
مقدمة
بسم الله الرحمن
الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم أشرف المرسلين.
قال تعالى : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي
أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ
بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت : ٥٣].
وقال تعالى : (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ
آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [النمل : ٩٣].
وقال تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ
وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء : ٨٢].
إن قضية خلق
المادة والحياة من الأمور المحيرة للبشرية عبر التاريخ. وكم من فروض ونظريات وضعت
لتفسير منشأ الحياة.
وجاءت الكتب
السماوية لتوضح أن الخلق كله بيد الله سبحانه وتعالى. يقول الطبيب الفرنسى والعالم
المستشرق موريس بوكاى فى كتابه التوراة والإنجيل والقرآن فى ضوء المعارف الحديثة
يقول : إنه قد قام بدراسة مقارنة بين الكتب السماوية الثلاثة فى كل ما تعرضت له من
حقائق علمية وفى ضوء تكنولوجيا القرن العشرين فإذا به يكتشف أن القرآن هو الكتاب
السماوى الوحيد الذى لا توجد فيه حقيقة علمية واحدة تتعارض مع مكتشفات العلم
الحديث.
لقد وجد موريس
بوكاى فى الكتب الأخرى الكثير من التناقضات والأخطاء التى لا تتفق مع المنطق
العلمى ويعزو هذه الأخطاء إلى البشر فلا يستطيع أحد أن يقول كيف كانت النصوص
الأصلية وما نصيب الخيال والهوى فى عملية تحريرها أو
ما نصيب التحريف
المقصود من قبل كتبة هذه النصوص والكتب المقدسة.
أما القرآن فهو
الكتاب السماوى الوحيد الذى لم يتعرض للتحريف والذى ظل محفوظا بنصه وروحه كما
أنزل.
قال الله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) [الحجر : ٩].
ومن هنا كان ما
ذكره القرآن من حقائق علمية معجزة لا يستطيع بشر فى القرن السابع الميلادى مهما
أوتى من العلم أن يأتى بمثلها.
وفى هذا الكتاب
نتعرض للإعجاز العلمى للقرآن فى مجال الطب.
فهناك العديد من
الآيات عن جسم الإنسان وما ذكره القرآن الكريم عن تركيبه ونموه.
وعن مراحل خلق
الجنين ولمن تعود نوعية الجنين ذكر أم أنثى للرجل أم للأنثى.
وغير ذلك الكثير
من الحقائق العلمية الخاصة بالإنسان عن طعامه وشرابه وأمراضه ... الخ.
لما ذا حرم الله
أكل الميتة والدم ولحم الخنزير.
وغير ذلك كثير من
الآيات التى توافق أحدث ما وصل إليه العلم الحديث.
وصدق الله العظيم
إذ يقول : (إِنَّ الَّذِينَ
ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى
الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ ٢٥) [محمد : ٢٥].
خلق الإنسان
خلق الله الإنسان
فى أحسن صورة بين خلقه جميعا.
يقول الله تعالى :
(وَصَوَّرَكُمْ
فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [التغابن : ٣].
فالإنسان أعظم خلق
الله ذكاء وأجملهم خلقة وأدقهم تركيبا وأكثرهم تكيفا للحياة على الأرض.
يقول الله تعالى :
(وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا
تُبْصِرُونَ) [الذاريات : ٢١].
لقد خلق الله
تعالى الإنسان من تراب وطين من عناصر الأرض.
يقول سبحانه
وتعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ
خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) [الروم : ٢٠].
وقوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ
سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) [المؤمنون : ١٢].
لقد أثبت العلم
الحديث أن جسم الإنسان يتكون من جميع العناصر الموجودة فى التراب. فعنصر الكالسيوم
الموجود فى الحجارة هو نفسه الموجود فى عظامنا.
وفى جسم الإنسان
من العناصر الأرضية الحديد والفوسفور واليود والماغنسيوم والبوتاسيوم بنسب دقيقة
وثابتة فى جميع البشر.
وإذا نقص أحد هذه
العناصر فى أجسامنا نجم عن ذلك مرض معين.
فنقص الكالسيوم
يؤدى إلى لين العظام.
ونقص الحديد يؤدى
إلى فقر الدم.
ونقص اليود يحدث
تضخم فى الغدة الدرقية.
ونقص الفوسفور
يؤدى إلى تسوس الأسنان.
والزيادة تؤدى
أيضا إلى أمراض أخرى.
فزيادة الكالسيوم
فى الإنسان تؤدى إلى تصلب الشرايين.
وزيادة الفوسفور
تؤدى إلى تآكل الأسنان. وهكذا.
وفى هذا كله دليل
على ارتباط الإنسان بالأرض.
وسبحانه تعالى
القائل : (مِنْها خَلَقْناكُمْ
وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) [طه : ٥٥].
ويأمرنا الله
تعالى بالتأمل فى أجسامنا وصنعتها.
فالقلب يظل ينبض
بأمر الله تعالى ليلا ونهارا على مدى سنين العمر كله.
والعقل الذى يظل
يعمل ويفكر ليلا ونهارا فى اليقظة والنوم.
والرئتين والكبد
والأمعاء كل منها له وظيفة يؤديها دون كلل أو ملل.
والأذن التى تسمع
والعين التى ترى واللسان الذى ينطق ويتكلم وفى هذا يقول سبحانه وتعالى : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ*
وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ) [البلد : ٨ ـ ٩].
ويأمرنا الله
بالتفكير فى خلقنا وكيف كان الإنسان نطفة فى قرار مكين أى فى الرحم ثم أصبح علقة
ثم مضغة ثم ينفخ فيه الله من روحه فتتكون له أعضاء وأطراف ثم يخرج بإذن الله تعالى
طفلا رضيعا.
يقول الله تعالى
فى سورة المؤمنون : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا
الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ
مَكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً
فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ
أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) [المؤمنون : ١٢ ـ ١٤].
ويقول تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ
ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ
لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى
مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [غافر : ٦٧].
المقصود بالنطفة
الجزء الخاص منها والذى كشف عنه العلم حديثا وهو الحيوان
المنوى الذى يحمله
السائل المنوى وهذا الحيوان هو الذى يلقح البويضة الأنثوية.
العلقة : من
معانيها فى اللغة الدم الجامد أو السائل الذى اشتدت حمرته والمراد بها علميا خلايا
الجنين التى تعلق بجدار الرحم بعد طور تلقيح الحيوان المنوى للبويضة وصيرورتها
خلية واحدة تنقسم إلى عدة خلايا وتتكاثر وتتحرك نحو جدار الرحم وتنشب به محدثة
نزيفا من الدم محليا.
المضغة : هى
الجنين فى طور من أطوار تكوينه يتلو العلقة بعد التصاقها بجدار الرحم واستدارتها
بغير انتظام وإحاطتها بأغشية حيث تبقى المضغة كذلك بضعة أسابيع حتى يبدأ تكوين
العظام.
والمضغة تحتوى على
خلايا مخلقة وهى التى يتكون منها الجنين وعلى خلايا غير مخلقة وهى التى تحيط
بالجزء المخلق ووظيفتها وقايته وإمداده بالغذاء.
العظام : أثبت علم
الأجنة أن مراكز تكوين العظام تظهر فى الطبقة المتوسطة من خلايا المضغة المختلفة
فى مرحلة سابقة لتميز الخلايا العضلية.
لقد اكتشف العلماء
حديثا عن طريق تصوير مراحل تكوين الأجنة بالأشعة تحت الحمراء والموجات فوق الصوتية
أنه يوجد طور يتعلق فيه الجنين بجدار الرحم متخذا شكل دودة العلق الطبى ويلى ذلك
الطور مرحلة يبدأ فيها العمود الفقرى فى التكوين فيتخذ الجنين شكل مضغة أى شكل
قطعة من اللادن أو العجين مضغت بالفم فانطبعت على جانبيها شكل الأسنان.
مراحل خلق ونمو
الجنين كما صورها القرآن فى سورة المؤمنون :
لنتأمل هذه الدقة
العلمية فى وصف مراحل نمو الجنين.
فالجنين يكون أول
أمره نطفة أى قطعة غير مشكلة ومكونة من اتحاد جزءين أو جسمين هما البويضة والحيوان
المنوى.
وعادة يتم إخصاب
البويضة بالحيوان المنوى فى القناة الرحمية ثم نأخذ النطفة مسارها فى القناة
الرحمية حتى تدخل الرحم وتصل إلى مكان الانغراس فيه وهو ما
يعبر عنه القرآن
بالقرار المكين وهذا المكان فى المنطقة العليا فى الجزء الخلفى لجدار الرحم.
وإذا لم تعلق
النطفة بهذا المكان بالذات وعلقت بمكان آخر فإن الجنين يتعرض للإجهاض وقد يسبب
متاعب فى الحمل وهو ما يسمى بالانغراس المعيب.
وما أن تصل النطفة
إلى مكان الانغراس حتى تتعلق به وتلتصق بجدار الرحم وهو ما يعبر عنه القرآن بالعلقة.
وتستغرق الرحلة
بين القناة الرحمية ومكان الانغراس خمسة أيام يكون الرحم قد تهيأ خلالها لالتصاق
العلقة به.
ويتم الالتصاق
باندماج غشاء العلقة بغشاء جدار الرحم.
وتبدأ العلقة فى
الانقسام وتكبر فى الحجم حتى تصبح فى شكل المضغة.
فالجنين فى هذه
المرحلة يكون عبارة عن قطعة من اللحم على سطحها بروزات أشبه بالبروزات والنتوءات
التى تتركها الأسنان على قطعة لحم تمضغها.
وبعد هذه المرحلة
يبدأ تكوين العظام تماما كما جاء فى القرآن الكريم.
ففي الأسبوع
السابع يبدأ تكوين النسيج حيث يكون الجنين حوالى ٢ سم طولا.
وبعد أن تتكون
العظام يبدأ ظهور العضلات فى الأسبوع الثانى عشر من عمر الجنين وهو ما يعبر عنه
القرآن (فَكَسَوْنَا
الْعِظامَ لَحْماً).
إن السائل المنوى
عبارة عن حيوانات دقيقة يتحد أحدها مع البويضة فى رحم الأنثى لتكون جنينا.
ولقد ذكر القرآن
هذه الحقيقة بقوله تعالى : (إِنَّا خَلَقْنَا
الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً) [الإنسان : ٢].
وكلمة أمشاج تعنى
مكونا من اتحاد عنصرين أو جسمين مختلفين فى النوع وهما الحيوان المنوى والبويضة.
وكلمة مشجة ـ بمشجه
فى اللغة معناها أى خلطه بشيء آخر.
المعتقدات القديمة فى
خلق الإنسان
لقد كان الاعتقاد
القديم أن الإنسان يتكون بكامله من ماء الرجل (المنى).
ثم أصبح الاعتقاد
أنه يتكون فى البويضة فقط.
ولكن الله سبحانه
تعالى يذكر فى القرآن وكما ثبت علميا حديثا أن خلق الإنسان من نطفة اختلط فيها ماء
الرجل وهو الحيوان المنوى بماء الأنثى وهو بويضتها فنتج النطفة الأمشاج.
ويحتوى الحيوان
المنوى على نصف الكروموسومات (الجسيمات الملونة) التى ستحمل الصفات الوراثية
الموجودة فى أى خلية جسدية.
وكذلك البويضة
تحتوى على نصف عدد الكروموسومات.
ويعتبر كلا من
الحيوان المنوى والبويضة نصف خلية فقط من ناحية عدد الكروموسومات إذ تحتوى الخلية
الجسدية على ٤٦ كروموسوم بينما يحتوى الحيوان المنوى على ٢٣ كروموسوم وكذلك
البويضة.
وعند تكوين النطفة
الأمشاج يكتمل عدد الكروموسومات الحاملة للصفات الوراثية من الأب والأم بالتساوى.
وعبر هذه
الكروموسومات تنتقل الصفات الوراثية من الآباء والأجداد منتقاة مختارة حتى تصل إلى
الأبناء ودون أن يتطابق منهما اثنان.
خلق الإنسان من ماء
يقول سبحانه
وتعالى فى سورة النور : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ
دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي
عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ
إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [النور : ٤٥].
الماء فى الآية
الكريمة هو ماء التناسل أى الماء المشتمل على الحيوانات المنوية والآية الكريمة لم
تسبق فقط ركب العلم فى بيان نشوء الإنسان من النطفة بل سبقته كذلك فى بيان أن كل
دابة تدب على الأرض خلقت كذلك بطريق التناسل من الحيوانات المنوية وإن اختلفت
أشكال هذه الحيوانات المنوية وخصائصها فى كل نوع من أنواع هذه الدواب.
ومما تحمله الآية
أيضا من معان علمية أن الماء قوام تكوين كل كائن حى.
فمثلا يحتوى جسم
الإنسان على نحو ٧٠ خ من وزنه ماء فالشخص الذى يزن ٧٠ كيلوجرام به نحو ٥٠ كجم ماء.
ولم يكن تكوين
الجسم واحتواؤه على هذه الكمية الكبيرة من الماء معروفا مطلقا عند نزول القرآن.
والماء أكثر ضرورة
للإنسان من الغذاء فبينما يستطيع الإنسان أن يعيش ٦٠ يوما بدون غذاء لا يمكنه أن
يعيش بدون ماء من ٣ ـ ١٠ أيام على أقصى تقدير.
والماء أساس تكوين
الدم والسائل اللمفاوى والسائل النخاعى وافرازات الجسم كالبول والعرق والدموع
واللعاب والصفراء واللبن والسوائل الموجودة فى المفاصل وهو سبب رخاوة الجسم
وليونته.
ولو فقد الجسم ٢٠
خ من مائه فإن الإنسان يكون معرضا للموت.
والماء يذيب
المواد الغذائية بعد هضمها فيمكن امتصاصها وكذلك يذيب الفضلات العضوية والمعدنية
فى البول والعرق.
وهكذا يكون الماء
الجزء الأكبر والأهم فى تكوين الجسم ولذلك يمكن القول بأن كل كائن حى مخلوق من الماء.
مدة الحمل
أقل مدة للحمل ستة
أشهر :
يقول الله تعالى
فى سورة الأحقاف : (وَصَّيْنَا
الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ
أُمُّهُ
كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) [الأحقاف : ١٥].
أقل مدة للحمل ستة
أشهر لقوله تعالى : (وَحَمْلُهُ
وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) وقوله تعالى (وَفِصالُهُ فِي
عامَيْنِ) [لقمان : ١٤] ،
وقوله تعالى (وَالْوالِداتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ
الرَّضاعَةَ) [البقرة : ٢٣٣] ،
فباسقاط مدة الفصال عن مدة الحمل والفصال يبقى للحمل ستة أشهر وهذا يتفق مع ما ثبت
علميا من أن الطفل إذا ولد لستة أشهر فإنه قابل للحياة.
تشريح الأجنة
قال تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ*
خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ* يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) [الطارق : ٥ ـ ٧].
الصلب : هو العمود
الفقرى والترائب هو القفص الصدرى.
ومعنى الآية أن
الخصية التى تكون السائل المنوى مكانها الأصلى داخل البطن قرب العمود الفقرى وقد
ثبتت هذه الحقيقة العلمية القرآنية بتشريح الأجنة فى العصر الحديث.
فالخصية تهاجر من
مكانها داخل البطن مع نمو الجنين ثم تنزل إلى الكيس الخاص بها قبل الولادة.
وبعض الأطفال
يولدون بأحد الخصيتين أو كليهما فى بطنه وهذه تعيق نمو الطفل وتعرضه إلى
الاضطرابات الهرمونية ما لم تجر له عملية إنزال الخصية إلى الكيس.
وهذه الحقيقة لم
تكن معروفة حتى عصر قريب.
ثم تأتى آية أخرى
لتزيد هذه الحقيقة تأكيدا ففي سورة الأعراف يقول تعالى :
(وَإِذْ أَخَذَ
رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) [الأعراف : ١٧٢].
فهذا تأكيد أخر
على الموضع الأول للغدة التناسلية فى الإنسان.
لقد بينت الدراسات
الحديثة أن نواة الجهاز التناسلى والجهاز البولى فى الجنين تظهر بين الخلايا
الغضروفية المكونة لعظام العمود الفقرى وبين الخلايا المكونة لعظام الصدر وتبقى
الكلى فى مكانها وتنزل الخصية إلى مكانها الطبيعى فى الصفن عند الولادة.
وعلى الرغم من
انحدار الخصية إلى أسفل فإن الشريان الذى يغذيها بالدم طوال حياتها يتفرع من
الأورطى بحذاء الشريان الكلوى.
كما أن العصب الذى
ينقل الإحساس إليها ويساعدها على إنتاج الحيوانات المنوية وما يصاحب ذلك من سوائل
متفرع من العصب الصدرى العاشر الذى يغادر النخاع الشوكى بين الضلعين العاشر
والحادى عشر.
وواضح من ذلك أن
الأعضاء التناسلية وما يغذيها من أعصاب وأوعية دموية تنشأ من موضع فى الجسم بين
الصلب والترائب (العمود الفقرى والقفص الصدرى).
الظلمات الثلاث
قال تعالى فى سورة
الزمر : (يَخْلُقُكُمْ فِي
بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) [الزمر : ٦].
تنشأ البويضة فى
أحد مبيضى المرأة حتى إذا اكتمل نضجها انطلقت منه فيتلقفها أحد بوقى فالوب ثم تمضى
فى قناة فالوب فى طريقها إلى الرحم فلا تصله إلا بعد بضعة أيام قد يقدر لها فى
أثنائها أن يخصبها الحيوان المنوى من الرجل فتبدأ توا مراحل تطورها المبكرة.
وفى الرحم يمضى
الجنين بقية الحمل حيث يكون لنفسه فيها غلافين (السلى)
ويسهم جزء منه فى
تكوين المشيمة (الرهل) الذى يحيط بالجنين إحاطة مباشرة.
وقد اختلفت الآراء
فى تحديد الظلمات الثلاث فى الآية الكريم فمن ذلك أنها :
١ ـ البطن ـ الرحم
ـ المشيمة ويقصد بها ما يغلف الجنين بصفة عامة.
٢ ـ الرحم والسلى
والرهل.
٣ ـ البطن والظهر
والرحم.
٤ ـ المبيض وقناة
فالوب والرحم.
والظاهر أن الرأى
الأخير هو الأرجح لأنها ثلاث متفرقات فى أماكن مختلفة.
أما الآراء الأخرى
فإنها تشير فى الواقع إلى ظلمة واحدة فى مكان واحد تحيط به طبقات متعددة ولعل
الخالق العظيم قد أشار إلى هذه الحقيقة العلمية فى زمن لم يكن الناس قد اكتشفوا
فيه بويضة الثدييات ومسلكها ذاك فى أجسام الأناث بعيدا عن العيون.
وأحدث تفسير يقدمه
لنا العلم الحديث عن هذه الآية بأن الجنين نفسه ضمن مراحل نموه وتطوره يكون حوله
ثلاثة أغشية رقيقة جدا هى الأمنيون والكوربون والألنتوبس وهذه الأغشية الثلاثة لا
تكون موجودة فى الرحم أصلا ولكنها تتخلق وتتشكل مع ابتداء تكون الجنين وتحيط به
مراحل تطوره ونموه.
وكلمة الظلمات
التى ذكرها القرآن يقصد بها الأغشية المظلمة التى تحمى الجنين داخل البطن ويتحرك
داخلها والله أعلم.
عملية الإخصاب
قال الله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ
بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) [الفرقان : ٥٤].
الماء هنا هو
السائل المنوى الذى تسبح فيه الحيوانات المنوية أو المشيج الذكر والحيوان المنوى
تصنعه الخصية فى الرجل البالغ وهو وحده لا يمكنه أن يكون خلقا
جديدا (بشرا) ولكن
يلزم أن يندمج معه ما يعرف علميا بالمشيج المؤنث أو البويضة وهذه يصنعها مبيض
المرأة البالغة فى فترة خصوبتها (بعد البلوغ وقبل الوصول إلى سن اليأس).
وعلى أثر اندماج
الحيوان المنوى بالبويضة فى ظاهرة تعرف بالإخصاب تتكون ما يعرف باللاقحة (البويضة
المخصبة) أو الزيجوت وبانقسام هذه تباعا فى الرحم يتكون إنسان جديد من البشر يبدأ
حياته فى قرار مكين (الرحم) ثم ينزل بعد الولادة إلى هذه الحياة الدنيا ليعيش أجله
المسمى الذى قدره له الله.
وفى الإنسان
بالذات وكذلك الحيوانات التى تشبهه فى التناسل لا بد من إخصاب البويضة بالحيوان
المنوى لكى تتكون اللاقحة وبالتالى الخلق الجديد.
وإذا فشلت عملية
الاخصاب امتصت البويضة وتلاشت.
ولهذا أشارت الآية
الكريمة إلى بداية الخلق من النطفة كما سجلت ذلك آيات كثيرة فى القرآن الكريم.
ولو لا ماء الرجل
الذى تسبح فيه الحيوانات المنوية لما كان هناك حياة لإنسان على وجه الأرض لما ذا؟
ليس لأن النطفة هى
التى تخصب البويضة فتتكون اللاقحة التى تنقسم فتكون الفرد الجديد.
ليس ذلك فحسب ولكن
لأنه عن طريق النطفة تكون الذكورة والأنوثة فى بنى البشر. وهل يمكن أن تستمر حياة
دون ذكور واناث.
لقد اقتضت حكمة
الله فى سبيل استمرار حياة البشر وغيرهم على وجه الأرض أن تصنع خصية الرجل نوعين
من الحيوانات المنوية أحدها يحمل صبغيا (كروموزوم) جنسيا مماثلا للصبغى الجنسى
الموجود فى البويضة وحين يندمج معها تكون لاقحة أنثى.
أما النوع الآخر
من الحيوانات المنوية فتحمل صبغيا جنسيا يخالف الصبغ
الجنس الموجود فى
البويضة وحين يندمج معها يكون لاقحة ذكرا كما سبق ذكره. وكما سيأتى فيما بعد.
وعلى هذا الأساس
يتنوع البشر ذكورا وإناثا.
ولو لا هذا التنوع
لما كان هناك التزاوج ولما تسلسلت حياة البشر جيلا بعد جيل.
ولقد اكتشف العلم
هذه الحقيقة مؤخرا عند ما ازدهرت علوم الوراثة بداية من نهاية القرن التاسع عشر
الميلادى مع أن القرآن الكريم قد سجلها جلية واضحة قبل ذلك بمئات السنين.
يقول سبحانه
وتعالى : (وَأَنَّهُ خَلَقَ
الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ٤٥ مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى) [النجم : ٤٥ ـ ٤٦].
وقوله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ
سُدىً* أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى * ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ
فَسَوَّى* فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) [القيامة : ٣٦ ـ ٣٩].
وعلى أثر الإخصاب
وتكوين اللاقحة تنقسم هذه تباعا فتتكون بذلك الأطوار الجنينية فى رحم الأم كمرحلة
لا بدّ منها فى بداية خلق الإنسان.
ويزداد حجم الجنين
وبالتالى رحم الأم كل يوم بمقدار حسب ما أراد الله له.
يقول سبحانه : (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ
أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ
بِمِقْدارٍ) [الرعد : ٨].
ويقول سبحانه
وتعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ
مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ
مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ
مُسَمًّى) [الحج : ٥].
وقوله تعالى : (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ*
فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ* إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ) [المرسلات : ٢٠ ـ ٢٢].
ولما كانت اللاقحة
التى يتكون منها الفرد الجديد هى نتيجة اندماج الحيوان المنوى من الأب مع البويضة
من الأم فإن الصفات الوراثية فى اللاقحة تكون بذلك امتزاجا للصفات الوراثية من
الأب (٥٠ خ تقريبا) وللصفات الوراثية من الأم (٥٠ خ تقريبا).
وينشأ الفرد
الجديد من البشر وبه هذا المزيج من الصفات الوراثية التى تجعله فردا له شخصيته (ذاتيته)
التى لا يشاركه فيها إنسان غيره قط.
وكل فرد من البشر
نسيج وحده فى كل صفاته.
ومن الناحية
العلمية ثبت وراثيا أن الصبغيات (الكروموزومات) التى تتكون منها نواة اللاقحة تحمل
فى طياتها على الجينات كل الصفات الخلقية (الجسمية) التي يتميز بها الفرد الجديد
عن كل فرد آخر من سائر البشر يتميز بها وهو الجنين فى بطن أمه وبعد أن يولد وطول
حياته حتى الموت ولو بلغ أرذل العمر.
ولو أن هذه الصفات
التى تتسع لها الصبغيات على ضآلة حجمها لو أنها ترجمت إلى كلمات لما اتسع لتسجيلها
عشرات المجلدات.
ومن هنا يتبين
العمق الحقيقى لمدلول حديث النبى الأمى الذى لا ينطق عن الهوى فى قوله صلىاللهعليهوسلم : تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس.
قالها صلىاللهعليهوسلم قبل أن يعرف شيئا عن قوانين الوراثة ومدلولاتها وأبحاثها
بعشرات المئات من السنين فسبحان من علمه ما لم يكن يعلم.
جاذبية الحيوان
المنوى والبويضة
عند بدء الإخصاب
وتكوين اللاقحة لوحظ فى الحالات الطبيعية وجود جاذبية بين الحيوان المنوى والبويضة
فوجود الجاذبية هذه ضمان للإخصاب الذى يتم فى العادة بحيوان منوى واحد لا أكثر.
وعلى هذا الأساس
تتم الجاذبية بين البويضة وبين حيوان منوى به صبغى جنسى
مشابه لما فيها
تتكون بذلك لاقحة أنثى أو بين البويضة وحيوان منوى به صبغى جنسى مخالف لما فيها
فيتكون بذلك لاقحة ذكر.
أو قد لا يتم
التجاذب بين الحيوان المنوى والبويضة لسبب أو لآخر فلا يتم الإخصاب ولا تتم
اللاقحة.
وإذا استمرت هذه
الظاهرة الأخيرة كان العقم (عدم الإنجاب).
وعلى أساس الحقيقة
السابقة فإن الزوجة قد تنجب إناثا فقط أو ذكورا فقط أو ذكورا وإناثا معا أو قد لا
تنجب إطلاقا رغم سلامة الزوجين من الناحية الصحية.
وكل هذا يتوقف على
الجاذبية الكائنة بين الحيوانات المنوية بنوع منها أو بنوعيها معا أو عدم الجاذبية
بينها وبين البويضة وتدل هذه الظاهرة على أن إنجاب البنات هى مسئولية الزوج فى
الجزء الأكبر منها.
وعلى الذين يلومون
زوجاتهم لأنهن ينجبن بنات أن يدركوا هذه الحقيقة.
ويسجل القرآن
الكريم هذه الحقيقة العلمية الوراثية قبل أن ندرك أسبابها الحقيقية يسجلها قبل
معرفتها بعشرات المئات من السنين.
يقول سبحانه
وتعالى : (لِلَّهِ مُلْكُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً
وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً
وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) [الشورى ٥٩ ـ ٥٠].
ويتضح من ذلك أن
الله العلى القدير قد شاءت حكمته أن يخلق من الماء أى المنى بشرا أى رجالا ونساء.
إن هذا التنوع فى
الخلق بين ذكور وإناث هو السبب الأساسى فى استمرار حياة البشر على الأرض.
وتكون الإشارة إلى
خلق البشر من الماء هى لفت النظر إلى أن الإنسان لا بد أن يكون نتيجة تزاوج بين
ذكر وأنثى.
تعيين جنس الجنين
يقول الله تعالى :
(أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً
مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى * ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى* فَجَعَلَ مِنْهُ
الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) [القيامة ٣٧ ـ ٣٩].
لقد كان الاعتقاد
السائد من آلاف السنين وحتى عهد قريب أن نوع الجنين ذكر أو أنثى يتوقف على المرأة
وحدها وأن هناك نساء تعيسات لا تنجب أرحامهن سوى البنات وأخريات ينجبن الأولاد.
وفى التاريخ
الكثير من الأمثلة على ذلك فهنرى الثامن ملك إنجلترا طلق امرأة وأعدم امرأته آن
بولين لأنهما لم يلدن سوى بنات.
والملك فاروق ملك
مصر السابق طلق الملكة فريدة لأنها أنجبت له ثلاث بنات.
وكم من زيجات فشلت
فى ريف مصر بسبب انجاب البنات.
وكان هذا الاعتقاد
متفشيا فى الجاهلية.
وقد أثبت العلم
الحديث أن نوع الجنين ذكر أم أنثى يرجع للرجل وللرجل وحده.
فالآية الكريمة (فَجَعَلَ مِنْهُ) أى من نطفة منى يمنى (الزَّوْجَيْنِ
الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) النطفة التى تمنى هى نطفة الرجل هى الحيوان المنوى.
فكل خلية فى جسم
الإنسان تحتوى على ٢٣ زوجا من الجسيمات الملونة وإن منها زوجا واحدا هو المسئول عن
صفة الشخص وجنسه ذكر أم أنثى فخلايا الرجل تحتوى على الجسيمات الملونةYX.
بينما خلايا
المرأة تحتوى على الجسيمات الملونةXX.
فإذا انقسمت خلايا
الخصية انقساما اختزاليا فإن ناتج الانقسام إما حيوانات
منوية تحتوى على X فقط أوY فقط.
أى أن هذه
الحيوانات المنوية إما أن تكون حيوانات منوية مذكرة أو حيوانات منوية مؤنثة.
فالحيوان المنوى الذى يحمل شارة الذكورةY
لا يختلف عن الحيوان المنوى الذى يحمل شارة الأنوثةX.
وقد استطاع
العلماء التفريق بينهما فى الشكل والمظهر كما فرقوا بينهما فى الحقيقة والمخبر.
والحيوان المنوى
المذكر إذا وصل إلى موضع البويضة الجاهزة للتلقيح لقحها وكان المولود ذكراYX (X من المرأة ، Y
من الرجل).
وأما الحيوان
المنوى الذى يحمل شارة الأنوثةX إذا لقح البويضة كان المولود أنثى XX (X من المرأة ، X
من الرجل).
فبإرادة الله إذا
لقح البويضة حيوان منوى يحمل شارة الذكورة فإن النطفة والأمشاج تحتوى على ٤٦ صبغيا
على هيئة ٢٣ زوج منها زوج واحدYX.
وإذا قدر الله
ولقح البويضة حيوان منوى يحمل شارة الأنوثة فالنتيجة هى نطفة أمشاج (بويضة ملقحة
تحمل شارة الأنوثة فقطXX).
وبما أن البويضة
من الأم تعطى دائما شارة الأنوثة فإن الحيوان المنوى هو فقط الذى يحدد بإرادة الله
نوع الجنين ذكر أم أنثى.
وصدق الله العظيم
: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا
تُبْصِرُونَ) [الذاريات : ٢١].
الأسرة
الجزء الثانى من
الآية ٥٤ من سورة الفرقان قوله تعالى : (فَجَعَلَهُ نَسَباً
وَصِهْراً) فالأسرة هى اللبنة التى تتكون منها المجتمعات البشرية.
وتتكون الأسرة
عادة من الأب والأم والأولاد ذكورا كانوا أم إناثا.
وينسب الأولاد إلى
الأب فى الأسرة وتتم المصاهرة بين الأسر وبعضها البعض عن طريق البنات.
والبشر جميعا
ينسبون إلى آدم عليهالسلام فهم بنو آدم وهو أبو الآدميين جميعا.
وبناء على ما سبق
يكون المعنى القريب أو المباشر للآية الكريمة. هو خلق البشر رجالا ونساء من الماء
الدافق (المنى) ليتم بينهما (بين الجنسين) التزاوج الذى عن طريقه يتم النسب
والمصاهرة.
نسب البنين إلى
الآباء والمصاهرة بين الأسر وبعضها البعض عن طريق البنات وبذلك يرتبط الجميع
بوشائج الدم وصلات القربى.
هذا المعنى واضح
فى قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ
خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ
بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
[الروم ٢١]
فى الأسرة الواحدة
المكونة من أب وأم واحدة لأبناء متعددين ذكور وإناث يكون جميع الأبناء قد سكنوا
على فترات متتالية رحم هذه الأم لا محالة فصلة الرحم بينهم واضحة بلا غموض.
وإذا كان لهذه
الأم إخوة وأخوات من أب وأم واحدة فهم لا شك بدورهم قد جمعهم رحم هذه الأم (جدة
الأسرة الأولى).
وهكذا إذا تسلسلنا
خلقا على هذا النحو فسوف تصل إلى :
١ ـ إن رحم حواء
قد سكنه على فترات كل أولادها من آدم ذكورا كانوا أم إناثا.
٢ ـ إن إناث الجيل
الأول اللاتى تزوجن بإخوانهن قد سكن أرحامهن كل إناث وذكور الجيل الثانى.
٣ ـ وإذا تسلسلنا
على النحو السابق لوجدنا أن كل أم لاحقة قد سكن رحمها ذكور وإناث من أبنائها
وبناتها.
لكن هذه الأم
بدورها كانت أختا لذكور وإناث سكنوا رحم أم سابقة وهكذا.
أى أن الناس جميعا
تربطهم وحدة التكوين كما تربطهم وشائج الدم (القرابة).
يقول تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا
خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ
لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ
خَبِيرٌ) [الحجرات : ١٣].
والجزء الثالث من
الآية ٥٤ من سورة الفرقان قوله تعالى : (وَكانَ رَبُّكَ
قَدِيراً) [الفرقان : ٥٤].
لا يستطيع أحد أن يحصى آثار قدرة الله التى تتجلى فى كل شيئ خلقه.
ولكن الآية
الكريمة تعالج خلق البشر من ماء التناسل (المنى) على النحو البديع المعجز.
شاء الله وقدر أن
يخلق الحيوان المنوى كما تصنعه الخصية فى صورة تخالف صور أى خلية أخرى فى جسم
الإنسان فجعله متحركا يتكون من رأس وذنب ومعدا بشكل خاص يؤهله لأداء وظيفته على
الوجه الأكمل فكان خفيف الوزن أعداده كثيرة إذا ما قورنت بأعداد بويضات الأنثى (النسبة
٢٥٠٠٠٠ : ١).
وهذا ما يجعل فرص
التلاقى والإخصاب كبيرة فالمعروف أن المشيج المذكر هو الذى ينتقل إلى حيث توجد
البويضة فى جهاز المرأة التناسلى.
وعندها يحدث
الإخصاب ويبدأ نمو الجنين فى رحم الأم.
يقول الله تعالى :
(هُوَ الَّذِي
يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ) [آل عمران : ٦].
تشير الآية
الكريمة إلى وجه من الوجوه المعجزة لقدرة البارى المصور وهو تحول البويضة المخصبة
وهى خلية واحدة ضئيلة الحجم إلى إنسان سوى بكل ما يحويه جسمه من أجهزة وأعضاء
وأنسجة بملايين الخلايا وآيات فى البنيان والوظيفة.
وتنوه هذه الآية
الكريمة عن المشيئة الإلهية المطلقة فى تصوير الجنين إذ أن الله يودع فى البويضة
الدقيقة الحجم جميع المورثات (الجينات) التى تحدد جنس المولود ونصيبه من الخصائص
الجسمانية بل ومواهبه العقلية والنفسية والسمات الرئيسية فى تكوين الشخصية الوارثة
وإن كانت تسير على قوانين ثابتة إلا أن هذا التحديد لكل فرد بذاته من التقاء بويضة
بعينيها وحيوان منوى بعينه من بين ملايين الحيوانات المنوية هو من دلائل المشيئة
المطلقة حتى أنه لا يتماثل فردان فى العالم تماثلا تاما اللهم إلا فى توائم
البويضة الواحدة تكاد تتطابق.
ويقول الله تعالى
: (وَاتَّقُوا اللهَ
الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) [النساء : ١].
وقوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ
أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ)
[الأنفال : ٧٥]
ويقول تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ
أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ* أُولئِكَ الَّذِينَ
لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) [محمد : ٢٢ ـ ٢٣].
ويقول الله تعالى
فى سورة لقمان : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ
عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما
تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ
إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [لقمان : ٣٤].
وقف البعض عند (ويعلم
ما فى الأرحام) وقالوا أن العلم الآن قد وصل إلى معرفة جنس الجنين باستخدام
السونار هل المولود ذكر أم أنثى.
إن الآية الكريمة
لا تقول يعلم من فى الأرحام ولكن ما فى الأرحام. تعنى أن الله سبحانه وتعالى يعلم
كل ما يمس هذا الجنين من لحظة ميلاده إلى ساعة وفاته.
يعلم أن هذا
الكائن ذكر أم أنثى. طويلا أم قصيرا. ذكيا أم غبيا. حليما أم غضوبا ... إلخ يعلم
كل تفصيلة من تفصيلات حياته.
الرضاع
يقول الله تعالى
فى سورة البقرة : (وَالْوالِداتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ
الرَّضاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ)
[البقرة : ٢٣٣]
النص القرآنى
يعتبر وجوب الإرضاع على الأم صيانة لها لأن الإرضاع هو المطعم الطبيعى للمولود إذ
أن لبن الأم يلائم حياة الطفل كل الملائمة فيزداد حجما بزيادة حجم المولود وتتنوع
محتوياته حسب حاجاته.
والرضاعة تفيد
الأم ولا تضرها إذ أن الرضاعة تعمل على تحسين الحالة الصحية للمرضع بتنشيط الجهاز
الهضمى وحمله على العمل للحصول على المواد الغذائية اللازمة للمولود وذلك فوق ما
تعيده الرضاعة للجهاز التناسلى إلى وضعه الطبيعى بعد عملية الولادة. ويجوز أن يفطم
الصغير لأقل من عامين من والدته إذا كانت صحته تعاونه على ذلك أما إذا كانت صحته
لا تعاونه ولا يستسيغ الطعام الخارجى فإنه يستمر حولين كاملين.
وبعدها يمكن أن
يستغنى الطفل استغناء تاما عن لبن الأم.
هذا والصحة
النفسية للطفل المعتمد على الرضاعة الطبيعية أفضل كثيرا من الطفل المعتمد على
الرضاعة الصناعية.
كما أن صحة الطفل
المعتمد على الرضاعة الطبيعية فى قابل حياته أفضل كثيرا
من المعتمد على
الرضاعة الصناعية. وكذلك مقاومته للأمراض تفضل كثيرا الذى يرضع بألبان صناعية.
لقد عاد الأطباء
يؤكدون ويوصون بالرضاعة الطبيعية.
صدق الله العظيم
بقوله : (وَالْوالِداتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) [البقرة : ٢٣٣].
الشيخوخة
قال الله تعالى فى
سورة يس : (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ
نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ) [يس : ٦٨].
ومن نطل عمره نرده
من القوة إلى الضعف. أى ومن يطيل الله عمره يرده إلى عكس ما كان عليه من القوة
فيصبح ضعيفا.
وذلك أن حياة
الإنسان تأخذ ثلاث مراحل نمو ونضج وضمور.
فالنسيج الحشوى فى
الكلى والكبد والغدة الدرقية والبنكرياس يضمر وهذا له أثره فى إضعاف الجسم كله
وتبدأ كذلك الشرايين فى التصلب والضمور وبذلك يقل الدم الذاهب إلى جميع أعضاء
الجسم فيزيده ضعفا على ضعف.
ومن أسباب
الشيخوخة زيادة قوى الهدم على قوى البناء فى الجسم وذلك لأن خلايا الجسم كله فى
تغيير مستمر وكذلك خلايا الدم ما عدا خلايا المخ والنخاع فإنها لا تتغير مدى
الحياة فالهالك منها لا يعوض مطلقا.
فإذا كانت نسبة
تجدد الخلايا كنسبة هلاكها لا تظهر الأعراض.
أما إذا زادت نسبة
هلاك الخلايا على تجددها فى أى عضو ظهر ضمور هذا العضو وعلى ذلك فكلما تقدم السن
تضاءلت نسبة التجدد وزادت نسبة الانحلال الخلوى وظهر الضمور العام.
وتختلف نسبة
التجدد والضمور باختلاف نوع الأنسجة فالظاهر منها كالبشرة الكاسية للجسم والأغشية
المبطنة للقنوات الهضمية وقنوات الغدد تضمر بنسبة أكبر كلما تقدمت السن بالإنسان
وهذا هو السبب المباشر لأعراض الشيوخة.
الطلاق
يقول سبحانه
وتعالى : (يا أَيُّهَا
النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا
الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ) [الطلاق : ١].
ويقول تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ
مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي
لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) [الطلاق : ٤].
وفى سورة البقرة :
(الْمُطَلَّقاتُ
يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ
يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [البقرة : ٢٢٨].
القرء هو الحيض أو
الطهر بين حيضين.
والسؤال الآن هو
لما ذا التحديد بثلاثة قروء أى ثلاثة أشهر؟
المعروف أن الحيض
يحل بالمرأة الخصيبة مرة كل شهر تقريبا فى الأحوال الطبيعية.
وقد ثبت طبيا
بالأبحاث أن المرأة قد تحمل ولكن الجنين وهو فى بداية حياته لا يستهلك كل الدم
الوارد إلى الرحم فينزل بعضه فى ميعاد الحيض مرة أو مرتين على الأكثر ولكنه لا
ينزل أبدا للمرة الثالثة عند استقرار الحمل.
لم تكن هذه
الحقيقة معروفة وقت نزول القرآن الكريم.
ومن ثم يكون
انتظار المطلقة لثلاثة قروء كافيا ومؤكدا لاستبراء رحمها من الحمل ولا يحل لها أن
تتزوج قبل استكمال عدتها حتى لا يختلط النسب إذا لم تراع هذه الحقيقة مراعاة تامة.
وكذلك فكما حرم
الله التبنى حفاظا على النسب الحقيقى فقد أمر الله أن تعتد المطلقات حتى تبرأ
أرحامهن من الحمل قبل أن يقدمن على الزواج من جديد وحتى لا تختلط الأنساب بين زوج
سابق وزوج لاحق.
سر الحياة
قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ
فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا
ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا
يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣)) [الحج : ٧٣]
يتحدى الله سبحانه
وتعالى البشرية كلها بالعلم الذى سيحققونه أنهم لن يصلوا إلى خلق ذبابة أو أى كائن
حى آخر مهما ضؤل ولا استرجاع ما يأخذه الذباب من طعامهم أو شرابهم.
وهذا التحدى فى
خلق أضعف المخلوقات وهى الذبابة يريد الله أن يؤكد به أن البشرية قد تصل إلى القمر
وإلى المريخ ولكنها لا تستطيع أن تصل إلى سر خلق الحياة أو المادة الحية فهى ستظل
عاجزة على مر السنين عن ذلك.
فالعلماء قد
توصلوا إلى تركيب المادة الحية بكل نسب المواد والعناصر الداخلة فى تركيبها ولكنهم
لم يستطيعوا أن يعطوها سر الحياة.
القرآن والتربية
الجنسية
منذ أربعة عشر قرنا
تقريبا لم تكن هناك معلومات تشريحية وفسيولوجية تسمح بالحديث عن التناسل الإنسانى.
ولذلك كان لا بد
من استخدام لغة بسيطة لفهم ما يقال.
ونجد فى القرآن
الكريم حشدا من التفاصيل عن الحياة العملية.
وفيما يختص
بالسلوك الذى يتبعه الناس فى العديد من ظروف حياتهم ، ولم يستبعد القرآن الحياة
الجنسية.
هناك آيتان
قرآنيتان تخصان العلاقة الجنسية ، ويذكر القرآن ذلك بألفاظ تراعى الدقة والاحتشام
اللازم.
قال الله تعالى فى
سورة الطارق :
(خُلِقَ مِنْ ماءٍ
دافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (٧))
يشير النص القرآنى
إلى منطقة الرجل الجنسية بكلمة صلب والترائب هى عظام الصدر.
أى أن خلق الإنسان
من سائل (المنى) يخرج من بين العمود الفقرى وعظام الصدر.
وتشير آيات قرآنية
إلى سلوك الرجال فى علاقتهم الأثيرة مع نسائهم فى ظروف متنوعة.
فأولا : هناك
التوجيه بالسلوك اللازم فى مدة الحيض ، وتشير إلى ذلك الآيتان (٢٢٢ ، ٢٢٣) من سورة
البقرة.
قال الله تعالى :
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ
الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا
تَقْرَبُوهُنَّ
حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ
إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢)) [البقرة].
ولهذه الآية معنى
واضح تماما فتحريم إقامة علاقات جنسية مع امرأة حائض أمر قاطع لأن المحيض أذى على
المرأة وعلى الرجل ، لذلك يجب الامتناع عن إتيان النساء مدة الحيض حتى يطهرن ،
فإذا تطهرن فيجب إتيانهن فى المكان الطبيعى وهو القبل وتحريم إتيانهن فى الدبر.
فالله يحب من
عباده التوابين ، ويحب الطهارة من الأقذار والفحش.
وقال تعالى : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا
حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ
وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٢٢٣)) [البقرة].
هذه الآية تؤكد
بشكل غير مباشر على أهمية أن يكون واضحا لدى الإنسان أن الهدف النهائى للعلاقة
الجنسية هو الإنجاب.
فالزوجات هن موضع
النسل ، ويباح إتيان النساء على أى طريقة إذا كان ذلك فى موضع النسل.
والتوجيهات
المعطاة فى هذه الآيات ذات طابع عام.
ولا يحتوى القرآن
هنا ولا فى أى موضع آخر على أى إشارة إلى منع الحمل ، ولا عن الإجهاض.
فالإنسان يتشكل
ابتداء من مرحلة يميزها وجود العلقة ، وإذن ففي هذه الظروف يفرض الاحترام للشخص
الإنسانى ، هذا الاحترام الذى يؤكده القرآن كثيرا إدانة الإجهاض جذريا.
وهذا الموقف هو
موقف كل أديان التوحيد.
والعلاقات الجنسية
مسموح بها فى الليل فقط طيلة فترة الإفطار من شهر رمضان ، والآية الخاصة بشهر
رمضان هى :
قال الله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ
إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ
أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ
فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا
حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ
الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ
وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها
كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٨٧))
[البقرة]
وعلى العكس من ذلك
فليس هناك استثناء للحجاج فى أثناء أيام الحج الرسمية. قال تعالى فى سورة البقرة :
(الْحَجُّ أَشْهُرٌ
مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا
جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا
فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ (١٩٧)) [البقرة].
التحريم إذن قاطع
كتحريم الصيد والخصام وغير ذلك فى نفس هذه الفترة
الاستنساخ
الاستنساخ هو نوع
من التكاثر اللاجنسى.
والاستنساخ ما هو
إلا نوع من التوأمة الاصطناعية ، وهى توأمة جسدية حيث أن مصدر المورثات هو نواة
ثنائية المجموعة الصبغية من خلية جسدية فى حيوان بالغ.
وحديثا ثبت نجاح
التكاثر اللاجنسى فى الثدييات خلال تقنية الاستنساخ الحسدى ، ففي عام ١٩٩٦ تمت
ولادة أول حيوان ثديى وهو النعجة «دولى» حيث ثم نزع النواة أحادية المجموعة
الصبغية من بويضة ناضجة من نعجة ووضع مكانها نواة ثنائية المجموعة الصبغية من خلية
جسدية ، وذلك بعد معالجة هذه الخلية فى المعمل بطرق خاصة من نعجة أخرى ، وأعقب ذلك
الحث الكهربى لتلك الخلية
لتنقسم ثم نقلها
إلى رحم نعجة ثالثة لتحمل وتلد النعجة دولى ، والتى هى نسخة مطابقة فى التركيب
الوراثى للنعجة الثانية صاحبة النواة.
قبل هذا الانجاز
العلمى كانت جميع المراجع العلمية تؤكد استحالة استنساخ حيوان بالغ.
أثار نجاح تقنية
الاستنساخ وإمكانية تطبيقها على البشر ، وكذلك التقدم المطرد فى علم الهندسة
الوراثية وتطبيقاتها الكثير من القضايا الهامة والخطيرة.
ولكن هذه التقنيات
من الممكن تسخيرها لخدمة ورفاهية الإنسان فعلى سبيل المثال فتح المجال لاستنساخ
عضو حيوى سليم ليتم إعادة زرعه فى جسد المريض مما يعتبر ثورة فى زرع الأعضاء حيث
أنه سيتفادى الكثير من المشاكل الطبية والأخلاقية فى هذا المجال.
كما أنه قد يؤدى
إلى العبث العلمى ومنها محاولة تغيير التركيب الوراثى دون وجود مبرر طبى.
قال الله تعالى فى
سورة النساء :
(وَلَأُضِلَّنَّهُمْ
وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ
وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ
وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً (١١٩)) [النساء]
صدق الله العظيم
وللمسرفين أمراضهم
(يا بَنِي آدَمَ
خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا
إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف : ٣١].
إن الله سبحانه
وتعالى يعلمنا أن نأكل ونشرب ما لذ وطاب من أنواع المآكل والمشارب من غير إسراف.
والإسراف فى
المأكل والمشرب إذا تجاوز الحدود الشرعية فهو حرام وإذا تجاوز الطاقة المالية فهو
خطر وإذا تجاوز الطاقة البدنية فهو ضرر.
١ ـ الإسراف فى
أكل اللحم خصوصا الأحمر ـ الكبدة ـ الكلاوى ـ الديوك الرومى ـ السردين ـ الرنجة ـ الشاى
ـ القهوة ـ الشمبانيا ـ البيرة.
هذه الأغذية غنية
بمادة البيورين الذى يتحول بسهولة إلى حمض البوليك وارتفاع نسبة حمض البوليك فى
الدم (النسبة الطبيعية ما بين ٣ ـ ٦ مليجرام فى كل ١٠٠ سم ٣ من الدم) يسبب حدوث
مرض النقرس.
فعند ارتفاع نسبة
حامض البوليك فى الدم عن المعدل الطبيعى يحدث المرض حيث تترسب أملاح ذلك الحامض فى
الغضاريف والمفاصل فتتلفها كما تترسب فى أربطة العضلات وفى الكلية فى بعض الأحيان.
وهذا المرض يصيب
الرجل غالبا ما بين ٣٥ ، ٥٠ سنة ولكن قد يظهر قبل ذلك.
وهو أكثر شيوعا فى
أولئك الذى يأكلون اللحوم بكثرة وأصحاب المآدب الحافلة بأطايب الطعام والمسرفين فى
طعامهم وشرابهم أمثال الأغنياء والملوك ولذلك يطلق على النقرس مرض الملوك.
٢ ـ الإسراف فى
تناول المواد البروتينية وهى التى تحتويها الأطعمة المذكورة سابقا بالإضافة إلى
البيض والسمك واللبن والجبن. تؤدى إلى إرهاق الجسم فى عملية الهضم كما تساهم بما
فيها من دسم فى الإصابة بضغط الدم المرتفع وتصلب الشرايين.
٣ ـ الإسراف فى
تناول المواد الكربوهيدراتية (النشوية والسكرية) يؤدى إلى حدوث تخمر بالأمعاء.
وهذه المواد يتم
احتراقها بالجسم لتتحول إلى سعرات حرارية بالقدر الذى يحتاجه الجسم وما زاد على
ذلك فإنه يتحول إلى شحم يتراكم بالجسم ويتسبب فى زيادة وزنه. ويتحد السكر الزائد
بالكالسيوم الموجود بالأنسجة فتنخفض نسبة الكالسيوم بالدم ويتم تعويض ذلك من
العظام والأسنان. وبالتالى يؤدى ذلك إلى ضعف العظام وتسوس الأسنان كما أنها ليست
فى مصلحة مرضى البول السكرى.
٤ ـ الإسراف فى
تناول المواد الدهنية :
المواد الدهنية
تشكل عبئا ثقيلا على أجهزة الجسم كلها وفى مقدمتها الجهاز الهضمى وهو المسئول عن
هضمها بالإضافة إلى الجهاز الدورى (القلب والأوعية الدموية) حيث يؤدى زيادة المواد
الدهنية إلى زيادة الوزن وبالتالى زيادة العبء على القلب وارتفاع نسبة الكوليسترول
بالدم (وهو المادة التى تؤدى إلى تصلب الشرايين).
الغذاء
المتوازن :
لكى يكون الغذاء
متوازنا لا بدّ أن يحتوى على العناصر الأساسية التى يحتاجها الجسم وهى البروتينات
ـ الكربوهيدرات ـ الدهون ـ الفيتامينات ـ المعادن).
وقد منح الخالق جل
وعلا الجسم قدرة فائقة على التصرف الكيمائى فى محتوياته فهو يستطيع تحويل الدهون
إلى سكر.
وتحويل السكر
والبروتينات إلى دهون حسب حاجته ولكن لا يستطيع تحويل السكر إلى بروتين.
وحاجة الجسم من
البروتين حوالى نصف جرام بروتين لكل كيلوجرام يعنى حوالى ٣٥ جراما لشخص يزن ٧٠
كيلوجرام.
ذلك مع ما يلزمه
من الدهون والكربوهيدرات والفيتامينات والمعادن والماء. والفيتامينات مواد خاصة توجد بكميات متفاوتة فى الأطعمة.
وصدق الله العظيم
حين يقول : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا
وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأعراف : ٣١].
وفى المقابل يقول
تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا
يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً
لَهُمْ) [محمد : ١٢] صدق
الله العظيم.
الحواس فى الإنسان
الأذن
كل الحواس تنام
عدا الأذن :
قال الله تعالى فى
سورة الكهف : (فَضَرَبْنا عَلَى
آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً) [الكهف : ١١] كل
الحواس تنام ما عدا الأذن فالأذن تظل تؤدى وظيفتها باستمرار لا تنام ثم إنها أداة
الاستدعاء.
فإذا أتينا إلى
شخص نائم وقربنا الإصبع من عينه حتى تكاد تلمسها فإنه لا يستيقظ ولا يحس ولكن إذا
أحدثنا صوتا عاليا بجانب أذنه فإنه يهب من نومه مذعورا.
وإذا فصلت الأذن
عن الضوضاء فإن الإنسان يمكن أن ينام فترة طويلة ولكن من المستحيل أن ينام إذا
تعرضت الأذن للضوضاء.
ولذلك فإن الله
سبحانه وتعالى حين أراد أن يجعل أهل الكهف ينامون سنينا طويلة دون أن يحسوا بما
حولهم ضرب على آذانهم أى منعها من سماع الأصوات.
والأذن هى أول
حاسة تعمل فى جسم الإنسان عند ولادته فالطفل الحديث الولادة تمضى عليه أيام كثيرة
قبل أن يستطيع أن يستخدم حاسة البصر ولكن حاسة السمع تعمل من أول لحظة فيزعجه
الصوت العالى.
قال الله تعالى فى
سورة النحل : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ
مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ
وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل : ٧٨].
لقد أثبت الطب
الحديث أن حاسة السمع تبدأ مبكرة فى الأسابيع القليلة الأولى أما البصر فيبدأ فى
الشهر الثالث ولا يتم تركيز الإبصار إلا بعد الشهر السادس.
أما الفؤاد وهو
الإدراك والتمييز فلا يتم إلا بعد ذلك.
وهكذا فالترتيب
الذى جاءت به آيات القرآن هو ترتيب ممارسة هذه الحواس.
وفى سورة الإنسان
: (إِنَّا خَلَقْنَا
الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً) [الإنسان : ٢].
وأيضا ذكر القرآن
الكريم فى هذه الآية السمع قبل البصر.
العين
قال الله تعالى فى
سورة يوسف : (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ
وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ
كَظِيمٌ (٨٤)) [يوسف : ٨٤].
حقيقة علمية طبية
حديثة عن أثر الحزن العميق الذى يؤدى إلى حالة نفسية يزداد بسببها الضغط على العين
فتصاب العين بضعف الإبصار شيئا فشيئا وقد يزول نهائيا وتبدو العين بيضاء كما قررت
الآية وصدق الله العظيم.
وقال الله تعالى
فى سورة الأحزاب : (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ
فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ
كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ
بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا
فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) [الأحزاب : ١٩].
تشير هذه الآية
الكريمة إلى حقيقة علمية طبية لم يكن سبيها معلوما عند نزول القرآن الكريم وهى
دوران مقلة العين عند اقتراب الموت وعند الخوف.
ومن أسباب ذلك أن
شدة الخوف تذهب الوعى فيبطل الإدراك فتختل المراكز العصبية اللاواعية فى منطقة
المخ فيصير الخائف شبيها بحالة الذى يغشى عليه من الموت إذ تدور مقلته وتتسع حدقته
وتثبت على اتساعها حتى يموت.
الجلد
(إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ
بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً
حَكِيماً) [النساء : ٥٦].
لقد أثبت العلم
حديثا أن بالجلد مستقبلات الحرارة والآلام فالأعصاب المنتشرة فى طبقات الجلد هى
أكثر الأعصاب حساسية لمختلف المؤثرات من حرارة وبرودة.
وهذه الأعصاب التى
تشعر بالألم وتجعل الإنسان يحس به وينتقل هذا الإحساس إلى المخ. فالله سبحانه تعالى
كلما أراد أن يذيق الكفار العذاب بدل جلودهم التى احترقت وماتت فيها أعصاب الإحساس
بجلود سليمة لم تحترق ليذوقوا العذاب مرات ومرات.
والأعضاء الداخلية
بالجسم لا توجد بها مستقبلات الحرارة.
ولذلك فالإحساس عن
طريق الجلد. صدق الله العظيم.
بصمة الإنسان
قال الله تعالى فى
سورة القيامة :
(أَيَحْسَبُ
الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ* بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ
بَنانَهُ)
[القيامة : ٣ ـ ٤]
يقول الله سبحانه
وتعالى فى مقام التحدى مشيرا بأن هناك معجزة كبرى فى تسويته للبنان أكبر من جمع
عظام الإنسان يوم القيامة.
وهو أمر لم يكشف
سره إلا بعد نزول الآية بأكثر من ألف سنة حينما عرف أن لكل إنسان بصمة خاصة به
رسمت على بنانه لا يتفق اثنان فى بصمة واحدة منذ خلق آدم وحتى التوائم وإلى أن
تقوم الساعة.
الرقبة
يقول الله تعالى
فى سورة محمد :
(فَإِذا لَقِيتُمُ
الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا
الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ
أَوْزارَها) [محمد : ٤].
عينت الرقاب فى
هذه الآية الكريمة لأن ضربها أنجح وسيلة للإجهاز السريع على المضروب بغير تعذيب له
ولا تمثيل به.
إذ أنه من الثابت
علميا أن الرقبة حلقة الاتصال بين الرأس وسائر الجسم فإذا قطع الجهاز العصبى شلت
جميع وظائف الجسم الرئيسية وإذا قطعت الممرات الهوائية وقف التنفس وفى جميع هذه
الحالات تنتهى الحياة سريعا.
الرقاد
يقول الله تعالى
فى سورة الكهف (وَتَحْسَبُهُمْ
أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ) [الكهف : ١٨].
الرقاد الطويل يجب
أن يتم معه تقليب الإنسان الراقد بحيث لا يرقد على جزء واحد من جسده لفترة طويلة
فتصاب بأضرار بالغة يعرفها الطب جيدا هذه الأيام (قرحة الفراش) كشف عنها الله
سبحانه وتعالى من علمه للناس فعرفها لهم.
النوم
يقول الله تعالى
فى سورة النبأ : (وَجَعَلْنا
نَوْمَكُمْ سُباتاً) [النبأ : ٩].
النوم هو توقف
نشاط الجزء المدرك الواعى من المخ ـ أى قشرته.
أو هبوط ذلك
النشاط هبوطا كبيرا متفاوت الدرجات فى نشاط كافة أعضاء الجسم وأنسجته مما يترتب
عليه انخفاض فى توليد طاقة الجسم وحرارته.
ثم يأخذ الجسم
أثناء النوم نصيبا من الهدوء والراحة بعد عناء المجهودات العضلية أو العصبية أو
كليهما فتهبط جميع وظائف الجسم الحيوية ما عدا عمليات الهضم وإفراز البول من
الكليتين والعرق من الجلد فإن فى وقف هذه العمليات الأخيرة ضررا على حياة الفرد.
أما التنفس فيبطئ
ويصير أكثر عمقا ويغدو صدريا أكثر منه بطنيا.
وتبطئ سرعة النبض
ويقل مقدار ما يدفقه من القلب من كل ضربة ويضعف توتر العضلات ويصير من الصعب
الحصول على الحركات العكسية. وكل هذا يسبب الراحة للإنسان أثناء نومه.
فالنوم راحة من
عناء العمل.
ويلزم أن يكون
النوم فى مكان صحى بدون مؤثرات حتى يستمتع النائم بالراحة والهدوء.
يقول الله تعالى
فى سورة الكهف : (وَتَرَى الشَّمْسَ
إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ
ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ) [الكهف : ١٧].
لقد كان بالكهف
الذى نام فيه أهل الكهف فتحة متسعة فى الجبل وهى متجهة إلى الشمال يجيئهم منها
النسيم العليل. وإذا طلعت الشمس من المشرق عن يمينيهم مالت أشعتها عنهم وإذا غربت
عن يسارهم تجاوزتهم ولم تدخل أشعتها فى كهفهم فحرارة الشمس لا تؤذيهم ونسيم الهواء
يأتيهم.
أى تهيئة الجو
المناسب للنوم المريح.
وذلك كله من دلائل
قدرة الله.
علم التشريح فى
الحيوان
الكلب
يقول الله تعالى
فى سورة الأعراف : (وَلَوْ شِئْنا
لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ
فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ
يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ
الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الأعراف : ١٧٦].
أوردت هذه الآية
الكريمة ظاهرة مشاهدة وهى أن الكلب يلهث سواء حملت عليه أو لم تحمل أى أنه يظل
يلهث بصفة مستمرة.
وقد أثبت العلم
حديثا أن الكلب لا توجد فيه غدد عرقية إلا القليل فى باطن أقدامه والتى لا تفرز من
العرق ما يكفى لتنظيم درجة حرارة جسمه. ولذلك فإنه يستعين على نقص وسائل تنظيم الحرارة
باللهث وهو ازدياد عدد مرات تنفسه زيادة كبيرة عن الحالة العادية مع تعريض مساحة
أكبر من داخل الجهاز التنفسى كاللسان والسطح الخارجى من فمه.
وبذلك يستطيع
تنظيم درجة حرارة جسمه وسبحان الله العظيم.
الإبل
يقول سبحانه
وتعالى فى سورة الغاشية : (أَفَلا يَنْظُرُونَ
إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) [الغاشية : ١٧].
فى خلق الإبل آيات
معجزات دالة على قدرة الله ليتدبر فى ذلك المتدبرون.
فمن المعروف أن من
صفاتها الظاهرة ما يمكنها من أن تكون سفن الصحراء بحق.
فالعينان ترتفعان
فوق الرأس وترتدان إلى الخلف فضلا عن طبقتين من الأهداب تقيانها الرمال والقذى.
وكذلك المنخران
والأذنان يكتنفهما الشعر للغرض نفسه.
فإذا ما هبت
العواصف الرملية انقفل المنخران وانثنت الأذن على صغرها وقلة بروزها نحو الجسم.
أما القوائم فطوال
تساعد على سرعة الحركة. مع ما يناسب ذلك من طول العنق.
وأما الأقدام
فمنبسطة فى صورة خفاف تمكن الإبل من السير فوق الرمال الناعمة. وللجمل كلكل تحت
صدره ووسائد قرنية على مفاصل أرجله تمكنه من الرقود فوق الأرض الخشنة الساخنة.
كما أن على جانبى
ذيله الطويل شعرا يحمى الأجزاء الرقيقة من الأذى.
أما مواهب الجمل
الوظيفية فأبلغ وأبدع فهو فى الشتاء لا يطلب الماء بل قد يعرض عنه شهرين متتاليين
إذا كان الغذاء غضا رطبا أو أسبوعين إن كان جافا.
كما أنه قد يتحمل
العطش الكامل فى قيظ الصيف أسبوعا أو أسبوعين يفقد فى أثنائهما أكثر من ثلث وزن
جسمه فإذا ما وجد الماء تجرع منه كمية هائلة يستعيد بها وزنه المعتاد فى دقائق
معدودات.
والجمل لا يختزن
الماء فى كرشه كما كان يظن بل أنه يحتفظ به فى أنسجة جسمه ويقتصد فى استهلاكه غاية
الاقتصاد فمن ذلك أنه لا يلهث أبدا ولا يتنفس من فمه ولا يصدر من جلده إلا أدنى
العرق وذلك لأن حرارة جسمه تكون شديدة الانخفاض فى الصباح المبكر ثم تأخذ فى
الارتفاع التدريجى أكثر من ستة درجات قبل أن تدعو الحاجة إلى تلطيفها بالعرق
والتبخر.
وعلى الرغم من
كمية الماء الهائلة التى يفقدها الجسم بعد العطش الطويل فإن كثافة دمه لا تتأثر
إلا فى الحدود ومن ثم لا يقضى العطش عليه.
وقد ثبت أن دهن
السنام مخزن للطاقة يكفيه غوائل الجوع ولكنه لا يفيد كثيرا فى تدبير الماء اللازم
لجسمه.
وما زال العلماء
يجدون فى الجمل كلما بحثوا مصداقا لحث الله سبحانه وتعالى على النظر فى خلقه
المعجز.
وحقا (فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ
كَيْفَ خُلِقَتْ) [الغاشية : ١٧]
صدق الله العظيم.
الطير
يقول الله تعالى
فى سورة الملك : (أَوَلَمْ يَرَوْا
إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا
الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) [الملك : ١٩].
الصف هو أن يبسط
الطائر جناحيه دون أن يحركهما وفى طيران الطيور آيات معجزات لم تفهم بعضها إلا
الآن.
فأكثر ما يثير
العجب هو أن يمضى الطائر فى الجو بجناحيه ساكنين حتى يغيب عن الأبصار وقد كشف
العلم أن الطيور الصافة تركب متن التيارات الهوائية المساعدة التى تنشأ إما من
اصطدام الهواء بعائق ما أو من ارتفاع أعمدة من الهواء الساخن فإذا ما كانت الريح
هينة ظلت الأعمدة قائمة وصفت الطيور فى أشكال حلزونية أما إذا اشتدت انقلبت
الأعمدة أفقيا فتصف الطيور فى خطوط مستقيمة بعيدة المدى.
وتتحلى الطيور
عامة بخصائص منها خفة الوزن ومتانة البناء وعلو كفاءة القلب ودورة الدم وجهاز
التنفس ودقة اتزانها وانسياب أجسامها.
وهى خصائص أودعها
فيها العليم البصير سبحانه وتعالى لتحفظها فى الهواء حين تبسط جناحيها أو تقبضهما.
إلا أن الطيور
الصافة تتميز على سائر الطيور باختصار حجم عضلات صدورها مع قوة الأوتار والأربطة
المتصلة بأجنحتها حتى تستطيع بسطها فترات طوال دون جهد كبير.
أما الطيور صغار
الأحجام التى تعتمد فى طيرانها على الدفيف فإنها تضرب
بجناحيها إلى أسفل
وإلى الأمام لتوفير الدفع والرفع اللازمين لطيرانها ثم تقبض أجنحتها ولكنها تظل
طائرة بقوة اندفاعها المكتسبة.
وهكذا يتضافر
البناء التشريحى والتكوين الهندسى للطيور بكافة أنواعها على طيرانها وحفظ توازنها
وتوجيه أجسامها فى أثناء الطيران.
وفى سورة النحل
يقول سبحانه وتعالى :
(أَلَمْ يَرَوْا إِلَى
الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ إِنَّ
فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [النحل : ٧٩].
تطير الطيور لعدة
أشياء فى تكوينها أهمها شكل الجسم الانسيابى والبسطة فى الأجنحة المزودة بالريش
والعظام المجوفة الخفيفة والأكياس الهوائية بين الأحشاء وهى متعلقة بالرئتين
وتمتلئ بالهواء عند الطيران فيخف الوزن.
هذا ما توصل إليه
العلم التشريحى للطيور ليثبت قدرة الله العظيم.
علة التحريم فى
القرآن الكريم
تحريم الرضاع
يقول الله سبحانه
وتعالى فى سورة النساء :
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ
أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ
الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ
وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي
فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ
تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ
مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ
إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) [النساء : ٢٣]
تسبق هذه الآية
علم الوراثة فيما قررته من تحريم زواج الأقارب الذين ذكرتهم الآية فقد ثبت علميا
أخيرا أن زواج الأقارب يسبب ذرية لها استعداد للإصابة بالأمراض وبها عيوب خلقية
وأن درجة التناسل تقل حتى تصل إلى العقم.
أما زواج الأباعد
فيأتى بنتائج عكس ذلك كما تزيد عليها نتيجة عرفت باسم قوة الخليط ويقصد بها النسل
الناتج من رتبة الأباعد يفوق كلا من أبويه فى كثير من صفاته.
كما يمتاز النسل
كذلك بزيادة الوزن وقوة مقاومته للأمراض وسرعة النمو وقلة الوفيات.
وكذلك التحريم
بسبب الرضاعة لأن الرضيع يتغذى من جسم المرضع كما يتغذى من جسم أمه فى بطنها
فكلاهما يكون أجزاء من جسمه ولا فرق فى تكوين الحجر وتكوين فى البطن.
وفى التحريم
بالرضاعة تكون للمرضع إذ تكون كالأم فى التحريم.
وفى هذا تشجيع على
الإرضاع الذى هو الغذاء الطبيعى للأطفال فى المهد.
الميتة والدم ولحم الخنزير
يقول الله تعالى
فى سورة البقرة :
(إِنَّما حَرَّمَ
عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ
لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ
اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [البقرة : ١٧٣].
سبق القرآن الكريم
الطب الحديث بتحريم الميتة لأن ما يموت بشيخوخة أو مرض يكون موته بسبب مواد سامة
ضارة تصل إلى من يأكله.
وفوق ذلك فإن
الموت بالاختناق أو المرض ينحبس فيه الدم وفيه مواد ضارة كثيرة يشتمل عليها العرق
والبول.
والخنزير ينقل
الأمراض الخطيرة مثل التنيا كما أنه الحيوان الوحيد الذى يصاب بالتركينا التى تصيب
آكله إذا أكله.
وحال الاضطرار
تسوغ ما يحرم لأن الموت المؤكد أشد من الضرر المحتمل.
ولأن الجائع تنتبه
أجهزة هضمه فيتغلب على المواد الضارة ولذا لا يصح للمضطر أن يتجاوز حد الضرورة ولا
يبغى ما اضطر إليه.
ويقول الله تعالى
فى سورة المائدة :
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ
الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ
وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما
أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ)
[المائدة : ٣]
الميتة : هى ما
فارقته الروح من غير ذبح شرعى.
المنخنقة : ما
ماتت خنقا.
الموقوذة : التى
ضربت حتى ماتت.
المتردية : ما
سقطت من علو فماتت.
النطيحة : الميتة
بالنطح.
ما أكل السبع : ما
مات بسبب أكل حيوان مفترس له.
قد يكون موت
الحيوان نتيجة لشيخوخة أو مرض عضوى أو طفيلى أو نتيجة لتسممه من مصدر خارجى ومن ثم
قد يشتمل لحمه على مواد تضر من يأكله هذا فضلا عن أن الحيوان الذى يموت دون تذكية
ينحبس فيه دمه وقد يمضى على موته وقت طويل لا يستطاع تحديده فيتعرض جسمه للتحلل
والفساد.
والدم هو المجرى
الذى تلتقى فيه مواد الإيض (أى التمثيل الغذائى) كلها ففيه ما هو مفيد وما هو ضار
مؤذ يكون فى طريقه إلى الأعضاء التى تزيل سمومه أو تخرجه من الجسم.
هذا فضلا عن أن
الدم تجتمع فيه أيضا السموم التى تفرزها الكائنات المتطفلة فى الجسم.
كما أن كثيرا من
الطفيليات تمضى فى الدم مراحل قصيرة أو طويلة من دورة حياتها.
ولهذا كله كان
تناول الدم كغذاء محرما.
أما الخنزير فهو
معرض للإصابة بعدد كبير من الطفيليات التى تصيب الإنسان من الفيروسات
والسبيروكينات والحيوانات الأولية (البروتوزوا) والديدان المفلطحة والاسطوانية
وشوكية الرأس. وأهم هذه الطفيليات ما يلى :
١ ـ الحيوان
الأولى الهدبى المسمى بالأنتريوم كولاى المسبب للزحار البلنتيدى الذى يماثل الزحار
الأميبى شدة وضررا ومصدره الوحيد للإنسان هو الخنزير ويكاد يكون مرضا مهنيا لا
يصيب سوى المشتغلين بتربية الخنازير وذبحه وبيع لحمه.
٢ ـ الوشائع
الكبدية والمعوية فى الشرق الأقصى وبخاصة وشيعة الأمعاء الكبيرة (فاسيلوبسس بوسكاى)
الواسعة الانتشار فى الصين.
ووشيعة الأمعاء
الصغيرة جاسترو وسكويدس هو مينس التى تصيب الإنسان فى البنغال وبورما وأسام.
ووشيعة الكبد
الصينية (كلونوركس سينتسز) المنتشرة فى الصين واليابان وكوريا على الخصوص ويعتبر الخنزير العائل
الرئيسى لهذه الطفيليات وبخاصة الديدان الأولية التى تنطلق فيه لتمضى دورة حياتها
فى عوائلها الأخرى حتى تصيب الإنسان ومن ثم فمقاومتها فى الإنسان وحده لا تكفى.
٣ ـ دودة لحم
الخنزير الشريطية (تيناسوليوم) والدورة الطبيعية لها أن تنتقل بويضاتها من الإنسان
إلى الخنزير حيث تكون أجنتها ديدانا مثانية فى لحمه ثم تنتقل إلى آكل هذا اللحم
فتنمو إلى الدودة الشريطية البالغة فى أمعائه وهكذا.
وهذه إصابة غير
خطيرة فى المعتاد وتشبه فى ذلك دورة لحم البقر الشريطية (تينيا ساجيناتا) ولكن
دودة لحم الخنزير تنفرد دون دودة لحم البقر بخصائص تؤهلها لانعكاس هذه الدورة
انعكاسا جزئيا إما ابتلاع الإنسان للبويضات بيده الملوثة أو مع طعامه الملوث أو
بارتداد قطع الدودة المثقلة بالبيض أو البيض نفسه من الأمعاء إلى المعدة حيث يفقس
البيض وتنتشر اليرقات فى عضلات المصابة مسببة أعراضا شديدة كثيرا ما تكون قاتلة
إذا ما أصابت المخ أو النخاع الشوكى أو القلب أو غيرها من الأعضاء الرئيسية
والإصابة بهذه الدودة ومضاعفاتها الخطيرة لا تكاد تعرف فى البلاد الاسلامية حيث
يحرم أكل لحم الخنزير.
٤ ـ الدودة
الشعرية الحلزونية وأعراضها الخطيرة مترتبة على انتشار يرقاتها فى عضلات الجسم
وأعراض الاصابة بها شديدة متنوعة منها الاضطرابات المعدية المعوية والحمى والآلام
الروماتيزمية العضلية المبرحة وصعوبة المضغ والتنفس وتحريك العينين والتهاب المخ
والنخاع الشوكى والأمراض العصبية والعقلية المترتبة على ذلك التسمم والإجهاد العام
والارتشاح والمضاعفات النفسية ... الخ.
وفى الإصابات
القاتلة تحدث الوفاة فى الأسبوعين الرابع والسادس فى معظم الأحوال. والخنزير هو
المصدر الوحيد لاصابة الإنسان بهذا المرض الوبيل ومواطن انتشار المرض هى أوروبا
والولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية وغير معروف البتة بين المسلمين.
والمحاولات
المضنية لتجنب هذا البلاء بتربية الخنازير بطريقة صحية وفحص ذبائحها ومعالجة
لحومها بوسائل باهظة التكاليف غير مجدية من الناحية العملية ويكفى للدلالة على هذا
نذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية بها ثلاثة أمثال عدد الإصابات فى العالم أجمع
ويزاد على ذلك كله أن دهن الخنزير مختلف تماما فى درجة تشبعه عن الزيوت النباتية
والدهون الحيوانية الأخرى ومن ثم فإن صلاحيته للغذاء موضع شك كبير بين العلماء.
وينصح الأستاذ رام
عالم الكيمياء الحيوية الدانماركى الحاصل على جائزة نوبل بعدم المداومة على تناوله
حيث أنه قد ثبت بالتجربة أنه من أهم ما يسبب حصى المرارة وانسداد قنواتها وتصلبا
فى الشرايين وبعض أمراض القلب الأخرى.
وتجدر الإشارة هنا
إلى أن لفظ اللحم شاملا للحم والدهن جميعا.
أما ما أهل به
لغير الله وما ذبح على النصب فهى أوامر تعبدية.
أما المنخنقة
والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع فحكمها حكم الميتة وإن اختلف سبب موتها.
ويقول الله تعالى
فى سورة الأنعام : (قُلْ لا أَجِدُ فِي
ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ
مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ
فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ
فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأنعام : ١٤٥].
تضيف هذه الآية
الكريمة نص على علة تحريم أكل لحم الخنزير بأنه رجس.
والرجس هو النجس
وقد جاء فى القاموس المحيط أن الرجس هو القذر والمأثم وكل ما استقذر من العمل.
فالرجس إذن كلمة
جامعة لمعانى القبح والقذر وهى تلصق بالخنزير حتى عند الشعوب التى تأكله.
والخنزير حيوان
رمام أى أنه يأكل ما يجده فى القمامة والنفايات وفضول الإنسان والحيوان وهذا هو
السبب الرئيسى فى قيامه بدوره فى انتقال بعض الأمراض الوبيلة للإنسان على نحو ما
ذكر سابقا.
الخمر
قال الله تعالى فى
سورة البقرة : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ
الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ
وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) [البقرة : ٢١٩].
هذه الآية تقرر
حقيقة ثابتة هى أن للخمر والميسر منافع عرضية كما أن فيهما إثما كبيرا وإن هذا
الإثم أكثر مما يتراءى فيهما من منافع فشارب الخمر ينتفع ببعض النشوة التى تنقلب
إلى خمود يؤدى شربها بعد ذلك إلى إصابته بمختلف الأمراض التى تقود شاربها إلى
الإدمان عليها ويتعدى ضررها ذلك إلى الإضرار بكثير من أجهزة الجسم المختلفة
كالجهاز الهضمى والعصبى والدورى والدموى وفى تجارتها منافع مادية ولكن هذه المنافع
لا تعتبر شيئا بجانب الإضرار الجسيمة التى يحدثها ترويجها بين الناس.
وقال الله تعالى
فى سورة المائدة : (إِنَّما يُرِيدُ
الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ
وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ
مُنْتَهُونَ)
[المائدة : ٩١]
ذكر الله سبحانه
وتعالى فى الخمر والميسر فى هذه الآية أمورا أربعة أوجبت تحريمها :
أولها : أنها خبث
وشر فى ذاته إذ لا يمكن أن توصف بالخير لأن عنصر الضرر فيها واضح ففي الخمر فساد
العقل وفى الميسر فساد المال وفيهما معا فساد القلب والشيطان هو الذى يحسنهما.
ثانيا : أنها تنشر
العداوة والبغضاء فالميسر كثيرا ما ينتهى إلى نزاع والخمر أم الكبائر وعلة تحريم
الخمر تنحصر فى الآتى :
إن الله كرم
الإنسان بالعقل بأن جعل له خلايا إرادية عليا فى المخ تهيمن على الإرادة والذكاء
والتمييز وكل الصفات العليا فى الإنسان.
والخمر خاصة
والمخدرات عامة تعمل عملها فى هذه المراكز فتبطلها إما مؤقتا
أو دائما حسب
التأثر بالمشروب أو غيره.
وعند تنشيط وتعويق
هذه المراكز عن العمل تطغى المراكز التى هى دونها فينفعل الإنسان بها فإما أن يطغى
ويعتدى وإما يفتر ويخمد وهذا معناه فقد التوازن العقلى.
وبالتالى تتأثر
الأعمال وكذلك تؤثر الخمر تأثيرا سيئا على الجهاز الهضمى والدورى وعلى الكلى
والكبد.
وأخطر هذه جميعا
التأثير على الكبد بتليفه.
ثالثها : أنه إذا
فقد الاتزان انصرف العبد عن ذكر الله الذى تحيا به القلوب.
رابعها : وبالتالى
فهى تصد عن الصلاة لأنها تنسى المؤمن الصلاة وكيفية أداؤها على الوجه الأكمل.
وتحريم القليل ولو
لم يسكر سببه الخوف من التعود والتمادى الذى ينتهى بالإدمان وقد أجمعت المذاهب
الإسلامية على أن الخمر كل مشروب أو غير مشروب يسكر فى ذاته استنادا إلى حديث رسول
الله صلىاللهعليهوسلم الذى يقول منه (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) وقد نهى رسول
الله صلىاللهعليهوسلم عن كل مسكر.
الزنا والسيلان
يقول الله تعالى
فى سورة المؤمنون : (وَالَّذِينَ هُمْ
لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ
أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ*) [المؤمنون ٥ ـ ٦].
وفى سورة النور : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا
كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي
دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ
عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ* الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً
أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ
وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [النور : ٢ ـ ٣].
الآيات الكريمة
تشير إلى ما ينتج عن الزنا من آثار اجتماعية.
أما من الناحية
الاجتماعية فيؤدى الزنا إلى اختلاط الأنساب.
ومن الناحية
الطبية ينقسم تأثير الزنا إلى ناحيتين :
الأولى : هى
الناحية الجسمانية وما ينتج عنها مثل السيلان والزهرى والقرحة ومن مضاعفاتها أن
السيلان ينتهى بمضاعفات بولية تناسلية أو مفصلية أو رمدية قد ينتج عنها فقد
الإبصار. أما الزهرى فينتشر فى الجسم كله ويصيب الأنسجة والشرايين والجهاز العصبى
وقد ينتهى بصاحبه إلى الجنون كما يؤثر على النسل فيموت الجنين أو يشوه ، وكذلك
يؤدى إلى مرض العصر وهو الإيدز (مرض نقص المناعة).
الثانية : التأثير
العصبى فإن الزناة منهم من قد يصاب بتأنيب الضمير والشعور بالإثم وفى النهاية يصاب
بانهيار عصبى ومن كثرة الإفراط قد يؤدى به إلى طريق الجنون.
اللواط
يقول الله سبحانه
وتعالى فى سورة الشعراء : (أَتَأْتُونَ
الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ* وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ
أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ)
[الشعراء : ١٦٥ ـ ١٦٦]
اللواط أصلا هو
جريمة فسق بشعة تتقزز منها الأسماع وتنفر منها الطباع وتنزل بالآدمية إلى الحضيض
وتؤدى لو شاعت إلى تعطيل سنة الزواج وهى سنة طبيعية يتوقف عليها التناسل والتكاثر
وعمارة الأرض.
وينتقل باللواط ما
ينتقل بالزنا من الأمراض كالزهرى والسيلان والقرحة الرخوة وأمراض الجلد كالجرب
والإيدز (مرض نقص المناعة).
ويحدث بالشرج
علامات منها ضعف العضلة المعاصرة حتى أنها تفقد السيطرة على عملية التبرز فيحدث عن
غير إرادة.
ومنها تمزق بالشرج
وزوال الأنسجة حوله فيفور ويشبه القمع شكلا والشرج
ملئ بالميكروبات
الأخرى التى قد تنتقل إلى عضو الجانى فتحدث فيه التهابات فى مجرى البول وقد يصبح
المجنى عليه مخنثا إذا لازمته هذه العادة من صغره وقد يظهر على العكس أكثر رجولة
ليغطى النقص عنده.
وقد نهى الله
سبحانه عن هذه الجريمة فى كثير من الآيات وبين فى بعضها حكمة من حكم هذا التحريم
فقال : (أَتَأْتُونَ
الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ* وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ
أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ).
الماء الآسن
قال الله تعالى فى
سورة محمد : (مَثَلُ الْجَنَّةِ
الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ
مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ
لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) [محمد : ١٥].
توجه الآية
الكريمة الأنظار إلى أن الماء الآسن الراكد المتغير ماء ضار.
وقد قررت الآية
الكريمة ذلك قبل كشف المناظير المكبرة (الميكروسكوب) بمئات السنين. حيث تبين أن
الماء الراكد مستودع لملايين البكتريا الضارة وغيرها من الطفيليات التى نصيب الناس
والأنعام بأمراض شتى.
المنافع فى القرآن
الكريم
الصوم :
يقول الله تعالى
فى سورة البقرة :
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة : ١٨٣].
علاوة على فوائد
الصيام الروحية والتهذيبية فقد أثبت الطب الحديث أن للصيام فوائد طبية عدة فهو
يفيد فى علاج كثير من الأمراض كضغط الدم المرتفع وتصلب الشرايين والبول السكرى
ويصلح الجهاز الهضمى وهبوط القلب والتهاب المفاصل
ويعطى الجسم
والأنسجة فرصة للراحة والتخلص من كثير من الفضلات الضارة بالجسم كما أنه وقاية من
كثير من الأمراض المختلفة.
بل إن الحشرات
أيضا تصوم فعند ما تتغير الظروف البيئية المحيطة بالحشرة تبدأ فى الصيام فتمتنع عن
تناول الغذاء وتقلل تحركاتها إلى أدنى حد فينتج عن ذلك انخفاض فى معدلات العمليات
البيولوجية الأخرى فى جسم الحشرة كالتنفس والإفراز والتكاثر إلى حد الخمول وعدم
النشاط تماما.
وتعتمد الحشرة فى
هذه الفترة على المخزون الغذائى فى جسمها.
والحشرة بطبيعتها
تلجأ إلى تناول أكبر قدر من الغذاء لتخزينه فى جسمها وتحتفظ بجزء منه فى صورة دهون
وجليكوجين ليساعدها على البقاء فى هذه الحالة لمدة طويلة ويطلق على هذه السلوكيات
التى تلجأ إليها الحشرة بظاهرة البيات.
ومن المعروف أن
درجات الحرارة ترتفع وتنخفض حسب فصول السنة وكذا النسب المئوية للرطوبة ومعدلات
الأمطار والضغط الجوى وسرعة الرياح وغيرها من الظروف الجوية التى يؤثر كل منها
منفردا ومتكاملا مع غيره من العوامل المناخية على نشاط الحشرة وسلوكياتها المألوفة
للمحافظة على حياتها وإصرارها على البقاء.
ولذا فإنه يلاحظ
سلوكا عجيبا للحشرة قبل حلول الظروف المناخية التى لا تلائم معيشتها حيث تتغذى
بشراهة وتبحث عن مأوى تختبئ فيه إذا حلت الظروف المناخية الغير ملائمة وتظل مستكنة
فى مخبئها صائمة عن الطعام مكتفية بما فى جسمها من مخزون غذائى منتظرة عودة الظروف
الملائمة لتخرج بعدها فى أى طور من أطوار حياتها لتعاود نشاطها وتمارس حياتها.
وهكذا يتحول الصوم
عند الحشرات إلى مظهر من مظاهر إعجاز الله فى خلقه.
ونفس الشيء
بالنسبة لبعض الحيوانات والطيور الأخرى حيث تتناول بعض الزواحف وجبات متباعدة جدا
مثل بعض الثعابين أو يمتنع الحيوان عن الطعام خلال فترة المرض أو عند ما يريد
الحيوان السفر والهجرة أو التكاثر كما فى سمك السالمون وبعض الطيور والثدييات
وسبحان الخالق العظيم.
لما ذا يقل الشعور
بالجوع بعد أيام من الصيام؟
يفرز الجسم نوعا
من الحامض عند الصائم عن الطعام يسمى كيتون يظهر فى الدم بسنبة قليلة جدا وهو نوع
من البروتين يجعل الصائم أقل شعورا بالجوع أو الحاجة إلى الطعام وذلك كلما مرت
أيام من الصيام.
عسل النحل
يقول الله تعالى
فى سورة النحل :
(وَأَوْحى رَبُّكَ
إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ
وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (٦٨) ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ
رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ
شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [النحل ٦٨ ـ ٦٩].
بعد أربعة عشر
قرنا من نزول القرآن يصل العلم إلى أنه يخرج من بطون النحل شراب مختلف ألوانه هو
شراب العسل والغذاء الملكى وهى كلها مختلفة فى الأشكال والألوان بل أن العسل نفسه
تختلف ألوانه باختلاف غذاء النحل وحسب نوع الأزهار التى يأخذ منها غذاءه.
ويتكون عسل النحل
من كمية كبيرة من سكر الجلوكوز وسكر الفركتوز وهما أسهل أنواع السكريات فى الهضم.
وثبت طبيا أن
العسل مفيد طبيا كمقوى ويعطى ضد التسمم الناشئ من أمراض الأعضاء مثل التسمم البولى
والصفراء وعلاج بعض الأمراض الجلدية وغيرها كثير.
كما ثبت أنه يحتوى
على نسبة عالية من الفيتامينات خاصة فيتامين ب المركب.
والآن أمكن تحضير
الكثير من العقاقير الطبية من كل ما ينتجه النحل من غذاء الملكات والسم الذى يلدغ به
أعداءه والشمع الذى يبنى به خلاياه والصموغ التى تنتجها الشغالات فى مملكة النحل.
وما زالت الأبحاث
تجرى لكى نستفيد من كل ما ينتجه النحل الذى وصفه الله سبحانه وتعالى : (شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ
شِفاءٌ لِلنَّاسِ) [النحل : ٦٩].
اللبن
يقول الله تعالى
فى سورة النحل :
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي
الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ
وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) [النحل : ٦٦].
الفرث : هو الغذاء
الذى بدأت فيه عمليات الهضم ومن الدم وهو ناتج الهضم. متى توصل العلم إلى
ما ذكرته هذه الآية الكريمة؟
لقد احتاج هذا
الأمر إلى مئات السنين كى يصل الإنسان لمعرفة ومكان وكيف يتكون اللبن فى الأنعام.
فتوجد فى ضروع
الماشية غدد خاصة لإفراز اللبن تمدها الشرايين بخلاصة الغذاء المهضوم (الكيلوز)
والدم وكلاهما غير مستساغ طعما ثم تقوم الغدد اللبنية باستخلاص العناصر اللازمة
لتكوين اللبن من هذين السائلين الكيلوز والدم.
وتفرز عليهما
عصارات خاصة تحيلها إلى لبن يختلف فى لونه ومذاقه اختلافا تاما عن كل منهما.
واللبن غذاء كامل
يحتاجه الصغير والكبير.
يقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم عند تناوله الطعام : «اللهم بارك لنا فى طعامنا وزدنا خير
منه» ولكن عند شربه اللبن كان يقول : «اللهم بارك لنا فى طعامنا وزدنا منه».
التمر
قال الله تعالى فى
سورة مريم :
(وَهُزِّي إِلَيْكِ
بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) [مريم : ٢٥].
أثبتت الأبحاث
الطبية أن البلح الرطب يحتوى على المواد الغذائية الرئيسية فى صورة مركزة سهلة
الهضم وإنه بذلك يناسب النفساء.
ويقول سبحانه
وتعالى فى سورة الرحمن :
(فِيهِما فاكِهَةٌ
وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) [الرحمن : ٦٨].
قد يكون وجه تخصيص
النخل والرمان هو فضل ثمارها على غيرهما من الثمار لما أودع الله فيهما من مزايا
أثبتت العلوم الطبية الغذائية وجودهما فيها.
فتحليل التمر
كيماويا وجد أنه يحتوى على نسبة مرتفعة من السكريات (٧٥ خ تقريبا) فمعظمها من سكر
القصب وكذلك السكر المحول (سكر الفاكهة وسكر العنب أى الفركتوز والجلوكوز) وهو سهل
الاحتراق ويستفيد الجسم منه فى إنتاج طاقة عالية وسعر حرارى كبير.
ولعل ذلك ربما كان
وجه الحكمة فى أمر الله سبحانه وتعالى للسيدة مريم بتناول الرطب كى يعوضها عما
بذلته وفقدته أثناء المخاض.
هذا فضلا عن أن
التمر يحوى نسبة عالية من الكالسيوم والحديد والفوسفور التى يحتاج إليها الجسم
ومقدارا مناسبا من حمض النيكوتنيك. وهو الفيتامين الواقى من مرض البلاجرا.
وفيتامين أ ، ب.
ويحتوى أيضا على نسبة من البروتينات والدهنيات وكل هذه المكونات تجعل من البلح
غذاء كاملا.
أما الرمان فيحتوى
لبه أو عصيره على نسبة مرتفعة (إذا قيس بغيره من الفواكه) من حمض الليمونيك الذى
يساعد عند احتراقه على تقليل أثر الحموضة فى البول والدم مما يكون سببا فى تجنب
النقرس وتجنب تكوين بعض حصى الكلى هذا فضلا عن احتواء عصير الرمان على نسبة لا بأس
بها من السكريات (حوالى ١١ خ) السهلة الاحتراق والمولدة للطاقة. كما أن قشر الرمان
به مادة عفصية قابضة تقى الأمعاء مما يصيبها من إسهال. كما أن قشور سيقان أشجار
الرمان تستخدم فى القضاء على الدودة الشريطية.
الزيتون
يقول الله سبحانه
وتعالى فى سورة المؤمنون :
(وَشَجَرَةً تَخْرُجُ
مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) [المؤمنون : ٢٠].
تقرر هذه الآية
الكريمة أن شجرة الزيتون من ضمن النعم التى أنعم الله بها على الإنسان إذ أنها من
الأشجار الخشبية التى تعمر طويلا لمدد تزيد على مئات السنين فلا يأخذ أمرها جهدا
من الإنسان إنما تثمر أثمارا مستمرة طبيعية. كما تتميز بأنها دائمة الخضرة جميلة
المنظر.
وتفيد الأبحاث
العلمية أن الزيتون يعتبر مادة غذائية جيدة ففيه نسبة كبيرة من البروتين كما تتميز
بوجود الأملاح الكلسية والحديدية والفسفورية وهى مواد هامة وأساسية فى غذاء
الإنسان.
وعلاوة على ذلك
فإن الزيتون يحتوى على فيتامين أو وفيتامين ب.
ويستخرج من الثمار
زيت الزيتون الذى يحتوى على نسبة عالية من الدهون السائلة.
وهذا الزيت يستعمل
بكثرة فى التغذية.
وتضيف الأبحاث
الطبية إلى زيت الزيتون فوائد عديدة فهو يفيد الجهاز الهضمى عامة والكبد خاصة. وهو
يفضل كافة أنواع الدهون الأخرى نباتية أو حيوانية. إذ لا يسبب أمراضا للدورة
الدموية أو الشرايين كغيره من الدهن. كما أنه ملطف للجلد إذ يجعله ناعما ومرنا.
ولزيت الزيتون
استعمالات أخرى كثيرة صناعية إذ يحضر منه بعض الصناعات ويدخل فى تركيب أفضل وأحسن
أنواع الصابون وغير ذلك من مختلف الصناعات الغذائية والصناعية.
الحديد
يقول الله سبحانه
وتعالى فى سورة الحديد :
(لَقَدْ أَرْسَلْنا
رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ
النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ
لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ
قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [الحديد : ٢٥].
الحديد أحد سبعة
عناصر عرفها القدماء وهو أكثر الفلزات انتشارا فى الطبيعة.
أشارت الآية إلى
أن الحديد ذو بأس شديد ومنافع للناس وليس أدل على ذلك من امتياز الحديد وسبائكه
المتنوعة بخواص متعددة ومتفاوتة الدرجات فى مقاومة الحرارة والشد والصدأ والبلى
وفى مرونة تقبل المغناطيسية وغيرها ولذلك كان أنسب الفلزات لصناعة أسلحة الحروب
وأدواتها وأساسا لجميع الصناعات الثقيلة والخفيفة.
وللحديد منافع جمة
للكائنات الحية إذ تدخل مركبات الحديد فى عملية تكوين الكلوروفيل وهو المادة
الأساسية فى عمليات التمثيل الضوئى التى ينشأ عنها تنفس النبات وتكوين
البروتوبلازم الحى وعن طريقه يدخل الحديد جسم الإنسان والحيوان.
ويدخل الحديد فى
تركيب بروتينات النواة (المادة الكرماتينية) فى الخلية الحية.
كما أنه يوجد فى
سوائل الجسم مع غيره من العناصر
وهو أحد مكونات
الهيموجلوبين (المادة الأساسية) فى كرات الدم الحمراء.
ويقوم بدور هام فى
عمليات الاحتراق الداخلى للأنسجة والتمثيل الحيوى بها والحديد يوجد كذلك فى الكبد
والطحال والكلى والعضلات والنخاع الأحمر ويحتاج الجسم إلى كمية من الحديد يجب أن
يزود بها من مصادره المختلفة فإذا نقصت تعرض الإنسان لعدة أمراض أهمها فقر الدم.
النظافة
يقول الله تعالى
فى سورة المائدة :
(يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ
وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى
الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ
عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ
فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ
وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ
حَرَجٍ
وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ) [المائدة : ٦].
فى الطهارة
الإسلامية معنيان : أحدهما التوجه القلبى إلى الله تعالى بالاستعداد لذلك وعقد
العزم على الوقوف أمامه ظاهر النفس.
وثانيهما النظافة
الحسية بالوضوء وفى ذلك غسل الأعضاء الظاهرة المعرضة للأوساخ والوضوء يتكرر وقد
يصل تكراره إلى خمس مرات فى اليوم.
وبالاغتسال فى حال
الاتصال بالزوجة وفى حال الحيض والنفاس.
وفى الوضوء والغسل
وقاية من الأتربة الحاملة للجراثيم المسببة للأمراض. ومد الجسم بنشاط فى حركة الدم
فى الشعيرات الموجودة على ظاهر الجسم وتخفيف حدة توتر الأعصاب.
ولذلك قال رسول
الله صلىاللهعليهوسلم إذا غضبت فتوضأ.
والتيمم فيه
المعنى الأول وهو التوجه القلبى إلى الله تعالى بالاستعداد لذلك وعقد العزم على
الوقوف أمامه طاهر النفس مخلصا وخالصا له.
دورة الحياة
يقول الله تعالى
فى سورة آل عمران
(تُولِجُ اللَّيْلَ
فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ
الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ
حِسابٍ) [آل عمران : ٧].
ويقول سبحانه
وتعالى فى سورة الأنعام :
(إِنَّ اللهَ فالِقُ
الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ
الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) [الأنعام : ٩٥].
(وَهُوَ الَّذِي
أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا
مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ
طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ
وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا
أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [الأنعام : ٩٩].
دورة الحياة
والموت هى معجزة الكون وسر الحياة نفسها والسمات الرئيسية فى هذه الدورة أن الماء
وثانى أكسيد الكربون والنتروچين والأملاح غير العضوية فى التربة تتحول بفضل طاقة
الشمس والنباتات الخضراء وأنواع معينة من البكتريا إلى مواد عضوية هى مادة الحياة
فى النبات والحيوان.
أما فى الشق
الثانى من هذه الدورة فتعود هذه المواد إلى عالم الموت فى صورة نفايات الأحياء
ونواتج أيضها وتنفسها.
ثم فى صورة
أجسامها كلها عند ما تموت وتستسلم لعوامل التحلل البكتيرى والكيماوى التى تحيلها
إلى مواد غير عضوية بسيطة مهيأة للدخول فى دورة جديدة من دورات الحياة وهكذا فى كل
لحظة من الزمان يخرج الخالق القدير حياة من الموت
وموتا من الحياة
وهذه الدورة المتكررة لا تتم إلا فى وجود كائن أودعه الله سر الحياة كبذرة النبات
مثلا. والآية الكريمة تذكر أولى الألباب بالمعجزة الأولى وهى خلق الحياة من مادة
الأرض الميتة ثم تكرار الدورة كما سبق وهكذا جاء فى الآية الكريمة اخراج الحى من
الميت سابقا لاخراج الميت من الحى وهذا هو الاعجاز بعينه.
ومن دلائل قدرة
الله سبحانه وتعالى خلق الحب والنوى والجنين فى كل مكان منها يشغل حيزا ضيقا منها.
أما باقى جسم الحبة أو النواة فيتكون من مواد مكتنزة غير حية وعند ما يتنبه الجنين
ويبدأ فى الإنبات تتحول هذه المواد المكتنزة إلى حالة صالحة لتغذية الجنين ويبدأ
فى النمو وتتكون الخلايا الحية حتى تنتقل الحبة الثانية من طور الانبات إلى طور
البادرة فيبدأ النبات فى الاعتماد على غذائه من الأملاح المذابة فى ماء التربة
التى يمتصها الجذر مع تكون الأوراق الخضراء من مواد كربوإيدراتية كالسكريات
والنشويات فى وجود ضوء الشمس وعند ما تتم دورة حياة النبات تتكون الثمار وبداخلها
الحب والنوى من جديد.
كما توضح هذه
الآية الكريمة فى النباتات كيفية خلق تلك الثمار وكيف نشأت وتمت فى أطوارها
المختلفة حتى وصلت إلى طور نضجها الكامل بما تحويه من مركبات مختلفة من السكريات
والزيوت والبروتينات والمواد الكربوهيدراتية والنشويات كل هذا يتكون فى وجود ضوء
الشمس عن طريق المادة الخضراء مادة اليخضور التى توجد عادة فى المجموع الخضرى
وخاصة الأوراق فهى المصنع الذى يتكون فيه تلك المركبات ومنها توزع على باقى أجزاء
النبات بما فيها البذور والثمار علاوة على أن الآية الكريمة تقطع بأن ماء المطر هو
المصدر الوحيد للماء العزب على الأرض وطاقة الشمس هى مصدر طاقات الأحياء جميعا.
ولكن النباتات هى
التى تستطيع اختزان طاقة الشمس بواسطة مادة اليخضور وتسلمها للإنسان والحيوان فى
المواد الغذائية العضوية التى كونتها.
وقد كشف العلم عن
حقيقة باهرة تدل على وحدة الخالق وهى أن مادة
الهيموجلوبين
اللازمة لتنفس الإنسان وكثير من أنواع الحيوانات وثيقة الصلة بمادة اليخضور فذرات
الكربون والأيدروجين والأكسجين والنيتروجين تكتنف ذرة الحديد فى جزئى الهيموجلوبين
بينما هى بنفسها تكتنف ذرة الماغنسيوم فى جزئى اليخضور.
كما أنه اتضح من
البحوث الطبية أن مادة اليخضور عند ما يتمثلها جسم الإنسان تندمج فى خلاياه
فتقويها وتساعدها على القضاء على جراثيم الأمراض فتتيح لأنسجة الجسم فرصة الدفاع
ومكافحة الأمراض.
نظرة عامة
الحياة
تعريف الحياة :
من السهل التعرف
على طبيعة الحياة ولكن لا يوجد تعريف متفق عليه لماهية الحياة.
فالأشياء الحية
يحدث بها أيض أى تكسير وبناء المواد الغذائية. وذلك خلال تفاعلات كيمائية تقوم
باستخدام الطعام والأكسجين لتتحصل على الطاقة اللازمة لوظائفها الحيوية كما يظهر
بها خواص مثل النمو والتكاثر والحركة والاستجابة للمؤثرات ولكن لا تظهر كل هذه
الخواص فى جميع مراحل دورة الحياة فى معظم الكائنات.
الخلية
إن جميع صور
الحياة تتكون من الكربون والهيدروجين والأكسجين والنتروجين والكبريت والفوسفور مع
كميات قليلة من العناصر الأخرى.
والصور الحياتية
جميعها يمكن تقسيمها بصورة كلية إلى كائنات تفتقد وجود نواة وتدعى بدائيات.
وأخرى لديها
النواة وتدعى حقيقيات النواة وتشمل الأخيرة النباتات والحيوانات والكثير من
الأصناف الأقل تعقيدا من الكائنات.
والخلية هى أصغر
وحدة لديها المقومات الأساسية للحياة فالخلية الواحدة قد تكون بذاتها كائن حى وحيد
الخلية مثل البكتريا والأميبا.
وهى كوحدة ذاتية
للحياة قادرة على هضم المواد الغذائية لتمدها بالطاقة اللازمة وكذلك قادرة على
التكاثر بانتاج نسخ مكررة منها فى الأجيال التالية.
وتتشابه الخلايا
كلها فى تركيبها الأساسى فى الكائنات الحية متعددة الخلايا تتمايز وتصبح لديها
وظائف متخصصة مختلفة وبالتعاون مع بعضها البعض تتكون وحدات البناء لهذه الكائنات
حتى الأكثر تعقيدا منها مثل الإنسان.
والخلية الإنسانية
يصل قطرها إلى ٢٠ ميكرون (الميكرون الواحد ١ / مليون من المتر) وبوصفها الوحدة
الأساسية التى يتكون منها الجسم فإن الخلية تصبح على اتصال دائم مع جيرانها فهى
تلتصق وتتعاون معها لتتمكن من الحصول على المواد الغذائية من الوسط المحيط وكذلك
لتتخلص من الفضلات. وتلك التجمعات التعاونية من الخلايا المتماثلة يطلق عليها الأنسجة.
والتجمعات التعاونية للأنسجة تكون أعضاء وهى الوحدات الوظيفية للكائن الحى.
وتكون كل مجموعة
من الأعضاء التى تشترك فى الوظيفة العامة جهازا فى الجسم مثل الجهاز الهضمى
والجهاز الدورى وغير ذلك.
الأحماض الأمينية
يوجد فى الطبيعة
أكثر من ١٧٠ حمض أمينى إلا أن هناك عشرون حمض أمينى فقط تدخل فى تركيب البروتينات
فى المادة الحية.
ويتركب البروتين
من سلسلة طويلة من الأحماض الأمينية قد تكون سلسلة واحدة أو عدة سلاسل والسلسلة
تتكون من عدة مئات من جزيئات الأحماض الأمينية.
والأحماض الأمينية
القياسية العشرون تستخدم أيضا كمواد خام لتصنيع العديد من المنتجات الخلوية الأخرى
ومنها الهرمونات والصبغيات.
والصبغيات تدعى
أيضا بالكروموسومات أو الجسيمات الملونة وأطلق عليها هذا الاسم لأنها تتعطش
للصبغات الملونة بشكل كبير
نشأة الخلايا
كل خلية تنتج من
انقسام خلية سابقة فى التواجد فمثلا تنشأ كل الخلايا المكونة للإنسان من انقسامات
متتابعة لخلية واحدة وهى اللاقحة والتى تتكون باتحاد البويضة والحيوان المنوى.
والخلايا الناشئة
من انقسام اللاقحة تتطابق فى محتواها الوراثى مع بعضها البعض وكذلك مع اللاقحة.
وكل خلية فى
الكائنات العليا تحتوى على نواة وتحتوى كل نواة بدورها على عدد من الصبغيات
الدقيقة.
شفرة الحياة
سؤال : كيف يتم
نسخ الصبغيات وموروثاتها من خلية لأخرى بهذه الدقة؟
وكيف تعمل
الموروثات على توجيه تكوينات وسلوكيات الأشياء الحية؟
لقد تم إثبات أن
الحمض النووى وهو مركب بروتينى حمضى ثنائى الريبوز ويرمز له اختصاراDNA ، د. ن. أهو القائم لهذا الدور وأيضا مجموعة من الأحماض
النووية الريبوزية ويرمز لها اختصارا بالأحرف R.N.A
أو ر. ن. أ.
إن جزئى حمض D.N.A هو البصمة الوراثية التى تحدد جميع خصائص الكائن الحى
الخلق بين الأسطورة والعلم
منذ أقدم العصور
يتفكر الإنسان ويبحث فى كيفية الخلق. خلق الكون أو المادة وكذلك خلق الحياة على
كوكب الأرض فهناك أساطير خرافية تشرح نشأة الكون والحق.
ففي الأساطير
الإغريقية : الإله يورانوس رب السماء وجايا ربة الأرض.
وخلف زيوس أباه
كرونس وجده يورانوس ليصبح حاكم الآلهة.
ومعظم الأساطير
تعزو الخلق إلى عوامل غير مشخصة أكثر منها إلى آلهة مستقلة وفى هذه الأساطير أن
بيضة كونية قد فقست لتحرر أرواح تدعى نومو وهذه قامت بخلق الجنس البشرى.
وفى الأساطير
المصرية فإن إله الشمس رع والذى أنشأ آلهة عليا تعرف بالآلهة التسعة لهليوبولس.
وفى الأساطير المصرية
بدأ الخلق عند ما ظهرت ربوة أرضية وسط الماء.
وفى الأساطير
الأمريكية لسكان أمريكا الأصليين تقول الأسطورة أن سلحفاة ضخمة غطست فى أعماق
المحيط لتحضر الطين الذى تم تشكيلة لخلق العالم.
وفى الأساطير
الهندية تم قتل عملاق أولى (يومير) بواسطة أو دين وإخوته والذين أقاموا بعدها
السماء من جمجمته والأرض من جسمه والبحر من دمه.
وبصفة عامة فإن
الأساطير عن نشأة الكون تبلغ أوجها بخلق البشر وفيما بعد ذلك تصبح مشابهة لعالم
الخبرة البشرية.
فروض نظرية التطور
(النشوء)
هى نظرية فى علم
الأحياء (البيولوجيا) تفترض أن منشأ الأنواع المختلفة من الحيوانات والنباتات هو
من أنواع أخرى سابقة وأن مبعث الفروق الواضحة بينها هو التعديلات الحادثة خلال
حدوث تغيرات شكلية ووظيفية دائمة عبر الأجيال المتعاقبة وتعد هذه النظرية واحدة من
المرتكزات الأساسية للنظرية الحديثة فى علم الأحياء.
إن أقدم حفرية
معروفة لكائن هى لصورة حياتية أحادية الخلية تشابه البكتيريا المعروفة لنا ويعود
تاريخها إلى ٤ ، ٣ بليون سنة (٣٤٠٠ مليون سنة) مضت.
وقد تسبب التطور
فى حدوث إشعاعات متعاقبة من الأنواع الجديدة من الكائنات التى انقرض الكثير منها
ولكن بعضها قد اعتراه التطور لتتكون الحياة الحيوانية والنباتية فى عالمنا الحالى.
وما زال الانقراض
والتنوع مستمرين حتى يومنا هذا.
قام بوضع أسس
نظرية النشوء الحديثة العالم البريطانى تشارلز داروين التى تقول بنشوء جميع صور
الحياة خلال عملية بطيئة هى الاختيار الطبيعى.
فقد لاحظ داروين
انه بينما ترث الذرية الشبه من الأبوين إلا أنهم ليسوا متطابقين معهما.
كما لاحظ أيضا أن
بعض هذه الفروق لم يكن مرجعها البيئة فحسب ولكنها غالبا ما تكون قابلة لأن تورث
إلى الأجيال التالية فقد كان مربى الحيوانات يستطيعون غالبا تغيير خصائص الحيوانات
المدجنة خلال انتقاء أفرادها ذوى الخواص المرغوبة لكى تتكاثر مثل السرعة فى خيل
السباق وإدرار اللبن فى البقر وشم الآثار فى الكلاب.
وهذا التغيير ناتج
عن الاختيار الاصطناعي.
وكان تعليل داروين
لما يحدث فى الطبيعة أن الأفراد ذوى الخواص التى تجعلهم أفضل توافقيا مع بيئاتهم
أو تمنحهم قدرات تناسلية أعلى.
هؤلاء الأفراد
يميلون إلى ترك عدد أكبر من الذرية ويطلق عليهم أن لديهم ملاءمة أعلى.
وقلب نظرية داروين
هو آلية الاختيار الطبيعى.
وتنبع هذه من
الحقيقة القائلة بأن النسل أو عدد الأفراد المولودين فى معظم الكائنات يفوق عدد من
يمكنهم البقاء على قيد الحياة حتى مرحلة النضج والتناسل.
فنتيجة لمشكلة
الإمداد الغذائى فإن صغار المواليد لأى نوع تتنافس بشدة للبقاء على قيد الحياة
ومعدل الوفاة المرتفع خلال المجاعات والأمراض والحوادث يقلل من تعداد الأفراد
الأقل تكيفا أو تأقلما للبقاء على قيد الحياة.
أى أن التناقص
المستمر فى الأفراد الأقل ملائمة وهو الاختيار الطبيعى حتمى الحدوث. بينما الأفراد
الذين نجحوا فى البقاء على قيد الحياة من هؤلاء يتناسلون مع تجسيد تنويعات طبيعية
تفضيلية (والتى مكنتها من الحياة لفترة أطول والتناسل) فى الجيل التالى (مهما كانت
الأفضلية ضئيلة) خلال الاختيار فإن النسل يحتاجون خواص جديدة ليحتفظوا بملاءمتهم
فإما أن ينقرض النسل أو يمكن الاستمرار على قيد الحياة لعدد كاف منهم ذو ميزات
مناسبة تؤدى فى نهاية الأمر إلى تكيف النسل ككل وعلى هذا فإن النشوء طبقا لفروض
نظرية داروين ينبع خلال عملية الاختيار الطبيعى للأفراد الأفضل تكيفا على امتداد
العديد من الأجيال حيث تتحسن درجة التكيف فى كل جيل عما سبقه من أجيال نتيجة نشأة
الأنواع ولا يمثل الاختيار الطبيعى سوى جزءا فقط من المخطط المتسع لمفاهيم داروين
حيث أنه طرح أيضا المفهوم القائل بأن الكائنات وثيقة الصلة ما هى إلا ذريات هابطة
من أسلاف مشتركة. وعلاوة على ذلك فقد أتى ببراهين جديدة تؤيد المفهوم السابق بأن
الأرض ليست ساكنة ولكنها دائمة النشوء والتطور.
آلية التطور
تقوم آلية التطور
على أربعة عناصر.
١. الطفرة
وهى حدوث تغيير
فجائى فى المادة الوراثية نتيجة لعوامل مختلفة كالإشعاع أو المواد الكيماوية أو
الحرارة المرتفعة وخلافه.
والأحياء التى
تحتفظ بهذه الطفرات النافعة نتيجة الانتخاب الطبيعى تتطور.
٢. إعادة الخلط :
وتتم إعادة الخلط
خلال الانقسام الاختزالى أو الميوزى للخلايا المنتجة للنطف خلط المورثات بأنماط
جديدة وكثيرة. ويؤدى الخلط إلى تكوين أنواع كثيرة جديدة من النطف (الحيوانات
المنوية والبويضات) والتى تتحد بعملية الاخصاب لتكوين أعداد جديدة من أفراد
مختلفين. واحتمالات الخلط كبيرة جدا.
٣. الانجراف
الوراثى :
وهو مبدأ تم
اقتراحه لتوضيح التغييرات التى تطرأ على التردد النسبى للموروثات فى الجماعات
السكانية الصغيرة الحجم ففي هذه الجماعات تنتشر طفرة ما وترسخ خلال أجيال قليلة
نسبيا إذا ما كان الانتخاب الطبيعى لصالحها.
كما يمكن أن تفقد
مورثة ما من الجماعة فجأة خلال بضعة أجيال.
٤. الانتخاب
الطبيعى :
وملخصه أن
الكائنات الحية التى تتمتع بصفات إيجابية بالنسبة للبيئات التى تعيش فيها تتيسر
لها فرص أكبر للبقاء من المخلوقات التى لا تملك مثل هذه الصفات.
أى أن الطبيعة
بتعبير التطوريين والماديين تقوم بفرز وانتخاب الأنسب فى الصراع الدائر من أجل
البقاء.
السجل الحفرى
قام علماء
الحفريات باكتشاف ودراسة البقايا الحفرية لعدة آلاف من الكائنات التى كانت تعيش فى
الماضى.
وأظهر السجل
الحفرى أن نوعيات كثيرة من هذه الكائنات المنقرضة تختلف كثيرا فى الشكل عن
الكائنات الحية المتواجدة الآن.
كما أظهرت أيضا
صور متعاقبة للكائنات بمرور الزمن تبين التحول أو الانتقال من شكل إلى آخر. وقد
مكنتنا بعض الوسائل مثل قياس الانحلال الاشعاعى للعناصر من تقدير الفترة الزمنية
التى تكونت فيها هذه الصخور بما تحتويه من حفريات.
إن التاريخ
الإشعاعى يدل على أن الكرة الأرضية قد تكونت من نحو ٥ ، ٤ مليار سنة (٤٥٠٠ مليون
سنة).
وأقدم الحفريات
لكائنات أولية مثل البكتريا والطحالب الخضراء المزرقة حيث اكتشفت فى صخور عمرها ٥
، ٣ مليار سنة (٣٥٠٠ مليون سنة).
بينما أقدم حفريات
حيوانية عمرها ٧٠٠ مليون سنة هى لمخلوقات صغيرة ذات أجسام رخوة تشبه الديدان.
والحفريات الكثيرة
التى تنتمى لشعب مختلفة من الأحياء والتى بها هياكل صلبة ظهرت فى صخور عمرها ٥٧٠
مليون سنة.
وهذه الكائنات
تختلف عن الكائنات الحية المتواجدة الآن وكذلك عن الكائنات التى تواجدت فى الفترات
الزمنية الوسيطة.
ونتيجة للاختلافات
الأساسية فى البعض. اضطر علماء الحفريات إلى وضع شعب جديدة لتسهيل تصنيف هذه
الكائنات.
وقد ظهر أول حيوان
فقارى أى ذو سلسلة ظهر عظمية منذ حوالى ٤٠٠ مليون
سنة. بينما ظهر
أول حيوان ثديى منذ أقل من ٢٠٠ مليون سنة.
وعلى مدار
الستمائة مليون سنة الماضية كما يظهر السجل الحفرى حدثت خمسة موجات من الانقراض
وآخرها انقراض الديناصورات.
وقد نجحت الثدييات
فى البقاء على قيد الحياة فى مواجهة موجة الانقراض التى أزالت الديناصورات من حيز
الوجود منذ نحو ٦٥ مليون سنة مضت.
وقد أعقب ذلك تنوع
الثدييات فى العديد من المواطن.
واليوم يتسيد
الحياة الحيوانية الأرضية كل من الثدييات من الفقاريات والحشرات من اللافقاريات.
أى أن الحقيقة
العلمية اليقينية وهى حقيقة النشوء : أى أن الكائنات ذات صلة قرابة خلال سلالة
مشتركة وهى حقيقة مشاهدة من قبل داروين فالخلق تم بصورة تصاعدية من الكائنات الحية
البسيطة إلى الكائنات الحية الأكثر تعقيدا فى التركيب كما هو بين لنا بجلاء عند
النظر فى طبقات الأرض وهذا بالإضافة إلى أوجه التشابه المختلفة بين الكائنات الحية
وكل ذلك يؤدى إلى حقيقة استنباطية إلا وهى أنها جميعا ذات صلة قرابة أى نشأت من
بعضها البعض.
بداية
الخلق فى فروض نظرية داروين للتطور
إن بدايات النشوء
المادى الداروينى حدثت فى المياه حينما تكونت الخلايا بواسطة كائنات حية تحيط
بالمركبات العضوية.
وبنضوب مخزون
الغذاء المتوفر فى الوسط السائل بدأت عملية تطور حولت هذه الوحدات البدائية إلى
وحدات ذاتية التغذية أو متباينة التغذية وشملت عمليات النشوء التالية تنظيم
الصبغيات والحمض النووى D.N.A د. ن. أونواة الخلية لتمرير الخصائص
مما أضاف اتساعا كبيرا لقوى الاختيار الطبيعى خلال التكيف.
ومما عزز قيمة
البقاء على الحياة فيما بعد ظهور الأنماط الأحيائية متعددة الخلايا مع تمايز أجزاء
الجسم واختلاف التركيب والوظيفة.
وبعد مئات
الملايين من السنين من الحياة فى الوسط المائى بدأت الكائنات منذ حوالى ٥٠٠ مليون
سنة فى استعمار الأرض وأصبح توافر وسائل التغذية نتيجة منطقية وأصبحت أكثر الأنواع
انتشارا هى تلك التى لديها قدرة أفضل على التكيف واستعمار البيئات الجديدة.
وأثر الذيل الذى
بالإنسان هو دليل تطورى على وجود سلف رباعى الأرجل ويقطن الأشجار.
وكان التطور
التالى فى الثدييات هى الثدييات التى تستخدم اليد لتتأرجح بين الأغصان وأعقب ذلك
ثدييات عليا تشبه الإنسان وذلك منذ نحو ٣ مليون سنة.
وهذه الكائنات كان
لها بعض خصائص القردة وبعض خصائص الإنسان.
وزادت القدرة
العقلية وحجم المخ والتعقيدات العصبية وتشمل أنواع منقرضة مشابهة للإنسان مثل
إنسان جاوة وإنسان بكين وإنسان كينيا وإنسان هيدلبرج (اكتشفت حفائر هذه الكائنات
فى جاوة وبيكين وكينيا وهيدلبرج).
وهناك نوعا من
الندرة الحفرية المباشرة للأعضاء الأوائل من شبيه الإنسان.
الجدل
حول فروض نظرية التطور لداروين :
أثارت فروض نظرية
النشوء الجدل الكثير منذ أيام داروين وحتى يومنا هذا.
وتأتى معظم
الاعتراضات من اللاهوتين والذين يشعرون أن تأكيدات داروين بأن الأنواع تتغير بصفة
مستمرة تتضارب مع التفسيرات الحرفية للإنجيل وخاصة تلك القائلة بأن جميع الأجناس
للأشياء الحية قد تم خلقها بصورة مباشرة طبقا لتصميم إلهى.
وهو
الموقف الذى اتخذه أيضا علماء المسلمين.
حيث أن هذه
النظرية تتعارض مع الإيمان بوجود الله تعارضا أساسيا وأنها مناقضة للعقيدة الدينية
عن خلق الكون والإنسان حيث أنها تقول أن جميع الأحياء
نشأت من أصل واحد
وتكونت بخلق الطبيعة وبالتولد الذاتى لا بخلق الله وقدرته وتتعارض بصورة جلية مع
الآيات القرآنية وخاصة بخلق الإنسان مباشرة من الطين أو بدء خلق الكون بقدرة الله عزوجل.
تناقض فرضية التطور
مع علم الفيزياء
وقانون الصدفة
إن عملية التطور
التى يدافع عنها أنصار التطور عملية مستحيلة ولا يمكن أن تقع فى ظل القوانين
الفيزيائية إذ لا يوجد فى الكون أى عملية تصاعدية إلى الأفضل وإلى الأحسن (أى لا
توجد عملية تطورية إلى الأحسن).
بل العكس هو
الصحيح. والكون كان ولا يزال يسير إلى الموت ـ إلى الموت الحرارى. أو بتعبير الفيزيائيين
فالكون يسير من الأحسن إلى السيئ ثم إلى الأسوأ هذا ما يقوله العلم وهو عكس ما
تدعيه فرضية التطور التى تزعم أن هذا الكون البديع وهذه الحياة الرائعة على سطح
كرتنا الأرضية نشأت من خلال عملية تطورية تصاعدية تقودها الصدف العشوائية.
فأنصار التطور
يعتقدون خطأ أن الزمن قادر على إنجاز كل شيئ. ولذا فعند ما تحاصرهم المعضلات وما
أكثرها يقولون أن التطور لم يحدث فى آلاف السنين بل فى مئات الملايين من السنين.
وبالنسبة لعامل
الزمن الذين يدعون أنه قادر على إحداث ما يعتقدونه نجد أن العكس هو الصحيح.
فمثلا فى عملية بناء
بناية ففي غياب المصمم والمهندس والعامل لا نتوقع انجاز البناء ولا تحول الطوب
والإسمنت والحديد ذاتيا إلى بناء مهما طال الزمن.
والعكس هو الصحيح
فهذا البناء لو ترك لعامل الزمن فإنه يتحول إلى طوب وأسمنت وحديد وكذلك الحال مع
البذرة ففي غياب البرمجة الموجودة فيها لا يمكن إنبات أى نبات والبرمجة الموجودة
فى البذرة لا يمكن أن تتشكل بنفسها عشوائيا.
وأما الذين
اعتمدوا على الصدفة وبنوا كل آمالهم عليها فإن القانون الرياضى للاحتمالات تنقض
دعاواهم.
ومثال بسيط فإن
تشكل جزيئة واحدة من البروتين متوسط التعقيد مثلا (الجزئى المحتوى على ٤٠٠ حمض
أمينى فقط) عن طريق الصدفة يحتاج إلى عمر أكبر من عمر الأرض بل أكبر من عمر الكون
ملايين المرات.
كما أن حجم الكون
نفسه لا يكفى لذلك.
أى لو ملأنا الكون
بالعناصر التى تؤلف الأحماض الأمينية وهى الكربون والنيتروجين والأكسجين
والهيدروجين والكبريت وقمنا بخلطها باستمرار لما كفى عمر الكون ولا حجمه لتشكيل
مثل هذه الجزئية الواحدة عن طريق الصدفة.
رفض المسلمين لفروض
داروين
عن التطور
رفض علماء
المسلمين النشوئية مستمديين معظم أدلتهم من القرآن الكريم والسنة المطهرة ومنها
قوله صلىاللهعليهوسلم (خلق الله آدم على
صورته) أى خلق آدم على الصورة التى كان آدم عليها فلم يخلقه جنينا ثم ولد وكبر
فصار طفلا ثم اشتد عوده فأصبح شابا فرجلا ولكن الله سبحانه وتعالى خلقه رجلا أول
الأمر كامل الأعضاء مستوى البنيان كامل البنية والجوارح.
وقوله تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي
أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين : ٤] هو
القول الحق الذى ينفى القول بأن الإنسان أصله قرد ترقى بسبب عوامل مجهولة حتى صار
هذا الإنسان فإذا كان كذلك فلما ذا لم نسمع أن قردا فى هذه الحقبة من الزمن ـ التى
فعلوا فيها بالأجنة ما كان من اللعب فى الجينات الوراثية والاستنساخ وما شابه ذلك
قد تحول إلى إنسان. بل القردة لا زالت على أصلها يولدون قردة ويموتون قردة.
وهذه النظرية ما
هى إلا جدل عقيم لا يفيد لأن الله سبحانه وتعالى قد أخبرنا عن هؤلاء المضلين.
قال تعالى : (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ
عَضُداً) [الكهف : ٥١]
فهؤلاء المضلون
كما قال الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمهالله ـ الذين جاءوا ليحاربوا قضية الإيمان بقولهم المضل يثبتون
رسالة السماء وحقيقة كلام سبحانه الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
والأحرى أن نقول
لكل من جاء يتحدث عن خلق السماوات والأرض وخلق الإنسان : أشهدت الخلق؟ فإذا قال :
لا. نسأله : ففيما تجادل؟
إن كثير من
العلماء الكونيين أثبتوا أن نظرية التطور والارتقاء قامت بدون براهين وستظل كذلك.
وأما حقيقة الخلق
المباشر من الله تعالى فبين يديها الملايين من البراهين. والذين قالوا بنظرية
التطور والارتقاء لا كنتيجة للملاحظة أو الاختبار أو الاستدلال ولكن لأن حقيقة
الخلق المباشر بعيدة عن تصورهم فلا يؤمنون بها.
وهم يستنتجون من
مقارنة الهياكل العظمية والعضلات والأعصاب فى كل الأنواع أنها تنتمى جميعا إلى أصل
واحد هو الكائن وحيد الخلية. ومن ثم فإن هذه الخلية الواحدة ما هى إلا صورة مصغرة
لأى هيكل عظمى أو عضلة أو عصب.
ومن ثم أيضا
تلفيقهم لعملية الارتقاء الطويلة من الخلية الواحدة إلى الإنسان ولا يمكن نفى
التشابه بين بعض الأشكال والتكوينات ولكن هذا التشابه فرضه الخالق سبحانه وتعالى
بما أراده لبعض مخلوقاته من تشابه فى طرق المعيشة والغذاء.
ولكن إذا ما أخذ
المرء بنظرية التطور القائلة بانحدار الإنسان من القرد فإنه يستطيع أن يضيف أن
العصفور قد انحدر من النسر لأن كليهما مكسو بالريش. وأن الكلب قد انحدر من الحمار
لأن لكل منهما أربعة أرجل.
وأن البرغوث قد
انحدر من الضفدعة والضفدعة من القنفذ لأن ثلاثتهم يستطيع القفز.
أو العكس النسر من
العصفور والحمار من الكلب والقنفذ من الضفدعة والضفدعة من البرغوث وهكذا.
وقد أدى الدفاع من
النظرية إلى درجة اللجوء إلى الغش للتدليل على التماثل بين الجنين البشرى
والحيوانى وكذلك اختلاق الحقائق بالقول باكتشاف العلماء للحلقة المفقودة بين القرد
والإنسان.
والحقيقة تبين أن
الجيولوجيا لا ترينا دليلا على عملية التدرج وكذلك أن أشكال الحياة لا تتخطى
الحدود بين الأنواع.
فالوطواط الأول
كان وطواطا حقيقيا والحوت الأول كان حوتا حقيقيا وأول طائر كان طائرا حقيقيا مكسوا
تماما بالريش.
والاختيار الطبيعى
يمكن أن يفسر بقاء الأقوى ولكنه لا يستطيع تفسير وجوده أصلا ولا يمكن تفسيره
بالتحولات الوراثية والتى عادة ما تؤدى إلى الانحدار بدلا من الارتقاء.
وكل ذلك يتفق مع
ما بلغ به كل الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام من أن الله سبحانه وتعالى خلق
كل شيئ على نوعه الذى نراه الآن. وهذا يتعلق بالاعتقاد الجازم الذى قامت عليه
البراهين والشواهد والدلائل القاطعة على إثبات الخلق المباشر وهذا ما أثبته القرآن
الكريم.
فالكون والحياة
ليسا وليدى الصدفة وإنما خلقهما الله تبارك وتعالى فهذه هى الحقيقة وهذا هو الواقع
وهذا ما أثبته العلم.
الحقائق القرآنية
فى مجال الخلق
خلق الله سبحانه
وتعالى الأرض وأنشأ عليها الحياة وخلق الإنسان فى أحسن تقويم فهو أبدع وأجمل ما فى
الكائنات وهو قمة المخلوقات.
وقد فسر القرآن
الكريم مراحل خلق الإنسان الأول آدم عليهالسلام.
وحدد القرآن خلق
آدم من الطين فأراد الله لآدم أن يكون خليفته فى الأرض وكلفه بعمران الأرض
والسيادة عليها وكرمه على العالمين.
قال الله تعالى فى
سورة البقرة :
(وَإِذْ قالَ رَبُّكَ
لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها
مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ
وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ)
[البقرة : ٣٠]
كما وردت آيات
عديدة فى القرآن الكريم تدل على أن خلق الإنسان الأول آدم من تراب فقد قال الله
تعالى فى سورة الكهف.
(قالَ لَهُ صاحِبُهُ
وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ
ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) [الكهف : ٣٧].
وفى سورة السجدة :
(الَّذِي أَحْسَنَ
كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) [السجدة : ٧].
وفى سورة غافر :
(هُوَ الَّذِي
خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ
يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً
وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى
وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [غافر : ٦٧].
وفى سورة الحج :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) [الحج : ٥].
وفى سورة المؤمنون
:
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا
الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) [المؤمنون : ١٢].
وفى سورة فاطر :
(وَاللهُ خَلَقَكُمْ
مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَما تَحْمِلُ مِنْ
أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ
مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) [فاطر : ١١].
وفى سورة الروم :
(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ
خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) [الروم : ٢٠].
وفى سورة آل عمران
:
(إِنَّ مَثَلَ عِيسى
عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران : ٥٩].
وفى سورة الأنعام
:
(هُوَ الَّذِي
خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ
أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) [الأنعام : ٢].
وفى سورة الإسراء
:
(وَإِذْ قُلْنا
لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ
لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) [الإسراء : ٦١].
وفى سورة الصافات
:
(فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ
أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ)
[الصافات : ١١]
وفى سورة ص :
(إِذْ قالَ رَبُّكَ
لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) [ص : ٧١].
وفى سورة الحجر :
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا
الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ* وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ
قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ* وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ
بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ* فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ
فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) [الحجر : ٢٦ : ٢٩].
وفى سورة الأعراف
:
(قالَ ما مَنَعَكَ
أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ
وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) [الأعراف : ١٢].
وفى سورة الرحمن :
(خَلَقَ الْإِنْسانَ
مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ) [الرحمن : ١٤].
صدق الله العظيم
الآيات القرآنية
فى خلق الدواب
قال الله تعالى فى
سورة الأنعام :
(وَهُوَ الَّذِي
أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ
مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ
مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ
وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ* وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً
وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ
إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ
وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ
أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ
كُنْتُمْ صادِقِينَ* وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ
آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ
الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا فَمَنْ
أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ
إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
[الأنعام : ١٤١ :
١٤٤]
الله وحده هو الذى
خلق حدائق من الكرم منها ما يغرس ويرفع على دعائم ومنها ما لا يقوم على دعائم وخلق
النخل والزرع الذى يخرج ثمرا مختلفا فى اللون والطعم والرائحة وغير ذلك. وخلق
الزيتون والرمان متشابها فى بعض الصفات وغير متشابه فى بعضها الآخر مع أن التربة
قد تكون واحدة وتسقى جميعها بماء واحد فكلوا من ثمرها. ولا تسرفوا فى الأكل فتضروا
أنفسكم فالله لا يحب المسرفين.
وخلق الله الأنعام
وهى الإبل والبقر والضأن والماعز. منها ما يحمل أثقالكم ومنها من تتخذون من
أصوافها وأوبارها وشعرها فراشا وهى رزق لكم فكلوا مما أحل الله منها ولا تتبعوا
الشيطان وأولياءه فى افتراء التحليل والتحريم كما كان يفعل أهل الجاهلية فالشيطان
لا يريد لكم الخير لأنه عدو ظاهر العداوة.
ولقد خلق الله من
كل نوع من الأنعام ذكرا وأنثى فهى ثمانية أزواج خلق من الضأن زوجين ومن الماعز
زوجين وقل يا محمد للمشركين منكرا عليهم تحريم ما حرموا من هذا ما علة التحريم أهي
كونها ذكورا؟ ليس كذلك لأنكم تحلون الذكور أحيانا. أم هى كونها إناثا؟ ليس كذلك
لأنكم تحلون الإناث أحيانا أم هى اشتمال الأرحام عليها؟ ليس كذلك لأنكم لا تحرمون
الأجنة على الدوام. أخبرونى إن كنتم صادقين فيما تزعمون من التحليل والتحريم. وخلق
الله من الإبل زوجين ومن البقر زوجين. قل لهم يا محمد ما علة التحريم؟ ليس كذلك
لأنكم تحلون الذكور والاناث والأجنة أحيانا.
وتزعمون أن هذا
التحريم من عند الله. أكنتم حاضرين حين وجه إليكم الله هذا التحريم فسمعتم نهيه؟
لم يكن ذلك قطعا.
انتهوا عما أنتم فيه فهو ظلم وليس هناك أظلم ممن كذب على الله فنسب إليه ما لم
يصدر عنه ولا سند له من علم يعتمد عليه. وانما يريد بذلك إضلال الناس إن الله لا
يوفق الظالمين اختاروا طريق الباطل.
ويقول الله تعالى
فى سورة النور :
(وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ
دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ
يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما
يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)
[النور : ٤٥]
وفى سورة يس :
(أَوَلَمْ يَرَوْا
أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها
مالِكُونَ) [يس : ٧١].
وفى سورة الزمر :
(خَلَقَكُمْ مِنْ
نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ
ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ
خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ
إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) [الزمر : ٦].
وفى سورة غافر :
(اللهُ الَّذِي جَعَلَ
لَكُمُ الْأَنْعامَ لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ) [غافر : ٧٩].
وفى سورة الشورى :
(وَمِنْ آياتِهِ
خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى
جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) [الشورى : ٢٩].
وفى سورة الجاثية
:
(وَفِي خَلْقِكُمْ
وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [الجاثية : ٤].
وفى سورة الغاشية
:
(أَفَلا يَنْظُرُونَ
إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) [الغاشية : ١٧].
وكل هذه الآيات
تبين أن الله خالق كل شيئ الإنسان والحيوان والطيور والزواحف وكل دابة تدب على
الأرض الله سبحانه وتعالى خلقها بنص صريح العبارة.
وفى
الأحاديث النبوية الشريفة :
عن أبى هريرة قال
: أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بيدى فقال : خلق الله التربة يوم السبت وخلق منها الجبال
يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم
الأربعاء وبث فيهما الدواب يوم الخميس وخلق آدم عليهالسلام بعد العصر من يوم الجمعة فى آخر الخلق فى آخر ساعة من ساعات
الجمعة فيما بين العصر إلى الليل (صحيح مسلم ومسند أحمد بن حنبل).
وعن أبى هريرة قال
: قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه
أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا فى يوم الجمعة (مسند أحمد وسنن أبى
داود وابن ماجة).
وعن أبى موسى
الأشعرى قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إن الله تعالى خلق آدم
من قبضة قبضها من
جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك
والسهل والحزن والخبيث والطيب (مسند أحمد وسنن الترمذى).
وعن أبى هريرة :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم خلق الله عزوجل آدم على صورته طوله ستون ذراعا فلما خلقه قال له اذهب فسلم
على أولئك النفر وهم نفر من الملائكة جلوس واستمع ما يجيبونك فإنها تحيتك وتحية
ذريتك. قال فذهب فقال السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله فزادوه رحمة
الله. قال فكل من يدخل الجنة على صورة آدم وطوله ستون ذراعا فلم يزل ينقص الخلق
بعد حتى الآن (صحيح البخارى ومسلم ومسند أحمد).
أى أن الله سبحانه
وتعالى خلق آدم على صورته التى هو عليها ولم يخلقه جنينا فطفلا فشابا فرجلا.
وعن أنس أن رسول
الله صلىاللهعليهوسلم قال : لما صور الله آدم فى الجنة تركه ما شاء الله أن
يتركه فجعل إبليس يطوف به ينظر ما هو فلما رآه أجوف عرف أنه خلق خلقا لا يتمالك (صحيح
مسلم ومسند أحمد).
وعن أبى هريرة قال
: قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيئ فى
الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء (صحيح
البخارى).
الخاتمة
إن العطاء المتجدد
للقرآن الكريم لم ولن ينصب حتى قيام الساعة.
ومن أوجه إعجازه
تجلى معانى ودلائل كريمة لآياته لتجابه دعاوى الكفر فى كل عصر ولتدل من هدى الله
إلى الإيمان وتقيم الحجة على من كفر وفى هذا بغض النظر عن قوة المعانى وحجيتها
بيان جلى لرحمة الله تعالى بخلقه فهو عزوجل لا يريد لهم الكفر وهو الرحمن الرحيم الذى تفيض رحمته
لتشمل خلقه أجمعين. ولكن الإنسان جهولا. يأبى إلا أن يغمض عينيه عن تلك الآيات
ليكفر ولتحق عليه كلمة العذاب.
قال تعالى :
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ
ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى *
قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً* قالَ كَذلِكَ
أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى) [طه : ١٢٤ ـ ١٢٦].
إن قضية الخلق قد
شغلت عقل الإنسان عبر العصور وهى قضية إيمانية أساسية لما يتبعها من بعث بعد الموت
للحساب والجزاء وتتضمن ثلاثة مسائل هامة :
أولها : حكمة
الخلق وقد بينها القرآن الكريم بجلاء فى قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ
إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات : ٥٦].
ثانيها : مصدرية
الخلق فالخالق هو الله سبحانه وتعالى كما توضح كثير من آيات القرآن الكريم.
ثالثها : كيفية
الخلق ويشمل ذلك مبدأه وتجدده وصريح الآيات تبين أن الإنسان لم يتح له مشاهدة مبدأ
الخلق (خلق الكون أو الإنسان) فقال تعالى : (ما أَشْهَدْتُهُمْ
خَلْقَ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ
الْمُضِلِّينَ عَضُداً)
[الكهف : ٥١]
إن التنوع الفائق
للمخلوقات والتماثل بينها حقيقة معروفة منذ أمد طويل وتعاظم كلاهما مع ازدياد
المعرفة الإنسانية لتشمل هذه أنواعا يصعب حصرها من المخلوقات والتى تتشابه فى مخطط
خلقها على مستوى الخلية والكيمياء الحيوية والموروثات.
يقول الله تعالى
فى سورة العنكبوت :
(أَوَلَمْ يَرَوْا
كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ
يَسِيرٌ* قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ
اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ*
يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ) [العنكبوت : ١٩ ـ ٢١].
الآيات الكريمة
تتناول قضية الخلق. كيف يخلق الله الخلق من الخلق مرة بعد أخرى وهذا يدل على تصاعد
عملية الخلق عبر الزمن. خلق المخلوقات الحية بتنوعها الجم وتماثلها الشديد وهو
الحقيقة العلمية الوحيدة فى نظرية النشوء لأن ذلك خلق من خلق آخر وهو يسير حيث أن
الإنسان أدرك قوانينه وهى تغيير المادة الوراثية وعمل بإذن الله على محاكاته خلال
عملية التهجين.
إن الحقيقة
القرآنية عن الخلق تدحض دعوى الكفار الذين يريدون أن يضلوا الناس عن الحق انهم
يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ولكن الله يأبى إلا يتم نوره.
يقول سبحانه
وتعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ
يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ
نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) [التوبة : ٣٢].
ويقول الله تعالى
: (بَلْ نَقْذِفُ
بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ
مِمَّا تَصِفُونَ) [الأنبياء : ١٨]
صدق الله العظيم.
المراجع
١ ـ المنتخب فى
القرآن الكريم.
٢ ـ أنه الحق ـ الشيخ
عبد المجيد الزندانى.
٣ ـ الاعجاز
العلمى فى القرآن والسنة ـ الشيخ عبد المجيد الزندانى.
٤ ـ الأدلة
المادية على وجود الله للشيخ محمد متولى الشعراوى.
٥ ـ معجزة القرآن
للشيخ محمد متولى الشعراوى.
٦ ـ القرآن محاولة
لفهم عصرى للدكتور مصطفى محمود.
٧ ـ التوراة
والإنجيل والقرآن فى ضوء المعارف الحديثة للمستشرق الفرنسى موريس بوكاى.
٨ ـ جسم الإنسان
والإعجاز القرآنى للدكتور أحمد شوقى الفنجرى.
٩ ـ العلم فى
القرآن الكريم للدكتور أحمد حسنين القفل.
١٠ ـ وللمسرفين
أمراضهم للدكتور غريب جمعة.
١١ ـ الخلق بين
العنكبوتية الداروينية والحقيقة القرآنية للدكتور كريم حسنين.
١٢ ـ الإعجاز
العلمى فى القرآن الكريم للأستاذ سعيد صلاح الفيومى.
الفهرس
١ ـ مقدمة....................................................................... ٣
٢ ـ خلق الإنسان................................................................ ٥
٣ ـ مدة الحمل................................................................. ١٠
٤ ـ تشريح الأجنة.............................................................. ١١
٥ ـ عملية الإخصاب........................................................... ١٣
٦ ـ تعيين جنس الجنين.......................................................... ١٨
٧ ـ الأسرة..................................................................... ٢٠
٨ ـ الرضاع.................................................................... ٢٣
٩ ـ الشيخوخة................................................................. ٢٤
١٠ ـ الطلاق.................................................................. ٢٥
١١ ـ سر الحياة................................................................. ٢٦
١٢ ـ القرآن والتربية الجنسية...................................................... ٢٧
١٣ ـ الاستنساخ............................................................... ٢٩
١٤ ـ وللمسرفين أمراضهم....................................................... ٣١
١٥ ـ الحواس فى الإنسان......................................................... ٣٤
١٦ ـ الأذن.................................................................... ٣٤
١٧ ـ العين.................................................................... ٣٥
١٨ ـ الجلد.................................................................... ٣٦
١٩ ـ بصمة الإنسان............................................................ ٣٦
٢٠ ـ الرقبة.................................................................... ٣٧
٢١ ـ الرقاد والنوم............................................................... ٣٧
٢٢ ـ علم التشريح فى الحيوان..................................................... ٣٩
٢٣ ـ الكلب................................................................... ٣٩
٢٤ ـ الإبل.................................................................... ٣٩
٢٥ ـ الطير.................................................................... ٤١
٢٦ ـ علة التحريم فى القرآن الكريم................................................ ٤٣
٢٧ ـ تحريم الرضاع.............................................................. ٤٣
٢٨ ـ تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير................................................ ٤٤
٢٩ ـ الخمر.................................................................... ٤٨
٣٠ ـ الزنا والسيلان............................................................. ٤٩
٣١ ـ اللواط................................................................... ٥٠
٣٢ ـ الماء الآسن............................................................... ٥١
٣٣ ـ المنافع فى القرآن الكريم..................................................... ٥١
٣٤ ـ الصوم................................................................... ٥١
٣٥ ـ عسل النحل.............................................................. ٥٣
٣٦ ـ اللبن..................................................................... ٥٤
٣٧ ـ التم................................................................... ر
٥٤
٣٨ ـ الزيتون................................................................... ٥٥
٣٩ ـ الحديد................................................................... ٥٦
٤٠ ـ النظافة................................................................... ٥٨
٤١ ـ دورة الحياة................................................................ ٥٩
٤٢ ـ نظرة عامة للحياة.......................................................... ٦٢
٤٣ ـ الخلية.................................................................... ٦٢
٤٤ ـ الأحماض الأمينية.......................................................... ٦٣
٤٥ ـ شفرة الحياة............................................................... ٦٤
٤٦ ـ الخلق بين الأسطورة والعلم.................................................. ٦٥
٤٧ ـ فروض نظرية التطور (النشوء)............................................... ٦٦
٤٨ ـ آلية التطور............................................................... ٦٨
٤٩ ـ السجل الحفرى............................................................ ٦٩
٥٠ ـ بداية الخلق فى فروض نظرية داروين للتطور.................................... ٧٠
٥١ ـ الجدل حول نظرية داروين للتطور............................................ ٧١
٥٢ ـ تناقض فرضية التطور مع علم الفيزياء وقانون الصدفة........................... ٧٢
٥٣ ـ رفض المسلمين لفروض داروين عن التطور.................................... ٧٣
٥٤ ـ الحقائق القرآنية فى مجال الخلق............................................... ٧٦
٥٥ ـ الآيات القرآنية فى خلق الدواب.............................................. ٧٩
٥٦ ـ الخاتمة.................................................................... ٨٣
٥٧ ـ المراجع................................................................... ٨٥
٥٨ ـ الفهرس.................................................................. ٨٦
|