الجمعة فى زمان حضور الامام (ع) فلم يصح استصحابه فيما شك فيه فى زمان الغيبة لان الموضوع متغير بانتفاء قيده اى كانتفاء الحضور فى المثال المذكور فلا يصح استصحاب وجوبها بنظر العقل لاحتمال تغير الموضوع بزوال بعض خصوصياته.

ولكن يصح استصحاب الاحكام فى مورد واحد وهو اذا كان الشك فى الحكم لاجل النسخ اى اذا لم يتغير الموضوع وعرض الشك فى الحكم لاجله فلم يكن مانع فى هذا المورد عن استصحاب عدم النسخ لان الموضوع لم يتغير هنا واما الشك فى الحكم الكلى

اذا كان لاحتمال تغير الموضوع فلم يصح استصحابه لعدم وحدة الموضوع فى القضيتين بنظر العقل ولكن يصح استصحاب الاحكام الكلية اذا كان الشك فيها لاجل النسخ.

وقد زاد الشيخ موردا آخرا لجواز استصحابها وهو اذا كان الشك لاجل الزمان الذى اخذ فى الموضوع على نحو الظرفية فيصح الاستصحاب فى هذا المورد ايضا لان الموضوع فيه واحد عقلا لعدم مدخلية الزمان فيه.

قوله ويختص بالموضوعات بداهة انه اذا شك فى حيوة زيد الخ.

اى اذا كان اتحاد الموضوع بنظر العقل فلا مجال للاستصحاب فى الاحكام الكلية بل يختص فى الموضوعات الخارجية كحياة زيد مثلا اذا شك فى حياته لاجل اصابة السهم فيصح استصحابها لان الموضوع واحد فى القضية المتيقنة والمشكوكة.

واما شيخنا الاستاد فقد اشكل على جريان الاستصحاب فى الموضوعات الخارجية ايضا اى يمكن عدم اتحاد الموضوع فيها مثلا كان القطع بحياة زيد فى زمان عدم اصابة السهم فيه والشك فى حياته انما يكون بعد اصابته فزيد المجروح بالسهم غير زيد الذى كان قبل اصابة السهم فلم يكن اتحاد الموضوع فى القضيتين عند العقل.

وتوضيح ما ذكر بمثال آخر مثلا يقال الماء المتغير بالنجاسة نجس واما بعد زوال التغير فيشك فيها فلا يكون وحدة الموضوع فى القضيتين عند العقل لان الماء الذى كان اليقين بنجاسته هو

ماء متغير واما الماء الذى شك فيه بها فهو ماء زال تغيره.

وقال المصنف فلو كان مناط الاتحاد بين القضيتين هو نظر العقل فلا مجال للاستصحاب فى الاحكام بل يختص بالموضوعات الخارجية لان اتحاد الموضوع فيها ثابت عند العقل وكذا لا يصح استصحاب الاحكام اذا كان مناط الاتحاد بلسان الدليل مثلا اذا ورد العنب اذا غلى يحرم فاخذ فى لسان الدليل لفظ العنب ثم اذا شك فى حرمة الزبيب فلم يثبت حرمته بالاستصحاب لعدم اتحاد الموضوع لانه فى الدليل هو العنب.

ولكن مناط اتحاد الموضوع انما يكون بالنظر العرفى فيصح استصحاب الحكم فى المثال المذكور لان العنب والزبيب واحد ذاتا واما التغير فانما يكون باعتبار حالاته المتبادلة كالرطوبة والجفاف فظهر من البيان المذكور ان الاتحاد العرفى كاف فى المورد الاستصحاب.

فان قلت فما الدليل على اعتبار العرف والاحسن ان يكون مناط الاتحاد بنظر الدليل او بنظر العقل : قلت ان العرف من باب المناسبة بين الحكم والموضوع يجعلون الموضوع للحرمة ما يعم الزبيب فى المثال المذكور اى يقول اهل العرف ان مناسبة الحكم وموضوعه دليل على ثبوت الحكم لهذا الموضوع.

ولا يخفى ان العرف اخذ الحكم عن الشرع مثلا قال الشارع العنب اذا غلى يحرم واذا شك فى حرمة الزبيب فيقول العرف هذا الحكم يعم الزبيب اى يحكم بحرمة الزبيب بعد غليانه لمناسبة الحكم وموضوعه وعدم الفرق بينهما ذاتا والعنبية والزبيبية انما تكونان من الحالات المتبادلة.

قوله ولا ضير فى ان يكون الدليل بحسب فهمهم على خلاف ما ارتكز فى اذهانهم الخ.

اى لا ضير فى الاختلاف بين الموضوع الدليلى والعرفى لامكان الاجتماع فيهما اى قد يكون الشيء موضوعا بلسان الدليل فيكون هذا الشيء موضوعا بنظر العرف ولكن قد يكون موضوعا بنظر العرف بحسب ما يرتكز فى اذهانهم فيجعلون الموضوع ما يعم الزبيب واما الموضوع بلسان الدليل فهو العنب وهذا مادة الافتراق عن جانب العرف.

ولا يخفى ان اتحاد الموضوع شرط بين القضية المتيقنة والمشكوكة ولا اشكال فيه وهو انما يكون فى ان هذا الاتحاد هل يكون بنظر العرف ام بلسان الدليل ام بنظر العقل وقد ذكر انه ان كان بالعقل فلا مجال للاستصحاب فى الاحكام الكلية وكذا لا مجال له فى بعض الموارد ان كان مناط الاتحاد لسان الدليل قد ذكر تفصيله.

وقد ثبت فى المقام اختلاف الانظار فقال بعض ان مناط الاتحاد هو العقل وقال بعض آخر ان مناطه هو العرف وكذا قيل ان المناط هو لسان الدليل.

واما من النسب الاربع فكان بين هذه المناطات العموم من وجه فمادة اجتماع النظر العقلى والعرفى ان زيدا مقطوع وجوده فى الزمان السابق وشك فيه فى الزمان اللاحق ومادة الافتراق من جانب الحكم العقلى مثلا كان زيد مجتهدا فمات فيجور تقليده بالنظر العقلى لاتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة بنظره اى

كان اجتهاد زيد وعدالته فى زمان حياته مقطوعا به فشك فيه بعد موته فيحكم العقل ان الموضوع هو النفس الناطقة وهى باقية بعد الموت لبقاء الروح فيصح بالنظر العقلى استصحاب جواز تقليده لوحدة الموضوع فى القضيتين.

واما النظر العرفى فهو عدم صحة تقليد زيد بعد الموت لعدم بقاء جسمه اى لم يكن الجسم باقيا بعده فينتفى الموضوع هذا مادة افتراق عن جانب النظر العقلى فى صحة الاستصحاب واما افتراق عن جانب العرف فهو كنقض ماء الكر قليلا فيحكم العرف بوحدته فى حال قبل النقص وبعده اى يقول لا يضر النقص القليل بالكرية واما العقل فيحكم ان هذا النقص يضر به.

واما مادة الاجتماع بين نظر العقل ولسان الدليل فاذا قيل ان كان زيد قائما فاعط درهما فيصح اعطائه بعد الشك فى قيامه واما مادة الافتراق عن جانب لسان الدليل مثلا اذا قيل الجسم الملاقى للنجس ينجس فان صار الجسم الذى هو خشب رمادا فالجسم هذا الجسم اى الموضوع واحد من حيث لسان الدليل ولم يكن الموضوع واحدا عرفا لان الملاقى هو الخشب لا الرماد والافتراق العرفى مثلا الماء المتغير اذا زال تغيّره فيطهر فالموضوع واحد عرفا لان الماء هذا الماء ولم يكن واحدا من حيث لسان الدليل لان الموضوع المشكوك هو بعد زوال التغيّر.

قد ذكر الى هنا بيان النسبة بين اثنين ـ اثنين هذه المناطات المذكورة ولم يبين مادة الاجتماع بين الثلاثة منها فيمكن الاجتماع بينها ايضا وقد اشار المصنف الى بيان النسب بين الاتحاد العقلى والعرفى واللسان الدليلى.

بقوله : ولا يخفى ان النقض وعدمه حقيقة يختلف بحسب الملحوظ من الموضوع الخ.

اى هذا بيان مادة افتراق بين اتحاد العرفى والعقلى واللسان الدليلى اى يلزم نقض اليقين بالشك بلحاظ موضوع ولا يلزم بلحاظ موضوع آخر وقد ذكر ان الانظار فى اتحاد الموضوع ثلاثة وبينها العموم من وجه.

توضيحه انه اذا قيل لا تنقض اليقين بالشك فهل يكون الجامع بين اللحاظ الثلاثة حتى يلزم نقض اليقين بلحاظ العقل والعرف ولسان الدليل وقد ذكر فيما سبق انه ليس جامع بين ما ذكر ولكن ذكر فى الصفحة ٣١٨ بلفظة لا يقال اى يمكن ان يجمع بين اللحاظ العقلى والعرفى كقول الفاضل النراقى مثلا اذا قال المولى اجلس يوم الجمعة فى المسجد فان كان الزمان ظرفا لوجوب الجلوس فى يومها يلزم اجتماع الاستصحابين فى يوم السبت فيقع التعارض بين استصحابى الوجود والعدم.

وبيان دليله ان الزمان لما كان ظرفا عند العرف فالموضوع واحد فى القضية المتيقنة والمشكوكة فيستصحب وجوب الجلوس واما لما كان للزمان مدخلية فى المصلحة فهو قيد لوجوبه فيصح استصحاب عدم وجوبه لان الجلوس لم يكن واجبا اولا وانما صار واجبا فى يوم الجمعة فاذا مضى يومها فيستصحب عدم وجوبه هذا قول الفاضل النراقى اى يتعارض استصحابى الوجوب والعدم فى الفرض المذبور.

واجاب المصنف هذا القول بان الزمان ان كان قيدا للموضوع فلا يصح كلا الاستصحابين اى لا يصح استصحاب وجوب الجلوس

ولا عدمه لعدم وحدة الموضوع فى صورة كون الزما قيدا ولكن اذا كان الزمان ظرفا للموضوع فيصح استصحاب وجوب الجلوس فقط.

فقال المصنف ان وحدة الموضوع انما تكون فى صورة كون الزمان ظرفا له عند العرف واما عند العقل فهو قيد للموضوع فلا يجتمع بين هذين النظرين اى النظر العقلى والعرفى لتنافيهما وكذا فى المقام فلا يكون الجامع بين نظر العقل والعرف وبين لسان الدليل.

قوله : فالتحقيق ان يقال ان قضية اطلاق خطاب لا تنقض الخ.

اى هذا الخطاب مطلق والمراد من اطلاقه هو عدم بيان كون الاتحاد عقليا او عرفيا او بلسان الدليل ولا يخفى ان الاطلاق قد يكون للتوسعة وقد يكون للتضييق واما فى المقام فهو انما يكون للتضييق اى اطلاق لا تنقض انما يكون للتعيين هذا بالنظر العرفى فيكون نقض اليقين وعدمه بنظر العرف مثلا اذا قيل الماء المتغير ينجس فيقول العرف ان الموضوع هو الماء واما التغير فهو حيثية تعليلية لا تقييدية وان كان عقلا حيثية تقييديه.

والظاهر انه اذا لم يكن الاتحاد فى الموضوع فلم يكن هذا مورد لا تنقض اى لا يشمل هذا المورد مثلا جاء فى لسان الدليل العنب اذا غلى يحرم واما الشك انما يكون فى الزبيب بعد غليانه فالعرف يحكم بالاتحاد بينهما ويفهم انه بعد الغليان كالعنب فان لا يستصحب نجاسته يلزم نقض اليقين بالشك اى لا تنقض يشمل الشك فى الزبيب لانه مع العنب واحد ذاتا عند العرف وان

لا يشمله لسان الدليل لان المذكور فيه هو العنب.

فان قلت ما الدليل على كون الاتحاد عرفيا قلت ان الظهور العرفى يفهم من المحاورات العرفية فان كان الاصطلاح العرفى مختلفا فيرجع الى اهل كل بلد كما ذكر فى القوانين فتكون منها الخطابات الشرعية اى يفهم من خطاب الشارع ما يفهم من العرف لانه واحد منهم فلا فرق بين الخطابات الشرعية ومحاورات العرفية.

واعلم ان المراد من الموضوع فى هذا المقام هو المستصحب اى ليس المراد منه المفردات بل كان المراد التصديقات بعبارة اخرى ان المقصود من اتحاد الموضوع هو اتحاد القضية وليس المراد الموضوع الذى هو فى مقابل المحمول.

ولا يخفى ان العرف لا يخترع الموضوع بل يقول ما يقوله الشارع ايضا فلا يدل لسان الدليل على الوصف العنوانى مثلا اذا غلى العنب فيحرم فلا يكون هذا لبيان العنوان المذكور بل كان هذا الدليل لبيان ذات الموضوع اى العنب والمراد من الوصف المذكور هو نقض اليقين اى يقول لا تنقض اليقين حيث يصدق هذا الوصف العنوانى فيستصحب المتيقن السابق فلم يكن لا تنقض ظاهرا فى المطلق بل كان ظاهرا فى الفرد المعين فلا بد ان يستظهر فيما يفهم منه.

ولا يخفى انه يسبق من لا تنقض الظهور العرفى اى فى كل مورد يحكم العرف بنقض اليقين فيستصحب الحكم السابق.

قوله : مرت الاشارة اليه فى القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلى.

اى قد تعرض المصنف فى اواخر التنبيه الثالث ان المرجع فى تشخيص مفهوم لا تنقض هو العرف واعلم ان العرف لم يكن مشرعا بل يقولون ما يقوله الشارع اى قال لا تنقض لاهل العرف فيفهمون ان الزبيب اذا غلى فان حكم بطهارته فهو نقض اليقين بالشك لان العنب والزبيب واحدان ذاتا فاذا غلى العنب حرم فكذا الزبيب.

وقد ذكر فى قوله فالتحقيق ان يقال ان قضية اطلاق خطاب لا تنقض هو ان يكون بلحاظ الموضوع العرفى اى يفهم من اطلاق لا تنقض اليقين هذا للحاظ العرفى اذا لم تكن القرينة على خلافه فان كان هنا قرينة على ان النهى عن النقض انما يكون بلحاظ آخر مثلا اذا كانت قرينة على ان المراد هو الملحوظ بلسان الدليل او كان الملحوظ ما هو موضوع بدقة عقلية فيسقط فى هذه الصورة العرف عن الاعتبار لان الملحوظ العرفى يفهم من اطلاق لا تنقض اذا وجدت القرينة على خلافه فلم يبق هذا الاطلاق.

قوله : المقام الثانى انه لا شبهة فى عدم جريان الاستصحاب مع الامارة المعتبرة فى مورده الخ.

قد ذكر المصنف تتمة فى ذيل التنبيه الرابع عشر وقال هناك فهاهنا مقامان المقام الاول انه لا اشكال فى اعتبار بقاء الموضوع فى جريان الاستصحاب وقال ان المراد من بقائه هو اتحاد القضية المشكوكة مع المتيقنة موضوعا وايضا ذكر ان المراد منه الاتحاد العرفى لظهوره.

ويبحث هنا عن المقام الثانى اى لا شبهة فى عدم جريان الاستصحاب مع الامارة المعتبرة مثلا مع وجود الخبر الواحد لا تصل النوبة للاستصحاب وكذا لا تصل للاصول العملية الاخرى سواء كانت الامارة على خلافه ام على وفقه اى لا اشكال فى عدم جريان الاستصحاب مع الامارة المعتبرة فى مورده.

وانما الاشكال فى ان الامارة هل تكون على نحو الورود ام الحكومة ام التوفيق العرفى قال المصنف ليس تقديم هذه الامارة على الاستصحاب من باب الحكومة لان شرط هذا الباب كون دليل الحاكم شارحا ومفسرا بالنسبة الى دليل المحكوم مثلا يقال لا شك لكثير الشك فهذا مفسر لما يقال فيه اذا شككت فابن على الاكثر وكذا قوله ولا شك للامام والمأموم فهذا مفسر للقول المذكور واذا قيل حرم الربا ويقال بعد هذا القول لا الربا بين الوالد والولد فهذا مفسر لما قبله فاذا كان احد الدليلين مفسرا بالنسبة الى الآخر فهذا حكومة.

فيقول ان الجملة الثانية تكون شارحة ومفسرة فى مقام الاثبات والاستدلال اللفظى لا فى مقام الثبوت والواقع اى وان كان فى الواقع منافاة بين دليل الامارة والاستصحاب فالتنافى بينهما انما يكون ذاتيا وواقعيا ولا يكون هذا التنافى فى مقام الاثبات من جهة دلالة اللفظ فلا يصح اطلاق الحكومة على المنافاة المذكورة لان باب الحكومة ما تكون الجملة الثانية فيه مفسرة وشارحة للجملة الاولى قال المصنف ان تقديم الامارة على الاستصحاب من باب الورود لا الحكومة فبيّن الورود على نحو فى صورة مخالفة الامارة للاستصحاب وبيّنه على نحو آخر فى

صورة موافقتها له وبين الشيخ فى الرسائل على قسم آخر.

فيبحث اولا عما يفهم من دليل الامارة مثلا صدق العادل دليل على حجية الخبر فهل يجعله حجة بنحو السببية والموضوعية ولا يخفى انهما واحد ام يجعله حجة من باب الطريقية والمراد من الموضوعية هو جعل الحكم المماثل اى يجعل حكم آخر مثل الحكم الواقعى لذا يقال ان ظنية الطريق لا تنافى قطعية الحكم بعبارة اخرى ان الامارة توجد المصلحة او المفسدة فى مؤديها فتجعل الامارة منزلة العلم فى المنجزية والمعذرية فتكون طريقيتها فى صورة الموضوعية كطريقية العلم.

فيقول صدق العادل فى صورة حجية الامارة بنحو الموضوعية كل ما يقوله خبر الواحد العادل هو حكم الله واما اذا كانت حجية الامارة بنحو الطريقية الصرفة فيقول الشارع ان الطريق الى الواقع هذه الامارة اى يقول يجب عليكم مراعاة هذا المقدار من الشرعيات بان تذهبوا من هذا الطريق المعين.

ولا يخفى ان ادلة الامارات كثيرة كالآيات والاخبار وبناء العقلاء فهل تدل هذه الادلة على حجية الامارة بنحو الموضوعية فيعلم ان كل ما يدل الامارة عليه هو حكم الله اى يجعل الحكم بتوسطها ـ ام تدل الادلة المذكورة على حجية الامارة بنحو الطريقية اى تكون هذه الامارة بدلا عن الحجة الذاتية اى العلم وان كانت حجيتها ناقصة ولكن أمضاها الشارع مثلا يقول ان الطريق الى الواقع هذه.

اذا عرفت ان حجية الامارات اما تكون من باب السببية والموضوعية واما تكون من باب الطريقية فاعلم ان تقديم

الامارة المعتبرة على الاستصحاب على قول صاحب الكفاية انما يكون من باب الورود اى الوارد موجب لرفع موضوع المورود بعبارة اخرى الامارة موجبة لرفع موضوع الاصول مثلا يقول الاستصحاب هذا الشيء واجب ولكن تقوم الامارة على خلافه اى عدم وجوبه.

وقد ذكر ان حجية الامارة ان كانت من باب الموضوعية فتجعل الحكم المماثل اى تقول ان هذا هو الحكم الواقعى فلا يصدق على ما ذكر نقض اليقين بالشك لعدم الشك فى البقاء بعد قيام الامارة اى يفوت احد اركان الاستصحاب بعبارة اخرى ينتفى موضوع الاستصحاب لعدم الشك المذكور مع قيامها.

واما اذا كان حجية الامارة من باب الطريقية فيجيء القطع الآخر وايضا لا فرق بين القطع الوجدانى والتعبدى فالمراد منه فى صورة طريقية الامارة هو قطع تعبدى اى جعل الشارع الامارة منزلة القطع فايضا تقدم الامارة على الاستصحاب من باب الورود لعدم نقض اليقين بالشك بعد قيامها بل كان نقضه بيقين آخر وقد علم ان الطريق اعم من ان يكون وجدانيا او تعبديا.

وقد ذكر الى هنا ان تقديم الامارة على الاستصحاب انما يكون من باب الورود لا الحكومة ويبحث هنا من جمع العرفى بين دليل الامارة والاستصحاب وهذا كما قال المصنف او التوفيق بين دليل اعتبارها وخطابه فقال بعض انما يجمع بين دليل الامارة والاستصحاب من باب التخصيص ويجيء شرحه فى الذيل.

واعلم ان الامارة اما تكون على وفق الاستصحاب واما تكون على خلافه فان كانت حجية الامارة من باب الموضوعية ففى صورة مخالفتها للاستصحاب ينتفى موضوعه اى يقول الامارة هذا حكم ولم يكن هنا حكم آخر حتى يشك فيه فلا يبقى هنا موضوع الاستصحاب ولا يصح هنا الجمع بين دليل الامارة والاستصحاب من باب التخصيص والمصنف لا يقبله لان التخصيص انما يكون مع حفظ موضوعه ففى صورة اقامة الامارة على خلاف الاستصحاب لم يكن موضوعه باقيا.

واما اذا كانت حجية الامارة من باب الطريقية فالعمل بها كان من باب نقض اليقين باليقين لا نقضه بالشك وان كان هذا اليقين تعبديا اى قال الشارع ان العمل بالامارة منزلة العمل باليقين بعبارة شيخنا الاستاد يقول الشارع ان هذا يقين وكان البحث الى هنا فيما كانت فيه الامارة على خلاف الاستصحاب اى تقدم فيما ذكر الامارة من باب الورود.

واما اذا كانت على وفق الاستصحاب فتقدم الامارة عليه ايضا على هذا النحو بعبارة شيخنا الاستاد در صورت موافقت عمل كردن بر امارة شيرين تر مى شود فاذا كانت حجية الامارة من باب الطريقية فتقديمه على الاستحباب كان من باب نقض اليقين باليقين بعبارة اخرى كان تقديمها عليه من باب تقديم الحجة على اليقين.

قوله وعدم رفع اليد عنه مع الا امارة على وفقه الخ.

اى قال المصنف اذا كانت الامارة على خلاف الاصول فتقديمها عليها كان من باب الورود ونقض اليقين باليقين واما

فى صورة كون الامارة على وفق الاصول فتقديم الامارة عليها كان من باب نقض اليقين بالحجة.

واما قول المصنف فى تعليقته فى الرسائل فلم يفرق بين كون الامارة موافقة للاصول وبين كونها موافقة لها اى فى كلتا الصورتين نقض اليقين بالحجة لكن قال المصنف هنا ان كانت الامارة موافقة لها فيكون العمل بها من باب نقض اليقين بالحجة واما اذا كانت مخالفة للاصول فالعمل بالامارة نقض اليقين باليقين.

الحاصل ان المصنف يقول اذا كانت موافقة للاستصحاب فليس عدم رفع اليد عن المستصحب السابق فى صورة الموافقة لاجل لزوم نقض اليقين بالشك فى صورة عدم العمل باليقين السابق بل كان عدم رفع اليد عن الحكم السابق للزوم العمل بالحجة ففى صورة موافقة الامارة للاستصحاب يلزم علينا العمل بالحجة اى الامارة فهذا نقض اليقين بها فاشكل على المصنف بعبارة لا يقال بقوله لا يقال نعم هذا لو اخذ بدليل الامارة فى مورده الخ.

اى يقول سلمنا العمل بالامارة اذا كان اعتبار دليلها مقدما على دليل الاستصحاب بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية اى صحيح است در صورت موافقت عمل كردن به اماره چونكه آن را جلو اندازيم اى يصح على ما ذكر العمل بالامارة ويكون من باب نقض اليقين بالحجة لكن لم : لا يعمل فى صورة الموافقة بكليهما اى الامارة والاستصحاب بان يقدم دليله ونعتبره اولا واذا نعمل كذلك كان لازمه العمل بالامارة لكونها موافقة للاستصحاب.

قوله فانه يقال ذلك انما هو لاجل انه لا محذور فى الاخذ بدليلها الخ.

هذا جواب الاشكال اى لا يجوز العمل فى هذا المورد بكلا دليلى الامارة والاستصحاب لان صدق العادل مطلق ولم يزاحمه شىء بعبارة اخرى ان الدليل الامارة اى صدق العادل مطلق ولم يكن مقيدا بمورد خاص فيسقط هذا دليل الاستصحاب اى فكان اطلاق دليل الامارة مسقط دليل الاستصحاب اعنى لا تنقض اليقين بالشك.

توضيحه ان حجية الاستصحاب موقوفة على تخصيص دليل الامارة اى صدق العادل والتخصيص محتاج الى المخصص لانه بدونه لا وجه له فان جعل دليل الاستصحاب مخصصا لدليل الامارة فهذا مستلزم للدور لان كون دليله مخصصا لدليلها متوقف على حجيته وهى متوقف على كون دليله اى الاستصحاب مخصصا لدليل الامارة.

وبعبارة اخرى ان صدق العادل مطلق اى سواء كانت الحالة السابقة ام لا وجب تصديقه واما دليل الاستصحاب فلم يكن مطلقا لان دليله يقول لا تنقض اليقين بالشك اى لا يجوز نقض اليقين السابق به فان عمل بالاستصحاب فهذا يحتاج الى تخصيص دليل الامارة وهذا محتاج الى مخصص فان كان هذا المخصص دليل الاستصحاب فهو متوقف على حجية الاستصحاب وايضا حجيته موقوفة على كون دليله مخصصا لدليل الامارة هذا دور مصرح.

الحاصل انه اذا كان دليل الامارة ودليل الاستصحاب متوافقين فلا محذور فى تقديم دليلها على دليله والمحذورية انما تكون

فى تقديم دليل الاستصحاب على دليلها لعدم الوجه فى تقديمه او لكون تقديم دليله على دليل الامارة مستلزما للدور المذكور.

قوله واما حديث الحكومة فلا اصل له اصلا الخ.

قد ذكر ان تقديم الامارة على الاصول انما يكون من باب الورود لا الحكومة وايضا ذكر ان الورود ما كان الوارد فيه موجبا لسقوط موضوع المورود واما الحكومة فهى ما كان فيها دليل الحاكم شارحا لدليل المحكوم وهذا الفرق بينهما انما يكون على مذهب صاحب الكفاية.

واما استاد المصنف اى الشيخ (قدهما) فقال ان تقديم الامارة على نحو الورود او الحكومة كلا منهما موجبان لسقوط موضوع الاصول واما الدليل الوارد فيرفع موضوع الدليل المورود بالوجدان ولكن الدليل الحاكم فهو رافع موضوع الدليل المحكوم بالتعبد الشرعي اى يقول الشيخ ان الامارات حاكمة على الاصول العملية النقلية تعبدا لان موضوع الاصول العملية اعنى لا يعلمون بعد اقامة الامارة صار يعلمون لجعل الشارع امارة منزلة العلم.

فيقول اى الشيخ واما فى الاصول العملية العقلية فالموضوع هو قبح العقاب بلا بيان واذا جاءت الامارة بعدها فهو بيان فيرفع موضوع الاصول العقلية وجدانا فكان تقديم الامارة على هذه الاصول من باب الحكومة.

وقد ذكر ان تقديم الامارات على الاصول على مذهب المصنف انما يكون من باب الورود لا الحكومة ولكن يذكر ما ذكر مكررا تبعا لشيخنا الاستاد وايضا كان التكرار لبعض الجملات

التى لم تذكر فيما تقدم.

قال المصنف واما حديث الحكومة فلا اصل له والمراد من الحديث هو الكلام والبحث فيها اى قد ذكر ان تقديم الامارة على الاصول انما كان من باب ورود لا الحكومة والمراد منها ان يكون الدليل الثانى للدليل الاول منزلة اى واعنى مثلا يقال اولا اذا شككت فابن على الاكثر فيقال بعد هذا لا شك لكثير الشك ولا شك فى النافلة فكانت الجملة الثانية بمنزلة اى واعنى ولا يذكر ان صريحا الا قليلا.

وبعبارة اخرى ان يكون الدليل الثانى شارحا ومفسرا للدليل الاول واما دليل الامارة ودليل الاستصحاب فليسا كذلك اى لم يكن دليل الامارة مفسرا لدليله.

ولكن الشيخ يقول ان تقديم الامارة على الاصول ثبت من باب الحكومة اى دليل الامارة يقول ألغ احتمال الخلاف مثلا صدق العادل يقول ألغ احتماله او ألغ الشك فيصير دليلها مفسرا لدليله اذا صار الامر كذلك صح ان يكون تقديم دليل الامارة على دليل الاستصحاب من باب الحكومة.

ولم يقبل المصنف هذا ويقول لا يعلم من دليل الامارة ألغ الاحتمال ومن اين اتى هذا وليس الغاء احتمال الخلاف مذكورا فى ذيل ادلة الامارة مثلا ادلة خبر الواحد تقول ان حجية الخبر اما تكون من باب الموضوعية والسببية فيجعل الحكم المماثل واما تكون حجيته من باب الطريقية فيأتى المنجزية والمعذرية ولا يفهم من ادلة الخبر ألغ الاحتمال وقال المصنف لم ـ كرر كثيرا الشيخ هذا اى قال فى باب التعادل والتراجح فى موارد ان

ادلة الامارة تقول ألغ احتمال الخلاف.

فظهر مما ذكر ان تقديم الامارات على الاصول لم يكن من باب الحكومة ولا يفهم من ادلة الامارة ما يقوله الشيخ ولكن يصح قوله فى مقام الثبوت والواقع اى مقام المفهوم لان اى مفهوم كان لدليل الامارة فيصير يجب العمل بعبارة اخرى يعبّر هذا المفهوم بيجب العمل مثلا صدق العادل اى يجب العمل بقوله وفى مقابل هذا دليل الاستصحاب فيقتضى كل من الدليلين ان يعمل بي.

فثبت احتمال الخلاف هنا لان الامارة تقول هذا حلال والاستصحاب يقول هذا حرام فان عمل بها احتمل خلافه اى العمل بالاستصحاب لكن يفهم من يجب العمل ألغ احتمال الخلاف فتصح الحكومة اى يكون الدليل الامارة مفسرا وشارحا للاستصحاب ولا يفيد هذا فى محل البحث لان ما ذكر فى مقام الثبوت وانما كان بحثنا فى مقام الاثبات ودلالة اللفظ والظاهر ان مقام الثبوت ليس من قبيل هذه الدلالة.

وايضا ان كان المراد مقام الثبوت فيجيء ألغ احتمال مع كل من دليل الامارة والاستصحاب فان رجح دليلها على دليله لاجل الغاء احتمال الخلاف لزم ترجيح بلا مرجح لكون اللازم العقلى فى كل الدليلين اى يجيء فى مقام الثبوت ألغ احتمال الخلاف فى جانب الاستصحاب ايضا.

ويرد الاشكال ايضا على الشيخ فى صورة موافقة الامارة مع الاستصحاب لعدم احتمال الخلاف فى هذا المورد حتى يقال ألغ احتمال الخلاف فلا يصدق الحكومة فى هذه الصورة مع عدم الفرق

عند القائلين بها بين صورة موافقة وعدمها اى يقولون بتقدم الامارة من باب الحكومة ولا يفرقون بين أن تكون موافقة للاستصحاب او مخالفة له.

قال شيخنا الاستاد انه لا اصل للحكومة لوجهين : الاول انها لا تصح فى مقام الثبوت لان الامارة والاستصحاب فى هذا المقام يقتضيان ارتفاع موضوع آخره والثانى انها لا تصح فى صورة الموافقة.

قوله واما التوفيق فان كان بما ذكرنا فنعم الاتفاق الخ.

وكان البحث فى تقديم الامارة على الاصول اى هل يكون تقديمها عليها من باب الورود او من باب الحكومة او من باب التوفيق العرفى.

قال شيخنا الاستاد انه ليس اب ولا ام للجمع العرفى لانه قد يكون مع الورود وقد يكون مع الحكومة وقد يكون مع التخصيص بعبارة اخرى من شيخنا الاستاد بالفارسية اين توفيق عرفى بى كلا نيست يا همراه ورود مى باشد ويا همراه حكومة مى باشد ويا همراه تخصيص مى باشد واما الحكومة فلا يقبلها المصنف قد ذكر وجه عدم قبوله اياها واما التخصيص فهو محل البحث.

فيقال اذا كانت ادلة الامارة مخصصة لادلة الاستصحاب فلم يلزم نقض اليقين بالشك لكن لا يصح التخصيص هنا لانه انما يكون مع حفظ الموضوع فان قلنا ان دليل الامارة مخصصة لدليل الاستصحاب فلم يبق موضوعه ولا يكون الاخذ بدليلها مع نقض اليقين بالشك فلا يصح ان نقول انه يعمل بالامارة مع لزوم

نقض اليقين بالشك فى المورد الذى يخصص دليل الاستصحاب بدليلها.

وبعبارة اخرى لا يجوز ان يقال انه لا عيب فى العمل بالامارة مع بقاء نقض اليقين فى صورة التخصيص المذكور وجه عدم الجواز ان التخصيص انما يصح مع حفظ الموضوع ومع قيام الامارة لا يبقى الشك الذى هو موضوع الاستصحاب وبيّن المصنف هذا الذى ذكر بقوله فلا وجه لما عرفت من انه لا يكون مع الاخذ به نقض اليقين بالشك الخ.

اى لا يصح تقديم الامارة على الاستصحاب بتخصيص دليله بدليلها لانه لا وجه له لعدم نقض اليقين بالشك بعد اخذ الامارة لا ان يكون هذا الاخذ غير منهى عنه مع كونه نقض اليقين بالشك.

الحاصل انه لا يصح تقديم دليل الامارة على دليل الاستصحاب من باب التخصيص لانه انما يكون مع حفظ الموضوع وانتفاء الحكم اى اذا كان دليل الامارة مخصصا لدليل الاستصحاب فليكن موضوع دليله باقيا والمراد من موضوع دليله اعنى نقض اليقين بالشك لكن بعد اقامة الامارة لم يكن الموضوع باقيا حتى نقول انه يجوز العمل بالامارة بعد تخصيص دليل الاستصحاب مع بقاء الموضوع اى نقض اليقين بالشك ونقول انه لا اشكال فى بقاء هذا الموضوع وعدم حكمه اى عدم حرمة النقص المذكور هذا بيان للمنفى.

واما بعد اقامة الامارة فلم يبق موضوع دليل الاستصحاب فلم يصح تخصيص دليله بدليل امارة واعلم انه قد سبق بحث

تخصيص دليل الاستصحاب بدليل الامارة واما البحث المذكور فلم يكن مفصلا فصار عدم التفصيل سببا لتكراره.

قوله خاتمة لا بأس ببيان النسبة بين الاستصحاب وسائر الاصول العملية الخ.

قد ذكر سابقا فى قوله تتمة شرطان من شرايط الاستصحاب احدهما وجودى وهو بقاء الموضوع اى اتحاد القضية المشكوكة والمتيقنة وايضا ذكر ان المراد منه الاتحاد العرفى لا العقلى وثانيهما عدمى اى الشرط الثانى من الشرطين المذكورين للاستصحاب عدمى اعنى عدم الامارة فى مقابله لا على وفاقه ولا على خلافه فقد تمت شرايط الاستصحاب فى تتمة وما يذكر هنا فى الخاتمة انما يكون من باب الكلام يجر الكلام ولم يكن من شرائطه اى يبحث من بيان النسبة بين الاستصحاب وسائر الاصول العملية وبيان التعارض بين الاستصحابين فقال المصنف اما الاول فالنسبة بينه وبينها هى النسبة بين الامارة وبينه الخ.

وقد ذكر ان تقديم الامارة على الاستصحاب من باب الورود لان الامارة رافعة لموضوع الاستصحاب واما الشيخ فيقول ان تقديمها عليه من باب الحكومة والمصنف لا يقبل هذا لان المراد من الحكومة ما كان الدليل الثانى فيه شارحا ومفسرا للدليل الاول واما دليل الامارة لم يكن ناظرا الى دليل الاستصحاب فى مقام الاثبات والمراد منه هو مقام الاستدلال اى لا يفهم من صدق العادل ألغ احتمال الخلاف.

بعبارة اخرى لا تقول ادلة خبر الواحد ان كل ما قامت

الامارة به فالغ الاحتمال ولو كان لسان ادلته كذلك لصحت الحكومة

فظهر مما سبق ان تقديم الامارة على الاصول انما يكون من باب الورود فكذا تقديم الاستصحاب على سائر الاصول العملية سواء كانت هذه الاصول نقلية ام عقلية كالتخيير والبراءة فيقول ان الاستصحاب يقدم على سائر الاصول العملية من باب الورود كتقديم الامارة عليه.

وقد ذكر سابقا انه لا محذور فى تقديم دليل الامارة على دليل الاستصحاب واما تقديم دليله على دليلها فيكون بلا وجه او يكون على وجه الدائر قد مر هذا البحث مفصلا وكذا الحكم هنا فانه لا محذور فى تقديم الاستصحاب واما العكس اى تقديم سائر الاصول عليه فهو مستلزم لمحذور التخصيص الا بوجه الدائر.

توضيحه انه اذا قدم الاستصحاب على سائر الاصول لا يلزم المحذور اصلا اذ لا موضوع له مع الاستصحاب لارتفاع موضوعه به واما تقديم سائر الاصول عليه فانه مستلزم للتخصيص بلا وجه او على وجه الدائر لان اعتبارها مع الاستصحاب موقوف على مخصصيتها لدليل الاستصحاب ومخصصيتها له موقوفة على اعتبارها اى تقديم سائر الاصول على الاستصحاب موقوف على كون دليله مخصصا لدليل الاستصحاب وهذا التخصيص موقوف على حجية سائر الاصول وهى موقوفة على كون دليله مخصصا بان يقول لا تنقض اليقين بالشك الا مع اقامة سائر الاصول فى مقابله اى مخصصيته موقوفة على حجيته وهى موقوفة على مخصصيته فهذا مراد من المحذور الذى يرد فى تقديم سائر

الاصول على الاستصحاب.

قد ذكر الى هنا تقديم الاستصحاب على سائر الاصول بنحو الورود وايضا ذكر المحذور الذى فى تقديم الاصول الاخرى على الاستصحاب واما فى تقديمه عليها فلا محذورية مثلا يقول البراءة بالترخيص اى انت مرخص فى هذا الشيء واما الاستصحاب فيقول هذا حرام لكون القطع بحرمة هذا سابقا فيقدم على البراءة من باب الورود لان دليلها ما لا يعلمون وعدم المعرفة واما فى مورد الاستصحاب فالحكم معلوم وانما يكون الشك فى البقاء اى لم يكن ما لا يعلمون فى مورده.

وبعبارة اخرى ان موضوع الاستصحاب هو اليقين السابق واما موضوع البراءة فهو الشك اعنى موضوعها كون الحكم مجهولا واقعا وظاهرا ولكن الاستصحاب يقول ان الشك فى البقاء لا الحدوث اى لم يكن الحكم مجهولا حدوثا فدليله رافع لدليل البراءة اعنى دليل الاستصحاب يرفع موضوع البراءة لان الواقع يكشف به ولو ظاهرا وموضوعها هو كون الحكم مجهولا من جميع الجهات اى فى الواقع والظاهر.

توضيح ما ذكر بمثال آخر مثلا القرعة لكل امر مشكل واما اذا جاء الحكم الظاهرى فليس هذا مشكلا.

وكذا يقدم الاستصحاب على الاحتياط من باب الورود لان موضوع الاحتياط هو عدم المؤمّن فمجيء دليل الاستصحاب مؤمن من العقوبة وقد بين تقديم الاستصحاب على سائر الاصول النقلية اى لا محذور فى تقديمه عليها لان محذور الدور المذكور

لا يلزم فيه لما مر من ان الاستصحاب رافع لموضوع سائر الاصول.

واما تقديم الاستصحاب على الاصول العقلية فانه يرفع ما هو موضوع لتلك الاصول فان موضوع البراءة العقلية هو عدم البيان اى عدم الحجة على التكليف فيرتفع بالاستصحاب الذى هو حجة وبيان وكذا الحكم فى الاحتياط العقلية اى يرتفع موضوعه بدليل الاستصحاب لان موضوع الاحتياط هو عدم المؤمّن من العقاب فبعد مجىء دليل الاستصحاب يجيء المؤمّن منه فيرتفع موضوع الاحتياط.

قوله : واما الثانى فالتعارض بين الاستصحابين الخ.

اى قال المصنف لا بأس فى الخاتمة ببيان الامرين : الاول بيان النسبة بين الاستصحاب وسائر الاصول العملية : والامر الثانى هو تعارض بين الاستصحابين وهو يتصور على ثلاثة اقسام.

الاول عدم العلم بانتفاض الحالة السابقة فى احدهما بل كانت هذه الحالة موجودة فى كل من الاستصحابين لكن القدرة منتفية لنا فى العمل بهما مثلا كان لنا درهم ونعلم ان النفقة الوالد واجبة علينا وحصل لنا الشك فى اعطائنا هذه النفقة وكذا نقطع بنذر درهم ونشك بادائه فلا يمكن خروج كل منهما من عهدتنا بعبارة اخرى لا يمكن العمل لنا بالاستصحابين لتضادهما وعدم قدرتنا فى كل منهما فكان هذا مورد التخيير فى صورة عدم كون احد الاستصحابين أهمّا والا قدم هذا.

وكان هنا الحاشية منه واشكل فيها بان الاهم من اين يجيء ولا يجيء الاهمية والترجيح عن دليل الاستصحاب لان هذا الدليل يسويه لا الترجيح وجواب الاشكال المذكور ان الترجيح انما يجيء عن دليل المستصحب الذى كان دليله اقوى من الآخر فيرجح استصحاب هذا على غيره اى يسوى الترجيح من دليل المستصحبين فايهما كان دليله اقوى فيرجح استصحابه على ما ليس كذلك.

القسم الثانى من الاستصحابين المتعارضين ما كان مع العلم بانتقاض الحالة السابقة فى احدهما كالاستصحاب السببى والمسبّبي فيقدم الاول على الثانى من باب الورود لعدم المحذورية فى تقديم الاستصحاب السببى على المسببى واما تقديم استصحاب المسببى على السببى فلا وجه له او يكون على الوجه الدائر لان استصحابه متوقف على تخصيص دليل الاستصحاب السببى وهذا التخصيص متوقف على حجية الاصل المسببى وحجيته موقوفة على مخصصية لدليل الاصل السببى.

توضيحه ان تقديم الاستصحاب المسببى موقوف على كونه مخصصا لدليل الاستصحاب السببى بان يقال لا تنقض بالشك الا اذا كان فى مقابله الاصل المسببى ومخصصية لدليل الاستصحاب المذكور موقوف على حجيته وايضا هى موقوفة على مخصصيته.

ولا يخفى انه لا يختص التقديم المذكور بالاستصحاب السببى بل كل الاصل السببى يقدم على الاصل المسببى وكان البحث فى القسم الثانى من الاستصحاب المتعارضين وهذا على

القسمين.

الاول ما يكون المستصحب فى احدهما من الآثار الشرعية للمستصحب الآخر مثلا علمنا كرية الماء سابقا وعرض لنا الشك فيها وكذا وجد لنا الشك فى نجاسة الثوب المغسول بماء مشكوك الطهارة اى اذا شك فى كرية الماء فبعد غسل الثوب النجس فيه يشك فى طهارته فيتعارض فى هذا المورد استصحاب طهارة الماء مع استصحاب نجاسة الثوب فيقدم ما كان مستصحبه اثرا شرعيا للمستصحب الآخر.

ففى المثال المذكور الطهارة اثر شرعى للنجاسة لان الشارع حكم بتطهير المتنجس بالماء الكر فالشك فى طهارة الماء انما يكون لاجل الشك فى الكرية فبعد استصحابها ثبتت الطهارة فالاستصحاب السببى اى طهارة الماء مقدم على الاستصحاب المسببى اى النجاسة.

فلا مانع فى تقديم الاصل السببى على المسببى ولا يكون نقض اليقين بالشك فى هذه الصورة بل يكون حينئذ نقض اليقين باليقين واما تقدم المسببى على السببى فلا وجه فيه او يكون على الوجه الدائر قد مر وجه محذورية تقدم الاصل المسببى.

قوله : وان لم يكن المستصحب فى احدهما من الآثار الآخر الخ.

كان البحث فى تعارض الاستصحابين قد ذكر انه على ثلاثة اوجه الاول انه لا علم لنا بانتفاض الحالة السابقة فى احدهما لكن لا يمكن العمل لنا لوجود التضاد بينهما مثلا اذا نذر شخص اعطاء درهم لفقير وشك فى ادائه وكذا وجب عليه نفقة الاب

وشك بعد هذا فى اعطائها فيتعارض استصحاب وجوب النذر ووجوب النفقة ويكون التزاحم بينهما فى مقام العمل ولم تكن القدرة لنا فيه لان متعلق النذر والنفقة درهم واحد فيصير تعارض الاستصحابين فى هذه الصورة من باب التزاحم بين الواجبين.

والظاهر ان الاستصحاب كالعلم فى هذا الباب اى قد يكون التزاحم بين المعلومين وكذا يكون بين المستصحبين.

الوجه الثانى من تعارض الاستصحابين هو تعارض الاصل السببى والمسببى فيقدم الاستصحاب السببى فى صورة كون مستصحبه اثرا شرعيا للمستصحب الآخر قد ذكر ان الوجه الثانى على وجهين وهذا وجه اول منه واما وجه ثان منه فهو ما لم يكن المستصحب فى احدهما من الآثار للآخر هذا وجه ثالث من تعارض الاستصحابين اى ما لم يكن المستصحب فى احدهما اثرا للآخر.

توضيحه انا نعلم اجمالا ان حالة سابقة احد المستصحبين قد ارتفع مثلا كان عندنا الكأسان المتنجسان فنزل ماء المطر فى احدهما او كانا طاهرين فتنجس احدهما ففى هذا المقام ثلاثة اقوال : احدهما جواز الاستصحاب : ثانيها عدم جوازه : ثالثها التفصيل بين لزوم المخالفة القطعية وعدم لزومها فلا يجوز الاستصحاب فى صورة لزومها.

ولا يخفى ان الاقوال الثلاثة متفقون فى محل النزاع اى النزاع فى المحل الذى كان الاثر الشرعي لكلا المستصحبين

وايضا ان يكون كلاهما محل الابتلاء واما اذا لم يكن لاحدهما اثرا شرعيا فلا يجرى الاستصحاب بلا خلاف فيما ليس له الاثر الشرعي وكذا لا يجرى فيما لم يكن محل الابتلاء.

وقيل إنّه لا يمكن جعل الحكم الظاهرى فى مقام الثبوت اى لا يصح الاستصحاب فيما كان الظرفان متنجسين فوصل ماء المطر فى احدهما اعنى لا يجرى استصحاب النجاسة فى هذين الظرفين للزوم اجتماع الاحرازين التعبديين مع الاحراز الوجدانى الذى كان على خلافهما فى مرحلة الثبوت والمراد من الاحراز التعبديين هو استصحاب نجاستهما اى اثبات النجاسة بالاستصحاب يسمى احرازا تعبديا والمراد من الاحراز الوجدانى هو طهارة احد الظرفين بوصول المطهر والاحراز التعبدى انما يكون فى المورد الذى لم يكن الاحراز الوجدانى على خلافه واما فى المقام فقد ثبت الاحراز المذكور فلا مورد لاحراز التعبدى.

وقال بعض انه لا يجرى الاستصحاب فى مورد العلم الاجمالى بنقض الحالة السابقة فى احد المستصحبين كالمثال المذكور اى حصل اولا العلم بنجاسة الظرفين فحصل العلم الاجمالى بطهارة احدهما بتوسط وصول المطهر فلا يصح استصحاب نجاسة الظرفين فى صورة تعلق العلم الاجمالى بطهارة احدهما.

واما وجه عدم صحته فهو لزوم التناقض بين صدر الدليل وذيله اى صدره يقول لا تنقض اليقين بالشك وذيله يقول لكن تنقض اليقين باليقين او انقضه بيقين آخر اعنى صدر الدليل يدل على السلب الكلى اى لا يجوز نقض اليقين مطلقا اى لا باليقين

ولا بالشك ويقول ذيله لكن تنقضه بيقين آخر فيكون مفاد ذيل نقض اليقين باحدهما اعنى باليقين فسالبة كلية مع موجبة جزئية متناقضتان فيلزم فى هذا الاستدلال من وجود الاستصحاب عدمه.

واعلم ان الامتناع على قسمين اى ذاتى وعرضى مثلا قوله تعالى (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) فالامتناع عرضى وكذا فى المقام اعنى امتناع الاستصحاب عرضى لان الدليل يقتضى ان يسوى فلا يسوى لاجل تناقض صدر الدليل مع ذيله بعبارة اخرى هذا الامتناع امتناع بالغير والظاهر ان الامتناع الذاتى قليل.

ويذكر هنا قول الشيخ اى قال فى الرسائل ان الاستصحاب لا يجرى فى الظرفين الذين حصل القطع بنجاستهما اولا ثم حصل العلم الاجمالى بطهارة احدهما بوصول المطر وجه عدم جريانه هو انتفاء الحالة السابقة فى احدهما اعنى ان كانا نجسين فيحصل العلم الاجمالى بطهارة احدهما وكذا اذا كانا طاهرين ترشح النجاسة فى احدهما فيحصل العلم الاجمالى بنجاسة احدهما فان جريان الاستصحاب فى هذا المورد موجب للتناقض بين صدر الدليل وذيله لان صدره يقول لا تنقض اليقين مطلقا اى لا باليقين التفصيلى ولا باليقين الاجمالى ولا بالشك ولكن ذيله يقول بل تنقضه بدليل آخر اى يقين آخر اعنى اليقين الاجمالى.

واما صاحب الكفاية فيقول ان الاظهر جريان الاستصحابين

فى المثال المذكور لوجود المقتضى اثباتا وفقد المانع والمراد من وجوده هو ان المقتضى لجريان كلا الاستصحابين هو دلالة الدليل فى مقام الاثبات ويقول انه لا تناقض بين صدر الدليل وذيله لان الصدر اى لا تنقض دال على عدم نقض اليقين السابق بالعلم الاجمالى واما الذيل اى لكن تنقضه فهو دال على جواز نقضه بالعلم التفصيلى.

وبعبارة اخرى لا تنقض اليقين السابق بالعلم الاجمالى فلا بأس نقضه بالعلم التفصيلى وكذا يقول الذيل بل انقضه بيقين آخر اى اليقين التفصيلى فصدر الدليل وذيله كل منهما يدلان على جواز نقض اليقين السابق باليقين التفصيلى بعبارة شيخنا الاستاد اگر كسى بگويد اين آب بالاى آب است جواب بلى آب بالاى آب است چونكه ذيل تأكيد از براى صدر است.

الحاصل ان صدر الدليل يقول لا تنقض اليقين بالعلم الاجمالى فى المثال المذكور فيدل بالالتزام على جواز نقض اليقين باليقين التفصيلى فيقول ذيل الدليل لكن تنقضه بيقين آخر فيكون الذيل تأكيدا لما يفهم من الصدر فيعبر عن هذا التأكيد بانه ماء على ماء قد مرّ تفصيل هذا بالعبارة الفارسية فلا يلزم التناقض بين صدر الدليل وذيله لان المراد من المتناقضين ما يكون متعلقهما شيئا واحدا وليس فى المقام كذلك لان متعلق النفى هو العلم الاجمالى ومتعلق الاثبات هو العلم التفصيلى وهذا جواب المصنف اولا ويقول ثانيا لو سلم انه يمنع عن شمول قوله عليه‌السلام فى صدره لا تنقض اليقين بالشك الخ.

اى قال المصنف انه لا تناقض بين صدر الدليل وذيله فيقول هنا لو سلم ورود التناقض فى مورد العلم الاجمالى اى نسلم ان صدر الدليل اى لا تنقض اليقين بالشك لا يشمل لليقين والشك وبعبارة المصنف لو نسلم انه يمنع عن شمول لا تنقض اليقين بالشك لليقين والشك للزوم التناقض فى مورد العلم الاجمالى اى نقول ان صدر الدليل سالبة كلية وذيله موجبة جزئية قد ذكر فى محله انهما متناقضان.

فيقول بعد تسليم تناقض ان اشكال التناقض انما يكون فى رواية مذيّلة واما الاخبار التى لم تكن مذيلة فلا التناقض فيها فيصح الاستدلال بالرواية التى لم يكن فيها ذيل ولا يخفى ان اخبار غير مذيلة كثيرة فتكفى فى صحة استصحاب نجاسة الظرفين فى المثال المذكور.

وقد ذكر ان الاقوال فى جريان الاستصحاب فى مورد العلم الاجمالى ثلاثة ثالثها التفصيل بين المخالفة العملية والالتزامية فيقول المفصل ان المانع من جريان الاستصحابين هو المخالفة العملية واما المخالفة الالتزامية فلم تكن مانعة عن جريان الاستصحابين اى لا ضرر فيها لان الفقه انما يمنع عن المخالفة العملية وهو من الآثار العملية كالصلاة والصوم فانها من الاعمال المكلف.

واعلم ان التكليف على القسمين اى الجوارحى والجوانحى والاحكام الفرعية جوارحية واما اصول العقائد فهى جوانحية ولا يجوز فيها المخالفة الالتزامية بل يجب الالتزام فى التكليف الجوانحى ففى مقام البحث لا يضر المخالفة الالتزامية اعنى اذا

لم تلزم المخالفة العملية صح جريان الاستصحاب فى اطراف العلم الاجمالى كاستصحاب النجاسة فى الظرفين فى المثال المذكور لا مانع فيه لا عقلا ولا شرعا لان استصحاب نجاسة فى المثال مخالفة التزامية لا ضير فيها.

قوله : ومنه قد انقدح عدم جريانه فى اطراف العلم بالتكليف فعلا الخ.

اى ان كان كل التكليفين فعليا وكان كلاهما محل الابتلاء فلا يجوز الاستصحاب فى هذا المورد مثلا اذا كان الظرفان طاهرين وترشحت النجاسة الى احدهما فلم يصح استصحاب الطهارة فيهما لان خطاب اجتنبت عن النجس يشملهما بعد العلم الاجمالى بنجاسة احدهما وكان كل منهما محل الابتلاء اى لا يصح استصحاب طهارتهما للزوم المخالفة القطعية فى صورة استعمالهما ولزوم مخالفة الاحتمالية فى استعمال احدهما ولا يخفى ان الواجب عقلا فى هذا المورد هو الموافقة القطعية واما بعد جريان الاستصحاب فيلزم المخالفة القطعية او الاحتمالية قد مر تفصيلهما.

الحاصل انه اذا حصل العلم الاجمالى بانتقاض الحالة السابقة ولم يكن المستصحب فى احدهما اثرا شرعيا للآخر وكان فى هذا المورد ثلاثة اقوال : احدها جواز الاستصحاب مطلقا : ثانيهما عدم جوازه مطلقا : ثالثها التفصيل اى ان كان الاستصحاب مستلزم المخالفة القطعية فلا يصح لان جريان الاستصحاب فى كلا الطرفين مستلزم للمحذور المذكور وجريان الاستصحاب فى

احدهما ترجيح بلا مرجح.

واما اذا لم يكن جريان الاستصحاب مستلزما لما ذكر فيصح لوجود المقتضى فى كليهما واما الشيخ فيقول انه لا يجرى الاستصحاب فى كل من الطرفين للزوم المناقضة بين صدر الدليل وذيله اى يقول الصدر لا تنقض كل من الطرفين ويقول الذيل انقض احدهما بعبارة اخرى يقول الصدر اى السّالبة الكلية لا تنقض كل منهما واما الذيل فيقول تنقض احدهما للعلم بانتقاضه واذا تناقض الصدر والذيل لزم الخلف اى انت تريد اثبات الاستصحاب وهو لا يثبت.

واجاب صاحب الكفاية عن التناقض المذكور بان اليقين فى صدر الدليل وقع فى سياق النفى وهو مفيد العموم اعنى لا تنقض بكل اليقين اى سواء كان تفصيليا ام اجماليا ويقول ذيله انقض باليقين التفصيلى فقط وايضا ذكر جواب التناقض فيما سبق بوجه آخر فارجع هناك ولا يخفى ان تكرار هذه الاقوال انما يكون لاحتمال تضمنه لبعض النكات.

قوله : تذنيب لا يخفى ان مثل قاعدة التجاوز فى حال الاشتغال بالعمل الخ.

والظاهر ان القواعد الاصولية كالعمومات والامارات من كبريات الاحكام الشرعية وكذا الاصول العملية وهى فى شبهات الحكمية لا الموضوعية ولا يخفى ان قاعدة التجاوز وامثالها من القواعد الفقهية واما المهم فهو بيان لم : اى ما الفرق بينهما قد ذكر سابقا ان قاعدة لا ضرر ولا ضرار من القواعد الفقهية

واما ذكرها فى الاصول فانما يكون لتقاضى بعض العلماء اى التمس بعض من صاحب الكفاية بان تذكر هذه القاعدة فى علم الاصول فذكر لاجابتهم قاعدة لا ضرر فى سياق القواعد الاصولية فقاعدة التجاوز ونحوها قواعد فقهية وذكرها فى علم الاصول كذكر قاعدة لا ضرر فيه.

واما الفرق بين هاتين القاعدتين فان القواعد الاصولية من الكبريات الكلية للاحكام الشرعية ولا تختص بباب دون باب وايضا ان هذه القواعد انما تكون فى الشبهات الحكمية لا الموضوعية.

واما القواعد الفقهية فهى مقررة فى الشبهات الموضوعية ومختصة فى الموارد الخاصة مثلا قاعدة التجاوز مختصة بباب الصلاة اى اذا وصل شخص الى الركوع وشك فى اتيان الشيء من ما قبله فيقال لا تعتن فى هذا الشك فنصت هذه القاعدة فى الصلاة واما قاعدة الفراغ لما كان دليلها قويا فلا تختص فى باب الصلاة بل تجرى هذه القاعدة فى باب الوضوء والغسل ايضا.

ويبحث هنا عن وحدة وتعدد القاعدتين اى هل تكون قاعدة التجاوز والفراغ واحدة ام تكونان متعددتين فان كانت قاعدة التجاوز من صغريات قاعدة الفراغ فتصيران قاعدة واحدة وتقول هذه القاعدة لا تعتنوا فى الشك بعد الفراغ واما فى وسط العمل فلا بد من اتيان المشكوك ولكن الشارع يقول ان جاوزت محل المشكوك فلا تعتن.

فان جعل كل من القاعدتين قاعدة واحدة فينزل الشارع كل جزء الصلاة بمنزلة الكل اى يقول اذا دخلتم فى الجزء اللاحق فلا

تعتنوا بالشك فى الجزء السابق قد ذكر الى هنا قاعدتان من القواعد الفقهية.

والثالثة اصالة الصحة مثلا اذا شك فى صحة الصلاة بعد اتيانها بنى عليها وكذا اذا صدر صوت عن الشخص وشك فى كونه سلاما او سبا حمل على السلام لكن لا يجب جوابه لان جواب السلام يجب على من سمعه واما فى المقام فثبت بالاصل فلا يجب جوابه.

ويذكر هنا مثال آخر وهو اذا ـ آجر شخص نفسه لصلاة ميت وشك فى صحتها اى هل اتى الاجير صلاة صحيحة ام لا فيجرى فى هذه المورد اصالة الصحة وقال بعض انه تجرى اصالة الصحة ولكن لا تبرئ ذمة الميت الا على القول بالاصل المثبت لان فراغ الذمة لازم لصحة الصلاة.

والفرق بين قاعدة الفراغ واصالة الصحة : ان الاولى انما تكون فى نفس فعل الشخص. والثانية : انما تكون فى فعل الغير قال شيخنا الاستاد ان هذا الفرق صار اصطلاحا بينهم اى اصطلح عندهم بان قاعدة الفراغ تكون فى نفس فعل الشخص واما اصالة الصحة فتكون فى فعل الغير واما مع قطع النظر عن هذا الاصطلاح فلا مانع عن جريان اصالة الصحة فى فعل نفس الشخص وكذا يصح أن تكون قاعدة الفراغ فى فعل الغير.

الرابعة قاعدة اليد وهذه القاعدة مختصة فى الملكية مثلا اذا كان المال فى يد شخص حكم فى كونه ملكه ذكر فى الرسائل اذا كان مال فى يد شخص فهل يجوز شرائه اى سئل عن الامام عليه‌السلام قال لا بأس وايضا سئل عنه (ع) هل يجوز الشهادة

بتوسط اليد على ان هذا المال لذى اليد قال (ع) هذه الشهادة صحيحة اما الرواية الاخرى فتدل على عدم جواز الشهادة باليد لان الضابط فى الشاهد هو حصول العلم القطعى فى مقام اداء الشهادة واما الملكية فهى ثابتة بالقاعدة اليد بلا اشكال.

الخامسة القرعة اى جعلها الشارع من القواعد فى مورد الجهل قد ذكر اختصاص القواعد الخمسة فى الشبهات الموضوعية وايضا ذكر ان القواعد الخمسة المذكورة من القواعد الفقهية.

ويذكر الآن ان النسبة بينها وبين الاستصحاب ما هى فيقال ان النسبة بينهما العموم المطلق اى الاستصحاب اعم مطلق والقواعد المذكورة اخص مطلق وايضا كان بينه وبين بعضها العموم من وجه فاذا كان الاستصحاب مع هذه القواعد المذكورة فتقدم عليه اى تتقدم القواعد على الاستصحاب من باب تقدم الخاص على العام.

ولا يخفى ان البحث فى المورد الذى كان الاستصحاب فيه مخالفا للقواعد المذكورة مثلا اذا شك فى سجدة فى حال القيام فقد جمع فى هذا المورد قاعدة التجاوز مع الاستصحاب فيقول انك لم تأتها لان الاشياء الحادثة مسبوقة بالعدم فيستصحب عدم اتيان السجدة واما القاعدة فتقول ابن على اتيانها فتقدم هذه القاعدة على الاستصحاب.

وكذا تقدم قاعدة الفراغ عليه مثلا اذا شك فى اتيان التشهد بعد الصلاة فالقاعدة تقول انك أتيته واما الاستصحاب فيقول انك لم تأته اى يستصحب عدم اتيانه : وايضا اصالة الصحة مقدمة على الاستصحاب : وكذا قاعدة اليد مثلا اذا ـ اشتريت شيئا من

السوق فهذه القاعدة تحكم بان هذا الشيء ملك البائع واما الاستصحاب فيقول ليس هذا ملكا له اى يستصحب عدم ملكيته له لان كل الحادث مسبوق بالعدم.

واعلم انه لا كلام فى تقديم هذه القواعد الاربعة المذكورة على الاستصحاب انما الكلام فى لم اى لم : تقدم هذه القواعد المذكورة عليه فيقال تارة ان قاعدة التجاوز وغيرها من الامارات فيصح لم : فى هذه الصورة اى مع وجود الامارة لا تصل النوبة الى الاصول.

ويقال تارة اخرى ان النسبة بين القواعد والاستصحاب الاعم والاخص مطلقا اعنى لا تنقض اليقين بالشك يقول لا تنقض مطلقا اى لا يجوز نقض اليقين سواء كان فى الشبهة الحكمية ام الموضوعية واما القواعد فهى مختصة بالشبهات الموضوعية ولا شك فى تقدم الخاص على العام فكانت القواعد مقدمة على الاستصحاب من باب التخصيص.

ان قلت سلمنا تقديم القواعد على الاستصحاب اذا كانت النسبة بينهما الاعم والاخص مطلقا من أن تكون القاعدة اخص مطلقا والاستصحاب اعما مطلقا واما اذا كان بينهما العموم من وجه فلم يصح كون القاعدة مخصصة للاستصحاب.

توضيح الاعم من وجه بالمثال مثلا مادة الاجتماع بين اليد والاستصحاب فى مورد كان المال فى يد شخص فتقول قاعدة اليد ان هذا ملكه واما الاستصحاب فيقول ليس هذا ملكه لان الشيء الحادث مسبوق بالعدم ومادة الافتراق عن جانب الاستصحاب هى

فيما اذا كان فى غير مورد الملكية فلم يكن فى هذا المورد قاعدة اليد لانها مختصة فى الباب الذى هو مختص لاثبات الملكية : والافتراق عن جانب اليد هو فيما اذا علمنا ان المال لزيد فى هذا الزمان وكان عارية عنده فى زمان آخر فلا يجرى استصحاب عدم الملكية فى هذا المورد.

الحاصل انه قد تكون النسبة بين القاعدة والاستصحاب عموما من وجه فلا يصح تقديمها عليه قال المصنف فى جواب الاشكال انها تقدم عليه بوجهين : الاول هو عدم القول بالفصل بين عموم من وجه وعموم مطلق اى كل من قال بتقديم القاعدة على الاستصحاب فى صورت اعم مطلق فهو يقول بتقديمها عليه فى صورت اعم من وجه ايضا.

الثانى اى الوجه الثانى لتقديم القواعد على الاستصحاب هو عدم ورود الاشكال فى تقديمها واما اذا قلنا بتقديمه عليها فيلزم التخصيص المستهجن اى التخصيص الاكثر الذى هو مستهجن اى اذا قلنا ان الاستصحاب مخصص للقواعد لزم تخصيص الاكثر الا ما قل اعنى موارد القواعد لا يخلو عن الاستصحاب الا ما شذ فان قلنا بكونه مخصصا فيلزم تخصيص جميع القواعد إلا ما قل اى المورد الذى لم يكن فيه الاستصحاب وهذا المورد نادر.

وقد ذكر الى هنا تقديم القواعد الاربعة على الاستصحاب وايضا علم وجه تقديمها عليه اى قال ان القواعد من الامارات وهى مقدمة على الاصول وايضا ان قدم الاستصحاب عليها فيلزم التخصيص المستهجن فيبحث من القرعة والاستصحاب اى ايهما

يقدم على الآخر.

واعلم ان القرعة انما تكون فى الموضوعات لا فى الاحكام فان كانت فيها سد باب الاجتهاد اى لا يحتاج المكلف اليه وايضا القرعة انما تكون فى الموارد التى عمل فيها الاصحاب بها احدها مسئلة الوطى اى اذا ـ اشتبهت الشاة الموطوءة بين القطيع من الغنم عمل الاصحاب فى تعيينها بالقرعة.

وكذا عمل بالقرعة فى مورد تعيين المطلقة اى طلق شخص زوجته فاشتبهت المطلقة بين زوجات اخر فلم يكن طريق آخر الى تعيينها فيرجع الى القرعة والظاهر ان الرواية فى المورد الذى كانت المطلقة فيه معينة ابتداء ولكن صارت مجملة بعدا فعمل الاصحاب فى تعيينها بالقرعة.

وايضا عمل بالقرعة فى تعيين الولد اى كان لشخص زوجتان فتولد ابن فى ليلة وقالت كلاهما هذا الابن لى فصار مجملا فامر پيغمبر صلى‌الله‌عليه‌وآله بالقرعة لكن وردت هذه المسألة فى اقضية على عليه‌السلام على نحو آخر اى قال (ع) لقنبر جئنى بسيف فسئل عنه لم : قال (ع) احص هذا الطفل بحصتين لتأخذ كلتاهما نصيبهما فقالت المرأة التى كانت اما له ليس هذا الولد منّا.

واعلم ان اقضية كانت للرسول (ص) واقضية كانت لعلي عليه‌السلام فيعمل باقضية الرسول وجعلت سندا للناس واما اقضية علي (ع) لا يعمل بها لانها خلاف القاعدة والمصلحة فى هذه الاقضية عنده (ع).

فلما عرفت مورد العمل بالقرعة فيرجع الى محل البحث وهو

بيان جهة تقديم الاستصحاب على القرعة فيقول الاستصحاب قدم على القرعة بالاوجه الثلاثة الاول ان دليلها عام اى سواء كانت فى الاحكام ام الموضوعات ولم يشترط فيها الحالة السابقة ودليل الاستصحاب خاص لانه مختص بالاحكام الشرعية والموضوعية فيما كانت لها الحالة السابقة ولا يخفى ان القرعة غيرت من الوضع الاولى بالدليل الخارجى اى قام الاجماع على كونها مختصا بالموضوعات واما اصل دليلها عام اعنى القرعة لكل امر مشكل.

ووجه اعميتها بعبارة اخرى ان دليلها ظاهر فى اعتبارها مطلقا اى سواء كان العلم بالحالة السابقة ام لا واما الاستصحاب فمورده خصوص العلم بالحالة السابقة والظاهر ان مقتضى قاعدة تخصيص العام بالخاص هو تخصيص عموم القرعة بدليل الاستصحاب.

واعلم ان القرعة كانت اولا لمعنى العام والتخصيص بالموضوعات انما يجيء عن دليل خارج ولحاظ النسبة بينها وبين الاستصحاب انما يكون بلحاظ المعنى العام الذى كان قبل التخصيص ولا يصح لحاظها بعده للزوم انقلاب النسبة اى كانت القرعة عاما فى الزمان الاول فخصصت بالدليل الخارج فان كان لحاظ النسبة باعتبار هذا التخصيص لزم انقلاب النسبة اعنى كانت بين القرعة والاستصحاب عموما مطلقا بلحاظ اصلها واما ان كان اعتبار النسبة بينهما بلحاظ بعد تخصيصها فتصير بينهما عموما من وجه.

هذا بيان لانقلاب النسبة فلا يكون هذا الدليل الخارجى

موجبا لخصوصية القرعة فى الشبهات الموضوعية.

واما ان قلنا بانقلاب النسبة فتصير النسبة بينها وبين الاستصحاب عموما من وجه اى دليل الاستصحاب يقول ان الشرط فى جريان الاستصحاب هو وجود الحالة السابقة المتيقنة سواء كان فى الشبهات الحكمية ام الموضوعية واما القرعة فلم تشترط فيها الحالة السابقة المذكورة فمورد اجتماعهما هو فيما تكون فيه الحال السابقة المتيقنة مع كون الشبهة موضوعية : ومادة الافتراق عن جانب الاستصحاب فيما كانت الحالة السابقة مع كون المورد من الاحكام الشرعية واما مادة الافتراق عن جانب القرعة فهى فيما كانت الشبهة فيه موضوعية اى كان المورد من الموضوعات الخارجية مع عدم الحالة السابقة.

الحاصل انه اذا لاحظت النسبة بين القرعة والاستصحاب بعد تخصيصها بالموضوعات ثبت العموم من وجه بينهما فيقدم عليها فى هذا المورد ايضا لان دليل القرعة موهون اى يعمل بها فى المورد الذى عمل الاصحاب بها فيه او يكون النص الخاص فى العمل بها.

وبعبارة اخرى ان قدمت القرعة على الاستصحاب فى صورة كون النسبة بينهما العموم من وجه فيلزم كثرة التخصيص اى يلزم التخصيص المستهجن اعنى لا يعمل بالقرعة لوهن دليلها الا فى المورد الذى عمل الاصحاب بها فيه او اقام النص الخاص لاجل العمل بها فتخرج الموارد التى لم يعمل الاصحاب فيها بها.

ان قلت اذا كانت القرعة من الامارات فلا اشكال فى تقديمها على الاستصحاب : قلت لا تقل هذا اى سلمنا تقديم الامارة على

الاصل اذا كان موضوعها باقيا بكل عنوانه اعنى بالعنوان الاولى والثانوى واما فى مورد البحث فلا يبقى موضوع القرعة فى المورد الذى يجرى فيه الاستصحاب لان موضوعها كون الشيء مجهولا من حيث الواقع والظاهر واما الاستصحاب فيقول ان هذا الحكم الظاهرى نزل منزلة الحكم الواقعي فلم يكن الحكم مجهولا اى يقال ان الحكم الواقعى وان كان مجهولا واما الحكم الظاهرى فلم يكن مجهولا.

قد ذكر تقديم الاستصحاب على سائر الاصول لانها تمكن أن تكون مجهولة من جميع الوجوه مثلا البراءة انما تكون فى المورد الذى كان مجهولا من جميع الوجوه وكذا القرعة اى انها وان كانت من الامارات فلا تقدم على الاستصحاب لانها لكل امر مشكل فيكون موردها مختصا فيما كان مجهولا من جميع الوجوه واما بعد جريان الاستصحاب فلم يكن الحكم الظاهرى مجهولا فمع وجود هذا الحكم ينتفى موضوع القرعة.

قوله : لا يقال كيف يجوز تخصيص دليلها بدليله الخ.

قد ذكر مقصود هذه العبارة بعبارة ان قلت ويذكر هنا مكررا لتوضيحها اى اشكل فى تقديم الاستصحاب على القرعة بانها من الامارات وقد ثبت فى موضعه ان الامارة رافعة للشك الذى هو موضوع الاصول العملية فيرفع موضوع الاستصحاب بالقرعة فلا وجه لتقديمه عليها.

فتقديم الاستصحاب على القرعة يكون من دوران الامر بين التخصيص بلا وجه او على وجه دائر اعنى تقديمه عليها يحتاج

الى تخصيص دليلها فهذا مستلزم للدور لان مخصصية دليل الاستصحاب لدليل القرعة موقوفة على اعتباره وايضا اعتبار الاستصحاب موقوف على مخصصية دليله هذا مراد من لا يقال.

قوله : فانه يقال ليس الامر كذلك الخ.

هذا جواب الاشكال توضيحه ان قياس القرعة بسائر الامارات فاسد هذا يحتاج الى بيان موضوعهما فنقول ان الموضوع فى القرعة ما كان مجهولا بكل العنوان اى سواء كان العنوان الاولى او الثانوى.

واما موضوع سائر الامارات فهو مجهول بالعنوان الاولى والواقعى واما بالعنوان الثانوى والظاهرى فهو معلوم مثلا اذا قامت امارة على حرمة شرب التتن فهى رافعة للشك الذى هو شرط فى جريان الاستصحاب قد مر ان الشرط فى جريانه اليقين السابق والشك اللاحق فبعد قيام الامارة يرتفع الشك فلم يبق موضوع الاستصحاب فيثبت تقدم سائر الامارات على الاستصحاب بنحو الورود.

واما القرعة فموضوعه ما كان مجهولا بكل عنوانه اى سواء كان الحكم بالعنوان الاولى ام الثانوى بعبارة اخرى سواء كان الحكم الواقعى او الظاهرى فلو علم الحكم بالاستصحاب لارتفع ما هو موضوع القرعة لان الحكم الظاهرى لم يكن مجهولا اعنى يثبت هذا الحكم بالاستصحاب فينتفى موضوع القرعة لان موضوعها ما كان مجهولا بكل من العنوان الواقعى والظاهرى فيقدم الاستصحاب عليها.

ولا يخفى ان اختلاف الموضوع فى القرعة وسائر الامارات اوجب الفرق بينهما فى تقدم الاستصحاب على القرعة وتقدم سائر الامارات على الاستصحاب.

قد تم ما وفقنى الله تعالى له بفضله ورحمته من شرح باب الاستصحاب واسأله تعالى بمحمد وآله الطاهرين ان يوفقنى شرح مبحث التعادل والتراجيح والاجتهاد والتقليد.

بسم الله الرحمن الرحيم

مبحث التعادل والتراجيح

قوله : المقصد الثامن فى تعارض الادلة والامارات.

قد عنون بعض فى التعادل والتراجيح ولكن المصنف عنون بالتعارض قال شيخنا الاستاد الاولى هو عنوان التعارض لانه قدر جامع اى المراد من التعارض هو التنافى بين الدليلين فان كانا متساويين سميا تعادلا واما ان كان المرجح لاحدهما فسميا تراجيحا.

وقال بعض خاتمة فى التعادل والتراجيح اعنى لم يجعلوا هذا المبحث من مقاصد الكتاب لكن اشكل على هذا القول بان هذا المبحث من المقاصد كحجية خبر الواحد فعنونه المصنف بالمقصد الثامن فى التعارض اعنى جعله من المقاصد.

بعبارة اخرى جعله من المسائل الاصولية والمراد منها ما وقع كبرى القياس واما شيخنا الاستاد فلم يقبل ما ذكر اى جعل هذه المسائل كذلك مشكل لعدم جعل المسائل الاصولية كبرى القياس بسهولة بل يصح ذلك بنحو القياس الاستثنائى فى باب الملازمات العقلية فالاحسن ان يقال ان المسألة الاصولية ما تقع نتيجتها فى جواب

لم : فى قول سائل قد مر ذلك فى اول المجلد الاول وكان التكرر من باب المتابعة لشيخنا الاستاد.

فمبحث التعارض من المسائل الاصولية لا المبادى التصديقية والمراد من هذه المبادى هى الادلة التى توجب التصديق بثبوت المحمولات للموضوعات بعبارة اخرى يقال ان المقدمة واجبة لان الملازمة بين وجوب ذى المقدمة ووجوب المقدمة ثابتة اى ان المبادى التصديقية تقع فى جواب لم : مثلا يقول السائل لم : ثبت هذا المحمول فما يقع فى جواب هذا السؤال يسمى المبادى التصديقية.

والظاهر ان علم اصول الفقه مبادى تصديقية للمسائل الفقهية والدليل لهذا ما ذكر فى كتاب القضاء اى يشترط فى القاضى ان يكون مجتهدا فى الاحكام الشرعية ويتحقق الاجتهاد بمعرفة المقدمات الست وهى الكلام والاصول والنحو والتصريف ولغة العرب والمنطق والاصول الاربعة وهى الكتاب والسنة والاجماع والعقل فيقال والمعتبر من الاصول ما يعرف به ادلة الاحكام فثبت من هذا البيان ان علم اصول الفقه مبادى تصديقية للمسائل الاحكامية.

فيرجع الى محل البحث اى قال صاحب الكفاية المقصد الثامن فى تعارض الادلة وقال شيخنا الاستاد هذا التعبير اولى من تعبير من قال خاتمة فى التعادل والتراجيح وجه اولوية تعبير المصنف هو جعل هذا المبحث من المسائل الاصولية واما غيره جعل المبحث المذكور من ملحقات المسائل الاصولية.

واعلم ان المراد من التعارض هو تنافى الدليلين فى صورة

عدم الوجه للتوافق واما المشهور فيقول ان التعارض هو تنافى المدلولين لكن رد المصنف هذا القول لامكان تنافيهما مع عدم تعارضهما سيجىء بيانه.

ولا يخفى ان التنافى بين الدليلين اما يكون بنحو التناقض اى الايجاب والسلب مثلا يقول احد الدليلين هذا واجب ويقول الآخر هذا ليس بواجب واما يكون بنحو ايجابى فهو تضاد مثلا يقول احدهما هذا واجب ويقول الآخر هذا حرام اى اذا كان التنافى بين الدليلين بنحو ايجابى فيسمى تضادا فالتعارض الحقيقي يقول احد الدليلين هذا واجب ويقول الآخر هذا ليس بواجب.

وقد يكون التعارض بالعرض مثلا يقول احدهما صلاة الجمعة واجبة ويقول الآخر صلاة الظهر واجبة وجاء دليل من الخارج بكذب احدهما فالتعارض بين دليل صلاة الجمعة ودليل صلاة الظهر انما يكون بالعرض اى ثبت التنافى بعد مجىء الدليل من الخارج بكذب احدهما وهذا مراد من التنافى بالعرض.

واما بالذات فيمكن وجوب كل من صلاة الجمعة والظهر ولكن المنافاة بين الدليلين كانت بالعرض بعد مجىء الدليل الخارجى بكذب احدهما اى فلما حكم من الخارج بكذب احد الدليلين فيقول كل منهما انا صادق وليس غيرى صادقا.

قوله : وعليه فلا تعارض بينهما بمجرد تنافى مدلولهما الخ.

اى ذكر : ان التعارض هو تنافى بين الدليلين وعليه فلا تنافى بينهما فى اكثر موارد اى قد يكون احد الدليلين حاكما ومفسرا

للآخر او يمكن الجمع العرفى بينهما فينتفى التعارض هنا مثلا يقال اذا شككت فابن على الاكثر فيقال لا شك لكثير الشك فالجملة الثانية حاكمة ومفسرة للاولى فلا تنافى بينهما.

وكذا لا تعارض بين الدليلين اذا امكن الجمع العرفى بينهما مثلا ادلة الاحكام بعناوينها الاولية تقول الوضوء واجب للصلاة واما الادلة النافية للعسر والحرج والضرر فتقول لا يجب الوضوء فى الموارد المذكورة فلا تنافى بين وجوب الوضوء وعدم وجوبه لتقدم العناوين الثانوية على العناوين الاولية من باب التوفيق العرفى.

ويمكن ان يقال ان تقدم العنوان الثانوى على الاولى من باب الحكومة اى العنوان الثانوى حاكم ومفسر للعنوان الاولى.

ومثال الآخر للجمع العرفى يقال بيع العذرة سحت ويقال بعد هذا لا بأس فى بيع العذرة فنرفع اليد عن ظهور كل منهما بنص الآخر فيحمل السحت على عذرة الانسان ويحمل الجواز على حيوان مأكول اللحم اى ورد النص على حرمة بيع عذرة الانسان وكذا ورد على جواز بيع عذرة الحيوان المأكول فيرفع اليد عن ظهور كل منهما بالنص الذى فيهما فبعد رفع اليد عن ظهور كل من الجملتين ينتفى التعارض بينهما هذا مثال للجمع العرفى.

وكذا يدفع التعارض فى قوله افعل ولا تفعل ان قلنا ان افعل للوجوب ولا تغفل للحرمة فهذا تعارض واما ان حمل افعل على الاستحباب ولا تفعل على الكراهة فلا تعارض بينهما.

الحاصل ان التعارض انما يكون فى المورد الذى لا يمكن

الجمع والتوفيق فيه بين الدليلين واما بعد التوفيق فلا تعارض بين الدليلين وان وجد التنافى بين المدلولين والظاهر ان الادلة والامارات عطف تفسيرى فى هذا المورد وان قيل ان الادلة فى الاحكام والامارات فى الموضوعات لكن فى هذا المقام لا يبحث عن الموضوعات واما اذا كان البحث فى كل من الاحكام والموضوعات فيصح ان يقال ان الادلة فى الاحكام والامارات فى الموضوعات.

واعلم انه اذا كان احد الدليلين حاكما على الآخر فلم يكن التعارض بينهما فيقول الشيخ اذا تقدم احد الدليلين على الآخر من باب الحكومة فالدليل الحاكم مؤخر عن الدليل المحكوم فقال المصنف فلا تعارض بين الدليلين بان يكون احدهما حاكما ومفسرا للآخر سواء كان مقدما ام مؤخرا هذا تعريض على الشيخ حيث قال ان الدليل الحاكم مؤخر عن الدليل المحكوم.

لكن المصنف يقول لا فرق فى ان يكون الحاكم مقدما أو مؤخرا لان مراده من التقدم هو التقدم بالقوة وكذا المراد من التأخر اى الدليل المحكوم مقدم بالقوة والدليل الحاكم مؤخر بالقوة وليس المراد هو التقدم الزمانى قال شيخنا الاستاد ان مراد الشيخ من التقدم هو التقدم الرتبى وليس مراده التقدم الزمانى فلا يرد الاشكال عليه.

قوله : ولذلك تقدم الامارات المعتبرة على اصول الشرعية الخ.

قد ذكر ان التعارض هو التنافى الدليلين فى مقام الاثبات والحجية فان امكن الجمع العرفى فلا تنافى بينهما مثلا اذا اجتمع العناوين الاولية والثانوية فالعنوان الاولى هو المقتضى والعنوان

الثانوى هو المانع فينتفى التعارض فى هذا المورد لتقدم المانع على المقتضى وعدم التحير هنا قال المصنف ولذلك تقدم الامارات اى لاجل دفع التحير ثبت التقدم المذكور مثلا اذا قال الاستصحاب ان هذا الشيء حلال وقالت الامارة انه حرام فالامارة مقدمة على الاستصحاب.

فقال الشيخ ان تقديمها على الاصول الشرعية انما يكون من باب الحكومة وقال المصنف ان تقديمها عليها انما يكون من باب التوفيق العرفى اعنى يقول العرف اذا وجدت الامارة فلم يبق التحير لكن قال المصنف سابقا ان الامارة تقدم على الاصول من باب الحكومة وان لم يكن الفرق بين قوليه مصداقا فقال المصنف انه لا اشكال فى تقديم الامارة على الاصول.

واما تقديم الاصول على الامارة فيحتاج الى التخصيص فيكون هذا التخصيص بلا وجه اى ان خصصت ادلة الامارة من دون مخصص فهذا تخصيص بلا وجه وان قلنا ان ادلة الاصول مخصصة لادلة الامارات فهذا تخصيص بوجه دائر قد ذكر هذا فى اواخر مبحث الاستصحاب اى ذكر هناك تقدم الامارة المعتبرة على الاستصحاب وقال المصنف انه لا محذور فى الاخذ بدليلها بخلاف الاخذ بدليله اعنى تقديم دليل الاستصحاب على دليل الامارة انما يكون بلا وجه او يكون على وجه دائر.

وكذا فى مقام البحث اعنى ان قلنا بتقدم الامارات المعتبرة على الاصول الشرعية فلا اشكال فيه اصلا واما ان قلنا بتقدمها على الامارات المذكورة فيكون هذا التقديم بلا وجه او يكون على وجه دائر.

بعبارة اخرى ان تقديم الاصول على الامارات يحتاج الى تخصيص ادلتها بادلة الاصول الشرعية فان خصصت ادلة الامارات من دون مخصص فهو تخصيص بلا وجه ولكن ان قلنا ان ادلتها خصصت بادلة الاصول فهو مستلزم للدور لان مخصصية ادلة الاصول متوقفة على اعتبار وحجية هذه الاصول وحجيتها متوقفة على مخصصية ادلتها لادلة الامارات هذا دور مصرح فثبت تقدم الامارات المعتبرة على الاصول الشرعية بلا اشكال.

لكن الشيخ يقول ان تقدمها عليها انما يكون من باب الحكومة واما صاحب الكفاية فيقول ان الحكومة لا تصح فى تقديم الامارات على الاصول لان الحاكم ما كان مفسرا للمحكوم عليه بعبارة اخرى ان الحاكم ما كان مفسرا بمنزلة اى واعنى واما الامارات فلم تكن كذلك بالنسبة الى الاصول.

واما القائلون بالحكومة فيقولون ان الامارة متعرضة لبيان حكم مورد الاصول الشرعية مثلا تقول الامارة ان هذا حرام فثبت كون الامارة ناظرة الى مورد الاصول فكان تقديمها على الاصول من باب الحكومة والجواب ان كان الامر كذلك فيثبت الحكومة بين كل من المتنافيين لان كل منهما متعرض للآخر ولكن لم يقل احد بالحكومة بين المتنافيين.

فالوجه لعدم الحكومة بينهما هو عدم كون احد المتنافيين ناظرا ومفسرا للآخر وايضا يقال فى الجواب ان كان المتعرضية سببا للحكومة فان الاصول متعرضة لمورد الامارة أيضا فلم : لم يعكس الامر اى لم : لم تجعل الاصول ناظرة ومفسرة للامارات.

فعلم من البيان المذكور ان المتعرضية لم تكن موجبة

للحكومة لان المراد منها ما كان الحاكم مفسرا بالمطابقة او بالالتزام والمراد من المفسرية بالالتزام ما كان على نحو اللازم البين اى اذا وجد الملزوم وجد اللازم فيصير تصور الملزوم سببا لتصور اللازم ولا يخفى ان المقصود من المفسر بالالتزام ما كان بسبب اللفظ واما الالتزام العقلى وحده فلا يسمى دلالة التزامية.

وقد اجيب الاشكال على وجه آخر وهو الرجوع الى دليل الامارة اى صدق العادل فيسأل هل يقول هذا الدليل انه يجعل الحكم المماثل بالامارة او يقول ألغ احتمال الخلاف او يسوى الدليل المذكور الحجية واعلم ان دليل الامارة مثلا صدق العادل اما يدل على جعل الحكم المماثل واما يد على ان يجب العمل بالامارة من باب الطريقية اى يسوى الدليل المذكور حجية للامارة.

فيقول هذا الدليل ان المنافاة ثابتة بين الامارة والاصل مثلا يحكم الامارة على وجوب الشيء والاستصحاب يحكم على حرمته فلازم الحجية المنجزية والمعذرية اى العقل يحكم بهما فلا يكون دليل الامارة مفسرا لدليل الاصل فى صورة جعل الحكم المماثل بها اى الحكم الذى ينافى للاصل وكذا لم يكن دليل الامارة مفسرا فى صورة جعل الحجية لها قد علم انه لم يجعل الحكم فى هذه الصورة بل لازم جعل الحجية هو المنجزية والمعذرية.

واما ان كان صدق العادل دالا على ألغ احتمال الخلاف فيصح كون هذا الدليل مفسرا لدليل الاصول لان فى هذه الصورة يزول

احتمال الخلاف تعبدا لاجل العمل بالامارة ولكن قد ذكر ان مفاد الدليل المذكور اما يكون جعل الحكم المماثل بالامارة واما يكون جعل الحجية للامارة ولم يفهم من الدليل المذكور ألغ احتمال الخلاف واشار الى هذا المصنف.

بقوله : بل ليس مقتضى حجيتها الا نفى ما قضيته عقلا الخ.

قد ذكر ان ادلة الامارات ليست ناظرة الى الادلة الاصول حتى تكون مفسرة لها بل تقول ادلة الامارات ان مقتضى حجيتها هو نفى مقتضى الاصول عقلا اى لا يفهم هذا النفى لفظا وان فهم من ادلة الامارات وجوب العمل بها شرعا وكذا يفهم ان الشارع جعل الامارات حجة.

فثبت ان ادلة الامارة لم تكن مفسرة لادلة الاصول بل نفس الامارة لا دلالة لها الاعلى الحكم الواقعى واما مقتضى حجيتها فهو لزوم العمل على وفقها شرعا فيحكم العقل بعد ما ذكر ان العمل بالمقتضى الامارات ينافى العمل بمقتضى الاصول فظهر من البيان المذكور ان الامارات لم تكن ناظرة شرعا الى الاصول فلم تكن مفسرة لها.

قوله : وكيف كان ليس مفاد دليل الاعتبار هو وجوب احتمال الخلاف تعبدا الخ.

قد علم ان مفاد دليل الاعتبار اما ان يكون يجب العمل واما ان يكون جعل الحجية فلم يكن هذا الدليل بكل من المعنيين ناظرا الى دليل الاصول لا بالمطابقة ولا بدلالة الالتزامية اللفظية

فلم يكن مفسرا.

بعبارة اخرى لا يعلم من كل هذين المعنيين ألغ احتمال الخلاف حتى يصح الحكومة لكن بناء على الاول يمكن الحكومة اى ان قلنا ان مفاد دليل الاعتبار هو يجب العمل فيمكن ان يقال ان الدليل يقول ان الحكم هو هذا وليس غيره فيصح الحكومة على هذا النحو واما ان كان مفاد صدق العادل جعل الحجية فالمراد هو المنجزية والمعذرية.

فالظاهر ان هما حكم عقلى فلا بد من ان يكون الشيء اولا ورتب حكم العقل بعده فلا معنى لإلغاء احتمال الخلاف مع جعل الحجية فثبت الى هنا ان تقدم الامارات على الاصول لم يكن من باب الحكومة.

واما تقدمها عليها على قول الشيخ فهو على الحكومة مثلا البينة تقول هذا حرام فتجعل منزلة اليقين ويجعل الشك فى مقابله كالعدم فيرتفع موضوع لا تنقض اليقين بالشك اى لم يكن بعد اقامة البينة نقض اليقين بالشك بل كان نقض اليقين باليقين فتكون حكومة الامارة من هذه الجهة على مذهب الشيخ.

وقد ذكر سابقا الاشكال فى حاشية منه بان لا يفهم ألغ احتمال الخلاف من دليل الاعتبار اى من اين يجيء ويفهم هذا ولا تدل الامارة عليه فيقال الاحسن هو قول المصنف اى عدم دلالة الامارة على ألغ احتمال الخلاف فان علم من دليل الامارة هذا فيصح الحكومة لان الاصول انما يكون فى المورد الذى كان فيه احتمال الخلاف.

واعلم ان الاصل انما يكون فى مورد الشك ولا فرق بين كونه

من الاصول اللفظية ككل شىء لك حلال الخ وبين ان يكون من الاصول العملية كالاستصحاب وينتفى الشك بعد مجىء الامارة.

وبعبارة اخرى ان علم من دليل الامارة ألغ الاحتمال فيرتفع الحكم بلسان الموضوع والحكومة عبارة من رفع الحكم بلسان الموضوع مثلا ألغ احتمال الخلاف اى ألغ احتمال الحرمة بعبارة اخرى يقول ليس الحكم لاحتمالها كما يقال ليس الشك لكثير الشك اى ليس الحكم لهذا الشك بان يبنى على الاكثر وان كان نفس الشك موجودا واما المراد فهو نفى الحكم بلسان نفى الموضوع فثبت من البيان المذكور ثبوت الحكومة على النحو المذكور ان فهم من دليل الاعتبار ألغ الاحتمال.

ويذكر هنا ان قلت من تقرير شيخنا الاستاد ويتوقف توضيح عبارة الكفاية عليه وهى قوله وكيف كان ليس مفاد دليل الاعتبار هو وجوب الغاء احتمال الخلاف الى قوله : فافهم وتأمل جيدا.

حاصل ان قلت المذكور اى ان قلت ان دليل الامارة دال على الغاء احتمال الخلاف فاقول ان دليل الاصول ايضا يقول ألغ احتمال الخلاف اى اعمل بالاصول وألغ احتمال العمل بالامارة.

والجواب عن هذا الاشكال قلت نعم اى سلمنا امكان ألغ احتمال الخلاف : فى هذا المورد لكن لا فائدة فى اتيانه فى جانب الاصول لان ألغ الاحتمال فى جانبها يسوى الحكم الظاهرى اى ألغ احتمال الخلاف : فى جانب الاصول ناظر الى المرتبة السافلة بعبارة شيخنا الاستاد ألغ احتمال الخلاف نظر بشاگرد مى باشد كه الغاء احتمال الخلاف از حكم ظاهرى باشد اى ألغ احتمال الخلاف : فى طرف الاصول لم يكن ناظرا الى الحكم الواقعى لانه

ان كان كذلك فلا مورد للاصول لان موردها انما يكون مع احتمال الخلاف فى الحكم الواقعى فبعد الغاء هذا الاحتمال ينتفى الاصول.

فيرد الاشكال على كون الحكم رافعا لموضوعه اى لا يكون الحكم رافعا للموضوع بل الموضوع حافظ لحكمه.

فالظاهر ان ألغ احتمال الخلاف فى جانب لاصول ناظر الى الحكم الظاهرى لا الواقعى اى ان ألغي احتمال الخلاف عن الحكم الواقعى فلا مجال للاصول اعنى كل شىء طاهر : ولا تنقض اليقين بالشك لان موردهما الجهل بالحكم الواقعى.

ولا يخفى ان مورد الامارة هو الحكم الواقعى فان علم من دليلها ألغ احتمال الخلاف تصح الحكومة لان المراد من الغاء احتمال الخلاف هو الغاء احتمال الخلاف عن الحكم الواقعى واما فى جانب الاصول فهو ناظر الى الحكم الظاهرى فاحتماله بالنسبة الى الحكم الواقعى باق.

الحاصل ان علم ألغ احتمال الخلاف عن دليل الامارة فيصح تقدمها على الاصول من باب الحكومة واما اذا كان هذا عن جانب الاصول فلا فائدة فيه ان كان الغاء احتمال الخلاف ناظرا الى الحكم الظاهرى ولا يصح فى هذا المورد كونه ناظرا الى الحكم الواقعى اى ان كان ألغ احتمال الخلاف : فى جانب الاصول ناظرا الى الحكم الواقعى فيرفع الموضوع اى الاصول ويكون الحكم رافعا لموضوعه مع عدم صحته اى لا يكون الحكم رافعا لموضوعه لان الحكم عرض والموضوع جوهر فليس العرض رافعا للجوهر.

بعبارة اخرى ان علم من اعتبار دليل الاصول : ألغ احتمال الخلاف : ويراد منه الغاء احتمال الخلاف للحكم الواقعى فيلزم من

وجود الاصول عدمها لان الاصول انما تكون فى مورد احتمال الخلاف فى الحكم الواقعى واما اذا لم يكن احتمال الخلاف فى الحكم الواقعى فلا مجال للاصول.

قوله فانقدح بذلك انه لا يكاد ترتفع غائلة للمطاردة والمعارضة بين الاصل والامارة الخ.

قد ذكرت فى آخر مبحث الاستصحاب ان الامارات تقدم على الاصول من باب الحكومة واما هنا فيقول ان تقديم الامارات انما يكون من باب التوفيق العرفى فكان على انحاء اى اما يكون من باب الخاص والعام واما يكون من باب الاظهرية والظاهر انه اذا سلم الدليلان فى يد اهل العرف فان زال التحير فلا تعارض هنا بل حصل التوافق.

فيقول المصنف ان التعارض انما يكون فى مقام الاثبات اى اذا وجد التحير فى هذا المقام فهذا تعارض واما اذا وجدت القرينة لتقديم احد الدليلين فلا تعارض لان العمل فى هذا المقام بالقرينة وكذا لا تعارض اذا وجدت الاظهرية بين الدليلين اى اذا لم يبق العرف متحيرا فلا تعارض وايضا لا تعارض فى صورة التنافى بين المدلولين لان العرف يتصرف فى احدهما او فى كليهما.

واعلم ان التعارض يتصور فى ستة موارد : الاول ان يكون الدليلان قطعيين. والثانى : ان يكونا الظنيين. والثالث : ان يكونا المختلفين فيصير كل هذه الصور على قسمين فيصير المجموع ستة اقسام.

توضيح هذه الاقسام ان الدليلين اما ان يكونا قطعيين من

حيث السند فقط واما ان يكونا قطعيين من حيث السند والدلالة معا.

واما اذا كان الدليلان ظنيين فاما ان يكونا ظنيين من حيث السند فقط : واما ان يكونا ظنيين من حيث السند والدلالة واذا كان الدليلان مختلفين فاما ان يكون احدهما قطعيا من حيث السند والآخر ظنيا واما ان يكون احدهما قطعيا من حيث الدلالة دون الآخر اى كان الآخر ظنيا من هذه الحيثية.

فالتعارض انما يكون من حيث السند اذا كان سندهما قطعيين او الظنيين فيقدم النص والاظهر وان كان بحسب السند ظنيا وكذا كان التعارض من حيث الدلالة بان تكون دلالتهما قطعيتين او ظنيتين قد ذكر فى حجية الخبر سابقا ان يكون سنده صحيحا فمع عدم صحته لا تكون الحجية وايضا ان يكون الخبر فى مورد بيان الحكم الواقعى لا لتقية : وكذا فى مقام البحث فان التعارض بين الدليلين انما كان بعد صحة سندهما فهل كان التعارض لاجل السند فقط ام كان لاجل الظهور ام كان لاجل الامور الثلاثة اى السند : وعدم كون الدليل فى مقام تقية : وكون الظهور فى كل منهما اعنى بعد اثبات هذه الامور فى كل من الدليلين يثبت التعارض.

واما المصنف فقال ان التعارض انما يكون لاجل السند ولكن يمكن ان يكون التعارض لاجل الظهور ايضا فاعلم ان التعارض انما يكون فى المورد الذى كان الدليلان نصافيه او كانا ظاهرا فيه واما اذا كان احد الدليلين نصا والآخر ظاهرا فيقدم النص على الظاهر ولا فرق فى تقدم النص بين ان يكون قطعيا او ظنيا

مثلا اذا كان النص ظنيا والظهور قطعيا قدم النص فى هذه الصورة ايضا.

فائدة ان عدم العلم مورد للامارة ليس موضوعا لها ففرق بين كون الشيء موردا للشيء وبين كونه شرطا وموضوعا له واما فى باب الاصول فالشرط والموضوع فيه هو الشك فى الحكم الواقعى اى ان رفع الشك عنه فلا مجال للاصول.

الحاصل ان التعارض انما يكون فى مقام الاثبات والحجية اذا كان المكلف متحيرا.

وايضا ذكر فى الرسائل ان حجية الخبر كانت بالجهات الثلاث الاول : جهة الصدور اى اصالة السند : الثانى تمامية الجهة اى كون الخبر فى مقام بيان الحكم الواقعى الثالث كونه ظاهرا اى يقول العرف ان هذا الكلام ظاهر فى المعنى المذكور

فالحجية مركبة من الاشياء الثلاثة : الاول جهة الصدور اى صحة السند : الثانى تمامية الجهة اى بان يكون المكلف فى مقام بيان الجدى والحكم الواقعى : الثالث جهة الدلالة اى بان تكون ظاهرة اعنى اذا كان لها الظهور حمل عليه.

فظهر من البيان المذكور ان حجية كل خبر وكل كلام متكلم متوقفة على الامور المذكورة : الاول السند : الثانى جهة السند وتماميته : الثالث جهة الدلالة اى كونها ظاهرة فاذا ثبت حجية الكلامين على النحو المذكور ثبت التعارض بينهما وايضا ذكر انه اذا امكن الجمع العرفى بينهما فلا تعارض.

فائدة قال الشيخ فى الرسائل فى باب حجية الخبر انه يبحث اولا عن سنده واما البحث من ان يكون لبيان الحكم الواقعى

فلم يكن من مبحث الاصول بل كان هذا المبحث من الاصول العقلائية كاصالة عدم الخطاء واصالة عدم النسيان وكذا البحث من جهة الصحة واما اصالة الظهور فهى من المباحث الاصولية مثلا اذا كان الوضوء حرجيا فهو ظاهر فى عدم الصحة.

قوله : فصل التعارض وان كان لا يوجب الا سقوط احد المتعارضين عن الحجية رأسا الخ.

أى اذا ثبت التعارض بين الدليلين فهل يتساقطان ام يثبت البقاء على التحيّر.

فيحتاج جواب هذا الى بيان الجملة المتعرضة وهى ان الحجية الخبر هل تكون من باب الطريقية ام من باب السببية فالحق عند العدلية هو الطريقية لان السببية مستلزمة للتصويب وهو باطل عندهم ولكن غير العدلية فيقولون بالسببية واستدلوا بان دين الاسلام لم يكن جامدا بل يتغير بمقتضى الزمان كما ان لباس الناس كان سابقا من القطنة فتغير الى الكتان والحرير وكذا اهل الهيئة لم يكونوا قائلين بحركة الارض الآن يقولون بحركتها وكذا المسلمون يقبلون حركتها لان دين الاسلام لم يكن جامدا واما المسيحى فلم يقبلوا حركة الارض لان دينهم كان جامدا قد حكى ان الشخص المسيحى قبل حركتها فقتلوه واما الدين الاسلامى فلم يكن جامدا كالدين المسيحى بل يتغير لاجل المصلحة والمفسدة : فما ذكر دليل للقائلين بان حجية الخبر من باب السببية.

وقد ذكر ان حجية الخبر عند العدلية انما تكون من باب

الطريقية فلما كانت الحجية من هذا الباب فيسقط كلا المتعارضين من دون الدليل الخارجى مثلا اذا كان مفاد احد الدليلين هو الوجوب ومفاد الآخر هو الحرمة فبعد التعارض لا يعلم كلاهما هذا جواب لمن سئل عن سقوط المتعارضين قد وعدنا هذا الجواب بعد بيان الجملة المعترضة.

وقال الشيخ فى هذا المقام ان الحجية كانت من باب السببية فاجتماع الدليلين على مذهبه من باب التزاحم لكن المصنف لا يقبل هذا.

قوله : نعم نفى الثالث باحدهما لبقاء على الحجية الخ.

اى هل يمكن نفى الثالث ام لا مثلا دال احد الدليلين على الوجوب والآخر على الحرمة فهل ينفى الحلية قال الشيخ بنفى الثالث بالالتزام فيسأل هل يكون هذا النفى بكلا الدليلين او باحدهما المعين او باحدهما غير المعين ومذهب الشيخ هو نفى الثالث بكليهما.

توضيحه على قول المصنف ان الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية فكذا فى المقام اى اذا تعارض الدليلان سقطا عن الحجية مطابقة فكذا يسقطان عنها التزاما مثلا فى المثال المذكور لا يدل الدليلان على نفى الثالث بالالتزام اى لا يدلان على نفى الاباحة.

واما الشيخ فيقول ان الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية فى مقام الدلالة لا فى مقام الحجية مثلا اخبر شخص ان الفلان شرب البول واخبر شخص آخر انه شرب الدم فسقط

الخبران المذكوران عن الحجية مطابقة فيقول الشيخ ان هذين الخبرين باق على حجية التزاما اى ثبت من الخبرين نجاسة المشروب بالالتزام فالحجية باقية بالدلالة الالتزامية واما المصنف فيقول ان الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية من حيث الدلالة والحجية ففى المثال المذكور لا تثبت النجاسة لان الخبرين لم يكونا حجة بالمطابقة وكذا من حيث الدلالة الالتزامية واذا قال احد الخبرين ان هذا واجب وقال الآخر ان هذا حرام فهذا مستلزم لنفى الاباحة بتوسط احدهما لا بعينه.

واما المصنف فيقول انه لا وجود لاحدهما لا بعينه بعد التعارض فلم يكن محركا فدليل الحجية لا يشمل شيئا لا بعينه واما لا اشكال فى نفى الثالث اى شىء لا بعينه ينفى شيئا ثالثا قد ذكر ان المتعارضين تساقطان من حيث الدلالة المطابقية واما الدلالة الالتزامية فهى باقية فيهما لان دليل نفى الحجية لا يجيء فى نفى شىء ثالث وقال المصنف انه لا وجود لشيء لا بعينه فمراده انه لم يكن حجة او انه لم يكن محركا اى كل من الخبرين المتعارضين بعد سقوط احدهما لم يكن محركا ولكن لا تكون المحذورية بالنسبة الى الشيء الثالث اى ينفى بتوسط واحد لا بعينه.

ولا يخفى ان واحدا لا بعينه اما يكون واقعيا واما يكون عندنا ففى المقام المراد منه واحد لا بعينه عندنا.

الحاصل ان واحدا لا بعينه لم يكن حجة اى لم يكن محركا لكن يعرض له الشيء الاعتبارى اعنى نفى الشيء الثالث بتوسطه قد ذكر نظيره فى القسم الثانى من الاستصحاب الكلى اى قال

المصنف هناك ان الاثر يترتب على الكلى وان لم يكن له الوجود الخارجى ولكن اعتبر باعتبار وجود افراده وكان البحث الى هنا فى حجية الخبرين المتعارضين من باب الطريقية الآن يبحث عن السببية.

قوله : واما بناء على حجيتها من باب السببية فكذلك الخ.

قد ذكر ان التعارض بين الخبرين اما يكون من باب الطريقية واما يكون من باب السببية فالمراد من الطريقية اى لا يتصرف فى الواقع باقامة الخبر اى الواقع باق على حاله والمراد من السببية ما تجعل المصلحة بتوسط الامارة فى مؤديها مثلا ان قامت الامارة على حرمة الشيء فتجعل المفسدة واما ان قامت على وجوب الشيء فتجعل المصلحة مثلا اذا قال احد الخبرين ان صلاة الجمعة واجبة وقال الآخر ان صلاة الظهر واجبة فتجعل المصلحة فى كل منهما.

ولا يخفى ان ظهور كل الدليل انما يكون ببناء العقلاء على اصالتى الظهور والصدور فبناء العقلاء دليل لبى لم يقبل الاطلاق والعموم بل يراد منه القدر المتيقن وهو ما لم يكن العلم بكذبه واما السند كذلك لو كان دليل اعتبار بناء العقلاء اى يراد القدر المتيقن ولكن اذا كان دليله الآيات والاخبار فهو ظاهر فيما لم يعلم كذبه لو لم نقل بظهورها بخصوص ما حصل الظن منه.

فظهر ان المراد من الدليل اللبى هو القدر المتيقن اى لا يصح ان يقال فى مورد ان الفلان يحكم على هذا النحو والفلان يحكم على خلافه والمراد من السببية هى السببية الابتدائية وهى

ما لم يكن العلم بكذب احدهما فليس فى المقام الحكم على الوجوب والحرام حتى يحصل العلم بكذب احدهما فالمراد من السببية الابتدائية ما حصل اولا اى ما لم يكن العلم الاجمالى بكذبه فهو القدر المتيقن فليس هنا ملاكان حتى يتزاحما.

فظهر صحة السببية وارادة المتيقن وعدم كون المورد من المتزاحمين لثبوت العلم بكذب احدهما فلا يشمل الدليل كل من الخبرين.

قوله واما لو كان مقتضى الحجية فى كل واحد من المتعارضين الخ.

اى ذكر حجية الامارة من باب السببية وارادة القدر المتيقن ويقول هنا ان كانت السببية ولا يراد القدر المتيقن ويراد من المتعارضين ما لم يعلم كذبه فيصح التزاحم فيهما فى صورة الحكم الالزامى اى يشترط فى التزاحم ان يكون الحكم فى كل من الخبرين بنحو الالزام مثلا يقول شخص ان فعل هذا الشيء واجب ويقول شخص آخر ان تركه واجب فيصدق التزاحم فى مثل هذا المورد فان كان احد الحكمين الزاميا والآخر غير الزامى فلا تزاحم فى مثل هذا المورد.

واعلم ان فرق الحكم الالزامى وغيره واضح ولكن يذكر هذا الفرق هنا تبعا لشيخنا الاستاد : فالواجب فى فعله مصلحة وفى تركه مفسدة : والحرام فى تركه مصلحة وفى فعله مفسدة : والمستحب فى فعله مصلحة ولم يكن فى تركه مفسدة : والمكروه فى تركه مصلحة وليس فى فعله مفسدة : والمباح ما لم يكن

المصلحة او المفسدة فى فعله ولا فى تركه.

فالامارة فى الاحكام الالتزامية موجبة للمصلحة والمفسدة مثلا اذا قامت الامارة على وجوب الشيء والاخرى على حرمته فهذا تزاحم بينهما واما اذا قامت الامارة على وجوب الشيء والاخرى على اباحته فلا تزاحم هنا لان الاباحة لا اقتضاء اى الامارة التى تدل على الوجوب فتجد المصلحة فى مؤداها واما الامارة التى تدل على الاباحة فهى لا اقتضاء فلا مصلحة ولا مفسدة فى مؤداها.

فالتزاحم انما يثبت اذا كان الدليلان فى مرتبة الاقتضاء كالضدين والنقيضين مثلا اذا غرق الفردان المؤمنان رفع التزاحم بينهما من حيث المقتضى واما اذا كان احد الغريقين كافرا فلا تزاحم بينهما لعدم المقتضى فى غريق كافر فلا يكون التزاحم فى صورة السببية مطلقا بل اذا دل الدليلان على الحكم الالزامى واما مع عدم هذا الحكم فيهما فلا تزاحم.

فيبحث من مورد اجتماع دليل الوجوب والاستحباب مثلا يقول احد الدليلين ان هذا الشيء واجب ويقول الآخر انه مستحب فلا تزاحم فى هذا المورد وجه عدم ورود التزاحم هو ان مصلحة الواجب عشر درجات ومصلحة المستحب خمس درجات فليس المصلحة الخمسة الزائدة فيه اى ان المستحب ناقص عن الواجب بخمس درجات.

وكذا الحرام والمكروه مثلا مفسدة الحرام عشر درجات ومفسدة المكروه خمس درجات اعنى مفسدة المكروه ناقصة عن الحرام بخمس درجات فلا تزاحم بينهما.

الحاصل ان الالزام انما يكون فى الاثنين من الاحكام الخمسة اى الوجوب والحرام وثلاثة منها غير الزامى اى الاستحباب والكراهة والاباحة.

فيرد الاشكال فيما نحن فيه توضيحه انه ذكر سابقا ان حجية الامارة اما تكون من باب الطريقية واما تكون من باب السببية قد علم ان الحق عند العدلية هو الطريقية فاذا كانت من باب الطريقية تساقط الخبران عند التعارض واما اذا كانت حجية الامارة من باب السببية فالخبران المتعارضان من باب التزاحم على مذهب الشيخ.

فاشكل المصنف عليه من وجهين الاول انه لا يصح التزاحم اذا كانت حجية الامارة من باب السببية لنقصان الدليل اى لا يدل على سببية كل من الخبرين المتعارضين بل يراد القدر المتيقن لان حجية الظهور انما تكون من باب بناء العقلاء وهو دليل لبى فيراد منه القدر المتيقن ولم يكن فى هذا المورد اى فى القدر المتيقن العلم الاجمالى بكذب احدهما.

الثانى اى الاشكال الثانى على الشيخ ان تنزلنا عن ما ذكر وسلمنا السببية وقلنا ان الدليل يدل على ثبوت العلم الاجمالى بكذب احدهما فيرد الاشكال الآخر فلا يصح التزاحم فى مورد لا اقتضاء مثلا اذا كان دوران الامر بين الوجوب والاباحة فهى لا اقتضاء قد ذكر عدم التزاحم بين الاقتضاء ولا اقتضاء وكذا لا يصح فى مورد عدم الحكم الالزامى اى لا يصح التزاحم بين الوجوب والاستحباب وكذا لا يصح بين الحرمة والكراهة لعدم الحكم الزامى فى جانب الاستحباب والكراهة.

وقد ذكر نظير ما ذكر فى علم التجريد اى قيل هناك انه لا منافاة بين الواجب الغيرى والممكن الوجود لان الممكن يصير واجبا غيريا والمنافاة انما تكون بين الواجب الوجود والممتنع الوجود وكذا فى المقام فانه لا منافاة بين الاقتضاء ولا اقتضاء.

فان قلت ان الحكم الغير الالزامى ايضا اقتضائى مثلا الاستحباب مقتض للفعل والكراهة مقتضية للترك وان لم يكونا فى مرتبة الالزام فلا يصح قولكم بعدم التزاحم بين الوجوب والاستحباب لانه مقتض للفعل.

قلت انه لا يصح التزاحم فيما ذكر ايضا مثلا لا يلزم التزاحم المذكور بين الوجوب والاستحباب لان الوجوب واجد للمصلحة الزائدة وليست تلك المصلحة فى جانب الاستحباب.

قوله الا ان يقال بان قضية اعتبار دليل الغير الالزامى ان يكون عن اقتضاء الخ.

أى ذكر الى هنا عدم التزاحم بين وجوب والاستحباب لتقدم الوجوب عليه بزيادة المصلحة فى جانب الواجب قد مر تفصيله فيقول فى قوله الا ان يقال ان قلنا بوجود المقتضى فى الحكم الغير الإلزامي فايضا لا يلزم التزاحم.

هذا اشارة الى السؤال المقدر وجوابه توضيحه انه يمكن ان يقال بوجود المقتضى فى جانب الحكم الغير الالزامى فيرد التزاحم بين المقتضيين مثلا فى دوران الامر بين الوجوب والاباحة وقع التزاحم بين الامارة التى تدل على الوجوب والامارة التى تدل على الاباحة اى تدل هذه الامارة على ثبوت

المصلحة فيها وكذا الحكم فى دوران الامر بين الوجوب والاستحباب اى وقع التزاحم بين المقتضيين.

والجواب عن السؤال المذكور فنقول ليس التزاحم فى هذا المورد ولكن يصير الجواب هذا بعكس الجواب السابق اى يقدم الاستحباب والاباحة على الوجوب مثلا اذا دار الامر بين الوجوب والاباحة فالتعارض انما يكون بين المقتضيين لا بين مقتضاهما اى تتعارض الامارتين فتتساقطان فيقدم الاباحة.

بعبارة اخرى يقدم الحكم الغير الالزامى على الحكم الالزامى على عكس ما سبق اما وجه تقدمه فانه يكفى فى ثبوت الحكم الغير الالزامى عدم المنع منه وكذا فى دوران الحكم بين الوجوب والاستحباب فان الواجب واجد لعشر درجات والمستحب واجد لخمس درجات.

فيسقط الواجب بالمستحب اى للمستحب جزء سلبى وايجابى اعنى يقول ان للمصلحة فى هذا المورد خمس درجات لا غيرها فتسقط خمس درجات الواجب بتوسط جزء سلبى المستحب لان جزء سلبية يقول ليست خمس درجات زائدة فى الواجب.

وقد ذكر ان للواجب عشر درجات فاذا سقطت الخمسة منها بتوسط جزء سلبى المستحب بقيت الخمسة فيتعارض هذه الخمسة الباقية فى الواجب مع الجزء الايجابى الذى كان فى المستحب فيتساقطا.

الحاصل انه فرض فى الواجب عشر درجات من المصلحة وفرض فى المستحب خمس درجات من المصلحة فتسقط خمس

درجات الواجب لاجل معارضة مع خمس درجات من المستحب اى يعارض هذا الجزء الايجابى من المستحب مع خمس درجات من الواجب فبقى فى جانب الواجب خمس درجات فيعارض الجزء السلبى من المستحب مع هذه الخمسة.

والمراد من الجزء السلبى المذكور هو ان يقول دليل المستحب انه ليست هذه المصلحة الزائد للواجب فلما نقصت قدرة الواجب فيسقط خمس الدرجات الباقية لاجل المعارضة مع الجزء السلبى من المستحب.

بعبارة شيخنا الاستاد قوه واجب كم شده وپائين آمده پس آن اجزاء باقى مانده واجب معارضه مى كند به اجزاى سلبى مستحب پس ساقط مى شود اى يسقط مقتضى الوجوب فلا وجود له من دون المقتضى واما المستحب وان سقط مقتضيه لاجل المعارضة فيبقى لان عدم المنع فيه كاف كالاباحة.

واعلم ان هذا الجواب هو عكس الجواب السابق لان الجواب المذكور فى السابق هو سقوط المستحب وبقاء الواجب عند دوران الامر بين الوجوب والاستحباب واما الجواب الذى ذكر فى قوله الا ان يقال فيقول انه يسقط الواجب ويبقى المستصحب لان عدم المنع فى بقائه كاف.

ويذكر حاصل ما ذكر تكرارا تبعا لشيخنا الاستاد اى اذا قام دليلان فهما على قسمين اعنى اما يكونان من باب الطريقية واما يكونان من باب السببية فاذا تعارضا تساقطا فى صورة حجيتهما من باب الطريقية وكذا فى الصورة السببية على مذهب المصنف

واما الشيخ فيقول انه اذا كانت حجية الامارة من باب السببية كان التزاحم بين الامارتين فى صورة تعارضهما فيحكم بالتخيير.

فاشكل المصنف عليه بالاشكالات الثلاثة : الاول انه لا تصح السببية لكل من الخبرين فى هذا المورد لان المراد منها السببية الابتدائية هى جعل الحكمين ابتداء وليس هذا الجعل صحيحا فى هذا المورد لوجود العلم الاجمالى بكذب احد الخبرين فلا تشمل ادلة الحجية كل منهما.

واشكل ثانيا بعد تسليم عمومية الادلة اى ان تنزلنا ونقول ان الادلة تشمل كل من الخبرين باعتبار عموميتها فيرد الاشكال الآخر عليه وهو ان التزاحم انما يكون فيما وجد المقتضى فى كل من الحكمين كالواجبين او كالواجب والحرام فالاقتضاء انما يكون فى الاثنين من الاحكام الخمسة اعنى الوجوب والحرمة فلا اقتضاء فى الثلاثة منها اى الاستحباب والكراهة والاباحة لعدم جعل الحكم فيها فاذا قامت الامارة على الوجوب والحرمة ثبت الاقتضاء واما اذا قامت على الاستحباب والكراهة فلا اقتضاء فى الصورة المذكورة.

الاشكال الثالث وهو ان قلنا بثبوت الاقتضاء فى الاحكام الغير الالزامية فلا يصح التزاحم ايضا لتقدم الحكم الغير الالزامى على الالزامى فى هذه الصورة قد ذكر وجه هذا التقدم مفصلا.

قوله نعم يكون باب التعارض من التزاحم مطلقا الخ.

اراد المصنف ان يرفع الاشكال عن الشيخ اى قال الشيخ اذا كانت حجية الامارة من الباب الطريقية فالحكم فى صورة التعارض

هو التساقط اعنى يسقط كلاهما عن الحجية واما اذا كانت حجيتها من الباب السببية فالحكم فى هذه الصورة هو التزاحم فالنتيجة هى التخيير.

فاورد المصنف على الشيخ باربعة اشكالات فى الصورة السببية الاول ان الشرط السببية أن تكون ابتدائية واما اذا كان العلم بكذب احد الخبرين فيجرى الحكم الطريقية اى تساقطهما وايضا قال المصنف ان الدليل اما بناء العقلاء واما الآيات والاخبار فاذا لم يكن العلم بكذب احد الدليلين شمل دليل الحجية كليهما واما فى صورة العلم بكذب احدهما فلا يشمل الدليل كل من الخبرين بل يشمل القدر المتيقن ولا يخفى ان التزاحم انما يكون فى صورة شمول الدليل لكليهما.

الثانى اى الاشكال الثانى على الشيخ ان تنزلنا عما ذكر وقلنا ان دليل الحجية يشمل كليهما فى الصورة السببية ايضا فيرد الاشكال الآخر اى يصح التزاحم بين الخبرين المتضادين او المتناقضين وايضا يشترط ان يفيدا حكما اقتضائيا الزاميا كالوجوب والحرمة فيخرج عن محل البحث الاستحباب والكراهة والاباحة.

الاشكال الثالث قيل إنّه يصح التزاحم بين الوجوب والاستحباب لثبوت الاقتضاء فى كل منهما فاجاب المصنف بانه لا يلزم التزاحم فى هذه الصورة ايضا لكن الجواب هنا انما يكون بالعكس اى تنزل الحكم الالزامى عن مقامه فيقدم المستحب على الواجب قد مر تفصيل هذا الجواب. هذا تكرار لما سبق فيبين ما هو مقصود لقوله نعم يكون باب التعارض من التزاحم اى اراد

المصنف ان يصلح مع الشيخ فيقول له ان التزاحم انما يصح على قولكم فى صورة اشتراط كل من الموافقة الالتزامية والعملية فيتزاحم التزام بالواجبين او بالواجب والحرام وقد ذكر فى محله انما تشترط الموافقة الالتزامية فى الاصول.

واما فى الاحكام الفرعية فقد اختلف فيها فشرط بعض العمل الجوارحى والجوانحى فيها وقال بعض آخر انه لم يشترط فى الفروعات العمل الجوانحى بل يكفى العمل الجوارحى فيها كما قال الشيخ فى الرسائل انه لم تشترط الموافقة الالتزامية فيها لعدم الدليل لاشتراطها فى الاحكام الفرعية بل يكفى فيها الموافقة العملية اى العمل الجوارحى واما الاصول فيشترط فيها العمل الجوانحى والجوارحى.

فيقول المصنف انما يصح التزاحم اذا قلنا ان الموافقة الالتزامية شرط فى الاحكام الفرعية اى يقول المصنف اولا لم نسلمها وثانيا لو سلمناها يصح التزاحم فى مورد الحكمين الالزاميين كالتزام بوجوب الشيء وحرمته فيخرج ثلاث صور الاحكام التكليفية لعدم الالزام فيها اى يخرج الاستحباب والكراهة والاباحة عن محل البحث قد ذكر الى هنا اشكالات ثلاث على الشيخ.

واما الاشكال الرابع عليه فيقال ان الشيخ قائل بالتخيير مطلقا فى صورة التزاحم الدليلين فلا يصح فى جميع الموارد مثلا اذا كان احد الحكمين معلوم الاهمية فيقدم هذا على غيره وكذا يقدم محتمل الاهمية على غيره فلا يصح التخيير فيما ذكر.

وقد ذكر نظيره فى باب الضد من تقديم معلوم الاهمية او

محتمل الاهمية على غيره كما قال المصنف او محتملها فى الجملة اى قد يكون الاهمية لشدة الملاك مثلا اذا كان المجتهدان وكان احدهما اعلم من الآخر واما اذا كانا مساويين فى العلم فيقدم من كان له جهة التقدم من باب آخر كالهاشمية مثلا.

ولا يخفى ان التزاحم ثابت فى باب الضدين والنقيضين وانما الاشكال فى الحكم بالتخيير بين المتزاحمين اى لا تخيير بينهما فى صورة معلوم الاهمية او محتمل الاهمية.

واعلم ان التزاحم انما يكون بين الضدين والنقضين فى مورد عدم امكان الجمع العرفى والمراد منه ان يكون احد الضدين قرينة للآخر مثلا ان كان احد الخبرين نصا والآخر ظاهرا فيقدم النص على الظاهر كقوله لا تفعل ويقول بعد هذا لا بأس والظاهر ان لا بأس نص على الجواز ولا تفعل ظاهر على عدم اتيان الفعل فيحمل على الكراهة.

قوله فافهم هذا هو قضية القاعدة فى تعارض الامارات الخ.

كان الكلام فى الجمع بين الامارات فى صورة التعارض اى كان البحث عن امكان الجمع والامكان عرفى وعقلى والمراد من الاول هو ما يكون بيد العرف فان لم يكن العرف متحيرا فى مورد اجتماع الخبرين فهذا جمع عرفى مثلا يقال بيع العذرة سحت وايضا يقال لا بأس ببيع العذرة فيحمل الاول على عذرة الانسان والثانى على عذرة الحيوان المأكول.

والمراد من الثانى اى الامكان العقلى هو ما يكون بتصرف العقل وليس المراد منه فى مقام البحث الامكان العقلي لانه يوجد

فى جميع الموارد اى امكان الجمع عقلا يوجد فى كل المتعارضين فينتفى باب التعارض ولا يبقى حجر على حجر لان العقل يحكم بالتأويل فى جميع الموارد التى يحتمل فيها التنافى فظهر ان المراد من امكان الجمع هو الامكان العرفى.

ويمكن ان يشكل عليه بان الامكان العرفى ينافى مع الحكم الذى يقول ان الجمع مهما امكن اولى من الطرح وجه المنافاة ان هذا الجمع لازم ومعين فلا يكون المعنى للاولوية والجواب عن الاشكال المذكور ان الاولوية من قبيل الاولوية فى اولى الارحام اى يكون الاولى بمعنى التعيّن.

فاشكل على الجمع العقلى بالاشكالين الاول : انه لا دليل للجمع العقلى. الثانى : ان هذا الجمع ايضا مستلزم لطرح ظهور الخبرين او لطرح احدهما قد ذكر سابقا ان الحجية تقتضى ثلاثة اشياء اى اصالة السند والظهور والجهة فينتفى اصالة الظهور فى صورة الجمع العقلى فايضا يلزم الطرح.

قوله قد عرفت ان قضية التعارض انما هو سقوط المتعارضين الخ.

اى قد علم فى السابق ان مقتضى القاعدة الاولية فى باب التعارض هو التساقط واما مقتضى الاجماع هو العمل باحد الخبرين اى بالراجح منهما ولكن مع عدم الراجح فالمقتضى فى باب التعارض هو التساقط عن الحجية اى لا يعمل بمؤدى الخبرين ولم يبق الحجية لهما وكذا لا يبقى السندان بعد التعارض اى بعد التصرف العقلى لا تبقى الحجية للخبرين وكذا لا يبقى السندان

بعد التصرف فى الظهور اعنى لا يصح انتفاء الظهور مع بقاء السندين.

وقد ذكر اشكالان على الجمع العقلى الاول : عدم الدليل على هذا الجمع. الثانى : ان مع تسليم الجمع العقلى ايضا يلزم الطرح اى طرح ظهور الخبرين او احدهما.

وقال شيخنا الاستاد ان الاشكال الاول اى عدم الدليل على الجمع العقلى هو الاولى ولا يصح الاشكال الثانى على هذا الجمع اى اذا كان الدليل له مثلا اذا قال المولى الجمع اولى من الطرح ولو كان عقليا فلا معنى للاشكال على الجمع العقلى بان يقال ان ظهور الخبرين او احدهما يطرح بالتصرف العقلى اى يحصل التغير والتبدل فى الخبرين واما وجه عدم ورود الاشكال المذكور فيقال ان معنى الجمع هو التحول والتبدل بعبارة شيخنا الاستاد معنى جمع عرفى همين زير وزبر كردن است.

قوله فصل لا يخفى ان ما ذكر من قضية التعارض بين الامارات الخ.

اى علم ان مقتضى القاعدة الاولية فى باب التعارض هو التساقط واما مقتضى الاجماع فهو العمل باحد الخبرين المتعارضين اى قام الاجماع على حجية خصوص الراجح قال المصنف انما يعمل بالراجح للقطع بحجيته تخييرا او تعيينا اى العمل به انما يكون من قبيل دوران الامر بين التعيين والتخيير وكذا الحكم فى الاحكام الفرعية واما هنا فيجرى البراءة عن التعيين اعنى فى المسألة الفرعية فتجرى البراءة عنه بعبارة

شيخنا الاستاد چون در مسئلة فرعية در تعيين سخت گيرى مى باشد جارى مى شود برائت از آن.

واما فى المسألة الاصولية فليس الامر كذلك اعنى لم تكن هذه المسألة فى مقام العمل فليس الاشكال فى الاخذ بالتعيين فيقدم المعين لليقين بحجيته بعبارة اخرى فيقدم الراجح لهذه الجهة واما غيره فهو مشكوك الحجية ولا فرق بين ما قطع بعدم حجيته وبين ما شك فيه فى الحجية فلا يكون الشيء حجة فى كلا الموردين.

واعلم ان اليقين والشك قد يكونان ابا الحكمين بعبارة اخرى يكونان بملاكين وقد يكونان ابا الحكم الواحد وبملاك واحد مثلا يقال التشريع حرام فكان اليقين والشك فى هذا الباب بملاك واحد اى سواء قطعنا بعدم هذا الشيء من الدين ام شككنا بكونه منه فهما تشريع محرم فى صورة ادخالهما فى الدين فكان اليقين والشك فى هذا الباب ابا الحكم الواحد وكذا اليقين والشك فى باب الحجية اى يكونان بملاك واحد مثلا ان قطعنا بعدم حجيته او شككنا فى حجيته فلا يكون هذا الشيء حجة فى كلتا الصورتين ويذكر الآن الدليل الخارجى لتقديم الراجح كقوله واستدل عليه بوجوه آخر احسنها الاخبار وهى على طوائف فيذكر من كل هذه الطوائف خبر فتقول طائفة ان الحكم فى المتعارضين هو التخيير وتقول طائفة اخرى ان الحكم فيهما هو التوقف اى لا يعمل بكل من الخبرين فى صورة التعارض وتقول الطائفة الثالثة فالحكم هو العمل بمقتضى الاحتياط مثلا اذا قال احد الخبرين ان هذا واجب وقال الآخر ان هذا ليس بواجب

فليؤخذ بما يقول انه واجب واما الطائفة الرابعة فهى كثيرة اى يبحث فى هذه الطائفة من المرجحات.

واعلم ان المرجحات على ثلاثة اقسام اى الصفتى والمضموني والجهتى والمراد من الترجيح الصفتى هو الترجيح بالصفة الراوى كالافقهية والاورعية والاوثقية والمرجح المضموني عبارة من ترجيح ما هو موافق الكتاب وما هو موافق للسنة المتواترة والمراد من المرجح الجهتى هو ترجيح ما هو خلاف العامة فاختلفت الاقوال فى الترجيح بهذه المرجحات اى يقدم بعض المرجح الصفتى ويقدم بعض آخر المرجح المضموني.

فيبحث هل تكون هذه المرجحات فى مرتبة واحدة ام لم تكن فيها بل مرتبة بعضها مقدمة على بعض آخر فقال المصنف ان المرجح السندى يقدم على غيره لان مرتبته مقدمة على الغير واما اذا كانت المرجحات فى مرتبة واحدة فالمكلف مخير فى الرجوع اليها.

وقال المشهور انا سلمنا الاخبار المطلقة التى تدل على التخيير واما الاخبار التى ذكر فيها المرجحات فتقيد هذه الاخبار ما تدل على التخيير مطلقا فيتمسك المشهور بالاخبار التى ذكرت فيها المرجحات فجعلت كلمة هى فى قوله وهى على طوائف للاستخدام اى يراد من هذا الضمير الاخبار التى كانت فيها المرجحات وقد ذكر قبلا الاخبار المطلقة للتخيير فتكون الاخبار المرجحة مقيدة للاخبار المطلقة.

واعلم ان التخيير لم يكن ابتداء فى المسألة الفقهية بل يكون فيها بعد الفحص عن المرجحات واما فى المسألة الاصولية

فالتخيير انما يكون ابتداء ولم يحمل فى هذه المسألة : المطلق على المقيد اى لم تقيد الاخبار المطلقة بهذه الاخبار المقيدة لكن العقل يحكم بالرجوع الى الراجح واما بعضهم من اوجب الترجيح بالاخبار المرجحات لكن الشيخ اعلى الله مقامه تعدى من المرجحات المنصوصة اى اخذ المرجحات من القواعد واما غيره فاخذوا المرجحات المنصوصة اعنى المرجح الجهتى والمضموني والسندى.

واما المصنف فيقول ان التخيير انما يكون ابتداء ولم يقبل المرجحات المنصوصة فضلا عن غيرها.

قوله فالتحقيق ان يقال ان اجمع خبر للمزايا المنصوبة فى الاخبار هو المقبولة والمرفوعة الخ.

اى يقول المصنف ان التخيير فى الخبرين المتعارضين انما يكون ابتداء فالمجتهد مخير فى مقام الفتوى بكل منهما وكذا اختار الكلينى هنا التخيير واما المشهور فيقولون انه لا يصح التخيير ابتداء اى ان كان المرجح موجودا فيقدم ويعمل به.

واما المصنف فيقول ان الترجيح لم يكن واجبا فلا بد من ان يبين سبب عدم التقييد والترجيح فى المطلقات لان المشهور هو تقييدها بعبارة شيخنا الاستاد گوش هاى مردم پر شده كه مطلقات بسبب مرجحات تقييد مى شود.

فيقول المصنف ان دليل التقييد هو المقبولة والمرفوعة فلا بد من البحث فى اطرافهما ويعلم عدم صلاحيتهما للترجيح والتقييد.

واما المرفوعة فسندها ضعيف فلا يصلح لتقييد المطلقات وقد ذكر ابو الاقصائى هذه المرفوعة فى كتابه فسقط عن درجة الاعتبار.

واما المقبولة فهى حجة اى لا اشكال فيها من ناحية الحجية لكن لا تصلح لتقييد المطلقات بالادلة الثلاث : الاول انها تكون موردها الحكمين اى فى مورد المرافعة وتقول هذه المقبولة اولا انه لا يجوز ذهاب لطلب الى القاضى الجور بل يجب الذهاب الى القاضى الشرعي الذى كان حكمه نافذا فمن رد حكم هذا القاضى فهو راد لحكم رسول الله.

فثبت ان المقبولة وردت فى الحكمين اى اذا اختلف الحاكمان فى الحكم سئل عن الامام (ع) من وظيفة الشخص فى العمل بحكمهما فقال (ع) فى الجواب فليؤخذ الافقه او الأوثق او ما يخالف العامة فيقول عليه‌السلام وان كانا مساويين فى جميع المرجحات فأرجئ الواقعة الى لقائه (ع) قال شيخنا الاستاد ان هذا الحكم ثابت فى زماننا فى مقام الدعوى عند القاضى مثلا اخذ شخص المحامى لتأجيل الدعوى الى السنين اى يجعل المحامى قاعدة لتعطيل الدعوى ويسمى هذا تأجيلا.

فيرجع الى مقام البحث ونقول ان المقبولة حجة لكن انما تكون موردها الحكمين فلا ربط لها فى محل بحثنا اى يكون البحث هنا فى المفتى فاخبار التخيير انما تكون فى مقام الفتوى والمقبولة انما تكون فى الحكمين فلا ربط بينهما واما المرفوعة وان كانت فى المفتى لكن سندها ضعيف فلا تكون حجة قد ظهر الى هنا عدم صلاحية المقبولة والمرفوعة لتقييد الاطلاقات.

قوله ولا وجه لدعوى تنقيح المناط الخ.

اى يقول شخص ان الاستدلال يصح بالمقبولة من باب تنقيح المناط مثلا يحكم بحرمة الخمر وكذا يحكم بحرمة نبيذ لان المناط فيهما واحد اى الاسكار.

ولا يخفى ان الحكم بالمناط انما يكون اذا كان قطعيا واما العامة فيصححون الحكم بالمناط الظنى ايضا واما الخاصة فيقولون اذا ادرك عقل المناط القطعى فيتعدى الحكم من مورد الى مورد آخر فيقول المستدل ان الملاك للتقييد فى الحكمين هو الا فقهية والاورعية والاوثقية فهذا الملاك موجود فى مقام الفتوى اى يقدم المفتى الذى هو افقه ام اورع ام اوثق فيصح من باب تنقيح المناط أن تكون المقبولة مقيدة لاطلاقات التخيير.

والجواب عن الاستدلال المذكور ان المناط انما يكون سببا لتعدى الحكم من مورد الى المورد الآخر اذا كان قطعيا وعلة للحكم بعبارة شيخنا الاستاد تنقيح المناط لا يوجد بهذه السهولة مثل يقال لقرطاس مسكوك انه دينار من باب المناط فلا يفيد مثل هذا المناط فى تعدى الحكم وقد ذكر ان المناط الظنى لا يفيد لان الدين ينتفى به.

والجواب الثانى ان المقبولة تبين الحكم بالنسبة الى حضور الامام (ع) وبحثنا انما يكون منسوبا الى الزمان الغيبة فلا يصح تعدى الحكم من الحكمين الى مورد البحث.

والجواب الثالث ان سلمنا عدم الفرق بين الزمان الحضور والغيبة فيرد الاشكال الآخر وهو ان قلنا تقييد مطلقات التخيير

بتوسط المقبولة فيلزم التخصيص بالاكثر الذى هو مستهجن مثلا ان قال شخص اكلت كل رمان فى البستان واخرج فردا بعد فرد اى اخرج اكثر الافراد حتى يبقى فرد او فردان فهذا مستهجن.

وكذا الحكم فى مورد البحث اى يقول المستدل ان الحكم فى الخبرين المتعارضين هو التخيير الا ان يكون احدهما افقه ام اوثق او اعدل وهكذا فلا يكون التخيير فى مثل الموارد المذكورة بل يقيد اخبار التخيير ويعمل بالراجح فيبقى المورد القليل تحت الحكم بالتخيير ويقدم الراجح على غيره لوجود المرجحات المذكورة فى اكثر الموارد مثلا يبقى مورد او موردان على نحو التساوى فيحكم بالتخيير فى المورد المذكور فيلزم كثرة التقييد الذى هو مستهجن لانها مستلزمة للغوية اطلاق التخيير اى قيل اولا ان الحكم فى المتعارضين تخيير مطلقا فيلغو هذا القول الاول بعد ترجيح احد المتعارضين باحد المرجحات.

وبعبارة اخرى حكم بالتخيير بطور المطلق اولا ويلزم لغوية هذا الاطلاق بعد التقييد بالمرجحات فليس هذا مرضيا عند العقلاء ولا يخفى انه لا فرق فى الاستهجان بين كثرة التخصيص والتقييد فظهر من البيان المذكور ان المقبولة لا تصلح لتقييد مطلقات التخيير.

وقد ذكرت الاوجه الثلاثة على عدم صلاحية المقبولة لتقييد مطلقات التخيير : الاول ان المقبولة انما تكون فى الحكمين ومقام بحثنا انما يكون فى المفتى والوجه الثانى : على عدم

صلاحية المقبولة لتقييد مطلقات التخيير ان موردها انما يكون فى زمان حضور الامام (ع) وبحثنا انما يكون فى زمان غيبته (ع) اى تقول المقبولة ان الامام (ع) امر بارجاء الواقعة الى لقائه عليه‌السلام فى المدينة فى صورة تساوى الحكمين.

وبعبارة اخرى انه امر فى تأخير الواقعة الى الوصول فى محضره (ع) فى المدينة فظهر ان مورد المقبولة انما يكون فى زمان حضور الامام (ع).

فان قلت انا لا نحتاج فى زمان الحضور الى المفتى فنسأل من شخصه (ع).

قلت ان الامام عليه‌السلام قال انا احب ذهابك الى الفلان لاخذ الفتوى وايضا قال (ع) انا احب عبد الحميد لانه يفتى للناس

الوجه الثالث على عدم صلاحية المقبولة لتقييد مطلقات التخيير ان تقييد المطلقات المذكورة بتوسط المقبولة مستلزم لكثرة التقييد قد ذكر ان التخصيص بالاكثر مستهجن وايضا ذكر انه لا فرق فى الاستهجان بين كثرة التخصيص والتقييد.

قوله ومنه قد انقدح حال سائر اخباره الخ.

قد ذكر عدم صلاحية المقبولة والمرفوعة لتقييد المطلقات المذكورة وقد علم ان الخبرين المذكورين شاملان لجميع المرجحات الآن يبحث عن الاخبار الخاصة اى الاخبار التى لم يكن فيها جميع المرجحات بل تشمل هذه الاخبار بعض المرجحات.

وهذه الاخبار الخاصة ستة وجعل المرجح فى اربعة منها مخالف العامة وفى الخبر الخامس جعل المرجح موافق الكتاب

وفى الخبر السادس ذكر كلاهما اى قال هذا الخبر فليؤخذ بما هو موافق الكتاب فى صورة عدمه يؤخذ ما هو مخالف العامة وقد ذكر المرجح الآخر فى مورد التعارض وهو تقديم ما ذكر مؤخرا اى اذا كان تاريخ احد المتعارضين مؤخرا فليؤخذ به مثلا اذا كان احد الخبرين عن الصادق (ع) والآخر عن الكاظم (ع) فيرجح الخبر المؤخر.

واما المصنف فلم يذكر هذا المرجح ووجه عدم ذكره هو التعارض بين الخبرين وتساقطهما اى لا يمنع تقدم وتأخر التاريخ عن التعارض الحاصل ان المراد من الاخبار الخاصة ما يشمل مرجحا واحدا مثلا يقال يقدم موافق الكتاب او يقال يقدم ما هو مخالف العامة.

ولا يخفى ان المراد من الاخبار الخاصة ليس ما هو مصطلح من كونها مقابل الاخبار العامة بل المراد من الخاص هنا هو ما لم يذكر فيه جميع المرجحات واما المقبولة والمرفوعة فلما ذكر فيهما كل المرجحات فلا يطلق عليهما الاخبار الخاصة.

واعلم ان اختلاف الاخبار عن الائمة عليهم‌السلام موجب للاستحباب مثلا اختلفت الاخبار فى شرائط زيارة الحسين (ع) فيقول بعض الاخبار فليغسل الزائر او لا فليخلع نعله حين الدخول فى الصحن ثم يمشى حافيا وروى فى بعض الاخبار على نحو آخر فتصير هذه الاختلافات موجبة للاستحباب.

وكذا فى مقام البحث فيقول بعض الاخبار ان المرجح ما كان موافق الكتاب ويقول الخبر الآخر ان المرجح ما هو مخالف العامة وهكذا فان اختلاف الاخبار الامام عليه‌السلام موجب للاستحباب

لانه (ع) لا يقول بالكلامين المتناقضين مثلا يقول (ع) يجب تقدم ما هو موافق الكتاب وكذا يقول يجب تقديم ما هو مخالف العامة فهذا اجتماع الضدين وهذا موجب لحمل كلامه (ع) على الاستحباب فظهر من البيان المذكور ان الاخبار الخاصة تحمل على استحباب الترجيح.

والوجه الثانى لعدم صلاحية هذه الاخبار للترجيح ان موردها انما يكون البحث عن الحجة ولا الحجة اى يبحث عن تمييز الحجة عن لا الحجة وقد ذكر فى حجية خبر الواحد ان الخبر الموافق للكتاب حجة وكذا الخبر المخالف للعامة حجة وقد ذكر عدم حجية الخبر المخالف للكتاب وان رواية تدل على ان الخبر المخالف زخرف اى كلام باطل.

الحاصل ان هذه الاخبار انما تكون فى مقام بيان الحجة عن لا الحجة مثلا اذا كان احد الخبرين موافق الكتاب والآخر مخالفا له قطعنا بعدم حجية الخبر المخالف وليس المراد ان هذا الخبر حجة ولكن رجح الخبر الموافق عليه بل تنفى حجية خبر مخالف الكتاب ابتداء اى ليس هذا الخبر حجة من اصله لان الحجية قائمة على الاشياء الثلاثة اى اصالة السند واصالة الظهور واصالة الجهة فينتفى اصالة الجهة فى الخبر المخالف للكتاب فيقطع بعدم حجية الخبر المخالف ويعلم ان هذا الخبر المخالف صدر تقية.

وكذا اذا صدر الخبران عن الامام (ع) وكان احدهما مخالفا للعامة والآخر موافقا لها فلم تكن اصالة الجهة لهذا الخبر الموافق لان خبر موافق العامة صدر تقية ولا يصح ان يقال ان الاصل عدم صدور الخبر الموافق على وجه التقية لانا نقطع فى

هذا المورد ان الخبر المخالف للعامة حجة فيعلم ان الخبر الموافق لها كان تقية.

الوجه الثالث على عدم صلاحية هذه الاخبار للترجيح هو لزوم الترجيح فى نفس هذه الاخبار مثلا يؤخذ موافق الكتاب فى صورة عدم المخالف للعامة فى جانب الخبر المقابل اى اذا كان احد الخبرين موافق الكتاب وكان الخبر الآخر فى مقابله موافق الكتاب ومخالف العامة فيقدم هذا الخبر الذى كان فيه جهتان من جهات الترجيح على الخبر الذى كان فيه جهة واحدة اى كان هذا الخبر موافقا للكتاب فقط فان قلنا بالترجيح فيلزم فى الفرض المذكور ان يرجح الخبر الذى كان موافق الكتاب ومخالف العامة على الخبر الذى هو موافق للكتاب وحده.

ولا يخفى ان هذه المرجحات آبية عن التقييد اى لم يقيد مرجحية هذا الخبر الموافق للكتاب فى صورة اجتماعه مع مخالف العامة بعبارة اخرى لم يقيد مرجحية الخبر الموافق للكتاب فى صورة عدم خبر ذى المزيتين فى مقابله وكذا لم يقيد قوله ما خالف الكتاب زخرف او باطل.

قوله فتلخص مما ذكرنا ان اطلاق التخيير محكمة الخ.

اى اطلاق التخيير انما يكون بحكم العقل قد علم فى محله ان حكم العقل لم يكن قابلا للتخصيص لانه يلاحظ جميع الملاكات فيحكم بعد هذا اللحاظ وهذا مراد من قول المصنف ان اطلاقات التخيير محكمة اى لم تكن قابلة للتخصيص وكذا لا يمكن التخصيص فى قوله تعالى (لَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) فاشكل هنا ان قوله تعالى هذا لم يكن قابلا للتخصيص فما تقولون فى

شهادة الحسين (ع) فثبت هنا التسلط والسبيل للكافرين.

فاجيب عن هذا الاشكال بان الحسين لم يقتل بل ذهب الى السماء كالعيسى عليه‌السلام واما الجواب الحقيقي عن قوله تعالى فيقال ان هذا انما يكون فى مقام بيان الحجة اى ليست الحجة للكافرين على المسلمين اى قوله لن يجعل الله الخ ليس قابلا للتخصيص بان يقال لن يجعل الله للكافرين سبيلا الا فى المورد الفلانى اى الا فى واقعة كربلا فلا يصح التخصيص فيما ذكر وكذا لا يصح فى مقام البحث مثلا لا يصح ان يقال ان ما خالف الكتاب زخرف الا اذا كان مخالفا للعامّة.

الحاصل ان اطلاقات التخيير لم تكن قابلة للتقييد قد ذكر نظيرها فى قوله تعالى وايضا ذكر وجه عدم الترجيح بالمرجحات المذكورة اى يقال ان قلنا ان الاخبار المذكورة موجبة للترجيح فهذا مستلزم للمرجحية بين نفس هذه الاخبار مثلا اذا كان احد الخبرين موافق الكتاب والآخر مخالفا له فلا اشكال هنا فى تقديم الخبر الموافق واما اذا كان خبر مخالف الكتاب مخالفا للعامة فهذا يقتضى التقديم على خبر موافق الكتاب فيتعارضان ويتساقطان فان كان الاخبار المذكورة مرجحة فيلزم ان يكون المرجح فى الخبرين المتعارضين المذكورين والظاهر انه لا مرجح فى المورد المذكور.

قوله نعم قد استدل على تقييدها ووجوب الترجيح فى المتفاضلين الخ.

قد ذكر ان الاخبار الستة المذكورة لم تكن قابلة لتقييد

اطلاقات التخيير وكذا ذكر ان المرفوعة لم تكن قابلة لتقييد الاطلاقات لان سندها ضعيف وايضا المقبولة لم تكن صالحة لتقييد اطلاقات التخيير قد ذكر وجه عدم صلاحية له الآن يذكر وجوه آخر لوجوب الترجيح منها دعوى الاجماع على ترجيح ذى المزية على غيره فيبحث فى تقديم ذى المزية اى اذا تقدم الاقوى على غيره هل يسقط غيره عن الحجية ام يبقى عليها.

والجواب عن الاجماع ان هذا الاجماع مدركى فليس حجة والظاهر ان الاجماع الذى كان حجة فهو فى مقابل الادلة الثلاثة اى الكتاب والسنة والعقل واما هذا الاجماع فمدركه نقلى او عقلى اى الترجيح مع المرجح وهذا الوجه لعدم حجية الاجماع كان من تقرير شيخنا الاستاد فالاجماع المدركى لا يكون مفيدا.

واما جواب المصنف عن الاجماع فيقول ان الكلينى (قده) قائل بالتخيير وهو فى عهد الغيبة الصغرى ويخالط النواب والسفراء فى البغداد وقال فى ديباجة كتابه ولا نجد شيئا اوسع ولا احوط من التخيير وقال المصنف ان دعوى الاجماع مع مخالفة مثل الكلينى مجازفة حاصل ما يستفاد من عبارة كلينى ان التخيير انما يكون أحوط وأوسع ان قلت لم : كان التخيير أحوط ولم يكن التعيين أحوط قلت لما لم يكن الدليل للترجيح فالتخيير احوط.

قوله : ومنها انه لو لم يجب ترجيح ذى المزية لزم ترجيح المرجوح على الراجح الخ

اى لو لم يقدم ذو المزية للزم ترجيح المرجوح على الراجح

والظاهر ان التالى باطل والمقدم مثله والمراد من التالى هو لزوم ترجيح المرجوح على الراجح والمراد من المقدم هو عدم تقديم ذى المزية.

قوله : وفيه انه انما يجب الترجيح لو كانت المزية موجبة لتأكد الخ.

فلا بد ان يتفحص من لزوم الاشكال المذكور اى لا يصدق تقديم المرجوح على الراجح فى جميع الموارد واما فى مورد البحث فنقول ان الشارع جعل خبر الواحد حجة ففى صورة التعارض كان المقتضى موجودا فى كل من الخبرين.

واما المراد من ذى المزية فهو ما كان المقتضى فيه اقوى من غيره فيقدم هو عليه مثلا اذا وجد غريقان وكان احدهما افضلا من حيث الايمان او العلم رجح هذا على غيره اى يقدم ما كان مقتضيه اقوى من الآخر وكذا الحكم فى القاضى مثلا يمكن ان يكون احد ذا المزية على غيره من حيث البصيرة.

واما فى مقام البحث فلم يكشف لنا زيادة المقتضى بالاوثقية وغيرها اى يقول المصنف انا لم نقبل الصغرى وبعبارة اخرى لم نقبل راجحية ذى المزية ومرجوحية غيره اى من اين يعلم ان الاوثقية واورعية مقتضيتان للترجيح ويمكن عدم مدخلية المزية المذكورة فى الملاك والمقتضى وبعبارة اخرى يمكن أن تكون المزية المذكورة بالنسبة الى الملاك كالحجر فى جنب الانسان فاذا امكن عدم ربط المزية المذكورة فى الملاك لزم ان يكون الترجيح بها بلا مرجح.

قوله : هذا مضافا الى ما هو الاضراب الخ.

هذا اشكال آخر على القائلين بالترجيح اى يشكل على الاضراب ببل فى قولكم لزم ترجيح المرجوح على الراجح وهو قبيح بل ممتنع قطعا فلا يصح هذا الاضراب اعنى ليس ترجيح المرجوح ممتنعا فالممتنع انما هو ترجح بلا مرجح اى وجود الشيء بلا علة ممتنع ذاتا لانه محال.

فعندنا ثلاثة اشياء : الاول ترجّح بلا مرجح : الثانى ترجيح بلا مرجح : الثالث ترجيح المرجوح على الراجح والممتنع انما هو القسم الاول اعنى ترجح بلا مرجح اى وجود الشيء الممكن بلا علة ممتنع بالذات واما ترجيح بلا مرجح فانما يكون قبيحا لا ممتنعا وكذا ترجيح المرجوح على الراجح.

وقال بعض ان الترجيح بلا مرجح انما يكون قبيحا وممتنعا بالنسبة الى نوع لا بالنسبة الى شخص مثلا اذا كان ظرفان من الماء وكانا متساويين فى جميع الكيفيات فلم يكن شرب احدهما قبيحا ولا ممتنعا وانما يكون ترجيح بلا مرجح ممتنعا بالنسبة الى النوع لانه يرجع الى ترجح بلا مرجح والظاهر ان ترجيح بلا مرجح انما كان قبيحا بالنسبة الينا وهذا انما يكون ممتنعا بالعرض بالنسبة الى الله تعالى اى ما ذكر انما يكون قبيحا علينا اذا قلنا بالحسن والقبح العقلى.

فظهر ان القبيح كان فى مورد والممتنع فى مورد آخر فلا يصح قولكم ان ترجيح المرجوح على الراجح قبيح بل ممتنع قطعا توضيح ما ذكر فى قول المصنف ومنها الاحكام الشرعية لا يكون الا قبيحا الخ.

قال شيخنا الاستاد ان قوله ومنها الخ ليس من وجوه الاستدلال لترجيح ذى المزية بل هذا بيان للافعال الاختيارية التى يقبح فيها ترجيح بلا مرجح بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية اين از عبارت مى باشد بخط درشت نوشته شده پس توهم نشود كه اين منها از وجوه استدلال است بلكه بيان از براى افعال اختيارية مى باشد قال المصنف ان الترجيح بلا مرجح فى الافعال الاختيارية ومنها الاحكام الشرعية اى من الافعال الاختيارية الاحكام المذكورة فالترجيح بلا مرجح انما كان قبيحا لا ممتنعا اى قبح هذا انما يكون اذا قلنا بالحسن والقبح العقلى واما الاشاعرة فلم يقبلوا هذا الحسن والبح فقالوا ان امر الله تعالى بدخول العبد المؤمن فى النار او امر بدخول الكافر فى الجنة فلم يكن قبيحا عليه تعالى.

واما العدلية والمعتزلة فهم قائلون بالحسن والقبح العقلى فيحكمون لاجل هذا الحسن والقبح على قبح ترجيح بلا مرجح فلم يمتنع هذا عندهم فالممتنع بالذات انما هو ترجح بلا مرجح فالترجيح المرجوح على الراجح والترجيح بلا مرجح كلاهما لم يكونا ممتنعين اى فهما متساويين من ناحية عدم الامتناع وجه عدم امتناعهما هو وجود العلة فى كل من الترجيح بلا مرجح وترجيح المرجوح على الراجح والمراد منها هو ارادة الشخص للفعلين المذكورين وكان هذا الفعل تحت الاختيار اى الترجيحان المذكوران لم يكونا ممتنعين بالذات حتى ينتسبا الى الله لكن الترجيح المذكور بالنسبة اليه تعالى كان ممتنعا بالعرض اى صدور هذا الترجيح عن الله تعالى ممتنع وليس هذا ممتنعا بالذات بالنسبة اليه تعالى ولكن يمكن ان يكون الترجيح بلا مرجح بالنسبة الى

نوع الفعل ممتنعا وهذا الامتناع انما كان لرجوعه الى الترجح بلا مرجح والمراد من النوع هو نفسه اى كان ارادة نوع الشرب دون نوع الاكل فكانت هذه الارادة بلا علة وان قلنا ان هذه الارادة انما كانت بارادة اخرى فهذا مستلزم للدور او التسلسل فالارادة تكون من العالم الاعلى فهى بالنسبة الى الافعال الاختيارية تكون من العالم الاعلى فهى بالنسبة الى الافعال الاختيار النوعية بلا علة.

قال شيخنا الاستاد انا نعلم المرجح فى نوع الفعل اى ارادة مرجحة لهذا النوع من الفعل لكن من اين تجىء هذه الارادة فانتم تقولون ان ترجيح ذى المزية واجب فهل كان هذا الترجيح واجبا علينا ام كان واجبا على الله تعالى فاقول ان الترجيح المذكور لم يكن واجبا علينا لان الترجيح بلا مرجح ليس ممتنعا علينا بل هو قبيح بالنسبة الينا واما ترجيح بلا مرجح بالنسبة الى الله تعالى فهو الممتنع بالعرض وايضا يقال ان الترجيح المذكور ليس علينا قبيحا وممتنعا بالنسبة الى الشخص واما هذا الترجيح انما يكون ممتنعا بالنسبة الى النوع وقد مر توضيحهما.

قوله : ومنها غير ذلك مما لا يفيد الظن فالصفح عنه اولى واحسن.

أى قال المصنف ان الحكم فى المتعارضين هو التخيير وايضا ذكر الاخبار لوجوب الترجيح فاجاب ان هذه الاخبار لا تصلح أن تكون دليلا للترجيح واستدل بعد ما ذكر بالاجماع على وجوب الترجيح فاجاب شيخنا الاستاد ان هذا الاجماع مدركى فلينظر

الى مدركه واما المصنف فاجاب ان الكلينى مخالف لوجوب الترجيح فلا يصح الاجماع مع وجود المخالف.

وايضا استدل على وجوب الترجيح بانه لو لم يجب ترجيح ذى المزية لزم ترجيح المرجوح على الراجح واجيب عن هذا الاستدلال ان ملاك الترجيح ليس بايدينا واختيارنا بل لا بد ان يكون سبب الترجيح داخلا فى الملاك ولا يكون الشيء الخارجى سببا له.

والدليل الآخر للقائلين بالترجيح هو انه لو لم يكن ترجيح الراجح واجبا للزم الهرج والمرج والجواب انه مع عدم الترجيح لا يلزم ما ذكر لان كل مجتهد ذو الرأى ويفتى برأيه والمراد من الاجتهاد هو كون الشخص صاحب الرأى فقال المصنف انه لا دليل على وجوب الترجيح بل كان التخيير بين المتعارضين ابتداء واما المشهور فيقولون انه كان بعد تساوى المتعارضين.

واعلم ان التخيير اما ان يكون فى المسألة الاصولية واما ان يكون فى المسألة الفرعية والمراد من الاول هو ما كان متعلقا بالمجتهد اى يقول ان حجية الخبرين انما كانت بالتخيير : والمراد من الثانى هو ما كان فى مقام الافتاء مثلا يقول المفتى يا ايها المقلد انت مخير بين هذين الحكمين فى مقام العمل فيكون التعيين فى يد المقلدين واما فى المسألة الاصولية فالتخيير والتعيين انما يكون فى يد المجتهدين اى فهم مخيرون فى جعل حجية الخبرين المتعارضين وكذا قوله (ع) بايهما اخذت من باب التسليم كان صوابا فهذه الرواية حملت فى مقام الحجية.

فيقول صاحب الكفاية ان التخيير انما يكون فى المسألة

الاصولية فقال ولا وجه للافتاء بالتخيير فى المسألة الفرعية لعدم الدليل عليه فيها.

وقال المصنف نعم له الافتاء فى المسألة الاصولية الخ.

اى ان افتى المفتى بالتخيير فى المسألة الاصولية فلا بأس حينئذ مثلا اذا ورد الخبران اللّذان دل احدهما على وجوب صلاة الظهر والآخر دل على وجوب صلاة الجمعة فيصح فى هذا المورد افتاء المفتى لمقلده بالتخيير بين الخبرين المذكورين ولا يخفى ان هذا الافتاء انما يصح اذا كان المقلد فاضلا من حيث العلم بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية زمانى كه مقلد چيز فهم باشد صحيح است كه مخير باشد بين اخذ كردن از آن دو تا خبر.

واذا صح الافتاء بالتخيير فى المسألة الاصولية فلا اشكال فى اختيار المقلد خلاف ما اختاره المجتهد اى عمل بالرواية وعمل المقلد بالرواية الاخرى وجه عدم الاشكال هو جعل المجتهد المقلد مختارا فظهر ان التخيير فى المسألة الاصولية ليس مختصا بالمجتهد بل يصح هذا من المقلد ايضا بشرط كونه فاضلا من ناحية العلم.

الحاصل ان التخيير انما يكون فى المسألة الاصولية لان التحير ثابت فى هذه المسألة لا فى المسألة الفرعية لان المجتهد يحكم فيها باحد الحكمين فلم يكن المقلد متحيرا فى هذا المورد.

فثبت الى هنا ان مذهب المصنف هو التخيير بين المتعارضين الآن يبحث ان التخيير بدوى او استمرارى وان كان بدويا فيأخذ المكلف ما اختاره اولا على نحو دائم مثلا كان مخيرا بين الخبرين

فاخذ بالخبر الذى يدل على وجوب صلاة الظهر فهذا وظيفته على الدوام ولا يجوز الاخذ بالخبر الآخر واما ان كان استمراريا فيجوز للمكلف ان يأخذ عشرة ايام بالخبر الذى هو دال بوجوب صلاة الظهر ـ وان يأخذ بعد هذا الخبر الذى يدل على وجوب صلاة الجمعة وهكذا.

اذا عرفت التخيير البدوى والاستمرارى فاعلم انه فى المسألة الاصولية استمرارى وقال بعض ان التخيير فى هذه المسألة بدوى والدليل للتخيير الاستمرارى هو الاستصحاب والاطلاق اى اذا بنى على التخيير ابتداء وشك بعده فيبنى عليه اعنى يحكم ببقاء التخيير فيثبت استمراره واما المراد من الاطلاق فان دليل التخيير مطلق ويعلم منه الاستمرار.

قال شيخنا الاستاد ان الاستصحاب والاطلاق لا يجتمعان فى مورد واحد لان اطلاق يقول ان التخيير كان ابتداء على نحو الاستمرار واما الاستصحاب فيقول يبنى على التخيير واذا شك فى بقائه استصحب اى بعد الشك فى التخيير استصحب ولا يخفى ان الاطلاق والاستصحاب فى هذا المورد واحدان فى النتيجة.

واما القائلون بالتخيير البدوى فاستدلوا بان موضوع التخيير هو التحير ولكن اذا اخذ احد الخبرين فيرفع اى ليس التحير بعد اخذ احدهما وكذا الاطلاق اعنى الاطلاق لا يبقى بعد اختيار المكلف احد الخبرين بعبارة اخرى ان المحكوم بالتخيير هو المتحير ولا تحير بعد الاختيار اى ليس الموضوع باقيا بعده.

فاجاب المصنف بان هذا الاستدلال فاسد لان التحير انما يكون فى مورد التعارض بين الخبرين وهو باق الى يوم القيامة

وكذا ان كان بالنسبة الى الحكم الواقعى اى ان كان التحير بالنسبة الى الواقع فهو باق ايضا : ولا يخفى ان التحير بمعنى آخر لم يقع موضوعا للتخيير بل يقع موضوعا له بمعنى تعارض الخبرين.

قوله فصل هل على القول بالترجيح يقتصر فيه على المرجحات المخصوصة المنصوصة الخ.

كان البحث هنا مع فرض الترجيح فى المرجحات اى هل على القول بالترجيح يتعدى من المرجحات المنصوصة الى غيرها مثلا اصدقية واوثقية من المرجحات المنصوصة وهما من الصفات الراوى فقال بعض انه يقدمان فى مقام التعارض وقال بعض بتقديم المرجح المضموني كالاظهرية وقدم بعض آخر المرجح الجهتى مثلا قدم مخالف العامة على موافقها.

واعلم ان مرجحية ما ذكر اما أن تكون من حيث الذات واما تكون من حيث الاضافة مثلا الصداقة والوثاقة من الصفات النفسانية وهما ذات الاضافة كالعلم اى يقتضى ما ذكر شيئا آخرا فيعتبر الوثاقة بالنسبة الى المخبر به وكذا الصداقة اعنى ذات الاضافة تقتضى المضاف اليه مثلا العلم يقتضى معلوما وقادر يقتضى مقدورا.

فيبحث ان الملحوظ فى مقام الترجيح هل هو ذات ما ذكر او جهة الاضافة فان كان الملحوظ جهة الاضافة فيلاحظ جهة الاضافة الى المظنون لانه قريب الى الواقع وكذا يرجح ما اشتهر بين الاصحاب اى يلاحظ جهة الاضافة اعنى مطابقته الى الواقع اكثر من غيره لقلة الريب فيما اشتهر وكذا يلاحظ جهة الاضافة فيما امر الاخذ بخلاف القوم لان الرشد فيه قال شيخنا الاستاد ان

كون الرشد فى خلاف القوم هذا هو اغلبى اى كان الرشد فيه اكثر من غيره ولا يكون الرشد فيه على النحو الدائم.

الحاصل انه اذا لوحظ فى المرجحات المنصوصة جهة الاضافة من الاقربية الى الواقع اى كان الاخذ بهذه المرجحات موجبا للقرب الى الواقع ـ صح ان يتعدى من المرجحات المنصوصة الى غيرها فيقول الشيخ انه يصح التعدى المذكور لان ملاك الترجيح موجود فى المرجحات الغير المنصوصة اى ان الملاك فى الترجيح هو الاقربية الى الواقع فهذا الملاك موجود فيها فكلما وجد الملاك فيه صح تعدى الحكم اليه.

فجعل الشيخ مقدما الخبر الذى حصل العلم او الظن بتقدمه فلا فرق بين ان يكون من المرجحات المنصوصة ام لا واما المصنف فيقول انا لا اقبل المرجحات المنصوصة فضلا عن غيرها.

وتوضيح ما ذكر ان التعدى الى غير المرجحات المنصوصة يفهم من الجملات الثلاث فالاولى من باب مستنبط العلة مثلا يقال خذ اصدقهما او خذ أوثقهما فيجب اخذهما لاجل العلة والملاك فيستنبط من الجملة المذكورة ان الملاك لوجوب الاخذ هو الاقربية الى الواقع فكلما وجد فيه هذا الملاك يجب ترجيحه على غيره فظهر ان ترجيح الاصدقية والاوثقية لم يكن باعتبار ذاتهما بل كان هذا الترجيح باعتبار الملاك هذا بيان ما هو مستنبط العلة اى لم يذكر الشارع ما هو علة بل تستنبط من قوله خذ اوثقهما او اصدقهما.

واما الجملة الثانية والثالثة فهما من باب المنصوص العلة اى نص الشارع بالعلة مثلا يقال خذ ما اشتهر بين الاصحاب بان

المشهور مما لا ريب فيه فعدم الريب فى قول المشهور علة لوجوب اخذ قولهم وكذا يقال خذ ما خالف العامة بان الرشد فى خلافهم فالجملة الثانية تقول ان المشهور مما لا ريب فيه اى عدم الريب علة لوجوب الاخذ ولا يخفى ان نفى الريب اما حقيقي واما اضافى والمراد هنا هو الثانى اى لم يكن الريب فى المشهور بالنسبة الى الشاذ فيتعدى الحكم الى كلما الريب فيه قليل اى كلما له مزية فهو مما لا ريب فيه بالنسبة الى ما ليس له تلك المزية والجملة الثالثة وهى ما يقال خذ ما خالف العامة لان الرشد فى خلافهم والظاهر ان فى الخبر الذى كان موافقهم احتمال التقية واما فى الخبر المخالف فاحتمالها قليل فهذه الجملات الثلاث دليل تعدى الحكم من المرجحات المنصوصة الى غيرها قد ذكر ان الجملة الاولى من الباب المستنبط العلة والجملة الثانية والثالثة من الباب المنصوص العلة وهذا الجملات دليل الشيخ لتعدى الحكم من المرجحات المنصوصة الى غيرها الآن ينتقل الكلام الى الجواب.

قوله ولا يخفى ما فى الاستدلال بها الخ.

اى رد المصنف هذه الجملات الثلاث واما رد الجملة الاولى فان الملاك فيها ظنى لاستنباطه من الجملة اى خذ اصدقهما فيصير هذا الملاك من باب القياس فليس حجة عند العدلية وقال المصنف ان حجية الشيء من باب الطريقية لا يفيد هذه الطريقية ظنا بكونها تمام الملاك بل لا اشعار فيه ويحتمل ان يكون الخصوصية فى نفس الاصدقية والاوثقية بل يحتمل ان يكون مرجحيتهما من باب التعبد الشرعي فلا يصح ان يتعدى هذا الحكم الى غيرهما

وبعبارة اخرى اذا جعل الشيء حجة او مرجحا فان علم عدم مدخلية الخصوصية فى هذا الجعل فلا اشكال فيه واما اذا شك فى مدخلية شىء فهذا محل البحث مثلا نعلم ان الشيء حجة او المرجح ولكن لا نعلم انه هل لوحظ فيه الخصوصية ام لا اى نعلم ان الاقربية الى الواقع جعل سببا للترجيح ولكن نتردد ان هذه الاقربية مختصة بالاصدقية والاوثقية او لا تكون مختصة بهما بل توجد الاقربية الى الواقع فى غيرهما ايضا.

وبعبارة اخرى يحتمل أن تكون جهة الترجيح الاقربية الى الواقع وكذا يحتمل أن تكون نفس الاصدقية والاوثقية اى لا نعلم ان الاقربية الى الواقع من اين تجىء فيمكن أن تكون مختصة بالاصدقية ويمكن عدم اختصاص الاقربية بما ذكر بل توجد من شىء آخر ايضا فيقول المصنف ان نفس الاصدقية موضوع الاقربية الى الواقع فلا يتعدى الحكم الى غيرها الآن يبحث من رد الجملة الثانية.

وهى قوله ولما فى التعليل بان المشهور مما لا ريب فيه الخ.

ويبحث او لا عن حجية الشهرة من باب المناسبة قال الشيخ فى الرسائل فى باب حجية الظن ان الشهرة فى الفتوى الحاصلة بفتوى جل الفقهاء حجة فى الجملة اى ولو كانت من باب الظن المطلق والاشكال انما يكون فى كونها من الظنون الخاصة وان منشأ الاستدلال على كونها من هذه الظنون هو ان خبر الواحد حجة بلا اشكال فملاك الحجية فى الشهرة قوى اى ادلة حجية الخبر تدل على حجية الشهرة بالمفهوم الموافقة لانه ربما يحصل منها

الظن الاقوى من الحاصل من الخبر العادل.

وقال الشهيد الاول انى كتبت اللمعة على طبق المشهور لحجية قولهم وايضا وقع نظير ما ذكر من الشهيد الثانى فى المسالك حيث وجه حجية الشياع الظنى بكون الظن الحاصل منه اقوى من الحاصل من شهادة العدلين فاجيب الاستدلال المذكور بان الاولوية الظنية اوهن بمراتب من الشهرة فكيف يتمسك بها فى حجيتها وايضا يقال فى الجواب ان المناط فى حجية الخبر ليس مجرد افادة الظن بل يحتمل ان يكون المناط نفس الخصوصية التى فى الخبر الواحد فيكشف من البيان المذكور جواب الجملة الاولى أى ذكر فيها ان الملاك لمرجحية الاصدقية والاوثقية هو نفس الصدق والوثاقة فبعد ذكر هذه الجملة المعترضة يشرع فى جواب الجملة الثانية اى ذكر فيها ان المشهور مما لا ريب فيه والمراد من عدم الريب هو بالاضافة الى الخبر الآخر فثبت من التعليل المذكور ان ما كان الريب فيه قليلا يجب ترجيحه على ما كان الريب فيه كثيرا فيقال فى جواب هذا الاستدلال ان «لا ريب فيه» انما تكون لفظة لا فى هذه الجملة لنفى الجنس وهذا النفى اما يكون حقيقيا واما يكون عرفيا ففى المقام تكون لفظة لا لنفى الحقيقة العرفية اى ان الشهرة تفيد نفى الريب عرفا فيجب ترجيح هذه الشهرة لانها مفيدة الاطمينان والوثوق لنفى الريب فيتعدى الحكم الى ما يفيد حصول الاطمينان على عدم الريب فظهر ان هذه المرجحية تعدى الى غير الشهرة على نحو الموجبة الجزئية اى تعدى الى ما يفيد الوثوق والاطمينان على نفى الريب ولا يصح تعدى الحكم الى كل ذى المزية فهذا الاستدلال لا يفيد لمن ادعا

تعدى الترجيح الى المرجحات الغير المنصوصة على نحو الموجبة الكلية اى مدعى المستدل انما يكون تعدى الترجيح من المرجحات المنصوصة الى غيرها على نحو الموجبة الكلية واما الدليل المذكور فهو مفيد الموجبة الجزئية.

واما جواب الجملة الثالثة فقد استدل بان يأخذ ما خالف العامة بان الرشد فى خلافهم فيعلم من هذا الاستدلال ان اخذ خلافهم انما يكون لاقربيته الى الواقع فكلما كان كذلك رجح هذا على غيره هذا حاصل الاستدلال.

والجواب عنه ان الرشد انما يكون فى نفس المخالفة لا لكونها قريب الى الواقع اى كانت المصلحة فى نفس مخالفتهم فالموضوع هو المخالفة اى يرجح الخبر مخالفهم على الخبر موافقهم لان ملاك الترجيح هو نفس المخالفة لا شىء آخر.

واجيب ثانيا ان الرشد فى خلافهم انما يكون اغلبيا ولا يكون دائميا وبعبارة اخرى ان احتمال تقية فى الخبر موافقهم اغلب من الخبر مخالفهم فكان هذا الاستدلال على نحو الموجبة الجزئية اى كون الرشد فى خلافهم فى اغلب الموارد لا فى جميع الموارد على نحو الموجبة الكلية اى لا يثبت بهذا الاستدلال المدعى لانه كان على النحو الكلية قد ذكر هذا الجواب فى الجملة الثانية ايضا.

الحاصل ان الاستدلال الاول انما يكون من باب مستنبط العلة فيصير من باب القياس قد ذكر عدم حجيته عند الامامية واما الجملة الثانية والثالثة وان كانتا من باب منصوص العلة ولكن تفيدان الترجيح على نحو الموجبة الجزئية وهذا لا يفيد الشيخ لانه يقول يجوز التعدى الى كل ذى المزية.

قوله : ومنه انقدح حال ما اذا كان التعليل لاجل انفتاح باب التقية فيه الخ.

اى قد ذكر ان الدليل الثانى والثالث لتعدى الترجيح الى المرجحات الغير المنصوصة انما يكون على نحو الموجبة الجزئية فلا يفيد هذا الدليل للمستدل.

ويظهر من الجواب المذكور حال الاستدلال على الاخذ بخلاف العامة اى يظهر مما ذكر الجواب الآخر لهذا الاستدلال فيعلل بهذا الاستدلال بان الخبر الموافق لهم يحتمل ان يكون للتقية واما الخبر المخالف لهم فهو قريب الى الواقع فيتعدى المرجحية الى كل ما هو قريب الى الواقع هذا حاصل الاستدلال.

واما الجواب فيقال ان الخبر الموافق يفيد الوثوق والاطمينان فى كونه صدر تقية وكذا لخبر المخالف يفيد الوثوق فى صدوره لبيان الحكم الواقعى وايضا يحصل القطع فى الصدر الاول بان صدور الخبر الموافق انما كان تقية اى لما كان فى الصدر الاول قلة الوسائط ومعرفتها وقربه الى زمان الامام (ع) فيفيد ما ذكر القطع بصدور الخبر الموافق تقية.

فظهر من البيان المذكور ان ترجيح ما كان مخالفا للعامة على الخبر موافقهم انما كان من باب الوثوق والاطمينان بان الخبر الموافق صدر تقية ويحصل القطع بما ذكر بالنسبة الى الصدر الاول فلم يكن الترجيح المذكور دليلا لترجيح كل ذى المزية.

قوله : هذا مع ما فى عدم بيان الامام (ع) للكلية الخ.

قد اجيب الى هنا عن ادلة القائلين بتعدى الحكم الى المرجحات

الغير المنصوصة وكان الجواب على كل ادلة بالاستقلال.

واما هذا الجواب انما يكون على النحو العموم اى لم يكن المراد مرجحية كل ذى المزية لان الامام (ع) بين المرجحات على النحو المنصوص والمفصل ولو كان المراد هو الترجيح بكل ذى المزية لبين (ع) المرجح على النحو الكلى اى اذا لم يبيّنه على النحو الكلى ولم يقل ان كل ذى المزية يقدم على غيره فعدم البيان على النحو المذكور دال لمدخلية المرجحات المخصوصة بالترجيح اى قال الامام عليه‌السلام فى جواب السائل عن العمل بالخبرين المتعارضين ـ خذ بما اشتهر بين اصحابك ودع الشاد النادر.

وكذا قال (ع) خذ باعدلهما وافقههما فبين (ع) المرجحات المخصوصة وامر عليه‌السلام بارجاء الواقعة الى لقائه (ع) عند عدم هذه المرجحات اى قال (ع) اذا كان المخبران متساويين فى المرجحات المخصوصة فأرجئ الواقعة الى السؤال عنه (ع) فقد ذكر (ع) المرجحات على النحو الخاص وامر بالارجاء بعد فرض التساوى.

فقوله (ع) دليل على الاخذ بالمرجحات المنصوصة ولو كان المراد من المرجح كل ذى المزية لبيّنه (ع) على النحو الكلى من دون التفصيل فاتيان الامام (ع) المرجحات على النحو الخاص دال على وجود الخصوصية فى هذه المرجحات المنصوصة وايضا يدل كلامه (ع) على عدم وجود هذه الخصوصية فى كل ذى المزية.

قوله : ثم إنّه بناء على التعدى حيث كان فى المزايا المنصوصة ما لا يوجب الظن بذي المزية الخ.

قال المصنف ان الحكم فى المتعارضين هو التخيير لان اطلاقاته محكمة فهو مخالف فى هذا البحث مع استاده الشيخ (قدهما) واما المصنف فهو موافق فى البحث المذكور مع الاخباريين لكن الشيخ يقول انه يجوز التعدى الى المرجحات الغير المنصوصة مثلا اذا نقل احد قول الامام (ع) بالمعنى ونقله الشخص الآخر باللفظ فيرجح الثانى اى النقل باللفظ واما المصنف فلم يقبل قول استاده واجاب عن استدلاله بالاجوبة الاربعة التى ذكرت.

فقوله : ثم إنّه بناء الخ.

ايضا كان مع الشيخ اى كان هذا البحث مع فرض وجوب الترجيح فقال المصنف ان كلام الشيخ لا يصح مع فرض وجوب الترجيح ايضا : وجه عدم صحته ان الشيخ يقول يتعدى من المنصوصات الى غيرها اذا كان غير المنصوصات مفيدة للظن او كان ذلك الغير قريبا الى الواقع لان المرجحات المنصوصة ما كانت الاقرب الى الواقع.

فاشكل المصنف عليه بان بعض المنصوصات لا يفيد الظن ولا الاقربية الى الواقع كبعض صفات الراوى مثل اورعية او افقهية فان مثلهما لا يفيد الظن بالمخبر به لان غيرهما يمكن ان ينقل الكلام على الوجه الاحسن.

بعبارة اخرى ان الذى هو وارد فى الشيطنة ينقل الكلام على وجه يقع موردا للقبول ويفيد الظن اى قال المصنف ان فرض

التعدى الى المرجحات الغير المنصوصة فليكن على نحو الموجبة الكلية اعنى يجوز التعدى الى كل ذى المزية اى سواء كان مفيدا للظن ام لا واما قول الشيخ فيصح على نحو الموجبة الجزئية فيتعدى الى ما هو مفيد للظن او ما هو قريب الى الواقع واشكل عليه المصنف بما ذكر.

قوله : وتوهم ان ما يوجب الظن بصدق احد الخبرين لا يكون بمرجح الخ.

هذا اشكال عن المتوهم على المصنف والشيخ حاصله ان الخصم يقول اذا حصل الظن بصدق الخبرين المتعارضين فلم يكن هذا موردا للترجيح بل يلزم من الظن بصدق احد الخبرين كذب الآخر مثلا يقول احد الخبرين ان هذا واجب ويقول الآخر ان هذا حرام فان حصل الظن الفعلى من كل الخبرين لزم اجتماع الضدين فلا بد ان يقال ان الظن بصدق احد الخبرين مستلزم للظن بكذب الآخر اى مستلزم لعدم صدور الخبر الآخر عن الامام (ع) فينتفى حجيته وهذا خارج عن محل بحثنا لان البحث انما يكون فى ترجيح احد الخبرين على الآخر لا فى كون احدهما موهنا للآخر.

وقال شيخنا الاستاد ان هذا الاشكال يرد على المصنف وعلى الشيخ (قدهما) فاجاب المصنف بقوله وتوهم ان ما يوجب الظن بصدق احد الخبرين كان موجبا لسقوط الآخر عن الحجية فاسد وجه الفساد ان المراد من الظن هو الظن النوعى ولا يلزم فيه اجتماع الضدين وهو يلزم اذا كان المراد من الظن ـ الظن الشخصى الفعلى قد ذكر فى محله ان المراد من الظن النوعى ان الامارة تكون من

شأنها ان تفيد الظن عند غالب الناس ولا يضر فى حجيتها عدم حصول الظن الفعلى لشخص.

هذا الجواب مطابق لما اجاب به الشيخ وحاصل الجواب عن الاشكال ان قول المتوهم لا يصح من حيث الكبرى اى حصول الظن بكذب احد الخبرين لا يضر فى حجيته كما ذكر ان المعتبر فى حجية خبر الواحد هو الظن النوعى فان حصل الظن الفعلى على وفقه او على خلافه فلا يضر هذا الظن فى حجية الظن المذكور وانما يضر فيها الظن بالكذب ان اعتبر فى حجية الظن عدم الظن بخلافه والظاهر انه لم يؤخذ هذا فى حجية الاخبار اى لم يؤخذ عدم الظن بالخلاف فى الاخبار من حيث السند ولا من حيث الدلالة ولا من حيث الجهة اى عدم كون الخبر من باب التقية فظهر ان الظن بكذب احد الخبرين لم يكن موجبا لسقوطه عن الحجية.

قوله : هذا مضافا الى اختصاص حصول الظن بالكذب اذا علم بكذب احدهما صدورا الخ.

هذا جواب ثان عن اشكال المتوهم اى يقول هذا الجواب ان كلام المستشكل لا يصح من حيث الصغرى وجه عدم صحته ان الظن الفعلى بصدق احد الخبرين لم يكن موجبا لكذب الآخر فيما كان الاضداد كثيرة والظاهر ان الضدين اذا لم يكن لهما الضد الثالث فاثبات احدهما مستلزم لنفى الآخر وكذا نفى احدهما مستلزم لاثبات الآخر.

واما اذا كان للضدين الضد الثالث والرابع فلم يكن اثبات احد الضدين مستلزما لنفى ضد الآخر فيقال فى مقام البحث ان

الظن بصدق احد الخبرين مستلزم للظن بكذب الآخر اذا لم يكن لهما الضد الثالث لكن حجية الخبر تقتضى ثلاثة اشياء اى السند والدلالة والجهة فلم يكن الظن بصدق احد الخبرين مستلزما للظن بكذب الآخر لامكان ان يكون كل من الخبرين صادقين من حيث السند والاشكال فى احد الخبرين يمكن ان يكون من حيث الظهور او الجهة اى يمكن ان يكون هذا الخبر على النحو التقية.

فظهر ان الظن بصدق احد الخبرين لم يكن مستلزما للظن بكذب الآخر اذا كان للضدين الضد الثالث واما اذا حصل العلم بصدق احد الخبرين من حيث السند وحصل العلم بكذب الآخر من هذه الحيثية فهذا العلم مستلزم لسقوطه عن الحجية.

قوله نعم لو كان وجه التعدى اندراج ذى المزية فى اقوى الدليلين الخ.

هذا موصول فى قوله كما لا يخفى اى ذكر قبل قوله وتوهم : فيوصل نعم لو كان وجه التعدى فى كما لا يخفى المذكور سابقا ولا يوصل فيما ذكر فى قربه وجه المناسبة فيما ذكر ان الشيخ يقول يجوز التعدى من المرجحات المنصوصة الى غيرها اذا كان ذلك الغير مفيدا للظن او قريبا الى الواقع.

واشكل المصنف عليه ان بعض المنصوصات لا يفيد الظن بالواقع كالاورعية والافقهية بل يحصل الظن من خبر غير الاورع والافقه لان غير ينقل الكلام على الوجه الذى يحصل منه الظن فيصح من قول الشيخ تعدى الى ما يفيد الظن او الى ما هو اقرب الى الواقع ولكن مقصوده انما هو التعدى الى كل ذى المزية.

فاستدرك بقوله نعم لو كان الخ اى يقول ان قول الشيخ يصح بالنسبة الى بعض الموارد مثلا اذا قام الاجماع على الاخذ باقوى الدليلين والمراد منه ما كان اقوى من حيث السند او الدلالة او الجهة فلم يكن له الدخل فى الخارجيات والمراد من الاقوى هو ما كان الاقوى بنفسه لا ما يصير اقوى من جهة غيره.

وبعبارة شيخنا الاستاد خود شخص خوب باشد نه رفيقش فيشمل ما ذكر المرجحات الداخلية كالسند والدلالة والجهة ولا يشمل الدليل المذكور المرجحات الخارجية اى كالشهرة الفتوائية والاولوية الظنية فليس المدخلية لهذه المرجحات الخارجية فى اقوائية الدليل.

الحاصل انه اذا ثبت من الدليل اندراج ذى المزية فى اقوى الدليلين صح التعدى الى المرجحات الداخلية المذكورة فليس الملاك فى مقام الترجيح افادة الظن ولكن اشكل على ما ذكر بانه يصح على نحو الموجبة الجزئية اى يصح التعدى من المرجحات الى ما هو الاقوى من حيث السند او الدلالة او الجهة ولا يصح الى الشهرة الفتوائية وكذا لا يصح الى ما يفيد الاولوية الظنية ولا يخفى ان مقصود الشيخ هو التعدى الى كل ذى المزية على نحو الموجبة الكلية.

قوله فصل قد عرفت سابقا انه لا تعارض فى موارد الجمع والتوفيق العرفى الخ.

وقد ذكر سابقا البحث عن الاصل الاولى والثانوى فى باب التعارض وقال الشيخ ان الاصل الاولى فيه التساقط واما الاصل

الثانوى فاما تخيير بالاطلاقات واما ترجيح بالمرجحات وقال صاحب الكفاية الاصل الاولى هو التساقط والاصل الثانوى هو التخيير.

فيبحث هل يجيء هذان الاصلان فى مورد الجمع العرفى فيقال فى الجواب ان الاصل الاولى لا يجيء فى مورد الجمع العرفى بلا اشكالان العمل فى مورد الجمع كان باحد الخبرين وقد ذكر ان المراد من الاصل الاولى هو سقوط احدهما رأسا اى عدم حجية احدهما لا بعينه وسقوط كل منهما من حيث المضمون اى عدم حجية كل واحدهما فى المدلول المطابقى.

فظهر عدم مجىء الاصل الاولى مع الجمع العرفى لان الحكم فى الاصل الاولى هو التساقط ولا يكون فى مورد الجمع العرفى واما البحث فانما يكون فى مورد الاصل الثانوى اى هل يجيء الاصل الثانوى مع الجمع العرفى ام لا وبعبارة اخرى هل يجتمع الاخبار العلاجية مع الجمع العرفى ام لا والمراد من هذه الاخبار هو الاصل الثانوى فقال المشهور والشيخ ان الاخبار العلاجية لا يجيء مع الجمع العرفى.

قوله وقصارى ما يقال فى وجهه ان الظاهر من الاخبار العلاجية الخ.

قال المشهور ان الاخبار العلاجية لا تكون مع الجمع العرفى وبينوا «لم» لقولهم اى الوجه واللم لعدم مجىء الاخبار العلاجية مع الجمع العرفى ان الاخبار العلاجية ظاهرة فى مورد التحيّر وعدم استفادة واما بعد حصول التوفيق فيستفاد الحكم الشرعي

ويرجع الى العرف لان ما يفهم من اهل العرف هو يفهم من كلام الامام (ع) فلا يكون التحيّر بعد فهم كلامه (ع).

واما غير المشهور فيقول ان الاخبار العلاجية تجىء مع الجمع العرفى اى ليست مختصة فى مورد غير الجمع العرفى فاستدل القائلون بمجيء الاخبار العلاجية مع الجمع العرفى بالادلة الثلاثة :

الاول انا سلمنا ان مورد الاخبار العلاجية هو التحيّر فهذا التحيّر موجود فى مورد الجمع العرفى ابتداء لكن يزول عرفا بحسب المآل اى بعد الرجوع الى المحاورات العرفية يزول التحيّر واما قبل الرجوع اليها فهو موجود.

والثانى ان التحير فى مورد الجمع العرفى موجود دائما بالنسبة الى الحكم الواقعى مثلا اهل العرف يحملون المطلق على المقيد والعام على الخاص لكن انا لا نعلم انه مطابق الواقع ام لا والثالث ان الجمع العرفى موجود الى حين عدم الرادع والظاهر ان الاخبار العلاجية رادعة من الرجوع الى المحاورات العرفية وبين ما ذكر المصنف بقوله مع امكان ان يكون لاحتمال الردع شرعا عن هذه الطريقة المتعارفة.

وايضا ان جل الاخبار العلاجية لو لا كلها المأخوذة فى الاسئلة يعم هذه الاخبار موارد الجمع العرفى اى كان لنا فى الاخبار العلاجية الاخبار التى تشمل موارد التوفيق العرفى بعبارة اخرى فيشمل الجواب والسؤال اللّذان ذكرا فى الاخبار العلاجية موارد الجمع العرفى.

قوله ودعوى ان المتيقن منها غيرها مجازفة.

اى ان قلت ان الاخبار العلاجية لا تشمل موارد الجمع العرفى لان المراد منها هو القدر المتيقن وان سلمنا ان الاخبار العلاجية مطلقة ولكن ذكرت الشرائط للاطلاق. الاول : ان يكون المولى فى مقام البيان. والثانى : عدم القرينة على خلافه. والثالث : عدم القدر المتيقن فى المقام ولكن فى مورد البحث يراد القدر المتيقن من هذه الاخبار اى المتيقن منها هو المورد الذى لم يكن فيه الجمع العرفى.

قلت انه لا فائدة لهذا القدر المتيقن لانه كان من الخارج قال المصنف ان ارادة هذا المتيقن مجازفة اى بلا فائدة وجه عدم الفائدة فيه ان القدر المتيقن على النوعين.

احدهما الخارجى وهو ما كان من الخارج بعد زمان التخاطب بالقرينة المتصلة او المنفصلة وان كان المراد هذا القدر المتيقن الخارجى فهو ثابت لكل المطلقات اى يمكن ان يكون لكلها القدر المتيقن بتوسط الامر الخارجى فهذا لا ينفع فى مقام البحث.

وثانيهما اى الثانى من القدر المتيقن ما كان فى مقام التخاطب والمحاورات فان كان هذا النوع الثانى منه فيصح قولكم ولكن ليس لنا القدر المتيقن فى مقام التخاطب فى هذا المورد لان الاخبار العلاجية فى هذا المقام يشمل كلّا من العام والخاص مثلا تقول هذه الاخبار خذ افقهما واورعهما اى سواء كان فى هذا المورد الجمع العرفى ام لا.

قوله وبذلك ينقدح وجه القول الثانى.

اى اذا لم يثبت القدر المتيقن فى مقام التخاطب ظهر وجه القول الثانى والمراد منه ان الاصل الثانوى يجيء فى مورد الجمع العرفى فيصح ان يجتمع الاخبار العلاجية مع هذا الجمع العرفى.

واعلم انه كان البحث فى المتعارضين وقد علم ان الاصل الاولى فيهما التساقط والاصل الثانوى فيهما هو التخيير او الترجيح وقد عبر من هذا الاصل بالاخبار العلاجية فهذه الاخبار والاصل الثانوى شىء واحد وايضا يعبّر من الاخبار العلاجية بالجمع السندى ويعبّر من الجمع العرفى بالجمع الدّلالتى فيبحث فى تقديمهما اى هل يقدم الجمع السندى ام الدّلالتى وايضا ذكر البحث فى مجىء الاخبار العلاجية فى مورد الجمع العرفى.

وقال المشهور ان الاخبار العلاجية لا تجىء فى مورد الجمع العرفى ولكن يقول غيرهم ان هذه الاخبار تجىء فى مورد الجمع المذكور واستدلوا بالادلة الثلاثة على مجىء الاخبار العلاجية فى مورد الجمع العرفى مثلا اذا ورد العام والخاص فى مورد او ورد المطلق والمقيد فيه وقد امكن الجمع العرفى : فى هذه الموارد وكذا يمكن ان تجىء الاخبار العلاجية فى الموارد المذكورة كالاخذ باورعهما وافقهما فيقدم بعض الجمع السندى اى الاخبار العلاجية ويقدم بعض آخر الجمع الدّلالتى اى الجمع العرفى والمصنف يقدم الجمع العرفى على الجمع السندى.

قوله اللهم الا ان يقال ان التوفيق فى مثل العام والخاص والمقيد والمطلق كان عليه السيرة القطعية الخ.

قد ذكر الادلة الثلاثة على شمول الاخبار العلاجية لمورد الجمع العرفى وذكر ان سؤال والجواب فى الاخبار المذكورة يشمل مورد الجمع العرفى اى يجيء الاخبار فى مورد التعارض سواء امكن الجمع العرفى ام لا الآن اراد المصنف العدول الى القول المشهور اى يصح القول المشهور بالادلة الثلاثة الاول انا سلمنا ان الاخبار العلاجية شاملة لمورد الجمع العرفى ولكن اطلاق هذه الاخبار خصص بالسيرة القطعية فهى جارية من زمان الائمة الى هنا فى توفيق العام والخاص والمطلق والمقيد فهذه السيرة كاشفة عن تخصيص الاخبار العلاجية فى غير المورد الجمع العرفى.

والظاهر ان المخصص اما متصل واما منفصل والمراد من المتصل هو ما يقال انه يجيء الاخبار العلاجية والاصل الثانوى الا فى مورد الجمع العرفى والمراد من المخصص المنفصل هو ما لا يذكر حين بيان العام والمطلق فالسيرة العقلائية مخصص منفصل للاخبار العلاجية فيقول هذا الدليل ان المقتضى موجود لهذه الاخبار واما المانع يمنع منه اى السيرة القطعية تمنع من مجىء الاخبار العلاجية فى مورد الجمع العرفى.

واما الدليل الثانى فيقول ان الاخبار العلاجية قاصرة من الاول اى لا تجىء ابتداء فى مورد الجمع العرفى اى يمكن دعوى اختصاص هذه الاخبار بغير موارد التوفيق العرفى والجواب والسؤال فى الاخبار العلاجية انما يكونان بصدد العلاج فى مقام

التحيّر ولا يوجد التحير فى مورد الجمع العرفى.

والدليل الثالث اى يقول هذا الدليل انه لم يثبت اختصاص الاخبار العلاجية فى مورد غير الجمع العرفى فاجمالها كاف فى اختصاصها فى المورد الذى لم يكن فيه التوفيق العرفى اى الاخبار العلاجية مجملة فيراد من المجمل القدر المتيقن وهو فى هذه الاخبار المورد الذى لم يكن فيه الجمع العرفى.

ولا يخفى ان مجرد صحة السؤال عن مطلق التعارض لا توجب ظهوره فيه اى السؤال الذى ذكر فى الاخبار العلاجية وان كان مطلقا ولكن هذا لا يوجب ان يكون ذلك السؤال ظاهرا فى العموم حتى يثبت مجىء هذه الاخبار فى مورد الجمع العرفى.

وقد ذكر سابقا ان غير المشهور استدلوا بامكان أن تكون الاخبار العلاجية رادعة من الجمع العرفى فتجيء هذه الاخبار فى مورده لامكان كونها رادعة منه فيجاب عن هذا الاستدلال بان امكان الردع لا يفيد والمفيد انما هو اثبات الردع.

وذكر نظير هذا الاستدلال فى مبحث حجية خبر الواحد اى ذكر هناك ان عدم الردع عنه دليل على حجيته وبعبارة اخرى ان عدم الردع امضاء لحجيته وقيل ان الآيات الناهية رادعة عن حجية خبر الواحد فاجيب ان هذا مستلزم للدور لان حجية خبر الواحد متوقفة على عدم رادعية الآيات الناهية وعدم رادعيتها متوقف على حجية خبر الواحد فقيل بعد هذا الاشكال ان عدم القطع بالردع كاف عن عدم الردع.

وهذه الجملة المعترضة ذكرت تبعا لشيخنا الاستاد فيرجع الى محل البحث اى يقول غير المشهور ان الاخبار العلاجية رادعة

من الجمع العرفى فيصح ان تجىء فى مورده فاجاب المشهور ان هذه الاخبار لم تكن رادعة من التوفيق العرفى فاذا لم تكن رادعة منه فلم يكن التحير فى هذا المورد لان الجمع العرفى يترجح الاظهر على الظاهر وكذا يترجح الخاص على العام ولا يخفى ان التحير وان كان فى المورد المذكور ابتداء ولكن بعد تصور الجمع العرفى يرفع هذا التحير والشرط فى مورد الاخبار العلاجية هو التحير الى الابد فلم يكن فى مورد الجمع العرفى هذا التحير فلا يصح ان تجىء هذه الاخبار فى مورد الجمع المذكور.

وينتج ما ذكر ان الاخبار العلاجية لم تكن فى مورد الجمع العرفى فيصح قول المشهور وقال شيخنا الاستاد ان كون السيرة دليلا على عدم الردع عن الجمع دورى لان عدم الردع متوقف على كون السيرة حجة وايضا كونها حجة متوقف على عدم الردع منه ويقال فى الجواب ان السيرة تارة تكون كاشفة من عدم الردع وتارة اخرى يتوقف حجيتها على عدم الردع واما فى المقام فيحصل القطع لاجل السيرة على عدم الردع فلم يكن المجال للتوقف لان القطع من اى سبب كان حجة فلا يتوقف هذا القطع على شىء آخر.

قوله : فتأمل.

هذا اشارة الى تأييد ما ذكر اى عدم القطع بالرادعية كاف فى عدم رادعية الاخبار العلاجية من الجمع العرفى فثبت عدم مجىء هذه الاخبار فى مورد الجمع المذكور.

قوله : فصل قد عرفت حكم التعارض الظاهر والاظهر وحمل الاول على الآخر الخ.

اى اذا ميز فى المتعارضين الظاهر والاظهر فلا اشكال فى هذا المورد واما اذا لم يشخصا فهذا محل البحث قال صاحب الكفاية وقد ذكر فيما اشتبه الحال لتمييز ذلك ما لا عبرة به اصلا اى اشكل على ما ذكر لتمييز الظاهر والاظهر توضيحه انه اذا كان احد المتعارضين عاما والآخر مطلقا فهذا محل البحث اى هل يقدم العام ام المطلق مثلا اذا قيل اكرم العلماء ثم قيل لا تكرم العالم الفاسق فلا اشكال هنا لان هذا من باب العام والخاص فيقدم الخاص على العام.

واما اذا قيل اكرم العلماء الا فاسقا او قيل اكرم عالما الا الفساق فهذا محل البحث اى هل يقدم العام ام المطلق والمراد من العام فى الامثلة المذكورة هو العلماء والفساق والمراد من المطلق فيها هو عالم وفاسق.

وقد اختلف فى معنى المطلق بين من كانوا قبل سلطان العلماء وبينه اى قالوا الذين كانوا قبله ان معنى المطلق هو الشيوع والسريان وبعبارة اخرى ان المطلق ما دل على جنسه وقالوا ان التقييد فيه موجب للمجازية لكونه مستعملا فى غير ما وضع له اى المطلق بعد التقييد يستعمل فى غير الشيوع والسريان.

واما السلطان العلماء فقال ان معنى المطلق هو الطبيعة لا بشرط مثلا المراد من الرقبة فى قوله اعتق رقبة هو طبيعتها فلا تكون مجازا بعد التقييد بالمؤمنة بل يكون استعمال الرقبة

فى المؤمنة من باب تعدد الدال والمدلول.

فبعد تعريف المطلق يرجع الى ما نحن فيه اى اذا كان احد المتعارضين عاما والآخر مطلقا فهل يقدم العام ام المطلق فقال الشيخ ان العام مقدم على المطلق لان دلالة العام على العموم تنجيزى ووضعى واما الدلالة المطلق على الاطلاق تعليقى اى كانت دلالته بمقدمات الحكمة مثلا اكرم عالما فاطلاق العالم انما يكون بها وقيل بعد هذا لا تكرم الفساق وهذا عام فيقدم هذا العام على المطلق اى اكرم عالما فيكون لا تكرم الفساق قرينة ومقدما عليه لان الدلالة التنجيزية مقدمة على الدلالة التعليقية.

بعبارة اخرى ان ظهور العام فى العموم تنجيزى بخلاف ظهور المطلق فى الاطلاق فانه تعليقى اى معلق على عدم البيان والعام يصلح ان يكون بيانا له.

وقال المستدل بعد ما ذكر انه لا محذور فى تقديم العام لعدم مقتضى الاطلاق معه واما فى تقديم المطلق على العام فيلزم المحذور اى ان خصص العام بالمطلق فاما يلزم تخصيصه بلا وجه واما يلزم تخصيصه على وجه دائر ووجه لزوم الدور ان المطلق انما يقدم على العام فى صورة كون المطلق مخصصا للعام فيتوقف كونه مخصصا على كونه مقدما على العام وايضا يتوقف كونه مقدما عليه على كونه مخصصا للعام اى ان قلنا ان المطلق مخصص للعام فيلزم الدور المذكور وان قلنا ان العام خصص من دون ان يكون المطلق مخصصا له فيلزم التخصيص بلا وجه.

فظهر من البيان المذكور تقدم العام على المطلق ووجه آخر لتقديم العام على المطلق هو ان التقييد اغلب من التخصيص اى

اذا قدم العام على المطلق فهذا موجب لتقييد المطلق وهو اغلب واما ان قدم المطلق وعمل به فيلزم تخصيص العام به وهو غير الاغلب واجيب عن الاستدلال المذكور.

بقوله : وفيه ان عدم البيان الذى هو جزء المقتضى فى مقدمات الحكمة الخ.

اى يقول المصنف انا فى حال الدعوى مع الشيخ فاقول هل يشترط فى ظهور المطلق عدم القرينة على خلافه فى حال التخاطب ام يشترط عدم القرينة الى الابد اى لا توجد قرينة متصلة ولا قرينة منفصلة فى مقابل المطلق وقال المصنف ان الشرط فى ظهور المطلق هو عدم القرينة المتصلة واما القرينة المنفصلة فلا تضر فى ظهوره لان هذه القرينة انما تزاحم مع الحجية وليست مزاحمة مع الظهور اى قال المصنف ايها الشيخ لا تقل ان القرينة المنفصلة مزاحمة لظهور المطلق لان هذه القرينة لم تكن مزاحمة مع الظهور ومزاحمتها انما تكون مع الحجية.

والحاصل ان المصنف يقول سلمنا ان الظهور المطلق انما كان بمقدمات الحكمة لا بالوضع لكن لا يشترط عدم القرينة الى الابد بل اشترط فى ظهوره عدم القرينة المتصلة فان اشترط عدم القرينة الى الابد اى عدم القرينة المنفصلة صح قول الخصم اعنى عدم الظهور للمطلق ولكن عدم القرينة فى الحال كاف فى ظهوره فلا يصح تقديم العام على المطلق فى هذا المقام.

وقال المصنف فى رد الدليل الثانى اى استدل ثانيا على تقديم العام بان التقييد اغلب من التخصيص فرد هذا الاستدلال صغرى

وكبرى وجه بطلان الصغرى هل تسمع ما من عام الا وقد خص ولكن لم يسمع ما من مطلق والا قد قيد فلم يكن التقييد اغلب من التخصيص وان سلمنا الصغرى فلا يصح الكبرى اى لم يثبت ان الظن يلحق الشيء بالاعم والاغلب فرد الوجه الثانى من حيث الصغرى والكبرى اى لم يسمع ان التقييد اغلب من التخصيص ولم يكن الدليل على الحاق الظن الشيء بالاعم والاغلب اعنى لم يكن الدليل على حجية هذا الظن.

وقال المصنف لا بد فى كل قضية من ملاحظة الدليل الذى هو موجب لاظهرية المطلق او العام مثلا ان كان التقييد مقدما على التخصيص فى مقام البحث فقد جرت السيرة العقلائية عليه والا فلا ان قلت يمكن اخفاء هذه السيرة علينا قلت انما كان فى الصورة التى يضر الاظهار فيها على الخلافة والسياسة واما فى جريان السيرة على تقديم المطلق فلم يكن المانع فى البين فلو جاز تقديم المطلق على العام لجرت السيرة عليه.

قوله : ومنها ما قيل فيما اذا دار بين التخصيص والنسخ الخ.

اى قد ذكر فى السابق تقديم العام على المطلق واستدل عليه بوجهين ورد المصنف هذين الوجهين ولم يصح تقديم العام على المطلق عنده.

ويذكر هنا دوران الامر بين التخصيص والنسخ اى اذا ورد العام بعد حضور وقت العمل بالخاص فيدور الامر بين ان يكون الخاص مخصصا او يكون العام ناسخا مثلا قال المولى فى يوم

الخميس لا تكرم عالما فاسقا فى يوم الجمعة فيقول فى يومها اكرم العلماء فقد اشتبه الحال فى هذا المورد بين كون الخاص مخصصا او كون العام ناسخا وكذا اذا ورد الخاص بعد حضور وقت العمل بالعام مثلا قيل اكرم العلماء فى يوم الجمعة ويقال حين حضور يومها لا تكرم عالما فاسقا فيدور الامر بين ان يكون الخاص مخصصا للعام او ناسخا له ورافعا لاستمراره.

فقيل فيما ذكر ان التخصيص يقدم على النسخ والوجه لتقديمه عليه هو غلبة التخصيص وندرة النسخ ولا يخفى ان كلمة فى عند قوله فى وجه تقديم التخصيص على النسخ الخ متعلق بقوله ما قيل فيما اذا دار بين التخصيص والنسخ اى ومنها ما قيل فيما اذا دار بين التخصيص والنسخ ـ فى وجه تقديم التخصيص على النسخ من غلبة التخصيص وندرة النسخ.

قوله : ولا يخفى ان دلالة الخاص او العام على الاستمرار والدوام الخ.

اى فرد المصنف ما استدل به من غلبة التخصيص وندرة النسخ فاشكل عليه بان كثرة التخصيص اما أن تكون بالامر المنفصل وتجىء من الخارج واما تكون مكتنفة بالكلام اى كلما حضر العام فى الذهن حضر تخصيصه فيه والظاهر ان التخصيص الذى كان باعثا للاقوائية والاغلبية هو القسم الثانى اى التخصيص الذى كان مكتنفا بالكلام هو موجب لاغلبية التخصيص فبعد مجىء العام يجيء التخصيص فى الذهن وهذا القسم من التخصيص موجب لاغلبيته على النسخ.

واما القسم الاول منه ما كان بالمخصص الخارجى فلا يكون هذا القسم من التخصيص موجبا للاغلبية والاقوائية مثلا اذا كان العام وجاء الخاص بعده فهذا ـ المخصص الخارجى لم يكن دليلا لاقوائية التخصيص على غيره بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية صغرى كبرى را درست نمى كند اى لا يسوى هذا المخصص الخارجى اقوائية التخصيص بعبارة اخرى ان المخصص اللفظى لا يفيد الاقوائية.

واما المخصص العقلى فهو مفيد للاقوائية ولا يخفى انه على القسمين اى قسم من المخصص العقلى ما لا يغيب عن الذهن كاللازم البين بالمعنى الاخص اعنى كلما جاء الملزوم فى الذهن يجيء اللازم فيه فان كان التخصيص من هذا القسم يصح قول ما قيل اى يصح اغلبية التخصيص على النسخ واما القسم الثانى من المخصص العقلى فهو ما يغيب عن الذهن فلا يفيد هذا القسم الاقوائية فلا يصح ما قيل فى وجه تقديم التخصيص على النسخ.

وبعبارة اخرى ان هذا الكلام مناف للكلام السابق اى قيل فى السابق كل ما هو منجز يقدم على ما هو معلق فيلزم مما ذكر تقديم النسخ على التخصيص لان النسخ منجز والتخصيص معلق على كونه مكتنفا بالكلام فيلزم تقدم النسخ لمنجزيته والفرق بين النسخ والتخصيص ان النسخ هو بالنسبة الى الازمان والتخصيص بالنسبة الى الافراد وايضا ان التخصيص انما كان قبل وقت حضور العمل والنسخ كان بعد وقت حضور العمل.

قوله : ثم إنّه بناء على عدم حضور وقت العمل فى التخصيص الخ.

اى قد ذكر ان التخصيص انما يكون قبل حضور وقت العمل لكن يشكل الامر فى تخصيص الكتاب او السنة بالاخبار الصادرة عن الائمة (ع) فانها صادرة بعد حضور وقت العمل اى تجىء هذه الاخبار بعد سنين المتعددة فلا محيص فى حل الاشكال المذكور الا ان يقال انا سلمنا فى كون التخصيص قبل حضور وقت العمل ولا يخفى ان اعتباره انما كان لاجل قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ولكن قد تكون المفسدة فى اتيان التخصيص قبل حضور وقت العمل بل كانت المصلحة فى اخفائه وتأخيره اى كان تأخير البيان عن جانبهم عليهم‌السلام وقالوا (ع) سيأتى بشرع جديد.

واعلم انه كان بعض التكاليف فى الصدر الاول مشكلا على المكلفين فيبين هذا التكليف بعد رفع المانع وهذا مراد من الشرع الجديد فتأخير بعض الاحكام انما كان لاجل المصلحة وقد روى ان بعض الاحكام موجود عند صاحب الزمان (ع) وقد اخر بيانه الى ظهوره عليه‌السلام وعبر منه بشرع جديد.

فظهر من البيان المذكور جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة اذا كان فيه المصلحة القوية فيجوز فى المورد المذكور أن تكون الاخبار الصادرة عن الائمة ناسخة للكتاب ويجوز أن تكون مخصصة له والظاهر ان نسخ الكتاب بهذه الاخبار انما كان بالنظر الى الحكم الظاهرى واما تخصيصه بها كان بالنظر الى الحكم الواقعى

قال صاحب الكفاية ولو قيل بجواز نسخهما بالرواية عنهم عليهم‌السلام كما ترى الخ.

اى لم تكن اخبارهم (ع) للنسخ للزوم كثرته وقال المصنف فيما بعده لم يكن بأس بتخصيص عمومات الكتاب والسنة بهذه الاخبار ويستكشف بالتخصيص المذكور ان مورد الاخبار الصادرة عن الائمة (ع) خارج عن العام واقعا وان كان داخلا فيه ظاهرا فيصح النسخ بالنظر الى الحكم الظاهرى فكان بمعنى رفع اليد بهذه الاخبار عن ظهور عمومات الكتاب والسنة اى كانت هذه العمومات ظاهرة فى الاستمرار والدوام فيرفع اليد عنها لاجل الاخبار المذكورة.

الثمرة بين التخصيص والنسخ مثلا اذا قيل اكرم العلماء وقيل بعد هذا اكرم الفقهاء وجب اكرام فقهاء من حين الامر بالعام الى الابد واما فى صورة النسخ فيجب اكرام فقهاء من حين الامر به وايضا ان النسخ انما كان بالنسبة الى الازمان اى يرفع الحكم السابق من حين ورود الناسخ واما التخصيص انما كان بالنسبة الى الافراد فيرفع الحكم بالنسبة الى بعض الافراد من اول الامر.

قوله فصل لا اشكال فى تعيين الاظهر لو كان فى البين اذا كان التعارض بين الاثنين الخ.

ويبحث فى هذا الفصل عن انقلاب النسبة اى هل يجوز ام لا ولا يصح هذا الانقلاب عند المصنف توضيح هذا البحث يحتاج

الى بيان الموارد الثلاثة :

الاول انه اذا كان التعارض بين الاثنين اى بين العام والخاص فلا اشكال فى حمل العام على الخاص لان الخاص اظهر من العام

الثانى اذا كان هناك عام وخاصان او خاصات مثلا اذا كان التعارض بين العام والخاصان او ثلاثة خاصات فهذا محل بحث.

ولا يخفى ان هذا القسم منحصر فى الاقسام الثلاثة :

الاول ان الخاصات تفنى العام مثلا يقال اكرم العلماء ولا تكرم الفساق فيقال يكره اكرام العلماء العدول فلا يبقى فى هذا المورد الافراد للعام فيلزم كونه لغوا وهذا القسم خارج عن محل البحث.

الثانى ان الخاصات التى تذكر بعد العام لا تفنيه مثلا يقال اكرم العلماء لا تكرم الفساق فيقال يكره اكرام العلماء العدول من النحويين.

فهذا يتصور على وجهين اى اما تتصور النسبة بين العام والخاص الثانى قبل ان يتخصص هذا العام بالخاص الاول ففى المثال المذكور تلاحظ النسبة بين اكرم العلماء ـ ويكره اكرام العلماء العدول من النحويين مع قطع النظر من لا تكرم الفساق فهذا القسم ايضا خارج من محل النزاع لان العام يحمل على الخاص فالنسبة بينهما هى عموم وخصوص مطلقا.

واما يتصور النسبة المذكورة بعد تخصيص العام بالخاص الاول ففى الفرض المزبور تلاحظ النسبة بين اكرام العلماء وكراهة اكرام العلماء العدول بعد تخصيص اكرم العلماء بقوله لا تكرم الفساق فهذا محل بحث لان النسبة بين العام والخاص

الثانى فى الفرض المزبور هى العموم والخصوص من وجه اى بعد تخصيص اكرم لعلماء بالخاص الاول فالنسبة بين العام والخاص الثانى هى الاعم والاخص من وجه فبعد لحاظ هذا النسبة يلزم انقلاب النسبة اى كانت النسبة بين العام والخاص الثانى العموم والخصوص مطلقا فتنقلب هذه النسبة بعد تخصيص العام بالخاص الاول الى الاعم والاخص من وجه.

توضيح مثلا يخصص اكرم العلماء اولا بقوله لا تكرم الفساق فتلاحظ النسبة بينه وبين يكره اكرام العلماء العدول فمادة الاجتماع هى العلماء العدول من النحويين اى كان تعارض العام والخاص فى هذه المادة ومادة الافتراق عن جانب اكرم العلماء هى العلماء العدول غير النحويين ومادة الافتراق عن جانب الجانب الخاص الثانى هى العلماء الفساق من النحويين فتجرى قاعدة التعارض بين العام والخاص الثانى فجريان هذه القاعدة نتيجة انقلاب النسبة فيجوزه الفاضل النراقى وهو مراد من بعض الاعلام فى كلام المصنف.

قال شيخنا الاستاد بالفارسية در صورت انقلاب نسبت بسوى اعم واخص من وجه بايد دستگاه ديگر ترتيب داده شود كه رجوع به مرجحات باشد اگر مرجح نباشد رجوع به تخيير شود.

الحاصل ان النسبة بين العام والخاص الثانى قبل تخصيص العام بالخاص الاول هى الاعم والاخص مطلقا فلا اشكال هنا فى حمل العام على الخاص واما ذا لاحظ النسبة بين العام والخاص الثانى بعد تخصيص هذا العام بالخاص الاول فالنسبة بين العام والخاص الثانى هى الاعم والاخص من وجه فهذا مستلزم لانقلاب

النسبة من الاعم والاخص مطلقا الى الاعم والاخص من وجه فلا بد من رعاية هذه النسبة بعبارة شيخنا الاستاد دستگاه ديگر ترتيب داده مى شود اى يقدم ما هو راجح من العام والخاص او ثبت التخيير بينهما كما قال المصنف بقوله فلا بد من رعاية هذه النسبة وتقديم راجح منه اى من العام وتقديم راجح منها اى من الخاصات او التخيير بين العام والخاصات.

فيبحث هنا من انقلاب النسبة اى هل يصح ام لا ولا يخفى ان الانقلاب هو مذهب الفاضل النراقى ولا يقبله المصنف واشكل فيه بقوله وفيه ان النسبة انما هى بملاحظة الظهورات وتخصيص العام بمخصص المنفصل الخ.

فالمصنف لم يقبل انقلاب النسبة وقال ان نسبة العام الى الخاص سواء فهى اعم واخص مطلقا واما الدليل على كون نسبة العام الى الخاص على نحو السواء لان العام بعد تخصيصه بالخاص الاول قد استعمل على المعنى الحقيقي اى العموم واما ان قلنا ان استعمال العام فى الباقى مجاز فيصح مذهب من قال بانقلاب النسبة واما اذا قلنا ان استعمال العام فى الباقى حقيقي اى بعد تخصيصه بالخاص الاول استعماله فيما بقى حقيقي اعنى استعمل العام فى العموم لكن خرج بعض افراده بعبارة شيخنا الاستاد عام در عموم استعمال شده لكن اراده جدى شما كوتاه شده فيموت المعنى المجازي فى هذا المورد.

فيقول المصنف انا لا اقبل انقلاب النسبة وان لوحظت النسبة بين العام والخاص الثانى بعد تخصيصه بالخاص الاول فيبقى

العام على عمومه ونسبة بينه والخاص الثانى هى العموم والخصوص مطلقا ولم يكن استعماله فى الباقى على نحو المجاز لان مراتب المعنى المجازي متعددة فيجوز التخصيص الى المرتبة التى لم تكن مستهجنة فلا تجوز ارادة واحدة من هذه المراتب للزوم الترجيح بلا مرجح وهذا موجب لظهور العام فى عمومه فان لم يكن ظاهرا فيه لزم كونه لغوا اى اگر عام ظهور در عموم نداشته باشد بى كاره مى شود.

قوله لا يقال ان العام بعد تخصيصه بالقطعى لا يكون مستعملا فى العموم قطعا الخ.

اى اذا كان المخصص قطعيا فلا يبقى الظهور للعام فاجيب عن هذا الاشكال بقوله فانه يقال ان المعلوم عدم ارادة العموم لا عدم استعماله فيه الخ.

اى قد ذكر فى باب العام والخاص ان العموم فى العام المخصص باق ولو كان تخصيصه بالقطعى فكان العام بعد تخصيصه حجة فيما بقى ولو قلنا ان استعمال العام فى الباقى على نحو المجاز للزم كون هذا الاستعمال على السواء بالنظر الى الافراد الباقية من دون القرينة المعينة لتعدد مراتب المجازات فظهر من البيان المذكور ان العام ظاهر فى عمومه واستعماله فى الباقى على نحو الحقيقة.

بعبارة شيخنا الاستاد اگر عام مخصص در ما بقى حجة نباشد بدون كلاه باقى مى ماند فالعام ظاهر فيما بقى والنسبة بينه وبين الخاص الثانى هى العموم والخصوص مطلقا فيحمل عليه ولم تكن

النسبة بينهما العموم والخصوص من وجه حتى نحتاج الى انقلاب النسبة.

قوله نعم ربما يكون عدم نصب القرينة مع كون العام فى مقام البيان قرينة على ارادة التمام الخ.

قد ذكر ان ظهور العام فى العموم انما يكون بالوضع فان قيل ان ظهوره فيه انما كان بالقرينة اى اذا كان المولى فى مقام البيان ولم ينصب القرينة على ارادة البعض فعدم نصبها قرينة على ارادة التمام فلم تكن هذه الارادة لاجل ظهور العام فى العموم.

فيقال فى الجواب ان اصالة عدم المخصص انما تسوى الظهور فى بعض الموارد لا فى كل الموارد اى سلمنا ان اصالة عدم القرينة انما دلت فى ظهور العام على ارادة التمام لكن ما ذكر انما يصح فى بعض موارد اعنى اصالة عدم المخصص تسوى ظهور العام فى بعض موارد لا فى كل موارد بل ظهور العام انما كان بالوضع لا بقرينة عدم نصب قرينة على الخلاف.

قوله فانقدح بذلك انه لا بد من تخصيص العام بكل واحد من الخصوصيات مطلقا الخ.

قد ذكر ان لحاظ النسبة بين العام والخاص الثانى اما يكون قبل التخصيص بالمخصص الاول واما يكون اللحاظ المذكور بعد تخصيص العام به وايضا ذكر ان النسبة بين العام والخاص الثانى هى العموم والخصوص مطلقا فى صورة لحاظ النسبة بينهما قبل تخصيص العام بالمخصص الاول وهى العموم والخصوص من وجه بين العام والخاص الثانى فى صورة لحاظ النسبة بينهما بعد

تخصيص العام بالمخصص الاول.

واما المصنف فقال ان النسبة بين العام والخاص الثانى تلاحظ قبل تخصيصه بالمخصص الاول وايضا ذكر ان ظهور العام باق فى صورة كون المخصص منفصلا والتعارض بين العام والخاص انما كان فى الظهور لا فى الحجية لان العام بعد التخصيص لم يكن حجة واما ظهوره فهو باق فلا فرق بين الخاص الاول والثانى من حيث لحاظ النسبة بينهما وبين العام.

وهذا الجملة المذكورة حاصل الدرس السابق الآن يبحث من جواز تخصيص العام بالمخصصات المتعددة فيقول المصنف انه يجوز تخصيص العام بكل واحد من المخصصات ما لم يلزم منه المحذور مثلا اذا قيل اكرم العلماء لا تكرم الفساق فيقال يكره اكرام العلماء العدول فهذا مستلزم للغوية العام اى لا يبقى المورد للعام فى المثال المذكور فلا يجوز التخصيص فيه وكذا لا يجوز اذا كان مستهجنا مثلا كان للعام مائة فرد وبقى له بعد التخصيص فرد او فردان وهذا مستهجن للزوم التخصيص بالاكثر والبعد العرفى فان قدم العام فى الفرض المزبور فتنتفى الخاصات وان قدمت المخصصات فينتفى العام فلا بد حينئذ من معاملة بينه وبين مجموعها اى بين العام وبين مجموع الخاصات فيلاحظ الترجيح بينهما فان لم يكن فالتخيير بينهما.

ولا يخفى ان العام اذا قدم على المخصصات فلا يطرح منها الا ما كان موجبا للمحذورية مثلا اذا كان للعام مائة فرد وخرج الخمسون فردا بالمخصص الاول فالمطروح هو المخصص الثانى لان التخصيص به مستلزم للمحذورية واللغوية اى ان خصص العام

بالمخصص الثانى ايضا فلا يبقى للعام مورد فلا بد من طرح هذا المخصص عن المخصصية فيلاحظ الترجيح او التخيير بين العام وبين المخصص الثانى.

والظاهر ان التباين انما كان بين العام وبين مجموع المخصصات لا جميعها اى اذا لاحظت الخاصات على نحو العموم المجموعى ثبت التباين بينها وبين العموم واما اذا لاحظت على نحو العموم الاستغراقى اى لاحظ كل فرد من افراد الخاصات فى مقابل العام فليس التباين بينه وبين كل فرد من الافراد بل يصح ان يكون واحد منها مخصصا للعام ويلاحظ التباين بينه وبين الخاصات الاخرى.

واما اذا صح كون الواحد من الخاصات مخصصا للعام فيقع التعارض بينها اى يقتضى كل واحد من هذه الخصوصيات ان يكون مخصصا للعام فان اخذ احدها من دون وجه الرجحانية فهو ترجيح بلا مرجح لاقتضاء كل واحد منها ان يكون مخصصا بعبارة اخرى فيقع التعارض بالعرض بين الخصوصيات فيؤخذ ما هو واجد الرجحانية او يحكم بالتخيير مع عدمها وهذا مقصود من قول المصنف فيخصص ببعضها ترجيحا او تخييرا فلا تغفل اى يخصص العام بتوسط بعض الخصوصيات من باب الترجيح او التخيير.

وقد ذكر الى هنا المورد الذى كان نسبة العام الى الخاصين فيه مساوية اى كانت بينه وبين كل من الخاصين العموم والخصوص مطلقا واما اذا فرقت نسبة العام الى كل منهما فلم يجر الحكم المذكور وبين المصنف صورة فرق النسبة بقوله هذا فيما كانت

النسبة بين المتعارضات متحدة وقد ظهر منه حالها فيما كانت النسبة بينها متعددة الخ.

اى ذكر ان العام اذا خص بواحد من الخصوصيات فربما يقع التعارض بينها اى يقتضى كل واحد من الخاصات ان يكون مخصصا للعام وهذا الحكم ثابت فى صورة كون نسبة العام مساوية الى كل واحد من الخصوصيات واما اذا كان نسبته اليها متعددة فلم يقع التعارض بين هذه الخصوصات مثلا اذا قيل يجب اكرام العلماء وقيل بعد هذا يستحب اكرام العلماء العدول فالنسبة بينهما هى العموم والخصوص من وجه واذا قيل بعد الجملتين المذكورتين يكره اكرام العلماء الفساق فالنسبة بين هذه الجملة وجملة يجب اكرام العلماء هى العموم والخصوص مطلقا واما النسبة بين الخاصين اى يستحب اكرام العلماء العدول ويكره اكرام العلماء الفساق فهى التباين.

توضيح ما ذكر انه اذا كانت نسبة العام الى الخاصين على نحو التساوى كما اذا كانت النسبة بينهما وبين العام العموم والخصوص مطلقا فيخصص العام باحد الخاصين لا بكليهما لان تخصيص العام بكلا الخاصين مستلزم للتخصيص بالاكثر.

واما اذا لم تكن نسبة العام الى الخاصين على نحو التساوى كالامثلة المذكورة مثلا يجب اكرام العلماء ويستحب اكرام العدول فالنسبة بينهما هى العموم والخصوص من وجه مادة الاجتماع هى العلماء العدول ومادة الافتراق عن جانب يجب اكرام العلماء هى العلماء الفساق ومادة الافتراق عن جانب يستحب اكرام العدول هى العدول

غير العلماء واما النسبة بين يجب اكرام العلماء ويكره اكرام العلماء الفساق فهى العموم والخصوص مطلقا واشار اليه المصنف بقوله وانه لا بد من تقديم الخاص على العام اى تقديم يكره العلماء الفساق على يجب اكرام العلماء ولا بد من معاملة العموم من وجه بين العامين اى يجب اكرام العلماء ويستحب اكرام العدول.

ولا يخفى ان المصنف عبر عنهما بالعامين واما شيخنا الاستاد فعبر عن الاول اى يجب اكرام العلماء بالعام وعبر عن يستحب اكرام العلماء العدول بالخاص الاول فلا بد بينهما من معاملة العموم من وجه من الترجيح او التخيير بينهما وايضا عبر عن يكره العلماء الفساق بالخاص الثانى فالنسبة بين العام وهذا الخاص اى يكره العلماء الفساق هى العموم والخصوص مطلقا واما النسبة بين الخاصين فهى التباين اى النسبة بين يستحب اكرام العلماء العدول : ويكره اكرام العلماء الفساق هى التباين.

واعلم انه قد ذكرت الامثلة فيما كانت النسبة بين المتعارضات فيه متعددة الآن تذكر امثلة اخرى لتوضيح العبارة مثلا اذا قيل يجب اكرام العلماء وقيل بعد هذا يستحب اكرام العدول الهاشميات فالنسبة بين هاتين الجملتين هى العموم والخصوص من وجه فمادة الاجتماع بينهما هى العلماء العدول ومادة الافتراق عن جانب اكرم العلماء هى العلماء الفساق ومادة الافتراق عن جانب يستحب اكرام العدول الهاشميات هى الهاشمى غير العالم وقيل بعد ما ذكر يكره اكرام العلماء الفساق فالنسبة بين هذه الجملة وبين يجب اكرام العلماء هى العموم المطلق فيقدم الخاص على العام.

ولا يخفى ان النسبة بين الجملتين المذكورتين انما تكون

العموم والخصوص من وجه اذا لاحظت النسبة بين العامين قبل تقييد العام الاول بالخاص اى قبل تقييد اكرم العلماء بالخاص اعنى لا تكرم العلماء الفساق واما بعد تقييد هذا العام بالخاص فيلزم انقلاب النسبة اى تصير النسبة بين اكرم العلماء : ويستحب اكرام الهاشميات العدول عموما وخصوصا مطلقا لخروج بعض الافراد بالقيد اعنى تصير افراد العام قليلا فهذا مستلزم لانقلاب النسبة

فوافق الشيخ والفاضل النراقى فى هذا المورد فى انقلاب النسبة واما فى السابق فالشيخ موافق للمصنف فى عدم جواز انقلاب النسبة اى فى المورد الذى كانت النسبة فيه بين المتعارضات مساوية اعنى اذا كانت نسبة العام الى الخاص الاول والثانى مساوية فيقول المصنف انه لا يجوز انقلاب فى هذا المورد ووافقه الشيخ.

الحاصل ان النسبة بين العامين فى الامثلة المذكورة هى العموم والخصوص من وجه فلا بد من معاملتهما من التخيير والترجيح وان لزم انقلاب النسبة بين العامين الى العموم المطلق بعد تخصيص العام الاول اى بعد تخصيص اكرم العلماء بقوله ويكره اكرام العلماء الفساق ويقول المصنف انه لا يصح عندى انقلاب النسبة بل تلاحظ النسبة بين العامين قبل العلاج اى قبل تقييد احد العامين بالخاص.

قوله : نعم لو لم يكن الباقى تحته بعد تخصيصه الا ما لا يجوز عنه التخصيص الخ.

اى ذكر آنفا انه لا يجوز تقديم احد العامين على الآخر وايضا

ذكر عدم جواز انقلاب النسبة بين العامين بعد تقييد احدهما بالخاص.

ولكن بين المصنف جواز تقديم العام على العام الآخر فى المورد الذى لا يجوز فيه تخصيص العام بالآخر لعدم بقاء المورد للعام المخصص او لا يجوز فيه التخصيص وان بقى الفرد او الفرد ان للعام لكن يلزم التخصيص بالاكثر وهو مستهجن فيقدم فى هذا المورد العام المخصص المقدم على العام الآخر ولا يكون هذا التقديم لانقلاب النسبة بين العامين بل يكون التقديم لاظهرية العام الاول.

توضيح ما ذكر بالامثلة المذكورة مثلا اذا قيل اكرم العلماء وقيل بعد هذا يستحب اكرام العدول الهاشميين واما اذا قيد اكرم العلماء بالخاص اى قيد بتوسط يكره اكرام العلماء الفساق فيصير العام المذكور منزلة اكرم العلماء العدول بعبارة شيخنا الاستاد اين عام بعد از تقييد بالخاص كوتاه مى شود فيقدم على قوله يستحب اكرام العدول الهاشميين من باب الاظهرية ولم يكن العام الاول بعد تقييده مخصصا للعام الثانى اى لم يكن اكرم العلماء بعد تقييده بالعدول مخصصا لقوله يستحب اكرام العدول الهاشميين لعدم المورد لهذا العام اى لا يبقى مورد للعدول الهاشميين.

توضيح مثلا لو فرض خمسون فردا لهم فلا تبقى هذه الافراد بعد تخصيص العام المذكور بتوسط اكرم العلماء لان هذا العام بعد تقييده بقوله يكره اكرام العلماء الفساق يصير منزلة اكرم العلماء العدول فلا تبقى الافراد المذكورة لقوله يستحب اكرام العدول الهاشميين بعد تخصيصه بقوله اكرم العلماء فيلزم لغوية

هذا العام المخصص او يلزم التخصيص المستهجن ان بقى للعام المذكور فرد او فردان فلم يكن تقديم اكرم العلماء على يستحب اكرام العدول الهاشميين : من باب تقديم الخاص على العام للزوم لغوية هذا العام او لزوم التخصيص بالاكثر.

واما وجه هذا اللزوم فان افراد العدول الهاشميين كانت خمسين فردا من العلماء فان خصص هذا العام بقوله اكرم العلماء فلا يبقى المورد للعام المذكور واما ان كانت افراد العدول الهاشمين خمسين فردا من العلماء وثلاثة افراد من غيرهم فيلزم التخصيص بالاكثر فى صورة تخصيص العام المذكور بتوسط اكرم العلماء لخروج خمسين فردا من تحت العام وبقاء ثلاثة افراد فى تحته.

فيقول المصنف ان النسبة بين اكرم العلماء : ويستحب اكرام العدول هى العموم والخصوص من وجه واما تقديم اكرم العلماء انما يكون من باب الظهور اى ظهور اكرم العلماء فى العلماء العدول فيقدم هذا لاجل هذا الظهور على يستحب اكرام العدول الهاشميين.

قوله : فصل لا يخفى ان المزايا المرجحة لاحد المتعارضين الموجبة للاخذ به الخ.

قد ذكر فى اول باب التعارض ان الخبرين المتعارضين واجدان لشرائط الحجية مثلا كلاهما خبر الثقة او خبر العادل والظاهر ان حجية الخبرين المتعارضين اقتضائية لا الفعلية لوجود المانع اى اذا كان المقتضى للحجية مع وجود المانع فلم تكن فعلية فكل من الخبرين فى مقام التعارض مانع عن حجية الآخر لاجل المعارضة.

واعلم ان القاعدة الاولية فى باب التعارض هى التساقط واما بعد مجىء المزايا المرجحة لاحد المتعارضين فيقدم الخبر الذى هو ذو المزية والمزايا انما كانت على انحاء المختلفة فهذه المزايا باعتبار محلها ثلاثة والمراد من المحل فى هذا المقام هو الصدور والظهور والجهة.

واما هذه المزايا باعتبار المورد والموضوع على خمسة اقسام : والاول باعتبار الراوى لوثاقته او فقاهته : والثانى باعتبار نفس الخبر كشهرته اى الشهرة الروايتي : والثالث باعتبار متن الخبر اى كونه واجدا للفصاحة : والرابع أن تكون مزية الرواية باعتبار وجه الصدور اى كونها مخالفة العامة : والخامس أن تكون مزية الرواية باعتبار مضمونها بان تكون موافقة للكتاب وموافقة لفتوى الاصحاب.

فصارت المزايا باعتبار معروضها خمسة اقسام وصارت باعتبار محلها ثلاثة اقسام والفرق بينهما ان المعروض عبارة عن الموضوع مثلا كون المخبر ثقة موضوع للمزية وكذا كون الخبر مشهورا واما نحو الصدور فهو محل للمزية.

ولا يخفى ان المزايا المرجحة لاحد الخبرين وان كانت مختلفة ولكن مرجعها الى امر واحد اى كانت هذه المزايا موجبة لترجيح السند فكلما وجد واحد من هذه المزايا كان موجبا لترجيح السند مثلا اذا كان الراوى ثقة فهذا موجب لكون الرواية صادرة عن الامام (ع) وكذا اذا كانت الرواية مشهورة.

واما اذا لم ترجع هذه المزايا الى المرجح السندى بان يقال

ان كل هذه المزايا مستقلة فهذا مستلزم للتناقض مثلا اذا قلنا ان الخبرين صادر ان عن الامام (ع) لكن كان احدهما مخالف العامة فليعمل به واما الخبر الذى هو موافق العامة فلا يعمل به فيصير هذا الخبر منزلة صدر وما صدر اى الخبر الذى كان موافقا للعامة صار صدر باعتبار صحة السند ويصير ما صدر باعتبار عدم العمل به.

وبعبارة اخرى يصير الخبر الموافق للعامة منزلة تعمل به ولا تعمل به هذا تناقض صريح اى باعتبار صحة السند يؤمر بالعمل به وباعتبار كونه موافقا للعامة فينهى عن العمل به هنا استدراك واشار اليه المصنف.

بقوله : وكونها فى مقطوعى الصدور متمحضة فى ترجيح الجهة الخ.

هذا دفع لما يمكن ان يقال انه اذا كان خبران مقطوعى الصدور وكان احدهما مخالف العامة فيعمل به ولا يعمل بالآخر فلم يرجع فى هذا المورد مرجح جهتى الى السندى اى يثبت الفرق بينهما فيكون الترجيح فى هذا المورد بالمرجح الجهتى لا السندى لان السند فى كل من الخبرين قطعى هذا حاصل الاشكال.

واما الجواب فيقال انه اذا كان كل من الخبرين مقطوعى الصدور فهو خارج عن محل البحث لكونه فى مظنونى الصدور لوجود التعبد الشرعي فيهما فيمكن للشارع ان يقول تعمل بهذا الخبر وايضا يمكن للشارع ان يقول لا تعمل بهذا لكونه موافق العامة هذا تناقض لكن اذا كان الخبران مقطوعى الصدور فلا يمكن فى هذا المورد التعبد الشرعي للقطع بصدور هذين الخبرين فيحكم

العقل العمل بهما واما الشرع فيقول ان صدور الخبر الموافق للعامة انما يكون من باب التقية فلا يقال له ما صدر بل يقال انه صدر تقية.

ولا يخفى ان الخبرين مظنونى الصدور كانا باعتبار التعبد الشرعي صدر عن الامام (ع) ويقول الشارع بعد هذا ان الخبر الموافق للعامة لا يعمل فيه فيصير هذا الخبر منزلة ما صدر وهذا تناقض.

قوله : ثم إنّه لا وجه لمراعاة الترتيب بين المرجحات الخ.

فيبحث هنا من الترتيب بين المرجحات اى هل يكون الترتيب بين المرجحات فى باب التعارض ام لا فيقال هذا على قسمين اما نقول بجواز التعدى الى المرجحات الغير المنصوصة اى قلنا باناطة الترجيح بالظن او بالاقربية الى الواقع فقضية ذلك تقديم الخبر الذى افاد الظن بانه صادق او كان الظن باقربيته الى الواقع.

فلا حاجة الى البحث عن الترتب ولا وجه لا تعاب النفس الى البحث فى ان ايها يقدم او يؤخر لان المعتبر فى هذا المورد هو الملاك اى يقدم ما هو ملاكه اقوى.

واعلم ان البحث صغروى وكبروى فلا بد لكل المبحوث عنه من الصغرى والكبرى والمراد من الصغرى فى هذا المقام اعنى ايهما موجب للظن والمراد من الكبرى اعنى ايهما يقدم.

فالشيخ يقول انه كل ما يفيد الظن او ما هو اقرب للواقع موجب للترجيح اى الشيخ قائل بالتعدى الى المرجحات الغير المنصوصة فلا مورد للبحث عن الترتب اعنى لا مورد للبحث عن

الكبرى فى صورة التعدى الى المرجحات الغير المنصوصة لان المعتبر هو الملاك واما المورد للبحث الصغروى فهو باق فى صورة التعدى المذكور لان المزية فى هذه الصورة انما تعتبر من باب الطريقية فيبحث من افادة الظن اعنى اى الخبرين مفيد للظن.

واما ان لم نقل بالتعدى ونقول ان المرجحات منصوصة فتعتبر من باب الموضوعية ويصح البحث من الترتب واشار اليه المصنف بقوله واما لو قيل بالاقتصار على المزايا المنصوصة فله وجه الخ.

اى ان قلنا ان المرجحات منصوصة فيصح البحث من ترتبها كما يلاحظ من ذكر هذه المرجحات مرتبة فى المقبولة والمرفوعة فتقولان خذ باوثقهما وافقههما وما خالف العامة.

ولكن يمكن ان يقال ان المرفوعة ليست حجة واما الموثقة فكانت فى صدد بيان تعداد المرجحات اى يقال انهما كانتا لبيان تعداد المرجحات ولم تكونا لبيان الترتيب.

والشاهد على ما ذكر ما ورد من الاخبار فيقول بعض الاخبار ان ما هو راويه ثقة مقدم ويقول بعض الآخر ان ما هو مخالف للعامة مقدم فورد لكل هذه المرجحات الاخبار فردا فردا مثلا يقول احد الخبرين ان خبر الثقة مقدم ويقول الآخر ان ما خالف العامة مقدم فاذا تعارضا فى مورد اى يقول خبر الثقة ان صلاة الجمعة واجبة ويقول ما خالف للعامة ان صلاة الظهر واجبة فيحكم هنا بالتخيير لا الترجيح.

ان قلت ان المقبولة دالة على الترجيح فنقول ان هذا مستلزم للتخصيص بالاكثر اى ان لم تكن الاخبار الكثيرة لبيان تعداد المرجحات لزم تقييد جميعها بتوسط المقبولة هو بعيد جدا لانه

تخصيص مستهجن مثلا ان كان احد الخبرين ثقة والآخر مخالف العامة فان قلنا ليس التخيير فى هذا المورد وكذا ليس التخيير فى المورد الفلانى وهكذا لان هذه الموارد مخصصة بالمقبولة لانها تحكم بالترجيح لا التخيير فهذا التخصيص مستهجن.

واعلم ان البحث فى ترتيب المرجحات اى هل كان الترتيب بينها ام لا فقال المصنف ان هذا يتصور على الوجهين فاما نقول بالتعدى الى المرجحات الغير المنصوصة ام لا فيقول المصنف ان كل ما يفيد الظن او كان موجبا للاقربية للواقع هو يصير سببا للترجيح.

ولا يخفى ان المراد من الظن فى هذا المورد هو الظن الشخصى واما المراد من موجب الاقربية الى الواقع فهو الظن النوعى والفرق بينهما ان الظنون فى زمان الانسداد كلها شخصى واما الظنون فى زمان الانفتاح فهى نوعى اى جعل الشارع الظن الانفتاحى حجة لذا كان اقربا للواقع.

ويبحث هنا من مقالة الشيخ ووحيد بهبهانى اى ما يقول الشيخ وما يقول وحيد بهبهانى فقال الشيخ فى الرسائل ان المرجح المضموني مقدم واما وحيد بهبهانى فيقول ان المرجح الجهتى مقدم والكلام فى المقام مع الشيخ قال فى الرسائل فى آخر مبحث التعادل والترجيح انه اذا امكن فى المتعارضين الجمع الدلالى فلا فائدة فى المرجحات الأخر مثلا فى مقام تعارض العام والخاص يحمل العام على الخاص.

ولا يخفى ان المرجح الدلالى لم يكن مثل المرجح الجهتى اى لم يكن فى المرجح الدلالى الغاء طرف المقابل مثلا اذا حمل العام

على الخاص فلم يلغ العام بالكلية بل تضيق دائرة افراده اى تصير افراده قليلا واما فى المرجح الجهتى فيلغى طرف المقابل بالكلية مثلا اذا رجح مخالف العامة على موافقها اسقط الخبر الموافق بالكلية.

والبحث انما يكون فى تقديم المرجحات فقال الشيخ ان المرجح الصدورى يقدم على الجهتى وقال فى الرسائل ان دليل حجية الخبر يشمل الخبر الذى كان فيه المرجح الصدورى وقال ان الترجيح انما يكون بالمناط وقال بعد هذا انه لم يكن المزاحمة بين المرجح الجهتى والصدورى لان المرجح الصدورى مقدم على الجهتى.

فان قلت يلزم على هذا لغوية المرجح الجهتى فنقول فى الجواب انه اذا كان الخبران قطعى الصدور قدم مخالف العامة على موافقها لعدم التقية على مخالفها وكذا اذا كان الخبران تعبديا وكان احدهما مخالفا للعامة والآخر موافقا لها قدم المخالف على الموافق.

ولا يخفى ان المراد من التعبدى هو الاقتضائى لورود الاشكال فى الفعلى كما سيجىء وحاصل الاشكال انه اذا كان الخبر تعبديا حكم على العمل به واما كونه موافقا للعامة فيحكم على عدم جواز العمل به ويحمل على التقية فهذا مستلزم للتناقض لصيرورة الخبر المذكور منزلة تعمل به ولا تعمل به.

والجواب عن الاشكال المذكور ان المراد من التعبدى هو الاقتضائى لا الفعلى مثلا اذا كان احد الخبرين تعبديين مخالفا للعامة والآخر موافقا لها قدم المخالف على الموافق فالخبر

الموافق للعامة تعبدى اقتضائى لا الفعلى فلا تناقض بين مرتبة الاقتضاء وبين حمل الخبر المذكور على التقية اى لا يجوز العمل به.

قوله اما لو زاحم الترجيح بالصدور والترجيح من حيث جهة الصدور الخ.

اى قال الشيخ ان المرجح الصدورى مقدم على الجهتى مثلا اذا كان الارجح صدورا موافقا للعامة قدم على غيره وان كان مخالفا للعامة.

ولا يخفى ان مخالف العامة انما قدم اذا كان الخبران صدورهما قطعيا بان كانا موافقين فى الصدور وكان احدهما مخالفا للعامة فيقدم هذا الخبر المخالف واما اذا كان احد الخبرين ارجح صدورا فلا شك فى تقديمه على الآخر وان كان هذا الآخر مخالفا للعامة.

قوله ان قلت ان الاصل فى الخبرين الصدور الخ.

اى ذكر ان المرجح الصدورى مقدم على الجهتى فى الفرض المزبور واشكل عليه بلفظة ان قلت حاصله ان الاصل فى الخبرين الصدور لوجود شرايط الحجية فيهما فيقدم المرجح الجهتى على الصدورى اى يقاس هذا المرجح على المرجح الدلالى قد ذكر فيه تقديم احد الخبرين على الآخر مع كون المرجح ضعيفا مثلا فى باب تعارض العام والخاص يقدم الخاص ولم يشترط الاقوائية فيه وكذا الحكم فى المقام فيقدم المرجح الجهتى على الصدورى نظير المرجح الدلالى وقد ذكر ان المرجح الدلالى يقدم على

الصدورى ولا يضر الاضعفية فى تقديمه.

قوله قلت لا معنى للتعبد بصدورهما مع وجود حمل احدهما المعين على التقية الخ.

هذا جواب الاشكال اى ان قياس المرجح الجهتى بالمرجح الدلالى قياس مع الفارق لان المرجح الدلالى لم يكن مستلزما لالغاء جانب المقابل مثلا ترجيح الخاص على العام لا يوجب الغاء العام بالكلية لكن تضيق دائرته اى يقل افراده واما المرجح الجهتى فهو مستلزم لالغاء طرف المقابل بالكلية مثلا اذا رجح الخبر المخالف للعامة على موافقها سقط هذا الخبر الموافق عن الحجية بالكلية فلا يصح التشبيه المرجح الجهتى بالمرجح الدلالى.

ولا يخفى ان مورد المرجح الجهتى هو تساوى الخبرين من حيث الصدور واما ما وجب فيه التعبد بصدور احدهما المعين دون الآخر فلا وجه لاعمال هذا المرجح لان جهة الصدور فرع اصل الصدور واما اذا كان الخبر الموافق للعامة الارجح صدورا والمخالف للعامة الاضعف صدورا فلم يثبت اصل صدور هذا الخبر الاضعف فضلا عن جهة الصدور.

قوله وانتهى موضع الحاجة من كلامه وزيد فى علو مقامه وفيه مضافا الى ما عرفت الخ.

اى قد ذكر ان الشيخ يقدم المرجح الصدورى على الجهتى مثلا اذا وجب التعبد بصدور احدهما المعين فلا وجه لاعمال المرجح الجهتى اى كان هذا الخبر ضعيفا فلا يثبت صدوره فلا وجه لترجيحه بالجهة لان جهة الصدور متفرع على اصل الصدور

واما اذا كان الخبر ضعيفا فلم يثبت اصل الصدور وهذا بيان لاستدلال الشيخ على تقديم المرجح الصدورى على الجهتى.

واجاب المصنف بقوله وفيه مضافا الى ما عرفت اعنى ما ذكر فى قوله ان قلت هذا اشكال على الشيخ وحاصله انه اذا تعبدنا بصدور الخبرين صار كل منهما حجة ولكن يحمل صدور الخبر الموافق للقوم على تقية فيقدم المرجح الجهتى نظير جمع الدلالى.

فاجيب بقوله قلت لا معنى للتعبد بصدورهما مع وجوب حمل احد الخبرين على التقية اى قياس هذا المورد على الجمع الدلالى قياس مع الفارق لان مورد هذا الجمع ما لا ينتفى فيه جانب مقابل مثلا اذا حمل العام على الخاص اى قدم الخاص على العام فلم ينتفى العام بالكلية بل تضيق دائرته ولكن ان حمل هنا الخبر الموافق على التقية فينتفى هذا الخبر بالكلية وهذا اشارة الى الاشكال الاول على الشيخ واشار الى الاشكال الثانى عليه بقوله ان حديث فرعية جهة الصدور على اصله الخ.

اى قال الشيخ ان جهة الصدور متفرعة على اصل الصدور فاذا لم يثبت اصله فلا وجه لجهته فقال المصنف انا سلمنا فرعية جهة الصدور على اصله اذا لم يكن المرجح الجهتى من مرجحات اصل الصدور واما اذا كان هذا المرجح من مرجحات اصل الصدور فلم تصح فرعية جهة الصدور على اصله بل كان هذا المرجح الجهتى فى مقابل مرجح الصدورى واشار الى هذا الاشكال الثانى بقوله واما اذا كان من مرجحاته باحد المناطين الخ.

اى يقول المصنف ان المرجح الجهتى يصير من المرجح

الصدورى باحد المناطين والمراد به هو كون الخبر المخالف للقوم مفيدا للظن الشخصى او النوعى فلم يكن الفرق بين المرجح الصدوري والجهتى لان المعتبر فى مقام الترجيح هو المناط على القول بالتعدى او يرجع الى الاخبار العلاجية من المقبولة والمرفوعة فان لا تدل هذه الاخبار على ترجيح احد الخبرين مثلا اذا كان المرجح الصدورى والجهتى متساويين من حيث المناط اى من حيث الاقربية الى الواقع فالمحكم هو اطلاق التخيير فيحكم بالتخيير بين الخبرين المذكورين فى صورة تساويهما من حيث الاقربية الى الواقع ولا تصح مقالة الشيخ من تقديم المرجح الصدورى على الجهتى.

قوله وقد اورد بعض اعاظم تلاميذه عليه بانتقاضه بالمتكافئين الخ.

قد ذكر كلام الشيخ (قده) فقال ان تزاحم الصدورى مع الجهتى فيقدم المرجح الصدورى على الجهتى مثلا اذا كان الراوى أعدل فى احد الخبرين وأوثق فى الآخر ولكن كان خبره مخالفا للعامة ـ قدم ما كان راويه أعدل اى يقدم المرجح الصدورى على الجهتى فيسأل هنا عن مورد المرجح الجهتى بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية پس مرجح جهتى بدون كلاه باقى مى ماند.

والجواب عن سؤال المذكور ان مورد المرجح الجهتى انما يكون اذا كان الخبران قطعيين من حيث الصدور وكان احدهما مخالفا للعامة فيقدم هذا على موافقهم وايضا يكون مورد المرجح الجهتى فى الخبرين المتكافئين مثلا كان كلاهما أوثق فوجد التعبد

فى كليهما اى كلاهما متساويان من حيث الصدور ولكن كان احدهما مخالفا للقوم فيقدم هذا على الموافق لهم فثبت الموردان للمرجح الجهتى.

الحاصل ان الشيخ يقول ان المرجح الصدورى يقدم على المرجح الجهتى ويقول المصنف فى جوابه ايها الشيخ الاعظم انت قائل بالتعدى الى المرجحات غير المنصوصة فيقدم ما هو اقرب الى الواقع فالمعتبر هو الملاك فلا وجه لتقديم المرجح الصدورى على الجهتى.

وهذا تكرار خلاصة الدرس السابق الآن يشرع فى الايراد الذى اورده بعض اعاظم تلاميذه اى اورد بعض تلاميذ الشيخ عليه والمراد منه هو الشيخ المحقق الحاج ميرزا حبيب الله الرشتى طاب ثراه صاحب البدائع اى كان للشيخ (قدس‌سره) التلاميذ المشهورة من الفضلاء كما روى عنه (قدس‌سره) انا ادرس لثلاثة اشخاص : ميرزا محمد حسن وميرزا حبيب الله وآقا حسن طهرانى اى اشكل على الشيخ بعض تلاميذه بالحل والنقض.

والمراد من الاشكال النقضي عليه انه يقول اى يقول الشيخ اذا اجتمع المرجح الصدورى مع المرجح الجهتى قدم الصدورى على الجهتى اى ان قدم المرجح الجهتى على الصدورى فى المورد المذكور فهذا مستلزم للتناقض فى جانب المرجح الصدورى اى اذا قدم المرجح الجهتى حمل الخبر الذى كان رجحانه من حيث الصدور على التقية فيلزم ان يتعبد به وان لا يتعبد به اى يلزم من حيث الصدور التعبد به واما من حيث صدوره تقية فلا يتعبد به

فهذا تناقض اى استدل الشيخ على تقديم المرجح الصدورى بما ذكر.

فاورد بعض اعاظم تلاميذه عليه بانتقاضه بالمتكافئين وحاصل الاشكال انه يلزم تعبد ولا تعبد فى المتكافئين ايضا : اى قد ذكر ان الشيخ يقدم فى المتكافئين المرجح الجهتى على الصدورى فيقدم الخبر المخالف للقوم على الخبر موافقهم فيحمل الخبر الموافق على التقية فيلزم ان يكون هذا الخبر تعبد ولا تعبد اى من حيث إنّه صدر يلزم التعبد ومن حيث صدوره تقية يلزم ان لا يتعبد به.

وهذا اشكال نقضى عن بعض التلاميذ على الشيخ اى قال ان قدم المرجح الجهتى على الصدورى فيلزم تعبد ولا تعبد فى المرجح الصدورى فاعترض تلميذه عليه بان هذا الاشكال يلزم فى المتكافئين ايضا مع انك تجوز تقديم المرجح الجهتى على الصدورى فيهما واجيب هذا الاشكال النقضي بقوله وفيه ما لا يخفى من الغفلة الخ.

اى لا يرد الاشكال النقضي على الشيخ لان المراد من التعبد فى الخبرين المتكافئين هو تعبد اقتضائى وشأنى ولم يكن المراد فيهما تعبدا فعليا وبعبارة اخرى ان الحجية فى الخبرين المتكافئين انما كانت اقتضائية وشأنية.

ولا يخفى ان الفعلية وشأنية موجودتان فى كل الافعال فتوهم بعض تلاميذه ان الحجية فى الخبرين المتكافئين انما كانت فعلية ولكن مراد الشيخ هو الحجية الاقتضائية مثلا اذا قدم المرجح الجهتى فى المتكافئين اى قدم الخبر المخالف للقوم على الخبر

الموافق لهم فالتعبد فيه انما كان اقتضائيا وشأنيا واما لا تعبد فيه فهو فعلى فلا يلزم التناقض لانه يلزم اذا كان تعبد ولا تعبد فعليين.

واما الاشكال الحلى عن بعض تلاميذ الشيخ عليه فهو على ثلاثة أوجه :

الاول : ان الصدورى فى الفرض المزبور انما كان موافقا للعامة فلا يكون حجة حتى يقدم على الجهتى.

الثانى : ان الاولوية تقتضى تقدم الجهتى على الصدورى اى اذا كان الخبران قطعيين من حيث الصدور فانت تقدم المرجح الجهتى على الصدورى اعنى تتقدم فى هذه الصورة الخبر المخالف للقوم على الخبر موافقهم فاذا لم يكن الخبر الموافق قطعيا من حيث الصدور فبطريق الاولى يقدم المرجح الجهتى على الصدورى.

الثالث : ان الامام عليه‌السلام نص على طرح الخبر الموافق للعامة وحكم بتقديم الخبر المخالف للعامة هذا بيان للاشكالات الحلية على الشيخ عن بعض تلاميذه.

قوله والعجب كل العجب انه رحمه‌الله لم يكتف بما اورده من النقض الخ.

اى هذا بيان للاشكالات الحلية فيقول المصنف والعجب كل العجب من ان بعض تلاميذ الشيخ لم يكتف بالاشكال النقضي بل اورد عليه بالاشكال الحلى واستدل على ثلاثة اقسام : الاول ما اشار اليه بقوله حتى ادعى استحالة تقديم الترجيح بغير هذا المرجح على الترجيح به الخ.

اى ادعى بعض تلاميذ الشيخ استحالة تقديم المرجح الصدورى على المرجح الجهتى لان الصدورى كان موافقا للعامة فيمتنع التعبد به فلا وجه لتقديمه على المرجح الجهتى هذا عبارة عن الاستدلال الاول الاستدلال الثانى ما اشار اليه المصنف بقوله بداهة كما انه لا يعقل التعبد بالقطعى الصدور الموافق الخ اى ان الشيخ يقدم المرجح الجهتى على الصدورى اذا كان قطعيين من حيث الصدور واما اذا كان الخبر الموافق للعامة ظنى الصدور فتقديم الخبر المخالف عليه ثبت بطريق الاولى والاستدلال الثالث ما اشار اليه بقوله ثم قال فاحتمال تقديم المرجحات السندية على الخبر المخالف للعامة الخ.

اى ثم قال بعض تلاميذ الشيخ ان تقديم المرجح السندى على المخالف العامة هو من العجائب والغرائب لان الامام (ع) نص فى طرح الخبر الموافق للعامة مثلا اذا تعارض الخبران وكان احدهما موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم قدم الخبر المخالف على الموافق فبين الى هنا الاشكالات التى اوردها بعض تلاميذ الشيخ عليه.

قوله وانت خبير بوضوح فساد برهانه الخ.

هذا جواب عن برهان بعض تلاميذه اى برهن بتقديم المرجح الجهتى على الصدورى بامتناع التعبد بصدور الموافق مثلا اذا كان احد الخبرين موافقا للعامة امتنع التعبد بصدوره لان هذا الخبر يدور امره بين عدم الصدور وصدوره تقية هذا برهان لتقديم المرجح الجهتى على الصدورى.

ورد هذا البرهان بقوله وانت خبير الخ اى القضية اما متصلة واما منفصلة واما بعض التلاميذ فبرهن على قضية المنفصلة اعنى الخبر الموافق يدور امره بين عدم صدوره من اصله وبين صدوره تقية فلم يؤت تمام اطراف القياس المنفصل.

ولا يخفى ان القياس المنفصل لا ينتج الا باتيان جميع الاطراف فلا بد ان يقال فى هذا المورد ان الخبر الموافق يدور امره بين عدم صدوره من اصله وبين صدوره تقية وبين صدوره لبيان الحكم الواقعى فيشمل دليل الحجية هذا الخبر الموافق فلم يذكر بعض التلاميذ الطرف الثالث من القضية المنفصلة والمراد منه ان الخبر الموافق يحتمل ان يكون لبيان الحكم الواقعى فيصح التعبد به فلا يجوز تقديم الخبر المخالف عليه لاحتمال عدم صدور هذا الخبر المخالف المعارض للخبر الموافق.

واعلم ان القياس المنفصل فى الخبر الموافق يدور بين الامرين اذا كان الخبر المخالف قطعيا صدورا وجهة ودلالة واما فيما نحن فيه فلم يكن الخبر المخالف قطعيا من حيث الامور المذكورة فيه فيدور الامر فى الخبر الموافق بين عدم صدوره اصلا وبين صدوره تقية وبين صدوره لبيان الحكم الواقعى فلا يصح تقديم الخبر المخالف على الموافق اذا دار القياس المنفصل فى الخبر الموافق بين الاشياء الثلاثة.

قوله ثم ان هذا كله انما هو بملاحظة ان هذا المرجح مرجح من حيث الجهة الخ.

واعلم ان مخالفة العامة تحتمل وجوها : الاول ان يكون الترجيح بها تعبديا.

الثانى ان يكون ذلك لصرف حسن مخالفتهم لكون الرشد فى خلافهم قال الشيخ فى الرسائل ان العامة ايضا تقول ان الرشد فى مخالفة الشيعة قال ابو حنيفة انى اتيت الصلاة على عكس المذهب الجعفرى ولكن لم افهم ان المذهب الجعفرى هل هو فتح العينين فى حال السجدة او غمضهما فى هذا الحال فامر ابو حنيفة بان يفتح احدى العينين ويغمض اخرى ولا نزاع فى هذين الوجهين فى تقديم المرجح الجهتى على غيره : الثالث ان يكون الوجه غلبة الحق فى مخالفهم اى يكون الحق فى الاغلب على خلاف العامة فيصير حينئذ المرجح الجهتى من المرجحات المضمونية ولا نزاع ايضا فى تقديمه على المرجح الصدورى.

الرابع يحتمل ان يكون الخبر المظنون الصدور للتقية فمحل النزاع انما يكون هذا الوجه الرابع لاحتمال صدور هذا الخبر تقية فيسأل اولا عن التقية اى ما هى الجواب المراد منها الكذب المجوز قال الشيخ فى المكاسب ان الكذب لا يجوز الا فى مورد التقية وكذا يجوز لدفع الضرر.

ولا يخفى ان التقية تجوز عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وكذا تجوز عن الائمة (ع) اى يجوز لهم (ع) الكذب فى حال التقية والضروريات وتبيح المحذورات فيها فيبحث عن الكذب المجوز هل يجوز الكذب للامام (ع) لدفع الضرر مع امكان التورية ام لا يجوز مع امكانها.

فان قلت لا دخالة لنا فى جواز تورية وعدم جوازها للامام (ع) بعبارة شيخنا الاستاد اگر كسى بگويد من چه كار دارم كه تورية براى امام (ع) جايز باشد ويا جايز نباشد.

فيقال فى الجواب ان جاز الكذب مع التورية له (ع) فيصير خبره (ع) اذا كان موافقا للعامة مجملا اى يحتمل ان يكون صدوره لبيان الحكم الواقعى ويحتمل ان يكون تقية الآن تذكر الامثلة لتوضيح التقية مثلا يسأل عن الامام كم آية تقرأ فى صلاة الزوال فقال (ع) فى الجواب تقرأ فيها ثمانون آية فاراد (ع) نافلة الزوال اى هذه النافلة ثمان ركعات فتقرأ فى كل ركعة عشر آيات مثلا تقرأ فى كل ركعة سورة الفاتحة وسورة النصر.

فثبت ان جوابه (ع) كان من باب التقية وكذا قوله (ع) ان صلاة الليل واجبة اى واجبة هذه الصلاة على النبى وكذا تجوز التقية على الفعل مثلا اتيت بالتكفير مع عدم وصل اليد الى اليد الاخرى ولا يخفى ان التقية والتورية بمعنى والمراد منها ارادة المعنى البعيد من اللفظ مثلا سئل عن الامام (ع) عن المتعة قال عليه‌السلام فى الجواب لا تجوز فهذا الجواب حمل على التورية اى لا تجوز من دون اذن ولى المرأة او من دون اذنها.

فيرجع الى محل البحث فى الوجه الرابع اى يحتمل ان يكون صدور الخبر الموافق تقية فيصير مجملا فلا يصح ترجيح هذا الخبر على الخبر المخالف.

الحاصل ان الشيخ قائل بالترتب فيقول ان المرجح الصدورى يقدم على الجهتى واما تلميذه فيقول ان المرجح الجهتى يقدم على الصدورى وقد ذكر ان الخبر المخالف يتصور على اربعة اوجه والنزاع انما يكون فى الوجه الرابع اى يحتمل فى الموافق التورية فيصير مجمل فيقدم الخبر المخالف عليه.

قوله اللهم الا ان يقال ان باب احتمال التورية وان كان مفتوحا الخ.

اى سلمنا احتمال التورية فى الخبر الموافق ولكن هذا الاحتمال بعيد من ذهن اكثر الناس بعبارة شيخنا الاستاد ان فهم التورية يقتضى الشخص الذكى فاذا صار احتمال التورية بعيدا فى الخبر الموافق فلم يكن الخبر المخالف اظهر منه حتى يقدم عليه فعاد النزاع المذكور اى فهل يقدم المرجح الصدورى ام الجهتى.

فقال الشيخ انه يقدم المرجح الصدورى وقال الوحيد البهبهانى انه يقدم المرجح الجهتى واما المصنف فيقول بالتخيير بين المتعارضين اى ان المصنف لم يكن قائلا بالتقديم فى مقام التعارض ولا يخفى ان المصنف ذكر المباحث المذكورة من باب الفرض والتقدير.

فائدة قد ذكر هنا لفظة التعبد فيبين فرق التعبد والتعبدى والمراد من التعبد هو تعبد الصرف اى يقول الشارع لنا يجب العمل بهذا الخبر ولم يبين علته وحكمته واما التعبدى فهو انما يكون فى مقابل التوصلى وقد ذكر فى محله ان فى الشريعة المقدسة واجبات لا تصح ولا تسقط اوامرها الا باتيانها قربية الى وجه الله تعالى فتسمى هذه الواجبات تعبدية ولا يخفى ان التعبد بدون الياء يكون بمعنى تعبد الصرف واما التعبدى فى مقابل التوصلى فهو ما يكون مع الياء النسبي.

قوله فصل موافقة الخبر لما يوجب الظن بمضمونه ولو نوعا من المرجحات فى الجملة الخ.

اذا تعارض الخبران فهل يرجح احدهما بالمرجح الخارجى وقد ذكر صاحب المعالم هذا البحث فى باب المرجحات فى أخر المعالم بقوله ومنها الترجيح بالامور الخارجية : الاول اعتضاد احدهما بدليل آخر.

الثانى عمل اكثر السلف باحدهما فيرجح على الآخر.

الثالث مخالفة احدهما للاصل وموافقة آخر له فيعبر عن الخبر المخالف للاصل بالناقل اى يستفاد منه ما لم يعلم ويعبر عن الخبر الموافق بالمقرر اى كان الحكم معلوما بالعقل فكان هذا الخبر لتقرير الحكم المعلوم فيرجح الخبر المخالف للاصل عند العلامة واكثر العامة.

الرابع ان يكون احدهما موافقا لاهل الخلاف والآخر مخالفا فيقدم المخالف لاحتمال التقية فى الموافق قد مر البحث فيه مفصلا فذكر اقسام المرجحات الخارجية على قول صاحب المعالم واما المراد من المرجح الخارجى فى مقام البحث فهو ايضا على اقسام :

الاول اذا كانت الامارة تحت الاصل الاولى فهل كانت هذه الامارة صالحة للمرجحية مثل الشهرة باقية تحت الاصل الاولى اى عدم حجية الظن فهل تصلح للمرجحية فيقال ان كان المرجح الخارجى من هذا القسم فيصلح للمرجحية اى اذا لم يكن عدم حجية الشيء بالادلة الخاصة فهو صالح للمرجحية ولو كان باقيا تحت الاصل الاولى اعنى لا يضر فى حجية الشيء بقائه تحت اصل عدم حجية الظن.

الثانى من المرجح الخارجى ما كان عدم حجيته بالادلة الخاصة

كالقياس اى قام الدليل الخاص على عدم حجيته مع دخوله تحت الاصل الاولى فلا يصلح مثل هذا المرجح الخارجى للمرجحية.

الثالث اذا كان الشيء حجة فى نفسه فهل يكون مرجحا لغيره.

الرابع مخالفة احد الخبرين للاصل وموافقة الآخر له فيرجح المخالف اى يرجح الخبر الناقل هذا بيان للاقسام المرجحات الخارجية.

فيرجع الى القسم الاول اى الشيء الذى هو داخل تحت الاصل الاولى ولكن لم يقم الدليل الخاص على حجيته فهذا القسم يصلح ان يكون مرجحا على قول الشيخ مثلا الشهرة صالحة للمرجحية على قوله اى الشيخ قائل بالتعدى الى المرجحات الغير المنصوصة فيقول ان الشهرة صالحة للمرجحية فيصير الخبر الذى كان له المرجح الخارجى اقوى من الخبر الذى ليس له المرجح الخارجى اى يصير هذا المرجح موجبا للاقوائية ورد المصنف هذا الاستدلال.

بقوله : ان التعدى محل نظر بل منع الخ.

أى يقول لا يصح عندى التعدى الى المرجحات الغير المنصوصة. اى لو كان التعدى صحيحا لبيّنه الامام (ع) بعبارة شيخنا الاستاد ان بيان المرجحات انما كان بيد الامام (ع) ولو كان مرجح آخر غير المرجحات المنصوصة لقال عليه‌السلام ان الفلان والفلان من المرجحات أيضا واما اذا لم يقل (ع) ان هذا من المرجحات فعلم ان الشيء الخارجى لم يكن من المرجحات وايضا لا يصير الدليل اقوى بالمرجح الخارجى مثلا اذا طابق احد الخبرين مع الشهرة فلا يصير هذا الخبر اقوى لاجل الشهرة لان اقوى الدليلين انما كان فى المورد الذى كان الشيء اقوى من غيره بنفسه والا كان كالحجر فى جنب الانسان اى اذا لم يكن الشيء اقوى فى نفسه

فلا فائدة فى ضميمة الشيء الخارجى معه فيقول المصنف ان اقوائية الشيء انما كان فى نفسه ولا تعطى المزية للشيء بالشىء الخارجى.

واما الشيخ فيقول ان الشيء الخارجى يصير سببا لايجاد المرتبة فى شىء آخر مثلا يصير الخبر مطابقا للواقع بتوسط الشهرة أى وجدت المرتبة فى نفس الخبر لاجل الشهرة ولكن المصنف لم يقبل هذا اى يقول ان الشيء الخارجى كالحجر فى جنب الانسان.

قوله : مطابقة احد الخبرين لها لا يكون لازمه الظن بوجود الخلل فى الآخر الخ.

هذا جواب عن السؤال حاصله ان الخبر الموافق للامارة الخارجية خالية عن الظن بالخلل اما الخبر المخالف للامارة الخارجية فيوجد فيه الظن بالخلل وبعبارة اخرى ان الملازمة ثابتة بين موافقة احد الخبرين للامارة الخارجية وبين الظن بوجود الخلل فى الخبر المخالف للامارة الخارجية من حيث الصدور او من حيث الجهة فيصير الخبر الموافق للامارة الخارجية اقوى من غيره ويقدم عليه.

والجواب اى جواب السؤال المذكور انه ليست الملازمة بين مطابقة احد الخبرين للامارة الخارجية وبين الظن بوجود الخلل فى الخبر المخالف للامارة الخارجية وجه عدم الملازمة ان الخبر الموافق قد اجتمع مع الخبر المخالف الذى هو قطعى الصدور اى حصل القطع بوجود جميع ما اعتبر فى حجية هذا الخبر اى نقطع ان الخبر المخالف للامارة الخارجية مطابق الواقع فلا يمكن الظن بوجود الخلل فى هذا الخبر مقطوع الصدور هذا كما اذا

حصل القطع فيه بوجود شرايط الحجية فلا يحصل بعد هذا القطع الظن بخلاف هذا المقطوع.

وهنا كلام آخر لترجيح الخبر الموافق وهو ان الشيخ يقول ان الخبر اذا كان موافقا للامارة الخارجية مثلا كان الخبر موافقا للشهرة حصل الظن بصدق هذا الخبر فى الواقع فيصير اقوى من غيره.

والجواب انه لا مدخلية للصدق الواقعى فى حجية الخبر وكذا لا مدخلية للكذب الواقعى فى عدم حجيته.

الحاصل ان الشيخ اراد ان يثبت الاقوائية للخبر الموافق للامارة الخارجية واستدل على اثبات الاقوائية للخبر الموافق قال المصنف ان الامارة الخارجية لم تكن موجبة للاقوائية قد ذكر كلام الشيخ والمصنف «قدس‌سرهما» مفصلا.

قوله : واما ما ليس بمعتبر بالخصوص لاجل الدليل على عدم اعتباره الخ.

هنا البحث فى القسم الثانى من المرجحات الخارجية وقد ذكر القسم الاول منها اى اذا كان احد الخبرين موافقا للشهرة فهل كانت موجبة للاقوائية هذا الخبر ام لا وقد ذكر ان الشهرة داخلة تحت القاعدة الاولية ولكن لم تقم الادلة الخاصة على عدم حجيتها.

الآن يبحث عن القسم الثانى اى اذا كان احد الخبرين موافقا للقياس فان هذا القسم داخل تحت الاصل الاولى وايضا قام الدليل الخاص على عدم حجيته اى قام الدليل الخاص على عدم حجية القياس فلم يكن موجبا لاقوائية الخبر وان قلنا ان الشهرة

موجبة للاقوائية اى هذا لا ينفع فى حال القياس لورود المنع فى العمل بالقياس.

ان قلت ان النهى عن العمل بالقياس انما ورد فى المسألة الفرعية ونحن نبحث عن المسائل الاصولية فلا ضرر فى العمل بالقياس فى المسألة الاصولية فيجوز ان يكون القياس موجبا للاقوائية فى هذه المسألة.

قلت : ان الترجيح احد الخبرين بالقياس فى المسألة الاصولية خطره أكثر من ترجيحه به فى المسألة الفرعية لان ترجيح احد الخبرين بالقياس فى المسألة الفرعية موجب للفساد فى هذه المسألة الواحدة واما الترجيح بالقياس فى المسألة الاصولية فان كان هذا القياس خطاء فهو مستلزم للمفسدة الكثيرة بعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية اگر در يك مسئله اصوليه عمل بقاس شود وآن قاس خطاء باشد هزاران سر بريده مى شود.

قوله وتوهم ان حال القياس هاهنا ليس فى تحقق الاقوائية به الخ.

قد ذكر انه وان قلنا ان احد الخبرين يرجح بالقسم الاول من المرجحات الخارجية اى الشهرة لكن لا نقبل هذا الترجيح فى القسم الثانى منها اعنى لا نقبل ترجيح احد الخبرين بالقياس لقيام الدليل الخاص على المنع عن حجيته فيتعارض بين النهى عن القياس وبين الدليل الذى يدل على التعدى الى المرجحات غير المنصوصة فيقدم النهى عن القياس على دليل التعدى فلا يجوز الترجيح بالقياس.

فقال المتوهم انا سلمنا عدم جواز القياس فى الاحكام ولكن

يجوز فى الموضوعات مثلا اذا اشترى شخص من الدكان شيئا فهو يشترى منه شيئا فى الزمان الثانى ايضا : فكان هذا الاشتراء لاجل القياس فى الزمان الاول فيقول المتوهم ان مورد بحثنا هو القياس فى الموضوع فلا اشكال فيه مثلا ثبت اصل حجية الخبر بالدليل واما القياس فيجيء لتنقيح الموضوع اى يسوى الاقوائية بالقياس واما حجية الخبر الموافق للقياس فثبت قبلا.

وقد ذكر فى الاصول مبحث الاستحسانات والمراد منها الادلة التى تقتضى ترجيح القياس مثلا يقال ان الاشياء غير متناهية فمحال ان يدخل غير المتناهى فى المتناهى اى الاشياء التى جاء الدليل لها هى غير متناهية واما الادلة فهى متناهية وهذا محال للزوم دخول غير المتناهى فى المتناهى فلا بد من العمل بالقياس لدفع هذا المحال ولا يخفى ان هذا قول العامة فلا يجوز القياس فى الاحكام عندنا.

واما القياس فى الموضوعات فيصح عندنا فى الموضوعات الصرفة اى لم يكن مدخل لهذه الموضوعات فى المسألة الدينية ولكن القياس فى مقام البحث لم يكن من الموضوعات الصرفة بل له مدخل فى المسألة الاصولية وان سلمنا القياس فى الموضوعات ولكن يرجع هذا القياس فى هذا المورد الى المسألة الاصولية مثلا يصير احد الخبرين بتوسط القياس حجة وقد ذكر ان خطر القياس فى المسألة الاصولية اكثر منه فى المسألة الفرعية.

فائدة القياس على ثلاثة اقسام : الاول القياس فى اللغة وهو لا يصح عند كل من العامة والخاصة الثانى : القياس فى الاحكام وهو يصح عند العامة دون الامامية. الثالث القياس فى الموضوعات

وهو يصح عند العامة والخاصة مثلا اذا حصل الظن بالقياس فى موضوع فهو صحيح.

وقد سبق نظير هذا فى دليل الانسداد اى يقول القائلون بالانسداد ان الظن فى زمانه كالقطع فالقطع حجة مطلقا حتى يحصل من القياس فيسأل عن الانسدادى لم : لم يجعل الظن الحاصل من القياس حجة عندكم فيقال فى الجواب ان مرادنا من الظن الذى صار كالقطع فى زمان الانسداد هو الظن فى الموضوعات لا الاحكام فنقول فى هذا المورد ايضا : ان حصل الظن فى الموضوعات من القياس فلا اشكال فى حجية هذا الظن.

قوله واما اذا اعتضد بما كان دليلا مستقلا فى نفسه كالكتاب والسنة القطعية الخ.

كان الكلام فى الخبرين المتعارضين وقد ذكر انه اذا كان احدهما موافقا للامارة الخارجية فهى تتصور على اربعة اقسام :

الاول منها ما لم يقم الدليل الخاص على عدم حجيته وان كان داخلا تحت القاعدة الاولية مثلا اذا كان احد الخبرين موافقا للشهرة فهى صالحة للمرجحية.

الثانى منها ما قام الدليل الخاص على عدم حجيته مثلا اذا كان احد الخبرين موافقا للقياس فالدليل الخاص قام على عدم حجيته فلا يصلح للمرجحية لان الدليل يمنع عن حجية القياس.

الثالث اى القسم الثالث من المرجحات الخارجية وهو ما كان دليل مستقلا كالكتاب والسنة القطعية مثلا اذا كان احد الخبرين موافقا للكتاب او السنة المتواترة اى اذا اعتضد احد الخبرين بهما.

ولا يخفى ان المصنف غيّر العنوان فى هذا القسم الثالث وقد عنون القسم الاول والثانى بعنوان طابق ووافق اى قال فصل موافقة الخبر لما يوجب الظن بمضمونه وكذا قال ومطابقة احد الخبرين للامارة فيقول فى القسم الثالث واما اذا اعتضد احد الخبرين بما كان دليلا مستقلا.

واما وجه تغيير العنوان فان القسم الاول والثانى اى الشهرة والقياس لم يكونا دليلا مستقلا لان دليل الحجية لم يشملهما فلم يكونا حجة حتى يكونا معاضدا واما الكتاب والسنة فهما دليل مستقل ويشملهما دليل الحجية فيطلق عليهما المعاضد فاذا كان احد الخبرين موافقا للكتاب او السنة المتواترة فهل يرجح هذا بهما ام لا فيقال ان هذا يتصور على ثلاثة اقسام :

الاول ان يكون من نسب الاربع بين الخبر المخالف والكتاب التباين فهو خارج عن محل البحث لعدم حجية الخبر المخالف للكتاب وقال الشيخ فى الرسائل والاخبار الواردة فى طرح الاخبار المخالفة للكتاب والسنة متواترة كثيرة اى قال ابو جعفر عليه‌السلام ما جاءكم عنا حديث فان وجدتموه موافقا للقرآن فخذوه وان لم تجدوه موافقا فردوه وقال الصادق عليه‌السلام كل شيء مردود الى كتاب الله والسنة وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف اى كلام باطل.

وذكر الشيخ مثالا للخبر المخالف نحو يجب اكرام زيد العالم ويقول الخبر الآخر يحرم اكرام زيد العالم ويقول الكتاب يجب اكرام زيد العالم فلو لم يكن الخبر الموافق فى الفرض المذكور لكان الكتاب كافيا فى وجوب اكرام زيد العالم فليس المثال

المزبور من باب اعتضاد الخبر الموافق بالكتاب بل كان ما ذكر من باب طرح الخبر المخالف اى كان هذا الخبر المخالف للكتاب زخرفا.

الثانى ان يكون من النسب الاربع بين الخبر والكتاب العموم والخصوص مطلقا مثلا كتاب يقول اكرم العلماء وكذا الخبر الموافق واما الخبر المخالف فيقول يحرم اكرام زيد العالم فيقال فى هذا القسم ان لم يكن المعارض للخبر المخالف فيخصص هذا الخبر المخالف عموم الكتاب قد سبق فى مباحث الالفاظ ان لم يكن الخبر مخصصا لعموم الكتاب فيشكل الامر.

واما فى هذا المورد فلم يكن الخبر المخالف مخصصا للكتاب لوجود المعارض اى الخبر الموافق للكتاب فهو معارض للخبر المخالف له فيدور الامر بين ان يرجح الخبر الموافق بالكتاب وبين ان يكون الخبر المخالف مخصصا للكتاب تعيينا او تخييرا اى يجوز تخصيص الكتاب بهذا الخبر المخالف فى صورة وجود المرجح لهذا الخبر مثلا اذا وجد الخبران اللّذان كان احدهما موافقا للكتاب والآخر مخالفا له فان وجد للخبر المخالف مرجح فهو مخصص للكتاب تعيينا.

واما اذا وجد المرجح لكل من الخبر الموافق والمخالف فالخبر المخالف مخصص للكتاب تخييرا اى يساوى الخبر المخالف مع الكتاب فى هذا المورد فالحكم بين المتساويين هو التخيير اعنى كان المكلف مخيرا بين تقديم الخبر المخالف وبين تقديم الكتاب.

ويحتمل ان يرجح الخبر الموافق فى صورة تعارض بينه وبين الخبر المخالف ولكن اشار صاحب الكفاية الى عدم كون

هذا المورد من باب الترجيح بقوله الا ان الاخبار الدالة على اخذ الموافق من المتعارضين غير قاصرة عن العموم لهذه الصورة فيقال ان الاخبار العلاجية انما تكون فى مقام تمييز الحجة عن اللاحجة مثلا قال الصادق (ع) وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف وكذا الاخبار الواردة فى طرح الاخبار المخالفة للكتاب فان هذه الاخبار كانت فى مقام بيان الحجة عن لا الحجة اى تدل هذه الاخبار على عدم حجية الخبر المخالف للكتاب من اصله فلا تكون هذه الاخبار فى بيان ترجيح احد الخبرين المتعارضين.

ولا يخفى ان مورد الترجيح انما يكون بعد حجية الخبرين المتعارضين فيقول صاحب الكفاية فانهما تفرغان عن لسان واحد وبعبارة شيخنا الاستاد فانهما يشربان اللبن من ضرع واحد اى مقام تعارض الخبرين فى صورة مخالفة احدهما للكتاب ومقام تعيين الحجة عن اللاحجة يشربان الماء من عين واحد.

قال المصنف فلا وجه لحمل المخالفة فى احدهما على خلاف المخالفة الاخرى.

اى اذا شرب هذان المورد ان اللبن من ضرع واحد فلا وجه لحمل المخالفة فى احدهما الخ. اى فلا وجه بان يحمل الخبر المخالف للكتاب على عدم الحجية فى باب تعيين الحجة عن اللاحجة واما فى باب تعارض الخبرين فيحمل الخبر المخالف للكتاب على المرجوحية فلعدم الفرق فى البابين يحمل الخبر المخالف فى باب تعيين الحجية على عدم الحجية وكذا يحمل الخبر المخالف للكتاب على عدم حجية من اصله فى باب تعارض الخبرين.

الحاصل ان باب تعارض الخبرين فى صورة موافقة احدهما

للكتاب وباب تعيين الحجة عن اللاحجة يشربان اللبن من ضرع واحد اى الاخبار العلاجية تدل على عدم حجية الخبر المخالف للكتاب من اصله فتشمل هذه الاخبار مورد تعارض الخبرين ومورد تعيين الحجة عن اللاحجة فتقول الاخبار العلاجية ان الخبر المخالف للكتاب لم يكن حجة من اصله.

وبعبارة شيخنا الاستاد بالفارسية اخبار علاجية مى گويد بايد خبر مخالف كتاب انداخته شود اى از اول اين خبر حجة نيست. فلم يكن ما ذكر موردا للترجيح لان مورده انما يكون بعد حجية الخبرين المتعارضين واما الخبر المخالف للكتاب لم يكن حجة من اصله قد كرر هذا المبحث تبعا لشيخنا الاستاد.

قوله : اللهم الا ان يقال نعم الا ان دعوى اختصاص هذه الطائفة الخ.

قد ذكر آنفا ان الاخبار العلاجية تشمل الموارد الثلاثة اى سواء كان بين الكتاب والخبر المخالف المبائنة الكلية ام العموم والخصوص مطلقا ام من وجه فتدل الاخبار المذكورة على عدم حجية الخبر المخالف فى جميع الموارد المذكورة.

واما بعد ما ذكر فيقول اللهم الا ان يقال اى يقول ان الاخبار العلاجية لا تشمل المورد الذى كان بين الكتاب والخبر المخالف العموم والخصوص مطلقا فيشمل دليل الحجية هذا الخبر ولكن يرجح الخبر الموافق على المخالف فتختص الاخبار العلاجية بما اذا كانت المخالفة بالمباينة اى تختص الاخبار المذكورة فى المورد الذى وجد التباين بين الكتاب والخبر المخالف.

واما الخبر المخالف الغير المباين فيقطع بصدوره كثيرا ولكن يرجح الخبر الموافق عليه فتقول الاخبار المذكورة ما خالف قول ربنا لم اقله او زخرف او باطل واما الخبر المخالف الغير المباين فلا يصدق عليه ما خالف ربنا ولا يخفى ان مثل هذا الخبر آب عن التخصيص اى لا يصح ان يقال ان الخبر الغير المباين وان لم يكن ما خالف قولنا فهو زخرف او باطل ايضا.

ولا يخفى ان قوله غير بعيدة خبر لقوله ان دعوى اختصاص هذا الطائفة.

واعلم ان مورد استعمال اللهم انما يكون فى المورد الذى قبل فيه شخص شيئا واما بعد هذا فاستعان عن الله تعالى فى اثبات مقصوده مثلا قال المصنف هنا ان الاخبار العلاجية تشمل المورد الذى كان فيه بين الكتاب والخبر المخالف العموم والخصوص مطلقا.

واما بعد هذا فيقول اللهم الا ان يقال الخ اى لا تشمل الاخبار العلاجية المورد المذكور بل يصح ان يرجح الخبر الموافق على المخالف واما اذا كان بين الكتاب والخبر المخالف العموم والخصوص من وجه فالظاهر ان هذه الصورة كالصورة الاولى اى يثبت التباين الجزئى بين الكتاب والخبر المخالف فلم يكن هذا الخبر حجة اى يصدق على الخبر المخالف فى هذه الصورة ما خالف قول ربنا.

قوله : واما الترجيح بمثل الاستصحاب كما وقع فى كلام غير واحد من الاصحاب الخ.

اى اذا كان احد الخبرين المتعارضين موافقا للاصل فهل يرجح بتوسط هذا لاصل ام لا والمراد من الاصل فى هذا المورد

هو الاستصحاب فيقول المصنف ان الاستصحاب انما يعتبر تعبدا من باب الاخبار فهو وظيفة للشاك فلا وجه لترجيح الخبر الموافق به لان الاصول انما تقع فى المرتبة الثالثة فتكون رتبة مؤخرة عن الامارات فلا يقع الشيء المؤخر مرجحا لما هو مقدم.

الحاصل ان الاستصحاب وقع فى المرتبة الثالثة واما دليل حجية الاستصحاب اى لا تنقض اليقين بالشك فوقع فى المرتبة الثانية لان هذا الدليل من الامارات وهى تقع فى المرتبة الثانية.

فان قلت ما الفرق بين الخبر الذى يقول ان هذا واجب او احرام وبين الخبر الذى يقول لا تنقض اليقين بالشك اى يدل هذا الخبر على حجية الاستصحاب فيكون هذا الخبر فى المرتبة الثانية فيصح ان يكون الاستصحاب مرجحا للخبر الموافق له.

والجواب ان الاخبار التى وقعت فى المرتبة الثانية تسوى الحكم اى درست مى كند اين اخبار نفس حكم را كه مثل وجوب وحرمة باشد. واما نحو لا تنقض اليقين بالشك انما يسوى الاصل الكلى اى يقول الاستصحاب حجة ولا يقول فلان شيء واجب او حرام اى سلمنا وقوع هذا الخبر اى لا تنقض اليقين فى المرتبة الثانية واما الاصل الكلى اى الاستصحاب فهو واقع فى المرتبة الثالثة فلا يسوى هذا الدليل الحكم بل يسويه القاعدة الكلية وهذه القاعدة فى المرتبة الثالثة فلا فائدة لها بكون دليلها فى المرتبة الثانية.

وقال المصنف فى المجلد الاول من هذا الكتاب حين الشروع فيه وبعد فقد رتبت على مقدمة والمقاصد الثمانية والخاتمة وهذا آخر بحث المقاصد المذكورة ويليه البحث فى الخاتمة إن شاء الله الحمد لله رب العالمين.

بسم الله الرحمن الرحيم

«واما الخاتمة فهى فيما يتعلق بالاجتهاد والتقليد»

قوله فصل الاجتهاد لغة تحمل المشقة الخ.

اى هذه الخاتمة فى بيان الاجتهاد والتقليد اى فى بيان تعريفهما ولم يكن هذا البحث فى الرسائل ولكن كتب فى تقريراته من بعض تلاميذه ويسمى البحث المذكور الخاتمة لعدم كونه من المباحث الاصولية بل كان هذا البحث من المباحث الفرعية ولا يخفى ان نفس الاجتهاد لم يكن موضوع الحكم بل موضوعه انما هو الفقيه والعارف فالبحث من الاجتهاد هو البحث من العارف اى الاجتهاد فى الاصطلاح موافق العارف واما الاجتهاد لغة تحمل المشقة اى الاجتهاد من الجهد بالضم والفتح بمعنى المشقة كما عن بعض اهل الفقه واما بناء على كونه بالضم الطاقة وبالفتح بمعنى المشقة كما عن بعض آخر فيتردد الاجتهاد بين كونه بمعنى صرف الطاقة وبين كونه تحمل المشقة «مشكينى قده».

واما الاجتهاد اصطلاحا كما عن الحاجبى والعلامة فهو استفراغ الوسع فى تحصيل الظن بالحكم الشرعي اى ينتهى الفقيه طاقته فى تحصيل الحكم الشرعي والتعريف الآخر للاجتهاد

اصطلاحا هو ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي الفرعى فهل يشترط ان يكون هذا التعريف مطردا ومنعكسا والمراد من الاطراد ان المعرف بالكسر لا يشمل الا افراد المعرف بالفتح اى يمنع المعرف عن دخول الغير والمراد من الانعكاس هو ان يشمل المعرف جميع افراد المعرف «بالفتح».

وبعبارة اخرى ان المراد من كون المعرف مطردا ومنعكسا هو ان يكون المعرف (بالكسر) مساويا للمعرف (بالفتح) فى الصدق ولكن المعرف هو الاجلى فى نظر العقل فاجاب المصنف بقوله ولا يخفى ان اختلاف عباراتهم فى بيان معناه اصطلاحا الخ.

اى ولا يخفى ان اختلاف بين المعرف والمعرف فى هذا التعريف لم يكن موجبا للاختلاف فى حقيقة الاجتهاد لان هذا التعريف لم يكن تعريفا حقيقيا بل كان هذا المقام تعريفا لفظيا فلم يشترط فى هذا التعريف ان يكون المعرف (بالكسر) مساويا للمعرف بالفتح فدفع اشكال عدم الاطراد والانعكاس فان كان المراد تعريفا حقيقيا فيرد الاشكال فى كل من التعريفين المذكورين.

واما الاشكال فى تعريف العلامة «قدس‌سره» فانه لم يكن مطردا لدخول الظن الغير المعتبر فى هذا التعريف اى يشمل هذا التعريف كل قسمين من الظن مع ان تحصيل الظن الغير المعتبر لم يكن اجتهادا وكذا يشمل هذا التعريف اصول العقائد مع انها انما تجب عقلا ولا يكفى فيها تحصيل الظن.

وايضا لم يكن هذا التعريف منعكسا اى لم يكن جامعا لخروج القطع بالحكم الشرعي مع أنّه من الاجتهاد وكذا يخرج من هذا

التعريف الظن الغير الفعلى واما الاشكال فى التعريف الثانى اى عرف الاجتهاد بالملكة التى يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي الفرعى من الاصل فيشمل هذا التعريف الملكة التى تحصل من الاصل غير المعتبر مع ان هذه الملكة ليست اجتهادا.

ويقال فى الجواب ان كان التعريف بالحد او الرسم فيشترط ان يكون جامع الافراد ومانع الاغيار وقد ذكر فى المنطق ان التعريف اما ان يكون بالحد واما ان يكون بالرسم وان كان المراد هذا القسم من التعريف فلا بد ان يكون جامعا ومانعا ولكن المراد من التعريف هنا هو التعريف اللفظى اى المراد تفسير مدلول اللفظ فيمكن فى هذا القسم من التعريف ان يكون المعرف (بالكسر) اعم من المعرف (بالفتح) او اخص منه فالمراد هو التعريف اللغوى كسعدانة نبت والحيوان فرس.

فيذكر هنا ما قرره شيخنا الاستاد فى هذا المقام وهو انه ليس لنا التعريف الحقيقي لان هذا التعريف انما يكون بالذاتى والذاتيات وهما مخفية لنا وان قيل فى المنطق ان الناطق ذاتى والماشى عرضى ولكن ليس الفرق بينهما.

وقد ذكر فى باب المشتق انا لا نعرف الذاتى حتى نعرف الشيء بذاتياته واما : ما يقال ان الناطق ذاتى فهو انما يكون باعتبار المعتبر اى كان هذا الاعتبار للتمرين ولا يخفى ان ما ذكر فى الفقه فى تعريف البيع والاجارة ونحوهما هو تعريف لفظى فلا مورد للبحث عن الاطراد والانعكاس فى هذا التعريف.

وايضا قال سيد شريف (قده) ان فهم حقيقة الاشياء مشكل اى

قال ان الاشياء على قسمين اى اما تكون مخلوقة لله تعالى واما تكون مخلوقة لنا فما يكون مخلوقة له تعالى فمعرفته مشكل واما الموضوعات التى كانت مخلوقة لنا فمعرفتها سهل وما يقال انه لا يعلم حقيقة الاشياء الاعلام الغيوب فهو مختص بمجعولاته تعالى.

قوله فافهم هذا اشارة الى التفصيل الذى ذكر فى كلام سيد شريف اى الموضوعات التى كانت عن جانب علام الغيوب سلمنا ان درك حقيقتها مشكل واما الشيء الذى كان مجعولا لنا فيمكن ان نعرفه بالحد والرسم.

قوله وكيف كان فالاولى تبديل الظن بالحكم بالحجة عليه الخ.

اى كيف كان تعريف الاجتهاد فالاولى تبديل كلمة الظن بكلمة الحجة اى يقال ان الاجتهاد هو استفراغ الوسع فى تحصيل الحجة بالحكم الشرعي وجه الاولوية ان الاخباريين لم يقبلوا تحصيل الظن بالاحكام فيقولون ان كان المراد من الاجتهاد تحصيل الظن بالحكم الشرعي فلا فائدة فيه.

واما ان قلنا ان الاجتهاد هو استفراغ وسع فى تحصيل الحجة فلم يكن لهم الإباء والامتناع فى الاجتهاد بالنسبة الى هذا التعريف اى لم يقبل الاخباريون تحصيل الظن بالحكم الشرعي واما تحصيل الحجة بالحكم الشرعي فهو مورد قبولهم.

ولكن النزاع الصغروى موجود وان بدلنا كلمة الظن بكلمة الحجة اى يجرى النزاع فى حجية الشيء وعدم حجيته وهذا النزاع بين الاخباريين موجود ايضا اى بعضهم يقول الشيء الفلانى حجة ويقول بعض آخر منهم ان هذا الشيء لم يكن حجة

واما النزاع من حيث الكبرى فلم يكن بين الاخباريين فان كون الاجتهاد بمعنى تحصيل الحجة مقبول عندهم واشار الى هذا المصنف بقوله ولذا لا شبهة فى كون استفراغ الوسع فى تحصيل غيره من افرادها الخ.

اى اذا ثبت ان المراد من الاجتهاد هو تحصيل الحجة فلا شبهة فى كون استفراغ الوسع فى غير الظن كاستفراغ الوسع فى تحصيل الحجية من العلم بالحكم او غيره اى او كانت هذه الحجة غير العلم كالشيء الذى جعل حجة من باب التعبد ولم يكن مفيدا للظن ولو نوعا اى فلا شبهة فى كون استفراغ الوسع المذكور اجتهادا وان لم يكن فى هذا المورد تحصيل الظن ولو نوعا ولا يخفى ان قوله اجتهادا ايضا خبر لقوله فى كون استفراغ الوسع الخ.

اى لا شبهة فى كون استفراغ الوسع فى تحصيل الحجة اجتهادا ايضا وان لم تكن هذه الحجة مفيدة للظن.

قوله وعن غيرهما ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي ـ فعلا او قوة قريبة الخ.

هذه الجملة مذكورة فى الصفحة ٤٢٢ واعلم ان قوله فعلا وقوة قيد لاستنباط الاحكام لا الملكة لانها لتكون فعلية ولكن استنباط الحكم الشرعي اما يكون فعلا واما يكون قوة واما اذا كان هذا الاستنباط بالقوة فلتكن قريبة لان القوة البعيدة يمكن ان تحصل لعوام الناس ايضا : ويرد هنا الاشكال فى قوله بل انما كانوا فى مقام شرح اسمه والاشارة اليه بلفظ آخر الخ.

قال المصنف ان تعريف الاجتهاد لم يكن تعريفا حقيقيا اى ليس هذا التعريف بالحد او الرسم بل كان المقام من باب التعريف اللفظى والشر والشرح الاسمى.

فاشكل شيخنا الاستاد ان شرح الاسم تعريف حقيقي فيشترط فيه ان يكون جامعا ومانعا واما التعريف الحقيقي فان كان قبل الوجود فيسمى شرح الاسم وان كان بعد الوجود فيسمى الحد والرسم وقال شيخنا الاستاد فى دفع الاشكال ان العبارة المذكورة لم تكن من المصنف بل كانت هذه العبارة من الناسخ فثبت ان شرح الاسم لم يكن تعريفا لفظيا والتعبير المذكور انما كان عن الناسخ.

قوله فصل ينقسم الاجتهاد الى مطلق وتجز الخ.

وقد عرف الاجتهاد بتعريفين : الاول ان الاجتهاد هو استفراغ الوسع فى تحصيل الظن بالحكم الشرعي. والثانى : انه ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي ويبحث فى هذا الفصل عن اجتهاد المطلق والتجزى فالاجتهاد المطلق هو ملكة يقتدر بها فى الاستنباط فى جميع الاحكام الشرعية اى من الطهارة الى الحدود والقصاص والديات وقد ذكر فى معالم الاصول.

واما التجزى فى الاجتهاد فهو ملكة يقتدر بها فى استنباط بعض الاحكام الشرعية مثلا يقتدر فى استنباط الاحكام فى باب الصلاة والصوم ولكن اشكل عليه بان هذين البابين مرتبطا فى بقية ابواب الفقه اى كان هذان البابان مرتبطين الى آخر ابواب الفقه.

وقد ذكر هذا الاشكال المذكور فى المعالم عند قوله اما على

على القول بعدم تجزى الاجتهاد فظاهر اذ لا يتصور على هذا التقدير انفكاك العلم ببعض الاحكام اى كان المراد من هذه العبارة ارتباط جميع ابواب الفقه فى استنباط الاحكام الشرعية فلم يصدق استنباط الاحكام بالنسبة الى بعض الاحكام فثبت من البيان المذكور عدم التجزى فى الاجتهاد وعدم المجتهد المتجزى.

واما الاجتهاد المطلق فاشكل عليه بعض فى امكانه من حيث الوقوع اى لا اشكال فى امكانه الذاتى وانما الاشكال فى امكانه الوقوعى فلم يقع الاجتهاد المطلق من الاعلام لانهم يقولون فى اكثر موارد وفيه تردد واشكال وفيه احوط فما ذكر دليل على عدم وقوع الاجتهاد المطلق.

والجواب ان هذا المجتهد عالم بالحكم الفعلى من حيث العلم او العلمى واما فى صورة عدمهما فيرجع الى الاصول العملية فيكشف بها الحكم الظاهرى.

واعلم ان الاحكام الثلاثة للمجتهد المطلق الاول يجوز له العمل باجتهاده ولا يجوز له تقليد غيره : الثانى انه يجوز للغير ان يقلد منه : الثالث أن تكون قضاوته نافذة فيبحث من هذه الموارد الثلاثة.

فكان البحث اولا فى تقليد المجتهد من غيره فيقال انه يحرم عليه تقليد غيره فى صورة مخالفة فتواه لفتوى غيره فيحرم لهذا المجتهد تقليد غيره فى هذه الصورة لان هذا الغير كان جاهلا بالنسبة الى هذه المسألة عنده واما فى صورة الموافقة فى الفتوى بينهما فلا معنى لرجوع هذا المجتهد الى غيره.

الحاصل انه لا اشكال فى جواز عمل المجتهد المطلق باجتهاده

واما تقليد الغير من هذا المجتهد فلا اشكال فيه ايضا : اذا كان المجتهد انفتاحيا واما اذا كان انسداديا فجواز تقليد الغير عنه فى غاية الاشكال.

واعلم انه اذا كان باب العلم والعلمى عند المجتهد منسدا فالظن حجة عنده ولا يخفى ان حجية الظن حينئذ اما ان يكون من باب الحكومة واما ان يكون من باب الكشف والمراد من الحكومة ان يقول دليل الانسداد ان الامتثال الظنى واجب عليك لا الواقع اى ما وجب عليك الامتثال الواقعى واما المراد من الكشف فهو ان يكشف من مقدمات الانسداد ان الشارع جعل الظن حجة لك فى زمان انسداد بالعلم والعلمى.

فنرجع الى ما نحن فيه اى اذا كان المجتهد انسداديا فلم يجز تقليد الغير منه لان هذا المجتهد جاهل واما وجه جهله فان المراد من الاجتهاد هو استنباط الاحكام بالادلة فلا دليل للمجتهد الانسدادى.

ان قلت ان دليل الانسداد ثابت لهذا المجتهد فاقول ان مقدمات الانسداد تدل على حجية الظن لنفسه لا على غيره فيحتاج جواز تقليد الغير من هذا المجتهد الى الدليل الذى يدل على حجية هذا الظن للغير ايضا مثلا قام الاجماع على ان هذا الظن حجة للغير كحجيته للمجتهد الانسدادى او دلت مقدمات الانسداد على حجية الظن لهذا المجتهد ولمقلده ايضا.

فلا مجال لدعوى الاجماع فى هذا المورد لان مسئلة الانسداد من المستحدثات والمسألة المستحدثة ليست موردا للاجماع.

واما مقدمات الانسداد فلا تجرى فى هذا المقام بالنسبة الى مقلد هذا المجتهد لان من جملة مقدمات الانسداد بطلان التقليد

وبطلان الاحتياط الكلى وهما غير باطلان فى المقام لان المجتهد غير منحصر فى هذا المجتهد الانسدادى فيمكن تقليده من المجتهد الانفتاحى والتقليد انما يكون باطلا من المجتهد الانسدادى فى صورة الانحصار واما مع عدمه وامكان المجتهد الانفتاحى فيجوز التقليد منه واما الاحتياط فلم يكن باطلا وان كان مستلزما للعسر لعدم المحذور العقلى فى العمل به.

قوله : نعم لو جرت المقدمات كذلك الخ.

اى ذكر عدم تمامية مقدمات الانسداد بالنسبة الى الغير لامكان تقليده من المجتهد الانفتاحى وامكان العمل بالاحتياط فلا يكون الظن الحاصل من مقدمات الانسداد حجة لهذا المقلد.

ولكن لو تمت مقدمات الانسداد بان انحصر المجتهد بهذا الشخص الانسدادى ولزم من العمل بالاحتياط المحذور العقلى او العسر مع اقامة الدليل على عدم وجوب الاحتياط فى هذه الحالة ـ لكانت المقدمات منتجة فى حق هذا الغير ايضا : اى كان الظن الحاصل من هذه المقدمات حجة له كما كان حجة لهذا المجتهد الانسدادى لكن دونه خرط القتاد اى تمامية هذه المقدمات مشكل اعنى انحصار الاجتهاد فى هذا الشخص الانسدادى مشكل وكذا اثبات الدليل على بطلان الاحتياط مشكل.

فبين الى هنا ان الظن الحاصل فى حال الانسداد على تقدير الحكومة هو حجة للمجتهد الانسدادى وليس هذا الظن حجة لنا لعدم معرفة احكامنا الواقعية اى يحكم العقل بان الامتثالى الظنى واجب ولا يكون هذا التقدير ناظرا الى الحكم الواقعى.

واما اذا كان حجية الظن فى حال الانسداد من باب الكشف فهذا الظن يمكن ان يكون لمعرفة احكامنا اى ما استنبطه هذا المجتهد بتوسط هذا الظن ولكن ليس هذا الظن حجة لنا لان دليل الانسداد يقول ان حجية هذا الظن مختصة بمن جرت مقدمات الانسداد فى حقه اى كان هذا الظن مختصا بالمجتهد الانسدادى ولا يكون هذا الظن حجة لنا.

قوله فتأمل هذا اشارة الى ان خبر الواحد حجة لكل من المجتهد والمقلد وكذا فى حال الانسداد فان الظن الحاصل من مقدمات الانسداد فهو حجة للمجتهد الانسدادى ولنا.

قوله : ان قلت حجية الشيء شرعا مطلقا لا توجب القطع بما ادى اليه من الحكم ولو ظاهرا الخ.

قد ذكر انقسام الاجتهاد الى المطلق والتجزى فاشكل على وقوع الاجتهاد المطلق بعدم وقوع المجتهد المطلق عندنا قد مر تفصيل الاشكال فاجيب بان التردد من الاعلام فى بعض المسائل انما هو بالنسبة الى الحكم الواقعى واما بالنسبة الى الحكم الظاهرى فليس التردد منهم.

فاشكل على هذا الجواب بالاشكالين الاول يسأل عن حجية الامارة اى هل يجعل بها الحكم المماثل ام لا قد ذكر انه لا يجعل الحكم بالامارة لاستلزامه لاجتماع المثلين او الضدين مثلا اذا كان الشيء فى الواقع واجبا فان حكم الامارة بوجوبه ايضا فهو اجتماع المثلين واما فى الفرض المذبور فان حكم الامارة على

حرمة هذا الشيء فهو اجتماع الضدين.

فالامارة انما تكون حجة من باب المنجزية والمعذرية اى ان طابقت الامارة الحكم الواقعى فيصير هذا الحكم منجزا وان خالفت مع الحكم الواقعى فيحكم على كون الشخص المكلف معذورا.

فيشكل هنا بان حجية الشيء شرعا لا توجب القطع بالحكم الشرعي لان حجية الامارة على ما ذكر لم تكن لجعل الحكم ولو ظاهرا بل كانت حجيتها من باب المنجزية والمعذرية اى تنجز الواقع مع الاصابة وكان المكلف معذورا مع عدمها فيحكم على هذا المجتهد الانفتاحى بانه جاهل بالحكم الشرعي اى ليس له القطع به لا واقعا ولا ظاهرا فان رجع الغير اليه فهو رجوع الى الجاهل وقد ظهر الى هنا الاشكال الاول على جواب القائلين بالاجتهاد المطلق واجيب.

بقوله : قلت نعم الا انه عالم بموارد قيام الحجة الشرعية الخ.

اى قلت ان الرجوع الى العالم اعم من ان يكون عالما بالحكم الشرعي الفرعى او الاصولى فان كان الشخص عالما بالحكم الشرعي الاصولى فقط فهو كاف فى رجوع الغير اليه.

الحاصل ان الرجوع الى العالم اعم من ان يكون الشخص عالما بالاحكام الشرعية الفرعية او كان عالما بالمسألة الاصولية كان يكون عالما بحجية الامارة فقد علم الى هنا الاشكال الاول على القائلين بالاجتهاد المطلق وكذا علم جوابه الآن يشرع على الاشكال الثانى عليهم.

بقوله ان قلت رجوعه اليه فى موارد فقد الامارة المعتبرة الخ.

أى اذا لم يكن للمجتهد الانفتاحى القطع بالحكم الشرعي الفرعى ولا بالحكم الشرعي الاصولى اى لم يكن عنده الامارة المعتبرة فهو يرجع بعد الفحص واليأس الى الاصول العقلية كالتخيير العقلى والبراءة العقلية فلم يكن هذا المجتهد عالما بالحكم الشرعي ولا بالاصول الشرعية لان المرجع له هو الاصول العقلية فان رجع الغير الى هذا لمجتهد كان الرجوع الى الجاهل بالحكم الشرعي هذا اشكال ثان على القائلين بالاجتهاد المطلق.

قوله : قلت رجوعه اليه فيها انما هو لاجل اطلاعه على عدم الامارة الشرعية الخ.

اى قلت ان الرجوع الى المجتهد الانفتاحى فى هذه الصورة انما هو لاجل المسألة الاصولية.

توضيحه ان الرجوع الى المجتهد فى الحكم الشرعي الاصولى قد يكون وجودا وقد يكون عدما اى قد يرجع الى المجتهد الانفتاحى فى المسألة الاصولية الشرعية لاجل تحصيل العلم بالامارة المعتبرة لان المجتهد عالم بها فالرجوع اليه فى هذه المسألة الاصولية الشرعية مستلزم للرجوع فى المسألة الشرعية الفرعية وهذا الرجوع كان لاجل اطلاع على وجود الامارة الشرعية.

وقد يكون الرجوع الى المجتهد فى المسألة الشرعية الاصولية عدميا اى هذا الشخص لم يعلم عدم الامارة واما المجتهد فهو عالم بعدم الامارة الغير المعتبرة فيكون رجوع الغير اليه لاجل

تحصيل العلم بعدم الامارة المعتبرة فهذا رجوع الجاهل الى العالم فلا فرق فى الرجوع الى المجتهد فى المسألة الاصولية الشرعية من حيث تحصيل وجودها او عدمها فالرجوع اليه فى هذا المورد انما يكون فى هذه المسألة من حيث تحصيل عدمها.

فظهر من البيان المذكور ان الرجوع الى المجتهد لم يكن للتخيير او البراءة بل كان الرجوع اليه فى المسألة الاصولية الشرعية لكن عدما : فاذا ثبت لهذا المقلد عدم الامارة الشرعية فالمرجع له هو حكم العقل من البراءة او التخيير او الاحتياط فيحكم هذا المقلد بما استقل به عقله ولو كان على خلاف ما ذهب اليه مجتهده.

قوله : ولا اشكال فى نفوذ حكم المجتهد المطلق اذا كان باب العلم او العلمى مفتوحا الخ.

قد تقدم البحث فى عمل المجتهد المطلق باجتهاده وكذا رجوع الغير اليه الآن يبحث فى قضاوته.

واعلم ان الاصل عدم ثبوت منصب القضاء الا للنبى (صلى‌الله‌عليه‌وآله) والامام (عليه‌السلام).

واما قضاوة حاكم الشرع انما يثبت بروايتين إحداهما حسنة ابى خديجة وفيها اجعلوا بينكم رجلا وقد عرف حلالنا وحرامنا فانى قد جعلته عليكم قاضيا وثانيتهما مقبولة ابن حنظلة وفيها انظروا الى رجل منكم ممن قد روى حديثنا ونظر حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا فليرضوا به حكما فانى قد جعلته حاكما فاذا حكم بحكمنا فلم يقبل فانما بحكم الله استخف.

فهاتان الروايتان تدلان على قضاوة المجتهد المطلق اذا كان باب العلم او العلمى له مفتوحا لان الحسنة تقول اجعلوا بينكم رجلا وقد عرف حلالنا وحرامنا وعرف احكامنا فانى قد جعلته عليكم قاضيا فهذه الرواية تدل على قضاوة المجتهد المطلق فى حال انفتاح باب العلمى او العلمى.

واما اذا انسد عليه بابهما فلا تدل هذه الرواية على قضاوة المجتهد الانسدادى لان دليل الانسداد على تقرير الحكومة لم يكن لجعل الحكم بل يثبت هذا الدليل المنجزية والمعذرية فليس هذا المجتهد الانسدادى ممن يعرف الاحكام مع ان معرفتها معتبرة فى الحاكم فالروايتان المذكورتان تدلان على اعتبار معرفة الاحكام فى القاضى.

واما المجتهد الانسدادى فلم يكن عالما بالاحكام لان حجية الظن من مقدمات الانسداد انما تكون من باب الحكومة وقيل يثبت القضاوة للمجتهد الانسداد من باب عدم القول بالفصل فيقال ان هذا لم يكن مفيدا لعدم الفصل وانما المفيد هو القول بعدم الفصل اى القول بعدم الفصل حجة لعدم الفصل لا عدم القول بالفصل.

قوله : الا ان يقال بكفاية انفتاح باب العلم فى موارد الاجماعات والضروريات من الدين الخ.

أى ثبت القضاوة للمجتهد المطلق فى حال الانفتاح واما اذا انسد باب العلم والعلمى فاثبات قضاوة لهذا المجتهد الانسدادى مشكل فيقال فى جواب الاشكال ان باب العلم لهذا المجتهد مفتوح بالنسبة الى موارد الاجماعات والضروريات من الدين او المذهب

والمتواترات فانه يصدق على هذا المجتهد حينئذ انه ممن روى حديثهم (ع) ونظر فى حلالهم وحرامهم عليهم‌السلام ويقال له عرفا انه عارف باحكامهم (ع).

قوله : واما قوله فى المقبولة فاذا حكم بحكمنا فالمراد ان مثله الخ.

هذا دفع لما قد يتوهم من ان ظاهره كون الحكم الذى حكم به القاضى هو حكم الامام (ع) اى قال الامام عليه‌السلام فى المقبولة ان الحكم الذى حكم به القاضى هو حكمنا فهذا مناف لادراج القاضى الانسدادى بل هذا مناف لادراج القاضى الانفتاحى ايضا : اى ليس جميع حكم القاضى حكم الامام (ع) مثلا اذا كان حكمه طبق الامارة او الاصل فليس هذا حكمه عليه‌السلام اى ليس كل حكم القاضى حكم الامام (ع) بل كان الحكم فى باب المرافعة مؤدى الامارة او الاصل فلا يصدق فى القاضى قوله (ع) فاذا حكم بحكمنا لان جميع الاحكام فى باب المرافعة ليس من الامام (ع) لما عرفت آنفا.

وجواب التوهم ان اضافة الحكم اليهم (ع) انما يكون من باب المجاز فى الاسناد كنهاره صائم ويا هامان ابن لى صرحا اى اسناد صيام الى النهار مجاز وتعلق البناء على هامان مجاز وكذا فى المقام فان حكم القاضى حكمهم (ع) لانه منصوب من قبلهم (ع).

فظهر ان الحكم فى باب المرافعة غالبا من الامور التى صدرت عن القاضى ولكن نسبت اليهم لكونها من احكام منصوبهم (ع) ولا يخفى ان النبى (ص) والامام (ع) لا يحكمون بالجزئيات بل

حكمهم كان فى الكليات مثلا حكم القاضى ان الدار ملك زيد فليس هذا حكم الامام لكن نسب هذا الحكم اليه (ع) من باب المجاز فى الاسناد لان الامام (ع) يعطى الاعتبار للقاضى فكان حكمه حكم الامام (ع).

قوله : واما التجزى فى الاجتهاد ففيه مواضع من الكلام الخ.

اى يبحث هنا من المجتهد المتجزى فقد اختلف فى امكانه وعدم امكانه واستدل على امكانه بوجهين الاول حكم الوجدان بذلك بواسطة ملاحظة كون بعض المسائل اسهل مدركا من الآخر وكون بعضها مبنيا على العقليات والآخر على النقليات واختلاف مهارة الشخص فيهما إذ رب انسان ماهر فى احدهما دون الآخر.

والثانى حكم العقل بمسبوقية المجتهد المطلق بالتجزى والا للزم الطفرة وهى محال عادى ولمراد منها ان يصل انسان الى مكان بعيد من دون طى المسافة وكذا فى المقام ان المراد منها ان يصير المجتهد مطلقا من دون طى مرتبة التجزى.

الحاصل ان الادلة العقلية جعلت بابا مستقلا ومثلها الادلة النقلية وايضا مهارة فيهما مختلفة اى بعض الانسان ماهر فى الدليل اللفظى وبعض آخر ماهر فى الدليل العقلى فيمكن ان يكون الشخص مجتهدا بالنسبة الى ما هو دليله لفظى دون ما هو دليله عقلى ويمكن ان يكون شخص آخر بالعكس فكان ما ذكر دليلا للتجزى فى الاجتهاد هو الدليل الاول له.

والدليل الثانى هو حكم العقل بمسبوقية اجتهاد المطلق بالتجزى والا للزم الطفرة وهى محال عادة كطى الارض والمراد

منه مثلا ان الامام (ع) يأخذ يد شخص فى الشام ويرى هذا الشخص نفسه بعد الدقائق فى المكة المعظمة فالطفرة وطى الارض من المحالات العادية هو الدليل الثانى لامكان التجزى.

قوله : وبساطة الملكة وعدم قبولها التجزية لا تمنع من حصولها بالنسبة الى بعض الابواب الخ.

قد ذكر دليل المانعين للتجزى سابقا على النحو المختصر ويذكر هنا على النحو المفصل اى استدل المانعون للتجزى بوجهين.

الاول ان الاجتهاد فى المسألة يتوقف على النظر فى جميع ادلة الفقه مثلا الاجتهاد فى باب الصلاة والصوم مرتبط بالاجتهاد على جميع ابواب الفقه اى من باب الطهارة الى الديات واجيب هذا الاستدلال بان كل باب من ابواب الفقه باب مستقل ومختلف مدركا.

الوجه الثانى لمانعي التجزى انه لو امكن التجزى للزم تجزى الملكة وهو محال فالمقدم مثله اى التجزى فى الاجتهاد محال ايضا : وبيان الملازمة ان الملكة من مقولة الكيف وقد قرر فى محله انها لا تقبل القسمة والجواب اى جواب هذا الاستدلال الثانى انا نمنع الملازمة بين تجزى الاجتهاد والملكة لان التجزى فيها انما يكون فى متعلقها لا فى نفسها فلا بأس بحصول ملكة النحو دون الصرف وهو واضح واما الاجتهاد فنفسه قابل للتجزى.

قوله : الثانى فى حجية ما يؤدى اليه على ما اتصف به وهو ايضا محل الخلاف الخ.

اى يبحث فى المورد الثانى عن حجية قول المجتهد المتجزى لنفسه فاختلف فيها ايضا : واما المصنف فيقول ان قضية المدارك حجية قول هذا المجتهد لنفسه لانه عالم بالنسبة الى ما ادركه ولم تكن هذه الحجية مختصة بالمجتهد المطلق مثلا ان بناء العقلاء على حجية الظواهر مطلق وكذا دليل حجية الخبر الواحد اى الدليل يقول ان الظواهر حجة مطلقا وكذا الخبر الواحد حجة مطلقا اى لا فرق بين المجتهد المطلق والمتجزى فقول المجتهد المطلق حجة لنفسه وكذا قول المجتهد المتجزى الثالث فى جواز رجوع غير المتصف به اليه فى كل مسئلة اجتهد فيها وهو ايضا محل الكلام الخ.

يبحث فى الموضع الثالث من رجوع الغير الى هذا المجتهد المتجزى وهو ايضا محل اشكال فقال بعض انه يجوز رجوع الغير اليه لانه رجوع الجاهل الى العالم فتعمه ادلة جواز التقليد وقال بعض آخر انه لا يجوز رجوع الغير اليه لعدم اطلاق الادلة اى لا يحرز من بناء العقلاء او السيرة المتشرعة جواز الرجوع الى المجتهد المتجزى ويقول المصنف وستعرف إن شاء الله تعالى ما هو قضية الادلة اى فليرجع الى ادلة جواز التقليد فان افادت هذه الادلة الاطلاق والعموم جاز رجوع الغير الى هذا المجتهد والا فلا وتجىء هذه الادلة فى فصل التقليد إن شاء الله.

قوله واما جواز حكومته ونفوذ فصل خصومته الخ.

فيبحث من قضاوة المجتهد المتجزى قال المصنف لا يبعد

نفوذ حكمه اذا عرف جملة معتدة بها بحيث يصدق فى حقه عرفا انه ممن عرف احكامهم (ع) وقد مر نظير هذه المسألة فى مسئلة المجتهد المطلق المنسد عليه باب العلم والعلمى اى ذكر هناك صحة قضاوة المجتهد الانسدادى اذا صدق عليه عرفا انه عرف احكامهم «عليهم‌السلام».

قوله فصل لا يخفى احتياج الاجتهاد الى معرفة العلوم العربية فى الجملة الخ.

قد عرف الاجتهاد بانه استفراغ الوسع فى تحصيل الحكم الشرعي الفرعى وايضا عرف بانه ملكة يقتدر بها على الاستنباط الحكم الشرعي فيحتاج الاجتهاد بالتعريفين المذكورين الى العلوم الخمسة اى الصرف والنحو واللغة والتفسير وعلم الاصول.

واما احتياجه الى الثلاثة الاولى فهو ظاهر لانه محتاج الى المدارك الاربعة اى الكتاب والسنة والاجماع والعقل فان الكتاب والسنة الفاظ عربية ففهمها محتاج الى العلوم الثلاثة اى الصرف والنحو واللغة ولا يخفى ان القول اللغوى وان لم يكن حجة ولكن المجتهد محتاج الى فهم المعنى اللغوى.

وايضا الاجتهاد يحتاج الى معرفة التفسير لان ظواهر الكتاب انما تكون حجة بعد الفحص من تفسير اهل الذكر لدفع احتمال الخلاف فثبت احتياج الاجتهاد الى معرفة تفسير القرآن.

واما احتياج الاجتهاد الى علم الاصول لان استنباط الاحكام يحتاج الى قواعد برهن عليها فى الاصول اى يبحث فى المسألة الاصولية مستقلا وكذا يبحث فيها مقدمة فى نفس المسألة

الفرعية اى يبحث عن المسألة الاصولية فى ضمن المسألة الفرعية مثلا يقال ان صلاة الجمعة واجبة لقيام خبر الواحد على وجوبها وهو حجة.

واشار الى هذين الوجهين المصنف بقوله برهن عليها فى الاصول اى برهن على القواعد فى الاصول على نحو الاستقلال او برهن عليها مقدمة فى نفس المسألة الفرعية كما هو طريقة الاخبارى اى يبحث عن المسألة الاصولية من باب المقدمة فى نفس المسألة الفرعية فلم يكن البحث عن القواعد الاصولية بحثا مستقلا كما يقول الاخبارى ان البحث عن المسألة الاصولية انما يكون فى تحت المسألة الفرعية اذ لو كانت تلك القواعد مستقلة للزم كونها بدعة اى كان كتابة هذا البحث بدعة عند الاخبارى لان هذا البحث لم يكن فى عصر النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وعصر الائمة عليهم‌السلام

فاجاب المصنف هذا الاشكال بقوله وعدم تدوينها فى زمانهم (ع) لا يوجب البدعة والا كان تدوين الفقه والنحو والصرف بدعة مع عدم هذه العلوم بدعة عند الاخبارى وايضا يقال فى الجواب ان البدعة تحتاج الى الدليل وعدم كون الشيء فى زمان النبى (ص) لم يكن موجبا للبدعة المحرمة.

ولا يخفى ان علم اصول الفقه كان موجودا فى عصر النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة (ع) ولكن كان مختصرا مثلا يقال ان الامر للوجوب والنهى للحرمة الحاصل انه لا يمكن استنباط الاحكام الشرعية الا بالرجوع الى ما بنى عليه فى المسائل الاصولية فكل مجتهد اى سواء كان اصوليا ام اخباريا لا يتمكن

استنباط له الا بالرجوع الى المسائل الاصولية.

واما الا اخبارى فيبحثون عن المسائل الاصولية فى ضمن المسائل الفرعية وكذا بعض الاصولى كصاحب المعالم فانه كتب كتابا فى الفقه وجعل معالم الاصول مقدمة له وعرف فى اول كتاب المعالم : الفقه مع ان المناسب هو تعريف اصول الفقه وانما تصدى لتعريف الفقه دون اصول الفقه لان المقصود بالذات فى هذا الكتاب علم الفقه وانما ذكر علم الاصول من باب المبادى فلا تغفل «سلطان قدس‌سره» اى كان البحث من علم الاصول فى هذا الكتاب فى ضمن علم الفقه وقد ذكر صاحب المعالم التعريف المذكور فى اول الكتاب عند قوله الفقه فى اللغة الفهم وفى الاصطلاح هو العلم بالاحكام الشرعية الفرعية.

قوله نعم يختلف الاحتياج اليها بحسب اختلاف المسائل الخ.

قد ذكر آنفا ان المسألة الاصولية كانت فى عصر النبى (ص) والأئمة (ع) ولكن كان البحث منها فى العصر المذكور على نحو الاختصار واما الاحتياج الى المسألة الاصولية فيختلف باختلاف الازمنة والمسائل والاشخاص.

قوله فصل اتفقت الكلمة على التخطئة فى العقليات واختلف فى الشرعيات الخ.

يبحث فى هذا الفصل من التخطئة والتصويب فاختلف بين الطائفة الخاصة والعامة فى الامور الشرعية فالخاصة مخطئة والعامة مصوبة واما فى الامور العقلية فاتفقت الكلمة على

التخطئة بين الطائفتين وقد بين فى محله ان الضروريات والعقليات من اليقينيات.

وايضا قيل فى محله ان اليقينيات على ستة انواع بحكم الاستقراء : الاوليات والمشاهدات والتجريبيات والمتواترات والحدسيات والفطريات فالاوليات من الامور العقلية وهذه الاوليات منها ما هو جلى عند الجميع فهذا القسم منها خارج عن محل البحث.

ومنها ما هو خفى عند بعض فيقع بحث الصواب والخطاء فى هذا القسم من الامور العقلية مثلا يقول بعض ان اعادة المعدوم ممكنة بعينه ويقول آخر ان اعادته لم تكن ممكنة بعينه بل تكون بمثله فكان احد الفكرين خطاء اى ان قلنا باصابة كل منهما للواقع فيلزم اجتماع الضدين وكذا صفاته تعالى فيقول بعض ان صفاته تعالى الثبوتية عين ذاته تعالى ويقول بعض آخر ان هذه الصفات زائدة عن ذاته تعالى فاحد هذين القولين خطاء لان اجتماع الزيادة مع عدمها اجتماع النقيضين.

واما فى الشرعيات فالخاصة يقولون ان المجتهد فى مقام الاستنباط اما ان يكون حكمه صوابا واما ان يكون خطاء واما العامة فلم يقولوا بخطائه اى يقولون كل مجتهد مصيب اى يقولون بالتصويب.

واعلم ان التصويب على القسمين اى التصويب الاشعرى والمعتزلى وايضا التصويب الاشعرى على ثلاثة اقسام :

الاول ان الله تعالى علام الغيوب فجعل الحكم قبل حصول الظن للمجتهدين بعدد آرائهم.

الثانى اى الثانى من اقسام التصويب ما هو على النحو القضية الخارجية بان يلتزم بانشاء الاحكام على وفق آراء الاعلام بعد الاجتهاد بعبارة اخرى ان ظن المجتهد يتعلق على المظنون الخارجى وكذا علمه يتعلق على المعلوم الخارجى فجعل هذا المعلوم حكم الله تعالى.

الثالث اى القسم الثالث من التصويب هو حدوث المصلحة فيما ادى اليه ظن المجتهد بان يكون الظن حجة من باب السببية والموضوعية فهذه الاقسام الثلاثة المذكورة تصويب اشعرى. واما التصويب المعتزلى فهو ما ذكر فى الرسائل مثلا اذا قام الدليل على وجوب الشيء وقام دليل آخر على حرمته فحكم الله تعالى هو الثانى فهذا تصويب معتزلى.

ولا يخفى ان جميع اقسام التصويب الاشعرى باطل واما وجه بطلان القسم الاول منه فان الاجماع قام على بطلانه وكذا الاخبار المتواترة دالة على بطلانه فتقول هذه الاخبار ان الحكم الواقعى عن الله تعالى مشترك بين العالم والجاهل.

واما وجه بطلان القسم الثانى من التصويب الاشعرى فهو لزوم الدور لان الحكم حسب الفرض موقوف على الظن به وهو ايضا موقوف على وجود الحكم واقعا بعبارة اخرى ان الظن موقوف على الموجود الخارجى وهو موقوف على الظن فهذا القسم الثانى من المحال عقلا لاجل لزوم الدور كما قال المصنف فهو مما لا يكاد يعقل ونظير هذا ما يقال ان العلم بالحكم لا يؤخذ فى موضوعه مثلا نقول الشيء المعلوم حرام فالعلم من حيث إنّه اخذ فى الموضوع فهو موقوف عليه واما من حيث اخذه فى الحكم فهو

موقوف ولا يخفى ان كون شىء واحد موقوفا عليه وموقوفا به دور.

وقال شيخنا الاستاد ان امتناع القسم الثانى من التصويب الاشعرى لم يكن لاجل الدور بل امتناعه عقلا انما يكون بوجه آخر توضيحه يسأل اولا عن متعلق العلم والظن اى هل يكون العلم والظن موقوفين على وجود خارجى المعلوم والمظنون ام كانا موقوفين على وجود ذهنيهما.

والجواب ان العلم والظن موقوفين على وجود ذهنى المعلوم والمظنون لا على وجود خارجيهما فلم يكن توقف العلم والظن على الموجود الذهنى مستلزما للدور اى لم يكونا متوقفين على القضية الخارجية حتى يلزم وبعبارة اخرى ان العلم والظن كانا من لازم الماهية لا من لازم الوجود الخارجى كما يقال ان العلم صفات نفسانية وكذا معلومه فثبت ان الظن موقوف على المعلوم الذهنى لا الخارجى.

وايضا ذكر فى المنطق ان اللازم على قسمين الاول لازم الماهية كالزوجية للاربع الثانى لازم الوجود الخارجى كالحرارة للنار فكان العلم والظن لازم الماهية وايضا ان العلم والمعلوم شىء واحد فيسمى علما من حيث الوجود ويسمى معلوما من حيث كونه موجودا ذهنيا.

وقد ذكر الى هنا ان القسم الاول من التصويب الاشعرى كان معقولا ولكن قام الاجماع والاخبار المتواترة على بطلانه واما القسم الثانى منه فهو غير معقول لكونه مستلزما للدور.

فيرجع الى ما قرره شيخنا الاستاد اى قال ان بطلان القسم الثانى من التصويب الاشعرى لم يكن لاجل لزوم الدور بعبارة

اخرى ان الظن موقوف على وجود ذهنى المعلوم وهذا الوجود الذهنى لم يكن موقوفا على الظن فلم يكن هذا القسم من التصويب مستلزما للدور فغير معقوليته انما يكون بوجه آخر من اجتماع النقضين او الضدين كالقطع بوجود الشيء وعدمه او القطع بوجوده والظن بعدمه او بالعكس اى الظن بوجوده والقطع بعدمه فغير معقولية القسم الثانى من التصويب الاشعرى من هذه الجهة اى الظن بالوجود مع القطع بالعدم محال عقلا للزوم اجتماع النقيضين توضيح هذا المحال ان الحكم ينشأ بالظن مع القطع بعدمه فى الخارج ويعلم ما ذكر من قول المصنف فهو مما لا يكاد يعقل فكيف يتفحص عما لا يكون له عين ولا اثر الخ.

اى هذا القسم الثانى من اقسام التصويب الاشعرى مما لا يكاد يعقل لعدم امكان التفحص عما لا يكون له عين ولا اثر اى لا يمكن التفحص عن الحكم الذى هو مقطوع العدم فان التزمنا بانشاء الاحكام على وفق آراء المجتهدين مع القطع بعدمها فهو اجتماع النقيضين.

واما الجواب عن القسم الثالث من التصويب الاشعرى فيقال ان حجية الامارات انما تكون من باب الطريقية لا السببية فلا يجعل الحكم بها فكان حجيتها من باب المنجزية والمعذرية فكان الحكم الواقعى مشتركا بين العالم والجاهل.

قوله الا ان يراد التصويب بالنسبة الى الحكم الفعلى الخ.

قد علم ان الالتزام بانشاء الاحكام على وفق آراء المجتهدين لا يعقل لانه تصويب باطل الآن اراد المصنف ان يتصور التصويب

على وجه آخر وقد ذكر هذا الوجه الشيخ (قده) فى الرسائل فى باب حجية امارات الغير العلمية.

توضيحه ان التصويب انما يكون بالنسبة الى الحكم الفعلى لا الحكم الواقعى مثلا اذا كانت الصلاة الظهر واجبة فى الواقع ولكن قامت الامارة عند المجتهد بوجوب صلاة الجمعة فوجد فيها مصلحة راجحة على المفسدة الواقعية.

ولا يخفى ان بعد اخبار العادل بوجوبها يضمحل المفسدة الواقعية لعروض المصلحة الراجحة باخبار العادل بوجوب صلاة الجمعة فيكون اطلاق الحرام الواقعى عليها حينئذ بمعنى انها حرام لو لا الاخبار بوجوبها واما بعد الاخبار بوجوبها فهى واجبة بالفعل فالموجود بالفعل فى الفرض المزبور انما هو الوجوب فالحكم الفعلى ما ادى اليه اجتهاد المجتهد وهو مما يختلف باختلاف الآراء ولا يشترك فيه الجاهل والعالم والمشترك بينهما هو الحكم الواقعى وهو باق فى مرتبة الانشاء واشار اليه صاحب الكفاية بقوله وما يشترك العالم والجاهل فيه ليس بحكم حقيقة بل انشاء فلا استحالة فى التصويب بهذا المعنى.

وقال الشيخ فى الرسائل فى باب حجية الظن بقوله والتصويب وان لم ينحصر بهذا المعنى الا ان الظاهر بطلانه أيضا كما اعترف به العلامة فى النهاية فى مسئلة التصويب واشار صاحب المعالم الى بطلان هذا القسم من التصويب فى مقام تعريف الفقه.

توضيحه ان صاحب المعالم عرف علم الفقه بقوله الفقه فى اللغة الفهم وفى الاصطلاح هو العلم بالاحكام الشرعية الفرعية فاشكل على هذا التعريف بان الفقه اكثره من باب الظن فلا يكون

هذا التعريف منعكسا لخروج اكثر ابواب الفقه من هذا التعريف.

فاجاب صاحب المعالم هذا الاشكال بقوله واما الجواب عن سؤال الظن فبحمل العلم على معناه الاعم اعنى ترجيح احد الطرفين وان لم يمنع من النقيض فيعم التعريف العلم والظن.

وايضا اجاب العلامة عن هذا الاشكال بان ظنية الطريق لا ينافى قطعية الحكم اى ان الظن انما يكون فى طريق الحكم لا فى نفسه فاشكل صاحب المعالم على هذا الجواب بقوله فضعفه ظاهر عندنا أى هذا الجواب مستلزم للتصويب وهو باطل عندنا ويصح هذا الجواب عند المصوبة ولكن تبعهم فيه من لا يوافقهم فى التصويب أى اجاب هذا الجواب المذكور العلامة (قد) مع أنّه من المخطئة والتصويب باطل عنده ولكن فى جواب الاشكال وافق المصوبة غفلة عن حقيقة الحال الحاصل يقول صاحب الكفاية فلا استحالة فى التصويب بهذا المعنى المذكور ولكن صاحب المعالم يقول هذا القسم من التصويب باطل ايضا.

قوله : فصل اذا اضمحل الاجتهاد السابق بتبدل الرأى الاول بالآخر الخ.

ويذكر هنا من باب المناسبة ما هو مذكور فى اول العروة الوثقى وهو ان شخصا كان مقلدا لمجتهد فمات هذا المجتهد فقلد هذا الشخص من الحيّ الذى يفتى على خلاف قول المجتهد الميت فهل تصح الاعمال الماضية التى أتاها هذا الشخص على وفق فتوى المجتهد الذى مات ام لا وكذا اذا قلد مجتهدا وعمل برأيه مدة فتبدل رأى هذا المجتهد فهل تصح اعماله الماضية ام لا مثلا

اذا افتى المجتهد جواز عقد النكاح بالفارسية او افتى جواز تقديم القبول على الايجاب فتبدل رأى هذا المجتهد فى هاتين المسألتين فهل تصح الاعمال الماضية التى أتاها هذا المجتهد ومقلده على وفق رأى سابقه.

والجواب ان ما مضى من الاعمال فهو صحيح وقال بعض انه اذا تبدل رأى المجتهد فلم يصح ما اوتى على وفق رأيه السابق وحكى ان العلامة اعاد الاعمال الماضية لتبدل الرأى مرات عديدة وقيل إنّه اعادها مرتين لذلك.

قد توهم متوهم بان هذا البحث تكرار لما سبق فى مباحث الالفاظ اى بحث اضمحلال الاجتهاد هو عين تبديل الرأى فيبحث عن اجزاء عمل السابق وعدم اجزائه وقد سبق هذا البحث فى مبحث الاوامر الاضطرارية.

والجواب عن التوهم المذكور ان النسبة بين هذين البحثين العموم والخصوص من وجه فمادة الافتراق بينهما ان البحث عن الاوامر الاضطرارية هو بحث عن الحكم الواقعى الثانوى.

واما مبحث الاضمحلال وتبديل الرأى انما يكون فى الاوامر الظاهرية وبعبارة اخرى انه لم يكن تبديل الرأى فى الاوامر الاضطرارية اى الرأى هو الرأى الذى كان قبل زمان الاضطرار واما اضمحلال الاجتهاد انما يكون بتبديل الرأى.

وايضا ان البحث فى السابق كان من الامر الاضطرارى واما البحث فى هذا المقام فانما يكون من اضمحلال الاجتهاد فيشمل المعاملات فلم يكن البحث فيها من البحث فى الامر المذكور واما

مادة الاجتماع بين المبحثين فهو وجود التنافى بين الحكم الاول والثانى.

فيرجع بعد بيان التوهم وجوابه الى ما نحن فيه اى اذا اضمحل الاجتهاد السابق بتبديل الرأى فهل كان اعماله السابقة مجزية ام لا.

فيقال فى الجواب ان القاعدة الاولية تقتضى بطلان الاعمال السابقة لوجود الخلل فيها بحسب الاجتهاد اللاحق اى لم تكن الاعمال السابقة موافقة لحكم الله تعالى بل كان حكمه تعالى ما هو موافق للاجتهاد الثانى مثلا اذا اتى المجتهد صلاة الجمعة عشر سنوات وحصل له بعد هذه المدة القطع بوجوب صلاة الظهر او قامت الامارة على وجوبها فصلاة الجمعة باطلة بحسب القاعدة الاولية لعدم جعل الحكم بالقطع او باقامة الامارة.

وبعبارة اخرى ان القطع بالشىء لا يكون موجبا لايجاد المصلحة ولا يخفى ان حجية الامارة فى هذا المورد انما تكون من باب الطريقية لا السببية فان كانت حجيتها من باب السببية فيلزم التصويب الباطل لجعل الحكم على طبقها واما فى صورة القطع بالشىء او اقامة الامارة من باب الطريقية فلا يجعل الحكم ولكن الحكم الاولى فهو محفوظ فلا بد من اعادة الاعمال السابقة بمقتضى القاعدة الاولية اى تقول هذه القاعدة بعدم صحة الاعمال السابقة لعدم جعل الحكم وعدم ايجاد المصلحة.

واما القاعدة الثانوية فتدل على صحة الاعمال السابقة التى اوتيت على وفق الاجتهاد الاول مثلا لا تعاد الصلاة الا فى الخمسة اى لا تعاد الصلاة الواقعة على وفق الاجتهاد الاول وان اختل

فيها ما اعتبر فى صحتها بحسب الاجتهاد الثانى.

ولا يخفى ان حديث لا تعاد يدل على بطلان الصلاة فى الموارد الخمسة : الاول الذى صلى من دون الطهارة : الثانى الذى صلى قبل الوقت : الثالث الذى ترك الركوع او زاده : الرابع الذى ترك سجدتين او زادهما : الخامس المستدبر وهو الذى صلى الى ما يقابل سمت القبلة فيعلم من لا تعاد الصلاة ان الصلاة لا تعاد الا فى الموارد الخمسة المذكورة.

واما اذا تبدل رأى المجتهد فلا اعادة للصلاة مثلا قال المجتهد ان جلسة الاستراحة لم تكن واجبة ولكن حصل له تبدل رأى فقال ان جلسة الاستراحة واجبة فلا يدل حديث لا تعاد على الاعادة فى صورة تبدل الرأى بل انحصرت اعادة الصلاة فى الموارد الخمسة.

وكذا حديث الرفع اى رفع ما لا يعلمون يدل على عدم اعادة اعمال السابقة فى صورة تبدل الرأى ولا يخفى ان حديث لا تعاد مختص بالصلاة واما حديث الرفع فيعمها وغيرها وبعبارة اخرى ان حديث الرفع يشمل الحكم التكليفي والوضعي وكذا الاجماع يدل على صحة الاعمال السابقة والظاهر ان القواعد الاولية تدل على اعادة الاعمال السابقة بعد تبدل الرأى بعبارة اخرى ان القاعدة الاولية تدل على بطلان الاعمال فى صورة تبدل رأى اول المجتهد الى رأى آخر.

ولا يخفى ان الاجتهاد الاول اما ان يكون بحصول القطع بالحكم واما ان يكون ثبوت الحكم بالامارة المعتبرة فى صورة حجيتها من باب الطريقية فيبطل الاجتهاد الاول بعد تبدل الرأى

فى هاتين الصورتين وجه البطلان هو عدم جعل الحكم اى لا يجعل الحكم بتوسط القطع به وكذا لا يجعل الحكم بالامارة اذا كانت حجيتها من باب الطريقية.

واما اذا كانت حجيتها من باب السببية والموضوعية فيجعل الحكم بتوسط الامارة فلا يبطل الاجتهاد الاول فى هذه الصورة واما الحق عند المصنف فالحجية الامارة انما تكون من باب الطريقية فلا يجعل الحكم فى مقابلها.

وتذكر هنا الجملة المعترضة من تقرير شيخنا الاستاد وهى ان ابن قبه اى محمد بن عبد الرحمن بن قبه كان قديما من المعتزلة وتبصر فاختار المذهب الجعفرى وقال انى اخترت هذا المذهب لمعالجة الامراض وقال لاهل الخاصة ارجو منكم اصلاح اموركم اى كان مقصوده من اصلاح الامور تشخيص ما كان حجة لاستنباط الاحكام ولا يخفى ان المحكيّ عن ابن قبه هو استحالة العمل بالخبر الواحد فاستدل على مذهبه بان العمل به موجب لتحليل الحرام وتحريم الحلال اذ لا يؤمن ان يكون ما اخبر بحليته حراما وبالعكس.

والغرض من نقل هذه الجملة المعترضة هو عدم جعل الحكم باقامة الامارة الظنية اى لم تكن حجية الامارة من باب السببية والموضوعية بل كانت حجيتها من باب الطريقية ولا فرق فى هذه الصورة بين ان يكون الطريقية من دون انشاء الحكم وبين ان ينشأ الحكم بنفس الطريقية اى لا فائدة فى هذا الحكم الطريقى.

قوله : ضرورة ان كيفية اعتبارها فيهما على نهج واحد ولم يعلم الوجه للتفصيل بينهما كما فى الفصول الخ.

ويقول المصنف انه لا فرق فى تبدل الرأى بين الاحكام

ومتعلقاتها والمراد من المتعلقات هى عبارة اخرى للموضوعات اى يحصل تبدل رأى فى الاحكام والموضوعات مثلا كون السورة جزء للصلاة ام لا وكذا كون العربية فى عقد البيع شرطا ام لا مثلا افتى المجتهد او لا بان السورة لم تكن جزء للصلاة وحصل له بعد هذا انها جزء للصلاة وهذا من تبدل الرأى فى الموضوعات بل يقال ان الخطاء فى الموضوعات يعود الى الخطاء فى الاحكام.

فاعلم ان الاحكام والموضوعات كلاهما قابلان للاجتهادين لكن فى الاحكام يمكن التصويب واما فى الموضوعات فلا يمكن مثلا لا يمكن ان يصير الصابون جبنا اى حصل القطع اولا انه صابون فتبدل قطعه الى كون هذا الشيء جبنا فلا يمكن فى الفرض المزبور ان تبدل الصابون الى الجبن.

توضيح ما ذكر ان صاحب الكفاية يقول يجوز الاجتهاد ان فى كل من الاحكام والموضوعات ومثل للموضوعات بان المجتهد افتى بعدم جزئية السورة للصلاة وافتى هذا المجتهد ثانيا بجزئيتها لها وهذا مثال لتبدل الرأى فى الموضوعات.

واما صاحب الفصول ففرق بين الاحكام والموضوعات وقال ان الموضوعات لا تتحمل اجتهادين وانما يكون فيها اجتهاد واحد مثلا افتى المجتهد اولا ان عقد النكاح صح بالعقد الفارسى وافتى ثانيا ان عقد النكاح يصح بالعقد العربى لا الفارسى فالصحيح هو الاجتهاد الاول.

واستدل صاحب الفصول على عدم صحة الاجتهادين فى الموضوعات بلزوم العسر والهرج والمرج المخل بالنظام مثلا افتى المجتهد اولا ان الطلاق يصح بالصيغة الفارسية وافتى ثانيا ان

الطلاق لا يصح بها فاذا طلق شخص زوجته على وفق الاجتهاد الاول فتزوجت هذه المرأة بعد انقضاء العدة فلم يصح طلاقها بناء على الاجتهاد الثانى فلا بد أن تكون هذه المرأة زوجة للزوج الاول وهذا مستلزم للهرج والمرج والفتنة واختلاط المياه فالصحيح فى الموضوعات هو الاجتهاد الاول فلا يصح فيها الاجتهاد الثانى.

الحاصل ان صاحب الفصول استدل على عدم صحة الاجتهاد الثانى فى الموضوعات بالادلة الثلاثة الاول ان الموضوعات لا تتحمل اجتهادين : والثانى ان تبدل الرأى فى المتعلقات والموضوعات مستلزم للعسر والحرج والثالث ان تبدل الرأى فيها مستلزم للهرج والمرج والفتنة.

واما صاحب الكفاية فيقول انه لا فرق بين الاحكام والموضوعات فيصح الاجتهاد الثانى فيهما واجاب عن دليله الاول بانه مصادرة اى جعل صاحب الفصول عين المدعى دليلا والظاهر ان المدعى هو ان تتحمل الموضوعات اجتهادين وصاحب الفصول يقول ان الموضوعات لا تتحمل اجتهادين فهذا عين المدعى.

والجواب عن الدليل الثانى اى قال صاحب الفصول ان تحمل الاجتهادين فى الموضوعات مستلزم للعسر والحرج فيجاب عن هذا الاستدلال اولا بالجواب النقضي وهو ان تحمل الاجتهادين فى الاحكام ايضا مستلزم للعسر والحرج مثلا كان رأى المجتهد اولا ان صلاة الجمعة واجبة فتبدل ثانيا الى وجوب صلاة الظهر فهذا مستلزم لبطلان الصلاة السابقة.

واما الجواب الحلى فان العسر والحرج فى هذا المورد شخصى لا النوعى مثلا اتيان الصلاة قائما مستلزم للعسر والحرج بالنسبة الى شخص دون شخص آخر فتبدل الرأى فى الموضوعات انما كان مستلزما للعسر والحرج بالنسبة الى بعض ولم يكن تبدل الرأى المذكور مستلزما لهما بالنسبة الى بعض آخر فلا يصح قول من يقول ان تبدل الرأى فى الموضوعات مستلزم للعسر والحرج على النحو الكلى.

والجواب عن الثالث اى قال صاحب الفصول ان الاجتهاد الثانى فى الموضوعات مستلزم للهرج والمرج والجواب عن هذا الاستدلال الثالث ان باب الهرج والمرج ينسد بالحكومة وفصل الخصومة اى يرفع هذه الخصومة والفتنة بتوسط الحاكم والقاضى.

الحاصل ان المصنف يقول انه لا فرق فى تحمل الاجتهادين اى يقول وبالجملة لا يكون التفاوت بين الاحكام ومتعلقاتها بتحمل الاجتهادين اى ان صح الاجتهاد ان فيصح فيهما وكذا لا تفاوت بعدم التحمل فيهما فقال المصنف لا يكون التفاوت بين الاحكام والمتعلقات بتحمل الاجتهادين وعدم تحملهما بينا ولا مبينا اى لا يكون التفاوت بينهما بديهيا وكذا لا يكون الدليل على التفاوت بينهما.

واما على قول صاحب الفصول فلا يصح تحمل الاجتهادين فى الموضوعات ويعلم من كلامه ان مرور الزمان موجب لعدم صحة الاجتهاد الثانى اى لم يكن انطباق الزمانى باقيا مع أنّه شرط فى تأثير تبدل الرأى فليرجع الى الفصول ولا يخفى ان الكلام يفسر

الكلام مثلا كان الكلام الاول مجملا والثانى مفصلا فالثانى مفسر للاول.

وقال صاحب المعالم ان المتكلم ما دام مشتغلا بالتكلم له حق ان يلحق بكلامه كلاما آخرا وهذا الحق انما يكون بالنسبة الينا واما بالنسبة الى الائمة عليهم‌السلام فيمكن ان يلحق بكلامهم الى سنة وهذا دليل على صحة الاجتهاد الاول دون الثانى لوجود الانفصال الزمانى بينهما.

والظاهر ان بعض الاشياء مما يمر عليه الزمان وبعضها مما لا يمر عليه الزمان واما الاول فلا يصح فيه الاجتهاد الثانى واما الثانى اى ما لا يمر عليه فيصح فيه الاجتهاد الثانى مثلا اذا ذبح الحيوان بآلة غير حديد فافتى المجتهد بصحة الذبح على وفق اجتهاده الاول واما كان هذا الحيوان المذبوح موجودا فافتى ثانيا بعدم صحة الذبح بآلة غير حديد اى افتى بحرمة اكل لحم هذا الحيوان لاشتراطه فى آلة الذبح أن تكون حديدا فيمكن فى هذا المورد ان يكون الاجتهاد الثانى صحيحا لبقاء الموضوع.

قوله واما بناء على اعتبارها من باب السببية فلا محيص عن القول بصحة العمل الخ.

اى كان اصل البحث فى اضمحلال الاجتهاد وتبدل الاجتهاد الاول الى الاجتهاد الثانى وايضا ذكر ان الاعمال السابقة باطلة بناء على القاعدة الاولية لان الاجتهاد الاولى اما ان يكون للقطع بالحكم فتبدل هذا القطع الى قطع آخر واما ان يكون هذا الاجتهاد لاقامة الامارة من باب الطريقية فلم يجعل الحكم فى صورة القطع

به وكذا فى صورة حجية الامارة من باب الطريقية اى لم يجعل الحكم على طبقها فلا يتدارك المصلحة الواقعية بالاجتهاد الاول فتحكم القاعدة الاولية على بطلان الاعمال السابقة.

واما القاعدة الثانوية كحديث لا تعاد الصلاة وحديث الرفع فتدل على صحة الاعمال السابقة.

ولا يخفى ان ما ذكر تكرار لما سبق فيرجع الى اعتبار الامارة من باب السببية قد ذكر ان الحق هو حجية الامارة من باب الطريقية واما العامة فيقولون ان حجيتها من باب السببية فيجعل الحكم المماثل فيتصور جعل هذا الحكم على ثلاثة اقسام :

الاول يتدارك تمام المصلحة الواقعية بتوسط جعل الحكم المماثل فتصح الاعمال السابقة اى لا قضاء فيها ولا اعادة.

الثانى يتدارك بتوسط جعل الحكم المذكور مقدار كثير من المصلحة الواقعية ويبقى منها المقدار الذى لا يجب تداركه ولكن يستحب تدارك ما بقى من المصلحة الواقعية فتصح الاعمال السابقة فى هذه الصورة ايضا.

الثالث يتدارك بتوسط جعل الحكم المماثل مقدار من المصلحة الواقعية ويبقى منها المقدار الذى يجب تداركه فلا تصح الاعمال السابقة فى هذه الصورة.

فقال المصنف واما بناء على اعتبار الامارة الخ فتصح الاعمال السابقة اى اتى المصنف الدليلين لصحة الاعمال السابقة : الاول ما بيّنه بقوله واما بناء على اعتبار الامارة من باب السببية فيجعل الحكم المماثل فتصح الاعمال السابقة : الثانى اى الدليل الثانى

لصحة الاعمال السابقة ما ذكره بقوله وكذا الحال اذا كان بحسب الاجتهاد الاول مجرى الاستصحاب او البراءة النقلية الخ.

اى اذا كان الاجتهاد الاول بتوسط استصحاب الحكم السابق او بتوسط البراءة النقلية فظفر فى الاجتهاد الثانى على خلاف الاجتهاد الاول فالاعمال السابقة صحيحة اى الاجتهاد الاول صحيح وذكر نظيره فى مسئلة الاجزاء اى اذا ثبت حلية الشيء بتوسط كل شىء لك حلال فثبت الحكم المذكور وان كشف خلافه وكذا اذا ثبت الحكم بالاستصحاب وكشف خلافه فالحكم السابق صحيح.

ولا يخفى ان صحة الحكم السابق فيما ذكر انما يكون اذا ثبت الحكومة الواقعية لكل شىء لك حلال وكذا الاستصحاب اعنى اذا ثبت الحلية بهما فيحكم ان هذا الشيء حلال ولا يضر كشف الخلاف اى يكفى اثبات الحلية بكل شىء لك حلال وكذا بالاستصحاب وان لم يكن هذا الشيء فى الواقع حلالا فهذا مراد من الحكومة الواقعية للاستصحاب ولكل شىء لك حلال ولا يخفى ان التعبير المذكور كان من تقرير شيخنا الاستاد.

فثبت انه اذا كان الاجتهاد الاول باقامة الامارة من باب السببية والموضوعية او كان بتوسط الاستصحاب او البراءة النقلية فلا شك فى صحة الاعمال السابقة على وفق الاجتهاد الاول.

قوله فصل فى التقليد وهو اخذ قول الغير ورأيه للعمل به الخ.

وذكر سابقا واما الخاتمة فى الاجتهاد والتقليد وقد علم

ما هو للاجتهاد وكذا نحتاج الى معرفة ما هو التقليد اى فليعرف فى كل علم ثلاثة اشياء : الاول ما هو : الثانى هل هو : الثالث لم هو : والمراد من ما هو تعريف الشيء : والمراد من هل هو احكام الشيء : والمراد من لم هو الغاية والغرض للشيء وعلمت الاشياء الثلاثة فى الاجتهاد الآن يشرع فى بيان التقليد فليتكلم فى ـ تعريفه لغة وعرفا والمراد من العرف هو العرف العام.

والظاهر ان التقليد فى اللغة هو جعل القلادة فى العنق مثلا يقال ان زيدا قلد السيف اى جعله قلادة له وكذا يقال ان الامير جعل السيف قلادة ولا يخفى ان اطلاق اللبس على الخاتم صحيح دون السيف بل يطلق عليه التقليد.

ودليل آخر على كون التقليد لغة هو القلادة ما ذكر فى مسئلة الهدى فى حج القران اى قال هناك ويشترط فى القران ما ذكر فى الافراد ويزيد عقده لاحرامه بسياق الهدى واشعاره بشق سنامه من جانب الايمن ولطخه بدمه ان كان بدنة وتقليده ان كان الهدى غير البدنة بان يعلق فى رقبته نعلا قد صلى السابق فيه اى يجعل النعل قلادة فى الهدى فى حج القران فثبت ان التقليد لغة هو القلادة فى العنق وكذا ما يقال ان على عليه‌السلام قلد الخلافة

ولا يخفى ان التقليد وان لم يكن من افعال القلوب ولكن يتعدى الى المفعولين مثل اعطى وكسى وايضا قد يذكر كلا المفعولين مثلا قلد على (ع) الجهاد قلادة اى جعله قلادة وقد يحذف احد المفعولين للمعلومية مثلا يقال قلد على (ع) الجهاد وهذا بيان التقليد من حيث المعنى اللغوي وقال بعض ان الظاهر كون التقليد

فى اللغة والعرف بمعنى واحد مثلا يقال قلد زيد المجتهد اى فتواه قلادة فى عنقه.

واما المصنف فيقول ان التقليد هو اخذ قول الغير ورأيه للعمل به وهذا ناظر الى المعنى الاصطلاحى اى التقليد اصطلاحا هو اخذ قول الغير للعمل فى الفرعيات واما اصول العقائد فنهى التقليد فيها ولكن يجوز اخذ قول الغير للالتزام به فى الاعتقاديات تعبدا لحصول القطع فلا يجوز التقليد فى الاصول من حيث هل هو اى يفرق من حيث الحكم بين الفرعيات والاعتقاديات.

ويقول بعض ان التقليد عبارة من العمل بقول الغير اى لا يصح من دون العمل وقال بعض آخر ان التقليد هو الاخذ بقول الغير والعمل انما يكون بعد التقليد والمذكور فى العروة الوثقى ان التقليد هو الالتزام بقول الغير كاخذ رسالة عمليته.

ولا يخفى ان التقليد من حيث ما هو يرجع الى الاقوال الثلاثة : الاول هو العمل بقول الغير : الثانى هو اخذ قول الغير : الثالث هو الالتزام بقول الغير واما المصنف فيقول ان التقليد هو الاخذ بقول الغير لا العمل به وهو انما يكون بعد التقليد اى ان التقليد مقدم على العمل والا لزم كونه بلا تقليد.

قوله فافهم.

هذا اشارة الى طلب الدليل من المصنف اى ما الدليل من الكتاب والسنة على كون العمل بعد التقليد اعنى ليس لنا الدليل على ما ذكر منهما ولكن ما يظهر لنا هو كون العمل على وفق قول الغير

وقال شيخنا الاستاد ان التقليد هو العمل بقول الغير فالتقليد هو العنوان الثانوى للعمل فظهر ان التقليد هو العمل بقول المجتهد مثلا عمل شخص عشر سنين من دون التقليد فان كان عمله مطابقا لفتوى المجتهد فهو صحيح فالحق ان التقليد هو العمل بقول الغير ولم يكن مقدما رتبة على العمل وكان الكلام الى هنا فى ما هو وتعريف التقليد الآن يشرع فى بيان حكمه.

قوله ثم إنّه لا يذهب عليك ان جواز التقليد ورجوع الجاهل الى العالم فى الجملة يكون بديهيا جبليا فطريا الخ.

هذا بيان لحكم التقليد اى جواز التقليد ورجوع الجاهل الى العالم فى الجملة يكون بديهيا قوله فى الجملة اشارة الى خروج الافراد الغير الجامع لشرائط الافتاء اعنى رجوع الجاهل الى العالم الجامع للشرائط من البديهيات فهى على ستة اقسام بحكم الاستقراء : اوليات : ومشاهدات : وتجربيات : ومتواترات : وحدسيات : وفطريات.

والمراد من الفطريات ما تكون قياساتها معها اى لا يغيب حد الوسط عن الذهن مثلا الاربعة زوج فحد الوسط فى هذا المثال هو المنقسم بالمتساويين فهذا الوسط ليس مما يذهب عن الذهن حتى يحتاج الى الطلب الفكر فكلما احضر الشخص الزوجية فى الذهن حضر التصديق بها لحضور الوسط اى المنقسم بالمتساويين فى الذهن.

فيرجع الى كلام المصنف اعنى ان رجوع الجاهل الى العالم يكون بديهيا جبليا فطريا ولا يخفى ان الفطرى والجبلى على

قسمين اى هما منطقى واصولى فالفطرى والجبلى على رأى اهل المنطق ما يحتاج الى حد الوسط ولكن حد الوسط لا يغيب عن الذهن وبعبارة اخرى فهذا الوسط ليس مما يذهب عن الذهن حتى يحتاج الى الطلب والفكر.

واما المراد من الفطرى والجبلى عند الاصولى ـ ما هو داخل فى اصل الخلقة اى لا يحتاجان الى حد الوسط.

فالدليل الاول لجواز التقليد هو ان رجوع الجاهل الى الغير فطرى وجبلى فلا يحتاج الى الدليل وإلا لزم سد باب العلم به على العامى وجه هذا اللزوم هو عدم امكان الاستدلال للعامى اى لا يكون اهلا لفهم الكتاب والسنة حتى يستدل على جواز التقليد بهما.

وايضا لا يجوز التقليد فى جوازه لانه مستلزم للدور او التسلسل والمراد من الدور هو نتيجته ولم يكن المراد منه الدور المصطلح اى توقف الشيء على ما يتوقف عليه والمراد من نتيجة الدور ما كان جهة وسببا لبطلان الدور اى لزوم تقدم الشيء على نفسه مثلا إن ثبت التقليد بالتقليد بان يقلد الغير فى جواز التقليد فيلزم تقدمه على نفسه اى يلزم توقف جواز التقليد على جوازه فلا يجوز التقليد فى هذه المسألة للزوم الدور او التسلسل وقد بين وجه لزوم الدور.

واما وجه لزوم التسلسل فهو إن ثبت التقليد بالمسألة الاخرى بان يتوقف جواز التقليد على جوازه فى مسئلة اخرى فيتوقف جوازه فى هذه المسألة على مسئلة اخرى وكذا يتوقف جواز التقليد فى هذه المسألة على جوازه فى مسئلة اخرى وهكذا فهذا تسلسل فثبت عدم صحة التقليد فى نفس جوازه كما كتب فى

بعض الرسائل ان اصل جواز التقليد لم يكن تقليديا.

فظهر ان العمدة فى ادلة جواز التقليد هى كونه فطريا وجبليا وايضا استدل على جواز التقليد بالاجماع والسيرة وآية النفر والسؤال.

فاعلم ان العمدة فى ادلة جواز التقليد هى ان يكون فطريا واما الاجماع فهو مدركى فلا يصح الاستدلال به وكذا لا يصح الاستدلال على سيرة المتدينين لان هذه المسألة من الفطريات.

واما الاستدلال بالآيات فالعمدة فيها آيتان الاولى آية النفر والثانية آية السؤال والظاهر ان هاتين الآيتين كانتا فى مورد تحصيل العلم اى سؤال من اهل الذكر انما يكون لتحصيل العلم والتقليد هو الاخذ بقول الغير تعبدا وايضا ان المراد من اهل الذكر هو اهل العصمة الاطهار وكذا فسر ان اهل الذكر هو علماء اهل الكتاب اى فليسأل اهل الكتاب من علمائهم عن مسئلة النبوة فهذه الآية انما تكون فى بيان اصول العقائد ولا دخل لها فى مسئلة التقليد لانه انما يكون فى الفروعات.

وكذا آية النفر انما تكون فى مورد اثبات حجية الخبر الواحد ولا تكون هذه الآية فى بيان جواز التقليد.

قوله : نعم لا بأس بدلالة الاخبار عليه بالمطابقة او الملازمة الخ.

وقد بين ان جواز التقليد يكون بديهيا وأيضا ذكر ان الاجماع لا يكون دليلا لجوازه لان هذا الاجماع مدركى اى يكون الاجماع لاجل كون التقليد من الامور الفطرية وكذا السيرة مدركية أيضا

أى اخذ هذه السيرة لاجل فطرية التقليد وكذا الآيات اى لا تدل على جواز التقليد وقد استدل بهذه الآيات على حجية الخبر الواحد وقال المصنف هناك انه لا يصح الاستدلال بالآيات المذكورة على حجية الخبر.

واشكل شيخنا الاستاد عليه بان المصنف يقول هنا ان الآيات المذكورة لا تدل على جواز التقليد ولكن قال فى مسئلة حجية الخبر ان هذه الآيات لا تدل على حجية الخبر بل تدل على جواز التقليد فكان قول المصنف هنا على عكس قوله فى السابق فى مسئلة حجية الخبر.

واما الاخبار فيصح الاستدلال بها على جواز التقليد فبعضها يدل عليه بالمطابقة كما فى التوقيع واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة احاديثنا وقد يكون دلالة الخبر على النحو الشخصى نحو قوله (ع) فارجعوا الى ذكريا ابن آدم لانه ثقة هذا الخبر شخصى ولكن لم يكن المدخلية للشخصية لان هذا الخبر معلل بكون المفتى ثقة اى يجوز الرجوع الى الثقة واما التوقيع المذكور فهو على النحو الكلى فما ذكر دال على جواز التقليد بالمطابقة.

واما بعض الاخبار فهو دال على جواز التقليد بالالتزام كقوله (ع) انا احب ان يفتى الاصحاب بالحلال والحرام فالملازمة ظاهرة بين جواز الفتوى وجواز التقليد واما الدلالة المفهومية فهى مثل ما دل على المنع عن الفتوى بغير علم فيدل هذا بمفهومه على جواز الافتاء مع العلم اى يدل ما ذكر بمفهومه المخالف على

جواز التقليد.

الحاصل ان بعض الاخبار دال على جواز التقليد بالمطابقة او بالالتزام وكذا يدل بعضها عليه منطوقا وبعضها مفهوما ولكن اشكل على ما يدل على جواز التقليد بالالتزام مثلا يمنع (ع) من الافتاء بغير علم فيدل هذا بمفهومه على جواز التقليد مع العلم لان الفتوى يجوز مع العلم فالملازمة ثابتة بين جواز الفتوى وجواز التقليد.

ولكن اشكل عليه بانا لا نسلم الملازمة بين جواز الفتوى وبين رجوع الغير اليه اى يمكن ان يجوز الافتاء مع العلم وان لا يجوز تقليد الغير منه وقد سبق نظيره فى مسئلة حجية الخبر الواحد اى استدل على حجية الخبر بآية حرمة الكتمان وجه الاستدلال ان هناك ملازمة عقلية بين حرمة الكتمان ووجوب الاظهار ووجوب القبول.

فاشكل هناك بانه ليست الملازمة بين وجوب الاظهار ووجوب القبول فيمكن ان يكون الاظهار واجبا وان لا يكون القبول واجبا وكذا فى المقام فيمكن جواز الفتوى وعدم جواز رجوع الغير اليه واشار الى هذا الاشكال المصنف.

بقوله : لا يقال ان مجرد اظهار الفتوى للغير لا يدل على جواز اخذه واتباعه.

اى هذا بيان لعدم صحة دلالة الاخبار بالملازمة على جواز التقليد وقد ذكر نظير هذه المسألة فى حجية خبر الواحد بآية

حرمة الكتمان اى قال فيما سبق ان الملازمة بين حرمة الكتمان وجوب الاظهار ووجوب القبول تدل على حجية الخبر فاشكل هناك انه ليست الملازمة بينهما وكذا الحكم فيما نحن فيه اى استدل على جواز التقليد لاجل الملازمة بين جواز الافتاء وجواز التقليد

واشكل على هذا الاستدلال بقوله لا يقال ان مجرد اظهار الفتوى الخ. حاصل الاشكال انه ليست الملازمة بين جواز الفتوى وجواز التقليد مثل ما سبق فى حجية خبر الواحد اى استدل هناك على حجية الخبر بواسطة الملازمة بين وجوب الاظهار ووجوب القبول فاشكل هناك انه ليست الملازمة بينهما.

قوله : فانه يقال ان الملازمة العرفية بين جواز الافتاء وجواز اتباعه واضحة الخ.

هذا جواب الاشكال حاصله انه سلمنا عدم الملازمة بين حرمة الكتمان ووجوب القبول اى يمكن ان يكون الكتمان حراما وان لا يكون القبول واجبا وبعبارة اخرى يمكن ان يكون اظهار الحق واجبا وان لا يكون القبول واجبا تعبدا واما فى مقام البحث فالملازمة العرفية بين جواز الافتاء وجواز الاتباع واضحة فظهر ان الاخبار تدل على جواز التقليد.

فاشكل على المصنف ان الآيات تدل على عدم جوازه كقوله تعالى (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) قال شيخنا الاستاد ان المخاطب فى هذه الآية هو النبى لكونه (ص) فى المرأى والمسمع واما المقصود فهو غيره اى لا يجوز لكل الناس العمل بغير علم ونظير هذا الخطاب كثير فى العرف مثلا تقول امرأة لبنتها انت فاسقة وكان المقصود زوجة ابنها اى العروسة وبعبارة شيخنا الاستاد آن زن مى گويد دختر تو را

مى گويم عروس تو بشنو.

الحاصل ان النهى فى الآية يدل على عدم جواز التقليد لكونه العمل بغير علم وكذا قوله تعالى (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) اى كان النبى (ص) دعا الناس الى الله تعالى وطلب منهم ترك تقليد آبائهم اى ذم مشركون على تقليد آبائهم فيظهر من هذا الذم عدم جواز التقليد.

والدليل الآخر على عدم جواز التقليد هو قياس المسائل الفرعية على المسائل الاصولية والاعتقادية اى ان المسألة الاصولية مع غموضها لا يجوز فيها التقليد فالمسألة الفرعية مع سهولتها فلا يجوز فيها التقليد بالطريق الاولى.

واما الجواب عن ادلة الثلاثة التى استدل فيها على منع اتباع غير العلم وذم التقليد فنقول ان الآيات تدل على منع اتباع الظن انما تكون تلك الدلالة على نحو العموم والاطلاق لكن كل مطلق قابل للتقييد وكذا كل عام قابل للتخصيص.

فالاخبار التى تدل على اتباع الظن وجواز التقليد مخصصة لتلك الاطلاقات اى تقول هذه الاخبار انه لا يجوز التقليد الا فى المسائل الفرعية وكذا ما يدل على ذم التقليد فالمراد من التقليد المذموم هو تقليد الجاهل من الجاهل واما تقليد الجاهل من العالم فلم يكن مذموما.

واما الجواب عن قياس المسألة الفرعية فى المسألة الاصولية فنقول ان هذا القياس قياس مع الفارق لان المراد من القياس هو ان يثبت بتوسط شىء الحكم لشيء آخر مثلا فيما نحن يقاس حكم التقليد فى المسألة الفرعية على المسألة الاصولية

لكن رد هذا القياس لكونه مع الفارق اى ان الفرق بين المسألتين واضح فيدرك كل احد المسألة الاصولية بحسب عقله ويوجد المعرفة الى الله تعالى لكل واحد من الناس بحسب حكم العقل.

هنا قضية معروفة وهى سئل شخص من امرأة ضعيفة هل تعرفين الله تعالى قالت نعم فسئل ما الدليل لك على معرفته تعالى فقالت فى الجواب الدليل هو الآلة التى اسوى الخيط من الصوف فان هذه الآلة محتاجة الى المحرك وانا محركها فسير الشمس والقمر والنجوم محتاج الى المنظم والمحرك وهو الله تعالى.

والحاصل انه لا يصح قياس المسألة الفرعية على المسألة الاصولية لان الاصول الاعتقادية قليلة بالنسبة الى الاحكام الفرعية فانها مما لا تعد ولا تحصى ولا يكاد يتيسر من الاجتهاد فيها الا للاوحدى من الناس فقياس الشيء الكثير على القليل قياس مع الفارق.

قوله فصل اذا علم المقلد اختلاف الاحياء فى الفتوى مع اختلافهم فى العلم والفقاهة الخ.

ويبحث فى هذا الفصل من تقليد الاعلم اى هل يجب تقليده ام لا وكان هذا البحث من القديم واما المصنف فقد زاد فيدين آخرين بقوله اذا علم المقلد اختلاف المجتهدين فى الفتوى مع اختلافهم فى العلم والفقاهة فيجعل تقليد الاعلم مورد البحث مع وجود هذين القيدين فلا بد من رجوع الجاهل الى الافضل لان الشخص الجاهل معتقد بالله تعالى وايضا معتقد بصدور الاحكام منه تعالى الى العباد فلا بد من رجوع الجاهل الى الاعلم بحجية قوله.

واما اذا كان المجتهدان مشتركين فى الفتوى ولم يكن الاختلاف بينهم فيه فيجوز التقليد من كل منهما بلا اشكال فلا حاجة الى تقليد الاعلم فى هذه المسائل المشتركة وقد ذكر سابقا ان المراد من التقليد هو اخذ قول الغير ولكن هل يجوز فى صورة التعدد تقليد كل منهم من دون تعيين الاعلم ام لا.

فيقال ان قلت ان التقليد فى هذه الصورة يجوز من دون التعيين فهذا صحيح بالنظر الى اشتراك المجتهدين فى الفتوى وان قلت انه لا يجوز التقليد فى هذه الصورة من دون التعيين فهذا صحيح ايضا اى هذا ناظر الى اختلافهم فى الفتوى فيجب فى هذه الصورة تقليد الاعلم.

الحاصل انه اذا علم المقلد اختلاف المجتهدين فى الفتوى مع اختلافهم فى العلم والفقاهة فهذا محل البحث ويبحث هنا على النحوين فتارة يبحث ان تقليد الاعلم هل يجب ام لا ويبحث تارة اخرى انه اذا كنت انا وعقلى وجب تقليد الاعلم ووجه وجوبه ان تقليد غيره مشكوك.

وقد ذكر سابقا فى مبحث حجية خبر الواحد ان الشك فى حجية الشيء كاف فى عدم حجيته وايضا سبق فى المبحث المذكور ان العقل قد يكون ابا الحكم الواحد وقد يكون ابا الحكمين اى العقل فى مورد القطع بعدم حجية الشيء والشك فيها ابو الحكم الواحد وهو عدم حجية الشيء فى هذين الموردين بحكم العقل وكذا فى المقام اى العقل فى صورة القطع بعدم حجية قول غير الاعلم والشك فيها ابو الحكم الواحد اعنى عدم حجية قوله فى الصورتين.

وبعبارة اخرى ان العقل يحكم فى الموردين بملاك واحد وهو عدم القطع بحجية الشيء.

والحاصل ان العقل فى الموردين المذكورين انما يكون ابا الحكم الواحد واما ان كان العقل فيما ذكر ابا الحكمين فيحكم بعدم حجية الشيء فى صورة القطع به ويحكم بحجيته فى صورة الشك فيها وقد ثبت ان العقل فى مثل هذه المورد ابو الحكم الواحد.

قال المصنف ولا وجه لرجوعه الى الغير فى تقليده الا على نحو دائر.

اى لا يجوز ان يرجع فى تقليد غير الاعلم الى الاعلم لكونه مستلزما للدور اى يتوقف جواز تقليد غير الاعلم على جواز الرجوع فيه الى الاعلم وايضا يتوقف الرجوع اليه على جواز تقليد غير الاعلم فيلزم تقديم الشيء على نفسه.

ويقول بعد هذا بقوله نعم لا باس برجوعه الى الغير الخ. اى ان رجع الجاهل الى الاعلم فاجازه فى الرجوع الى الغير فلا بأس الرجوع اليه لان هذا تقليد من الاعلم فى الواقع اعنى افتى الاعلم بجواز تقليد غير الاعلم فلا اشكال فى تقليده فى هذه الصورة.

ولكن ذكر فى العروة الوثقى عدم جواز افتاء الاعلم بالرجوع الى غيره اى لا يصح للاعلم ان يقول ان تقليد غير الاعلم جائز لكم فما ذكر هنا متناف لما ذكر فى العروة

وكذا يجوز الرجوع الى غيره اذا استقل عقل المقلد بالتساوى فى الرجوع الى الاعلم وغيره ولا يخفى ان العقل يحكم فى صورة

دوران الامر بين التخيير والتعيين على التعيين فمقام البحث كان من دوران الامر بين التعيين والتخيير اى يدور الامر بين تعيين تقليد الاعلم وبين التخيير فى تقليد الاعلم وغيره فالعقل يحكم فى هذه المورد على تعيين تقليد الاعلم فكان البحث الى هنا فى بيان حكم الجاهل اى بين حكم عقله فى مورد دوران الامر بين التعيين والتخيير فظهر ان حكم العقل فى هذا المورد هو التعيين.

فيبحث الآن من حكم المجتهدين اى يبحثون بينهم من تقليد غير الاعلم فيقول بعضهم ان تقليده جائز ويقول المشهور ان تقليده لا يجوز والدليل لهم هو الاصل اى يقولون ان الاصل هو عدم جواز تقليد غير الاعلم فالاصل دليل مع عدم دليل آخر فى مقابله.

واما غير المشهور فيقولون انه يجوز تقليد غير الاعلم فاستدلوا على الادلة الاربعة :

الاول اطلاق الآيات والاخبار اى يفهم من اطلاقهما عدم الفرق بين الاعلم وغيره.

والثانى السيرة والمراد منها هو الاجماع العملي والمراد من الاجماع اصطلاحا هو الاجماع القولى.

والثالث ان وجوب تقليد الاعلم مستلزم للعسر مثلا اذا كان الاعلم فى بلدة بعيدة واما غير الاعلم حاضر عندنا فتقليد الاعلم حينئذ موجب العسر لانه ساكن فى بلدة بعيدة فاخذ المسائل منه مشكل.

والرابع ان يكون العسر فى معرفة الاعلم فلا يكون التكليف العسرى واجبا ولا يخفى ان الدليل الثالث بيان للعسر فى الكبرى

اى وجوب تقليد الاعلم موجب للعسر لكونه فى بلدة بعيدة واما الدليل الرابع فهو بيان للعسر فى الصغرى اى تشخيص الاعلم موجب للعسر فيقول غير المشهور انه لا يجب تقليد الاعلم بالادلة الاربعة المذكورة.

والجواب ان هذه الادلة المذكورة غير تامة واما الجواب عن الدليل الاول فنقول ان الاطلاق انما يكون فى المورد الذى كان المتكلم فيه لبيان تمام المراد اى قد لا يكون المتكلم فى مقام بيان تمام مراده مثلا يقول اشتر اللحم فلا يكون فى مقام البيان فى هذا المورد بل يكون فى مقام شراء اللحم

فحاصل الجواب الاول ان المتكلم لم يكن فى مقام بيان تمام المراد فلم يكن هنا اطلاق فان كان فى مقام البيان فليقل ان التقليد جائز من اى عالم فليس فى الآيات والروايات لفظة اى عالم فلم يكن المولى فى مقام البيان بل كان فى مقام اصل التشريع اى يقول ان التقليد شرعا جائز ولم يعلم من هذا جوازه من الاعلم وغيره.

الآن يشرع فى الجواب عن السيرة فنقول ان السيرة لم تكن موجودة فى المقام بل تقوم السيرة بلزوم الفحص فى هذا المورد اى اذا علم المقلد الاختلاف المجتهدين فى الفتوى مع اختلافهم فى العلم والفقاهة فالسيرة الفعلية على الفحص فى صورة الشك فضلا عن العلم باعلمية احدهما اجمالا فيتفحص فى هذا المورد من وجوب تقليد الاعلم والتخيير اى هل يجب تقليد الاعلم ام كان التخيير بين تقليد الاعلم وتقليد غيره فلم تجر السيرة فى مساواة تقليد الاعلم وغيره.

واما الجواب عن الدليل الثالث اى العسر فى الكبرى فنقول انه ليس العسر فى وجوب تقليد الاعلم لامكان اخذ فتاويه من رسائله وكتبه وايضا الاعصار مختلفة ففى الاعصار الماضية لم تكن الوسائل للوصول الى الاعلم واما فى العصر الحاضر فالوسائل كثيرة كالسيارة والطيارة وغيرهما وكذا كثرت وسائل الطبع فيطبع المجتهد رسائل للمقلدين فيأخذون الرسالة ويعملون بها فلا عسر لهم.

وكذا الجواب عن الدليل الرابع اى العسر فى الصغرى فنقول انه لا عسر فى تشخيص الاعلم لان تشخيص الاعلمية ليس باشكل من تشخيص اصل الاجتهاد فانت تقول ان تشخيص اصل الاجتهاد واجب اى يجب ان يشخص ان الفلان مجتهد فكذا يجب تشخيص الاعلم.

قوله : قد استدل للمنع أيضا بوجوه الخ.

اى استدل المشهور على منع تقليد غير الاعلم بالادلة الثلاثة ولا يخفى ان هذه الادلة غير استدلالهم بالاصل. والاول : هو الاجماع اى ادعى الاجماع على تعيين الاعلم عند المعارضة واما عند الموافقة فلا اشكال فى الرجوع الى غير الاعلم وقد سبق هذا اى اذا اتفق الاعلم وغيره فى الفتوى اخذ الفتوى المشترك فهذا خارج عن محل بحثنا والمراد من الاجماع هو الاجماع المنقول.

الثانى الاخبار الدالة على ترجيحه مع المعارضة الخ.

اى الاخبار دالة على منع من تقليد غير الاعلم عند المعارضة مثلا رواية المقبولة ونحوها اى رواية داود ابن حصين تدلان على

تقديم الافضل عند المعارضة وحاصل الروايتين انه سئل من الامام عليه‌السلام عن القاضيين الذين حكم كل منهما على خلاف آخر فقال (ع) فليؤخذ افضلهما.

وكذا دليل لاخذ الاعلم قول امير المؤمنين عليه‌السلام الى مالك الاشتر اختر للحكم بين الناس افضل رعيتك.

الثالث ان قول الافضل اقرب الى الواقع من غيره الخ.

اى يترتب هنا القياس فالصغرى ان قول الافضل اقرب الى الواقع من غيره والكبرى كل اقرب الى الواقع يجب العمل به والنتيجة فالافضل يجب العمل به وقد ذكر الى هنا الادلة الثلاثة للمنع من تقليد غير الاعلم.

فالجواب عن الدليل الاول ان الدليل لوجوب تقليد الاعلم هو الاصل لا الاجماع اى لم يكن فى هذا المورد الاجماع المحصل لاختلاف الاقوال فى وجوب تقديم الاعلم وعدم وجوبه والمنقول منه فلم يكن حجة وايضا هذا الاجماع مدركى فليرجع الى مدركه والمراد من مدرك هذا الاجماع هو الاصل فلا فائدة لهذا الاجماع بل يرجع الى الاصل.

والجواب عن المقبولة وغيرها ان الروايتين كانتا فى مقام القضاوة ولا يخفى ان المقبولة تقول يؤخذ افقههما وليست لفظة افقههما فى رواية داود فقد استدل فى الروايتين على تعيين تقليد الافضل فاجيب ان الروايتين كانتا فى مقام الحكومة لاجل رفع الخصومة وكذا ما هو المنقول عن امير المؤمنين (ع) الى مالك الاشتر اى خذ للحكم الافضل فهذا فى مقام القضاوة ايضا.

فيقول المشهور سلمنا ان الروايتين فى مقام القضاوة ولكن الملازمة بين القضاوة والفتوى ثابتة فيقال فى الجواب انه ليست الملازمة بينهما لان القضاوة انما تكون لاجل رفع الخصومة التى لا تكاد ترتفع الا بالافضل واما بحثنا فانما يكون فى مقام الفتوى فلا نحتاج الى الافضل.

واما الجواب عن الدليل الثالث فانه ممنوع صغرى وكبرى اى رتب القياس لتعيين الافضل على هذا النحو الافضل اقرب الى الواقع وكل اقرب الى الواقع يجب العمل به فالافضل يجب العمل به. فاشكل على هذا القياس صغرى وكبرى وقد ذكر فى محله ان الشكل الاول بديهى الانتاج ويشترط فيه ايجاب الصغرى وكلية الكبرى ولم يشترط فيه كلية الصغرى ولكن اذا كانت الصغرى موجبة جزئية فالنتيجة موجبة جزئية كما فى القياس المذكور فان الصغرى اى الافضل اقرب الى الواقع موجبة جزئية فينتج هذا القياس ان الافضل بعض الاوقات اقرب الى الواقع لا دائما لان فتوى المفضول قد يكون اقربا للواقع فلا ينتج هذا القياس ان الافضل اقرب الى الواقع دائما.

فيقال ان قطعنا النظر عن الاشكال الصغروى اى سلمنا ان الصغرى موجبة جزئية صحيحة ولا اشكال فيها فنشكل فى الكبرى اى لا نعلم ان الصغرى داخلة فى الكبرى فلا نعلم ان الملاك لوجوب اخذ الافضل هو الاقربية الى الواقع بل الملاك لوجوب اخذه هو التعبد فلا يظهر لنا الملاك فى الافضل وغيره فالملاك لوجوب تقليد الاعلم هو التعبد اى وجوب تقليده انما يكون من باب التعبد ولم يكن الملاك لوجوب تقليد الاعلم أقربيته للواقع.

واعلم ان الملاك فى وجوب تقليد الاعلم ليس الاقربية لان هذا الملاك قياس والمراد منه الاولوية الظنية اى ان جعلنا الملاك لوجوب تقليد الاعلم الاقربية للواقع فهى الاولوية الظنية وليست هذه الاولوية حجة عندنا وان كانت حجة عند العامة واشكلوا علينا بان القياس حجة عندكم ايضا فلا وجه للاشكال علينا فنقول فى الجواب ان القياس الذى كان حجة للخاصة هو ما كان ملاكه قطعيا والظاهر ان هذا لم يكن قياسا لانه ما كان ملاكه ظنيا.

فنرجع الى محل البحث اى ان اشكل علينا الخصم بان قولكم هو تابعية الحكم للملاك فاذا لم يكن الملاك فلم يكن الحكم فما الملاك فى وجوب تقليد الاعلم فنقول فى الجواب انه انما يكون فى يد الجاعل اى النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله واما المجتهد فهو عالم بالقانون.

ويذكر هنا ما فى تقريرات الشيخ من باب المناسبة اى سئل هناك من الاعلم فاجيب بوجوه متعددة احدها ان العلم كيف نفسانى وقابل للشدة والضعف وبعبارة اخرى ان العلم هو الانكشاف فهو قابل للشدة والضعف مثلا علمنا للذات الواجب الوجود ضعيف بالنسبة الى علم النبى (ص) لها.

فيظهر ان المراد من الاعلم من كان الكيف النفسانى والانكشاف فيه قويا.

وثانيها اى الثانى من الوجوه التى ذكرت فى جواب السؤال ان المراد من الاعلم من صار يقينه الا زيد وقد روى ان عيسى عليه‌السلام سار فى وجه الماء كوجه الارض سئل هذا من نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله قال (ص) فى الجواب ولو زاد اليقين واعتقاده لسار فى السماء.

وقد ذكر نظير هذا فى گلستان سعدى ان الشيخ قد يسير فى وجه الماء كوجه الارض وقد يقرب فى هذا السير الى الغرق سئل عنه من الكيفيّة قال فى الجواب للنفس حالات متغيرة فثبت من هذا المثال ان المراد من الاعلمية زيادة اليقين والاعتقاد وقد ذكر معان أخر للاعلمية ولكن لا مجال لذكرها هنا مثلا قيل ان المراد من الاعلم من كان فى تطبيق صغريات على الكبريات قويا.

واذا عرفت معنى الاعلم وان الملاك فى تقليده هو العلم لا الاقربية للواقع فالعلم موجود فى كل من الاعلم وغيره فلا يثبت الملاك لتقدم الاعلم على غيره.

قوله : نعم لو كان تمام الملاك هو القرب الخ.

اى يقول المصنف بقوله نعم سلمنا ما ذكر ان كانت الاقربية الى الواقع تمام الملاك عقلا قد ذكر نظيره فى دليل الانسداد ان نتيجته بعد تماميته حجية الظن عقلا فلا اشكال فى حكمه وكذا فى المقام اى لو كانت الاقربية الى الواقع تمام الملاك عند العقل لتقليد الاعلم لتعين اخذ قوله باعتبار هذا الملاك.

قوله : فافهم.

اشارة الى الاشكال على قوله نعم وهو ان نعم : يقول ان كانت الاقربية الى الواقع تمام الملاك فيصح تقديم الاعلم على غيره فاشكل عليه بلفظة فافهم اى ان كانت الاقربية جزء الملاك او شرطا له فيصح أيضا تعيين تقليد الاعلم لان هذا الجزء او الشرط قد انتفى فى غير الاعلم ولا يخفى ان المركب منتف بانتفاء جزئه وكذا اذا فات الشرط فات المشروط فلا فرق بين أن تكون

الاقربية تمام الملاك او جزئه او شرطه.

قوله : فصل اختلفوا فى اشتراط الحياة فى المفتى الخ.

ويبحث فى هذا الفصل من شرط آخر لمرجع التقليد اى هل يشترط فيه ان يكون حيا ام لا فيبحث تارة من جواز تقليد الميت بدوا وابتداء ويبحث تارة اخرى من الاستمرار والبقاء على تقليد الميت واما المعروف بين الاصحاب فهو اشتراط كون المفتى حيا واما العامة فيقولون انه لم يشترط الحياة فى المفتى فانسدوا باب الاجتهاد وانحصر تقليدهم من المذاهب الاربعة اى يقلدون منها بعد مضى الف سنة.

ويذكر هنا تاريخ من مذاهب العامة فلما كثر الاجتهاد بين العامة واختار كل من المجتهد مذهبا فصار هذا سببا لانسداد باب الاجتهاد على العامة ووقعت هذه القضية فى عصر السيد المرتضى «قدس‌سره» وعصر احد من الخلفاء العباسية اى لما كثرت المذاهب أمضى الخليفة اربعة مذاهب واخذ من كل مجتهد هذه المذاهب الاربعة مأتى الف دينار فقال الخليفة للسيد المرتضى (قد) اعط لى مثل ما اخذته من الدنانير من مجتهدى المذاهب الاربعة حتى امضى المذهب الجعفرى فتصير المذاهب خمسة فحضر (قد) ما عنده من بيت المال ولكن نقص عشرون الف دينار من الدنانير المقررة فلم يمض خليفة المذهب الجعفرى.

فنرجع بعد ذكر التاريخ المذكور الى ما نحن فيه اى جواز تقليد الاموات عند العامة فيقلدون من الائمة هذه المذاهب الاربعة وانسدّوا باب الاجتهاد وقد حكى عن بعض علماء العامة ان علماءنا انسدّوا باب الاجتهاد فسد الله تعالى عليهم باب العلم.

ولا يخفى ان الاخباريين أيضا يجوزون تقليد الاموات وان لا يقبلون الاجتهاد التام كالاصوليين فالاخباريون يقبلون الاجتهاد فيما اخذ من الروايات وكذا يجوز تقليد الاموات بعض فقهائنا كالمحقق القمى قدس‌سره والّف جامع الشتات فقال فيه ان تقليد الاموات جائز لحصول الظن من قول المجتهد الى الواقع.

الحاصل ان بعض المجتهدين اشترطوا الحياة فى المفتى وبعض آخر لم فيه وفصل بعض آخر فى يشترطوها جواز تقليد الميت وعدم جوازه ويذكر هنا وجوه التفصيل.

الاول انه ان وجد المجتهد الحيّ فلا يجوز تقليد الميت واما فى صورة عدمه فيجوز.

والثانى ان كان فتوى المجتهد مضمون الاخبار فيجوز تقليده بعد موته اى ان كان فتوى المجتهد مضمون الاخبار لا الدقائق العقلية كفتوى الصدوقين فيجوز تقليده بعد موته فان فتواهما كالرواية لانهما نقلا الرواية بالمعنى واصل الرواية ما كان نقله باللفظ.

والثالث الفرق بين البدوى والاستمرارى اى لا يجوز تقليد الميت ابتداء ولكن البقاء على تقليده جائز وجعل محل البحث فى متن الكفاية هذا التفصيل.

واما التفصيل الاول فهو خارج عن محل البحث لان بحثنا انما يكون فى صورة وجود المجتهد الحيّ ولم يذكر المصنف هذا الوجه والسبب لعدم ذكره هو خروجه عن مقام البحث.

والوجه الثانى ايضا خارج عن محل البحث لنقل هذا المجتهد اصل الرواية فلم يكن هذا النقل اجتهادا بل نقل كلام الامام (ع)

بلفظ آخر وقد ذكر عدم اشتراط نقل لفظ الرواية.

واما المصنف فيقول انه لا يجوز تقليد الميت مطلقا ويقول بعض آخر انه يجوز مطلقا فيحتاج هذه الاقوال الى الدليل واذا لم يكن الدليل لها لحقت باصوات الحيوانات فيقول المصنف انا نبحث اولا فى التقليد الابتدائى اى يقول انه لا يجوز تقليد الميت ابتداء للاصل لان تقليد الحيّ متيقن واما تقليد الميت فهو مشكوك والظاهر ان الشك فيه كاف فى عدم جوازه.

وقد ذكر سابقا ان الشيء قد يكون ابا الحكم الواحد وقد يكون ابا لحكمين اى كان له حكم فى صورة القطع وكان له حكم آخر فى صورة الشك واما فى مقام البحث فعدم جواز تقليد الميت فى صورة القطع والشك ابو الحكم الواحد وهو عدم جواز تقليد الميت فى صورة القطع بعدم جوازه والشك فيه وهذا دليل لمن منع من تقليد الميت اى اصل عدم جواز تقليد الميت.

واما المجوزون فاستدلوا على جواز تقليده بالاستصحاب اى يقول المستدل ان تقليد العلامة والمحقق والصدوق (قدس‌سرهم) كان جائزا يقينا فشك فيه بعد حياتهم فيشمل لا تنقض اليقين بالشك هذا المورد.

ولكن اشكل على هذا الاستدلال بوجهين : الاول ان الاستصحاب انما يصح بالنسبة الى الموجودين فى عصر هذه الآيات العظام واما الشخص المستصحب الموجود فى هذا الزمان فلم يكن موجودا فى عصر العلامة والصدوق والمحقق «قدس سرّهم» مثلا انا لم اكن موجودا فى العصر المذكور لان رحلة المحقق وغيره كانت فى سنة الف وستة فليس لنا اليقين بالحدوث اى حدوث جواز التقليد وشرط

الاستصحاب هو اليقين بالحدوث والشك فى البقاء فكان اليقين بالحدوث للموجودين فى عصر العلامة والمحقق وليس لنا الشرط المذكور هذا دليل اول لرد استصحاب جواز تقليد الميت.

واشكل على هذا الرد اولا بان فتوى العلامة والمحقق وغيرهما من القضايا الحقيقية لا الخارجية مثلا لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا قضية حقيقية وكذا الخطابات الشفاهية كاقيموا الصلاة اى يشمل هذا الخطاب تمام المكلفين اى سواء كانوا فى مجلس الخطاب ام لا.

والمراد من القضية الحقيقية هى ما لا يشترط فيها وجود الموضوع حين الحكم كما ذكر فى المنطق ان لنا عقد الوضع وعقد الحمل ولا يخفى ان عقد الوضع انما يكون فى القضايا الحقيقية نحو كل كاتب متحرك الاصابع فاتصاف الذات بالكتابة يسمى عقد الوضع هذا قضية حقيقية واما القضية الخارجية فهى ما كان الموضوع موجودا فيها حين الحكم اى يلاحظ فيها الموضوع فى الخارج فردا فردا حين الحكم فلا يرد الاشكال فى فتوى العلامة بالنسبة الينا لكونه على نحو القضية الحقيقية.

واشكل ثانيا على رد الاستصحاب بان دليلكم اخص من المدعى اى استدلوا على رد استصحاب جواز تقليد الميت بانا لم نكن موجودا فى عصر العلامة فلم يكن لنا اليقين بحدوث جواز تقليده فلا يصح الاستصحاب لنا فيفهم من هذا الاستدلال ان الاستصحاب يصح بالنسبة الى الموجودين فى عصر العلامة مع ان المدعى عدم جواز استصحاب تقليد الميت مطلقا اى لا يجوز للاحقين والسابقين.

وايضا يشكل بان يمكن ان يكون الشخص مدركا للزمانين اى زمان

العلامة وزماننا مثلا كان شخص فى زمان العلامة وتيقن بان قوله حق ولكن لم يقلد منه جهلا حتى مات (قده) ثم هدى فقال انى اقلد من العلامة فيصح على قولكم تقليد هذا الشخص من العلامة فصار دليلكم اخص من المدعى اى استصحب مدرك الزمانين يقينا سابقا فيصير جواز تقليد الميت بهذا الفرض على نحو القضية الخارجية وايضا يقول المستشكل انه يصح لنا تقليد العلامة وغيره على نحو الاستصحاب التعليقى مثلا يقال العنب اذا غلى نجس وحرم اى علق نجاسته على الغليان وكذا الحكم فى المقام اعنى يصح تقليد العلامة لنا بهذا النحو اى ان كنت فى عصره كان قوله حجة لنا فكذا قوله حجة فى الزمان المتأخر ولا يخفى ان جواز تقليد العلامة لنا من باب القضية الخارجية على النحوين.

الاول ان يكون من باب الاستصحاب التنجيزى كالمدرك للزمانين قد ذكر انه من ادرك زمان العلامة ولكن لم يقلد منه فيصح له ان يقلد منه فى الزمان المتأخر باليقين السابق والشك اللاحق.

والثانى ان يجوز الاستصحاب على النحو التعليقى اى نقول لو كنا فى زمان العلامة لكان لنا اليقين على جواز تقليده فكذا الحكم فى هذا الزمان وقد استدل المجوز على جواز تقليد الميت بالاستصحاب ورد هذا الاستدلال بوجهين وذكر الى هنا الوجه الاول مع الاشكال عليه.

ويذكر الآن الوجه الثانى على رد استدلال المجوز وكان هذا من المصنف اى لا مجال لاستصحاب جواز تقليد الميت لعدم بقاء الموضوع عرفا لان الموضوع هو الرأى والفتوى فلا يبقى هذا

الموضوع بعد الموت.

فان قلت ان الرأى متعلق على الروح وهو باق الى يوم القيامة فالرأى باق اليه كما قال امير المؤمنين (ع) خلق الانسان للبقاء لا للفناء فثبت بقاء الرأى ببقاء الروح.

قلت سلمنا بقاء الروح بالدقة العقلية واما عرفا فلم يكن باقيا اى يقول العرف اذا مات الانسان فات وقد ذكر فى باب الاستصحاب ان بقاء الموضوع شرط عرفا فبعد الموت لم يكن الموضوع باقيا عند العرف واما بالدقة العقلية فسلمنا ان الروح مجرد والجسم مادى والمجرد غير المادي فلا يذهب المجرد بذهاب المادي.

وقال بعض ان الروح باق بعد الموت كما ان النجاسة وجواز النظر اليه باقيان بعده مثلا مات شخص وكان بدنه نجسا قبل الموت وشك بعده فيستصحب النجاسة وكذا نظر زوجته الى بدنه كان جائزا فى حال حياته وكذا يستصحب جوازه بعد الموت.

فاجاب المصنف بانهما من عوارض الجسم فهما باقيان ببقائه واما الرأى فهو من عوارض الروح ويذهب بذهابه فالروح لم يكن باقيا عند العرف وكذا الرأى فثبت عدم بقاء الموضوع وعدم صحة الاستصحاب والظاهر ان المراد من الموضوع فى مقام البحث هو الرأى والفتوى والمراد من الحكم هو جواز تقليد الميت.

قوله لا يقال نعم الاعتقاد والرأى وان كان يزول بالموت لانعدام موضوعه الخ.

اى يقال ان حدوث الموضوع كاف فى صحة الاستصحاب

وليست المدخلية لبقائه فيه فالموضوعات فى الحكم الشرعي على قسمين فبعضها ما يعتبر حدوثا وبقاء كاستطاعة بالنسبة الى الحج فتعتبر من حيث الحدوث والبقاء.

واما بعض الموضوعات ما يعتبر حدوثا لا بقاء مثلا الموضوع فى قوله اقيموا الصلاة هو الموجود فى زمان الخطاب ولكن لم يعتبر بقائه وكذا فى مقام البحث اى يعتبر الموضوع حدوثا لا بقاء فالرأى المجتهد موضوع لجواز التقليد لكن حدوثه كاف فيه ولا يضر زواله بالموت.

وايضا الاخذ بالرواية دال على جواز تقليد الميت مثلا وصل الينا رواية عن محمد بن المسلم بعد موته بواسطة الناقل فروايته حجة لنا بعد موته وكذا الحكم فى مقام البحث اى الرأى المجتهد حجة لنا بعد موته.

قوله فانه يقال لا شبهة فى انه لا بد فى جوازه من بقاء الرأى الخ.

هذا جواب عن قوله لا يقال حاصله ان الشرط فى جواز التقليد هو بقاء الرأى واذا زال رأى المجتهد بالموت فلا يجوز تقليده ولذا لو زال رأيه بالجنون والتبدل لما جاز تقليده قطعا.

وايضا يقال انه يفرق بين مقام الفتوى ومقام الرواية فان الراوى انما ينقل ما هو مسموع له فاذا مات عمل بمسموعه واما المفتى فانما ينقل رأيه فهو منتف بعد موته.

قوله واما الاستمرارى فربما يقال الخ.

وكان البحث فى مرجع التقليد اى هل يشترط ان يكون حيا

ام يجوز تقليد الميت قال المصنف انه لا يجوز تقليده واما المجوزون فاستدلوا على جواز تقليد الميت بالاستصحاب واشكل المصنف على هذا الاستدلال بعدم بقاء الموضوع بعد الموت وايضا عدم جواز تقليد الميت اجماعى.

ولكن خالف المحقق القمى فى هذا الاجماع لانه انسدادى فيقول يصح تقليد الميت لحصول الظن بقوله الى الحكم الواقعى وكذا العامة فانهم يجوزون تقليد الميت وقد ذكر وجه قولهم وقال شيخنا الاستاد ان العامة فى جامع الازهر المصر اشتغلوا فى تحصيل الاجتهاد فى مقابل الخاصة وقالوا نجتهد مثل الخاصة.

الآن يبحث من البقاء فى تقليد الميت واستدل المجوزون للبقاء بالاستصحاب وقد استدل ايضا المجوز لتقليد الميت ابتداء باستصحاب بقاء الرأى ورد هذا الاستصحاب بعدم بقاء الموضوع.

واما فى مسئلة البقاء على تقليد الميت فاستدل المجوز باستصحاب بقاء الحكم مثلا افتى المجتهد فى وجوب قصر الصلاة اذا كان المسافر قاصدا للمسافة اى بان يكون الذهاب الى المقصد ثمانية فراسخ او بان يكون ذهابه ورجوعه معا ثمانية فراسخ اى افتى المجتهد فى وجوب قصر الصلاة فى الفرض المزبور ومات هذا المجتهد بعد عشر سنين فيجوز البقاء على تقليده لاستصحاب بقاء الحكم السابق وكذا افتى المجتهد على حرمة ونجاسة الخمر ومات بعد عشر سنين فيجوز البقاء على تقليده للاستصحاب وقد ذكر انه لا فرق فى الاستصحاب بين الحكم الوضعي والتكليفي.

قوله ولكنه لا يخفى انه لا يقين بالحكم السابق شرعا الخ.

هذا اشكال على من جوز تقليد الميت باستصحاب الحكم

السابق فيقول المستشكل ان جواز تقليد الميت اما ان يكون عقلا واما ان يكون شرعا فلا يحصل القطع فى الحكم بهما حتى يستصحب وقد علم ان حكم العقل هو المنجزية عند الاصابة والمعذرية عند الخطاء فلا يحصل القطع على الحكم فلا يجوز الاستصحاب لان شرطه اليقين السابق فلا يثبت القطع على جواز تقليد الميت اذا كان دليله حكم العقل.

واما اذا كان جواز تقليد الميت بالامارة فايضا لا يحصل القطع على هذا الحكم توضيحه ان حجية الامارة اما تكون من باب الطريقية واما تكون من باب السببية والموضوعية فان كانت حجيتها من باب الطريقية المحضة فلا يجعل الحكم بها والمصنف يقول ان حجية الامارة هى الطريقية فلا يصح عنده استصحاب جواز تقليد الميت لعدم القطع عليه.

واما اذا كانت حجية الامارة من باب السببية فيجعل فى مقابلها الحكم المماثل اى يجعل الحكم الظاهرى بالامارة مثلا اذا قطع على الحكم بهذه الامارة فشك بعده فيصح استصحاب الحكم السابق.

واما المصنف فيقول ان الحق هو الطريقية لان حجية الامارة من باب السببية والموضوعية مستلزم لجعل الحكم فيلزم اجتماع الحكمين اى الحكم الواقعى والظاهرى مع ان حكم الله تعالى هو حكم واحد فى مورد واحد.

فثبت ان حجية الامارة عند المصنف من باب طريقية محضة فلا يجعل الحكم المماثل حتى يحصل اليقين به فلا يوجد شرط الاستصحاب لزوال احد ركنى الاستصحاب اى اليقين السابق.

فائدة واعلم ان الحكم الظاهرى يجعل ايضا فى صورة حجية الامارة من باب الطريقية ولكن فرق بين الحكمين وجه الفرق ان الحكم الظاهرى فى صورة الطريقية هو وجوب العمل بالحجية واما الحكم الظاهرى فى صورة الموضوعية والسببية هو جعل الحكم المماثل اى يجعل الحكم الآخر مثل الحكم الواقعى فيصح الاستصحاب فى صورة جعل الحكم الظاهرى لتمامية اركان الاستصحاب اى اليقين السابق والشك اللاحق.

وقال شيخنا الاستاد انه لا يخلو هذه الصورة ايضا من الاشكال لان الموضوع اما مركب واما بسيط مثلا يقال ان الصلاة موضوع للوجوب فهل الموضوع نفس الصلاة ام الموضوع هى مع رأى المجتهد والظاهر انه صاحب الرأى فجعل جزء الموضوع.

وبعبارة اخرى ان الموضوع اما الصلاة وحدها واما الموضوع هو الصلاة المعنونة برأى المجتهد اى الموضوع مركب منهما فتارة نقطع بعدم بقاء الموضوع وتارة اخرى نشك فى بقائه ولا يخفى ان الشك فى بقاء الموضوع كاف فى عدم بقائه فاذا كان الموضوع مركبا وشك فى جزئه فهو كاف فى عدم بقاء الموضوع لان المركب منتف بانتفاء الجزء.

واما فى مقام البحث فاذا قلنا ان الامارة حجة من باب الموضوعية جعل الحكم الظاهرى فى مقابلها مثلا ان قامت الامارة فى المقام على جواز تقليد الميت فالموضوع اما مركب واما بسيط اى الموضوع اما تقليد الميت مع رأى المجتهد واما الموضوع هو تقليد الميت وحده فالموضوع فى مقام البحث مركب من تقليد الميت مع رأى المجتهد ولا شك فى انتفاء رأيه بعد

موته فحصل لنا القطع بعدم بقاء الموضوع لان المركب منتف بانتفاء جزئه فلا يصح استصحاب جواز تقليد الميت فى هذه الصورة لزوال احد ركنى الاستصحاب اى بقاء الموضوع فيصح قول المصنف اى عدم جواز تقليد الميت ورد استدلال المجوز بالاستصحاب.

قوله ومنها اطلاق الآيات الدالة على التقليد الخ.

اى قد ذكر ان المجوزين استدلوا على جواز تقليد الميت بوجوه منها الاستصحاب وقد سبق وجه استدلال به مع الاشكال عليه.

ومنها اطلاق الآيات كاطلاق آية النفر وآية حرمة الكتمان فان اطلاقهما دال على حجية خبر الواحد وحجية فتوى المجتهد ولا يخفى ان دلالتهما على حجية قول المجتهد مطلقة اى يجوز تقليده فى حال الحياة وبعده.

فرد هذا الاستدلال اولا بان هذه الآيات لا تدل على حجية فتوى المجتهد بل تدل على حجية خبر الواحد ورد الاستدلال المذكور ثانيا بان الآيات المذكورة انما تكون لبيان اصل التشريع وجعل القانون ولا تكون لبيان اثبات الحكم للموضوع الخارجى.

وكذا استدل على جواز تقليد الميت بدليل الانسداد اى اذا انسد باب العلم والعلمى فلا بد من الرجوع الى الظن فقول المجتهد مفيد للظن بالواقع بلا تفاوت بين المجتهد الحيّ والميت ورد هذا الاستدلال بانه لا تكاد تصل النوبة الى دليل الانسداد لوجود الدليل

العقلى والنقلى فى هذا المورد فيكون باب العلمى مفتوحا.

وايضا استدل بالسيرة على جواز البقاء فى تقليد الميت اى كانت سيرة اصحاب الائمة عليهم‌السلام البقاء على تقليد المفتى بعد موته.

ورد هذا الاستدلال بان الاصحاب انما كانوا يأخذون الاحكام ممن ينقلها عنهم عليهم‌السلام من دون دخل رأى الناقل اى الاصحاب لم يقلدوا من الناقل بل كان مقصودهم قول الائمة عليهم‌السلام.

اللهم وفق لنا لاطاعتهم عليهم‌السلام وقد وفق الله تعالى للعبد الفقير بمنه ولطفه وجوده وكرمه لاتمام مجلدات هداية الاصول فى شرح كفاية الاصول فى قم المقدسة ووقع الفراغ من تسويد الجزء الرابع هذا الكتاب فى اول شهر ذى الحجة سنة ثمانى عشرة واربع مائة بعد الف من الهجرة النبوية الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطاهرين المعصومين.

الفهرس

صفحة الكفاية المحشى

الموضوع

صفحة الشرح

٢٧٣

فى الاستصحاب وتعريفه

٤

٢٧٤

ان البحث فى الاستصحاب مسئلة اصولية

٩

٢٨٠

فى حجية الاستصحاب

٢١

٣٠٨

فى تنبيهات الاستصحاب

٩٥

٣١٠

فى اقسام استصحاب الكلى

١٠٢

فى كون المتيقن من الامور القارة او التدريجية

١١٧

٣٢٥

البحث عن حجية الاصل المثبت

١٤٨

٣٣٣

البحث من اصالة تأخر الحادث

١٧٧

٣٤٣

فى معنى الشك فى اخبار الاستصحاب

٢١٦

٣٥١

فى بيان النسبة بين الاستصحاب وسائر الاصول

٢٤٨

٣٧٦

المقصد الثامن فى التعادل والتراجيح

٢٧٢

التعارض هو التنافى بين الدليلين

٢٧٣

٣٨٢

البحث فى سقوط المتعارضين

٢٨٦

٣٨٥

فى حجية الخبرين المتعارضين من باب السببية

٢٨٩

٣٨٧

فى التزاحم بين الوجوب والاستحباب

٢٩٣

صفحة الكفاية المحشى

الموضوع

صفحة الشرح

٣٩٢

ان التخيير بين المتعارضين ابتدائى

٣٠٤

٣٩٧

هل يقتصر الترجيح على المرجحات المنصوصة

٣٢١

٤٠٠

فى اجتماع الاصل الاولى والثانوى مع الجمع العرفى

٣٣٤

٤٠٣

البحث فى شمول الاخبار العلاجية لمورد الجمع العرفى

٣٣٧

فى حكم تعارض الظاهر والاظهر

٣٤١

٤٠٤

فيما اذا دار الامر بين التخصيص والنسخ

٣٤٤

٤٠٦

البحث فى انقلاب النسبة بين العام والخاص

٣٤٨

٤٠٨

فى لحاظ النسبة بين العام والخاص الثانى

٣٥٣

٤١٠

فى المزايا المرجحة لاحد المتعارضين

٣٦٠

٤١٢

الكلام فى الترتيب بين المرجحات

٣٦٣

٤١٣

فى صيرورة المرجح الجهتى من الصدورى

٣٦٩

٤١٤

فى اشكال بعض تلاميذ الشيخ عليه

٣٧٢

٤١٤

الشيخ قائل بترجيح المرجح الصدورى على الجهتى

٣٧٧

٤١٧

فى ترجيح احد الخبرين بالمرجح الخارجى

٣٧٨

٤١٨

فى القسم الثانى من المرجحات الخارجية

٣٨٢

٤٢٠

واما الخاتمة فهى فيما يتعلق بالاجتهاد والتقليد

٣٩٢

٤٢٢

فى تعريف الاجتهاد

٣٩٤

٤٢٣

الاجتهاد ينقسم الى المطلق والمتجزى

٣٩٧

٤٢٣

فى تقليد المجتهد الانسدادى

٣٩٩

٤٢٦

الاشكال على وقوع المجتهد المطلق

٤٠١

٤٢٦

فى قضاوة المجتهد المطلق

٤٠٤

٤٢٧

البحث فى المجتهد المتجزى

٤٠٧

صفحة الكفاية المحشى

الموضوع

صفحة الشرح

٤٢٩

فى احتياج الاجتهاد الى معرفة العلوم العربية وغيرها

٤١٠

٤٣٠

فصل فى التخطئة والتصويب

٤١٢

٤٣٢

فى اضمحلال الاجتهاد السابق بتبدل الرأى

٤١٨

٤٣٤

فى تعريف التقليد وبيان حكمه

٤٢٨

٤٣٨

الكلام فى تقليد الاعلم

٤٣٨

٤٤١

اختلفوا فى اشتراط الحياة فى المفتى

٤٤٨

٤٤٣

فى بقاء الروح بعد الموت

٤٥٣

٤٤٥

فى الاستدلال على جواز تقليد الميت

٤٥٨

هداية الأصول في شرح كفاية الأصول - ٤

المؤلف: حيدر علي المدرّسي البهسودي
الصفحات: 463
  • فى الاستصحاب وتعريفه
  • فى تقليد المجتهد الانسدادى
  • فى صيرورة المرجح الجهتى من الصدورى
  • فى اشكال بعض تلاميذ الشيخ عليه
  • الشيخ قائل بترجيح المرجح الصدورى على الجهتى
  • فى ترجيح احد الخبرين بالمرجح الخارجى
  • فى القسم الثانى من المرجحات الخارجية
  • واما الخاتمة فهى فيما يتعلق بالاجتهاد والتقليد
  • فى تعريف الاجتهاد
  • الاجتهاد ينقسم الى المطلق والمتجزى
  • الاشكال على وقوع المجتهد المطلق
  • فى المزايا المرجحة لاحد المتعارضين
  • فى قضاوة المجتهد المطلق
  • البحث فى المجتهد المتجزى
  • فى احتياج الاجتهاد الى معرفة العلوم العربية وغيرها
  • فصل فى التخطئة والتصويب
  • فى اضمحلال الاجتهاد السابق بتبدل الرأى
  • فى تعريف التقليد وبيان حكمه
  • الكلام فى تقليد الاعلم
  • اختلفوا فى اشتراط الحياة فى المفتى
  • فى بقاء الروح بعد الموت
  • الكلام فى الترتيب بين المرجحات
  • فى لحاظ النسبة بين العام والخاص الثانى
  • ان البحث فى الاستصحاب مسئلة اصولية
  • المقصد الثامن فى التعادل والتراجيح
  • فى حجية الاستصحاب
  • فى تنبيهات الاستصحاب
  • فى اقسام استصحاب الكلى
  • فى كون المتيقن من الامور القارة او التدريجية
  • البحث عن حجية الاصل المثبت
  • البحث من اصالة تأخر الحادث
  • فى معنى الشك فى اخبار الاستصحاب
  • فى بيان النسبة بين الاستصحاب وسائر الاصول
  • التعارض هو التنافى بين الدليلين
  • البحث فى انقلاب النسبة بين العام والخاص
  • البحث فى سقوط المتعارضين
  • فى حجية الخبرين المتعارضين من باب السببية
  • فى التزاحم بين الوجوب والاستحباب
  • ان التخيير بين المتعارضين ابتدائى
  • هل يقتصر الترجيح على المرجحات المنصوصة
  • فى اجتماع الاصل الاولى والثانوى مع الجمع العرفى
  • البحث فى شمول الاخبار العلاجية لمورد الجمع العرفى
  • فى حكم تعارض الظاهر والاظهر
  • فيما اذا دار الامر بين التخصيص والنسخ
  • فى الاستدلال على جواز تقليد الميت