
بسم الله الرّحمن
الرّحيم
منك الاستيفاق يا
عزيز يا عليم
سبحانك اللهمّ
وبحمدك ، تعالى جدّك ، وتعاظم مجدك ، بدت آلاؤك الباهرة في السماء والأرض لأبصار
العاليات والسافلات ، وسمت أسماؤك المستوية على عرش التقدّس والتأبّه عن تغاير الجهات وتكثّر الحيثيّات ، لا مقل عقول ملائكتك المقرّبين ـ بطامحات التقديس والتمجيد ـ بلغت طوار كنه معرفتك ، ولا أنظار بصائر عبادك القدّيسين بمقاييس الفطن والأفهام قدرتك حقّ قدرك ؛ تباركت وتعاليت لا إله الّا أنت [ب ـ ١]
منك البدأة واليك المصير.
صلّ أحمّ الصلاة ، وسلّم أتمّ التسليم على صفوتك ونصيّتك وخيرتك من بريّتك ، سيّدنا ونبيّنا محمّد ، وحامّته الأقربين ، وعترته الأنجبين ، روقة أصفيائك
__________________
وأبرارك ، وعفوة أشعّتك وأنوارك ، إنّهم شجرة رحمتك ، وحفظة سنّتك ، وحملة
أحكامك ، وخزنة أسرارك.
أمّا بعد فانّ
أفقر المربوبين وأحوج المفتاقين الى رحمة ربّه الحميد الغني محمّد بن محمّد ، يدعي باقر بن
داماد الحسيني ـ ختم الله له في نشأتيه بالحسنى ـ يقول : انّ الصدّيق الصراح والدّيّن القراح ، والفاحص الناهض ، والباحث الخائض ، والمستكشف المتبصّر ، والمستدرّ المتمصّر ، والبارع الفطن ، والقارع اللسن ؛ ذا الصبغة العقليّة ، والقريحة
الملكوتية ، والطينة الايمانيّة ، والفطرة [الف ـ ٢] البرهانيّة ، والعرق النسبيّ
، والفضل الحسبيّ ، أحبّ الخلّان الدينيّة من أكارم التلامذة الذين هم الأولاد المعنويّة الروعانيّة بلّغهم الله تعالى
قصوى النهايات من كمالات القوّتين النظريّة والعمليّة ، وقصيا الغايات من سعادات
النشأتين الدنيويّة والعقبويّة ـ ذاكرني أن أخفّاء الهام ، وسفهاء الأحلام من
مخالفينا ........................................................ طالما يعترضون على ما قد ورد في أحاديث سادتنا المعصومين ـ صلوات
الله عليهم أجمعين ـ في البداء ؛ فالتمس ، وتلمّس ، وألحّ ،
__________________
واقترح أن أوضح هنالك
سبيل الدين ، وأشرح في ذلك باذن الله صدور قوم مؤمنين ؛ ورأيت سائر العصبة الروعية ، والأولاد الروحانية ، أكبادهم الى هذا الفرات
ظامئة ، وأفئدتهم الى هذا المنهل ملتاعة ، فاستخرت ربّي
المهيمن الفيّاض ـ جلّ ذكره وعزّ مجده ـ وقلت لهم ها زمرة الظامئين
الملحّين المقترحين ، ومعشر المتلمّسين لرحيق الحقّ من كأس اليقين! انيّ باذن الله العليم الحكيم آتيكم
: ب «نبراس الضياء وتسواء السواء فى شرح باب البداء ، وإثبات جدوى الدعاء» ، فيه جدد السّبيل الرشد ، وأمم الصراط السويّ ، ومدى الفحص الجرل ، وقصوى القول الفصل في تحقيق حكم اللّوح والقلم وأمر
القضاء والقدر على أقصى ما يتيسّر لابن بجدته من نوع
__________________
البشر ممّن خلق له
، وهو له ميسّر ، والله سبحانه وليّ العلم والحكمة ، به الاعتصام ومنه العصمة.
تقدمة
فيها اقتصاص وحكومة
إنّ مثير فتنة التشكيك إمام المشكّكين وعلّامتهم ، فخر الدّين
الرازي قال في خاتمة كتابه «المحصّل» حاكيا عن سليمان بن جرير الزيديّ أنّه قال : «إنّ
أئمّة الرافضة وضعوا مقالتين لشيعتهم لا يظفر معهما أحد عليهم.
الاولى : القول
بالبداء ، فإذا قالوا : إنّه سيكون لهم أمر وشوكة ثمّ لا يكون الأمر على [ب ـ ٣] ما أخبروه ، قالوا :
بدا لله تعالى فيه. قال زرارة بن أعين من قدماء الشيعة ، وهو يخبر عن علامات
الظهور الامام :
فتلك أمارات
تجيء لوقته
|
|
ومالك عمّا قدر
الله مذهب
|
ولو لا البداء
سمّيته غير فائت
|
|
ونعت البداء نعت
لمن يتقلّب
|
ولو لا البداء
ما كان ثمّ تصرّف
|
|
وكان كنار دهرها
تتلهّب
|
وكان كضوء مشرق
بطبيعة
|
|
والله عن ذكر
الطبائع مرغب
|
والثانية : التقية
، فكلمّا أرادوا شيئا تكلّموا به ، فإذا قيل لهم هذا خطأ أو ظهر لهم بطلانه ،
قالوا : إنّما قلناه تقية» .
فقال حامل عرش
التحصيل والتحقيق ، خاتم الحكماء المحصّلين ، نصير الملة
__________________
والدين ، الطوسي ـ
رضوان الله تعالى عليه ـ في نقده مجيبا عن ذلك : «إنّهم لا يقولون بالبداء ، وإنّما القول
به ما كان إلّا في رواية رووها عن جعفر الصادق ـ عليهالسلام ـ أنه [جعل اسماعيل ، القائم مقامه بعده ، فظهر من اسماعيل
ما لم يرتضه منه ، فجعل القائم الف مقامه موسى ـ عليهالسلام ـ فسئل عن ذلك ، فقال : «بدا لله في أمر اسماعيل.» وهذه ـ ٤]
رواية ، وعندهم أنّ الخبر الواحد لا يوجب علما ولا عملا.
وأمّا التقيّة ،
فإنّهم لا يجوّزونها إلّا لمن يخاف على نفسه أو على أصحابه ، فيظهر ما لا يرجع
بفساد في أمر عظيم دينيّ ، أمّا اذا كان بغير هذا الشرط فلا يجوّزونها. » هذا كلامه.
ونحن نقول : أمّا
ما حكاه إمام المشكّكين في البداء فممّا ينادى بأعلى الصوت وأجهر النداء أنّ
المتعرّض به على دين الرافضة قسطه من تتبّع الأحاديث وتعرّف الأديان طفيف جدا. أليس ذكر البداء والقول به غير مختصّ بالأخبار
المرويّة عن أئمّة الرافضة ـ الذين هم آل قدس العصمة ، وأهل بيت التطهير ، صلوات
الله وتسليماته على أرواحهم وأجسادهم ـ؟ بل إنّه متكرّر الورود في أحاديث رسول
الله ـ صلّى الله وسلّم عليه وآله الطاهرين ـ من طرق الجمهور ومسانيدهم على ما
روته أئمّتهم المحدّثون كالبخاريّ ومسلم ومالك والنسائي والترمذي وأبي داود وابن
ماجة والدار قطني وغيرهم من صناتيت أصحاب الحديث وصناديدهم ، كلّ في صحيحه أو جامعه أو [ب ـ ٤]
موطّأه سننه أو مسنده أو مستدركه أو مصابيحه أو مشكاته مثلا ، وقد حاول رهط من حذّاق علمائهم المراجيح في شرح
غريب الحديث كابن الاثير الجزريّ الموصليّ وعلّامة زمخشر صاحب «الكشاف» والهرويّ
صاحب «الغريبين» وأبى موسى الأصفهاني ،
__________________
وشرّاح صحيحى
البخاريّ ومسلم ، ومن عداهم من أترابهم وأضرابهم ومن في طبقتهم أو أعلى طبقة منهم
، تأويل ذلك وتفسيره على مطابقة الاصول والضوابط ، ولقد نطق التنزيل الكريم في
القرآن الحكيم بإثباته في مواقع عديدة على ما سينكشف لك عن كتب من ذي قبل إن شاء
الله العزيز. وعند ذلك يستبين معنى ما قاله زرارة بن أعين في شعره.
وأمّا ما قاله
الناقد المحقّق في الفصيّة عنه فممّا يستغرب مثله عن مثله أشدّ الاستغراب ، فهنالك
أخبار جمّة صبّة متضافرة متظافرة ، متكثّرة الطرق ، معتبرة الأسانيد ، متفنّنة المتون بلفظة
البداء وتصاريفها ، رواها أساطين الحديث وأعمدة الرواية كالأبي جعفرين الثلاثة ومن
في مرتبتهم ـ رضى الله تعالى عنهم ـ وقد أخرجها تشعّب طرقها واختلاف أسانيدها من
حيّز أخبار الآحاد ، أدخلها في حريم باب التواتر ، والأبو جعفران الأعظمان الأقدمان قد أفرد كلّ منهما لها بابا سمّاه باب
البداء وإثبات مغزاها [الف ـ ٥] المروم ، والقول بمعناها المصطلح عليه من صراح
ضروريّ الدين ؛ ومرّ المتواتر بالمعنى قطعا.
وليعلم أنّ
الرواية الّتي ذكر أنّهم رووها عن الصادق ـ عليهالسلام ـ لم يرووها أحد منهم على ما أورده أصلا. كيف وقد ثبت وصحّ
من طرقهم ورواياتهم ، بل ومن الطرق الجمهوريّة أيضا أن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قد نبّأ بأئمّة أمّته وأوصيائه من عترته!؟ وأنّ جبرئيل ـ
عليهالسلام ـ نزل بصحيفة من السماء فيها أسماؤهم وكناهم ـ عليهمالسلام ـ شحنت بالروايات في ذلك كتب الحديث ؛ ونحن قد أخرجنا طائفة منها
__________________
وفي «شرح تقدمة
تقويم الإيمان» ، وعن كلّ واحد منهم ـ عليهمالسلام ـ نصوص قاطعة وتنصيصات بأنّه على امامتهم واحدا بعد واحد
إلى قائمهم الحجّة ، فكيف تسوغ الرواية عن أبي عبد الله الصادق ـ عليهالسلام ـ أنّه جعل اسماعيل القائم مقامه بعده.
وإنّما تلك
الرواية على الوجه الذي أورده عروة الإسلام الشيخ الفقيه الرواية الصدوق أبو جعفر
بن بابويه القمّي ـ رضوان الله تعالى عليه ـ في كتاب «التوحيد» حيث قال في باب
البداء [ب ـ ٥] بهذه الألفاظ : «ومن ذلك قول الصادق ـ عليهالسلام ـ ما بدا لله أمر كما بدا له في اسماعيل ابني ، يقول ما ظهر لله أمر كما ظهر
له في إسماعيل ابني اذ اخترمه قبلي ليعلم بذلك أنّه ليس بإمام بعدي. وقد روى لي من طريق
أبي الحسين الأسدي ـ رضى الله عنه ـ في ذلك شيء غريب ، وهو أنّه روى أن الصادق ـ عليهالسلام ـ قال : ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل [أبي] إذا
أمر أباه [إبراهيم] بذبحه ثمّ فداه بذبح عظيم. وفي الحديث على الوجهين جميعا عندي
نظر إلّا أنّي أوردته لمعنى لفظة البداء ، والله الموفّق للصّواب.» انتهى .
فأمّا حديث
التقيّة ، فالناقد هناك مصيب ، فالتقيّة فيما يبوء بفساد بيضة السنّة وانطماس شرعة الإسلام ، ولا في الامور العظيمة الدينيّة أصلا ، ولا
سيّما للمشهورين في العلم ، المقتدى بهم في الدين ، وكذلك لا تقيّة في الدماء
المحقونة ، ولا في سبّ النبيّ أو أحد من الأئمّة أو الأنبياء والبراءة عنهم أو عن
دين الإسلام ، أعاذنا [الف ـ ٦] الله تعالى من ذلك كلّه. إنّما التقية فيما الخطب فيه سهل من الأعمال والأقوال لمن يخاف على نفسه أو على
أمله وأصحابه ، وما يؤتى به من الوظائف الدينيّة والسنن الشرعيّة تقيّة يجب
__________________
على العامل الآمل
الآتي بها أن ينوى بذلك خلوص القربة ، ونصوح الإخلاص ، ومحوضة ابتغاء وجه الله
الكريم من حيث انّ حكم الشرع في حقّه التقيّة عند المخافة ؛ كما المتيمّم مثلا
فرضه التيمّم عند مظنّة الهلاك ومئنّة المرض ، فينوى القربة لا دفاع المرض ، وإن وكان هو بحسب
الشرع من أسباب تسويغ التيمّم وإيجابه ؛ وسواء عليه أكان ذلك من باب الرّخصة أم من
باب العزيمة؟ فالعامل بالتقيّة يجب أن يكون في طينته ونيّته بحيث أن لو ساغ له من تلقاء الشرع ترك التقية لم
يكن مستحرزا بها لحفظ مهجّته ، ولا متحرّزا من إتلاف نفسه ؛ وإذا كان مستدفعا
للضرر بتقيّته قاصدا بها التحفّظ والدفاع ، دون الإخلاص والقربة ، كان سعيه من
اللغو الباطل ، وعمله من الهباء المنثور بتّة.
ثم إنّ أئمّتنا
الطاهرين ـ صلوات الله عليهم ـ لم يتّقوا أحدا في إظهار مرتبتهم والإعلان [ب ـ ٦]
بدرجتهم ، وكان تثبّطهم عن طلب حقّهم والقيام بالأمر في رعيّتهم ، واستنقاذ منصبهم من أيدى غصبة حقوقهم لعوز الأنصار وفقد الأعوان ، رضى بما جرى به القلم ، وتسليما لما تأدّى إليه القدر ، وعملا
بوصيّة سبقت من رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ، ـ ولم ين أحد منهم ـ عليهمالسلام ـ في تبريز غوامض العلوم الحقيقيّة وغامضات المعارف الربوبيّة ،
وتبيين شرايع الأحكام الدينيّة والحدود الإلهيّة على منهاج التنزيل ومرصاد التأويل بمصباح العلم والحكمة ومشكاة القدس والعصمة ؛ لا
بمعونة مدارسة أو مؤونة ممارسة ، ومن دون مراجعة باب أو مطالعة كتاب ، وما صدر
عنهم من
__________________
الإفتاء على قانون
التقيّة ، فربّما كانت عضّة من ذلك على سنن التعليم بيانا لتسويغها عند الضرورة ، وثقة
منهم بما قد كانوا أوضحوه للمؤمنين من جادّة الحقّ الصريح ، ومحجّة الدّين الحنيف
؛ وعضّة أخرى من جهة أنّ السائل كان مفتونا بمذهبه اللجلج ، مولعا بدينه الأعوج ، فهم ـ عليهمالسلام ـ افتوه في مسألته على مذهبه وطريقة لا ترجى هدايته ، ولا ترقب [الف ـ ٧] استقامته.
وكذلك كان سيرة
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليهالسلام ـ في صدر الأمر والزمن الأوّل ، حيث انّه لم ينهض بالجهاد
على خلافته ، ولم يترك طلب حقّه ، ولم يهمل ادّعاء منصبه ، ولصوص الخلافة ومتقمّصوها والمتغلّبون بها ، كانوا يطالبونه بالبيعة ، ويقولون له :
تبايع ، أو لنضربنّ الّذي فيه عيناك! فكان يقول لهم : أنتم بالبيعة لي أحقّ منّي
بالبيعة لكم. وكان يقول : كنّا نرى أنّ لنا في هذا الأمر حقّا ، فاستبددتم علينا.
وكان يقول : «أنا أول من يجثو للخصومة بين يدى الله.» وكان يقول : «واعجبا! أتكون
الخلافة بالصحابة ، ولا تكون بالقرابة والصحابة ، وإنّى احتجّ عليكم بمثل ما
احتججتم به على الأنصار ».
وهذه كلّها متّفق
على صحّتها ، رواها جميعا البخاري ومسلم وغيرهما من أئمة حديث العامّة ، وأوردها
ابن الاثير في «النهاية» ، ومن العجائب أنهم عن آخرهم متّفقون مع ذلك كلّه على
صحّة الحديث عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ «علي مع
__________________
الحقّ ، والحقّ مع
علي ، يدور معه حيثما دار ».
وقال حجّة اسلامهم
، وإمام دينهم وشيخ علمائهم ، أبو حامد الغزّالي في كتاب [ب ـ ٧] «إحياء العلوم» :
«لم يذهب ذو بصيرة ممّا إلى تخطئة علي قطّ ».
ومن المتّفق على
روايته في صحاحهم وأصولهم «كان علي ديّان هذه الامّة بعد نبيّها. » وأورده علامة زمخشرهم في كتاب «اساس البلاغة» وفي كتابه «الفائق»
وفسّره ، فقال : أى قاضيها. وقال ابن الاثير وهو صاحب جامع أصولهم في «النهاية»
: «الدّيان هو القهّار ، وقيل الحاكم والقاضى ، ثم قال ومنه شعر الأعشى الجرماذيّ يخاطب النبيّ عليه الصلاة والسّلام يا سيّد الناس وديّان
العرب. ومنه الحديث : كان على هذه الامّة بعد نبيّها ».
ومن هناك ترى
أحبار الجمهور ونحاريرهم يفوّضون أمر الإمامة بعد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ إلى اختيار الامة ، ثم لا يشترطون فيها إجماع أهل الحلّ
والعقد ، بل يكتفون بالبيعة ولو من واحد. قال نحرير تفتازانهم في «شرح المقاصد»
محتجّا على إمامة ابي بكر لنا وجوه : «الاوّل : وهو العمدة ، إجماع أهل الحلّ
والعقد على ذلك ، وإن كان من البعض بعد تردّد وتوقّف ، على ما روى أنّ الأنصار
قالوا منّا أمير ومنكم أمير ، وأنّ أبا سفيان قال : أرضيتم يا بني عبد مناف أن يلي
عليكم تيم ، والله لأملانّ [الف ـ ٨] الوادي خيلا ورجلا. وذكر في «صحيح البخاريّ»
وغيره من كتب الأصحاب أنّ بيعة علي كان
__________________
بعد توقّف ، وفي إرسال أبي بكر وعمر أبا عبيدة الجرّاح إلى علي [رضى
الله عنه] رسالة لطيفة ، روتها الثقات بإسناد صحيح تشتمل على كلام كثير من جانبين ، وقليل
غلظة من عمر ، وعلى أنّ عليا جاء إليهما ودخل فيما دخلت فيه الجماعة ، وقال ـ حين
قام من المجلس ـ : بارك الله فيما ساءني وسرّكم. فما روى أنّه لمّا بويع لأبي بكر وتخلّف علي والزبير والمقداد
وسلمان وابو ذر أرسل أبو بكر من الغد إلى علي فأتاه مع أصحابه ، فبايعه هو ، وسائر
المتخلّفين محلّ نظر.» انتهى قوله بألفاظه . وقال فيه أيضا : «وتنعقد الإمامة بطرق ، أحدها بيعة أهل
الحلّ والعقد من العلماء والرؤساء ، ووجوه الناس [الذين يتيسّر حضورهم] من غير
اشتراط عدد ، ولا اتفاق كلّ من فى ساير البلاد ، بل لو بايع واحد مطاع كفت بيعته ».
ثمّ قال فيه : «طريق
ثبوت الإمامة عندنا وعند المعتزلة والخوارج والصالحيّة خلافا للشيعة [هو] اختيار أهل
الحلّ والعقد ، وبيعتهم من غير أن يشترط إجماعهم على
__________________
ذلك ، ولا عدد
محدود ؛ بل ينعقد بعقد واحد منهم ، ولهذا لم يتوقف ابو بكر إلى انعقاد الإجماع ؛ بل تقلد الخلافة ، إذ بايعه عمر. قال
: وهذا مذهب الأشعريّ إلّا أنّه [ب ـ ٨] يشترط أن يكون ذلك العقد بمشهد من الشهود لئلّا يدّعى آخر عقدا سرّا
متقدّما على هذا العقد ».
وكذلك في كتاب «المواقف»
وشرحه لعضد نحاريرهم وشريف أحبارهم أيضا بهذه العبارة : «وإذا ثبت حصول الإمامة بالاختيار والبيعة. فاعلم أنّ
ذلك (الحصول) لا يفتقر إلى الإجماع (من جميع أهل الحلّ والعقد) إذ لم يقم عليه (أى
على هذا الافتقار) دليل من العقل والسمع ؛ بل الواحد والاثنان من أهل الحلّ والعقد
كاف (فى ثبوت الإمامة ووجوب الاتباع للامام على أهل الإسلام ، وذلك) لعلمنا أنّ
الصحابة مع صلابتهم في الدّين (وشدّة محافظتهم على امور الشرع كما هو حقّها)
اكتفوا (فى عقد الامامة) بذلك (المذكور من الواحد واثنين) كعقد عمر ابي بكر وعقد
عبد الرحمن بن عوف لعثمان بن عفان ، ولم يشترطوا (في عقدها) اجتماع من في المدينة (من
أهل الحلّ والعقد ،) فضلا عن إجماع الامّة (من علماء أمصار الإسلام ، ومجتهدي جميع
أقطارها) ، هذا (كما مضى) [الف ـ ٩] ولم ينكر عليهم أحد وعليه (أى على الاكتفاء
بالواحد والاثنين في عقد الإمامة) انطوت الأعصار بعدهم إلى وقتنا هذا ، وقال بعض
الاصحاب : يجب كون ذلك (العقد من واحد أو اثنين) بمشهد بيّنة عادلة ، كفّا للخصام
في ادّعاء من يزعم عقد الإمامة له سرّا قبل من عقد له جهرا (فإنّه اذ لم تشترط
البيّنة العادلة توجّهت المخاصمة بالعقد سرّا ، وإذا اشترطت اندفعت ؛ لأنّ ذلك
العقد غير صحيح)». انتهت
__________________
عبارتهما .
فمن ذلك فليتعجّب
المتعجّبون ، وعلى أحلام هؤلاء السفهاء المتوقّحين فليضحك الضّاحكون
........................... وكيف يلعبون بدين الله!!.
وقد اعترف إمامهم
الرازي في كتاب «نهاية العقول» بأنّه : «لم ينعقد الإجماع على خلافة أبي بكر في
زمانه ؛ بل إنّما تمّ انعقاده بموت سعد بن عبادة ، وكان ذلك في خلافة عمر.
قال : ونحن انّما
نتمسك بهذا الإجماع ، وقد استبان لك أنّ البيعة الّتي
__________________
يختلقونها ، ويدّعون وقوعها من أمير المؤمنين ـ صلوات الله تعالى
عليه ـ بعد الزهراء البتول ـ عليهاالسلام ـ لم يكن صدورها منه بزعمهم عن إذعان لها ، واعتراف
بحقّيتها ؛ بل إنّما صدرت عن استكراه ومساءة له ، وإعلان منه بغصب حقّه ،
والاستبداد عليه».
وبالجملة فكلمّا
صدر أئمّتنا على تقيّة وتورية لمخافة ومصلحة ، كان مسبوقا ومقرونا [ب ـ ٩] منهم
ببيان صراح الدين لأهله ، واظهار مرّ الحقّ عند حزبه ، وذلك ممّا لا حزازة فيه أصلا ؛ وليست التقيّة ممّا تنفرد به الشيعة ، بل إنّها
ثابتة في الجملة عند ساير الفرق ؛ ومنها التورية في اليمين عند الضرورة.
تعقيب
أرأيت الّذي حكى
عنه إمام المشكّكين ما حكاه ............ ما أجسره بمقالته المحكيّة ........ وما أفظع جلاعته وأشدّ وقاحته ، كيف وسعه! وهو على ظاهر الأخذ بذمة الإسلام
أن يقع في أئمّة الرافضة من آل محمّد ـ صلوات الله عليه وعليهم ـ آل القدس والعصمة
، وأصحاب آية التطهير ؛ وإنّ نسبتهم إلى النبيّ نسبة وتين [الف ـ ١٠] القلب
إلى جوهر النفس ، ونسبة شجرة النّخاع
__________________
إلى أمّ الدماغ ،
وهم أهل بيت النبيّ الكريم وعترته ، وشقيق القرآن الحكيم وشريكه ، وإنّهما تريكتا
رسول الله في امّته ، وحجّتا دين الله على بريّته ، وهما الثقلان اللّذان لن يضلّ
من تمسّك بهما أبدا ، ولن يهتدي من اتّخذ من دونهما ملتحدا.
[حديث الثقلين] :
أليس حديث الثقلين
المتمسّك بهما ممّا أطبقت الامة على صحّته عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ـ ولأضابير حفّاظ الحديث وأئمّة الرواية في روايته قدد وطرائق.
منها : أنّه ـ عليهالسلام ـ قام خطيبا بماء يدعى خمّا بين مكّة والمدينة ، فحمد الله
تعالى ، وأثنى عليه ، ووعظ وذكّر ، ثمّ قال : «ألا أيّها الناس إنّما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربّي ، فاجيب ؛ وإنّي تارك فيكم
الثّقلين ، ما ان تمسّكتم بهما لن [ب ـ ١٠] تضلّوا بعدي أبدا ، أوّلهما : كتاب
الله ، حبل ممدود من السماء إلى الأرض ؛ وعترتى : أهل بيتي ، اذكّركم الله في أهل
بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، أذكّركم الله في أهل بيتي ، ولن يتفرّقا حتّى يردا على الحوض ، فانظروا كيف تخلّفوني فيها ».
قال عالمهم
النّاقد النحرير ، مجد الدّين ابن الاثير ، في نهايته على طباق ما قاله شيخ
مشيختهم ، أبو عبد الله المازريّ ، شارح «صحيح مسلم» في شرحه : «سمّاهما ثقلين ،
لأنّ
__________________
الأخذ بهما والعمل
بهما ثقيل ، ويقال لكلّ خطير نفيس ثقل ، فسمّاهما ثقلين إعظاما لقدرهما ، وتفخيما
لشأنهما » وقال الطيبي في «شرح المشكاة » : «شبّه بهما الكتاب والعترة في أنّ الدين يستصلح بهما ،
ويعمر كما عمرت الدنيا بالثّقلين ، وسمّى [الف ـ ١١] الجنّ والإنس ثقلين ؛ لأنّهما
فضّلا بالتمييز على سائر الحيوان ، وكلّ شيء له وزن وقدر يتنافس فيه فهو ثقل».
[حديث السفينة] :
وممّا على إثبات
صحّته أطباق الامّة من الخاصّة والعامّة ، أنّه ـ صلىاللهعليهوآله ـ قال : «ألا إنّ
مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها هلك. » كذلك رواه أحمد بن حنبل فى مسنده ، والحاكم في مستدركه ،
وأورده السيوطي في جامعه الصغير ، والطيبي في [شرح] المشكاة. ومن طرق عديدة
جمهوريّة : «من تخلّف عنها غرق .»
ومن طرق كثيرة
خاصيّة وعاميّة : «من تخلّف عنها زخّ في النّار.» بالزاء والخاء المعجمة. وكذلك من طريق الخاصّة
في «الصحيفة المكرّمة الرضوية» وفي «كتاب عيون أخبار الرضا». وأورد ابن الاثير في «النهاية»
: «من تخلّف عنها زخّ به في النّار ـ وفسّره فقال ـ أى دفع ورمى. »
__________________
قلت : على هذه
الرواية الباء ليست للتعدية [ب ـ ١١] بل إمّا مزيدة لدعامة المعنى ، والعائد ل «من» من ، وإمّا للسببيّة ، والعائد
لمصدر الفعل ، أى دفع ورمى في النار بسبب التخلّف. قال في «شرح المشكاة» : «شبّه
الدنيا بما فيها من الكفر والضلالات والبدع ، والأهواء الزائغة ببحر لجيّ يغشاه موج من فوقه ، موج من فوقه سحاب ، ظلمات
بعضها فوق بعض ؛ وقد أحاط بأكنافه وأطرافه الارض كلّها ، وليس منه خلاص ولا مناص إلّا بتلك السفينة».
[تنبيه بوجوب ظهور
أوصياء النبيّ قبل انقراض العالم] :
وممّا على حدّ
حريم التواتر عند ضبائر الفرق جميعا من الخاصّة والعامّة عنه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أن أوصياءه وخلفاءه وأئمّة امّته من بعده اثنا عشر إماما
، عدد نقباء بني اسرائيل.
«لا يزال الدين
بهم قيّما قويما ، والإسلام بهم قيّما مستقيما إلى أن يقوم الساعة ، وإنّ الله
تعالى جعل الإمامة في عقب الحسين ، وذلك قوله عزوجل (وَجَعَلَها كَلِمَةً
باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) .
وإنّه ـ عليهالسلام ـ قال : «يكون بعدي اثنا عشر أميرا .» وقال «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقى منهم اثنان ». وفي رواية «ما بقى من الناس اثنان».
__________________
وقال ـ عليهالسلام ـ : «لا يزال أمر الناس ماضيّا ، ما ولّيهم اثنا عشر أميرا
رجلا ».
وقال ـ عليهالسلام ـ : «إنّ هذا الدين لا ينقضي حتّى يمضى فيه اثنا عشر خليفة
».
وقال ـ عليهالسلام ـ : «لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثنى عشر [الف ـ ١٢] خليفة
».
وقال ـ صلىاللهعليهوآله ـ : «لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا الى اثنى عشر خليفة»
وإنّه ـ عليهالسلام ـ قال : «لا يزال هذا الدين قائما ، حتّى تقوم الساعة ،
ويكون عليهم اثنا عشر خليفة ».
وقال ـ عليهالسلام ـ : «لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثنى عشر خليفة ، كلّهم من
قريش »
وفي رواية : «لا
يزال الدّين قائما حتّى تقوم الساعة ، ويكون عليهم اثنا عشر خليفة ، كلّهم من قريش
». وفي رواية «أو» مكان الواو .
وفي رواية : «لا
يزال أمر الناس ماضيا ما ولّيهم اثنا عشر رجلا ، كلّهم من قريش ».
وإنّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال : «إنّ عدّة الخلفاء من بعدي عدّة نقباء موسى ».
فهذه الروايات
بأسرها مستصحّة الأسانيد من طرق العامّة ، مثبتة الصحّة في
__________________
صحاحهم وأصولهم
جميعا. وهنالك من الطريقين ، مسانيد صحاح ، وطرق مستفيضة يجمعها أنّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال : «الأئمّة بعدي من عترتي ، عدد نقباء بني اسرائيل ،
تسعة من صلب الحسين ، أعطاهم الله علمي وفهمي ، والتاسع مهديّهم ».
وفي صحاحهم الستّة
واصولهم الجامعة أنّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال : «المهديّ من عترتي من ولد فاطمة ، يملأ الارض قسطا
وعدلا كما [ب ـ ١٢] ملئت جورا وظلما ».
وإنّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال : «لا تذهب الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي
، يواطئ اسمه اسمي ».
وإنّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال : «لو لم يبق من الدّنيا إلّا يوم واحد لطوّل الله
ذلك اليوم ، حتّى يبعث فيه رجلا منّي ، أو من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي ، يملأ
الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ».
قال [الطيبي] في «شرح
المشكاة» : «هذه الأحاديث وأشباهها فيها دليل ظاهر على أنّ الخلافة مختصّة بقريش ،
لا يجوز عقدها لغيرهم ، وبيّن ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أنّ هذا الحكم مستمرّا إلى آخر الدهر ، ما بقى من الناس
اثنان».
قلت : يا هذا! لو
لم تكن في عقلك آفة ، وفي بصيرتك عاهة ، لنطقت بالحق ؛ وقلت فيها دليل ظاهر على
أنّ الخلافة مختصّة بعترة النبيّ وأهل بيته ، لا يجوز عقدها لغيرهم من قريش ، وإنّ
هذا الحكم مستمرّا إلى آخر الدّهر ما بقى من الناس اثنان.
__________________
[غزارة من فضائل
على (ع)] :
وبالجملة معشر
المتوقّحين! أليس قد استبان بهذه النصوص المتواترة الصحّة أنّ خلفاء النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ من بعده [الف ـ ١٣] اثنا عشر إماما لا غير!؟ كلّهم من
قريش ، بهم يقوم الدّين ويستقيم الإسلام إلى قيام الساعة ، ولم يوجد هذا العدد ولا
هذا الوصف إلّا في أئمة الشيعة الاماميّة ؛ فهؤلاء الأوصياء الخلفاء حقّا هم أئمّة
الرافضة ، أوّلهم : علي بن أبي طالب ـ عليهالسلام ـ وفي الصحاح والاصول أنّه باب مدينة العلم وباب دار الحكمة ؛ وذو قرنى هذه الامّة ؛ وباب حطّتها ؛ وأنّه خير البشر ؛ وخير الخلق والخليفة ؛ وسيّد العرب ؛ وربانيّ هذه الأمّة ؛ وأمير المؤمنين ؛ وسيّد
__________________
وأمير المؤمنين ؛ وسيّد المسلمين ، ويعسوب البريّة أجمعين ؛ وأنّ مثله في الناس مثل (قُلْ هُوَ اللهُ
أَحَدٌ) في القرآن ؛ وأنّه ورسول الله خيرة الله من الورى وأبوا هذه الامّة ؛ وأنّه قد أعطى تسعة أعشار العلم والناس كلّهم عشرا واحدا
، وهو أعلمهم بالعشر الباقي ؛ وعلم ابن عبّاس في علمه كالقرارة في المثعنجر ؛ وبحبّه يبتار اسلام المسلمين ؛ ومن أحبّه فهو لرشدة ، ومن ابغضه فهو لغيّة ؛ وبه فسّر من عنده علم الكتاب وامام المبين في قول عزّ من
قائل (وَكُلَّ شَيْءٍ
أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) ، والنبأ العظيم ، الذي هم فيه
__________________
مختلفون ، وعنه مسئولون ؛ وأنّه باب فتحه الله ، من دخله فهو مؤمن ، ومن خرج منه
فهو كافر ؛ أطبقت العقول على أنّ كلامه دون كلام الخالق وفوق كلام
المخلوق .
وقال النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ـ «من كنت مولاه فعليّ مولاه ، ومن كنت نبيّه فعليّ
وليّه .» قال ابن الاثير في «النهاية» : «قال الشافعي يعنى بذلك ولاء الإسلام [ب ـ ١٣]
وتولّى امور المسلمين ، كقوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ
مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ، وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) وقول عمر لعليّ : أصبحت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة ، أى
__________________
وليّ كلّ مؤمن. » ولا تفى الدفاتر والألواح بنعوته ومناقبه.
[مناقب آل رسول (ص)]
:
وابناه سبطا رسول
الله ، وريحاناه ، وسيّدا شباب أهل الجنّة ، وقد كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يتمطّى لهما ، ويركبهما على عاتقيه ، ويقول لهما : نعم المطيّ
مطيكما ، ونعم الراكبان أنتما ، وأبوكما خير منكما .
وعلي بن الحسين
سيّد الساجدين ، وزين العابدين ، مشهور في السماوات ومعروف فى الأرضين ، صحيفته
الكريمة السجّاديّة من أنوار حقائق الحكمة ، ودقائق أسرار البلاغة تجري مجرى
التنزيلات السماويّة ، وتسير مسير الإيحاءات الإلهيّة ، ومن الذائع عند العارفين بأحوال الرجال أنّ أحبار العلماء والعقلاء من
السلف الصالح كانوا يلقّبونها «زبور آل محمّد» ، و «إنجيل أهل البيت» ـ عليهمالسلام ـ ، ومن حواريّيه أعاظم من بقى من الصحابة ، وأفاخم من سبق
من التابعين ، قال علامة زمخشرهم في «الكشّاف»
__________________
في قوله سبحانه (سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ
السُّجُودِ) : «وكان كلّ من العليّين [علي بن الحسين زين العابدين وعلي
بن عبد الله بن عباس أبى الأملاك] يقال له ذو الثفنات [الف ـ ١٤] لأنّ كثرة
سجودهما أحدثت مواقعه منهما أشباه ثفنات البعير ».
وأبو جعفر ، محمّد
بن علي ، باقر علم النبيّين ، سمّاه رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ولقّبه بالباقر لتبقّره في العلم ، وقال : إنّه يبقر
العلم بقرا ، وأنبأ جابرا ـ رضى الله عنه ـ أنّك ستدركه ، وقال له : «إذا أدركته
فأقرأه منّي السلام.» والحديث مستفيض الطرق ، متواتر المفاد بالمعنى لدى الخاصّة
والعامّة .
وأبو عبد الله ،
جعفر بن محمّد الصادق ، ميزان الله الفارق ومصباحه الناطق ، انفجرت منه ينابيع
العلوم والحكم ، وانتشرت أزاهير المعارف والاحكام ، أحصى من رجاله المعروفين وزهاء
أربعة آلاف رجل من الحجاز والعراق والشام وخراسان ، ودوّن في مجالسه ـ من
أجوبته عن المسائل وأقضيته في الغوامض ـ أربعمائة مصنّف لأربعمائة مصنّف هي
المسمّاة بالاصول ، وأئمّة المذاهب وأكباش العلوم وأعلام الطرائق وعظماء المشايخ
يدخلون أنفسهم في حزبه ، ويسندون مسالكهم إلى طريقته ، ويتبجّحون بالاستناد إلى بابه ، ويباهون بالانتساب إلى جنابه. كان
مالك اذا سئل في
__________________
الدرب عن مسألة لم
يجب السائل ، فقيل له في ذلك : فقال : إنّي أخذت العلم من جعفر بن محمد الصّادق ـ عليهالسلام ـ ، وكنت اذا أتيت إليه لاستفيد منه نهض ولبس [ب ـ ١٤]
أفخر ثيابه ، وجلس في مسنده وحمد الله تعالى وأفادنى شيئا . واستفادة ابى حنيفة منه ـ عليهالسلام ـ ظاهرة غنيّة عن البيان.
قال شيخهم الحافظ
الناقد ، أبو عبد الله الذهبيّ في كتاب «ميزان الاعتدال في نقد الرجال» : «جعفر بن
محمّد بن على بن الحسين الهاشميّ ، أبو عبد الله ، أحد الأئمّة الأعلام ، برّ صادق
، كبير الشأن.» ، ثم قال : «لم يرو مالك عن جعفر حتّى ظهر أمر بني العبّاس.» وقال في مختصره ،
في رجال الكتب الستّة : «جعفر بن محمّد الصادق ، أبو عبد الله ؛ قال أبو حنيفة :
ما رأيت أفقه منه مشى ، وقد دخلني له من الهيبة ما لم يدخلني للمنصور في موكبه» .
وقال عضد علمائهم
في كتاب «المواقف» من فضائل علي ـ عليهالسلام ـ : «اختصاصه بمصاحبة كفاطمة سيّدة نساء العالمين ، وولدين كالحسن والحسين ، وهما سيّدا شباب أهل الجنة ،
ثمّ اولاده ممّن اتّفق الأنام على فضلهم على العالمين ، حتّى كان ابو
يزيد البسطاميّ مع علوّ طبقته سقّاء في دار جعفر الصادق (ع) ، وكان معروف
الكرخي بوّاب دار علي بن موسى الرّضا ». وقال امامهم الرازي : انّ أبا يزيد البسطامي كان يفتخر
بأنّه يستقي الماء لدار جعفر الصّادق ـ عليهالسلام ـ. ومعروف الكرخي أسلم
__________________
على يدي الرضا ـ عليهالسلام ـ ، وكان بوّاب داره إلى أن مات . [الف ـ ١٥].
وناقدهم البصير
ابن الاثير ذكر في «جامع الاصول» : مولانا الثامن أبي الحسن الرضا ـ صلوات الله
عليه ـ فقال : وعقد له البيعة والعهد بالخلافة بعد المأمون بغير اختياره ، وإليه
انتهت إمامة الشيعة في زمانه ، وفضائله أكثر من أن تحصى ، سلام الله عليه ورضوانه»
.
ولقد ثبت لدى
العلماء والمحدّثين من الخاصّة والعامّة بأسانيد معتبرة عن الصادق ، جعفر بن محمّد
، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي ـ عليهالسلام ـ ، عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أنّه قال : «سندفن بضعة منّي بأرض خراسان ، لا يزورها
مؤمن أو مؤمنة إلّا أوجب الله له الجنّة ، وحرّم جسده على النّار .» ومن طريق آخر معتبر الأسناد عن جابر بن يزيد الجعفى ،
قال : سمعت وصيّ الأوصياء ، وارث علم الأنبياء ، أبا جعفر ، محمّد بن علي بن
الحسين بن علي بن أبى طالب ـ عليهمالسلام ـ يقول : حدّثني سيّد العابدين ، علي بن الحسين ، عن سيّد
الشهداء ، الحسين بن على ، عن سيّد الأوصياء أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ستدفن بضعة منّي بأرض خراسان ، ما زارها مكروب إلّا
نفّس الله كربته ، ولا مذنب إلّا غفر الله له ذنوبه .» [ب ـ ١٥].
وليعلم أنّ قول
ابن الاثير بغير اختياره إجمال تفصيله على ضرب من الإيجاز أنّ المامون كان يتلمّس
الأمر منه ، وكان ـ عليهالسلام ـ يتأبّاه ، وكان يقول : حدّثني أبي عن آبائه ـ صلوات الله
عليهم ـ انّي أموت قبلك ، فأجبره المأمون وأكرهه على ذلك ، وعقد
__________________
له البيعة
بالخلافة بعده ، وكلّفه ولاية العهد على الإجبار والإكراه ، وكتب صكّا بخطّه ، فكتب ـ عليهالسلام ـ على ظهر الصكّ «الجفر والجامعة يدلّان على ضدّ ذلك » ، وما أدري ما يفعل بي ولا بكم (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ
الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) .
وهذا من المستفيض
المتواتر عند حملة الروايات ونقلة الآثار والاخباريين من الفريقين. قال علّامة
تفتازانهم فى شرح المقاصد : «العظماء من عترة النبيّ واولاد الوصيّ ، الموسومون
بالدراية ، المعصومون في الرواية ، لم يكن معهم هذه الأحقاد والتعصّبات ، ولم
يذكروا من الصحابة إلا الكمالات ، ولم يسلكوا [الف ـ ١٦] مع رؤساء المذاهب من
علماء الإسلام إلّا طريق الإجلال والإعظام ، وها هو الإمام علي بن موسى الرضا مع
جلالة قدره ونباهة ذكره ، وكمال علمه وهداه وورعه وتقواه ، قد كتب على ظهر
كتاب المأمون له ما ينبئ عن وفور حمده ، وقبول عهده ، والتزام ما شرط عليه ؛ وأن
كتب في آخره : والجامعة والجفر يدلّان على ضدّ ذلك.» ، ثمّ قال «وهذا العهد
بخطّهما موجود الآن بالمشهد الرّضويّ بخراسان» .
وصعد المأمون
المنبر لمّا بايع الرضا ـ عليهالسلام ـ وقال : «أيّها الناس جاءتكم بيعة علي بن موسى بن جعفر بن
محمّد بن علي بن الحسين بن علي ، والله لو قرئت هذه الأسماء على الصمّ البكم
لبرؤوا بإذن الله عزوجل ».
وبالجملة : إنّ
أعلام الطريق وعلماء المذاهب على شدّة عتوّهم وفرط تعصّبهم ، لم يسع أحدا منهم أن
يستنكر قدر أئمّتنا الطاهرين وساداتنا المعصومين ، فهم وفاطمة جميعا آل محمّد ،
الواجب ذكرهم في تشهّد الصلاة عند أصحابنا أجمع ، وذهب ابو حنيفة
__________________
والشافعي إلى أنّ
المعني بآل محمّد فى التشهّد على وفاطمة والحسن والحسين لا غير.
قال بعض نحارير
المتأخّرين من علماء الشافعيّة في شرح الهياكل : «آل الشخص من يأول إلى ذلك الشخص [ب ـ ١٦]
فآله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ من يأول إليه إمّا بحسب النسب أو بحسب النسبة.
أمّا الأوّل : فهم
الذين حرّم عليهم الصدقة في الشريعة المحمّدية ، وهم بنو هاشم وبنو المطّلب عند
بعض الأئمّة ، وبنو هاشم فقط عند البعض.
وأمّا الثاني :
فهم العلماء إن كانت النسبة بحسب كمال الصوريّ ، أعني العلم التشريعيّ ، والأولياء
والحكماء المتألّهون إن كانت النسبة بحسب الكمال الحقيقيّ ، أعني علم الحقيقة ؛
وكما حرّم على الأوّل الصدقة الصوريّة حرّم على الثاني الصدقة المعنويّة ، أعنى
تقليد الغير في العلوم والمعارف.
فآله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ من يأول اليه إمّا بحسب تسبّبه ـ صلىاللهعليهوآله ـ لحياته الجسمانيّة كأولاده النسبيّة ، ومن يحذو حذوهم من
أقاربه الصوريّة ، أو بحسب تسبّبه لحياته العقليّة ، كأولاده الروحانيّة من
العلماء الراسخين والأولياء الكاملين والحكماء المتألّهين ، المقتبسين من مشكاة
أنوار سبقوه زمانا أو لحقوه ؛ ولا شكّ أن النسبة الثانية أوكد [الف ـ ١٧] من أولى
، والثانية من الثانية أوكد من الأولى منها ؛ واذا اجتمع النسبتان ، بل النسب
الثلاث كان نورا على نور ، كما في الأئمّة المشهورين من العترة الطاهرين صلوات
الله عليهم اجمعين.» انتهى كلامه.
وقال شيخ دينهم
وحجة إسلامهم ، الشّيخ الغزّالي في كتابه «المنقذ من الضلال » : «العاقل يقتدي بسيّد العقلاء ، وهو علي بن ابى طالب.» وقال شيخ فلاسفة الإسلام
__________________
ورئيسهم أبو على
بن سينا في رسالة «المعراج» : «أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليهالسلام ـ مركز الحكمة ، وفلك الحقيقة وخزانة العقل ، ولقد كان بين
الصحابة كالمعقول بين المحسوس». وقال : «الإنسان المتألّه إذا استكمل الحكمة
النظريّة بالقوة القدسيّة وفاز بالخواص النبويّة كاد يصير ربّا انسانيّا ، يكاد أن
يحلّ عبادته بعد الله ، وهو سلطان العالم الارضيّ وخليفة الله فيه» .
ومما أورده الصدوق
، عروة الإسلام في كتاب «عيون أخبار الرضا» أن عبد الله بن مطرّف بن هامان ، شيخ شيخهم البخاري دخل على المأمون يوما ـ وعنده
على بن موسى الرضا ـ فقال له المأمون : ما تقول فى أهل البيت؟ فقال عبد الله : ما
أقول [ب ـ ١٧] في طينة عجنت بماء الرسالة وغرست بماه الوحى ، هل ينفخ منها إلّا مسك الهدى وعنبر التقى ، فدعا
المأمون بحقّه فيها لؤلؤ فحشا فاه .
قلت : وهذا اخت
الحكاية المعروفة للخليل بن أحمد الأديب النحويّ العروضيّ ، إذ قيل له ما تقول في
علي بن أبي طالب؟ فقال : ما أقول في حقّ امرء كتمت مناقبه أولياؤه خرفا وأعداؤه حسدا. ثمّ ظهر من بين الكتمين
ما ملأ الخافقين لصوص ولايتهم وغصبة منصبهم ، صرفوا مقدرتهم وبذلوا ذكرهم (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ
بِأَفْواهِهِمْ ، وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) ألا! فمن تمسّك في دينه بمن عداهم ، ونبذهم وراء ظهره ،
__________________
وقلاهم ، فقد خسر خسرانا مبينا وضلّ ضلالا بعيدا.
استبصار
قال الله جلّ
سلطانه : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) قال [الزمخشري] فى «الكشّاف» : «إنّها لمّا نزلت قيل يا رسول الله! من قرابتك هؤلاء
الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال : علي وفاطمة وابناهما. ثم قال : [الف ـ ١٨] «وقال
رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : من مات على حبّ آل محمّد مات شهيدا ، ألا! ومن مات على
حبّ آل محمّد مات مغفورا له ، ألا! ومن مات على حبّ آل محمّد مات تائبا ، ألا! ومن
مات على حبّ آل محمّد مات مؤمنا مستكمل الإيمان ، ألا! ومن مات على حبّ آل محمّد
بشّره ملك الموت بالجنة ثمّ منكر ونكير ، ألا! ومن مات على حبّ آل محمّد يزفّ إلى
الجنة كما تزفّ العروس إلى بيت زوجها ، ألا! ومن مات على حبّ آل محمّد فتح له في
قبره بابان إلى الجنّة ، ألا! ومن مات على حبّ آل محمّد جعل الله قبره مزار ملائكة
الرحمة ، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات على السنّة والجماعة ، ألا! ومن مات
على بغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه : آ يس من رحمة الله ؛ ألا! ومن
مات على بغض آل محمّد مات كافرا ، ألا! ومن مات على بغض آل محمّد لم يشمّ رائحة
الجنّة» .
وقال امامهم
الرازي في «التفسير الكبير» : «هذا هو الذي رواه صاحب «الكشّاف» وأنا اقول آل
محمّد هم الّذين يؤل أمرهم إليه ، فكلّ من كان مآل أمرهم إليه هم الآل ، ولا شكّ
أنّ فاطمة وعليّا والحسن والحسين كان التعلّق بينهم وبين رسول الله أشدّ
__________________
التعلّقات وهذا
كالمعلوم بالنقل المتواتر ؛ فوجب أن يكونوا هم الآل ؛ واذا ثبت هذا وجب أن يكونوا
مخصوصين بمزيد التعظيم ويدلّ عليه وجوه :
الأوّل : قوله
تعالى : (إِلَّا الْمَوَدَّةَ
فِي الْقُرْبى) [ب ـ ١٨] ، ووجه
الاستدلال به ما سبق.
الثّاني : لا شكّ
أنّ النبي ـ صلّى الله عليه ـ كان يحبّ فاطمة ، قال ـ عليهالسلام ـ : «فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما يؤذيها .» وثبت بالنقل المتواتر أنّه كان يحبّ عليّا والحسن والحسين
، وإذا ثبت ذلك وجب أن يجب على كلّ الامّة مثله ، لقوله تعالى : (وَاتَّبِعُوهُ
لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ولقوله : (فَلْيَحْذَرِ
الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) ولقوله : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ
تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) ولقوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ
فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) .
الثّالث : إنّ
الدعاء للآل منصب عظيم ، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة للمتشهد
__________________
في الصلوات ، وهو
قوله «اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد» واجبه.
قال الشافعي :
يا راكبا قف
بالمحصّب من منى
|
|
واهتف بساكن
خيفها والناهض
|
سحرا إذا فاض
الحجيج إلى منى
|
|
فيضا كما تطم
الفرات الفائض
|
إن كان رفضا حبّ
آل محمّد
|
|
فليشهد الثقلان
أنّي رافضى
|
انتهى كلامه .
وممّا ثبت عن
الشافعي أنه سئل ، فقيل له : ما تقول في نسبة المفاضلة بين أبي بكر وعلى؟ فقال :
كم بين من شكّ في خلافته وبين من قيل : «إنّه الله».
ونحن نقول من
المستبين الذي لا يستريب فيه عاقل أنّ من حاد عن التّمسك
__________________
بإمام ، وقلاه وتمسّك بغيره ممّن لا يلحق شأوه ولا يبلغ مداه ، فهو مبغض له ، حائد عنه ؛ فهذا أحد ضربى البغض ، بل إنّه
أشد الضربين ، وبه فسّره رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ حيث قال لعليّ ـ عليهالسلام ـ : «يا على يهلك فيك اثنان ، محبّ غال ومبغض غال. » أى تارك. فاذن انّما يوالى أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ المستمسكون بحبلهم ، المتمسّكون بسبيلهم [الف ـ ١٩] ،
المستضيئون بنورهم ، المهتدون بهداهم ، الرافضون لكلّ وليجة دونهم وكل مطاع سواهم
، وإن هم إلّا الشيعة الامامية الاثنا عشريّة.
وقد صحّ بالنقل
المتواتر من الفريقين أنّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال لعليّ ـ عليهالسلام ـ «يا علي أنت وشيعتك هم الفائزون يوم القيامة. » ورواه صاحب «الكشّاف» ، ومفاده الحصر. وهذا أمر مستبين الظهور كالشمس فى الهاجرة
، ولم يسع نقّادهم البصراء أن يستنكروه.
قال ابن الاثير في
«النهاية» : «أصل الشيعة : الفرقة من الناس ، وتقع على الواحد والاثنين والجميع ، والمذكّر والمؤنث بلفظ واحد ، ومعنى واحد. وقد غلب هذا
الاسم على كل من يتولّى عليّا وأهل بيته ، حتّى صار لهم اسما خاصّا ،
فإذا قيل فلان من الشيعة عرف أنّه منهم ، وفى مذهب الشيعة كذا ؛ أى عندهم ».
__________________
فأمّا قول عالمهم
الحافظ البارع الطيّبي في «شرح المشكاة » حيث قال : «ونعم ما قال الإمام الرازيّ في تفسيره ، نحن
معاشر أهل السنة بحمد الله ركبنا سفينة محبّة أهل البيت ، واهتدينا بنجم هدى اصحاب
[ب ـ ١٩] النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ.» فمن باب تخمير النار بالهشيم ، وتغطية لهيبها بالحمم ، حذرا عن فشوّ الافتضاح ، ومخافة على المذهب من السخافة!!
وهل هذه الدعوى
إلّا كما إذا ما حاول اهل الكتاب من اليهود والنصارى ادّعاء أنّهم الذين يحبّون
محمدا ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ويتمسّكون به ، دون أمّة إجابته من المسلمين الذين
يؤمنون بنبوّته ويدينون بدينه!؟ وكما إذا ما ادّعت متكلّفة المتكلّمين كالأشاعرة
مثلا أنّهم بآرائهم السخيفة على مشرع عظماء الفلاسفة كأفلاطن وأرسطاطاليس في فلسفة
ما فوق الطبيعة ، دون رؤساء حكماء الإسلام كأبي نصر وأبي علي ، وكما اذا أطبقت
الشافعيّة بقول نحن نتّبع أبي حنيفة ، ونتمسّك بمذهبه ، لا الطائفة الحنفيّة
المعروفة.
ثمّ إنّ المتمهّر
في تتبّع الآثار ، والمتضلّع بالاطلاع على اصول الأحاديث وكتب الأخبار ، من
المستبعد جدّا أن يرتاب في القطع بالمباغضة الثابتة الباتّة المستمرة المتكرّرة من الطرفين بعد رسول الله [الف ـ ٢٠] ـ
صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بين أهل البيت ـ عليهمالسلام ـ وبين الخلفاء الثلاثة ؛ وكذلك بينهم صلوات الله عليهم
وبين أمّ المؤمنين عائشة ؛ ولعلّ صحيحى البخاري ومسلم يكفيان في إثبات ذلك ـ فضلا
عن غيرهما من الكتب المشحونة ـ بالنقل المتواتر في هذا الباب.
أليس البخاريّ قد
روى في باب فرض الخمس وفى باب غزوة خيبر ، وبالجملة
__________________
في غير موضع واحد
من صحيحه : أنّ فاطمة بنت رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ أرسلت إلى ابي بكر بعد وفاة رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ وسالته أن يقسم لها ميراثها مما ترك ممّا أفاء الله عليه
، وكانت تطلب نصيبها ممّا ترك رسول الله من خيبر وفدك ، فقال لها ابو بكر : إنّ
رسول الله [ب ـ ٢٠] ـ صلىاللهعليهوآله ـ قال : لا نورّث ما تركنا صدقة ، وأبى أبو بكر عليها أن
يدفع إليها شيئا من ذلك! فغضبت فاطمة بنت رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ على أبى بكر ، فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتّى
توفّيت ، ولم تكلّمه حتّى توفّيت ، وعاشت بعد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ستّة أشهر ، فلمّا توفّيت دفنها زوجها على ليلا ، ولم
يؤذن بها أبا بكر ، وصلّى عليها ، وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ؛
فلمّا توفّيت استنكر علي وجوه الناس فلم ير مدفعا وبدّا من مصالحة أبي بكر ومبايعته ؛ ولم يكن يبايع تلك
الأشهر. فأرسل إلى ابى بكر أن ائمتنا ولا يأتنا أحد معك ، كراهية لحضور عمر.
فقال عمر : والله!
لا تدخل عليهم وحدك. فقال أبو بكر : وما عسيتم أن يفعلوا بي ، والله! لآتينّهم ، فدخل عليهم أبو بكر ،
فقال على ـ عليهالسلام ـ لأبي بكر : والله! يا أبا بكر لم يكن موجدتنا عليك
إنكارا لفضل ذي فضل ، ولا طمعا في حقّ ذي حق ولا نفاسة على أحد خيرا ، ساقه الله إليه ، ولكنّك يا أبا بكر
استبددت علينا بالأمر ، وكنّا نرى أنّ لنا في هذا الأمر حقّا ، ولقرابتنا من رسول الله نصيبا ، فاستأثرت بحقّنا علينا
وقطعت نصيبنا [الف ـ ٢١] من رسول الله. وكان يذكر منزلته وقرابته من رسول الله
حتّى فاضت عينا أبي بكر ، اتّفقا على أن يكون موعدهما العشيّة للبيعة ، ثمّ بدا لأبى بكر ؛ فلمّا صلّى الظهر رقى على
__________________
المنبر ، فتشهّد
وذكر شأن علي وعذّره بالذي اعتذر إليه في تخلّفه عن البيعة ، وحضر على ـ عليهالسلام ـ فتشهّد ، وقال لم يحملنى على ما صنعت نفاسة على أبى بكر
ولا انكار لفضله فضّله الله به ، ولكنّا كنّا نرى أنّ لنا في هذا الأمر نصيبا ، فاستبد
علينا ، واستأثر بحقّنا فوجدنا في أنفسنا. فسّر بذلك المسلمون ، وقالوا : أصبت ، وكان
المسلمون إلى على قريبا حين راجع الأمر المعروف.» هذا ما رواه البخارىّ ، ولم يذكر
وقوع البيعة من علي ـ عليهالسلام ـ لابي بكر أصلا .
وفيما ذكره كفاية
للمتدبّرين واستبصارا للمتبصّرين ، من أنّه لم يخرج إلّا طفيفا من غزير ، ويسيرا من كثير ، وما خرّجه لم يهمل فيه مسادلة الأستار ومكاتمة الأسرار .
وروى مسلم فى
صحيحه فيما أخرجه من حديث مالك بن اوس في قصّة علي ـ عليهالسلام ـ والعبّاس ، والحديث مشهور أنّ عمر بن الخطاب قال لهما : «إنّكما
جئتما أبا بكر فرأيتماه كاذبا آثما عاذرا خائنا» .
وفي صحاحهم الستّة
ومصابيحهم ومشكاتهم واصولهم المعروفة عن النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أنّه قال : «ستكون بعدى اثرة.» [ب ـ ٢١]. وأنّه ـ
صلّى الله
__________________
عليه وآله وسلّم ـ
قال للاصحاب : «إنّكم ستحرصون على الإمارة ، وستكون ندامة يوم القيمة ؛ فنعمت
المرضعة وبئست الفاطمة ».
وإنّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال لكعب بن عجرة : «أعيذك بالله من إمارة السفهاء ، قال
: وما ذاك يا رسول الله؟ قال امراء سيكونون من بعدي ، من دخل عليهم فصدّقهم بكذبهم
وأعانهم على ظلمهم فليسوا منّي ولست منهم ؛ ولن يردوا على الحوض ، ومن لم يدخل
عليهم ولم يصدّقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك منّي وأنا منهم ، واولئك
يردون على الحوض ».
وإنّ أبا ذر قال :
«قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : كيف أنتم وأئمة من بعدي يستأثرون بهذا الفيء؟ قلت :
على عاتقي ، أمّا والذي بعثك بالحقّ أضع سيفي على عاتقى ، ثمّ أضرب به حتّى ألقاك!
قال : أولا أدلّك على خير من ذلك ، تصبر حتّى تلقاني ».
وبالجملة المخرجات
في هذا الباب غير محصاة ، ولا مشكوك في صحّتها بالنقل المتواتر ، فما لكم لا
تنصرون يا اولى الأبصار!.
تذييل
هل بلغك أنّ [الف
ـ ٢٢] لمّة من علماء العامّة ضاق عليهم المخرج من النقل المتواتر عنه
ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، أنّ القائم بالأمر بعده اثنا عشر خليفة ، وإن هم إلّا
أئمّة الشيعة الامامية ، فحاولوا الفصية عنه بأنّ المراد الخلفاء من بعده إلى عمر بن عبد العزيز ،
فبه يتمّ الاثنا عشر. أمّا كان لك أن تقول لهؤلاء السفهاء يا قوم! ما اتيتم به
__________________
لا يستحقّ الإصغاء
اليه ولا الاشتغال بردّه ، أمّا أوّلا : فلأنّ الاحاديث المتواترة ناطقة باستمرار الأمر في الاثنى عشر إلى آخر الدهر ، وقيام
الأمر بهم إلى أن يقوم الساعة. وأمّا ثانيا : فلأنّ حديث نعسة النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ورؤياه فيها أن رجالا من أمّته ينزون على منبره من بعده نزو القردة ، يردّون الناس على أعقابهم
القهقرى ، ثابت الصّحة ، متواتر النقل عند الفريقين ، وقوله سبحانه في التنزيل
الكريم : (وَما جَعَلْنَا
الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) والشجرة الملعونة فى القرآن مفسّر بذلك. والشجرة الملعونة
ببني اميّة ، أمّا من طريق اهل البيت ـ عليهمالسلام ـ فقد ثبت لدى الخاصّة من طرق غير المحصورة .
وأمّا طريق
الجمهور فقد رواه علّامة زمخشرهم في «الكشاف» قال : «[و] قيل : هي رؤياه أنّه
سيدخل مكّة. وقيل : رأى في المنام أنّ ولد الحكم يتداولون منبره كما يتداول [ب ـ ٢٢]
الصبيان الكرة .» فقال الشارحون الولد هاهنا للجنس ، أى اولاد الحكم ،
يعنى : نوافل الحكم ، وهو الجدّ الأعلى لمعاوية ويزيد ، وفعلهم بالحسن والحسين
تعبير هذه الرؤيا.
قال علّامتهم
الاعرج النيسابوري في تفسيره : «الثّالث من الأقوال قول سعيد بن المسيّب وابن
عبّاس في رواية عطاء ، أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ رأى بني اميّة ينزون على منبره نزو القردة ، فساءه ذلك.»
وقال في بيان الشجرة الملعونة عن ابن عباس : «الشجرة الملعونة بنو أميّة ».
وقال إمامهم
الرازي في «التفسير الكبير» : «القول الثالث في الرؤيا : قال سعيد بن
__________________
المسيّب رأى رسول
الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بني اميّة ينزون على منبره نزو القردة ، فساءه ذلك. وهذا
قول ابن عبّاس في رواية عطاء ؛ والإشكال المذكور عائد فيه ؛ لأنّ هذه الآية مكيّة
وما كان لرسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بمكة منبر ، ويمكن أن يجاب عنه : بأنّه لا يبعد أن يرى
بمكة أنّ له بالمدينة منبرا يتداوله بنو اميّة.» ثمّ قال : «القول الثاني في
الشجرة الملعونة : قال ابن عبّاس : الشجرة الملعونة في القرآن المراد بها بنو
اميّة الحكم بن أبي العاص وولده ، قال : رأى رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في المنام أن ولد مروان يتداولون منبره ، فقصّ رؤياه على
أبي بكر وعمر ، وقد خلا في بيته معهما ، فلمّا تفرّقوا سمع رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ الحكم يخبر برؤيا رسول الله ، فاشتدّ ذلك عليه واتّهم
عمر في افشاء سرّه ، ثمّ ظهر أن الحكم كان يتسمّع [الف ـ ٢٣] إليهم ، فنفاه رسول
الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ. وممّا يؤكّد هذا التأويل قول عائشة لمروان : لعن الله
أباك وأنت في صلبه ، فأنت فضض من لعنة الله .» انتهى ما قاله في تفسير هذه الآية بعبارته.
ثم قال في تفسير
سورة القدر في قوله تعالى (لَيْلَةُ الْقَدْرِ
خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) : «روى القاسم بن فضل عن عيسى بن مازن قال : قلت للحسن يا
مسوّد وجوه المسلمين! عمدت إلى هذا الرجل فبايعت معد له ، يعنى : معاوية ، فقال : إنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ارى في منامه بني اميّة يطؤون منبره واحدا بعد واحد ، وفي رواية : ينزون
__________________
على منبره نزو
القردة ، فشقّ ذلك عليه ، فأنزل الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ
فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) إلى قوله : (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ
شَهْرٍ). يعنى : ملك بنى اميّة. قال القاسم : فحسبنا ملك بنى اميّة
فإذا هو ألف شهر. طعن القاضي في هذا الوجه ، فقال : ما ذكر من ألف شهر ليست في أيّام
بني اميّة ؛ لانّه تعالى لا يذكر فضلها بذكر ألف شهر مذمومة ، وأيّام بني اميّة
مذمومة. اعلم أنّ هذا الظنّ باطل ؛ لأنّ ايّام بني اميّة كانت أيّاما عظيمة بحسب
السعادات الدنيويّة ، فلا يمتنع أن يقول الله تعالى : إنّي اعطيتك ليلة هي في
السعادات الدينيّة أفضل من تلك الأيّام في السعادات الدنيويّة.» انتهى كلامه بألفاظه.
وقال نحريرهم
البيضاويّ في تفسيره ، «أنوار التنزيل» : «وقيل رأى ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قوما من بنى امية يرقون منبره وينزون عليه نزو القردة ،
فقال : هو حظّهم من الدنيا يعطونها بإسلامهم. وعلى هذا كان المراد بقوله (إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) ، ما حدثت في أيّامهم (وَالشَّجَرَةَ
الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) عطف على الرؤيا» ثمّ قال : «وقد اوّلت بالشيطان وأبي جهل
والحكم بن أبى العاص. » انتهى قوله.
قال أمين الدّين ،
ثقة الإسلام ، أبو على الطبرسيّ ـ حفظه الله تعالى برحمته ـ في «مجمع البيان» و «جوامع
الجامع» و «ثالثها» أى ثالث الاقوال إنّ ذلك رؤيا رآها النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ فى منامه أنّ قرودا تصعد منبره [ب ـ ٢٣] وتنزل ؛ فساءه
ذلك ، واغتمّ به. رواه سهل بن سعيد عن أبيه أنّ النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ رأى ذلك وقال : إنّه ـ عليهالسلام ـ لم يسمع بعد ذلك ضاحكا حتّى مات ، ورواه سعيد بن يسار ، وهو
__________________
المرويّ عن أبي
جعفر وأبي عبد الله ـ عليهماالسلام ـ وقالوا [على هذا التأويل] إنّ الشجرة الملعونة في القرآن
هي بنو اميّة ، أخبره الله سبحانه بتغلّبهم على مقامه ، وقتلهم ذريته. روى عن
المنهال بن عمر ، وقال : دخلت علي بن الحسين ـ عليهماالسلام ـ فقلت له : كيف أصبحت يا بن بنت رسول الله!؟ فقال أصبحنا
والله بمنزلة بني اسرائيل من آل فرعون ، يذبّحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ، وأصبح
خير البرية بعد رسول الله يلعن على المنابر ، وأصبح من يحبّنا منقوصا حقّه ، بحبّه
ايّانا! وقيل للحسين : يا ابا سعيد قتل الحسين بن علي ـ عليهماالسلام ـ فبكى حتّى اختلج جبيناه. ثمّ قال وأذلّاه لامّة ، قتل
ابن دعيّها ابن نبيّها .» انتهى ما قاله.
قلت : وحديث
المنام ناصّ بمنطوقه على أنّ دين الإسلام بعد رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لم يكن تدور رحاه إلّا مدّة تمكّن أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ من خلافة ، ولقد أوضحنا ذلك في معلّقاتنا على «الصحيفة
الكريمة السجاديّة »
وبالجملة إذا كان
الأمر على هذا السبيل فكيف يستصحّ [الف ـ ٢٤] ذو حظّ ما من الإسلام ، وذو قسط ما
من البصيرة أن تكون بنو اميّة وهم القرود والشجرة الملعونة من أئمّة الدّين بعد
رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ النازلين منزلة القائمين مقامه.
وأمّا ثالثا :
فلانّ من الخلفاء المستكمل بهم نصاب العدد الى عمر بن عبد العزيز يزيد بن معاوية
بن أبي سفيان الامويّ ومروان بن الحكم بن أبي العاص بن اميّة بن عبد الشّمس مناف.
فأمّا يزيد فمن أشقى المقرّبين في أصفاد اللعن ، وأخرى المقمحين بأغلال العذاب
الشديد. وأمّا مروان فقد كان يقال له الطريد بن الطريد لما كان قد طرد رسول الله ـ
صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ونفاه الى الطائف ، وقيل : طرد ونفاه الى الربذة ، ثمّ
إلى الطائف ، فأرجعهما عثمان إلى المدينة وأهله ، ونفى أبا ذر ـ رضى الله عنه ـ إلى
الربذة. ومن المتّفق على صحّته أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لعنهما وسمّاهما الوزغ بن الوزغ والملعون بن الملعون.
__________________
قال شيخهم الحافظ
الفقيه الدميري الشافعيّ في موضعين من كتاب «حيوة الحيوان» : «روى الحاكم في كتاب
الفتن والملاحم من «المستدرك» عن عبد الرحمن بن عوف ، أنّه قال كان لا يولد لأحد
مولود الّا اتى به إلى النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فيدعو له ، فادخل عليه مروان بن الحكم ، فقال هو [ب ـ ٢٤] الوزغ بن الوزغ ،
الملعون بن الملعون ، ثمّ قال صحيح الإسناد ، وروى بعده بيسير عن محمّد بن زياد
قال : لمّا بايع معاوية لابنه يزيد قال مروان : سنة أبي بكر وعمر. فقال عبد الرحمن
أبى بكر سنّة هرقل وقيصر. فقال له مروان : أنت الّذي أنزل الله تعالى فيك (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ
لَكُما) فبلغ ذلك عائشة فقالت : كذب والله ما هو به! ولكنّ رسول
الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لعن أبا مروان ومروان في صلبه ، ثمّ روى الحاكم عن عمرو
بن مرّة الجهنّي ، وكانت له صحبة ـ رضى الله عنه ـ قال : إنّ الحكم بن أبي العاص
استأذن على النبي صلىاللهعليهوآله ـ نعرّف صوته ، فقال ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ اايذنوا له ، لعنة الله تعالى عليه وعلى من يخرج من صلبه
إلّا المؤمن منهم ، وقليل ما هم يشرفون في الدنيا ويضعون في الآخرة ذووا مكر وخديعة ، يعطون في
الدنيا ، وما لهم في الآخرة من خلاق ».
ومن بعده عبد
الملك بن مروان الجائر الظلوم الغشوم المقدام على سفك الدماء ، وكلّ من عمّاله
كالحجّاج بن يوسف وأخيه ، والملهّب وأبي صغره وغيرهم كان يلقّب برشح الحجر لبخله ،
جاءته الخلافة وهو يقرأ في المصحف فطبّقه وقال : هذا فراق بيني وبينك.
ومن بعده الوليد
بن عبد الملك ، وقد روى عن [الف ـ ٢٥] عمر بن عبد العزيز
__________________
قال لمّا الحدث
الوليد ارتكض في اكفانه وغلّت يداه إلى عنقه ، نستعيذ بالله من عذاب
الله.
فأمّا بعد عمر بن
عبد العزيز ، فيزيد بن عبد الملك المعروف بالفاسق لمّا ولّى قال : خذوا بسيرة عمر
بن عبد العزيز ، فسار بسيرته أربعين يوما ، فدخل عليه أربعون رجلا من مشايخ دمشق
وحلفوا بسيرته له أنّه ليس على الخليفة حساب ولا عقاب في الآخرة! وخدعوه بذلك ،
فانخدع لهم ؛ وتولّع بالفجور والفسوق ، وكان ولده وليد بن يزيد أوغل منه في
المعصية ، فهمّ عمّه هشام بن عبد الملك بقتله لاشتهاره بالفسق ، واستخفافه بالدين
، وانهماكه في شرب الخمر ، وتظاهره بالمعاصي ، ومجاهرته بالكفر
والزندقة ؛ ففرّ منه ، وصار لا يقيم بأرض خوفا منه على نفسه ، بويع له بالخلاف يوم
موت هشام ، وهو إذ ذاك بالبريّة فارّا من مخافته ، فنبذ فى خلافته الآخرة وراء ظهره ، وتوغّل في الولوع بالمنكرات
على شاكلة يزيد بن معاوية ، وركب شططا حتّى أنّه واقع جارية وهو سكران ، وجاءه المؤذّنون
يؤذّنونه بالصلاة ، فحلّف أن لا يصلّي بالنّاس إلّا هي ، فلبست [ب ـ ٢٥] ثيابه ،
وتنكّرت وصلّت بالمسلمين ، وهي سكرى ، متلطّخة بالنجاسات على الجنابة. وحكى الأخباريّون والمورّخون أنّه
اصطنع بركة من خمر ، وكان إذا طرب ألقى نفسه فيها ، ويشرب منها حتّى يتبيّن النقص
من أطرافها.
وحكى صاحب «الكشّاف»
والماوردى والدميري أن الوليد تفأل يوما في «المصحف» فخرج له قوله تعالى : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ
عَنِيدٍ) فمزّق «المصحف » وأنشأ يقول :
__________________
أتوعد كلّ جبار
عنيد
|
|
فما أنا ذاك
جبّار عنيد
|
إذا ما جئت ربّك
يوم حشر
|
|
فقل يا ربّ
مزّقني الوليد
|
فأجمع أهل دمشق
على خلعه وقتله ، فلمّا دخلوا عليه في قصره ، يوم كيوم عثمان ؛ فقتلوه وقطعوا رأسه
وطيف به في دمشق.
فانظروا معاشر
العقلاء! هل يستحلّ ذو مسكة ما أن يقال أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يقول : «لا يزال الإسلام عزيزا والدّين قائما ، ما
ولّيهم اثنا عشر رجلا .» من أمثال هؤلاء الخلفاء من الشجرة الملعونة!؟
ثمّ إنّ المتتبّع
المتمهّر إذا لطّف التدبّر ، ودقّق التأمّل في تواتر الأخبار وتناقل
الآثار بزغ له كفلق الصّبح ، أنّ حديث نزو القرود ليس يتخصّص بهؤلاء ؛
بل إنّه مرتق منهم إلى معاوية بن [الف ـ ٢٦] أبي سفيان ، وهو الذي قد صحّ أنّ رسول
الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ دعا عليه في مواقع عديدة ، منها ما في صحيح مسلم وساير
صحاحهم أنّه لمّا دعاه فقيل له : يا رسول الله! هو يأكل ، قال ـ عليهالسلام ـ : «لا أشبع الله بطنه. » ثمّ منه إلى عثمان بن عفّان ، وهما من الشجرة الامويّة ؛
ثمّ إلى شيخى لصوص الخلافة ، وامامى سرّاق الإمامة ؛ فمن المستبين أنّ فعلتهما
الّتي فعلاها من بدو الأمر كانت كالبذور ، وما ترتّب عليها من بعد كالزروع لها.
ومن ثمّ قال
علّامة تفتازانهم في «شرح المقاصد» بهذه العبارة : «إنّ ما وقع بين الصحابة من
المشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ ، والمذكور على السنة
__________________
الثقات يدلّ
بظاهره على أنّ بعضهم قد جاوز طريق الحقّ وبلغ حدّ الظّلم والفسق ؛ وكان الباعث له الحقد
والعناد والحسد واللّداد وطلب الملك والرئاسة والميل إلى اللّذات والشهوات ؛ إذ
ليس كلّ صحابيّ معصوما ، ولا كلّ من لقى النبيّ بالخير موسوما ، إلّا أنّ العلماء
لحسن ظنّهم بأصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ذكروا محامل وتأويلات بما يليق ، وذهبوا إلى أنّهم محفوظون عمّا يوجب التضليل
والتفسيق [ب ـ ٢٦] صونا لعقائد المسلمين عن الزيغ والضلالة في حقّ كبار الصحابة ،
سيّما المهاجرين منهم والأنصار ، والمبشّرين بالثواب في دار القرار.
وأمّا ما جرى
بعدهم من الظلم على أهل بيت النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فمن الظهور بحيث لا مجال للإخفاء ، ومن الشناعة بحيث لا
اشتباه على الآراء تكاد تشهد به الجماد والعجماء ، وتبكى له الأرض والسماء ، وتنهد منه الجبال ، وتنشقّ له
الصخور. ويبقى سوء عملهم على كرّ الشهور ومرّ الدهور ................. أو رضى أو
سعى ، ولعذاب الآخرة أشدّ وأبقى.
فإن قيل : فمن
علماء المذهب من لم يجوّز اللّعن على يزيد مع علمهم بأنّه يستحقّ ما يربوا على ذلك
ويزيد.
قلنا : تحاميا عن
أن يرتقى إلى الأعلى فالأعلى ، كما هو شعار الروافض على ما يروى في أدعيتهم ويجري
في أنديتهم ؛ فرأى المعتنون بأمر الدين إلجام العوام بالكليّة طريقا
الى الاقتصاد في الاعتقاد به بحيث لا تزلّ الأقدام عن السواء ، ولا تزلّ الأفهام
بالأهواء ؛ وإلا فمن الّذي يخفى عليه الجواز والاستحقاق ، وكيف لا يقع عليهما
الاتّفاق .» انتهت عبارته بألفاظها.
__________________
ومن المستغرب [الف
ـ ٢٧] من إمام أحبارهم وحبر أئمّتهم صاحب كتاب «الملل والنحل» محمّد بن عبد الكريم
الشارستاني إذا نطقه الله الّذي أنطق كلّ شيء حيث قال في مقدمات كتابه
، : «المقدّمة الثالثة فى بيان أوّل شبهة وقعت في الخليفة ومن مصدرها فى الاوّل ،
ومن مظهرها فى الآخر ؛ اعلم أنّ أوّل شبهة وقعت في الخليفة شبهة إبليس ـ عليه
اللّعنة ـ ومصدرها استبداده بالرأى في مقابلة النصّ ، واختياره الهوى في معارضة
الأمر ، واستكباره بالمادّة الّتي خلق منها ـ وهي النّار ـ على مادّة آدم ـ عليهالسلام ـ وهى الطين. وانشعبت عن هذه الشبهة سبع شبهات ، وسارت في
الخليفة وسرت في أذهان الناس حتّى صارت مذاهب بدعة وضلال ، وتلك الشبهات مسطورة في
شرح الأناجيل الأربعة : انجيل لوقا ومارقوس ويوحنّا ومتّى ، ومذكورة في التوراة
متفرّقة على شكل المناظرة بينه وبين الملائكة بعد الأمر بالسجود والامتناع منه.
وذكر تلك السبع ، وما نشأت منها من الشبهات في ساير الامم ».
وقال : «إنّها
بالنسبة إلى أنواع الضلالات كالبذور ، وترجع جملتها إلى إنكار الأمر بعد الاعتراف
بالحقّ ، وإلى الجنوح إلى الهوى في مقابلة النصّ.» وختم الكلام بقوله : «قال ـ عليهالسلام ـ جملة لتسلكنّ سبل الامم قبلكم حذو القذّة بالقذّة والنعل بالنعل ، حتّى لو دخلوا [ب ـ ٢٧] حجر ضبّ لدخلتموه.»
ثم قال : «المقدمّة
الرابعة فى بيان أوّل شبهة وقعت فى الملّة الاسلامية وكيف انشعابها ، ومن مصدرها
ومن مظهرها ؛ وكما قرّرنا أنّ الشبهات التي وقعت في آخر الزمان هي بعينها تلك
الشبهات التي وقعت في أوّل الزمان كذلك ؛ يمكن أن يقرّر في كلّ
__________________
زمان نبيّ ودور
كلّ صاحب ملّة وشريعة ؛ إنّ شبهات امّته في آخر زمانه ناشئة من شبهات خصماء أوّل
زمانه من الكفّار والمنافقين ـ واكثرها من المنافقين ـ وإن خفى علينا ذلك في الامم
السالفة لتمادي الزمان ؛ فلم يخف من هذه الامّة أنّ شبهاتها كلّها نشأت من شبهات
منافقي زمن النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ إذ لم يرضوا بحكمه فيما كان يأمر وينهى ؛ وشرعوا فيما لا
مشرع فيه للفكر ولا مسرى ، وسألوا عمّا منعوا من الخوض فيه والسؤال عنه ، وجادلوا
بالباطل فيما لا يجوز الجدال فيه ؛ فهذا ما كان في زمانه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وهو على شوكته وقوّته وصحّة بدنه ؛ والمنافقون يخادعون ،
فيظهرون الإسلام ويبطنون النفاق ، وإنّما يظهر نفاقهم في كل وقت بالاعتراض على
حركات النبيّ ـ صلىاللهعليهوآله ـ وسكناته ، فصارت الاعتراضات كالبذور ، وظهرت منها
الشبهات كالزوع ؛ فاوّل تنازع وقع في مرضه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فيما رواه الإمام [الف ـ ٢٨] أبو عبد الله محمّد بن
اسماعيل البخاريّ بإسناده عن عبد الله بن عبّاس ـ رضى الله عنه ـ قال : لمّا اشتدّ
بالنبيّ مرضه الّذي توفّى فيه ، قال : ائتوني بدوات وقرطاس ، أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعدي ، فقال عمر : إنّ رسول
الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قد غلبه الوجع ، حسبنا كتاب الله وكثر اللغط ، فقال النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قوموا عنّي لا ينبغي عندي التنازع. قال ابن عباس :
الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله .» انتهى كلامه بألفاظه .
وفي كلام إمامهم
الآمدي أعلى مضاهاة ذلك. ونحن نقول : إنّ من تلك الاعتراضات والشبهات ما في
صحيحى البخاري ومسلم وسائر صحاحهم واصولهم بما
__________________
صدر عن عمر في صلح
الحديبيّة ، وما صدر عنه في التمتّع فى حجّة الوداع.
وروى البلاذريّ
أنّه لما قتل ذبيح الله الحسين بن على ـ عليهماالسلام ـ ، كتب عبد الله بن عمر إلى يزيد بن معوية ، أمّا بعد فقد
عظمت الرزيّة وجلّت المصيبة ، وحدث في الإسلام حدث عظيم ، ولا يوم كيوم الحسين ـ عليهالسلام ـ فكتب اليه يزيد ، أمّا بعد يا أحمق! فإنّا جئنا إلى بيوت منجّدة وفرش ممهّدة ووسائد منضّدة ، فقاتلنا عنها ، فإن يكن الحقّ لنا فعن حقّنا
قاتلنا ، وإن يكن الحقّ لغيرنا فأبوك أوّل من سنّ هذا وابتزّ واستأثر [ب ـ ٢٨] بالحقّ على أهله ».
ومن هنالك قيل قتل
الحسين يوم السقيفة ، وقيل بأسياف ذلك البغى أوّل سلّها أصيب على لا بسيف ابن
ملجم.
وممّا يشدّ أعضاد
إدخالهم ................ في رؤياه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ما رواه علّامه زمخشرهم في «الكشّاف» في الحديث الذي
أسرّه النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ إلى بعض أزواجه ، واستكتمها إيّاه فافشت عليه سرّه ،
إنّه قال ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ لحفصة : إنّ أبا بكر وأباك عمر يملكان أمر أمّتى بعدي
وقال لها : اكتمي على ، فأفشت على رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ سرّه واخبرت بذلك عائشة وكانتا متصادقتين ، فأنبأ الله
تعالى نبيّه واطّلعه على ما فرط منها من النظائر عليه ، وأنزل عليه سورة التحريم ،
وما فيها من أشدّ التغليظ على حفصة وعائشة في الوعيد ، فعابتها ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ على ذلك وطلّقها ، فقال أبوها عمر : «لو كان في آل خطّاب
خير لما طلّقك ». وكذلك في «التفسير الكبير» لإمامهم الرازي .
__________________
وقال ثقة الإسلام
أبو علي الطبرسيّ من أصحابنا في تفسيريه «مجمع البيان» و «جوامع الجامع» [الف ـ ٢٩](وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ
أَزْواجِهِ حَدِيثاً) «يعني حفصة ، عن
الزجاج قال : ولمّا حرّم مارية القبطيّة أخبر حفصة أنّه يملك من بعده أبو بكر
وعمر.» ثمّ قال : «وقريب من ذلك ما رواه العيّاشي بإسناده عن عبد الله بن عطاء
المكّي عن أبي جعفر ـ عليهالسلام ـ إلّا أنّه زاد في ذلك أنّ كلّ واحدة منهما حدّثت أباها
بذلك.» .
قلت : ومن نوادر
الغرائب أنّ في هذا الباب أفشت حفصة على رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ سرّه في أمر أبي بكر وعمر ، وأبوها عمر أفشى عليه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ سرّه في أمر مروان وبينه من الشجرة الملعونة الامويّة
على ما قد سبق. ثمّ إنّ من لطائف أسرار التنزيل الكريم قوله جلّ سلطانه (إِنْ تَتُوبا) خطاب لحفصة وعائشة على طريق الالتفات ، ليكون أبلغ في
معاتبتهما ؛ (فَقَدْ صَغَتْ
قُلُوبُكُما) مالت عن طريقة الايمان.
وقرأ ابن مسعود
فقد زاغت (وَإِنْ تَظاهَرا
عَلَيْهِ) وإن تتعاونا على النبيّ ـ صلّى الله عليه ـ بالاذاة والإفراط فيما يسوءه وقرئ تظّاهرا وتتظاهرا وتظهّرا (فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ) الذي يتولى حفظه وحياطته ونصرته (وَجِبْرِيلُ) أيضا معين له وناصر [ب ـ ٢٩] يحفظه (وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ).
في «الكشّاف» : «عن
ابن عباس لم أزل حريصا على أن أسأل عمر بن خطاب عنهما حتّى حجّ ، وحججت معه ؛
فلمّا كان ببعض الطريق عدل وعدلت معه بالإداوة ، فسكبت الماء على يده فتوضّأ ، فقلت له : من المرأتان
اللّتان تظاهرتا على رسول الله فقال ـ
__________________
عليهالسلام ـ عجبا يا ابن عبّاس كانّه كره ما سالته عنه ، ثمّ قال :
هما حفصة وعائشة .» وكذلك أورده البخاري فى صحيحه .
وفي «مجمع البيان»
: «وردت الرواية من الخاص والعام ، أنّ المراد بصالح المؤمنين : أمير المؤمنين على
ـ عليهالسلام ـ ، وهو قول مجاهد. وفي كتاب «شواهد التنزيل » بالإسناد عن سدير الصيرفي عن أبي جعفر ـ عليهالسلام ـ : «قال لقد عرّف رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عليا ـ عليهالسلام ـ أصحابه مرّتين ، أمّا مرة فحيث قال : «من كنت مولاه
فعليّ مولاه» ، وامّا الثانية : فحيث نزلت (فَإِنَّ اللهَ هُوَ
مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) أخذ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بيد علي فقال أيّها الناس هذا صالح المؤمنين».
وقالت أسماء بنت [الف
ـ ٣٠] عميس سمعت النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يقول : «وصالح المؤمنين علي بن أبي طالب». (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ) أى بعد الله وجبريل وصالح المؤمنين» (ظَهِيرٌ) أى : فوج مظاهر له ، كأنّهم يد واحدة على من يعاديه ، فهذا
من الواحد الّذي يؤدّي معنى الجمع كقوله سبحانه : (وَحَسُنَ أُولئِكَ
رَفِيقاً) ثمّ إنّ الله سبحانه ضرب هنالك لهما مثلين في مطاوى ما
تضمّناه من أسرار البلاغة ما لا يبلغه إحصاء الأنظار البالغة».
ولقد صحّ في باب
الحشر من مشكاتهم ومن مصابيحهم وفي مواضع وأبواب من صحيحى بخاريّهم ومسلمهم وفي
ساير صحاحهم واصولهم عن ابن عبّاس ـ رضى
__________________
الله عنهما ـ عن
النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ إنّه قال لأصحابه : «انّكم محشورون حفاة عراة غرلا ثم قرأ (كَما بَدَأْنا
أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ [وَعْداً عَلَيْنا] إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) ألا! وإنّ أوّل من بكى يوم القيامة ابراهيم ، وإنّ ناسا من
أصحابي ، ويؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول : أصيحابي أصحابي! فيقال : إنّك لا تدري ما
أحدثوا بعدك! إنّهم لن يزالوا مرتدّين على أعقابهم مذ فارقتهم ، فأقول [ب ـ ٣٠]
كما قال العبد الصالح (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ
شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ
عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) .
ومن طريق آخر : «سيجاء
برجال من أصحابي فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فأقول يا ربّ أصحابي! فيقول : إنّك لا
تدري ما أحدثوا بعدك ، إنّهم لا يزالون مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم ».
ومن طريق آخر : «يرد
على يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلّئون عن الحوض ، يا ربّ أصحابي! فيقول : إنّك
لا علم لك بما أحدثوا بعدك! إنّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى ».
ومن طريق آخر : «فيقال
إنّهم كانوا يمشون بعدك القهقرى ».
قال ابن الاثير في
«النهاية» : «فيحلّئون عن الحوض ، أى يصدّون عنه ويمنعون من وروده .» وقال : «يمشون بعدك القهقرى ، قال الأزهريّ معناه ارتداد
عمّا كانوا عليه ، وقد قهقر وتقهقر والقهقرى مصدر. ومنه قولهم رجع القهقرى أى :
رجع الرجوع الّذي
__________________
يعرف بهذا الاسم :
لأنّه ضرب من الرجوع » .
وإذ قد استبان من
تواتر هذه الأحاديث وتناقل هذه الأخبار أنّ أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ تقهقروا ونكبوا عن السبيل من بعده ، وتغلّبوا واستأثروا بالحقّ على أهله ؛
فإذن قد استتبّ ما استصحّوه [الف ـ ٣١] واستثبتوا ، وأطبقوا على روايته في
مصابيحهم ومشكاتهم وصحيحيهم وسننهم الأربعة واصولهم الجامعة عن أبى سعيد الخدري ـ رضى
الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «لتتّبعنّ سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتّى
لو دخلوا حجر ضبّ تبعتموهم! قيل يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال فمن؟ » ومن طريق آخر إنّه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال : «ستحذو امّتي حذو بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ،
وحذو القذّة بالقذّة ، حتّى لو دخلوا حجر ضبّ لدخلوا فيه ».
وإذ قد اعتلى عرش
هذا المقام وبلغ بنا حقّ الكلام ذروة هذا السنام ، فلنرجع بإذن الله العزيز العليم إلى ما نحن في سبيله.
[تحليل مسألة البداء]
قال عروة الإسلام
في الأوّلين والآخرين ، شيخ الدين ورئيس المحدّثين ، أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن
اسحاق الكليني ـ رضوان الله تعالى عليه ـ فى جامعه «الكافى» باب البداء ، ومخرّجه
فيه ستة عشر حديثا ، ونحن سنخرج ان شاء الله العزيز وردا ممّا يجب تخريجه أوّلا ،
ومن بعد ذلك نشرح ما خرّجه ثمّ نكّر ، فنأتى بحقّ القول في شرح ما
__________________
خرّجناه باذن الله
سبحانه.
وهذا الباب لعظيم
جدواه في مذهب المعرفة ومنهل الايمان ، قمين بركض النظر في سبيل مغزاه ، محقوق [ب ـ ٣١] ببسط القول في تحصيل
معناه ، ردّا على اليهود فى استنكارهم كتاب المحو والاثبات في الاحكام التكوينيّة
، وجواز النسخ والتبديل في الحكام التشريعيّة ، وذبّا عن حريم الدين ، ودفعا
لطوارق الشّك عن سبيله من اعتراض المخالفين ؛ فلنبذل فيه المجهود ابتغاء لوجه الله
الكريم ، مستوفقين من المهيمن الفيّاض الحقّ المبين.
فنقول البداء
ممدود على وزن السماء ، وهو في اللّغة اسم لما ينشأ للمؤمن الرأى في أمر ، ويظهر
له من الصواب فيه ، ولا يستعمل الفعل منه مفطوما عن اللّام الجارّة ، وأصل ذلك من «البدوّ»
بمعنى الظهور ؛ يقال : بدا الامر يبدو بدوّا أى ظهر ؛ وبدا لفلان في هذا الأمر
بداء ، أى نشأ وتجدّد له فيه رأى جديد يستصوبه ؛ وفعل فلان كذا ثمّ بدا له ، أى
تجدّد وحدث له رأى بخلافه ، وهو ذو بدوات بالتاء ، قاله الجوهرى في «الصحاح » والفيروزآباديّ في «القاموس» وصاحب «الكشّاف» في «أساس البلاغة » وذو بدوان بالنون ، قاله ابن الاثير في «النهاية » لا يزال يبدو له رأى جديد ، ويظهر له أمر سانح ، ولا يلزم
ان يكون ذلك البتّة عن ندامة وتندّم [الف ـ ٣٢] عمّا فعله ، بل قد وقد ، وربّما
وربّما ، اذ يصحّ أن تختلف المصالح والآراء بحسب اختلاف الأوقات والآونة ، فلا
يلزم أن لا يكون بداء الّا بداء تندّم.
وأمّا بحسب
الاصطلاح فالبداء منزلته فى التكوين منزلة النسخ في التشريع ، فما في الأمر
التشريعي والأحكام التشريعيّة التكليفيّة والوضعية المتعلّقة بأفعال المكلّفين نسخ
،
__________________
فهو في الأمر التكويني والإفاضات التكوينيّة في المعلومات
الكونيّة والمكوّنات الزمانية بداء ؛ فالنسخ كأنّه بدء تشريعيّ ، والبداء كأنّه
نسخ تكوينيّ ، ولا بداء في القضاء ولا بالنسبة الى جناب القدّوس الحقّ والمفارقات
المحضة من ملائكته القدسيّة ، ولا في متن الدهر الّذي هو ظرف الحصول القارّ ،
والثبات الباتّ ، ووعاء نظام الوجود كلّه ؛ انّما البداء في القدر وفي امتداد
الزمان الذي هو افق التقضّي والتجدّد ، وظرف السبق واللحوق والتدريج والتعاقب ،
وبالنسبة الى الكائنات الزمانيّة والهويّات الهيولانيّة ؛ وبالجملة بالنسبة الى من
في عالمى المكان والزمان ، ومن في عوالم المادّة وأقاليم الطبيعة.
وكما حقيقة النسخ
عند التحقيق انتهاء الحكم التشريعيّ وانقطاع استمراره لا رفعه وارتفاعه عن وعاء
الواقع ، فكذلك حقيقة البداء عند الفحص البالغ واللحاظ الغائر انبتات استمرار الأمر التكوينيّ ، وانتهاء اتّصال الافاضة ونفاد
تمادي الفيضان في
__________________
المجعول [ب ـ ٣٢]
الكوني والمعلول الزماني ، ومرجعه إلى تحديد زمان الكون وتخصيص وقت الافاضة بحسب
اقتضاء الشرائط والمعدّات ، واختلاف القوابل والاستعدادات. لا أنّه ارتفاع المعلول
الكائن. عن وقت كونه وبطلانه فى حدّ حصوله ؛ هذا على مذاق الحقّ ومشرب التحقيق.
والصدوق ابو جعفر
بن بابويه ـ رحمهالله تعالى ورضى عنه ـ مسلكه في كتاب «التوحيد » جعل النسخ من البداء ، وهذا الاصطلاح ليس بمرضيّ عندي.
وأمّا علماء
الجمهور فمحقّقوهم يصطلحون على تفسير البداء بالقضاء ، فها ابن الاثير في «النهاية»
أورد بعض أحاديث البداء وفيه «بدا لله عزوجل أن يبتليهم» ثمّ شرحه ، فقال يعلم وذلك : «أى قضى بذلك وهو
معنى البداء هاهنا لأنّ القضاء سابق ، والبداء استصواب شيء علم بعد ان لم يعلم ،
وذلك على الله غير جائز. ومنه الحديث : السلطان ذو عدوان وذو بدوان ، أى لا يزال
يبدو له رأي جديد » وكذلك في شروح الصحيحين.
ونحن نقول هذا
ركيك جدا [الف ـ ٣٣] ؛ لأنّ القضاء السابق متعلّق بكلّ شيء وليس البداء في كلّ شيء
، بل فيما يبدو ثانيا ويتجدّد أخيرا. ولا يكون لأحد بداء في لغة العرب حقيقة ،
الّا اذا ما كان بدوّه له على خلاف ما قد كان يحتسبه ، كما قال عزّ من قائل في
تنزيله الكريم : (وَبَدا لَهُمْ مِنَ
اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) .
شكّ وتحقيق
عسيتم أن تنزعج
أفئدتكم بما يتشكّك المتشكّكون ، أنّ استناد المتغيّر بما هو متغيّر الى الثابت
الحقّ من كلّ وجه ، والتدريجيّ بما هو تدريجيّ الى القارّ المحض من
__________________
كلّ جهة ، ممّا لا
يكاد يتصحّح أصلا ، أليس الاستناد والفيضان على طباق التأثير والافاضة!؟
فاذا استندت المتغيّرات الى القيّوم الحقّ على سبيل التدريج.
[١] : فامّا أن
يكون التأثير والافاضة على التدريج ، فيكون المؤثّر المفيض ، تدريجيّ الصنع ،
زمانيّ الحقيقة ؛ تعالى عن ذلك قدّوسيته الحقّة.
[٢] : أو دفعة
واحدة ، لا على التدريج ؛ فيختلف الأثر الفائض عن نحو التأثير والافاضة.
وبالجملة المتعالي
عن عالمى الزمان والمكان ، المتمجّد عن علائق المادّة وعوارض الطبيعة يمتنع أن يفعل شيئا بعد
شيء وأن يبدو له أمر [ب ـ ٣٣] غبّ أمر. فلذلك ذهبت اليهود الى أنّ الله تعالى قد فرغ من
الأمر. وذهب النظام وبعض أصحابه من المعتزلة الى أنّه سبحانه أخرج جميع الموجودات
من العدم إلى الوجود معا ، لا بتقدّم وتأخر.
قال صاحب «الملل
والنحل» من مذهبه : «أنّ الله تعالى خلق الموجودات دفعة واحدة على ما هى [عليه]
الآن : معادن ونباتا وحيوانا وانسانا» ، ولم يتقدّم خلق آدم ـ عليهالسلام ـ على خلق أولاده [غير أنّ الله تعالى أكمن بعضها في بعض]
، والتقدّم والتأخّر انّما يقع في ظهورها [من مكانها] دون حدوثها ووجودها. وانّما
أخذ هذه المقالة من أصحاب الكمون والظهور من جملة الفلاسفة» .
فان أعضل بقولكم
الأمر في هذا الشكّ ، اعلموا أنّ الله سبحانه كما يتقدّس في ذاته وصفاته وشؤونه
وأسمائه عن التدريج والتعاقب ، اذ لا يكون ذلك الّا من تلقاء الزمان الّذي هو ظرف
المتغيّرات فكذلك هو متقدّس عن المعية الزمانيّة والدفعة الآنية.
اذ ليس ذلك الّا
من جهة الزمان ومن جهة الآن الذي هو حدّ من حدود الزمان ،
__________________
وهو بعلوّ مجده
متعال عن الزمان والدهر ، وأنّ الحركة ماهيتها التدريج والسيلان ، والزمان حقيقته
امتداد التقضّي والتجدّد ، وهما باتّصالهما موجودا في الواقع بهويّة امتدادية غير
قارّة ، يمتنع بالنظر الى نفس ذاتها أن [الف ـ ٣٤] يجتمع جزءان من أجزائها ، أو
حدّان من حدودها في حدّ واحد ، والحوادث الزمانيّة متخصّص كلّ منها بحدّ بعينه من
حدود ذلك الامتداد ، لاستحقاق ماديّ وامكان استعداديّ ، والله سبحانه هو الجاعل
المخرج للمبدعات والكائنات جميعا من كتم العدم الصريح إلى الوجود في الدهر الذي هو
وعاء الزمان ؛ أمّا المبدعات ففي متن الدهر ؛ وأمّا الكائنات فكلّا منها في وقت الذي
هو حدّ من حدود الامتداد الزماني الواقع في متن الدهر.
كلّ مبدع له ضربان
من الحدوث الذاتي والدهري ؛ وكلّ كائن له انحاء الحدوث الثلاثة : الذاتيّ والدهريّ
والزمانيّ ، جميعا ؛ ولا يتوهّم في الدهر امتداد وسيلان وتقضّ وتجدّد. ولو لا
الحركة والزمان لم يكن يتصحّح حدوث زمانيّ ، ووجود مسبوق بعدم يوصف بالامتداد
والاستمرار أصلا ؛ فالتسابقات والتعاقبات والتقدّمات والتأخّرات بين
الزمانيّات إنّما هي بحسب امتداد الزمان وبقياس بعضها إلى بعض في ذلك الامتداد ،
لا بحسب متن الدهر ، ولا بالنسبة الى من يتقدّس ويتعالى عن عالمى الزمان والمكان
وهو بكلّ شيء محيط.
وهذه المفاحص قد استبانت في [ب ـ ٣٤] حكمة ما فوق الطبيعة ، ونحن قد
أوفيناها حقّها من البيان في صحفنا الحكميّة ولا سيّما كتاب «الإيماضات والتشريقات»
وكتاب «خلسة الملكوت».
فاذا الثابتات
والقارّات والمتغيّرات والمتجدّدات التدريجيّات والدفعيّات والزمانيّات الغير
المنطبقة على امتداد الزمان بقضّها وقضيضها ، وصغيرها وكبيرها ،
__________________
رطبها ويابسها ،
مجعولة الجاعل الحقّ ومخلوقة الخلّاق على الاطلاق. وليس ابداعه وايجاده وصنعه
وافاضته بشيء من الأشياء تدريجيّا كما شاكلة الحركة القطعيّة وما على سنّتها ؛ ولا
دفعيّا كما الشأن فى الآنيّات والحصولات الآنيّة ؛ ولا زمانيّا حاصلا في الزمان ؛
لا على سبيل الانطباق عليه كما الأمر في الحركة التوسطيّة وما على شاكلتها ؛ بل على نحو آخر وراء سبيل الوهم ،
متقدّس عن ذلك كلّه.
وكلّ ثابت وقارّ
وتدريجيّ ودفعيّ وزمانيّ حصوله في نفس الزمان من دون الانطباق عليه فهو من فيضه
وصنعه ومن تلقاء ايجاده وافاضته ؛ فايجاده وافاضته للمفارقات المحضة والعقول
القدسيّة من بعد العدم الصريح «ابداع» ، وللأجرام السماويّة «اختراع» ، وللكائنات
المسبوقه بالعدم الممتدّ والمرهونه [الف ـ ٣٥] بالامكان الاستعداديّ «تكوين».
واذا دريت ذلك
وتعرّفته انصرح لك أنّ قول اليهود قد فرغ من الأمر انّما كان يعقل لو كان في اقليم
الدهر ، وفي حريم جناب الربوبيّة امتداد موهوم وحدود مفروضه ، فيكون الصنع
والايجاد في حدّ والفراغ والتعطيل في ساير الحدود ، وذلك من اختلاف الاوهام
السوداوية وتهويشات القرائح الظلمانيّة ، انّما الأمر هنالك على سنن الثبات
الصراح وسنّة الفعليّة المحضة ، فهناك أبديّة الفيض والصنع ودوام الفيّاضيّة
والفعّاليّة ، من دون تصوّر فراغ وتعطيل ، ولا توهّم امتداد وسيّاليّة ؛ والأشياء
كلّها مخلوقه له ، فائضة عنه جلّ سلطانه في الآزال والآباد على الاستمرار الدهريّ
والاتّصال الواقعيّ على سنّة متعالية عن مسالك الأوهام ، وراء الاستمرار السيّال والاتّصال الامتداديّ ، (قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ
مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ
مَبْسُوطَتانِ) .
فأمّا كلام
النظّام على ما نقله صاحب «الملل والنحل» فلو كان لم يعن بقوله «دفعة
__________________
واحدة» الدفعة
الآنيّة والمرّة الزمانيّة ، بل كان يعنى بها المرّة الواحدة الدهريّ المضمّنة
فيها المرّات الزمانيّة والدفعات الآنيّة الى أقصى الأبد ، وكان يقول : والتقدّم
والتأخّر انّما يقع في حدوثها الزمانيّ [ب ـ ٣٥] دون حدوثها الدهريّ ، مكان قوله :
«انّما يقع في ظهورها دون حدوثها ووجودها» لكان قد أصاب محزّ الأمر ومفصل القول ومرّ الحقّ ودخلة الحكمة ، ولكان آخذا مقالته من الحكماء
المتالّهين ، الراسخين في العلم ، دون الطبيعيّين من أصحاب القول بالكمون والبروز.
فاذا قد بطل قول
اليهود بالفراغ من الأمر ، وانقلعت شجرة شبهة التعطيل من عرقها ، واستتبّ استناد الزمانيّات من التدريجيّات والدفعيّات. والضرب
الثالث منها الى صنعه وافاضته سبحانه من غير انثلام فى حريم
قدوسيّة الحقّة وطوار محيطيّته المطلقة ، (فَقُطِعَ دابِرُ
الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) .
تذكرة وتكشاف
هل أنت متذكر ما
أسلفناه لك من قبل فى شرح ما في الحديث عنهم صلوات الله وتسليماته على أرواحهم
وأجسادهم ، أنّه لا بدّ [الف ـ ٣٦] في اطلاق الأسماء على الله جلّ وعزّ من الخروج
من الحدّين حدّ التعطيل وحدّ التشبيه ، وفى طائفة من الروايات لا بدّ أن تخرجه من
حدّ الإبطال ومن حدّ التشبيه من سبيل ثلاثة :
الأوّل : انّه
لمّا كان طباع الامكان الذاتىّ هو العلة المحوجة الى العلّة الجاعلة ورأس ماله
وعرق شجرته الفاقة الصرفة الساذجة ، المفقرة الى الاستناد الى القيّوم الواجب
__________________
بالذات ، فيجب فى
مذهب العرفان أن يستيقن أنّ كلّ ذات وكلّ كمال ذات وكلّ كمال ما لذات ، وكلّ وجود
وكلّ كمال وجود ، وكلّ كمال ما لموجود ، فهو مجعول الباري الخلّاق ، ومفطور
الفعّال الفاطر على الاطلاق ؛ فما في عالم الامكان جميعا صنع جوده وهبة رحمته. ومن
المستبين المنصرح أنّه لا يهب الكمال القاصر عنه.
فاذن ليس لنا مجاز
من وصفه سبحانه بصفات الكمال جملة ، واطلاق الأسماء المتعالية المجديّة وألفاظ
المتواطئة الكماليّة عليه جميعا ؛ وذلك هو الخروج من حدّ الابطال والتعطيل ؛ واذ
من المعلوم بتّة أنّه جلّ سلطانه بحقيقته وانيّته وذاته وصفاته متمجّد عن جميع ما
عداه متقدّس عن سائر ما سواه ، وكلّ ما فى منّة العقول إدراكه ، فانّه في الهبوط
عن حريم جناب الربوبيّة بمراحل لا يتناهى.
فمن الواجب
المحتوم أن يعلم مع ذلك أنّ [ب ـ ٣٦] كلّ اسم يتعاطاه من تلك الأسماء القدسيّة
وكلّ لفظة نستعملها من تلك الألفاظ الكماليّة في شيء من شؤونه وصفاته وجهاته
واعتباراته ، لا يصحّ أن يكون هناك الّا على سبيل آخر متقدّس متمجّد متعال عن سبيل
المعني الذي نعقله ونتصوّره من ذلك الاسم ومن تلك اللفظة ومن أيّة لفظة استعملناها
مكانها ، فكلّ لفظة كماليّة فهي في صقع الربوبيّة بمعنى أقدس وأرفع ممّا في وسع
ادراك العقول والأوهام ، وكلّ اسم قدسيّ لكمال حقيقي فهو له سبحانه بمعنى أعلى
وأمجد من أن يعقل ويوصف ، والبارئ الحقّ بحيث لا يناسبه ولا يشاكله ولا يضاهيه ولا
يدانيه شيء من الأشياء في انيّته وذاته ، ولا في شيء من أوصافه وحيثياته ، حتّى
اذا قلنا : «إنّه موجود» علمنا مع ذلك أنّ وجوده لا كوجود سائر ما دونه. واذا قلنا
: «انّه حيّ» علمنا أنّه بمعنى أقدس وأعلى ممّا نعقله من الحيّ الّذي هو دونه.
واذا قلنا : «انّه عالم» علمنا أنّه بمعنى أمجد وأسنى ممّا نعلمه من العالم الذي
هو غيره.
وكذلك في سائر
الأسماء العزّية الجلاليّة والألفاظ القدسيّة الكماليّة ، فيجب أن يفرض على ذمم
عقولنا فرضا حاتما أن يكون على أقصى العقل المستفاد في هذه المعرفة لا يعزب عن
بالنا أنّ المعاني الالهيّة الّتي نعبّر عنها بهذه الألفاظ العليا التمجيديّة
والأسماء الحسنى الإلهيّة ، ليست هي الّا بنوع أرفع وأعلى من كلّ ما في منّتنا ،
ووسعنا أن نتصوّره
[الف ـ ٣٧] ـ في
قوّتنا ـ وجدنا أن نتعقّله ، فهذا هو الخروج من حدّ التشبيه.
الثاني : انّ كلّ
ما هو من الكمال المطلق للموجود بما هو موجود من الأسماء والصفات يجب إثباته
للموجود الحقّ الذي هو بارئ الوجود وفاطر الذوات وجاعل الموجودات على الاطلاق ،
وذلك هو الخروج من حدّ الابطال والتعطيل ، ويجب مع ذلك أن يعقل عقلا مستفادا أنّ
كلّ اسم وصفة يثبت له سبحانه ، فإنّه بحسب نفس مرتبة الذات ومصداقه ومطابقه بحت
نفس الحقيقة ، ولا كذلك الأمر فيما سواه أصلا ، فكلّ موجود دونه ، فانّ أيّة صفة
اثبتت له ، وأىّ اسم أجرى عليه وراء اسم ذاته ، انّما يتصحّح له ذلك ، لا بحسب نفس
الذات ، بل بحسب مرتبة متأخّرة عن مرتبة نفس الحقيقة ، وباعتبار أمر آخر وراء سنخ
جوهر الذات ، زائد على صرف أصل الحقيقه ؛ فهذا هو الخروج من حدّ التشبيه.
الثالث : انّ
حيثيّة وجوب الذات ووجوب الوجود بالذات هي بعينها حيثيّة الوجوب الحقّ من كلّ وجه
والفعليّة المحضة من كلّ جهة ، فجميع الحيثيّات الكمالات المطلقة ، وقاطبة جهات
الصفات الحقيقيّة مضمّنة في هذه الحيثيّة الحقّة القيّوميّة الوجوبيّة ، وهي
بوحدتها الحقّة الحقيقيّة مستحقّه أسماء جهات المجد والكمال واعتبارات حيثيّات
العزّ والجلال بأسرها ، وهذا ما قد اقترّ في مقرّه في علم ما فوق الطبيعة انّ
الواجب الوجود بالذّات واجب الوجود من جميع الجهات [ب ـ ٣٧] وذلك هو الخروج من حدّ
الابطال والتعطيل.
واذ ذلك بالفحص
البالغ والنظر الغائر مستوجب أن يكون جملة الأسماء المختلفة التقديسيّة
والتمجيديّة والعقود الكماليّة الايجابيّة والسلبيّة مطابقها ومصداقها ، وما
بازائها جميعا نفس الحيثيّة الواحدة الحقّة القيّوميّة الوجوبيّة بمرتبة ذاتها ،
وأسماء الصفات الحقيقيّة الكماليّة مرجعها بأسرها هنالك الى اسم الذات الواجبة
الحقّة القيّوميّة بنفس مرتبتها ، إذ هي بنفسها تستحقّ جملة تلك الأسماء والعقود
بالذات حقيقة لا بالعرض ولا بالمجاز ؛ فالقيّوم الواجب بالذات ـ عزّ مجده ـ له
جملة الأسماء الحسنى والأمثال العليا من حيث نفس مرتبة ذاته الأحديّة من كلّ وجه
وبحسب صرف حيثيّة
وحقيقته
الصمدانيّة من كلّ جهة ، لا من تلقاء حيثيّة ما وراء بحت الذات وصرف الحقيقة أصلا
، لا تقييديّة ولا تعليليّة ؛ اذ حيثيّة الوجوب الذاتيّ بصرافة وحدتها الحقّة
مثابتها مثابة جملة الحيثيّات الكماليّة التمجيديّة والتقديسيّة الايجابيّة
والسلبيّة ، وليس الأمر كذلك في شيء من سائر الحقائق.
فكلّ ذات من
الذوات الجائزة وكلّ موجود من الموجودات الممكنة ، فانّه إنّما يتسحقّ كلّ اسم من
الأسماء المختلفة المفهومات من حيث حيثيّة خاصّة ، لا يصحّ بحسبها الّا ذلك الاسم
بخصوصه ، ففي حقائق عالم الامكان لا يتصحّح اسمان مختلفان بالمعنى بحسب جهة واحدة بخصوصها ولمرتبة
متعيّنة [الف ـ ٣٨] بعينها ومن تلقاء حيثيّة احديّة بصرافتها ، فهذا هو الخروج من حدّ التشبيه .
وليعلم أنّ وجوب
اعتبار الخروج من الحدّين هنالك ليس يتخصّص بالصفات الحقيقيّة ، بل انّه يعمّ اسم
الذات واسم الوجود وأسماء الصفات الحقيقيّة ، وأسماء الصفات الاضافيّة والاضافات
المحضة وأسماء الأفعال جميعا ، فيجب في شريعة البرهان ودين العرفان اثبات الذات
لله سبحانه خروجا من حدّ الابطال والتعطيل ، ومعرفة انّ ذاته سبحانه أقدس وأعلى من
مضاهاة الحقائق ومشابهة الذوات ، فانّه جلّ سلطانه ينبوع
__________________
الذوات وجاعل
الحقائق وفعّال الماهيات خروجا من حدّ التشبيه ، وكذلك القول في الموجود والشيئيّة
فهو موجود لا كسائر الموجودات ، وشيء لا كسائر الأشياء ، من تلقائه شيئيّة
كلّ شيء ووجود كلّ موجود ، وكذلك في الصفات الحقيقيّة على ما قد تعرّفت والاضافات
أيضا خارجة هنالك من حدّ الابطال والتعطيل ، ولكن سنتها في عالم الربوبيّة على خلاف شاكلتها في عوالم الامكان.
ألم يستبن في
العلم الّذي فوق الطبيعة أنّ ماهيات الجائزات مجعولة بالجعل البسيط ، فكلّ ما هو
جائز الذات فإنّه بنفس مرتبة ذاته وسنخ جوهر حقيقته مجعول الجاعل الحقّ ، وفعله
وصنعه وفيضه وأثره الصادر عنه ؛ إنّ جاعل الذات والوجود يجب أن يكون ثابت الذات
والوجود في مرتبة ذات مجعولة ومتقدّما [ب ـ ٣٨] عليه تقدّما بالماهيّة وتقدّما
بالذات بحسب مرتبة الوجود.
فاذا كلّ من
الجائزات تعرضه اضافة المجعوليّة بالفعل بحسب مرتبة نفس الذات ، والقيّوم الواجب
بالذات جلّ ذكره ـ انّما تعرضه اضافة الجاعليّة بالفعل ، لا بحسب مرتبة ذاتها المتقدّمة على
مرتبة ذات مجعوله ، بل بحسب مرتبته المتأخّرة الّتي هي مع مرتبة ذات
المجعول.
__________________
وأيضا أنّ
الاضافات العارضة لذاته الحقّة الأحديّة عزّ سلطانه لا تكون متعاقبة الحصول
شيئا بعد شيء بالنسبة الى ذات المعروض ، اذ ليس هناك من جهة ذاته الحقّة الّا
الفعليّة المحضة من كلّ جهة ؛ بل انّما لها التعاقب والتدريج بالنسبة بحسب النسبة
الى ما اليه الاضافة. وأمّا الاضافات العارضة لما في عالم الامكان فعلى غير ذلك
السبيل ، فاذا في اثبات الاضافات أيضا خروجا من حدّ التعطيل ومن حدّ التشبيه من
سبيلين.
وكذلك الأمر في
أسماء الأفعال ، فكما ذاته القيّوميّة لا تقاس بالحقائق والذوات ولا
شؤونه وصفاته بالعوارض والصفات ، ولا اضافات ذاته بالنسب والاضافات ، فكذلك أفعاله
وافاضاته [الف ـ ٣٩] لا
تقاس بالأفاعيل والتأثيرات ، سبيل فعله سبحانه خارج من حدّ التعطيل ومن حدّ
التشبيه ، ابداع ثابت وايجاد صريح وتكوين باتّ ، لا دفعيّ ولا تدريجيّ ولا زمانيّ
، اذ لا تعتوره الأزمنة والآنات ، ولا تعتريه الحدود والآماد والآجال والاوقات ،
ولا هو كتأثيرات الطبائع ، ولا كأفاعيل المختارين من ذوى الهمامات والارادات ، ومشيّته جلّ سلطانه لأفعال العباد أيضا بين أمرين ، خارج من حدّ
__________________
الجبر ومن حدّ
التفويض ، وهو قدير على ما يشاء ، فعّال لما يريد ، فهذا مرّ الحقّ في كنه هذه المسألة (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا
وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) .
بسط وتحصيل
انّما المنتزع منه
، ومطابق الانتزاع للوجود المطلق الشامل الفطريّ التصوّر نفس ذات القيّوم الحقّ
الواجب بالذات من دون حيثيّة ما أصلا ، لا تقييديّة ولا تعليليّة ؛ اذ الوجود هو
شرح الذات المتقرّرة وحكاية عن حقّيّة الحقيقة ، لا وصف عينيّ أو ذهنيّ وراء نفس
الذات المتقرّرة يقوم بها ، فيصحّح انتزاع الموجوديّة. فاذا كانت الذات متقرّر
بنفسها كانت الموجوديّة منتزعة لا محالة من كنه نفسها من غير حيثيّة وراء بحت
الذات أصلا ؛ فالوجود هناك عين الذات ، والماهية نفس الإنّية.
وأمّا الذات
الجائزة فانّ تقررها [ب ـ ٣٩] وحقيقتها من تلقاء الجاعل لا من حيث
نفسها وبحسب جوهرها ، فمطابق انتزاع الموجوديّة من الجائزات حيثيّة ارتباطها
بالقيّوم الحقّ الواجب بالذاتي ـ جلّ ذكره ـ بالصدور عنه ، واستنادها اليه
بالمجعوليّة لا حيثيّة جوهر الذات .
__________________
وليس سبيل الايجاد
والافاضة أن ينفصل من ذات المفيض الموجد شيء أو يتّصل بذات المجعول الفائض أمر ،
بل سبيله أنّه اذا احاط علم الجاعل الفيّاض بأن شيئا ما من الجائزات بحسب ذاته من
خيرات نظام الوجود ومنتظرات وجوده ومصحّحات مجعوليّته حاصلة بالفعل ، يترتّب على علمه وانبعث من ارادته في متن الواقع جوهر ذات ذلك
الشيء ، وصدرت عن فيّاضيّته وفعّاليته نفس حقيقته وسنخ هويّته وماهيته كما من باب
ضرب الأمثال ، وان لم يكن على مضاهاة ومداناة ومشابهة ومناسبة.
اذا تأكّد شوق
النفس المجرّدة الّتي لا سلطان لها على البدن وقواه الجسمانيّة الّا بالتدبير
والاستخدام ، وبلغ في تأكّده في مرتبة الاجماع انبعث عنه اهتزاز الأعضاء ، وترتّبت
عليه حركة الأعضاء الأدوية ، وكما اذا ما بدأ جرم الشمس فاض عنها شعاع النور ،
وكما اذا ما دنت زجاجة زيت السراج من بيدر النار اشتعلت عنه الفتيلة.
والصدور ، وأعني
به الجعل والايجاد والافاضة يطلق في اصطلاح العلم ولغة الحكمة على معان ثلاثة :
__________________
أوّلها
: الجاعليّة
الاضافيّة المضائفة للمجعوليّة ، والمتضائفتان حاصلتان معا في مرتبة واحدة ،
ومتأخّرتان [الف ـ ٤٠] معا بحسب المرتبة عن مرتبتى ذات الجاعل وذات المجعول ،
فحقيقة الاضافة ليست إلّا النسبة المتكرّرة على خلاف مطلق النسبة ، اذ لا يعتبر
فيها التكرّر ، بل إنّها أعمّ وأوسع .
وثانيها
: حيثيّة الجاعليّة
الحقيقيّة الّتي هي مستتبعة ذات المجعول ، ومنها ينبعث جوهر ذاته ، وذلك كون
الجاعل بحيث من تلقائه يجب ، وعنه يصدر هذا المجعول بخصوصه ، وهذه الجاعليّة
الحقيقيّة مبدأ الجاعليّة الاضافيّة ومتقدّمة عليها بمرتبتين ، إذ هي ينبوع وجوب
المجعول وفعليّته ، ومنبع تقرّره ووجوده ، وهي من المراتب السابقة على جوهر ذاته.
والجاعلية
الاضافيّة فرع تحقّق المضافين ، والمراتب السابقة مفصّلة معدودة ، في كتابنا «الافق
المبين» ، وهي مضاهية الجاعليّة الاضافيّة في كونها واحدة اذا كان المجعول واحدا
ومتكثّرة بحسب تكثّر المجعولات ، وفي أنّها أيضا ليست عين ذات الجاعل الحقّ على
الإطلاق ، بل إنّها أمر زائد على نفس ذاته ـ جلّ كبرياؤه ـ كما
الجاعليّة الاضافيّة إذ ليست هي من الكمال المطلق للوجود بما هو وجود. ومن الصفات
الحقيقيّة للموجود الحقّ من حيث هو موجود حتّى يجب أن تكون هي عين حقيقة القيّوم
الحقّ الواجب ، [ب ـ ٤٠] ولكنّها من لوازم ذات الحقيقة الحقّة القيّوميّة وعوارضها
بالذّات بحسب خصوصيّة ذات هذا المجعول وخيريّته لنظام الوجود ، وتمام مناسبته وقرب
جوهره بنصاب كمال الحقيقة وقسط بهاء الانيّة من حريم الجناب القدّوسيّ القيّوميّ.
وما قاله حامل عرش
العلم والتحصيل في «شرح الاشارات» حيث قال : الصدور
__________________
يطلق على معنيين :
أحدهما
: أمر اضافيّ يعرض
للعلّة والمعلول من حيث يكونان معا ، وكلامنا ليس فيه.
والثاني
: كون العلّة بحيث
يصدر عنها المعلول ، وهو بهذا المعني متقدّم على المعلول ، ثمّ على الاضافة
العارضة لهما ؛ وكلامنا فيه. وهو أمر واحد ان كان المعلول واحدا ، وذلك الأمر قد
يكون هو ذات العلّة بعينها ان كانت العلّة علّة لذاتها ، وقد يكون حالة تعرض لها
ان كانت علّة لا لذاتها ، بل بحسب حالة اخرى. أمّا اذا كان المعلول فوق واحد ـ فلا
محالة يكون ذلك الأمر مختلفا ، ويلزم منه التكثّر في ذات العلّة ـ فليس بوزين في
ميزان [الف ـ ٤١] التفتيش الغائص ولا بمعابر بمعيار الفحص البالغ.
أليس امكان ذات
المعلول من المراتب المتقدّمة على هذه العلّيّة الحقيقيّة الغير الاضافيّة ، وليس
هو بمتقدّم على مرتبة ذات العلّة بما هي بتّة!؟ وكون العلّة علّة لذاتها انّما
يستلزم أن يكون ايجاد هذا المعلول لا أن يكون هو نفس مرتبة ذات العلّة بعينها بما
هي هي وافاضة المعلول الأوّل بخصوصه ليست هي الكمال المطلق حتّى تكون عين مرتبة ذات
الجاعل على الاطلاق ، وكيف يصحّ أن تكون هي عين ذات الجاعل الحقّ؟
والقيّوم الواجب
بالذات متعالى الذات بوحدته الحقّة عن الوحدة العدديّة على ما هو المنصرح لاولى
العقل الصراح ، ووحدة افاضة المعلول الأوّل عدديّة على ما المعلول الأوّل وعلى
وفقها ، فالجاعليّة بهذا المعنى هي الّتي عبّر «القرآن الكريم» عنها الأمر وقول كن
(إِنَّما أَمْرُهُ
إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) وعالم المفارقات انّما
__________________
سمّى عالم الأمر
لمكانة وجوده بمحوضة الامر الإلهيّ ، وقول «كن» من دون مادّة هي الحامل لجوهر
الذات ، وامكانه الاستعدادي ، واستعداد هو المستدعي لجريان الافاضة وفعلية
التقرّر.
وثالثها
: الجاعلية الحقّة الّتي هي كمال مطلب للوجود بما هو وجود ، وهي عين مرتبة
ذات الموجود الحقّ عزّ مجده ، وذلك كونه سبحانه في مرتبة ذاته بحيث تجب وتصدر عنه
خيرات نظام الوجود على الاطلاق ، وتفيض عنه كلّ وجود [ب ـ ٤١] وكلّ كمال وجود وكلّ
كمال لموجود.
فالجاعليّة بهذا
المعني مبدأ للجاعليّة بالمعنى الثاني ، كما تلك مبدأ لجوهر ذات المجعول ، ثمّ
للجاعليّة الاضافيّة وليست بمتأخّرة في المرتبة عن إمكان ذات المجعول تأخّرا
بالذات ، كما تلك متأخّرة عنه ووجوب ذات المجعول بعينه من تلقاء الجاعليّة
الحقيقية وجوب سابق ، فالشيء ما لم يجب لم يتقرّر ، وما لم يجب لم يوجد. ثمّ اذا
ما وقع في دائرة الفعلية لزمه وجوب لاحق يعرضه ويقال له الضرورة بشرط المحمول ،
ولا يكون عقد فعليّ منسلخا عنه أصلا ، «فكل ممكن محفوف بوجوبين سابق ولا حق». والجاعليّات
الحقيقيّة المتكثّرة الّتي هى بازاء خصوصيّات هويّات المجعولات المختلفة تنزّلات
وتجلّيّات للجاعليّة الواحدة الحقّة التي هي عين ذات الجاعل الحقّ على الاطلاق ،
وبالاضافة الى جميع المجعولات والمعلولات على قياس واحد ونسبة واحدة.
تفصلة فيها تبصرة
فاعلمن أنّ مطلق
التاثير وهو عبارة عن الجعل والايجاد والافاضة عند الراسخين
__________________
في العلم
والإلهيّين من حكماء الحكمة اليمانية وفلاسفة الفلسفة اليونانيّة على أنواع أربعة : ابداع
واختراع وصنع وتكوين.
الابداع والاختراع
متعلّقان بالحوادث الدهريّة التي لها الحدوث الذاتي والحدوث الدهري [الف ـ ٤٢].
والصنع والتكوين
يتعلّقان بالحوادث الزمانيّة الّتي لها انحاء الحدوث الثلاثة جميعا.
فالابداع : جعل
جوهر الماهية وتأسيس أيس الذات من كتم الليس المطلق الذاتي وإخراجه من جوّ العدم
الصريح الدهريّ من غير سبق مادّة ومدّة أصلا ، لا سبقا بالزمان ، ولا سبقا بالدهر
، ولا سبقا بالذات ، ولا يكون ذلك الّا في القدسيّات الّتي هي مفارقات المادّة
وعلائقها على الجملة رأسا ؛ وأحقّ المبدعات بالمبدعيّة الصادر الأوّل ، وهو الجوهر
العقلي المحض الّذي ليس هو مسبوق الذات ولا متعلّق الوجود بشيء وراء بحت الذات القيّوم الحقّ
الجاعل على الاطلاق.
والأبرقلسيون
والارسطاطاليسيّون من المشّائين الذاهبون الى قدم المبدعات لا يتصحّح عندهم السبق
الدهرى للعدم الصريح مع الابداع ؛ وانّما عندهم سبق الليس المطلق على أيس المبدعات
في الدهر ، السبق بالذات لا غير. وليس الابداع على ما يزعمون الّا تأييس الأيس من
الليس المطلق بحسب الحدوث الذاتى فقط.
__________________
ورهط منهم يخصّون
الابداع بالعقل الاوّل ، اذ لا يتقدّم عليه تقدّما بالذّات ، الّا ذات مبدعه
القيّوم جلّ ذكره ، فهو الّذي [ب ـ ٤٢] قد أيّسه وأخرجه مبدعه الحقّ من الليس
المطلق دون ما بعده من العقول في السلسلة الطوليّة لسبق المتوسّط عليه وان لم يكن
المادة. وهذا المسلك فى الاصطلاح منقول «الشفاء» فى الإلهيّات ومسلوك «الاشارات» في النمط السادس .
والاختراع : جعل
جوهر الذات واخراج إنّ الحقيقة وأيسها من جوف الليسيّة الذاتية وجوّ العدم الصريح
الدهريّ مع سبق المادّة ، سبقا بالذات لا غير ، من غير سبق مدّة بشيء من أنواع
السبق أصلا ؛ وانّما ذلك في الفلكيّات وكلّيات بسايط العناصر.
ومن ذهب وهمه الى القدم اعتبر فيه الإخراج من الليس الذاتي مع سبق
المادّة بالذات من غير المسبوقيّة بعدم صريح دهريّ ، والذاهب الى التخصيص منهم يعتبر فيه التأسيس من اللّيس مع سبق الجوهر المفارق
المتوسّط بالذات من غير مسبوقيّة بمادّة ومدّة ، ويقول ساير العقول بعد الصادر
الاوّل مخترعات لا مبدعات.
والصنع : المتعلّق
بالحوادث الكونيّة الزمانيّة ، هو جعل جوهر الذات الكائنة الحادثة ، واخراج نفس
هويّتها في متن الواقع من جوّ الليس بحسب الحدوث الذاتي ، ومن كتم العدم الصريح
بحسب الحدوث الدهري مسبوقا بالمادّة مسبوقيّة بالطبع .
والتكوين : اخراج
هويّة الحادث الكونيّ الكيانيّ من امتداد العدم ، وايقاع وجوده [الف ـ ٤٣] المكوّن
في عضّة من الزمان مسبوقا بوجود مادّته الحاملة لا مكانه الاستعدادي ، وبزمان عدمه
المستمرّ مسبوقيّة زمانيّة.
__________________
وانّ فريقا
يعتبرون انواع الجعل والايجاد على ضروب ثلاثة ، ويجعلون الصنع
والتكوين نوعا واحدا متعلّقا بالحوادث الزمانيّة باعتبارين مختلفين صنعا بحسب
اعتبار الحدوث الدهري ، وتكوينا بحسب اعتبار الحدوث الزمانيّ. ونحن فى «الصحيفة
الملكوتيّة» وفي «تقويم الايمان» وفي «الرواشح السماويّة » آثرنا طريق التثليث ، وجعلنا الاحداث مستوعبا للأنواع
الثلاثة ؛ وقلنا : مطلق الجعل والافاضة إمّا احداث دهريّ وهو ينقسم إلى الإبداع
والاختراع ؛ وإمّا احداث زمانيّ وهو التكوين [والصنع] ، والصنع تارة يقابل التكوين
، فيشمل الابداع والاختراع ؛ وتارة يختصّ بالتكوين ، ولكن باعتبار الإحداث في
الدهر لا بحسب الإيقاع في الزمان. وأفضل الأنواع : الابداع ، وأفضل الابداعات :
إبداع الصادر الأوّل.
وفي طريق التثليث
مسلك آخر ، هو مسلوك النمط الخامس من «الاشارات » لشريكنا السالف ، حيث جعل الأنواع الثلاثة ابداعا وتكوينا
واحداثا ، والاحداث افاضة الوجود الزمانيّ مسبوقا بالزمان ؛ والتكوين إفاضة الوجود
الماديّ مسبوقا بالمادّة بالذّات لا بالزمان ، فكلّ منهما يقابل الابداع من وجه ،
وهو متقدّم عليهما ؛ اذ لا يتصحّح حصول [ب ـ ٤٣] المادّة بالتكوين ولا حصول الزمان
بالاحداث ، والّا لزم أن يكون للمادّة الاولى مادّة وللزمان زمان. فالتكوين
والاحداث مترتّبان على الابداع ، والابداع هو الأعلى منهما رتبة والأقدام حصولا
والأقرب نسبة بالقياس الى جاعل كلّ شيء على الاطلاق.
ولكنّه قد خولف
ذلك فى الرسالة «النيروزيّة» ذهابا الى مذهب التربيع في الأقسام حيث قال فيها بهذه
العبارة : «موجد الوجود هو مبدع المبدعات ومنشي الكلّ ، وهو ذات لا يمكن أن يكون
متكثّرا أو متغيّرا أو متحيّزا أو متقوّما بسبب في ذاته أو مباين
__________________
لذاته ، ولا يمكن
أن يكون وجود ، في مرتبة وجوده ، فضلا عن أن يكون فوقه ، ولا وجود غيره ليس هو
المفيد ايّاه وقوامه ، فضلا عن أن يكون مستفيدا عن وجود غيره وجوده ؛ بل هو ذات هو
الوجود المحض والحقّ المحض والوجود المحض والعلم المحض والقدرة المحضة والحياة
المحضة من غير أن يدلّ بكلّ واحد من هذه [الف ـ ٤٤] الألفاظ على معني مفرد على حدة
؛ بل المفهوم منها عند الحكماء معنى واحد وذات واحدة ، ولا يمكن أن يكون له
مادّة ، أو يخالطه ما بالقوّة ، أو يتأخّر عنه شيء من اوصاف جلالته ذاتيا أو فعليّا.
وأوّل ما يبدع عنه
عالم العقل وهو جملة تشتمل على عدّة من الموجودات ، قائمة بلا موادّ ، خالية عن
القوّة والاستعداد ، عقول ظاهرة وصور باهرة ليس في طباعها أن تتغيّر أو تتكثّر أو تتحيّز ،
كلّها مشتاق الى الأوّل والاقتداء به والاظهار لأمره ، واقف من قربه ، والالتذاذ بالقرب العقليّ منه سرمد الدهر على نسبة واحدة.
ثمّ العالم النفسي
، وهو مشتمل على جملة كثيرة من ذوات معقولة ، ليست مفارقة الموادّ كلّ
المفارقة ، بل هي ملابستها نوعا من الملابسة ، وموادّها موادّ ثابتة سماويّة ،
فلذلك هى أفضل الصور الماديّة وهي مدبّرات الأجرام الفلكية وبوساطتها للعنصرية ،
ولها في طباعها نوع من التغيّر ونوع من التكثّر لا على الاطلاق ؛ وكلّها عشّاق للعالم العقليّ ، لكلّ عدة [ب ـ ٤٤] مرتبطة في جملة منها
ارتباط بواحد من العقول المترتّبة ،
__________________
فهو عامل على المثال الكلّي المرتسم في ذات مبداه ، المفارق مستفادا
من ذات الاوّل الحقّ.
ثمّ عالم الطبيعة
، ويشتمل على قوى سارية في الأجسام ملابسة للمادّة على التمام ، تفعل فيها الحركات
والسكونات الذاتية ، وتربى عليها الكمالات الجوهريّة على سبيل التسخير ، فهذه القوى كلّها فعّال.
وبعدها العالم
الجسمانيّ ، وهو ينقسم إلى اثيريّ وعنصريّ ، وخاصيّة الأثيريّ استدارة الشكل
والحركة ، واستغراق الصورة للمادّة ، وخلوّ الجوهر عن المضادّة ، وخاصيّة العنصرىّ
التهيّؤ للأشكال المختلفة والأحوال المتغايرة.
وانقسام المادّة
بين الصورتين المتضادتين ايّهما كانت بالفعل كانت الاخرى بالقوة ، وليس وجود إحداهما لها
وجودا سرمديّا ، بل وجودا زمانيّا ، ومباديه الفعّالة فيه من القوى السماويّة
بتوسّط الحركات ويسبق كماله الأخير أبدا ما بالقوّة ، ويكون ما هو أوّل فيه بالطبع
آخرا في الشرف والفضل ، ولكلّ واحد من القوى المذكورة [الف ـ ٤٥] اعتبار بذاته واعتبار
بالاضافة الى تاليه الكائن عنه ، ونسبة الثواني كلّها الى الأوّل بحسب الشركة نسبة الابداع. وأمّا على
التفصيل فتخصّ العقل نسبة الابداع.
ثمّ اذا قام
متوسّطا بينه وبين الثوالث صار له نسبة الأمر واندرج فيه معه النفس ، ثمّ
__________________
كان بعده نسبة
الخلق والامور العنصريّة بما هي كائنة فاسدة نسبة التكوين. والابداع يختصّ بالعقل ، والأمر يفيض منه الى النفس ، والخلق يختصّ
بالموجودات الطبيعيّة ويعمّ جميعها ، والتكوين يختصّ بالكاينة الفاسدة منها.
واذا كانت
الموجودات بالقسمة الكلّيّة إمّا روحانيّة وامّا جسمانيّة ، فالنسبة الكلّيّة
للمبدإ الحقّ اليها أنّه الّذي له الخلق والأمر ، فالأمر متعلّق بكلّ ذى ادراك
، والخلق متعلّق بكلّ ذى تسخير ، وهذا هو غرضنا فى الفصل الأوّل» انتهى كلامه .
وله في فصلين بعد
هذا الفصل في تحقيق حقائق الحروف والخوض فى أسرار مقطّعات [ب ـ ٤٥] القرآن فحص
موفور وسعى مشكور قد أوردنا ذلك في «الجذوات والمواقيت» وفي «تأويل المقطّعات» ، ونقدناه نقدا ، وبسطنا
حقّ القول فيه بسطا.
استيقاظ
فإذن أمر الافاضة
من الفيّاض الحقّ على الاطلاق بالنسبة الى شخصيّة النظام الجملي لجملة الموجودات
بأسرها ، ولعالم الوجود كلّه ابداع ، وكذا بالنسبة الى عالم العقول المحضة ابداع
وبالنسبة الى عالم المجرّدات ـ وهو مجموع العالم العقليّ والعالم النفسي ـ أمر ،
وبالنسبة الى عموم عالم الجسمانيّات خلق وبالنسبة الى كيانيات الكائنة الفاسدة بما
هي كائنة فاسدة على التخصيص.
ومن سبيل آخر
الأمر الإلهي والنفس الرّحماني المعبّر عنه بقول «كن» في عالم
__________________
الخلق منقسم الى
أمر تكوينيّ صنعيّ ايجاديّ وأمر تدوينيّ حكميّ تشريعيّ ، والقيّوم الواجب بالذّات
عزّ سلطانه بنفس مرتبة ذاته الأحدية فى ابداع النظام الجملي ، وكذا في ابداع أفضل
أجزاء النظام في سلسلة البدء ـ وهو المجعول الأوّل ـ فاعل تامّ وغاية قريبة ؛ وفي
افاضة ساير أجزاء عالم الأمر ، وجملة عالم الخلق وعامّة [الف ـ ٤٦] ذرّات نظام
الوجود ، صانع جوهر الذات وغاية غايات الصنع والايجاد. وكما نفس ذاته الحقّة في
الأمر التكويني الايجاديّ منتهى الغايات ومصير الأغراض فكذلك في الأمر التدوينيّ
التشريعي غاية الغايات المتسلسلة وغرض الأغراض المترتبة ، بحت ذاته القيّوميّة
القدوسيّة.
فمن هذا السبيل
أيضا ذاته الحقّة أوّل وآخر مبدأ ومعاد لنظام الوجود ولذرّات أجزاء النظام جميعا و
(أَنَّ إِلى رَبِّكَ
الْمُنْتَهى) وهذا أحد وجوه أوليّته وآخريته ومبدأيّته ومعاديّته جلّ
جناب مهيمنيّته وأحديّته.
فأوّل تنزّلات
وحدته الحقّة الّتي هي عين مرتبة ذاته القيّوميّة مرتبة الجاعليّة الحقيقيّة التي وحدتها وحدة عدديّة هي ظلّ ذات الوحدة الحقّة
ومستتبعة الوحدة العدديّة للانسان الكبير الذي هو النظام الجملي المتّسق الشخصي
الواحد بالعدد ولا شرف أعضائه والصادر الأوّل من أجزائه في السلسلة البدويّة ،
ولذلك ما جعل اسم هذه المرتبة تالى اسم الذات في قوله عزّ قائلا (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) .
ثمّ ليعلم أنّ
المخاطب بقول «كن» والمأمور بأمر الصدور نفس جوهر الماهية
__________________
بحسب مرتبة
المائيّة الاسميّة الشارحة [ب ـ ٤٦] للاسم ، والصادر نفس جوهرها الصائر بالصدور
مائيّة حقيقيّة ، فالحروف والاعداد كأنّها ذهن الأعيان وضمير الواقع ومتخيّلة
الخارج ، فاذ انطبعت وتمثّلت الماهية فيها استتبع ذلك حصولها بعينها في متن الواقع
وفي نفس الامر خارج الذهن ، وهذا أحد أسباب استثمار الأدعية والأذكار لإيعاء البغية فى وعاء الحصول.
ولقد أسّسنا في
مظانّه في غير موضع واحد من صحفنا وكتبنا أنّ الوجوب والايجاب متحدان بالذات ، متغايران بالاعتبار. فالصدور بما هو ايجاب وايجاد
من نعوت ذات الجاعل وشؤونه ، وهو أمر آلهىّ ونفس رحمانىّ يعبّر عنه بقول «كن» ،
وبما هو وجوب ووجود وحصول ، فهو أثر للجاعل ، ومنسوب الى ذات المجعول ، كما الفعل
والانفعال والحركة متّحدة بالذات متغايرة بالاعتبار.
ومن لطائف الأسرار
أنّ من باب تطابق العوالم الوجوب والايجاب بحسب درجات الحروف متّحدان بالعدد ،
وكذلك الوجود والايجاد ، واذا ادخلت الالف واللّام على كلّ منهما للتعريف حصل عدد
كون حرف أبواب كتاب عالم الامكان بأجمعها وهو أيضا عدد مجموع الحروف والنقاط في
العالم الحرفي أعني : الخمسين ،
__________________
فليتبصّر!
استصباح
[في المباحث الحروفية والعددية]
ألم يقرع سمعك في
طبقات العلم الّذي فوق الطبيعة ، أنّ انطباق العوالم بعضها على بعض من أصول ما
ضبطته القوانين وأعطته البراهين ، وأنّ [الف ـ ٤٧] أساطين الحكماء الإلهيين الذين
يذوقون مطاعم الحقائق وينالونها بذائقة القوّة القدسيّة ويدركون طعوم الدقائق
ويعرفونها بقوّة الذائقة الحدسيّة ، مطبقون على أنّ العالم الحرفي كالجسد ،
والعالم العددي كالروح الساري فيه ، وهما ـ بما فيهما من تأليفات النسب وامتزاجات
الخواصّ ـ منطبقان على عوالم التكوين بما فيها من النسب الكونية والبدايع الصنعيّة
، وكالاظلال والعكوس والثمرات والفروع بالاضافة إلى أضواء عالم الأنوار العقليّة ،
بما هنالك من ازدواجات مشافعة الجهات والحيثيّات ، والابتهاجات المنبعثة عن أشعّة
الشروقات والاشراقات.
فمن امّهات المسائل
أنّ نسبة الثواني إلى الأوّل أمّ جميع النسب ، وربّما قالوا نسبة الجوهر الأوّل
الى القيّوم الأوّل أمّ جميع النسب. واذ روحانيّة العدد للحرف فى حساب الجمّل ـ بضمّ
الجيم وتشديد الميم المفتوحة ـ انّما يعتبر بحسب شبح مرتبة الدرجة ، المعبّر عنها «بالزبر»
، أعني الصورة الرقميّة .
[ألف] :
والألف ، روحانيّة
درجتها الوحدة ، وهي بتكرّرها راسم عوالم العدد ، ومبدأ مراتب الكثرة. ومخرج الألف المتحرّكة
في اقليم النطق وهي الهمزة متقدّم على مخارج
__________________
الحروف كلّها.
وشبحها الرقمىّ أيضا أصل [ب ـ ٤٧] أشباح الحروف وعنصرها الأوّل وراسمها
بأسرها في تطوّراتها المختلفة ، ولا يكون شيء من سائر الحروف عروا عنها ؛ بل أنّ مرجعها ومعادها جميعا اليها في بطنان الباطن
وابطن المراتب بتّة ، وهي لا تتّصل بحرف أصلا ، ويتّصل بما سائر الحروف الّا خمسة
، فلذلك وضعت بروحانيّتها ، لأن يدلّ بها على مرتبة ذات البارئ
الواحد الحقّ جلّ سلطانه بما هو هو ، لا من حيث الاضافة إلى غيره.
[ب] :
والباء : روح
درجتها الأثنوة وهي زوج الأوّل وأول تكارير الوحدة ، وصورتها الرقميّة «ب» وهي
أوّل ما يرتسم من تطوّرات «ا» وتجليّاتها ، واليها مصيرها في مرتبة الدقيقة الّتي
هي أولى مراتب البيّنات. فمن ثمّ جعلت حرف عالم العقل ، أو العقل الاوّل الّذي هو
أفضل المبدعات ، وأوّل الثواني ، وعنه التعبير ب «القلم الأعلى» و «اليد اليمنى»
وان كان الرحمن عزّ سلطانه يداه المبسوطتان كلتاهما يمين.
وليس في سنخ ذاته
ازدواج الكثرة التحليليّة وتشافع عقد النكاح الساري بين
__________________
الذراري المدلول
عليه في التنزيل الكريم بقوله سبحانه (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ
خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) الّا من جهة مفهومى ما بالقوّة وما بالفعل ، والجواز الذاتي ـ بحسب جوهر الذات
ـ والوجوب بالغير من تلقاء إفاضة الجاعل ومرتبتى الماهية والإنيّة ، وحيثيتي الجنس
والفصل المقوّمين للماهية ومبدعه القيّوم جلّ ذكره هو بنفس ذاته [الف ـ ٤٨]
الأحديّة الفاعل له والغاية والمبدأ والمعاد والأوّل والآخر.
[ج] :
والجيم ، روح
صورتها وروحانيّة درجتها من العدد الثلاثة ، ومن خواص هذه المرتبة العددية أنّها
جمع ما قبلها من مراتب العدد ، أعني الواحد والاثنين. فدرجة «ج» مجموع درجتى «ا» و
«ب» ، وهي فرد أوّل مزاجها «ا» كما مجموع درجتها ودقيقتها واسوتها «ا» في أنّ
مراتبها أربع ، وحروف مراتبها ستّة.
وعلاقة ارتباطها ب
«ب» ومضاهاتها لها في الانتساب إلى «ا» أكيدة جدّا ، فمزاجها بحسب الدرجة «ا» ،
وعددها من حيث الدرجة وحدها عدد «ب» من حيث الدرجة والدقيقة جميعا ، وكما «ب» نالت
مزاج الدرجة في الدقيقة نالت هي مزاج الدرجة ومزاج مجموع الدرجة والدقيقة في
الثانية ، وكما فازت «ب» بدرجة «ا» في الدقيقة وبدقيقتها في عالم النفس بلحاظ
جوهرها ، وهو طبقة الأسفل من عالم الملكوت ، كما النفس خليفة العقل ؛ وعالم العقل الطبقة الأعلى من ذلك العالم.
__________________
[د] :
والدال
: بحسب الدرجة زوج
الزوج ، ومربّع «ب» وضعفها ، والنهاية الاولى من نهايات العدد أعنى الأربعة ، وهي
عدد ناقص [ب ـ ٤٨] ومزاجها «ج» من مجموع «ا» و «ب» ، وكمالها الظهوري «ى» ، وهي
مضاهية ل «ج» في كونها رباعيّة المراتب سداسيّة الحروف ، وفي كون عدد دقيقتها فردا
أوّل ومقتدية ب «ب» في اصطياد درجة «ا» في مرتبة دقيقتها ، وعدد مجموع مراتبها (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) الكلمة الطيبة التوحيدية. فمن جهة تلك الخواصّ وهذه
المنزلة جعلت حرف الطبيعة الجوهريّة بما هي هي ، وهي أخيرة مراتب القوى الفعّالة ،
واعتبرت في ازاء عالم الطبائع.
[ه] :
والهاء : حيث أنّ عدد درجتها عدد مراتب كلّ من سلسلتي نظام الوجود
والبدئية والعوديّة ، وعدد الصلاة الفرائض اليوميّة ، وعدد اصحاب الكساء من أهل
بيت العصمة والتطهير ـ صلوات الله عليهم ، ـ أعني الخمسة الّتي هي فرد ، أوّل
مزاجها «ا» ومبدأ الدور الثاني في الآحاد ، والعدد الدائر المستدير التامّ
الاستدارة. وبحسب الطباع اوّل مدارات الدور الثاني من الأدوار السبعة على ما قاله
امام الحكمة افلاطن الإلهي في «الألواح» ومعلّم مشائيّة اليونانيين ارسطوطاليس فى «الاصطكاكات»
، وهي خماسيّة المراتب ، سداسية الحروف ، نائلة مزاج الدرجة أعني «ا» بعينها في
مرتبة الدقيقة على وجه [الف ـ ٤٩] الاتّصال كما «ب» لا من تفاوت.
وعدد مجموع
مرتبتيها الدرجة والدقيقة أوّل الأعداد التامّة أعني الستّة ، ومقوّم جملة مراتبها
من حيث العدد الكلمة الطيّبة ، ومسطّح «ج» في «ه» وهو كمالها الظهوريّ : أوّل
الاوفاق العدديّة ، وهي الخمسة عشر ؛ ومسطّح «ب» في «ه» أخيرة نهايات العدد،
__________________
وهي عشرة ؛ وشكل
صورتها الرقميّة الاستدارة التامّة ، ومن اتّصال درجتها بدرجة ما بعدها يتحصّل «هو»
، وهو الاسم الأعظم كما قد وردت به الرواية عن باب مدينة العلم ودار الحكمة ،
مولانا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب ـ عليهالسلام .
وقد قال فريق من
أئمّة العلوم اللسانيّة والعقليّة أنّ الأصل في «الله» اسم الذات الأحديّة القيوميّة ، «ه»
ثم اشبعت فحصل «هو» والحقت بها اللام تارة ، فصارت له «فله الخلق والامر» ثمّ الحقت به تارة اللّام الاخرى فصارت «لله» (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي
الْأَرْضِ) وتارة اخرى الحقت به الالف واللام فصارت «الله» ، فجعل
علما لذات القيّوم الحقّ سبحانه تعالى سلطانه.
فمن حيث جامعيّة
هذه المراتب وقاهريّة هذه المنازل والفضائل استحقت «ه» أيضا أن تجعل حرف ذات
الباري القيّوم الحقّ جلّ سلطانه ، ولكن لا من حيث نفس الذات بما هو هو ـ كما «ا»
ـ بل بحسب لحاظ الاضافة إلى ما دونه ، ونسبة الاضافة لوجود ما سواه.
[و] :
والواو
: ومن الحروف
الدائرة التامّة ، تكرّرت درجتها بعينها في آخر الدقيقة ، وتوسطت بينهما درجة «ا»
بمنزلة القلب ، فضاهت الباء من حيث نيل درجة «ا» في مرتبة الدقيقة ، وصورتها
الرقميّة أيضا دائرة تامّة [ب ـ ٤٩] بحسب الشكل على رأس قوس أصغر من النصف. وهى
خماسيّة المراتب ، سباعيّة الحروف ؛ عدد درجتها زوج الفرد ، وهو العدد التامّ في
دور الآحاد ، أعني السّتة ؛ وهي مسطّح «ب» في «ج» ، وأوّل الاعداد التامّة والعدد
الدائر المستدير ، ولكن غير تامّ الاستدارة ، مزاجها الحاصل من أجزائها
__________________
العادة نفس
مرتبتها بعينها ، وعدد دقيقتها عدد درجة ما بعدها ، وهو العدد الكامل ، أعني
السبعة الّتي هي فرد أوّل والنهاية الثانية العدديّة ، وعدد مجموع مراتبها أيضا
فرد أوّل.
فلهذه الخاصيّات
والمناسبات ساهمت الباء في كونها أيضا حرف العقل الأوّل ، بل جملة عالم العقل ،
ولكن لا بما هو هو بحسب جوهر الذات ، بل من حيث الاضافة الى ما دونه من الطبقات ،
والإشراق على سائر العوالم من السافلات.
[ز] :
والزاى
: درجتها بحسب
العدد مساوية لدقيقة حرف عالم العقل ، أعني الواو ، ومضاهية ل «ج» فى كونها فردا
أوّل ، ومزاجها «ا» وهي النهاية الثانية للعدد ، والعدد الكامل مقوّمها العدد
التامّ في الآحاد ، وكمالها الظهوري العدد التامّ في العشرات ، وكما حرف عالم
العقل اصطادتا درجة «ا» في مرتبة الدقيقة ، فكذلك هي أيضا.
وهي ثنويّة
الدقيقة عند قوم ووحدانيّها عند آخرين. ومراتب الأبطن على الأوّل أربع وأخيرتها
الثالثة ، وعلى الثاني خمس وأخيرتها الرابعة ، ولكن حروف المراتب ستّة بعدد «و»
اتفاقا ، وعندها يتحصّل من جمع الدرجات ثاني الأعداد التامّة ، أعني الثمانية
والعشرين ، وذلك عدد الحروف وعدد منازل القمر.
فمن هذه الجهات
جعلت مساهمة للجيم في كونها حرف عالم النفس ، لا بحسب جواهر الذات من حيث هي هي ،
بل بما اخذت مضافة إلى جملة مالها عليه سلطان [الف ـ ٥٠] التدبير والتأثير من سائر
الطبقات والعوالم.
[ح] :
والحاء
: عدد درجتها
الثمانية ، زوج الزوج الثاني ومسطّح «ب» ، الزوج الأوّل في «د» زوج الزوج الأوّل ؛
ومزاجها درجة الزاى كما مزاج «د» درجة الجيم ، وهي آخر مدارات الدور الثاني كما «د»
آخر مدارات الدور الأوّل ؛ واتّصلت بدرجة «ا» في مرتبة الدقيقة كما الباء.
ومراتبها خمس ، وحروفها ستّة ، وجمع الدرجات إليها مربّع حرف
عالم العقل من حيث
الإضافة ، أى أوّل الأعداد التامّة وضعت لأن تكون في ازاء عالم الطبائع والصور
النوعيّة ، وجعلت حرف الطبيعة الجوهريّة الّتي هي آخر القوى الفعّالة ، ولكن بما
هي هي ـ كما «د» ـ بل لمّا لوحظت مضافة إلى ما يجرى لها عليه الحكم بالولاية
والتصرّف.
[ط] :
والطاء
: بحسب الطباع أوّل
المدارات الأربعة في الدور الثالث من الأدوار السبعة ، وبحسب الأدوار الثلاثة
العدديّة آخر المدارات التسعة في دور الآحاد ، خماسيّة المراتب سداسيّة أجزاء
المراتب. عدد درجتها النهاية الثالثة العدديّة ، وهي التسعة المتحصّلة من جمع «ب» و
«ز» ، أو «ج» و «و» ، أو «د» و «ه». عدد ناقص ولها جزءان عادّان ، مزاجها منهما ، «د» حرف عالم الطبيعة لا من حيث الإضافة.
وهي أخيرة امّهات
الحروف وآخر اصول الأعداد ، كما الهيولى جوهر ذاتها أخيرة مراتب السلسلة البدئيّة
، ومتقوّمة الذات بالصورتين الجوهريّتين الجسميّة والنوعيّة ، المستتبّ بهما وجود
الطبيعة الجوهريّة [ب ـ ٥٠] وعندها يتحصّل من الكمال الظهورىّ ، أى من جمع الدرجات
المساوق لضرب «ه» في «ط» عدد اسم أوّل الأشخاص البشريّه آدم ـ عليهالسلام ـ والتكسير المساحيّ لسطح أوّل الأوفاق العدديّة ، وليس حقيقة الوفق إلّا انحفاظ
وحدة مرتبة عدديّة بعينها في كلّ ضلع وقطر مع اختلاف التطوّرات ، وتخالف مراتب
الأعداد في بيوت الأضلاع والأقطار للسلح على محاذات انحفاظ الوحدة الشخصيّة
المبهمة لهيولى عالم العنصريّ في مراتب اختلافات اتّصالات والانفصالات والتبدّلات
والانقلابات في صورها الجوهريّة الشخصيّة وو النوعيّة ، كما الحركة التوسطيّة
لمتحرّك شخصيّ بعينه واحدة وحدة شخصيّة مبهمة بالقياس الى الأكوان في الحدود
الوسطيّة ، منحفظة بشخصيّتها في جميع تلك الحدود.
__________________
فلا جرم من جهة
هذه الخواصّ والمناسبات جعلت الطاء حرف الهيولى ، ووضعت لعالم الهيوليات ، واذ لا
يتصحّح للهيولى وجود بالإضافة إلى شيء تحتها ، فلا يصحّ لها حرفان ؛ فإذن فكما
ينجذّ عندها ترتيب الوجود فكذلك تنفذ عند «ط» رتبة الآحاد ، ويتبدأ من بعدها دور
العقود ورتبة العشرات.
[ى] :
والياء
: أوّل مدارات ثاني
الأدوار الثلاثة العدديّة ، وثاني المدارات بحسب الطباع في ثالث الأدوار السبعة [الف
ـ ٥١] الحرفيّة ، عدد درجتها العشرة ، أوّل عقود العشرات وجذر أوّل عقود المآت ،
ونهاية نهايات العدد ، والنهاية الرابعة الّتي هى النهاية الأخيرة ، والمرتبة
الجامعة ينتهي عندها دور العدد ، ثمّ يعود الى الواحد ، وهي منتهي بسائط الأعداد
وآخر مفرداتها ، ثمّ منها بداءة التركيب ، فيضمّ اليها الواحد ، ويقال أحد عشر ،
وذلك عدد مجموع مرتبتيها الدرجة والدقيقة ، وأوّل الأعداد المركّبة ، والفرد
الاوّل في المركّبات. ومزاج العشرة من أجزائها العادّة حرف الطبيعة من حيث اضافة
التصرّف والتأثير أعني «ح».
وتحصّلها من تعشير
«ا» ومن جمع «ج» و «ز» حرفى النفس بالاعتبارين ، وكذلك من جمع «ب» ـ حرف العقل بما
هو هو ـ و «ح» حرف الطبيعة بما هي مضافة ، وكذلك من «و» ـ حرف العقل بما هو مضاف ـ
و «د» حرف الطبيعة بما هي هي ، وكذلك من ضرب «ه» حرف الباري سبحانه من حيث
إضافة الإبداع والإيجاد في «ب» حرف العقل بما هو هو. فلذلك كلّه جعلت «ى» حرف
الإبداع ودلّ بها على اضافة الأوّل الحقّ تعالى سلطانه إلى العقل بما هو ذات ، لا
بما هو مضاف إلى ما بعده ، بل إلى عالم العقل كلّه من حيث هو هو.
__________________
هذا ما ذهب اليه
شريكنا السالف وقلّده فيه الأتباع والمقلّدون ، [ب ـ ٥١] وعندي أنّ هذا
المذهب ليس برصين وأنّ عيار سبيكته غير وزين ولا رزين ، والصراط السوىّ هو : أنّ «ا» لمّا كانت مرتبتها الواحد
بالعدد الذي هو مبدأ الأعداد والوحدة العدديّة الّتي من تكرّرها تحصل حقيقة الكثرة
، والبارئ الواحد الحقّ سبحانه متعالى العزّ والجلال عن أن يوصف ذاته الحقّه
الأحديّة بوحدة عدديّة ، بل الوحدة العدديّة قصاراها أنّها ظلّ الوحدة الحقّة
الحقيقيّة.
فاذا «ا» انّما
رتبتها أن يدلّ بها على القيّوم الحقّ بحسب مرتبة جاعليّة الحقيقيّة سبحانه ،
وأمره الابداعيّ جلّ سلطانه بما أنّ نفس مرتبة ذاته القيّوميّة الوجوبيّة يلزمها
وينبعث عنها ذلك ، لا من حيث اعتبار النسبة الى ما يصدر عن ذاته بذاته ويترتّب على
محوضة أمره وصرافة ابداعه ، أعنى جوهر الذات الّتي هي أجمل مبدعاته وأوّل [الف ـ ٥١]
مجعولاته.
ثمّ «ه» اذ أنّها
على ما قد تعرّفت من الجهات والحيثيّات وتشكّل صورتها الرقميّة من تطوّر «ا» على
صورة القطر وقوسين متّصلتين هما نصفا الدائرة عن جنبتيها اليمين والشمال ، وصورة
رقمها العددي عند الحكماء على هيئة قوسين مرسومتين على «ا» في جهتى العلو والسفل ،
فلوحظت بما هي كذلك وجعلت حرف إفاضة الذوات وايجاد الممكنات ، فدلّ بها على أمر
الإفاضيّ والجاعليّة والايجاديّة ـ أى النفس الرحماني والقول الفعّالي ـ على
الضروب الأربعة : الابداع والاختراع والصنع والتكوين بالنسبة الى عالمى الأمر
والخلق بما فيها من المراتب الخمس في السلسلة البدئيّة ، والمراتب الخمس فى
السلسلة العوديّة جميعا بالنّظر الى نفس ذات الباري الفاطر على الاطلاق ، اذ
__________________
سجيّة الفيض العام
والجود الشامل وسنّته الرحمة الواسعة ، وبالنظر الى ذوات المفطورات وهويّات
المجعولات بأسرها ، اذ مستدعاة ماهياتها ومبتغاة حقائقها بحسب فقر جوهر الذات
وليسيّة طباع الامكان أن تستند الى الجاعل القيّوم الواجب بالذات جلّ ذكره بتّة.
و «ب» حيث لوحظت
بما لها من الخصوصيّات جعلت حرف العقل الاوّل بل حرف عالم العقل بما له من الجهات
بحسب جوهر الحقيقة وبحسب الاستناد الى صقع جنب الربوبيّة ، والاستفادة والاستضاءة
من شعاع نوره.
ثمّ «و» أيضا دلّ
بها [ب ـ ٥٢] على عالم العقل ، وجعلت حرف ما يترتّب على الابداع ، وينبعث عن محوضة
الأمر الابداعي ، ولكن لا بحسب نفس جوهر الحقيقة بما هي هي ، ولا باعتبار النظر
الى طوار الجناب الاعلى ، بل بحسب الاضافة الى الجنبة السافلة بالتأثير فيها.
والاشراق عليها باذن الله سبحانه من تلقاء الفعليّة المستفاده من فعّاليّته
والشعاع المقتبس من نوره ، وهو أوّل ماله الوجوبان ـ السابق واللّاحق ـ بالاستناد
إلى ابداعه ، فمن حيث لحاظ اختلاف الجهتين اختلف رقما و عند الحكماء في جهتى اليمين والشمال على التعاكس.
ومن الأقاويل
المشهورة عندهم أنّ «و» جعلت حرف عالم العقل لما أنّ للعقل الأوّل في حدّ ذاته ستّ
حيثيّات تلزم ذاته المتقرّرة بالفعل الماهية والإنّية والجواز الذاتي ، والوجوب
بالغير وتعقّل ذاته عقلا حضوريّا وتعقّل ذات الجاعل بقدر الامكان.
فمنهم من أرجعها
الى حيثيّات ثلاث ، ومنهم من أرجعها الى حيثيّتين ؛ والتحقيق أنّ الحيثيّات
اللازمة لذاته الصادرة بالفعل اثنتا عشرة حيثيّة مضمّنة في تلك الحيثيّات.
وكذلك «ج» و «ز»
حرفان لعالم النفوس ، أعني الطبقة الاخيرة من عالم الأمر بحسب الاعتبارين ، وكذلك «د»
و «ح» كلاهما لعالم الطبائع من ذينك الاعتبارين ، واختلاف رقمى النفس والطبيعة
أعنى و في جهتى العلو والسفل على التعاكس [الف ـ ٥٣] لكون عالم
النفس فوق عالم الطبيعة.
و «ط» حرف عالم
الهيوليات ، آخر السلسلة البدويّة وحامل القوّة الانفعاليّة ،
ومحلّ الامكانات
الاستعداديّة لما أنّها مربع «ج» ، وتحصّلها من «ا» حرف الأمر الابداعي.
و «ح» حرف الطبيعة
، وكذلك من «ه» و «د» وأيضا معشوقها ومزاجها «د» ، وفضل درجتها على مزاجها «ه»
ومقوّمها «ح» ، وهي آخر اصول الأعداد ورقمها منتهى صور الأرقام.
فأمّا «ي» فحيث
أنّها المرتبة الجامعة والنهاية الرابعة وتحصّلها من تعشير «ا» ومن تضعيف «ه» ،
وهما حرفا الأمر الابداعيّ والفيض الفعّالي ، ومن جمع «ا» حرف فيّاضيّة القوّة
الفعّاليّة الغير المتناهية إلى لا نهاية ، و «ط» حرف حامل القوّة الانفعاليّة
الاستعداديّة لا الى نهاية ، وكذلك من جمع حرف العقل وحرف الطبيعة ومن جمع حرفى النفس
ومن تخميس حرف العقل ؛ ومزاجها حرف الطبيعة ، وفضل درجتها على مزاجها حرف العقل. فمن
المستبين الباتّ ، والمنصرح الصراح أنّ المدلول عليه بها :
[١] : إمّا نسبة
الأمر الابداعيّ التامّ والفعّاليّة الايجاديّة المطلقة للمبدع الخلّاق الفعّال
على الاطلاق ـ تعالى سلطانه ـ بالاضافة الى نظام الوجود كلّه من صدر البدء الى
ساقة العود ، ومن اوّل الآزال الى أقصى الآباد.
[٢] : وإمّا
متعلّق هذا الأمر المترتّب عليه المنبعث عنه ، وهو الانسان الكبير الّذي هو الشخص
الجملي لنظام عوالم الوجود بأسرها ، وحفيلتها المتحصّل من السلسلتين البدئيّة
والعوديّة ، والمراتب الخمس في كلّ منهما بأصيلتها وفصيلتها.
فهذا الشخص
الجمليّ والانسان الكلّي مبدع محض ، جاعله التّام مبدعه القيّوم ، وعلّته التامّة
عنايته الأولى لا يتصوّر بالنسبة اليه الاختراع ، فضلا عن التكوين ، كما الأمر في
أوّل أجزائه وأفضل أعضائه «ا» ، فكيف يعقل أن يكون مجموع ما سوى الله الواحد الحقّ
متوقّفا على أمر ما غير ذاته الاحديّة وجاعليّته الابداعية!؟
وما تمسّك به
أنّها من ضرب «ه» في «ب» إنّما يظهر جدواه في المسألة الغامضة المعبّر عنها بقولهم
[الف ـ ٥٤] «العدد عقل متحرّك» ، وفي كتاب النفس من طبيعيّات
«الشفاء» : «النفس
عدد متحرّك». وسنلقيها عليك من ذى قبل ان شاء الله العزيز عند بسط القول
في تحقيق أمر القلم لا في كونها موضوعة للدلالة بها على اضافة الأوّل الى العقل
بالابداع ؛ فليتعرّف وليتبصّر!
لحاقة واستتمام
ثمّ انّه قال في هذا الفصل بعد ما ذكر : «ولا يصحّ لإضافته الباري أو
العقل إلى النفس ، [اذ ليس] عدد يدلّ عليه بحرف واحد ؛ لأنّ «ه» في «ج» «يه» و «و»
في «ج» «يح» ، ويكون للأمر وهو من إضافة الأوّل إلى العقل مضافا «ل» ، وهو من ضرب «ه»
في «و» ويكون الخلق ، وهو من اضافة الأوّل إلى الطبيعة مضافة «م» ، لأنّه من ضرب «ه»
في «ح» ؛ لأنّ الحاء دلالة الطبيعة مضافة ، ويكون التكوين وهو من اضافة الباري إلى
الطبيعة ، وهي ذات مدلولا عليه بالكاف ، لأنّه من ضرب «ه» في «د» ، ويكون جمع
نسبتى الخلق والأمر ، أعني ترتيب الخلق بواسطة الأمر ، أعني اللام والميم مدلولا
عليه بحرف «ع» ، وجمع نسبتى الخلق والتكوين ـ أعني [ب ـ ٥٤] الميم والكاف ـ مدلولا
عليه بالسين ، ويكون مجموع نسبتى طرفى الوجود ـ أعني اللّام والكاف ـ مدلولا عليه
بالنون ، ويكون جمع نسب الأمر والخلق والتكوين ـ أعني «ل» ، «م» ، «ك» ـ مدلولا
عليه ب «ص». ويكون اشتمال الجملة في الابداع ، أعني «ى» في نفسه «ق» ، وهو أيضا من
جمع «ص» ؛ و «ى» ويكون ردّها إلى الأوّل الّذي هو مبدأ الكلّ ومنتهاه على أنّه
أوّل وآخر ، أعني فاعل وغاية ، كما بيّن في الإلهيّات مدلولا عليه بالراء ضعف «ق».
وذلك غرضنا في هذا الفصل .» انتهى كلامه.
وهذه المقالة أيضا
ليست بالمركون اليها عندي بجملتها ، بل أنّ الأمر فيها متشابك. والذي تثلج به
النفس ، ويستنيم اليه الفؤاد في تامّل أدقّ ونظر أبلغ هو : أنّ «ك» من ضرب
__________________
«هـ» حرف الأمر
الفيّاضيّ الفعّاليّ من حيث نسبة الباري سبحانه إلى ما سواه بالمبدئيّه والافاضة
في «د» حرف الطبيعة بما هي ذات لا بما هي مضافة ، ومزاج «ط» حرف [الف ـ ٥٥]
الهيولى بما هي ذات وبما هي الحامل للقوّة الانفعاليّة. واوّل مدارات العدد الزائد
في عقود دور العشرات ؛ اجزاؤه العادّه انّما هي من البسائط الأصول والمفردات «ا» و
«ب» و «د» و «ه» و «ى» ، ومزاجه «كب» من المركّبات ، ومزاج «كب» ـ وهو من الأعداد
الناقصة ـ «يد» ، ومزاج «يد» من أجزائه العادّة من البسائط ـ وهي : «ا» و «ب» و «ز»
ومزاج «ى» ـ «ح» ، حرف الطبيعة بما هي مضافة ، فقد اندمج في تحصّل «ك» حرفا
الطبيعة من سبيلين.
فاذا المدلول عليه
بالكاف :
[١] : إمّا هو
التكوين بخصوصه ، أى الأمر الايجادي التكويني المتعلّق بعالم الطبيعة من حيث اضافة
البارى سبحانه الى الطبيعة بكلا الاعتبارين جميعا.
[٢] : وامّا
متعلّق هذا الأمر المنبعث عنه ، أعني مكوّنات عالم الخلق وكائنات إقليم الصنع
مركّبات سلسلة العود بزمرها واضاميمها قاطبة ؛ وفي ذلك آية بيّنة لذو العقول
الصريحة.
إنّ تاثيرات
الطبائع وافاعليها إنّما هي باذن الله سبحانه ، وأنّ الايجاد [ب ـ ٥٥] الافاضة على
الاطلاق لا يكون الّا من تلقاء فيّاضيّته ومن سلطان فعّاليّته ، وقد نصّ على ذلك
معلّم مشائيّه يونان ارسطوطاليس ومن من شيعته وفي حزبه.
[ل] :
و «ل» من ضرب «ه»
في «و» ، ومن تعشير «ج» ، وهي معراج درجة «ج» في صعود المرتبة ، منزلة درجتها في
دور عقود العشرات منزلة «ج» في دور مراتب الآحاد ، وروحانيّتها عدد زائد ، مزاجه
مجموع «ك» ومزاجه ، وفضل المزاج على ذي المزاج أوّل الأعداد الزائدة ، وعلاقة
الارتباط لها بالنسبة إلى «ا» متكرّرة من الطرفين ، فاولى طبقتى دقيقة اللام «ا» و
«ل» متّصلة الكينونة بها ، وأولى طبقتى دقيقة الألف «ل» و «ا» منفصلة
الذات عنها.
ومن هذه المنزلة
كانت مقمنة أن دلّ بها تارة على الأمر الابداعيّ واضافة الباري
القيّوم الى كلّ عالم الأمر بخصوصه بالفاعليّة والغائيّة والمبدئيّة والمعاديّة ،
وأخرى لمجعول هذا الابداع. ومتعلّق هذه الإضافة أعني مجموع عالم الأمر وجميع مراتب
الامريّات وهويّات الابداعيّات الشواهق [الف ـ ٥٦] والعوالى من العقول والنفوس
بأسرها في وجودها وتماميّتها ، وبدؤها وعودها وذاتها وفعلها بما هي ملحوضة
الاستناد في تلك الجهات والاعتبارات الى بارئها الحقّ سبحانه فيلحظ أنّ افاعيل
العقول الفعّالة وتأثيرات النفوس المدبّرة بأمر فعّاليّته وصنع تدبيره.
ومن هناك اعتبر
تكرير اللام بين الألف والهاء في جهتى الأوّل والآخر ، فصار «الله» علما للذات
القيّوميّة الفعّالة الحقّة الأحديّة ، وكان تركيب (لا إِلهَ إِلَّا
اللهُ) كلمة التوحيد من هذه الحروف لا غير.
[م] :
و «م» بحسب الطباع
أوّل الدور الرابع من الأدوار السبعة ، وبحسب الرتبة في الأدوار الثلاثة العدديّة
المدار الرابع من مدارات دور العشرات ، منزلتها في دور عقود العشرات منزلة «د» في
دور مراتب الآحاد ، والعلاقة بينها وبين «ا» متكرّرة من الطرفين فثانية «م» ، «ا»
؛ وفي ثانية «ا» ، «م» ؛ وهي من الحروف الثلاثة الدائرة التامّة الاستدارة تكرّرت
درجتها في الدقيقة ، وعددها عقد الأربعين زوج الفرد البالغ تمام نصاب الكمال ، وهو
عدد زائد مزاجه من أجزائه العادّة عدد درجة «ن» ، أى عقد الخمسين. وقد تكرّر أيضا
في مرتبة الدقيقة أعني [ب ـ ٥٦] «يم» ومجموع مرتبتى درجتها ودقيقها عقد التسعين ،
نصاب كمال درجة «ط» ، وكون درجتها متحصّلة من ضرب «ه» في «ح» ، ومن
__________________
ضرب «د» في «ى» و
«ح» و «د» هما حرفا الطبيعة غير مجد طائلا في جعلها حرف الخلق كما أسّسه.
أليست هي معراج
كمال حرف الطبيعة ، والطبيعة جوهر سار في الجسم ، هو المبدأ القريب لأفاعيل محلّها
الذاتيّة؟ فعروجها في الكمال انسلاخها عن نذالة الجسمانيّة وسفالة الهيولانيّة ، واعتلاؤها بقوّة الإحاطة
الروحانيّة واستعلاؤها بسلطان الاستيلاء العقلانيّ.
ولذلك كان من
الاصطلاح الشائع عند الحكماء الراسخين اطلاق الطبيعة المدبّرة الجزئيّة على النفس
الناطقة المجرّدة ، واطلاق الطبيعة الكلّيّة على العقول المفارقة الفعالة ، واطلاق
الطبيعة الفعّالة الكلّية الحقيقيّة على مدبّر نظام الكلّ وممسكه وحافظه ومقيمه ،
أعنى العناية الاولى الإلهيّة ، ولقد اتّخذ هذا الاصطلاح في «الشفاء» أساسا بنى عليه في الإلهيّات ، وفي الطبيعيّات وفي كتاب
البرهان وعندهم أنّ كلّ ما في العالم فهو طبيعيّ بالنظر الى النظام الجمليّ الكلّي
وان كان غير طبيعىّ بالنسبة [الف ـ ٥٧] الى النظامات الجزئيّة الشخصيّة ، وقد بسط
القول فيه التلميذ في «التحصيل».
فإذن الحقّ أن
يقال : الميم حرف المبدئيّة والمعاديّة ، والأوّليّة والآخريّة ، والفاعلية
والغائيّة ، فتارة يدلّ بها على الأمر الابداعيّ من حيث الفاعليّة والغائيّة ،
والقيّوميّة الاحاطيّة من حيث الأوليّة والآخريّة ، والمبدئيّة والمعاديّة
بالاضافة الى الأنوار القاهرة العقليّة والذوات الامريّة النفسيّة ، والعقول
المفارقة الّتي هي الطبائع المجرّدة المستخدمة للطبائع الجسمانيّة ، ويقال لها : «ارباب
الانواع».
وتارة اخرى على
مرتدفات هذه الأمر ومتعلّقات هذه الاضافة بحسب منشئها في البدء ،
ومصيرها فى العود :
__________________
[١] : فإمّا أن
يكون «م» الدرجة ميم المبدئيّة ، و «م» الدقيقة ميم المعاديّة ، و «ى» المتوسّطة
بمنزلة القلب لكمال جامعيّة المرتبة الجامعة للبداءة والنهاية.
[٢] : وإمّا أن
يكون «م» الدرجة ميم الملكوت الأعلى ، و «م» الدقيقة ميم الملكوت الأدنى لكون
النفس خليفة العقل ، و «ى» الواسطة اشارة الى استجماع جميع الشؤون ، والاشتمال على
جميع الصور.
ولا يبعد أن يجعل الميمان
للملكوت الأعلى ، كفاية على أنّ النفس القدسيّة الناطقة البشريّة عند استتمام
مرتبة العقل المستفاد واستكمال نصاب التألّه والتقدّس ومهاجرة اقليم الحسّ ومرافضة
عالم الهيولى ـ الّتي هي بالحقيقة [ب ـ ٥٧] القرية الظالم أهلها تنسلخ عن عوارض النفسيّة ، وتستحقّ اسم العقل الناصع وتنخرط في سلك الملكوت الأعلى ؛ وتكون مثابتها في آخر
السلسلة العوديّة مثابة العقل في أوّل السلسلة البدئيّة ؛ فاذن كما كان العقل أولى
المراتب في سلسلة البدء يعود ، فيصير في سلسلة العود أخيرة المراتب ، فيتكرّر
الملكوت الأعلى في دائرة الوجود في النظام الجمليّ أوّلا وآخرا ، كما حرف الميم في
الدائرة الحرفيّة.
ومن الحكماء من
جعل «م» الدرجة ميم المجرّدات ، أعني مطلق عالم الملكوت جملة ، وميم الدقيقة ميم
الماديّات جميعا ، أعني عالم الملك على الاطلاق لكون عالم الملك فرع عالم الملكوت
، و «ي» الواسطة :
[١] : إمّا العالم
المثاليّ الذي هو عالم البرزخ المتوسّط بين المجرّد والمادي.
[٢] : وإمّا اشارة
الى المراتب العشر البدويّة والعوديّة ، أو الى جامعيّة القوّة الفعّالة الجامعة
للصور من حيث الإفاضة والتفعيل ، وجامعيّة القوّة المنفعلة الجامعة من حيث
الحامليّة والانفعال.
__________________
[ن] :
و «ن» منزلتها في
دور عقود العشرات منزلة «ه» في دور الآحاد ، وهي من الحروف الدائرة ، روحانيّتها
عقد الخمسين عدد جملة الحروف والنقاط ، وكمالها الظهوريّ بحسب مبدأ دور العقود
الوفق العيسويّ ، كما «ه» كمالها الظهوريّ بحسب مبدأ دور الآحاد الوفق الآدميّ ،
ومراتبها ستّ ، الخامسة أخيرتها ، وحروف مراتبها ثمانية وعددها مضروب «ه» في «ى» ،
وهو المتحصّل من جمع النسبتين التكوينيّة الخلقيّة والإبداعيّة الأمريّة ، أعنى «ك»
و «ل» ، [الف ـ ٥٨] وهما طرفا نظام الوجود ، فاذا هي محقوقة بأن تكون لدائرة عوالم
الامكان ، ويدلّ بها على كتاب نظام الوجود.
«ن» الأولى قوس
الدرجة للامكان الذاتي ، و «ن» الأخيرة قوس الدقيقة للامكان الاستعدادي ، و «و» في
الوسط بمنزلة المركز للوجوب بالغير ، كما في الدائرة الواويّة الحاشيتان للوجوبين
السابق واللاحق ، والواسطه للأمر ـ أى الابداع والايجاد ـ فالامكان الاستعداديّ
وصف للمادّة ، قائم بها ، ومتأخّر عن وجودها ؛ والامكان الذاتيّ من المراتب
السابقة ، فهو قبل مرتبة الوجوب قبليّة بالذات في لحاظ العقل ، ولكنّه غير منسلخ
عن مقارنة الوجود والوجوب بحسب نفس الأمر ؛ لأنّه وان كان سلبا بسيطا لطرفى الذات
الّا أنّه ليسيّة الذات المتقرّرة من حيث نفس الذات حين ما هي متقرّرة من تلقاء
الجاعل ، ولذلك كان بالقوّة أشبه منه بالعدم ، وكان له تعلّق ما بالجاعل من تلك
الحيثيّة بالعرض.
وربّما قيل
النونان لسلسلتى البدو والعود ؛ أو للعالمين الأعلى والأسفل ، أو للأمرين التكويني
الايجادي والتدوينى التشريعيّ. والواو كناية عن الوجوب بالغير أو اشارة إلى أنّ
النظام تامّ لا يتصوّر أتمّ منه.
[س] :
والسين دائرة
حكميّة روحانيّة ، متساوية الدرجة والدقيقة بحسب العدد ، عدد
درجتها في عقود
العشرات نصاب كمال أوّل الأعداد التامّة في مراتب الآحاد ، وقد تكرّر في مرتبة
الدقيقة ، وهو عدد زائد ، مزاجه من أجزائه العادّة مائة وثمانية ، وهي خماسيّة المراتب
، أخيرتها الرابعة ، وحروفها ثمانية وقد [ب ـ ٥٨] جعلت حرف حقيقة الانسان ومرتبة
الحقيقة المحمديّة من وجوه :
الأوّل : أنّها من جمع «ك» حرف عالم الملك و «م» حرف عالم الملكوت
، وكذلك الانسان مؤتلف الحقيقة من جوهرين ، أحدهما : البدن المتحرك الهيولاني ـ وهو
خلاصة مكوّنات عالم الملك ـ والآخر : النفس الناطقة الملكوتية ، وهي سلالة مبدعات
عالم الملكوت.
الثاني
: انّها مجموع «ن»
ـ حرف عوالم الامكان بجملتها ـ و «ى» المراتب العشر البدئيّة والعوديّة الّتي هي
قطر دائرة نظام الوجود ، والانسان أيضا وهو العالم الصغير بحقيقته الجامعة ،
وبمرتبة عقله المستفاد من مراتب نفسه المتقدسة المتألّهة نسخة الهيّة مطابقة لكتاب
الله المبين الذي هو العالم الكبير ، أعني جملة العوالم بنظامها الجمليّ من
الفاتحة إلى الساقة.
الثالث : أنّها
بحسب درجتها في العالم الحرفي عدد زائد ، متحصّل من ضرب «ب» في «ل» ومن ضرب «و» في
«ي» ومن ضرب «ج» في «ك». مزاجه مائة وثمانية ، فضل المزاج على ذى المزاج عدد صور
الثوابت المرصودة ، وتضعيفه أعني مجموع مرتبتي الدرجة والدقيقة مائة وعشرون. حاصل
التضعيف أيضا عدد زائد ، مزاجه ضعفه أى مائتان وأربعون ، وأيضا هو نصاب استكمال
العدد التامّ وهو الستّة ، وأيضا هو أقلّ عدد يتصحّح منه أكثر الكسور التسعة ،
ولهذه الفضيلة اعتبر المخرج الستّينى في طبقات العلوم التعليميّة ، وكان وتر قوس
سدس الدور مساويا لنصف القطر ، والجيب الموضوع لنصف سدس الدور مساويا لقوسه [الف ـ
٥٩].
وكذلك الانسان
بحسب درجة جوهر الجسديّ وروحه البخاريّ ـ وهو الجنبة
__________________
السافلة من
الحقيقة الانسانيّة ـ قد انمازه عن أنواع عالم المكوّنات بحمائم المزايا وكرائم النعم ، واختصّ من بينها بلطائف البدايع
وغرائب الحكم ، فجماهير الأطباء والمشرّحين أدركوا في تشريح بدن الانسان خمسة آلاف
من المنافع والمصالح والغايات والفوائد ، وعدّدوها تعديدا وفصّلوها تفصيلا ، مع
أنّ بضاعة قوّة الادراك البشريّ من المعرفة مزجاة ، وما اوتوا من العلم الّا قليلا
.
ومن المستبين أنّ
جنبته العالية وطبقته الأعلى ـ أعنى النفس المجرّدة الملكوتيّة الّتي هي من تمامة
اقليم القدس وقبّة أرض عالم العقل ـ أوسع وأتمّ بمراتب غير محصاة ودرجات غير
محصورة ، كما قال معلّم المشّائين أرسطوطاليس في «اثولوجيا» النفس ليست في البدن ، بل البدن في النفس ؛ لأنّها أوسع
منه. ومن أراد أن ينظر الى صورة نفسه المجرّدة فليجعل من الحكمة مرآة.
الرابع : أنّ السين أعني المائة والعشرين عدد ثلث الدور وقطر
الدائرة بثلاث نقط من فوق ، تبلغ مرتبة الشين المعجمة ، أعنى الثلاثمائة والستّين
، عدد محيط الدائرة التامّة بدرجتها ، وكذلك النفس العاقلة الانسانيّة المفطور
جوهر ذاتها [ب ـ ٥٩] في الفطرة الأولى على مرتبة العقل المنفعل الهيولائي تستكمل
في الفطرة الثانية مراتبها الثلاث : العقل بالملكة ، والعقل بالفعل ، والعقل
المستفاد بالاستفادة والاستشراق من العالم الأعلى ، فاذا بلغت فى الاستكمال النصاب
الأعلى والمرتبة القصيا ، صارت عالما قدسيّا عقليّا مضاهيا للعالم الجملىّ
الوجودىّ ، ومن حكم التنزيل الحكيم قول الكريم سبحانه : (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ) على الاضافة إلى الفاعل ، أى رفيع درجاته ، لا رافع
للدرجات ، وعدد رفيع «شين» أى والستّون.
__________________
الخامس : أنّ «س»
كناية عن السويّة العدليّة والاستواء الاعتدالي ، والانسان مزاجه الجسمانيّ ـ لبدنه
الهيولانيّ من تفاعل الصور النوعيّة وتكاسر الكيفيّات الفعليّة والانفعاليّة ـ أعدل
الأمزجة الجسمانيّة وأفضلها وأقربها من الاعتدال الحقيقيّ ، ومزاجه العقلاني لنفسه
المجرّدة ـ من تعادل أعراق الأخلاق القدسيّة وتقاوم اصول الملكات الملكوتيّة وتضاعف
أشعّة الاشراقات العقليّة المنعكسة عليها من عالم الأنوار الفيّاضة ـ أعدل الأمزجة
النورية وأبهاها ، وأقربها من النور الحقّ والبهاء [الف ـ ٦٠] الباهر.
وكما استقرّ جرم
الارض في وسط عالم الأجسام ـ بتعادل أثقال الجوانب وتقاوم مدافعات الأطراف باذن
الله سبحانه من دون عضادة الأساطين ودعامة الدعائم ـ فكذلك الانسان العارف
المتقدّس المتألّه القائم بالقسط بجوهر نفسه الناطقة الّتي هى أرض زروع الحقائق ،
وأمّ معادن الصور العلميّة والجواهر العقليّة ، فلذلك استواء تقاوم الأسماء
والصفات وتعادل الأخلاق والملكات قارّ الاستقرار في وسط العالم العقليّ ، مستوى
الوزن في كفّتى ميزان حقيقته الاستواء الاعتدالي والسويّة العدليّة بحسب استكمال
نصاب كمال قوّتيه العاقلة والعاملة ، وكما قال اوميرس اليونانيّ «خير امور عالم
الحسيّ وأعدلها ، أوسطها. وخير امور العالم العقليّ وأعدلها وأجملها وأفضلها ،
أعلاها.» وفي الحديث عن باب مدينة العلم ودار مدين الحكمة مولانا امير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ : «كلّ شيء يعزّ ينزر ، والعلم يعزّ حيث يغزر ».
ثم من أسرار تطابق
العوالم ما لا يزيغ عنه بصر المتبصّر العارف أنّه كما في الكتاب المبين الايجاديّ
الابداعي المحتوي على رطب طباع الامكان ويابسه صدر بدء الفاتحة العقل وختم عود الساقة الانسان المتألّه
المتقدّس الصائر بعقله المستفاد كتابا جامعا وعالما عقليا ، مرتبته فى الساقة
مرتبة [ب ـ ٦٠] العقل الأوّل فى الصدر.
فكذلك في الكتاب
الكريم الايحائي والمصحف المجيد التنزيلى على هذه السنّة ، حرف العقل أعني باء
البسملة في الصدر ، وحرف الانسان أعني سين والناس في
__________________
الساقة ليتطابق
المصحفان الفعلي والقولىّ فى الفاتحة والخاتمة.
ولهذا النمط من
النظر ضرب من البسط على ذمّة «سدرة المنتهى» وكتاب «تأويل المقطّعات» يسّرنا الله
سبحانه لإتمامها.
[ع] :
والعين منزلتها في
دور العشرات منزلة الزاى في دور الآحاد ، روح درجتها معراج روح درجتها ، وهو عدد
زائد ، فضل مزاجه عليه «د» ، وتحصّله من ضرب «ز» في «ى» ، ومن جمع «ى» و «س» ، ومن
جمع «ك» و «ن» ، ومن جمع «ل» و «م» ، فعلى قياس ما دريت يكون عروج درجة حرف النفس
بما هي مضافة مقتضاه الانسلاخ عن النفسيّة ، والارتقاء من مرتبتها إلى مرتبة العقل
، والصعود من درجة التدبير الجزئيّ الى درجة العناية الكلّيّة ، فتكون «ع» موضوعة [الف
ـ ٦١].
تارة لخصوصيّة
طبقة من طبقات عالم العقل ، وهي طبقة العقول المفارقة المدبّرة ، المتعلّقة بطبائع
الانواع الجسمانيّة الّتي هي من الصور النوعيّة الجوهريّة المنطبعة في موادّها
بمنزلة الأرواح من الاجساد ، وبمنزلة اولات الاظلال من الأشباح الجوهريّة بالقياس
الى أظلالها يعبّر عنها ، ب «أرباب الانواع» و «مدبّرات الطبائع». نسبة كلّ منها
في سلطان التصرّف وعناية التدبير بالقياس الى جملة أفراد النوع على العموم ،
واستخدامه الصورة النوعيّة نسبة النفس المجرّدة إلى بدنها الشخصيّ بخصوصه في
سلطانها عليه وعنايتها به وتدبيرها له ، واستخدامها طبيعته الجوهريّة وقواه
الادراكيّة والتحريكيّة في جميع الأمور. فكما النخاع خليفة الدماغ ، والطبيعة
الجزئيّة المنطبعة خليفة النفس المجردة الشخصيّة ، والنفس الملكوتيّة الأمريّة
خليفة العقل الابداعيّ ، فكذلك الصورة النوعيّة الكليّة المنطبعة خليفة العقل
المدبّر وطلسمه وظلّه ، وهو بالحقيقة الصورة النوعيّة المجرّدة.
__________________
وتارة اخرى
للدلالة بها على العناية القيوميّة والرحمة الفيّاضيّة ، والافاضة الرحمانيّة
للقيّوم الواجب بالذات ـ عزّ سلطانه ـ بالنسبة إلى هذا الاقليم من العالم العقليّ
بخصوصه ، والاستمساك [ب ـ ٦١] بأنّها من جمع «ل» و «م» فيكون المدلول عليه بها جمع
نسبتي الخلق والامر ، أى ترتيب الخلق بواسطة الأمر مناطه حسبان أنّ «م» حرف عالم
الخلق. وقد استبان لك سبيل الأمر هنالك.
[ف] :
والفاء : بحسب
الأدوار السبعة من جهة اعتبار الطبائع أوّل المدارات في الدور الخامس ، وبحسب
الأدوار الثلاثة العدديّة منزلتها في دور عقود العشرات منزلة الحاء في دور الآحاد
، أعني حرف الطبيعة بما هي مضافة ، فعقد الثمانين عروج مرتبة الثمانية وهو عدد
زائد ، مزاجه «قو» ، فضل المزاج على صاحب المزاج «كو» ، وذلك مزاج «مو» عدد أجزاء
النبوّة فى حديثه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ «الرؤيا الصالحة جزء من ستّة وأربعين جزءا من النبوّة» .
وقد دريت أنّ فضل
مزاج «س» على «س» ، «مح» ؛ فضله على عدد أجزاء النبوّة درجة حرف العقل ، أعني «ب».
و «س» من حيث درجتها حرف الانسان ، ومن حيث مزاجها زائد حرف مرتبة الحقيقة
المحمديّة الّتي هي كمال مرتبة نوع الانسان ، والنبوّة هي كمال مرتبة
القوّة القدسيّة للنفس الانسانيّة.
فاذن تكون «س»
مرتبة الحقيقة المحمديّة بحسب فضل مزاجها عليها ، وهو «مح» [الف ـ ٦٢] ، ويكون فضل
«مح» ـ أعني مرتبة الحقيقيّة المحمديّة ـ على «مو» ـ أعني عدد أجزاء النبوّة ـ بدرجة
حرف العقل ، وهي «ب» دلالة عقليّة ، على أنّ صاحب هذه
__________________
المرتبة الكريمة
وهو خاتم النبيّين ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أفضل من زمرة النبيّين بأصيلتهم بما أنّه ـ عليه وآله
السلام ـ في آخر سلسلة العود بمنزلة العقل الأوّل في أوّل سلسلة البدء من حيث
أنّهما بحسب القرب من نور الأنوار ومبدأ المبادى ـ جلّ سلطانه ـ على نسبة واحدة ؛
فلذلك كان العقل الأوّل نور خاتم النبوّة ، ونطق لسان مرتبة المحمديّة ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ تارة بقوله : «اوّل ما خلق الله العقل» واخرى بقوله : «اوّل ما خلق الله نورى.» فليتبصّر!
ثمّ إنّ علاقة
الارتباط للفاء بالنسبة الى الالف متكرّرة من الطرفين من حيث أنّ درجة «ا» في
دقيقه الفاء ، ودرجة «ب» في دقيقة الالف ، كما للّام وان كانت هي في اللّام أشدّ وحروف مراتب الفاء هي حروف مراتب الألف بعينها. فلمّا كانت
مرتبة «ف» ارتقاء حرف الطبائع بما هي مضافة وملحوظة من حيث استتباع الآثار ومبدأية
[ب ـ ٦٢] الأفاعيل ـ أعني «ح» ، وضرب «ح» حرف الطبيعة في «ى» حرف جامعيّة مراتب
نظام الوجود كله ، ومسطّح «ب» حرف العقل في «م» حرف عوالم الملكوت وجمع «ل» حرف
عالم الأمر و «ن» حرف عالم الامكان بعوالمه وأقاليمه ، وجمع «ك» حرف عالم التكوين و
«س» حرف حقيقة الانسان ، وجمع «ع» حرف الصور النوعيّة المجرّدة العقليّة والطبائع
المفارقة الكلّيّه ، و «ى» حرف النظام الجملىّ بجميع مراتبه ، وكانت أكيدة العلاقة
الارتباطيّة بالنسبة الى «ا» خطّ الأمر الاوّل الايجاديّ وحرف الإفاضة الاولى
الابداعية ـ كانت لا محالة محقوقة بأن يكون حرف العناية الاولى السابغة والرحمة
الواسعة السابغة على الاطلاق ، وعنها التعبير في اصطلاح الحكماء الراسخين في
التألّه ب «الطبيعة الفعّاليّة الكليّة المطلقة» وهي مبدأ المفيض والممسك الحافظ
والمقيم المدبّر لنظام الكلّ بقضّه وقضيضه.
__________________
ومن باب ضرب
الأمثال يعتبرون النظام الجمليّ الّذي هو الانسان الكبير بمنزلة البدن والجسد
والعناية الاولى بمثابة النفس والروح ، ومن باب ايراد العقليّات في قالب الحسيّات
والقدسيّات في طىّ الهيولانيّات ، نظام الكلّ بمنزلة مادّة الجسم ؛ والعناية
الاولى بمثابة جوهر الطبيعة. [الف ـ ٦٣].
ويقولون كلّ ما
يقع في أقاليم الوجود وعوالم الموجودات ـ من القسريّات والطبيعيّات والتسخيريّات
والاراديّات بالنظر الى النظامات الجزئيّة من صغير وكبير ، وجزئيّ وكليّ ـ فهو
طبيعيّ للنظام الجملي الوجوديّ وطباعيّ الانسان الكبير الكليّ. والطبيعة الفعّالة
في النظام الجملي بالإرادة الحقّة والاختيار الحقيقي هي العناية ، والعناية هي كون
الأوّل تعالى عالما لذاته من ذاته بما عليه الوجود في نظام الخير ، وعلّة لذاته
للخير والكمال على حسب استحقاق طباع الإمكان وراضيا به على النحو المذكور ، فيعلم
نظام الخير على الوجه الأكمل الأبلغ في الامكان ، فيفيض عنه ما يعلم نظاما وخيرا
على الوجه الأبلغ الذي يعلمه فيضانا على أتمّ تأدية الى أقصى النظام بحسب الامكان
؛ فهذا معنى العناية عندهم.
ولقد تكرّر في
تضاعيف أبواب «الشفاء» وفنونه إطلاق الطبيعة الكليّة الممسكة لنظام العالم على
العناية ، وهذا النمط من التوسّع باب واسع موسوم في علم البلاغة بصنعة المشاكلة
وصنعة الازدواج». ومنه اطلاق الطبيعة الخامسة على الطباع الفلكي في «الشفاء» [ب ـ ٦٣]
و «الاشارات» ؛ واطلاق الحاسّة السادسة على القوّة العاقلة في «اثولوجيا»
.
وبالجملة لفظ
الطبيعة تطلق في الاصطلاحات الصناعية على عدة معان مختلفة :
الأوّل : الطبائع الجسمانيّة والصور النوعيّة الجوهرية المنطبعة ،
وهذا المعني هو المدلول عليه بحرفى «د» و «ح» بحسب اعتبارين مختلفين ، والطبيعة
والصورة النوعيّة في البسائط متّحدتان بالذات ، مختلفتان بالاعتبار ، وفي
المركّبات مختلفتان بالذّات.
__________________
الثاني : الطباع المجرّدة الجزئيّة الّتي هي النفوس المدبّرة ،
وانّما تدبيرها بالقياس الى أبدان جزئيّة على سبيل التعلّق والتسلطن ، والمختصّ
بالدلالة على هذا المعني حرفا «ج» و «و» بحسب اعتبارين.
الثالث : الطبائع الكليّة المقيّدة وهي العقول النوريّة القدسيّة
المفارقة الّتي هي مدبّرات عوالم الجسمانيّات وأرباب أنواعها ، وإنّما طبائع
الأجسام وصورها النوعيّة المنطبعة في مبدأيّة آثار النوع طلسمات وأظلال لها ؛ فكلّ
منها في عنايته وتدبيره بالقياس الى عالم من العوالم بجملته ، ونوع من [الف ـ ٦٤]
الأنواع بكليّته ، مثابته مثابة النفس المجرّدة في عنايتها ، وتدبيرها بالقياس الى
هويّة شخصيّة بخصوصها وبدن جزئيّ بعينه ، وهذا المعنى يختصّ بالدلالة عليه حرف «ع».
الرابع : الكليّة المطلقة الّتي هي المدبّر الحافظ لنظام الكلّ
ومبدأ تدبير الخير في النظام الجمليّ ، وهي العناية الأولى والرحمة السابقة ويختصّ
بالدلالة على هذا المعنى حرف «ف».
الخامس : سنخ الماهية لكلّ حقيقة ، فكلّ ماهية بما هي هي يقال لها
«الطبيعة المرسلة» ، ويقال للهويّة الشخصيّة الّتي هي فردها «الشيء الطبيعي». فهذا
محزّ القول الفصل في هذا الموضوع.
[ص] :
والصاد
: المدار الثاني من
المدارات الأربعة بحسب الطباع في الدور الخامس وآخر المدارات التسعة في الدور
الثاني من الأدوار الثلاثة العدديّة مراتبها من الدرجة الى الرابعة خمس ، وحروفها
سبعة. عدد درجتها عدد مجموع مرتبتى الميم ، أعني عقد التسعين الحاصل من ضرب «ه» في
«يح» عدد مراتب طبقات الموجودات ، وهو عدد زائد ، مزاجه مائة وأربعة وأربعون ، فضل
المزاج على ذى المزاج «ند» ، مزاج هذا الفضل
__________________
«سو» عدد اسم
الذات الحقّة القيّوميّة ، فهذا العقد معراج مرتبة «ط» ، وكماله [ب ـ ٦٤] الظهوريّ
بحسب مبدأ دور العقود مبلغ التكسير المساحيّ لسطح الوفق العيسويّ ، كما «ط» كمالها
الظهوريّ ـ بحسب مبدأ دور الآحاد القدر المساحيّ لسطح الوفق الآدميّ ، وقوس ربع
الدور ، وهي تسعون درجة ـ هي القوس التامّة في العلوم التعليميّة ، ومتمّم كلّ قوس
إلى الربع تمام تلك القوس ، لما أنّ حبيب قوس الربع أعظم الجيوب ، والجيوب مقادير
القسيّ ، وهي مقدار الزاوية القائمة البالغ كمالها نصاب الاعتدال.
فاذن لمّا كانت «ط»
حرف الهيولى بحسب جوهر ذاتها ولا يصحّ للهيولى تأثير بالاضافة الى شيء ، فلا تلحظ
ذاتها مضافة الى شيء بالتأثير أصلا ، ولكنّها تكون بحسب نفس ذاتها ملحوظة بالاضافة
إلى فاعل ذاتها وجاعل وجودها في سلسلة البدء ، فتكون القابل لنسبة الأمر والابداع
في سلسلة العود ؛ اذ الهيولى نفسها من الابداعيّات بتّة ؛ وبحسب ما فيها من الصور
والأعراض أيضا تلحظ مضافة إلى الباري الفيّاض فتكون المحلّ القابل لنسب الخلق والصنع
والتكوين [الف ـ ٦٥] فتكون «ص» وهي معراج مرتبة «ط» ومرتقاها موضوعة للدلالة بها
على الهيولى ، بما أنّ جوهر ذاتها مجتمع النسب الاربع : الابداع والاختراع والصنع
والتكوين جميعا على اصطلاح ؛ أو النسب الثلاث : الأمر والخلق والتكوين على اصطلاح
آخر. وبما أنّ هويتها الحامة لصور المكوّنات باقية بشخصيتها مع تبدّلات الصور
وفساد شخصياتها ، وقد ورد في الحديث التعبير عنها. ب «عجب الذنب » والاشارة الى هذا السرّ. فليفقه!
[ق] :
والقاف
: بحسب مرتبة
الدرجة أوّل عقود ، آخر الأدوار العدديّة ، وبحسب الطباع
__________________
ثالث مدارات الدور
الخامس ، وهو مربّع «ى» ، ومنتهى معراج كمال العقد الكامل ، أعني العشرة ومرتقاه ، وهو عدد زائد ، فضل مزاجه عليه «يز»
، وتحصّله من جمع «ى» و «ص» ، و «ك» و «ف» ، و «ل» و «ع» ، و «م» و «س» ، ومن ضرب «ب»
، في «ن» ومن تعشير «ى» ؛ فهي محراة أن تكون حرف القاهرية الاحاطيّة والقيوميّة الايجاديّة
لجاعل الذات ومفيض الوجود على الاطلاق الذي هو نور كلّ نور ، ومنه رشح كلّ فيض وظهور
كلّ إنّ ، وهو بكلّ شيء محيط بالنسبة الى جملة نظام الوجود ، وكلّ ذرّة من ذرّات النظام
من الجوهر والأعراض في الترتيب النازل طولا وعرضا من أزل آزال المبدأ الى أبد آباد
المعاد على الاجمال والتفصيل جميعا بالنظر الى مجد جناب القيّوم الواجب بالذات جلّ
[ب ـ ٦٥] ذكره ، حسبما يستوجبه كبرياء حقيقته وسلطان عزّه وجلاله.
[ر] :
والراء مضعّف «ق»
بحسب الدرجة ، عدد زائد ، فضل مزاجه عليه «كه» ، فحيث أنّ «ق» حرف قاهرية الاحاطة
المطلقة وقيّوميّة الابداع على الاطلاق بالنسبة الى الانسان الكبير الجمليّ ، وشخص
النظام المجموعيّ بما عليه من استجماع مراتب الكون ، واعداد الوجود بجملها
وتفاصيلها باعتبار جهتى الاجمال والتفصيل معا من حيث كبرياء الذات الأحديّة وسلطان
الحقيقة الوجوبيّة.
فيكون على سنّة
حكم التضعيف «ر» حرف ربوبيّته سبحانه على أقصى مراتب الاطلاق والشمول والسعة
والاحاطة ورجوع نظام الوجود بجملته ، وردّ زمام العوالم بأسرها في اعتبار حيثيّتى
الاجمال والتفصيل جميعا الى استيلاء كبرياء قاهريّته الفعّالية وسلطان احاطة
تدبيره الفيّاضي في جهتى المبدأ والمنتهى ، واعتبارى الفاعليّة والغائيّة ،
__________________
وحيثيّتى
الأوّليّة والآخريّة ؛ وبالنظر الى الجناب الأعلى من حيث قيّاميّته الوجوبيّة
وبلحاظ حقائق الجائزات ، أيضا بحسب فاقة طباع الامكان وليسيّة ذوات الممكنات في
حدّ أنفسها الهالكة ؛ فسبحان الله الواحد القهّار مبدأ الكلّ ومنتهاه ، واوّل كلّ شيء [الف ـ ٦٦] وآخره ،
وفاعل كلّ شيء وغايته ، واليه رجوع كلّ شيء ومصيره من كلّ وجه ، ومردّه ومعاده من
كلّ جهة.
فهذه العشرون حرفا
امّهات الحروف ، واصول العالم الحرفيّ أربعة عشر ، منها مصدّرة بها فواتح تسع
وعشرين سورة كريمة تنزيليّة بعدد أسماء الحروف ، ومضمّنة فيها الستة الباقية ،
ومنها تركّبت الأسماء الحسنى الإلهيّة كلّها بحسب جميع الأجزاء ، أو بحسب الباقية
، ومنها تركّبت الأسماء الحسنى الإلهيّة كلّها بحسب جميع الأجزاء ، أو بحسب الجزء
الغالب ، وسورة التوحيد لم تتركّب إلّا من ستّة عشر حرفا منها. وهنالك كنوز
حقيقيّة من أسرار الحكمة المتعالية ، ضمان الكشف عنها على ذمّة «سدرة المنتهى»
وكتاب «تأويل المقطّعات» باذن الله العزيز العليم.
استضاءة
ألم يقرع سمعك أنّ
رهطا عرّيفين من علماء الأسرار يتولّعون بكلام روحانيّ في قالب أربعة مصاريع من
الشعر ، ينزّلونها في استجلاب الخيرات واستنزال البركات منزلة عظيمة ؛ وقد صدّرنا
بها كتاب «الجذوات والمواقيت» وهي :
عينان عينان لم
يكتبهما قلم
|
|
في كلّ عين من
العينين عينان
|
نونان نونان لم
يكتبهما قلم
|
|
في كلّ نون من
النونين نونان
|
__________________
فكأنّه قد آن لك
أن تتسبّل الى حريم معناه ، ولنا أن نسلك بك سبيل مغزاه.
فنقول : «عينان»
حرفيّان ، وهما : «ع» الابداع و «ع» الاختراع ، هما «عينان» ينبوعان [ب ـ ٦٦] «لم
يكتبهما قلم» أى عقل فعّال ، لأنّ الممكن الذات الجائز الوجود ليس في منتّه ابداع
الذات وجعلها وإعطاء الوجود وافاضته ؛ بل انّ ذلك أمر قد استأثر به جناب القيّوم
الواجب بالذات جلّ سلطانه ، اذ ليس ينبع التقرّر والوجود الّا من عين الحقّية
وينبوع الوجوب.
«في
كلّ عين من العينين عينان» خرّارتان ، [١] : امّا في عين الابداع ، فعالم العقل وعالم النفس ،
وهما اقليما عالم الأمر ، وكورتا عالم الملكوت الذي هو عالم حقيقة
__________________
الحمد وعالم
الأنوار العقلية ، فكلّ من ذينك العالمين عين خرّارة ، تحتوى على ينابيع أنواع
مختلفة ، تنبع من كلّ منها أنهار الأشعّة والاشراقات والتدابير والفيوضات. [٢] : وامّا
في عين الاختراع ، فعالم الموادّ وعالم الصور ، وهما اقليما بسايط عالم الخلق ،
وكورتا أصول عالم الملك والشهادة الّذي هو عالم سلطان الطبيعة وعالم الجواهر
الجسمانيّة ؛ ففي كلّ من هذين العالمين ينابيع أنواع مختلفة منها نبوع هويّات
متكثّرة.
نونان حرفيّان ، وهما «ن» التكوين و «ن» التدوين ، هما «نونان» حوتان سبّاحان في عين الإفاضة وبحر [الف ـ ٦٧] الإيجاد ، «لم
يكتبهما» كتابة فعليّة صنعيّة ، «قلم» عقل فعّال. «في كلّ نون من النونين» ، نونى
التكوين والتدوين «نونان» [١] : إمّا في نون التكوين ، فالامكان الذاتىّ والامكان
الاستعدادىّ ، [٢] : وإمّا في نون التدوين ، فأحكام معالم الدين ، وقوانين سنن الشرع المبين ، وعلوم حقايق
الكون ، ومعارف عوالم الكيان.
راشحة استضائيّة
هل أنت متذكّر ما
في الخبر عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ «انّ المنزل عليه تسعة وعشرون حرفا.» و «ما أنزل الله
على آدم الّا تسعة وعشرين حرفا.» و «انّ لام الف حرف واحد قد أنزله الله عزوجل على آدم في صحيفة واحدة ، ومعه ألف ملك ، ومن كذّب ولم
يؤمن به فقد كفر بما أنزل الله على محمّد ـ عليهالسلام ـ.» و «من لم يؤمن بالحروف ـ وهي تسعة وعشرون ـ فلا يخرج
من النار أبدا.» وقد قيل في تفسير قوله سبحانه (الم ذلِكَ الْكِتابُ) كأنّه قال يا محمّد! هذه الحروف ذلك الكتاب
__________________
الّذي أنزلته على
أبيك آدم.
فاعلمن أنّ الالف
اللّينة الساكنة مخرجها وراء مخرج الهمزة وهى الألف المتحرّكة ، فمخرج الهمزة أوّل
المخارج وأقدمها وأسبقها وأقصاها ، وهو أقصى الحلق. ومخرج الألف الساكنة من الجوف
أعلى الجوّ وقصيا الفضاء في جهة العلو ممّا يلى الحنك. [ب ـ ٦٧] وتغاير الحروف
انّما يكون بحسب تغاير المخارج ، اذ ذلك ملاك الاختلاف ومناط التغاير ، فيجب
عدّهما حرفين من الحروف الّتي هي عناصر الألفاظ.
واذ أسماء الحروف
مصدّرة بمسمّياتها الّتي هي الزبر والدرجات ، ثمّ بعدها أولى مراتب البيّنات ،
أعني الدقائق ، وهذا الضابط غير متصحّح الانحفاظ بالقياس إلى الالف اللّينة
لاستحالة الابتداء بالساكن أو لاستعساره ، فلم يكن بدّ من أن يعتبر ارتدافها لحرف
على الائتلاف ، وينزّل الحاصل من التضامّ ، منزلتها كأنّه هي بعينها ليكون تصدير الاسم بذلك سادّا
مسدّ التصدير بها ، وقد دريت بما تلى عليك من قبل أنّ العلاقة الارتباطيّة بين
الألف واللّام أشدّ العلاقات وأوكدها من جهات عديدة ، وأيضا هما من حروف اسم الذات
الاحديّة ، كان عدد الحروف ، اعنى : «كط» مقوّم عدد «ل» ، والألف الساكنة هي
التاسعة والعشرون. فلا جرم كان ضمّ الألف الى اللّام هو الأحقّ بالاعتبار ، فاعتبر
«لا» في منزلة «ا» ـ أعني الالف اللينة ـ فجعل لام الف اسما [الف ـ ٦٨] لها ،
والألف اسما للهمزة ـ أعني الألف المتحرّكة ـ فلا محالة صارت لام الف بهذا
الاعتبار حرفا واحدا.
ومن اعتبر الحروف
ثمانية وعشرين ـ وهي عدد منازل القمر ، والمرتبة الثانية من الأعداد التامّة
والكمال الظهوريّ للعدد الكامل ولحرف عالم النفس بحسب نسبة التأثير والتدبير ـ عدّ
الهمزة والالف اللّينة حرفا واحدا ، ولم يجعل مجرّد الاختلاف بالحركة والسكون
مصحّحا للتغاير ، فكانّه تذاهل عن تغاير السبيل وتعامى عن اختلاف المخرج .
__________________
فهذا أمد الفحص الغائر ومحزّ القول الفصل هنالك.
وعامّة آل علم
التفسير كان قصاراهم في تحصيل المقام ما قالوا :
[١] : تارة أنّ
المسمّيات لمّا كانت حروفا وحدانا ، والأسامى مركّبات روعيت فى التسمية لطيفة في
الدلالة على المسمّى بجعله صدر الاسم ، ليكون هو أوّل ما يقرع السمع من اسمه الّا
الالف [ب ـ ٦٨] الساكنة الّتي هي المدّة ، كأوسط حروف ، قال : لتعذّر الابتداء بها
فاستعيرت الهمزة مكانها ، وهي اسم مستحدث كما البسملة والحسبلة والسبحلة والحوة والحيعلة . وامّا ما هو اسم للهمزة ـ أى الألف المتحرّكة كما قد يقال
الف الوصل ـ فهو على شاكلة سائر الأسامى.
__________________
[٢] : وتارة أنّه
ان لم تعدّ الألف حرفا برأسها كانت الأسامي ثمانية وعشرين ، كما المسمّيات. وان
عدّت كان عدد حروف المعجم تسعة وعشرين ، وعدد اساميها ثمانية وعشرين ، لكون الألف
اسما لوسط جاء ـ أعنى المدّة ـ وللهمزة الّتي في آخرها على سبيل الاشتراك. فبهذا
مبلغهم من العلم في هذه العويصة.
ثمّ نقول : لعلّك
تكون بما تلوناه عليك غير مستريب في أنّ الألف بحسب المخرج وبحسب ما أنّها من
عناصر الألفاظ على ضربين ، ساكنة معبّر عنها ب «الألف اللّيّنة» وموضوع لها لام
الف ، ومتحرّكة مسمّاة ب «الهمزة». فأمّا مع عزل النظر عن تينك الجهتين فلا اختلاف
بينهما ولا فرقان أصلا ، لا بحسب استحقاق الاسم ولا بحسب الصورة الرّقميّة ، ولا بحسب
الدرجة الجسديّة. ولا بحسب الروحانيّة العدديّة.
فاذن عسى أن ينصرح
لك انّ الالف مطلقا [الف ـ ٦٩] بما أنّ روح جسدها ومرتبة
__________________
درجتها الوحدة
العدديّة محقوقة لا محالة ، بأن يدلّ بها على مرتبة الافاضة الإلهيّة
__________________
والجاعليّة
الفيّاضيّة بالقياس إلى جوهر ذات العقل الاوّل الواحد بالعدد الّذي هو أسبق
المجعولات وأوّل الابداعيّان بما هو هو بخصوصه.
ثمّ الألف اللينة
الساكنة القارّة ـ المعبّر عنها بلام ألف ـ أحقّ بأن تكون هي لمرتبة نسبة الجاعليّة الحقيقيّة والافاضة الابداعيّة
الغير المتكرّرة الّتي هي من المراتب السابقة على ذات المجعول الاوّل ووجوده.
والألف المتحرّكة
المعبّر عنها بالهمزة بأن تكون هي لنسبة الجاعليّة الاضافيّة والافاضة النسبيّة
المعقولة بالقياس إلى اضافة مجعوليّة المجعول الأوّل ، وصدوره الاضافيّ الّتي
حقيقتها النسبة المتكرّرة المتأخّرة في المرتبة عن ذاتى المنتسبين جميعا. فاستيقن
ذلك واستحفظ واحتفظ ولا تكوننّ من الغافلين!
تكملة
إنّ فريقا جمّا ،
بل السواد الأعظم من آل العلم ، يجعلون أسماء الحروف بأسرها ثلاثيّات ، ويعتبرون
في دقيقة كلّ من الباء والهاء والحاء والطاء [ب ـ ٦٩] والياء والفاء والراء ،
الهمزة بعد الألف ؛ وفي دقيقة الزاى ، الياء بعدها ؛ فتكون الباء متساوية الدرجة
والدقيقة بالعدد ؛ كما السين والهاء بمرتبتيها مساوية لدرجة الزاى ، والزاى عدد
مرتبتيها عدد طبقات عالم الامكان ، أعنى الثمانية عشر. والحاء مساوية لدرجة الياء.
والطاء أوّل مركّبات الاعداد. والياء أوّل الأعداد الزائدة ، وهو الاثنا عشر.
والفاء اثنان وثمانون. والراء عدد الربّ ، كما كانت هي على القول الأوّل عدد مسبّب
الأسباب. وعدد درجتها مالك كلّ موجود.
وليعلم أنّ المدّ
والتشديد في حيّز جوهر الذات! وأمّا النقاط وحركات عناصر
__________________
اللفظ وبسائط
التركيب والحركات الاعرابيّة والبنائيّة ، فهي في ازاء مقولات الأعراض ولوازم
الماهيات وخواصّ الصور وجبلّات الطبائع وصفات الذوات وعوارض الهويات من فرائض
الماهية النوعيّة ـ أى كمالاتها الاولى ـ ونوافل الحقيقة ، أى الكمالات الثانية.
راشحة تشريقيّة
أليس لفظ البداء
وهو اسم يسنح وينشأ أخيرا عدده عدد أخير حرفى عالم الطبيعة ـ أعنى «ح» ـ وعدد
الفعل الماضى منه ، وهو بدا عدد أخير حرفى عالم النفس ـ أعنى «ز» ـ والفعل المضارع
منه ، وهو يبدو عدده «كب» ، وذلك مزاج درجة «ك» ، حرف عالم التكوين. فذلك كلّه
يتضمّن اشارات الهيّة وأمارات روحانيّة ، تنبّه من يجد الفطانة مأخوذة بيده ،
وتفقّهه أنّ البداء إنّما يكون في عالمى الطبيعة والنفس ، وفي عالم التكوين
والتدوين من عالم الخلق بحسب افق ظرف التقضّى والتجدّد والامتداد والسيلان ،
والدفعة والبغتة والتدريج والتغيّر ـ وهو الزمان ـ لا في حاقّ عالم الأمر ، ولا
بحسب متن نفس الواقع ووعاء صريح الوجود وهو الدهر. ولا بالاضافة الى من هو متعال
عن الزمان والمكان والطبيعة والنفس وفوق قلل العوالى وشواهق العوالم كلّها.
ثمّ إنّ المصدر
منه وهو البدوّ ، عدده «يب» ، ثاني الأعداد المركّبة ، وأوّل الأعداد الزائدة ؛
وان اعتبر لحاظ التشديد كان عدده «يح» ، الحاصل من ضرب «و» ـ حرف عالم العقل من
حيث الإفاضة والاشراق ـ في «ج» ـ حرف عالم النفس [ب ـ ٧٠] من حيث جوهر الذات بما
هي هي وبما هي مستضيئة مستفيدة من حريم نور جناب الربوبيّة ـ و «يح» عدد طبقات
عوالم النظام الجمليّ.
فأمّا «يب» فمزاجه
«يو» مربّع «د» حرف عالم الطبيعة بحسب جوهر الذات بما هي هي وبما هي مولّية وجهها شطر طوار عالم الافاضة وذو المزاج زائد زوج الفرد وضعف
__________________
اوّل الأعداد
التّامة ، ومتحصّل المرتبة من ضرب «ب» في «و» ، وهما حرفا عالم العقل ، ومن ضرب «ج»
حرف عالم النفس فى «د» حرف عالم الطبيعة بما هما هما ، وبما وجههما تاجه تجاه طوار
عالم الربوبيّة ؛ فالمرتبة الاثنا عشريّة لرتبة فضلها صارت عدد البروج وعدد الشهر
وعدد أسماء مراتب الأعداد ، فانّها اثنا عشر اسما من الواحد الى العشرة ، ثمّ
المائة ثمّ الألف. ومنها تتحصّل أسماء سائر المراتب والعقود المتوسّطة بالتكرير
والتضعيف ، وعدد نقباء بنى اسرائيل ، وعدد أوصياء خاتم النبوّة ـ صلّى الله عليه وعليهم ـ وعدد
حروف كلمة الإسلام وهي : «محمّد رسول الله» [الف ـ ٧١] وعدد حروف كلمة ايمان ، وهي
: «على وصىّ الرّسول» وكذلك «على مظهر الهدى» ، وكذلك «على امام الورى» ، وكذلك «ورثة
سيّد الرسل» وكذلك «سادة أهل الجنّة».
راشحة سماويّة
سنتلو على سمع
قلبك من ذى قبل إن شاء الله العزيز ـ انّ للقضاء والقدر مراتب ، طرفاها
القضاء المحض الذي ليس ـ هو بقدر ـ بشيء من الاعتبارات ، إذ لا قضاء
فوقه ؛ والقدر المحض الّذي ليس ـ هو بقضاء ـ بشيء من الاعتبارات أصلا ؛ اذ لا قدر
بعده ، والمراتب المتوسّطة الّتي كلّ واحدة منها قدر بالاضافة الى المرتبة
المتقدّمة ، وقضاء بالقياس الى المرتبة المتأخّرة.
ومن مراتب القضاء
والقدر كتاب المحو والإثبات ، وامّ الكتاب ، وأنّ كلّا
__________________
منهما له في
الاصطلاح الشائع معنيان.
فكتاب المحو
والاثبات يطلق :
[١] : تارات على
عرش التقضّي والتجدّد ـ أعني الزمان بما فيه من الكيانيّات التدريجيّة المتخصّصة
بالحدود الزمانيّة والاوضاع المكانيّة ـ وهو القدر المتمحّض العينيّ الّذي لا يكون
هو قضاء باعتبار آخر [ب ـ ٧١] وفي ازائه أمّ الكتاب على متن الدهر بما فيه من نظام
الوجود بحسب صريح الحصول في حاقّ الاعيان ، وهو القضاء العينىّ الّذي هو قدر
بالنسبة الى القضاء العلميّ ، وقضاء بالنسبة الى الوجودات العينيّة الزمانيّة.
[٢] : وتارات اخرى
على القوى المدركة من النفوس السماويّة بما ينطبع فيها من صور ما في القدر من
جزئيات عالم الخلق والتكوين ، وهو بهذا المعنى : قضاء علميّ وقدر علمىّ بحسب
اختلاف بحسب اختلاف الاضافتين ، وتغاير الاعتبارين. وامّ الكتاب في ازائه هو اللوح
المحفوظ ، أعني الجواهر النوريّة العاقلة القدسيّة من المفارقات
المحضة والعقول الفعّالة بما فيها من صور الموجودات على الانطباع العقليّ والسبيل
التعقليّ.
فليعلم أنّه إنّما
البداء بحسب عضة من مراتب القدر ، وفي كتاب المحو والاثبات ، وفي الجزئيّات وفي
عالم الطبيعة بقياس المتغيّرات بعضها الى بعض ، لا بحسب القضاء المحض الّذي ليس هو
بقدر بشيء من الاعتبارات ، ولا في امّ الكتاب ، ولا في الكلّيّات والطبائع المرسلة
، ولا في عالم الأمر ، ولا بالقياس الى سكّان أرض الحياة واقليم القرار والثبات
وانوار عالم الملكوت. فما ظنّك بجناب ربّك القدّوس الاعلى العزيز العليم!.
ثمّ ليكن من
المعلوم أنّه كما النسخ العلّى في الأحكام التشريعيّة التكليفيّة [الف ـ ٧٢]
والوضعيّة على ضربين اتّفاقا.
[الف] : نسخ الحكم
بعد فعله واتيان المكلّف به.
__________________
[ب] : ونسخ الحكم
قبل نهوض المكلّف بفعله. لست أقول : قبل حضور وقته ، والتمكّن من الاتيان به ؛
فانّ فيه بين علماء المذاهب خلافا على ما قد استبان في علم اصول الفقه.
فكذلك البداء في
الاحكام التكوينيّة والتقديريّة على ضربين :
[الف] : بداء في
المكوّن بعد تكوينه ، وافاضة كونه الزمانيّ في الأعيان.
[ب] : وبداء في
المقدّر قبل تكوينه في الاعيان وايجاد هويّته العينيّة في الزمان.
وكما في أحكام
التشريع والتكليف لا يسمّى انتهاء الحكم الموقوت وانصرامه ـ عند الأمد المضروب
والحدّ المحدود بحسب المدى المعتبر في أصل التشريع والغاية المضمّنة في نفس الخطاب
ـ نسخا ؛ بل انّما يكون النسخ فيما يرجى دوامه ويظنّ استمراره ، فكذلك في أحكام
التكوين والتقدير لا يقال في الانقضاءات العادّية والانصرامات الطبيعيّة أنّ في
شيء منها بداء ؛ انّما يصطلحون على استعمال تصاريف البداء في الآجال الاختراميّة
دون الطبيعيّ من الأجل ، وفي خوارق العادات الّتي هي على خلاف مذهب الطبيعة دون ما
يجرى من متجدّدات الكون والفساد [ب ـ ٧٢] على .
__________________
الفهارس
|
الفهرس التفصيلى
الآيات
الروايات
الفرق والطوائف
الامكنة
الكتب والرسائل
الأعلام
المآخذ
|
الفهرس التفصيلى
الديباجة.......................................................................... ٣
الغرض من تصنيف الرسالة.......................................................... ٤
اسم الرسالة....................................................................... ٥
تقدمة فيها اقتصاص وحكومة........................................................ ٦
نقل كلام الرازى من «المحصّل»...................................................... ٦
البداء والتقيّة من المقالات الخاصة للروافض............................................ ٦
نقل كلام الطوسى من «نقد المحصّل»................................................. ٧
المحاكمة حول كلام الرازى........................................................... ٧
المحاكمة حول كلام الطوسى......................................................... ٨
اخبار البداء تبلغ الى حد التواتر...................................................... ٨
الترديد الوارد فى خبر البداء حول امامة اسماعيل بن جعفر................................ ٨
معارضة هذا الخبر مع صحيفة الجابر.................................................. ٨
نقل الترديد الذي أورده الصدوق فى هذا الباب......................................... ٩
قول المحقّق الطوسى فى التقيّة مصاب للواقع............................................ ٩
تحقيق فى التقيّة................................................................... ١٠
عدم تقيّة على بن ابى طالب (ع) فى أوّل الأمر...................................... ١١
الحقّ فى كلّ وقت مع على (ع).................................................... ١٢
نقل كلام التفتازانى فى الاحتجاج على امامة ابى بكر.................................. ١٢
الدليل العمدة فى امامته اجماع اهل الحلّ والعقد....................................... ١٢
الحكومة فى هذا الكلام............................................................ ١٥
قول الرازى بعدم انعقاد الاجماع على امامة ابى بكر.................................... ١٥
تعقيب فى ردّ كلام الرازى بمنزلة اهل بيت النبي (ع)................................... ١٦
اهل بيت النبي شقيق القرآن....................................................... ١٧
حديث الثقلين................................................................... ١٧
معنى الثقلين فى كلام ابن الاثير والطيبى.............................................. ١٨
حديث السفينة.................................................................. ١٨
تنبيه بوجوب ظهور اوصياء النبي قبل انقراض العالم.................................... ١٩
الاخبار الواردة فى هذا الباب....................................................... ٢٠
الخلافة مختصّة بعترة النبي لا القريش................................................. ٢١
غرارة من فضائل على (ع)........................................................ ٢٢
اشارة الى الاخبار الواردة فى فضائله (ع)............................................. ٢٣
مناقب آل الرسول................................................................ ٢٥
مناقب الحسنين (ع).............................................................. ٢٥
مناقب على بن الحسين (ع)....................................................... ٢٥
مناقب محمّد بن على (ع)......................................................... ٢٦
مناقب جعفر بن محمّد (ع)....................................................... ٢٦
كلام الذهبى فى مناقبه (ع)........................................................ ٢٧
كلام التفتازانى والرازى فى مناقب الائمة............................................. ٢٧
مناقب على بن موسى (ع)........................................................ ٢٨
معنى الآل
فى كلام شارح «هياكل النور»............................................ ٣٠
معنى الآل فى منقولات اخر........................................................ ٣١
استبصار فى حبّ العترة........................................................... ٣٢
كلام الزمخشرى فى حبّ آل محمّد (ص)............................................ ٢٣
نقل كلام الرازى فى وجوب تعظيم آل محمّد (ص).................................... ٣٣
الكلمات العلياء فى عظمة على (ع)................................................ ٣٥
المباغضة بين آل محمّد والخلفاء الثلاثة............................................... ٣٦
غضب فاطمة لابى بكر........................................................... ٣٧
الأثرة بعد النبي (ص)............................................................. ٣٩
تذييل فى معرفة الشجرة الملعونة..................................................... ٣٩
نقل كلام الزمخشرى والنيسابورى فيها................................................ ٤٠
نقل كلام الرازى فيها.............................................................. ٤١
نقل كلام البيضاوى والطبرسى فيها................................................. ٤٢
مثالب مروان بن الحكم............................................................ ٤٣
مثالب عبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك..................................... ٤٤
مثالب يزيد بن عبد الملك.......................................................... ٤٥
مثالب وليد بن يزيد.............................................................. ٤٥
قول رسول الله لمعاوية : «لا اشبع الله بطنه»......................................... ٤٦
نقل كلام التفتازانى فيه............................................................ ٤٧
نقل كلام الشارستانى فى بيان اول شبهة وقعت فى الخليفة.............................. ٤٨
نقل كلامه فى بيان اول شبهة وقعت فى خلافة رسول الله (ص)......................... ٤٩
افشاء سر رسول الله (ص) بيد حفصة وعائشة....................................... ٥٠
نقل كلام الطبرسى فيها........................................................... ٥١
صالح المؤمنين
هو على (ع)........................................................ ٥٢
ارتداد الاصحاب بعد وفاة رسول الله (ص).......................................... ٥٣
تكرار تاريخ بنى اسرائيل فى أمّة محمّد (ص).......................................... ٥٤
تحليل مسألة البداء............................................................... ٤٥
البداء فى اللغة.................................................................... ٥٥
البداء فى الاصطلاح.............................................................. ٥٥
تفسير ابن الاثير عن البداء........................................................ ٥٧
الردّ عليه........................................................................ ٥٧
شك وتحقيق فى ربط المتغيّر بالثابت................................................. ٥٨
تسرّى حكم الحدوث فى الموجودات................................................. ٥٩
معرفة الابداع والاختراع والتكوين................................................... ٦٠
قول اليهود فى فراغته سبحانه عن الخلق والمحاكمة فيها................................. ٦٠
تذكرة وتكشاف فى كيفية جواز اطلاق الاسماء على الله سبحانه......................... ٦١
الوجه الأول فى جواز صدق الاسماء عليه تعالى........................................ ٦١
الوجه الثاني فيها.................................................................. ٦٢
الوجه الثالث فيها................................................................ ٦٣
ملاك صدق الاسماء عليه هو الخروج عن حدّ التشبيه والتنزيه............................ ٦٤
التحقيق فى أسماء الأفعال.......................................................... ٦٦
بسط وتحصيل فى تصدير الموجودات عن علمه تعالى.................................. ٦٧
معانى الصدور.................................................................... ٦٨
المعنى الأوّل...................................................................... ٦٩
المعنى الثاني...................................................................... ٦٩
نقل كلام الطوسى فى اقسام الصدور................................................ ٧٠
المعنى الثالث..................................................................... ٧١
تفصلة فيها تبصرة فى معرفة أقسام المجعولات......................................... ٧١
معنى الابداع..................................................................... ٧٢
معنى الاختراع.................................................................... ٧٣
معنى الصنع...................................................................... ٧٣
معنى التكوين.................................................................... ٧٣
مسلك التثليث فى أقسام المجعولات................................................. ٧٤
مذهب التربيع فى أقسام المجعولات.................................................. ٧٤
عبارات الشيخ الرئيس فى تفسير هذا المذهب......................................... ٧٥
استيقاظ فى أنّ الامر الالهى ابداع بالنسبة الى كلّ العالم................................ ٧٧
تحقيق فى معرفة أمر «كن»........................................................ ٧٧
معرفة المخاطب بقول «كن»...................................................... ٧٩
استصباح فى المباحث الحروفيّة والعدديّة.............................................. ٨٠
حرف الف...................................................................... ٨٠
حرف ب........................................................................ ٨١
حرف ج........................................................................ ٨٢
حرف د......................................................................... ٨٣
حرف هـ........................................................................ ٨٣
حرف و......................................................................... ٨٤
حرف ز......................................................................... ٨٥
حرف ح........................................................................ ٨٥
حرف ط........................................................................ ٨٦
حرف ى........................................................................ ٨٧
المحاكمة حول
كلمات الشيخ الرئيس................................................ ٨٨
لحاقة واستتمام فى تحقيق حرف «ك» من كلام الشيخ................................. ٩١
النقد عليه....................................................................... ٩١
حرف ل........................................................................ ٩٢
حرف م......................................................................... ٩٣
حرف ن........................................................................ ٩٦
حرف س........................................................................ ٩٦
حرف ع...................................................................... ١٠٠
حرف ف...................................................................... ١٠١
معانى الطبيعة ومعانيها الخمسة.................................................... ١٠٣
حرف ص..................................................................... ١٠٤
حرف ق...................................................................... ١٠٥
حرف ر....................................................................... ١٠٦
استضاءة...................................................................... ١٠٧
اربعة مصاريع فى استجلاب الخيرات............................................... ١٠٧
راشحة استضائيّة فى تكملة اسرار الحروف.......................................... ١٠٩
تكملة فى أسرار النقاط والمدّ والتشديد............................................. ١١٤
رائحة تشريقية فى تفسير البداء على ما ذكرناه....................................... ١١٥
راشحة سماويّة فى معرفة مراتب القضاء والقدر....................................... ١١٦
معانى كتاب المحو والاثبات....................................................... ١١٧
معانى النسخ................................................................... ١١٧
معانى البداء.................................................................... ١١٨
الآيات
سورة
|
آية
|
صفحة
|
الحمد (١)
|
٢ ـ (الْحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ ...)
|
٧٨
|
البقرة (٢)
|
٢ ـ ٤ ـ (الم
ذلِكَ الْكِتابُ)
|
١٠٩
|
آل عمران (٣)
|
٣١ ـ (قُلْ
إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ ...)
|
٣٣
|
النساء (٤)
|
٦٩ ـ (وَحَسُنَ
أُولئِكَ رَفِيقاً)
|
٥٢
|
المائدة (٥)
|
٦٤ ـ (قالَتِ
الْيَهُودُ يَدُ اللهِ ...)
|
٦٠
|
ـ
|
١١٧ ـ (وَكُنْتُ
عَلَيْهِمْ شَهِيداً ...)
|
٥٣
|
الانعام (٦)
|
٤٥ ـ (فَقُطِعَ
دابِرُ الْقَوْمِ ...)
|
٦١
|
ـ
|
٥٧ ـ (إِنِ
الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ...)
|
٢٩
|
الاعراف (٧)
|
٤٣ ـ (الْحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذِي هَدانا ...)
|
٦٧
|
ـ
|
١٥٨ ـ (وَاتَّبِعُوهُ
لَعَلَّكُمْ ...)
|
٣٣
|
ابراهيم (١٤)
|
١٥ ـ (وَاسْتَفْتَحُوا
وَخابَ كُلُّ ...)
|
٤٥
|
الاسراء (١٧)
|
٦٠ ـ (وَما
جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً ...)
|
٤٢ ، ٤٠
|
الانبياء (٢١)
|
١٠٤ ـ (كَما
بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ ...)
|
٥٣
|
النور (٢٤)
|
٦٣ ـ (فَلْيَحْذَرِ
الَّذِينَ يُخالِفُونَ ...)
|
٣٣
|
الاحزاب (٣٣)
|
٢١ ـ (لَقَدْ
كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ ...)
|
٣٣
|
سورة
|
آية
|
صفحة
|
يس (٣٦)
|
١٠ ـ (وَكُلَّ
شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ ...)
|
٢٣
|
ـ
|
٨٢ ـ (إِنَّما
أَمْرُهُ إِذا ...)
|
٧٠
|
الزمر (٣٩)
|
٤٧ ـ (وَبَدا
لَهُمْ مِنَ اللهِ ...)
|
٥٧
|
الغافر (٤٠)
|
١٥ ـ (رَفِيعُ
الدَّرَجاتِ ...)
|
٩٨
|
الشورى (٤٢)
|
٢٣ ـ (قُلْ
لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا ...)
|
٣٢
|
الزخرف (٤٣)
|
٢٨ ـ (وَجَعَلَها
كَلِمَةً باقِيَةً ...)
|
١٩
|
الاحقاف (٤٦)
|
١٧ ـ (وَالَّذِي
قالَ لِوالِدَيْهِ ...)
|
٤٤
|
محمّد (٤٧)
|
١ ـ (لا
إِلهَ إِلَّا اللهُ ...)
|
٨٣
|
ـ
|
١١ ـ (ذلِكَ
بِأَنَّ اللهَ ...)
|
٢٤
|
ـ
|
١٩ ـ (لا
إِلهَ إِلَّا ...)
|
٩٣
|
الفتح (٤٨)
|
٢٩ ـ (سِيماهُمْ
فِي وُجُوهِهِمْ ...)
|
٢٦
|
الذاريات (٥١)
|
٤٩ ـ (وَمِنْ
كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا ...)
|
٨٢
|
النجم (٥٣)
|
٣١ ـ (وَلِلَّهِ
ما فِي السَّماواتِ ...)
|
٨٤
|
ـ
|
٤٢ ـ (أَنَّ
إِلى رَبِّكَ ...)
|
٧٨
|
الصف (٦٦)
|
٨ ـ (يُرِيدُونَ
لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ ...)
|
٣١
|
التحريم (٦٦)
|
(وَإِذْ
أَسَرَّ النَّبِيُّ ...)
|
٥١
|
ـ
|
٤ ـ (إِنْ
تَتُوبا إِلَى اللهِ ... وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ)
|
٥٢
|
القدر (٩٧)
|
١ ـ (إِنَّا
أَنْزَلْناهُ فِي ...)
|
٤٢
|
ـ
|
٢ ـ (لَيْلَةُ
الْقَدْرِ خَيْرٌ ...)
|
٤١
|
الاخلاص (١١٢)
|
١ ـ (قُلْ
هُوَ اللهُ أَحَدٌ)
|
٢٣
|
الاحاديث والروايات
الف
اصبحت مولى كل
مؤمن ومؤمنة / ٢٤
اعيذك بالله من
امارة السفهاء ... / ٣٩
اقبل صخر بن حرب
حتى جلس رسول الله (ص) ... / (٢٤)
الا ان مثل اهل
بيتى فيكم مثل سفينة نوح ... / ١٨
الا ومن مات على
حبّ آل محمّد مات مغفورا له ... / ٣٢
اللهمّ صلّ على
محمّد وآل محمّد / ٣٤
الا ايّها الناس
انّما انا بشر يوشك أن يأتينى رسول ربّى ... / ١٧
أنا أوّل من يجثو
للخصومة بين يدى الله / ١١
أنا دار الحكمة
وعلى بابها / (٢٢)
أنا سيّد ولد آدم
، وعلى سيّد العرب / (٢٢)
أنا مدينة العلم
وعلى بابها / (٢٢)
أنا وعلى أبوا هذه
الامّة / (٢٣)
انّ الحسن والحسين
هما ريحانتاى من الدنيا / (٢٥)
__________________
انّ رسول الله (ص)
قال : لا نورث ما تركنا صدقة / ٣٧
انّ الشجرة
الملعونة فى القرآن هى بنو امية / ٤٣
انّ عدّة الخلفاء
من بعدى عدّة نقباء موسى / ٢٠
انّ لام الف حرف
واحد قد أنزله الله عزوجل على آدم ... / ١٠٩
انّ المنزل عليه
تسعة وعشرون حرفا / ١٠٩
انّ النبي لعن
اباك فانت فضض من لعنة الله ... / (٤١)
انّ هذا الدين لا
ينقضى حتى يمضى فيه اثنا عشر خليفة / ٢٠
انّكما جئتما أبا
بكر فرأيتماه كاذبا آثما عاذرا خائنا / ٣٨
انّكم ستحرمون على
الامارة وستكون ندامة ... / ٣٩
انّكم محشورون
حفاة عراة غرلا ... / ٥٣
انّى تارك فيكم
الثقلين ... / ١٧
اوّل ما خلق الله
العقل / ١٠٢
اوّل ما خلق الله
نورى / ١٠٢
الائمة بعدى من
عترتى ، عدد نقباء بنى اسرائيل ... / ٢١
ايّها الناس
جاءتكم بيعة على بن موسى ... / ٢٩
ب
بدا لله عزوجل أن يبتليهم / ٥٧
بوروا أولادكم
بحبّ على بن ابى طالب ... / (٢٣)
ت
توحيده تمييزه عن
خلقه ... / (٦٧)
ج
الجفر والجامعة
يدلّان على ضدّ ذلك / ٢٩
ح
الحسن والحسين
سيّدا شباب أهل الجنة / (٢٥)
خ
الخلفاء كلّهم من
قريش / ٢٠
ر
الرؤيا الصالحة
جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة / ١٠١
س
ستحذو امتى حذو
بنى اسرائيل حذو النعل بالنعل ... / ٥٤
ستكون بعدى اثرة /
٣٨
سيجاء برجال من
أصحابى فيؤخذ بهم ذات الشمال ... / ٥٣
ع
العاقل يقتدى بسيد
العقلاء وهو على بن ابى طالب / ٣٠
على باب حطة ... /
(٢٢)
على بن ابى طالب
باب الدين ، من دخل فيه كان مؤمنا ... / (٢٤)
على خير البشر ومن
ابى فقد كفر / (٢٢)
على ذو قرنى
الجنّة / (٢٢)
على ربانى هذه
الامّة / (٢٢)
علمى فى علم على (ع)
كالقرارة فى المثعنجر / (٢٣)
على مع الحقّ
والحقّ مع على ، يدور معه حيثما دار / ١٢
ق
قسّمت الحكمة عشرة
اجزاء فاعطى على تسعة اجزاء / (٢٣)
ك
كان على ديان هذه
الامة بعد بينها / ١٢
كان على هذه الامة
بعد نبيّها / ١٢
كلّ شىء يعزّ ينزر
والعلم يعزّ حيث يعزر / ٩٩
كلّ ميسّر لما خلق
له / (٦)
كنّا نبور اولادنا
بحبّ على بن ابى طالب / (٢٣)
كيف اصبحت يا ابن
بنت رسول الله ... / ٤٣
كيف انتم وائمة من
بعدى يستأثرون بهذا الفىء ... / ٣٩
ل
لا أشبع الله بطنه
/ ٤٦
لا تذهب الدنيا
حتى يملك العرب رجل ... / ٢١
لا يزال الإسلام
عزيزا الى اثنى عشر خليفة / ٢٠
لا يزال الإسلام
عزيزا الى اثنى عشر خليفة ، كلّهم من قريش / ٢٠
لا يزال الإسلام
عزيزا والدين قائما ما ولّيهم اثنا عشر رجلا / ٤٦
لا يزال أمر الناس
ماضيا ما ولّيهم اثنى عشر أميرا رجلا / ٢٠
لا يزال الدين
قائما حتى تقوم الساعة ويكون عليهم اثنى عشر خليفة كلّهم من قريش/ ٢٠
لا يزال الدين بهم
قيّما قويما ... / ١٩
لا يزال هذا الامر
فى قريش ما بقى منهم اثنان / ١٩
لا يزال هذا الدين
عزيزا منيعا الى اثنى عشر خليفة / ٢٠
لا يزال هذا الدين
قائما حتى تقوم الساعة ... / ٢٠
لتتبعنّ سنن فى
قبلكم شبرا بشبر ... / ٥٤
لتسلكنّ سبل الامم
قبلكم حذو القذة بالقذة ... / ٤٨
لو لم يبق من
الدنيا الّا يوم واحد ، لطوّل ... / ٢١
م
ما أقول فى حق
امرء كتمت مناقبه ... / ٣١
ما أقول فى طينة
عجنت بماء الرسالة ... / ٣١
ما أنزل الله على
آدم الّا تسعة وعشرين حرفا / ١٠٩
ما أحد قال على
المنبر سلونى غير على (ع) ... / (٢٣)
مثل على بن ابى
طالب فى الناس مثل قل هو الله أحد ... / (٢٣)
مثله فى الامّة
مثل ذى القرنين / (٢٢)
من صلّى صلاة لم
يصلّ فيها على ... / (٣٤)
من كنت مولاه فعلى
مولاه ... / ٢٤
من مات على حبّ آل
محمّد مات شهيدا ... / ٣٢
المهدى من عترتى
من ولد فاطمة ... / ٢١
ن
نبيّنا خير
الانبياء وهو أبوك ... / (٢٥)
نعم المطىّ
مطيّهما ونعم الراكبان هما ... / (٢٥)
و
وا عجب أتكون
الخلافة بالصحابة ... / ١١
والله لو قرئت هذه
الاسماء على الصمّ البكم لبرؤوا ... / ٢٩
ى
يا على أنت وشيعتك
هم الفائزون يوم القيامة / ٣٥
يا سيّد الناس
وديان العرب / ١٢
يا على انّك سيّد
المسلمين وامام المتّقين ... / (٢٣)
يا على يهلك فيك
اثنان ، محبّ غال ومبغض غال / ٣٥
يرد على يوم
القيامة رهط من أصحابى ... / ٥٣
يقتله خير الخلق
والخليقة / (٢٢)
يكون بعدى اثنا
عشر اميرا / ١٩
الفرق والطوائف
أئمة الرواية /
١٧
الابرقلسيون /
٧٢
الاخباريون / ٤٥
الاسطاطاليسيون
/ ٧٢
الإسلام / ٢٠
الاشعرى / ١٤
اصحاب الكمون
والظهور / ٥٨
اصحاب النبي /
٣٦ اصحاب رسول الله /
٤٧ ، ٥٤
اساطين الحكماء
/ ٨٠
الانبياء / ٩
الانصار / ١٢
اهل الحلّ
والعقد / ١٢ ، ١٣ ، ١٤
بنى أميّة / ٤٠
، ٤١ ، ٤٢ ، ٤٣
بنى العباس / ٢٧
|
|
بنى عبد مناف /
١٢
بنى المطلب / ٣٠
بنى الهاشم / ٣٠
حفّاظ الحديث /
١٧
الحكماء
الراسخون / ٩٤
الحكماء
المتألّهون / ٣٠ ، ٦١
الحنفيّة / ٣٦
الحواريّون / ٢٥
الخوارج / ١٣
الرافضة / ٢٢
الرافضون / ٣٥
الروافض / ٤٧
الشافعية / ٣٦
الشيعة / ١٣ ،
١٦ ، ٢٨ ، ٣٥ ، ٣٦
الصالحية / ١٣
العرب / ٢١
|
الفلاسفة / ٣٦ ،
٥٨
قدماء الشيعة /
٦
قريش / ١٩ ، ٢٠
، ٢١
الكفّار / ٤٩
المشاءون / ١٧
المعتزلة / ١٣
|
|
المنافقون / ٤٩
المورّخون / ٤٥
المهاجرون / ٤٧
النصارى / ٣٦ ،
٥٤
اليهود / ٣٤ ،
٥٤ ، ٥٨ ، ٦٠ ، ٦١
|
الامكنة
حجة الوداع / ٥
الحديبية / ٥٠
الحجاز / ٢٦
خراسان / ٢٦ ،
٢٨
خيبر / ٣٧
دمشق / ٤٥ ، ٤٦
|
|
السقيفة / ٥٠
شام / ٢٦
عراق / ٢٦
فدك / ٣٧
المدينة / ١٤
يونان / ٩٢
|
الكتب والرسائل
اثولوجيا / ٩٨ ،
١٠٣
اساس البلاغة /
١٢ ، ٥٥
الاشارات / ٧٣ ،
١٠٣
الاصطكاكات / ٨٣
الاصول
الأربعمائة / ٢٦
الألواح / ٨٣
الانجيل / ٤٨ ،
لوقا ٤٨ ، ـ مارقوس ٤٨ ، ـ
متّى ٤٨ ، ـ يوحنّا
٤٨
انوار التنزيل /
٤٢
الإيماضات والتشريفات
/ ٥٩
تأويل المقطّعات
/ ٧٧ ، ١٠٠ ، ١٠٧
التفسير الكبير
/ ٣٦ ، ٥٠
تفسير
النيشابورى / ٤٠
تقويم الايمان /
٧٤
التوحيد / ٩ ،
٥٧
|
|
التوراة / ٤٨
الجامع الصغير /
١٨
الجامع الاصول /
٢٨ ، ٥٤
الجذوات
والمواقيت / ٧٧ ، ١٠٧
جوامع الجامع /
٤٢
حياة الحيوان /
٤٤
خلسة الملكوت /
٥٩
الرواشح
السماوية / ٧٤
سدرة المنتهى /
١٠٠ ، ١٠٧
السنن الأربعة /
٥٤
شرح الاشارات /
٦٩
شرح الأناجيل
الأربعة / ٤٨
شرح تقدمة تقويم
الايمان / ٩
شرح المقاصد /
١٢ ، ٤٦
شرح المشكاة /
١٨ ، ١٩ ، ٢١ ، ٣٦
|
شرح الهياكل /
٣٠
شروح الصحيحين /
٥٧
الشفاء / ٧٣ ،
٩١ ، ٩٤ ، ١٠٣
شواهد التنزيل /
٥٢
الصحاح / ٥٥ ـ الستة
/ ٣٨
الصحيح للبخارى
/ ١٢ ، ٣٦ ، ٤٩ ، ٥٢ ، ٥٤
الصحيح لمسلم /
١٧ ، ٣٦ ، ٣٨ ، ٤٦ ، ٤٩ ، ٥٢ ، ٥٤
الصحيفة الكريمة
السجادية زبور / ٢٥
الصحيفة
الملكوتية / ٧٤
عيون اخبار
الرضا / ٣١
غريبين / ٧
الفائق / ١٢
القاموس / ٥٥
القرآن / ٨ ، ١٧
، ٧٧ المصحف / ٤٥ ،
٩٩
الكافى / ٥٤
كتاب المأمون /
٢٩
كتب التواريخ /
٤٦
الكشّاف / ٧ ،
٢٥ ، ٣٢ ، ٤٠ ، ٤٥ ، ٥٠ ، ٥٥
|
|
الملل والنحل /
٤٨
مجمع البيان /
٤٢ ، ٥١ ، ٥٢
المحصّل / ٦
مختصر ميزان
الاعتدال / ٢٧
مستدرك الصحيحين
/ ١٨ ، ٤٤
المسند / ١٨
مشكاة المصابيح
/ ٣٨ ، ٥٢ ، ٥٤
مصابيح السنة /
٤٥ ، ٩٩
المعراج (معراج
نامه) / ٣١
الملل والنحل /
٥٨
المنقذ من
الضلال / ٣٠
المواقف / ١٤ ،
٢٧
ميزان الاعتدال
/ ٢٧
نبراس الضياء /
٥
نقد المحصّل / ٧
النهاية فى غريب
الحديث / ١١ ، ١٢ ، ١٧ ، ٣٥ ، ٥٣ ، ٥٥ ، ٥٧
نهاية العقول /
١٥
النيروزية / ٧٤
|
الاعلام
الف
:
آدم / ٤٨ ، ١٠٩
، ١١٠
ائمة حديث
العامة / ١١
ابراهيم / ٥٣
ابن الاثير
الجزرىّ / ٧ ، ١١ ، ١٢ ، ١٧ ، ٢٨ ،٣٥ ، ٥٣ ، ٥٥ ، ٥٧
ابن عبّاس ، عبد
الله / ٢٣ ، ٤١ ، ٤٩ ، ٥١ ، ٥٢
ابن ماجة
القزوينى / ٧
ابن مسعود / ٥١
أبو بكر / ١٣ ،
١٤ ، ١٥ ، ٣٤ ، ٣٧ ، ٣٨ ، ٤١ ، ٤٤ ، ٥٠ ، ٥١
ابو جعفران
الاعظمان / ٨
ابو جعفرين
الثلاثة / ٨
ابو جهل / ٤٢
|
|
ابو حنيفة / ٢٧
، ٢٩ ، ٣٦
ابو داود / ٧
ابو ذر / ١٣ ،
٤٣
ابو عبد الله
المازريّ / ١٧
ابو سعيد الخدرى
/ ٥٤
ابو صفرة / ٤٤
ابو عبيدة
الجراح / ١٣
ابو على سينا /
٣١ ، ٣٦ ـ شريكنا السالف / ٨٨
ابو موسى
الاصبهانى / ٧
ابو يزيد
البسطامى / ٢٧
احمد بن حنبل /
١٨
ارسطاطاليس / ٣٦
، ٨٣ ، ٩٢ ، ٩٨
اسماء بنت عميس
/ ٥٢
اسماعيل بن
ابراهيم / ٩
|
اسماعيل بن جعفر
/ ٧ ، ٩
الاعشى
الجرمازىّ / ١٢
افلاطن / ٣٦
الآمدى / ٤٩
اوميرس اليونانى
/ ٩٩
الايجى ، قاضى
عضد / ١٤ ، ٢٧
اهل البيت / ٢٥
، ٣١ ، ٣٦ ، ٤٧ ـ اهل بيت
النبي / ١٧ ـ اصحاب
آية التطهير / ١٦ ـ
ائمة الرافضة /
١٦ ـ ائمة الشيعة / ٢٢ ، ٣٩
ـ الائمة
الطاهرين / ١٠ ـ آل محمّد /
٢٩ ، ٣٠ ، ٣٢ ،
٣٣ ، ٣٤
ب
:
الباقر ، محمّد
بن على (ع) / ٢٦ ـ ابو جعفر / ٥١ ، ٥٢
البخارى ،
الامام / ٧ ، ١١ ، ٣٦ ، ٣٨ ، ٥٢
بعض نحارير
المتأخرين / ٣٠
البيضاوى / ٤٢
ت
:
التفتازانى ،
سعد الدين / ٢٩ ، ٤٦
|
|
ج
:
جابر بن يزيد
الجعفى / ٢٦ ، ٢٨
جبرئيل / ٨ ، ٥٢
جعفر بن محمّد
الصادق (ع) / ٧ ، ٨ ، ٩ ، ٢٦ ، ٢٧ ، ٢٨
ح
:
الحاكم النيشابورى
/ ١٨ ، ٤٤
حجّاج بن يوسف /
٤٤
الحسن بن على (ع)
/ ٢٧ ، ٣٠ ، ٣٢ ، ٣٣ ، ٤٠
الحسين بن على (ع)
/ ١٩ ، ٢١ ، ٢٧ ، ٢٨ ، ٣٠ ، ٣٢ ، ٣٣ ، ٤٠ ، ٥٠
حفصة / ٥٠ ، ٥١
، ٥٢
الحاكم بن ابى
العاص / ٤٢ ، ٤٤
خ
:
خليل بن احمد /
٣١
الخلفاء الثلاثة
/ ٣٦
د
:
الدارقطنى / ٧
الداماد ، محمّد
بن باقر / ٤
|
الدميرى / ٤٤ ،
٤٥
ذ
:
الذهبى ، ابو
عبد الله / ٢٧
ر
:
الرازى ، الامام
فخر الدين / ٦ ، ١٥ ، ٢٧ ، ٣٢ ، ٣٦ ، ٥٠ ، ـ امام المشكّكين / ٧،١٦ ـ
مثير فتنة
التشكيك / ٦
الرضا ، على بن
موسى (ع) / ٢٧ ، ٢٨ ، ٢٩
ز
:
الزبير / ١٣
الزجاج / ٥١
زرارة بن اعين /
٦ ، ٨
الزمخشرى ، جار
الله محمود / ٧ ، ١٢ ، ٢٥ ،٣٢ ، ٤٠ ، ٥٠ ـ صاحب الكشّاف / ٣٥ ، ٤٥ ، ٥٥
س
:
سبطا رسول الله
/ ٢٥
سدير الصيرفى /
٥٢
سعد بن عبادة /
١٥
|
|
سعيد بن مسيّب /
٤١
سلمان / ١٣
سليمان بن جرير
الزيدى / ٦
السيوطى / ١٨
ش
:
الشارستانى ،
محمّد بن عبد الكريم / ٤٨ ـ
صاحب الملل
والنحل / ٥٨ ، ٦٠
الشافعى / ٣٠ ،
٣٤
شراح صحيحى
البخارى ومسلم / ٨
الشهرستانى ـ الشارستانى
الشيطان / ٤٢ ،
٤٨
ص
:
الصدوق ، الشيخ
ابو جعفر بن بابويه القمى / ٩ ،٣١ ، ٥٧
الصحابة / ١١ ،
٤٦ ، ٤٧
ط
:
الطبرسى ، ابو
على / ٤٢ ، ٥١
الطوسى ، نصير
الدين / ٧ ، ٦٩ ـ الناقد
المحقق / ٨
الطيبى / ١٨ ،
٢١ ، ٣٦
|
ع
:
عائشة / ٣٦ ، ٤١
، ٥٠ ، ٥٢
عبد الرحمن أبى
بكر / ٤٤
عبد الرحمن بن
عوف / ٤٤
عبد الشمس مناف
/ ٤٣
عبد الله بن عمر
/ ٥٠
عبد الله بن
عطاء / ٥١
عبد الله بن
مطرّف / ٣١
عبد الملك بن
مروان / ٤٤
عثمان بن عفّان
/ ٤٣ ، ٤٦
على بن ابى طالب
(ع) / ١١ ، ١٢ ، ١٣ ، ٢٢ ، ٢٤ ، ٢٧ ، ٢٨ ، ٣٠ ، ٣١ ، ٣٢ ، ٣٣ ، ٣٤ ، ٣٥ ، ٣٧ ،
٥٢ ـ امير المؤمنين / ١١ ، ١٦ ، ٢٢ ، ٢٨ ، ٣١ ، ٥٢ ، ٨٤ ، ٩٩
على بن الحسين (ع)
/ ٢٥ ، ٢٦ ، ٢٨
على بن عبد الله
بن عباس / ٢٦
عمر بن الخطاب /
١٣ ، ١٤ ، ٢٤ ، ٣٧ ، ٤١ ، ٤٤ ، ٤٩ ، ٥٠ ، ٥١
عمر بن عبد
العزيز / ٣٩ ، ٤٣ ، ٤٤ ، ٤٥
عمرو بن مرة
الجهنى / ٤٤
العياشى / ٥١
الغزالى ابو
حامد / ٧ ، ١٢ ، ٣٠
|
|
ف
:
الفارابى ، ابو
نصر / ٣٦
فاطمة (س) / ٢١
، ٢٧ ، ٢٩ ، ٣٠ ، ٣٢ ، ٣٣ ، ٣٧ ، ـ الزهراء (س) / ١٦
الفيروزآبادى /
٥٥
ق
:
قاسم بن فضل /
٤١ ، ٤٢
قيصر / ٤٤
ك
:
الكلينى ، محمّد
بن يعقوب / ٥٤
م
:
المأمون / ٢٨ ،
٢٩ ، ٣١
مارية القبطية /
٥١
مالك بن انس / ٧
، ٢٦ ، ٢٧
الماوردى / ٤٥
مجاهد / ٥٢
محمّد (ص) / ١٦
، ١٠٩ ـ رسول الله
(ص) / ٧ ، ١١ ،
١٢ ، ١٧ ، ٢٣ ، ٢٨ ، ٣٢ ، ٣٥ ، ٣٧ ، ٤١ ، ٤٣ ، ٤٤ ، ٤٦ ، ٤٩ ، ٥٢ ، ٥٤ ،
|
١٠٩ ـ النبي / ٨
، ٩ ، ٢٢ ، ٢٤ ، ٢٩ ، ٣٢ ، ٣٣ ، ٣٥ ، ٣٦ ، ٤٠ ، ٤٢ ، ٤٤ ، ٤٩ ، ٥٠ ، ٥١ ، ٥٣ ـ خاتم
النبوة / ١٠٢ ـ خاتم
النبيين / ١٠٢
محمّد بن زياد /
٤٤
مروان بن الحكم
/ ٤٣ ، ٤٤ ، ٥١ ـ ولد
مروان / ٤١
مسلم / ٧ ، ١١ ،
٣٨
معاوية بن ابى
سفيان / ٤٠ ، ٤٦
معروف الكرخى /
٢٧
المقداد / ١٣
الملهّب / ٤٤
المنصور / ٢٧
المهدى / ٢١
ن
:
النسائى / ٧
النظام / ٥٨ ،
٦٠
|
|
نقباء بنى
اسرائيل / ٢١
نقباء موسى (ع)
/ ٢٠
النيشابورى / ٤٠
نوافل الحكم /
٤٠
هـ
هرقل / ٤٤
هروى / ٧
الهشام / ٤٥
و
:
وليد بن عبد
الملك / ٤٤
وليد بن يزيد /
٤٥
ى
:
يزيد بن عبد
الملك / ٤٥
يزيد بن معاوية
/ ٤٠ ، ٤٢ ، ٤٣ ، ٤٥ ، ٤٧ ،
|
المآخذ العربية والفارسية
الامام الحسين في
أحاديث الفريقين ، السَيد علي الموحد الابطحي الاصفهاني قم ١٤١٤.
اثنی عشر
رسالة ، مير محمّد باقر الداماد ، تهران.
اثولوجيا : افلوطين عند العرب.
احقاق الحقّ القاضى نوالله الشوشترى ، ٢
ج مكتبة آية الله المرعشي نجفى.
اجابة الدعاء في مسألة البداء ، محمّد
كاظم عصّار ، ترجمة محمود شهابي ، مشهد.
الارشاد ، الشيخ المفيد ، النجف الاشرف.
ارشاد الطالبين ، جمال الدين مقداد
السيورى الحلّى ، تحقيق السّيد مهدى الرجائى ، مكتبة آية الله مرعشى النجفى ، قم
١٤٠٥.
اساس البلاغة ، جار الله محمود الزمخشرى
، دار صادر ، بيروت ١٣٩٩.
اساس التوحيد ، مهدى آشتيانى ، مولى،
تهران ١٣٦٠ ش.
اشارات وتنبيهات ، ابن سينا ، ترجمة
دكتر حسن ملكشاهى ، سروش ، تهران ١٣٦٣.
الاعتقادات ، الشيخ الصدوق ، تحقيق حسان
عبدالسعيد ، المعتمر العالمى لألفية الشيخ المفيد ، قم ١٤١٣.
افلوطين عند العرب ، تحقيق عبدالرحمن
بدوى، وكالة المطبوعات كويت ١٩٧٧ م.
انوار الملكوت ، جمال الدين الحلّى ،
تحقيق محمّد النجفى الزنجانى ، الطبعة الثانية ، الرضى ، قم ١٣٦٣.
ش.
الوائل المقالات ، الشيخ المفيد ، تحقيق
ابراهيم الانصاى ، المعتمر العالمى لالفية الشيخ المفيد ، قم ١٤١٣.
الايقاظ من الهجعة ، الشيخ الحرَ
العاملى ، اسماعيليان ، قم.
بحار الانوار ، محمّد باقر المجلسى ،
١١٠ ج ، الطبعة الثانية ، الاسلامية ، طهران ١٣٦٦ ش.
بحث حول البداء ، السيد عبدالله الموسوى
البحرانى المحرقى ، مؤسسة الاعلمى ، بيروت ١٩٨٧ م.
البداء عند الشيعة ، العلامة السيّد على
الفانى الاصفهانى ، ربيع الثانى ١٣٩٤.
البداء فى ضوء الكتاب والسنة ، جعفر
السبحانى ، الاعلام الاسلامى طهران ١٤٠٦ هـ ق.
بصائر الدرجات ، ابن جعفر الصفار ،
الاعلمى ، تهران ١٣٦٢ هـ ش.
البيان آية الله السيد ابوالقاسم الخوئى
، الطبعة الثانية ، انوار الهدى ، بيروت ١٤٠١ هـ ق.
ترجمة محمّد صادق نجفى وهاشم هريسى ،
مجمع ذخائر اسلامى ، قم ١٣٦٠ ش.
التحصيل ، بهمنيار بن المرزبان ، تحقيق مرتضى
مطهرى ، دانشگاه تهران ، ١٣٤٩.
تذكرة الخواص ، العلامة سبط ابن الجوزى
، مكتبة نينوى الحديثة ، طهران.
ترجمة الامام على بن ابى طالب ، ابن
عساكر ، تحقيق الشيخ محمّد باقر المحمودى ، ٣ ج مؤسسة المحمودى ، بيروت ١٣٩٨ هـ ق.
تسعة الرسائل ، ابن سيناء مصر.
تصحيح الاعتقاد ، الشيخ المفيد ، تحقيق
حسين درگاهى ، المعتمر العالمى لالفية الشيخ المفيد ، قم ١٤١٣.
تفسير القرآن الكريم ، العلامة
النيسابورى ، الطبع الحجرى.
التفسير الكبير ، الامام الفخر الرازى ،
٣٢ ج ، دفتر تبليغات اسلامى ، قم.
تلخيص التمهيد ، محمّد هادى معرفة ،
الجزء الأوّل ، الطبعة الثانية ، مؤسسة النشر الاسلامى ، قم ١٤١٤ هـ ق.
تلخيص المحصّل ، نصير
الدين طوسى ، به اهتمام عبدالله نورانى ، مؤسسة مطالعات اسلامى ، تهران ١٣٥٩.
تمهيد الاصول ، الشيخ محمّد بن الحسن
الطوسى ، ترجمة عبد المحسن مشكوة الدينى ، انجمن اسلامى حكمت وفلسفه ايران ١٣٥٨ هـ
ش.
التوحيد ، الشيخ الصدوق ، تحقيق السيد
هاشم الحسينى الطهرانى ، مؤسسة النشر الاسلامى ، قم.
الجامع الصحيح ، ابوعيسى محمّد الترمذى
، ٥ ج دار احياء التراث العربى ، بيروت.
الجامع الصغير ، جلال الدين السيوطى ، ٢
ج ، دار الكتب العلمية ، بيروت.
جذوات ، محمّد باقر ميرداماد ، خيام،
فست چاپ سنگى ، بمبئى ١٣٠٢.
حكيم استرآباد ميرداماد ، سيد على موسوى
مدرس بهبهانى ، اطلاعات ، تهران ١٣٧٠.
حلية الاولياء ، ابو نعيم الاصبهانى ،
١٠ ج ، دار احياء التراث ، بيروت.
حياة الحيوان الكبرى ، كمال الدين محمّد
الدميرى ، ٢ ج ، مطبعة مصطفى البابى الحلبى ، مصر.
الخصال ، الشيخ الصدوق ، تحقيق على
الكبر الغفارى ، مؤسسة النشر الاسلامي ، قم.
الخصائص ، الامام النسائي ، تحقيق
الدكتور الامينى ، تهران.
الدّر المنثور ، جلال الدين السيوطى ، ٦
ج ، مكتبة آية الله المرعشى ، قم ١٤٠٤.
الذريعة ، العلامة الشيخ آقا بزرگ
الطهراني ، ٢٦ ج، الطبعة الثالثة دار الاضواء بيورت ١٤٠٣.
رسائل الشريف المرتضى ، السيد الشريف
المرتضى ، تحقيق السيد مهدى رجائي ، ٤ ج ، دارالقرآن الكريم ، قم ١٤٠٥.
الرواشح السماوية ، السيد محمّد باقر
ميرداماد ، الطبع الحجرى ، طهران.
السبعة من السلف ، السيد مرتضى الحسينى
اليزدى الفيروز آبادى ،مكتبة الفيروز آبادى قم ١٣٧١.
سبيل النجاة ، في تتمة المراجعات ،
المراجعات.
السنن ، ابن ماجة تحقيق محمّد فؤاد عبد
الباقى ، ٢ ج ، دارالفكر، بيروت.
السنن الامام النسائى ، ٨ ج، دار الفكر
بيروت.
شرح الاشارات والتنبيهات ، خواجه نصير
الدين الطوسى ، ٣ ج ، الطبعة الثانية دفتر نشر كتاب ، طهران
١٤٠٢.
شرح الأصول الكافى ، صدر الدين الشيرازى
(الملا صدرا) ، مكتبة المحمودى ، وفست البطع الحجرى ، تهران ١٣٩١.
شرح تقدمة تقويم الايمان ، المير محمّد
باقر الداماد ، تحقيق الشيخ غلامعلى النجفى وحامد ناجى ، مهدية مير داماد اصفهان
١٤١٢.
شرح الصحيفة الكاملة السجادية ، محمّد
باقر الداماد ، تحقيق السيد مهدى الرجائي ، مهدية الميرداماد ، اصفهان ١٤٠٦.
شرح المقاصد ، سعد الدين التفتازانى ، ٢
ج ، مصر.
شرح منظومه (منطق وحكمت) ، حاج ملا هادى
سبزوارى ، افست چاپ سنگى ، اسلامية ، تهران.
شرح المواقف ، المير السيد الشريف
الجرجانى ، ٨ ج ، مطبعة السعادة ، مصر ١٣٢٥.
الشفاء (الالهيات) ، ابن سينا ، البطع
الحجرى ، ١٣٠٣.
تحقيق الاب قنواتى ، قاهره ١٣٨٠.
شواهد التنزييل ، الحاكم الحسكانى ،
تحقيق محمّد باقر المحمودى ، الاعلمى ، بيروت.
صحاح اللغة ، الجوهرى ، ٦ ج ، دار العلم
للملائين.
صحيفة الامام الرضا ، الامام الرضا (ع)
، مؤسسة الامام المهدى (عج) قم ١٣٦٦.
الصحيح ، ابوالحسين مسلم القشيرى
النيسابورى ، تحقيق محمّد فؤاد عبدالباقى ، ٥ ج ، دار احياء التراث العربي، بيروت.
الصحيح ، الامام أبى عبدالله البخارى ،
تحقيق قاسم الشماعى الرفاعى ، ٩ ج ، اربع مجلّدات ، دار القلم ، بيروت ، ١٤٠٧ هـ.
تحقيق الدكتور مصطفى ديب البغاء ٦ ج ،
دار ابن كثير ، بيروت ١٤١٠.
علم اليقين ، الحكيم المولى محسن الفيض
الكاشانى ، ٢ ج ، بيدار، قم ١٣٥٨ ش.
عمدة عيون صحاح الاخبار ، ابن البطريق ،
مؤسسة نشر الاسلامى ، قم ١٤٠٧.
عوالم في النصوص على الائمة الاثنى عشر
(١٥/٣) الشيخ عبدالله البحرانى ، مدرسة الامام المهدى،
قم ١٤٠٨.
عوالى اللثالى ، ابن ابى جمهور الاحسائى
، تحقيق مجتبى العراقي ، ٤ ج ، قم ١٤٠٣.
عيون اخبار الرضاء الشيخ الصدوق ، قم.
الغدير ، عبدالحسين الحمد الامينى
النجفى ، ١١ ج ، دار الكتاب العربي ، بيروت ١٣٨٧ هـ ق.
الغيبة الشيخ ابي جعفر محمّد الطوسى ،
مكتبة نينوى الحديثة ، طهران.
الفائق ، جار الله محمود الزمخشرى ، ٤ ج
، مصر.
الفتوحات المكية ، الشيخ الاكبر محيى
الدين ابن عربي، ٤ ج ، دار احياء التراث العربي ، بيروت.
الفردوس ، ابي شجاع شيرويه الديلمي،
تحقيق السعيد بن بسيونى زغلول ، ٦ ج ، دارالكتب العلمية ، بيروت ١٤٠٦.
فصوص الحكم ، الشيخ الاكبر محيي الدين
ابن عربي ، تحقيق ابوالعلاء عفيفي، الزهراء ، تهران ١٣٦٦ ش.
فضائل الخمسة من الصحاح الستة ، مرتضى
الحسيني الفيروز آبادى ، ٣ ج ، الطبعة الثالثة ، دارالكتب الاسلامية ، تهران ١٣٧١
ش.
القاموس المحيط ، الفيروز آبادى ، ٤ ج ،
مصر.
القبسات ، الامير محمّد باقر الداماد ،
الطبع الحجرى ، تهران ١٣١٤.
تحقيق مهدى محقّق وغيره ، مؤسسة مطالعات
اسلامى ، تهران ١٣٥٦.
الكشاف جارالله محمود الزمخشرى ، ٤ ج ،
نشر ادب الحوزة ، قم.
كشف الغمة ، المحققّ الاربيلى ، ٣ ج ،
الاعلمى بيروت.
كشف المراد ، العلامة الحلّى ، تحقيق
الاستاذ حسن حسن زاده الآملى ، مؤسسة النشر الاسلامى ، قم ١٤٠٧ هـ ق.
كفاية الطالب ، الحافظ محمّد الكنجي
الشافعى ، تحقيقى محمّد هادي الاميني ، الطبعة الثالثة ، دار احياء التراث اهل
البيت ، تهران ١٤٠٤.
كفاية الطالب ، الحافظ محمّد الكنجي
الشافعي ، تحقيقي محمّد هادي الاميني ، الطبعة الثالثة ، دار احياء التراث اهل
البيت ، تهران ١٤٠٤.
كنز العمال ، المتقى الهندى ، ١٨ ج ،
مؤسسة الرسالة ، بيروت ١٤٠٩.
گوهر مراد ، ملا عبد الرزاق لاهيجي ،
چاپ سنگى ، بمبئى ١٣٠١ هـ ق.
اللثالى المصنوعة ، جلال الدين السيوطى
، ٢ ج ، دار المعرفة ، بيروت.
لسان العرب ، العلامة ابن منظور ، ١٥ ج
، نشر ادب الحوزة ، قم ١٣٠٥.
محمع البحرين ، الشيخ فخرالدين الطريحي
، تحقيق السيد احمد الحسيني ، ٦ ج، مرتضوى ، تهران ١٣٦٢.
مجمع البيان في تفسير القرآن ، ابوعلى
الفضل الطبرسي ، تحقيق السيد هاشم الرسولى المحلاتى ٥ ج ، الاسلامية ، تهران.
مرآة العقول ، العلامة محمّد باقر
المجلسي ، دار الكتب الاسلامية ، تهران ١٤٠٤ هـ ق.
المراجعات، السيّد عبد الحسين شرف الدين
الموسوى ، تحقيق حسين الراضى ، بيروت ١٤٠٢.
المستدرك ، الحاكم النيشابورى ، ٥ ج ،
دار احياء التراث ، بيروت.
المسند ، الامام احمد بن حنبل ، ٦ ج ،
دار صادر ، بيروت.
مشكاة المصابيح التبريزي ، ٣ ج ،
حيدرآباد.
مصابيح الانوار ، السيد عبدالله شبر ، ٢
ج ، بصيرتى ، اوفست طبع بغداد.
مصابيح السنة ، الامام فراء البغوى ، ٤
ج ، بيروت.
مصقل صفا ، احمد علوى عاملى ، تحقيق
حامد ناجي اصفهاني ، تهران ١٣٧٢ ش.
المعجم المفهرس الفاظ ابواب البحار ،
كاظم مراد خاني ، طور ، تهران ١٣٦٥ ش.
المعجم المفهرس لالفاظ الحديث النبوي ،
أ. ي. ونسنك وي پ. منسيج ، ٨ ج ، دار الدعوة ، استانبول ١٩٨٨ م.
الملل والنحل ، ابوالفتح الشهرستاني ،
تحقيق محمّد بدران ، ٢ ج ، بيروت.
منتخب كنز العمال ، المتقى الهندى ، هامش
المسند لاحمد.
منطق ومباحث الفاظ باهتمام مهدى محققّ
وتوشي هيكو ايزوتسو ، مؤسسة مطالعات اسلامي، تهران ١٣٥٣.
المناقب ابن شهر آشوب ، ٤ ج ،
اسماعيليان ، قم.
من لايحضره الفقيه ، الشيخ الصدوق ،
تحقيق على اكبر الغفارى ، ٤ ج ، مؤسسة النشر الاسلامى ، قم.
مناقب عليّ ابن ابي طالب ، ابن المغازلى
، تحقيق محمّد باقر البهبودى ، الاسلامية ، تهران ١٣٩٤.
المواقف ، عبدالرحمن بن احمد الايجى ،
عالم الكتب ، بيروت.
الميزان في تفسير القرآن ، السيد محمّد
حسين الطباطبائي ، ٢٠ ج ، الطبعة الثانية ، مؤسسة الاعلمى ، بيروت ١٣٩١.
نزل الابرار ، الحافظ البدخشاني، تحقيق
الدكتور الاميني ، مكتبة الامام اميرالمؤمنين ، اصفهان.
نقد المحصل ، تلخيص المحصل.
النهاية الامام ابن الاثير ، ٥ ج ،
الطبعة الرابعة ، اسماعيليان ، قم ١٣٦٧ ش.
النيروزية ، تسعة الرسائل.
هداية الورى في شرح البداء ، محمّد حسين
مدرّس كهنگي ، ترجمة عماد الدين حسين اصفهاني ، طهران ١٣٧٧ هـ ق.
الواطي الحكيم المولى محسن الفيض
الكاشاني ، ٢٠ ج ، مكتبة الامام أميرالمؤمنين ، اصفهان ١٤٠٦.
|